النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب
بطال الركبي
مقدمة التحقيق
- أ - [مقدمة التحقيق] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تمهيد: أحمد الله تعالى وأصلى وأسلم على خير خلقه سيدنا ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحابته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد. . . . فإن من أجل العلوم وأشرفها وأعلاها منزلة: علوم القرآن وعلوم الحديث، وما يتصل بهما، وقد نالت هذه العلوم عظيم الاهتمام، من حين نزول الوحى بالقرآن الكريم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإشراق الدنيا بنور القرآن الكريم مصدر التشريع الأول، والحديث الشريف مصدر التشريع الثاني. وقد نمت وترعرعت هذه العلوم فى ظل الرسول الأعظم والمعلم الأكبر محمد - صلى الله عليه وسلم -، والأئمة الأعلام من صحابته، رضوان الله عليهم أجمعين، وتمت نعمة الله على المسلمين بقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} وكان تمام هذه النعمة فى استواء التشريع، وبيان العقيدة، وإيضاح معالم الدين من شرائع وقوانين كاملة للمعاملة والسلوك فى المجتمع الإسلامي الجديد. وصرف علماء الإسلام عنايتهم إلى دراسة مصادر التشريع، وتفرعت هذه الدراسات وآتت ثمارها، وكان من نتاجها المذاهب الفقهية الأربعة الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، وانكب أصحاب كل مذهب على دراسته وتأصيله وتفريعه، وتوضيحه، يستمدون فى ذلك العون من أنواع العلوم الإسلامية والعربية. وازدهرت الحضارة الإسلامية وانبثق نور الإسلام على ربوع الدنيا، ودخل الناس فى دين الله أفواجا، لا يحجبهم جنس، ولا يمنعهم عنصر، ولا تدفعهم قومية، كل الخلق انضوى تحت لواء شعاره: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}. وكان لزاما على علماء الإسلام أن يجنحوا إلى الإطناب فى التوضيح والتفصيل والتدوين وتمخضت جهودهم عن شتى أنواع العلوم، ومنها: غريب القرآن الكريم، وغريب الحديث وغريب الفقه. أما غريب القرآن الكريم، وغريب الحديث فقد حظيا باهتمام كبير، فحسبهما الارتباط الوثيق بأهم مصادر التشريع. وأما غريب الفقه فقد أخذت أطراف العناية تتجه إليه فى أثناء القرن الثاني للهجرة، وبدأت بذور تدوينه فى أثناء القرن الثالث الهجري. فقد صنف ابن قتيبة كتابه غريب الحديث، وضع فى مقدمته شرحًا يسيرًا لبعض المصطلحات الفقهية العامة وهي، وإن كانت قليلة ومختصرة قياسًا إلى حجم كتابه، إلا أنها تعد من البذور الأولى فى تدوين غريب الفقه.
المصنفات في غريب الفقه
- ب - ثم صنف أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الأنباري، كتابه الزاهر في معاني الكلمات التي يستعملها الناس في صلواتهم ودعائهم وتسبيحهم. وجمع في هذا الكتاب جملة وافرة من الألفاظ ذات الطابع الفقهي، غير أنه تناول أقوال العرب وأمثالهم فأكثر منها، فاتسم الكتاب بسمة كتب الأمثال، وغابت في طياته تلك الألفاظ. المصنفات في غريب الفقه: ثم أخذ التدوين في غريب الفقه يتخذ شكلًا آخر يتصف بالاستقلال والتخصص، شأنه شأن غريب القرآن الكريم، وغريب الحديث الشريف، وهو -وإن لم يكن منفصلاً عنهما في باب التشريع- في أمس الحاجة إلى مصنفات خاصة به، يقصدها الباحث والدارس تيسيرًا وتسهيلاً، فضلاً عن أنه يهتم بتفسير مصدر عظيم من مصادر التشريع. ومن ثم اتجه العلماء إلى وقف مصنفاتهم على هذا النوع من الغريب، ومنها: 1 - تفسير غريب الموطأ- لأبى عبد الله أصبغ بن الفرج المصري (توفى سنة 225) في غريب الفقه المالكي. 2 - تفسير غريب الموطأ -لأحمد بن عمران بن سلامة الأخفش- معاصر للأول. في غريب الفقه المالكي. 3 - شرح ألفاظ المختصر- لأبى منصور الأزهري (282 - 370 هـ) في غريب ألفاظ الشافعي. 4 - شرح غريب الموطأ- لابن السيد البطليوسي (توفى 521 هـ) في غريب الفقه المالكي. 5 - طلبة الطلبة- للإمام نجم الدين بن حفص النسفي (توفى 537 هـ). في غريب الفقه الحنفي. 6 - شرح غريب الرسالة- للقاضي أبي بكر بن العربي (توفى 543 هـ) في غريب الفقه الشافعي. 7 - الأسامي والعلا في شرح غريب المهذب للشيرازي للإمام عمر بن محمد المعروف بابن البزري (توفى سنة 560 هـ). 8 - المغرب في ترتيب المعرب- للطرزى الحنفي (توفى سنة 610 هـ) في غريب الفقه الحنفي. 9 - اللفظ المستغرب من شواهد المهذب- لأبي عبد الله بن محمد بن على القلعي (توفى 630 هـ) في غريب الفقه الشافعي. 10 - النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب- لابن بطال الركبي (توفى سنة 633 هـ) في غريب الفقه الشافعي. 11 - المغني في الإنباء عن غريب المهذب والأسماء- لابن بطال الركبي (توفى سنة 633 هـ) في غريب الفقه الشافعي. 12 - تهذيب الأسماء واللغات- للنووي (توفى 676 هـ). في غريب الفقه الشافعي. 13 - التحرير على ألفاظ التنبيه للنووي (توفى 676 هـ). في غريب الفقه الشافعي.
- جـ - 14 - المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للفيومي الشافعي (توفى سنة 770 هـ تقريبًا) في غريب الفقه الشافعي. 15 - لغات مختصر ابن الحاجب- للإمام عز الدين محمد بن عبد السلام الأموي (توفي سنة 797 هـ) في غريب الفقه المالكي. 16 - غرر المقالة في شرح غريب الرسالة- لأبى عبد الله محمد بن منصور بن حمامة (مجهول) وغريب الفقه الشافعى وقد قمت بتحقيق كتاب اللفظ المستغرب من شواهد المهذب للقلعي، وصنفت دراسة تحليلية لأهم المصنفات في غريب الفقه تناولت فيها أكثر المصنفات المذكورة، ورأيت أن إتمام الفائدة يستوجب العمل الدائب في تحقيق ما يمكن تحقيقه من مصنفات هذا النوع من الغريب، فعقدت العزم على إخراج كتاب النظم المستعذب لابن بطال- بخاصة وأنه أشمل هذه المصنفات للألفاظ الفقهية، وأبسطها شرحًا، فاستعنت بالله تعالى، وبإرشاد أستاذى الفاضل الأستاذ الدكتور عبد الغفار هلال- في تحقيق هذا الكتاب. والله تعالى أسأل أن يوفقني إلى سواء السبيل وهو حسبي ونعم الوكيل دكتور مصطفى عبد الحفيظ سالم
ابن بطال الركبى
ابن بطال الركبى حياته اسمه ونسبه وقبيلته: هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن بطال الركبى اليمنى، المشهور ببطال الركبى وعلى هذا اتفق كل الذين ترجموا حياته، وفى مقدمتهم: البهاء الجندى (¬1)، وأبو مخرمة (¬2) والخزرجي (¬3)، وغيرهم. وعن شهرته ببطال: ذكر البهاء الجندى (¬4) أنه "ظهر لما منه ما ظهر من الكمال، قال عقلاء زمانه ضد اسمه". ولقب بشمس الدين كما ذكر حاجى خليفة (¬5)، والبغدادى (¬6)، وكحالة (¬7)، حين ترجموا له، صدروا ذلك بقولهم: "شمس الدين أبو عبد الله" أو الشيخ الإمام شمس الدين". والركبى: نسبة إلى قبيلة الركْب من قضاعة في اليمن (¬8)، وهم من ولد أَتْغَمَ بن الأشعر. والأشعر هو: نَبْتُ بن أدد بن زيد بن يشْجُبَ بن عَرِيب بن زيد بن كهلان بن سَبَأ (¬9). وإلى الأشاعر ينتسب الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري، رضي الله عنه. وفي قبيلة الركب يقال المثل المشهور: "أَحبِبْ بِالرَّكْبِ وَبَني مَجِيدْ" (¬10)، وكانت تسكن مواطن متفرقة في اليمن، فمعظمهم كان ينزل في الجبال المطلة على طريق زبيد، وبعضهم في الجبال المطلة على حَيْس، وهو مخلاف بتهامة، بين المعافر وصنعاء غرباً، بينه وبين زبيد نحو يوم (¬11)، قال ياقوت (¬12): وهو للركب من الأشعرين، وفيه يقول المسلم بن نعيم المالكي: أما ديار بنى عوف فمنجدة ... والعز قومى بحيس دارها الشعف من بعد آطام عز كان يسكنها ... منا الملوك وسادات لهم شرف وبعضهم كان ينزل في الدُّمْلُوَة، وهو حصن عظيم، في بلاد الحجرية شرقي الجند (¬13). وفى هذه المنظقة حبل يقال له: حبل الْحَرِيم، وكان ابن بطال الركبى يقطن قرية فيه تعرف بذي يَعْمِد (بفتح الياء المثناة من ¬
نشأته واتجاهه العلمى
تحت، وسكون العين المهملة، وخفض الميم وسكون الدال) كما ضبطها الجندى، وأبو مخرمة (¬14). وقد أجمع المترجمون لابن بطال على أنه من ركب الدملوة، وآنه كان يقطن هذه القرية. نشأته واتجاهه العلمى: بدأت حياة ابن بطال العلمية، من حين أودعه أهله رهينة عند الشيخ الموفق أبي الدر جوهر بن عبد الله المعظمي (¬15)، وكان أستاذًا حبشيًا، من موالى الزريعيين، تقيًا عاقلاً، ذكيًا، عالمًا، عاملاً حافظًا، فقيهًا، مقرئاً. وكان ينسب إلى سيده الداعى المعظم محمد بن سبأ بن أبى السعود الزريعى، الذى جعله نائبًا عنه في حصن الدُّمْلُوَة، ولما توفى وخلفه ابنه المكرم بن محمد، أبقى جوهرًا على نيابته للحصن، فلما دنت وفاة المكرم: جعل جوهرًا وصيًا على أولاده الصغار كلهم، فأكرمهم جوهر، وقام على تربيتهم خير قيام. ولم يذكر المترجون لابن بطال سببًا لإيداع أهله له رهينة عند جوهر المعظمى. غير أن جوهرًا تكفل بتربيته وتهذيبه، وتعليمه، يقول أبو مخرمة: "وببركة جوهر صار الإمام بطال بن أحمد الركبى إمامًا مقصودًا وذلك أن أهله تركوه رهينة عند الطواشى جوهر، فأشفق عليه، فعلمه القرآن، ثم أشغله بطلب العلم، حتى صار إلى ما صار إليه" (¬16). وقال البهاء الجندى في ترجمة جوهر المعظمى: "وكان من آثاره الفقيه بطال" (¬17) وفى ترجمة ابن بطال: "كانت بدايته وسلوكه لطريق العلم بإرشاد الحافظ أبى الدر جوهر المعظمى، إذ كان أهله رهنوه عنده فرباه وهذبه وجعله مع من عنده، ومن يصله من الفقهاء، فتفقه وتعلم العلم" (¬18). أساتذته: يعد أبو الدر جوهر المعظمى من أكبر أساتذته، والموجه الأول له، على ما سبق، وكما نص عليه المترجمون له، وفى مقدمتهم الجندى وأبو مخرمة، وغيرهما. ومن أشهر شيوخه: الإمام إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن حَدِيق السَّكْسَكِى (¬19)، وهو ممن أدرك رئاسة العلم في جَبَأ، وأخذ بها عنه جماعة من العلماء، وانتفعوا به، ونهم ابن بطال الركبى، وذكر ذلك كل من الجندى، وأبو مخرمة، وقدماه على سائر شيوخه بعد الشيخ جوهر المعظمى ومن كبار أساتذته: الإمام محمد بن أبي القاسم بن عبد الله المعلم الْجَبَائي. ذكره الجندى (¬20)، وأبو مخرمة (¬21)، وقال الأخير عنه: قرأ على القاضى محمد بن أبى العباسى أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى سالم القريظى الغريبين للهروى بعدن في جمادى الأولى (سنة 581 هـ) ولا أعرف من ¬
حاله غير ذلك؛ إلا أنه كان موجوداً في سنة (586 هـ) وتوفى لثلاث بقين من شهر ذى الحجة (سنة 609 هـ). وقال الجندي: كان ابن بطال في مبتدأ أمره كثير التردد بين بلده، وعدن، وجبأ فأخذ عن محمد بن أبي القاسم الجبائى شارح المقامات. ومنهم: الإمام أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي سالم القريظي (¬22). وهو شيخ عمر بن على بن سمرة الجعدي صاحب الطبقات، قال عنه: لديه معرفة تامة في اللغة والعربية، وفي الحديث حافظ مجود، لبث في مجلس الحكم والقضاء بعدن أربعين سنة، أيام الداعى المعظم محمد بن سبأ توفى سنة 584 هـ ونعته أبو مخرمة بأنه كان فقيها محدثًا لغويًا متفننًا جامعًا لأسباب الفضائل. وذكر الجندى وابن أبي مخرمة (¬23) أن ابن بطال أخذ عنه بعدن في بدء نشأته. ومنهم: الإمام أبو عبد الله محمد بن على بن إسماعيل بن أبي الصيف اليمنى (¬24). من أهل زبيد، جاور بمكة، صاحب كتاب "الميمون" جمع فيه الأحاديث الواردة في فضائل اليمن وأهله وجمع أربعين حديثًا عن أربعين شيخًا من أربعين بلدة، وأكثر أسانيد علماء اليمن تنتهى إليه توفى بمكة (سنة 609 هـ) وذكر الجندي أن ابن بطال أخذ عن ابن أبي الصيف، ولزم صحبته، قال: "ورأيت إجازته له وأن تاريخ ذلك سنة إحدى وسمائة" (¬25). وذكر ذلك أيضًا أبو مخرمة (¬26). ومنهم: الإمام رضي الدين الحسن بن محمد الصغاني (¬27). وهو اللغوى المشهور صاحب العباب، والتكملة والذيل والصلة، ومجمع البحرين، وغيرها، يعدله ثلاثة وعشرون مؤلفا في اللغة، ونحو أربعة عشر في الحديث، ونحو أربعة في الوفيات، وكتابان في الفقه، وسبعة متفرقة. قال عنه الجندى: "كان إمامًا متضلعا لعلوم شتى، منها النحو، والفقه، والحديث، والفقه بمذهب أبي حنيفة غالبا" (¬28). يذكر المؤرخون له أنه قدم اليمن أكثر من مرة، فبعدما حج سنة (605 هـ) اتجه إلى عدن سنة (606 هـ) ثم غادرها، وعاد إليها سنة (610 هـ) وهناك سمع من القاضى إبراهيم بن أحمد بن عبد الله بن سالم القريظى، وأخذ عنه جمع من علماء اليمن، وذاع صيته، والتقى بسليمان بن بطال الركبى، وأقام وفي هذا يقول الجندى (¬29): "قدم اليمن مرارًا، وأقام في عدن، وصحبه ولد الفقيه بطال، سليمان وأقام معه مدة، ثم طلعا إلى بلدهم، فأقام معهم بذى ثور، وأخذ عنه الإمام بطال وغيره" وفي ترجمة بطال (¬30) ذكر أن الصغانى قدم عليه موضعه، فأخذ كل واحد منهما عن صاحبه مالاق له أخذه عنه. وكذلك ذكر ابن أبي مخرمة (¬31) تبعا للجندي. ¬
تلامذته
كما ذكر الجندى أن ابن بطال انتسخ كتاب التكملة والذيل والصلة، وانتسخه غيره من فضلاء أهل عدن وغيرهم. وهؤلاء ما تيسر لي الوقوف عليه من شيوخ ابن بطال، وهم أكثر من ذلك بكثير، يدل عليه ما ذكره كل من الجندى وأبو مخرمة (¬32) من أنه ارتحل إلى مكة فلبث بها أربع عشرة سنة، فازداد علما ومعرفة، ولم يكن يترك أحدًا من الواردين، أو المقيمين لديه فضل يتحقق إلا أخذ عنه. تلامذته: أخذ عنه جمع من أعلام اليمن، ويذكر أنه لما عاد من مكة إلى اليمن ابتنى مدرسة في بلده، وقصده الناس من أنحاء اليمن للأخذ عنه، ومنهم: الإمام الحافظ: أبو الخير بن منصور بن أبي الخير الشَّمَّاخِي (¬33). كان إمامًا في الفقه، والنحو، واللغة، والحديث، والتفسير، والفرائض، أخذ العلم في زبيد، ثم سافر إلى مكة، فأخذ عن أصحاب الحافظ السلفي، ويذكر الخزرجي والجندي وأبو مخرمة أنه أخذ عن الإمام بطال بن أحمد الركبي. وقالوا: "لم يكن له في آخر عمره نظير في جودة العلم، وضبط الكتب، وجمعت خزانته مائة أم سوى الختصرات توفى سنة (680 هـ) بعد أن بلغ عمره نحوًا من تسعين سنة". الإمام: أبو الحسن على بن محمد بن عثمان بن أبي الفوارسي القيني (¬34). قال عنه الخزرجي: نسبة إلى قين من عك. تفقه في الجبل على الإمام بطال بن أحمد الركبي توفى سنة (688 هـ). الإمام: أبو الخطاب عمر بن مسعود بن محمد بن سالم بن سالم الحميري الأبْيَنِي، ذكره الخزرجي (¬35)، وقال عنه: كان فقيها صالحاً، متورعًا، متعففًا، ملازمًا للسنة، تفقه بمحمد بن إسماعيل الحضرمى، وعلى بن قاسم الحكمي، وبطال بن أحمد الركبي. كان مدرسًا بذي هريم بالمدرسة النظامية توفى سنة (658 هـ). الإمام عبد الله بن محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن حسان الخزرجي. قال صاحب العقود: أخذ عن الشيخ بطال ابن أحمد بن على السُّرْدُدِي، ودرس في هريم، في المدرسة التى أنشأها الطواشي نظام الدين مختص. وعنه أخذ الإمام أحمد بن محمد الوزيري [النظم] المستعذب. وهو أحد شيوخ الشيخ أحمد بن على السُّرْدُرِي توفى سنة (655 هـ) (¬36). الإمام محمد بن سالم بن محمد بن سالم بن عبد الله بن خلف العامري. الإمام عبد الله بن سالم بن محمد بن سالم بن عبد الله بن خلف العامري. وهما أخوان، والدهما الشيخ سالم بن محمد، كان من كرام الفقهاء، غلب عليه علم الحديث، تفقه به ولداه محمد، وعبد الله، وقصده جمع كبير من أنحاء اليمن للأخذ عنه، وصحبته، ولما توفى سنة (630 هـ) ارتحل ولداه إلى الإمام بطال، فأخذا عنه. ذكره الجندي (¬37)، وأبو مخرمة (¬38). ¬
أبناء ابن بطال ممن أخذوا عنه
الإمام رضي الدين الصغاني: وقد سبق أنه لقى الإمام ابن بطال، ونزل في بيته، وأخذ كل منهما عن صاحبه. الإمام جمهور بن على بن جمهور، صاحب المذاكرة العربية في النحو، ذكره الجندي، وأبو مخرمة (¬39) وذكر الجندي (¬40) غير هؤلاء، منفردًا، منهم: الإمام عمر بن مفلح بن مهتون. الإمام عبد الله بن على بن أبي عبد الله المرادي. الإمام يحيى بن إبراهيم بن محمد بن موسى الإبى. الإمام محمد بن إبراهيم بن محمد بن موسى الإبى. وذكر من أصحاب الإمام بطال:- الإمام أبو الحسن على بن محمد بن على بن إبراهيم العامري الْوَعِلَاني. قال الجندي (¬41): "تفقه بالإمام بطال وكان كبير القدر شهير الذكر" وكان يروى عنه النظم المستعذب. الإمام: عمر بن محمد ابن الشيخ أحمد بن محمد. قال الجندى (¬42): "كان فقيهًا فاضلاً، تفقه بالوعلاني، وغيره، وربما أدرك الإمام بطالا أيضًا وأخذ عنه، إذ كان جده يصحب الاثنين، أعنى بطالا، والوعلاني، ويقتدى بهما "وكان مع الفقه ذا فراسة وشجاعة". الإمام أحمد بن محمد بن مفضل بن عبد الكريم بن أسعد بن سبأ الداري: جد السابق (¬43). أبناء ابن بطال ممن أخذوا عنه: الإمام أبو الربيع سليمان بن محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن بطال الركبى (¬44). ابن المصنف، وصاحب الإمام اللغوى المشهور رضي الدين الصغاني. ذكر الجندي، وأبو مخرمة (¬45) أنه كان دينا، أريبا، عارفاً، غلب عليه علم الحديث، والأدب، وأن غالب أخذه كان عن أبيه، وعن الصغاني. وقد سبق أنه لقى الصغاني في عدن، واصطحبه إلى بلده، وتوطدت عرى الصداقة بين الصغاني وبين أسرة سليمان، وبخاصة والده المصنف، الذي أخذ عنه الصغاني وأخذ هو أيضًا عنه، كما سبق. وأخذ أيضًا أبناء المصنف عن الصغانى. وكان سليمان أجمل شباب أهل عصره، وكان الصغاني معجبًا به، لما قدم إليه من سابق فضل ولما لمسه فيه من نجابة وشهامة. ويروى الجندى وأبو مخرمة أن الصغاني حين عاد إلى اليمن سنة 637 هـ ونزل في مسجد بن البصرى، كتب إلى سليمان "صلنى معجلا، ولا يصحبك غير زاد الطريق، فعندى عشرة أحمال من الوَرَق ¬
أحفاد ابن بطال ممن رووا عنه
والوَرِق" فلما وقف سليمان على الكتاب: بادر بالسفر إليه. فلما وصل إلى منزل الصغاني في مسجد ابن البصري، تلاحقت الوفود عليهما، رجالًا نهارًا، ونساءً ليلًا، بحجة زيارة الإمام الصغاني، وليس لهم من هدف سوى مشاهدة سليمان، وما حباه الله به من حسن خلقة وجمال طلعة، فلما كثر ذلك، واشتهر الأمر، خشى الوالى من الفتنة، فقرر حبسه؛ ليخفيه عن أنظار الناس. فلما عزم الصغاني على الرحيل، أخرجه الوالى، ورحلا معا. وذكر الجندي، وأبو مخرمة (¬46) أنه توفى بعد والده بقليل. الإمام عمران بن محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن بطال الركبى. ابن المصنف، أخذ علم النحو والتصريف عن والده، وكان عالمًا فاضلًا، ذكره الجندي (¬47). الإمام إسماعيل بن محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن بطال الركبى. ابن المصنف، أخذ عن والده، وبرع في معرفة القراءات السبع، قال عنه الجندي: وهو آخر من عرفته من أولاد الشيخ بطال يستحق الذكر (¬48). أحفاد ابن بطال ممن رَوَوْا عنه: محمد بن سليمان بن محمد بن أحمد: ذكره الجندى، وقال: تفقه بعض فقه، ثم درس بمدرسة جده، فوصله بعض دعاة الإسماعيلية، واستدرجه حتى دخل بمذهبه؛ لضعف علمه ودينه، واستمر ذلك وانتشر في ناحية البلد، وفي قومه إلى عصرنا. ومن ذلك الوقت انقطع ذكر الفقه عن ذرية الإمام بطال، ونسبهم الناس إلى السمعلة (¬49). النفيس بن عبد الله بن محمد بن سليمان بن بطال: ابن ابنة الإمام بطال تجمع معه من طريق الآباء، في محمد بن سليمان، فإن عبد الله بن والد النفيس وأحمد ولد الفقيه أخوان. ذكره الجندى (¬50) وقال عنه: تفقه بجده الإمام بطال، ثم لما توفى جده ارتحل إلى تهامة، وأخذ عن محمد بن إسماعيل الحضرمي، ثم انتقل إلى تعز، في جوار السلطان المظفر. بسبب خلاف نشب بينه وبين عمه، وأولاد شيخه الإمام بطال، فأخذ عنه فقهاء تعز مصنفات جده وشيخه، كالمستعذب وغيره، وكانت وفاته لبضع وسبعين وستمائة، بعد أن تفقه به جماعة. وللإمام بطال أبناء غير هؤلاء الذين أخذوا عنه، ذكر منهم الجندى وغيره:- محمد بن بطال بن أحمد بن سليمان: وكان مولعًا بالرياسة، مهما بالسياسة، متقربًا إلى الرؤساء، ويروى الجندى والخزرجى (¬51): أنه أخذ ولاية المقاليس من الملوك، وأنه أول من فعل ذلك من بني بطال، وأقام مدة، ثم قتله بنو عمه وله إذ ذاك ولد اسمه، محمد، مرهون بالدملوة مع خادم اسمه ياقوت، فأقامه مقام أبيه وساعده، فقوى أمره، واستمر على ¬
ثناء العلماء عليه
ذلك فترة طويلة، واكتسب أموالًا كثيرة، وصاحب أعيان الدولة، فهرب منه الذين قتلوا أباه. وتوفى سنة (709 هـ). وذكر البهاء الجندي (¬52) أيضًا ولدا له يسمى إسحاق، ولم يذكر هو ولا غيره من المترجمين شيئًا عنه يستحق الذكر. كما ذكر الجندى في ترجمة الإمام عمر بن سالم أنه قدم عليهم الجند، فأخذ الإمام عمر عن الجندي كتاب الأربعين للإمام بطال بروايتها له عن التهامى بن بطال مصنفها (¬53). ومما ذكر نتبين أن الإمام بطال كان ذا أثر كبير في الحياة العلمية في اليمن، فحين تصدى للتدريس قصده العلماء وطلاب العلم من مختلف الأنحاء اليمنية، كما صحبه أئمة أجلاء رووا عنه مصنفاته وأخذوا عنه، وأجازهم في رواية هذه المصنفات، التى اشتهرت وانتشرت على أيديهم في شتى الأقطار، كما كان في ذريته من أبناء وأحفاد من حمل لواء العلم بعده، فأخذ عنهم العلماء مصنفاته، وانتفع به وبذريته خلق كثير. وكان علماء عصره يتباهون برواية مصنفاته، فيقول الجندى (¬54) عن كتابه: الأحاديث الحسان والصحاح الجامعة لما يستحب درسه عند المساء والصباح: "بيني وبينه بروايتها رجلان". ثناء العلماء عليه: سأل عنه البهاء الجندى (¬55)، فأنشدوا فيه:- وَمَا سُمِّيَتْ سَوْدَاءَ وَالعِرْضُ شَائِنٌ ... وَلكِنَّهَا أُمُّ الْمَحَاسِنِ أَجْمَعَا وقال: "أتقن القراءات، والنحو، والفقه، والحديث، واللغة. . قصده طلبة العلم من جميع أنحاء اليمن، وجمعت حلقة تدريسه فوق ستين طالبا، يقوم بالمنقطع منهم .. وكتابه المعروف بالمستعذب يدل على ذلك. وأثنى على عائلته قائلًا: البيت الذى قد ظهر فيه الفضل، وانتفع الناس بتصنيف أهله، وانتشر عنهم الفقه انتشارًا مرضيًا: بنو بطال، أولهم جدهم أبو عبد الله محمد بطال بن أحمد". وقال فيه وفي ذريته بعض علماء عصره (¬56): أما الفقيه محمد الملقب ببطال، ومن اليه، فهم -ولله دره- في جيد المحاسن، ووسط قلادة بعدت عن المشاين، ووجوههم للصباحة، وألسنتهم للفصاحة، وأيديهم للمسامحة، وعقولهم للرجاحة، فهم بدور المحافل إذا جمعت، وشمس الضحى ما ارتفعت. ونعته أبو مخرمة (¬57) قائلاً: أوحد العلماء المشهورين، والفضلاء المذكورين، جمع بين العلم والعبادة والورع والزهادة، فما أحقه بقول القائل:- وَمَا سُمِّيَتْ سَوْدَاءَ وَالْعِرْضُ شَائِنٌ ... وَلَكِنَّهَا أُمُّ الْمَحَاسِنِ أَجمَعَا كان إمامًا فاضلاً متقنًا عارفًا بالقراءات، والتفسير، والأصول، والفقه، والنحو، واللغة، وبه تخرج جماعة من الفقهاء، وأخذ عنهم جماعة من الفضلاء. ¬
زهده وورعه وحبه للعلم
وقال عنه السيوطى (¬58): أتقن النحو، والقراءات، واللغة، والفقه، والحديث باليمن، ثم ارتحل إلى مكة، فازداد بها علما؛ لأنه لم يترك أحدًا ممن لديه فضيلة إلا أخذ عنه .. إلخ. زهده وورعه وحبه للعلم: يذكر المترجمون له أنه كان مع كماله في العلم ذا عبادة وورع، وكان في غالب زمانه يختم القرآن في كل يوم وليلة ختمة، وأنه ابتنى مدرسة ببلده، ووقف عليها أرضه وكتبه، وكان يتكفل بحاجة الفقراء من تلامذته. ويروى الجندى وأبو مخرمة (¬59) أنه كان بعد أن ينتهى من دروس اليوم، يصطحب تلامذته وأولاده إلى صلاة العصر، وبعد أن يفرغ من الصلاة، يذب بهم إلى النزهة، ويعقد بينهم مسابقات في العدو والوثب، والمصارعة، وهو جالس ينظر إليهم، وأولاده من بينهم، حتى إذا تدانت الشمس للمغيب، انصرف إلى الطهارة، واستقبال القبلة، مع الذكر حتى يصلى المغرب، يتبعه أصحابه في ذلك. مصنفاته: أجمع الذين ترجموا لابن بطال على أن له من المصنفات ما يأتى: 1 - كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب وهو كتاب المعنى بالتحقيق، وقد اختلف قليلاً في هذا الإطلاق، فقيل في تسميته: "كتاب المستعذب المتضمن لشرح غريب ألفاظ المهذب" كذا ذكره الجندي (¬60)، وتبعه أبو مخرمة (¬61)، والزركلى (¬62)، وكحالة (¬63). "المستعذب في شرح غريب المهذب. كما ذكره السيوطى (¬64)، وحاجي خليفة (¬65)، والبغدادي (¬66) "المستعذب" كما ذكره الخزرجي (¬67). والثابت أن عنوان الكتاب: "النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب" كما هو موجود على نسخة الجامع الكبير بصنعاء (63 تاريخ كتاب 132) وقد كتبت على الصحيح في حياة المؤلف؛ لأن العنوان عليها مذيل بالعبارة: "تصنيف الشيخ الإمام الأوحد بطال بن أحمد بن سليمان بن بطال الركبى أعلى الله درجته، وجزاه عن المسلمين خيرًا" فهذا الدعاء له بإعلاء درجته، يدل على أنه كان لا يزال موجودًا حين كتابة هذه النسخة. وبهذا يكون عنوانها أقرب إلى الصحة. 2 - "الأربعون حديثًا من الأحاديث الحسان والصحاح، الجامعة لما يستحب درسه عند المساء والصباح". كذا ذكره الجندي (¬68)، وسماه أبو مخرمة (¬69): أربعون حديثًا فيما يقال في الصباح والمساء. وسماه السيوطي (¬70): الأربعين في أذكار المساء والصباح. وكذا ذكره حاجى خليفة (¬71) وسماه البغدادي (¬72) أربعين فيما يقال في المساء والصباح. ولعل ما ذكره الجندى أقرب إلى الصحة؛ لأن الركبي كان يميل إلى السجع حتى في عناوين مصنفاته كما هو ¬
وفاته
واضح في عنوان الكتاب المحقق. 3 - أربعون في لفظ الأربعين: ذكره الجندي، وقال: لم أقف عليها، بل أخبرني عنها الثقة (¬73). وبهذا الإطلاق ذكره أبو مخرمة، والسيوطي، وحاجي خليفة، والبغدادي (¬74). ويروى أن له شعرًا حسنًا، غير أن الذين ترجموا له، لم يذكروا غير أبيات مفردة، تنبىء عن موهبة ورصانة وإحكام، فقد ذكر الجندي (¬75) وأبو مخرمة (¬76) أن له شعرًا حسنًا، وذكرًا منه قوله: كفاك بموت العارفين بها رزء ... لقد قلتها حقًا وما قلتها هزء ألم تر أن الله أهلك منهم ... ثمانين جزء ثم أبقى لنا جزء وقوله: وطفت بها الأحياء طرا فلم أجد ... أديبًا لبيبا يعرف الخير والشرا وفاته: لم يحدد المؤرخون له على وجه الدقة تاريخ وفاة، كما لم يذكروا له على الإطلاق تاريخ مولد. وإنما ذكر الجندي (¬77) أنه توفى بمنزله في قرية ذى يَعْمِد لبضع وثلاثين وستمائة وتابعه على هذا أبو مخرمة (¬78)، والسيوطي (¬79). وأنفرد حاجي خليفة بأنه توفى سنة 630 هـ، وذكر ذلك في أكثر من موضع من كتابه (¬80) وذكر كل من البغدادي (¬81) والزركلي (¬82) وكحالة (¬83) أنه توفى سنة ثلاث وثلاثين وستمائة للهجرة. وإذا ما عرفنا أن الجندي من أقدم- إن لم يكن أول من ترجم لابن بطال الركبي: كان قوله بالقبول أحرى في إطلاقه لفظ البضع دون تقييد، واتباعه أولى، وبخاصة وقد تابعه أبو مخرمة، والسيوطي. ¬
منهجه
منهجه صرح ابن بطال الركبي في مقدمة كتاب "النظم المستعذب" بأن من لهم فضيلة السبق في شرح غريب ألفاظ المهذب، اعتمدوا مناهج متفاوتة، في شروحهم، فمنهم من اختصر اختصارًا، فلم يوف الكتاب حقه من البيان، وهو يعنى بهذا ابن البرزي في كتابه: "الأسامى والعلل" وهو رسالة مختصرة في شرح بعض الألفاظ الغريبة والأسماء المبهمة في كتاب المهذب للشيرازي. ومنهم من توسط في شرحه، فتخير بعض الألفاظ، وترك بعضها، فأخل بأكثر المقصود. ولعله يقصد القلعى في كتابه "اللفظ المستغرب في شرح غريب المهذب" فإنه لم يتتبع كل الغريب في كتاب المهذب، وجعل قسما منه للأعلام الواردة في روايات الشيرازي. ومنهم من بسط شرحه، غير أنه لم يعول على شرح الغريب، وإنما تناول الأحكام والفروع وضرب في كل مذهب. فاختط ابن بطال الركبي لنفسه منهجا، يعتمد على استقصاء ألفاظ المهذب، وتناول ما غرب منها بالتحليل اللغوي، مستندا إلى المظان المعتمدة في اللغة، كالمعجمات الكبرى؛ والمصنفات في تفسير غريب القرآن الكريم؛ والحديث الشريف، مراعيا في شرحه "الايجاز والاختصار وحذف التطويل والاكثار". وهو في تتبعه للألفاظ المستغربة في المهذب: يسلك منهجًا واضحًا، يصدر فيه عن قراءة متأنية مثابرة للكتاب على ترتيبه المشهور في مصنفات الفقه الشافعي، والتى تبتدأ في العادة بكتاب الطهارة ثم كتاب الصلاة، فكتاب الحج، وكتاب البيوع .. إلخ. فيتابع الركبي هذه الكتب، بما تضمنته من أبواب، على نفس ترتيبها في كتاب المهذب، يبدأ بألفاظ كتاب الطهارة، ثم يتابع الألفاظ في باب الآنية، وباب السواك، وباب نية الوضوء، وباب صفة الوضوء، وباب المسح على الخفين، وباب الأحداث، وباب الاستطابة، وباب ما يوجب الغسل وباب التيمم، وباب الحيض، وباب إزالة النجاسة، على هذا الترتيب، ثم ينتقل إلى ألفاظ كتاب الصلاة، بما تضمنه من أبواب، وهكذا إلى آخر الكتاب. وبهذا المنهج يندرج في نظام مدرسة الأزهري في شرحه لغريب ألفاظ الشافعي في كتابه "الأم" متتبعا ترتيب كتاب "المختصر" للمزني، وفيه يذكر جملة من كلام الشافعي تشتمل ثناياها على ما يظن فيه غرابة، فيعمد إلى تحليله وتوضيحه بما يزيل عنه غرابته، ويرفع ظواهر إشكاله. وعلى هذا النحو نسج ابن بطال مادة كتابه "النظم المستعذب" حيث تخير في أثناء قراءته مواطن الغريب،
وأراد تنبيه القارى إليها، فدونها كعنوان لشرحه، ثم اتبعها بشرح لغوى دقيق. والألفاظ التى يعرض لشرحها لا تقتصر على الألفاظ الفقهية فحسب، بل تتضمن غريب الشواهد، من القرآن الكريم في الآيات التى يستدل بها على الأحكام، وغريب الشواهد، من الحديث الشريف من النصوص التى يستند إليها في توجيه هذه الأحكام. ومذهبه في عرض الألفاظ الفقهية واحد لا يكاد يختلف، إذ يذكر من قول الشيرازي جملة، يعمد منها إلى لفظ واحد، يأخذ في ذكر مشتقاته، وما يقصد منه في جملته، يبدأ أولا بشرح عنوان الكتاب أو الباب، فيقول مثلا في أول شرحه: من كتاب الطهارة. قوله: "الطهارة: أصلها: النظافة. . . .إلخ (¬1). ومن باب الآنية: قوله: "ومن باب الآنية" الآنية: جمع إناء، على أفعلة، مثل كساء وأكسية. . .إلخ (¬2). وقد يتناول لفظ العنوان من غير تقديم له بلفظ "قوله" مثل: "ومن باب نية الوضوء" النية: هى القصد. . . إلخ (¬3). هذا إذا تضمن عنوان الكتاب، أو الباب، ما يستوجب التوضيح. ثم يعين القول قول الشيرازي في المهذب، فيقول مثلا: قوله (¬4): "إذا كان الماء قلتين فإنه لا يحمل الخبث" ويأخذ في شرح لفظ "القلة" ولفظ "الخبث" (¬5). وقد ينص على اللفظ المقصود مباشرة، نحو قوله (¬6): قوله: "لا يقلد" (¬7)؛ قوله (¬8): "محضة". . . . .إلخ. وفي عرضه للشواهد القرآنية الواردة في المهذب، يثبت موطن الشاهد على النحو الآتى: "قوله" (¬9): وقوله تعالى: {قُلْ هُوَ أَذًى} الأذى: هو المكروه الذى ليس بشديد (¬10). . .إلخ. ويقول في بعض المواطن: قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} فيه أقوال للمفسرين (¬11). . . إلخ. وهذا الشاهد ورد في المهذب (¬12) حيث قال الشيرازي: وأما طهارة الثوب الذى يصلى فيه، فهى شرط في صحة الصلاة، والدليل عليه: قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}. وقد لا يصدر الآية بلفظ (تعالى) وهذا ما لا يغفر له، لأنه بهذا يشكل على القارىء الذى لا يحفظ القرآن، فضلا عن ترك التأدب بآداب القرآن الكريم. ومن ذلك قوله: قوله: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} أى: فعلة فاحشة. . . . (¬13) إلخ، قوله: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} أى: مستقبلها، و {شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} أى: نحوه وتلقاءه، قال الشاعر. . . (¬14) إلخ. أما في عرضه لألفاظ الحديث الشريف، فإن سمته الغالبة: اثبات موطن الشاهد من جملة الحديث في إطار "قوله كذا" غير مميز له من كلام الشيرازي أو من كلام غيره، ومن ثم كان لزامًا عليَّ الفصلُ بين مختلف النصوص في حاشية التحقيق. ومثاله قوله: قوله: "فليرتد لبوله" (¬15)؛ قوله: "يضربان الغائط" (¬16)؛ ¬
مصادر النظم المستعذب
قوله: "ييجع منه الكبد" (¬17) وهذا كثير جدا في الكتاب. وقد يميز الحديث في مواطن قليلة، مثل قوله في الحديث: "العينان وكاء السَّه" (¬18)؛ قوله في الحديث: "بل أنت نسيت" (¬19)؛ قوله - صلى الله عليه وسلم - لأسماء بنت أبي بكر في دم الحيض: "حتيه ثم اقرصيه" (¬20)؛ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه" (¬21). مصادر النظم المستعذب: اعتمد ابن بطال الركبي في إخراج كتابه، على مصادر قيمة، صنفها أئمة ثقات، مشهود لهم بالصدارة والحُجِّية في أبواب اللغة وأنواع الغريب، واستند في كل نوع إلى المظان المعتمدة في بابه منها ومال في كثير من مواطن شرحه إلى إسناد كل قول إلى صاحبه، ومنها: في غريب الفقه: جعل عمدته أقدم المصنفات في هذا النوع من الغريب، وفي مقدمتها: ما جمعه الإمام اللغوى عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (213 - 276 هـ) في أول كتابه "غريب الحديث" (¬22) الذي افتتحه، على حد قوله "بتبيين الألفاظ الدائرة بين الناس في الفقه وأبوابه، والفرائض وأحكامها؛ لتعرف من أين أخذت تلك الحروف، فيستدل بأصولها في اللغة على معانيها، كالوضوء، والصلاة، والزكاة، والأذان، والصيام، والعتاق، والطلاق، والظهار، والتدبر، وأشباهها، مما لا يكمل علم المتفقه والمفتى إلا بمعرفة أصوله" (¬23). وجعل عنوان ما ذكره منها: ذكر الألفاظ في الفقه والأحكام واشتقاقها (¬24). وثانيها: كتاب الإمام اللغوى أبي بكر محمد بن القاسم ابن الأنبارى (271 - 328 هـ)، وهو: الزاهر (¬25) في معاني الكلمات التى يستعملها الناس في صلواتهم ودعائهم وتسبيحهم وتقربهم إلى ربهم، وهم غير عالمين بمعنى ما يتكلمون به من ذلك. وفي مقدمته يقول ابن الأنبارى: "وأنا موضح في كتابي هذا، إن شاء الله تعالى، معاني ذلك كله؛ ليكون المصلى إذا نظر فيه عالما بمعني الكلام الذى يتقرب به إلى خالقه، ويكون الداعى فَهِيما بالشيىء يسأله ربه، ويكون المسبح عارفا بما يعظم به سيده. . . ." (¬26). وثالثها: كتاب الإمام اللغوى أبي عبيد القاسم بن سلام (154 - 224 هـ) وهو: غريب الحديث (¬27) وقد تناول فيه جملة وافرة من الألفاظ الفقهية. اعتمد عليها الركبي إلى حد كبير. ورابعها: كتاب اللغوى الكبير أبي منصور الأزهري (282 - 370 هـ) وهو شرح ألفاظ المختصر (¬28) وهو أقدم المصنفات المتخصصة في شرح غريب الفقه، فقد صنفه أبو منصور الأزهري قبل تهذيب اللغة، خاصة في تفسير ألفاظ الإمام الشافعي، فيما اختصره الإمام إسماعيل بن يحيى المزنى من كلام الشافعي، ¬
في غريب الحديث الشريف
والمشهور في مصنفات الشافعية بمختصر المزني (¬29). والمصنفات السابقة تعد بحق أهم المصادر في شرح الألفاظ الفقهية، والمنهل العذب لكل وارد وعدة كل من تصدر للتصنيف في غريب الفقه، على شتى المذاهب. وخامسها: كتاب الإمام أبى عبد الله محمد بن على القلعى (توفى 630 هـ) وهو "اللفظ المستغرب من شواهد المهذب" (¬30) ويعد من أهم المصنفات التى شرحت غريب كتاب المهذب، وقد تأثر به الركبي إلى حد كبير، وبخاصة وهو يَمَنِىٌّ مثله، وكانا متعاصرين. وسادسها: كتاب الإمام اللغوي الأديب والفقيه الحنفي أبو الفتح ناصر بن عبد السيد المشهور بالمطرزي (538 - 610 هـ) وهو كتاب "المُغْرِب في المُعَرَّب" (¬31) وضعه المطرزي في شرح ألفاظ الفقه الحنفي، وألفه على نظام المعاجم الحديثة، فاستوعب بطريقته هذه كمًا هائلاً من ألفاظ الفقه. ويعد هذا الكتاب أصلًا للمصباح المنير في غريب الشرح الكبير للفيومي، وقد نقل عنه الركبي في عدة مواطن. ويضاف إلى ما سبق من مصادر: ما أثبته مسندا من التفسيرات اللغوية التى يذكرها الفقهاء في مصنفاتهم الخاصة بالفقه، كالإمام الشافعي في الأم، وابن الصباغ في البيان، وابن أبى الخير في الشامل، والغزالي في الوسيط. وغيرهم متفرقات في أثناء الكتاب. في غريب الحديث الشريف: اعتمد في هذا النوع أوثق المصادر وأشهرها عند أهل اللغة والغريب والحديث، ومنها: - غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام. - غريب الحديث لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة. - غريب الحديث (¬32) لأبي سليمان حَمَد بن محمد بن إبراهيم الخطابي البستي (319 - 338 هـ). - معالم السنن: له أيضًا. - إصلاح خطأ المحدثين: له أيضًا. - إصلاح غلط أبي عبيد في غريب الحديث لابن قتيبة. - الغريبين: غريبى القرآن والحديث لأبي عبيد أحمد بن محمد الهروي (توفى 401 هـ). - الفائق في غريب الحديث: للعلامة جار الله محمود بن عمر الزمخشري (467 - 583 هـ). - شروح صحيح البخاري وصحيح مسلم، وغيرها مما نثر في ثنايا مصنفات غريب الفقه، والمعجمات من شروح لألفاظ الحديث الشريف. في تفسير غريب القرآن الكريم: أكثر الركبي من شواهد القرآن الكريم، وقراءاته، وشرح غريبه، واعتمد في شرحه على المصادر الآتية: ¬
في غريب اللغة بعامة
- معانى القرآن وإعرابه لأبي إسحاق الزجاج (230 - 310 هـ). - الغريبين: غريبى القرآن والحديث للهروي، وكان معتمده في أكثر نقوله. - تفسير غريب القرآن: لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة. - تفسير غريب القرآن لأبي بكر محمد بن عزيز السجستاني العزيزي (توفى 303 هـ). - تفسير الواحدي على بن أحمد بن محمد النيسابوري (توفى 468 هـ). وفيما عدا ذلك يعمم في نقله، فيقول: قال في التفسير. في غريب اللغة بعامة: تبدت المادة اللغوية في النظم المستعذب صافية نقية، لا تشوبها شائبة، في غالب أحوالها، وذلك؛ لأن ابن بطال صدر في شرحه عن المصنفات اللغوية التى اعتنق مصنفوها مذهب التنقية اللغوية، فلم يثبتوا فيها إلا ما أجمع على صحته أهل اللغة والعربية، ومنها: تاج اللغة وصحاح العربية للجوهري، وكان هذا المعجم عدته وعتاده، فلا تكاد تخلو مادة لغوية في النظم من نصوص الصحاح، يثبتها كما هي عليه، من غير ما تأليف ولا تحريف، وقد بلغ هذا حدًا كبيرًا جعلني اعتمد الصحاح نسخة ثالثة في التحقيق. وانبرى إلى أصول الصحاح، ومصنفات النقود عليه، وتكملته، ومن ذلك: إصلاح المنطق لابن السكيت (186 - 244 هـ). أدب الكاتب لابن قتيبة. - ديوان الأدب للفارابي (توفي 350 هـ). - التكملة والذيل والصلة للصغاتي الحسن بن محمد بن الحسن (توفى 650 هـ). - العباب له أيضًا. كما نقل أيضًا عن مصادر هذه المصنفات، مثل: - العين للخليل بن أحمد الفراهيدي (100 - 175 هـ). - جمهرة اللغة لابن دريد (223 - 325 هـ). - تهذيب اللغة- للأزهري. - البارع لأبي على القالى (288 - 356 هـ) والأمالي له أيضًا. - المجمل في اللغة لابن فارس (توفى 395 هـ). وغير هذا من المصنفات اللغوية في أنواع العلوم العربية، كفقه اللغه للثعالبي، وشروح المقامات للمطرزي والشريشي، ورسائل خلق الإنسان، والإبل، والنبات، والفروق اللغوية، والمذكر والمؤنث، ومصنفات النحو التصريف، وغيرها مما تكشف عنه كتاب النظم المستعذب. وبهذا العرض نستطيع التقرير بأن كتاب ابن بطال الركبي يعد بحق من أفضل المصنفات التى اهتمت بشرح غريب الفقه، وأبسطها من حيث الاستطراد في تفسير المادة وتدعيمها بكثرة النقول عن المصنفات المتعتمدة في
مظاهر الشرح في النظم المستعذب
شرح أنواع غريب اللغة، ومن أصحها مادة من قبل اهتمامه بالنقل عن المصادر التى التزمت بما أجمع على صحته علماء اللغة العربية. كما يعد من أشمل المصنفات في جمع المادة الفقهية بعامة، وفي كتاب المهذب بخاصة. مظاهر الشرح في النظم المستعذب تأصيل المعانى: من أبرز سمات شرح الركبي: اهتمابه برد المعانى إلى أصولها، يفعل هذا مبالغة في توضيح المعنى المراد، بمختلف الوسائل اللغوية، ولا تكاد تخلو مادة من المواد التى تناولها من هذه المحاولات الملحة. والوسائل المتنوعة التى نلمسها من اللغويين على تفاوت مذاهبهم في رد معانى المشتقات إلى أصولها تسير حسب اجتهاد وميل كل واحد منهم، وذلك؛ لأن اثبات أصول المعانى لهذه المشتقات لا يخضع إلى قياس محدد، ومن ثم نرى تفاوتًا بين هذه الأصول. وقد ثبت هذا في شرح الركبي على عدة صور، منها: - التنبيه بدء على أصل المعنى، ثم ذكر الاستعمالات التى تؤيد ما يذهب إليه. وذلك نحو قوله: "أصل العَفو: المحو، يقال: عفا الأثرُ، أى: امّحى وذهب وعفا الربع: امحى رسمُه ودرس، فكأنه مُحى عنه الذنبُ، ولم يكتب عليه (¬33). وقوله: "أصل الفحش": القبح، والخروج عن الحق، وذلك قيل للمفرط في الطول: إنه لفاحش الطول، والكلام القبيح غير الحق: كلام فاحش، والمتكلم به: "مُفحش" (¬34) وقوله: "أصل الفجر": الشق، ومنه سمى الفجر، كما سمى فَلَقا وفَرَقا، والعاصى: شاق لعصا الطاعة" (¬35) وقوله: "تحريم المبتوتة" أصله: من بَتَّ الحبلَ: إذا قطعه، كأنه قطع بالطلاق مواصلتها ومعاشرتها (¬36) وقوله: "أصل الفطر: الشق، يقال: فطر ناب البعير: إذا انشق موضعُه للطلوع، ومنه قوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} (¬37) أى: انشقت، فكأن الصائم يشق صومه بالأكل" (¬38). وهذا فيما كان أصل معناه واضحا، ويكاد يجمع عليه أهل اللغة. ولا شك في أنه يعول على الأصل الذى يتصل بالمعنى المراد، لأن مادة (ع ف و) تحتمل أصول معان كثيرة، فمنها مثلا: العفو: بمعنى الكثرة، ومنه قوله تعالى: {حَتَّى عَفَوْا} (¬39) ومنه الحديث: "أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر أن تُحْفى الشوارب وتُعْفى اللحى" (¬40). قال الكسائى: قوله: "تعفى" توفر وتكثر (¬41)، وقال الخطابي (¬42): غلام عاف أى: وافر اللحم، وأصله: من قولك: عفا الشىءُ: إذا كثر، قال الله تعالى: {حَتَّى عَفَوْا} أى: كثروا ونموا: وأنشد أبو عبيدة (¬43) شاهدا له قول لبيد: ولكنا نُعِضُّ السيفَ منها ... بأسْوُقٍ عافياتِ اللحمِ كومِ ومن أصول معانيه أيضًا: الطلب، ومنه قول الأعشى (¬44): ¬
يطوف العُفاة بأبوابِه ... كَطَوْفِ النصارى بِيَيْت الوَثَنْ ومنه الحديث: "من أحيا أرضًا ميتة فهى له، وما أصابت العافية منها، فهو له صدقة" (¬45) وفي هذا يقول الزمخشري: كل طالبٍ رزقًا من طائر أو بهيمة أو إنسان: فهو عاف (¬46). وقبله ذكر ذلك أبو عبيده (¬47) وغيره (¬48). والأصل الذي ذكره الركبي: مجمع عليه من أهل اللغة، كأصل من الأصول المعنوية التى يؤديها يتساهل أحيانا في التعبير، فابن الأثير يقول في العفو: "وأصله: المحو والطمس" (¬49) ثم يعود فيذكره بمعنى الطلب في الحديث المذكور. وينقل الأزهري (¬50) عن ابن الأنباري، أن الأصل في قول الله جل وعز: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} (¬51): محا الله عنك، مأخوذ من قولهم: عفت الرياحُ الآثارَ: إذا درستها ومحتها. بيد أن ابن الأنباري لم ينص بلفظ "الأصل" وعبارته (¬52): معناه: درس الله ذنوبك ومحاها عنك. . . . إلخ. وإن كان ابن الأنباري يكثر من التعبير بالأصل فيقول: أصل كذا، ولكنه يريد المعنى، وقد يذكر أكثر من أصل، وهو يريد المعانى. وبعض اللغويين يدقق ويتحرز في التعبير تحسبا لمثل هذا كالخليل (¬53) والجوهري (¬54) وغيرهما. ولا شك في أن الفئة الأولى تميل إلى المذهب الاشتقاقي في الربط بين تفريعات المادة وأصولها (¬55). - والركبى متابع في أكثر الأمثلة التى يذكرها من هذا القبيل، فإذا تفرد بعضهم بمذهب ذكره مُسنَدًا إليه، وذلك في نحو قوله: "أصل الحفد: العمل والخدمة، ومنه الحفدة، وهم: الخدم" (¬56) وقوله: "في تسجية الميت: قال الزمخشري، قال ابن الأعرابي: أصله: الغيبوبة ومنه قوله تعالى: {أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} (¬57) أى: ذهبنا وغبنا، فكأن الكافر جار عن الطريق الحق، أو غاب عنه الحق فلم يعرفه، ولم يهد له" (¬58). ونلاحظ أنه ذكر حسب تعبيره أصلين في معنى الضلال، وأسند الثاني إلى ابن الأعرابي. وهذا لأن الأصل الأول متفق عليه، قال ابن فارس (¬59): كل جائر عن القصد: ضال، وكذلك ذكر في المظان اللغوية (¬60). وفي المعنى الثاني قال الخطابي (¬61): قال أبو عمر: أصل الضلال: الغيبوبة يقال: ضل الماء في اللبن: إذا غاب، وكذلك: ضل النَّاسِى: إذا غاب عنه حفظه، وهو قوله تعالى: {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} (¬62). وفي الحديث: "ذروني في الريح لعلى أضل الله" (¬63) يقال: أضللت الشيىء: إذا غيبته، وأضللت الميت: دفنته. ¬
رد اللفظ إلى أصول معنوية كثيرة
رد اللفظ إلى أصول معنوية كثيرة: قد يحتمل اللفظ الرد إلى أكثر من أصل معنوي، فلا يتوانى في ذكرها جميعا، يبتغى بذلك الوصول إلى أصح المعانى وأوضحها، ومن ذلك قوله (¬64): "أصل الزكاة في اللغة: النماء والكثرة، زكا المال يزكو: إذا كثر، ودخلته البركة، وزكا الزرع: إذا نما، وسميت الصدقة زكاة لأنها سبب النماء والبركة، وقيل أصلها: الطهارة" من قوله تعالى: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَاكِيَةً} (¬65) أى: طاهرة. وقوله تعالى: {لِيَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} (¬66) أي: طاهرا. وقيل: مأخوذ من تزكى، أى: تقرب، قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} (¬67) وقيل: العمل الصالح. وقال تعالى: {خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً} (¬68) أى عملا صالحا. فكأنها تطهر من الذنوب، وتقرب إلى الله تعالى. فقد ذكر هنا: النماء والزيادة. والطهارة. والقربة. والعمل الصالح، ثم جمعها في التطهر والتقرب بالعمل الصالح في توضيح المعنى. ونلاحظ أنه بهذا كان من أكثر اللغويين جمعا لأصول معانيها؛ لأن ابن الأنبارى الذى يهتم بجمع المعانى؛ وتعدادها، لم يذكر في أصول معانيها سوى النماء والزيادة، وفسر زكية في الآية {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} بأنها: زائدة الخير لم تذنب ولم تكن منها خطيئة (¬69)، وكذلك ابن قتيبة اقتصر على معنى النماء والزيادة (¬70). وذكر الخليل الزكاة بمعنى التطهير؛ وبمعنى الصلاح، وقال: تقول: رجل زكى تقى ورجال أزكياء أتقياء (¬71). واقتصر الزمخشري على التطهر (¬72) وممن جمع أكثر معانيها ابن الأثير في النهاية (¬73) حيث قال: "وأصل الزكاة في اللغة: الطهارة، والنماء، والبركة، والمدح، وكل ذلك قد استعمل في القرآن والحديث". وهذا يدل على دأب الركبي في جمع أصول المعانى، كما يفعل أصحاب المعجمات. - وقد يجتهد في إيجاد أصل معنوى غير مشهور يرد إليه معنى اللفظ المستعمل، ومن ذلك قوله: "التقليد أصله: من القلادة التى تكون في العنق؛ كأنه يجعل ذلك الأمر كالقلادة في عنقه يتحمل مأثمه" (¬74) وقوله أصل البد الفراق، مثل قولهم: لابد من كذا، كأنه قال: لا فراق منه (¬75) وقوله ": هَتَكَ حُرْمَتَه، أى: خرقها، وأصل الهتك: خرق الستر عما وراءه"، (¬76) وقوله: "وكفة الصائد: حِبالته، ولعل أصله من الكف، وهو المنع والتوقف" (¬77) وقوله: "الجزية أصلها الفداء" (¬78). وهذا كله محاولة منه لتقريب المعنى. اهتمامه بأصول الاشتقاق المادى: وعنايته بأصول المعانى كان قسيما لاهتمامه بأصول اشتقاقات المادة ذاتها، وقد كان مولعا بهذا مما سوغ لنا القول بأنه كان من كبار الاشتقاقين. ودليل هذا قوله (¬79): "وفي تسمية الصلاة صلاة لأهل الاشتقاق ثلاثة أقوال: قيل لما فيها من الدعاء؛ وقيل: لرفع الصلا في الركوع، وهو مغرز الذنب من الفرس؛ وقيل: لما فيها من الخشوع واللين، يقال: صليت العود بالنار: إذا لينته والمصلى يلين ويخضع"، وقوله (¬80): "أيام التشريق، في اشتقاق تسميتها بذلك أوجه، أحدها: لأنهم يشرقون فيها اللحم، بمعنى أنهم يشمسونه، وقيل: ¬
يشققونه ويقددونه، ومنه الشاة الشرقاء، وهى مشقوقة الأذن طولا؛ وقيل: من قولهم في الجاهلية: "أشرق ثبير كيما نغير. وقيل: لأن الضحايا والهدى يذبح فيها عند شروق الشمس، وهو طلوعها". وقوله (¬82): في البيت العتيق: سمى عتيقًا؛ لأنه قديم، وقيل: لأن الله تعالى أعتقه من جبابرة الملوك .. وقال مجاهد: سمى عيتقا؛ لأنه لم يملك قط. وقال ابن السائل: سمى عتيقا؛ لأنه أعتق من الغرق زمان الطوفان". فقد أرجع اشتقاق لفظ الصلاة إلى ثلاثة أصول مرتبة حسب اشتهارها بين اللغويين، والإجماع على الدعاء عند العرب كان يسمى صلاة، وشاهده قول الأعشى (¬83): تَقُولُ بِنْتي وَقَدْ قَرَّبْتُ مُرْتَحِلاً ... يَاربِّ جنِّبْ أبي الأَوْصَابَ وَالْوَجَعَا عَلَيْكِ مِثلُ الذِى صَلَّيْتِ فاغْتَمِضِى ... نَوْمًا فَإنَّ لِجَنْبِ الْمَرْءِ مُضْطَجَعَا وقوله أيضًا: وَقَابَلَهَا الرِّيحُ فِي دَنَّهَا ... وَصَلَّى عَلَى دَنِّهَا وَارْتَسَمْ ذكر هذا الخليل وابن قتيبة وابن الأنباري والأزهري، وابن دريد، والجوهري، والزمخشري، وابن الأثير (¬84)، وغيرهم. - والأصل الثاني: الصلا، وهو: واحد الصلوين، وهما مكتنفا الذنب من الناقة وغيرها (¬85)، وأول موصل الفخذين من الإنسان (¬86) وهما عن يمين العصعص وشماله، وقد ذكر ذلك اللغويون بعد الأول، فقد نقل أبو عبيد (¬87) عن الأصمعي: أن أصل ذلك في الخيل، فالسابق؛ والمصلى: الثانى الذى يتلوه، قال: وإنما قيل له المصلى. لأنه يكون عند صلا الأول. وأكد هذا ابن دريد في قوله: وقال قوم: بل اشتقاق الصلاة: من رفع الصلا في السجود، والمصلى من الخيل: الذى يجىء وجحفلته على صلا السابق، ثم كثر في كلامهم حتى سموا الثانى من كل شىء مصليا. وعلق بأن الأول أعلى (¬88). والأصل الثالث: يدل على شغفه بالاشتقاق؛ لأنه ربط بين اللين والخشوع في الصلاة، بتقويم العود بسبب تليينه بالنار، وقد ذكر اللغويون هذا الاستعمال (¬89)، ففى العين (¬90): وصلى عصاه: إذا أدارها على النار يثقفها، قال: فَلَا تَعْجَلْ بِأَمْرِكَ وَاسْتَدِمْهُ ... فَمَا صَلَّى عَصَاكَ كَمُسْتَدِيمِ غير أنهم لم يحاولوا رد اشتقاق الصلاة المعروفة إليه. وإن ألمح الزمخشري إلى هذا في قوله (¬91): وأصل التصلية: من قولهم: صلى عصاه: إذا سخَّنها بالصلاء، وهى النار ليقومها، وأنشد البيت المذكور. وقال: وقيل للرحمة صلاة، وصلى عليه الله: إذا رحمه؛ لأنه برحمته يُقوِّم أمر من يرحمه، ويذهب باعوجاج حاله وَأَوَدِ عمله. ¬
تصريفات الأفعال
ولا ندري كيف لم يعرج الركبي على أصل ذَكَرَه اشتقاقى كبير، كالزجاج، هو أولى بالتقديم من هذا الأخير الذى ذكره، فقد استعرض الزجاج (¬92) الأصول والمعانى السابقة، ثم قال: وأصل هذا كله عندى من اللزوم، يقال: صلى وأصلى واصطلى: إذا لزم، ومن هذا يصلى في النار، أى أنه يلزم. . . وكذلك الصلاة: إنما هى: لزوم ما فرض الله، والصلاة من أعظم الفرض الذى أمر بلزومه. وما ذكره في أيام التشريق تابع فيه الجوهري، وكله ثابت ومقرر عن أئمة اللغة كالأصمعي، وابن السكيت وأبي عبيد، وابن الأنباري، والزمخشري، وابن الأثير، وغيرهم (¬93). وشرح الركبي ملىء بمثل هذه الاشتقاقات، يذكرها متابعة لأئمة اللغة، أو يستخلصها بحاسته اللغوية فيرد البئر إلى بأر بمعنى حفر، والاحتياط والحائط: من حاطه يحوطه، والاحتراز: من الحرز الذى يمنع وصول ما يكره، والمزادة: من الزيادة التى تزاد فيها من جلد ثالث، والمخمصة: من الخموص، وهو ضمور البطن، والجدرى: من جدر بمعنى نتأ وارتفع، ومنه الجدار، والحمام: من الماء الحميم وهو: الحار، والخمار: من التخمير، وهو التغطية، ومنه الخمر؛ لأنها تغطى العقل، والإزاز: من المؤازرة، وهى: المساعدة والمعاونة، والمحراب: من الحرب؛ لأنه يدافع عنه ويحارب دونه، والمعاركة بمعنى القتال: من عَرَكَت الرحى الحب: إذا طحنته، والجنين: من الجنة، وهو: ما استترت به من سلاح، ومن الجن؛ لاستتارهم، والبر قمح: من قامحت الناقة: إذا رفعت رأسها، وأقمح الرجل: إذا شمخ بأنفه، والسكين: من تسكين الذبيحة، والسحور: من السحر، وهو: آخر الليل. وغير ذلك مما يطالعنا به الركبي في شرحه. وكنت أحسبه يبعد في المذهب حين جعل اشتقاق المائدة من ماد (¬94): إذا مال؛ لأن حاملها يميل بها، ومنه قوله تعالى: {أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} (¬95). حتى رأيت أبا عبيدة (¬96) يقول في قوله تعالى: {أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} (¬97). أصلها: أن تكون مفعولة، فجاءت فاعلة، يقولون: تطليقة بائنة، وعيشة راضية، وإنما مِيدَ صاحبها بما عليها من الطعام، فيقال: مادنى يميدنى. ويعقب عليه الزجاج، قائلا (¬98): والأصل عندى في مائدة أنها فاعلة من ماد يميد: إذا تحرك، فكأنها تميد بما عليها. تصريفات الأفعال: بدت ظاهرة تصريفات الأفعال واضحة في شرح ابن بطال الركبي، بعد ظاهرة الاشتقاق المعنوي والمادي إذ اعتمد إلى حد كبير على تحديد أبواب الأفعال، قاصدا تمييز المعانى، مبينا المعنى المقصود من التعبير وقد استعمل مختلف الطرق المشهورة لدى اللغويين بصدد أشكال الأفعال ودلالاتها، فبين لغات الفعل الماضى من حيث اختلاف حركة عينه، وما يترتب عليه، من اختلاف الدلالة أو اتفاقها، نحو: بَثَر، وبَثِرَ وبثر وجهه، وكذا في الأمر، مثل: زُرَّه؛ وزُرُّه؛ وزرِّه. ¬
ورتب لغات الأفعال على حسب أفصحيتها، ونبه إلى المهموز منها وغير المهموز، وأشار إلى ما أنكره اللغويون مما تخففه العامة، والتحقيق فيه أفصح، كقولهم: توضيت في توضأت، وذكر في المعتل منه، ما يقال بالواو والياء في مثل: حثا التراب يَحْثُوا ويحثى حثوا وحثيا، فضلا عن رده المعتل إلى أصله واو يا كان أو يائيا. وميز الأفعال بحسب اختلاف صوغها، فبين ما اتفق معناه، واختلف تبعا لهذا، في نحو: فَرَطَ بالتخفيف: إذا تقدم وَفَرَّطَ بالتشديد: إذا قَصَّر، وأفْرَطَ: إذا جاوز الحد. ونحو: نجوت الشجرة وانتجيتها واستنجيتها: إذا قطعتها كما أشار إلى صيغتى فعل وأفعل باتفاق معنى واختلافه،، غير ذلك مما تباين في الص وغ واتفق أو اختلف في الدلالة. وفصل بين المتعدى واللازم، ما يتعدى بنفسه وما يتعدى بغيره، ونبه إلى الأفعال المتعدية اللازمة، في نحو مَقَل، فقر، هدى، ونص على الأفعال التى تتعدى بحروف مختلفة، ويترتب عليها دلالة التضاد كرغب في الشىء: أراده، ورغب عنه: أعرض. كما تناول الأفعال التى تتداخل فتنتج أبوابا متراكبة، كما سيأتى بيانه مفصلا. فمن أبواب الأفعال بحسب كم ورودها في الكتاب: باب فَعَلَ يَفْعُلُ: من الثلاثى الصحيح: بثر وجهه يبثر (66) بطَش يبطُش (134) حجزه يحجزه حجزا، أى: مَنعه وكفه (107) حجل الطائر يحجل حجلانا (227) حرن يحرن حرونا (75) حصره يحصره حصرا: إذا ضيق عليه (44) رتب الشىء يرتب رتوبا، أى: ثبت (89) رشد بالفتح يرشد بالضم رُشْداً (159، 271) رفث ورفث (178) رفضه يرفضه رفضا (135) ركزت الرمح أركزه ركزا (156) سرب الماء يسرب: إذا سال (38) سلف يسلف سلفا، مثل طلب يطلب طلبا، أى: مضى (170) شرقت الأذن أشرقها شرقا من باب قتل (218) عركت الشىء أعركه عركا: إذا دلكته (131) عكف على الشىء يعكف (178) غمره الماء يغمره: إذا علاه (15) فَرَط في الأمر يفرط فرطا، أى: قصر فيه وضيعه (159) فضل يفضل: مثل دخل يدخل (157) قتر على عياله يقتر قترا وقتورا، أى: ضَيَّقَ (270) قدر الله الأمر يقدره قَدْرا وقَدَرًا (178) لمظ يلمظ: إذا تتبع بقية الطعام في فيه (221) مَثَلَ به يَمْثُل مَثْلًا (211): إذا غاص في الماء (14) نبع الماء ينبع (10) نبش ينبش (68) نجس ينجس (10) نخسه بالعود ينخسه (52) ندر الشىء يندر: إذا سقط وشذ (39) نكل عن العدو واليمين ينكل: إذا جبن (252). ومن المضاعف: أَتَهُ يَؤُتُّهُ أتَّا: إذا غلبه بالحجة (112) ثج الماء يثج: إذا سال منه (47) حَفَّت المرأة وجهها من الشعر تحفُّه حفًّا (126) حَلَّ المكان يحلُ بالضم حلا وحلولا ومَحلا (263) خب الفرس يخب بالضم (205) سَحَّ الماء يُسحُّ (121) غل يغل غلولا: إذا خان في المغنم (64). ومن المعتل: حثا التراب يحثو (135) حاطه يحوطه، أى: كلأه ورعاه (269) دام يدوم (121) زكا المال يزكو: إذا كثر (139) طاف حول الشىء يطوف طوفا وطوفانا (203) فاحت ريح المسك تفوح فيما (53) قصا المكان يقصو، أى: بعد (98).
باب فعل يفعل
بَابُ فَعَلَ يَفْعِلُ: من الثلاثى الصحيح: بَطَشَ يَبْطِشُ (134) حجل الطائر يحجل حجلانا: إذا نزا في مشيه (225) حنذت الشاة أحنذها حنذا، أى: شويتها (225) خفرت الرجل أخفره بالكسر خفرا: إذا أجبرته، وكنت له خفيرا تمنعه (182) رفث يرفث (175) رفضه يرفضه رفضا (135) عتم الليل يعتم (53) عضدت الشجر أعضضه بالكسر (200) عكف يعكف (178) غبطته أغبطه غبطا وغبطة (270) غطسه في الماء يغطسه (175) لَثَمَت المرأة تَلْثِمُ لَثْمًا: إذا شدت اللثام (73، لفقت الثوب ألفقه لفقا (46) نبزه ينبزه نبزًا: إذا لقبه فسماه بغير اسمه (196) نبع الماء ينبع (10). من المضاعف: جَدَّ في الأمر يجد جدًا (106) جف الثوب يجف بكسر الجيم (46) حل يحل: إذا قضى فروض الإحرام، فصار حلالا (200) حل الدين يحل بالكسر حلولا (263) دب على الأرض يدب دبيبا: إذا مشى (223) رم العظم يَرِمُّ (39) لججت تلج: لغة (221) ندَّ البعير يندندا وندادًا وندودًا: نفر (232) هر الكلب يهر هريرا (106). ومن المعتل: حثى يحثى، وهو: إرسال الماء وغيره من الكف (42) ضَاعَ يَضِيعُ ضياعًا (111) فاحت ريح المسك تفيح (53). كاده يكيده كيدا (99) مزت الشيء أميزه ميزًا: إذا عزلته وفرزته (264) مَاع الجامد يميع: إذا ذاب وماع الشيء أيضًا: إذا سال على وجه الأرض (12) نما الشىء ينمى: إذا زاد نماء ونموا (264) هوى يهوى هويا، أى: سقط إلى أسفل (274) وقذه يقذه وقذا (229). من المهموز: أبدت البهيمة تأبد، أى: توحشت (232). بَابُ فَعِلَ يَفْعَلُ من الصحيح: حرج صدره يحرج حرجا (65) خرق بالكسر يخرق خرقا (65) رشد بالكسر يرشد بالفتح لغة (195، 271) رمض يومنا بالكسر يرمض رمضا بالتحريك: اشتد حره (82) سفه يسفه سفها وسفاهة (142) شملهم الأمر يشملهم، أى: عمهم (109) ضلع بالكسر يضلع ضلعا (217) لهب بالكسر يلهب لهبا (229) نجس الشىء بالكسر ينجس بالفتح نجسا بالتحريك (9). من المعتل: رقى يرقى (207) وسعه الشىء بالكسر يسعه (75). من المهموز: بئس الرجل يبأس بؤساً: إذا اشتدت حاجته (218) سئمت من الشيء أسأم سآمة أى مللت (91) فجئه الأمر يفجأه (171) وطئت الشيء برجلى وطأ ووطىء الرجل امرأته، يطأ فيهما (197). من المضاعف: لججت تلج لجاجا ولجاجة (221). فَعَلَ يَفْعَلُ: من الصحيح: بخسه حقه يبخسه بخسًا: إذا نقصه (119) فغر فاه يفغره (126) قحط المطر يقحط قحوطا: إذا احتبس (119) نبع الماء ينبع (10) نخسه بالعود ينخسه نخسا (52) نضحت القربة تنضح
فعل وأفعل
بالفتح نضحا، ونضح ينضح (41). من المعتل: ضحا الرجل يضحى (50) رقى يرقى رُقْيةً (207) نال خيرا ينال نيلا (156) ولغ الكلب في. الإناء يلغ ولوغا (16). من المهموز: درأه يدرؤه: إذا دفعه (75) رقأ الدم يرقأ: إذا انقطع (207) قنأ يقنأ قنوء: إذا اشتدت حمرته (47). من المضعف: برَّه يبره برا (203). فَعُلَ يَفْعُل: من الصحيح: بثر وجهه يبثر (66) خبث الشىء يخبث خبثا (36) خلق الثوب يخلق وغيره: إذا صار خَلَقا (32) طَهُرَ يَطهُرُ (9) عَمُق يعمق (33). من المهموز: ردؤ الشيء يردؤ رداءة (153). فَعِلَ يَفْعِلُ: من الصحيح: قَنِط يقنِط (121). من المعتل: وثقت به أثق: إذا ائتمنته (263) وسعه الشيء يسعه سعة (75). فعل وأفعل وقعت صيغتا فعل وأفعل بمعنى، واختلاف معنى، في شرح الركبي كثيرا، وكانتا في غالب ما ذكره على سبيل المتابعة لما ذكره اللغويون الذين نقل عنهم ومن أهمهم الجوهرى في الصحاح، وكان ورود الصيغتين بمعنى أكثر منه باختلاف معنى، ومن ذلك: فعل وأفعل بمعنى: الجائفة: من أجافه وجافه، يقال: أجَفْتُهُ الطعنة وجُفْتُه بها عن الكسائى (173) والجبار: القهار، يقال في فعله: جبره وأجبره (266، 267) جَدَّ في الأمر يجِدُّ جدًّا وأجد في الأمر مثله (106) جهده الصوم بالفتح يَجْهَدُه وأجهده الصوم يجهده (170) حفت المرأة وجهها من الشعر تحفه حفا وأحفت أيضًا (126) يقال للزرع إذا بلغ الحصاد: أحنط وحنط (128) خلف فوه خلوفة وخلوفا، وأخلف إخلافا إذا تغير، قال ابن أحمر: بان الشباب وأخلف العمر. (22) الركس: من ركسه: إذا رده مقلوبا، يقال: أركسه الله وركسه (48) الرفث: الفحش وكلام النساء في الجماع تقول منه: رفث الرجل وأرفث (158) زها البسر يزهو، وأزهى يزهى (248) سجد البعير وأسجد: إذا خفض رأسه ليركب (80) سقيته وأسقيته بمعنى واحد (119) شالت الناقة بذنبها وأشالته: إذا رفعته (186) قحط المطر يقحط قحوطا: إذا احتبس، وأقحط القوم: أصابهم القحط (119) نجز حاجته ينجزها وأنجز الوعد (105) الإنصات: السكوت مع الإسماع، يقال: نهمت وأنصت بمعنى واحد
فعل وأفعل باختلاف معنى
(114) أبو العباس عن ابن الأعرابى: هنأنى وأهنأنى ومرأنى وأمرأنى (120) وجرت الصبى وأوجرته بمعنى (174). فعل وأفعل باختلاف معنى: يقال: خفرت الرجل أخفره بالكسر خفرًا: إذا أجرته، وكنت له خفيرا تمنعه، وأخفرته: إذا نقضت عهده، وغدرت به (182) ويقال سقيته لشفته، وأسقيته لماشيته وأرضه (119) شعر بالشيء: إذا علمه، وأشعر الهدى، أى: جعل له علامة يعرف بها (57) فَرَطَ بالتخفيف: إذا تقدم، وأفرط: إذا جاوز الحد (159) نشطت الحبل: عقدته أنشوطة، وأنشطه: حللته (201). وبمقارنة ما ذكره ابن بطال في هاتين الصيغتين بمعنى وباختلاف معنى، تحقق ما ذهب إليه، فمثلا ما نص عليه في صيغتى خلف وأخلف أكده كثير من اللغويين وفي مقدمتهم الزجاج في فعلت وأفعلت (¬1) والجواليقى (¬2) والفارابي (¬3) والجوهري (¬4) والزمخشري (¬5) وهو الذى تابعه المصنف فنقل عنه نص عبارته. وفي صيغتى سجد وأسجد اختار الركبي كونهما بمعنى، غير أن المشهور أنهما مختلفان في المعنى، فقد وضعهما الزجاج في فعل وأفعل والمعنى مختلف، وقال: سجد الرجل من السجود، وأسجد إسجادا: إذا طأطأ رأسه وانقاد (¬6) وهذا ما ذكره ابن السكيت حيث فرق بينهما، فوضع أسجد بإزاء فتور النظر والتطا من والانحناء، وجعل سجد لوضع الجبهة بالأرض (¬7)، وقرر ذلك السرقسطى في أفعاله (¬8) وابن الأثير في النهاية (¬9) وكل من ذهب إلى اختلافهما في المعنى، ومن ذهب إلى اتفاقهما في المعنى، ينشد على مذهبه قول حميد بن ثور: فضول أزمتها أسجدت ... سجود النصارى لأربابها وليس من العسير لمح الصلة بين الانحناء والتطامن وفتور الطرف، ووضع الجبهة في الأرض عند السجود وما يلزمه من الانحناء، مما يقرب المعنى بينهما، أو يجعله واحدًا. ولهذا قال ابن حمزة الأصبهاني تعليقا على قول ابن السكيت وإنشاده لبيت حميد، وبيت كثير: أغرك منا أن ذُلَّكِ عندنا ... وإسجاد عينيك الصيودين رابح قال (¬10): وهذا أيضًا، يقال على فَعَل وأفْعَلَ بمعنى، ولولا ذلك للزم حميدا أن يقول: إسجاد النصارى ولكنه لما كان يقال: سجد وأسجد بمعنى، قال: سجود النصارى. ولهذا، ولما هو ظاهر من المعنى: اختار الركبي كونهما بمعنى واحد. وقد كان تناوله لهاتين الصيغتين مشاكلا لموقف أصحاب التنقية اللغوية، الذين لا يثبتون في اللغة سوى المجمع على صحته، وفي مقدمتهم الأصمعى الذى كان كثيرا ماينكر صيغة أفعل أو يصفها بالرداءة، وكان الجوهرى ممن يعتنقون هذا المذهب، والتزامه بما أثبته في صحاحه شاهد لهذا، وكان ابن بطال يتابع الجوهرى فيما ذكره في صيغتى فعل وأفعل ومن ثم ¬
تحقق صحة ما ذهب إليه فيهما. كما تناول كثيرا من الصيغ التى تختلف مبنى وتتفق معنى، ومنها: فَاعَل وفَعَّل: نحو قوله في الأذان: وفيه لغتان: آذن وأذَّن: إذا كان بمعنى الأعلام (55). فَعَّل وتَفَعَّلَ: كقوله في التأويل: أولته تأويلا وتأولته بمعنى (148). فَعَّل وأفْعَلَ: مثل قوله: جوَّزَ له ما صنع وأجاز له (271) وقوله: يقال: أسعر أهل السوق وسعروا: إذا اتفقوا على سعر (255). افْتَعَلَ وَتَفَاعَلَ وافَّاعَل: وهذا في قوله: يقال: صَالح صِلَاحا، وقد اصطلحا، وتصالحا، واصَّالحا (273). فَعِلَ وأفْعَلَ: ومنه: كلئت الأرض وأكلأت، فهى مكلئة، وكلئة (164). فَعَلَ يَفْعَل في معنى افْتَعَلَ يَفْتَعِلُ: وذلك قوله: وقد نجعوا ينجعون في معنى: انتجعوا ينتجعون عن يعقوب (163). أفْعَلَ: اسْتَفْعَلَ وتَفَعَّلَ: في قوله: أنقذه من فلان، واستنقذه منه، وتنقذه: بمعنى، أى: نحاه وخلصه (273). فَعِلَ وَتَفَعَّلَ وافْتَعَلَ: وفي مثله يقول: وقد وَسِخَ الثوب يوسخ، وتوسخ، واتسخ: كله بمعنى (159). فَعَلَ وَافْتَعَلَ واسْتَفْعَلَ: نحو قوله: نجوت الشجرة، وانتجيتها، واستنجيتها: إذا قطعتها (20). فَعَلَ وَأفْعَلَ وافْتَعَلَ: في قوله: شرت العسل، وأشرته، واشترته، فهو مشور ومشتار ومشار (56). أفْعَلَ وَفَعَّلَ واسْتَفْعَلَ: في مثل: أوطنت الأرض، ووطنتها توطينا واستوطنتها، أى: اتخذتها وطنا (67). فَعَل وافْتَعَل وتَفَعَّل: نحو: لثمت المرأة، والتثمت، وتلثمت: إذا شدت اللثام، وهى حسنة اللثمة (73). فَعَلَ وَفَعَّلَ: نحو قوله: قدر الله الأمر يقدره قدرًا وقدر الله الأمر تقديرا (178). فَعَلَ وتَفَعَّل: في قوله: تلمظ يتلمظ، ولمظ يلمظ: إذا تتبع بلسانه بقية الطعام في فيه، أو أخرج لسانه فمسح شفتيه، فجعله في فيه (221). واهتم ابن بطال بذكر لغات الفعل الواحد، ماضيا كان أو مضارعا، يبتغى بذلك توجيه لغة الفقهاء على الوجوه الجائزة في استعمال الفعل، وبخاصة والفقهاء لا يدققون في اختيار الأفصح لغة، وإنما يستخدمون في توجيه الأحكام ما طاع لهم من الأفعال والأسماء على أي وجه صحيح فمن ذلك في الماضى: قوله: طَهَرَ الشيء بالفتح وَطَهُر بالضم طهارة فيها (9) وقوله: وقد بَثَرَ وجهُهُ يَبْثُر ثلاث لغات: بَثِرَ، وبَثرَ، وبَثُر بالفتح
نبذة عن الهمز والتسهيل
والكسر والضم (66) وقوله: سَخَن الماء وسخُن وسخِن (11) وقوله: ورغم أنفه ورغم بالفتح والكسر (95). وقوله: يَنْبَعُ وَيَنْبُعُ وَيَنْبعُ نبع الماء ينبع وينبغ وينبع ثلاث لغات (9). ونلاحظ أنه حريص على جمع لغات الفعل حرصا يكاد يفوق حرص كثير من اللغويين الذين يهتمون بجمع الأفعال خاصة فقد جمع في الفعل "بثر" ثلاث لغات، بينما لم ينص السرقسطي (¬1) في أفعاله على أكثر من لغتين منها، وهما: بَثِرَ، وَبَثَر وعبارته: بَثِرَ الجسد بَثَراً: خرجت فيه أورام صغار، ويقال: بَثَر أيضًا بفتح الثاء وقد ذكر الفارابي (¬2) اللغات الثلاث، وتابعه الجوهري (¬3)، وتابعه الركبي كما ذكرها الفيومي (¬4) والفيروز آبادى (¬5)، وابن منظور (¬6)، وكثير غيرهم من اللغويين، مما يؤكد صحتها. وكان شديد الحرص في التنبيه على لغات الفعل المعتل، واويًا كان أو يائيا، والجمع بينهما إذا ما سُمِعَ فيه اللغتان ونص عليه اللغويون، ومنه قوله: حثا التراب يحثو ويحثى حثوا وحثيا (135) وقوله: قنوت الغنم وغيرها قنوة، وقنيت أيضًا قنية بالكسر، وقنية بالضم: إذا اتخذتها لنفسك لا للتجارة (155) وقولا: نقوت العظم ونقيته: إذا استخرجت نقيه: أى: مخه (217) وقوله: نما الشيء ينمى: إذا زاد نماء ونموا، وربما قالوا: ينمو، بالواو: (264). اهتمامه بالفصل بين المهموز وغير المهموز، وموقفه من الهمز والتسهيل. نبذة عن الهمز والتسهيل: الهمز: هو نبر الحرف، أو الضغط عليه، أو إعطاؤه حقه بن الإشباع حتى يظهر متمكنا في مخرجه، وقد غلبت تسمية الهمز على صورة (أ) الهمزة التى يطلق عليها المحدثون (The glattal stop) أو الوقفة الحنجرية، ويحدث هذا الصوت حين ينطبق الوتران الصوتيان انطباقا تاما بحيث لا يُسمح للهواء بالمرور، ثم ينفرجان فجأة، فيحدث صوت انفجارى نتيجة لاندفاع الهواء، ويخرج حينئذ صوت الهمزة، وانتاج هذا الصوت يكلف عضلات الحنجرة جهدًا كبيرًا نتيجة للانحباس الشديد، والانفجار التابع له، وكل هذا يتم في فترة وجيزة، فضلاً عن قرب ما بين الحنجرة ومصدر إطلاق الهواء، واندفاعه بشكل مباشر عن طريق القصبة الهوائية المستقيمة، ولهذا يتعين على عضلات الحنجرة أن تتخذ أشكالا متعددة لإحكام غلق فتحة المزمار ثم فتحها بقدر معين وفي فترة يسيرة لكى ينطلق الهواء سريعا حاملا هذا الصوت (¬7). ومن العرب من يستحسن نطق الصوت على هذا النحو من التحقيق، وقد أثر عن القبائل الضاربة في البداوة، كتميم، وقيس، وأسد، وتيم الرباب، وغنى، وعكل، وعقيل (¬8). واللغة المثالية تؤثر هذا النوع من الحقيق وتعتد به، ويدل لذلك التنزيل الكريم، وما حملته آياته من تحقيق الهمز. ¬
كما وردت الرويات باستحسان أئمة اللغة لهذه الصفة، فيما أثر عن عيسى بن عمر قوله: ما آخذ من قول تميم إلا بالنبر، وهم أصحاب النبر، وأهل الحجاز إذا اضطروا نبروا (¬1). وبلغ ولوع بعضهم إلى حد تحقيق ما أباح القياس تسهيله، فقد روى أبو زيد قول العرب (¬2): غفر الله له خطائته، ومنه قول الشاعر: فإنك لا تدرى متى الموت جائىء ... إليك ولا ما يحدث الله في غد وهمزوا ما ليس بمهموز أصلا، كقولهم: معائش في معايش، ومنائر في مناير، ومصائب في مصاوب والخأتم والعألم، وقرأ ابن كثير: {وَكَشَفَتْ عَنْ سَأقَيْهَا} (¬3) بالهمز وأنشد الفراء: يا دار مى بدكا ديك البرق ... صبرا فقد هيجت شوق المشئق ويقولون: لبأت بالِحج، ورثأت زوجى، وحلأت السويق، واستلأمت الحجر. وقرأ عمرو بن عبيد: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ} (¬4) وقرأ أيوب السختيانى: {وَلَا الضَّألِّينَ} بالهمز ومنه: شأبة ودأبة، وابيأض وادهأم (¬5). ويقولون في الوقت (¬6)؛ هذه حبلأ في حبلى، ورأيت رجلأ في "رجلاً". وعلى النقيض من ذلك: نظر قوم منا لعرب إلى الثقل الذى يصَاحبُ إنتاج صوت الهمزة، من حيث كونها أدخل الحروف في الحلق، وفي إخراجها شدة وانفجار ونبر كريه يجرى مجرى التهوع (¬7)، لذلك فروا من التحقيق إلى التسهيل، ومن هؤلاء قوم معتد بلغتهم، كقريش، وأكثر أهل الحجاز، ومنهم هذيل، وأهل المدينة، والأنصار، وغاضرة، وكنانة بن بكر (¬8). وقد روى أبو زيد أن أهل الحجاز، وهذيل وأهل مكة، والمدينة لا ينبرون (¬9)، وروى عن على - رضي الله عنه - أنه قال: "نزل القرآن بلسان قريش وليسوا بأصحاب نبر، ولولا أن جبريل عليه السلام نزل بالهمز على النبى - صلى الله عليه وسلم - ما همزنا" (¬10) وروى في الحديث أن رجلا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا نبىء الله فقال: "لا تنبر باسمى" أى لا تهمز. وفي رواية: "إنا معشر قريش لا نبر" (¬11). وقد اعتدت اللغة المثالية بهذا التسهيل، وأخذت به كصفة مستحسنة تفرعت عن التحقيق الذى آثرته قبلا، وتنزل ببعض مظاهرها القرآن الكريم، وتصرف العرب في الهمز بقصد التسهيل والتيسر، بطرق مختلفة، منها الحذف، والتسهيل، والإبدال، يقول سيبويه (¬12) اعلم أن الهمز إنما فعل بها هذا من لم يخففها؛ لأنه بَعُدَ مخرجُها، ولأنها نبرة في الصدر تخرج باجتهاد، وهى أبعد الحروف مخرجا، فثقل عليهم ذلك. لأنه كالتهوع. وقال (¬13): اعلم أن الهمزة تكون فيها ثلاثة أشياء: التحقيق والتخفيف والبدل، فالتحقيق قولك: قرأت، ورأس، وسأل، ولؤم، وبئس، وأشباه ذلك، وأما التخفيف فتصير الهمزة فيه بين بين، وتبدل وتحذف. ¬
وقد فصل علماء العربية أنواع التسهيل هذه على النحو الآتى، مختصرا. (1) إذا سكنت الهمزة وأريد تسهيلها، فإن فتح ما قبلها: صارت ألفا، وإن ضم ما قبلها: صارت واوا، وإن كسر ما قبلها: صارت ياء، نحو راس في رأس، وقرات في قرأت، وجُونة في جؤنة، وسُوتُ في سؤت وذيب في ذئب، وجيت في جئت، وقد قعدوا هذا وجعلوه قياسا مطردا في أمثاله (¬1). (2) إذا تحركت الهمزة، فإن سكن ما قبلها صحيحا: ألقيت حركتها على ما قبلها، وحذفت، كمسلة في مسألة، والمرة في المرأة. وإن كان ما قبلها ياء أو واو مد زائدتين: قلبت إليهما، وأدغم أحد الحرفين في الآخر، كخطية في خطيئة، ومقروة في مقروءة، والنبى في النبىء. وتجرى ذلك على ياء التصغير كأفيِّس في أفيئس (¬2). وإذا تحركت، وتحرك ما قبلها،. وأريد تخفيفها، فحكمها أن تجعل بين بين، أى: بين مخرج الهمزة، وبين مخرج الحرف الذى منه حركة الهمزة، وفي هذا إضعاف لنبرة الهمز الثقيل، وبقية منه تدل عليه. فإن كانت مفتوحة، وفتح ما قبلها: جعلت بين الهمزة والألف، كسال في سأل وقرا في قرأ، فإن ضم ما قبلها: فإنها تفسير بين الهمزة والواو، كجون في جؤن. وإن كسر ما قبلها: صارت بين الهمز والياء كبير في بئر. وإن كانت مكسورة وقبلها متحرك، وأريد تخفيفها: جعلت بين بين، سواء كانت الحركة فتحة أو ضمة أو كسرة، مثل: سَيِمَ في سَئِمَ، وسُيِل في سُئِلَ. وإذا كانت مضمومة، وتحرك ما قبلها بالفتح، أو الكسر، أو الضم: تجعل كذلك بين بين، فتقرب من الواو الساكنة كلُوم في لُؤْم، ورُوس في رُوُوس، ويستهزون في يستهزئون (¬3). وهذا مذهب سيبويه. وكأن الأخفش يقلب الهمزة المكسورة، المكسور ما قبلها ياء خالصة. وبعض العرب يبدلون همزة بين بين إلى حروف بين خالصة، سواء كانت الفا، أو ياء، أو واوا، كسال، وروس، ومستهزين، وليس هذا بقياس مطرد عند سيبويه (¬4). عود إلى ظاهرة الهمز والتسهيل في النظم المستعذب. اهتم بن بطال الركبي بالفصل بين المهموز وغير المهموز من الأفعال، فنبه إلى ما يهمز وما لا يهمز وما يجوز فيه الهمز وغيره، وما لا يجوز تسهيله إلا في لغة العامة، ومن ذلك: في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا صلى أحدكم، فليلبس ثوبيه فإن الله تعالى أحق من يزين له، فمن لم يكن له ثوبان فليتزر إذا صلى ولا يشتمل اشتمال اليهود" (¬5). يقول الركبي: قوله "فليتزر" صوابه: فليأتزر بالهمز ولا يجوز التشديد؛ لأن الهمزة لا تدغم في التاء، وقولهم "اتزر" عامى، والفصحاء على ائتزر، وقد لحنوا من قرأ {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} بالتشديد (72). ¬
وفي قول الشيرازى (*): "ويرقى على الصفا والمروة" يقول ابن بطال: يقال: رقى بكسر القاف، وبالياء في الماضى يرقى بفتحها والألف في المستقبل رَقْيًا ورُقِيًّا: إذا صعد، وارتقى: مثله، ولا يقال: رَقَى بفتح القاف إلا من الرُّقْيَةِ، فإنه يقال رَقَى يَرْقَى رُقْيَةً. ورقأ الدم يرقأ بالهمز: إذا انقطع (207). وفي قول الشيرازى (/): "يوم التروية" يقول: فيه تأويلان، أحدهما: أنه مأخوذ من الروية، وهى: التفكر في الأمر، يقال: رَوَّيْتُ في الأمر: إذا فكرت فيه ونظرت، يهمز ولا يهمز. والثانى: أنه مأخوذ من رَوَّيْتُ أصحابى: إذا أتيتهم بالماء، وأصله من الرِّىَّ الذى هو ضد العطش (207، 208). وفي قول الشيرازى (¬1): "ملك ضعيف لا يحتمل المواساة" هى مفاعلة من الآسى، وهو: الطيب، كأنها في النفع بمنزلة الدواء في النفع مع العلة. وقال الجوهرى: آسيته بمالى، أى: جعلته إسوتى فيه، وواسيته: لغة ضعيفة فيه (139). وفي قول الشيرازى (¬2): "وأومأ في السجود" يقول الركبي (¬3): يقال: أومأ برأسه بالهمز وأشار بيده، وأومأت إليه: أشرت. ولا يقال: أوميت. وومأت إليه ومأ: لغة، قال: فقلت السلام فاتقت من أميرها ... فما كان إلا ومؤها بالحواجب وفي قوله: "الوضوء" يقول الركبي: وتوضأت للصلاة بالماء، بالهمز ولا تقل: توضيت، وبعضهم يقوله (9). وفي قوله (¬4): "فإذا طرأ" يقول: مهموز، أى: حدث، وأصله: الطرىء: ضد العتيق (268). وظاهر أن ابن بطال متابع إلى أصحاب التنقية اللغوية، ولا يميل إلى استعمال ما هو عامى في مذهبهم، فما ذكره في اتزر: ذكره ابن السكيت في إصلاح المنطق (¬5) والزمخشرى في الفائق (¬6) وابن الأثير في النهاية (¬7) وأنكره الخطابى (¬8) في قولهم "اتَّجَرَ" و "اتُّمِنَ" وكذلك أنكره المطرزى في المغرب (¬9). غير أنه أجاز "إيتزر" بالياء، ومن الإزار، وبهذا يصح إدغامها في فاء افتعل، كما لو كانت أصلا، كذا ذكر الفيومى (¬10)، ونص الصغانى (¬11) على أنه يجوز أن تقول: اتزر بالمئزر أيضًا فيمن أدغم الهمزة في التاء، كما يقال: اتَّمَنْتُهُ، والأصل: أئتمنته والجوهري الذى سبق أنه من الذين لا يجيزون غير الصحيح، يقول: أزَّرته تأزيرًا فتأزر، واتَّزر إزرة حسنة (¬12)، فثبت بهذا صحة هذه اللغة، وإن كانت على غير الأفصح. وما ذكره في "أومأ" نبه إليه ابن السكيت (¬13)، ولكن ابن قتيبة وضعه في باب ما يهمز أوسطه من الأفعال ولا يهمز بمعنى واحد، وعبارته: أومأت إلى فلان وأوميت (¬14)، وأنشد الأخفش لذى الرمة: إذا قلَّ مالُ المرءِ قل صديقُهُ ... وَأوْمَتْ إليه بالعيوب الأصَابعُ إنما أراد: أومأت، فاحتاج فخفف تخفيف إبدال، ولم يجعلها بين بين، إذ لو فعل ذلك لانكسر البيت؛ ¬
لأن المخففة تخفيفا بين بين في حكم المحققة (¬1). وقال المطرزى: العرب تقول: أومى برأسه، أى: قال لا، يعنى بترك الهمز. فثبت صمحه ما منعه الركبي. ونبه إلى أن "طرأ" مهموز، وذلك، لجريان لفظ "الطريان" على ألسنة الفقهاء، وقد ورد كثيرا في الوجيز (¬2) للغزالى، كقوله: "طريان ما يغير مقدار الدية" (¬3) وقد أجازه النسفى في طلبة الطلبة (¬4)، على سبيل تليين الهمزة للتخفيف، ولا وجه لتسهيل الهمزة المفتوحة في مثل الطرآن، وقد خطأ المطرزى هذا التسهيل في قوله: "وأما الطريان فخطأ أصلا" (¬5). ونراه يتابع الجوهرى في إنكار قولهم "توضيت" وهذا على أن اللغة الفصحى: توضأت، وقد تابع الجوهرى (¬6) اللغويين المتشددين في تنقية العربية، كابن السكيت (¬7) وابن قتيبة (¬8)، وقد وضعا هذا القول في جملة كلام العوام ونصوا على أن الأفصح توضأت بالهمز. وفي الكتاب الذى وضعه ابن برى في غلط الضعفاء من الفقهاء (¬9) قولهم: توضيت. وهذا صريح في أن التسهيل خطأ من العوام، غير أن متابعة الهمزة في هذا الموضوع، أى: كونها مفتوحة: ما قبلها مفتوح، فضلا عن تطرفها، ووجود نظائر لها وقع فيها التسهيل، كل هذا يبيح تسهيلها وابن السكيت الذى أنكر مثل هذا التسهيل إباحة في مثل أرجأ، فقال: تقول: هذا رجل مرجىء وهم الرجئة وإن شئت قلت: مرج، وهم المرجية؛ لأنه يقال: أرجأت الأمر وأرجيته: إذا أخرته (¬10). وابن قتيبة يقر أرجيت، حيث وضع تسهيلها مع تحقيقها على قدم المساواة في أداء المعنى، فقال في باب ما يهمز أوسطه من الأفعال (¬11)، ولا يهمز بمعنى واحد: أرجأت الأمر وأرجيته. وذكر فيه: تأممت وتيممت وابن برى يعترف بأنه يجوز أن يقال: استبريت الجارية، على لغة ضعيفة (¬12) ويقر أيضًا. بأنه: ليس أحد يقول بَدِيت بمعنى بدأت إلا الأنصار، والناس كلهم بَدَيْت وبدأت. وعليه قول شاعرهم ابن رواحة: باسم الِإله وبه بدينا ... ولو عبدنا غيره شقينا (¬13) والفيومى يجعل التسهيل في مثل هذا قياسا، فيقول: إن تسهيل همزة الطرف في الفعل المزيد، وتسهيل الهمزة الساكنة قياس، فيقال: أرجأت الأمر وأرجيته، وأنسأت وأنسيت، وأخطأت وأخطيت، وتوضأت وتوضيت، وهو كثير فالفقهاء جرى على ألسنتهم التخفيف (¬14). وعن أبي زيد، قال: وقال أبو عمر الهذلي: قد توضيت، فلم يهمز وحولها ياء (¬15). وكل هذا يدل على جواز التسهيل فما منع ابن بطال الفقهاء منه، كما يؤكد ما ذهبنا إليه من أنه كان يتابع المتشددين في تنقية اللغة العربية. ¬
تركب اللغات
تركب اللغات: وكما اهتم بن بطال بأبواب الأفعال عرض إلى ما تداخلت أبوابه، فنبه إلى ما ورد منها في ألفاظ المهذب، ومنه في حديث ميمونة - رضي الله عنها -: "أجنبت فاغتسلت من جفنة ففضلت فيها فضلة" (¬1) يقول الركبي: فضل الشيء بالكسر يفضل بالفتح، وفضل الشيء بالفتح يفضل بالضم، وفضل بالكسر يفضل بالضم ثلاث لغات، والثالثة: قليلة عزيزة، ولها نظائر من الصحيح والمعتل مع قلتها (43) وانظر 157. وفي دعاء الاستسقاء (¬2): "اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين" يقول: قَنَطَ يَقْنِطُ، وَقَنَطَ يَقْنُطُ قُنُوطاً فهو قانط، وفيه لغة ثالثة: قَنِطَ يَقْنِطُ قَنَطَا. وَقَنِطَ يَقْنِطُ، بالكسر فيهما، عن الأخفش (121). وفي قوله الشيرازي (¬3): لأن الفقراء أهل رشد لا يولى عليهم. يقول الركبي: يقال: رشد بالفتح يرشد بالضم، ورشد بالكسر يرشد بالفتح، لغة فيه (159). الأفعال المتعدية اللازمة: ونبه ابن بطال إلى الأفعال المتعدية اللازمة، ومنه في قوله الشيرازي (¬4): "ويدخل إصبعه في فيه ويسوك أسنانه، ولا يفغر فاه" يقول: فغر فاه يفغره، وفغر فوه، أى: انفتح، وفغر فاه، يتعدى ولا يتعدى (126) وفي قوله الشيرازي (¬5): "فيلحقهم وهن" يقول: قد وهن الإِنسان ووهنه غيره، يتعدى ولا يتعدى (215). وفي الحديث: "إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه" (¬6) يقول: مقل يمقل: إذا غاص في الماء، وقد مقلته: لازم ومتعد (14، 15). الفروق في استخدام لغات الأفعال: ومما عنى به الركبي: ذكر الفروق المعنوية المترتبة على اختلاف لغات الأفْعَال، ومنه قوله: نفست المرأة: إذا حاضت، بفتح النون، أى: سال دمها، فهى نافس، ونفست -بضم النون، فهى نفساء، على ما لم يسم فاعله: إذا ولدت (13، 47)، وقوله: فرَّطَ بالتشديد: إذا قصر، وفرط بالتخفيف: إذا تقدم وأفرط: إذا جاوز الحد (55، 158) وقوله: قنع بالفتح يقنع بالكسر قنوعا: إذا سأل، ويقال من القناعة: قنع بالكسر يقنع بالفتح (218) رقوله: حللت من الإِحرام (213) وحل الدين يحل بالكسر حلولا، وحل بالمكان يحل بالضم حلا وحلولا ومحلا (263) وقوله: هوى بالكسر يهوى هوى، أى: أحب، وهوى بالفتح يهوى هويا، أى: سقط إلى أسفل (274). وقوله: غبنته في البيع بالفتح، أى: خدعته وقد غبن فهو مغبون؛ وغبن رأيه بالكسر: إذا نقص، فهو غبين، أي: ضعيف الرأى (276) وقوله: وَهَمْتُ في الشيء بالفتح أهِمُ وَهْمًا: إذا ذهب وهمك إليه وأنت تريد غيره؛ ووَهِمْتَ بالكسر في الحساب أوْهَمُ وَهْماً: إذا غلطت فيه وسهوت (59). ¬
استخدام تصريفات الأفعال لإيضاح معانى الأسماء
استخدام تصريفات الأفعال لإيضاح معانى الأسماء: ومن ذلك قوله: الإحليل: مجرى البول من الذكر، ويكون أيضًا مخرج اللبن من ضرع الناقة وغيرها، مأخوذ من تحلل: إذا جرى (34) وقوله: السباطة: الكناسة التى تطرح كل يوم بأفنية البيوت فتكثر، من سبط عليه العطاء: إذا تابعه (37) وقوله: الاستنجاء: مأخوذ من نجوت الشجرة وانتجيتها واستنجيتها: إذا قطعتها (40) وقوله: التلفيق: مأخوذ من لَفَقْتُ الثَّوْبَ ألْفِقُهُ لَفْقًا (46). ذكر الفعل ومطاوعه: ومنه قوله: جذمت الحبل فانجذم، أى: قطعته فانقطع (61) وقوله: "جفا السرج عن ظهر الفرس وأجفيته أنا: إذا رفعته عنه وجافاه عنى فتجافى (67) وقوله: ودفعت الرجل فاندفع، مثل درأته فاندرأ (160) وقوله: زرقه بالرمح فانزرق فيه الرمح: إذا نفذ فيه ودخل (173). ذكر أفعال تحمل على لغة العامة: ومنه في الحديث: "حتى لتوشك الظعينة أن تخرج منها بغير جوار حتى تطوف بالكعبة" يقول: توشك بالكسر أى: تسرع، يقال: أوشك فلان يوشك إيشاكا. . . والعامة تقول: يوشَك بفتح الشين، وهى لغة رديئة (183، 184). وقوله: وقولهم "اتَّزَر" عامى، والفصحاء على "ائْتَزَرَ" (72) وقد سبق التعليق عليه. ذكر نوادر الأفعال فيما يقال وما لا يقال: في قول الشيرازي (¬1): كما لو غسل يده ثم كشط جلده. يقول ابن بطال: كشط جلده، أى: نزعه، يقال: كشطت البعير كشطا: نزعت جلده، ولا يقال: سلخت (28، 196). وفي قول الشيرازي (¬2): فإن صلى مقبرة تكرر فيها النبش لم تصح صلاته. يقول: هو إثارة التراب وإخراج الموتى. يستعمل ذلك في إخراج الموتى ولا يستعمل في غيره، ولا يقال: نبشت الماء ولا نبشت البئر، بل يقال: حفرت (68). وقوله: النضخ -بالخاء المعجمة- أكبر من النضح، ولا يقال منه فَعَل ولا يَفْعَلُ، قال أبو زيد: يقال منه: فَعَلَ يَفْعَلُ (41). وفي قول الشيرازي (¬3): ويستحب أن يستلم الحجر. يقول: استلم الحجر: لمسة إما بالقبلة أو باليد، ولا يهمز لأنه مأخوذ من السلام، وهو الحجر، كما يقال: استنوق الجمل. وقيل: إنه مأخوذ من السلام بمعنى التحية (204). وقوله: خلُق -بضم اللام- يقال خلُق الثوب يخلُق، وغيره: إذا صار خلقا، أى: بالياء، بضم اللام، مثل ظرف يظرف، ولا يقال بكسرها (32). ¬
تنبيه الفقهاء إلى أنواع الأخطاء
وقوله: يقال: نما المال ينمى، وينمو: لغة ضعيفة (141) وفي موطن آخر: "وربما قالوا ينمو (264). وقوله: يقال: هنأنى الطعام ومرأنى، فإذا لم يذكر هنأنى، قلت: أمرأنى، ولا يقال: مرينى (120). تنبيه الفقهاء إلى أنواع الأخطاء: والركبي ينبه الفقهاء إلى أخطاء لغوية مختلفة، فإلى ما ذكره في باب الهمز والتسهيل، نراه يهتم بما يقع فيه التصحيف، فيقول في قول الشيرازي: ويجوز الدباغ بكل ما ينشف فضول الجلد، كالشب والقرظ: قال بعضهم: الشب بالباء بنقطة واحدة من تحت، وليس بشىء، وهو الذى يستعمله الأساكفة والصباغون قال الأزهري: السماع فيه بالباء، وقد صحفه بعضهم، فقال: الشث، والشث: شجر مر الطعم، لا أدرى أيدبغ به أم لا. (17، 18). وفي الحديث: أن قدح النبى - صلى الله عليه وسلم - انكسر (مكان الشفة سلسلة من فضة (¬1). يقول الركبي: قوله: "مكان الشفة" ذكر القلعى أنه "مكان الشعب" وهو الشق و "الشفة" خطأ. ولم نسمعه إلا "الشفة" وليس بخطأ، إنما أراد الموضع الذى يضع عليه شفته حين يشرب، وهو حرف الإناء. . . إلخ (20). وفي قول الشيرازي: وإن كان مما يقصد منه الورق كالتوت. . . إلخ (¬2) يقول الركبي: بتاءين معجمتين من فوق، شجر معروف يعلفه دود القز، وله حمل أحمر طيب يؤكل، ولا تقل "التوث" بالثاء المثلثة (248). والذى ذهب إليه الأزهرى أنه الشب بالباء، وليس الشث بالثاء (¬3)، متابعة للإمام الشافعى، حيث قال (¬4) الدباغ: بكل ما دبغت به العرب من قرظ وشب، يعنى بالباء الموحدة. ذكر نقيضه المطرزى: فقال (¬5) قولهم: "يدبغ بالشب" بالباء الموحدة تصحيف؛ لأنه صباغ، والصباغ لا يدبغ به، لكنهم صحفوه من الشَّثَّ بالثاء المثلثة، وهو شجر مثل التفاح الصغار ورقه كورق الخلاف يدبغ به. ويؤكد مذهب المطرزى قول الفارابى (¬6): والشت: ضرب من شجر الجبال يدبغ به. وقال في الشب (¬7): حجارة منها الزاج وأشباهه. وتابعه الجوهرى (¬8) في الشث، فقال: ثبت طيب مر يدبغ به. وقال ابن الأثير (¬9): في الحديث "أليس في الشث والقرظ ما يطهره" يعنى جلد الشاة الميتة: الشث والقرظ: نبتان يدبغ بهما، هكذا يروى هذا الحديث بالثاء المثلثة، وكذا يتداوله الفقهاء في كتبهم وألفاظهم. ومن ثم فإن قول الأزهرى ليس بالقول الفصل، ولذا قال الفيومى (¬10): فحصل من مجموع ذلك أنه يدبغ بكل واحد منهما لثبوت النقل به، والإثبات مقدم على النفى. والذى ذكره الركبي في حديث انكسار القدح، وأنه "مكان الشفة" ورد تخطئة القلعى، فيه نظر، ¬
ومنها في التصريف
لأن الحديث روى في مشكل الآثار (¬11) "الشعب" وكذا في النهاية (¬12)، وخطأ النووى (¬13) "الشفة" والرواية في بعض نُسخ المهذب "الشعب" كما هو مذكور في النسخة التى بين أيدينا، وعليه فإن في قول الركبي نظر كثير. أما قوله: ولا تقل التوث بالثاء المثلثة، فقد جاء هذا نقلا عن الجوهري جماعة منعوا منه ومنهم ابن السكيت (¬14) وثعلب (¬15). وذكر ابن قتيبة (¬16) قول الأصمعى: الفُرسُ تقول: توث والعرب تفول توت. وذكر أبو حنيفة الدينوري أنه بالثاء، وحكى عن بعض النحويين أنه بالتاء، قال أبو حنيفة: ولم يسمع في الشعر إلا بالثاء، وأنشد لمحبوب النهشلى (¬17): لروضة من رياض الحزن أو طرف ... من القرية حزن غير محروث أحلى وأشهى لعينى إن مررت به ... من كرخ بغداد ذى الرمان والتوث فدل ذلك على أن التوث بالمثلثة لغة، والمنع منها من قبيل التشدد. ومنها في التخفيف والتشديد: في الحديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج معتمرا، فحالت قريش بينه وبين البيت، فنحر هديه، وحلق رأسه بالحديبية" يقول: الحديبية: مخففة لا تشدد إلا في لغة رديئة. والجعرانة: مخففة، قال الربيع: سمعت الشافعى يقول: الحديبية: بالتخفيف. وقال ابن عبد الحكم: قال الشافعى: لا تقل: الجِعرّانة ولكن قل الجعرانة بالتخفيف (202) ومنها في التصريف: وفي الحديث: "أتى بفرس معرور" يقول: أى: عرى، ليس عليه سرج، قال أهل اللغة، يقال: فرس عرى، وخيل أعراء، ولا يقال: فرس معرور. وإنما المعرورى: الذى يركب الفرس عريا، يقال: اعرورى الفرس: إذا ركبه عريا. (133). وفي قوله الشيرازي: "الخضروات" يقول: قال مجاهد: أراد التفاح والكمثرى، وما أشبهها، والعرب تقول للبقول: الخضراء. ومنه الحديث: "إياكم وخضراء الدمن، وهو اسم للبقول، وليس بصفة، فلذلك جمع بالألف والتاء، كالمسلمات، ولو كان صفة لجمع جميع الصفات على خضر وصفر (149). لغات الأسماء: عنى ابن بطال بذكر اللغات الممكنة في الأسماء والتى أقرها أئمة اللغة، فنص على ما فيه لغتان، وما يحتمل ثلاث لغات،: ما يقال بأربع لغات، وما يقال خمس لغات إلى ما ذكر اللغويون فيه ست لغات. يهدف من ذلك التوسعة على الفقهاء في مجال التعبير اللغوى، ودفع كثير مما نسب إليهم من أخطاء لغوية صادرة في الغالب عمن يعتنق مذهب التنقية والتشدد اللغوى. ¬
فمما ذكر فيه لغتين
فمما ذكر فيه لغتين: قوله: جَدَاد وجِدَاد وهو قطع الثمرة وصرامها (152) وقوله: جُدرى، وهو نفط منتفخ يحدث في الجسد يزيده ألما، يقال بضم الجيم وفتحها (44) وقوله: جَص وجص بالفتح والكسر (135، 136) وقوله: جِهَاز السفر يفتح ويكرس (185) وقوله: حَج وحِج، بالفتح والكسر (181) وقوله: حَصاد وحِصاد، بالفتح والكسر، وقد قرىء بهما معا (152) وقوله: والرُّفْعَة: الجماعة ترافقهم في سفرك، والرِّفعة بالكسر: مثله (188). وقوله: القِطْنِيَّة بكسر القاف وإسكان الطاء .. وحكى الهروى فيه لغة ثانية: الْقَطْنية، بفتح القاف وسكون الطاء (152) وقوله: المِرْفق: مفصل ما بين العضد والساعد، يقال فيه: مَرْفِق بفتح الميم وكسر الفاء؛ ومِرْفَق بكسر الميم وفتح الفاء: لغتان جيدتان (28) وقوله: والْمَشَعْرُ الحرام: أحد المشاعر، وكسر الميم فيه لغة (215) وقوله: المكث بالضم: الاسم من المكث، قال الجوهرى، الاسم: المُكث والمِكث: بضم الميم وكسرها (16) وقوله: يَسَار ويسار بالفتح والكسر، والفتح أفضح (102). وقوله: الحرج: الضيق، يقال: مكان حَرَجٌ وحَرِجٌ (211) وقوله عن ابن السكيت: شَعَر رَجَل ورَجلٌ: إذا لم يكن شديد الجعودة (179) وقوله: رُسُغ وَرُسْغٌ مثل عُسُر وعُسْر، بالضم والإسكان، والسين والصاد (76) وقوله: الزئبر: بكسر الزاى والباء، والهمزة: هو ما يعلو الثوب الجديد من الزغب، وما يعلو الخز، قال يعقوب: وقد قيل: زِئْبرُ، بِضم الباء (50) وقوله: شعائر الحج، قال الأصمعى: الواحدة شعيرة، وقال بعضهم: شعارة (215) وقوله: يقال (في الطحلب) طُحْلُبٌ وطُحْلَبٌ، كجندب وجندب (12) وقوله: اللبن: جمع لبنة، مثل كلمة وكلم، ويجوز لَبْنَةٍ وَلِبْن، بالإسكان، مثل لبدة ولبد، قاله ابن السكيت (270) وقوله: المقبرة: فيها لغتان فصيحتان: فتح الباء وضمها، وفتح الميم لا غير، ولا يقال: مقبرة، بكسر الباء (66، 67) وقوله: الْهَدْىُ والهَدِىُّ: ما يهدى إلى الحرم من النعم .. وقرىء {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} بالتخفيف والتشديد، الواحدة: هَدْيَةٌ (215) وقوله: الْوَحَلُ بفتح الحاء وسكونها: لغتان (98) وقوله: يقال: جمل مقصوُّ وَمَقْصِىُّ (210). وكل ما سبق تابع فيه الجوهرى، الفارابى، وابن قتيبة، وابن السكيت، والصحاح، وديوان الأدب، وأدب الكاتب، وإصلاح المنطق. وقد نصت المعجمات على اللغتين فيما ذكر، غير أنه لم يراع الدقة في ترتيب اللغات حسب تقديم الأفصح منها، ثم الذى يليه، بالترتيب الذى دونه المحققون من اللغويين، فعلى سبيل المثال، نراه يقدم في الذكر لغة فتح الميم وكسر الفاء، ويؤخر لغة كسر الميم وفتح الفاء. والعكس هو المختار عند المحققين، فقد اقتصر الأصمعى. ومعه البصريون، ويونس بن حبيب وأبو عبيدة (¬1) على كسر الميم وفتح الفاء في مرفق اليد، وهذا يعنى أولا انكسارهم للغة الثانية. ثم حمل ابن السكيت، وابن قتيته (¬2) اللغة الثانية على لغة العوام. غير أن الفراء صرح بأن أكثر العرب على كسر الميم من الأمر، ومن الإنسان وقال: والعرب أيضًا تفتح الميم من مرفق الإنسان، لغتان (¬3). وذكر ابن دريد أنها لغة الكوفين، وهى قليلة (¬4). ولذا جمع اللغويون بين اللغتين على الترتيب مقدمين لغة كسر الميم وفتح الفاء (¬5). وعلى هذا، فإن الركبي لم يكن يهتم بغير جمع اللغات فقط غير مراع لترتيبها. وعلى ذلك قياس ما ذكر فيه لغتين. ¬
ومما ذكر فيه ثلاث لغات
ومما ذكر فيه ثلاث لغات: - قوله: في بغات الطير: هى شرارها، يقال فيه: بِغَاثٌ، وَبُغَاثٌ، وَبَغَاثٌ: ثلاث لغات (270). وقوله: بغداد. فيها ثلاث لغات: بغداد- بداليين مهملتين؛ وبغدان- بدال مهملة ونون؛ وبغداذ بدال وذال (115). وقوله: في قوله تعالى {حِجْرًا مَحْجُورًا (22)} [الفرقان: 22] قرى بالضم والفتح والكسر، والحجر: الحرام، وفيه ثلاث لغات (269) وقوله، في الخفارة: الاسم: الخفرة، بالضم، وكذلك الخُفَارَةُ بالضم، والخفارة بالكسر (182). وقوله: فعلت الشىء على رغم أنفه، أى: ألصقته بالتراب. وفيه ثلاث لغات: رَغْم، ورِغْم، ورُغم (95). وقوله: في الزبيل: هو الزنبيل، معروف، وفيه لغات: زِنْبِيل بالكسر والنون؛ وزِبِّيل، بالتشديد، وكسر الزاى بغير نون؛ وزَبيل، بفتحها والتخفيف (258). وقوله: السقط: الولد يولد قبل تمامه، وفيه ثلاث لغات: سقط بضم السين، وفتحها، وكسرها (131). وقوله: السقيم المريض، والسُّقَام والسُّقْمُ والسَّقَمُ: المرض، وهما لغتان، مثل حزن وحزن (99). وقوله: الشام. .. فيه ثلاث لغات: شآم- بالهمز والفتح والمد؛ وشأم- بالهمز والسكون. وَشَامٌ- بترك الهمز (187). وقوله في قصاص الشعر، فيه ثلاث لغات: قُصَاصٌ، وَقَصَاصٌ؛ وَقِصَاصٌ، والضم أعلى (82). تعليق على بعض ما ذكر: بعد عرض هذه اللغات على مصادر اللغة ظهر أن الركبي متابع في تسجيل هذه اللغات للجوهرى، والفارابى، وابن السكيت، وابن قتيبة؛ وأنه يهتم أولا بجمع اللغات، ولا يعنيه ترتيبها، وأن متابعته لهؤلاء اللغويين وضعه في زمرة أصحاب التنقية اللغوية، ولذا نراه يقتصر على ما أجمع عليه اللغويون من لغات. وثمة اختلاف بين اللغويين، في ترتيب ما يحتمل ثلاث لغات، فعلى سبيل المثال لفظ "السقط" يضعه ابن السكيت فيما ورد على فَعْل وفُعْل وفِعْل، ثم يقول: وهو سُقْط الرمل، وسَقْط، وسِقْط. وكذلك: سِقْط النار والولد. كذا الضبط بالشكل. وقد لاحظت أنه جمع الفتح والضم والكسر في فاء فعل، كعنوان، ثم ذكر ما ورد من أمثلة، تارة على ترتيب شكل العنوان، وتارة على غير ترتيب شكله، كما ذكر في السقط (¬1). ثم نرى ابن قتيبة يخالف هذا، فيقول (¬2): يقولون للولد: سِقْط، رالأجود: سُقط (الأول: بكسر السين، والثانى: بضمها) ثم يجمع اللغتين في موطن آخر (¬3)، فيما جاء بلغتين واستعمل الناس أضعفهما، سُقْط للولد، وسِقْط ثم يجمع ثلاث لغات فيه من غير ترتيب: سِقْط، وسُقْط، وسَقْط (كذا) (¬4) للرمل. ولا أستطيع الجزم بأن الشكل المذكور من تصحيف المحققين؛ لعدم نص ابن السكيت وابن قتيبة ¬
ومما ذكر فيه أربع لغات
بالعبارة. والمعروف ابن قتيبة ينقل عن ابن السكيت، فكيف تناقض ترتيب التشكيل؟؟ ولعل التثليث شائع في اللفظ فتسنى بذلك جمعها كما اتفق. ثم إن الفارابى وهو الذى يتبع ابن السكيت، يقول في "فَعْل" بفتح الفاء: وَسَقْطُ الولد، فيه ثلاث لغات سَقط وسُقَط وسِقَط. (بفتح الأول، وضم الثانى، وكسر الثالث) ثم يقول: وكذلك سقط النار وسقط الرمل في اللغات الثلاث (¬5). ثم يقول في "فُعْل" بضم الفاء: والسُّقْطُ: لغة في السَّقْطِ من الرمل (¬6). ثم يقول في "فِعْل" بكسر الفاء: وهو سِقْط الولد، وسِقْط النار، وسِقْط الرمل (¬7). ورأيت ابن سيدة (¬8) يفرق في الترتيب بين سقط الولد وسقط النار، وسقط الرمل، على النحو الاتى: في سقط الولد: هو السِّقْط، والسُّقْط، والسَّقْط في سقط النار: هو سَقْطُ، وسِقْط، وسُقْط في سقط الرمل: هو سِقْط، وسُقْط، وسَقْط ويتابعه ابن منظور (¬9) ثم يقول الفيومي (¬10): وهو المحقق المدقق: سقط الولد من بطن أمه، فهو سِقْط بالكسر والتثليث لغة. وسقط النار، وسقط الرمل: بالوجوه الثلاثة. ونقل ابن السيد (¬11) عن أبي عبيدة التثليث في الثلاثة. وكذا الأزهري (¬12)، والقالى (¬13) عن أبي عبيدة. وعلى هذا الفيروز ابادى (¬14). ومما سبق يتضح أن جمع لغات اللفظ على التثليث: خروج من هذا التضارب الذى نشأ عن عدم النص بالعبارة على أفصح اللغات المسموعة عن العرب. ومن ثم تعارض نص الفيومي الذى صرح فيه بالكسر في سقط الولد، مع نص ابن قتيبة الذى صرح فيه بالضم في سقط الولد أيضًا. والركبي بين هؤلاء متابع للجوهري، نقل نص عبارته، فجمع اللغات التى يعنيه جمعها في المقام الأول، ولم يبال بالترتيب. ومما ذكر فيه أربع لغات: قوله في الأضحية: وفيها أربع لغات: أضحية- بضم الهمزة؛ وإضحية- بكسر الهمزة، والجمع: أضاحى؛ وضحية، على فعيلة، والجمع: ضحايا؛ وأضحاة، والجمع أضحى، كما يقال: أرطاة وأرطى (216). وقوله: التعريج على الشيىء: الإقامة عليه، وكذلك التعرج، تقول: ما لى عليه عَرْجَةٌ، ولا عِرْجة، ولا تعريج ولا تَعَرّج (179). وقوله: في الفخذ أربع لغات: فَخِذٌ؛ وَفِخْذٌ؛ وَفِخِذِ. وَفَخْذٌ (70). ¬
ومما ذكر فيه خمس لغات
وقوله: النَّفْرُ- بسكون الفاء؛ ويقال: يوم النَّفَر- بالتحريك؛ ويوم النُّفُور؛ ويوم النَّفِير عن يعقوب (212). وقوله: التَّهْلُكَةُ: مصدر هلك هَلَاكًا وَهُلُوكًا وَمَهْلَكًا وَتَهْلُكَةً (228). ومما ذكر فيه خمس لغات: في الحديب: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف سبعا" يقول: سبعا فيه خمس لغات: سَبْعًا- بفتح السين، وإسكان الباء، أى: سبع مرات؛ وسُبُعًا- بضم السين والباء، كما يقال: ثُلُث وَثُلْثٌ، وسُدُسٌ وسُدْسٌ - وَسُبْعًا- بضم السين وإسكان الباء، كما يقال: ثُلْثٌ وسُدْسٌ؛ وسبوع- بفتح السين؛ وأسبوع- بزيادة الألف (204). قوله في العربون: يقال: عُرْبَان؛ وعُرْبون؛ وأُرْبان؛ وأُربون، ويقال: عَرَبون- بفتح العين والراء، قال (يعنى القتيبى): وهو الذى تسميه العامة: الربون (240). تعليق: نلاحظ أن ابن بطال ذكر في "السبع" خمس لغات، ذكر منها: السُّبُع وتخفيفه، مع أن السُّبُع: هو الجزء من السَّبْعَةِ، كما ذكرت المعجمات- والسُّبْعُ تفريعه، وقد ذكر اللغويون فيه لغتين مشهورتين، وهما: الأسْبُوعُ والسُّبُوع، قال الأزهرى: قال الليث (¬1): الأسبوع من الطواف: سَبْعَةُ أطواف. . . ومن العرب من يقول: سُبُوع في الأيام والطواف بلا ألف، مأخوذة من عدد السَّبْع، والكلام الفصيح: الأسْبُوع. وقال ابن سيدة (¬2): والسُّبُوع والأسْبُوع: تمام سبعة أيام، وكذا ذكر الفيومي (¬3) وابن منظور (¬4). وقال ابن الأثير (¬5): في الحديث: "أنه طاف بالبيت أُسْبُوعاً" أى: سبع مرات، ومنه الأسبوع للأيام السبعة، ويقال له: سُبُوع بلا ألف: لغة فيه قليلة. وقيل: هو جمع سُبْعٍ أو سَبْع، كبرد وبرود، ودرب ودروب. ثم ذكر الفيروز آبادى (¬6) لغة ثالثة، هى: سَبْعًا، كما وردت رواية الحديث، وأضاف شارح القاموس (¬7): سُبْعًا بضم السين. وهى اللغة المتفرعة عن السُّبُع التى ذكرها ابن بطال. وعلى هذا يكون ترتيب اللغات على النحو الآتى: أسْبُوع؛ وسُبُوع؛ وَسَبْع؛ وَسُبْعٌ: أربع لغات، وانفرد الركبي بلغة، هى: سُبُع، بضم السين والباء. فضلا عن أنه جعل السُبُوع بالفتح، وهى بالضم، فإن صحت لغة، فقد انفرد من بين اللغويين السابقين بلغتين، وأهمل لغة السُّبُوع بالضم، وإلا فقد أخطأ الضبط، وهذا هو الراجح. كما نلاحظ أيضًا أنه اهتم بجمع اللغات، وأهمل ترتيبها، إذ قدم قياسًا من عنده، وأوجد أصلا وهو سُبُع من فرع وهو سُبْع بالضم، وإلا فقد أخطأ الضبط، وهذا هو الراجح. كما نلاحظ أيضًا أنه اهتم بجمع اللغات، وأهمل ترتيبها، إذ قدم قياسًا من عنده، وأوجد أصلا وهو سُبُع من فرع وهو سُبْعٍ، وهذا ما لم نعهده منه إذ دأب على متابعة من يؤثرون التزام الصحيح في اللغة. وخير دليل على هذا إلى ما سبق أنه ذكر في العربون خمس لغات متابعة للقتيبى (¬8)، ¬
ومما ذكر فيه ست لغات
والجوهري (¬1)، على أن ثمة لغات أخرى فيه، نص عليها اللغويون، فقد ذكر الفيروز آبادى (¬2) ست لغات فيه العُرْبان؛ والعُرْبون، بضمهما، وَالْعَرَبون محركة، وتبدل عينهن همزة، أو تصير: أُرْبان؛ وأَرْبُون وأَرَبُون. وكذلك ذكرها الإمام اللغوي شمس الدين محمد بن إسحاق الأموي، في لغات مختصر ابن الحاجب (¬3). فهذا يدل على أنه وقف عند حد المتابعة. ولم يهتم بتقديم اللغة العالية، وهى "العَرَبُون" بفتح العين، والراء المهملة، وأشار إليها بقوله "ويقال عَرَبُون" وهذا يعنى أنها لغة في غيرها، مع أن الجواليقي (¬4) صرح بأن اللغة العالية العَرَبون، بفتح العين والراء المهملة. وكذلك قدمها الفيومي (¬5) على سائر لغاته ومما ذكر فيه ست لغات قوله: والأرز، فيه ست لغات: أُرُزٌّ: بضم الهمزة وتشديد الزاى؛ وأَرزٌّ: بفتح الهمزة، وتشديد الزاى؛ وأرز: بضم الهمزة والراء والزاى، مخففا؛ وأُرْز: بضم الهمزة وإسكان الراء، ورز: بغير ألف. ورنز بزيادة نون (151). وهذه اللغات تابع فيها الجوهري، وابن السكيت، غير أنه خالفهم في ترتيبها، وهما وغيرهما، يرتبونها على النحو الآتى: ابن السكيت (¬6): أَزُرٌّ- أُرُزُّ- أُرْزٌ، أَرْزُّ مثلُ رُسُل- أُرْزٌ مثل حُجْر- رُزٌّ- رُنْزٌ. ابن قتيبة: (¬7): أَرُزٌّ- أُرُزٌّ- أُرْزٌ،. مثل كُتْب- أُرُزٌ مثل كتب- رُزٌّ- رُنْزٌ. ثعلب (¬8): أُرْزٌ. الجوهري (¬9): أرُزٌّ- أُرُزٌّ تتبع الضمة الضمة- اُرْزٌ - أُرُزٌ، مثل رُسْل ورُسْل- رُزٌ- رُنزٌ، وهى لبعد القيس. الفيومى (¬10): أُرْزٌ وزان قفل- أُرُزٌ قفل- أُرُزٌ تتبع الضمة الضمة- أُرْزٌ -أُرْزٌ أرز مثل عسُر وعسْر- رُزُّ وزان قفل. الفيروز آبادى (¬11): أرُزٌّ، كأشد- أرُزٌ، مثل قفل- أُرُزٌ مثل طنب- رُزُّ- رُنزٌ- آرُزٌ، ككابل أَرُزٌ، كعضد. ونستخلص بعد هذه المقارنة: أن اللغة المقدمة هي "الأرُزُّ" بفتح الهمزة وضم الراء وتشديد الزاى، وهي التى قدمها ابن السكيت، وابن قتيبة، واقتصر عليها ثعلب، وقدمها أيضًا الجوهرى، والفيروز آبادى. ونلاحظ أيضًا إضافة الفيروز آبادى للغتين، لم يحاول الركبي ضمهما لما ذكر من اللغات؛ كما نلاحظ أنه أهمل نسبة لغة "رنز" إلى عبد القيس، على الرغم من متابعته للجوهرى. وكل هذا يدل على أنه كان يجمع اللغات دون مراعاة لترتيبها، حتى في حالة متابعته لغيره، وأنه كان يبالغ في جمعها أحيانا، كما في لغات"سبع" ¬
المقصود والممدود
ويعتدل أحيانا أخرى، كما هنا. المقصود والممدود: من الظواهر اللغوية التى عنها بها اللغويون قديمًا وحديثا: ظاهرة قصر اللفظ ومده، فقد صنف قدماء اللغويين رسائل خاصة، جمعوا فيها الألفاظ المقصورة، والممدودة في العربية، ومنهم الفراء (توفى سنة 207 هـ) واليزيدي (توفى 202 هـ) والأصمعي (توفى 216 هـ) وأبو عبيد القاسم بن سلام توفى سنة 216 هـ) وابن السكيت (توفى سنة 244 هـ) وأبو حاتم السجستاني (توفى سنة 255 هـ) والمبرد (توفى سنة 285 هـ) والمفضل بن سلمة (توفى سنة 300 هـ) وابن الأنباري القاسم بن محمد (توفى سنة 304) والزجاج (توفى سنة 311 هـ) وابن عرفة نفطويه (توفى سنة 323 هـ) والوشاء (توفى سنة 325 هـ) وابن الأنبارى محمد بن القاسم (توفى سنة 328 هـ) وابن ولاد (توفى سنة 332 هـ) وأبو عمر الزاهد (توفى سنة 345 هـ) وابن درستويه (توفى سنة 347 هـ) والقالى (توفى سنة 356 هـ) وابن التسترى (توفى سنة 360 هـ) وابن القوطية (توفى سنة 367 هـ) وابن خالويه (توفى سنة 370 هـ) وأبو على الفارسى (توفى سنة 377 هـ) وابن جنى (توفى سنة 392 هـ) وابن الأنبارى أبو البركات (توفى سنة 577 هـ) وابن مالك (توفى لسنة 672 هـ) وغيرهم من القدماء والمحدثين (¬1)، مما يدل على عظيم العناية بهذه الظاهرة. والمقصود: كل اسم كانت في آخره ألف في اللفظ زائدة كانت، أو غير زائدة، نحو: ملهى، مرمى، بشرى، تقى، تقوى، معزى. والممدود: كل اسم كانت في آخره همزة بعد ألف زائدة، نحو: قراء، فناء، رداء، علباء (¬2). وقد اهتم ابن بطال بهذه الظاهرة في كتابه، فنبه إلى الألفاظ المقصورة، والألفاظ الممدودة، وما يمد منها ويقصر. فمن المقصود: قوله: الخلى: مقصور: الحشيش (200). قوله: طوى بالفتح: واد بمكة، قال الأصمعى: هو مقصور (202). قوله: كدى: مضموم مقصور (202). قوله: الكوة: هى ثقب البيت، والجمع كواء وكوى أيضًا: مقصور (274). قوله: وهوى النفس: شهوتها: مقصور (200). ومن الممدود: قوله: والبغاء: الزق، بالكسر والمد (240). قوله: الردى: مهموز ممدود (153). قوله: طواء: من طريق الطائف: ممدود (202). قوله: كداء: الأعلى من طريق مكة: مفتوح ممدود (202). ¬
قوله: المرىء: ممدود مهموز (230). قوله: الهواء: (ما بين السماء) والأرض: ممدود (274). ما يقصر ويمد: قوله: والباقلى: هو الفول، يشدد فيقصر، ويخفف فيمد (151). قوله: الرضا: إذا كان مصدرا: قصر، وإذا كان اسما: مد (182). قوله: الفدية والفدى والفداء: كله بمعنى واحد، والفداء: إذا كسر أوله: يمد ويقصر، فإذا فتح: فهو مقصور (195). قوله: المريطاء: ممدودة عن الأصمعي، ومقصورة عن الأحمر، وتمد وتقصر عن أبي عمرو (62). قوله: الهندب: بكسر الدال: يمد ويقصر (248). قوله: الوحى: السرعة، يمد ويقصر (235). المذكر والمؤنث: حظيت ظاهرة تذكير اللفظ وتأنيثه، فيما لا يحمل علامة من علامات التأنيث المشهورة، بكبير اهتمام اللغويين، فوقفوا مصنفات خاصة بهذه الظاهرة، تحت عنوان "المذكر والمؤنث وظهر التأليف فيها من قديم. ولعلماء اللغة أقوال مشهورة في أهمية معرفة المذكر والمؤنث، ومنها: قوله أبي بكر محمد بن القاسم بن الأنباري (¬1): "اعلم أن من تمام معرفة النحو والإعراب: معرفة المذكر والمؤنث؛ لأن من ذكر مؤنثا أو أنث مذكرا: كان العيب ملازما له، كلزومه من نصب مرفوعا، أو خفض منصوبا". وقول ابن فارس (¬2): "معرفة المذكر والمؤنث، لا غنى بأهل العلم عنه؛ لأن تأنيث المذكر، وتذكير المؤنث: قبيح جدا". وقول ابن التسترى (¬3): "ليس يجرى أمر المذكر والمؤنث على قياس مطرد، ولا لهما باب يحصرها. . . فلهذه العلة قلنا: إنه ليس يجب الاشتغال بطلب علامة تميز المؤنث من المذكر؛ إذْ كانا غير منقاسين، وإنما يعمل فيهما على الرواية، ويرجع فيما يجريان عليه إلى الحكاية". وقول فندريس (¬4): "ليس هناك من غلطة تصدم السامع من فم أحد الأجانب أكثر من الخلط في الجنس فإذا ما تجاوز تكرارها: تعذر فهم الكلام، ومع ذلك فالتمييز بين الأجناس لا يقوم على شيىء من العقل". ولما كان حصر هذا الباب في قياس مطرد ضرب من المحال، نهض قدماء اللغويين بوضع رسائل تضم الألفاظ المذكرة والألفاظ المؤنثة، السماعية، خدمة للعربية، وللباحثين في أسرارها. ومنهم: الفراء، والأصمعي، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وابن السكيت، وأبو حاتم السجستانى، والمبرد، والمفضل بن سلمة وابن الأنباري القاسم بن محمد، وأبو موسى الحامض سليمان بن محمد (توفى 305 هـ) والزجاج، وابن شقير (توفى سنة 311 هـ) وابن كيسان (توفى 320 هـ) والوشاء، وابن الأنبارى محمد بن القاسم، وابن درستويه، وابن التسترى (توفى 361 هـ) وابن خالويه، وابن جنى، وابن فارس (توفى 395 هـ) وأبو البركات بن الأنبارى (¬5). ¬
الفروق اللغوية
وقد اهتم ابن بطال الركبي بالتنبيه إلى ما ورد في المهذب من هذه الألفاظ، وكان صدوره عن أئمة اللغة ممن ذكر، ومنها: قوله: قال الفراء: الأضحية تذكر وتؤنث، فمن ذكر: ذهب إلى اليوم (117). قوله: ودرع المرأة: قميصها يذكر، ولا يؤنث (71). قوله: والذهب: مؤنثة: يقال: ذهب حمراء، وروى الفراء تذكيرها. ذكر ذلك الزمخشرى (244). قوله: الزقاق: ماليس بنافذ. وكذلك الدرب، قال الجوهرى: الزقاق: السكة يذكر ويؤنث (273). قوله: الصلح- بضم الصاد: الاسم من المصالحة، يذكر ويؤنث (273). الفروق اللغوية: من الظواهر الواضحة في شرح ابن بطال: إبراز الفروق الدقيقة بين الألفاظ ومعانيها، وقد لاحظت اهتماما كبيرا من الفقهاء بهذه الفروق، ويرجع هذا إلى أن أى اختلاف، مهما كان يسيرا، بين الدال والمدلول يؤدى إلى اختلاف كبير في الأحكام المترتبة عليه. فمن ذلك في استعمال ألفاظ خاصة لمعانى خاصة: الفرق بين الإيماء والإشارة: قوله: أومأ بطرفه، أى: حركة وأشار به، وأصل الإيماء: بالطرف وهو البصر، والإشارة، باليد، وقد يستعمل أحدهما مكان الآخر (104). الفرق بين الحمد والشكر: الحمد: هو الثناء على الرجل بجميل أفعاله، وإن لم يحسن إلى خصوص المثنى، والشكر: ثناء المنعم عليه مكافأة للمحسن على إحسانه إليه، وقد يوضع الحمد مكان الشكر، تقول: حمدته على معروفة، وشكرته أيضًا. وحمدته على شجاعته، ولا تقل: شكرته على شجاعته. وهما متقاربان إلا أن الحمد أعم؛ لأنك تحمد على الصفات ولا تشكر، وفي الحديث: "الحمد رأس الشكر" وذلك يدلك على الفرق بينهما (5، 6). الفرق بين الخضوع والخشوع: قوله: خشع بمعنى خضع وذل، قال الليث: الخشوع: قريب المعنى من الخضوع غير أن الخضوع في البدن، والخشوع في القلب والبصر والصوت (81). الفرق بين السرب والنفق: قوله: السرب: بيت في الأرض، يقال: انسرب الوحشى في سربه وانسرب الثعلب في جحره، والسرب لا منفذ له، فإذا كان له منفذ، فهو نفق (37). الفرق بين الشهيق والزفير: قوله: الشهيق: صوت الزفير، والنحيم من الحلق. وأصله: صوت الحمار، يقال: شهق يشهق شهيقًا، ويقال: الشهيق: رد النفس. والزفير: إخراجه (93). الفرق بين الشوص والموص: قوله: يقال: شصته ومصته، وقال أبو عبيد: شصت الشيىء: نقيته وقال ابن الأعرابى: الشوص والدلك والموص: الغسل (22). الفرق بين الصلع والقرع: الصلع: ذهاب الشعر عن البشرة، والقرع: تقشر البشرة (251). الفرق بين الفأرة والفارة: قوله: فأرة- بالهمز: الدابة المعروفة. وفارة المسك غير مهموزة، وهى: النافجة، قال: "فَارَةَ مِسْكٍ ذُبِحَتْ فِي سُكِّ".
الفرق بين سقيته وأسقيته
الفرق بين سقيته وأسقيته: قوله: سقيته وأسقيته: بمعنى، وقد جمعها لبيد في قوله: سقى قومى بنى مجد وأسقى ... نميرا والقبائل من هلال ويقال: سقيته لشفته، وأسقيته لماشيته وأرضه، والاسم: السِّقْى بالكسر (119). الفرق بين الكسوف والخسوف: يقال: كسفت الشمس، وخسف القمر، هذا أجود الكلام، وقد يجعل أحدهما مكان الآخر (118). الفرق بين القىء والقلس: قوله: قال الجوهري: القلس: ما يخرج من الحلق ملء الفم، أو دونه، وليس بقىء وإن عاد، فهو القيىء، وقلست الكأس: فاضت (92). الفرق بين اللمس والمس: قوله: لمس النساء، باللام: لسائر الجلد. ومس الفرج بالكف، بالتشديد، بغير لام: اصطلاح وقع في عبارة الفقهاء، ولا فرق بينهما في اللغة (33). الفرق بين النضح والنضخ: قوله: النضح الرشن والرشح، يقال: نضحت القربة والجابية تنضح بالفتح نضحا: إذا رشحت ماء، والنضخ بالخاء المعجمة: أكبر من النضح (41، 50). الفرق بين الحيض والاستحاضة: قوله: الفرق بين الحيض والاستحاضة: إن الحيض: الذى يأتى لأوقات معتادة. ودم الاستحاضة يسيل من العاذل، وهو عرق فمه الذى يسيل منه في أدنى الرحم دون قعره، ذكر ذلك ابن عباس (45). الفرق بين الصنم والوثن: قوله: الوثن: الصنم، والجمع: أوثان. وقيل: الوثن: ما لم يكن على صورة حيوان، والصنم: ما كان مصوراً (137). الفروق بين المعانى تبعًا لاختلاف حركات الألفاظ: بين الفتح والضم: قوله: الجهد- بفتح الجيم: النصَب؛ والجهد- بالضم: المبالغة والغاية، قال الشعبى: الجَهْدُ: في القيتة، والْجُهْد: في العمل (121). قوله: السَّعوط- بالفتح: الدواء الذى يدخل في الأنف، والسُّعوط- بالضم: هو الفعل، كالوَضوء والوُضوء (26). قوله في الحديث "لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول": غلول، يروى بضم الغين، وفتحها، فمن ضم، فهو مصدر غلَّ يَغُلُّ غُلُولًا: إذا خان في المغنم وسرق منه، ثم تصدق به، فإنه لا تقبل صدقته، ومن فتح، فمعناه: من غال، أى: من خائن. وأصله: من غل الجزار الشاة: إذا أساء سلخها، فيبقى على الجلد لحم (64). قوله: المكث بالضم: الاسم من المكث، قال الجوهرى: والاسم: المكث (16). قوله: في الحديث "حتى ذهب هوى من الليل" بفتح الهاء، أى: هزيع منه، وهو طائفة منه وأما الهُوى بالضم، فالسقوط من علو إلى سفل (57).
بين الفتح والضم
قوله: مُرَاحُ الغنم: الموضع الذى تأوى إلية، يقال: أراح الغنم: إذا أواها، والموضع: المُراح- بالضم؛ وراحت بنفسها، والموضع: المراح- بالفتح. فأما إذا أراحها من الإستراحة فالضم لا غير؛ لأنه مصدر أفعل (69). بين الفتح والضم والكسر: قوله: الغسل ينقسم على ثلاثة أقسام: بالضم، والفتح، والكسر، فالغسل- بالضم: هو الاسم، والغُسْلُ- أيضًا: الماء؛ وأما الغَسْلُ- بالفتح: فهو المصدر؛ وأما الغِسْل- بالكسر: فهو ما يغسل به الرأس من السدر والخطمى وغيره (40). بين الفتح والإسكان: قوله: تقف إمامة النساء وسْطَهُن: بالسكون؛ لأنه ظرف، يقال: جلست وسط القوم، بالسكون؛ لأنه ظرف. وجلست وسَط الدار- بالتحريك؛ لأنه اسم. وكل موضع صلح فيه "بين" فهو وسْط- بالتسكين. وإن لم يصلح فيه "بين" فهو وسَط- بالتحريك، وربما سكن، وليس بالوجه (103). بين الفتح والكسر: قوله: الجنازة: واحدة الجنائز، والعامة تقول: الجَنازة بالفتح، والمعنى: الميت على السرير فإذا لم يكن عليه ميت، فهو سرير ونعش. قال الأزهرى: يقال للسرير إذا جعل فيه الميت وسوى للدفن: جِنازة بكسر الجيم، وأما الجَنازة -بفتح الجيم- فالميت نفسه، يقال: ضرب حتى ترك جَنازة (123). بين الفتح والضم: قوله: الخُطبة على المنبر: بالضم؛ وخطبت المرأة خِطبة- بالكسر (110). وقوله: كفة القميص: ما استدار حول الذيل. وكان الأصمعى يقول: كل ما استطال فهو كُفة -بالضم- نحو كُفة الثوب، أى: حاشيته. وكل ما استدار فهو كِفة -بالكسر- نحو كِفة الميزان، وكِفة الصائد، وهى حبالته (108). نوادر لغوية في الفروق: لم يتوان ابن بطال في تسجيل كل ما يرى فيه فائدة لغوية، يطلع عليها القارىء، ويوضح به المعنى المنشور في إطار الاستعمال، فهو يبين كيف أن العربية تحمل اسمًا لكل مسمى في مختلف مراحل تطوره، مع احتفاظها بالاسم والمعنى العام الذى يشملها، فإذا كان المرض اسم عام يجمع أنواع العلل، فهو يعلق على قول الشيرازي (¬1): "من لا يقدر على الحج لزمانة أو كبر وله مال، يدفع إلى من يحج عنه، فيجب عليه فرض الحج. . . والمعضوب أولى أن لا يلزمه". يقول ابن بطال: الزمانة: المرض، والزمن: الذى امتد زمانه في العلة وطالت علته، قال الجوهري: يقال: رجل زمن، أى: مبتلى بين الزمانة. والمعضوب: هو الذى انتهت به العلة، وانقطعت حركته، مشتق من العضْب، وهو: القطع، قال في فقه اللغة: إذا كان الإنسان مبتلى بالزمانة، فهو زمن، فإذا زادت زمانته، فهو ضمن، فإذا أقعدته، فهو متعد، فإذا أقعدته، فهو قعد، فإذا لم يبق به حراك، فهو معضوب (184). ¬
الملامح النحوية والصرفية
ويتابع تطور "القراد" من الصغر إلى الكبر، فيَثْبِت الأسماء التى وضعها له العرب، فيقول: الْحَلَمة: هِي القُرَادُ الكبير العظيم، قال الأصمعى: أوله: قَمْقَامَة، إذا كان صغيرا جدا، ثم حَمْنَانَة، ثم قُراد، ثم حَلَمَة، ثم عَلٌّ، وطِلْحٌ (68). ومنها في أسماء التمر، قوله: البُسر: قبل الرطب؛ لأن أوله طَلع، ثم خَلَال، ثم بَلَح، ثم بُسر، ثم رطب (259). وإذا كان اسم الجحور يقع على كل جحر في الأرض، فإن جحر اليربوع لها أسماء مختلفة، يقول: اليربوع: دويبة بخلقة الفأر، أو أكبر، تكثر مفاتح جحره في الأرض، إذا سدوا عليه فتحا: خرج من آخر، ولكل واحد اسم، وهى: النافقاء؛ والقاصعاء؛ والدَّامَّاء. والراهطاء (204). من نوادر الفروق قوله: الخصى: سلوك الخصيين، يقال: خصية للواحدة، وكذلك: الخِصية- بالكسر. والخُصيتان: البيضتان. والخُصيْان: الجلدتان اللتان فيهما البيضتان. وإذا ثنيت، قلت: خصيان، لم تلحقه التاء، وكذلك الألية، إذا ثنيت قلت: أليان، لم تلحقه التاء، وهما نادران (251). الملامح النحوية والصرفية: النحو والتصريف من العلوم التى ألم بها ابن بطال وأتقنها، وقد اتخذ من معارفه في هذا الباب وسيلة أحسن استخدامها في توضيح كثير من الألفاظ والاستعمالات التى تجرى على ألسنة الفقهاء، كما وجه كثيرا من القراءات القرآنية، والأحاديث الشريفة على اختلاف رواياتها، والشواهد الشعرية المشكلة، فمن ذلك: في الآيات القرآنية: في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} (¬1) يقول: الغُلول يروى بضم الغين، وفتحها، فمن ضم: فهو مصدر غَلَّ يَغُلُّ غُلُولاً: إذا خان في المغنم، وسرق منه، ثم تصدق به، فإنه لا تقبل صدقته. ومن فتح، فمعناه: من غال، اى: من خائن، ومنه قوله تعالى: الآية أى: يَخُون. ومن قرأ {يُغَلَّ} أى: يُخَوَّن ويتهم (64). وفي قول الشيرازي (¬2): "يجوز حمل الجنازة بين العمودين" يقول؛ هما العمودان اللذان يكتنفان النعش من جانبيه، والجمع: أعمدة في القليل، ومنى الكثير: وعَمَدٌ، وقرىء بهما في قوله تعالى: {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} (132). وفي توجيه لفظ الْخَصُيم يقول: يقال: رجل خصم، ورجلان خصم، ورجال خصم، وامرأة خصم، ونساء خصم، يستوى فيه الواحد والتثنية والجمع، والمذكر والمؤنث؛ لأنه وصف بالمصدر، والمصدر لا يثنى ولا يجمع، فأما قوله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ} (¬3) فمعناه: فريقان (236). ويحمل قراءة من قرأ قوله تعالى: {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} (¬4) على اللحن بناء على توجيه: فليتزر بقوله: صوابه فليأتزر -بالهمز- ولا يجوز التشديد؛ لأن الهمزة لا تدغم في التاء. وقولهم: اتزر: عامى، ¬
في الأحاديث الشريفة
والفصحاء على ائتزر، وقد لحنوا من قرأ: الآية (72). في الأحاديث الشريفة: قوله في حديث: "الذى يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في جوفه نار جهنم" (¬1): في إعرابه وجهان: "نارُ جهنم" و "نَارَ جَهَنَّم" بالرفع والنصب، فمن رفع: جعل الفعل للنار، أى: تنصب نارُ. ومن جعل الفعل للشارب، أي: يصب الشارب نار جهنم، والنصب أجود، قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} (¬2) (119). وفى الحديث: لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" يقول: قال الصفار: معنى الخبر: أن ثواب خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، لا أن الأشياء عند الله على خلاف حقائقها عندنا. وقال النحويون: لا يقال فم بالميم، إلا إذا أفرد، فأما إذا أضيف، فإنما يقال: فوك وفوه، ولا يقال: فمك ولا فمه، إلا نادرا في الشعر، كقول الأقيبل: يا ليتها قد خرجت من فمه ... حتى يعود الملك في أُسْطُمِّهِ في تَفْسير ألفاظ الأذان: قولهم: الله أكبر، يقول: قال أهل اللغة: أكبر ها هنا بمعنى كبير، قال الفرزدق: إن الذى سمك السماء بنى لنا ... بيتا دعائمه أعز وأطول أى: عزيزة طويلة، وقال آخر: إني لأمنحك الصدود وإنني ... قسما إليك مع الصدود لأميل أى: لمائل، والشواهد لهذا كثير، ومنه قول تعالى: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ (27)} (¬3) أى: هين، وفيه خلاف .. وقال أهل النحو: معناه: الله أكبر من كل شيىء، فحذفت من وما اتصل بها، كما تقول: أبوك أفضل، وأخوك أعقل أي: أفضل وأعقل من غيره، قال: إذا ما ستور البيت أرخين لم يكن ... سراج لنا إلا ووجهك أنور أراد: أنور من غيره، وذلك لأنه خبر مبتدأ، والخبر: ما أفاد السامع، ولا تقع الإفادة إلا بتقدير المحذوف (58، 59) ويستطرد في تفصيل إعراب قولهم. "لا حول ولا قوة إلا بالله" فيذكر خمسة أوجه من الإعراب مشهورة في كتب النحو مستشهدا لكل وجه منها بالشواهد القرآنية والشعرية (63). في معانى الحروف: من بمعنى البدل في قولهم: "لا ينفع ذا الجد منك الجد" يقول: ذكر في الفائق أن قوله "منك" من قولهم: هذا من ذاك، أى: بدل ذاك، ومنه قوله: فليت لنا من ماء زمزم شربة ... مبردة باتت على طهيان ¬
أى: بدل ماء زمزم، ومنه قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60)} (¬1) أي: بدلكم والمعنى: أن المحظوظ لا ينفعه حظه بذلك، أى: بدل طاعتك وعبادتك. قال: ويجوز أن تكون من على أصل معناها، أعنى: الابتداء، وتنعلق إما بينفع، وإما بالجد، والمعنى: أن المجدود لا ينفعه منك الجد الذى منحته، وإنما ينفعه أن تمنحه التوفيق واللطف في الطاعة، أو لا ينفع من جده منك جده، وإنما ينفعه التوفيق منك. وقال الجوهري: منك ها هنا، معناه: عندك (86). ويذهب مع الزجاج إلى إنكار كون إلى بمعنى مع في قوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ (6)} (¬2) فيقول: قال الزجاج: إلى في هذا الموضع بمعنى مع غير متجه، إنما تكون تحديدا؛ لأنه لو كان معنى الآية: اغسلوا أيديكم مع المرافق، لم تكن في المرافق فائدة، وكانت اليد كلها يجب أن تغسل من أطراف الأصابع إلى الإبط؛ لأنها كلها يد، ولكنه لما قال {إِلَى الْمَرَافِقِ (6)} أمره بالغسل من حد المرفق إلى أطراف الأصابع، كأنه لما ذكر اليد كلها: أراد أن يحد ما يغسل من غيره، فجعل حد المغسول المرفق، وما زاد غير داخل في حد المرافق، فالمرفق منقطعة عما لا يغسل، داخلة فيما يغسل (27، 28). ويفرق في الجواب بين "أجل" و "نعم" فيذهب إلى أن "أجل" تقع في جواب الخبر محققة له، يقال: قد فعلت كذا؟ فتقول: أجل، ولا تصلح في جواب الاستفهام. وأما "نعم" فمحققة لكل كلام (38). وهذا وإن تابع فيه الجوهري، إلا أن الأخفش ذكر أنها تكون في الخبر والاستفهام، إلا أنها في الخبر أحسن من نعم، ونعم في الاستفهام أحسن منها. فإذا قال: أنت سوف تذهب، قلت: أجل. وكان أحسن من نعم، وإذا قال: أتذهب؟ قلت: نعم، وكان أحسن من "أجل" (¬3) (38). ويفرق ابن بطال بن أل التى للجنس وأل التى للعهد في قولهم في الدعاء "حق ما قال العبد وكلنا لك عبد" بأن الألف واللام في "العبد" لتعريف الجنس، لا لتعريف. العبد، قال: والمراد: العبيد، كقوله سبحانه: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)} (¬4) وأراد الناس، بدليل أنه استثنى منه الجمع، فقال: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا (3)} (2). ويوضح نواحى التصريف في بنية الكلمة من إعلال وإبدال وحذف وإدغام وفك، وغيرها، فيفصل كيف أن الدوى في الحديث "بسمع دَوِىُّ صوته" (¬5) أصله: دوييى، على فعيل من دوى يدوى دويا فأدغم؛ لاجتماع المثلين (51) وأن تطوع في الحديث: "إلا أن تطوَّع" أصله تتطوع، فأبدلت التاء الثانية طاء، وأدغمت في الطاء (51) وأن المواقيت: جمع ميقات، وأصله: مِوْقات -بالواو- فقلبت الواو ياء؛ لانكسار ما قبلها، قال: ولهذا ظهرت في الجمع، فقيل: مواقيت، ولم يقل: مياقيت (52). ويبين أن أيامى أصله: أَيَايِمٌ، فلما اجتمع فيه ثقلان، وهما: جمع، وياءان، بينهما ألف التكسير: جعلت لامه عينا، وعينه لاما، فصمار أيامى- بكسر الميم بوزن أفالع، بعدما كان أفاعل كقواض ثم قلبت كسرة الميم فتحة، والياء ألفا لفظًا؛ لانفتاح ما قبلها، فصار أيامى بوزن أفالع. (125) ويذكر أن العيد: من عود المسرة ورجوعها، وأن ياءه منقلبة عن واو، وجمعه أعياد، قال: وإنما جمع بالياء، وأصله الواو؛ للزومها في الواحد، وقيل للفرق ¬
ومن الفرار من التضعيف إلى المعتقلات
بينه وبين أعواد الخشب (115) ومثل هذا كثير جدا في الكتاب. ومن الفرار من التضعيف إلى المعتقلات: يذهب إلى أن أصل قولهم "لبيك" من لبب، فاستثقلت ثلاث باءات، فأبدلت الثالثة ياء، كما يقال: تَظنيت في تظننت (77، 189). كما يذهب إلى أن أصل "قيراط": قرَّاط بالتشديد؛ لأن جمعه: قراريط، فأبدل من أحد حرفي تضعيفه ياء، مثل: دينار، أصله: دِنَّار (132). ويثبت قول من ذهب إلى أن "المصراة" وهى الناقة التى تصر أخلافها، ولا تحلب أياما: من الصَّرِّ قال: كانت المصراة في الأصل: مصررة، فاجتمعت ثلاث راءات فأبدلت أخراهن، كما قالوا في تظننت: تظنيت من الظن، فلما تحركت الياء، وانفتح ما قبلها: قبلهما: قلبت ألفا (250). في التعبير بالواحد عن الجمع: ومنه الوصف بالمصدر، وقد نبه إليه في قولهم: "شاهدا عدل" فبين أن "عدل" لا ثنى ولا يجمع، لأنه وصف بالمصدر، فيقال: هذا شاهد عدل، وشاهدا عدل. ولا يقال: عدلان، ولا عدول (171). وفي الحديث: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته" (¬1) يذهب إلى أنه يقال: رجل خصم، ورجلان خصم، ورجال خصم، وامرأة خصم، يستوى فيه الواحد والتثنية والجمع، والمذكر والمؤنث؛ لأنه وصف بالمصدر، والمصدر لا يثنى ولا يجمع، قال: فأما قوله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ} (¬2) فمعناه: فريقان (236) وكذلك: وحده: كلمة يوصف بها الواحد والتثنية والجمع؛ لأنه مصدر لا يثنى اكتفاء بتثنية المضمر المضاف إليه، ومعناهـ: اتحاد، اى: انفراد، وانتصابه على الحال، بمعنى: مَوْحد ومفرد. وقيل: على المصدر بمعنى اتحاد وانفراد (207). نوادر مختلفة في النحو والتصريف: ويبدى تلميحات ذكية تنبىء عن حس النحوى المحقق، فيعلق على الحديث "الحج عرفة" بأنه لا يجوز في العربية أن يخبر بالاسم عن المصدر، ويحمل مثل هذا على حذف مضاف، كأنه أراد: الحج الوقوف بعرفة، مثل قوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} (¬3) قالوا: تقديره: البر بر من آمن بالله (214) ويعلل منع اللغويين للقول "صحراءة" بأنه إدخال تأنيث على تأنيث (67). ويوجه جمع الخضراء على الخضراوات في الحديث: "ليس في الخضراوات صدقة" (¬4) بأن العرب تقول للبقول: الخضراء ومنه الحديث "إياكم وخضراء الدمن" وهو اسم للبقول، وليس بصفة، فلذلك جمع بالألف والتاء،. كالمسلمات، ولو كان صفة لجمع جمع الصفات على خضر وصفر (419). وهذا التخرج ذكره الرضى، وابن سيده، وابن الطيب الناسى، والزبيدي، والفيومي (¬5). بعد أن ¬
الظواهر الفقهية
تعرض هذا الجمع لانتقاد بعض اللغويين. وفي قولهم: "الصلاة خير من النوم" يقول: المخايرة والمفاضلة تكون بين متفاضلين، أو متساويين، لأن لفظة أفعل تستعمل في شيئين يشتركان في الفعل، ويكون لأحدهما على الآخر مزية، فكيف يقال: "الصلاة خير من النوم"؟ ومعلوم أن النوم ليس مساويا للصلاة، ولا مناضلا لها، فيحتمل أن يكون ها هنا محذوف تقديره: اليقظة للصلاة خير من النوم. وقيل: إن النوم فيه الراحة، وهى معنى السبات الذي من الله به على عباده بقوله: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} (¬1) أى: راحة لأبدانكم. فمعنى "الصلاة خير من النوم" أى: الراحة التى تعتاضونها يوم القيامة من شدة وطء قيام الليل ومكابدته خير من راحة النوم الذى هو أخو الموت. وقيل: المعنى: الخير في الصلاة لا في النوم، مثل قوله تعالى {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}. ومعلوم أن الهدى مع النبي ومن معه (60، 61). ويقف القاريء على فروق نادرة لا يعرفها إلا الخاصة، وذلك في قول الشيرازي: وتقف إمامة النساء وسطهن (¬2) فينبه إلى أن وسْط بالتسكين، لأنه ظرف، يقال: جلست وسْط القوم بالسكون؛ لأنه ظرف، وجلست وسط الدار بالتحريك، لأنه اسم ويقول: كل موضع صلح فيه "بين" فهو وسط بالتسكين، وإن لم يصلح فيه "بين" فهو وَسَط- بالتحريك، وربما سكن وليس بالوجه (103). هذا إضافة إلى ما بثه في الفروق، وما هو منثور بين دفتى الكتاب من درر يحتاج اليها الفقيه فضلا عن اللغوى معرفتها وتحصيلها لكى تتم به الفائدة. الظواهر الفقهية: الركبي فقيه في المقام الأول، وإن كان لغويا، ونحويا، وأدبيا، وشاعرا. وعلى الرغم من أنه بدا بكتابه النظم المستعذب لغويا محضا، إلا أن سمته الفقهية كانت تغالبه، وتطل برأسها معلنة عن نفسها. وقد تشكل ظهورها بصور متنوعة، ومنها: تقييد الاصطلاح في الشرع: نحو قوله: التيمم في الشرع: هو القصد إلى الصعيد، ثم كثر حتى المسح بالتراب تيمما (43). والحدث في الفقه: ما ينقض الوضوء (9). قال أصحابنا الفقهاء: الأرت: هو الذى يدغم أحد الحرفين في الآخر، فيسقط أحدهما، ووجد في أصل الشيخ أبي إسحاق على ظهر الجزء: الأرت: الذى في لسانه رتج ينعقد به اللسان ثم ينطلق (101). قال أصحابنا الفقهاء: الماء المطلق: هو ما لم يضف إلى ما استخرج منه، والذى خالطه ما يستغنى عنه، ولا استعمل في رفع حدث ولا نجس، والمقيد: هو الذى فيه إحدى هذه الصفات كماء الورد، والماء الذى اعتصر من الشجر، وماء الباقلى. هذا مضاف إلى ما استخرج منه والذى خالطه ما يستغنى عنه، كالطحلب، والزعفران، والملح الجبلى، والماء المستعمل، كأن هذه الصفات قيدته على معناه، فلم تتجاوزها إلى ¬
ذكر الاصطلاح الشرعي من غير تقييد
غيرها (10). المكلف في الشرع: هو الذى وجدت فيه شرائط التكليف، من البلوغ، والإسلام، وغيرها (170). ذكر الاصطلاح الشرعي من غير تقييد: قوله: البيع: نقل الملك في العين بعقد المعاوضة (235). قوله: التثويب: قول المؤذن: الصلاة خير من النوم (53). وذلك في قوله: التكليف: هو ما يتكلف به الإنسان من فرائض الصلاة والصوم والحج، وغيرها من الفروض (170). قوله: الطهارة المطلقة: هى التى لم يقيدها بشيىء، كالصلاة، ورفع الحدث، ومس المصحف، وغيرها (25). قوله: الفرق بين الحيض والاستحاضة: أن الحيض: الذى يأتى لأوقات معتادة، ودم الاستحاضة يسيل من العاذل، وهو عرق فمه الذى يسيل منه في أدني الرحم دون قعره. ذكر ذلك ابن عباس (45). قوله: الفرق بين الركن والفرض: أن الركن يجب اعتقاده، ولا يتم العمل إلا به، سواء كان فرضا أو نفلا، والفرض: ما يعاقب على تركه (170). قوله: المشروع: لفظ يشتمل على الواجب، والمسنون، فعم بذلك قول من يقول بوجوبهما، وقول من يقول: إنهما سنتان (56). قوله: الفرض: هو الواجب المتطوع بوجوبه، وفرض الله علينا، أى: أوجب، والاسم: الفريضة. قوله: والنفل والنافلة: التطوع من حيث لا يجب (96). قوله: السبحة: هى النافلة، يقال: قضى فلان سبحته، أى: نافلته الراتبة (114). قوله: الاعتكاف: هو حبس النفس في المسجد لله تعالى (178). قوله: النذر: إيجاب عبادة في الذمة بشرط وبغير شرط (221). ربط اللفظ المستعمل في الفقه بأصله اللغوي: وهذا ما انتهجه في الكتاب، وصرف جل عنايته له، وقد استخدم الوسائل اللغوية الممكنة لتحقيق ذلك، ولم أر غيره ممن شرح غريب الفقه توسع بمثل توسعه في شرحه اللغوى، أو استقصى استقصاءه لألفاظ الفقه فقد بَذَّ سابقيه، ومنهم الأزهري في شرحه لألفاظ المختصر، وفاق المطرزي، والنسفي، وغيرهم، ولم يجاره الفيومي في المصباح المنير، فقد توسع في النقل عن أئمة اللغة، في غريب الفقه، والحديث، والتفسير واستطرد، بل ألح في اجتلاب الشواهد المختلفة والمتعددة في تفسير اللفظ الواحد، واستخدم الظواهر اللغوية المختلفة في توضيح
الاستعمال الفقهى، عرض آراء اللغويين بأمانة وتخير منها أقربها إلى المعنى المقصود وأدلى بدلوه بين هؤلاء الأئمة، وساعده ذوقه الأدبي، وحسه الشاعر في عرض ذلك كله بأسلوب شيق متميز. ومن أمثلة ذلك ما ذكره في الربط بين الصلاة بمعناها الشرعي، وأصل معناها اللغوي فيبدأ بذكر الأصل اللغوي المشهور، وهو: الدعاء، ويذكر أيضًا من شعر الأعشى شاهدا له، يذكره دائما أئمة اللغة، وهو: عليك مثل الذى صليت فاغتمضى ... نوما فإن لجنب المرء مضطجعا وهذا الأصل وشاهده، ذكره كل من ابن الأنباري (¬1)، وأبو عبيد (¬2)، والزمخشري (¬3)، وأصحاب المعجمات (¬4)، ومن ثم نجده يقدمه. ثم يذكر آراء الإشتقاقيين جملة، فيقول: "وفي تسمية الصلاة صلاة لأهل الاشتقاق ثلاثة اقوال: قيل لما فيها من الدعاء، وقيل: لرفع الصلاة في الركوع، وهو: مغرز الذنب من الفرس، وقيل: لما فيها من الخشوع، واللين". ويذكر استعمالا للعرب، كدليل لهذا المعنى الأخير، في قلهم: "صليت العود بالنار: إذا لينته" ثم يربط الصلاة بمعناها الإصطلاحي به، قائلا: "والمصلى يلين ويخشع" (51). وفي الأذان: يثبت أن أصل الأذان في اللغة: الإعلام، مستشهدا بقوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} (¬5)، وقوله تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ} (¬6) ثم يربط بين الأذان بمعناه الشرعي بالأصل اللغوي، فيقول: "فالمؤذن يعلم الناس بدخول الوقت" ثم يؤكد مذهبه، بنقله عن الزجاج قوله: "واشتقافه من الأذن؛ لأن بها يسمع الأذان، أى: الإعلام" (¬7) ثم يذكر استعمالا عربيا، وهو قولهم: آذنتك بالأمر، أي: أوقعته في أذنك، فسمعته (56) ثم أضاف معلومات لغوية أخرى، فيذكر أن في فعله لغتان: أذَّن، وآذن: بمعنى الإعلام، وعلل اختلاف الصيغتين، بأن أذَّن- بالتشديد: للمبالغة والتكثير، واستشهد بقوله تعالى: {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ} (¬8) وقوله تعالى: {فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ} (¬9) ثم قال: "فاستويتا في العلم" (56). يذهب بذلك إلى أن فَعَّل وأفْعَل بمعنى مع زيادته في صيغة فَعَّلَ. وهذا ما ذكره كثير من اللغويين، ومنهم الأزهري (¬10)، والهروي (¬11). وبعضهم عبر بما هو أدل وأدق، فجعل أذَّن المشدد للإعلام بصوت، يقول سيبويه: وآذنت: أعلمت، وأذّنت: النداء والتصويت بإعلان (¬12) وقال ابن الأثير (¬13): يقال: آذن يُؤذن إيذانا، وأذَّن يؤذن تأذينا، والمشدد مخصوص في الاستعمال بإعلام وقت الصلاة. ¬
ولكى يوثق العلاقة بين الصوم في اللغة، وفي الشرع: يذكر استعمالات عربية، وشواهد قرآنية وشعرية، وهي: صام الفرس: إذا قام وأمسك عن الجرى. صام النهار صوما: إذا قام قائم الظهيرة. وقوله تعالى: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} (¬1). أى: إمساكا عن الكلام. وقول الأعشى: وفيها إذا ما هجرت عجرفية ... ذمول إذا صام النهار وهجرا ¬
أثر مذهبه الشافعي في شرحه
وقول امرىء القيس: كأن الثريا علقت في مصامها ... بأمراس كتان إلى صمم جندل ويقول الراجز: *والبكرات شرهن الصائمة* أى: التى لا تدور. ثم يذكر قول أبي عبيدة: كل ممسك عن طعام، أو كلام، أو سير، فهو صائم. ثم يعقب هذا بأن الصوم في الشرع: الإمساك عن الطعام والشراب والجماع. (169). ونلاحظ أنه داخل بين بيتين لامرىء القيس، وللأعشى، فبيت امرىء القيس (¬2). فدع ذا وسل الهم عنك بجسرة .... ذمول إذا صام النهار وهجرا وبيت الأعشى (¬3): وفيها إذا ما هجرت عجرفية ... إذا خلت جرباء الظهيرة أصيدا فداخل بين البيتين، والشاهد: في قول امرىء القيس. وهكذا كان يحيط المصطلح الشرعي بسياج لغوي، متنوع، من أجل توضيح الصلة بينهما، وقد سبق ذكر اهتمامه بالأصل المادي والمعنوي في المشتقات، إذ كان يعول دائمًا على أصل استعمال اللفظ. أثر مذهبه الشافعي في شرحه: مال ابن بطال في شرحه إلى ما يوافق تفسيرات الشافعي، ويناقض تفسيرات أبي حنيفة، ودليل ذلك ما يأتي: فسر الشفق بأنه: بقية ضوء الشمس وحمرتها في أول الليل إلى قريب من العتمة. ونقل عن الخليل: الشفق: الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة، فإذا ذهب قيل: غاب الشفق. وعن الفراء قوله: سمعت بعض العرب يقول: عليه ثوب مصبوغ كأنه الشفق، وكان أحمر (53). وكان الإمام أبو حنيفة يذهب إلى أن الشفق: البياض. وقال النسفي (¬4)، وهو حنفي المذهب: والشفق-: بقية ضوء الشمس، وهو الحمرة عند أبي يوسف، ومحمد، والبياض عند أبي حنيفة، وهو قول كبار الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. وكذا ذكر السرخسي (¬5)، والمطرازي (¬6)، والفيومي (¬7). والركبي فيما مال إليه محق؛ لأن أكثر اللغويين على أن الشفق: الحمرة، فإلى ما ذكره من أقوال، نضيف قول أبي عمرو؛ الشفق: الثوب المصبوغ بالحمرة القليلة، والشفق: الحمرة في السماء، وأشفقنا: دخلنا في الشفق (¬8). ¬
وقول ابن قتيبة: الشفق (¬1): الحمرة التى ترى بعد مغيب الشمس. وهو قول الزجاج (¬2)، وثعلب (¬3)، وكثير من اللغويين (¬4)؛ ذهب إليه قوم من كبار الصحابة، رضوان الله عليهم، ومنهم: عمر، وعلى، وابن عباس، وابن عمر، وعبادة ابن الصامت، وشداد بن أوس كما ذكر النووى (¬5) هذا فضلا عن أن المطرزي ¬
الحنفي يقول: الشفق: الحمرة عن جماعة من الصحابة والتابعين، وهو قول أهل اللغة، وبه قال أبو يوسف، ومحمد. وعن أبي هريرة أنه البياض، وبه قال أبو حنيفة، وعن أبي حنيفة قول متأخر أنه الحمرة (¬6). ويشير إلى قول الشيرازي: "والكعبان: هما العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم، في منتهى الساق، عن يمين القدم ويسارها" يقول: يشير إلى خلاف أبي حنيفة، فإن الكعب عنده: هو العظم الناتيء في ظهر القدم، وقد أنكره الأصمعي، وأرباب اللغة (29). وهذا صريح في إنكار ما ذهب إليه أبو حنيفة، وهو محقق في هذا أيضًا. لأنه مذهب أئمة اللغة، وقد حدده ثابت بن أبي ثابت (¬7) عن أبي زيد في، قوله: في كل رجل كعبان، وهما: عظما طرف الساق، ملتقى القدمين، وهذا مذهب الخليل (¬8)، والزجاج (¬9) وابن فارس (¬10). وذهب أبو يوسف، ومحمد بن الحسن مذهب صاحبهما أبي حنيفة (¬11)، وذكر الفيومى (¬12) أنه مذهب الشيعة. ورده الأصمعى؛ ذكر الركبي. ¬
الظواهر اللغوية في النظم المستعذب
الظواهر اللغوية في النظم المستعذب: تكشف كتاب النظم عن عدة ظواهر لغوية متنوعة اهتم المصنف بالتنبيه إلى أمثلتها، من أهمها: ظاهرة الإِبدال اللغوي: ويعني بالإِبدال اللغوي.: جعل حرف مكان حرف آخر من الكلمة الواحدة، وفي موضع منها؛ لعلاقة بين الحرفين، مع اتفاق المعنى بين الكلمتين، واتفاق ترتيب الحروف. وهذه الظاهرة عالجها (¬1) اللغويون القدماء، فألف فيه الأصمعي، وابن السكيت الذى نقل معظم كتابه عن الأصمعي، وأفرده أبو الطيب اللغوي بمصنف كبير. وعالجه ابن جنى في باب تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني (¬2). وكذلك ذكر ابن فارس أن "من سنن العرب إبدال الحروف وإقامة بعضها مقام بعض" (¬3). كما تناول المحدثون هذه الظاهرة بالتحليل، من شتى جوانبها، وأوسعوها بحثا (¬4)، ومن أمثلتها في شرح ابن بطال: بين الهمزة والهاء: أراق وهراق: تبدل الهاء من الهمزة، ويجوز إسكان الهاء وفتحها - قال سيبويه: أبدلوا من الهمزة الهاء، ثم لزمت فصارت كأنها من نفس الكلمة، ثم أدخلت الهمزة بعد الهاء، وتركت الهاء عوضا من حذفهم حركة العين؛ لأن أهرق: أريق" (49 - 195). بين الهمزة والياء: يلملم: يقال فيه: يلملم، وألملمم (187). ¬
بين السين والشين
بين السين والشين: في تشميت العاطس: وكل داع لأخيه فهو مشمت ومسمت. قال ثعلب: الاختيار: السين غير معجمة؛ لأنه مأخوذ من السمت، وهو القصد والمحجة. قال أبو عبيد: الشين معجمة في كلامهم أكثر (93، 94). بين السين والصاد: في السماخ والصماخ من قولهم: ويأخذ لسماخيه ماء جديدا. يقول: يقال بالسين والصاد، وكذا: الصدغ لأن كل كلمة اجتمع فيها السين والخاء، أو الغين، أو القاف، أو الطاء، وتقدمت السين، وكون الحروف بعدها، ولا يبالى أثانية كانت أم ثالثة أم رابعة بعد أن تكون بعدها - هذا قول قطرب، فإنه يجوز إبدال السين صادا، نحو سطا وصطا، والسراط والصراط، وساغ الطعام وصاغ، وسبغ وصبغ والساخة، والصاخة، والسقر والصقر. وهى لغة قوم من بنى تميم، يقال لهم: بلعنبر (29). وقوله: الصقيل: بالسين والصاد (32) وقوله في الرسغ: يقال فيه: رُسُغٌ ورُسْغٌ، بالضم والإسكان والسين والصاد (76). بين الصاد والضاد: في قولهم: المضمضة. يقول: تحريك الماء في الفم، وإدارته فيه، وكذلك المصمصة- بالصاد المهملة، من الموص، وهو: الغسل (26). بين الصاد والزاى: في قولهم: بدره البصاق. يقول: البصاق والبزاق، وبصق وبزق. ولا يقال بسق بالسين إلا في الطول (95). بين القاف والثاء: في الثياب القرقبية: يقول: قال في الفائق: القرقبية، والثرقبية: ثياب مصرية بيض من كتان، وروى بقافين (257). بين اللام والميم: قوله في طريق المأزمين: قال الجوهري: المأزم: المضيق، مثل المأزل، وأنشد الأصمعي: هذا طريق يأزم المآزما ... وعضوات تمشق اللهازما (209) بين اللام والنون: في لابتى المدينة: يقول: قال أبو عبيدة: لوبة ونوبة للحرة، وهى الأرض التى ألبستها حجارة سود ومنه يقال للأسود: لوبي ونوبي، قال بشر: معالية لاهم إلا محجر ... وحرة ليلى السهل منها فلو بها (174) وفي اللينوفر يقول: فيه لغات: لينوفر، ونينوفر- بالنون واللام المفتوحتين، وبفتح النون الأخيرة
بين الميم والنون
وضمها (194). بين الميم والنون: في دهن البان المنشوش، يقول: قال الزمخشري: النس والنش: الدوف، من قولهم: زعفران منشوش (195). وقوله: الحلان: الجدى يؤخذ من بطن بطن أمه، وهو فعال؛ لأنه مبدل من حلام وهما بمعنى، قال الشاعر: كل قتيل في كليب حلام ... حتى ينال القتل آل همام (198) ونلاحظ أنه في كثر ما ذكره متابع لأئمة اللغة، فهو ينقل عن الصحاح دائما في كل ما سبق والجوهري حرص على إثبات ما صح عن الأئمة، كما هو مشهور. ظاهرة التضاد في النظم المستعذب: ومدلولها: أن يصدق اللفظ الواحد على المعنى وضده، وهو قسيم المشترك اللفظى إلا أن العلاقة في التضاد سلبية، فالجون يطلق على الأبيض وعلى الأسود، والجلل يصدق على الأمر العظيم، وعلى الهين (¬1). وهذه المظاهرة ثابتة في اللغة العربية، بإقرار أئمة اللغة، كالأصمعي، وقطرب، وأبي حاتم السجستاني وابن السكيت، وأبي عبيد القاسم بن سلام، وأبي عبيدة معمر بن المثنى، والتوزي، وابن الأنباري محمد بن القاسم بن بشار، وغيرهم. ووضعوا فيها رسائل خاصة، حصروا فيها ألفاظ الأضداد في العربية وأنكر بعض الأئمة هذه الظاهرة، كابن درستويه، وغيره، فقد ذكر ابن سيده أن أن أحد شيوخ أبي على الفارسي كان ينكر الأضداد التى حكاها أهل اللغة، وأن تكون لفظة واحدة لشيىء وضده. وذكر صاحب الحاصل: أن النقيضين لا يوضع لهما لفظ واحد؛ لأن المشترك يجب فيه إفادة التردد بين معنييه، والترد في النقيضين حاصل بالذات لا من اللفظ. ولذا يقول ابن فارس: وأنكر ناس هذا المذهب، وليس بشيىء، وذلك أن الذين رووا أن العرب تسمى السيف مهندا، والفرس طرفا هم الذين رووا أن العرب تسمى المتضادين باسم واحد (¬2). وللمحدثين في هذه الظاهرة بحوث كثيرة يطول المقام بعرضها، وقد اهتم المستشرقون أيضًا بالأضداد في العربية، ومنهم: رد سلوب الذى كتب بحثا عن الأضداد في العربية (سنته 1873 م) وجيز في بحثه الذى وضعه عن الأضداد في الشعر العربي القديم، ونولدكه الذى تناول الأضداد في اللغات السامية. وفي النظم المستعذب كثير من أمثلة الأضداد، تابع فيها ابن بطال أئمة اللغة، ومنها: قوله: البيع: نقل الملك في العين بعقد المعاوضة. يقال: باع الشيىء: إذا أخرجه من ملكه، وباعه: إذا اشتراه وأدخله في ملكه، وهو من الأضداد. وكذلك: شرى: إذا أخذ، وشرى: إذا باع، قال الله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} (¬3) أى: باعوه، وذلك لأن كل واحد من المتبايعين يأخذ عوضا، ويعطى عوضا، فهو بائع لما أعطى، ومشتر لما أخذ، فصلح الأسمان لهما جميعا (235). وقوله: التهجد: هو قيام الليل، وأصله السهر، يقال: تهجد: إذا سهر، وألقى الهجود، وهو النوم عن نفسه، وهجد أيضًا: نام (90). ¬
ومن المشترك اللفظي مما يطلق فيه اللفظ على أكثر من معنى
وفي الحديث (¬1): "فنحر ما غبر" يقول: أى: ما بقى، قال الله تعالى: {إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} (¬2) أى: الباقين، وغبر اللبن: بقيته، وغبر المرض: بقاياه، وكذلك غبر الليل. ما مضى أيضًا، وهو من الآضداد (218). وفي قولهم: "شاهد عدْل" يقول: أصله: الاعتدال والاستقامة، ضد الميل والانحراف. وقد يكون العدل: الميل، يقال: عدل عن الطريق وعن الحق: إذا مال، وهو من الأضداد (172، 198). وفي قوله تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} (¬3) يقول: وقيل: هو من الأضداد، يقال: قنع: إذا رضى وقنع إذا سأل (219). وفي قول الشيرازي: "لأن عليه في قبوله منه" يقول: أُمِنَّ الرجل: إذا انتقضت منته، كأنه نقض للإحسان وتغيير له، وهو من الأضداد، يقال: مَنَّ عليه من غير مَنٍّ (73). وقوله: الغريم: الذى عليه الدين. وهو الذى له الدين أيضًا. ومن المشترك اللفظي مما يطلق فيه اللفظ على أكثر من معنى: في الحديث: "نفس المؤمن معلقة بدينه" (¬4) يذكر أن النفس ها هنا على أربعة معان، أحدها: بدنه، من قوله تعالى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (¬5) والنفس: الروح الذى إذا فارق البدن لم تكن بعده حياة، وهو الذى أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "كأن روحه يعذب بما عليه من الدين حتى يؤدى عنه" والنفس: الدم في جسد الحيوان. ونفس الشيىء: ذاته، مثل: جاءني زيد نفسه، أي: ذاته (124). وفي قول الشيرازي (¬6): "وإن احتاج إلى النكاح وهو يخاف العنت قدم النكاح" يقول: أراد الزنا وهو قوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} (¬7) وقد يكون العنت الإِثم، والعنت: الوقوع في أمر شاق، قال الله تعالى: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ} (¬8). ومن الألفاظ المترادفة: قوله في الحيض: يقال: حاضت المرأة وتحيضت، وطمثت، وعركت سواء (45). وقوله: الرَّمَق: آخر النَّفْس وبقيتها، ومثله: الحشاشة، والذَّماء (229). ومن ظاهرة القلب: في قول الشيرازي: فإذا صلى وقف على قزح (¬9): يقول: قزح: غير مصروف، وسمى قزح؛ لارتفاعه، من قزح الشيىء وقحز: إذا ارتفع، عن المبرد (210). ومن ظاهر النحت: ذكر عدة أمثلة من الألفاظ المنحوتة، ومنها: حيهلا: قال: حى كلمة تقال على حدة. وهللا: حثيقا، فجعلا كلمة واحدة. والحيعلة: حكاية قول حى على الصلاة حى على الفلاح. وأنشد: قول الشاعر: ألارب طيف منك بات معا نقى ... إلى أن دعا داعى الفلاح فحيعلا ¬
الشواهد في شرح الركبي
وذكر البسملة، والحولقة، والحوقلة: لغة فيها، وذكر أفعالها، وهى: بسمل، وحوقل. وأضاف عن بعض اللغويين: السبحلة، والحمد له. وعن بعض المتأخرين: الطلبقة، والدمعزة، والجعفلة (59، 60). الشواهد في شرح الركبي: من أبرز السمات في شرح ابن بطال: كثرة الشواهد الشعرية، والقرآنية، والحديثية، فقد كان مولعا بإرسال الشواهد، وبخاصة الشعرية منها، لما كان يتمتع به من موهبة شعرية، وذوق أدبي رفيع، كان له أكبر أثر في هذا. فقد بالغ في الحرص على ذكر الشواهد لمعظم المعاني التى يذكرها، وإن كثرت، فهو ينشد ثلاثة شواهد شعرية على معانى الغُسل، والغَسْل، والغسل (40) وكثيرا ما يذكر شاهدين على استعمال واحد، كما ذكر في التيمم بمعنى القصد، إذا أنشد بيت الأعشى: تيممت قيسا ومن دونه ... من الأرض من مهمه ذى شزن (43) وبيت امرىء القيس: تيممت العين التى عند ضارج ... يفىء عليها الظل عرمضها طام وقد يستطرد في ذكر مقطوعات شعرية، والمقام في غنى عنها، نحو ما ذكره في وصف اللينوفر بأربعة أبيات لإِبراهيم بن المهدي، وثلاثة أخرى لغيره (193، 194). وقد يعيد الشاهد مرتين لنفس المعنى، نحو قوله: لا يقال فمك ولا فمه إلا نادرا في الشعر، قال الأقيبل ياليتها قد خرجت من فمه ... . . . . . . . . . وفيه ثلاث لغات: فُمٌ وفَمٌ وفِمٌ. . . وقد تشدد الميم، قال الأقيبل: يا ليتها قد خرجت من فمه ... . . . . . . . . . (23). ولا تكاد تخلو صفحة من صفحات شرحه الكبير، من شاهد شعرى، منها ما هو منسوب وهو الغالب، ومنها غير المنسوب. وقد استعمل الرجز كثيرا أيضًا. غير أنه خلط في بعض المواطن، فداخل بين أبيات مختلفة، وذلك في قول عاصم بن ثابت ما علتى وأنا شيخ نابل فجعل تمام الشطر ... ورب سلاح عند من لا يقاتل وصحته: والقوس فيها وتر عنابل (¬1) وداخل بين بيتين للأعشي وامرىء القيس، فجعلهما بيتا واحدًا، مع أن بيت الأعشى خال من الشاهد (¬2). أما الشواهد القرآنية والحديثية فكثيرة أيضًا في الكتاب إلا أنها لم تبلغ مبلغ الشواهد الشعرية. ¬
وصف نسخ الكتاب
وصف نسخ الكتاب: أولاً نسخة "خ" وتوحد في صنعاء باليمن، في مكتبة الجامع الكبير. ضمن كتب الوقفي تحت رقم (63 تاريخ- كتاب 132). وقد قات بعثة معهد المخطوطات العربية التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم- جامعة الدول العربية بتصويرها ضمن قائمة الكتب المصورة عن الجمهورية العربية اليمنية سنة (1394 هـ-1974 م). وهى مصورة على ميكروفيلم رقم (160) اليمن الشمالية. وهي نسخة خطية نفيسة بقلم نسخى معتاد من خطوط القرن السابع الهجري وتقع في 139 ورقة، وتضم الصفحة ثلاثين سطرًا تقريبا قياس (14.5 × 21 سم) كتب على التورقة الأولى: كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب تصنيفي الشيخ الإمام الأوحد بطال بن أحمد بن سليمان بن بطال الركبي أعلا الله درجته، وجزاه عن المسلمين خيرا، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. ملك العبد الفقير الراجى عفو الملك الكبير أحمد بن محمد بن يحيى بن أبي الرجاء وكتب على جانبه الورقة: ولد أحمد بن محمد بن يحيى بن أبي الرجاء في ليلة الأحد قريبا من طلوع الفجر لتسع ليال بقين من شهر جمادي الآخرة سنة اثنتين وسبعين وستمائة، وفقه الله وعلمه العلم الواسع. وكتب عليها أيضًا: ولدت المولودة السعيدة المباركة الرشيدة الموفقة زينب ابنة أحمد بن محمد بن يحيى بن أبي الرجاء في يوم الثلاثاء وقت طلوع الفجر لأربع ليال بقين من شهر ربيع الأول الذى هو من شهور سنة ثلاث وتسعين وستمائة من الهجرة المباركة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة -وفقها الله توفيق المحسنين- وغفر لها ولوالديها ولجميع المسلمين آمين. وكتب على جانب الورقة الأولى أيضًا: توفيت زينب المذكورة يوم الخميس من شهر رمضان سنة خمس وتسعين وستمائة. كما كتب تاريخ وفاة والدة أحمد بن يحيى هذا (سنة 687 هـ). وتاريخ ميلاد ابنه عمر بن أحمد بن محمد بن يحيى في رجب سنة (695 هـ). ومن هذا نأخذ أن هذه النسخة كتبت في عصر المؤلف. وتتميز هذه النسخة بأنها مقابلة بنسخة أصلية، ومصححة تصحيحا دقيقا. ثانيًا النسخة "ع" وهذه النسخة منشورة حاشية كتاب المهذب لأبي إسحاق الشيرازي -طبع عيسى الحلبى- بعنوان: النظم المستعذب في شرح غريب المهذب للعلامة محمد بن أحمد بن بطال الركبي نفع الله به. وقد كثرت في هذه النسخة الأخطاء، والتصحيفات، والتحريفات. وحاول القائم على التصحيح للطبع تجنب الألفاظ غير الواضحة، فأسقطها، أو أثبت غيرها من عنده، وقد نبهت إلى كل هذا في، حاشية التحقيق.
عملى في التحقيق
وفي داخل هذه النسخة سقط كبير يقابله بياض بذات النسخة بعد قوله: قال ابن عرفة: يقال لكل من كان بارزا في غير ما يظله ويلنه: إنه يضاح (ص 50) إلى قوله: لاستهموا، أى: اقترعوا بالسهام (ص 57) من التحقيق. وقد اعتمدت في تحقيق القسم الأول على هاتين النسختين وجعلت الأولى منهما أصلا ورمزت لها بالرمز "خ" نظرا لكونها في عصر المؤلف، ورمزت للثانية بالرمز "ع". عملى في التحقيق: أولًا: قارنت بين نصوص النسختين مقارنة دقيقة، وأثبت الفروق بينهما في حاشية التحقيق ووضعت سقط النسخة الأولى بين أقواس معقوفة، وأثبت سقط النسخة الثانية في حاشية التحقيق. ثانيًا: قمت بتخريج الآيات القرآنية، والأحاديث، وما ورد من الأبيات الشعرية، والأمثال مثبتا مصادرها واختلاف رواياتها. ثالثًا: أثبت وطن اللفظ المشروح في كتاب المهذب ناقلا النص الذى وردت فيه حتى يستبين المراد من استعمالها. رابعًا: استعنت بالشروح المختلفة لألفاظ الفقهاء وبخاصة ألفاظ المهذب في تحقيق النص على النحو الصحيح الذى أراده المؤلف. خامسًا: عرضت النصوص على مصادر اللغة المختلفة، وعنيت خاصة بالمصادر التى اهتمت بشروح ألفاظ الفقه، كتهذيب اللغة للأزهري، والمصباح المنير للفيومي، والمغرب للمطرزي، وغيرها. سادسًا: شرحت كل ما غمض في النص معتمدا على المظان المتنوعة، وبينت منها ما يوافق شرح المصنف وما يخالفه، وذلك في نطاق ما يتجه لي نظام التحقيق المنشود في نشر التراث العربي. سابعًا: ذكرت في الحواشي ترجمة مختصرة للأعلام التى وردت في النص. ثامنًا: وضعت النقاط، والفواصل، وإشارات الاستفهام والتعجب، والأقواس المتنوعة حيث يجب أن توضع. تاسعًا: أعددت فهارس مفصلة لما ورد في النص من آيات وأحاديث ولغة وأشعار وأمثال وأعلام ومواضع مع تذييل هذا بفهرس عام لهذا القسم. والله الموفق للصواب، وعليه اتكالى، وهو نعم المولى ونعم النصير
كتاب النَّظْمُ المُسْتَعْذَبُ فِي تفْسِير غريبِ ألْفَاظِ المهَذّبِ تصنيف الإمام بطّالِ بْن أحْمد بْن سُليْمان بْن بطّالِ الرَّكْبِيِّ المتوفى سنة 633 هـ القسم الأول دراسة وتحقيق وتعليق دكتور مصطفى عبد الحفيظ سَالِم 1408 هـ - 1988 م
مخطوطات اللوحة الأولى من نسخة مكتبة الجامع الكبير بصنعاء
لوحة 16 من النسخة خ ومقابلها ساقط في ع
لوحة 17 من النسخة خ ومقابلها ساقط في ع
اللوحة الأخيرة من نسخة مكتبة الجامع الكبير بصنعاء
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ "الْحَمْدُ للهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى، وَصَلَوَاتُه عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ قَالَ الشَّيْخُ الِإمَامُ الْفَقِيهُ الأوحَدُ بَطَالُ بْنُ أَحْمَدَ، قدَّسَ اللهُ رُوحَهُ (¬1): (الْحَمْدُ للهِ وَبِهِ أسْتَعِينُ) (¬2) الْحَمْدُ للهِ على مَا أَلْهَمَ وَعَلَّمَ، وَبَدَأ بهِ مِنَ الْفَضْلِ وَتَمَّمَ، حَمْدًا نَستدِرُّ بِهِ أَخْلافَ (¬3) النَّعَمِ ونَسْتَدرِيءُ بِهِ إتْلاِفَ النِّقَمِ، وَأشْهَدُ أَنُّ لَا إِلَهَ إلَّا اللهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لهُ، شَهَادَةَ مَنْ أوجَدَهُ بَعْدَ عَدَمٍ، وَامْتَزَجَ مِنْهُ الإيمَانُ بِلَحْمٍ وَدَمٍ. وَأشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ الْمَبْعُوثُ مِنْ خَيْرِ الأُمَم، إلَى كَافَّةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ صَلَّى الله عَلَيْهْ وَعَلَى آلِهِ، أهْلِ الجُودِ (¬4) وَالْكَرَم، وَسَلَّمَ وشَرَّفَ وَكَرَّمَ. وَبَعْدُ، فَإِنِّي لَمَّا (¬5) رَأيْتُ أَلفَاظًا غَرِيبَة فِي كِتَابِ "المُهَذَبِ" (¬6) يُحْتَاجُ إلَى بَيَانِهَا، وَالتفْتِيش عَلَيْها فِي مَظَانِّهَا، إذْ كَانَ اعْتِمَادُ الْكَافَّةِ (¬7) عَلَى قِرَاءَتِهِ، وَاعْتِدَادُهُمْ بِدِرَاسَتِهِ، وَوَقَفْتُ عَلَى مُخْتَصَرَاتٍ وَضَعَهَا بَعْضُ مَنْ تَقَدَّمَ (¬8). فَرأَيْتُ بَعْضَهُمْ طَوَّلَ، وَعَلَى أَكْثَرِ جُمَلِهَا مَا عَوَّلَ، وَبَعْضَهُمْ تَوَسَّطَ، إِلَّا أَنَّهُ (أخَذَ بَعْضًا، وَتَرَكَ بَعْضًا، وَ) (¬9) أخَلَّ بِأَكْثرِ الْمَقْصُودِ (¬10) وَفَرَّطَ، وَبَعْضُهُمْ قَصَّرَ وَمَا بَصَّرَ. وَلَيْسَ ذَلِكَ طَعْنًا عَليْهِمْ، وَلَا إِنْكَارًا لِلْفَضْلِ المُشَارِ بِهِ إِلَيْهِمْ (¬11)، بَلْ هُمُ السَّادَاتُ الْمُبَرَّزُونَ فِي الْفَهْمِ، وَالْأعْلَامُ الشَّامِخَةُ فِي أَعْلَى ذِرْوَةِ العِلْمِ (¬12). لَكِنْ دَعَت الْحَاجَةُ الَى تَتَبُّعِ هَذِهِ الألفَاظِ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ (¬13)، وَغَرِيبِ الْحَدِيثِ، وَتَفْسِيرِ الْقرْآنِ، وَنَقْلِهَا إِلَى هَذِ الْكرَاريِسِ، لأسْتَذكِرَ بِهَا (مَا غَابَ) (¬14) وَقْتَ (¬15) التَّدْرِيسِ، وَأجلُوَ بِهَا صَدَا الْخَاطِرِ مِنْ عَوَارِضِ التَّلْبِيسِ، وَ (أرْفَعَ بِهَا غَوَاشِيَ) (9) التَّشْوِيشِ، وَأكْفَأَ بِهَا مُؤْنَةَ (¬16) الطَّلبِ وَالتَّفْتِيشِ، مَعَ تَحَرِّى الإِيجَازِ وَالاخْتِصَارِ، وَحَذْفِ التَّطوِيلِ وَالإكْثَارِ. وَلَيْسَ لِي فِيهِ (¬17) إِلا النَّقْلُ وَالتَّرْتِيبُ، {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (¬18). فَأوَّلُ ذَلِكَ (¬19): قَوْلُهُ (¬20): "الْحَمْدُ لله" الدَّاعِى إلَى الابْتِدَاءِ بِذَلِكَ: قَوْلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كُل كَلَامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ (¬21) اللهِ فَهُوَ أجْذَمُ (¬22) وَالْحَمْدُ: هُوَ الثَّنَاءُ عَلَى الرجُلِ بِجَمِيلِ أفْعَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ إِلَى ¬
خُصُوصِ (¬23) الْمُثْنى (¬24). وَالشُّكْرُ: (ثَنَاءُ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِ مُكَافَأَةً لِلْمُحْسِنِ عَلَى إِحْسَانِهِ إِلَيْهِ) (¬25). وَقَدْ يُوْضَعُ الْحَمْدُ مَكَانَ الشُّكْرِ تَقُولُ: حَمِدْتُهُ عَلَى "مَعْرُوفِهِ، وَشَكَرْتُهُ أَيْضًا، وَحَمِدْتُهُ عَلَى" (¬26) شَجَاعَتِهِ، وَلَا تَقُلْ (¬27): شَكَرْتُهُ عَلَى شَجَاعَتِهِ (¬28) (وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ إِلَّا أَنَّ الْحَمْدَ أَعَمُّ؛ لأنَّكَ تَحْمَدُ عَلَى الصِّفَاتِ وَلَا تَشْكُرُ) (¬29) (¬30) (وَفِي الْحَدِيثِ: "الْحَمْدُ رَأَسُ الشُّكْرِ" (¬31) وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا (¬32). قَوْلُهُ: "الَّذِي (¬33) وَفَّقَنَا" أَصْلُ (32) التَّوْفِيقِ: مِنَ المُوَافَقَةِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، كَالالْتِحَام. وَوَافَقْتُهُ، أَيْ: صَادَفْتُهُ مُوَافِقًا (¬34). قَوْلُهُ: "وَهَدَانَا" أَيْ (¬35): دَلَّنَا. وَالْهُدَى هَا هُنَا (¬36): الرَّشَادُ والدِّلَالَةُ. يُذَكَّرُ وَيُؤَنثُ (¬37). يُقَالُ: هَدَيتهُ إِلَى الطَّرِيقِ، وإلى الدَّارِ، وَأهْلُ الحِجَازِ يَقُولُونَ: هَدَيتهُ الطَّرِيقَ وَالدَّارَ هِدَايَةً، أَيْ: عَرفْتُهُ. وَالأؤَلُ حَكَاهُ الْأخْفَشُ (¬38). قَوْلُهُ: "لِذِكْرِهِ" أَيْ: تَمْجِيدِهِ، وَتَنْزِيهِهِ، وَالثَّناَءِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: "وَصَلَوَاتُهُ عَلَى مُحَمَّدٍ (¬39) خَيْرِ خَلّقِهِ "أَيْ: رَحْمَتُهُ ومغْفِرَتُهُ. وَالصَّلَاةُ مِنَ الله: هِيَ الرَّحْمَةُ، وَمِنَ الْمَلَائِكَةِ: الاسْتِغْفَارُ، وِمَنَ النَّاس: الدُّعَاءُ (¬40). وَهُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَي: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} (*). قَوْلُهُ (¬41): "هَذَا كِتَابٌ" هَذَا: إِشَارَة إلَى مَا يَتَحَققُ وُجُودُهُ، وَإِن لَّمْ يُوجَدُ فِي الْحَالِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ} (¬42) وَ {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ} (¬43) وَ {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ} (¬44). وَالْيَوْمُ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْحَالِ، أو يَكُونُ الشَّيْخُ بَدَأ بِتَألِيفِ الْكِتَابِ، ثُم أَثْبَتَ الْخُطبةَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأشَارَ إلَى مَوْجُودٍ (¬45). قَوْلُهُ: "كِتَابٌ" أصْلُ الْكِتَابِ: مَا كَتَبَ الله فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مِمَّا هُوَ كَائِنٌ، تَقولُ: كَتَبْتُ الكِتَابَ: إِذَا جَمعتَ حَرْفًا إلَى حَرْفٍ، وَكُلُّ مَا جَمَعْتَهُ فَقَدْ كَتَبْتَهُ، وَمِنْ هَذَا سُمَّيَت الْكَتِيبَةُ مِنَ الْعَسْكَرِ، لأَنهَا تَكَتبَّتْ وَاجْتَمَعَتْ. وَسُميَتْ آثارُ الْخَرْزِ وَالْخِيَاطَةِ كُتْبَةً (¬46) لِهَذَا؛ لأنَّهَا تَجْمَعُ بَيْنَ الجِلْدَيْنِ وَالْقِطعَتَيْنِ ¬
مِنَ الثوْبِ. فَكَأنَّ الْكِتَابَ يَجْمَعُ أَبْوَابًا وَفُصُولًا وَمَسَائِلَ. قَوْلُهُ: "مُهَذَّبٌ أى: مُنَقىًّ مِنَ الْخَطَأ. وَالتَّهْذِيبُ كَالتَّنْقِيَةِ. وَرَجُلٌ مُهَذَّبٌ، أىْ: مُطهَّرُ الْأخْلَاقِ نَقِى مِنَ الْعُيُوبِ (¬47). قَالَ النَّابِغَةُ (¬48): وَلَسْتُ بِمُسْتَبْقٍ أَخًا لَا تَلُمُّهُ ... عَلَى شَعَثٍ أيُّ الرِّجَالِ الْمُهَذَّبُ؟ مَعْنَاهُ: أيُّ الرِّجَالِ الَّذِي هُوَ طَاهِر نَقِيٌّ لَا عَيْبَ فِيهِ؟ فَإنَّكَ لَا تَجِدُهُ. قَوْلُهُ: "أُصُولَ" (جَمْعُ أصْلٍ) (¬49) مَا (¬50) دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ. وَالْفُرُوعُ: مَا تَفَرَّعَ عَنِ الْأصُولِ وَقِيسَ عَلَيْهِ بِالْعِلَلِ. وَقَوْلُهُ: "بِأدِلَّتِهَا" جَمْعُ دَلِيلٍ، وَهُوَ: مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى وُجُوبِهَا (¬51) مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ والِإجْمَاعِ. وَاصلُهُ فِي اللغَةِ (¬52): مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الشَّيْءِ مِنْ أثرٍ، أوْ دمٍ، أَوْ رَائِحَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَكَذَا الدَّلِيلُ: الدَّالُّ (لِمَا يَدُلّ عَلَى الطرَّيقِ) (¬53) (وَقَدْ دَلَّهُ عَلَى الطرَّيقِ) (¬54) يَدُلَّهُ دِلَالَةً وَدَلَالَةً بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ - والْفَتْحُ أَعْلَى (¬55). قَوْلُهُ": مِنَ الْمَسَائِلِ الْمُشْكِلَةِ (¬56) " هِيَ: الْمُلْتَبِسَةُ، أشْكَلَ الشَّىْءُ، أَي: الْتَبَسَ، والشَّكْلُ- بالْفَتْحِ: الْمِثْلُ. والْجَمْعُ: أَشْكَالٌ وَشُكُولٌ (¬57)، يُقَالُ: هَذَا أشْكَلُ بِكَذَا، أَيْ: أشْبَهُ وَالْمُشْكِلُ: هُوَ الَّذِي يُشْبِهُ هَذَا مِنْ وَجْهٍ وَهَذَا مِنْ وَجْهٍ، فيشْكِلُ أمرُهُ وَيَلْتَبِسُ مَعْنَاهُ. قَوْلُهُ: "بِعلَلِهَا" هُوَ جَمعُ عِلَّةٍ وَهُوَ: أَنْ تَقِيسَ الْمَسْألةَ الَّتِى لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ وَلَا دَلِيل عَلَى مَا فِيهِ دَلِيل بِعِلَّةٍ تُؤَدى إلَى مُشَابَهَتِهِمَا. وَأَصلُهُ فِي اللُّغَةِ: أَنْ يَفْعَلَ الرجُلُ الْفِعْلَ، فيقَالُ لَهُ: لِمَ فَعَلْتَ؟ فَيَأُتى بعِلَّةٍ وَعُذْرٍ يُزِيلُ عَنْهُ اللَّوْمَ (¬58). يقَالُ فِيهِ: عِلَّةٌ وَتَعِلَّةٌ (¬59)، وَاشْتِقَاقُهَا مِنَ الْعَلِيلِ، وَهُوَ الْمَرِيضُ. قَالَ الْهَرَوِيُّ (¬60): وَقَدْ تُوْضَعُ الْعِلَّةُ مَوْضِعَ الْعُذْرِ. قَالَ عَاصِمٌ (¬61): ¬
مَا عِلَّتِى وَأنَا شَيْخٌ (¬62) نابِلْ (¬63) تَمَامُ البَيْتِ. . . . . . . . . . . . . . . . ... وَرُبَّ سِلَاحٍ عِنْدَ مَن لَّا يُقَاتِلْ (¬64) أىْ: مَا عُذْرى فِي تَرْكِ الْجِهَادِ؟. قَوْلُهُ: "أرغَبُ" (¬65) أيْ: أَطْلُبُ طَلَبَ رَغْبَةٍ، تَقُولُ: رَغِبْتُ فِي الشَّىْءِ: إِذ أردْتَهُ رَغْبَةً وَرَغَبًا بِالتَحْرِيكِ، وَرَغِبْتُ عَنِ الشَّىْءِ: إِذَا لَمْ تُرِدْهُ (¬66). قَوْلُهُ: "عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ" (¬67) أَصْلُ التَّوَكُّلِ: إظْهَارُ الْعَجْزِ وَالاعْتِمَادُ عَلَى غَيْركَ، وَالاسْمُ مِنْهُ: التُّكْلَانُ. وَاتَّكَلْتُ عَلَى فُلَانٍ فِي أمْرِى، إِذا (¬68): اعْتَمَدْتُهُ وَأصْلُهُ. أَوْ تَكَلَ، فَقُلِبَتِ الْواوُ يَاءً، لانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، ثُمَّ أُبْدِلَ مِنْهَا الثَّاءُ، وَادغِمَتْ فِي تَاءِ الافْتِعَالِ (¬69). قَوْلُهُ: "وَهُوَ حَسْبِى" (¬70) أَيْ: كَافِيَّ، يُقَالُ: حَسْبُكَ كَذَا، أَيْ: يَكْفِيكَ، وَأَحْسَبَنى الشَّىْءُ، أَيْ: كَفَانِي. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} أىْ: كَافيًا (¬71). ¬
من كتاب الطهارة
من كتاب الطهارة (¬1) (¬2) (قَوْلُهُ: "كِتَابُ الطَّهَارَةِ") (¬3) الطَّهَارَةُ: أَصْلُهَا: النَّظَافَةُ وَالنَّزَاهَةُ، يُقَالُ مِنْهُ: طَهَرَ الشَّىْءُ- بِالْفَتْح، وَطَهُرَ بِالضَّم، طَهَارَة فِيهِمَا (¬4). وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} (¬5) أيْ: يَتَنَزَهُونَ مِنَ الأدْنَاسِ (¬6)، قَالَ (¬7): ثِيَابُ بَنى عَوْفٍ طَهَارَي نَقِيَّةٌ ... وَأَوجُهُهُمْ بِيضُ الْمَسَافِرِ (¬8) غُرَّانُ قَوْلُهُ: "الوُضُوءُ" (¬9) مُشْتَقٌ مِنَ الْوَضَاءةِ، وَهِيَ: الْحُسْنُ وَالنَّظَافَةُ، يُقَالُ مِنْهُ: وَضُؤَ الرَّجُلُ (¬10)، أيْ: صَارَ وَضيئًا حَسَنًا، وَتَوَضَّأتُ لِلصَّلَاةِ (10) "بِالْمَاءِ بِالهَمْزِ) (¬11) وَلَا تَقُلْ: تَوَضَّيْتُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ (¬12). وَالْوَضُوءُ بِالْفَتْحِ: الْمَاءُ الَّذِي يُتَوَضَّأُّ بِهِ. وَالْوُضُوءُ- بِالضَّمَّ "الْمَصْدَرُ (¬13)، وَيُقَالُ لِلْمَصْدَرِ أَيضًا: الْوَضُوءُ مِثْلُ الوَلُوعِ وَالْقَبُولِ (¬14). قَالَ الْيَزِيديُّ (¬15): الوُضُوءُ بِالضَّمِّ الْمَصْدَرُ (¬16). وَقَالَ الأزْهَرِيُّ (¬17): الوُضُوءُ بِضَمِّ الْوَاوِ: لَا يُعْرَفُ وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي بَابِ التَّوَضُّؤِ. هَكَذَا ذَكَرهُ) (¬18). قَوْلُهُ: "يَجُوزُ رَفْعُ الْحَدَثِ" (¬19) أَصْلُ الْحَدَثِ فِي اللُّغَةِ: كَوْنُ مَا لَمْ يَكُنْ قَبْلُ (¬20). تَقُولُ: حَدَثَ الشَّىْءُ. أَيْ: (بَدَأ كَوْنُهُ وَظُهُورُهُ، وَالْحَدَثُ فِي الْفِقةِ) (¬21): مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. قَوْلُهُ: "إِزَالَةُ النَّجَسِ" يُقَالُ: نَجِسَ الشَّىْءُ- بِالْكَسْر يَنْجَسُ بِالْفَتْحِ نَجَسًا بِالتَّحْرِيكِ، فَهُوَ نَجِسٌ وَنَجَسٌ (¬22)، قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (¬23) وَأَظُنُّهُ مِثْلَ "مَرِيضٌ دَنَفٌ وَدَنِفٌ" (¬24) وَصْفٌ ¬
بِالْمَصْدَرِ. وَيُقَالُ أَيضًا: نَجَسَ بِالْفَتْحِ يَنْجُسُ بِالضَّمِّ (¬25). وَقَدْ غَايَرَ الشَّيْخُ -رَحِمَهُ اللهُ- بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، بِقَوْلِهِ: "يَجُوزُ رَفْعُ الْحَدَثِ وإزَالَةُ النَّجسِ" فَقَالَ فِي الْحَدَثِ: رَفْعُ؛ لِأنَّهُ حُكْمٌ لَا عَيْنٌ، فَيَرْتَفِعُ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِالطَّهَارَةِ. وَالنَّجَاسَةُ: عَيْنٌ، فَعَبَّرَ عَنْهَا بِالإزالَةِ، حَتَّى لَا تُرَى عَيْنُهَا حِينَ يُزِيلُهَا الْمَاءُ. قَوْلُهُ: "بِالْمَاءِ المُطْلَقِ" هُوَ ضِدُّ الْمُقَيَّدِ؛ لِأن الْمُطْلَقَ: هُوَ مَا لَمْ يُقَيَّدْ بِصِفَةٍ تَمْنَعُهُ (¬26) أنْ يَتَعَدَّاهَا إِلَى غَيْرِهَا. وَاصلُهُ: الْبَعِيرُ يُطْلَقُ مِنَ الْقَيْدِ، وَالْأسِيرُ يُطْلَقُ مِنَ الْحَبْسِ وَالوِثَاقِ (¬27). قَالَ أَصْحَابُنَا (¬28): الْمَاءُ الْمُطْلَقُ: هُوَ مَا لَم يُضَفْ إِلَى مَا استخْرِجَ مِنْهُ، وَلَا خَالَطَهُ مَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ، وَلَا اسْتُعْمِلَ فِي رَفْعِ حَدَثٍ وَلَا نَجَس. وَالْمُقَيَّدُ: هُوَ الَّذي فِيهِ إحْدَى هَذِهِ الصِّفَاتِ كَمَاءِ الْوَرْدِ، وَالْمَاءِ الَّذِي اعْتُصِرَ مِنَ الشَّجَرِ، وَمَاءِ البَاقِلَّى (¬29) هَذَا مُضَافٌ إلَى مَا استخْرِجَ مِنْهُ، والَّذِي خَالَطَهُ مَا يُسْتَغنَى عَنْهُ. كَالطُّحْلُبِ وَالزَّعْفَرَانِ، وَالمِلْحِ الْجَبَلىِّ، وَالْمَاءِ المُسْتَعْمَلِ، فَكَأنَّ هَذِهِ الصَّفَاتِ قَيَّدَتْهُ عَلَى مَعْنَاهُ فَلَمْ تَتَجَاوَزْهَا إلَى غَيْرِهَا. وَالْمُطْلَقُ يُقَالُ فِيهِ: مَاءٌ لَا غَيْرٌ، فيطْلَقُ عَنِ الصفَاتِ وَالِإضَافَاتِ. قَوُلُهُ: "نَبَع مِنَ الأَرْضِ" (¬30) يُقَالُ: نَبَعَ الْمَاءُ يَنْبَعُ ويَنْبُعُ، ويَنْبَعُ أَيْ: خَرَجَ. ثَلاَثُ (¬31) لُغَاتٍ. واليَنْبُوعُ: عَيْنُ الْمَاءِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى {حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} (¬32). قَوْلُهُ: "الْبَرَدُ " (¬33) قَالَ الْهَرَوِيُّ (¬34): يُقَالُ: إِنَّمَا سُمِّىَ بَرَدًا، لِأنَّهُ يَبْرُدُ وَجْهَ الأرْضِ، أَي: يَقْشِرُ (¬35). قَوْلُهُ: "مَاءُ الْآبَارِ" (¬36) هُوَ جَمعُ بِئْرٍ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ بَأَرَ، أَيْ: حَفَرَ. وَالبُؤْرَةُ: الحُفْرَةُ. والْبَئِيرَةُ: الذَّخِيرَةُ (¬37). وَفِي الْحَدِيثِ: "أَنَّ رَجُلًا آتَاهُ الله مَالًا فَلَمْ يَبْتَئِر خَيْرًا" (¬38) أَيْ: لَمْ يَدَّخِرْ. وَفِيهِ لُغَتَانِ: أَبْآرٌ: بِسُكُونِ الْبَاءِ وَهَمَزَةٍ قَبْلَهَا مَقْصُورةٍ، وَهَمْزَةٍ (بَعْدَ الْبَاء وَأَلفٍ) (¬39) بَعْدَهَا مَمْدُودَةٍ. (وَآبَارٌ: بِأَلِفٍ مَمْدُودةٍ) (39) وَفَتْحِ البَاءِ وَأَلفٍ بَعْدَهَا (¬40) مِثْلُ: رِئْمٍ وَأَرْآمٍ وَأَرَآمٍ، وَيُجْمَعُ فِي الْكَثِيرِ (¬41) بِئَار، عَلَى فِعَاَلٍ (¬42). قَوْلُهُ (¬43) [تعالى]: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} (¬44) وَسُئِلَ (النَّبِيُّ) (¬45) صَلَّى الله عَلَيْهِ ¬
وَسَلَّمَ عَنِ البَحْرِ، فَقَالَ: "هُوَ الطهُورُ مَاؤُهُ الحِلُّ مَيْتَتُهُ" (¬46). الطهُورُ- بِالْفَتْحِ: (¬47) هُوَ اسْم لِمَا يَتَطَهَّرُ بِهِ، كَالسَّحُورِ: اسْمٌ لِمَا يُتَسَحَّرُ بهِ، وَالْفَطُورِ: اسْمٌ (¬48) لِمَا يُفْطَرُ- عَلَيْهِ (مِنَ الْمَأْكُولِ) (45) وَالْوَقُودُ لِمَا يُوقَدُ (¬49). وَالطهُورُ- بِالضَّمِّ: الْمَصْدَرُ بِمَعْنَى التَّطهُّرِ، كَقَوْلِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَقْبَلُ الله صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ " (¬50) أىْ: بِغَيْرِ تَطهُّرٍ. وَ "الْمَاءُ طَهُورٌ" (¬51) أىْ: مُطَهِّر لِغَيْرِهِ، طَاهِرٌ فِي نَفْسِهِ، بِخِلافِ الْمَاءِ الطَّاهِرِ فَإنَّهُ لَا يَدُل عَلَى أَنَّهُ مُطهِّرٌ لِغَيْرِهِ، بَلْ هُوَ طَاهِر فِي نَفْسِهِ، كَمَاءِ الْوَرْدِ طَاهِرٍ لَيْسَ بِطهُورٍ. وَقَالَ أصْحَابُ أبي حَنِيفَةَ: الْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ، وَهَذَا خَطَأٌ (¬52)؛ لِأنَّ النَّبِيَّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْبَحْرِ، فَقَالَ: "هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ" أَيْ: الْمُطهِّرُ: فَالسَّائِلُ يُرِيدُ: أيُطهِّرُ الْبَحْرُ؟ وَلَمْ يَسْأَلهُ عَنْ طَهَارَتِهِ فِي نَفْسِهِ. وَقَوْلُهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الحِلُّ مَيْتَتُهُ" يُقَالُ: حَلَّ لَكَ الشَّىْءُ حِلَّا وَحَلَالَا وَهُوَ حِلٌّ (¬53) بِلٌّ، أىْ: طِلْقٌ (¬54). وَالحِلُّ وَالحَلَالُ: وَاحِدٌ. وَالْمَيْتَةُ- بِالْفَتْحِ: مَا لَمْ تَلْحَقْهُ الذَّكَاةُ. وَالمِيتَةُ- بِالْكَسْرِ: الْهَيْئَةُ كَالجِلْسَةِ والرِّكْبَةِ، يُقَالُ: مَاتَ فُلَان مِيتَةً حَسَنَةً. قَوْلُهُ: "تَوَضَّأَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ" يُرْوَى بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا (¬55). وَقِيل: هُوَ اسْمُ رَجُلٍ كَافِرٍ. وَقِيلَ: اسْمُ امْرَأَةٍ. وَقِيلَ: مَوْضِعٌ فِيهِ نَخْلٌ (¬56). قَوْلُهُ (¬57): "وَقَدْ سَخُّنَتْ مَاءً بِالشَّمْسِ" تَسْخِينُ الْمَاءِ وَإِسْخَانُه بِمَعْنَىً، وَهُوَ إحْمَاؤُهُ. وَسَخَنَ الْمَاءُ وَسَخُنَ وَسَخِنَ (¬58)، والسُّخنُ بالضَّمِّ: الْحَارُّ. قَالَ ابْنُ الْأعْرَابِيِّ: مَاء مُسْخَن وَسَخِينٌ بِمَعْنَىً، كَقَوْلِهِ (¬59): مُشَعْشَعَةً كَأَنَّ الْحُصَّ فِيهَا ... إِذَا مَا الْمَأءُ خَالَطهَا سَخِينَا (وَقِيلَ: هُوَ مِنَ السَّخَاءِ) (¬60). قَوْلُهُ لِعَائِشَةَ، رَضيَ الله عَنْهَا: "يَا حُمَيْرَاءُ" (¬61) أَرادَ: يَا بَيْضَاءُ (¬62). قَصَدَ بِهِ: التَّقْرِيبَ إِلَى النّفْس، وَالْمَحَبَّةَ، لَا الْتَحْقِيرَ وَالْتَقْلِيلَ بِالْخَساسَةِ وَالْأرْذَالِ (¬63). وَالْعَرَبُ إذَا أحَبَّتْ شَيْئًا: صَغرَتْهُ، كَقَوْلِهِمْ: يَا بُنَيَّ، وَيَا أُخَيَّ. ¬
قَوْلُهُ: "يُورِثُ البَرَصَ" أيْ يكُونُ عَاقِبَتَهُ: الْبَرَصُ، كَمَا يَكُونُ عَاقِبَةَ أمْرِ الإِنْسَانِ: الإِرْثُ. قَوْلُهُ: "وَمَا سِوَى المَاءِ الْمطْلَقِ مِنَ الْمَائِعَاتِ" (¬64) هُوَ جَمْعُ مَائِعَةٍ يُقَالُ: مَاعَ الْجَامِدُ (¬65) يَمِيعُ: إِذَا ذَابَ، وَمَاعَ الشَّىْءُ أيْضًا: إذَا جَرَى عَلَّى وَجْهِ الْأرْض (¬66). قَوْلُهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْر الصِّدِّيقِ (¬67)، رَضيَ الله عَنْهُمَا (¬68)، فِي دَمِ الْحَيْضِ: "حُتيهِ ثُمَّ اقْرُضِيهِ" (¬69). الحَتُّ: إزَالَةُ عَيْنِ (¬70) النَّجَاسَةِ بِالإِصْبَعِ، أوْ والْخَشَبَةِ، أو سِوَى ذَلِكَ؛ وَهُوَ: حَكُّهَا وَقَشْرُهَا (حَتَّى تَزُولَ عَيْنُهَا) (¬71) وَتَحَاتَّ الشَّىءُ (¬72): إذَا تَنَاثَرَ. وَحُتَاتُ كُلَّ شَىْء: مَا تَحَاتَّ مِنْهُ، أيْ: تَنَاثَرَ (كُحُتَاتِ الْوَرَقِ مِنَ الشَّجَرِ) (71) وَالْقَرْصُ: يَكُونُ (فَرْكُ الشَّىْءِ) (¬73) بَيْنَ الإصْبَعَيْنِ. وَقَدْ قَرَصَهُ يَقْرُصُهُ بِالضَّمِّ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬74): مَعْنَاهُ: اغْسِلِيهِ بِأَطْرَافِ أصَابِعِكِ. وَيُرْوَى: "قَرْصيه" بِالتَّشْدِيد (¬75) وَقَالَ (¬76) الزمَخْشَرِيُّ (¬77): القَرْصُ: الْقَبْضُ عَلَى الشَّىْءِ بِأطْرَافِ الأصَابِعِ مَعَ نَتْر. . . . . . . وَالدَّمُ وَغَيْرُهُ إِذا قُرِصَ: كَانَ أَذْهَبَ لِلأثَرِ مِنْ أنْ يُغْسَلَ بِالْيَدِ كُلِّهَا. وَقَالَ أبُو عُبَيْدٍ (¬78): أيْ قَطعِيهِ بِهِ. وَهَذَا إنمَا (¬79) يُتَصَوَّرُ فِي الْيَابِس، أعْنى: الْحَتَ وَالْقَرْصَ؛ لِأَّنهُ قَالَ: "ثُم اغْسِلِيهِ بِالْمَاءِ" أرَادَ: بَعْدَ الحَتِّ وَالْقَرْص، وَلَا تَأثِيرَ لِذَلِكَ فِي الرَّطْبِ. قَالَ الْهَرَوِي (¬80): وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ آخر: "حُتِّيهِ وَلَوْ بِضِلَعٍ" أيْ: حُكِّيهِ وَلَوْ بِعَظْمٍ. قَوْلُهُ: "لَا يُمْكِنُ صَوْنُ الْمَاءِ عَنْهُ" (¬81) أَيْ: حِفْظُهُ وَصِيَانتهُ، وَأصْلُهُ: الْقِيَامُ عَلَى الشَّىءِ، وَمَنْعُهُ مِنَ الأقْذَارِ وَالتَّلَفِ. قَوْلُهُ: "وَالطُّحْلبُ إذا أُخِذَ" (¬82) هُوَ مَا يَعْلُو الْمَاءَ الآجِنَ (¬83) الْمُقِيمَ مِنَ الْخُضْرَةِ يَكُونُ (¬84) فَوْقَهُ كَالْخِرَقِ، وَقَدْ يَكُونُ فِي جَنَبَاتِ الْمَاءِ الجارِى، يُقالُ فِيهِ: طُحْلُبْ وَطُحْلَبٌ، كَجُنْدُبٍ وَجُنْدَبٍ (¬85). قَوْلُهُ: "كَمَاءِ اللَّحْمِ وَمَاءِ البَاقِلاءِ" (¬86) هُوَ المَرَقُ الَّذِى يُسْتَخْرَجُ مِنَ اللَّحْمِ عِنْدَ الطَّبْخِ، مُشْتَقٌ مِنَ المُرُوقِ وَهُوَ الخُرُوجُ، وَمِنْهُ: السَّهْمُ الْمَارِقُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الرَمِيَّةِ وَيَنْفُذُ فِيهَا، والْمَارِقُ: الَّذِي خَرَجَ منَ الدِّينِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرمِيَّةِ" (¬87) وَالرَمِيَّةُ: فَعِيلَةٌ مِنَ الرَّمْيَ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، أيْ: مَرْمِيَّةٍ. ¬
وَالبَاقِلَاءُ يُخَفَّفُ فَيُمْدُّ، وَيُشَدَّدُ فيقْصَرُ (¬88)، وَمَاؤُهُ: مَا يَخْرُجُ مِنهُ عِنْدَ طَبْخِهِ أو عَصْرِهِ. قَوْلُهُ: "يُدْرِكُهَا الطَّرْفُ" (¬89) أرَادَ النَّاظِرَ، أيْ: يُدْرِكُهَا الِإنْسَانُ بِنَظَرِهٍ وَيُبْصِرُهَا بِعَيْنِهِ، وَالطَّرْفُ: الْعَيْنُ، وَلَا يُجْمَعُ؛ لِأنَّهُ فِي الأصْلِ مَصْدَر، وَيَكُونُ وَاحِدًا، وَيَكُونُ جَمَاعَةً، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} (¬90). قَوْلُهُ "نَفْسٌ سَائِلَة" النَّفْسُ هَا هُنَا: الدَّمُ، يُقَالُ: سَالَت نَفْسُهُ، أيْ: دَمُهُ (¬91)، وَيُقَالُ: نَفِسَتِ المْرأةُ: إذَا حَاضَتْ، بِفَتْحِ النُّونِ (¬92)، أيْ: سَالَ دَمُهَا، فَهِيَ نَافِسٌ. وَنُفِسَتْ بِضَم النُّونِ (¬93)، فَهِيَ نُفَسَاءُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ: إِذَا وَلَدَتْ. وَسَائِلَةٌ (¬94)، أَيْ: جَارِيَة، مِنْ سَالَ الْمَاءُ: إِذَا جَرَى. وَسُمِّيَتِ الْوِلَادةُ نِفَاسًا، لِأنَّهُ يَصْحَبُهَا خُرُوج النَّفْسِ، وَهُوَ: الدَّمُ. وَالْوَلَدُ: مَنْفُوسٌ (¬95). قَوْلُهُ (¬96): "إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ فَإنَّهُ لَا يَحْمِلُ الْخَبَثَ" قَالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬97): الْقُلَّةُ إِنَاءٌ لِلْعَرَبِ (¬98)، كَالْجَرةِ الْكَبِيرَةِ، وَقَدْ تُجْمَعُ عَلَىْ قُلَلٍ، قَالَ (¬99): وَظَلِلْنَا (¬100) بِنِعْمَةٍ وَاتَّكَأْنَا ... وَشَرِبْنَا الْحَلَالَ مِنْ قُلَلِهِ وَقِلَالُ هَجَرَ شَبِيهَةٌ (¬101) بِالحِبَابِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ (¬102) فِي الحديث: يَعْني هَذِهِ الحِبَابَ العِظَامَ: جَمْعُ حُبٌّ (¬103)، يُقَالُ لواحدَتهَا (¬104) قُلُّةٌ، وَهيَ مَعْرُوفَة بالححَاز، وَالْجَمْعُ: قلَالْ. وَمنْهُ الْحَديث، وَذَكَرَ نَبِقَ الْجَنَّةِ فَقَالَ: مِثْل قِلَالِ هَجَرَ" (¬105) - قَالَ (¬106): وَمُكَدَّمٍ فِي عَانَةٍ قَدْ كَدَّحَتْ ... مَتْنَيْهِ حَمْلُ حَنَايِم وَقِلَالَ (¬107) (وَهَجَرُ: قَرْيَةٌ قَرِيبَةٌ مِنَ الْمَدِينَةِ (¬108)، تَأَخُذُ الْقُلَّةُ مِنْ قِلَالِهَا مَزَادةً) (¬109) سُميَتْ بهَا؛ لِأنَّها تُقَل، أيْ: تُرفعُ. يُقَالُ: أقَل الشَّىْءَ إِقْلَالًا: إذَا حَمَلَهُ وَرَفَعَهُ. وَقِيلَ (¬110) هِيَ: قَامَةُ الرَّجُلِ، مَأخُوذَة مِنْ قُلَّةِ ¬
الرَّأْس (¬111). وَذَكَرَ فِي الشَّامِلِ (¬112)، أنَّ قِلَالَ هَجَرَ تُعْمَلُ بِالْمَدِينَةِ، وَهَجَرُ الَّذِى تُنْسَبُ إلَيْهِ: مَوْضِعْ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ، لَيْسَ بِهَجَرِ البَحْرَيْنِ، وإنَّمَا نُسِبَتْ إِلَى هَجَرَ؛ لِأنَّ ابْتِدَاءَ عَمَلِهَا كَانَ بِهَجَرَ، ثُم عُمِلَتْ بِالمَدِينَةِ. هَكَذَا ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: "لَا يْحْمِلُ الْخَبثَ" أيْ: لَا يَقْبَلُ حُكْمَهُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا} (¬113) أيْ: كُلِّفُوا أحْكَامَهَا، فَلَمْ يَقْبَلُوهَا. وَالْخَبَثُ- هَا هُنَا: النَّجَسُ. وَالْخَبِيثُ فِي اللُّغَةِ: كُلُّ مُسْتَقْذَرٍ، وَمَكْرُوهٍ، مِنْ جسْمٍ أو فِعْلٍ أوْ قَوْلٍ، كَالْغَائِطِ وَالبَوْلِ وَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ. وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "الْكَلْبُ خَبيثٌ خَبِيث ثَمَنُه ". قَوْلُهُ: "رِطْلٌ" (¬114) الرَّطْلُ: نِصْف مَنا (¬115). يُقَالُ بِكَسْرِ الراءِ وَبِفَتْحِهَا (¬116)، وَهُوَ أَيْضًا: عَشْرُ أَواقِيَّ (¬117). قَؤْلُهُ: "احتياطًا" (¬118) يُقَالُ: احْتَاطَ الرجُلُ لِنَفْسِهِ، أَيْ: أخَذَ بِالثِّقَةِ، وَأَصْلُهُ: مِنْ حَاطَهُ يَحُوطُهُ: إذَا كَلاهُ وَرَعَاهُ. وَاحاطَتْ بِهِ الْخَيْلُ، أَيْ: أَحدَقَتْ بِهِ (¬119). قَوْلُهُ: "لا يُمْكنَ الاحْتِرَازُ مِنْهَا" (¬120) أي: التَّحَفُّظُ، وَأصْلُهُ: مِنَ الحِرْزِ الَّذِي يَمْنَعُ وُصُولَ مَا يُكْرَهُ. قَوْلُهُ: "كَغُبَارِ السِّرْجِين" بِالكَسْرِ، فَارِسيٌّ مُعَرَّبٌ (¬121)، وَيُقَالُ: "سِرْقِين" بالْقَافِ أَيْضًا (¬122). وَهُوَ مَا يُخْرِجُهُ ذَوَاتُ الْحَافِرِ (¬123). قَوْلُهُ: "حُكْمُ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ" (¬124) قَالَ فِي الفَائِقِ (¬125) مَا فِي مَعْنَاهُ (¬126): بَاقِي النَّجَاسَاتِ، اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ سَأرَ، إذَا بَقَّى، وَهَذَا مِمَّا تَغْلَطُ فِيهِ الْخَاصَّةُ، فَتَضَعُهُ مَوْضِعَ الْجَمِيعِ (¬127). قَوْلُهُ: "فِي الْحَدِيثِ" (¬128): "إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إنَاءِ أحَدِكُمْ فَامْقْلُوهُ" (¬129) يَعْني: فَاغمِسُوهُ فِي الطَّعَام أو الشرَّاَب. (وَالْمَقْلُ: الْغَمْسُ) (¬130). (يُقَالُ: مَقَلْتُ الشَّىْءَ: غَمَرتُهُ) (¬131) [وَ] يُقَالُ لِلرجُلَيْنِ إذَا تَغَاطَّا فِي الْمَاءِ: هُمَا يَتَمَاقَلَانِ (¬132) وَيُقَالُ: مَقَلَ يَمْقُل: إذَا غَاص فِى المَاءِ (وَقَدْ مَقَلْتُهُ لَازِمٌ ¬
وَمُتَعَدٍّ" (130) وَمِنْهُ قِيلَ لِلْحَجَرِ الَّذِي يُقْسَمُ عَلَيْهِ الْمَاءُ فِي السَّفَرِ إذَا قَلَّ: الْمَقْلَةُ (¬133)، (وَقَدْ يُقَالُ لِجَرْعَةِ الْمَاء (¬134) قَالَ الفَرَزْدَقُ: وَلَمَّا تَمَاقَلْنَا الإِدَاوَةَ أَجْهَشَتْ ... إِلَىَّ عُيُونُ الْعَنْبَرِيِّ الْجُرَاضِمِ وَسُمىَ الذُّبَابُ ذُبَابًا، لِأنَّهُ كُلَّمَا ذُبَّ [آبَ، كُلَّمَا ذُبَّ] لِاسْتِقْذَارِهِ: آبَ لِاسْتِكْبَارِهِ. قَوْلُهُ: "تُرَابٌ (¬135) أَوْجَصٌ" (¬136) بِفَتْحِ الجِيمِ وَكَسْرِهَا (¬137): هُوَ حِجَارَةٌ بِيضٌ تُحْرَقُ بِالنَّارِ (¬138)، ويُصَب عَلَيْهَا المَاءُ، فَيَصِيرُ طَحِينًا يُطْلَى بِهِ البِنَاءُ كَالنُّورَةِ، وَهُوَ مُعَربٌ (139). قَوْلُهُ: "حَتى غَمَرَ النَّجَاسَةَ" (¬139) أَيْ: عَلَاهَا، لِكَثرتِهِ. قَالَ الْجوْهَرِيُّ (¬140): الْغَمْرُ: الْمَاءُ الْكَثِيرُ، وَقَدْ غَمَرَهُ الْمَاءُ يَغْمُرُهُ: إذَا عَلَاهُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ: قَدْ غَمَرَهُ الْقَوْمُ: إذَا عَلَوْهُ شَرَفًا. قَوْلُهُ: "كَالْمَيْتَةِ وَالجِرْيَةِ الْمُتَغَيِّرةِ" (¬141) قَالَ فِي الشَّامِلِ (¬142): الْجِرْيَةُ: هِيَ مَا بَيْنَ حَافَتَي النَّهْرِ عَرْضًا، عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا. وَالْمَعْنَى: أنَّهَا الْقِطْعَةُ الَّتِى تَجْري مِنَ الْمَاءِ، مَأخُوذَةٌ مِنَ الْجَرىِ (¬143)، فَالْجِرْيَةُ بِالْكسْرِ كَالْكِسْرَةِ مِنَ الْخُبْزِ، وَالْفِلْذَةِ مِنَ اللَّحْمِ، مَأخُوَذَةٌ مِنَ وَالْكَسْرِ وَالْفَلْذِ (¬144). قَوْلُهُ: "وَالرَّاكِدُ" (¬145) هُوَ الدَّائِمُ السَّاكِنُ الَّذِي لَا يَجْرِى، يُقَالُ: رَكَدَ الْمَاءُ رُكُودًا: إذَا دَامَ وَسَكَنَ (¬146). قَوْلُهُ: "زَائلٌ عَنْ سَمْتِ الجَرْىِ" أيْ: عَنْ طَرِيِقهِ، قَالَ أبُو عُبَيْدٍ: السَّمْتُ يَكُونُ فِي مَعْنَيَيْنِ أحَدُهُمَا: حُسْنُ الْهَيْئَةِ وَالْمَنْظَرِ فِي الدِّينِ، وَلَيْسَ مِنَ الْجَمَالِ، وَلَكِنْ هَيْئَةِ أَهلِ الْخَيْرِ وَمَنْظَرِهِمْ. وَالْوَجْهُ (¬147) الآخَرُ: السَّمْتُ: الطرِيقُ، يُقَالُ: الْزَمْ هَذَا السَّمْتَ (¬148). وَفُلَان حَسَنُ السَّمْتِ (¬149). قَوْلُهُ: "وَالتَّحَرِّى فِيهِ" (¬150) التَحَرِّى: طَلَبُ الأحْرَى مِنَ الْأمْرِ، أيْ: الْأغْلَبِ الَّذِي يَنتَهِي الَيْهِ حَدُّ الطَّلَب، يُقَالُ: تَحَرَّيْتُ فِي الأمْرِ: إذَا جْتَهَدْتَ فِي طَلَبِ مَا يَثْبُتُ عِنْدَكَ حَقِيقَتُهُ (¬151). وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} (¬152) قَالَ الهَرَوِي: أَيْ قَصَدُوا طَرِيقَ الْحَقِّ وَاجْتَهَدُوا فِي طَلَبِهِ (¬153). ¬
قَوْلُهُ: "بِطُولِ (¬154) الْمُكْثِ" المُكْثُ بِالضَّمِّ: الاسْمُ مِنَ المَكْثِ. مَصْدَرٌ ذَكَرَهُ فِي دِيوَانِ الأدَبِ (¬155) قَالَ الله تَعَالَى: {لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} (¬156) وَهُوَ اللُّبْثُ والانْتِظَارُ. وَقَدْ مَكَثَ وَمَكُثَ. وَقَدْ قُرِءَ بِهِمَا (¬157) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ} (¬158) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالاسْمُ: المكْثُ وَالمِكْثُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا. وَتَمَكَّثَ تَلْبَّثَ (¬159) (¬160). قَوْلُهُ فِي الهِرَّةِ (¬161): "فَعُفِىَ عَنْهَاَ" أصْلَ الْعَفْوِ: الْمَحْوُ، يُقَالُ: عَفَا الأثر، أَي: امَّحَى (وَذَهَبَ. وَعَفَا الرَّبْعُ: امَّحَى) (¬162) رَسْمُهُ وَدَرَسَ (¬163). فَكَاَّنهُ مُحِىَ (¬164) عَنْهُ الذَّنْبُ، وَلَم يُكْتَبْ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: "إِنَّهَا مِنَ الطوَّافِينَ عَلَيْكُمْ أَو الطَّوُّافَاتُ" (¬165) قَالَ أَبُو الْهَيْثَمِ (¬166): الطَّائِفُ: الْخَادِمُ الَّذِي يَخْدُمُكَ بِرِفْقٍ وَعِنَايْة وَجَمْعُهُ: "الطوَّافُّونَ". وَقَوْلُهُ: "أَوِ الطَّوَّافَاتُ" (¬167) شَكَّ فِيهِ الرَّاوِى. وَهُوَ مَأَخُوذٌ مِنَ الطوَافِ حَوْلَ الشَّىْءِ والترَّدُّدِ إلَيْهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} (¬168). قَوْلُهُ: الْكَلْبُ وَلَغَ" (¬169) يُقَالُ: وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الإنَاءِ يَلَغُ وُلُوغًا (¬170): إذَا شَرِبَ فِيهِ بِأَطْرَافِ لِسَانِهِ (¬171)، وَيُولَغُ: إذَا أَوْلَغَهُ صَاحِبُهُ، وَالإنَاءُ مِيلَغٌ (¬172). قَوْلُهُ: "أمَارَاتُهُ تَتَعَلَّقُ بِالْبَصَرِ" (¬173) أَيْ: عَلَامَاتُهُ (¬174)، وَالأمَارَةُ: الْعَلَامَةُ، وَتَكُونُ الْوَقْتَ (¬175) أَيْضًا. قَوْلُهُ: "لَا يُقَلِّدُ" (¬176) التَّقْلِيدُ: أَصْلُهُ مِنَ الْقِلادةِ الَّتِي تَكُونُ فِي العُنُقِ، كَأنهُ يَجْعَلُ ذَلِكَ الأمْرَ كَالْقِلَادة فِي عُنُقِهِ يَتَحَملُ مَأْثَمَهُ (¬177). ¬
ومن باب الآنية
ومن باب الآنية (¬1) قَوْلُهُ: "وَمِنْ بَابِ الآنِيَةِ" (¬2) الآنِيَةُ: جَمْعُ إنَاءٍ، عَلَى أفْعِلَةٍ، مِثْلُ كِسَاءٍ وأَكْسِيَةٍ، وأَصْلُهُ: أَأْنِيَة، بِهَمْزَتَيْنِ، فَليِّنَتِ (¬3) الثَّانِيَةُ، فَجُعِمِتْ أَلِفًا، وَمُدَّ قَبْلَها مَدَّةٌ. • قَوْلُهُ: "مَاعَدَا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ" (¬4) عَدَاهُ الشَّىْءُ، أيْ: جَاوَزَهُ، وَعَدْوَى (¬5) الْجَرَبِ مَأخُوذ مِنْهُ؛ لِأنَّ الجَرَبَ عِنْدَهُمْ يُعْدى، أيْ: يَصِيرُ عَادِيًا، أيْ: مُتَجَاوِزًا (¬6) مِنَ الأجْرَبِ إلَى الصحِيحِ الَّذِى لَا جَرَبَ بِهِ (¬7). • قَوْلُهُ: "أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهَرَ" (¬8) الإِهَابُ: الجِلْدُ. (سُمِّىَ إِهَابًا) (¬9) مَا لَمْ يُدْبَغْ. وَجَمْعُهُ: أُهُبْ بِضَمِّ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا (¬10). وَيُقَالُ فِي وَاحِدَهِ أَيْضًا: أُهيِبٌ، وَيُجْمَعُ عَلَى أهَبٍ- بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ والْهَاءِ، كَأَدِيمٍ وَأَدَمٍ (¬11). قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي كِتَابِهِ "الفَائِقِ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ" (¬12): قِيلَ: لأنَّهُ أهْبَةٌ للْحَىَّ وَبِنَاء لِلْحِمَايَةِ [لَهُ] عَلَى جَسَدِهِ، كَمَا قِيلَ لَهُ الْمَسْكُ؛ لإمْسَاكِهِ. • قَوْلُهُ: "كَالْشَّثِّ وَالْقَرَظِ" (¬13) الشَّثُّ: بِالثَّاءِ بِثَلَاثِ نُقَطٍ: شَجَرٌ مَعْرُوف، يَكُونُ فِي الْجِبَالِ مُرُّ الطَّعْمِ (¬14) (قَالَهُ ابْنُ سِيدَه) (¬15). • وَقَالَ القُتَيْبِيُّ (¬16): الشَّثُّ: نَبْتٌ يَنْبُتُ بِتِهَامَةَ مِنْ شَجَرِ الْجِبَالِ، قَالَ تَأَبَّطَ شَرًّا (¬17). كَأْنَّمَا حَثْحَثُوا حُصًّا قَوَادِمُهُ ... أَوَ أُمَّ خِشْفٍ بِذِى شَثٍّ وطُبَّاقِ الطُبَّاقُ: شَجَرٌ يَنْبُتُ بِالحِجَازِ (¬18). وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الشَّبُّ بالْبَاءِ (¬19) بِنُقْطَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ تَحْتِ. وَلَيْسَ بِشَىْء، وَهُوَ الَّذِى يَسْتَعْمِلُهُ الأسَاكِفَةُ، وَالصَّبَّاغُونَ. قَالَ الأزْهَريُّ (¬20): السَّمَاعُ فِيهِ بِالْبَاءِ، وَقَدْ صَحَّفَهُ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ: "الشَّثُّ" ¬
وَالشَّثُّ: شَجَر مُرُّ الطَّعْمِ، لَا أدْرِي أيُدْبَغُ بِهِ أمُ لَا. انتهَى كَلَامُهُ. وَامَّا الْقَرَظُ، فَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬21): الْقَرَظُ: وَرَقُ السَّلَمِ يُدْبَغُ بِهِ، يُقَالُ: أدِيمٌ مَقْرُوظٌ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ: شَجَر بِعَيْنِهِ مَعْرُوفٌ، وَلَيْسَ بِالسَّلَمِ وَلَا وَرِقِهِ (¬22). قَالَ الْحَارِثُ بِنْ حِلِّزَةَ (¬23): حَوْلَ قَيْسٍ مُسْتَلْئِمِينَ بِكَبْشٍ ... قُرَظِيٌّ كَأَنَّهُ عَبْلَاءُ (¬24) قَالُوا: الْكَبْشُ الْقُرَظِيُّ: مَنْسُوبٌ إلَى بِلَادِ الْقَرَظِ (¬25)، (وَسَافَرَ إلَى بِلَادِ الْقَرَظِ) (¬26) وَهِيَ الْيَمَنُ (¬27)، لأنهَا مَنَابِتُ الْقَرَظِ (وَقَالُوا (¬28): ثَوْب مُقَرظ، كَأنَّهُ مِنْ الْقَرَظَ) (26). قَوْلُهُ: "لِلسَّرَفَ وَالْخُيَلَاءِ" (¬29) السَّرَفَ: التَّبْذِيرُ وإِنْفَاقُ الْمَالِ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ (¬30)، وَتَرْكُ الْقَصْدِ فِي النَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا. وَالْخُيَلَاءُ: الكِبْرُ وَالإعْجَابُ، يُقَالُ مِنْهُ (¬31): أخْتَالَ فَهُوَ فُو خُيَلَاءَ وَهُو خَالٍ (¬32) وَذُو مَخِيلَةٍ أَيْ: ذُ كِبْرٍ (¬33). قَوْلُهُ: "إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي جَوْفِهِ نَارَ جَهَنَّمَ" (¬34) قَالَ الزَّجَّاجُ: أيْ يُرَدِّدُهُ (¬35) فِي جَوْفِهِ، وَقَالَ الْهَرَوِي (¬36): سَمِعْتُ الْأزْهَرِيَّ يَقُولُ: أرَادَ بِقَوْلِهِ "يُجَرْجِرُ" أيْ يَحْدُرُ وَيُلْقِى فِيِهِ نَارَ جَهَنَّمَ، فَجَعَلَ الشرَّاَبَ (¬37) وَالْجَرْعَ جَرْجَرَة. وَهُوَ: صَوْتُ الْمَاءِ فِي الْجَوْفِ (¬38)، وَقِيلَ: التجَرْجُرُ وَالْجَرْجَرةُ [صَبُّ] (¬39) الْمَاءِ فِي الْحَلْقِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬40): الْجَرْجَرَةُ: صَوْت يُرَدِّدُهُ الْبَعِيرُ فِي حَنْجَرَتِهِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ (¬41): هُوَ مِنْ جَرْجَرَ الْفحْلُ: إذَا رَدَّدَ الصَّوْتَ فِي حَنْجَرَتِهِ. قَالَ الْأغْلَبُ (¬42) الْعِجْلِيُّ (¬43): وَهُوَ إِذَا جَرْجَرَ بَعْدَ الْهَبِّ جَرْجَرَ فِي حَنْجَرَةٍ كَالْحُبِّ وَهَامَةٍ كَالْمِرْجَلِ المُنْكَبِّ (¬44) ¬
وَفِي إعْرَابِهِ وَجْهَان: "نَارُ جَهَنَّمَ" وَ "نَارَ جَهَنَّمَ" (¬45) بِالرفْعِ وَالنَّصب، فَمَنْ رَفَعَ: جَعَلَ الفِعْلَ لِلنَّارِ، أَيْ: تَنْصَبُّ نَارُ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِهِ. وَمَنْ نَصَبَ جَعَلَ الْفِعْلَ لِلشَّارِبِ، أيْ: يَصُبُّ الشَّارِبُ نَارَ جَهَنَّمَ، وَالنَّصْبُ أَجْوَدُ (¬46)، قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} (¬47). قَوْلُهُ: "كالطُّنْبُورِ وَالْبَرْبَطِ" (¬48) الطُّنْبُورُ: رَبَابُ الهِنْدِ، مَعْروف عِنْدَ أهْلِ اللَّهْو (¬49). وَالبَرْبَطُ (¬50): قِبلَ: إِنَّهُ عُودُ الغِنَاءِ الضيقُ الطَّرَفِ الأعْلَى عَرِيضُ الْأسْفَلِ كَالْفَخِذِ، قَالَ (¬51): وَبِرَبْطٍ حَسَنِ التَّرْنَامِ نَغْمَتُهُ ... أَحْلَى مِنَ اليُسْرِ وَافَى بَعْدَ إِعْسَارِ (¬52) وَقِيلَ: إنَّ البَربْطَ: أَرْبَعُونَ وَتَرًا لِكُلِّ وَتَرٍ مِنْهُنَّ صَوْتٌ" (¬53). قَوْلُهُ: "البللَّوْرُ وَالفَيْرُوزَجُ" (¬54) هُمَا (¬55) جِنْسَانِ مِنَ الْجَوَاهِرِ مُثْمِنَانِ نِفِيسَانِ (صَافِيا اللَّوْنِ شَفَافَان) (¬56) فَالبِللَّوْرُ: أبيضُ اللَّوْنِ شَفَّافٌ (¬57)، يُقَالُ: بِلْلوْرٌ وَبَللورٌ، بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِ اللَّام، (وَبِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَم اللاَّمِ) (¬58) يَكُوْنُ أَبْيَضٌ (¬59) وَقَدْ يُلَوَنُ (¬60) بِسَائِرِ الألْوَانِ. وَالْفَيْرُوزَجُ: سَمَاوِيُّ اللوْنِ. لَا يَعْرِفُهُمَا إلَّا الْخَوَاصُّ مِنَ النَّاس (¬61)، كَمَا ذَكَرَ (¬62). قَوْلُهُ: "يَوْمُ الْكُلَابِ" (¬63) يَوْمٌ كَانَ فِي الْجَاهِلِيُّةِ، وَقَعَتْ فِيهِ حَرْب (¬64)، وَهُوَ مَاءٌ بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ (¬65)، وَكانَتْ فِيهِ وَقْعَتَانِ، الْأولَى: يَوْمَ جَدُودٍ (¬66) لِبَنى تَغْلِبَ عَلَى بَكْرِ بْنِ وَائِل. وَالثَّانِيَةُ: لِبَنى تَمِيم وَبَنى سَعْدٍ وَالرِّبَابِ عَلَى قَبَائِلِ مَذْحِجَ (¬67). قَوْلُهُ: "أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ" (¬68) الْوَرِقُ: الفِضْةُ، وَجَمْعُهَا: رِقَاتٌ (¬69) وَرِقُونَ (¬70) يَقُولُونَ: "وِجْدَانُ الرِّقِين يُغَطِّى أَفْنَ الأفِينِ" (¬71) وَالأفِينُ: الْأحْمَقُ. أَيْ: أَنَّ الْغِنَي يُغَطِّى حُمْقَ الْأحْمَقِ وَيَسْتُرُه (¬72)، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (¬73) {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ (19)} (¬74). ¬
قَوْلُهُ: "فَأَنتنَ عَلَيْهِ" أَيْ: صَارَ جيفَةً. وَالنَّتْنُ بإسْكَانِ التَّاءِ: كَرَاهَةُ الَّرائِحَةِ (¬75). قَالَ فِي الْفَائِقِ (¬76): يَقُولُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: الفِضَّةُ تَصْدَأُ وَتُنْتِنُ وَتَبْلَى فِي الْحَمْأة (¬77)، وَأمَّا الذَّهَبُ فَلَا يُبْلِيهِ الثَّرَى وَلَا يُصْدِئُهُ النَّدَى وَلَا تَنْقُصُهُ الْأرْضُ وَلَا تَأكُلُهُ النَّارُ، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ (¬78) أنَّهُ كَتَبَ فِي اليَدِ إِذَا قُطِعَتْ إن تُحْسَمَ (¬79) بِالْذَّهَبِ فَإنَّهُ لَا يَقِيحُ. قَوْلُهُ: "قَلِيلًا لِلْحَاجَةِ" (¬80) أَيْ: قَدْرَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الشَّعْبُ لَا عَدَمَ (¬81) مَا يُضَبَّبُ بِهِ، قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ (¬82). قَوْلُهُ: "مَكَانَ الشَّفَةِ" (¬83) ذَكَرَ الْقَلْعِيُّ (¬84) أنَّهُ "مَكَانَ الشَّعْبِ" وَهُوَ الشَّقُّ. وَ"الشَّفَةُ" خَطَأ (¬85) وَلَمْ نَسْمَعْهُ إِلَّا "الشَّفَة" وَلَيْسَ بِخَطَأٍ، إِنَّمَا أرَادَ الْمَوْضِعَ الَّذِى يَضَعُ عَلَيْهِ شَفَتَهُ (¬86) حِينَ يَشْرَبُ، وَهُوَ حَرْفُ الِإنَاءِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّيْخِ (¬87): وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: يَحْرُمُ فِي مَوْضِعِ الشُّرْبِ؛ لِأنَّهُ يَقَعُ بِهِ الاسْتِعْمَالُ، وَهَذا وَاضِح جَلِيٌّ. وإنَّمَا وَقَعَ الْوَهْمُ فِي الْخَطإِ فِي "الشَّعْبِ" (¬88) حَينَ قَالَ: "انْكَسَرَ (¬89) قَدَحُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلمَ" وَالْكَسْرُ يَقْتَضِى الشَّعْبَ فِي الْمَعْنَى. وَالشَّعْبُ (¬90): الصَّدْعُ وَالْكَسْرُ وَهُوَ الِإصْلَاحُ أَيْضًا، وَهُوَ (¬91) مِنَ الْأضْدَادِ (¬92)، يُقَالُ: شَعَبَهُ: إِذَا جَمَعَهُ وَأَصلَحَهُ (¬93)، وَتَشَعَّبَ (¬94) الْأمْرُ: إذَا تَفَرَّقَ وَتَشَتَّتَ. وَوُجِدَ فِي نُسْخَةٍ (¬95) بَغْدَادِيَّةٍ مَضْبُوطًا "الشَّقَّة" بِالْقَافِ (¬96)، وَلَمْ أَدْرِ مَا صِحْتُهُ (¬97). قَوْلُهُ (¬98): "كَانَ نَعْلُ سَيْفِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِضَةٍ وَقَبِيعَةُ سَيْفِهِ مِنْ فِضَّةٍ" نَعْلُهُ: مَا يُصِيبُ الْأرْضَ منْهُ، وَهِيَ حَدِيدَةٌ تَكُونُ فِي أسْفَلِ الغِمْدِ (¬99). وَالقَبِيعَةُ تَكُون (¬100) فِي أَعْلَى الْسَّيفِ كَالْجَوْزَةِ، تَكونُ مِنْ حَدِيدٍ أو فِضةٍ أوْ ذَهْبٍ، قَالَهُ الليْثُ. وَقَالَ شَمِرٌ (¬101): مَا تَحْتَ الشَّارِبَيْنِ مِمَّا يَكُونُ فَوْقَ الغِمْدِ فَيَجِىءُ مَع قَائِمِ السَّيْفِ (¬102) "وَالشَّارِبَانِ: أَنْفَان طَوِيلَانِ تُعَلقُ فِيهِمَا الْحَمَائِلُ" (¬103) وَالْحَلَقُ: جَمْعُ حَلْقَةٍ، وَهِىَ الَّتِى تَشُدُّ الْحَمَائِلَ (¬104). ¬
قَوْلُهُ: "إلَّا إنْ لَمْ تَجِدُوا عَنْهَا بُدَّا" (¬105) أَصْلُ الْبُدِّ: الفِرَاقُ (¬106)، مِثْلُ قَوْلِهِمْ: لَا بَدَّ مِنْ كَذَا، كَأَنَّهُ قَالَ: لَا فِرَاقَ مِنْهُ (¬107). وَلَمْ أَجدْ مِنْهُ بُدًّا، أَيْ: فِرَاقًا (¬108). قَؤلُهُ (¬109): "مِنْ مَزَادَةِ مُشرِكَةٍ" (وَ "جَرَّةِ نَصْرَانِيَّةٍ") (¬110) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬111): الْمَزَادَةُ: هِيَ الرَّاوِيَةُ وَجَمْعُهَا: مَزَاد. قَالَ أَبُو عُبَيْد: لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ جِلْدَيْنِ تُفْأَم بِجِلْدٍ ثَالِثٍ بَيْنَهُمَا لِتَتَّسِعَ، وَكَذَلِكَ السَّطيحَةُ (وَالشَّعِيبُ (¬112). وَمَعْنَى تُفْأمُ أيْ: تُوَسَّعُ، يُقَالُ [أفْأمْتُ] (¬113) الرَّحْلَ وَالْقَتَبَ: إذَا وَسَّعْتَهُ، فَهُوَ مُفْأَمٌ أيْ: زِدْتَ فِيهِ. وَأظُنُّ لَفْظَ الْمَزَادَةِ مُشْتَقٌّ مِنَ الزِّيَادَةِ الَّتى تُزَادُ فِيهَا (*) مِنْ جِلْدٍ ثَالِثٍ) (¬114). وَالْجَرُّ: تَذْكِيرُ (¬115) الْجَرَّةِ، وَهِيَ وِعَاءٌ مِنْ خَرَف لِلْمَاءِ، وَقَدْ تَكُونُ جَمْعَ جَرَّةٍ (¬116)، فيقَالُ: جَرَّةٌ وَجَرٌّ، كَمَا يُقَالُ: تَمْرَةٌ وَتَمْرٌ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: "نَهَى عَنْ نَبِيذِ الجِرَارِ" (¬117) أَرادَ: مَا يُنْبَذُ فِي الجِرَارِ الضَّارِيَةِ (¬118) وَقِيلَ: الجَرُّ: إن يُسْلَخَ (•) خُف الْبَعِيرِ، فيجْعَلَ وِعَاءً (¬119). قَوْلُهُ: "وإيكَاءُ السِّقَابَةِ" (¬120) يُقَالُ: أَوْكَى السِّقَايَةُ يُوكِيهِ (¬121): إذَا شَدَّهُ بِالْوِكَاءِ، وَهُوَ حَبْلٌ دَقِيقٌ مِنْ أَدَمٍ وَغَيْرِهِ. ¬
ومن باب السواك
ومن باب السواك قَوْلُهُ: "لَا تَدْخُلُوا عَلَىَّ قُلْحًا" (¬1) هُوَ جَمْعُ أقْلَحَ، يُقَالُ: رَجُل أقْلَحُ وَقَوْم قُلْحٌ. وَالْقَلَحُ: صْفِرَارُ الْأسْنَانِ وَوَسَخ يَرْكَبُهَا وَيُغَيِّرُهَا مِنْ تَرْكِ السِّوَاكِ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬2): قَدْ بَنَى اللُّؤْمُ عَلَيْهِمْ بَيْتَهُ ... وَفَشَا فِيهِمْ مَعَ اللُّؤْم الْقَلَح قَوْلُهُ: "الأزْمُ" (¬3) فَسَّرهُ الشَّيْخُ بِأَنَّهُ: تَرْكُ الأَكْلِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬4): أَزَمَ عَنِ الشَّيْىءِ: أَمْسَكَ عَنْهُ، وَقَالَ أَبْو زَيْد: الآزِمُ: الَّذِي ضَمَّ شَفَتَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ عُمَرَ - رَضيَ اللهُ عَنْهُ - سَأَلَ الْحَارِثَ بْنَ كَلْدَةَ (¬5): (¬6) مَا الدَّوَاءُ؟ فَقَالَ: الأزْمُ (¬7) يَعْنِى الحِمْيَةَ، وَهُوَ تَرْكُ الأَكْلِ، كَمَا قَالَ الشَّيْخُ. وَمِنْ هَذَا قِيلَ لسَنَةِ الْجَدْبِ وَالْمَجَاعَةِ: أَزمَةٌ (¬8) (وَأَزمَتِ الدَّابَةُ عَلَى اللَّجَامِ: إِذَا أَمْسَكَتْهُ بِأَسْنَانِهَا كَأَنهَا تَعَضُّهُ) (¬9) وَدَبَّةٌ أَزْومٌ: تَعَضُّ لِجَامَهَا بِأسْنَانِهَا (¬10). قَوْلُهُ (¬11): "يَشُوصُ فَاهُ بِالسَّوَاكِ" أَيْ: يَغْسِلُهُ، وَالشَّوْصُ: الْغَسْلُ وَالتَّنْظِيفُ (¬12). وَفِي الْفَائِقِ (¬13): الشَّوْصُ: وَجَعُ الضِّرْسِ. وَشَاصَ فَاهُ بِالسِّوَاكِ: اذَا اسْتَاكَ مِنْ سُفْلٍ إلَى عُلْوٍ (¬14). وَمَعْنَاهُ: يُنَقِّى أسْنَانَهُ وَيَغْسِلُهَا، يُقَالُ: شُصْتُهُ وَمُصْتُهُ (¬15). وَقَالَ أبو عُبَيْدٍ (¬16): شُصْتُ الشَّيْىءَ: نَقَّيْتُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْأعْرَابِيَّ: الشَّوْصُ وَالدَّلْكُ والْمَوْصُ: الْغَسْلُ (¬17). قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ (¬18): "لَخلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ" يُقَالُ: خَلَفَ فُوُهُ خُلُوفَةً وَخُلُوفًا (¬19). وَأَخْلَفَ إِخْلَافًا: إذَا تَغَّير. قَالَ ابْنُ أَحْمَرَ (¬20): ¬
بَانَ الشَّبابُ وَأخْلَفَ الْعَمْرُ (¬21) ... . . . . . . . . . (أَرادَ بِالْعَمْر: اللَّحْمَ الَّذِى) (¬22) بَيْنَ الأسْنَانِ، قَالَ الْمُبَرِّدُ: حَدَثَتْ لَهُ رَائِحَة بِعْدَمَا عُهِدَتْ مِنْهُ (¬23)، وَلَا يُقَالُ (¬24) خُلُوف لِمَنْ لَمْ يَزَلْ ذَلِكَ مِنْهُ. وَمِنْهُ (¬25): اللَّحْمُ الخَالِفُ، وَهُوَ الَّذِي تَجِدُ مِنْهُ رُوَيْحَةٌ (¬26). وَمِنْهُ حَدِيثُ عَليٌّ، رَضيَ الله عَنْهُ، حِينَ سُئِلَ عَنِ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ، فَقَالَ: "وَمَا أَرَبُكَ إِلَى خُلُوفِ فِيهَا" هَذَا كُلهُ مِنَ الْفَائِقِ (وَقَالَ أَبْو عُبَيْدٍ (¬27): الْخُلُوفُ تَغَّيُرُ طَعْمِ الْفَمِ) (¬28). وَقَالَ الصَّفارُ: مَعْنَى الْخَبَرِ: أنَّ ثَوَابَ خُلُوفِ فَمِ الصَّائِمِ اطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لَا أَنَّ الأشْياءَ عِنْدَ اللهِ عَلَى خِلَافِ حَقَائِقِهَا (عِنْدَنَا) (¬29). وَقَالَ النَّحْوِيَّون: لَا يُقَالُ فَمٌ بِالْمِيمِ، إلَّا اذَا أُفْرِدَ، فَأَمَّا إِذَا أُضِيفَ، فَإِنَّمَا يُقَالُ: فُوكَ، وَفُوهُ، وَلَا يُقَالُ: فَمُكَ وَلَا فَمُهُ (¬30) إلَّا نَادِرًا في الشِّعْرِ (¬31)، كَقَوْلِ الْأُقَيْبِلِ (¬32): يَالَيْتْهَا قَدْ خَرَجَتْ مِنْ فُمِّهِ (¬33) ... . . . . . . . . . وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: فُمٌ وَفَمٌ وَفِمٌ: بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا وَكَسْرِهَا (¬34)، وَبَعْضُهُمْ يُتْبعُ حَرَكَةَ الْفَاءِ حَرَكَةَ المِيمِ، فَيَضُمُّ الْفَاءَ إِذَا انْضَمَّت المِيم، وَيَفتَحُهَا إِذَا انْفَتَحَتْ، وَيَكْسِرُهَا إِذَا انْكَسَرَتْ. وَقَدْ تُشَدَّدُ قَالَ الْأقَيْبِل (35): يَالَيْتَهَا قَدْ خَرَجَتْ مِنْ فُمِّهِ ... . . . . . . . . . قَوْلُهُ (¬35): "اسْتَاكُوا عَرْضًا وَادَّهِنُوا غِبًّا وَاكْتَحِلُوا وَتْرًا" أرَادَ: عَلَى عَرْض الْأسْنَانِ (¬36)، فَهُوَ أَنْ يَبْتَدِىءَ مِمَّا يَلِى الصُّدْغَ مِنَ الْجَانِبِ الأيْمَنِ حَتَّى يَنْتَهِىَ إلَى الْجَانِبِ الْأيْسَرِ مِمَّا يَلِى الْأذُنَ. وَقِيلَ: عَلَى عَرْضِ الْفَمِ. وَالْغِبُّ: أَنْ يَدَّهِنَ يَوْمًا ثُمَّ يُتْرَكَ حَتَّى يَجِفَّ رَأْسُهُ، ثُم يَدِّهِنَ، لِمَا رُوِىَ أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نَهَى عَنِ الإِرْفَاهِ (¬37) قَالَ أّبْو عُبَيْدٍ: هُوَ كَثْرَةُ التَّدَهُّن (¬38) وَهُوَ مِثْلُ (¬39) قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ "زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبَّا" (¬40) مَأخُوذٌ مِنْ غِبِّ الإِبِلِ، وَهُوَ أنْ يَسْقِيَهَا يَوْمًا (¬41) وَيَتْرُكَها (¬42) أيَّامًا (¬43). واكْتِحَالُ الوَتْرِ: أَنْ يَكْتَحِلَ فِي (كُلِّ) (¬44) عَيْنٍ ثَلَاثَةَ أطْرَافٍ. ¬
• قَوْلُهُ (¬45): "يَجْرَحُ اللِّثةَ" وَهِىَ: اللَّحْمُ الَّذِى تَنْبُتُ فِيهِ الْأَسْنَانُ (¬46)، يُقَالُ بِكَسِرِ (¬47) اللَّام، (وَلَا يُقَالُ بِفَتْحِهَا (¬48). وَقِيلَ: هِىَ اللَّحْمُ السَّائِلُ بَيْنَ الأسْنَانِ) (¬49) وَهِىَ مَخذُوفَةُ اللَّامِ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْمَحْذُوفِ. • قَوْلُهُ: "الْفِطْرَةُ عَشْرٌ" (¬50) هِىَ (¬51): أصْلُ الدِّينِ، وَأَصْلُهُ الابْتِدَاءُ، والمعنى: آدَابُ الدِّينِ عَشْرٌ. • قَوْلُهُ: "يَغْسِلُ الْبَرَاجِمَ" (¬52) (هِيَ جَمْعُ بُرْجُمَةٍ وَ) (¬53) هِيَ: مَفَاصِلُ الْأصَابِع (¬54)، الَّتِى بَيْنَ الأَشَاجِعِ (¬55) وَالرَّوَاجِبِ، وَهِىَ (¬56) رُووسُ السُّلَامَيَاتِ مِنْ ظَهْرِ الْكَفِّ إذَا قَبَضَ الْقابِضُ كَفَّهُ (¬57). وَالَّتى تَلى الأنَامِلَ هِيَ الرَّوَاجِبُ، وَالَّتِى تَلِى الْكَف (¬58) هِيَ الْأشَاجِعُ (¬59) وإِنَّمَا خَصَّهَا وَحَضَّ عَلَى غَسْلِهَا (¬60)؛ لِأنَّ الْوَسَخَ يَلْصَقَ بِغُضُونِهَا، وَتَكَسُّرِهَا وَلَا يَبْلُغُهَا الْمَاءُ الَّا بِمُعَانَاةٍ (¬61). وَمِنَ السُّنَنِ الْعَشْرِ (¬62): "الانْتِضَاحُ بِالْمَاءِ" وَهُوَ أنْ يَأَخُذَ قَليلًا مِنَ الْمَاءِ فَيَنْضَحَ بِهِ مَذَاكِيرَهُ (¬63) بَعْدَ الوُضُوءِ (¬64) لِيَنْفِىَ عَنْهُ (¬65) الوَسْوَاسَ. وَقِيلَ: هُوَ الاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ. وَسُئِلَ عَطَاء عَنْ نَضْحِ الْوُضِوءِ، فَقَالَ: النَّضْحُ النَّشْرُ وَهُوَ: مَا انْتُضِحَ مِنَ الْمَاءِ عِنْدَ الْوُضُوءِ (¬66). • قَوْلُهُ (¬67): "الاسْتِحْدَادُ": هُوَ حَلْقُ الْعَانَةِ. وَهوَ [اسْتِفْعَالٌ] (¬68) مِنَ الْحَدِيدَةِ الَّتِى يُحْلَقُ بِهَا (¬69) عَلَى طَرِيقِ الْكِنَايَةِ وَالتَّوْرِيَةِ (¬70). • قَوْلُهُ: "اخْتَتَنَ بِالْقَدُوم (¬71) قِيلَ: هُوَ مَقِيلٌ لَهُ، أيْ: مَنْزِلٌ كَانَ يَنْزِلُ بِهِ. وَقِيلَ: اسْمُ قَرْيَةٍ بِالشَّامِ (¬72) وَقِيلَ: هُوَ الْفَأَسُ (¬73). يُرْوَى مُشَدَّدًا وَمُخَفَّفًا. وَقِيلَ: الْمُشَدَّدُ: اسْمُ قَرْيَةٍ بِالشَّامِ، وَبِالتَّخْفِيفِ: قَدُومُ النَّجَّارِ (¬74). وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ (¬75) أنَّهُمَا جَمِيعًا مُخَفَّفَانِ، وَهُوَ الْأصَحُّ (¬76). قَالَ عَلِيُّ (¬77) بْنُ بَطَّالٍ: وَرُبَّمَا اجْتَمَعَ لَهُ الْأمْرَانِ. ¬
ومن باب نية الوضوء
وَمِنْ بَابِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ النِّيَّةُ: هِيَ الْقَصْدُ، يُقَالُ: نَوَاكَ اللهُ بِحِفْظِهِ، أَيْ: قَصَدَكَ (¬1)، وَنَوَيْتُ بَلَدَ كَذَا، أَيْ: عَزَمْتُ بِقَلْبِى قَصْدَهُ، وَيُقَالُ لِلْمَوْضِع الَّذِي يَقْصِدُهُ: "نِيَّةٌ" بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَ "نِيَّةٌ" بِتَخْفِيفِهَا، وَكَذَلِكَ: الطِّيَّةُ وَالطِّيَةُ قَالَهُ ابْنُ الأعْرَابِى (¬2). وَأَصْلُهَا: نَوْيَةٌ، فَلَما اجْتَمَعَتِ الْوَاوُ وَالْيَاءُ، وَسَبَقَت الْأُولَى مِنْهُمَا بِالسُّكُونِ، قُلِبَت الْوَاوُ يَاءً، وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ في الْبَاءِ، وَكُسِرَتْ النُّونُ، لِتَصِحَّ الْيَاءُ، (¬3) (أوْ) كُسِرَتْ كَمَا كُسِرَتْ الْجِلْسَةُ والطِّيَّةُ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ بَابِ "فِعْلَةٍ" فَانْقَلَبَتْ الْوَاوُ يَاءً؛ لاِنْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا. قَوْلُهُ: "مَحْضَةٌ (¬4) " الْمَحْضُ: الْخَالِصُ مِنْ كُل شَىْءٍ، يُقَالُ: لَبَنٌ مَحْضٌ: إذَا لَمْ يُخْلَطْ فِيهِ (¬5) مَاءٌ (¬6). قَوْلُهُ (¬7): "عَزُبَتْ نِيَّتُهُ" أيْ: غَابَتْ وَذَهَبَتْ، قَالَ الله تَعَالَى: {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ} (¬8) أيْ: لَا يَغِيبُ وَلَا يَذْهَبُ (¬9). وَقِيلَ: بَعُدَتْ (¬10). وَرَجُلٌ عَزَبٌ، أيْ: بَعِيدٌ مِنَ النَّسَاءِ (¬11) وَعَزَبَت الْمَاشِيَةُ (بَعُدَتْ) (¬12) فِي طَلَبِ الْكَلَأِ. قَوْلُهُ: "فَإنْ نَوَى الطَّهَارَةَ الْمُطْلَقَةَ (¬13) " هِيَ الَّتِى لَمْ يُقَيِّدْهَا بِشَيْءٍ كَالصَّلَاةِ، وَرَفْعِ الْحَدَثِ، وَمسِّ الْمُصْحَفِ، وَغَيْرِهَا. ¬
ومن باب صفة الوضوء
وِمِنْ بَابِ صِفَةِ الْوُضُوءِ الْوُضُوءُ (¬1): مَأخُوذٌ مِنَ الْوَضَاءِةِ، وَهِيَ الْحُسْنُ، يُقَالُ: وَجْهٌ وَضِىءٌ، أَيْ: حَسَنٌ (¬2)، فَكَأنَّ مَنْ غَسَلَ وَجْهَهُ وَبَدَنَهُ فَقَدْ حسَّنهُ. قَوْلُهُ (¬3): "وَالْمَضْمَضَةُ" (¬4) تَحْرِيكُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ، وإدَارَتُهُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْمَصْمَصَةُ- بِالصَادِ الْمُهْمَلَةِ (¬5)، مِنَ الْمَوْص، وَهُوَ: الْغُسْلُ. يُقَالُ: مَاصَ وَمَصْمَصَ (¬6). قَوْلُهُ: "الاسْتِنْشَاقُ" (¬7): اجْتِذَابُ الْمَاءِ بِالنَّفَسِ إِلَى الْأنْفِ. وَالاسْتِنْثَارُ: اسْتخْرَاجُهُ (¬8) يُقَالُ: نَثَرَت الشَّاةُ: إذَا اخرَجَتْ مِا بِأَنْفِهَا مِنْ مُخَاطٍ، مُشْتَقٌّ مِنَ النَّثْرَةِ، وَهِىَ: طَرَفُ الأنْفِ (¬9) (وَقَدْ فَسَّرهُ فِي الْكِتَابِ (¬10) بِغَيْرِ هَذَا). وَهُوَ حَسَن أيضًا. قَوْلُهُ: "ثُم يَمُجُّهُ" (¬11) أيْ: يَرْمِي بِهِ، يُقَالُ: مَجَّ الشَّرَابَ (¬12) مِنْ فِيهِ: إذَا رَمَى بِهِ. قَوْلُهُ: "إلَى خَيَاشِيمِهِ" (الْخَيْشُومُ: أقْصَى الْأنْفِ مِنْ بَاطِنِهِ (¬13)، وَجَمْعُهُ: خَيَاشِيمُ) (¬14). قَوْلُهُ: " (فَيَكُونُ) (¬15) سَعُوطًا" السَّعُوطُ- بِالْفَتْحِ: الدَّوَاءُ الَّذِي يُدْخَلُ فِي الأنْفِ (¬16). وَالسُّعُوطُ- بِالضَّمَّ: هُوَ الْفِعْلُ، كَالْوَضُوءِ وَالوُضُوءِ (¬17). قَوْلُهُ: "حَائِلٌ مُعْتَادٌ" (¬18) الْحَائِلُ: (هُوَ) (¬19) الَّذِى يَحولُ بَيْنَ الشَّيئَيْنِ، اسْمُ الْفَاعِلِ مِنْ حَالَ يَحُولُ. وَالْمُعْتَادُ: الَّذِي هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْعَادةِ، ولَيْسَ بِنَادرٍ. قَوْلُهُ: "يُؤَدَّى إلَى الضَّرَرِ" (¬20) الضَّرَرُ- هَا هُنَا: الْعَمَى، والضَّرِيرُ: الْأعْمَى. ¬
"الغُرْفَةُ" (¬21) بِالضَّمِّ: اسْمٌ لِلْمَاءِ الْمَغْرُوفِ الْمَحْمُولِ (¬22) بِالْكَفِّ. وَمِثلُهُ، خَطَوْتُ خَطْوَةً وَاحِدَةً، وَالْخَطوَةُ (¬23) مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ. وَالْغَرْفَةُ بِالْفَتْحِ: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ: اسْمٌ لِلْفِعْلِ وَهُوَ أنْ يَغْرِفَ الْمَاءَ بِكَفِّهِ مَجْمُوعَةَ الْأصَابِع مَرَّةً وَاحِدَةً. قَوْلُهُ (¬24): "الذَّقَنُ" (¬25) مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ وَمنْبِتُ اللِّحْيَةِ. قَوْلُهُ: "تَصَلَّعَ الشَّعْرُ" (¬26) أَىْ: لَمْ يَنْبُتْ فَصَارَ أَصْلَعَ. قَوْلُهُ: "مَوْضِعُ التَّحْذِيفِ" (¬27) هُوَ الشَّعَرُ الْكَثِيفُ الَّذِى بَيْنَ ابْتِدَاءِ العِذَارِ (¬28) وَالنَّزعَةِ (¬29)، وَهُوَ الدَّاخِلُ إِلَى الْجَبِينِ مِنْ جَانِبَىِ الْوَجْهِ. وَقَالَ فِي الْوَسِيطِ (¬30): مَوْضِعُ التَّحْذِيِف: هُوَ الْقَدْرُ الًذِى إذَا وُضِعَ طَرَفُ الْخَيْطِ عَلَى رَأْس الأُذُنِ وَالطَّرَفُ الآخَرُ عَلَى زَاوِيَةِ الجَبِينِ: وَقَعَ فِي جَانِبِ الْوَجْهِ. قَوْلُهُ: "وَإِنْ كَانَتْ كَثِيفَةً" (¬31) يَعْنِى اللِّحْيَةَ. الْكَثُّ (¬32) وَالْكَثِيفُ: هُوَ الثَّخِينُ الْكَثِيرُ، وَقَدْ كَثُفَ الشَّىْءُ كَثَافَةٌ، وَكَثَّ كَثَاثَةً، أَيْ: كَثُرَ وَثَخُنَ. وَلِحْيَةٌ كَثَةٌ وَكَثَّاءُ، وَرَجُلٌ كَثُّ اللِّحْيَةِ بِالْكَسْرِ (¬33)، وَرِجَالٌ كُثٌّ (34) وَجَمْعُ اللَّحْيَةِ لُحىً وَلَحِىً: بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ. وَاللَّحْىُ بِفَتْحِ اللَّامِ: مَنْبِتُ اللِّحْيَةِ بِالْكَسْرِ. قَوْلُهُ (¬34): "اسْتَرْسَلَت اللِّحْيَةُ" (¬35) أيْ: طَالَتْ وَاسْتَرْخَتْ، فَنَزَلَتْ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ (¬36). قَوْلُهُ: "تُخَلَّلُ اللِّحْيَةُ" (¬37) هُوَ أنْ يُفَرَّقُ أَصَابِعَهُ بَيْنَ الشَّعَرِ، مَأخُوذٌ مِنَ الْخَلَلِ، وَهُوَ الْفُرْجَةُ (¬38) بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. قَوْلُهُ: "بَشْرَةِ الْوَجْهِ" (¬39) الْبَشْرَةُ وَالْبَشَرُ مُحَرَّكٌ (¬40): ظَاهِرُ جِلْدِ الِإنْسَانِ (¬41). قَوْلُهُ: {إِلَى الْمَرَافِقِ} (¬42) قَالَ الزَّجَّاجُ: "إلَى" فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِمَعْنَى "مَعَ" (¬43) غَيْرُ مُتَّجِهٍ، إِنَّمَا تَكُونُ تَحْدِيدًا (¬44)، لِأنَّهُ لَوْ كَانَ مَعْنَى الآيَةِ: اغْسِلُوا أيْديَكُمْ مَعَ الْمَرَافِقِ: لَمْ تَكُنْ فِي الْمَرَافِقِ (42) فَائِدَة، وَكَانَتْ الْيَدُ كُلَّهَا يَجِبُ أنْ تُغْسَلَ (¬45) مِنْ أطْرَافِ الأصَابِع إِلَى الإبْطِ، لِأنَّهَا كُلَّهَا يَدٌ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا ¬
قَالَ: {إِلَى الْمَرَافِقِ} أَمَرَهُ بِالْغُسْلِ مِنْ حَدِّ الْمِرْفَقِ الَى أطْرَافِ الأصَابِع. كأنَّهُ (¬46) لَمَّا ذَكَرَ اليَدَ كُلَّهَا أَرَادَ أنْ يَحُدَّ مَا يُغْسَلُ مِنْ غَيْرِهِ (¬47)، فَجَعَلَ حَدَّ الْمَغْسُولِ: الْمَرَافِقِ، وَمَا زَادَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي حَدَّ الْمَرَافْقِ فَالْمَرَافِقُ مُنْقَطِعَةٌ عَمَّا لَا يُغْسَلُ، دَاخِلَةٌ فِيمَا يُغْسَلُ (¬48). والْمِرْفَقُ: مَفْصِلُ مَا بَيْنَ العَضُدِ وَالسَّاعِدِ (¬49)، يُقَالُ فِيهِ: مَرفِقٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْفَاءِ، وَمِرْفَقٌ بِكَسْرِ المِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ: لُغَتَانِ جِيِّدَتَانِ (¬50) وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِى يَرْتَفِقُ عَلَيْهِ المُتَكِىءُ إِذَا أُلْقَمَ رَاحَتَه رَأَسَهُ وَثَنَى رَاحَتَهُ، اتَّكَأ عَلَيْهِ (¬51). قَوْلُهُ (¬52): "كَشَطَ جِلْدَهُ" أَيْ نَزَعَهُ، يُقَالُ: كَشَطْتُ الْبَعِيرَ كَشْطًا: نَزَعْتُ جِلْدَهُ، وَلَا يُقَالُ: سَلَخْتُ (¬53). قَوْلُهُ: "مُتَجَافِيًا" (¬54) أيْ مُرْتَفِعًا غَيْرَ لَاصِقٍ. قَوْلُهُ: "وَالنَّزَعَتَانِ مِنْهُ لِأنَّهُ فِي سَمْتِ النَّاصِيَةِ" (¬55) النَّزَعَتَان بِالتَّحْرِيكِ: هُمَا جَانِبَا الْجَبْهَةِ (¬56)، وَفِى سَمْتِ النَّاصِيَةِ، أيْ: بِحِذَائِهَا، لِأَنَّ النَّاصِيَةَ: الشَّعَرُ الَّذِى فِي أعْلَى الْجَبْهَةِ. وَالصُّدْغَانِ: هُمَا الشَّعَرُ الَّذِى يَتَجَاوَزُ مَوْضِعَ الأذُنِ، الْمُتَّصِلُ بِشَعَرِ الرَّأْس (¬57) يُقَالُ: صُدْغٌ ودسُدْغٌ بِالسَّينِ وَالصَّادِ وَالتَثْقِيلِ وَالتخْفِيفِ (¬58). وَالعِذَارَانِ: الشَّعَرُ الْخفِيفُ الْمُقَابِلُ لِلأذُنِ. وَالْعَارِضَانِ: الشَّعَرُ الْكَثِيفُ تَحْتَ الْعِذَارَيْنِ أسْفَلَ مِنَ الأذُنِ (¬59) وَقَالَ فِي الْوَسِيطِ (¬60): العِذَارُ: هُوَ مَا بَيْنَ بَيَاض الأُذُنِ وَبَيَاض الْوَجْهِ. قَوْلُهُ: "مُقَدَّمُ رَأسِهِ" (¬61) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬62): مُؤْخِرُ الْعَيْنِ مِثَالُ مُؤْمِنٍ (¬63): الَّذِى يَلِى الصُّدْغَ، وَمُقَدَّمها: الَّذِى يَلِى الأنْفَ؛ وَمُؤَخر الشَّىْءِ- بِالتَّشْدِيدِ: نَقِيضُ (¬64) مُقَدَّمِهِ، يُقَالُ: ضَرَبْتُ مُقَدَّمَ رَأسِهِ وَمُؤَخَّرَةُ. فَفَرَّقَ بَيْنَ الْعَيْن وَالرَّأسِ. ¬
قَوْلُهُ: "وَيَأخُذُ لِسِمَاخَيْهِ مَاءً جَدِيدًا" (¬65) السِّمَاخُ: مَنْفَذُ الأُذُنِ، وَهُوَ الْخَرْقُ فِيهَا (¬66). وَيُقَالُ هُوَ الأذُنُ نَفْسُهَا، قَالَ الْعَجَّاجُ (¬67). *حَتَّى إِذَا صَرَّ الصِّمَاخَ الأصْمَعَاَ* يُقَالُ بالسِّينِ وَالصَّادِ (¬68)، وَكَذَا: الصُّدْغُ (¬69)؛ لِأنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ اجْتَمَعَ فِيهَا السِّينُ وَالْخَاءُ، أوْ الْغَيْنُ أوِ الْقَافُ، أو الطَّاءُ، وَتَقَدَّمَتِ (¬70) السَّينُ، وَكَوْنُ (¬71) الحُرُوفِ بَعْدَهَا: وَلَا يُبَالَى أَثانِيَةً (71) كَانَتْ أمْ ثَالِثَةً أمْ رَابِعَةً بَعْدَ أنْ تَكُونَ بَعْدَهَا - هَذَا قَوْلُ قُطْرُبٍ (¬72) فَإنَّهُ يَجُوزُ إبْدَالُ السَّينِ صَادًا، نَحْوُ سَطَا، وَصَطَا، وَالسِّرَاط وَالصِّرَاط (¬73)، وَسَاغَ الطعَامُ وَصَاغَ، وَسَبَغ وَصَبَغ، وَالسَّاخَّةُ والصَّاخَّةُ والسَّقْرُ والصُقْرُ، وَهِىَ لُغَةُ قَوْم مِنْ بَنِى تَمِيمٍ، يُقَالُ لهُمْ: بَلْعَنْبَرُ (¬74). قَوْلُهُ: "وَالْكَعْبَانِ هُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ (¬75) عِنْدَ مَفْصِلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ فِي مُنْتَهَى السَّاقِ عَنْ يَمِبنِ الْقَدَم وَيَسَارِهَا (¬76). يُشِيرُ إلَى خِلَافِ أبِي حَنِيفَةَ، فَإنَّ الْكَعْبَ عِنْدَهُ: هُوَ الْعَظْمُ النَّاتىءُ فِي ظَهْرِ الْقَدَمِ، وَقَدْ أنْكَرَهُ الأصْمَعيُّ وَأرْبابُ اللُّغَةِ. وَالنَّاتىءُ: الْمُرْتَفِعُ، وَنَتَأَ، أيْ: ارْتَفَعَ وَتَجَافَى فَهُوَ نَاتِىءٌ. قَوْلُهُ (¬77): "غُرًا مُحَجَّلِينَ" الْغُرَّةُ- بِالضَّمِّ: بَيَاضٌ، فِي جَبْهَةِ الْفَرَس فَوْقَ الدَّرْهَمِ (¬78). وَالتَّحْجِيلُ: بَيَاضُ الْقَوَائِمِ فِي الْفَرَس، أَوْ فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا، أَوْ فِي رِجْلَيْهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ بَعْدَ أَنْ يُجَاوِزَ الْأرْسَاغَ وَلَا يُجَاوِزُ الرُّكْبَتَيْنِ والْعُرْقُوبَيْنِ، لأَنَّهَا مَوَاضِعُ الأَحْجَالِ وَهِىَ الْخَلَاخِيلُ وَالْقُيُودُ (¬79). وَذَكَرَ فِي الْفَائِقِ (¬80): أَنَّهُ أرَادَ مُحَجَّلِينَ مِنْ الْحِلْيَةِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ "تَبْلُغُ الحِلْيَةُ مِنَ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوُضُوءُ" (¬81). قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ (¬82): "فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ" أسَاءَ، أيْ: فَعَلَ الْقَبِيحَ السَّىَّءَ، وَهُوَ ضِدُّ ¬
أَحسَنَ (¬83). وَالظُّلْمُ: وَضْعُ الشَّىْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَلَهُمَا تَأوِيلَانِ، قِيل: أَسْاءَ بِالنُّقْصَانِ، وَظَلَمَ بِالزِّيَادَةِ. وَقِيلَ: أَسْاءَ بِالزَّيَادَةِ وَظَلَمَ بِالنُّقْصَانِ. وَهُوَ الَّذِى ذَكَرَهُ الْقَلْعِيُّ (¬84) رَحِمَهُ الله، وَاحتَج بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57)} [البقرة: 57] (¬85) أيْ: يَنْقُصُونَهَا، وَالظُّلْمُ: انْتِقَاصُ حَقِّ الْغَيْرِ. قَوْلُهُ: "وَقَطعُ النَّظِيرِ عَنِ النَّظِيرِ" (¬86) النَّظِيرُ: الْمِثْلُ وَالشِّبْهُ (¬87). وَأرَادَ بِهِ (¬88): قَطعَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ عَنْ نَظِيِرِهِ، وَهُوَ غَسْلُ الرجْلَيْنِ، وَأَدخَلَ بَيْنَهُمَا مَسْحَ الرَّأسِ. قَوْلُهُ: "أَفْعَالٍ مُتَغَايِرَةٍ" أرَادَ (¬89) أَنَّ الثَّاني غَير الأوَّلِ، لِأَنَّهَا (¬90) غَسْلٌ وَمَسْحٌ، وَهُوَ مُتَفَاعِلٌ مِنْ لَفْظِ غَيْرِ". قَوْلُهُ (¬91): "كُتِبَ فِي رَقٍّ ثُمَّ طُبعَ بِطَابَعٍ" الرَّقُّ بِفَتْحِ الرَّاءِ: جِلْدٌ أبْيضُ يُكْتَبُ فِيهِ، وَهُوَ جِلْدٌ رَقِيقٌ، اسْمٌ يُوَافِقُ مَعْنَاهُ. وَالطَّابَعُ- بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا (¬92): الْخَاتِمُ، يُقَالُ: طَبَعْتُ عَلَى الْكِتَابِ، أيْ: خَتَمْتُ. وَأرَادَ: خَتَمَ عَلَيْهِ بِخَاتِمٍ، فَلَمْ يُغَيَّرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَوْلُهُ (¬93): "مِلْحَفَةٍ وَرْسِيَّةٍ" قَالَ الْجَوْهِرِيُّ (¬94): مِلْحَفَةٌ وَرْسِيْةٌ: صُبِغَتْ بِالْوَرْسِ، وَزْنُهَا: فَعِيلَةٌ (¬95) بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، مِثْلُ: مَصْبُوغَةٍ. وَأَمَّا وَرْسِيَّةٌ مَنْسُوبَةً، فَقِيَاْسٌ لَا سَمَاعٌ، والله أَعلَمُ (¬96). قوْلُهُ: "عَلَى عُكْنِهِ" جَمْعُ عَكْنَةَ، وَهِىَ الطَّيُّ الَّذِى يَكُونُ فِي الْبَطْنِ مِنْ السِّمَنِ (¬97)، وَاللهُ أَعْلَم. ¬
باب المسح على الخفين
بَابُ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ (¬1) قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: "بَلْ أنْت نَسِيتَ" (¬2) فِيهِ تَأَوِيلَاتٌ ثَلَاثَةٌ، قِيلَ: نَسِيتَ بِأَنَّ الْوَحْيَ يَطْرُقُنِي فيحدِثُ أَمرًا غَيْرَ الأوَّلِ (¬3) وَقِيلَ: بَلْ نَسِيتَ، أَيْ: قَدْ فَعَلْتُ هَذَا وَلَكِنَّكَ نَسِيتَ. وَقِيلَ: بَلْ رَدَّ عَلَيْهِ كَلَامَهُ تَأَدِيبًا (¬4)؛ لأَنَّهُ أَحَقُّ بِالنِّسْيَانِ وَأَوْلَى بِهِ. قَوْلُهُ: "إِذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ" أَو "سَفْرًا" (¬5) مُسَافِرِينَ: جَمْعُ مُسَافِرٍ. وَسَفْرًا: جَمْعُ سَافِرٍ، يُقَالُ: سَافِرٌ، وَجَمْعُهُ: سَفْرٌ، مِثْلُ تَاجِرٍ وَجَمْعُهُ (¬6) تَجْرٌ (¬7). شَكَّ فِيهِ الرَّاوِي، وَيُرْوَى "سَفْرَي" بِوَزْنِ فَعْلَي مُؤَنَّثٌ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. قَوْلُهُ: " (¬8) أَبَيُّ بْنُ عِمَارَةَ" بِكَسْر الْعَيْن، وَلَا يُقَالُ بِضَمِّهَا. وَغَيْرُهُ بِضَمَّ الْعَيْن، إلَّا عمَارَةَ بْنَ رُوَيْبِةَ (¬9) أيْضًا فَإِنَّهُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ عَلَى اخْتِلافٍ فِيهِ. قَوْلُهُ: "وَمَا بَدَا لَكَ" (¬10) أَيْ: وَمَا أَرَدْتَ، وَأَصْلُ بَدَا بِغَيْرِ هَمْزٍ: ظَهَرَ. أَيْ: مَا ظَهَرَ لَكَ مِنْ إِرَادَةٍ. قَوْلُهُ: "الحَضَرِ" (¬11) مُشْتَقٌّ مِنَ الْحُضُورِ ضِدَّ الْغَيْبَةِ. قَوْلُهُ (¬12): "وَالرُّخْصَةُ" (¬13) مُشْتَقَّةٌ مِنْ رُخْصِ الأسْعَارِ، وَهِيَ: السُّهُولَةُ (¬14) ضِدُّ الْمَشَقَّةِ. قَوْلُهُ: "مِنَ الْجُلُودِ أَو اللُّبُودِ" (¬15) جَمْعُ لِبْدٍ، وَهُوَ: صُوفٌ يُنْدَفُ، ثُمَّ يُبَلُّ وَيُوطَأُ بِالرِّجْلِ حَتَّى يَتَلَبَّدَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَيَشْتَدّ. ¬
قَوْلُهُ: "وَإِنْ لَبِسَ خُفًّا لَهُ شَرَجٌ" (¬16) أَيْ: عُرًى كَالْأزْرَارِ يُشَدُّ بِهَا وَيُدَاخَلُ (¬17). يُقَالُ: شَرَجْتُ الْعَيْبَةَ (¬18): إِذَا دَاخَلْتَ بَيْنَ عُرَاهَا. قَوْلُهُ (12): "الْجُرْمُوقُ" (¬19) فَارِسيٌّ مُعَرَّبٌ (¬20)؛ لِأَنَّ الْجِيْمَ وَالْقَافَ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ (¬21) مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ (¬22). قَوْلُهُ (¬23): "وَالْجَوْرَبُ" (¬24) أَيْضًا مُعَرَّبٌ (¬25)، وَهُوَ أَكْبَرُ مِن الْخُفِّ يَبْلُغُ إِلَى السَّاقِ، يُقْصَدُ (¬26) بِهِ السَّتْرُ مِنَ الْبَرْدِ، يُعْمَلُ مِنْ قُطْن أوْ صُوفٍ بِالإِبَرِ، أوْ يُخَاطُ مِنَ الْخِرَقِ. وَمَعْنَى (¬27) "مُنَعَّلٍ" أَيْ: يُجْعَلُ فِي أسْفَلِهِ قِطْعَةٌ مِنْ جِلْدٍ. وَلَا يُقْصَدُ الْمَشْيُ عَلَيْهِ. وَالْخُفُّ يُقْصَدُ الْمَشْيُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: "لَا يَشِفُّ" هُوَ أَنْ يُنْظَرَ مِنْ ظَاهِرِهِ لَوْنُ الْبَشَرَةِ سَوَادًا أوْ بَيَاضًا (¬28). وَالْبَشَرَةُ: ظَاهِرُ جِلْدِ الإِنْسَانِ وَجَمْعُهَا: بَشَرٌ. قَوْلُهُ: "غَزْوَةُ تَبُوكَ" (¬29) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأى قَوْمًا مِنْ أَصْحَابِهِ يَبُوكُونَ حِسْىَ (¬30) تَبُوكَ، أَيْ: يُدْخِلُونَ فِيهَا الْقَدَحَ وَيُحَرِّكُونَهُ، لِيَخْرُجَ الْمَاءُ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَا زِلْتُمْ تَبُوكُونَهَا بَوْكًا" فَسُمِّيَتْ (تِلْكَ) (¬31) الْغَزْوةُ غَزْوَةَ تَبُوكَ، وَهِيَ تَفْعُلُ مِنَ الْبَوْكِ. قَوْلُهُ: "وَبِهِ قِوَامُ الخُفِّ" (¬32) بِكَسْرِ الْقَافِ، أَيْ: صَلَاحُهُ. يُقَالُ: هُوَ قِوَامُ الْأَمْرِ (¬33)، أَيْ: نِظَامُهُ وَعِمَادُهُ، وَيُقَالُ: فُلَانٌ قِوَامُ أَهلِ بَيْتِهِ (¬32) وَهُوَ الَّذِي يُقِيمُ شَأَنَهُمْ (¬33). قَوْلُهُ: "بَلِيَ وَخَلُقَ" بِضَمِّ اللَّام، يُقَالُ: خَلُقَ الثَّوْبُ يَخْلُقُ، وَغَيْرُهُ (¬34): إذَا صَارَ خَلَقًا، أَيْ: بَالِيًا (¬35) -بِضَمِّ اللَّام (¬36)، مثْلُ (¬37): ظَرُفَ يَظْرُفُ، وَلَا يُقَالُ بِكَسْرِهَا. وَالصَّقِيلُ: بِالسِّينِ وَالصَّادِ. قَوْلُهُ: "فِي أثْنَاءِ الْمُدَّةِ" (¬38) أثْنَاءُ الشَّيْىءِ: أَعْطَافُهُ (¬39) هَذَا (هُوَ) (¬40) الْأصْلُ، ثُمَّ يُقَالُ لِلأوَّلِ، ¬
وَالْآخِرِ أَثْنَاء، وَهُوَ جَمْعُ ثِنْى. قَوْلُهُ: "القَفَافَةِ" (¬41) مَا يُلَفُّ عَلَى الرِّجْلِ (¬42) فَتُغَطَّى بِهِ، وَجَمْعُهَا: لَفَائِفُ، مَأَخُوذٌ مِنَ اللَّفِّ وَهُوَ: ضَمُّ الأطْرَافِ وَجَمْعُهَا. * * * ¬
ومن باب الأحداث
وَمِنْ بَابِ الأحْدَاثِ (¬1) قَوْلُهُ (¬2): "الْخَارِجُ مِنَ السَّبِيلَيْنِ" (¬3) أَىْ: الطَّرِيقَيْنِ. وَالسَّبِيلُ: الطَّرِيقُ، لأنَّهُمَا طَرِيقَا الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ. قَوْلُهُ: "لَمْسُ النِّسَاءِ" بِاللَّام: لِسَائِرِ الْجِلْدِ. وَمسُّ الْفَرْجِ: بِالْكَفِّ، بِالتَّشْدِيدِ بِغَيْرِ لَامٍ: اصْطِلَاحٌ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي اللُّغَةِ (¬4)، وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ فِي الْبَيَانِ وَالشَّامِلِ (¬5)، وَأَنشَدَ (¬6): لَمَسْتُ بِكَفِّى كَفَّهُ طَلَبَ الْغِنَى ... وَلَمْ أَدْرِ أَنَّ الْجُودَ مِنْ كَفِّهِ يُعْدِى فَلَا أنَا مِنْهُ مَا أفَادَ ذَوُو الْعِنَى ... أَفَدْتُ وَأَعْدَانِى فَبَدَّدْتُ (¬7) مَا عِنْدِى قَوْلُهُ: "الْغَائِطُ" (¬8) أَصْلُهُ: الْمَوْضِعُ الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الْأرْض، وَكَانُوا يَأَتُونَهُ لِقَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ، فَكَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ حَتَّى سَمَّوْا الْخَارِجَ مِنَ الإنْسَانِ غَائِطًا (¬9) وَكَذَلِكَ الْخَلَاءُ أَصْلُهُ: الْمَكَانُ الْخَالِى، فَسُمِّيَ بِهِ الْخَارِجُ وَمِثْلُهُ: الْبَرَازُ، وَهُوَ: الْمَكَانُ الْبَعِيدُ يَقْصِدُ قَاضِي الْحَاجَةِ، فِي أشْبَاهٍ لِهَذَا كَثِيرةٍ، كَالْحُشِّ، أَصْلُهُ: النَّخْلُ الْمجْتَمِعُ (¬10). وَالْكَنِيفُ: أَصْلُهُ: الْحَظِيرَةُ الَّتِي تُعْمَلُ لِلإِبِلِ، فَتُكِنُّها مِنَ الْبَرْدِ (¬11). وَالْعَذِرَةُ (¬12) فِنَاءُ الدَّارِ، وَكَانُوا يُلْقُونها هُنَالِكَ، فَسَمَّوْهَا بِهَا. قَوْلُهُ (¬13): "وَالنَّجْوُ" مِنَ النَّجْوَةِ وَهُوَ الْمَكانُ الْمُرْتَفِعُ، كَانُواَ يَسْتَتِرُونَ بِهِ (¬14). قَوْلُهُ: "المَعِدَةُ" (¬15) هِيَ (¬16) مِنَ الإنْسَانِ بِمَنْزِلَةِ الْكَرِدشِ مِنَ الْمُجْتَرِّ، يُقَالُ (¬17): مَعِدَةٌ وَمِعْدَةٌ عَنِ ¬
ابْنِ السِّكِّيتِ (¬18). قَوْلُهُ (¬19): "فَإنْ أَدْخَلَ فِي إِحْلِيِلِهِ مِسْبَارًا" الإحْلِيل: مَجْرَى الْبَوْلِ مِنَ الذَّكَرِ (¬20)، وَيَكُونُ أيْضًا: مَخْرَجَ اللَّبَنِ (¬21) مِنْ ضِرْعِ النَّاقَةِ وَغَيْرِهَا، مَأَخُوذٌ مِنْ تَحَلَّلَ: إِذَا جَرَى. وَالْمِسْبَارُ: مَا يُسْبَرُ بِهِ الْجُرْحُ، أَيْ: يُنْظَرُ غَوْرُهُ مِنْ مِيلٍ، أوْ حَدِيدَةٍ، أَوْ فَتِيلَةٍ، أَوْ عُودٍ أمْلَسَ. وَالسِّبارُ مِثْلهُ، يُقَالُ: سَبَرْتُ الْجُرحَ أَسْبِرُهُ (¬22). قَوْلُهُ: "أوْ زَرَقَ" أَيْ: رَمَى، مِنْ زَرَقَ بِالمِزْرَاقِ: إِذَا رَمَى بهِ، وَهُوَ الرُّمْحُ الْقَصِيرُ (¬23) (وَيُقَال) (¬24) زَرَقَت النَّاقَةُ الرَّحْلَ، أَىْ: أَخَّرَتْهُ إلَى وَرَائِهَا (¬25). قوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ "الْعَيْنَانِ وِكَاءُ السَّهِ" (¬26) هِيَ: حَلْقَةُ الدُّبُرِ (¬27)، سَقَطَتْ مِنْهَا (¬28) عَيْنُ الْفِعْلِ؛ لِأنَّ أَصْلَهَا: سَتَةٌ (¬29) وَقِيلَ: "وِكَاءُ السَّبِت" (¬30) (بِإسْقَاطِ اللَّام) (¬31) وَهِيَ: الإسْتُ، وَقَدْ يُرَادُ بِهَا الْعَجُزُ (¬32) وَفِى الْحَدِيثِ: رَأيْتُ اسْتًا تَنْبُو" وَمَعْنَى الوِكَاءِ: الشَّدُّ وَالرَّبْطُ، مِنْ وِكَاءِ السِّقَاءِ (¬33)، كَأَنَّ الْعَيْنَ فِي حَالِ الْيَقْظَةِ تَحْفَظُ الدُّبُرَ وَتَمْنَعُ خُرُوجَ الْخَارِجِ مِنْهُ، كَمَا يَحْفَظُ الوِكَاءُ الْمَاءَ فِي السِّقَاءِ وَيَمْنَعُ خُرُوجَهُ. قَالَ الشاعِرُ: ادْعُ فُعَيْلًا بِاسْمِهَا (¬34) لَا تَنْسَهْ ... إنَّ فُعَيْلًا هِىَ صِئْبَانُ السَّهْ وقال آخر (¬35): شَأتْكَ قُعَيْنٌ غَثُّهَا وَسَمِينُهَا ... وَأنْتَ السنَّةُ السَّفْلَى إِذَا دُعِيَتْ نَصْرُ قَوْلُهُ: "بَاهَى اللهُ بِهِ مَلَائِكَتَهُ" (¬36) أَيْ: فَاخَرَ، وَالْمُبَاهَاةُ: وَالْمُفَاخَرَةُ، وَتَبَاهَوْا: تَفَاخَرُوا. قَوْلُهُ: "أخْمَصَ قَدَمِهِ" (¬37) الْأخْمَصُ: مَا دَخَلَ مِنْ بَاطِنِ الْقَدَم فَلَمْ يُصِب الْأرْضَ فِي الْوَطْءِ (¬38). وَأصْلُ الْخَمَصِ: الضُّمُور، يُقَالُ: رَجُلٌ أَخمَصُ، أيْ: ضَامِرُ الْبَطْنِ، وَقِيلَ لِلْمَجَاعَةِ مَخْمَصَةٌ؛ لِضُمُورِ الْبَطنِ فِيهَا (¬39)، قَالَ الله تَعَالَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ} (¬40). ¬
قَوْلُهُ (¬41): "وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَمَسُّونَ فروجَهُمْ ثُمَّ يُصَلَّونَ وَلَا يَتَوَضَّأونَ" وَيْلٌ: كَلِمَة تُقَالُ عِنْدَ الْهَلَكَةِ. وَقِيلَ: الْوَيلُ: الْحُزْنُ. وَقِيلَ: وَادٍ فِي جَهَنَّمَ (¬42). قَوْلُهُ: "هَتَكَ حُرْمَتَهُ" (¬43) أَيْ: خَرَقَهَا (¬44)، وَكَذَا قَوْلُهُ: "هُوَ فِي الْهَتْكِ أبْلَغُ" (¬45) وَأصْلُ الْهَتْك خَرْقُ السِّتْرِ عَمَّا وَرَاءَهُ. وَقَدْ هَتَكَهُ (¬46) فَانْهَتَكَ. وَجَعَلَ هَاهُنَا هَتْكَ حَرْمَةِ الْمُصْحَفِ بِمَنْزِلَةِ خَرْقِ السِّتْرِ. قَوْلُهُ: "لَحْمَ الجَزُورِ" (¬47) الْجَزُورُ مِنَ الإِبِلِ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالأنْثَى (¬48)، يَسْتَحِقُّ الاسْمَ قَبْلَ الْجَزْرِ، وَيَسْتَصْحِبُهُ إلَى وَقْتِهِ، وَهُوَ الَّذِى أرَادَ فِي الْحَدِيثِ (¬49)، لَا مَا سِوَاهُ مِنْ سَائِرِ الأنْعَام. وَهُوَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ فِي قَوْلِ بَعْض الْعُلَمَاءِ (¬50). قَوْلُهُ: "الْمُصْحَفُ" (¬51) هُوَ "مُفْعَلٌ" مِنْ قَوْلِهِمْ: أصْحَفَ الْمُصْحَفَ: إِذَا جَمَعَ أوْرَاقَهُ، وَيَجُوزُ كَسْرُ الْمِيمِ، عَن الْجَوْهَرِيِّ (¬52). قَوْلُهُ: وَحَاجَتَهُمْ إِلَى ذَلِكَ مَاسَّةٌ (¬53) مُهِمَّةٌ يُقَالُ: حَاجَةٌ مَاسَّةٌ أَيْ: مُهِمَّة، وَقَدْ مَسَّتْ إلَيْهِ الْحَاجَةُ. هَذَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصَّحَاحِ (¬54). * * * ¬
ومن باب الاستطابة
وَمِنْ بَابِ الاسْتِطَابَةِ قَالَ الْهَرَوِي (¬1): سُمِّيَتْ اسْتِطَابَةً مِنَ الطِّيِبِ، تَقُولُ (¬2): فُلَان يُطّيُّبُ جَسَدَهُ مِمَّاْ عَلَيْهِ مِنَ الْخَبَثِ، أَيْ: يُطَهِّرُهُ، يُقَالُ (¬3) اسْتَطَابَ (¬4) الرَّجُلُ وَأطَابَ نَفْسَهُ، أَيْ: أزَالَ عَنْهَا الأذَى، وَطَهَّرَ الْبَدَنَ. مِنْهَا، قَالَ الْأعْشَى (¬5): ¬
يَا رَخَمًا (قَاظَ) (¬6) عَلَى مَطْلُوبْ ... يُعْجِلُ كَفَّ الْخَارِئِ الْمُطِيبْ وَالْمُطيبُ: هُوَ الَّذِى يُنَقِّى مَوْضِعَ الاسْتِنْجَاءِ (¬7) مِنْ أَثَرِ الْغَائِطِ وَيُنَظِّفُهُ. وَقَدْ ذَكرْنَا أَنَّ "الْخَلَاءَ" أَصلُهُ: الْمَوْضِعُ (¬8) الْخَالِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، فَسُمِّىَ بِهِ الْخَارِجُ مِنَ الإِنْسَانِ. قَوْلُهُ (¬9): "الْخُبُثِ والْخَبَائِثِ" يُرْوَى بِضَمِّ الْبَاءِ وَإِسْكَانِهَا. قَالَ أَبو بَكْرِ بْنِ الأنْبَارِي (¬10): الْخُبْثُ: الْكُفْرُ، وَالْخَبَائثِ: الشَّيَاطِينُ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمَ: الْخُبُثُ بِضَمِّ الْبَاءِ: جَمْعُ الْخَبِيثِ وَهُوَ الذَّكَرُ مِنَ الشَّيَاطِينَ وَالْخَبَائِثُ: جَمْعُ خَبِيثَة، وَهِيَ الأنثَى مِنَ الشَيَاطِينِ (¬11) وَفِي الْحَدِيثِ "أعُوذُ بِكَ مِنَ الْخَبِيثِ الْمُخْبِثِ" (¬12) قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬13): الْخَبِيثُ: ذُو الْخُبْثِ فِي نَفْسِهِ، وَالْمُخْبِثُ: الَّذِى أعْوَانُهُ خُبَثَاءُ، كَمَا يُقَالُ: قَوِىٌّ مُقْوٍ، فَالْقَوِيُّ فِي نَفْسِهِ وَالْمُقْوِيُّ: أنْ تَكُونَ (دَابَّتُهُ) (¬14) قَويًّة. قَالَ أبُو بَكْر (¬15): يُقَالُ: رَجُلٌ مُخبِثٌ: إِذَا كَانَ يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخُبْثَ. وَأجَازَ بَعْضُهُمْ أن يُقَالَ: رَجُل مُخْبِثٌ لِلَّذِي (¬16) يَنْسُبُ النَّاسَ إلَى الْخُبْثِ. قَالَ الْخَطَابِىُّ (¬17): الْخُبُثُ: مَضْمُومَةُ الْبَاءِ: جَمْعُ خَبِيثٍ، وَأمَّا الْخَبَائِثُ فَإنَّهُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ. وَأمَّا الخُبْثُ سَاكِنَةُ الْبَاءِ فهُوَ (¬18) مَصْدَرُ خَبُثَ الشَّىْءُ يَخْبُثُ خُبْثًا، وَقَد يُجْعَلُ اسمًا قَالَ ابْنُ الأعْرَابِىِّ: الْخُبْثُ: الْمَكْرُوهُ، فَإنْ كَانَ مِنَ الْكَلَامِ، فَهُوَ الشَّتْمُ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْمِلَلِ، فَهُوَ الْكُفْرُ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الطَّعَام، فَهُوَ الْحَرَامُ. قَوْلُهُ: "غُفْرَانَكَ" (¬19) هُوَ مَصْدَرٌ كَالشُّكْرَانِ والْكُفْرَانِ (¬20). وَأصْلُ الْغَفْرِ: السَّتْرُ وَالتَّغْطِيَةُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ المِغْفَرُ، لِتَغْطِيَتِهِ الرَّأسَ وَالْمَغْفِرَةُ: سَتْرُ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ وَتَغْطِيَتُهُمْ. وَالْغَفُورُ: السَّاتِرُ. وَمَعْنَى طَلَبِ الْغُفْرَانِ هَا هُنَا، لأنَّهُ تَرَكَ ذِكْرَ اللهِ عَامِدًا، وَفِيمَا سِوَاهُ يَتركُهُ نَاسِيًا (¬21)، وَانْتِصَابُهُ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ أيْ: أطْلُبُ غُفْرَانَكَ (¬22). قَوْلُهُ: "وَعَافَاني" لِأنَّ احْتِبَاسَ الْأذَى فِي الْجَوْفِ عِلَّةٌ مُتْلِفَةٌ، فَيَحْمَدُ (¬23) اللهَ تَعَالَى عَلَى الْعَافِيَةِ مِنْهَا. قَوْلُهُ: "فَلْيَرْتَدْ لِبَوْلِهِ" (¬24) أَيْ: يَطْلُبُ. والرَّائِدُ: الطَّالِبُ، أَيْ: يَطْلُبُ مَوْضِعًا مُتَسَفِّلًا (¬25) ¬
رِخْوًا، لِئَلاَّ يُرَدَّ عَلَيْهِ الْبَوْلُ، فَيَتَرَشَّش، وَقَدْ رَادَ وَارْتَادَ (¬26) وَاسْتَرَادَ: إِذَا طَلَبَ وَاخْتَارَ. قَوْلُهُ: "أتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ" (¬27) السُّبَاطَةُ: الْكُنَاسَةُ الَّتِى تُطْرَحُ (¬28) كُلَّ يَوْمٍ، بِأفْنِيَةِ الْبُيُوتِ، فَتَكْثُرُ (¬29)، مِنْ سَبِطَ عَلَيْهِ الْعَطَاءَ: إِذَا تَابَعَهُ (¬30). قَوْلُهُ: "لِعِلَّةٍ بِمأ بِضَيْهِ" هِيَ مُنْعَطَفُ الرِّجْلَيْنِ، وَالْمَأَبِضُ: (¬31) مَا تَحْتَ الرُّكْبَةِ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ (¬32). قَوْلُهُ: " وَيُكْرَهُ أن يَبُولَ فِي ثَقْبٍ أوْ سَرَبٍ" (¬33) الثَّقْبُ: وَاحِدُ الثُّقُوبِ (¬34) الْمُنْفَتِحَةِ فِي الأرْض (¬35). وَالسَّرَبُ: بَيْتٌ فِي الأرْضِ. يُقَالُ: انْسَرَبَ الْوَحْشِيُّ (¬36) فِي سَرَبِهِ وَانْسَرَبَ الثَّعْلَبُ فِي جُحْرِهِ (¬37). وَالسَّرَبُ (¬38) لَا مَنْفَذَ لَهُ، فَإِذَا كَانَ لَهُ مَنْفَذٌ، فَهُوَ نَفَقٌ. مِنْ فِقْهِ اللُّغَةِ. قَوْلُهُ: "اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ" (¬39) سُمِّيَتْ مَلَاعِنَ لِأنَّ مَنْ رَآهَا قَالَ: لَعَنَ الله مَنْ فَعَلَ هَذَا. وَالْبَرَازُ: أَصلُهُ: الْفَضَاءُ الْوَاسِعُ، فَسُمِّيَ بِهِ الْخَارِجُ مِنَ الإنْسَانِ. قَوْلُهُ (¬40): "قَارِعَةِ الطَّريقِ" سُمِّيَتْ قَارِعَةً؛ لِأنّهَا تَقْرَعُ، أَيْ: تُصِيبُهَا الأرْجُلُ وَالْحَوَافِرُ وَالأظْلَافُ وَالأخفَافُ، فَاعِلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، كَ {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} (¬41) بِمَعْنَى مَرْضِيَّةٍ. قَوْلُهُ (¬42): "يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ" مَعْنَاهُ: يَسِيرَانِ (¬43) مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ} (¬44) أَيْ: يُسَافِرُونَ وَيَمْشُونَ. قَوْلُهُ: "يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ" قَالَ الْهَرَوِيُّ (¬45): الْمَقْتٌ: أَشَدُّ الْبُغْض. يُقَالُ: مَقَتَهُ فَهُوَ مَقِيتٌ وَمَمْقُوتٌ (¬46). قَوْلُهُ: "الْبَاسُورُ" (¬47) وَاحِدُ الْبَوَاسِيرِ، وَهِيَ: عِلَّةٌ تَأَخُذُ فِي (الْمَقْعَدَةِ) (¬48) وَفِي دَاخِلِ الأنْفِ وَهُوَ (¬49) بَثْرٌ يَدْمَي عِنْدَ الْغَائِطِ. قَوْلُهُ. تِيجَعُ مِنْهُ الْكَبِدُ "يُقَالُ: وَجِعَ يِيْجَعُ (¬50) بِكَسْرِ الْجِيمِ فِي الْمَاضِى وَفَتْحِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، ¬
قال (¬51): قَعِيدَك ألَّا تُسْمِعِينِى مَلَامَةً ... وَلَا تَنْكَئِى قَرْحَ الْفُؤَادِ فيَيْجَعَا قَوْلُهُ: "فَاقْعُدْ هُوَينًا" تَصْغِيرُ هَوْنٍ، وَهُوَ السَّيْرُ الْخَفِيفُ، قَالَ الله تَعَالَى: {يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} (¬52) أيْ خَفِيفًا سَهْلًا. قَوْلُهُ: "ثُمَّ يَنتُرُهُ" (¬53) قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬54): النَّتْرُ: جَذْبٌ فِي جَفْوَةٍ، وَفِى الْحَدِيثِ: "فَلْيَنْتُرْ ذَكَرَهُ ثَلَاثَ نَتَرَاتٍ (¬55) يَعْنى: بَعْدَ البَوْلِ. قَوْلُهُ (¬56): "لَا يَبُولَنَّ أحَدُكُمْ في مُسْتَحَمِّهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأ فِيهِ (¬57):. يَعنى (¬58) (فِي) مَوْضِعِ غَائِطِهِ، وَحَيْثُ يَغْتَسِلُ لِأنّهُ يَتَرَشَشُ، عَلَيْهِ مَأخُوذٌ مِنَ الْحَمَّامِ، وَأصْلُهُ: الْحَمِيمُ، وَهُوَ الْمَاءُ الْحَار (¬59). قَوْلُهُ: "عَامَّة الوَسْوَاس مِنْهُ" الْوَسْوَاس: حَدِيثُ النَّفْسِ (¬60) وَفِى مَعْنَاهُ تَأوِيلَانِ، قِيلَ: لِأنَّهُ يُخَيَّلُ إِلَى الْمُتَوَضِّىءِ أَنَّهُ تَرَشَّشَ (¬61) عَلَيْهِ، فَلَا يَزَالُ مَعَهُ الْوَسْوَاسِ مِنْ ذلِكَ. وَقِيلَ: إنَّهُ بِنَفْسِهِ يُثْبِتُ الْوَسْوَاسِ فِي الْقَلْبِ. وَحُكِىَ أنَّ جَمَاعَةً مِنَ الشُّعَرَاءِ لَا يَسْتَنْجُونَ يَطْلُبُونَ أَن يَنْشَأ فِي صُدُورِهِمْ الْوَسْوَاس (¬62) وَقَوْلُ الشِّعْر فَأعُوذُ بِاللهِ مِنْ كَلَامٍ هَذَا مَنْشَأُهُ. قَوْلُهُ: "حَتَّى الْخِرَاءَةِ" (¬63) مَكْسُورَةُ الْخَاءِ مَمْدُودَةٌ، وَهِىَ: آدَابُ التَّخَلِّى وَالْقُعُودِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ. قَوْلُهُ: "أجَلْ" تَقَع فِي جَوَابِ الْخَبَرِ مُحَقِّقَة لَهُ (¬64)، يُقالُ: قَدْ فَعَلْتَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: أجَلْ. وَلَا تَصْلُحُ فِي جَوَابِ الاسْتِفْهَام. وَأَمَّا نَعَمْ، فَمُحَقِّقَةٌ لِكُلِّ كَلَامٍ (¬65). قَوْلُهُ: "الصَفْحَتَيْن (¬66) وَالْمَسْرَبَة" الصَّفْحَتَان: جَانِبَا الْمَجْرَى: وَالْمَسْرَبَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ (لَا غَيْرُ) (¬67) هِىَ مَسِيلُ الْمَاءِ (¬68)، يُقَالُ (¬69): سَرَبَ الْمَاءُ يَسْرُبُ: إِذَا سَالَ، كَأَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ، لِمَا يَسِيلُ مِنْهَا مِنَ الْغَائِطِ. وَأمَّا المَسْرُبَةُ (¬70) بِالضمِّ، فَهُوَ الشَّعَرُ الْمُسْتَدِقُ عَلَى الصَّدْرِ (¬71). قَوْلُهُ: "غَمَزَ عَقِبَهُ عَلَيْهِ" (¬72) أَيْ: شَدَّهُ وَأَمْسَكَ (¬73) الحَجَرَ بهِ لِئَلَّا يَتحَرَّكَ. يُقَالُ: غَمَزَهُ: إذَا ¬
لَمَسَهُ بِقُوَّةٍ وَشِدَّةٍ (¬74). قَوْلُهُ: "بِنَجَاسَةٍ نَادِرَةٍ" (¬75) يُقَالُ: نَدَرَ الشَّيىْءُ يَنْدُرُ نَدْرًا: إِذَا سَقَطَ وَشَذَّ (¬76) وَلَمْ يَأّتِ إِلّا قَلِيلًا. قَوْلُهُ: الحُمَمَةُ الْفَحْمَةُ (¬77) وَهِىَ مَا يَبْقَى مِنَ الْعُودِ أَسْوَدَ (¬78) مِنَ احْتِرَاقِ النَّارِ لَا قُوْةَ فِيهِ وَلَا صَلَابَةَ، قَالَ طَرَفَهُ (¬79): أشَجَاكَ الرَّبْعُ أمْ قِدَمُهُ ... أَمْ رَمَادٌ دَارِسٌ حُمَمُهُ قَوْلُهُ فِي الْعَظْمِ (¬80): "هُوَ زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ" الزَّادُ: طَعَامُ الْمُسَافِرِ فِي سَفَرِهِ. وَأرَادَ هَا هُنَا: أنَّهُ طَعَامُهُمْ؛ لِأنَّهُمْ سَأَلُوا النَّبِىَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ الْجنِّ - الزَّادَ. وَهُمْ مِنْ جِنِّ الْجَزِيرَةِ، فَأعْطَاهُهْا الْعَظْمُ، فهُمْ (¬81) يَشُمُّونَهُ وَلا يَأَكُلُونَهُ، وَفِي حَدِيثٍ عَنْ أَبَي هُرَيْرةَ، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا بَالُ الْعَظْمِ وَالرَّوْثةِ؟ قَالَ: "أَتَانِى وَفْدُ جِنِّ نَصِيبَيْنِ فَسَأَلُونِى الزَّادَ، فَدَعَوْتُ الله لَهُمْ أَنْ لَا يَمُرُّوا بِرَوْثَةٍ وَلَا بِعَظْمٍ إِلَّا وَجَدُوا عَلَيْهِ طَعَامًا" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (¬82). قَوْلُهُ: "كَالرِّمَّةِ" (¬83) هِيَ الْعَظْمُ الْبَالِى، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} (¬84) وَجَمْع الرِّمَّةِ رِمَمٌ وَرِمَامٌ تَقُولُ مِنْهُ: رَمَّ الْعَظْمُ يَرِمُّ -بِالْكَسْرِ- رِمَّةً، أيْ: بَلِىَ (¬85). وَقِيلَ: رِمَّةٌ: كَمْعُ رِمَمٍ، كَجَلِيلٍ وَجِلَّةٍ (¬86) سُمِّيَتْ رِمَّةً وَرَمِيمًا؛ لِأنَّهَا تَبْلَى إِذَا قَدُمَتْ. وَقِيلَ: لأنَّ الإِبِلَ تَرُمُهَا، أيْ: تَأَكُلُهَا. قَوْلُهُ: "لِلُزُوجَتِهِ" (¬87) يُقَالُ: لَزِجَ الشَّىْءُ: إِذَا تَمَطَّطَ وَتَمدَّدَ، وَهُوَ شَىْءٌ لَزِجٌ، وَلَزِجَ بِهِ، أَيْ: غَرِىَ (¬88) بِهِ. ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِىُّ (¬89). قَوْلُهُ: "لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ" (¬90) أَيْ: حِفْظُهُ. وَالضَّبْطُ: جَوْدَةُ التَّحَفُّظِ بِالشَّىْءِ. قَوْلُهُ (¬91): "وَالْحَشَفَةُ": رَأَسُ الذَّكَرِ وَمَا فَوْقَ الْخِتَانِ. قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ الضَّبْطِ، (¬92) أَيْ: لِتَعَسُّرِهِ. قَالَ الْقُتَيْبِىُّ (¬93). أصْلُ (¬94) الاسْتِنجَاءِ: مِن النَّجوَةِ، وَهُوَ: مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرضِ، وَكَانُوا (¬95) يَسْتَتِرُونَ ¬
بِهَا عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ، ثُمَّ قَالُوا: اسْتَنْجَى: إِذَا مَسَحَ مَوْضِعَ النَّجْوِ بِالْحَجَرِ، أوْ غَسَلَهُ بِالْمَاءِ، وَقَالَ فِي الشَّامِلِ (¬96): الاسْتِنْجَاءُ: مَأخُوذٌ مِنْ نَجَوْتُ الشَّجَرَةَ (¬97) وَانتجَيْتُهَا وَاسْتَنْجَيْتُهَا: إِذَا (¬98) قَطَعْتَهَا، كَأنَّهُ يَقْطَعُ الْأذَى عَنْ نَفْسِهِ بِالْمَاءِ أوْ بِالْحِجَارَةِ، هَذَا قَوْلُ شَمِر (¬99). قَوْلُهُ: "الْمَذْىُ وَالْوَدْى" (¬100) قَدْ ذُكِرَ (¬101) فِي أصْلِ الْكِتَابِ (¬102). ... ¬
ومن باب ما يوجب الغسل
وَمِنْ بَابِ مَا يُوْجِبُ الْغسْلَ الْغُسْلُ يَنْقِسِمُ ثَلَاثَةَ أقْسَامٍ (¬1): بِالضَّمِّ، وَالْفَتْحِ، وَالْكَسْرِ. فَالْغُسْلُ بِالضَّمِّ: هُوَ الاسْمُ يُقَالُ: غُسْل، بِسُكُونِ السِّينِ، وَيُقَالُ: غُسُلٌ، بِضَمِّهَا (¬2)، قَالَ الْكُمَيْتُ (¬3). تَحْتَ الألَاءَةِ فِي نَوْعَيْنِ مِنْ غُسُلٍ ... بَاتَا عَلَيْهِ بِتَسْحَالٍ وَتَقْطَارِ يَصِفُ ثَوْرَ (¬4) وَحْشٍ يَسِيلُ عَلَيْهِ مَا عَلَى الشَّجَرَةِ (¬5) مِنَ الْمَاءِ، وَمَرَّةً مِنَ الْمَطرَ (¬6). وَالْغُسْل بِالضَمِّ أيْضًا (¬7): الْمَاءُ: وَمِنْهُ حَدِيثُ مَيْمُونَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: "أدنَيْتُ لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَمَ (¬8) غُسْلًا وَأمَّا الْغَسْلُ، بِالْفَتْحِ: فَهُوَ الْمَصْدَرُ. يُقالُ: غَسَلْتُ الشَّىْءَ غَسْلًا، وَكَذَلِكَ هُوَ (¬9) فِي مِثْلِ: غَسل الثَّوْبِ وَغَسْلِ الْبَدَنِ، وَغَسْلِ الرَّأَسِ. وَمَا شَاكَلَهُ جَمِيعُهَا مَصَادِرُ، كَالأكْلِ وَالأكْلِ، وَالطَّعْمِ وَالطُّعْمِ، وَالْخَبْزِ وَالْخُبْزِ، قَالَتْ عَبْقَرَة الْحَدِيسِيَّةُ (¬10): فَلَا تَغْسِلُنَّ الدَّهْر مِنْهَا رُؤْوسَكُمْ ... إِذَا غَسَلَ الْأوْسَاخ ذُو بِالْغُسْلِ وَأمَّا الغِسْلُ -بِالْكَسْرِ، فَهُوَ: مَا يُغْسَلُ بِهِ الرَّأَسُ مِنَ السِّدْرِ وَالْخِطْمِيِّ وَغَيْرِهِ، وَأنْشَدَ ابْنُ الأعْرَابِىِّ (¬11): فَيَالَيْلَ إِنَّ الغِسْلَ مَا دُمْتِ أَيِّمًا ... عَلَيَّ حَرَامٌ لَا يَمَسُّنِىَ الغِسْلُ (¬12) قَالَ الأخْفَشُ: وَمِنْهُ الغِسْلِين وَهُوَ: مَا انْغَسَلَ مِنْ لُحُوم أهْلِ النَّارِ وَدِمَائِهِمْ، وَزِيدَ فِيهِ الْيَاءُ وَالنُّونُ، كَمَا ¬
زيدَ في (¬13) عِفِرِّين (¬14) (عِفِرِّين: مَأسَدَةٌ. وَقَالَ الأصْمَعِيُّ: بَلَدٌ. وَقِيلَ لِكُلِّ ضَابطٍ قَوىٍّ: لَيْثُ عِفِرِّين (¬15)) (¬16). قَوْلُهُ: "إِيلَاجُ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ" (¬17) أيْ: ادْخَالُهَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ} (¬18) وَالْحَشَفَةُ: مَا فَوْقَ الخِتَانِ مِنَ الذَّكَرِ. قَوْلُهُ: "خُرْوجُ الْمَنِىِّ" المَنِىُّ: مُشَدَّدٌ لَا غَيْرُ (¬19)، وَسُمِّىَ مَنِيًّا؛ لأنَّهُ يمْنَى، أَيْ: يُرَاق. وَمِنْهُ (¬20) سُمِّيَتْ الْبَلَدُ: مِنىً (¬21) لِمَا يُرَاقُ فِيهَا مِنَ الدِّمَاءِ. يُقَالُ: مَنَى الرَّجُل وَأمْنَى: إِذَا خَرَجَ مِنْهُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: "الْمَذْىُ" (¬22) هُوَ مَاءٌ رَقِيقٌ يَخْرُجُ بِعَقِبِ نَظْرَةٍ (¬23) أَو شَهْوَةٍ (¬24)، يُشَدَّدُ وَيُخَففُ. وَالتَّخْفِيفُ فِيهِ أكْثَرُ (¬25). يُقَالُ: مَذَى وَأمْذَىَ (¬26): اذَا سَالَ مِنْهُ ذلِكَ. وَالْوَدى- بِالدَّالِ سَاكِنَةً مُهْمَلةً: يَخْرُجُ عَلَى أثَرِ الْبَوْلِ، لَا لِشَهْوَةٍ (¬27) وَهُوَ مُخَفَّفٌ، يُقَالُ: وَدَى الرَّجُلُ (¬28). قَوْلُهُ: "وَإِذَا نَضَحْتَ الْمَاءَ فَاغْتَسِلْ" (¬29) النَّضْحُ: الرَّشُّ وَالرَّشْحُ، يُقَالُ: نَضَحَت القِرْبَةُ وَالْجَابِيَةُ (¬30) تَنْضَحُ بِالْفَتْحِ نَضْحًا: إِذَا رَشَحَتْ (مَاءً) وَالنَّضْخُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ: أكْبَرُ مِنَ النَّضْحِ، وَلَا يُقَالُ مِنْهُ فَعَلَ وَلَا يَفْعَلُ، قَالَ أبُو زَيدٍ: يُقَالُ مِنْهُ فَعَلَ يَفْعَلُ (¬31). قَوْلُهُ: "الْجَنَابَةُ" (¬32) أصْلُهَا: الْبُعْدُ مِنَ الجُنُبِ، وَهُوَ: الْبَعِيدُ. وَسُمِّىَ الْجُنُبُ جُنُبًا؛ لِتَبَاعُدِهِ عَنِ الْمَسْجِدِ (¬33) قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَبدَهَ (¬34): فَلَا تَحْرِمَنِّى نَائِلًا عَنْ جَنَابَةٍ ... فَإِنِّي امْرُوٌ وَسْطَ الْقِبَابِ غَرِيبُ أَيْ: عَنْ بُعْدٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ} (¬35) أيْ (عَنْ) (¬36) بُعْدٍ، وَكَذَا: {[وَ] ¬
الْجَارِ الْجُنُبِ} (¬37) هَذَا هُوَ الأصْلُ، ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ حَتَّى قِيلَ لِكُلِّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ غُسْلٌ مِنْ جِمَاعٍ: جُنُبٌ. يُقَال: رَجُل جُنُبٌ، وَامْرَاة جُنُبٌ، وَرِجَال جُنُبٌ، يَسْتَوِى فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ، وَالْمُؤَنَّثُ وَرُبَّمَا قَالُوا (¬38) فِي جَمْعِهِ: أجْنَابٌ وَجُنُبُون، يُقَالُ (¬39) فِي فِعْلِهِ: أجْنَبَ الرَّجُلُ وجَنُبَ (أيْضًا) (¬40) بِالضَّمِّ (¬41) وَيَكُونُ أيْضًا (بِمَعْنَى) (¬42) الاعْتِزَال. يُقَالُ: نَزَلَ فُلَانٌ جَنْبَةً، أيْ: نَاحِيَةً وَاعْتَزَلَ النَّاسَ (¬43). قَوْلُهُ: (ثلَاثَ حَثَيَاتٍ) (¬44) يُقَالُ مِنْهُ: حَثَّى يَحْثُو، وَحَثَى يَحْثِى (¬45)، وَهُوَ إرْسَالُ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْكفِّ. قَوْلُهُ: "أشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِى" (¬46) وَ (كَانَ) (¬47) لهَا ضَفَائِرُ، جَمْعُ ضَفِيرَةٍ قَال الأزْهَرِىُّ (¬48): أخِذَت (¬49) الضَّفِيرَةُ مِنَ الضَّفْرِ، يَعْني عَمَلَهَا، وَهُوَ نَسْجُ قُوَى الشَّعَرِ، وَإدْخَالُ بَعْضِهِ فِي بعْضٍ، فَإذَا لُوِيَتْ: فَهِيَ عِقَاصٌ وَاحِدَتُهَا: عَقِيصَةٌ. قَوْلُهُ (¬50): "خُذِى فِرْصَةٌ مِنْ مِسْكٍ" أَيْ: قِطْعَة، مَأْخُوذٌ مِنْ فَرَصْتُ الشَّىْءَ: إذَا قَطَعْتَهُ بِالْمِفْرَاص، وَهُوَ الَّذِى يُقْطعُ بِهِ الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ (¬51) يُتْبَعُ بِهَا أثَرُ الدَّم، مِن الْفَرْجِ؛ لِيُزِيلَ بِهِ عُفُونَتَهُ وَنَتْنَهُ وَيُطَيِّبُ مَوْضِعَهُ. وَالَّذِى يُرْوَىْ في الْحَدِيثِ: "فِرْصَة مُمَسَّكَةً" (¬52) أيْ: قِطْعَة منْ صُوفٍ أوْ قُطْنٍ طُيِّبتْ بِالمِسْكِ، وَهُوَ أقْرَبُ إلَى الْمَعْنَى؛ لِأنَّ اسْتِعْمَالَ المِسْكِ فِي الْفَرْج خَالِصًا: مِنَ السَّرفِ وَالتَّبْذِيرِ الْمَنْهىِّ عَنْهُ، لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ (¬53): "مِنْ مَسْكٍ" بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَهُوَ الْجِلْدُ، وَاحْتَجَّ بِأنَّهُمْ كَانُوا لَا يَتَوَسَّعُونَ فِي الْمَعَاش فَضْلًا عَنْ أَنْ يَمْتَهنُوا المِسْكَ. وَذَكَرَ فِي الْفَائِقِ (¬54): خِرْقَةً مُمَسَّكَةً" أَيْ بَالِيَةً، وَهِىَ الَّتِى طَالَ إمْسَاكُهَا حَتَّى بَلِيَتْ؛ لِأن الخَلَقَ أَصْلَحُ فِي الاسْتِعْمَال لِلفَرْجِ. قَوْلُهُ "تَوَضا بِمَا لَا يَبُلُّ الثَّرى" (¬55) الثَّرى: التُرَابُ النَّدِىُّ (¬56)، وَأرادَ هَا هُنَا التُّرابَ نَفْسُهُ اتِّسَاعًا. قَؤلُهُ: "وَيَخْرَقُ بِالْكَثِيرِ فَلَا يَكْفِى" (¬57) الْخُرْقُ: ضِدُّ الرِّفْقِ، وَمَعْنَاهُ هَا هُنَا: أنْ يُسْرِفَ بِالْمَاءِ وَيُبَدِّدَهُ وَلَا يَرْفُقُ وَ (لَا) (¬58) يَقْتَصدُ. وَالرِّفْق: أَنْ يَأخُذَ الْمَاءَ قَلِيلًا قَلِيلًا عَلَى تُؤَدَةٍ مِنْ غَيْرِ عَبَثٍ، وَلَا تَبْذيرٍ. وَالْخَرْقُ: مَصْدَرُ الْأخْرَقِ، وَهُوَ ضِدُّ الرَّفِيقِ، وَقَدْ خَرِقَ بِالْكَسْرِ يَخْرَقُ خَرَقًا، وَالاسْمُ: الْخُرقُ (¬59). ¬
قَوْلُهُ: "فَفَضَلَتْ فِيهَا فَضْلَةٌ" (¬60) (أَيْ: بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ. الْفَضْلُ: هُوَ الزَّائِدُ) (¬61) وَالْفَضْلَةُ: الزِّيَادَة وَمَعْنَاهُ: مَا زَادَ عَلَى حَاجَتِهَا. يُقَالُ مِنْهُ: فَضِلَ الشَّىْءُ بِالْكَسْرِ يَفْضَلُ بِالْفَتْحِ (¬62)، وَفَضَلَ الشَّىْءُ (¬63) بِالْفَتْحِ يَفْضُلُ بِالضَّمِّ (¬64)، وَفَضِلَ بِالْكَسْرِ يَفْضُلُ بِالضَّمِّ، ثَلَاثُ لُغَاتٍ، وَالثَّالِثَةُ قَلِيلَةٌ (¬65) (عَزِيزَةٌ، وَلَهَا نَظَائِرُ مِنَ الصَّحِيحِ وَالْمُعْتَلِّ مَعَ قِلَّتِهَا) (¬66). * * * ¬
ومن باب التيمم
وَمِنْ (¬1) بَابِ التَّيَمُّمِ (أصْلُ التَّيَمُّمِ فِي اللُّغَةِ: الْقَصْدُ) (6) يُقَالُ: يَمَّمْتُ فُلَانًا وَتَيَمَّمْتُهُ: إذَا قَصَدْتَهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ} (¬2) أَيْ لَا تَقْصِدُوا (وَقَالَ الْأعْشَى (¬3): تَيَمَّمْتُ قَيْسًا وَكَمْ دُونَهُ ... مِنَ الأرْض مِنْ مَهْمَهٍ ذِى شَزَنِ وَقَالَ امْرُؤْ الْقَيْس (¬4): تَيَّمَمْتُ الْعَيْنَ الَّتِى عِنْدَ ضَارِجٍ ... يَفِى عَلَيْهَا الظِّلُّ عَرْمَضُهَا طَامٍ (¬5) وَكَذَلِكَ التَّيَمُّمُ فِي الشَّرْعِ: هُوَ الْقَصْدُ إلَى الصَّعِيدِ، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى سُمِّىَ الْمَسْحُ بِالتُّرَاب تَيَمُّمًا. وَأمَّا الصَّعِيدُ، فَقَدْ قَالَ (بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ) (¬6) إِنَّهُ يَقَعُ عَلَى التُّرابِ، وَعَلَى وَجْهِ الأرْض، ¬
وَعَلَى الطَّرَيقِ (¬1). وَقَالَ فِي الأمّ (¬2): لَا يَقَعُ الصَّعِيدُ إِلَّا عَلَى تُرَابٍ ذِى غُبَارٍ. وَقَالَ الْمُفَسِّرونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {صَعِيدًا زَلَقًا} (¬3) تُرَابَأ أمْلَسَ (¬4). وَقَوْلُهُ: {صَعِيدًا جُرُزًا} (¬5) تُرَابًا لَا نَبْتَ فِيهِ (¬6) وَقِيلَ: سُميَ وَجْهُ الأرْض صعِيدًا؛ لِأنَّهُ صَعَدَ عَلَى الْأرْضِ. وَأمَّا الطَّيِّبُ، فَأَرادَ بِهِ: الطَّاهِرَ. فَوْلُهُ: "فَتَمَعَّكَتْ فِي (¬7) التُّرَابِ" (¬8) أيْ: تَمَرَّغَتْ، يُقَالُ: تَمَعَّكَت الدَّابَّةُ، أيْ: تَمَرَّغَتْ. وَمَعَّكتُهَا أَنَا (بِهِ) (¬9) تَمْعِيكًا. قَوْلُهُ: "فَإذَا بَلَغَ الْكوعَ" (¬10) الْكُوعُ وَالْكَاعُ (¬11): طَرَفُ الزَّنْدِ الذِى يَلى الإبْهَام. وَالَّذِى يَلى ¬
الخِنْصَرَ: هُوَ الْكُرسُوعُ (¬12). قَوْلُهُ: "صَمَدَ لِلرِّيحِ" (¬13) مَعْنَاهُ: قَصَدَ. يُقَالُ: صَمَدَ صَمْدَهُ، أيْ: قَصَدَ قَصْدَهُ. قَوْلُهُ: "وَالطَّعَامُ لِلْمَجَاعَةِ" (¬14) هِىَ مَفْعَلَةٌ مِنَ الجُوع، قُلِبَتْ وَاوُهَا أَلِفًا، وَأَصْلُهَا مَجْوَعَةٌ. قَوْلُهُ: "صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ" (¬15) مُحَرَّكٌ، أَيْ: عَلَى قَدْرِ حَالِهِ. يُقَالُ: افْعَلْ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ، أَيْ: عَلَى قَدْرِهِ بِفَتْحِ السِّينِ (¬16). قَوْلُهُ: "جُدَرِىٌّ"، (¬17) مَعْرُوف، وَهُوَ نَفْطٌ مُنتفِخٌ يَحْدُثُ فِي الْجَسَدِ يَزيدُهُ أَلَمَا، يُقَالُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا (¬18) وَاشْتِقَاقُهُ: مِنْ جَدَرَ: إذَا نتَأ وَارْتَفعَ، وَمِنْهُ الجِدَارُ. قَوْلُهُ (¬19): "الْحَضَرُ ضِدُّ الْبَدْوِ، وَهُوَ ضِدُّ السَّفَرِ أَيْضًا (¬20). وَالْحَاضِرُ: الْحَيُّ النُّزُولُ عَلَى الْمَاءِ. وَأصْلُهُ: مِنَ الْحُضُورِ الَّذِى هُوَ ضِدُّ الْغَيِّبَةِ (¬21). قَوْلُهُ: "غَزَاةُ ذَاتِ السَّلَاسِلِ" (¬22) قَالَ الْبُخارِيُّ (¬23) هِىَ غَزْوة لَخم وَجُذَام، قَالَهُ اسْمَاعِيلُ بْنُ أبِي خَالِدٍ. وَقَالَ ابْنُ اسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ أن عُرْوَةَ: هِيَ (¬24) بِلادُ بَلىٍّ، وَعُذرَةَ وَبَنى الْقَيِّن (¬25). قَالَ الْبَيهَقِيُّ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ: وَهُوَ مَاءٌ بِأرْضِ جُذَامَ يُقَالُ لَهُ: السَّلَاسِلُ، وَبِذَلِكَ سُميَتْ تِلْكَ الْغَزَاةُ "ذَاتُ السَّلَاسِلِ". قَوْلُهُ: "شَينًا فَاحِشًا" الشِّيْنُ (¬26): ضِدُّ الزَّيْن، وَالشِّيْنُ أيْضًا: الْغَيْبُ. وَالْفَاحِشُ: الْقَبِيحُ، وَكُلُّ شَيْءٍ جَاوَزَ حَدَّهُ فَهُوَ فَاحِشٌ (¬27). قَوْلُهُ: "لِأنَّهَا غَيْرُ مَحْصُورَةٍ" (¬28) يُقالُ: حَصَرَهُ يَحْصُرُهُ حَصْرًا: إذَا ضَيَّقَ عَلَيْهِ (¬29). وَالْمَعْنَى: أنَّهَا غَيْرُ مَعْدُودَةٍ عَدَدًا لا يُزادُ فِيهِ، وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ، فيضَيِّقُ عَلَى فَاعِلِهَا فِعْلُهَا، وَالله أعْلَم (¬30). قَوْلُهُ: "عُذْرٌ نَادِرٌ" (¬31) أَيْ:- قَلِيلٌ شَاذٌ، وَمِنْهُ النَّوَادِرُ (¬32) وَهِيَ الشَّاذْةُ الْقَلِيلَةُ الْخَارِجَةُ عَن الْعَادَةِ ¬
وَالْقِيَاس. قَوْلُهُ: "الاسْتِيعَابُ" (¬33) هُوَ الاسْتِكْمَال وَالاسْتِقْصَاءُ عَلَى الشَّىْءِ، يُقَالُ: أوْعَبَهُ قَطْعًا: استقْصَى عَلَيْهِ (33)، فَهُوَ مُوْعَبٌ (¬34)، وَالسِّينُ زَائِدَة فِي الاسْتِفْعَالِ (¬35)، (وَالله أعْلَمُ) (¬36). * * * ¬
ومن باب الحيض
وَمِنْ بَابِ الْحَيْضِ قَالَ الْهَرَوِيُّ (¬1): الحَيْضُ: اجْتِمَاعُ الدَّمِ، وَالْمَحِيضُ: الْمَكَانُ الْذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ، وَبِهِ سُمِّيَ الْحَوْضُ؛ لِاجْتِمَاع الْمَاءِ فِيهِ (¬2) قَالَ فِي الشَّامِلِ (¬3): ذَهبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أنَّهُ الْحَيْضُ (¬4). يُقَالُ: حَاضَت الْمَرأةُ (¬5) حَيْضًا وَمَحِيضًا، كَمَا يُقَالُ: سَارَ سَيْرًا ومَسِيرًا. وَيُقَالُ: بلْ هُوَ الْوَقْتُ وَالزَّمَانُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ} (¬6) أَيْ: لَا تَقْرَبُوهُنَّ فِي زَمَانِ الْحَيْض (¬7) وَالْمَكَانُ الْفَرْجُ، أَيْ: لَا تَقْرَبُوهُنَّ فِي الْفَرَجِ زَمَان حَيْضِهِنَّ، يُقالُ: حَاضَتِ الْمَراةُ وَتَحَيَّضَتْ وَطَمَثَتْ وَعَرَكَتْ سَوَاءٌ (¬8). وَقِيلَ: سُمِّيَ حَيْضًا مِنْ قَوْلِهِمْ: حَاضَ السَّيْلُ: إذَا فَاضَ (¬9). وَأَنْشَدَ الْمُبَرِّدُ لِعُمَارَةَ بْنِ عَقِيلٍ (¬10): أجَالَتْ حَصَاهُنَّ الذَّوَارِى وَحَيَّضَتْ ... عَلَيْهِنَّ حَيْضَاتُ السِّيولِ الطَّوَاحِمِ (¬11) قَوْلُهُ (¬12): وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ أَذًى} (¬13) الأذَى: هُوَ (¬14) الْمَكْرُوهُ الَّذِي لَيْسَ بِشَدِدٍ. قَالَ الله تَعَالَى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى} (¬15) وَالْمَعْنَى: أنَّهُ أَذًى يُعْتَزَلُ مِنْهُ، وَلَا يَتَعَدَّى مَوْضِعَهُ إلَى غَيْرِهِ. قَوْلُهُ (¬16): "إِذَا أَقْبَلَتِ الْحِيضَةُ" بِكَسْرِ الْحَاءِ، وَهِيَ اسْم لِلْحَالِ الدّائِمَةِ (¬17)، كَالْجِلْسَةِ وَالرَّكْبَةِ. وَأمَّا الْحَيِّضَةُ بِالْفَتْحِ، فَهِيَ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةِ (¬18). وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَيْض وَالاسْتِحَاضَةِ: أَنَّ الْحَيْضَ: الَّذِى يَأتي لأوْقَاتِ مُعْتَادَةٍ. وَدَمُ الاسْتِحَاضَةِ يَسُيلُ مِنَ الْعَاذِلِ، وَهُوَ عِرْقٌ فَمُهُ الَّذِى يَسِيلُ مِنْهُ فِي أدْنَى الرَّحِمِ دُونَ قَعْرهِ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ (¬19). ¬
قَوْلُهُ: "فَأمَّا العُبُورُ" (¬20) الْعُبُورُ: الْمُرُورُ، يُقَالُ: هُوَ عَابِرُ سَبِيلٍ، أَيْ: مَارُّ الطَّرِيقِ (¬21). وَعَبَرَ عُبُورًا: مَر مُرُورًا. قَوْلُهُ: "تَحَيِّضِي فِي عِلْمِ اللهِ (¬22)، أَيْ: الْتَزِمِي حُكْمَ الْحَيْض فِي عَادَتِكِ وَاجْتِهَادِكِ، فَحَيِّضي (¬23) نَفْسَكِ بِغَلَبَةِ ظَنِّكِ في عِلْم اللهِ، أيْ: فِيمَا عَلَّمْكِ الله. وَمَعْنَاهُ: مِمَّا (¬24) تَخفَظِين مِن عَادَتِكِ (¬25) وَفِي عِلْمِ اللهِ الْذِى يَعْلَمُ مِنْ عَادَتِك، إنْ كَانَتْ سِتَا فَتَحَيِّضي سِتًا، وَإنْ كَانَتْ سَبْعًا فَتَحَيِّضي سَبْعًا (¬26). وَاللَّفْظُ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِى الشَّكَّ وَالتَّخْيِيرَ (¬27). قَالَ فِي الْبَيَانِ (¬28): يَحْتَمِلُ تَأويلَين، أحَدُهُمَا: أنَّهُ خَيَّرهَا فِي ذَلِكَ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْن الصَّبَّاغٍ؛ لِأنَّ السِّتَّ عَادَةٌ غَالِبَة فِي النِّسَاءِ. وَالسَّبْعُ عَادَةٌ غَالِبَةٌ فِيهِن أيْضًا (¬29) وَالثَّانِي: أنَّهُ شَكَ في الْعَادَةِ الغَالِبَةِ، فرَدَّها إلَى اجْتِهَاها في ذَلِكَ، وَهُوَ اختِيَارُ الطَّبرِىِّ. قَوْلُهُ: "يُلْفَقُ" (¬30) التَّلْفِيقُ: مَأخُوذٌ مِنْ لَفَقْتُ الثَّوْبَ أَلفِقُهُ لَفْقًا، وَهُوَ: أن تَضُمَّ شُقَّةً إلَى شُقَّةٍ (¬31) أخْرَى فَتَخِيطَهُمَا (¬32). قَوْلُهُ: "إنْ رَأتْ (¬33) الصُّفْرَةَ أوِ الكُدْرَةَ" الْكُدْرَةُ: لَوْنُ لَيْسَ بصَافٍ، بَلْ يَضْرِبُ إلَى السَّوَادِ، وَلَيْسَ بِالأسْوَدِ الْحَالِكِ (¬34). قَوْلُهُ: "دَمُ الجِبِلَّةِ" (¬35) بِالْكَسْرِ (¬36): هِيَ الْخِلْقَةُ، مِنْ جَبَلَهُ اللهُ، أيْ: خَلَقَهُ. قَوْلُهُ: "أغْلَبُ لِذِى لُبٍّ مِنْكُنَّ" (¬37) أيْ: لِذِى عَقْل، وَاللُّبُّ: الْعَقلُ. قَوْلُهُ: "مُمَيِّزة" (¬38) المُمَيِّزةُ: هِيَ الَّتى تُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَيْض وَالاسْتِحَاضَةِ. مِنْ مَيَّزتُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ: إذَا فَرَّقْتَ بينَهُمَا. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬39) يُقَالُ: مِزتُ (¬40) الشَّىْءَ أمِيزُهُ: إذَا عَزَلْتَهُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} (¬41). قَوْلُهُ: "الْمُحْتَدِمُ الْقَانِىءُ" (¬42) الْمُحْتَدِمُ: الْمُحْمَرُّ، وَاحْتِدَامُ الدَّم: شِدَّةُ حُمْرَتِهِ (¬43). وَيُقَالُ: ¬
هُوَ (¬44) حَرَارَتُهُ، مِن احْتَدَمَتِ النَّارُ: إذَا الْتَهَبَتْ (¬44). وَقَالَ فِي الْوَسِيطِ (¬45): الْمُحْتَدِمُ: اللَّذَّاعُ لِلْبَشرَةِ لِحِدَّتِهِ (¬46)، وَلَهُ (¬47) الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ، ومَعْنَى اللَّذَّاعُ: الْمُحْرِقُ. وَلَذَعَتْهُ (¬48) النَّارُ، أَيْ (¬49): أحْرَقَتْهُ وَالْقَانِئُ: الشَّدِيدُ (¬50) الْحُمْرَةِ. يُقَالُ: قَنَأَ يَقْنَأَ قنوءً: إفَا اشْتَدَّتْ حُمْرَتُهُ، قَالَ (¬51): . . . . . . . . . ... قَنَأَت أنَامِلُهُ مِنَ الْفِرْصَادِ قَوْلُهُ: "دَمُ النِّفَاس" (¬52) لمس وَالنُّفَسَاءُ (¬53). وَالنِّفَاسُ (¬54): أصْلُهُ مِنَ النَّفْس وَهُوَ الدَّمُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: "لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةٌ" يُقَالُ: نَفِسَتِ الْمَرْأَةُ بِفَتْحِ النُّونِ: إذَا حَاضَتْ (¬55)، وَنُفِسَتْ بِضَمِّ النُّونِ: إذَا وَلَدَت (¬56) قَوْلُهُ: "ذَاتُ الْجُفُوفِ (¬57) " بضَمِّ الْجِيمِ: هُوَ مِنْ جَفَّ الثَّوْبُ يَجِفُّ بِكسْرِ الجِيمِ (¬58) جَفَافًا وَجُفُوفًا. وَفَتْحُ الجِيمِ (¬59) لُغَةٌ فِيهِ حَكَاهَا أبو زَيِد (¬60) وَأرَادَ أنَّ رَحِمَهَا لَفسَ فِيهِ دَمٌ وَلَا طَلْقٌ (¬61). قَوْلُهُ: "أَنْعَتُ لَكِ الْكُرْسُفَ" (¬62) أَيْ: أَصِفُ. وَالنَّعْتُ: الْوَصْفُ. وَالْكُرْسُفُ: الْقُطنُ. قَوْلُهُ: "تَلَجَّمِي" أَيْ: اتَّخِذِى لِجَامًا، وَهُوَ شَبِيهٌ بِالإسْتِثْفَارِ، مِنْ ثَفرٍ الدَّابَّةِ. واللِّجَامُ: فَارِسِىٌ مُعَرَّبٌ (¬63). وَصِفَتُهُ: أن تَأخُذَ فُطْنَةً أوْ خِرْقَةً وَتَشُدَّ فَرْجَهَا، وَتَأخُذَ خِرْقَةً مَشْقُوقَةَ الطَّرَفَيْن، فتَدْخِلَهَا بَيْنَ فَخِذَيْهَا، وَتَشُدَّهَا عَلَى تِلْكَ الْقُطْنَةِ، وَتُخْرِجَ أَحدَ طَرَفَيْهَا إِلَى بَطنِهَا، وَالآخَرَ (¬64) الَى صُلْبِهَا، ثُمَّ تَشُدّ أَحَدَ الطرَفَيْن (¬65) إلَى خَاصِرَتِهَا الْيُمْنَى، وَأَحَدَ الطَّرَفَيْنِ الْمَشْقُوقَيْن بِالآخَرِ إلَى خَاصِرَتِهَا الْيُسْرَى. هَكَذَا ذُكِرَ. وَفى الْحَدِيثِ: "إنَّمَا أثُجُّ ثَجًّا" (¬66) "يُقَالُ: ثَجَّ الْمَاءُ يَثُجُّ: إذَا سَالَ مِنْهُ (¬67)، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَاءً ثَجَّاجًا} (¬68) أَىْ: سَائِلًا. قَوْلُهُ: "فَلَمْ تَصِحَ بِالتَّبَيُّنِ" (¬69) أرَادَ: بَيَانَ الشَّىْءِ وَظُهُورهُ وَثُبُوتَهُ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "التَّبَيُّنِ (¬70) مِنَ ¬
اللهِ وَالْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ" (¬71) أَيْ التَّثبُّتُ (مِنَ اللهِ) (¬72). قَوْلُهُ: "سَلِسُ الْبَوْلِ" (¬73) يُقَالُ: فُلانٌ سَلِسُ الْبَوْل: إِذَا كَانَ لَا يَسْتَمْسِكُهُ وَيَكْثُرُ بَوْلُهُ بِلَا حُرْقَةٍ وَأصْلُ السَّلَسِ: السُّهُولَةُ، يُقَالُ: شَىْءٌ سَلِسٌ. أَيْ: سَهْل، وَرَجُلٌ سَلِسٌ، أَيْ: لَيِّنٌ مُنْقَادٌ (¬74). (قَوْلُهُ) (72): "البَّاصُور" قَدْ ذُكِرَ (¬75). * * * ¬
ومن باب إزالة النجاسة
وَمِنْ بَابِ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ (¬1) قَوْلُهُ: "إنّهَا رِكْسٌ" (¬2) الرِّكْسُ (¬3) بِالْكَسْرِ: النَّجَسُ، فِعْل بِمَعْنَى مَفْعُول (¬4)، وَأصْلُهُ: مِنْ رَكَسَهَ إِذَا رَدَّهُ مَقْلُوبًا (¬5)، يُقَالُ: أرْكَسَهُ اللهُ وَرَكَسَهُ (¬6): إمَّا رَدَّهُ {وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ} (¬7) أَيْ: رَدَّهُمْ إلَى كُفْرِهِمْ (¬8). فَكَأن الرَّوَثَ وَمَا شَاكَلَهُ (¬9) قَدْ رُكِسَ، أَيْ: رُدَّ مِنَ الجَوْفِ وَرَجَعَ مُنقَلِبًا عَما كَانَ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا فَسَرهُ الشَّيْخُ، رَحِمَهُ الله (تَعَالَى) (¬10) بِالرَّجِيعِ (¬11) يَعْنى أنَّهُ رَجَعَ مِنَ الْجَوْفِ. وَرَجِيعٌ بِمَعْنَى رَاجِعٍ: فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ (¬12)؛ لِأنَّهُ رَجَعَ، أَيْ: رُدَّ مِنْ حَالَةٍ إلَى حَالَةٍ (¬13) أُخرَى. وَرَجَّعَتِ الدَّابَّةُ: إذَا رَاثَتْ. وَالرَّجِيعُ: (لِمَا تَرُدُّهُ مِنْ جِرَّتِهَا) (¬14). قَالَ الْأعْشَى (¬15): وَفَلَاةٍ كَأنَّهَا ظَهْرُ تُرْسٍ ... لَيْسَ إلَّا الرَّجِيعُ فِيهَا عِلَاقُ أَيْ (¬16): لَا تَجِدُ الإبِلُ فِيهَا عَلَفًا إلَّا مَا تُرَدِّدُهُ مِنْ جِرَّتِهَا، وَكُلُّ شَىْءٍ مَرْدُودٌ: رَجِيعٌ. قَوْلُهُ (¬17): "أحَالَتْهُ الطَّبِيعَةُ" وَطَعَامٌ حَائلٌ: مُتَغَيِّرٌ، وَحَالَ الْخَمْرُ: إذَا اسْتَحَالَ خَلَّا (¬18) أَيْ: انْقَلَبَ عَنْ حَالَتِهِ الَّتِى كَانَ عَلَيْهَا إلَى حَالَةٍ أُخْرَى (¬19) وَمِثْلُهُ: حَالَ لَوْنُهُ: إذَا تَغَيَّرَ، (وَصَارَ بِغَيْرِ مَا يُعْهَدُ) (¬20) وَحَالَ الشَّىْءُ مِنْ مَكَانٍ إلَى مَكَانٍ آخَرَ، أيْ: تَحَوَّلَ، وَكَذَلِكَ كُل مُتَحَوِّلٍ عَنْ حَالِهِ (¬21). ¬
قَوْلُهُ: "تَحَلَّلَ بِعِلَّةٍ" (¬22) أَيْ: نَزَلَ وَذَابَ كَمَا يَتَحَلَّلُ الشَّحْمُ وَالشَّمْعُ. وَ"تَحُت المَنِىَّ" (¬23) ذُكِرَ. قَوْلُهُ: "دَم غَيرُ مَسْفُوحٍ" (¬24) أَيْ: جَارٍ (¬25)، وَسُمِّىَ الزِّنَا سِفَاحًا؛ لإبَاحَةِ (¬26) الزَّانِييْن مَا أُمِرَا بِتَحْصِينِهِ وَمَنْعِهِ وَتَصْيِيرِهِمَا لَهُ كَالْمَاءِ الْمَسْفُوحِ الْمَصْبُوبِ. وَمَنْ. قَالَ: لِسَفْحِ الزَّانِيَيْن نُطْفَتهِمَا، فَقَدْ أَبْطَلَ، لِأنَّ الْمُتَنَاكِحَيْنِ يَسْفَحَانِهِمَا (¬27) كَمَا يَسْفَحُهُمَا الزَّانِيَانِ (¬28). قَوْلُهُ (¬29): {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} (¬30) الْمَيْسِرُ: القِمَارُ (¬31) وَالأنْصَابُ: جَمْعُ نَصْبٍ (¬32)، وَهُوَ مَا نُصِبَ فَعُبِدَ مِن دُونِ اللهِ (¬33)، وَكَذَا (¬34) النُّصْبُ بِالضَّمِّ، وَقَدْ يُحَرَّكُ، قَالَ (الْأعْشَى) (¬35): وَذَا النُّصُبَ الْمَنْصُوبَ لَا تَنْسُكَنَّهُ ... لِعَاقِبَةٍ وَاللهَ رَبَّكَ فَاعْبُدَا (¬36) وَالأزْلَامُ: وَاحِدُهَا: زُلَمٌ مِثْلُ عُمَر (¬37)، وَهِىَ السِّهَامُ الَّتِى كَانَ أهْلُ الْجَاهِلَيَّةِ يَستقْسِمُونَ بِهَا. قَوْلُهُ (¬38): "رِجْسٌ" أَيْ: نَجِسٌ. قَوْلُهُ: "مِنْ غَيْرِ نَجَاسَةٍ خَلَفَتْهَا" (¬39) أَيْ: جَاءَتْ بَعْدَهَا. يُقَالُ: خَلَفَهُ: إذَا جَاءَ مِنْ بَعْدِهِ وَمِنْهُ سُمِّىَ الْخَلِيَفَةُ. وَخَلَفَ عَلَى الْمَرأَةِ: إِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ أوَّلٍ (¬40). قَوْلُهُ: "أهْرِقْهَا" (¬41) يُقَالُ: "هَرَاقَ الْمَاءَ يُهَرِيقُهُ، بِفَتْحِ الْهَاءِ، أَيْ صَبَّهُ. وَأَصلُهُ أَراقَ يُرِيقُ إرَاقَةً. قَالُوا ذَلِكَ اسْتِثْقَالًا لِلْهَمْزَةِ (¬42). وَفِيهِ لُغَة أخْرَى: أهْرَقَ الْمَاءَ يُهْرِيقُهُ عَلَى أفْعَلَ يُفْعِلُ. قَالَ سيبويه: (ابْدَلُوا مِنَ الْهَمْزَةِ الْهَاءَ (¬43) ثُمَّ لَزِمَتْ فَصَارَتْ كأنَّهَا مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ، ثُمَّ أُدْخِلَت الهَمْزَةُ بَعْدَ الْهَاءِ، وَتُرِكَتْ الْهَاءُ عِوَضًا مِنْ حَذْفِهِم [حَرَكَةَ] (¬44) الْعَيْن؛ لِأنَّ أَصْلَ أهْرَقَ: أرْيَقَ. وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ: أهْرَاقَ يُهْرِيقُ إهْرَاقًا فَهُوَ مُهْرِيقٌ، وَالشَّىْءُ مُهْرَاقٌ، وَمُهَرَاقٌ بِالتَّحْرِيِكِ، وَهَذَا شَاذٌّ (¬45). ¬
قَوْلُهُ: "يَجْزِى فِي بَوْلِ الْغُلَام (¬46) النَّضْحُ" وَهُوَ (¬47) الرَّشُّ، وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ: أكْثَرُ مِنْهُ (¬48) وَقالَ (¬49) الْخَطَّابِىُّ (¬50): النضْحُ: إمْرَارُ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ مَرْسٍ (¬51) وَلَا دَلْكٍ، وَمِنْهُ الْبَعِيرُ النَّاضِحُ. قَوْلُهُ: "أمرَ فِي بَوْلِ الأعرَابِىِّ (¬52) بِذَنُوبٍ" الذَّنُوبُ: الدَّلْوُ الْمَلأى مَاءً، وَلَا يُقَالُ لَهَا ذَنُوبٌ وَهِىَ فَارِغَةٌ (¬53) وَجَمْعُهَا (¬54) أَذْنِيَةٌ ذَنَائِبُ (¬55). قَوْلُهُ: "يَغْمُرُ" الْبَوْلَ (¬56) أَيْ: يُغَطِّيهِ وَيَعْلُوهُ وَيَزِيدُ عَلَيْهِ. وَقدْ ذُكِرَ. قَوْلُهُ: "فِي مَوْضِعٍ ضَاحٍ" (¬57) أَيْ بِارِزٍ لِلشَّمْسِ، (لَا يَسْتُرُهُ عَنْهَا شَىْءٌ) (¬58) [يُقَالُ ضَحَا الرَّجُلُ يَضْحَى] (¬59) قَالَ الله تَعَالَى: {وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} (¬60) أَيْ: لَا تَبْرُزُ لِلشَّمْسِ فَتُؤْذِيكَ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ (¬61): يُقَالُ لِكُلِّ مَنْ كَانَ بَارِزًا فِي غَيْرِ مَا يُظِلُّهُ وَيُكِنُّهُ: إنَّهُ لَضَاحٍ (¬62). قَوْلُهُ: "الْمَرزُبَان" (¬63) بِضَمِّ الزَّاىِ: وَاحِدُ الْمَرَازِبَةِ مِنَ الْفُرْس، وَهُمُ الرُّؤسَاءُ، وَالْعُظَمَاءُ وَالْعُلَمَاءُ (¬64). قَوْلُهُ: "كالْزِّئْبِرِ فِي الثَّوْبِ" (¬65) بِكَسْرِ الزَّاىِ وَالْبَاءِ، وَالْهَمْزَةِ: هُوَ مَا يَعْلُو الثَّوْبَ الْجَدِيدَ مِنَ الزَّغَبِ، وَمَا يَعْلُوا الْخَزَّ. يُقَالُ: زَابَرَ الثَّوْبُ، فَهُوَ مُزَأْبِرٌ، وَمُزَأْبِرٌ، إِذَا خَرَجَ زِئْبِرُهُ (¬66) قَالَ يَعْقُوبُ (¬67): وَقَدْ قِيلَ: زِئبرُهُ، بضَمِّ الْبَاءِ. ¬
ومن كتاب الصلاة
وِمِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ أصْلُ الصَّلَاةِ: الدُّعَاءُ، قَالَ الأعْشَى (¬1): تَقُولُ بِنْتِى وَقَدْ قَرَّبْتُ مُرْتَحِلًا ... يَا رَبِّ جَنِّبْ أَبِي الأوْصَابَا وَالْوَجَعَا عَلَيْكِ مِثْلُ الَّذِى صَلَّيْتِ فَاغْتَمِضى ... نَوْمًا فَإنَّ لِجَنبِ الْمَرْء مُضطَجَعًا وَفي تَسْمِيَةِ الصَّلَاةِ صَلَاة لِأهْلِ الاشْتقَاقِ ثَلَاثَةُ أَقْوَال. قِيلَ: لِمَا فِيهَا مِنَ الدُّعَاءِ (¬2). وَقِيلَ: لِرَفْعِ الصَّلَا فِي الرُّكُوعِ، وَهُوَ مَغرِزُ الذَّنَب مِنَ الْفَرَس (¬3)، وَقِيلَ: لِمَا فِيهَا مِنَ الْخُشُوعِ وَاللّينِ، يِقَالُ: صَلَيْتُ الْعُودَ بِالنَّارِ: إِذَا لَيَّنْتَهُ. وَالْمُصَلِّى يَلِين وَيَخْشَعُ. قَوْلُهُ: "ثَائِرُ الرَّأسِ" (¬4) أيْ: شَعِثُ الرَّأس، قَدْ تَفَرَّقَ وَانتشَرَ مِنْ تَرْكِ الامْتِشَاطِ وَالادِّهانِ. وَيُقَالُ: أثَارَ التُّرابَ إِذَا بَحَثَهُ بِقَوائِمِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَثَارُوا الْأَرْضَ} (¬5) أَيْ: حَرَثُوهَا (¬6) وَقَوْلُهُ: {لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ} (¬7) وَمِنْهُ سُمِّىَ الثَّوْرُ (¬8). قَوْلُهُ: "يُسْمَعُ دَوِىُّ صَوْتِهِ" الدَّوِىُّ بِفَتحِ الدَّالِ: الصَّوْتُ الْذِى لَا يُفْهَمُ، كَدَوِىِّ النَّحْلِ وَدَوِىِّ الْمَطر وَالرَّعْدِ وَالرِّيحِ. وَقَدْ فَسَّرَهُ (¬9) بِقَوْلِهِ: "لَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ" أيْ: لَا يُفْهَمُ، وَأصْلُهُ: فَعِيلٌ مِنْ دَوَى يَدْوِى دَوْيًا بِالْفَتْحِ، مِثْلُ الشَّهِيقِ وَالنَّهِيقِ وَالزَّفِيرِ، وَسَائِر الأصْوَاتِ الْمَفْتُوحِ أوَّلِهَا. وَأصْلُهُ "دَوِيىْ" فَأدْعِمَ لِاجْتِمَاعِ المِثْلَيْنِ. وَذَكَرَ ابْنُ بَاشَاذَ (¬10): أنَّهُ مَضْمُومٌ لِأنَّهُ مَصْدَرٌ مِثْلُ الوُلُوجِ وَالشُّذُوذِ وَالْعُكُوفِ. وَ "يَفْقَهُ" يُرْوَى بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا. وَمَعْنَى إِلَّا أنْ تَطوَّعَ أيْ: تَفْعْلَ ذَلِكَ بِطوَاعِيَتَكَ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ، ولَا تَكْلِيفٍ، وَأصْلُهُ: تَتَطَوَّع. فَأبْدِلَتْ التَّاءُ (¬11) الثَّانِيَةُ طَاءً وَأُدْغِمَتْ فِي الطَّاءِ (¬12). قَوْلُهُ: "تَنْفِيرًا عَنِ الإسْلَام" (¬13) يُقَالُ: نَفَرَ عَنِ الشَّىْءِ: إذَا هَرَبَ مِنْهُ مَخَافَةً قَوْلُهُ: "سُقُوطُ الصَّلَاةِ عَنِ الْحَائِض غزِيمَةٌ" (¬14) أَيْ: شَرِيعَةٌ مَقْطُوعٌ بهَا. يُقَالُ: عَزَمْتُ عَلَى الشَّىْءِ عَزْمًا: إذَا أرَدْتَ فِعْلَهُ، وَقَطَعْتَ عَلَيْهِ، قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} (¬15) أيْ: صَرِيمَةَ أمْرٍ (¬16). ¬
قَوْلُهُ: "إحْدَى دَعَائِمِ الإسْلَامِ" (¬17) هِىَ جَمْعُ دِعَامَةٍ، وَهِىَ عَمُودُ الْبَيْتِ مِنَ الشَّعَرِ الَّذِى يُنْصبُ فِي وَسَطِهِ حَتَّى يَرْتفِعَ وَيَستقِيمَ (¬18) هَذَا أصْلُهُ. قَوْلُهُ: "يُنْخَسُ بِالسَّيْفِ" أيْ: يُلْكَزُ وَيُنْخَزُ (¬19) يُقَال: نَخَسَهُ بِالْعُودِ يَنْخُسُهُ وَيَنْخسُهُ (¬20) نَخْسًا وَمِنْهُ سُمِّىَ النَّخَّاسُ (¬21). قَوْلُهُ: "وَالْخبَرُ مُتَأوَّلٌ" (¬22) أيْ: يُرجَعُ فِيهِ إلَى تَأْوِيلٍ، وَهُوَ النَّظَرُ فِيمَا يَؤولُ إلَيْهِ مَعْنَاهُ (¬23)، مُشْتَقَّ مِنْ آل: إِذَا رَجَعَ. * * * ¬
ومن باب مواقيت الصلاة
وَمِنْ بَابِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ الْمَوَاقِيتُ: جَمْعُ مِيقَاتٍ، وَأصْلُهُ: مِوْقَاتٌ، بِالْوَاوِ، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ [يَاءً] (¬1) لانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا وَلِهَذَا ظَهَرَتْ فِي الْجَمْعِ، فَقِيلَ: مَوَاقِيتٌ، وَلَمْ يُقَلْ: مَيَاقِيتٌ. قَولُهُ: "الظِّلُّ الَّذِى (¬2) يَكُونُ لِلشَّخْصِ" (¬3) الشَّخْصُ: سَوَادُ الإنْسَانِ وَغَيْرِهِ، تَرَاهُ مِنْ بَعِيدٍ (¬4) يُقَالُ: ثَلَاثَةُ أشْخُصٍ، وَالْكَثِيرُ: شُخُوصٌ، وَأَشْخَاصٌ (¬5)، وَشَخُصَ الرَّجُلُ بِالضَّمِّ فَهُوَ شَخِيصٌ، أَيْ: جَسِيمٌ (¬6). قَوْلُهُ: "الْفَىْءُ مِثْلُ الشِّرَاكِ" (¬7) الظِّلُّ يَكُونُ أَوَّلَ النَّهَارِ، الَّذِى تَنْسَخُهُ الشَّمْسُ، أَيْ تُزِيلُهُ وَلَا يُقَالُ لَهُ فَىْءٌ، وَالْفَىْءُ يَكُونُ فِي آخِرِ النَّهَارِ الَّذِى يَنْسَخُ الشمْسُ وَلَا يُقَالُ لَهُ ظِلٌّ (¬8). قَالَ حَمِيدٌ: فَلَا الظِّلِّ مِنْ شَمْس الضُّحَى تَسْتَطِعُهُ ... وَلَا الْفَىْءَ مِنْ بَرْدِ الْعَشِىِّ تَذُوقُ (¬9) ¬
وَهُوَ الَّذِى أَرَادَ الشَّيخُ. وَمَعْنَى زَالَتِ الشَّمْسُ: أَى انْحَطَّتْ عَنْ كَبِدِ السَّمَاءِ، وَمَالَتْ إلَى المَغرِبِ وَالْفَىْءُ يَكُونُ فِي زَمَانٍ دُوْن زَمَانٍ، وَبِلَادٍ دُوْن بِلَادٍ. وَأصْلُ الْفَىءِ: الرُّجُوعُ، يُقالُ: فَاءَ إِذَا رَجَعَ وَسُمِّىَ الظِّلُّ فَيْئًا؛ لِأنَّهُ مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ. وَالْفَىْءُ: الْغَنِيمَةُ أيْضًا، كِلَاهُمَا سَوَاءٌ. بِالْهَمْزِ (¬10). قَؤلُهُ: "الْعَتَمَةُ" (¬11) قَالَ الْخلِيلُ (¬12): الْعَتَمَةُ: الثُّلُثُ الأوَّلُ مِنَ اللَّيْلِ بَعْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ. وَقَدْ عَتَمَ اللَّيْلِ يَعْتِمُ، وَعَتَمُهُ: ظَلَامُهُ. وَالْعَتَمَةُ أيْضًا: بَقِيَّةُ اللَّبَنِ تُفِيقُ بِهِ النَّعَمُ تِلْكَ السَّاعَةِ (¬13)، يُقَالُ: حَلَبْنَا عَتَمَةً. وَالْعَتُومُ: النَّاقَةُ الَّتِى لَا تَدِرُّ إِلَّا عَتَمَة، يُقَالُ جَاءَنَا ضَيْفٌ عَاتِمٌ (¬14). وَقِرَئ عَاتِمٌ، أيْ: بَطِىءٌ، وَقَدْ عَتَّمَ قِرَاهُ: أَيْ أَبْطَأ (¬15). وَأصْلُهُ: ذَلِكَ الْوَقْتُ. وَأمَّا الشَّفقُ: فَهُوَ بَقِيَّةُ ضَوْءِ الشَّمْسِ وَحُمْرَتُهَا فِي أوَّل اللَّيْلِ إلى قَرِيبٍ مِنَ الْعَتَمَةِ. وَقَالَ الخَلِيلُ (¬16): الشَّفَقُ: الْحُمْرَةُ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى وَقْتِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ، فَإِذَا ذَهْبَ قِيلَ: غَابَ الشَّفَقُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ (¬17): سَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ: عَلَيْهِ ثَوْبٌ [مَصْبُوغٌ] (¬18) كَأنَّهُ الشَّفَقُ، وَكَانَ أحْمَرَ (¬19). وَالعِشَاءَانِ: الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ، وَلِذَلِكَ قَالُوا: عِشَاءُ الآخِرةِ. قَوْلُهُ (¬20): "شِدَّةُ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ" مَأخُوذٌ مِنْ فَاحَ الطِّيبُ: إِذَا تَضَوَّعَ، يُقَالُ: فَاحَتْ رِيحُ الْمِسكِ تَفِيحُ وَتَفُوحُ فَيْحًا وَفَوَحَانًا: إِذَا ظَهَرَتْ. وقالَ اللَّيْثُ (¬21): الْفَيْحُ: سُطُوعَ الْحَرِّ. يُقَالُ: فَاحَتِ الْقِدْرُ تَفِيحُ: إِذَا غَلَت. وَفَاحَتْ الشَّجَّةُ: إذَا نَفَخَتْ بِالدَّمِ (¬22). قَوْلُهُ: "خُضَّتْ بِالتَثْوِيبِ" (¬23) التَّثْوِيبُ: قَوْلُ الْمُؤَذنِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِّنَ النَّوْمِ، (¬24). وَمَعْنَى التَّثْوِيبِ: الرجُوعُ؛ لِأنَّهُ رَجَعَ إلَى ذِكْر الصَّلَاةُ بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْهُ في قَوْلِهِ: حَىَّ عَلَى الصَّلَاةِ. (¬25) "ويُقَالُ": ثَابَ إلَى الْمَكَانِ: إذَا رَجَعَ. وَفِى الْمَثَلِ: "ثَابَ الفَهْمُ بَعْدَ مَا نَفَذَ السَّهْمُ" (¬26) قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ} (¬27) أَيْ: يَرْجِعُونَ إلَيْهِ بِحَجِّهِمْ وَعُمْرَتِهِمْ. وَأنْشَدَ الشَّافِعِىُّ (¬28): مَثَابًا لِأفْنَاءِ الْقَبَائِلِ بَعْدَمَا ... تَخُبُّ إلَيْهِ الْيَعْمَلَاتُ الذَّوَابِلُ ¬
قَوْلُهُ: "ثَمَّ طَرَأ الْعُذْرُ" (¬29) بِالْهَمْزِ، أَيْ: حَدَثَ. قَوْلُهُ (¬30): {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (¬31) قَالَ أهلُ التَّفْسِيرِ كُلُّهُم: هِىَ صَلَاةُ الْفَجْرِ تَشْهَدُهَا مَلَائِكَةُ اللَّيلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ، أَيْ: تَحْضُرُهَا (¬32). قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬33): سُمِّيَتِ الصَّلَاةُ قُرْآنًا؛ لِمَا يُقْرَأْ فِيهَا مِنَ الْقُرْآنِ. وَأَصْلُ الْفَجْر: الانْشِقَاقُ وَمَعْنَاهُ: انْشِقَاقُ الظُّلْمَةِ عَنِ الضِّيَاءِ، قَالَ الله تَعَالَى: {فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} (¬34) أَيْ: انْشَقَّتْ وَهُمَا فَجْرَانِ: مُسْتَطِيلٌ ومُسْتَطِيرٌ (¬35). فَالْمُسْتَطِيلُ الْمُسْتَدِقُّ صَاعِدًا فِي الْجَوِّ شِبْهُ ذَنَبِ السِّرْحَانِ، وَهُوَ الذِّئْبُ. وَإنَّمَا شُبِّهَ بِهِ؛ لِكَوْنِهِ مُسْتَدِقًّا صَاعِدًا مِنْ غَيْرِ اعْتِرَاض، وَهُوَ الْكَاذِبُ، وَالْمُسْتَطِيرُ: الْمُنْتَشِرُ في الأفُقِ عَرْضًا، وَكُل مُنْتَشِرٍ مُسْتَطِيرٌ (¬36). قَالَ حَسَّانُ (¬37): وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِى لُؤىٍّ ... حَرِيقٌ بِالبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ لُؤَىُّ: مَهْمَوزٌ: تَصْغِيرُ الَّلأى (¬38) وَهُوَ الثَّوْرُ الْوَحْشِىُّ (¬39). وَالبُوَيْرَةِ بِغَيْرِ هَمْزٍ: مَوْضِعٌ (¬40)، وَلَيْسَ بِتَصْغِيرِ بِئْرٍ. وَهُوَ الْفَجْرُ الصَّادِقُ؛ لِأنَّهُ صَدَقَ عَنِ الصُّبْحِ. قَؤلُهُ: "وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ" مُسَمَّاة بِاسْمِ أوْقَاتِهَا، فَأَمَّا الصُّبحُ، فَسُمِّىَ صُبْحًا؛ لِأنَّهُ يَجْمَعُ بَيَاضًا وَحُمْرَةً، يُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِى عَلَتْهُ حُمْرَةٌ: أصْبَحُ (¬41). ذَكَرَهُ فِي الشَّامِلِ (¬42). وَأمَّا الظُّهْرُ: فَهُوَ الْوَقْتُ بَيْنَ الزَّوَالِ (¬43) وَالإبْرَادِ، مَأخُوذٌ مِنَ الظُّهُورِ، وَهُوَ الإرْتِفَاعُ، وَسُمِّىَ الظَّهِيَرَةَ أيْضًا (¬44)، قَالَ الله تَعَالَى: {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ} (¬45) وَالْعَصْرُ: سُمِّيَتْ عَصْرًا بِاسْمِ ذَلِكَ الْوَقْتِ (¬46)، وَالْعَصرُ: مِنَ الإبْرَادِ إلَى تَطْفِيلِ الشَّمْسِ، قَالَ الْحَارِثُ بْنُ حِلِّزَةَ: ¬
آنَسَتْ نَبأَةً وَأَفْزَعَهَا الْقَـ ... نَّاصُ عَصْرًا وَقَدْ دَنَا الإمْسَاءُ (¬47) وَالْعَصْرَانِ: الْغَدَاةُ وَالْعَشِىُّ. وَقِيل. اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ (¬48). ذَكَرَهُ فِي الشَّامِلِ (¬49). وَحُكِىَ عَنْ أَبِى قِلَابَةَ (¬50): إنَّمَا سُمِّىَ الْعَصرُ؛ لأنَّهَا تُعْصَرُ (¬51)، وَالإعْتَامُ: التَّأخِيرُ، وَقَدْ ذُكِرَ. وَأمَّا الْمَغْرِبُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَفْسيِرٍ (¬52). قَوْلُهُ: "القُنُوتُ فِي الصُّبحِ" (¬53) هُوْ الدُّعَاءُ. وَفِى الْحَدِيثِ: "قَنَتَ عَلَيْهِمْ شَهْرًا، أَيْ: دَعَا وَيَكُوُن القُنُوتُ أيْضًا: الطَّاعَةُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (¬54) أيْ: مُطعِينَ. وَقَوْلُهُ: {كَانَ أُمَّةً قَانِتًا} (¬55) أَيْ: مُطِيعًا. قَالَ ابْنُ الأنْبَارِىِّ (¬56): القُنُوتُ يَنْقَسِمُ عَلَى أرْبَعَةِ أقْسَامٍ: الصَّلَاةُ، وَطُولُ الْقِيَام، وَإقَامَة الطَّاعَةِ، وَالسُّكُوت. وَمِنْهُ قَوْلُ زَيْدِ بْن أرْقَمَ: "كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فَأمْسَكْنَا (¬57). وَأمَّا طُولُ الْقِيَامِ، فَمَا رُوِىَ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ أفْضَلِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: "طُولُ الْقُنُوتِ" أَيْ: الْقِيَامِ (¬58). قَوْلُهُ (¬59): "لَيْسَ التَّفْرِيطُ فِي النَّوْمِ" التَّفْرِطُ: هُوَ التَّضْيِيعُ وَالتَّقْصِيرُ، قَالَ ابْنُ عَرَفَة (¬60): هُوَ تَرْكُ الشَّىْءِ حَتَّى يَمْضىَ وَقْتُ إمِكَانِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى وقْتٍ يَمْتَنِعُ فِيهِ، يُقَالُ: "فَرَّطَ" بِالتَّشْدِيِد: إذَا قَصَّرَ (¬61)، وَ"فَرَطَ" بالتَّخْفِيفِ: إذَا تَقَدَّمَ (¬62): وَ"أفْرَطَ": إذَا جَاوَزَ الْحَدِّ (¬63). ¬
ومن باب الأذان
ومِنْ بَابِ الأذَانِ أَصْلُ الأذَانِ في اللُّغَةِ: الإِعْلَامُ (¬1)، قَالَ الله تَعَالَى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} (¬2). وَقَوْلُهُ: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ} (¬3) أَيْ: إعْلَامٌ. فَالْمُؤَذنُ يُعْلِمُ النَّاسَ بِدُخُول الْوَقْتِ. وَاشْتِقَاقُهُ: مِنَ الأذَانِ، لِأنَّ بِهَا يُسْمَعُ الأذَانُ، أَىْ: الإِعْلَامُ. هَكَذَا ذَكَرَهُ الزَّجَّاجُ (¬4) وَآذَنْتُكَ بِالْأمْرِ، أَيْ: أوْقَعْتُهُ في أُذُنِكَ فَسَمِعْتَه. وَفِيه لُغَتَانِ: آذَنَ، وَأَذَّنَ: إذَا كَانَ بِمَعْنَى الإِعْلَامُ، وَإنَّمَا شُدِّد مُبَالَغَةٌ وَتَكْثِيرًا، قَالَ الله تَعَالَى: {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ} (¬5) أيْ: أعْلَمَ. وَقَالَ: {فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ} (¬6) أعْلَمْتُكُمْ فَاسْتَوَيَتَا في الْعِلْم (¬7). قَوْلُهُ: "مَشْرُوعَانِ لِلصَّلَوَاتِ الْخمْسِ" (¬8) الْمَشْرُوعُ: لَفْظٌ يَشْتَمِلُ عَلَى الْوَاجِبِ وَالْمَسْنُونِ فَعَمَّ بِذَلِكَ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهِمَا، وَقَؤلَ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُمَا سُنَّتَانِ. قَوْلُهُ: "اسْتَشَارَ الْمُسْلِمِينَ" (¬9) أَيْ: اسْتَخْرَجَ رَأيَهُمْ، مِنْ شُرْتُ الْعَسَلَ: إذَا استخْرَجْتَهُ مِن بَيْتِ النَّحْلِ. يُقالُ: شُرْتُ العَسَلَ، وَأشَرْتُهُ، وَاشْتَرْتُهُ (¬10)، فَهُوَ مَشُورٌ (¬11)، وَمُشْتَارٌ وَمُشَارٌ. قَالَ (¬12): . . . . . . . . . . ... وَحَدِيثٍ مِثْلِ مَاذِىٍّ مُشَارِ وَقَالَ العُزَيْزِىُّ (¬13): مَأخُوذٌ مِنْ شُرْتُ الدَّابَّةَ وَشَوَّرْتُهَا (¬14): إذَا اسْتَخْرَجْتَ جَرْيَهَا، وَعَلِمْتَ خَبَرَهَا. قَوْلُهُ: "النَّاقُوسُ" هُوَ آلةٌ مِنْ نُحَاسٍ أوْ خَشَبٍ، قَالَ (¬15): صَوْتُ النَّوَاقِيسِ بِالأسْجَارِ بَلِ الدْ ... يُوكِ الَّتِى هَيَّجْنَ تَشْوِيقى ¬
تَضْرِبُهَا النَّصَارَى عِنْدَ صَلَاتِهِمْ، يُقَالُ: نَقَسَ: إِذَا ضَرَبَ بِالنَّاقُوسِ (¬16). قَوْلُهُ (¬17): "الأئِمَّةُ ضُمَنَاءُ وَالأمَنَاءُ أحْسَنُ حَالًا مِنَ الضُّمَنَاءِ" (¬18) مَعْنَاهُ: أنَّهُ يُحْمَلُ عَلَيْهِمْ كُلُّ سَهْوٍ في الصَّلَاةِ، وَلَيْسَ مِنْ ضَمَانِ الْغَرَامَةِ. وَقِيلَ: إنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُمْ فَرْضُ الْكفَايَةِ فِى صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَأمَنَاءُ: عَلَى دُخُولِ الْمَوَاقِيتِ، وَمُرَاعَاتِهَا، فَلَا يُفَرَّطُ فيؤَخرُ الْأذَانَ عَنْ وَقْتِهِ، وَلَا يُعَجِّلُ فيؤَذِّنُ قَبْلَ دُخُول الْوَقْتِ فَلَا يُجْزِئهُمْ. قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬19): يُرِيدُ: أنَّهُ يَحْفَظُ عَلَى الْقَوْم صَلَاتَهُمْ. وَمَعْنَى الضَّمَانَةِ: الْحِفْظُ وَالرِّعَايَةُ) (¬20). قَولُهُ: "لَاسْتهَمُوا" (¬21) أيْ: اقْتَرَعُوا بِالسِّهَام؛ لِأنَّ الْقُرْعَةَ تَكُونُ بِسِهَامِ النَّبْلِ عِنْدَ الْعَرَبِ. قَوْلُهُ: "صُقْعٌ" (¬22) الصُّقْعُ: النَّاحِيَةُ: قَوْلُهُ: "مِنَ شِعَارِ الإسْلَامِ" بِالْكَسْرِ، أَيْ: عَلَامَتِهِ، يُقَالُ: شَعَرَ بِالشَّىْءِ: إذَا عَلِمَهُ (¬23). وَأَشْعَرَ الْهَدْىَ، أيْ (¬24): جَعَلَ لَهُ عَلَامَةً يُعْرَفُ بِهَا (¬25). قَوْلُهُ: "حَتَّى ذَهَبَ هَوِىُّ مِنَ اللَّيْلِ" (¬26) بِفَتْحِ الْهَاءِ. أَيْ: هَزِيعٌ مِنْهُ، وَهُوَ: طَائِفَةٌ مِنْهُ (¬27). وَأمَّا "الْهُوِىُّ" بالضَّمٌ فَالسُقُوطُ مِنْ عُلْوٍ إلَى سُفْلٍ (¬28). قَوْلُهُ: "الله أكْبَرُ" قَالَ أهْلُ اللُّغةِ: أكْبر، هَا هُنَا: بِمَعْنَى كَبِير، قَالَ الْفَرَزْدَقُ (¬29): إنَّ الَّذِى سَمَكَ السَّمَاءَ بَنَى لَنَا ... بَيْتًا دَعَائِمُهُ أَعَزُّ وَأطْوَلُ أيْ: عَزِيزَةٌ طَوِيلَةٌ (¬30). وَقَالَ آخَرُ (¬31): إنِّى لَأمْنَحُكِ الصُّدُودَ وَإنَّنى ... قَسَمًا إلَيْكَ مَعَ الصُّدُودِ لَأميَلُ أَيْ: لَمَائِلُ. وَالشَّوَاهِدُ لِهَذَا كَثِيرَةٌ (¬32). وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} (¬33) أَيْ: هَيِّنٌ (¬34) وَفِيهِ خِلَافٌ (¬35). ¬
وَقَالَ أَهْلُ النَّحْوِ (¬36): مَعْنَاهُ: الله. أكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَىءٍ، فَحُذِفَتْ مِنْ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا كَمَا تَقُولُ: أبُوكَ أفْضَلُ، وَأخُوكَ أعْقَلُ، أيْ: أفْضَلُ، وَأَعْقَلُ. مِنْ غَيْرِهِ، قَالَ (¬37): إِذَا مَا سُتُورُ البَيْتِ أُرْخِينَ لَم يَكُنْ ... سِرَاجٌ لَنَا إِلَّا وَوَجْهُكَ أنْوَرُ أرَادَ: أنورُ مِنْ مِنْ غِيْره غَيْرهِ، وَذَلِكَ لِأنَّهُ خَبَرُ مُبتدَإٍ (¬38)، وَالْخَبَرُ: ومَا أفَادَ السَّامِعَ، وَلَا تَقَعُ الإفَادَةُ إلَّا بتقْدِيرِ المَحْذُوفِ. وَالأذان: مَوْقُوفٌ سَاكِنٌ.، قال الْمُبَّردُ (¬39): فإذا وَصَلتَ قُلْتَ: اللهُ أكْبَرَ اللهُ أكْبَرَ. بِفتْحِ الرَّاءِ الأولَي، فَتَحَوَّل فَتْحَةَ الْهَمْزَةِ (¬40) مِنْ اسْمِ اللهِ إلَى الرَّاءِ وَتُحَرَّكهَا بِحَرَكَتِهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬41) بِفَتْحِ الْمِيمِ لّمَّا وُصِلَ وَكَانَ "أَلَم" سَاكِنًا. قَوْلُهُ: "أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِله إِلَّا اللهُ"، قَالَ ابنْ الْانْبَارىِّ (¬42): مَعْنَاهُ: أَعْلَمُ أَن (¬43) لَّا إله إِلَّا الله وَأبَيَّنُ أَنَّ أَنَّ لَا إِله إِلَّا اللهُ" وَلِهَذَا سُميَت الْشَّهَادَةُ بَيِّنَةً. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (¬44): {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} (¬45) مَعْنَاهُ: بَيَّنَ اللهُ ذلِكَ وَأَعْلمَ أَنَّه لَا إِله إِلَّا هُوَ. وَشَهِدَ الشَّاهِدُ بِالحَقٌ عِنْدَ الحَاكِم، مَعْنَاهُ: بَيَّنَ لِلْحَاكِمِ وَأَعْلمَهُ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْخبَرِ. قَوْلُهُ: "أشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ" قَالَ أَبُو بَكْر (¬46): مَعْنَاهُ أيْضًا: أُبَيِّنُ وَأَعْلَمُ. قَوْلُهُ (¬47): "مُحَمَّدًا" اسْمٌ عَرَبِىٌّ تَسْتَعْمِلُهُ الْعَرَبُ فِي الْمُسْتَغرِقِ لِجَمِيع الْمَحَامِدِ؛ لِأنَّ الْحَمْدَ لَا يّسْتَوجِبُهُ إِلَّا الْكَامِل. وَالتَّحْمِيدُ (قَوْلُكَ) (¬48) الحَمْدُ، وَلَا يسْتَحِقُّهُ إِلَّا الْمُستَوْلِى عَلَى الأمْرِ: الْكَمَال. وَالُمُحَمَّدُ: الَّذِى يُحْمَدُ كَثِيرًا، وَينسَبُ إلَى الْحَمْدَ (¬49). قَال زُهَيْرٌ (¬50): . . . . . . . . . . ... ثِمَالْ الْيَتَامَى فِي السِّنِينَ مُحَمَّدُ فَأَكْرَمَ اللهُ نّبِيَّهُ [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (¬51) بِاسْمٍ مُشْتَقٌ مِنْ اسْمِهِ تَعَالَى. وّفِى ذَلِكَ يَقُولُ حَسَّانُ (¬52): وَشَقَّ لَهُ مِنْ اسْمِهِ كَىْ يُجِلَّهُ ... فّذُو العَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَذَا مُحَمَّدُ قَوْلُهُ: "رَسُولُ اللهُ" الرَّسُولُ مَعْنَاهُ فِي اللُّغةِ: الَّذِى يُتَابعُ الأخبَارَ مِنَ الَّذِى بَعَثَهُ، أَخْذًا مِنْ قَوْلهِمْ: ¬
جَاتَ الإبِلُ رَسَلًا، أَيْ: مُتَتَابِعَةً، قَالَ الأَعْشَى (¬53): يَسْقِى رِيَاضًا لَهَا (¬54) قَدْ أصْبَحَتْ غَرَضًا (¬55) ... زَوْرًا (¬56) تَجَانَفَ عَنْهَا الْقَوُدُ وَالرَّسَلُ وَالْقَوْدُ: الْخَيْلُ. والرَّسَلُ: الإبِل الْمُتَتَابِعَة (¬57). قَوْلُهُ: "حَىَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَىَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَىَّ: كَلِمَةٌ مَعْنَاهَا: هَلُمَّ، أَيْ: تَعَالَوْا إلَيْهَا، وَأَقْبِلُوا عَلَيْهَا (¬58). وَعَلَى، هَا هُنَا: بِمَعْنَى إلَى، أَيْ: هَلُمَّ إلَى الصَّلَاةِ. وَفِي الْحَدِيثِ: "إذَا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ فَحَىَّ هَلًا بِعُمَرَ" (¬59) رَضِىَ الله عَنْهُ (¬60). وَحَىَّ: كَلِمَةٌ عَلَى حِدَةٍ، وَمَعْنَاهَاْ: هَلُمَّ، وَهَلًا: حَثِيثًا (¬61)، فَجُعِلَا كَلِمَةً وَاحِدَةً، وَمَعْنَاهُ: إذَا ذُكِرُوا: فَهَاتِ وَعَجِّلْ بِعُمَرَ. وَذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (¬62) فِيهَا لُغاتٍ: حَيَّهَلَ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَحَيَّهَلَا، بِألِفٍ مَزيدَةٍ، قَالَ (¬63). بِحَيَّهَلَا يُزْجُونَ كُلَّ مَطِيَّةٍ ... أمَامَ الْمَطَايَا سَيْرُهَا الْمُتَقَاذِفُ وَحَيَّهَلًا بِالتَنْوينِ لِلتَّنْكِيرِ، وَحَيَهَلَا بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ (¬64)، وَحَيَّهْلَ بِالتَّشْدِيدِ وَإسْكَانِ الْهَاءِ، وَعُلِّلَ بِاسْتِثْقَال تَوَالِى الْحَرَكَاتِ، وَاسْتَدْرِكَ ذَلِكَ، وَقِيلَ: الصَّوَابُ: حَيَهْلَ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْهَاءِ، وَأنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ إنَّمَا يَصِحُّ فِيهِ لَا فِي الْمُشَدَّدِ، وَتَلْحَقُهُ (¬65) كَافُ الْخِطَاب، فَيُقَالُ: حَيَّهَلَكَ الثَّرِيدُ. وَسَمِعَ أَبُو مَهْدِيَّةَ الأعْرَابِىُّ رَجُلًا يَقْولُ لِصَاحِبهِ "زُود"، فَسَأَلَ عَنْهُ فَتُرْجِمَ بِـ"عَجِّلْ" (66) فَقَالَ (¬66): أفَلَا [يَقُولُ] (¬67) حَيَّهَلَكَ (¬68) وَيُقَالُ: "فَحَىَّ بُعُمَرَ". قَوْلُهُ: "الحَيْعَلة" (¬69) حِكَايَةُ قَوْلِهِ: حَىَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَىَّ عَلَى الْفَلَاحِ (¬70)، قَالَ الشَّاعِرُ (¬71): ألَّا رُبَّ طَيفٍ مِنْكِ (¬72) بَاتَ مُعَانِقِى ... إلَى أن دَعَا دَاعِى (¬73) الفلَاحِ فَحَيْعَلَا وَنَظِيُرُهَا فِي الْكَلَامِ الْبَسْمَلَةُ وَالْحَوْلَقَةُ، وَيُقَالُ: الْحَوْلَقَةُ: إذَا قَالَ: بِسْمِ اللهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ وَكَذَلِكَ (¬74) بَسْمَلَ، وَحَوْقَلَ (¬75): إذَا قَالَ ذَلِكَ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬76): لَقَدْ بَسْمَلَت لَيْلَى غَدَاةَ لَقِيتُها ... فَيَاحَبَّذَا (¬77) ذَاك الْحَبيبُ (¬78) الْمُبَسْمِلُ ¬
وَزَادَ بَعْضُهُمْ: السَّبْحَلَةَ، وَالْحَمْدَلَةَ: حِكَايَةُ قَوْلِ: سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لله (¬79). وَزَادَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الطَّلْبَقَةَ، وَالدَّمْعَزَةَ: حِكَايَةُ قَوْل الْقَائِل: أطَالَ الله بَقَاءَكَ، وَأدَامَ عِزَّكَ (¬80). وَزَادَ بَعْضُهُمُ الْجَعْفَلَةَ: حِكَايَةُ قَوْل الْقَائِلِ: جُعِلْتُ فِدَاكَ (¬81). قَوْلُهُ: "الْفَلَاحُ" الْبَقَاءُ، أَيْ: هَلُمُّوا إلَى العَمَلِ الَّذِى يُوجِبُ الْبَقَاءَ، أَيْ: الْخُلُودَ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (¬82) أَيْ: الْبَاقُونَ. قَالَ (¬83): لِكُلِّ ضِيِقٍ مِنَ الْأمورِ سَعَة ... وَالْمُسْىُ وَالصُّبْحُ لَا فَلَاحَ مَعَهْ وَقَالَ الآخَر (¬84): لَوْ كَانَ (¬85) حَىٌّ مُدْرِكَ الْفَلَاحِ ... أدْرَكَهُ مُلَاعِبُ الرِّمَاحِ التَّثْوِيبُ: الرُّجُوعُ إلَى الشَّىءِ بَعْدَ الْخُرُوج مِنْهُ، مُشْتَقٌّ مِنْ ثَابَ فُلَانٌ إلَى كَذَا أَيْ (¬86) رَجَعَ إلَيْهِ، وَثوَّبَ الدَّاعِى: إِذَا كَرَّرَ ذَلِكَ (¬87)، وَيُقَالُ: ثَابَ عَقْلُهُ إلَيْهِ، وَأَنْشَدُوا فِي ذَلِكَ (¬88): وَكُلُّ حَىٍّ وَإنْ طَالَت سَلَامَتُهُ ... يَوْمًا لَهُ مِنْ دَوَاعِى الْمَوْتِ تَثْوِيبُ لِأنَّهُ (¬89) عَادَ إلَى ذِكْرِ الصَّلَاةِ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْهْ، وقَدْ ذَكُروا أنَّ (¬90) أَصْلَهُ: أن مَنْ دَعَا لَوَّحَ بِثَوْبِهِ. فَقَالُوا (¬91): ثَوْبَ، فَكَثُرَ حَتَّى سُمَّىَ الدَّعَاءُ تَثْوِيبًا (¬92)، قَالَ (¬93): . . . . . . . . . . . . . ... إِذَا الْدَّاعِى الْمُثَوِّبُ قَالَ يَالَا قَوْلُهُ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِّنَ النَّوْمِ" يُقَالُ: الْمُخايَرَةُ وَالْمُفَاضَلَةُ تَكُونُ بَيْنَ مُتَفَاضِلَيْن أوْ مُتَسَاوِيَيْنِ؛ لِأنَّ لَفْظَةَ "أفْعَلَ" تُستعْمَلُ فِي شَيْئَيْنِ يَشْتَرِكَانِ فِي الْفِعْلِ، وَيَكُونُ لِأحَدِهِمَا عَلَى الآخَر مَزِيَّةٌ، فَكَيْفَ يُقَالُ "الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِّنَ النَّوْمِ؟ وَمَعْلُوْمٌ أَنَّ النَّوْمَ لَيْسَ مُسَاوِيًا للصَّلَاةِ، وَلَا مُفَاضِلًا لَهَا، فَيَحَتَمِلُ أن يَكُونَ هَا هُنَا مَحْذُوف تَقْدِيرُهُ: الْيَقَظَةُ لِلصَّلَاةِ خَيرٌ مِّنَ النَّوْمِ. وَقِيلَ: إِنَّ النَّوْمَ فِيهِ الرَّاحَةُ، وَهِيَ مَعْنَى السُّبَاتِ الَّذِى مَنَّ الله بِهِ عَلَى عِبَادِهِ بِقَوْلِهِ: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} (¬94): أَيْ: رَاحَةً لِأبْدَانِكُمُ (¬95). فَمَعْنَى "الصَّلاة خَيرٌ مِّنَ النَّوْمِ" أَيْ: الرَّاحَةُ الَّتى تَعْتَاضُونَهَا يَوْمَ ¬
الْقِيَامَةِ مِنْ شِدَّةِ وَطْءِ قِيَامِ اللَّيْل وَمُكَابَدَتِهِ خَيْرٌ مَّنْ رَاحَةِ النَّوْمِ، الَّذِى هُوَ أخُو الْمَوْتِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: الْخيْرُ فِي الصَّلَاةِ لَا في النَّوْمِ، مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (¬96) وَمَعْلُوْمٌ أنَّ الْهُدَى مَعَ النَّبِىِّ وَمَنْ مَعَهُ. قَوْلِهِ (¬97): "أُمِرَ بِلَالٌ أن يَشْفَعَ الأذَانَ وَيُوْتِرَ الإقَامَةَ، الشَّفْعُ: الزَّوْج، وَالْوَتْرُ: الْفَرْدُ (¬98) يُقَالُ (¬99): الْوَتْرُ كُل عَدَدٍ فَرْدٍ (99) لَا يَنقَسِمُ جُبُورًا، كَالْوَاحِدِ، وَالْثَّلاثَةِ، وَالْخَمْسَةِ. وَالزَّوْجُ: كُلُّ عَدَدٍ يَنْقَسِمُ جُبُورًا مُتَسَاوِيَيْنِ، كَالاثْنَيْنِ وَالأرْبَعَةِ (¬100)، وَالْعَشْرَةِ وَالْمِائَةِ وَشِبْههَا. يُقَالُ: شَفَعْتُ الشَّىءَ: إِذَا ضْمَمْتَ إلَيْهِ مِثْلَهُ (¬101)، وَأوْتَرتُهُ: إِذَا أفْرَدْتُهُ، وَصَلَاةُ الوِتْرِ: وَاحِدَةٌ فَرْدَةٌ. قَوْلُهُ (¬102): "حَقٌّ وَسُنَّةٌ، أَيْ: وَاجِبٌ، يُقَالُ: حَقَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ: إِذَا وَجَبَ (¬103)، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى (¬104): {اسْتَحَقَّا إِثْمًا} (¬105): أَيْ: اسْتوْجَبَاهُ. وَقَوْلُهُ: {فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ} (¬106): أَيْ: وَجَبَ. وَمَعْنَاهُ: الثُّبْوتُ وَالتَّأكِيدُ، كَقَوْلِهِ عَلَيهِ السَّلَامُ: "غُسْلُ الْجُمْعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ" (¬107) أَيْ: ثَابِتٌ مُتَأَكِّدٌ كَتَأكُّدِ (¬108) السُّنَنِ، وَلَمْ يُرِدْ وُجُوبَ الْفَرْضِ. قَوْلُهُ: "جِذْمِ حَائِطٍ" (¬109) الْجِذْمُ بِالْكَسْرِ: أَصْلُ الشَّىءِ، وَالْقِطْعةُ مِنْهُ، مَأْخُوذٌ (¬110) مِنْ الْجَذْمِ، وَهُوَ: الْقَطعُ، يُقَالُ: جَذَمْتُ الْحَبْلَ فَانْجَذَمَ، أَيْ قَطَعْتُهُ فَانْقَطَعَ (¬111). قَالَ الأعْشَى (¬112): . . . . . . . . . . . . ... أمِ الحَبْلُ وَاهٍ بِهَا (¬113) مُنْجَذِمْ وَمِنْهُ قِيلَ لِمَقْطُوعِ الْكَفِّ: أجْذَمُ (¬114). قَوْلُهُ (¬115): "الأَبْطَحُ": مَوْضِعٌ كَثِيرُ البِطَاحِ، وَهِىَ (¬116) دِقَاقُ الْحَصَى، وَهُوَ (¬117) هَا هُنَا: عَلَمٌ لِمَكَانٍ بِعَيْنِهِ (¬118). ¬
قَوْلُهُ: "فِي قبةِ حَمْرَاءَ" (¬119) الْقُبَّةُ: ضَرْبٌ مِنَ الْبِنَاءِ مُدَوَّرٌ. وَحَمْرَاءُ: مِنْ أدَمٍ أحْمَرَ. قَوْلُهُ: "يَتَرسَّلُ" (¬120) التَّرَسُّلُ وَالتَرْتِيلُ: وَاحِدٌ، وَهُوَ: تَرْكُ الْعَجَلَةِ (¬121)، يُقَالُ: تَرَسَّلَ فِي كَلَامِهِ وَمَشْيِهِ: إِذَا لَمْ يَجْفِلْ (¬122)، وَحَقِيقَةُ التَّرَسُّلِ: تَطَلُّبُ الهِينَةِ وَالسُّكُونِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: عَلَى رِسْلِك (¬123). قَوْلُهُ: "وَيُدْرِجُ الإقَامَةَ" أَيْ: يُخَفِّفُهَا وَيُسْرِعُ، وَمِنْهُ الْمَثَلُ: لَيْسَ بِعُشِّكِ فَادْرُجى (¬124) يُضْرَبُ مَثَلًا لِلْمُطْمَئِنِّ فِي غيْرِ وَقْتِهِ (¬125)، فيؤْمَرُ بِالجِدِّ وَالتَّخْفِيفِ (¬126). وَأَصْلُ الادْرَاجِ: الطَّرُّ، يُقَالُ: أدْرَجْتُ الْكِتَابَ وَالثَّوْبَ وَدَرَجْتُهُمَا إدْرَاجًا وَدَرْجًا (¬127) إِذَا طَوَيْتَهُمَا (¬128). قَوْلُهُ: "فَاحْذِمْ" (¬129) الحَذمُ: نَحْوَ الْحَذرِ، وَهُوَ السُّرْعَةُ وَقَطعُ التَّطْوِيِلِ، وَأَصْلُهُ: الإسْرَاعُ فِي الْمَشْىِ، يُقَالُ: مَرَّ يَحْذِمُ، وَيُقَالُ لِلْأرْنب: حُذَمَةً (¬130) لُزَمَةً تَسْبِقُ الْجَمْعَ بالأكَمَةِ. قَوْلُهُ: " (¬131) يُغْفَرُ لِلْمُؤَمِنِ مَدَى صَوْتِهِ" الْمَدَى: الْغَايَةُ لِكُلِّ شَىْءٍ، وَمَعْنَاهُ: يَستكْمِلُ مَغْفِرَةَ اللهِ إِذَا اسْتَوْفَى وُسْعَهُ في رَفْع صَوْتِهِ فَيَبْلُغٍ الْغَايَةَ مِنَ الْمَغفِرَةِ. وَيُقَالُ: إنَّهُ تَمْثِيلٌ، أَيْ: لَوْ كانَتْ لَهُ ذُنُوبٌ تَمْلأُ مَا بَيْنَهُ وَبَينَ مَبْلَغ صَوْتِهِ مِنَ المَسَافَةِ غفرَهَا الله لَهُ. قَالَ الشَّيِخُ أبو إسْحَاقَ فِي التَّبْصِرَةِ (¬132): تَأوِيلُهُ: أَنَّهُ يُوْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِسِجِلَّاتٍ مِمَّا يُكْتَبُ عَلَيْهِ، كُلُّ سِجِلٌّ مَدُّ الْبَصَرِ، فَيَغْفَرُ لَهُ مِنْهَا مَدَى صَوْتِهِ "وَاللهُ أَعْلَمُ" (¬133). قَوْلُهُ (¬134): "أَمَا خَشِيتَ أن تَنْشَقَّ مُرَيْطَاؤكَ" الْمُريطَاءُ: مَا بينَ السُّرَّةِ وَالْعَانَةِ (¬135). وَقِيلَ: هِىَ جِلْدَةً (¬136) رَقِيقَةً فِي الْجَوْفِ (¬137). وَهِىَ فِي الأصْلِ مُصَغَّرَةُ مَرْطَاءَ (¬138)، وَهِىَ الْمَلْسَاءُ، مِنْ قَوْلِهِمْ لِلَّذِى لَا شَعَرَ عَلَيْهِ: أمْرَطُ قَالَ الأصْمَعِىُّ: هِىَ مَمْدُودَةٌ، وَقَالَ الأحْمَرُ: هِىَ مَقْصُورَةٌ، وَقَالَ أبُو عَمْرٍو: تُمَدُّ وتُقْصَرُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدِ: المَحْفُوظُ: قَوْلُ الأصْمَعِىِّ. وَلَا يُتَكَلَّمُ بِهَا إِلَّا مُصَغَّرةً كَالثُّريَّا، وَالقُصَيْرَى مِنَ الْأضْلَاع وَالْحُميَّا (¬139) فِي أشْبَاهٍ لِهَذَا "كَثِيرَةٍ" (¬140). ¬
قَوْلُهُ: "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ" (¬141) الْحَوْلُ وَالحِيلَةُ: الْقُوْةُ وَالْحَرَكَةُ، يُقَالُ: حَالَ الشَّخصُ: إِذَا تَحَركَ، وَاسْتَحِلَّ الشَّخْصَ أَيْ: انْظُرْهُ هَلْ يَتَحَرَّكُ (¬142)؟ فكَأَنَّ الْقَائِلَ يّقُولُ: لَا حَرَكَةَ لِى وَلَا اسْتِطَاعَةَ وَلَا قُوَّةَ عَلَى طَاعَةِ اللهِ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللهِ تَعَالَى (¬143) وَفِيهَا خَمْسَةُ أَوْجُهٍ مِنَ الإعرابِ: أحَدُهَا: الرَّفْعُ وَالتَّنْوِينُ فِيهِمَا جَمِيعًا. لَا حَوْلٌ وَلَا قُوَّةٌ (¬144) قَالَ الشَّاعِرُ (¬145): وَمَا صَرَمْتُكِ حَتَّى قُلْتِ مُعْلِنَةً ... لَا نْاقَة لِىَ فِي هَذَا وَلَا جَمَلٌ الثَّانى: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ، بِالنَّصْبِ مِنْ غَيْرِ تَنَوِين فِيهمَا جَمِيعًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ} (¬146). الثّالث: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةً، بِنَصْبِ الأوَّل غَيرِ مُنَوْنٍ، وَنَصْبِ الثَّانِى بِتَنْوِينٍ (¬147)، كَمَا قَالَ (¬148): فَلَا أبَ وَابْنًا مِثْلُ مَرْوانَ وَابْنِهِ (¬149) ... . . . . . . . . . . . الرّابع: لَا حَولٌ وَلَا قُوَّةٌ: بِنَصْبِ الأوَّل بغيْرِ تنْوِينٍ، وَرَفْع الثَّانِى مَعَ التَّنْوِينِ (¬150)، كَمَا قالَ (¬151): . . . . . . . . . . . ... لَا أُمَّ لِى إنْ كَانَ ذَاكَ وَلَا أُبُ (¬152) أرَادَ: وَلَا أَبٌ: فَحَذَفَ التَّنْوِينَ لِلْقَافِيَةَ. الْخَامِسُ (¬153): لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللهِ (¬154): بِرَفْعِ الأوَّلِ مُنَوَّنًا، وَنَصْبِ الثَّانِى غَيْرِ مُنَوَّنٍ، وَأَنْشَدُوا لِأميَّةَ بْنَ أبِى الصَّلْتِ (¬155): فَلا (¬156) لَغْوٌ وَلَا تَأْثِيمَ فِيهَا ... وَمَا فَاهُوا بِهِ أبَدًا (¬157) مُقِيمُ ¬
قَوْلُهُ: "الصَّلَاةُ الْقَائِمَةُ، وَقَدْ قامَت الصَّلَاةُ (¬158) مَعْنَاهُ: الدَّائِمَةُ؛ وقَدْ دَامَتْ، وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ أَيْ: أدِيمُوهَا لِأوْقَاتِهَا، قَالَ (¬159): أقَامَتْ غَزَالَةُ سُوقَ الْجِلَادِ ... لِأهْلِ الْعِرَاقَيْنِ حَوْلًا قَمِيطًا الدَّعْوَةُ التَّامَّةُ: الَّتى ذُكِرَ فِيهَا اللهُ وَرَسُولُهُ جَمِيعًا. قَوْلُهُ: "آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ (161) " هُوَ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ. وَالْجَمْعُ: الوُسُلُ (¬160)، وَالْوَسَائِلُ، يُقَالُ: "وَسَلَ فلَانٌ إلَى رَبَّهِ وَسِيلَةً (¬161): إِذَا تَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِعَمَلٍ، وَمَنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} (¬162) أَيْ: الْقُرْبَةَ (¬163) هوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ: هُوَ الشَّفَاعَةُ بِإِجْمَاع الْمُفَسِّرِين (¬164)؛ لِأنَّهُ يَحُمَدُهُ عَلَيْهِ الأوَّلُونَ وَالآخِرُون. قَوْلُهُ: "لَمْ يُرْزَقُ الْمُؤَذِّنُ" (¬165) أَيْ: (لَمْ (¬166) يُجْعَلْ لَهُ رِزْق رَاتِبٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬167): . . . . . . . . . . . . ... (¬168) دَرَّتْ بِأرْزَاقِ الْعُفَاةِ مَغَالِقُ. وَهِىَ أَرْزَاقُ الْجُنْدِ، وَمَا يُكْتَبُ لَهُمْ (¬169) في دِيوَانِ السُّلْطانِ (¬170). * * * ¬
ومن باب طهارة البدن
وَمِنْ بَابِ طَهَارَةِ البَدَنِ قَوْلُهُ (¬1): "لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلاةً بِغيْرِ طُهُورٍ وَلَا صَدَقَةٍ مِنْ غُلُولٍ" طُهُور: بالضَّمِّ، وَأَمَّا "غُلُول" فَيُرْوَى بِضَمِّ الْغَيْنِ؛ وَفَتْحِهَا، فَمَنْ ضَمَّ، فَهُوَ مصْدَرُ غَلَّ يَغُلٌّ غُلُولًا: إِذَا خَانَ في الْمَغْنَمِ (¬2)، وَسَرَقَ مِنْهُ ثُمَّ تّصَدَّقَ بِهِ (¬3)، فَإْنَّهُ لَا تُقْبَل صَدَقَتُهُ. وَمَنْ. فَتَحَ، فَمَعْنَاه: مِنْ غَالٍّ، أَيْ: مِنْ (¬4) خَائنٍ. وَأصْلُهُ: مِنْ غَلَّ الْجَزَّارُ الشَّاةَ: إِذَا أَسَاءَ (¬5) سَلْخَهَا، فَيَبْقَى عَلَى الْجِلْدِ لَحْمٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} (¬6) أَيْ: يَخُونَ. وَمَنْ قَرَأ {يُغلُّ} أَيْ: يَخُوَّنُ وَيُتَّهَمُ. قَوْلُهُ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسلَّم: "تَنَزَّهُوا مِنَ الْبَوْلِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْر مِنهُ" (¬7) تَنَزَّهُوا، أَيْ: تَبَاعَدُوا ¬
مِنْهُ. يُقَالُ: فُلَانٌ يَتَنَزَّهُ عَن الأقْذَارِ، وَيُنَزِّهُ نَفْسَهُ عَنْهَا، أَيْ: يُبَاعِدُ نَفْسَهُ عَنْهَا (¬8). وَالنَّزَاهَةُ الْبُعْدُ مِنَ (¬9) السُّوءِ (¬10). وَنُزْهُ الْفَلَاةِ: مَا تَبَاعَدَ مِنْهَا مِنَ الْمِيَاهِ وَالْأرْيَافِ. قَالَ الْهُذَلِىٌّ (¬11): أَقَبَّ رَبَاعٍ (¬12) بِنُزْهِ الْفَلَاةِ ... لَا يَرِدُ الْمَاءَ إِلَّا انْتِيَابًا (¬13) وَإِنَّ فُلَانًا لَنَزِيهٌ كَرِيمٌ: إِذَا كَانَ بَعِيدًا عَنِ اللُّؤْمِ، وَهَذَا مَكَانٌ نَزِيهٌ، أَى خَلَاءٌ بَعيدٌ مِنَ النَّاسِ لَيْسَ فِيهِ أحَدٌ (¬14). وَقَوْلُهُ "عَامَّةُ عَذَابِ الْقَبْرِ" أَيْ: جَمِيعُهُ، يُقَالُ: عَمَّ الشَّيْىءُ يَعُمُّ عُمُومًا: إِذَا شَمِلَ الْجَمَاعَةَ وَيُقَالُ (¬15): عَمَّهُمْ بِالْعَطِيَّةِ. قَوْلُهُ: "فَعُفِىَ عَنْهُ (16) - لِأنَّهُ يَشُقُّ الْاحْتِرَازُ مِنْهُ" (¬16) مَعْنَى "يُعْفَى عَنْهَا" (¬17) أَيْ: يُمْحَى ذَنْبُهَا وَيُتركُ الْمُطَالَبَةُ بِعُهْدَتِهَا وَحِسَابِهَا. يُقَالُ: عَفَوْتُ عَن فُلَانٍ: إِذَا تَرَكْتَ مُطَالَبَتَهُ بِمَا عَلَيهِ مِنَ الْحَقِّ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ سُبْحَانْهُ: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} (¬18) أَيْ: الْتَّارِكِينَ مَظَالِمَهُمْ عِنْدَهُمْ، لَا يُطَالِبُونَهُمْ بِهَا. وَأصْلُهُ: مِنْ عَفَتِ الرِّيحُ الأثَرَ: إِذَا مَحَتْهُ. قَالَ زهَيرٌ" (¬19): . . . . . . . . . . . ... عَفَتْهَا الرِّيحُ بَعْدَكَ وَالسَّمَاءُ وَالاحْتِرَازُ: هُوَ التَّوَقِّى لِلشَّيْىءِ وَتَجَنبهُ: افْتِعَال مِنَ الحِرْزِ، كَأنَّ الْمُتَوَفِّى مِنَ النَّجَاسَةِ يَجْعَلُ نَفْسَهُ فِي حِزْني مِنْهَا. قَوْلُهُ (¬20): "مِنْ حَرَجٍ" أَيْ (¬21): مِنْ ضِيقٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ضَيِّقًا حَرَجًا} (¬22) يُقَالُ: مَكَان حَرَجٌ وَحَرِجٌ (¬23)، أَيْ: ضَيِّقٌ. كَثِيرُ الشَّجَرِ، لَا تَصِلُ إِلَيْهِ الرَّاعِيَةُ (¬24)، وَقدْ قُرِىَ بِهِمَا (¬25) (وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ وَالْوَحِدِ وَالْوَحَدِ وَالْفَرَدِ وَالْفَرِدِ، والْدَّنَفِ وَالدَّنِفِ، فِي مَعْنَى وَاحِدِ (¬26)) (¬27) وَقَدْ حَرِجَ صَدْرُهُ يَخرَجُ حَرَجًا. وَالْحَرَجُ أيْضًا: الإِثمُ (¬28). قَوْلُهُ: "الْقَدْرُ الَّذِى يَتَعَافَاهُ النَّاسُ" (¬29) أَيْ: يَعُدُّونَهُ عَفْوًا، وَقَدْ عُفِىَ لَهُمْ عَنْهُ، وَلَمْ يُكَلَّفُوا ¬
غَسْلَهُ؛ لِعَجْزِهِمْ عَنْ تَوَقِّ يهِ وَالتحَفظِ عَنْهُ، وَأصْلُ الْعَفْوِ: الصَّفْحُ وَالْمَحْوُ. وَقَوْلُهُ (¬30): "لَا يَخْلُو مِنْ بَثْرَةٍ وَحِكةٍ" أَىْ: نَفِطَةٍ بِطَاءٍ مُهْمَلَةٍ (¬31). وَالْبُثُورُ: خُرَّاجٌ (¬32) صِغَارٌ وَالْوَاحِدَةُ: بَثْرَةٌ، وَقَدْ بَثَرَ جِلْدُهُ: تَنَفَّطَ. وَقَدْ بَثَرَ وَجْهُهُ يَبْثُرُ، ثَلَاثُ لُغَاتٍ: بَثَرَ؛ وَبَثِرَ (¬33) وَبَثُر بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ وَالضَّمِّ (¬34). قَوْلُه: "وَالْتَحَمَ" (¬35) أَىْ: التَصَقَ، لاحْمَتُ الشِّيْىءَ بِالشَّيْىءِ: إِذا ألْصَقْتَهُ بِهِ، وَحَبْلٌ مُلَاحَمٌ (¬36): مَشْدُودُ الْفَتْلِ وَالْمُلْحَمُ (¬37): الْمُلْصَقُ بِالْقَوْمِ، قَالَهُ (¬38) الأصْمَعِىُّ (¬39). قَوْلُهُ: "فِى مَعْدَنِهَا" (¬40) أَيْ: مَكَانِهَا الَّذِى لَا تَزَالُ مُقِيمَةً فِيِهِ. يُقَالُ: عَدَنَت الإِبِلُ مَكَانَ كَذَا، لَزِمَتْهُ وَمِنْهُ {جَنَّاتِ عَدْنٍ} (¬40) أئ: جَنَّاتِ إِقَامَةٍ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} (¬41) فِيه أقْوَالٌ لِلْمُفَسِّرِين: قَال ابْنُ سِيرين: اغْسِلْهَا بِالْمَاءِ (¬42) وَقَالَ الْفَرَّاءُ (¬43): أصْلِحْ عَمَلَكَ. وَقِيلَ: طَهِّرْ قَلْبَكَ (¬44)، فَكَنِّى بِالثِّيَابِ عَنْهُ. قَالَ عَنْتَرَةُ (¬45): فَشَكَكْتُ بِالرُّمْحِ الطَّوِيلِ ثِيَابَهُ (¬46) ... . . . . . . . . . . . أَىْ: قَلْبَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاس: لَا تَكُنْ غَادِرًا؛ لِأنَّ الْغَادِرَ دَنِسُ الثِّيَابِ. وَقِيلَ: قَصِّرْ ثِيَابَكَ (¬47). قَوْلُهُ: "فِيهَا حُشٌّ" (¬48) أرَادَ: الْكَنِيفَ، وَأصْلُهُ: النَّخْلُ الْمُجْتَمِعُ. وَقَدْ ذُكِرَ. قَوْلُهُ: "سَبْعَةُ (¬49) مَوَاطِنَ لَا تَجُوزُ فِيهَا الصَّلَاةُ: الْمَجْزَرَةُ؛ وَالْمَزْبَلَةُ؛ وَالْمَقْبَرَةُ؛ وَمَعَاطِنُ (¬50) الإبِلِ؛ (¬51) وَالْحَمَّامُ؛ وَقَارِعَةُ الطَّرِيقِ؛ وَفَوْقَ بَيْتِ اللهِ الْعَتِيقِ". فَأَمَّا "الْمَجْزَرَةُ" بِفَتْحِ المِيمِ فَمَعْرُوفَة، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِى تُنْحَرُ فِيهِ الإْبِلُ وَتُذْبَحُ الشَّاءُ وَالْبَقَرُ. وَالْمَزْبَلَةُ مَوْضِعُ الزِّبْلِ، وَهُوَ الْعَذِرَةُ: بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْبَاءِ: اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ (¬52) وقَدْ تُضَمُّ الْبَاءُ أيْضًا كَالْمَفْخَرَةِ (¬53) وَالْمَزْرَعَةِ وَالْمَصْنَعَةِ بِفَتْحِ عَيْنِهَا وَتُضَمُّ وَالْفَتْحُ أفْصَحُ (¬54) وَالْمَقْبَرَةُ: فِيهَا لُغَتَان فَصِيحَتَانِ: فَتْحُ الْبَاءِ وَضَمُّهَا، ¬
وَفَتْحُ الْمِيمِ لَا غَيْرُ (¬55) وَلَا يُقَالُ مَقْبِرَةٌ بِكَسْرِ البْاءِ. قَوْلُهُ: "سَبْعَةُ مَوَاطِنَ" جَمْعُ مَوْطِنٍ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِى يُسْكَنُ (¬56) فِيهِ، وَكَذَا الْوَطَنُ. يُقَالُ: أوْطَنتُ الْأرْضَ وَوَطَّنْتُهَا تَوْطِينًا (¬57) وَاسْتَوَطَنْتُهَا، أَيْ: اتَّخَذْتُهَا وَطَنًا، وَكَذَلِكَ الإتِّطَانُ افْتِعَالٌ مِنْهُ (¬58). قَوْلُهُ: "فَوْقَ بَيْتِ اللهِ العَتِيقِ": يَعْنى سَطحَ الْكَعْبَةِ، وَسُمِّىَ عَتِيقًا؛ لِأنَّهُ قَدِيمٌ. وَالْعَتِيقُ مِنْ كُلِّ شَيْىء: الْقَدِيمُ؛ لِأنَّهُ خُلِقَ قَبْلَ خَلْقِ الأرْض فِي بَعْض الأقْوَالِ (¬59)، ثُمَّ أَنْزِلَ إِلَى الْأرْض. وَقِيلَ: لِأنَّ اللهَ تعَالَى أَعْتَقَهُ مِنْ جَبَابِرَةِ الْمُلُوكِ، فَلَمْ يُسَلِّطْهُمْ عَلَى هَدْمِهِ (¬60). وَقَدْ رَامَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ فَأهْلَكَهُ (¬61) اللهُ كَأبْرَهَةَ صَاحِبِ الْفِيلِ وَأصْحَابِهِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ الله فِي كِتَابِهِ (¬62) وَرَوَى عَبْدُ اللهُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ النَّبِىِّ صَلى الله عَلَيْهِ وَسَلمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّمَا سَمَّى اللهُ عَزَ وَجَلَّ الْبَيْتَ العَتِيقَ؛ لِأنَّ الله تَعَالَى أَعْتَقَهُ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، فَلَمْ يَظْهَر عَلَيْهِ جَبَّارٌ قَطّ". وَقَال مُجَاهِدٌ: سُمِّىَ عَتِيقًا؛ لِأنَّهُ لَمْ يُمْلَكْ قَط. وَقَالَ ابْنُ السَّائِبِ: سُمِّىَ عَتِيقًا؛ لِأنَّهُ أُعْتِقَ مِنَ الْغَرَقِ زَمَانَ الطَّوَفَان (¬63). وَأَمَّا الْحَمَّامُ فَإِنَّهُ سُمِّىَ بِذَلِكَ؛ اشْتِقَاقًا مِنَ الْمَاءِ الْحَمِيمِ، وَهُوَ: الْحَارُّ، قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ: {فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ} (¬64) أَيْ: الْحَارِّ. قَوْلُهُ: "كَالصَّحَرَاءِ" (¬65) هِىَ الْبَرِّيَّةُ، يُقَالُ: صَحْرَاءُ وَاسِعَةٌ، وَلَا تَقُلْ (¬66): صَحْرَاءَةٌ، فَتُدْخِلُ تَأنِيثًا عَلَى تَأنِيثٍ، وَالْجَمْعُ: الصَّحَارَى وَالصَّحْرَاوَات (¬67). قَوْلُهُ: "تَجَافَى عَنِ النَّجَاسَةِ" (¬68) أى: ارْتَفَعَ عَنْهَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعَالَى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} (¬69) أَيْ: تَرتَفِعُ (¬70). وَجَفَا السَّرْجُ عَنْ ظَهْرِ الْفَرَس، وَأجْفَيْتُه أنَا: إِذَا رَفعْتُهُ عَنْهُ، وَجَافَاهُ عَنِّى فَتَجَافَى (¬71). قَوْلُهُ: "وَأَوْمَأ" (¬72) (يُقَالُ: أوْمَأ) (¬73) برَأسِهِ بِالْهَمْزِ، وَأشَارَ بِيَدِهِ، وَأوْمَأتُ إِلَيْهِ: أشَرْتُ. وَلَا ¬
يُقَالُ: أوْمَيْتُ (¬74)، وَوَمَأْت إِلَيْهِ [وَمْأٌ] (¬75) لُغَة (¬76)، قَالَ (¬77): . . . . . . . . . . . ... فَمَا كَانَ إِلَّا وَمْؤُهَا بِالْحَوَاجِبِ قَوْلُهُ: "فَأرَةٌ" (¬78) بِالْهَمْزِ: الدَّابَّة الْمَعْرُوفَة. وَفَارَةُ الْمِسْكِ: غَيْرُ مَهْمُوزَةٍ (¬79) وَهِىَ النَّافِجَةُ. قال (¬80): "فَارَةَ مِسْكٍ ذُبِحَتْ فِي سُكِّ". (قَوْلُهُ) (¬81): "دَمَ حَلَمَةٍ" (¬82) بِفَتْح اللَّامِ: هِىَ الْقُرَادُ الْكَبِيرُ الْعَظِيمُ (¬83)، قَالَ الأصْمَعِىُّ (¬84): أَوَّلُهُ: قَمْقَامَةٌ إِذَا كَانَ صَغِيرًا جِدًّا، ثُم حَمْنَانَةٌ، ثُم قُرَادٌ، ثُم حَلَمَة، ثُم عَلٌّ (¬85) وَطِلْحٌ (¬86). قَوْلُهُ: "تَكَرَّرَ فِيهَا النَّبْشُ" (¬87): هُوَ إِثَارَةُ (¬88) التُّرابِ وَإِخْرَاجُ الْمَوْتَى. يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ فِي إِخْرَاجِ الْمَوْتَى (¬89). وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ. وَلَا يُقَالُ (¬90): نَبَشْتُ الْمَاءَ وَلَا نَبَشْتُ الْبِئْرَ، بَلْ يُقَالُ: حَفَرْتُ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ. يُقَالُ: نَبَشَ يَنْبُشُ بِالضَّمِّ، وَلَا يُقَالُ بِالْكَسْرِ (¬91). قَوْلُهُ: "قَد اخْتَلَطَ بِالْأرْض (¬92) صَدِيدُ الْمَؤْتَى" قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬93): الْعَرَبُ تُسَمِّى الدَّمَ وَالْقَيحَ: صَدِيدًا، وَمِنْهُ قَوْلُ أبِى بَكر الْصِّدِّيق، (رَضيَ الله عَنهُ) (¬94): "ادْفِنُونِى فِي ثَوْبِيَّ هَذَيْنِ فَإنَّهُمَا لِلْمُهْلِ وَالصَّدِيد" (¬95). وَأمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} (¬96) فَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ مَا (¬97) يَسِيلُ مِنْ أجْسَامِ أهْلِ النَّارِ مِنَ الدَّمِ، وَالقَيْحِ (¬98). وَقِيلَ: بَل الْحَمِيم أُغْلِىَ حَتَّى خَثُرَ (¬99). قَوْلُهُ (¬100): "لِأنَّهُ مَأوَى الشَّيَاطِين لِمَا يُكْشَفُ فِيهِ مِنَ الْعَوْرَاتِ" الْمَأوَى: مَوْضِعُ الْأوِىِّ وَالْمَبيتِ بِالَّليْلِ، وَذَلِكَ أنَّ الشَّيَاطِينَ إنَّمَا تَكْثُرُ وَتَأوِى فِي الْمَوَاضِع الْخَبِيثَةِ، كَبُيُوتِ الْخَمْرِ وَالْكُنُفِ وَحَيْثُ لَا يُذْكَرُ اللهُ وَلا يُعْبَدُ. وَمَأوِى الإْبِلِ: بِكَسْرِ الْوَاوِ، فِي مَأوِى الإْبِلِ خَاصَّةً وَهُوَ شَاذٌ (¬101). ¬
قَوْلُهُ: "مُرَاحِ الغَنَم (¬102) الْمَوضِعُ الَّذِى تَأوِى إِلْيْهِ، يُقَالُ: أَرَاحَ الْغنَمَ: إذَا أوَاهَا. وَالْمَوْضِعُ: المُراحُ بِالضَّمِّ. وَرَاحَتْ بِنَفْسِهَا. وَالْمَوْضِعُ: المَرَاحُ بِالْفَتْحِ. فَأمَّا إذَا أرادَ: أَرَاحَهَا مِنَ الْاسْتِرَاحَةِ، فَالضَّمُّ لِا غَيْر؛ لِأنَّهُ مَصْدَرُ أفْعَلَ. قَوْلُهُ: "لَا تُصَلُّوا فِي أعْطَانِ الإِبِلِ" (¬103) هِىَ مَبَاركُهَا حَوْلَ الْمَاءِ، وَاحِدُهَا: عَطَن. تُبْرَكُ فِيهِ؛ لِتُعَادَ إِلَى شُرْبِ الْعَلَلِ مَرَّةٌ أُخْرَى (¬104)، وقالَ (¬105) لَبِيد (¬106). عَافَتَا الْمَاءَ فَلَمْ نُعْطِنْهُمَا (¬107) ... إنَّمَا يُعْطِنُ مَنْ يَرْجُو الْعَلَلَ قَوْلُهُ: "خُلِقَتْ مِنَ الشَّيَاطِينِ" قَالَ الْخَطّابِىُّ (¬108): شَبَّهَهَا بِالشَّيَاطِينِ لِمَا فِيهَا مِنَ النَّفَارِ وَالشُّرُودِ، فَإنَّهَا رُبَّمَا أَفْسَدَتْ عَلَى الْمُصَلِّى صَلَاتْهُ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّى كُل مَارِدٍ شَيْطَانًا. وَجَاءْ فِي الْحَدِيثِ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا تُصَلُّوا فِي أغطَانِ الإبِلِ فَإنَّهَا جِنٌّ مِنْ جِنٍّ خُلِقَتْ" (¬109) قَالَ: فِي الْفَائِقِ (¬110) قَالَ الْجَاحِظُ (¬111): زَعَمَ بَعْض النَّاس. أنَّ الإبِلَ فِيهَا عِرْقٌ مِنْ سِفَادِ الجِنِّ، وَغَلِطُوا، قَالَ: وَالْمُرَادُ، وَاللهُ أَعْلَمُ: إنَّهَا لَكثِيرَة آفَاتُهَا. إِذَا أقْبَلَتْ أنْ [يَعْتَقِبَ] (¬112) إِقَبَالَهَا الإدْبَارُ، وَإِذَا أدْبَرَتْ: أَنْ يَكُونَ إدْبَارُهَا ذَهَابًا وَفَنَاءً مُسْتَأصَلًا، وَلَا يَأَتِى نَفْعُهَا بِالرُّكُوبِ وَالْحَلْبِ (¬113) إِلَّا مِنْ جَانِبهَا الأيْسَرَ الَّذِى (¬114) تَتَشَاءَمُ بهِ الْعَرَبُ فَهِىَ إذَنْ لِلْفتْنَةِ مَظِنَّة، وَلِلشّيَاطِيْنِ فِيهَا مَجَالٌ مُتَّسِعٌ مِنْ شُكْر النِّعْمَةِ وَكُفرِهَا (¬115). اخْتُصِرَ مِنْ كَلَامٍ طَوِيلٍ. قَالَ (¬116) فِي الشَّامِلِ (¬117): "وَقَدْ قِيلَ: إنَّ عَطَنَهَا مَأوَى الجنِّ وَالشّيَاطِيْنِ؛ لِظَاهِر الْخبَرِ، فَنُهِىَ عَن الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ، كَمَا نُهِى عَن الصَّلَاةِ فِي الْحَمْام، قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِى فِي ذَلِكِ (¬118) مَعْنًى آخَرَ (¬119)، وَهُوَ أنَّ مَعَاطِنَ الإبِلِ وَسِخَةٌ كَثِيرَةُ الْتُّرابِ، تَمْنَعُ منْ تَمَام الْسُّجُوْدِ. وَمُرَاحُ الْغَنَم: نَظِيفٌ. قَالَ: فِي الأمِّ (¬120): وَالْمُرَاحُ: مَا طَابَتْ تُرْبَتُهُ [وَأسْتُعْمِلَت] (¬121) أرْضُهُ واسْتدْبَرَ الشِّمَالُ مَوْضِعَهُ (¬122). قَوْلُهُ: "قَارِعَةُ الطَّرِيقِ" قَدْ (¬123) ذَكَرَهُ. في الاسْتِطَابَةِ (¬124). ¬
ومن باب ستر العورة
وَمِنْ بَابِ سَتْر الْعَوْرَةِ الْعَوْرَةُ: كُلُّ مَا يُستحْيَا مِنْ كَشْفِهِ، وَهِىَ أّيْضًا: سَوْأَةُ الإنْسَانِ (¬1)، وَالْجَمْعُ: عَوْرَاتٌ بِالتَّسْكِينِ، وَإِنَّمَا يُحَرِّكُ الْثَّانِى مِنْ "فَعْلَةَ" فِي جَمع (¬2) الأسْمَاءِ، إِذَا لَمْ يَكُن يَاءً أوْ وَاوًا وَقَرَأ (¬3) بَعْضُهُمْ: {عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} (¬4) بِالتَّحْريك (¬5). قَوْلُهُ (¬6): {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} (¬7) أَيْ: فَعْلَةً فَاحِشَةً، يَعْنِى قَبِيحَةً خَارِجَةً عَمَّا أَذِنَ الله بهِ (¬8). وَأصْلُ الفُحْش: الْقُبْحُ (¬9) والْخُرُوجُ عَنِ الْحَق وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلمُفْرِطِ في الطُّولِ: إِنَّهُ لَفَاحِشُ الطُّولِ. وَالْكَلَامُ الْقَبِيحِ، غَيْرُ الْحَق: كَلَامٌ فَاحِشٌ. وَالْمُتَكَلِّمُ بِهِ: مُفْحِشٌ (¬9). قَوْلُهُ: "لَا تُبْرِزْ فَخِذَكَ" (¬10) أى: لَا تُظْهِرهَا وتَكْشِفْهَا. وَالْبَارِزُ: الظَّاهِرُ الْمَكشُوفُ وَيُقَالُ (¬11): بَرَزَ بُرُوزًا: إِذَا ظَهَرَ وَبَدَا. وَفِي الْفَخِذِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ (¬12): فَخِذٌ؛ وَفِخْذٌ؛ وَفِخِذ؛ وَفَخْذٌ. قَوْلُهُ (¬13) "لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ حَائِض إِلَّا بِخِمَارٍ" لَمْ يُرِدْ: بَالِغًا قَدْ حَاضَتْ، وَلَكِنَّهُ أرَادَ جِنْسَ النِّسَاءِ، وَلِهذَا لَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ لَمْ تَبْلُغ حَتى تَسْتَتِرَ. قَوْلُهُ: "الْمَرأةُ فِي الْحَرَامِ"، (¬14) أَيْ: الْمُحْرِمَةُ، يُقَالُ: أحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ لِأنّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا كَانَ حَلَالًا مِنْ قَبْلُ كَالصَّيدِ وَالنِّسَاءِ. قَوْلُهُ (¬15): "الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ" الْقُفَّازُ بِالضَّمِّ: شَىْء يُعْمَلُ لِلْيَدَينِ يُحْشَي بِقُطْنٍ وَيَكُونُ لَهُ أزْرَازٌ تُزَزُّ (¬16) عَلَى السَّاعِدَيْنِ مِنَ البَردِ تَلْبَسُهُ الْمَرأةُ في يَدَيهَا، وَهُمَا قُفَّازَان. وَيُقَالُ: تَقَفَّزَت الْمَرأةُ بِالْحِنَّاءِ (¬17) وَالأقفزُ مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِى بَيَاضُ تَحْجِيلِهِ: فِي يَدَيْهِ (¬18). ¬
إِلَى مِرْفَقَيهِ (¬19) دُونَ الرِّجْلَيْنِ، وَكَذَلِكَ الْمُقَفَّزُ، كَأنَّهُ أُلْبِسَ الْقُفَّازَيْنِ (¬20). وَالْنِّقَابُ: الَّذِى تُغَطِّى بِهِ الْمَرْأةُ الْوَجْهَ: مَعْرُوفٌ. وَإِنَّهَا لَحَسَنَةُ النِّقْبَةِ، بِالْكَسْرِ (¬21). وَدِرْعُ الْمَرأةِ: قَمِيصُهَا يُذَكَّرُ وَلَا يُؤَنَّثُ (¬22). قَوْلُهُ: "مَوَاضِعُ (¬23) الْتَّقْلِيب" هِىَ الَّتِى تُقَلَّبُ، وَيُنْظَرُ (¬24) بَاطِنُهَا وَظَاهِرُهَا عِنْدَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، يُقَالُ: قَلّبْتُهُ بِيَدِى تَقْلِيبًا، وَتَقَلَّبَ الشَّيْىءُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ، كَالْحَيَّةِ (¬25) تّتَقَلَّبُ عَلَى الرَّمْضَاءَ، كُلُّهُ بالتَّشْدِيِد (¬26). قَوْلُهُ: "صَفِيقًا لَا يَصِفُ لَونَ الْبَشَرَةِ" (¬27) الصَّفِيقُ: الثَّخِينُ. وَقَدْ ذكِرَا. قَوْلُة: "الْخِمَارُ" مُشْتَقٌّ مِنَ التَّخْمِيرِ، وَهُوَ التَّغْطَةُ. وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْخَمْرُ؛ لِأنَّهَا تُغَطِّى الْعَقلَ. وَالْخَمَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَا وَارَاكَ مِنْ شَجَرٍ (¬28). قَوْلُهُ: "مِلْحَفَة" (¬29) هِىَ وَاحِدَةُ الْمَلَاحِفِ. يُقَالُ: الْتَحَفْتُ بالثَّوْبِ: تَغَطَّيْتُ بِهِ، وَاللِّحَافُ: اسْمُ مَا يُلْتَحَفُ بِهِ، وَكُل شَيْىءٍ تَغَطَّيْتَ بِهِ فَقَد الْتَحَفْتَ بِهِ (¬30). قَوْلُهُ: "تُكَثِّفُ جِلْبَابَهَا" أيْ: تُغَلَّظُهُ وَتُثَخِّنُهُ حَتى لَا يَصِفُهَا. وَقِيلَ: تكُتِّفُ جِلْبَابَهَا، أَيْ: تَعْقِدُهُ، وَقِيلَ: تَكْفِتُ، أيْ: تَجَمَعُ، مَأخُوذٌ مِنَ الْكِفَاتِ، وَهُوَ: الْجَمْعُ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا} (¬31). وَالْجِلْبَابُ: الْمِلْحَفَةُ الَّتِى يُتَغَطَّى بِهَا فَوْقَ الثِّيابِ، وقالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬32): الْجِلْبَابُ.: الْخِمَارُ وَالإِزَارُ وقالَ الْخَلِيلُ (¬33): الْجلْبَابُ أوْسَعُ مِنَ الْخِمَارِ وَألْطَفُ مِنَ الإزَارِ. قال الشاعر (¬34): . . . . . . . . . . . ... مَشْىَ الْعَذَارَى عَلَيْهِنَّ الْجَلَابِيبُ قال الْهَرَوِىُّ (¬35): سُمِّىَ الإزَارُ إِزَارًا؛ لِحِفْظِهِ صَاحِبِهِ، وَصِيَانَتِهِ جَسَدِهُ، أُخِذَ مِنْ آزَرْتهُ: إِذَا عَاوَنْتُهُ. ¬
قَوْلُهُ: "فَلْيَتَّزِرْ" (¬36) صَوَابُهُ: فَلْيَأتَزِرْ (¬37)، بِالْهَمزِ (¬38)، وَلَا يَجُوزُ التَّشْدِيدُ، لِأنَّ الْهَمْزَةَ لَا تُدْغَمُ فِي التَّاءِ (¬39). وَقَوْلُهُمُ "اتَّزرَ" عَامِّىٌ، وَالْفُصَحَاءُ عَلَى ائتَزَرَ. وَقَدْ لَحَّنُوا مَنْ قَرَأ {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ (¬40) أَمَانَتَهُ} بِالتَّشْدِيِد. قَوْلُهُ (*): "اشْتِمَالُ الْبَهُودِ" (¬41): هُوَ الإِسْدَالُ الَّذِى ذَكَرَهُ بَعْدُ. "وَزَرَّهُ" أَيْ: عَقَدَ أَزرَارَهُ (¬42) وَأدْخَلَهَا فِي عُرْوَتِهِ. وَيُقَالُ في الْأمْرِ مِنْهُ: زُرَّهُ؛ (وَرُرُّهُ؛ وَرُرِّهِ) (¬43). وَقِصَارَةُ (¬44) الثَّوبِ: دَقُّهُ، وَقَصَرْتُ الثَّوْبَ أقْصُرُهُ: دَقَقْتُهُ، وَمِنْهُ سُمِّىَ الْقصَّارُ (¬45). قَوْلُهُ: "اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ" مُفَسرٌّ فِي الْكِتَاب (¬46). وَقَالَ الْجَوْهَرِىُّ: هُوَ أن يَتَجَلَّلَ الرَّجُلُ بِثَوْبِهِ، وَلَا يَرْفَعُ مِنْهُ جَانِبًا، يَكُونُ فِيهِ فُرْجَةٌ فيَخْرِجُ (¬47) مِنْهَا يَدَهُ. قَالَ الْقُتَيْبِىُّ (¬48): وَإِنَّمَا قِيْلَ لهًا صَمَّاءُ؛ لِأنَّهُ إِذَا اشتمَلَ سَدَّ عَلَى يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ الْمَنَافِذَ كُلَّهَا، كَالصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ الَّتِى لَيْسَ فِيهَا (¬49) خَرْقٌ وَلَا صَدعٌ (¬50) وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬51): أَمَّا تَفْسِيرُ الْفُقَهاَءِ (فَهُوَ) (¬52) أنْ يَشْتَمِلَ بِثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غَيرُهُ ثُمَّ يَرْفعَهُ مِنْ أحَدِ جَانِبَيْهِ، فَيَقَعَ عَلَى أحَدِ مَنْكِبَيْهِ (¬53) قُلْتُ: مَنْ فَسَّرَهُ (¬54) هَذَا التفْسِيرَ: ذَهَبَ إِلَى كَرَاهِيَةِ الْكَشْفِ وَاِبْدَاءِ (¬55) الْعَوْرَةِ، وَمَنْ فَسَّرَهُ بِتَفْسِيرِ أهْلِ اللُّغةِ: كَرِهَ أنْ يَتَزَمَّلَ بِهِ شَامِلًا جَسَدَهُ مَخافَةَ أن يَذفَعَ مِنْهَا إِلَى حَالَةٍ سَادَّةٍ لِمُتَنَفَّسِهِ فَيَهْلِكَ. احْتَبَى الرَّجُلُ (¬56): إِذَا جَمَعَ ظَهْرَهُ وَسَاقَيْهِ بِثَوْبِهِ (¬57)، وَقَدْ يَحْتَبِى (¬58) بِيَدَيْه، يُقَالُ مِنْهُ: حِبْوَةٌ (¬59) وَحُبْوَةٌ، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا (¬60)، وَجَمْعُهَا: حِبىً، بِكَسْرِ الأَوَّلِ عَنْ يَعْقُوبَ (¬61). قَوْلُهُ: "يَسْدُلُ فِي الصَّلَاةِ" (¬62) وَهُوَ أنْ يُسْبِلَ ثَوْبَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضُمَّ جَوَانِبَهُ (¬63)، وَمِنْهُ حَدِيثُ ¬
عَائِشَةَ، رَضىَ الله عَنهَا "أنَّهَا أسْدَلَتْ قِنَاعَهَا" (¬64) أَيْ: أسْبَلَتْهُ، وَهِىَ مُحْرِمَةٌ. قَوْلُهُ: "مِنْ فُهُورِهِمْ" (¬65) جَمْعُ فُهْرٍ، وَهُوَ بَيْتُ مَدْرَاسِهِمْ: كَلِمَةٌ نَبَطِيَّةُ عُرِّبَتْ (¬66)، وَالْمَدْرَاسُ (¬67) مَوْضِعُ دَرْس الْكُتُبِ. قَوْلُهُ: "لَيْسَ مِنَ اللهِ فِي حِلٍّ وَلَا حَرَامٍ" (¬68) (ذَكَرَ الْخَطَّابِىُّ فِي مَعَالِمِ السُّنن (¬69)، فِي مَعْنَاهُ: أيْ: لَيْسَ بِنَاجٍ مِنْ عَذَابِ اللهِ فِي حِلٍّ وَلَا حَرَامٍ) (¬70) وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ بِالْحِلِّ وَالْحَرَامِ: الْمُبَاحَ وَالْمَحْذُورَ مِنَ الثِّيابِ. اللِّثَامُ (¬71): مَا كَانَ عَلَى الْفَمِ مِنَ النِّقَابِ. وَاللِّفَامُ: مَا كَانَ عَلَى الأْرْنَبَةِ (¬72). يُقَالُ: لَثَمَت الْمَرْأةُ تَلْثِمُ لَثْمًا، وَالْتَثَمَتْ وَتَلثَّمَتْ: إِذَا شَدَّت اللِّثَامَ، وَهِىَ حَسَنَةُ اللَّثْمَةِ. وَذَكَرَ الْخَطَّابِىُّ أنَّهُ مِنْ زِىِّ الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ ذو الرُّمَّةِ (¬73): تَمَامُ الْحَجِّ أن تَقِفَ الْمَطَايَا ... عَلَى خَرْقَاءَ وَاضِعَةَ اللِّثَامِ (قَوْلُهُ) (¬74): "يَتَلَوَّثُ بِهِ الْبَدَنُ" أَيْ: يَتَلَطَّخُ، يُقَالُ: لَوَّثَ ثِيَابَهُ بِالطِّيِنِ، أَيْ: لَطَّخَهَا. وَلَوَّثَ الْمَاءَ: كَدَّرَهُ (¬75). "غُضُّوا الأبْصَارَ": أغْمِضُوهَا. وَانْغِضَاضُ الطَّرْفِ: انْغِمَاضُهُ (¬76). وَقَدْ يَكُونُ غَضُّ الطَّرْفِ: احْتِمَالُ الْمَكْرُوهِ وَالْأذَى. "قَوْلُهُ: لِأنَّ عَلَيْهِ فِي قَبُولِهِ مِنَّةٌ" (¬77) الْمِنَّةُ وَالمَنُّ: ذِكْرُ الإحْسَانِ وَإعَادَتُهُ عَلَى الْمُحْسَنِ إِلَيْهِ مِثْلُ أنْ تَقُولَ: أعْطَيْتُكَ وَأحْسَنْتُ إِلَيْكَ، مَأخوذٌ مِنْ مَنَنِ الْوَتَرِ وَهُوَ قُوَاهُ، وَيُقَالُ: أُمِنَّ الرَّجُلُ: إِذَا انْتُقِضَتْ مُنَّتُهُ، كَأَنَّهُ نَقْضٌ لِلإِحْسَانِ وَتَغْيِيرٌ لَهُ، وَهُوَ مِنَ الْأضْدَادِ، يُقَالُ: مَنَّ عَلَيْهِ مِن غَيْرِ مَنٍّ (¬78)) (¬79). ¬
ومن باب استقبال القبلة
وَمِنْ بَاب اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ الْقِبْلَةُ: مَأخُوذَةٌ مِنْ قَابَل الشَّيْىءُ الشَّيْىءَ: إِذَا حَاذَاهُ. وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ: إِذَا حَاذَاهُ بِوَجْهِهِ. وَأصْلُهُ: مِنَ القُبُل: نَقِيضُ الدُّبُرِ. قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬1): سُمِّيَت الْقِبْلَةُ قِبْلَة؛ لِأنَّ الْمُصَلِّىَ يُقَابِلُهَا وَتُقَابِلُهُ (¬2). قَوْلُهُ تَعَالَى (¬3): {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ (الْحَرَامِ)} (¬4) أيْ: (اسْتَقْبِلْهُ) (¬5) وَاجْعَلْهُ مِمَّا يَلِيكَ. وَقِيلَ: {فَوَلِّ وَجْهَكَ} أيْ: أَقْبِلْ وجْهَكَ. وَوَجِّة وَجْهَكَ (¬6) وَكَذَلِكَ (¬7) قَوْلُهُ: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} (¬8) أَيْ: مُسْتَقْبِلُهَا (¬9). وَ {شَطْرَ الْمَسْجِدِ} أَيْ: نَحْوَهُ وَتِلْقَاءَهُ. قَالَ الشَّاعِرُ (¬10): ألَا مَنْ مُبْلِغٌ عَمْرًا رَسُولًا (¬11) ... وَمَا تُغْنِى الرِّسَالَةُ شَطرَ عَمْرِو أَيْ: نَحْوَهُ. وَقَالَ أَيْضًا (¬12): أقِيمِى أُمَّ زِنْبِاعٍ أَقِيمِى ... صُدُورَ العِيسِ شَطْرَ بَنى تَمِيمِ وَنُصِبَ "شَطْرَ" عَلَى الظَّرْفِ (¬13) والمعنى إِلى شَطْر المَسْجِدِ الحَرَامِ. قَوْلُهُ: بِحَضْرِةِ الْبَيْتِ (¬14) أيْ: بِقُرْبهِ، مِنَ الْحُضُورِ: ضِدُّ الْغَيْبَةِ. قَوْلُهُ: "فَإنَّ أَخْبَرَهُ مَنْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ عَنْ عِلْمٍ" (¬15) هُوَ أن يَرَى الْكَعْبَةَ مِنْ سَطْحٍ أوْ رَأَسِ جَبَلٍ فَيُخْبِرَهُ. قَوْلُهُ: "مَحَارِيبُ الْمُسْلِمِين" (¬16) أصْلُ الْمحْرَابِ: الْمَكَانُ الرَّفِيعُ، وَالْمَجْلِسُ الشَّرِيفُ؛ لِأنَّهُ يُدَافَعُ عَنْهُ، وَيُحَارَبُ دُونَهُ. وَقِيلَ: مِحْرَابُ الأسَدِ لِمَأوَاهُ. وَيُسَمَّى الْقَصْرُ وَالْغُزفَةُ مِحْرَابًا، قَالَ (¬17): رَبَّةُ مِحْرَابٍ إِذَا جِئْتَهَا ... لَمْ ألْقْهَا أَوْ أرْتَقِى سُلَّمَا ¬
فَمِحْرَابُ الْمَسْجِدِ: أشْرَفُ مَوْضِع فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ الْأنْبَارِىِّ (¬18) عَنْ أحْمَدَ بْنِ عُبَيْدٍ: سُمِّىَ مِحْرَابًا؛ لِانْفِرَادِ الإِمَامِ، فِيهِ، وَبُعْدِهِ عَنِ الْقَومِ،. وَمِنْهُ يُقَال: هُوَ حَرْبٌ لِفُلَانٍ إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا تَبَاعُدٌ وَبُغْضٌ (¬19). وَيَحْتَمِلُ أن يَكونَ مِحْرَابًا؛ لِأنَّ الإمَامَ إِذَا قَامَ [فِيهِ] (¬20) لَمْ يَأَمنْ أنْ يَلْحَنَ أوْ يُخْطِىِّ، فَهُوَ خَائِفٌ. فَكَأنَّهُ مَأوَى الْأسَدِ (¬21). قَوْلُهُ: "لِعَدَمِ الْبَصِيرَةِ" (¬22) هِىَ الاسْتِبْصَارُ بِالشَّيْيِّ وَتَأمُّلُهُ بِالْعَقْلِ. وَالْبَصِيرَةُ أيْضًا: الحُجَّةُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} (¬23) أيْ: هُوَ حُجَّةٌ عَلَى نَفْسِهِ (¬24). قَوْلُهُ: "وَلَا يَسَعُ بَصِيرًا أنْ يُقَلِّدَ" (¬25) مَعْنَاهُ: لَا يُوَسَّعُ عَلَيْهِ فِي الشَّرْعِ. بَلْ هُوَ فِي ضِيقٍ وَحَرَجٍ عَنِ الْجَوَازِ (¬26). يُقَالُ: وَسِعَهُ الشَّيْيِّ، بِالْكَسْرِ، يَسَعُهُ وَيَسِعُهُ (27) (سَعَةً) (¬27). وَيُقَالُ: لَا يَسَعُنى شَيْىْءٌ وَيَضِيقُ عَنْكَ، أَيْ: وَأنْ يَضِيقَ عَنْكَ. بَلْ: مَتَى وَسِعَنى شَىْءٌ وَسِعَكَ (¬28)، وَأصْلُهُ: يَوْسِعُ، وَإِنَّمَا سَقَطَت الْوَاوُ؛ لِوُقُوعِهَا بَيْنَ الْيَاءِ وَالْكَسْرَةِ فِي الأصْلِ. قَوْلُهُ: "وَالْتِحَامُ الْقتَالِ" (¬29) هُوَ تَقَارُبُ الْمُتَقَاتِلِينَ وَتَلاصُقُهُمْ (¬30)، مِنَ ألْحَمْتُ الشَّيْيِّ إِذَا ألْصَقْتَهُ: الْمَلْحَمَةُ: الْوَقْعَةُ الْعَظِيمَةُ في الْحَرْبِ. قَوْلُهُ: "وَالدَّابَّةُ حَرُونٌ" (¬31) الْحَرُونُ: الَّذِى لَا يَنْقَادُ. وَإِذَا اشْتَدَّ الْجَرْىُ وَقَفَ. وَقَدْ حَرَنَ يَحْرُنُ حُرُونًا، وَحَرُنَ (¬32)، بِالضَّمِّ. وَالاسْمُ: الحُرَانُ (¬33). قَوْلُهُ: "فَرَكَزَ عَنَزَةً" (¬34) قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬35): الْعَنَزَةُ: مِثلُ نِصْفِ الرُّمْحِ أَوْ أكْبَرُ شَيْئًا وَفِيهَا (¬36) سِنَانٌ مِثْلُ سِنَانِ الرَّمْحِ. قَوْلُهُ: "وَادْرَءُوا مَا اسْتَطعْتُمْ" (¬37) الدَّرْءُ: الدَّفْعُ. يُقَال: دَرَأهُ يَدْرَؤُهُ: إذَا دَفَعَهُ. قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ} (¬38) أَيْ: تَدَافَعْتُمْ (¬39). قَالَ (¬40): تَقُولُ وَقَدْ دَرَأْتُ لَهَا وَضِينِى ... أهَذَا دِيِنُهُ أبَدًا وَدِينِى ¬
ومن باب صفة الصلاة
وَمِنْ بَابِ صِفَةِ الصَّلاةِ (قُوْلُهُ) (¬1): "قَدْ قَامَتْ" (¬2) مَعْنَاهُ: دَامَتْ. وَقَدْ ذُكِرَ. قَوْلُهُ: "مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ" (¬3) أَيْ: أوَّلُهَا الَّذِى تُفْتَتَحُ بِهِ، أَي: تُبْدَأ: يُقَالُ: اسْتَفْتَحْتُ الشَّيْيَّ وَافْتَتَحْتُه: إِذَا ابتدَأْتَهُ. قُوْلُهُ: "كَبَّر بِلِسَانِهِ" (¬4) أيْ: بِلُغَتِهِ. يُقَالُ: لِكُلِّ قَومٍ لِسَانٌ، لُغَةٌ. وَيُقَالُ: لِسْنٌ (¬5) -بِكَسْرِ الَّلام- أيْ: لُغَةٌ. وَلَمَ يُرِد اللِّسَانَ الَّذِى هُوَ جَارِحَة. الْكَلَام. قَوْلُهُ: "وإنْ كَانَ بِلِسَانِهِ خَبْلٌ" (¬6) بِالتَّسْكِين: هُوَ الْفَسَادُ (¬7)، وَبِالتَّحْرِيكِ: الجِنُّ. يُقَالُ: بِهِ خَبَلٌ، أَيْ: شَيْىْءٌ مِنْ أَهْلِ الأرْض (¬8). وَقَدْ خَبَلَهُ: إِذَا أفْسَدَ عَقْلَهُ أوْ عُضوَهُ. قُوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: "كَانَ يَنْشُرُ أصَابِعَهُ فِي الصَّلَاةِ نَشْرًا" (¬9) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: التَّفْرِيقَ. يُقَالُ: جَاءَ الْقَوْمُ نَشْرًا، أيْ: مُتَفَرِّقِينَ (¬10). وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مِنَ النَّشْرِ الَّذِى هُوَ ضِدُّ الطَّىِّ، أيْ: نَشَرَ أصَابِعَهَ بَعْدَ أن كَانَتْ مَقْبُوضَةً، مِثْلُ: نَشَرْتُ الثَّوْبَ نَشْرًا (¬11). الرُّسْغُ (¬12) مِنَ الإِنْسَانِ: مَا بَيْنَ (¬13) ظَهْرِ الكَفِّ وَبَيْنَ مَفْصِلِ السَّاعِدِ. وَمِنَ الدَّوَابٌ: الْمَوْضِعُ الْمُسْتَدِقُّ الَّذِى بَيْنَ الْحَافِرِ وَمَفْصِلِ الْوَظِيفِ مِنَ الْيَدِ وَالرَّجْلِ (¬14). يُقَالُ فِيهِ (¬15): رُسُغٌ وَرُسْغٌ مِثْلُ عُسُرٍ وَعُسْرٍ بِالضَّمِّ وَالإِسْكَانِ وَالسِّينِ وَالصَّادِ (¬16). قَوْلُهُ: "دُعَاءُ الاسْتِفْتَاحِ" (¬17) أيْ: الابْتِدَاء. ¬
{فَطَرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (¬18) ابْتَدَأ خَلْقَهُمَا. فَطَرَ (¬19) الشَّيْىءَ: ابْتَدَأهُ واخْتَرَعَهُ وَهُوَ الْخَلْقُ أيْضًا. وَقَدْ فَطَرَهُ يَفْطُرُه -بِالضَّمِّ- أَيْ: خَلَقَهُ. وَالفِطرةُ بِالْكَسْرِ: الخِلْقَةُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاس: كُنْتُ لَا أدَرِى مَا {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (¬20) حَتى أَتَانِى أَعْرَابِيَّانِ يَختَصِمَانِ فِي بِئْرٍ، فَقَالَ أحَدُهُمَا: أَنَا فَطرتُهَا، أَيْ: ابتدَأتُهَا (¬21). {حَنِيفًا} أَيْ: مُسْتَقِيمًا ثَابِتًا (¬22). {نُسُكِي} عِبَادَتِى، وَمَا أتَقَرَّبُ بهِ (¬23). {رَبِّ الْعَالَمِينَ} مَالِكِهِمْ. يُقَالُ: رَبُّ الدَّارِ وَرَبُّ الْعَبْدِ، أَيْ: مَالِكُهُ (¬24). وَ {الْعَالَمِينَ} الجِنِّ وَالإِنْس، وَاحِدُهُم: عَالَمٌ (¬25). {أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} أَيْ: الْمُنْقَادِينَ لِأمْرِ اللهِ (¬26)، الْخَاضِعِينَ لِطَاعَتِهِ. "لَبَّيْكَ وَسَعْدَيِكَ" أصْلُهُ: مِنْ ألَبِّ بِالْمَكَانِ: إذَا أقَامَ بِهِ، وَمَعْنَاهُ: الإِجَابَةُ، وَثنَّى عَلَى مَعْنَى: إِجَابَةً بَعْدَ إِجَابَةٍ، وَإسْعَادًا بَعْدَ إِسْعَادٍ. وَقِيلَ: أَصْلُهُ: لَبَّبَ، فَاسْتُثْقِلَتْ ثَلَاثُ بَاءَاتٍ، فَأبْدِلَتِ الثَّالِثَةُ يَاءً، كَمَا يُقَالُ: تَظَّنَّيْتُ فِي تَظَنَّنْتُ (¬27). وَسَنَذْكُرُهُ فِي الْحَجِّ بِأكْثَرَ مِنْ هَذَا إنْ شَاءَ اللهُ. قَوْلُهُ: "وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ" أَيْ: لَيْسَ مِمَّا يُتَقَرَّبُ بهِ إِلَيْكَ، وَإِنَّمَا يُتَقَربُ إِلَيْكَ بِالْخَيْرِ. وَقِيلَ: لَا يُضَافُ إِلَيْكَ، وَإِنْ كُنْتَ خَلَقْتَهُ؛ لِأنَّهُ لَا يُضَافُ إِلَيْكَ إِلَّا الْحَسَنُ. كَمَا يُقَالُ: يَا خَالِقَ النُّورِ وَالسَّمَاوَاتِ، وَلَا يُقَالُ: يَا خَالِقَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِير، وَإِنْ كَانَ خَالِقَهَا (¬28). قَوْلُهُ: "وَأَتُوبُ إِليْكَ" أيْ: أرْجَعُ إِلَى طَاعَتِكَ. وَالتَّائِبُ: الرَّاجِعُ إِلَى طَاعَةِ رَبَهِ بَعْدَ مَعْصِيَتِهِ وَخَطِيئَتِهِ (¬29). قَوْلُهُ: "أَعُوذُ بِاللهِ" مَعْنَاهُ: أَلْجَأ. وَعُذْتُ بِهِ، أيْ: لَجَأتُ إلَيْهِ (¬30). وَفى اشْتِقَاقِ (الشَّيْطَانِ) وَجْهَان: قِيلَ: إِنَّهُ مُشْتَقُّ مِنْ "شَاطَ" أَيْ: هَلَكَ وَاحْتَرَقَ، فَنُونُهُ زَاِئِدَةٌ (¬31). قال (¬32): . . . . . . . . . . . ... وَقَدْ يَشِيطُ عَلَى أرْمَاحِنَا الْبَطَلُ ¬
وَقِيلَ: مِنْ شَطَنَ " أيْ: بَعُدَ، فَتَكُونُ نُونُهُ أَصْليَّةً (¬33)، قال (¬34): نَأتْ بِسُعَادَ عَنْكَ نوَى شَطُون ... . . . . . . . . . . . وَمَعْنَاهُ: المُبْعَدُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، الْمُحْتَرِق بِغَضَبِ اللهِ. وَالرَّجِيمُ: أيْ: الْمَرْجُومُ، وَهُوَ الْمَلْعُونُ الْمَطرُودُ. وَقِيلَ: الْمَرْجُومُ بِالْكَواكِبِ، مِنْ قَوْلِهِ [تعالى]: {رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} (¬35). قَوْلُهُ: "إلَّا بِأْمِّ الكِتَابِ" (¬36) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأنّهَا أوَّلُهُ وَأصْلُهُ (¬37)، وَمَكَّةُ: أُمُّ الْقُرَى؛ لِأنَّهَا أَوَّلُهَا. وَفَاتِحَةُ الْكِتَابِ: أوَّلُهُ أيضًا مِنَ الافْتِتَاحِ، وَهُوَ: الابْتِدَاء (¬38). قَوْلُهُ: "مَالى أُنَازَعُ الْقُرآنَ" (¬39) أَيْ: أُجَاذَبُ، وَأصْلُهُ (¬40): مِنْ نَزْعَ الدَّلْوِ؛ لِأنَّ النَّازِعَيْنِ يَتَجَاذَبَانِهِ؛ أَوْ مِنْ نَزْعِ بَعْض الشَّيْىء، وَمِنْهُ: تَنَازُعُ الْكَأس (¬41)، قَالَ الأعْشَى (¬42): نَازَعْتُهُمْ قُضُبَ الرَّيْحَانِ مُتَّكِئًا ... وَقَهْوَةٌ مُزَّةً رَاوُوقُهَا خَضِلُ قَوْلُهُ: "فَأمِّنُوا" (¬43) أَيْ: قُولُوا: آمِين (¬44) مَعْنَاهُ (¬45): اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ. يُمَدُّ وَيُقْصَرُ. قَالَ الشَّاعِرُ (¬46): . . . . . . . . . . . ... وَيَرْحَمُ اللهُ عَبْدًا قَالَ آمِينَا وَقَالَ فِي الْقَصْرِ: تَبَاعَدَ عَنِّى فُطْحُلٌ وَابْنُ أُمِّهِ ... أمِينَ فَزَادَ اللهُ مَا بَيْنَنَا بُعْدًا (¬47) وَقِيلَ: إِنَّهُ اسْمٌ مِنْ أسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى (¬48). قَوْلُهُ: "حَتَّى إِنَّ لِلْمَسْجدِ لَلَجَّةٌ" (¬49) اللَّجَّةُ: هِىَ أصْوَاتُ النَّاس وَضَجَّتُهُمْ، قَالَ (¬50): ¬
*فِي لَجَّةٍ أمْسِكْ فُلَانًا عَن فُلِ* قَوْلُهُ: "اللَّفْظُ وَالنَّظْمُ" (¬51) هُوَ الإتِّسَاقُ وَالْمُوَالَاةُ. وَأصْلُهُ: مِنْ نَظْمِ الْعِقْدِ مِنَ اللُّؤلؤِ وَغَيرِهِ، وَهُوَ جَمْعُهُ واتِّسَاقُهُ عَلَى وَجْهِهِ، وَالانْتِظَامُ الاتِّسَاقُ (¬52). قَوْلُهُ: "المُفَصَّلِ" (¬53) هُوَ مِنْ سُورَةِ الْقِتَال إِلَى آخِرِ الْقُرآنِ، سُمِّىَ مُفَصَّلًا؛ لِكَثْرَةِ الْفَصْلِ بَيْنَ السُّورَتين بـ"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" وَأَصْلُ الفَصْلِ: الْقَطْعُ، كَأنَّهُ يَقْطَعُ بَيْنَ السُّورَتَيْن بِالْبَسْمَلَةِ (¬54) وقالَ الْهَرَوِىُّ (¬55): سُمِّىَ مُفَصَّلًا؛ لِقِصَرِ أعْدَادِ سُوَرِهِ مِنَ الآىِ. أ. هـ. سُمِّيَت (¬56) الآيَةُ، لِأنَّهَا تَجْمَعُ الْكَلِمَ وَالْحُرُوفَ. وَالآيَةُ: الْجَمَاعَةُ، يُقَالُ: خَرَجَ القَومُ بِآيَتِهِمِ، أَيْ: جَمَاعَتِهِمْ (¬57). وَالآيَةُ أيْضًا: الْعَلَامَةُ؛ لِأنَّهَا عَلَامَة لانقِطاع كَلَامٍ مِنْ كَلَام، قَالَهُ ابْنُ الأنْبارِىِّ. وَأصْلُهَا: أيَّةٌ بِالتَّشْدِّيِدِ فَاسْتَثْقَلُوا التَّشْدِّيِدَ فَقَلَبوا الْيَاءَ الأوْلَى ألِفًا لِانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا وَوَزنُهَا أصْلًا: فَعَلَةٌ. (¬58) وقالَ الكِسَائِىُّ: هِىَ (¬59) في الأصْلِ "آيِيَةٌ" مِثْلُ فَاطِمَةٍ، فَحُذِفَت إِحْدَى اليَاءَيْنِ (¬60) أ. هـ. مِنْ تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِىِّ (رَحِمَهُ الله) (¬61) وَالسُّورَةُ: مُشْتَقَةٌ مِنَ السُّورِ الَّذِى يُحِيطُ بِالْبَلَدِ، لِأنَّهَا تُحِيطُ بِآيَاتٍ مِنَ الْقُرآنِ (¬62). وَقِيلَ: مِنَ السُّؤْرِ، وَهُوَ الْبَقِيَّةُ (¬63)، وَقِيلَ: مِنَ الشَّرَفِ وَالْفَخْرِ، قَالَ النَّابِغَةُ (¬64): ألَمْ تَرَ أَنَّ اللَه أعْطَاكَ سُورَةً ... تَرَى كُلَّ مَلْكٍ دُونَهَا يَتَذَبْذَبُ يُريدُ: شَرَفًا وَمَنْزِلَةً. وقالَ الْجَوْهَرِى (¬65): السُّورةُ: كُلُّ مَنْزِلَةٍ مِنَ الْبِنَاءِ، وَمِنْهُ: سُوَرُ الْقُرآن؛ لِأنَّهَا مَنْزِلَةٌ بَعْدَ مَنْزِلَةٍ مَقْطُوعَةٌ عَن الأخْرَى، وَالْجَمْعُ: سُوَرٌ، بِفَتْحِ الْوَاوِ، وقالَ الشَّاعِرُ (¬66): . . . . . . . . . . . ... سُودُ (¬67) المَحَاجِرِ لَا يَقْرَأَنَ بِالسُّوَرِ وَيَجُوزُ أن تُجْمَعَ عَلَى سُورَاتٍ (¬68). قَوْلُهُ: "حَزَرْنا قِيامَ رَسُول اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" (¬69) أَيْ: قَدَّرْنَا، وَالْحَزْرُ: التَّقْدِيرُ وَمِنْهُ: الْحَزرُ فِي الْخَرْضِ (¬70). ¬
قَوْلُهُ: "الْخَلَفُ عَنِ السَّلَفِ" (¬71) السَّلَفُ: هُمُ الْقَرْنُ الْمَاضِى. وَالْخَلَفُ: مَنْ يَأَتِى بَعْدَهُمْ، يُقَالُ: خَلَفٌ، وَخَلْفٌ (فَالْخَلَفُ -بِفَتْحِ اللَّامِ: الْخَلَفُ الصَّالِحُ، وَبَإسْكَانِ اللَّام: الْخَلْفُ السَّيِّىُّ) (¬72) قَالَ الله تَعَالَى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} (¬73). قَوْلُهُ: "مَأمُورٌ بِالإِنْصَاتِ" (¬74) الإنْصَاتُ (¬75): هُوَ (¬76) السُّكُوتُ وَالاسْتِمَاعُ لِلْحَدِيثِ. يُقَالُ: أنْصِتُوهُ وَأنصِتُوا لَهُ (¬77). قَوْلُهُ: "فَارْمُوهُ بِالْبَعَرِ" (¬78) أَيْ: لَا تَعْبَأوا بِصَلَاتِهِ وَاحْقِرُوهُ، كَمَا يُحْقَرُ مَنْ يُرْمَى بِالْبَعَرِ لِقَذَارَتِهِ. قَوْلُهُ: "ثُم يَركَعُ" (¬79) أَصْلُ الرُّكُوعِ: الانْحِنَاءُ، يُقَالُ: رَكَعَ الشَّيْخُ: إِذَا انْحَنَى مِنَ الْكِبَرِ. قَالَ لَبِيد (¬80): . . . . . . . . . . . ... أدِبُّ كأَنِّى كُلَّمَا قُمْتُ رَاكِعٌ وَالسُّجُودُ: الانْحِنَاءُ أَيْضًا، وَالتَّطَامُنُ، يُقَالُ: سَجَدَ الْبَعِيرُ، وَأسْجَدَ: إِذَا خَفَضَ رَأسَهُ لِيُرْكَبَ؛ وَسَجَدَتِ النَّخْلَةُ: إِذَا مَالَتْ (¬81)، قَالَ (¬82): فَكِلْتَاهُمَا (¬83) خَرَّتْ وَأسْجَدَ رَأسُهَا ... كَمَا سَجَدَتْ (¬84) نَصْرَانَّةٌ لَمْ تَحَنَّفِ وَاطْمَأنَّ (¬85): إِذَا سَكَنَ وَتَمَكَّنَ وَلَمْ يَعْجَلْ. وَالطُّمَأنِينَةُ أيْضًا: السُّكُونُ، وَهُوَ مُطْمَئِنُّ إِلَى كَذَا، وَتَصْغِيرُ مُطْمَئِن: طُمَيْئِنٌ (¬86) بِحَذْفِ الْمِيمِ، وَإِحْدَى النُّونَيْنِ مِنْ آخِرِهِ (¬87). وَتَصْغِيرُ طُمَأنِينَةٍ: طُمَيْئِنَةٌ، بِحَذْفِ إِحْدَى النُّونَيْن (¬88)؛ لِأنَّهَا زَائِدَة (¬89) وَطَمْأنَ ظَهْرَهُ، وَطَأمَنَ عَلَى الْقَلْبِ (¬90). قَوْلُهُ: "وَلَا يُطَبِّقُ" (¬91) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬92): التَّطْبِيقُ في الصَّلَاةِ: جَعْلُ الْيَدَيْنِ [بَيْنَ] (¬93) الْفَخِذَيْنِ في الرُّكوعِ، يُقَالُ: طَبِقَتْ يَدُهُ بِالْكَسْرِ طَبَقًا: إِذَا كَانَتْ لَا تَنْبَسِطُ (¬94)، وَيَدُهُ طَبِقَةٌ. ¬
قَوْلُهُ: "وَلَمْ يُصَوِّبْ رَأسَهُ وَلَمْ يُقْنِعْهُ" (¬95) أَقْنَعَ (¬96) رَأْسَهُ: إِذَا نَصَبَهُ، قَالَ الله تَعَالَى: {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي (رُءُوسِهِمْ)} (¬97) وَصَوبَهُ: إِذَا خَفَضَهُ. وَأرَادَ: بَلْ يَتْرُكُهُ مُعْتَدِلًا. قَوْلُهُ: "وَلَكَ خَشَعْتُ" (¬98) خَشَعَ بِمَغنَى خَضَعَ وَذَلَّ، قَالَ اللَّيْثُ (¬99): الْخُشُوعُ: قَرِيبُ الْمَعْنَى مِنَ الْخُضُوعِ، غَيْرَ أن الْخُضُوعَ فِي الْبَدَنِ، وَالْخُشُوعَ فِي الْقَلْبِ وَالْبَصَرِ وَالصَّوْتِ. "ذَا الْجَدِّ" (¬100) يُذْكَرُ مَعَ الْقُنُوتِ. قَوْلُهُ: "عَظْمِى وَمُخِّى" الْمُخ: الَّذِى فِي الْعَظْمِ (¬101)، وَرُبَّمَا سَمَّوْا الدِّمَاغَ مُخًّا، قَالَ (¬102): . . . . . . . . . . . . ... وَلَا نَنْتَقِى (¬103) الْمُخَّ الَّذِى فِي الْجَمَاجِمِ قَوْلُهُ: "سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ" أيْ: قَبِلَ مِنْهُ وَأجَابَهُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ مَسْمُوعُ الْقَوْلِ، أيْ: مَقْبُولٌ مُجَابٌ، قَالَ (¬104): دَعَوْتُ الله حَتَّى خِفْتُ ألَّا ... يَكُونَ الله (¬105) يَسْمَعُ مَا أَقُولُ أيْ: لَا يُجِيبُ (¬106). قَوْلُهُ: "أهْلَ الثَّناءِ" (¬107) مُنَادَى، أَىْ: يَامُسْتَحِقَّهُ، يُقَالُ: هُوَ أهْلٌ لِذَلِكَ، أيْ: مُسْتَحِقُّ لَهُ. وَالثَّناءُ: هُوَ الذِّكْرُ الْجَمِيلُ بِمَا يَفْعَلُهُ الإِنْسَانُ مِنَ الْخَيْرِ، كَأَنَّهُ ذَكَرَهُ ثَانِيًا بَعْدَ فِعْلِهِ لَهُ. وَالْمَجْدُ: هُوَ الشَّرَفُ وَالرِّفْعَةُ، قَالَه ابْنُ السِّكِّيتِ (¬108). وَالْمَجْدُ: الْكَرَمُ، وَالْمَجِيدُ: الْكَرِيمُ، وَقَدْ مَجُدَ الرَّجُلُ- بِالضَّمِّ فَهُوَ مَجِيدٌ وَمَاجِدٌ (¬109). قَوْلُهُ: "حَقٌّ مَا قَالَ الْعَبْدُ وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ" الْألِفُ وَاللَّامُ فِي الْعَبْدِ لِتَعْرِيف الْجِنْس لَا لِتَعْرِيف الْعَهْدِ، وَالْمُرَادُ: الْعَبِيدُ، كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (¬110) وَأَرادَ النَّاسَ بِدَلِيلِ أنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْهُ الْجَمْعَ (¬111)، فَقَالَ: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} (110). ¬
قَوْلُهُ: "تَنْقُرُ نَقْرًا" (¬112) مَأخُوذٌ مِنْ نَقْرِ الطَّائِرِ (¬113)، (¬114) الحَبَّةَ. قَوْلُهُ: "حَرَّ الرَّمْضَاءِ" (¬115) هِىَ شِدَّةُ حَرِّ الْأرْضِ مِنْ وَقْعِ الشَّمْسِ عَلَى الرَّمْلِ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ رَمِضَ يَوْمُنَا -بِالْكَسْرِ- يَرْمَضُ رَمَضًا - بِالتَّحْرِيكِ (¬116): اشْتدَّ حَرُّهُ. وَفِى الْحَدِيثِ: "صَلَاةُ الْأوَّابِينَ إِذَا رَمِضَتِ الْفِصَالُ مِنَ الضُّحَى" (¬117) يُرِيدُ: أنَّ صَلَاةَ الضُّحَى حِينَ يَجِدُ الْفَصِيلُ حَرَّ الشَّمْس مِنَ الرَّمْضَاءِ. قَوْلُهُ: "فَلَمْ يُشْكِنَا" قَالَ الزَّمَخْشَرَىُّ (¬118): يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ مِنَ الاشْكَاءِ، وَهُوَ إِزَالَة الشَّكَايَةِ فيحْمَلُ عَلَى (¬119) أَنَّهُمْ أرَادوا أن يُرَخَّصَ لَهُمْ فِي الصَّلَاةِ فِي الرِّحَالِ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى ذَلِكَ. وَالَّذِى أرَادَ الشَّيْخُ أنَّهُ لَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ فِي رَفْعِ اكُفِّهِمْ عَنِ الْأرْضِ (¬120). قَالَ ابْنُ الصَّبَاغِ: أرَادَ: لمْ يَقْبَلْ شِكَايَتَنَا. قَالَ الزَّمَخْشَرِىُّ (¬121): وَيَحْتَمِلُ أن يَكُونَ من الإِشْكَاءِ، الَّذِى هُوَ الْحَمْلُ عَلَى الشِّكَايَةِ، فَيُحْمَلُ (¬122) عَلَى أنَّهُمْ طَلَبُوا الإبردَ بِهَا فَأجَابَهُمْ فَلَمْ يَتْرُكْهُمْ ذَوِى شِكَايّةٍ (¬123). قَوْلُهُ: "سَجَدَ عَلَى قُصَاصِ الشَّعَرِ" (¬124) قَالَ الْأصْمَعِىُّ (¬125): هُوَ حَيْثُ تَنْتَهِى نَبْتَتُهُ (¬126) مِنْ مُقَدَّمِهِ وَمُؤَخَّرِهِ (¬127) وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: قُصَاصٌ؛ وَقَصَاصٌ؛ وَقِصَاصٌ، وَالضَّمُّ أَعْلَى (¬128). قَوْلُهُ: "جَخَّ" وَيُرْوَى "جَخَّى" (¬129) قَالَ أبُو الْعَبَّاس (¬130): جَخَّى أَيْ: فَتَحَ عَضدَيْهِ بِالسُّجُودِ قَالَ: وَكَذلِكَ "جَخَّ". وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ "جَخَّى" فِي صَلَاتِهِ: إِذَا رَفَعَ بَطْنَهُ وَتَخوَّى وَقَالَ (¬131) في الفَائِقِ (¬132) أى: تَقَوَّسَ ظَهْرُهُ متَجافيًا عَن الأرْض مِنْ قَوْلِهِمْ جَخَّى (¬133) الشَّبْخُ: إِذَا انْحَنَى مِنَ الْكِبَرِ، قَالَ: لَا خَيْرَ فِي الشَّيْخِ إِذَا مَا جَخَّى ... وَسَالَ غَرْبُ (¬134) عَيْنِهِ وَلَخَّا (¬135) قَالَ: وَرُوِىَ "جَخَّ" أَيْ: فَتَحَ عَضُدَيْهِ. وَرُوِىَ "كَانَ إِذَا صَلَّى جَخَّ" وَفُسِّر بِالتَّحَوُّلِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ. وَفَسَّرَ الشَّيْخُ "الْجَخَّ" بِالْخَاوِى (¬136)، وَهُوَ: الْخَالِى؛ لِأنَّهُ إِذَا فَتَحَ عَضُدَيْهِ، وَجَافَى بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ ¬
بَقِىَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ خَاوِيًا، أَيْ: خَالِيًا. يُقَالُ: خَوَى (¬137) جَوْفُهُ مِنَ الطَّعَام: إِذَا خَلَا عَنْهُ. وَعَنْ (¬138) عَلِىِّ كَرَّمَ الله وَجْهَهُ (¬139): "إِذَا صَلَّى أحَدُكُمْ فَلْيُخَوِّ" (¬140) قَالَ الزَّمَخْشَرِىُ: التَّخْوِيَةُ: أنْ يُجَافِىَ عَضُدَيْهِ (¬141) حَتَّى يُخَوِّى مَا بَيْنَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: "يَفْتَحُ أصَابعَهُ" (¬142) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ. قَالَ يَحْيَىَ بْنُ سَعِيدٍ (¬143) (هُوَ) (¬144) أَنْ يَصْنَعَ (¬145) هَكَذَا، وَنَصَبَ أَصَابِعَهُ، وَغَمَزَ (¬146) مَوْضعَ الْمَفَاصِلِ مِنْهَا إِلَى بَاطِنِ الرَّاحَةِ. وَقَالَ الأصمَعِىُّ: أصْلُ الْفَتْخِ (¬147) اللِّينُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْعُقَابِ فَتْخَاءُ؛ لِأنهَا إِذَا انْحَطَّتْ كَسَرَتْ [جَنَاحَيْهَا] (¬148). وَقالَ أبُو الْعَبَّاسِ: فَتَخَ أصَابِعَهُ: إِذَا ثَنَاهَا. وَقِيلَ: لَيَّنَ وَرَفَعَ. وَالْمُرَادُ هَا هُنَا: الرَّفْعُ (¬149)، يُقَالُ (¬150): نَاقَةٌ فَتْخَاءُ الْأخْلَافِ، أَيْ: مُرْتَفِعَتُهَا (¬151). قَوْلُهُ: "سُبُّوحٌ قُدُّوس" (¬152). هُمَا مِنْ صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى (¬153). وَمَعْنَى "سُبُّوحٌ": الْمُنَزَّهُ عَنْ كُل سُوءٍ. وَمَعْنَى "قُدُّوسٌ": الْمُطَهَّرُ (¬154) مِنْ كُلِّ نَجَسٍ (¬155)، وَقَدْ يُفْتَحَانِ وَيُضَمَّان (¬156)، قَالَ أهْلُ اللُّغَةِ: لَمْ يَجِىءْ اسْمٌ عَلَى فُعُّولٍ بِالضَّمِّ (¬157) إِلَّا سُبُّوحٌ وَقُدُّوْسٌ (¬158). قَوْلُهُ: "رَبَّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ" يُرْوَى "رَبَّ" بِالنَّصْبِ عَلَى النِّدَاءِ. وَ"رَبُّ" بِالرَّفْعِ عَلَى خَبَرِ الابْتِدَاءِ. وَالرُّوحُ: مَلَكٌ عَظِيْمٌ الْخَلْقِ، قَالَ الله تَعَالَى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} (¬159). قَوْلُهُ: "فَقَمَنٌ" (¬160) أن يُسْتَجَابَ لَكُمْ "أَيْ: حَقِيقٌ وَجَدِيرٌ، يُقَالُ: هُوَ قَمَنٌ أن يَفْعَلَ (ذَاكَ (¬161) وَقَمِنٌ، وَقَمِيْنٌ، فَمَنْ قَالَ بِالْفَتْحِ: أرَادَ الْمَصْدَرَ، وَلَمْ يُثَنِّ وَلَمْ يَجْمَعْ، وَمَنْ قَالَ "قَمِنٌ" بِالْكَسْرِ ثَنَّى وَجَمَعَ) (¬162). ¬
قَوْلُهُ: "وَيُكْرَهُ الإِقْعَاءُ" (¬163) قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬164): هُوَ أنْ يُلْصِقَ الرَّجُلُ ألْيَتَيْهِ (¬165) بِالْأرْض وَيَنْصِبَ سَاقَيْهِ وَيَضَعَ يَدَيْهِ فِي الْأرْض، كَمَا يُقْعِى الْكَلْبُ. قَالَ: وَتَفْسِيرُ الْفُقَهَاءِ: أنْ يَضَعَ ألْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. وَالْقَوْلُ: هُوَ الْأوَّلُ. وَرُوِىَ عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ أَكَلَ مُقْعِيًا" (¬166) قال ابْنُ شُمَيْلٍ (¬167): الإقْعَاءُ: أنْ يَجْلِسَ [الرَّجُلُ] (¬168) عَلَى وَرِكَيْهِ (¬169)، وَهُوَ الاحْتِفَازُ وَالاسْتِيفَازُ. قَوْلُهُ: "التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ" قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنِ الْأنبارِىِّ (¬170): فِيهِ ثَلَاثَةُ أوْجُه: أحَدُهَا: السَّلَامُ. يَقُولُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: حَيَّاكَ الله، أىَّ: سَلَامُ اللهِ عَلَيْكَ. الثانِى: الْمُلكُ لِلهِ. وَالتَّحِيُّةُ: الْمُلْكُ. يُقَالُ: حَيَّاكَ الله، أيْ: مَلَّكَكَ الله، قَالَ الشَّاعِرُ (¬171): وَلَكُلُّ (¬172) مَا نَالَ الْفَتَى ... قَد نِلْتُهُ إِلَّا التَّحِيَّةُ الثَّالِثُّ: الْبَقَاءُ لِلَّهِ تَعَالَى. يُقَالُ: حَيَّاكَ اللهُ، أيْ: أبْقَاكَ الله. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى "حَيَّاكَ اللهُ" أَيْ: أحْيَاكَ الله. قَالَ الزَّمَخْشَرِىُّ (¬173): التَّحِيَّةُ: تَفْعِلَةٌ مِنَ الْحَيَاةِ بِمَعْنَى الإحْيَاءِ وَالتَّبْقِيَةِ. قَالَ الْقُتَيْبِىُّ (¬174) التَّحِيَّاتُ لِلهِ" عَلَى الْجَمْعِ؛ لِأنَّه كَانَ فِي الْأرْض مُلُوكٌ يُحَيُّوْنَ بِتَحِيَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ (¬175)، فيَقَالُ لِبَعْضِهِمْ: أبَيْتَ اللَّعْنَ. وَلِبَعْضِهِمْ: اسْلَمْ وَانْعَمْ. وَلِبَعْضِهِمْ: عِشْ ألْفَ سَنَةٍ. فَقِيلَ لَنَا: قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، أَيْ: الألفَاظُ الَّتِى تَدُلُّ عَلَى الْمُلْكِ (¬176)، وَيُكَنَّى بِهَا عَنِ الْمُلْكِ: هِىَ لِلهِ عَزَّ وَجَلَّ (¬177). وَمَعْنَى "الْمُبَارَكَاتُ": الدَّائِمَاتُ، مِنْ دامَ أوْ كَثُرَ مِنَ الْبَرَكَةِ فِي الطَّعَامِ، وَغَيْرِهِ. وَمَعْنَى "الصَّلَوَاتُ" (¬178) الرَّحْمَةُ (¬179). وَقِيلَ: الصَّلَوَاتُ الْخَمسُ. وَمَعْنَى "الطَّيْبَاتُ": الْأعْمَالُ الصَّالِحَةُ. وَقِيلَ: الثَّنَاءُ عَلَى اللهِ تَعَالَى. وَقِيلَ: الْكَلِمَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى الْخَيْرِ (¬180)، كَشَفَاهُ اللهُ، وَرَعَاهُ، وَأعَزَّهُ، وَأَكْرَمَهُ وَمَا أشْبَهَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: "حَمِيدٌ مَجِيدٌ" حَمِيدٌ (¬181): فَعِيلٌ (¬182) مِنَ الْحَمْدِ (بِمَعْنَى) (¬183) مَحْمُودٍ. وَمَجِيدٌ: كَرِيمٌ، وَالْمَجْدُ: الْكَرَمُ. وَقِيلَ: الشَّرفُ وَالرِّفْعَةُ. ¬
قَالَ (¬184) الْعُزَيْزِيُّ (¬185): مَجيدٌ شَرِيفٌ رَفِيعٌ، تَزِيدُ رِفْعَتُهُ عَلَى كُلِّ رِفْعَةٍ، وَشَرَفُهُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ، مِنْ قَوْلِكَ: أمْجِد الدَّابَّةَ عَلَفًا، أَيْ: أَكْثِرْ وَزِدْ. قَوْلُهُ: "الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ" (¬186) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: وَهُوَ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ لَا يُبْصِرُ بِهَا، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ (¬187) وَالدَّجَّالُ: الْكَذَّابُ. وَقِيل: الطَّوَّافُ فِي الْأرْض. وَقِيلَ: الْمُمَوِّهُ: الْمُلَبَّسُ (¬188). وَالْبَعِيرُ الْمُدَجَّلُ: الْمَطْلِىُّ بِالْقَطِرَانِ، قَالَ (¬189): (كَالْأجْرَبِ الْمُدَجَّلِ) (¬190) وَالْمُمَوَّةُ وَالْمَطْلِىُّ: وَاحِدٌ (¬192). قَوْلُهُ: "مُتَوَرِّكًا" هو: أن يَضَعَ وَركَهُ عَلَى الْأرْض، وَالْوَركَانِ فَوْقَ الْفَخِذَيْن كَالْكَتِفَيْنِ فَوْقَ العَضُدَيْنِ. قَوْلُهُ: "صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَىَ آلِهِ" (¬194) اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَقِيلَ: هُمْ بَنُو هَاشِمٍ، وَبَنُوا الْمُطلِبِ؛ لِأَنَّهُمْ أهْلُهُ. وَآلُ: مُبْدَلٌ عَنْ أهْلٍ. وَقِيلَ: آلُهُ: مَنْ كَانَ عَلَى دِينِهِ، كَقَوْلِهِ: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (¬195) أَيْ: مَنْ كَانَ عَلَى دِينِهِ. قَوْلُهُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ (¬196): "السَّلَامُ عَلَيْكُم" هُوَ اسْمٌ مِنْ أسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى. وَالْمَعْنَى: اللهُ عَلَيْكُمْ، أَيْ (¬197) عَلَى حِفْظِكُمْ. وَقِيلَ: السَّلَامُ جَمْعُ سَلَامَةٍ، ومَعْنَاهُ: السَّلَامَةُ عَلَيْكُمْ (¬198). وَقِيلَ (¬199): إِنَّ السَّلَامَةَ وَالسَّلَامَ: وَاحِدٌ مَصْدَرَانِ يُقَالُ: سَلِمَ يَسْلَمُ سَلَامَةً وَسَلَامًا، مِثْلُ: رَضَعَ رَضَاعَةً وَرضَاعًا (¬200). وَقِيلَ: هُوَ مِنَ (الْمُسَالَمَةِ) (¬201) أيْ: نَحْنُ سِلْمٌ لَكُمْ أَيْ: صُلْحٌ لَكُمْ. وَقِيلَ: هُنَاكَ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ، أَيْ: رَحْمَةُ السَّلَامِ، عَلَيْكُمْ، فَأقَامَ الْمُضَاف إِلَيْهِ مَقَامَ الْمُضَافِ، مِثْل {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (¬202) أَيْ: أهْلَ الْقَريَةِ (¬203). قَوْلُهُ: "في دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ" (¬204) أَيْ: آخِرِهَا. وَدُبُرِ كُلِّ شَىْءٍ: آخِرُهُ، مِثْلُ دُبُرِ الدَّابَّةِ مُشْتَقٌ مِنْ أدْبَرَ: إِذَا وَلَّى (¬205) وَتَأخَّرَ. قَوْلُهُ (¬206): "وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ": الْجَدُّ. الْحَظُّ وَالإْقْبَالُ في الدُّنْيِا. وَالْجَدُّ (¬207) أيْضًا: الْغِنَى. وَفِى الْحَدِيثِ: "قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ وَإِذَا (¬208) عَامَّةُ (¬209) مَنْ يَدْخُلُهَا الْفُقَرَاءُ، وَإِذَا ¬
أَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُون" (¬210) يُقَالُ: رَجُلْ مَجْدُودٌ، أَيْ: مَحْظُوظٌ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: لَا يَنْفَعُ ذَا الْحَظِّ مِنْكَ حَظَّهُ، أوْ (¬211): لَا يَنْفَعُ ذَا الْغِنَى مِنْكَ غِنَاهُ (¬212). وَذَكَرَ فِي الْفَائِقِ (¬213) أنَّ قَوْلَهُ "مِنْكَ" مِنْ قَوْلِهِمْ: "هَذا مِنْ ذَاك" أَيْ: بَدَل ذَاكَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ (¬214): فَلَيْتَ (¬215) لَنَا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ شَرْبَةً ... مُبَرَّدَةً بَاتَتْ عَلَى طَهَيَانِ أَيْ بَدَلَ (¬216) مَاءِ زَمْزَمَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى (¬217): {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ} (¬218) أَيْ: بَدَلَكُم. وَالْمَعْنَى: أنَّ الْمَحْظُوظَ لَا يَنْفَعُهُ حَظُّهُ بَدَلَكَ (¬219). أَيْ: بَدَلَ طَاعَتِكَ وَعِبَادَتِكَ، قَالَ: وَيَجُوزُ أن تَكُونَ "مِنْ" عَلَى أصْلِ مَعْنَاهَا؛ أعْنى: الابْتِدَاءَ، وَتَتَعَلَّقُ إِمَّا بِيَنْفَع [وَإِمَّا] (¬220) بِالْجَدِّ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمَجْدُودَ لَا يَنْفَعُهُ مِنْكَ الْجَدُّ الَّذِى مَنَحْتَهُ، وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ أن تَمْنَحَهُ التَّوْفِيقَ (¬221) وَاللُّطْفَ في الْطَاعَةِ، أوْ لَا يَنْفَعُ مَنْ جَدُّهُ مِنْكَ جَدُّهُ، وإنَّمَا يَنْفَعُهُ الْتَوْفِيقُ مِنْكَ. وَقَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬223): مِنْكَ هَا هُنَا، مَعْنَاهُ: عِنْدَكَ. * * * تَفْسِيرُ الْقُنُوتِ قَدْ ذَكَرْنَا (¬224) تَفْسِيرَ لَفْظِ الْقُنُوتِ فِي نَفْسِهِ، وَأَنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أقْسَامٍ، وَبَقِىَ سَائِرُ ألْفَاظِهِ مِنْ حِينِ الرَّفْع (¬225). قَوْلُهُ: "اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ" (¬226) أَيْ: دُلَّنِى عَلَى الْخَيْرِ وَالْحَقِّ. وَالْهِدَايَةُ: الدَّلَالَةُ، يُقَالُ: هَدَيْتُهُ الطَّرِيقَ وَإِلَى الطَّرِيقِ. قَوْلُهُ: "وَعَافِنِى فِيمَنْ عَافَيْتَ" (¬227) يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ، أحَدُهُمَا: الْعَافِيةُ مِنَ الْبَلَايَا الَّتِى هِىَ الْعِلَلُ وَالْأمْرَاضُ وَالْعَاهَاتُ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الرَّحْمَةِ. وَمِنْهُ (¬228) فِي حَدِيثِ أَهْلِ الْقُبُورِ "أسْألُ اللهَ لَكُمُ الْعَافِيَةَ" أى: الرَّحْمَةَ (¬229). قَوْلُهُ: "وَتَوَلَّنِى فِيمَنْ تَوَلِّيْتَ" (¬230) أَيْ: اجْعَلْنى (¬231) مِمَّنْ يُوَالِيكَ، وَيَكُونُ لَكَ وَلِيًّا وَالْوَلِىُّ: ¬
ضِدُّ الْعَدُوِّ، وَأصْلُهُ: الْمُتَابَعَةُ وَالْمُصَاحَبَةُ (¬232). قَولُهُ (¬233): "إِنَّكَ تَقْضى وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ" أَيْ: تَحْكُمُ فِي خَلْقِكَ وَلَا يَحْكُمُ أحَدٌ عَلَيْكَ. وَالْقَضَاءُ: الْحُكْمُ. قَوْلُهُ: "تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ" قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ (¬234): هُوَ تَفَاعَلْتَ مِنَ الْبَرَكَةِ، وَهِىَ: الْكَثْرَةُ وَالإتِّسَاعُ. يُقَالُ: بُورِكَ الشَّيْىْءُ وَبُورِكَ فِيهِ. وَقِيلَ: مَعنى (تَبَارَكَ) أَيْ تَعَالَى وَتَعَظَّمَ (¬235). قَوْلُهُ (¬236): "نَخْلَعُ وَنَتْرُكُ (¬237) مَنْ يَفْجُرُكَ" أَيْ: نَتْرُكُ مَوَالَاتِهِ وَصَدَاقَتِهِ، مِنْ خَلَعَ الرَّجُلُ الْقَمِيصَ: إِذَا تَرَكَ لُبْسَهُ. وَيَفْجُرُكَ، أَيْ: يَعْصِيكَ وَيُخَالِفُكَ. وَأصْلُ الْفَجْرِ: الشَّقُّ، وَمِنْهُ سُمِّىَ الْفَجْرُ (¬238) كَمَا سُمِّىَ فَلَقًا (¬239)، وَفَرَقًا. وَالْعَاصى: شَاقٌ لِعَصَا الطَّاعَةِ. قَوْلُهُ "نَسْعَى وَنَحْفِدِ" السَّعْىُ: سُرْعَةُ الْمَشْىِ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْحَفَدَانُ: السُّرْعَةُ (¬240) وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬241): أصْلُ (¬242) الْحَفْدِ: الْعَمَلُ وَالْخِدْمَةُ، وَمِنْهُ: الْحَفَدَةُ، وَهُمُ: الْخَدَمُ. وَقِيلَ: (أوْلَادُ) (¬243) الْأوْلَادِ. وَيُقَالُ: حَفَدَ الْبَعِيرُ: إِذَا أَدْرَكَ الْمَشْىَ فِي قَرْمَطةٍ (¬244). قَوْلُهُ: "عَذَابَكَ الْجِدَّ" (¬245) هُوَ الْحَقُّ ضِدُّ الْهَزْلِ (¬246) أَيْ: الْمُؤْلِمُ الَّذِى لَيْسَ فِيهِ تَخْفِيفُ. باِلْكُفَّارِ مُلْحِقٌ: أَيْ لَاحِقٌ لَهُمْ. يُرْوَى بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا. وَالْمَعْنَى (¬247): يَلْحَقُهُمْ وَيَتْبَعُهُمْ حَيْثُ كَانُوا (¬248). وَلَا يُقالُ لَحِقَهُ إِلَّا إِذَا تَبِعَهُ بَعْدَمَا مَضَى، أَوْ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ. قَوْلُهُ: "وَأَلَّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ" اجْعَلْهُمْ مُؤْتَلِفِينَ غَيْرَ مُخْتَلِفِينَ، مُتَحَابِّينَ غَيْرَ مُتَبَاغِضِين، وَأصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، لَا تَجْعَلْ بَيْنَهُمْ عَدَاوَةً وَلَا فَسَادًا وَلَا فُرْقَةً وَلَا خَلَلًا يُوقِعُ بَيْنَهُمْ عَدَاوَةً. وَأصْلُ الْبَيْنِ: الافْتِرَاقُ وَالتَّبَاعُدُ بَيْنَ الْقُلُوبِ وَالْأَجْسَامِ (¬249). قَوْلُهُ: "وَاجْعَلْ فِي قُلُوبِهِم الْإِيمَانَ وَالْحِكْمَةَ" (¬250) الإِيمَانُ: التَّصْدِيقُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالشرَّائِعِ ¬
وَالْأحْكَام. وَالْحِكْمَةُ: قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ (¬251): كُلُّ كَلِمَةٍ وَعَظَتْكَ (¬252)، أوْ زَجَرَتْكَ، أوْدَعَتْكَ إِلَى مَكْرُمَةٍ، أوْ نَهَتْكَ عَنْ قَبِيحٍ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (¬253) {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} (¬254) قال: الْفِقْهَ وَالْعَقْلَ (¬255) وَقَوْلُهُ تَعَالَى (¬256): {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ} (¬257) قِيلَ: الْمَعْرِفَةَ بِالْقُرْآنِ (¬258). قَوْلُهُ: "وَأوْزِعْهُمْ" (¬259) أيْ: ألْهِمْهُمْ. وَأوْزِعْنِى (¬260): ألْهِمْنى. قَوْلُهُ: "يُوفُوا بِعَهْدِكَ الَّذِى عَاهَدْتَهُمْ عَلَيْهِ" هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى (¬261) {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ (أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)} (¬262) وَهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي أصْلَابِ آبَائِهِمْ. قَالَ الله تَعَالَى (¬263) {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ (¬264) وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}. (¬265) "وَإِنْ نَزَلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ" (¬266) أَيْ: بَلِيَّةٌ، كَالْخَوْفِ وَالْقَحْطِ وَالْغَلَاءِ أوْ نَحْوِ (¬267) ذَلِكَ. قَوْلُهُ: "التَّوَرُّكُ وَمُتَوَرِّكًا" (¬268) هُوَ أن يَقْعُدَ عَلَى وَرِكِهِ (¬269). وَهُوَ ظَاهِرُ الْفَخِذِ وَأعْلَاهُ. وَالْفَخِذُ (¬270) كَالْكَتِفِ. وَالافْتِرَاشُ: أن يَفْتَرِشَ رِجْلَهُ اليُسْرَى، أَيْ: يَجْعَلَهَا فِرَاشًا لَهُ (¬271). "مَأبِضُ" (¬272): بَاطِنُ الرُّكْبَةِ. وَقَدْ ذُكِرَ (¬273). قَوْلُهُ: "وَالإْشَارَةُ (¬274) بِالْمُسَبَّحَةِ" (¬275) سُمِّيَتْ مُسَبِّحَةً؛ لِأنَّهَا (¬276) يُشَارُ بِهَا عِنْدَ التَّسْبِيحِ (¬277) وَالتَّوْحِيدِ وَتُسَمَّى: السَّبَّابَةَ وَالْمُشِيرَةَ أيْضًا (270)؛ لِأنَّهَا (276) يُشَارُ بِهَا عِنْدَ السِّبابِ. وَيُشِيرُ بِهَا عَرْضًا وَذُكِرَ أنَّ مَعْنَاهُ: أنَّ كُلَّ إِلهٍ سِوَاهُ فَهُوَ (270) مَمْحُوٌّ. وَأمَّا الْوُسْطَى، فَاسْمٌ يُوَافِقُ مَعْنَاهُ. وَأمَّا الخِنْصَرُ، فَذَكَرَ فِي الْفَائِقِ (¬278) أنَّهَا سُمِّيتْ بِذَلِكَ؛ لِأنَّهَا أُخِذَتْ مِنَ الاخْتِصَارِ، لصغرها، ونُونُها زَائِدةٌ. والبِنْصَرُ مُشْتَقَّةٌ مِنَ البُصْرِ وهو الْغِلَظُ لأنَّهَا أَغْلَظُ مِنَ الخِنْصَرِ. وَفى الْحَدِيثِ: "بُصْرُ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَةُ كَذَا" (¬279) يُرِيدُ: غِلَظَهَا. وَأمَّا الإْبْهَامُ، فَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأنَّهُ اسْتَبْهَمَ (¬280) اشْتِقَاقُهَا. كَذَا ذَكَرَ (¬281) الصَّغَانِى (¬282). ¬
ومن باب صلاة التطوع
وَمِنْ بَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ التَّطوُّعُ (¬1): فِعْلُ الطَّاعَةِ مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ (¬2). وَالتَّطَّوُّعُ بِالشَّيَىءِ: التبَّرُّعُ، وَمِنْهُ: الْمُطَّوَّعَةُ الَّذِينَ يَتَطوَّعُونَ بِالجِهَادِ (¬3). قَوْلُهُ: "السُّنَنُ الرَّاتِبَةُ" (¬4) أَيْ: الثَّابِتَةُ الدَّائِمَةُ، يُقَالُ: رَتَبَ الشَّيَىءُ يَرْتُبُ رُتُوبًا (¬5) أَيْ: ثَبَتَ، وَأمْرٌ رَاتِبٌ، أَيْ: دَارٌّ ثَابِتٌ (¬6). قَوْلُهُ: "الشَّفْعُ وَالْوَترُ" (¬7) قَدْ ذُكِرَا. وقالَ فِي التَّفْسِيرِ (8) الْوَتْرُ: اللهُ وَحْدَهُ. وَالشَّفْعُ: جَمِيعُ الْخَلْقِ، خُلِقُوا أزْوَاجًا (¬8). وَسُمِّيتْ صَلَاةُ الْوَتْرِ؛ لِأنَّ آخِرَهَا رَكْعَةٌ فَرْدَةٌ، لَا تُشْفَعُ بِغَيْرِهَا. وَأَصْلُ الوَتْرِ: كُلُّ عَدَدٍ لَا يَنْقَسِمُ حُبُورًا، كَالْوَاحِدِ وَالثَّلَاثَةِ وَالْخَمْسَةِ. وَالزَّوْجُ: كُلُّ عَدَدٍ يَنْقَسِمُ جُبُورًا لِمُتَسَاوِيَيْنِ، كَالاثْنَيْنِ وَالْعَشَرَةِ وَالْمَائَةِ، وَشِبْهِهَا. قَوْلُهُ (¬9): "اللَّهُمَّ قَاتِلْ الْكَفَرَةَ" مَعْنَاهُ: الْعَنْهُمْ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ} (¬10) أَيْ: لَعَنَهُمْ (¬11). قَوْلُهُ (¬12): "إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا" أَيْ: طَلَبًا لِمَرْضَاةِ اللهِ تَعَالَى وَثَوَابِهِ (¬13). يُقَالُ: فُلَانُ يَحْتَسِبُ الْأخْبَارَ أَيْ: يَطْلُبُهَا وَيَتَوَقَّعُهَا. قَوْلُهُ: "التَّرَاوِيحُ" (¬14) مَأخُوذٌ مِنَ الْمُرَاوَحَةِ، وَهِىَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الرَّاحَةِ. يُقَالُ: رَاوَحَ الْفَرَسُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ: إِذَا رَفَعَ إِحْدَيْهِمَا وَتَرَكَ الْأخْرَى يَسْتَرِيحُ بِذَلِكَ، مِنْ طُولِ الْقِيَامِ. وَكَذَلِكَ يُقَالُ: رَاوَحَ الظَّلِيمُ (¬15) بَيْنَ يَدَيْهِ (¬16) وَرِجْلَيْهِ، قَالَ (¬17): ¬
تَرَاوَحْ مِنْ صَلَاةِ (الْمَلِيكِ) (¬18) ... فَطوْرًا سُجُودًا وَطَوْرًا جُؤَارَا وَأصْلُ ذَلِكَ: أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ بِمَكَّةَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، يَسْتَرِيحُونَ وَيَطوفُونَ بِالْبَيْتِ (أُسْبُوعًا) (¬19) فَيُسَمُّونَهَا تَرْوِيحَةً. ثُمَّ يُصَلُّونَ أرْبَعًا، وَيَطوفُونَ أيْضًا كَذَلِكَ، فَيَكُونُ تَرْوِيحَةً. وَالتَّراوِيحُ: جَمْعُ تَرْوِيحَةٍ، فَسُمِّيَت صَلَاةُ التَّراوِيحِ لِذَلِكَ (¬20). قَوْلُهُ (¬21): "عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أحَدِكُمْ صَدَقَةٌ" السُّلَامَى (¬22) وَاحِدَةُ السُّلَامَيَاتِ، وَهِىَ عِظَامُ الْأصَابِعِ (¬23) وَقَالَ أبو عُبَيْدٍ (¬24): السُّلَامَى فِي الْأصْلِ: عَظْمٌ يَكُونُ فِي فِرْسِنِ الْبَعِيرِ، وَيُقَالُ: إِنَّ آخِرَ مَا يَبْقَى فِيهِ الْمُخُّ مِنَ الْبَعِيرِ إِذا عَجِفَ (¬25): فِي السُّلَامَى وَالْعَيْنِ. قَالَ الرَّاجِزُ (¬26): لَا يَشْتَكِينَ عَمَلًا مَا أنْقَيْن ... مَا دَامَ مُخٌّ فِي سُلَامَى أوْ عَيْن قَوْلُهُ: "التَّهَجُّدُ" (¬27) هُوَ قِيَامُ اللَّيْلِ، وَأصْلُهُ: السَّهَرُ، يُقَالُ: تَهَجَّدَ إِذَا سَهِرَ، وَألْقَى الْهُجُودَ -وَهُوَ: النَّوْمُ- عَنْ نَفْسِهِ. وَهَجَدَ أيْضًا: نَامَ (¬28). قَوْلُهُ: "مَثْنَى مَثْنَى" (¬29) أَيْ: (اثْنَيْنِ) (¬30) اثْنَيْنِ (¬31)، وَهُوَ مَعْدُولٌ عَنْ "ثَانٍ" (¬32) وَمِثْلُهُ: ثُنَاء (¬33). قَوْلُهُ: "تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ" أصْلُهَا: تَحْيِيَةٌ: تَفْعِلَةٌ، فَأُدْغِمَت (¬34)، وَمَعْنَاهَا: السَّلَامُ كَأنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ فِي أوَّلِ الدُّخُولِ إِلَى الْمَسْجِدِ بِمَنْزِلَةِ السَّلَامِ، كَمَا يُسَلِّمُ الرَّجُلُ عَلَى صَاحِبِهِ أوَّلَ مَا يَلْقَاهُ. ¬
ومن باب سجود التلاوة
وَمِنْ بَابِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ التِّلَاوةُ (¬1): الْقِرَاعَةُ. سُمِّيَتْ تِلَاوَةً، لِأنَّهَا يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا. وَالتَّالِى: التَّابعُ: وَتَلَوْتُهُ: تَبِعْتُهُ. قَوْلُهُ (¬2): {بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (¬3) هُوَ جَمْعُ أُصُلٍ، مِثْلُ: عُنُقٍ وَأَعْنَاقٍ. وَأُصُلٌ: جَمْعُ أَصِيلٍ (¬4) وَهُوَ مَا بَعْدَ (صَلَاةِ) (¬5) الْعَصْرِ اِلَى غُرُوبِ الشَّمْس. {(¬6) وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} قَالَ الْوَاحِدِىُّ (¬7): يَزِيدُهُمُ الْقُرْآنُ تَوَاضُعًا. {وَزَادَهُمْ نُفُورًا} أَيْ: ذعْرًا وَهَربًا. قَوْلُهُ تَعَالَى (¬8): {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} أَيْ: لَا يَمَلُّونَ (¬9). وَالسَّآمَةُ: الْمَلَالُ. يُقَالُ: سَئِمْتُ مِنَ الشَّيْىءِ أسْأمُ سَآمَةً. أَيْ: مَلِلْتُ. قَوْلُهُ (¬10): {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} مَعْنَاهُ: اقْتَرِبْ إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ. وَدَلِيلُهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (¬11) أقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنَ اللهِ تَعَالَى (¬12) إِذَا كَانَ سَاجِدًا" (¬13). قَوْلُهُ تَعَالَى: {(¬14) وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} خَرَّا: سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ (¬15) "وَأنَابَ" أَيْ: أقْبَلَ إِلَى اللهِ وَتَابَ وَرَجَعَ عَنْ مُنْكَرِهِ (¬16). قَوْلُهُ (¬17) "تَشزَّنَّا لِلسُّجُودِ" قَالَ شَمِرٌ (¬18): مَعْنَاهُ: تَحَرَّفُوا، يُقَالُ: تَشَزَّنَ الرَّجُلُ لِلرَّمْى إِذَا تَحَرَّفَ وَاعْتَرَضَ. وَرَمَاهُ عَنْ شُزُنٍ (¬19)، أَيْ: تَحَرَّفَ لَهُ. وَتَشَزَّنَ لِلرَّمْىِ: إِذَا اسْتَعَدَ لَهُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ عُثْمَانَ، رضِىَ الله عَنْهُ حِينَ حَضَرَ مَجْلِسَ الْمُذَاكَرَةِ (¬20)، فَقَالَ: "حَتَّى أَتَشَزَّنَ" أَيْ: حَتَّى أَسْتَعِدَّ لِلْحِجَاجِ مَأخُوذٌ مِنْ عُرْض الشَّيْىءِ وَجَانِبِهِ (¬21)، وَهُوَ: شُزُنُهُ، كَأنَّ الْمُتَشَزِّنَ يَدَعُ الطُّمَأنِينَةَ فِي [جُلُوسِهِ] (¬22) وَيَقْعُدُ ¬
مُسْتَوْفِزًا: ذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ (¬23). قَوْلُهُ: "وَاجْعَلْهَا لِى عِنْدَكَ ذُخْرًا" (¬24) الذُّخْرُ: هُوَ (¬25) مَا يَتْرُكهُ الإنْسَانُ عُدَّةً لِحَاجَتِهِ وَفَقْرِهِ. قَوْلُهُ: "وَضَعْ عَنِّى بِهَا وِزْرًا" الْوِزْرُ: الثقَلُ الْثُّقَلُ لِلظَّهْرِ، وَالْجَمْعُ: أوْزَارٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ} (¬26) أَيْ: ثِقَلَ ذُنُوبِهِمْ (¬27). وَقَدْ وَزَرَ: إِذَا حَمَلَ، فَهو وَازِرٌ (¬28). وَوَضَعَهَا: حَطَّهَا. قَوْلُهُ: "وَهَلْ (¬29) يَفْتَقِرُ إِلَى السَّلَامِ؟ " أَيْ: يَحْتَاجُ (¬30) إِلَيْهِ، مَأخُوذٌ مِنَ الْفَقْرِ، وَهُوَ الْحَاجَةُ إِلَى الْمَالِ. يُقَالُ: افْتَقَرْتُ إِلَى كَذَا، أَيْ: احْتَجْتُ إِلَيْهِ. قَوْلُهُ: "أو انْدَفَعَتْ عَنْهُ نِقْمَةٌ" (¬31) يُقَالُ: انتَقَمَ اللهُ مِنْ فُلَانٍ: إِذَا عَاقَبَهُ. والاسْمُ مِنْهُ: النَّقِمْةُ بِكَسْرِ القَافِ. وَالْجَمْعُ: نَقِمَاتٌ وَنَقِمٌ، مِثْلُ كَلِمَةٍ وَكَلِمَاتٍ وَكَلِمٍ. وَإِنْ شِئْتَ سَكَّنْتَ الْقَافَ، وَنَقَلْتَ حَرَكَتَهَا إِلَى النُّونِ، فَقُلْتَ: نِقْمَة، وَالجَمْعُ: نِقَم، مِثْلُ: نِعْمَةٍ وَنِعَمٍ (¬32). الشَّكْرُ: قَدْ ذُكِرَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ (¬33). * * * ¬
ومن باب ما يفسد الصلاة
وَمِنْ بَابِ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ قَوْلُهُ (¬1): "إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ أوْ قَلَسَ" قَالَ الجَوْهَرِىُّ (¬2): الْقَلَسُ: مَا يَخْرُجُ مِنَ الْحَلْقِ مِلْءَ الْفَمِ (¬3) أوْ دُونَهُ وَلَيْسَ بِقَىْءٍ، وَإِنْ عَادَ فَهُوَ الْقَىُّ، وَقَلَسَتِ الْكَأسُ: فَاضَتْ. قَالَ أَبُو الْجَرَّاحِ (¬4) فِي الْكِسَائِىِّ: أبَا حَسَن مَازُرْتُكُمْ مُنْذُ سَنْبَةٍ ... مِنَ الدَّهْرِ إِلَّا وَالزُّجَاجَةُ تَقْلِسُ (وَالسَّنْبَةُ: الْبُرْهَةُ) (¬5). قَوْلُهُ: "قَهْقَهَ أوْ شَهَقَ" (¬6) الْقَهْقَهَةً فِي الضَّحِكِ مَعْرُوفَةٌ، وَهُوَ أن يَقُولَ: قَهْ قَهْ، يُقَالُ (¬7) قَهَّ وَقَهْقَهَ بِمَعْنىً. ¬
وَالشَّهِيقُ: صَوْتُ الزَّفِيرِ وَالنَّحِيم (¬8) مِنَ الْحَلْقِ، وَأصْلُهُ: صَوْتُ الحِمَارِ (¬9). يُقَالُ: شَهَقَ يَشْهَقُ شهيقا (¬10) وَيُقَالُ: الشَّهِيقُ (¬11): رَدُّ النَّفَس. وَالزَّفِيرُ: إِخْرَاجُهُ (¬12). سُمِّىَ "ذَا اليَدَيْنِ" (¬13) لِأنَّهُ كَانَ فِي يَدَيْهِ طُولٌ. قَوْلُهُ (¬14): "فَحَدَقَنِى الْقَوْمُ بِأبْصَارِهِمْ" التَّحْدِيقُ: شِدَّةُ النَّظَرِ، مَأخُوذٌ مِنْ حَدَقَةِ الْعَيْنِ وَهُوَ سَوَادُهَا (¬15). قَوْلُهُ: "وَاثُكْلَ أُمَّاهُ" الثُّكْلُ: فُقْدَانُ الْأمِ وَلَدَهَا. وَكَذَلِكَ الثَّكَلُ - بِالتَّحْرِيكِ (¬16). وَامْرَأةٌ ثَاكِلٌ. وَثَكَلَتْهُ أُمُّهُ، أَيْ: فَقَدَتْهُ بَعْدَ وُجُودِهِ (¬17). قَوْلُهُ: "وَلَا كَهَرَنِى" قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬18): الْكَهْرُ: الانْتِهَارُ، وَفِى قِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَكْهَرْ} (¬19). قَوْلُهُ: "فَإنْ رَأى ضَرِيرًا" (¬20) الضَّرِيرُ: هُوَ الْأعْمَى، مَعْرُوفٌ، فَعِيلٌ مِنَ الضُّرِّ. قَوْلُهُ: "وَلْتُصَفِّق النِّسَاءُ" (¬21) التَّصْفِيقُ: الضَّرْبُ الَّذِى يُسْمَعُ لَهُ صَوْتٌ، وَكَذَلِكَ التَّصْفِيقُ بِالْيَدِ: التَّصْوِيتُ. وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ: أن يَضْرِبَ ظَهْرَ كَفِّهِ الْيُسْرَى بِرَاحَتِهِ اليُمْنَى. وَقِيلَ: يَضْرِبُ ظَهْرَ (¬22) كَفِّهِ اليُسْرَى بِإصْبَعَيْنِ مِنْ يَدِهِ الْيُمْنَى. قَوْلُهُ: " (وَإِنْ) شَمَّتَ عَاطِسًا" (¬23) تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ: هُوَ الدُّعَاءُ لَهُ (¬24)، كَقَوْلِهِ: يَرْحَمُكَ الله. وَكُلُّ دَاعٍ لِأخِيهِ فَهُوَ مُشَمِّتٌ وَمُسَمِّتٌ. قَالَ فِي الْفَائِقِ (¬25): اشْتِقَاقُهُ مِنَ الشَّوَامِتِ، وَهِىَ الْقَوَائِمُ يُقَالُ: لَا تَرَكَ الله لَكَ شَامِتَةً، أَيْ: قَائِمَةً لِأنَّ (¬26) مَعْنَاهُ التَّبْرِيكُ، وَهُوَ: الدُّعَاءُ بِالثَّباتِ، وَهُوَ الاسْتِقَامَةُ. وَهُوَ بِالسِّينِ مِنَ السَّمْتِ. وَهُوَ: الْحُسْنُ فِي الْهَيْئَةِ وَالشَّارَة. وقالَ فِي الصَّحَاحِ (¬27): قَالَ ثَعْلَبُ: الاخْتِيَارُ: السِّينُ غَيْرُ مُعْجَمَةٍ؛ لأنَّهُ مَأخُوذٌ مِنَ السَّمْتِ، وَهُوَ: الْقَصْدُ وَالْمَحَجَّةُ. ¬
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬28): الشِّينُ مُعْجَمَة: فِي كَلَامِهِمْ أَكْثَرُ. وَفِى شِعْرِ النَّابِغَةِ (¬29): . . . . . . . . . . . . ... طَوْعَ الشَّوَامِتِ مِنْ خَوْفٍ وَمِنْ صَرَدِ قَوْلُهُ: "خَمِيصَةٌ ذَاتُ أعْلَامٍ" (¬30) الْخَمِيصَةُ: كِسَاءٌ أسْوَدُ لَهُ عَلَمَانِ: فَإنْ لَمْ يَكُنْ مُعْلَمًا، فَلَيْسَ بِخَمِيصَةٍ (¬31). قَالَ الْأعْشَى (¬32): إذَا جُردَتْ يَوْمًا حَسِبْتَ خَمِيصَةً (¬33) ... عَلَيْهَا وَجِرْيَالَ النَّضِير الدُّلَامِصَا الْجِرْيَالُ: صِبْغٌ أَحْمَرُ. وَالنَّضِيرُ: الذَّهَبُ. وَالدُّلَامِصُ: الْبَرَّاقُ. سُمِّيَتْ (¬34) بِذَلِكَ، لِلِينِهَا وَرِقَتِهَا وَصِغَرِ حَجْمِهَا إِذَا طُوِيَتْ. وَقَالَ ابْنُ فَارِس: هِىَ الْكِسَاءُ الْأسْوَدُ. قَالَ: وَيَجُوزُ أن تُسَمَّى خَمِيصَةً؛ لِأنَّ الإنْسَانَ يَشتمِلُ بِهَا، فَتَكُونُ عِنْدَ أخْمَصِهِ، يُرِيدُ بِهِ وَسَطَهُ. ذَكَرَهُ الْمُطرزِىُّ (¬35). قَوْلُهُ: "وَأَتُونِى بِأنبجَانِيَّتِهِ" (¬36) هُوَ كِسَاءٌ ثَخِينٌ" كَالِّلبْدِ (¬37) سَمِعْنَاهُ مُضَافًا إِلَى هَاءِ الْكِنَايَةِ، وَهِىَ عَائِدَةٌ إِلَى أبِى الْجَهْمِ (¬38). وَذَكَرَ الْقَلْعِىُّ (¬39): أنَّهُ بِالتَّاءِ الْمُنْقَلِبَةِ، أرَادَ بِهِ وَاحِدَةَ الأنْبَجَانِيَّاتِ، وَالصَّوَابُ: مَنْبِجِىّ، مَنْسُوبٌ إِلَى مَنْبِج، وَهُوَ مَوْضِعٌ بِكَسْرِ الْبَاءِ (¬40)، لَكِنَّهُ يُفْتَحُ فِي النَّسَبِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬41): النِّسْبَةُ إِلَيْهِ: مَنْبَجَانِىُّ أخْرَجُوة مُخْرَجَ مَخْبَرَانِىِّ، وَمَنْظَرَانِىِّ، وعجين [أنْبَجَانٌ] (¬42) أَيْ: مُدْرِكٌ مُنْتَفِخٌ. وَلَمْ يَأتِ عَلَى هَذَا (الْبِنَاءِ) إِلَّا يَوْمٌ (أرْوَنَانٌ) وَعِجينٌ (انْبَجَانٌ). قَالَ (¬45): وَسَمَاعِى بِالْجِيمِ. وَفِى بَعْض الْكُتُبِ بِالْخَاءِ (¬46). قَوْلُهُ: "نَهِى أنْ يُصَلِّىَ الرجُلُ مُخْتَصِرًا" (¬47) فِيهِ ثَلَاثَةُ تَأوِيلَاتٍ. أحَدُهَا: مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ، وَهُوَ أن يَتْرُكَ يَدَهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ (¬48) الثَّانِى: (أن يَكُونَ مُتَوكِّئًا) (¬49) عَلَى مِخْصَرَةٍ، وَهِىَ: الْعَصَا. الثَّالِثُ أَنْ يَخْتَصِرَ وَيَقْرَأ آيَةً أوْ آيَتَيْنِ مِنَ السُّوَرَةِ، وَلَا يَقْرَؤُهَا بِكَمَالِهَا (¬50). وَيُقَالُ: إِنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الْيَهُودِ (¬51) وَقَدْ (¬52) رُوِىَ فِي بَعْضِ الْأخْبَارِ: أنَّ إِبْلِيسَ أُهْبِطَ إِلَى (¬53) الْأرْض كَذَلِكَ، وَهُوَ شَكْلٌ مِنْ أشْكَالِ أَهْلِ ¬
الْمُصِيبَةِ. قَوْلُهُ: "وَيُكْرَهُ التَّثَاؤُبُ" (¬54) بِالْمَدِّ وَالْهَمْزِ. يُقَالُ: تَثَاءَبَ، وَلَا يُقَالُ: تَثَاوَبَ (¬55). قَوْلُهُ: "فحَتَّهُ بِعُرْجُونٍ (¬56) " حَتَّةُ أَيْ: قَشَرَةُ (¬57). وَعُرْجُونُ فُعْلُون مِن الانْعِرَاجِ، وَهوَ: الانْحِنَاءُ وَالْمَيْلُ (¬58). قَوْلُهُ: "فَإنْ أصَابَتْهُ بَادِرَةٌ، وَبَدَرَهُ الْبُصَاقُ" يُقَالُ: بَدَرَهُ الْبُصَاقُ يَبْدُرُهُ أَيْ: سَبَقَ (¬59) وَبَدَرَ الْقَوْمَ إِذَا كَانَ أوَّلَهُمْ. وَيُقَالُ: البُصَاقُ وَالْبُزَاقُ وَبَصَقَ وَبَزَقَ. وَلَا يُقَالُ بَسَقَ بِالسِّينِ إِلَّا فِي الطُّولِ (¬60). * * * ¬
ومن باب سجود السهو
وَمِنْ بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ الْسَّهْوُ: هُوَ الْغَفْلَةُ، وَقَدْ سَهَا عَنِ الشَّيْىءِ فَهُوَ سَاةٍ وَسَهْوَانٌ (¬1). قَوْلُهُ: "وَالسَّجْدَتَان تُرْغِمَانِ أَنْفَ الشَّيِّطان" (¬2) الرَّغَامُ بِالْفَتْحِ: التُّرَابُ. وَمَعْنَى "أرْغَمَ اللهُ أَنْفَهُ" أَيْ: أَلْصَقَهُ بِالتُّرابِ. وَ"فَعَلْتُ الشَّيْىءَ عَلَى رَغْمِ أَنْفِهِ" أَيْ: ألْصَقْتُهُ بِالتُّرابِ (¬3). وفِيةِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: رَغْم، وَرِغْم، وَرُغْم (¬4) وَرَغَمَ أَنْفُهُ ورَغِمَ (3) بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ (¬5). وَفِى الحدِيثِ: "وَإنْ رغِمَ أَنْفُ أبِى ذَرٍّ" (¬6). وَقَوْلُهُ تَعْالَى: {مُرَاغَمًا كَثِيرًا} (¬7) وَهُوَ: الْمَذْهَبُ (وَالْمضْطَربُ) (¬8) فِي الْأرْضِ. ¬
قَوْلُهُ: "تَلَبَّسَ بِغَيْرِهَا" (¬9) أَيْ: دَخَلَ فِي غَيْرِهَا، وَأصْلُهُ: مِنْ لِبَاس الثَّوْبِ (¬10). قَوْلُهُ: "أَبُو عَبْدِ اللهِ الْخَتَنُ" (¬11) كُلُّ (مَنْ كَانَ) (¬12) مِنْ أهْلِ الْمَرْأةِ مِنَ الْأبِ وَالْأخِ، فَهُمُ الْأخْتَانُ. هَكَذَا عِنْدَ الْعَرَبِ (¬13) وَأمَّا الْعَامَّةُ، فَعِنْدَهُمُ (¬14): خَتَنُ الرَّجُلِ: زَوْجُ ابْنَتِهِ (¬15)، وَسُمِّىَ أبُوَ عَبْدِ اللهِ الْخَتَنَ (¬16)؛ لأنَّهُ خَتَنَ الْفَقِيهَ الإسْمَاعِيلِىَّ، وَهُوَ: أبُو بَكْرٍ أحْمَدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بنِ إسْمَاعِيلَ (¬17). قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ (¬18): سُمِّيَت الْمُصَاهَرَةُ مُخَاتَنَةً، لِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ. وَقِيِلَ (¬19): الأخْتَانُ مِنْ قِبَلِ الرَّجُلِ. . وَأمَّا مِنْ قِبَلِ الْمَرْاة، فَيُقَالُ: الْأحْمَاءُ. يُقَالُ: حَمْؤُهَا (¬20)، وَلَا يُقَالُ: خَتَنُهَا. قَوْلُهُ: "الْفَرْضُ وَالنَّفْلُ" (¬21) الْفَرضُ: هُوَ الْوَاجِبُ الْمَقْطُوعُ بِوُجُوبِهِ، وَفَرَضَ اللهُ عَلَيْنَا، أَيْ: أَوْجَبَ. وَالاسْمُ: الْفَرِيضَةُ، وَأَصْلُهُ: الْحَزُّ وَالْقَطْعُ. يُقَالُ: فَرَضْتُ الزَّنْدَ وَالْمِسْوَاكَ: إِذَا حَزَزْتَّهْ وَقَطَعْتَهُ (¬22) وَأَمَّا النَّفْلُ وَالنَّافِلَةُ: فَهُوَ (¬23) التَّطَوُّعُ مِنَ حَيْثُ لَا يَجِبُ، وَمِنْة نَافِلَةُ الْعَطِيَّةِ وَالْغَنِيمَةِ، يُقَالُ: نَفَلَهُ: إذَا أعْطَاهُ مِنْ غيْرِ وُجُوبٍ (¬24). قَوْلُهُ: "فِي الْجُبْرَانِ" (¬25) هُوَ مِنْ جَبَرَ الْكَسْرَ: إذَا أَصْلَحَهُ وَأتَمَّهُ (¬26) بَعْدَ تَغَيُّرِهِ وَفَسَادِهِ، فَكَأنَّ السُّجُودَ يَجْبُرُ مَا نَقَصَ مِنَ الصَّلَاةِ، وَيَرُدُها إِلَى التَّمَامِ، وَالصَّلَاحِ بَعْدَ التَّغَيُّرِ وَالنُّقْصَانِ. * * * ¬
ومن باب الساعات المنهى عن الصلاة فيها
وَمِنْ بَابِ السَّاعَاتِ الْمَنْهِىِّ (¬1) عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا قَوْلُهُ (¬2): "أعْجَبُهُمْ إِلَىَّ عُمَرُ رَضىَ الله عَنْهُ" أَيْ: أعْدَلُهُمْ وَأرْضَاهُمْ عِنْدِى، يُقَالُ أعْجَبَنى الشَّيْىءُ: إِذَا رُمْتُهُ (¬3) وَاسْتَحْسَنْتُهُ. ¬
قَوْلُهُ: "بَازِغَةً" (¬4) يُقَالُ: بزغْت الشَّمْسُ بُزُوغًا، أَيْ: طَلَعَتْ أوَّلَ مَا تَبْدُو (¬5). قَوْلُهُ: "قَائِمُ الظَّهِيَرةِ" هُوَ انْتِصَافُ النَّهَارِ وَوَقْتُ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ. وَاسْتِواؤُهَا: قِيامُهَا؛ لأنَّهَا قَبْلَ ذَلِكَ مَائِلَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ. وَالظَّهِيرَةُ: مُشْتَقَّةٌ مِنَ الظُّهُورِ، وَهُوَ ضِدُّ الاخْتِفَاءِ وَالاسْتِتَارِ. قَوْلُهُ: "تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ" أَيْ: تَمِيلُ. وَكَذَلِكَ: ضَافَتْ وَتَضَيَّفَتْ، مِنْ أضَفْتُ الشَّيْىْءَ إِلَى الشَّيْىءِ. أَيْ: أمَلْتَهُ. وَيُقَالُ: ضَافَ السَّهْمُ عَن الْهَدَفِ: إِذَا مَالَ، وَضِفْتُ فُلَانًا: إِذَا مِلْتَ إِلَيْهِ وَنَزَلْتَ بِهِ (¬6). قَوْلُهُ (¬7): "لَا تَيَحَرَّى أحَدُكُمْ بِصَلَاتِهِ" أَيْ: لَا يَتَعَمَّدْ (¬8) وَيَجْتَهِدْ. وَالتَّحَرِّى: الاجْتِهَادُ وَالْمُبَالَغَةُ فِيْهِ. * * * ¬
ومن باب صلاة الجماعة
وَمِنْ بَاب صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ قَوْلُهُ: "فِي قَرْيَةٍ أوْ بَدْوٍ" (¬1) سُمِّيَتْ (¬2) قَرْيَةً؛ لاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا، مِنْ قَرَيْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْض: إِذَا جَمَعْتَهُ. وَجَمْعُهَا "قُرًى" عَلَى غَيْر قِيَاس؛ لِأنَّ مَا كَانَ عَلَى "فَعْلَةٍ" بفَتْحِ الْفَاءِ (¬3) فَجَمْعُهُ مَمْدُودٌ مِثْلُ: رَكْوَةٍ، وَرِكَاءٍ، وَظَبْيَةٍ وَظِبَاءٍ. وَيُقَالُ: قِرْيَةٌ بِالْكَسْرِ: لُغَةٌ يَمَانِيَةٌ (¬4)، وَلَعَلَّهَا جُمِعَتْ عَلَى ذَلِكَ مِثْلُ لِحْيَةٍ وَلُحَى (¬5). وَالْبَدْوُ: الْبَادِيَةُ. وَالنَّسَبُ إِلَيْهِ: بَدَوِىٌ. وَالْبَدَاوَةُ: الإقَامَةُ فِي الْبَاديَةِ يُفْتَحُ وَيُكْسَرُ (¬6)، وَهُوَ ضِدُّ الحَضَارَةِ. وَفِى الْحَدِيثِ: "مَنْ بَدَا فَقَدْ جَفَا" (¬7) أَيْ: مَنْ نَزَلَ الْبَادِيَةَ: صَارَ فِيهِ جَفَاءُ الْأعْرَابِ (¬8). قَوْلُهُ: "اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ" أَيْ: غَلَبَ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِم (¬9)، جَاءَ بِالْوَاوِ عَلَى أَصْلِهِ، كَمَا جَاءَ اسْتَرْوَحَ وَاسْتَصْوَبَ (¬10). ¬
قَوْلُهُ: "الْقَاصِيَةُ مِنَ الْغَنَمِ" هِىَ الْبَعِيدَةُ، يُقَالُ: قَصَا الْمَكَانُ يَقْصُو قُصُوًّا، أَيْ (¬11): بَعُدَ، فَهُوَ قَصِىٌّ وَقَاصٍ، وَأرْضٌ قَاصِيَةٌ، وَقَصِيَّةٌ، وَقَصَوْتُ عَنِ الْقَوْم: تَبَاعَدْتُ (¬12). وَمَعْنَاهُ: أنَّ مَنْ تَرَكَ الجَمَاعَةَ: دَخَلَ عَلَيْه الْفَسَادُ في دِيِنِهِ، كَمَا أنَّ الشَّاةَ مِنَ الغَنَمِ إِذَا تَبَاعَدَتْ عَنْهَا: اسْتَمْكَنَ مِنْها الذِّئْبُ. قَوْلُهُ: "أَزْكَى مِنْ صَلَاِتهِ وَحْدَهُ" (¬13) أيْ: أَكْثَرُ وَأَوفَرُ، مِنْ زَكَا الْمَالُ: إِذَا نَمَا وَكَثُرَ، وَمِنْهُ سُمِّيَت الزَّكَاةُ؛ لأنَّهَا سَبَبُ النَّمَاءِ (¬14). قَوْلُهُ: "تَخْتَلُّ" (¬15) مَعْنَاهُ: تَفْسُدُ وَتَبْطُلُ. وَأصْلُهُ مِنَ الْخَلَّةِ، وَهِىَ: الْفُرْجَةُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ لَيْسَ فِيهَا شَيْىءٌ، فَشَبَّهَ اخْتِلَالَ الْجَمَاعَةِ وَبُطلَانَهَا بِهَا. قَوْلُهُ (¬16): "إِلَّا عَجُوزًا فِي مَنْقَلَيْهَا" الْمَنْقَلُ بِفَتْحِ الْمِيمِ (¬17): الْخُفُّ، ذَكَرَهُ عَلَى عَادَةِ الْعَجَائِزِ فِي لُبْسِ الْمَنَاقِلِ وَهِىَ الخِفَافُ. قَالَ أبُو عُبَيْدٍ (¬18): لَوْلَا أَنَّ الرِّوايَةَ قَد اتَّفَقَتْ فِي الْحَدِيثِ وَالشِّعْرِ (¬19) مَا كَانَ وَجْهُ الْكَلَامِ عِنْدِى إِلَّا كَسْرُهَا. قَوْلُهُ: "الْوَحلُ" بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِهَا: لُغَتَان (¬20). قَوْلُهُ: "صَلَّوا فِي رِحَالِكُمْ" (¬21) أرَادَ بِهَا الْبُيُوتَ. يُقَالُ لِبَيْتِ الإِنْسَانِ، وَمَسْكَنِهِ، وَمَنْزِلِهِ: رَحْلُهُ، وَالْجَمْعُ: رِحَالٌ. وَإنَّهُ لَخَصِيبُ الرَّحْلِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "إذَا ابْلَّت النِّعَالُ فَالصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ": أى فِي الدُّورِ وَالْمَسَاكِن. وَسُمِّيَتْ (¬23) بِذَلِكَ؛ لأنَّ الرِّحَالَ تُلْقَى بِهَا. وَهُنَاكَ حَذْفَ مُضَافٍ، كَأنَّهُ أرَادَ: فِي مَوَاضِعِ (¬24) رِحَالِكُم، وَحَيْثُ تُلْقُونَهَا وَتَحُطُّونَهَا. قَوْلُهُ (¬25): "وَنَفْسُهُ تَتُوقُ إِلَيْهِ" يُقَالُ: تَاقَتْ نَفْسِى إِلَى الشَّيْىءِ تَوْقًا وَتَوَقَانًا، أَيْ: اشْتَاقَتْ يُقَالُ: "الْمَرْءُ تَوَّاقٌ إِلَى مَا لَمْ يَنَلْ" (¬26). قَوْلُهُ: "الْأخْبَثَيْن" وَلَمْ يَقُلْ "خَبِيثيْن" لِأنَّ أفْعَلَ لِلْمُبَالَغَةِ وَالزِّيَادَةِ فِي الْفِعْلِ (¬27) عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأنَّهُمَا أَخْبَثُ النَّجَاسَاتِ وَأَدْنَى الْمُسْتَقْذَرَاتِ. ¬
قَوْلُهُ: "اشْتَدَّ إِلِى الصَّلَاةِ" (¬28) أيْ: أَسْرَعَ وَجَرَى، وَهُوَ افْتَعَلَ مِنَ الشِّدَّةِ. قَوْلُهُ: "بَادِوُوا حَدَّ الصَّلَاةِ" أيْ أَوَّلَهَا، وَحَدُّ الشَّيْىءِ: مُبْتَدَأُهُ وَمُنْتَهَاهُ. وَأَصْلُ الْحَدِّ: الْمَنْعُ مِنَ الْخُرُوجِ وَالْوُلُوجِ. قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ: "إِذَا أُقِيمَت (¬29) الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا وَأنْتُمْ (¬30) تَسْعَوْنَ" أيْ تَعْدُون. قَوْلُهُ: "وَعَلَيْكُمُ السَّكِيَنةُ" هِىَ: فَعِيلَةٌ مِنَ السُّكُونِ الَّذِى هُوَ ضِدُّ الْحَرَكَةِ، وَمَعْنَاهُ: الْقَصْدُ فِي الْمَشْىِ (¬31)، وترْكُ الإِسْرَاعِ. قَوْلُهُ: "فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ" (¬32) أيْ: الْمَفْرُوضَةَ. وَالْكِتَابُ: الْفَرْضُ وَالْحُكْمُ وَالْقَدَرُ (¬33). قَوْلُهُ: "قَصَدَ الكِيَادَ وَاْلإفْسَادَ" (¬34) الْكِيَادُ: فِعَالٌ مِنَ الْكَيْدِ وَهُوَ الْمَكْرُ. يُقَالُ: كَادَهُ يَكِيدُهُ كَيْدًا وَمَكِيدَةً، وَكَذَلِكَ الْمُكَايَدَةُ. وَكُلُّ شَيْىءٍ تُعَالِجُهُ، فَأنْتَ تَكِيدُهُ. ذَكَرَهُ فِي الصَّحَاحِ (¬35). قَوْلُهُ: "يَحْتَسِبُ اللهُ لَهُ. . إلخ" (¬36) أَيْ: يَعْتَدُّ اللهُ لَهُ فِي حِسَابِ (¬37) عَمَلِهِ. قَوْلُهُ: "اعْتَدِلُوا فِي صُفُوفِكُمْ وَتَرَصُّوا" (¬38) الاعْتِدَالُ: الاسْتِقَامَةُ وترْكُ الْمَيْلِ. "وترَاصُّوا" (¬39) أيْ: تَلَاصَقُوا. مِنْ رَصَصْتُ البِنَاءَ: إِذَا ألْصَقْتَ حَجَرًا إِلَى حَجَرٍ، وَلَبِنَةً إِلَى لَبِنَةٍ، قَالَ الله تَعَالَى: {كَأنَهُمْ بُنْيَانٌ مرْصُوصٌ} (¬40). قَوْلُهُ: "فَإنَّ فِيهِمُ السَّقِيَم" (¬41) أَيْ: الْمَرِيضَ، وَالسَّقَامُ وَالسُّقْمُ وَالسَّقَمُ: الْمَرَضُ. وَهُمَا لُغَتَانِ مِثْلُ: حُزْنٍ وَحَزَنٍ (¬42). قَوْلُهُ: "يُؤثِروُنَ التَّطْوِيلَ" (¬43) أَىْ: يَخْتَارُونَ. يُقَالُ: فُلَانٌ يَسْتَأثِرُ عَلَى أصْحَابِهِ، أَيْ: يَخْتَارُ أفعَالًا وَأخْلَاقًا حَسَنَةً (¬44). ¬
قَوْلُهُ: "رَجُلٌ أَسِيفٌ" (¬45) أيْ: حَزِينٌ. وَاْلأسَفُ: الْحُزْنُ عَلَى مَا فَاتَ. وَاْلأسِيفُ وَاْلأسُوفُ: السَّرِيعُ الْحُزْنِ الرَّقِيقُ الْقَلْبِ (¬46). وَأَرادَتْ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - رَقيِقُ الْقَلْبِ سَرِيعُ الْحُزْنِ السَّرِيعُ يَبْكِى حُزْنًا حِينَ لَا يَرَاكَ فِي مَقَامِكَ فَيُفُسِدُ صَلَاتَهُ وَتَفْسُدُ عَلَى النَّاسِ صَلَاتُهُمْ (¬47). قَوْلُهُ: "صُوَيْحِبَاتُ يُوسُفَ" (¬48) هُوَ تَصْغِيرُ صَاحِبَةٍ. وَيُرْوَى فِي غَيْرِ هَذَا "صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ" فَيَكُونُ (جَمْعُ) (¬49) صَوَاحِبَ" جَمْعَ الْجَمْعِ (¬50). وَأَرادَ - صلى الله عليه وسلم -: أَنَّكُنَّ مَعَاشِرَ (¬51) النِّسَاءِ (تُظْهِرْنَ خِلَافَ مَا تُبْطِنَّ، كَمَا جرَى لِيُوسُفَ، فَكَانَ مِنْ أمْرِهِ مَعَ زَلِيخَا مَا كَانَ) (¬52). قَوْلُهُ: "فَيُشَوِّقُ" (¬53) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬54): "التَّشْوِيشُ: التَّخْلِيطُ. وَقَدْ تَشَوَّشَ عَلَيْهِ (¬55) اْلأمْرُ أَيْ: اخْتَلَطَ. * * * ¬
ومن باب صفة الأئمة
وَمِنْ بَابِ صِفَةِ اْلأئِمَّةِ كُلُّ مَنْ يُقْتَدى بِهِ وَيُتَّبَعُ فِي خَيْرٍ أوْ شَرٍّ: فَهُوَ إمَامٌ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} (¬1) وَقَالَ تَعَالَى (¬2): {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} (¬3). قَوْلُهُ: "الْغِيَارُ" (¬4) هُوَ مَا يَكُونُ عَلَى أهْلِ الذِّمَّةِ مِنَ الْعَلَامَاتِ فِي مَلَابِسِهِمْ؛ لِيَتَمَيَّزُوا بِهَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ إِذَا اخْتَلَطُوا بِهِم، وَهُوَ مِنَ التَّغْيِيرِ (¬5). أو مِنْ لَفْظِ "غَيْر" أيْ: يَكُونُ غَيْرَ لِبَاسِ الْمُسْلِمِ. قَوْلُهُ: "خَلْفَ الْفَاسِق" (¬6) يُقَالُ: فَسَقَ الرَّجُلُ يَفْسُقُ أيضًا -عَن الْأخْفَشُ- فَسْقًا وَفُسُوقًا، أَيْ: فَجَرَ (¬7). وَقَّوْلُهُ تَعَالَى (¬8): {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} (¬9) أيْ: خَرَجَ (¬10). وَمِنْهُ فَسَقَتِ الرُّطَبَةُ: إِذَا خَرَجَتْ عَنْ قِشْرِهَا. قَالَ ابْنُ اْلأَعْرَابِى: لَمْ يُسْمَعْ قَطُّ فِي كَلَامِ الْجَاهِليَّةِ وَلَا فِي شِعْرِهِمْ "فَاسِقٌ" قَالَ: وَهَذَا عَجَبٌ وَهُوَ كَلَامٌ عَرَبِىٌّ (¬11). ¬
قَوْلُهُ: "خَلْفَ الأُمِّيِّ" (¬12) هُوَ الَّذِى لَا يُحْسِنُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ (¬13). وَأصْلُ الُأمِّىِّ: الَّذِى لَا يَكْتبُ وَإِنْ كَانَ يَحْفَظُ الْفَاتِحَةَ. وَهُوَ الَّذِى ذَكَرَهُ فِي الْقَضَاءِ (¬14)، فَإنَّهُ (¬15) لَا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ قَاضِيًا فِي أحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ الَّذِى لَا يُحْسِنُ الْخَطَّ، وَإنْ كَانَ عَالِمًا بِمَا سِوَاهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} (¬16) فِيهِ وَجْهَانِ: أحَدُهُمَا: اَّنهُ نُسِبَ إِلَى أُمَّةِ الْعَرَبِ حِينَ كَانُوا لَا يُحْسِنُونَ الْخَطَّ، وَيَخُطُّ غَيرهُمْ مِنْ سَائِرِ الأُمَمِ، ثُمَّ بَقِىَ الاسْمُ، وَإِن اسْتَفَادُوهُ بَعْدُ (¬17). وَالثَّانى: أَنَّهُ نُسِبَ إِلَى الأُمِّ، أَيْ: هُوَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، لَمْ يَتَعَلَّم الْخَطَّ، وَذَلِكَ مُعْجِزَةٌ لَهُ. وَقِيلَ: نُسِبَ إِلَى أُمِّ الْقُرَى، وَهِىَ مَكَّةُ. وَقِيلَ: نُسِبَ إِلَى أُمَّتِهِ. وَأصْلُهُ "أُمَّتِىِّ" فَسَقَطَت التَّاءُ فِي النَّسَبِ. قَوْلُهُ: "الأرَتُّ وَالأَلْثَغُ" قَالَ الْجَوْهَرىُّ (¬18): الرُّتَّةُ: الْعُجْمَةُ فِي الْكَلَام وَالْحُكْلَةُ فِيهِ، رَجُلٌ أرَتُّ بَيِّنُ الرَّتَتِ، وَفِى لِسَانِهِ رُتَّةٌ. وَارتَّهُ اللهُ (¬19)، وَمِنْهُ: خَبَّابُ بْنُ اْلأرَتِّ، رَضيَ الله عَنْهُ (¬20). وَقَالَ أصْحَابُنَا الْفُقَهَاءُ: الأرَتُّ: هُوَ الَّذِى يُدْغِمُ أحدَ الْحَرْفَيْنِ فِي الآخَرِ فيسْقِطُ أحَدَهُمَا. وَوُجِدَ فِي أصْلِ الشَّيْخِ أبِي إسْحَاقَ عَلَى ظَهْرِ الْجُزْءِ: اْلأرَتُّ: الَّذِى فِي لِسَانِهِ رَتَجٌ يَنْعَقِدُ بِهِ اللِّسَانُ ثُمَّ يَنْطَلِقُ (¬21) وَالرُّتَّةُ فِي فِقْهِ اللُّغَةِ (¬22): حُبْسَةٌ فِي اللِّسَانِ وَعَجَلَةٌ فِي الْكَلَام. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: اْلأرَتُّ: الًذِى يَقْلِبُ اللَّامَ يَاءً. ذَكَرَهُ الْمَحَامِلِىُّ. وَأمَّا اْلألْثَغ: فَهُوَ الَّذِى يَقْلِبُ (¬23) الرَّاءَ غَيْنًا أو لَامًا، وَالسِّينَ ثَاءً (¬24)، يُقَالُ: لَثِغِ بِالْكَسْرِ يَلْثَغُ لَثَغًا فَهُوَ ألثَغُ، وَامْرَاةٌ لَثْغَاءُ (¬25) وَهُوَ الَّذِى يَقُولُ فِي عَبَّاس: غَبَّاثُ. وَفِى اْلكَاس وَالطَّاس: اْلكَأْثُ وَالطَّاثُ (¬26). قَوْلُهُ: "أعْبَاءُ الأمَّةِ" (¬27) أثْقَالُهَا، جَمْعُ عِبْءٍ، وَهُوَ: الثِّقَلُ. قَوْلُهُ: "التَّمَتَامُ وَاْلفَأفَاءُ" (¬28) التَّمَتَامُ: هُوَ الَّذِى يَتَعَثر فِي التَّاءِ. وَاْلفَأْفاءُ: هُوَ الَّذِى يَتَعَثر فِي اْلفَاء وَيُقَالُ فِي كَلَامِهِ تَمْتَمَةٌ، وَهِىَ: تَرَدُّدٌ فِي التَّاءِ، فَيَقُولُ فِي {نَسْتَعِين}: نَسْتَتَعِين. وَيَقُولُ الْفَأْفَاءُ: ففلله الْحَمْدُ. قَوْلُهُ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أقْرَؤْهُمْ أفْقَهُهُمْ" (¬30) قَالَ فِي الْفَائِقِ (¬31): "حَقِيقَةُ الْفِقْهِ: الشَّقُّ وَالْفَتْحُ. وَاْلفَقِيهُ (¬32) هُوَ الْعَالِمُ الَّذِى يَشُقُ الأَحْكَامُ، وَيُفَتِّشُ (¬33) عَنْ حَقَائِقِهَا، وَيَفْتَحُ مَا اسْتَغْلَقَ مِنْهَا وَكَذَلِكَ (¬34): ¬
الْفَقْحُ وَالْفَقْءُ. وَكَذِلَكَ (¬35) فَقَحَ الجِرْوُ (عَيْنَهُ) (¬36): إِذَا فَتَحَهَا". وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "فَقَّحْنَا وَصَأْصَأْتُم" (¬37). قَوْلُهُ: "يَجْلِسُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ" (¬38) وَهِىَ: تَفْعِلَةٌ مِنَ اْلإِكْرَامِ: مِثْلُ التَّصْفِيَةِ وَالتَّغْطِيَةِ، وَفَسَّرُوهُ بِالْمُضَرَّيَةِ وَالوِسَادَةِ (¬39) وَمَا يُجْلَسُ عَلَيْهِ يُخَصُّ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ. وَقِيلَ: هَىِ الْمَائِدَةُ (¬40)، وَقِيلَ: هِىَ الْمَرْتَبَةُ وَالْفِرَاشُ. * * * ¬
ومن باب موقف الإمام والمأموم
وَمِنْ بَابِ مَوْقِفِ الإِمَامِ وَالْمَأمُومِ قَولُهُ: "عَنْ يَسَارِهِ" (¬1) يُقَالُ: يَسَارٌ، وَيِسَارٌ، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، وَالْفَتْحُ أفْصَحُ (¬2). قَولُهُ: "أُولُو الْأحْلَامِ وَالنُّهَى" (¬3). فِي الْأحْلَامِ وَجْهَان: أحَدُهُمَا: جَمْعُ حِلْمٍ عَلَى التَّقْلِيلِ، وجَازَ جَمْعُهُ، وَإِنْ كَانَ مَصْدَرًا؛ لِاخْتِلَافِهِ (¬4). وَالثَّانِى: جَمْعُ. حُلُمٍ، بِضَمِّ الْحَاءِ: مِنْ بَلَغَ الصَّبِىُّ الْحُلُمَ. أَيْ: لِيَلِيْنىِ مِنْكُم الْبَالِغُون. وَالنُّهَى: جَمْعُ نُهْيَةٍ، وَهِىَ (¬5): الْعَقْلُ؛ لِأنَّهُ يَنْهَى عِن الْقَبِيحِ. أَيْ: لِيَلِيَنِى أُولُو الْعْقُولِ الْكَامِلَةِ؛ لِيُشَاهِدُوا الأفْعَالَ فَيَعُوهَا (¬6)، وَيَسْمَعُوا اْلأَقْوَالَ فَيَحْفَظُوهَا. قَوْلُهُ: "دُكَّانٍ" (¬7) هُوَ الْبِنَاءُ الْمُرْتفِعُ قَلِيلًا، وَلَيْسَ مِنْ دُكَّانِ السُّوقِ، وَهُوَ الَّذِى يُقْعَدُ عَلَيْهِ (¬8). قَوْلُهُ: "جَذَبْتَنِى" (¬9) يُقَالُ: جَذَبَهُ: إِذَا جَرَّهُ إِلَيْهِ، وَأزالَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ إِلَى غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: "يَرْجِعُ الْقَهْقْرَى" (¬10) هُوَ الْمَشْىُ إِلَى خَلْفٍ، يُقَالُ مِنْهُ: قَهْقَرَ يُقَهْقِرُ (¬11). ¬
قَوْلُهُ: تَقِفُ إمَامَةُ النِّسَاءِ وَسْطَهُنَّ" (¬12) بِالسُّكُونِ؛ لأنَّهُ ظَرْفٌ، يُقَالُ: جَلَسْتُ وَسْطَ الْقَوْمِ بِالسُّكُونِ (لأنَّهُ ظَرْفٌ) (¬13) وَجَلَسْتُ وَسَطَ الدَّارِ. بِالتَّحْرِيكِ؛ لأنَّهُ اسْمٌ. وَكُلُّ مَوْضِع صَلُحَ فِيهِ "بَيْنَ" فَهُوَ وَسْطٌ بِالتَّسْكِينِ. وَإِنْ لَمْ يَصْلُحُ فِيهِ "بَيْنَ" فَهُوَ وَسَطٌ - بِالتَّحْرِيكِ، وَرُبَّمَا سُكِّنَ، وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ (¬14). قَوْلُهُ: "زَادَكَ الله حِرْصًا" (¬15) الْحِرْصُ (¬16): هُوَ طَلَبُ الشَّيْىءِ بِشِدَّةٍ وَإِشْرَافِ نَفْسٍ (¬17). قَوْلُهُ: "يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ اْلأوَّلِ" (¬18) الصَّلَاةُ مِنَ اللهِ: الرَّحْمَةُ، وَمِنَ الْمَلَائِكَةِ: الاسْتِغْفَارُ وَأرَادَ: عَلَى أَصْحَابِ الصَّف اْلأوَّلِ، مِثْلُ: {وَاسْألِ الْقَرْيَةَ} (¬19). قَوْلُهُ: "فُرْجَةٌ" (¬20) بِضَم الْفَاءِ، كَالْخَلَلِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، وَمَا أَشْبَهَهُ، يُقَالُ: بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ، أيْ: انْفِرَاجٌ. قَوْلُهُ: "الاسْتِطْرَاقُ" (¬21) هُوَ الاسْتِفْعَالُ مِنَ الطَّرِيقِ، أيْ: يَمْنَعُهُ مِنْ أَن يَتَّخِذَهُ طَرِيقًا إِلَى مَوْضِعِ الإِمَامِ. وإنَّمَا سُمِّىَ اْلإِمَامُ إمَامًا؛ لِأنَّه يُؤْتَمُّ بِهِ، أيْ: يُقْتَدَى بِأفْعَالِهِ. قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} (¬22) أيْ: يَأتَمُّونَ بِكَ وَيَتْبَعُونَكَ. * * * ¬
ومن باب صلاة المريض
وَمِنْ بَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ قَولُهُ: "يَقْعُدُ (¬1) مُتَرَبِّعًا" هُوَ أَنْ يَجْلِسَ قَابِضًا سَاقَيْهِ، مُخَالِفًا بَيْنَ قَدَمَيْهِ، جَاعِلًا سَاقَيْهِ إِحْدَاهُمَا (¬2) فَوْقَ اْلأُخْرَى، وَتَكُونُ الْقَدَمُ الْيُمْنَى فِي مَأبِضِ فَخِذِهِ الْيُسْرَى، وَالْقَدَمُ الْيُسْرَى فِي مَأبِضِ فَخِذِهِ الْيُمْنَى. قَوْلُهُ: "عَلَى مِخَدَّةٍ" (¬3) بِكَسْرِ الْمِيمِ: مَأخُوذٌ مِنَ الْخَدِّ؛ لأنَّ النَّائِمَ يَضَعُ خَدَّهُ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: "تقَوَّسَ" (¬4) تَفَعَّلَ، مَأخُوذٌ مِنَ الْقَوْسِ، أيْ: انْحَنَى فَصَارَ مِثْلَ الْقَوْسِ. قَوْلُهُ: "الْأطِبَّاءَ عَلَى الْبُرُدِ" (¬5) جَمْعُ بَرِيِدِ، وَأرَادَ هَا هُنَا: الرَّوَاحِلَ مِنَ الإِبِلِ (¬6). وَأصْلُهُ: الْقِطْعَةُ ¬
مِنَ الْأرْض. وَسَيَأتى ذِكْرُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ. قَوْلُهُ: "أَوْمَأَ بِطَرْفِهِ" (¬7) أيْ: حَرَّكَهُ (¬8) وَأشَارَ بِهِ. وَأصْلُ الإِيمَاءِ: بِالطَّرْفِ، وَهُوَ الْبَصَرُ؛ والإشَارَةُ بِالْيَدِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ أحَدُهُمَا مَكَانَ الآخَرِ (¬9). * * * ¬
ومن باب صلاة المسافر
وَمِنْ بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ قَوْلُهُ (¬1): {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} يُقَالُ: ضَرَبَ فِي الْأرْضِ: إِذَا سَارَ فِيهَا مُسَافِرًا، فَهُوَ ضَارِبٌ، قَالَ الله تَعَالَى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} (¬3). قَوْلُهُ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} اْلجُنَاحُ: اْلإِثْمُ، مِنْ جَنَحَ، أَيْ: مَالَ: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} (¬4) أيْ: مَالُوا (¬5). قَوْلُهُ: "صَدَقَةٌ تَصَدَقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ" (¬6) الصَّدَقَةُ: مَأخُوذَةٌ مِنَ الصِّدْقِ؛ لِأنَّ الْمُتَصَدِّقَ يُصَدِّقُ بِثَوَابِ اللهِ وَمُجَازَاتِهِ عَلَيْهَا وَالْخُلْفِ مِنْهَا. قَوْلُهُ: "أرْبَعَةُ بُرُدٍ" (¬7) وَهُوَ (¬8) أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ. وَاْلفَرْسَخُ: ثَلَاثةُ أمْيَالٍ. وَالْمِيلُ عِنْدَ الْعَرَبِ، مَا اتَّسَعَ مِنَ اْلأرْض حَتَّى لَا يَلْحَقَ بَصَرُ الرَّجُلِ أَقْصَاهُ (¬9). وَنُصِبَت (¬10) الْأعْلَامُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ عَلَى مِقْدَارِ مَدِّ الْبَصَرِ. قَوْلُهُ: "بِالْهَاشِمِىِّ" (¬11) أَيْ: بِالْمِيلِ الَّذِى مَيَّلَتْهُ بَنُو هَاشِمٍ وَقَدَّرَتْهُ وَعَلَّمَتْ عَلَيْهِ (¬12) وَاْلفَرْسَخُ: كُلُّ شَىْءٍ دَائِمٌ كَثِيرٌ (¬13) لَا يَكَادُ يَنْقَطِعُ، فَهُوَ فَرْسَخٌ، يُقَالُ: انْتَظَرْتُكَ فَرْسَخًا مِنَ النَّهَارِ، أَيْ: طَوِيلًا. وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِى: سُمِّىَ الْفَرْسَخُ فرْسَخًا؛ لِأنَّ صَاحِبَهُ إِذَا مَشَى فِيهِ اسْتَرَاحَ وَسَكَنَ. وَقَالَ أَبُو زِيَادٍ الْكِلَابِىُّ: إِذَا احْتَبَسَ الْمَطرَ: اشْتَدَّ الْبَرْدُ، فَإذَا مُطِرَ النَّاسُ كَانَ لِلْبَرْدِ بَعْدَ ذَلِكَ فَرْسَخٌ، أَيْ: سُكُون (¬14) ¬
وَالْمِيلُ: ثَلَاثَةُ آلافِ خُطوَةٍ كُلُّ خُطوَةٍ (¬15) ذِرَاعَانِ بِالْهَاشِمِىِّ، أوْ أَربَعَةُ أقْدَامٍ، وَالذِّرَاعُ قَدَمَانِ، وَهُوَ أرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ إصْبَعًا، وَاْلإِصْبَعُ: ثَلَاثُ شَعِيَراتٍ (¬16) مَضْمُومٌ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ بِاْلعَرْضِ (¬17)، وَقَالَ فِي الْفَائِقِ (¬18): "الْبَرِيدُ فِي الَأصْلِ: الْبَغْلُ، وَهِىَ كَلِمةٌ فَارِسِيَّةٌ أَصْلُهَا (¬19): بَرَيْدَ دُمْ" (¬20) أيْ: مَحْذُوفُ الذَّنَب؛ لأنَّ بِغَالَ الْبَرِيِد كَانَتْ مَحْذوفَةَ الأذْنَابِ، فَعُرِّبَتِ الْكَلِمَةُ وَخُفِّفَتْ، ثُمَّ سُمِّىَ الرَّسُولُ الَّذِى يَرْكَبُهُ: بَرِيدًا، وَالْمَسَافَةُ الَّتِى (¬21) بَيْنَ السِّكَتَيْنَ: بَرِيدًا. وَالسِّكَّةُ: اْلمَوْضِعُ الَّذِى يَسْكُنُهُ الْفُيُوجُ الْمُرَتبون مِنْ رِبَاطٍ أَوْ قُمةٍ (¬22) (أَوْ بَيتٍ) (¬23) وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَبُعْدُ مَا بَيْنَ المسِّكَتَيْنِ: فَرْسَخَانِ، فَكَانَ يُرَتَّبُ فِي كُلِّ سِكَّةٍ بِغَالٌ". قَوْلُهُ: "جُدَّةَ وَعُسْفَانَ (¬24) " سُمِّيَتْ جُدَّةَ؛ لِأَنَّهَا بِسَاحِلِ الْبَحْرِ، وَالْجُدَّةُ: شَاطِىءُ النَّهْرِ (¬25). قَوْلُهُ: "خِيَامًا مُجْتَمِعَةً (¬26) " هُوَ جَمْعُ خَيْمَةٍ، وَهِىَ مَعْرُوفَةٌ، وَأَصْلُهَا مِنْ خَيَّمَ يُخَيَّمُ: إِذَا أَقامَ بِالْمَكَانِ، قَالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ. قالَ زُهَيْر (¬27):- . . . . . . . . . . . . . . ... وَضَعْنَ عِصىَّ (¬28) الْحَاضِرِ الْمُتَخَيِّمِ قَوْلُهُ: "أَجْلَى عُمَرُ الْيَهُودَ" (¬29) أيْ: طَرَدَهُمْ، وَسَيَّرَهُمْ، يُقَالُ: جَلا عَنْ وَطَنِهِ وَأَجْلَى بِمعنىً (¬30). وَأَصْلهُ: مِنَ التَّجَلِّى، وَهُوَ الظُّهُورُ. قَوْلُهُ: "إِذَا تَنَجَّزَتْ" (¬31) أَيْ (¬32) تَقَضَّتْ، يُقَالُ: نَجَزَ حَاجَتَهُ -بِالْفَتْحِ- يَنْجُزُهَا -بِالضَّمِّ- نَجْزًا -: قَضَاهَا. وَأَنْجَزَ الْوَعْدَ. وَ"أنْجَزَ حُرٌّ مَا وَعَدَ" (¬33). قَوْلُهُ: "فَوِزَانُهُ" (¬34) أَيْ: مُحَاذِيهِ وَمُسَاوِيهِ، يُقَالُ: هَذَا يُوَازِنُ هَذَا: إِذَا كَانَ عَلَى زِنَتِهِ أَوْ كَانَ مُحَاذِيهِ (¬35). قَوْلُهُ: "أفْضَى إِلَى إسْقَاطِ الْقَرْضِ" (¬36) أَيْ: أدَّى (¬37) إِلَى لُزُوم ذَلِكَ فَأسْقَطَهُ (¬38)، يُقَالُ: أَفْضَى بِيَدِهِ إِلَى الْأرْضِ: إِذَا مَسَّهَا بِبَاطِنِ رَاحَتِهِ فِي سُجُودِهِ، قَالَهُ الْجَوْهَرِىُّ (¬39). قَوْلُهُ: "كَيْفِيَّةِ الْأَداءِ" (¬40) كَلِمَةٌ مَنْسُوبَةٌ إِلَى "كَيْفَ" (وَهِىَ لِلاسْتِفْهَام) (¬41) عَنِ الْأَحْوَالِ. ¬
قَوْلُهُ: "مسافةً" (¬42) مَأَخُوذَةٌ مِنَ السَّوْفِ وَهُوَ الشَّمُّ. وَكَانَ الدَّلِيلُ إِذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ، يَأَخُذُ التُّرَابَ فَيَشُمُّهُ (¬43). قَوْلُهُ: "جَدَّ بِهِ السَّيْرُ" (¬44) لَعَلَّهُ مَأَخُوذٌ مِنَ الْجَدِّ ضِدُّ الْهَزْلِ. يُقَالُ: جَدَّ فِي الْأَمْرِ يَجِدُّ (¬45) جَدًّا وَأَجدَّ فِي الأَمْرِ مِثْلُهُ (¬46) وَإِنَّهُ لَجَادٌ مُجِدٌ (¬47)، وَمَعْنَاهُ: اجْتَهَدَ فِي السَّيْرِ وَحَثَّ. قَوْلُهُ: "أُرَى ذَلِكَ" (¬48). بِضَمِّ الْأَلِفِ (¬49) أَيْ: أَظُنُّ وَأَحْسِبُ فِيمَا يَتَرَاءَى ذَلِكَ. فَإذا فَتَحْتَ اْلألِفَ (¬50) فَهُوَ مِنَ الرَّاىِ الَّذِى هُوَ اْلقِيَاسُ وَالنَّظَرُ (¬51). * * * ¬
ومن باب صلاة الخوف
وَمِنْ بِابِ صَلَاةِ الخَوُف الْقِتَالُ الْمَحْظُورُ (¬1): هُوَ اْلمَمْنُوعُ، كَقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ؛ وَأهْلِ الذِّمَّةِ؛ وَاْلمُعَاهَدِين. الْبَغْىُ (¬2): يُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ. قَوْلُهُ: "يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ" (¬3) قِيلَ: إِنَّهُ مَوْضِعٌ فِي أرْضِهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، كَأنَّهُ ثَوْبٌ مُرَقعٌ. وَقِيلَ: إنَّ الصَّحَابَةَ، رَضيَ اللهُ عَنْهُمْ اشْتَكُوا فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ، فَنَقِبَتْ أَقْدَامُهُمْ مِنَ الْحَفَاءِ (¬4) وَشِدَّتِهِ حَتَّى شَدُّوا عَلَى أَقْدَامِهِم الْخِرَقَ، وَهِىَ: الرِّقَاعُ؛ لِعَدَم النِّعَالِ. ذَكَرَهُ الْبُخَارِىُّ (¬5)، وَمُسْلِمٌ (¬6) مُسْنَدًا إِلَى أبِى مُوسَى الْأشْعَرِىِّ، رَضيَ الله عَنْهُ. وَقِيلَ: إنَّهَا أرْضٌ خَشِنَةٌ، مَشَى فِيهَا ثَمَانِيَةُ نَفَرٍ فَنَقِبَتْ أَقْدَامُهُمْ، وَذَهَبَتْ أظَافِيرُهُمْ، فَكَانُو! يُرَقِّعُونَ أظَافِيرَهُمْ بِالْخِرَقِ (¬7). قَوْلُهُ: "لَيْلَةَ الْهَرِيرِ" (¬8) هِىَ لَيْلَة كَانَتْ فِي أَيَّام صِفِّينَ (¬9)، اتَّصَلَ قِتَالُهُمْ لَيْلًا وَنَهَارًا. وَقَدْ ذَكَرَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاص (¬10) فِي كَلَامٍ لَهُ، فَقَالَ: حَتَّى لَا يُسْمَعُ مِنَ الأَبْطَالِ إِلَّا الْهَرِيرُ. قَالَ (¬11): ¬
وَكَانَ تَكَلُّمُ الْأبْطَالِ رَمْزًا ... وَغَمْغَمَةً بِهَا مِثْلُ الْهَرِيرِ وَأَصلُهُ: الصَّوْتُ الْمَكْرُوهُ. يُقَالُ: كَثُرَ فِيهَا الْقَتْلَى، كُلَّمَا قُتِلَ قَتِيل كَبَّرَ عَلِىٌّ، فَبَلَغَ تَكْبِيرَاتُهُ سَبْعَمِائَةٍ فَصَارَتْ مَثَلًا فِي الشِّدَّةِ (¬12). وَيُقَالُ: هَرَّ الْكَلْبُ يَهِرُّ هَرِيرًا، وَهُوَ صَوْتُهُ دُونَ نُبَاحِهِ مِنْ قِلَّةِ صَبْرِهِ عَلَى الْبَرْدِ (¬13). قَالَ اْلأعْشَى (¬14): وَتَسْخُنُ (¬15) لَيْلَةَ لَا يَسْتَطِيعُ ... نُبَاحًا بِهَا اْلكَلْبُ إِلا هَرِيرًا وَهَرَّ فُلَانٌ الْكَأْسَ وَالْحَرْبَ: إِذَا كَرِهَهَا (¬16) هَرِيرًا. قَالَ عَنْتَرَةُ (¬17): . . . . . . . . . . . . ... [نُزَايِلُهُمْ] (¬18) حَتَّى يَهِرُّوا (¬19) الْعَوَالِيَا قَوْلُهُ (¬20): {فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} (¬21) جَمْعُ رَاجِل، مِثْلُ صَاحِب وَصِحَابٍ (¬22). قَوْلُهُ: "رَأوْا سَوَادًا" (¬23) السَّوَادُ: الشَّخْصُ، وَجَمْعُهُ: أَسْوِدَةٌ (¬24). وَسَوَادُ اْلعَسْكَرِ: مَا فِيهِ مِنَ الآلةِ وَغَيْرِهَا (¬25). قَوْلُهُ: "عَلَى قَصدِهِ" أَيْ: عَلَى [طَرِيقتِهِ] (¬26) الَّتىِ يَقْصِدُهَا وَيَأْتِيهَا. يُقَالُ: قَصَدَ الشَّيْىءَ: إِذَا أَتَاهُ وَقَصَدَ إِلَيْهِ (¬27). قَوْلُهُ: "بَيْنَهُمْ حَاجِزٌ" (¬28) الْحَاجِزُ: مَا يَكُونُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. وَسُمَىَ الْحِجَازُ، لِأَنَّهُ حَجَزَ بَيْنَ نَجْدٍ وَالْغَوْرِ (¬29). وَهُوَ مَأخُوذٌ مِنْ حَجَزَهُ يَحْجُزُهُ حَجْزًا، أَيْ: مَنَعَهُ وَكَفَّهُ، كَأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ أَحَدِ اْلجَانِبَيْنِ إِلَى اْلآخَرِ. الْخَنْدَقُ: مَعْرُوفٌ، وَهُوَ: حَفِيِرٌ فِي اْلأرْضِ يُدَارُ عَلَى الْبَلَدِ يَمْنَعُ مِنَ الْعَدُوِّ. ¬
ومن باب ما يكره لبسه
وَمِنْ بَابِ مَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ الدِّيبَاجُ: جِنْسٌ مِنْ ثِيَابِ الْحَرِيرِ غَلِيظٌ صَفِيقٌ (¬1). وَاْلإِبْرِيسَمُ: الْحَرِيرُ أيْضًا (¬2). وَفيهِ لُغَاتٌ: أفْصَحُهَا: بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالراءِ (¬3). وَالْخَزُّ: لُحْمَتُهُ: صُوف، وَسَدَاهُ: إبْرِيسَمُ. لَحْمَتُهُ: بِفَتْحِ الْلَّامِ، (وَبِضَمِّهَا، أيضًا [عَنِ] (¬4) الْجَوْهَرِىِّ) (¬5) بَاطِنُهُ، وَهُوَ نَقِيضُ السَّدَى، وَهُوَ الظَّاهِرُ (¬6). قَوْلُهُ: "الْمُصْمَتُ مِنَ الْحَرِيرِ (¬7) " هُوَ الْخَالِصُ الَّذِى لَا يُخَالِطُهُ قُطْنٌ وَلَا كَتَّان وَلَا سِوَاهُ. وَالْمُصْمَتُ مِنَ الْخَيْلِ: الْبَهِيمُ (أَىُّ لَوْنٍ كَانَ) (¬8) لَا (يُخَالِطُ) (¬9) لَوْنَهُ لَوْنٌ آخَرُ (¬10). قَوْلُهُ: "الْجُبَّةُ الْمَكْفُوفَةُ" (¬11) الْجُبَّةُ مَعْرُوفَةٌ، وَهِىَ: ثَوْبَانِ يُخَاطَانِ، وَيُحْشَى بَيْنَهُمَا قُطْنٌ، تُتَّخَذُ لِلْبَرْدِ. وَكُفَّةُ الْقَمِيص: مَا اسْتَدَارَ حَوْلَ الذَّيْلِ. وَكَانَ الأصْمَعِىُّ يَقُول: كُلُّ مَا اسْتَطَالَ: فهُوَ كُفَّةٌ، بِالضَّمِّ، نَحْوُ: كُفَّةِ الثَّوْبِ، أَيْ: حَاشِيَتَهِ. وَكُلُّ مَا اسْتَدَارَ فَهُوَ: كِفَّةٌ بِالْكَسْرِ، نَحْوُ كِفَّةِ الْمِيزَانِ، وَكِفَّةِ الصَّائِدِ وَهِىَ حِبَالَتُهُ (¬12). وَلَعَل أَصْلُهُ مِنَ الْكَف، وَهُوَ: الْمَنْعُ وَالتَّوَقُّفُ. قَوْلُهُ: "الْمُجَيِّبُ: بالدِّيَباجِ (¬13) " الجَيْبُ: هُوَ الْفَتْحُ الَّذِى يُدْخَلُ فِيهِ الرَّأسُ، مَأخُوذٌ مِنْ جَابَ يَجُوبُ: إِذَا قَطَعَ (¬14) مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى {جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} (¬15) أَيْ (¬16): قَطَعُوا (¬17). قَوْلُهُ: "مَكْوُفَةُ الْفَرْجَيْنِ" (¬18) هُمَا الْمَوْضِعَانِ الْمَشْقُوقَانِ مِنْ قُدَّامِ، الْقَمِيصِ وَخَلْفِهِ، يَفْعَل ذَلِكَ قَوْمٌ لِأجْلِ الرُّكُوبِ. قَوْلُهُ: "صَدِىَء وَتَغَيَّرَ" أَيْ: اتَّخَذَهُ، واقْتَنَى فُلَانٌ الْمَالَ، أَيْ: اتَّخَذَهُ لِنَفْسِهِ لَا لِلتِّجَارَةِ (¬26). ¬
ومن باب صلاة الجمعة
وَمِنْ بَابِ صَلَاةِ الْجُمْعَةِ قَوْلُهُ (¬1): "فَلَا جَمَعَ اللهُ لَهُ شَمْلَهُ" الشَّمْلُ: الْجَمْع، يُقَالُ: أَمْرٌ شَامِلٌ، أَيْ: جَامِعٌ، وَشَمِلَهُمُ اْلأمْرُ يَشْمَلُهُمْ، أَيْ: عَمَّهُمْ (¬2) وَشَمَلَهُمْ، بِالْفَتْحِ يَشْمُلُهُمْ لُغَةٌ (¬3). وَجَمَعَ اللهُ شَمْلَهُمْ، أَيْ: مَا تَشَتَّتَ مِنْ أمْرِهِمْ. وَفَرَّقَ اللهُ شَمْلَهُمْ، أَيْ: مَا اجْتَمَعَ (¬4). قَوْلُهُ: "وَاْلأصْوَاتُ هَادِئَةٌ (¬5) " بِالْهَمْزِ، أَيْ: سَاكِنَةٌ. يُقَالُ: هَدَأ هَدْءً وَهُدُوءً: سَكَنَ، وَأهْدَأهُ: سَكَّنَهُ (¬6). قَوْلُهُ: "اسْتُصْرِخَ عَلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ" (¬7). قَال الْهَرَوِىُّ (¬8): اسْتِصْرَاخُ الْحَىِّ عَلَى الْمَيِّتِ: أَنْ يُسْتَغَاثَ بِهِ لِلْقِيَامِ بِأمرِ الْمَيِّتِ فيعِينُ (أَهْلَهُ) (¬9) عَلَى ذَلِكَ (¬10). قَوْلُهُ: "أهْلُ السَّوَادِ" (¬11) هُمْ: أهْلُ الْقُرَى وَاْلمَزَارِعِ حَوْلَ الْمَدِينَةِ الْكَبِيرَةِ. قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬12): وَسَوَادُ الْبَصْرَةِ وَالْكُوَفِةِ: قُرَاهُمَا. قَوْلُهُ: "أَهلُ الْعَالِيَةِ" (¬13) قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬14): الْعَالِيَةُ: مَا فَوْقَ نَجْدٍ إِلَى أَرضِ تِهَامَةَ، وَإِلَى مَا وَرَاءَ مَكَّةَ، وَهِىَ: الْحِجَازُ وَمَا وَالَاهَا، وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا: عالِىُّ. وَيُقَالُ أيْضًا: عَلَوِىٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. قَوْلُهُ: "حَمَلَ عَلَى نَفْسِهِ" (¬15) أَيْ: كَلَّفَهَا، في السَّيْر، أَيْ: جَهَدَهَا فِيهِ (¬16). قَوْلُه: التَّسبُّبُ (¬17) أَيْ: التَّوَصُّلُ، وهُوَ تَفَعُّلٌ مِنَ السَّبَبَ، حَمَلَ عَلَى نَفُسِهِ الْحَبْلُ الَّذِى يُتَوَصَّلُ بِهِ (¬18). قَوْلُهُ: "انْفَضُّوا" (¬19) أَيْ: تَفَرَّقُوا، يُقَالُ، فَضَضْتُ الْقَوْمَ فَانْفَضُّوا، أَيْ: فَرَّقْتُهُمْ فَتَفَرَّقُوا، وكُلُّ ¬
شَيْىءٍ تَفَرَّقَ فَهَوَ فَضَضٌ (¬20). قَالَ الْأزْهَرِىُّ (¬21): وَأصْلُهُ مِنْ فَضَضْتُ الشَّيْىءَ: إِذَا دَقَقْتَهُ وَكَسَرْتَهُ [وَالْفَضِيضُ] (¬22) الْمَاءُ السَّائِلُ. قَوْلُهُ: "وُحْدَانًا" جَمْعُ وَاحِدٍ، مِثْلُ رَاعٍ وَرُعْيَانِ، وَنَاعٍ وَنُعْيَانٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ وَحِيدٍ، مِثْلَ جَرِيبٍ وَجُرْبَانٍ، وَيُقَالُ: رَجُلٌ وَحَدٌ وَوَحِدٌ وَوَحِيدٌ (¬24). قَوْلُهُ: "الْخُطبْةُ" (¬26) مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْخِطَابِ، وَهُوَ الْكَلَامُ إِلَى الْحَاضِرِ، يُقَالُ: خَاطَبْتُهُ بِالْكَلَامِ مُخَاطَبَةً وَخِطَابًا، وَالْخُطبَةُ عَلَى المِنْبَرِ بِالضَّمِّ. وَخَطَبْتُ (¬27) الْمَرْاة خِطْبَةً بِالْكَسْرِ. وَخَطُبَ الرجُلُ بِالضَّمِّ (¬28) خَطَابَةً بِالْفَتْحِ: صَارَ خَطيبًا. قَوْلُهُ: "كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ" (¬29) هُوَ الَّذِى يَتَقَدَّمُ أَمَامَ الْجَيْشِ، فينْذِرُ النَّاسَ؛ لِئَلَّا [يُوقِعُوا] (¬30) بِهِمْ، وَأَصْلُهُ: الإبْلَاغُ وَاْلإِعْلَامُ بِالشَّيْىءِ يُحْذَرُ مِنْهُ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا فِي التَّخْوِيفِ لَا غَيْرُ (¬31). قَوْلُهُ: "كَهَاتَيْن" أَرَادَ إِصْبَعَيْهِ (¬32)، يُرِيدُ تَلَاصُقَهُمَا، وَاقْتِرَابُ [احْدَيْهِمَا] (¬33) مِنَ الأُخْرَى. قِيلَ: فَرَّقَ لِلتَفَاوُتِ بَيْنَهُمَا (¬34) فِي الطُّولِ، فَإِنَّهُ شَيْىءٌ يَسيرٌ قَلِيلٌ. قَوْلُهُ: "وَخَيْرُ الْهَدْىِ هَدْىُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" (¬35) أَيْ: طَرِيقَتُهُ وَسِيرَتُهُ. قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬36): يُقَالُ (¬37): هَدَى هَدْىَ فُلَانٍ، أَيْ: سَارَ سِيرَتَهُ، وَفِى الْحَدِيِثِ: "وَاهْدُوا (¬38) هَدْىَ عَمَّارٍ". وَيُرْوَى: "الْهُدَى" بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ، وَهُوَ ضِدُّ الضَّلَالِ، وَأَصْلُهُ: مِنْ هَدَاهُ الطَّرَيقَ إِذَا دَلَّهُ عَلَيْهِ (¬39). قَوْلُهُ (¬40): "شَرُّ الأُمْورِ مُحْدَثَاتُهَا" أَيْ: مُخْتَرَعَاتُهَا، وَمَا يُحْدِثُهُ الإِنْسَانُ، وَلَمْ يَكُنْ قَبْلُ؛ لِأنَّ الدِّينَ يُؤْخَذُ بِاتِّبَاعِ الأثَرِ وَالاقْتِدَاءِ بِالسَّلَفِ الصَّالِحِ. قَوْلُهُ (¬41): "بِدْعَةٌ" الْبِدْعَةُ: الْحَدَثُ فِي الدِّينِ بَعْدَ الإِكْمَالِ، وَبَدَّعَهُ: نَسَبَهُ إِلَى الْبدْعَةِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى (¬42): {مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} (¬43). ¬
قَوْلُهُ: "مَنْ تَرَكَ دَيْنًا أوْ ضَيَاعًا فإلِىَّ" (¬44) قَالَ النَّضْرُ (¬45): الضَّيَاعُ: الْعِيالُ. وَقَالَ الْقُتَيْبِىُّ: هُوَ (¬46) مَصْدَرُ ضَاعَ يَضِيغُ ضَيَاعًا، أرادَ: مَنْ تَرَك عِيَالًا صِغَارًا أطْفَالًا، جَاءَ بِالْمَصْدَرِ نَائِبًا عَن الاسْمِ، كَمَا يَقُولُ: مَنْ مَاتَ وَتَرَكَ فَقْرًا، أَيْ: فُقَرَاءَ، فَإذَا كَسَرْتَ الضَّادَ، فَهُوَ جَمْعُ ضَائِعٍ، مِثْلُ جَائِع وَجِيَاعٍ (¬47). سمِّىَ (¬48) المنْبَرُ مِنْبَرًا؛ لعُلُوِّه وَاْرتِفَاعِهِ. وَالنَّبْرُ: الرَّفْعُ، وَمنْهُ سُمِّىَ الْهَمْزُ نبْرًا. وَنَبَرتُ (¬49) الْحَرْفَ هَمَزْتُهُ. قَوْلُهُ: "الْمُسْتَرَاحُ" (¬50) هِىَ الدَّرَجَةُ الَّتِى يَقْعُدُ عَلَيْهَا الْخَطِيبُ لِيَسْتَرِيحَ. وَهُوَ مُسْتَفْعَلٌ مِنَ الرَّاحَةِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَسْتَرِيحُ مِنْ تَعَبِ صُعُودِهِ عَلَى المِنْبَرِ، وَيَرْجِعُ إِلَيْهِ نَفَسُهُ. وَأَصْمْلُهُ: مُسْتَرْوَحٌ، فَنُقِلَتْ فَتْحَةُ الْوَاوِ إِلَى الرَّاءِ قَبْلَهَا، ثُمَّ قُلِبَت الْوَاوُ أَلِفًا. قَوْلُه: "مِنْ غَيْرِ تَغَنِّ وَلَا تَمْطِيطٍ" (¬51) التَّغَنِّى: مَعْرُوفٌ، وَهُوَ تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِمَا يُطْرِبُ، وَالتَّمْطِيطُ: التَّمْدِيدُ، يُقَالُ: مَطَّهُ يَمُطُّهُ: إِذَا مَدَّهُ وَتَمَطَّطَ، أَيْ: تَمَدَّدَ (¬52). قَوْلُهُ: "تَنَفَّسْتُ" (¬53) أَيْ: تَمَهَّلْتُ. قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬54): يُقَالُ: فِي هَذَا الْأمْرِ نُفْسَة، أَيْ: مُهْلَة، وَأنْتَ فِي نَفَسٍ مِنْ أمْرِكَ، أَيْ: فِي سَعَةٍ (¬55). قَوْلُهُ: "مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ" قَالَ أَبُو زَيْدٍ: أيْ مَخْلَقَةٌ (¬56)، وَكُلُّ شَيْىءٍ دَلَّكَ عَلَى شَيْىء فَهُوَ مَئِنَّةٌ لَهُ، وَأَنْشَدَ (¬57): وَمَنْزِلٍ مِنْ هَوَى جُمْلٍ نَزَلْتُ بِهِ ... مَئِنَّةٌ مِنْ مَرَاصِيدِ الْمَنِيَّاتِ وَيُقَالُ: هَذَا الْمَسْجِدُ مَئِنَّةٌ لِلْفُقَهَاءِ، وَأَنْتَ مَئِنَّتُنَا وَعُمْدَتُنَا. وَحَقِيقَتُهُ: أَنَّهَا "مَفْعِلَةٌ" مِنْ مَعْنَى "إنَّ" التَّأْكِيدِيَّةِ، غَيْرُ مُشْتَقَّةٍ مِنْ لَفْظِهَا؛ لأنَّ الْحُرُوفَ لَا يُشْتَقُّ مِنْهَا، وَإنَّمَا ضُمِّنَتْ حُرُوفَ تَرْكِيبِهَا ذَكَرَهُ فِي اْلفَائِقِ (¬58). وَكَذَا قَوْلُ الْجَوْهَرِىِّ (¬59) هِىَ "مَفْعِلَةٌ" مِنْ إِنَّ الْمَكْسُورَةِ اْلمُشَدَّدَةِ، كَمَا تَقُولُ: مَعْسَاةٌ مِنْ كَذَا وَمَظِنَّة، وَهُوَ مِبْىٌّ مِنْ عَسَى وَظَنَّ (¬60). وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬61): يَعْنِى: أَنَّ هَذَا مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى فِقْهِ الرَّجُلِ. قَالَ أَبُو مَنْصُور (¬62): جَعَلَ أَبُو ¬
عُبَيْدٍ: الْمِيمُ فِيهِ أصْلِيَّةٌ (¬63)، وَهِىَ مِيمُ "مَفْعِلَة" فَإِنَّ كَانَ كَذَلِكَ، فَلَيْسَ هُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ (¬64). وَقَالَ الْأصْمَعِىُّ: أَيْ عَلَامَةٌ لِذَلِكَ، وَخَلِيقٌ لِذَلِكَ (¬65). وَكَانَ أبُو زَيْدٍ يَقُولُ: "مَئِتَّةٌ" بِالتَّاءِ، وَهِىَ "مَفْعِلَة" مِنْ أّنَّهُ يَؤُتُّهُ أَتًّا: إِذَا غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ (¬66). قَالَ الْجَوْهَرِىُّ: وَحَقُّهُ عِنْدِى: أَنْ يَكُونَ "مَئِينَةً" مِثَالَ (¬67) فَعِيلَةٍ (¬68)؛ لأنَّ الْمِيمَ أَصْلِيَّةْ. فِي حَدِيثِ الْجُمُعَةِ: "وَمن اسْتَغْنَى اسْتَغْنَى اللهُ عَنْهُ" (¬69) مَعْنَاهُ: طَرَحُهُ وَرَمَى بِهِ، كَمَا أنَّ مَنْ اسْتَغْنَى عَن الشَّيْىءِ لَمْ يلْتَفِتْ إِلَيْهِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْمُجَازَاةُ، مِنْ قَوْلِهِ [تَعَالَى] (¬70): {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} (¬71). قَوْلُهُ (¬72): {وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} (¬73) قَالَ فِي التَّفْسِيرِ: قَدْ خَسِرَ مَنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ، وَنَسَبَ إِلَيْهِ الْبَاطِلَ. * * * ¬
ومن باب هيئة الجمعة والتكبير
وَمِنْ بَابِ هَيْئَةِ الْجُمُعَةِ وَالتَّكْبِيرِ قَوْلُهُ (¬1): "غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ" قَالَ أَصْحَابُنَا: هُوَ وُجُوبُ اسْتِحْبَاب، لَا وُجُوبُ إِلْزَامٍ. قَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ (¬2): الْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ مَعْنَى "وَاجبٌ" رَاتِبٌ، وَالرَّاتِبُ: هُوَ الدَّائِمُ (¬3). قَوْلُهُ (¬4): "فَبِهَا وَنِعْمَتْ" أَيْ: فَبِالسُّنَّةِ أَخَذَ. وَنِعْمَت الْخَلَّةُ وَالْخَصْلَةُ هِىَ، فَحَذَفَ (¬5) قَالَ (¬6) فِي الْفَائِقِ (¬7): الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلٍ مُضْمَر، أَيْ فَبِهَذِهِ الْخَصْلَةِ (¬8) أوْ الْفَعْلَةِ. يَعْنى: بِالْوُضُوء (¬9) يُنَالُ الْفَضْلُ. وَقَالَ فِي الشَّامِلِ (¬10): "فَبِها" يَعْنى: بِالْفَرِيضَةِ أَخَذَ، وَقَالَ الْهَرَوِىُّ (¬11): سَمِعْتُ الْفَقِيهَ أَبَا حَامِدٍ الشَّارَكِىَّ (¬12) ¬
يَقُولُ: أرَادَ: فَبِالرُّخْصَةِ أَخَذَ، وَذَلِكَ أنَّ السُّنَّةَ: اْلغُسْلُ فِي يَوْم الْجُمُعَةِ، فَأَضْمَرَ (¬13). قَالَ أبُوَ عَلىّ اْلقَالِىُّ (¬14): وَلَا يَجُوزُ "وَنِعْمَهْ" بِالْهَاءِ؛ لِأنَّ مَجْرَى التَّاءِ فِيهَا مَجْرَى التَّاءِ فِي قَامَتْ وَقَعَدَتْ (¬15). قَوْلُهُ: "وَاسْتَنَّ" (¬16) أَيْ: اسْتَاكَ، وَهُوَ اسْتَفْعَلَ مِنَ السُّنَّةِ، أَو افْتَعَلَ مِنَ السِّنِّ، أَيْ: نَظَّفَ سِنَّهُ وَنَقَّاهَا بِالسِّوَاكِ (¬17). قَوْلُهُ: "يَعْتَمُّ وَيَرْتَدِى بِبُرْدٍ" (¬18) الْبُرْدً عِنْدَ الْعَرَبِ: مَا كَانَ مِنَ الثِّيَابِ فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، وَسِوَى ذَلِكَ مِنْ (¬19) كُلِّ الْأَلْوَانِ، يُؤْتَى بِهَا مِنَ الْيَمَنِ (¬20). قَوْلُهُ (¬21): "مَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الأُوَلى" (¬22) وَحَقِيقَةُ الرَّوَاحَ: بَعْدَ الزَّوَالِ، وَالْغُدُوِّ: قَبْلَهُ. وَأَرَادَ (¬23) بِالرَّوَاحِ هُنَا: الْمُضىَّ إِلَى الْجَامِعِ. وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ أَحَدُهُمَا فِي مَوْضِعِ الآخَرِ مَجَازًا. مِنَ الشَّامِلِ (¬24). وَقَالَ الْهَرَوِىُّ (¬25): أَرَادَ: خَفَّ إِلَيْهَا وَأَسْرَعَ، وَلَمْ يُرِدْ آخِرَ النَّهَارِ. وَيُقَالُ: تَرَوَّحَ الْقَوْمُ وَرَاحُوا: إِذَا ذَهَبُوا أَىَّ وَقْتٍ شَاءُوا (¬26). قَوْلُهُ: "فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً" أَيْ: تَصَدَّقَ، وَالْقُرْبَانُ: الصَّدَقَةُ. وَكَذَلِكَ الْقرْبَة (¬27)، وَهُوَ الْعَمَلُ الَّذِى يُتَقَرَّبُ (¬28) (بِهِ) (¬29) إِلَى اللهِ تَعَالَى، وَإِلَى الْجَنَّةِ (¬30). وَالْبَدَنَةُ: النَّاقَةُ الْفَتِيَّةُ السَّمِينَةُ، وَجَمْعُهَا: بُدْنٌ (¬31)، يُقَالُ: بَدَنَ الرَّجُلُ إِذَا سَمِنَ (¬32). وَالسَّاعَةُ الأُولَى (¬33) وَالثَّانِيَةُ لَيْسَ مِن اعْتِبَارِ سَاعَاتِ الْيَوْمِ، بَلْ مَنْ تَقَدَّمَ عَلَى صَاحِبِهِ صَاحِبِهِ حَازَ الْفَضْلَ بِذَلِكَ (¬34)، ذَكَرَهُ الطُّوَيْرِىُّ. قَوْلُهُ: "وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ" (¬35) قَدْ ذُكِرَتْ فِيَما تَقَدَّمَ. وَالْوَقَارُ: هُوَ الحِلْمُ وَالرَّزَانَةُ، وَقَدَّ وَقَرَ الرَّجُلُ يَقِرُ وَقَارًا وَقِرَةً فَهُوَ وَقُورٌ، قَالَ الرَّاجِزُ (¬36). بِكُلِّ أَخْلَاقِ الرِّجَالِ قَدْ مَهَرْ ... ثَبْتٍ إِذَا مَا صِيحَ بِالْقَوْمِ وَقَرْ وَالتَّوْقِيرُ: التَّعْظِيمُ وَالتَّرْزِينُ. قَوْلُهُ (¬37): "غَسلَ وَاغْتَسَلَ" يُرْوَى مُخَفَّفًا وَمُشَدَّدًا، فَمَنْ خَفَّفَ قِيلَ: أَرَادَ: غَسَلَ رَأْسَهُ وَاغْتَسَلَ ¬
فِي سَائِرِ بَدَنِهِ، وَخَصَّ الرَّأَسَ بِذَلِكَ؛ لِمَا كَانَ عَلَيْهِمْ مِنَ الشَّعُورِ وَمُعَانَاتِهِمْ لَهَا. وَمَنْ شَدَّدَ قِيلَ: الْمَعْنَى: جَامَع وَأَوجَبَ الْغُسْلَ عَلَى غَيْرِهِ وَاغْتَسَلَ هُوَ (¬38). قَالَ فِي الْفَائِقِ (¬39): يُقَالُ: غَسَّلَ الْمَرْأة وَغَسَلَهَا: إِذَا جَامَعَهَا، وَمِنْهُ: فَحْلٌ غُسَلَةٌ (¬40) أَيْ: جَامَعَ مَخَافَةَ أَنْ يَرَى فِي طَرِيقِهِ مَا يُحَرِّكُ مِنْهُ (¬41)، وَغَسَلَ بالتَّشْدِيدِ (¬42) بِالتَّثْلِيْثِ. وَقِيلَ اغْتَسَلَ بَعْدَ الْجِمَاعِ غُسْلَ الْجُمُعَةِ. وَقِيلَ: غَسَّلَ (¬43): أيْ أَسْبَغَ الْوُضُوءَ وَأكْمَلَهُ، ثُمَّ اغْتَسَلَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلصَّلَاةِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَغَايرَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، كَمَا قَالَ: "بَكَّرَ وَابْتَكَر وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ" (¬44). وَيُرْوَى (¬45) "عَسَّلَ" مُشَدَّدًا بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ: ذَاقَ الْعُسَيْلَةَ، وَهِى: الجِمَاعُ (¬46). قَوْلُهُ: "بَكَّرَ وَابْتَكَرَ" جَاءَ فِي أَوَّلِ الْيَوْم، مِنْ قَوْلِهِمْ: بُكْرَةٌ وَغُدْوَةٌ. يُقَالُ: بَكَّرَ تَبْكِيرَ الْغُرَابِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَيْقِظُ أَوَّلَ النَّهَارِ "وَابتكَرَ" قِيلَ مَعْنَاهُ: أَخَذَ أَوَّلَ الثَّوَابِ، وَسَبَقَ إِلَيْهِ، مَأَخُوذٌ مِنْ بَاكُورَةِ الْفَاكِهَةِ وَهِىَ أَوَّلُ مَا يَنْبُعُ مِنْهَا، يُقَالُ: ابْتَكَرَ إِذَا جَنَى الْبَاكُورَةَ (¬47). وَيُقَالُ: بَل الْمَعْنَى وَاحِدٌ فِي اْلإبْكَارِ إِلَى الْجُمُعَةِ، جَاءَ بِلَفْظَيْنِ مُتَغَايِرَيْنِ، وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ (¬48). قَالَ اْلأزهَرِىُّ (¬49): بَكَرَ يُشَدَّدُ وَيُخَفَّفُ، فَمَنْ خَفَّفَ فَمَعْنَاهُ: خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ بَاكِرًا، وَمَنْ شَدَّدَ: فَمَعْنَاهُ: أَسْرَعَ إِلِى الصَّلَاةِ وَبَادَرَ إِلَيْهَا. وَقَالَ فِي الشَّامِلِ (¬50) فِي ابتكَرَ تَأْوِيلَان: أَحَدُهُمَا: حَضَرَ أَوَّلَ الْخُطْبَةِ، مُشْتَقٌ مِنْ بَاكُورَةِ الثَّمَرَةِ، يُرَادُ أَوَّلُهَا. وَالثَّانِى: أَنَّهُ ابْتَكَرَ الْعِبَادَةَ مَعَ بُكُورِهِ فِيهِ. قَوْلُهُ: "لَا يُشَبِّكْ أَصَابِعَهُ" (¬51) أَيْ: يُدْخِلْ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ؛ لأنَّهُ يَلْهُو بِذَلِكَ، وَيَشْتَغِلُ عَنْ ذِكْرِ اللهِ. قَوْلُهُ: "السُّبْحَةُ" (¬52) هِىَ النَّافِلَةُ، يُقَالُ: قَضَى فُلَانٌ سُبْحَتَهُ، أَيْ: نَافِلَتَهُ الرَّاتِبَةَ (¬53). قَوْلُهُ: "أنْصَتَ" (¬54) الإِنْصَاتُ: السُّكُوتُ مَعَ الاسْتِمَاعِ، يُقَالُ: نَصَتَ وَأَنْصَتَ بِمَعْنَى وَاحِدٍ (¬55). قَوْلُهُ (¬56): "لَمْ تَشْهَدْ مَعَنَا الْجُمُعَةَ" أَيْ: لَمْ تَحْضُرْ. وَالشُّهُودُ: الْحُضُورُ، يُقَالُ: شَهِدَهُ ¬
شُهُودًا، أَيْ: حَضَرَهُ فَهُوَ شَاهِدٌ. وَقَوْمٌ شُهُودٌ، أَيْ: حُضُورٌ (¬57). وَشَهِدَ الجِنَازَةَ: حَضَرَ دَفْنَهَا. جَعَلَ تَبْطِيلَ الْجُمُعَةِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ (¬58) لَمْ يَحْضُرْهَا. قَوْلُهُ: "مُلَفَّقَةٌ" (¬59) مَأْخُوذٌ مِنَ لَفَقْتُ إِحْدَى الشُّقَّتَيْنِ بِاْلأُخْرَى: إِذَا جَمَعْتَ بَيْنَهُمَا بِالْخِيَاطَةِ (¬60). قَوْلُهُ: "افْتِيَاتًا عَلَيْهِ" (¬61) الافْتِيَاتُ: افْتِعَالٌ مِنَ الْفَوْتِ، وَهُوَ السَّبْقُ إِلِى الشَّيْىءِ دُونَ ائْتِمَارِ مَنْ يُؤْتَمَرُ (¬62)، يُقَالُ: افْتَاتَ عَلَيْهِ بِأَمْرِ كَذَا، فَاتَهُ بِهِ (¬63). "بَغْدَادَ" (¬64) فِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ: بَغْدَادُ- بِدَالَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ؛ وَبغْدَانُ- بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ (¬65) وَنُونٍ، وَبَغْدَاذُ بِدَالٍ وَذَالٍ (¬66). (وَزَادَ اْلقَالِىُّ (¬67) لُغَة رَابِعَةً: مَغْدَانَ- بِدَالٍ وَنُونٍ) (¬68) فَالَ اْلأَصْمَعِىُّ: "بَغْ" اسْمُ صَنَمٍ، وَ "دَاذْ" عَطِيِّةٌ بالْفَارِسِيَّةِ، أَيْ: عَطِيِّةٌ الصَّنَمِ، فَلِذَلِكَ نَاقَضُوهَا، فَقَالُوا: مَدِينَةُ السَّلَام؛ لأنَّ السَّلَامَ: اسْمُ اللهِ (¬69). وَقِيلَ: "اْلبَاغْ" اْلبُسْتَانُ بِالْفَارِسِيَّةِ. وَ "دَاذْ" اسْم رَجُلٍ بِالْعَجَمِيَّةِ، سُمِّىَ بِهِ الْبَلَدُ. قَالَ (¬70): فَقَيِّمُ الْبَاغِ يُهْدِى لِمَالِكِهِ ... بِرَسْمِ خِدْمَتِهِ مِنْ بَاغِهِ التُّحَفَا * * * ¬
ومن باب صلاة العيدين
وَمِنْ بَابِ صَلَاةِ العِيدَيْنِ الْعِيدُ أصْلُهُ: ومنْ عَوْدِ الْمَسَرَّةِ وَرُجُوعِهَا، وَيَاؤْهُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ، وَجَمْعُهُ: أعْيَادٌ، وَإِنَّمَا جُمِعَ بِالْيَاءِ وَأصْلُهُ الْوَاوُ، لِلُزُومِهَا فِي الْوَاحِدِ (¬1). وَقِيلَ: لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أعْوادِ الْخَشَبِ (¬2). "شِعَارٌ" (¬3) أَيْ (¬4) عَلَامَةٌ، وَقَدْ ذُكِرَ. قَولهُ: "تَهَاوُنًا بالشَّرْعِ" (¬5) أَيْ: اسْتِخْفَافًا وَاسْتِحْقَارًا (¬6)، يُقَالُ: اسْتَهَانَ بِهِ وَتَهَاوَنَ بِهِ، أَيْ: اسْتَحْقَرَهُ وَأهَانَهُ: اسْتَخَفَّ (¬7) بِهِ. وَالاسْمُ: الْهَوَانُ (¬8). ¬
قَوْلُهُ: "حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ قِيدَ رُمْحٍ" (¬9) أَيْ: قَدْرَ رُمْحٍ (¬10)، فِي رَأْىِ الْعَيْن. وَأصْلُهُ "قِوْدَ" وَهُوَ مُشْتَقٌ مِنَ الْقَوَدِ (¬11)؛ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْمُمَاثَلَةِ وَالْمُقَايَسَةِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ: قِيسَ رُمْحٍ، وَانْتِصَابُهُ (¬12) عَلَى أنَّهُ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذَوْفٍ تَقْدِيرُهُ: ارْتَفَعَتْ ارْتِفَاعًا. ذَكَرَهُ فِي الْفَائِقِ (¬13). قَوْلُهُ: "بِضَعَفَةِ النَّاسِ" (¬14) هُوَ جَمعُ ضَعِيفٍ، مِثْلُ: كَافِرٍ وَكَفَرَةٍ، جَاءَ نَادِرًا، وَقِيَاسُهُ: ضُعَفَاءُ (¬15)، يُقَالُ: قَوْمٌ ضِعَافٌ وَضُعَفَاءُ وَضَعَفَةٌ. قَوْلُهُ: (نَسِيكَتِهِ) (¬16) أَيْ: ذَبِيحَتِهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالى: {أوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (¬17) وَهُوَ جَمْعُ نَسِيكَةٍ، يُقَالُ: نَسَكَ للهِ يَنْسُكُ. وَاْلمَنْسِكُ وَالْمَنسَكُ (¬18): الْمَوْضِعُ الَّذِى تُذْبَحُ فِيهِ النَّسَائِكُ. قَوْلُهُ: "بُرْدٌ حِبَرَة" (¬19) الْحِبَرَةُ مِنَ الْبُرْودِ: مَا كَان مَوْشِيًّا (¬20) مُخَططًا، مِنْ حَبَّرْتُ الشَّيْىءَ، أَيْ: (¬21) حَسَّنْتُهُ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ (¬22) قَالَ: (لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ نَبِىَّ اللهِ يَسْمَعُ قِرَاءَتِى لَحَبَّرْتُهَا) يُرِيدُ: تَحْسِينَ الصَّوْتِ وَتَحْزِيْنَهُ (¬23). قَوْلُهُ: (ذَوَاتُ الْهَيْئَاتِ) (¬24) هُوَ مِنْ تَهَيَّأ: إذَا أَخَذَ فِي أَمْرٍ. وَمَعْنَاهُ: ذَوَاتُ (¬25) التَّحَسُّنِ وَالتَّعَطُّرِ وَالِّلبَاسِ. قَوْلُهُ: (الْعَوَاتِقِ وَذَوَاتِ الْخُدُودِ) هِىَ جَمْعُ عَاتِقٍ، أَيْ: شَابَّةٍ أَوَّلَ مَا أَدْرَكَتْ فَخُذِّرَتْ فِي بَيْتِ أهْلِهَيه فَلَمْ تَبِنْ إِلَى زَوْجٍ. قَالَهُ الْجَوْهَرِىُّ (¬26) قَالَ أَبُو نَصرٍ أحْمَدُ بْنُ حَاتِمٍ (¬27): وَلَمْ تَبِنْ إِلَى زَوْجٍ: مِنَ الْبَيْنُونَةِ (¬28) وَمَعْنَى خُدِّرَتْ، أَيْ: حُجِبَتْ (¬29) مِنَ الْعُيُونِ فِي الْخِدْرِ، وَهُوَ السَّتْرُ، وَجَمْعُهُ: خُدُورٌ. قَوْلُهُ: (الشُّهْرَةُ مِنَ الثِّيَابِ) (¬30) أَصْلُهُ: وُضُوحُ الْأمْرِ، يُقَالُ مِنْهُ (¬31) شَهَرْتُ الْأمْرَ أشْهَرُهُ شَهْرًا وَشُهْرَةً فَاشْتَهَرَ (¬32)، وَأَرادَ هَا هُنَا: أَنْ يَلْبَسَ مَا يُشْهَرُ بِهِ، وَيُعْرَفُ مِنْ بَيْنِ النَّاس، مِنْ لِبَاسٍ جَيِّدٍ أَوْ رَدِىءٍ حَتَّى يُشَارَ إِلَيْهِ، فيقَالُ: هُوَ ذَاكَ. ¬
قَوْلُهُ (¬33): (وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ. أَيْ: غَيْرَ عَطِرَاتٍ (¬34)) أَيْ: لِيَتْرُكْنَ الطِّيبَ، فَيَكُنَّ بِمَنْزِلَةِ التَّفِلَاتِ، وَهُنَّ الْمُنْتِنَاتُ، وَالتَّفَلُ: أَلَّا يَتَطَيَّب (¬35) فَيَوجَدَ مِنْهُ (¬36) رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ، مِنْ تَفَلَ الشَّيْىءَ مِنْ فِيهِ: إِذَا رَمَى بِهِ مُتَكَرِّهًا لَهُ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ (¬37): . . . . . . . . . . . . ... مَتَى يَحْسُ مِنْهُ ذَائِقُ (¬38) الْقَوْم يَتْفُلِ يُقَالُ: امْرَأةٌ تَفِلَةٌ وَمْتِفَالٌ (¬39). وَفِى حَدِيثِ عَلىٍّ - رَضىَ الله عَنْهُ - (¬40): "قُمْ مِنَ الشَّمْسِ فَإنَّهَا تَتْفُلُ الرِّيحَ" (¬41). قَوْلُهُ: (الصَّلَاةَ جَامِعَةً) (¬42) نَصبَ الصَّلَاةَ بِإِضْمَارِ فِعْل، أَيْ: احْضُرُوا الصَّلَاةَ. وَجَامِعَةً: نُصبَ عَلَى الْحَالِ. قَوْلُهُ: (التَّكْبِيرُ الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيِّدُ) (¬43): مَا كَانَ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ؛ لأَنَّهُ قُيِّدَ بِهَا، لَا يَكُونُ إِلّا خَلْفَهَا وَالْمُطْلَقُ: مَا سِوَاهُ. (الْكَافَّةُ) (¬44): الْجَمِيعُ مِنَ النَّاس، يُقَالُ: لَقِيْتُهُم كَافَّةً: أَيْ جَمِيعَهُم (¬45). قَوْلُهُ: (أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) (¬46) فِي اشْتِقَاقِ تَسْمَيِتِهَا بِذَلَكِ أَوْجُهُ، أَحَدُهَا: لِأنَّهُمْ يُشَرِّقُونَ فِيهَا الَّلحْمَ بِمَعْنَى (أنَّهُمْ) (¬47) يُشَمِّسُونَهُ، وقيل: يُشَقِّقُونَهُ وَيُقَدِّدُونَهُ، وَمِنْهُ الشَّاةُ الشُّرْقَاءُ، وَهِىَ: مَشْقُوتَةُ الأُذُنِ طُولًا (¬48) وَقِيلَ: مِنْ قَوْلِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: (أشْرِقْ ثَبِيرُ كَيْمَا نُغِيرُ) (¬49)؛ وَقِيلَ: لأنَّ الضَّحَايَا وَالْهَدْىَ يُذْبَحُ فِيهَا عِنْدَ شُرُوقِ الشَّمْسِ، وَهُوَ طُلُوعُهَا (¬50). ¬
ومن باب صلاة الكسوف
وَمِنْ بَابِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ قَوْلُهُ (¬1): (لَا يُكْسَفَانِ لِمَؤتِ أَحَدٍ) قَالَ ثَعْلَبٌ: يُقَالُ (¬2): كَسَفَتِ الشَّمْسُ، وَخَسَفَ الْقَمَرُ. هَذَا أَجْوَدُ الْكَلَامِ (¬3) وَقَدْ يَجْعَلُ أحَدُهُمَا مَكَانَ الآخَرِ (¬4). وَهُوَ ذَهَابُ ضَوْئِهِمَا وَمَا كَانَ (¬5) يَعْلْوهُمَا مِنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ (¬6). قَالَ شَمِرٌ: الْكُسُوفُ فِي الْوَجْهِ: الصُّفْرَةُ وَالتَّغَيُّرُ. وَرَجُل كَاسِفٌ مَهْمُومٌ: قَدْ تَغَيَّر لَوْنُهُ (¬7). قَوْلُهُ: (آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ) الآيَةُ: الْعَلَامَةُ الدَّالَّةُ عَلَى عَظَمَةِ اللهِ وَمُلْكِهِ، تَكُونُ مَوْعِظَةً وَتَخْوِيفًا وَتَكُونُ (عَلَامَةً) (¬8) وَدَلَالَةً. وَسُمِّيَتِ الآيَةُ مِنَ الْقُرْآنِ، (لأنَّهَا) (¬9) عَلَامَةٌ لِانْقِطَاعَ كَلَامٍ مِنْ كَلَامٍ، قَالَهُ ابْنُ الأنبارِىِّ (¬10). قَوْلُهُ: (حَتَّى تَجَلَّتْ) (¬11) أيْ: انْكَشَفَ (عَنْهَا مَا لَحِقَهَا) (¬12) مِنَ الظُّلْمَةِ. يُقَالُ: جَلَّى (¬13) الشَّيْىءَ: أَيْ (¬14) كَشَفَهُ، وَانْجَلَى عَنْهُ الْهَمُّ، أيْ: انْكَشَفَ (¬15). قَوْلُهُ (¬16): (لِأنَّ سُلْطَانَهُ بَاقٍ) أيْ: قُوَّتُهُ، وَأَصْلُ السُّلْطَانِ: الْحُجَّةُ والْبْرهَانُ وَكُلُّ مَا كَانَ بِحُجَّةٍ فَهُوَ قَوِىٌّ وَمِنْهُ سُمِّىَ الوَالِى (¬17) السُّلْطَانَ؛ لِقُوَّتِهِ وظُهُورِ حُجَّتِهِ. وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ السَّلِيطِ؛ لإنَارَتِهِ وَظُهُورِهِ واَلاسْتِضَاءَةِ بِهِ (¬18). قَوْلُهُ (¬19): (كَالَّزَلَازِلَ) (¬20) جَمْعُ زَلْزَلَةٍ، وَهِىَ: الْحَرَكَةُ الشَّدِيدَةُ، وَمِنْهُ {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} (¬21) وَالزَّلَازِل: الشَّدَائِدُ (¬22). ¬
ومن باب صلاة الاستسقاء
وَمِنْ بَابِ صَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ الاسْتِسْقَاءُ (¬1): طَلَبُ السُّقْيَا (¬2)، وَهُوَ: اسْتِفْعَالٌ مِنْ سَقَى (¬3)، يُقَالُ: سَقَيْتُهُ وَاسْقَيْتهُ بِمَعْنىً (¬4)، وَقَدْ جَمَعَهَا لَبِيدٌ فِي قَوْلِهِ (¬5): سَقَى قَوْمِى بَنِى مَجْدٍ وَأَسْقَى ... نُمَيْرًا وَالْقَبَائِلَ مِنْ هِلَالِ وَيُقَالُ: سَقَيْتُهُ لِشَفَتِهِ؛ وَأسْقَيْتُهُ لِمَاشِيَتِهِ وَأرضِهِ، وَالاسْمُ: السِّقْىُ بِالْكَسْرِ (¬6). قَوْلُهُ (¬7): (قُحُوطُ الْمَطَرِ) قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬8)، قَحَطَ الْمَطَرُ يَقْحَطُ قُحُوطًا: إِذَا احْتُبِسَ، وَأقْحَطَ الْقَوْمُ: إِذَا أَصَابَهُمُ الْقَحْطُ، وَقُحِطُوا عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَالْقَحْطُ: الْجَدْبُ وَالْغَلَاءُ. قَوْلُهُ (¬9): (إِذَا بُخِسَ الْمِكْيَالُ) أَيْ: نُقِصَ {وَشَرَوْهُ بِثَمَنِ بَخْسٍ} (¬10) أَيْ: نَاقِصٍ (¬11)، وَقَدْ بَخَسَهُ حَقَّهُ يَبْخَسُهُ بَخْسًا: إِذَا نَقَصَهُ. قَوْلُهُ (¬12): {يَلْعَنُهُمُ الله وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} (¬13) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: أَيْ (¬14): أَبْعَدَهُمُ اللهُ مِنْ رَحْمَتِهِ. وَالَّلعْنُ: الطردُ وَاْلإِبْعَادُ (¬15) وَكَانَت الْعَرَبُ إِذَا تَمَرَّد الرَّجُلُ: أَبْعَدُوهُ مِنْهُمْا، وَطَرَدُوهُ؛ لِئَلَّا تَلْحَقُهُمْ جَرَائِرُهُ (¬16)، وَالَّلاعِنُونَ: هُمْ دَوَابُّ الْأرْضِ تَلْعَنْهُمْ كَمَا (¬17) ذُكِرَ في الْكِتَابِ (¬18). قَوْلُهُ (¬19): (تَوَسَّلْنَا إِلَيْك بِنَبِيِّنَا) (¬20) أَيْ: تَقَرَّبْنَا وَتَشَفَّعْنَا. وَالْوَسِيلَةُ: الْقُرْبَةُ، فُسِّرَ فِيمَا تَقَدَّمَ (¬21). قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ (¬22): (وَعِبَادُ اللهِ رُكَّعٌ) وَرُوِىَ: (شُيُوخٌ) أَيْ: مُنْحَنُون (¬23). وَالرُّكُوعُ: ¬
الانْحِنَاءُ فِي الظَّهْرِ مِنَ الْكِبَرِ. قَوْلُهُ: (مُتَبَذِّلًا) (¬24) عَلَيْهِ ثِيَابُ الْبِذْلَةِ، وَهِىَ: مَا يُمْتَهَنُ مِنَ الثَيَابِ وَيُسْتَعْمَلُ. وَابْتِذَالُ الثَّوْبِ: امْتِهَانُهُ، وَالتَبّذَلُ: تَرْكُ التَّصَاوُنِ (¬25). قَوْلُهُ: (غَيْثًا مُغِيثًا) الْغَيْث: مَعْرُوفٌ، وَهُوَ المَطَرْ (مُغِيثًا) أَيْ: نَاصِرًا، يُقَالُ: أغَاثَهُ يُغِيثُهُ: إِذَا نَصَرَهُ عَلَى عَدُوِّهِ، وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ (¬27). قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (¬28)، فَكَأنَّ الْغَيْثَ: الْمُغِيثُ (¬29)؛ لِأنَّهُ يُخْرِجُ مِنَ الْجَدْبِ وَيُخلِصُ مِنَ الْقَحْطِ. قَوْلُهُ: (هَنِيئًا) هُوَ الطَّيِّبُ الَّذِى لَا تَنْغِيصَ فِيهِ. (مَرِيئًا): الَّذِى تَصْلُحُ عَلَيْهِ الْأجْسَامُ، وَلَا وَبَاءَ فِيهِ مُسَمِّنًا لِلْمَالِ. قَالَ الْأزْهَرِىُّ (29): الْهَنِىءُ وَالْمَرِىءُ: النَّاجِعُ لِلْمَالِ حَتَّى يَسْمُنَ عَلَيْهِ. وَمَرؤ الْمَاءُ: إِذَا كَانَ نَمِيرًا، يُقَالُ: هَنَأنِى الطَّعَامُ وَمَرَأَنِى، فَإذَا لَمْ يُذْكَرْ هَنَأنِى: قُلْتَ: أمْرَأنِى -بِالْهَمْزِ- أَى: انْهَضَمَ. وَقَالَ أَبُو العَبَّاس عَن ابْنِ الاعْرَابِىِّ: يُقَالُ: هَنَأنِى وَأَهَنَأنِى، وَمَرَأَنِى وَأمْرَأَنِى (¬30). وَلَا يُقَالُ: مَرَيَنِى (¬31). وَقَالَ فِي التَّفْسِيرِ {هَنِيئًا} (¬32) لَا إِثْمَ فِيهِ، وَ {مَرِيئًا} لَا دَاءَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (مَرِيعًا) أَيْ: خَصِيبًا، وَالْمَرِيعُ: الْخَصِيبُ. وَقَدْ أمْرَعَ الْوَادِى فَهُوَ مُمْرِعٌ (¬33). وَوُصِفَ بِهِ الْمَطَرُ (¬34)؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ يَكُونُ؛ وَالشَّىْءُ يُوصَفُ بِفِعْلِهِ. أَيْ: (مُمْرِعٌ) وَسُمِّىَ (¬35) الْمَطَرُ: الْحَيَا، لإحْيَائِهِ الْأَرْضَ. وَرُوِىَ (مُرْبِعًا) (¬36) بِالْبَاءِ، مِنْ أَربَعَ بِالْمَكَانِ: إِذَا أَقَامَ فِيهِ، وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى نُجْعَةٍ، وَمِنْهُ (ارْبَعْ عَلَى نَفْسِكَ) (¬37) أَيْ: اثْبُتْ وَارْفُقْ. وَيُرْوَى (مُرْتِعًا) (¬38) بِالتَّاءِ، مِنْ (رَتَعَتِ الْمَاشِيَةُ: إِذَا رَعَتْ مَا شَاءَتْ) (¬39) وَمِنْهُ (¬40) قَوْلُهُ تَعَالَى: {نَرْتَعْ وَنَلْعَبْ} (¬41). قَوْلُهُ (¬42): (غَدَقًا) الْغَدَقُ: الْمَاءُ الْكَثِيرُ، يُقَالُ بِفَتْحِ الدَّالِ: نَعْتٌ بِالْمَصْدَرِ، فَلا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ. وَقَالَ (¬43) ابْنُ الْأعْرَابِىِّ: الْمَطَرُ الغَدَقُ: الْكِبَارُ الْقَطَرُ، وَالْمُغْدِقُ: مِثْلُهُ (¬44). قَوْلُهُ: (مُجَلِّلًا) قَالَ الْجَوهَرىُّ (¬45): الْمُجَلِّلُ: السَّحَابُ الَّذِى يُجَلِّلُ الْأَرْضَ بالْمَطَر، أَيْ: يَعُمُّ جَمِيعَ الأرْض، وَلَعَلَّهُ مِنْ تَجْلِيلِ الْفَرَسِ، وَهُوَ: إلبَاسُهُ الْجُلّ (¬46). أوْ (¬47) يُجَلّلُ الأرْضَ، أيْ يُغَطِّيهَا بِمَائِهِ أوْ بِنَبَاتِهِ (¬48). ¬
قَوْلُهُ: (طَبَقًا) قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬49): طَبَّقَ الْغَيْمُ تَطْبِيقًا: إِذَا أَصْابَ مَطرهُ جَمِيعَ الْأَرْضِ، وَيُقَالُ: سَحَابَةٌ مُطْبِقَةٌ. وَقَالَ (¬50) الْهَرَوِىُّ (¬51): (طَبَقًا) أَيْ: مَالِئًا لِلْأَرْضِ، يُقَالُ: هَذَا مَطَرٌ طَبَقُ الأرْضِ (¬52): إِذَا طَبَّقَهَا، أَيْ: مَلَأهَا، وَالْغَيْثُ الطَّبَقُ (¬53): هُوَ الْعَامُّ الْوَاسِعُ. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْس (¬54): دِيمَةٌ هَطْلَاءُ فِيهَا وَطَفٌ ... طَبَقُ الأرْضِ تَحَرِّى (¬55) وَتَدُرُّ قَوْلُهُ: (سَحًّا) أَيْ: صَبًّا. يُقَالُ: سَحَّت السَّمَاءُ تَسُحُّ: إِذَا صَبَّت. قَالَ الْأزْهَرِىُّ (¬56) السَّحُّ الْكَثِيرُ الْمَطَرِ الشَّدِيدُ الْوَاقْعِ (¬57) عَلَى الْأرْض. يُقَالُ: سَحَّ الْمَاءُ يَسُحُّ: إِذَا سَالَ مِنْ فَوْق. وَسَاحَ يَسِيحُ: إِذَا جَرَى عَلَى وَجْهِ الأرْضِ (¬58). قَوْلُهُ: (دَائِمًا) مِنْ دَامَ يَدومُ: إِذَا بَقِىَ وَلَمْ يَمْضِ، يُقَالُ: دَامَ الشَّىْءُ يَدومُ وَيَدَامُ دَوْمًا وَدَوَامًا وَدَيْمُومَةً (¬59). قَوْلُهُ: (الْقَانِطِين) أَيْ: الْيَائِسِين. وَالْقُنُوطُ: الْيَأْسُ. وَقَدْ قَنَطَ يَقْنِطُ، وَقَنَطَ يَقْنُطُ قُنُوطًا، فَهُوَ قَانِطٌ. وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثةٌ: قَنِطَ يَقْنَطُ قَنَطًا. وَقَنِطَ يَقْنِطُ بِالْكَسْرِ فِيهِمَا عَنِ الأخْفَشِ (¬60). قَوْلُهُ: (الَّلاوَاءُ) (¬61) هِىَ الشِّدَّةُ وَالْجُهَدُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ (¬62) مَنْ صَبَرَ عَلَى لَأوَاءِ (الْمَدِيَنةِ) (¬63) أَيْ: ضِيقِ عَيْشِهَا وَشِدَّتِهِ. وَكَذَا (الضَّنْكُ) هُوَ أَيْضًا: الضِّيقُ وَالشَّدَّةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَعِيشَةً ضَنْكًا} (¬64). قَوْلُهُ: (الْجَهْدُ) بِفَتْح الْجِيمِ: النَّصَبُ (¬65). وَالْجهْدُ بِالضَّمِّ: الْمُبَالَغَةُ وَالْغَايَةُ. قالَ الشَّعْبِىُّ: الْجَهْدُ فِي الْقِيتَةِ (¬66)، وَالْجُهْدُ فِي الْعَمَل (¬67) يُقَالُ: جُهِدَ فَهُوَ مَجْهُودٌ، أَيْ: هُزِلَ. قَوْلُهُ: (مَدْرَارًا) (¬68) أَيْ: كَثِيرَةَ (¬69) المَطَرِ، يُقَالُ: مَطَرٌ مِدْرَارٌ: إِذَا كَانَ كَثِيرَ الدَّرِّ (¬70) مِفْعَالٌ مِنْ دَرَّ يَدُرُّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ مُدَوَّرًا) (¬71) الْمُدَوَّرُ: هُوَ السَّاجُ، وَهُوَ: الطَّيْلَسَانُ الْمُقَوَّرُ (¬72) يُنْسَجُ كَذَلِكَ وَجَمْعُهُ: سِيجَان. ¬
وَالْخَمِيصَةُ: ذُكِرَتْ (¬73). قَوْلُهُ (¬74): (بِمَجَادِيحِ السَّمَاءِ) هِىَ نُجُومُ الأنْوَاءِ الَّتِى تَزْعُمُ الْعَرَبُ أَنَّهَا تُمْطَرُ بِهَا، وَاحِدُهَا: مِجْدَحٌ (¬75) وَقِيلَ (¬76): هُوَ نَجْمٌ مِنَ النَّجُوم كَانَتْ العَرَبُ (¬77) تَزْعُمُ أَنَّهَا تُمْطَرُ بِهِ، شِبْهُ الْأثَافِىِّ، شُبِّهَ بِالْمِجْدَحِ: وهُوَ الْعُودُ الَّذِى له ثَلَاثَةُ أَعْيَارٍ يُجْدَحُ بِهِ الدَّوَاءُ أَيْ: يُخْلَط. وَالْعَيْرُ: هُوَ العَمُودُ النَّاتِىءُ كَعَيْرِ السَّهْمِ الَذِى في وَسَطِهِ (¬78) والْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا: أَنَّ الْمِجْدَح: عُودٌ لَهُ ثَلَاثُ شُعَبٍ، وَالْمُشَبَّهُ بِالْأَثَافِىِّ هُوَ: الْبُطَيْنُ. وَرُوِىَ عَن ابْنِ عُيَيْنَةَ: الْمِجْدَحُ: هُوَ الدَّبَرَانِ. (الْخِصْبُ) (¬79) بِكَسْرِ الْخَاءِ: نَقِيضُ الْجَدْبِ بِفَتْحِ الْجِيمِ. قَوْلُهُ: (فَحَسَرَ) (¬80) أَيْ: كَشَفَ عَنْهُ (¬81) الثِّيَابَ وَأَزَالَهَا. وَقِيلَ: وَقَفَ حَتَّى يُصيِبَهُ الْمَطَرُ، مِنْ حَسَرت الدَّابَّةُ إِذَا وَقَفَتْ مِنَ الإِعْيَاءِ. ذَكَرَهُ الطُّوَيْرِىُّ. قَوْلُهُ: (الرَّعْدَ) (¬82) هُوَ (¬83) مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بالسَّحَابِ، وَالَّذِى يُسْمَعُ صَوْتُهُ بِالتَّسْبِيِح، وَلَيْسَ الرَّعْدُ الصَّوْتَ نَفْسَهُ، قَالَهُ أَهْلُ التَّفْسِيرِ (¬84). قَوْلُهُ: (فَعُوفِينَا (¬85) مِنْ ذَلِكَ: أَيْ: أَعْطَانَا الله الْعَافِيَةَ، فَسَلِمْنَا. قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬86): الْعَافِيَةُ: هِىَ دِفَاعُ اللهِ عَنِ الْعَبْدِ وَعَافَاهُ اللهُ وَأَعفَاهُ بِمَعْنى. ¬
ومن كتاب الجنائز
وَمِنْ كِتَابِ الْجَنَائِزِ قَالَ الجَوْهَرِى (¬1): الْجَنَازَةُ: وَاحِدَةُ الْجَنَائِزِ، وَالْعَامَّةُ تَقُوُل: الْجَنَازَةُ بِالْفَتْحِ، وَالْمَعْنِى (¬2): الْمَيِّتُ عَلَى السَّرِيرِ، فَإذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَيِّتٌ فَهُوَ سَريرٌ وَنَعْشٌ. قَالَ الأزْهَرِىُّ (¬3): يُقَالً لِلسَّرِيرِ إِذَا جُعِلَ فِيهِ الْمَيِّتُ، وَسُوِّىَ لِلدَّفْنِ: جِنَازَةٌ بِكَسْرِ الْجِيمِ. وَأَمَّا الْجَنَازَةُ بِفَتْحِ الْجِيمِ، فَالْمَيَّتُ نَفْسُهُ. يُقَالُ: ضُرِبَ حَتَّى تُرِك جَنَازَةً. قَوْلُهُ (¬4): (اسْتَحْيَوْا مِنَ اللهِ) يُقَالُ: اسْتَحَيْتُ بِيَاء وَاحِدَةٍ، وَاسْتَحْيَيْتُ بِيَاءَيْنِ، وَاسْتَحَى وَاسْتَحْيَا وَأصْلُ اسْتَحَيْتُ (بِيَاء وَاحِدَةٍ) (¬5): اسْتَحْيَيْتُ، فَأَعَلُّوا الْيَاءَ، وَأَلْقَوْا حَرَكَتَهَا عَلَى الْحَاء قَبْلَهَا اسْتِثْقَالًا لَمَّا دَخَلتْ عَلَيْهَا (¬6) الزَّوَائِدُ. وَقَالَ سِيَبَويْه (¬7): حُذِفَتْ لإلْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، لِأَنَّ الْيَاءَ الأولَى تُقْلَبُ أَلِفًا؛ لِتَحَرُّكِهَا، فَعُلَوا ذَلِكَ حَيْثُ كَثُرَ فِي كَلَامِهِمْ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: اسْتَحَى بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ: لُغَةُ بَنِى تَمِيمٍ، وَبِيَاءَيْنِ لُغَةُ أهْلِ الْحِجَازِ، وَهُوَ الْأصْلُ (¬8). قَوْلُهُ: (فَلْيَحْفَظِ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى) الْفَرْقُ بَيْنَ (وَعَى) وَ (حَوَى) أنَّ وَعَى مُشْتَقٌ مِنَ الْوَعْىِ (¬9) أَيْ: حَفِظَهُ. يُقَالُ: وَعَيْتُ الْحَدِيثَ أَعِيهِ: إِذَا حَفِظْتَهُ (¬10) وَمَعْنَى (حَوَى) جَمَعَ وَأَحَاطَ. يُقَالُ: حَوَاهُ يَحْوِيهِ حَيًّا: جَمَعَهُ (¬11) وَأَحَاطَ بِهِ مِنْ جَوَانِبِهِ. وَتَحَوَّى: اجْتَمَعَ وَاسْتَدَارَ، مِثْل تَحَوى الْحَيَّةِ (¬12)، وَالْمُرَادُ: مَا وَعَى الرَّأْسُ مِنَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالِّلسَانِ، وَسَائِرِ الْحَوَاسِّ. وَمَا حَوَى البَطْنُ مِنَ الْقَلْبِ وَالْفَرْجِ، وَمَدْخَلِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَمُسْتَقَرهِ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ حِلِّ. وَمَا وَعَى الْقَلْبُ مِنْ مَعْرِفَةِ اللهِ (تَعَالَى) وَالْعِلْمِ بِحَلَالِهِ وَحَرَامِهِ (¬13). (الْمَوْتَ وَالْبِلَى) بِكَسْرِ الْبَاءِ: هُوَ ذهَابُ الجِسْمِ وَتَلَاشِيهِ وَكَوْنِهِ تُرَابًا. قَوْلُهُ: (الإِقْلَاعُ مِنَ الْمَعَاصى) (¬14) مِنْ قَلْعِ الشَّجَرَةِ وَهُوَ إِزَالَتُهَا وَاسْتِئْصَالُهَا (¬15)، وَمَعْنَاهُ: أَلَّا ¬
يَقْرَبَهَا وَيَزُولُ عَنْهَا، وَالإِقْلَاعُ عَنِ الْأمْرِ: الْكَفُّ عَنْهُ، يُقَالُ: أقْلَعَ فُلَانٌ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ (¬16). قَوْلُهُ (¬17): (حَتَّى بَلَّ الثَّرَى) أصْلُ الثَّرَى: التُّرابُ النَّدِىُّ (¬18)، وَأرْضٌ نَدِيَةٌ (¬19): ذَاتُ نَدَّىً (وَثَرىً) (¬20) ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ حَتَّى قِيلَ: الثَّرَى في النَّدِىِّ وَالْيَابِسِ. قَوْلُهُ: (عِيَادَةُ الْمَرِيضِ) (¬21) مُشْتَقَّةٌ (¬22) مِنْ عَادَلَهُ بَعْدَ مَا كَانَ أعْرَضَ عَنْهُ، كَأَنَّهُ اعرَضَ عَنْهُ يَوْمَ كَانَ صَحِيحًا وَعَادَ إِلَيهِ يَوْمَ كَانَ مَرِيْضًا. قَوْلُهُ: (مَنْزُولًا به) (¬23) أَيْ: نَزَلَ بِهِ مَلَكُ الْمَوْتِ وَأَعْوَانُهُ. وَمَعْنَاهُ: مَعْنَى قَوْلِهِ فِي آخِرِ الْبَابِ (¬24): (وَقَدْ نَزَلَ بِد وَأنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ). قَوْلُهُ: (يُلَقِّنُهُ قَوْلَ: لَا إِلَهَ إلَّا الله) التَّلْقِينُ كَالتَّفْهِيمِ. وَغُلَامٌ لَقِنٌ: سَرِيعُ الْفَهْمِ. وَلَقِنْتُ الْكَلَامَ بِالْكَسْرِ: فَهِمْتُهُ وَتَلَقَّنْتُهُ: أَخَذْتُهُ لَقَانِيَةً، وَالاسْمُ: الَّلقَانَةُ (¬25). قَوْلُهُ: (الْهَوَامُّ) (¬26) صِغَارُ دَوَابِّ الْأرْضِ (¬27). قَوْلُهُ: (سُجِّىَ بِثَوْبٍ) (¬28) أَيْ: غُطِّىَ، قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬29): سَجَّيْتُ الْمَيِّتَ تَسْجِيَةً: إِذَا مَدَدْتَ عَلَيهِ ثَوْبًا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ (¬30): هُوَ مِنَ اللَّيْلِ السَّاجِى؛ لِأنَّهُ يُغَطِّى بإِظْلَامِهِ. (وَالْحَبِرَةُ): ثَوْبٌ فِيهِ خُطُوطٌ. وَقَدْ ذُكِرَ (¬31). قَوْلُهُ (¬32): (نَّفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَة بِدَيْنِهِ) النَّفْسُ هَا هُنَا عَلَى (33) أَرْبَعَةِ مَعَانٍ (¬33)، أَحَدُهُمَا: بَدَنُهُ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (¬34) وَالنَّفْسُ (¬35): الرُّوحُ الَّذِى (¬36) إِذَا فَارَقَ الْبَدَنَ لَمْ تَكُنْ بَعْدَهُ (¬37) حَيَاةٌ، وَهُوَ الَّذِى (¬38) أَرادَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِقَوْلِهِ (¬39): "كَأَنَّ رُوحَهُ يُعَذَّبُ بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ حَتَّى يُؤَدَّى عَنْهُ". وَالنَّفْسُ: الدَّمُ فِي جَسَدِ الْحَيَوَانِ. وَنَفْسُ الشَّىْءِ: ذَاتُهُ، مِثْلُ: جَاءَنِى زَيْدٌ نَفْسُهُ، أَيْ: ذَاتُهُ (¬40). قَوْلُهُ: (يُبَادَرُ (¬41) إِلَى تَجْهِيزِهِ) هُوَ: غَسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَدَفْنُهُ، مِنْ جَهَّزْتُ الْعَرُوسَ: إِذَا أَخَذْتَ فِيمَا ¬
تَحْتَاجُهُ لِعُرْسِهَا. وَجَهَّزْتُ الْمُسَافِرَ: إِذَا هَيَّاتَ أهْبَةَ سَفَرِهِ مِنَ الزَّادِ وَالسِّقَاءِ وَالْحَمُولَةِ. يُقَالُ فِيهِ: جَهَازٌ وَجِهَازٌ، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ (¬42). وَمِنْهُ حَدِيثُ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ "أنَّهُ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ" (¬43) أَيْ: أَنْفَقَ فِيمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنَ الظَّهْرِ وَالْخَيْلِ وَالأزْوَادِ. قَوْلُهُ: (الأَيِّمُ إِذَا وَجَدَتْ كُفْؤًا) الْأيِّمُ: الْمَرْأَةُ الَّتِى لَا زَوْجَ لَهَا، وَكَذَا الرَّجُلُ (¬44)، وَالْجَمعُ: أَيَامَى مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. وَأَصْلُهُ أَيَايِمٌ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ فِيهِ ثِقَلَانِ، وَهُمَا: جَمْعٌ؛ وَيَاءَانِ بَيْنَهُمَا أَلِفُ التَّكْسِيرِ (¬45) جُعِلَتْ لَامُهُ عَيْنًا وَعَيْنُهُ لَامًا، فَصَارَ أَيَامِى بِكَسْرِ الْمِيمِ، بِوزْنِ أفَالِع، بَعْدَ مَا كَانَ أفَاعِل، كَقَوَاضٍ (¬46)، ثُمَّ قُلِبَتْ كَسْرَةُ الْمِيمِ فَتْحَةً وَالْيَاءُ ألِفًا لَفْظًا؛ لِانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، فَصَارَ أيَامَى بَوزْنِ أفَالِع، تَقُولُ (¬47): رَجُلٌ أيِّمٌ سَوَاءٌ كَانَ تَزَوَّجَ مِنْ قَبْلُ أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ. وَامْرَأَةٌ أيِّمٌ أيْضًا بِكْرًا كَانَتْ (أَوْ) (¬48) ثَيِّبًا. وَقَدْ آمَت الْمَرْأةُ مِنْ زَوْجِهَا تَئِيمُ أيْمَةً وَأَيْمًا وَأُيُومًا. وَفِى الْحَدِيثِ: "أَنَّهُ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنَ الأيْمَةِ" (¬49) وَتَأَيَّمَتِ الْمَرْأةُ، وَتَأَيَّمَ الرَّجُلُ زَمَانًا: إِذَا مَكَثَ لَا يَتَزَوَجُ. قَالَ يَزِيدُ بْنُ الْحَكَمِ: كُلُّ امْرِىءٍ سَتَئِيم مِنْـ ... ـهُ الْعِرْسُ أَوْ مِنْهَا يَئِيمُ (¬50) وَ (الْكُفْؤُ): المِثْلُ، وَمِنْهُ: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬51) بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِهِ (¬52). قَوْلُهُ: (فَجْأَةً) (¬53) أَيْ: بَغْتَةً مِنْ غَيْرِ مَرَضِ وَلَا سَبَبٍ. يُقَالُ: فَجِئَهُ الأمْرُ يَفْجَأُهُ، وَكَذَلِكَ فَجَأَةُ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، فُجَاءَةً، بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ (¬54). ¬
ومن باب غسل الميت
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تمهيد. . ومنهج وَمِنْ بَابِ غُسْلِ الْمَيِّتِ قَوْلُهُ: (تَحْرِيمَ الْمَبْتُوتَةِ) (¬1) أصْلُهُ: مِنْ بَتَّ الْحَبْلَ: إِذَا قَطَعَهُ، كَأنَّهُ قَطَعَ بِالطَّلَاقِ مُوَاصَلَتَهَا وَمُعَاشَرَتَهَا. قَوْلُهُ: (لَا يَفْغَرْ فَاهُ) (¬2) أَيْ: يَفْتَحْهُ، يُقَالُ: فَغَرَ فَاهُ (¬3) يَفْغَرُهُ، وَفَغَرَفُوه، أَيْ: انْفَتَحَ. وَفَغَرَفَاهُ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى (¬4). قَوْلُهُ: (يُسْتَنْقَعَ) (¬5) أيْ: يُبْتَلَّ بِالْمَاءِ فَيَسْتَرْخِىَ فَيَفْسُدَ جَسَدُهُ، يُقَالُ: أَنْقَعْتُ الدَّوَاءَ وَغَيْرَهُ فِي الْمَاءِ فَهُوَ مُنْقَعٌ (¬6): إِذَا بَلَلْتَهُ فِيهِ لِيَذُوبَ وَيَسْتَرْخِىَ. قَوْلُهُ: (مُتَلَبَّدَةً) (¬7) أَيْ: لَصِقَ شَعَرُهَا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَلَزِجَ. وَتَسْرِيحُهَا: تَفْرِيْقُها، وَنَشْرُهَا بِالمُشْطِ، مِنْ تَسْرِيحِ الْمَاشِيَةِ، وَهُوَ (نَشْرُهَا و) (¬8) تَفْرِيْقُهَا فِي الْمَرْعَى بَعْدَ تَلَاصُقِهَا فِي الْمَأْوى وَانْضِمَامِ، بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ. قَوْلُهُ: (يُحَرِّفُهُ) (¬9) أَيْ: يَضَعُهُ عَلَى حَرْفِهِ وَهُوَ جَنْبُهُ، وَحَرْفُ كُلِّ شَىْءٍ: جَانِبُهُ. قَوْلُهُ: (الْمَاءُ الْقَرَاحُ) (¬10) هُوَ الَّذى لَا يُخَالِطهُ شَىْءٌ (¬11). قَوْلُهُ: (تَعَذَّرَ غُسْلُهُ) (¬12) أَيْ: تَعَسَّرَ لَعُذْرٍ. قَوْلُهُ: (حَفَّ شَارِبِهِ) (¬13) أَيْ (¬14): أَخذِ شَعَرِهِ، يُقَالُ: حَفَّت الْمَرْأةُ وَجْهَهَا مِنَ الشَّعَرِ تَحُفُّهُ حَفًّا وَحِفَافًا وَأَحَفَّتْ (¬15) أَيضًا. وَقَوْلُهُ: (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ جُمَّةٌ) (¬16) الْجُمَّةُ بِالضَّمِّ: مُجْتَمَعُ شَعَرِ الرَّأَسِ، وَهِىَ أَكْثَرُ (¬17) مِنَ ¬
الْوَفْرَةِ (¬18). وَلَعَلَّهُ مُشْتَقٌ مِنْ جَمَّ الْمَاءُ: إِذَا كَثُرَ. قَوْلُهُ: (ضَفَرْنَا نَاصِيَتَهَا) (¬19) أَيْ: لَوَيناهُ، وَالنَّاصِيَةُ: شَعَرُ مُقَدَّم الرَّأسِ. وَقَدْ ذُكِرَا (¬20). قَوْلُهُ: (وَقَرَنَّاهَا ثَلَاثَةَ (¬21) قُرُون) الْقَرْنُ: الْخُصْلَةُ مِنَ الشَّعَرِ، وَالضَّفِيرَةُ، أَيْ: جَعَلْنَاهَا ثَلَاثَ ضَفَائِرَ (¬22)، وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِى سُفيَانَ (¬23) فِي الرُّوم: (ذَاتَ الْقُرُون) (¬24) قَالَ الأصْمَعِىُّ: أَرَادَ قُرُونَ شُعُورِهمْ (¬25) وَيُقَالُ: لِلرَّجُلِ قَرْنَانِ، أَيْ: ضَفِيرَتَان، قَالَ الأَسَدِىُّ (¬26): كَذَبَتُمْ وَبَيْتِ الله لَا تَنْكِحُونَهَا ... بَنى شَابَ قَرْنَاهَا تُصَرُّ وَتُخلَبُ أرَادَ: يَا بَنى الَّتى شَابَ قَرْنَاهَا، فَأضْمَرَ (¬27). * * * ¬
ومن باب الكفن
وَمِنْ بَابِ الْكَفَنِ قَوْلُهُ: "يُكَفَّنُ مِنَ التَّركَةِ" (¬1) هُوَ تراثُهُ الَّذِى تَرَكَهُ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: "إِزَارٍ وَلِفَافَتَيْنِ" (¬2) الإزَارُ: مَعْرُوفٌ، وَهُوَ: مَا يَأَتَزِرُ بِهِ الرَّجُلُ حَتَّى يُوَارِى عَوْرَتَهُ. وَاللِّفَافَةُ مَا يُلَفُّ عَلَى الْجَسَدِ، أَيْ: يغَطِّيهِ وَيَعُمُّهُ، والْجَمْعُ: لَفَائِفُ (¬3). وَقَوْلُهُ (¬4): ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ بِيضٍ (¬5) سَحُولِيَّةٍ" فِيهِ رِوَايَتَانِ: فَتْحُ السِّينِ، وَضَمُّهَا. قَالَ الْقُتَيْبِىُّ (¬6): سُحُولٌ: جَمْعُ سَحْلٍ، وَهُوَ ثَوْبٌ أَبْيَضُ، وَيُجْمَعُ عَلَى سُحُلٍ (¬7) أَيْضًا. وَقَالَ غَيرهُ: "سَحُولِيَّة" بِفَتْحِ السِّينِ. قَالَ ابْنُ الأعْرَابِىِّ (¬8): بِيضٍ نَقِيَّةٍ، مِنَ الْقُطْنِ خَاصَّةً. وَالسَّحْلُ: الثَّوْبُ الأبْيَضُ النَّقِىُّ مِنَ الْقُطْنِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِىُّ (¬9): رُوِىَ "فِي ثَوْبَيْنِ سَحُولِيَّيْنِ" وَرُوِى "حَضُورِيَّيْنِ" وَسَحُولٌ وَحَضُورٌ: قرْيَتَانِ مِنْ قُرَى (¬10) الْيَمَنِ قَالَ طَرَفَةُ (¬11): ¬
وَبِالْسَفْحِ (¬12) آيَاتٌ كَأَنَّ رُسُومَهَا ... يَمَانٍ وَشَتْهُ رَيْدَةٌ وَسَحُولُ كَذَا قَالَ. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُمَا نَاحِيَتَانِ بِالْيَمَنِ. قَالَ: وَقِيلَ: "السَّحُولِيَّةُ" الْمَقْصُورَةُ، فَكَأَنَّهَا نُسِيَتْ إِلَى السَّحُولِ وَهُوَ: الْقَصَّارُ؛ لِأنَّهُ يَسْحَلُهَا، أيْ: يَقْصُرُهَا (¬13)، فَيَنْفِى عَنْهَا الْأوْسَاخَ. وَمَنْ قَالَ: "سُحُولِيَّة" بِالضَّمِّ: نَسَبَهُ إِلَى الْجَمْعِ، كَمَا يُقَالُ: رَجُلٌ سُحُولِىٌّ: إِذَا كَانَ يَبِيعُ السُّحُولَ أوْ يَلْبَسُهَا (¬14) كَثِيرًا (¬15). قَوْلُهُ (¬16): "لَا تُغالُوا في الْكَفَن" أيْ: لَا يُزَادُ عَلَى خَمْسَةِ أثوَاب. ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ. قَوْلُهُ: "يُسْلَبُ سَلْبًا سَرِيعًا" أَيْ: يُنْزَعُ عَنْهُ، فَيُبْدَل مِنْهَا، إمَّا (¬17) خَيْرًا مِنْهَا إنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الْخَيْرِ، وَأمَّا شَرًّا مِنْهَا، إِنْ كَانَ مِنْ أَهلِ الشَّرِّ، وَإِنَّمَا (¬18) يَتَمَزَّقُ مِنَ الْمُهْلِ وَالصَّدِيدِ. قَوْلُهُ: "إِذَا جَمَّرْتُمْ الْمَيِّتَ" (¬19) هُوَ مِنَ الْمِجْمَرِ الَّذِى تَكُونُ فِيهِ النَّارُ، وَلَعَلَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْجَمْرِ (¬20). قَوْلُهُ: "الحَنُوطُ" (¬21) قَالَ أَهلُ اللُّغَةِ: هُوَ مَا يُطيَّبُ بِهِ الْمَيِّتُ خَاصَّةً (¬22). قَالَ الْأزْهَرِىُّ (¬23): يُقَالُ لِلزَّرْعِ (¬24) إِذَا بَلَغَ الْحَصَادَ: أَحْنَطَ وَحَنَطَ، وَكَذَلِكَ الرِّمْثُ وَالْغَضَى: إِذَا ابْيَضَّا (¬25) بَعْدَ شِدَّةِ الْحُمْرَةِ فَهُوَ حَانِطٌ، وَأَنْشَدَ (¬26): تَبَدَّلْنَ بَعْدَ الرَّقْص فِي حَانِطِ الْغَضَى ... أَبانَا وَغُلَّانًا بِهِ يَنْبُتُ السِّدْرُ وَيَكُونُ مِنْ كَافُورٍ أَوْ ذَرِيرَةٍ، وَلَا يُقَالُ فِي غَيْرِ الْمَيِّتِ. قَوْلُهُ: "التُّبَّانُ" (¬27) سَرَاوِيلٌ قَصِيرٌ يَبْلُغُ الْفَخِذَيْن (¬28). وَقَالَ فِي الْبَيَانِ (¬29): هُوَ السَّراوِيلُ بِلَا تِكَّةٍ وَقَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬30): التُّبَّانُ بالضَّمِّ وَالتَّشْدِيِد: سَرَاوِيل صَغِيرَةٌ (¬31) مِقْدَارُ شِبْرٍ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ فَقَطْ، يَكُونُ لِلْمَلَّاحِين. ¬
قَوْلُهُ: "صَنِفَةُ الثَّوْبِ وَالإِزَارِ" (¬32) بِكَسْرِ النُّونِ: طَرَفُهُ (وَهُوَ) (¬33) جَانِبُهُ الَّذِى لَا هُدْبَ لَهُ (¬34) وَيُقَالُ: هِىَ حَاشِيَةُ الثَّوْبِ، أيْ جَانِبٍ كَانَ. قَالَهُ الْجَوْهِرِىُّ (¬35). السَّاجُ: الطَّيْلَسَانُ الْأخْضَرُ (¬36)، وَالْجَمْعُ: سِيجَان. وَقَالَ الْأَزْهَرِىُّ (¬37): هُوَ الطَّيْلَسَانُ الْمُقَوَّرُ يُنْسَجُ كَذَلِك. قَوْلُهُ: "فَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا نَمِرَةٌ" (¬38) هِىَ (¬39) شَمْلَةٌ يَلَّبَسُهَا الإِماءُ، فِيهَا تَخْطِطٌ، أَخِذَتْ مِنْ لَوْنِ النَّمِرِ لِمَا فِيهَا (¬40) مِنَ السَّوَادِ وَالْبَيَاض. وَقَالَ فِي الشَّامِلِ (¬41): هِىَ الحِبَرَةُ. قَوْلُهُ: وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإذْخِرِ "قَالَ الْجَوْهَريُّ (¬42): الإذْخِرُ: نَبْتٌ، الْوَاحِدَةُ: إذْخِرَةٌ، يُقَالُ إِنَّهُ السَّخْبَرُ بِالْيَمَنِ، طَيِّبُ الرِّيحِ. قَوْلُهُ (¬43): "دِرْعًا وَخِمَارًا وَثَوْبَيْن مُلَاءً" الدَّرْعُ وَالْخِمَارُ: قَدْ ذُكِرَا فِي الصَّلَاةِ (¬44). وَقَوْلُهُ "مُلَاءً": جَمْعُ مُلَاءَةٍ. قَالَ أرْبَابُ اللُّغَةِ: كُلُّ ثَوْبٍ لَمْ يَكُنْ لِفْقَينِ، فَهُوَ مُلَاءٌ (¬45). * * * ¬
ومن باب الصلاة على الميت
وَمِنْ بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ قَوْلُهُ (¬1): إلَّا وَجَبَتْ" مَعْنَاهُ: إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ، أَوْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، أوْ (¬2) الرَّحْمَةُ. قَوْلُهُ (¬3): "فَوْجًا فَوْجًا" أَيْ: جَمَاعَة جَمَاعَةً. وَالْفَوْجُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ. قَالَ اللهُ تَعَالَى (¬4): {يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} وَقَوْلُهُ [تَعَالَى]: {فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذبُ بِآيَاتِنَا} (¬5) قَالَ فِي الْفَائِقِ (¬6): حَزَرُوهُمْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا (¬7). قَوْلُهُ: "أَخافُ أنْ يَكُونَ نَعْيًا " مِنْ (¬9) نَعْىِ الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ الْأصْمَعِىُّ: كَانَتْ الْعَرَبُ: إِذَا قُتِلَ مِنْهُمْ شَرِيفٌ، أَوْ مَاتَ: بَعَثُوا رَاكِبًا إلَى الْقَبَائِلِ يَنْعَاهُ إلَيْهِمْ، فَيَقُولُ: نَعَاءِ فُلَانًا. وَيَقولُ: يَانَعَاءِ الْعَرَبَ، فَنَهَى ¬
النَّبِىُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ. وَالنَّعْىُ بِسُكُونِ الْعَيْنِ وَالتَّخْفِيفِ: هُوَ الْمَصْدَرُ، وَبِكَسْرِهَا وَالتَّشْدِيدِ: الرَّجُلُ الْمَيِّتُ. قَالَهُ الْهَرَوِىُّ (¬10). وَقَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬11): يُقَالُ: نَعَاهُ نَعْيًا وَنُعْيَانًا، وَهُوَ: خَبَرُ الْمَوْتِ، وَكَذَلِكَ النَّعِىُّ عَلَى فَعِيلٍ، يُقَالُ: جَاءَ نَعِىُّ فُلَانٍ. وَالنُّعِىُّ أَيْضًا: النَّاعِى، وَهُوَ الَّذِى يَأَتِى بِخَبَرِ الْمَوْتِ. وَقَالَ (¬13) الأصْمَعِىُّ: نَعَاءِ فُلَانًا، أَيْ: انْعَهُ وَأظْهِرْ خَبَرَ وَفَاتِهِ، وَهِىَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْكَسْرِ، مِثْلُ: دَرَاكِ، وَتَرَاكِ، بِمَعْنَى: أدْرِكْ وَاترُكْ (¬14). قَوْلُهُ: "فَرُجِّحَ بِهَا" (¬15) التَّرْجِيحُ: هُوَ مِنْ رَجَحَ الْمِيزَانُ: إِذَا ثَقُلَ وَرَزُنَ (¬15)، وَفُلَانٌ أَرْجَحُ مِنْ فُلَانٍ، أَيْ: أرْزنُ مِنْهُ. وَرَجَحَ فِي (¬16) المِيزَانِ: إِذَا مَالَ مِنْ ثِقَلِهِ وَرَزَانَتِهِ. قَوْلُهُ (¬17): "مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْحَذْفِ (¬18) وَالاخْتِصَارِ" وَهُوَ التَقْلِيلُ وَالإِيِجَازُ، يُقَالُ: اخْتَصَرَ الطَّرَيقَ: إِذَا سَلَكَ أَقْرَبَهُ. وَاخْتِصَارُ الْكَلَام: إِيجَازُهُ (¬19). "فَلَا يَجُوزُ الإخْلَالُ بِالْمَقْصُودِ" (¬20) (الإِخْلَالُ: الإِفْسَادُ. قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬21): أَخَلَّ الرَّجُلُ بِمَرْكِزِهِ: إِذَا تَرَكَهُ وَأَفْسَدَهُ، وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ: أَخَلَّت النَّخْلَةُ: إِذَا أسَاءَت الْحَمْلَ، فَفَسَدَتْ" (¬22). قَوْلُهُ (¬23): "خَرَجَ مِنْ رُوحِ الدُّنْيَا" الرُّوحُ وَالرَّاحَةُ: مِنَ الاسْتِرَاحَةِ الَّتِى هِىَ ضِدُّ التَّعَبِ وَالضِّيقِ. قَوْلُهُ (¬24): "رَاغِبِينَ إِلَيْكَ" أَيْ: طَالِبِينَ. وَالرَّغِيبَةُ مِنَ الْعَطَاءِ: الْكَثِيرُ، وَالْجَمْعُ: الرَّغَائِبُ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬25): . . . . . . . . . . . . ... وَإِلَى الَّذِى يُعْطِى الرَّغَائِبَ فَارْغبِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى (¬26): {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} (¬27). قَوْلُهُ: "فَتَجَاوَزَ عَنْهُ" (¬28) يُقَالُ: تَجَاوَزَ الله عَنْهُ، أَيْ: عَفَا. وَيُقَالُ: اللَّهُمَّ تَجَاوَزْ عَنِّى وَتَجَوَّزْ عَنِّى: بِمَعْنَى (¬29)، وَلَعَلَّهُ مِنَ الْجَائِزَةِ، وَهِىَ: الْعَطِيَّةُ، أوْ مِنْ جَاوَزْتُ الْمَكَانَ: إِذَا تَعَدَّيتهُ وَتَرَكْتَهُ، كَأنَّهُ تَرَكَ عُقُوبَتَهُ. قَوْلُهُ: "نَسَقًا" (¬30) أَيْ: مُتَتَابِعًا مُتَوَالِيًا. وَالنَّسَقُ: مَا جَاءَ مِنَ الْكَلَام عَلَى نِظَامٍ وَاحِدٍ. وَنَسَقْتُ الْكَلَامَ: اذَا عَطَفْتَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْض (¬31). ¬
قَوْلُهُ: "النَّجَاشىُّ" (¬32) هُوَ السُّلْطَانُ بِلِسَانِ الْحَبَشةِ، وَاسْمُهُ: أَصْحَمَةُ بْنُ أَبْحَرَ، وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ عَطيَّة (¬33)، (وَتُشَدَّدُ يَاؤُهُ وَتُخَفَّفُ، وَالتَّخْفِيفُ أَعْلَى وَأَفْصَحُ (¬34). قَوْلُهُ: "اسْتَهَلَّ السِّقْطُ" (¬35) أَىْ: صَاحَ. وَأَصْلُهُ: مِنْ رُؤيَةِ الْهِلَالِ، وَسَيَأتِى ذِكْرُهُ (¬36)، وَالسِّقْطُ: الْوَلَدُ يُوْلَدُ قَبْلَ تَمَامِهِ. وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: سُقْطٌ بِضَمِّ السِّينِ، وَفَتْحِهَا، وَكَسْرِهَا (¬37). وَاشْتِقَاقُهُ: مِنَ السُّقُوطِ إِلَى الْأَرْضِ. وَسُمِّىَ (¬38) الشَّهِيدُ: لِأَنَّهُ شُهِدَ (¬39) لَهُ بِالْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ شَاهَدَ الْجِنَانَ وَالْحُورَ الْعِينَ وَأَبْصَرَهَا. قَوْلُهُ (¬40): "الْهَيْعَةَ" قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬41): الْهَائِعَةُ: الصَّوْتُ الشَّدِيدُ. وَالْهَيْعَةُ: كُلُّ مَا افزَعَكَ مِنْ صَوْتٍ أوْ فَاحِشَةٍ تُشَاعُ. قَالَ قَعْنَبٌ (¬42): إِنْ يَسْمَعُوا (¬43) هَيْعَةً طَارُوا بِهَا فَرَحًا ... مِنِّى وَمَا سَمِعُوا مِنْ صَالِحٍ دَفَنُوا قَوْلُهُ: "أهلِ الْبَغْىِ (¬44) " الْبَغْىُ: التَّعَدِّى، وَبَغَى الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ: اسْتَطَالَ عَلَيْهِ، وَكُلُّ مُجَاوَزَةٍ وإِفْرَاطٍ عَلَى الْمِقْدَارِ الَّذِى هُوَ حَدُّ الشَّىْءِ، فَهُوَ بَغْىٌ (¬45). قَوْلُهُ: "مَعْرَكَةِ الْكُفَّارِ" (¬46) الْمَعْرَكَةُ وَالْمُعْتَرَكُ. مَوْضِعُ الْحَرْبِ وَالْقِتَالِ، وَكَذَلِكَ الْمَعْرَكُ وَالْمَعْرُكَةُ أيْضًا (بِضَمِّ الرَّاءِ) (¬47) وَاعْتَرَكُوا، أىْ: ازْدَحَمُوا فِى الْمُعْتَرَكِ. وَأَصْلُهُ: مِنْ عَرَكْتُ الشَّيْىَ أعْرُكُهُ عَرْكًا: إِذَا دَلَكْتَهُ وَيُقَالُ: عَرَكَت الْقَوْمَ الْحَرْبُ عَرْكًا، وَالْمُعَارَكَةُ: الْقِتَالِ (¬48). وَهُوَ مُشْتَق مِنْ عَرَكَت الرَّحَى الْحَبَّ: إِذَا طَحَنَتْهُ، أَرَادُوا أَنَّهُ يَطْحَنُ مَنْ فِيهِ كَمَا تَطْحَنُ الرَّحَى الْحَبَّ. قَالَ عَنْتَرَةُ (¬49): . . . . . . . . . . . . . ... دَارَتْ عَلَى الْقَوْمِ رَحىً طَحُونٌ وَقَدْ بَيَّنَهُ زُهَيْرٌ بِقَوْلِهِ (¬50): فَتَعْرُكُكُمْ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِهَا ... . . . . . . . . . . . . . ¬
ومن باب حمل الجنازة والدفن
وَمِنْ بَابِ حَمْلِ الْجَنَازَةِ وَالدَّفْنِ قَوْلُهُ: "بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ" (¬51) هُمَا الْعَمُودَانِ (¬52) اللَّذَانِ يَكْتَنِفَانِ النَّعْشَ مِنْ جَانِبَيْهِ، وَالْجَمْعُ: أعْمِدَة فِى الْقَلِيلِ، وَفى الْكَثِيرِ: عُمُدٌ وَعَمَدٌ، وَقُرِىءَ بِهِمَا فِى قَوْلِهِ تَعَالَى (¬53): {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} (¬54). قَوْلُهُ: "كَاهِلِهِ" الْكَاهِلُ: أَعْلَى الظَّهْرِ، وَالْعَاتِقُ: مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ. قَوْلُهُ: "بِيَاسِرَةِ الْمُقَدِّمَةِ" (¬55): هِىَ فَاعِلَةٌ مِنَ الْيَسَارِ. وَالْيَامِنَةُ: هِىَ (¬56) فَاعِلَةٌ مِنَ الْيَمِينِ. قَوْلُهُ: "الْخَبَبُ" (¬57) هُوَ الإسْرَاعُ وَالْعَدْوُ الشَّدِيدُ، يُقَالُ: خَبَّ الْفَرَسُ: إِذَا أحْضَرَ وَعَدَا. قَوْلُهُ (¬58): " فَبُعْدًا لِأصْحَابِ النَّارِ" الْبُعْدُ: الْهَلَاكُ، وَمِنْهُ (¬59) قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ} (¬60) وَيَحْتَمِلُ أن يَكُونَ مِنَ الْبُعْدِ الَّذِى هُوَ (¬61) ضِدُّ الْقُرْبِ؛ لِبُعْدِهِمْ عَنْهُ، وَتَرْكِهِمْ لَهُ. قَوْلُهُ (¬62): "إِجَابَةِ الدَّاعِى" قِيلَ: الْمُؤَذن. وَقِيلَ: الَّذِى يَدْعُو إِلَى الطَّعَام، مِنَ الدَّعْوَةِ، وَهِىَ: الْوَلِيمَةُ، بِالْفَتْحِ، وَالدَّاعِى (أَيْضًا) (¬63): الْمُسْتَغِيثُ. والدَّاعِى: الْمُؤَذِّنُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ (¬64): "الْخِلَافَةُ فِى قُرَيْشٍ، وَالْحُكْمُ فِى الأَنْصَارِ وَالدَّعْوَةُ فِى الْحَبَشَةِ" أرَادَ: الأَذَانَ. قَوْلُهُ: "لَهُ قِيرَاطٌ" (¬65) تَفْسِيرُهُ فِىٍ الْحَدِيثِ: أَنَّهُ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ. وَأَمَّا الْقِيراطُ الْمَعْرُوفِ: فَهُوَ نِصْفُ دَانِقٍ، وَأَصْلُهُ: قِرَّاطٌ بِالتَّشْدِيدِ؛ لأَنَّ جَمْعَهُ: قَرَارِيطُ، فَأُبْدِلَ مِنْ أَحَدِ حَرْفَىْ تَضْعِيفِهِ يَاءً، مِثْلُ دِينَارٍ، أَصْلُهُ دِنَّارٌ (¬66). ¬
قَوْلُهُ: "أُتِىَ بِفَرَسٍ مُعْرَوْرٍ (¬67) " أَىْ: عُرْىٍ، لَيْسَ عَلَيْهْ سَرْجٌ. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: يُقَالُ: فَرَسٌ عُرْىٌ، وَخَيْل أَعرَاءٌ (¬68). وَلَا يُقَالُ: فَرَسٌ مُعْرَوْرٍ. وَإِنَّمَا الْمُعْرَوْرِى (¬69): الَّذِى يَرْكَبُ الْفَرَسَ عَرْيًا. يُقَالِ: اعْرَوْرَى الْفَرَسَ: إِذَا رَكِبَهُ عُرْيًا. قَوْلُهُ: "إِنَّ عَمَّكَ الضَّالَّ" (¬70) أَصْلُ الضَّلَالِ: الْجَوْرُ عَنِ الطَّرَيقِ: وَقَالَ ابْنُ الأعْرَابِىِّ: أَصْلُهُ الْغَيْبُوبَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يَضِلُّ رَبِّى} (¬71) أَىْ: لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَىْءٌ. وَقَالَ تَعَالَى: {أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} (¬72) أَىْ: ذَهبْنَا وَغِبْنَا. فَكَاْنَّ الْكَافِرَ جَارَ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ، أوْ غَابَ عَنْهُ الْحَقُّ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، وَلَمْ يَهْتَدِ إِلَيْهِ (¬73). * قَوْلُهُ: "فَوَارِهِ" أَىْ: غَطِّهِ وَاسْتُرْهُ، الْمُوَارَاةُ: السَّتْرُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي} (¬74). قَوْلُهُ: "بِنَارٍ وَلَا نَائِحَةٍ" (¬75) أَرَادَ بِالنَّارِ: مَا يَفْعَلُهُ الْعَامَّةُ مِنَ اتِّباعِ الْجَنَازَةِ بِالْبَخُورِ. وَالنَّائِحَةُ: الْبَاكِيَةُ. وَأَصْلُ التَّنَاوُحِ: التَّقَابُلُ، يُقَالُ: تَنَاوَحَ الْجَبَلَانِ: إِذَا تَقَابَلَا، وَكَانَ النِّسَاءُ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، يُقَابِلُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا، فَيَبْكِينَ وَيَنْدُبْنَ الْمَيِّتَ، فَهُو: النَّوْحُ (¬76). قَوْلُهُ: "الْبَقِيعُ" (¬77) اسْمٌ عَلَمٍ لِمَقْبَرَةِ الْمَدِينَةِ، وَفِى غَيْرِهَا: مَوْضِعٌ فِيهِ أَرُومُ الشَّجَرِ مِنْ ضُرُوبٍ شَتَّى، وَمِنْهُ سُمِّىَ بَقِيعُ الْغَرْقَدِ الْمَذْكُور (¬78). قَوْلُهُ (¬79): "مِنى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ" هُوَ (¬80) مِنْ أَنَاخَ الْبَعِيرَ: إِذَا أَبْرَكَهُ وَاسْتَنَاخَ الْبَعِيرُ بِنَفْسِهِ: بَرَكَ، وَأَرَادَ أَنَّهَا (¬81) مَنْزِلُ مَنْ سَبَقَ إِلَيْهَا وَحَازَهَا. قَوْلُهُ: "اللَّحْدُ" (¬82) هُوَ الشَّقُّ فِى نَاحِيةِ الْقَبْرِ، وَأَصْلُهُ: الْمَيْلُ وَالْعُدُولُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْكَافِرِ: مُلْحِدٌ؛ لأنَّهُ مَالَ عَنِ الْحَقِّ وَعَدَلَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيْهِ بِإلْحَادٍ (¬83) بِضُلْمٍ} وَقَالَ الشَّاعِرُ (¬84): ثَوَى فِى مُلْحَدٍ لَا بُدَّ مِنْهُ ... كَفَى بِالْمَوْتِ نَأَيًا وَاغْتِرَابًا قَوْلُهُ (¬85): "يُعَمَّقُ الْقَبْرُ قَدْرَ قَامَةٍ وَبَسْطَةٍ" أَىْ: يُجْعَلُ عَمِيقًا، لَهُ غَوْرٌ فِى الْأرْضِ. وَأَصْلُ العُمْقِ: قَعْرُ الْبِئْرِ. وَتَعْمِيقُ الْبِئْرِ وَاِعْمَاقُهَا: جَعْلُهَا عَمِيقَةً. وَقَدْ عَمُقَ الرَّكِىُّ عَمَاقَةً. وَيُقَالُ: عُمْقٌ (¬86) بِالضَّمِّ ¬
وَعَمْقٌ (¬87). وَمَعْنَى "بَسْطةٍ" أَن يَقْومَ فِى الْقَبْرِ الرَّجُلُ، وَيَبْسُطَ يَدَهُ الَى أَعلَاهُ، أَىْ: يَمُدَّهَا. وَالْبَسْطُ: ضِدُّ الْقَبْضِ، وَمِنْهُ: (¬88) {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} (¬89) وَقَالَ فِى الشَّامِلِ (¬90): الْبَسْطَةُ: الْبَاعُ، وَهِىَ: الْقَامَةُ، وَقَدْرُ (¬91) ذَلِكَ: أَربَعُ أَذْرُع وَنِصْفٌ، وَذَلِكَ قَامَة وَبَسْطَةٌ. قَوْلُهُ: "يحْتَاجُ الَى بَطْشٍ وَقُوَّةٍ" (¬92) أَصْلُ الْبَطْشِ: الأخْذُ بِشِدَّةٍ وَعُنْفٍ، وَأرَادَ - هَا هُنَا: الْجَلَدَ وَالْقُوَّةَ. يُقَالُ: بَطَشَ يَبْطُشُ وَيَبْطِشُ، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ (¬93). قَوْلُهُ: رِجل الْقَبْرِ" (¬94) حَيْثُ يَكُونُ رِجْلُ الْمَيِّتِ كَرِجل السَّرَاوِيِل، حَيْت تَكُونُ الرِّجْلُ. قَوْلُة: "ثُمَّ يُسَلُّ فِيهِ (¬95) سَلًّا" أَرَادَ: يُدْخَلُ إِدْخَالًا رَفِيقًا سَهْلًا، بِغَيْرِ عُنْفٍ وَلَا شِدَّةِ جَذْبٍ. وَمِثْلُ ذَلِكَ: سَلَّ الشَّعَرَة مِنَ الْعَجِينِ: إِذَا أَخْرَجَهَا مِنْهُ بِرِفْقٍ، لِئَلَّا تَنْقَطِعَ. قَوْلُهُ (¬96): "وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (¬97) الْمِلَّةُ: الدِّينُ وَالشَّرِيعَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مِلةَ أبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} (¬98) أَىْ: دِينَهُ وَشَرِيعَتَهُ. قَالَ ابْنُ الأعْرَابِىِّ: الْمِلَّةُ: مُعْظَمُ الدِّينِ. وَالشَّرِيعَةُ: الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ. قَالَ أبُو الْعَبَّاسِ: مُعْظَمُ الدِّينِ: جُمْلَةُ مَا جَاءَ بِهِ الرسُولُ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَوْلُهُ: "فِى تَابُوتٍ" (¬99) هُوَ الصُّنْدُوقُ يُعْمَلُ مِنَ الْخَشَب، وَيُدْخَلُ فِيهِ الْمَيِّتُ. وَفِي قِرَاءَةِ أُبَي ابْن كَعْبٍ ({التَابُوهُ}) (¬100) بِالْهَاءِ، وَهِىَ لُغَةُ الأنْصَارِ، وَالتَّاءُ: لُغَةُ قُرَيْشٍ (¬101). قَالَ الجَوْهَرِىُّ (¬102): أَصْلُ (تَابُوت) تَابُوَةٍ، مِثْلُ تَرْقُوَةٍ، فَلَمَّا سَكَنَتْ الْوَاوُ انْقَلَبَتْ هَاءُ التَّأَنِيثِ تَاءً. قَوْلُهُ: "وَيُنْصَبُ اللَّبِنُ نَصْبًا" (¬103) أَىْ: لَا يَكُونُ مَائِلًا فَيَسْقُطُ فِى اللَّحْدِ مَعَ الْمَيِّتِ. "قَوْلُهُ" (¬104) "أَهيلُوا عَلَىَّ التُرَابَ" قَالَ الْجَوْهِرِىُّ (¬105): كُلُّ شَىْء أَرْسَلْتُهُ إرْسَالًا مِنْ رَمْلٍ، أَوْ تُرَابٍ أَوْ طَعَامٍ، (¬106) وَنَحْوِهِ قُلْتَ: هِلْتُهُ أَهِيلُهُ هَيْلًا، فَانْهَالَ، أَىْ: جَرَى وَانْصَبَّ. وَأهَلْتُ الدَّقِيقَ لُغَةٌ فِى هِلْتُ، فَهُوَ مُهَالٌ وَمَهِيلٌ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {كَثِيبًا مَهِيلًا} (¬107) أَىْ: مَصْبُوبًا سَائِلًا (¬108). قَوْلُهُ: "شَفِيرِ الْقَبْرِ" (¬109) هُوَ: حَرْفُهُ وَجَانِبُهُ (¬110) الْمُشْرِفُ عَلَى الْحَفِيرِ، وَحَرْفُ كُلِّ شَىْءٍ: ¬
شُفْرُهُ وَشَفِيرُهُ، كَالْوَادىِ وَنَحْوِهِ. وَأَشْفَارُ الْعَيْنِ: حُرُوفُ الاجْفَانِ. وَشُفْرُ الرَّحِمِ وَشَافِرُهَا: حُرُوفُهَا (¬111). قَوْلُهُ: "ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ" يُقَالُ: حَثَى التُّرابَ يَحْثُو (¬112)، وَيَحْثِى حَثْوًا وَحَثْيًا: إِذَا رَمَى بِهِ. وَمِنْهُ: "احْثُوا فِى وُجُوهِ (¬113) الْمَدَّاحِينَ التُّرابَ". قَوْلُهُ: "وَاسْأَلُوا (¬114) اللهَ لَهُ التَّثْبِيتَ" أَىْ: الأمْنَ مِنَ الْفَزَعِ، وَالثُّبُوتَ عِنْدَ مَسْأَلَةٍ الْمَلَكَيْنِ. يُقَالُ: ثَبَتَ فِى الْقِتَالِ: إِذَا لَمْ يَفْزَعْ، وَلَمْ يَفِر. وَرَجُل ثَبْتٌ (إِذَا كَانَ) (¬115) لَا يَزِلُّ لِسَانُهُ. وَثَبْتٌ، أَىْ: ثَابِتُ الْعَقْلِ (¬116). قَالَ (¬117): . . . . . . . . . . . . . ... ثَبْتٌ إذَا مَا صِيحَ بِالْقَوْم وَقَرْ قَوْلُهُ: "يُشْخَصُ الْقَبْرُ" (¬118) أَىْ: يُرْفَعُ مِنَ الأرْضِ؛ لِيُعْرَفَ، فَلَا يَنْبُشُهُ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَقْبُرَ غَيْرَهُ. قوْلُهُ (¬119): "لَا مُشْرفَةٌ (¬120) وَلَا لَاطَئَةٌ" الْمُشْرِفُ: الْعَالِى، مِنَ الشَّرَفِ، وَهُوَ الْعُلُوُّ. وَجَبَلٌ مُشْرِفٌ، أَىْ: عَالٍ (¬121) واللَّاطِىءُ: اللَّاصِق بِالأرْض الْمُنْخَفِضُ. قَالَ الأحْمَرُ (¬122): لَطَأَ بِالأرْضِ لَطْأً، وَلَطِىءَ أَيْضًا [لُطُوءً] (¬123) وَأَرادَ بِهَا: بَيْنَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: "وَيُسَطَّحُ الْقَبْرُ" (¬124) التَّسْطِيحُ: الْبَسْطُ. وَسَطَحَ الأرْضَ، أَىْ: بَسَطهَا (¬125)، وَتَسْطِيحُ الْقَبْرِ: أن يُجْعَلَ مُنْبَسِطًا مُتَسَاوِىَ الأجْزَاءِ، لَا ارْتِفَاعَ فِيهِ وَلَا انْخِفَاضَ، كَسَطْحِ الْبَيْتِ. وَ"التَسْنِيمُ" (¬126) أَنْ يُجْعَلَ أَعْلَاهُ مُرْتَفِعًا، وَيُجْعَلَ جَانِبَاهُ مَمْسُوحَيْنِ مُسْنَدَيْنِ، مَأْخُوذٌ مِنْ سَنَامِ الْبَعِيرِ. قوْلُهُ: "مِنْ شِعَارِ الرافِضَةِ، بِكَسْرِ الشِّينِ، أَىْ: عَلَامَةِ قبورِهِمْ. وَأَرادَ: مُخَالَفَتَهُمْ. وَسُمُّوا رَافِضَةً؛ لِأَنَّهُمْ رَفَضُوا زَيْدَ بْنَ عَلِىٍّ (رَحِمَهُ اللهُ) (¬127) وَلَمْ يَرْتَضُوا مَذْهَبَهُ (¬128). والرَّفْضُ: التَّرْكُ. رَفَضَهُ يَرْفُضُهُ وَيَرْفِضُهُ رَفْضَا وَرَفَضًا، وَالشَّىْءُ رَفِيضٌ وَمَرْفُوضٌ (¬129). قَوْلُهُ (¬130): "يُجَصَّصُ الْقَبْرُ أَوْ يُعْقَدُ عَلَيْهِ" (¬131) تَجْصِيصُهُ: عَمَلُهُ بِالْجَصِّ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ، ¬
يُقَالُ: جَصَّ وَجِصَّ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ (¬132) وَ "يُعْقَدَ عَلَيْهِ" أَىْ: يُبْنَى عَلَيْهِ عِقْدٌ، كَمَا يُفْعَلُ فِى أَبْوَابِ بَعْضِ الْمَسَاجِدِ وَبَيْنَ الأَسَاطِينِ وَالْقِبَابِ وَمِحْرَابِ الْقُبَّةِ. قَوْلُهُ: "جَنِينٌ" (¬133) الْجَنِينُ: الْوَلَدُ مَا دَامَ فِى الْبَطْنِ، وَالْجَمْعُ: الأجِنَّةُ (¬134)، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} (¬135) وَسُمِّىَ بِذَلِكَ؛ لِاجْتِنَابِهِ وَاسْتِتَارِهِ (فِى بَطْنِ أُمِّهِ) (¬136) مَأَخُوذٌ مِنَ الْجُنَّةِ، وَهُوَ. ما اسْتَتَرْتَ بِلِا مِنْ سِلَاحٍ. وَالْجُنَّةُ: السُّتْرَةُ، وَمِنْهُ سُمِّىَ الْجِنُّ، لِاسْتِتَارِهِمْ. وَالْمِجَنُّ التُّرْسُ، وَالْجَمْعُ: الْمَجَانُّ بِالْفَتْحِ (¬137) لِأَنَّهُ يَسْتُرُ الْمُحَارِبَ. * * * ¬
ومن باب التعزية والبكاء على الميت
وَمِنْ بَابِ التَّعْزِيَةِ وَالْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ أَصلُ الْعَزَاءِ: هُوَ الصَبْرُ، يُقَالُ: عَزَّيْتُهُ فَتَعَزَّى تَعْزِيَةً (¬1)، وَمَعْنَاهُ: التَّسْلِيَةُ لِصَاحِبِ (¬2) الْمَيِّتِ، وَنَدْبُهُ اِلَى الصَّبْرِ وَوَعْظُهُ بِمَا يُزِيلُ عَنْهُ الْحُزْنَ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "مَنْ لَمْ يَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللهِ فَلَيْسَ مِنَّا (¬3) قِيلَ: مَعْنَاهُ: التأَسِّي وَالتَّصَبْر عِنْدَ الْمُصيِبَةِ، فَإِذَا (¬4) أَصَابَتِ الْمُسْلِمَ مُصِيبَةٌ، قَالَ: {إنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (¬5) كَمَا أَمرهُ الله (¬6). وَمَعْنَى "بعَزَاءِ اللهِ" أَىْ: بِتَعْزِيَةِ اللهِ إِيَّاهُ، وَكَذَا قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ السَّلَامُ) (¬7): "مَنْ عَزَّى مُصَابًا" (¬8) أَىْ: صَبَّرَهُ وَسَلَّاهُ، وَدَعَا لَهُ. قَوْلُهُ (¬9): "خَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ" قَدْ ذَكَرْنَا (¬10) أَنَّ الخَلَفَ: مَا جَاءَ بَعْدُ،: هُوَ خَلَفُ سَوْءٍ مِنْ أَبِيهِ، وَخَلَفُ صِدْقٍ مِنْ أَبيهِ - بِالتَّحْرِيكِ: إِذَا قَامَ مَقَامَهُ. قَوْلُهُ (9): "وَدَرْكًا مِنْ كُلِّ فَائِتٍ" أَىْ: عِوَضًا. وَأَصْلُ الدَّرْكِ: اللُّحُوقُ، يُقَالُ: أَدْرَكَهُ، أَىْ: لَحِقَهُ، كَأَنَّهُ (¬11) لَحِقَ الْفَائِتَ وَمِنْهُ الدَّرْكُ (¬12) فِى الْبَيْعِ، وَهِىَ التَّبِعَةُ: يُقَالُ: مَا لَحِقَكَ مِنْ دَرَكٍ فَعَلَىَّ خَلَاصُهُ (¬13). قَوْلُهُ: "أعْظَمَ اللهُ أَجْرَكَ" (¬14) أَىْ: جَعَلَهُ اللهُ عَظِيمًا (¬15). ¬
قَوْلُهُ: "أَخْلَفَ اللهُ عَلَيْكَ وَلَا نَقَصَ عَدَدَكَ" (¬16) أَىْ: جَعَلَ الله لَكَ خَلَفًا يَجِىءُ بَعْدَكَ يَكُونُ عِوَضًا لَكَ مِمَّنْ مَاتَ، وَلَا نَقَصَ عَدَدَكَ؛ لِتَكْثُرَ الْجِزْيَةُ، وَلَا تَنْقُصُ (¬17) بِمَن مَاتَ. وَقَالَ الْقُتَيْبِىُّ (¬18): يُقَالُ: أَخْلَفَ اللهُ عَلَيْكَ، لِمَنْ ذَهَبَ لَهُ مَال أوْ وَلَدٌ، بِمَا يُسْتَعَاضُ مِنْهُ، وَخَلَفَ اللهُ عَلَيْكَ: لِمَنْ هَلَكَ لَهُ وَالِدٌ أوْ عَمٌّ. أَىْ: كَانَ اللهُ خَلِيفَةً عَلَيْكَ مِنَ الْمَفْقُودِ (¬19). قَوْلُهُ: "مِنْ غَيْرِ نَدْبٍ وَلا نِيَاحَةٍ" (¬20) قَدْ ذَكَرْنَا النِّيَاحَةَ (¬21)، وَأَمَّا النَّدْبُ، فَهُوَ: الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ، وَتَعْدَادُ مَحَاسِنِهِ يُقَالُ: نَدَبَهُ ندْبًا، وَالاسْمُ: النُّدْبَةُ، بِالضَّمِّ. وَأَصْلُ النَّدْبِ: أَثَرُ الْجُرْحِ (¬22) شَبَّهَ مَا كَانَ (¬23) يَجِدُهُ مِنَ الْوَجْدِ وَالْحُزْنِ بِأَلمِ الْجُرْحِ وَوَجَعِهِ. قَوْلُهُ (¬24): "لَا نُغْنى عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا" أَىْ: مَا تَنْفَعُكَ، يُقَالُ: مَا يُغْنىِ عَنْكَ هَذَا، أَىْ: مَا يُجْزِئُكَ وَلَا يَنْفَعُكَ، قَالَ الله تَعَالَى: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} (¬25) أَىْ: مَا نَفعَ وَمَا أَجْزَأَ (¬26) عَنْهُ. قَوْلُهُ (¬27): "وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ" هُوَ: النَّعْىُ وَالنَّدْبُ الَّذِى كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، مِنْ مَدْحِ الْمَيِّتِ وَذِكْرِ أَفْعَالِهِ وَسَخَائِهِ وَشَجَاعَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ (¬28): "وَإِنَّا إِنْ شَاء اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ" قِيلَ مَعْنَاهُ: إِذْ شَاءَ الله. وَقِيلَ: مَعْنَى الاسْتِثْنَاءِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ: "عَنْ قَرِيبٍ" فَإِنَّهَ لا يُعْلَمُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: "بِقِيعِ الْغَرْقَدِ" قَدْ ذَكَرْنَا الْبَقِيعَ (¬29)، وَأَنَّهُ مَقْبَرَةُ الْمَدِينَةِ، وَخُصَّتْ بِالْغَرقَدِ (¬30)، لِكَثْرَةِ نَبَاتِهِ فِيهَا. قَالَ الزمَخْشَرِىُّ (¬31): الْغَرقَدُ: مِنَ العِضَاهِ (¬32)، وَقِيلَ: هِىَ كِبَارُ الْعَوْسَجِ. قَوْلُهُ: "حَتَّى تَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ" (¬33) مَعْنَاهُ: حَتَّى تَصِلَ. وَخَلَصَ إلَيْهِ الشَّىْءُ: وَصَلَ (¬34). قَوْلُهُ: "يَدُوسُهُ" (¬35) دَاسَهُ: وَطِئَهُ (¬36) بِرِجْلِهِ يَدُوسُهُ دَوْسًا، وَمِنْهُ: دَوْسُ الطَّعَامِ (¬37). قَوْلُهُ: (¬38) "لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِى وَثَنًا" الْوَثَنُ: الصَّنَمُ، وَالْجَمْعُ: وُثْنٌ وَأَوْثَانٌ (¬39). وَقِيلَ: الْوَثَنُ: مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى صُورَةِ حَيَوَانٍ، وَالصَّنَمُ: مَا كَانَ مُصَوَّرًا (¬40). ¬
كتاب الزكاة
كِتَابُ الزَّكَاةِ أَصْل الزَّكَاةِ فِى اللُّغَةِ: النَّمَاءُ وَالْكَثْرَةُ، زَكَا الْمَالُ يَزْكُو: إِذَا كَثُرَ، وَدَخَلَتْهُ الْبَرَكَةُ، وَزَكَا الزَّرْعُ إِذَا نَمَا (¬1). وَسُمِّيَت الصَّدَقَةُ زَكَاةً؛ (لِأنَّهَا (¬2) سَبَبُ النَّمَاءِ وَالْبَرَكَةِ. وَقِيلَ: أَصْلُهَا: الطَّهَارَةُ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (¬3): {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} (¬4) أَىْ: طَاهِرَةً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لِيَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} (¬5) أَىْ: طَاهِرًا. وَقِيلَ: مَأخُوذٌ مِنْ تَزَكَّى، أَىْ: تَقَربَ. قَالَ اللهُ تَعَالَى (¬6): {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} (¬7) وَقَوْلُهُ [تَعَالَى]: {يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} (¬8). وَقِيلَ: الْعَمَلُ الصَّالِحُ. وَقَالَ [تَعَالَى]: {خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً} (¬9) أَىْ: عَمَلًا صَالِحًا (¬10)، فَكَأَنَّهَا تُطَهِّرُ مِنَ الذُنُوبِ، وَتُقَرِّبُ إِلَى اللهِ تَعَالَى. وَجَاءَ فِى الْقُرْآنِ: بِمَعْنَى الإِسْلَامِ {وَمَا عَلَيْكَ أَلَّايَزَّكَى} (¬11) وَجَاءَ بِمَعْنَى الْحَلَالِ (¬12) {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا} (¬13) وَجَاءَ بِمَعْنَى الشَّفْعِ، لِأنَّ الزَّكَا (¬14): الزَّوْجُ، وَالْخَسَا: الْفَرْدُ. قَوْلُهُ: "مِلْكٌ ضَعِيفٌ لَا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةُ" (¬15) هِىَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الْآسِىَّ، وَهُوَ: الطَّبِيبُ (¬16)، كَأَنَّهَا فِى النَّفْعِ بِمَنْزِلَةِ الدَّوَاءِ، فى النَّفْعِ مِنَ الْعِلَّةِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬17): آسَيْتُهُ بِمَالِى، أَىْ: جَعَلْتُهُ إِسْوَتِى فِيهِ وَوَاسَيْتُهُ: لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ فِيهِ. قَوْلُهُ: "نَاقِصْ بِالرِّقِّ" (¬18) الرِّقِّ بِالْكَسْرِ مِنَ الْمِلْكِ، وَهُوَ الْعُبُودِيَّةُ (¬19). ¬
قَوْلُهُ: "كَالْعَبْدِ الْقِنِّ" فَالَ الْجَوْهَرِىٌّ (¬20): الْعَبْدُ القِنُّ: إِذَا مُلِكَ هُوَ وَأَبُوهُ، يَسْتَوِى فِيهِ الاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ. وَقِيلَ: هُوَ الْخَالِصُ الْعُبُودِيَّةِ. قَوْلُهُ: "ابتغُوا فِى أمْوَالِ الْيَتَامَى" (¬21) أىْ: اطْلُبُوا فِيهَا الرِّبْحَ بِالتَّصْرفِ فِيهَا بِالتِّجَارَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَآخَرُونَ (¬22) يَضْرِبُونَ فِى الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ} (¬23) أَىْ: يَتَّجِرُونَ، وَأَصْلُهُ: الطَّلَبُ، يُقَالُ: بَغَى ضَالَّتَهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ طَلِبَةٍ: بُغَاءٌ بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ، وَبُغَايَةٌ أَيْضًا. وَالْبُغْيَةُ - بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ: الْحَاجَةُ. وَالْبِغَاءُ بِالْكَسْرِ: الزِّنَا. وَمِنْهُ: {[وَ] (¬24) لَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} (¬25). قَوْلُهُ (¬26): "الزَّكَاةُ مَعْلُومٌ مِنْ دِينِ اللهِ عَزَّ (¬26) وَجَلَّ ضَرُورَةٌ" قَالَ أَهْلُ الأُصُولِ: الْعِلْمُ الضَّرورِىُّ كُلُّ عِلْمٍ لَزِمَ الْمَخْلُوقَ عَلَى وَجْهٍ لا يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ عَنْ نَفْسِهِ بشَكٍّ وَلَا شُبْهَةٍ، وَذَلِكَ كَالْعِلْمِ الْحَاصِلِ عَنِ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ الَّتِى هِىَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالشَّمُّ وَالذَّوْقُ وَالْلَّمْسُ. قَوْلُهُ (¬27): "فَأَنا آخُذُهَا (¬28) وَشِطْرُ مَالِهِ" أىْ: نِصْفُ مَالِهِ. قَالَ ذَلِكَ حِينَ كَانَتْ الْعُقُوبَاتُ فِى الأَمْوَالِ فِى بَدْءِ الإِسْلَامِ، ثُمَّ نُسِخَ (¬29). وَرُوِىَ فِى الْفَائِقِ (¬30): وَشُطْرَ مَالُهُ" بِضَمِّ الشِّينِ وَكَسْرِ الطَّاءِ عَلى مَا لَم يُسَمَّ فَاعِلُهُ. قَالَ: وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَالَهُ يُنَصَّفُ، وَيَتَخَير الْمُصَدِّقُ مِنْ خَيْرِ النِّصْفَيْنِ. وَقَالَ الْهَرَوِيُّ (¬31): قَالَ الْحَرْبِىُّ: غَلِطَ بَهْزٌ فِى الرِّوَايَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ "شُطِرَ مَالُهُ" يَعْنى: أَنْ (¬32) يُجْعَلَ مَالُهُ شِطريْنِ فَيَتَخَيَّرُ الْمُصَدِّقُ (¬33)، وَيَأَخُذُ الصَّدَقَةَ مِنْ خَيْرِ النِّصْفَيْنِ عُقُوبَةً لِمَنْعِهِ، وَأَمَّا مَالَا (¬34) يَلْزَمُهُ فَلَا. قَوْلُهُ: "عَزْمَةٌ" بِالرَّفْعِ: خَبَرُ مُبْتَدَإٍ، أَىْ: ذَلِكَ عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنا. يُقَالُ: عَزَمَ عَلَى الأَمرِ: إِذَا قَطَعَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَتَرَدَّدَ فِيهِ، يُقَالُ: عَزَمْتُ عَلَى كَذَا عَزْمًا وَعُزْمًا (¬35) - بالضَمِّ وَعَزِييةً وَعَزِيمًا: إِذَا أرَدْتَ فِعْلَهُ وَقَطَعْتَ عَلَيْهِ. قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} (¬36) أَىْ: صَرِيمَةَ أَمْرٍ (¬37). قَالَ فِى الْمُجْمَلِ (¬38): الْعَزْمُ وَالْعَزِيمَةُ: عَقْدُ الْقَلْبِ عَلَى الشَّىْءِ [تُرِيدُ] (¬39) أَنْ تَفْعَلَهُ. وَعَنِ الْغُورِيِّ (¬40): الإِرَادَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ لِتَوْطِينِ النَّفْسِ عَلَى الْفِعْلِ، وَمِنْهُ: اعْتَزَمَ الْفَرَسُ فِى عِنَانِهِ: إِذَا مَرَّ حَالًا فَحَالًا يَنْثَنى. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: أَىْ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللهِ [أَىْ] (¬41) وَاجِب مِمَّا أوْجَبَ اللهُ تَعَالَى (¬42). قَوْلُهُ: "وَالْخبَرُ مَنْسُوخٌ" (¬43) النَّسْخُ: هُوَ الإِزَالَةُ، نَسَخَت الشَّمْسُ الظِّلَّ، وَانتسَخَتْهُ: أَزَالَتْهُ، وَنَسْخُ الآيَةِ بِالآيَةِ، إِزَالَةُ حُكْمِهَا بِمِثْلِ حُكْمِ الَّذِى كَانَ ثَابِتًا لِحُكْمِ غَيْرِهِ (¬44)، فَالثَّانِيَةُ: نَاسِخَةٌ، وَالأولَى: ¬
قَوْلُهُ: "فَإِن امْتَنَعَ بِمَنَعَةٍ" (¬45) بِالتَّحْرِيكِ: جَمْعُ مَانِع، مِثْلُ: كَافِرٍ وكَفَرَةٍ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ فِى عِزٍّ وَمَنَعَةٍ. بِالتَّحْرِيكِ وَقَدْ يُسَكَّنُ عَن ابْنِ السِّكيتِ. وَقَدْ مَنُعَ -بِالضَّمِّ- مَنَاعَة (¬46). * * * ¬
ومن باب صدقة المواشى
وَمِنْ (¬1) بَابِ صَدَقَةِ الْمَوَاشِى السَّوْمُ: هُوَ إِرْسَالُ الْمَاشِيَةِ فِى الْأرْضِ تَرْعَى فِيهَا، يُقَالُ: سَامَت الْمَاشِيَةُ وَأَسَامَهَا مَالِكُهَا. قَالَا اللهُ تَعَالَى: {وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} (¬2) وَسَامَتْ تَسُومُ سَوْمًا: إِذَا رَعَتْ فَهِىَ سَائِمَةٌ. وَجَمْعُ السَّائِمَةِ وَالسَّائِمِ: سَوَائِمُ (¬3). قَوْلُهُ: "يُطْلُبُ نَمَاؤُهَا" (¬4) أَىْ: زِيَادَتُهَا. وَقَدْ ذُكِرَ (¬5). وَأَصْلُ النَّمَاءِ: الزِّيَادَةُ. يُقَالُ: نَمَا الْمَالُ يَنْمِى، وَيَنْمُو: لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ (¬6). قَالَ الشَّاعِرُ (¬7): يَا حُبَّ لَيْلَى لَا تَغَيَّرْ وَازْدَدِ ... وَانْمِ كَمَا يَنْمِى الْخِضَابُ فِى الْيَدِ قَوْلُهُ: "كَالْعَقَارِ وَالأثَاثِ" (¬8) قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ (¬9) وَالْقُتَيْبِىُّ (¬10): يُقَالُ: مَالَهُ مَالٌ وَلَا عَقَارٌ - بالْفَتْحِ وَلَا يُقَالُ بِالْكَسْرِ. وَالْعَقَارُ: هُوَ الْأرْض وَالدُّورُ. وَالأثَاثُ: هُوَ مَا فِى الْبَيْتِ مِنَ الأَوَانِى وَالثِّيَابِ وَغَيْرِهَا. وَاحِدُهَا: أَثَاثَةٌ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: الاُثَاثُ: الْمَالُ أَجْمَعُ (¬11). قَوْلُهُ: "الْحَيْلُولَةُ" (¬12) الْحَائِلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. حَالَ الشَّىْءُ بَيْنِى وَبَيْنَكَ، أَىْ: حَجَزَ. قَوْلُهُ: "بِيَدِ مُلْتَقِطٍ" هُوَ الَّذِى يَأْخُذُ اللُّقَطَةَ، وَهُوَ الْمَالُ الَّذِى يَنْسَاهُ صَاحِبُهُ، أَوْ يَضِلُّ عَلَيْهِ (¬13) وَيَأْتِى ذِكْرُهُ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى (¬14). قَوْلُهُ: "دَيْن يَسْتَغْرِقُهُ" (¬15) أىْ: يَسْتَوْعِبُهُ وَيُحِيطُ بِجَمِيعِهِ. وَالاسْتِغْرَاقُ: الاسْتِيعَابُ. ¬
قَوْلُهُ: "وَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ فِى الْمَالِ" (¬16) أَصْلُ الْحَجْرِ: الْمَنْعُ، وَاهمَحْجُورُ: الْمَمْنُوعُ، قَال اللهُ تَعَالَى: {حِجْرًا مَحْجُورًا} (¬17). وَالسَّفِيهُ (¬18): الْمُبَذِّرُ. يُقَالُ: سَفُهُ يَسْفَهُ سَفَهًا وَسَفَاهَةً (¬19). وَأَصْلُهُ: الْخِفَّةُ وَالْحَرَكَةُ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ (¬20): مَشَيْنَ كَمَا اهْتَزَّتْ رِمَاحٌ تَسَفَّهَتْ ... أَعَالِيهَا مَرُّ الرِّيَاحِ النَّوَاسِمِ (¬21) قَوْلُهُ: "نِصَابٌ مِنَ السَّائِمَةِ" (¬22) سُمىَ نِصَابًا؛ لِأنَّهُ أَصْل فِى الزَّكَاةِ. وَالنِّصَابُ وَالْمَنْصِبُ: الْأَصْلُ (¬23) وَقَالَ الْخَلِيلُ (¬24): النِّصَابُ: أَصْلُ الشَّىْء وَمَرْجِعُهُ. قَوْلُهُ: "رَتَعَتِ الْمَاشِيَةُ" (¬25) (يُقَالُ: رَتَعَت الْمَاشِيَةُ) تَرْتَعُ رُتُوعًا: إِذَا أكَلَتْ مَا شَاءَتْ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {نَرْتَعْ وَنَلْعَبْ} (¬27) وَمَعْنَاهُ: نَلْهُو وَنَفْعَلُ مَا نَشَاءُ. قَوْلُهُ: "نُتِجَتْ وَاحِدَةٌ" يُقَالُ: نُتِجَتْ (¬28) الْمَاشِيَةُ عَلَى مَا لَم يُسَمِّ فَاعِلُهُ. وَلَا يُقالُ: نَتَجَتْ بِالْفَتْحِ. وَالْمُسْتَقْبَلُ تُنْتِجُ نَتَاجًا وَأَنْتَجَهَا أَهْلُهَا نَتْجًا (¬28). قَوْلُهُ: "حَتَى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ" (¬29) سُمِّىَ حَوْلًا؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ يَحُولُ فِيهِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ. قَوْلُهُ: "ضُمَّتْ إِلَى الأُمَّهَاتِ (¬30) وَأَصْلٌ أُمٍّ: أُمَّهَةٌ. قَالَ قُصَىُّ (¬31): . . . . . . . . . . . ... أُمَّهَتِى خِنْدِفٌ وَإِلْيَاسُ أَبِى وَالصَّوَابُ عِنْدَ أَكْثَرَ أَهْلِ اللّغَةِ: أَنْ يُقَالَ فِى الآدَمِيِّينَ: أُمَّهَاتٌ، وَفِى الْبَهَائِمِ: أُمَّاتٌ. قَالَ الرَّاعِى (¬32). كَانَتْ نَجَائِبَ مُنْذِرٍ وَمُحَرِّقٍ ... أُمَّاتُهُنَّ وَطُرْقُهُنَّ فَحِيلَا هَذَا هُوَ الأَفْصَحُ عِنْدَهُمْ. وَقَدْ يَجِىءُ أَحَدُهُمْ مَكَانَ الآخَرِ، قَالَ الشَّاعِرُ: ¬
تُرَجِّعُ فِيهَا أُمَّهَاتُ الْجَوَازِلِ وَقَدْ يَتَدَاخَلَانِ، قَالَ: إِذَا الأُمَّهَاتُ قَبَحْنَ الْوُجُوهَ ... فَرَجْتَ الظَّلَامَ بِأُمَّاتَكَا قَوْلُهُ: "السَّخْلَةُ" (¬33) وَلَدُ الشَّاةِ أَوَّلَ مَا تُنْتَجُ، تُسَمَّى سَخْلَةً، وَذَلِكَ سَاعَةَ تَضَعُهُ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أَنْثَى، وَجَمْعُهُ سَخْلٌ (¬34)، وَلِهَذَا قَالَ: "يَرُوحُ بِهَا الرَّاعِى عَلَى [يَدَيْهِ] (¬35) وَالْبَهْمَةُ (¬36): اسْمٌ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، وَهِىَ، أَولَادُ الضَّأَنِ، وَالْجَمْعُ: بَهْمٌ. وَالسِّخَالُ: أَوْلَادُ الْمِعْزى، فَإِذَا [اجْتَمَعَت (¬37) البِهَامُ] (¬38) وَالسِّخَالُ، قُلْتَ لَهَا جَمِيعًا: بِهَامٌ وَبَهْمٌ. ذَكَرَهُ فِى الصَّحَاحِ (¬39). مُرْتَهَنَةٌ، والْمُضَارَبُ (¬40): يَأَتِى فِى مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللهُ (¬41). * * * ¬
باب صدقة الإبل
بَابُ صَدَقَةِ الإِبِلِ قَوْلُهُ (¬1): "بِنْتُ مَخَاض" سُميَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أُمَّهَا قَدْ آنَ لَهَا أَنْ تَكُونَ قَدْ حَمَلَتْ بِوَلَدٍ ثَانٍ (¬2). وَالْماخِضُ وَالْمَخَاضُ: الْحَامِلُ. وَسُمِّيَتْ مَاخِضًا مِنَ الْمَخْضِ، وَهُوَ الْحَرَكَة، وَمِنْهُ: مَخْضٌ اللَّبَنِ لإِخْرَاجِ الزُّبْدِ، وَهُوَ تَحْرِيكُهُ (¬3) وَسُمِّيَتْ "بِنْتُ اللَّبُونِ" (¬4) لِأَنَّ أُمَّهَا لَبُونٌ، [وَ] قَدْ نُتِجَتْ غَيْرَهَا، وَصَارَتْ ذَاتَ لَبَنٍ فَهِىَ لَبُونٌ (¬5). وَسُمِّيَتْ الْحِقَّةُ (¬6) حِقَّةً، وَالذَّكَرُ حِقُّا، لِاسْتِحْقَاقِهِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ وَيُرْكَبَ (¬7). وَطَرُوقَةَ الْفَحْلِ (¬8)؛ لِأَنَّ الْفَحْلَ يَطْرُقُهَا حِينَئِذٍ. وَأَصْلُ الطَّرْقِ: أَنْ يَأَتِى الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا (¬9). قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَالْجُذُوعَةُ: وَقْتٌ مِنَ الزَّمَنِ لَيْسَ بِسِنٍّ (¬10)، وَهُوَ: إِذَا اسْتَكْمَلَ أَربَعَ سِنِينَ، وَدَخَلَ ¬
فِى الْخَامِسَةِ (¬11) وَقَالَ فِى الْبَيَانِ (¬12): سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُجْذِعُ سِنَّهَا. وَقَالَ فِى الشَّامِلِ (¬13): إِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأنَّهَا تُجْذِعُ: إِذَا سَقَطَتْ سِنُّهَا، أَىْ: بِذَلِكَ (¬14) وَالثَّنِىُّ: الَّذِى أَلْقَى ثَنِيَّتهُ (¬15) وَالرَّبَاعُ: الَّذِى أَلْقَى رَبَاعِيَتَهُ (¬16). وَيُسَمَّى التَّبِيعُ تَبِيعًا (¬17)، فِى زَكَاةِ الْبَقَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يزالُ يَتْبَعُ أُمَّهُ. وَقِيلَ: لِأنَّ قَرْنَيْهِ تَبِعَا أُذُنَيْهِ (¬18) لِتَسَاوِيهِمَا وَسُمِّىَ الْفَصِيلُ فَصِيلًا (¬19)؛ لِأَنَّهُ يُفْصَلُ عَنْ أُمِّهِ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، كَمَا يُقَالُ: خَضِيبٌ بِمَعْنَى مَخْضُوبٍ. قَوْلُهُ: " (¬20) فَلَا يُعْطَهُ" أَىْ: لَا يُعْطَى الزَّائِدَ. وَقِيلَ: لَا يُعْطَى الْوَاجِبَ؛ لِتَعَدِّيهِ. وَفِيهِ (¬21) رِوَايَتَانِ: كَسْرُ الطَّاءِ وَفَتْحُهَا، عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ (¬22). قَوْلُهُ: "الْأوْقَاصُ الَّتِى بَيْنَ النُّصُبِ" (¬23) الْوَاحِدُ: وَقْصٌ - بِسُكُونِ الْقَافِ (¬24)، وَمِنْهُمْ مَنْ يَفْتَحُهَا، وَاحتَجَّ بِأَنَّ جَمْعَهُ (¬25) أَوقَاصٌ، فَإِذَا كَانَ جَمْعُهُ عَلَى أَفَعَالٍ، كَانَ وَاحِدُهُ: فَعَلٌ، مثْلُ جَمَلِ وَأَجْمَالٍ، قَالَ أَبُو عَمْرٍو (¬26): الْوَقَصُ: مَا وَجَبَتْ فِيهِ الْغَنَمُ مِنْ فَرائِضِ الصَّدَقَةِ فِي الإبِلِ، مَا بَيْنِ الخَمْسِ إلَى الْعِشْرِينِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هُوَ مَا (¬27) بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ، وَهُوَ: مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ إِلَى التِّسْعِ، وَجَمْعُهُ: أَوقَاصٌ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْوَقْصِ، وَهُوَ الْكَسْرُ، كَأَنَّهُ كُسِرَ فَلَمْ يَبْلُغْ النِّصَابَ. قَوْلُهُ: "بِالْقِسْطِ" (¬28) أَىْ: مَا يَخُصُّهُ (¬29)، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةُ (¬30): الْقِسْط: الْمِيزَانُ (¬31)؛ لِأنَّ الْمِيزَانَ يَقَعُ بِهِ الْعَدْلُ فِى الْقِسْمَةِ (¬32). قَوْلُهُ: "الْمُصَدِّقُ" (¬33) بِتَخفِيِفِ الصَّادِ: هُوَ الَّذِى يَجْبِى الصَّدَقةَ، وَبِتَشْدِيد الصَّادِ: هُوَ الْمُتصَدَقْ، وَهُوَ الَّذِى يُعْطِى الصَّدَقَةَ، فَأُدْغِمَتِ التَّاءُ فِى الصَّادِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ} (¬34) أَصْلَهُ: فَأتَصَدَّقَ. قَوْلُهُ: "وَالْجُبْران" (¬35) هُوَ: الإِتْمَامُ وَالإكْمَالُ، مِنْ جَبَرَ الْكَسِيرَ: إِذَا رَدَّهُ، كَأَنَّهُ كَانَ نَاقِصًا فَكَمَّلَهُ (¬36). ¬
(قَوْلُهُ: (¬37) "التَّبِيعُ" الَّذِى يَتْبَعُ أُمَّهُ) (¬38). (قَولُهُ: "مُسِنَّة" (¬39) [وَالمِسِنَّةُ] هِىَ الَّتِى أَلْقَتْ أَسْنَانَهَا، ثَنِيَّتهَا وَرَبَاعِيَّتَهَا، وَدَخَلَتْ فِى الْخَامِسَةِ (¬40) وَهُوَ (¬41) أَقْصَى أَسْنَانِ (¬42) الْبَقَرِ. * * * ¬
باب صدقة الغنم
بَابُ صَدَقَةِ الْغنَمِ وَالثَّنِىُّ (¬1) مِنَ الْمَعْزِ: هُوَ الَّذِى ألْقَى ثَنِيَتَهُ، وَهُوَ الَّذِى لَهُ سَنَة وَدَخَلَ فِى الثَّانِيَةِ. وَقِيل: الَّذِى لَهُ سَنَتَانِ وَدَخَلَ فِى الثَّالِثَةِ (¬2). "هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَيْب" (¬3) الْهَرِمَةُ: المُسِنَّةُ الْكَبِيرَةُ. وَرُوِىَ: "وَلَا ذَاتِ عَوَارٍ" (¬4) وَالْعَوَارُ: الْعَيْبُ. يُقَالُ: سَلْعَةٌ ذَاتُ عَوَارٍ - بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَقَدْ تُضَمُّ عَنْ أَبِى زَيْدٍ (¬5). قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيْثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (¬6) أَىْ: لَا تَقْصِدُوهُ، وَتَيَمَّمْنَا الْخَبِيثَ (¬7): قَصَدْنَا. أَىْ: لَا تَقْصِدُوا الرَّدَىءَ مِنَ الْمَالِ، فَتَصَدَّقُوا بِهِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "إِنَّ الله طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طيبًا" (¬8). قَوْلُهُ: "كَالثَّنَايَا وَالْبُزْلِ" (¬9) الْبُزْلُ: جَمْعُ بَازِلٍ، وَهُوَ الَّذِى طَلَعَ نَابُهُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَ دُخُولِهِ فِى التَّاسِعَةِ مِنَ السِّنِينَ. هَكَذَا ذَكَرَهُ عُلَمَاءُ اللُّغَةِ (¬10) وَالْفَصِيلُ: الَّذِى فُصِلَ عَنْ أُمِّهِ لِئَلَا يَرْضَعَهَا. قَوْلُهُ: وَفِى حَدِيثِ أَبِى بَكْرٍ، رَضِىَ اللهُ عَنْهُ: "لَوْ مَنَعُونِى عَنَاقًا" (¬11) الْعَنَاقُ، الأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ، وَهِىَ الَّتِى رَعَت وَقَوِيَتْ، وَهِىَ فَوْقَ الْجَفْرَةِ، وَهِىَ الَّتِى لَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَدُونَ الْعَنْزِ وَهِىَ الَّتِي تَمَّ لَهَا حَوْلٌ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الشَّاةِ يُسَمَّى أَوَّلَ مَا يُوْلَدُ: سَخْلَةً، فَإِذَا تَرْعَرَعْتْ: سُمِّيَتْ بَهْمَةً، فَإذَا صَارَ لَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وفُصِلَتْ عَنْ أُمِّهَا، وَكَانَتْ مِنَ الْمَعْزِ: سُمِّيَتْ جَفْرَةً، وَالذَّكَرُ: جَفْرٌ، فَإِذَا رَعَىَ وَسَمِنَ: سُمِّىَ ¬
[عَرِيضًا] (¬12) وَعَتُودًا وَجَدْيًا إِذَا كَانَ ذَكَرًا، أَوْ عَنَاقًا (¬13): إِذَا كَانَ أُنْثَى. ذَكَرَهُ فِى الْبَيَانِ (¬14) فَإذَا أَتَى عَلَيْهِ حَوْل، فَالذَّكَرُ: تَيْسٌ وَالأُنْثَى عَنْزٌ. وَفِى رِوَايَةٍ: "لَوْ مَنَعُونِى عِقَالًا" (¬15) وَلَهُ [ثَلَاثَةُ] (¬16) تَأَوِيلَاتٍ. قَالَ الْكِسَائِىُّ: الْعِقَالُ: صَدَقَةُ عَامٍ، يُقَالُ: أَخَذَ عِقَالَ هَذَا الْعَامِ، أَىْ: صَدَقَتَهُ (¬17)، قَالَ الشَّاعِرُ: عَمْرو بْنُ الْعَدَّاءِ الْكَلْبِىّ (¬18): سَعَىَ عِقَالًا فَلَمْ يَتْرُكْ لَنَا سَبَدًا ... فَكَيْفَ لَوْ قَدْ سَعَىَ عَمْرٌ عِقَالَيْنِ هُوَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِى سُفْيَانَ، اسْتَعْمَلَهُ عَمُّهُ مُعَاوِيَةُ عَلَى صَدَقَةِ كَلْبٍ (¬19). وَالْغَدَّاءُ: بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ (¬20) وَقِيلَ: هُوَ الْحَبْلُ الَّذِى يُعْقَلُ بِهِ الْبَعِيرُ، وَهَذَا حُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ يُؤْخَذُ عِقَالُ الْفَرِيضَةِ مَعَهَا. وَعَنْ (¬21) مُحَمَّدٍ بنِ مَسْلَمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ (¬22) عَلَى الصَّدَقَةِ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ يَأمُرُ الرَّجُلَ إِذَا جَاءَ بِفَرِيضَتَيْنِ أَنْ يَأَتِيَا بِعِقَالِهِمَا، وَقِرَانِهِمَا (¬23) وَكَانَ عُمَرُ رَضِىَ الله عَنْهُ يَأَخُذُ مَعَ كُلِّ فَرِيضَةٍ عِقَالًا وَرِوَاءً، فَإِذَا جَاءَ الْمَدِيَةَ بَاعَهَا، ثُمَّ تَصدَّقَ بِتِلْكَ الْعُقُلِ وَالأَروِيَةِ. وَقِيلَ: إِنَّمَا أَرَادَ الشَّىْءَ التَّافِهَ الْحَقِيرَ، فَضَرَبَ الْعِقَالَ مَثَلًا لَهُ (¬25). قَوْلُهُ: "أَجْحَفْنَا بِرَبِّ الْمَالِ" (¬26) أَىْ: أخَذْنَا فَوْقَ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ. يُقَالُ: فُلَانٌ يُجْحِفُ بِمَالِهِ: إِذَا كَانَ يُنْفِقُهُ بِالسَّرَفِ وَالتَّبْذِيرِ (¬27) وَأَصْلُهُ: الذَّهَابُ (¬28)، يُقَالُ: أَجْحَفَ بِهِ: إِذَا ذَهَبَ [بِهِ] وَسَيْلٌ جُحَافٌ بِالضَّمِّ: إِذَا جَرَفَ كُلَّ شَىْءٍ وَذَهَبَ بِهِ، وَالْجُحافُ - أيْضًا: الْمَوْتُ (¬29). قَوْلُهُ (¬30): "كَالْجَوَامِيِسِ وَالْبَقَرِ (¬31) وَالْبَخَاتِىِّ وَالعِرَابِ" الْجَوَامِيسُ: نَوْعٌ مِنَ الْبَقَرِ: مَعْرُوفٌ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ. يَعِيشُ فِى الْمَاءِ (¬32). وَالبَخَاتِىُّ مِنَ الإِبِلِ: مَعْرُوفٌ أَيْضًا، وَهُوَ مُعَرَّبٌ (¬33)، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: عَرَبِىٌّ (¬34). الْوَاحِدُ: بُخْتىٌّ ¬
وَالأُنْثَى: بُخْتِيَّةٌ، وَجَمْعُهُ: بَخَاتِىٌّ (غَيْرُ مَصْرُوفٍ) (¬35). وَأَمَّا الْعِرَابُ مِنَ الإِبِلِ، فَإِنَّ الْجَوْهَرِىَّ (¬36) قَالَ: هِىَ خِلَافُ (¬37) الْبَخَاتِىِّ، كَالْعِرَابِ مِنْ الْخَيْلِ خِلَافِ الْبَرَاذِينِ. وَقَالَ فى الشَّامِلِ (¬38): الْعِرَابُ: جُرْدٌ مُلْسٌ حِسَانُ الألْوَانِ كَرِيمَةٌ. قَوْلُهُ: "لَا يُؤْخَذُ الرُّبَّى وَلَا الْمَاخِضُ (¬39) " الرُّبَّى: عَلَى وَزْنِ (¬40) فُعْلَى: هِىَ الْشَّاةُ الَّتِى وَضَعَتْ حَدِيثًا، وَجَمْعُهَا: رُبَابٌ بِالضَّمِّ، وَالْمَصْدَرُ: رِبَابٌ، بِالْكَسْرِ وَهُوَ (¬41): قُرْبُ الْعَهْدِ بِالْوِلَادَةِ. تَقُولُ (¬42): شَاةٌ رُبَّى بَيِّنَةُ الرِّبَابِ، وَأَعْنُزٌ رُبَابٌ -بِالضَمِّ- قَالَ الْأَمَوِىُّ: هِىَ رُبَّى مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ شَهْرَيْنِ (¬43) وَقَالَ أَبُو زَيْد: الرُّبَّى مِنَ الْمَعْزِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مِنَ الْمَعْزِ وَالضَّأْنِ جَمِيعًا، وَرُبَّمَا جَاءَ فى الإِبِلِ أَيْضًا (¬44). قَالَ فِى الْوَسِيطِ (¬45): هِىَ الَّتِى تُرَبِّى وَلَدَهَا. وَالْمَاخِضُ: الْحَامِلُ وَالْمَخَاضُ: الْحَوَامِلُ مِنَ النُّوقِ. وَالْمَخَاضُ أَيْضًا: وَجَعُ الْوِلَادَةِ (¬46). قَالَ اللهُ [تَعَالَى]: {فَأَجَاءَهَا (¬47) الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} (¬48) وَأَصْلُهُ: تَحَرُّكُ الْوَلَدِ فِى الْبَطْنِ. يُقَالُ: امْتَخَضَ الْوَلَدُ: إذَا تَحَرّكَ فِى بَطنِ أُمِّهِ، وَتَمَخَّضَ اللَّبَنُ وَامْتَخَضَ: إِذَا تَحَرَّكَ فِى الْمِمْخَضَةِ (¬49). ذَكَرَ الشَّيْخُ "حَزَرَات الْمَال": أَنَّهَا الَّتِى تَحْزُرُهَا الْعَيْنُ لِحُسْنِهَا (¬50). وَذَكَرَ فِى الشَّامِلِ (¬51) قَالَ أَبُو عُبَيْد (¬52) هُوَ الْمَالُ الَّذِى يَحْزُرُهُ الإنْسَان فِى نَفسِهِ، وَيَقصِدُهُ بِقَلْبِهِ، قَالَ الشَاعِرُ (¬53): الْحَزَرَاتُ حَزَرَاتُ الْقَلْبِ ... الْلَّبُنُ الْغِزَارُ دُونَ اللُّجْبِ اللُّجْبُ: جَمْعُ لُجْبَةٍ، وَهِىَ الَّتِى لَا لَبَنَ فِيهَا. وَقَالَ الآخَرُ (¬54): [إِنَّ السَّرَاةَ رُوقَةُ الرِّجَالِ] ... وَحَزْرَةُ الْقَلْبِ خِيَارُ الْمَالِ وَرُوِىَ (¬55): "حَرَزَاتٍ" (¬56) بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ، مِمَّا يُحْرِزُهُ الإِنْسَانُ، وَيَحْفَظُهُ لِجَوْدَتِهِ. قَوْلُهُ: "وَلَا الْأكُوكةُ" (¬57) قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬58): هِىَ الشَّاةُ الَّتِى تُعْزَلُ لِلأكْلِ (¬59)، بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ: لِغَلَبَةِ الاسْمِ عَلَيْهِ مِثْلُ الرَّكُوبَةِ، لِمَا يُرْكَب. ¬
قَوْلُهُ: "كَرَأئِمُ أَمْوَالِهِمْ" (¬60) هِىَ أَحْسَنُهَا وَأَنْجَبُهَا وَأَغْزَرُهَا أَلْبَانًا. قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬61): الْكَرِيمُ: الْمَحْمُودُ، يُقَالُ: نَخْلَةٌ كَرِيمَةٌ: إِذَا طَابَ حَمْلُهَا، وَشَاةٌ كَرِيمَةٌ: أَىْ: غَزِيرَةُ اللَّبَنِ. قَوْلُهُ: "وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ" (¬62) أَىْ: بِنَمَاءِ الْمَال وَكَثْرَتِهِ وَدَوَامِهِ. * * * ¬
من باب زكاة الخلطة
مِنْ بَابِ زَكَاةِ الْخُلْطَةِ " حَتَّى يَشْتَرِكَا فِى المُرَاحِ وَالْمَسْرَحِ وَالْمَحْلَبِ" (¬1) الْمُرَاحُ: بِضَمِّ الْمِيمِ: الْمَوْضِعُ الَّذِى تَأْوِى إِلَيْهِ (¬2)، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ (¬3) إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ، يُقالُ: أَرَاحَ إِبلَهُ: إِذَا رَدَّها إِلَى الْمُرَاحِ، وَكَذَلِكَ التَّرْوِيحُ. وَقَدْ يَكُونُ مَصْدَرَ أَرَاحَهُ (¬4) يُرِيحُهُ، مِنَ الرَّاحَةِ الَّتِى هِىَ ضِدُّ التَّعَبِ. وَالْمَسْرَحُ: الْمَوْضِعُ الَّذِى تَسْرَحُ فِيهِ لِلرَّعْىِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} (¬5) يُقَالُ: سَرَحْتُ الْمَاشِيَةَ، بِالتَّخْفِيفِ - هَذِهِ وَحْدَهَا بِلَا هَمْزَةٍ - سَرْحًا (¬6). وَسَرَحَتْ هِىَ بِنَفْسِهَا سَرُوحًا. قَوْلُهُ: "وَيُشْتَرَطُ حَلَبُ لَبَنِهَا" بِالْتَّحْرِيكِ وَلَا يُسَكَّنُ" [وَالْمِحْلَبُ وَالْحِلَابُ: هُوَ الإِنَاءُ الَّذِى يُحْلَبُ فِيهِ] (¬7). قَوْلُهُ: "يَرْتَفِقُ" (¬8) أَىْ: يَنْتَفِعْ، وَالارْتِفَاقُ: الانْتِفَاعُ، وَارْتَفَقْتُ بِهِ: انْتَفَعْتُ بِهِ. قَوْلُهُ: "بِغَيْرِ تَأَوِيلٍ" (¬9) التَّأَويلُ: تَفْسِيرُ مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ الشَّىْءُ، مِنْ آل: إِذَا رَجَعَ. وَقَدْ أَوَّلْتُهُ تَأْوِيلًا وَتَأَوَّلْتُهُ بِمَعْنَى (¬10). وَمَعْنَى الْكَلَام: أَنَّهُ أَخَذَهَا بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَدَلِيل يَؤُولُ إِلَيْهِ وَيَرْجِعُ. ¬
ومن باب زكاة الثمار
وَمِنْ بَابِ زَكَاةِ الثِّمَارِ قَوْلُهُ: "تُخْرصُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ" (¬1) الْخُرْصُ: حَزْرُ مَا عَلَى النَّخْلِ مِنَ الرُّطَبِ تَمْرًا (¬2)، وَالْخِرْصُ بالْكَسْر: الاسْمُ مِنْهُ، يُقَالُ: كَمْ خِرْصُ أَرْضِكَ (¬3)؟ وَأَخَذْتُ الْعَرِيَّةَ بخِرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ (¬4). وَالخَرَّاص: الْكَذَّابُ. قَالَ اللهُ تَعَالى: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} (¬5) أَىْ: قَاتَلهُمُ اللهُ. قَوْلُهُ: "الْمُدَّخَرَةُ الْمُقْتَاتَةُ" (¬6) "الْمُدَّخَرُ: هُوَ الَّذِى يُرْفَعُ وَيُعَدُّ لِلنَّفَقَةِ. يُقَالُ: ذَخَرْتُ الشَّىْءَ أَدْخُرُهُ، وَكَذَلِكَ: ادَّخَرْتُهُ وَهُوَ افْتَعَلْتُ (¬7)، وَأَصْلُهُ: اذْتَخَرْتُهُ اذْتِخَارًا، فَأُبُدِلَتِ الذَّالُ دَالًا وَالتَّاءُ دَالًا أيْضًا، وَأُدْغِمَتِ الأُولَى فِى الثَّانِيَةِ فتَصَيِّرُ دَالًا مُشَدَّدَةً. وَالْمُقْتَاتَةُ: هِىَ الَّتِى تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ قُوتًا تُغَذَّى بِهِ الْأجْسَامُ عَلَى الدَّوَام. بِخِلَافِ مَا يَكُونُ قِوَامًا لِلأَجسَام لَا عَلَى الدَّوَام. قَوْلُهُ: "الْخَضْرَاوَاتِ" (¬9) هِىَ: الْبُقُولُ وَالْفَوَاكِهُ. وَفِى الْحَدِيثِ: "لَيْسَ فِى الْخَضْرَوَاتِ صَدَقَة" (¬10) قَالَ مُجَاهِدٌ (¬11): أرَادَ التُّفَّاحَ وَالْكُمثْرَى. وَمَا أَشْبَهَهَا. وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلْبُقُولِ: الْخَضْرَاءُ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "إِيَّاكُمْ وَخَضْرَاءَ الدِّمَنِ" (¬12) وَهُوَ اسْمٌ لِلْبُقُولِ، وَلَيْسَ بِصِفَةٍ، فَلِذَلِكَ جُمِعَ بِالْألِفِ وَالتَّاءِ كَالْمُسْلِمَاتِ، وَلَوْ كَانَ صِفَةً لَجُمِعَ جَمْعَ الصِّفَاتِ عَلَى خُضْرٍ وَصُفرٍ (¬13). قَوْلُهُ: "خَمْسَةُ أَوْسُقٍ" (¬14) هُوَ جَمْعُ وَسْقٍ، قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬15): الْوَسْقُ بِالْفَتْح: سِتُونَ صَاعًا. وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْوَسْقُ هُوَ حِمْلُ الْبَعِيرِ (¬16) وَوَسَقَتْ النَّاقَةُ وَغَيْرُهَا تَسِقُ، أَىْ: حَمَلَتْ، وَأَغْلَقَتْ رَحِمَهَا عَلَى الْمَاءِ. تَفْسِيرُ الْبَيْتِ الَّذِى أنْشَدَهُ (¬17)، وَهُوَ: ¬
أَيْنَ الشِّظَاظَانِ وَأيْنَ الْمِرْبَعَهْ ... وَأيْنَ وَسْقُ النَّاقَةِ الْمَطَبَّعَهْ (¬18) الشِّظَاظُ: الْعُودُ الَّذِى يُدْخَلُ فِى عُرْوَةِ الْجُوَالِق، يُقَالُ: شَظَظْتُ الْجُوَالِقِ، أَىْ: شَدَدْتُ عَلَيْهِ شِظَاظَهُ وَأَشْظَظْتُهُ: جَعَلْتُ لَهُ شِظَاظًا. وَالْمِرْبَعَةُ: عُصَيَّةٌ يَأْخُذُ الرَّجُلَانِ بِطَرَفَيْهَا، لِيَحْمِلَا الْحِمْلَ وَيَضَعَاهُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ، تَقُولُ مِنْهُ: رَبَعْتُ الحِمْلَ: إِذَا أَدْخَلْتَهَا تَحْتَهُ، وَأَخَذْتَ أَنْتَ بِطَرَفِهَا، وَصَاحِبُكَ بِطَرَفِهَا الآخَرُ، ثُمَّ [رَفَعْتُمَاهُ (¬19)] عَلَى الْبَعِيرِ. وَالْوَسْقُ: الحِمْلُ كَمَا ذَكَرْنَا (¬20). وَالمُطَبَّعَةُ: الْمُذَلَّلَةُ، فِى قَوْلِ بَعْضِهِمْ. وَقَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬21): يُقَالُ: نَاقَةٌ مُطَبَّعَةٌ، أَىْ: مُثْقَلَة بِالْحِمْلِ. قَوْلُهُ: "كَالنَّوَاضِحِ وَالدَّوَالِيبِ" (¬22) النَّاضِحُ: الْبَعِيرُ الَّذِى [يُسْتَقَى] (¬23) عَلَيْهِ، وَالأنْثَى: نَاضِحَةٌ وَسَانِيَةٌ، وَالنَّضَّاحُ: الَّذِى يَنْضَحُ عَلَى الْبَعِيرِ، أَىْ: يَسُوقُ السَّانِيَةَ، يَسْقِى (¬24) نَخْلًا. وَهَذِهِ نَخْلٌ تُنْضَحُ، أَىْ: تُسْقَى. وَالدَّوَالِيبُ: جَمْعُ دُولَابٍ- بِفَتْحِ الدَّالِ (¬25): وَهُوَ (¬26) الآلةُ الَّتِى [يُسْتَقَى] (¬27) بِهَا، وَهُوَ فَارِسىُّ مُعَرَّبٌ. قَوْلُهُ: "بَعْلًا" وَرُوِىَ (¬28): "عَثَرِيًّا" (¬29) الْبَعْلُ: النَّخْلُ الَّذِى يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ، فَيَسْتَغْنِى عَنِ السَّقْىِ، يَقَالُ: قَد اسْتَبْعَلَ النَّخْلُ (29)، وَذَلِكَ يَكُونُ فِى أَمَاكِنَ قَرِيبَةِ الْمَاءِ (¬30)، فَيُسْقَى أَوَّلَ مَا يُغْرَسُ، فَإِذَا كَبُرَ وَبَلَغَتْ عُرُوقُهُ الْمَاءَ: اسْتَغْنَى عَنِ السَّقْى مِنْ مَاءِ المَطَرِ وَسِوَاهُ (¬31). وَالْعَثَرِىُّ -بالتَّحْرِيكِ- هُوَ: الْعِذْىُ وَهُوَ: الَّذِى لَا يَسْقِيهِ إِلَّا الْمَطَرُ (¬32). وَسُمىَ عَثَرِيًّا؛ لِأنَّهُ يُسْقَى بِعَاثُورٍ مِنْ خَشَبٍ أوْ حِجَارَةٍ كالرَّدْمِ؛ لِيَمِيلَ (¬33) الْمَاءُ عَنْ سَنَنِهِ الَى (¬34) الْمَوْضِعِ الَّذِى يُسْقَى. قَالَ فِى الشَّامِلِ (¬35): الْعَثَرِيُّ: هِىَ الأشْجَارُ الَّتِى تَشْرَبُ مِن مُجْتَمَع مِنَ الْمَطرَ فِى حُفرٍ، وَإِنَّمَا سُمىَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّه الْمَاشىَ يَتَعَثَّرُ بِهِ. وَقَالَ الَأزْهَرِىُّ (¬36): وَهُوَ أَتِىٌّ يُسَوَّى عَلَى وَجْهِ الأرْضِ؛ يَجْرِى فِيهِ الْمَاءِ إِلَى الزَّرْعِ مِنْ مَسَايِلِ السَّيْلِ (¬37). سُمِّىَ (¬38)، عَاثُورًا لِأَنَّ الإِنْسَانَ إِذَا مَرَّ عَلَيْه لَيْلًا عَثَرَ بِهِ وَسَقَطَ. قَوْلُهُ: "بِالسَّيْحِ" (¬39) هُوَ الْمَاءُ الْجَارِى، يُقَالُ: سَاحَ الْمَاءُ يَسِيحُ: إِذَا جَرَى عَلَى وَجْهِ الأرْضِ (¬40). ¬
قَوْلُهُ: "عُزِّرَ وَغُرِّمَ" (¬41) التَعْزِيرُ هَا هُنَا: الإِهَانَةُ وَالتَّأَدِيبُ. وَغُرِّمَ (أَىْ) (¬42): كُلِّفَ أَنْ يَغْرَمَ الْمَالَ (¬43). قَوْلُهُ: "كَالْهِلْيَاثِ وَالسُّكَّرِ" (¬44) بِكَسْرِ الْهَاءِ، وَبِالْيَاءِ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ تَحْتِهَا وَالثَّاءِ بِثَلَاثٍ: جِنْسٌ مِنَ الرَّطَبِ والسُّكَّرِ: بِضَمِّ السِّينِ وَتَشْدِيِد الْكَافِ: نَوْعَانِ مِنَ التَّمْرِ مَعْرُوفَانِ بِعُمَانَ مَشْهُورَان. وَذَكَرَ فِى الشَّامِلِ أّنَّهُ جِنْسٌ قَلِيلُ اللَّحْمِ كَثِيرُ الْمَاءِ. قَوْلُهُ: "الْجَاوَرْسُ" (¬45) لَيْسَ بِالدُّخْنِ (¬46)، بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْه، غَلِيظُ الْقِشْرِ، بِمَنْزِلَةِ العَلَسِ (¬47) مِنَ الْحِنْطَةِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْقَلْعِىُّ (¬48) (رَحِمَهُ الله) (¬49). وَالْحِمِّصُ: بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتَشْدِيد الْمِيمِ: حَبٌّ مَعْرُوفٌ أَصْفَرُ اللَّوْنِ. قَالَ ثَعْلَبٌ: الاخْتِيَارُ بِفَتْحِ الْمِيمِ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: هُوَ الحِمِّصُ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَلَمْ يَأَتِ عَلَيْهِ مِنَ الأسْمَاءِ إِلَّا حِلِّزٌ (¬50)، وَهُوَ الْقَصِيرُ، وَجِلِّقٌ: مَوْضِعٌ (¬51) بِالشَّامِ (¬52). وَاللُّوبْيَاء (¬53): هُوَ الَّذِى يُسَمَّى بِالْيَمَنِ (¬54): الدُّجُر (¬55): وَالْعَدَسُ: الْبُلْسُنُ، بِضَمِّ الْبَاءِ وَالسِّينِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬56) هُوَ: حَبٌّ كَالْعَدَسِ وَلَيْسَ بِهِ. وَالْمَاشُ: حَبٌّ أَيْضًا، قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬57): هُوَ مُعَرَّبٌ أَوْ مُوَلَّدٌ (¬58) وَهُوَ الَّذِى يُسَمَّى بِتِهَامَةَ: الأَقْطَنُ (¬59)، وَقِيلَ الْعِتْرُ (¬60) وَالْقِرْطُمُ: بِكَسْرِ الْقَافِ وَالطَّاءِ، وَبِضَمِّهَا (¬61) أَيْضًا: هُوَ حَبُّ العُصْفُرِ (¬62)، وَهُوَ (¬63) فِى اللُّغَةِ: الإِحْرِيضُ، يُشَبَّهُ بِهِ الثَّغْرُ (¬64). وَالهُرْطُمَانُ (¬65): يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْكَشْدُ (¬66) بِالْيَمَنِ. وَالأرُزُّ: فِيهِ سِتُّ لُغَاتٍ: أُرُزٌّ: بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيِد الزَّاىِ؛ وَأَرُزٌّ: بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الزَّاىِ؛ وَأُرُزٌ: بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ، وَالزَّاىِ، مُخَفَّفًا؛ وَأُرْزٌ: بِضَمَّ الْهَمْزَةِ وَاِسْكَانِ الرَّاءِ؛ وَرُزٌّ: بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَرُنزٌ: بِزِيَادَةِ نُونٍ (¬67) وَالْبَاقِلَّى: هُوَ الْفُولُ، يُشَدَّدُ فَيُقْصَرُ، وَيُخَفَّفُ فَيُمَدُّ (¬68). وَالسُّلْتُ: قَدْ فُسِّرَ فِى ¬
الْكِتَابِ (¬69)، وَقَالَ فِى الصَّحَاحِ (¬70): السَّلْتُ بِالضَّمِّ: ضَرْبٌ (¬71) مِنَ الشَّعِيرِ، لَيْسَ لَهُ قِشْرَةٌ، كَأَنَّهُ الْحِنْطَةُ. يُسَمَّى بِالْيَمَنِ: الْحَبِيبُ. قَوْلُهُ: "الْقِطْنِيَّةُ: بِكَسْرِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الطَّاءِ: وَاحِدَةُ الْقَطَانِىِّ، كَالْعَدَسِ وَنَحْوِهِ (¬72). وَحَكَى الْهَرَوِىُّ (¬73) فِيهِ لُغَةً ثَانِيَةً: الْقِطْنِيَّةُ: بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الطَاءِ، وَقَالَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِقُطُونِهَا فِى الْبَيْتِ. يُقَالُ: قَطنَ فِى الْمَكَانِ قُطُونًا: إِذَا أقَامَ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: سُمِّيَتْ قُطنِيَّةً وَقَطنِيَّة؛ لِأنَّهَا تُزْرَعُ مَعَ خِلَفِ الصَّيْفِ كَمَا يُزْرَعُ الْقُطنُ (¬74). قَوْلُهُ: "الْحَصَادُ" (¬75) هُوَ قَطْعُ الزَّرْعِ وَصِرَامُهُ (¬76)، يُقَالُ فِيهِ: حَصَادٌ وَحِصَادٌ، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، وَقَدْ قُرِئ بِهِمَا مَعًا (¬77) وَمِثْلُهُ: جَدَادٌ وَجِدَادٌ، وَهُوَ قَطْعُ الثَّمَرَةِ وَصِرَامُهَا (¬78). قَوْلُهُ: "أَنْ تَكُونَ زِرَاعَتُهَا (¬79) فِى فَصْلٍ" فُصُولُ السَنّةَ أَرْبَعَة: شِتَاءٌ، وَرَبِيعٌ، وَصَيْفٌ، وَخَرِيفٌ وَهِىَ (¬80) الَّتِى يَقَعُ بِهَا الاعْتِبَارُ. وَلِكُلِّ فَصْلٍ ثَلَاثَةُ بُرُوجٍ، وَسَبْعُ مَنَازِلَ. الادِّخَارُ (¬81): أَصْلُهُ: الاذْتِخَارُ، وَهُوَ الافْتِعَالُ مِنْ ذَخَرْتُ الشَّىْءَ، أَىْ: (¬82) رَفَعْتُهُ وَحَفِظْتُهُ وَقَدْ ذُكِرَ (¬83). قَوْلُهُ: "فَإِنْ (¬84) كَانَ عَلَى الأَرْضِ خَرَاجٌ" قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬85): سَمِعْتُ الْأزْهَرِيَّ يَقُولُ: الْخَرَاجُ يَقَعُ عَلَى الضَّرِيبَةِ، وَيَقَعُ عَلَى مَالِ الْفَىءِ، وَيَقَعُ عَلَى الْجِزْيَةِ، وَيَقَعُ عَلَى الْغَلَّةِ. وَالَّذِى أَرَادَ هَا هُنَا: أَنْ يَكُون مِنْ أَرْضِ السَّوَادِ الَّتِى ضُرِبَ عَلْيْهَا الْخَراجُ زَمَانَ (¬86) عُمَرَ رَضِىَ اللهُ عَنْهُ (¬87). وَيَأَتِى ذِكْرُهَا هُنَالِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ [تَعَالَى]. قَوْلُهُ: "كَأُجْرَةِ الْمَتْجَرِ" (¬88) هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِى يُتَّجَرُ فِيهِ، كَالدُّكَّانِ وَنَحْوِهِ. ¬
ومن باب زكاة الذهب والفضة
وَمِنْ (¬1) بَابِ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ سُمِّىَ (الذَّهُبُ) (¬2) ذَهَبًا؛ لِأَنَّهُ يَذْهَبُ وَلَا يَبْقَى، وَسُمِّيَتْ الْفِضَّةُ فِضَّةً؛ لِأنَّهَا (¬3) تَنْفَضُّ وَتَتَفَرَّقُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ (¬4) يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (¬5) الْكَنْزُ: الْمَالُ الْمَدْفُونُ، وَقَدْ كَنَزْتُهُ أَكْنِزُهُ. وَفِى الْحَدِيثِ: "كُلُّ مَالٍ لَا تُؤَدَّى زَكَاتُهُ فَهُوَ كَنْزُ" (¬6). قَوْلُهُ: {وَلَا يُنْفِقُونَهَا} وَلَمْ يَقُلْ: وَلَا يُنْفِقُونَهُمَا (¬7): ذَهَبَ إِلَى مَعْنَى الأمْوَالَ؛ لِأنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ يَدُلُّ عَلَيْهَا (¬8). قّوْلُهُ [تَعَالَى] {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} أَىْ: الَّذِى يَقُومُ مُقَامَ البِشَارَةِ: عَذَابٌ ألِيمٌ؛ لأَنَّ الْبِشَارَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالْخَيْرِ، وَمَا يُسْتَرُ (¬9) بِهِ. الأُوقِيَّةُ (¬10): بِضَّمِّ الْهَمْزَةِ وِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَجَمْعُهَا: أَواقِىُّ، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، غَيْرُ مَصْرُوفٍ، وَهِىَ أَربَعُونَ دِرْهَمًا لَا تُنَوَّنُ وَلَا تُخْفضُ، وَهِىَ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ، وَحُكِىَ فِيهِ (¬11) التَّخْفِيفُ، قَالَ (¬12) الزَّمَخْشَرِىُّ (¬13) هِىَ اُفْعُولَةٌ مِنْ وَقَيْتُ -قُلِبَت الْوَاوُ يَاءً لِسَبْقِهَا سَاكِنَةً، ثُمَّ ادغِمَتِ الْيَاءُ- (وَكُسِرَت الْقَافُ؛ لِتَصِحَّ الْيَاءُ) (¬14) - لِأَنَّ الْمَالَ مَخْزُونٌ مَصُونٌ، أَوْ لِأَنَّهُ يَقِى الْبَأَسَ وَالضُّرَّ. قَوْلُهُ: "فِى الرِّقَةُ رُبْعُ الْعُشْرِ (¬15) بِالتَخْفِيفِ: الفِضَّةُ، وَجَمْعُهَا [رِقُون] (¬16) يُقَالُ: "وُجْدَانُ الرِّقِين يُغَطِّى أَفْنَ الأفيِنِ" وَالْهَاءُ فِى الرِّقَةِ: عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ السَّاقِطَةِ مِنْ أَوَّلِهِ (¬17). قَوْلُهُ: "وَفِى الرَّدِىءِ" (¬18) الرَّدِىءُ: مَهْمُوزٌ مَمْدُودٌ، وَهُوَ فَعِيلٌ مِنْ (رَدُؤَ الشَّىْءُ يَرْدُؤُ رَدَاءَةً، فَهُوَ رَدِىءٌ أَىْ: فَاسِدٌ) (¬19). ¬
(قَوْلُهُ: "يَسْتَظْهِرُ" (¬20) أَصْلُ) (19) الاسْتِظْهَارُ (¬21): الاسْتِيثَاقُ مِنَ الأَمْرِ. يُقَالُ: اتَّخَذَ فُلَانٌ بِعَيرَيْنِ ظَهِيرَيْنِ (¬22) فِى سَفَرِهِ: إِذَا كَانَ يَحْمِلُ عَلَى أَبَاعِرَ لَهُ، وَسَاقَ مَعَهُ بَعِيرَيْنِ قَوِيِّيَنِ فَارِغَيْنِ وَثِيقَةً (¬23)؛ لِئَلَّا يُبْدَعَ (¬24) بِبَعِيرٍ مِنْ حَمُولَتِهِ فَلَا يَجِدُ لِحِمْلِهِ حَمُولَةً، فَوَضَعَ الاسْتِظْهَارَ مَوْضِعَ الْوَثِيقَةِ. قَوْلُهُ: "لَوْ كَانَ حَلَفَ لَكَانَ بَارًّا" (¬25) أَىْ غَيْرَ حَانِثٍ يُقَالُ بَرِّ فِى يَمِينِه، بِفَتْحِ الْبَاءِ، فَهُوَ بَارٌّ، وَكَذَلِكَ فِى البِرِّ: ضِدُّ العُقُوقِ (¬26). قَوْلُهُ: "الْنَّاضّ" (¬27) أَهْلُ الْحِجَازِ يُسَمُّونَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ: النَّاضَّ وَالنَّضُّ. قَالَ أبُو [عُبَيْدٍ] (¬28) إِنَّمَا يُسَمُّونَهَا نَاضًّا: اذَا تَحَوَّلَ عَينًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مَتَاعًا؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: مَا نَضَّ بِيَدِى مِنْهُ شَىْءٌ، وَخُذْ مَا نَصَّ لَكَ مِنْ دَيْنٍ، أَىْ: تَيَسَّرَ (¬29). وَهُوَ يَسْتَنِضُّ (¬30) حَقَّهُ مِنْ فُلَانٍ، أَىْ: يَسْتَنْجِزُهُ، وَيَأَخُذُ مِنْهُ الشَّىْءَ بَعْدَ الشَّىءِ. مَأخُوذٌ مِنْ نُضَاضَةِ الْمَاءِ وَ (هِىَ) (¬31): بَقِيَّتُهُ، وَكَذَلِكَ النَّضِيضَةُ، وَجَمْعُهَا: نَضَائِضُ. ذَكَرَهُ الأزْهَرِىُّ (¬32). قَوْلُهُ (¬33): "فِى الْحَدِيثِ" مَسَكَتَانِ غَلِيظَتَانِ (¬34) " بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالسِّينِ، تَثْنِيَةُ مَسَكَةٍ، وَهُوَ (¬35) السِّوَارُ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ مِنْ (¬36) ذَهَبَ أَوْ ذَبْلٍ أَوْ عَاجٍ، قَالَ جَرِير (¬37). تَرَى العَبْسَ الْحَوْلِىَّ جَوْنًا بِكُوعِهَا ... لَهَا مَسَكًا مِنْ غَيْرِ عَاجٍ وَلَا ذَبْلِ قَوْلُهُ: "الْمِنْطَقَةُ" (¬38) مَعْرُوفَةٌ، يَشُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَسَطَهُ. وَفِى الْمَثَلِ: "مَنْ يَطُلْ هَنُ أَبِيهِ يَنَتَطِقُ بِهِ" (¬39) أَىْ: مَنْ كَثُرَ بَنُو أَبيهِ يَتَقَوَّى بِهِمْ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ النِّطَاقِ لِلْمَرْأَة، الَّذِى (¬40) تَشُدُّ بهِ وَسَطَهَا أَيْضًا، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ أَسْمَاءُ: ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ. قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬41): هُوَ أَنْ تَشُدَّ وَسَطهَا، ثُمَّ تُرْسِلَ الأَعْلَى عَلَى الأسْفَلِ إِلَى الرُّكْبَةِ وَالأسْفَلُ يَنْجَرُّ عَلَى الأرْضِ، فَلَيْسَ لَهَا حُجْرَةٌ (¬42)، وَلَا نَيْفَقٌ (¬43) وَلَا سَاقَانِ، وَالْجَمْعُ: نُطقٌ. قَوْلُهُ: "مُعَدٌّ لِلإِجَارَةِ" (¬44) أَىْ: مُرْصَدٌ لَهَا، يُقَالُ: أعَدَّ لِهَذَا الْأمْرِ عُدَّتَهُ" أَىْ: أَخَذَ أُهْبَتَهُ. ¬
من باب زكاة التجارة
مِنْ بَابِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ قَوْلُهُ: "فِى عُرُوضِ التِّجَارَةِ، وَإنْ اشْتَرَاهُ بِعَرُضٍ" (¬1) الْعَرْضُ: الْمَتَاعُ، وَكُلُّ شَىْءٍ هُوَ عَرْضٌ، بسُكُونِ الرَّاءِ، إِلَّا الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ، فَإِنَّهَا (¬2) عَيْنٌ، تَقُولُ: اشْتَرَيْتُ الْمَتَاعَ بِعَرْض، أَىْ: بِمَتَاعٍ مِثْلِهِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬3): الْعُرُوضُ: الأمْتِعَة الَّتِى لَا يَدْخُلُهَا كَيْلٌ وَلَا وَزْنٌ، (¬4) وَلَا يَكُونُ حَيَوَانًا وَلَا عَقَارًا (¬5). وَهُوَ سَاكِنُ الرَّاءِ. وَعَرَضُ الدُّنْيَا - مُحَرَّكٌ: هُوَ حُطَامُهَا، وَمَا يُصِيبُ الإِنْسَانَ مِنْهَا، يُقَالُ: إِنَّ الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ يَأْكُلُ مِنْهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ (¬6)، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَأَخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى} (¬7). قَوْلُهُ: "لِلْقِنْيَةِ" (¬8) أَىْ: لِلْمِلْكِ لَا لِلتِّجَارَةِ، يُقَالُ: قَنَوْتُ الْغَنَمَ وَغَيْرَهَا قِنْوَةً (¬9)، وَقَنَيْتُ - أَيْضًا - قِنْتَةً بِالْكَسْرِ وَقُنْيَةٌ بِالضَّمِّ: إِذَا اتَّخَذْتَهَا لِنَفْسِكَ لَا لِلتِّجَارَةِ. (وَأَصْلُهُ: مِنْ قَنَيْتُ الشَّىْءَ [أَقْنَاهُ] (¬10) إِذَا لَزِمْتَهُ وَحَفِظْتَهُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَغْنَى وَأَقْنَى} (¬11) أَىْ: أَعْطَىَ قِنْيَةً يَبْقَى أَصْلُهَا، وَتَزْكُو كَالإِبِلِ لِلنَّتَاجِ، وَالْغَنَمِ، فينْتَفَعُ بِقِنْيَتِهَا. قَالَهُ الأزْهَرِىُّ (¬12)) (¬13). قَوْلُهُ: "فِى أَثْنَاءِ الْحَوْلِ" (¬14) هُوَ جَمْعُ ثِنْي، وَاحِدِ أثْنَاءِ الشَّىْءِ، أَىْ: تَضَاعِيفِهِ، تَقُولُ: أَنْفَذْتُ كَذَا [فِى] (¬15) ثِنْىِ كِتَابِى، أَىْ: (¬16) فِى طَيِّهِ. قَالَ أبُو عُبَيْدٍ: وَالثِّنْىُ مِنَ الْوَاىِ: مُنْعَطَفُهُ (¬17). قَوْلُهُ: "حِينَ (¬18) يَنِضُّ" أَىْ: يَصِيرُ وَرِقًا وَعَيْنًا. قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬19): النَّاضُّ: الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ الَّتِى تَرْتَفِعُ مِنْ أَثْمَانِ (¬20) الْمَالِ إِذَا تَحَوَّلَتْ عَيْنًا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مَتَاعًا. قَوْلُهُ (¬21): "كَحَقِّ الْمُضَارِبِ" (هُوَ) (¬22) مَأَخُوذٌ مِنْ ضَرَبَ فِى الْأَرْضِ: إِذَا سَارَ فِى طَلَبِ (¬23) الرِّزْقِ. ¬
باب زكاة المعدن والركاز
بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ الْمَعْدِنُ: مَوْضِعُ الإِقَامَةِ وَاللُّزُومِ، يُقَالُ: عَدَنَ بِالْمَكَانِ: إِذَا لَزِمَهُ فَلَمْ يَبْرَحْ، وَمِنْهُ: {جَناتِ عَدْنٍ} (¬1) أَىْ: جَنَّاتِ إِقَامَةٍ (¬2). وَسُمِّىَ الْمَعْدِنُ- بِكَسْرِ الدَّالِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُقِيمُونَ فِيهِ الصَّيْفَ وَالشِّتَاءَ، قَالَ الْأَعْشَى (¬3): وَأعْدِنُ بِالرِّيِف حَتَّى يُقَالَ ... ألا طَالَ بِالرِّيِف مَا قَدْ عَدَنْ هَذَا كَلَامُ الْجَوْهَرِىِّ (¬4). وَغَيْرُهُ يَقُولُ: لإِقَامَةِ الْمَالِ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْهُ (¬5). وَالرِّكَازُ: دَفِينُ الْجَاهِلِيَّةِ (¬6)، كَأَنَّهُ رُكِزَ فِى الأرْضِ رَكْزًا، تَقُولُ: أرْكَزَ الرَّجُلُ: اذَا وَجَدَهُ، هَذَا كَلَامُ الْجَوْهَرِىِّ (¬7). وَمَعْنَى رُكِزَ (¬8)، أَىْ: غُرِزَ، يُقَالُ: رَكَزْتُ الرُّمْحَ أرْكُزُهُ رَكْزًا: إِذَا غَرَزْتَهُ فِى الأَرْضِ (¬9). قَوْلُهُ: "فِى مَوَاتٍ" (¬10) هِىَ الأرْضُ الَّتِى لَا مَالِكَ لَهَا، وَيَأَتِى ذِكْرُهَا. قَوْلُهُ: "الْمَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةَ" (¬11) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْبَاءِ (¬12): نُسِبَتْ إِلَى نَاحِيَةٍ؛ مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ، بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ (مَسِيرَةُ) (¬13) خَمْسَةِ أَيَّامٍ (¬14). وَذَكَرَ فِى الْمَصَابِيحِ (¬15) أَنَّهَا مِنْ نَاحِيَةِ الْفُرُعِ (¬16). قَوْلُهُ: "انْقَطَعَ النَّبْلُ" (¬17) هُوَ مَا يَنَالُهُ مِنْهُ، أَىْ: يَأْخُذُهُ، يُقَالُ: نَالَ خَيْرًا يَنَالُ نَيْلًا، وَأَنَالُهُ غَيْرَهُ، وَالأَمْرُ مِنْهُ: نَلْ بِفَتْحِ النُّونِ، وَإِذَا أَخْبَرْتَ عَنْ نَفْسِكَ: كَسَرْتَ (¬18). قَوْلُهُ: "بَعْدَ التَّمْيِيزِ" (¬19) أَىْ: (بَعْدَ) (¬20) التَنْقِيَةِ مِنَ التُّرَابِ وَالْحِجَارَةِ، وَمَا يُخَالِطُهُ مِنْ أَصْلِ الْمَعْدِنِ، مِنْ مِزْتُ الشَّىْءَ مِنَ الشَّىْءِ: إذَاْ عزَلْتَهُ مِنْهُ عَلَى حِدَةٍ. قَوْلُهُ: "لِحَرْبِىٍّ أوْ مُعَاهَدٍ" (¬21) الْحَرْبِىُّ: الَّذِى يُحَارِبُ الْمُسْلِمِينَ وَيُقَاتِلُهُمْ. وَالْمُعَاهَدُ: الَّذِى بَيْنَهُ ¬
وَبَيْنَ الإِمَامِ، عَهْدٌ وَهُدْنَةٌ. قَوْلُهُ: كَالدَّرَاهِمِ الْأَحَدِيَّةِ" (¬22) هِىَ الَّتِى كُتِبَ عَلَيْهَا {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ} وَأَحَدٌ بِمَعْنَى وَاحِدٍ، وَهُوَ أَوَّلُ الْعَدَدِ. وَأَصْلُ أحَدٍ: وَحَدٌ (¬23). * * * ¬
من باب صدقة الفطر
مِنْ بَابِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ أَصْلُ الْفَطْرِ: يُقَالُ: فَطَرَ نَابُ الْبَعِيرِ: إِذَا انْشَق مَوْضِعُهُ لِلْطُّلُوعِ (¬1)، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} (¬2) أَىْ: انْشَقَّتْ (¬3). فَكَانَ الصَّائِمَ يَشُقُّ صَوْمَهُ بِالأَكْلِ. قَوْلُهُ: "صَاعًا مِنْ قَمْحِ" هُوَ البُرُّ، قَالَ الزَّمَخْشَرِىُّ (¬4): سُمِّىَ قَمْحًا؛ لِأَنَّهُ أَرْفَعُ الْحُبُوبِ، مِنْ قَامَحَتِ النَّاقَةُ: إِذَا رَفَعَتْ رَأَسَهَا، وَأَقمَحَ الرَّجُلُ إِقْمَاحًا: إِذَا شَمَخَ بِأَنْفِهِ. قَوْلُهُ: "وَلَا تَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ" (¬5) أَىْ: زَادَ، وَالْفَضْلُ: خِلَافُ النَّقْصِ، يُقَالُ فِيهِ: فَضَلَ يَفْضُلُ، مِثْلُ: دَخَلَ يَدْخُلُ، وَفِيهِ لُغَةْ أُخْرَى: فَضِلَ يَفْضَلُ، مِثْلُ حَذِرَ يَحْذَرُ، حَكَاهَا ابْنُ السِّكِّيت (¬6) وَفِيِهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ مُرَكَّبَة مِنْهُمَا: فَضِلَ -بِالْكَسْرِ- يَفْضُلُ بِالْضَمِّ، وَهُوَ شَاذٌّ لَا نَظِيرَ لَهُ (¬7). قَوْلُهُ: "سَفَلُوا - وَعَلَوْا" (¬8) بِفَتْحِ الْفَاءِ، يُقَالُ: سَفَلَ يَسْفُلُ؛ مِثْلُ دَخَلَ يَدْخُلُ: إِذَا كَانَ أَسْفَلَ النَّسَبِ (¬9). وَسَفُلَ بِالضَّمِّ: صَارَ مِنَ السَّفِلَةِ، وَهُمْ خِسَاسُ النَّاس (¬10). قَوْلُهُ: "فَإِنْ نَشَزَتِ الزَّوْجَةُ" (¬11) أَىْ: اسْتَعْصَتْ عَلَى زَوْجِهَا وَأَبْغَضَتْهُ، وَأَصْلُ (النَّشْزِ) (¬12): الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ. قَوْلُهُ: "بِمَنْ تَعُولُ" (¬13) أَىْ: بِمَنْ تَمُون، يُقَالُ: عَالَ العِيَالَ: اذَا مَانَهُم (¬14). وَفُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ¬
{ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُواْ} (¬15) أَىْ: أَلَّا (¬16) تَمُونُوا جَمَاعَةَ نِسَاءٍ (¬17)، وَقِيلَ: لَا تَجُورُوا (¬18). قَوْلُهُ: "مَنْ يَمُونُهُ" (¬19) يُقَالُ: مَانَهُ يَمُونُهُ مَوْنًا": إِذَا احْتَمَلَ مُؤْنَتَهُ (¬20) وَقَامَ بِكِفَايَتِهِ، فَهُوَ رَجُلٌ مَمُونٌ، عَن ابْنِ السِّكِّتِ (¬21). قَوْلُهُ: "التَّبْوِئَةُ التَّامَّةُ" (¬22) أَىْ: لُزُومُ طَاعَتِهِ لَيْلًا وَنَهَارًا، يُقَالُ: بَوَّأَتُ الرَّجُلَ مَنْزِلًا: إِذَا أَلْزَمْتَهُ إِيَّاهُ وَأسْكَنْتَهُ فِيهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ} (¬23) أَىْ: أنْزَلْنَاهُمْ مَنْزِلًا صَالِحًا. قَوْلُهُ: "طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِنَ الرَّفَثِ وَاللَّغْوِ، وَطُعْمَةٌ لِلْمَسَاكِينِ" (¬24) الرَّفَثُ: الْجِمَاعُ، وَالرَّفَثُ أيْضًا: الْفُحْشُ (¬25)، وَكَلَامُ النِّسَاءِ فِى الْجِمَاعِ، تَقُولُ (مِنْهُ) (¬26): رَفَثَ الرَّجُلُ وَأرْفَثَ (¬27). وَاللَّغْوُ: الْبَاطِلُ، يُقَالُ: لَغا يَلْغُو: إِذَا قَالَ بَاطِلًا، وَكَذَلِكَ لَغْوُ الْيَمِينِ (¬28). قَوْلُهُ: "طُعْمَةٌ لِلْمَسَاكِينِ" الطُّعْمَةُ: الْمَأْكَلَةُ، يُقَالُ: جَعَلْتُ هَذِهِ الضَّيْعَةَ طُعْمَةً لِفُلَانٍ. وَالطُّعْمَةُ أَيْضًا: وَجْهُ الْمَكْسَبِ، يُقَالُ: فُلَانٌ عَفِيفُ الطُّعْمَةِ، وَخَبِيثُ الطُّعْمَةِ، أَىْ رَدِىءُ الْمَكْسَبِ (¬29). قَوْلُهُ: "صَاعًا مِنْ أقْطٍ" (¬30) الْأَقِطُ - بِفَتْحِ الألِف وَكَسْرِ الْقَافِ: طَعَامٌ مِنْ أَطْعِمَةِ الْعَرَبِ، وَهُوَ: أَنْ يُغْلَى اللَّبَنُ الْحَامِضُ عَلَى النَّارِ حَتَّى يَنْعَقِدَ، وَيُجْعَلَ قِطَعًا صِغَارًا، وَيُجَفَّفَ فِى الشَّمْسِ. وَرُبَّمَا سُكِّنَ فِى الشِّعْرِ، وَتُنْقَلُ حَرَكَةُ الْقَافِ إلَى مَا قَبْلَهَا، قَالَ الشَاعِرُ (¬32): رُوَيْدَكَ حَتَّى يَنْبُتَ الْبَقْلُ وَالْغَضَى ... وَيَكْثُرَ أَقْطٌ عِنْدَهُمْ وَحَلِيبُ قَوْلُهُ (¬33) [تَعَالَى] {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (¬34) قَالَ السُّدِّىُّ: يَعْنى الْجَنَّةَ. وَالْبِرُّ: اسْمٌ جَامِعٌ لِلْخَيْرِ كُلِّهِ (¬35). قَوْلُهُ: "فَانْ أُخْرَجِ الْمَصْلَ" (¬36) الْمَصْلُ: مَعْرُوفٌ (¬37)، وَمَصَلَ الْأقْطَ: عَمِلَّهُ، وَهُوَ أَنْ تَجْعَلَهُ فِى وِعَاءِ خُوصٍ [أوْ] (¬38) غيْرِهِ، حَتَّى يَقْطرُ مَاؤُهُ، وَالَّذِى يَسِيلُ مِنْهُ: الْمُصَالَةُ وَالْمَصْلُ،. وَأَصْلُهُ: مِنْ مَصَلَ: ¬
إذَا سَالَ مِنْهُ شَىْءٌ يَسِيرٌ (¬39). قَوْلُهُ: "حَبٌّ مُسَوِّسٌ" (¬40) أَىْ: وَقَعَ فِيهِ السُّوسُ، وَهُوَ دُودٌ يَقَعُ فِى الصُّوفِ وَالطَّعَامِ، يُقَالُ: سَاسَ الطَّعَامُ يَسَاسُ وَسَوَّسَ (¬41) أيْضًا، وَأَسَاسَ. (¬42)، قَالَ الرَّاجِزُ (¬43). قَدْ أَطْعَمَتْنِى دَقَلًا حَوْلِيًّا ... مُسَوِّسًا مُدَوِّدًا حَجَرِيًّا وَالدَّقَلُ: نَوْعٌ مِنَ التَّمْرِ رَدِيءٌ (¬44). قَوْلُهُ: "وَهِمَ فِيهِ" (¬45) يُقالُ: وَهَمْتُ فِى الشَّىْءِ (¬46) بِالْفَتْحِ أَهِمُ وَهْمًا: إِذَا ذَهَبَ وَهْمُكَ إِلَيْهِ وَأَنْتَ تُريدُ غَيْرَهُ، وَوَهِمْتُ بِالْكَسْرِ فِى الْحِسَابِ أَوْهَمُ (¬47) وَهْمًا: إِذَا غَلِطْتَ فِيهِ وَسَهَوْتَ (¬48). * * * ¬
باب تعجيل الصدقة
بَابُ تَعْجِيلِ الصَّدَقَةِ قَوْلُهُ: "سِلْعَةً" (¬1) السِّلْعَةُ- بِالْكَسْرِ: الْمَتَاعُ الَّذِى يُشْتَرَى أَوْ يُبَاعُ لِلتِّجَارَةِ وَغَيْرِهَا (¬2)، يُقَالُ: كَسَدَتْ سِلْعَتِى وَنَفَثَتْ سِلْعَتِى. قَوْلُهُ: "لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ" (¬3) أَىْ: مُقَصِّر، يُقَالُ: فَرَطَ فى الأَمْرِ يَفْرُطُ فَرْطًا، أَىْ: قَصَّرَ فِيهِ وَضَيَّعَهُ وَكَذَلِكَ: التَّفْرِيطُ، وَأَفرَطَ فِى الأَمْرِ: إِذَا جَاوَزَ فِيهِ الْحَدَّ، وَالاسْمُ مِنْهُ: الْفَرْطُ، بِالتَّسْكِينِ (¬4). قَوْلُهُ: "لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ أَهْلُ رَشَدٍ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِمْ" (¬5) الرُّشْدُ وَالرَّشَادُ: خِلَافُ الْغَىِّ، يُقَالُ: رَشَدَ بِالْفَتْحِ يَرْشُدُ، وَرَشِدَ بِالْكَسْرِ يَرْشَدُ (بِالْفَتْحِ (¬6) لُغَةٌ فِيهِ، وَأَرْشَدَهُ (¬7) الله. قَوْلُهُ: "لِأَنَّ جَنبَتَهُ أَقْوَى" (¬8) الْجَنَبَةُ: النَّاحِيَةُ، وَكَذَلِكَ (¬9) الْجَانِبُ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ نَاحِيَتَهُ وَجَانِبَهُ أَقْوَى مِنْ جِانِبِ الْفَقِيرِ. ¬
قَوْلُهُ: "لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْمَنْعَ وَالدَّفْعَ" الدَّفْعُ هَا هُنَا: الإعْطَاءُ، يُقَالُ: دَفَعْتُ إِلَيْهِ شَيْئًا: إِذَا أعْطتَهُ إِيَّاهُ، وَدَفَعْتُ الرَّجُلَ فَانْدَفَعَ، مِثْلُ دَرَأْتَهُ فَانْدَرَأَ، وَالْمُدَفَّعُ بِالتَّشْدِيِدِ: الْفَقِيرُ وَالذَّلِيلُ؛ لِأَنَّ كُلًّا يَدْفَعُهُ عَن نَفسِهِ (¬10). * * * ¬
من باب قسم الصدقات
مِنْ بَابِ قَسْم الصَّدَقاتِ الْقَسْمُ - بِفَتْحِ الْقَافِ: مَصْدَرُ قَسَمَ يَقْسِمُ قَسْمًا، أَىْ: فَرَّقَ وَأَعْطَى كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ، وَأَمَّا الْقِسْمُ بِكَسْرِ الْقَافِ، فَهُوَ اسْم لِلشَّىْءِ الْمَقْسُوم، وَالنَّصِّيبُ، يُقَالُ مِنْهُ (¬1): هَذَا قِسْمِى، أىْ: نَصِيبِى، وَيُجْمَعُ عَلَى أَقْسَامٍ. قَوْلُهُ: الأمْوَالُ الْبَاطِنَةُ" (¬2) هِىَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَمَا يُسْتَرُ فِى الأَحْرَازِ عَن الْعُيُونِ مِنَ الْجَوَاهِرَ وَسِوَاهَا، وَالأمْوَالُ الظَّاهِرَةُ: هِىَ الأنْعَامُ وَسَائِرُ الْمَوَاشى، وَالْحُبُوبُ وَالأمْتِعَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسْتَرُ فِى الْعَادَةِ بَلْ تَكُونُ ظَاهِرَةً. قَوْلُهُ: "الإِمَامُ أَنْ يَبْعَثَ السُّعَاةَ" (¬3) وَاحِدُهُمْ: سَاعٍ، وَكُلُّ مَنْ وَلِىَ عَلَى قَوْمٍ، فَهُوَ سَاعٍ عَلَيْهِمْ وَأَكْثَرُ مَا يُقَالُ ذَلِكَ فِى وِلَايَةَ الصَّدَقَةِ، يُقَالُ: سَعَى عَلَيْهَا، أَىْ: عَمِلَ عَلَيْهَا، وَهُمُ السُّعَاةُ، قَالَ (¬5): سَعَىَ عِقَالًا فَلْمْ يَتْرُكْ لَنَا سَبَدًا ... . . . . . . . . . . . . . . قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ (وَسَلَّمَ) (¬6) فِى الصَّدَقَةِ: "مَا يُغْنِيكمْ عَنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ" (¬7) أَصْلُ الْوَسَخِ: الدَّرَنُ، وَقَدْ وَسِخَ الثَّوْبُ يَوْسَخُ وَتَوَسَّخَ وَاتَّسَخَ، كُلُّهُ بِمَعْنَى (¬8). شَبَّهَ الذُّنُوبَ بِالْوَسَخِ وَالدَّرَنِ الَّذِى يَعْلَقُ بِالْجِسْمِ. وَالصَّدَقَةُ تَذْهَبُ بِالذُّنُوبِ وَتُزِيلُهَا، فَسَمَّاهَا بِالْوَسَخِ الَّذِى تُزِيلُهُ، كَالْمَاءِ الَّذِى يُغْسَلُ بِهِ الْوَسَخُ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ بِنَفْسِهِ وَسَخًا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَة تُطَهرُهُمْ} (¬9) أَىْ: تَغْسِلُهُمْ مِنْ الذُّنُوبِ (¬10). قَوْلُهُ: "فِى شَهْرِ الْمُحَرَّمِ" (¬11) سُمِّىَ مُحَرَّمًا؛ لِأَنّهُمْ كَانُوا يُحَرِّمُونَ فِيهِ الْحَرْبَ (¬12) وَقِيلَ: لِأَنَّ اللهَ ¬
تَعَالَى حَرَّمَ فِيهِ الْجَنَّةَ عَلَى إبْلِيسَ حِينَ لَعَنَهُ، وَأهْبَطَهُ إلَى الأرْض. قَوْلُهُ: "عِنْدَ أَفْنِيَتِهِمْ" (¬13) الْفَنَاءُ: قُدَّامُ الدَّارِ، وَمَا امْتَدَّ مِنْ جَوَانِبِهَا، وَالْجَمْعُ: أَفْنِيَة (¬14) وَأَرَادَ أَنَّهُمْ لَا تُسَاقُ مَوَاشِيِهِمْ إلَى الْمُصَدِّقِ، فَيَضُرُّ ذَلِكَ بِهِمْ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لهُمْ} (¬15) (الصَّلَاةَ هَا هُنَا: الدُّعَاءُ. أمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُمْ. وَمَعْنَى {سَكَنٌ لَهُمْ} (¬16) أَىْ: يَسْكُنُونَ بِدُعَائِكَ سُكُونَ الرَّاحَةِ وَطِيبِ النَّفْسِ (¬17). قَولُهُ: "اللَّهُمَّ (¬18) صَلِّ عَلَى آلِ فُلَانٍ" (¬19) الْمَذْهَبُ أَنَّ قَوْلَ الرَّجُل لِصَاحِبِهِ: صَلَّى الله عَلَيْكَ، يُكْرَهُ؛ لِأنَّ الصَّلَاةَ خَاصَّة لِلنَبِىَّ (¬20) صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: "اللَّهُمَّ صل على آلِ أَبِي أوْفَى" فَإِنَّ الصَّلَاةُ لَمَّا كَانَتْ خَاصَّةً (20) لِلنَّبِىِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ لَهُ أَنْ يَضَعَهَا حَيْثُ شَاءَ (¬21). وَأَرَادَ بِآلِ أَبِى أَوْفَى: نَفْسَ أَبِى أَوْفَى هَا هُنَا (¬22). قَوْلُهُ: "وَإِنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ أوْ غَلَّ" (¬23) يَعْنى: أَخْفَى وَخَانَ، يُقَالُ: غَلَّ الْجَزَّارُ الشَّاةَ: إِذَا أَسَاءَ سَلْخَهَا، فَأَخَذَ مَعَ (¬24) الْجِلْدِ شَيْئًا مِنَ اللَّحْمِ (¬25)، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَنْ يَغُلَّ} (¬26) أَىْ: يَخُونَ. قَوْلُهُ: "خَلَّفَهُ احْتِيَاطًا" (¬27) أَىْ: أَخْذًا بِالْحَزْم وَالثِّقَةِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: احْتَاطَ الرَّجُلُ لِنَفسِهِ: إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ، وَأَصْلُ الإِحَاطَةِ بِالشَّىْءِ: الْأَخْذُ مِنْ جَوَانِبِهِ، وَمِنْهُ سُمِّىَ الْحَائِطُ، وَهُوَ الْجِدَارُ. قَوْلُهُ: "فَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ" (¬28) يُقَالُ: نَكَلَ عَنِ الْعَدُوِّ وَالْيَمِينِ يَنْكُلُ بِالضَّمِّ، أَىْ: جَبُنَ وَحَادَ. وَقَالَ أبُو عُبَيْدَةَ (¬29): نَكِلَ بِالْكَسْرِ: لُغةٌ فِيهِ، وَأَنْكَرَهُ الْأصْمَعِىُّ (¬30). قَوْلُهُ: "يُصَادِفُ فِيهِ الإِدَراكَ" (¬31): يُقَالُ: أَدْرَكَت الثَّمَرَةُ: إِذَا بَلَغَتْ حَدَّ نُضْجِهَا، وَصَلُحَتْ لِلأكْلِ. وَأَصْلُ الإِدَراكَ: اللُّحُوقُ. يُقَالُ: مَشَيْتُ حَتَى أَدَرَكْتُهُ (¬32). قَوْلُهُ: "جِزْيَةً أَوْ صَغَارًا" (¬33) الْجِزْيَةُ أَصْلُهَا: الْفِدَاءُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِى ¬
نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} (¬34) وَالصَّغارُ: الذُّلُّ وَالضَّيْمُ، وَكَذَاِكَ الصُّغْرُ بِالضَّمِّ وَالْمَصْدَرُ: الصَّغَرُ بِالتَّحْرِيكِ، وَقَدْ صَغِرَ (الرَّجُلُ) (¬35) يَصْغَرُ صَغَرًا. يُقَالُ: قُمْ عَلَى صَغَرِكَ وَصُغْرِكَ، وَالصَّاغِرُ: الرَّاضى بِالضَّيْم (¬36). قَوْلُهُ: "أَصْنَافٍ" (¬37) هِىَ الْأنْوَاعُ، وَاحِدُهَا صِنْفٌ، بِكَسْرِ الصَّادِ. وَأَجَازَ بَعْضُهُمْ فَتْحَهَا (¬38). قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} الآيَةُ (¬39).الْفَقِيرُ: الَّذِى لَا شَىْءَ لَهُ، وَأَصْلُهُ الَّذِى يَشْتَكِى فَقَارَهُ، وَهِىَ عِظَامُ الظَّهْرِ، كَأَنهُ لِسُوءِ حَالِهِ مُنْقَطِعُ (الظَّهْرِ) (¬40). وَالْمِسْكِينُ: مَأْخُوذٌ مِنَ السُّكُونِ، وَهُوَ ضِدُّ الْحَرَكَةِ، كَأَنهُ لَا يَقْدِرُ (عَلَى) (¬41) أَنْ يَتَحَركَ؛ لِمَا بِهِ مِنَ الضُّر، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ السِّكِّينُ؛ لِأَنَّهَا تُسَكِّنُ الذَّبِيحَةَ، فَلَا تَتَحَرَّكْ (¬42). وحُجَّةُ أَبِى إِسْحَاقَ فِى المِسْكِينِ، أَنَّهُ أَسْوَأ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتربَةٍ} (¬43) فَوَصْفُ الْمِسْكِينِ: أَنَّه أُلْصِقَ بَطْنَهُ بِالأَرْضِ مِنَ الشِّدَّةِ. وَغَيْرَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى الْفَقِيرِ (¬44). وَالْعَامِلُونَ عَلَيْهَا: هُمُ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ أَمْرَهَا، وَأَصْلُ الْعَامِلِ: الَّذِى يَتَوَلَّى الأعْمَالَ، يُقَالُ: عَمَّلْتُ (¬45) فُلَانًا عَلَى الْبَصْرَةِ، وَالْعُمَالَةُ - بِالضَّمِّ: رِزْقُ الْعَامِلِ. وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ: هُمْ مِنْ أَلَّفَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ تَأَلِيفًا، أَىْ: اتَّفَقَا وَاجْتَمَعَا بعَمَلِهِ، وتَأَلفْتُهُ عَلَى الإِسْلَام وَألَّفْتُ الْبنَاءَ: جَمَعْتُ بَيْنَ أَجْزَائِهِ حَجَرًا إِلَى حَجَرٍ وَلَبِنَة إِلَى لَبِنَةٍ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى {لِإيِلَافِ قُرَيْش إِيلَافِهِمْ} (¬46) يَقُولُ (الله) (¬47) تَعَالَى: أَهْلَكْتُ أَصْحَابَ الْفِيلِ؛ لأُولِفَ قُرَيْشًا مَكَّةَ، وَلِتُؤَلِّفَ قرَيْشٌ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ أَىْ: تَجْمَعُ بَيْنَهُمَا إِذَا فَرَغُوا مِنْ ذِهِ أخَذُوا فِى ذِه (¬48). وَفِى الرِّقَابِ: هُمُ الْمُكَاتَبُونَ، سُمُّوا بِذَلِكَ؛ لِأنهُمْ جَعَلُوا فِى رِقَابِهِمْ مالًا لَمْ يَكُنْ يَلْزَمُهُمْ، أَوْ لِأَنَّهُمْ يُعْطوْنَ مِنَ الصَّدَقَةِ مَا يَفُكُّونَ بِهِ رِقَابَهُمْ (¬49). وَالْغَارِمُونَ (¬50): جَمْعُ غَارِمٍ، وَهُوَ مَنْ غَرِمَ مَالًا فِى دَيْنٍ أَوْ دِيَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. قَالَ الْقُتَيْبِىُّ (¬51): هُوَ الَّذِى (عَلَيْهِ) (¬52) الَّدَّيْنُ وَلَا يَجِدُ قَضَاءً؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ هُوَ الْخُسْرَانُ (¬53)، فَكَأَنَّ الْغَارِمَ خَسِرَ مَالَهُ (¬54). ¬
وَلَا يُقَالُ لِمَنْ وَجَدَ الْقَضَاءَ: غَارِمٌ، وَإِنْ كَانَ مُثْقَلًا بِالدَّيْنِ. وَهَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِقَوْلِهِ صَلُّى الله عَلَيْهِ وَسَلُّمَ: "لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ إِلَّا لِثَلَاثَة (¬55) " فَذَكَرَ - الْغَارِمَ. فِى سَبِيلِ اللهِ: هُمُ الْمُجَاهِدُون (¬56). وَسُمِّىَ الْجِهَادُ: فِى سَبِيلِ اللهِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِقطْعِ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيرِ إِلَى مَوْضِعِ الْجِهَادِ. وَأُضِيفَ إِلَى اللهِ، لِمَا فِيهِ مِنَ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ. وَابْنُ السَّبِيلِ: هُوَ الْمُسَافِرُ (¬57). وَالسَّبِيلُ: هَوَ الطَّرِيقُ، وَأُضِيفَ إِلَيْهِ بِالْبُنُوَّةِ، لِمُلَازَمَتِهِ. لَهُ (¬58) وَاشْتِغَالِهِ بِهِ، كَمَا يُقَالُ لِلْعَالِمِ بِالأُمُورِ: ابْنُ بَجْدَتِهَا، وَأَبْنَاءُ الدُّنْيَا: لِلْمُتْرَفِينَ وَالْمَشْغُولِينَ بِهَا. وَفُلَانٌ ابْنُ الْجُودِ وَابْنُ الْكَرَمِ: إِذَا كَانَ جَوَادًا كَرِيمًا، كَمَا يُقَالُ: هُوَ أَخُو الْجُودِ وَرَضِيعُهُ، كُلُّ ذَلِكَ لِمُوَاظَبَتِهِ عَلَى فِعْلِهِ وَاجْتِهَادِهِ فِيهِ. وَالْمُوَاسَاةُ (¬59): أَنْ تَجْعَلَهُ إِسْوَتَهُ فِى مَالِهِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬60). قَوْلُهُ: "وَيُعْطى الْحَاشِرُ" (¬61) هُوَ الَّذِى يَجْمَعُ الْمَوَاشى إلَى الْمُصَدِّقِ عِنْدَ الْمَاءِ، أَوْ إِلَى (مَوْضِعِهِ) (¬62) وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَابْعَثْ فِى الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ} (¬63) أَىْ: يَجْمَعُونَ النَّاسَ، وَيَوْمُ الْحَشْرِ: يَوْمُ الْجَمْعِ. وَالْعَرِيفُ: فَعِيلٌ مِنَ الْمَعْرِفَةِ، وَهُوَ الَّذِى يَعْرِفُ أَرْبَابَ الْمَوَاشِى، وَحَيْثُ يَنَتَجِعُونَ مِنَ الْبِلَادِ، وَكَمْ عَدَدُ مَوَاشِيهِمْ، وَيُحِيطُ بِهِمْ خِبْرَةً. قَوْلُهُ: "أوْ بِضَاعَةٍ يَتَّجِرُ فِيهَا" (¬64) قَالَ الْجَوهَرِىُّ: الْبِضَاعَةُ: طَائِفَةٌ مِنْ مَالِكَ تَبْعَثُهَا لِلتِّجَارَةِ، يُقَالُ: أَبْضَعْتُ الشَّيْىَء وَاسْتَبْضَعْتُهُ: أَىْ: جَعَلْتَهُ بِضَاعَةً، وَفِى الْمَثلِ: "كَمُسْتَبْضِعِ تَمْرٍ إِلَى هَجَرَ" (¬65)، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ} (¬66) مِنْ هَذَا، وَ {مُزْجَاةٍ} قَلِيلَةٍ (¬67). قَوْلُهُ (¬68): "صَعَّدَ بَصَرَهُ (¬69) (¬70) فِيهِمَا وَصَوَّبَ" أَىْ: رَفَعَهُ وَخَفَضَهُ يَتَأَمَّلُ قُوَّتَهُمَا أَوْ ضَعْفَهُمَا، هَلْ يَقْدِرَانِ عَلَى الْكَسْبِ، أَوْ الْهَيْئَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْغِنَى. قَوْلُهُ: "لإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ" (¬71) أَصْلُ الْبَيْنِ: الْبُعْدُ وَالْفِرَاقُ، يُقَالُ: بَان الرَّجُلُ عَنْ صَاحِبِهِ وَعَنْ ¬
وَطَنِهِ: إِذَا فَارَقَهُ. وَبَيْنَهُمَا بَيْنٌ بَعِيدٌ وَبَوْنٌ بَعِيدٌ، وَالْوَاوُ أَفْصَحُ (¬72)، فَكَأَنَّ الْمُصْلِح يَجْمَعُ بَيْنَ الْمُتَبَاعِدَيْنِ وَيُؤَلِّفُ بَيْنَ الْمُتَفَرِّقَيْنِ (¬73)، وَأَتَى بِلَفْظِةِ "ذَاتِ" كَأَنَّهُ أَقَامَهَا مَقَامَ صِفَةِ الْحَالِ أَوْ الْخَصْلَةِ، كَأَنَّهُ أَرَادَ إِصْلَاحِ الْحَالِ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَأَقَامَ الصِّفَةَ مَقَامَ الْمَوْصُوفِ (¬74) قِيَاسًا مِنِّى (¬75). قَوْلُهُ: "وَحَمُولَة تَحْمِلُهُ" (¬76) الْحَمُولَة - بِفَتْحِ الْحَاءِ: هِىَ الإِبِلُ الَّتِىِ يُحْمَلُ عَلَيْهَا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا} (¬77) فَأَمَّا الحُمُولَةُ - بِضَمِّ الْحَاءِ: فهُوَ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا مِنَ الأَمْتِعَةِ (¬78). قَوْلُهُ: "يُنْشِىءُ السَّفَرَ" (¬79) أَىْ: يَبْتَدِئُهُ مِنْ فَورِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَيُنْشِىءُ السَّحَابَ الثِّقَالَ} (¬80) أَىْ: يَبْتَدِئُهَا وَيُحْدِثُهَا، وَلَمْ تَكُنْ قَبْلُ مَوْجُودَةً. قَوْلُهُ: "إِذَا نُقِلَ إِلَى مَسَافَةٍ" (¬81) الْمَسَافَةُ: الْبُعْدُ، وَأَصْلُهَا مِنَ الشَّمِّ، يُقَالُ: سَافَهُ وَاسْتَافَهُ: إِذَا شَمَّهُ (¬82) وَكَانَ الدَّلِيلُ إِذَا وَقَعَ (¬83) فِى فَلَاةٍ أَخَذَ التُرَابَ فَشَمَّهُ، لِيَعْلَمَ أَعَلَى قَصْدٍ هُوَ أَمْ عَلَى جَوْرٍ، قَالَ رُؤْبَةُ (¬84): *إِذَا الدَّلِيلُ اسْتَافَ أَخْلَاقَ الطُّرُقْ* وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ، حَتَّى سَمَّوْا الْبُعْدَ مَسَافَةً (¬85) وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُذْكَرَ فِى بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ. قَوْلُهُ: "الْخِيَمِ الَّذِينَ يَنْتَجِعُونَ لِطَلَبِ الْمَاءِ وَالْكَلَاءِ" (¬86) الْخِيَمُ: وَهِىَ: بَيْتٌ تَبْنِيهِ الْعَرَبُ مِنْ عِيدَانِ الشَّجَرِ، وَأَصْلُهُ: مِنْ خَيَّمَ بِالْمَكَانِ: إِذَا أَقَامَ، وَضُرِبَتْ (¬87) خَيْمَتُهُ لِلإِقَامَةِ (¬88)، قالَ زُهِيرٌ (¬89): . . . . . . . . . . . . ... وَضَعْنَ عِصِىَّ الْحَاضِرِ المُتَخَيِّمِ وَيَنْتَجِعُونَ (¬90)، أَىْ: يَرْتَحِلُونَ (¬91) فِى الْكَلَأ وَالْمَرْعَى. وَهِىَ: النُّجْعَةُ بَالضَّمِّ، تَقولُ: انْتَجَعْتُ فُلَانًا إِذَا أَتَيْتَهُ تَطْلُبُ (¬92) مَعْرُوفَهُ، وَالْمُنْتَجَعُ: بِفَتْحِ الْجِيمِ: الْمَنْزِلُ فِى طَلَبِ الْكَلَأِ، وَهَؤُلاءِ قَوْمٌ نَاجِعَةٌ وَمُنْتَجِعُونَ (¬93) وَقَدْ نَجَعُوا (يَنْجَعُونَ) (¬94) فِى مَعْنَى انتجَعُوا [يَنْتَجِعُونَ] (¬95) عَنْ يَعْقُوبَ (¬96). ¬
وَالْكَلَأ: مَهْمُوزٌ مَقْصُورٌ: هُوَ الْعُشْبُ: وَقَدْ كَلِئَتْ الأَرْضُ وَأكْلَأَتْ، فَهِىَ مُكْلِئَةٌ وَكَلِئَةٌ: أَىْ: ذَاتُ كَلإٍ، وَسَوَاءٌ (¬97) يَابِسَةٌ وَرَطْبَةٌ. قَوْلُهُ: "فِى حِلَلٍ مُجْتَمِعَةٍ" (¬98) بِكَسْرِ الْحَاءِ، هِىَ (¬99): جَمْعُ حِلَّةٍ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ يَنْزِلُهُ الْقَوْمُ فَيَحُلُّونَ بِهِ، أَىْ: يُقِيمُونَ، يُقَالُ: حَلَّ بِالْمَكَانِ حَلًّا وَحُلُولًا، وَالْمَحَلُّ أَيْضًا: الْمَوْضِعُ الَّذِى يَحُلُّهُ، هَذَا مِنْ حَلَّ يَحُلُّ بِالضَّمِّ (¬100). وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ} (¬101) فَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِى يُنْحَرُ فِيهِ، مِنْ حَلَّ يَحِلُّ بِالْكَسْرِ (¬102) وَمَحِلُّ الدَّيْنِ أَيْضًا: أَجَلُهُ. قَوْلُهُ: "إِنَّ بَنِى هَاشِمٍ وَبَنى الْمُطَّلِبِ شَيْىءٌ وَاحِدٌ" (¬103) وَرُوِىَ "سِىٌّ" بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْمَكْسُورَةِ (18) وَالسِّىُّ: الْمِثْلُ. وَمِنْهُ قَوْلُ امْرىِ الْقَيْسِ (¬104): . . . . . . . . . . . . . ... وَلَا سِيَّمَا يَوْمٌ بِدَارَةَ جُلْجُلِ أَىْ: وَلَا مِثْلَ يَوْمِ. وَالسِّيَّانِ: الْمِثْلَانِ، الْوَاحِدُ: سِىٌّ. قَالَ الْحُطَيْئَةَ (¬105): فَإِيَّاكُمْ وَحَيَّةَ بَطْنِ وَادٍ ... هُمُوزَ النَّابِ لَيْسَ لَكُمْ بِسِىِّ (¬106) قَوْلُهُ: "ابْدَأْ بِنَفْسِكَ ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ" قَدْ ذُكِرَ (¬107). ¬
من باب صدقة التطوع
مِنْ بَابِ صَدَقَةِ التَّطَوُّع * قَوْلُهُ (¬1): "كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أن يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ" يُقَالُ: قَاتَ أَهْلَهُ يَقُوتُهُمْ قَوْتًا وَقِيَاتَةً، وَالاسْمُ: الْقُوتُ بِالضَّمِّ، وَهُوَ: مَا يَقُومُ بِهِ بَدَنُ الإِنْسَانِ مِنَ الطعَام، يُقَالُ: مَا عِنْدَهُ قُوتُ لَيْلَةٍ وَقِيتُ لَيْلَةٍ، وَقِيتَةُ لَيْلَةٍ، لَمَّا كُسِرَت الْقَافُ: صَارَت الْوَاوُ يَاءً (¬2). * قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وَسَلَّمَ]: "مَنْ سَقَى مُؤْمِنًا مَاءً (¬3) عَلَى ظَمَأْ سَقَاهُ الله (تَعَالَى) (¬4) مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُوم" قَالَ فِى التَفْسِيرِ (¬5): الرَّحِيقُ: شَرَابٌ أَبْيَضُ بِهِ شَرَابُهُمْ. وَقِيلَ: خُتِمَ بِهِ (¬6) فِى الإِنَاءِ أَنْ يَمَسَّها مَاسٌّ. وَقَالَ الْوَاحِدِىُّ (¬7): هُوَ الشَّرابُ الَّذِى لَا غِشَّ فِيهِ، وَلَا شَىْءَ يُفْسِدُهُ. وَمَخْتُومٌ، أَىْ: عَاقِبَتُهُ حَسَنَةٌ، وَخَاتِمَةُ كُلِّ شَىْءٍ: عَاقِبَتُهُ (¬8). وَقِيلَ: هُوَ كَالْمَخْتُوم بِالطِّينِ، أَىْ: مَمْنُوعٌ مِنْ كُلِّ يَدٍ. * قَوْلُهُ: "يَصْبِرُ عَلَى الإِضَاقَةِ" (¬9) هِىَ الْفَقْرُ، يُقَالُ: أَضَاقَ الرَّجُلُ: إِذَا افْتَقَرَ (¬10)، فَهُوَ مُضَيَّقٌ عَلَيْهِ. * قَوْلُهُ: "فَأْتَاهُ مِنْ رُكْنِهِ" (¬11) أَىْ (مِنْ) (¬12) جَانِبِهِ. وَرُكْنُ الشَّىْءِ: جَانِبُهُ الأَقوَى. * قَوْلُهُ: "فَحَذَفَهُ بِهَا حَذْفَةً" أَىْ: رَمَاهُ بِهَا (¬13). وَأَصْلُ الْحَذْفِ: الرَّمْىُ بِالْعَصَا. (وَ) (¬14) الْحَذْفُ: الرَّمْىُ بِالْحَصَى (¬15). قَوْلُهُ: يَتَكَفَّفُ النَّاسَ" (¬16) لَهُ تَأْوِيلَاتٌ، أَحَدُهَا: أَنْ يَمُدَّ كَفَّهُ يَسْأْلُ النَّاسَ؛ وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَأْتِيَهُمْ مِنَ ¬
كَفَفِهِمْ (¬17) أَىْ: مِنْ جَوَانِبِهِمْ وَنَوَاحِيهِمْ؛ وَالثَّالِثَةُ: أَنْ يَسْأْلهُمْ كَفًّا كَفًّا مِنَ الطَّعَام؛ وَالرَّابِعَةُ: يَطْلُبُ مَا يَكُفُّ بِهِ الْجَوْعَةَ (¬18) قَوْلُهُ: فِى الْحَدِيثِ: "صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِى الْعُمْرِ" (¬19) الرَّحِمُ: الْقَرَابَةُ، بِبهَسْرِ الْحَاء، وَفَتْحِ الرَّاءِ وَيجوزُ كَسْرُ الرَّاءِ وَسُكُونُ الْحَاءِ، وأَصْلُهُ: رَحِمُ الأُنْثَى الَّتِى هِىَ سَبَبُ الْقَرَابَةِ. وَسُمِّيَتِ الْقَرَابًة رَحِمًا بِاسْمِ سَبَبِهَا (¬20). ¬
ومن كتاب الصيام
وَمِنْ (¬1) كِتَابِ الصِّيَام أَصْلُ الصَّوْمِ فِى اللُّغَةِ: الإِمْسَاكُ، يُقَالُ صَامَ الْفَرَسُ: إِذَا قَامَ وَأَمْسَكَ عَنِ الْجَرْىِ (¬2). وَقَالَ الله تَعَالَى فِى قِصَّةِ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ: {إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْمًا} (¬3) أَىْ: إِمْسَاكًا عَنْ الْكَلَامِ (¬4). وَصَامَ النَّهَارُ صَوْمًا: إِذَا قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ، قَالَ الْأَعْشَى (¬5): وَفِيهَا إِذَا مَا هَجَّرَتْ عَجْرَفِيَّةٌ ... ذَمُول إِذَا صَامَ النَّهَارُ وَهَجَّرَا وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْسِ (¬6): كَأَنَّ الثُّرَيًّا عُلِّقَتْ فِى مَصَامِهَا ... . . . . . . . . . . . . . . وَقَالَ الرَّاجِزُ (¬7): * وَالْبَكَرَاتُ شَرُّهُنَّ الصَّائِمَهْ" أَىْ: الَّتِى لَا تَدُورُ. وَالصَّوْمُ فِى الشَّرْعِ: الإِمْسَاكُ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْجِمَاعِ. وَقَالَ ابُو عُبَيْدٍ: كُلُّ مُمْسِكٍ عَنْ طَعَامٍ، أوْ كَلَامٍ أوْ سَيْرٍ: فَهُوَ صَائِمٌ (¬8). قَوْلُهُ: "شَهْرِ رَمَضَانَ" (¬9) الشَّهْرُ: الْهِلَالُ، (سُمِّىَ بِذَإِكَ) (¬10) لِشُهْرَتِهِ وَظُهُورهِ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ (¬11): فَأَصْبَحَ أَجْلَى الطَّرْفِ لَا يَسْتَزِيدُهُ ... يَرَى الشَّهْرَ قَبْلَ النَّاسِ وَهُوَ نَحِيلُ وَقَالَ آخَرُ (¬12): ¬
ابْدَأَنْ مِنْ نَجْدٍ عَلَى ثِقَةٍ ... وَالشَّهْرُ مِثّلُ قُلَامَةِ الظُّفْرِ وَرَمَضَانُ: مَأْخُوذٌ مِنْ رَمِضَ الصَّائِمُ: إِذَا حَرَّ جَوْفُهُ مِنَ الْعَطَشِ. وَالرَّمْضَاءُ: الْحَرُّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: رَمَضَانُ اسْمٌ مِنْ أسْمَاءِ الله [تَعَالَى]. وَفِيهِ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ، هَذَا أَجْوَدُهَا (¬13). قَوْلُهُ: "رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الإسْلَامِ" أَرْكَانُ كُلِّ شَىْءٍ: نَوَاحِيهِ وَأَركَانُ الْجَبَلِ: جَوَانِبُهُ، وَمِنْهُ: أَرْكَانُ الْبَيْتِ، فَأْرَادَ أَنْ الصَّوْمَ أَحَدُ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ، أَىْ: جَوَانِبُهُ الّتِى بُنِىَ عَلَيْهَا، كَمَا أَنَّهُ مَتَى اخْتَلَّ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْتِ: فَسَدَ وَاخْتَلَّ بِنَاوهُ، وَكَذَلِكَ أَرْكَانُ الإِسْلَامِ، مَتَى فُقِدَ مِنْهَا رُكْنٌ لَمْ يَتِم الإسْلَام. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْفَرْضِ: أَنْ الرُّكْنَ يَجِبُ اعْتِقَادُهُ وَلَا يَتِمُّ الْعَمَلُ إِلَّا بِهِ، سَوَاءٌ كَانَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، وَالْفَرْضُ مَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ. قَوْلُهُ: "يَتَحَتَمُ وُجُوبُ ذَلِكَ" (¬14) الْحَتْمُ: إِحْكَامُ الأَمْرِ، وَالْحَتْمُ أيْضًا: الْقَضَاءُ، وَحَتَمْتُ عَلَيْهِ الشَّىْءَ: أَوْجَبْتُ (¬15) فَمَعْناهُ: يَجِبُ وُجُوبًا مُحْكَمًا (¬16) مَقْضِيًّا بِهِ، لَا نَقْضَ فِيهِ وَلَا رَدَّ. قَوْلُهُ: "يَسْقُطُ فِيهِ التَّكْلِيفُ" (¬17): هُوَ مَا تُكُلَّفَ بِهِ (¬18) الإِنْسَانً مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ وَاِلصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِهَا مِنَ الْفُرُوضِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَمِيلُ إِلَى الرَّاحَةِ وَتَرْكِ الْعَمَلِ، فَفَرْضُهَا عَلَيْهِ تَكْلِيفُ مَشَقَّةٍ لَا تَشْتَهِيهَا نَفْسُهُ، يُقَالُ: كَلَّفْتُهُ تَكْلِيفًا، أَىْ: أمَرْتُهُ بِمَا يَشُقُّ عَلَيْهِ، فَهُوَ مُكَلَّف (¬19). وَالْمُكَلَّفُ فِى الشَّرْعِ: هُوَ الَّذِى وُجِدَتْ فِيهِ شَرَائِطُ التَّكْلِيفِ، مِنَ الْبُلُوغِ وَالإِسْلَام، وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ (¬20) {يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (¬21) مَا قَدْ مَضَى، يُقَالُ: سَلَفَ يَسْلُفُ سَلَفًا، مِثْلُ (¬22) طَلَبَ يَطْلُبُ طَلَبًا، أَىْ: مَضَى، وَالسَّلَفُ الْمُتَقَدِّمُون (¬23). قَوْلُهُ: "الَّذِى يَجْهَدُهُ الصَّوْمُ" (¬24) يَجُوزُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْهَاءِ، وَيَجُوزُ يَجْهِدُهُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْر الْهَاءِ يُقَالُ: جَهَدَهُ (الصَّوْمُ) (¬25) بِالْفَتْج يَجْهَدُهُ، مَفْتُوحٌ أيْضًا: إِذَا شَقَّ عَلَيْهِ، فُتحَ لِأجْلِ حَرْفِ الْحَلْقِ، وَأَجْهَدَهُ الصَّوْمُ بِالْهَمْزِ يُجْهَدُهُ أيْضًا (¬26)، وَالأوَّلُ أَفْصَحُ (¬27). قَوْلُهُ (¬28): {مِنْ حَرَجٍ} مِنْ (¬29) ضِيق، وَقَدْ ذُكِرَ (¬30). ¬
أرْبَعَةِ بُرُدٍ (¬31) قَدْ ذُكِرَ (¬32). وَالْبِرُّ: ذُكِرَ (¬33). قَوْلُهُ: "لِخَوْفِ التُّهْمَةِ وَالْعُقُوبَةِ" (¬34) يُقَالُ: اتَّهَمْتُ فُلَانًا بِكَذَا، وَالاسْمُ مِنْهُ التُّهَمَةُ (¬35) - بِالتَّحْرِيكِ، (عَلَى مِثَالِ هُمَزَةٍ) (¬36) وَأَصْلُ التَّاءِ فِيهِ وَاوٌ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِىُّ (¬37). قَوْلُهُ: "بَرِىءَ الْمَرِيضُ" (¬38) يُقَالُ: بَرِىَ الْمَرِيضُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا، وَبَرِىءَ مِنَ الدَّيْنِ بِكَسْرِهَا لَا غَيْرُ (¬39). قَوْلُهُ: "الرُّخْصَةُ" (¬40) الرُّخْصَةُ وَالتَّرْخِيصُ فِى الْأمْرِ: ضِدُّ التّشْدِيدِ فِيهِ، وَقَدْ رُخِّصَ لَهُ (فِى كَذَا) (¬41) تَرْخِيصًا فَتَرَخَّصَ فِيهِ، أَىْ: لَمْ يَسْتَقْصِ. قَوْلُهُ: "فَإِنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ" (¬42) أَىْ: غَطَّاهُ غَيْمٌ أوْ هَبْوَةٌ (¬43)، يُقَالُ: (غَمَمْتُهُ إِذَا غَطَّيْتُهُ) (¬44) فَانْغَمَّ وَمِنْهُ الْغِمَامَةُ الَّتِى تُجْعَلُ عَلَى فِى الْحِمَارِ وَمِنْخَرَيْهِ، الْجَمْعُ غَمَائِمُ. وَالضَّمِيرُ فِى "غُمَّ" لِلْهِلَالِ (¬45)، وَيَقُومُ "عَلَيْكُمْ" (¬46) مَقَامَ مَا لَمْ يُسَمّ (¬47) فَاعِلُهُ (¬48). وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ (¬49): "فَإنْ أُغْمِىَ عَلَيْكُمْ" (¬50)، "وَ" إِنْ كَانَ مُغْمَىً عَلَيْهِ أَىْ: غُشِىَ عَلَيْهِ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْغَمَى وَهُوَ الغِطَاءُ، مِثْلُهُ فِى الْمَعْنَى لَا فِى اللَّفْظِ، لِأَنَّ لَامَ "غُمَّ" مِيمٌ، وَلَامَ "أُغْمِىَ عَلَيْهِ" يَاءٌ (¬51)، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَسُمِّىَ الْغَمَامُ غَمَامًا؛ لِأَنَّهُ يَغُمُّ السَّمَاءَ، أَىْ: يَسْتُرُهَا، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَغُم الْمَاءَ فِى جَوْفِهِ. وَقَالَ شَمِرٌ: سُمِّىَ مِنْ قِبَلِ غَمْغَمَتِهِ وَصَوْتِهِ، وَكَذَا (¬52) الغَمُّ ضِدُّ الْفَرَحَ كَأَنَّهُ يُغَطِّى الْفَرَحَ وَيَذْهَبُ بِهِ. قَوْلُهُ: "إِنَّ الأَهلَّةَ بَعْضُهَا أَكبَرُ مِنْ بَعْضٍ" (¬53) أَرَادَ ارْتِفَاعَ الْمَنَازِلِ لَا عِظَمَ الدَّارَةِ (¬54). قَوْلُهُ: "جَدِيلَةُ قَيْسٍ" (¬55) فِى الْعَرَبِ قَبَائِلُ، كُلُّ وَاحِدَةٍ تُسَمَّى جَدِيلَةَ، مِنْهَا هَذِهِ، وَجَدِيلَةُ طَىِّءٍ (¬56) وَجَدِيلَةُ حَنِيفَةَ (¬57) وَيُنْسَبُ إِلَى الْجَمِيعِ: جَدَلِىُّ مِثْلُ حَنَفِىٍّ. وَأَرَادَ بِالإِضَافَةِ: الْفَرْقَ. قَوْلُهُ: "شَاهِدَا عَدْلٍ" (¬58) لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ بِالْمَصْدَرِ، يُقَالُ: هَذَا شَاهِدُ عَدْلٍ، ¬
وَشَاهِدَا عَدْلٍ، وَشُهُودُ عَدْلٍ. وَلَا يُقَالُ: عَدْلَانِ وَلَا عُدُولٌ (¬59). وَأْصْلُهُ (¬60): الاعْتِدَالُ وَالاسْتِقَامَةُ (¬61) ضِدُّ الْمَيْلِ وَالانْحِرَافِ، وَقَدْ يَكُونُ الْعَدْلُ: الْمَيْلُ، يُقَالُ: عَدَلَ عَنِ الطَّرَيقِ وَعَنِ الْحَقِّ: إِذَا مَالَ وَهُوَ مِنَ الأضْدَادِ. قَوْلُهُ: "نَنْسُكْ - وَنَسَكْنَا بِشَهَادَتِهِمَا" النُّسُكُ - هَا هُنَا: الْعِبَادَةُ: يُقَالُ: نَسَكَ وَتَنَسَّكَ (¬62) أَىْ: تَعَبَّدَ. وَنَسُكَ بِالضَّمِّ نَسَاكَةً، أَىْ: صَارَ نَاسِكًا (¬63). قَوْلُهُ: تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ" (¬64) هُوَ تَفَاعَلَ مِنَ الرُّؤْيَةِ (¬65)، وَالْمُفَاعَلَةُ تَكُونُ مِن اثْنَيْنِ، أَىْ: جَعَلَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: أَنَا أَرَاهُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: لَا أَرَاهُ، وَشِبْهُ ذَلِكَ، وَمِنْهُ: {تَرَاءَى الْجَمْعَانَ} (¬66). قَوْلُهُ: "وَعَرَفَ رَجُلٌ الْحِسَابَ وَمَنَازِلَ الْقَمْرِ" (¬67) هُوَ حِسَابٌ يَعْمَلُهُ أَهْلُ النُّجُومِ بِضَرْبٍ يَضْرِبُونَهُ، يَعْرِفُونَ بِهِ دُخُولَ الشَّهْرِ وَخُرُوجَهُ، وَدُخُولَ السَّنَةِ، فَمَنْ أَحْكَمَ ذَلِكَ وَعَرَفَهُ مَعْرِفةً صَحِيحَةً مُتَحَقِّقَةً: لَزِمَهُ الصَّوْمُ فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، كَمَا ذَكَرَهُ (¬68) الشَّيْخُ، وَمَنَازِلُ الْقَمَرِ: لَمْ يُرِدْ الثَّمَانِيَةَ وَالْعِشْرِينَ مَنْزِلًا الْمَعْرُوفَةَ، بَلْ هُوَ حِسَابٌ لَهُمْ أَيْضًا، يَقُولُونَ: إِذَا نَزَلَ الْقَمَرُ أَوْ الشَّمْسُ (¬69) الْبُرْجَ الْفُلَانِىَّ: دَخَلَ شَهْرُ كَذَا وَسَنَة كَذَا وَيَدَّعِى الْمُنَجِّمُونَ وُقُوع خَيْرٍ وَشَرٍّ عِنْدَ ذَلِكَ بِحِسَابِهِمْ (¬70) وَلَيْسَ بِصَحِيحِ، وَقَدْ نَهَى النَّبِىُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: "مَنْ صَدَّقَ مُنَجِّمًا فَقَدْ كَفَرَ". قَوْلُهُ: "وَإِنْ اشْتَبَهَت الشُّهُورُ عَلَى أَسِير تَحَرَّى" (¬71) أَىْ: اجْتَهَدَ فِى طَلَبِ الشَّهْرِ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ الاسْتِدْلَالَ. قَوْلُهُ (¬72) فِى الْحَدِيثِ: "مَنْ لَمْ يُبَيِّت الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَلَا صِيَامَ لَهُ" يَعْنِى: يَنْوِيهِ بِاللَّيْلِ، يُقَالُ: بَيَّتَ رَأَيَهُ: إِذَا فَكَّرَ فِيهِ لَيْلًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} (¬73) وَقَالَ الزَّجَّاجُ (¬74) كُلُّ مَا فُكَّرَ فِيهِ أَوْ خِيضَ فِيهِ بِلَيْلٍ، أَىْ: دُبِّرَ بِلَيْلٍ. وَسُمِّىَ الْبَيْتُ بَيْتًا؛ لِأَنَّهُ يُبَاتُ فِيهِ بِاللَّيْلِ. وَيُقَالُ: بَيَّتّهَمُ الْعَدُو: إِذَا جَاءَهُمْ (¬75) لَيْلًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لِنُبَيِّتَنَّهُ وَأْهْلَهُ} (¬76) {وَاللهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ} (¬77). قَوْلُهُ: "صَوْمُ التَّطَوُّعِ" (¬78) هُوَ أَنْ يَفْعَلَ الشَّىْءَ بِطَوَاعِيَتِهِ مِنْ غَيْرِ إِكْرَاهٍ وَلَا جَبْرٍ، وَالتَّطوُّعُ كَالتَّبَرُّعِ {فَطَوَّعَتْ (¬79) لَهُ نَفْسُهُ} (¬80) أَىْ: رَخَّصَتْ وَسَهَّلَتْ (¬81). وَالطَّوْعُ (¬82): الانْقِيَادُ مِنْ غَيْرِ امْتِنَاع، يُقَالُ: ¬
فُلَانٌ طَوْعُ يَدَيْكَ، أَىْ: مُنْقَاد لَكَ، وَفَرَسٌ طَوْعُ العِنَانِ، أَىْ: سَلِسٌ مُنْقَادٌ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (¬83) الْخَيْطُ الأَبْيَضُ: هُوَ بَيَاضُ النَّهَارِ، وَالْخَيْطُ الأسْوَدً: هُوَ (¬84) سَوَادُ اللَّيْلِ (¬85). وَالْخَيْطُ هَا هُنَا: اسْتِعَارَةٌ لِدِقَّتِهِ وَخَفَائِهِ، قَالَ (¬86): فَلَمَّا أَضَاءَتْ لَنَا سُدْفَةٌ ... وَلَاحَ مِنَ الصُّبْحِ خَيْطٌ أَنَارَا قَوْلهُ: "فَإِنْ اسْتَعْط - وَإِنْ (¬87) احْتَقَنَ (¬88) السَّعُوطُ: الدَّوَاءُ يُصَبُّ (¬89) فِى الأَنْفِ، وَقَدْ أَسْعَطْت الرَّجُلَ، وَاسْتَعَطَ (¬90) هُوَ بِنَفْسِهِ. وَالاحْتِقَانُ (وَ) الْحُقْنَةُ (¬91): مَا يُحْقَنُ بِهِ الْمَرِيضُ مِنَ الأَدْوِيَةِ أَىْ: يُصَبُّ فِى دُبُرِهِ، يُقَالُ: قَدْ احْتَقَنَ الرَّجُلُ، وَأْصْلُهُ: الْحَبْسُ، وَمِنْهُ حَقْنُ الدِّمَاءِ (¬92). قَوْلُهُ: "وَإِنْ (¬93) كَانَتْ بِهِ جَائِفَةٌ أَوْ آمَةٌ" الْجَائِفَةُ: الْجِرَاحَةُ الَّتِى تَصِلُ إلَى الْجَوْفِ، وَهِىَ فَاعِلَةٌ مِنْ أَجَافَهُ وَجَافَهُ، يُقَالُ: أْجَفْتُهُ (¬94) الطَّعْنَةَ وَجُفْتُهُ بِهَا عَن الْكِسَائِىُّ (¬95) وَالآمَّةً: الْجِرَاحَةُ الَّتِى تَبْلغُ أُمَّ الدِّمَاغِ، وَهِىَ: الْجِلْدَةُ التِّى (تُحِيطُ بِالدِّمَاغِ) (¬96)، وَالْمَأْمُومَةُ مِثْلُهَا (¬97)، وَإِنَّمَا قِيلَ للشَّجَّةِ آمَّةٌ وَمَأْمُومَةٌ بِمَعْنَى: ذَاتِ أُمٍّ، كَعِيشَةٍ - رَاضِيَةٍ (¬98). قَوْلهُ: "وَإنْ (¬99) زَرَقَ فِى إِحْلِييهِ" أَىْ: رَمَى، يُقَالُ: زَرَقَ بِالْمِزْرَاقِ، أَىْ: رَمَى بِهِ، وَزَرَقَ الطَّائِرُ: إِذَا رَمَى بِذَرْقِهِ (¬100) وَزَرَقَهُ بِالرُّمْحِ فَانزرَقَ فِيهِ الرُّمْحُ: اذَا نَفَذَ فِيهِ وَدَخَلَ. الْمَثَانَةُ: الْجِلْدَةُ (الَّتِى) (¬101) يَجْتَمِعُ فِيهَا الْبَوْلُ (¬102) وَالإِحْلِيلُ: مَخْرَجُ الْبَوْلِ. مِنْ انْحَلَّ إِذَا ذَابَ وَانْمَاعَ. قَوْلُهُ: "فَإِنَّ (¬103) اسْتَفَّ تُرَابًا" يُقَالُ: سَفِفْتُ الدَّوَاءَ، بِالْكَسْرِ: اذَا أْخَذْتَهُ غَيْرَ مَلْتُوتٍ، وَكَذَلِكَ (¬104) السَّوِيقُ، وَكُلُّ دَوَاءٍ يُؤْخَذُ غَيْرَ مَعْجُونٍ، فَهُوَ سَفُوفٌ بِفَتْحِ السِّين (¬105). ¬
قَوْلُهُ: "فَإِنْ (¬106) أْخْرَجَ الْبَلْغَمَ" هُوَ النُّخَامَةُ، وَنَحْوُهُ مِنَ الْبُصَاقِ الثَّخِينِ الْمُنْعَقِدِ. وَالْبَلْغَمُ أَيْضًا أَحَدُ الطَّبَائِع الأرْبَعِ، وَذلِكَ بَكُونُ مِنْ عِلَّتِهِ، فَسُمِّىَ بِهِ. قَوْلُهُ: "وَمَن ذَرَعَهُ الْقَىْءُ" (¬107) قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬108): ذَرَعَهُ الْقَىْءُ، أَىْ: سَبَقَهُ وَغَلَبَهُ. قَوْلُهُ: "بِأَنْ أَوْجَرَ الطَّعَامَ فِى حَلْقِهِ" (¬109) أَصْلُ الوُجُورِ: الدَّوَاءُ يُوْجَرُ، أَىْ: يُصَبُّ، فِى وَسَطِ الْفَمِ، تَقُولُ مِنْهُ (¬110) وَجَرْتُ الصَّبِىَّ وَأَوْجَرْتُهُ بِمَعْنَىً (¬111)، وَاتَّجَرَ [أَىْ: تَدَاوَى بِالْوَجُورِ] (¬112) وَأَصْلُهُ اوْتَجَرَ. قَوْلُهُ: "كَغُبَارِ الطَّرِيقِ وَغَرْبَلَةِ الدَّقِيقِ" (¬113) غَرْبَلَ الدَّقِيقَ: إِذَا نَخَلَهُ بِالْغِرْبَالِ، وَهُوَ الْمُنْخُلُ، غَرْبَلَةً (¬114). وَأَرَادَ: مَا يَطِيرُ الَى الْحَلْقِ مِنْ ذَلِكَ وَيَغْلِبُهُ. قَوْلُهُ فى بَعْض النُّسَخِ (¬115) فِى حَدِيثِ الْمُجَامِع (¬116) فِى رَمَضَانَ: "فَأتَى بِعَرَقٍ مِن تَمْرٍ" قَالَ الأَصْمَعِىُّ: هُوَ السَّفِيفَةُ (¬117) الْمَنْسُوجَةُ مِنَ الْخُوص (قَبْلَ أَنْ) (¬118) يُجْعَلَ مِنْهُ [الزَّبِيلُ] (¬119) فَسُمِّىَ الزَّبِيلُ - عَرَقًا لِذَلِكَ (¬120). فِى الْحَدِيثِ: "مَا بَيْنَ لَابَتَىِ الْمَدِينَةِ" قَالَ أهْلُ اللغَةِ: هُمَا حَرَّتَانِ تَكْتَنِفَانِهَا، الْوَاحِدَةُ: لَابَةٌ، بِغَيْرِ هَمْزٍ (¬122)، وَالْجَمْع: اللُّوبُ (¬123) وَاللَّابُ، وَهِىَ الْحِرَارُ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لُوبَةٌ وَنُوبَةٌ لِلْحَرَّةِ، وَهِىَ الأَرْضُ الَّتِى أَلبَسَتْهَا حِجَارَة سُودٌ، وَمِنْهُ لِلأَسْودِ: لُوبِىٌّ وَنُوبِىٌّ، قَالَ بِشْرٌ (¬124): . . . . . . . . . . . . . ... وَحَرَّةُ ولَيْلَى السَّهْلُ مِنْهَا (فَلُوبُهَا) (¬125) قَوْلُهُ: "وَتَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ" (¬126) هِىَ التَّغْطِيَةُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: تَكَفَّرَ بِالسِّلَاحِ: إِذَا تَغَطَّى وَاسْتَتَرَ كَأْنَّهَا تُغَطِّى الذَّنْبَ وَتَسْتُرُهُ. وَسُمِّىَ (¬127) الْكَافِرُ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ يُغَطِّى الإِسْلَامَ وَالدِّينَ وَيَسْتُرُهُ، وَالْكَافِرُ: الزَّرَّاعُ (¬128)؛ لِأَنَّهُ يُغَطِّى الْبَذْرَ وَيَسْتُرُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} (¬129). ¬
قَوْلُهُ: "يَغْطِسُ فِيهِ" (¬130) أَىْ: يَدْخُلُ فِيهِ وَيَنْغَمِسُ فِيهِ حَتَّى يَتَوَارَى، وَقَدْ غَطَسَهُ فِى الْمَاءِ يَغْطِسُهُ (¬131). قَوْلُهُ: "فِى يَوْمٍ صَائِفٍ" (¬132) أَىْ: حَارٌّ؛ لِأَنَّ أَيَّامَ الصَّيْفِ شَدِيدَةُ الْحَرِّ. وَرُبَّمَا قَالُوا: يَوْمٌ صَافٌ بِمَعْنَى صَائِفٍ (¬133). قَوْلُهُ: "نَهَى عَنِ الْوِصَالِ فِى الصَّوْمٍ" (¬134) هُوَ أَنْ يَصُومَ نَهَارَهُ وَلَا يُفْطِرُ بِاللَّيْلِ، ثُمَّ يَصُومُ بِالنَّهَارِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْوَصْلِ، وَهُوَ اتَّصَالُ الصَّوْمِ بِالصَّوْمِ مِنْ غَيْرِ فِطْرٍ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: "ابْقَاءً عَلَى أَصحَابِهِ" أَىْ: رَحْمَة، يُقَالُ: أَبقَيْتُ عَلَى فُلَانٍ، أَىْ: رَعَيْتُ لَهُ (¬135) وَرَحِمْتُهُ يُقَالُ: لَا أَبْقَى اللهُ عَلَيْكَ إِنْ أَبْقَيْتَ عَلَىَّ، وَالاسْمُ مِنْهُ: الْبُقْيَا، قَالَ الشَّاعِرُ (¬136): فَمَا بُقْيَا عَلَىَّ تَرَكْتُمَانِى ... وَلَكِنْ خِفْتُمَا صَرَدَ السِّهَامِ قَوْلُهُ: "وَأَكْرَهُ لَهُ العِلْكَ" (¬139) هُوَ الَّذِى يُمْضَغُ مَعْرُوف، وَقَدْ عَلَكَهُ، أَىْ: لَاكَهُ، وَعَلَكَ الْفَرَسُ اللِّجَامَ. أَىْ: لَاكَهُ فِى فِيهِ، وَشَىْءٌ عَلِكٌ، أَىْ: لَزِجٌ. (وَتَفَرَّكَ) (¬140) وَتَفَتَّتَ: وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: "كَانَ أَمْلَكَكُمْ لإِرْبِهِ" (¬141) بِكَسْرِ الأَلِفِ وَسُكُونِ الرَّاءِ: الإِرْبِ: الْعُضْوُ (¬142). تَعْنِى أَنَّهُ كَانَ غَالِبًا لِهَوَاهُ (¬143)، وَرُوِىَ "لأرَبِهِ" بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ، وَالأَربُ: الْحَاجَةُ (¬144)، وَكَذَا الإِرْبَةُ (¬145) قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} (¬146). قَوْلُهُ: "فَلَا يَرْفُث" (¬147) قَدْ ذَكَرْنَا (¬148) الرَّفَثَ (¬149)، وَأَنَّهُ الْجِمَاعُ، وَالرفَثُ أَيْضًا: الْفُحْشُ مِنَ الْقَوْلِ وَكَلَامُ النِّسَاءِ. وَتَقُولُ مِنْهُ: رَفَثَ الرَّجُلُ وَأرْفَثَ، وَفِى مُسْتَقْبَلِهِ لُغَتَانِ، (الضَّمُّ وَالْكَسْرُ) (¬150). قَالَ الْعَجَّاجُ (¬151). وَرُبَّ أَسْرَابٍ حَجِيجٍ كُظَّمِ ... عَنِ اللَّغَا وَرَفَثِ التَكَلُّمِ وَقِيلَ لابْنِ عَبَّاس حِينَ أَنْشَدَ: ¬
وَهُنَّ يَمْشِينَ (بِنَا) (¬152) هَمِيسًا ... إنَ تَصْدُق الطّيْرُ نَنِكْ لَمِيسَا أَتَرْفُثُ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا الرَّفَثُ: مَا وُوجِهَ بِهِ النِّسَاءُ (¬153). قَوْلُهُ: "يُطْعِمُنِى رَبِّى وَيَسْقِينى" (¬154) قِيلَ: يُطْعِمُهُ حَقِيقَةً، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: يَعْصِمُهُ وَيُعِينُهُ. قَوْلُهُ: "يَتَسَحَّرُ وَالسَّحُورُ" (¬155) هُوَ (¬156) مُشْتَقٌ مِنَ السَّحَرِ، وَهُوَ: آخِرُ اللَّيْلِ، وَالسَّحُورُ بِالْفَتْحِ اسْمُ الطَّعَام الَّذِى يُتَسَحَّرُ بهِ، وَالسُّحُورُ- بِالضَّمِّ: هُوَ الْفِعْلُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "كَانَ يُحِبُّ تَأْخِيرَ السُّحُورِ" (¬157) بِالضَّمِّ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ: التَّسَحُّرُ. قَوْلُهُ: "فَإِنَّ فِى السَّحُورِ (¬158) بَرَكَةً" الْبَرَكَةً: النَّمَاءُ وَالزِّيَادَةُ، وَالتَّبْرِيكُ: الدُّعَاءُ بِالْبَرَكَةِ (¬159). قَوْلُهُ: "لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ ظَاهِرًا" (¬160) أَىْ: قَوِيًّا، قَالَ الأصْمَعِىُّ: يُقَالُ: بَعِيرٌ ظَهِيرٌ بَيِّنُ الظَّهَارَةِ: إِذَا كَانَ قَوِيًّا، وَنَاقَةٌ ظَهِيرَةُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكونَ "ظَاهِرًا" أَىْ: غَالِبًا، أَوْ عَالِيًا، مِنْ ظَهَرْتُ عَلَى الرَّجُلِ، أَىْ (¬161) غَلَبتُهُ، وَظَهَرْتُ عَلَى الْبَيْتِ (¬162)، أَىْ: عَلَوْتُهُ، وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَى عَدُوِّهِ (¬163). قَوْلُهُ: " (¬164) مَنْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمٌ (مِنْ رَمَضَانَ) (¬165) فَلْيَسْرُدْهُ، أَىْ: يُتَابِعْهُ وَيُوَالِى أَيَّامَهُ وَلَا يُفَرِّقْهَا. سَرَدْتُ الصَّوْمَ: تَابَعْتُهُ، وَمِنْهُ "أَشْهُرُ (¬166) الْحُرُم: ثَلَاثَةٌ سَرْدٌ وَوَاحِدٌ فَرْدٌ" (¬167) أَىْ: مُتَتَابِعَةٌ (¬168). ¬
من باب صوم التطوع
مِنْ بَابِ صَوْم التَّطَوُّع قَوْلُهُ: "يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَعَشُوَراء" (¬1) مَمْدُودَانِ، وَهُوَ أفْصَحُ مِنَ الْقَصْرِ (¬2)، مَأخُوذٌ مِنْ لَفْظِ الْعَاشِرِ مِنَ الْمُحَرَّمِ. قَوْلُهُ: "أَيَّامَ الْبِيض" (¬3) سُمِّيَتْ بَيضًا؛ لأَنَّهَا تَبْيَضَّ لَيَالِيَهَا بِطُلُوعِ الْقَمَرِ فِى جَمِيعِهَا مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا (¬4) وَقِيلَ: إِنَّ (¬5) آدَمَ لَمَّا أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ اسْوَدَّ جَسَدُهُ، فَاُمِرَ بِصِيَامِهَا فَابْيَضَّ جَسَدُهُ، كُلَّمَا صَامَ يَوْمًا: ابْيَضَّ ثُلُثُ جَسَدِهِ. وَأصْلُهُ: بُيضَ بِضَمِّ الْبَاءِ، (وَإِنَّمَا) (¬6) قَلَبُوا الضَّمَّةَ كَسْرَةً لِتَصِحَّ الْيَاءُ (¬7). قَوْلُهُ: "أَعْمَالَ النَّاسِ تُعْرَضُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ (¬8) " يُقَالُ: عَرَضْتُ لَهُ الشَّىْءَ: أَىْ: أظْهَرْتُهُ لَهُ وَأَبْرزْتُهُ (لَهُ (¬9)) وَمِنْهُ: عَرَضْتُ الْجَارِيَةَ عَلَى الْبَيْعِ وَعَرَضْتُ الْكِتَابَ، وَعَرَضْتُ الْجُنْدَ وَاعْتَرَضُوا هُمْ (¬10). قَوْلُهُ: "أُوْلَئِكَ فِينَا مِنَ السَّابِقِين" (¬11) أَىْ: سَبَقُوا إِلَى عمَلِ الْخَيْرِ، فَسَبَقُوا (¬12) إلَى الْجَنَّةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} (¬13) قِيلَ: إِلَى الإِيمَانِ مِنْ كُلِّ أُمَّةٌ، وَقِيلَ: مُصَلُّوا (¬14) الْقِبْلَتَيْنِ (¬15) وَالثَّانِى [خَبَرٌ] (¬16) أَىْ: هُمُ السَّابِقُونَ الَى الْجَنَّةِ. قَوْلُهُ: "رَأى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً" (¬17) التَّبَذُّلُ: تَرْكُ التَّصَاوُنِ، أَىْ: تَارِكَةً لِلزِّينَةِ وَالتَّعَطُّرِ الَّذِى يَدْعُو الزَّوْجَ إِلَى الْمُبَاشَرَةِ. وَالْبِذْلَةُ وَالْمِبْذَلَةُ (¬18) - بِالْكَسْرِ: مَا يُمْتَهَنُ مِنَ الثِّيَابِ، وَابْتِذَالُ الثَّوْبِ: امْتِهَانُهُ. كَأَنَّهَا لَابِسَة ثِيَابَ الْبِذْلَةِ. وَقَدْ ذُكِرَ فِى الاسْتِسْقَاءِ (¬19). قَوْلُهُ: "لَحْمِ نُسُكِكُمْ" (¬20) أَىْ: ذَبَائِحِكُمْ. النَّسِيكَةُ: الذَّبِيحَةُ تُذْبَحُ لِلْقُرْبَةِ، وَالْجَمْعُ: نَسَائِكُ تَقُولُ مِنْهُ، نَسَكَ دَمَهُ يَنْسُكُ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬21). وَالْمَنْسِك وَالمَنْسَكُ: الْمَوْضِعُ الَّذِى تُذْبَحُ فِيهِ النُّسُكُ أَيَّامَ ¬
التَّشْرِيقِ (¬22) قَدْ ذُكِرَتْ (¬23). قَوْلُهُ: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" (¬24) قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬25): لَيْلَةُ الْقَدْرِ: هِىَ اللَّيْلَةُ الَّتى يُقْدِّرُ اللهُ فِيهَا الْأَشْيَاءَ وَيُفَرِّقُ كُلَّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (¬26) أَىْ: مُحْكَمٍ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيت (¬27) يُقَالُ: قَدَرَ اللهُ الأمْرَ (يَقْدُرُهُ قَدْرًا وَقَدَرًا، وَقَدَّرَ اللهُ الأمْرَ تَقْدِورًا) (¬28) وَأنْشَدَ الأخْفَشُ (¬29). أَلَا يَا (لَقَوْمِى (¬30)) لِلنَّوَائِبِ وَالْقَدْرِ ... وَلِلأَمْرِ يَأَتِى الْمَرَءَ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِى قَوْلُهُ: "إيِمَانًا" أَىْ: تَصْدِيقًا بِفَضْلِهَا، "وَاحْتِسَابًا" طَلَبًا لِثَوَابِهَا، يُقَالُ: فُلَانٌ يَحْتَسِبُ الْأخْبَارَ، أَىْ: يَطْلُبُهَا (¬31). قَالَ الْخَطَّابِىُّ فِى تَفسِيرِ الْحَدِيثِ: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا" أَىُّ: نِيَّةً وَعَزِيمَةً يَصُومُهُ تَصْدِيقًا بِوُجُوبِهِ (¬32) وَرَغْبَةً فِى ثَوَابِهِ، طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ، لَا مُسْتَثْقِلَةً لَهُ، وَلَا مُسْتَطَيلَةً لِأَيَّامِهِ. وَاللهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ (¬33): "الْتَمِسُوهَا" أَىْ: اطْلُبُوهَا، وَالالْتِمَاسُ: الطَّلَبُ، وَالتَّلَمُّسُ: التَّطَلُّبُ مَرةً بَعْدَ أُخْرَى (¬34). قَوْلُهُ (¬35): "أَسْجُدُ فِى صَبِيحَتِهَا" (¬36) بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الْبَاءِ (وَالصَّبِيحَةُ) (¬37) مِثْلُ الصَّبَاحِ، وهُوَ نَقِيضُ الْمَسَاءِ. * * * ¬
باب الاعتكاف
بَابُ الاعْتكَافِ الاعْتِكَافُ: هُوَ حَبْسُ النَّفْس فى الْمَسْجِدِ للهِ تَعَالَى. وَعَكَفَ عَلَى الشَّىْءِ يَعْكُفُ وَيَعْكِفُ عُكُوفًا (¬1): إِذَا وَاظَبَ عَلَيْهِ وَلَازَمَهُ، يُقَالُ: فُلَانٌ عَاكِفٌ عَلَى فَرْجٍ حَرَامٍ (¬2)، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ} (¬3). "وَالْمَسْجِدُ الأقْصَى" (¬4) مَعْنَاهُ: الْأَبْعَدُ، وَالْقَصَا: الْبُعْدُ، يُقَالُ: حَلَّ فُلَانٌ الْقَصَا، أَىْ: الْبُعْدَ. ¬
قَوْلُهُ (¬5): {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ} (¬6) أَىْ: لَا تُجَامِعُوهُنَّ (¬7)، وَسُمِّىَ مُبَاشَرةً، لِمَسِّ الْبَشَرَةِ الْبَشَرَةَ: "وَالمُهَايَأةُ" (¬8) أمْرٌ يَتَهَايَأْ الْقَوْمُ عَلَيْهِ، أَىْ: يَتَرَاضَوْنَ عَلَيْهِ (¬9)، ذَكَرَهُ الصَّغَانِى فِى التَّكْمَلَةِ (¬10). قَوْلُهُ: "لِأنَّ الاعْتِكَافَ فِى شَهْرٍ مَاضٍ مُحَالٌ" (¬11) الْمُحَالُ: الْبَاطِلُ وَمَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ وَلَا ثُبُوتَ. وَالْمَحْلُ: الْكَيْدُ، وَالْمُمَاحَلَةُ: الْمُمَاكَرَةُ وَالْمُكَايَدَةُ (¬12). قَوْلُهُ: "لَيْلٌ يَتَخَلَّلُ (نَهَارَى (¬13) الاعْتِكَافِ" الْخَلَلُ: الْفُرْجَةُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، وَمَعْنَى يَتَخَلَّلُ: أَىْ: يَدْخُلُ فِى خَلَلِهِ، أَىْ: فِى (¬14) فُرَجِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} (¬15) وَهِىَ: فُرَجُ السَّحَابِ، يَخْرُجُ مِنْهَا (¬16)، وَهُوَ يَتَفَعَّلُ مِنَ الْخَلَلِ. وَفِى الْحَدِيثِ (¬17): "كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُدْنِى إِلَىَّ رَأْسَهُ لِأَرَجلَهُ" أى: امَشِّطَهُ، يُقَالُ: رَجَّلَ شَعْرَهُ تَرْجِيلًا: إِذَا مَشَّطَهُ، وَالْمِرْجَلُ: الْمُشْط (¬18)، قَالَ ابْنُ السِّكِّيت (¬19): يُقَالُ مِنْهُ: شَعَرٌ رَجَلٌ وَرَجُلٌ: إِذَا لَمْ يَكُنْ شَدِيدَ الْجُعُودَةِ (¬20). "اللُّبْثُ فِى الْمَسْجِدِ" (¬21) هُوَ: الْمُكْثُ وَالإِقَامَةُ، يُقَالُ: لَبِثَ فِى الْمَكَانِ (¬22) لَبَثًا وَلَبْثًا (¬23). قَوْلُهُ: "نُقْصَانُ مُروءَةٍ" (¬24) الْمُرُوءَةُ: الإنْسَانِيَّةُ، وَلَكَ أن تُشَدِّدَهُ، [فَتَقُولُ: مُرُوَّةٌ] (¬25) قَالَ أَبُو زَيْدٍ: مَرُؤَ الرَّجُلُ: صَارَ ذَا مُرُوءَةٍ، فَهُوَ مَرِىءٌ عَلَى فَعِيلٍ، وَتَمَرَّأَ: تَكَلَّفَ الْمُرُوءَةَ (¬26). وَهِىَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْمَرْءِ، وَهُوَ الإِنْسَانُ. "رَحَبَةِ الْمَسْجِدِ" (¬27) بِالتَّحْرِيكِ (¬28): سَاحَتُهُ قُدَّامَ الْبَابِ، وَالْجَمْعُ: رَحَبٌ وَرِحَابٌ وَرَحَبَاتٌ (¬29). قَوْلُهُ: "وَلَمْ يُعَرِّجْ" (¬30) أَىْ: لَم يُقِمْ (¬31)، قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬32): التَّعَرُّجِ عَلَى الشَّىء: الإِقَامَةُ عَلَيْهِ يُقَالُ: عَرَّجَ فُلَانٌ عَلَى الْمَنْزِلِ: إِذَا حَبَسَ مَطِيتَّهَ عَلَيْهِ وَأقَامَ، وَكَذَلِكَ التَّعَرُّجُ، تَقُولُ (¬33): مَا لِى عَلَيْهِ عَرجَةٌ وَلَا عِرْجَةٌ وَلَا تَعْرِيجٌ وَلَا تَعَرُّجٌ، وَانْعَرَجَ الشَّىْءُ: انْعَطَفَ، وَمُنْعَرَجُ الْوَادِىِ: مُنْعَطَفُهُ. ¬
قَوْلُهُ: "فَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَدَاءُ شَهَادَةٍ" (¬34) يُقَالُ: تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الشَّىْءُ: إِذَا لَزِمَهُ لِعَيْنِهِ دُونَ سِوَاهُ، وَتَعْيِينُ الشَّىْءِ: تَخْصِيصُهُ مِنَ الْجُمْلَةِ (¬35). قَوْلُهُ: "تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ" (¬36) أَىْ: تَلْطِيخُهُ، يُقَالُ: لَوَّثَ ثِيَابَهُ بِالطِّينِ، أَىْ: لَطَّخَهَا، وَلَوَّثَ الْمَاءَ: كَدَّرَهُ وَقَدْ ذُكِرَ. قَوْلُهُ: "الْمَائِدَة" (¬37) اشْتِقَاقُهَا مِنْ مَادَ إِذَا مَالَ؛ لِأَنَّ حَامِلَهَا يَمِيلُ بِهَا (¬38) وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} (¬39). ¬
ومن كتاب الحج
وَمِنْ كِتَابِ الحَجِّ أَصْلُ الْحَجِّ فِى اللُّغَةِ: الْقَصْدُ، يُقَالُ: حَجٌّ وَحِجٌّ، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، وَالْحِجَّةُ بِالْكَسْرِ: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ (¬1)، جَاءَ نَادِرًا (¬2)، قَالَ (¬3) الكِسَائِىُّ: لَا يُقَالُ غَيْرَ ذَلِكَ (¬4). وَرَجُلٌ مَحْجُوجٌ: أىْ: مَقْصُودٌ قَالَ الْمُخَبَّلُ (¬5): وَأشْهَدُ مِنْ عَوْفٍ حُلُولًا كَثِيرَةً ... يَحُجُّونَ سِبَّ (¬6) الزِّبْرِقَانِ الْمُزَعْفَرَا قَالَ ابْنُ السِّكِّيت (¬7): أَىْ: يُكْثِرونَ الاخْتِلَافَ إِلَيْهِ. هَذَا الأصْلُ. ثُمَّ تُعُورِفَ اسْتِعْمَالُهُ فِى الْقَصْدِ إلَى مَكَّةَ حَرَسَهَا اللهُ. وَالْعُمْرَةُ: أصْلُهَا: الْقَصْدُ أيْضًا (¬8)، قَالَ الْعَجَّاجُ (¬9): لَقَدْ سَمَا (¬10) ابْنُ مَعْمَرٍ حِينَ اعْتَمَرْ ... مَغْزىً بَعِيدًا مِنْ بَعِيدٍ وَضَبَرْ أَىْ: قَصَدَ مَغْزَىً بَعِيدًا. وَسُمِّيَتْ عُمْرَةً؛ لِأنَّهَا تُفْعَلُ فِى الْعُمْرِ كُلِّهِ (¬11). وَقِيلَ: لِأنَّهَا تُفْعَلُ فِى مَوْضِعٍ عَامِرٍ (¬12)، وَتَكُونُ الزيَارَةُ أيْضًا، قَالَ الْأعْشَى: (¬13). وَجَاشَت النَّفْسُ لَمَّا جَاءَ فَلُّهُمْ ... وَرَاكِبٌ جَاءَ مِنْ تَثْلِيثَ مُعْتَمِرٌ أَىْ: زَائِرٌ. قَوْلُهُ: "لِعَامِنَا أَمْ لِلأبَدِ" (¬14) الأبَدُ: الدَّهْرُ، يُقَالُ: لَا أفعَلُهُ أبَدَ الآبِدِينَ، كَمَا يُقَالُ: دَهْرَ الدَّاهِرِينَ. وَأبَدَ بِالْمَكَانِ أُبُودًا: إِذَا أقَامَ فِيهِ (¬15). قَوْلُهُ: " (¬16) وَلَا يَتَنَاهَى" هُوَ يَتَفَاعَلُ (¬17) مِنَ الانْتِهَاءِ، أى: يَصِيرُ لَا انْتِهَاءَ لَهُ. ¬
قَوْلُهُ فِى الْحَدِيثِ (¬18): "الإسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ" الْجَبُّ: الْقَطْعُ، وَمِنْهُ الْمَجْبُوبُ: الْمَقْطوعُ (¬19) الْمَذَاكِيرِ، وَبَعِيرٌ أجَبُّ (¬20) بَيِّنٌ الْجَبَبِ. أَىْ: مَقْطوعُ السَّنَامِ (¬21). قَوْلُهُ فِى الْحَدِيثِ: "فَرَفَعَتْ صَبِيًّا (لَهَا (¬22)) مِنْ مِحَفَّتِهَا" الْمِحَفَّةُ - بِالْكَسْرِ: مَرْكَبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ كَالْهَوْدَجِ إلَّا أَنَّهَا لَا تُقَبَّبُ كَمَا يُقَبَّبُ الْهَوْدَجُ (¬23). قَوْلُهُ: "التَّمَتُّعُ أوْ الْقِرَانُ فِى الْحَجِّ" (¬24) أصْلُ التَمَتُّعِ: الْمَنْفَعَةُ، يُقَالُ: لَئِنِ اشْتَرَيْتَ هَذَا الْغُلَامَ لَتَمْتَعَنَّ مِنْهُ بِغُلَامٍ صَالِحٍ، أى: لَتَنْتَفِعَنَّ بهِ (¬25)، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ} (¬26) وَتَمَتَّعْتُ بِكَذَا وَاسْتَمْتَعْتُ بِهِ بِمَعْنَىً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى. {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} (¬27) أىْ: انتفَعْتُمْ بِهِ مِنْ وَطْئِهِنَّ (¬28). وَالْمُتْعَةُ (¬29): مَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنَ الزَّادِ، فَكَأنَّ الْمُتَمَتِّعُ يَنْتَفِعُ بِالْعُمْرَةِ إِلَى أنْ يَأتِى الْحَجُّ، أو يَتَبلَّغُ بِهَا إلَى الْحَجِّ. وَالْمَتَاعُ أَيْضًا: الْبَلَاغُ مِنَ الْعَيْش الْقَلِيلِ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: (¬30) {كُلُوا (¬31) وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا}، {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ} (¬32) فَكَأَنَّهُ يَتَبَلغُ بِهَا إِلَى الْحَج. وَقِيلَ: لِأنَّهُ يَتَحَلَّلُ مِنَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ يَتَمَتَّعُ بِاللِّبَاسِ وَالطِّيبِ وَمُبَاشَرِةِ النِّسَاءِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَحْظُورَاتِ إِلَى الْحَجِّ، أَى يَنْتَفِعُ بِفِعْلِهَا إِلَى أَنْ يَحُجَّ (¬33). وَالْقِرَانُ: هُوَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، كَمَا يُقْرَنُ بَيْنَ الْبَعِيرَيْنِ فِى حَبْلِ وَاحِدٍ، أىْ: يَجْمَعُهُمَا، وَقَرَنْتُ الشىْءَ بِالْشَىْءِ: وَصَلْتُهُ، وَقَرَنْتُ الأسَارَى فِى الْحِبَالِ: أىْ: جَمَعْتُهُمْ (¬34). قَوْلُهُ: "إِذْنَهُ رِضًا بِوُجُوبِهِ عَلَى عَبْدِهِ" (¬35) (¬36) الرِّضَا: إِذَا كَانَ مَصْدَرًا: قُصِرَ، وإذَا كَانَ اسْمًا: مُدَّ، وَهَذَا مِمَا يَغْلَطُ فِيهِ الْخَوَاصُّ، هَكَذَا ذَكَرَهُ فى الصِّحَاحِ (¬37) عَن الأخْفَشِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا أنَّ النُّسُكَ الْعِبَادَةُ، يُضَمُّ وَيُسَكَّنُ. وَقِيلَ النُّسُكُ- بِالضَّمِّ: الذَّبِيحَةُ، وَبِالسُّكُونِ: الْعِبَادَةُ (¬38). قَوْلُهُ: "وَأنْ يَكُونَ الطَّرِيقُ أَمْنًا مِنْ غَيْرِ خُفَارَةٍ" (¬39) الْخَفِيرُ: الْمُجِيرُ، يُقَالُ: خَفَرْتُ (الرَّجُلَ) (¬40) أخْفِرُهُ بِالْكَسْرِ خَفْرًا: إذَا أجَرْتَهُ وَكُنْتَ لَهُ خَفِيرًا تَمْنَعُهُ، قَالَ الأصْمَعِىُّ: وَكَذَلِكَ: خَفَّرْتُهُ تَخْفِيرًا، وَتَخَفَّرْتُ بِفُلَانٍ: إذَا اسْتَجَرْتَ بِهِ وَسَألتَهُ أنْ يَكُونَ لَكَ خَفِيرًا، وَأخْفَرْتُهُ، إذَا نَقَضْتَ عَهْدَهُ وَغَدَرْتَ بِهِ. وَالاسْمُ: الْخُفْرَةُ بِالضَّمِّ، وَكَذَلِكَ الْخُفَارَةُ بِالضَّمِّ، وَالْخِفَارَةُ بِالْكَسْرِ، قَالَ (¬41): ¬
. ... (يُخَفِّرُنِى) (¬42) ثَوْبِى إذَا لَم أُخَفَّرِ قَوْلُهُ فِى الْحَدِيثِ: "مَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ الحَجِّ حَاجَةٌ" (¬43) الْحَاجَةُ: الْفَقْرُ وَعَدَمُ الاسْتِطَاعَةِ، وَيَحْتَمِلُ أنْ تَكُونَ الْحَاجَةَ الْمَعْرُوفَةَ، أىْ: مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ مِنَ الْحَاجَاتِ الَّتى لَا بُدَّ لَهُ (¬44) مِنْهَا، كَالْكَسْبِ عَلَى الْعِيَالِ، وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: "الزَّامِلَةِ" (¬45) أَصْلُ الزَّامِلَةِ: بَعِيرٌ يَسْتَظْهِرُ بِهِ الرَّجُلُ يَحْمِلُ عَلَيْهِ مَتَاعَهُ وَطَعَامَهُ. وَرُكُوبُ الزَّامِلَةِ: بِغَيْرِ مَحْمَلٍ وَلَا رَحْلٍ. وَالزَّمْلُ: الْحَمْلُ بِالْفَتْحِ، وَالزِّمْلُ بِالْكَسْرِ: حِمْلُ الْبَعِيرِ، وَقَدْ ازْدَمَلَ (¬46) الْحِمْلَ: إِذَا حَمَلَهُ، وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِى الدَّرْدَاءِ "لَئِنْ فَقَدْتُمُوني لَتَفْقِدُنَّ مِنِّي زِمْلًا عَظيمًا" يَعْنى: حِمْلًا مِنَ الْعِلْمِ عَظيمًا (¬47). وَالْهَوْدَجُ: مَرْكَبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ عَلَيْهِ قُبَّةٌ. وَكَذَلِكَ (¬48) الْعَمَّارِيَّةُ: مِحْمَلٌ كَبِيرٌ مُظَلَّلٌ يُجْعَلُ عَلَى الْبَعِيرِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ كِلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: "فَإنْ كَانَ لَهُ أهْلٌ" (¬49) الْأهْلُ: ذَوُو الْمَحَارِمِ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْقَرَابَةِ. وَأَهْلُ الدَّارِ: سُكَّانُهَا، وَالأهْلُ أيْضًا: الزَّوْجَةُ (¬50)، وَفِى الْحَدِيثِ: "إِذَا أتَى أحَدُكُمْ أَهْلَهُ". قَوْلُهُ: "وَهُوَ يَخَافُ الْعَنَتَ" (¬51) أرَادَ الزِّنَا، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} (¬52) وَقَدْ يَكُونُ الْعَنَتُ: الِإثْمَ (¬53). وَالْعَنَتُ: الْوُقُوعُ فِى أمْرٍ شَاقٍّ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ} (¬54). قَوْلُهُ: "تَغْرِيرًا بِالنَّفْسِ" (¬55) التَّغْرِيرُ (¬56): الخَطَرُ، يُقَالُ: غَرَّرَ بِنَفْسِهِ: إذَا دَخَلَ عَلَى غَيْرِ ثِقَةٍ فِى أمْرٍ يَخَافُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: أوْ مَحْرَمٍ (¬57) هُوَ مِنْ قَرَابَةِ الْمَرْأَةِ: مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا (¬58) بَلْ يَكُونُ مُحَرَّمًا عَلَيْهَا وَهِىَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ (¬59) وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْحَرَامِ، ضِدِّ الْحَلَالِ. قَوْلُهُ (¬60): "حَتَّى لَتُوْشِكُ الظّعِينَةُ أنْ تَخْرُجَ مِنْهَا بِغَيْرِ جِوَارٍ" تُوْشِكُ بِالْكَسْرِ (¬61)، أىْ: تُسْرِعُ ¬
يُقَالُ: أوْشَكَ فُلَانٌ يُوْشِكُ إيشَاكًا، أىْ: أسْرَعَ السَّيْرَ، وَالْوَشِيكُ: هُوَ السَّرِيعُ إلَى الشَّيْءِ، قَالَ جَرِيرٌ (¬62): إذَا جَهِلَ اللَّئِيمُ وَلَمْ يُقْدِّرْ ... لِبَعْضِ الأمْرِ أوْشَكَ أنْ يُعَابَا وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: يُوشَكُ، بِفَتْحِ الشِّينِ، وَهِىَ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ (¬63). وَالظَّعِينَةُ: هِىَ الْمَرْأةُ مَا دَامَتْ فِى الْهَوْدَجِ، وَإذَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ، فَلَيْسَتْ بِظَعِينَةٍ، وَأصْلُهُ مِنَ الظَّعْنِ وَالظَّعُونِ وَهُوَ الارْتِحَالُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ} (¬64) وَقَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُوم (¬65): قِفِى قَبْلَ التَّفَرُّقِ يَا ظَعِينَا ... نُخَبِّرْكِ الْيَقِينَ وَتُخْبِرِينَا * قَوْلُهُ: "بِغَيْرِ جوَارٍ" أيْ: بِغَيْرِ خَفِيرٍ وَلَا جَارٍ، وَهُوَ الَّذِى يُجِيرُ، أى (¬66): يَمْنَعُ مِنَ الظُّلْمِ، يُقَالُ: اسْتَجَارَهُ (¬67) مِنْ فُلَانٍ فَأجارَهُ، وَأجَارَهُ اللهُ مِنَ الْعَذَابِ، وَفِى الْقُرْآنِ: {يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ} (¬68) أَيْ: يَمْنَعُ وَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: "وَيَقْدِرُ عَلَى الْحَبْوِ" (¬69) الْحَبْوُ هُوَ: الْمَشْىُ عَلَى الْألْيَتَيْنِ أوْ الرَّاحِتَيْنِ (وَ) (¬70) الرُّكْبَتَيْنِ يُقَالُ: حَبَا الصَّبِىُّ عَلَى اسْتِهِ حَبْوًا، إذَا زَحَفَ. قَالَ الشَاعِرُ (¬71): لَوْلَا السِفَارُ وَبُعْدُ خَرْقِ مَهْمَهٍ (¬72) ... لَتَرَكْتُهَا تَحْبُو عَلَى الْعُرْقُوبِ قَوْلُهُ: "لِزَمَانَةٍ أَوْ كِبَرٍ" (¬73) الزَّمَانَةُ: الْمَرَضُ، وَالزِّمِنُ: الَّذِى امْتَدَّ زَمَانُهُ (¬74) فِى الْعِلَّةِ، وَطَالَت عِلَّتُهَ (¬75)، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬76) يُقَالُ: رَجُلٌ زَمِنٌ، أيْ: مُبْتَلى بَيِّنُ الزَّمَانَةِ. قَوْلُهُ: "فَالْمَغْضُوبُ أَولَى" (¬77) الْمَعْضُوبُ: هُوَ الَّذِي انتهَتْ بِهِ الْعِلَّةُ، وَانْقَطَعَتْ حَرَكَتُهُ، مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَضْبِ، وَهُوَ: الْقَطْعُ. قَالَ فِى فِقْهِ اللُّغَةِ (¬78) إِذَا كَانَ الِإنْسَانُ مُبْتَلَىً بالزَّمَانَةِ فَهُوَ: زَمِنٌ، فَإِذَا زَادَتْ زَمَانَتُهُ، فَهُوَ: ضَمِنٌ: فَإِذَا أقْعَدَتْهُ، فَهُوَ مُقْعَدٌ، فَإِذَا (¬79) لَمْ يَبْقَ بِهِ (¬80) حِرَاكٌ فَهُوَ مَعْضُوبٌ. وَقَالَ الأزهَرِىُّ (¬81): الْمَعْضُوبُ: الَّذِي خُبِلَ (¬82) أطرَافُهُ بِزَمَانَةٍ حَتَّى مَنَعَتْهُ مِنَ الْحَرَكَةِ. وَأَصْلُهُ مِنْ عَضَبْتُهُ إِذَا قَطَعْتَهُ (¬83)، وَالْعَضبُ شَبِيهٌ بِالْخَبْلِ، قَالَ: وَيُقَالُ لِلشَّلَلِ يُصِيبُ الِإنْسَانَ فِى يَدِهِ وَرِجْلِهِ: عَضْبٌ، وَقَالَ شَمِرٌ: عَضَبْتُ يَدَهُ بِالسَّيْفِ: إِذَا قَطَعْتَهَا، وَيُقَالُ: لَا يَعْضِبُكَ اللهُ وَلَا يَخْبِلُكَ، وإنَّهُ لَمَعْضُوبُ اللِّسَانِ إِذَا كَانَ [عَيِيًّا] (¬84) فَدْمًا (¬85). ¬
وَالزَّمَانَةُ: كُلُّ دَاءٍ مُلَازِمٍ يُزْمِنُ الِإنْسَانَ فَيَمْنَعُهُ عَنِ الْكَسْبِ، كَالْعَمَى، وَالِإقْعَادِ، وَشَلَلِ الْيَدَيْنِ. قَوْلُهُ: "فِى تَجْهِيزِ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ" (¬86) جِهَازُ السَّفَرِ: يُفْتَحُ وَيُكْسَرُ. تَجَهَّزْتُ لِلسَّفَرِ: تَهَيَّأتُ لَهُ وَقَدْ ذُكِرَ (¬87). قَوْلُهُ: "مِنْ تَرِكَتِهِ" (¬88) التَّرِكَةُ: هُوَ مَا يَتْرُكُهُ الْمَيِّتُ بَعْدَهُ مِنَ الْمِيَرَاثِ، فَعِلَةٌ مِنَ التَّرْكِ. قَوْلُهُ: "لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ" (¬89) اسْمُ رَجُلٍ سُمِّىَ بِشَجَرَةٍ مَعْرُوفَةٍ، لَهَا حَمْلٌ يُشَبَّهُ بِالْحِمِّصِ (¬90). وَلَبَّيْكَ: مَعْنَاهُ الِإجَابَةُ، وَيَأتي ذِكْرُهُ. قَوْلُهُ: "صَرُورَةٌ" (¬91) وَهُوَ (¬92) الَّذِى لَمْ يَحُجّ، وَكَذلِكَ رَجُلٌ صارُورَةٌ، وَصَرُورِيٌّ (¬93). وإنَّمَا كَرِهَهُ؛ لِأنَّهُ مِنْ كَلَامِ أهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَيَحْتَمِل أنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ: لَا يَتْرُكْ أحَدٌ الْحَجَّ فَيَكُونُ صَرُورَةً. وَأمَّا الْحَدِيثُ: "لَا صَرُورَةَ فِى الِإسْلَامِ" (¬94) فَهُوَ تَرْكُ النِّكَاحِ؛ لِأنَّهُ لَيْسَ مِنْ أخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ دِينُ الرُّهْبَانِ، قَالَ النَّابِغَةُ: لَوْ أنَّهَا عَرَضَتْ لِأشْمَطَ رَاهِبٍ ... يَخْشَى الِإلَهَ صَرُورَةٍ مُتَعَبِّدِ (¬96) لَرَنَا لِبَهْجَتِهَا وَحُسْنِ حَدِثِهَا ... وَلَخَالَهُ رَشَدًا وإنْ لَمْ يَرْشُدِ قَالَ الْأزْرُقِيُّ: كَانَ مِنْ سُنَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّ الرجُلَ يُحْدِثُ الْحَدَثَ، يَقْتُلُ الرَّجُلَ وَيَلْطُمُهُ، فَيَرْبِطُ لِحَاءً مِنْ لِحَاءِ الْحَرَمِ قِلَادَةً فِى رَقَبَتِهِ، وَيَقُولُ: أَنَا صَرُورَةٌ، فيقَالُ لَهُ: دَعُوا (¬98) صَرُورَةً أَتَى بِجَهْلِهِ ... وَإِنْ رَمَى فِى حُفْرَةٍ بِرِجْلِهِ فَلَا يَعْرِضُ لَهُ أَحَدٌ، فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا صَرُورَةَ فِى الإسْلَام، وَإنَّ مَنْ أحدَثَ حَدَثًا أُخِذَ بِحَدَثِهِ (¬99) قَالَ الأزْهَرِيُّ (¬100) سُمِّىَ مَنْ لَمْ (¬101) يَحُجّ صَرُورَةً، لِصرِّهِ عَلَى نَفَقَتِهِ الَّتِى يَتَبَلَّغُ بِهَا إلَى الْحَجِّ، وَسُمِّىَ مَنْ لَمْ يَنْكِحْ صَرُورَةً، لِصَرِّهِ عَلَى مَاءِ ظَهْرِهِ، وإبْقَائِهِ إياهُ. قَوْلُهُ: [تَعَالَى]: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ} (¬103) ذُكِرَ فِى الصَّوْم (¬104). ¬
قَوْلُهُ (¬105): "أشْهُرُ الْحَجِّ شَؤالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ" سُمِّىَ (شَوَّالًا) (¬106) لأنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَضْرِبُ فِيهِ الإبِلَ فَتَشُولُ، أىْ: تَرْفَعُ أذْنَابَهَا. وَالنَّاقَةُ إِذَا اسْتَبَانَ حَمْلُهَا شَالَتْ بِذَنَبِهَا، أىْ: رَفَعْتُهُ، يُقَالُ: شَالَت النَّاقَةُ بِذَنَبِهَا وَأشَالَتْهُ: إذَا رَفَعَتْهُ (¬107)، قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ يَصِفُ فَرَسًا (¬108). جَمُومُ الشَّدِّ شَائِلَةُ الذَّنَابِىَ ... تَخَالُ بَيَاضَ غُرَّتِهَا سِرَاجَا وَسُمِّىَ ذَا الْقَعْدَةِ؛ لِأنَ النَّاسَ يَقْعُدُونَ فِيهِ لانْتِظَارِ الْحَجِّ، بِفَتْحِ الْقَافِ، وَقِيلَ: لِقُعُودِهِمْ فِيهِ عَن الْحَرْبِ (¬109)، وَسُمِّىَ ذَا الحِجَّةِ؛ لأنهُمْ يَحُجُّونَ فِيهِ (¬110)، وَالْكَسْرُ فِيهِ أفصَحُ مِنَ الْفَتْحِ، وَالْفَتْحُ فِى الْحَجِّ أَفْصَحُ مِنَ الْكَسْرِ (¬111). قَوْلُهُ (¬112): "عُمْرَةٌ فى رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً" أىْ: تُمَاثِلُهَا، وَالْعَدِيلُ: هُوَ الَّذِى يُعَادِلُكَ فِى الْوَزْنِ وَالْقَدْر، أىْ: يُسَاويكَ وَيُمَاثِلُكَ. قَوْلُهُ (¬113): "أهِلِّى بِالْحَجِّ" أَىْ: أَحْرِمِى بِهِ، وَأَصْلُ الإهْلَالِ: رَفْعُ الصَّوْتِ عِنْدَ رُؤية الهلَالِ، ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ حَتى قِيلَ لِكُل رَافِعٍ صَوْتَهُ: مُهِلٌّ وَمُسْتهِلٌّ (¬114)، وَالْحَاجُّ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ. وَأَمَّا الْمَرْاةُ، فَلَا يُستحَبُّ لَهَا رَفْعُ الصَّوْتِ، وَإنَّمَا أرَادَ: أَحْرمِى. ¬
من باب المواقيت
مِنْ بَابِ الْمَوَاقِيتِ قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬1): الْمِيقَاتُ: الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ لِلْفِعْلِ، وَالْمَوْضِعِ. يُقَالُ: هَذَا مِيقَاتُ أهْلِ الشَّامِ وَالْيَمَنِ، وَهُوَ: الْمَوْضِعُ الَّذِى يُحْرِمُونَ مِنْهُ. يُقَالُ: وَقَتَهُ -بِالتَّخْفِيفِ- فَهُوَ مَوْقُوتٌ: إِذَا بَيَّنَ لِلْفِعْلِ وَقْتًا يُفْعَلُ فِيهِ، أو مَوْضِعًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (¬2). قَوْلُهُ: "وَقَتَ لِأهْلِ نَجْدٍ" (¬3) أَيْ: بَيَّنَ لَهُمْ مَوْضِعًا لِوَقْتِ إِحْرَامِهِمْ. وَقَالَ فِى الْفَائِقِ (¬4): وَقَتَ الشَّيء، وَوَقَّتَهُ: إِذَا بَيَّنَ حَدَّهُ، ومِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {كِتَابًا مَوْقُوتًا}. وَفِى الْحَدِيثِ: "لَمْ يَقِتْ فِى الْخَمْر حَدًّ" (¬5) أىْ: لَمْ يَحُدّ، وَالْمِيقَاتُ: يَكُونُ لِلزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، فَمِيقَاتُ الصَّلَاةِ: يُرَادُ بِهِ الَزّمَانَ، وَفِى الْحَج: يُرَادُ بِهِ الْمَكَانَ. وَأصْلُهُ: مِوْقَاتٌ -بِالْوَاوِ- فَانْقَلَبَتْ يَاءً، لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا. وَذَكَرَ الْبُخَارِىُّ: إنَّمَا سُمىَ الْيَمَنْ (يَمَنًا) (¬6) لِأنَّهُ عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ، وَسُمِّىَ الشَّامُ شَامًا؛ لِأنَّهُ عَنْ يَسَارِ الْكَعْبَةِ (¬7). وَالْيُسْرَى: هِىَ الشُّؤْمَى، ضِدُّ الْيُمْنَى (¬8). وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: شَآمٌ -بِالْهَمْزِ وَالْفَتْحِ وَالْمَدِّ، وَشَأْمٌ -بِالْهَمْزِ وَالسُّكُونِ، وَشَامٌ- بِتَرْكِ الْهَمْزِ (¬9). قَوْلُهُ: "قَرَن" بالْفَتْحِ: مِيقَاتُ أهلِ نَجْدٍ، وَمِنْهُ سُمِّىَ "أوَيْسٌ الْقَرَني" هَكَذَا ذَكَرَهُ (¬10) فِى الصَّحَاحِ (¬11). وَقَالَ الصَّغَانيُّ (¬12): الصَّوَابُ فِى الْمِيقَاتِ "قَرْن" بِسُكُونِ الراء (¬13)، فَأمَّا "أُوَيْسٌ" فَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى قَرَنِ بْنِ رَدْمَانَ بْنِ نَاجِيَةِ بْنِ مُرَادَ (¬14). أخْبَرَني مَنْ شَاهَدَ مَسْجِدَ أُوَيْسٍ فِى رَدْمَانَ، وَذَكَرَ أَنَّ آثارَهُ مَشْهُورَةٌ هُنَالِكَ (¬15)، مَعَ حَدِيثٍ يَطولُ، يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرَهُ الضَّغَانِىُّ. وَذَكَرَ ابْنُ الْحَائِكِ أَنَّهُ مِنْ حِمْيَرَ، وَدَخَلَ فِى بَنى نَاجِيَةَ مِنْ (¬16) مُرَاد. قَوْلُهُ: "يَلَمْلَمُ" يُقَالُ فِيهِ: يَلَمْلَمُ وَأَلمْلَمُ (¬17). قَوْلُهُ: "لَمَّا فُتِحَ الْمِصْرَانِ" (¬18) هُمَا: الْبَصْرَةُ وَالْكُوفَةُ. وَالْمِصْرُ: الْبَلَدُ الْعَظيمُ، سُمىَ مِصْرًا؛ لِأنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ إلَيْهِ، أي: يَجْتَمِعُونَ، كَمَا سُمِّىَ الْمِعَى الْمَصِيرُ؛ لِأنَّهُ يَصِيرُ إِلَيْهِ الطعَامُ وَالشَّرابُ (¬19) وَمَعْنَى "فُتِحَ المِصْرَانِ" أىْ: (بُنىَ الْمِصْرَانِ) (¬20): لأنَّ الْمُسْلِمِينَ بَنَوْهُمَا، وَلَم يَفْتَحُوهُمَا. ¬
قَوْلُهُ: "فَانْظُرُوا حَذْوَهَا" (¬21) أىْ: مَا يُحَاذِيهَا وَيُقَابِلُهَا، وَحِذَاءُ الشَّيْءِ: إزَاؤُهُ، يُقَالُ: جَلَس بِحِذَائِهِ، وَحَاذَاهُ، أيْ: صَارَ بِحِذَائِهِ (¬22). قَوْلُهُ: "قِبَلَ مَكَّةَ" (¬23) أىْ: نَحْوَهَا وَجِهَتَهَا. قَوْلُهُ: "جَاوَزَهُ" (¬24) أيْ: تَعَدَّاهُ إلَى غَيْرِهِ وَمَضَى عَنْهُ، يُقَالُ: جَاوَزْتُهُ وَأَجزْتُهُ: إذَا خَلَّفْتَهُ (¬25) وَقَطَعْتَهُ، قَالَ امْرُؤُ الْقَيْس (¬26): فَلَمَّا أَجَزْنَا سَاحَةَ الْحَىِّ وَانْتَحَى ... بِنَا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي قِفَافٍ عَقْنْقَلِ قَوْلُهُ: "قَبْلَ أنْ يَتَلَبَّسَ بنُسُكٍ" (¬27) أىْ: يَدْخُلَ فِيهِ، مَأْخُوذٌ مِنَ اللِّبَاسِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬28): تَلبَّسَ بِالأمْرِ وَبِالثَّوْبِ، وَلَابَسْتُ الَأمْرَ: خَالَطْتُهُ. قَوْلُهُ: "مِنْ جَوْفِ مَكَّةَ" (¬29) أَىْ: دَاخِلِهَا وَبَاطِنِهَا، وَأَصْلُهُ: جَوْفُ الإنْسَانِ، وَهُوَ ضِدُّ الْخَارِجِ. * * * ¬
باب الإحرام وما يحرم فيه
بَابُ الِإحْرَامِ وَمَا يَحْرُمُ فِيهِ اشْتِقَاقُ الإحْرَامِ: مِنَ الْحَرَامِ ضِدُّ الْحَلَالِ، وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْرِيمِ الْمَحْظُورَاتِ عَلَى الْحَاجِّ (الَّتِى) (¬1) تَحِلُّ (¬2) لِغَيْرهِ. قَوْلُهُ: "وَلَدَتْ بِالْبَيْدَاءِ" (¬3) هِىَ: (¬4) بَرِّيَّةٌ (قَرِيبَةٌ) (¬5) مِنَ الْمَدِينَةِ: اسْمٌ لَهَا عَلَمٌ (¬6) وَالْبَيْدَاءُ: هِىَ الْمَغَارَةُ الَّتي تُبيدُ سَالِكَهَا، أىْ: تُهْلِكُهُ (¬7). "دُبُرِ الصَّلَاةِ" (¬8): ذُكِرَ، وَهُوَ مُشْتَقٌ مِنْ أدْبَرَ: إِذَا وَلَّى. قَوْلُهُ: "فِى دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ" (¬9) أَىْ آخَرِهَا، وَدُبُرِ كُلِّ شَىْءٍ: آخِرَهُ، يُخَفَّفُ وَيُثَقَّلُ، يُقَالُ: فُلَانٌ لَا يُصَلِّى الصَّلَاةَ إِلا دَبَرِيًّا (¬10) - بِالْفَتْحِ، أىْ: (¬11) فِى آخِرِ وَقْتِها. قَوْلُهُ: "انْبَعَثَتْ بهِ رَاحِلِتُهُ" (¬12) أَىْ: سَارَتْ، وَانْبَعَثَ فِى السَّيْرِ، أىْ: أسْرَعَ. قَالَ ¬
الْجَوْهَرِىُّ (¬13) بَعَثْتُ النَّاقَةَ: أثَرْتُهَا. أبْهَمَ الِإحْرَامَ: قَدْ ذُكِرَ (¬14). قَوْلُهُ: "عِبَادَةً مَحْضَةً" (¬15) أىْ: خَالِصَةً، وَكُلُّ شَىْءٍ أخْلَصْتَهُ فَقَدْ مَحَضْتَهُ (¬16). وَقَدْ ذُكِرَ (¬17). "الْخَلَفُ عَنِ السَّلَفِ" (¬18): ذُكِرَ أيضًا (¬19). قَوْلُهُ (¬20): "إحْرَامًا مُبْهَمًا - أبْهَمَ الإِحْرَامَ" (¬21) هُوَ الَّذِى اسْتَبْهَمَ وَلَمْ يُعْرَفْ، مِنْ أبهَمْتُ الْبَابَ: أغْلَقْتُهُ، وَاسْتَبْهَمَ الْكَلَامُ: اسْتَغْلَقَ. وَتَبَهَّمَ أيْضًا عَن أَبِى زَيْدٍ (¬22). (وَمِنْهُ) (¬23) الْفَرَسُ الْبَهِيمُ، وَهُوَ الَّذِى لَا يُخَالِطُ (¬24) لَوْنَهُ لَوْنٌ آخَرُ. قَوْلُهُ: "تَعَارَضَ التَّعْيِينَانِ" (¬25) يُقَالُ: عَارَضَهُ، أَىْ: جَانَبَهُ وَعَدَلَ عَنْهُ، قَالَ (¬26): وَقَدْ عَارَضَ الشِّعْرَى سُهَيْلٌ كَأنَّهُ ... قَرِيعُ هِجَانٍ عَارَضَ الشَّوْلَ جَافِرُ وَلَعَلَّ مَعْنَاهُ (¬27): "تَعَارَضَا" أىْ تَجَانَبَا وَتَبَاعَدَا (¬28) وَيَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: كُلَّمَا أرَدْنَا أن نُوْجِبَ حُكْمَ أَحَدِهِمَا اعْتَرَضَ الآخَرُ لِمَنْعِهِ. وَأَصْلُهُ: الْمُقَابَلَةُ وَالاعْتِرَاضُ، يُقَالُ: عَرَضَ لِي دُونَ حَاجَتى عَارِضٌ يَمْنَعُنى. قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬29) عَارَضْتُهُ فِى الْمَسِيرِ، أَىْ: سِرْتُ حِيَالَهُ، وَعَارَضْتُهُ بِمِثْلِ مَا صَنَعَ، أَىْ: أَتَيْتُ إلَيْهِ مَا أتَى. قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ "التَحَرِّىَ" (¬30): بَذْلُ الْمَجْهُودِ (¬31). قَوْلُهُ: " (عِنْدَ) (¬32) اجْتِمَاعِ الرِّفَاقِ (¬33) " هُوَ جَمْعُ رُفْقَة، وَالرُّفْقَةُ: الْجَمَاعَةُ تُرَافِقُهُمْ فِى سَفَرِكَ والرِّفْقَةُ بِالْكَسْرِ مِثْلُهُ (¬34). وَالْجَمْعُ: رِفَاقٌ، تَقُولُ مِنْهُ (¬35): رَافَقْتُهُ، وَتَرَافَقْنَا فى السَّفَرِ. وَالرَّفِيقُ: الْمُرَافِقُ، وَالْجَمْعُ: الرُّفَقَاءُ، فَإِذَا تَفَرقْتُمْ: ذَهَبَ اسْمُ الرُّفْقَةِ، وَلَا يَذْهَبُ اسْمُ الرَّفِيقِ. وَهُوَ أيْضًا وَاحِدٌ وَجَمْعٌ، مِثْلُ الصَّدِيقِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (¬36). وَسُمِّي رَفِيقًا؛ لِأنَهُ يَرْفُقُ بِصَاحِبِهِ وَيُصْلِحُ أمرَهُ، مِنَ الرفْقِ ضِدُّ الْخَرْقِ وَالْعُفِ، وَقَدْ رَفَقَ بِهِ يَرْفُقُ. وَيُقَالُ أيضًا: أرفَقْتُهُ، أىْ: نَفَعْتُهُ (¬37). ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِىُّ. ¬
قَوْلُهُ: "وَفِى كُلِّ صَعُودٍ وَهَبُوطٍ" بِفَتْحِ الصَّادِ وَالْهَاءِ وَهُمَا ضِدَّانِ: اسمٌ لِلْمَكَانِ الَّذِى يُصْعَدُ فِيهِ وَيُهْبَطُ مِنْهُ وَهُوَ الْعَقَبَةُ (¬38)، وَبِالضم: الْمَصْدَرُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} (¬39) أىْ: مَشَقَّة مِنَ الْعَذَابِ. وَيُقَال: هُوَ جَبَلٌ فِى النَّارِ. قَوْلُهُ: "إذَا رَأى رَكْبًا" (¬40) هُمُ الْقَوْمُ الَّذِينَ رَكِبُوا عَلَى الِإبِلِ خَاصَّةً فِى السَّفَرِ (¬41)، وَهُمُ الْعَشَرَةُ فَمَا فَوْقَهَا، وَالرَّكَبَةُ بِالتَّحْرِيكِ: أقَل مِنَ الرَّكْبِ (¬42). قَوْلُهُ: "الْعَجُّ وَالثَّجُّ" (¬43) الْعَجُّ: رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ (¬44)، وَقَدْ عَجَّ يَعِجُّ عَجِيجًا وَعَجْعَجَ أَىْ: صَوَّتَ، وَمُضَاعَفَتُهُ دَلِيلٌ عَلَى التَّكْرِيرِ (¬45). وَالثَّجُّ: سَيَلَانُ دِمَاءِ الْهُدَى، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَاءً ثَجَّاجًا} (¬46) أىْ: سَائِلًا (¬47)، وَمَطرٌ ثَجَّاج: إِذَا انْصَبَّ جِدًّا (¬48). وَأتَانَا الْوَادي بِثَجِيجِهِ أىْ: بِسَيْلِهِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمُسْتَحَاضَةِ "إِنَّمَا أثُجُّ ثَجًّا" (¬49). قَوْلُهُمْ: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ" (¬50) قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَى لَبَّيْكَ: أنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِكَ، وَنُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ، مِنْ لَّبَّ بِالْمَكَانِ: إذَا أَقَامَ بِهِ وَلَزِمَهُ. وَيُقَالُ: كَانَ حَقُّهُ أنْ يُقَالَ: لَبَّالَكَ: فَثَنَّى عَلَى التَّأكِيدِ أىْ: إلْبَابًا لَكَ بَعْدَ إلْبَابٍ، وَإِقَامَةً بَعْدَ إِقَامَةٍ (¬51). وَقَالَ الْخَلِيلُ: هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ: دَارُ فُلَانٍ تُلِبُّ دَارِى، أىْ: تُحَاذِيهَا (¬52) أَىْ: أنَا مُوَاجِهُكَ بِمَا تُحِبُّ (¬53) إِجَابَةً لَكَ. وَالْيَاءُ لِلتَّثْنِيَةِ (¬54) وَقِيلَ: أَصْلُهُ لَبَّبَ (فَاسْثقَلُوا) (¬55) الْجَمْعُ بَيْنَ ثَلَاثِ يَاءاتٍ، فَأبْدَلُوا مِنَ الأخِيرَةِ يَاءً، كَمَا قَالُوا: تَظَنَّيْتُ، وَأَصْلُهُ: تَظَنَّنْتُ (¬56). وَفِيهِ أرْبَعَةُ مَعَانٍ: أَحَدُهَا (¬57): الِإقَامةُ وَاللُّزومُ، كَمَا قَالَ الْفَرَّاءُ (¬58)، وَالثَّاني: الْمُوَاجَهَةُ، أَىْ: اتِّجَاهِى (¬59) وَقَصْدِى إِلَيْكَ، كَمَا قَالَ الْخَلِيلُ، وَالثَّالِثُ: إخْلَاصِى لَكَ يَارَبُّ، مِنْ قَوْلِهِمْ: حَسَبٌ لُبَابٌ، أَىْ: خَالِصٌ. وَالرَّابعُ: مَحَبَّتِى لَكَ مِن قَوْلِهِمْ: امْرَأةٌ لَبَّةٌ: إِذَا كَانَتْ مُحِبَّةً لِوَلَدِهَا عَاطِفَةً عَلَيْهِ (¬60). وَمَعْنَى "سَعْدَيْكَ" إسْعَادًا بَعْدَ إِسْعَادٍ، مِنَ الْمُسَاعَدَةِ وَالْمُوَافَقَةِ (¬61) عَلَى الشَّيْءِ. ¬
قَوْلُهُ: "إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ" (¬62) يُرْوَى بِكَسْرِ إِنَّ وَفَتْحِهَا، قَالَ ثَعْلَبٌ: الاخْتِيارُ: كَسْرُ إِنَّ وَهُوَ أجْوَدُ مِن مَعْنَى الْفَتْحِ؛ لأنَّ الَّذِى يَكْسِرُ، إِنَّ يَذهَبُ إِلَى أنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ عَلى كُلِّ حَالٍ، وَالَّذِى يَفْتَحُهَا، يَذْهَبُ إِلَى أنَّ الْمَعْنَى: لَبَّيْكَ لأنَّ الْحَمْدَ لَكَ، أيْ: لَبَّيْكَ لِهَذَا السَّبَبِ (¬63). قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْعَرَبِيَّةِ: لأنَّهُ إذَا قَالَ: لَبَّيْكَ، فَقَدْ تَم كَلَامُ الْمُلبِّى عَلَى قَوْلِهِ: لَبَّيْكَ، وَمَعْنَاهُ: إنِّى لَبَّيْتُكَ لَا لِعِلَّةٍ وَلَا لِفِعْلٍ فَعَلْتُهُ مِنَ الْجَمِيلِ، بَلْ (لِحُبِّ) (¬64) الِإقَامَةِ عَلَى طَاعَتِكَ، لَا لِسَبَبٍ وَلَا لِطَلَبِ مُجَازَاةٍ، (بَلْ) (¬65) ابْتِدَاءً إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ. وإِذَا فَتَحَ صَارَتْ "أنَّ" الَّتِى لِلْعِلَّةِ (¬66)، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: لَبَّيْكَ لأجلِ عَطيَّةٍ أو دَفْعِ بَلِيَّةٍ، فَصَارَتْ التَّلْبِيَةُ فِى مُقَابَلَةِ شَىْءٍ، لَا مُجَردَةَ. وَمَعْنَى الْكَسْرِ مُجَرَّدٌ؛ لِأنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمَحْمُودُ عَلَى كُل حَالٍ، يَسْتَحِقُّ الْحَمْدَ لِنَفْسِهِ وَذَاتِهِ. وَقَوْلُ (¬67) مُحَمَّدٍ بنِ الْحَسَنِ (¬68): الْكَسْرُ ثَنَاءٌ: وَالْفَتْحُ صِفَةٌ، يَعُودُ إِلَى هَذَا. وَيَجُوزُ رَفْعُ "النِّعْمَةِ" عَلَى الابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ، وَخَبَرُ إنَّ مَحْذُوفٌ، أيْ، إِنَّ (¬69) الْحَمْدَ لَكَ (¬70)، وَالنعْمَةُ لَكَ (¬71). قَالَ ابْنُ الأنبارِىِّ: وإنْ شِئْتَ جَعَلْتَ خَبَرَ إنَّ مَحْذُوفًا، قَالَ (¬72): وَعَلَى هَذَا، فَمَوْضِعُ "أنَّ" الْخَفْضُ عِنْدَ الْكِسَائيِّ بِإِضْمَارِ الْخَافِضِ، وَالنصْبُ عِنْدَ الْفَرَّاءِ بِحَذْفِ الْخَافِضِ. فِى تَلْبِيَةِ ابْنِ عُمَرَ (¬73): "وَالرُّغْبَى (¬74) إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ" قَالَ ابْنُ السِّكِّيت: الرُّغْبَى وَالرَّغْبَاءُ، كَالنُّعْمَى وَالنَّعْمَاءِ (¬75). وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ: رَغِبَ رَغْبَةً وَرَغْبَى، كَمَا يُقَالُ: شَكْوَى (¬76). قَوْلُهُ: "وَالنَّاسُ يُصْرَفُونَ عَنْهُ" (¬77) فِيهِ رِوَايَتَانِ: فَتْحُ الْيَاءِ وَكَسْرُ الرَّاءِ، وَضَمُّ الْيَاءِ وَفَتْحُ الرَّاءِ، فَمَنْ قَالَ "يَصْرِفُونَ" بِفَتْحِ الْيَاءِ، فَمَعْنَاهُ: يُنَحُّونَهُمْ عَنْهُ، وَأسْقَطَ الْمَفْعُولَ، أو يَنْقلِبُونَ وَيَنْصَرِفُونَ بأنْفُسِهِمْ، وَذَلِكَ لِكَثْرَتِهِمْ وَتَرَاكُمِهِمْ عَلَيْهِ. وَمَنْ قَالَ بِالضَّمِّ، فَهُوَ لِمَا لَمْ يُسَمِّ فَاعِلُهُ، أيْ: يُقْلَبُونَ (¬78) فَيَمْضُونَ لِشَأنِهِمْ. قَوْلُهُ: "يَتَرَفَّهُ" (¬79) أىْ: يَتَنعَّمُ، وَالرَّفَاهِيَةُ: النِّعْمَةُ، بِالْفَتْحِ، يُقالُ: هُوَ فِى رَفَاهِيَةٍ مِنَ الْعَيْشِ، أَيْ: سَعَةٍ، وَفِى الْحَدِيثِ: "أنَّهُ نَهَى عَن الِإرْفَاهِ" (¬80) وَهُوَ التَّدَهُّنُ وَالتَّرْجِيلُ كُلَّ يَوْمٍ، يُقَالُ: رَفَاهَةٌ وَرَفَاهِيَةٌ ¬
عَلَى فَعَالِيَةٍ وَرُفَهْنِيةٍ، وَقَدْ رَفَهَتْ الِإبِلُ تَرْفَهُ -بِالْفَتْحِ- رَفْهًا وَرُفُوهَا: إِذَا وَرَدَتْ الْمَاءَ كُلَّ يَوْمٍ (¬81). قَوْلُهُ: "أوِ انْسُكْ شَاةً" (¬82) أىْ: اذْبَحْ. وَالنَّسِيكَةُ: الذَّبِيحَةُ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬83). قَوْلُهُ: "تَقْلِيمُ الأظْفَارِ" (¬84) هُوَ قَطْعُهَا، وَالْقُلَامَةُ، مَا يَسْقُطُ (¬85) مِنْهَا. وَمِنْهُ سُمِّىَ الْقَلْمُ؛ لِأنَّهُ يُقْلَمُ، أىْ: يُقْطَعُ. قَوْلُهُ: "لَا تُخَمِّرُوا رَأسَهُ" (¬86) أىْ: لَا تَغَطُّوهُ، وَالتَّخْمِيرُ: التَّغْطِيَةُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "أَلَا خَمَّرْتَهُ وَلَوْ بِعُودٍ" (¬87) وَسُمِّيَت الْخَمْرُ، لِتَغْطِيَتِهَا الْعَقْلَ، وَقَدْ ذُكِرَ. قَوْلُهُ: "حَمَلَ عَلَى رَأْسِهِ مِكْتَلًا" (¬88) هُوَ شِبْهُ الزَّنْبِيلِ، يَسَعُ خَمْسَةَ عَشْرَ صَاعًا، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (¬89). قَوْلُهُ: "وَلَا الْبُرْنُسُ" (¬90) قَالَ فِى الصّحَاحِ: الْبُرْنُسُ: قَلَنْسُوَةٌ طَوِيلَةٌ، وَكَانَ النُّسَّاكُ يَلْبَسُونَهَا فِى صَدْرِ الِإسْلَام، وَقَدْ (¬91) تَبَرْنَسَ الرَّجُلُ: إذَا لَبِسَهُ، كَذَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِىُّ. وَقاَلَ الْقَلْعِىُّ (¬92): هُوَ مِثْلُ الْقَبَاءِ إِلَّا أنَّ فِيهِ شَيْئًا يَكُونُ عَلَى الرَّأس. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ (¬93): كُلُّ ثَوْبٍ رَأسُهُ مِنْهُ مُلْتَزِقٌ (¬94) دُرَّاعةً كَانَ أوْ جُبَّةً أوْ [مِمْطَرًا] (¬95) فَهُوَ بُرْنُس. قَوْلُهُ: "الْقَبَاءُ" مَمْدُودٌ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ قَمِيصٌ مُقَدَّمُهُ مُفَرَّجٌ يُشَدُّ بِأَزْرَارٍ (¬96)، أوَّلُ (¬97) مَنْ لَبِسَهُ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَالدُّرَّاعَةُ: مِثْلُ الْقَمِيصِ، إِلَّا أنَّهَا ضَيِّقَةُ الْكُمَّيْنِ (¬98). وَالتُّبَّانُ (¬99): سَرَاوِيلٌ قَصِيرٌ يَبْلُغُ الْفَخِذَيْنِ. وَقَدْ ذُكِرَ (¬100) وَالرَّانُ: مِثْلُ الخُفِّ، يُلْبَسُ فى الْقَدَمَيْنِ حَتَّى يَبْلُغَ الْفَخِدَيْنِ (¬101). "الْبَابكِين (¬102) ": هُمَا سَاقَا (¬103) السَّرَاوِيلِ. التِّكَّةُ - بالتَشْدِيدِ، لَا تُخَفِّفُ بدَلِيلِ جَمْعِهَا عَلَى تِكَكٍ (¬104). ¬
قَوْلُهُ: "وإنْ زَرَّهُ" (¬105) أىْ: جَعَلَ لَهُ أزْرَارًا. "أوْ شَوَّكَهُ" (¬106) أىْ (¬107): خَلَّهُ بِالشَّوْكِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا أنَّهُ لَا يَجُوزُ أنْ يُقَالَ: يَتَّزِرُ وَلَا اتَّزَرَ بِالتَّشْدِيدِ؛ لِأنَّ الْهَمْزَةَ لَا تُدْغَمُ فِى التَّاءِ، وَلَكِنْ يُقَالُ: يَأْتَزِرُ وَأْتَزَرَ، وَهُوَ افْتَعَلَ مِنَ الِإزَارِ. قَوْلُهُ: "وَلَا يَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ" (¬108) الْقُفَّازُ بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: شَيءٌ يُلْبَسُ فِى الْيَدَيْنِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِى سَتْرِ الْعَوْرَةِ (¬109). قَوْلُهُ: "سَدَلَتْ عَلَى وَجْهِهَا" (¬110) أَىْ: أَسْبَلَتْ. يُقَالُ: سَدَلَ ثَوْبَهُ يَسْدُلُهُ بِالضَّمِّ، أَىْ: أَرْخَاهُ، وَشَعَرٌ مُسْدَلٌ. قَوْلُهُ: "جِلْبَابَهَا" (¬111) هُوَ (¬112) الْمِلْحَفَةُ الَّتِى تَتَغَطَّى بِهَا (¬113)، قَالَ (¬114): . . . . . . . . . . . . ... مَشْىَ الْعَذَارَى عَلَيْهِنَّ الْجَلَابِيبُ قَوْلُهُ: "وَلَا يَسْتِعِطْ بِالطِّيبِ وَلَا يَحْتَقِنْ" الاسْتِعَاطُ: إدْخَالُ الدَّوَاءِ فِى الأنْفِ (وَالاحْتِقَانُ: إِدْخَالُهُ فِى الدُّبُرِ. قَوْلُهُ: "اليَاسَمِينُ وَالْمَرْزَنْجُوشُ) (¬115) واللَّيْنُوفُرَ وَالنَّرْجِسُ" هَذِهِ أشْجَارٌ طيِّبَةُ الرِّيحِ، فَأمَّا الْيَاسَمِينُ: فَهُوَ دَقِيقُ الأغصَانِ، تَضْرِبُ خُضْرَتُهُ إِلَى السَّوَادِ، دَقِيقُ الْوَرَقِ، لَهُ زَهْرٌ أبيَضُ مُسْتَدِقٌّ. وَأمَّا الْمَرْزَنْجُوشُ (بفتح الرَّاءِ وَالزَّاىِ) (¬116) وَيُقَالُ (لَهُ) (116) [الْمَرْدَقُوشُ] (¬117) فَهُوَ: الأزَابُ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ: اسْمُ الْفَأْرِ؛ لِأنَّ أُذُنَيهِ تُشْبِهُ وَرَقَهُ (¬118). وَأمَّا اللِّينُّوْفَرُ (¬119): فَشَجَرٌ يَنْبُتُ فِى الْمَاءِ الرَّاكِدِ، لَهُ وَرَقٌ عِرَاضٌ كِبَارٌ يَعْلُو فَوْقَ الْمَاءِ فيغَطِّيهِ، وَهُوَ شَجَرٌ يُشَمُّ زَهْرُهُ، وَيُتَخَذُ مِنْهُ الدُّهْنُ، وَمِنْ يَابِسِهِ الطِّيبُ، كَالوْرْدِ الَّذِى مِنْهُ الثَّمَرَةُ الَّتى يُتَطَيَّبُ بِهَا، وَلَوْنُهُ أصفَرُ، يَتَفَتَّحُ زَهْرُهُ إِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ، وإذَا غَرَبَتْ انْضَمَّ. وَقَدْ وَصَفَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَهْدِيِّ فَأجادَ بِقَوْلِهِ: رَأيْتُ فِى الْبِرْكَةِ لِينُوفَرًا ... فَقُلْتُ لِمْ غُيِّبَتْ (¬121) وَسْطَ الْبِرَكْ فَقَالَ لِىَ غُيِّبْتُ فِى أَدْمُغِى ... وَصَادَنِى دُعْجُ الظِّبَا بِالشَّرَكْ ¬
فَقُلْتُ مَا بَالُ اصْفِرَارٍ بَدَا ... عَلَيْكَ حَتَّى خِلْتُهُ غَيَّرَكَ فَقَالَ لِى أَلْوَانُ أَهْلِ الْهَوَىَ ... صُفْرٌ وَلَوْ ذُقْتَ الْهَوَى غَيَّرَكْ وَقَالَ آخَرُ (¬122): وَبِرْكَةٍ تَزْهُو بِلَيْنُوْفَرٍ ... وَنَشْرُهُ يُشْبِهُ نَشْرَ الْحَبِيبْ نَهَارُهُ يَضْحَكُ عَنْ مُقْلَةٍ ... حَتَّى إِذَا الشَّمْسُ دَنَتْ لِلْمَغِيبْ أطبَقَ جَفْنَيْهِ عَلَى عَيْنِهِ ... وَغَاصَ فِى الْبِرْكَةِ خَوْفَ الرَّقِيبْ وَفِيهِ لُغَاتٌ (يُقَالُ) (¬123): لَيْنُوفَرُ، وَنَيْنُوْفَر بِالنُّونِ وَاللَّامِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ (¬124)، وَبِفَتْحِ النُّونِ الاخيرَةِ وَضَمِّهَا. وَالنَّرْجِسُ: لَهُ زَهْرٌ أَصْفَرُ، وَظَاهِرُهُ أبيضُ، فِى وَسَطِهِ سَوَادٌ تُشَبَّهُ بِهِ الْعُيُونُ، وَهُوَ شَجَرٌ لَيْسَ بِالْكَبِيرِ، وَرَقُهُ كَوَرَقِ الْبَصَلِ، وَلَهُ (¬125) عَمُودٌ فِى وَسَطِهِ أجوَفُ مِثْلُ سَاقِ الْبَصَلِ الَّذِى يَطْلُعُ فِى رَأسِهَا (¬126). وَالرَّيْحَانُ الْفَارِسىُّ: هُوَ الَّذِى يُسَمِّيهِ بَعْضُ الْعَامَّةِ بِالْيَمَنِ (¬127): الشَّقِرَ (¬128)، وَيُسَمَّى بِتِهَامَةَ: الْحِبَاقَ. وَأمَّا الْبَنَفْسَجُ: فَهُوَ نَبَاتٌ كَالْحَشِيشِ، طيِّبُ الرِّيحِ، لَهُ زَهْرٌ أحْمَرُ، يَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ، وَهُوَ تَعْرِيبُ "بَنَفْشَةَ" (¬129) وَدُهْنُهُ يُرَطِّبُ الدِّمَاغ وَيُزِيلُ النُّشُوفَةَ. قَوْلُهُ: "المُرَتَّبُ بِالسُّكَّرِ" (¬130) هُوَ أَن يُؤْخَذَ زَهْرُهُ، وَيُتْرَكَ (مَعَهُ السُّكَّرُ الأبْيَضُ، وَيُدَقَّانِ مَعًا، وَيُتْرَكَ فِى وِعَاءٍ، فَيَكُونُ دَوَاءً نَافِعًا. وَعَمَلُ دُهْنِ الْبَنَفْسِجِ: هُوَ أن يُؤْخَذَ زَهْرُهُ وَيُتْرَكَ) (¬131) مَعَ اللَّوْزِ أربَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يُزَالُ عَنْهُ بَعْدَمَا يَيْبَس، وَقَدْ صَارَتْ رَائِحَتُهُ مَعَ اللَّوْزِ، ثُمَّ يُدَقُّ اللَّوْزُ وَيُعْصَرُ (¬132)، فَذَلِكَ دُهْنُ الْبَنَفْسِجِ. وَالْوَرْدُ الْمُرَبَّبُ بِالسُّكَّرِ يُعْمَلُ هَكَذَا سَوَاء، نَافِعٌ لِوَجَعِ الْقَلْبِ. قَالَ الأزهَرِىُّ (¬133): الرُّبُّ: هُوَ الدِّبْسُ الْمَطبوخُ بِالنَّارِ، وَالْمُرَبَّبُ (هُوَ) الَّذِى يُصَبُّ عَلَيْهِ الرُّبُّ؛ لِتَشْتَدَّ حَلَاوَتُهُ، وَيُرَبَّى (¬134) فِى الْقَوَارِيرِ. قَوْلُهُ: "الزَّنْبَقُ وَدُهنُ الْبَانِ الْمَنْشُوشِ" (¬135) فَأمَّا الزَّنْبَقُ فَهُوَ: دُهْنُ الْيَاسَمِين، ذَكَرَهُ فِى الصَّحَاحِ (¬136). وَأمَّا دُهْنُ الْبَانِ، فَالْبَانُ: هُوَ شَجَرُ الْخِلَافِ (¬137)، وَأصْلُ دُهْنِهِ مِنَ السِّمْسِمِ؛ لِأنَّ الْبَانَ وَالْوَرْدَ وَالْبَنَفْسَجَ تُفْرَشُ تَحْتَ السِّمْسِمِ لِتُكْسِبَهُ رَائِحَةً (¬138)، فَإِذَا جَفَّ ذَلِكَ فُرِشَ تَحْتَهُ شَىْءٌ آخَرُ إِلَى أَنْ تَعْبَقَ بِهِ الرائِحَةُ، ثُمَّ يُعْصَرُ السِّمْسِمُ، فَهُوَ مِنَ (¬139) السِّمْسِمِ، إِلَّا أنَّ رَائِحَتَهُ رَائِحَةُ هَذِهِ الأشْجَارِ. ذَكَرَهُ فِى ¬
الْبَيَانِ (¬140) (فِى بَابِ الزَّمَانَةِ) (¬141) وَأمَّا الْمَنْشُوشُ، فَهُوَ أَنْ يُؤْخَذَ سَلِيطُ السِّمْسِمِ، فَيُحْمَى فِى النَّارِ، ثُمَّ يُطرحَ فِيهِ زَهْرُ الخِلَافِ، وَهُوَ الْبَانُ الْمَذْكُورُ، وَيُتْرَك حَتَّى يَنْضَج ثُمَّ يُعْصَرُ، فَهَذَا هُوَ الْمَنْشُوشُ. وَقَالَ فِى تَاجِ (¬142) الْمَصَادِرِ: الْمَنْشُوشُ: هُوَ الْمَخْلُوطُ. وَقَالَ الْهَرَوِىُّ (¬143): وَفِى كَلَام الشَّافِعِى فِى صِفَةِ الادِّهَان: البَانُ الْمَنْشُوشُ بِالطِّيبِ: أَىْ (¬144) الْمَخْلُوطُ، نَشْنَشْتُهُ (¬145): إِذَا خَلَطهُ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ (¬146): النَّشُّ وَالْمَشُّ: الدَّوْفُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: زَعْفَرَانٌ مَنْشُوشٌ. وَقَالَ فِى النَّبيذِ (¬147): "إِذَا نَشَّ فَلَا تَشْرَبْهُ" يُقَالُ: الْخَمْرُ تَنِشُّ: إِذَا أَخَذَتْ فِى الْغَلَيَانِ. وَالدَّوْفُ: أن يُبَلَّ فِى الْمَاءِ، دُفْتُ الدَّوَاءَ: بَلَلْتُهُ بِالْمَاءِ وَبِغَيْرِهِ فَهُوَ مَدُوفٌ (¬148). نَافِجَةُ الْمِسْكِ (¬149): الْجِلْدَةُ الَّتِى يُخْلَقُ فِيهَا، وَهِىَ سُرَّةُ الْغَزَالِ (¬150). قَوْلُهُ (¬151): "فَلْيُهْرِقْ دَمًا" (¬152) يُقَالُ (¬153): أَرَاقَ وَهَرَاقَ، تُبْدَلُ الْهَاءُ مِنَ الْهَمْزَةِ، وَيَجُوزُ إِسْكَانُ الْهَاءِ وَفَتْحُهَا، وَقَدْ مَضَى مُسْتَقْصَىً (¬154). قوْلُهُ: "الْجَزَاءُ" (¬155) الْجَزَاءُ: قضَاءُ الْحَقِّ، قالَ اللهُ تَعَالَى: {يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} (¬156) أَىْ: لَا تَقْضِى (¬157) (وَالْمُتَجَازِى) (¬158): الْمُتَقَاضِى. كَأنَّهُ يَقضى مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ إِعْلَافِ الصَّيْدِ. قَوْلُهُ: "دَارَ النَّدْوَةِ" (¬159) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأنَّهم كَانُوا يَنْدُونَ بِهَا (¬160)، أَىْ: يَجْتَمِعُونَ لِلْمُشَاوَرَةِ، وَهِىَ كَالنَّدِيَّ: مَجلِسُ القومِ وَمُتَحَدَّثُهُمْ. قَوْلُهُ: "نَهسَتهُ حَيَّةٌ" يُقَالُ: نَهَسَ اللَّحْمَ- بِالسين الْمُهْمَلَةِ: إذَا أخَذَهُ بِمُقَدَّمِ الأسْنَانِ، يُقَالُ: نَهَسْتُ اللَّحْمَ، وَانْتَهَسْتُهُ. ونَهْسُ (¬161) الحَيَّةِ أَيْضًا نَهْشُهُ (¬162)، قَالَ الرَّاجِزُ (¬163): وَذَاتِ قَرْنَيْنِ طَحُونِ الضِّرْسِ تَنْهسُ لَوْ تَمَكَّنَتْ مِنْ نَهْسِ وَنَهَشَتْهُ الحَيَّةُ -بالسِّين المُعْجَمَةِ- أَيْضًا: لَسَعَتْهُ. ¬
قَوْلُهُ: "فَاخْتَلَسَ مِنْ بَعْضِهِمْ سَوْطًا" (¬164) يُقَالُ: خَلَسْتُ الشيء وَاخْتَلَسْتُهُ وَتَخَلَّسْتُهُ: إِذَا اسْتَلَبْتَهُ (¬165) وَالتَّخَالُسُ: التَّسَالُبُ، وَالاسْمُ: الْخُلْسَةُ (¬166). قَوْلُهُ: "الْحِدَأةُ" (¬167) بِكَسْرِ الْحَاءِ مَقْصورَةٌ مَهْمُوزَةٌ (¬168). وَالْبَقُّ: جَمْعُ بَقّةٍ، وَهِىَ الْبَعُوضَةُ. الجِرْجِسُ: لُغَةٌ فِى الْقِرْقِسِ (وَهُوَ) (¬169) البَعُوضُ الصِّغَارُ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬170): لَبِيضٌ (¬171) بِنَجْدٍ لَمْ يَبِتْنَ نَوَاطِرًا (¬172) ... لِزَرْعٍ وَلَمْ يَدْرُجْ عَلَيْهِنَّ قِرْقِسُ (¬173) قَوْلُهُ: "وإنْ كَسَرَ بَيْضًا مَذِرًا" (¬174) هُوَ الْفَاسِدُ، مَذِرَت الْبَيْضَةُ: فَسَدَتْ، وَأَمْذَرَتْهَا الدَّجَاجَةُ، وَمَذِرَت مَعِدَتُهُ، أَىْ: فَسَدَتْ (¬175). قَوْلُهُ: "إنْ احْتَاجَ إِلَى ذَبْحِ الصَّيدِ لِلْمَجَاعَةِ" (¬176) الْمَجَاعَةُ: الْجُوعُ ضِدُّ الشَّبَعِ، يُقَالُ: جَاعَ يَجُوعُ جَوْعًا وَمَجَاعَةً، وَعَامُ مَجَاعَةٍ وَمَجْوَعَةٍ، بِسُكُوِنِ الْجِيمِ (¬177). قَوْلُهُ (¬178): {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (¬179) الْفِدْيَةُ وَالْفِدَى (¬180) وَالْفِدَاءُ: كُلُّهُ بِمَعْنَىً وَاحِدٍ. يُقَالُ: فَدَاهُ وَفَادَاهُ: إذَا أعطَى فِدَاءُ، فَأنْقَذَهُ وَفَدَاهُ بنَفْسِهِ. وَالْفِدَاءُ: إذَا كُسِرَ أوَّلُهُ: يُمَدُّ وَيُقْصَرُ، فَإذا فُتِحَ: فَهُوَ مَقْصُورٌ (¬181). وَالنُّسُكُ: لَا يُحْمَلُ هَا هُنَا إلَّا عَلَى الذَّبِيحَةِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬182). قَوْلُهُ: "فَإنْ صَالَ عَلَيْهِ صَيْدٌ" (¬183) أَىْ: وَثَبَ. وَالْفَحْلَانِ (¬184) يَتَصَاوَلَانِ، أَيْ: يَتَوَاثَبَانِ، وَصَالَ الْعِيرُ: إذَا حَمَلَ عَلَى الْعَانَةِ (¬185)، وَسَيُذْكَرُ في مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى (¬186). قوْلهُ: "أَلْجَأهُ إِلَى إتْلافِهِ" (¬187) أىْ: اضْطرَّهُ (¬188)، وَلمْ يَجِدْ مَانِعًا يَمْنَعه عَنْهُ، وَألجَأتُهُ إلى الشَّيءِ: اضْطَرَرْتُهُ إلَيْهِ (¬189) وَالتَّلْجِئَةُ: الإكْرَاهُ، وَالتَّلْجِئَةُ فِى الْبَيْعِ: إزَالَةُ الْمِلْكِ، لِخَوْفِ الضَّرَرِ. قَوْلُهُ: "فَلَمْ يَحْضُنْهُ" (¬190) يُقَالُ: حَضَنَ الطَّائِرُ بَيْضَهُ يَحْضُنُهُ [بِضَمِّ الضَّادِ] (¬191) إذَا ضَمَّهُ إلَى ¬
نَفْسِهِ تَحْتَ (جَنَاحَيْهِ) (¬192)، وَكَذَلِكَ الْمَرأةُ. وَهُوَ مَشْتَقٌّ مِنَ الحِضْنِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الكَشْحِ إلى الإبْطِ (¬193). قَوْلُهُ: "وَإنْ (¬194) كَشَطَ مِنْ بَدَنِهِ جِلْدًا" أَيْ: نَزَعَهُ، يُقَالُ: كَشَطْتُ جِلْدَ البَعِيرِ، وَلَا يُقَالُ: سَلَخْتُهُ (¬195)، وَقَدْ ذُكِرَ (¬196). قَوْلُهُ: "وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ" (¬197) الْجُبَّةُ الَّتِى تُلْبَسُ فِى الْعُرْفِ: أَنْ تُظَاهِرَ بَيْنَ ثَوْبَيْنِ، وَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا حَشوٌ مِنْ قُطْنٍ أو غَيْرِهِ (¬198). قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ" (¬199) الْفِدْيَةُ (¬200) هَا هُنَا: الْبَدَلُ، وَفِى غَيْرِ هَذَا: الاسْتِنْقَاذُ، وَقَدْ ذُكِرَ. "فَلَى رَأسَهُ" (¬201) إذَا (¬202) أخْرَجَ مِنْهُ الْقَمْلَ. قَوْلُهُ: "الْمُنَابَزَةُ بِالألْقَابِ" (¬203) يُقَالُ: نَبَزَهُ يَنْبِزُهُ نَبْزًا: إذَا لَقَّبَهُ، فَسَمَّاهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ الْمَعْرُوفِ. قَوْلُهُ: "مَنْ حَجَّ (للهِ عَزَّ وَجَلَّ) (¬204) فَلَمْ يَرْفُثُ وَلَمْ يَفْسُقْ" (¬205) الرَّفَثُ: الْجِمَاعُ، يُقَالُ: رَفَثَ يَرْفُثُ وَيَرْفِثُ. ذَكَرَهُ الْهَرَوِىُّ (¬206) وَرَأيتهُ بِخَطِّ ابْنِ أَبِى الصَّيْفِ: يَرْفُثُ وَيَرْفِثُ: بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ. قَوْلُهُ: " (كَهَيْئَتِهِ) (¬207) يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" الْهَيْئَةُ: الشَّارَةُ، يُقَالُ: فُلَانٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ (¬208)، وَأرَادَ هَا هُنَا: الْحَالَةَ أَى: عَلَى الْحَالَةِ الَّتِى وَلَدَتْهُ أُمَّهُ عَلَيْهَا، لَاذَنْبَ عَلَيْهِ. * * * ¬
باب ما يجب بمحظورات الإحرام
بَابُ مَا يَجِبُ بِمَحْظُورَاتِ الإحْرَام (¬1) قَوْلُهُ: "ثَلَاثَةُ آصُعٍ" (¬2) هُوَ جَمْعُ صَاعٍ. وَأَصْلُهُ: أَصْوُعٍ، مِثْلُ: فَلْسٍ وَأفلُسٍ، فَهَمَزُوا الْوَاوَ كَمَا هَمَزُوهَا فِى أثوَابٍ، ثُمَّ نَقَلُوهَا إِلَى أَوَّلِ الْكَلِمَةِ، كَمَا نَقَلُوهَا فِى أَيْنُقٍ، فَاجْتَمَعَ هَمْزَتَانِ، فَجُعِلَتْ الثَّانِيَةُ ألِفًا وَمُدَّتْ. وَإنَّمَا هَمَزُوا الْوَاوَ؛ لِأنَّ الْهَمْزَةَ حَرْفٌ جَلْدٌ يَقْبَلُ الْحَرَكَةَ، وَالْوَاوُ لَا تَقْبَلُهَا (¬3). ¬
قَوْلُهُ: "فَعَدَلَ إلَى قِيمَتِهِ" (¬4) يُقَالُ: عَدَلَ إلَى كَذَا، أىْ: مَالَ إلَيْهِ، وَعَدَلَ: إذَا اسْتَقَامَ، وَهُوَ مِنَ الأضْدَادِ. قَوْلُهُ: "وَإنْ وَطِئَ فِى الْحَجِّ" (¬5) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬6): وَطِئْتُ الشَّيءَ بِرِجْلِى وَطْأً (¬7)، وَوَطِىءَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ يَطَأ فِيهِمَا، سَقَطَت الْوَاوُ مِنْ يَطَأُ، كَمَا سَقَطَتْ مِنْ يَسَعُ (¬8). الْيَرْبُوعُ (¬9) بِخِلْقَةِ الْفَأرِ أوْ أَكْبَرُ، مَفَاتِحُ (¬10) جُحُورِهِ كَثِيرَةٌ (¬11). قَوْلُهُ: "عَنزٌ وَعَنَاقٌ وَجَفْرَةٌ" (¬12) وَلَدُ الشَّاةِ إذَا بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَجَمَعَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالشَّجَرِ، فَهُوَ جَفْرٌ وجَفْرَةٌ، وَمَعْنَاهُ: اتَّسَعَ جَوْفُهُ (¬13). يُقَالُ (¬14): فَرَسٌ مُجْفِرٌ، أَىْ: وَاسِعُ الْجَنْبَيْنِ. وَالْعَنَاقُ: مَا فَوْقَ ذَلِكَ، وَالعَنْزُ فَوْقَ الْعَنَاقِ فِى السِّنِّ غَيرُ مَحْصُورٍ بِزَمَانٍ (17). قَوْلُهُ: "حَكَمَ فِى أُمِّ حُبَيْنٍ بِحُلَّان" (¬16) أمُّ حُبَيْنٍ: دُويّبةٌ عَلَى خِلْقَةِ الْحِرْبَاءِ، عَرِيضَةُ الْبَطْنِ، وَمِنْهُ قَوْلُ رَسُولِ الله صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ (¬17) رَأى بِلَالًا قَدْ خَرَجَ بَطنهُ (¬18): "أُمُّ حُبَيْن" (¬19) وَهَذَا مِنْ مَزْحِهِ صَلَّى اللهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أرَادَ: ضِخَمَ بَطنِهِ، وَالْحَبَنُ: عِظَمُ الْبَطْنِ، ذَكَرَ الْهَرَوِىُّ جَمِيعَ ذَلِكَ (¬20). وَقَالَ فِى الْبَسِيطِ (¬21): هُوَ مِنْ صِغَارِ الضَّبِّ. وَقَالَ فِى دِيوَانِ الْأدَبِ (¬22): هِىَ الْحِرْبَاءُ. وَقَالَ الأزْهَرِيُّ (¬23): هِيَ مِنْ حَشَرَاتِ الأَرْضِ تُشْبِهُ (¬24) الضَّبِّ، وَهِىَ الأُنْثَى مِنَ الْحَرَابِىِّ، وَالْعَرَبُ تَعَافُ أكْلَهَا. وَالْحُلَّانُ: الْجَدْىُ يُؤْخَذُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ، (وَهُوَ فُعَّالٌ؛ لإنَّهُ مُبْدَلٌ مِنْ حُلَّامٍ، وَهُمَا بِمَعْنَىً) (¬25) قَالَ الشَّاعِرُ (¬26): كُلُّ قَتِيلٍ فِى كُلَيْبٍ حُلَّامْ ... حَتَّى يَنَالَ الْقَتْلُ آل هَمَّامْ قَوْلُهُ: وَتَغْمَضُ الْفُتْيَا" (¬27) أىْ: تَحْتَقِرُهَا وَتَطْعَنُ فِيهَا. وَفِيهَا (¬28) لُغَتَانِ: فَتْحُ الْمِيمِ وَكَسْرُهَا مِنَ الْمَاضِى وَالْمُسْتَقْبَل (¬29). غَمَصْتُ الرَّجُلَ وَغَمِصْتُهُ، أيْ: احْتَقَرْتُهُ. قَوْلُهُ: "الدُّبْسِىِّ قُمْرِىِّ وَالْفَاخِتَةِ" (¬30) الدُّبْسىُّ: طَائِرٌ مَنْسُوبٌ إلَى طَيْرٍ دُبْسٍ، وَالْأدبَسُ مِنَ الطَّيرِ: ¬
الَّذِى لَوْنُهُ بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ، وَيُقَال: مَنْسُوبٌ إلَى دِبسِ الرُّطَبِ؛ لِأنَّهُمْ يُغَيِّرونَ فِى النَّسَبِ كَالدُّهْرِىِّ وَالسُّهْلِىِّ (¬31). وَالْقُمْرِىُّ: مَنْسُوبٌ إلَى طَيْرٍ قُمْرٍ، إمَّا أن يَكُونَ جَمْعَ أقمَرَ، مِثْلَ أَحْمَرَ وَحُمْرٍ، وإمَّا أن يَكُونَ جَمعَ قُمْرِيٌّ مِثْلَ رُومِىٍّ وَرُومٍ، وَزَنْجِىٍّ وَزَنْجٍ (¬32). وَالْأُنْثَى: قُمْرِيَّةٌ: وَالذَّكَرُ: سَاقُ حُرٍّ. وَالجَمْعُ: فَمَارِىُّ، غيرُ مَصْرُوفٍ، وَالأَقْمَرُ: الْأبْيَضُ يُقَالُ: سَحَابٌ أقمَرُ، وَلَيْلَةٌ قَمْرَاءُ (¬33). وَالْفَاخِتَةُ: وَاحِدَةُ الْفَوَاخِتِ مِنْ فَوَاتِ الأطْوَاقِ، وَكُلُّ هَذَا مَذْكُورٌ فِى الصِّحَاحِ (¬34). قَالَ: "وَالْبُلْبُلُ طَائِرٌ (¬35) يُرِيدُ أَنَّهُ مَعْرُوفٌ. وَحَقِيقَتُهُ: أَنَّهُ طَائِرٌ صَغِيرٌ، لَهُ صَوْتٌ يُطْرِبُ، بِقَدْرِ الْعُصْفُورِ، لَوْنُهُ أَغْبَرُ يَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ أسْوَدُ، يُؤَلَّفُ، يُؤَلِّفُ فِى الْبُيُوتِ، وَيُشْتَرَى لِحُسْنِ صَوْتِهِ، قَالَ أبُو نُوَاس فِى الأصْمَعِىِّ: "بُلْبُلٌ يُطْرِبُهُمْ بِنَغَمَاتِهِ" (¬36). قَوْلُهُ: "يَعُبُّ وَيَهْدُرُ" (¬37) الْعَبُّ: شُرْبُ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ مَصٍّ. وَقِيلَ: هُوَ شُرْبُه بِنَفَسٍ وَاحِدٍ. وَفِى الْحَدِيثِ: "مُصُّوا الْمَاءَ مَصًّا وَلَا تَعُبُّوهُ عَبًّا" (¬38) وَفِى الْحَدِيثِ أيضًا: "الْكُبَادُ مِنَ الْعَبِّ" (¬39) وَالْحَمَامُ يَشْرَبُ الْمَاءَ عَبًّا، كَمَا تَعُبُّ الدَّوَابُّ، أَىْ: تَجْرَعُهُ جَرْعًا، وَسَائِرُ الطُّيُورِ تَنْقُرُهُ نَقْرًا، وَتَشْرَبُ قَطْرَةً قَطْرَةً (¬40). قَوْلُهُ: "وَيَهْدُرُ" يُقَالُ: هَدَرَ الْحَمَامُ يَهْدُرُ هَدِيرًا، أَيْ: صَوَّتَ، وَهَدِيرُهُ: تَغْرِيدُهُ وَتَرْجِيعُهُ صَوْتَهُ كَأنَّهُ يَسْجَعُ، يُقَالُ: سَجَعْت الْحَمَامَةُ، وَهَدَرَ الْبَعِيرُ (¬41) هَدِيرًا، أَىْ: رَدَّدَ صَوْتَهُ فِى حَنْجَرَتِهِ. قَوْلُهُ: "كَالْقَطَا وَالْيَعْقُوبِ وَالإوَزِّ" (¬42) الْقَطَا: طَائِرٌ مَعْروفٌ، سُمِّىَ بِصَوْتِهِ (¬43)؛ لِأنَّهُ لَا يَزَالُ يَقُولُ: قَطَاْ قَطَاْ. يَمْشِى بِاللَّيْلِ فَلَا يُخْطِىءُ الطرَّيقَ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬44): تَمِيمٌ بِطُرْقِ اللُّؤْمِ أَهْدَى مِنَ الْقَطَا ... وَلَوْ سَلَكَتْ سُبْلَ الْمَكَارِم ضَلَّتِ وَ (قِيلَ) (¬45) فِى الْمَثلِ: "أصْدَقُ مِنَ القَطَا" (¬46) وإنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ؛ لِأنَّ لَهَا صَوْتًا وَاحِدًا لَا تُغَيِّرُهُ (¬47)، تَقُولُ: قَطَاْ قَطَاْ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّيهَا: الصَّدُوقُ، قَالَ النَّابِغَةُ (¬48): تَدْعُو الْقَطَا وَبِهِ تُدْعَى إِذَا نُسِبَتْ ... يَا صِدْقَهَا حِينَ نَلْقَاهَا فَتَنْتَسِبُ وَلِغَيْرِهِ (¬49): ¬
لا تكْذِبُ القَوْلَ إنْ قَالَتْ قَطَا صَدَقتْ ... إذْ كُلُّ ذِي نِسْبَةٍ لَا بُدَّ يَنتحِلُ وَاليَعقُوبُ: ذَكَرُ الحَجَلِ، وَالحَجَلُ: جَمْعُ حَجَلَةٍ، وَهِىَ القَبْجَةُ، يُقَالُ حَجَلٌ وَحِجْلَانٌ. وَالْقَبْجُ: فَارِسيٌّ مُعَرَّبٌ؛ لِأنَّ القَافَ وَالْجِيمَ لَا يَجْتَمِعَانِ فِى كَلِمَةٍ مِنْ كَلَامِ العَرَبِ (¬50). وَالإوَزُّ- بِكَسْرِ الهَمزَةِ وَفَتْحِ الوَاوِ: البَطُّ، وَقَدْ جَمَعُوهُ بِالوَاوِ وَالنُّونِ، فَقَالُوا: إوَزُّون (¬51) (وَاحِدَهُ إوَزَّةٌ) (¬52) وَهُوَ مِنْ طَيْرِ المَاءِ، يَعِيشُ فِيهِ وَيَدْخُلُ فِيهِ، وَهُوَ أبيضُ كَبِيرٌ، لَهُ مَخَالِبُ مِثْلُ مَخَالِبِ طَيرِ المَاءِ، وَيُستأنَسُ فى البُيُوتِ كَالدَّجَاجِ. قَوْلُهُ (¬53): "لَا يُخْتَلَى خِلَالَهَا وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا" الْخَلَى مَقصُورٌ (¬54): الْحَشِيشُ، وَيُخْتَلَى يُفْتَعَلُ: (أىْ) (¬55) يُحْتَشُّ (¬56). وَالعَضْدُ: القَطْعُ، يَقُالُ: عَضَدْتُ الشَّجَرَ أعْضِدُهُ بِالْكَسْرِ، أىْ: قَطَعْتُهُ بالمِعْضَدِ (¬57). قَوْلُهُ: "وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا" يُقَالُ: نَفَرَتْ الدَّابَّةُ وَالصَّيْدُ نُفُورًا وَنِفَارًا: إذَا هَرَبَ ذُعْرًا مِنْ مَخَافَةِ شيءٍ. قَوْلُهُ: "إلَّا الإذْخِرِ": نَبْتٌ لَهُ رَائِحَةٌ طيِّبةٌ، الْوَاحِدَةُ إذْخِرَةٌ (¬58)، وَأظُنُّهُ السَّخْبَرَ (¬59) "لِصَاغَتِنَا": جَمْعُ صَائِغٍ، مِثْلُ قَائفٍ وَقَافَةٍ. قَوْلُهُ: "فِى هَوَاءِ الحِلِّ" (¬60) مُمْدُودٌ (¬61)، وَالهَوَاءُ: مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ: وَهَوَى النَّفْسِ: شَهوَتُهَا (¬62): مَقصُورٌ (¬63). "فإنْ عَدَلَ السَّهمُ" (¬64) أَيْ: مَالَ عَنِ الْقَصْدِ. قَوْلُهُ (¬65): "فى الدُّوحَةِ بِقَرَةٌ" الدَّوْحَةُ: الشَّجَرَةُ الْعَظيمَةُ مِنْ أَيِّ الشَجَرِ كَانَ، وَالْجَمْعُ: دَوْحٌ (¬66)، (قَالَ امْرُؤ القَيس (¬67): . . . . . . . . . . . . ... يَكُبُّ عَلَى الأذْقَانِ دَوْحَ الْكَنَهْبُلِ) (¬68). ¬
قَال فى الْبَيَانِ (¬69): قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: هِىَ الشَّجَرَةُ الْكَبِيرَةُ التِى لَهَا أَغْصَانٌ، وَالْجَزْلَةُ: الشَّابَّةُ التي لَا أغْصَانَ لَهَا. قَوْلُهُ: وَفِى الشَّجَرَةِ الْجَزْلَةِ شَاةٌ" هُوَ (¬70) مَا عَظُمَ مِنَ الشَّجَرِ، دونَ الدَّوْحَةِ، وَكَذَلِكَ (¬71) الْجَزْلُ: مَا عَظم مِنَ الحطَبِ. قَوْلُهُ: "يَسْتَخْلِفُ" (¬72) أَيْ: يَخْلُفُهُ شَىْءٌ مُسْتَجِدٌّ بَعْدَ ذَهَابِ الأَوَّلِ، وَكُلُّ مَا جَاءَ بَعْدَ شَىْءٍ فَقَدْ خَلَفَهُ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ الْخِلَافَةُ. قَولُهُ: "الْعَوْسَجُ" (¬73) شَجَرٌ مَعْرُوفٌ كَثِيرُ الشَّوْكِ مُؤْذٍ. وَقَالَ أبُو خَاتِمٍ: الْعَوْسَجُ مِنَ الْعَصَاهِ، الْوَاحِدَةُ عَوْسَجَةٌ نَجْدِيَّةٌ (¬74) شَاكَّةٌ، لَهَا جَنَاةٌ (¬75) حَمْرَاءُ، يُقَالُ لَهَا: الْمُصَعَةُ (¬76) تُؤْكَلُ، وَالْجَمْعُ: مُصَعٌ (¬77). قَوْلُهُ: "حَجَرًا مِنْ جَنَابَةٍ" (¬78) الْجَنَابُ- بِالْفَتْحِ: الْغِنَاءُ، وَمَا قَرُبَ من مَحَلَّةِ الْقَوْم (¬79). وَأرادَ هَا هُنَا: مِنْ (¬80) نَاحِيَتهِ، يُقَالُ: مَرُّوا يَسيرُونَ بِجَنَابَيْهِ، أَيْ: نَاحِيَتَيْهِ (¬81). (وَ"مَنْزِلٍ") (¬82) حَيْثُ يَنْزِلُ الْمُسَافِرُونَ لِلاسْتِرَاحَةِ. "فَذَكَرَ مِنْ عِلَّتِهِمْ" أيْ: مَرَضِهِمْ "مَا أرَانَا" أَىْ: مَا أَظُنُّنَا "أُتِينَا" أيْ: مَا سَبَبُ عِلَّتِنَا وَمَرَضِنَا إلا ذَلِكَ. "نُحِّينَا" (¬83) أُزِلْنَا "كَأنَّمَا أُنْشِطْنَا مِنْ عِقَالٍ" يُقَالُ: نَشَطْتُ الْحَبْلَ وَأَنْشَطْتُهُ نَشْطًا: عَقَدْتُهُ أُنْشُوطَةً، وَأَنْشَطتُهُ: حَلَلْتُهُ، وَيُقَالُ: "كَأنمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ" أَىْ: حُلَّ وَخُلِّىَ (¬84). قَوْلُهُ: "اسْتَهْدَى رَاوِيَةً" (¬85) أَىْ: طَلَبَ أَنْ تُهْدَى لَهُ، وَكَذَلِكَ. بَابُ اسْتَفْعَلَ يُسْتَعْمَلُ فِى الطَّلَبِ وَالاسْتِدْعَاءِ بِالْشَىْءِ. قَوْلُهُ: "مِنْ مَاءِ (¬86) زَمْزَمَ" قَالَ ابْنُ الأنبارِيِّ: النَاسُ مُخْتَلِفُونَ فِى تَسْمِيَيِهَا بِذَلِكَ، فيقَالُ: لِأنَّ هَاجَرَ زَمَّتْ الْمَاءَ بالتَّحْجير (¬87) عَلَيْهِ، وَأصْلُهَا: زَمَّمُ، مِن زَمَّمْتُ، فَاسْتَثْقَلُوا الْجَمْعَ بَيْنَ ثَلَاثِ مِيمَاتٍ، وَأَبْدَلُوا (¬88) مِنَ (الثَّانِيَةِ) (¬89) زَايا. وَيُقَالُ: بَلْ لِصَوْتٍ كَانَ مِنْ جِبْرِيلَ عِنْدَهَا يُشْبِهُ الزَّمْزَمَةَ، يُقَالُ: زَمْزَمُ يزمزم إِذَا صَوَّتَ فَسُمِّيَتْ بِصَوْتِ (¬90) جِبْرِيل. قَوْلُهُ: "يَتَضَلَّعُ مِنْهُ" (¬91) أَىْ: يُكْثِرُ وَيَمْتَلِىءُ، يُقَالُ (¬92): تَضَلَّعَ الرَّجُلُ: إِذَا امْتَلأَ شِبَعًا وَرِيًّا (¬93). قَوْلُهُ (¬94): "وَلَا تَحِلُّ لُقْطتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ" اللُّقَطَةُ: الشَّيءُ الْمُلْتَقَطُ وَالْمَنْشِدُ: الْمُعَرِّفُ، أىْ: ¬
لَا تَحِلُّ لِمَنْ يُرِيدُ تَمَلُّكَهَا، وَيَحِلُّ الْتِقَاطُهَا؛ لِيُعَرِّفَهَا وَيَطْلُبَ صَاحِبَهَا الَّذِى ضَاعَتْ مِنْهُ، وَهُوَ ضِدُّ النَّاشِدِ، وَهُوَ: طَالِبُ الضَّالَّةِ (¬95). قَوْلُهُ: "أَخَذَ سَلَبَ الْقَاتِلِ (¬96) " بِفَتْحِ اللَّام: سَلَبَهُ: إذَا جَرَّدَهُ مِنْ ثِيَابِهِ، وَأَصْلُهُ: التَّعْرِيَةُ: وَمِنْهُ: تَسَلَّبت الْمَرْأةُ: إذَا أَحَدَّتْ (¬97)، وَشَجَرٌ سُلُبٌ: لَا وَرَقَ عَلَيْهَا، وَالسَّلَبُ: الشَّيءُ الْمَسْلُوبُ، كَالْخَبَطِ لِلْوَرَقِ الْمَخْبُوطِ، وَالنَّقْص للْمَنْقُوض. قَوْلُهُ: "طُعْمَةٌ أَطْعَمَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (¬98) " الطُّعْمَةُ: الْمَأْكَلَةُ، يُقَالُ: جَعَلْتُ هَذِهِ الضَّيعَةَ طُعْمَة لِفُلَانٍ، وَالطُّعمَةُ أيْضًا: وَجُهُ الْمَكْسَبِ، يُقَالُ: فُلَانٌ عَفِيفُ الطُّعْمَةِ، وَخَبِيثُ الطُّعْمَةِ: إذَا كَانَ رَدِيءَ المَكْسَبِ (¬99). (قَوْلُهُ (¬100): الْحُدَيْبِيَةُ" (¬101) مُخَفَّفَةٌ، لَا تُشَدَّدُ إِلَّا فِى لُغَةٍ رَدِيئَةٍ (¬102). وَالْجِعْرَانَةُ: مُخَفَّفَةٌ، قَالَ الرَّبِيعُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِىَّ يَقُولُ: الْحُدَيْبِيَةُ: بِالتَّخْفِيفِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: قَالَ الشَّافِعِىُّ: لَا تَقُلْ: الْجِعِرَّانَةَ، وَلَكِنْ قُلْ: الجِعْرَانَةَ بِالتَخْفِيفِ (¬103). * * * ¬
باب صفة الحج والعمرة
بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ قَوْلُهُ: "اغْتَسَلَ بِذِى طَوَى" (¬1) طَوَىَ- بِالْفَتْحِ (¬2) وَادٍ بِمَكَّةَ، قَالَ الأصْمَعِىُّ: وَهُوَ مَقْصُورٌ، وَالَّذِى مِنْ طَريقِ الطَّائِفِ مَمْدُودٌ، وَلَا خِلَافَ فِى فَتْحِ الطَاءِ (¬3). قَالَ الْعَاصِمِىُّ (¬4) فِى مَنَاقِبِ الشَّافِعِىِّ، رَحِمَهُ الله: وَمَنْشَأُهُ بِمَكَّةَ بِذِى طَوَىَ بِالْفَتْحِ (¬5). قَوْلُهُ: "وَيَدْخُلُ فِى ثَنْيِهِ كَدَاءَ" (¬6) قَالَ الْخَلِيلُ (¬7): كَدَاءُ وَكُدىً: الْأعْلَى مِنْهُمَا: مَفْتُوحٌ مَمْدُودٌ، وَالْأسْفَلُ: مَضْمُومٌ مَقْصُورٌ (¬8). قَالَ حَسَّانُ (¬9): ¬
عَدِمْنَا خَيْلَنَا إِنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيرُ النَّقْعَ مَوْرِدُها كَدَاءُ قَوْلُهُ (¬10): "اللَّهُمَّ" (¬11) زدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظيمًا وَمَهَابَةً" مَعْنَاهُ: اجْعَلْ الْخَلْقَ يُشَرِّفُونَهُ، أَىْ: يَرَوْنَهُ شَرِيفًا فِى أَعْيُنِهِمْ. وَالشَّرَفُ: الْعُلُوُّ، وَشَرَفُ كُلِّ شَىْءٍ: أعْلَاهُ، وَشَرِيفُ الْقَوْمِ أرْفَعُهُمْ وَأعْلَاهُمْ مَنزِلَةً (¬12). وَالتَّكْرِيمُ: التَّفْضِيلُ {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (¬13) أي: فَضلْنَاهُمْ، وَالْكَرَمُ أَصْلُهُ: ضِدُّ اللُّؤْمِ،. وَمَهَابَةً، أَىْ: يَهَابُونَ أَنْ يَتركُوا حُرْمَتَهُ، يَحْتَقِرُونَهُ (¬14). وَالْهَيْبَةُ: الإجْلَالُ وَالْمَخَافَةُ، وَقَدْ هَابَهُ يَهَابُهُ (¬15). وَالْبِرُّ: أَعْمَالُ الْخَيْرِ كُلُّهَا، وَهُوَ ضِدُّ الْعُقُوقِ، وَيُقَالُ (¬16): بَرَّهُ يَبَرُّهُ بَرًّا (¬17) وَالْمَبَرَّةُ: مِثْلُهُ، وَفُلَانٌ يَبَرُّ خَالِقَهُ وَيَتَبَرَّرُهُ، أَىْ: يُطِيعُهُ (¬18)، وَبَرَّ فِى يَمِينِهِ أَيْ: صَدَقَ وَقِيلَ الْبِرُّ: هُوَ الاتِّسَاعُ فِى الإحْسَانِ وَالزيَادَةُ مِنْهُ، يُقَالُ: أَبَرَّ فُلَانٌ عَلَى صَاحِبِهِ أَيْ زَادَ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ الْبَرِّيَّةُ؛ لِاتّسَاعِهَا (¬19). قَوْلُهُ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ (فَحَيِّنَا) (¬20) رَبَّنا بِالسَّلَامِ" قَالَ الأزْهَرِيُّ (¬21): السَّلَامُ الأوَّلُ: هُوَ اللهُ [تَعَالَى] (¬22)؛ لأنَّ الْخَلْقَ أجْمَعِينَ سَلِمُوا مِنْ ظُلْمِهِ. وَقَوْلُهُ: "وَمِنْكَ السَّلَامُ" أي: مَنْ أكرَمْتَهُ بِالسَّلَامِ، فَقَدْ سَلِمَ "فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ"، أيْ: سَلِّمْنَا بِتَحِيتِكَ إيَّانَا مِنَ الآفَاتِ وَ (الْمُهْلِكَاتِ) (¬23). وَقَالَ غَيْرُ الأزْهَرِىِّ: السَّلَامُ الأوَّلُ: هُوَ اللهُ تَعَالَى، كَمَا قَالَ: {السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ} (¬24) قَالَ الْبَارُودىُّ (¬25) فِى تَفْسِيرِهِ: أرادَ السَّالِمَ مِنَ الْمَعَايِبِ، وَالسَّلَامُ الثَّاني: قَالَ الْبَاوَرْدِيُّ: أَيْ الْمُسَلِّمُ لِلْخَلْقِ. وَقَالَ الْقُشَيْرِىُّ (¬26): السَّلَامُ بِمَعْنَى السَّلَامَةِ، كَاللَّذَاذِ وَالرَّضَاعِ بِمَعْنَى اللَّذَاذَةِ وَالرَّضَاعَةِ. وَالثَّالِثُ بِمَعْنَى التَّحِيَّةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ} (¬27) وَمَعْنَاهُ: الرحْمَةُ وَالسَّلَامَةُ مِنَ الآفَاتِ. وَقَدْ ذُكِرَ فِى الصَّلَاةِ (¬28). قَوْلُهُ: "فَافْتَقَرَتْ إلَى النِّيَّةِ" (¬29) أيْ: احْتَاجَتْ (¬30) إلَيْهَا (¬31)، مُشْتَقٌّ مِنَ الْفَقِيرِ الَّذِى يَحْتَاجُ إلَى الْمَالِ، وَأصْلُهُ: مَكْسُورُ الْفَقَارِ، وَهِىَ: عُقَدٌ فِى الظَّهْرِ. قَوْلُهُ: "نِيَّةُ الْحَجِّ تَأتي عَلَيْهِ" (¬32) أَىْ: تأخُذُ جَمِيعَهُ، وَيَدْخُلُ فِى حُكْمِهَا. قَوْلُهُ: "وَقَذَفُوهَا عَلَى عَوَاتِقِهِمْ" (¬33) أَيْ: رَمَوْا بِهَا، وَالْقَذْفُ: الرَّمْىُ. وَالْعَوَاتِقُ: جَمْعُ عَاتِقٍ، وَهُوَ: مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ (¬34). قَوْلُهُ: "وَيَطُوفُ سَبْعًا" يُقَالُ: طَافَ حَوْلَ الشَّيء (يَطُوفُ) (¬35) طَوْفًا وَطَوَفَانًا، وَتَطَوَّفَ ¬
وَاسْتَطَافَ: كُلُّهُ بِمَعْنَى. وَرَجُلٌ طَافٌ، أَىْ: كَثِيرُ الطَّوَافِ (¬36). وَأَصْلُ الطَّوَافِ، وَابْتِدَاءُ فِعْلِهِ: أَنَّ إِبْراهِيمَ وَإسْمَاعِيلَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، كَانَا كُلَّمَا بَنَيَا شَيْئًا مِنَ البَيْتِ: طَافَا حَوْلَهُ وَقَالَا: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (¬37) فَبَقى ذَلِكَ إلَى الآنَ. وَرَأيتُ فِى التَّفْسِيرِ أَنَّهُ سُئِلَ عَلِىٌّ بنُ الْحُسَيْنِ عَنْ بَدْءِ الطَّوَافِ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ تَعَالَى وَضَعَ تَحْتَ الْعَرْشِ بَيْتًا، وَهُوَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ الَّذِى ذكَرَهُ الله تَعَالَى وَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: طُوفُوا بِهِ وَدَعُوا الْعَرْشَ، فَطَافَت الْمَلَائِكَةُ (بِهِ) (¬38) فَكَانَ أهْوَنَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ أمَرَ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ فِى الأرْضِ أنْ يَبْنُوا فِى الأرْض بَيْتًا عَلَ مِثَالِهِ وَقَدْرِهِ، فَبَنَوْا، (وَسَمَّوُهُ) (¬39) الصُّرَاحَ (¬40)، وَأَمَرَ مَنْ فِى الأرْضِ مِنْ خَلْقِهِ أنْ يَطوفُوا بِهِ كَمَا يَطوفُ أهْلُ السَّمَاءِ بِالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ. قَوْلُهُ: "سَبْعًا" فِيهِ خَمْسُ لُغَاتٍ: (سَبْعًا) (¬41) بفَتْحِ السِّينِ وإسْكَانِ الْبَاءِ، أَىْ: سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَسُبُعًا: بِضَمِّ السِّينِ وَالْبَاءِ، كَمَا يُقَالُ: ثُلُثٌ وَثُلْثٌ، وَسُدُسٌ وَسُدْسٌ، وَسُبْعًا: بِضَمِّ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ، كَمَا يُقَالُ: ثُلْثٌ وَسُدْسٌ، وَسَبُوعٌ: بِفَتْحِ السِّينِ، وَأُسْبُوعٌ: بِزِيَادَةِ الألِفِ (¬42). قَوْلُهُ: (¬43) "خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ" أَيْ: افْعَلُوا مِثْلَمَا أَفْعَلُ، وَقُولُوا كَمَا أقُولُ. وَأَصْلُ الأخْذِ: التَّنَاوُلُ، يُقَالُ: أخَذَ الشيء: إذَا تَنَاوَلَهُ، وَأَصْلُهُ: أأخَذُ فَاسْتَثْقَلُوا الْهَمْزَتَيْنِ فَحَذَفُوهُمَا (¬44). قَوْلُهُ: "وإنْ طَافَ عَلَى شَاذَرْوَانِ الْكَعْبَةِ لَمْ يَجْزِهِ" (¬45) وَهُوَ الْبِنَاءُ اللَّاصِقُ بِأساسِهَا الَّذي فِيهِ حَلَقُ السِّتْرِ؛ لإنَّه مِنْ دِكَّةِ الْبِنَاءِ الأَسْفَلِ (¬46). قَوْلُهُ: "وَيُحَاذِيهِ" (¬47) أَيْ: يُوَازِيهِ. وَالْمُحَازَاةُ: الْمُوَازَاةُ، وَحِذَاءُ الشَّىْءِ: إِزَاؤُهُ (¬48). قَوْلُهُ: "وَيُستحَبُّ أَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ" (¬49) قَالَ فِى الْفَائِقِ (¬50): اسْتَلَمَ: افْتَعَلَ مِنَ السَّلِمَةِ، وَهِىَ: الْحَجَرُ، وَهُوَ (أَنْ تَتَنَاوَلَهُ) (¬51) وَتَعْتَمِدَهُ بِلَمْسٍ أَوْ تَقْبِيلٍ أَوْ إِدرَاكٍ بِعَصًا، وَنَظِيرُهُ: اسْتَهَمَ (¬52) الْقَوْمُ إِذَا أَجَالُوا (¬53) السِّهَامَ، وَاهْتَجَمَ الْحَالِبُ: إذَا حَلَبَ فِى الْهَجْمِ، وَهُوَ الْقَدَحُ الضَّخْمُ. وَوَافَقَهُ (¬54) الْجَوْهَرِىُّ، فَقَالَ (¬55): استَلَمَ الْحَجَرَ: لَمَسَهُ، إمَّا بِالْقُبْلَةِ، أوْ بِالْيَدِ (¬56)، وَلَا يُهْمَزُ؛ لِأنَّهُ مَأخُوذٌ مِنَ (السَّلامِ) (¬57) وَهُوَ الْحَجَرُ، كَمَا يُقَالُ: اسْتَنْوَقَ (¬58) الْجَمَلُ (¬59). وَقِيلَ: إِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ السَّلَامِ بِمَعْنَى (¬60) التَّحِيَّة، أَيْ (¬61): يُحَيِّي نَفْسَهُ عَنْ (¬62) الْحَجَرِ، إِذْ لَيْسَ الْحَجَرُ مِمَّنْ يُجِيبُهُ (¬63)، يُقَالُ: اخْتَدَمَ: إذَا لَمْ يَكُمْ لَهُ خَادِمٌ، وإنَّمَا خَدَمَ نفْسَهُ. ¬
وَعَنِ ابْنِ الأعرَابِى: أَنَّهُ مَهْمُوزٌ تُرِكَ هَمْزُهُ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْمَلَاءَمَةِ وَالْمُوَافَقَةِ، كَمَا يُقَال: اسْتَلأمَ (كَذَا (¬64)) اسْتِلْئَامًا: إذَا (¬65) رَآهُ مُوَافِقًا وَمُلَائِمًا (¬66). قَوْلُهُ: "بِمِحْجَنٍ فِي يَدِهِ" (¬67) وَهُوَ عَصًا فِى رَأْسِهَا عُقَّافَةٌ. وَأَصْلُ الْحَجَنِ- بِالتَّحْرِيكِ: الاعْوِجَاجُ-، وَصَقْرٌ أَحْجَنُ الْمَخَالِبِ، أَىْ: مُعْوَجُّهَا. وَالْمِحْجَنُ كَالصَّوْلَجَانِ، وَتَحَجَّنْتُ الشَّيْءَ وَاحْتجَنتُهُ (¬68) إذَا جَذَبْتَهُ بِالمِحجَنِ إلَى نَفسِكَ. وَمَعْنَى "تَقْبِيل يَدِهِ بَعْدَ الاسْتِلَامِ" (¬69): كَأَنَّهُ يَنْقُلُ بَرَكَتَهُ إِلَى نَفْسِهِ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ: يَنْقُلُ الْقُبْلَةَ مِنْ فِيهِ إِلَى الْحَجَرِ. قَوْلُهُ: "بُنِىَ الِإسْلَامُ عَلَى قَوَاعِدِ إِبراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ" (¬70) الْقَوَاعِدُ: أَسَاسُ الْبُنْيَانِ، وَاحِدُهَا: قَاعِدَةٌ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} (¬71). قَوْلُهُ: "يَقُولُ: آمِينْ آمِينْ" (¬72) مَعْنَاهُ: اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ، وَقَدْ ذُكِرَتْ (¬73) فِى الصَّلَاةِ (¬74). قَوْلُهُ: "وَالسُّنَّةُ أَنْ يَرْمُلَ (¬75) الرَّمَلُ- بِالتَّحْرِيكِ: الْهَرْوَلَةُ، يُقَالُ: رَمَلَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَمَلًا وَرَمَلَانًا، وَمِنْهُ قِيلَ لِخَفِيفِ الشِّعْرِ: رَمَلٌ (¬76) وَقَالَ الشَّافِعِىُّ: هُوَ سُرْعَةُ (¬77) الْمَشْىِ مَع تَقَارُبِ الْخُطى (¬78). قَوْلُهُ: "خَبَّ ثَلَاثًا" (¬79) الْخَبَب: ضَرْبٌ مِنَ الْعَدْوِ، يُقَالُ (¬80): خَبَّ الْفَرَسُ يَخُبُّ بِالضَّمِّ، وَقَدْ ذُكِرَ فِى الْجَنَائِزِ (¬81). قَوْلُهُ: "حَرَّكَ دَابَّتَهُ" (¬82) أَيْ: حَثَّهَا وَاسْتَخْرَجَ جَرْيَهَا. قَوْلُهُ: " (¬83) اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا" مَبْرُورًا (84): مِنَ الْبِرِّ ضِدِّ الْعُقُوقِ، يُقَالُ: بَرَّ حَجُّهُ وَبُرَّ حَجُّهُ (¬84)، وَبَرَّ اللهُ حَجَّهُ بِرًّا بِالْكَسْرِ (¬85). قَالَ شَمِرٌ (¬86): هُوَ الَّذِى لَا يُخَالِطُهُ شَىْءٌ مِنَ الْمَآثِمِ، وَالْبَيْعُ الْمَبْرُورُ: هُوَ الَّذِى لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَلَا خِيَانَةَ. وَفِى الْحَدِيثِ: "الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الْجَنَّةِ" (¬87). قَولُهُ: "مَغْفُورًا" (أَصْلُ) (¬88) الْغَفْرِ: التَّغْطِيَةُ، كَأنَّهُ يُغَطِّى الذَّنْبَ وَيَسْتُرُهُ (¬89) وَ"السَّعْيُ" ¬
هَا هُنَا: الْعَمَلُ، يُقَالُ: سَعَىَ يَسْعَى: إذَا عَمِلَ وَكَسَبَ، وَسَعَىَ: إذَا عَدَا، وَمِنْهُ السَّعْىُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (¬90) وَمَعْنَى "مَشْكُورًا" أَىْ: يُثْنَى عَلَى (¬91) عَامِلِهِ وَيُشْكَرُ. وَ"الشُّكْرُ": هُوَ الثَّنَاَءُ عَلَى الْمُحْسِنِ بِإِحْسَانِهِ مِمَّنْ أحْسَنَ الَيْهِ. قَوْلُهُ (¬92): "وَاضْطَبَعَ" (¬93) الاضْطِبَاعُ: افْتِعَالٌ مِنَ الضَّبْعِ وَهُوَ: الْعَضُدُ (¬94)؛ لأنَّه يَجْعَلُ رِدَاءَهُ تَحْتَ ضَبْعِهِ؛ أو لإنَّه يَكْشِفُ ضَبْعَهُ (¬95). أُبْدِلَتْ التَّاءُ طَاءً مَعَ الضَّادِ، كَالْاضْطِمَام (¬96) (وَالاضْطِلَاعِ) (¬97) بِالأمرِ، وَهوَ التَّوَشُّحُ وَالتَّأبُّطُ أيْضًا (¬98). قَوْلُهُ: "فِى الأشْوَاطِ الأرْبَعَةِ" (¬99) وَاحِدُهَا: شَوْطٌ، يُقَالُ: عَدَا شَوْطًا، أَىْ: طَلَقًا، وَهُوَ - هَا هُنَا: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ بَيْنَ الْحَجَرَيْن (¬100). قَوْلُهُ: "خَلْفَ الْمَقَام" (¬101) الْمَقَامُ- هَا هُنَا، بِالْفَتْحِ: مَوْضِعُ الْقِيَام، مَعْنَاهُ: حَيْثُ قَامَ إِبراهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (¬102) وَقَدْ قُرِئَ بِالضَّمِّ (¬103): أرَادَ مَوْضِعَ إقَامَتِهِ؛ لأنَّك إذَا جَعَلْتَهُ مِنْ قَامَ يَقُومُ: فَهُوَ مَفْتُوحٌ، وَإذَا جَعَلْتَهُ مِنْ أقَامَ يُقِيمُ: فَهُوَ مَضْمُومٌ؛ لِأنَّ الْفِعْلَ إذَا جَاوَزَ، الثَّلاثةَ فَالْمَوْضِعُ مِنْهُ مَضْمُومٌ. قَوْلُهُ: "ثُمَّ يَسْعَى" (¬104) يُقَالُ: سَعَىَ الرَّجُلُ سَعْيًا: إذَا عَدَا (¬106) وَسَعَىَ أيْضًا: إذَا عَمِلَ وَاكْتَسَبَ وَالسَّببَ فِى ابْتِدَائِهِ: أنَّ هَاجَرَ أُمَّ إسْمَاعِيلَ، لَمَّا عَطِشَ ابنُهَا، وَهِىَ مُقِيمَةٌ بِهِ (¬107) عِنْدَ مَوْضِعِ الْبَيْتِ، وَخَافَتْ أنْ يَمُوتَ مِنَ الْعَطَش: ذَهَبَتْ تَستغِيثُ، فَصَعَدَتْ أقرَبَ جَبَلٍ إلَيْهَا، وَهُوَ: الصَّفَا، تَسْتَغِيثُ وَتَنْظُرُ هَلْ تَرَى أحَدًا، فَلَا تَنْظُرُ، فَتَنْزِلُ مِنْهُ. وَتَسْعَىَ إِلَى الْمَرْوَةِ فَتَستغِيثُ (فَتَنْظُرُ) (¬108) فَلَا تَرَى أَحدًا، فَتَرْجِعُ وَتَسْعَى حَتى تَأْتِيَ الصَّفَا، حَتَّى فَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَسَمِعَتْ صَوْتَ الْمَلَكِ قَدْ ضَرَبَ بِجَنَاحَيْهِ جَنْبَ (¬109) إِسْمَاعِيلَ، فَأتتْ هُنَالِكَ (¬110)، فَوَجَدَت الْمَاءَ مَوْضِعَ زَمْزَمَ (¬111) وَسَبَتُ الْهَرْوَلَةِ: أَنَّهَا إِذَا صَارَتْ فِى بَطْنِ الْوَاىِ الْمُنْخَفِضِ، لَا تَرَى وَلَدَهَا، فتُهَرْوِلُ وَتُسْرِعُ تَخْرُجَ مِنْهُ إلَى الرَّبْوَةِ الْمُرْتَفِعَةِ عَنْ مَسِيلِ (¬112) الْمَاءِ، فَتَرَى وَلَدَهَا، فَتُهَوِّنُ فِى السَّيرِ. وَالأصْلُ فِى سُنَّةِ الرَّمَلِ: أنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا صَالَحَ قُرَيْشًا عَلَى أن يَدْخُلَ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا (¬113)، قَالَ الْمُشرِكُونَ: انْظُرُوا إلَيْهِمْ (¬114) -تَعْنى أَصْحَابَهُ- قَدْ نَهَكَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، فَقَامُوا مِنْ قِبَلِ قُعَيْقِعَانَ (¬115) يَنْظُرُونَ إلَيْهِمْ وَهُمْ يَطوفُون بِالْبَيْتِ، فَأوحَى اللهُ إلَى النَّبِيِّ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، ¬
فَأمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَرْمُلُوا؛ لِيُرُوهُمْ الْقُوَّةَ وَالْجَلَدَ. فَقَالُوا حِينَ رَأَوهُمْ يَرْمُلُونَ: وَاللهِ مَا بِهِمْ مِنْ بَأسٍ، وإنْ هُمْ إِلا كَالْغِزْلَانِ (¬116). قَوْلُهُ (¬117): {أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (¬118) أىْ: قُدْوَةٌ. تُضَمُّ وَتُكْسَرُ (¬119). قَوْلُهُ (¬120): "نَبْدَأُ بِالَّذِى (¬121) بَدَأ اللهُ بِهِ" أيْ: بَدَأ بِذِكْرِهِ فِى الْقُرْآنِ، حَيْثُ قَالَ جَلَّ وَعَلَا: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (¬122). قَوْلُهُ: "وَيَرْقَى عَلَى الصَّفَا" يُقَالُ: رَقِىَ بِكَسْرِ الْقَافِ وَبِالْيَاءِ فِى الْمَاضِى يَرْقَى بِفَتْحِهَا وَالألِف فِى الْمُسْتَقْبَلِ، رَقْيًا وَرُقِيًا: إِذَا صَعِدَ، وَارْتَقَى مِثْلُهُ (¬123). وَلَا يُقَالُ: رَقَى- بِفَتْحِ الْقَافِ إلَّا مِنَ الرُّقْيَةِ، فَإنَهُ يُقَالُ: رَقَى يَرْقَى رُقْيَةً، وَرَقَأ الدَّمُ يَرْقَأُ- بِالْهَمْزِ: إذَا انْقَطَعَ (¬124)، يُقَالُ فِى الإبِلِ (¬125): "إنَّ فِيهَا رَقُوءَ (¬126) الدَّم" لأنَّهَا تُؤْخَذُ فِى الدِّيَةِ، فَيَنْقَطِعُ الْقِتَالُ. قَوْلُهُ (¬127): "صَدَقَ وَعْدَهُ وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ" صَدَقَ: أنْجَزَ وَلَمْ يَكْذِبْ فِيمَا وَعَدَ، بِقَوْلِهِ [تَعَالَى]: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} (¬128) وَالصَّدِيقُ: الَّذِى (¬129) يَصْدُقُ فِى الْمَوَدَّةِ، وَالصِّدِيقُ: الدَّائِمُ التَّصْدِيقِ. "وَهَزَمَ" الْهَزِيمَةُ: الْفِرَارُ وَالْهَرَبُ عَنِ (¬130) القِتَالِ. وَالأحْزَابُ: جَمْعُ حِزْبٍ، وَهُمْ: الطَّائِفَةُ. وَتَحَزَّبُوا وَتَجَمعُوا: وَاحِدٌ. وَالأحزَابُ الطوَائِفُ الَّتِى تَجْتَمِعُ عَلَى مُحَارَبَةِ الأنبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ (¬131) وَالْأحْزَابُ: الَّذِينَ تَحَزَّبُوا وَتَجَمَّعُوا عَلَى النَّبِىِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ (¬132) يَوْمَ الْخَنْدَقِ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى، فَهَزَمَهُمُ اللهُ تَعَالَى، فَقَالَ: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} (¬133). قَوْلُهُ: "وَحْدَهُ" كَلِمَةٌ يُوْصَفُ بِهَا الْوَاحِدُ وَالتَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ؛ لأنَّهُ مَصْدَرٌ لَا يُثَنَّى، اكْتِفَاءُ بِتَثْنِيَةِ الْمُضْمَرِ الْمُضَافِ إليْهِ، وَمَعْنَاهُ: اتِّحَادٌ، أيْ: انْفِرَادٌ. وَانْتِصَابُهُ عَلَى الْحَالِ، بمَعْنَى مَوْحَدٍ وَمَفْرَدٍ. وَقِيلَ: عَلَى الْمَصْدَرِ بِمَعْنَى اتِّحَادٍ وَانْفِرَادٍ (¬134). قَوْلُهُ: "بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ" (¬135) فِنَاءُ الدَّارِ: مَا امْتَدَّ مِنْ جَوَانِبِهَا، وَالْجَمعُ: أَفْنِيَةٌ (¬136). قَوْلُهُ: "يَوْمَ التَّرْوِيَةِ" (¬137) فِيهِ تَأْوِيلَانِ، أَحَدُهُمَا: (أَنَّهُ) (¬138) مَأْخُوذٌ مِنَ الرَّوِيَّةِ، وَهِىَ التَّفَكُّرُ فِى ¬
الأَمْرِ (¬139). يُقَالُ: رَوَّيْتُ فِى الأمْرِ: إذَا فَكَّرْتَ فِيهِ وَنَظَرْتَ، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ (¬140)، فَكَأَنَّ الْحَاجَّ يَنْظُرُونَ فِى أَمْرِ الْحَجِّ وَيَأْخُذُونَ الأُهْبَةَ فِى (¬141) ذَلِكَ (الْيَوْمِ) (¬142) وَيَسْتَعِدُّونَ لَهُ. وَالثَّاني: أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ رَوَّيْتُ أَصْحَابِى: إذَا أَتَيْتَهُمْ بِالْمَاءِ، وَالْحَاجُّ يَرْتَوُونَ مِنَ الْمَاءِ (¬143) وَيَأْخُذُونَهِ فِى الرَّوَايَا (¬144) وَالأسْقِيَةِ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَأَصْلُهُ: مِنَ (¬145) الرِّىِّ الَّذِى هُوَ (¬146) ضِدُّ الْعَطَشِ (¬147). وَذَكَرَ فِى الْبَيَانِ (¬148) قَالَ الضَّيْمَرِىُّ: سُمِّىَ يَوْمُ التَرْوِيَةِ؛ لِأنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (¬149) أَرَى إبراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنَاسِكَهُ فِى هَذَا الْيَوْم. وَقِيلَ: إنَّ آدَمَ أُرِىَ حَوَّاءَ حَيثُمَا هَبَطَ إلَى الأرْضِ، وَهَذَا لَا يَقْبَلُهُ التَّصْرِيفُ وَحُكْمُ الْعَرَبِيَّةِ. (الدِّيلِيُّ (¬150): بِكَسْرِ الدَّالِ، غَيرُ مَهْمُوزٍ) (¬151). قَوْلُهُ: "عَرَفَةَ وَعَرَفَات" قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬152): هَذَا يَوْمُ عَرَفَةَ، غَيْرُ مُنَوَّنٍ، لَا تَدْخُلُهُ الأَلِفُ وَاللَّامُ وَعَرَفَاتُ: اسْمٌ لمَوْضِعٍ [بِمِنىً، وَهُوَ اسْمٌ فِى لَفْظِ الْجَمْعِ فَلَا يُجْمَعُ] (¬153) قَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَا (¬154) وَاحِدَ لَهُ بِصِحَّةٍ. وَهِىَ مَعْرِفَةٌ (¬155) وَإن كَانَ جَمْعًا؛ لِأن الأمَاكِنَ لَا تَزُولُ (¬155). وَسُمِّيَتْ عَرَفَةُ؛ لأنَّهُ تَعَارَفَ بِهَا (¬156) آدَمُ وَحَوَّاءُ حِينَ أُخْرِجَا مِنَ الْجَنَّةِ. وَقِيلَ: لِعُلُوِّ مَكَانِهَا، مِنَ الأَعْرَافِ، وَهِىَ: الْجِبَالُ. وَقِيلَ: لِتَعْرِيفِ جِبْرِيلَ إبرَاهِيمَ المَنَاسِكَ بِهَا، فَقَالَ لَهُ: (¬157) عَرَفْتُ عَرَفْتُ (¬158) (¬159). قَوْلُهُ: "طَلْحَةُ بْنُ عَبدِ اللهِ" (155): ابْنُ كَرِيز- بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ: هُوَ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْ خُزَاعَةَ (¬156): قَوْلُهُ: "قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا أَو مُجْتَازًا" (¬157) أَيْ: سَالِكًا فى الطَّرِيقِ، وَالاجْتِيَازُ: السُّلُوكُ. قَوْلُهُ (¬158): "وَقَضَى تَفَثَهُ" قَالَ فِى التَّفْسِيرِ (¬159): هُوَ الأَخْذُ مِنَ الشَّارِبِ، وَنَتْفُ الإبِطِ، وَتَقْلِيمُ الأظَافِرِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ إزَالَةُ قَشَفِ (¬160) الإحْرَامِ، وَأصْلُهُ: الْوَسَخُ، يُقَالُ: مَا أتْفَثَكَ (¬161) قَالَ (¬162): حَفُّوا شَوَارِبَهُمْ لَمْ يَحْلِقُوا تَفَثًا (¬163) ... وَيَنْزِعُوا عَنْهُمُ قَمْلًا وَصِئْبَانًا ¬
وَقِيلَ: حَاجَاتُ الْمَنَاسِكِ: قَوْلُهُ: "دَفَعَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ" (¬164) أىْ: أسْرَعَ فِى سَيْرِهِ، يُقَالُ: انْدَفَعَ الْفَرَسُ، أَىْ: أَسْرَعَ وَانْدَفَعُوا [فِى الْحَدِيثِ] (¬165). قَوْلُهُ: غَدَاةَ جَمْعٍ" (¬166) سُمِّيَتْ جَمْعًا؛ لِأنَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ اجْتَمَعَا فِيهَا، كَمَا سُمِّيَتْ مُزْدَلِفَةً؛ لازْدِلَافِهِ إِلَيْهَا، أَىْ: اقْتِرَابِهِ، يُذْكَرُ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاس. وَقِيلَ: لاجْتِمَاعِ النَّاسِ بِهَا، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ} (¬167) أَىْ: جَمَعْنَاهُمْ. وَأَصْلُهَا: مُزْتَلِفَة- بِالتَّاءِ، أَىْ: مُقْتَرِبَة، فَأُبْدِلَت التَّاءُ دَالًا مَعَ الزَّاىِ، كَمَا قُلِبَتْ فِى مَزْدَجَرٍ وَمُزْدَرَعٍ. قَولُهُ: "فِى التَّنْبِيهِ عَلَى طَرِيقِ المَأْزِمَيْنِ" (¬168) قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬169): الْمَأْزِمُ: الْمَضِيقُ، مِثْلُ الْمَأْزِلِ، وَأَنْشَدَ الأصْمَعِىُّ (¬170). هَذَا طَرِيقٌ يَأْزِمُ الْمَآزِمَا ... وَعِضَوَاتٌ تَمْشُقُ اللَّهَازِمَا قَالَ: وَيُرْوَى: "عَصَوَاتٌ" جَمْعُ عَصًا، وَتَمْشُقُ: تَضرِبُ. وَالمَأْزِمُ: كُلُّ طَرِيقٍ ضَيِّقٍ بَيْنَ جَبَلَيْنِ، وَمَوْضِعُ الْحَرْبِ أَيْضًا: مَأْزِمٌ. قَالَ الأصْمَعِىُّ: الْمَأْزِمُ: فِى سَنَدٍ: مَضِيقٌ بَيْنَ جَمْعٍ وَعَرَفَةَ، وَأَنْشَدَ لِسَاعِدَةَ بْنِ جُؤَبَّةَ الْهُذَلِىِّ: وَمُقَامِهِنَّ إِذَا حُبِسْنَ بِمَأْزِمٍ ... ضَيْقٍ أَلَفَّ وَصَدَّهُنَّ الْأخْشَبُ قَوْلُهُ: "عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ" إِغْرَاءٌ بِمَعْنَى الأمْرِ، تَقُولُ: عَلَيْكَ زَيْدًا، أَىْ: الْزَمْ زَيْدًا، كَأَنَّهُ أَرَادَ: الْزَمُوا السَّكِينَةَ، وَخُذُوا بِهَا، مُشْتَقَّةٌ مِنَ السُّكُونِ ضِدِّ الْحَرَكَةِ، أَىْ: كُونُوا خَاشِعِينَ مُتَوَاضِعِينَ مُتَوَافِرِينَ، غَيْرَ طَائِشِينَ وَلَا فَرِحِينَ، يُقَالُ: رَبُلٌ سَاكِنٌ، أَىْ: وَقُورٌ هَادئٌ. قَوْلُهُ: "إذَا وَجَدَ فُرْجَةً أسْرَعَ" (¬171) الْفُرْجَةُ بِالضَّمِّ (الْمُتَّسَعُ) (¬172) بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. قَوْلُهُ: "كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ" (¬173) الْعَنَقُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ (¬174)، قَالَ الْجَوْهَرِئُ: هُوَ سَيرٌ مُسْبَطِرٌّ (¬175)، قَالَ الرَّاجِزُ (¬176): يَانَاقُ سِيرِى عَنَقًا فَسِيحًا ... إِلَى سُلَيْمَانَ فَنَسْتَرِيحَا وَالْمُسْبَطِرُّ: الْمُمْتَدُّ، وَاسْبَطَرَّ الأسَدُ: إِذَا اضْطَجَعَ وَامْتَدَّ (¬177). وَالنَّصُّ: السَّيْرُ الشَّدِيدُ الرَّفِيعُ حَتَّى يَستخْرِجَ أقصَى مَا عِنْدَهُ (¬178)، وَلِهَذَا يُقَالُ: نَصَصْتُ الشَّىْءَ: إِذَا رَفَعْتَهُ، وَمِنْهُ: مَنَصَّةُ الْعَرُوسِ، لِظُهُورِهَا ¬
وَارْتِفَاعِهَا، وَنَصَصْتُ الْحَدِيثَ إِلَى فُلَانٍ، أَيْ: رَفَعْتُهُ إِلَيْهِ. وَالْفَجْوَةُ، وَالْفُرْجَةُ: الْمُتَّسَعُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ (تَقُولُ) (¬179) مِنْهُ: تَفَاجَى الشَّىْءُ: صَارَ لَهُ فَجْوَةٌ، وَمِنْهُ الْفَجَا، وَهُوَ الْفَجَجُ، وَرَجُلٌ أَفْجَى وَامْرَاةٌ فَجْوَاءُ وَقَوْسٌ فَجْوَاءُ أَيْ: بَايَنَ (¬180) وَتَرُهَا عَنْ كَبِدِهَا. قَوْلُهُ: مِثْلُ حَصَى الْخَذْفِ" (¬181) الْخَذْفُ: الرَّمْىُ بِالْحَصَى بِالأصَابعِ، قَالَ (¬182): كَأنَّ الْحَصَى مِنْ خَلْفِهَا وَأمامِهَا ... إِذَا نَجَلَتْهُ رِجْلُهَا خَذْفُ أعْسَرَا وَالْمِخْذَفَةُ: الْمِقْلَاعُ (¬183): قَوْلُهُ: "وَقَفَ عَلَى قُزَحَ" (¬184) غَيْرُ مَصْرُوفٍ، وَسُمِّىَ "قُزَحَ" لِارْتِفَاعِهِ، مِنْ قَزَحَ الشَّىْءُ وَقَحَزَ (¬185) إِذَا ارْتَفَعَ عَنِ الْمُبَرِّدِ (¬186) وَمِنْهُ: قَزَحَ الْكَلْبُ بِبَوْلِهِ: إِذَا رَفَعَهُ (¬187)؛ لِأنَّهُ قَرْنٌ مُرْتَفِعٌ عَالٍ (¬188). قَوْلُهُ: "رَكِبَ الْقَصْوَاءَ" (¬189) هِىَ الَّتِى قُطِعَ مِنْ أُذُنِهَا شَيءٌ قَدْرُ الرُّبْعِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬190): (الْقَصْوُ) (¬191) قَطْعُ طَرَفِ الْأُذنِ مِنَ الْبَعِيرِ، الرُّبْعِ أوْ أقَلَّ. وَنَاقَةٌ عَضْبَاءُ: مَشْقُوقَةُ الأُذُنِ، ويُقَالُ: الْقَصْوُ: قَطْعُ النِّصْفِ (¬192). وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬193): قَصَوْتُ الْبَعِيرَ فَهُوَ مَقْصُوُّ: إذَا قَطَعْتَ مِنْ طَرَفِ أُذُنِهِ، وَكَذَلِكَ الشاةُ، عَنْ أَبِى زَيدٍ، يُقَال: شَاةٌ قَصْوَاءُ، وَنَاقَةٌ قَصْوَاءُ، وَلَا يُقَالُ جَمَلٌ أَقصى، وإِنَّما يُقَالُ: مَقْصُوٌّ، وَمَقْصِىِّ، تَرَكُوا فِيهَا (¬194) الْقِيَاسَ (¬195). قَوْلُهُ: "يُخَالِفُ (¬196) هَدْيُنَا هَدْىَ أهْلِ الأوْثَانِ وَالشِّرْكِ" أَىْ: سِيرَتُنَا وَسُنَّتُنَا، يُقَالُ: هَدَى هَدْىَ فُلَانٍ، أَىْ: سَارَ سِيرَتَهُ (¬197)، وَقَدْ ذُكِرَ فِى الْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: "كَانَتْ امْرَأةً ثَبِطَةً" (¬198) قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬199): أَىْ: بَطِيئَةَ الْحَرَكَهِ (¬200)، يُقَالُ: ثَبَّطَهُ عِنِ الأمْرِ تَثْبِيطًا: إِذَا شَغَلَهُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: "الإفَاضَةِ" (¬201) قَالَ فِى الْفَائِقِ (¬202): الِإفَاضَةُ فِى الأصْلِ: الصَّبُّ، وَاسْتُعِيرَتْ (¬203) لِلدَّفعِ كَمَا قَالُوا: صَبًّ فِى الْوَادِى. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فِى السَّعْىِ: "فَلَمَّا انْصبَّتْ قَدَمَاهُ فِى الْوَادِى" (¬204). ¬
قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬205): {أَفَضْتُمْ} (¬206) أَىْ: دَفَعتُمْ فِى السَّيْرِ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: يُقَالُ أَفَاضَ مِنَ الْمَكَانِ: إذَا أَسْرَعَ مِنْهُ إلَى الْمَكَانِ الآخَرِ. وَاِلإفَاضَةُ: سُرْعَةُ الرَّكْضِ. وَسُمِّىَ طَوَافُ الإفَاضَةِ، لِأنَّهُ يَفِيضُ مِنْ مِنىً إلَى مَكَّةَ، وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ؛ لِأنَّهُ يَزُورُ الْبَيْتَ بَعْدَ أنْ فارَقَهُ. قَوْلُهُ: "شَرَعَ فِى (¬207) التَّحَلُّلِ" شَرَعْتُ فِى الأمْرِ شُرُوعًا، أَىْ: خُضْتُ، وَشَرَعَت الدَّوَابُّ فِى الْمَاءِ تَشرَعُ شَرْعًا (¬208) وَشُرُوعًا (إِذَا) (¬209): دَخَلَتْ. قَوْلُهُ: "فَازْدَلَفَتْ وَوَقَعَتْ (¬210) عَلَى الْمَرْمَى" قَدْ ذَكَرْنَا أنَّ الازْدِلَافَ: الاقْتِرَابُ، وَأزلَفَهُ، أيْ: قَرَّبَهُ (¬211). وَالزَّلْفُ: التَّقَدُّمُ عَنْ أبِى عُبَيْدٍ (¬212). وَالْمَعْنَى: أنَّهَا قَرُبَتْ وَتَقَدَّمَتْ فَوَقَعَتْ فِى الْمَرمَى. قَوْلُهُ (¬213): "الحَلْقُ فِى النِّسَاءِ مُثْلَةٌ" قَالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬214): مَثَلَ بِهِ يَمْثُلُ مَثْلًا، أَىْ: نَكَّلَ بِهِ، وَالاسْمُ الْمُثْلَةُ بِالضَّمِّ، وَمَثَلَ بِالْقَتِيلِ: جَدَعَهُ، وَالْمَثُلَةُ -بِفَتْحِ الْمِيمِ- وَضَمِّ الثَّاءِ: الْعُقُوبَةُ، وَالْجَمْعُ (¬215): الْمَثُلَاتُ. وَمَعْنَاهُ. الْحَلْقُ فِى النِّسَاءِ: عُقُوبَةٌ وَتَشْوِيهٌ، كَجَدْعِ أنْفِ الْقَتِيلِ. قَوْلُهُ (¬216): "لَمْ أشْعُرْ" بِضَمِّ الْعَيْنِ، أيْ: لَمْ أَعْلَمْ وَجَهِلْتُ (¬217) التَّقْدِيمَ وَالتَّأْخِيرَ. قوْلُهُ (¬218): "لَا حَرَجَ لَا حَرَجَ" الْحَرَجُ: الضِّيقُ، أَيْ: لَا ضِيقَ. يُقَالُ: مَكَان حَرَجٌ وَحَرِجٌ، أَىْ: ضَيِّقٌ كَثِيرُ الشَّجَرِ لَا تَصِلُ إلَيْهِ الراعِيَةُ (¬219). وَمِنْهُ: الْحَرَجَةُ وَهِىَ: الْغَيْضَةُ (¬220). وَالْحَرَجُ أَيْضًا: الإثْمُ (¬221) وَمَعْنَاهُ: لَا ضِيقَ عَلَيْكُمْ وَلَا إثْمَ فِيمَا قَدَّمْتُمْ، أوْ أخَّرْتُمْ مِنَ النُّسُكِ. وَسُمِّيَتْ "مِنىً" لِأنَّ الأقْدَارَ وَقَعَتْ عَلَى الضَّحَايَا بِهَا، فَذُبِحَتْ، وَمِنْهُ أُخِذَتْ الْمَنِيَّةُ، يُقَالُ: مَنَى اللهُ عَلَيْكَ (¬222) خَيْرًا، أيْ: قَدَّرَ اللهُ لَكَ (¬223)، قَالَ الشَّاعِرُ (¬224): لَا تَأْمَنَنَّ وَإنْ أَمْسَيْتَ فِى حَرَمِ ... حَتَّى تُلَاقِىَ مَا يَمْنِى لَكَ الْمَاني أىْ: يُقَدِّرُ لَكَ الْمُقَدِّرُ. وَسُمِّىَ يَوْمُ النَّحْرِ، لِنَحْرِ الْهَدْىِ فِيهِ، وَمَعْنَى النَّحْرِ: إِصَابَةُ النحْرِ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ بِالآلةِ الَّتِي يُنْحَرُ بِهَا. ¬
وَسُمىَ يَوْمُ الْقَرِّ؛ لأنَّ الْحَاجَّ (¬225) يَقِرُّونَ فِيهِ بِمِنىً وَلَا يَنْفِرُونَ. وَيَوْمُ (¬226) النَّفْرِ، بِسُكُونِ الْفَاءِ. وَيُقَالُ: يَوْمُ النَّفَرِ بِالتَحْرِيكِ، وَيَوْمُ النُّفُورُ، وَيَوْمُ النَّفِيرِ، عَنْ يَعْقُوبَ (¬227) وَأصْلُهُ: مِنْ نَفَرَت الدَّاَّبةُ نُفُورًا وَنِفَارًا: إذا عَدَتْ مَخَافَةً، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {كَأَنَّهُمْ (¬228) حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} (¬229). وَسُمِّيَتْ الْجِمَارُ؛ لِأن آدَمَ عَلَيْهِ السَلَامُ رَمَى إبلِيسَ فَأَجْمَرَ بَيْنَ يَدَيْهِ (¬230)، فَسُميَّتْ الْجمَارُ بهِ، أيْ: أسْرَعَ، قَالَ لَبِيد (¬231): وَإذَا حَرَّكْتُ غَرْزِى أجمَرَتْ ... أَوْ قَرَا بِى عَدْوُ جَوْنٍ قَدْ أبَلْ قَالَ الزَّمَخْشَرِىُّ (¬232). وَقَالَ الأزْهَرِىُّ (¬233): أَجْمَرَ إجْمَارًا: إذَا عَدَا عَدْوًا شَدِيدًا، وَجَمَّرَ الْقَائِدُ الْجَيْشَ: إذَا جَمَعَهُمْ فِى ثَغْرٍ، فَأطالَ حَبْسَهُمْ، وَعَدَّ فُلَانٌ إبِلَهُ جِمَارًا: إذَا عَدَّهَا مُجتَمِعَةً، وَعَدَّهَا نَظَائِرَ: إذَا عَدَّهَا مَثْنَى مَثْنَى. وَقَالَ الأصْمَعِىُّ: جَمَّرَ بَنُو فُلَانٍ: إِذَا اجْتَمَعُوا فَصَاروا أَلْبًا عَلَى غَيْرِهِمْ، وَجَمَرَاتُ الْعَرَبِ سِمِّيَتْ جَمَرَات؛ لاجْتِمَاعِ كُلِّ قَبِيلَةٍ عَلَى حِدَةٍ، لَا تُحَالِفُ وَلَا تُجَاوِرُ قَبِيلَةً أُخْرَى (¬234). فَحَصَلَ مِنْ مَجْمُوعِ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ الاجْتِمَاعُ لِلرَّمْىِ. وَأَمَّا الأصْلُ فِى رَمْىِ الْجِمَارِ، فَقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ (¬235): لَمَّا فَرَغَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ، أَتاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأراهُ الطوَافَ، ثُمَّ أَتَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ، فَأَخَذَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَبْعَ حَصَيَاتٍ، وَأَعْطَى إبراهِيمَ سَبْعًا، وَقَالَ: ارْم وَكَبِّرْ، فَرَمَى (236) وَكَبَّرَا مَعَ كُلِّ رَمْيَةٍ، حَتَّى غَابَ الشَّيْطَانُ، ثمَّ أَتَى بِهِ الْجَمْرَةَ الْوُسْطَى، فَعَرَضَ لَهُمَا الشيْطَانُ، فَأَخَذَ جِبْرِيلُ سَبْعَ حَصَيَاتٍ، وَأَعْطَى إبراهِيمَ سَبْعًا وَقَالَ له: ارْمِ وَكَبِّر، فَرَمَى (¬236) وَكَبرَّا مَعَ كُلِّ رَمْيَةٍ حَتَّى غَابَ الشيْطَانُ، ثُمَّ أَتَى بِهِ (¬237) الْجَمْرَةَ الْقُصْوَى، فَفَعَلَ كذلك. هَذَا الأصْلُ فِى شُرُوعِ الرمْىِ، كَمَا أَنَّ الأصْلَ فِى شُرُوعِ السَّعْىِ: سَعْىُ هَاجَرَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ. وَكَذَلِكَ أَصْلُ الرمْلِ: أنَّ النَّبِى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ هُوَ وَأصحَابُهُ مَكَةَ فِى عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّهُ تَقَدُّمُ (¬238) قَومٍ قَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى (¬239) يَثْرِبَ، فَأمرَهُمْ النَّبِىُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يَرْمُلُوا وَقَدْ ذُكِرَ (¬240) وَهَذَا مَذْكُورٌ فِى الصَّحِيحَيْنِ (¬241). ئُمَّ زَالَتْ هَذِهِ الأشْيَاءُ وَبَقِيَتْ آثَارُهَا وَأَحْكَامُهَا، وَرُبَّمَا أشْكَلَتْ هَذِهِ الأمُورُ عَلَى مَنْ يَرَى صُوَرَهَا وَلَا يَعْرِفُ أسبَابَهَا، فَيَقولُ: هَذَا لَا مَعْنَى لَهُ، فَمَنْ عَرَفَ الأسْبَابَ لَم يَسْتَنْكِرْ ذَلِكَ. وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ سَبَبَ رَمْى الْجِمَارِ: أَنَّ إِبراهِيمَ عَلَيْهِ السلَامُ نَفَرَ عَلَيْهِ هَدْيٌ، وَكَان يَتْبَعُهُ بالْجمَارِ، وَهِىَ الْحَصَىَ؛ لِيَرُدَّهُ إلَيْهِ. ¬
وَسُمِّىَ مَسْجِدُ الْخَيْفِ (¬242): قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬243): الْخَيْفُ: مَا انْحَدَرَ مِنْ غِلَظِ الْجَبَلِ، وَارْتَفَعَ عَنْ مَسِيلِ الْمَاءِ، وَمِنْهُ سُمِّىَ مَسْجِدُ الْخَيْفِ بِمِنىً، وَقَدْ أخَافَ الْقَوْمُ: إذَا أتَوْا خَيْفَ مِنىً فَنَزَلُوهُ. وَقَدْ ذَكَرْتُ سَبَبَ تَسْمِيَةِ "أيَّامِ التَشْرِيقِ" (¬244) فِى الصَّوْمِ (¬245)، وَنُعِيدُهُ مُخْتَصَرًا. قِيلَ: مِنْ تَشْرِيقِ اللَّحْمِ، وَهُوَ: تَقْدِيدُهُ، وَالْقَدُّ: الشَّقُّ طُولًا (¬246) وَقِيلَ: مِنْ تَشْرِيقِهِ بِالشَّمْسِ وَتَجْفِيفِهِ. وَقِيلَ: لِقَوْلِهِمْ "أَشْرِقْ ثَبِيرْ" (¬247). حَكَاهُ يَعْقُوبُ (¬248). وَقِيْلَ: لِأنَّ الْهَدْىَ لَا يُنْحَرُ حَتى تُشْرِقَ الشمسُ، قَالَه ابْنُ الأعْرَابِىِّ (¬249). وَحَلَلْتُ أَنَا مِنَ الإِحْرَامِ أُحِلُّ، وَحَلَّ غَيْرِى يَحِلُّ: إذَا قَضَى فُرُوضَ الْحَجِّ فَصَارَ حَلَالًا، أَىْ: حَلَّ لَهُ كُلُّ شَىْءٍ مُنِعَ مِنْهُ فِى الإحْرَامِ. وَسُمِّيَتْ مَكَّةُ: لِأنَّهَا تَمُكُّ الأجْسَامَ وَالذُّنُوبَ، أىْ: تَفنِيهَا، مِنْ قَوْلِهِمْ: امْتَكَّ الْفَصِيلُ مَا فِى ضِرْعَ أمِّهِ، أَيْ: أَفْنَاهُ، وَقِيلَ: لأنَّهَا تَمُكُّ الظَّالِمَ الَّذِى يَظْلِمُ فِيهَا، أَيْ: تُهْلِكُهُ (¬250)، وَأنْشَدُوا (¬251): يَا مَكَةُ الْفَاجِرَ مُكِّى مَكَّا ... وَلَا تَمُكِّى مَذْجِحًا وَعَكَّا وَقِيلَ: لِأنَّهَا تُجْهِدُ أَهلَهَا. وَقِيلَ: لِقِلَّةِ الْمَاءِ بِهَا (¬252) وَيُقَالُ أَيْضًا: بَكَّةُ، وَهُوَ الَّذِى نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ (¬253) مَأخُوذٌ مِنْ تَبَاكِّ الناسِ فِيهَا، أَيْ: تَضَايُقِهِمْ وَتَضَاغُطِهِمْ (¬254). الأيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ" (¬255): هِىَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ (¬256)، وَ"الأيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ" (¬257) هِىَ الْعَشرُ، وَآخِرُهَا: يَوْمُ النَّحْرِ. قَالَهُ أَكْثَرُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ (¬258). قَوْلُهُ: "يَنْزِلُ بِالْمُحَصَّبِ" (¬259) سُمِّىَ الْمُحَصَّبُ؛ لِاجْتِمَاعِ الْحَصَى فِيهِ؛ لِأنَّه مَوْضِعٌ مُنهَبِطٌ. وَالسَّيْلُ يَحْمِلُ (إلَيْهِ) (¬260) الْحَصْبَاءَ (¬261) مِنَ الجِمَارِ. قَوْلُهُ: "يَقِفَ فِى الْمُلْتَزَمِ" (¬262) هُوَ (¬263) مُفْتَعَلٌ مِنَ اللُّزُومِ للشَّىْءِ وَتَرْكِ مُفَارَقَتِهِ، يُقَالُ: أَلْزَمْتُهُ الشَّىْءَ فَالْتَزَمَهُ، وَالالْتِزَامُ الاعْتِنَاقُ (¬264). قَوْلُهُ (¬265): "وَإلَّا فَمِنَ الآنَ" فِيهِ رِوَايَتَانِ: كَسْرُ الْمِيمِ وَفَتْحُ النُّونِ وَالتَّخْفِيفُ، عَلَى أَنَّهَا حَرْفُ ¬
جَرٍّ. وَالرِّوَايَةُ الأُخْرَى "فَمُنَّ الآنَ" بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ، مِنَ الْمَنِّ وَالإِحْسَانِ، فِعْلُ (طَلَبٍ) (¬266) بِلَفْظِ الأمْرِ. وَالآنَ: هُوَ الزَّمَانُ الْحَاضِرُ، أَىْ: هَذِهِ السَّاعَةُ. وَقِيلَ: الآنَ (حَدُّمَا) (¬267) بَيْنَ الزَّمَانَيْن، الْمَاضِى وَالْمُسْتَقْبَلِ (¬268). قَوْلُهُ: "قَبْلَ أَنَّ تَنْأى (عَنْ بَيْتِكَ دَارِى) تَنْأَى" (¬269) تَبْعُدُ، وَالنَّأْىُ: الْبُعْدُ، يُقَالُ: نَأْى يَنْأَى: إذَا بَعُدَ. قَوْلُهُ: "وَلَا رَاغِبٍ عَنْكَ" (¬270) أَىْ: كَارِهٍ، يُقَالُ: رَغِبَ عَن الشَّىْءِ: إِذَا كَرِهَهُ، وَرَغِبَ فِيهِ: إذَا طَلَبَهُ وَأَرَادَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ} (¬271) أَىْ: كَرِهَهَا (¬272)، وَقَدْ ذُكِرَ (¬273). أَصْلُ الْوَدَاعِ وَالتَّوْدِيعِ: تَرْكُ الشَّىْءِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} (¬274) أَىْ: (مَا) (¬275) تَرَكَكَ وَلَا أبْغَضَكَ. وَالْحَاجُّ (¬276) يُوَدِّعُ الْبَيْتَ، أَىْ: يَتْرُكُهُ بَعْدَ فَرَاغِ مَنَاسِكِهِ، وَيَنْصَرِفُ إلَى أَهْلِهِ. وَحَجَّةُ الْوَدَاعِ سُميَتْ بِذَلِكَ؛ لِأنَّ النَّبِىَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَغُدْ بَعْدَهَا إِلَى مَكَةَ. قَوْلُهُ: "يَلِيقُ بِالْحَالِ" (¬277) أَىْ: يُوَافِقُ وَيَحْسُنُ فِيهِ. * * * ¬
باب الفوات والإحصار
بَابُ الْفَوَاتِ وَالِإحْصَارِ الْحَصْرُ: الْمَنْعُ وَالتَّضْيِيقُ، حَصَرَهُ يَحْصُرُهُ حَصْرًا: ضَيَّقَ عَلَيْهِ، وَأَحَاطَ بِهِ، وَالْحَصْرُ: الضِّيقُ وَالْحَبْسُ (¬1) وَالْحَصِيرُ: الْمَحْبِسُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} (¬2) أَىْ: مَحْبِسًا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} (¬3) أَىْ: ضَاقَتْ. قَوْلُهُ (¬4): "الْحَجُّ عَرَفَةُ" لَا يَجُوزُ فِى الْعَرَبِيَّةِ أَنْ يُخْبَرَ بِالاسْمِ عَن الْمَصْدَرِ، فيُحْمَلُ هَذَا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، كَأنَّهُ أرَادَ: الْحَجُّ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} (¬5) قَالُوا: تَقْدِيرُهُ: الْبِرُّ: بِرُّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ (¬6). وَاللهُ أَعْلَمُ. ¬
قَوْلُهُ: "فَيَلْحَقُهُمْ وَهْنٌ" (¬7) الْوَهنُ: الضَّعْفُ، وَقَدْ وَهَنَ الِإنْسَانُ وَوَهَنَهُ غَيْرُهُ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى (¬8)، قَالَ طَرَفَهُ (¬9): . . . . . . . . . . . . ... (¬10) إِنَّنِى لَسْتُ بِمَوْهُونٍ فَقِرْ وَوَهِنَ -أيضًا- بِالْكَسْرِ وَهْنًا، أَيْ: ضَعُفَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} (¬11). قَوْلُهُ: "صَغَارًا عَلَى الِإسْلَام" (¬12) أَىْ: (ذُلًّا وَنَقْصًا) (¬13). وَقَدْ ذُكِرَ (¬14). قَوْلُهُ: "صَوْمُ التَّعْدِيل (¬15) أَىْ التَّسْوِيَةِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ عَدِيلُ فُلَانٌ، أَىْ: مُسَاوٍ لَهُ وَالْعِدْلُ: أَحَدُ الْحِمْلَيْنِ؛ لِأنَّهُ مُسَاوٍ لَهُ (¬16). * * * ¬
باب الهدى
بَابُ الْهَدْىِ الْهَدْىُ وَالْهَدِىُّ: مَا يُهْدَى إِلَى الْحَرَم مِنَ النَّعَمِ، يُقَالُ: مَالِى هَدْىُ إنْ كَانَ (¬1) كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ (¬2) يَمِينٌ، وَقُرِيءَ {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (¬3) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ، الْوَاحِدَةُ: هَدْيَةٌ وَهَدِيَّةٌ. قَوْلُهُ (¬4): {شَعَائِرَ اللَّهِ} الشَّعَائِرُ: أعْمَالُ الْحَجِّ، وَكُلُّ مَا جُعِلَ عَلَمًا لِطَاعَةِ اللهِ (¬5). قَالَ الأصْمَعِىُّ: الْوَاحِدَةُ شَعِيرَةٌ (¬6). وَقَالَ بَعْضُهُمْا: شِعَارَةٌ. وَالْمَشَاعِرُ: مَوَاضِعُ النُّسُكِ، وَالمَشْعَرُ الْحَرَامُ: أَحَدُ الْمَشَاعِرِ، وَكَسْرُ الْمِيمِ فِيِهِ لُغَةٌ. وَالشِّعَارُ بِالْكَسْرِ: الْعَلَامَةُ، وَهُوَ أَيْضًا: الثَّوْبُ الَّذِى يَلى الْجَسَدَ، وَأَمَّا الشَّعَارُ بِالفَتْحِ، فَالأرضُ كَثِيرَةُ الشَّجَرِ (¬7). قَوْلُهُ (¬8): "ثُمَّ سَلَتَ الدَّمَ عَنْهَا" أَىْ: نَحَّاهُ عَنْهَا وَازالَهُ، وَسَلَتَت الْمَرْأةُ خِضَابَهَا، أَيْ: أَلْقَتْهُ عَنْها ¬
قَالَ الأَصْمَعِىُّ: سَلَتَ رَأْسَهُ، أَىْ: حَلَقَهُ، وَرَأْسٌ مَسْلُوتٌ: مَحْلُوقٌ (¬9). قَوْلُهُ: "خُرَبُ الْقِرَبِ" (¬10) جَمْعُ خُرْبَةٍ، وَهِىَ: عُرْوَةُ الْمَزَادَةِ، سُمِّيَتْ خُرْبَة؛ لاسْتَدَارَتَهَا، وَكُلُّ ثُقْبٍ مُسْتَدِيرٍ، فَهُوَ خُرْبَةٌ. وَقَالَ ابْنُ الأعْرَابِىِّ: خُرْبَةُ الْمَزَادَةِ: أُذُنُهَا (¬11). النَّجيبَةُ مِنَ الإبِلِ (¬12): المُختَارَةُ، وَانتجَبَهُ،، أَىْ: اخْتَارَهُ، وَالْجَمْعُ: النَّجُبُ وَالنَّجَائِبُ (¬13) "انْحَرْهَا إيَّاهَا" (أَبْدَلَ) (¬14) الْمُضْمَرَ مِنَ الْمُضْمَرِ (¬15). وَقَدْ ذَكَرنَا "الْبَدَنَةَ" (¬16) وَأَنَّهَا النَّاقَةُ الْفَتِيَّةُ السَّمِينَةُ (¬17). قَوْلُهُ: "فَأَمْضُوهَا" (¬18) يُقَالُ: أَمْضَيْتُ الأمْرَ أنْفَذْتُهُ، وَإذا قَضَى اللهُ شَيْئًا: أمْضَاهُ، أيْ: أنفَذَهُ. قَوْلُهُ: "وإنْ عَطِبَ" (¬19) أَىْ: هَلَكَ، وَالْعَطَبُ: الْهَلَاكُ، وَالْمَعَاطِبُ: الْمَهَالِكُ، يُقَالُ: عَطِبَ مَالُهُ وَأَعْطَبَتْهُ النَّوَائِبُ وَهُوَ الْمُعْطَبُ، وَكَأنَّهُ مِنَ الْعُطْبَةِ، وَهِىَ الْقُطنَةُ الْمُحْتَرِقَةُ (¬20). قَوْلُهُ: "ثُمَّ اضْرِبْ صَفْحَتَهَا" (¬21) أَىْ: جَانِبَ عُنُقِهَا، وَصَفْحَةُ كُلِّ شَىْءٍ: جَانِبُهُ. * * * ¬
باب الأضحية
بَابُ الأُضْحِيَّةِ اشْتُقَّ اسْمُهَا مِنَ الضُّحَى، وَهُوَ ارْتِفَاعُ الشَمْسِ؛ لِأنَّهَا تُذْبَحُ ذَلِكَ الْوَقْت. وَفِيهَا أَرْبَعُ لُغَاتٍ: أُضْحِيَّةٌ: بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وإِضْحِيَّةٌ: بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وَالْجَمْعُ: أَضَاحِىّ، وَضَحِيَّةٌ عَلَى فَعِيلَةٍ، وَالْجَمْعُ: ضَحَايَا، وَأَضْحَاةٌ، وَالْجَمْعُ أَضْحَىً (¬1)، كَمَا يُقَالُ: أَرْطَاةٌ وَأَرْطَى (¬2)، وَبِهَا سُمِّىَ يَوْمُ الأضْحَى، قَالَ أبُو الْغُولِ (¬3): (رَأيتُكُمُ بَنِى الْخَذْوَاءِ لَمَّا) (¬4) ... دَنَا الأضْحَى وَصَلَّلَتِ اللِّحَامُ ¬
قَالَ الْفَرَّاءُ: الْأضْحِيَةُ تُذَكَّرُ وَتُؤَنثُ، فَمنْ ذَكَّرَ: ذَهبَ إِلَى الْيَوْمِ (¬5). قَوْلُهُ (¬6): "مَنْ كَانَ عِنْدَهُ ذِبْحٌ" الذِّبْحُ بِكَسْرِ الذَّالِ: اسْمٌ لِلشَّىْءِ الْمَذْبُوحِ، مِثْلُ: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} (¬7) وَالذَّبْحُ بِالْفَتْحِ: الْمَصْدَرُ. وَأَصْلُهُ: الشَّقُّ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬8): كأَنَّ بَيْنَ فَكِّهَا وَالْفَكِّ ... فَارَةَ مِسْكٍ ذُبِحَتْ فِى سُكِّ أَيْ: فُتِقَتْ بِهَا، وَرُبّمَا قَالُوا: ذَبَحْتُ الدَّنَّ: إِذَا بَزَلْتَهُ (¬9). قَوْلُهُ (¬10): {مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} سُمِّيَتْ بَهِيمَةً؛ لأنَّهَا اسْتَبْهَمَتْ عَنِ الْكَلَام. قَوْلُهُ: "أَفْضَلُ مِنَ الْغَبْرَاءِ" (¬11) وَفِى بَعْضِ النُّسَخِ "الْعَفْرَاء" وَالْعَفْرَاءُ: هِىَ الْبَيْضَاءُ الَّتِى يَعْلُو بَيَاضَهَا حُمْرَةٌ، وَهِىَ مِنَ الظِّباءِ كَذَلِكَ، وَتَكُونُ مَع ذَلِكَ قِصَارَ الْأعْنَاقِ، وَهِىَ أضعَفُ الظِّباءِ عَدْوًا تَسْكُنُ الْقِفَافَ (¬12) وَصَلَابَةَ (¬13) الأرْضِ. "بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ" المُلْحَةُ مِن الألْوَانِ: بَيَاضٌ يُخَالِطُهُ سَوَادٌ، يُقَالُ: كَبْشٌ أملَحُ، وَتَيْسٌ أَمْلَحُ، وَالزُّرْقَةُ إِذَا اشْتَدَّتْ حَتَى تَضْرِبَ إِلَى البَيَاضِ، قِيْلَ: هُوَ أَمْلَحُ الْعَيْنِ (¬14) وَقَالَ (¬15) ابْنُ الأعرَابِي: الأَمْلَحُ: الأبْيَضُ النَّقِىُّ البَيَاض (¬16). قَوْلُهُ: "الْبَيِّنُ ضَلَعُهَا" (¬17) الضَّلَعُ بِالتَّحْرِيكِ: الاعْوِجَاجُ خِلْقَةً (¬18) تَقُولُ مِنْهُ: ضَلِعَ بِالْكَسْرِ يَضْلَعُ ضَلَعًا (¬19)، وَهُوَ الْمَيْلُ أَيْضًا (¬20) كَأَنَّهَا تَمِيلُ (¬21) فِى مَشْيِهَا وتَعْوَجُّ. قَوْلُهُ: " (الْكَسِيرَةُ الَّتِى) (¬22) لَا تُنْقِى "النِّقْىُ: الْمُخُّ فِى الْعَظْمِ، وَنَقَوْتُ الْعَظْمَ ونَقَيْتُهُ: إذَا اسْتَخْرَجْتَ نِقْيَهُ، أَىْ: مُخَّهُ (¬23). . وَمَعْنَاهُ: الَّتِى لَا يَطْلُعُ فِيهَا مُخٌّ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬24): لَا يَشْتَكِينَ عَمَلًا مَا أَنْقَيْنَ ... مَا دَامَ مُخٌّ فِى سُلَامَى أو عَيْن يُقَالُ: هَذِهِ نَاقَةٌ مُنْقِيَةٌ، وَهَذِهِ لَا تُنْقِى (¬25). ¬
قَوْلُهُ: "الْقَصْمَاءُ. وَالْعَضْبَاءُ" (¬26) قَالَ ابْنُ دُرَيد (¬27): الْقَصْمَاءُ مِنَ الْمَعْزِ: الْمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ الْخَارِجِ. وَالْعَضْبَاءُ: الْمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ الدَّاخِلِ، وَهُوَ الْمُشَاشُ (¬28)، وَالشَّرْقَاءُ: الَّتِى تُشَقُّ أُذُنُهَا طُولًا (¬29). وَالْخَرْقَاءُ: الَّتِى تَتَثَقَبُ (¬30) أُذُنُهَا مِنَ الْكَىِّ (¬31) بِخِلَافِ مَا فَسَّرَهَ (¬32) الشَّيخُ رَحِمَهُ اللهُ (¬33). وَشَرَقْتُ الأذُنَ (مِنْ بَابِ قَتَلَ) (¬34) أَشْرُقُها شَرْقًا. قَوْلُهُ: "فَنَحَرَ مَا غَبَرَ" (¬35) أَىْ: مَا بَقِىَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} (¬36) أَيْ: الْبَاقِينَ. وَغُبْرُ اللَّبَنِ: بَقِيَّتُهُ، وَغُبَّرُ الْمَرَضِ: بَقَايَاهُ، وَكَذَلِكَ غُبَّرُ اللَّيْلِ. وَغَبَرَ (¬37): مَا مَضَى -أيضًا- وَهُوَ مِنَ الأضْدَادِ. قَوْلُهُ: "بِبَضْعَةٍ" (¬38) بِفَتْحِ الْبَاءِ، وَهِىَ: الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ، هَذِهِ وَحْدَهَا بِالْفَتْحِ، وَأخَوَاتُهَا بِالْكَسْرِ، كَالْفِلْذَةِ وَالْكِسْرَةِ وَالْقِطْعَةِ وَنَحْوِهَا (¬39). قَوْلُهُ: "الْبُدْنَ" (¬40) جَمْعُ بَدَنَةٍ، وَهِىَ: نَاقَةٌ، أو بَقَرَةٌ، تُنْحَرُ بِمَكَّةَ، سُميَتْ بذَلِكَ؛ لِأنَّهُمْ كَانُوا يُسَمِّنُونَهَا. وَالْبُدْنُ -أيْضًا: السِّمَنُ وَالاكْتِنَازُ، يُخَفَّفُ وَيُثَقَّلُ، مِثْلُ (عُسُرٍ وَعُسْرٍ) (¬41)، قَالَ (¬42): كَأَنَّهَا مِنْ بُدْنٍ وإيفَارْ ... دَبَّتْ عَلَيْهَا عَارِمَاتُ (¬43) الأنْبَارْ قَوْلُهُ (¬44): {الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} يُقَالُ: بَئِسَ الرَّجُلُ يَبْأسُ بُؤْسًا: إِذَا اشْتَدَّتْ حَاجَتُهُ، فَهُوَ بَائِسٌ (¬45). قَوْلُهُ (¬46): {الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} الْقَانِعُ: الَّذِى يَسْأَلُ، وَالْمُعْتَرُّ الَّذِى يَتَعَرَّضُ وَلَا يَسْأل، يُقَالُ: قَنَعَ -بِالْفَتْحِ- يَقْنِعُ -بِالْكَسْرِ - قُنُوعًا: إِذَا سَأَلَ، وَيُقَالُ مِنَ الْقَنَاعَةِ: قَنِعَ بِالْكَسْرِ يَقْنَعُ بِالْفَتْحِ. قَالَ الشَّمَّاخ (¬47): لَمَالُ الْمَرْءُ يُصْلِحُهُ فَيُغْنِى ... مَفَاقِرَهُ أَعَفُّ مِنَ الْقُنُوعِ ¬
أَىْ: مِنَ السُّؤَالِ. وَقَالَ آخَرُ (¬48): . . . . . . . . . . . . ... وَلَا أَحْرِمُ الْمُضْطرَّ إِنْ جَاءَ قَانِعَا وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْأضْدَادِ (¬49)، يُقَالُ: قَنِعَ: إِذَا رَضِىَ، وَقَنَعَ، إِذَا سَألَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: السَّائِلُ الَّذِى يقْنَعُ بِالْقَلِيلِ (¬50). وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَانِعِ لأهْلِ الْبَيْتِ (¬51) " هُوَ لَهُمْ كَالتَّابعِ وَالْخَادِمِ، وَأصْلُهُ: السَّائِلُ. قَوْلُهُ: "جِلَالَهَا" (¬52) جَمْعُ جُلّ، وَجَمْعُ الْجِلَالِ: أَجِلَّةٌ، وَهُوَ مَا تُجَلَّلُ بِهِ الدَّابَّةُ، أَيْ: تُغَطِّى. قَوْلُهُ: "يَجْمُلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ" (¬53) هُوَ: اسْتِخْرَاجُ الْجَمِيلِ، وَهُوَ الْوَدَكُ (¬54)، وَمِنْهُ سُمِّىَ الرَّجُلُ جَمِيلًا (¬55). قَوْلُهُ: "مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ (¬56) - وَدَفَّ أُنَاسٌ "قَالَ أبُو عَمْرٍو: (¬57) هُمُ الْقَوْمُ يَسِيرُونَ جَمَاعَةً سَيْرًا "لَيْسَ بِالشَّدِيد". يُقَالُ هُمُ يَدِفُّونَ دَفِيفًا. وَفِى الْحَدِيثِ: "إِنَّ فِى الْجَنَّةِ لَنَجَائِبَ تَدِفُّ بِرُكْبَانِهَا" (¬59) وَقَالَ غَيْرُهُ (يُقَالُ) (¬60) جَاءت دَافَّةٌ مِنَ الأعرَابِ، وَهُوَ مَنْ يَرِدُ مِنْهُمُ (¬61) الْمِصْرَ. * * * ¬
من باب العقيقة
مِنْ بَابِ الْعَقِيقَةِ أَصْلُ الْعَقِيقَةِ: صُوفُ الْجَزَعِ، وَشَعَرُ كُل مَوْلُودٍ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ، الَّذِى يُولَدُ عَلَيْهِ (¬1)، يُقَالُ: عَقِيقَةٌ وَعَقِيقٌ، وَعِقَّةٌ أيضًا بِالْكَسْرِ، وَبِهِ سُمِّيَتْ الشَّاةُ الَّتِى تُذْبَحُ عَنِ الْمَوْلُودِ يَوْمَ أسْبُوعِهِ عَقِيقَةً؛ لأنَّهُ يُزَالُ عَنْهُ الشَّعَرُ يَوْمَئِذٍ، فَسُمِّيَتْ بِاسْمِ سَبَبِهَا (¬2)، وَقَالَ زُهَيرٌ يَذْكُرُ حِمَارًا وَحْشِيًا (¬3): أَذَلِكَ أمْ أقبُّ الْبَطنِ جَأْبٌ (¬4) ... عَلَيْهِ مِنْ عَقِيقَتِهِ عِفَاءُ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ (¬5): ¬
فَيَاهِنْدُ لَا تَنْكِحِى بُوهَة ... عَلَيْهِ عَقِيقَتُهُ أحْسَبَا هُوَ الَّذِى فِى رَأْسِهِ شُقْرَةٌ. وَقِيلَ: إِنَّهُ مَأخُوذٌ مِنَ الْعَقِّ، وَهُوَ الشَّقُّ وَالْقَطْعُ، فَسُمِّيَتْ الذَّبِيحَةُ عَقِيقَةً، لِأنَّهُ يُشَقُّ حُلْقُومُهَا (¬6). قَوْلُهُ: "عَقَّ عَن الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ" أَىْ: ذَبَحَ عَنْهُمَا الْعَقِيقَةَ. قَوْلُهُ (¬7): "شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ" أَىْ (¬8): مُتَسَاوِيَتَانِ، أَىْ: كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُسَاوِيَةٌ لِصَاحِبَتِهَا فِى السِّنِّ، مِنْ قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ كُفْءُ فُلَانٍ، أَىْ: مُسَاوٍ لَهُ، وَالزَّوْجُ كُفْءُ الْمَرأةِ، أَىْ: مِثْلٌ لَهَا (¬9). وَقَالَ الزَّمَخْشَرِىُّ (¬10): أَيْ مُعَادِلَتَانِ، لِمَا يَجِبُ فى الزَّكَاةِ والأضْحِيَةُ مِنَ الأسْنَانِ، ولا فَرْقَ بَيْنَ "الْمُكَافَئَتَيْنِ (¬11) " وَ "الْمَكَافَأتيْنِ" لأنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ إِذَا كَافَأَت أُخْتَهَا فَقَدْ كُوفِئَتْ، فهِىَ (مُكَافِئَةٌ) (¬12) وَمُكَافَأةٌ. قَوْلُهُ: "تُطبَخُ جُدُولًا" (¬13) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ: جَمْعُ جَدْلٍ، وَهُوَ الْعُضْوُ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (¬14). وَقَالَ الْمُبَرِّدُ (¬15): الْجَدْلُ: الْعَظْمُ يُفْصَلُ بِمَا عَلَيْهِ مِنَ اللَّحْمِ. قَوْلُهُ: "يُمَاطُ عَنْ رُؤُسِهِمَا (¬16) الْأذَى" أَىْ: يُزَالُ، يُقَالُ (¬17): مَاطَ، أَىْ: بَعُدَ. وَأرَادَ بِالأذَى: مَا يُؤْذِيهِ مِنَ الشَّعَرِ، وَحَكَى أَبُو (عُبَيْدٍ) (¬18): مِطْتُ وَأَمَطْتُ عَنْهُ: إِذَا نَحَّيْتَ عَنْهُ، قَالَ الأصْمَعِىُّ: مِطْتُ أَنَا وَأَمَطْتُ غَيْرِى، وَمِنْهُ إمَاطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ (¬19). قَوْلُهُ: "نَهَى عَنِ الْقَزَعَ" (¬20) هُوَ أَنْ يُحْلَقَ بَعْضُ الرأسِ وَيُتْرَكُ بَعْضُهُ بِشَعْرِهِ مُتَفَرِّقًا، وَقَدْ قَزَّعَ رَأسَهُ تَقْزِيعًا: إِذَا حَلَقَ [شَعَرَهُ] (¬21) وَبَقِيَتْ مِنْهُ بَقَايَا فِى نَوَاحِى رَأْسِهِ. وَأَصلُهُ: السَّحَابُ الْمُتَفَرِّقُ فِى السَّمَاءِ، يُقَالُ: "مَا فِى السَّمَاءِ قَزَعَةٌ مِنْ سَحَابٍ" (¬22). قَوْلُهُ (23): "خَلُوقًا" (¬23) بِفَتْحِ الْخَاءِ: هُوَ الزَّعْفَرَانُ، وَأَصْلُ الْخَلْقِ: التَّمْلِيسُ، وَمِنْهُ الصَّخْرَةُ الْخَلْقَاءُ، وَهِىَ: الْمَلْسَاءُ، وَمِنْهُ اشْتُقَّ خَلْقُ الإنْسَانِ. قَوْلُهُ: أَنْ يُحَنَّكَ الْمَوْلُودُ" (¬24) يُقَالُ: حَنَكْتُ الصَّبِىَّ وَحَنَّكْتُهُ: إِذَا مَضَغْتُ تَمْرًا، أو غَيْرَةَ، ثُمَّ ¬
دَلَكْتَهُ بِحَنَكِهِ، وَالصَّبِىُّ مَحْنُوكٌ (¬25). قَوْلُه: "فَغَرَفَاهُ" فَتَحَهُ، وَقَدْ ذُكِرَ (فِى الْجَنَائِزِ) (¬26). قَوْلُهُ: "فَجَعَلَ يَتَلَمَّظُ" يُقَالُ: تَلَمَّظَ يَتَلَمَّظُ، وَلَمَظَ يَلْمُظُ: إِذَا تَتَبَّعَ بِلِسَانِهِ بَقِيَّةَ الطَّعَامِ فِى فِيهِ، أو أَخْرَجَ لِسَانَهُ فَمَسَحَ شَفَتَيْهِ فَجَعَلَهُ فِى فِيهِ (¬28). وَمَجَّهُ وَرَمَى بِهِ: يُقَالُ: مَجَّ الرَّجُلُ الشَّرَابَ مِنْ فِيهِ: إِذَا رَمَى بِهِ، وَانْمَجَّتْ (¬29) نُطْفَةٌ مِنَ الْقَلَمِ: إِذَا تَرَشَّشَتْ. * * * ¬
ومن باب النذر
وَمِنْ بَابِ النَّذْرِ النَّذْرُ مُشْتَقٌّ مِنْ الِإنْذَارِ، وَهُوَ الِإبْلَاغُ وَالإعْلَامُ بِالأمْرِ الْمَحْوفِ، كَأنَّ النَّاذِرَ (¬1) يُعْلِمُ نَفْسَهُ، وَيُوْجِبُ عَلَيْهَا قُرْبَةً يَتَخَوَّفُ الِإثْمَ مِنْ تَرْكِهَا. وَالنَّذْرُ: إِيجَابُ عِبَادَةٍ فِى الذِّمَّةِ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِ شَرْطٍ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} (¬2) أَىْ: أَوْجَبْتُ. قَوْلُهُ (¬3): "فَإِنْ أَشْعَرَ بَدَنَةً" قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الِإشْعَارَ هُوَ الْعَلَامَةُ، وَأَنَّ الْبَدَنَةَ: هِىَ النَّاقَةُ السَّمِينَةُ (¬4). قَوْلُهُ: "أَوْ دَفْعَ سُوءٍ" (¬5) سَاءَهُ يَسُوءُهُ: نَقِيضُ سَرَّهُ، وَفِيهِ لُغَتَانِ: فَتْحُ السِّينِ وَالْقَصْرُ، وَضَمُّهَا وَالْمَدُّ. وَالْمَفْتُوحُ يُوْصَفُ بِهِ، يُقَالُ: رَجُلُ سَوْءٍ، وَلَا يُقَالُ بِالضَّمِّ (¬6). وَالسُّوءُ أيْضًا: الْمُنْكَرُ وَالْفُجُورُ، وَأَسَاءَ إِلَيْهِ ضِدُّ أحْسَنَ إِلَيْهِ، وَالسَّوءَى: نَقِيضُ الحُسْنَى (¬7). قَوْلُهُ: "فِى لَجَاجٍ وَغَضَبٍ" (¬8) اللَّجَاجُ وَالْمُلَاجَّةُ (¬9): التَّمَادِي فِى الْخُصُومَةِ، يُقَالُ: لَجِجْتَ تَلَجُّ لَجَاجًا وَلَجَاجَةً، وَلَجَجْتَ بِالْفَتْحِ تَلِجُّ: لُغَةٌ (¬10). قَوْلُهُ: "قُربَانًا" (¬11) الْقُرْبَانُ: مَا يُتَقَربُ بِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، مِنَ الْقُرْبِ ضِدُّ الْبُعْدِ، زِيدَت الْألِفُ وَالنّونُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ (¬12). ¬
قَوْلُهُ: "لِصَنَمٍ" (¬13) وَاحِدِ الأصْنَام. قِيلَ: (إنَّهُ مُعَرَّبُ شَمَنْ، وَ) (¬14) هُوَ مَا كَانَ صُورَةَ حَيَوَانٍ مِنْ ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ أو حَجَرٍ أو نُحَاسٍ وَغَيْرِهَا. وَالْوَثَنُ: مَا كَانَ غَيْرَ صُورَةٍ، وَقِيلَ: إِنَّهُمَا سَوَاءٌ (¬15). قَوْلُهُ: "لِرِتَاجِ (¬16) الْكَعْبَةِ" الرِّتَاجُ: الْبَابُ الْعَظِيمُ، وَكَذَلِكَ (¬17): الرَّتَجُ بِالتَّحْرِيكِ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬18): إِذَا أَحْلَفْونِى فِى عُلَيَّةَ أَجْنَحَتْ ... يَمِينِى إِلَى شَطْرِ الرِّتَاجِ الْمُضَبَّبِ وَيُقَالُ الرِّتَاجُ: الْبَابُ الْمُغْلَقُ (¬19)، قَالَ الْهَرَوِيُّ (¬20): أَرَادَ جَعَلَ مَالَهُ لَهَا. قَوْلُهُ "الْمَسْجِدُ الأقْصَى" (¬21) قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ الأبْعَدُ (¬22)، وَالْقَصَا: الْبُعْدُ (¬23). وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ- يُخَفَّفُ وَيُشَدَدُ، فَإِذَا شُدِّدَ: كَانَ صِفَةً، وإِذَا خُفِّفَ: أُضِيفَ بَيْتٌ إِلَيْهِ، وَمَعْنَاهُ: الْمُطَهَّرُ - إِذَا شُدِّدَ وَالتَّقْدِيسُ: التَّطهِيرُ، وإذَا خُفِّفَ فَمَعْنَاهُ: مَوْضِعُ الطَّهَارَةِ؛ لِأنَّ الْمَفْعَلَ بِفَتحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ: هُوَ الْمَوْضِعُ، وَالنَّسَبُ (¬24) إِلَيْهِ: مَقْدِسِىٌّ، مِثْلُ مَجْلِسِىٍّ، وَمُقَدَّسِىٌّ مِثْلُ مُحَمَّدِىٍّ (¬25). وَالْبَيْتُ الْعَتِيقُ (¬26): أَىْ الْقَدِيمُ، وَقِيلَ: سُمِّىَ عَتِيقًا؛ لأنَّ اللهَ (تَعَالَى) (¬27) أعتَقَهُ مِنَ الْجَبَابِرَةِ (¬28). وَقِيلَ: لأنَّ مَنْ دَخَلَهُ أَعتَقَهُ اللهُ مِنَ النَّارِ. عَتِيقٌ بِمَعْنَى مُعْتَقٍ، أَوْ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، كَشَهِيدٍ بِمَعْنَى شَاهِدٍ. وَسُمِّىَ (¬29) الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ؛ لِتَحْرِيمِ مَا حَوْلَهُ فَلَا (¬30) يُصْطَادُ صَيْدُهُ، وَلَا يُقْطَعُ شَجَرُهُ. هَكَذَا (¬31) ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِىِّ (¬32). قَولُهُ: "وإن تَحَرَّى الْيَوْمَ" (¬33) أَيْ: اجْتَهَدَ وَطَلَبَ بِأقصْى اجْتِهَادِهِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬34). قَوْلُهُ: "أثنَاءِ النَّهَارِ" تَضَاعِيفِ سَاعَاتِهِ وَأَوْقَاتِهِ، جَمْعِ ثِنْى، وَقَدْ ذُكِرَ فِى الصَّلَاةِ (¬35). قَوْلُهُ: "مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ" (¬36) هُوَ (¬37) تَصْغِيرُ دَارٍ، وإنَّمَا اسْتُعْمِلَ مُصَغَّرُهَا دونَ مُكَبِّرِهَا مُوافَقَةً لِحَدِيثِ عُمَرَ وَعَلِىٍّ، رَضِىَ اللهُ عَنْهُمَا إِذْ قَالَا حِينَ سُئِلَا عَنْ قَوْلِهِ (تَعَالَى) (¬38): {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (¬39) ¬
"إِتْمَامُهُمَا: أَنْ تُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ اهْلِكَ" (¬40). قَوْلُهُ: "تَرَفَّهَ بتَرْكِ مُؤْنَةِ الرُّكُوبِ" (¬41) مِنَ الرَّفَاهِيَةِ، وَهِىَ: الرَّاحَةُ مِنَ الْمُؤْنَةِ. * * * ¬
من باب الأطعمة
مِنْ بَابِ الْأطْعِمَةِ الْحَيَوَانُ (¬1): مَأْخُوذٌ مِنَ الْحَيَاةِ، وَهُوَ: مَا فِيهِ رُوحٌ، وَضِدُّهُ: الْمَوَتَانُ، كَأَنَّ الألِفَ وَالنُّونَ زِيدَا لِلْمُبَالَغَةِ، كَهُمَا فِى النَّزَوَانِ وَالْغَلَيَانِ (¬2). قَوْلُهُ (¬3): {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} قَدْ (¬4) ذَكَرْنَا أنَّ الْخَبِيثَ: هُوَ الْمُسْتَقْذَرُ نَجِسًا كَانَ أو غَيْرَ نَجِسٍ، وَالطَيِّبَاتُ ضِدُّهَا (¬5). قَوْلُهُ: (الدَّوَابُّ) (¬6) هُوَ مَا يَدِبُّ عَلَى وَجْهِ الأرْضِ، قَالَ تَعَالَى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} (¬7)، {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ} (¬8) يُقَالُ: دَبَّ عَلَى الأَرْضِ يَدِبُّ دَبيبًا: إِذَا مَشَى (¬9). قَوْلُهُ (¬10): {بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} الأَنْعَامُ كُلُّهَا بَهَائِمُ (¬11)؛ لِأَنَّهَا اسْتَبْهَمَتْ عَن الْكَلَامِ، يُقَالُ: اسْتَبْهَمَ الشَّىْءُ: اسْتَغْلَقَ (¬12). وَقَالَ (¬13) الأَزْهَرِىُّ (¬14): الْبَهِيمَةُ فِى اللغَةِ، مَعْنَاهَا: الْمُبْهَمَةُ عَنِ النُّطقِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَحِلُّ السِّنَّوْرُ) (¬15) بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ النُّونِ، وَهُوَ الْهِرُّ وَسُمِّيَت الْهِرَّةُ؛ لِصَوْتِهَا عِنْدَمَا تَكْرَهُ الشَّىْءَ، يُقَالُ: هَرَّ الْكَلْبُ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ فُسِّرَ فِى لَيْلَةِ الْهَرِيرِ (¬16)، وَحَقِيقَتُهُ: الصَّوْتُ الْمَكْرُوهُ (¬17). فِعْلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ (¬18). قَوْلُهُ: (فَسَنَح لَهُمْ حُمُرُ وَحْشٍ) (¬19) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ السَّانِحِ، وَهُوَ الَّذِى يُولِيكَ مَيَامِنَهُ، ضِدُّ الْبَارِحِ (¬20). وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ سَنَحَ، أَيْ: عَوَضَ، يُقَالُ: سَنَحَ لى رَأىٌ فِي كَذَا، أَىْ: عَرَضَ. ¬
وَ (حُمُرُ): يُخَفَّفُ وَيُثَقَّلُ (¬21). وَسُمِّىَ (¬22) الْوَحْشُ؛ لِأنَّهُ يَسْتَوْحِشُ مِنَ النَّاسِ، وَيَنْفُرُ عَنْهُمْ؛ أَوْ لِأنَّهُ يَسْكُنُ الْأمَاكِنَ الْوَحْشِيَّةَ الَّتِى لَا أنيسَ بِهَا، وَضِدُّهُ: الْأنِيسُ. قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ أَكْلُ الضَّبعِ) (¬23) الضَّبعُ: اسْمٌ يَقَعُ عَلى الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ (¬24)، وَإِذَا أفرَدْتَ الْمُذَكَّرَ قُلْتَ: ضِبْعَان- بِكَسْرِ الضَّادِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَبِالنُّونِ، فَإذا ثَنَّوْهُ ثَنَّوْا الْمُؤَنَّثَ، وَإِن عُنُوا الْمُذَكَّرَ. وَلَمْ يُثَنُّوا الْمُذَكَّرَ اسْتِغْنَاءً، وَكَرَاهَةً لاجْتِمَاعِ الزَّوَائِدِ، قَالَ الْجَوْهَرىُّ (¬25): وَلَا تَقُلْ: ضَبُعَةٌ (¬26)؛ لأنَّ الْمُذَكَّرَ ضِبْعَانٌ، وَالْجَمْعَ: ضَبَاعِينٌ، مِثْلُ سِرْحَانٍ وَسَرَاحِينَ، وَالأنثَى ضِبْعَانَةٌ (¬27) وَالْجَمْعُ ضِبْعَانَاتٌ (¬28) وَضِبَاعٌ. وَهَذَا الْجَمْعُ لِلذَّكَرِ وَالأنْثَى مِثْلُ: سَبُعٍ وَسِبَاعٍ (¬29). قَوْلُهُ: (فَذَبَحَهَا (¬30) بِمَرْوَةٍ) هُوَ (¬31) الْحَجَرُ الْمُحَدَّدُ، وَجَمْعُهَا: مَرْوٌ، وَهِىَ حِجَارَةٌ بِيضٌ بَرَّاقَةٌ (يُقْدَحُ مِنْهَا النَّارُ، وَبِهَا سُمِّيَت الْمَرْوَةُ بِمَكَّةَ) (¬32). قَوْلُهُ (¬33): (الْبَرْبُوعُ) (¬34) دُوَيبةٌ بِخِلْقَةِ الْفَأْرِ أوْ أَكْبَرُ، تَكْثُرُ مَفَاتِحُ جِحَرِهِ (¬35) فِى الأرْضِ، إِذَا سَدَّوا عَلَيْهِ فَتْحًا: خَرَجَ مِنْ آخَرَ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ اسْمٌ، وَهِىَ: النَّافِقَاءُ؛ وَالْقَاصِعَاءُ؛ وَالدَّامَّاءُ؛ وَالرَّاهِطَاءُ (¬36). وَالْجَفْرَةْ (¬37) مِنَ الْمَعْزِ: مَا لَهَا أربَعَةُ أَشْهُرٍ (¬38)، وَهُوَ الَّذِى قَوِىَ عَلَى الأَكْلِ وَاتَّسَعَ جَوْفُهُ (¬39). وَالْجَفِيرُ: الْوَاسِعَةُ مِنَ الْكَنَائِنِ، وَمِنْهُ الْفَرَسُ الْمُجْفِرُ (¬40). قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ أَكْلُ بْنِ عِرْسٍ وَالْوَبْرِ) (¬41) فَابْنُ عِرْسٍ عَلَى خِلْقَةِ الْهِرِّ، مُولَعٌ بِأَخْذِ الذَّهَبِ مِنْ مَعْدِنِهِ، وَيُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ: رَاسُو (¬42) وَالْوَبْرُ: دُوَيِّبَّةٌ عَلَى قَدْرِ السِّنَّوْرِ، مِثْلُ الْجُرَذِ إِلَّا أَنَّهُ أَنْبَلُ وَأَكْبَرُ طَحْلَاءُ الَّلوْنِ، وَهِىَ كَحْلَاءُ نَجْلَاءُ، مِنْ جِنْسِ بَنَاتِ عِرْسٍ، لَيْسَ لَهَا ذَنَبٌ (¬43). قَوْلُهُ: (ضَبًّا مَحْنُوذًا) (¬44) الضبَّ: دُوَيبةٌ، وَالْجَمْعُ: ضِبَابٌ وَأضُبٌّ، مِثْلُ كَفٍّ وَأَكُفٍّ، وَفِى الْمَثَلِ (¬45): (أَعَقُّ مِنْ ضبٍّ) لأنَّهُ رُبَّمَا أكلَ حُسُولَهُ، والأْنْثَى ضَبَّةٌ. وَقَوْلُهُمْ: (لَا أَفْعَلُهُ حَتَّى يَرِدَ الضَّبُّ) (¬46) وَمِنْ كَلَامِهِم الَّذِى يَضَعُونَهُ عَلَى ألسِنَةِ الْبَهَائِمِ قَالَت السَّمَكَةُ: وِرْدًا يَا ضبُّ، فَقَالَ: ¬
أصْبَحَ قَلْبِى صَرِدًا * لَا يَشْتَهِى أنْ يَرِدَا * إلَّا عَرَادًا عَرِدَا * وَصِلِّيَانًا بَرِدَا (¬47) * وَعَنْكَثًا (¬48) مُلْتَبِدَا لِأنَّ الضبَّ لَا يَشْرَبُ مَاءً (¬49). و (مَحْنُوذًا) أَىْ: مَشْوِيًّا، قَالَ الله تَعَالَى: {أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} (¬50) وَذَكَرَ فِى الصَّحَاحِ: حَنَذْتُ الشَّاةَ أحْنِذُهَا حَنْذًا، أَىْ: شَوَيْتُهَا، وَجَعَلْتُ فَوْقَهَا حِجَارَةً مُحْمَاةً، لِتُنْضِجَهَا فَهِىَ (¬51) حَنِيذٌ. قَوْلُهُ (¬52): (فَأَجِدُني أعَافُهُ) أَىْ: أَكرَهُهُ، يُقَالُ: عَافَ الرَّجُلُ الطَّعَامَ وَالْمَاءَ يَعَافُهُ، أَيْ: كَرِهَهُ، فَلَمْ يَشْرَبْهُ، فَهُوَ عَائِفٌ، قَالَ (¬53): إِنِّى وَقَتْلِى كُلَيْبًا ثُمَّ أَعْقِلَهُ ... كَالثَّوْرِ يُضْرَبُ لَمَّا عَافَت الْبَقَرُ وَأمَّا "الدُّبُّ" (¬54) فَسَبُعٌ ذُو شَعَرٍ أَسْوَدُ طَوِيلٌ، يَكَادُ يَصِلُ الْأَرْضَ، أَكْبَرُ مِنَ الْكَلْبِ. وَأَمَّا ابْنُ آوَى: فَهُوَ الَّذِى يُسَمَّى باليمن (¬55) (الشَّفْتُ) وَقَوْمٌ يُسَمُّونَهُ. الْعَكْشَ، كَرِيهُ الرَّائِحَةِ، يَظْهَرُ بِالَّليْلِ. قَوْلُهُ: "حَشَرَاتِ الأَرْضِ" (¬56) هِىَ صِغَار دَوَابِّ الْأَرْضِ، الْوَاحِدَةُ: حَشَرَةٌ بِالتَّحْرِيكِ. وَأمَّا الصَّراصِرُ (¬57)، فَهُوَ الَّذِى يَصِيحُ بِالَّليْلِ، سُمِّىَ بِصَوْتِهِ. الْوَاحِدَةُ: صَرَّارَةٌ (¬58) وَقَالَ (¬59) الْجَوْهَرِىُّ (¬60): صَرَّارُ الْليْلِ: الْجُدْجُدُ وَهُوَ (¬61) أكْبَرُ مِنَ الْجُنْدَبِ، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يُسَمِّيهِ الصَّدَى. وَ (الْعَظَاءُ) مَمْدُودٌ، جَمْعُ عَظَاءَةٍ، وَهِىَ: دُوَيبةٌ أَكْبَرُ مِنَ الْوَزَغَةِ، يُقَالُ لِلْوَاحِدَةِ: عَظَاءَةٌ وَعَظَايَةٌ (¬62) وَتُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ بِالْيَمَنِ: السُّحَلَ وَالْبُرَمَ أَيْضًا. وَقَالَ الأزْهَرِىُّ (¬63): هِىَ هُنَيَّةٌ مَلْسَاءُ، تَعْدُو وَتَتَرَدَّدُ كَثِيرًا، تُشْبِهُ سَامَّ أبْرَصَ، لَا تُؤْذي، وَهِىَ أحسَنُ مِنْهُ. وَ (الْعَنَاكِبُ) جَمْعُ عَنْكَبُوتٍ، وَهِىَ الَّتِى تنسج الخيط (¬64). وَأمَّا (سَامُّ أَبْرَصَ) مُشَدَّدُ الْمِيمِ فَمَعْرُوفٌ، وَجَمْعُهُ: سَوَامُّ أَبْرَصَ (¬65)، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ (¬66)، وَهُوَ مِنْ كبارِ الْوَزَغِ، وَهُوَ اسْمَانِ جُعِلَا (¬67) اسْمًا وَاحِدًا، يجوزُ بِنَاؤهُ عَلَى الْفَتْحِ كَخَمْسَةَ عَشَرَ، وَيَجُوزُ إِعْرَابُ الأوَّلَ، وَإِضَافَتُهُ إِلَى الثَّاني، وَإِنْ شِئْتَ (¬68) بَنَيْتَ الْأوَّلَ عَلَى الْفَتْحِ وَأعْرَبْت الثَّانىَ بِإعْرَابِ الْأوَّلِ، وَلَا يُصْرَفُ (¬69). ¬
وَ (الْوَزَغُ) جَمْعُ وَزَغَةٍ: دُوَيبَةٌ مُسْتَقْذَرَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَتُجْمَعُ أيضًا عَلَى وُزْغَانٍ (¬70) وَأوزَاغِ، وَإِنَّمَا سمِّيَ "سَامَ" لِأنَّ رِيقَةُ سُمٌّ. وَقِيِلَ (أبرَصُ) لأنَّ لَوْنَهُ كَلَوْنِ (¬71) الْبَرَصِ، وَقِيلَ: لأنَّهُ يَكُونُ مِنْهُ الْبَرَصُ، نَقَلْتُهُ مِنْ بَعْضِ كُتُبِ النَّحْوِ. وَ (الجِعْلَانُ) جَمْعُ جُعَلٍ: طَائِرٌ صَغِيرٌ (مَعْرُوفٌ) (¬72) مُولَعٌ بِالْعَذِرَةِ وَالسِّرْجِينِ، يَجْعَلُهُ يَنَادِقَ وَيَدْحُوهَا عَلَى وَجْهِ الْأرْضِ، يُقَالُ: إِنَّهُ إِذَا شَمَّ الْمِسْكَ أو الْوَرْدَ: غُشِىَ عَلَيْهِ، وَإِذَا شَمَّ العَذِرَةَ: أَفَاقَ. قَالَ الْمُتَنَبِّى (¬73): بِذِى الْغَبَاوَةِ مِنْ إِنْشَادِهَا ضَرَرٌ ... كَمَا يُضَرُّ شَمِيمُ الْمِسْكِ بِالْجُعَلِ وَحَدَّثَنى بَعْضُ مَشَايِخِى، أَنَّ رَجُلًا وَقَفَ عَلَى مَجْلِسِ بَعْضِ الْكَتَبَةِ وَفُضَلَاءِ النَّاسِ، وَمَعَهُ مِسْكٌ يَبِيعُهُ، فَتَنَاوَلَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ وَشَمَّهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَاتَ مَاتَ. فَقَامَ الشَّامُّ إِلَى الْقَائِلِ لَهُ ذَلِكَ، فَشَمَّهُ وَقَالَ (¬74): حَيِيتُ حَيِيتُ، جَعَلَهُ الأوَّلُ جُعَلًا يَمُوتُ مِنْ شَمِّ الْمِسْكِ، فَجَعَلَهُ الآخَرُ عَذِرَةً يَعِيشُ الْجُعَلُ بشَمِّهَا، فَعَجِبَ الْحَاضِرُونَ لِظَرَافَتِهِمَا. وَأمَّا (بَنَاتُ وَرْدَانَ) فَدُوَيِّبَاتٌ حُمْرٌ، (أُضِيفَت إِلَى) (¬75) الْوَرْدِ الْأَحْمَرِ، وَالْأَلِفُ وَالنُّونُ زَائِدَتَانِ (¬76). وَأَمَّا (حِمَارُ قَبَّانَ) فَطَائِرٌ أَخْضَرُ (¬77) بِخَلْقِ الْجَرَادِ يُعْرَفَ عِنْدَ الْعَامَّةِ بِفَرَسِ الْجِنِّ، وَهُوَ (فَعْلَانُ) مِنْ قَبَّ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ لَا يَصْرِفُهُ، قَالَ الرَّاجِزُ (¬78): يَا عَجَبًا وَقَدْ (¬79) رَأيْتُ عَجَبَا (¬80) ... حِمَارَ قَبَّانَ يَسُوقُ أَرْنَبَا (خَاطِمَهَا زَأمَّهَا أَنْ تَذْهَباَ ... فَقُلْتُ أَرْدِفْنِى فَقَالَ مَرْحَبَا) (¬81) وَأمَّا (الدُّرَّاجُ) فَطَائِرٌ أدكَنُ الَّلوْنِ. وَالقَبْجُ، وَالْقَطَا، وَالِإوَزُّ، قَدْ ذُكِرَتْ (¬82). وَ (الْكَرَاكِيُّ) وَاحِدُهَا: كُرْكِىٌّ، طَائِرٌ كَبِيرٌ أبيضُ يُشْبِهُ طَيْرَ الْمَاءِ. يَنْتَجِعُونَ (¬83) الْبِلَادَ قِطَعًا قِطَعًا، وَإِذَا بَاتُوا (¬84) فِى مَكَانٍ: قِيلَ: إِنَّهُمْ يَحْرُسُهُمْ (¬85) أحَدُهُمْ، فَإذا أحسَّ شَيْئًا صَاحَ بِهِمْ (¬86). وَ (الْقَنَابِرُ) عَصَافِيرُ صِغَارٌ، لَوْنُهَا كَلَوْنِ الْفَوَاخِتِ؛ الْوَاحِدَةُ: قُنْبُرَاءُ (¬87). وَالْجَمْعُ: الْقَنَابِرُ، مِثْلُ الْعُنْصُلَاءِ (¬88) وَالْعَنَاصِلِ (¬89). وَالْعَامَّةُ تَقْولُ: الْقُنْبُرَةُ (¬90)، وَقَدْ جَاءَ فِى الرَّجَزِ، أنشَدَهُ أبو عُبَيْدَةَ (¬91): ¬
جَاءَ الشِّتَاءُ وَاجْثَأَلَّ الْقُنْبُرُ * وَجَعَلَتْ عَيْنُ الْحَرُورِ تَسْكُرُ * وَطَلَعَتْ شَمسٌ عَلَيْهَا مِغْفَرُ وَالْقُبَّرَةُ: وَاحِدَةُ الْقُبَّرِ: وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الطّيْرِ (¬92)، قَالَ طَرَفَةُ (¬93): يَالَكِ مِنْ قُبَّرَةٍ بِمَعْمَرِ * خَلَالَكِ الْجَوُّ فَبِيضِى وَاصْفِرِى * وَنَقِّرِى مَا شِئْتِ أنْ تُنَقِّرِى قَالَ الْجَوْهَرِىُّ: وَالْقُنْبُرَةُ: لُغَةٌ فِيهَا (¬94). (قَوْلُهُ) (¬95): (وَرَوَى سَفِينَةُ) (¬96) هُوَ مَوْلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، سُمِّىَ بِذَلِكَ؛ لأنَ الصَّحَابَةَ، رَضىَ اللهُ عَنْهُمْ حَمَلُوا عَلَيْهِ أزوَادَهُمْ وَمَاءَهُمْ، فَقَالُوا: إِنَّهُ (¬97) سَفِينَةٌ، وَاسْمُهُ: مَهْرَانُ. وَقِيلَ: مَاهَانُ (¬98)، قَالَ: وَخَلَفُ الْقَائِلِ (¬99). * مَا هَانَ فِى حَمْلِ زَادِ الصَّحْبِ مَا هَانُ * وَ (الْحَجَلُ) الْقَبَحُ، وَلَعَلَّهُ سُمِّىَ بِمِشْيَتِهِ، يُقَالُ: حَجَلَ الطَّائِرُ يَحْجُلُ وَيَحْجِلُ حَجَلَانًا: إِذَا نَزَا فِى مَشْيِهِ كَمَا يَحْجِلُ الْبَعِيرُ الْمَعْقُولُ (¬100) عَلَى ثَلَاثٍ، وَالْغُلَامُ عَلَى رِجْلٍ وَاحِدَةٍ. وَفِى الحَدِيثِ: أَنَّهُ قَالَ لِزَيْدٍ (¬101): "أنْتَ مَوْلَانَا، فَحَجَلَ" (¬102) قَالَ أبو عُبَيْدٍ (¬103): الْحَجْلُ: أَنْ يَرْفَعَ رِجْلًا، وَيَقْفِزَ عَلَى الأُخْرَى مِنَ الْفَرَحِ (¬104) وَ"الْحُبَارَى": مَقْصُورٌ، طَائِرٌ، يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالأنْثَى، وَاحِدُهَا وَجَمْعُهَا: سَوَاءٌ. وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ فِى الْجَمْعِ: حُبَارَيَاتٌ. وَفِى الْمَثَلِ: "كُلُ شَىِءٍ يُحِبُّ وَلَدْهُ حَتَّى الْحُبَارَى (¬106) ". وَإِنَّمَا خَصُّوا الْحُبَارَىِ؛ لِأنَّهُ يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ فِى الْمُوقِ، أَىْ: الْمَحَبَّةِ (¬107) وَيُقَالُ: سِلَاحُهُ: سُلَاحُهُ؛ لِأنَّهُ إِذَا أرَادَ الصَّقْرُ أن يَصْطَادَهُ: سَلَحَ عَلَيْهِ فَيَعْتَلُّ الصَّقْرُ حَتَى يَنْتَتِفَ (¬108) رِيشُهُ، فَلَا يَزَالُ يُخَاتِلُهُ حَتَّى يَنْفَدَ سَلْحُهُ، فَيَأمَنَ مِنْهُ وَيَصِيدَهُ (¬109). وَيُقَالُ: إِنَّهُ الَّذِى تُسَميهِ (الْعَامَّةُ) (¬110) الُّوَّامَ. وَلَا أحُقُّهُ. "الْخُطَّافُ": الْخُفَّاشُ، وَهُوَ الَّذِى يَطِيرُ بِالَّليلِ (¬111)، (وَجَمْعُهُ) (¬112) خَطَاطِيفُ وَخَفَافِيشُ. "الْكَلْبُ الْعَقُورُ" فَعُولٌ مِنَ الْعَقْرِ، أَيْ: كَثُرَ مِنْهُ عَقْرُ النَّاسِ أَوْ (¬113) الْبَهَائِمِ (¬114). ¬
(الْغُدَافُ) قَالَ الْجَوْهَرِىُّ: هُوَ غُرَابُ الْقَيْظِ، وَالْجَمْعُ: غِدْفَانٌ، قَالَ: وَرُبَّما سَمَّوْا النِّسْرَ الْكَثِيرَ الرِّيش غُدَافًا، وَكَذَلِكَ الشَّعَرَ الطَوِيلَ الأسْوَدَ، وَالْجَنَاحَ الأسْوَدَ. قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ (¬115): غُرَابُ الْقَيْظِ يَكُونُ ضَخْمًا أسْوَدَ وَافِرَ الْجَنَاحَيْنِ. وَغُرَابُ الزَّرْعِ هُوَ (¬116) صَغِيرٌ فِى جَنَاحِهِ لُمْعَةٌ حَمْرَاءُ تَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ. ذُكِرَ فِى الشَّامِلِ (¬117) أنَّ الْغُدَافَ صَغِيرُ الْجِسْمِ (¬118)، لَوْنُهُ لَوْنُ الرَّمَادِ، وَغُرَابُ الزَّرْعِ صَغِيرٌ أسْوَدُ مُطوَّقٌ بِحُمْرَةٍ فِى عُنُقِهِ يَسِيرَةٍ (¬119). قَوْلُهُ: "مِنْ أهْلِ الرِّيفِ" (¬120) الرِّيفُ: أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ وَخِصبٌ، وَأرَافَتِ الْأَرْضُ، أَىْ: أَخْصَبَتْ، وَهِىَ أَرْضٌ رَيِّفَةٌ بِالتَّشْدِيدِ (¬121). قَوْلُهُ: "الْأَجْلَافُ" جَمْعُ جِلْفٍ، يَقُولُونَ: أَعْرَابِىٌّ جِلْفٌ، أَيْ: جَافٍ، وَأَصْلُهُ: مِنْ أَجْلَافِ الشَّاةِ، وَهِىَ: الْمَسْلُوخَةُ بِلا رَأس وَلَا قَوَائِمَ وَلَا بَطنٍ (¬122). قَوْلُهُ (¬123): {دَمًا مَسْفُوحًا} أَيْ: مَصبُوبًا (¬124)، سَفَحْتُ الدَّمَ، أَىْ: هَرَقْتُهُ (¬125). {رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا} (¬126): قَالَ الأزْهَرِىُّ (¬127): الرِّجْسُ: اسْمٌ لِكُلِّ مَا اسْتُقْذِرَ مِنْ عَمَلٍ، وَيُقَالُ: الرِّجْسُ الْمَأثَمُ. {أَوْ فِسْقًا} خُرُوجًا عَن الْحَقِّ، يُقَالُ: فَسَقَت الرُّطَبَةُ: إِذَا خَرَجَتْ مِنَ النَّوَاةِ (¬128). قَوْلُهُ: "وَيُكْرَهُ أَكْلُ الْجَلَّالَةِ" (¬129) وَهِىَ (¬130) الَّتِى تَأْكُلُ (الْجِلَّةَ) (¬131) وَهِىَ فَعّالَةٌ مِنْهُ، وَالْجِلَّةُ: الْبَعَرُ، يُقَالُ: إِنَّ بَنى فُلَانٍ وَقُودُهُمُ الْجِلَّةُ، وَهُمْ يَجْتَلُّونَ الْجِلَّةَ، أَىْ: يَلْقُطُونَ الْبَعَرَ (¬132). قَوْلُهُ (¬133): {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (¬134) التَهْلُكَةُ: مَصْدَرُ هَلَكَ هَلَاكًا وَهُلُوكًا وَمَهْلَكًا وَتَهْلُكَةً (¬135)، وَالاسْمُ الْهُلْكُ بالضَّمِّ. قَالَ الْيَزِيدىُّ: التَهْلُكَةُ مِنْ نَوَادِرِ الْمَصَادِر، لَيْسَ مِمَّا يَجْرِى عَلَى الْقِيَاس (¬136). ¬
قَوْلُهُ (¬137): {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} (¬138) بَاغٍ: يَأْكُلُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ) (وَعَادٍ) (¬139) مُتَجَاوِزٍ حَدَّ سَدِّ الرَّمَقِ وَالرَّمَقُ: آخِرُ النَّفْسِ وَبَقِيَّتُهَا، وَمِثْلُهُ (¬140): الْحُشَاشَةُ وَالذَّمَاءُ (¬141). وسَدُّ الرَّمَقِ. اخْتَلَفَ السَّمَاعُ فِيهِ بِالسِّينِ وَالشِّينِ، فَمَنْ قَالَ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، فَهُوَ مِنْ سَدِّ الثُّلْمَةِ، وَسَدِّ الثَّقبِ، أي: خَتْمُهُ، كَأْنَّهُ سَدَّ مَخْرَجَ الرُّوحِ بِالأَكْلِ. وَمَنْ قَالَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، فَهُوَ مِن شَدَّهُ بِالْحَبْلِ: إِذَا رَبَطَهُ وَمَنَعَهُ، كَأنَّهُ شَدَّ الرُّوحَ وَرَبَطَهُ وَمَنَعَهُ عَن الْخُرُوجِ (¬142). قَوْلُهُ: "الأَكِلَةُ" (¬143) عِلَّةٌ يَحْدُثُ مِنْهَا جُرْحٌ يَتَأَكَّلُ (¬144) مِنْهُ الْبَدَنُ. قَوْلُهُ: "تَزِيدُ فِى الِإلهَابِ" (¬145) قَالَ فِى الصَّحَاحِ: اللُّهْبَةُ بِالتَّسْكِينِ: الْعَطشُ، وَقَدْ لَهِبَ بِالكَسْرِ يَلْهَبُ لَهَبًا، وَأَصْلُهُ مِنْ لَهَبِ النَّارِ وَتَلَهُّبِهَا، وَهُوَ: إِيقَادُها وَحَرُّهَا، شَبَّهَ شِدَّةَ الْعَطَشِ بِهِ. * * * ¬
من باب الصيد والذبائح
مِنْ بَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِح الصَّيْدُ: هُوَ (¬1) اسْمٌ لِلْمَصِيدِ. وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِىٍّ الأصْبَهَانيُّ (¬2): الصَّيْدُ: مَا كَانَ مُمْتَنِعًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالِكٌ: وَكَانَ حَلَالًا أكْلُهُ، فَإذَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الْخِلَالُ: فهُوَ صَيْدٌ. قَوْلُهُ (¬3): {الْمُنْخَنِقَةُ} الَّتِى تَخْتَنِقُ (¬4) فَتَمُوتُ (¬5). {وَالْمَوْقُوذَةُ} الَّتِى تُضْرَبُ حَتَّى تَمُوتَ (¬6)، يُقَالُ: وَقَذَهُ يَقِذُهُ وَقْذًا: ضَرَبَهُ حَتَّى اسْتَرْخَى وَأشرَفَ عَلَى الْمَوْتِ (¬7) {وَالْمُتَرَدِّيَةُ} الَّتِى تَتَرَدَّى مِنَ الْجَبَلِ فَتَسْقُطُ (¬8) {وَالنَّطِيحَةُ} الَّتِى تَنْطَحُهَا صَاحِبَتُهَا فَتَمُوتُ (¬9). وَالذَّكَاةُ: الذَّبْحُ، وَكَذَلِكَ التَّذْكِيَةُ، وَالذَّكَاءُ فِى اللغَةِ: تَمَامُ الشَّىْءِ وَكَمَالُهُ، وَمِنْهُ الذَّكَاءُ فِى السِّنِّ وَالْفَهْمِ: (تَمَامُهُمَا) (¬10) وَفَرَسٌ مُذَكٍّ: اسْتَتَمَّ قُرُوحَهُ، فَذَلِكَ تَمَامُ قُوَّتِهِ (¬11). وَرَجُلٌ ذَكِىٌّ: تَامُّ الْفَهْمِ، ¬
وَذَكَّيْتُ النَّارَ: أَتْمَمْتُ وَقُودَهَا، وَكَذَلِكَ {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} (¬12) أَىْ: ذَبَحْتُمُوهُ عَلَى التَّمَام (¬13). قَوْلُهُ (¬14): (فأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ) بِالْكَسْرِ: وَهِىَ هَيْئَةُ الْقَتْلِ، كَالْجِلْسَةِ وَالْمِشْيَةِ، وَكَذَلِكَ الذبْحَةُ. "اللِّيطَةُ" (¬15) هِىَ قِشْرَةُ الْقَصَبَةِ، وَالْجَمْعُ: لِيطٌ، (قَالَ (¬16): فَمَلَّكَ بِاللِّيطِ الَّذِى تَحْتَ قِشْرِهَا ... . . . . . . . . . . . .) (¬17) قَوْلُهُ: "وَالْمُدَى" جَمْعُ مُدْيَةٍ، وَهِىَ السِّكِّينُ، وَقَدْ تُكْسَرُ. قَوْلُهُ: "مَا أَنْهَرَ الدَّمَ" أىْ: أسَالَهُ، وَأَنْهَرْتُ الطَّعْنَةَ: وَسَّعْتُهَا، قَالَ قَيْسُ (¬18) بْنُ الْخَطِيمِ (¬19): مَلَكْتُ بِهَا كَفِّى (¬20) (فَأنْهَرْتُ) (¬21) فَتْقَهَا ... يَرَى قَائِمٌ مِنْ دُونِهَا مَا وَرَاءَها وَمَعَنْاهُ: أَجْرَيْتُ دَمَهَا يَجْرِى الْمَاءُ مِنَ النَّهْرِ، شَبَّهَ خُرُوجَ الدَّم مِنْ مَوْضِعِ الذَّبْحِ يِجَرْىِ الْمَاءِ. قَوْلُهُ: "عَلَى صِفَاحِهِمَا" (¬22) جَمْعُ صَفْحَةٍ، وَهِىَ جَانِبُ الْعُنُقِ. قَوْلُهُ: "الْحُلْقُومَ" (¬23) هُوَ مَجْرَى النَّفَس، يُشْبِهُ الْقَصَبَةَ. وَالْمَرِيء: مَمْدُودٌ مَهْمُوزٌ: مَجْرَى الطَّعَام وَالشَّرَابِ إِلَى الْجَوْفِ، مُتَّصِلٌ بِالْحُلْقُوم، وَالْجَمْعُ: مُرُؤٌ (¬24) مَقْصُورٌ لَا يُمَدُّ، مِثْلُ سَرِيرٍ وَسُرُرٍ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْكُوفِيِّينَ يَهْمِزُون الْمَرِيء، وَغَيْرهُمْ لَا يَهْمِزه (¬25). وَالَّذِى ذُكِرَ (¬26) فِى الصَّحَاحِ: أَنَّهُ مَهْمُوزٌ مَمْدُودٌ (¬27). قَوْلُهُ: "الْوَدَجَيْنِ" (¬28) بِفَتْحِ الدَّالِ: هُمَا عِرْقَانِ فِى جَانِبَىِ الْعُنُقِ (¬29)، يُقَالُ: دِجْ دَابَّتَكَ أَيْ: اقْطَعْ وَدَجَهَا، وَهُوَ لَهَا كَالْفَصْدِ لِلِإنْسَانِ (¬30). قَوْلُهُ: "لِأنَّهُ أوحَى" (¬31) أَىْ: أَسْرَعُ. وَالْوَحَى: السُّرعَةُ، يُمَدُّ وَيُقْصَرُ، يُقَالُ: الْوَحَى الْوَحَى، أَيْ: الْبِدَارَ الْبِدَارَ (¬32). النَّخْعُ (¬33): الْمُبَالَغَةُ فِى الذَّبْحِ حَتَّى يَبْلُغَ النُّخَاعَ، وَهُوَ الْخَيْطُ الأبيَضُ الَّذِى فِى جَوْفِ الْفَقارِ إِلَى الرَّأْسِ ¬
وَالْمَنْخَعُ: مَفصِلُ الْفَهْقَةِ بَيْنَ الْعُنُقِ وَالرَّأْسِ مِنْ بَاطِنٍ (¬34)، يُقَالُ: ذَبَحَهُ فَنَخَعَهُ نَخْعًا، أَىْ: جَاوَزَ مُنْتَهَى الذبْحِ إِلَى النُّخَاعِ، يُقَالُ: دَابَّةٌ مَنْخُوعَةٌ (¬35). وَالْعَجْبُ (¬36): الْعَظْمُ الَّذِى يَنْبُتُ عَلَيْهِ الذَّنَبُ (¬37). وَالَّلبَّةُ: جَانِبْ الْعُنُقِ (¬38). قَوْلُهُ: "فَإِنْ رَدَّ عَلَيْكَ كَلْبُكَ" (¬39) أَرَادَ: إِذَا اسْتَنْقَذَهَا مِنَ السَّبُعِ وَرَدَّهَا. الْفُرَافِصَةُ (¬40): هُوَ صِهْرُ عُثْمَانَ، رَضىَ الله عَنَّهُ، أَبُو امْرَأَتِهِ نَائِلَةَ بِنْتِ الْفُرَافِصَةِ بِضَمِّ الْفَاءِ، مِنْ أَسْمَاءِ الْأَسَدِ، سُمِّىَ بِهِ لِشِدَّتِهِ، هَكَذَا السَّمَاعُ (¬41). وَذَكَرَ ابْنُ مَاكُولَا (¬42) أَنَّهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَذَكَرَ أنَّ أَسْمَاءَ الْعَرَبِ مَا عَدَاهُ بِضَمِّ الْفَاءِ قَالَ أَبو عَلِىِّ الْقَالِيُّ (¬43): أَخبَرنَىِ أَبُو بَكْرِ بْنِ الأَنْبَارِيِّ عَنْ أَبيهِ عَنْ أَشْيَاخِهِ (أَنَّهُمْ) (¬44) قَالُوا: كُلُّ اسْمٍ فِى الْعَرَبِ (فَهُوَ الْفُرَافِصَةُ بِضَمِّ الْفَاءِ، إِلَّا الْفَرَافِصَةَ أَبَا نَائِلَةَ امْرَأَةِ عُثْمَانَ، رَضىَ الله عَنْهُ) (¬45) فَإِنَّهُ (¬46) بِفَتْحِ الْفَاءِ (¬47). قَوْلُهُ: "تُعْجِلُونَ الأَنْفُسَ قَبْلَ أَنْ تَزْهَقَ" (¬48) الأنْفُسُ هَا هُنَا: الأرْوَاحُ الَّتِى تَكُونُ حَرَكَةُ الأَبْدَانِ بِهَا، وَاحِدُهَا نَفْسٌ، وَزُهُوقُهَا: خُرُوجُهَا مِنْ الأَبْدَانِ وَذَهَابُهَا، يُقَالُ: زَهَقَتْ نَفْسُهُ تَزْهَقُ (¬49)، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} (¬50). قَوْلُهُ: "الْجَوَارِحُ" (¬51) هِىَ (¬52) جَمْعُ جَارِحَةٍ، وَمَعْنَاهُ: الْكَوَاسِبُ. اجْتَرَحْتُ: اكْتَسَبْتُ، وَبِهِ سُمِّيَتْ جَارِحَةُ الِإنْسَانِ؛ لأنَّهُ بِهَا يَكْتَسِبُ وَيَتَصَرَّفُ. قَوْلُهُ: {مُكَلِّبِينَ} (¬53) أَصْحَابَ كِلَابٍ (¬54)، كَمَا يُقَالُ: مُؤَبِّليِن وَمُغَنِّمِين، أَىْ: أَصْحَابَ إِبِلٍ وَغَنَمٍ (¬55). قَوْلُهُ: "الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ" (¬56) لَا إِشْكَالَ فِيهِ، وَهُوَ الَّذِى يُعَلِّمُهُ الصَّائِدُ كَيْفَ يَصْطَادُ. قَوْلُهُ: " (فَإذَا) (¬57) أَشْلَاهُ اسْتَشْلَى" أَىْ: دَعَاهُ لِيَرْجِعَ (مِنْهَا) (¬58) إِلَيْهِ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬59): * أَشْلَيْتُ عَنْزِى وَمَسَحْتُ قَعْبِى * ¬
أَيْ: دَعَوْتُهَا لِلْحَلَبِ. قَوْلُهُ: (الْمِعْرَاضِ) (¬60) قَالَ الْهَرَوِى (¬61): هُوَ سَهْمٌ بِغَيْرِ رِيشٍ وَلَا نَصْلٍ يُصِيبُ بِعَرْضِهِ. قَوْلُهُ: "فَإِنَّهُ وَقِيذٌ" أَىْ: مَضْرُوبٌ حَتَّى مَاتَ. قَوْلُهُ: "ثُمَّ ازْدَلَفَ" (¬62) أَىْ: اقْتَرَبَ، وَالزُّلْفَى: الْقُرْبَى. قَوْلُهُ: "خَرَجَت الحِشْوَةُ" (¬63) هِىَ الْكَرِشُ؛ لأنَّهُ يَحْشُو فِيهَا الْمَأْكُولَ وَالْمَشْرُوبَ. قَوْلُهُ: "مَقْتَلًا" أَىْ: مَوْضِعَ الْقَتْلِ الَّذِى لَا يَكَادُ يَعِيشُ مَعَهُ. قَوْلُهُ: "هَوَامُّ الْأَرْضِ كَثِيَرةٌ" (¬64) (هُوَ) (¬65) جَمْعُ هَامَةٍ، وَهُوَ هَا هُنَا: مَا يُؤْذِي بلَسْعِهِ أوْ يَقْتُلُ سُمُّهُ كَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ، وَمَا شَاكَلَهُمَا. وَفى غَيْرِ هَذَا: هِىَ صِغَارُ الْحَشَرَاتِ آذَتْ أَوْ لَمْ تُؤْذِ (¬66)، وَقَالَ فى الصَّحَاحِ: لَا يَقَعُ هَذَا الاسْمُ إِلَّا عَلَى الْمَخُوفِ مِنَ الْأَحْنَاشِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ نَصَبَ أُحْبُولَةً) (¬67) أُفْعُولَةً: آلةً مِنَ الْحِبَالِ يُصَادُ بِهَا، يُقَالُ (لَهَا) أَيْضًا (¬68): حِبَالَةٌ بِالْكَسْرِ لَا غَيْرُ وَجَمْعُهَا: حَبَائِلُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "النِّسَاءُ حَبَائِلُ الشَّيْطَانِ" أَيْ: مَصَايِدُهُ (¬69). وَالَّلبَّةُ وَالْمَنْحَرُ. وَالْجَمْعُ: لَبَّابٌ، وَكَذَلِكَ (¬70) الَّلبَبُ، وَهُوَ مَوْضِعُ الْقِلَادَةِ مِنْ الصَّدْرِ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ، وَالْجَمْعً: اْلأَلْبَابُ، قَالُ ذُو الرُّمَّةِ (¬71): بَرَّاقَةُ الْجِيدِ وَالَّلبَّاتُ وَاضِحَةٌ ... . . . . . . . . . . . . قَوْلُهُ: "كَمَا لَوْ قَطَعَ شَيْئًا وَهُوَ يَظُنُ أَنَّهُ خَشَبَةً" (¬72) السَّمَاعُ فِيهَا: بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ بِوَاحِدَةٍ مِنْ تَحْت، وَرَأَيْتُ فِى نُسَخِ أَهْل تِهَامَةَ (حَشِيَّةً) (¬73) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْيَاءِ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ تَحْتِهَا، مُشَدَّدَة، مِنَ الشَّىْءِ الْمَحْشُوِّ، وَالْحَشِيَّةُ: الْمِخَدَّةُ، بِمَعْنَى مَحْشُوَّةٍ، وَلَا أدرِى مَا صِحَّتُهُ. قَوْلُهُ: "فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ" (¬74) أَىْ: نَفَرَ، يُقَالُ: نَدَّ الْبَعِيرُ يَنِدُّ نَدًا وَنِدَادًا وَنُدُودًا: نَفَرَ، وَذَهَبَ عَلَى وَجْهِهِ شَارِدًا (¬75). وَ "الْأَوَابِدُ" (¬76) الْوَحْشُ، وَالْمُتَأَبِّدُ: الْمُتَوَحِّشُ، يُقَالُ: أَبدَتِ الْبَهِيمَةُ تَأْبُدُ وَتَأْبِدُ، أَىْ: ¬
تَوَحَّشَتْ (¬77)، مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْأَبَدِ، وَهُوَ الدَّهْرُ؛ لِأنَّهَا مُعَمِّرَةٌ، لَا تَكَادُ تَمُوتُ إِلَّا بِعَاهَةٍ، كَمَا سُمِّيَت الْحَيَّةُ حَيَّةً؛ لِطُولِ حَيَاتِهَا. قَالَت الْعَرَبُ: مَا وَجَدْنَا حَيَّةً مَيْتَةً، إِلَّا مَقْتُولَةً. قَوْلُهُ: "فَإنَّ لَمْ يُوحِهِ" (¬78) أَىْ: لَمْ يُسْرِعْ قَتْلَةُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَحَى السُّرْعَةَ (¬79). ¬
ومن كتاب البيوع
وَمِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ الْبَيْعُ: نَقْلُ الْمِلْكِ فِى الْعَيْنِ بِعَقْدِ الْمُعَاوُضَةِ. يُقَالُ: بَاعَ الشَّىْءَ: إِذَا أخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ وَبَاعَهُ: إِذَا اشْتَرَاهُ وَأَدْخَلَهُ فِى مِلْكِهِ، وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ (¬1)، وَكَذَلِكَ (¬2) شَرَى: إِذَا أَخَذَ: وَشَرَى: إِذَا بَاعَ (¬3)، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} (¬4) أَىْ: بَاعُوهُ، وَذَلِكَ؛ لِأنَّ كُلَّ وَاحدٍ مِنَ الْمُتَبَابِعَيْنِ يَأْخُذُ عِوَضًا، وَيُعْطِى عِوَضًا، فَهُوَ بَائِعٌ لِمَا أَعْطى، وَمُشْتَرٍ لِمَا أَخَذَ، فَصَلُحَ الاسْمَانِ لَهُمَا جَمِيعًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا" (¬5) وَأَنْشَدَ أبُو عُبَيْدٍ (¬6): وَبَاعَ بَنِيهِ بَعْضُهُمْ بِخُشَارَةٍ ... وَبِعْتَ لِذُ بْيَانَ الْعَلَاءَ بِمَالِكِ (أىْ): شَرَيْتَ) (¬7). قَوْلُهُ (¬8): {إِلَّا أنْ تَكُونَ تِجَارَةً} (¬8) لَيْسَ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ، إِنَّمَا (¬9) الْمَعْنِىُّ {لَا تَأْكلُوا أمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} أَى: الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ الَّتِى لَا تَجُوزُ فِى الشَّرْعِ، كَالرِّبَا وَالْقِمَارِ، وَالنَّجْشِ، وَالظُّلْمِ، وَلَكِنْ كُلُوا باِلتِّجَارَةِ. وَإِلَّا هَا هُنَا بِمَعْنَى لَكِنْ. وَقِيلَ: هِىَ (¬10) لِلاِسْتِثْنَاءِ؛ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ الأَوَّلِ؛ لأنَّ التِّجَارَةَ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْبَاطِلِ (¬11). "الْمُعَاطَاةُ" (¬12) الْمُنَاوَلَةُ مِنْ عَطَا يَعْطو: إِذَا تَنَاوَلَ، مُفَاعَلَة مِنَ الْعَطَاءِ، وَهُوَ أَنْ يَتَقَابَضَا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ. قَوْلُهُ (¬13): (لَا خِلَابَةَ) أَىْ: لَا خَدِيعَةَ (¬14)، يُقَالُ: الْخِلَابَةُ، أَنْ تَخْلُبَ الْمَرْأةُ قَلْبَ الرَّجُلِ بِأَلْطَفِ الْقَوْلِ وَأَحْلَبهِ، يُقَالُ: خَلَبَهُ يَخْلُبُهُ بِالضَّمِّ، وَفِى الْمَثَلِ: "إِذَا لَمْ تَغْلِبْ فَاخْلُبْ" (¬15) أَىْ: فَاخْدَعْ، وَمِنْهُ السَّحَابُ الْخُلَّبُ: الَّذِى لَا مَطَرَ فِيهِ. وَالْخِدَاعُ: هُوَ إِظْهَارُ غَيْرِ مَا فِى النَّفْسِ، وَإِخْفَاءُ الْغِشِّ، مِنْ خَدَعَتْ عَيْنُ الشَّمْسِ: إِذَا غَابَتْ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: الْفَسَادُ، كَمَا قَالَ: ¬
طَيّبُ الرِّيقِ إِذَا الرِّيقُ خَدعْ (¬16) أَيْ: فَسَدَ: كَأَنَّهُ يُفْسِدُ مَا يُظْهِرُهُ مِنَ النَّصِيحَةِ بِمَا يُخْفِيهِ مِنَ الْغِشِّ. قَوْلُهُ: "مَوْقُوفٌ مُرَاعَى" (¬17) مَعْنَى "مَوْقُوف"، لَا يَنْفُذُ فِيهِ حُكْمُ تَمَلُّكِ (¬18) أَحَدِهِمَا. وَمَعْنَى "مُرَاعَى" أَيْ: مُتَنَظَّرٌ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {تَقُولُوا رَاعِنَا} (¬19) أَىْ: (انْظُرْنَا) (¬20). قَوْلُهُ (¬21): "وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ" يُقَالُ: رَجُلٌ خَصْمٌ، وَرَجُلَانِ خَصْمٌ، وَرِجَالٌ خَصْمٌ (¬22)، وَامْرَأَةٌ خَصْمٌ، وَنِسَاءٌ خَصْمٌ، يَستْوِى فِيهِ الْوَاحِدُ وَالتَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ، وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ؛ لِأنَّهُ وَصْفٌ بالْمَصْدَرِ؛ وَالْمَصْدَرُ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ. فَأَمَّا قَوْلُهُ [تَعَالَى] {هَذَانِ خَصْمَانِ} (¬23) فَمَعْنَاهُ: فَرِيقَانِ (¬24). وَمَعْنَى "خَصَمْتُهُ" أَىْ: فَلَجْتُهُ وَغَلَبْتُهُ. قَوْلُهُ: "أَعْطَى بِىِ ثُمَّ غَدَرَ" أَىْ: أَعْطىَ عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ عَلَى مُتَابَعَةِ إِمَامِهِ، وَالطَّاعَةِ لَهُ. وَالْغَدْرُ: تَرْكُ الْوَفَاءِ، وَقَدْ غَدَرَ بِهِ فهُوَ غَادِرٌ وَغُدَرٌ أَيضًا، وَأَصْلُهُ: مِنْ أَغدَرَت الَّليْلَةُ: إِذَا أَظْلَمَتْ (¬25). قَوْلُهُ: "وَمَا يَقْتَنِيهِ النَّاسُ (¬26) يُقَالُ: اقْتَنَيْتُ الْمَالِ وَغَيْرَهُ: اتَّخَذْتُهُ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ، قَالَ الله تَعَالَى: {أَغْنَى وَأَقْنَى} (¬27). قَالَ فِى التَّفْسِيرِ: أعْطاهُ قِنْيَةً مِنَ الْمَالِ: جَعَلَهَا لَهُ أَصْلًا ثَابِتًا يَقْنَاهُ، أَىْ: يَلْزَمُهُ (¬28). قَوْلُهُ: "الْغَرَرُ" (¬29) الْغُرُورُ: مَكَاسِرُ الْجِلْدِ، قَالَ أَبُو النَّجْمِ (¬30): حَتَّى إِذَا مَا طَارَ مِنْ خَبِيرِهَا ... عَنْ جُدَدٍ صُفْرٍ وَعَنْ غُرُورِهَا الْوَاحِدُ (¬31): غَرٌّ بِالْفَتْحِ، قَالَ الرَّاجِزُ (¬32): كَأَنَّ (غَرَّمَتْنِهِ) (¬33) إِذْ نَجْنُبُهْ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: طَوَيْتُ الثَّوْبَ عَلَى غَرِّهِ، أَىْ: عَلَى كَسْرِهِ (¬34). ¬
قَوْلُهُ (¬35): "فَرَدَّ نَشَرَ الِإسْلَام عَلَى غَرِّهِ" قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬36): النَّشَرُ- بِالتَّحْرِيكِ: الْمُنْتَشِرُ، يُقَالُ: جَاءَ الْقَومُ نَشَرًا، أَىْ: مُنْتَشِرِينَ، وَاكْتَسَى الْبَازِىُّ رِيشًا نَشَرًا، أَىْ (¬37): طَوِيلًا. وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنَّ الِإسْلَامَ كَانَ فِى زَمَنِ النَّبِىِّ كَالثَّوْبِ الْمَطْوِىِّ الْمَصُونِ مِنَ الْأَدْنَاسِ وَالأَقْذَارِ فَلَمَّا مَاتَ، وَارْتَدَّت الْأَعْرَابُ، صَارَ كَالثَّوْبِ إِذَا انْتَشَرَ وَتَدَنَّسَ، فَرَدَّ مَا انْتَشَرَ مِنَ الإِسْلَام إِلَى (حَالَتِهِ) (¬38) الَّتِى كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، تَعْنِى أَمْرَ الرِّدَّةِ وَكِفَايَةَ أَبيهَا إِيَّاهُ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: بَيْعُ الْغَرَرِ: مَا كَانَ لَهُ ظَاهِرُ بَيْع (¬39) يَغُرُّ، وَبَاطِنُهُ مَجْهُولٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَتَاعُ الْغُرُورِ} (¬40) أَىْ: يَغُرُّ ظَاهِرُهَا، وَفِى بَاطِنِهَا سُوءُ الْعَاقِبَةِ. وَقَالَ الْأَزْهَرِىُّ (¬41): بَيْعُ الْغَرَرِ: مَا كَانَ عَلَى غَيْرِ عُهْدَةٍ وَلَا ثِقَةٍ، وَتَدْخُلُ فِيهِ الْبُيُوعُ الَّتِى لَا يُحِيطُ بِكُنْهِهَا الْمُتَبَايِعَانِ، وَمِنْهُ التَّغْرِيرُ بِالنَّفْسِ فِى الْقِتَالِ، إِنَّمَا هُوَ حَمْلُهَا عَلَى غَيْرِ ثِقَةٍ. قَوْلُهُ: "عَنِ الْمُعَاوَمَةِ. وَفِى بَعْضِهَا: عَنْ بَيْعِ السِّنِين" (¬42) هُوَ أَنْ تَبِيعَهُ ثَمَرَةَ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ أَوْ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ، قَالَ الْقُتَيْبِىُّ (¬43): يُقَالُ لِلنَّخْلَةِ إِذَا حَمَلَتْ سَنَةً وَلَمْ تَحْمِلْ سَنَةً: قَدْ عَاوَمَتْ وَسَانَهَتْ، وَيُقَالُ: عَامَلْتُ فُلَانًا مُعَاوَمَةً، وَمَسَانَهَةً، وَمُسَانَاةً، وَمُيَاوَمَةً، وَمَلايَلَةً، وَمَحَايَنَةً، وَمُشَاتَاةً، وَمُصَايَفَةً، وَمُدَاهَرَةً، وَمُزَامَنَةً. حَكَى ذَلِكَ كُلَّهُ أَبُو عُبَيْدٍ عَنِ الْكِسَائِىِّ. قَوْلُهُ (¬44): "وَالْفَرَسُ (¬45) الْعَائِرُ" عَارَ يَعِيرُ: إِذَا ذَهَبَ عَلَى وَجُهِهِ، وَفِى الْحَدِيثِ: "أَصَابَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ" (¬46) أَىْ: لَا يُدْرَى مَنْ رَمَاهُ، وَفِى حَدِيثٍ آخَرَ: "مَثَلُ الْمُنَافِقِ مَثَلُ الشَّاةِ الْعَائِرَةِ بَيْنَ غَنَمَيْنِ، تَعِيرُ إِلَى هَذِهِ مَرَّةً وَإِلَى هَذِهِ مَرَّةً لَا تَدْرِى أَيَّهَا تَتْبَعُ" (¬47). قَوْلُهُ: " الْعَبْدَ الزَّنِجْىَّ" (¬48) بِفَتْحِ الزَّاىِ، يُقَالُ: زَنْجِىٌّ وَزَنْجٌ، وَيَجُوزُ الْكَسْرُ (¬49)، وَالْفَتْحُ أَفصَحُ. قَوْلُهُ: "الْجَرَّةِ (¬50) مِنَ الدِّبْسُ" الدِّبْسُ: مَا يَذُوبُ مِنَ الرُّطَبِ وَالزَّبِيبِ فَيَنْعَقِدُ (¬51). ¬
قَوْلُهُ: "نَافِجَةِ الْمِسْكِ" (¬52) هِىَ جِلْدَةٌ يَكُونُ فِيهَا الْمِسْكُ، وَأَصْلُهُ: دَمٌ يَجْتْمِعُ فِى بُجْرَةٍ، أَىْ: كِيسٍ فِى سُرَّةِ الظَّبْيَةِ، ثُمَّ يَتَقَوَّرُ وَيَسْقُطُ، وَقَدْ يَبِسَ الدَّمُ فَصَارَ كَالْفُتَاتِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِى طَهَارَتِهِ، وَأَلحَقَهُ بالَّلبَنِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ، وَلِأنَّهُ دَمٌ غَيْرُ مَسْفُوحٍ، فَهُوَ كَالْكَبدِ وَالطِّحَالِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُتَنَبِّى، فَقَالَ (¬53): فَإنْ تَفُقِ الأَنَامَ وَأَنْتَ مِنْهُمْ ... فَإنَّ الْمِسْكَ بَعْضُ دَمِ الْغَزَالِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ غِزْلَانِنَا هَذِهِ، وَبَيْنَ (¬54) غِزْلَانِ الْمِسْكِ فِى الصُّورَةِ وَالشَّكْلِ وَالَّلوْنِ وَالْقُرُونِ، وَإِنَّمَا تُفَارِقُهَا بِأَنْيَابٍ لَهَا كَأَنْيَابِ الْفِيَلَةِ، لِكُلِّ ظَبْى نَابَانِ خَارِجَانِ مِنَ الْفَكَّيْنِ، قَائِمَانِ أَبْيَضَانِ، نَحْوَ الشِّبْرِ أو أَقَّلَّ أو أَكْثَرَ. ذَكَرَهُ فِى كِتَاب مُرُوجِ الذّهَبِ (¬55)، وَذكِرَ فِى بَعْضِ تَصَانِيفِ الزَمَخْشَرِىِّ (¬56) -رَحَمَهُ الله- أَنَّ فَارَةَ الْمِسْكِ: دُوَيبَّةٌ شَبِيهَةٌ بِالْخِشْفِ تَكُونُ بِنَاحِيَةِ تُبِّتَ (¬57)، تُصَادُ لِسُرَّتِهَا، فَإذَا صَادَهَا الصَّائِدُ: عَصَبَ سُرَّتَهَا بِعِصَابٍ شَدِيدٍ، وَهِىَ مُدَلَّاةٌ، فَيَجْتَمِعُ فِيهَا دَمُهَا فَيَذْبَحُهَا. وَمَا أَكْثَرُ مَنْ يَأْكُلُهَا، ثُمَّ يَأْخُذُ السُّرَّةَ فَيَدْفِنُهَا فِى الشَّعِيرِ حَتَى يَسْتَحِيلَ الدَّمُ فِيهَا مِسْكًا ذَكِيًّا بَعْدَ أَنْ كَانَ لَا يُرامُ نَتِنًا. (قَوْلُهُ: "الثُّنْيَا" (¬58) وَ) الثُّنْيَا فِى الْبَيْعِ: أَنْ يَسْتَثْنىَ مَنْفَعَةَ الْمَبِيعِ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ، وَأَصْلُهُ: مِنْ ثَنَاهُ عَنْ حَاجَتِهِ: إِذَا رَدَّهُ عَنْهَا، كَأَنَّهُ رَدَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ إِلَيْهِ (¬59). وكَذَلِكَ قوْلُهُ (¬60): "لَا يَقْرَبُهَا وَفِيهَا مَثْنَويَّةٌ" قَالَ الْهَرَوىُّ (¬61): يُقَالُ: حَلَفَ يَمِينًا لَيْسَ فِيهَا ثُنْيَا وَلَا مَثْنَوِيَّةٌ، وَلَا ثَنِيَّةٌ، وَلَا اسْتِثْنَاءٌ، كُلُّهُ وَاحِدٌ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الثَّنْي وَهُوَ: الرَّدُّ وَالْكَفُّ. قَوْلُهُ: "يُشَاهِدُ السَّمْتَ" (¬62) أَىِ الْجِهَةَ، وَأَصْلُهُ: الطَّرِيقُ وَالْهَيْئَةُ. قَوْلُهُ: "نَهَى عَن الْمَجْرِ" (¬63) هُوَ (¬64) اشْتِرَاءُ مَا فِى الأَرْحَامِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬65): الْمَجْرُ: أَنْ يُبَاعَ الْبَعِيرُ أَوْ غَيْرُهُ بِمَا فِى بَطْنِ النَّاقَةِ. يُقَالُ مِنْهُ: أَمْجَرَ (¬66) فِى الْبَيْعِ (إِمْجَارًا، كُلُّهُ) (¬67) بِإسْكَانِ الْجيمِ وَأَمَّا الْمَجَرُ- بِالتَّحْرِيكِ: فَهُوَ عِظَمُ الْبَطْنِ مِنَ الْحَمَلِ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِى كِتَابِهِ الْمَوْسُومِ بإصْلَاحِ الْغَلَطِ (¬68): رَأَيْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالُّلغَةِ يَجْعَلُونَ الْمَجْرَ فِى الْغَنَمِ دُونَ الِإبِلِ، وَحُدِّثْتُ عَنِ الْأَصْمَعِىِّ، أَنَّهُ قَالَ: هُوَ أنْ يَشْتَدَّ هُزَالُ الشَّاةِ وَيَصْغُرَ جِسْمُهَا، وَيَثْقُلُ وَلَدُهَا فِى بَطْنِهَا وَتَرْبِضُ فَلَا تَقُومُ، يُقَالُ: شَاةٌ مُمْجِرٌ. . . وَأنْشدَ لِابْنِ لَجَأ فِى وَصْفِ رَاعِيَةٍ: * وَتَحْمِل الْمُمْجِرَ فِى كِسَائِهَا (¬69) * ¬
وَقَالَ الْهَرَوِىُّ (¬70): ذَهَبَ ابْنُ قْتَيْبَةَ فِيهِ إِلَى (¬71) الْمَجَرِ, بِفَتْحِ الْجِيمِ، فَلَمْ يُصِبْ. وَالْمَجَرُ: أَنْ تَعْظُمَ بَطْنُ الشَّاةِ الْحَامِلِ وَتَهْزُلَ، يُقَالُ: شَاةٌ مُمْجِرٌ، وَغَنَمٌ مَمَاجِيرُ، وَهَذَا بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَذَلِكَ (¬72) بِإسْكَانِهَا، كَذَا قَالَ الْهَرَوىُّ (¬73). قَوْلُهُ: "كَبَيْعِ السِّلْعَةِ بِرَقْمِهَا" (¬74) الرَّقْمُ: الْكَتَابُ (¬75)، وَرَقْمُ الثَّوْبِ: كِتَابُهُ (¬76). وَمَعْنَاهُ: أَنَّ يَبِيعَهَا بِمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهَا مِنَ الثَّمَنِ , وَلَا يَعْلَمُ بهِ الْمُشْتَرِى حَتَّى يَنْظُرَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالى: {كِتَابٌ مَرْقُومٌ} (¬77). قَوْلُهُ: "بَيْعُ الْمُنَابَذَةِ" (¬78) لَهَا تَأْوِيلَانِ، أَحَدُهُمَا: أنْ يَقُولَ: أىَّ شَىْءٍ نَبَذْتَ إِلَىَّ فَقَد اشْتَرَيْتُهُ؛ أَوْ: أَىَّ ثَوْبٍ نَبَذْتُ إِلَيْكَ فَقَدْ بِعْتَكَهُ. وَالثَّانِى: أَنْ يَقُولَ: بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ عَلَى أَنِّى مَتَى نَبَذْتُهُ إِلَيْكَ فَقَدْ وَجَبَ الْعَقْدُ وَلَا خِيَارَ لَكَ (¬79). وَأَمَّا (بَيْعُ الْمُلَاَمَسَةِ) (¬80) فَفِيهِ (ثَلَاثَةُ) (¬81) تَأْوِيلَاتٍ، إِحَدْاهُنَّ: أَنْ يَبِيعَهُ شَيْئًا فى الظُّلْمَةِ لَا يُشَاهِدُهُ وَإِنَّمَا يَلْمَسُهُ بِيَدِهِ؛ (وَالثَّانِي) (¬82) أَنْ يَبِيعَهُ ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ إِذَا لَمَسَهُ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ؛ (وَالثَّالِثُ) (¬83): أَنْ يَطْرَحَ الثَّوْبَ عَلَى الْمَتَاعِ (¬84)، فَيَلْمَسُهُ فَإذَا لَمَسَهُ، فَهُوَ عَقْدُ الشِّرَاءِ (¬85). وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬86) تَأْوِيلًا رَابِعًا وَهُوَ: أَنْ يَلْمَسَ الْمَتَاعَ مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ وَلَا يَنْظُر إِلَيْهِ، ثُمَّ يُوقِع الْبَيْعَ عَلَيْهِ، فَيَبْطُل الْبَيْعُ؛ لِعَدَمِ الرؤْيَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فى الْبَيْعِ. وَ (بَيْعُ الْحَصَاةِ) (¬87) لَهُ (ثَلَاثَةُ) (¬88) تَأْوِيلَاتٍ، أَحَدُهَا: أَنْ يَقُولَ: أَىَّ ثَوْبٍ رَمَيْتُ عَلَيْهِ حَصَاة, فَقَدْ بِعْتَكَهُ بِمِائَةٍ؛ وَالثَّانِى: أَنْ يَقُولَ: بِعْتُكَ هَذَا الثَوْبَ بِمِائَةٍ، عَلَى أنِّى مَتَى رَمَيْتُ عَلَيْكَ حَصَاةً، فَقَدْ انْقَطَعَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَقُولَ: بِعْتُكَ هَذِهِ الْاْرْضَ، مِنْ هَا هُنَا إِلَى حَيْثُ تَنْتَهِى إِلَيْهِ حَصَاةٌ تَرْمِيهَا أَوْ أَرْمِيهَا (¬89). وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَجْعَلَ وُقُوعَ الْحَصَاةِ مِنْ يَدِهِ مُلْزِمًا لِلْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ. وَأَىُّ ذَلِكَ (كُلُّهُ) (¬90) كَانَ فَلَا (¬91) يَصِحُّ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنَ الْجَهَالَةِ فِيهِ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ أو بِقَدْرِهِ أَوْ (¬92) بِخُلُوِّ الْعَقْدِ عَن الِإيجَابِ وَالْقَبُولَ. ¬
قَوْلُهُ: "نَهَى (¬93) عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ" فُسِّرَ فى الْكِتَابِ، وَهُوَ: نِتَاجُ النِّتَاجِ، فَالْحَبَلُ الأَوَّلُ يُرَادُ بِهِ: مَا فى بُطونِ النُّوقِ، وَالْحَبَلُ الآخَرُ: حَبَلُ الَّذِى فِى بُطونِ النُّوقِ، أُدْخِلَتْ فِيهِ الْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ، كَمَا يُقَالُ: سُخَرَةٌ وَنُكَحَةٌ، قَالَهُ ابْنُ الأنْبَارِىِّ. قَوْلُهُ فِى التَّنْبِيهِ (¬94): "نَهَى عَنْ (بَيْعِ) (¬95) الْعُرْبَانِ" قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ الله (¬96): هُوَ فِيمَا نُرَى وَاللهُ أَعلَمُ: أَنْ يَشْتَرِىَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ أو يَكْتَرِىَ الدَّابَّةَ، ثُمَّ يَقُول: أَعْطَيْتُكَ دَينَارًا عَلَى أَنِّى إِنْ تَرَكْتُ السِّلْعَةَ، فَمَا أَعْطَيْتُكَ لَكَ، وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا ذَهَبَ الْقُتَيْبِىُّ (¬97)، فَقَالَ: هُوَ أَنْ يَشْتَرِىَ الرَّجُلُ سِلْعَةً فَيَدْفَعَ دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا عَلَى أَنَّهُ إِنْ أَخَذَ السِّلْعَةَ بِالْبَيْعِ: كَانَ الْمَدْفُوعُ مِنَ الثَّمَنِ، وَإِنْ لَمْ يَتِم الْبَيْعُ وَرَدَّ السِّلْعَةَ: كَانَ الْمَدْفُوعُ هِبَةً لِلْبَائِعِ (¬98). يُقَالُ: عُرْبَان، وَعُرْبُون، وَأَرْبَان، وَأَرْبُون، وَيُقَالُ: عَرَبُون، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ، قَالَ: وَهُوَ الَّذِى تُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ: الرَّبُون. يُقَالُ: عَرْبَنْتُهُ: إِذَا أعْطَيْتَهُ (¬99). قَوْلُهُ (¬100): "حُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَمَهْرِ الْبَغِىِّ" حُلْوَانُ الْكَاهِنِ: هِىَ أُجْرَتُهُ عَلَى كِهَانَتِهِ، يُقَالُ: حَلَوْتُهُ فَأَنَا أَحلُوهُ، أَصْلُهُ: مِنَ الْحَلَاوَةِ، يُشَبِّهُهُ (¬101) باِلشَّىْءِ الْحُلْوِ، وَيُقَالُ: حَلَوْتُ فُلَانًا: إِذَا أَطعَمْتَهُ الْحُلْوَ، كَمَا يُقَالُ: عَسَلْتُهُ وَتَمَرْتُهُ (¬102). وَالْبَغِىُّ: هِىَ الزَّانِيَةُ، وَالْبِغَاءُ: الزِّنَى، بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} (¬103)، {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} (¬104) أَىْ: زَانِيَةً. "الصَّغَارُ" (¬105) الذُّلُّ وَالْهَوَانُ. وَالابْتِذَالُ: الاسْتِعْمَالُ وَتَرْكُ الصِّيَانَةِ، وَالِإهَانَةُ (¬106). قَوْلُهُ: "لَا تُوَلَّهُ وَالِدَةٌ بوَلَدِهَا" (¬107) أَىْ: لَا تُجْعَلُ وَالِهًا، وَالْوَلَهُ: ذَهَابُ الْعَقْلِ وَالتَّحَيُّرُ مِنْ شِدَّةِ الْوَجْدِ، يُقَالُ: رَجُلٌ وَالِهٌ وَامْرَأَةٌ وَالِهٌ وَوَالِهَةٌ، وَقَدْ وَلِهِ وَلَهًا وَوَلَهَانًا (¬108). قَوْلُهُ: "فِلْعَةً بِشَرْطِ أَنْ يَحْذُوَهَا" (¬109) هِىَ قِطْعَةٌ مِنَ الْجِلْدِ. وَالْفَلْعُ: الشَّقُّ، فَلَعْتُ الشَّىء فَلْعًا (¬110): شَقَقْتُهُ، وَمَعْنَى يَحْذُوهَا: يَجْعَلُهَا حِذَاءً. ¬
قَوْلُهُ: "وَفِيهَا (¬111) مَثْنَوِيَّةٌ" هِىَ الاسْتِثْنَاءُ، كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إِلَى مَفْعَلَةِ مِنَ الاسْتِثْنَاءِ وَالرُّجُوعِ (¬112). قَوْلُهُ: "تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ" (¬113) سُمِّيَت الصَّفْقَةُ صَفْقَةً؛ لِأَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَهُ بِيَدِ (¬114) صَاحِبِهِ، يُقَالُ: صَفَقْتُ لَهُ الْبَيْعَ وَالْبَيْعَةَ صَفْقًا، أَىْ: ضَرَبْتُ يَدِى عَلَى يَدِهِ (¬115)، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ بُيُوعِ الْجَاهِلِيَّةِ يَجْعَلُونَهُ عَقْدًا. وَالشَّرْطُ فِىِ الْبَيْعِ: هُوَ الْعَلَامَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} (¬116) أَىْ: عَلَامَاتُهَا، كَأنَّهُ جَعَلَ ذلِكَ عَلَامَةً تُعْرَفُ بِهَا. قَوْلُهُ: (أو كُرَّيْنِ" (¬117) الْكُرُّ: (هُوَ) (¬118) سِتُّونَ قَفِيزًا، وَالْقَفِيزُ: اثْنَا عَشَرَ صَاعًا (¬119). (قَوْلُهُ) (¬120) "فَإِنْ جَمَعَ (¬121) بَيْنَ بَيْع وَصَرْفٍ" سُمِّىَ الصَّرْفُ صَرْفًا؛ لِصَرْفِهِ عَنْ حُكْم أَكْثَرِ أَحْكَامِ الْبَيْعِ، وَقِيلَ: الصَّرْفُ: الْمُسَامَحَةُ عَنْهُ فِى الزِّيَادَةِ فى الْجِنْسِ وَالتَّأْخِيرِ. وَقِيلَ: لأنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُصَارَفَةَ صَاحِبِهِ، وَلَا يَزِيدُ فى الْجِنْسِ الْوَاحِدِ شَيْئًا وَلَا يُؤَخِّرُهُ. * * * ¬
من باب الربا
مِنْ بَابِ الرِّبَا أَصْلُ الرِّبَا: الزِّيَادَةُ، رَبَا الشَّىْءُ يَرْبُو: إِذَا زَادَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} (¬1) أَىْ: لَا يَزِيدُ. (وَقَوْلُهُ) (¬2) تَعَالَى: {يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (¬3) أَىْ: يَقُومُ كَمَا يَقُومُ الْمَجْنُونُ إِذَا صُرِعَ فَيَسْقُطُ، وَالْخُبَاطْ (¬4) بِالضَّمِّ كَالْجُنُونِ، وَلَيْسَ بِهِ (¬5)، وَالْمَسُّ: الْجُنُونُ، يُقَالُ: بِهِ مَسٌّ وَقَدْ مُسَّ فَهُوَ مَمْسُوسٌ. قَوْلُهُ: (الْأَسْوَدَانِ: الْمَاءِ وَالتَّمْرُ" (¬6) وَالأَسْوَدُ: التَّمرُ دُونَ الْمَاءِ، فَنُعِتَا بِنَعْتٍ وَاحِدٍ، يُفْعَلُ ذَلِكَ فِى الشَّيْئَيْنِ يَصْطَحِبَانِ، فَيُسَمَّيَانِ مَعًا بِاسْمِ الْأَشْهَرِ مِنْهُمَا (¬7). تَفْسِيرُ الْبَيْتِ (¬8): ¬
لِمُعَفَّرٍ قَهْدٍ تَنَازَعَ شِلْوَهُ ... غُبْسٌ كَوَاسِبُ مَا يُمَنُّ طَعَامُهَا الْمُعَفَّرُ: مَأْخُوذ مِنْ قَوْلِهِمْ: لَقِيتُ فُلَانًا عَنْ عُفْرٍ- بِالضَّمِّ، أَىْ: بَعْدَ شَهْرٍ وَنَحْوِ؛ [لِأنَّ الْوَحْشِيَّةَ إِذَا أرَادَتْ فِطَامَ وَلَدِهَا تَمْنَعُهُ، ثُمَّ] (¬9) تُرْضِعُهُ بَيْنَ الْبَوْمِ وَالْبوْمَيْنِ، تَبْلُو بِذَلِكَ صَبْرَهُ. قَالَ الْجَوْهَرِىُّ: وَهَذَا الْمَعْنَى أَرَادَ لَبِيدٌ. وَقِيلَ: أَرَادَ الْعَفَرَ، وَهُوَ التُّرَاَبُ، وَعَفَّرَهُ تَعْفِيرًا، أَىْ: مَرَّغَهُ، بِالتَّشْدِيدِ، وَعَفَرَهُ يَعْفِرُهُ عَفْرًا بِالتَّخْفِيفِ (¬10). وَالْقَهْدُ: مِثْلُ الْقَهْب، وَهُوَ: الأَبْيَضُ الْأَكْدَرُ (¬11)، تَنَازَعَ: تَجَاذَبَ، وَأَصْلُهُ مِنْ مُجَاذَبَةِ النَّازِعَيْنِ، الدَّلْوَ، فَاسْتُعْمِلَ فى كُلِّ شَىْءٍ يُتَجَاذَبُ. شِلْوُهُ: الشِّلْوُ: الْعُضْوُ، مِنْ أعْضَاءِ الَّلحْمِ، وَأشْلَاءُ الِإنْسَانِ: أَعْضَاؤُهُ. "غُبْسٌ" ذِنَابٌ أَلْوَانُهَا غُبْسٌ، أَقامَ الصِّفَةَ مَقَامَ الْمَوْصُوفِ وَالْغَبَسُ بِالتَحْرِيكِ: لَوْنٌ كَلَوْنِ الرَّمَادِ، وَهُوَ بَيَاضٌ فِيهِ كُدْرَةٌ، يُقَالُ: ذِئْبٌ أَغْبَسُ، وَالْجَمْعُ: غْبْسٌ (¬12). "كَوَاسِبُ" جَمْعُ كَاسِبٍ، وَالْكَسْبُ: طَلَبُ الرِّزْقِ، وَأَصْلُهُ: الْجَمْعُ، يُقَالُ: كَسَبْتُ وَاكْتَسَبْتُ، وَالْكَوَاسِبُ أَيْضًا: الْجَوَارِحُ "مَا يُمَنُّ طَعَامُهَا" أَىْ: لَا يُقْطعُ، مِن قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} (¬13) أَىْ: غَيْرُ مَقْطُوع (¬14). وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: أَنَّهُ إِذَا أخَذَ حَاجَتَهُ مِنْ فَرِيسَتِهِ: طَرَحَ بَاقِيَهَا إِلَى سِوَاهُ مِنَ السِّبَاعِ، وَلَمْ يَمُن عَلَيْهَا، وَلَمْ يَدَّخِرْهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ. وَقِيلَ: "مَا يُمَنُّ طَعَامُهَا" أَىْ: لَيْسَ لِأحَدٍ عَلَيْهَا مِنَّةٌ، بَلْ تَكْسِبُ (¬15) طَعَامَهَا بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ، وَلَا نُطْعَمُ كَمَا يُطْعَمُ الْكَلْبُ واَلسِّنَّوْرُ. قَوْلُهُ: "غَيْرُ مُتَمَوَّلٍ" (¬16) يُقَالُ: تَمَوَّلَ الرَّجُلُ، وَمَالَ يَمُولُ وَيَمَالُ (¬17) مَوْلًا؛ إِذَا صَارَ ذَا مَالٍ. وَمَوَّلَهُ غَيْرُهُ وَمَعَنَاهُ: لَا يُتَّخَذُ مَالًا وَ (لَا) (¬18) يُعَدُّ مَالًا، وَسُمِّىَ (¬19) الْمَالُ مَالًا: لِأنَّهُ يَمِيلُ مِنْ هَذَا إِلَى ذَاكَ وَمِنْ ذَاكَ إِلَى هَذَا. قَوْلُهُ: "الْبَزْرِ وَدُهْنِ السَّمَكِ" (¬20) هُوَ بَزْرُ الكَتَّانِ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ حَبُّهُ. يُقَالُ: دُهْنُ البِزْرِ وَالْبَزْرِ (¬21) وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ (¬22). وَ "الشَّيْرَجُ" دُهْنُ السِّمْسِمِ، أَىْ: الْجُلْجُلَانُ (¬23)، وَهُوَ: السَّلِيطُ، وَلَا يُسَمَّى غَيْرُهُ سَلِيطًا (¬24) وَزَيْتُ الْفُجْلِ (¬25): هُوَ الَّذِى يُطْلَقُ عَلَيْهِ فى الْيَمَنِ اسْمُ الْبَقْلِ. قَوْلُهُ (¬26): "قِلَاصِ الصَّدَقَةِ" هُوَ (¬27) جَمْعُ قَلُوصٍ، وَهِىَ مِنَ الِإبِلِ: الْفَتِيَّةُ الشَّابَّةُ، بِمَنْزِلَةِ الْجَارِيَةِ ¬
مِن النِّسَاءِ، وَتُجْمَعُ عَلَى قُلُصٍ وَقَلَائِصَ. وَقِلَاصٌ: جَمْعُ الْجَمْعِ (¬28). الرَّبَذَةُ (¬29) - بِالتَّحْرِيكِ: مَسْكَنُ أَبِى ذرٍّ، رَضىَ اللهُ عَنْهُ، عَلَى أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ (¬30). وَالْبَعِيرُ مِنَ الِإبِلِ بِمَنْزِلَةِ الِإنْسَانِ، يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالأنْثَى .. قَوْلُهُ (¬31): "الْكَالىءِ بِالْكَالىءِ" هُوَ النَّسِيئَةُ بِالنَّسِيئَةِ (¬32)، وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِىَ الرَّجُلُ شَيْئًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، فَإِذَا حَلَّ الأجَلُ لَمْ يَجِدْ مَا يَقْضى (بِهِ) (¬33) فَيَقُولُ: بِعْهُ مِنِّى إِلَى أَجَلٍ بِزِيَادَةِ شَىْءٍ، فيَبِيعُهُ مِنْهُ غيْرَ مَقْبُوضٍ. . . هَكَذَا (¬34) ذَكَرَهُ الْهَرَوِىُّ (¬35)، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَشْتَرِىَ مِنْهُ شَيْئًا مَوْصُوفًا فى الدِّمَّةِ، يُسْلِمُهُ إِلَى أَجَلِ بثَمَنِ مُؤَجَّلٍ، يُقَالُ: كَلَأَ الدَّيْنُ كُلُوءً (¬36) فَهُوَ كَالِىءٌ: إِذَا تَأَخَّرَ، وَمِنْهُ: بَلَغَ اللهُ بِكَ أَكْلَأَ الْعُمُرِ (¬37)، أَىْ: أَطْوَلَهُ، وَأَنْشَدَ ابْنُ الأعْرَابِىِّ (¬38): تَعَفَّفْتُ عَنْهَا فِى السِّنِينِ الَّتِى خَلَتْ ... فَكَيَفَ التَّسَاقِى بَعْدَ مَا كَلَأَ الْعُمْرُ وَالنَّسَاءُ وَالنَّسِيئَةُ بِالْمَدِّ: هُوَ التَّأَخِيرُ، وَمِثْلُهُ النُّسْأَةُ (¬39) بِالضَّمِّ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ (¬40): "أَنْسَأَ اللهُ فِى أَجَلِهِ. أَىْ: أَخَّرَهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} (¬41). قَوْلُهُ: "يَدًا بِيَدٍ" (¬42) لَهُ تَأْوِيلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يُعْطِيَهُ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ بِيَدٍ، وَيَتَنَاوَلَ الثَّمَنَ بِالْيَدِ الْأَخْرَى؛ وَالثَّانِى: أَنْ يَقْبِضَهُ فِى الْمَجْلِسِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ. قَوْلُهُ: "كَالتَّمْرِ الْبَرْى: التَّمْرِ الْمَعْقِلِىِّ " (¬43) الْبَرْنِىِّ: مَنْسُوبٌ إِلَى مَوْضِع بِالْبَحْرَيْنِ، يُسَمَّى بَرْن (¬44). وَقِيلَ: إِنَّهُ فَارِسىٌّ مُعَرَّبٌ (¬45)، وَالْمَعْقِلِىُّ: مَنْسُوبٌ إِلَى مَعْقِلِ بْنِ يَسَارَ مِنَ الصَّحَابَةِ، رَضىَ اللهُ عَنْهُ (¬46). وَنَهْرُ مَعْمِل بِالْبَصْرَةِ مَعْرُوفٌ (¬47). وَالتَّمْرُ الْهنْدِىُّ: مَعْرُوفٌ تُسَمِّيهِ عَامَّةُ الْيَمَنِ: جُمَرَ (¬48). قَوْلُهُ (¬49): "تِبْرُهُ وَعَيْنُهُ" قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬50): يُقَالُ لِلْقِطْعَةِ مِنْهَا: تِبْرَةٌ مَا لَمْ يُطْبَعْ، فَإِذَا طُبعَ: سُمِّىَ عَيْنًا، مِنْ عَيْنِ الشَّىْءِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬51): التِّبْرُ: مَا كَانَ مِنَ الذَّهَبِ غَيْرَ مَضْرُوبٍ، فَإِذَا ضُرِبَ فَهُوَ عَيْنٌ، وَلَا يُقَالُ تِبْرٌ إِلَّا لِلذَّهَبِ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ لِلْفِضَّةِ أَيْضًا. قَالَ الأزْهَرِىُّ (¬52): التِّبْرُ: كُسَارَةُ الذَّهَب وَالْفِضَّةِ مِمَّا ¬
يُخْرَجُ مِنْ الْمَعَادِنِ كُلِّهَا، مَأْخُوذٌ مِنْ تَبَرْتُ الشَّىْءَ: إِذَا كَسَرْتَهُ؛ أوْ مِنَ التَّبَارِ، وَهُوَ؛ الْهَلَاكُ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الأوَّلِ. وَالذَّهَبُ مُؤَنَّثَةٌ، يُقَالُ: ذَهَب حَمْرَاءُ، وَرَوَى الْفَرَّاءُ تَذْكيرَهَا (¬53). ذَكَرَ ذَلِكَ الزَّمَخْشَرِىُّ. قَوْلُهُ: "مُدِّ عَجْوَةٍ" (¬54) الْعَجْوَةُ: ضَرْبٌ مِنْ أَجوَدِ التَّمْرِ بِالْمَدِينَةِ، وَنَخْلَتُهَا تُسَمَّى لِينَةً (¬55). قَوْلُهُ (¬56): "خَرَزٌ مُغَلَّفَةٌ" يُرْوَى بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ؛ وَبِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ، فَالأَوَّلُ (¬57) مَعْنَاهُ: لَهَا عُرىً مِنْ ذَهَبٍ تُعَلَّقُ بِهَا. وَالثَّانِى مَعْنَاهُ: مُغْشَّاةٌ، أَىْ: مُغَطَّاةٌ. وَالْغِلَافُ: الْغِطَاءُ. وَ "الْقُرَاضَةُ" (¬58) فُعَالَةٌ مِنَ الْقَرْضِ، وَهُوَ: الْقَطع؛ لِأنَّهَا تُقْرَضُ، أَىْ: تُقْطَعُ، كَالنُّخَالَةِ وَالْبُرَايَةِ. قَوْلُهُ: "فِيهَا خَالِصُهُ بِمَشُوبِهِ" (¬59) الْمَشُوبُ: الْمَخْلُوطُ، وَالشَّوْبُ: الْخَلْطُ، شَابَ الَّلبَنَ بِالْمَاءِ: إِذَا خَلَطَهُ (¬60). قَوْلُهُ: "فِيهَا شَعِيرٌ أوْ زُؤَانٌ" بِضَمِّ الزَّاىِ، وَالْهَمْزِ (¬61): نَبَاتٌ يُخَالِطُ الْبُرَّ فى نَبَاتِهِ، لَهُ حَبٌّ دِقَاقٌ فِيهَا طُولٌ، وَلَعَلَّهُ الَّذِى يُسَمَّى بالْيَمَنِ الْخَنْذَرَةَ وَالذَّرِبَ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ (¬62): هُوَ حَبٌ أَصْفَرُ حَادُّ الطَّرَفَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ (¬63): هُوَ حَبٌّ دَقِيقُ الطَّرَفَيْنِ غَلِيظُ الْوَسَطِ أَسْوَدُ. وَيُقَالُ زُوَان وَزِوَان، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ. قَوْلُهُ: "فِيهِ شَمَعٌ" (¬64) قَالَ الْفَرَّاءُ: الشَّمَعُ: بِالتَّحْرِيكِ، هَذَا كَلَامُ الْعَرَب، وَالْمُوَلَّدُونَ يَقُولُونَ: شَمْعٌ بِالتَّسْكِينِ (¬65). قَوْلُهُ: "الْعَرَايَا" هِىَ (¬66) جَمْعُ عَرِيَّةٍ، وَهِىَ النَّخْلَةُ يُعْرِيهَا (¬67) صَاحِبُهَا رَجُلًا مُحْتَاجًا، فَيَجْعَلُ لَهُ ثَمَّرَتَهَا عَامَهَا فَيَعْرُوهَا، أَىْ: يَأْتِيهَا، وَهِىَ فَهِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، يُقَالُ: عَرَاهُ يَعْرُوهُ: إِذَا أَتَاهُ (¬68) وَقَالَ الْأَزْهَرِىُّ (¬69): سُمِّيَتْ عَرَايا؛ لِأَنَّهَا عَرِيَتْ مِنْ جُمْلَةِ الْحَائِطِ، وَصَدَقَتُهَا، وَمَا يُخْرَصُ: عَلَى صَاحِبِهَا مِنْ عُشْرِهَا، فَعَرِيَتْ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ، أَىْ: أُخْرِجَتْ، فَهِىَ عَرِيَّةٌ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى [فَاعِلَةٍ] (¬70). وَإِنَّمَا دَخَلَتْ فِيهَا الْهَاءُ؛ لِأنَّهَا أُفْرِدَتْ فَصَارَتْ فى [عِدَادِ] (¬71) الْأَسْمَاءِ، مِثْلَ النَّطِيحَةِ وَالْأَكيلَةِ، وَلَوْ جِئْتَ بِهَا مَعَ النَّخْلَةِ قُلْتَ: نَخْلَةٌ عَرِىٌّ، قَالَ (¬72): ¬
لَيْسَتْ بِسَنْهَاءَ وَلَا رُجَّبِيَّةٍ ... وَلَكِنْ عَرَايَا فِى السِّنِينِ الْجَوَائِحِ قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬73): وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ عَرِىَ يَعْرَى، كَأنَّهَا عَرِيَتْ مِنْ جُمْلَةِ التَّحْرِيمِ فَعَرْيَتْ، أَىْ: خَلَتْ وَخَرَجَتْ مِنْهُ (¬74). قَوْلُهُ: "وَعِنْدَهُم فُضُولٌ" (¬75) جَمْعُ فَضْلٍ، وَهُوَ الزَّائِدُ، يُقَالُ: فَضَلَ لى شَىْءٌ عَنْ حَاجَتِى، أَىْ: زَادَ. قَوْلُهُ: "بِخِرْصِهَا" بِكَسْرِ الْخَاءِ: هُوَ الشَّىْءُ الْمَخْرُوصُ الْمُقَدَّرُ، وَأَمَّا الْخَرْصُ بِالْفَتْحِ، فَالْمَصْدَرُ. قَوْلُهُ: "نَهَى عَنِ الْمُخَابَرَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ" (¬76) فالْمُخَابَرَةُ: كِرَاءُ الأَرْضِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبعِ وَنَحْوِهِ، مُشْتَقٌ مِنَ الْخَبَارِ، وَهِىَ الأَرْضُ الرِّخْوَةُ ذَاتُ الْحِجَرَةِ (¬77)، وَيُقَالُ: أَرْضٌ خَبِرَةٌ وَخَبْرَاءُ، وَخَبِرَ الْمَوْضِعُ (¬78)، قَالَ: أَخَافُ إِذَا وَرَدْنَ (¬79) بِنَا خَبَارَى ... وَحَثَّ الرَّكْبُ أَنْ لا تَحْمِلِينِى كَانَ ابْنُ الْأَعْرَابِىِّ يَقُولُ: أَصْلُ الْمُخَابَرَةِ مِنْ خَيْبَرَ؛ لأنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَلَهُم- حِينَ غَلَبَ عَلَيْهَا (¬80) عَلَى النِّصْفِ، فَقِيلَ: خَابَرَهُمْ (¬81). وَالْمُحَاقَلَةُ: فِيهَا أَقْوَالٌ: أَحَدُهَا: (اكْتِرَاءُ) (¬82) الْأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ، هَكَذَا جَاءَ مُفَسَّرًا فى الْحَدِيثِ. وَقَالَ قَوْمٌ: هِىَ (¬83) الْمُزَارَعَةُ بِالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ (¬84). وَقَالَ أبُو عُبَيْدٍ (¬85): هُوَ بَيْعُ الطَّعَام (¬86) وَهُوَ فى سُنْبُلِهِ بِالْبُرِّ، مأْخُوذٌ مِنَ الْحَقلِ، وَهُوَ الَّذِى يُسَمَّى الْقَرَاحُ بِالْعِرَاقِ (¬87). قَالَ فِى الْبَيَانِ (¬88): الْقَرَاح:، مِثْلِ الْحَقْلِ (¬89). وَقَالَ الْجَوْهَرىُّ (¬90): الْقَرَاحُ: الْمَزْرَعَةُ الَّتِى لَيْسَ عَلَيْهَا بنَاءٌ، وَلَا فِيهَا شَجَرٌ، وَالْمَحَاقل: الْمَزَارِعُ، وَيُقَالُ: احْقِلْ أَىْ: ازْرَعْ، وَيُقَالُ: "لَا يُنْبِتُ الْبَقْلَةَ (¬91) إِلاَّ الْحَقْلَةُ" (¬92). وَالْمُزَابَنَةُ: شِرَاءُ الثَّمَر (¬93) عَلَى رُؤُسِ النَّخْلِ بِالتَّمْرِ عَلَى وَجْهِ الأرْضِ. قَالَ الْأَزْهَرِىُّ (¬94): وَأَصْلُهُ مِنْ الزَّبْنِ، وَهُوَ: الدَّفْعُ، كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَزْبِنُ صَاحِبَهُ عَنْ حَقِّهِ بِمَا يَزْدَادُ (¬95) مِنْهُ، يُقَالُ: نَاقَةٌ زَبُونٌ: إِذَا كَانَتْ تَدْفعُ حَالِبَهَا بِرِجْلِهَا، وَحَرْبٌ زَبُونٌ: يُدْفَعُ مِنْهَا إِلَى الْمَوْتِ (¬96). ¬
وَإِنَّمَا حُرَّمَت الْمُحَاقَلَةُ وَالْمُزَابَنَةُ؛ لأنَّهُمَا مِنَ الْكَيْلِ (¬97) وَالْوَزْنِ، وَلَيْسَ يَجُوزُ إذَا كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ (¬98) إِلاَّ مِثْلًا بِمِثْل يَدًا بِيَدٍ، وَهَذَا (¬99) مَجْهُولٌ، لَا يُدْرَى أَيُّهُمَا أَكثَرُ. الْفَرَقُ (¬100): سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا (¬101). قَوْلُهُ: "سَوَاءً بِسَوَاءٍ" (¬102) أَىْ: لَا يَجُوزُ إِلا مُسْتَوٍ بِمُسْتَوٍ، لَا فَضْلَ فى أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (¬103). قَوْلُهُ: "الصُّبْرَةِ جُزَافًا" (¬104) فَالصُّبْرَةُ (¬105): هِىَ الْكُوَمِةُ الْمَجْمُوعَةُ مِنَ الطَّعَامِ، سُمِّيَتْ صُبْرَةً؛ لِإفْرَاغِ بَعْضِهَا عَلَى (¬106) بَعْضٍ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلسَّحَابِ تَرَاهُ فَوْقَ السَّحَابِ: صَبِيرٌ (¬107) قَالَهُ الْأَزْهَرِىُّ (¬108). قَوْلُهُ: "جُزَافًا" أَىْ: جُمَلَةً بِغَيْرِ كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَلَا عَدَدٍ، فَارِسىٌّ مُعَرَّبٌ (¬109). (قَوْلُهُ (¬110): "الْكَسْبُ"). (¬111) الْكَسْبُ (بِضَمِّ الْكَافِ) (¬112): عُصَارَةُ الدُّهْنِ (¬113). قَوْلُهُ: "فَيُنْتَثَلُ مَا فِيهَا" (¬114) أَىْ: يُسْتَخْرَجُ، قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬115): (أَصْلُ) (¬116) النَّثْلِ: نَثْرُكَ الشَّىْءَ (¬117) مَرَّةً وَاحِدَةً، يُقَالُ: نَثَلْثُ كِنَانَتِى: إِذَا اسْتَخْرَجْتُ مَا فِيهَا مِنَ النَّبْلِ. قَوْلُهُ: "بَيْعُ الْحَلِيبِ بِالرَّائِبِ" (¬118) رَابَ الَّلبَنُ يَرُوبُ رَوْبًا: إِذَا خَثُرَ وَأدْرَكَ (¬119)، فَهُوَ رَائِبٌ، وَالرَّائِبُ يَكُونُ لِمَا مُخِضَ وَلِمَا لَمْ يُمْخَضْ، وَمَعْنَى مُخِصَ (¬120): حُرِّكَ حَتَّى خَرَجَ (¬121) زُبْدُهُ، وَالْمَخِيضُ: فَعِيلٌ مِنْهُ وَالْمِرْوَبُ: الِإنَاءُ الَّذِى يُرَوَّبُ فِيهِ الَّلبَنُ، قَالَ أبُو عُبَيْدٍ: إِذَا خَثُرَ الَّلبَنُ، فَهُوَ الرَّائِبُ، فَلَا يَزَالُ ذَلِكَ اسْمهُ حَتَّى يُنْزَعَ زُبْدُهُ، وَاسْمُهُ عَلَى حَالِهِ، بِمَنْزِلَةِ الْعُشَرَاءِ مِنَ الِإبِلِ، ثُّمَ (¬122) تَضَعُ، فَهُوَ اسْمُهَا. قَوْلُهُ: "الْجُبْنَ أو الْأَقْطَ أَو الْمَصْلَ أَوْ الَّلبَأَ" (¬123) تُذْكَرُ فى كِتَابِ الْأَيْمَانِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى (¬124) الْجَزُورُ (¬125): ذُكِرَ فِى الْوُضُوءِ، وَكَذَلِكَ (¬126) الْعَنَاقُ: ذُكِرَتْ فِى الزَّكاةِ (¬127). ¬
باب بيع الأصول والثمار
بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ قَوْلُهُ: "وَالْجَوَابِى (¬1) وَالْأجَاجِين": الْجَوَابِى جَمْعُ جَابِيَةٍ، وَهِىَ كَالْحَوْضِ، قَالَ الْأعْشَى (¬2): *كَجَابِيَةِ الشَّيْخِ الْعِرَاقِىِّ تَفْهَقُ* يُقَالُ: جَبَيْتُ الْمَاءَ فى الْحَوْضِ: إِذَا جَمَعْتَهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ} (¬3) وَالْأجَاجِينُ: جَمْعُ إِجَّانَةٍ، وَهِىَ الَّتِى يُغْسَلُ فِيهَا الثِّيَابُ، مِثْلُ الْمِرْكَنِ (¬4). قَوْلُهُ: "السُّفْلَانِيُّ، وَالْفَوْقَانِيِّ" (¬5) نِسْبَةٌ إِلَى (سُفْلٍ) (¬6) وفَوْقَ. زِيدَتْ فِيهِ الْألِفُ وَالنُّونُ، كَمَا زَادُوهُمَا (¬7) فَي أحْمَرَانِي وَأشْقَرَانِي وَرَقَبَانِي (¬8). قَوْلُهُ: "النِّفْطِ وَالْقَارِ" (¬9) النِّفْطُ: دُهْن كَرِيهُ الرَّائِحَةِ، بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا، وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ وَالْقَارُ: دُهْنٌ (¬10) أَسُوَدُ لَزِجٌ يُتَّخَذُ لِلسُّفُنِ. يُقَالُ: قَارٌ وَقِيرٌ. قَوْلُهُ (¬11): "بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ" تَأْبِيرُ النَّخْلِ: تَلْقِيحُهُ، يُقَالُ: نَخْلَةٌ مُؤَبَّرَةٌ وَمَأْبُورَةٌ، وَالاسْمُ مِنْهُ: الِإبَارُ، عَلَى وَزْنِ الإِزَارِ، يُقَالُ: تَأَبَّرَ الْفَسِيلُ: إذَا قَبِلَ الإبَارَ، قَالَ الرَّاجِزُ (¬12): تَأبَّرِى يَاخَيْرَةَ الفَسِيلِ * تَأَبَّرِى مِنْ حَنَذٍ فَشُولِى* (إذْ ضَنَّ أَهْلُ النَّخْلِ بِالْفُحُولِ) (¬13). يَقُولُ: تَلَقَّحِى مِنْ غَيْرِ تَأْبِيرٍ (¬14) وَالْفُحَّالُ: ذَكَرُ النَّخْلِ، وَالْجَمْعُ: فَحَاحِيلُ، وَهُوَ مَا كَانَ مِنْ ذُكُورِهِ فَحْلًا لِإنَاثِهِ، وَقَدْ يُقَالُ: فَحْلٌ وَفُحُولٌ (¬15). قَوْلُهُ: "الْكُشُّ الَّذِى تُلْقَحُ بِهِ الِإنَاثُ" (¬16) هُوَ مَا يُنْتَفَضُ مِنْهُ مِثْلُ الذَّرِيرَةِ (¬17) وَأَصْلُ الْكَشِيشِ: صَوْتُ الْحَيَّةِ مِنْ جِلْدِهَا، لَا مِنْ فِيهَا. وَكَشَّ الْفَحْلُ: إِذَا بَدَأَ فى الْهَدِيرِ (¬18). قَوْلُهُ: "الْكُرْسُفِ" (¬19) هُوَ الْقُطْنُ، قَدْ ذُكِرَ (¬20). ¬
"كَالتُّوتِ" (¬21): بِتَاءَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ مِنْ فَوْقُ: شَجَرٌ مَعْرُوفٌ يُعْلَفُهُ دُودُ الْقَزِّ، وَلَهُ حَمْلٌ أحْمَرُ طَيِّبٌ يُؤْكَلُ. قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬22): وَلَا تَقُلْ "التُّوث" بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ. قَوْلُهُ: "فِى كِمَامٍ" (¬23) جَمْعُ كِمَّةٍ، وَالْكِمَّةُ: وِعَاءُ الطَّلْعِ وَالنَّوْرِ (¬24)، وَالْجَمْعُ: كِمَّامٌ وَأَكِمَّةٌ وَأَكْمَامُ، وَيَكُونُ جَمْعَ كِمٍّ، بِكَسْرِ الْكَافِ (¬25) وَالرَّانِجُ (¬26): الْجَوْزُ الْهِنْدِىُّ وَهُوَ النَّأْرَجِيلُ، قَالَ الْجَوْهَرِىُّ: وَمَا أَظُنُّهُ عَرَبِيًّا (¬27) "الْبَذْرُ" (¬28) سُمِّىَ بَذْرًا، لِتَفْرِيقهِ فى الأرْضِ، يُقَالُ: ذَهَبَتْ إِبِلُهُ شِذَرَ بَذَرَ، وَمِنْهُ: التَّبْذِيرُ، وَهُوَ: تَفْرِيقُ الْمَالِ (¬29). قَوْلُهُ: "فى نَوْرٍ يَتَنَاثَرُ عَنْهُ النَّوْرُ" (¬30) النَّوْرُ (¬31) وَالنُّوَّارُ: هُوَ الزَّهْرُ مِنْ جَمِيعِ الأَشْجَارِ، يُقَالُ: نَوَّرَتْ الشَّجَرَةُ وَأَنَارَتْ، أَىْ: أَخْرَجَتْ نَوْرَهَا، يُقَالُ نَوْرٌ، بِفَتْحِ النُّونِ، وَنُوَّارٌ (¬32). "النَّعْنَعُ" (¬33): بَقْلَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَكَذَلِكَ النَّعْنَاعُ بِالألِفِ. وَالرَّطْبَةُ: الْقَضْبُ (¬34). وَالْهِنْدِبَا: بَقْلٌ أَيْضًا، يُقَال: هِنْدِبَا وَهِنْدِبَاةٌ، وَقَالَ أبو زَيْدٍ: الْهِنْدِبَا، بِكَسْرِ الدَّالِ: يُمَدُّ وَيُقْصَرُ (¬35)، (لَهُ) (¬36) وَرَقٌ عَرْضُهُ دُونَ الِإصْبَعَيْنِ، وَطُولُهُ: قَدْرُ فِتْرٍ يَكُونُ فى الْبِرِّ وَالْبَسَاتِينِ، فَالْبَرِّىُّ: لَهُ خُضْرَةٌ شَدِيدَةٌ يَانِعَةٌ (¬37) مَلْسَاءُ، يُسَمِّيهِ الْأطِبَّاءُ: الطَّرَخْشُوقَ، وَالْعَامَّةُ: الْمُرَارَ. وَالْبُسْتَانِىُّ مِنْهُ: تَعْلُو وَرَقَهُ غُبْرَةٌ مُزْغِبَةٌ (¬38)، عُصَارَتُهَا نَافِعَةٌ، طَبْعُهَا بَارِدٌ يَابِسٌ. وَالْكُمَّثْرَى (¬39): هُوَ (¬40) الْعَنْبَرُودُ بِالْيَمَنِ. قَوْلُهُ: "كَالْبُسْرِ الْحَيْسُوَانِىِّ وَالْقُرَشِىِّ (¬41) هُمَا نَوْعَانِ (مِنَ التَّمْرِ) (¬42) مَعْرُوفَانِ بِالْعِرَاقِ. قَوْلُهُ: "حَتَّى تُزْهَى" (¬43) أَىْ: يَحْمَرَّ وَيَصْفَرَّ، يُقَالُ: زَهَا يَزْهُو، وَأَزْهَى يُزْهَى (¬44). ¬
(وَ) (¬45) يُسَمَّى الْحَائِطُ الَّذِى هُوَ الْبُسْتَانُ؛ لِأنَّهُ يُحَوَّطُ عَلَيْهِ بِالْحِيطَانِ، وَهِىَ الْجُدُرُ، وَمِنْهُ اشْتُقَّتْ الْحِيَاطَةُ الَّتِى هِىَ الْحِفْظُ، وَقَدْ حَوَّطَ كَرْمَهُ تَحْوِيطًا، أَىْ: بَنَى (حَوْلَهُ) (¬46). قَوْلُهُ: "الْعَاهَةَ" يَعْنِى: الْآفَةَ الَّتِى رُبمَا تُصِيبُ الزرْعَ رَتُفْسِدُهُ، يُقَالُ: أَعَاهُ الْقَوْمُ، وَأَعْوَهُوا: إِذَا أَصَابَ ثِمَارَهُمْ أوْ مَاشِيَتَهُمْ الْعَاهَةُ (¬47). قَوْلُهُ: "بِأَنْ يَتَمَوَّهَ" (¬48) لَهُ تَأْوِيلَانِ، أَحَدُهُمَا: (حَتَّى) (¬49) تَدُورَ فِيهِ الْحَلَاوَةُ، مَأْخُوذٌ. مِنَ الْمَاءِ (¬50)؛ لِأنَّ أَصْلَهُ مَاهَ. وَالثَّانِى: مَعْنَاهُ: تَبْدُو فِيهِ الصُّفرَةُ، مِنْ مَوَّهْتُ الْفِضَّةَ: إذَا صَفَّرْتَهَا بِالذَّهَبِ. قَوْلُهُ: "الْجَدَادِ وَالْحَصَادِ" (¬51) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْحَاءِ وَكَسْرِهِمَا (¬52)، فَالْجِدَادُ (¬53): قَطْعُ الثَّمَرِ (¬54) وَالْحَصَادُ: فى الزَّرْعِ، يُقَالُ: قَدْ أجَدَّ النَّخْلُ، أَىْ: حَانَ (لَهُ) (¬55) أَنْ يُجَدَّ، وَهَذَا زَمَانُ الجِدَادِ (¬56) وَجَدَّ الشَّيْءَ: إِذَا قَطَعَهُ، وَكَذَلِكَ (¬57) الْجِزَازُ (¬58) فى الرُّطَبَةِ: هُوَ قَطْعُهَا (أَيْضًا) (¬59). قَوْلُهُ: "انْثَالَتْ" (¬60) أَىْ: انْصَبَّتْ، وَانْثَالَ التُّرَابُ (إِذَا) (¬61) انْصَبَّ، وَانْثَالَ عَلَيْهِ النَّاسُ: انْصَبُّوا. قَوْلُهُ: "تَحْمِلُ حَمْلَيْنِ" (¬62) الْحَمْلُ- بِفَتْحِ الْحَاءِ: مَا كَانَ عَلَى الشَّجَرِ أَو فى الْبَطْنِ، وَالحِمْلُ- بِالْكَسْرِ: مَا كَانَ عَلَى الظَّهْرِ، مِثْلُ حِمْلِ الْبَعِيرِ. * * * ¬
من باب بيع المصراة والرد بالعيب
مِنْ بَابِ بَيْع الْمُصَرَّاةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْمُصَرَّاةُ: هِىَ الَّتِى لَا تُحْلَبُ أَيَّامًا، حَتَّى يَجْتَمِعَ اللَّبَنُ فى ضَرْعِهَا، وَأَصْلُ التَّصْرِيَةِ: الْحَبْسُ وَالْجَمْعُ يُقَالُ: صَرَى (¬1) الْمَاءَ فى ظَهْرِهِ زَمَانًا: إِذَا حَبَسَهُ، وَصَرَى الرَّجُلُ الْمَاءَ فى صُلْبِهِ: إذَا امْتَنَعَ مِنَ الْجِمَاعِ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬2): رَأَتْ غُلَامًا قَدْ صَرَى فى فِقْرَتِهِ ... مَاءَ الشَّبَابِ عُنْفُوَانَ شِرَّتِهِ (¬3) ¬
وَيُقَالُ: مَاءٌ صِرَىً (¬4): إذَا اجْتمَعَ فى مَحْبِسٍ فَتَغَيَّر لِطُولِ الْمُكْثِ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬5): صِرَىً آجِنٌ يَزْوِى لَهُ الْمَرْءُ وَجْهَهُ ... إِذَا ذَاقَهُ الظَّمْآنُ (¬6) فى شَهْرِ نَاجِرِ وَالآجِنُ: الْمُتَغَيِّرُ. وَنَاجِرُ: شَهْرُ الْحَرِّ. وَفَسَّرَهَا الشَّافِعِىُّ أَنَّهَا (التِّى) (¬7) تُصَرُّ أَخْلَافُهَا، وَلَا تُحْلَبُ أَيَّامًا (¬8). فَمَنْ جَعَلَهُ مِنَ الصَّرِّ، قَالَ: كَانَتْ الْمُصَرَّاةُ فى الأصْلِ: مُصَرَّرَةً، فَاجْتَمَعَتْ ثَلَاثُ رَاءَاتٍ فَأُبْدِلَتْ أُخْرَاهُنَّ (¬9)، كَمَا قَالُوا فى تَظَنَّنْتُ، تَظَنَّيْتُ، مِنَ الظَّنِّ، فَلَمَّا تَحَرَّكَتْ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلِفًا (¬10). وَالْمُحَفَّلَةُ: مِثْلُ الْمُصَرَّاةِ مِنْ حَفَلَ الْقَوْمُ وَاحْتَفَلُوا: إذَا اجْتَمَعُوا (¬11). قَوْلُهُ: "سَبِطَةَ الشَّعَرِ" (¬12) أَىْ: مُسْتَرْسِلٌ غَيْرُ جَعْدٍ، يُقالُ: شَعَرٌ سَبِطٌ -بِالْكَسْرِ- وَسَبْطٌ بِالسُّكُونِ (¬13). التَّدْلِيسُ (¬14) فِى الْبَيْعِ: هُوَ كِتْمَانُ عَيْبِ السِّلْعَةِ عَنِ الْمُشْتَرِى. وَالْمُدَالَسَةُ: كَالْمُخَادَعَةِ، يُقَالُ: فُلَانٌ لَا يُدَالِسُكَ، أَىْ: لَا يُخَادِعُكَ، مَأْخُوذٌ مِنَ الدُّلْسَةِ، وَهِىَ: الظُّلْمَةُ (¬15). قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬16): هُوَ إخْفَاءُ الْعَيْبِ. قَوْلُهُ: "إِنَّ بِخُفِّهَا نَقَبًا" (¬17) بِالتَّحْرِيكِ. نَقِبَ الْبَعِيرُ: إذَا رَقَّتْ أَخْفَافُهُ، وَأَنْقَبَ الرَّجُلُ: إِذَا نَقِبَ بَعِيرُهُ، وَنَقِبَ الْخُفُّ الْمَلْبُوسُ، أَىْ (¬18): تَخَرَّقَ. قَوْلُهُ: "بَاقِيًا عَلَى جِهَتِهِ" (¬19) أَىْ: عَلَى (¬20) حَالَتِهِ، وَلَيْسَ مِنَ الْجِهَةِ الَّتِى هِىَ الْمَكَانُ. قَوُلُهْ: "الأَرْشُ" (¬21) الأَرْشُ: الْبَدَلُ، وَأصْلُهُ: دِيَةُ الْجِرَاحَةِ، وَمَا يجِبُ فِيهَا، قَالَ الْقُتَيْبِىُّ, وَابْنُ الأَنبارِىِّ (¬22): سُمِّىَ أَرْشًا؛ لِأنَّ الْمُبْتَاعَ إِذَا وَقَفَ عَلَى الْعَيْبِ: وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ أَرْشٌ، أَىْ: خُصُومَةٌ، يُقَالُ: أَرَّشْتُ بَيْنَ الْقَوْم: إِذَا أَلْقَيْتَ بَينهُمْ الشَّرَّ، وَأغْرَيْتَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ. قَوْلُهُ: "قَدِ اسْتَغَلَّ غُلَامِىَ" (¬23) أَىْ (¬24): أَخَذَ كَسْبَهُ، بِمَنْزِلَةِ غَلَّةِ الأرْضِ، وَهُوَ الْخَرَاجُ أَيْضًا. وَمَعْنَى "الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ" أَىْ: أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْكَسْبَ بِمَا الْتَزَمَهُ مِنْ ضَمَانِ الْعَيْنِ (لَوْ) (¬25) هلكت. ¬
قَوْلُهُ: "كَالْبَيْضِ الْمَذِرِ وَالرُّمَّانِ الْعَفِنِ" (¬26) مَذِرَت الْبَيْضَةُ: فَسَدَتْ، وَكَذَا عَفِنَ إِذَا فَسَدَ وَأنْتَنَ وَعَفِنَ الْخَشَبُ: بَلِىَ مِنَ الْمَاءِ. قَولهُ: "كَالْمَقْبُوض بِالسَّوْمِ" (¬27) هُوَ: الْمُبَايَعَةُ، يُقَالُ: سَاوَمْتُهُ سُوَامًا فَاسْتَامَ عَلَىَّ، وَتَسَاوَمْنَا، وَسُمْتُكَ بَعِيرًا سِيمَةً (28) حَسَنَةً، وَإِنَّهُ لَغَالِى السِّيمَةِ (¬28). قَوْلُهُ: "فَوَجَدَهُ أَقْرَعَ" (¬29) الأَقْرَعُ: الَّذِى ذَهَبَ شَعَرُ رَأْسِهِ مِنْ آفَةِ. ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِىُّ (¬30). وَقَالَ فى فِقْهِ اللُّغَةِ (¬31): الصَّلَعُ (¬32): ذَهَابُ الشَّعَرِ عَنِ الْبَشْرَةِ، وَالْقَرَعُ: تَقَشُّرُ الْبَشْرَةِ. قَولهُ: "وَإنْ وَجَدَهُ خَصِيًّا" (¬33) الْخَصِىُّ: مَسْلُولُ الْخُصْيَيْنِ (¬34)، يُقَالُ: خُصْيَةٌ لِلْوَاحِدَةِ, وَكَذَلِكَ الْخِصْيَةُ بِالْكَسْرِ، وَالْخُصْيَتَانِ: الْبَيْضَتَانِ، وَالْخُصْيَانِ: الْجِلْدَتَانِ اللَّتَانِ فِيهِمَا الْبَيْضَتَانِ، وَإِذَا ثَنِّيْتَ قفتَ: خُصْيَانِ لَمْ تُلْحِقْهُ التَّاءَ، وَكَذَلِكَ الألْيَةُ، إِذَا ثَنَّيْتَ قُلْتَ: أَلْيَانِ لَمْ تُلْحِقْهُ التَّاءَ، وَهُمَا نَادِرَانِ. وَخَصَيْتُ الْفَحْلَ خِصَاءً مَمْدُودٌ (¬36): إِذَا سَلَلْتَ خُصْيَيْهِ، يُقَالُ: بَرِئْتُ إِلَيْكَ مِنَ الْخِصَاءِ. وَالْوَاحِدُ (¬37) خَصِىٌّ، وَالْجَمْعُ: خِصْيَانٌ وَخِصْيةٌ، وَمَوْضِعُ الْقَطْعِ: مَخْصىً (¬38). قَولهُ: "وَإِنْ وَجَدَهَا ثَيِّبًا" (¬39) يُقَالُ: امْرَأَةٌ ثَيِّبٌ، وَرَجُلٌ ثَيِّبٌ. الذَّكَرُ وَالاُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ، قالَ ابْنُ السِّكِّيتِ (¬40): وَذَلِكَ إِذَا كَانَت الْمَرْأَة قَدْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ (¬41)، وَالرجُلُ قَدْ دَخَلَ بِامْرَأَةٍ (¬42) وَمِنْهُ تَقُولُ: قَدْ تَثَيَّبَتِ (¬43) الْمَرأَةُ: وَسُمِّيَت الثَّيِّبُ ثَيِّبًا، لِأَنَّهَا تُوَطَأُ وَطْءً بَعْدَ وَطْءٍ، مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلُهُ تَعَالَى (¬44): {مَثَابَةً لِلنَّاسِ} (¬45) أَىْ: يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى (وَثَانِيَةً بَعْدَ أُولَى) (¬46). قَوْلُهُ: "فى الْخِلْقَةِ وَالْبَطْشِ" (¬47) الْبَطْشُ: الْأَخذُ بِالْقُوَّةِ وَالْعُنْفِ. ¬
من باب بيع المرابحة
مِنْ (¬1) بَابِ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ قَوْلُهُ: "لَا يَرَى بَأْسًا بِدَهْ يَازْدهْ وَدَهْ دَاوَزْدَهْ" (¬2) عَشْرَةٌ بِالْفَارِسِيَّةِ، وَيَازْدَه: أَحَدَ عَشَرَ، وَدَوَازْدَهْ: اثْنَا عَشَرَ، أَىْ: لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَبِيعَ مَا اشترَاهُ بِعَشْرَةٍ بِأَحَدَ عَشَرَ (¬3) وَاثْنَىْ عَشَرَ. قَوْلُهُ: "وَوَضْعِ دِرْهَمٍ" (¬4) أَىْ: حَطّ دِرْهَمٍ، يُقَالُ: وَضَعَ لَهُ فى الْبَيْعِ مِنَ الثَّمَنِ، أَىْ: حَطَّ عَنْهُ. قَوْلُهُ: "وَشِقْصًا" (¬5) الشِّقْصُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الأَرْضِ، وَالطَّائِفَةُ مِنَ الشَّىْءِ، وَأَصْلُهُ: الْجُزْءُ وَالنَّصِيبُ وَالسَّهْمُ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْمِشْقَصِ، وَهُوَ: مِنَ النِّصَالِ. ما طَالَ وَعَرضَ (¬6)، وَفِى الْحَدِيثِ: "مَن بَاعَ الْخَمْرَ فَلْيُشَقِّص الْخَنَازِيرَ" أَىْ: فَلْيُعَضِّهَا (¬7) أَعْضَاءً، كَمَا تُعَضَّى الشَّاةُ إذَا بِيعَتْ (¬8). وَالْمَعْنَى: مَنِ اسْتَحَلَّ بَيْعَ الْخَمْرِ فَلْيَسْتَحِلَّ بَيْعَ الخِنْزِيرِ فَإنَّهُمَا (¬9) فى التَحْرِيمِ سَوَاءٌ. قَوْلُهُ: "وَاطَأَ غُلَامَهُ" (¬10) أَىْ: وَافَقَهُ، يُقَالُ: وَاطَأْتُهُ عَلَى الأمرِ مُوَاطَأةً: إذا وَافَقْتَهُ، مِنَ الْوِفَاقِ. قَوْلُهُ: "كاَلشُّفعَةِ وَالتوْلِيَةِ" (¬11) التَّوْلِيَةُ: بَيْعٌ بِرَأْسِ الْمَالِ، وَهِىَ (¬12) مِنَ الْمُوَالَاةِ وَالْمُتَابَعَةِ، كَأنَّهُ يَبِيعُ الْمُشْتَرِى الأوَّلَ, وَيُوَالِيهِ فى الْبَيْعِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ. قَوْلُهُ: "نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ" (¬13) أَىْ: جَبُنَ وَامْتَنَعَ، مَأْخُوذٌ مِنَ النِّكْلِ، وَهُوَ الْقَيْدُ؛ لِأنَّهُ يَمْنَعُ الْمَحْبُوسَ مِنَ التَّصَرُّفِ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا} (¬14) يُقَال: نَكَلَ عَنِ الْعَدُوِّ وَالْيَمِينِ يَنْكُلُ- بِالضَّمِّ: إذَا جَبُنَ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ (¬15): نَكِلَ بِالْكَسْرِ: لُغَةٌ فِيهِ. ¬
من باب النجش
مِنْ بَابِ النَّجْشِ النَّجْشُ: كَشْفُ الشَّىْءِ، وَإثَارَتُهُ، يُقَالُ: نَجَشْتُ الشَّىْءَ أَنْجُشُهُ نَجْشًا، أىْ: [اسْتَثَرْتُهُ] (¬1)، وَالنَّاجِشُ: الَّذِى يَحُوشُ الصَّيْدَ، وَالنَّجْشُ: أَنْ تَزِيدَ (¬2) فى الْبَيْعِ؛ لِيَقَعَ غَيْرُكَ، وَلَيْسَ مِنْ حَاجَتِكَ، وَفِى الْحَدِيثِ: "لَا تَنَاجَشُوا" (¬3) وَقَالَ الشَّاعِرُ (¬4): وَأَجْرَدَ سَاطٍ كَشَاةِ الْأرَانِ ... رِيعَ فَعَىَّ عَلَى النَّاجِشِ قَوْلُهُ: "كَالْبَيْعِ فى حَالِ النِّدَاءِ" (¬5) يَعْنى به هَا هُنَا: الأذَانَ وَالنِّدَاءَ عَلَى السِّلْعَةِ فى الْبَيْعِ أَيْضًا، وَهُوَ قَوْلُهُ: "إذَا عُرِضَتْ السِّلْعَةُ فِى النِّدَاءِ" (¬6). قَوْلُهُ (¬7): "عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ" يُقَالُ: خَطَبَ الْمَرأَةَ خِطْبَةً بِالْكَسْرِ: إِذَا طَلَبَ نِكَاحَهَا، وَالْخِطْبُ: الرَّجُلُ الَّذِى يَخْطُبُ الْمَرْأَة، وَيُقَالُ أَيْضًا: هِىَ خِطْبُهُ وَخِطْبَتُهُ (¬8) بِالْكَسْرِ. قَوْلُهُ (¬9): "أَصَابَهُ جَهْدٌ" وَهِىَ: حَاجَةٌ وَفَقْرٌ وَشِدَّةٌ، وَقَدْ ذُكِرَ فى الْاسْتَسْقَاءِ (¬10). قَوْلُهُ: "حِلْسٍ وَقَدَحٍ" الْحِلْسُ لِلْبَعِيرِ: كِسَاءٌ رَقِيقٌ يَكُونُ تَحْتَ الْبَرْذَعَةِ، وَأحْلَاسُ الْبُيُوتِ: مَا يُبْسَطُ تَحْتَ حُرِّ (¬11) الثِّيَابِ. وَفِى الْحَدِيثِ: "كُنْ حِلْسَ بَيْتِكَ" (¬12) وَقَوْلُهُمْ: "نَحْنُ أحْلَاسُ الْخَيْلِ" (¬13) أَىْ: نَقْتَنِيهَا، وَنَلْزَمُ ظُهُورَهَا. قوْلُهُ: "أَوْ (¬14) فَقْرٍ مُدْقِعٍ" أَىْ: شَدِيدٍ يُفْضِى بِصَاحِبِهِ إلَى الدَّقْعَاءِ، وَهِىَ التُّرَابُ (¬15). وَقَالَ ابْنُ الأعْرَابِىِّ: الدَّقَعُ: سُوءُ احْتِمَالِ الْفَقْرِ، يُقَالُ: دَقِعَ الرَّجُلُ- بِالْكَسْرِ: أَىْ لَصِقَ بِالْتُرَابِ ذُلًّا (¬16). ¬
قَوْلُهُ: "غُرْمٍ مُفْظِعٍ" الْمُفْظِعُ وَالْفَظِيعُ: الْعَظِيمُ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ، يُقَالُ: فَظُعَ الأمْرُ -بِالضَّمِّ- فَظَاعَةً فَهُوَ فَظِيْعُ، أَىْ: شَدِيدٌ شَنِيعٌ: جَاوَزَ الْمِقْدَارَ. وَأَفْظَعَ الأمْرُ فَهُوَ مُفْظِعٌ (¬17). قَوْلُهُ: "حَاضِرٌ لِبَادٍ" (¬18) الْحَاضِرُ: الَّذِى يَسْكُنُ (الْحَضَرَ وَهِىَ) (¬19) الْمُدُنُ وَالْقُرَى، وَالْبَادِى - بِغَيْرِ هَمْزٍ: الَّذِى يَسْكُنُ الْبَادِيَةَ. قَوْلُهُ: "وَمَعَهُ مَتَاعٌ" كُلُّ مَا يُتَّجَرُ فِيهِ: يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَتَاعِ، وَأصْلُهُ: مَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَيُتَبَلَّغُ. قَوْلُهُ: "لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا" (¬20) السَّمْسَرَةُ: الْبَيْعُ وَالشراءُ، قَالَ: (¬21) قَدْ وَكَّلَتْنِى طَلَّتِى بِالسَّمْسَرَهْ ... وَأَيْقَظَتْنَى لِطُلُوعِ الزُّهَرَهْ (¬22) وَيُقَالُ لِلْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِى: سِمْسَارٌ، قَالَ الْأعْشَى (¬23): فَعِشْنَا زَمَانًا وَمَا بَيْنَنَا ... رَسُولٌ يُحَدِّثُ أخْبَارَهَا فَأَصْبَحْتُ لَا أَسْتَطِيعُ الْجَوَا ... بَ سُوَى أَنْ أُرَاجِعَ سِمْسَارَهَا يُرِيدُ السَّفِيرَ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ الَّذِى قَصَدَهُ فى الْكِتَابِ. قَوْلُهُ: "بِكَسَادٍ" (¬24) كَسَدَ الشَّىْءُ كَسَادًا فَهُوَ كَاسِدٌ: إِذَا لَمْ يُبْتَعْ (¬25)، وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْهُ أَحَدٌ (¬26) وَكَذَلِكَ: سُوقٌ كَاسِدَةٌ (¬27). وَالسِّلْعَةُ (¬28): (الشَّىْءُ) الَّذِى يُتَّجَرُ فِيهِ مِنْ أَىْ شَىْءٍ كَانَ. قَوْلُهُ (¬30): "لَا تَلَقَّوْا الْجَلَبَ" يَعْنِى: أَنْ يَسْتَقْبِلَهُمْ؛ لِيَبْتَاعَ (¬31) مِنْهُم، قَبْلَ أَنْ يَعْرِفُوا الأسْعَارَ (¬32). وَالْجَلَبُ- بِالتَّحْرِيكِ، وَالأَجْلَابُ: الَّذِين يَجْلِبُونَ (¬33) الِإبِلَ وَالْغَنَمَ وَالْعَبِيدَ لِلْبَيْعِ، وَقَدْ (¬34) يُقَالُ لِمَنْ أَتَى بِشَىْءٍ سِوَاهُ: جَالِبٌ، وَ "الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ" (¬35) مِنْ هَذَا. قَوْلُهُ (¬36): "وَالْمُحْتَكِرُ" حَكَرَ (¬37) الطَّعَامَ: جَمَعَهُ وَحَبَسَهُ يَتَرَبِّصُ بِهِ الْغَلَاءَ، وَهِىَ: الْحُكْرَةُ بِالضَّمِّ. ¬
قَوْلُهُ: "الْقَافِلَةَ" (¬38) هُمُ الْمُسَافِرُونَ الَّذِينَ قَفَلُوا، أَىْ: رَجَعُوا (مِنَ السَّفَرِ) (¬39) ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى سُمِّىَ الذَّاهِبُ أَيْضًا قَافِلًا. قَوْلُهُ: "التَّسْعِيرُ" (¬40) يُقَالُ: أَسْعَرَ أَهْلُ السُّوقِ وَسَعَّرُوا: إِذَا اتَّفَقُوا عَلَى سِعْرٍ، وَهُوَ مِنْ سَعَّرَ النَّارَ: إِذَا رَفَعَهَا؛ لِأنَّ السِّعْرَ يُوَصَفُ بِالارْتِفَاعِ. ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِىُّ (¬41). قَوْلُهُ: "مِنْ ضَيْعَتِهِ" (¬42) الضيْعَةُ: الْعَقَارُ، وَالْجَمْعُ: ضِيَاعٌ، وَهِىَ الْمَزَارِعُ وَالأرَضُونَ، وَتَصْغِيرُهُ: ضُيَيْعَةٌ، وَلَا يُقَالُ: ضُوَيْعَةٌ (¬43). قَوْلُهُ: "اتَّضَعَ" (¬44) أَىْ: كَسَدَ، قَالَ الْيَزِيدىُّ: يُقَالُ: وُضِعَ الرَّجُلُ فى تِجَارَتِهِ وَأُوْضِعَ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ (¬45)، يُقَالُ (¬46): وُضِعْتَ فى تِجَارَتِكَ، وَأَنْتَ مَوْضُوعٌ فِيهَا. قَوْلُهُ: "الأقْوَاتُ" (¬47) جَمْعُ قُوتٍ، وَهُوَ مَا يَقُومُ بِهِ بَدَنُ الِإنْسَانِ مِنَ الطَّعَامِ، يُقَالُ: مَا عِنْدَهُ قُوتُ لَيْلَةٍ (وَقِيتُ لَيْلَةٍ) (¬48) وَقِيَتَةُ لَيْلَةٍ (¬49) (وَقِيتُ أصْلُهُ: قِوْتٌ) (¬50) لَمَّا كُسِرَتْ الْقَافُ: صَارَتْ الْوَاوُ يَاءً. * * * ¬
من باب اختلاف المتبايعين
مِنْ (¬1) بَابِ اختِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ قَوْلُهُ: "لأن جَنَبَتَهُ أَقْوَى" (¬2) الْجَنَبَةُ: الْجَانِبُ، يُقَالَ: فُلَانٌ لَا يَطُورُ بِجَنَبَتِنَا، أَىْ: لَا يَأْتِينَا (¬3). قَوْلُهُ: "نَكَلَ" (¬4) يُقَالُ: نَكَلَ عَنِ الشَّىْءِ: إِذَا تَأَخَّرَ عَنْهُ، وَامْتَنَعَ مِنْهُ هَيْبَةً لَهُ (¬5) وَجُبْنًا. قَوْلُهُ: "عَشْرَةَ أَقْفِزَةٍ" (¬6) قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬7): الْقَفِيزُ: ثَمَانِيَةُ مَكَاكِيك، وَالْمَكُّوكُ (مِكْيَالٌ وَهُوَ) (¬8) ثَلَاثُ كَيْلَجَاتٍ، وَالْكَيْلَجَةُ: مَنًا وَسَبْعَةُ أثْمَانِ مَنًا، وَالْمَنَا: رِطْلَان (¬9)، وَالرِّطْلُ: اثْنَتَا (¬10) عَشْرَةَ أُوقِيَّةً (¬11) وَالْأُوقِيَّةُ: إِسْتَارٌ وَثُلُثَا إِسْتَارٍ، وَالِإسْتَارُ: أَربَعَةُ مَثَاقِيلَ وَنِصْفٌ، وَالْمِثْقَالُ: دِرْهَمٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، وَالدِّرْهَمُ: سِتَّةُ دَوَانِيقَ (¬12) وَالدَّاْنِقُ: قِيَرَاطَان، وَالْقِيرَاطُ: طَسُّوجَان، وَالطَّسُّوجُ: حَبَّتَان، وَالْحَبةُ: سُدْسُ ¬
ثُمُنِ دِرْهَمٍ، وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأرْبَعِينَ جُزْءً مِنْ دِرْهَمٍ. قَولُهُ: "بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ" (¬13) الْآفَةُ: الْعَاهَةُ، وَقَدْ إيفَ الزَّرْعُ عَلَى مَا لَمْ يُسَمِّ فَاعِلُهُ، أَىْ: أَصَابَتْهُ آفَةٌ، فَهُوَ مَئُوفٌ مِثْلُ مَعُوفٍ (¬14). قَوْلُهُ: "أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ" (¬15) الْجَوْحُ (¬16): الاسْتِئْصَالُ، وَمِنْهُ الْجَائِحَةُ، وَهِىَ: الشِّدَّةُ الَّتِى تَجْتَاحُ الْمَالَ مِنْ سَنَةٍ، أَوْ آفَةٍ، أَوْ فِتْنَةٍ، يُقَالُ: جَاحَتَهُمُ الْجَائِحَةُ، وَاجْتَاحَ اللهُ مَا لَهُ، أىْ: أَهْلَكَهُ (¬17). * * * ¬
من باب السلم
مِنْ بَابِ السَّلَمِ السَّلَمُ: الاسْمُ مِنْ أَسْلَمْتُ، وَهُوَ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ، وَالسَّلفُ: كُل مَا قَدَّمَهُ الإنْسَانُ قَبْلَهُ، وَمِنْهُ السَّلَفُ: الَّذِينَ تَقَدَّمُوا مِنَ الْأبَاءِ وَغَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ: "الْأكْمَهُ" (¬1) الَّذِى يُولَدُ أَعْمَى، وَقَدْ كَمِهَ -بِالْكَسْرِ- كَمَهًا، قَالَ رُؤْبَةُ (¬2): *هَرَّجْتُ فَارْتَدَّ ارْتِدَادَ الْأكْمَهِ* قَوْلُهُ: "الْفَخَّارِ" (¬3) مُشَدَّدٌ: الْخَزَفُ الَّذِى تُعْمَلُ مِنْهُ الآنِيَةُ. وَالأصْوَافِ وَالأشْعَارِ: الصُّوفُ مِنَ الضَّأْنِ، وَالشَّعَرُ مِنْ الْمَعْزِ. قَوْلُهُ: "البِلَّوْرُ" وَالْبَلُّورُ (¬4): لُغَتَانِ: أَبْيَضُ شَفَّافٌ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ وَقَدْ يُلَوَّنُ. قَوْلُهُ (¬5): "فَنَقِدَت الإبِلُ" نَفِدَ الشَّىْءُ: ذَهَبَ، وَلَمْ يبقَ مِنْهُ شَىْءٌ، وَأنْفَذْتُهُ أَنَا إنْفَاذًا (¬6). قَوْلُهُ: "السَّلَمِ فِى السَّرَقِ" (¬7) هِىَ (¬8) شُقَقُ الْحَرِيرِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬9): إلَّا أَنَّهَا (الْبِيضُ) (¬10) مِنْهَا، وَأنْشَدَ (¬11): [وَنَسَجَتْ لَوَامِعُ الْحَرُورِ] ... سَبَائِبًا كَسَرَقِ الْحَرِيرِ الْوَاحِدَةُ: سَرَقَةٌ (¬12)، قَالَ: وَأَصْلُهَا بِالْفَارِسِيَّةِ: سَرَهْ (أَىْ: جَيِّدٌ) (¬13) فَعُرِّبَ، فَجُعِلَتْ هَاؤُهُ ¬
قَافًا (¬14). قَوْلُهُ: "يُضْبَطُ بِالصِّفَاتِ" (¬15) ضَبْطُ الشَّىْءِ: حِفْظُهُ بِالْحَزْمِ، وَالرَّجُلُ ضَابِطٌ، أَىْ: حَازِمٌ، قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬16): الضَّبْطُ: لُزُومُ الشَّىْءِ بِقُوَّةٍ، وَرَجُلٌ ضَابِطٌ: قَوِىُّ شَدِيدُ الْبَطْشِ (¬17). الْيَاقُوتُ (¬18): مَعْرُوفٌ. وَالْفَيْروزَجُ: جِنْسٌ مُثَمَّنٌ مِنَ الْجَوَاهِرِ سَمَاوِىُّ اللَّوْنِ. وَالْمَرْجَانُ: بِفَتْحِ المِيمِ: صِغَارُ الُّلؤْلُؤِ. وَالرَّقُّ (¬19): بِفَتْحِ الرَّاءِ: جِلْدٌ رَقِيقٌ يُكْتَبُ عَلَيْهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} (¬20). اللِّبَأُ (¬21) عَلَى فِعَلٍ: مَقْصُورٌ (مَهْمُوزٌ) (¬22) أَوَّلُ اللَّبَن فى النِّتَاجِ، يُجْمَدُ بِنَارٍ لَيِّنَةٍ. قَوْلُهُ: "كَالْغَالِيَةِ" (¬23) هِىَ طِيبٌ مَجْمُوعٌ مِنَ المِسْكِ وَالْكَافُورِ وَالْعَنْبَرِ، يُخْلَطُ بِمَاءِ الْوَرْدِ، ثُمَّ يُسَكُّ عَلَى حَجَرٍ، فَيُطَيَّبُ (¬24) بِهِ، قَالَ الشَّاعِرُ: وَكَأَنَّمَا النَّمَشُ الَّذِى فى خَدِّهَا ... تَرْشِيشُ غَالِيَةٍ عَلَى تُفَّاحِ وَيُقَالُ: إنَّ أَوَّلَ مَنْ سَمَاهُ (¬25) بِذَلِكَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، يُقَالُ مِنْهُ: تَغَلَّيْتُ بِالْغَالِيَةِ. وَيُقَالُ: إنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ أَهْدَى لِمُعَاوِيَةَ قَارُورَةً مِنَ الْغَالِيَةِ، فَسَأَلَهُ: كَمْ أنْفَقَ عَلَيْهَا، فَذَكَرَ مَالًا، فَقَالَ: هَذِهِ غَالِيَةٌ، (فَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ) (¬26). وَالْمَعْجُونُ: شِبْهُ الْغَالِيَةِ، وَهُوَ أنْوَاعٌ مِنَ الطِّيبِ تُعْجَنُ (بِمَاءِ الْوَرْدِ) (¬27). قَوْلُهُ: "الإنْفَحَةُ" (¬28) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ مُخَفَّفَةً (¬29)، وَالتَّشْدِيدُ أيْضًا لُغَةٌ جَيِّدَةٌ، وَهِىَ كَرِشُ الحَمْلِ أَو الْجَدْىِ مَا لَمْ يَأْكُلْ، فَإذَا أَكَلَ فَهُوَ كَرِشٌ، عَنْ أَبِى زَيْدٍ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬31): كَمْ [قَدْ] أَكَلْتْ كِبْدًا وَإنْفَحَهْ ... ثُمَّ ادَّخَرْتُ أَلْيَةً مُشَرَّحَةْ قَوْلُهُ: "كَالْقَرْقُوبِىِّ" (¬32) هُوَ الْمُطَرَّزُ؛ لِأنَّ الطِّرَازَ يُعْمَلُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ النَّسْجِ، وَقَالَ فى الْفَائِقِ (¬33): الْقُرْقُبِيَّةُ (¬34) وَالثُّرقُبِيَّةُ: ثِيَابٌ مِصْرِيَّةٌ بِيضٌ مِنْ كَتَّانٍ، وَرُوِىَ بِقَافَيْن (¬35). قَوْلُهُ (¬36): "كَالإبْرِيقِ وَالْمَنَارَةِ وَالْكُرَازِ" (¬37) أوَانٍ مَعْرُوفَةٌ. الْعَقَارُ (¬38) بِالْفَتْحِ: الأرْضُ وَالضِّيَاعُ ¬
وَالنَّخْلُ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَالَهُ دَارٌ وَلَا عَقَارٌ (¬39). زَيْدَ بْنَ سَعْنَةَ (¬40): بِسِينٍ (¬41) مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَإِسْكَانِ الْعَيْنِ (¬42)، ذَكَرَهُ ابْنُ مَاكُولَا (¬43). قَوْلُهُ: "كَمَلْءِ زَبِيلٍ" (¬44) هُوَ الزَّنْبِيلُ (¬45) مَعْرُوفٌ، وَفِيهِ لُغَاتٌ: زِنْبِيلٌ بِالْكَسْرِ وَالنُّونِ، وَزِبِّيلٌ: بِالتَّشْدِيدِ وَكَسْرِ الزَّاىِ بِغَيْرِ نُونٍ، وَزَبِيلٌ: بِفَتْحِهَا وَالتَّخْفِيفِ (¬46). قَوْلُهُ: "السُّمْرَةُ" (¬47) (هِىَ) (¬48) أَدْنَى سَوَادٍ. السُّمْكُ (¬49): طُولُ الْمُدَوَّرِ. وَالطُّولُ: ضِدُّ الْعَرْضِ. وَالرَّدَاءَةُ: بِالْهَمْزِ. وَالْنَّيْرُوزُ وَالْمَهْرَجَانُ (¬50): النَّيْرُوزُ: أَوَّلُ يَوْمٍ مِنَ الصَّيْفِ، وَهُوَ عِنْدَ حُلُولِ الشَّمْسِ فى بُرْجِ الْحَمَلِ (¬51) وَقِيلَ: يَوْمُ تِسْعٍ مِنْ ذِى الْمَبْكَرِ. وَقِيلَ: أَوَّلُ (¬52) سَبَاطَ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ. وَالْمَهْرَجَانُ: أَوَّلُ يَوْمٍ مِنَ الشِّتَاءِ، وَقِيلَ: يَوْمُ عِشْرِينَ مِنْ أَيْلُولَ، وَذَلِكَ عِنْدَ حُلُولِ الشَّمْس فى بُرْجِ (¬53) الْمِيزَانِ، وَفِى (تَسْمِيَتِهِمَا بِذَلِكَ) (¬54) قِصَّةٌ اخْتَصَرْتُهَا: أَمَّا النَّيْرُوزُ، فَإنَّ دِجْلَةَ انْبثَقَتْ فى زَمَانِ بَنى إِسْرَائِيلَ أَوْ الْفُرْس، وَأَهلَكَتْ الْبُلْدَانَ وَالْقُرَى، وَظَهَرَ فِيهَا الْوَبَاءُ، وَمَاتَ النَّاسُ، فَهَرَبُوا (¬55) مِنْهَا إِلَى بِلَادٍ أُخْرَى فَمَاتُوا بِهَا أَيْضًا، وَأَرَاهُمُ اللهُ أَنَّهُمْ غَيْرُ مُعْجِزِينَ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَأَحْيَاهُمْ بِهِ، فَسُمِّىَ ذَلِكَ الْمَطَرُ: النَّيْرُوز، وَجَعَلُوهُ عِيدًا يَصُبُّ بَعْضُهُمْ الْمَاءَ فِيهِ عَلَى بَعْضٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاس: وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فى كِتَابِ اللهِ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} (¬56). وَأَمَّا الْمَهْرَجَانُ: فَإِنَّهُ كَانَ فِيهِمْ مَلِكٌ بِنَوَاحِى أَذْرِبِيجَانَ، وَكَانَ جَبَّارًا ظَلُومًا، وَكَانَ اسْمُهُ مَهْرُوذَ، فَأَهْلَكَهُ اللهُ فى (¬57) مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَفَرِحُوا بِهَلَاكِهِ، وَجَعَلُوهُ عِيدًا، وَسَمَّوْهُ الْمَهْرَجَانَ، فَمَهْرُ: اسْمْ الْمَلِكِ، وِجَان: هُوَ الرُّوحُ بِلِسِانِهِمْ، أَىْ: هَلَكَ روحُ الْمَلِكِ؛ لِأنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ الْمُضَافَ عَلَى الْمُضَافِ إِلَيْهِ فى لَغَتِهِمْ، فيَقُولُونَ فِى "غُلَامِ زَيْدٍ": زَيْدٍ غُلَامُ. قَوْلُهُ: "كَالصَّحْرَاءِ (¬58) هِىَ الْبَريَّةُ، يُقَالُ: صَحْرَاءُ وَسِعَةٌ. وَلَا يُقَالُ: صَحْرَاءَةٌ، وَالْجَمْعُ: الصَّحَارِى- بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَالصَّحَارَى بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَالصَّحْرَاوَاتُ (¬59). ¬
وَ "الْمُؤْنَةُ" (¬60): تُهْمَزُ وَلَا تُهْمَزُ (¬61)، وَهِىَ (¬62): فَعُولَةٌ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَفْعَلَةٌ، مِنَ الأيْنِ وَهُوَ: التَّعَبُّ الشَّدِيدُ. وَيُقَالُ: (هِىَ) (¬63) مَفْعَلَةٌ مِنَ الأوْنِ (وَهُوَ: الْخُرْجُ وَالْعِدْلُ؛ لِأنَّهُ ثِقَلٌ عَلَى الِإنْسَانِ) (¬64). قَوْلُهُ: "الْحَشَفُ" (¬65) هُوَ رَدِىءُ التَّمْرِ (¬66)، وَفِى الْمَثَلِ (¬67): "أَحَشَفًا (¬68) وَسُوءَ كِيلَةٍ". قَوْلُهُ: "بُسْرٌ وَلَا مُنَصَّفٌ وَلَا مُذَنَّبٌ" (¬69) الْبُسْرُ: قَبْلَ الرُّطَبِ؛ لِأنَّ أوَّلَهُ طَلْعٌ، ثُمَّ خَلَالٌ، ثُمَّ بَلَحٌ، ثُم بُسْرٌ، ثُمّ رُطَبٌ، الْوَاحِدَةُ بُسْرَةٌ (¬70). وَالْمُنَصَّفُ: الَّذِى أَخَذَ الِإرْطَابُ فِيهِ إلَى النِّصْفِ (¬71). وَالْمُذْنَّبُ: الَّذِى بَدَأَ الإرْطَابُ فِى أَذْنَابِهِ (¬72). وَالْمُشَدَّخُ: الْبُسْرُ يُغَمُّ حَتَّى يَتَشَدَّخَ، أَىْ: يُغَطَّى بِشَىْءٍ، أو يُدْفَنَ حَتَّى يَنْضَجَ وَيَتَغَيَّرَ. وَقاَلَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: هُوَ الَّذِى ضُرِبَ بِالْخُشُبِ حَتَّى صَارَ رَطْبًا. وَقِيلَ: إِنَّهُمْ يُشَمِّسُونَ الْبُسْرَ، ثُمَّ يَدْلُكُونَهُ بِكِسَاءٍ صُوفٍ غَلِيظٍ وَمَا أَشْبَهَهُ، فَيَصِيرُ طَعْمُهُ طَعْمَ الرُّطَبِ، يَفْعَلُونَ ذلِكَ اسْتِعْجَالًا لِأكْلِ الرُّطَبِ مِنَ الْبُسْرِ قَبْلَ الِإرْطَابِ. ذَكَرَهُ فى الْبَيَانِ. الْبَرْنِىُّ (¬73) وَالْمَعْقِلِىُّ. ذُكِرَا (¬74). الْهَرَوِىُّ (¬75) وَالْمَرْوِىُّ: مَنْسُوبٌ إِلَى هَرَاةَ وَمَرْوَ وَهُمَا بَلَدَانِ بِخُرَاسَانَ (¬76). وَالنَّسَبُ إِلَ مَرْوَ: مَرْوَزِىٌّ سَمَاعًا لَا قِيَاسًا. قَوْلُهُ: "يُبْخَسُ بِهِ" (¬77) الْبَخْسُ: النُّقْصَانُ، بَخَسَهُ فى الْبَيْعِ: إِذَا نَقَصَهُ {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ (¬78)} (¬79). ¬
من باب القرض
مِنْ بَابِ الْقَرْضِ الْقَرْضُ فى اللُّغَةِ: الْقَطْعُ، كَأَنَّهُ يَقْطَع لَهُ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ. وَقِيلَ: هُوَ (الْمُجَازَاةُ) (¬1)؛ لِأَنَّهُ يَرُدُّ مِثْلَمَا أَخَذَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: "الدُّنْيَا قُرُوضٌ وَمُكَافَأَةً (¬2) وَهُمَا يَتَقَارَضَانِ الثَّنَاءَ: إِذَا أَثْنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ، وَأَثْنَى الآخَرُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: "قُرْبَةٌ" (¬3) هُوَ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ الَى اللهِ تَعَالَى مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ. وَمَنْدُوبٌ إلَيْهِ: أَىْ مَأْمُورٌ بِهِ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ، يُقَالُ: نَدَبَهُ لِلْأَمْرِ (¬4) فَانْتَدَبَ، أَىْ: دَعَاهُ فَأَجابَ (¬5). قَوْلُهُ (¬6): "مَنْ كَشَفَ عَنْ مُسْلِمٍ كَرْبَةً" مَعْنَى كَشَفَ: أَزَالَ {فَكَشَفْنَا (¬7) مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ} (¬8) أَزَلْنَاهُ (¬9) وَالْكُرْبَةُ بِالضَّمِّ: الْغَمُّ الَّذِى يَأْخُذُ بِالنَّفْسِ، وَكَذَلِكَ الْكَرْبُ، عَلَى وَزْنِ الضَّرْبِ (¬10)، وَالْجَمْعُ: الْكُرَبُ. قَوْلُهُ: "الْجَوَاهِرُ" (¬11) (هُوَ) (¬12) جَمْعُ جَوْهَرٍ، وَهُوَ: مَا لَهُ صَفَاءٌ ولَوْنٌ شَفَّافٌ، كَالْيَاقُوتِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْفِيرُوزَجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: عَقْدُ إِرْفَاقٍ (¬13) أَىْ يَدْخُلُ بِهِ الرِّفْقُ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ, وَهُوَ النَّفْعُ، يُقَالُ: أرْفَقْتُهُ أَىْ: نَفَعْتُهُ. قَوْلُهُ: "جَائِزٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ" أَىْ: غَيْرُ لَازِمٍ، مِنَ الْجَوَازِ وَالاجْتِيَازِ الَّذِى هُوَ الْمُضِىُّ وَالذَّهَابُ، وَكَذَا قَوْلُهُ فى جَمِيعُ الْكِتَابِ "يَجُوزُ، وَلَا يَجُوزُ" هَذَا أَصْلُهُ. قَوْلُهُ: "الْجَارِيَةُ" (¬16) أَصْلُهَا: الْفَتِيَّةُ مِنَ النِّسَاءِ، يُقَالُ: جَارِيَةٌ بَيِّنَةُ الْجَرَايَةِ- بِالْفَتْحِ، وَالْجَرَاءِ وَالْجِرَاءِ (¬17)، قَالَ الْأعْشَى (¬18): وَالْبِيضُ قَدْ عَنَسَتْ وَطَالَ جِرَاؤُهَا ... وَنَشَأْنَ فى فَنَنِ (¬19) وَفِى أَزْوَادِ ¬
يُرْوَى بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا. وَقَوْلُهُمْ: كَانَ ذَلِكَ فِى أيَّامِ جِرَائِهَا، أَىْ: صِبَاهَا (¬20). وَالْأمَةُ: خِلَافُ الْحُرَّةِ، وَالْجَمْعُ: إمَاءٌ وَآمٌ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬21): مَحَلَّةُ سَوْءٍ أَهْلَكَ الدَّهْرُ أهْلَهَا ... فَلَمْ يَبْقَ فِيهَا غَيْرُ آمٍ خَوَالِفِ وَتُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى إمْوَانِ (¬22) (وَأَصْلُ) (¬23) أَمَةٍ: أَمَوَةٌ- بِالتَّحْرِيكِ (وَمَا كُنْتِ أَمَةٌ وَلَقَدْ أمَوْتِ أَمُوَّةً) (¬24) وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا: أَمَوِىٌّ بِالْفَتْحِ، وَتَصْغِيرُهَا: أَمَيَّة (¬25). قَوْلُهُ: "سُفْتَجَةً" (¬26) كَلِمَةٌ فَارسِيَّةٌ، وَهِىَ: رُقْعَة يَكْتُبُهَا الْمُقْرَضُ إلَى مَنْ يَقْبِضُ عَنْهُ عِوَضَ الْقَرْضِ فى الْمَكَانِ الَّذِى اشْتَرَطَهُ، وَسَمَاعُ أَهْلِ تِهَامَةَ: سُفْتَجَة- بِالضَّمِّ. وَذَكَرَ الْمُطَرِّزِىُّ فِى شَرْحِ مَقَامَاتِ الْحَرِيرِىِّ: السُّفْتَجَةُ- بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ التَّاءِ: كَلِمَةٌ مُعَرَّبَةٌ، وَأَصْلُهَا بِالْفَارِسِيَّةِ "سُفْتَهْ" (¬27) وَمِثَالُهَا: أنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ مَالٌ مَثَلًا، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يذْهَبَ بِهِ إلَى بَلَدٍ، وَهُوَ يَخَافُ عَلَيْهِ قّطَّاعَ الطرَّيقِ، فَيَدْفَعُهُ إِلَى بَيَّاعٍ مَثَلًا، أوْ رَجُلٍ لَهُ بِذَلِكَ الْبَلَدِ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ، وَيَقُولُ لَهُ (¬28): اكْتُبْ لى خَطًّا عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ بِمَا لَكَ عَلَيْهِ، لِآخُذَهُ مِنْهُ، ثُمَّ إذَا وَصَفُوا رَجُلًا بِأَنْ (¬29) كَتَبَ رِسَالَةً يَنْتَفِعُ بِهَا، قَالُوا: كُتُبُهُ سَفَاتِجُ، أَىْ: رَائِجَةٌ رَوَاجَ السُّفْتَجَةِ، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى قِيلَ لِلْوَجْهِ الطَّرِىِّ: سُفْتَجَةٌ (¬30). قَوْلُهُ (¬31): "بَكْرًا" (¬32) الْبَكْرُ: الثَّنِىُّ مِنَ الإبِلِ (¬33)، وَالْاُنثى: بَكْرَةٌ، وَالْجَمْعُ: بِكَارٌ، مِثْلُ فَرْخٍ وَفِرَاخٍ، وَبِكَارَةٌ أَيْضًا، مِثْلُ: فَحْلٍ وَفِحَالَةٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ (¬34): الْبَكْرُ مِنَ الإبِلِ: بِمَنْزِلَةِ الْفَتِىِّ مِنَ النَّاسِ، وَالْبَكْرَةُ: بِمَنْزِلَةِ الْفَتَاةِ، وَالْقَلُوصُ: بِمَنْزِلَةِ الْجَارِيَةِ، وَالْبَعِيرُ: بِمَنْزِلَةِ الِإنْسَانِ، وَالجَمَلُ، بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ، وَالنَّاقَةُ: بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ (¬35). (قَوْلُهُ:) (¬36) الْخِيَارُ: الاسْمُ مِنَ الإخْتِيَارِ، وَمَعْنَاهُ: مُخْتَارًا. رَبَاعِيًا: مُخَفَّفٌ وَلَا يُشَدَّدُ، فَإِذَا رَفَعْتَ، قُلْتَ: رَبَاعٍ مِثْلُ ثَمَانٍ (¬37) وَهُوَ الَّذِى أَلْقَى رَبَاعِيَتَهُ، وَهِىَ: السِّنُّ الَّتِى بَيْنَ الثَّنِيَّةِ وَالنَّابِ (¬38). ¬
ومن كتاب الرهن
وَمِنْ كِتَابِ الرَّهْنِ أَصْلُ الرَّهْنِ فِى اللُّغَةِ: الثُّبُوتُ وَالدَّوَامُ، يُقَالُ: شَىْءٌ رَاهِنٌ، أَىْ: دَائِمٌ، وَكَأَنَّ الرَّهْنَ يُقِيمُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ حَتَّى يَسْتَوْفِىَ حَقَّهُ. وَجَمْعُهُ: رُهُنٌ وَ [رِهَانٌ] (¬39). قَوْلُهُ: "يَؤُولُ إِلَى اللُّزُومِ" (¬40) أَىْ: يَرْجِعُ، يُقَالُ: آل إِذَا رَجَعَ. (عَقْدُ إِرْفَاقٍ (¬41): أَىْ: نَفْعٍ) (¬42). قَوْلُهُ: "ثِقَةٌ" (¬43) أَىْ: أَمِينٌ، يُقَالُ: وَثِقْتُ بِهِ أَثِقُ: إِذَا ائْتَمَنْتَهُ، وَكَذَا الْوَثِيقَةُ: فَعِيلَةٌ مِنْ هَذَا؛ لِأنَّهُ يَأْمَنُ بِهَا عَلَى اسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ. قَوْلُهُ: "يَحِلُّ الدَّيْنُ" (¬44) بِالْكَسْرِ، يُقَالُ حَلَّ الدَّيْنُ يَحِلُّ بِالْكَسْرِ حُلُولًا، وَالْمَوْضِعُ: الْمَحِلُّ، وَمَحِلُّ الدَّيْنِ أَيْضًا: أَجَلُهُ، وَمِنْهُ: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (¬45) أَىْ: مَوْضِعَ نَحْرِهِ. وَحَلَّ بِالْمَكَانِ يَحُلُّ بِالضَّمِّ حَلًّا وَحُلُولًا وَمَحَلًّا، وَالْمَحَلُّ أَيْضًا: الْمَكَانُ الَّذِى تَحُلُهُ- بِالْفَتْحِ. قَوْلُهُ: "نَصَّ عَلَيْهِ" (¬46) وَالْمَنْصُوصُ: فِى جَمِيعِ الْكِتَابِ كُلِّهِ بِمَعْنَى الْمَرْفُوعِ، يُقَالُ: نَصَّ الْحَدِيثَ، أَىْ: رَفَعَهُ وَأَسْنَدَهُ، وَمِنْهُ: مِنَصَّةُ الْعَرُوسِ؛ لِارْتِفَاعِهَا، فَكَأَنَّهُ رَفَعَهُ حَتَّى بَانَ وَظَهَرَ (¬47)، قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ (¬48): وَجِيدٍ كَجِيدِ الرِّئْمِ لَيْسَ بِفَاحِشٍ ... إِذَا هِىَ نَصَّتْهُ وَلَا بِمُعَطَّلِ قَوْلُهُ (¬49): "ولَا يَنْفَكُّ مِنَ الرَّهْنِ" (¬50) أَىْ: لَا يَتَخَلَّصُ، فَكَكْتُ الشَّىْءَ: خَلَّصْتُهُ، وَكُلُّ شَيْئَيْنِ خَلَّصْتَهُمَا، فَقَدْ فَكَكْتَهُمَا (¬51). قَوْلُهُ: "فِى أَحَدِ شَطْرَيْهَا" (¬52) الشَّطْرُ: النِّصْفُ هَا هُنَا. ¬
قَوْلُهُ: "قَدْ يَمُوتُ الْمَوْلَى فَجْأَةً" (¬53) أَىْ: بَغْتَةً، وَقَدْ ذُكِرَ (¬54). يُقَالُ: فَجئَهُ الْأمْرُ (¬55): إِذَا بَغَتَهُ، وَفَجَأَهُ أَيْضًا، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ. وَقَدْ ذُكِرَ (¬56) الْعَقَارُ (¬57) وَأَنَّهُ (¬58) الأَرْضُ وَالنَّخْلُ (¬59). قَوْلُهُ (¬60): "لَيْسَتْ لَهُ بِمَحْرَمٍ (¬61) أَىْ: لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ. قَوْلُهُ (¬62): "عَلَى يَدِ عَدْلٍ" (¬63) أَىْ: رِضًا وَمَقْنَعٍ، وَأصْلُ الْعَدْلِ: ضِدُّ الْجَوْرِ، يُقَالُ: عَدَلَ فِى الْقَضِيَّةِ، فَهُوَ عَادِلٌ. قَوْلُهُ: "النَّمَاءِ الْمُتَمَيِّزِ" (¬64) النَّمَاءُ: الزِّيَادَةُ، نَمَا الشَّىْءُ يَنْمِى: إذَا زَادَ نَمَاءً وَنُمُوًّا، وَرُبِّمَا قَالُوا: يَنْمُو بِالْوَاوِ (¬65). وَالْمُتَمَيِّزُ: الَّذِى لَا يَخْتَلِطُ بِغَيْرِهِ، مِزْتُ الشَّىْءَ أَمِيزُهُ مَيْزًا: إِذَا عَزَلْتَهُ وَفَرَزْتَهُ (¬66). قَوْلُهُ (¬67): "لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ" فِيهِ [ثَلَاثَةُ] (¬68) تَأْوِيلَاتٍ (أحَدُهَا) (¬69): لَا يَأْخُذُهُ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنهِ، بَلْ (¬70) إِذَا قَضَاهُ مِنْ غَيْرِهِ انْفَكَّ، (وَالثَّانِى) (¬71): أَىْ (¬72) لَا يَسْقُطُ الْحَقُّ بِتَلَفِهِ، (الثَّالِثُ) (¬73): أَىْ لَا يَنْغَلِقُ حَتَى لَا يَكُونَ لِلرَّاهِنِ فَكُّهُ عَنِ الرَّهْنِ، بَلْ لَهُ فَكُّهُ بِأَنْ يَقْضِىَ الْحَقَّ، قَالَ زُهِيرٌ (¬74): وَفَارَقَتْكَ بِرَهْنٍ لَا وَفَاءَ (¬75) لَهُ ... يَوْمَ الْوَدَاعِ فَأَمْسَى الرَّهْنُ قَدْ غَلِقَا وَمَعْنَى "لَا يَغْلَقُ" أَىْ: لَا يَسْتَغْلِقُ، فَلَا يُفَكُّ، أَىْ: لَا يُطْلَقُ مِنَ الرَّهْنِ بَعْدَ ذَلِكَ، مِنْ غَلَقَ الْبَابُ وَانْغَلَقَ وَاسْتَغْلَقَ: إذَا عَسُرَ فَتْحُهُ، وَالْغَلْقُ ضِدُّ الْفَكِّ، ذَكَرَهُ الْأزْهَرِىُّ (¬76). قَوْلُهُ: "الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِهِ" أَىْ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ، قَالَ الشَّافِعِىُّ، رَحِمَهُ اللهُ: هَذِهِ (¬77) أبْلَغُ كَلِمَةٍ لِلْعَرَبِ، يَقُولُونَ: هَذَا الشَّىْءُ مِنْ فُلَانٍ، يُرِيدُونَ: مِنْ ضَمَانِهِ. وَقِيلَ "مِنْ" هَا هُنَا بمَعْنَى لَام الْمِلْكِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ (¬78): أَمِنْ آلِ لَيْلَى عَرَفْتَ الدِّيَارَا ... بِجَنْبِ الْعَقِيقِ خَلَاءً قِفَارَا قَوْلُهُ: "لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ "غُنْمُهُ"، أَىْ: مَنَافِعُهُ، جَعَلَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْغَنِيمَةِ، يُقَالُ: غَنِمَ الْقَوْمُ غُنْمًا بِالضَّمِّ، وَغُرْمُهُ: ضَمَانُ مَا يَتْلَفُ مِنْهُ, وَالْغُرْمُ: مَا لَزِمَ أدَاؤُهُ مِنْ الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ (¬79). وَالْغَرِيمُ: الَّذِى عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَهُوَ الَّذِى لَهُ الدَّيْنُ أيْضًا (¬80). ¬
قَوْلُهُ: "الآس وَأَغْصَانِ الْخِلَافِ". الآسُ: الْهَدَسُ، وَالْخِلَافُ: شَجَرٌ طيبٌ يُستخْرَجُ مِنْهُ مَاءٌ طيِّبٌ، مِثْلُ مَاءِ الْوَرْدِ، وَتُؤْخَذُ أَغْصَانُهُ فَتُجْعَلُ طِيبًا كَالْهَدَس. قَوْلُهُ: " (¬83) وَأَرَادَ أَنْ يُنْزِيَهُ" النَّزْوُ: الْوَثْبُ؛ لِأنَّ الْفَحْلَ يَثِبُ عَلَى ظَهْرِ الْبَهِيمَةِ لِلضِّرَابِ. قَوْلُهُ: "كَوَدْجِ الدَّابَّةِ وَتَبْزِيغِهَا" (¬84) الْوَدْجُ لِلدَّابَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْفَصْدِ لِلإنْسَانِ (¬85). وَالْوَدَجُ: عِرْقٌ فى الْعُنُقِ، وَهُمَا وَدَجَانِ، بِفَتْحِ الدَّالِ: عِرْقَانِ غَلِيظَانِ فى جَانِبَىِ الْعُنُقِ، وَيُقَالُ لَهُمَا أيْضًا: الْوَرِيدَانِ (¬86) وَقَدْ وَدَجَ دَابَّتَهُ بَدِجُهَا وَدْجًا (¬87): إذَا شَقَّ وَدَجْيَها، وَأَخْرَجَ دَمَهُمَا. وَالتَّبْزِيغُ: يُقَالُ: بَزَغَ الْبَيْطَارُ الدَّابَّةَ، أَىْ (¬88): شَرَطَ، وَالْمِبْزَغُ: الْمِشْرَطُ، قَالَ الأعْشَى (¬89): . . . . . . . . . . . . ... كَبَزْغِ الْبَيْطرِ الثَّقْفِ رَهْصَ الْكَوَادِنِ (¬90) وَالْبَزْغُ: الشَّقُّ، وَمِنْهُ: بَزَغَت الشَّمْسُ، وَهُوَ يَشُقُّ الرَّهْصَةَ، وَالرَّهْصَةُ: أَنْ يَدْوَى (¬91) بَاطِنُ حَافِرِ الدَّابَّةِ مِنْ حِجَارَةٍ تَطَؤُهَا، مِثْلُ الْوَقْرَةِ (¬92)، يُقَالُ: رَهِصَت الدَّابَّةُ -بِالْكَسْرِ- رَهَصًا، فَهِىَ مَرْهُوصَةٌ وَرَهِيصٌ (¬93). قَوْلُهُ: ("يَنْدَمِلُ الْجُرْحُ") (¬94) انْدَمَلَ الْجُرْحُ، أَىْ (¬95): بَرِىءَ، وَعَلَتْ عَلَيْهِ جُلْبَةٌ (¬96) لِلْبُرْءِ. وَالأَكْلَةُ (¬97): عِلَّةٌ يَحْدُثُ مِنْهَا جُرْحٌ يَتَأَكَّلُ مِنْهُ اللَّحْمُ (¬98) وَيَتَزَايَدُ فى الصَّحِيحِ، نَسْأَلُ الله تَعَالَى الْعَافِيَةَ. قَوْلُهُ: "الْكَلأ" (¬99) مَهْمُوزٌ مَقْصُورٌ، هُوَ: الْمَرْعَى وَالْعُشْبُ، وَقَدْ أَكْلأَتِ الأرْضُ فَهِىَ مُكْلِئَةٌ. وَالنُّجْعَةُ (¬100): بِالضَّمِّ: طَلَبُ الْكَلَأ فِى مَوْضِعِهِ، يُقَالُ: انْتَجَعْتُ مَكَانَ (¬101) كَذَا، وَانْتَجَعْتُ فُلَانًا: مِثْلُهُ (¬102). قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَا ضَرَرَ وَلَا إِضْرَارَ" (¬103) قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬104): لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ اللَّفْظَتَيْنِ (¬105) مَعْنَىً غَيْرُ الأخْرَى، فَمَعْنَى قَوْلِهِ (¬106): "لَا ضَرَرَ" أَىْ: لَا يَضُرُّ الرجُلُ أَخَاهُ، فَيُنْقِصُ شَيْئًا مِنْ حَقِّهِ، ¬
أَوْ مِلْكِهِ، وَهُوَ ضِدُّ النَّفْعِ. وَقَوْلُهُ: "وَلَا إِضْرَارَ" أَىْ: لَا يُضَارُّ الرَّجُلُ أخَاهُ مُجَازَاةً، وَيُنْقِصُهُ بِإِدْخَالِ الضَّرَرِ عَلَيْهِ، فَالإضْرَارُ (¬107) مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَالضَّرَرُ فِعْلُ وَاحِدٍ. وَالْمَعْنَى: وَلَكِنْ يَعْفُو عَنْهُ (¬108). قَوْلُهُ: (في الْعِتْقِ أَنَّهُ) (¬109) "مَوْقُوفٌ" أَىْ: مَحْبُوسٌ عَنِ التَّصَرُّفِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ (¬110) حَالُهُ؛ لِأنَّ الْوَاقِفَ: هُوَ الَّذِى لَا يَمْضى وَلَا يَأْتِى. قَوْلُهُ: "يَسْرِى الْعِتْقُ" (¬111) هُوَ مِنَ السُّرَى، سَيْرِ اللَّيْلِ، كَأنَّ الْعِتْقَ يَسِيرُ إِلَى بَاقِيهِ فَيُعْتَقُ، وَكَذَلِكَ سِرَايَةُ الْجُرْحِ (¬112) تَسِيرُ إِلَى الصَّحِيحِ، فَتَعُمُّ الْبَدَنَ فَيَعْتَلُّ (¬113). قَوْلُهُ (¬114): "وَلَوْ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ" الشَّطْرُ: النِّصْفُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: "أُقْ" (¬115). قَوْلُهُ: "الصَّبِىِّ" (¬116) أَىْ: الْمُمَيِّزِ (وَهُوَ) (¬117) الَّذِى يُفَرِّقُ بَيْنَ الْقَبِيحِ وَالْحَسَنِ وَالنَّفْعِ وَالضَّرِّ. قَوْلُهُ: "اسْتَغْرَقَ الْأَرشُ قِيمَتَهُ" (¬118) الاسْتِغْرَاقُ: الاسْتيعَابُ، أَىْ: أَخذَ جَمِيعَهُ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْغَرَقِ فِى الْمَاءِ. نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ وَالْعَدُوِّ: إذَا جَبُنَ. * * * ¬
باب التفليس
بَابُ التَّفْلِيسِ قَالَ فِى الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ (¬1): الْفَلْسُ: مَأْخُوذٌ مِنَ الْفُلُوس، وَهِىَ أَخَسُّ الْمَالِ الَّذِى يُتَتَايَعُ بِهِ، كَأنَّهُ مُنِعَ مِنَ (¬2) التَّصَرُّفِ إِلَّا في الشَّىْءِ التَّافِهِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬3): يُقَالُ: أَفلَسَ الرَّجُلُ: صَارَ مُفْلِسًا، كَأَنَّمَا (¬4) صَارَتْ دَرَاهِمُهُ فُلُوسًا، كَمَا يُقَالُ: أخْبَثَ الرَّجُلُ: إِذَا صَارَ أصْحَابُهُ خُبَثَاءَ، وَأَقطَفَ: إِذَا صَارَتْ دَابَّتُهُ قَطُوفًا (¬5)، وَيَجُوزُ أَنَّ يُرَادَ بِهِ: أَنَّهُ صَارَ إِلَى حَالٍ يُقَالُ (¬6): لَيْسَ مَعَهُ فَلْسٌ. الْكَفِيلُ (¬7) وَالضَّمِينُ: سَوَاءٌ. قَوْلُهُ: " (لَمْ يُجْبَرْ") (¬8) أجْبَرَهُ عَلَى الشَّىْءِ، أَىْ: قَهَرَهُ وَهُوَ لَا يُرِيدُ وَالْجَبَّارُ: الْقَهَّارُ، يُقَالُ فِى ¬
فِعْلِهِ: جَبَرَهُ وَأَجْبَرَهُ (¬9). قَوْلُهُ (¬10): "أَلَا إِنَّ الأَسَيْفِعَ أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ رَضِىَ مِنْ دِينِهِ أَنْ يُقَالَ: سَبَقَ الْحَاجَّ، فَادَّانَ مُعْرِضًا فَأَصْبَحَ وَقَدْ رِينَ بِهِ" (10) أُسَيْفِعُ: تَصْغِيرُ أَسْفَعَ مِنَ السُّفْعَةِ، وَهِىَ: سَوَادٌ مُشْرَبٌ بِحُمْرَةٍ (¬11) يَكُونُ صِفَةً وَعَلَمًا. جُهَيْنَةُ (¬12): مِنْ بُطُونِ قُضَاعَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ حِمْيَرَ (¬13). وَعَنْ قُطْرُبٍ أنَّهَا مَنْقُولَةٌ مِنْ مُصَغَّرِ جُهَانَةَ عَلَى التَّرْخِيمِ، يُقَالُ: جَارِيَةٌ جُهَانَةٌ، أَىْ: شَابَّةٌ (¬14). ادَّانَ: افْتَعَلَ مِنَ الدَّيْنِ كَاقْتَرَضَ (¬15) مِنَ الْقَرْضِ. مُعْرِضًا: مِنْ قَوْلِهِمْ: طَأْ مُعْرِضًا، أَىْ: ضَعْ رِجْلَكَ حَيْثُ وَقَعَتْ وَلَا تَتَّقِ شَيْئًا، وَأنْشَدَ يَعْقُوبُ لِلْبَعِيثِ: فَطَأْ مُعْرِضًا إِنَّ الْحُتُوفَ كَثِيرَةٌ ... وَإِنَّكَ لَا تُبْقِى مِنَ الْمَالِ بَاقِيَا أَرَادَ: فَاسْتَدَانَ مَا وَجَدَ مِمَّنْ وَجَدَ، وَالْحَقِيقَةُ: مِنْ أَىْ وَجْهٍ أَمْكَنَهُ، وَمِنْ أَىْ عَرَضٍ تَأَتَّى لَهُ غَيْرَ مُمَيّزٍ وَلَا مُبَالٍ بِالتَّبِعَةِ. وَرِينَ: أَىْ: غُلِبَ [وَفُعِلَ] (¬16) بِشَأْنِهِ، نَقَلْتُ هَذَا مِنَ الْفَائِقِ (¬17). وَقَالَ فى غَيْرِهِ "فَادَّانَ مُعْرِضًا" أَىْ: مِنْ كُل مَنْ عَرَضَ لَهُ (¬18). وَقِيلَ: مُعْرِضًا عَنِ الْقَضَاءِ (¬19)، وَقِيلَ: اعْتَرَضَ لِكُلِّ مَنْ يُقْرِضُهُ (¬20): وَقِيلَ: أعْرَضَ عَنْ كُلِّ مَنْ قَالَ لَهُ (¬21): لَا تَسْتَدِنْ. وَكَانَ يَأْخُذُ الدَّيْنَ فَيَشْتَرِى بِهِ (¬22) النَّجَائِبَ السَّوَابِقَ بِالأثْمَانِ الْغَالِيَةِ. وَيُقَالُ: رَانَ- عَلَى قَلْبِهِ ذَنْبُهُ (¬23) يَرِينُ رُيُونًا (¬24)، أَىْ: غَلَبَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} (¬25) قَالَ الْحَسَنُ: هُوَ الذَّنْبُ عَلَى الذَّنْبِ حَتَى يَسْوَدَّ الْقَلْبُ (¬26). وَأَصْلُهُ الطَّبَعُ وَالدَّنَسُ (¬27). قَالَ أَبُو زَيْدٍ: رِينَ بِالرَّجُلِ: إِذَا وَقَعَ فِيمَا لَا يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْهُ (¬28). وَمَعْنَى "رَضىَ مِنْ دِيِنهِ" أَىْ (¬29): أَنَّهُ لَمْ يَقْصِد الْحَجَّ، وَإِنَّمَا قَصَدَ الْمُفَاخَرَةَ وَأَنْ يَسْبِق (¬30) الْحَاجَّ فَيَقْفُلُ (¬31) قَبْلَهُمْ، لَا لِلدِّينِ. قَولهُ: "بَيْنَ غُرَمَائِهِ" (¬32) الْغَرِيمُ: مِنَ الأضْدَادِ، يُقَالُ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَلِمَنْ لَهُ الدَّيْنُ، وَأَصْلُهُ: مِنَ الْغُرْم، وَهُوَ: أَدَاءُ مَا يُطَالَبُ بهِ وَاجبًا كَانَ أوْ غَيْرَ وَاجِبٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ (¬33): سُمِّىَ غَرِيمًا؛ لِإدَامَتِهِ التَّقَاضى وَإِلْحَاحِهِ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} (¬34) يَعْنِى مُلِحًّا دَائِمًا، وَفُلَانٌ مُغْرَمٌ بِالنِّسَاءِ، أَىْ (¬35): مُدَاوِمٌ لَهُنُّ. ¬
قوْلُهُ: "رَكِبَتْهُ الدُّيُونُ" (¬36) أَىْ: أَثْقَلَتْ ظهْرَهُ وَأتْعَبَتْهُ، كَمَا تَتْعَبُ الدَّابَّةُ الْمَرْكُوبَةُ. قَوْلُهُ: "حَتَّى أَغْرَقَ مَالَهُ" (¬37) أَىْ: أَهْلَكَهُ كَمَا يَهْلَكُ الْغَرِيقُ فى الْمَاءِ. قَوْلُهُ: "مَلِىءٌ" (¬38) هُوَ الْمُوَسَّعُ عَلَيْهِ، يُقَالُ: أَمْلَيْتُ (الْبَعِيرَ) (¬39): إذَا وَسَّعْتَ لَهُ فى قَيْدِهِ. وُقِفَ تَصَرُّفُهُ (¬40)، أَىْ: حُبِسَ. قَوْلُهُ: "فَإِذَا طَرَأَ" (¬41) مَهْمُوزٌ، أَىْ: حَدَثَ، وَأصْلُهُ: الطَّرِىءُ: ضِدُّ الْعَتِيقِ (¬42). قَوْلُهُ: "إجْحَافٍ" (¬43) يُقَالُ: أَجْحَفَ بِهِ إِذَا ذَهَبَ، وَقَدْ ذُكِرَ، يُقَالُ: سَيْلٌ جُحَافٌ: إِذَا أخَذَ كُلَّ شَىْءٍ وَذَهَبَ بِهِ (¬44). قَوْلُهُ: "أَسْوَةُ الْغُرَمَاءِ" (¬45) الأُسْوَةُ: الْقُدْوَةُ، أَىْ: يَقْتَدِى بِهِمْ، فَيَكُونُ مِثلَهُمْ. قَوْلُهُ: "الْوَدِىِّ" (¬46) الْوَدِىِّ مِنَ النَّخْلِ: الصِّغَارُ، الْوَاحِدَةُ: وَدِيَّةٌ (¬47). قَوْلُهُ (¬48): "لَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ" قَالَ مَالِكٌ: هُوَ كُلُّ مَا أُخِذَ وَاحْتُفِرَ وَغُرِسَ بِغَيْرِ حَقٍّ (¬49). قَوْلُهُ: "الْقَصِيلُ" (¬50) هُوَ فَعِيلٌ مِنَ الْقَصْلِ، وَهُوَ الْقَطعُ، يُقَالُ: سَيْفٌ قَاصِلٌ (¬51) وَمِقْصَلٌ، أَىْ: قَطَّاعٌ، وَهُوَ فى الزَّرْعِ: أَنْ يَطْلُعَ لَهُ قَصَب، فيقْطَعَ وَيُعَلَفَ الْبَهَائِمَ (¬52). قَوْلُهُ: "التَّرِكَةِ" (¬53) مَا يَتْرُكُهُ الْمَيِّتُ لِلْوَارِثِ، وَالتَّرِكَةُ أيْضًا: الْوَلَدُ، وَأَصْلُهُ: بَيْضُ النَّعَامِ، يُقَالُ لَهُ: تَرْكٌ، وَتَرِيكٌ (¬54). قَوْلُهُ: "لَا يَسْتَنِدُ ثُبُوتُهُ" (¬55) أَىْ: يَعْتَمِدُ، مِنْ أَسْنَدْتُ ظَهْرِى إِلَى الْجِدَارِ: إذَا اعْتَمَدْتُ عَلَيْهِ. ¬
ومن باب الحجر
وَمِنْ (¬1) بَابِ الْحَجْرِ أَصْلُ الْحَجْرِ: الْمَنْعُ وَالْحَصْرُ (¬2)، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {حِجْرًا مَحْجُورًا} (¬3) أَىْ: حَرَامًا مُحَرَّمًا مَمْنُوعًا (¬4). وَ {حِجْرًا مَحْجُورًا} قُرِىءَ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ (¬5). وَالْحِجْرُ: الْحَرَامُ، وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {قَسَمٌ لِذِي حِجْر} (¬6) أَىْ: لِذِى عَقْلٍ (¬7). وَإِنَّمَا سُمِّىَ الْعَقْلُ حِجْرًا؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنْ ارْتِكَابِ مَا لَا يَجُوزُ، وَلِهَذَا سُمِّىَ حِجْرُ الْبَيْتِ حِجْرًا؛ لِأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنَ الطَّوَافِ فِيِهِ. وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّصَرُّفِ فى مَالِهِ، وَحَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، أَىْ: مَنَعَهُ التَّصَرُّفَ. وَقِيلَ لِلْحَرَام (حِجْرٌ) (¬8)؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ (¬9)، وَهُوَ بِمَعْنَى الْمَحْجُورِ، كَمَا يُقَالُ طِحْنٌ لِلْمَطْحُونِ، وَقِطْفٌ لِلْمَقْطُوفِ. قَوْلُهُ (¬10): "وَلَا يَتَصَرَّفُ النَّاظِرُ فى مَالِهِ إِلا عَلَى النَّظَرِ وَالاحْتَيَاطِ" (¬11) النَّاظِرُ، وَالنَّظَرُ: الْحِفْظُ, وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ النَّظَرِ الَّذِى هُوَ التَّأَمُّلُ وَالتَّفَكُّرُ فى أَمْرِ التَّدْبِيرِ، أَوْ مِنْ التَّحَنُّنِ وَالشَّفَقَةِ، أَحَدِ أَقْسَامِ النَّظَرِ فى عِلْمِ الْأصُولِ. قَوْلُهُ: "وَالاحْتِيَاطِ": افْتِعَالٌ مِنَ حَاطَهُ يَحُوطُهُ، أَىْ: كَلأَهُ وَرَعَاهُ، وَاحْتَاطَ الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، أَىْ: أخَذَ بِالثِّقَةِ وَالاسْتِظْهَارِ. قَوْلُهُ: {الْيَتِيمِ} (¬12) الْيُتْمُ فِى بَنِى آدَمَ: فَقْدُ الْأبِ: وَفِى الْبَهَائِمِ: فَقْدُ الأمِّ (¬13). وَقَدْ يَتِمَ الصَّبِىُّ بِالْكَسْرِ يَيْتَمُ يُتْمًا وَيَتْمًا (¬14) وَالْيَتِيمُ الْمُنْفَرِدُ أيْضًا، وَمِنْهُ: الدُّرَّةُ الْيَتِيمَةُ. كَأَنَّهُ أُفْرِدَ عَنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَأَصْلُهُ: الضَّعْفُ، قَالَ (¬15): وَإِلَّا فَسِيرِى مِثْلَمَا سَارَ رَاكِبٌ ... تَيَمَّمَ خِمْسًا لَيْسَ فِى سَيْرِهِ يَتَمُ وَالأيِّمُ يَتِيمَةٌ؛ لِانْفِرَادِهَا عَنِ الزَّوْجَ، قَالَ (¬16): إنَّ الْقُبُورَ تَنْكِحُ الْأياَمَى ... النِّسْوَةَ (¬17) الْأرَامِلَ الْيَتَامَى قَوْلُهُ: "وَلَا يَبْنِيهِ بِاللَّبِنِ" (¬18) جَمْعُ لَبِنَةٍ مِثْلُ كَلِمَةٍ وَكَلِمٍ، وَيَجُوزُ لَبْنَةٍ وَلِبْنٍ (¬19) بِالإسْكَانِ، مِثْلُ لِبْدَةٍ ¬
وَلِبْدٍ، قَالَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ (¬20). قَوْلُهُ: "يُسَجِّلُ" (¬21) [سَجَّلَ] (¬22) لَهُ، مَعْنَاهُ: كَتَبَ لَهُ الْحَاكِمُ، وَالسِّجِلُّ: الْكِتَابُ فى قَوْلِ بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ (¬23). وَأمَّا فِى اللُّغَةِ، فَإنَّهُ يُقَالُ: أَسْجَلَ الْكَلَامَ: إذَا أرْسَلَهُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ، فِى قَوْلِهِ تَعَالَى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} (¬24): هِىَ مُسْجَلَةٌ لِلْبَرِّ وَالْفَاجِرِ، أَىْ: مُرْسَلَةٌ، لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا بَرٌّ دُونَ (¬25) فَاجِرٍ. قَوْلُهُ (¬26): "عَلَى قَلَتٍ" فُسِّرَ بالْهَلَاكِ (¬27). وَالْبُغَاثُ مِنَ الطَّيْرِ: مَا لَا يَصِيدُ، وَلَا (يُصَادُ) (¬28) وَهِىَ شِرَارُهَا، يُقَالُ فِيهِ: بِغَاثٌ، وَبُغَاثٌ، وَبَغَاثٌ، ثَلَاثُ لُغَاتٍ (¬29). وَالأبْغَثُ: قَرِيبٌ مِنَ الْأَغْبَرِ. "مِقْلَاةٌ نَزُورٌ" الْمِقْلَاتُ: (الَّتِى) (¬30) لَا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ. وَالنَّزُورُ: قَلِيلَةُ الأوْلَادِ، مِنَ النَّزْرِ، وَهُوَ: الْيَسِيرُ. قَوْلُهُ: "مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ وَلَا إِقْتَارٍ" (¬31) الإسْرَافُ: التَّبْذِيرُ وَمُجَاوَزَةُ الْقَصْدِ. وَقِيلَ: هُوَ مَا لَا يَكُونُ فِيهِ (¬32) مَأْجُورًا وَلَا مَشْكُورًا. وَالإقْتَارُ: التَّضْيِيقُ فى النَّفَقَةِ، يُقَالُ: قَتَرَ عَلَى عِيَالِهِ- مُخَفَّفًا (¬33) يَقْتُرُ قَتْرًا وَقُتُورًا، أَىْ: ضَيَّقَ. {وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} (¬34). قَوْلُهُ: " (¬35) وَالْغِبْطَةِ فى بَيْعِ الْعَقَارِ" وَالْغِبْطَةُ (¬36): هِىَ حسْنُ الْحَالِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: "اللَّهُمَّ غَبْطًا لَا هَبْطًا" (¬37) أَىْ: نَسْأَلُكَ الْغِبْطَةَ وَنَعُوذُ بِكَ أنْ نَهْبِطَ عَنْ حَالِنَا. وَالْغِبْطَةُ: أنْ يَتَمَنَّى مِثْلَ [حَالِ] (¬37) الْمَغْبُوطِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرِيدَ زَوَالَهُ عَنْهُ، وَلَيْسَ بِحَسَدٍ، تَقُولُ مِنْهُ: غَبَطْتُهُ أَغْبِطُهُ غَبْطًا وَغِبْطَةً، وَهُوَ مُغْتَبِطٌ بِكَسْرِ الْبَاءِ، أَىْ: مَغْبُوطٌ. وَالْمَعْنَى: يَبِيعُهُ لَهُ بِمَا يُغْبَطُ عَلَيْهِ، وَيَتَمَنَّى غَيْرُهُ أنَّهُ لَهُ. قَوْلُهُ (¬38): {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} (¬39) يُقَالُ: عَفَّ عَن الْمَسْأَلَةِ وَاسْتَعَفَّ، أَىْ: كَفَّ، فَهُوَ عَفٌّ وَعَفِيفٌ، وَمِنْهُ: الْعَفَافُ. قَوْلُهُ (¬40): {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} أَىْ: عَلِمْتُمْ، وَأصْلُهُ: الْعِلْمُ بِالْخِبْرَةِ (¬41). وَقِيلَ: أَبْصَرْتُمْ (¬42)، وَمِنْهُ إنْسَانُ الْعَيْنِ، وَهِىَ: الْحَدَقَةُ الَّتِى يُبْصَرُ بِهَا، يُقَالُ: آنَسْتُ مِنْهُ رُشْدًا، أَىْ: عَلِمْتُهُ، ¬
وَآنَسْتُ (¬43) الصَّوْتَ، أَىْ: سَمِعْتُهُ. وَالرُّشْدُ: خِلَافُ الْغَىِّ، يُقَالُ: رَشَدَ -بِالْفَتْحِ- يَرْشُدُ رُشْدًا (¬44) بِالضَّمِّ، وَرَشِدَ -بِالْكَسْرِ- يَرْشَدُ [بِالْفَتْحِ] (¬45) رَشَدًا وَرُشْدًا وَرَشَادًا (لُغَاتٌ فِيهِ) (¬46). قَوْلُهُ: "الْمَنِىِّ" (¬47) مُشَدَّدٌ، مَعْرُوفٌ، وَأَصلُهُ: مِنْ مَنَى (¬48) إِذَا سَالَ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ مِنىً؛ لِمَا يَسِيلُ فِيهَا مِنْ دِمَاءِ الْهَدْىِ. قَوْلُهُ: "فَلَمْ يُجْزِنِى" (¬49) أَىْ: لَمْ يَأْذَنْ لِى فِى الْجِهَادِ، مِنَ الْعَبْدِ (الْمُجَازِ) (¬50)، وَهُوَ: الْمَأْذُونُ لَهُ. وَيُقَالُ أَيْضًا: جَوَّزَ لَهُ مَا صَنَعَ وَأَجَازَ لَهُ، أَىْ: سَوَّغَ لَهُ ذَلِكَ (¬51). وَمَعْنَاهُ: لَمْ يَعُدُّهُ فى الْمُقاتِلَةِ، فَيَأْخُذُ سَهْمًا مِنَ الْغَنِيمَةِ. قَوْلُهُ: "شَبَّبَ بِامْرَأَةٍ فِى شِعْرِهِ" (¬52) التَّشْبِيبُ: النَّسِيبُ (ضَرْبٌ مِنَ الشِّعْرِ) (¬53) يُقَالُ: هُوَ يُشَبِّبُ بِهَا، أَىْ: يَذْكُرُهَا فِى شِعْرِهِ. وَاشْتِقَاقُ التَّشْبِيبِ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: مِنَ الشَّبِيبَةِ، وَأَصْلُهَا: الارْتِفَاعُ عَنْ حَالِ الطُّفُولِيَّةِ. وَالآخَرُ: أَنْ يَكُونَ مِنْ الْجِلَاءِ، يُقَالُ: شَبَّ وَجْهَ الْجَارِيَةِ: إِذَا جَلَاهُ وَأَبْدَى مَا يَخْفَى مِنْ مَحَاسِنِهِ (¬54). قَوْلُهُ (¬55): "الْمَرْأَةُ إِذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ" هُوَ هَا هُنَا: الْوَقْتُ وَالزَّمَانُ الَّذِى تَحِيضُ فِيهِ. التَّكْلِيفُ (¬56): إِيجَابُ الْفَرَائِضِ. وَقَدْ ذُكِرَ (¬57). قَوْلُهُ: "أوْ تَنَّاءً إِنْ كَانَ تَانِئًا" (¬58) التَّنَاءَةُ: الزِّرَاعَةُ، وَالتَّانِىءُ: الزَّارِعُ. وَأَصْلُهَا: الإقَامَةُ يُقَالُ: تَنَأَ بِالْمَكَانِ (يَتْنَأُ) (¬59) تُنُوءً- بِالْهَمْزِ: إِذَا أَقَامَ بِهِ وَقَطَنَهُ، وَالتَّانِىءُ مِنْ ذَلِكَ (¬60)، وَهُمْ تُنَّاءُ الْبَلَدِ، وَالاسْمُ: التَّنَاءَةُ. مِنَ الصَّحَاحِ (¬61). قَوْلُهُ (¬62): {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} (¬63) اخْتَبِرُوهُمْ" وَالابْتِلَاءُ: الاخْتِبَارُ، قَالَ الله (تَعَالَى (¬64)): {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ} (¬65). وَالْمُبَذِّرُ (¬66): الَّذِى يُخْرِجُ الْمَالَ فى غَيْرِ وَجْهِهِ، وَأَصْلُهُ: التَّفرِيقُ، وَمِنْهُ: الْبَذْرُ الَّذِى فِى الزِّرَاعَةِ؛ لِأنَّهُ يُفَرِّقُ. ¬
قَوْلُهُ: "السَّفِيهُ" (¬67) السَّفَهُ: التَّبْذِيرُ، وَأَصْلُهُ: الْخِفَةُ وَالطَّيْشُ وَالْحَرَكَةُ، قَالَ (¬68): وَأبيضَ مَوْشِىٍّ الْقَمِيصِ نَصَبْتُهُ ... عَلَى ظَهْرِ مِقْلَاتٍ سَفِيهٍ جَدِيلُهَا يَعْنِى: خَفِيفٍ زِمَامُهَا. وَقَدْ ذُكِرَ (¬69). قَوْلُهُ: "أَرْضًا سَبِخَةً" (¬70) هِىَ: رَدِيئَةُ التُّرْبَةِ، فِيهَا مُلُوحَةٌ، لَا تَكَادُ (¬71) تُنْبِتُ. وَالسِّبَاخُ: مِنَ الأرْضِ الَّتِى لَا تُنْبِتُ، وَفِى الْمَثَلِ: "كَالزَّارِعِ فِى السِّبَاخِ" الْوَاحِدَةُ: سَبَخَةٌ (¬72). قَوْلُهُ: "عَلَى بَصِيرَةٍ" (¬73) الْبَصِيرَةُ هَا هُنَا: الاسْتِبْصَارُ، أَىْ: عَلَى عِلْمٍ وَأَمْرٍ يُبْصِرُهُ. وَالْبَصِيرَةُ فِى غَيْرِ هَذَا: الْحُجَّةُ {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} (¬74) أَىْ: هُوَ حُجَّةٌ عَلَى نَفْسِهِ. ¬
(كتاب) الصلح
(كِتَابُ) (¬1) الصُّلْحِ الصُّلْحُ بِضَمِّ الصَّادِ: الاسْمُ مِنَ الْمُصَالَحَةِ، يُذْكَّرُ وَيُؤَنَّثُ (¬2) وَالصّلَاحُ- بِكَسْرِ الصَّادِ: مَصْدَرُ الْمُصَالَحَةِ (¬3) يُقَالُ: صَالَحَ صِلَاحًا، مِثْلُ قَاتَلَ قِتَالًا، وَقَدْ اصْطَلَحَا وَتَصَالَحَا (¬4) وَاصَّالَحَا أَيْضًا, مُشَدَّدَةُ الصَّادِ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْبَبَيْعِ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ. وَلِهَذَا قَالَ فِى الْوَسِيطِ (¬5) إِنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَالَ: إِنَّ الصُّلْحَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ خُصُومَةٍ. قَوْلُهُ: "فَاسْتَنْقَذَهُ الْجِيرَانُ" (¬6) أَىْ: خَلَّصُوهُ، يُقَالُ: أَنْقَذَهُ مِنْ فُلَانٍ، وَاسْتَنْقَذَهُ مِنْهُ، وَتَنَقَّذَهُ: بِمَعْنَىً، أَىْ: نَجَّاهُ وَخَلَّصَهُ (¬7) وَالنَّقَذُ- بِالتَحْرِيكِ: مَا أَنْقَذْتَهُ، وَهُوَ فَعَل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، مِثْلُ نَفَضٍ وَقَبَضٍ (¬8). قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَخْرَجَ جَنَاحًا" (¬9) الْجَنَاحُ: بِنَاءٌ مُعَلَّقٌ (¬10) بِخُشُبٍ، خَارِجٌ عَنِ الدَّارِ، مُشَبَّهٌ بِجَنَاحِ الطَّائِرِ. (قَوْلُهُ: "الارْتِفَاقُ") (¬11) الارْتِفَاقُ: الانْتِفَاعُ، ارْتَفَقَ بِالشَّيْءِ: انتفَعَ بِهِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬12). قَوْلُهُ: "الاجْتِيَازِ" (¬13) هُوَ السُّلُوكُ، جَازَ يَجُوزُ وَاجْتَازَ: إِذَا مَشَى وَسَلَكَ فِى الطَّرِيقِ، قَالَ الرَّاجِزُ (¬14). خَلُّو الطَّرِيقَ عَنْ أَبِى سَيَّارَه ... حَتَّى يُجِيزَ سالِمًا حِمَارَه قَوْلُهُ: "إِلَى شَارِعٍ" (¬15) الشَّارِعُ: الطرَّيقُ الأعْظَمُ، وَأصْلُهُ: مِنْ مَشْرَعَةِ الْمَاءِ، وَهِىَ: طَرِيقُ الْوَارِدَةِ (¬16)، وَالشَّارِعُ أيْضًا: مَا كَانَ نَافِذَ الطَّرَفَيْنِ (¬17): وَالزُّقَاقُ: مَا لَيْسَ بِنَافِذٍ وَكَذَلِكَ الدَّرْبُ- قَالَ الْجَوْهَرِىُّ: الزُّقَاقُ: السِّكَّةُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَالْجَمْعُ: الزُّقَاقُ وَالأزِقَّةُ، مِثْلُ حُوَارٍ وَحُوَرَانٍ (¬19). ¬
قَوْلُهُ: "سَابَاطًا" (¬20) مُفَسَّرٌ، وَهُوَ: بِنَاءٌ بَيْنَ الدَّارَيْنِ الْمُتَحَاذِيَتَيْنِ بِأَخْشَابٍ تُوْضَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الدَّارَيْنِ. وَقَالَ فِى فِقْهِ اللُّغَةِ (¬21): إِذَا كَانَتْ سَقِيفَةً بَيْنَ حَائِطَيْنِ تَحْتَهَا طَرِيقٌ، (فَهُوَ) (¬22) السَّابَاطُ. وَالْجُذُوعُ: الْأخْشَابُ، وَاحِدُهَا: جِذْعٌ تَكُونُ مِنَ النَّخْلِ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: "بِفَتْحِ كَوَّةٍ" (¬23) الْكَوَّةُ: (هِىَ) (¬24) ثَقْبُ الْبَيْتِ، وَالْجَمْعُ: كِوَاءٌ، وَكِوَىً أيْضًا، مَقْصُورٌ، مِثْلُ: بَدْرَةٍ وَبِدَرٍ. وَالْكُوَّةُ بِالضَّمِّ: لُغَةٌ، وَالْجَمْعُ عَلَى كُوىً (¬25). قَوْلُهُ: "لَا تَنْقَطِعُ مَادَّتُهُ" (¬26) الْمَادَّةُ: الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ (¬27). قَوْلُهُ: "عَلَى الْهَوَاءِ وَالْهَوَاءُ لَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ" (¬28) الْهَوَاءُ هَا هُنَا: مَمْدُودٌ، وَهُوَ: مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ، وَالْجَمْعُ: الْأهْوِيَةُ، وَكُلُّ خَالٍ: هَوَاء، وَقَوْلُهُ عَزَ وَجَلَّ: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} (¬29) أَىْ: لَا عُقولَ لَهُمْ (¬30) وَالْهَوَى، مَقْصُورٌ: هَوَى النَّفْسِ، وَالْجَمْعُ: الأهْوَاءُ، وَإِذَا أضَفْتَهُ إِلَى نَفْسِكَ، قُلْتَ: هَوَاىَ، وَهَذَا الشَّىْءُ أَهْوَى إِلَىَّ مِنْ كَذَا، أَىْ: أَحَبُّ، وَهَوِىَ بِالْكَسْرِ يَهْوَى هَوىً (أَىْ أَحَبَّ، وَهَوَى بِالْفَتْحِ يَهْوِى هُوِيًّا وَهَوِيًّا) (¬31) أَىْ: سَقَطَ إِلَى أسْفَلَ (¬32). قَوْلُهُ: "لِيَسْتَطْرِقَ الزُّقَاقَ" (¬33) أَىْ: يَجْعَلَهُ لَهُ طَرِيقًا، وَكَذَا الاسْتِطْرَاقُ، وَهُوَ اسْتِفْعَالٌ مِنَ الطَّرِيقِ، كَالاسْتِحْدَادِ مِنَ الْحَدِيد، وَالاسْتِجمَارِ مِنَ الْجِمَارِ، وَهِىَ: الْحِجَارَةُ. وَالدَّرْبُ: مَعْرُوفٌ، وَأَصْلُهُ: الْمَضِيقُ فِى الْجِبَالِ، وَمِنْهُ أَدْرَبَ الْقَوْمُ: إِذَا دَخَلُوا أَرْضَ الْعَدُوِّ مِنْ بلَادِ الرُّومِ. ذَكَرَهُ فى الصَّحَاح (¬34). قَوْلُهُ: "رَسْمُ خَشَبٍ" (¬35) الرَّسْمُ: الْأثَرُ، وَرَسْمُ الدَّارِ: أَثَرُهَا اللَّاصِقُ بِالأرْضِ. وَالْحَائِطُ: الْجِدَارُ، مَأْخُوذٌ مِن حَاطَ يَحُوطُ: إِذَا طَافَ بِهِ مِنْ جَوَانِبِهِ. قَوْلُهُ: "فَإِنْ بَنَاهُ بَآلتِهِ وَنُقُضِهِ" (¬36) بِالضَّمِّ: هُوَ (¬37) جَمْعُ نُقْضٍ، وَهُوَ: مَا يُنْتَقَضُ مِنَ الْبِنَاءِ، وَمِثْلُهُ: النُّقَاضَةُ، وَيَجُوزُ إِسْكَانُهُ لِلتَّخْفِيفِ، مِثْلُ رُسُلٍ وَرُسْلٍ (¬38) السُّفْلُ (¬39) وَالْعُلْوُ: يُضَمَّانِ وَيُكْسَرَانِ، وَالضَّمُّ أعْلَى (¬40). ¬
قَوْلُهُ: "الْغُرْفَةُ" (¬41) هِىَ الْعُليَّةُ، وَجَمْعُهَا: غُرَفٌ، وَفِى الْقُرْآنِ {لَهُمْ غُرَفٌ (¬42) مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ (¬43)} قَوْلُه: "يَتِدُ فِيهَا وَتَدًا" (¬44) مِثْلُ يَعِدُ وَيَزِنُ، وَأَصْلُهُ: يَوْتِدُ كَيَوْعِدُ وَيَوْزِنُ، فَأُعِلَّ بِحَذْفِ الْوَاوِ. قَوْلُهُ: "عَرْصَةٌ" (¬45): بِإِسْكَانِ الرَّاءِ: كُلُّ بُقْعَةٍ بَيْنَ الدُّورِ وَاسِعَةٌ لَيْسَ فِيهَا شَىْءٌ مِنْ بِنَاءٍ، وَالْجَمْعُ: الْعِرَاصُ، وَالْعَرَصَاتُ، هَذَا أَصْلُهُ (¬46). ¬
من كتاب الحوالة
مِنْ كِتَابِ الْحَوَالَةِ (¬1) الْحَوَالَةُ: تَحْوِيلُ الْحَقِّ مِنْ ذِمَّةٍ إِلَى ذِمَّةٍ، وَهِىَ: الاسْمُ مِنْ أحَالَ عَلَيْهِ بِدَيْنِهِ. قَوْلُهُ (¬2): "مَطْلُ الْغَنِىِّ ظُلْمٌ" اشْتِقَاقُ (¬3) الْمَطْلِ بِالدَّيْنِ: مِنْ مَطَلْتُ الْحَدِيدَةَ أَمْطُلُهَا: إذَا ضَرَبْتَهَا وَمَدَدْتَهَا لِتَطُولَ، وَكُل مَمْدُودٍ مَمْطُولٌ (¬4)، يُقَالُ: مَطَلَهُ وَمَاطَلَهُ بِحَقِّهِ. ذَكَرَهُ فى الصَّحَاحِ (¬5). قَوْلُهُ: "فَإذَا (أُتْبعَ أَحَدُكُمْ) (¬6) عَلَىِ مَلِىءٍ فَلْيَتْبَعْ" الْمَلِىءُ: الْغَنِىُّ، وَأَصْلُهُ: الْوَاسِعُ الطَّوِيلُ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬7). وَالْمَعْنَى: إِذَا أُحِيلَ أَحَدُكُمْ عَلَى غنِىٍّ بِمَالِهِ (فَلْيَحْتَلْ) (¬8) عَلَيْهِ، وَلْيُطَالِبْهُ بِحَقِّهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} (¬9) (أَىْ: مُطَالَبَتُهُ بالْمَعْرُوفِ) (¬10) {وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} وَالتَّبِيعُ: الَّذِى يَتْبَعُكَ بِحَق وَيُطَالِبُكَ بِهِ (¬11)، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا} (¬12) أَىْ: تَابِعًا وَمُطَالِبًا يُطَالِبُنَا بِأَنْ نَصْرِفَهُ عَنْكُمْ (¬13). قَوْلُهُ: "لَمْ يُبْنَ عَلَى الْمُغَابَنَةِ" (¬14) هِىَ: مُفَاعَلَةُ مِنَ الْغَبْنِ، وَالْغَبْنُ بِالتَّسْكِينِ: فِى الْبَيْعِ، وَالْغَبَنُ بِالتَّحْرِيكِ: فِى الرَّأْىِ. يُقَالُ: غَبَنْتُة فِى الْبَيْعِ بِالْفَتْحِ، أَىْ: خَدَعْتُهُ، وَقَدْ غُبِنَ فَهُوَ مَغْبُونٌ. وَغَبِنَ رَأيُهُ - بِالْكَسْرِ: إِذَا نُقِصَ فَهُوَ غَبِينٌ، أَىْ: ضَعِيفُ الرَّأْىِ، وَفِيهِ غَبَانَةٌ (¬15). ¬
(من كتاب الضمان)
(مِنْ كِتَابِ الضَّمَانِ) (¬1) قَالَ فِى الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ (¬2): الضَّمَانُ مُشْتَّقٌّ مِنْ ضَمِّ ذِمَّةٍ إِلَى ذِمَّةٍ وَقَالَ فِى الْبَسِيطِ (¬3): هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ التَّضْمِينِ، وَمَعْنَاهُ: تَضْمِينُ الدَّيْنِ فِى ذِمَّةِ مَنْ لَا دَيْنَ لَهُ (¬4) عَلَيْهِ. وَقَدْ غَلِطَ مَنْ قَالَ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الضَّمِّ، فَإِنَّ النُّونَ أَصْلِيَّةٌ فِيهِ، وَهَذَا (كَمَا ذَكَرَ، فَإِنَّ الضَّمَّ) (¬5) لَامُ فَعَلَ مِنْهُ مِيمٌ، وَأَصْلُهُ: "ضَمَمَ" وَالضَّمَانُ: لَامُ فَعَلَ مِنْهُ نُونٌ. قَوْلُهُ: يُسْدَى إِلَيْهِ الْجَمِيلُ" (¬6) أَىْ: يُصَابُ بِفِعْلِهِ الْجَمِيلُ، يُقَالُ: طَلَبْتُ أمْرًا فَاسْدَيْتُهُ أَىْ: أَصَبْتُهُ، وَإِنْ لَمْ تُصِبْهُ قُلْتَ: أغْمَسْتُهُ (¬7). قَوْلُهُ: "يَضْمَنَهُ ثِقَةٌ" (¬8) قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الثِّقَةَ: هُوَ الْأمِينُ، يُقَالُ: وَثِقَ بِهِ: ائْتَمَنَهُ، وَهُوَ مَحْذُوفُ الْفَاءِ، مِثْلُ شِيَةٍ وَعِدَةٍ. قَوْلُهُ: "لِدَفْعِ الْغَبْنِ" (¬9) قَدْ ذُكِرَ آنِفًا. قَوْلُهُ: " (وَ) يَصِحُّ (¬10) ضَمَانُ الدَّرْكِ" الدَّرْكُ: التَّبِعَةُ، يُسَكَّنُ وَيُحَرَّكُ، يُقَالُ: مَا لَحِقَكَ مِنْ دَرْكٍ فَعَلَىَّ خَلَاصُهُ (¬11)، وَأَصْلُهُ مِنَ اللُّحُوقِ، يُقَالُ: أَدْرَكَهُ: إذَا لَحِقَهُ بَعْدَ مَا مَضَى؛ لِأنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ مُضِىِّ الْبَيْعِ. قَوْلُهُ (¬12): "بِتُّ الْبَارِحَةَ وَمَا فِى نَفْسِى (¬13) عَلَى أَحَدٍ إحْنَةٌ" الْبَارِحَةُ: اللَّيْلَةُ الْمَاضِيَةُ، وَهِىَ أقْرَبُ لَيْلَةٍ مَضَتْ، تَقُولُ: لَقِيتُهُ الْبَارِحَةَ، وَلَقِيتُهُ الْبَارِحَةَ الْأولَى، وَهِىَ مِنْ بَرِحَ: إِذَا زَالَ (¬14). وَفِى الْمَثَلِ: "مَا أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالْبَارِحَةِ" (¬15). وَالِإحْنَةُ: الْعَدَاوَةُ وَالْحِقْدُ، يُقَالُ: فِى صَدْرِهِ عَلَىَّ إحْنَةٌ، أَىْ: حِقْدٌ، وَلَا يُقَالُ: حِنَةٌ (¬16)، ¬
وَالْجَمْعُ: إِحَنٌ، وَقَدْ أَحِنْتُ عَلَيْهِ بِالْكَسْرِ (¬17). قَالَ الشَّاعِرُ (¬18): إِذَا كَانَ فِى صَدْرِ ابْنِ عَمِّكَ إِحْنَةٌ ... فَلَا تَسْتَثِرْهَا سَوْفَ يَبْدُو دَفِينُهَا قَوْلُهُ: اسْتَطْرَقْتُ" طَلَبْتُ مِنْهُ أَنْ يُنْزِىَ فَرَسَهُ الذَّكَرَ عَلَى فَرَسِى الْأنْثَى، وَأَصْلُ الطَّرِيقِ بِفَتْحِ الطَّاءِ: مَاءُ الْفَحْلِ، يُقَالُ: طَرَقَ الْفَحْلُ النَّاقَةَ طُرُوقًا، أَىْ: قَعَا عَلَيْهَا. وَطَرُوقَةُ الْفَحْلِ: أُنْثَاهُ (¬19)، وَقَدْ ذُكِرَ فى الزَّكَاةِ (¬20). قَوْلُهُ: "بِغَلَسٍ" الْغَلَسُ: ظُلْمَةُ آخِرِ اللَّيْلِ، قَالَ الْأخْطَلُ (¬21): كَذَبَتْكَ عَيْنُكَ أَمْ رَأَيْتَ بِوَاسِطٍ ... غَلَسَ الظَّلَامِ مِنَ الرَّبَابِ خَيَالَا قَوْلُهُ: "تَوَاطَأُوا عَلَى ذَلِكَ" (¬22) أَىْ: تَوَافَقوا، وَالْمُوَاطَأَةُ: الْمُوَافَقَةُ، وَقَدْ ذُكِرَ أيْضًا (¬23). قَوْلُهُ: "ثُؤْلُولُ كُفْرٍ قَدْ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَاحْسِمْهُ" (¬24) الثُّؤْلُولُ: وَاحِدُ الثَّآلِيلِ، وَهِىَ: بُثُورٌ تَخْرُجُ فِى بَدَنِ الإنْسَانِ، يَابِسَةٌ صُلْبَةٌ، كَأَنَّهَا رُؤُوسٌ الْمَسَامِيرِ. فَاحْسِمْهُ: اقْطَعْهُ، وَالْحَسْمُ: الْقَطْعُ بِاسْتِئْصَالٍ وَالْحُسَامُ: السَّيْفُ الْقَاطِعُ، وَفِى الْحَدِيثِ: أَنَّهُ قَالَ: "عَلَيْكُمْ بِالصَّوْم فَإِنَّهُ تَحْسَمَةٌ لِلْعِرْقِ (¬25) وَمَذْهَبَةٌ لِلأشَرِ" (¬26). قَوْلُهُ: "عَشَائِرَهُمْ" (¬27) الْعَشِيرَةُ: الْقَبِيلَةُ، وَالْجَمْع: الْعَشَائِرُ، وَالْعَشِيرُ أَيْضًا: الصَّاحِبُ الْمُعَاشِرُ الْمُخَالِطُ. ¬
18 - الأصنام -لابن السائب الكلبى- تحقيق د / أحمد زكى- مطبوعات الكتب المصرية 1443 هـ 1924 م. 19 - أصوات اللغة العربية -دكتور عبد الغفار هلال- الطبعة الثانية- مطبعة الجبلاوى 1408 هـ 1988 م. 20 - الأصول فى النحو -لابن السراج- تحقيق دكتور عبد الحسين الفتلى- ط أولى 1405 هـ-1985 م بيروت. 21 - إضاءة الراموس وإفاضة الناموس على إضاءة القاموس -لابن الطيب الفاسى- الجزء الرابع- رسالة دكتوراه -تحقيق مصطفى عبد الحفيظ سالم 1404 هـ-1984 م. 22 - الأغانى لأبى الفرج الأصفهانى -تحقيق على محمد البجاوى- الهيئة المصرية العامة للكتاب 1389 هـ. 23 - الأعلام -للزركلى- الطبعة الثانية 1954، 1959 م القاهرة. 24 - الأفعال -لابن القطاع- دائرة المعارف العثمانية-1360 هـ الطبعة الأولى. 25 - الأفعال -للسرقسطى- تحقيق د / حسين محمد شرف- المطابع الأميرية -مطبوعات المجمع اللغوى. 26 - الاقتضاب فى شرح أدب الكتاب -للبطليوسى- تحقيق مصطفى السقا، وحامد عبد الحميد الهيئة المصرية العامة للكتاب. 27 - الإكمال -لابن ماكولا- تحقيق عبد الرحمن العلمى حيدر آباد الهند- نسخة مصورة سنة 1962 م. 28 - الألفاظ الفارسية المعربة -لأدى شير طبع بيروت 1908 م. 29 - الأم -للشافعى- وعليه مختصر المزنى- طبع الشعب. 30 - أمالى الزجاجى -للزجاجى- تحقيق عبد السلام هارون القاهرة 1382 هـ. 31 - الأمالى -للقالى- طبع الهيئة المصرية العامة للكتاب 1975 م. 32 - الأمثال اليمانية -جمع وشرح إسماعيل الأكوع -بيروت 1405 هـ-1984 م. 33 - إنباه الرواة على أنباه النحاة -للقفطى- تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم طبع دار الكتب المصرية 1399 هـ. 1950 م. 34 - أنساب الأشراف -للبلاذرى- تحقيق 4/ محمد حميد الله- دار المعارف- معهد المخطوطات 1959 م. 35 - أيام العرب فى الجاهلية -محمد أحمد جاد المولى وآخرين- طبع عيسى الحلبى بمصر. 36 - الأيام والليالى والشهور -للفراء- تحقيق إبراهيم الإبيارى- الأميرية القاهرة 1956 م. 37 - إيضاح المكنون فى الذيل على كشف الظنون- لإسماعيل البغدادى- بغداد 1952 م.
38 - الأيوبيون فى اليمن 4 / محمد عبد العال أحمد -الهيئة المصرية العامة للكتاب 1980 م. 39 - البارع فى اللغة للقالى-تحقيق هاشم الطعان- بيروت. 40 - البحر المحيط -لأبى حيان الأندلسى- ط السعادة 1328 هـ. 41 - بغية الوعاة فى طبقات اللغويين والنحاة -للسيوطى- تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم طبع الحلبى 1384 هـ 1964 م. 42 - البلغة فى تاريخ أئمة اللغة -للفيروزآبادى- تحقيق محمد المصرى طبع دمشق 1392 هـ- 1972 م. 43 - البلغة فى الفرق بين المذكر والمؤنث -لابن الأنبارى- تحقيق د/ رمضان عبد التواب- طبع دار الكتب المصرية سنة 1970 م. 44 - البيان والتبين للجاحظ -تحقيق عبد السلام هارون- لجنة التأليف والترجمة والنشر ط أولى سنة 1367 هـ- 1948 م، طبع دار الكتب 1970 م. 45 - تأويل مشكل القرآن -لابن قتيبة- طبع عيسى الحلبى 1373 هـ. 46 - تاج العروس من جواهر القاموس -للزبيدى- الطبعة الأولى بالقاهرة 1302 هـ. 47 - تاريخ ثغر عدن -لأبى مخرمة- مطبعة برايل- ليدن 1926 م. 48 - تاريخ الطبري للطبرى. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- دار المعارف. 49 - تحفة الأحوذى بشرح جامع الترمذى -للريكفورى تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف ط المدنى. 50 - تحفة الأريب -لأبى حيان الأندلسى- تحقيق سمير المجذوب- المكتب الإسلامى- بيروت 1403 هـ. 51 - تذكرة أولى الألباب والجامع للعجب العجاب -للشيخ داود الأنطاكى- طبع صبيح. 52 - تصحيح التصحيف وتحريف التحريف للصفدى -تحقيق السيد الشرقاوى- الخانجي 1407 هـ 1987 م. 53 - تصحيح الفصيح -لابن دستوريه -تحقيق عبد الله الجبورى- بغداد 1395 هـ 1975 م. 54 - تفسير أبى السعود "إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم" -لأبى السعود العمادى- المطبعة المصرية 1347 هـ-1928 م. 55 - تفسير الطبرى "جامع البيان عن تأويل القرآن" للطبرى تحقيق محمود محمد شاكر- دار المعارف- الطبعة الثانية. 56 - تفسير العزيزى "تفسير غريب القرآن" للعزيزى -دار التراث العربى القاهرة. 57 - تفسير غريب القرآن لابن قتيبة -تحقيق السيد أحمد صقر- بيروت 1398 هـ- 1978 م. 58 - تفسير القرطبى "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبى- طبع الشعب.
59 - تقريب النشر فى القراءات العشر -لابن الجزرى- تحقيق إبراهيم عطوة- طبع الحلبى 1381 هـ- 1961 م. 60 - تقويم اللسان لابن الجوزى -تحقيق د / عبد العزيز مطر- طبع دار المعارف- الطبعة الثانية. 61 - التكملة والذيل والصلة لكتاب تاج اللغة وصحاح العربية- للصغانى. الأميرية- مطبوعات المجمع اللغوى. 62 - تمثال الأمثال -للعبدرى- تحقيق أسعد ذبيان- دار المسيرة 1402 هـ- 1982 م. 63 - التمثيل والمحاضرة للثعالبى -تحقيق عبد الفتاح الحلو- ط عيسى الحلبى 1381 هـ- 1961 م. 64 - التنبيهات على أغاليط الرواة -لعلى بن حمزة الأصفهانى- تحقيق عبد العزيز الميمنى- دار المعارف بمصر 1967 م. 65 - التنبيه على أوهام أبى على القالى -للبكرى- ط الهيئة المصرية العامة للكتاب 1975 م. 66 - التنبيه والإيضاح عما وقع فى الصحاح -لابن برى- تحقيق عبد العليم الطحاوى- مطبوعات مجمع اللغة العربية ط الهيئة المصرية العامة للكتاب 1981 م. 67 - تهذيب الأسماء واللغات للنووى- طبع المنيرية. 68 - تهذيب اللغة -للأزهرى- تحقيق نخبة من كبار المحققين- الدار القومية للطباعة والنشر. 69 - ثلاثة كتب فى الأضداد -للأصمعى، والسجستانى، وابن السكيت- أوغست هفنز. بيروت 1912 م. 70 - ثمار القلوب فى المضاف والمنسوب -للثعالبى تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- مطبعة المدنى 1384 هـ - 1965 م. 71 - الجبال والمياه والأمكنة -للزمخشرى- تحقيق د / إبراهيم السامرائى- طبع بغداد. 72 - جمهرة أشعار العرب- لأبى زيد القرشى طبع بولاق 1308 هـ الطبعة الأولى. 73 - جهرة الأمثال -لأبى هلال العسكرى- تحقيق أبو الفضل إبراهيم- وقطامش- مصر 1964 م. 74 - جمهرة أنساب العرب -لابن حزم- تحقيق عبد السلام هارون طبع دار المعارف بمصر. 75 - جمهرة اللغة -لابن دريد بيروت نسخة مصورة أوفست. 76 - الجنى الدانى فى حروف المعانى -للمرادى- تحقيق فخرا لدين قباوة، ومحمد نديم فاضل- بيروت 1393 هـ. 77 - الجواهر المضية فى طبقات الحنفية- للقرشى تحقيق د / عبد الفتاح الحلو- طبع عيسى الحلبى 1398 هـ. 78 - الجيم -لأبى عمر الشيبانى -تحقيق إبراهيم الإبيارى وآخرين- القاهرة- طبع الأميرية
1394 هـ - 1974 م. 79 - حاشية ابن برى على المعرب "فى التعريب والمعرب" لابن الجواليقى تحقيق إبراهيم السامرائى- بيروت. 80 - حماسة البحترى -تحقيق لويس شيخو- بيروت 1910 م. 81 - الحماسة البصرية -للبصرى تحقيق عادل جمال سليمان- طبع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. 82 - حياة الحيوام للدميرى -المطبعة الأميرية 1274 هـ، وطبع صبيح، وطبع دار التحرير 1965م. الحيوان للجاحظ -تحقيق عبد السلام هارون- الطبعة الثانية- مطبعة الحلبى 1387 هـ- 1968 م. 84 - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب -للبغدادى تحقيق عبد السلام هارون الطبعة الثانية 1979 الهيئة المصرية العامة للكتاب. 85 - الخصائص -لابن جنى تحقيق الأستاذ محمد عليا لنجار -الطبعة الثانية- بيروت. خلق الانسان للأصمعى = الكنز اللغوى. 87 - خلق الإنسان لثابت -تحقيق عبد الستار فراج طبع الكويت 1406 هـ- 1985 م. 88 - خلق الإنسان للزجاج -تحقيق د/ إبراهيم السامرائى- طبع المجمع العلمى العراقى 1387 هـ -1963 م. 89 - الدرر المبثثة فى الغرر المثلثة -للفيروزابادى- تحقيق د/ على حسين البواب- طبع السعودية 1401 هـ. 90 - درة الغواص فى أوهام الخواص -للحريرى- تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم -طبع نهضة مصر. 91 - الدرة الفاخرة فى الأمثال السائرة لحمزة بن حسن الأصبهانى -تحقيق عبد المجيد قطامش- طبع دار المعارف 1971 م. 92 - دول الإسلام -للذهبى- تحقيق فهيم محمد شلتوت، محمد مصطفى إبراهيم -طبع الهيئة المصرية العامة للكتاب 1974 م. 93 - ديوان الأدب -للفارابى- تحقيق د/ أحمد مختار عمر -مطبوعات مجمع اللغة- العربية. 94 - ديوان الأعشى الكبير -ميمون بن قيس- شرح وتعليق محمد محمد حسين -طبع بيروت- طبعة سابعة 1403 هـ-1983 م. 95 - ديوان امرىء القيس -تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- طبع دار المعارف بمصر الطبعة الثالثة 1969 م. 96 - ديوان أمية بن أبى الصلت -نشر بشير يموت- بيروت 1934 م.
97 - ديوان أوس بن حجر- بيروت 1399 هـ- 1979 م. 98 - ديوان بشار بن برد -لجنة التأليف والترجمة والنشر- الطبعة الثانية 1387 هـ- 1967 م. 99 - ديوان جميل بثينة -بيروت 1966 م. 100 - ديوان حسان بن ثابت -تحقيق د / وليد عرفات طبع بيروت 1974 م. 101 - ديوان الحطيئة -رواية ابن حبيب عن ابن الأعرابى وأبى عمرو الشيبانى- بيروت. 102 - ديوان حميد بن ثور الهلالى -تحقيق الميمنى- الدار القومية للطباعة والنشر 1384 هـ - 1965 - نسخة مصورة عن طبعة دار الكتب 1371 هـ- 1951 م. 103 - ديوان ذى الرمة بشرح أبى نصر الباهلى رواية ثعلب تحقيق د / عبد القدوس أبو صالح- بروت 1371 هـ- 1982 م. 104 - ديوان الراعى النميرى تحقيق د / نورى حمودى القيسى وهلال ناجى- طبع المجمع العلمى العراقى 1400 هـ-1980 م. 105 - ديوان الشماخ بن ضرار -مطبعة السعادة- القاهرة. 106 - ديوان طرفة بن العبد- بيروت 1399 هـ-1979 م. 107 - ديوان الطرماح تحقيق د / عزة حسن- طبع دمشق 1966 م. 108 - ديوان العجاج رواية عبد الملك بن قريب الأصمعى وشرحه -تحقيق د / عزة حسن- بيروت. 109 - ديون عدى بن زيد = شعراء النصرانية. 110 - ديوان علقمة بن عبدة -المطبعة الوهبية- القاهرة. 111 - ديوان عمر بن أبى ربيعة -الهيئة المصرية العامة للكتاب 1978 م. 112 - ديوان الفرزدق- بيروت 1386 هـ-1966 م. 113 - ديوان قيس بن الخطيم -مطبعة دار العروبة- القاهرة 1962 م. 114 - ديوان لبير بن ربيعة طبع بيروت. 115 - ديوان النابغة الذبيانى -تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- دار المعارف بمصر. 116 - ديوان أبى النجم العجلى-جمعه وشرحه علاء الدين أغا- الرياض 1401 هـ-1981 م. 117 - ديوان الهذليين -طبع دار الكتب- نسخة مصورة عنها 1385 هـ- 1965 م. 118 - الزاهر لابن الأنبارى -تحقيق د / حاتم صالح الضامن 1399 - 1979 طبع بغداد. 119 - زهر الأكم فى الأمثال والحكم -لليوسى- تحقيق محمد حجى- محمد الأخضر بيروت 1401 هـ- 1981 م.
120 - السبعة فى القراءات -لابن مجاهد- تحقيق د / شوقى ضيف- الطبعة الثانية- دار المعارف. 121 - سر صناعة الإعراب -لابن جنى- تحقيق مصطفى السقا وآخرين- الجزء الأول طبع مصطفى الحلبى سنة 1374 هـ. 122 - السلاح -لأبى عبيد القاسم بن سلام -تحقيق د / حاتم صالح الضامن- بيروت 1405 هـ- 1985 م. 123 - السلوك فى طبقات العلماء والملوك للبهاء الجندى -مخطوط دار الكتب 10949. 124 - سمط اللآلى "شرح أمالى القالى" للبكرى -تحقيق الميمنى- طبع لجنة التأليف والترجمة والنشر سنة 1936 م. 125 - سنن أبى داود -تعليق أحمد سعد على- الطبعة الأولى 1371 هـ-1952 م طبع الحلبى. 126 - سنن ابن ماجة -تحقيق محمد فؤاد عبد الباقى- طبعا لحلى 1372 هـ - 1952 م. 127 - سنن النسائى -بشرح السيوطى وحاشية السندى- المطبعة المصرية. 128 - سيرة ابن هشام -تحقيق السقا والإبيارى -وشلبى- الطبعة الثانية 1375 هـ- 1955 م طبع الحلبى. 129 - شذرات الذهب فى أخبار من ذهب -لابن العماد الحنبلى- مطبعة المقدسى 1351 هـ. 130 - شرح أسماء الله الحسنى للقشيرى -تحقيق عبد المنعم الحلوانى مطبعة الأزهر 1390 هـ - 1976 م. 131 - شرح ألفاظ المختصر -للأزهرى- رسالة دكتوراة- تحقيق عبد المنعم بشناتى- إشراف الدكتور إبراهيم نجا -بعنوان "الزاهر". 132 - شرح الشافية -لابن الحاجب مع شرح شواهد الشافية للبغدادى- تحقيق محمد محيى الدين وآخرين-مطبعة حجازى سنة 1356 هـ. 133 - شرح ديوان جرير تحقيق إيليا الحاوى- بيروت. 134 - شرح ديوان زهير بن أبى سلمى صنعة أبى العباس ثعلب- الدار القومية للطباعة والنشر سنة 1973 م. 135 - شرح ديوان عنترة -بيروت- الطبعة الأولى 1405 هـ- 1985 م. 136 - شرح ديوان المتنبى-للبرقوقى- بيروت 1400 هـ- 1980 م. 137 - شرح شواهد العينى -على حاشية الصبان على الأشمونى طبع عيسى الحلبى. 138 - شرح شمواهد المغنى -للسيوطى- تصحيح وتعليق الشنقيطى- بيروت. 139 - شرح القصائد السبع الطوال -لابن الأنبارى- تحقيق عبد السلام هارون- طبعة ثانية- دار المعارف بمصر 1969 م.
140 - شرح القصائد العشر للتبريزى -طبع السعادة- الطبعة الثانية-1384 هـ- 1964 م. 141 - شعراء النصرانية فى الجاهلية -تحقيق لويس شيخو- طبع مكتبة الآداب. 142 - شعر الأحوص الأنصارى -تحقيق عادل سليمان جمال- الهيئة المصرية العامة للتأليف والترجمة والنشر- القاهرة 1390 هـ- 1970 م. 143 - شعر الأخطل التغلبى -صنعة السكرى- تحقيق د / فخر الدين قباوه بروت 1399 هـ- 1979 م طبعة أولى. 144 - الشعر والشعراء لابن قتيبة تحقيق أحمد محمد شاكر طبع دار المعارف بمصر 1966 م. 145 - شعر الكميت بن زيد الأسدى -جمع وتقديم د / داوود سلوم- بغداد 1969 م. 146 - شفاء الغليل فيما فى كلام العرب من الدخيل-للشهاب الخفاجى- تحقيق د / خفاجى طبع مكتبة الحرم الحسينى- الطبعة الأولى 1371 هـ- 1952 م. 147 - شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم لنشوان الحميرى- طبع الحلبى 1403 هـ - 1983 م. 148 - الصاحبى -لابن فارس- تحقيق سيد صقر- طبع الحلبى. 149 - صبح الأعشى -للقلقشندى- طبع الأميرية 1934 م القاهرة. 150 - الصبح المنير فى شعر أبى ميمون قيس بن جندل، والأعشين الآخرين -تحقيق أودلف جابر- لندن- مطبعة آدلف هلز هوش- 1927 م. 151 - الصحاح "تاج اللغة وصحاح العربية-للجوهرى- تحقيق أحمد عبد الغفور عطار- الطبعة الثانية 1399 هـ-1979 م- بيروت. 152 - صحيح البخارى -طبع الشعب 1379 هـ. 153 - صحيح الترمذى بشرح ابن عربى -المطبعة المصرية- الطبعة الأولى 1350 هـ. 154 - صحيح مسلم -تحقيق محمد فؤاد عبد الباقى -طبع عيسى الحلبى- الطبعة الأولى 1374 هـ. 155 - طبقات الخواص أهل الصدق والإخلاص للشرجى الزبيدى -طبع مصر- حجر 1321 هـ. 156 - طبقات الشافعية الكبرى للسبكى -تحقيق د / محمود الطناحى، د / عبد الفتاح الحلو- طبع الحلبى الطبعة الأولى1383 هـ- 1964 م 157 - طبقات فقهاء اليمن -لابن سمرة الجعدى- تحقيق فؤاد سيد- طبع بيروت. 158 - طبقات القراء "غاية النهاية" للجزرى -تحقيق برجستراسر- القاهرة 1352 مطبعة السعادة 1923 م. 159 - الطبقات الكبرى -لابن سعد- بيروت 1376 هـ- 1957 م. 160 - طبقات المفسرين للدارودى -تحقيق على محمد عمر- الطبعة الأولى
1392 هـ-1972 م. مطبعة الاستقلال الكبرى. 161 - الطرائف الأدبية -تحقيق عبد العزيز الميمنى- طبع بيروت. 162 - العباب الزاخر واللباب الفاخر للصنعانى تحقيق الشيخ محمد آل ياسين- بغداد. العقد الفريد لابن عبد ربه -تحقيق أحمد زين، والإبيارى- مكتبة النهضة المصرية 1962 م. الطبعة الثانية. 164 - العقود اللؤلؤية فى تاريخ الدولة الرسولية -للخزرجى- تصحيح الشيخ محمد بسيونى عسل- طبع الهلال- 1329 هـ- 1911 م. 165 - العمدة فى غريب القرآن -لمكى بن أبى طالب القيسى- تحقيق يوسف المرعشلى- بيروت- الطعبة الثانية 1404 هـ- 1984 بيروت. 166 - عناية القاضى وكفاية الراضى على تفسير البيضاوى- بيروت. 167 - العين للخليل بن أحمد الفراهيدى جـ 1 تحقيق د / عبد الله درويش طبع المجمع العلمى- بغداد ومن جـ 2 - 8 تحقيق د / مهدى المخزومى، د / إبراهيم السامرائى -طبع الرشيد- بغداد. 168 - عيون الأخبار -لابن قتيبة- الهيئة المصرية العامة للكتاب- مصورة عن طبعة دار الكتب. 169 - عيون الأنباء فى طبقات الأطباء -لابن أبى أصيبعة -طبع مصر 1299 - 1300 هـ. 170 - غريب الحديث -للخطابى- تحقيق عبد الكريم العزباوى طبع دار الفكر- دمشق. 171 - غريب الحديث -لأبى عبيد القاسم بن سلام -طبع حيدر آباد- الهند 1384 هـ- 1964 م. 172 - غريب الحديث -لأبى الفرج الجوزى -تحقيق د / عبد المعطى أمين قلعجى- بيروت الطبعة الأولى 1405 هـ- 1985 م. 173 - غريب الحديث -لابن قتيبة- تحقيق عبد الله الجبورى- مطبعة العانى- بغداد 1977 م. 174 - الغريبين -غريبى القرآن والحديث- لأبى عبيد أحمد بن محمد الهروى- تحقيق د / محمود الطناحى -الجزء الأول- المجلس الأعلى للشئون الاسلامية 1390 هـ-1970 م. - الغريبين- غريبى القرآن والحديث مخطوط دار الكتب المصرية برقم: 175 - غلط الضعفاء من الفقهاء -لابن برى -مخطوط- ميكروفيلم بمعهد المخطوطات رقم 216 - لغة- فى ذيل لحن العوام للزبيدى. 176 - الفائق فى غريب الحديث -للزمخشرى- تحقيق على محمد البجاوى، ومحمد أبو الفضل إبراهيم الطبعة الثانية- عيسى الحلبى. 177 - الفاخر للمفضل بن سلمة -تحقيق عبد العليم الطحاوى- طبع الحلبى 1960 م. 178 - الفرق لابن فارس اللغوى -تحقيق د / رمضان عبد التواب- طبع الخانجى- القاهرة. 179 - الفروق اللغوية -لأبى هلال العسكرى- تحقيق حسام الدين القدسى بيروت
1401 هـ- 1981 م. 180 - فصل المقال فى شرح كتاب الأمثال-للبكرى- تحقيق د / إحسان عباس، د / عبد المجيد عابدين- الطبعة الثالثة 1403 هـ-1983 م بيروت. 181 - الفصيح -لثعلب- تحقيق د / عاطف مدكور- دار المعارف بمصر. 182 - فعلت وأفعلت -للزجاج- تحقيق ماجد حسين الذهبى- بيروت 1404 هـ- 1984 م. 183 - فقه اللغة وسر العربية -للثعالبى -تحقيق مصطفى السقا، وإبراهيم الإبيارى، وشلبى- طبع الحلبى 1392 هـ-1972 م. 184 - فقه اللغة- د/ على عبد الواحد وافى- طبعة سابعة- دار النهضة المصرية. 185 - القاموس المحيط -للمجد الفيروز آبادى- بيروت عن الطبعة المصرية. 186 - القلب والإبدال= الكنز اللغوى. 187 - قليوبى وعميرة -حاشيتان- إحداهما لشهاب الدين القليوبى- وثانيتهما للشيخ عمارة- على شرح جلال الدين المحلى على منهاج الطالبين لفقه المذهب الشافعى- طبع الحلبى. 188 - الكاشف فى معرفة من له رواية فى الكتب الستة للذهبى- تحقيق عزت عيد، وموسى محمد- الطبعة الأولى 1392 هـ- 1972 م. 189 - الكامل للمبرد -تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، والسيد شحاتة- طبع نهضة مصر. 190 - كتاب أفعل للقالى -تحقيق محمد الفاضل بن عشور- طبع تونس. 191 - اللكتاب -لسيبويه- تحقيق عبد السلام هارون- طبع الهيئة المصرية العامة للكتاب 1397 هـ- 1977 م. 192 - كشاف اصطلاحات الفنون -للتهانوى- تحقيق لطفى عبد البديع النهضة المصرية 1382 هـ-1963 م. 193 - الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل فى وجوه التأويل -للزمخشرى- ومعه حاشية السيد الشريف الجرجانى، وكتاب الإنصاف فيما تضمنتها لكشاف من الاعتزال لابن المنير- تحقيق محمد الصادق قمحاوى طبع الحلبى 1392 هـ- 1972 م. 194 - كشف الظنون عن أسامى الكتب والفنون -لحاجى خليفة طبع أوفست- بغداد 1952 م. 195 - الكشف عن وجوه القراءت السبع وعللها وحججها -لمكى القيسى- تحقيق د / محى الدين رمضان -طبع المجمع العلمى- دمشق 1394 هـ- 1974 م. 196 - كفاية المتحفظ ونهاية المتلفظ فى اللغة العربية- لابن الأحدابى- المطبعة الرحمانية. 197 - الكنز اللغوى فى اللسن العربى د / أوغست هفنر- طبع الكاثوليكية- بيروت 1903 م. 198 - اللباب فى تهذيب الأنساب لابن الأثير الجزرى- بغداد. 199 - لسان العرب لابن منظور طبع دار المعارف- بتحقيق عبد الله الكبير وآخرين.
200 - لغات مختصر ابن الحاجب للأموى مخطوطة دار الكتب 47 لغة. 201 - اللغة العربية خصائصها وسماتها د / عبد الغفار هلال- الطبعة الثالثة 1406 هـ-1986 م. 202 - اللفظ المستغرب فى شرح غريب المهذب للقلعى: رسالة ماجستير تحقيق مصطفى عبد الحفيظ سالم- إشراف د / عبد الغفار هلال 19800. 203 - المأثور عن أبى العميثل الأعرابى "ما اتفق لفظه واختلف معناه" طبع أوروبا. 204 - ما بنته العرب على فعال -للصنعانى- تحقيق د/ عزة حسن دمشق 1383 هـ-1964 م. 205 - ما تلحق فيه العامة للكسائى -تحقيق د / رمضان عبد التواب- مطبعة المدنى. 206 - مبادىء اللغة للإسكافى- تصحيح النعسانى طبع الخانجي 1325 هـ. 207 - المبسوط فى القراءات العشر -للأصبهانى- تحقيق سبيع حمزة- دمشق 1407 هـ-1986 م. 208 - المبسوط للسرخسى -مطبعة السعادة- القاهرة- الطبعة الأولى 1324 هـ. 209 - متخير الألفاظ لابن فارس -تحقيق هلال ناجى- بغداد طبعة أولى 1390 هـ-1970 م. 210 - المثلث لابن السيد البطليوسى-تحقيق صلاح مهدى على الفرطوسى- طبع العراق بغداد 1981م. 211 - مجاز القرآن لأبى عبيدة معمر بن المثنى التميمى -تحقيق سزكين- طبع الخانجي. 212 - مجالس ثعلب -تحقيق عبد السلام هارون- دار المعارف طبعة ثالثة. 213 - مجلة معهد المخطوطات العربية جـ 24/ 2/ 1978 م. 214 - مجمع الأمثال للميدانى -تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم طبع عيسى الحلبى. 215 - مجمل اللغة لابن فارس تحقيق زهير عبد المحسن سلطان- بيروت الطبعة الأولى 1404 هـ-1984 م. 216 - مجموع أشعار العرب -ديوان رؤبة بن العجاج -تحقيق وترتيب وليم بن الورد البروسِّى طبع ليبزج 1903 م برلين. 217 - المجموع شرح المهذب للنووى -الطباعة المنيرية- القاهرة. 218 - المحتسب فى تبيين وجوه شواذ القراءات، والاحتجاج عنها لابن جنى -تحقيق على النجدى ناصف، د / عبد الفتاح شلبى -القاهرة- المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 1389 هـ-1969 م. 219 - المحكم والمحيط الأعظم فى اللغة -لابن سيده ط تحقيق مصطفى السقا، وحسين نصار جـ 2، جـ 4 تحقيق عبد الستار أحمد فراج جـ 3 تحقيق عائشة عبد الرحمن جـ 5 تحقيق إبراهيم الإبيارى جـ 6 تحقيق مراد كامل جـ 7 تحقيق محمد عليا لنجار- طبع دار المعارفو معهد المخطوطات العربية.
220 - مختصر المذكر والمؤنث للمفضل بن سلمة- تحقيق د /رمضان عبد التواب- طبع الشركة المصرية للطباعة والنشر 1972 م. 221 - مختصر المزنى -حاشية على كتاب الأم للشافعى طبع الشعب. 222 - المخصص لابن سيده -بيروت عن الطبعة الأولى- بولاق 1319 هـ. 223 - المذكر والمؤنث- لابن الأنبارى جـ 1 تحقيق د / عضيمة- طبع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية- القاهرة 1981 م. 224 - المذكر والمؤنث لابن التسترى -تحقيق أحمد عبد المجيد هريدى نشر الخانجى بالقاهرة والرفاعى بالرياض طبعة أولى 1403 هـ-1983 م. 225 - المذكر والمؤنث لابن فارس- تحقيق د / رمضان عبد التواب -طبع الخانجى- طبعة أولى 1969 م. 226 - المذكر والمؤنث للفراء -تحقيق د / رمضان عبد التواب- دار التراث بالقاهرة 1975 م. 227 - مراصد الإطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع -للبغدادى -تحقيق على محمد البجاوى- طبع عيسى الحلبى- طبعة أولى 1373 هـ-1954 م. 228 - المرصع فى الآباء والأمهات والبنين والبنات والأولاد والذوات لابن الأثير. تحقيق: إبراهيم السامرائي- بغداد 1971 م. 229 - الزهر فى علوم اللغة وأنواعها -للسيوطى- تحقيق محمد أحمد جاد المولى وآخرين. طبع الحلبى. 230 - المسائل المشكلة "البغداديات" لأبى على الفارسى -تحقيق صلاح الدين عبد السنكاوى- طبع بغداد. 231 - المستقصى فى أمثال العرب للزمخشرى -بيروت- طبعة ثانية 1397 هـ-1977 م. 232 - المسند لابن حنبل -تحقيق أحمد شاكر -دار المعارف 1365 هـ-1946 م. 233 - مشارق الأنوار على صحاح الآثار -للقاضى عياض- طبع تونس ودار التراث بالقاهرة رقم 13. 234 - المشتبه فى الرجال أسمائهم وأنسابهم للذهبى -تحقيق محمد على البجاوى- طبع الحلبى طبعة أولى 1962 م. 235 - المشترك وضعًا والمفترق صقعًا لياتوت الحموى- تحقيق فردينان ديستفلند طبع بغداد. 236 - مشكل الآثار -للطحاوى- الهند طبعة أولى 1333 هـ. 237 - المصباح المنير -فى غريب الشرح الكبير للرافعى -للفيومى- تحقيق د / عبد العظيم الشناوى طبع دار المعارف 1977 م. 238 - المعارف لابن قتيبة -تحقيق د / ثروت عكاشة- دار المعارف- الطبعة الثانية.
239 - معالم السنن للخطابى -شرح سنن أبى داود- تصحيح محمد راغب الطباخ -حلب- الطبعة الأولى 1351 هـ- 1932 م. 240 - معانى القرآن للأخفش الأوسط -تحقيق د / فايز فارس- الكويت طبعة ثانية 1401 هـ-1981 م. 241 - معانى القرآن وإعرابه -للزجاج- تحقيق د / عبد الجليل شلبى- بيروت. 242 - معانى القرآن للفراء -تحقيق أحمد يوسف نجاتى -ومحمد على النجار- الهيئة المصرية العامة للكتاب 1980 م. 243 - معجم الأدباء -لياقوت الحموى- طبع دار المأمون- الطبعة الأخيرة. 244 - معجم الأفعال اللازمة المتعدية -مجلة المورد م 12 ع 1 لسنة 1403 هـ. 245 - معجم البلدان -لياقوت الحموى- بيروت 1397 هـ-1977 م. 246 - معجم الشعراء للمرزبانى -القدسى 1354 هـ. 247 - معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع للبكرى -تحقيق مصطفى السقا- بيروت. 248 - معجم المؤلفين -عمر رضا كحالة- دمشق 1376 هـ-1957 م. 249 - المعرب من الكلام الأعجمى على حروف المعجم للجواليقى -تحقيق أحمد محمد شاكر- دار الكتب المصرية الطبعة الأولى 1361 هـ 1942 م. 250 - معلقة عمرو بن كلثوم بشرح ابن كيسان -تحقيق د / محمد إبراهيم البنا دار الاعتصام طبعة أولى 1400 هـ-1980 م. 251 - المغانم المطابة فى معالم طابة -للفيروز آبادى- تحقيق أحمد الجاسر- الرياض 1389 هـ-1969 م. 252 - المغرب فى ترتيب المعرب -للمطرزى طبع الهند 1328 هـ. 253 - المغنى "مغنى اللبيب من كتب الأعاريب" لابن هشام الأنصارى- تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد- مطبعة المدنى. 254 - المغيث فى غريب القرآن والحديث لأبى موسى المدينى -مخطوط- ميكروفيلم معهد المخطوطات العربية "501 حديث". 255 - المفردات فى غريب القرآن للاغب الأصبهانى -إعداد محمد أحمد خلف الله- مكتبة الأنجلو. 256 - المفضليات "ديوان العرب- مجموعات من عيون الشعر" تحقيق أحمد محمد شاكر -عبد السلام هارون- دار المعارف- طبعة سادسة. 257 - مقاييس اللغة -لابن فارس تحقيق عبد السلام هارون -طبع الحلبى- الطبعة الأولى. 258 - المقتضب للمبرد -تحقيق د / عبد الخالق عضيمة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 1392 هـ-1972 م.
259 - مقدمتان فى علوم القرآن -تحقيق آرثر جفرى- طبع الخانجي 1392 هـ-1972 م. 260 - المقصور والممدود -لنفطويه- تحقيق حسين الشاذلى فرهود- المطبعة العربية الحديثة بالقارة 1400 هـ -1980 م. 261 - المقصور والممدود للوشاء -تحقيق د / رمضان عبد التواب- طبع الخانجي 1979 م. 262 - المقصور والممدود لابن ولاد تصحيح السيد محمد النعسانى مطبعة السعادة طبعة أولى 1326 هـ-1908 م. 263 - الملمع -للنميرى- تحقيق وجيهة السطل- دمشق 1396 هـ. 264 - الممتع فى التصريف -لابن عصفور- تحقيق فخر الدين قباوة- بيروت طبعة رابعة 1399 هـ -1979 م. 265 - منال الطالب فى شرح طوال الغرائب -لابن الأثير تحقيق محمود الطناحى- مطبعة المدنى. 266 - منتخبات فى أخبار اليمن -طبع ليدن 1916 م. 267 - المنجد فى اللغة لكراع -تحقيق د / أحمد مختار عمر- د / ضاحى عبد الباقى- مطبعة الأمانة بالقاهرة. 268 - المنصف -لابن جنى- تحقيق إبراهيم مصطفى، وعبد الله أمين -طبع الحلبى- الطبعة الأولى 1370 هـ- 1960 م. 269 - المنقوص والممدود للفراء -تحقيق الميمنى- دار المعارف بمصر. 270 - المنقوص والممدود لنفطويه. 271 - المهذب -للشيرازى- طبع عيسى الحلبى. 272 - المؤتلف والمختلف للآمدى -تحقيق عبد الستار فراج- طبع الحلبى 1381 هـ- 1961 م. 273 - الموطأ -للإمام مالك- رواية الامام محمد بن الحسن الشيبانى- تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف -المجلس الأعلى للشئون الإسلامية- الطبعة الثانية 1387 هـ-1967 م. 274 - ميزان الاعتدال فى نقد الرجال -للذهبى- تحقيق على محمد البجاوى طبع الحللأ سنة 1382 هـ-1963 م. 275 - النجوم الزاهرة فى سلوك مصر والقاهرة -لابن تغرى بردى طبع دار الكتب المصرية 1353 هـ - 1935 م. 276 - النخلة -لأبى حاتم- من مجلة المورد "م 14 ع 3". 277 - نسب عدنان وقحطان -للمبرد- تحقيق عبد العزيز الميمنى- طبع لجنة التأليف والترجمة والنشر 1354 هـ-1936 م. 278 - نسب قريش -لمصعب الزبيرى تحقيق ليفى بروفنسال -دار المعارف- الطبعة الثانية. 279 - نصب الراية فى أحاديث الهداية للزيلعى -طبع الهند 1357 هـ-1938 م.
280 - نظام الغريب فى اللغة -للربعى- تحقيق محمد بن عليا لأكوع -دمشق 1400 هـ -1980 م. 281 - النعم والبهائم -لابن قتيبة- طبع أوروبا. 282 - نهاية الأرب- للنويرى دار الكتب المصرية 1935 م. 283 - النهاية فى غريب الحديث والأثر لابن الأثير -تحقيق طاهر الزواوى، ومحمود الطناحى- طبعة أولى 1383 هـ-1963 م. 284 - نوادر أبى مسحل الأعرابى- تحقيق د / عزة حسن- دمشق 1380 هـ- 1961 م. 285 - النوادر فى اللغة لأبى زيد الأنصارى -تحقيق محمد عبد القادر أحمد- بيروت 1401 هـ-1981 م. 286 - نوادر المخطوطات -تحقيق عبد السلام هارون طبع الحلبى- طبعة ثانية 1392 هـ-1972 م. 287 - هدية العارفين لأسماء المؤلفين وآثار المصنفين -للبغدادى- طبع بغداد 1952 م- الوجيز للرافعى. 288 - الوجيز للرافعى. 289 - وفيات الأعيان وإنباء أبناء الزمان لابن خلكان -تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد- مطبعة السعادة- طبعة أولى 1367 هـ- 1948 م. 290 - يتيمة الدهر فى محاسن أهل العصر -للثعالبى- تحقيق مفيد محمد- بيروت 1403 هـ-1983 م.
كتاب النَّظْمُ المُسْتَعْذَبُ فِي تفْسِير غريبِ ألْفَاظِ المهَذّبِ تصنيف الإمام بطّالِ بْن أحْمد بْن سُليْمان بْن بطّالِ الرَّكْبِيِّ المتوفى سنة 633 هـ القسم الثاني دراسة وتحقيق وتعليق دكتور مصطفى عبد الحفيظ سَالِم 1411 هـ - 1991 م
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ المكتبة التجارية - مكة المكرمة الشامية أمام فندق الصفا تليفون المركز الرئيسي: 5749022 تليفون فرع النزهة: 5459850 تليفون فرع الجامعة: 5581584
من باب الشركة
مِنْ بابِ الشَّرِكَةِ يُقالُ: شَرِكَهُ فِى الْبَيْعِ (¬1) يَشْرَكُهُ شِرْكَةً، وَالاسْمُ: الشِّرْكُ، ويقال: شِرْكَةٌ- بِكَسْرِ الشّينِ وَإسْكانِ الرّاءِ، وَشَرِكَةٌ- بِفَتْحِ الشِّينِ وَكَسْرِ الرّاءِ. قَوْلُهُ: "أَنا ثالِثُ الشَّريكَيْنِ" (¬2) مَعْناهُ: أنا مَعَهُما بِالْحِفْظِ وَالرِّعايَةِ، فَأمُدُّهُما بِالْمَعونَةِ فِى أمْوالِهِمَا وَإنْزالِ (¬3) الْبَرَكَةِ فِى تِجارَتِهِما فَإذا وَقَعَتْ بَيْنَهُما (¬4) الْخِيانَةُ: رَفَعْتُ عَنْهُمَا الْبَرَكَةَ وَالِإعانَةَ، وَهُوَ مَعْنَى "خَرَجُتْ مِنْ بَيْنِهِما". "أبو جَمْرَةَ" (¬5) بِالْجيمِ وَالرّاءِ: نَصْرُ بْنُ عِمْرانَ الضُّبَعَىُّ (¬6)، صاحِبُ ابْنِ عَبّاسٍ. قَوْلُهُ: شَرِكَةُ الْعِنانِ" (¬7) مَشْهورَةٌ عِنْدَ الْعَرَبِ، قالَ [الْجَعْدِىُّ] (¬8): وَشارَكْنا قُرَيْشًا فِى تُقاها ... وَفِى أَحْسابِها شِرْكَ الْعِنانِ وَفيها أقْوالٌ كثيرَةٌ. ¬
فَقيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِظُهورِها، يُقالُ: عَنَّ الشَّيْىءُ: إِذا ظَهَرَ. وَقيلَ: لِاشْتِراكِهِما فيما يَعِنُّ مِنَ الرِّبْحِ، يُقالُ: عَنَّ الشَّيْىءُ: إِذا عَرَضَ. وَقيلَ: مِنَ الْمُعانَنَةِ، وَهِىَ: الْمُعارَضَةُ؛ لِأنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّريكَيْنِ عارَضَ شَريكَهُ بِمِثْلِ مالِهِ. وَقيلَ: مأْخوذٌ (9) مِنْ عِنَانِ دَابَتّىَ الرِّهانِ؛ لِأنَّ الْفارسَيْنِ إِذا تَسابَقا: تَساوى عِنانَا فَرَسَيْهِما، كَذَلِكَ الشَّرِكَةُ يَتَساوى فيها الشَّريكانِ. وَقيلَ: مأْخوذٌ (¬9) مِنْ عِنانِ فَرَسَىِ الرِّهانِ، بِمَعْنًى آخَرَ؛ لأنَّ الشَّريكَ يَحْبِسُ نَفْسَهُ عَنِ التَّصَرُّفِ بِالْمالِ فى سائِرِ الْجِهاتِ إلَّا فِى الجهَةِ الَّتى يُريدُها، وَقيلَ: لأنَّهُ يُمْسِكُ الْعِنانَ بِإِحْدى يَدَيْهِ، وَيَحْبِسُها عَلَيْهِ، وَالأخْرى مُرْسَلَةٌ يَتَصَرَّف بِها كَيْفَ شاءَ، كَذَلِكَ هَذِهِ الشَّرِكَة، بَعْضُ مالِهِ مَقصورٌ عَنِ التَّصَرُّفِ فيهِ؛ لِأجْلِ الشَّرِكَةِ، وَبَعْضُ مالِهِ يَتَصَرَّفُ فيهِ كَيْف شاءَ (¬10). وَ (¬11) "شَرِكَةُ الْمفاوَضَةِ" (¬12) مَأْخوذ (¬13) مِنْ قَوْلِهِمْ: قَوْمٌ فَوْضَى، أَىْ: مُتساوونَ لا رَئيسَ لَهُمْ، وَنَعامٌ (¬14) فَوْضَى، أىْ: مُخْتَلِطٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَكَذَلِكَ: جاءَ الْقوْمُ فَوْضى، ¬
وَيُقالُ: أَمْوَالُهُمْ فَوْضَى بَيْنَهُمْ، أَىْ: هُمْ شُرَكاءُ فيها، وَفَيْضوضَى: مِثْلُهُ، يُمَدُّ وَيُقْصَرُ (¬15). وَتَفاوَضَ الشَّريكانِ فِى المْالِ: إِذا اشْتَرَكا فيهِ أَجمَعَ، وَهِىَ شَرِكَةُ الْمُفاوَضَةِ. ذَكَرَ هَذا كُلَّهُ الْجَوْهَرِىُّ (¬16) وَ"شَرِكَةُ الْوُجوهِ" (¬17) تَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ، أَحَدُهُما: أَن يَشْتَرِىَ شَيْئًا بِوَجْهِهِ، أَىْ: بِنَفْسِهِ، وَلا يَنْوِى صَاحِبَهُ، وَلَا يَذْكُرُهُ فِى الْبَيْعِ، ثُم يُشارِكُهُ الْآخَرُ فيهِ، وَالْآَخَرُ: أَنْ يَكونَ بِمَعْنَى الْجاهِ وَالْحَظِّ، يُقالُ: وَجُهَ الرَّجُلُ: إذا صارَ وَجيهًا [أَىْ] ذا جاهٍ وَقَدْرٍ، فَكأنَّهُ يَشْتَرى (¬18)؛ لِيُرْخَصَ لَهُ فِى الْبَيْعِ؛ لِقَدْرِ حَظِّهِ وجاهِهِ، ثُمَّ يُشارِكُهُ الْآخَرُ. قَوْلُهُ: "أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ" (¬19) أَىْ: يُنَحِّىَ نَفْسَهُ عَنِ التَّصَرُّفِ، مِنْ قَوْلِهمْ: عَزَلَهُ عَنِ الْعَمَلِ: إِذا نَحّاهُ، وَعَزَلَ عَنْ أمَتِهِ: إذا نَحِّى ماءَهُ عَنْها، وَاعْتَزَلَ وَتَعَزَّلَ بِمَعْنًى، قالَ الْأَحْوَصُ (¬20): يا دَيْرَ عاتِكًة الَّذى أَتعَزَّلُ ... . . . . . . . . . . . . . أَىْ: أَتجَنَّبُهُ وَأَتَنَحَّى عَنْهُ. ¬
كتاب الوكالة
كِتابُ الْوَكالَةِ الْوَكالَةُ: مُشْتَقَّة مِنْ وَكَلَ الْأمْرَ الَيْهِ: إذا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ، وَأَظْهَرَ الْعَجْزَ عَنْهُ؛ لِضَعْفٍ او لِرَاحَةٍ، وَمِنْهُ الْحَديثُ "اللَّهُمَّ لا تَكِلْنا إلى أَنفُسِنا" وَقَدْ تَقَدَّمَ (¬2)، وَفِى حَديثٍ آخَرَ: "وَإنْ أَعْطيتَها عَنْ مَسْألةٍ وُكِلْتَ إلَيْها" (¬3). قَوْلُهُ: "إنَّ لِلْخُصوماتِ قُحَمًا" (¬4) وَفَسرهُ الشَّيْخُ بِالْمَهالِكِ (¬5)، قالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬6): قَحَمَ فى الْأَّمْرِ قُحومًا: (¬7) رَمَى بِنَفْسِهِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ، وَالْقُحْمَةُ -بِالضَّمِّ: الْمَهْلَكَةُ، وَقُحَمُ الطَّريقِ: مَصاعِبُهُ، وَلِلْخُصومَةِ قُحَمٌ: أَىْ أَنَّها تَقْحَمُ بِصاحِبِها عَلى ما لا يُريدُهُ. قَوْلُهُ: "وَأَخْذُ الجِزَى" (¬8) بِكَسْرِ الْجيمِ: هُوَ جَمْعُ جِزْية، وَهُوَ: ما يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَأَصْلُهُ: الْفِداءُ. قالَ اللهُ تَعالَى: {يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} (¬9). ¬
"وَاغْدُ يا أَنَيْس" (¬10) أمْضِ بِالْغداةِ. قَوْلُهُ: "فَتَنَحَّى بِهِ" (¬11) أَىْ: مَضى بِهِ إِلى ناحِيَةٍ أُخْرى غَيْرِ ناحِيَةِ الْمُوَكّلِ. قَوْلُهُ: "عَلَى الْفَوْرِ وَعَلَى التَّراخِى" (¬12)، "فَوْرِهِ يُبادِرُ" أَىْ: مِنْ ساعَتِهِ (¬13) وَحِينهِ، وَهُوَ مأْخوذٌ مِنْ فارَتِ الْقِدْرُ تَفورُ فَوْرًا وَفَوَرانًا: إِذا جاشَتْ وَغَلَتْ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: ذَهَبْتُ فى حاجَةٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ فُلانًا عَلى فَوْرى، أَىْ: قَبْلَ أَنْ أسْكُنَ. ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِىُّ (¬14). وَالتَّراخِى: الإِبْطاءُ وَالتَّأْخيرُ وَتَرْكُ الْعَجَلةِ، يُقالُ: تَراخَى السَّماءُ [أَىْ] (¬15) أَبْطَأَ الْمَطرُ. وَمَعْناهُ: التَّساهُلُ وَتَرْكُ الاسْتِعْجالِ وَالْمُبادَرَةِ. قَوْلُهُ: "رَأْسُ الدِّينِ النَّصيحَةُ" (¬16) مَعْناهُ: أَصْلُهُ الَّذى يَقُومُ بِهِ، مُسْتعارٌ مِنْ رَأْسِ الِإنْسَانِ الَّذى لَا يَبْقى الإنْسَانُ مَعَ ذَهابِهِ. وَالنَّصيحَةُ: فَعيلَةٌ مِنَ النُّصْحِ، وَهْوَ: الصِّدْقُ بِالْخَبَرِ، يُقالُ: نَصَحتُهُ نُصْحًا وَنَصاحَةً، قالَ اللهُ تَعالَى {وَأَنْصَحَ لَكُمْ} (¬17) وَالنَّصيحُ (¬18): ¬
النَّاصِحُ، وَاشْتِقاقُهُ مِنَ النَّصْحِ، وَهُوَ: الْخِياطَةُ، نَصَحَ ثَوْبَهُ: إِذا خاطَهُ، وَالنِّصاحُ: الْخَيْطُ، وَيُقالُ لِلْمِخْيَطِ: نِصاحٌ ومِنْصَحٌ. قالَهُ الزَّجّاجُ (¬19). وَمَعْنَى "لِلَّهِ" أَىْ: بِاعْتِقادِ وَحْدانِيَّيهِ، وَأَداءِ فَرائِضِهِ وَحُقوقِهِ. "وَلِرَسولِهِ" الِإيمانُ بِنُبُوَّتِهِ، وَتَصْديقُ ما جاءَ بِهِ. "وَلِكِتابِهِ" الِإيمانُ بِهِ، وَالْعَمَلُ بِما فيهِ. "وَلِأئِمَّةِ الْمُسْلِمينَ" بِالطَّاعَةِ وَالصَّدْقِ وَتَرْكِ الْمُخالَفَةِ. "وَلِلْمُسْلِمينَ" فِى الْمُعامَلاتِ، بِتَرْكِ الْغِشِّ وَالْخِداعِ، وأَنْ يُحِبَّ لأخِيهِ الْمُسْلِمِ ما يُحِبُ لِنَفْسِهِ (¬20). قَوْلُهُ: "يَتَرفَّعُ عَنْهُ" (¬21) أَىْ: يَتَنَزَّهُ وَيَتَشَرَّفُ، يُقالُ: رَجُلٌ رَفِيعٌ، أَىْ (¬22): شَريفُ الْقَدْرِ. وَيَجوزُ أَنْ يَكونَ مِنَ الارْتِفاعِ الَّذى هُوَ ضِدُّ الانْخِفاضِ. قَوْلُهُ: "فِى تَثْبيتِ حَقٍّ" (¬23) هُوَ: إِقْرارُهُ وَلُزومُهُ لُزومًا لا يُفارِقُهُ، وَمِنْهُ يُقالُ: اثْبَتَهُ السُّقْمُ (¬24): إذا لَمْ يُفارِقْهُ، وَالثَّبَتُ: الْحُجَّةُ اللَّازِمَةُ، وَفُلان ثَبَتٌ (¬25) فِى الْخُصومَةِ، أَىْ: لَا يَزِلُّ لِسانُهُ عِنْدَ الْخُصومَةِ، وَقَوْلُهُ تَعالَى: {لِيُثْبِتُوكَ} (¬26) ¬
أَىْ: يَجْرَحوكَ جِراحَةً لَا تَقومُ مَعَها، مِنْ أَثْبَتَ الرَّمِيَّةَ: إِذا أَصابَها فَلَزِمَتْ مَكانَها وَلَمْ تَقُمْ. قَوْلُهُ: ["يُتَّهَمُ" أَىْ] (¬27): تَلْحَقُهُ التُّهَمَةُ، أَصْلُها: مِنْ تَوَهَّمْتُ، أَىْ: ظَنَنْتُ، وَأَوهَمْتُ غَيْرى إِيهامًا، وَاتَّهمْتُ فُلانًا بِكَذا، وَالاسْمُ: التُّهَمَةُ- بِالتَّحْريكِ. وأَصْلُ التّاءِ فيهِ واوٌ عَلى ما ذَكَرْناهُ فى وَكَلَ وَاتَّكَلَ (¬28). قَوْلُهُ: "الاسْتِقْصاءُ لِلْمُوَكِّلِ" (¬29) طَلَبُ الْأقْصى، وَهُوَ: الْبَعيدُ، أَىْ: يَجْتَهِدُ أَقصَى الْجُهْدِ، أَىْ: أَبْعَدَهُ قَوْلُهُ: "بِغَيْرِ نَقدِ الْبَلَدِ" (¬30) نَقَدْتُ الدَّراهِمَ وَانْتَقَدْتُها: إِذا أَخْرَجْتَ مِنْها الزَّيْفَ، وَالدِّرْهَمُ نَقْدٌ، أَىْ: وازِنٌ جَيِّدٌ، وَالنّاقِدُ وَالنَّقّادُ: الَّذى يَعْرفُ الْجَيِّدَ وَالرَّدىءَ مِنْها. وَنَقَدْتُ لَهُ الدَّراهِمَ فَانْتَقَدَهَا، أَىْ: قَبَضَها أَيضًا، وَالنَّقْدُ ضِدُّ الْفَقْدِ، أَىْ: يَدًا بِيَدٍ. قَوْلُهُ: "مِمّا يَتَغابَنُ النّاسُ بِمِثْلِهِ" (¬31) قَدْ ذُكِرَ الْغَبْنُ وَالْغَبَنُ (¬32). قَوْلُهُ: "فَدَعا لَهُ بالْبَرَكَةِ" (¬33) أَىْ: بِالنَّماءِ وَالزِّيادَةِ، مِثْلِ بَرَكَةِ الْمالِ وَالطَّعامِ. وَالْبَرَكَةُ أَيْضًا: الِإقامَةُ وَالدَّوَامُ، وَمِنْهُ {تَبَارَكَ اللَّهُ} (¬34) أَىْ: دامَ. وَدَوامُ النِّعْمَةِ أيضًا: الِإقامَةُ (¬35)، وَمِنْهُ سُمِّيَت الْبِرْكَةُ؛ لإقامَةِ الْماءِ فيها. ¬
قَوْلُهُ: "الْحَديثُ يُتَأوَّلُ" (¬36) أَىْ: يُنْظَرُ ما يَؤُولُ إلَيْهِ أَمْرُهُ فِى تَفْسيرِهِ، وَهُوَ: تَأْوِيلُهُ، مَأْخوذٌ مِنَ الْأوْلِ (¬37)، وَهُوَ: الرُّجوعُ، يُقالُ: آل المُلْكُ إلى فُلانٍ، أىْ: رَجَعَ. قَوْلُهُ: "إذا (¬38) بَطَلَتْ وِكَالَةُ الْأصْلِ بَطَلَتْ وَكالَةُ الْفَرْعِ" أَصْلُهُ: مِنْ أَصْلِ الشَّجَرَةِ الْمُتَّصِلِ بِالْأَرْضِ، وَالْفَرْعِ مِنْ فُروعِها، وَهِىَ: أَغْصانُها الْمُرْتَّفِعَةُ، يُقالُ: فَرَعَ الْأَكَمَةَ، أىْ: عَلاهَا (¬39) قَوْلُه: "مِنْ غَيْرِ تَفْريطٍ" (¬40) هُوَ: مِنْ فَرَط، أَىْ: تَقَدَّمَ، وَالْفَرَطُ: أوَّلُ الْوَارِدَةِ (¬41)، كَأَنَّهُ تَقَدَّمَ فِى الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ وَلَا اسْتِظْهارٍ. وَقالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬42): فَرَطَ فِى الْأمْرِ يَفْرُطُ، أىْ: فَصَّرَ فيهِ وَضَيَّعَهُ حَتَّى فاتَ، وَكَذَلِكَ التَّفْريطُ. قوْلُهُ: "فِى كَيْفِيَّتِه" (¬43) مَنْسوبٌ إلى "كَيْفَ" وَهِىَ كَلِمَةُ اسْتِفْهامٍ، أَىْ: كَيْفَ وَقَعَ (كَما قالوا فى الْكِميَّةِ) (¬44) فِى النَّسبِ إلَى "كَمْ" الاسْتِفْهامِيَّةِ، بِتَشْدِيدِ المْيمِ وَتَخْفيفِهَا (¬45). ¬
قَوله: "يَرْفُقَ الْحاكِمُ بِالْمُوكِّلِ" (¬46) الرِّفْقُ: ضِدُّ الْعُنْفِ، أَىْ: يَلْطُفَ بِهِ وَيُلينَ لَهُ الْقَوْلَ حَتَّى يَسْكُنَ إِليْهِ "تَعَذُّرُ الثَّمَنِ مِنْ جِهَتِهِ" (¬47) أَىْ: تَعَسُّرُ، يُقالُ: تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْأمْرُ، أَىْ: تَعَسَّرَ، قالَهُ الْجَوْهَرِىُّ (¬48). ¬
ومن باب الوديعة
وَمِنْ بابِ الْوَديعَةِ الْوَديعَةُ: مُشْتَقَّةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: الشَّيْىءُ وادِعٌ، أَىْ ساكِنٌ، فَكَأَنَّها ساكِنَةٌ عِنْدَ الْمودَعِ، لا تُحَرَّكُ. وَقيلَ: إنَّها مُشْتَقَّةٌ مِنَ الدَّعَةِ، وَهِىَ: الأَمانُ، أَىْ: هِىَ فِى أَمانٍ مِنَ التَّلَفِ عِنْدَ الْمُوْدَعَ. قُلْتُ: وَهَذا الاشْتِقاقُ واحِدٌ؛ لأَن الْوَديعَةَ فاؤُهَا وَاوٌ، وَالدَّعَةُ فاؤها وَاوٌ. قَوْلُهُ تَعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬1) الْبِرُّ: اسْمٌ جامِعٌ لِلْخَيْرِ كُلِّهِ. وَالتَّقْوَى: فَعْلَى مِن اتَّقَيْتُ، وَالتّاءُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْواوِ، وَأَصْلُها: وَقْوَى، اتَّقى يَتَّقى، أصله: اوْتَقَى عَلَى افْتَعَلَ، فأُبْدِلَتِ الْواوُ تاءً وَهُوَ مِنَ الْوِقايَةِ. أَىْ: ما يَقى الِإنْسانَ مِنَ الْأذَى فِى الدُّنْيا وَفِى (¬2) الْآخِرَةِ مِنَ الْعَذابِ. "كَشَفَ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيا" (¬3) مَضى تَفْسيرُهُ فِى الْقَرْضِ (¬4). قَوْلُهُ: "وَاللهُ فِى عَوْنِ الْعَبْدِ" الْعَوْنُ: الظَّهيرُ عَلَى الأَمْرِ، وَالْجَمْعُ أَعوَانٌ. وَقَوْلُهُ تَعالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (1) أَىْ: تَظاهَرُوا (¬5) وَتَساعَدوا وَلَا يَنْفَرِد بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ. ¬
قَوْلُهُ: "تَعَيَّنَ عَليْهِ [قَبولُهَا] (¬6) " أَىْ: لَزِمَهُ بِنَفْسِهِ (¬7) (وَعَيْنُ الشَّيْىءِ نَفسُهُ، يُقالُ: هُوَ هُوَ بِعَيْنِهِ، وَلا آخُذُ إِلَّا دِرْهمى بِعَيْنِهِ) (¬8) إِذا لَمْ يُرِدِ التَّوْكيدَ، فَإِنْ أَرادَ التَّوْكيدَ حَذَفَ الْباءَ. قَوْلُهُ: "حُرْمَة مالِ [الْمُؤُمِنِ] (¬9) كَحُرْكَةِ دَمِهِ" الْحُرْمَةُ: هُوَ ما يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ انْتِهاكُهُ، كَما يَحْرُمُ قَتْلُهُ وَإِراقَةُ دَمِهِ. قَوْلُهُ: " [وَيُعَرِّضُها] لِلْهَلاكِ" (¬10) أَىْ [يَنْصِبُها لَهُ وَيُظهِرُهَا لِمَنْ يَأْخُذُها] (¬11)، وَقَوْلُة تَعالَى: {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا} (¬12) أَىْ: أَبْرَزْناها وَجَعَلْنَاهَا بِمَكانٍ يَرَوْنَها. قَوْلُهُ: "مَكَّنَهُ" (¬13) [مَكَّنَهُ] (¬14) مِنَ الشَّيْىءِ وَأَمكَنَهُ، أَىْ: سَلَّطَهُ عَلَيْهِ، فَهُوَ قادِرٌ عَلَيْهِ لا يَمْنَعُهُ مِنْهُ مانِعٌ. قَوْلُهُ: ["الِإغْماءُ" (¬15)] أُغْمِىَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُغْمّى عَلَيْهِ، أَىْ: غُشِىَ (¬16) عَلَيْهِ، وَهُوَ مَغْشِىّ عَلَيْهِ (¬17). ¬
قَوْلُهُ: ["أَمانَةٌ"] (¬18)، الْأمينُ: مُشْتَقٌّ مِنَ الْأمانِ، وَهُوَ ضِدُّ الْخَوْفِ؛ لأنَّهُ يأْمَنُ عَلَيْها فِى يَدهِ، وَلَا يَخافُ تَلَفَها. قَوْلُهُ: "الْحِرْزَ" (¬19) هُوَ مِنْ أَحْرَزَ الشَّيْىءَ: إِذَا احْتاطَ فِى حِفْظِهِ، وَهُوَ: الْمَوْضِعُ الْحَصينُ. يُقالُ: هَذا حِرْزٌ حَريزٌ. وَيُسَمَّى التَّعْويذُ حِرْزًا؛ لِأنَّهُ يُحْرِزُ صاحِبَهُ، أَىْ: يَحْفَظُهُ وَيُحَصِّنُهُ مِمَّا يَحْذَرُ. قَوْلُهُ: ["الْجَيْبُ" (¬20)] جَيْبُ الْقَمِيصِ (¬21) مُشْتَقٌ مِنْ جابَ: إذا قَطَعَ، يُقالُ: جُبْتُ الْقَميصَ أجُوبُهُ: إِذا قَوَّرْتَ جَيْبَهُ. وَالْمِجْوَبُ: حَديدَةٌ يُجابُ بهِا، أَىْ: يُقْطعُ، وَقَوْلُهُ تَعالى: {جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} (¬22) أَىْ: قَطَعوهُ. قَوْلُهُ: "الْكُمّ" لِلْقَميصِ (¬23)، أَصْلُهُ: الْغِطاءُ، وَالْجَمْعُ: أَكْمامٌ وَكِمَمَةٌ (¬24)، وَالْكُمَّةُ: الْقَلَنْسُوَةُ الْمُدَوَّرَةُ؛ لِأنَّها تُغَطِّى الرّأسَ. قَوْلُهُ: "الْخاتَمَ" (¬25) فيهِ لُغاتٌ: خاتَمٌ بِفَتْحِ التَّاءِ؛ وَخاتِمٌ بِكَسْرِها؛ وَخاتامٌ؛ وَخَيْتامٌ (¬26). وَاشْتِقاقُها: مِنَ الْخَتْمِ عَلى الشَّيْىءِ كَىْ لا يُفْتَح، مِنْ خَتْمِ الدَّنِّ وَغَيْرِهِ. ¬
"الخنْصَرُ" هِىَ الصُّغْرى مِنَ الْأصابعِ، وَقَدْ ذَكَرْناها، وَقَدْ ذَكَرْنا أسْماءَ سائِر اْلأَصابعِ فِى كِتابِ الصَّلاةِ (¬27) وَفِى الِإصْبع أرْبَعُ لُغاتٍ (¬28): إصْبَعٌ مِثْلُ دِرْهَمٍ؛ وإصْبعٍ بِكَسْرَتَيْنِ مِثْلُ إِثْمِدٍ؛ وَأُصْبُعٌ بِضَمَّتَيْنِ مِثْل أبْلُمٍ؛ وأُصْبَعٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْباءِ، مِثالُ (¬29) أُكْرَمُ؛ وَفيه لُغَةٌ خامسَةٌ: أَصبْعٌ بَفتْحِ الْهَمْزَةِ. وَكسْرِ الباءِ، مِثالُ أَضْرِبُ، وَذَكَرَ ابْنُ بَابْشَاذَ "اصْبُع" مِثْلَ امْشُوا، قالَ: وَهِىَ قَليلٌ. قَوْلُهُ: "يَضْرِبُ مَعَ الْغُرمِاءِ" (¬30) مَأْخوذٌ مِنَ الضّارِبِ الَّذى يَضْرِبُ بِالْقِداحِ، وَهُوَ: المْوَكَّلُ بِها، وَمِثْلُهُ: الضَّريبُ وَالْجَمْعُ: الضُّرَباءُ؛ لِأنَّهُ يَضْرِبُ مَعَ الْغُرَماءِ بسَهْمٍ. قَوْلُهُ: ["كإخْراجِ] (¬31) الثِّيابِ لِلتَّشْريرِ" شَرَّ الثَّوْبَ وَشَرَّرَهُ [وَنَشَرَهُ] (¬32) إِذا بَسَطَهُ فى الشَّمْسِ لِيَجفَّ. ذَكَرَهُ فى دِيوانِ الْأدَبِ (¬33). وَكَذَلِكَ: شَرَرْتُ الْأَقِطَ أشُرُّهُ شَرًّا: إِذا بَسَطْتَهُ عَلى خَصَفَةٍ (¬34) لِيَجفَّ. ¬
باب العارية
بابُ الْعارِيَّةِ (*) قال الجَوْهَرِىُّ (¬1): الْعارِيَّةُ- بِالتَّشْديدِ: كَأَنَّها مَنْسوبَةٌ إِلَى الْعارِ؛ لأنَّ طَلَبَها عارٌ وَعَيْبٌ. وَيُنْشَدُ (¬2): إِنَّما أَنْفُسُنا عارِيَّةٌ ... والْعَوَارِىُّ [قُصارى] (¬3) أَن تُرَدّْ وَالْعارَةُ: مِثْلُ الْعارِيَّةِ، قالَ ابْنُ مُقْبِلٍ (¬4): فَأَخلِفْ وَأَتلِفْ إِنَّما الْمالُ عارَةٌ ... وَكُلْهُ مَعَ الدَّهْرِ الَّذى هُوَ آكِلُهْ وَقَدْ قيلَ: مُسْتَعارٌ بِمَعْنَى مُتَعاوَرٌ، أَىْ: مُتَداوَلٌ. وَقالَ غَيْرُهُ: لِأنَّها تُتَناوَلُ بِالْيَدِ، وَفِى الْحَديثِ: "فَتَعَاوَرُوهُ بِأَيْديهِمْ" أَىْ: تَناوَلوهُ وَتَداوَلوهُ. وَقيلَ: اشْتقاقُها: مِنْ عارَ إِذا ذَهَبَ وَجاءَ، فَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِذَهابِهِا إِلَى يَدِ الْمُسْتَعيرِ، ثُمَّ عَوْدِها إِلى يَدِ الْمُعيرِ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْعِيرُ، لِذَهابِها وَعَوْدَتِها، وَمِنْهُ قيلَ لِلرَّجُلِ الْبَطَّالِ: عَيَّارٌ. وَحَكَى الْفَرَّاءُ رَجُلٌ عَيَّارٌ: إِذا كانَ كَثيرَ التَّطْوَافِ (¬5) وَالْحَرَكَةِ ذَكِيًا (¬6). ¬
قَوْلُهُ فِى -الْحَديثِ: "بِقاعِ قَرْقَرٍ تَشْتَدُّ عَلَيْهِ" (¬7) الْقاعُ: الْمُسْتَوى مِنَ الأرْضِ، وَالْجَمْعُ: أَقْوُعٌ وَأَقْوَاعٌ وَقيعانٌ، صارَتِ الْوَاوُ ياءً؛ لِكَسْرِ ما قَبْلَها. وَالْقيعَةُ: مِثْلُ الْقاعِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعالَى: {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ} (¬8) وَالْقَرْقَرُ: الْأمْلَسُ، قالَهُ الْجَوْهَرِىُّ (¬9). وَقَالَ الْهَرَوِىُّ (¬10): الْقَرْقَرُ: الْمَكانُ الْمُسْتَوِى، وَقَدْ رُوِىَ "بِقاعٍ قَرِقٍ" (¬11) وَهُوُ مِثْلُهُ. وَتَشْتَدُّ، أَىْ: تَعْدو، وَقَدْ شَدَّ، أَىْ: عَدَا. قَوْلُهُ: "حَلَبُهَا عَلَى الْماءِ" (¬12) بِفَتْحِ اللَّام، يُقالُ: حَلَبَ حَلَبًا بِالتَّحْريكِ، وَكَذَلِكَ الْحَلَبُ: الَّلبَنُ الْمَحْلوبُ. قَوْلُهُ: "إباحَةٌ [لِلتَّصَرُّفِ] (¬13) " الْمُباحُ خِلافُ الْمَحْظورِ، وَأَبَحْتُكَ الشَّيْىءَ: أحْلَلْتُهُ لَكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ. قَولُهُ: "أَدْرُعًا وَسِلاحًا" السِّلاحُ: اسْم لِكُلِّ ما يُقاتَلُ بِهِ مِنَ الْحديدِ وَغَيْرِهِ، وَجَمْعُهُ: أَسْلِحَةٌ، قالَ الطِّرِمَّاحُ (¬14) وَذَكَرَ ثَوْرًا يَهُزُّ قَرْنَهُ عَلى الْكِلابِ لِيَطْعَنَها (¬15) بِهِ: يَهُزُّ سِلاحًا لَمْ يَرِثْها كَلالَةً ... يَشُكُّ بِها مِنْها أُصولَ الْمغابِنِ ¬
[قَوْلُهُ] (¬16): "عارِيَّةٌ مُؤَدّاةٌ" بالْهَمْزِ، أَىْ: مَرْدودَةٌ. وَأَدّى (¬17) دَيْنَهُ: إِذا قَضاهُ، وَالاسْمُ: الْأَداءُ، وَهُوَ آدَى لِلْأَمانَةِ (¬18) مِنْكَ بِمَدِّ الْألِفِ (¬19). قَوْلُهُ: " [فِى الْبَقاءِ] (¬20) وَالتَّأْبيدِ" [التَّأْبيدُ] (16) هُوَ الثُّبوتُ وَالإقامَةُ عَلَى الْأبَدِ، وَالْأَبَدُ: الدَّهْرُ، يُقالُ: لَا أفْعَلُهُ، أبَدَ الْآبِدينَ، أَىْ: دَهْرَ الدّاهِرينَ، وَقَوْلُ اللهِ تَعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} (¬21) مِنْهُ يُقالُ: أَبَدَ بِالْمكانِ يَأْبِدُ أُبُودًا: إِذا أَقامَ بِهِ. قَوْلُهُ: "رَدُّ الْعارِيَّةِ فارِغَةً" (¬22) الْفارِغُ: الْخالِى {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا} (¬23) أَىْ: خالِيًا مِنَ الصَّبْرِ (¬24). وَقيلَ: خالِيًا مِنْ كُلِّ شَيْىءٍ إلّا مِنْ ذِكْرِ موسَى (¬25). وَتفْريغُ الظُّروفِ: إخْلاوُها (¬26)، وَأَفْرَغْتُ الِإناءَ: صبَبَتُ ما فيهِ، فَهُوَ فارِغٌ، أَىْ: خالٍ. قَوْلُهُ: "وَإِنْ بَذَلَ" (¬27) أَىْ: أَعْطاه (¬28) تَطَوُّعًا وَتَبَرُّعًا مِنْ غَيْرِ إكْراهٍ وَلا مُطالَبَةٍ، يُقالُ: بَذَلْتُ الشَّىْءَ أَبْذُلُهُ بَذْلًا، أَىْ: أَعْطَيْتَهُ وَجُدْتَ بِهِ. ¬
قَوْلُهُ فِى الْحَديثِ (¬29): "لَيْسَ لِعِرْقٍ ظالمٍ حَقٌ" (¬30) يُرْوَى "لِعِرْقٍ" بِالتَّنْوينِ، وَ "ظالمٍ" نَعْتُهُ، وَيُرْوَى "لِعِرْقِ" بِغيْرِ تَنْوينٍ، مُضافًا إلى "ظالمٍ" فَمَن نَوَّنَ: جَعَلَهُ ظالمًا بِنَفسِهِ تَشْبيهًا وَمَجازًا، وَ "ظالمٍ" نَعْتُ سَبَب. وَمَنْ لَمْ يُنَوِّنْ فَهُوَ عَلى حَذْفِ مُضافٍ، أَىْ: لِذى عِرْقِ ظالم، فَالظَّالمُ: هُوَ الْغارِسُ. قالَ هِشامُ ابْنُ عُرْوَةَ: هُوَ أنْ يَجيىءَ الرّجُلُ إِلى أَرْضٍ فَيَغرِسَ فيها غَرْسًا؛ لِيَسْتَوجِبَ بِهِ الْأَرْضَ (¬31). قَوْلُهُ: ["لِلتَّفَرُّجِ والاسْتِراحَةِ" (¬32)] أَصْلُ الْفَرَجِ: اْلخُروجُ مِنَ الضّيقِ وَالشِّدّةِ إلى السمعَةِ. وَالاسْتِراحَةُ: إدْخالُ الرَّوْحِ عَلى النَّفْسِ، وَهُوَ: السُّرورُ، مِنْ قَوْلِهِ تَعالَى: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} (¬33). قَوْلُهُ: "قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ الزرْعُ" مَعْناهُ: قَبْلَ أَنْ يَسْتَحْصِدَ وُيُمْكِنَ أَخْذُه، يُقالُ: أَدْرَكَتِ الثَّمَرَةُ، وَالزَّرْعُ: إِذا بَلَغ، وَأَصْلُ الإِدرْاكِ اللُّحوقُ بِالشَّيىْءِ، وَقَوْلُهُ تَعالى: {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا} (¬34) أَىْ: لَحِقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. قَوْلُهُ: "الْأَجْذاعُ" (¬35) هِىَ الْخُشْبُ الْعِظامُ الَّتى للْبِناءِ. ¬
ومن باب الغصب
وَمِن بابِ الْغَصْبِ (¬1) الْغَصْبُ: أَخْذُ الشَّيْىءِ ظُلْمًا، يُقالُ: غَصَبَهُ مِنْهُ، وَغَصَبَهُ عَلَيْهِ: بِمَعْنًى (¬2). قَوْلُهُ: "إنَّ دِماءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرامٌ" (¬3) أَرادَ: إِنَّ أَمْوَالَ بَعْضِكُمْ حَرامٌ عَلَى بَعْضٍ، وَلَيْسَ عَلَى ظاهِرِهِ. وَقَوْلُهُ: "كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذا" قَدْ ذَكَرْنا أَنَّ الْحُرْمَةَ ما لا يَحِلُّ انْتِهاكُهُ (¬4). "فِى شَهْرِكُمْ هَذا" يَعْنى: شَهْرَ ذِى الْحِجَّةِ. "فِى يَوْمِكُمْ هَذا" يَعْنى: يَوْمَ عَرَفَةَ؛ لِأنَّهُ قالَ ذَلِكَ فِى حَجَّةِ الْوَداعِ. "فِى بَلَدِكُمْ هَذَا" يَعْنى: مَكةَ وَالْحَرَمَ. قَوْلُهُ: "لَاعِبًا [أوْ] (¬5) جادًا" أَىْ: لاعِبًا فِى مَذْهَب السَّرِقَةِ، جادُّا فِى إِدْخالِ الْأَذى عَلى أخيهِ. قالَ أَبو عُبَيْدٍ (¬6): يَعْنى: أَنْ يَأْخُذَ مَتاعَهُ، لا يُريدُ سَرِقَتَهُ إِنَّما يُريدُ إِدْخالَ الْغَيْظِ عَلَيْهِ، والرَّوْعَ لَهُ، وَهَذا مثْلُ حَديِثهِ: "لَا يَحِلُّ لمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا". وَالْجِدُّ: ضِدُّ الهَزْلِ، يُقالُ: جَدَّ فِى الأَّمْرِ يَجِدُّ جِدًّا بِالْكَسْرِ. وَالْجِدُّ: الاجْتِهادُ فِى الْأمورِ، وَيُقالُ: أَجَدَّ أيْضًا. ¬
وَذَكَرَ الْعَصَا؛ لِأنَّها شَيْىءٌ تافِةٌ، أَرادَ: فَلْيَرُدها "وَلا يَسْتَحِلُّ أَخْذَها" (¬7) مَعَ احْتِقارِها. قَوْلُهُ: "أُعْطِىَ شُرَكاوهُ حِصَصَهُمْ" (¬8) هُوَ جَمْعُ حِصَّةٍ، وَهُوَ النَّصيبُ، يُقالُ: [أَحْصَصْتُ] (¬9) الرَّجُلَ: أَعْطَيْتُهُ نَصيبَهُ، وَتَحَاصَّ الْقَوْمُ يَتَحاصُّونَ: إِذا اقْتَسَموا حِصَصًا، وَكَذَلِكَ (¬10) الْمُحاصَّةُ. قَوْلُهُ: "السَّبيكَةُ وَالنُّقْرَةُ" (¬11) يَقالُ: سَبَكْتُ الْفِضَّةَ أسْبِكُها -بِالْكَسْرِ (¬12) - سَبْكًا: أَذَبتُها. وَالسَّبيكَةُ: الْفِضَّةُ (¬13)، فَعيلَةٌ مِنَ السَّبْكِ، وَالْجَمْعُ: سَبائِكُ. وَالنُّقْرَةُ -أيْضًا: هِىَ السَّبيكَةُ-، كَذا قالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬14): وَقيلَ: هِىَ الْفِضَّةُ الْخالِصَةُ، تُخْرَجُ مِنَ الْمَعْدِنِ فَتُخْلَصُ. قَوْلُهُ: "قَطَعَ أُنْثيَيْهِ" (¬15) أَىْ: خُصْيَيْهِ (¬16)، لا تُسْتَعْمَلُ مُفْرَدَةً-، وَخُصَّتا بِالتَّسْمِيَةِ بِذَلِكَ؛ لمُضادَّتِهِما الذَّكَرَ حينَ سُمِّىَ بِذَلِكَ. ¬
قَوْلُهُ: "سَمِنَتْ ثُمَّ هُزِلَتْ" (¬17) [هُزِلَتْ] (¬18) بِضَمِّ الْهاءِ وَكَسْرِ الزّاىِ، عَلى مَا لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ تُهْزَلُ، وَلا يُقالُ بِالْفَتْحِ. قَوْلُهُ: "حالَ الْحَيْلولَةِ" (¬19) هِىَ فَيْعولَةٌ، مَصْدَرٌ مِنْ حالَ يَحولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّيىْءِ، مِثْلُ الْقَيْلولَةِ، مِنْ قالَ يَقيلُ، وَالْبَيْتوتَةُ مِنْ باتَ يَبيتُ، مَصْدَرٌ جاءَ عَلى غَيْرِ الْقِياسِ (¬20). قَوْلُهُ: ["فَاسْتَحالَتْ"] (¬21) أَىِ: انْقَلَبَتْ عَنْ حالِها الَّتى كانَتْ عَلَيْها، وَكَذلِكَ حالَتْ (¬22). قَوْلُهُ: "النُّعومَةِ" (¬23) هِى ضِدُّ الْخُشونَةِ، وَهِىَ: اللّينُ وَالْمُبالَغَةُ فِى الطَّحْنِ وَالدَّقِّ حَتَّى يَصيرَ ناعِمًا، أَىْ: ليَّنًا عِنْدَ لَمْسِهِ. يُقالُ: نَعُمَ الشَّيىْءُ -بِالضَّمِّ - نُعومَةً، وَنَعِمَ -بِالكَسْرِ- يَنْعَمُ أيْضًا (¬24). وَالْخشِنُ: ضِدُّ الَّليِّنِ، يُقالُ: دَقيقٌ خَشِنٌ: إِذا لَمْ يَكُنْ ناعمًا، وَلَمْ يُبالَغ فِى طَحْنِهِ، وَثَوْبٌ خَشِنٌ: إذا كانَ غَزْلُهُ غَليظًا. ¬
قَوْلُهُ-: "أُخِذَ بَقَلْعِهِ" (¬25) أَىْ: أُجْبِرَ بَقَلْعِهِ، وَمِنْهُ: أَخَذَ الحْاكمُ عَلَى يَدِهِ، أَىْ: مَنَعَهُ وأَجبَرهُ. قَوْلُهُ: "سَفَهٌ وَعَبَثٌ" السَّفَهُ: التَّبْذيرُ، وُقَدْ ذُكِرَ (¬26)، وَالْعَبَثُ: اللَّعِبُ، وَقَدْ عَبِثَ -بِالْكَسْرِ- يَعْبَثُ عَبَثًا. قَوْلُهُ: "وَطالَبَةُ بِطَمِّها" (¬27) أَىْ: دَفْنِها، يُقالُ: جاءَ السَّيْلُ فَطَمَّ الرَّكِيَّةَ، أَىْ: دَفَنَها وَسَوّاهَا. [قَوْلُه: "ساجًا"] (¬28) السّاجُ: جِنْسٌ مِنَ الشَّجَرِ لَهُ خَشَبٌ حَسَنٌ. وَ "عَفِنَ" أَىْ: بَلِىَ وَنَخِرَ. قَوْلُهُ: "الْكَلْبُ الْعَقورُ" هُوَ فَعولٌ مِنَ الْعَقْرِ، وَهُوَ: الْجَرْحُ، فَعولٌ بِمَعْنَى فاعِلِ لِلتَّكْثيرِ. قولُهُ: "الْمِحْبَرَةُ" (¬29) بِالْكَسْرِ: وِعاءُ الْحِبْرِ الَّذى يُكْتَبُ بِهِ، وَفَتْحُ الْميمِ وَضَمُّ الْباءِ لغَةٌ أَيْضًا، ذَكَرَهُ فِى ديوانِ الأدَبِ (¬30). قالَ الْهَرَوِىُّ (¬31): قالَ بَعْضُهُمْ: سُمِّىَ الْحِبْرُ حِبْرًا؛ لِتَحْسينِهِ الْخَطَّ وَتَزْيينِهِ إِياهُ، وَقيل: لِتَأْثيرِهِ [فِى] الْمكانِ يَكونُ فيهِ، مِنَ الْحبَارِ، وَهُوَ: الْأثَرُ. ¬
قَوْلُهُ: "لَمْ تَعْدُ يَدَهُ وَسُلْطانَهُ" (*) السُّلْطانُ هَا هُنَا: الْمِلْكُ وَالتَّصَرُّفُ، وَفِى غَيْرِ هَذا: الْحُجَّةُ وَالْوالِى. قَوْلُهُ: ["يَجوزُ اقْتِناؤُهُ"] (¬32) اقْتِناءُ الْمالِ وَغَيْرِهِ: اتِّخاذُهُ، وَفِى الْمَثَلِ: "لَا تَقْتَنِ مِنْ كَلْبِ سَوْءٍ جَرْوًا" (¬33) وَالْمُقْتَنِى: الَّذى يَلْزَمُهُ وَلا يُريدُ بَيْعَهُ. وَقَدْ ذُكِرَ (¬34). [قَوْلُهُ: "ذِمِّىٌّ"] (¬35) وقَدْ ذُكِرَ الذِّمِّىُّ (¬36)، مَنْسوبٌ إِلى الذِّمَّةِ، وَهِىَ: إِعْطاءُ الْأَمانِ. قَوْلُهُ: "وَإِنْ [فصَّلَ] (¬37) صَليبًا" هُوَ فَعيلٌ مِنَ الصَّلْبِ، وَهُوَ الَّذى يَتَّخِذُهُ النَّصارَى عَلى مِثالِ الإنْسانِ، وَمِثالِ الْخَشَبِ الَّذى يَزْعُمونَ أنَّ عيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ صُلِبَ عَلَيْهِ، يَتَبَرَّكونَ بهِ، وَقَدْ كَذَّبَهُمُ الله تعالى بِقَوْلِهِ: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ} (¬38). وَالتَّفْصيلُ: أَخْذُهُ مِنْ مَوْضِعِ الْمَفْصِل مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ. قَوْلُهُ: "غَيْرُ مُلْجىءٍ" (¬39) التَّلْجِئَةُ: الِإكَراهُ، وَأَلْجَأْتُهُ إِلَى الشَّيْىءِ: اضْطرَرْتَة إِلَيْهِ، وَالجَأْتُ أَمْرى إِلى اللهِ: أَسْنَدْتُ. ¬
قَوْلُهُ: "مِنْ طَبْعِ الطّائِرِ النُّفورُ" الطَبْعُ: السَّجيَّةُ الّتى خُلِقَ عَلَيْهَا الِإنْسانُ مِنْ أَصْلِهِ. وَالنُّفورُ: الذَّهابُ بِسُرْعَةٍ مِنَ الْفَزَعِ وَالخَوْفِ. قَوْلُهُ: "فِى هَواءِ دارِهِ" (¬40) الْهَواءُ -بِالمَدِّ: ما بَيْنَ السَّماءِ وَالْأرْضِ، وَالْهَوَى -بِالْقَصْرِ: شَهْوَةُ النَّفْسِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬41). "الزِّقُّ" (¬42) وِعاءٌ مِنْ أَدَمٍ، وَ "الْمائِعُ" الذّائِب، وَ"الْوِكاءُ" الْخَيْطُ أَوِ السَّيْرُ الَّذى يُشَدُّ بِهِ، وَقَدْ أَوْكَيْتُهُ وَأَوكَيْتُ عَلَيْهِ، أَىْ: شَدَدْتُه. قَوْلُهُ: "باشَرَ الِإتْلافَ" (¬43) الْمُباشَرَةُ: أَنْ تَلِىَ الْأَمْرَ بِنَفْسِكَ، لا بِسَبَب، وَلا بِوَكِيلٍ، وَلَا خادِمٍ، وَأَصْلُهُ: جِلْدُ الِإنْسانِ. قَوْلُهُ: "بِهَتْكِ الْحِرْزِ" (¬44) الْهَتْكُ: أَصْلُهُ الْخَرْقُ، يُقالُ: هَتَكَ السِّتْرَ عَمّا وَراءَهُ، وَالاسْمُ: الْهُتْكَةُ (¬45). قَوْلُهُ: [فَنَكَّسَهُ"] (¬46) يُقالُ: نَكَسْتُ الشَّيْىءَ [أَنْكُسُهُ] (¬47) نَكْسًا: إِذا قَلَبْتَهُ عَلَى رَأسِهِ فَانْتَكَسَ، وَنَكَّسَهُ بالتَّشْديِد تَنْكيسًا، وَالنّاكِسُ: الْمُطَأْطِىءُ رَأْسَهُ. ¬
قَوْلُهُ: [أَجَّجَ عَلى سَطْحِهِ نارًا"] (¬48) أَىْ: أَوْقَدَها حَتَّى وطَلَعَ لَهَبُها، وَالْأَجيجُ: تَلَهُّبُ النّارِ، وَقَدْ أجَّتْ تّؤُجُّ أَجيحيًا. وَالسَّطحُ: مَعْروفٌ، وَهُوَ: ظاهِرُ السَّففِ، وَسَطْحُ كُلِّ شَيْىءٍ: أَعْلاهُ. قَوْلُهُ: ["بُرْجِهِ"] (¬49) الْبُرجُ: هُوَ مَسْكَنُ الْحَمامِ، الذى يُفَرِّخُ فيهِ. وَالطّعامُ الحَديثُ (¬50): ضِدُّ العَتيقِ، وَهُوَ مِنْ سَنَتِهِ، وَالْعَتيقُ: مِنْ عامٍ قبْلَهُ أوْ عاميْن. ¬
ومن باب الشفعة
وَمِنْ بابِ (¬1) الشُّفْعَةِ الشُّفْعَةُ: مَأْخوذَةٌ مِنَ الشَّفْعِ، وَهُوَ: الزَّوْجُ ضِدُّ، كَأنَّهُ إِذا شَفَعَ يَجْعَلُ الْفَرْدَ زَوْجًا، وَمَعْناهُ: الاشْتِراكُ فِى الْمِلْكِ (¬2). وَقالَ فِى الْغريَبْينِ (¬3): قالَ أَحمَدُ بْنُ يَحْيىَ: اشْتِقاقُها مِنَ الزِّيادَةِ، وَهُوَ: أَنْ تُشَفَّعَ فيما تَطْلُبُهُ فَتَضُمَّهُ إلى ما عِنْدَكَ، فَتَشْفَعَهُ، أَىْ: تَزيدَهُ. قَوْلُه: "قَضَى رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -" (¬4) أَىْ: حَكَمَ وَأوْجَبَ. قَوْلُهُ: "فِى كُلِّ شِرْكٍ" هُوَ الاسْمُ مِنَ الاشْتِراك فِى الْمِلْكِ. قَوْلُة: "رَبْعَةٍ" الرَّبْعُ: هُوَ الدّارُ نَفْسُها حَيْثُ كانَتْ، وَجَمْعُها: رِباعٌ وَرُبوعٌ [وَأَرْبُعٌ وَأَرْباعٌ.] (¬5) سُمِّىَ بِذَلِكَ؛ لِأنَّ الِإنسانَ يَرْبَعُ فيهِ، أَىْ: يَسْكُنُهُ، وَيُقيمُ فيهِ، وَلَعَلَّ الرَّبْعَةَ تأْنيثُهُ. وَالْحائِطُ: النَّخْلُ يُحَوَّطُ عَلَيْهِ بِجِدارٍ أَو غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: "حَتَّى يُؤْذِنَ شَريكَهُ" أَىْ: يُعْلِمَهُ {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ} (¬6) أَىْ: إعْلامٌ، وَمِنْهُ الأذانُ فِى الصَّلاةِ، وَهُوَ: الِإعْلامُ بِها. ¬
قَوْلُهُ: "يَتَخلَّلُها" (¬7) أَىْ: يَكونُ فِى خِلالِها مِنَ الْبَياض. وَالخلَلُ: الْفُرجَةُ بَيْنَ الشَّيئَيْنِ، وَالجَمْعُ: الْخِلالُ، قالَ اللهُ تَعالَى: {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} (¬8) وَهُوَ: الْفُرجُ بَيْنَ السَّحابِ. قَوْلُهُ: "اْلقَرارَ" (¬9) المْسُتَقِرُّ مِنَ الأرْضِ، وَهُوَ الَّذِى يَقِرُّ فيهِ، أَىْ: يَثْبُتُ [فيهِ] (¬10) وَيُقيمُ. قَوْلُهُ: "مِلْكٍ مُشاعٍ" (¬11) أَىْ: مُشْتَرَكٍ غَيْرِ مَقْسومٍ، مِنْ قَوْلِهِمْ: أَشاعَ الخْبَرَ: إِذا أَذاعَهُ. وَلَمْ يَخْتَصّ بِهِ واحِدٍ دونَ واحِدٍ. قالَ الْأَزْهَرِىُّ (¬12): إنَّما قيلَ لَهُ: مُشاعٌ؛ لِأنَّ سَهْمَ كُلِّ واحِدٍ مِنَ الشَّريكَيْنِ أَشيعَ، أَىْ: أُذيعَ وَفُرِّقَ فِى أَجْزاءِ سَهْمِ الآخَرِ حَتَّى لَا يَتَمَيَّزَ مِنْهُ، يُقالُ: شاعَ اللَّبَنُ فِى اْلماءِ: إِذا تَفَرَّقَتْ أَجْزاؤُهُ فِى أَجْزائِهِ حَتَّى لَا يَتَمَيَّز. قَوْلُهُ: "الْمرافِقُ" (¬13) هُوَ: ما يُرْتَفَقُ (*) بهِ، أَىْ: يُنْتَفَعُ، وَالرِّفْقُ: النَّفْعُ. قَوْلُهُ فِى الحديثِ: "وَاْلأُرَفُ تَقْطَعُ كُلَّ شُفْعَةٍ" (¬14) هِىَ: الْحُدودُ بَيْنَ الْأَرَضين، الْوَاحِدَةُ أُرْفَةٌ، مِثْل غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ. وَقالَ عُثْمانُ - رضي الله عنه -: "أىُّ مالٍ أُرِّفَ عَلَيْهِ وَقُسِّمَ فَلا شُفعَةَ فيهِ" (¬15). ¬
قَوْلُهُ:-["دَرْبٍ"] (¬16) هِىَ: بُيُوت مُجْتَمعَةٌ يَجْمَعُها طَرِيقٌ واحِدٌ، وَهِىَ كَبُيُوتِ أَهْلِ صَنْعاءَ. وَقَدْ ذَكَرنا الشِّقْصَ (¬17)، وَأَنَّهُ النَّصيبُ وَالطّائِفَةُ مِنَ الشَّيْىءِ. قَوْلُهُ: "فَأَشْبَهَ مالِكَ الطِّلْقِ" (¬18) بِكَسْرِ الطّاءِ، وَهُوَ ضِدُّ الْوَقْفِ؛ لِأنَّ الْمَوْقوفَ (¬19): الْمَحْبوسُ، وَالْمُطْلَق (¬20) ضِدُّه. قَوْلُهُ: ["المُحاباةُ"] (¬21) الْمحاباةُ فِى الْبيْعِ: هُوَ تَرْكُ شَيىْءٍ مِنَ الثَّمَنِ، مَأْخوذٌ مِنَ الْحِباءِ، وَهُوَ: الْعَطِيَّةُ، يُقالُ: حَباهُ يَحْبوهُ، كَأنَّهُ أعْطاهُ ذَلِكَ، مُفاعَلَةٌ مِنَ الْحِباءِ. قَوْلُهُ فِى الْحديثِ: "الشُّفْعَةُ كَنَشْطَةِ الْعِقالِ" (¬22) قالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬23): تَقولُ: نَشَطْتُ الْحَبْلَ: عَقَدْتُ لَهُ أُنْشُوطَةً (¬24)، [وَأَنْشَطْتُهُ] (¬25) حَلَلْتُهُ، يُقالُ: "كَأنَّما [أُنْشِطَ] (¬26) مِنْ عِقالِ". وَهُوَ مَثَلٌ لِلإِسْراعِ وَالْمُبادَرَةِ، كَما يُبادِرُ الْبَعيرُ إلَى الْقِيَامِ عِنْدَ حَلَّ عِقالِهِ. وَقَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "لِمَنْ وَاثَبَهَا * (¬27) أَىْ: بادَرَها، كَما يُبادِرُ الشَّيىءَ مَنْ يَثِبُ عَلَيْهِ، أَىْ، يَقْفِزُ وَيَطْفِرُ. ¬
قَوْلُهُ: "بِثَمَنٍ مُسْتَحَقٍّ" (¬28) أَىْ: أَخَذَة مَنْ يَدَّعيهِ بِحَقّ من بَيَّنةٍ أَوْ إِقْرارٍ (¬29). قَوْلُهُ: "الْتِزَامِ مِنَّةٍ" (¬30) أَىْ: صَنيعَةٍ يَتَحَمَّلُها لَهُ فَيَمُنُّ بِها عَلَيْهِ، وَالْمَنُّ: تَعْدادُ المُعْطِى عَلَى الْمُعْطَى عَطاءَهُ. قَوْلُهُ: "لِلزُّهْدِ" (¬31) الزُّهْدُ: خِلافُ الرَّغبَةِ، يُقالُ: زَهِدَ فِيهِ -بالْكَسْرِ- يَزْهَدُ زَهَدًا وَزَهادَةً: إِذا لَمْ يَرْغَبْ فيهِ (¬32)، وَمِنْهُ سُمِّىَ الزّاهِدُ؛ لِأنَّهُ لَمْ يَرْغَبْ إلَى الدُّنْيا. قَؤلُهُ: "بِخَبِر الْواحِدِ" (¬33) هُوَ الَّذى يَرْويهِ واحِدٌ (¬34) لا يُتابَعُ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ أَهْلِ الْأُصولِ: هُوَ مَا لَمْ يَقَعِ الْعِلْمُ بِهِ، وَإنْ رَواهُ الْعَدَدُ الْكَثيرُ، وَهُوَ ضِدُّ التَّوَاتُرِ (*). قَوْلُهُ: "كَالْفَسيلِ إِذَا طالَ وَامْتَلَأ" (¬35) الْفَسيلُ: صِغارُ النَّخْلِ. وَ "امْتَلَأ" مَعْناهُ: غَلُظَ وَجَلَّ. وَ "الثَّمَرَةُ الظّاهِرَةُ" (¬36) كَالطَّلْعِ المُؤبَّرِ، وَما شاكَلَهُ. قَوْلُهُ: "نَكَلَ عَنِ اليَمينِ" جَبُنَ وَخافَ. ¬
وَ"ثَمنٍ جُزافِ" (¬37) غَيْرِ مَعْدود وَلا مَوْزونٍ. قَوْلُهُ: "العَرْضُ" (¬38) بِتَسْكينِ الرّاءِ: هُوَ ضِدُّ النَّقْدِ، وَهُوَ: ما عَدا الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ المسْكوكَةَ. قَوْلُهُ: "وَعُهْدتُهُ عَلَيْهِ" (¬39) أَىْ: تَبِعتُهُ، وَما يَلْحَقُ المْشُتْرَى مِنِ استِحْقاقِ العَيْنِ وَالشُّفْعَةِ، وإصْلاحُهُ وَتَصحيحُهُ عَلَيْهِ. قالَ الأَزْهَرِىُّ (¬40): العُهْدَةُ: ضَمانُ عَيْبٍ كانَ مَعْهودًا عِنْدَ الْبائِع. ¬
ومن باب القراض والمساقاة والمأذون
وَمِنْ بابِ (¬1) القِراضِ وَالمُساقاةِ وَالمَأذونِ الْقِراضُ: مُشْتَقٌّ مِنَ الْقَرْضِ، وَهُوَ: الْقَطْع، كَأَنَّهُ يَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ مالِهِ، أوْ قِطْعَةً مِنُ الرِّبْحِ. وَقيلَ: اشْتِقاقُهُ مِنَ المْسُاواةِ، يُقالُ: تَقارَضَ الشّاعِرانِ: إِذا ساوَى كُلُّ واحِدٍ مِنْهُما صاحِبَهُ فِى المَدْحِ (¬2). قَوْلُهُ: "فَرَحَّبَ بِهِما وَسَهَّلَ" (¬3) قالَ لَهُما: مَرْحَبًا وَسَهْلًا، وَالرُّحْبُ: السَّعَةُ، وَالسَّهْلُ: ضِدُّ الوَعْرِ، أَىْ: أَتَيْتُما رُحْبًا وَسَهْلًا، أَوْ (¬4) صادَفْتُما سَعَةً وَسُهولَةً مِنْ أَمْرِكُما، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: "أَهْلًا وَسَهْلًا" أَىْ: أَتَيْتَ أَهْلًا فَاسْتأْنِسْ وَلَا تستوْحِشْ، وَقَدْ رَحَّبَ بِهِ تَرْحيبًا: إِذا قالَ لَهُ: مَرْحَبًا. قَوْلُهُ: [وَتُوَفِّرانِ] (¬5) رَأْسَ المْالِ" الْوَفْرُ: المْالُ الْكَثيرُ، وَالمَوْفورُ: التَّامُّ (¬6)، وَالتَّوْفيرُ: التّكْثيرُ. وَالمَعْنَى: تَرُدّانِ رَأْسَ الْمال تامًّا لا ينقُصُ مِنْهُ شَيْىءٌ، وَمِنْهُ: وَفَرَ عِرْضُهُ: إِذا لَمْ ينقُصْ مِنْهُ شَيىءٌ. و"النَّماءُ" (¬7) الزِّيادَةُ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬8). ¬
قَوْلُهُ: "وَبِلَفْظِ الْمُضارَبَةِ" (¬9) هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: ضَرَبَ فِى الْأرْضِ: إِذا سارَ فِيهَا يَبْتَغى الرِّزْقَ، قالَ الله تَعالَى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} (¬10) وَقالَ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} (¬11) فَكَأن الْعامِلَ يَسيرُ وَيَبْطِشُ فى طَلَبِ الرّبْحِ. وَقالَ ابْنُ الصَّبّاغِ: اشْتِقاقُها مِنَ الضَّرْبِ بِالْمالِ وَالتَّقْليبِ. قالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكونَ مِنْ ضَرْبِ كُلِّ واحِدٍ مِنْهُما بِالرِّبْحِ بِسَهْمٍ، وَالْمُضارِبُ -بِكَسْرِ الرّاءِ- هُوَ الْعامِلُ؛ لأنَّهُ هُوَ الَّذى يَتَصَرَّفُ بِالْمالِ وَيُقَلِّبهُ. وَالنِّقارُ، والسَّبائِكُ، وَجُزافٌ (¬12): قَذ ذُكِرَ (¬13). قَوْلُهُ: "بِضاعَةٌ" (¬14) هِىَ قِطْعَةٌ مِنْ مالِكَ تَبْعَثُ بِها لِلتِّجارَةِ، يُقالُ: أَبْضَعْتُ الشَّيْىءَ وَاسْتَبْضَعْتُهُ (¬15). قَوْلُهُ: "وَالخيْلِ الْبُلْقِ" (¬16) الْأَبْلَقُ مِنَ الْخَيْلِ: هُوَ الَّذى فِيهِ بَياضٌ وَسَوادٌ. قالَهُ الْجَوْهَرِىُّ (¬17). وَقالَ غَيْرُهُ: هُوَ الَّذى يَبْلُغُ الْبَياضُ مَغابنَهُ وَحَقْوَبْهِ وَمَوْضِعَ مَرْفِقَيْهِ مِنْ تَحْجيل بَياضِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ (¬18). ¬
قَوْلُهُ: "الإِبْريسَمُ" (¬19) هُوَ الْحَريُر -بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالرّاءِ مَفْتوح السِّينِ- مُعَرَّبٌ (¬20)، وَفيهِ لُغاتٌ هَذِهِ أَفْصَحُها. قَوْلُهُ: "الأَكْسِيَهِ الْبَرَّكانِيَّة" قالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬21): البَرْنَكانُ (¬22): عَلى وَزْنِ الزَّعْفَرَانِ: ضَرْبٌ مِنَ الأَكْسِيَةِ. قَوْلُهُ: "وَتَسْقُطُ نفَقَتُها وَاسْتِمْتاعُها" (¬23) هُوَ هَا هُنا: اسْتِمْتاعُها بِالنِّكاحِ. قَوْلُهُ: "رَبّ الْمالِ" رَبُّ كُل شَىْءٍ: ما لِكُهُ، مَأْخوذٌ مِنْ رَبَّ الضَّيْعَهَ: إِذا أَصْلَحَها وَأَتَمَّها، وَرَبَّ وَلَدَهُ: بِمَعْنى رَبّاهُ. [قَوْلُهُ: "بِنَسيئَةٍ"] (¬24) النَّسيىءُ وَالنَّسيئَةُ: التَّأخيرُ، وَقَدْ ذُكِرَ. قَوْلُهُ: "الْكَرْم" (¬25) هُوَ الْعِنَبُ، وَقَدْ نَهَى - صلى الله عليه وسلم - عَنْ تَسْميتِهِ بِهِ، فَقالَ: "لَا تَقولوا الْكَرْمَ فإن الْكَرْمَ هُوَ الْمُؤْمِنُ" (¬26). وَ "الْوَدِىُّ وَالْفَسيلُ" هُوَ: النَّخْلُ الصِّغارُ. قَوْلُهُ: "الْمَباطِخِ وَالْمقاثِىءِ" (¬27) هِىَ مَواضِعُ الْبِطِّيخِ وَالْقِثّاءِ، وَالْمَبْطَخَةُ- بِالْفَتْحِ: مَوْضِعُ الْبِطّيخِ، وَضَمُّ الطّاءِ فِيهِ لُغَةٌ. وَالْمَقْثَأةُ وَالْمَقْثُؤَةُ: مَوْضِعُ الْقِثّاءِ. وَالْقِثّاءُ (¬28) وَالْقُثّاءُ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ: الْخِيارُ، وَأَقْثَأ الْقَوْمُ: كَثُرَ عِنْدَهُم الْقِثّاءُ. ¬
قَوْلُهُ: "كَاْلغرَبِ وَالْخِلافِ" (¬29) الْغَرَبُ: ضَرْبُ مِنَ الشَّجَرِ يُسَمَّى بِالْفارِسِيَّةِ "إِسْبِنْذَ دَارْ" (¬30). وَالْخِلافُ: شَجَرٌ يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ ماءٌ طيبٌ كماءِ الْوَرْدِ، سَمِعْنَاهُ بِالتَّخْفيفِ، وَرُوِىَ بِالتَّشْديد (¬31). وَذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِى عُيُونِ الأَخْبارِ (¬32) أَنَّ الْخِلافَ شَجَرٌ يَسْقُطُ ثَمَرُهُ قَبْلَ تَمامِهِ، وَهُوَ: الصَّفُصافُ. قالَ الشّاعِرُ (¬33): تَوَقَّ خِلافًا إِنْ سَمَحْتَ بِمَوْعِدٍ ... لِتَسْلَمَ مِنْ لَوْم الْوَرَى وَتُعافَى فَلَوْ صَدَقَ الصَّفْصافُ مِنْ بَعْدِ نَوْرِهِ ... أَبْوَ آفَةٍ ما لَقَّبوهُ خِلَافَا (¬34) قَوْلُهُ: "اسْتَبَدَّ الْعامِلُ بِالأَصْلِ" (¬35) أَىْ: انفَرَدَ بِهِ، وَاخْتَصَّ دْونَ رَبِّ الْمالِ. الْقِسْطُ (¬36): الْحِصَّةُ وَالنَّصيبُ. وَقَدْ ذَكَرْنا السَّيْحَ (¬37)، وَأَنَّهُ الْماءُ الْجارى عَلَى وَجْهِ الأرْضِ، وَذَكَرْنا النَّضْحَ فِى الزّكاةِ (¬38). ¬
قَوْلُهُ: "التَّلقْيحِ وَصَرْفِ الْجَريد وَإِصْلاحِ الْأَجاجينِ" (¬39) التَّلْقيحُ: هُوَ تَأْثيُر النَّخْلِ. وَالِّلقاحُ: ما تُلْقَحُ بِهِ النَّخلَةُ، وَهُوَ طَرْحُ شَيْىءٍ مِنْ حَمْلِ الذَّكَرِ فِى طَلْعِ النَّخْلَةِ لِتَزْكَوَ وَتَثْبُتَ. وَصَرْفُ الْجَريد: هُوَ تَنْحِيَتُهُ، وَإِزالَةُ ما يَضُرُّ بِالنَّخْلِ مِنْهُ، قالَ الْأزْهَرِىُّ (¬40): هُوَ أَنْ يُشَذِّبَهُ مِنْ سُلَّائِهِ، وَيُذَلِّلَ الْعُذوقَ فِيمَا (¬41) بَيْنَ الجريد لِقاطِفِهِ، وَالتَّشْذيبُ: هُوَ تَنْحِيَةُ شَوْكِهِ وَتَنْقيحُهُ (¬42) مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ شَكيرِهِ الْمُضِرِّ بِهِ إِنْ تُرِكَ عَلَيْهِ. وَالْجَريدُ: الَّذى يُجْرَدُ عَنْهُ الْخوصُ، وَلا يُسَمَّى جَريدًا ما دامَ عَلَيْهِ الْخوصُ، وَإنَّما يُسَمَّى سَعَفًا. وَالْأَجاجينُ: جَمْعُ إِجّانَةٍ، وَهِىَ الَّتى يُغْسَلُ فيها الثِّيابُ، مِثْلُ الْمِركَنِ الْكَبيرِ (¬43). وَالدَّوْلابُ -بِفَتْحِ الدّالِ، ذَكَرَهُ فِى ديوانِ الْأدَبِ (¬44)، وَغَيْرِهِ. ¬
قَوْلُهُ: "الْجِدَادِ وَاللَّقاطِ" (¬45) قَدْ ذَكَرْنا الْجِدادَ، وَأَنَّهُ: قَطْعُ الثَّمَرِ (¬46) عِنْدَ انْتِهائِهِ، وَاللَّقاطُ: لَقْطُهُ مِنَ الأَرضِ وَجَمْعُ ما تَناثَرَ مِنْهُ. وَقيلَ: الجِدادُ: فِى النَّخلِ، وَالْحَصَادُ: فِى الزَّرْعِ، وَالْقِطافُ (¬47): فِى الْكَرْمِ. قَوْلُهُ: "وَتَزْكو الثَّمَرَةُ" (¬48)، أَىْ: تَزيدُ وَتَنْمِى. قَوْلُهُ: "مَنْ يُشْرِفُ عَلَيْهِ" (¬49) أَىْ: يَطَّلِعُ عَلَيْهِ، يُقالُ: أَشْرَفَ عَلَى الشَّيْىءِ: إِذا اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ عُلُوِّ، مِنَ الشَّرَفِ، وَهُوَ: المكانُ الْعالِى. قَوْلُهُ: ["نُخابِرُ"] (¬50) الْمُخابَرَةُ: كِراءُ الْأَرْضِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬51). ¬
ومن كتاب الإجارة
وَمِنْ كِتابِ الِإجارَةِ الِإجارَةُ: هِىَ الأَجْرُ وَبَدَلُ الْعَمَلِ، قالَ الله تَعَالَى: {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (¬1). وَفيها لُغَتان: الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ (¬2). قَوْلُهُ: "الْمنافِعِ الْمُباحَةِ" (¬3) الْمُباحُ: ضِدُ الْمَحْظُورِ، احْتَرَزَ مِنَ الغناء (¬4) وَحَمْل الْخَمْرِ. قَوْلُهُ تَعالى: {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (¬5) أَىْ: أَعْطوهُنَّ (يُقالَ: آتَى يُؤْتِى: إِذا أَعْطى) (¬6). قَوْلُهُ: "فِى هَذا الْوَجْهِ" (¬7) أَىْ: الْجِهَةِ، يَعْنى: الْحَجَّ. وَالْوَجْهُ وَالْجِهَةُ: بِمَعْنىً، وَالْهاءُ: عِوَضٌ مِنَ الْواوِ، يُقالُ: هَذا وَجْهُ الرَّأْىِ، أَى: هُوَ الّرَّأْىُ بِعينِهِ (¬8). ¬
قَوْلُهُ: "يَزْعُمونَ" (¬9) أَىْ: يَقولونَ، يُقالُ: زَعَمَ زَعْمًا وَزُعْمًا وَزِعْمًا، أَىْ: قالَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (¬10) الابْتِغاءُ: طَلَبُ الرِّزْقِ وَغَيْرِهِ، يُقالُ: بَغاهُ يَبْغيهِ (¬11): إِذا طَلَبَهُ. "مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا" (¬12) ذُكِرَ (¬13). قَوْلُهُ: "عَسْبِ الْفَحْلِ" (¬14). قالَ الْجَوْهَرِىُّ: الْعَسْبُ: اْلكِراءُ الَّذى يُؤْخَدُ عَلَى ضِرابِ (¬15) الْفَحْلِ، وَقيلَ: هُوَ ضِرابُهُ، وَقيلَ: ماؤُهْ، قالَ زُهَيْرٌ: فَلَولا عَسْبُهُ لَرَدَدْتُموهُ ... وَشَرُّ مَنيَحةٍ فَحْلٌ مُعارُ (¬16) قَوْلُهُ: "وَ (¬17) الْمَدِّ بِالْبَصْرَةِ" (17) الْمَدُّ: أَحَدُ عَجائِبِ الْبَصْرَةِ وَخَصائِصِها، وَذَلِكَ أَنَّ الْماءَ فِى أَنْهارِها يَجْرى مِنَ الصُّبْحِ إِلى الظُّهْرِ مُتصاعِدًا، فَإِذا كانَ نِصْفُ النَّهارِ رَجَعَ إلى الْبَحْرِ مُنْحَدِرًا. ذَكَرَهُ الْمُطَرِّزِىُّ (¬18). ¬
وَأمَّا الَّذى يُزْرَعُ عَلَيْهِ فَإِنَّه يَفيضُ عَلى الْأرْضِ عِندَ الْحاجَةِ إِلى زِراعَتِهَا (¬19)، ثُمَّ يَجْزِرُ عَنْها مُدَّةَ يَرْتَفِعُ الزَّرْعُ، ثُمَّ يَفيضُ عِنْدَ الْحاجَةِ إِلَيْهِ لِلسَّقْىِ. قَوْلُهُ: "لِلْماءِ مَغيضٌ" (¬20) أَىْ: مَوْضِعٌ يَنْصَبُّ (¬21) فيهِ الْماءُ، مَفْعِلٌ مِنْ غاضَ الْماءُ يَغيضُ: إِذا نَزَفَ. قَوْلُهُ: "انْحسَرَ الْماءُ عَنْها" أَىْ: نَزَفَ وَغاضَ. قَوْلهُ: "أَخَلَّ بِشَرْطِ الْعَمَلِ" (¬22) (أَىْ: أَفسَدَ، و) (¬23) الْخَلَلُ: الْفَسادُ) (*) فِى الأمْرِ. قَوْلُه: "سَنَةً شَمْسِيَّةً" (¬24) وَهِىَ: ثَلاثُمِائَةٍ وَأَربَعَة وَسِتّونَ يَوْمًا عَلى حِسابِ مَسِير الشَّمْسِ فِى الثَّمانِى وَالْعِشْرينَ مَنْزِلَةً، فَإِنَّها تُقيمُ فِى كُلِّ مَنْزِلَةٍ ثَلاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا بِلَيْاليهَا، تَجِذُ ذَلِكَ فى الضَّرْبِ ثَلاثَمِائَةٍ وَأَربَعَةً وَسِتِّينَ. قَوْلُهُ: "الْمُهَلْمِجِ وَالْقَطوفِ" (¬25) الْهَمْلَجَةُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ، فارِسِىٌّ مُعَرَّبٌ (¬26). وَالْهِمْلاجُ: واحِدُ الْهَمالِيجِ مِنَ الْبَراذِينِ، وَمِشْيَتُها: الْهَمْلَجَةُ. وَالْقَطوفُ مِنَ الدَّوَابِّ: الْبَطيىءُ السَّيْرِ، قالَ زُهَيْرٌ (¬27): بِآرِزَةِ الْفَقارَةِ لَمْ يَخْنُها ... قِطافٌ فِى الرِّكابِ وَلَا خِلاءُ ¬
قَوْلُهُ: "الْمعاليقُ كَالْقِدْرِ وَالسَّطيحَةِ" (¬28) واحِدُها: مِعْلاقٌ، وَهُوَ: مَا يُعَلَّقُ بِعُرْوَةٍ أَوْ غَيْرِها مِنْ غَيْرِ رَبْطٍ وَلا شَدّ. وَالسَّطيحَةُ: سِقاءٌ مَعْروف مُسَطَّحُ الصَّنْعَةِ، وَهُوَ اسْمٌ يُوافِقُ مَعْناهُ، وَهِىَ مِنْ جِلْدَيْنِ، وَقالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬29): السَّطيحَةُ وَالسَّطيحُ: الْمَزادةُ، وَقَدْ ذُكِرَتْ فِى الْآنِيَةِ (¬30) قَوْلُهُ: "عَلى جِرْبانٍ" (¬31) هُوَ جَمْع جَريب، وَهْوَ: قِطْعَة مِنَ الْأَرْضِ مَعْلومَةُ الذَّرْعِ. وَقالَ بَعْضُهُمْ: هِىَ ساحَةٌ مُرَبَّعَةٌ، كُلُّ جانِبٍ مِنْها سِتُّونَ ذِراعًا، فَتَكونُ مساحَتُها ثَلاثَةَ آلافٍ وَسِتَّمائِةِ لَبنَةٍ (¬32). قَوْلُهُ: "الدِّياسُ لِلزَّرْعِ" (¬33) هُوَ اسْتِخْراجُ الْحَبِّ مِنَ السُّنْبُلِ مَعْروفٌ، وَأَصْلُهُ: مِنْ داسَ السَّيْىءَ بِرِجْلِهِ يَدوسُهُ دَوْسًا: إِذا وَطِئَهُ. [قَوْلُهُ: "جارِحَةً"] (¬34) جارِحَةُ الصَّيْدِ: قَدْ (¬35) ذُكِرَتْ. وَ "الْعُمْقُ" (¬36) هُوَ الْغَوْرُ فِى أسْفَل الْأَرْضِ. قَوْلُهُ: "تَعْيينُ الْحَرْفِ" (¬37) هُوَ الْوَجْهُ مِنْ وُجوهِ الْقِراءَةِ، كَقِراءَةِ أَبى عَمْرٍو، وَنافِع، وَمِنْهُ ¬
قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "أُنْزِلَ الْقُرآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ" (¬38) قالَ الزَّمَخْشَرِىُّ (¬39): الأَحْرُفُ: الْوُجوهُ وَالأَنْحاءُ الَّتى يَنْحوهَا [الْقُرّاءُ] (¬40)، يُقالُ: فِى حَرْفِ ابْنِ مَسْعودٍ كَذا، أَىْ: فِى وَجْهِهِ الَّذى يَنْحَرِفُ إِلَيْهِ مِنْ وُجوهِ الْقِراءةِ. قَوْلُهُ: "قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ رَشْحُهُ" (¬41) أَىْ: عَرَقُهُ، يُقالُ: رَشَحَ يَرْشَحُ -بِالْفَتْحِ- رَشْحًا. قَوْلُهُ: "يُمْكِنُ الشُّروعُ فيهِ" (¬42) أَىْ: الدُّخولُ فيهِ، وَابْتِداءُ الْعَمَل. وَأَصْلُهُ: الطَّريقُ إِلى الْماءِ. قَوْلُهُ: "يَتَعاقَبانِ عَلَيْهِ أَو اكْتَرى عَقَبَةً" أَىْ: نَوْبَةً، وَيَتَعاقَبانِ: يَتَناوَبانِ، فَيَرْكَبُ هَذا نَوْبَةً وَهَذا نَوْبَةً، وَاللَّيْلُ وَالنَّهارُ يَتَعاقَبانِ، أَىْ: يَجيىءُ أَحَدُهُما بِعَقِبِ الْآخَرِ. ¬
ومن باب ما يلزم المتكاريين
وَمِنْ بابِ ما يَلْزَمُ الْمُتَكارِيَيْنِ قَوْلُهُ: "زِمامِ الْجَمَلِ وَالْبُرَةِ الَّتى فِى أَنفِهِ" (¬1) الزِّمامُ: الْخَيْطُ الَّذى يُشَدُّ فِى الْبُرَةِ، ثُمَّ يُشَدُّ فِى طَرَفِهِ الْمِقْوَدُ، وَقَدْ يُسَمَّى الْمِقْوَدُ زِمامًا (¬2). وَالْبُرَةُ: حَلْقَةٌ مِنْ نُحاسٍ أَو غَيْرِهِ، تُجْعَلُ فِى لَحْمِ أنْفِ الْبَعيرِ. وَقيلَ: إِنْ كانَتْ مِنْ صُفْرٍ، فَهِىَ بُرَةٌ وَإِنْ كانَتْ مِنْ شَعْرٍ، فَهِى خِزامَةٌ، وَإِنْ كانَتْ مِنْ خَشَب، فَهىَ خِشاشٌ (¬3). قَوْلُهُ: "إِشالَةُ [الْمَحْمِلِ] (¬4) وَحَطُّهُ" أَىْ: رَفْعُهُ عَلى ظَهْرِ الْجَمَلِ (¬5) وَحَطُّهُ: وَضْعُهُ عَلَى وَجْهِ (¬6) الْأَرْضِ، يُقالُ: أشَلْتُ الْجَرَّةَ فَانْشالَتْ (¬7) هِىَ، وَشُلْتُ بِالْجَرَّةِ أَشولُ بِها شَوْلًا: رَفَعْتُها (وَلا تَقُلْ: شِلْتُ) (¬8). قَوْلُهُ: "فارِغَةَ الْحُشِّ" (¬9) هُوَ: الْكَنيفُ، وَأَصْلُهُ: النَّخْلُ الْمُجْتَمِعُ. وَقَدْ ذُكِرَ (¬10). ¬
قَوْلُهُ: "كَسْحِهِ" أَىْ: كَنْسِهِ، كَسَحْتُ الْبَيْتَ: كَنَسْتُهُ (¬11)، وَالْمِكْسَحَةُ: الْمِكْنَسَةُ. (قَوْلُهُ: "الْقُماشُ" (¬12)) هُوَ: ما يَجْتَمِعُ فِى الْبَيْتِ فَيُكْنَسُ (¬13)، وَأَصْلُ الْقَمْشِ: الْجَمْعُ مِنْ هُنا وَهَهُنَا، وَالْقُماشُ: مَتاعُ الْبَيْتِ أيْضًا. قَوْلُهُ: "عَلْفُ الظَّهْرِ" (¬14) بِإِسْكانِ اللّام: هُوَ الْمَصْدَرُ مِنْ عَلَفَ (¬15)، وَالْعَلَفُ بِالْفَتْحِ: هُوَ الاسْمُ لِما تُعْلَفُهُ الدّابَّةُ مِنَ الْحَشيشِ وَالشَّعيرِ وَغَيْرِهِ، كَالْقَبْضِ وَالْقَبَضِ، وَالسَّبْقِ وَالسَّبَقِ. وَالْمَحْمِلُ (¬16): وَاحِدُ مَحامِلِ الْحاجِّ- بِفَتْحِ الْميمِ الْأولَى وَكَسْرِ الثّانِيَةِ، كَالْمَوْضِعِ؛ لِأنَّهُ مَوْضِعُ الرُّكوبِ. وَالْمِحْمَلُ مِثالُ الْمِرْجَلِ: عِلاقَةُ السَّيْفِ، وَهُوَ: السَّيْرُ الَّذى يُقَلَّدُهُ (*) الْمُتَقَلِّدُ، قالَ امْرُؤ الْقَيْسِ (¬17): . . . . . . . . . . . . . ... حَتَّى بَلَّ دَمْعِى مِحْمَلى ذَكَرَهُ فِى الصَّحاحَ، وَفِى ديوانِ الْأدَبِ (¬18). وَالْمَحْمَلُ بِفَتْحِ الْميمَيْنِ: هُوَ الْمَصْدَرُ، مِثْلُ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: "لَا تَرُدُّوا الطِّيبَ فَإنَّهُ خَفيفُ الْمَحْمَلِ" (¬19). ¬
قَوْلُهُ: "لَا مُسْتَلْقِيًا وَلَا مُنْكَبًّا" (¬20) يُقالُ فِى اللُّغَةِ: اسْتَلْقَى عَلى قَفاهُ، وَانْكَبَّ عَلَى وَجْهِهِ: نَقيضُهُ (¬21). وَفِى الْفِقْهِ، مَعْناهُ وَصُورَتُهُ -فِى قَوْلِ أَبِى إِسْحاقَ- الْمَكْبوبُ: أَنْ يُضَيَّقَ قَيْدُ الْمَحْمِلِ مِنْ مُؤَخَّرِ الْبَعيرِ، وَيُوَسَّعُ قَيْدُ الْمَحْمِلِ مِنْ مُقَدَّمِ الْبَعيرِ. وَالْمُسْتَلْقِى: أَنْ يُوَسَّعُ مُؤَخَّرُهُ وَيُضَيَّقَ مُقَدَّمُهُ. وَالْمَكْبوبُ: أَسْهَلُ عَلَى الْجَمَلِ، وَالْمُسْتَلْقِى: أَسْهَلُ عَلَى الرّاكِبِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قالَ: الْمَكْبوبُ: أَنْ يُضَيَّقَ قَيْدُ الْمَحْمِلِ مِنْ مُقَدَّمِ الْمَحْمِلِ وَمِنَ الْمُؤَخَّرِ. وَالْمُسْتَلْقَى: أَنْ يُوَسِّعَهُما. قَوْلُهُ: "النُّزولُ لِلرَّوَاحِ" (¬22) يَعْنى: راحَةَ الدَّابَّةِ، وَقيلَ: السَّيْرُ بَعْدَ الْعَصْرِ. قَوْلُهُ: "يَكْبَحُهُ بِالِّلجامِ" (¬23) كَبَحْتُ الدّابَّةَ: إِذا [جَذَبْتَها] (¬24) إِلَيْكَ بِاللِّجامِ لِتَقِفَ. قَوْلُهُ: "الْخُشونَةِ" (¬25) [الْخُشونَةُ] (¬26) فِى الطرَّيقِ: أَنْ يَكونَ فيها حِجارَةٌ أَوْ حَصًى، وَشِبْهُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: "عَلى طاقٍ (واحِدٍ، وَعَلى طاقَيْنِ") (¬27) الطّاقُ: الْعِطْفُ مِنْ أَعْطافِ الثَّوْبِ. وَالطّاقانِ: عِطْفان. وَالطَّاقُ أَيْضًا: ما عُطِفَ مِنَ الْأَبْنِيَةِ (¬28)، وَالْجَمْعُ: الطّاقاتُ وَالطِّيقانُ. وَيُقالُ: طاقُ نَعْلٍ [وَطاقَةُ] (¬29) رَيْحانٍ. ¬
قَوْلُهُ: " فَجاوَزَهُ" (¬30) أَىْ: (خَلَّفَهُ وَ) (¬31) تَعَدّاهُ إِلى غَيْرِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعالى: {فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا} (¬32) أَىْ: خَلَّفا. قَوْلُهُ: "عَلى حَسَبِ الْعادَةِ" (¬33) بِفَتْحِ السِّينِ، أَىْ: عَلى قَدْرِ. وَقَدْ ذُكِرَ (¬34). ¬
ومن باب ما يوجب فسخ الإجارة إلى آخره
وَمِنْ بابِ ما يُوجِبُ فَسْخَ الإِجارَةِ إِلى آخِرِهِ قَوْلُهُ: "كَتَعَثُّرِ الظَّهْرِ" (¬1) أَىْ: سُقوطِهِ وَقْتَ الْمَشْىِ، وَأَنَّ ذَلِكَ عادَةً مِنْهُ، فيعَدُّ عَيْبًا. قَوْلُهُ: "فَوَجَدَهُ خَشينَ الْمَشْىِ" (¬2) أَىْ: يَمْشى بِعُنْفٍ وَشِدَّةٍ لَيْسَ بِالَّليِّنِ الْوَطِيىءِ. قَوْلُهُ: "وَإِنِ اكْتَرى دارًا فَتَشَعَّثَتْ" أَىْ: بَدَأَ بِها الْخَرابُ، مَأْخوذٌ مِنْ شَعَثِ الرَّأْسِ، وَهُوَ: اغْبِرارُه، وَانْتِشارُ شَعَرِهِ وَتَفَرُّقُهُ؛ لأنَّ أَجْزاءَها تَنْتَشِرُ وَتَتَفَرَّقُ عَنْ (¬3) تَأْليفِها، وَيَتَغَيَّرُ جَصُّها وَ "الْهَلاكُ الطَّارِىءُ" (¬4) هُوَ: الْحادِثُ. قَوْلُهُ: " [صَبِيًّا] فِى حجْرِهِ" (¬5) يُقالُ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، وَالْجَمْعُ: الْحُجورُ، وَهُوَ ما بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ (¬6). قَوْلُهُ. "فَإِذا عَدَلَ إِلى الضَّرْبِ" (¬7) أَىْ: مالَ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬8). ¬
[قَوْلُهُ] (¬9): "الْمَلَّاحُ" (¬10) الَّذى يَعْمَلُ فِى الْبَحْرِ. [قَوْلُهُ] (9): "يُهْرِقُ دَمًا" (¬11) أَىْ: يُريقُهُ، يُقالُ: هَراقَ وَأَراقَ، وَيُهَريقُ وَيُهْريقُ، بِالتَّحْريكِ وَالإِسْكانِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬12). قَوْلُهُ: "فَقَطَعَهُ قَباءً" (¬13) الْقَباءُ: ثَوْبٌ مَعْروف، وَهُوَ مُفَرَّجُ الْمُقَدَّمِ إِلى الْحَلْقِ (¬14)، لا يَحْتاجُ لابِسُهُ إِلى إدْخالِ رَأَسِهِ فيهِ، وَأَوَّلُ مَنْ لَبِسَهُ سُليمانُ [بْنُ دَاودَ] (9) عَلَيْهِ السَّلامُ، كانَ إِذا أَدْخَلَ رَأَسَهُ فِى الثِّيابِ كَنَّصَتِ الشَّياطينُ، أَىْ: حَرَّكَتْ أُنوفَها اسْتِهْزاءً بِهِ، يُقالُ: كَنَّصَ فُلانٌ فِى وَجْهِ صاحِبِهِ. ذَكَرَهُ فِى الْفائِقِ (¬15). قَوْلُهُ: "وَكَلامُها مَدْخولٌ" (¬16) أَىْ: يُمْكِنُ الدُّخولُ إلى نَقْضِهِ وَإِفْسادِهِ، يُقالُ: نَخْلُة مَدْخولَة، أَىْ: عَفِنَةُ الْجَوْفِ، وَدُخِلَ فِى جَوْفِهِ، فَهُوَ مَدْخولٌ. ¬
ومن باب الجعالة والسبق والرمى
وَمِنْ بابِ الجُعالَةِ وَالسَّبْقِ وَالرَّمْىِ (¬1) قَوْلُهُ تَعالَى: {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} (¬2) أَىْ كَفيلٌ وَضَمينٌ (¬3)، وَالزَّعامَةُ: الْكَفالَةُ. قَوْلُهُ: "أَتَوْا حَيًّا مِنْ أَحْياءِ الْعَرَبِ فَلَمْ يُقْروهُمْ" (¬4) الْحَىُّ: الْقَبيلَةُ، وَاشْتِقاقُهُ مِنْ الْحَيَاةِ الَّتى هِىَ ضِدُّ الْمَوْتِ. وَقَوْلُهُ: "لَمْ يَقْروهُمْ" لَمْ يُضَيِّفوهُمْ، وَالْقِرى: إطْعامُ الضَّيْفِ النّازِلِ بِالإِنْسانِ، وَأَوَّلُ مَنْ سَنَّهُ إِبْراهيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَوْلُهُ: "قَطيعَ شاءٍ" (¬5) أَىْ: قِطْعَةً وَطائِفَةً مِنَ الْغَنَمِ. قَوْلُهُ: "شَرَعَ فِى الْعَمَلِ" (¬6) يُقالُ: شَرَعْتُ فِى (¬7) الْأَمْرِ، أَىْ: خُضْتُ فيهِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬8). ¬
قَوْلُهُ: "الْمُناضَلَةُ" (¬9) هِىَ الْمُراماةُ، وَناضَلْتُهُ، أَىْ: رامَيْتُهُ لِآخُذَ نَضْلَهُ، وَقالَ الْأزْهَرِىُّ (¬10): النِّضالُ: فِى الرَّمْىِ، وَالرِّهانُ: فِى الْخَيْلِ، وَهُوَ الَّذى يُوضَعُ فِى النِّضالِ، فَمَنْ سَبَقَ أَخذَهُ وَحَكى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الْأَعرَابِىِّ قالَ: السَّبَقَ، وَالْخَطرُ، وَالنَّدَبُ، وَالْقَرَعُ، وَالْوَجَبُ، كُلَّهُ الذَّى يُوضَعُ فيهِ. قَوْلُهُ: "الْخَيْلِ الْمُضَمَّرَةِ" تَضْميرُ الْخَيْلِ: أَنْ [تُسْقَى الَّلبَنَ و] (¬11) تُعْلَفَ الْيابِسَ مِنَ الْعَلَفِ، وَتُجْرَى [فِى] (11) طَرَفَىِ النَّهارِ، تُتْرَكُ عَلى ذَلِكَ أَيّامًا، ثُمَّ يُسابَقُ بَيْنَها. وَقالَ الْهَرَوِىُّ (¬12): تَضْميرُها: أَنْ تُشَدَّ عَلَيْها سُروجُهَا (¬13)، وَتُجَلَّلَ بِالْأَجِلَّةِ حَتّى تَعْرَقَ تَحْتَها، فَيَذْهَبَ رَهَلُها، وَيَشْتَدَّ لَحْمُها (¬14). قَوْلُهُ: "ثَنِيَّةِ الْوَداعِ" الثَّنِيَّةُ: الْعَقَبَةُ، وَجَمْعُها: ثَنايَا، وَمِنْهُ: فُلانٌ طَلَّاعُ الثَّنايا، أَىْ [سَامٍ] (¬15) لِلْأمورِ. قَوْلُهُ: "مِنْ هَذِهِ الْقُدْرَةِ" (¬16) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ [يَعْنِى: الْمَقْدورَ عَلَيْهِ، كَالدُّنْيا وَما فِيها مِمَّا خَلَقَ بِقُدْرَةِ اللهِ تَعالى وَعَظَمَتِهِ، وَيُرْوَى: "الْقَذِرَةِ" بِفَتْحِ الْقافِ وَكَسْرِ الذالِ الْمُعْجَمَةِ، يَعْنِى بِهِ الدَّنِيىءَ، وَهُوَ الْأَشْهَرُ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ قَدْ سَمّاها فِى غَيْرِ هَذا الْمَوْضِعِ "أُمَّ دَفْرٍ" لِاسْتِقْذارِهِ إِيَّاهَا وَنَتْنِهَا] (¬17). ¬
وَكَذا (¬18) "ابْنُ الْأَدْرَعَ" (¬19): دالُهُ مُهْمَلَة، نَصَّ الْقَلْعِىُّ عَلَيْهِ (¬20)، وَهُوَ اسْمُ عَلَمٍ (¬21)، وَالْأَدْرَعُ فِى غَيْرِهِ: الَّذى يُخالِطُهُ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ. قَوْلُهُ تَعالَى: {رِبَاطِ الْخَيْلِ} (¬22) هُوَ: مُرابَطَتُها وَمُلازَمَتُها ثَغْرَ الْعَدُوِّ. قَوْلُهُ: "لَيْسَ مِنَ الَّلهْوِ إِلَّا ثَلاثَةٌ" (¬23) أَىْ: لَيْسَ يَحِلَّ مِنَ اللَّهْوِ أَلَّا ذَلِكَ. وَ "أَهْلَهُ" أَرادَ: زَوْجَتَةُ. (قَوْلُهُ: "فَنِغمَةٌ كَفَرَها" أَىْ: جَحَدَها وَغَطَّى سَبيلَها، وَالتَّكْفيرُ: التَّغْطِيَةُ) (¬24). قَوْلُهُ: "صانِعَهُ الْمُحْتَسِبَ فيهِ الْخَيْرَ" هُوَ: الطّالِبُ، يُقالُ: فُلَانٌ يَحْتَسِبُ الْأَخْبارَ، أَىْ: يَطْلُبُها. قَوْلُهُ: "مُنَبِّلُهُ" أَىْ: مُعْطيهِ، يُقالُ: نَبَّلَةُ: إِذا أَعْطاهُ النَّبْلَ، وَفِى الْحَديثِ: "أَنَّهُ كانَ يُنَبِّلُ سَعْدًا إِذا رَمَى كُلَّمَا نَفِدَتْ نَبْلُة نَبَّلَهُ" (¬25) أَىْ: أَعْطاهُ أُخْرى. وَقالَ الطُّوَيْرِىُّ: قِيلَ: هُوَ الْمُلْتَقِطُ، وَقيلَ: الَّذى جَعَلَ الْحديدَةَ فِى رَأْسِهِ. ¬
قَوْلُهُ: "فَهَشَّ لِذَلِكَ" (¬26) الْهَشاشَةُ: الإِرْتِياحُ وَالْخِفَّةُ لِلْمَعْروفِ، وَمَعْناهُ فَرِحَ وَاشْتَدَّ (¬27)، وَقَدْ هَشِشْتُ لِفُلانٍ، بِالْكَسْرِ، وَرَجُلٌ هَشٌّ بَشٌّ. قَوْلُهُ: "وَهُما مُتَكافِئانِ" (¬28) أَىْ: مُتَساوِيانِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬29) قَوْلُهُ: "لَا سَبَقَ إِلَّا فِى نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حافِرٍ" (¬30) السَّبْقُ -بِسُكونِ الْباءِ: مَصْدَرُ سَبَقَ يَسْبِقُ سَبْقًا وَالسَّبَقُ- بِتَحْريكِ الْباءِ: الْمالُ الَّذى يُسابَقُ عَلَيْهِ (¬31) وَالنَّصْلُ: لِلسَّهْمِ، وَالْخُفُّ: لِلإِبِلِ، وَالْحافِرُ: لِلْفَرَسِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمارِ، وَالظِّلْفُ: لِسائِرِ الْبَهائِمِ، وَالْمِخْلَبُ: لِلطَّيْرِ، وَالظُّفْرُ: لِلإِنْسانِ (¬32). قَوْلُهُ: "كَالزَّبازِبِ وَالشَّذَواتِ" (¬33) الْواحِدُ: زَبْزَبٌ، ضَرْبٌ مِنَ السُّفُنِ، وَهُما نَوْعانِ مِنَ السُّفُنِ صِغارٌ سَريعَةُ الْجَرْىِ خِفافٌ (¬34)، وَهُوَ مِنْ أَلْفاظِ الْعَجَمِ. ¬
وَالرّاناتُ (¬35): الْمَزَاريقِ (¬36). وَالصَّوْلَجانُ (¬37): مَعْروفٌ، يُضْرَبُ بِهِ الْكُرَةُ، عُودٌ أَعْوَجُ مُعَقَّفٌ. وَأَصْلُ الْكُرَةِ: كُرَوٌ، وَالْهاءُ عِوَضُ الْواوِ، وَتُجْمَعُ عَلى كُرينَ وَكِرينَ أَيْضًا بِالْكَسْرِ، وَكُراتٍ. قَوْلُهُ: "مُداحاةُ الأَحْجارِ" قالَ فِى الْفائِقِ (¬38): هِىَ أَحجارٌ أَمْثالُ الْقِرَصَةِ، يَحْفِرونَ حُفَيْرَةً، فَيَدْحونَ بِها إِلَيْها، فَمَنْ وَقَع حَجرُهُ فيها فَقَدْ قَمَرَ، وَالْحُفَيْرَةُ: هِىَ الأُدْحِيَّةُ، وَفِى حَديثِ أَبى رافِعٍ: "كُنْتُ أُلاعِبُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ بِالْمَداحِىِّ" (¬39) وَتُسَمَّى الْمَسَادِى، وَيَدْحُونَ، أَىْ: يُجْرونَها (¬40) عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. قَوْلُهُ: "الْمُذَرّعَ" (¬41) هُوَ الَّذى أَمُّهُ أَشْرَفُ مِنْ أَبيهِ، قالَ الْفَرَزْدَقُ (¬42): إِذا باهِلِىٌّ عِنْدَهُ حَنْظَلِيَّةٌ ... لَهُ وَلَدٌ مِنْها فذَاكَ الْمُذَرَّعُ قالَ فِى الصَّحاحِ (¬43): يُقالُ: إِنَّما سُمِّىَ مُذَرَّعًا بِالرَّقْمَتَيْنِ فِى ذِراعِ الْبَغْلِ؛ لِأنَّهُما أَتَيَاهُ مِنْ ناحِيَةِ الْحِمارِ. وَ "الْمَحاضيرِ" جَمْعُ مِحْضارٍ، وَهُوَ: السَّريعُ فِى الْعَدْوٍ، وَالْحُضْرُ وَالإحْضارُ (¬44): الْعَدْوُ. ¬
وَالْعَتيقُ (¬45): الَّذى أَبَوَاهُ عَرَبِيّانِ. وَالْهَجينُ: الَّذى أَبوهُ عَرَبِىٌّ، وَأُمُّهُ أَعْجَمِيَّةٌ. قَوْلُهُ: "وَالْبُخْتِىُّ وَالنَّجيبُ" (¬46) الْبُخْتُ: جِنْسٌ مِنَ الِإبِلِ مَعْروفٌ بَطِيىءُ الْجَرْىِ، قيلَ: لا شِقْشِقَةَ لَهُ إِذا هَدَرَ. وَالنَّجيبُ: الْحَسَنُ الْخَلْقِ، السَّريعُ فِى الْمَشْىِ، وَمَعْناهُ: الْمُخْتارُ، انْتَجَبْتُ (¬47) الشَّيْىءَ: اخْتَرْتُه. وَالْبِرْذَوْنُ (¬48): فَرَسٌ عَجَمِىٌ مَعْروفٌ، وَهُوَ: الْقَصيرُ الْعُنُقِ، الثَّقيلُ فِى جِسْمِهِ، الْبَطيىءُ فِى جَرْيِهِ (¬49). قَوْلُهُ: "مَعْرِفَة جَوْهَرِهِما" (¬50) أَىْ: نَفاسَتِهِما وَجَوْدَةِ جَرْيِهِما. قَوْلُهُ: "الْمُجَلِّى" (¬51) وَهُوَ: الأوَّلُ، قالَ الْمُطَرِّزِىُّ (¬52): يَحْتَمِلُ أَنْ يكونَ مِنْ جَلَّى (¬53) الْهُمومَ: إِذا فَرَّجَها وَكشَفَها. ¬
وَالْمُصَلِّى: هُوَ الثّانِى؛ لِأنَّ جَحْفَلَتَهُ عَلى صَلى السّابِقِ، وَهِى: مَنْخِرُهُ. وَالصَّلوانِ: عَظْمانِ عَنْ يَمينِ الذَّنَبِ وَشِمالِهِ، قالَ (¬54): . . . . . . . . . . . . . ... تَلْقَ السَّوابِقَ [مِنّا] وَالْمُصَلِّينَا قَوْلُهُ: "تَعَلُّمِ الْفُروسِيَّةِ" يُقالُ: فارِسٌ عَلى الْخَيْلِ بَيِّنُ الْفُروسِيَّةِ، وَفارِسٌ بِالْعَيْنِ بَيِّنُ الْفِراسَةِ، أَىْ: جَيِّد التَّفَرُّسِ بَصيرٌ بِالْأَشْيَاءِ. وَالتّالى (¬56): التّابِعُ، تَلاهُ: إِذا تَبِعَهُ. وَالْبارِعُ: الْفائِقُ، يُقالُ: بَرَعَ الرَّجُلُ وَبَرُعَ أَيْضًا -بِالضَّمِّ- بَرَاعَةً، أَىْ: فاقَ أَصْحابَهُ بِالْعِلْمِ (¬57) وَغَيْرِهِ، فَهَوَ بارِعٌ. وَالْمُرْتاحُ: هُوَ مُفْتَعَلٌ مِنْ رَاحَ الْفَرَسُ يَرَاحُ راحَةً: إِذا تَحَصَّنَ، أَىْ: صارَ فَحْلًا، وَارْتاحَ أَيْضًا: إِذا نَشِطَ وَخَفَّ. وَالْحَظِىُّ: الَّذى لَهُ قَدْرٌ وَمَنْزِلَةٌ عِنْدَ صاحِبِهِ، يُقالُ: قَدْ حَظِىَ عِنْدَ الْأَميرِ وَاحْتَظَى بِهِ، وَأَحْظَيْتُهُ (¬58)، أَىْ: فَضَّلْتُهُ عَلَى غَيْرِهِ. ¬
وَالْعاطِفُ: أُخِذَ إِمّا مِنْ عَطفَ: إِذا كَرَّ، وَإِمّا مِنْ عَطَفَ: إِذا أَشْفَقَ، كَأَنَّ صاحِبَهُ يُشْفِق عَلَيْهِ. وَالْمُرْمِلُ: هُوَ الَّذى يَرْمُلُ وَيَعْدو، وَالرَّمَلُ: الْعَدْوُ وَالِإسْراعُ، وَفِى أكْثَرِ النُّسَخِ: "الْمُؤَمَّلُ" وَلا يُوصَفُ بِهِ الْفَرَسُ فِى اللُّغَةِ (¬59)، وَلَعَلَّهُ أُمِّلَ لِأَنْ يَسْبِقَ. وَاللَّطيمُ: الَّذى تَلْطِمُهُ النِّساءُ، لِتَأخُّرِهِ وَإِعْيائِهِ. وَالسُّكَيْتُ: مِثالُ الْكُمَيْتِ، وَهُوَ: آخِرُها، قال الْجَوْهَرِىُّ (¬60): وَقَدْ يُشَدَّدُ، فيقالُ: السُّكَّيْتُ، وَهُوَ: الْقاشورُ (¬61). وَاشْتِقاقُهُ مِنْ قُشِرَ، أَىْ: شُئِمَ (¬62)، لِمَجيئِهِ آخِرًا، وَالْقاشورُ: الشُّؤْمُ، وَالْقاشورُ: السَّنَةُ الْمُجْدِبَةُ، لِقِلَّةِ حَظِّهِ مِنَ السَّبَقِ. وَالسُّكَيْتُ: مُشْتَقٌّ مِنْ سَكَتَ، أَىْ: سَكَنَ، أَوْ مِنْ أَسْكَتَ، أَىِ: انْقَطَعَ، لِتَخْلُّفِهِ وَانْقِطاعِهِ , قالَ الشَّاعِرُ (¬63): قَدْ رابَنِى أَنَّ الْكَرِىَّ أَسْكَتَا أَىِ: انْقَطَعَ. وَقيلَ: إِنَّ هَذهِ أَسْماءُ خَيْلٍ كانَتْ فِى الْجاهِلِيَّةِ سُوبِقَ بَيْنَها، فَبَقِيَتْ عَلى أَسْمائِها. ¬
وَالْفِسْكِلُ، وَيُقالُ لَهُ: فسْكولٌ بِالضَّمِّ وسِينٍ مُهْمَلَةٍ، وَفِسْكَوْلٌ بِكَسْرِ الْفاءِ وَفَتْحِ الْكافِ. وَسُمِّىَ الْمُحَلِّلُ مُحَلِّلًا؛ لِأَنَّ بِدُخولِهِ يَحِلُّ السَّبَقُ، وَلا يَكونُ قِمارًا. وَالسَّبَقُ- بِفَتْحِ الْباءِ: هُوَ الْمالُ، وَبِإِسْكانِها: الْمَصْدَرُ. وَ "الْقِمارُ" (¬64) مُعْروفٌ، يُقالُ: قَمَرْتُهُ أَقْمِرُهُ -بِالْكَسْرِ- قَمْرًا: لاعَبْتَهُ فيهِ فَغَلَبْتَهُ. قَوْلُهُ: "فَإِذا أَتَيْتَ الْميطَانَ" (¬65) هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذى يُوَطَّنُ فيهِ؛ لِتُرْسَلَ مِنْهُ الْخَيْلُ فِى السِّباقِ، وَهُوَ أَوَّلُ الْغايَةِ. وَالْمِيدَاءُ وَالْمِيتَاءُ: آخِرُ الْغايَةِ، وَالْغايَةُ: هِىَ الَّتى يَنْتَهِى إِلَيْها جَرْيُهما. قَوْلُهُ: "وَلَا يُجْلَبُ وَراءَهُ" (66) وَ "مَنْ أجْلَبَ عَلى الْخَيْلِ" (¬66) أَىْ: يُصَوَّتُ، وَالْجَلَبَةُ: كَثْرَةُ الْأَصْوَاتِ. "الشَّنَّ" (¬67) قِرْبَةٌ بالِيَةٌ. قَوْلُهُ: "الْكَتَدِ" (¬68) يُقالُ بِفَتْحِ التّاءِ وَكَسْرِها، وَهُوَ الْكاهِلُ: ما بَيْنَ أَصْلِ الْعُنُقِ وَالظَّهْرِ، وَهُوَ: مُجْتَمَعُ الْكَتِفَيْنِ وَ [هُوَ] (¬69) مِنَ الْخَيْلِ: مَكانَ السَّنامِ مِنَ الْبَقَرِ. ذَكَرَهُ فِى الشّامِلِ. ¬
قَوْلُهُ: "ساخَتْ قَوَائِمُهُ فِى الْأرْضِ" أَىْ: نَزَلَتْ فيها مِنْ رَخاوَتِها. قَوْلُهُ: "وَلا يَجوزُ إلّا عَلى رِشْقٍ" (¬70) الرِّشْقُ -بِكَسْرِ الرّاءِ: هُوَ عَدَدُ الرَّمْىِ. وَيُقالُ: الْوَجْهُ [مِنَ الرَّمْىِ] (¬71) "وَأَمَّا الرَّشْقُ -بِفَتْحِ الرّاءِ- فَهُوَ: الرَّمْىُ نَفْسُهُ، تَقولُ: رَشَقْتُ رَشْقًا، أَىْ رَمَيْتُ رَمْيًا. قَوْلُهُ: "مَدَى الْغَرَضِ" (¬72) الْمَدَى: الْغايَةُ. يُقالُ: قِطْعَةٌ (¬73) مِنَ الْأرْضِ [قَدْرُ] (¬74) مَدَى الْبَصَرِ، وَقَدْرُ [مَلأ] (¬75) الْبَصَرِ أَيْضًا عَنْ يَعْقوبَ (¬76). وَالْغَرَضُ: هُوَ الَّذى يُنْصَبُ لِيُرْمَى. قالَ فِى الْبَيانِ: الْجَرِبْدُ: هُوَ الطَّوْقُ الَّذى يَكونُ حَوْلَ الْجِلْدِ، وَالْهَدَفُ: كُلُّ شَيْىْءٍ مُرْتَفِع مِنْ بِناءٍ أَوْ كَثيبِ رَمْل، أَوْ جَبَلٍ، وَمِنْهُ سُمِّىَ الْغَرَضُ. وَقيلَ: الْغَرَضُ: ما نُصِبَ فِى الْهَواءِ. وَالْخزْقُ- بِالزّاىِ: مِثْلُ الْخَسْقِ (¬77)، وَالْخاسِقُ: هُوَ الْمُقَرْطِسُ، وَالْقِرْطاسُ: مَا يُنْصَبُ فى الْهَدَفِ لِلرَّمْىِ. ذَكَرَهُ فِى دِيوانِ الْأَدِبِ (¬78). [قوله: "الحوابى" (¬79)] الْحَوابِى (¬80): جَمْعُ حَابٍ، وَالْحابِى مِنَ السِّهامِ، الَّذى يَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ يَزْحَفُ إِلى الْهَدَفِ. ¬
يُقالُ: حَبَا الصَّبِىُّ يَحْبو: إِذا زَحَفَ أَوَّلَ ما يَمْشِى عَلَى اسْتِهِ وَبَطْنِهِ، وَهَذا مَأَخوذٌ مِنْهُ. قَوْلُهُ: "فَقَدْ فَلَجَ" (¬81) أَىْ: غَلَبَ، يُقالُ: فَلَجَ خَصْمَهُ , أَىْ: غَلَبَةُ. قَوْلُهُ: "فَقَدْ نَضَلَ" (¬82) أَىْ: غَلَبَ بِالْمُناضَلَةِ، وَهِىَ: الْمُرامَاةُ. [قَوْلُهُ: "الْحِزْبَيْنِ"] (79) الْحِزْبُ: الْجَماعَةُ، وَتَحَزَّبوا، أَىْ: تَجَمَّعوا، وَقَدْ ذُكِرَ. ¬
[ومن باب بيان الإصابة والخطإ فى الرمى]
[وَمِنْ بابِ بَيانِ الْإصابَةِ وَالْخَطَإِ فِى الرَّمْىِ] [قَوْلُهُ: "إلَى فُوقِهِ" (79)] الْفوقُ: مَوْضِعُ الْوَتَرِ مِنَ السَّهْمِ، وَهُوَ: الْفَرْضُ الْمَحْزوزُ (¬83). قَوْلُهُ: "تَرَكَ الرَّمْىَ لِلدَّعَةِ" (¬84) هِىَ: السُّكونُ وَالرّاحَةُ. قَوْلُهُ: "فَعارَضَهُ عارِضٌ" (¬85) أَىْ: مَنَعَهُ. وَالْمُعارَضَةُ: أنْ يَعْتَرِضَ لَهُ شَيْىءٌ دونَ ما يُريدُ، فَيَمْنَعُهُ. قَوْلُهُ: "يَتَقايَسا" (¬86) يُقالُ: قِسْتُ الشَّيْىءَ بِالشَّيْىءِ، أَىْ: قَدَّرْتَهُ عَلى مِثالِهِ، وَيُقالُ: بَيْنَهُما قِيسُ رُمُح، بِالْكَسْرِ. [قَوْلُهُ (¬87): "الْمُزْدَلِفُ"] (79) ازْدَلَفَ السَّهْمُ، أَىْ: اقْتَرَبَ، وَأَصْلُهُ: التّاءُ، فَأُبْدِلَتْ دَالًا. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ ارْتَفَعَ عَنِ الْأَرْضِ بِشِدَّةِ (¬88) وَقْعِهِ عَلَيْها، فَأصابَ الْغَرضَ. قالَ فِى الشّامِلِ: الْمُزْدَلِفُ أَنْ يَقَعَ دونَ الْغَرَضِ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ يَثِبُ إِلَى الْغَرَضِ. ¬
قَوْلُهُ: "الْكُسَعِىُّ" (¬89) هُوَ مُحارِبُ بْنُ قَيْسٍ، مِنْ بَنِى كُسَيْعَةَ (¬90)، قالَهُ حَمْزَةُ (¬91). وَقالَ غَيْرُهُ: هُوَ مِنْ بَنِى كُسَع، ثُمَّ مِنْ بَنى مُحارِبٍ، بَطْنٍ مِنْ حِمْيَرَ، وَاسْمُهُ غامِدُ (¬92) بْنُ الْحارِثِ، وَمِنْ قَوْلِهِ: نَدِمْتُ نَدَامَةً لَوْ أَنَّ نَفْسِى ... تُطاوِعُنِى إِذَنْ لَقَطَعْتُ خَمْسِى تَبَيَّنَ لِى سَفاهُ الرَّأْىِ مِنِّى ... لَعَمْرُ أَبيكَ حينَ كَسَرْتُ قَوْسِى قَوْلُهُ: "قَدْ يُشَوِّشُ الرَّمْىَ" (¬93) التَّشْويشُ. التَّخْليطُ وَالتَّغْييرُ. ¬
ومن [كتاب] إحياء الموات
وَمِنْ [كِتابِ] (¬1) إحْياءِ الْمَوَاتِ الْمَوَاتُ: الأَرْضُ الَّتى لَا مالِكَ لَها مِنَ الْآدَمِيِّينَ، وَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا أَحَدٌ. قَوْلُهُ: "وَما [أَكَلَهُ] (¬2) العَوَافِى هُوَ (¬3): جَمْعُ عافِيَةٍ، وَهِىَ: الْوَحْشُ وَالسِّباعُ وَالطَّيْرُ (¬4)، مَأْخْوذ مِنْ قَوْلِهِمْ: عَفَوْتُ فُلانًا أَعْفوهُ: إِذا أَتَيْتَهُ تَطْلُبُ مَعْروفَهُ. يُقالُ: فُلانٌ كَثيُر الْعافِيَةِ وَالْغاشِيَةِ، أَىْ: يَغْشاهُ السُّؤَّالُ وَالطّالِبونَ. (قَوْلُهُ: بادَ أَهْلُهُ" (¬5) " أَىْ: هَلَكوا، بادَ الشَّيْىْءُ يَبيدُ بَيْدًا وَبُيُودًا: هَلَكَ، وَأَبادَهُمُ اللهُ، أَىْ: أَهْلَكَهُمُ) (¬6). قَوْلُهُ: "عادِىُّ الْأَرْضِ" (¬7) مَنْسوبٌ إلى عادٍ، الْأُمَّةِ الْمَعْروفَةِ، وَيُسْتَعْمَلُ فِى الشَّيْىءِ الْقَديمِ. قَوْلُهُ: ["كَالْمُتحَجِّرينَ" (¬8)] الْمُتَحَجِّرُ: هُوَ الَّذى يَشْرَعُ فِى الإحْياءِ وَيَبْتَدِىءُ (¬9)، مَأَخوذٌ مِنَ الْحَجْرِ، وَهُوَ: الْمَنْعُ. ¬
قَوْلُهُ: " [كَحَريمِ] (¬10) الْبِئرِ" هُوَ ما يَحْرُمُ الانْتِفاعُ بِهِ حَوْلَها، وَهُوَ فَعيلٌ مِنَ الْحَرامِ. قَوْلُهُ: "وَفِناءِ الدّارِ" هُوَ ما امَّتَدَّ مِنْ جَوَانِبِها، وَالْجَمْعُ أَفْنِيَةٌ. وَسورُ الدارِ وَالْمَدينَةِ: ما يُحيطُ بهِا. قَوْلُهُ: "الرِّحابُ وَالشَّوارِعُ" (¬11) الرِّحابُ: جَمْعُ رَحْبَةٍ، وَهِىَ: السّاحَةُ الْواسِعَةُ، وَالرَّحْبُ: الْواسِعُ مِنْ كُلِّ شَيْىءٍ، وَالشَّوارِعُ: جَمْعُ شارِعٍ، وَهُوَ: الطرَّيقُ الْأَعظَمُ فِى الْبَلَدِ. قَوْلُهُ: "مَوَتان الْأَرْضِ للهِ" (¬12) الْمَوَتانُ (¬13) -بِالتَّحْرِيكِ- خِلافُ الْحَيَوَانِ، يُقالُ: اشْتَرِ الْمَوَتانَ وَلا تَشْتَرِ الْحَيَوَانَ، أَىْ: اشْتَرِ الْأَرْضَ وَالدّورَ، وَلَا تَشْتَرِ الدَّوَابَّ وَالرَّقيقَ. وَقالَ الْفَرّاءُ: الْمَوَتانُ مِنَ الْأرْضِ: الَّذى لَمْ يُحْىَ بَعْدُ، وَأَمّا الْمُوتانُ- بِضَمِّ الْميمِ وَسُكونِ الْوَاوِ، فَالْمَوْتُ الذَّرِيعُ (¬14). وَالْمَوْتانُ- بِفَتْح الْميمِ وَسُكونِ الْوَاوِ: عَمَى الْقَلْبِ: يُقالُ: رَجُلٌ مَوْتَانُ الْقَلْبِ: إِذا كانَ لَا يَفهَمُ. قَوْلُهُ: "مُرَاحًا وَحَظيرَةً" (¬15) الْمَرَاحُ -بِالْفَتْحِ- هُوَ: مَوْضِعُ الرَّوَاحِ (¬16). وَالْمُرَاحُ- بالضَّمِّ: مَوْضِعُ الاسْتِراحَةِ. وَقَدْ يَكونُ الْمَضْمومُ أَيْضًا مَوْضِعَ (¬17) ¬
الرَّوَاحِ، إِذا أَخَذْتَهُ مِنْ أَراحَ المْاشِيَةَ: إِذا آوَاهَا، فَإنَّ الْمَوْضِعَ مِنْ أَفْعَلَ مَضْمومُ الْميمِ. وَالْحَظيرَةُ: ما يُحيطُ بِالشَّيىْءِ، وَأَصْلُهُ: الْحَظْرُ، وَهُوَ: الْمنْعُ؛ لِأَنَّها تَمْنَعُ مِنَ الدُّخولِ وَالْخُروجِ. قَوْلُهُ: "كَمَرَافِقِ الْمَمْلوكِ" هُوَ: ما يُرْتَفَقُ (¬18) بِهِ، أَىْ: يُنْتَفَعُ بِهِ مِمّا حَوْلَهُ (¬19) وَجَوانِبَهُ، وَاحِدُها مَرْفِقٌ، بِفَتْحِ الْميمِ وَكَسْرِ الْفاءِ، وَأَمّا الْمَرْفَقُ - بِالْفَتْحِ فيهِما: فَالمَصْدَرُ مِنْ ذَلِكَ (¬20). قَوْلُهُ: "يَعْمَلَ لَها مُسَنَّاةً" (¬21) قالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬22): الْمُسَنّاةُ: الْعَرِمُ، وَفَسَّرَ الْعَرِمَ أَنَّهُ السِّكْرُ الَّذِى يَجْتَمِعُ فيهِ الْماءُ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكونَ هُنَا: الْكُومَ (¬23)؛ إذْ قالَ فِى الْوَسِيطِ: وَيَجْمَعُ حَوَالَيْهَا (¬24) التُّرابَ. قَوْلُهُ: "مِنَ الْبَطائِحِ" (¬25) بَطائِحُ النَّبَطِ: بَيْنَ الْعِراقَيْنِ، وَهِىَ: أَرْضٌ نَزَّةٌ، لَا يَزالُ فِيها الْماء، وَيُزْرَعُ فِيها الْأَرُزُّ. قالَ الْمُطرِّزِىُّ (*): هِىَ بَيْنَ وَاسِطَ وَالْبَصْرَةِ: ماءٌ مُسْتَنْقَعٌ لَا يُرى طَرَفاهُ مِنْ سَعَتِهِ، وَهُوَ مَغيضُ دِجْلَةَ وَالْفُراتِ، سُمِّىَ الْمَوْضِعُ بِها؛ لِانْبِطاحِ الْماءِ عَلَيْهِ. ¬
[قَوْلُهُ: "الْقارِ"] (¬26) قَدْ ذَكَرْنا ألْقارَ (¬27)، وَأَنَّهُ أَسْوَدُ لَزِجٌ تُعْمَلُ بِهِ السُّفُنُ (¬28). قَوْلُهُ: "مُلْقَى الطِّينِ" (¬29) حَيْثُ يُلْقَى. وَما يَخْرُجُ مِنْهُ مِنَ التِّقْنِ" بِالتّاءِ باثْنَتَيْنِ مِن فَوْقِها، وَبِالْقافِ وَالنّونِ، وَهُوَ: ما يَجْتَمِعُ مِنَ الْحَمْأَةِ وَغَيْرِها، لُغَةٌ بَغدادِيَّةٌ. ذَكَرَهُ فِى الْمُجْمَلِ (¬30). قَوْلُهُ: "عَطَنٌ لماشِيَتِهِ" (¬31) الْعَطنُ: حَيْثُ تُبْرَكُ الِإبِلُ بَعْدَ الشُّرْبِ الأَوَّلِ، وَهُوَ: النَّهَلُ، لِتُعادَ إلى الشُّرْبِ الثّانِى، وَهُوَ: الْعَلَلُ. قَوْلُهُ: "الْقَليبِ الْعادِيَّةِ" (¬32) الْقَليبُ: الْبِئْرُ قَبْلَ أَنْ تُطْوَى، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَقالَ [أَبُو عُبَيْدٍ] (¬33): هِىَ الْبِئْرُ الْعادِيَّةُ الْقَديمَةُ، وَ"الْبَديءُ" هِىَ الَّتى ابْتُدِىءَ حَفْرُها (¬34). وَقالَ الْجَوْهَرِىُّ: الْبَدْءُ وَالْبَدىءُ: الْبِئْرُ الَّتى حُفِرَتْ فِى الِإسْلام، وَلَيْسَتْ بِعادِيَّةٍ. "فَإِنْ حَفَرَ حُشًّا" (¬35) ذُكِرَ (¬36). ¬
قَوْلُهُ: "مَشْرَعَةِ ماءٍ" (¬37) هِىَ الطَّريقُ إلى الْمَاءِ، وَكَذا الشَّريعَةُ، وَهِىَ (¬38) مَوْرِدُ الشّارِبَةِ. وَالشَّريعَةُ: ما شَرَعَ اللهُ تعالى لِعِبادِهِ مِنَ الدِّينِ: مَأَخوذٌ مِنْ هَذَا. قَوْلُهُ: "النِّفْطُ وَالْمومِياءُ" (¬39) قَدْ ذُكِرَ النِّفْطُ، وَأَنَّهُ دُهْنٌ كَريهٌ (¬40) شَديدُ الْحَرَارَةِ، تُسْتَخْرَجُ مِنْهُ النّارُ، كَريهُ الرّائِحَةِ. وَالْمومِيَاءُ: دَواءٌ لِلْجِراحاتِ وَتَجْبيرِ الْمَفاصِلِ، يُخرَجُ مِنَ الْحِجارَةِ (¬41). قَوْلُهُ: "هَايَأَ الإِمامُ بَيْنَهُما" (¬42) جَعَلَ لِهذا نَوْبَةً وَلِهذَا نَوْبَةً، مَأَخوذٌ مِنْ هَيَّأتُ: إِذا أَصْلَحْتَ. قَوْلُهُ: "لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلى الْآخَرِ" قالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬43): الْمَزِيَّةُ: الْفَضيلَةُ، يُقالُ: لَهُ عَلَيْهِ مَزِيَّةٌ، وَلَا يُبْنَى مِنْهُ فِعْلٌ. قَوْلُهُ: "يَأْخُذَانِ لِلْحاجَةِ" (¬44) الْحاجَةُ هَا هُنا: الْفَقْرُ. قَوْلُهُ: "إِلى نَيْلِهِ" (¬45) هُوَ: مَا يُتَناوَلُ مِنْهُ بِالْيَدِ، وَيُقالُ: نَالَ يَنالُ نَيْلًا: إِذا أَصابَ خَيْرًا. ¬
قَوْلُهُ: "فَوَصَلَ إِلى الْعِرْقِ" (¬46) أَىْ: إِلى أَصْلِهِ وَمَوْضِعِ ابْتِدائِهِ، مَأْخوذٌ مِنْ عِرْقِ الشَّجَرَةِ فِى الْأرْضِ. قَوْلُهُ: "مِنْ بارِيَّةٍ وَثَوْبٍ" (¬47) الْبارِيَّةُ: شَيْىْءٌ يُتَظَلَّلُ بِهِ: سَقيفٌ (¬48) مِنْ حُوصٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَيُقالُ: بارِيَّةٌ، وَبورِىٌّ -بِالتَّشْديد- وَبارِياءُ. ثَلَاثُ لُغاتٍ. خُصَّ الْأَعْمَى بِاسْمِ الضَّريرِ، وَإِنْ كانَتِ الْعاهاتُ وَالْعِلَلُ كُلُّها مَضَارٌّ؛ لِأنَّ الْعَمَى أَعْظَمُ الْمَضَارِّ وَأَتْعَبُها. ¬
من باب الإقطاع والحمى
مِنْ بابِ الإِقْطاع وَالْحِمَى الِإقْطاعُ: مَأْخوذٌ مِنَ الْقَطْعِ، كَأَنَّهُ يَقْطَعُ لَهُ قِطْعَة مِنَ الْأَرْضِ. وَالْحِمَى: الْمَكانُ الْمَحْمِىُّ الْمَمْنوعُ (¬1)، حَماهُ يَحْميهِ: إِذا مَنَعَهُ، يُقالُ: حَمَى الْمكانَ حِمًى بِالْقَصْرِ، وَحامَى (¬2) مُحاماةً وَحِماءً بِالْمَدِّ، فَيجُوزُ قَصْرُ الْحِمى وَمَدُّهُ، وَالْأَشْهَرُ الْقَصْرُ فيهِ. قَوْلُهُ: "أَقطَعَ الزُّبَيْرَ حُضْرَ فَرَسِهِ" (¬3) الْحُضْرُ وَالْعَدْوُ (¬4) وَالْجَرْىُ: بِمَعْنًى، أَقامَ الْمَصْدَرَ مُقامَ الاسْمِ، وَمَعْنَاهُ: مَوْضِعُ حُضْرِ فَرَسِهِ (¬5). قَوْلُهُ: "مِلْحَ الْمَأْرِبِ" (¬6) بِالْهَمْزِ. وَ"الْماءُ الْعِدُّ" هُوَ الَّذِى لا تَنْقَطِعُ مادَّتُهُ، كَماءِ الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ، وَالْجَمْعُ: الْأَعْدادُ. وَأَرادَ أَنَّهُ أَقطَعَهُ مَا يَسْتَضِرُّ النّاسُ بِمَنْعِهِ، كَما يَسْتَضِرُّونَ بِمَنْعِ الْماءِ. ("الْكَلأُ" مَقْصورٌ مَهْموزٌ: الْمَرْعى، وَقَدْ ذَكِرَ (¬7)). ¬
قَوْلُهُ: "حَمَى النَّقيعَ" (¬8) باِلنّونِ: هُوَ مَوْضِعٌ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلى أَمْيالٍ (¬9)، يَسْتَنْقِعُ فيهِ الْماءُ، وَأَمَّا الْبَقيعُ بِالْباءِ، فَمَقْبَرَةُ الْمدينَةِ عَلى بابِ الْبْلَدِ (¬10). النُّجْعَةُ- بِضَمِّ النّونِ: طَلَبُ الْمَرْعَى. قَوْلُهُ: "فَأطْرَقَ عُمَرُ رَضِىَ اللهُ عَنْهُ (¬11) ". قالَ يَعْقوبُ (¬12): أَطْرَقَ الرَّجُلُ (¬13): إِذا سَكَتَ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ. وَأَطْرَقَ، أَىْ: أَرْخَى عَيْنَيْهِ يَنْظُرُ إِلى الْأَرْضِ. قَوْلُهُ. "اضْمُمْ جَناحَكَ" (¬14) الْجَناحُ: عِبارَةٌ عَنِ الْيَدِ، أَىْ: أَمسِكْ يَدَكَ وَلَا تَمْتَدّ (¬15) إِلى ضَرَرِ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّ الْجَناحَ هُوَ يَدْ الطّائِرِ. وَقالَ الشَّيخُ أَبو حامِدٍ: أَىْ: تَوَاضَعْ لَهُمْ. وَقيلَ: مَعْناهُ: اتَّقِ الله؛ لِأَنَّ ضَمَّ الْجَناحِ: هُوَ تَقْوَى اللهِ، فَكَأَنَّهُ قالَ: اتَّق الله فِى الْمُسْلِمينَ. قَوْلُهُ: "رَبَّ الصُّرَيْمَةِ" (¬16) هِىَ: تَصْغيرُ صِرْمَةٍ، وَهِىَ: الْقِطْعَةُ مِنَ الِإبِلِ نَحْوُ الثَّلاثين (¬17). ¬
"وَالْغُنَيْمَةُ" ما بَيْنَ [الْأَرْبَعينَ] (¬18) وَالْمِائَةِ مِنَ الشَّاءِ. وَالْغَنَمُ: ما تَفَرَّدَ بِها راعٍ عَلى حِدَةٍ (¬19)، وَهِىَ: ما بَيْنَ الْمِائَتَيْنِ إِلى أربَعِمِائَةٍ. ذَكَرَهْ الأَزْهَرِىُ (¬20). قَوْلُهُ: "وَإِيَّاكَ وَنَعَمَ بْنِ عَفّانَ وَنَعَمَ بْنِ عَوْفٍ" لا تُدْخِلْها (¬21) الْحِمَى، فَإِنَّهُما غَنِيّانِ، لَا يَضُرُّهُما هَلاكُ نَعَمِهِما. قَوْلُهُ: لَا أَبا لَكَ" ظاهِرُهُ الذَّمُّ، وَالْقَصْدُ بِهِ (¬22): التَّحْريضُ عَلى الشَّيْىءِ، كَأنَّهُ قالَ: لَا أبا لَكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ، وَلَا يَجوزُ تَنْوينُهُ؛ لِأنَّهُ مُضَافٌ، وَاللَّامُ مُقْحَمَةٌ، تَقْديرُهُ: لَا أَباكَ. هَكَذَا ذَكَرَهُ النَّحْوِيُّونَ (¬23). ¬
ومن باب حكم المياه
وَمِنْ بابِ حُكْمِ الْمِياهِ أَصْلُ الْماءِ: مَاهٌ -بِالْهاءِ، بِالْهاءِ , فَأُبْدِلَتْ هَمْزَةً؛ لِأَنَّها أَقْوَى عَلى الْحَرَكَةِ (¬1)، يَدُلُّ عَلى ذَلِكَ: ظُهورُها فِى الْجَمْعِ فِى مِياهٍ وَأمْوَاهٍ، وَفِى التَّصْغيرِ: مُوَيْهٌ. قَوْلُهُ: "يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ" (¬2) هُوَ إِعْطاوهُ لِغَيْرِهِ مَجّانًا بِغَيْرِ عِوَض. قَوْلُهُ: "فَضْلَ الْماءِ" (¬3) الْفَضْلُ: الزَّائِدُ الَّذى يَفْضُلُ عَنْهُ، وَيَزيدُ عَنْ حاجَتِهِ. قَوْلُهُ: "يَسْتَخْلِفُ، وَلا يَسْتَخْلِفُ" (¬4) أَىْ: يَأْتى بِشَيْىءٍ آخَرَ عَقيبَ ذَهَابِهِ، مِنَ الْخَلْفِ، وَهُوَ نَقيضُ الْقُدام، وَقَدْ ذُكِرَ (¬5). قَوْلُهُ: "يَنْبُعُ" (¬6) فيها ثَلاثُ لُغاتٍ: يَنْبُعُ، وَيَنْبَعُ، وَيَنْبعُ (¬7). ¬
قَوْلُهُ: "فِى شِرْب" (¬8) الشِّرْبُ (¬9) -بِالْكَسْرِ: النَّصيبُ، وَبالضَّمِّ: الْمَصْدَرُ، قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} (¬10) وَقالَ فِى الْمَصْدَرِ: {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} (¬11). قَوْلُهُ: "الْأَرَضونَ" بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَلا يَجوزُ إِسْكانُها، وَلا يَجوزُ أَنْ تُجْمَعَ عَلَى الْأَراضِى؛ لِأَنَّ أَفْعَلٍ جَمْعُ أَفعَلٍ، كَأَحْمَدَ وَأَحامِدَ، وَلَكِنْ تُجْمَعُ عَلَى أَرَضينَ أَوْ آراضٍ أَوْ آرُضٍ، نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ بَابْشاذَ. وَقالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬12): أَراضِى جَمْعُ آرُضٍ جَمْعُ الْجَمْعِ. قَوْلُهُ: "تَنازَعا فِى شِراجِ الْحَرَّةِ" (¬13) الشِّرَاجٌ: جَمْعُ شَرْجٍ، وَهِى: الْأَماكِنُ الَّتى يَسيلُ إِلَيْها الْماءُ مِنَ الْحَرَّةِ إلى السَّهْلِ. وَالحَرَّةُ: حِجارَةٌ سودٌ، الواحِدُ: شَرْجٌ بِالإِسْكانِ. قَوْلُهُ: "أَنْ كانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ " بِالْفَتْحِ، أَىْ: لِكَوْنِهِ ابْنَ عَمَّتِكَ حَكَمْتَ لَهُ؟ قَوْلُهُ: "حَتَّى يَبْلُغ إِلَى الْجَدْرِ" قالَ فِى الْفائِقِ (¬14): الْجَدْرُ: ما رُفِعَ مِنْ أَعْضادِ الْمَزْرَعَةِ لِيُمْسِكَ الْماءَ كَالْجِدارِ. قالَ: (وَالشِّراجُ: جَمْعُ شَرْجَةٍ أَوْ شَرْج، وَهُوَ: الْمَسيلُ) (¬15) وَالرِّوايَةُ: بِالدّالِ الْمُهْمَلَةِ. ¬
وَقالَ الْخَطّابِىُّ (¬16): بِالذّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ: أَصْلُ الْجِدارِ. قَوْلُهُ: "فِى اسْتِنْباطِ عَيْن" (¬17) الاسْتِنْباطُ: الاسْتِخْراجُ، يُقالُ: أَنْبَطَ الْحافِرُ: إِذا أخْرَجَ الْماءَ قالَ اللهُ تعالى: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (¬18) أَىْ: يَسْتَخرِجونَهُ. قَوْلُهُ: "الْمُهَايَأَةِ" (¬19) هَيَّأْتُ الْأَمْرَ: أَصْلَحْتَهُ، وَلَعَلَّهُ أُخِذَ مِنْ هَذا، كَأَنَّهُما اصْطَلَحا عَلى ذَلِكَ وَقَدْ ذُكِرَ (¬20). قَوْلُهُ: "رَسْمٌ بِشْربٍ" (¬21) اْلرَّسْمُ: الْأَثَرُ، يُقالُ: رَسْمُ الدّارِ، وَرَسْمُ الْبِناءِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬22)، وَذُكِرَ الشِّربُ آنِفًا. ¬
ومن [كتاب] اللقطة
وَمِنْ [كِتابِ] (¬1) اللُّقَطَةِ اللُّقْطَةُ -بِالإسْكانِ: الْمالُ الْمَلْقوطُ , وَبِفَتْحِها: اسْمُ الرَّجُلِ الْمُلْتَقِطِ، عِنْدَ الْخليلِ (¬2)، كَقَوْلِهِمْ: هُمَزَةٌ وَضُحَكَةٌ. وَقالَ الْأَصْمَعِىُّ، وَالْفَرّاءُ، وَابْنُ الْأَعْرابِىِّ: هُوَ اسْمُ الْمالِ الْمَلْقوطِ (¬3). وَقالَ الزَّمَخْشَرِىُّ (¬4): اللُّقَطَةُ: بِفَتْحِ الْقافِ، وَالْعامَّةُ تُسْكِنُها. وَأَصْلُها (¬5): مِنْ لَقَطَ الشَّيْىءَ وَالْتَقَطَهُ: إِذا أَخَذَهُ مِنَ الْأَرْضِ، وَأَصْلُ فُعَلَةٍ فِى الْكَلامِ اسْمٌ لِلْفاعِلِ (¬6)، وفَعْلَةٍ: اسْمٌ [لِلْمَفْعولِ] (¬7) غَيْرَ أَنّ كَلامَ الْعَرَبِ جاءَ فِى [اللُّقَطَةِ] (¬8) عَلى غَيْرِ قِياس (¬9) وَأَجْمَعَ أَهْلُ اللُّغَةِ، وَرُوَاةِ الْأَخْبارِ عَلى أَنَّ اللُّقَطَةَ: الشَّيْىءُ الْمُلْتَقَطُ. ذَكَرَهُ الْأزْهَرِىُّ (¬10). قالَ ابنُ عَرَفَةَ: الالْتِقاطُ: وُجودُ الشَّيْىْءِ مِنْ غَيْر طَلَبٍ. قَوْلُهُ: "الْحُرُّ الرَّشيدُ" (¬11) هُوَ الَّذى يَفْعَلُ الرَّشادَ، وَهُوَ: ضِدُّ الْغَىِّ وَالْفَسادِ، وَيَتَحَرَّى الصَّوابَ وَيَتَجَنَّبُ الْخَطَأَ. ¬
قَوْلُهُ: "فِى طَريقٍ مِئْتاءٍ" (¬12) أَىْ: مَسْلوكٍ، مِفْعالٌ (*) مِنَ الإِتْيانِ، قالَ شِمْرٌ: مِئْتاءُ (¬13) الطرَّيقِ، وَميداءُهُ: مَحَجَّتُهُ، وَمِنْهُ الْحَديثُ: "لَوْلا أَنَّهُ طَريقٌ مِئْتاءٌ لَحَزِنَّا عَلَيْكَ يا إِبْراهيمُ" (¬14). "وَلا يُعْضَدُ شَجَرُها" (¬15) لا يُقْطَعُ، قَدْ ذُكِرَ (¬16). قَوْلُهُ: "اعْرِفْ عِفاصَها وَوِكاءَها" (¬17) الْعِفاصُ: جِلْدٌ يُلْبَسُهُ رَأَسُ الْقارورَةِ، وَأَمَّا الَّذى يُدْخَلُ فِى فِيها فَهُوَ الصِّمامُ. قالَ أَبو عُبَيْدٍ (¬18): هُوَ الْوِعاءُ الَّذى تَكونُ فيهِ النَّفَقَةُ، إِنْ كانَ جِلْدًا أَوْ خِرْقَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَأَصْلُهُ: الْأوَّلُ (¬19). الْوِكاءُ: مُفَسَّرٌ فِى الْكِتابِ، وَأَصْلُهُ: مِنْ أَوْكَيْتُ: إذا شَدَدْتُ، وَفِى الْحديثِ: "لا تُوكِى فَيُوكِى الله عَلَيْكِ" (¬20). ¬
"مالًا لَهُ قَدْرٌ" (¬21) أَىْ: عظيمٌ كَثيرٌ، يُقالُ: فُلانٌ لَهُ قدْرٌ عِنْدَ النّاسِ، أَىْ: مَنْزِلَةٌ وَدَرَجَةٌ، قالَ اللهُ تَعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} (¬22) أَىْ: مَا عَظَّموهُ حَقَّ عَظَمَتِهِ. قَوْلُهُ: "يَنْشُدُ ضالَّةً" (¬23) أَىْ يَطْلُبُها، نَشَدْتُ الضّالَّةَ: طَلَبْتُها، وَأَنْشَدْتُها (¬24): دَلَلْتُ عَلَيْها. وَأَصْلُ النَّشيدِ: رَفْعُ الصَّوْتِ، وَمِنْهُ: نَشيدُ الشِّعْرِ (¬25)، وَهُوَ: رَفْعُ الصَّوْتِ بِهِ، وَأَمّا نَشَدْتُكَ بِاللهِ (¬26)، فَمَعْناهُ: سَأَلْتُكَ بِاللهِ. قَوْلُهُ: "الشَّيْىءِ التّافِهِ" (¬27) هُوَ: الْحَقيرُ الْيَسيُر، وَفِى الْحَديثِ فِى (¬28) الْقُرْآنِ: "لا يَتْفَه وَلا يَتَشانُّ" (¬29). قَوْلُهُ: "وَإِلّا فَشَأْنَكَ بِها" (¬30) الشَّأْنُ: الْأمْرُ وَالْحالُ، وَمَعْناهُ: أَمْرُها إِلى اخْتِيارِكَ وَمُرادِكِ، قالَ الله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} (¬31). ¬
قَوْلُهُ: "وَإِنْ وَجَدَ ضالَّةً" ضَلَّ الشَّيْىءُ، أَىْ: ضاعَ وَهَلَكَ، والضّالَّةُ: الْبَهيمَةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّها تَهْلِكُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} (¬32) أَىْ. هَلَكْنا وَذَهَبْنا، وَلا تَقَعُ الضَّالَّةُ إلّا عَلى الْحَيَوَانِ (¬33). قَوْلُهُ: "هِىَ لَكَ أَوْ لِأخيكَ أوْ لِلذِّئْبِ" (¬34) مَعْناهُ: هِىَ لَكَ إِنْ أَخَذْتَها، أَوْ لِأخيكَ إِذا تَرَكْتَها وَأَخَذَها أَخوكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ إِذا تَرَكْتُماها، فَيَأْخُذُها الذِّئْبُ. قوله: "وَيَسِمُها بِسِمَةِ الضّوالِّ" (¬35) السِّمَةُ: الْعَلامَةُ، وَأَصْلُها: الْوَسْمُ بِالنّارِ، أَوْ أَرادَ سِمَةً مَصْدَرَ وَسَمَ بِالنّارِ سِمَةً، وَهُوَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: "عَلى سُنَّةِ الالْتِقاطِ" (¬36) السُّنَّةُ: الطَّريقُ، وَكَذَلِكَ السَّنَنُ، أَىْ: عَلى طَريقِ الالْتِقاطِ وَالْعادَةِ الْمَسْلوكَةِ فيهِ. قَوْلُهُ: "فِى بَرِّيَّةٍ" (¬37) , الْبَرِّيَّةُ: الصَّحْراءُ، وَالْجَمْعُ: الْبَرارِىُّ. وَالْبَرّيتُ: بِوَزْنِ فَعْليتٍ: الْبَرِّيَّةُ، لَمَّا سَكَنَتِ الْياءُ: صارَتِ [الْهاءُ (¬38) تَاءً] مِثْلُ عِفريتٍ وَعِفْرِيَةٍ، وَالْجَمْعُ: الْبَراريتُ (¬39). ¬
قَوْلُةُ: "الْعَبْد الْقِنِّ" (¬40) خالِصِ الْعُبودِيَّةِ، اختَرَزَ بِهِ مِنَ الْمُكاتَبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ. [قَوْلُهُ:] "الْكَسْبُ النّادِرُ" (¬41) هُوَ الشّاذُّ الَّذى لا يَكادُ يَحْصُلُ فِى الْعادَةِ، يُقالُ: نَدَرَ الشَّيْىءُ: إِذا سَقَطَ وَشَذَّ، وَمِنْهُ النَّوادِرُ. قَوْلُهُ: "مَنْ يُشْرِفُ عَلَيْهِ" (¬42) أَىْ: يَطَّلِعُ عَلَيْهِ، مَأْخوذٌ مِنَ الشَّرَفِ، وَهُوَ: الْمكانُ الْعالى، كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إلَيْهِ مِنْ فَوْقِهِ. وَالله أَعْلَمُ. ¬
ومن [كتاب] اللقيط
وَمِن [كِتابِ (¬1)] اللَّقيطِ الْمَنْبوذُ (¬2): الطِّفْلُ الْمَطرْوحُ الْمَرْمِىُّ بِهِ، نَبَذْتُ الشَّيْىءَ: رَمَيْتَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالَى: {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} (¬3) وَمِنْهُ سُمِّىَ النَّبيذُ؛ لِأَنَّهُ يُطرحُ فيهِ الْماءُ. وَاللّقيطُ: فَعيلٌ بِمَعْنى مَفْعولٍ. قَوْلُهُ: "لِمَا رَوَى سُنَيْنٌ أَبو جَميلَةَ" (¬4) بنونَيْنِ، وَمَنْ قالَ: سُنَىٌّ فَقَدْ أَخْطَأَ. قالَ الْأَميرُ ابُنُ مَاكُولَا فِى كِتابِ الإِكْمالِ (¬5): سُنَيْنٌ: بِنونَيْنِ بَيْنَهُما ياءٌ -حَجَّ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَجَّةَ الْوَداعِ، وَرَوَى عَنْ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِىَ اللهُ عَنْهُما، وَرَوَى عَنْهُ الزُّهْرِىُّ، قالَ أبو موسَى: هُوَ سُنَيْنُ بُنُ فَرْقَدٍ (¬6) قَوْلُهُ: [فَذَكَرَهُ عَرِيِفى"] (¬7) الْعَريفُ: رَجُل يَكونُ رَئِيسًا عَلَى نَفَرٍ يَعْرِفُ أُمورَهُمْ، وَيَجْمَعُهُمْ عِنْدَ الْغَزْوِ، وَهُوَ فَعيلٌ مِنَ الْمَعْرِفَةِ. ¬
قَوْلُهُ: "عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤسًا" الْغُوَيْرُ: ماءٌ لِكَلْبٍ. وَهَذا مَثَلٌ (¬8)، أَوَّلُ مَنْ تَكَلّمَ بِهِ الزَّباءُ الْمَلِكَةُ حينَ رَأَتِ الإبِلَ عَلَيْها الصَّناديقُ، فَاسْتَنْكَرَتْ شَأْنَ قَصيرٍ (¬9)، إِذْ أَخَذَ عَلى غَيْر الطَّريقِ، أَرادَتْ: عَسَى أَنْ يَأْتِىَ هَذَا الطريقُ بِشَرٍّ. وَمُرادُ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: اتِّهامُ الرَّجُلِ أَنْ يَكونَ أَبا لِلْمَنبوذِ (¬10)، حَتَّى أَثْنَى عَريفُهُ خَيْرًا. وَالْأَبْؤُسُ: جَمْعُ بَأْسٍ، وَانْتِصابُهُ بِعَسَى عَلى أَنَّه خَبَرُهُ، عَلى ما عَلَيْهِ أَصْلُ الْقِياسِ. وَقالَ الْأَصْمَعِىُّ: أَصْلُهُ: أَنَّهُ كانَ غَارٌ فيهِ ناسٌ، فَانْهارَ عَلَيْهِمْ، أَوْ أَتاهُمْ فيهِ عَدُوٌّ فَقَتَلَهُمْ، فَصارَ مَثَلًا لِكُلِّ شَىْءٍ يُخافُ أَنْ يَأْتِىَ مِنْهُ شَرُّ. قَوْلُهُ: "وَجَدْتُ نَفْسًا بِمَضِيعَةٍ" (¬11) عَلَى وَزْنِ مَعِيشَةٍ، أَىْ: مَهْلَكَةٍ، مِنْ ضاعَ الشَّيْىءُ، أَىْ: هَلَكَ. وَقَدْ أَتَى عَلَى هَذَا الْوَزْنِ فِى قَوْلِ قَيْسِ بْنِ ذَريحٍ (¬12): بِدارِ مَضيعَةٍ تَرَكَتْكَ لُبْنَى ... كَذاكَ الْحَيْنُ يُهْدَى لِلْمُضاعِ ¬
قَوْلُهُ: "وَوَلاؤُهُ لَكَ" جَعَلَهُ مَوْلاهُ؛ لأنَّهُ (¬13) كأَنَّه أَعْتَقَهُ إذِ (¬14) الْتَقَطَهُ، فَأَنْقَذَه مِنَ الْمَوْتِ، أَوْ أَنْ يَلْتَقِطَهُ (¬15) غَيْرُهُ فَيَدَّعىَ رَقَبَتَهُ. وَقيلَ: أَمْرُ تَرْبِيَتِهِ، وَلَيْسَ مِنْ (¬16) وَلاءِ الْعِتْقِ. قَوْلُهُ: "يَكْفُلُهُ" (¬17) أَىْ: يَعولُهُ وَيُرَبّيهِ، وَمِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} (¬18) و [قَوْلُهُ] (¬19): {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ} (¬20). قَوْلُهُ: "مَنْ لَهُ مُكْنَةٌ" (¬21) أَىْ: غِنًى وَمالٌ. قَوْلُهُ: "لا يَقْدِرُ عَلى حَضانَتِهِ" (¬22) أَىْ: حَمْلِهِ وَوَضْعِهِ وَغَسْلِ خِرَقِهِ وَالْقِيامِ بِأَمْرِهِ، وَأَصْلُهُ: مِنَ الْحِضْنِ، وَهُوَ: ما دونَ الِإبْطِ إِلَى الْكَشْحِ؛ لِأَن الْحاضِنَةَ تَجعَلُ الطِّفْلَ هُنالِكَ. قوْلُهُ: "إنَّ الْتَقَطَهُ ظاعِنٌ" أَىْ: مُسافِرٌ [وَالظَّعْنُ] (¬23): السَّفَرُ، قالَ اللهُ سُبْحانَهُ: {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ} (¬24) يُقْرَأُ بِإِسْكانِ الْعَيْنِ وَفَتْحِها (¬25). ¬
[قَوْلُهُ: "مِن] (¬26) طِيبِ الْمَنْشَأ إِلى مَوْضِع الْجَفاءِ" الْمَنْشَأُ -بِالْهَمْزِ مَقْصورٌ، وَهُوَ: مَوْضِعُ النُّشوءِ، وَزَمانُ الْحَداثَةِ وَالصِّغَرِ، يُقالُ: نَشَأْتُ فِى بَنى فُلانٍ. نَشْأَ وَنُشوءًا: إِذا شَبَبْتَ فيهِمْ، مَأخوذٌ مِنْ أَنشَأَهُ اللهُ، أَىْ: ابْتَدَأَ خَلْقَهُ، قالَ اللهُ تَعالَى: {أَوَ مَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} (¬27) قُرِىءَ بِفَتْحِ الْياءِ وَضَمِّها (¬28). قَوْلُهُ: "مَنْ بَدا [فَقَدْ] (¬29) جَفا" أَىْ: مَنْ نَزَلَ الْبادِيَةَ: صارَ فيهِ جَفاءُ الْأَعْرابِ. وَالْجَفاءُ -مَمْدودٌ ضِدُّ الْبِرِّ، يُقالُ: جَفَوْتُ الرَّجُلَ أَجْفوهُ فَهُوَ مَجفُوٌّ، وَلَا يُقالُ: جَفَيْتُ. وَالْحِلَّةُ وَالْمَحَلَّةُ (¬30): مَنْزِلُ الْقَوْمِ وَحَيْثُ يَحُلونَ. قَوْلُهُ تَعالى: {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ} (¬31) الْقَلَمُ - هَا هُنا: الْقِدْحُ الَّذى تُضْرَبُ بِهِ (¬32) السِّهامُ لِلْقُرْعَةِ، وَكانَتِ الْعَرَبُ تَقْتَرِعُ بِها. قَوْلُهُ: "أَقْدَمُ تَأَريخًا" (¬33) يُقالُ فيهِ: تَأْريخٌ، وَتَوْريخٌ، كَما يُقالُ فِى فِعْلِهِ: أَرَّخْتُ، وَوَرَّخْتُ، بِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ. ¬
قَوْلُهُ: "الْوَقْفُ (فِى اسْتِعْمالِ الْبَيِّنَتَيْن") (¬33) مَعْناهُ: التَّوَقُّفُ وَالانْتِظارُ إِلى أَنْ يَصْطَلِحا عَلَيْهِ، أَوْ يَقومَ لِلْحاكمِ دَليلٌ. قَوْلُهُ: ["دَعْواهُ"]، (¬34) الدِّعْوَةُ -بِالْكَسْرِ: إدِّعاءُ النَّسَبِ. قَوْلُهُ: "فَإنْ كانَتْ فِراشًا لِرَجُلٍ" إنَّما سُمِّيَتِ الْمَرْأةُ فِراشًا؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَفْتَرِشْها، يُقالُ: فُلانٌ كَريمُ الْمفارِشِ: إذا كانَ يَتَزَوَّجُ كَرائِمَ النِّساءِ. قَوْلُهُ. "عُرِضَ الْوَلُدُ عَلَى الْقافَةِ" (¬35) أَىْ: أُظْهِرَ حَتّى يَرَوْهُ، قالَ الله تَعَالَى: {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا} (¬36) أَىْ: أبْرَزْناها وَأظْهَرْناها، لِيُشاهِدوها. وَالْقافَةُ: جَمْعُ قائِفٍ، وَهُوَ الَّذى يَعْرِفُ الْآثارَ، يُقالُ: قُفْتُ (¬37) أَثَرَهُ: إِذا اتَّبَعْتَهُ مِثْلُ قَفَوْتُ، أَىْ: اتَّبَعْتُ، أَصْلُهُ: مِنَ الْقَفا، تَقُولُ (¬38): قَفَوْتُهُ، أَىْ: سِرْتُ أَثَرَهُ ذَكَرَهُ الْعُزَيْزِىُّ (¬39). قَوْلُهُ: "عِلْمٌ يُتَعاطَى" (¬40) أَىْ: يُتَناوَلُ، وَالْمُعاطاةُ: الْمُناوَلَةُ (¬41)، وَأَرادَ أَنَّهُ يُتَعَلَّمُ. ¬
قَوْلُهُ: "إِلى مَنْ يَميلُ طَبْعُهُ إِلَيْهِ" (¬42) الطَّبْعُ: ما جُبِلَ الإنْسانُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِ خِلْقَتِهِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬43). قَوْلُهُ: "وَالِ أَيَّهُما شِئْتَ" (¬44) أَىْ: تاجْ، وَالْمُوَلاةُ: الْمُتَابَعَةُ، وَالْمُوَالَاةُ: ضِدُّ (¬45) الْمُعاداةِ. قَوْلُهُ: "رِقَّ اللَّقيطِ" (¬46) أَىْ: عُبودِيَّتَهُ. قَوْلُهُ: "أَوْ بِالسّابِى" (¬47) هُوَ الَّذى يَسْبيهِ، أَىْ: يَأَسِرُهُ، وَالسِّباءُ أَصْلُهُ: الْأَسْرُ، يُقالُ: سَبَيْتُ الْعَدُوَّ سَبْيًا وَسِباءً (¬48): إِذا أَسَرْتَهُ، وَاسْتَبَيْتُهُ: مِثْلُهُ. قَوْلُهُ: "يُمْضَى ما يُمْضِى مِن تَصَرُّفِهِ" (¬49) أَىْ: يُنَفَّذُ وَيُحْكَمُ بِهِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِى الْهَدْىِ (¬50). قَوْلُهُ: " [وَهِىَ] (¬51) قُرْآنِ" يُذْكَرُ (¬52) فِى الْعِدَدِ. ¬
ومن كتاب الوقف
وَمِنْ كِتابِ الْوَقْفِ يُقالُ: وَقَفُتُ الدّارَ لِلْمساكِينِ أَقِفُها -بِالتَّخْفيفِ، وَأَوْقَفْتُ: لُغةٌ رَديئَةٌ (¬1). ومَعْناهُ: مَنَعْتُ أَنْ تُباعَ أَوْ توهَبَ أَوْ تورَثَ. وَوَقَفَ الرَّجُلُ: إذا قامَ وَمَنَعَ نَفْسَهُ مِنَ الْمُضِىِّ وَالذَّهابِ، وَوَقَفْتُ أَنا، أَىْ (¬2): ثَبَتُّ مَكانِى قائِمًا وَامْتَنَعْتُ عَنِ (¬3) الْمَشْىِ، كُلُّهُ بِغَيْرِ أَلِفٍ، قالَ بِشْرٌ (¬4): وَنَحْنُ عَلَى جَوَانِبِها وُقُوفٌ ... نَغُضُّ الطَّرْفَ كَالإِبِلِ الْقِماحِ قَوْلُهُ: "قُرْبَةٌ مَنْدوبٌ [إِلَيْها] (¬5) " وَقَدْ ذَكَرْنا (¬6) أَنَّ الْقُرْبَةَ: ما يُتَقَربُ بِهِ إِلى اللهِ تَعالَى، مِنَ الْقُرْبِ ضِدِّ الْبُعْدِ. وَ "مَنْدوبٌ" يُقالُ: نَدَبَهُ لِشَيْىءٍ (¬7) فَانتدَبَ , أَىْ: دَعاهُ إِلى فِعْلِهِ فَفَعَلَ، وَهُوَ: ما يُدْعَى إِلَيْهِ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ مِنْ غَيْرِ وُجوبٍ. قَوْلُهُ: "حَبِّس الْأَصْلَ وَسَبِّل الثَّمَرَة" الْحَبْسُ: ضِدُّ الِإطْلاقِ وَالتَّخْلِيَةِ، أَى: اجْعَلْهُ مَحْبوسًا، لَا يُباعُ وَلا يوهَبُ. ¬
وَ"سَبِّل الثَّمَرَةَ" اجْعَلْ لَها سَبيلًا، أَىْ: طَريقًا لمَصْرِفِها، وَالسَّبيلُ: الطَّريقُ (¬8). وَ "الْأثاثُ" (¬9) مَتاعُ الْبَيْتِ، قال اللهُ تَعالى: {أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} (¬10). قَوْلُهُ: "ما نَقَمَ ابْنُ جَميلٍ" (¬11) نَقَمَ: بِمَعْنَى عَتَبَ (¬12). يُقالُ: ما نَقَمْتُ مِنْهُ إلّا الإحْسانَ، وَنَقَمَ: كَرِهَ وَنَقَمْتُ الأَمْرَ: إِذا كَرِهْتَهُ - بِالْفَتْحِ- أَنْقِمُ -بالكسر- فَأنا ناقِمٌ. وَقالَ الْكِسائِىُّ: نَقِمْتُ بِالْكَسْرِ: لُغَةٌ (¬13). وَقيلَ: أَنْكَرَ بِأَنَّهُ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، وَقيلَ: مَعْناهُ: لَا عُذْرَ لَهُ فِى ذَلِكَ. قالَ الأزْهَرِىُّ (¬14): يُقالُ: نَقَمْتُ مِنْهُ كَذا وَكَذا، أَىْ: بَلَغ (¬15) منَّى الْكَراهَةُ لِفِعْلِهِ مُنْتَهاهُ (¬16). ¬
قَوْلُهُ: "قَدْ حَبَسَ أَدْرُعَهُ وَأَعْتُدَهُ" (¬17) أَدْرُعَهُ (¬18): جَمْعُ دِرْع: فِى الْقِلَّةِ، وَالْكَثْرَةِ (¬19): دُروعٌ. وَالْأَعتُدُ: جَمْعُ عَتادٍ، وَهُوَ: أُهْبَةُ الْحَرْبِ مِنَ السِّلاحِ وَغَيْرهِ، وَجَمْعُهُ: أَعْتِدَهُ أَيْضًا (¬20)، يُقالُ: يُقالُ أَخَذَ لِلِأَمْرِ عُدَّتَهُ وَعَتادَهُ، أَىْ: أُهْبَتَهُ وَآلتَهُ. قَوْلُهُ: "تَحَطَّمَ وَتَكَسَّرَ مِنَ الْحَيَوانِ" (¬21) يُريدُ: تَكَسَّرَ بِتَرَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ، فَأَمّا مِنَ الْكِبَرِ، فَيُقالُ: حَطِمَ يَحْطَمُ فَهُوَ حَطِمٌ قَوْلُهُ: ["مُشاع"] (¬22) أَىْ: مُشْتَرَكٍ غَيْرِ مَقسومٍ. وَيُقالُ: سَهْمٌ شائِعٌ، وَشاعٌ أَيْضًا، كَما يُقالُ: سَائِرُ الشَّيْىءِ وَسارُهُ. وَ"الْبِيَعُ" (¬23) مَساجِدُ النَّصارى، الْواحِدَةُ: بِيعَةٌ. وَ"الْكَنائِسُ" مَساجِدُ الْيَهودِ، الْواحِدَةُ: كَنيسَةٌ (¬24). الإِنْجيلُ: كِتابُ عيسَى [عَلَيْهِ السَّلامُ] (¬25) يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، عَلى مَعْنَى الْكِتابِ، وَالصَّحيفَةِ، وَاشْتِقاقُهُ: مِنْ نَجَلَ: إِذا اسْتَخْرَجَ (¬26). ¬
وَ "بئْرُ رومه" (¬27) بغَيْر هَمْزٍ (¬28)، مُضافَةٌ إِلى امْرأَة مِنَ الْيَهودِ، باعَتْها إِلى عُثْمانَ رَضِىَ اللهُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: "يَنْقَرِضُ" (¬29) انْقَرَضوا، أَى: انْقَطَعوا، مِنَ الْقَرْضِ، وَهُوَ: الْقَطْعُ. وَالْمِقْراضُ: الْجَلَمُ؛ لِأَنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ. قَوْلُهُ: "مِلْكٌ مُنَجَّز" (¬30) أَىْ: مُعَجَّلٌ، مِنْ أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَجَّزَ حاجَتَهُ: إِذا قَضاها وَعَجَّلَها، وَلَمْ يَتَأَنَّ بِها قُّوْلُهُ: "إِلَّا عَلى بِرٍّ وَمَعْروفٍ" هُما: فِعْلُ الْخَيْرِ وَالِإحْسانِ، وَأَصْلُهُ: مِنْ (¬31) بَرَّ والِدَهُ: إِذا رَفَقَ بِهِ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ. وَالْعُرْفُ وَالْمَعْروفُ: ضِدُّ الْنَّكْرِ وَالْمُنْكَرِ، يُقالُ: أَوْلاهُ عُرْفًا وَمَعْروفًا، وَقالَ ابْنُ عَرَفَه: الْمَعْروفُ: ما عُرِفَ مِنْ طاعَةِ اللهِ، وَالْمُنْكَرُ: ما خَرَجَ مِنْها، وَهُوَ: ما يوجِبُهُ الدِّينُ وَالْمِلَّةُ. قَوْلُهُ: "الْقَناطِرِ" (¬32) جَمْعُ قَنْطرًةٍ [وَهِىَ] (¬33) الطَّريقُ فَوْقَ الْماءِ [وَهِىَ] الجِسْرُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: "وَقَفْتُ، وَحَبَّسْتُ، وَتَصَدَّقْتُ، وَسَبَّلْتُ، وَأَبَّدْتُ، وَحَرَّمْتُ" (¬34). مَعْنَى "وَقَفْتُ" مَنَعْتُ بَيْعَهُ وَهَبَتَهُ، مِنَ الرَّجُلِ الْواقِفِ الَّذى امْتَنَعَ مِنَ الذَّهابِ وَالْمَجيىءِ، وَبَقىَ مُتَحَيِّرًا (¬35) قائِمًا. "وَحَبَّسْت" مَأْخوذٌ مِنَ الْحَبْسِ: ضِدِّ الإِطْلاقِ. ¬
"وَتَصَدَّقْتُ" أَصْلُهُ: مِنَ الصِّدْقِ الَّذى هُوَ ضِدُّ الْكَذِبِ، كَأنَّهُ يُخرِجُها مُصَدِّقًا بِما وُعِدَ مِنَ الثَّوابِ. "وَسَبْلْتُ" مَحْناهُ: جَعَلْتُ لَهُ سَبيلًا، أَىْ: طَريقًا إلَى مَنْ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهُ. "وَأَبَّدْت" جَعَلْتُها مُؤَبَّدَة، مِنَ الْأَبَدِ، وَهُوَ: الدَّهْرُ "وَحَرَّمْتُ" أَىْ: حَرَّمْتُ بَيْعَها وَهِبَتَها وَإِرْثَها. قَوْلُهُ: "مِنَ الأَثَرَةِ وَالتَّقْديمِ وَالتَّأْخيرِ، وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ أَهْلِ الْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَإِخْراجِ مَنْ شاءَ مِنْها بِصِفَةٍ، وَرَدِّهِ إِلَيْها بِصِفَةٍ" (¬36). فَالْأثَرَةُ (¬37): أَنْ يَخُصَّ قَوْمًا دونَ قَوْمٍ، مِثْلُ أَنْ يقفَ عَلى أَوْلادِهِ، فَيَخُصَّ الذُّكورَ دونَ الِإناثِ، أَوْ الِإناثَ دونَ الذُّكورِ. وَأَمّا التَّقْديمُ: فَأَنْ يُقَدِّمَ قَوْمًا دونَ قَوْمٍ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُما: أَنْ يُفاضِلَ بَيْنَهُمْ، مِثْلُ أَنْ يَقولَ: وَقَفْتُ عَلى أَوْلادِى لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثيَيْنِ، أَوْ: عَلَى أَنَّ لِلْأُنْثَى الثُّلُثَيْنِ وَلِلذكَرِ الثُّلُثُ. وَالثّانِى: أَنْ يَقولَ: عَلَى أَنَّ الْبَطنَ الأعْلَى يُقَدَّمُ عَلَى الْبَطن الثّانِى. وَأَمّا التَّسْوِيَةُ: فَأَنْ يُسَوِّىَ بَيْنَ الْغَنِىِّ وَالْفَقيرِ، أَوْ بَيْنَ الذُّكورِ وَالإِناثِ، وَالإِطْلاقُ يَقْتَضِى ذَلِكَ. ¬
وَأَمّا إِخْراجُ مَنْ أَخرَجَ (¬38) بِصِفَةٍ: فَمِثْلُ أَنْ يَقولَ: وَقَفْتُ عَلى أَوْلادِى، عَلى أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ (¬39) مِنْ بَناتِى فَلا حَقَّ لَها فِيهِ (¬40)، أَوْ [عَلى] (¬41) أَنَّ مَنِ اسْتَغْنَى مِنْ أَوْلادِى فَلا حَقَّ لَهُ فِيهِ. وَأَمّا رَدُّهُ إِلَيْها بِصِفَةٍ: فَمِثْلُ أَن يَقولَ: عَلَى أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ (9) مِنْ بَناتِى فَلا حَقَّ لَها فيهِ (40)، فَإِن طُلِّقَتْ أَوْ ماتَ عَنْها زَوْجُها (¬42): عادَتْ إِلى الْوَقْفِ، فَكُلُّ ذَلِكَ جائِزٌ. وَأَمّا الْجَمعُ: فَالْعَطْفُ بِالْواوِ، وَالتَّرْتيبُ: الْعَطْفُ بِثُمَّ (¬43). وَالتَّأْخيرُ وَالتَّقْديمُ، أَيضًا: مِثْلُ أَنْ يَقولَ: عَلى أَوْلادِى، وَأَوْلادٍ أَولادِى، عَلَى أَنْ يُعْطى أَوْلادى مِنُهُ كَذا، فَما بَقِىَ مِنهُ (¬44) فَلِأَوْلاد أَوْلادى، أَوْ يقفُ (¬45) عَلَى الْمَسْجِدِ وَالْفُقَراءِ، عَلى أَنْ يُبْدَأَ بِالْمَسْجِدِ، وَما فَضَلَ عَلى الْفُقَراءِ. قَوْلُهُ: "لِلسّائِل وَالْمَحْرومِ" (¬46) أَىِ: الْمَمْنوعِ الرِّزْقِ، وَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ (¬47): هُوَ الْمُحارَفُ الذَّى انْحَرَفَ عَنْهُ رِزْقُهُ. قَوْلُهُ: "لِيُولِجَنِى" أَىْ: يُدْخِلَنِى. فِى سَبيلِ اللهِ: الْجِهادِ. ¬
وَابْنُ السَّبيلِ: الْمُسافِرُ , وَأَصْلُهُ كُلُّهُ: الطَّريقُ. وَقَدْ ذُكِرَا فِى الزَّكاةِ (¬48). وَ"التَّعْصيبُ" وَ"الْعَصَبَةُ" (¬49): مُشْتَقٌّ مِنَ الْعِصابَةِ الَّتى تُحيطُ باِلرَّأْسِ. وَسُمُّوا عَصَبَةً؛ لِأَنَّهُمْ تَعَصَّبوا، أَىْ: أَحاطوا بِهِ، فَاْلأَبُ طَرَفٌ، وَالابْنُ طَرفٌ، وَالْأَخُ جانِبٌ، وَالْعَمُ جانِبٌ. قَوْلُهُ: "فَإنْ وَقَفَ عَلَى ثَغْرٍ" (¬50) هو الموضع الذى يظهر منه العدو ويأتى منه. قَوْلُهُ: " [فَاخْتَلَّ] " (¬51) الْخَلَلُ وَالاخْتِلالُ: الْفَسادُ فِى الْأَمْرِ. قَوْلُهُ: "حُفِظَ الارْتِفاع" هُوَ: غَلَّةُ الْوَقْفِ. قَوْلُهُ: "فَإلى ذَوِى الرَّأْىِ مِنْ أَهْلِها" (¬52) أَرادَ: مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ. ¬
ومن كتاب الهبات
وَمِن كِتابِ الْهِباتِ قَوْلُهُ (¬1): "الرَّحِمُ شِجْنَةٌ" (¬2) الرَّحِمُ أَصْلُهُ: رَحِمُ الْأُنثى، ثُمَّ نُقِلَ إِلى الْقَرابَةِ؛ لِأَنَّهُمْ سَبَبُها، يُقالُ فيهِ (¬3): رَحِمَ وَرِحْمٌ، مِثْلُ كَبِدٍ وَكِبْدٍ (¬4). وَ "شُجْنَةٌ" قالَ أَبو عُبَيْدٍ (¬5): يَعْنِى (¬6): مُشْتَبِكَةً كاشْتِباكِ الْعُروقِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: "الْحَديثُ ذو شُجونٍ" (¬7) إِنَّما هُوَ تَمَسُّكُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ [وَفيهِ] (¬8) لُغَتانِ: شِجْنَةٌ وَشُجْنَهٌ. قَوْلُهُ: "اعْدِلوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ" (¬9) أَىْ: سَوُّوا بَيْنَهُمْ، وَهُوَ -هَا هُنَا- بِمَعْنَى الاسْقِامَةِ. ¬
قَوْلَهُ: "يَنْفَسُ بَعْضُهُمْ بَعضًا مَا لَا يَنْفَسُ الْعِدا" (¬10) يَنْفَسُ: يَحْسُدُ، يُقالُ: نَفِسْتَ عَلَىَّ بِخَيْرٍ [قَلِيلٍ] (¬11) أَىْ: حَسَدْتَ. وَالْعِدا -بِالْكَسْرِ: الْأَجانِبُ، وَبِالضَّمِّ: الْأَعْداءُ، وَتُكْسَرُ أَيْضًا (¬12)، قالَ الشّاعِرُ (¬13): إذَا كُنْتَ فِى قَوْمٍ عِدًى لَسْتَ مِنْهُمُ ... فَكُلْ ما عُلِفْتَ مِنْ خَبيثٍ وَطَيِّبِ قَوْلُهُ: "لَوْ دُعيتُ إِلَى كُراعٍ لَأَجَبْتُ" (¬14) الْكُراعُ فِى الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ بمَنْزِلَةِ الْوَظيفِ فِى الْفَرَسِ وَالْبَعير، وَهُوَ: مُسْتَدَقُّ السّاقِ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَالْجَمْعُ: أَكْرُعٌ. وَفِى الْمَثَلِ: "اُّعْطِىَ الْعَبْدُ كُراعًا طلَبَ ذِراعًا" (¬15). وَالذِّراعُ: ذِارعُ الْيَدِ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْكُراعِ، وَكانَ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ أَكْلَهُ، وَلِهذَا سُمَّ فِيهِ. قَوْلُهُ: "فَإِذا حِمارٌ عَقيرٌ" (¬16) أَىْ: مَعْقورٌ، فَعيلٌ بِمَعْنِى مَفْعولٍ. "فَشَأْنُكُمْ بِهِ" أَىْ: اعْمَلوا فيهِ بِرَأْيِكُمْ وَأَمْرِكُمْ، وَالشَّأْنُ: الأَمْرُ. وَ"الرِّفاقُ" جَمْعُ رُفْقَةٍ، وَهُمُ الْجَماعَاتُ يَصْطَحِبونَ فِى السَّفَرِ. ¬
قَوْلُهُ: "نَحَلَها جُدَادَ عِشْرينَ وَسْقًا" (¬17) [مَعْنَى] (¬18) نَحَلَهَا: أَعْطاها (والنُّحْلُ وَالنِّحْلَةُ وَالعَطِيَّةُ: وَاحِدٌ) (¬19). وَ [جُدادَ] (18) عِشْرينَ وَسْقًا" مَعْناهُ: ما يَأْتى حينَ يُجَدُّ عِشْرينَ وَسْقًا. وَالْوَسْقُ: سِتّونَ صاعًا. وَقَدْ ذُكِرَ (¬20). قَوْلُهُ: "حُزْتِهِ" (¬21) قَبَضْتِهِ. وَلَوْ قالَ: "حُزْتِيهِ" لَكانَ جائِزًا، وَالْأَوَّلُ: أَفْصَحُ. ذَكَرَهُ الأزْهَرِىُّ (¬22). قَوْلُهُ: "ذُو بَطْنِ بِنْتِ خارِجَةَ" (¬23) ذُو هَا هُنا بِمَعْنَى الَّذى فِى لُغةِ طَيِّىءٍ، يَقولونَ: أَنا ذُو فَعَلْتُ، أَى: الَّذى فَعَلْتُ، قالَ شاعِرهُمْ (¬24): فَإِنَّ الْماءَ ماءُ أَبِى وَجَدِّى ... وَبِئْرى ذُو حَفَرْتُ وَذو طَوَيْتُ وَهِىَ: بِنْتُ خارِجَةَ بْنِ أَبِى زُهَيْرٍ (¬25)، تَزَوَّجَهَا بِالسُّنْحِ فِى بَنِى الْحارِثِ ابْنِ الْخزْرَجِ. وَالسُّنْحُ (¬26): مَوْضِعٌ قَريبٌ مِنَ الْمَدينَةِ. وَاسْمُهَا: حَبيبَةُ، وَبِنْتُها: أمُّ كُلثومٍ، بِنْتُ أَبِى بَكْرٍ - رضي اللهُ عَنْهُ -. ¬
[ومن العمرى والرقبى]
الثَّوابُ (¬27) فِى الْهِبَةِ وَغَيْرِها، أَصْلُهُ: الرُّجوعُ، يُقالُ: ثابَ يَثوبُ ثَوْبًا وَثَوَبانًا (¬28): إِذا رَجَعَ بَعْدَ ذَهابِهِ كأَنَّ الثَّوَابَ يَرْجِعُ إلَيْهِ بَعْدَ ذَهابِ الْمَوْهوبِ مِن يَدهِ، وَبَعْدَ عَمَلِهِ لِلْخَيْرِ. [وَمِنَ العُمْرى وَالرُّقْبَى] (28) (قَوْلُهُ: "الْعُمْرى وَالرُّقْبى") (¬29) الْعُمْرَى: مَأْخوذَةٌ مِنَ الْعُمُرِ؛ لِأَنَّهُ يَهَبُهَا لَهُ مُدَّةَ عُمُرِهِ، وَالرُّقْبَى: لِأنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما يَرْقُبُ صاحِبَهُ، فَأَيُّهُما ماتَ كانَتْ لِلْحَىِّ. وَالرُّقوبُ: الانْتِظارُ، قالَ اللهُ تَعالى: {فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ} (¬30) أَى: انْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرونَ. وَ "التَّبَرُّعُ" (¬31) التَّطَوُّعُ، وتَبَرَّعَ، أَىْ: تَطَوَّعَ. ¬
ومن كتاب الوصايا
وَمِنْ كِتابِ الْوَصايَا الْوَصِيَّةُ: مَأْخوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: وَصَيْتُ الرَّجُلَ أَصيهِ (¬1): إذا وَصَلْتَهُ؛ لِأَنَّ الْموصِىَ يَصِلُ ما كانَ مِنْهُ فى حَياتِهِ بِما بَعْدَهُ مِنْ مَماتِهِ، قالَ ذو الرُّمَّةِ (¬2): نَصِى اللَّيْلَ بِالْأَيَّامِ حَتَّى صَلاتُنا ... مُقاسَمَةٌ يِشْتَقُّ أَنْصافَها السَّفْرُ قَوْلُهُ: "أَهْلِ الشّورَى" (¬3) هِىَ فُعْلَى مِنَ الْمَشورَةِ، يُقالُ: شاوَرْتُهُ فِى الأَمْرِ وَاسْتَشَرْتُهُ: إِذا اسْتَعَنْتَ بِهِ فِى التَّدْبيرِ، وَاشْتِقاقُهُ: مِنْ شُرْتُ الْعَسَلَ: إِذا اسْتَخرَجْتَهُ مِنْ بَيْتِ النَّحْلِ. قَوْلُهُ: "إنَّكَ أَنْ تَتْرُكَ وَرَثَتَكَ [أَغْنِياءَ] (¬4). ." بِفَتْحِ أَنْ، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ، خَيْرٌ، أَىْ: تَرْكُكَ وَرَثَتَكَ أَغْنِياءَ خَيْرٌ. وَمَنْ رَوَى بِكَسْر إِنْ فَهُوَ شَرْطٌ، وَجَوابُهُ مَحْذوفٌ تَقْديرُهُ: فَهُوَ خَيْرٌ. قَوْلُهُ: "عَالَةً" جَمْع عائِل، وَهُوَ: الْفَقيرُ، وَالْعَيْلَةُ وَالْعالَةُ: الْفاقَةُ وَالْفَقْرُ، قالَ اللهُ تَعالَى {وَإِنْ (¬5) خِفْتُمْ عَيْلَةً} أَىْ: فَقْرًا. قَوْلُهُ: "يَتَكَفَّفونَ النّاسَ" فيهِ تَأْوِيلاتٌ، ¬
أَحَدُها: يَأْتونَهُمْ مِنْ كَفَفِهِمْ (¬6)، أَىْ: جَوَانِبِهِمْ (¬7) وَأَطْرافِهِمْ، مَأْخوذٌ مِنْ كُفَّةِ الْقَميصِ، وَهُوَ: طَرَفُهُ وَحاشِيَتُهُ. ثَانيها: أَىْ: يَسْأَلونَهُمْ (¬8) فَيَمُدّونَ إلَيْهِمْ، أَكُفَّهُمْ. ثالِثُها: أَىْ: يَسْألونَ (¬9) النَّاسَ ما فِى أَكُفِّهِمْ، فَهَذانِ مأْخوذانِ مِنَ الْكَفِّ بِاخْتِلافِ الْمَعْنَى. رَابِعُها: أَىْ: يَسْأَلونَهُمْ (8) كَفًّا كَفًّا مِنْ طَعامٍ. خامِسُها: أَىْ: يَسْأَلونَهُمْ (8) ما يَكُفّونَ بِهِ الْجوعَ (¬10)، يُقالُ: تَكَفَّفَ السَّائِلُ وَاسْتَكَفَّ: إِذا بَسَطَ كَفَّهُ لِلسُّؤَالِ أَوْ طَلَبِ مَا يَكُفُّ بِهِ الْجَوْعَةَ (¬11). قَوْلُهُ: "يَجْنَفُ فِى الْوَصِيَّةِ" (¬12) الْجَنَفُ: الْمَيْلُ، وَقَدْ جَنِفَ -بِالْكَسْرِ- يَجْنَفُ جَنْفًا، قَالَ اللهُ تعالَى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا} (¬13) وَقالَ الشَّاعِرُ (¬14): هُمُ الْمَوْلَى وَإِنْ جَنَفُوا عَلَيْنا ... وَإِنَّا مِنْ لِقائِهِمُ لَزُورُ قَوْلُهُ: {قَوْلًا سَدِيدًا} السَّدادُ: ضِدُّ الْفَسادِ، أَىْ: قَوْلًا قَصْدًا مُسْتَقيمًا، لَا مَيْلَ فِيهِ. ¬
قوْلُهُ: "وَلَا تُمْهِلْ" (¬15) أَىْ: لا تُؤَخِّرْ، {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} (¬16) وَأَمْهَلَهُ: أَنْظَرَهُ، وَالاسْمُ: المُهْلَةُ، وَتَمَهَّلَ فِى أَمْرِهِ، أَى (¬17): اتَّأَدَ. قَوْلُهُ: "الْمَعْتوهِ" (¬18) النَّاقِصُ الْعَقْلِ، وَالتَّعَتُّهُ: التَّجَنُّنُ وَالرُّعُونَةُ، وَقَدْ عُتِهَ، وَرَجُلٌ مَعْتُوهٌ بَيِّنُ الْعَتَهِ، قالَ رُؤْبَةُ (¬19): بَعْدَ لَجاجٍ لا يَكادُ يَنْتَهِى (¬20) عَنِ التَّصابِى وَعَنِ التَّعَتُّهِ وَ "الْمُبَرْسَمُ" الَّذى بِهِ الْبِرْسامُ، وَهِىَ: عِلَّةٌ مَعْروفَةٌ، تُزيلُ الْعَقْلَ، وَهِىَ، وَرْمَةٌ (¬21) تُصيبُ الدمِّاغَ نَفْسَهُ، وَتَتَقَدَّمُها حُمَّى مُطبِقَةٌ دائِمَةٌ، مَعَ ثِقَلِ الرَّأْسِ، وَحُمْرَةٌ شَديدَةٌ، وَصُداعٌ، وَكَراهِيَةُ الضَّوْءِ، فَيَزولُ الْعَقْلُ، كَذَا ذُكِرَ فِى كُتُبِ الطِّبِّ (¬22)، وَفِقْهِ اللُّغَةِ (¬23). ¬
وَقيلَ: إنَّهُ (¬24) ابْنُ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ "بِرْ" بِالسُّرْيَانِيَّةِ: الابْنُ، وَ "السَّامُ" الْمَوْتُ (¬25)، وَمِنْهُ الْحَديثُ فى الْحَبَّةِ السَّوْداءِ: "إنَّها شِفاءٌ مِنْ كُلِّ داءٍ إلَّا السَّامُ، قيلَ: وَما السَّامُ؟ قال: الْمَوتُ" (¬26). وَيُقالُ: بُرْسِمَ الرَّجُل فَهُوَ مُبَرْسَمٌ. [قَوْلُهُ: "الكَنيسة"] (¬27) قَدْ ذَكَرْنا أَنَّ الْكَنيسَةَ مَسْجِدُ الْيَهودِ. [قَوْلُهُ: "الْمُحاباة"] (¬28) وَقَدْ ذَكَرْنا أَنَّ الْمُحابَاةَ: أَنْ يَضَعَ لَهُ شَيْئًا مِنْ ثَمَنِ الْمَبيعِ، مَأُخوذٌ مِنَ الْحِباءِ، وَهُوَ: الْعَطِيَّةُ. قَوْلُهُ: ["كَالسِّمادِ"] (¬29) هُوَ سِرْجينٌ وَرَمادٌ. وَتَسْميدُ الْأَرْضِ: أَنْ يُجْعَلَ فِيها السِّمادُ. قَوْلُهُ: ["القولَنْجُ"] (¬30) هُوَ: احْتِباسُ الْغائِطِ؛ لِانْسِدادِ الْمِعَى الْمُسَمَّى قُولون بِالرّومِيَّةِ، مِنْ فِقهِ اللُّغَةِ (¬31) وَهُوَ فارِسِىٌّ مُعَرَّبٌ؛ لِأَنَّ الْقافَ وَالْجيمَ لا تَجْتَمِعانِ فِى كَلِمَةٍ واحِدَةٍ عَرَبِيَّةٍ (¬32). وَ "ذاتُ الْجَنْبِ" داءٌ يَقَعُ فى الْجَنْبِ فَيَرِمُ وَيَنْتَفِخُ، وَيَكونُ بِقُرْب الْقَلْبِ يُؤْلمُ أَلَمًا شَديدًا. ذَكَرَهُ فِى الْبَيانِ. وَقالَ فِى فِقْهِ اللُّغةِ (¬33): وَجَعٌ تَحْتَ ¬
الْأَضْلاع ناخِسٌ مَعَ سُعالٍ وَحْمَّى. وَقالَ فِى الشَّامِلِ: هُوَ: قَرْحٌ يَخرُجُ بِباطِنِ الْجَنْبِ. وَ "قِيَامُ الدَّمِ" خُروجُ الدَّم مِنَ الطَّبيعَةِ، وَقالَ فِى الشّامِلِ: قِيامُ الدَّم مِنَ الْحرَارَةِ [الْمُفْرِطَةِ] (¬34). (قَؤلُهُ: "الْمُفْرِطَةُ") (¬35) هُوَ أَنْ يَجْتَمِعَ فِى عُضْو. قالَ: وَالطَّاعونُ: هَيَجانُ الدَّم (مِنْ شِدَّةِ الْحرارَةِ أَيْضًا، إلَّا أَنَّهُ فى جَميعِ الْبَدَنِ، مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ وَهَيَجانِ) (¬36) الدَّم فِى بَعْضِهِ. وَقيلَ: إنَّ قِيَامَ الدَّم: أَنْ يَنْصَبَّ إِلى شَيْىْءٍ مِنْ بَدَنِهِ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ فَيَرِمَ وَيَحْمَرَّ. وَ "السُّلُّ" عِلَّةٌ يُهْزَلُ مِنْها الْجِسْمُ، يَأْخُذُ مِنْها سُعَالٌ. وَ "الفالِجُ" عِلَّهٌ تَأْخُذُ مِنَ الْبَرْدِ، يُرْعَدُ بِها (¬37) الْجَسَدْ. وَقالَ فِى فِقْهِ اللُّغةِ (¬38): هُوَ ذَهابُ الْحِسِّ وَالْحَرَكَةِ عَنْ بَعْضِ أَعْضائِهِ. وَ"الْحُمَّى الْمُطبِقَةُ" الَّتى تَدومُ لَيْلًا وَنهارًا، وَلَا تَرْتَفِعُ، مَأْخوذَةٌ مِنْ تَطابُقِ الشَّيْىءِ عَلَى الشَّيْىءِ. وَ "الطَّلْقُ" (¬39) وَجَعُ الْوِلادَةِ. قَوْلُهُ: "طُرُقُ الْحَديثِ" (¬40) هِىَ: اخْتِلافُ أَسانيدِهِ، وَكَثْرةُ رُوَاتِهِ وَقِلَّتُهُمْ [وَمَعْرِفَةُ] (¬41) الْعَدْلِ وَالْمَجْروحِ مِنْهُمْ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. ¬
قَوْلُهُ: "أُعيلَتِ الْفَرِيضَةُ" (¬42) قالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬43): أَظُنُّهُ [مَأْخوذًا] (¬44) مِنَ الْمَيْلِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْفَريضَةَ إِذا عالَتْ فَهِىَ تَميلُ عَلَى أَهْلِ الْفَريضَةِ جَميعًا فَتَنْتَقِصُهُمْ. قَوْلُهُ: "أَعْطُوهُ داَبَّةً" (¬45) أَصْلُ الدّابَّةِ: مَا يَدبُّ عَلَى الْأَرْضِ، قالَ اللهُ تَعالَى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} (¬46) وَأَمّا الدَّاَّبةُ الَّتى تُرْكَبُ، فَإِنَّ هَذَا الاسْمَ وَقَعَ اصْطِلاحًا وَعادَةً لا حَقيقَةً (¬47). قَوْلُهُ: "وَعودُ الْبناءِ" (¬48) هِىَ: الْأَخْشابُ الَّتِى يُسْقَفُ بِها، وَيُبْنَى عَلَيْها فَوْقَ الْأَبْوَابِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. قوْلُهُ: "الْمِضْرابُ" (¬49) هُوَ الْآلةُ الَّتى يُحَرَّكُ بِها الْوَتَرُ، وَقَدْ يَكونُ مِنْ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَخَشَبٍ، وَسُوَى ذَلِكَ. قَوْلُهُ: "قَوْسُ الْجُلاهِقِ" (¬50) فارِسِيَّةٌ، وَهِىَ (¬51): قَوْسُ الْبُنْدُقِ كَما ذَكَرَ، يُرمَى عَنْها الطَّيْرُ بِالطِّينِ الْمُدَوَّرِ، وَأَصْلُهُ بِالْفارِسِيَّةِ: جُلْهَ، وَهِىَ: كُبَّةُ غَزْلٍ، وَالْكَثيرُ: جُلْهازْ، وَبِها سُمِّىَ الْحائِكُ (¬52). ¬
قَوْلُهُ: "ضَعوا عَنْهُ" (¬53) أَىْ: حُطُّوا عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْحَطَّ وَالْوَضْعَ مَعْناهُما وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: "اعْتُدَّ بِهِ" افْتُعِلَ مِنَ الْعَدَدِ، أَىْ: جَعَلَهُ فِى عَدَدِ حِسابِهِ. وَقَوْلُهُ: "إِذا زاحَمَهُمْ" (¬54) أَىْ: ضايَقَهُمْ، وَالْمُزاحَمَةُ، الْمُضايَقَةُ. قَوْلُهُ تَعالَى: {بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} (¬55) الْبِطانَةُ: الْخاصُّ مِنَ الأصْحابِ [أَبْطَنْتُ] (¬56) الرَّجُلَ: إذا جَعَلْتَهُ مِنْ خَوَاصِّكَ. كَأَنَّهُ يُعْلِمُهُ بِباطِنِ أُمورِهِ (¬57). {لَا يَأْلُونَكُمْ} لَا يُقَصِّرونَ [فِى] (¬58) الإفْسادِ بَيْنَكُم، وَلَا يُبَقُّونَ غايَةً فِى إلْقائِكُمْ فِى الْخَبالِ، وَالْخَبالُ: الْفَسادُ (¬59). {وَدُّوا مَاعَنِتُّمْ} الْعَنَتُ هَا هُنا: الْمَشَقَّةُ. {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً} (¬60) لا يُراعونَ وَلا يَنْتَظرونَ. وَالِإلُّ: الْعَهْدُ، وَقيلَ: الْقَرابَةُ (¬61). قَوْلُهُ: "عَلى حَسَبِ الِإذْنِ" (¬62) مُحَرَّكٌ، أَىْ: عَلى (¬63) قَدْرِ الإذْنِ. ¬
قَوْلُهُ: "يُفَوِّضُ إلى وَاحِدٍ؟ " (¬64) يُقالُ: فَوَّضَ إلَيْهِ الأَمْرَ، أَىْ (¬65): رَدَّهُ إلَيْهِ (65)، وَجَعَلَهُ عَلَى نَظَرِهِ وَتَصَرُّفِهِ. قَوْلُهُ: "فَإنَّ لِى مَخرَفًا" (¬66) بِفَتْحِ الْميمِ، وَهُوَ: الْبُسْتانُ، وَالْمَخْرَفُ: النَّخْلَةُ نَفْسُها أَيْضًا. ¬
ومن كتاب العتق والقرعة
وَمِنْ كِتابِ الْعِتْقِ وَالْقُرْعَةِ (¬1) العِتْقُ: مَأخوذٌ مِنَ السَّبْقِ، يُقالُ: عَتَقَتْ مِنِّى يَمينٌ، أَىْ: سَبَقتْ، وَعَتَقَتِ ألْفَرَسُ: إِذا سَبَقَتْ (¬2)، وَعَتَقَ فَرْحُ الطّائِرِ: إِذا طارَ وَاسْتَقَلَّ. فَكَأَنَّ المُعْتَقَ خُلِّيَ [فَذَهَبَ] (¬3) حَيْثُ شاءَ. ذَكَرَهُ القُتَيْبِىُّ (¬4). يُقالُ: عَتَقَ الْعَبْدُ يَعْتِقُ عَتاقًا وَعَتاقَةً، فَهُوَ مُعْتَقٌ وَعَتيقٌ، وَلا يُقالُ: مَعْتوقٌ (¬5). وَخُصَّتِ (¬6) الرَّقَبَةُ بِالعِتْقِ وَالْمِلْكِ دونَ سائِرِ الْأَعْضاءِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ (¬7) كَالحَبْلِ فى الرَّقَبَةِ، وَكَالغُلِّ يُحْبَسُ بِهِ، تُحْبَسُ الدّابَّةُ بِالحَبْلِ فِى عُنُقِهَا، وَلِهَذا كَنَوْا بِالحَبْلِ فِى العِتْقِ، فَقالوا: حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ، جَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَعيرِ يُطرَحُ حَبْلُهُ عَلَى غارِبِهِ فَيَذْهَبُ حَيْث يَشاءُ، وَلَا يُوثَقُ. وَالْغارِبُ: مَا بَيْنَ السَّنامِ، وَالعُنُقِ، قالَ الشاعِرُ (¬8): فَلَمّا عَصَيْتُ الْعاذِلِينَ فَلَم أُطِعْ ... مَقالَتَهُمْ أَلْقَوْا عَلى غارِبِى حَبْلِى ¬
قَوْلُهُ: "بِالصَّريحِ" (¬9) هُوَ: الْخالِصُ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ، وَصَريحُ العِتْقِ: ضِدُّ الْكِنايَةِ الَّتِى لَيْسَتْ بِلَفْظٍ خالِصٍ. قَوْلُهُ: "وَصَريحُهُ (¬10) الْحُرِّيَّةُ" هِىَ أَيْضًا بِمَعْنَى الخالِصِ مِنْ كْلِّ شَيْىءٍ، يُقالُ: طينٌ حُرٌّ، أَىْ: خالِصٌ لَا حَجَرَ فِيهِ، وَحُرُّ الرَّمْلِ: الَّذى لا تُرابَ فيهِ، يُقالُ: حَرَّ يَحَرُّ بِفَتْحِ الْحاءِ فِى المُسْتَقْبَلِ، وَمَصْدَرُهُ الْحَرارُ، وَالْحَرورِيَّةُ، أَيْضًا، بِالْفَتْحِ. قالَ (¬11): فَما رُدَّ تَزْويجٌ عَلَيْهِ شَهادَةٌ ... وَلا رُدَّ مِنْ بَعْدِ الْحَرَارِ عَتيقُ فَكأَنَّهُ خالِصٌ مِنْ رِقِّ العُبودِيَّةِ. قَؤلُهُ: "أَعْطىَ شُرَكاءَهُ (¬12) حِصَصَهُمْ" الْحِصَّة: النَّصيبُ، وَجَمْعُها: حِصَصٌ، وَتَحاصن الْقَوْمُ يَتَحَاصُّونَ: إِذا اقْتَسَموا حِصَصًا، وَكَذا الْمُحَاصَّةُ (¬13). قَوْلُهُ: "صَغَارٌ عَلَى الإسْلامِ" (¬14) أَىْ: ذُلٌّ وَقَهْرٌ. قَوْلُهُ: "لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ" (¬15) الْوَكْسُ: النُّقْصانُ وَالبَخْسُ، وَقَدْ وَكَسَ الشَّيْىءُ يَكِسُ، وَقَدْ وَكَسْتُ فُلانًا: نَقَصْتُهُ، وَقَدْ وُكِسَ فُلانٌ فِى تِجارَتِهِ، ¬
وَأَوكِسَ أَيْضًا عَلَى ما لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ فيهِمَا، أَىْ: خَسِرَ (¬16) وَالشُّطَطُ: الجَوْرُ وَالزِّيادَةُ , أَىْ: لا نُقْصان وَلا زِيَادَةَ، قالَ الله تَعَالَى: {وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا} (¬17) أَىْ: جَوْرًا. وَمَعْناهُ: لا يَزيدُ فِى قِيَمتِهِ فَيَكونُ جَوْرًا، وَأَصْلُهُ: الْبُعْدُ، يُقالُ: شَطَّتِ الدَّارُ، أَىْ: بَعُدَتْ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعالى (: {وَلَا تُشْطِطْ} (¬18) أَىْ.: لَا تَبَاعَدْ عَنِ الْحَقِّ، وَقَوْلُهُ تَعالَى) (¬19): {لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} (¬20) أَىْ: قَوْلًا بَعيدًا عَنِ الْحَقِّ. قَوْلُهُ: "مُرَاعًى" (¬21) مِنْ راعَيْتُ الْأَمْرَ، أَىْ: نَظَرْت إِلَى (¬22) مَا يَصيرُ إِلَيْهِ. قَوْلُهُ: "وَالْبَيِّنَةُ مُتَعَذِّرَةٌ" (¬23) أَىْ: مُتَعَسِّرَةٌ، تَعَذَّرَ الْأَمْرُ، أَىْ: تَعَسَّرَ. قَوْلُهُ تَعالَى: {وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} (¬24) خَزَّ: سَقَطَ مِنْ أَعْلَى إلى أسْفَلَ، وَالْهَدُّ: هَدْمُ (¬25) الْبِناءِ وَإِزالُتُهُ، هَدَّ الْبِنَاءَ يَهُدُّهُ هَدًّا: هَدَمَهُ وَضَعْضَعَهُ. ¬
من باب القرعة
مِنْ بَابِ الْقُرَعةِ القُرْعَةُ: مَأْخُوذَةً مِنْ قَرَعْتُهُ: إذَا كَفَفْتَهُ، كَأَنَّهُ كَفَّ الْخُصُومَ بِذَلِكَ، وَمِنْهُ. سُمِّيَتِ الْمِقْرَعَةُ؛ لِأَنَّهُ يُكَفُّ بِهَا الدَّابَّةُ. قَوْلُهُ (¬1): "البَنْدَقَةَ" هِىَ: عَمَلُ الْبَنَادِقِ، وَهِىَ: كُبَبٌ صِغارٌ مِنْ طِينٍ أَوْ شَمْعٍ. قَوْلُهُ: "أَقْرَبُ إِلَى فَصْلِ الْحُكْمِ" (¬2) أَىْ: إلى قَطْعِهِ، مِنْ فَصَلَ الْعُضْوَ: إِذَا قَطَعَةُ مِن المَفصِل. وَالفَيْصَلُ: الحَاكِمُ، وَفَصَلْتُ الشَّيْىءَ فَانْفَصَلَ، أَىْ: قَطَعْتُهُ فانْقَطَعَ (¬3). قَوْلُهُ (¬4): "التَّعْدِيلُ" هُوَ: التَّسْوِيَةُ، مِن قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ عِدْلُ فُلَانٍ، أَىْ: مُسَاوٍ لَهُ (¬5)، وَالْعِدْلُ: أَحَدُ الحِمْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مُسَاوٍ للآخَرِ. قَوْلُهُ (¬6): "يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ" يَذْهَبُ بِهَا، وَأَصْلُه: مِنَ الْغَرَقِ فِى الْمَاءِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬7). ¬
وَالتَّرِكَةُ: مَا يَتْرُكُهُ الْمَيِّتُ بَعْدَهُ تُرَاثًا (¬8)، وَقَدْ ذُكِرَ (¬9). قَوْلُهُ (¬10): "فَيُقَدَّرُ (¬11) بِقَدْرِهِ" الْقَدْرُ هَا هُنَا: الْمَبْلَع، أَىْ: يُعْتَقُ مِنْهُ مَبْلَغُ الْحِصَّةِ. ¬
[من باب المدبر]
[مِنْ بَابِ الْمُدَبَّرِ] (¬1) قَالَ الْقُتَيْبِىُّ: التُّدْبيرُ: مَأْخُوذٌ مِنَ الدُّبُرِ؛ لِأَنَّهُ عِتْقٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْمَوْتُ: دُبُرُ الْحَيَاةِ، قَيلَ (¬2): مُدَبَّرٌ، وَلِهَذَا قَالُوا: أَعْتَقَ (¬3) عَبْدَهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ، أَىْ: بَعْدَ الْمَوْتِ (¬4). قَوْلُهُ (¬5): "يُتَنَجَّزُ بِالمَوْتِ" أَىْ: يُتَعَجَّلُ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬6). قَوْلُهُ: "يُفْضِى إِلَى الْعِتْقِ لَا مَحَالَةَ" (¬7) يُفْضِى: يَؤُولُ وَيَصِيرُ. وَلَا مَحَالَةَ، أَىْ: لَابُدَّ، يُقَالُ: الْمَوْتُ آتٍ لَا مَحَالَةَ. ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِىُّ (¬8). [وَمِيمُها] (¬9) زائدة، وَأَلِفُهَا مُنْقَلِبَةُ عِن وَاوٍ، مِنْ بَابِ (حول). قَوْلُهُ: "أَنْتَ حَبِيسٌ عَلَى آخِرِنَا مَوْتًا" أَىْ: عِتْقُكَ مَحْبُوسٌ حَتَّى يَمُوتَ آخِرُنَا. ¬
قَوْلُهُ (¬10): "عَنْ دُبُرِ مِنْهُ" أَىْ: بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِدْبَارِ حَيَاتِهِ، أَوْ فِيَ الدُّبُرِ، وَهُوَ: نَقِيضُ الْقُبُلِ، أَىْ: فِى إدْبَارِ الْحَيَاةِ لَا فِى إِقْبَالِهَا، كُلُّهُ مَأخُوذٌ مِنْ أدْبَرَ: إِذَا وَلَّى وَذَهَبَ. قَوْلُهُ: "لِأَنَّهُ عَدَلَ عَن [العِتقِ] (¬11) أَىْ: مَالَ، يُقَالُ: عَدَلَ: إذَا مَالَ، وَعَدَلَ: إذَا اسْتَقَامَ، مِنَ الْأَضْدَادِ. قَوْلُهُ: ["كَالْعَبْدِ] (¬12) الْقِنِّ" الْخَالِصِ الْعُبُودِيَّةِ , لَيْسَ بمُكَاتَبٍ وَلَا مُدَبَّرٍ، وَلَا عُلِّقَ عِتْقُهُ عَلَى شَرْطٍ، وَقِيلَ: الْقِنُّ: أَنْ يُمْلَكَ هُوَ وَأَبُوهُ. قَوْلُهُ (¬13): "وَبَيْنَ أَنْ يُخَارِجَهُ عَلَى شَيْىءٍ" أَىْ: يَجْعَلَ عَلَيْهِ خَرَاجًا يُؤَدِّيِه. وَالْخَرْجُ وَالْخرَاجُ: الإتَاوَةُ وَقَدْ ذُكِرَ (¬14). ¬
باب الكتابة
بَابُ الْكِتَابَةِ (¬1) أَصْلُ الْكِتَابَةِ: الضَّمُّ وَالْجَمْعُ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْكِتَابَةُ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ جَمْعِ النُّجُومِ وَضَمِّ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ، وَالْمُكَاتَبُ يَجْمَعُ الْمَالَ وَيَضُمُّهُ، وَمِنْهُ كَتَبَ الْمَزَادَةَ: إِذَا ضَمَّ بَيْنَ جَانِبَيْهَا بالْخَرْزِ. وَالْكُتْبَةُ: مَوْضِعُ الْخَرْزِ، وَجَمْعُهَا (¬2): كُتَبٌ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ (¬3): . . . . . . . . . . . . . ... مُشَلْشَلٌ ضَيَّعَتْهُ بَيْنَها الْكُتَبُ وَمِنهُ: كَتَبَ الْكِتَابَ: إِذا جَمَعَ الْحُرُوفَ، وَضَمَّ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ، (وَسُمِّيَتِ الْكَتِيبَةُ؛ لِاجْتِمَاعِ الْعَسْكَرِ وَانْضِمَامِ بَعْضِهِمْ إِلَى بَعْضٍ) (¬4) وَكُلُّ شَيْىءٍ ضَمَمْتَ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ فَقَدْ كَتَبَتَهُ، وَسُمِّيَتِ النُّجُومُ فِى الْكِتَابَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا مَأخُوذَةٌ مِنْ تَأْجِيلِ الدَّيْنِ إِلَى طُلُوعِ نَجْمٍ مَعْلُومٍ عِنْدَهُمَا، وَوَقْتٍ مَعْرُوفٍ بَيْنَهُمَا لِلأدَاءِ، كطُلُوعِ الثُّرَيَّا وَالسِّمَاكِ وَشِبْهِهِمَا، يُقالُ: نَجَّمْت عَلَيْهِ الْمَالَ: إِذَا أَدَّيْتَهُ نُجُومًا، أَىْ: جَعَلْتَ لِأَدَائِهِ أَوْقَاتًا مِنَ الزَّمَانِ يُعْلَمُ كُلُّ وَقْتٍ مِنْهَا بِطُلُوعِ نَجْمٍ. ¬
قَوْلُهُ: "مُرْصِدٌ لِمِلْكِهِ" (¬5) أَىْ: مُتَرَقِّبٌ، يُقَالُ: رَصَدْتُ فُلَانًا أَرْصُدُهُ، أَىْ: تَرَقَّبْتَهُ وَانتظَرتَهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (¬6): {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا} (¬7) أَىْ: مُعَدَّةً لَهُمْ، يُرْتَقَبُ بِهِمْ (¬8). قَوْلُهُ: "فَهُوَ عَاهِرٌ" (¬9) الْعَاهِرُ: الزَّانِى، يُقَالُ: عَهِرَ يعهُّرُ عُهُورًا وَعَهَارَةً (¬10): إِذَا زَنَى وَفَجَرَ. قَوْلُهُ: "ثُمَّ أَفْلَتَ مِنْ أَيْدِيهِمْ" (¬11) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ، يُقَالُ: أَفْلَتَ وَتَفَلَّتَ وَانْفَلَتَ: بِمَعْنىً، وَأَفْلَتَهُ غَيْرُهُ (¬12). قَوْلُهُ: "وَلَا يَتَسَرَّى [بِجَارِيَة] (¬13) " ذَكَرَ فِى الْمُهَذَّبِ [فِى] (¬14) اشْتِقَاقِ التَّسَرِّى ثَلَاَثةَ أَوْجُهٍ: مِنَ السَّرَى، وَهُوَ: الْجَوْدَةُ؛ أَوْ مِنَ السِّرِّ، وَهُو: الجِمَاعُ؛ أَوْ مِنْ سَرَاةِ الْأَدِيمِ، وَهُوَ، وَسَطُ الظَّهْرِ. وَذَكَرَ الْجَوْهَرِىُّ (¬15) وَجْهًا آخَرَ: أَنَّهُ مُشْتَقٌ مِنَ السُّرُورِ، وَهُوَ: الْفَرَحُ، وَأَصْلُهُ: تَسَرَّرْتُ، فَأُبْدِلَت الرَّاءُ الْأُخْرَى يَاءً. كَمَا قَالُوا: تَظَنَّيْتُ فِى تَظَنَّنْتُ. ¬
قَوْلُهُ: "وَيَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى الْإِيتَاءُ" (¬16) أَى: الإِعْطَاءُ، يُقَالُ: آتَيْتُ فُلَانًا مَالًا، أَىْ: أَعْطَيْتُهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} (¬17) أَىْ: أَعْطُوهُمْ مِنْ مَالَ اللهِ الَّذِى أَعْطَاكُمْ. قَوْلُهُ: "حَاصَّ الْمُكَاتَبُ أَصْحَابَ الدُّيُونِ" (¬18) أَىْ: أَخَذَ الحِصَّةَ، وَهِىَ: النَّصِيبُ، وَأَصْلُهُ. حَاصَصَ، فَأُدْغِمَ. قَوْلُهُ: ["مَسَافَةٍ"] (¬19) هِىَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْأَرْضِ يُسَافَرُ فِيهَا، وَقَدْ ذُكِرَتْ (¬20). ¬
[ومن باب الكتابة الفاسدة]
[وَمِنْ بَابِ الكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ] (¬1) قَوْلُهُ: "تَقَاصَّا" (¬2) أَصْلُ الْمُقاصَّةِ: الْمُمَاثَلَةُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: قَصَّ الْخبَرَ: إِذَا حَكَاهُ، فَأَدَّاهُ عَلَى مِثْلِ مَا سَمِعَ. وَالْقِصَاصُ فِى الْجِرَاحِ: أَنْ يَسْتَوْفِىَ مِثْلَ جُرْحِهِ. وَكَذَلِكَ سُمِّيَت المُقَاصَّةُ فِى الدَّيْنِ؛ لِأنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ مِثْلَ مَا لِلآخَرِ (¬3). [ومن كتاب عتق أمهات الأولاد] (1) قَولهُ: "مارِيَةُ الْقِبْطِيَّة" (¬4) بِغيْرِ تَشْدِيدٍ، وَالمَرْوُ: ضَرْبٌ مِنَ الرَّيَاحِينِ، لَعَلَّهَا سُمِّيَت بِهِ، قَالَ الْأَعْشَى (¬5): وَآسٌ وَخِيرِىُّ وَمَرْوٌ (¬6) وسِمْسِقٌ ... . . . . . . . . . . . . . ¬
السِّمْسَقُ (¬7): الْمَرْزَ نَجُوشُ. وَرُوِىَ "وَسَوْسَنٌ" أَوْ (¬8) لَعَلَّهَا مَنْقُولَةٌ مِنْ "مَارِيَّة" الطَّائِرِ (¬9) الْمَعْرُوفِ (¬10). قَوْلُهُ: "تَخَطَّطَ وَتَصَوَّرَ" (¬11) أَىْ: ظَهَرَ فِيهِ خَلْقُ الْآدَمِىِّ وَتَبَيَّنَ كَمَا يَتَبَيَّنُ الْخَطُّ فِى الشَّيْىءِ الَّذِى يُخطُّ بِقَلَمٍ، أَؤ حَدِيدَةٍ، وَسِوَى ذَلِكَ. وَ "تصَوَّرَ" ظَهَرَتْ (¬12) فيِهِ صُورَةُ ااْلآدَمِىِّ. قَوْلُهُ: " [وَإِنْ] (¬13) أَلْقَتْ مُضْغَةً" الْمُضْغَةُ: الْقِطْعَةُ، وَجَمْعُهَا: مُضَغٌ، وَالْمُضْغَةُ: الْوَاحِدَةُ مِنَ اللَّحْمِ، وَقَلْبُ الإنْسَانِ مُضْغَةٌ مِنْ جَسَدِهِ، وَفِى الْحَدِيثِ: "إِنَّ فى ابْنِ آدَمَ مُضْغةً إِذَا صَلْحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ" (¬14). قَوْلُهُ: "بَاشَرَ عِتْقَهُ" (¬15) أَىْ: تَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ، وَلَمْ يُعَلِّقْهُ عَلَى عِتْقِ صَاحِبِهِ. قَوْلُهُ: "الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ" اللُّحْمَةُ بِالضَّمِّ: الْقَرَابَة، وَلَحْمَةُ (¬16) الثَّوْبِ الْبَازِى: يضم ويفتح. وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِىِّ: لَحْمَةُ الْقَرَابَةِ، وَلَحْمَةُ الثَّوْبِ: مَفْتُوحَان، والَلُّحْمَةُ: [مَا يُصَادُ بِهِ] (¬17) الصَّيْدُ. وَعَامَّةُ النَّاسِ يَقُولُونَ "لُحْمَة" فِى الثَّلَاَثةِ. ¬
قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا سَائِبَةً عَلَى أَنْ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ (لِأحَدٍ: لَمْ يَجُزْ) (¬18) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} (¬19) فَالْبَحِيرَةُ: النَّاقَةُ إِذَا نُتِجَتْ خَمْسَةَ أَبْطُنٍ، تَوَالَى نَتَاجُهُنَّ، وَكَانَ الْخَامِسُ ذَكَرًا: نَحَرُوهُ، فَأَكَلَهُ (¬20) الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ. وَإِنْ (¬21) كَانَ الْخَامِسُ أُنْثَى: بَحَرُوا (¬22) أُذُنَهَا، أَىْ: شَقُّوهَا، وَكَانَ حَرَامًا عَلَى النِّسَاءِ لحْمُهَا وَلَبَنُهَا، فَإِذَا مَاتَتْ: حَلَّتْ لِلنِّسَاءِ (¬23)، وَالْبَحْرُ: الشَّقُّ. وَسُمِّىَ الْبَحْرُ بَحْرًا؛ لِأَنَّ الله تَعَالَى جَعَلَهُ مَشْقُوقًا فِى الْأَرْضِ شَقًّا. وَالسَّائِبَةُ: الْبَعِيرُ يُسَيَّبُ؛ لِنَذْرِ يَكُونُ عَلَى الرَّجُلِ، أَىْ: يُسَيَّبُ، فَلَا يُمْنَعُ عَنْ مَرْعًى، وَلَا مَاءٍ، وَأَصْلُهُ: مِنْ تَسْيِيبِ الدَّابَّةِ، وَهُوَ: إِرْسَالُهَا كَيْفَ شَاءَتْ (¬24). وَكَانَ أَبُو الْعَالِيَةِ (¬25) سَائِبَةً. وَالْوَصِيلَةُ: فِى الْغَنَمِ، قَالَ الْعُزَيْزِيُّ (¬26): كَانَتِ الشَّاةُ إِذَا وَلَدَتْ سَبْعَةَ أَبْطُنٍ، فإِنْ كَانَ السَّابعُ ذَكَرًا: ذُبِحَ فَأَكَلَ مِنْهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى: تُرِكَتْ فِى الْغَنَمِ، وَإِنْ كَانَ (¬27) ذكرا وأنثى قَالُوا: وَصَلَتْ أَخَاهَا، فَلَمْ ¬
تُذْبَحْ، لِمكانِهَا عِنْدَهُمْ، وَكَانَ لَحْمُهَا حَرَامًا عَلَى النِّسِاءِ، وَلَبَنُ الْأُّمِّ حَرَامًا عَلَى النِّسَاءِ، إِلَّا أَنْ يَمُوتَ شَيْىءٌ، فَيَأْكُلَهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ (¬28). وَأَمَّا الْحَامِى: فَهُوَ الْفَحْلُ إِذَا رُكِبَ وَلَدُ وَلَدِهِ، وَيُقَالُ: إِذَا نُتِجَ مِنْ صُلْبِهِ عَشْرَةُ أَبْطن، تَالُوا: حَمىَ ظَهْرَهَ، فَلَا (¬29) يُرْكَبُ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ مَرْعىً، وَلَا يُحْلأُ عَنْ مَاءٍ (¬30). قَوْلُهُ: "الْكُبْرُ" (¬31) بِضَمِّ الْكَافِ، يَعْنِى: الْكَبِيرَ الْأَدْنَى تَعْصِيبًا. ¬
ومن كتاب الفرائض
وَمِنْ كِتَابِ الْفَرَائِضِ سُمِّيَتْ فَرَائِضَ، لِكَثْرَةِ ذِكْرِهِ الْفَرَائِضَ (¬1) فِيهَا. قَوْلُهُ: "وَمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ" (¬2) أَىْ: هَيْئَتِهِ (¬3) وجِهَازِهِ، مِنَ الكَفَنِ وَالْحَنُوطِ والغُسْلِ، يُقَالُ: جُهِّزَتِ الْعَرُوسُ إِلى زَوْجِهَا: إِذَا هُيِّئَتْ، وَقَدْ ذُكِرَ فِى الْجَنَائِزِ (¬4). قَوْلُهُ: "وَلَيْسَ لَهُ إلَّا نَمِرَةً" (¬5) النَّمِرَةُ: بُرْدَةٌ مُخطَّطَةٌ مِنْ صُوفٍ، يَلْبَسُهَا الْأَعْرَابُ، وَقَدْ ذُكِرَتْ أَيْضًا وَذُكِرَ الإِذخِرُ (¬6). قَوْلُهُ: ["حَتَّى لَا يُجْعَلَ ذَرِيعَة"] (¬7) الذَّرِيعَةُ: الْوَسِيلَةُ، أَىْ: يُتَوَصَّلَ بِهَا إِلَى الْمِيرَاثِ. قَوْلُهُ: "لِحَسْمِ الْبَابِ" الحَسْمُ: الْقَطْعُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلسَّيْفِ: حُسَامٌ، أَىْ: قَاطِعٌ. قَوْلُهُ: "بَتَّ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ" (¬8) الْبَتُّ: الْقَطْعُ، بَتَّهَ يَبُتُّه: إِذَا قَطَعَهُ. ¬
قَوْلُهُ: "لِدَرْءِ الحَدِّ" (¬9) الدَّرْءُ: الدَّفْعُ، دَرَأَهُ دَرْءًا، أَىْ: دفَعَهُ (¬10) [دَفْعًا] (¬11). قَوْلُهُ: ["كَالجَنِينِ"] (¬12) مُشْتَقٌّ مِنَ الْجُنَّةِ، وَهِى السُّتْرَةُ، يُقَالُ: جَنَّ وَاسْتَجَنَّ: إذَا اسْتَتَرَ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬13). قَوْلُهُ: "وَأَيُّكُمَا خَلَت بِهِ" (¬14) أَىْ: انفَرَدَتْ (¬15)، مَأُخُوذٌ مِنْ الْمَوْضِعِ الْخَالِى الَّذِى لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ. قَوْلُهُ: "جَدَّتَانِ مُتَحَاذِيتَانِ" (¬16) أَىْ: مُتَسَاوِيَتَانِ. وَحِذاءُ الشَّيْىءِ: إِزَاؤُهُ، يُقَالُ: قَعَدَ بِحِذَائِهِ، وَحَاذَاهُ، أَىْ: صَارَ بِحِذَائِهِ. قَوْلُهُ: "تُدْلِى بِقَرَابَةٍ، وَتُدْلِى بِالْأَبِ" (¬17) أَىْ تَتَوَصَّلُ وَتَمُتُّ (¬18)، وَهُوَ مِنْ إدْلَاءِ الدَّلْوِ إلَى الْمَاءِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ، رَضِىَ اللهُ عَنْهُ حِينَ اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ، ¬
رَضِىَ اللهُ عَنْهُ: "دَلَوْنَا بِهِ إلَيْكَ مُسْتَشْفِعِينَ" (¬19) وَأَدْلَى [بِحُحَّتِه] (¬20) أَىْ: احْتَجَّ بِهَا، وَهُوَ يُدْلِى بِرَحِمِهِ أَىْ: يَمُتُّ بِهَا. قَوْلُهُ: "الْأُمُّ تَحْجُبُ الْجَدَّةَ" وَ"الحَجْبُ" وَ "هُمْ يَحْجُبُونَ" (¬21) كُلُّه بِمَعْنَى يَمْنَعُونَ، وَحَجَبَهُ، أَىْ: مَنَعَهُ عَنِ (¬22) الدُّخُول. وَأَصْلُ الْحِجَابِ: السِّتْرُ الَّذِى يَمْنَعُ عَنِ النَّظَرِ. قَوْلُهُ: "فَصَاعِدًا" (¬23) هُوَ مِنَ الصُّعُودِ وَالارْتِقَاءِ (¬24) إِلَى فَوْقَ، [أَىْ: فَمَا فَوْقَ] (¬25) ذَلِكَ [مُنِحَهُ] (¬26). قَوْلُهُ [تَعَالَى]: {فَإِنْ (¬27) كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} الْمُرَادُ بِهِ: الاثْنَتَيْنِ فَصَاعِدًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} (¬28) وَالْمُرَادُ: اضْرِبُوا الْأَعْنَاقَ (¬29). قَوْلُهُ (¬30): ". . . {قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا} (¬31). ." ضَلَّ الرَّجُلُ عَنِ الطَّرِيقِ: إِذَا لَمْ يَعْرِفْهُ، وَلَمْ يَهْتَدِ، لَهُ فَهُوَ ضَالٌّ. ¬
قَولهُ: "تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ" (¬32) هُوَ (¬33) تَفْعِلَة مِنَ الْكَمَالِ، مِثْلُ تَكْرِمَةٍ، مِنَ الإكْرَامِ، وَمِنْهُ: "وَلَا يُقْعَدُ (¬34) عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ". قَوْلُهُ: "قَنَاةَ الْمُلْكِ" (¬35) الْقَنَاةُ: الرُّمْحُ، وَجَمْعُهَا: قَنَوَاتٌ، وَقُنِىٌّ، عَلَى فُعُولٍ، وَقِنَاءٌ، مِثْلُ جَبَلٍ وَجِبَالٍ وَقَوْلُهُ: ". . . . . . . . . . . . . ... عَنِ ابْنَىْ مَنافٍ عَبْدِ شَمْس وَهَاشِمِ" لِأنَّ بَنِى أُمَيَّةَ وَرِثُوا الْخِلَافَةَ عَنْ عُثْمَانَ رَضِىَ اللهُ عَنْهُ، وَأَبُوهُ مِنْ بَنِى عَبْدِ شَمْسٍ، وَأُمُّ أُمِّهِ مِنْ بَنِى هَاشِمٍ، وَهِى: الْبَيْضَاءُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِب بْنِ هَاشِمٍ، فَجَدَّتُهُ لِأَمِّهِ عَمَّةُ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَوْلُهُ: "الْكَلَالَةُ" مُفَسَّرَةٌ فِى الْكِتَابِ (¬36)، قَالَ الْجَوْهَرِىُّ: هِىَ مَصْدَرَ كَلَّ الرَّجُلُ يَكِلُّ كَلالَةً. قالَ: وَيُقالُ: هوَ (¬37) مَصْدَرٌ مِنْ تَكَلَّلَّهُ النَّسَبُ، أَىْ: تَطَرَّفَهُ، كَأَنَّهُ أَخَذَ طَرَفَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ، وَلَيْس لَهُ (¬38) مِنْهُمَا. أَحَدٌ فَسُمِّىَ (¬39) بِالْمَصْدَرِ. ¬
قَوْلُهُ: "يُعَصِّبُهُنَّ" وَ "الْعَصَبَة" وَ "التَّعْصِيبُ" (¬40): كُلُّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعِصَابَهِ؛ لِأَنَّهَا تُحِيطُ بِجَمِيعِ الْمِيرَاثِ كَما تُحِيطُ الْعِصَابَةُ بِجَمِيعِ الرَّأسِ. وَالْعَصْبُ: هُوَ اللَّىُّ الشَّدِيدُ. قَوْلُهُ: "أَعْيَلَتِ الْفَرِيضَةُ" وَ "عَالَت" (¬41) أَى: ارْتَفَعَتْ، فَزَادَتْ سَهْمًا (¬42)، فَيَدْخُلُ النَّقْصُ عَلَى أَهْلِ الْفَرَائِضِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬43): أَظُنُّهُ (¬44) مِنَ الْمَيْلِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬45). قَالَ أَبُو طَالِب (¬46): بِمِيزَانِ صِدْقٍ لَا يَغُلُّ (¬47) شَعِيرَةً ... لَهُ شَاهِدٌ مِنْ نَفْسِهِ (*) غَيْرُ عَائِلِ وَأَكْثَرُ مَا تَعُولُ إِلَيْهِ؛ أَىْ (¬48) تَرْتَفِعُ وَتَزِيدُ مِنَ السِّتَّةِ إِلَى الْعَشَرَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: "أُمَّ الْفُرُوخ" (¬49) شُبِّهَتْ بِالطَّائِرِ الَّذِى لَهُ فُرُوخٌ كَثِيرَةٌ، كَالدَّجَاجِ، وَالْقَبْجِ، وَنَحْوِهِ. ¬
[ومن باب ميراث العصبة]
وَ "أم الْأَرَامِلِ" (¬50) لِأَنَّ أَهْلَ الْفَرَائِضِ (¬51) فِيهَا كُلَّهُمْ نِسَاء. قَوْلُهُ: "الْمُبَاهَلَة" (¬52) هِى: الْمُلَاعَنَةُ , يُقَالُ: عَلَيْهِ بَهْلَةُ اللهِ، وَبُهْلَةُ اللهِ أَىْ: لَعْنَةُ اللهِ. [وَمِنْ بَابِ مِيرَاثِ العَصَبَةِ] قَوْلُهُ: "فَلِأولَى عَصَبَةٍ ذَكَرٍ" (¬53) قَالَ الْهَرَوِىُّ: يَعْنِى: أَدْنَى وَأَقْرَبَ فِى النَّسَبِ (¬54). مَأُخُوذٌ مِنَ الْوَلْىِ وَهُوَ الْقُرْبُ، وَلَيْسَ بِمَعْنَى أَحَقّ، مِنْ قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ أَولَى بِكَذَا، أَىْ: أَحَقُّ بِهِ. قوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (¬55) الْحَظُّ هَا هُنَا: السَّهْمُ وَالنَّصِيبُ، أَىْ: مِثْلُ نَصِيبِ الْأُنْثَيَيْنِ، وَفِى غَيْرِه: الْجَدُّ وَالْبَخْتُ. والْحَظُّ أَيْضًا: الشَّرَفُ. قَوْلُهُ: "وَإنْ وَلَدَتْ تَوْءَمَيْنِ" (¬56) التَّوْءَمُ: وَزْنُهُ: فَوْعَلٌ، وَالْأُنْثَى: تَوْءَمَةٌ، وَالْجَمْعُ: تَوَائِمُ، مِثْلُ قَشْعَمٍ وَقَشَاعِم، وَتُؤَام، قَالَ الشَّاعِرُ (¬57): قَالَت لَنَا وَدَمْعُهَا تُؤَامُ ... عَلَى الَّذِينَ ارْتَحَلُوا السَّلامُ ¬
قَوْلُهُ: "مِنْ مَبَالِ الذَّكَرِ، وَمَبَالِ الْأُنْثَى" (¬58) بِالْبَاءِ بِوَاحِدَةٍ مِنْ تَحْت، وَهُوَ: مَوْضِعُ الْبَوْلَ. قَوْلُهُ: "خَمْسَةُ كَهُولٍ" (¬59) الْكَهْلُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِى جَاوَزَ الثَّلَاثِينَ، وَوَخَطَهُ الشَّيْبُ. "وَخَمْسَةُ فِتْيَانٍ" لَا فَرْقَ فِى اللُّغَةِ بَيْنَ الشَّابِّ والْفَتَى، وَهُوَ الْبَالِغُ الْحَدِيثُ السِّنِّ. وَهَذَا الشَّيْخُ: هُوَ مِنْ بَادِيَةِ صَنْعَاءَ، مِنْ قَرْيَةٍ تُسَمَّى "خِيَرَةَ". قَوْلُهُ: "أَسْقَطَتِ امْرأَةٌ [بِالْأَنْبَارِ] (¬60) كِيسًا" هُوَ وِعَاءُ الْوَلَدِ، مَأْخُوذٌ مِنْ كِيسِ الدَّرَاهِمِ. قَوْلُهُ: "لَا يَرِثُ الْمَنْفُوسُ" (¬61) هُوَ الْمَوْلُودُ، وَالنِّفَاسُ: الْوِلَادَةُ، وأَصْلُهُ: النَّفْسُ، وَهُوَ: الدَّمُ. قَوْلُهُ: "حَتَّى يَسْتَهِلَّ صَارِخًا" أَىْ [يَرْتَفِعَ] (¬62) صَوْتُهُ بالْبُكَاءِ، وَأَصْلُهُ: مِنْ رُؤْيَةِ الْهِلَالَ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬63). قَوْلُهُ: "لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَهُ" (¬64) أَىْ: يُؤَدُّونَ عَنْهُ الْعَقْلَ، وَهُوَ: الدِّيَةُ. ¬
قَوْلُهُ: "أَهْلُ التَّنْزِيلِ" (¬65) سُمُّوا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ يُنْزِلُونَ مَنْ لَا يَرِثُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَرِثُ، مِمَّنْ يُدْلِى بِهِ. وَأَهْلُ الرَّدِّ: الَّذِينَ يَرُدُّونَ مَا فَضَلَ مِنَ الْفَرِيضَةِ عَلَى أَهْلِ الْفَرْضِ إِذَا لَمْ تَكُنْ عَصَبَةٌ. قَوْلُهُ: "عَادَّ بِوَلَدِ الْأَبِ" (¬66) مَأُخُوذٌ مِنَ الْعِدَّةِ (¬67)، وَأَصْلُهُ: عَادَدَ، فَأُسْكِنَ الدَّالُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ أُدْغِمَ وَمُدَّ. قَوْلُهُ: "وَتُسَمَّى الْخَرْقَاءَ" (¬68) لَعَلَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنَ الخَرْقِ، وَهِى: الْأَرْضُ الْوَاسِعَة تَتَخَرَّقُ فِيهَا الرِّيَاحُ، لاتِّسَاعِ الْقَوْلِ فِيهَا، أَوْ مِنَ الْمَرْأةِ الْخَرْقَاءِ، وَهِى الَّتِى لَا تُحْسِنُ صَنْعَةً. قَوْلُهُ: "كَدَّرَتْ عَلَى زَيْدٍ" (¬69) أَصْلُهُ (¬70): الْكَدَرُ ضِدُّ الصَّفْوِ، يُقَالُ: كَدُرَ الْمَاءُ يكْدُرُ -بِالضَّمِ- كُدُورَةً، وَكَذَلِكَ تَكَدَّرَ، وَكَدَّرَه غَيْرُه. وَيُقَالُ: إِنَّ اسْمَ الْمَرْأَةِ فِى الْمَسْأَلَةِ: أَكْدَرِيَّةُ (¬71)، فَنُسِبَتْ إِلَيْهَا. ¬
ومن كتاب النكاح
وَمِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ. " [مَنِ] (*) اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ (فَإنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ (¬1) [وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ] (¬2) فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ") (*). الْبَاءُ والبَاءَةُ: شَهْوَةُ النِّكَاحِ، سُمِّىَ بَاءَةً (¬3)؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَتَبَوَّأُ مِنْ زَوْجَتِهِ، أَىْ: يَسْكُنُ إِلَيْهَا (¬4)، وَأَرَادَ هَا هُنَا: الْمَالَ، سَمَّاهَا بِاسْمِ سَبَبِهَا، قَالَ الْمَعَرِّىُّ (¬5) فَأَحْسَن: وَالْبَاءُ مِثْلُ الْبَاءِ يَخْفِضُ لِلدَّنَاءَةِ أَوْ يَجُرّ وَقَوْلُهُ: "أَغَضُّ لِلْبَصَرِ" أَىْ: يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْظُر إِلَى امْرَأَةِ غَيْرِهِ، وَ "أَحْصَنُ لِلْفَرْجِ" مَأْخُوذٌ مِنَ الْحِصْنِ الَّذِى يُمْتَنَعُ بِهِ مِنَ الْعَدُوِّ. ¬
قَوْلُهُ: "وَجَاءٌ" الْوِجَاءُ -بِالْكَسْرِ: رَضُّ عُرُوقِ الخُصْيَيْن (¬6)، حَتَّى تَنْفَضِخَ فَيَكُونُ شَبِيهًا بِالْخِصَاءِ (¬7)، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ" (¬8). قَوْلُهُ (¬9): "تَاقَتْ نَفْسُهُ" اشْتَاقَتْ واشْتَهَت. قَوْلُهُ: "لِدِيِنهَا وَحَسَبِهَا" (¬10) الْحَسَبُ، مَا يَعُدُّهُ الرَّجُلُ مِنْ مَفَاخِرِ آبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ، وَالرَّجُلُ حَسِيبٌ، وَقَدْ حَسُبَ حَسَابَةً، مَأْخُوذٌ مِنَ الْحِسَابِ؛ لِأنَّهُمْ إِذَا تَفَاخَرُوا: عَدُّوا مَنَاقِبَهُمْ وَمَآثِرَهُمْ وَحَسَبُوهَا، وَالْحَسْبُ: الْعَدُّ، وَالْحَسَبُ: الْمَعْدُودُ، كَالْقَبْضِ وَالْقَبَضِ. قَوْلُهُ: "تَرِبَتْ يَدَاكَ" كَأَنَّهُ دُعَاءٌ عَلَيْهِ بالْفَقْرِ إنْ لَمْ يَفْعَل ذَلِكَ (¬11)، يُقَالُ: تَرِبَ إِذَا افْتَقَرَ، وَأَتْرَبَ (*) إِذَا اسْتَغْنَى (¬12). قَوْلُهُ (¬13): "مَنْ أَحَبَّ فِطْرَتِى فَلْيَسْتَنَّ بِسُنَّتِى" فِطْرَتِى هَا هُنَا: دِينِى، وَأَصْلُ الْفَطْرِ (¬14): الابْتِدَاءُ بالْعَمَلِ. وَمِنْهُ {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} (¬15) أَىْ: اتَّبَعَ دِينَ اللهِ. وَالسُّنَّةُ: أَصْلُهَا: الطَّرِيقَةُ، أَىْ: فَلْيَأْخُذْ بِطَرِيقَتِى وَعَمَلِى. ¬
قَوْلُهُ: "إنَّمَا النِّسَاءُ لُعَبٌ" (¬1) جَمْعُ لُعْبَةٍ، وَكُلُّ مَلْعُوبٍ بِهِ فَهُوَ لُعْبَةٌ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ، وَهُوَ الشَّيْىءُ الَّذِى يُلْعَبُ بِهِ (¬2). أَرَادَ أَنَّ زَوْجَهَا [تَزَوَّجَهَا؛ لِـ]ــيَلْعَبَ بِهَا وَيَسْتَرِيحَ. قَوْلُهُ: "فَإِنَّ فِى أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا" (¬4) وَرُوِىَ: "شَيْنًا" (¬5) قِيلَ: زُرْقَةٌ، وَقِيلَ: عَمَشٌ. قَوْلُهُ: "الَرَّجُلِ الدَّمِيمِ" (¬6) بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ: هُوَ الرَّجُلُ (¬7) الْقَصِيرُ مَعَ قُبْحِ مَنْظَرٍ. وَأَمَّا الذَّمِيمُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، فَهُوَ سَيِّىءُ (¬8). الْخُلُقِ (¬9). وقد دِمِمْتَ يَا فُلَانُ تَدِمُّ وَتَدُمُّ دَمَامَةَ، أَىْ: صِرْتَ قَبِيحًا دَمِيمًا، يُقَالُ: مَا وَرَاءَ الْخلْقِ الدَّمِيمِ إلَّا الخُلُقُ الذَّمِيمُ. قَوْلُهُ: "فَلَوَى عُنُقَ الفَضْلِ" (¬10) أَىْ: أَمَاَلهُ إِلَى الْجِهَةِ التى لَا يُبْصِرُهَا مِنْهَا. قَوْلُهُ: "الْأمْرَدِ" (¬11) يُقَالُ: غُلَامٌ أَمْرَدُ بَيِّنُ الْمَرَدِ - بِالتَّحْرِيكِ: لَا شَعَرَ عَلَى ¬
عَارِضَيْهِ، وَغُصْنٌ أَمْرَدُ: لَا وَرَقَ عَلَيْهِ , ؤَأرْضٌ مَرْدَاءُ: لَا نَبَاتَ [فيها] (¬12). قَوْلُهُ تَعَالَى: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ} (¬13) الِإرْبَةُ بِالْكَسْرِ: الْحَاجَةُ، وَأَرَادَ: الْحَاجَةَ إِلَى النِّكَاحِ. وَفِيهِ لُغَاتٌ: إرْبٌ، وَإِرْبَةٌ، وَمَأْرُبَةٌ، وَمَأْرَبَةٌ. قَالَ الْمُطَرِّزِىُّ (*): (أَصْلُهَا مِنَ) (¬14) الأُرْبَةِ، وَهِىَ الْعُقْدَةُ، فَكَأَنَّ (¬15) قَلْبَ صَاحِبهَا مَعْقُودٌ بِهِا، كَمَا أَنَّ الْغَرَضَ: مِنَ الْغُرْضَةِ (¬16) (وَهِىَ: حِزَامُ الرَّحْلِ) (14) أَلَا تَرَى (*) انَّهُمْ سَمَّوْهَا حَاجَةً، وَهِىَ السَّوْكَةُ فِى الْأَصْلِ، كَمَا أَنَّهَا تَتَشَبَّثُ بِالْفِكْرِ (¬17)، وَتَنْشَبُ (*) فِيهِ نُشُوبَ الشَّوْكَةِ فِيمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ. قَوْلُهُ: "قَنعَتْ رَأْسَهَا" (¬18) أَىْ: غَطَّتْهُ، وَمِنْهُ (¬19) القِنَاعُ وَالْمِقْنَعَةُ. قَوْلُهُ (¬20): "فِى الْمُرَاهِقِ" هُوَ الَّذِى قَارَبَ الاحْتِلَامَ، يُقَالُ: رَاهَقَ الْغُلَامُ فَهُوَ مُرَاهِقٌ. قَوْلُهُ: {لَمْ يَظْهَرُوا} (¬21) أَىْ: لَمْ يَقْوَوْا، مِنْ ظَهَرْتُ عَلَى الرَّجُلِ، أَىْ: غَلَبْتُهُ وَأَرَادَ بالْعَوْرَةِ هَا هُنَا: الْجِمَاعَ، سَمَّاهُ بِاسْمِ سَبَبِهِ. ¬
قَوْلُهُ: "يُورِثُ الطَّمْسَ" (20) الطَّمْسُ: الْعَمَى، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ} (21) وَأَصْلُهُ: اسْتِئْصَالُ أَثَرِ الشَّيْىءِ، وَمِنْهُ {فَإِذَا (¬22) النُّجُومُ طُمِسَتْ}. وَأَرَادَ أَنَّ الْوَلَدَ يَخْرُجُ أَعْمَى. وَقِيلَ: النَّاظِرُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: "الْبُضْع" (¬23) هُوَ الْفَرْجُ، وَالْمُبَاضَعَةُ: الْمُجَامَعَةُ: مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: "فَإِن اشْتَجَرُوا" (¬24) أَى: اخْتَلَفُوا، يُقَالُ: اشْتَجَرَ الْقَوْمُ: إِذَا اخْتَلَفُوا وَتَنَازَعُوا، قاَلَ الله تَعَالَى: {حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (¬25). قَوْلُهُ: "فَعَضَلَهَا الْوَلِىُّ" (¬26) أَىْ: مَنَعَهَا مِنَ النَّكَاحِ، وَمِنْهُ قَوْلُه تَعَالَى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} (¬27). يقال: عَضَلَ يَعْضُلُ عَضْلًا، وَعَضَّلْتُ عَلَيْهِ تَعْضِيلًا: إِذا ضَيَّقْتَ عَلَيْهِ فِى أَمْرِهِ، وَحُلْتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُرِيدُ. وَأَصْلُهُ: مِنْ عَضَّلَتِ الْمَرْأَةُ: إِذَا نَشِبَ وَلَدُهَا فِى بَطْنِهَا وَعَسُرَ خُرُوجُهُ، قَالَهُ الْعُزَيْرِىُّ (¬28). قَوْلُهُ: "يَسْتَأْمِرُهَا أَبُوهَا" (¬29) أَىْ: يُنْكِحُهَا بِأمْرِهَا. قَوْلُهُ: "الْأَيِّمُ" هِىَ الَّتِى لَا زَوْجَ لَهَا، وَكَذَلِكَ الَّرجُلُ، تَزَوَّجَا قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجَا. وَقَدْ آمَتِ الْمرْأَة تَئِيمُ أَيْمَةً وَأَيْمًا وَأُيُومًا. ¬
قَوْلُهُ: "أَحْرَى أَنْ يُؤدَمَ بَيْنَكُمَا" (¬30) أَىْ: يُؤَلَّفَ. وَالْأُدْمَةُ: الْأُلْفَةُ، أَدَمَ، أَىْ: أَلَّفَ. قَوْلُهُ: "فَإِنْ (¬31) كَانَ الْوَلِىُّ ضَعِيفًا" لَهُ تَأْوِيلَانِ، قِيلَ: الْمَخْنُونُ، وَقِيلَ: الشَّيْخُ الْكَبِيرُ؛ لِضَعْفِ نَظَرِهِمَا فِى طَلَبِ الْحَظِّ لَهَا، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِذَّذِى (¬32) لَا نَظَر لَهُ: ضَعِيفٌ، وَالَّذِى لَا نُطْقَ لَهُ: ضَعِيفٌ، والَّذِى لَا عَقْلَ لَهُ: ضَعِيفٌ. [قَوْلُهُ:] (¬33). "خَنْسَاءُ بِنْت خِذَامٍ" (¬34) بِخَاءٍ وَذَالٍ مُعْجَمَتَيْن. قَوْلُهُ: "الافْتِيَاتُ عَلَيْهَا" (¬35) افْتَاتَ عَلَيْهِ: إِذَا فَوَّتَ عَلَيْهِ مَا يُرِيدُ، وَافْتَاتَ افْتَعَلَ مِنَ الْفَوْتِ، وَهُوَ: السَّبْقُ. مَعْنَاهُ: أنَّهُ يَسْتَبِدُّ فِى الرَّأْىِ بِتَزْوِيجِهَا دُونَهُ، فَيَسْبِقُ إِلَى تَزْوِيجِهَا. ¬
قَوْلُهُ: "فَهُوَ سِفَاح" (¬1) السِّفَاحُ: الزِّنا، يُقَالُ: [سَافَحَها] (¬2) مسَافَحَةً وَسِفَاحًا. قَوْلُهُ: "وَأَنْ يُزَوِّجَها مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ" (¬3) الْكُفْءُ: الْمُسَاوِى لَهَا وَالْمُمَاثِلُ. (وَالْمُتَحَاذِيَيْنِ: الْمُتَوَازِيَيْنِ فِى الإِدْلَاءِ وَالْقُرْبِ) (*). قَوْلُهُ: فَأَخَافُ عَلَيْكِ عَصَاهُ" (¬4) قِيلَ: هُوَ (¬5) الضَّرْبُ بِالْعَصَا. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬6) فِى قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَنْفِقْ عَلَى أَهْلِكَ وَلَا تَرفَعْ عَصَاكَ عَنْهُمْ": لَمْ يُرِدِ الْعَصَا الَّتِى يُضْرَبُ بِهَا، وَلَا أَمرَ أَحَدًا بذَلِكَ، وَإِنَّما ارَادَ: يَمْنُعُهَا مِنَ الْفَسَادِ، يُقَالُ لِلرَّجُلِ، إذَا كَانَ رَفِيقًا حَسَنَ السيَّاَسَةِ: لَيِّنُ الْعَصَا. وَقِيلَ: السَّفَرَ، كَنَّى بِالْعَصَا عَنْهُ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬7): فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاستَقَرَّتْ (¬8) بِهَا النَّوَى ... . . . . . . . . . . . . . وَقِيلَ: كَنَّى بِهِ عَنْ كَثْرَةِ الْجِمَاعِ، وَلَيْسَ بِشَيْىءٍ. وَقَالَ الْأَزْهَرِىُّ (¬9): مَعْنَاهُ أَنَّهُ شَدِيدٌ عَلَى أهْلِهِ خَشِنُ الْجَانِبِ فِى مُعَاشَرَتِهِنَّ، مُسْتَقْصٍ عَلَيْهِنَّ فِى بَابِ الْغَيْرَةِ. ¬
قَوْلُهُ: "فَسَادٌ عَرِيضٌ" (¬10) أَىْ: عَامٌّ فَاشِ، كَنَّى عَنْهُ بِالْعَرِيض، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ} (¬11). قَوْلُهُ: "اصْطَفَى كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قرَيْش" (¬12) الطَّاءُ فِيهِ بَدَلٌ منَ التَّاءِ وَالصَّفَاءُ: ضِدُّ الْكَدَرِ مَمْدُودٌ وَصَفْوَة الشَّيْىءِ: خَالِصُهُ، وَمُحَمَّدٌ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَفْوَةُ اللهِ وَمُصْطَفَاهُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ: صَفْوَةُ مَالِى، وَصُفْوَةُ مَالِى (وَصِفْوَةُ مَالِى) (*) فَإِذَا نَزَعُوا الْهَاءَ، قَالُوا: صَفْوُ مَالِى، بِالْفَتْحِ لَا غَيْر (¬13). قَوْلُهُ: "يُسْتَرْذَلُ أَصْحَابُهَا" (¬14) الرَّذْلُ: الدُّونُ الْخَسِيسُ، وَقَدْ رَذُلَ فُلَانٌ بِالضَّمِّ يَرْذُلُ رَذَالَةً وَرُذُولَةً، فَهُوَ رَذْلٌ وَرُذَال -بِالضَّمِّ- مِنْ قَوْمٍ رُذُولٍ وَأَرْذَالٍ وَرُذَلَاءَ، عَنْ يَعْقُوبَ (¬15). قَوْلُهُ: "غَنِينَا زَمَانًا" (¬16) أَىْ: عِشْنَا (¬17) وَاكْتَفَيْنَا، يُقَالُ: غَنِىَ بِالْمَكَانِ: أَقَامَ بِهِ، وَغَنِىَ أَىْ: عَاشَ بِالتَّصَعْلُكِ، أَىْ (*): بِالْفَقْرِ، وَالصُّعْلُوكُ: الْفَقِيرُ. ¬
وَعُرْوَةُ الصَّعَالِيكِ (¬18): رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ، كَانَ يَجْمَعُ الْفُقَرَاءَ فِى حَظِيرَةٍ، وَيَرْزُقهُمْ مِمَّا يَغنَمْ. قَوْلُهُ: "فَمَا زَادَنَا بَغْيًا" الْبَغىُ: التَّعَدِّى، وَيُرْوَى "بَأُوًا" (¬19) أَىْ: كِبْرًا، وَالْبَأْوُ: الْكِبْرُ وَالْفَخْرُ، يُقَالُ: بَأَوْتُ عَلَى الْقَوْمِ أَبْأَى (¬20) بَأْوًا. قَوْلُهُ: "خْطْبَةَ الْحَاجَةِ" (¬21) الْحَاجَةُ هَا هُنَا: النِّكَاحُ. قَوْلُهُ: "كَانَ إِذَا رَفَّأَ الإِنْسَانَ" (¬22) أَىْ: دَعَا لَهُ، وَالرِّفَاءُ -بِالْمَدِّ- هُوَ: الدُّعَاءُ بِالاتِّفَاقِ وَحُسْنِ الاجْتِمَاعِ، يُقَالُ لِلْمُتَزَوجِ: بِالرَّفَاءِ وَالْبَنِينَ، وَأَصْلُهُ: مِنْ رَفْءِ الثَّوْبِ، وَهُوَ: إِصْلَاحُهُ (¬23). قَوْلُهُ: "اسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ" (¬24) هِىَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (¬25). وَقِيلَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (¬26) ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِىُّ. ¬
قَوْلُهُ: "بِلَفْظٍ مُعْجِزٍ" (¬27) يَعْنِى الْقُرْآنَ (يُعْجِزُ عَنْ أَنْ يَأَتِىَ أَحَدٌ بِمِثْلِهِ) (¬28). قَوْلُهُ تَعالَى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ} (¬29) جَمْعُ حَلِيلَةٍ، فَعِيلَةٌ مِنَ الْحَلَالِ الَّذِى هُوَ ضِدُّ الْحَرَامِ. قَوْلُهُ [: "فَتَفْتِنَهُ"] (¬30) الْفِتْنَةُ: هِىَ الإِضْلَالُ عَنْ الْحَقِّ إلَى الْبَاطِلِ. وَالْفَاتِنُ: الْمُضِلُّ عَنِ الْحَقِّ، وَفَتَنَتْهُ الْمَرْأَةُ: إِذَا دَلَّهَتْهُ (¬31). وَالْفِتْنَةُ أَيْضًا: الأبتِلَاءُ وَالاخْتبَارُ. قَوْلُهُ: "يُؤْمِنُ بِزَبُورِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ" (¬32) أَصْلُ الزَّبُورِ: الْكِتَابُ، زَبَرَ، أَىْ: كَتَبَ. قَوْلُهُ: "بَعْدَ التَّبْدِيلِ" (¬33) مَعْنَاهُ: أَنَّهُمْ جَعَلُوا بَدَلَ الْحَرَام حَلَالًا، وَبَدَلَ الْحَلَالِ حَرَامًا، وَبَدَّلُوا صِفَةَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى غَيْرِ مَا نَزَلَتْ مِنْ عِنْدِ اللهِ. قَوْلُهُ: "يَعْتَقِدْونَ أَنَّ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ مُدَبِّرَةَ" هِىَ: الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ، وَالْمُشْتَرىَ، وَزُحَلُ، وَالْمَرِّيخُ، وَالزُّهَرَةُ، وَعُطَارِدُ (¬34)، وَمُدَبِّرة، أَىْ: تُدَبِّرُ الخَلْقَ فِى مَعَاشِهِمْ وَفَقْرِهمْ وَغِنَاهُمْ، يُقَالُ: الْوَزِيرُ يُدَبِّرُ الْمُلْكَ، أَىْ: يَنْظُرُ فِى ¬
أَمْرِ مَصْلَحَتِهِ. وَالتَّدَبُّرُ: هُوَ التَّفَكّرُ فِى عَوَاقِب الْأُمُورِ، وَذَلِكَ رَأْىُ الْمُنَجِّمِين، وَكَذَبوا، إِنَّما ذَلِكَ إِلَى اللهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ: "حَقْنُ الدَّمِ" (¬34) حَقَنْتُ دَمَهُ: مَنَعْتُ أَنْ يُسْفَكَ، وَأَصلُهُ: مِنْ حَقَنْتُ الَّلبَنَ أَحقُنُهُ -بِالضَّمّ: إِذَا جَمَعْتَهُ فِى السِّقَاءِ، وَصبَبْتَ حَلِيبَهُ عَلَى رَائِبِهِ، وَاسْمُ هَذَا اللَّبَنِ: الْحَقِينُ. قَوْلُهُ تعالى (¬35): {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا} (¬36) الطَّوْلُ: الْفَضْلُ وَالْبَسْطَةُ وَالْمَقْدِرَةُ عَلَى الْمَالِ (¬37)؛ وَالطَّوْلُ أَيْضًا: الْمَنُّ، تَطَوَّلَ عَلَىَّ، أَىْ: مَنَّ (¬38). قَوْلُهُ: {وَالْمُحْصَنَاتُ} هُنَّ هَا هُنَا: الحَرَائِرُ؛ وَالْمُحْصَنَاتُ أَيْضًا: الْمُزَوَّجاتُ، وَالْمُحْصَنَاتُ: الْعَفَائِفُ، أَحْصَنَتِ الْمَرْأةُ: عَفَّتْ عَنِ الزَّنَا، وَكُلُّ امْرأَةٍ عَفِيفَةٍ: فَهِىَ مُحْصِنَةٌ، وَمُحْصَنَةٌ , وَكُلُّ امْرَأَةٍ مُزَوَّجَةٍ: مُحْصَنَةٌ، بِالْفَتْحِ لَا غَيْرٌ (¬39). وَلَعَلَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْحِصْنِ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِى (¬40) يُمْتَنَعُ فِيهِ [من] (¬41) الْعَدُوِّ، كَأَنَّهَا مَنَعَتْ نَفْسَهَا مِنَ الْبغَاءِ، وَهُوَ: الزِّنَا الَّذِى تُقْدِمُ عَلَيْهِ الْأَمَة الْفَاجِرَةُ، يُقَال: مَدِينَةٌ حَصِينَةٌ، أَىْ: مَمْنُوعَة، وَدِرْعٌ حَصيِنَةٌ: لَا يَعْمَلُ فِيهَا السِّلَاحُ. ¬
قَوْلُهُ تَعَالَى: {لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ} أَىْ: يَخَافُ الزِّنَا، وَالْعَنَتُ أيْضًا: الْمَشَقَّةُ قَالَ تَعَالَى: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ} (¬42) {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ} (¬43) كَأنَّهُ تَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ بِتَرْكِ النِّكَاحِ. وَالْعَنَتُ فِى اللَّغَةِ: الْمَشَقَّةُ الشَّدِيدَةُ، يُقَالُ: أَكَمَةٌ عَنَوتٌ: إِذَا كَانَتْ شَاقَّةً، قَالَهُ الْأَزْهَرِىُّ (¬44)، وَقَالَ الْمُبَرِّدُ (¬45): الْعَنْتُ هَا هُنَا: الْهَلَاكُ؛ لِأَنَّ الشَّهْوَةَ تَحْمِلُهُ عَلَى الزِّنَا، فَيْهْلِكُ بِالْحَدِّ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ (¬46): هُوَ الْفُجُورُ هَا هُنَا. (قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ} (¬47) لَا تَقْطَعُوا، وَتَصْرِمُوا فِعْلَهُ (¬48)، يُقَالُ: عَزَمْتُ عَلَى كَذَا عَزْمًا، وَعُزْمًا وَعَزِيمَةً وَعَزِيمًا: إِذَا أَرَدْتَ فِعْلَهُ وَقَطَعْتَ عَلَيْهِ) (¬49). قَوْلُهُ: {عُقْدَةَ النِّكَاحِ} وَعَقْدُه: هُوَ إِحْكَامُهُ وَإثْبَاتُهُ، مَأْخُوذٌ مِنْ عَقْدِ الْحَبْلِ، وَهُوَ: رَبْطُهُ {حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} الْأَجَلُ: مُدَّةُ الشَّيْىءِ الَّتِى يَنْتَهِى إِلَيْهَا،: كَأَجَلِ الدَّيْنِ، وَأجَلِ الْمَوْتِ. قَوْلُهُ: "الْمُرْتَابَةِ بِالْحَمْلِ" (¬50) هِىَ الشَّاكَّةُ، وَالرَّيْبُ وَالرَّيبَةُ: هِىَ الشَّكُ {لَا رَيْبَ فِيهِ} (¬51) لَا شَكَّ ¬
قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (¬52) كُلُّ هَذَا لَفْظ مَعْدُول عَن اثْنَتَيْنِ، وَثَلَاثٍ، وَأَرْبَعِ، مِنْهُمْ مَنْ يَقِيسُ عَليْهِ إِلَى الْعَشَرَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْنَعُ ذَلِكَ، يُقَالُ: ثُنَاءُ وَثُلَاثُ وَرُبَاعُ، وَمَثْنَى، وَمَثْلَتُ، وَمَرْبَعُ (¬53)، وَقَدْ يُغَايَرُ بَيْنَ أَلْفَاظِهَا، كَمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ. قَوْلُهُ: "وَلَا [يَجُوزُ] (¬54) نِكَاحُ الشِّغَارِ" أَصْلُهُ: مِنْ شَغَرَ الْكَلْبُ: إِذَا رَفَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عِنْدَ الْبَوْلِ؛ لِأنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا -يَشْغَرُ إِذَا نَكَحَ، وَمَعْنَاهُ: لَا تَرْفَعْ رِجْلَ ابنتِى حَتَّى (¬55) أَرْفَعَ رِجْلَ ابنتِكَ. وَقَالَ فِى الْفَائِقِ (¬56): هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: شَغَرْتُ بَنِى فُلَانٍ مِنَ الْبَلَدِ (¬57): إِذَا أَخْرَجْتَهُمْ، قَالَ (¬58): وَنَحْنُ شَغَرْنَا ابْنَىْ نِزَارٍ كِلَيْهِمَا ... وَكَلْبًا بِطَعْنٍ مُرْهِقٍ (¬59) مُتَقَارِبِ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: تَفَرَّقُوا شَغَرَ بَغَرَ؛ لِأَنَّهُمَا إذَا تَبَادَلَا (¬60) بِأُخْتَيْهِمَا فَقَدْ أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُخْتَهُ إِلَى صَاحِبِه، وَفَارَقَ بِهَا إِلَيْهِ. ¬
وَقِيلَ: سُمِّىَ [شِغَارًا] (¬61) لِخُلُوِّهِ عِنِ الْمَهْرِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: شَغَرَ الْبَلَدُ: إِذَا خَلَا عَنْ أَهْلِهِ (¬62). وَقَالَ فِى الشَّامِلِ (¬63): وَقِيلَ: سُمِّىَ شِغَارًا لقبحه، تَشبِيهًا بِرَفْعِ الْكَلْبِ رِجْلَهُ لِيَبُولَ. قَوْلُهُ: "نِكَاحُ الْمُتْعَةِ" (¬64) أَصْلُهُ: مِنَ الْمَتَاعِ، وَهُوَ: ما يُتَبَلَّغُ بِهِ إِلَى حِينٍ، وَالتَّمَتُّعُ أَيْضًا: الانْتِفَاعُ بِالشَّيْىءِ، كَأَنَّهُ يَنْتَفِعُ صَاحِبُهُ وَيَتَبَلَّغُ بِنِكَاحِهَما إِلَى الْوَقْتِ الَّذِى وَقَّتَهُ. قَوْلُهُ: "إِنَّكَ امْرُؤٌ تَائِةٌ" (¬65) أَىْ: مُتَحَيِّرٌ "عَنْ الْحَقِّ، يُقَالُ: تَاهَتِ السَّفِينَةُ عَنْ بَلَدِ كَذَا، أَىْ: تَحَيَّرَتْ عَنِ الْمَقْصِدِ فَلْم تَهْتَدِ لَهُ. وَيُقَالُ: تَاهَ فِى الأَرْضِ. إِذَا ذَهَبَ مُتَحَيِّرًا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ} (¬66) وَيُقَالُ أَيْضًا: تَاهَ يَتِيهُ: إِذَا تَكَبَّرَ. قَوْلُهُ: "الْحُمرِ الْأَنَسِيَّةِ" (¬67) بِفَتْحِ النُّونِ: ضِدُّ الْوَحْشِيَّةِ، مَنْسُوبَةٌ إِلَى الْأَنَسِ -بِالتَّحْرِيكِ، وَهُمُ: الْحَىُّ الْمُقِيمُونَ، وَالْأَنَسُ أَيْضًا: لُغَةٌ فِى الإِنْسِ. قَوْلُهُ: "الْوَاصِلَةَ وَالْمَوْصُولَةَ" (¬68) هِىَ الْمَرْأَة (*) الَّتِى تَصِلُ شَعَرَهَا بِشَعَرٍ آخَرَ قَوْلُهُ: "وَالْوَاشِمَةَ وَالْمَوْشُومَةَ" الْوَشْمُ (*): أَنْ تَغْرِزَ إِبْرَةً فِى شَيْىءٍ مِنَ الْبَدَنِ فِى ¬
الْيَدِ أَوْ فِى الْوَجْهِ (¬69)، ثُمَّ تَذُرَّ عَلَيْهِ النَّؤُورَ، فَيَنْدَمِلَ، وَقَدَ صَارَ مَوْسُومًا (¬70) أَسْوَدَ. قَوْلْهُ: "فَأَرَدْتُ أَنْ أَحْتَسِبَ نَفْسِى وَمَالِى" (¬71) أَىْ: أَطْلُبَ بِهِ أَجْرًا عِنْدَ اللهِ، وَالاسْمُ: الحِسْبَةُ بِالْكَسْرِ، وَهِىَ: الْأَجْرُ، وَالْجَمْعُ: الحِسَبُ. قَوْلُهُ: "ثُمَّ أَبْنِى بِهَا" أَىْ: أَطَؤُهَا، وَأَصْلُهُ: أَنْ مَنْ تَزَوَّجَ بَنَى بَيْتًا فِى الْعَادَةِ، فَكُنِّىَ عَنِ الْوَطْءِ بِالْبِنَاءِ، وَيُقَالُ: بَنَى الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ: إِذَا وَطِئَهَا (¬72). قَوْلُهُ: "التَّعْرِيضُ بِخِطبَةِ الْمُعْتَدَّةِ" (¬73) هُوَ ضِدُّ التَّصْرِيحِ، وَهُوَ: التَّوْرِيَةُ بِالشَّيْىءِ، يُقَالُ: عَرَّضْتُ لِفُلَانٍ وَبِفُلَانٍ: إِذَا قُلْتُ قَوْلًا وَأَنْتَ تَعْنِيهِ، وَأَصْلُهُ: مِنْ عُرْضِ الشَّيْىءِ، وَهُوَ جَانِبُهُ، يُقَالُ: اضْرِبْ بِهِ عُرْضَ الْحَائِطِ كَأَنَّهُ يَحُومُ حَوْلَهُ وَلَا يُظْهِرُهُ. قَوْلُهُ: "دَنَاءَةٌ وَسُخْفٌ" (¬74) الدَّنَاءَةُ: فِعْلُ الشَّيْىءِ الدَّنِيىءِ، وَهُوَ: الْخَسِيسُ الَّذِى يُلَامُ عَلَى فِعْلِهِ، يُقَالُ: دَنَأَ الرَّجُلُ يَدْنَأَ [دَنَاءَةً] (¬75) أَىْ: سَفُلَ (¬76) فِى فِعْلِهِ، وَالسُّخْفُ بِالضَّمِّ: رِقَّةُ الْعَقْلِ، وَقَدْ سَخُفَ الرَّجُلُ بِالضَّمِّ سَخَافَةً، فَهُوَ سَخِيفٌ. ¬
قَوْلُهُ: "لَا يَضَعُ الْعَصا عَنْ عاتِقِهِ" (¬77) الْعَاتِقُ: مَوْضِعُ الرِّدَاءِ مِنَ الْمَنْكِبِ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ , وَمَعْنَاهُ: أَنَّ غَالِبَ أحْوَالِهِ حَمْلُ الْعَصَا، فَإِنَّهُ قَدْ يَنَامُ فَيَضَعَهَا , وَيُصَلِّى فَيَضَعَهَا (¬78). قوْلُهُ: "فَصُعْلُوكٌ لا مَالَ لَهُ" قَدْ ذُكِرَ الصُّعْلُوكُ، وَأَنَّهُ الْفَقِير (¬79). قَوْلُهُ: "قَرْنَاءَ أَوْ رَتْقَاءَ" (¬80) مُفَسَّرٌ فِى الْكِتَابِ، وَأَصْلُ الرَّتْقِ: ضِدُّ (*) الْفَتْقِ، وَارْتَتَقَ، أَىِ: الْتَأَمَ، وَمنْهُ قَوْلُهُ تَعَالى: {كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} (¬81) والرَّتَقُ بِالتَّحْرِيكِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ: امْرَأَةٌ [رَتْقَاءُ] (¬82) بَيِّنَةُ الرَّتَقِ: لَا يُسْتَطَاعُ جِمَاعُهَا؛ لِارْيتاق ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (¬83) مِنْهَا. وَالْقَرْنُ -بِسُكُونِ الرَّاءِ: الْعَفَلَةُ الصَّغِيرَةُ فِى الْفَرْجِ، وَفِى الْحَدِيثِ: "اخْتُصِمَ إلى (¬84) شُرَيْحِ فى جَارِيَةٍ [بها] (¬85) قَرْنٌ , فَقَالَ: أَقْعِدُوهَا، فَإِنْ أَصَابَ الأَرْضَ فَهْوَ عَيْبٌ وَإِنْ لَمْ يُصِبِ الْأَرْضَ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ" (90). وَالْعَفَلُ وَالْعَفَلَةُ- بِالتَّحْرِيكِ فِيهِمَا: شَيْىءٌ يَخْرُجُ مِنْ قُبُلِ النِّسَاءِ، وَحَيَاءِ النَّاقَةِ شبِيهٌ بِالْأُدْرَةِ الَّتِى لِلرِّجَالِ، وَالْمَرْأةُ عَفْلَاءُ. ¬
قَوْلُهُ: "فَرَأَى بِكَشْحِهَا بَيَاضًا" (¬91) الْكَشْحُ: الْجَنْبُ، وَهُوَ: مَا بَيْنَ الْخَاصِرَةِ إلَى الضِّلَعِ الْخَلْفِ (¬92). قَوْلُهُ: "لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُ" (¬93) أَىْ: تَكْرَهُ، عَافَ الطَّعَامَ أَو (¬94) الشَّرَابَ يَعَافُهُ: إِذَا كَرِهَهُ فَلَمْ نَشْرَبْهُ. قَوْلُهُ: " [عِنِّينٌ" (¬95)] الْعِنّينُ [هُوَ] (¬96) الَّذِى لَا يَشْتَهِى النِّسَاءَ، يُقَالُ: رَجُلٌ عِنِّينٌ بَيِّنُ الْعِنِّينَةِ (¬97)، وَامْرَأَةٌ عِنِّينَةٌ: لَا تَشْتَهِى الرِّجَالَ، وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، مِثْلُ: خِرِّيجٍ، وَالاسْمُ مِنْهُ: الْعُنَّةُ، وَعُنِّنَ (¬98) الرَّجُلُ مِن امْرَأَتهِ: إِذَا حَكَمَ عَلَيْهِ الْقَاضِى بِذَلِكَ، أَوْ مُنِعَ عَنْهَا بِالسِّحْرِ، مُشْتَقٌّ مِنْ عَنَّ الشَّيْىءُ: إِذَا اعْتَرَضَ، كَأَنَّهُ يَعْتَرِضُ عَنْ يَمِينِ الْفَرْجِ وَيَسَارِهِ وَلَا يُصِيبُهُ. وَقِيلَ: مُشْتَقٌّ مِنَ الْعِنَانِ، شُبِّهَ بِهِ فِى لِيِنِه وَرَخَاوَتِهِ. وَالْمَجْبُوبُ: هُوَ الْمَقْطُوعُ الذَّكَرِ وَالأُنْثَيَيْنِ، وَالْجَبُّ: الْقَطْعُ، وَمِنْهُ: "الإسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ" (¬99). وَالْخَصِىُّ: مَقْطُوعُ الْبَيْضتَيْنِ مَعَ بَقَاءِ الذَّكَرِ. وَالْمَسْلُول: مُنْزَوعُ الْبَيْضتَيْنِ، مِنْ سَلَّ الشَّيْىَء: إِذَا اسْتَخْرَجَهُ بِرِفْق. ¬
قَوْلُهُ: "الْفُصُولُ الْأَربَعَةُ" (¬100) هِىَ الشِّتَاءُ، وَالرَّبِيعُ، وَالصَّيْفُ، وَالْخَرِيفُ. سُمِّيَتْ بِذَلِكَ، لِانْفِصَالِ كُلِّ وَاحِدٍ [مِنْهَا] (¬101) عَنْ صَاحِبِهِ، وَالْفَصْلُ: الْقَطعُ مِنَ الْمَفْصِلِ، فَصَلْت الشَّيْىءَ [فَانْفَصَلَ] (¬102) أَىْ: قَطَعْتُهُ فَانْقَطَعَ. قَوْلُهُ: "الْأَهْوَيةُ" (*) جَمْعُ هَوَاءٍ، وَهُوَ: الْحَرُّ، وَالْبَرْدُ، وَالاعْتِدَالُ. وَالْحَشَفَةُ (¬103): ما فوق الختان. قَوْلُهُ: "فَخَرَجَ عَجَمِيًّا" (¬104) الْفَرْقُ بَيْنَ العجَمِىِّ وَالْأَعْجَمِىِّ، وَالْعَرَبِىِّ وَالْأَعْرَابِى: أَنَّ الْعَجَمِىَّ: هُوَ الَّذِى أَبْوة وأمُّهُ عجَمِيَّان، وَالْأَعْجَمِىُّ: الَّذِى وُلِدَ بِبِلَادِ الْعَجَمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنهُمْ. وَالْعَرَبِىُّ: الَّذِى يُنْسَبُ إِلَى الْعَرَبِ، والْأَعْرابِىُّ: الَّذِى يَسْكُنُ الْبَادِيَةَ مِنَ الْعَرَبِ (¬105). قَوْلُهُ: "اعْتَدَّتْ بِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ" (¬106) أَىْ: أَبْعَدِهِمَا، وَالْقَصَا: الْبُعْدُ. قَوْلُهُ (¬107): "حَرُمَتْ عَلَى التَّأْبِيدِ" قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْأَبَدَ: الدَّهْرُ، وَهُوَ تَفْعِيلٌ مِنْهُ، تَأَبَّدَ الشَّيْىءُ: إِذَا بَقِىَ عَلَى مَرِّ الْأَبَدِ، أَىِ الدَّهْرِ. ¬
قَوْلُهُ: "سَدُّ ثُلْمَةٍ" (¬108) الثُّلْمَةُ: الْخَلَلُ فِى الْحَائِطِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ ثَلَمْتُهُ أَثلِمُهُ - بِالْكَسْرِ. يُقَالُ: فِى السَّيْفِ ثَلْمٌ، وَفِى الِإنَاءِ: ثَلْمٌ: إِذَا انْكَسَرَ مِنْ شَفَتِهِ شَيْىءٌ، وَمِثْلُهُ حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ: "أَنَّهُ كَانَ" (¬110) يَكْرَهُ الشُّرْبَ مِنْ ثُلْمَةِ الإِنَاءِ وَمِنْ عُرْوَتِهِ" (¬111) يُقَالُ: إِنَّهَا كِفْلُ الشَّيْطَانِ، أَىْ: مَرْكَبُهُ. قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَخَلَّفَتِ الْحُرَّةُ" (¬112) تَخَلَّفَ ضِدُّ تَقَدَّمَ، وَهُوَ مِنَ الْخَلْفِ نَقِيض الْقُدَّامِ. (قَوْلُهُ: "بَانَتْ" (¬113) افْتَرَقَتْ، وَأَصْلُهُ الْبُعْدُ، وَاْلبَيْنُونَةُ: الْبُعْدُ، مَصْدَرٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاس) (¬114). ¬
ومن كتاب الصداق
وَمِنْ كِتَابِ الصَّدَاقِ يُقَالُ: الصَّدَاقُ وَالصِّدَاقُ، بِالفَتحِ وَالْكَسْرِ، وَيُقَالُ أَيْضًا: الصَّدُقَةُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ} (¬1) وَالصُّدْقَةُ مِثْلُهُ- بِالضَّمِّ وَتَسْكِينَ الدَّالِ (¬2). قَوْلُهُ: "مِلُءُ مَسْكِ ثَوْرٍ ذَهَبًا" (¬3) الْمَسْكُ- بِفَتْحِ الْمِيمِ: الجِلْدُ، وَجَمْعُهُ: مُسُوكٌ. قَوْلُهُ: " [وَدَعَا] (¬4) إلَى الْمَقْتِ" وَالْمَقتُ: أَشَدُّ الْبُغْضِ،. مَقَتَهُ مَقتًا: إذَا أَبْغَضَهُ. النَّشُّ: عِشْرُونَ دِرْهَمًا، نِصْفُ أُوقِيَّةٍ، كَمَا ذَكَرَ (¬5)، وَهُوَ عَرَبِىٌّ؛ لِأنَّهُمْ يُسَمُّونَ الأرْبَعِينَ دِرْهَمًا: أُوقِيَّةً، وَيُسَمُّونَ الْعِشْرِينَ: نَشًّا، وَيُسَمُّونَ الْخَمْسَةَ: نَوَاةً. قَوْلُهُ [تَعَالَى]: {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} (¬6) كَانَ الصَّدَاقُ فِى شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا لِلْأَوْلِياَءِ. ¬
قَوْلُهُ: "لَا يُؤْمَنُ الافْتِتَانُ بِهَا" (¬7) يُقَالُ: فَتَنَتْهُ الْمَرأَةُ: إِذَا دَلَّهَتْهُ، وَأَفتَنَتْه أَيْضًا، وَأنْشَدَ أَبُو عُبَيْدَةَ (¬8) لِأَعْشَى هَمْدَانَ (¬9): لَئِنْ فَتَنَتْنِى لَهِىَ بِالْأمْسِ أَفْتَنَتْ ... سَعِيدًا فَأمْسَى قَدْ قَلَا كُلَّ مُسْلِمِ وَأنْكَرَ الْأصْمَعِىُّ [أفْتَنَتْهُ] (¬10). (قَوْلُهُ: "إِيَّاكُمْ وَخَضْرَاءَ الدِّمَنِ" (¬11) هِىَ: الْمَرأةُ الْحَسْنَاءُ فِى مَنْبِتِ السَّوْءِ، شُبِّهَتْ بِالْبَقْلَةِ تَنْبُتُ حَسَنَةً فِى الدِّمَنِ، وَهُوَ: الْبَعَرُ، وَالدِّمَنُ: جَمْعُ دِمْنَةٍ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِى يَكْثُرُ فِيهِ الدِّمَنُ) (¬12). قَوْلُهُ: "الْمُفَوِّضَةُ" (¬13) هِىَ الْمَرأةُ تُنْكَحُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ، مِنْ قَوْلِهِمْ: فَوَّضْتُ الْأمْرَ إِلى فُلَانٍ، أَىْ: رَدَدْتُهُ. كَأَنَّهَا رَدَّتِ الأَمْرَ إِلَى الزَّوْجِ، وَفَوَّضَتْهُ إليْهِ. وَالتَّفْوِيضُ: أَنْ تُفَوِّضَ الْمَرأةُ أَمْرَهَا إِلَى الزَّوْجِ، فَلَا تُقَدِّرُ مَعَهُ مَهْرًا. وَقِيلَ: [وَمَعْنى] (14) التَّفْوِيضِ: [الإِهْمَالُ] (¬14) كَأنَّهَا أَهْمَلَتْ أَمْرَ الْمَهْرِ، فَلَمْ تُسَمِّهْ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ (¬15): لَا يَصْلُحُ النَّاسُ فَوْضَى لَا سَرَاةَ لَهُمْ ... وَلَا سَرَاةَ إِذَا جُهَّالُهُمْ سَادُوا ¬
ومن باب المتعة والوليمة
وَيُقَالُ لِلْمَرأَةِ (¬16): مُفَوِّضَةٌ، بِالْكَسْرِ، لِتَفْوِيضِهَا؛ لأنَّهَا أَذنَتْ فِيهِ (¬17)، وَبِالْفَتْحِ؛ لِأنَّ وَلَيَّهَا فَوَّضَهَا بِعَقْدِه. قَوْلُهُ: "مَهْرِ الْبَغِىِّ وَحلْوَانِ الْكَاهِنِ" (¬18) الْبَغِىُّ: الزَّانِيَةُ، وَالْبِغَاءُ: الزِّنَى. وَحُلوَانُ الْكَاهِنِ: أَجْرَتُهُ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬19). وَالْكَاهِنُ: الْعَالِمُ بِالعِبْرَانِيَّةِ. وَمِن بَابِ الْمُتْعَةِ وَالْوَلِيمَةِ الْمُتْعَةُ: هِىَ الشَّيْىءُ الَّذِى يُتَبَلَّغُ بِهِ، وَيُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى تَرائِحِ الْحَالِ فِى الدُّنْيَا. ذَكَرَ فِى الصَّحاحِ "بِرَوْعَ بِنْتَ وَاشِقٍ" (*) أَهْلُ الْحَدِيِثِ يَرْوُونَهُ بِكَسْرِ الْبَاءِ، وَالصَّوَابُ، الْفَتْحُ؛ لِأنَّهُ لَيْسَ فِى كَلَامِ الْعَرَبِ فِعْوَلٌ إلا خِروَعٌ وَعِتْوَدٌ (¬20). قَوْلُهُ: "وَإِنْ فَرَضَ لَهَا [اْلمَهْرَ"]، (¬21) أَىْ: أَوْجَبَهُ، وَالْفَرْضُ: الْوَاجِبُ، وَأَصْلُهُ: الْحَزُّ: وَالْقَطْعُ. قَوْلُهُ: "الابْتِذَالِ" (¬22) الابْتِذَالُ: هُوَ الامْتِهَانُ وَالانْتِفَاعُ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْبِذْلَةِ وَالمِبْذَلَةِ، وَهُوَ، مَا يُبْتَذَلُ وَيُمْتَهَنُ مِنَ الثِّيَاب، يُقَالُ: جَاءَنا فُلَانٌ فِى مَبَاذِلِهِ، أَىْ: ثِيَابِ بِذْلَتِهِ (¬23). ¬
قَوْلُهُ: "خَادِمًا أَوْ مِقْنَعَةً" (¬24) الْخَادِمُ:- وَاحِدُ الْخَدَمِ (¬25) غُلَامًا كَانَ أَوْ جَارِيَةً، وَهُوَ فَاعِلٌ مِنَ الخِدمَةِ. وَالمِقنَعَةُ: مَا يُغطَّى بِهِ الرَّأْسُ. والْفَارِسُ الْمُقَنَّعُ: الَّذِى غَطَّى رَأْسَهُ بِالحَدِيدِ. قَوْلُهُ تعالى: {وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} (¬26) الْمُقْتِرُ: الْفَقِيرُ، وَأَصْلُهُ: التَّضْيِيقُ فِى النَّفَقَةِ (¬27). قَوْلُهُ: "الْوَلِيمَة" (¬28) مُشْتَقَّةٌ مِنْ وَلْمِ الزَّوْجَيْنِ، وَهُوَ اجْتَماعُهُمَا، وَالْوَلْمُ: الجَمْعُ، وَمِنْهُ سُمِّىَ الْقَيْدُ (¬29) الْوَلْمُ؛ لِأَنَّه يَجْمَعُ الرِّجْلَيْنِ. ذَكَرَهُ فِى الْبَيَانِ. وَقَالَ الزَّمَخشَرِىُّ (¬30): الْوَلِيمَةُ مِنَ الْوَلِمْ، وَهُوَ خَيْطٌ يُرْبَطُ [بِهِ] (¬31)؛ لِأنَّهَا تعقد (¬32) [عِنْدَ] (31) المُوَاصَلَةِ. وَالْوَلِيمَةُ: تَقَعُ عَلَى كُل طَعَامٍ يُتَّخذُ عِنْدَ حَادِثِ سُرُورٍ، إلَّا أنَّ اسْتِعْمَالَهَا فِى الْعُرْسِ أشْهَرُ. وَأَمَّا الْخُرْسُ، فيقَالُ بِالسِّينِ وَالصَّادَ، وَهُوَ: طَعَامُ الْوِلَادَةِ. وَالخُرْسَةُ: مَا تُطْعَمُهُ النُّفَسَاءُ، قَالَ فِى الْفَائِقِ (¬33): وَكَأئهُ سُمِّىَ خُرْسًا؛ لِأنَّهَا تُصْنَعُ عِنْدَ وَضْعِ وَانْقِطَاعِ صَرْخَتِهَا (¬34)، وَفِى أَمْثَالِهِمْ: تخَرسِى لَا مُخرِّسَةَ لَكِ (¬35). ¬
أَىِ: اصْنَعِى ذَلِكَ (¬36) فَإنَّهُ لَا صَانِعَ لَكِ. وَيُقَالُ: التَّمرُ: خُرْسَةُ "مَرْيَمَ" عَلَيْهَا السَّلَامُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} (¬37). والِإعذار: مِنْ عَذَرَ (¬38) الْغُلَامَ: إِذَا خَتَنَهُ، قَالَ أبُو عُبَيْدٍ: عَذَرَ الْجَارِيَةَ وَالْغُلامَ يَعْذِرُهُمَا عَذْرًا: إِذَا خَتَنَهُمَا. وَالنَّقِيعَةُ: مَأْخُوذَةٌ مِنَ النَّقْعِ، وَهُوَ النَّحْرُ، يُقَالُ: نَقَعَ الْجَزُورَ: إِذَا نَحَرَهَا، وَنَقَعَ جَيْبَهَ: شَقَّهُ قَالَ الْمَرَّارُ (¬39): نَقَعْنَ جُيُوبَهُنَّ عَلَىَّ حَيًّا ... وَأَعْدَدْنَ الْمَرَاثِىَ وَالْعَوِيلَا وَقَالَ أَبُو زَيدٍ: الَّنِقيعَةُ: طَعَامُ الإِمْلَاكِ، وَالإمْلَاكُ: التِّزْوِيجُ. وَفِى حَدِيثِ تَزْوِيح (*) خَدِيَجةَ بِالنَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو خَدِيجَةَ، وَقَدْ ذَبَحُوا بَقَرَةً عِنْدَ ذَلِكَ: مَا هَذِهِ النَّقِيعَةُ؟ وَقَدْ جَمَعَ الشَّاعِرُ هَذِهِ الأَطْعِمَةَ الْمَذْكُورَةَ فِى الْكِتَابِ (¬40)، حَيْثُ قَالَ (¬41): كُلَّ الطِّعَام تَشْتَهِى رَبيعَهْ ... الْخُرْسَ والإعذار وَالنَّقِيعَهْ وَ "النَّثْرُ" (¬42) مَا يُنْثَرُ عَلَى رَأسِ الْعَروسِ، مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرِهَا. ¬
"دَنَاءَةٌ وَسُخْفٌ" قَدْ ذُكِرَا (¬43). قَوْلُهُ: "فَحَصَبَ الرَّسُولَ" (¬44) أَىْ (رَمَاهُ بِالْحَصْبَاءِ، وَهِىَ: صِغارُ الْحِجَارَةِ وَالْحَصَى) (¬45) حَصَبْتُهُ أَحْصِبُهُ بالْكسْرِ. قَوْلُهُ: "مَوْضِع فِيهِ دُفٌّ" (¬46) الدُّفُ: الذَّىِ يُضْرَبُ، يُفْتَحُ وَيُضَمُّ، وَأَمَّا الدَّفُّ: اَلْجَنْبُ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ. قَوْلُهُ: "فَسَمِعَ زَمَّارَةَ رَاعٍ" (¬47) الزَّمْرُ: مَعْرُوف، يُقَالُ: زَمَرَ يَزْمُرُ وَيَزْمِرُ، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ، وَأَصْلُهُ: مِنَ الزِّمَارِ (¬48)، بْاِلكَسْرِ، وَهُوَ: صَوْتُ النَّعَام، وَقَدْ زَمَرَ النَّعَامُ يَزْمِرُ بِاْلكَسْرِ. قَوْلُهُ: ["ثُمَّ (¬49) عَدَلَ] عَنِ الطرَّيقِ" (¬50) أَىْ: مَالَ عَنْهَا، وَلَعَلَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ، لِئَلَّا يَسْتَضِرَّ الْمَارَّةُ بِوُقُوفِهِ، وَإنَّمَا وَقَفَ؛ لِأَّنهُ يَعْسُرُ عَلَيْهِ الْمَشْىُ وَالاجْتِيَازُ مَعَ قَبْضِ يَدَيْهِ، وَالرَّاكِبُ أَشَدُّ ضَرَرًا. قَوْلُهُ: "قِرَامُ سِتْرٍ" هُوَ سِتْرٌ فِيهِ رَقْمٌ، قَالَ لَبِيدٌ: مِنْ كُلِّ مَحْفُوفٍ يُظُّل عِصِيَّهُ ... زَوْجٌ عَلَيْهِ كِلَّةٌ وَقِرَامُهَا (¬51) ¬
قَوْلُهُ: "تَمَاثِيِلُ" جَمْعُ تِمْثَالٍ، وَهُوَ تِفْعَالٌ مِنَ الْمُمَاثَلَةِ، وَهِىَ: الْمُشابَهَةُ، كَالصُّور الْمُشَبَّهَةِ بِالْحَيوانِ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: "مَنْبُوذَتَانِ" أَىْ: مَرْمِيتَّاَنِ، وَالنَّبْذُ: الرَّمْىُ، أَىْ: غَيْرُ مُعَظَّمَتَيْنِ. قَوْلُهُ: "وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ" (¬52) أَىْ: فَلْيَدْعُ وَالصَّلَاةُ هَا هُنَا: الدُّعَاءُ لِأرْبَابِ الطَّعَام بِالْمَغفِرَةِ وَالْبَرَكَةِ. قَوْلُهُ: "وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَة" (¬53) أَىْ: اسْتَغفَرَتْ لَكُمْ. وَالصَّلَاةُ مِنَ اللهِ: الرَّحْمَةُ، وَمِنَ الْمَلَائِكَةِ: الاسْتِغْفَارُ، وَمِنَ النَّاسِ: الدُّعَاءُ. ¬
ومن باب عشرة النساء والقسم
وَمِنْ بَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَالقَسْمِ الْقَسْمُ هَا هُنَا: بِفَتْحِ الْقَافِ؛ لِأَّنَّهُ (¬1) أرَادَ الْمَصْدَرَ، وَلَمْ يُرِدِ الاسْمَ الَّذِى هُوَ بِاْلكَسْرِ. قَوْلُهُ: "نِضْوَةَ (¬2) الْخَلْقِ" النِّضْوُ: الْمَهْزُولُ مِنَ الإِبِلِ، وَنَاقَةٌ نِضْوَةٌ، أَىْ: مَهْزَولَةٌ. "لِأنَّ النَّفْسَ تَعَافُ مِنْ وَطْءِ الْجُنُبِ" قد ذكر (¬3). قَوْلُهُ: "الاسْتِحدْادِ" (¬4) هُوَ حَلْقُ الْعَانَةِ، اسْتِفْعَالٌ مِنَ الحَدِيد. قَؤلُهُ: "وَيُغرِيهَا بِالْعُقُوقِ" (¬5) أَغْرَاهُ بِالشَّىْءِ: إِذَا أَلزَمَهُ إيَّاهُ، وَأَصْلُهُ: مِنَ الإِلْصَاقِ بِالْغِرَاءِ. وَ "الْمُعَاشَرَةُ" هِىَ الْمُخَالَطَةُ وَالْمُصَاحَبَةُ، وَالْعَشِيرُ: الْمُخالِطُ. قَوْلُهُ [تَعَالَى]: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (¬6) هُوَ: مَا يُوجِبُهُ الشَّرْع، وَيَقْتَضنِيهُ الدِّينُ، وَيَتَعَارَفُهُ الناسُ. ¬
قَوْلُهُ: "مِنْ غَيْرِ مَطْلٍ" هُوَ: تَأْخِيرُ الْحَقِّ، وَالْمُغَالَطَة [بِهِ] (¬7) وَأَصْلُهُ: الْمَدُّ، مِنْ مَطَلَ الْجَدِيدةَ: إِذَا مَدَّهَا. قَوْلُهُ: "فَلَيْسَ مِنِّى" (¬8) أَىْ: لَيْسَ مِمَّنْ يَتَخَلَّقُ بِخُلُقِى وَيَعْمَلُ بِعَمَلِى. قَوْلُهُ: "الْوأْدُ الخَفِىُّ" (¬9) هُوَ: الْقَتْلُ، وَالْمَوْءُودَةُ: الْمَدْفُونَةُ حَيَّةً، وَكَانَ ذَلِكَ فِعْلَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَالَّذِى يَعْزِلُ يَكْرَهُ الْوَلَدَ، فَشُبِّهَ بِهِ. قَوْلُهُ [تَعَالَى]: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} (¬10) أَيْ: يُغَطِّى وَيَسترُ، كَمَا يُغَطِّى اللِّبَاسُ وَيَسْتُرُ. قَوْلُهُ: "بَيْنَ سَحْرِى وَنَحْرِى" (¬11) السَّحْرُ: الرِّئَةُ، وَأَرَادَتْ أَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ مُتَكِىءٌ عَلَيْهَا، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَوْلُهُ: "زُفَّتَا إِلَيْهِ" (¬12) الزِّفَافُ: سَيْرُ الْعَرُوسِ إِلَى زَوْجِهَا، زَفَفْتُ الْعَرُوسَ أَزُفُّ -بِالضَّمِّ- زَفًّا وَزِفَافًا، وَأَزْفَفْتُهَا، وَازْدَفَفْتُهَا. قَوْلُهُ: "لِبَعْضِ ضَرَائِرِهَا" (¬13) جَمْعُ ضَرَّةٍ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ، لِمُخَالَفَتِهَا صاحِبَتَها، وَالْمُضَارَّةُ: الْمُخَالَفَةُ (*)، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "لَا تَضَارُّونَ فِى رُؤيَتهِ" (¬14) أَى: لا تَخَالَفُونَ. وَقِيلَ: لِأنَّ صَاحِبَتَهَا تَسْتَضِرُّ بِهَا وَتُؤْذِيهَا. ¬
(قَوْلُهُ: "فَإنَّهُنَّ عَوَانٍ" (¬15) أَىْ: أُسَرَاءُ، وَالْعَانِى: الْأَسِيرُ، وَأَصْلُهُ. الْخُضُوعُ وَالذُّلَّ، قَالَ الله تَعَالَى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ} (¬16) أَىْ: خَضَعَتْ وَذَلَّتْ) (¬17). ¬
ومن باب النشوز
وَمِنْ بَابِ النُّشُوزِ أَصْلُ النُّشُوز: الارْتِفَاعُ، وَالنَّشْزُ: الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ. وَقوْلُهُ تَعَالَى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} (¬1) أَىْ: عِصْيَانَهُنَّ، وَتَعَالِيَهُنَّ عَمَّا أَوْجَبَ اللهُ (¬2). فَكَأَنَّهَا تَرْتَفِعُ عَنْ طَاعَةِ الزَّوْجِ، وَلَا تَتَوَاضَعُ لَهُ. قَوْلُهُ: "تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْجَرائِر وَالأَجْرام" (¬3) الْجُرْمُ: الذَّنْبُ، وَجَمْعُهُ: أَجْرَامٌ، وَالْجَرِيمَةُ: مِثْلُهُ، يُقَالُ: جَرَمَ وَأَجْرَمَ وَاجْتَرَمَ: بِمَعْنًى. وَالْجَرَائِرُ: الْجِنَايَاتَ، وَاجْدتُها: جَرِيرَةٌ، يُقَالُ: جَرَّ عَلَيْهِمْ (¬4) جَرِيرَةً، أَىْ: جِنَايَةً. قَوْلُهُ: "ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّح" (¬5) أَىْ: غَيْرَ شَاقٍّ، وَلَا مُؤْذٍ، يُقَالُ: بَرَّحَ بِهِ الشَّوْقُ، أَىْ: شَدَّ (¬6) عَلَيْهِ وَجَهَدَهُ. وَالْبُرَحَاءُ: شِدَّةُ الشَّوْقِ (¬7). قَالَ أَصْحَابُنَا الْفُقَهَاءُ: هُوَ ضَرْبٌ غَيْرُ مُدْمِن وَلَا مُدْمٍ، والْمُدْمِنُ: الدَّائِمُ، وَالْمُدْمِى: الَّذِى يَخْرُج مِنْهُ الدَّمُ. ¬
قَوْلُهُ: "دُونَ الِإتْلَافِ وَالتَّشْوِيهِ" هُوَ الْقُبْحُ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ (¬8): "شَاهَتِ الْوُجُوهُ" [أَىْ:] (¬9) قَبُحَتْ، يُقَالُ: شَاهَتْ تَشُوهُ شَوْهًا، وَشَوَّهَهُ اللهُ، فَهُوَ مُشَوَّهٌ. وَفَرَسٌ شَوْهَاءُ: صِفَةٌ مَحْمُودَةٌ فِيهَا، وَيُقَالُ: يُرَادُ: سَعَةَ أَشْدَاقِهَا. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} (¬10) أَرَادَ بالشِّقَاق: الْعَدَاوَةَ وَالْخِلَافَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} (¬11) أَىْ: عَدَاوَةٍ وَخِلَافٍ (¬12). والشِّقَاقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ: مُخَالَفَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، مَأْخُوذٌ مِنَ الشِّقِّ، وَهُوَ: النَّاحِيةُ، فَكَأنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ صَارَ فِى نَاحِيَةٍ وَشِقٍّ غَيْرِ شِقِّ صَاحِبِهِ. وَ "الْحَكَمُ" هَا هُنَا (¬13): هُوَ الْقَيِّمُ بمَا يُسْنَدُ إلَيْهِ، عَنِ الْهَرَوِىِّ (¬14). ¬
ومن كتاب الخلع
وَمِنْ كِتَابِ الْخُلْعِ أَصْلُ الْخُلْعِ: مِنْ خَلْعِ الْقَمِيصِ عَنِ الْبَدَنِ، وَهُوَ: نَزْعُهُ عَنْهُ وإزَالَتُهُ؛ لأنَّهُ يُزِيلُ النِّكَاحَ بَعْدَ لُزُومِهِ. وَكَذا الْمَرأَةُ لِباس لِلرَّجُلِ، وَهُوَ لِبَاسٌ لَهَا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} (¬1) فَإذَا تَخَالَعَا: فَقَدْ نَزَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنهُمَا لِبَاسَهُ (¬2). قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} (¬3) أَىْ: أَكْلًا هَنِيئًا بِطِيبِ الْأَنْفُسِ وَنَشَاطِ الْقَلْبِ، يُقَالُ: هَنَأَنِي الطَّعَامُ وَمَرأَنِي (¬4)، فَإِذَا لَمْ تَذْكُرْ هَنَأنِى قُلْتَ: أَمْرأَنِي -بِالْهَمْزِ (¬5) - أَىِ: انْهَضَمَ. وَقَدْ هَنِئْتُ (¬6) الطَّعَامَ أَهْنَؤُه هَنْأَ. وَقِيلَ: {هَنِيئًا} لَا إثْمَ فِيهِ، وَ {مَرِيئًا} (¬7) لَا دَاءَ فِيهِ. وَقِيلَ: الْمَرِىءُ: الَّذِى تَصْلُحُ عَلَيْهِ الأَجْسَامُ وَتَنْمِى. ¬
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} (7) [أى] (¬8): تُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ، يُقَالُ: عَضَلَهُ: إِذَا ضَيَّقَ عَلَيْهِ، وَعَضَلَ الْمَرْأة: إذَا مَنَعَهَا مِنَ (¬9) التَّزْوِيح (¬10). قَوْلُهُ: "وَعَلَى التَّرَاخِى" (¬11) أَىْ: التَّوَسُّعِ مِنْ غَيْرِ تضْييقٍ، مِنْ قَوْلِهِمْ: فُلانٌ رَخِىُّ الْبَالَ، أَىْ: وَاسِعُ الْحَالَ. [قْوْلُهُ:] "الرَّجْعَةَ" (¬12) مَأْخُوذٌ مِنَ الرجُوعِ إِلَى الشَّيْىءِ بَعْدِ تَرْكِهِ، مُسْتَعْمَل مَعْرُوفٌ. (قَدْ ذَكَرْنَا "الْمُحَابَاةَ" وَالْبُضْعَ") (¬13). قَوْلُهُ: "عَلَى أَنْ تكْفُلَ وَلَدَهُ" (¬14) أَىْ: تُرِّبيهِ وَتَحْضُنُهُ، وَقَذْ ذُكِرَ أيْضًا. قَوْلُهُ: "خُلْعًا مُنَجَّزًا" (¬15) أَىْ: مُعَجَّلًا غَيْرَ مُؤَجَّلٍ. قَوْلُهُ: "الطَّلَاقُ [بَائِنًا] (¬16) " مَأْخُوذٌ مِنَ الْبَيْنِ، وَهُوَ، الْفُرْقَةُ وَالْبُعْدُ، يُقَالُ: بَانَ يَبِينُ: إِذَا فَارَقَ مَوْضِعَهُ وَزَايَلَه. ¬
[باب جامع فى الخلع]
[بَاب جَامِعٌ فِى الْخلْعِ] قَوْلُهُ: "وَإِذَا فَقَأَ عَيْنَ الْأَعْوَرِ" (¬1) يُقَالُ: فَقَّاتُ عَيْنَهُ فَقْأَ، وَفَقَّأتُهَا تفْقِئَةً: إِذَا بَخَقْتَهَا وَشَقَقْتَهَا. قَوْلُهُ: "فَإنْ نَوَيَا صِنفًا مِنَ الدَّرَاهِمِ" (¬2) أَىْ: نَوْعًا، يُقَالُ: صَنْفٌ وَصِنْفٌ، بِالْفَتْحِ وَاْلكَسْرِ. قوْلهُ: "أَلْفَ دِرْهَمٍ نُقرَةً" (¬3) أَرَادَ هَا هُنَا: غَيْرَ مَسْكُوكَةِ. قَوْلُهُ: "بَيْنَهُمَا أَمَارَاتٌ" (¬4) أَىْ: عَلَامَاتٌ وَوَقْتٌ (¬5)، وَاحِدَتُهَا: أَمَارَةٌ، وَيُقَالُ أَيْضًا: أَمَارَةٌ وأَمَارٌ، وَأَنْشَدَ الْأَصْمَعِىُّ لِلْعَجَّاجِ (¬6): إِذْ رَدَّهَا بِكَيْدِهَا فَارْتَدَّتِ إِلَى أَمَارِ وَأَمَارٌ مُدَّتِى ¬
من كتاب الطلاق إلى الرجعة
مِنْ كتابِ الطَّلاقِ إِلَى الرَّجْعَةِ (¬1) الطَّلاقُ: الإِطْلاقُ (¬2)، ضِدُّ الْحَبْسِ، وَهُو: التَّخْلِيَةُ بَعْدَ الُّلزُومِ، وَالإِمْسَاكِ. يُقَالُ: طَلَقَتِ الْمَرأَةُ وَطَلُقَتْ، بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا، وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ. وَقَالَ الأَخْفَشُ: لَا يُقَالُ طَلُقَتْ بِالضَّمِّ (¬3). وَيُقَالُ فِى وَجَعِ الْوِلادَةِ طُلِقَتْ طَلْقًا فَهِىَ طَالِقٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، أَىْ: ذَاتُ [طَلْقٍ] (¬4) كَمَا يُقَالُ: حَائِضٌ، أَىْ: ذَاتُ حَيْض، وَقِيلَ: لأنَّهَا صِفَةٌ تخْتَص بِالمؤَنَّثِ، لَا يُشَارِكُهَا فِيهِ الْمُذَكَّرُ، فَحُذِفَتْ مِنْهُ الْعَلامَةُ، وَرُبَّمَا قَالُوا: طَالِقَةٌ، بِالهَاءِ، قَالَ الأَعْشَى (¬5): أَجَارَتَنَا بِينِى فَإنَّكِ طَالِقَهْ ... كَذَاكِ أُمُورُ النَّاسِ غَادٍ وَطَارِقَهْ (¬6) قَوْلُه: "انْهَمَكُوا فِى الْخَمْرِ" (¬7) يُقَالُ: انْهَمَكَ فُلَانٌ فِى الْأَمْرِ، أَىْ: جَدَّ وَلَجَّ، وَكَذلِكَ تَهَمَّكَ فِى الْأَمْرِ. ¬
"وَتَحَاقَرُوا الْعُقُوبَةَ" اسْتَصْغَرُوهَا. وَالْحَقِيرُ: الصَّغِيرُ، ومُحَقَّرَاتُ الذُّنُوبِ: صِغَارُهَا. قَوْلُهُ: "إِذَا سَكِرَ هَذَى" (¬8) يُقَالُ: هَذَى فِى مَنْطِقِهِ يَهْذِى وَيَهْذُو هَذْوًا (¬9) وَهَذَيَانًا: إِذَا كَثُرَ كَلَامُهُ، وَقَلَّتْ فَائِدَتُهُ. "وَإِذَا هَذَى: افْتَرَىَ" أَىْ: كَذَبَ، والافْتِرَاءُ وَالْفِرْيَةُ: الْكَذِبُ، وَأَصْلُهُ: الْخَلْقُ، مِنْ فَرَيْتُ، الْمَزَادَةَ: إِذَا خَلَقْتَهَا وَصَنَعْتَهَا، كَأنَّهُ اخْتَلَقَ الْكَذِبَ، أَىْ: صَنَعَهُ وَأبْتدَأهُ. قَوْلُهُ: "حُمِلَ عَلَيْهِ" (¬10) أَىْ: كُلِّفَ وَجُبِرَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ. "الضَّرْبِ الْمُبَرِّحِ" الشَّاقّ الْمُؤْذِى، وَقَدْ ذُكِرَ (¬11). قَوْلُهُ: "وَالاسْتِخْفَافِ بِمَنْ يَغُضُّ مِنْهُ مِنْ ذَوِى الْأَقْدَارِ" يُقَالُ: غَضَّ مِنْهُ يَغُضُّ بِالضَّم، أَىْ: وَضَعَ وَنَقَصَ مِنْ قَدْرِهِ، يُقَالُ: لَيْسَ عَلَيْكَ فِى هَذَا الأمْرِ غَضَاضَةٌ، أَىْ: ذِلَّة وَمَنْقَصَةٌ. قَوْلُهُ: "ذَوِى الأَقْدَارِ" (¬12) الْقَدْرُ: الْمَنْزِلَةُ الرَّفِيعَةُ وَالشَّرَفُ. قَوْلُهُ: "بَيْنَهُ بَيْنَ الأَهْل" الأَهْلُ هَا هُنَا: الْقَرَابَةُ وَالإِخْوَانُ الَّذِينَ يسْكُنُ إِلَيْهمُ، والْأَهْلُ أَيْضًا: الزَّوَجةُ. ¬
يُقَالُ: أَهَلَ يَأْهُلُ وَيَأْهِلُ أُهُولًا، أَىْ: تَزَوَّجَ. وَقَوْلُهُمْ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا، أَىْ: أَتَيْتَ سَعَةً، وَأتَيْتَ أَهْلًا فَاسْتَأْنِسْ وَلَا تَسْتَوْحِشْ. قَوْلُهُ تَعَالى: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (*) تَسْرِيحُ الْمَرْأَةِ: طَلَاقُهَا، وَهُوَ مَأَخُوذٌ مِنْ تَسْرِيحِ الْمَاشِيَةِ: إِذَا تَرَكْتَهَا تَرْعَى، وَأَرْسَلْتَهَا وَلَمْ تَحْبِسْهَا وَتُمْسِكْهَا، وَالاسْمُ: السَّرَاحُ، مِثْلُ التَّبْلِيغِ وَالْبَلَاغِ. وَفِى المَثَلِ: "السَّرَاحُ مِنَ النَّجَاحِ" (**) أَىْ: إِذَا لَمْ تَقْدِرْ عَلَى قَضَاءِ حَاجَةِ الرجُلِ: فَآيَسْتَهُ (•)، فَإنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الإسْعَافِ. قَوْلُهُ (¬13): "فَابْتَدَرَاهُ" (¬14) أَىْ: اسْتَبَقَا إِلَى الْجَوَابِ، يُقَالُ: بَدَرَهُ، أَىْ: سَبَقَهُ. قَوْلُهُ: "إِذَا وَقَعَ الشِّقَاقُ" (¬15) قَدْ ذُكِرَ أَنَّهُ الْعَدَاوَةُ وَالاخْتِلَافُ. قَوْلُهُ فِى الْحَدِيثِ (¬16): "لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ" (¬17) أَىْ: لَا تَمْنَعُ مَنْ يَطْلُبُهَا لِلْجِمَاعِ، وَلِهَذَا كَنَى عَنْهُ بِاللَّمْسِ، وَالْمَسِّ وَلِذَلِكَ قَالَ لَهُ: "طَلِّقْهَا". وَالالْتِمَاسُ: الطَّلَبُ، وَالتَّلَمُّس: التَّطَلُّبُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. وَلَمْ يُرِدْ لَمْسَ الْيَدِ (¬18). ¬
قَوْلُهُ: "طَلَاقُ الْبِدْعَةِ" الْبِدْعَةُ: الْحَدَثُ فِى الدِّينِ (¬19) بَعْدَ الإِكْمَالِ، وابْتَدَعَ الشَّيىءَ: أَحْدَثَهُ وَابتدَأَهُ، فَهُو مُبْتَدَعٌ. قَوْلُهُ: "لِلرِّيَبةِ بِمَا تَعْتَدُّ بِهِ" (¬20) الرِّيبَةُ وَالرَّيْبُ: الشَّكُّ، وَقَدْ ذُكِرَ. وَكَذَا الارْتِيَابُ. قَوْلُهُ: "وَبِهَا عَوَجٌ" (¬21) بِفَتْحِ الْعَيْنِ، الْعَوَجُ فِى الْخَلْقِ، وَ [بِالْكَسْرِ] (¬22) الْعِوَجُ فِى الرَّأْىِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {قُرْآنًا [عَرَبِيًّا] (¬23) غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} (¬24) أَىْ غَيْرَ ذِى مَيْلٍ وَلَا انْكِسَارٍ. وَقَالَ الْجَوْهَرِىُّ: يُقالُ: عَوِجَ الشَّىْءُ بِالْكَسْرِ، فَهُوَ أَعْوَجُ، وَالاسْمُ: الْعِوَجُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ، قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ (¬25): فَكُلُّ مَا يَنْتَصِبُ كَاْلحَائِطِ وَالْعُودِ قِيلَ فِيهِ: عَوَجُ، بِالْفَتْحِ، وَالْعِوَجُ بِالْكَسْرِ: مَا كَانَ فِى أَرْضٍ أَوْ دِينٍ أَوْ مَعَاشٍ، يُقَالُ: فِى دِينِهِ عِوَجٌ. وَقَالَ الْعُزَيْزىُّ (¬26): عِوَجٌ - بِالْكَسْرِ فِى الدِّينِ، وَعَوَجٌ: فِى الْحَائِطِ: مَيْلٌ، وَفِى الْقَنَاةِ، وَنَحْوِهِ. وَقَالَ فِى عَيْنِ الْمَعَانِى (¬27): الْعَوَجُ بِالْفَتْحِ: فِيمَا لَهُ شَخْصٌ، وَهُوَ مَصْدَرٌ كَالحَوَلِ فِى مَعْنَى الصِّفَةِ، وَبِالْكَسر: فِيمَا لَا شَخصَ لَهُ. ¬
قَوْلُهُ: "كَذَبْتُ عَلَيْهَا إِنْ أَمْسَكْتُهَا" (¬28) مَعْنَاهُ: إنْ أَمْسَكْتُهَا فَأَنَا كَاذِبٌ فِيمَاْ قَذَفْتُهَا بِهِ، هَكَذَا فَسَّرهُ أهْلُ الْفِقْهِ، وَأَمَّا أَهْلُ اللُّغةِ، فَقَالُوا: يُقَالُ: كَذَبَ عَلَيْكَ الْأَمْرُ، أَىْ: (وَجَبَ، إِغْرَاءٌ بِهِ) (¬29). الْمَعْنَى: أنَّ الإِنْسَانَ إِذَا كَذَبَ عَلَيْهِ غَيْرُهْ: صَارَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ، فَوَجَبَ أَنْ يُجَازِيَهُ بِفِعْلِهِ، فَقَالَ لَهُ الْقَائِلُ: كَذَبَ عَلَيْكَ فُلَانٌ، يُرِيدُهُ (¬30) أَنْ يُجَازيَهُ وَيُثيبَهُ، ثُم عَتُقَت (¬31) هذِهِ الْكَلِمَةُ حَتَّى صَارَتْ كَالإِغْرَاء، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ عَلَى هَذَا: وَجَبَ عَلَىَّ طَلَاقُهَا، وَأَنْ لَا أُمْسِكَهَا، كَأنَّهُ (¬32) أَغْرَى نَفْسَهُ بِذَلِكِ. وَجَاءَ (عَنْ عُمَرَ رَضِيَ الله عنه) (¬33) "كَذَبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ" (¬34) أَىْ: وجب. قَوْلُهُ: "لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا" (¬35) أَىْ: لَا طَرِيقَ لَكَ إِلَى طَلَاقِهَا، قَدْ حَرُمَتْ عَلَيْكَ بِاللِّعَانِ. قَوْلُهُ: "الْبَتَّةَ" (¬36) قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْبَتَّ: الْقَطْعَ، بَتَّهُ يَبُتُّهُ: قَطَعَهُ. ¬
قَوْلُهُ: "وَسَبْعٌ وَتِسْعُونَ عُدْوَانٌ" (¬37) أَىْ: ظُلْمٌ وَتَجَاوُز لِلْحَدُ، يُقَالُ: عَدَا عَلَيْهِ عَدْوًا وُعُدُوًّا وَعَدَاءً (¬38) -، وَعُدْوَانًا. قوله: " [فَعَلَيْهِ] (*) وِزْرُهُ" (¬39) أَىْ: إثْمُهُ، وَالْوِزْرُ: الإثْمُ، وَأَصْلُهُ: الحِمْلُ الثَّقِيلُ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالى: {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} (¬40). قَوْلُهُ: "يُفَوِّضُ الطَّلَاقَ إِلَى امْرَأَتِهِ" (¬41) أَىْ: [يَرُدُّهُ] (¬42) إلَيْهَا، فَوَّضَ الْأَمْرَ إِلَى فُلَانٍ: رَدَّهُ إلَيْهِ (¬43)، وَمِنْهُ: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ} (¬44). قَوْلُهُ: "حتى (¬45) تَسْتَأْمِرِى أَبَوَيْكِ" (¬46) أَىْ: تُشَاوِرِيهِمَا- فَتَنْظُرِى مَاذَا يَأْمُرَانِكِ. وَالاسْتِئْمَارُ: الْمُشَاوَرَةُ، وَكَذَا الائْتِمَارُ، وَكَذَلِكَ التَّآمُرُ عَلَى التَّفَاعُلِ، وَيُقَالُ: ائْتَمَرُوا بِهِ: إِذَا هَمُّوا بِهِ، وَتَشَاوَرُوا فِيهِ، قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} (¬47). ¬
قَوْلُهُ: "بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ" (¬48) الصَّرِيحُ: الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْىءٍ، وَمِنْهُ اللَّبَنُ الصَّرِيحُ، وَالصَّرِيحُ: الرَّجُلُ الْخالِصُ النَّسَبِ. وَالْكِنَايَةُ: أَنْ تَتَكَلَّمَ بِشَىْءٍ وَأَنْتَ تُرِيدُ غيْرَهُ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬49): وَإِنِّى لَأَكنُو عَنْ قَذورٍ بِغيْرِهَا ... وَأُعْرِبُ أَحْيَانًا بِهَا وَأُصَارِحُ وَفيهِ [لُغتان] (¬50) كَنَى يَكْنُو وَيَكْنِى. قَوْلُهُ: "طَلَاقًا (¬51) مِنْ وَثَاقٍ" أَوْثَقَهُ بِالْوَثَاقِ: إِذَا شَدَّهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} (¬52) وَالْوِثَاقُ- بِالْكَسْرِ: لُغَةٌ فِيهِ. قَوْلُهُ: "قُلْتُهُ هَازِلًا" (¬53) أَىْ: مَازِحًا غَيْرَ مُجِدٍّ، وَالْهَزْلُ: ضِدُّ [الجِدِّ] (¬54)، هَزَلَ يَهْزِلُ، قَالَ الْكُمَيْتُ (¬55): أُرَانَا عَلَى حُبِّ الْحَيَاةِ وَطُولِهَا ... يُجَدُّ بِنَا فِى كُلِّ يَوْمٍ وَنَهْزِلُ قَوْلُهُ (¬56): "أَنْتِ بَائِنٌ، وَخَلِيَّةٌ، وَبَرِيَّةٌ، وَبَتَّةٌ، وَبَتْلَةٌ (وَحُرَّةٌ، وَوَاحِدَةٌ) (¬57) " بَائِنٌ: مُفَارِقَةٌ، مِنَ الْبَيْنِ، وَهُوَ: الْفِرَاقُ. ¬
وَخَلِيَّةٌ: "أَىْ: خَالِيَةٌ عَنِ الزَّوْجِ، فَارِغَةٌ مِنْهُ [وَبَرِيَّةٌ أَىْ] (¬58) بَرِيَّةٌ عَمَّا يَجِبُ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ وَطَاعَتِهِ. وَبَتَّةٌ وَبَتْلَةٌ: مَعْنَاهُمَا كِلَاهُمَا: الْقَطْعُ، وَفِى الْحَدِيثِ: "نَهَى عَنْ التَّبَتُّلِ" (¬59) أَىِ: الانْقِطاعِ عَنِ النِّكَاحِ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْبَتُولُ، وَهِىَ الْمُنْقَطِعَة عَنِ الْأزْوَاجِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} (¬60) انْقَطِعْ إِلَيْهِ (*) انْقِطَاعًا (¬61). قَالَ ثَعْلَبٌ: سُمِّيَتْ فَاطِمَةُ الْبَتُولَ، لِانْقطَاعِهَا عَنْ نِسَاءِ زَمَانِهَا دِينًا وَفَضْلًا وحَسَبًا (¬62). قَوْلة: "حُرَّةٌ" أَىْ: لَا مِلْكَ لِلزَّوْجِ فِى بُضْعِكِ، كَمَا لَا مِلْكَ عَلَى (¬63) رَقَبَةِ الْحُرِّ. وَ "أَنْتِ (¬64) وَاحِدَةٌ" أَىْ: أَنْتِ فَرْدَةٌ عَنِ الزَّوْحِ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ: أَنْتِ ذَاتُ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ. قَوْلُهُ: "بِينى وَاغْرُبِى" (¬65) مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ: الْبُعْدُ وَالبَيْنُ وَالفِرَاقُ، اغْرُبِى: ابْعُدِى، يُقَالُ: نَوىً غَرْبَةٌ، أَىْ: بَعِيدَةٌ. قَوْلُهُ: "اسْتَفْلِحِى" الْفَلَاحُ: الْفَوْزُ وَالنَّجَاة، أَىْ: فُوزِى بِأَمْرِكِ، وَقَدْ نَجَوْتِ مِنِّى، فَاسْتَبِدِّى بِرَأْيِكِ. ¬
وَقِيلَ: مَأْخُوذٌ مِنَ الْفَلْحِ، وَهُوَ: الْقَطْعُ، أَى: اسْتَبدِّى بِهِ، وَاقتَطِعِيهِ إلَيْكِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَنَازَعِيهِ. قَوْلهُ: "حَبْلُكِ عَلَى غَارِبِكِ" مَعْنَاهُ: امْضِى حَيْثُ شِئْتِ، يُعَبَّرُ بِهِ عَمَّا لَا قَائِدَ لَهَا، فَإنَّهَا تَذْهَبُ، إذْ لَا مُمْسِكَ لَهَا، وَأَصْلُهُ: أَنَّ الْبَعِيرَ إِذَا أُطْلِقَ نَزَلَ حَبْلُهُ عَلَى غَارِبِهِ، وَالْغَارِبُ: مَا بَيْنَ السَّنَامِ وَالْعُنُقِ. قَوْلُهُ: "وَتَقَنَّعِى" أَىْ: غَطىِّ رَأْسَكِ، أَظُنُّ مَعْنَاهُ: اسْتَتِرِى مِنِّى فَلَا يَحِلُّ لِى نَظَرُكِ. "وَتَجَرَّعىِ" يُقَالُ: [جَرَّعَهُ] (¬66). غُصَصَ الْغَيْظِ: إِذَا أَذَاقَهُ الشِّدَّةَ مِمَّا يَكرَهُ. قَوْلُهُ: "إذا قَارَنَتِ النِّيَّةُ [بَعْضَ] (¬67) اللَّفْظِ" يُقَالُ: قَرَنْتُ الشَّيْىءَ بِالشَّيْىءِ: إِذَا وَصَلْتَهُ بِهِ، وَأَصْلُهُ: مِنْ قَرَنَ الْبَعِيرَيْنِ، إِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فى حَبْلٍ وَاحِدٍ، وَالْمُطَلِّقُ يَجْمَعُ بَيْنَ النِّيَّةِ وَاللَّفْظِ. قَوْلُهُ: "أَنَوَّهْتِ بِاسْمِىَ" (¬69) يقال: نَوَّهْتُ بِاسْمِهِ: إِذَا رَفَعْتَ ذِكْرَهُ. وَنَوَّهْتَهُ تَنْوِيهًا: إِذَا رَفَعْتَهُ. قَوْلُهُ: "فَإنْ تَرْفُقِى، وَإنْ تَخْرَقِى (¬70) هُمَا ضِدَّانِ (¬71)، فَالرِّفْقُ: أَنْ تَأْخُذَ الشَّيْىءَ بِلُطْفٍ وَأَنَاةٍ وَلِينِ جَانِبٍ. ¬
قَوْلُهُ: "أَيْمَنٌ" هُوَ أَفْعَلُ مِنَ الْيُمْنِ ضِدِّ الشُّؤْمِ. وَالْخُرْقُ: أَنْ تَأْخُذَهَ بِعُنفٍ وَشِدَّةٍ، يُقَالُ: رَجُلٌ أَخْرَقُ، وَامْرَأَةٌ خَرْقَاءُ. قَوْلُهُ [تَعَالَى]: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (¬72) هِىَ تَفْعِلَةٌ تَحْلِلَةٌ مِنَ الْحَلَالِ، فَأْذغِمَتْ، أَىْ: يَحِلُّ بِهَا مَا كَانَ حُرِّمَ. [قَوْلُهُ:] (*) "امْتِحَانَ الْخَطِّ" (¬73) اخْتِيَارُهُ، يُقَال: مَحَنْتُهُ وَامْتَحَنْتُهُ، وَالاسْمُ: المِحْنَةُ. قَوْلُهُ: "غَايَرَ بَيْنَ الْأَلفَاظِ" (¬74) أَىْ: خَالَفَ بَيْنَهَا، فَجَعَلَ الثَّانِىَ غَيْرَ الْأوَّلِ، تَغَايَرَتِ الْأَشْيَاء: اخْتَلَفَتْ. قَوْلُهُ: "الاسْتِثْنَاءُ" (¬75) وَالْمَثْنَوِيَّةُ وَالثنيَة" كُلُّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الثَّنْىِ، وَهُوَ: الرَّدُّ وَالْكَفٌّ، كَذَا ذَكَرَهُ الْهَرَوِىُّ (¬76). وَقِيلَ: أَصْلُهُ: مِنْ قَوْلِكَ: ثَنَيْتُ وَجْهَ فُلَانٍ: إِذَا عَطَفْتَهُ وَصَرَفْتَهُ، وَثَنَى فُلَانٌ وُجُوهَ الْخَيْلِ: إِذَا كَفَّهَا وَرَدَّهَا، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} (¬77) مَعْنَاهُ: يُسِرُّونَ عَدَاوَةَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَرُدُونَهَا بمَا أَظْهَرُوا مِنَ الإِسْلَامِ (¬78). ¬
قَوْلُهُ: "صَادَفَ الزَّوْجِيَّةَ" (¬79) أَىْ: وَجَدَهَا، يُقَالُ: صَادَفَتُ فُلَانًا، أَىْ: وَجَدْتُهُ، وَصَدَفَ عَنِّى (¬80): أَعْرَضَ. قَوْلُهُ: "إِلَّا مُمَلَّكًا" (¬81) المُمَلَّكُ: المَلِكُ، يُقَالُ: مَلَّكَهُ الْمَاَل وَالْمُلْكَ، فَهُوَ مُمَلَّكٌ. ¬
[ومن باب الشرط فى الطلاق]
[وَمِنْ بَابِ الشَّرْطِ فِى الطَّلَاقِ] (¬1) قَوْلُهُ: "لَا يَسْتَحِيلُ" (¬2) أَىْ: لَا يَنقَلِبُ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬3). قَوْلُهُ: "أَقْبَحَ الطَّلَاقِ وَأَسْمَجَهُ" (¬4) مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، يُقَالُ: سَمُجَ الشَّيْىءُ بِالضَّمِّ- سَمَاجَةً: قَبُحَ، فَهُو سَمِجٌ (¬5). قَوْلُهُ: "فِى كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةٌ" (¬6) الْقَرْءُ: الْحَيْضُ، وَالْقَرْءُ أَيْضًا: الطُّهْرُ، وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ (¬7). وَفِيهِ لُغتَانِ: قَرْءٌ- بالْفَتحِ، وَقُرْءٌ- بِالضَّمِّ، وَجَمْعُهُ: قُرُوءٌ، وَأَقْرَاءٌ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬8): مُوَرِّثَةٍ مَالا وَفِى الْحَىِّ رِفْعَةً ... لِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا وَهُوَ: الْوَقْتُ: فَقِيلَ لِلْحَيْضِ وَالطُّهْرِ: قُرْءٌ؛ لِأَنَّهُمَا يَرْجِعَانِ لِوَقْتٍ مَعْلُومٍ، وَأَصْلُهُ: الْجَمْعُ، وَكُلَّ شَىْءٍ قَرَأْتَهُ، فَقَدْ جَمَعْتَهُ (¬9). ¬
قَوْلُهُ [: "الاسْتِبرَاءِ"] (¬10) هُوَ: خُلُوُّهَا (¬11) مِنَ الْوَلَدِ، وَمِنْهُ: فُلَانٌ بَرِئٌ مِنَ الدَّيْنِ، أَىْ: خَلِىٌّ؛ لِأَنَّهُ مَعْرِفَةُ بَرَاءَةٍ الرَّحِمِ (¬12). قَوْلُهُ: "وَالْوَرَعُ أَنْ يُلْتَزَمَ الثَّلَاثُ" الْوَرَعُ: الْكَفُّ عَمَّا لَا يَحِلُّ أَخْذُهُ، وَالْوَرِعُ: الرَّجُلُ التَّقِىُّ (*) يُقَالُ: وَرِعَ يَرِعُ -بِالْكَسْرِ فِيهِمَا- وَرَعًا وَرِعَةً. قَوْلُهُ: "دُيِّنَ وَيُدَيَّنُ" (¬13) فِى مَوَاضِعَ (¬14)، أَىْ: يُوْكَلَ إِلَى دِينِهِ، يُقَالُ: دَيَّنْتُ الرَّجُلَ تَدْيِينًا: إِذَا وَكَلْتَهُ إلَى دِينِهِ. وَقَالَ شِمْرٌ: دَيِّنُوهُ، أَىْ. مَلِّكُوهُ أَمْرَهُ، مِنْ قَوْلِكَ: دِنْتُهُ: أَىْ: مَلَكْتُ أَمْرَهُ، قاَلَ الْحُطَيْئَةُ يَهْجُو أُمَّهُ: لَقَدْ دُيِّنْتِ أَمْرَ بَنِيكِ حَتَّى ... تَرَكْتِهِمُ أَدَقَّ مِنَ الطَّحِينِ (¬15) وَقِيلَ: يُقَلَّدُ أَمْرَهُ، وَالْأَوُّلُ: أَصَحُّ. وَقَالَ الْهَرَوِىُّ: أَىْ: يُجْعَلُ ذَلِكَ إِلَيْهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، أَىْ: يُلْزَمُ (¬16) مِنْ ذَلِكَ مَا يُلْزِمُهُ نَفْسَهُ فِى دِينِهِ مِنْ الاسْتِحْلَالِ والتَّوَرُّعِ (¬17). قَوْلُهٌ: ["يُبَاشِرُ] (¬18) إيقَاعَهُ" أَىْ: [يَتَوَلَّاهُ] (¬19) بِنَفْسِهِ، بِصَرِيحِ نُطْقِهِ، بِغَيْرِ سَبَبٍ وَلَا عَقْدِ صِفَةٍ. ¬
قَوْلُهُ: "نَجَّزَ وَاحِدَةً" (¬20) أَىْ: عَجَّلَهَا، مِنْ أَنْجزَ الْوَعْدَ. قَوْلُهُ: "لِيَسْتَوْعِبَ الصِّفَةَ" (¬21) الاسْتِيَعَابُ: الاسْتِئْصَالُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "فِى الأَنْفِ إِذَا اسْتُوعِبَ جَدْعًا الدِّيَةُ" (¬22). قَوْلُهُ: "الثَّلَاثَ [مِنْ أَوَّلِ] (¬23) الشَّهْرِ تُسَمى غُرَرًا" جَمْعُ غُرَّةٍ، وَغُرَّةُ كُلِّ شَىْءٍ: أَوَّلُهُ وَأَكْرَمُهُ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّى كُلَّ ثَلَاثٍ مِنَ الشَّهْرِ بِاسْمٍ، فَتَقُولُ لِلثَّلَاثِ الأُوْلِ: غُرَرٌ، ثُمَّ نُفَلٌ، ثُمَّ تُسَعٌ، ثُمَّ عُشَرٌ، وَثَلَاثٌ بِيضٌ، وَثَلَاثٌ دُرَعٌ، ثُم ظُلَمٌ، ثُمَّ حَنادِسُ، ثُم دَآدِىءُ، ثُمَّ مُحَاقٌ (¬24). قَوْلُهُ: "بَهَرَ ضَوْءُهُ" (¬25) يُقَالُ: بَهَرَ الْقَمَرُ: إِذَا أَضَاءَ حَتَّى غَلَبَ ضَوْءُهُ ضَوْءَ الْكَوَاكِبِ، يُقَالُ: قَمَرٌ بَاهِرٌ. قَوْلُه: "التَّارِيِخُ" (¬26) هُوَ: تَعْرِيفُ الْوَقْتِ، وَالتَّوْرِيخُ (¬27): مِثْلُهُ، وَأَرَّخْتُ الْكِتَابَ بِيَوْمِ كَذَا وَوَرَّخْتُهُ: بِمَعْنًى. وَانْسِلَاخُ (¬28) الشَّهْرِ: مُضِيُّهُ وَزَوَالُهُ، انْسَلَخَ الشَّهْرُ مِنْ سَنَتِهِ، وَالرَّجُلُ مِنْ ثِيَابِهِ، وَالْحَيَّةُ مِنْ جِلْدِهَا. ¬
قَوْلُة: ["فَأَلْغِيَتِ] (¬29) الصِّفَةُ" أَىْ [أُبْطِلَتْ] يُقَالُ: لَغَا يَلْغُو لَغْوًا: إِذَا قَالَ قَوْلًا لَا حَقِيقَةَ لَهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} (¬30) وَلَغِىَ يَلْغَى: مِثْلُهُ، وَلَغَا يَلْغَى: لُغَةٌ ثَالِثَةٌ. (قَوْلُة: "وَإنْ تَطَلَّسَ" (¬31) أَىْ: امَّحَى، يُقَالُ: طَلَسْتُ الْكِتَابَ طَلْسًا فتَطَلَّسَ، أَى: امَّحَى، وَأَصْلُ امَّحَى: انْمَحَى، فَأبْدِلَ النُّونُ مِيمًا، ثُمَّ أُدْغِمَ، وَامْتَحَى لُغَةٌ ضَعِيفَةُ. قَوْلُهُ: "زُحَاجٍ شَفَّافٍ" (¬32) يُقَال: شَفَّ ثَوْبُهُ يَشِفُّ شُفُوفًا، أَىْ: رَقَّ حَتَّى يُرَى مَا خَلْفَهُ). ¬
[ومن باب الشك فى الطلاق واختلاف الزوجين]
[وَمِنْ بابِ الشَّكِّ فِى الطَّلاقِ وَاختِلافِ الزَّوْجَيْنِ] (¬1) (فِى الْحَديثِ: "سُئِلَ عَنِ الشَّيْىءِ يُخيَّلُ إلَيْهِ" (¬2) هُوَ مِنَ الشَّكِّ وَالظَّنِّ، يُقَالُ: خَالَهُ يَخالُهُ، وَخِلْتُهُ أَخالُهُ بِمَعْنَى ظَنَنْتُهُ) (¬3). قَوْلُهُ: "دَعْ ما يُرِيبُكَ إِلى ما لا يُريبُكَ" (¬4) الرَّيْبُ: الشَّكُّ، {لَا رَيْبَ فِيهِ} (¬5) لَا شَكَّ فيهِ قالَ الشَّاعِرُ (¬6): * كَأَنَّما أَرَبْتُهُ بِرَيْبِ * يُقَالُ: رابَنى فُلانٌ: إِذا رَأَيْتَ مِنْهُ ما يُريبُكَ (¬7)، أَىْ: تَكْرَهُهُ. قَوْلُهُ: "إِذَا شَكَّ [أَحَدُكُمْ" أَىْ: سَها، وَالسَّهْوُ، (¬8): الْغَفْلَةُ، يُقالُ: سَها عَنِ الشَّيْىءِ فَهُوَ ساهٍ. ¬
[ومن باب الرجعة]
[وَمِنْ بابِ الرَّجْعَةِ] قَوْلُهُ: "الرَّجْعَةُ" قَالَ الْأَزْهَرِىُّ (¬1): الرِّجْعَةُ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَكْثرُ مَا يُقَالُ بِالْكَسْرِ، وَالْفَتْحُ جَائِزٌ "رَجْعَةٌ" وَيُقَالُ: جَاءَنِى رَجْعَةُ الْكِتَابِ، أَىْ: جَوَابُه (¬2). قَوْلُهُ: "وَطِىءَ فِى نِكَاحٍ قَدْ تَشَعَّثَ" (¬3) أَىْ: تَغَيَّرَ، مَأْخُوذٌ مِنْ شَعَثِ الرَّأْسِ، وَهوَ: اغْبِرَارُهُ وَتَفرُّقُهُ، مِنْ تَرْكِ الامتِشَاطِ. "أمْرُ الرِّجْعَةِ غَيْرُ مُرَاعىً" (¬4) أَىْ: غَيْرُ مُنْتَظَرٍ. قَوْلُهُ: الرِّجْعِيَّةِ (¬5) بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ فَتْحَهَا: مَنْسُوبٌ إِلَى الرَّجْعَةِ، وَلَكِنَّ النَّسَبَ مَوْضِعُ شُذُوذٍ. وَيُقَالُ: رِجْعَةٌ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، فَنُسِبَتْ إِلَيْها (¬6). ¬
قَوْلُهُ: "مِثْلُ [هَذِهِ] (¬7) الْهُدْبَةِ" الْهُدْبَةُ: الخَمْلَةُ (¬8) -بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ- وَضَمُّ الدَّالِ لُغَةٌ، وَهُوَ: مَا يُتْرَكُ فِى طَرَفِ الثَّوبِ غَيْرَ مَنْسُوجٍ. شَبَّهَتْ مَا مَعَهُ بِالْهُدْبَةِ فِى اسْتِرْخَائِهِ (¬9) وَضَعْفِهِ. قَوْلُهُ: "تَذُوقِى عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ" كَنَى بِهِ عَنِ الْجِمَاعِ، شَبَّهَ حَلَاوَتَهُ بِحَلَاوَةِ الْعَسَلِ. وَإِنَّمَا أَنَّثَ لأَّنَّهُ أَرَادَ قِطْعَةً مِنَ الْعَسَلِ، كَمَا قَالُوا: ذُوَ الثُّدَيَّهِ، أَرَادُوا: قِطْعَةً مِنَ الثَّدْىِ. وَقِيلَ: تَصْغِيُر عَسَلَةٍ، مِنْ قَوْلِهمْ: كُنَّا فِى لَحْمَةٍ وَنَبِيذَةٍ وَعَسَلَةٍ (¬10)، وَإِنَّمَا صُغِّرَ إِشَارَةً إِلَى الْقَدْرِ الَّذِى يُحِلُّ. ¬
[ومن كتاب الإيلاء]
[وَمِنْ كِتَابِ الِإيلَاءِ] (¬1) الإِيَلاءُ: هُوَ الْيَمِينُ، يُقَالُ: آلى يُؤْلِى إيلَاءً وَأَلِيَّةً: إِذا حَلَفَ، فَهُوَ مُؤْلٍ، وَجَمْعُهُ: أَلَايَا، قَالَ طرَفَةُ (¬2): فَاَلَيْتُ لَا يَنْفَكُّ كَشْحِى بِطَانَةً ... لِعَضْبٍ رَقِيقٍ الشَّفْرَتَيْنِ مُهَنَّدِ وَقَالَ فِى الْجَمْعِ (¬3): قَلِيلُ الْأَلايَا حَافِظٌ لِيَمِينهِ ... وَإِنْ سَبَقَتْ مِنْهُ الأَلِيَّةُ بَرَّتِ وَيُقال: تَأَّلَّى يَتَألَّى، وَكذلِكَ إِئْتَلَى يَأْتَلِى، قالَ اللهُ تَعَالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} (¬4) وَتَأَلَّى يَتَأَلَّى، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "مَنْ يَتَأَلَّ عَلَى اللهِ يُكَذِّبْهُ" (¬5). قَوْلُهُ: "لَا أَقْتَضُّكِ" (¬6) الاقْتِضَاضُ- بِالْقَافِ: جِمَاعُ الْبِكْرِ، وَالْقِضَّةُ- بِالْكَسْرِ: بَكَارَةُ الْجَارِيَةِ. قَوْلُهُ: "لَا بَاضَعْتُكِ" (¬7) قَالَ فِى الشَّامِلِ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ مُشْتَّقٌ مِنَ الْبُضْعِ، وَهُوَ الفَرْجُ، فَيَكُونُ صَرِيحَا. وَدَلِيلُنَا: أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ مِنَ الْتِقَاءِ ¬
الْبَضْعَةِ مِنَ الْبَدَنِ بالْبَضْعَةِ مِنْهُ، وَالْبَضْعَةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنىِّ" (¬8). وَقِيلَ: الْبُضْعُ هُوَ الاسْمُ مِنْ بَاضَعَ: إِذَا جَامَعَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} (¬9) التَّرَبُّصُ: التَّلَبُّثُ وَالْمُكْثُ وَالانْتِظَارُ. قَوْلُهُ: "وَازوَرَّ جَانِبُهُ" (¬10) أَىْ: بَعُدَ صَبَاحُهُ، يُقَالُ: بِئْرٌ زَوْرٌ (¬11)، أَىْ: بَعِيدَة الْغَوْرِ. وَالزَّوْرَةُ: الْبُعْدُ وَهُوَ مِنَ الازْوِرَارِ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬12): وَمَاءٍ وَرَدْتُ عَلَى زَوْرَةٍ ... كَمَشْى السَّبَنْتَى يَرَاحُ الشَّفِيفَا قَوْلُهُ: "حَلِيلٌ أُلاعِبُهْ" اشْتِقَاقُ الْحَلِيلِ إمَّا مِنَ الْحِلِّ ضِدِّ الْحَرَامِ، وَإمَا مِن حُلْولِهِمَا عَلَى الْفِرَاش. قَوْلُهُ: "لَزُعْزِعَ" الزَّعْزَعَةُ: تَحْرِيكُ الشَّيْىءِ (¬13). وَزَعْزَعْتُهُ فَتَزَعْزَعَ، أَىْ: حَرَّكْتُهُ فَتَحَرَّكَ. قَوْلُهُ: " [وَيُوقِفُ لَهُمَا"] (+) مِنْ وَقَفْتُ الدَّابَّةَ أَقِفُهَا: إِذَا مَنَعْتَهَا مِنَ الْمَشْىِ. قَوْلُهُ: "حَتَّى تُصَافِحِى الثُّرَيَّا" (¬14) الْمُصَافَحَةُ: الْأَخْذُ بِالْيَدِ، وَالتَّصَافُحُ: مِثْلُهُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ فَتَصَافَحَا". ¬
قَوْلُهُ: "لِأنَّ لَهَا [شَرَائِطَ] (¬15) تَتَقَدَّمُهَا" أَىْ: عَلَامَاتٌ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} (¬16). قَوْلُهُ: "حَتَّى يَذْبُلَ هَذَا الْبَقْلُ" (¬17) يُقَالُ (¬18): ذَبَلَ الْبَقْلُ (¬19) يَذْبُلُ ذُبولًا: إِذَا جَفَّ وَيَبِسَ. وَالْبَقْلُ: مَعْروفٌ. وَقِيلَ (¬20): كُلُّ نَبْتِ اخْضَرَّتْ لَهُ الْأَرْضُ، فَهُوَ بَقْلٌ (¬21). ["قَوْلهُ: "بِالْفَيْئَةِ (¬22) "، الْفَيْئَةُ (¬23): الرُّجُوعُ، فَاءَ يَفِيىءُ: إِذَا رَجَعَ، قَالَ اللهُ تَعَاَلى: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (¬24) أَىْ: فَإنْ رَجَعُوا، وَمِنْهُ الْفَيىءُ الَّذِى هُوَ الظِّل، وَالْفَيْىءُ: الْغنِيمَةُ، أَصْلُهُ كُلُّهُ: الرُّجُوعُ، وَكُلُّهُ مَهْمُوزٌ. قَوْلُهُ: "عَلَى وَجْهِ اللَّجَاجِ وَالْغضَبِ" (¬25) واللَّجَاجُ وَالْمُلَاجَّةُ: التَّمَادِى فِى الْخُصُومَةِ وَتْطوِيلُهَا (¬26). قَوْلُهُ: "مِن الْعُيُوبِ الَّتِى لَا يقف عَلَيْهَا غَيْرُهُ" (¬27) أَىْ: لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا، يُقَالُ: وَقَفْتُ عَلَى العَيْبِ، وَأَوْقَفْتُ غَيْرِى عَلَيْهِ، أَىْ: أَطْلَعْتُهُ. ¬
ومن كتاب الظهار
وَمِنْ كِتَابِ الظِّهَارِ الظِّهَارُ: مُشْتَقٌ مِنَ الظَّهْرِ، وَكُلُّ مَرْكُوبٍ يُقَالُ لَهُ ظَهْرٌ، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ (¬1): وَإِنَّمَا خَصُّوا الظَّهْرَ بِالتَّحْرِيمِ دونَ سَائِرِ الأَعْضَاء؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الرُّكُوبِ، وَالْمَرْأَةُ مَرْكُوبَة إِذَا غُشِيَتْ، فَكَأنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَىَّ كَظَهْرِ أُمِّى: رُكُوبُكِ لِلنِّكَاحِ عَلَىَّ حَرَامٌ كَرُكُوبِ أُمِّى لِلنِّكَاحِ، وَهُوَ اسْتِعَارَةٌ وَكِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعَ (¬2). قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ} (¬3) هُوَ جَمْعُ الَّتِى، يُقَالُ: اللَّائِىِ وَالَّلاِتِى. قَوْلُهُ: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} (¬4) أَىْ: إِلَى مَا قَالُوا، الَّلامُ (¬5) بِمَعْنَى إِلَى (¬6). قَوْلُهُ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} أَىْ: عِتْقُهَا، وَأَصْلُ الْحر: الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْىءٍ، فَكَأَنَّهُ خَلَصَ مِنَ رِقِّ الْعُبُودِيَّةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} (¬7) أَىْ: مُخْلَصًا لِعِباَدَةِ اللهِ تَعَالَى عَنْ أَعْمَالِ الدُّنْيَا (¬8)، يُقَالُ: طِينٌ حُرٌّ، أَىْ: خَالِصٌ. ¬
قَوْلُهُ: "زَوْجٌ مُكَلَّفُ" (¬9) قَدْ ذُكِرَ التَّكْلِيفُ، وَأَنَّهُ إِيجَابُ الْمَفْروضَاتِ (¬10). قَوْلُهُ: "شَيْئًا يتَتَايَعُ" (¬11) التَّتَايُعُ: التَّهَافُتُ فِى الشَّرِّ وَاللَّجَاجِ، وَلَا يَكُونُ التَّتَايُعُ إلَّا فِى الشَّرِّ، وَالسَّكْرَانُ يَتَتَايَعُ، أَىْ: يَرْمِى بِنَفْسِهِ. وَتتَايَعَ الْبَعِيرُ فِى مَشْيِهِ: إِذا حَرّكَ الوَاحَهُ. قَوْلُهُ: "فَلَم أَلبَثْ أَنْ نَزَوْتُ عَلَيْهَا" أَىْ: قَفَزْتُ وَطَفَرْتُ. قَوْلُهُ تَعَالَى {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (¬12) الْمُمَاسَّةُ هَا هُنَا: الْجمَاعُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} (¬13) سُمِّىَ بِذَلِكَ، لِمَسِّ الْبَشَرَةِ الْبَشَرَةَ، وَكَذَلِكَ سُمِّيَتِ المُبَاشَرَةُ، لِمَسِّ الْبَشَرَةِ الْبَشَرَةَ، وَهِىَ: ظَاهِرُ الْجِلْدِ. ¬
[من باب كفارة الظهار]
[مِنْ بَابِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ] [قَوْلُهُ: "الْكَفارَة"] مَأُخُوذَةٌ مِنْ كَفَرْتُ الشَّيىْءَ: إِذَا غَطَّيْتَهُ وَسَتَرْتهُ، كَأَنَّهَا تُغَطِّى الذُّنُوبَ وَتسْتُرُهَا، قَالَ لَبِيدٌ (¬1): . . . . . . . . . . . . . ... فِى ليْلَهٍ (¬2) كَفَرَ النُّجُومَ ظَلَامُهَا قَوْلُهُ: "أَتَى بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ" (¬3) الْعَرَقُ- بِفَتحِ الرَّاءِ: السَّفِيفَةُ (¬4) مِنَ الْخُوصِ وَغَيْرِهِ قَبْل أَنَّ يُجْعَلَ مِنْهُ الزَّنْبِيلُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلزَّنْبِيِل: عَرَقٌ. [قولْه: "أنملتان"] (¬5) الْأَنَامِلُ: رُؤُوسُ الأَصَابعِ، وَاحِدُتُها: أَنْمَلَةٌ بِالفَتْحِ، ذَكَرَهُ فِى الصَّحَاحِ (¬6). قَوْلُه: "جُنُونًا مُطْبِقًا" (¬7) الْمُطْبِقُ: الذَّىِ لَا يفيقُ مِنْهُ، مِنَ الْمُطَابَقَةِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، وَهِىَ: الْمُوَلَاةُ؛ لأَنَّهُ يَتَوَالَى جُنُونُه. ¬
قَوْلُهُ: "نِضْوُ الْخَلْقِ" (¬8) أَصْلُهُ: الْمَهْزَولُ، ثُمَّ قِيلَ لِضَعِيفِ الخَلْقِ، نِضْوٌ. الزَّمِنُ: الَّذِى طَالَ زَمَانُهُ فِى الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: "مُهَيَّأٌ لِلاقْتِيَاتِ" (¬9) أَىْ: مُصْلَحٌ، هَيَّأْتُ الشَّيْىءَ: أَصْلَحْتُهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} (¬10). ¬
ومن كتاب اللعان
وَمِنْ كِتَابِ اللِّعَانِ اللِّعَانُ: مَصْدَرُ لَاعَنَ يُلَاعِنُ لِعَانًا وَمُلَاعَنَةً، مِثْلُ قَاتَلَ يُقَاتِلُ قِتَالًا وَمُقَاتَلَةً. وَأَصْلُ اللَّعْنِ: الطَّرْدُ وَالإِبْعَادُ، قاَلَ اللهُ تَعَالَى: {أُولَئِكَ (¬1) يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} (¬2) قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرُ أَىْ: يَطرُدُهُمْ وَيُبْعِدُهُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ (¬3). وَقَالَ فِى إِبْلِيسَ: {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ} (¬4) أَىِ: الطَّرْدَ وَالإِبْعَادَ مِنَ الرَّحْمَةِ. وَالكَاذِبُ مِنْ أَحَدِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ يَسْتَحِقُ بِالإِثْمِ والكَذِبِ الطرْدَ مِنْ رَحْمَةِ اللهُ تَعَالَى، وَالإِبْعَادَ عَنْهَا. وَكَانَتِ الْعَرَبُ إِذَا فَعَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَاحِشَةً وَمُنْكَرًا طَرَدُوهُ وَأَبْعَدُوهُ، فيقالُ: لَعِينُ آلِ فُلَانٍ، أَىْ: طَرِيدُهُمْ (¬5) وَفِى كَلِمَةِ الشَّمَّاخِ (¬6): . . . . . . . . . . . . . ... . . . . . . . . كَالرَّجُلِ اللَّعِيِنِ قَولُهُ: "سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ" (¬7) الْغَيْظُ: غَضَبٌ كَامِنٌ لِلْعَاجِزِ، يُقَالُ: غَاظَهُ فَهُوَ مَغِيظٌ. ¬
قَوْلُهُ: "اللَّهُمَّ افْتَحْ" أَىِ: احْكُمْ، وَالفَتَّاحُ وَالْفَاتِحُ: الْحَاكِمُ، قَالَ الله تَعَالَى: {وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} (¬8) أَىِ: الْحَاكِمِينَ. وَسُمِّىَ الْحَاكِمُ فَاتِحًا؛ لِأَنَّهُ يَفْتَحُ مَا اسْتَغلَقَ مِنْ أَمْرِ الْخصْمَينِ، كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ مَأْخُوذٌ مِنْ حَكَمَةِ الدَّابَّةِ الْمَانِعَةِ لَهَا عِنِ الْجِمَاحِ إِلَى غَيْرِ الْقَصْدِ؛ لأَنَّهُ يَمْنَعُ الْخَصْمَيْنِ مِنَ التَّعَدِّى وَمُجَاوَزَةِ الْحَقِّ. قَوْلُهُ: "أَوِ اسْتَفَاضَ فِى النَّاسِ" (¬9) يُقَالُ: فَاضَ الْخبَرُ يَفِيضُ، وَاسْتَفَاضَ، أَىْ: شَاعَ. قَوْلُهُ: "فِى أَوْقَاتِ الرِّيَبِ" جَمْعُ رِيبَةٍ، وَهِىَ: الشَّكُّ (¬10)؛ لِأَنَّهُ يُتَشَكَّكُ فِى سَبَبِ دُخُولِهِ، لِأَىِّ أَمْرٍ دَخَلَ إِلَيْهَا. قَوْلُهُ: "يَقْذِفَهَا" أَىْ: يَتَكَلَّمُ بزِنَاهَا. وَأَصْلُ الْقَذْفِ: الرَّمْىُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "لَيْسَ فِى هَذِهِ الأُمَّةِ قَذْفٌ وَلَا مَسْخٌ" (¬11) أَرَادَ: لَا يُرْمَوْنَ بِالْحِجَارَةِ كَمَا رُمِىَ (¬12) قَوْمُ لُوطٍ. قَوْلُهُ: "دَرْءُ الْعُقُوبَةِ" (¬13) هُوَ: دَفْعُهَا وَإِزَالَتُهَا، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "ادْرَأُوا الْحُدُودَ مَا اسْتَطَعْتُمْ" (¬14) قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} (¬15) أَىْ: يَدْفَعُونَهَا. ¬
[ومن باب ما يلحق من النسب وما لا يلحق وما يجوز نفيه باللعان وما لا يجوز]
وقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} (¬16) أَىْ: تَدَافَعْتُمْ وَتَمارَيتُمْ، وَالْمُدَارَأَةُ بِالْهَمْزِ: الْمُدَافَعَةُ، قَالَ (¬17): تَقُولُ وَقَدْ (¬18) دَرَأْتُ لَهَا وَضِينِى ... أَهَذَا دِينُهُ أَبَدًا وَدِيِنى وَالْمُدَارَاةُ- بِغَيْرِ هَمْزٍ: الْمُلَايَنَةُ، وَالْأَخْذُ بِالرِّفْقِ، وَهِىَ أَيْضًا: الْمُخَاتَلَةُ، يُقَالُ: دَارَيْتُهُ: إِذَا لَايَنْتَهُ، ودَرَينُهُ: إِذَا خَتَلْتَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ (¬19): [فَإِنْ] (¬20) كُنْتُ لَا أَرْىِ الظِّبَاءَ فَإِننى ... أَدُسُّ لَهَا تَحْتَ تَحْتَ التُرَابِ الدَّوَاهِيا [وَمِنْ بَابِ مَا يَلْحَقُ مِنَ النَّسَبِ وَمَا لَا يَلْحَقُ وَمَا يَجُوزُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ وَمَا لا يَجُوزُ] (¬21) قَوْلُهُ: "يَسْتَحِيلُ أَنْ يُنْزِلَ" (¬22) هُوَ هَا هُنَا بِمَعْنَى الْمُحَالِ الَّذِى لَا يُتَصَوَّرُ، وَلَا تَثْبُتُ لَهُ حَقِيقَةٌ. قَوْلُه (¬23): "جَحَدَ (¬24) وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ" أَىْ: يَتَحَقَّقُ وَيَتَيَقَّنُ أَنَّهُ وَلَدُهُ، كَأَّنهُ يَنْظُرُ إلَيْهِ بِعَيْنِهِ. ¬
قَوْلُهُ (¬25): "إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَوْرَقَ جَعْدًا جُمَالِيًّا" الْوُرْقَةُ: السُّمْرَةُ، وَالْأَوْرَقُ الأَسْمَرُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّمَادِ: أَوْرَقُ، وَلِلْحَمَامَةِ: وَرْقَاءُ. "جَعْدًا" أَىْ: جَعْدَ الشَّعَرِ، وَهُوَ ضِدُّ السَّبِطِ، وَقَالَ الْهَرَوِىُّ (¬26): يَكُونُ مَدْحًا وَذَمًّا، فَالْمَدْحُ بِمَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ يَكُونَ مَعْصُوبَ الْخَلْقِ، شَدِيدَ الْأَسْرِ. وَالثَّانِى: أَنْ يَكُونَ شَعَرُهُ (¬27) جَعْدًا. وَالذَّمُّ بِمَعْنَيَيْنِ، أَحَدَهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَصِيرًا مُتَرَدِّدًا، وَالثَّانِى: أَنْ يَكُونَ بَخِيلًا (¬28). وَيُقَالُ: رَجُلٌ جَعْدُ الْيَدَيْنِ وَجَعْدُ الْأَصَابعِ، أَىْ: مُنْقَبِضُهَا. وَ"الْجُمَالِىُّ" بِضَمِّ الْجِيمِ: الضَّخمُ الْأَعْضَاءِ: التَّامُّ الأَوْصَالِ، قَالُوا: نَاقَةٌ جُمَالِيَّةٌ، شُبِّهَتْ باِلْجَمَلِ عِظَمًا وَشِدَّةً وَبُدْنَةً (¬29)، قَالَ (*): جُمَالِيَّةٌ لَمْ يُبْقِ سَيْرِى وَرِحْلَتِى ... عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ نَيِّهَا غَيْرَ مَحْفِدِى ("خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ" مُمْتَلِئَهُمَا (¬30)، قَالَ (¬31): *خَدَلَّجِ السّاقَيْنِ خَفَّاقِ الْقَدَمْ*) (¬32) ¬
خَفَّاق- بِالْقَافِ، وَهُوَ: الَّذِى صَدْرُ قَدَمِهِ عَرِيضٌ. وَ "سَابغَ الْأَليَتَيْنِ" يُقَالُ: شَيْىءٌ سَابغٌ، أَىْ: كَامِلٌ وَافٍ، وَمِنْهُ: الدِّرْعُ السَّابِغَةُ. قَوْلُهُ: "إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا" (¬33) جَمْع وَرْقَاءَ، وَهِىَ: النَّاقَةُ يَضْرِبُ بَيَاضُهَا إِلَى السَّوَادِ، كَلَوْنِ الرَّمَادِ، وَالْأَوْرَقُ: أَطْيَبُ الإِبِلِ عِنْدَهُمْ لَحْمًا، وَلَيْسَ بِمَحْمُودٍ عِنْدَهُمْ فِى عَمَلِهِ وَسَيْرِهِ (¬34). قَوْلُهُ: "خَلَفًا [مباَرَكًا"] (¬35) الْخَلَفُ: مَا جَاءَ بَعْدُ، يُقَالُ: هُوَ خَلْفُ سَوْءٍ مِنْ أَبِيهِ- بِالإِسْكَانِ، وَخَلَفُ صِدْقٍ - بِالتَّحْرِيكِ: إِذَا قَامَ مَقَامهُ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ: هُمَا سَوَاءٌ، مِنْهُمْ مَنْ يُحَرِّكُ "خَلَفَ صِدْقٍ" وَيُسَكِّنُ الْآخَرَ، يُرِيدُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا (¬36). قَوْلُة: "لِيُقَابِلَ التَّحِيَّةَ بِالتَّحِيَّةِ" هِىَ هَا هُنَا: الدُّعَاءُ، أَىْ: يُقَابِلُ الدُّعَاءَ بِالدُّعَاءِ، وَهِىَ تَفْعِلَةٌ مِنَ الْحَيَاةِ. قَوْلُهُ: "ابن وَليدةْ زمعة" (¬37) الْوَلِيدَةُ: الْجَارِيَةُ، وَجَمْعُهَا: وَلَائِدُ، وَالْوَلِيدُ: الْعَبْدُ. قَوْلُة: "وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ" (¬38) الْعَاهِرُ: الزَّانِى، وَمَعْنَاهُ: لَا شَيْىءَ لَهُ، كَمَا يُقَالُ: لَهُ الْحَجَرُ، إِذَا قَصَدَ تَكْذِيبَهُ. ¬
قَوْلُهُ: "اعْتُقِلَ لِسَانُهُ" (¬39) أَىْ: لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْكَلَامِ، مُشْتَقٌ مِنْ عِقَالِ الْبَعِيرِ. قَوْلُهُ: "أُصْمِتَتْ" يُقَالُ: أُصْمِتَ الْعَلِيلُ، فَهُوَ مُصْمَتٌ: إِذَا اعْتُقِلَ لِسَانُهُ فَلَمْ يَنْطِقْ. قَوْلُهُ: "يُتَرْجِمُ عَنْهُ" أَىْ: يُعَبِّرُ عَنْهُ، وَهُوَ التُّرجُمَانُ، كَأَنَّهُ فَارِسِىٌّ عُرِّبَ. {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} وَ "الْمَعَرَّة" ذُكِرَا (¬40). قَوْلُهُ: "لِأَنَّ الْمَعَرَّةَ بِزِنَاهَا أَعْظَمُ" (*) الْمَعَرَّةُ- هَا هُنَا: الْعَارُ وَالعَيْبُ، وَتَكُونُ الإِثْمَ أَيْضًا، قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬41): الْمَعَرَّةُ: الْأَمْرُ الْقَبِيحُ الْمكْرُوهُ. وَقَالَ العُزَيْزِىُّ (¬42): {مَعَرَّةٌ} (¬43): جِنَايةٌ كَجِنَايَةِ الْعُرِّ، وَهُوَ: الْجَرَبُ. قَوْلُهُ: "حَلَفَ [يَمِينًا] (¬44) عَلَى مَالِ مُسْلِمٍ فَاقْتَطَعَهُ" أَىْ: غَصَبَهُ وَمَلَكَهُ، وَمِنْهُ: إِقْطَاعُ السُّلطَانِ، وَفِى الْحَدِيثِ: "أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ حُضْرَ فَرَسِهِ" (¬45) أَىْ: مَلَّكَهُ. قَوْلُهُ: " [مَنَعَ] (¬46) فَضْلَ الْمَاءِ" الْفَضْلُ: الزِّيَادَةُ، وَمَعْنَاهُ: مَا زَادَ عَلَى حَاجَتِهِ، يُقَالُ: فَضَلَ يَفْضُلُ، وَفَضِلَ يَفْضَلُ، وَفَضِلَ بِالكَسْرِ- يَفْضُلُ بِالضَّمِّ، ثَلَاثُ لُغاتٍ، وَقَدْ مَضَتْ (¬47). ¬
قَوْلُهُ: "لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَبْهَأ النَّاسُ" (¬48) أَى: يَأْنَسوا بِهِ حَتى تَقِلَّ هَيْبَتُهُ فِى صُدُورِهِمْ، فَيَسْتَخِفُّوا بِهِ وَيَحْتَقِرُوهُ، وَيُقَالُ: بَهَأْتُ بِهِ أَبْهَا بُهُوءًا: إِذَا أَنِسْتَ بِهِ. قَوْلُهُ: "سِوَاكٍ مِنْ رُطْبٍ" (¬49) قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬50): الرُّطْبُ- بالضَّمِّ، سَاكِنَةُ الطَّاءِ: الْكَلَأُ، قَال ذُو الرُّمَّةِ (*): حَتَّى إِذَا مَعْمَعَانُ الصَّيْفِ هَبَّ لَهُ ... بِأْجَّةٍ نَشَّ عَنْهَا الْمَاءُ وَالرُّطُبُ وَهُوَ مِثْلُ عُسْرٍ وَعُسُرٍ. وَ "يَمِينٍ آثِمَةٍ" يَعْنِى: مُؤثِمَةً، فَاعِلَةٌ بِمَعْنَى مُفْعِلَةٍ. قَوْلُهُ: "تَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" (¬51) أَىْ لَزِمَهُ وَتَمَكَّنَ مِنْهُ، وَالْمَبَاءَةُ: الْمَنْزِلُ الْمَلْزُومُ، يُقَالُ بَوَّأْتُ فْلَانًا مَنْزِلًا، أَىْ: أَنْزَلْتَهُ. قَوْلُهُ: "حُرُوفَ الصِّفَاتِ" (¬52) هِىَ حُرُوفُ الْجَرِّ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُوصَفُ بِهَا النَّكِرَاتُ. قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ "الكَنِيسَةَ" مَسْجدُ الْيَهُودِ، وَ "الْبيعَةَ" مَسْجدُ النَّصَارَى (¬53). ¬
قَوْلُهُ: "ذَكَّرَهُمَا" (¬54) أَىْ: وَعَظَهُمَا، قاَلَ اللهُ تَعَالَي: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (¬55) وَسُمِّىَ الْوَاعِظُ الْمُذَكِّرَ، وَكَذَا الْمُؤَذِّنُ، وَأَصْلُهُ: مِنَ الذِّكْرِ ضِدِّ النِّسْيَانِ. قَوْلُهُ: "وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ بَرْزَةٍ" (¬56) الْبَرْزَةُ: الَّتِى لَا تَحْتَجبُ، وَتَبْرُزُ، أَىْ: تَظْهَرُ، وَالْبُرُوزُ: الظُّهُورُ، وَمِنْهُ {وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً} (¬57). قَوْلُهُ: "فَتَلَكَّأَتْ" (¬58) أَىْ: تَوَقَّفَتْ، يُقَالُ: تَلَكَّأَ عَنِ الْأَمْرِ: تَلَكُّؤًا: تَبَاطَأَ عَنْهُ وَتَوَقَّفَ. قَوْلُهُ: "وَيَرْفَعُ فِى نَسَبِهَا حَتَّى تَتَمَيَّزَ" (¬59) يُرِيدُ: يَذْكُرُ أَجْدَادَهَا الَّذِينَ تُنْسَبُ إِلَيْهِمْ، مِنْ رَفَعْتُ الْحَدِيت: إِذَا أَسْنَدْتَهُ. قَوْلُهُ: "فَسُرِّىَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -" (¬60) أَىْ: كُشِفَ، وَانْسَرَى الْهَمُّ عَنْهُ: مِثْلُهُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ: "فَإِذَا مَطَرَتْ -يَعْنِى السَّحَابَةَ- سُرِّىَ عَنْهُ" أَىْ: كُشِفَ عَنْهُ الْخَوْفُ (¬61). ¬
قَوْلُهُ: [فَقَدْ] (*) جَعَلَ اللهُ لَكَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا" (¬62) الْفَرَجُ- بِالتَّحْرِيكِ: زَوَالُ الْغَمِّ، يُقَالُ: فَرَّجَ اللهُ غَمَّهُ تَفْرِيجًا، وَكَذَلِكَ: فَرَجَ اللهُ عَنْكَ غَمَّكَ يَفرِجُ، بِالكَسْرِ وَالتَّخْفِيفِ. وَمَخْرجًا مِمَّا دَخَلَ عَلَيْكَ [مِنْ شِدَّةٍ وَبَلَاءٍ] (¬63). ¬
ومن كتاب الأيمان
وَمِنْ كِتَابِ الْأيمَانِ الْيَمِينِ (¬1): مَأْخُوذَةٌ مِنْ يَمِينِ الإِنْسَانِ، وَهِىَ: ضِدُّ يَسَارِهِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا إِذاَ تَحَالَفُوا أَوْ تَوَاثَقُوا (¬2): ضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَمِينَهُ بِيَمِينِ صَاحِبِهِ؛ وَلِأَنَّ الْحَالِفَ يُشِيرُ بِيَمِينهِ إِلَى الشَّيْىءِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا الْمُكَلَّفَ وَالتَّكْلِيفَ (¬3). قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} (¬4) يُقَالُ: لَغَا يَلْغُو وَيَلْغَى، وَلَغِىَ يَلْغَى: إِذَا تَكَلَّمَ بِمَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَلَا قَصْدَ لَهُ فِيهِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬5). وَفِى التَّفْسِيرِ: هو مَا يَسْبِقُ إلَيْهِ اللُسَانُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، كَقَوْلِهِمْ: لَا وَاللهِ، وَبَلَى وَاللهِ. قَالَ الأزْهَرِىُّ (¬6): اللَّغْوُ فِى كَلَام الْعَرَبِ عَلَى وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: فُضُولُ الْكَلَام وبَاطِلُهُ الَّذِى يَجْرِى عَلَى غَيْرِ عَقْدِ، وَالآخَرُ (¬7): مَا كَانَ فِيهِ رَفَثٌ وَفُحْشٌ وَمَأْثَمٌ. وَقَالَ قَتَادَةُ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً} (¬8) أَىْ: لَا تَسْمَعُ فِيهَا بَاطِلًا وَلَا مَأْثمًا (¬9). ¬
{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ} (*) شُدِّدَ (¬10) لِلتكْثِيرِ. قَوْلُهُ: "الْيَمِينُ الْغمُوسُ" (¬11) مفسرة (¬12)، وَقَالَ الجَوْهَرِىُّ (¬13): هِىَ الَّتِى تَغمِسُ صَاحِبَهَا فِى الِإثْمِ، ثُمَّ فِى النَّارِ (¬14). وَ "يَقْتَطِعُ بِهَا" يَمْلِكْ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬15). قَوْلُهُ: "ذَاكِرًا وَلَا آثِرًا" (¬16) ذَاكِرًا: ضِدُّ نَاسِيًا، أَيْ: مَا حَلَفْتُ بِهَا وَأَنَا ذَاكِرٌ إِلَيْهَا لَسْتُ بِنَاسٍ، وَقَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬17): لَيْسَ هُوَ مِنَ الذِّكْرِ بَعْدَ النِّسْيَانِ، إنَّمَا يَعْنِى: مُتَكَلِّمًا بِهِ، كَقَوْلِكَ: ذَكَرْتُ لِفُلَانٍ حَدِيثَ كَذَا وَكَذا. "وَلَا آثِرًا" أَىْ حَاكِيًا عَنْ غَيْرِى، يُقَالُ: أَثَرْتُ الْحَديِثَ آثرُهُ أَثْرًا: إِذَا ذَكَرْتَهُ عَنْ غَيْرِكَ، وَمِنْهُ قِيلَ: حَدِيث مَأْثُورٌ، أَىْ يَذْكُرُهُ خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ، قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ: {إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ} (¬18) أَىْ: يَأْخُذُهُ وَاحِدٌ عَنْ وَاحِدٍ قَالَ الْأَعْشَى (¬19): إنَّ الَّذِى فِيهِ تَمَارَيتُمَا ... بُيِّنَ للِسَّامِعِ وَالْآثِرِ ¬
وَ [مِثْلُهُ] (*) قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} (¬20). قَوْلُهُ: "أَو بِبَارِىء النَّسَمَةِ" (¬21) أَىْ: خَالِقِ الِإنْسَانِ، بَرَأَ الله الْخَلْقَ بَرْءًا، وَهُوَ الْبَارِىءُ، أَىِ: الْخَالِقُ (¬22)، وَالْبَرِيَّةُ: الْخَلْقُ، وَالنَّسَمَةُ: الِإنْسَانُ، وَجَمْعُهَا: نَسَمٌ، وَالنَّسَمَةُ أَيْضًا: النَّفَسُ- بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَهُوَ: الرَّبْوُ. قَوْلُهُ: "وَخَالِقُ الْكَذِبِ" يُقَالُ: خَلَقَ الإِفْكَ وَاخْتَلَقَهُ وَتَخَلَّقَهُ، أَىِ: افْتَرَاهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} (¬23) وَ {إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ} (¬24). قَوْلُهُ: "وَجَبَّارٌ مُتَكَبِّرٌ" الْجَبَّارُ: الَّذِى يَقْتُلُ عَلَى الْغَضَبِ، والمُتَكَبِّرُ: الْمُتَعَظِّمُ (¬25)، وَالْكِبْرُ: الْعَظَمَةُ، وَكَذَلِكَ الْكِبْرِيَاءُ. قَوْلُهُ: "وَالْمُؤْمِنُ" سُمِّىَ اللهُ مُؤْمِنًا، لِأنَّهُ آمَنَ عِبَادَهُ مِنْ أَنْ يَظْلِمَهُمْ، ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِىُّ (¬26). قَوْلُهُ: "بِعَظَمَةِ اللهِ، أَوْ بعِزَّتِهِ، أَوْ بكِبْرِيَائِهِ، أَوْ بِجَلَالِهِ" (¬27) الْعِزَّةُ: الْقُوَّةُ وَالْغلَبَةُ، مِنْ عَزَّ: إِذَا غَلَبَ، أَوْ مِنَ الْعِزِّ ضِدِّ الذُّلِّ. وَالْكِبْرِيَاءُ: الْعَظَمَةُ، وَجَلَالُهُ أَيْضًا: عَظَمَتُهُ. قَوْلُهُ: "مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ" ذَاتُ الشَّىْءِ حَقِيقَتُهُ، وَذَاتُ اللهِ تَعَالَى: حَقِيقَتُهُ، وَثُبُوتُ وَحْدَانِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ فِى النَّفْس اعْتِقَادًا، بِغَيْرِ جِسْمٍ وَلَا صُورَةٍ. ¬
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} (¬28) الْكَيْدُ: الْمَكْرُ، كَادَهُ يَكِيدُهُ كَيْدً وَمَكِيدَةً. وَالْمَكْرُ: هُوَ الاحْتِيَالُ وَالْخَدِيعَةُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا} (¬29) أَىْ: أَعْطَاكَ وَفَضَّلَكَ، مِنْ آثَرْتُ فُلَانًا عَلَى نَفْسِى إِيثَارًا، أَىْ: جَعَلْتُهُ أَحَقَّ بِهِ مِنِّى، قَالَ الله تَعَالَى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} (¬30). قَوْلُهُ: "الله إِنَّكَ قَتَلْتَهُ" (¬31) مَمْدُودٌ، عَلَى لَفْظِ الاسْتِفْهَامِ، وَالْخَفْضِ لَا غَيْرُ؛ لأَنَّ هَمْزَةَ الاسْتِفْهَام بَدَلٌ مِنْ حَرْفِ الْقَسَمِ الْخَافِضِ لِاسْمِ اللهِ تَعَالَى (¬32). وَفِى الثَّانِى يَجُوزُ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ، وَالْخَفْضُ وَالنَّصْبُ وَالرَّفْعُ، وَلَا يَكُونُ الْخَفْضُ إِلَّا مَعَ الْمَدِّ. وَمَعْنَى الرَّفْع: اللهُ قَسَمِى، أَو اللهُ الَّذِى أُقْسِمُ بِهِ. وَالنَّصْبُ لِفُقْدَانِ الْخَافِضِ، كَمَا قَالُوا: يَمِينَ اللهِ. وَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ (¬33): الْمَدُّ فى الْأوَّلِ؛ لأنَّهُ اسْتَفْهَامُ صَرِيحٌ، وَالْقَصْرُ فِى الثَّانِى، وَمَنْ جَوَّزَ الْمدَّ فِى الثَّانِى، فَإِنَّهُ قَصَدَ الْعِوَضَ لَا الاسْتِفْهامَ (¬34). [قَوْلُهُ] (¬35) "لَا هَا اللهِ" (¬36) هِىَ "هَا الَّتِى لِلتَّنْبِيهِ، جُعِلَتْ عِوَضًا مِنْ حَرْفِ الْقَسَمِ، وَقَدْ رُوِىَ فِيهَا الْمَدُّ، وَلَا أَعلَمُ لَهَا وَجْهًا، وَكَذاَ رُوِىَ فِى حَدِيثِ الَرِّبَا "الْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ. . . إِلَى أَنْ قَالَ: هَاءَ وَهَاءَ" (¬37) يُرِيدُ: يَدًا بِيَدٍ، ¬
وَمعْنَاهَا فِى الرِّبا: خُذْ، يُقَالُ: هَاكَ الدِّرْهَمَ، أَىْ: خُذْ. وَفِى كِتَابِ اللهِ تَعَالَى: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} (¬38) فَمَدَّهَا لِأَجْلِ الهَمْزَةِ الَّتِى بَعْدَهَا، وَقِيلَ: هِىَ مَمْدُودَةٌ فِى نَفْسِهَا، وَكَذَلِكَ: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ} (¬39) وَأنْشَدُوا لِعَلِىِّ - رضي الله عنه - (¬40): أَفَاطِمَ هَائِى السَّيْفَ غَيْرَ ذَميمْ ... فَلَسْتُ بِرِعْدِيدٍ وَلَا بِلَئِيمْ قَوْلُهُ: "وَأَيمْ اللهِ إِنَّهُ لَخَلِيقٌ بِالِإمَارَةِ" (¬41) أَيْمُ أَصْلُهُ: أَيْمُنُ، فَحُذِفَتْ مِنْهُ النُّونُ، لِكَثْرَةِ الاسْتِعْمَالِ، كَمَا حَذَفْوهَا فِى يَكُنْ، فَقَالُوا: لَمْ يَكُ. وَاخْتَلَفُوا فِى أَلِفهَا، فَسِيَبَوَيْهِ يَقُولُ: إِنَّهَا ألِفُ وَصْلٍ، وَالْفَرَّاءُ يَقُولُ: إِنَّهَا أَلِفُ قَطْعٍ، وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ ذِكْرِهِ (¬42). وَأمَّا مِيمُ "أَيْمُ" فَالْقِيَاسُ ضَمُّهَا، كَمَا كَانَتْ مَضْمُومَةً قَبْلَ الْحَذْفِ، وَذَكَرَ الْقَلْعِىُّ (¬43) أَنَّهَا تُخْفَضُ بِالْقَسَمٍ، وَالْوَاوُ وَاوُ قَسَمٍ عِندَهُ. وَذَاكَرْتُ بِهَا (¬44) جَمَاعَةً مِنْ أَئِمَّةِ النَّحْوِ وَالْمَعْرِفةِ فَمَنَعُوا مِنَ الْخَفْضِ، وَقَالُوا: أَيْمُنٌ بِنَفْسِهَا آلة لِلْقَسَمِ، فَلَا تَدْخُلُ عَلَى الآلةِ آلة، هَكَذَا ذَكَرَ لِى مَنْ يَسمَعُ التَّاجِ النَّحْوِىَّ رَئِيسَ أَهْلِ الْعَرَبيَّةِ بِدِمَشْقَ. ¬
قَوْلُهُ: "إِنَّهُ لَخَلِيقٌ بِالِإمَارَةِ" أَىْ [: حَقِيقٌ] (¬45) وَجَدِيرٌ، وَقَدْ خُلِقَ لِذَلِكَ، كَأَنَّه مِمَّنْ يقَدَّر لِذَلِكَ، وَتُرَى فِيهِ مَخَايِلُهُ، وَهَذَا مَخْلَقَةٌ لِذَلِكَ (¬46)، أَىْ: مَجْدَرَةٌ. قَوْلُة: "لَعَمْرُ اللهِ" كَأَنَّهُ حَلِفٌ بِبَقَاءِ اللهِ (¬47)، وَأَصْلُة: العُمْرُ بِضَمِّ الْعَيْنِ، فَاسْتُعْمِلَ فِى الْقَسَمِ بِالْفَتْحِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَعْمَهُونَ} (¬48) لَا يَهْتَدُونَ، وَالْعَمَهُ: التَّحَيُّرُ وَالتَّرَدُّدُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} (¬49) أَىْ: بَالَغُوا فِى الْيَمِينِ وَاجْتَهَدُوا فِيهَا. قَوْلُهُ: "أَعْزِمُ بِاللهِ" عَزَمَ عَلَى الْأَمْرِ: إِذَا قَطَعَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَرُدُّهُ عَنْهُ شَيْئٌ. قَوْلُهُ: "حَنِثَ، وَلَمْ يَحْنَثْ" (¬50) فِى مَوَاضِعَ، أَصْلُ الحِنْثِ: الْإِثْمُ وَالذَّنْبُ، وَبَلَغَ الْغُلَامُ الْحِنْثَ، أَىْ: الْمَعْصِيَةَ وَالطَّاعَةَ. وَالْحِنْثُ: الْخُلْفُ فِى اليَمينِ، يُقَالُ: حَنَثَ فِى يَمينِهِ، أَىْ: لَمْ يَبَرَّ، فَيَأْثَمُ وَيُذْنِبُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِىِّ: الحِنْثُ: الرُّجُوعُ فِى الْيَمِينِ، أَنْ (¬51) يَفْعَلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ. ¬
ومن باب جامع الإيمان
وَمِنْ بَابِ جَامِعِ الِإيمَانِ قَوْلُهُ: "وَتَرَكَ رَحْلَهُ فِيهَا" (¬1) هُوَ مَا يَسْتَصْحِبُهُ مِنَ الْأَثَاثِ. وَالرَّحْلُ: مَسْكَنُ الرَّجُلِ أَيْضًا، وَمِنْهُ (¬2) الْحَدِيثُ: "صَلُّوا فِى الرِّحَالِ" (¬3). وَكَذَا قَوْلُهُ: "لِنَقْلِ الرَّحْلِ" هُوَ الْأَثَاثُ، كَالْجَفْنَةِ (¬4)، وَالْقِدْرِ، وَالسِّرَاجِ. وَالرَّحْلُ فِى غَيْرِ هَذَا: عُدَّةُ الْبَعِيرِ. قَوْلُهُ: " [فِى بَيْتٍ] (¬5) مِنْ خَانٍ" الخَانُ: مَوْضِعٌ يَسْكُنُهُ الْمُسَافِرُونَ. قَوْلُهُ: "عَلَى سَطْحِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُحَجَّرٍ" (¬6) الْمُحَجَّرُ: الَّذِى عَلَيْهِ بِنَاءٌ يُحِيطُ بِهِ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْحُجْرَةُ. وَ "سُورُ الدَّارِ" (¬7) مَا يُحِيطُ بِهِ. قَوْلُهُ: "سَاحَةً أَوْ [جُعِلَتْ] حَانُوتًا" السَّاحَةُ: الْعَرْصَةُ الَّتِى لَا بِنَاءَ فِيهَا. وَالْحَانُوتُ: الدُّكَّانُ فَارِسِىٌّ مُعَرَّبٌ (*) وَالْحَانُوتُ أَيْضًا: بَيْتُ الْخَمْرِ (¬9). وَقَالَ ¬
فِى فِقْهِ اللُّغَةِ (¬10): الْحَانُوتُ: مَكَانُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ. قَوْلُهُ: "دُونَ الْمِصْرَاعِ" (¬11) هُوَ اللَّوْحُ الَّذِى يُنْصَبُ، وَهُمَا مِصْرَاعَانِ. قَوْلُهُ: "الْقَرَوِى" (¬12) مَنْسُوب إِلَى الْقَرْيَةِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأنَّهَا تَجْمَعُ النَّاسَ، مِنْ قَرَىَ: إذَا جَمَعَ، وَيُقَالُ: قِرْيَةٌ: لُغَةٌ يَمَانِيةٌ، [وَ] (¬13) لَعَلَّهَا جُمِعَتْ عَلَى ذَلِكَ، مِثْلُ: لِحْيَةٍ وَلُحىً (¬14). قَولُهُ: "بُيُوتَ الْمَدَرِ" أَصْلُ الْمَدَرِ، قِطعُ الطِّينِ الْيَابِسِ. وَالتُّرَابُ وَالطِّينُ: واحِدٌ، وَالتُرَابُ: أَعَمُ. وَتُسَمَّى الْبَلْدَةُ: مَدَرَةً. "الْحَمَلُ" (¬15) وَلَدُ النَّعْجَةِ الصَّغِيرُ، فَإذَا كَبِرَ فَهُوَ كَبْشٌ. قَوْلُهُ: "لَا [يَشْرَبُ] (¬16) السَّوِيقَ فَاسْتَفَّهُ" يُقَالُ: سَفَّ الدَّوَاءَ وَاسْتَفَّهُ، وسَفِفْتُ أَنَا- بِالْكَسْرِ، وَاسْتَفَفْتُهُ (¬17): بِمَعْنًى، أَىْ: أَخَذْتَهُ غَيْرَ مَلْتُوتٍ. وَكَذَا السَّوِيقُ، وَكُلُّ دَوَاءٍ غَيْرُ مَعْجُونٍ، فَهُوَ سَفُوفٌ. "الازْدِرادُ" الْبَلْعُ مِنْ غَيْرِ مَضْغٍ وَلَا لَوْكٍ. ¬
قَوْلُهُ: [[فَأُوجِرَ"] (¬18) الْوَجُورُ: الدَّوَاءُ الَّذِى يُصَبُّ فِى وَسَطِ الْفَمِ، تَقُولُ مِنْهُ: وَجَرْتُ الصَّبِى وَأَوْجَرْتُهُ: بِمَعْنًى. وَأَوْجَرْتُهُ الرُّمْحَ لَا غَيْرُ: إِذا طَعَنْتَهُ بِهِ. قَوْلُهُ: "يَتَخَلَّلُهُ مِنَ [الْبَيَاضِ] (¬19) " أَىْ: يَدْخُلُ فِى خَلَلِهِ، وَالْخلَلُ: الفُرَجُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ أوِ الْأشْيَاءِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬20) قَوْلُهُ: "بِالْحَلِيبِ وَالَّرائِبِ (وَالْجُبْنِ، وَاللُّورِ، وَالِّبَأِ، وَالْمَصْلِ، وَالْأقْطِ، وَالشِّيرَازِ") (¬21). أَمَّا الْحَلِيبُ: فَمَعْرُوفٌ، عِنْدَمَا (¬22) يُخْرَجُ عِنْدَ الْحَلْبِ، وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، أَىْ: مَحْلوبٌ. وَأَمَّا الرَّائِبُ: فَيُسَمَّى اللَّبَنُ بذَلِكَ إِذَا حَمَضَ خَثُرَ، أَىْ: ثَخَنَ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬23). وَأَمَّا الْجُبْنُ (¬24): فَمَعْرُوف أَيْضًا، وَهُوَ [لَبَنٌ] (¬25) يُعْقَدُ بِالِإنْفَحَةِ، يُقَالُ: جُبْنٌ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ، وَضّم الجِيمِ [وَالْبَاءِ] لُغَةٌ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: جُبُنٌّ وَجُبُنَّةٌ بِالضَّم وَالتَّشْدِيد. ¬
وَأَمَّا اللُّورُ- بِضَمِّ اللَّامِ، فَهُوَ: أَنْ يُجْعَلَ فِى الْحَلِيبِ الإِنْفَحَةُ، فَيَنْعَقِدُ، فَيُؤْكَلُ قَبْلَ أَنْ يَشْتَدَّ، يُؤْتَدَمُ [بِهِ،] (¬26) وَيُؤْكَلُ بِالتَّمْرِ، وَيُعْتَمَدُ مِنْهُ (¬27) الْحَلِيبُ الَّذِى يِكُونُ بَعْدَ اللِّبأَ. وَأَمَّا اللّبَأُ- مَقْصُور مَهْمُوزٌ: فَهُوَ لَبَنُ الْبَهِيمَةِ عِنْدَ أَوَّلِ مَا تُنْتَجُ، يُتْرَكُ عَلَى النَّارِ فَيَنْعَقِدُ. وَأَمَّا الْمَصْلُ: فَيُؤْخَذُ مَاءُ الْجُبْنِ وَالأَقِطِ فَيُغْلَى، غَلْيًا شَدِيدًا حَتَّى يَتَقَطَّعَ وَيَطْلُعَ الثَّخِين نَاحِيَةً، فَيُتْرَكُ فِى خَرِيطَةٍ (¬28) لِيَنزِلَ (¬29) مِنْهُ الْمَاءُ الرَّقِيقُ، ثمَّ يُعْصَرُ وَيُوضَعُ فَوْقَ الْخَرِيطَةِ شَيْىءٌ ثَقِيل لِيُسْتَنْزَلَ مَا فِيهِ، ثُمَّ يُتْرَكُ فِيهِ قَليِلٌ مِنَ الْمِلْحِ، وَيُجْعَلُ أَقْراصَا [أَوْ حِلَقًا] (¬30) وَالْمَصْلُ وَالْمُصَالَةُ، أَصْلُهُ: مِنْ مَصَلَ: إِذَا سَالَ مِنْهُ شَىْءُ يَسِيرٌ، يُقَالُ: مَصَلَ يَمْصُلُ مَصْلًا (¬31). طَعْمُهُ مُمْتَزِجُ، لَيْسَ بِالْحَامِضِ وَلَا الْحُلْوِ. وَالشِّيَرازُ: هُوَ أَنْ يُؤْخَذَ اللَّبَنُ الْخَاثِرُ، وَهُوَ الرَّائِبُ، فيُجْعَلَ فِى كِيسٍ حَتَّى يَنْزِلَ مَاءُهُ وَيَصْرِبَ (¬32). هَذَا الَّذِى قَصَدَهُ صَاحِبُ الْكِتَابِ. وَقَدْ يُعْمَلُ الشِّيرَازُ أَيْضًا بِأَنْ يُتْرَكَ الرَّائِبُ فِى وِعَاء، وَيُوضَعَ فَوْقَهُ الأبَازِيرُ، وَشَيْىءٌ مِنَ الْمُحْرِفَاتِ (¬33)، ثُمَّ يُؤْكَلُ، وَيُتْرَكُ فَوْقَهُ كُلَّ يَوْمٍ لَبَنٌ حَلِيبٌ. ¬
وَأَمَّا الْأقْطُ، فَقَدْ ذُكِرَ (¬34)، وَهُوَ أَنْ يُغلَى اللَّبَن الْحَامِضُ الْمَنْزُوعُ الزُّبْدِ عَلَى النَّارِ حَتَّى يَنْعَقِدَ وَيُجْعَلَ قِطَعًا صِغَارًا، وَيُجَفَّفَ فِى الشَّمْسِ. وَذَكَرَ فِى التَّنْبِيهِ "الدُّوغَ" بِضَمِّ الداّلِ، وَهُوَ: الْمَخِيضُ بِعَيْنِهِ، فارِسِىٌّ مُعَرَّبٌّ (¬35). وَذَكَرَ فيهِ أَيْضًا "الْكَشْكَ" وَهُوَ: أَنْ يُهْرَسَ الْبُرُّ [أَو] (¬36) الشَّعيرُ حَتَّى يُنْقَى مِنَ الْقِشْرِ، ثُمَّ يُجَشُّ وَيُغْلَى فِى الْمَخيضِ إِلَى أَنْ يَخْثُرَ، فَيُشَرَّرَ، أَىْ: يُجَفَّفَ. ذَكَرَهُ فِى مُجْمَلِ اللُّغةِ (¬37). وَأَمَّا "الْمُرِّىُّ" فَإنَّمَا هُوَ بِتَشْديد الرّاءِ وَالْيَاءِ، وَكَأَّنَّهُ مَنْسوبٌ إِلى الْمَرَارَةِ، وَالْعَامَّةُ تُخَفِّفُهُ. وَصِفَتُهُ: أَنْ يُؤْخَذَ الشَّعيرُ فيقْلى، ثُمَّ يُطْحَنُ وَيُعْجَنُ وَيُخمَّرُ، ثُمَّ يُخلَطُ بِالِماءِ، فيسْتَخْرَجُ مِنْهُ خَلٌّ يَضْرِبُ لَوْنُهُ إِلَى الْحُمْرَةِ، يُؤْتّدَمُ بِهِ، وَيُطْبَخُ بِهِ. "وَالتُّوتُ" شَجَرٌ مَعْروفٌ، يُعْلَفُ (¬38) دودَ الْقَزِّ لَهُ [ثَمَرٌ] (¬39) أَحْمَرُ. وَ "النَّبقُ" ثِمارُ السِّدْرِ، وَفِى الْحَديثِ فِى سِدْرَةِ الْمُنْتَهى: "نَبِقُها مِثْلُ قِلالِ هَجَرَ" (¬40). وَ "الْبَنَفْسَجُ" شَجَرٌ طَيِّبُ الرِّيحِ، طَبْعُهُ الرُّطوبَةُ، زَهْرُهُ أَحْمَرُ أَدْهَمُ، وَهُوَ مُعَرَّبُ "بَنْفَشَهْ" (¬41). ¬
وَ "الرَّيْحانُ الْفارِسِىُّ" هُوَ الشَّقِرُ (¬42) فِى لُغَةِ بَعْضِ الْعَوَامِّ بِالْيَمَنِ (¬43). وَ "الْياسَمينُ" شَجَرٌ طَيِّبُ الرّائِحَةِ، يُشَمُّ زَهْرُهُ، لَهُ أَغْصانٌ دِقاقٌ، زَهْرُهُ أَبْيَضُ. قَوْلُهُ: "جَوْشَنًا" (¬44) هُوَ دِرْعٌ قَصيرَةٌ عَلى قَدْرِ الصَّدْرِ. قَوْلُهُ: "وَإنْ لَبِس مِخنَقَةً" (¬45) هِىَ الْقِلادَةُ، مَأْخوذٌ مِنَ الْمُخَنَّقِ، وَهُوَ: مَوْضِعُ الْخَنِقِ مِنَ الْعُنُقِ. وَ "السَّبَجُ" (¬46) خَرَزٌ أَسْوَدُ مَعْروفٌ. وَ "السَّوادُ" قُرَى الْعِراقِ وَمَزارِعُها. وَ "الْقَلَنْسُوَةُ" (¬47) مَلْبوسٌ عَلى قَدْرِ الرَّأْسِ مَعْروفٌ عِنْدَهُمْ (¬48). قَوْلُهُ: "وَإِنْ لَكَمَها أَوْ لَطَمَها أَوْ رَفَسَها" (¬49) لَكَمَهُ يَلْكُمُهُ: إِذا ضَرَبَهُ بِجُمْعِ كَفِّهِ. وَاللَّطْمُ: الضَّرْبُ عَلى الْوَجْهِ بِباطِنِ الرّاحَةِ. وَالرَّفْسُ: الضَّرْبُ بِالرِّجْلِ، رَفَسَهُ يَرْفِسُهُ. ¬
(قَوْلُهُ: "حَتَّى ضَنِىَ" الضَنَّىَ: هُوَ الْمَرَضُ الْمُدْنِفُ الَّذى يُلْزِمُ صاحِبَهُ الْفِراشَ، وَيُضْنِيهِ حَتَّى يُشْرِفَ عَلى الْمَوتِ. ذَكَرَهُ الْأزْهَرِىُّ (¬50)) (¬51). قَوْلُهُ: "بَرَّ فِى يَمِينهِ" (¬52) الْبِرُّ: ضِدُّ الْحِنْثِ، يُقَالُ: بَرَّ يَبَرُّ، وَبَرِرْتُ أَبَرُّ - بكَسْرِ عَيْنِ الْفِعْلِ فِى الْمَاضِى وَفَتْحِهَا فِى الْمُسْتَقْبَلِ. وَكَذَلِكَ بَرِرْتُ وَالِدِى أَبَرُّ، ضِدُّ الْعُقُوقِ. قَوْلُهُ تَعَالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ [وَلَا تَحْنَثْ] (¬53)} الضِّغثُ: الْحُزْمَةُ مِنَ الشَّيىْءِ، قَالَ الْيَزِيدىُّ (¬54) الضِّغثُ: مِلْءُ الْيَدِ مِنَ الْحَشِيشِ. وَفِى التَّفْسِيرِ: خُذْ قَبْضَةً مِنْ أَسَلٍ (¬55) فِيهَا مِائَةُ قَضِيبٍ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَّا وَحْيًا} (¬56) فَسَّرَهَ (¬57) فِى الْكِتَابِ بِالرِّسَالَةِ (¬58)، وَذَكَرَ فِى الصَّحَاحِ (¬59) أَنَّه الْكِتَابَةُ، وَالِإشَارَةُ، وَالرِّسَالَةُ، وَالِإلْهَامُ، وَالْكَلَامُ الْخَفِىُّ، وَكُلُّ مَا أَلقَيْتَهُ إِلَى غَيْرِكَ، يُقَالُ: وَحَيْتُ إِلَيْهِ الْكَلَامَ، وَأَوْحَيْتُ، وَهُوَ أَنْ تكَلِّمَهُ بِكَلَامٍ تُخْفِيهِ، قَالَ (¬60): * وَحَى لَها الْقَرارَ فَاسْتَقَرَّتِ (*) * وَيُرْوَى: "أَوْحَى لَهَا". ¬
قَوْلُهُ. تَعَالى: {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} (¬61) الِإنْسُ: الْبَشَرُ، الْوَاحِدُ: إِنْسِىٌّ (¬62) وَأَنسِىٌّ أَيْضًا- بِالتَّحْرِيكِ، وَالْجَمْعُ: أَنَا سِىُّ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} (¬63) الْبَغِىُّ: الزَّانِيَةُ، وَالْبِغَاء: الزِّنَا، وقد ذكر (¬64). قَوْلُهُ: "وَاللهِ لَا تَسَرَّيْتُ" ذُكِرَ فِى اشْتِقَاقِهِ فِى الْكِتَابِ ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ (¬65)، وَذَكَرَ فِى الصَّحَاحِ وَجْهًا رَابعًا: أَنْ أَصْلَهُ: تَسَرَّرْتُ مِنَ السُّرُورِ، وَهُوَ: الْفَرَحُ، فَأُبْدِلَ مِنَ الرَّاءِ الأُخْرَى يَاءٌ، كَمَا قَالُوا فِى تَظَنَّنْتُ: تَظَنَّيْتُ (¬66). وَالسُّرِّيَّةُ: فُعْلِيَّةٌ مِنَ السِّرِّ، وَهُوَ: الْجِمَاعُ، وَضُمَّتِ السِّينُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ مَوْضِعُ تَغْيِير. قَوْلُهُ: "مُسَلَّطًا عَلَى بَيْعِهِ" (¬67) التَّسْلِيطُ: الْقَهْرُ، وَالأَخْذُ بِالْغَلَبَةِ، وَكَذَا السَّلَاطَةُ (¬68)، وَقَدْ سَلَّطَهُ اللهُ فَتَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ: [لَا يَرْفَعُ] مُنْكَرا" (¬69) هُوَ: مَا خَالَفَ الشَّرْعَ وَالدِّينَ، وَأَنْكَرَهُ النَّاسُ. ¬
قَوْلُهُ: "حِينًا أَوْ حُقْبًا" (¬70) الْحُقْبُ [بِالضَّمِّ] (¬71): ثَمَانُونَ سَنَةً، وَيُقَالُ: أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَيقالُ: هُوَ وَقْتٌ مِنَ الزَّمَاِنِ لَا حَدَّ لَهُ، وَهُوَ الَّذِى يَقْتَضِيهِ الشَّرْعُ، وَيُفْتِى (¬72) بِهِ أَهْلُ الْفِقْهِ. وَالْحِينُ أَيْضًا: الْوَقْتُ. قوله: "مَاءَ حُبٍّ" (¬73) الْحُبُّ: الْخابِيَةُ، فَارِسِىٌّ مُعَرَّبٌ (¬74) وَهُوَ: السِّرْدَابُ. قَوْلُهُ: "بِأَمْرِهِ مَجَازًا" الْمَجَازُ: ضِدُّ الْحَقِيقَةِ، مِثْلُ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (¬76) وَ {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ} (¬77) فَالْقَرْيَةُ لَا تُسْأَلُ فِى الْحَقِيقَةِ، وَالصَّلَوَاتُ لَا تُهَدَّمُ، وإِنَّمَا هُوَ مَجَازٌ، أَرَادَ: أَهْلَ الْقَرْيَةِ، وَمَوَاضِعَ الصَّلَوَاتِ. وَ "الْكَفَّارَةُ" أَصْلُهَا: التَّغطِيَةُ، كَأنَّهَا تُغَطى الذَّنْبَ وَتَسْتُرُهُ، وَقَدْ ذُكرت (¬78). وَالْكَفْرُ- بالْفَتْحِ: التَّغطِيَةُ، وَقَدْ كَفَرْتُ الشَّيْىءَ أكْفِرُهُ بِالكَسْرِ- كَفْرًا، أَىْ: سَتَرْتُهُ. وَرَمَادٌ مَكْفُورٌ: إِذَا سَفَتْ عَلَيْهِ الرِّيحُ التُّرَابَ حَتَّى غَطَّتْهُ، وَأَنْشَدَ الْأصْمَعِىُّ (¬79): هَلْ تَعْرِفُ الدَّارَ بِأَعْلَى [ذِى] (¬80) الْقُور قَدْ دَرَسَتْ غَيْرَ رَمَادٍ مَكفُور ¬
قَوْلُهُ: "وُكِلْتَ إِلَيْهَا" (¬81) يُقَالُ: وَكَلَ إِلَيْهِ الْأَمْرَ: إِذَا جَعَلَهُ بِيَدِهِ وَعَجَزَ عَنْهُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "اللَّهُمَّ لَا تَكِلْنَا إِلَى أنْفُسِنَا فَنَعْجِز". قَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} (¬82) الْأوْسَطُ هَا هُنَا: بَيْنَ الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ فِى تَفْسِيرِهَا: الْخُبْزُ وَالسَّمْنُ، وَالْخُبْزُ وَالزَّيْتُ، وَالْخُبْرُ وَالتَّمْرُ، وَمِنْ أَفضَلِ مَا تُطْعِمُونَهُمْ، الخبْزُ وَاللَّحْمُ. قَوْلُهُ: "الْمِنْطَقَةُ وَالتِّكَّةُ" (¬83) الْمِنْطَقَةُ: (مَعْروفَةٌ، اسْمٌ لَهَا خَاصَّةً) (¬84) وَالْمِنْطَقُ: كُلُّ مَا شَدَدْتَ بِهِ وَسَطَكَ، وَفِى الْمَثَلِ: "مَنْ يَطُلْ هن أبيه يَنْتَطِقْ بِهِ" (¬85) أَىْ: مَنْ يَكْثُرُ (¬86) بَنُو أَبِيهِ يَتَقَوَّى بِهِمْ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ "ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ". والتِّكَّةُ: بِالتَّشْدِيد، بِدَلِيلِ أَنَّ جَمْعَهَا تِكَكٌ، وَتَخْفِيفُهَا خَطَأٌ. "الطَّيْلَسَانُ" (¬87) بِفَتْحِ اللَّام: وَاحِدُ الطَّيَالِسَةِ، وَهُوَ فَارِسِىٌّ مُعَرَّبٌ (¬88)، ثَوْبٌ يُغَطِّى بهِ الرَّأْسُ وَالْبَدَنُ، يُلْبَسُ فَوْقَ الثِّياَب وَقَدْ تُكْسرُ اللَّامُ مِنهُ (¬89). ¬
ومن كتاب العدد
وَمِنْ كِتَاب الْعِددِ الْعِدَذ: جَمْعُ عِدَّةٍ، وَالْعِدَّةُ: فِعْلَةٌ، مَأْخْوذَةٌ (¬1) مِنَ الْعَدِّ وَالِإحْصَاءِ، أَىْ: مَا تحْصِيهِ وَتُعِدُّهُ مِنَ الْأيَّامِ وَالْأَقْرَاءِ. قَوْلُة: " [وَإِنْ وَضَعَتْ] (¬2) مُضْغَةً" الْمُضْغَةُ: قِطْعَةُ لَحْمٍ. وَقَلْبُ الإِنْسَانِ: مُضْغُةٌ مِنْ جَسَدِهِ، مِنْ مَضَغَ الطَّعَامَ يَمْضَغَهُ وَيَمْضغُهُ: إِذا لَاكَة. وَالْمَضَاغُ بِالْفَتْحِ: مَا يُمْضَغُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ} (¬3) الْفِصَالُ: الْفِطَامُ، وَقَطْعُ الرِّضَاعِ. فَصَلْتُهُ: إِذَا فَطَمْتَهُ، وَفَصَلْتُ الرضِيعَ عَنْ أُمِّهِ فِصَالًا، وَكَذَلِكَ [افْتَصَلْتُهُ] (¬4). قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (¬5) يَتَرَبَّصْنَ: يَنْتَظِرْنَ، وَالتربُّصُ: الانْتِظَارُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ} (¬6). ¬
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِى الأَقْرَاء، فَذَهَبَ قَوْم إِلَى أنَّهَا [الْأطْهَارٌ] (¬7) وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِىِّ (¬8) [رَحِمَهُ اللهُ] (¬9). وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهَا الْحَيْضُ (¬10)، وَأَهْلُ اللُّغَةِ يَقُولُونَ: إِنَّ الْقُرْءَ يَقَعُ عَلَى الْحَيْضِ وَعَلَى الطُّهْرِ جَمِيعًا، وَهُوَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْأَضْدَادِ (¬11). وَأَصْلُ الْقَرْءِ: الْجَمْعُ، يُقَالُ: قَرَيْتُ الْمَاءَ فِى الْحَوْضِ، أَىْ: جَمَعْتَهُ، فَكَأَنَّ الدَّمَ يَجْتَمِعُ فِى الرَّحِمِ ثُمَّ يَخْرُجُ. وَقَالَ بَعْضُهُمَ: الْقَرْءُ (¬12) الْوَقْتُ، قَالَ (¬13): . . . . . . . . . . . . . ... إذا هَبَّتْ لِقَارِئِهَا الرَّيَاحُ أَىْ: لِوَقْتِهَا، فَلَمَّا كَانَ الْحَيْض يَجِيىءُ لِوَقْتِ، وَالطُّهْرُ لِوَقْتِ: سُمِّىَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَرْءًا. قَوْلُهُ: "فَإذَا طَعَنَتْ فِى [الْحَيْضَةِ"] (¬14) أَىْ: دَخَلَتْ، يُقَالُ: طَعَنَ فِى السِّنِّ يَطْعُنُ: إِذَا كَبِرَ، وَطَعَنَ فِى الْمَفَازَةِ: إِذَا سَارَ (¬15). ¬
قَوْلُهُ: "إِذَا شَرَعَتِ الصَّغِيرَةُ فِى الْعِدَّةِ" (¬16) يُقَالُ: شَرَعْتُ فِى الْأَمْرِ شُرُوعًا، أَىْ: خُضْتُ: وَشَرَعَتِ الدَّوَابُّ فِى الْمَاءِ، أَىْ: دَخَلَتْ فِيهِ، وَأَصْلُهُ: الطرَّيقُ إِلَى الْمَاءِ، وَهِىَ الْمَشْرَعَةُ، وَبِهِ سُمِّىَ الشَّرْعُ، وَالشَّارِعُ، أَىِ: الزُّقَاقُ. قَوْلُهُ: "وَإنْ [وُطِئَتِ امْرَأةٌ بِشُبْهَةٍ" (¬17)] فِى مَوَاضِعَ مِنَ الْكِتَابِ. الشُّبْهَةُ: الْالْتِبَاسُ، وَالْمُشْتَبِهَاتُ مِنَ الأُمُورِ الْمُشْكِلَاتُ، وَالْمُتَشَابِهَاتُ: الْمُتَماثِلَاتُ، وَالتَّشْبِيهُ: التَّمْثِيلُ، فَيَحْتَمِلُ حِينَئِذٍ أَمْرَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَلْتَبِسَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ (¬18)، فَيَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ فَيَطَؤُهَا. وَالثَّانِى: أَنْ تَكُونَ مِثْلَ زَوْجَتِهِ فِى الْخِلْقَةِ وَالصُّورَةِ وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِى الْمَعْنَى. قَوْله (¬19): "فَإنْ كَانَتْ حَائِلًا" الْحَائِلُ (¬20): ضِدُّ الْحَامِلِ، مُشْتَقُّ مِنَ الْحَوْلِ الَّذِى هُوَ السَّنَةُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬21): الْحَائِلُ: الَّتِى وُطِئَتْ فَلَمْ تَحْمِلْ، يُقَالُ: حَالَتِ النَّاقَةُ حِيَالًا: إِذَا لَمْ تَحْمِلْ. قَوْلُهُ: "بِأقْصَى الْأَجَلَيْنِ" (¬22) بَأَبْعَدِهِمَا، وَالْقَصَا: الْبُعْدُ. ¬
قَوْلُهُ: "اسْتَهْوَتْهُ الْجِنُّ" (¬23) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: أَرَادَ: ذَهَبَتْ بِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أسْتَمَالَتْهُ، أَىْ: أَضَلَّتْهُ الشَّيَاطِينُ، فَهَوِىَ، أَىْ: أَسْرَعَ إِلَى مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ (¬24). وَقَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬25): اسْتَهْوَاهُ الشَّيْطَانُ، أَىْ: اسْتَهَامَهُ (¬26). قَوْلُهُ: "يَسُوغُ فِيهِ الاجْتِهَادُ" (¬27) فِى مَوَاضِعَ مِنَ الْكِتَابِ، أَىْ: يَحْسُنُ جَوَازُهُ، وَيَلِيقُ الْحُكْمُ بِهِ، مِنْ سَاغَ الشَّرَابُ يَسُوغُ: إذَا سَهُلَ مَدْخَلُهُ فِى الْحَلْقِ، قَالَ اللهُ تَعالَى: {وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} (¬28) وَأَسَاغَ غُصَّتَهُ بِالْمَاءِ: إِذَا سَهَّلَهَا. قَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنْ وُجْدِكُمْ} (¬29) أَىْ: مِنْ غِثَاكُمْ، الْوُجْدُ وَالْجِدَةُ فِى الْمَالِ: الْغِنَى، وَالسَّعَةُ، وَالْقُدْرَةُ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَىُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وَعِرْضَهُ" (¬30). قَوْلُهُ: ["فِى دَارِ] (¬31) وَحْشَةٍ" بِإِسْكَانِ الْحَاءِ، وَإِضَافَةِ الدَّارِ إِلَيْهَا، وَأَصْلُهُ: الْمَكَانُ الْقَفْرُ الْخَالِى (¬32) مِنَ الْأنِيسِ، يُقَالُ: بَلَدٌ وَحْشٌ - بِالتَّسْكِينِ، أَىْ: قَفْرٌ، وَأَوْحَشَ الْمَنْزِلُ: صَارَ كَذَلِكَ. ¬
قَوْلُهُ: "وَإِنْ بذَتْ عَلَى أهْلِ زَوْجِهَا" الْبَذَاءُ- بِالْمَدِّ: الْفُحْشُ، وَفُلَانٌ بذِىُّ اللِّسَانِ، وَالْمَرْأَةُ بَذِيَةٌ، تَقُولُ مِنْهُ: بَذِيتُ (¬33) وَبَذَوْتُ، وَبَذُوَ الرَّجُلُ يَبْذُو. قَوْلُهُ: "فَإنْ كَانَتْ ذَاتَ خِدْرِ" (¬34) الخِدْرُ: السِّتْرُ، وَجَارِيَةٌ مُخدِّرَةٌ: إِذَا لَزِمَتِ الخِدْرَ، وَأَسَدٌ خَادِرٌ. وَخِدْرُهُ: الْأَجَمَةُ، وَهِىَ: الْغَيْضَةُ. وَضِدُّهَا: الْبَرْزَةُ، وَهِى: غَيْرُ الْمُسْتَتَرِة، بَلْ ظَاهِرَةٌ. وَقَدْ ذُكِرَ (¬35). قَوْلُه: "فَتَأَيَّمَ نِسَاؤُهُمْ" (¬36) أَىْ: صِرْنَ أَيَامَى، جَمْعُ أَيِّمٍ، وَهِى الَّتِى لَا زَوْجَ لَهَا، وَالرَّجُلُ أَيْضًا أَيِّمٌ، أَىْ: لَا زَوْجَةَ لَهُ. قَوْلُهُ: "فَتَحَدَّثْنَ (¬37) مَا بَدَا لَكُنَّ" أَىْ: مَا شِئْتُنَّ (¬38) وَظَهَرَ لَكُنَّ مِنْ شَهْوَةِ الحَدِيثِ. قَوْلُهُ: "فَلْتَؤُبْ" أَىْ: فَلْتَرْجِعْ، يُقَالُ: آبَ إِلَى وَطَنِهِ، أَىْ: رَجَعَ (¬39)، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ [لَحُسْنَ مَآبٍ]} (¬40) أَىْ: [مَرْجِعٍ] (¬41)، وَفِى بَعْض النُّسَخِ "فَلْتَأْتِ" مِنَ الإِتْيَانِ. قَوْلُهُ: "مَظِنَّةٌ لِلْفَسَادِ" مَظِنَّةٌ الشَّيْءِ مَوْضِعُهُ وَمَأْلَفُهُ الَّذِى يُظَنُّ كَوْنُهُ فِيهِ، وَالْجَمْعُ: الْمَظَانُّ. ¬
وَرُوِىَ (¬42): "مَطِيَّةٌ" بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْيَاءِ، أَىْ: مَرْكَبٌ لِلْفَسَادِ (¬43) لِخفَاءِ مَا يُعْمَلُ فِيهِ، وَسُمِّيَتْ مَطِيَّةً؛ لِأَنَّهُ (¬44) يُرْكَبُ مَطَاهَا، أَىْ: ظَهْرُهَا. قَوْلُهُ: "تَجُدُّ نَخْلًا لَهَا" (¬45) أَىْ: تَقْطَعُهُ، وَالْجَدَادُ فى النخلِ كَالْحِصَادِ فِى الزَّرْعَ. ¬
ومن باب الإحداد وما بعده
وَمِنْ بَابِ الإِحْدادِ وَمَا بَعْدهُ (¬1) أَصْلُ الْحَدِّ: الْمَنْعُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْبَوَّابِ حَدَّادٌ. وَأَحَدَّتِ الْمَرأةُ (¬2)، وَحَدَّتْ: إِذَا امْتَنَعَتْ مِنَ الزِّينَةِ وَالْخِضَابِ، يُقَالُ: حَدَّتْ تَحِدُّ وَتَحُدُّ حِدَادًا، فَهِىَ حَادٌّ. قَوْلُهُ: "وَلَا المُمَشَّقَ" (¬3) هُوَ: الْمَصْبُوغُ بِالْمِشْقِ، وَهُوَ: الْمَغَرةُ، وَهُوَ (¬4): الطِّينُ الأَحمَرُ. "التُّوتِيَاءُ" دَوَاءٌ مَعْرُوفٌ [يُجْعَلُ (¬5) فِى] الْعَيْنِ. قَوْلُهُ: "يَزِيدُ الْعَيْنَ مَرَهًا" (¬6) يُقَالُ: مَرِهَتِ الْعَيْنُ مَرَهًا: إِذَا فَسَدَتْ، لِتَرْكِ الْكُحْلِ، وَهِىَ عَيْنٌ مَرْهَاءُ، وَامْرَأَةٌ مَرْهَاءُ، وَالرجُلُ أَمْرَهُ، قَالَ رُؤْبَةُ (¬7): للهِ دَرُّ الْغانِيَاتِ الْمُرَّهِ سَبَّحْنَ وَاسْتَرْجَعْنَ مِنْ تَأَلُّهِى قَوْلُهُ: "يَشُبُّ الْوَجْهَ" (¬8) أَىْ: يُحَسِّنُهُ وَيُظْهِرُ لَوْنَهُ، مِنْ شَبَّ النَّارَ، إِذَا أَلهَبَهَا وَأَوْقَدَهَا. ¬
وَتَقُولُ (¬9): شَعَرُهَا يَشُبُّ لَوْنَهَا، أَىْ: يُظْهِرُهُ وَيُحَسِّنُهُ. وَيُقَالُ لِلْجَمِيلِ: إِنَّهُ لَمَشْبُوبٌ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ (¬10): إِذَا الْأَرْوَعُ الْمَشْبُوبُ أَضْحَى كَأَنَّهُ ... عَلَى الرَّحْلِ مِمَّا مَنَّهُ (*) السَّيْرُ أَحْمَقُ قَوْلُهُ: "بِالدِّمَامِ وَهُوَ الكَلَّكُون" (¬11) وَرُوِىَ بِضَمِّ الْكَاف، وَسُكُونِ اللَّامِ (¬12)، قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬13): الدِّمَّامُ- بِالكَسْرِ: دَوَاءٌ تُطْلَى بِهِ جَبْهَةُ الصَّبِىِّ وَظَاهِرُ عَيْنَيْهِ، وَكُلُّ شَيْىءٍ طُلِىَ بِهِ فَهُوَ دِمَامٌ، وَقَدْ دَمَمْتُ الشَّيىْءَ أَدُّمُّهُ بِالضَّمِّ، أَىْ: طَلَيْتُهُ بِأَىْ صِبْغٍ كَانَ، وَالْمَدْمُومُ: الْأَحْمَرُ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬14): تَجْلُو بِقَادِمَتَىْ حَمَامَةِ أَيْكَةٍ ... بَرَدًا تُعَلُّ لِثَاتُهِ بِدِمَامِ وَالْكَلَّكونُ: فَارِسِىُّ. وَالإِسْفِيذَاجُ: صِبْغٌ أَبْيَضُ. قَوْلُهُ: "إلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ" (¬15) الْعَصْبُ: ضَرْبٌ مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ. وَأَصْلُ الْعَصْب: الشَّدُّ وَاللَّىُّ، وَهَذِهِ الْبُرُودُ يُعْصَبُ بَعْضُهَا وَيُشَدُّ لِئَلَّا يَنَالُهُ الصِّبْغُ، ثُمَّ يُصْبَغُ سَائِرُهَا، فَإِذَا انْصَبَغ (¬16) حَلُّوا الْعَصْبَ عَنْهَا، فَيَبْقى مَوْضِعُهُ أَبْيَضَ، وَسَائِرُ الثوب مَصْبُوغًا. يُصْنَعُ ذَلِكَ بِالْغَزْلِ الَّذِى يُسْدَى بِهِ، دُونَ اللُّحْمَةِ. ¬
وَقَالَ فِى الشَّامِلِ: الْعَصْبُ: هو الغزل، وَالْعَصَّابُ، هُوَ الْغَزَّالُ الَّذِى يَبِيعُ الْغَزْل. قَوْلُهُ: "نُبْذَةٌ مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ" (¬17) النُّبْذَةُ: فُعْلَةٌ مِنْ نَبَذَ، أَىْ: طَرَحَ وَرَمَى، وَكُلُّ شَيْىءٍ رَمَيْتَ بِهِ وَطَرَحْتَهُ: فَقَدْ (¬18) نَبَذْتَهُ (¬19). وَالْقُسْطُ: طِيبٌ مَعْرُوفٌ يُؤْتَى بِهِ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَيُقَالُ: كُسْطٌ- بِالْكَافِ أَيْضًا، مِثْلُ قَوْلِكَ (¬20): كَشَطْتُ وَقَشَطْتُ، وَيُقَالُ: كُسْتٌ بِالتَّاءِ أَيْضًا (¬21). وَالْأَظْفَارُ: يُؤْخَذُ مِنَ الْبَحْرِ، يُشَبَّهُ بِظُفُرِ الِإنْسَانِ. قَوْلُهُ: "تُغَلِّفِينَ بِهِ رَأْسَكِ" (¬22) أَىْ: تَطْلِينَ وَتَمْشُطِينَ، يُقَالُ: تَغَلَّفَ بِالْغَالِيَةِ، وَغلَفَ بِهَا لِحْيَتَهُ غَلْفًا. قَوْلُهُ: "وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا لُبْسُ الْحَلْىِ" الْحَلْىُ- بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَإِسْكَانِ اللَّامِ: اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْجَوَاهِرِ، وَجَمْعُهُ: حُلِىٌّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا. قَوْلُهُ: "لِنَقِيصَةٍ" (¬23) فَعِيلَةٌ مِنَ النَّقْصِ، وَهُوَ ضِدُّ التَّمَامِ، وَالنَّقِيصَةُ أَيْضًا: الْعَيْبُ. ¬
وَ "قَصَّرَ" أَىْ: لَمْ يَتِمّ، يُقَالُ: قَصَّرَ فِى الْأمْرِ: إِذَا تَوَانَى، وَالتَّقْصِيرُ: التَّوَانِى وَتَرْكُ الْمُبَالَغَةِ. قَوْلُهُ: "مُوَفَّرًا" أَىْ: كَامِلًا تَامًّا غَيْرَ نَاقِصٍ، مِنَ الْوَفْرِ، وَهُوَ: الْمَالُ الْكَثِيرُ. قَوْلُهُ: "لَمْ يَحْتَجْ إِلَى أَن يُزَوَّرَا" زَوَّرْتُ الشَّيْىءَ، أَىْ: حَسَّنْتُهُ وَقَوَّمْتُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْحَجَّاجِ: "امْرُؤٌ زَوَّرَ نَفْسَهُ" أَىْ: قَوَّمَهَا، وَقَوْلُ عُمَرَ رَضِىَ اللهُ عَنْهُ يَوْمَ السَّقِيفَةِ: "وَكُنْتُ زَوَّرْتُ فِى نَفْسِى كَلَامًا" أَىْ: حَسَّنْتُهُ وَقَوَّمْتُهُ (¬24). قَوْلُهُ: "الْوَشْىُ وَالدِّيبَاجُ" (¬25) (الشِّيَةُ وَالْوَشْىُ: كُلُّ لَوْنٍ يُخَالِفُ مُعْظَمَ لَوْنِ الْفَرِسِ، يُقّالُ: وَشَيْتُ الثَّوْبَ أَشِيهِ وَشْيًا، وَشِيَةً، وَوَشَّيْتُهُ تَوْشِيَةً، شدد لِلْكَثْرَةِ، فَهُوَ مَوْشِىٌّ وَمُوَشًّى، وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهِ: وَشَوِىٌّ. وَالدِّيبَاجُ) (¬26): نَوْعٌ مِنْ ثِيَابِ الْحَرِيرِ غَلِيظٌ مَعْرُوفٌ. قَوْله: "مِن (¬27) الِإبريسم وَالصُّوفِ وَالْوَبَرِ" الِإبريسم: الْحَرِيرُ، وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتِ، قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُو: الِإبْرِيسَمُ- بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ، وَفَتْحِ السِّينِ، وَاللُّغَةُ الثَّانِيَةُ: بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وَفَتْحِ الرَّاءِ وَالسِّينِ جَمِيعًا، وَالثَّالِثَةُ: بِكَسْرِ الْجَمِيع. وَكَذَا الْإهْلِيلَجُ مِثْلُهُ. وَالصُّوفُ: شَعَرُ الضَّأْنِ. وَالْوَبَرُ: شَعَرُ الِإبِلِ. قَوْلُهُ: "فَضَرَبَهَا بِمِخْفَقَةٍ" (¬28) هِىَ الدِّرَّةُ الَّتِى يُضْرَبُ بِهَا، وَكُلُّ ضَرْبٍ بِشَيْىءٍ عَرِيضٍ: خَفْقٌ. ¬
[ومن باب استبراء الأمة وأم الولد]
قَدْ ذَكَرْنَا الْقَافَةَ، وَأَصْلُهَا: قَوَفَةٌ جَمْعُ قَائِفٍ، مِثْلُ كَافِرٍ وَكَفَرَةٍ، فَلَمَّا تَحَرَّكَتِ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ. أَلِفًا، وَمِثْلُهُ الصَّاغَةُ وَالْحاكَةُ. قَوْلُه: "فِى نِكَاحٍ قَدْ تَشَعَّثَ" (¬29) قَدْ ذُكرَ. وَالشَّعَثُ (¬30): انتِشَارُ الْأَمْرِ، يُقَالُ: لَمَّ الله شَعَثَكَ، أَىْ: جَمَعَ أَمْرَكَ الْمُنْتَشِرَ. قَوْلُهُ: "فَحَرَّجَ النِّسَاءَ كَمَا حَرَّجَ الشُّهُودَ" (¬31) أَىْ: تَوَاعَدَهُنَّ بالْحَرَجِ، وَهُوَ: الإِثْمُ، يُقَالُ: حَرَّجَهُ وَأَحْرَجَهُ، أَىْ: آثمَهُ، وَتَحَرَّجَ، أَىْ: تَأَثَّمَ (¬32). وَالْحَرَجُ وَالتَّحْرِيجُ: التَّضْيِيقُ أَيْضًا. [وَمِنْ بَابِ اسْتِبْراءِ الْأَمَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ] (¬33) (قَوْلُهُ: "اسْتِبْراءُ الْأَمَةِ") (¬34) هُوَ طَلَبُ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنَ الْوَلَدِ، أَىْ: خُلُوُّهُ عَنْهُ وَعَدَمُهُ، يُقَالُ: فُلَانٌ بَرِىءٌ مِنَ الدَّيْنِ: إِذَا خَلَا عَنْهُ. وَقَالَ فِى الْفَائِقِ (¬35): ¬
بَرِىءَ مِنَ الْمَرَضِ: وَبَرَأَ، فَهُوَ بَارِىءٌ، وَمَعْنَاهُ: مُزَايَلَةُ الْمَرَضِ، وَالتَّبَاعُدُ عَنْهُ (¬36)، قَالَ: وَمِنْهُ: بَرِىءَ مِنْ كَذَا بَرَاءَةً. قَوْلُهُ: "يَوْمَ جَلولاءَ" (¬37) بِفَتْحِ الْجيمِ، وَضَمِّ اللَّامِ وَالْمَدِّ: قَرْيَةٌ مِنْ قُرى فَارِسَ (¬38). ¬
ومن كتاب الرضاع
وَمِنْ كِتَابِ الرَّضَاعِ يُقَالُ: الرَّضَاعُ وَالرِّضَاعُ (¬1)، بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا، وَالرَّضَاعَةُ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ، وَحَكَى الْهَرَوِىُّ (¬2) الْكَسْرَ فِيهَا أَيْضًا. يُقَالُ: رَضِعَ الصَّبِىُّ أَمَّهُ رَضَاعًا، مِثْلُ: سَمِعَ سَمَاعًا، وَأَهْلُ نَجْدٍ يَقُولُونَ: رَضَعَ رَضْعًا، مِثْلُ ضَرَبَ ضَرْبًا (¬3). قَوْلُهُ فِى الْحَدِيثِ (¬4): أُرِيدَ عَلَى [ابنةِ] (¬5) حَمْزَةَ" أَىْ: طُلِبَ، وَأَصْلُهُ، مِنْ رَادَ يَرْودُ: إِذَا طَلَبَ الْمَرْعَى، وَفِى الْمَثَلِ: "الرَّائِدُ لَا يَكْذِبُ أَهْلَهُ" (¬6) وَفِى الْحَدِيثِ: "فَلْيَرْتَدْ لِبَوْلِهِ" (¬7) وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ} (¬8). قَوْلُهُ: "إِنِّى مَصِصْتُ" (¬9) بِالْكَسْرِ، مَصِصْتُ الشَّيْىءَ أَمَصُّهُ مَصًّا، وَكَذَلِكَ امْتَصَصْتُهُ. وَالْمُصَاصَةُ: الْخُلَاصَةُ مِنَ الشَّيْىءِ، وَالْمَاصُّ يَسْتَخْرِجُ خُلَاصَةَ اللَّبَنِ. ¬
قَوْلُهُ: "مِا دَامَ هَذَا الحَبْرُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ" (¬10) الْحَبْرُ: الْعَالِمُ، وَفِيهِ لُغتَانِ: فَتْحُ الْحَاء، وَكَسِرْهَا، وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ، هَكَذا ذَكَرَهُ فِى دِيوَانِ الْأدَبِ (¬11)، وَالصَّحَاحِ (¬12)، قَالَ: وَمَعْنَاهُ: الْعَالِمُ بِتَحْبِيرِ الْكَلَام وَالْعِلْمِ، وَتَحْسِينِهِ. قَوْلُهُ: "بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ" يُقَالُ: أَقَامَ فُلَانٌ بَيْنَ أَظْهُرِ قَوْمِهِ وَظَهْرَانَيْهِم، أَىْ: أَقَامَ بَيْنَهُمْ. وَإِقْحَامُ الْأَظْهُرِ، وَهُوَ جَمْعُ ظَهْرٍ عَلَى مَعْنَى أَنَّ إقَامَتَهُ فِيهِمْ عَلَى سَبِيلِ الاسْتِظْهَارِ بِهِمْ، وَالاسْتِنَادِ إِلَيْهِمْ. وَأَمَّا "ظَهْرَانَيْهِم" فَقَدْ زِيدَتْ فيهِ الْأَلِفُ وَالنُّونُ عَلَى "ظَهْرٍ" عِنْدَ التَّثْنِيَةِ لِلتَّأكيدِ، كَقَوْلِهِمْ فِى الرَّجُلِ الْعَيُونِ: نَفْسَانِىٌّ، وَهُوَ نِسْبةٌ إِلَى النَّفْسِ بِمَعْنَى الْعَينِ، وَالصَّيْدَلَانِيُّ، وَالصَّيْدَنَانِىُّ: مَنْسُوبَانِ إِلَى الصَّيْدَلِ، وَالصَّيْدَنِ، وَهُما: أُصُولُ الْأَشْيَاء وَجَوَاهِرُهَا. وَأَلْحَقُوا الْأَلِفَ وَالنُّونَ عِنْدَ النِّسْبَةِ لِلْمُبَالَغَةِ (وَكَأَنَّ مَعْنَى التَّثْنِيَةِ أَنَّ ظَهْرًا مِنْهُ قُدَّامَهُ وَآخَرَ وَرَاءَهُ، فَهُوَ) (¬13) مَكْنُوفٌ مِنْ جَابَنيْهِ، هَذَا أَصْلُهُ، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى اسْتُعْمِلَ فِى الِإقَامَةِ بَيْنَ الْقَوْم مُطْقًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَكْنُوفًا. قَوْلُهُ: "الإِمْلَاجَةُ، وَالِإملاجتان" (¬14) الإِمْلَاجُ: الِإرْضَاعُ، يُقَالُ: مَلَجَ الصَّبِىُّ أُمَّهُ: إِذَا رَضِعَهَا، وَامْتَلَجَ الْفَصِيلُ مَا فِى الضَّرْعِ: امْتَصَّهُ، وَالمَلَجُ: الْمَصُّ، يُقَالُ: مَلَجَ يَمْلُجُ (¬15)، وَرَجُلٌ مَلْجانُ، وَمَصّانُ، وَمكَّانُ (¬16) كُلُّ هَذا مِنَ الْمَصِّ، يَعْنُونَ أَنَّهُ يَرْضَعُ الْغَنَمَ لِلُؤْمِهِ. ¬
قَوْلُهُ: "بِالْوُجُورِ" (¬17) الْوُجُورُ -بالضَّمِّ:- إدْخَالُ الدَّوَاءِ فِى وَسَطِ الْفَمِ، يُقَالُ: وَجَرْتُ الصَّبِىَّ وَأَوْجَرْتُهُ بِمَعْنًىَ (¬18). وَالْوَجُورُ- بِالْفَتْحِ: الدَّوَاءُ نَفْسُهُ، وَاللَّدُودُ: إِدْخَالُ الدَّوَاءِ فِى شِقِّ الْفَمِ وَجَانِبَيْهِ، والسُّعُوطُ: إدْخَالُهُ فِى الْأَنْفِ، وَالْحُقْنَةُ: فِى الدُّبُرِ. قَوْلُهُ فِى الحديث (¬19): "بَيْدَ أَنِّى مِنْ قُرَيْشٍ" بَيْدَ تَكُونُ بمَعْنَى غَيْرِ، يُقَالُ: إِنَّهُ لَكَثيرُ الْمَالِ بَيْدَ أَنَّهُ بَخِيلٌ. وَمَعْنَاهَا هَا هُنَا: لأَجْلِ أَنِّى مِنْ قُرَيْشٍ. وَقَالَ الْهَرَوِىُّ (¬20) مَعْنَاهُ: غَيْرَ أَنِّى مِنْ قُرَيْشٍ، وَقِيلَ: عَلَى أَنِّى مِنْ قُرَيْشٍ، وَنَشأْتُ فِى بَنِى سَعْدٍ (¬21). قَالَ الْجَوْهَرِىُّ: يُقَالُ: نَشَأَتُ فِى بَنِى فُلَانٍ نَشْأَةً (¬22) وَنُشُوءًا: إِذَا شَبَبْتَ فِيهِمْ. قَوْلُهُ: "قَدْرَ دَانِقٍ" (¬23) الدَّانِقُ: قِيرَاطَانِ، يُقَالُ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا. ¬
ومن كتاب النفقات
وَمِنْ كِتَابِ النَّفَقَاتِ الرَّتْقَاءُ: الَّتِى انْسَدَّ فَرْجُهَا، يُقَالُ: امْرَأَةٌ رَتْقَاءُ بَيِّنَةُ الرَّتَقِ: لَا يُسْتَطَاعُ جِمَاعُهَا، لِارْتِتَاقِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْهَا، وَضِدُّهُ الْفَتْقُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} (¬1) وَقَدْ ذُكِرَ (¬2). قَوْلُهُ: "أَوْ نَحِيفَةً" (¬3) النَّحَافَةُ: الْهُزالُ، وَقَدْ نَحُفَ، وَأَنْحَفَهُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: "أَوْ مَجْبُوبٌ أَوْ حَسِيمٌ" أَوْ حَسِيمٌ بَالْحَاءِ، أَىْ: مَحْسُومُ الذَّكَرِ، أَىْ: لَمْ يُخْلَقْ لَهُ ذَكَرٌ، وَقِيلَ: هُوَ مَقْطُوعُهُ [وَقُرِىءَ بِالْجِيمِ، وَفُسِّرَ بِكِبَرِ الْبَطْنِ، وَقِيلَ: عَظِيمُ الذِّكَرِ جِدًّا] (¬4). قَؤلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} (¬5) أَىْ: قُتِرَ، يُقَالُ: قَدَرَ، وَقَتَرَ: بِمَعْنى. وَقَيِلَ: مَعْنَاهُ: ضُيِّقَ عَلَيْهِ، وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ. قَوْلُهُ: "لِقَطْعِ السُّهُوكَةِ" (¬6) هِىَ الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ، وَأَصْلُهُ: رِيحُ السَّمَكِ، وَصَدَأِ الْحَدِيد، تَقُولُ: يَدى (*) سَهِكَةٌ مِنْ ذَلِكَ (¬7). ¬
[ومن باب نفقة المعتدة]
قَوْلُهُ: "الْخَزُّ" (¬8) جِنْسُ الثِّيَابِ لحْمَتُهُ صُوفٌ، وَسَدَاهُ إِبْرَيْسَمٌ. قَوْلُهُ: "وَزِلِّيَّةٌ" (¬9) الزِّلِّيَّةُ- بِكَسْرِ الزَّاىِ، وَتَشْدِيد اللَّامِ: بِسَاطٌ عِرَاقِىُّ نَحْوٌ الطِّنْفِسَةِ. "الدِّثَارُ" الثوْبُ [الَّذِى] يُتَدَفَّأُ بِهِ. قَوْلُهُ: "ثُمَّ عَنَّ لَهَا أَنْ تَفْسَخَ" (¬10) أَىْ: ظَهَرَ لَهَا رَأْىٌ وَاعْتَرَضَ. [وَمِنْ بابِ نَفَقَةِ الْمُعْتَدَّةِ] (10) قَوْلُهُ: "رِيحًا [فَانْفَشَّ] (¬11) " يقال: انْفَشَّتِ الرِّيحُ: خَرَجَتْ مِنَ الزِّقِّ وَنَحْوِهِ. [وَمِنْ بَابِ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَالرَّقِيقِ وَالْبَهَائِمِ] (¬12) قَوْلُهُ تَعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (¬13) قَضَى، أَىْ: أَمَرَ وَحَكَمَ. وَالِإحْسَانُ: هُوَ ضِدُّ الإسَاءَةِ، وَالْقَبِيحِ. ¬
قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} (¬14) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: لَا تُضَارَرْ عَلَى تُفَاعَلْ، وَهُوَ: أَنْ يُنْزَعَ وَلَدُهَا مِنْهَا، وَيُدْفَعَ إلَى مُرْضِعَةٍ أُخْرَى (¬15). وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: لَا تُضَارَّ الْأُمُّ الْأَبَ فَلَا تُرْضِعُهُ. قَوْلُهُ: "فَإِنْ كَانَ فَضْلٌ فَعَلَى عِيَالِهِ" (¬16) الْفَضْلُ: الزِّيَادَةُ. وَالْعِيَالُ هَا هُنَا: الزَّوْجَةُ. قَوْلُهُ: "لِذى مِرَّةٍ قَوىٍّ" (¬17) الْمِرَّةُ: الْقُوَّةُ، وَالْعَقْلُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} (¬18) يَعْنِى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَرَجُلٌ مَرِيرٌ: قَوِىٌّ شَدِيدٌ. قَوْلُهُ: "لِتَزْجِيَةِ الْوَقْتِ" (¬19) زَجَّيْتُ الشَّيىءَ تَزْجِيَةً: إِذَا دَفَعْتَهُ بِرِفْقٍ، وَتَزَجَّيْتُ بِكَذَا: اكْتَفَيْتَ بِهِ وَ {بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ} (¬20) قَلِيلَةٍ. قَوْلُهُ: "وَجَبَ عَلَى الْوَلَدِ إِعْفَافُهُ" (¬21) يُقَالُ: عَفَّ عَنِ الْحَرَامِ يَعِفٌّ عَفًّا وَعِفَّةً (¬22) وَعَفَافًا وَعَفَافَةً، أَىْ: كَفَّ، فَهُوَ عَفٌّ وَعَفِيفٌ. قَوْلُهُ: "أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ" (¬23) الأُكْلَةُ- بِالضَّمِّ: اللُّقْمَةُ، وَالْأَكْلَةُ - بِالْفَتْحِ فِى غَيْرِ هَذَا: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ. ¬
قوله: " [تَوَلَّى] (¬24) عِلَاجَهُ وَحَرَّهُ" عَالَجْتُ الشَّيْىءَ مُعَالَجَةً وَعِلاجًا: إِذَا زَاوَلْتَهُ وَعَانَيْتَهُ. وَحَرُّهُ: تَعَبُهُ وَمَشَقَّتُهُ. قَوْلُهُ: "مِنْ خَرَاجِهِ" (¬25) الْخَرْجُ، وَالْخَرَاجُ: الإِتَاوَةُ، وَهُوَ: أَنْ يَجْعَلَ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ شَيْئًا مَعْلُومًا (*) فِى كُلِّ يَوْمٍ، أَوْ فِى كُلِّ شَهْرٍ. قَوْلُهُ: "مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ" (¬26) هِىَ الْحَشَرَاتُ، تُفْتَحُ وَتُكْسَرُ، وَهِىَ: صِغَارُ الْهَوَامّ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لأَنَّهَا تَخُشُّ فِى الْأَرْضِ، أَىْ: تَدْخُلُ فِيهَا (¬27). ¬
[ومن باب الحضانة]
[وَمِنْ بَابِ الْحَضَانَةِ] الْحَضَانَةُ (¬1): مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْحِضْنِ، وَهُوَ: مَا دُونَ الِإبْطِ إِلى الْكَشْحِ، وَحِضْنَا الشَّيْىءِ: جَانِبَاهُ، وَحَضَنَ الطَّائِرٌ بَيْضَهُ: إِذَا ضَمَّهُ إِلَى نَفسِهِ تَحْتَ جَنَاحِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إِذَا حَضَنَتْ وَلَدَهَا. وَ"الْمَعْتُوهُ" النَّاقِصُ الْعَقْلِ. قَوْلُهْ: "وَكَانَ حَجْرِى لَهُ حِوَاءً" (¬3) الْحِجْرُ: بِمَعْنَى الحِضْنِ، وَ "حِوَاءً" أَىْ: يَحْوِيهِ، وَيُحِيطُ بِهِ. وَالْحِوَاءُ: بُيُوتٌ مُجْتَمِعَةٌ مِنَ النَّاسِ، وَالْجَمْعُ: الْأَحْوِيَةُ. [قَوْلُهُ]: "رَاكَضْنَ الْوَلَدَ" (¬4) الركض: تَحْرِيكُ (¬5) الرِّجْلِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} (¬6) وَأَرَادَ أَنَّهُمْ رَكَضُوا بِأَرْجُلِهِمْ فِى رَحِمٍ وَاحِدَةٍ، أَىْ: حَرَّكُوهَا جَمِيعًا. وقَوْلُهُ: "لَا مَزِيَّةَ [لِإحْدَاهُمَا"] (¬7) أَىْ [لَا] (¬8) فَضِيلَةَ. ¬
وَالْكَفَالَةُ بالْوَلَدِ: أَنْ يَعُولَهُ، وَيَقُومَ بأَمْرِةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} (¬9). قَوْلُهُ: "بِئْرِ أَبِى عِنَبَةَ" (¬10) بِالنُّونِ وَالْبَاءِ: عَلَى مِيْلٍ مِنَ الْمَدِينَةِ (¬11). قَالَ ابْنُ الْجَوْزِىِّ: أَبُو عِنَبَةَ: عَبْدُ اللهِ بْنُ عِنَبَةَ، مِنَ الصَّحَابَةِ، لَيْسَ فِيهِم ابْنُ عِنَبَةَ غَيْرُهُ. قَالَ فِى الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ: ابْنُ عِنَبَةَ الْخَوْلَانِىُّ (¬12) لَهُ صُحْبَةٌ. قَوْلُهُ: "وَيُسَلِّمُهُ [فِى] (¬13) مَكْتَبٍ" قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬14): الْكُتَّابُ وَالْمَكْتَبُ وَاحِدٌ، وَالْجَمْعُ: الْكَتَاتِيبُ، وَالْمَكَاتِبُ. وَأَرادَ: مَوْضِعَ تَعْلِيمِ الْكِتَابَةِ. قَوْلُهُ: "إغْرَاءٌ بِالْعُقُوقِ" (¬15) الإِغْرَاءُ: الإِلْصَاقُ بِالْغِرَاءِ الْمَعْرُوفِ، كَأَنَّهُ جَعَلَهُ سَبَبًا لِوُقُوعِ الْعُقوقِ وَلُصُوقًا بِهِ. قَوْلُهُ: "وتَبَسُّطٍ" (¬16) التَّبَسُّطُ وَالانْبِسَاطُ: تَرْكُ الاحْتِشَام، وَتَبَسَّطَ فِى الْبلَادِ: سَارَ (¬17) فِيهَا طُولًا وَعَرْضًا، وَأَصْلُهُ: السَّعَةُ، وَذَلِكَ مُحَرَّمٌ عَلَى مَنْ طَلَّقَ. قَوْلُهُ: "تَغرِيرًا بِالْوَلَدِ" (¬18) أَىْ: خَطرًا، مِنْ غَيْرِ تَيَقُّنٍ بِالسَّلَامَةِ. ¬
ومن كتاب الجنايات
وَمِنْ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ قَوْلُهُ: "لَعَذَّبَهُم اللهُ إِلَّا أَلَّا يَشاءَ ذَلِكَ" مَعْناه: إِلَّا أَلَّا يَشاءَ وَلِىُّ الْمَقْتولَ. قَوْلُهُ تَعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} (¬1) أَىْ: فُرِضَ وَأُوجِبَ، وَمِثْلُهُ: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (¬2) وَقَوْلُهُ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} (¬3) وَ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} (¬4). الْقِصَاصُ، وَالْقَصَصُ: اتبّاَعُ الْأَثَرِ، يُقَالُ: قَصَّ أَثَرَهُ يَقُصُّهُ: إِذَا تَبِعَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ} (¬5) أَىْ: اتَّبِعِيهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} (¬6) فَكَأَنَّ الْمُقْتَصَّ يَتْبَعُ أَثَرَ جِنَايَةِ الْجَانِى فَيَجْرَحُهُ مِثْلَهَا. وَالقِصَاصُ أَيْضًا: الْمُمَاثَلَةُ، وَمِنْهُ أُخِذَ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ يَجْرَحُهُ مِثْلَ جَرْحِهِ، أَوْ يَقتُلُهُ بِهِ. وَقِيلَ: أَصْلُهُ مِنَ الْقَصِّ، وَهُوَ: الْقَطْعُ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَصَّ يَقْطَعُ مِنْ بَدَنِهِ مِثْلَ مَا قَطعَ الْجَانِى، وَمِنْهُ سُمِّىَ الْجَلَمُ مِقَصًّا. وَسُمِّىَ الْقَوَدُ قَوَدًا؛ لِأَنَّ الْجَانِىَ يُقَادُ إِلَى أَوْلِياَءِ الْمَقْتُولِ، فَيَقْتُلُونَهُ بِه إِنْ شَاءُوا. وَقِيلَ: هُوَ الْمُمَاثَلَة. ¬
قَوْله: " [التكافؤ] " (¬7) الْكُفْءُ: هُوَ النَّظِيرُ، وَالْكَفَاءَةُ: بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ، يُقَالُ: فُلَانٌ لَيْسَ لَهُ كُفْءٌ، أَىْ: نَظِير وَمُمَاثِلٌ، وَقَدْ ذُكِرَ فِى النكَاحِ (¬8). قَوْلُهُ: "عِنَادًا" (¬9) عَانَدَةُ مُعَانَدَةً وَعِنَادًا، أَىْ: عَارَضَهُ، وَعَنَدَ يَعْنِدُ -بِالْكَسْرِ-[عُنُودًا] (¬10)، أَىْ: خَالَفَ، وَرَدَّ الْحَقَّ وَهُوَ يَعْرِفُهُ، فُهُوَ عَنِيدٌ وَعَانِدٌ. قَوْلُهُ: "لَوْ تَمَالَأَ أَهْلُ صَنْعَاءَ عَلَى قَتْلِهِ" (¬11) يُقَالُ. تَمَالأُوا عَلَى الْأمْرِ: اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، وَمَالأْتُ فُلَانًا عَلَى الْأَمْرِ مُمَالَأةً: سَاعَدْتُهُ عَلَيْهِ، وَشَايَعْتُهُ، قَالَ عَلَىٌّ كرمَ اللهُ وَجْهَهُ: "وَاللهِ مَا قَتَلْتُ عُثْمَانَ وَلَا مَا لَأتُ عَلَى قَتْلِهِ" (¬12). قَوْلُهُ: "لَمْ يَتَمَحَّضْ" (¬13) أَىْ: لَمْ يَخْلُصْ، وَالْمَحْضُ: الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْىءٍ. قَوْله: فَأَخْرَجَ حُشْوَتَهُ" (*) الْحُشْوَةُ: هِىَ الأَمْعَاءُ، يُقَالُ: حُشْوَةٌ وَحِشْوَةٌ، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ. ¬
"حُلْقُومَهُ] " (¬14) هُوَ مَجْرَى النَّفَسِ، وَهُوَ الْقَصَبَةُ. وَالْمَرِىءُ: مَدْخَلُ الطعامِ وَالشَّرَابِ. قوْلُهُ: "غَيْرِ مُوحٍ" (¬15) أَىْ: غَيْرِ مُسْرِعٍ، وَالْوَحَى: السُّرْعَةُ. قَوْلُهُ: "فَإِنْ قَطَعَ مِنْ رَأْسِ مُولى عَلَيْهِ سِلْعَةً" (¬16) السِّلْعَةُ - بالكسر: زِيَادَةٌ فِى الْبَدَنِ، كَالْجَوْزَةِ تَكُونُ مِنْ مِقْدَارِ حِمِّصَةٍ إِلَى بِطِّيخَةٍ. وَالسَّلْعَةُ- بالفتح: هِىَ الجِرَاحَةُ. قَوْلُهُ: "بِمَا لَهُ مُوْرٌ [وَبُعْدُ] (¬18) غَوْرٍ" يُقَالُ: مَارَ السِّنَانُ فِى الْمَطْعُونِ: إِذَا قَطَعَهُ وَدَخَلَ فِيهِ، قَالَ الشَّاعِر (¬19): وَأَنْتُمْ أُنَاسٌ تَقْمِصُونَ (¬20) مِنَ الْقَنَا ... إِذَا مَارَ فِى أَكْتَافِكُمْ وَتَأَطَّرَا وَيَقُولُونَ: "فُلَانٌ لَا يَدْرِى مَا سَائِرٌ مِنْ مَائِر" فَالْمَائِرُ: السَّيْفُ الْقَاطِعُ الَّذِى يَمُورُ فِى الضَّرِيِبَةِ مَوْرًا، وَالسَّائِرُ: بَيْتُ الشِّعْرِ الْمَرْوِىُّ الْمَشْهُورُ (¬21). وَيُقَالُ أَيْضًا: مَارَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِ الْأرْضِ، وَأَمَارَهُ غَيْرُهُ، قَالَ (¬22): . . . . . . . . . . . . . ... وَمَارَ دَمٌ مِنْ جَارِ بَيْبَةَ نَاقِعُ ¬
وَمَارَ أَيْضًا: إِذَا تَحَرَّكَ، وَجَاءَ وَذَهَبَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا} (¬23) وَغَوْرُ كُلِّ شَىْءٍ: قَعْرُهُ، قَالَ الْحَرْبِىُّ: غَوْرُ كُلِّ شَيْىءٍ: بُعْدُهُ، كَالْمَاءِ الْغَائِرِ الَّذِى لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ، يُقَالُ: هُوَ بَعِيدُ الْغَوْرِ. قَوْلُهُ: "وَإنْ بَقِىَ ضَمِنًا" هُوَ الَّذِى بِهِ الزَّمَانَةُ فِى جَسَدِهِ مِنْ بَلَاءٍ أَوْ كَسْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، يُقَالُ: ضَمِنَ ضَمَنًا بِالتَّحْرِيكِ. قَوْلُهُ: "عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا" (¬24) الْأَوْضَاحُ: الْحُلِىُّ مِنَ الدَّرَاهِمِ الصِّحَاحِ، قَالَهُ الْجَوْهَرِىُّ (¬25)، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬26) يَعْنِى حُلِىَّ فِضَّةٍ. مَأْخُوذُ مِنَ الْوَضحَ، وَهُوَ: الْبَيَاضُ. قَوْلُهُ: "وَإِنْ غَمَّهُ بِمِخَدَّةٍ" غَمَمْتُهُ: غَطَّيتهُ فَانْغمَّ. قَوْله (¬27): "وَإنْ أَلْقَاهُ فِى لجَّةٍ" لُجَّةُ المَاءِ: مُعْظمُهُ، وَكذلِكَ اللُّجُّ، وَمِنه {بَحْرٍ لُجِّيٍّ} (¬28). قَوْلُهُ فِى الْحَدِيثِ (¬29): "إِنَّ مِنْ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللهِ تَعَالَى" (¬30) يُقَالُ: عَتَا يَعْتُو عُتُوَّا وَعُتِيًّا، أَىْ: تَكَبَّرَ وَتَجَبَّرَ، فَهُوَ عَاتٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا} (¬31) قَالَ فِى التَّفْسِيرِ: تَجَبَّروا وَعَصَوْا (¬32). ¬
قَوْلُهُ: "وَيُصْبَرُ الصَّابِرُ" (¬33): مَعْنَاهُ: يُحْبَسُ الْحَابِسُ،، وَالصَّبْرُ: الحَبْسُ، وَالصَّبْرُ: حَبْسُ النفْسِ عِنْدَ الْجَزَعِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} (¬34) وَمَعْنَاهُ: يُحْبَسُ الَّذِى حَبَسَهُ لِلْمَوْتِ حَتى يَمُوتَ كَمَا مَاتَ. قَوْلُهُ: "فِى أَرْضٍ مَسْبَعَةٍ" (¬35) بِالْفَتْحِ، أَىْ: ذَاتِ سِبَاعٍ. قَوْلُهُ: "فِى زُبْيَةٍ" هِىَ حُفْرَةٍ تُحْفَرُ لِيَنْشِبَ فِيهَا السَّبُعُ، وَجَمْعُهَا: زُبى، وَفِيهَا لُغتَانِ، الضَّمُّ وَالكَسْرُ. قوله: ["حَيّاتٌ] (¬36) فَنَهسَتْهُ" بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، يُقَالُ: نَهَسَ اللَّحْمَ: أَخَدَ بِمُقَدَّمِ الْأَسْنَانِ، وَنَهْسُ الْحَيَّةِ: عَضُّهَا، قَالَ الرّاجِزُ (¬37): وَذَاتِ قَرْنَيْنِ طَحُونِ الضِّرْسِ تَنْهَسُ لَوْ تَمَكَّنَتْ مِنْ نَهْسِ وَقد ذكر (¬38). وَيُقَالُ أَيْضًا: نَهَشَتْهُ الحَيَّةُ -بِالشِّينِ- وَنَهَشَ اللَّحْمَ أَيْضًا، قَالَ الزَّمَخْشَرِىُّ (¬39): الْفَرْقُ أنَّ النَّهْسَ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ، وَالنَّهْشَ بِالْأَضْرَاسِ. ¬
قَوْلُهُ: "شَاةً مَصْلِيَّةً" (¬40) أَىْ: مَشْوِيَّةً، وَالصَّلَىِ، وَالصِّلَاءُ: النَّارُ، يُفْتَحُ فَيُقْصَرُ، وَيُكْسَرُ فَيمَدُّ (¬41)، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} (¬42). قَؤلُهُ: "مَا زِلْتُ أَجِدُ مِنَ الْأُكْلَةِ" أَىْ: أَشْتَكِى، وَالْأُكْلَةُ- بِالضَّمِّ: هِىَ اللُّقْمَةُ. قَوْلُهُ: "فَهَذَا أَوَانُ انْقِطَاعِ أَبْهَرِى" الْأَبْهَرُ: عِرْقٌ إِذَا انْقَطَعَ مَاتَ صَاحِبُهُ، وَهُمَا أَبْهَرَانِ يَخرُجَانِ مِنَ الْقَلْبِ، ثُمَّ يَتَشَعَّبُ مِنْهُمَا سَائِرُ الشَّرَايِينِ (¬43). قَوْلُه: "الْمُوضِحَةُ" (¬44) هِىَ الَّتِى تُظْهِرُ وَضَحَ الْعَظْمِ، أَىْ: بَيَاضَهُ. قَوْلُهُ: "مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ" (¬45) أَىْ: مِن غَيْرِ جَوْرٍ، وَالْحَيْفُ: الْجَوْرُ وَالظُّلْمُ، وَقَدْ حَافَ عَلَيْهِ يَحِيفُ: إِذا جَارَ. قَوْلُهُ: "مِنْ مُؤَخَّرِ الرَّأْسِ أَوْ قَزَعَتِهِ" (¬46) لَعَلَّهُ مَوْضِعُ الْقَزَعَةِ، حَيْت يُحْلَقُ مِنْهُ بَعْضُهُ وَيُتْرَكُ بَعْضُهُ، وَهُوَ: أَعْلَاهُ (¬47). ¬
قَوْلُهُ: "مُنَقِّلَةً" (¬48) الْمُنَقِّلَةُ: هِىَ الَّتِى تُنَقَّلُ مِنْهَا الْعِظَامُ [وَقِيلَ: تُنَقِّلُ الْعَظْمَ، أَىْ: تَكْسِرُهُ حَتّى يَخْرُجَ مِنْهَا فَرَاش (¬49) العِظَامِ] (¬50). وَ "الْمَأْمُومَةُ" هِىَ الَّتِى بَلَغتْ أُمَّ الدِّمَاغِ، وَهِىَ الْجِلْدَةُ الَّتِى تَجْمَعُ لدِّمَاغَ. وَيُقَالُ أَيْضًا: أُمُّ الرَّأْسِ. قَوْلُهُ: "الْقَائِمَةَ" (¬51) [هِىَ] (¬52) الَّتِى بَيَاضُهَا وَسَوَادُهَا صَحِيحَانِ غَيْرَ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يُبْصِرُ بِهَا، وَلَعَلَّهَا الْوَاقِفَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَطْرِفُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: قَامَتِ الدَّابَّةُ: إِذَا وَقَفَتْ. [قَوْلُهُ: "الْمَارِنُ"] (¬53) الْمَارِنُ: مَالَانَ مِنَ الْأَنْفِ، وَفَضَلَ عَنِ الْقَصَبَةِ (¬54). قَوْلُهُ: [بِالْأَخْشَمِ"] (¬55) الْخَشَمُ: دَاءٌ يَعْتَرِى الْأَنْفَ، فَيَمْنَعُ الشَّمَّ، يُقَالُ: رَجُلٌ أَخْشَمُ بَيِّنُ الْخَشَمِ، وَيُقَالُ: رَجُل أَخرَمُ بَيَّنُ الْخَرَم، وَهُوَ الَّذِى قُطِعَتْ وَتَرَةُ أَنْفِهِ، أَوْ طَرَفُ أنفِهِ، لَا يَبْلُغُ الْجَدْعَ. وَالْوَتَرَةُ: الْحَاجِزُ بَيْنَ الْمَنْخِرَيْنِ. وَالأَخْرَمُ أَيْضًا: الْمَثْقُوبُ الأُذُنِ، وَقَدِ انْخَرَمَ ثَقْبُهُ، أَىِ: انْشَقَّ. وَ "الْمُسْتَحَشِفُ" (¬56) الْمُنْقَبِضُ الْيَابِسُ، مَأْخُوذٌ مِنْ حَشَفِ التَّمْرِ. ¬
أَوَّلُ الشِّجَاجِ (¬57): الْحَارِصَةُ، سُمِّيت حَارِصَةً؛ لِأَنَّهَا تَشُقُّ الْجِلْدَ، يُقَالُ: حَرَصَ الْقَصَّارُ الثَوْبَ: إِذَا شَفَّهُ، وَحَرَصَ الْمَطَرُ الْأَرضَ: إِذَا قَشَرَهَا. وَالبَاضِعَةُ: الَّتِى تَقْطَعُ الْجِلْدَ وَئشُقُّ اللَّحْمَ وَتَدْمَى (¬58)، مِنْ بَضَعْتُ اللَّحْمَ: إِذَا قَطَّعْتَهُ قِطَعًا صِغَارًا، وَالْبَضْعَةُ: الْقِطْعَةُ. وَالْمُتَلَاحِمَةُ: الشَّجَّةُ الَّتِى أَخَذَتْ فِى اللَّحْمِ وَلَمْ تَبْلُغِ السِّمْحاقَ [وَلَا فِعْلَ لَهَا] (¬59). (أَصْلُ [الْمِلْطَاةِ] (¬60) مِنَ الْأَرْض: أَخْفَضُ مِنَ الْغائِطِ، وَلَعَلهَا مِنَ الشِّجَاجِ أَخْفَضُ مِما قَبْلَهَا) (¬61). السِّمْحَاقُ: الَّتِى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ [قِشْرَةٌ] (¬62) رَقِيقَةٌ، وَقَدْ فُسِّرَ فِى الْكِتَابِ. وَالْهَاشِمَةُ: الَّتِى تَهْشِمُ العَظْمَ، أَىْ: تَكْسِرُهُ وَتَرُضُّهُ وَلا تُبِينُهُ، وَالهَشْمُ: الْكَسْرُ، وَمِنْهُ سُمِّىَ هَشِيمُ الشَّجَرِ، لِمَا تَحَطَّمَ مِنْهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} (¬63). ¬
وَ"الانْدِمَالُ": هُوَ بُرْءُ الجُرْحِ، يُقَالُ: انْدَمَلَ الْجُرْحُ: إِذَا تَمَاثَلَ وَعَلَيْهِ جُلْبَةٌ (¬64) لِلْبُرْءِ، وَأَصْلُهُ: الإِصْلَاحُ، دَمَلْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ: أصْلَحْتُ، وَدَمَلْتُ الأَرْضَ بِالسِّرْجِينِ: أَصْلَحْتُهَا. قَوْلُهُ: "الأَنَامِلُ" (¬65) هِى رُؤُوسُ الْأَصَابعِ، وَاحِدَتُهَا أَنْمَلَةٌ- بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، وَقدْ ذُكِرَ (¬66). قَوْلُهُ: "مِنَ الْكُوِع" (¬67) الْكُوعُ: طَرَفُ الزِّنْدِ الَّذِى يَلِى الإِبْهَامَ، وَالكُرْسُوعُ: الَّذِى يَلِى الْخِنْصِرَ. قَوْلُهُ: "وَيُؤْخَذُ الْأَغْلَفُ بِالْمَختُونِ" هُوَ الَّذِى لَمْ يُختَنْ، يُقَالُ: أَغْلَفُ وَأَقْلَفُ، مَأَخُوذٌ مِنَ الْغِلَافِ، وَهُو: الْغِشَاءُ وَالْغِطَاءُ؛ لأَنَّهُ يُغطِّى الْحَشَفَةَ وَيَسْتُرُهَا. قَوْلُهُ: ["الشُّفْرَيْنِ"] (¬68) شُفْرُ الرَّحِمِ (¬69)، وَشَافِرُهَا (¬70): حُروفُها. قَوْلُهُ: "أَشْيَمَ الضِّبَابِىِّ" (¬71) بِكَسْرِ الضَّادِ، وَهُمْ بَطنٌ مِنْ بَنِى كِلَابٍ مِنْهُمْ شِمْرُ بْنُ ذِى الْجَوْشَنِ، قَاتِلُ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، سُمُّوا ضِبَابًا بِجَمْعِ ضَبٍّ؛ لِأن أَسْمَاءَهُم ضَبٌّ، وَضُبَيْبٌ، وَمُضِبُّ، وَحَسِيلٌ، وَحُسَيْلٌ، بَنُو مُعَاوِيَةَ بِنِ كِلَابٍ. ¬
قَوْلُه: "وَأَهْلُهُ بَيْنَ خيرتين" (¬72) الخِيرَةُ- مِثْلُ الْعِنَبَةِ: الاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ: اخْتَارَهُ اللهُ تَعَالى، يُقال مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - خِيَرَة اللهِ مِنْ خَلقِهِ، وَخِيرة اللهِ أَيْضًا بِالتَّسْكِينِ، وَأمَّا الْخِيرةُ، فَهُوَ: الاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ: خَارَ اللهُ تَعَالَى لَكَ (¬73) فِى هَذَا الْأَمْرِ. قَوْلُهُ: "لِأَنَّ الْقَصْدَ [مِنَ الْقِصَاص] (¬74) التَّشَفِّى" هُوَ التَّفَعُّلُ (¬75) مِنْ شِفَاءِ المَرِيضِ، وَهُوَ: بُرؤُهُ مِنَ العِلَّةِ، وَزَوَالُهَا كَأَنَّهُ يَبْرَأ بِهِ مِنَ الْغيْظِ، وَيُزِيلُهُ عَنْهُ، يُقَالُ: تَشَفَّيْتُ (¬76) مِنْ غَيظِى، وَاستَشْفَيتُ بِكَذَا. قَوْلُهُ: "وَلَا يُؤمَنُ فِيهِ الحَيْفُ" (¬77) وَهُوَ: الظُّلْمُ وَالْجَوْرُ، حَافَ عَلَيْهِ: جَارَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} (¬78). قَوْلُهُ: "فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُواْ القِتْلَةَ" (¬79) بِكَسْرِ الْقَافِ، وَهِىَ: الْحَالَةُ وَالْهَيْئَةُ، كَالْجِلْسَةِ وَالرِّكْبَةِ، يُقَالُ: قَتَلَهُ قِتْلَةَ سَوْءٍ - بِالْكَسْرِ، وَكَذَا الذِّبْحَةُ- بِالكَسْرِ أَيْضًا، فَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهِىَ الْفَعْلَةُ لِلْمَرَّةِ مِنَ الْمَصْدَرِ. قَوْلُهُ: "وَلَا يَسْتَوْفِى بِآلةٍ كَاَّلةٍ" (¬80) أَىْ: لَا حَدَّ لَهَا مَاضٍ، يُقَالُ (كَلَّ السَّيْف يَكِلُّ: إِذَا سَاءَ ضَرْبُهُ وَأَصْلُ الْكَلَالِ: التَّعَبُ وَالإِعْيَاءُ، يُقَال) (¬81): ¬
كَلَلْتُ عَنِ الْشَيْىء أَكِلُّ كَلَالًا وَكَلَالَةً، أَىْ: أَعْيَيْتُ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ إِذَا أَعْيَا. وَكَلَّ السَّيْفُ، وَالرُّمْحُ، وَالطَّرْفُ وَاللِّسَانُ يَكِلُّ كَلَّا [وَكِلَّةً] (¬82) وكَلَالَةً وَكُلُولًا وَسَيْفُ كَلِيلُ الْحَدِّ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} (¬83) السُّلْطَان هَا هُنَا: الْقَهرُ وَالْغلَبَةُ، وَفِى غَيْرِهِ الْحُجَّةُ وَالْبُرْهَانُ. قَوْلُهُ: "بَرِىءَ صَاحِبِى وَعَرِجَتْ رِجْلِى" (¬84) يُقَالُ عَرِجَ الرَّجُلُ -بِكَسْرِ الرَّاءِ- يَعْرَجُ بِفَتْحِهَا: إِذَا صَارَ أَعْرَجَ، أَىْ: ظَلَعَ فِى مَشْيِهِ، ولَزمه الظَّلَعُ فَلَمْ يُفَارِقْهُ حَتى صَارَ كَأَنَّهُ خِلْقَةً فِيهِ. وَعَرَجَ -بِفَتْحِ الراءِ- يَعْرُجُ- بِضَمِّهَا: إِذَا غَمَزَ مِنْ شَىْءٍ أَصَابَهُ، وَزَالَ ذَلِكَ عَنْهُ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ. قوْلُه: "لَمْ يَثَّغِرْ، وَقَدْ ثُغِرَ" (¬85) يُقَالُ: ثُغِرَ الصَّبِىُّ: إِذَا سَقَطَتْ رَوَاضِعُهُ، فَهُوَ مَثْغورٌ، فَإِذَا نَبَتَتْ قِيلَ: اثَّغَرَ، وَأَصْلُهُ: اثْتَغَر، فَأُبْدِلَتِ التَّاءُ ثَاءً وَأُدْغِمَتْ. وَيُقَالُ: اتَّغَرَ بالتَّاءِ أَيْضًا بِاثنَتَينِ مِنْ فَوْقُ. وَقِيلَ لِلْمَوضِعِ الْمَخُوفِ مِنَ الْعَدُوِّ: ثَغرٌ؛ لِأَنَّهُ كَالَثُّلْمَةِ يُهْجَمُ مِنْهُ. وَثَغرُ (¬86) النَّحْر: ثُغرَتُهُ وَوَقْبَتُهُ (¬87) فِى وَسَطِهِ. [وَلِلإِنْسَانِ] (¬88) اثنتانِ وَثَلَاثُونَ سِنًّا: أَرْبَعُ ثَنَايَا، وَأَرْبَعُ رُبَاعِيَاتٍ، وَأَرْبَعَةُ أَنيَابٍ وأَرْبَعَةُ (¬89) ضَوَاحِك. ¬
واثْنَتَا عَشْرَةَ رَحًى، فِى كُلِّ شِقٍّ سِتٌ، وَأَرْبَعَةُ (¬90) نَوَاجِذَ، وَهِىَ أَقْصَاهَا. مِنْ فِقْهِ اللغةِ (¬91). قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (¬92) أَىْ: أَخَذَ غَيْرَ مَا يَجِبُ لَهُ، يُقَالُ: عَدَا وَاعْتَدَى: إِذَا جَاوَزَ الحَدَّ. قَوْلُهُ: "وَإنْ (¬93) رَمَاهُ مِنْ شَاهِق" الشَّاهِقُ: الجَبَلُ المُرتَفِعُ، وَقَدْ شَهِقَ يَشْهَقُ: إِذَا ارْتَفَعَ. قَوْلُهُ: "وَبَقِىَ إِزْهَاقُ الرُّوحِ" (¬94) هُوَ مَوْتُهَا وَذَهَابهَا، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} (¬95) زَهَقَتْ نَفْسُهُ تَزْهَقُ زُهُوقًا، أَىْ: خَرَجَتْ. قَوْلُهُ: "بِحَدِيدَةٍ مَاضِيَةٍ" (¬96) أَىْ: قَاطِعَةٍ، يُقَال: سَيْفٌ مَاضٍ، أَىْ: قَاطِعٌ. قوْلُهُ: "قَدِمَ بِجَلُوبَةٍ" (¬97) الْجَلُوبَةُ: مَا يُجْلَبُ لِلْبَيْعِ، أَىْ يُؤْتَى بِهِ مِنْ بُعْدٍ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ" (¬98). "فَفَقأَ عَيْنَهُ" بَخقَهَا وَقَلَعَهَا، وَقَدْ ذُكِرَ (¬99). ¬
"بِمِرْآةٍ" بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَإسْكَانِ الرَّاءِ، مِفْعَلَةٌ: آلةُ الرُّؤْيَةِ عَلَى مِثَالِ مِرعِاةٍ، وَهِىَ: أَدَاةُ مَعْروفَة مِنْ حَدِيدٍ يَتَرَاءَى فِيهِا الإِنْسَانُ وَجْهَهُ، وَجَمْعُهَا: مَرَاءٍ عَلَى وَزْنِ مَرَاعٍ، وَمَرَايَا عَلَى مِثَالَ خَطَايَا. قَوْلُهُ: "سَالَ إِنْسَانُ عَيْنِهِ" إِنْسَانُ الْعَيْنِ: الْمِثَالُ، الذِى يُرَى فِى السَّوَادِ، وَيُجْمُعُ عَلَى أَنَاسِىَّ قَوْلُهُ: "فَالْتَجَأَ إِلَى الحَرَم" (¬100) اسْتَنَدَ إِلَيْهِ، يقَالُ: لَجَأْتُ إِلَيْهِ لَجَأَ بِالتَّحْرِيكِ، وَالْمَوْضِعُ: الْمَلْجَأُ. قَوْلُهُ: "كُنَيْف مُلِىءَ عِلْمًا" (¬101) تَصْغيرُ كِنْفٍ، وَالْكِنْفُ: وِعَاءٌ مِنْ أَدَمٍ تَكُونُ فِيهِ أَدَاةُ الرَّاعِى، وَقَالُوا: وَتَصْغِيرُهُ لِلتَّعْظِيمِ، كَمَا قَالُوا: وُدَيْهِيَّةٌ وَالأَحْسَنُ فِى هَذَا أَنَّهُ يَعْنِى الصِّغرَ وَالْحَقَارَةَ؛ لِأَن ابْنَ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - كَانَ دَمِيمَ الْخَلْقِ قَصِيرًا، قِيلَ إِنَّهُ يَكَادُ الْجُلُوسُ يُوَارُونَهُ مِنْ قِصَرِهِ. قَوْلُهُ: "فَاسْتَعْدَى [إِخْوَتُهَا] (¬102) عُمَرَ - رضي الله عنه -" (¬103) أَىِ: اسْتَعَانُوا بِهِ (¬104)، وَطَلَبُوا مِنْهُ الإِنْصَافَ. قَوْلُهُ: "أُرُوشُ الْجِنَايَاتِ" (¬105) قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ أَصْلَ الْأَرْشِ: الإِفْسَادُ وَالْخُصُومَةُ، يُقَالُ: أَرَّشْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ: إذَا أَفْسَدْتَ بَيْنَهُمْ. ¬
ومن كتاب الديات
وَمِنْ كِتَابِ الدِّيَاتِ قَوْلُهُ: "لَاْ يُمْكِنُ تَلَافِى فِعْلِهِ" (¬1) أَىْ: تَدَارُكُهُ وَلْحُوقُهُ، تَلَافَيْتُهُ مِنْ كَذَا: إِذَا نَجَّيْتَهُ مِنْ أَمْرٍ كَانَ قَدْ أَشْفَى عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: "عَيَّنهُ بِالرَّمْىِ" أَىْ: قَصَدَهُ بِعَيْنِهِ (¬2). قَوْلُهُ: "أَرْبَعُونَ خَلِفَةً" (¬3) الْخَلِفَةُ: الْحَامِلُ، وَجَمْعُهَا: خَلِفَاتٌ، وخَلِف بِكَسْرِ اللّامِ، وَهِىَ [الْمَخَاضُ] (¬4) الْحَوَاِمِلُ مِنَ النُّوقِ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْخِلْف بالْكَسْرِ، وَهِىَ: حَلَمَةُ ضَرْعِ النَّاقَةِ، الْقَادِمَانِ وَالْآخِرَانِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ ذَاتَ أَخْلَافٍ، أَىْ: ضُرُوعٍ. قَوْلُهُ: "كَالْمَدِّ بالْبَصْرَةِ" (¬5) هِىَ: زِيَادَةُ مَاءِ نَهْرِهَا حَتَّى يَفِيضَ عَلَى أرْضٍ تَلِيهِ. وَأَصْلُ الْمَدِّ: السَّيْلُ. ¬
يُقَالُ: مَدَّ النَّهْرُ، وَمَدَّهُ نَهْر آخَرُ، قَالَ. الْعَجَّاجُ (¬6): *سَيْلٌ أَتِىٌّ مَدَّةُ أَتِىُّ* قَوْلُهُ: "فِي أَرْضِ مَغيبةٍ" كثيَرةِ السبّاَعِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬7). قَوْلُهُ: "إِلَى امْرأَةٍ مُغيبَةٍ" (¬8) أَيْ: غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا، بِالْهَاءِ، وَامْرأَةٌ مُشْهِدٌ، بِغيرِ هَاءِ، أَيْ: زَوْجُهَا شَاهِدٌ حَاضِرٌ، وَفِي الْحَدِيثِ "حَتَّى تمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ" (¬9). وَ "الطلْقُ" وَجَعُ الْوِلَادَةِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬10). قَوْلُهُ: "فَمَنِ افْتَاتَ عَلَيْهِ" الافْتِيَاتُ: هُوَ الافْتِعَالُ مِنْ فَاتَ يَفُوتُ، أَيْ: سَبَقَ وَلَمْ يُدْرَك (¬11). قَوْلُهُ: "وَإِنْ نَصَبَ مِئْزَابًا" (¬12) بِالْهَمْزِ، وَرُبَّمَا لَمْ يُهْمَزْ، وَالْجَمْعُ: الْمَآزِيبُ، وَيُقَالُ: الْمِرْزَابُ. قَوْلُهُ: "اصْطَدَمَ" الصَّدْمُ: ضَرْبُ الشَّيْىءِ الصُّلْبِ بِمْثِلِهِ، قَالَهُ الْهَرَوِىُّ (¬13). قَوْلُهُ: "الْمُكِبُّ" هُوَ: الْوَاقِعُ عَلَى وَجْهِهِ، وَالْمُسْتَلْقِى: الْوَاقِعُ عَلَى قَفَاهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ} (¬14). ¬
قَوْلُهُ: "هَدَرَ دَمُهُ" (¬15) [هَدرَ دَمُهُ] يَهْدِرُ بِالكَسْرِ - "هَدرًا، أَىْ: بَطَلَ، وَأَهدَرَهُ السُّلْطَانُ، أَيْ: أَبْطَلَهُ. "الْهَدَفُ" الَّذِى يُنصَبُ لِلرَّمْىِ، وَقَدْ ذُكِرَ (*) قَوْلُهُ: "عَلَى ضَبْطِهِمَا" (¬16) ضَبْطُ الشَّيْءِ: حِفْظُهُ بِالْحَزْمِ، وَالرَّجُلُ ضَابِطٌ، أَيْ: حَازِمٌ، ضَبَطَ يَضْبِطُ بِالْكَسرِ (¬17). قوله: "وَإنْ رَمَى بِالْمَنْجَنِيق" (¬18) هُوَ آلةٌ يُرْمَى عَنْهَا بِالْحِجَارَةِ مَعْرُوفَة، يُقَالُ بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَجَاءَ كَسْرُهَا عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ (¬19)، وَجَمْعُهُ: مَجَانِقُ، وَهِيَ مُعَرَّبَةٌ، وَأَصْلُهَا بِالْفَارِسِيةِ "مَنْ جَى نِيْك" أَيْ: مَا أَجْوَدَني" (¬20). "عُلَىُّ بْنُ رَباحٍ" (¬21) بِضَمِّ العَيْنِ، وَفَتْحِ اللَّامِ مُصُغرًا، وَكَانَ يَقُولُ: لَا أُحِلُّ مَنْ صَغرَ اسْمِى. قوْلُهُ: "خَرًّا" أَيْ: سَقَطَا عَلَى وُجوهِهِمَا. ¬
قَوْلُهُ: "فَإن أَعْوَزَتِ الإِبِلُ" (¬22) أَعوَزَهُ (*) الشَّيْيءُ: إِذَا احْتَاجَ إِليهِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وعَوِزَ الشَّيْيءُ عَوَزًا: إِذَا لَمْ يُوجَدْ، وَرَجل مُعْوِز: لَا شَيءَ عِنْدَهُ، وَالْعَوَزُ: الْقِلَّةُ. قَوْلُهُ: "أَصْحَابِ الْحُلَلِ" (¬23) الْحُلَلُ هَا هُنَا: الثِّيَابُ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬24): الحُلَلُ: بُرُودُ الْيَمَنِ، وَالْحُلةُ: إِزَارٌ، وَرِدَاء، لَا تُسَمَّى حُلَّةً حَتى تَكُونَ ثَوْبَيْنِ. قَوْلُهُ: "مَوْلُودٌ (**) عَلَى الْفِطرةِ، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ عِنَادُ" (¬25) الْفِطرةُ: أَصْلُ الدِّينِ، وَقَدْ ذكِرَ فِي السوَاكِ (¬26). وَالْعِنَادُ: هُوَ الْخِلَافُ فِي الْحَقِّ وَهُوَ يَعْرِفُهُ. قَوْلُهُ: "وَدِيَةُ الْجَنِينِ [الْحُرِّ] (¬27) غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ" يُرْوَى مَخْفُوضًا عَلَى الإِضَافة، وَيُرْوَى: "غُرَّةٌ عبدٌ أَوْ أَمَةٌ" مَرْفُوعًا عَلَى أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلْغُرَّةِ. وَغُرَّةُ الْمَالِ: أَكْرَمُهُ، وَفُلَان غُرَّةُ قَوْمِهِ، أَيْ: سَيِّدُهُمْ. وَالْغُرَّةُ عِنْدَ الْعَرَبِ: أَنْفَسُ شَيْيءٍ يُمْلَكُ. وَقَالَ القُتَيْبِىُّ (¬28): سُمِّىَ غُرَّةً؛ لِأنَّهُ أَفْضَلُ الْمَالِ وَأَشْهَرُهُ. وَسُمِّىَ الْجَنِينُ جَنِينًّا؛ لِأنَّهُ اسْتَجَنَّ فِي الْبَطنِ، أَي: اسْتَتَرَ وَاخْتَفَى، وَقَدْ ذُكِرَ (¬29). ¬
وَقَوْلُهُ: "وَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ" (¬30) أَيْ: يُبْطلُ وَيُذْهَبُ، يُقالُ: طُلَّ دَمُهُ، أَيْ: ذَهَبَ هَدَرًا، قَالَ الشَّنْفَرَى (¬31): إِنَّ بِالشعبِ الَّذِي دُون سَلْعٍ ... لَقَتِيلًا دَمُهُ لَا يُطَلُّ وَالْكِسَائِىُّ يُجِيزُ: طَلَّ دَمُهُ - بفَتْحِ الطَّاءِ، أيْ: بَطَلَ. وَقَدْ رُوِىَ: "بَطَلَ" (¬32) بِالْبَاءِ بِوَاحِدَةٍ مِنْ تَحْتِ (¬33). قَوْلُهُ: "مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ": جَمْعُ كَاهِن، مَعْرُوفٌ، الَّذِي يَدعِى عِلْمَ الْغَيْبِ، وَالْكَاهِنُ: الْعَالِمُ، بِالْعِبْرَانِيَّةِ. وَإِنَّمَا جَعَلَهُ مِنْ إِخْوَانِ الكُهَّانِ، لِأجْلِ سَجْعِهِ؛ لِأنَّهُمْ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلَامٍ مَسْجُوعٍ، وَالسَّجْعُ: الْكَلَامُ الْمُقَفَّى. قَوْلُهُ: "فَأَلقَتْ جَنِينًا فَاخْتَلَجَ" (¬34) أَىْ: تحرك وَتضَرَّبَ (¬35). قَوْلُهُ: "طَعَنَ فِي السِّنِّ" أَيْ: دَخَلَ فِيهِ، يَطْعُنُ بِالضَّمِّ. قَوْلُهُ: "وَإنْ جَنَى عَلَى عَيْنٍ فَشَخصَتْ" يُقَالُ: شَخصَ بَصَرُهُ: إِذَا فَتَحَ عَيْنَهُ وَجَعَلَ لَا يَطْرِفُ. ¬
قَوْلُهُ: "الْأَهْدَابُ" جَمْع هُدْبٍ، وَهُوَ: شَعَرُ جَفْنِ الْعَيْنِ، يُقَالُ: هُدْبٌ وَهُدُبٌ. قَوْلُهُ: "فَاسْتَحْشَفَتْ" (¬36) أَيْ: يَبِسَتْ وَتقَبَّضَتْ (¬37)، كَهَيْئَةِ الْجِلْدِ إِذَا تُرِكَ عَلَى النَّارِ، مَأْخُوذٌ مِنْ حَشَفِ التَّمْرِ، وَهُوَ: شرَارُهُ الَّذِي يَبِسَ قَبْلَ إِدْرَاكِهِ، فَلَا يَكُونُ فِيهِ لَحْمٌ، وَلَا لَه (¬38) طَعْمٌ. قَوْلُهُ: "إِذا أَوْعِبَ مَارِنُهُ جَدْعًا" (¬39) أُوعِبَ وَاسْتُوعِبَ: اسُتُؤْصِلَ وَاسْتُقْصِىَ وَالْمَارِنُ: مَا لَانَ مِنَ الْأَنْفِ. وَالْجَدْعُ: قَطْعُ الْأَنْفِ، وَقَطْعُ الأُذُنِ. قَوْلُهُ: "مَضْعُوفٍ" (¬40) يَعْنِي: ضَعِيفَ الْعَقْل. قَوْلُهُ: "وَإنْ تقَلَّصَتَا" (¬41) أَىِ: ارْتفَعَتَا عَنِ الْأَسْنَانِ، يُقَالُ: قَلَصَ وَتقَلَّصَ فَهَوَ قَالِصٌ، وَقَلَصَ وَقَلَّصَ (¬42): بِمَعْنًى، يُشَدَّدُ وَيُخفَّفُ (¬43). وَقَلَصَتْ شَفَتُهُ: إِذَا انْزَوَتْ، وَشَفَةٌ قَالِصَةٌ. وَقَالَ فِي الْبَيَانِ: بِحَيْثُ لَا يَنْبَسِطَانِ، وَلَا تَنْقَبِضُ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى. قَوْلُهُ: "بَهِيمَةُ مُهْمَلَةٌ" (¬44) بِلَا رَاعٍ، يُقَالُ: إِبِلٌ هَمَلٌ، بِالتَّحْرِيكِ، وَهَامِلَةٌ، وَهَوَامِلُ، وَترَكْتُهَا هَمَلًا، أَيْ: سُدًى: إِذَا ترَكْتَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا بِلَا رَاع (¬45). ¬
قَولُهُ: "فَصَارَ أَلْثَغَ" (¬46) اللُّثْغَةُ فِى اللِّسَانِ: أَنْ يُصَيِّرَ الرَّاءَ غَينًا، أَوْ لَامَا، أَوْ سِينًا، وَقَدْ لَثِغ- بِالكَسْرِ يَلْثغ لَثغًا، فَهُوَ أَلْثَغُ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬47). وَ"التَّمْتَمَةُ" (¬48) التَّعَثُّرُ فِى التَّاءِ، وَقَدْ ذُكِرَت (¬49). وَ "اللِّثَةُ" (¬50) بِكَسْرِ اللَّامِ، وَالتّخْفِيفِ: مَا حَوْلَ الْأَسْنَانِ، وَأَصْلُهَا: لِثَىٌ، وَالْهَاءُ عِوَضُ مِنَ الْيَاءِ، وَجَمْعُها: لِثاتٌ وَلِثًى. وَ"السِّنخُ" الأَصْلُ، وَأَسْنَاخُ الأَسْنَانِ: أُصُولُها. قَوْلُهُ: "سِنًّا مُضْطرَبَةً" هِىَ الَّتِى تَتَحَرَّكُ مَعَ بَقَائِهَا فِى مَنْبِتِهَا. قَوْلُهُ: "حَصَلَ بِهَا شَيْنٌ" الشَّيْنُ: ضِدُّ الزَّيْنِ، يُقَالُ: شَانهُ يَشِينُهُ، وَالْمَشَاينُ: الْمَعَايبُ وَالْمَقَابِحُ. "الْبَطْشُ" الْأَخْذُ بِقُوةٍ، يُقَالُ: بَطَشَ يَبْطِشُ وَيَبْطُشُ. قَوْلُهُ: "يَدِ الْأَعْسَمِ" (¬51) العَسَمُ- بِالْفَتْحِ: فِى الْكَفِّ وَالْقَدَم: أَنْ يَيْبَسَ مَفْصِلُ الرُّسْغ حَتَّى يَعْوَج الكَفُّ وَالْقَدَمُ. يُقَالُ: رَجُلٌ أَعْسَمُ بَيَّنُ الْعَسَمِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الجَوْهَرِىُّ (¬52). وَقَالَ فِى دِيوَانِ الْأَدَبِ: هُوَ يُبْس فِى الرِّجْلِ (¬53). وَالرُّسْغ: هُوَ مَا يَلِي الْكُوعَ إِلَى ظَهْرِ الْكَفِّ (وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: هُوَ الْأَعْسَرُ الَّذِى يَعْمَلُ بِكِلْتَا يَدَيْه، وَبَطْشُهُ بِيَسَارِهِ أَكْبَرُ. ¬
وَقالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: الْأَعْسَمُ: الَّذِي فِى رُسْغِهِ مَيَلٌ وَاعوِجَاج) (¬54) وَقَدْ ذُكِرَ (¬55). قَوْلُهُ: "خَلَعَ كَفَّهُ" (¬56) أَيْ: فَكَّهَا مِنْ مِعْصَمِهَا حَتَّى اسْتَرْخَتْ، فَلَا يُطِيقُ رَفْعَهَا. وقَدْ شَلَّتْ يَدُهُ تشَلُّ- بِفَتحِ الشِّينِ فِيهِمَا: إِذَا يَبِسَتْ: وَقِيلَ: إِذَا اسْتَرْخَتْ. وَلَا تَشْلَلْ يَدُكَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَاللّام: إِذَا دَعَا لَكَ بالسَّلَامَةِ مِنَ الشَّلَلِ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬57): فَلَا تَشْلَلْ يَدٌ فَتَكَتْ بِعَمْرٍو ... فَإنكَ لَنْ تذِلَّ وَلَنْ تضَامَا قَوْلُهُ: "وَإنْ كَانا (¬58) نَاهِدَيْنِ" أَيْ: مُرْتفِعَيْنِ، وَالنُّهُودُ: الارْتِفَاعُ، نَهَدَ ثَدْىُ الْجَارِيَةِ: إِذَا ارتفَعَ "الْحَلَمَتَانِ" بِفَتْحِ اللَّامِ، الْوَاحِدَةٌ: حَلَمَةٌ- بالفتح أَيْضًا: رَأْسُ الثدْىِ، كَمَا ذَكَرَه (¬59). قوْلُهُ: "إِسْكَتَىِ الْمَرْأةِ" (¬60) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ السِّينِ، هُمَا جَانِبَا الْفَرْجِ. وَالْمَأْسُوكَةُ: الَّتِى أَخْطَأتْ خَافِضَتُهَا، فَأَصَابَتْ غَيْرَ مَوْضِعِ الْخفْضِ. الإِسْكَتَانِ: ناحِيَتَا الْفَرْجِ، وَالشُّفْرَان: طَرفَا النَّاحِيَتَيْنِ، وَالَّذِى يَلىِ الشُّفْرَيْنِ الأَشْعَرَانِ. ذَكَرَهُ الْأزْهَرِيُّ (¬61). ¬
قَوْلُهُ: "الإِفْضَاءِ" (¬62) مَأخُود مِنَ الْفَضَاءِ، وَهُوَ: الْمَكَانُ الْوَاسِعُ، وَيَكُونُ الْجِماعَ، كَقَوْلِىِ تَعَالَى: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} (¬63) وَيَكُونُ اللَّمْسَ، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السّلَامُ: "إِذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إِلَى ذَكَرِهِ فَلْيَتَوَضأ" (¬64). قَوْلُهُ: "تَصْعِيرِ الْوَجْهِ" (¬65) الصَّعَرُ: الْمَيْلُ فِى الخَدِّ خَاصَّةً، وَقَدْ صَعَّرَ خَدَّهُ، أَيْ: أَمَالَة مِنَ الْكِبرِ، قَالَ اللهُ تعَالَى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} (¬66). "التَّرْقُوَتَان" (¬67) الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ أَعْلَى الصَّدْرِ (¬68)، وَالْجَمْعُ: تَرَاقِى، قَالَ اللهُ تعَالَى: {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} (¬69) وَ "الضِّلَعُ" مِثَالُ الْعِنَبِ وَتسْكِينُ اللَّامِ جَائِزٌ، وَهِيَ وَاحِدَةُ الْأَضْلَاعِ. ¬
[ومن باب العاقلة وما تحمله من الديات]
[وَمِنْ بَابِ الْعَاقِلَةِ وَمَا تحْمِلُهُ مِنَ الدِّيَاتِ] الْعَاقِلَةُ: مَأْخُوذٌ مِنَ الْعَقْلِ، وَهُوَ الدِّيَةُ, وَسُمِّيَتِ الدِّيَةُ عَقْلًا؛ لِأنَّ الإِبِلَ كَانَتْ تُعْقَلُ بِفِنَاءِ وَلِىِّ الْمَقْتُولِ، يُقَالُ: كَملْتُ الْمَقَتْوُلَ: إِذَا أَدَّيْتَ دِيَتَهُ، وَمِنْهُ سُمِّىَ الْعَقلُ عَقْلًا؛ لِأنَّهُ يَمْنَعُ مِنَ الْخَطأ كَمَا يَمْنَعُ الْعِقَالُ الدَّابَّةَ مِنَ الذَّهَابِ. وَ "أَجْحَفَ بِهِ" (¬1): أَذْهَبَ جَمِيعَ مَالِهِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬2). قَوْلُهُ: "بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ" (¬3) الْعَمُودُ: الْخَشَبَةُ الَّتِى يُنْصَبُ بِهَا بَيْتُ الشَّعَرِ، يُجْعَلُ فِى وَسَطِهِ حَتَّى يَرْتَفِعَ. وَالْفُسْطَاطُ: بَيْتُ الشَّعَرِ، وَفِيهِ ثَلَاثُ لْغاتٍ: فُسْطَاطٌ، وَفْسْتَاطٌ، وَفُسَّاطٌ (¬4). قَوْلُهُ: "قَائلَ عَمَّارٌ فِى مِحَفَّةٍ" (¬5) الْمِحَفَّةُ: مَرْكَبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ كَالْهَوْدَجِ، إِلَّا أَنَّهَا لَا تُقَبَّبُ كَمَا يُصَبَّبُ الْهَوْدَجُ. وَمَعْنَى يُقَبَّبُ. يُجْعَلُ عَلَيْهِ قُبَّةٌ. ¬
"الشَّيىْءِ التَّافِهِ" (¬6) اليَسِيرِ الْحَقِيرِ، وَقَدْ تَفِهَ يَتْفَهُ. قَوْلُهُ: "امْتُحِنَ فِى أَوْقَاتِ غَفَلَاِتهِ" (¬7) أَىِ: اخْتُبِرَ، وَالامْتِحَانُ: الاخْتِبَارُ. قَوْلُهُ: "تَصَنَّعَ لِذَلِكَ" (¬8) التَّصَنُّعُ: تكَلُّفُ حُسْنِ السَّمْتِ، وَتصَنَّعَتِ الْمَرأَةُ: إِذَا صَنَعَتْ نَفْسَهَا. (قَوْلُهُ: "الكُبْرُ الْكُبْرُ" (¬9) يُقَالُ: هُوَ كُبْرُ قَوْمِهِ - بِالضَّمِّ: إِذَا كَانَ أقْعَدَهُمْ فِى النَّسَبِ، وَهُوَ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى جَدِّهِ الْأَكْبَرِ بِآبَاءٍ قَلِيلٍ) (¬10). ¬
ومن [كتاب] قتال أهل البغي
وَمِنْ [كِتَابِ] (¬1) قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ الْبَغْىُ: التَّعَدِّى، وَكُلُّ مُجَاوَزَةٍ وَإفْرَاطٍ عَلَى الْمِقْدَارِ الَّذِي هُوَ حَدُّ الشَّيءِ فَهُوَ بَغىٌ، وَالْبَغىُ: الظُّلْمُ، وَالْبَغْىُ أَيْضًا: الفُجُورُ، وَالْبَاغِيَةُ: الَّتِى تعْدِلُ عَنِ الْحَقِّ، وَمَا عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ، يُقَالُ: بَغى الْجُرْحُ: إِذَا ترَامَى إِلَى الْفَسَادِ (¬2). قَوْلُهُ: "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْس مِنَّا" (¬3) دَلِيلٌ عَلَى تكْفِيرِ الْخَوَارِجِ، وَمَنْ يُقالُ الْمسلِمِينَ بِغَيْرِ حَق، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ [مَعْنَاهُ] (¬4): فَلَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِنَا وَلَا مِمَّنْ يَتَدَيَّنُ بِدِيننَا، كَمَا قَالُوا فِى الْحَدِيثِ الآخَرِ: "مَنْ غَشَّنْا فَلَيْسَ مِنا" (¬5). قَوْلُهُ: "بِتَأْوِيلِ" (¬6) التَّأوِيلُ: تفْسِيرُ مَا يَؤُولُ إِلَيهِ الشّيْيءُ، وَقَدْ أَوَّلتُهُ تَأْوِيلًا. قَوْلُهُ: "وَامْتَنَعَتْ بِمَنَعَةٍ" السَّمَاعُ: سُكُونُ النُّونِ، وَالْقِيَاسُ: فَتْحُهَا، جَمْعُ مَانِع، مِثْلُ كَافِرٍ وَكَفَرَة. ¬
قَوْلُهُ تعَالَى: {حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} (¬7) أَيْ: حَتَّى ترْجِعَ، يُقَالُ: فَاءَ يفيىءُ فَيْأ: إِذا رَجَعَ. [قَوْلُهُ: "الْخَوَارِج" (¬8)] (¬9) سُمُّوا خَوَارِجَ؛ لِأنَّهُمْ خَرَجُوا عَنِ الطَّاعَةِ، الْوَاحِدُ: خَارِجِىٌّ. قَوْلُهُ: "يَنْقِمُونَ" (¬10) يَعْتِبُونَ وَيكْرَهُونَ وَيُنْكِرونَ وَيَسْخَطُونَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ} (¬11). "انْسَلَخْتَ مِنْ قَمِيصٍ" (¬12) أَيْ: خَرَجْتَ مِنْهُ، كَمَا تنْسَلِخُ الْحَيَّةُ مِنْ جِلْدِهَا. قوله تَعَالى: {أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (¬13) الْأُسْوَةُ: الْقُدْوَةُ الَّتِى يَجِبُ اتِّباعُهَا وَيُؤْتَمُّ (¬14) بِهَا وَيَهْتَدِى إِلَيْهَا الضَّالُّ، يُقَالُ: أَسْوَةٌ وَإِسْوَةٌ، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ. قَوْلُهُ: "وَاضَعُوا عَبْدَ اللهِ كِتَابَ اللهِ" (¬15) الْمُوَاضَعَةُ: الْمُرَاهَنَةُ، يُقَالُ: وَاضِعْنِي عَلَى كَذَا، أَيْ: ضَعْ رَهْنًا، وَأَضَعُ رَهْنًا عَلَى أَنَّ مَنْ غَلَبَ وَفَلَجَ: أَخَذَ الرَّهْنَ. قَوْلُهُ: "إِجْرَاءُ صَغارٍ" (¬16) أَيْ: ذُلٍّ وَهَوَانٍ. ¬
قَوْلُهُ: "وَلَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحِهِمْ " (¬17) الذَّفُّ: الإِجْهَازُ عَلَى الْجَرِيحِ، وَهُوَ: قَتْلُهُ، وَكَذَلِكَ الذِّفَافُ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬18): يُرْوَى بِالدَّالِ وَالذَّالِ. مَعًا، يُقَالُ: ذَفَّفَ عَلَى الْجَرِيحِ تذْفِيفًا. وَكَذَا قَوْلُهُ: "لَا يُجَازُ عَلَى جَرِيحِهِمْ" بِمَعْنَاهُ، أَيْ: لَا يُقْتَلُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الإِسْرَاعُ، يُقَالُ: أَجْهَزْتُ عَلَى الْجَرِيحِ: إِذَا أَسْرَعْتَ قَتْلَهُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: فَرَسٌ جَهِيزٌ، أَيْ: سَرِيعُ الشَّدِّ، قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: ويُقَالُ: ذَفَّفْتُ عَلَى الْقَتِيِلِ: إِذَا أَسْرَعْتَ قَتلَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: خَفِيفٌ ذَفِيفٌ (وَمِنْهُ اشْتُقَّ اسْمُ ذُفَافَةَ، اسْمُ رَجُل) (¬19). وَقَالَ الْأَزْهَرِىُّ (¬20): لَا يُجْهَزُ: لَا يُتَمَّمُ بِالْقَتْلِ (¬21)، وَيُقَالُ: ذَفَّفْتُ عَلَى الْجَرِيحِ: إِذَا عَجَّلْتَ قَتْلَهُ. قَوْلُهُ: "مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ السَّجَّادِ" (¬22) سُمِّىَ بِذَلِكَ؛ لِأَّنهُ كَانَ لَهُ أَلْفُ نَخْلَةٍ، يَسْجُدُ كُلَّ يَومٍ تَحْتَ كُلِّ نَخْلَةٍ سَجْدَةً. قَوْلُهُ: "صَاحِبَ الْبُرْنُسِ" قَالَ الْجَوْهَرِىُّ: الْبُرْنُسُ: قَلَنْسُوَة طَوِيلَةٌ، وَكَانَ النُّسَّاكُ يَلْبَسُونَهَا فِى صَدْرِ الإِسْلَامِ وَقَدْ تبَرْنَسَ الرجُلُ، قَالَهُ الْجَوْهَرِىُّ فِى صَحَاحِهِ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ (¬23): أَنَّهُ مِثْلُ الْقَبَاءِ (¬24): إلَّا أَنَّ فِيهِ شَيْئًا مُتَّصِلًا يَكُون عَلَى الرَّأْسِ. وَقالَ فِى دِيوَانِ الْأَدَبِ (¬25): الْبُرْنُسُ كِسَاءٌ. ¬
قوْلُهُ (¬26): "وَأَشْعَثُ قَوَّامٌ" الْأَشْعَثُ: مُغْبَرُّ الرأْسِ. "هَتَكْتُ" خَرَقْتُ. "بِصَدْرِ الرُّمْحِ" أَيْ: أَوَّلِهِ، وَهُوَ: السِّنانُ، وَصَدْرُ كُل شَيءٍ: أَوَّلُهُ، كَما أَنَّ عَجُزَهُ آخِرُهُ. "جَيْبَ قميصِهِ" كَنَى بِهِ عَنْ نَحْرِهِ، وَهُوَ: مَوْضِعُ الْجَيْبِ، اسْتِعارَةٌ، وَعَبَّرَ بِهِ عَنْهُ. "فَخَرَّ صَريعًا" أَىْ: سَقَطَ صَرِيعًا. "لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ" أَيْ: عَلَى الْيَدَيْنِ وَعَلى الْفَمِ، كَما يُقالُ أَيْضًا: خَرَّ لِوَجْهِهِ، أَيْ: عَلَى وَجْهِهِ. [قَوْلُهُ: "يُناشِدُنى حم" يُقالُ: نَشَدْتهُ اللهَ أَنْشُدُهُ نَشْدًا، وَناشَدْتُهُ: إِذَا قُلْتَ لَهُ: نَشَدْتُكَ اللهِ أَيْ: سَأَلتُكَ بِاللهِ، كَأَنَّكَ ذَكَّرْتَهُ إِيّاهُ فَنَشَدَ، أَيْ: تَذَكَّرَ] (¬27). قَوْلُهُ: "حَم" أَرادَ سُورَةَ حَم، أَيْ: طَلَبَ إلَيْهِ بِفَضْلِها وَحُرْمَتِها، جَعَلَها اسْمًا لِلسّورَةِ، مَنَعَهُ الصَّرْفَ؛ لِأنَّهُ عَلَمٌ مُؤَنَّثٌ. ذَكَرَهُ الزَّمَخشَرِىُّ (¬28)، قالَ: وَفِي الْحَدِيثِ: حَم لَا يُنْصَرُونَ". ¬
(وَقيلَ: إنَّ حمَ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ،: وَالْمَعْنى: اللَّهُمَّ لَا يُنْصَرونَ) (¬29) قالَ: وَفِي هَذَا نظرٌ؛ لِأنّ حمَ لَيْسَ بِمَذْكورٍ فِى أَسَماءِ الله الْمَعْدودَةِ؛ لِأنَّ أَسمَاءَهُ تقَدَّسَتْ ما مِنْهَا شَيْيءٌ إِلَّا وَهُوَ صِفَةٌ مُفْصِحَةٌ عَنْ ثَناءٍ وَمَجْدٍ. وَ "حم" لَيْسَ إِلَّا اسْمَىْ حَرْفَيْنِ مِنْ حْرُوفِ الْمُعْجَمِ، فَلَا مَعْنَى تَحْتَهُ (¬30). وَأَمَّا أَهْلُ التَّفْسِيرِ فَذَكَرُوا مَعاني كَثِيرَةً (¬31) لَا يَحْتَمِلُ هَذَا الْمُخْتَصَرُ ذِكْرُهَا. قَوْلُهُ: "وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ" يُقَالُ: شَجَرَهُ بِالرُّمْحِ: طَعَنَهُ، وَتشَاجَرُوا بِالرِّمَاحِ، أَيْ: تَطَاعَنُوا، وَقَدْ تَقَدّمَ ذِكْرُ "تشَاجَرُوا". قَوْلُهُ: "لَاتَ سَاعَةَ مَنْدَم" لَا هَا هُنَا بِمَعْنَى لَيْسَ، وَالتَّاءُ لِلتَّأْنِيثِ، وَقَدْ دَخَلَتْ عَلَى ثَلَاَثةِ أَحْرُفٍ، وَهِيَ: لَا وَلَاتَ، وَثُمَّ وَثُمَّت، وَرُبَّ وَرُبّتَ (¬32). قَوْلُهُ: "صَارَ رِدْءًا لَهُمْ" (¬33) أَيْ: عَوْنًا، وَأَرْادَأْتُهُ، أَيْ: أَعَنْتُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {رِدْءًا يُصَدِّقُنِي} (¬34) فِى قِرَاءَةِ مَنْ هَمَزَ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَهْمزْ، فَمَعْنَاهُ: الرِّيَادَةُ (¬35). ¬
قَوْله: "الْمِنْجنِيق" (¬36) بِفَتْحِ المِيمِ وَكَسْرِهَا: ذَكَرَهُ (¬37) ابْنُ قُتَيْبَةَ فِى أَدَبِ الْكَاتِبِ (¬38)، وَهُوَ فَارِسِىٌّ مُعَرَّبٌ (¬39). قَوْلُهُ: "عَصَمَ دَمَهُمْ" (¬40) أَيْ: أَمْسَك، {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} (¬41) لَا مَانِعَ وَلَا مُمْسِكَ {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ} (¬42) أَيْ: تمَسَّكُوا بِهِ. قوله: "الانْتِفَاعُ بِسِلَاحِهِمْ وَكُرَاعِهِمْ" (¬43) قاَلَ الْجَوْهَرِيُّ (¬44): الْكُرَاعُ: اسْم يَجْمَعُ الْخيْلَ. قَوْلُهُ: "فَاقْتُلُوه وَلَا تَمْثُلُوا" (¬45) أَيْ: لَا تُنَكِّلُوا، مُشَدَّدًا، وَمَثلَ بِالْقَتِيلِ- مُخَففًا: إِذَا جَدَعَهُ، والاسْمُ الْمُثْلَةُ، عَنِ- الجْوَهَرِىِّ (¬46). وَفِي الْحَدِيثِ: "نَهَى أَنْ يُمْثَّلَ بِالدَّوَابِّ، وَأَنْ يُؤْكَلَ المَمْثُولُ" (¬47) وَهُوَ أَنْ يُنْصَبَ فيرْمَى. قَوْلُهُ: "فَهَلْ يَتَحَتَّمُ" (¬48) حَتَمْتُ: أَوْجَبْتُ، وَالْحَتْمُ: الْقَضَاءُ، وَالْحَاتِمُ: الْقَاضِى. قَوْلُهُ: "قَتَلَ بِشَهْرِ السِّلَاحِ" يُقَالُ: شَهَرَ السِّلَاحَ يَشْهَرُهُ شَهْرًا (¬49): إِذَا سَلَّهُ. ¬
قَوْلُة. "خَرَقُوا الهَيْبَةَ" اسْتَهَانُوا بِهَا وَهَتَكُوهَا، مِنْ خَرَقْت الثَّوْبَ. قَوْئة: {لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} (¬50) أَي: يذهَب بَاطِلًا بِغيْرِ ثَوَابٍ، يقَالُ: حَبِطَ عَمَله حَبْطًا -بِالتَّسْكِينِ- وَحبوطًا: بَطَلَ ثَوَابه، قَالَ أَبو عَمْرٍو: الإحْبَاطُ: أَنْ يَذْهَبَ مَاءُ الرَّكِيَّةِ فَلَا يَعود كَمَا كَانَ. قَوْلهُ تعَالَى: {وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} (¬51) اسْتَخَفَّة: ضِدُّ اسْتَثْقَلَة، وَاسْتَخَفَّة: أَهَانَة، وَاسْتَخَفَّة عِنْ رَأْيِهِ: إذَا حَمَلَة عَلَى الْجَهْلِ، وَأَزَالَه عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الصَّوَابِ، وَمَعْنَاه: لَا يَسْتَفِزنَّكَ وَلَا يَسْتَجْهِلَنَّكَ. ¬
ومن باب قتل المرتد
وَمِنْ بَابِ قَتْلِ الْمُرْتد الارْتِدَادُ: الرُّجُوعُ عَنِ الدِّينِ، وَالاسْمُ: الرِّدَّةُ، وَرَدَّ عَنِ الشَّيىْءِ: رَجَعَ عَنْهُ. قَوُلُهُ تعَالَى: {وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (¬1) اطْمَأنَّ: سَكَنَ، يُقَالُ: اطْمَأنَّ الرَّجُلُ طُمَأنِينَةً، وَاطْمِئْنَانًا، وَاطْمَأَنَّ إِلَى كَذَا: إذَا سَكَنَ إلَيْهِ، وَقَبِلَهُ قَلْبُهُ، واسْتَأنَسَ بِهِ. قَوْلُهُ: "فَيُقْذَفَ فِيهَا" (¬2) أَيْ: يُرْمَى بِهَا وَيُطرحَ. قَوْلُهُ فِى الْحَدِيثِ (¬3): "فَيُجَاءُ بِمِنْشَارٍ" يُقَالُ: نَشَرْت الْخَشَبَةَ أَنْشُرُهَا: إِذَا قَطَعْتَهَا، وَكَذاَ وَشَرْتُ الْخشَبَةَ بالْمِيشَارِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ، وَالْمِنْشَارُ: بالنُّونِ وَالْيَاءِ. ¬
قَوْلُهُ: "يَرْجُو النِّكَايَةَ فِىْ العَدُوِّ" (¬4) يقال: نَكَيْتُ فِى الْعَدُوِّ أَنْكِى -بِكَسْرِ الْكَافِ (*) بِغَيْرِ هَمْزٍ-. نِكَايَةً: إِذَا قَتَلْتَ فِيهِمْ وَجَرَحْتَ، وَأَصْلُهُ: الْوَجَعُ وَالْأَلَمُ، وَقِيلَ: هُوَ قَشْرُ الْجُرْحِ، قَالَ (¬5): . . . . . . . . . . . . . ... - وَلَا تَنْكَئِى قَرْحَ الْفُؤَادِ فَيَيْجَعَا قَوْلُهُ: "هَلْ كَانَ مِنْ مُغَرِّبَةٍ خَبَرٌ" (¬6) قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬7): يَعْنِي الْخَبَرَ الَّذِي طَرَأ عَلَيْهِمْ مِنْ بَلَدٍ سِوَى بَلَدِهِمْ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬8): يُقَالُ: مُغرِّبَة - بِفَتْحِ الراءِ وَكَسْرِهَا، وَأَصْلُهُ: مِنْ الْغَرْبِ، وَهُوَ: الْبُعْدُ، يُقالُ: دارٌ غَرْبَةٌ، أَيْ: بَعِيدَة، وَشَأْوٌ مُغَرِّبٌ، وَمُغَرَّبٌ. وَغَرَّبَ الرَّجُلُ فِى الْأرْضِ: إِذَا أَمْعَنَ فِيهَا، وَغَرَّبتهُ: إِذَا نَحَّيْتَهُ عَنْ بَلَدِهِ، وَمِنْهُ تَغْرِيبُ الزَّانِي، يُقَالُ: اغْرُبْ عَنِّي، أَيْ: ابْعُدْ. وَالْمَعْنَى فِى الْحَدِيثِ هَلْ مِنْ خَبَرٍ جَدِيدٍ جَاءَ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ؟ قَوْلُهُ: "الارْتِيَاءُ وَالنَّظَرُ" (¬9) هُوَ الافْتِعَالُ مِنَ الرَّأىِ وَالتَّدْبيرِ وَالتَّفَكُّرِ فِى الأمْرِ وَعَاقِبَتِهِ وَصَلَاحِهِ، وَالنَّظَرُ هُوَ التَّفَكُرُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: "وَالإِصْرَارِ عَلَيْهَا" (¬10) يُقَالُ: أَصْرَرْتُ عَلَى الشَّيْىءِ: إِذَا أَقَمْتَ وَدُمْتَ. قَوْلُهُ: "كَالتَّعْطِيلِ وَالزَّنْدَقَةِ" (¬11) وَالتَّعْطِيلُ: مَذْهَبُ قَوْم، يَذْهَبُونَ إِلَى أَنْ لَا إِلَهٌ يُعْبَدُ، وَلَا جَنَّة وَلَا نَارٌ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْمَرأةِ الْعَاطِلِ، وَهِيَ الَّتِى لَا حُلِىَّ ¬
عَلَيْهَا، وَمِنَ الإِنَاء الْعَاطِلِ، أَىِ: الْفارِغِ، وَفِي الْقُرآنِ: {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ} (¬12) وَالزَّنْدَقَةُ: مَذْهَبُ الثَّنَوَيَّةِ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ، الْوَاحِدُ (¬13): زِنْدِيق، وَالْجَمْعُ: زَنَادِقَةٌ، وَكَانَ مَذْهَبَ قَوْمٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِى الْجَاهِلِيَّةِ. وَالثَّنَويَّةُ يَزْعُمُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ إِلَاهًا (¬14) ثَانِيًا، تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ. ذُكِرَ هَذَا فِى شَمسِ الْعُلُوم (¬15). وَالْمَشْهُورُ: أَنَّ الزنْدِيقَ: الَّذِي يُظْهِرُ الِإسْلَامَ وَيُخْفِى الْكُفْرَ، كَالْمُنَافِقِ. قَالَ الْأَزْهَرِىُّ (¬16): وَالَّذِى يَقُولُ النَّاسُ: زِنْدِيق، فَإِنَّ أَحْمَدَ بْنَ يَحْيىَ زَعَمَ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَعْرِفُهُ، قَالَ: وَيُقَالُ: رَجُلٌ [زَنْدَقٌ وَزَنْدَقِى] (¬17) إِذَا كَانَ بَخِيلًا. قَوْلُهُ: "لِلْمُرَاءَاةِ وَالتَّقِيَّةِ" (¬18) هِىَ مَصْدَرُ رَاءَى يُرَائِى مُرَاعَاةً، وَهُوَ: أَنْ يُرِىَ النَّاسَ الِإسْلَامَ أَوِ النُّسُكَ وَيُبْطِنَ خِلَافَ ذَلِكَ. وَالتَّقِيَّةُ: فَعِيلَةٌ مِنَ الإِتِّقَاءِ، وَهُوَ: الدَّفْعُ بِمَا يَقِى عَنْهُ الْمَكْرُوهَ، وَتاؤهَا مُبْدَلَةٌ مِنْ وَاوٍ، كَتَاء التَّقْوَى. قَوْلُهُ: "أَنَّهُ مُرَاعًى" (¬19) أَيْ: مُنْتَظَر، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا تَقُولُوا رَاعِنَا} (¬20) قَدْ ذُكِرَ (¬21). ¬
قَوْلُهُ تَعَالَى: {النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (¬22) السَّوَاحِرُ، وَالنَّفَثُ: شَبِيهٌ بِالنَّفْخِ، وَهُوَ أَقَلُّ مِنَ التَّفْلِ: وَالْعُقَدُ: جَمْعُ عُقْدَةٍ؛ لِأنَّ السَّاحِرَةَ تعْقِدُ عُقَدًا فِى خَيْطٍ، وَتَنْفُثُ عَلَيْهَا بِرِيقهَا كَأنَّهَا ترْقِى. قَوْلُهُ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ أو تُكِهِّنَ لَهُ؛ أَوْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطِيرَ لَهُ" (¬23) السِّحْرُ: صَرْف الشَّيْىءِ عَنْ جِهَتِهِ إِلَى غَيْرِهَا، قَالَ اللهُ تعَالى: {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا} (¬24) أَيْ: مَصْرُوفًا عَنِ الْحَقِّ، وَقَوْلُهُ: {بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} (¬25) أَىْ: أُزِلْنَا وَصُرِفْنَا بِالتَّخَيُّلِ (¬26) عَنْ مَعْرِفَتِنَا. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا" (¬27) أَيْ: مَا يَصْرِفُ وَيُمِيلُ مَنْ يَسْمَعُهُ إِلَى قبولِ (¬28) قَوْلِهِ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِحَقٍّ. قَوْلُهُ: "تَكَهَّنَ أَوْ تُكِهِّنَ لَهُ" الْكِهَانَةِ: ادِّعَاءُ عِلْمِ الْغَيْبِ، وَكَانَ فِى الْجاهِلِيَّةِ فَأبْطَلَهُ الِإسْلَامُ. وَالطِّيَرَةُ أَيضًا مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَهِيَ: التَّشَاؤُمُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى} (¬29) وَكَانُوا يَتَشَاءَمُونَ بِالْمَرْأةِ، وَالْفَرَسِ، وَالدَّارِ، وَأَصلُ الطِّيَرَةِ مِنْ زَجْرِ الطَّيْرِ، وَالْعِيَافَةِ، وَكَانُوا يَزْجُرُونَ الطَّيْرَ، أَيْ: يُثِيرُونَهَا مِنْ أَمَاكِنِهَا فَإنْ طَارَ الْغُرَابُ قالُوا: غُرْبَةٌ، وَإِنْ طَارَ الْحَمَامُ قَالُوا: حِمَامٌ، وَمَا أشْبَهَهُ. وَالْعِيَافَةُ (¬30): مِنْ عَافَ الشَّىْءَ: إِذَا كَرِهَهُ. ¬
ومن [باب] صول الفحل
وَمِنْ [بَابِ] (¬1) صَوْلِ الْفَحْلِ صَالَ الْفَحْلُ يَصُولُ: إِذَا وَثَبَ، وَالْمُصَاوَلَةُ: الْمُوَاثَبَةُ، وَذَلِكَ بِأَنْ (*) يَعْدُوَ عَلَى النَّاسِ وَيَقْتُلَهُمْ. قَوْلُهُ: "مَنْ قَاتَلَ دُونَ أَهْلِهِ [أَوْ مَالِهِ] (¬2) فَقْتِلَ فَهُوَ شَهيدٌ" أَصْلُ الشَّهَادَةِ: الْحُضُوِرُ، وَمِنهُ الشَّهَادةُ عَلَى الْخَصْمِ، وَكَأنَّ الشُّهَدَاءَ أُحْضِرَتْ أَنْفُسُهُمْ دَارَ السَّلَام، وَشَاهَدُوا الْجَنَّةَ، وَأَرْوَاحُ غَيْرِهِمْ لَا تَشْهَدُهَا إِلَّا بَعْدَ الْبَعْثِ. وَقِيلَ: سُمِّىَ شَهِيدًا؛ لِأنَّ اللهَ تعَالَى وَمَلَائِكَتَهُ يَشْهَدونَ لَهُ بِالْجَنَّةِ. وَقِيلَ: سُمُّوا شُهَدَاءَ؛ لِأَنَّهُمْ يُسْتَشْهَدُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الأُمَمِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {الِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (¬3). {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (¬4) قَالَ الْيَزِيدىُّ: التَّهْلُكَةُ: مِنْ نَوَادِرِ الْمَصَادِرِ، وَلَيْسَتْ مِمَّا يَجْرِى عَلَى الْقِيَاس (¬5). قَوْلُهُ: "بِالصُّيَاَحِ وَالاسْتِغَاثَةِ" (¬6) يُقَالُ: صُيَاحٌ وَصِيَاحٌ، بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِها. وَالاسْتِغَاثةُ: دُعَاءُ النَّاسِ وَالاسْتِنْصَارُ بِهِمْ. ¬
قَوْلُهُ: "بِأَنْ يَبْعَجَ جَوْلَهُ" (¬7) بَعَجَ جَوْفَهُ بَعْجًا: إِذَا شَقَّهُ، فهُوْ مَبْعُوجٌ. "وَإِلَّا أعْطِىَ بِرُمَّتِهِ" (¬8) الرُّمَّةُ- بالضَّمُّ: الْحَبْلُ الْبَالِى، وَمَعْنَاهُ: يُعْطَى مَرْبُوطًا بِحَبْلِهِ فِى عُنُقِهِ أو يَدِهِ، فيدْفَعُ إِلى أَولِيَاءِ الْمَقْتُولِ فَيَقْتُلُونَهُ. قَالَ ابْنُ قُتَيِبَةَ (¬9): أَصْلُهُ أَنَّ أَعْرَابِيُّا بَاعَ بَعِيرًا، وَفِى عُنُقِهِ حَبْلٌ، فَقَالَ لِلْمُشْتَرِى: خُذْهُ برُمَّتِهِ، أَنْ: بحَبْلِهِ الَّذِي فِى عُنُقِهِ، ثُمَّ قِيلَ لِكُلِّ مَنْ أَخَذَ شيئًا بِجُمْلَتِهِ: قَدْ أَخَذَهُ بِرُمَّتِهِ، أَيْ: أَخَذَهُ كُلَّهُ. وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْحَبْلِ، وَبِهَا سُمِّىَ "ذَا الرُّمَّةِ" الشَّاعِرُ، وَاسْمُهُ: غَيْلَانُ، لِقَوْلِهِ (¬10): أَشْعَثَ باقِى رُمَّةِ التَّقْليدِ ... . . . . . . . . . . . . . يَصِف الْوَتِدَ. قوْلهُ: "وَبِيَدِهِ مِدْرَى يَحُكُّ بِهِ رَأُسَهُ" (¬11) الْمِدْرَى - بِغَيْرِ هَمْزٍ (¬12): شَيْىءٌ كَالْمِسَلَّةِ تَكُونُ مَعَ الْمَاشطَةِ تُصْلِحُ بِهِ شَعَرَ (¬13) النِّسَاءِ، وَرُبَّمَا قِيلَ الْمِدْرَاةُ، قَالَ طَرَفَةُ (¬14): تَهْلِكُ الْمِدْراةُ فِى أَكْنَافِهِ ... فَإذا مَا أَرسلْتَهُ يَنْعَفِرْ قَوْلُهُ: بِسِلَاحٍ شَاهِرٍ" (¬15) أَيْ: سَيْفٍ مَسْلُولٍ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬16). ¬
ومن كتاب السير
وَمِنْ كتابِ السِّيَرِ السِّيَرُ: جَمْعُ سِيَرةٍ، وَهِيَ: الطَّرِيقَةُ (*)، يُقَالُ: سَارَ بِهِمْ سيرَةً حَسَنَةً، وَيُقاَلُ: هُمْ عَلَى سِيَرةٍ وَاحِدَةٍ، أَيْ: عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ. وَالْمُهَاجَرَةُ مِنَ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ هِىَ: تَرْكُ الأُولَى لِلثَّانِيَةِ، مُشْتَق مِنَ الْهَجْرِ الذي هُوَ ضِدُّ الْوَصْلِ. وَالْجِهَادْ: مُشْتَقٌ مِنَ الْجَهْدِ، وَهُوَ: الْمَشَقَّةُ، يُقاَلُ: أَجْهَدَ دَابَّتَهَ: إِذَا حَمَلَ عَلَيْهَا فِى السَّيْرِ فَوْقَ طَاقَتِهَا. وَقِيلَ: هُوَ الْمُبَالَغَةُ وَاسْتِفْرَاغُ مَا فِى الْوُسْعِ، يُقَالُ: جَهَدَ الرَّجُلُ فِى كَذَا، أَيْ: جَدَّ فِيهِ وَبَالَغ، وَيُقَالَ: اجْهَدْ جَهْدَكَ فِى هَذَا الأَمْرِ، أَيْ: ابْلُغْ غَايَتَكَ (¬1). وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} (¬2)، {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} (¬3) أَىْ: بَالَغُوا فِى الْيَمِينِ وَاجْتَهَدُوا فِيهَا. وَالْغَزْوُ: أَصْلُهُ: الطَّلَبُ، يُقَالُ: مَا مَغْزَاكَ مِنْ هَذَا الأَمْرِ، أَيْ: مَا مَطْلَبُكَ، وَسُمِّىَ الْغَازِى غَازِيًّا، لِطَلَبِهِ الْعَدُوَّ (¬4)، وَجَمْعُهُ: غُزَاةٌ، وَغُزًّى، كَنَاقِصٍ وَنُقَّصٍ (¬5). ¬
قَوْلُهُ تَعالى: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} (¬6) هُمُ: الْأَعْمَى، وَالْأَعْرَجُ، وَالْمَرِيضُ, نَزَلَتُ فِى ابْنِ أُمِّ مَكْتُوم الأَعْمَى (¬7) "بَنُو لِحْيَانِ" (¬8) بَطْنٌ مِنْ هُذَيْلٍ، بِكَسْرِ اللَّامِ (¬9). قَوْلُهُ: "أَيُّكُمْ خَلَفَ الْخَارِجَ فِى أَهلِهِ" يُقَالُ: خَلَفَهُ: إِذَا جَاءَ مِنْ بَعْدِهِ. وَأرَادَ بأَهْلِهِ هَا هُنَا: زوْجَتَهُ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬10). قَوْلُهُ: "بَعَثَ خَمْسًا وَثلَاثِينَ سَرِيَّةً" (¬11) السَّرِيَّةُ: قِطْعَة مِنَ الْجَيْشِ، مِنْ خَمْسِين إِلَى أَرْبَعِمِائَةٍ، يَخْتَارُهُمُ (*) الأَمِيرُ. مَأْخُوذٌ مِنَ السَّرِىِّ، وَهُوَ: الْجَيِّدُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ (¬12): "خَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُمِائَةٍ" وَقِيلَ: سُمِّيَتِ السَّرِيَّةُ سَرِيَّةً؛ لِأنَّهَا تسْتَخْفِى فِى قَصْدِهَا، فَتَسْرِى لَيْلَهَا، وَهِيَ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ (¬13)، يُقَالُ: سَرَى [وَأَسْرَى] (¬14) وَلَا يَكُونُ إِلَّا بِالَّليْلِ. قَوْلُهُ: "بِالْهُدْنَةِ" (¬15) هِىَ: تَرْكُ الحَرْبِ، وَأَصْلُهَا: السُّكُونُ. ¬
قَوْلُهُ: "حَسْبُكُنَّ الْحَجُّ" (¬16) أَيْ: يَكْفِيكُنَّ الْحَجُّ، أَيْ: حَسْبُكُنَّ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَالتَّعَبِ مَا تَجدْنَ مِنْ أَلَمِ السَّفَرِ وَمَشَقَّتِهِ (¬17)، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ} (¬18) أَيْ: كَافِيكَ اللهُ، يُقَالَ: أَحْسبنِي الشَّيْىءُ أَيْ: كَفَانِى. قَوْلُهُ: "حُرَّةٍ عُطْبُولِ" (¬19) الْحُرَّةُ: الْخَالِصَةُ الْحَسَب الْبَرِيئَةُ مِنَ الرِّيَبِ، وَالْحُرُّ: الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ. الْعُطْبُولُ: الْمَرْأةُ الْحَسْنَاءُ مَعَ تَمَام خَلْقٍ وَتَمَامِ طُولٍ. وَهَذِهِ الْمَرْأة هِىَ ابنةُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ امْرأةُ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ (¬20)، قَتَلَهَا مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ حِينَ قَتَلَهُ، فَأنْكَرَ النَّاسُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَأَعْظَمُوهُ، لِارْتِكَابِهِ مَا نَهَىْ عَنْهُ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (¬21). قوْلُهُ: "كُتِبَ الْقَتْلُ" أَيْ: فُرِض وَأوجِبَ وَ "الْغانِيَاتُ" جَمْعُ غَانِيَةٍ، وَهِيَ الَّتِى اسْتَغنَتْ بِزَوْجِهَا عَنْ غَيْرِهِ، وَقِيلَ: اسْتَغْنَتْ بِحُسْنِهَا عَنْ لِبَاسِ الْحُلِىِّ ¬
وَالزِّينَةِ. وَ"جَرِّ الذُّيُولِ" أَرَادَ: مَا تَجُرُّهُ الْمَرْأةُ خَلْفَهَا مِنْ فَضْلِ ثَوْبِهَا، وَهوَ مَنْهِى عَنْهُ مَكروه. وَبَعْدَ الْبَيْتَيْنِ: قُتِلَتْ بَاطِلًا عَلَى غَيْرِ شَيْىءٍ ... إنَّ لِلَّهِ دَرَّهَا من قَتِيلِ (¬22) قَوْلُهُ: "فَجَعَلَهُمْ حَرَسًا لِلذَّرارِىِّ" (¬23) جَمْعُ حَارِس، وَالْحِرَاسَةُ: هِىَ الْحِفْظُ، حَرَسَهُ حِرَاسَةً، أَيْ: حَفِظَهُ، وَمِنْه: حَرَسُ السُّلْطَانِ الَّذِينَ يَحْفَظُونَهُ. قَوْلُهُ: "صَابِرًا مُحْتَسِبًا" (¬24) أَيْ: طَالِبًا لِلثَّوَابِ. قَوْلُهُ: "الْتِقَاءِ الزَّحْفَيْنِ" الزَّحْفُ: الْجَيْش يَزْحَفُونَ إِلَى الْعَدُوِّ، أَيْ: يَمْشُونَ. قَوْلُهُ: ("فَإنْ غَرَّرَ بِنَفْسِهِ") (¬25) التَّغْرِيرُ بِالنَّفْسِ: الْمُخَاطَرَةُ، وَالتَّقَدُّمُ عَلَى غَيْرِ ثِقَةٍ، وَمَا يُؤَدِّى إلَى الْهَلَاكِ. قَوْلُهُ: "وَيَجبُ عَلَى الإِمَام- أَنْ يَشْحَنَ" (¬26) أَيْ: يَمْلَأ، يُقَالُ شَحَنْتُ الْبَلَدَ بِالْخَيْلِ: مَلأْتُهُ، وَبالْبَلَدِ شِحْنَة مِنَ الْخَيْلِ، أَيْ: رَابِطَة، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}. (¬27) أَيْ: الْمَمْلُوءِ. قَوْلُهُ: "أُمَرَاءَ مُدَبِّرِينَ" الْمُدَبِّرُ: الَّذِي يَنْظُرُ فِى دُبُرِ الْأَمْرِ، أَيْ: عَاقِبَتِهِ. ¬
قَوْلُهُ: "فِى رَجَزِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ: * اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا * (¬28) فِيهِ خَزْمٌ مِنْ طَرِيقِ الْعَرُوضِ، وَيَسْتَقِيمُ وَزْنُهُ "لَا هُمَّ" وَالأَلِفُ وَاللَّام زَائِدَتَانِ عَلَى الْوَزْنِ، وَذَلِكَ يَجِيىءُ فِى الشِّعْرِ، كَمَا رُوِىَ عَنْ عَلَىٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ (¬29): اشْدُدْ حَيَازِيمَكَ لِلْمَوْت ... فَإِنَّ الْمَوْتَ لَا قِيكَا وَلَا تَجْزَعْ مِنَ الْمَوْت ... إِذَا حَلَّ بِوَادِيكَا فَإنَّ قَوْلَهُ: اشْدُدْ: خَزْمٌ كُلُّهُ، وَالْخَزْمُ -بِالزَّاىِ- وَزْنُهُ: مَفَاعِيلُنْ ثَلاثُ مَرَّاتٍ، وَهُوَ هَزَجٌ. قَوْلُهُ: "* فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا *". السَّكِينَةُ: فَعِيلَةٌ مِنَ السُّكُونِ، وَهُوَ: الوَقَارُ وَالطّمَأنِينَةُ، وَمَا يَسْكُنُ بِهِ الإِنْسَانُ، وَقِيلَ: هِىَ الرَّحْمَةُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى: أَنْزِلْ عَليْنَا رَحْمَةً، أَوْ مَا تسْكُنُ بِهِ قُلْوبُنَا مِنْ خَوْفِ الْعَدُوِّ وَرُعْبِهِ، وَأَمَّا السَّكِينَةُ الَّتِى فِى الْقُرْآنِ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى: {التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} (¬30) قِيلَ: لهَا (¬31) وَجْة مِثْلُ وَجْهِ الإِنْسَانِ، ثُمَّ هِىَ بَعْدُ رِيحٌ هَفَّافُةٌ (¬32). وَقِيلَ: لَهَا رَأسٌ مِثْلُ رَأْسِ الْهِرِّ وَجَنَاحَانِ، وَهِيَ مِنْ أَمْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا يَنْتَصِرُونَ بِهِا، كَمَا نُصِرَ بِهَا طَالُوتُ عَلَى جَالُوتَ. ¬
قَوْئهُ-: "وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لَاقِيْنَا". يُقَالُ: رَجُلٌ ثَبت فِىْ الْحَرْب وَثَبِيتٌ، أَىْ: لَا يَزْولُ عَنْ مَكَانِهِ عِنْدَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ، قَالَ اللهُ تَعَالَى. {وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا} (¬33) وَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ ثَابِتَ الْقَلبِ، كَمَا قِيلَ (¬34): * ثبت إِذَا [مَاَ] (¬35) صِيِحَ بِالْقَوْم وَقَرْ * قَوْلُهُ: "عَرَضَ الْجَيْش" (¬36) يُقَالُ: عَرَضْتُ الْجَيْشَ، أَيْ: أَطْهَرْتهُمْ، فَنَظرتَ مَا حَالُهُمْ، وَكَذلِكَ: عَرَضتُ الْجَارِيَةَ عَلَى الْبَيْعِ عَرْضًا، أَىْ: أَظْهَرْتَها لِذَلِكَ قَوْلُهُ: "وَلَا يَأْذَنُ لِمُخَذِّلٍ" وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ: بِالكُفَّارِ كَثْرَةٌ، وَخَيْلُهُمْ جَيدَةٌ، وَمَا شَاكَلَهُ، يَقْصِدُ بِذَلِكَ خِذْلَان الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ: التَّخَلُّفُ عَنِ النُّصْرَةِ وَتَرْكِ الإِعَانَةِ، يُقَالُ لِلظَّبْىِ إِذَا تخَلَّفَ عَنِ الْقَطِيعِ: خَذَلَ. وَيُقَالُ: خَذَلَتِ الْوَحْشِيَّةُ: إِذَا أقَامَتْ عَلَى وَلَدِهَا وتَخَلَّفَتْ، قَالَ طَرَفَةُ (¬37): خَذُولٌ تُرَاعِى رَبْرَبًا بِخَمِيلَةٍ ... . . . . . . . . . . . . . قَوْله: {مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا} (¬38) أَيْ: فَسَادًا، وَقَدْ خَبَلَهُ وخَبَّلَهُ وَاخْتَبَلَهُ: إِذَا أَفْسَدَ عَقْلَهُ أَوْ عُضْوَهُ. {وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ} (38) أَيْ: أَسْرَعُوا فِى ¬
السَّيْرِ، يُقَالُ: وَضَعَ الْبَعِيرُ يَضَعُ، وَأَوْضَعَهُ رَاكبُهُ: إِذَا حَمَلَهُ على العَدْوِ السَّرِيع. وَ {خِلَالَكُمْ} بَيْنَكُمْ، [وَالْخَلَلُ] (¬39) الْفُرْجَةُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، وَالْجَمْعُ: الْخِلَالُ. قَوْلُهُ: "بِفِيكَ الْحَجَرُ" (¬40) يُقَالُ هَذَا لِمَنْ يَتَكَلَّمُ بِغيْرِ الْحَقِّ، دُعَاءٌ عَلَى طَرِيقِ التَّكْذِيبِ. قَوْلُهُ: "لَرَبٌّ منْ قُرَيْش" أَيْ: سَيِّدٌ، وَالرَّبُّ: السَّيِّدُ الرئيسُ، وكان يُقَالَ لِحُذَيْفَةَ بنِ بَدْرٍ: رَبُّ مَعَدٍّ، أَيْ: سَيِّدُهَا. قَوْلُهُ: "وَيُوَجِّهُ الطَّلاِئِعَ ومَنْ يتَجَسَّسُ" (¬41) الطَّلائِعُ: جعُ طَليعَةٍ، وَهُوَ مَنْ يُبْعَثُ أَمامَ الْجَيْش، لِيَّطلِعَ طِلْعَ الْعَدُوِّ، أَيْ: يَنْظُرَ إِلَيْهِمْ. وَالتَّجَسُّسُ - بالجيم: طَلَبُ الأَخْبارِ وَالْبَحْث عَنْهَا، وَكَذَلِكَ تَحَسُّسُ الْخَبَر بِالْحَاءِ. وَمِنهُمْ مَن يفْرُقُ بَيْنَهُما، فيقول: تحَسَّسْتُ -بالحاء: فِي الْخَيْرِ وَالشر، وَبِالجِيمِ: فِي الشَّرِّ لَا غَيْرُ، قالوا: وَالْجاسوسُ: صَاحِبُ سِرِّ الشَّرِّ وَالنَّامُوسُ: صَاحِبُ سِرِّ الْخَيْرِ. وقيلَ: بالحاء: أَن تَطْلُبَهُ لِنَفْسِكَ، وبالجيم: لِغيْرِكَ (¬42). قَوْلُهُ: "إنَّ لِكُلِّ نَبِيِّ حَوَارِيا وَحَوَارِىِّ الزُّبَيْرُ" (¬43) قالوا (¬44): مَعْناه: أَنَّه مُخْتَص (¬45) مِنْ أَصْحابي وَمُفَضَّلٌ، مِنَ الْخُبْزِ الْحُوَّارَى، وَهُوَ: أَفْضَلُ الْخُبْزِ ¬
وَأَرْفَعُهُ، وَحَوَارِىُّ عِيسى: هم الْمفَضَّلون عنده وخاصَّتُهُ. وقيل: لِأنَّهُمْ كانوا يُحَوِّرون ثِيابَهُم، أي: يُبَيِّضُونَهَا، وَالتَّحْويرُ: التَّبْييضُ. وَقيلَ: لأنهم كانوا قَصَّارين. وَقيلَ: الْحَوَارِىُّ (¬46): النَّاصِرُ. والصحيح: أنه الخالِصُ النّقِىُّ، مِنْ حَوَّرْتُ الدَّقِيقَ، أَيْ: أَخْلَصْتَهُ وَنَقَّيْتَهُ مِنَ الْحَشرَ (¬47)، ويقال لِنِسَاءِ الْحَضَرِ حَوَارِياتٌ، بَيَاضِهِنَّ وَنَعْمَتِهِنَّ. قَوْلُهُ: "فِى الْكَتيبةِ الْخَضْرَاءِ" (¬48) الْكَتيبَةُ: قِطْعَةُ مِنَ الْجَيشِ، مِنْ أَرْبَعِمِائَةٍ إِلَى أَلْفٍ، واشتِقاقُها مِنَ الْكَتْبِ، وَهُوَ: الْجَمْعُ والانْضِمامُ، وقد ذكر (¬49). وَسُمِّيَتْ خَضْرَاءَ؛ لِمَا يُرَى عَلَيْهَا مِنْ لَوْنِ الْحَدِيد، وَخُضْرَتُهُ: سَوَادُهُ (¬50)، وَالْخُضْرَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ: السَّوَادُ يُقَالُ: لَيْلٌ أَخْضَرُ، قالَهُ ابنْ الأعْرابِىِّ، وَأَنْشَدَ (¬51): يا ناقُ خُبِّى خَبَبُّا زِوَرّا ... وعارِضى اللَّيلَ إِذا ما اخْضَرَّا أَي: اسْوَدَّ. قَوْلُهُ: "مَا لِأحَدٍ بِهُؤُلاءِ مِنْ قِبَلٍ" (¬52) أَيْ: طَاقَةٍ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا} (¬53). ¬
قَوْلُهُ: "إِحْدَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ" (¬54) بِكَسْرِ النُّونِ، أَيْ: كَتِيبَتَيْنِ أَخَذَتا الْجَانِبَيْنِ الْيَمِينَ وَالشِّمالَ مِنْ جَانِبَي الطرَّيقِ، وَيقَال: الْمجَنبة الْيمْنَى وَالْمجَنِّبَةُ الْيُسْرَى. قَوْلُة: "عَلَى السّاقَة" أَيْ: آخِرِ (¬55) الْعَسْكَرِ، كأنهم يسوقون الذين قبلهم. قَوْلُهُ: "حُمْرِ النَّعَمِ" (¬56) خَضَّ الْحُمْرَ دونَ غَيْرِهَا؛ لأنَّها عِندهُم خَيْرُ المالِ، وَالنَّعَم: هِى الإِبِلُ وَالأَنْعَامُ: الإبِل، وَالْبَقَر، وَالْغنَمُ، وَقَدْ تُسَمى (¬57) أَيْضًا نعَمًا، قَالَ اللهُ تعَالَى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} (¬58). قوْلُهُ "أَغَارَ [رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ] (¬59) عَلى بَنِي الْمصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّون" (¬60) أَيْ: غَافِلُون عَلى غَيْرِ عِلْمٍ وَلَا حَذَرٍ، يقالُ: رَجلٌ غِرٌّ: إِذَا لم يُجَرِّب الأُمورَ، بِالكَسْرِ، وَفِى الْحَدِيثِ: "الْمومِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ" (¬61) وَالْغِرَّةُ: الْغفْلَةُ، وَالغارُّ: الْغافِلُ. وَسُمِّىَ الْمصْطَلِقُ؛ لِحُسْن صَوْتِهِ، وَالصَّلْقُ: الصَّوْتُ الشَّديدُ عَنِ الْأَصْمَعِىِّ، وَفِى الْحَدِيثِ: "ليْسَ مِنَّا مَنْ صَلَقَ أَو (¬62) حَلَقَ". ¬
قَوْلُهُ: "عَصَموا مِنّى دِماءَهُم وأَمْوَالَهُمْ" (¬63) أَيْ: مَنَعوا: وَالْعِصْمَة: الْمَنْعُ، يُقَالُ: عَصَمَهُ الطعامُ، أَيْ: مَنَعَهُ مِنَ الْجُوع {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ (¬64) مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [إِلَّا مَنْ رَحِمَ} (¬65)] أَيْ: لا مانِعَ (¬66). قَوْلُهُ: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (¬67) {عَنْ يَدٍ} أَىْ: عَنْ قُوَّةٍ وَقَهْرٍ. وَقِيلَ: عَنْ نِعْمَةٍ عَلَيْهِمْ بِتَرْكِ الْقَتْلِ. وقيلَ: عَنْ ذُلٍّ وَصَغارٍ. وَصَاغِرُون: أَذِلَّاءً والصَّغَارُ: الذُّلُّ. "الْأَعْرَابُ" (¬68) مَنْ سَكَنَ الْبادِيَةَ مِنَ الْعَرَبِ. قَوْلُهُ: "هَذِهِ أَوْبَاش قُرَيْش" (¬69) الْأَوْبَاش: الْجَماعاتُ والْأَخْلاطُ مِنْ قَبائِلَ شَتَّى، وَيُقالُ: أَوْ شابٌ بِتَقدِيمِ الشّينِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: "فَاحْصُدُوهُمْ" أَيْ: اسْتَأْصِلُوهُمْ بِالْقَتْلِ، وَأَصْلُهُ مِنْ حَصادِ الزرْعِ، وَهُوَ: قَطْعُهُ، قَالَ اللهُ تعالَى: {جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا} (¬70) ¬
قَوْلُهُ (فِى حَديثِ سَعْدٍ) (¬71): "نَثَلَ لِي كِنَانَتَهُ" أَيْ: صَبَّها وَاسْتَخْرَجَ ما فِيها مِنَ النَّبْلِ، بِمَنْزِلَةِ نَثَرَها. قَوْلُهُ: "إِنّا إِذا نَزَلْنا بساحَةِ قَوْم فساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِين" (¬72) ساحَةُ الْقَوْمِ: هِىَ الْعَرْصَةُ الَّتي يُديرون أَخْبِيَتَهُمْ حَوْلَها. وَسَاءَ: نَقِيضُ سَرَّ، يُقالُ: سَاعَهُ يَسُوْءُهُ سَوْعًا -بِالْفَتْحِ، وَسَاءَهُ نَقِيضُ سَرَّهُ. قَوْلُهُ: {إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا} (¬73) الزَّحْفُ: سَيْرُ الْقَوْم إِلى الْقَوْم فِى الْحَرْبِ، يُقالُ: زَحَفُوا وَدَلَفوا: إِذَا تقارَبوا دَنَوْا قَليلًا قَليلًا. وَقيلَ لِبَعْضِ نِساءِ الْعَرَبِ: مَا بَالُكُنَّ رُسْحًا؟ فَقُلْنَ: أَرْسَحَتْنَا نَارُ الزَّحْفَتَيْنِ (74) وَالرَّسْحاءُ: الَّتي لا عَجيزَةَ لها. وَمَعْنَى نَارِ الزَّحْفَتَينْ (¬74): أَنَّ النارَ إِذَا اشْتَدَّ لَهَبُهَا زَحَفْنَ (¬75) عَنْهَا، وَتباعدْنَ بِجَرِّ أَعْجازِهِنَّ ولا يَمْشين، فَإِذا سَكَنَ لَهَبُهَا وهان وَهيجُها (¬76) زَحَفْنَ إِلَيْها وَقربْنَ مِنْها. قَوْلُهُ: {إِلَّا (¬77) مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ} تحَرَّفَ وَانْحَرَفَ: إِذا مالَ، مَأْخوذ مِنْ حَرفِ الشَّيْىءِ، وَهُوَ طَرَفُهُ، أَيْ: مالَ عَنْ مُعْظَمِ الْقتَالِ وَوَسَطِ الصَّف إِلى مَكانٍ أَمْكَنَ لَهُ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ. {أَوْ مُتَحَيِّزًا} يُقَالُ: تَحَيَّزَ وانْحَازَ وَتَحَوَّزَ: إِذَا انْضَمَّ إِلى غَيْرِهِ، وَالحَيِّزُ: الْفَرِيقُ، والفِئَةُ: الجماعَةُ، مشْتَقٌّ مِنَ الْفَاء (¬78)، وَهُوَ القَطْعُ، كَأنَّهَا ¬
انْقَطَعَتْ عن غَيْرِهَا، وَالْجَمْعُ: فِئَاتٌ وَفِئون (¬79). وَقَالَ الْهَرَوِىُّ (¬80): مَأخوذٌ مِن فَأيْتُ رَأْسَهُ وَفَأوْتُهُ: إِذا شَقَقْتَهُ فَانْفَأَى. قَوْلُهُ: {فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} (¬81) أَىْ: لَزِمَهُ الْغَضَبُ وَرَجَعَ بِهِ، وَقَدْ ذُكِرَ. قَوْلُهُ: "فَجاضَ الناسُ جَيْضَةً" (¬82) أَيْ: حادوا عَنِ الْقِتالِ وَانْهَزَموا، يُقالُ: جاضَ عَن الْقِتال يَجيضُ جَيْضًا: إِذَا حادَ عَنْهُ (¬83). "وَبُؤْنا بِغضَبِ رَبِّنا" أي: انْصَرَفْنا وَقَدْ لَزِمَنا الْغَضَبُ، وَتَبَوَّأَ الْمَنْزِلَ: إِذا لَزِمَهُ. وَرُوىَ "حَاصَ" بالحاء والصاد المهملتين، ومَعْناه: هَرَبوا، مِنْ قَوْلِهِ تَعالَى: {وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا} (¬84) أَيْ: مَهْرَبًا (¬85) وَمَفَرًّا، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ} (¬86) أَيْ: مَفَرٍّ. قَوْلُهُ: "بَلْ أَنْتُمُ الْعَكّارون" هُمُ: الْكَرّارون الْعَطّافون فِى الْقِتالِ، يُقال: عَكَرَ يَعْكَرُ عَكْرًا: إِذا عَطَفَ، وَالْعَكْرَةُ: الْكَرَّةُ. قَوْله: "وَانْقِلابٌ إِلى الأَعْرابِ" (¬87) لَعَلَّهُ تَرْكُ الْجُمُعَةِ، وَالْجَماعَةِ، وَالْجِهادِ. قَوْلهُ (¬88): "بِمُنْعَرَج اللِّوَى" مُنْعَرَجُ الْوَادِى: مُنْعَطَفُهُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً. ¬
قَوْلُهُ: "اللّوى" مُنْقَطَعُ الرَّمْلِ، وَهُوَ: الْجَدَدُ بَعْدَ الرَّمْلَةِ. قَوْلُهُ: "الرُّشْدَ" ضِدُّ الَغىِّ، شَبيةٌ بِالصَّوابِ ضِدِّ الْخَطَأ. قَوْلُهُ (فِى شِعْرِ الْمُتَنَبِّى) (¬89): . . . . . . . . . . لِنَفْس مُرَّةٍ ... . . . . . . . . . . . . . بِضَمِّ الميمِ وَالْخَفْضِ: صِفَةٌ لِنَفْسِ، أَيْ: قَوِيَّةٍ (¬90)، وَالْمِرَّةُ: الْقُوَّةُ، وَهُو مَضْبوطٌ فِى دِيوانِهِ هَكَذا، وَكَذا رَواهُ الْكِرْمَانِيُ بِالضَّمِّ، وَسَماعُنا بِفَتْحِ الْميمِ وَالنَّصْبِ. قَوْلُهُ: "أَقْرانَهُ" جَمْعُ قِرْنٍ بِكَسْرِ الْقافِ، وَهُوَ الْكُفْءُ فِى الشَّجاعَةِ، يُقالُ: فُلانٌ قِرْنُ فُلانٍ، أَيْ: نَظِيرُهُ وَكُفْؤُهُ عِنْدَ الْقِتالِ. قَوْلُهُ: "لَا نِكايَةَ لَهُ" (¬91) النِّكايَةُ: أَنْ يَقْتُلَ أَوْ يَجْرَحَ (¬92)، يقالَ: نَكَيْتُ فِى الْعَدُوِّ أَنْكِى نِكايَةً بِغَيْرِ هَمْزٍ (¬93): إِذَا بالَغْتَ فِيهِمْ قَتْلًا وَجَرْحًا (¬94)، وَقَد ذُكِرَ (¬95). ¬
قَوْلُهُ: "أَوْ بَيَتَّهَمْ لَيْلًا" (¬96) يُقالُ: بَيَّتَ العَدُوَّ: إِذا أَوْقَعَ بِهِمْ لَيْلًا، والاسْمُ: الْبَيَاتُ. وَمِثْلُهُ "يُبَيَّتُونَ" (¬97). قَوْلُهُ: ["الذَّرارِىِّ"] (¬98) ذَرَارِىِّ الْمُشْرِكينَ (¬99): هُمُ الأَطْفَالُ وَالصِّغارُ الَّذينَ لَمْ يَبْلُغوا الْحلُمَ، وَأَصْلُها مِنْ ذَرَا اللهُ الْخَلْقَ، أَيْ: خَلَقَهُمْ، فترِكَ هَمْزُها اسْتِخْفافًا، كما تُرِكَ هُمزُ الْبَرِيَّةِ، وَأَصْلُها مِنْ بَرَأَ اللهُ الْخَلْقَ، وَوَزْنُها: فُعْلِيَّةٌ (¬100). وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِىَ مَأْخْوذةٌ مِنَ الذَّرِّ؛ لأنَّ اللهَ أَخْرَجَ الْخَلْقَ مِنْ صُلُبِ آدَمَ أَمْثالَ الذَّرِّ {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} (¬101). وَقيلَ: أَصْلُها ذُرُّووَة عَلَى وَزْن فُعْلولَةٍ، فَأبْدِلَتِ الْوَاوُ الْأخيرَةُ ياءً، فَاجْتَمَعَت الْوَاوُ وَالْياءُ، وَسَكَنَتِ الْأولَى مِنْهُما، فَقُلِبت الْواوُ ياءً وَأُدْغِمَتْ (¬102). قَوْلُهُ (فِى الحْدَيثِ: "حَرَّقَ نَخْل بَنِي النَّضيرِ) (¬103) وَقَطعًّ الْبُوَيْرَةَ" بِغَيْرِ هَمْزٍ: اسْمُ مَوْضِع، وَلَيْسَ بِتَصْغيرِ بِئْرٍ (¬104). قَوْلُهُ تَعالَى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} (¬105) اللِّينُ: نُوْعٌ مِنَ النَّخْلِ، قيلَ: هُوَ الدَّقَلُ ¬
وَقيلَ: هُوَ الْجُعْرورُ، ضَرْبانِ رَدِيئَانِ مِنَ التَّمْرِ. واللينة: النخلة الْوَاحِدَةُ. وَأَصْلُهَا لِوْنَةٌ، فَقُلِبَت الْواوُ يَاءً، لِانْكِسارِ مَا قَبْلَها، وَأَصلُها مِنَ اللَّونِ عَلى هَذَا، وَهُوَ قَوْلُ العزيْزِيِّ (¬106) [قالوا] (¬107) أَلْوَانُ النَّخْل: مَا عَدَا الْبَرْنِيَ وَالْعَجْوَةَ. قَوْلُهُ: "فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا" (¬108) أَيْ: نَقَضَ عَهْدَهُ وَذِمَّتَهُ، يُقَالُ: أَخْفَرْتُ الرَّجُلَ: إِذَا نَقَضْتَ عَهْدَهُ، وَخَفَرْتُهُ بِغَيْرِ هَمْزٍ: أجَرْتَهُ. قَوْلُهُ: "اصْطَفَى صَفِيَّةً مِنْ سَبْىِ خَيْبَرَ" (¬109) أَيْ: اخْتارَها، مَأخوذ مِنْ صَفْوِ (¬110) الْمالِ وَهُو خِيَارُهُ، وَسُمِّيَتْ صَفِيَّةً لِذَلِكَ، وَقيلَ: كانَ ذَلِكَ اسْمُهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تُسْتَبَى (¬111) قَوْلُهُ: "اسْتَنْزَلَتْهُ هُوَازِنُ فَنَزَلَ (واسْتَنْزَلَ النَّاسَ") (¬112). يُقالُ: "اسْتُنْزِلَ فُلانٌ، أَيْ: حُطَّ عَنْ مَنْزِلَتِهِ، فَمَعْناهُ: طَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَنْحَطَّ عَمَّا مَلَكَهُ، وَ"اشْتَنْزَلَ النّاسَ" طلَبَهُمْ أَنْ يَحُطُّوا وَيَتْرُكُوا ما مَلَكُوهُ مِنَ السَّبْىِ، وَمِثْلُهُ: اسْتَنْزَلُتُهُ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ. قَوْلُهُ: "لَا تَغْدُرُوا" (¬113) لَا تَتْرُكوا الْوَفَاءَ بِالذِّمَةِ. ¬
لا تمْثُلُوا" لا تَجْدَعوا الأنفَ، وَلَا تَصْلِمُوا الأُذُنَ، وَنَحْوُه. "وَلَا تَغُلوا" لا تَخُونُوا، فَتُخْفوا شَيْئًا مِنَ الْغَنيمَةِ. قَوْلُهُ: "بَعَثَا بَرِيدًا" (¬114) أَىْ: رَسولًا، وَقَدْ ذُكِرَ (¬115). قَوْلُهُ: "يَنَّاقَ الْبِطريقِ" (¬116) - بِتَقْديمِ الْياءِ عَلى النُّونِ وَالتَّشْديِد (¬117). والْبِطرْيقُ عِنْدَ الرّومِ: مِثْلُ الرّئيسِ عِنْدَ الْعَرَبِ، وَجَمْعُهُ: بَطارِقَةٌ (¬118). قوله: "فمن أَحَبَّ [مِنْكمْ] (¬119) أَنْ يُطَيِّبَ (قَالُوا: طَيَبَّنْا لَكَ يا رَسولَ الله" (¬120). مَعْناه: مَنْ أَحبَّ أن يَهَبَ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْة. وَ "طَيَّبْنا لَكَ" وَهَبْنا لَكَ عَنْ طِيبِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْهُ: سبَىٌ طِيَبَةٌ (¬121) -بكَسْرِ الطّاءِ وَفَتْحِ الْيَاءِ: صَحيحُ السِّبَاءِ، لَمْ يَكُنْ عنْ غَدْرٍ وَلَا نَقْضِ عَهْدٍ (¬122). ¬
قوله: "وَإنْ دَعا [مُشْرِكٌ] (¬123) إِلَى الْمُبارَزَةِ" أَصْلُ الْبُروزِ: الظُّهورُ فِى الْبَرَازِ، وَهُو الْمكانُ الْفَضاءُ الواسِعُ، وَهُوَ ها هنا ظُهورُ الْمُتحارِبَيْنِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ لَا يَسْتَتِرانِ بِغيْرِهِما مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، قَال اللهُ تعالَى: {وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً} (¬124) أَيْ: ظاهِرةً لَيْسَ فِيها ظِلٌّ وَلَا فَيىْءٌ. قَوْلُهُ: "مُختارًا أَوْ مُثْخنًا" (¬125) أَثْخنَتْهُ الجراحَةُ: إِذَا أَوْهَنَتْه (¬126) بِأَلَمِهَا، وَأَثْخنَهُ المَرَضُ: اشْتَدَّ عَلَيْهِ. وَقَال الْأزْهَرِيُّ (¬127): أَثْخنَهُ: ترَكَهُ وَقيذًا لَا حِرَاكَ بِهِ مَجْروحًا، وَقَوْلُهُ تَعالَى: {حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} (¬128) أَيْ: يُكُثِرَ الْقَتْلَ وَالإِيقاعَ بِالْعَدُوِّ. وقالَ الْأَزْهَرِيُّ (¬129) {يُثْخِنَ} يُبالِغ فِى قَتْلِ أَعْدائِهِ. قَوْلُهُ: "إِذا (¬130) اسْتَنْجَدَ الْمُشْرِكُ" أَيْ: اسْتَعانَ، وَأَنْجَدْتُهُ: أَعَنْتُهُ، وَالنَّجدَةُ: الشَّجاعَةُ أَيْضًا، يُقالُ: رَجُلٌ نجُدٌ وَنَجِدٌ، أَيْ: شُجاعٌ. قَوْلُهُ: "حَبْلِ عَاتِقِهِ" (¬131) قالَ الْأَزْهَرِىُّ (¬132): حَبْلُ الْعاتِقِ: عِرْقٌ يَظْهَرُ عَلَى عاتِقِ الرَّجُلِ يَتَّصِلُ بِحَبْلِ الْوَريد فِى باطِنِ الْعُنُقِ. ¬
قالَ: وَإِنَّما سُمِّىَ السَّلَبُ سَلَبًا؛ لِأَنً قاتِلَهُ يَسلُبُهُ فهُوَ مَسلوبٌ وَسَلَبُ (¬133) كَما يُقالُ: خَبَطْتُ الشَّجَرَ وَنَفَضْتُهُ، وَالْوَرَقُ الْمَخْبوطُ: خَبَطٌ وَنَفَضٌ. قَوْلُهُ: "فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِى بَنِي سَلِمَةَ (وَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالِ تَأَثَّلْتُهُ") (¬134). الْمَخْرَفُ -بالفتح: الْبُسْتانُ، وفي الْحَديث: "عائِدُ الْمَريضِ فِى مَخْرَفٍ مِنْ مَخَارِفِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ" (¬135) يُقالُ: خَرَفَ التَّمْرَ وَاخْتَرَفَهُ: إِذا جَناهُ، وَاشْتِقاقُهُ مِنَ الْخَريفِ، وَهُوَ الْفَصْلُ الْمَعْروفُ مِنَ السَّنَةِ؛ لأنَّ إِدْراكَهُ يَكون فِيهِ. قَوْلُهُ: "تَأثَّلْتُهُ" التَّأثُّلُ: اتِّخاذُ أَصْلِ الْمالِ، وَمَجْدٌ مُؤثَلٌ، أَيْ: أَصيلٌ، وَفِي الْحَديث، في وَصِىِّ الْيَتيمِ: "فَلْيَأكُلْ غَيْرَ مُتَأثِّلٍ مَالًا" (¬136) وَأَصْلُهُ: مِنَ الْأثْلَةِ الَّتِى هِىَ الشَّجَرَةُ، قَالَ امْرُو الْقَيْس (¬137): وَلَكِنَّما أَسْعَى لِمَجْدٍ مُؤثَّلٍ ... وَقَدْ يُدْرِكُ الْمَجْدَ الْمُوَثَّلَ أَمْثالِى قوْلُهُ: "مِمَّنْ (¬138) يُرْضَخُ لَهُ" الرَّضْخُ: أَنْ يُعْطِيَهُ أَقَلَّ مِنْ سَهْمِ الْمُقاتِلِ، وَالرَّضْخُ: الْعَطاءُ الْقَليلُ. قَوْلُهُ: "يَعْدُوَ أَوْ يُجْلِبَ" (¬139) الْجَلَبَةُ: رَفْعُ الصَّوْتِ، جَلَبَ وَأَجْلَبَ: إِذَا صَوَتَ. ¬
قَوْلُهُ: "جُنَّةِ الْحَرْبِ" (¬140) هُوَ: ما يَسْتُرُهُ وَيَمْنَعُهُ مِنْ وصولِ السِّلاحِ، وَكُلُّ ما استتِرَ بِهِ فَهُوَ جُنَّةٌ. قَوْلُهُ (فِى حَديث سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: "لَقَدْ حَكَمتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللهِ) (134) منْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ" (¬141). الرَّقيعُ: سَماءُ الدُّنْيا، وَكَذَلِكَ سَائِرُ السَّماوَاتِ، وَهِيَ: طِباقُهَا؛ لِأنَّ كُلَّ سَمَاءٍ مِنْهَا (¬142) رَقَعَت (¬143) الَّتِى تَلِيهَا كَما يُرْقَعُ الثَّوْبُ باِلرُّقْعَةِ، وَجَاءَ بِهِ عَلَى التَّذْكيرِ كَأنَّهُ ذَهَبَ بِهِ إِلَى السَّقْفِ. وَالزَّبِيرُ بْنُ بَاطَا: بِفَتْحِ الزَّاىِ وَكَسْرِ الْباءِ (¬144). قَوْلُهُ: "ابْنَا شَعْيَةَ" (¬145) بِالشينِ المُعْجَمةِ الْمَفْتُوحَةِ، وَالْياءِ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ تَحت (¬146). قَوْلُهُ: "زَهَّدوهُ" (¬147) أَيْ: قَلَّلوا رَغبَتَه فيهِ. ¬
[قَوْلُهُ]: (¬148) "وَلِهَتْ" (¬149) أَىْ: حَزِنَتْ لِفَقْدِهِ، وَالولَهُ: ذَهابُ الْعَقْلِ مِنَ الْحُزنِ. قَوْلُهُ: "وَإِنْ فُتِحَتْ أَرْضٌ عَنْوَةً" أَيْ: قَهرًا، مَأْخُوذٌ مِنَ الْعانِي، وَهُوَ: الْأَسيرُ الْمَقْهورُ الذَّليلُ، قالَ اللهُ تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} (¬150) أَي: ذَلَّتْ وَخَضَعَتْ وَسُمِّىَ الْأَسيرُ أَسيرًا، لِأنَّهُ يُؤْسَرُ، أَيْ: يُشَد بِالْقِدِّ، ثُمَّ كثرُ حَتّى سُمِّىَ كُلُّ أَخيذٍ أَسيرًا، وَإِن لَمْ يُشَدّ. قَوْلُهُ: "فَإنَّ فيها ظَعينَةً" (¬151) الظَّعينَة: الْمَرْأَةُ فِى الْهَوْدَج، وَأَصْلُ الظَّعينَةِ: هُوَ الْهَوْدَجُ، ثُمَّ سُمِّيَت الْمَرْأةُ ظَعِينَةً، لِكَوْنِهَا فِيهِ، مَأَخوذٌ مِنَ الظَّعْنِ، وَهُوَ: الارْتِحالُ، قَالَ اللهِ تَعالَى: {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ} (¬152) وَقالَ بَعْضُهُمْ: لا يُقالُ لِلْمَرْأةِ ظَعينَةٌ إِلا إِذا كَانَتْ في الْهَوْدَج (¬153). قَوْلُهُ: "فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقاصِهَا" عَقْصُ الشَّعَرِ: لَيُّهُ وَضَفْرُهُ على الرَّأسِ، وَمِنْهُ سُمِّيَت الشَّاةُ الْمُلْتَوِيَةُ الْقَرْنِ عَقْصَاءُ. والْعِقاصُ: جَمْعُ عِقْصَةٍ مِثْلُ رِهْمَةٍ وَرِهامٍ، قَالَ امْرُؤ الْقَيْسِ (¬154): . . . . . . . . . . . . . ... تَضِلُّ الْعِقَاصُ فِى مُثَنًّى وَمُرْسَلِ ¬
قَوْلُهُ: "كُنْتُ امْرَءًا مُلْصَقًا (فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَخِذَ عِنْدَلْهَمْ يَدًا يَحْمُونَ بِها قَرَابَتِى" (¬155) الْمُلْصَقُ بِالْقَوْم وَالْملْتَصِقُ: الْمُنْضَمُّ إِلَيْهِمْ وَلَيْسَ مِنْهُمْ. وَقَوْلُه: "يَدًا" أَرَادَ صَنِيعَةً وَمِنَّةً يَمْنَعونَ بِهَا قَرابَتِى، قَالَ (¬156): تَكُنْ لَكَ فِى قَوْمِى يَد يَشْكُرونَها ... وَأَيْدى النَّدى فِى الصَّالحِين قُرُوضُ قَوْلُهُ: "دَعْنى أَضْرِبْ عُنُقَ هَذا الْمُنافِقَ" (¬157) قَدْ ذَكَرْنا أَنَّ الْمُنافِقَ هُوَ (¬158) الَّذى يُظْهِرُ الإِيمان وَيَسْتُرُ الكُفْرَ، وَفِى اشْتِقاقِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أحَدُهَا: أَنَّهُ مُشْتَقُّ مِنَ النَّفَقِ، وَهُوَ: السَّرَبُ، مِنْ قَوْلِهِ تَعالَى: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ} (¬159) فَشُبِّهَ بِالَّذِى يدخلُ النَّفَقَ وَيَسْتَتِرُ فِيهِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مُشْتَقٌ مِنْ نَافِقاءِ الْيَرْبوعِ، وَهُوَ جُحْرُهُ؛ لَأنَّ لَهُ جُحْرًا يُسَمَّى النَّافِقاءَ، وَآخَرَ يُقاَلُ لَهُ الْقاصِعَاءُ، فَإذا طُلِبَ مِنَ النّافِقاءِ قَصَّعَ فَخرَجَ مِنَ الْقاصِعاءِ، وَإِذا (¬160) طُلِبَ مِن القَاصِعَاءِ نَفَقَ فَخَرَجَ مِنَ النّافِقاءِ (¬161)، وَكَذَلِكَ الْمُنَافِقُ يدخلُ فِى الكُفْرِ وَيَخْرُجُ مِنَ الِإسْلامِ مُرَاءَاةً لِلْكُفارِ، وَيَخْرُجُ مِنَ الْكُفْرِ وَيَدْخُلُ فِى الإِسْلَام مُرَاءَاةً لِلْمُسْلِمين. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ مُشْتَقُّ مِنَ النَّافِقَاءِ بِمَعْنًى آخَرَ، يذَلِكَ أَنَّهُ يَحْفِر فِى الْأرْضِ حَتَّى إِذا كادَ أنْ يَبْلُغ ظاهِرَها أَرَقَّ التُّرابَ، فَإذا خَافَ خَرَقَ الْأرْضَ، وَبَقِى فِىْ ظَاهِرِه تُرَابٌ، وَظَاهِرُ جُحْرِهِ تُرَاب وَباطِنهُ حَفْر، وَالْمنافِق بَاطِنُهُ كُفْرٌ وَظَاهِرُهُ إِيمَانٌ (¬162). ¬
وَلِلْيَرْبوع أَربَعَةُ أَجْحِرَةٍ: الراهِطَاءُ، وَالنّافِقَاءُ، وَالْقاصِعاءُ، وَالدَّامَّاءُ (¬164). [قَوْلُهُ تَعَالى: {عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ} (¬165)]، قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬166): الْعَداوَةُ: تَباعُدُ الْقُلُوبِ وَالنِّيَّاتِ. وَقَالَ ابْنُ الأَنْبَارِىِّ: لِأَنَّهُ يعدو بالْمَكْروهِ وَالظُّلْمِ، يُقالُ: عَدا عَلَيْهِ عَدْوَا: إِذا ظَلَمَهُ قالَ اللهُ تَعالَى: {فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} (¬167) أَيْ: ظُلْمًا، وَالْعَدُوُّ يَقَعُ عَلَى الْواحِدِ وَالاثْنَيْن وَالْجَميعِ (¬168) والْمُذَكَّرِ وَالْمُوَنَّثِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، قالَ اللهُ تَعالَى: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي} (¬169) وَقالَ: {وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ} (¬170) وَقالَ الشّاعِرُ (¬171): إِذا أَنا لَمْ أَنفَعْ خَليلى بِوُدِّهِ ... فَإِنَّ عَدُوى لَنْ يَضُرُّهُمُ بُغْضِى وَقَدْ يُجْمَعُ، فيقَالُ: أَعْداء، قاَلَ الله تَعالى: {فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ} (¬172). ¬
قَوْلُهُ: "ذَهَبوا بِالْعَضْباء" (¬173) الْعَضبُ: الْقَطْعُ فِى الأُذُنِ، يُقالُ: بَعيرٌ أَعْضَبُ، وَناقَةٌ عَضْباءُ (¬174)، وَهُوَ هَا هُنَا (¬175): اسْمُ عَلَمٍ لَها, لِأجْل أَنَّها مَقْطوعَة (¬176). قَوْلُهِ: "وَخافَ (¬177) أَنْ يَغْتالَهُمْ" غَالَهُ وَاغْتَالَهُ: إِذا أَخَذَهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَدْرِ. وَقالَ الأَزْهَرِىُّ (¬178): الْغِيلَةُ: هُوَ أَنْ يُخْدَعَ بِالشَّىْءِ حَتَّى يَصيرَ إِلَى مَوضِع كَمَنَ لَهُ فِيهِ الرِّجالُ فيقْتَلَ. ¬
ومن باب الأنفال
ومن باب الأنفال الأَنفَالُ: جَمْعُ نَفَلٍ، بِالتَّحْرِيكِ -وَبِسُكونِها (¬1) -: الغَنِيمَةُ، قَالَ لَبيدٌ (¬2): إِنَّ تَقْوَى رَبِّنا خَيْرُ نَفَلْ ... . . . . . . . . . . . . . وَأَصْلُهُ: الْعَطِيَّةُ بغَيْرِ وَجُوبٍ عَلَى الْمُعْطِى، وَمِنْهُ قِيلَ لِصَلَاةِ التَّطَوُّعِ نَافِلَةٌ (¬3). وَقيلَ: أَصْلُهُ الزِّيادَةُ؛ لأنَّها زائِدَةٌ عَلَى الفرَائِضِ، وَلأنَّ الْغَنيمَةَ مِمَّا (¬4) زَادهَا اللهُ هَذِهِ الْأمَّةَ فِى الْحَلالِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعالَى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} (¬5) أَيُّ: زِيادَةً عَلَى إسْحاقَ. وَسُمىَ وَلدُ الْوَلَدِ نَافِلَةً؛ لِأنَهُ زِيادَة عَلَى الْوَلَدِ. ¬
وَقوْلُهُ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} (¬6) إِنَّما كانَ سُؤَالُهمْ عَنْها؛ لأنَّهَا كانَتْ حَرَامًا عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ، كَانَتْ تَنْزِلُ نَار مِنَ السَّمَاءِ فتَحْرِقها، فَأحَلَّها الله تَعالَى لهمْ (¬7). وَالغَنيمَةُ أَصْلُها: الرِّبْحُ وَالْفَضْل، وَمِنْهُ الْحَديثُ فِى الرَّاهِنِ (¬8) "له غُنْمُهُ" أَىْ: رِبْحُهُ وَفَضْلُهُ. وَالفيْىءُ أَصْلُهُ فِى اللُّغَةِ: الرُّجوع، يُقَالُ: فَاءَ إِلَى كذا، أَي: رجَعَ إِلَيْهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ مَالٌ رَجَعَهُ الله إِلَى الْمُسْلِمينَ وَرَدَّهُ (¬9)، وَمِنْهُ قِيلَ لِلظلِّ فَيْىءٌ؛ لأنَّهُ يَرْجِعُ مِنْ جَانِب إِلى جَانِبٍ. [قَوْلُهُ: "لِأميرِ الْجَيْش" (¬10)] سُمِّىَ الْأَميرُ أَميرًا؛ لأنَّ أصحابَهُ يَفْزَعون فِي أَمرهِمْ إِلَى مُؤَامَرَتِهِ، أَيْ: مُشَاوَرَتِهِ. وَقيلَ: سُمِّىَ أَميرًا لِنَافاذِ أَمْرِهِ. وَقيلَ: إِنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ أَمِرَ بِكَسْرِ الْميمِ، أَيْ: كَثُرَ؛ لأنَّهُ فِي نَفسِهِ -وَإِنْ كانَ وَحْدَهُ- كثيرٌ، وَقَدْ فُسِّرَ قَوْله تعالى: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} (¬11) أَىْ: كَثَرنَاهُمْ (¬12). قَوْلُهُ: "كانَ يُنَفل فِى الْبَدْأَة الرُبُعَ وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ" (¬13) وفي بعضها (¬14) "الْقُفولِ". الْبَدْأُةُ: السَّرِيَّةُ الَّتِى يُنَفِذُهَا الِإمامُ أَوَّل مَا يَدخُلُ بِلَاد الُعَدُوِّ، وَأَرَادَ ¬
بِالْبَدْأَةِ: ابْتِدَاءَ السَّفَرِ، يَعْنِي فِى الْغَزْوِ، يُقالُ: اكْتَرِ (¬15) لِلْبَدْأَةِ بِكَذَا وَلِلرَّجْعَةِ بِكَذَا. وَقيلَ: الرَّجْعَةُ: الَّتِى يُنْفِذُهَا بَعْدَ رُجوعِ الأولَى. وَقيلَ: الْبَدْأَةُ: الَّتِى يُنْفِذُهَا وَقْتَ دُخولِهِ، وَالرَّجْعَةُ: الَّتي يُنْفِذُها بَعْدَ رُجوعِهِ مِنْ بِلادِ الْعَدُوِّ. وَالْقُفولُ: هُوَ الرُّجُوع، يُقالُ: قَفَلَ مِنَ الْحَجِّ وَمِنَ الْغَزْوِ: إِذَا رَجَعَ مِنهُ، وَلَا يُقَالُ لِلرُّفْقَةِ فِى السَّفَرِ قَافِلَة إِلَّا إِذا كانوا راجِعينَ إلى بِلَادِهِم، وَلا يُقالُ ذَلكَ فِي ذَهابِهِمْ، وَهُوَ مِمَّا يَغلَطُ فِيهِ الْعَامَّةُ (¬16). قَالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬17): الْقَلْعَةُ الحِصْنُ عَلى الْجَبَلِ، وَمَرْجُ الْقَلَعَةِ - بِالتَّحرْيكِ: مَوْضِعٌ. قَوْلُهُ: "بِإِيجَافِ الْخيْلِ وَالرِّكابِ" (¬18) قيلَ: وَجِيفُها: سُرْعَتُها فِى سَيْرِها، وَقَدْ أَوْجَفَها رَاكِبُهَا. وَقَوْلُهُ تعالَى: {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ} (¬19) أَيْ: شَديدَةُ الإِضْطِرابِ وَإِنَّمَا سُمِّىَ الْوَجيفُ فِى السَّيْرِ، لِشِدَّةِ هَزِّهِ وَاضْطِرابِهِ، ذَكَرَهُ الْعُزِيْزِيُّ (¬20)، وقال الجوهَرِي (¬21): هُوَ ضَرْبٌ مِنْ سيْرِ الِإبِل وَالْخَيْلِ، يُقالُ: وَجَفَ الْبَعيرُ يَجِفُ وَجْفًا وَوَجِيفًا، وَأَوْجَفْتُهُ أنا، وَيُقالُ: أَوْجَفَ فَأَعْجَفَ (¬22). ¬
قوْلُه: "فَإنْ حَضَرَ بِفَرَسٍ حَطِمٍ أَوْ ضَرَعٍ أَوْ أَعْجَفَ" (¬23) الْحَطِم: الْمُتَكَسر فِى نفْسِهِ، يُقَالُ لِلْفَرَسِ إِذَا تهَدمَ لِطُولِ عُمُرِهِ: حَطِمٌ، وَيُقالُ: حَطِمتِ الدابَّةُ: أَيْ: أَسَنَّتْ. والضَّرَعُ -بالتَّحْريكِ: الضَّعيفُ. [وَالْأَعْجَفُ] (¬24): المهزول. قَوْلُهُ: "لَا يُغنِي غَناء الخَيْلِ" (¬25) أَىْ: لَا يَكْفى كِفايَتَها، وَالْغَنَاءُ - بِالفَتْحِ وَالْمَدِّ: الْكِفايَةُ. قوله: "فَإنْ (¬26) نَفَقَ أَوْ باعَهُ" نفَقَت الدابَّةُ تَنَفُقُ نُفوقًا، أَي: ماتَتْ. قَوْلُهُ: "فَإنْ عَارَ فَرَسُهُ" أَىْ: ذَهَبَ عَلَى وَجْهِهِ، وَأَفْلَتَ مِنْ يَدهِ، وَيُقالُ: سُمِّى العَيْرُ عَيْرًا لِتَفَلُّتِهِ، وَمِنْهُ قيلَ لِلْغلام الَّذي خَلَعَ عِذارَهُ وَذَهَبَ حَيْث شَاءَ: عَيَّارٌ، وَفَرَسٌ [عَيَّارٌ] (¬27) وَمِعْيارٌ: إِذَا كَانَ مُضَمَّرًا. وَ "نُفُورِ الطِّحالِ" (¬28) هُوَ وَرَمُهُ، قالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬29): إِنَّمَا هُوَ مِنْ نُفورِ الشَّيْىءِ مِنَ الشَّيْىءِ، وَهُو: تَجافِيهِ عَنْهُ وَتبَاعُدُهُ. وَقَوْلُهُ: "لِمُخذِّلٍ" (¬30) قَدْ ذُكِرَ (¬31). ¬
قَوْلُهُ: "لِمَنْ يُرْجِفُ بِالْمُسْلِمين" أَيْ: يُخَوِّفُهُمْ وَيُفْزِعُهُمْ، مِنْ قَوْلِهِ تعالَى: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ} (¬32) يَعْنِى يَوْمَ الفَزَعِ وَالْخَوْفِ. وَأَصْلُهُ: حَرَكَةُ الْأَرْضِ وَاضْطِرَابُهَا (¬33). وَأَمَّا الِإرْجافُ فَهُوَ وَاحِدُ أَراجِيفِ الْأَخْبارِ، وَمَعْنَاهُ: التَّخْوِيفُ وَالرُّعْبُ، وَقَدْ ذُكِرَ. وَقدْ (¬34) أَرْجَفُوا فِى الشَّيْئِ: إِذا خَاضُوا فِيهِ. قَوْلُهُ: "وَيُرْضَخُ لِلصَّبىِّ" (¬35) قَدْ ذكَرْنَا أَنَّهُ الْعَطاءُ لَيْسَ بِالْكَثيرِ دونَ سِهام الْمُقاتِلين، وَأَصْلُهُ مأخوذٌ مِنَ الشَّيىْءِ الْمَرْضوخِ، وَهُوَ: الْمَرْضُوضُ الْمَشْدوخُ. قَوْلُهُ: "مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ" (¬36) الْخُرْثِىُّ: مَتاعُ الْبَيْتِ وَأَسْقاطُهُ. "نعْلُ السَّيْفِ" ما يَكونُ فِى أَسْفَلهِ مِنْ حَديد أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: "يُحْذَيْنَ مِنَ الْغنيمَةِ" (¬37) قالَ الجوهرى [أَحْذَيْتُهُ (¬38) مِنَ الْغنيمَةِ: إِذَا أَعْطَيْتَهُ مِنْهَا، والاسْمُ: الْحُذَيَّا عَلَى وَزْنِ (¬39) فُعَلَّى بِالضَّمِّ، وَهِيَ الْقِسْمَةُ مِنَ الْغنيمَةِ، وَكَذَلِكَ الْحُذْيَا، وَالْحَذِيَّةُ، وَالْحِذْوَةُ كُلُّهُ الْعَطِيَّةُ. ¬
قَوْلُهُ: "وَإِنْ لَحِقَ بِالْجَيْشِ مَدَدٌ" (¬40) الْمَدَدُ: الزِّيادَةُ الْمُتَّصِلَةُ، وَأَمدَدْنا الْقَوْمَ، أَيْ: صِرْنَا مَدَدًا لَهُمْ (¬41). وَقَدْ ذَكَرْنا السَّرِيَّةَ أَنَّها قِطْعةٌ مِنَ الْجَيْشِ، قالَ القُتَيْبِىُّ (¬42): أَصْلُها مِنَ السُّرى، وهو: سَيْرُ اللَّيْلِ، وَكانَتْ تُخْفِى خُروجَها لِئَلَّا يَنْتَشِرَ الْخَبَرُ فَتَكْتب بِهِ الْعُيونُ، فَيُقال: سَرَتْ سَرِيَّةٌ، أَيْ: سارَتْ لَيْلًا. وَقالَ فِى الْبَيَانِ: بَلْ يَخْتَارُهُمُ الأَميرُ مِن السَّرِىِّ، وَهُوَ: الْجَوْدَةُ، كَأَنَّهُ يَخْتارُ خِيارَ الْخَيْلِ وَأَبْطالَ الرِّجال. قَوْلُهُ: "وَالْمُسْلِمون يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ" (¬43) قالَ الْهَرَوىُّ (*): يُقالُ لِلْقَوْمِ: هُمْ يَدٌ عَلى الْآخَرين، أَيْ: هُمْ قَادِرونَ عَلَيْهم، وَيَحْتَملُ أَنْ يَكونَ مِنَ الْيَدِ الَّتي هِىَ الْجَماعَةُ، يُقالُ: هُمْ عَلَيْهِ يَدٌ، أَيْ: مُجْتَمِعُونَ، لَا يَسَعُهُمُ التَّخاذُلُ، بَلْ يُعاوِنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى جَميعِ أَهْلِ الْأَدْيَانِ وَالْمِلَلِ. قَوْلُهُ: "يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْناهُمْ" الذِّمَّةُ هَا هُنَا: الأَمانُ، وَيُسَمَّى الْمُعاهَدُ ذِمِّيًّا؛ لِأنَّهُ أَعْطِىَ الْأَمَانَ عَلَى ذِمَّةٍ. وَقالَ فِى الْفائِقِ (¬44): أَدْناهُمُ: الْعَبْدُ، مِنَ الدَّناءَةِ، وَهِى: الْخَساسَةُ، وَأَقْصاهُمْ: أَبْعَدُهُمْ، مِنَ الْقَصَا، وَهُوَ: الْبُعْدُ. وَهذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَدْناهُمْ أَقْرَبَهُمْ بَلَدًا مِنَ الْعَدُوِّ. قَوْلُهُ: "نَبْذَةً مِنَ الْأَرْضِ" (¬45) النَّبْذَةُ: الشَّيْىءُ الْيَسيُر، يُقالُ: فِى رَأْسِهِ نَبْذٌ مِنَ الشَّيْبِ، وَأَصابَ الْأَرْضَ نَبْذٌ مِنْ مَطرٍ، أَيْ: شَيىْءٌ يَسيرٌ. ¬
قَوْلُهُ: "سَدُّ الثُّغورِ" (¬46) الثَّغرُ: مَوْضِعُ الْمَخافَةِ. وَقالَ الْأَزْهَرِىُّ (¬47): أصل الثغر: الْهَدْمُ وَالْكَسْرُ. يُقالُ: ثَغرْتُ الجِدارَ: إِذَا هَدَمْتَهُ، وَقيلَ لِلْمَوْضِعِ الَّذى تَخَافُ مِنْهُ الْعَدُوَّ ثَغْرٌ، لِانْثِلَامِهِ، وَإِمْكانِ دُخُولِ الْعَدُوِّ مِنْهُ. وَقيلَ لِلنَّصيبِ سَهْمٌ؛ لِأنَّهُ يُعلَمُ عَلَيْهِ بِالسِّهَام. قَوْلُهُ: "بَنُوا هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْئٌ واحدٌ" بِالشينِ المُعْجَمَةِ، وَهُوَ: الْمِثْلُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِى الزَّكاةِ (¬48). قَوْله: "انْجَلَوْا عَنْهُ" (¬49) أَيْ: هَرَبُوا، يُقالُ: جَلَا الْقَوْمُ عَنْ مَنَازِلِهِمْ: إِذَا هَرَبُوا، قالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ} (¬50). قَوْلُهُ: "وَمَؤْنَةِ عَامِلِى" (¬51) أَيْ: مُؤْنَةِ خَليفَتِى. وَالْعَامِلُ: هُوَ الَّذي يَتَوَلَّى أُمُورَ الرَّجُلِ فِى مَالِهِ وَمِلْكِهِ وَعَمَلِهِ، وَمِنْهُ قيلَ لِلَّذِي يَسْتَخرِجُ الزَّكاةَ: عَامِلٌ، وَالَّذِي يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ مِنَ الْأَجْرَةِ يُقَالُ لَهُ: عُمَالَةٌ بِالضَّمِّ (¬52). قَوْلُهُ: "أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ" (¬53) أَيْ: أَسْالكُمْ بِاللهِ وَأُقْسِمُ عَلَيْكُمْ. ¬
قوْلُهُ: "فِى قُلُوب الْكُفّارِ مِنَ الرُّعْبِ" أَي: الْخَوْفِ، يُقَالُ: رَعَبْتُهُ فَهُوَ مَرْعُوبٌ: إِذَا أَفْزَعْتَهُ وَلَا يُقال أَرْعَبْتُهُ (¬54)، وَمِنْهُ الحَديثُ: "نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ" (¬55). قوْلُهُ: "يَضَعَ ديوانًا" (¬56) أَيْ: كِتابًا يَجْمَعُ فِيهِ أَسْماءَ الْجُنْدِ. وَأَصْلُهُ: دوَّانٌ فَعُوِّضَ مِنْ إِحْدَى الْوَاوَيْنِ يَاءً؛ لأنَّهُ يُجْمَعُ عَلَى دَوَاوِينَ، وَلَوْ كانَتِ الْوَاوُ أَصْلِيَّةً لَقيلَ: دَيَاوينُ، بَلْ يُقالُ: دَوَّنْتُ دَوَاوِينَ (¬57). قَوْلُهُ: "لُويٍّ" (¬58) تَصْغيرُ لَأَى، وَهُوَ ثَوْرُ الْوَحْشِ، سُمِّىَ بِهِ الرَّجُلُ (¬59). قوْلُهُ: "ذِى بِرٍّ وَدِينٍ وَحَسَبْ" (¬60) الْبِرُّ: فِعْلٌ الْخَيْرِ. وَالْحَسَبُ: كَرَمُ الْآباءِ وَالْأَجْدَادِ. قَوْلُهُ: "يَتْلُو هَاشِمًا" (¬61) أَيْ: يَتْبَعُهُ فِى كَرَمِهِ وَفَخْرِهِ وَسائِرِ مَنَاقِبِهِ. قَوْلُهُ: "حِلْفُ الْمُطَيَّبينَ وَحِلْفُ الْفُضُولِ" (¬62) هُما حِلْفانِ كانا فِى الْجَاهِلِيَّةِ، مِنْ قُرَيْشٍ. وَسُمُّوا الْمُطَيَّبِينَ؛ لِأنَّ عَاتِكَةَ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمِلَتْ لَهُمْ طِيبًا ¬
فِى جَفْنَةٍ وَترَكَتْها فِى الْحِجْرِ، فَغَمَسوا ايديَهُمْ فيها وَتَحالَفُوا (¬63). وقيلَ: إِنَّهُمْ مَسَحوا بِهِ الْكَعْبَةَ توْكيدًا عَلى أَنْفسِهِمْ. وَلِأىِّ أَمْرٍ تَحالَفوا؟ قيلَ: عَلى مَنْعِ الظُّلْمِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ. وَقيلَ: لِأنَّ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ أَرادَتْ أَخْذَ السِّقَايَةِ وَالرِّفادَةِ مِنْ بَنى هَاشِمٍ، فَتَحالَفُوا عَلى مَنْعِهِم، وَنَحَرَ الآخَرُون جَزُورًا وَغَمَسوا. أَيْديَهُمْ فِي الدَّم. وَقيلَ: سُمُّوا المطيَّبين؛ لِأنهُمْ تَحالَفوا عَلَى أَنْ يُنْفِقوا أَوْ يُطْعِموا الْوُفودَ مِن طيبِ أَمْوَالِهِمْ. وَفي حِلْفِ الْفُضُولِ (¬64) وَجْهانِ، أَحَدُهُما: أَنَّه. اجْتَمَعَ فِيهِ الْفَضْلُ بْنُ الْحارِثِ، والفَضْلُ بْنُ وَدَاعَةَ، وَالْفَضْلُ بْنُ فَضَالَةَ، والفُضولُ: جَمْعُ الْفَضْلِ، قالَ الْهَرَوِىُّ (¬65): يُقالُ: فَضْل وَفُضول، يُقالُ: سَعدٌ وَسُعود. وقالَ الْوَاقِدِىُّ: هُمْ قَوْمٌ مِنْ جُرْهُمٍ تحالَفُوا، يُقالُ لَهُمْ: فَضْلٌ، وفُضَالٌ، وَفَضَالَةُ، فَلَما تَحَالَفَتْ قُرَيشٌ عَلَى مثْلِهِ سُمُّوا حِلْفَ الْفُضولِ. وَقيلَ: كانَ تَحالُفُهمْ عَلى أَنْ لَا يَجِدُوا بِمَكَّةَ مَظْلومًا مِنْ أَهْلِهَا وَمِنْ غَيْرِهِمْ إِلَّا قَامُوا مَعَهُ. وَالثانِي: أَنُّهمْ تَحالَفوا عَلى أَنْ يُنفِقوا مِنْ فُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، فَسُمُّوا بِذَلِكَ حِلفَ الفُضولِ، وَسُمُّوا حِلْفَ الْفُضُولِ، لِفاضِلِ ذَلِكَ الطِّيبِ. "وتَوَفَّرَ عَلَى الْجِهَادِ (¬66) " أَيْ: كَثُرَتْ رَغْبَتُهُ وَهِمَّتُهُ فيهِ، مِنَ الْوَفْرِ، وَهُوَ: كَثْرَةُ الْمَالَ. ¬
ومن باب الجزية
وَمِنْ بابِ الجِزْيَةِ سُمِّيَتْ جِزْيَةً؛ لِأنَّها قَضاءٌ عَمّا عَلَيْهِم، مَأُخوذٌ مِنْ قَوْلِهِم: جَزَى يَجزِى: إِذا قَضَى، قَالَ اللهُ تعَالَى: {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} (¬1) أَيْ: لا تَقْضِى وَلا تُغْنِي (¬2). وَفِي الْحديث: أَنَّهُ قالَ لِأبِى بُرْدَةَ بنِ نِيَارٍ (¬3) فِى الأَضْحِيَةِ بِالْجَذَعَةِ مِنَ الْمَعْزِ: "تَجْزِى عَنْكَ وَلَا تَجزى عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ" (¬4) وَالْمُتَجَازِى: الْمُتَقَاضِى عِنْدَ الْعَرَبِ (¬5). وَقيلَ الجَزَاءُ: الْفِدَاءُ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬6): . . . . . . . . . . . . . ... مَتَيَّمُ عِنْدَها لَمْ يُجْزَ مَكْبُولُ أَيْ: لَمْ يُفْدَ. {يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ} (¬7) أَيْ: يُطيعُون، وَالدِّينُ: الطّاعَةُ وَالانْقِيادُ. قَوْلُهُ: "سُنّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتابِ" (¬8) أَيْ: خُذوهُمْ عَلَى طَرِيقَتِهمْ، أَيْ: أَمِّنوهُمْ وَخُذوا عَنْهُمْ الْجِزْيَةَ. وَالسُّنَّةُ: الطَّرِيق. ¬
قَوْلُهُ: "نَبَذَ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ" (¬9) أَيْ: رَمَى، وَالنَّبْذُ: الرَّمْىُ. قَوْلُهُ: "يَضْرِبُ عَلَيْهَا الْجِزْيَةَ" أَيْ: يَجْعَلُ ضَريبَةً تُؤَدَّى كُلَّ سَنَةٍ، مِثْلَ ضَرِيبَةِ الْعَبْدِ وَهِيَ: غَلَّتُهُ. قوْلهُ: "دومه" (¬10) اسْمُ حِصْنٍ (¬11). وَأَصْحابُ اللُّغَةِ يَقولون بِضَمِّ الدالِ، وَأَصْحابُ الحديثِ يَفْتَحونَها. قالَ ذَلكَ الْجَوْهَرِىُّ (¬12). وَقَدْ أَخطَأَ مَنْ هَمَزَها. قَوْلُهُ: "وَالأُدْم وَالْعُلُوفَةِ" (¬13) وَهِيَ عَلَفُ الدَّوَابِّ بِضَمِّ الْعَيْنِ (¬14)، فَأَمّا الْعَلُوفَةُ -بالفتح- فَهِىَ النَاقَةُ وَالشَّاةُ يَعْلِفُها وَلَا يُرْسِلُها تَرْعَى، وَكَذَلِكَ الْعَليفَةُ. قوْلُه (¬15): أَوْ عِدْلَه مَعافِريًّا" الْعِدْلُ- بالْكَسْرِ: الْمِثْلُ الْمُساوِى لِلشَّيْىءِ، وَمِنْهُ عِدْلُ الْحِمْلِ (¬16). قالَ ابْنُ الْأَنْبارِى (¬17): الْعِدْلُ بِالْكَسْرِ: مَا عَادَلَهُ الشَّيْىءُ مِنْ ¬
جِنْسِهِ. وَالْعَدْلُ بِالْفَتْح: مَا عَادَلَهُ مِنْ غَيْرِ جنْسِهِ، قالَ الْبَصْرِيُّونَ: الْعَدْلُ وَالْعِدْلُ لُغَتان، وَهُمَا: الْمِثْلُ (¬18). وَالْمَعَافِر: الْبُرُودُ، تُنْسَبُ إِلَى مَعَافِرَ بِالْيَمَنِ، وَهُمْ حَىٌّ مِنَ هَمْدانَ، أَيْ تنْسبُ إِلَيْهِمُ الثِّيابُ الْمَعَافِرِيَّةُ. قَوْلُهُ: "لَا تَضْرِبوا الْجِزْيَةَ" (¬19) وَفِي بَعْضِها: "لَا تَضَعوا" وَمَعْنَاهُ: لَا تُلْزِموهم وَلَا تَجْعَلوها ضَرِيبَةً. قَوْلُهُ: "الْفَقيرَ المُعْتَمِلَ" (¬20) يُقالُ: اعْتَمَلَ: اضْطرَبَ فِى الْعَمَلِ، قالَ (¬21): إِنَّ الْكَريمَ وَابِيكَ يَعْتَمِلْ ... إِنْ لَمْ يَجِدْ يَوْمًا عَلَى مَنْ يَتَّكِلْ وَالْمُعْتمِلُ قَدْ يَكُونُ ألْمُكْتَسِبُ بِالْعَمَلِ مِنَ الصِّناعَةِ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: "أَدْعَجُ العَيْنَيْنِ" (¬22) الدَّعَجُ: شِدَّةُ سَواد. الْمُقْلَةِ، وَشِدَّةُ بَيَاضِ بَيَاضِهَا (¬23). ¬
قَوْلُهُ: "مَقْرونُ الْحاجِبَيْنِ" هُوَ التِقاءُ طَرَفَيْهِما (¬24)، وَهُوَ مَذْمُومٌ، وَضِدُّهُ الْبَلَجُ، وَهُوَ: أَنْ يَنْقَطِعا حَتَّى يَكونَ مَا بَيْنَهُما نَقِيًّا مِنَ الشَّعَرِ، وَهُوَ مَحْمودٌ (¬25). وَالْقَنَا: احْدِيدَابُ الْأَنْفِ مَعَ ارتِفاع قَصَبَتِهِ (¬26). قَوْلُهُ: "وَيُحَلِّفُهُم استظْهارًا" (¬27) مَأْخوذٌ مِنَ الظهورِ، وَهُوَ: الظَّاهِرُ الَّذى لَا خَفاءَ بِهِ. والاستِظْهَارُ: الْأَخْذُ بِالْحَزْمِ وَالْيَقينِ، وَأَصْلُهُ عِنْدَ العَرب: أَنَّ الرَّجُلَ إِذا سَافَرَ أَخَذَ مَعَ بَعيرِهِ بَعيرًا آخَرَ خَوْفَ أَنْ يَعْيَا بَعيرُهُ فَيَرْكَب الآخَرَ. وَالْبَعيرُ هُوَ الظَّهرُ. ذَكَرَهُ الْأَزْهَرِىُّ (¬28). ¬
ومن باب عقد الذمة
وَمِنْ بَابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {عَنْ يَدٍ} (¬1) أَيْ: عَنْ قَهْرٍ، وَقَدْ تقَدَّمَ ذِكْرُهُ (¬2). قَؤْلُهُ: "أَخِذُوا بِلُبْسٍ الْغيَارِ" (¬3) بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الاسْمُ، وَأَمَّا الغيَارُ: بِالْكَسْرِ: فَهُوَ الْمَصْدَرُ، كَالْفَخارِ وَالْفِخَارِ. وَقَالَ الصَّغانِي فِى تكْمِلَتِهِ (¬4): الْغِيَارُ - بِالْكَسْرِ: عَلَامَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ، كَالزُّنَّارِ وَعَلَامَةُ الْمجُوسِ. جَعَلَهُ اسْمًا كالشِّعَارِ وَالدِّثَارِ. قَوْلُهُ: "الطيْلَسَانِ" (¬5) هُوَ الرِّدَاءُ يَشْتَمِلُ بِهِ الرَّجُلُ عَلَى كَتِفَيْهِ وَرَأْسِهِ وَظَهْرِهِ، وَقَدْ يَكُونُ مُقَوَّرًا (¬6). قَوْلُهُ: "رَكِبُوهَا عَلَى الأُكُفِ" (¬7) هُوَ جَمْعُ إِكَافٍ، آلةٌ تُجْعَلُ عَلَى الحِمارِ، يُرْكَبُ عَلَيْها بِمَنْزِلَةِ السَّرْجِ، قال (¬8): . . . . . . . . . . . . . ... كَالْكَوْدَنِ الْمَشْدُودِ بِالإِكَافِ (¬9) يُقَالُ: إِكَافٌ وَوِكَافٌ. ¬
"وَيُلْجَؤُونَ إِلى أَضْيَقِ الطُّرُقِ" (¬10) أَيْ: يُضْطَرُّونَ، يُقالُ: أَلْجَأْتُهُ إِلَى الشَّيىءِ: اضطَرَرْتُهُ إِليْهِ. قوله: "وَلَا يُصَدَّرونَ فِى الْمَجالِسِ" أَيْ: لَا يُجْعَلُون صَدُورًا، وَهُمُ: السَّادَةُ الذَّيِنَ يُصدَرُ عَن أَمْوِهِمْ وَنَهْيِهِمْ. قَوْلُهُ: "وَلَا نُخْرِجُ سَعانِينَنَا وَلَا بَاعُوثَنَا" (¬11) قالَ الزَّمَخشَرىُّ (¬12) وَالْخَطَّابِىُّ (¬13): السَّعَانِين: عِيدُهُمُ الْأَوَّلُ قَبْلَ فِصحِهِمْ بِأُسْبُوعٍ، يَخْرُجُونَ بِصُلْبَانِهِمْ. وَالْبَاعُوث- بِالْعَيْنِ الْمُهمَلَةِ، وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ: اسْتِسقَاؤُهُمْ، يَخرُجُونَ بِصُلْبَانِهِمْ إِلَى الصَّحْراءِ يَستَسْقُونَ. قَالَ (¬14): وَرُوِىَ: "وَلَا بَاغُوثِنَا" وَجَدْتُهُ مَضْبُوطًا بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ وَالثَّاءِ بِثَلَاثٍ فِيهِمَا، وَأَظُنُّ النّونَ خَطَأ تَصْحِيفٍ، قَالَ: وَهُوَ عِيدٌ لَهُمْ. صُولحُوا علَى أَنْ لَا يُظْهِرُوا زِيَّهُمْ لِلْمسْلِمِينَ فَيَفتِنُوهُمْ. قَوْلُهُ: "دَيْرًا وَلَا قَلايَةً" (¬15) قالَ الْخَطَّابِىُّ (¬16): الدَّيْرُ وَالْقَلَّايَةُ: مُتَعَبّدَاتُهُمْ، تُشْبِهُ الصَّوْمَعَةَ. وَرُوِىَ: "قَلِيَّةً" وَرُوِىَ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِاثْنَتَيْنِ مِن تَحْتِهَا. ¬
قَوْلُهُ: "وَيَجبُ عَلَى الإِمَامِ الذَّبُّ عَنْهُمْ" (¬17) هُوَ الْمَنْعُ وَالدَّفْعُ عَنْهُم لِمَنْ يُريدُ ظُلْمَهُمْ وَهَلاَكَهُم. قوْلُهُ: "جَزيرَةِ العَرَب" (¬18) سُمِّيَتْ جَزِيرَةً؛ لَأنَّ البَحْرَيْنِ بَحْرَ فَارِسَ، وَبَحْر الْحَبَشَةِ وَالرافِدَيْنِ قَدْ أَحَاطَت بِهَا (¬19). والرَّافِدَان: دِجلَةُ وَالفُراتُ، قَالَ (¬20): وَوَلَّيْتَ الْعِرَاقَ وَرَافِدَيْهِ ... فَزَارِيَّا أَحَذَّ يَدِ الْقَميصِ قوْلُهُ: "رِيف الْعِرَاقِ" (¬21) حَيْثُ الْمَزَارِعُ وَمَوَاضِعُ الْخِصْبِ منْهَا. قَوْلُهُ: "أَطْرارِ الشّام" الجَوْهَرِىُّ (¬22): أَطْرَارُ الشام: أَطْرَافُهَا. وَ "حَفَرِ أَبِي مُوسَى" رَكَايَا احْتَفَرَهَا بِطَرِيقِ مَكَّةَ مِنَ البَصْرَةِ بَيْنَ مَاوِيَّةَ وَالْمَنْجَشَانِيَّاتِ (¬23)، وَكَانَ لَا يُوجَدُ بِهَا قَطرةُ مَاءٍ، وَلَهَا حِكَايَةُ. وَ "المِيرَةُ" (¬24) الطَّعامُ الَّذى يَمْتَارُهُ الإِنْسَانُ، أَيْ: يَجِىءُ بِهِ مِنْ بُعْدٍ، يُقالُ: مَارَ أَهْلَهُ يَمِيرُهُمْ: إِذَا حَمَلَ إِلَيْهِم الْمِيرَةَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} (¬25). ¬
وَ "أَنْبَاطُ الشَّام" (¬26) قَوْمٌ (¬27) مِن الْعَجَمِ. وَ"الْقِطْنِيَّةُ" بِكَسْرِ الْقَافِ: هُوَ مَا سُوِىَ الطَّعامِ، كَالْعَدَس وَاللُّوبِيَاءِ وَالْحِمِّصِ، وَما شَاكَلَهُ" "وَبَصُرَ بِمَجُوسِىٍّ" (¬28) أَيْ: نَظَرَ، وَقِيلَ: عَلِمَ، قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ (¬29) فِى قَوْلهِ تَعَالَى: {بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ} (¬30) نَظَرْتُ، مِن الْبَصَرِ (¬31). وَقَالَ قَتَادَةُ: فَطِنْتُ, مِنَ الْبَصِيرَةِ (¬32). وَقالَ مُقَاتِلٌ: عَلِمتُ قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬33): يقال: بَصُرَ يَبْصُرُ: إِذَا صَارَ عَلِيمًا بِالشَّيئِ، فَإذَا نَظَرْتَ قُلْتَ: أَبْصَرْتُ أَبْصِرُ (¬34). ¬
ومن باب الهدنة
وَمِنْ بَابِ الْهُدْنَةِ أَصْلُ الْهُدْنَةِ: السُّكونُ، يُقالُ: هَدَنَ يَهْدِنُ هُدونًا: إِذَا سَكَنَ. وَهَدَنهُ، أَيْ: سَكَّنَهُ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعدَّى. وَهَادَنْتُهُ: صَالَحْتُهُ، وَالاسْمُ مِنْهُ: الْهُدْنَةُ. وَالْمُوَادَعَةُ (¬1): الْمُهادَنَةُ، وَمَعْناها: الْمُتارَكَةُ، وَالْوَداعُ: مُفَارَقَة وَمُتارَكَة، يُقالُ: دَعْهُ، أَيْ: اتركْهُ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ مِنْهُ مَاض، وَلَا مَصْدَر، وَلَا اسْمُ فَاعِلٍ، وَلَا اسْمُ مَفْعُولٍ (¬2). قَوْلُهُ: "لا يَجُوزُ عَقْدُ الْهُدْنَةِ لِإقليم أَوْ صُقْعٍ" (¬3) الِإقْليمُ: وَاحِدُ أَقالِيمِ الْأَرْضِ السَّبْعَةِ (¬4). وَالصُّقْعُ: النَّاحِيَةُ، يُقالُ: فُلانٌ من أَهْلِ هذا الصُّقْعِ، أَي: مِن أَهْلِ هَذِهِ النّاحِيَةِ. قَوْلُهُ: "فَإِن كانَ الإِمَامُ مُسْتَظْهِرًا" (¬5) أَيْ: غالِبًا، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} (¬6). ¬
قَوْلُهُ تَعالَى: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ} (¬7) لَا تَهِنُوا، أَيْ: لَا تَضْعُفُوا، وَالْوَهْنُ: الضَّعْفُ والسَّلْمُ: يُفْتَحُ وَيُكْسَرُ (¬8)، وَهُوَ: الصُّلْحُ بِمَعْنَى الْمُسَالَمَةِ وَتَرْكِ الْحَرْبِ, وَقوْلُهُ تَعالَى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ} (¬9) أَيْ: مَالُوا إِلَى جَانِبِ الصُّلْحِ، وَالْجِنْحُ: الْجانِبُ، وَجَنَحَت الشَّمْسُ لِلْغُروبِ: مَالَتْ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ} (¬10) البَراءَةُ: خُروجٌ مِنَ الشَّيْىءِ وَمُفارَقَةٌ لَهُ. قَوْلُهُ تَعالَى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} (¬11) اذْهَبُوا آمِنينَ فِى هَذِهِ الْمُدَّةِ (¬12). قَوْلُهُ: "مُجْحِفَةٍ" (¬13) أَيْ: تَذْهَبُ بِالْمَالِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬14). قَوْلُهُ: "وَقَدْ خَافُوا الاصْطِلَامَ" (¬15) هُوَ: الاسْتِئْصَالُ بِالْقَتْل وَغَيْرِهِ، وَالطَّاءُ بَدَلٌ مِنَ التَّاءِ، وَأَصْلُهُ: اسْتِئْصَالُ قَطْعِ الأذُنِ، يُقَالُ: ظَلِيمٌ مُصْطَلمٌ (¬16)، وَهُوَ خِلْقَةٌ فِيهِ. وَالظَّليمُ: ذَكَرُ النَّعَام. قَوْلُهُ تَعالَى: {وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا} (¬17) أَي: لَمْ يُعَاوِنُوا، وَالْمُظَاهَرَةُ: الْمُعَاوَنَةُ، وَالظَّهِيرُ: الْعَوْنُ (¬18)، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} (¬19). ¬
قَوْلُهُ: "أَوْ يَنْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ" (¬20) قَالَ الْمُفَسِّرونَ فِي تفْسيرِ قَوْلِهِ تعالَى: {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} (¬21) أَيْ: اطْرَحْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ حَتَّى تَكُونَ أَنْتَ وَهُمْ فِى الْعِلْمِ سَوَاءً (¬22). وَأَصْلُهُ الْوَسَطُ، وَحَقِيقَتُهُ: الْعَدْلُ (¬23)، وَمِنْهُ {فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} (¬24) أَيْ: وَسَطِهِ. قَوْلُهُ: "وَإنَّ عُمَرَ أَجْلَانَا مِنْ أَرْضِنَا" (¬25) أَيْ: أَخرَجَنَا مِنْهَا، قَالَ اللهُ تعالَى: {وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ} (¬26) وَهُوَ: الخُروجُ عَنِ الأَوْطانِ. تَقُولُ العَرَبُ. إِمَّا حَربٌ مُجلِيَةٌ أَوْ سِلْمٌ مُخْزِيَةٌ، مَعْنَاهُ: إِمَّا حَرْبٌ أَوْ دَمَارٌ وَخُرُوجٌ عَنِ الدِّيَارِ، وَإمَّا صُلحٌ وَقَرَارٌ عَلَى صَغارِ (¬27). قَوْلُهُ: "زَهَّدُوهَا فِى الإِسْلَام" (¬28) أَيْ: قَلَّلُوا رَغبَتَهَا فِيهِ، زَهِدْتُ فِى الشَّيئ وَعَنِ الشّيىْءِ: لَمْ أَرغَبْ فِيهِ. قَوْلُهُ: "وَالمَالِ وَالْعِرْض" (¬29) [الأَمانُ فِى العِرض:] هُوَ أَنْ لَا يَذْكُرَ سَلَفَهُ وَآبَاءه، وَأَن لَا يَذْكُرَهُ نَفْسَهُ بِسُوء, وَبِمَا يُنْزِلُ قَدْرَهُ وَمَحَلَّهُ. ¬
قَوْلُهُ تَعالى: {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ} (¬30) قَالَ الجَوْهَرِىُّ (¬31): دَمْدَمْتُ الشَّيْىءَ: إِذَا أَلْصَقْتَهُ بِالأَرْض وَطَحطَحتَهُ. وَقَالَ العُزَيْزِىُّ (¬32): أَرْجَفَ أَرْضَهُمْ وَحَرَّكَهَا عَلَيهم. وَقَالَ الأَزْهَرِىُّ (¬33): أَطْبَقَ عَلَيْهِم العَذَابَ. وَالكُلُّ: مَعنَاهُ: أَهْلَكَهُمْ (¬34). {فَسَوَّاهَا} (30) أَيْ: سَوَّاهَا بِالأَرْضِ، قَالَ الشاعِرُ (¬35): فَدُمْدِمُوا بَعْدَمَا كَانوا ذَوِى نِعَمٍ ... وَعيشةٍ أُسُكِنُوا مِنْ بَعْدِهَا الحُفَرَا ¬
ومن باب خراج السواد
وَمِنْ بابِ خَراجِ السَّوَادِ الْخَراجُ: الإِتاوَةُ، وَهُوَ، مَا يُؤْخَدُ مِنَ الأَرْضِ (¬1)، أَوْ مِنَ الْكُفَّارِ بِسَبَبِ الأَمانِ. قالَ الأَزْهَرِىُّ (¬2): الْخَراجُ يَقَعُ عَلَى الضَّريبَةِ، وَيَقَعُ عَلَى مالِ الْفَيْىءِ، وَيَقَعُ عَلَى الْجِزْيَةِ. وَسَوادُ الْعِراقِ (¬3): قُراهَا وَمَزارِعُها، سُمِّيَتْ سَوادًا، لِكَثْرَةِ خُضْرَتِها، وَالْعَرَبُ تَقولُ لِكِلِّ أَخْضَرَ أَسْوَدُ. قَوْلُهُ: "جَرِيب" الْجَريبُ: قِطْعَةٌ مِنَ الأَرْضِ مَعْلُومَةُ الْمِساحَةِ. قِيلَ: إِنَّها قِطْعَةٌ مُربَّعَةٌ، كُلُّ جانبٍ، مِنْها سِتّونَ ذِراعًا، فَيَصِيرُ ثَلَاَثةَ آلافِ لَبِنَةٍ وَسِتّمائَةَ لَبِنَةٍ، وَالْجَمْعُ أَجْرِبَةٌ وَجُرْبانُ (¬4). قوْلُهُ: "أَرْضًا سَبِخَةً" (¬5) هِىَ المُتَغيِّرَةُ التُّرْبَةِ الَّتي لَا تُنْبِتُ شَيْئًا. ¬
قَوْلُهُ: "بنَهْرِ المُرةِ" (¬6) مَنْسوبٌ إِلى مُرَّة بْنِ عُثْمانَ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحمن بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِي اللهُ عَنْهُ أقْطَعَهُ [إيّاهُ] يَزيدُ بِوَصاةٍ مِنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللهُ عَنْها. ذَكَرَه ابنُ قُتَيبَةَ فِي الْمعارِفِ (¬7)، وَمَنْ قالَ: نَهْرُ المَرأةِ فَهُوَ خَطَأٌ. قَوْلُهُ: "حَافَةِ الشطِّ" حافَةُ كُلِّ شَيءٍ: جانِبُهُ. وَالشَّطُّ وَالشَّاطِىءُ: ما يَلِى النَّهرَ وَالبَحْرَ مِنَ البَرِّ الذى لَا يَصِلُهُ الماءُ. قَوْلُهُ: "لَا يُطيُّرُ" أَيُّ: لَا تُطَيَّرُ عَلَيهِ السِّهامُ فِى المُقاسَمَةِ بِالقُرعَةِ؛ لِأنَّهُمْ كانوا لَا يَرَونهُ حَلالًا، وَالتَّطير: القِسمَةُ، وَفِى حَديثِ عَلِيٍّ فِى الحُلَّةِ السيّرَاءُ (¬8): "فَأَطَرتهَا بَيْنَ نِسائِى" أَي: قَسَمتُهَا بَيْنَهُنَّ. وَقِيلَ: لَا يُزْجَرُ عَنْهُ الطَّيْرُ وَلَا يُمْنَعُ اسْتِهانةً بِهِ وَترْكًا لَهُ لِذَلِكَ. قَوْلُهُ: "القَضبِ" (¬9) سُمِّىَ قَضبًا؛ لأَنَّهُ يقْضَبُ كُلَّ حين، أَيُّ: يُقْطَعُ. قَوْله: "فَأجازَهُ" (¬10) أَيْ: قَبِلَهُ وَحَكَمَ بِهِ. وَالجائِزُ: ما قَبِلَهُ الشَّرعُ، وَساغَ فِيهِ الاجْتِهادُ. اهـ. ¬
ومن كتاب الحدود
وَمِنْ كِتابِ الحُدودِ أَصْلُ الحَدِّ فِى اللُّغةِ: المَنْعُ، وَقيلَ لِلْبَوّابِ حَدّادٌ؛ لأنَّهُ. يَمْنَعُ مَنْ يَدْخُل الدَّارَ مِنْ غَيرِ أَهلِهَا، قالَ الأَعْشَى (¬1): فَقُمنَا ولَمَّا يَصِحْ دِيكُنَا ... إِلى جَوْنَةٍ عِندَ حَدَّادِهَا وَسُمِّىَ الحَديدُ حَديدًا، لِمَنْعِهِ مِنَ السِّلاحِ وَوُصولهِ إِلَى لَابِسِهِ، وَحَدُّ الشَّيْىءِ يَمْنَعُ أَنْ يَدخُلَ فيهِ ما لَيسَ مِنْهُ، وَأَنْ يَخرُجَ مِنْهُ مَا هُوَ فِيهِ. وَالحَدُّ فِى الشَّرْعِ يَمْنَعُ المَحْدودَ مِنَ العَودِ إِلَى مَا كانَ ارتكَبَهُ، وَكَذَلِكَ السَّجّانُ سُمِّىَ حَدّادًا لِهَذا المعنَى (¬2)، قالَ الشّاعِرُ (¬3): لَقَدْ أَلَّف الحَدّادُ بَيْنَ عِصابَةٍ ... تُسَائِلُ فِى الأَقْيَادِ مَاذَا ذُنُوبُهَا قَوْلُهُ: "أَنْ يجعَلَ للهِ نِدًّا" (¬4) النِّدُّ: المِثْلُ وَالنَّظيرُ، وَكَذَلِكَ الندِيدُ وَالنَّدِيدَةُ (¬5). ¬
قَوْلُهُ: "وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّجْمُ" (¬6) أَصْلُهُ: الرَّمْىُ بِالْرِّجام، وهِىَ: الْحِجارَةُ الضِّخامُ، وَكُل رَجْمٍ فِى الْقُرْآنِ، فَمَعنَاهُ: الْقَتْلُ (¬7). وَأَمَّا الْجَلْدُ: فَمَأْخوذٌ مِنْ جِلْدِ الإِنْسانِ، وَهُوَ: الضَّرْبُ الَّذى يَصِلُ إلَى جِلْدِهِ. قالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬8): جَلَدَهُ الْحَدَّ جَلْدًا، أَيْ: ضَرَبَهُ وَأَصابَ جِلْدَهُ، كَقَوْلِكَ: رَأَسَهُ وَبَطَنَهُ. وَإنَّما جُعِلَت الْعُقوبَةُ فِى الزِّنا بِذَلِكَ، وَلَمْ تُجْعَلْ بِقَطْعِ آلِة الزِّنا، كما جُعِلَت عُقوبَةُ السَّرِقَةِ وَالْمُحارَبَةِ بِقَطعِ آلةِ السرِقَةِ، وهىَ الْيَدُ وَالرِّجْلُ؛ لأنهُ يُؤَدِّى إِلَى قَطْعِ النسْلِ، وَلَعَلَّ قَطْعَ يَد السارِقِ يَكونُ عَامًّا فِى السَّارِقِ وَالسَّارِقَةِ، وَقَطْعُ الذَّكَرِ يَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ. قَوْلُهُ: "كانَ عَسِيفًا" (¬9) الْعَسيفُ: الأَجيرُ، وَالْجَمْعُ عُسَفَاءُ، قال (¬10): أَطَعْتُ النَّفسَ فِى الشَّهَوَاتِ حَتَّى ... أَعَادَتنِي عَسيفًا عَبْدَ عَبْدِ قَوْلُهُ تعالى: {الْمُحْصَنَاتِ} (¬11) الإِحْصانُ الإعْفافُ عَنِ الزِّنا، وَالْمُحصَناتُ أَيضًا: المُزَوَّجاتُ، وَ {أُحْصِنَّ} زُوِّجنَ؛ لأنَّها تسْتَعِفُّ بِالزَّوْج عَنِ الزِّنا، وَأَصلُهُ: الامْتِناعُ، مَأْخوذٌ مِن الْحِصْنِ الَّذِي يُمتَنَعُ بِهِ مِنَ العَدُوِّ (¬12). ¬
قَوْلُة: "فَخفَقَها بِالدِّرَّةِ خَفَقَاتٍ" (¬13) أَيْ: ضَرَبَهَا ضَرْبًا خَفيفًا، يُقالُ: خَفَقَهُ يَخْفُقُة وَيَخْفِقة. وَالْمِخفَقَة: الدِّرةُ الَّتي يُخْفَق بِهَا، وَهِيَ: آلةٌ عَريضَةٌ فيهَا خلودٌ مَخْفوقَةٌ. قَوْلُهُ: "أَيْ لَكَاعِ" اللُّكَع: اللَّئيم، وَالْمَرْأَةُ لَكَاعِ، وَلَا يسْتَعْمَل إلَّا فِى النِّداءِ. وَقالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬14): اللُّكَع عِنْدَ الْعَرَبِ الْعَبْد. وَقالَ اللَّيْثُ: يُقالُ: امْرَأَةٌ لَكَاعٌ وَمَلْكَعَانَةٌ، وَرَجلُ لُكَعٌ وَمَلْكَعانٌ وَلَكِيعٌ، كُلُّ ذَلِكَ يُوصَفُ بِهِ الْأحْمَق (¬15). قَوْلُهُ: "مِنْ غَوْش بِدرهَمَيْنِ" هُوَ اسْمُ طَائِر سُمِّىَ بِهِ الرَّجُلُ. قَوْلُهُ: "أَرَاهَا تَسْتَهِلُ" (¬16) أُراهَا: أَظُنُّها. وَكُلُّ ما كانَ أُرَى بِالضَّمِّ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، فَمعْناهُ: أَظُنُّ. وَكُلُّ ما كانَ مَفْتوحًا: فَهُوَ الَّذى مِنَ الرَّأْىِ، أَوْ رُؤيَة الْبَصَرِ. وَتسْتَهِلُ- بتَخْفيفِ اللامِ أَي: تَرَاهُ سَهْلًا لَا بَأْسَ بِهِ عِندَها، وَمَنْ رَوَاهُ بِالتَّشْديد فَهُوَ خَطأ، وَإن صَحَّ فَمُقْتَضَاهُ: تَضْحَكُ. قَوْلُهُ: "وَمَبناهُ عَلَى الدَّرْءِ وَالإِسْقاطِ" (¬17) الدَّرْءُ: الدَّفْعُ، وَدَرَأَهُ: دَفَعَهُ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬18). قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} (¬19) الزُّلْفَةُ: الطّائِفَةُ مِنَ اللَّيْلِ، وَجَمْعُها: زُلَفٌ وَزُلْفَاتٌ (¬20). ¬
قوله: "مُشَوَّهِ الْخَلْقِ" (¬21) أَيْ: قَبيحِ الْخَلْقِ، وَمِنهُ الْحديثُ "شَاهَتِ الْوُجُوهُ" (¬22) قَبُحَتْ. وَشَوَّهَهُ اللهُ فَهُوَ مُشَوَّهٌ، قالَ الشَّاعِرُ (¬23) يَصِفُ فَرَسًا: فَهْىَ شَوْهَاءُ كَالْجُوَالِقِ فُوهَا ... مُسْتَجافٌ يَضِلُّ فِيهِ الشَّكيمُ قَوْلُهُ: "يَضْرِبنون الْوَليدَةَ مِن وَلائِدِهِمْ" (¬24) الوَليدَةُ: الْأَمَةُ، وَجَمْعُها: وَلائِدُ، قيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لأنَّها تُرَبَّى ترْبِيَةَ الْأوْلَادِ وَتُعَلَّمُ الآدابَ (¬25). قَوْلُهُ: "وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيها" (¬26) التَّثْريبُ: التَّعْبِيرُ وَالاسْتِقْصاءُ فِى اللَّوْمِ، قالَ اللهُ تَعالَى: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ} (¬27) أَيْ: لَا تَوْبيخَ عَلَيْكُمْ وَلَا تعْدادَ لِذُنوبِكُمْ (¬28). قَوْلُهُ: "ليْسَ فِى هَذِهِ الأُمَّةِ مَدٌّ وَلَا تَجْرِيدٌ وَلَا غَلٌّ وَلَا صَفْدٌ" (¬29) الْغَلُّ- بِالْفَتْحِ: شَدُّ الْعُنُقِ بِحَبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَالْغُلُّ- بِالضَّمِّ: الْحَبْلُ. وَالصَّفْدُ- بِإسْكانِ الْفاءِ: مَصْدَرُ صَفَدَهُ بالْحديد يَصْفِدُهُ، يُخَفَّفُ وَيُشَدَّدُ. وَالصَّفَدُ- بِالتَّحْريكِ: الْقَيْدُ، وَهُوَ الْغُلُّ فِى الْعُنُقِ أَيْضًا، وَجَمْعُهُ أَيْضًا: أَصفَادٌ وَصُفُدٌ (¬30)، قالَ اللهُ تعالَى: {مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ} (¬31). ¬
قَوْلُهُ: "نِصْوَ الْخَلْقِ" (¬32) أَيْ: مُهْزولًا، وَأَصْلُ النِّضْوِ: الْبَعيرُ الْمَهْزولُ، وَالنّاقَةُ: نِضْوَة، وَقَدْ أَنْضاهُ السَّفَر: هَزَلَهُ. قوْلُهُ: "مِائَةَ شِمْراخ" الشِّمْرِاخُ: وَاحِدُ الشَّمارِيخِ، وَهُوَ: الْعِثْكالُ الَّذى يَكونُ عَلَيْهِ الْبُسْرُ وَالرُّطَبُ. قَوْلُهُ: "اشْتَكَى رَجُلٌ مِنْهُمْ حَتَّى أَضْنَى" (¬33) أَيْ: مَرِضَ، وَالضنَّىَ: الْمَرَضُ، يُقال: أَضْناهُ الْمَرَضُ، أَيْ: أَثْقَلَهُ. قوله: "مُسْرِفَ الْحَرِّ" (¬34) أي: مُفْرِطًا فِى شِدَّةِ الحَرِّ. وَأَصْلُ السَّرَفِ: ضِدُّ الْقَصْدِ. قَوْلُهُ: "الأَخِرَ زَنَى" (¬35) بِقَصْرِ الْأَلِفِ، وَكَسْرِ الْخاءِ، مَعْناهُ: الْأَبْعَدُ. وَيقالُ فِى الشَّتْمِ: أَبْعَدَ اللهُ الأَخِرَ (¬36). وَقالَ فِى التَّلْوِيحِ (¬37): أَىْ: الْغَائِبَ البَعيدَ الْمُتَأَخِّرَ، وَيُقالُ هَذَا عِنْدَ شَتْمِ الإِنْسَانِ مَنْ يُخَاطِبهُ، كَأَّنهُ نَزَّهَهُ بِذَلِكَ. ¬
قَوْلهُ: "فَأَتَى بِنَاحَرَّةً" (¬38) الْحَرَّةُ: أَرْضٌ ذَاتُ. أَحْجارٍ كَثيرَةٍ سُودٍ نَخِرَةٍ كَأَنَّها أَحْرِقَتْ بِالنّارِ، وَالْجَمْعُ: الحِرارُ وَالْحرَّاتُ، وَإحَرُّونَ بالْواوِ وَالنّونِ، كَما قَالُوا: أَرَضون. وَإِحَرّون: جَمْع أَحِرَّةٍ، قالَ الرَّاجِزُ (¬39): لَا خَمسَ إلَّا جَنْدَلُ الإحَرِّينَ ¬
ومن باب حد القذف
وَمِنْ بابِ حَدِّ القَذْفِ أَصْلُ الْقَذْفِ: الرَّمْىُ بِالْحِجارَةِ وَغَيْرِهَا، وَالْقَذْفُ بِالزِّنا: مَأْخوذٌ مِنْهُ. وَ "السَّبْعُ الْموبِقاتُ" (¬1) هي: الْمُهْلِكاتُ، وَأَوْبَقَهٌ اللهُ: أَهْلَكَهُ، يُقالُ منه: وَبَقَ يَبِقُ (¬2)، وَأَوْبَقَ يُوبِقُ: إِذا أَهْلَكَ، قالَ اللهُ تعالى: {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا} (¬3). قَوْلُهُ: "التَّوَلِّى يَوْمَ الزَّحْفِ" التَّوَلِّى: الِإدْبارُ فِرارًا مِنَ الْقِتالِ. وَالزَّحْفُ: هَوَ الْمَشىُ إِلَى القِتالَ. قَوْلُهُ: "افْتَرَى عَلَى حُرٍّ" (¬4) أَي: كَذَبَ، قالَ اللهُ تعالَى: {لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} (¬5) وَقَدْ ذُكِرَ (¬6) قَوْلُه تَعَالَى: {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ} (¬7) أَيْ: تَبَلَّغوِا بِالْعَيْشِ الْقَليلِ حَتَّى يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ. قَوْلُهُ: "يا نَبَطِىُّ" (¬8) النَّبَطُ وَالنَّبِيطُ: قَوْمٌ يَنْزِلونَ بِالْبَطائِحِ بَيْنَ الْعِراقَيْنِ، وَالْجَمْعُ أَنْبَاطٌ، يُقالُ: رَجُلٌ نَبَطِىٌّ وَنَباطِىٌّ وَنَباطٍ، مِثْلُ يَمَنِيٍّ وَيَمَانِيٍّ ¬
وَيَمَانٍ (¬9). قالَ الزَّمَخْشَرِىُّ (¬10): سُمُّوا نَبَطًا؛ لِأنَّهُمْ يَسْتَنْبِطونَ الْماءَ. أَيْ: يَسْتَخْرِجونَهُ مِنَ الأرضِ. وَمَعْنَى "نَبَطِى اللِّسان" الَّذى اشْتَبَهَ كَلامُهُ بِكَلَام الْعَرَبِ وَالعَجَمِ وَمَعْنَى نَبَطِىِّ الدّارِ: مَنْ دارُهُ بَيْنَ دورِ الْعَجَمِ وَهُوَ عَرَبىٌّ. قَوْلُهُ "تصَدَّقْتُ بِعِرْضِى" (¬11) قالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ الْأَنْبارِىِّ (¬12): قالَ أَبو الْعَبّاس: الْعِرْضُ: مَوْضِعُ الذَّمِّ وَالْمَدحِ مِنَ الإِنْسانِ، وَمَعْناهُ: أُمورُهُ الَّتي يَرْتفِعُ بها أَوْ يَسْقُطُ بِذِكْرِهَا وَمِنْ جِهَتِهَا يُحْمَدُ أَوْ يُذَمُّ، وَيَجوزُ أَنْ يَكونَ ذِكْرَ أَسْلافِهِ؛ لِأنَّهُ يَلْحَقُهُ النَّقيصَةُ بِعَيْبِهِمْ (¬13). وَقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ (¬14): عِرْضُ الرَّجُلِ نَفسُهُ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ: "أَهْلُ الْجَنَّةِ لَا يَبْولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطونَ إِنَّما هُوَ عَرَقٌ يَخْرُجُ مِنْ أَعْراضِهِمْ مِثْلُ الْمِسكِ" (¬15) أَيْ: أَبْدانِهِمْ، واحْتَجَّ بِهَذا الْحَديثِ الْمَذْكورِ "تصَدَّقْتُ بِعِرْضى" أَي: بِنَفْسِى وَأَحْلَلْتُ مَنْ يَغْتَابُنى، قالَ: وَلَوْ كانَ الْعِرْضُ الْأَسْلافُ لَمَا جَاز لَهُ أَنْ يُحِلَّ مَنْ يَغْتابُهُمْ، وَلَهُ كَلَامٌ طَوِيلٌ (¬16). قَوْلُهُ: "الْعَارَ يَلْحَقُ بِالْعَشيرَةِ" (¬17) هُمُ: الْقَبيلَةُ. ¬
قَوْلُهُ: "لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَحيفَ" (¬18) الْحَيْفُ: الْجَوْرُ وَالظُّلْمُ، وَقَدْ ذُكِرَ مِرارًا. وَأَصْلُ التَّشَفِّى: مِنْ شَفاهُ اللهُ مِنَ الْمَرَضِ: إِذا زالَ عَنْهُ، فَكَأَنَّهُ يَزولُ ما يَجِدُ مِنَ الْغَيْظِ وَالْحُزْنِ. قَوْلُهُ: "جُعِلَ لِلرَّدْعِ" (¬19) الرَّدْعُ: الْكَفُّ، رَدَعْتُهُ فَارْتَدَعَ، أَيْ: كَفَفْتُهُ فَانْكَفَّ. قَوْلُهُ: "حِمَى الظَّفرِ" (¬20) أَيْ: مَنْعُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: حَمَى الْمَكانَ، أَيْ: مَنَعَهُ، وَحَمَى الْمَريضَ مِنَ الطَّعام: مَنَعَهُ إِيّاهُ. ¬
ومن باب حد السرقة
وَمِنْ بابِ حدِّ السَّرِقَةِ السّارِقُ: الَّذى يَأخُذُ الشَّيىْءَ عَلَى وَجْهِ الاسْتِخْفاءِ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُ بِهِ الْمَسْروقُ مِنْهُ، مَأْخُوذ مِنْ مُسارَقَةِ النَّظَرِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعالَى: {إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ} (¬1). وَالْمُنْتَهِبُ (¬2): الَّذى يَأْخُذُ بِالقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ، وَأَصْلُ النَّهْبِ: الْغَنيمَةُ (¬3)، وَالانْتِهابُ: الافْتِعالُ مِنْ ذَلِكَ. وَالْمُختَلِسُ: الَّذى يَأَخُذُ الشَّيْىءَ عِيَانًا ثُمَّ يَهْرُبُ، مِثْل أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ إِلَى مِنْديلِ إِنْسانٍ فَيَأخُذَهُ، هَكَذا ذَكَرَهُ فِى الْبَيَانِ (¬4). قَوْلُهُ: "نِصابًا مِنَ الْمالِ" (¬5) النِّصابُ: الْأَصْلُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: كَريمُ النِّصابِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِى الزَّكاةِ (¬6). قَوْلُهُ: "مِنَ الْخِلَاصِ" (¬7) الخِلاصُ بِالْكَسْرِ: مَا أَخْلَصَتْهُ النّارِ مِنَ الذَّهَبِ، ومِثْلُهُ: الْخلَاصَةُ، وَهُوَ الَّذى أُخْلِصَ وَلَمْ يُضْرَبْ، وَالتَّبُر: غَيْرُ مُخْلَصٍ. ¬
قَوْلُهُ: "مِنْ حِرْزٍ مَهْتوكٍ" (¬8) قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ أَصْلَ الْهَتْكِ: خَرْقُ السِّتْرِ (¬9). قَوْلُهُ: "حَريسَةِ الْجَبَلِ" (¬10) الْحريسَةُ: هِىَ الشَّاةُ الْمَسْروقَةُ مِنَ الْمَرْعَى، يُقالُ: فُلان يَأْكُلُ الْحرائِسَ (¬11) إِذا كانَ يَأْكُلُ أَغْنامَ النَّاسِ، وَالسّارِقُ يَحْتَرِسُ، قالَ (¬12): لَنا حُلَماءُ لَا يَشيبُ غُلامُنَا ... غريبًا وَلُا تُؤْوَى إِلَيْنَا الْحَرَائِسُ وَكَأَنَّها لا حارِس لَها هُناكَ إِلَّا الْجَبَلُ. وَقالَ ابْنُ السِّكِّيت (¬13): الْحريسَةُ: الْمَسْروقَةُ ليْلًا. قالَ فِى الشّامِلِ: حَريسَةٌ: بِمَعْنَى مَحْروسَةٍ، أَيْ: مَسْروقَةٍ, كَما يُقالُ: قَتيلٌ بِمَعْنَى مَقْتولٍ، وَسُمِّىَ السّارِق حارِسًا. قَوْلُهُ: "لَيْسَ فِى الثَّمْرِ الْمُعَلَّقِ قَطْعٌ إِلَّا ما أَوَاهُ الْجَرينُ" (¬14) الْمُعَلَّقُ: ما دامَ عَلى النَّخْلَةِ فَهُوَ مُعَلَّقٌ عَلَى الْقِنْوِ. وَالْجَرينُ: مَوْضِعٌ يُجَفَّفُ فيهِ التَّمْرُ، وَهُوَ الْجُرْنُ أَيْضًا، وَالْمِرْبَدُ، وَالْبَيْدَرُ، وَالْأَنْدَرُ (¬15). ¬
وَالمِجَنُّ: التُّرْسُ؛ لِأنَّهُ يَجُنُّ، أَيْ: يَسْتُترُ، وَالْجَمْعُ: الْمَجَانٌّ بِالْفَتْحِ، وَأَصلُهُ: مَجَانِنُ بِوَزْنِ مَفاعِلَ، فَأُدْغِمَ وَمنْهُ الْحَديثُ: "كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ" (¬15). قَوْلُهُ: "فَإِنْ سَرَقَ مالًا مُثْمَنًا" (¬16) يقالُ: شَيْئٌ مُثْمَنٌ وَثَمينٌ, أَيْ: مُرْتَفِعُ الثَّمَنِ، لا يُباعُ إلَّا بِالثَّمَنِ الْكَثْيرِ. وَالْخاناتُ: جَمْعُ خانٍ، حَيْثُ يَبيعُ التُّجارُ. وَالخانُ أَيْضًا: مَوْضِعٌ يَنْزِلُهُ الْمُسافِرونَ. قَوْلُهُ: "وَدونَها أَغْلاقٌ" جَمْعُ غَلَقٍ، وَهُوَ: الْمِغلاقُ الَّذى يُغْلَقُ بِهِ الْبابُ، مَعْروف، وَيُقالُ: الْمُغلوقُ (¬17) أَيْضًا بِالضَّمِّ. وَالرِّباطاتُ (¬18): جَمْعُ رِباطٍ، وَهُوَ: ما يَسْكُنُهُ النُّسّاكُ وَالْعُبّادُ. وَالْجَوَاسِقُ: جَمْعُ جَوْسَقٍ، وَهُوَ مَنْظَرٌ يُبْنَى فِى الْبَساتينِ. وَالْجَوْسَقُ: الْقَصْرُ أَيْضًا (¬19). قَوْلُهُ: "مَتاعَ الصَّيادِلَةِ" (¬20) هُمُ الَّذين يَبيعونَ الْعَقاقيرَ وَالْأَدْوِيَةَ، واحِدُهُمْ: صَيْدَلَانيٌّ، وَالصَّيْدَنانِيُّ بِالنّونِ أَيْضًا لُغةٌ فيهِ، وَزِيادَةُ الْأَلِفِ وَالنّونِ فِيهِ لِلْمُبالَغةِ، وَهُوَ فِى النَّسَبِ كَثيرٌ. ¬
قَوْلُهُ: "وَدونَها أَغْلاقٌ أَوْدَرّاباتٌ" هِى شِبَاكٌ مِنْ خُيُوطِ تجْعَلُ عَلَى الدَّكاكينِ بِالنَّهارِ. قَوْلُهُ: "شَرائِجُ الْقَصَبِ" (¬21) جَمْعُ شَريجَةٍ، هُوَ شَيئٌ يُنْسَجُ مِنَ الْقَصَبِ بَعْدَ أَنْ يُشَق، يكون مُشَبَّكًا، مِثْلُ الشَّريجَةِ الَّتي تُعْمَل مِنْ سَعَفِ النَّخلِ يُحْمَلُ فيها البِطّيخُ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَماثُلِها وَاسْتِوائِها، يُقال: "أَشْبَهَ شَرْجٌ شَرْجًا" وَهَذَا مَثلٌ (¬22)، قيلَ: إِنَّ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ شَريجُ الْحَجَّاحِ (¬23)، أَىْ: مِثْلُهُ. وَتَشْريجُ الشَّيْئ بِالشيَّىْءِ: مُداخَلَتُهُ، وَتَشْريجُ الْعَيْبَةِ: مُداخَلَةَ عُراها. قَوْلُهُ: "وَإِنْ زَحَفَ عَنْهُ" (¬24) أَيْ: تَزَلَّجَ وانْسَلَّ قَليلًا قَليلًا، مِنْ زَحَفَ الصَّبِىُّ عَلى الْأَرْض قَبْلَ أَنْ يَمْشِىَ. وَالْفُسْطاطُ (¬25): قد ذكر (¬26). وَالْمِحْجَنُ (¬27): عودٌ مُعَقَّفُ الطرفِ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْحَجَنِ -بِالتَّحْريكِ- وَهُوَ: الإِعْوِجاجُ. قَوْلُهُ: "طَعامٌ فَانْثالَ" (¬28) أَىِ: انْصَبَّ. قَوْلُهُ: "فَإن سَرَقَ جِذْعًا" أَرادَ الْخَشَبَةَ الَّتي يُبْنَى بِها، وَأَصْلُهُ: جِذْعُ النَّخْلِ. وَصَحْنُ الدَّارِ (¬29): وَسَطُهَا. ¬
قَوْلُهُ: "فَأَنْزَلَهُ فِى مَشْرُبَةٍ" (¬30) الْمَشْرُبَةُ: الْغُرْفَةُ (¬31)، وَهِيَ الْخَلْوَةُ بلُغةِ أَهْلِ الْيَمَنِ، قالَ اللهُ تعالَى: {لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ} (¬32). قَوْلُهُ: "أَبْكى لغِرَّتِهِ باللهِ" (¬33) الْغِرَّةُ: ها هنا: الْغَفْلَةُ وَقِفةُ التَّجْرِبَةِ، يُقالُ: رَجُلٌ غِرٌّ: إِذا لَمْ يُجَرِّبِ الأُمورَ. وَالْغارُّ: الْغافِلُ أَيْضًا، وَالاسْمُ: الْغِرَّةُ. قَوْلُهُ: "وَإنْ سَرَقَ صَنَمًا أَوْ بَرْبَطًا أَوْ مِزْمارًا (¬34) " الصَّنَمُ: ما كانَ عَلى صورَةِ حَيَوانٍ (¬35). وَالبَرْبَطُ: مِنْ آلاتِ اللَّهْوِ، قيلَ: إِنَّه عودُ الْغِنَاءِ، وَقيلَ: غَيْرُهُ (¬36). قَوْلُهُ: "وَإِنْ سَرَقَ رِتاج الْكَعْبَةِ" (¬37) الرِّتاج: الْبابُ؛ لِأنَّهُ يُرْتجُ، أَيْ: يُسَدُّ. تَأْزيرُ الْمَسْجدِ: هُوَ تزْيينُ حَائِطِهِ بِأَلْوانِ الْأَصْباغِ، وَقَدْ يَكُونُ بِالذَّهَبِ (¬38). قَوْلُهُ: "سَرَقَ قُبْطِيَّةً" (¬39) هِىَ عَباءةٌ مَنْسوبَةٌ إِلَى القِبْطِ، وَهُمْ جِنْسٌ مِنَ الْعَجَمِ بِمِصْرَ، مِنْهُمْ فِرْعَوْن مِصْرَ (¬40). ¬
قَوْلُهُ: "مِنْ زاوِية" (¬41) زَوَيْتُ الشَّيىْءَ: جَمَعْتُهُ وَقَبَضْتُهُ، وفى الحديث: "زُوِيَتْ لِيَ الْأَرْضُ" (¬42) أَيْ: جُمِعَتْ، فَكَأَنَّها تَجْمَعُ الشَّيىْءَ وَتقْبِضُهُ. قَوْلُهُ: "وإنْ سَرَقَ الطَّعامَ عامَ الْمَجاعَةِ" (¬43) هِىَ مَفْعَلَةٌ مِنَ الْجوعِ، وَأَصْلُها: مَجْوَعَةٌ، فَنُقِلَتْ حَرَكَةُ الْواوِ إِلى ما قَبْلَها، ثُمَّ قُلِبَتْ أَلِفًا، وَيُقال "مَجْوَعَةٌ" بفتح الواو مِنْ غَيْرِ قَلْبٍ. قَوْلُهُ: "السَّنَةِ" (¬44) هِىَ الْجَدْبُ وَالْقَحْطُ، يُقالُ: أَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ، أَيْ: قَحْطٌ. قَوْلُهُ: "فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تأتِيَني بِهِ" (¬45) مَعْناهُ: فَهلَّا عَفَوْتَ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَني، فَحُذِفَ اخْتِصارًا. قَوْلُهُ: "مِنَ الْكُوعِ" (¬46) هُوَ الْعَظْمُ الَّذى يَلى الإِبْهامَ مِنَ الرُّسْغِ. "وَيُحْسَمُ مَوْضِعُ الْقَطْعِ" أَصْلُ الْحَسْمِ، الْقَطْعُ، حَسَمَهُ فَانْحَسَمَ، وَأَرادَ: قَطْعَ الدَّمِ، قطعه وحسمه، وفي الحديث: "اقطعوه ثم احسموه" أي: اكووه لينقطع الدم، والقصد به التنكيل، أي: التعذيب. ¬
ومن باب حد قاطع الطريق
وَمِنْ بابِ حَدِّ قاطِع الطَّريقِ قَوْلُهُ: "مَن شَهَرَ السِّلاحَ" (¬1) أَيْ: سَلَّهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ غِمْدِهِ "وَأَخافَ السَّبيلَ" أَىِ: الطَّريقَ. وَالْمِصْرُ: الْبَلَدُ الْعَظيمُ. قَوْلُهُ: "قَوِيَتْ شَوْكَتُهُ" الشَّوْكَةُ: شِدَّةُ الْبَأْسِ وَالْحِدَّةُ فِى السِّلاحِ، وَقَدْ شَاكَ يَشَاكُ شَوْكًا (¬2)، أَيْ: ظَهَرَتْ شَوْكَتُهُ وَحِدَّتُهُ. قَوْلُهُ: "انْحَتَمَ قَتْلُهُ" أَيْ: وَجَبَ وَلَمْ يَسْقُطْ بِالْعَفْوِ وَلَا بِالْفِداءِ، وَالْحَتْمُ: قَطْعُ الْأَمْرِ وَإِبْرامُهُ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَلَا نَظَرٍ. قَوْلُهُ تَعالَى: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} (¬3) أَيْ: يُطْرَدوا، نَفَيْتُ فُلانًا، أَيْ: طَرَدْتهُ (¬4). وَأَمَّا الْفُقَهاءُ فَقاَلَ بَعْضُهُمْ: نَفَيُهمْ: أَنْ يُطْلَبوا حَيْثُ كانوا فيؤْخَذوا. وَقالَ بَعضُهُمْ: نَفْيُهُمْ أَنْ يُحبَسُوا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَفْيُهُم: أَنْ يُقْتَلُوا فَلا يُبْقُوا (¬5). قَوْلُهُ: "فَأمّا مَنْ حَضَرَ رِدءًا" (¬6) أَيْ: عَوْنًا، قالَ اللهُ تعالَى: {رِدْءًا يُصَدِّقُنِي} (¬7) وَأَرْدَأْتُهُ: أَعَنْتُة قَوْلُهُ تَعالَى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا ¬
عَلَيْهِمْ} (¬8) أَيْ: رَجَعوا عَمّا كانوا عَلَيْهِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ إِلى الطاعَةِ وَفِعْلِ الخيْرِ، وَتوْبَةُ اللهِ تَعالى عَلى عِبادِهِ: رُجوعُهُ عن الْغضَبِ إلى الرِّضا، وَقَدْ تكونُ توْبَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ: الرُّجوع مِنَ التَّشْديدِ إِلَى التَّخْفيف، وَمِنَ الحَظْرِ إِلَى الإباحَةِ، كَقَولِه تَعالَى: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} (¬9) أَيْ: رَجَعَ بِكُمْ إِلَى التَّخْفيفِ بَعْدَ التَّشْديد. وَقَوْلُهُ تعالى: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} (*) أَيُّ: أَباحَ لَكُمْ مَا حَظَرَ عَلَيْكُمْ. قَوْلُهُ: "الصَّلْبِ" (¬10) أَصْلُ الصَّلْبِ: سَيَلانُ الصَّليبِ، وَهُوَ: الصَّديدُ وَالْوَدَكُ (¬11)، قالَ الشَّاعِرُ (¬12): جَريمَةَ نَاهِض فِى رَأْسِ نِيقٍ ... تَرى لِعِظام مَا جَمَعَتْ صَليبًا وَقيلَ لِلْمَقْتولِ الَّذى يُرْبَطُ عَلى خَشَبَةٍ حَتَّى يَسيلَ صَليب: صَليبٌ وَمَصْلُوبٌ، وَسُمِّىَ ذَلِكَ الفِعْلُ صَلْبًا. قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: "التَّوْبَةُ تَجُبُّ ما قَبْلَهَا" (¬13) أَصْلُ التَّوْبَةِ: الرُّجوعُ، تابَ: إِذَا رَجَعَ. وَالْجَبُّ القَطْعُ وَلِهَذا قِيلَ لِمَقْطوعِ الذَّكَرِ: مَجْبوبٌ. قَوْلُهُ: "لِلتَّقِيَّةِ" (¬14) إِظهار مَا يُؤَمِّنُهُ مِنَ الخَوْفِ. ¬
ومن باب حد الخمر
وَمِن بابِ حدِّ الخَمْرِ فِى تَسْمِيَةِ الخَمْرِ خَمْرًا ثَلاثَةُ أَقَوْالٍ، أَحَدُها: أَنَّها تَخْمُرُ العَقْلَ، أَيْ: تَسْتُرُهُ، أُخِذَ مِنْ خِمارِ المَرأَةِ الَّذِي تَسْتُرُ بِهِ رَأْسَها. وَالْخمَرُ: الشَّجَرُ الكَثيرُ الَّذى يُغطىِّ الأَرْضَ (¬1)، قالَ (¬2): . . . . . . . . . . . . . ... فَقَدْ جَاوَزْتُمَا خَمَرَ الطَّريقِ الثَّانِي: أَنَّهَا تُخَمرُ نَفْسُها لِئَلَّا يَقَعَ فِيهَا شَيْىءٌ يُفْسِدُها، وَخُصَّتْ بِذَلِكَ، لِدَوَامِهَا تحْتَ الغِطاءِ لِتَزْدادَ جَوْدتُها وَشِدَّةُ سَوْرَتِها، وَمِنهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: "خَمِّروا الْآنِيَةَ" (¬3) أَيْ: غَطُّوها. الثّالثُ: لِأَنَّها تُخامِرُ العَقْلَ، أَيْ: تُخالِطُهُ، قالَ الشّاعِرُ (¬4): فَخامَرَ الْقَلْبَ مِنْ تَرْجيعِ ذِكْرَتِها ... رَسٌّ لَطيفٌ وَرَهْنٌ مِنْكَ مَكْبولُ قَوْلُهُ تعالَى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} (¬5) المَيْسِرُ: الْقِمارُ، قالَ مُجاهِدٌ: كُلُّ شَيءٍ فِيهِ قِمارٌ فَهُوَ مَيْسِرٌ حَتَّى لَعِبِ الصِّبْيانِ بِالجَوْزِ (¬6). وَقالَ الْأَزْهَرِي (¬7): الْمَيْسِرُ: الْجَزورُ الَّتي كانوا ¬
يَتَقامَرُونَ عَلَيْها، وَسُمِّىَ مَيْسِرًا؛ لِأنَّهُ يُجَزَّأُ أَجْزاءً، وَكُلُّ ما أَجْزاءً أَجْزاءَ فَقَدْ يَسَرْتهُ، وَالْيَاسِرُ: الْجَزّارُ الَّذى يُجَزِّوهَا، وَالْجَمْعُ أَيْسَارٌ (¬8). وَالأَزْلَامُ: الْقِداحُ، وَاحِدُهَا زُلَمٌ بِفَتْحِ الزّاىِ وَضَمِّها، وَهِيَ: السِّهامُ الَّتِى كانَ أَهْلُ الْجاهِلِيَّةِ يَسْتَقْسِمُونَ بِها عَلَى المَيْسِرِ، قالَهُ الْعُزَيْزِيُّ (¬9) وَقالَ الْهَرَوِيُّ (¬10): كانَتْ زُلِّمَتْ وَسُوِّيَتْ، أَيْ: أُخِذَ مِنْ حُروفِها، وَكانَ أَحَدُ الْجاهِلِيَّةِ يَجْعَلُها فِى وِعاءٍ لَهُ، وَقَدْ كَتَبَ الأَمْرَ وَالنَّهْىَ، فَإذا أَرادَ سَفَرًا أَوْ حاجَةً أَدْخَلَ يَدَهُ فِى ذَلِكَ الْوِعاءَ، فَإنْ خَرَجَ الآمِرُ: مَضَى لِطِيِّتهِ، وَإِنْ خَرَجَ النّاهِى: كَفَّ وَانْصَرَفَ، وَفيها كَلامٌ يَطولُ (¬11). وَأَمّا {وَالْأَنْصَابُ} فَهِىَ: جَمْعُ نصْبٍ، بِفَتْحِ النّونِ وَضمِّها، وَهُوَ: حَجَر أَوْ صَنَم مَنْصوبٌ يَذْبَحونَ عِنْدَهُ (¬12)، يُقال: نَصْبٌ وَنُصْب وَنُصبٌ، ثَلاثُ لُغاتٍ. وَالرِّجْسُ: الْقَذَرُ وَالنَّتْنُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعالَى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} (¬13) أَي: الْعَمَلَ الْخَبيثَ الْمُسْتَقْذَرَ (¬14). وقيلَ: الشَّكُّ. وَالرِّجْسُ أَيْضًا: الْعَذابُ (¬15)، وَسُمِّيَتِ الْأَصْنام رِجْسًا؛ لِأَنَّها سَبَبُ الرجْسِ، وَهُوَ الْعَذابُ. ¬
قَوْلُهُ: "فِيهِ شِدَّةٌ مُطربَةٌ" (¬16) الطَّربُ: خِفَّةٌ تَعْتَرِى الإِنْسانَ مِنْ شِدَّةِ فَرَحٍ أَوْ حُزْنٍ، قالَ (¬17) فِى الطَّرَبِ بِمَعْنَى الْحُزْنِ: وَقَالوا (¬18) قَدْ بَكَيْتَ فَقُلْتُ كَلَّا ... وَهَلْ يَبْكى مِنَ الطَّرَبِ الْجَليدُ وَقالَ فِي مَعْنَى الْفَرَحِ (¬19): يا دِيارَ الزَّهْوِ وَالطَّرَبِ .. وَمَغانى اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ قَوْلُهُ: "ما أَسْكَرَ الْفَرْقُ مِنْهُ" (¬20) الْفَرْقُ: بِإِسْكانِ الرّاءِ: مِائَةٌ وَعِشرونَ رِطْلًا، وَبِفَتْحِها: سِتَّةَ عَشرَ رِطْلًا (¬21). وَقال ثَعْلَبٌ (¬22): الْفَرَقُ بِفَتْحِ الرّاءِ: اثْنا عَشَرَ مدًّا (¬23)، وَلَا تَقُل: فَرْقٌ بِالإسْكانِ. وَقالَ الزَّمَخْشَرِىُّ (¬24): هُمَا لُغَتانِ، وَالْفَتْحُ أَعْلَى. قَوْلُهُ: "وَهَنَتْ" (¬25) يُقالُ: وَهَنَ الِإنْسانُ، وَوَهَنَهُ غَيْرُهُ، يَتَعَدّى وَلا يَتَعَدَّى، وَوَهِنَ أَيْضًا بِالْكَسْرِ وَهْنًا، أَيْ: ضَعُفَ. ¬
قَوْلُهُ: "انْهَمَكوا فِى الْخَمْرِ وَتَحاقَروا الْعُقوبَةَ" (¬26) أَيْ: لَجُّوا فيها، يُقالُ: انْهَمَكَ الرَّجُلُ فِى الأَمْرِ، أَيْ: جَدَّ وَلجَّ، وَكَذَلكَ: تَهَمَّكَ. "وَتحاقَروا الْعُقوبَةَ" أَيْ: رَأَوْهَا حَقيرَةً صَغيرةً، وَحَقَرَهُ وَاسْتَحْقَرَهُ (¬27): اسْتَصْغَرَهُ، وَالْحَقيرُ: الصَّغيرُ. قَوْلُهُ: "إِذا سَكِرَ هَذَى" (¬28) أَيُّ: تكَلَّمَ بِالْهَذَيانِ، وَهُوَ: ما لَا حَقيقَةَ لَهُ منَ الكَلامِ، يُقالُ: هَذَى يَهْذِى وَيَهْذُو. قَوْلهُ: "افْتَرَى" أَيْ: كَذَبَ، وَالفِرْيَةُ: الْكِذِبُ، وَالْمُفْتَرى: الكاذِبُ، وَأَصْلُهُ: الخَلْقُ، فَرَى الْأَديم: خَلَقَهُ (¬29)، قالَ اللهُ تعالَى: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} (¬30) أَيْ: تتَقَوَّلونَ وَتَفتَرونَ كَذِبًا (¬31). قَوْلُهُ: "أَخْزَاكَ الله" (¬32) أَيْ: أَذَلَّكَ وَأَهانَكَ، يُقالُ: خَزِىَ يَخزَى خِزيًا، أَيْ: ذَلَ وَهانَ، وَالخِزْىُ فِى الْقُرآنِ: بِمَعنَى الذُّلِّ فِى قَوْلِهِ تعالَى: {لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} (¬33) وَبِمَعْنَى الْهَلاكِ فِى قَوْلِهِ تَعالَى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى} (¬34) أَىْ: نَهْلِكَ. ¬
ومن باب التعزير
وَمِنْ بابِ التَّعْزيرِ التَّعْزيرُ: التَّأْديبُ وَالإِهانَةُ، وَالتَّعْزيرُ أَيْضًا: التَّعْظيمُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} (¬1) وَهُوَ مِنَ الأَضْدَادِ (¬2). قَوْلُهُ: "كَمُباشَرَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ" (¬3) وَكَذا الْمُبَاشَرَةُ فِى مَواضِعَ كَثيرَةٍ مِنَ الكِتابِ: هُوَ إِلْصَاقُ بَشَرَةِ الرَّجُلِ بِبَشَرَةِ الْمَرْأةِ، وَالبَشَرَةُ: ظاهِرُ الجِلْدِ. قَوْلُهُ: "فَهُوَ مِنَ الْمُعتَدينَ" (¬4) الْمُعْتَدى: هُوَ الَّذى تَجاوَزَ حَدهُ وَفَعَلَ ما لا يَجوزُ فِعلُهُ. قَوْلُهُ: "لَا تبلُغ بِنَكالٍ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرينَ سَوْطًا" (¬5) النَّكالُ هَا هُنا: العُقُوبَةُ الَّتى تُنْكِلُ عَنْ فِعلٍ جُعِلَتْ لَهُ جَزاءً، أَيْ: تَمْنَعُ عَنْ مُعاوَدَةِ فِعلِهِ. وَقَوْلُهُ تَعالَى: {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا} (¬6) أَيْ: لِمَنْ يَأَتِى بَعْدهَا فَيَتَّعظُ بِها، فَتَمْنَعُة عَنْ فِعْلِ مِثْلِهَا (¬7)، وَسُمى اللِّجامُ نِكْلًا؛ لِأنهُ يَمْنَع الفَرَسَ، وَسُمِّىَ الْقَيْدُ نِكْلًا؛ لِأنَّهُ يَمْنَعُ المَحْبوسَ، قالَ اللهُ تعالى: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا} (¬8) أَيْ: قُيودًا (¬9). ¬
قَوْلُهُ: "أَقيلوا ذَوِى الْهَيْئاتِ" (¬10) الْهَيْئَةُ: الشّارَةُ، يُقالُ: فُلان حَسَن الْهَيْئَةِ وَالْهِيئَةِ. وَأَرادَ: ذَوِى الْمُروءاتِ وَالْأَحْسَابِ (¬11). قَوْلُهُ: "شِرَاجِ الحْرَّةِ" (¬12) هِىَ: مَسايِلُ الْماءِ مِنْ بَيْنِ الْحِجارَةِ إِلى السَّهْلِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬13). قَوْلُهُ: تعالَى: {فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (¬14) أَيْ: فيما وَقَعَ فيهِ خِلافٌ بَيْنَهُمْ، يُقالُ: اشْتَجَرَ الْقَوْمُ وَتشاجَروا: إِذَا اخْتَلَفوا واخْتَصَموا وَتَنازَعوا، وَقَدْ ذُكِرَ أَيْضًا (¬15). قَوْلُهُ: "فَأَجِدُ فِى نَفْسى" (¬16) فيهِ حَذْفٌ وَاخْتِصار، أَيْ: فَأَجِدُ فِى نَفْسى مِنْهُ شَكًّا، وَيَحْصُلُ فِى صَدْرِى مِنْهُ ارْتياب، وَهَذَا يُشْبِهُ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: "الإثْمُ مَا حَاكَ فِى صَدْرِكَ" (¬17). وَالسِّلْعَةُ (¬18): قَدْ ذُكِرَتْ (¬19). ¬
ومن كتاب الأقضية
وَمِنْ كِتابِ الْأَقْضيَةِ قالَ ابْنُ الأَعْرابِىِّ: الْقَضاءُ فِى اللُّغَةِ: إِحْكامُ الشَّىْءِ وَإمْضاؤُهُ وَالْفَرَاغُ مِنْهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ} (¬1) أَيْ: افْرُغُوا مِنْ أَمْركُمْ وَأَمْضُوا ما فِى أَنْفُسِكُمْ (¬2). وَأَصْلُهُ: قَضَايٌ؛ لأنَّهُ مِن قَضَيتُ إِلَّا (¬3) أَنَّ الياءَ لمَّا جاءَتْ بَعْدَ الأَلِفِ أُبْدِلَت هَمْزَةً، وَالجَمْعُ: الأَقْضِيَةُ، وَالْقَضِيَّةُ مِثْلُهُ (¬4)، وَجَمعُها: قَضَايَا عَلَى فَعَالَى، وَأَصْلُهُ فَعائِلُ. وَقَضَى: أَيْ حَكَمَ، قالَ اللهُ تَعاَلى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬5) وَقَضىَ فِى الْقُرْآنِ وَاللُّغَةِ يأْتِى عَلَى وَجُوهٍ تَتَقَارَبُ مَعَانيها، وَمَرْجِحُهَا كُلُّها إِلَى انْقِطاعِ الشَّيْىءِ وَتَمامِهِ، وَالْفَراغِ مِنْهُ، مِنْها: قَوْلهُ تَعالَى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} (¬6) أَرادَ: قَطَعَهنَّ وَأَحْكَمَ خَلْقَهُنَّ وَفَرَغَ مِنْهُنَّ (¬7). وَقوْلهُ تعالَى: {فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ} (¬8) أَيْ: فُرِغَ مِن تِلاوَتِهِ (¬9). وَقَوْلُهُ تَعالَى: {(¬10) [إِلَى] أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} لَفَصَلَ الْحُكْمَ وَقَطَعَ (¬11). وَقالَ أَبُو ذُؤيْبٍ (¬12): ¬
وَعَلَيْهِما مَسْرُودَتانِ قَضَاهُمَا ... دَاوُدُ أَوْ صَنَعُ السَّوَابغ (¬13) تُبَّعُ أَيْ. صَنَعَهُمَا وَأَحْكَمَ صَنْعتَهُمَا. قَوْله: "فَإنْ كانَ خامِلًا" (¬14) الخامِلُ: السّاقِطُ الَّذى لَا نَباهَةَ لَهُ، وَقَدْ خَمَلَ يَخمُلُ خُمولًا، وَأَخْمَلْتُهُ أَنا. قَوْلُهُ (¬15): "مَنِ اسْتُقْضِىَ فَكَأَنَّما ذُبِحَ بِغيْرِ سِكِّينِ" قالَ فِى الشّامِلِ: لَمْ يَخْرُجْ مَخْرَجٍ الذَّمِّ للِقَضاءِ، وَإِنَّما وَصَفَهُ بِالْمَشقَّةِ، فَكَأنَّ مَنْ قُلِّدَهُ فقد حَمَلَ عَلَى نَفْسِهِ مَشَقَّةً كَمَشَقَّةِ الذَّبْحِ. وَالْمَعْتوهُ: النَّاقِصُ الْعَقْلِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِى الْوَصَايَا (¬16). قَوْلُهُ: "وَقَلَّدَهُ" (¬17) هُوَ مِنَ الْقِلادَةِ الَّتي تكُونُ فِى الْعُنُقِ. قَوْلُهُ: "بِرِزْمَةٍ إِلَى السّوقِ" (¬18) الرِّزْمَةُ: الْكارَةُ مِنَ الثِّيابِ، وَقَدْ رَزَّمَهَا تَرْزِيمًا، أَي: شَدَّ رَزْمَهَا (¬19). قَوْلُهُ: "جَبَّارًا" (¬20) قِيلَ: الْجَبّارُ: الَّذى يَقْتُلُ عَلَى الْغضَبِ، وَقِيلَ: هُوَ ذُو السَّطْوَةِ وَالْقَهْرِ، وَمِنْهُ يُقالُ: جَبَرْتُهُ عَلَى كَذَا وَأَجْبَرْتُهُ: إِذا أَكْرَهْتَهُ عَلَيْهِ قَهَرْتَهُ (¬21)، وَمِنْهُ جَبْرُ الْعَظْمِ؛ لِأَنَّهُ كَالإِكراهِ عَلَى الِإصلاحِ. ¬
"عَسوفًا" أَيْ. ظَلومًا، وَالْعَسْفُ: الظُّلْمُ، وَأَصْل الْعَسْفِ: الْأَخْذُ علَى غَيْرِ الطَّريقِ، وَمِثْلُهُ: التَّعَسُّفُ وَالاعْتِسافُ. قَوْلُه: "مَهينًا" أَيْ: حَقيرًا، وَفُسِّرَ قَوْلُهُ تَعالَى: {مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} (¬22) أَيْ: حَقيرٍ. وَقالَ الفَرّاءُ: الْمَهينُ: الْعاجِزُ (¬23). وَأَرادَ بِالضَّعيفِ: ضَعيفَ الرَّأْىِ وَالتَّدْبيرِ، لَا ضَعيفَ الجِسْمِ. قَوْلُهُ: "مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ" (¬24) الْعُنْفُ: ضِدُّ الرِّفْقِ، يُقالُ: عَنُفَ عَلَيْهِ وَعَنُفَ بِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: "بُنِيَتْ عَلَى الاحْتِياطِ" (*) الاحْتِيَاطُ عَلَى الشَّيىْءِ. الِإحْداق بِهِ مِنْ جَميعِ جِهاتِهِ، وَمِنْهُ سُمِّىَ الْحائِطُ، وَأَصْلُهُ: الْحِفْظُ، حاطَهُ يَحوطُهُ، أَيُّ: حَفِظَهُ، وَالمعْنِيُ: أَنْ يَحْكُمَ بِالْيَقينِ والْقَطعِ مِنْ غَيْرِ تخْمين، وَيَأْخُذَ بِالثِّقَةِ فِى أُمورِهِ وَأَحْكامِهِ. ¬
قَوْلُهُ: "كَتَبَ لَهُ الْعَهْدَ" (¬25) أَصْلُ الْعَهْدِ: الْوَصِيَّةُ، وَقَدْ" عَهِدْتُ إِلَيْهِ، أَىْ: أَوْصَيْتَهُ، وَمِنْهُ اشْتُقَّ العَهْدُ الَّذِي يُكْتَبُ لِلوُلَاةِ، قالَ اللهُ تعالَى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ} (¬26) أَىْ: أَوْصَيْناهُ أَلَّا يَأْكَل مِنَ الشَّجَرَةِ فَنَسِىَ وَالْعَهْدُ: اليَمينُ، مِن قَوْلِهِ: عَلَىَّ عهدٌ (¬27)، وَالْعَهْدُ: اللِّقَاءُ، مِنْ قَوْلِكَ: عَهِدْتُهُ بِمَكَانِ كَذَا (¬28). قَوْلُهُ: "قاضِيًا وَوَزِيرًا" (¬29) الْوَزيرُ: مُشْتَقٌّ مِنَ الْوِزْرِ، وَهُوَ الْجَبَلُ وَالْمَلْجَأَ، كَأَنَّهُ يَسْتَنِدُ إِلَيْهِ فِى الْأُمُورِ، قالَ اللهُ تَعَالى: {كَلَّا لَا وَزَرَ} (*) أَىْ: لَا مَلجَأَ. وَقيلَ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْوِزْرِ، وَهُوَ الثِّقْلُ، كَأَنَّهُ يحْمِلُ أَثْقَال أُمُورِهِ وَأَعْبَاءَهُ. وَالْوِزْرُ هُوَ الْحِمْلُ الْمُثْقِلُ لِلظَّهرِ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3)} (¬30). قَوْلُهُ: "فَقَدْ آثرْتكُمْ بِهِمَا" (¬31) قِيلَ: فَضَّلْتُكُمْ بِهِمَا، وَقيلَ: اخْتَرْتكُمْ، وَالْمُرادُ هَا هُنَا: خَصَصْتُكُمْ بِهما دَونَ غَيْرِكُمْ، ¬
يُقالُ: اسْتَأْثَرَ فُلانٌ بكذا, أَيْ: خُصَّ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ وَانْفَرَدَ بِهِ، قالَ الشَّاعِرُ (¬32): اسْتَأْثَرَ اللهُ بِالْبَقاءِ وَبِالْـ ... عدْلِ وَوَلَّى الْمَلَامَةَ الرَّجُلَا أَيْ: تَفَرَّدَ بِالْبَقاءِ جَلَّ وَعَزَّ. قَوْلُهُ: "ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ" (¬33) بضَمِّ اللّامِ، وَإسْكانِ التّاءِ (¬34)، مَنْسوبٌ إِلى بَنِي لُتَبٍ، وَهمْ حَىٌّ مِنْ أَزْدٍ (¬35). قَوْلهُ: "عائِدُ الْمَرِيضِ فِى مَخْرَفٍ مِنْ مَخارِفِ الْجَنَّةِ" (¬36) المَخْرَفُ- بِالْفَتْحِ: الْبُسْتانُ، قالَ الْأَصْمَعِىُّ: واحِدُ الْمخارِفِ: مَخرَفٌ، وَهُوَ [جَنَى] (¬37) النَّخل، سُمِّىَ بذَلِكَ؛ لِأنَّهُ [يُخْتَرَفُ] (¬38) أَيْ: يُجْتَنَى. قَوْلُهُ: "لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُحابَى" (¬39) الْمُحاباةُ: أَنْ يَبِيعَ إِلَيْهِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثلِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬40). ¬
قَوْلُهُ: "وَالْمَرَضُ يُقْلِقُهُ" (¬41) قالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬42): القَلَقُ: "الانْزِعاجُ، يُقالُ: باتَ قَلِقًا، وَأَقْلَقَهُ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: "يُدافِعُ الأَخْبَثَيْنِ" تَثْنِيَةُ الأَخْبَثِ، وَهُما: الْبَوْلُ وَالْغائِطُ، وَمَعناهُ: الْخَبيثَيْنِ، أَىِ: النَّجَسَيْنِ الْمُسْتَقْذَرَيْنِ، لَكِنَّ لَفْظَةَ "أَفْعَلَ" أَبْلَع وَأَكْثَرُ. قَوْلُهُ: "فِى حَرٍّ مُزْعِجٍ" أَزْعَجَهُ، أَيْ: أَقْلَقَهُ مِنْ مَكانهِ، وَانْزَعَجَ بِنَفْسِهِ، وَالْمِزْعاجُ: الْمَرْأَةُ الَّتي لا تَسْتَقِرُّ فِي مَكانٍ. وَالْقَلَق: ضيقُ الصَّدْرِ وَقِلَّةُ الصَّبْرِ. قَوْلُهُ: "فَلا يَتَوَفَّرُ عَلَى الاجْتِهادِ" (¬43) أَيْ: لا يَسْتَوْفيهِ وَيُتِمُّهُ، وَالْمَوْفورُ: التَّامُّ، وَالْوُفورُ: التَّمامُ، وَالْوَفْرُ: الْمالُ الْكَثيرُ. وَ "شِراج الْحَرَّةِ" قَدْ ذُكِرَ (¬44). قَوْلُهُ: "فِى مَوْضِع بارِزٍ" (¬45) أَيْ: ظاهِير غَيْرِ مَسْتورٍ {وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} (¬46) أَيْ: ظَهَروا، وَلَمْ يَسْتُرْهُمْ عَنْهُ شَيْئٌ. قَوْلُهُ: "دون فاقَتِهِ وَفقْرِهِ" الْفاقَةُ: الْحاجَةُ. وَالْفَقْرُ: ضِدُّ الْغِنى، وَهُما مُتقارِبانِ. قَوْلُهُ: "يَحْضُرُهَا اللَّغَطُ وَالسَّفَهُ" (¬47) هُوَ: الْصَّوْتُ وَالْجَلَبَةُ، يُقالُ: لَغطوا يَلْغطونَ لَغْطًا وَلغَطًا وَلِغاطًا. وَالسَّفَهُ ها هُنا: التَّشاتُمُ وَذِكْرُ الْمَعايِبِ. قَوْلُهُ: "وَإِنِ احْتاجَ إِلى أَجْرِياءَ" الْأَجرِياءُ: جَمْعُ جَرِىٍّ، مُشَدَّدٍ غَيرِ مَهْموزٍ، وَهُوَ: الْوَكيلُ وَالرَّسولُ، يُقالُ جَرِىٌّ بَيِّنُ الْجَرَايَة وَالجِرَايَة، وَالْجَمْعُ أَجْرِيَاءُ. ¬
وَسُمِّىَ الْوكيلُ جَرِيًّا؛ لأنَّهُ يَجْرى مَجْرَى مُوَكِّلِهِ، وَفِي الْحَدِيثِ: "قُولُوا بِقَوْلكُمْ وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكمُ الشَّيطانُ" (¬48). وَالْحاجبُ (¬49). مُشْتَقٌّ مِنَ الْحِجابِ، وَهُوَ: السِّتْرُ وَالْمَنْعُ، كَأَنَّهُ يَسْتُرُهُ وَيَمْنَعُ مِنَ الدُّخولَ إِلَيْهِ. وَ"بَرْفَا" (¬50) غَيْرُ مَهْموز، هَكَذا السَّماعُ. قَوْلُهُ: "الْحْطَيْئَةُ" (¬51) سُمِّىَ الحُطَيْئَةَ لِقِصَرِهِ، وَالْحُطَيْئَةُ: الرَّجُلُ الْقَصيرُ. وَقالَ ثَعْلبٌ: سمِّىَ الْحُطَيْئَةَ لِدَمامَتِهِ، وقيلَ: إِنَّه كانَ فِى صِغَرِهِ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيانِ، فَضَرِطَ، فَقيلَ لَهُ: ما هَذا؟ قالَ: حُطَيْئَةٌ، يُريدُ: ضَرْطَة، فَسُمِّىَ حُطَيْئَة. قَوْلُهُ: "بِذى مَرَخٍ" بالخاء: اسْمُ مَوْضِع بِعَينِهِ (¬52)، وَمَنْ رَواهُ "مَرْجٍ" بِالْجيمِ فَمُخطِىءٌ؛ لِأن الْمَرْجَ بِإسْكانِ الرَّاءِ: هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذى يَكونُ كَثيرَ المْاءِ وَالشَّجَرِ، وَقَدْ قالَ: . . . . . . . . . . . . . ... . . . . . لَا مَاءٌ وَلَا شَجَرُ ¬
فَدَلَّ عَلَى غَيْرِهِ، وَلا يَسْتَقيمُ وَزْنُ الْبَيْتِ مَنْ غَيْرِ تَسْكينِ الراءِ أَيْضًا (¬53). قَوْلُهُ (¬54): "وَمَلَّ مِنِّى أُخْوَتِى وَعِرْسِى ... فِى حَدَثٍ لَمْ تَقْتَرِفْهُ نَفْسِى" العِرْسُ: الزَّوْجَةُ، وَلَمْ تَقْتَرِفْهُ: لَمْ تَكْتَسِبْهُ، وَالاقْتِرافُ: الاكْتِسابُ، وَفُلانٌ يَقْتَرِفُ لِعِيالِهِ، أَيْ: يَكْتَسِبْ "فِي حَدَثٍ" فِيَ أَمْرٍ وَقَعَ، وَلم يَكُنْ قَبْلُ. قَوْلُهُ: "برَآءَ مِنَ الشَّحْناءِ" (¬55) الشَّحْناء: الْعَداوَةُ، وَكَذلِكَ: الشِّحْنَةُ، وَعَدُوُّ مُشاحِنٌ، ولعل اشتقاقه مِنَ الشَّحْنِ، وَهُوَ: الْمَلْء، أَيْ: مُمتَلئٌ عَداوَةً، مِنْ قَوْلِهِ تَعالَى: {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} (¬56) أَىِ: المَمْلوءِ. قَوْلُهُ: "عَلى جَرْحِ عَدْلٍ أَوْ تَزْكِيَةِ غَيْرِ عَدْلٍ" الْجَرْحُ. العَيْبُ وَالْفَسادُ، وَجَرْحُ الشَّاهِدِ: إِظْهارُ مَعَايِبِهِ. وَالْعَدْلُ: أَصْلُهُ مِن الاسْتِقامَةِ وَترْكِ الْمَيْلِ: وَالعَدلُ أَيْضًا: الْمَيْلُ وَالْجَوْرُ، يُقالُ: عَدَلَ عَنِ الطَّريق: إِذا مالَ عَنْها، وَهوَ مِن الْأَضْدادِ (¬57). وَالتَّزْكِيَةُ ها هنا: التَّطْهيرُ، مِنْ قَوْلِهِ تعالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (¬58) فَكأنَّ الْمُزَكِّى يَشْهَدُ لَهُمْ بِالطَّهارَةِ وَالْبَراءَةِ مِنَ الْعُيُوبِ. قَوْلُهُ: "وَافِرى الْعُقولِ" أَيْ: تَامِّى الْعُقولِ كامِلين بِالْوَفْرِ وَالتَّمام وَالْكَمالِ. ¬
قَوْلُهُ: "وَلا يَسْتَرْسلوا" استرْسَلَ إِلَيه , أَىْ: انبسَطَ وَاستَأْنَسَ بِهِ، وَأَرادَ: تَرْكَ التَّحَفُّظِ، وَأَخْذَ الْأَمْرِ بِالْحَزم وَالتَّيَقُّظِ. قَوْلُهُ: "جَاركَ الأَدْنَى؟ " (¬59) أَىِ: الأَقْرَبُ، وَالدُّنُوُّ: الْقُرْبُ ضِدُّ البُعْدِ. قولُهُ: "يُسْتَدَلُّ بِهِما عَلَى الْوَرَعٍ" الْوَرَعُ: التُّقَى، وَالْوَرِعُ: التَّقِىُّ، وَقَد وَرِعَ يَرِعُ بِالكَسْرِ فِيهِما وَرَعًا وَرِعَة، وَتوَرَّعَ مِنْ كَذا، أَيْ: تحَرَّجَ (¬60). قَوْلُة: "فَيَجْمَعُهُمُ الْهَوَى عَلى التَّوَاطُؤِ" (¬61) أَىْ: تَحْكُمُهُمُ الشَّهْوَةُ عَلَى التَّوافُقِ، وَطَأْهُ عَلى الأَمْرِ، أَىْ، وَافَقَهُ. قَوْلُهُ: "وَارْتابَ بِهِمْ" (¬62) أَىْ: شَكَّ فيهِمْ، وَالرَّيْبُ وَالارْتِيابُ: الشَّكُّ، وَكَذا الرِّيبَةُ. وَدانِيالُ (¬63): بِالدّالِ المُهْمَلَةِ وَكَسْم النُّونِ، وَكانَ مِمَّنْ أَسرَهُ بُخْتَنَصَّرُ وَحَبَسَهُ، ثُمَّ رَأَى رُؤْيا فَفَسَّرَها لَهُ فَأَكْرَمَهُ وَخَلَّاهُ (¬64). قَوْلُهُ: "إنَّ الطَّيْرَ لَتَخفِقُ بِأَجنِحَتِها وَترمِى بِما فِى حَوَاصِلِهَا" (¬65) يُقالُ: خَفَقَ الطّائِرُ: إِذا طارَ، وَأَخْفَقَ: إِذا ضَرَبَ بِجَناحَيْهِ. وَالْحَوْصَلَةُ مِنَ الطّائِرِ: بِمَنْزِلَةِ ¬
الْكَرِشِ مِمّا يَجْتَرُّ، يَجْمَعُ فِيها الطَّائِرُ الحَبَّ، وجَمعُها: حَوَاصِلُ، وَالتَّشْديدُ فِى اللَّام: لُغَةٌ فيها (¬66). قَوْلُهُ: "يَتَبَوَّأُ مَعْقَدَهُ مِنَ النَّارِ" أَيْ: يَلْزمُهُ وَيُقيمُ فيهِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬67). قَوْلُهُ تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} (¬68) أَصْلُهُ: مِنْ شُرْتُ العَسَلَ: إِذَا استخْرَجتَهُ مِنَ الخلِيَّةِ، وَهِيَ: بَنتُ النَّخلِ، كَأَنَّهُ يَسْتَخرِجُ ما عِنْدَهُ مِنَ الرَّأْىِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬69). قَوْلُهُ: "قَلَّدَ غَيْرَهُ" (¬70) التَّقْليدُ فِى الفُتْيَا وَالحُكْمِ وَالقِبْلَةِ وَغيْرِها: مَأْخُوذٌ مِنَ الْقِلادَةِ الَّتى تكونُ فِى العُنُقِ، كَأنَّ العامِّىَّ يَجعَلُ ما يَلْحَقُهُ مِنْ عُهْدَةِ العَمَلِ وَالإثْمِ الَّذى يَعْمَلُ فيهِ بفَتْوَى العالِمِ وَقَضاء القاضِى فِى عُنُقِ المُفْتِى وَالقَاضِى وَيَتَخلصُ مِنْ مَأثمِهِ؛ لأنَّ الأَعْمالَ تُوصَفُ بكَونِها فِى الأَعْناقِ، قالَ اللهُ تَعالَى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} (¬71) جَاءَ فِى التَّفْسيرَ أَنَّهُ عَمَلُهُ (¬72). وَإِن اجْتَهَدَ وَبَذَلَ الْجُهْدَ فَأَخْطَأَ فَلا وِزْرَ عَلَيْهِ، وَلَهُ أَجْرٌ، وَإِنْ تعَمَّدَ الفَتْوَى بِغيْرِ الْحَقِّ، أَوْ أَخْطَأ وَلَم يَجْتَهِدْ فِى فَتْوَاهُ كانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ، ولا شَيىْءَ عَلى المُستَفْتِى، وَيَدُل عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: "إِذا اجْتَهَدَ الْحاكمُ فَأَصابَ فَلَهُ أَجْرانِ وَإِن أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْر" (¬73). قَوْلُهُ: "أَوْلَى مِنَ التَّمادِى فِى الْباطِلِ" (¬74) التَّمادِى: اللَّجاجُ فِى الشَّيْىءِ وَالإِقامَة عَلَيْهِ، يُقالُ: تَمادَى فِى غَيِّهِ: إِذا أَقامَ عَلَيْهِ وَلَجَّ فِى اتِّباعِهِ. ¬
قَوْلُهُ: "رُبَّما قَصَدَ أَنْ يَبتَذِلَهُ" (¬75) الابْتِذالُ: الامتِهانُ وَتَرْكُ الصَّوْنِ، وَثيابُ الْبِذْلَةِ: الَّتِى تُمتَهَنُ وَلا تُصانُ. قَوْلُهُ: "يَسوغُ فيهِ الاجْتِهادُ" (¬76) أَيْ: يَليقُ وَيَسهُلُ، مِنْ قَولِهِمْ: سَاغَ الطَّعامُ: إِذَا سَهُلَ مَدْخَلُهُ فِى الْحَلْقِ. قَوْلُهُ: "وَعَلَيْهِ السَّكينَةُ وَالْوَقارُ" (¬77) السَّكينَةُ: أَصْلُها مِنَ السُّكونِ، وَهوَ ضِدُّ الْحَرَكَةِ. وَالْوَقارُ: الْحِلْمُ وَالرَّزانَةُ، وَقدْ وَقَرَ الرَّجُلُ يقرُ وَقارًا وَقِرَةً فَهُوَ وَقورٌ. قَوْلُهُ: "وَيُتْركُ بَيَّنَ يَدَيْه القِمَطْرُ" وَهُوَ: وِعاءُ الْكُتُبِ، وَهوَ الَّذى يُتْرَكُ فيهِ الْمحاضِرُ وَالسِّجلَّاتُ. قالَ الْخليلُ: حَرْفٌ فِى صَدْرِكَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ فِى قِمَطْرِكَ، وَهُوَ أَيْضًا: الرَّجُلُ الْقَصيرُ. "المحاضِرِ وَالسِّجلّاتِ" الْمحاضِرُ: الَّتي يُكْتَبُ فيها قِصَّةُ الْمُتحاكِمَيْنِ عِنْدَ حُضورِهِمَا مَجْلِسَ الحُكْمِ وَما جَرَى بَيْنَهُمَا وَما أَظْهرَ كُلُّ واحِدٍ مِنْهُما مِنْ حُجَّةٍ مِنْ غَيْرِ تنْفيذٍ وَلا حُكْمٍ مَقْطوع بِهِ. وَالسِّجِلاتُ: الكُتُبُ الَّتى تَجْمَعُ المحاضِرَ وَتزيدُ عَلَيْها بِتَنْفيذ الْحُكْمِ وَإِمْضائِهِ. وَأَصْلُ السِّجِلِّ: الصَّحيفَةُ الَّتى فيها الْكِتابُ، أَيُّ كِتابٍ كَانَ، ذكِرَ فِى تَفْسيرِ قَوْلِهِ تَعالى: {كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} (¬78) وَقيلَ: هُوَ كاتِبٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - (¬79). وَهُوَ مُذَكَّرٌ، وَيُقالُ: عِنْدى ¬
ثَلاَثةُ سِجِلّاتٍ، وَأَرْبَعَةُ سِجِلاتٍ، وَلَا يُؤَنَّثُ؛ لِأنَّ الْمرادَ بهِ الْكِتابُ، وَهُوَ مُذَكَر، وَلا يُقالُ: ثَلاثُ سِجِلّاتٍ عَلَى لَفْظِهِ (¬80). قَوْلُهُ: "آسِ بَيْنَ النَّاسِ" (¬81) أَيْ: أَصْلِحْ، يُقالُ: أَسَوْتُ بَينَهمْ، أَىْ: أَصْلَحْتُ بَيْنَهُمْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكونَ مَعْناهُ: سَرِّ بَيْنَهُمْ، حَتَّى يكونَ كُلُّ واحد مِنْهُمْ أُسْوَةً لِصاحِبهِ، وَالأُسْوَةُ: الْقُدْوَةُ (¬82). قَوْلُهُ: "حَتَّى لَا يَطْمَعَ شَريفٌ فِى حَيْفِك" أَصْلُ الشَّرَفِ: الْعُلُوُّ وَالرِّفْعَةُ، مَأْخوذٌ من الْجَبَلِ الْمُشرِفِ، وَهُوَ الْعالِى، قالَ الشّاعِرُ (¬83): يَبْدو وَتُضْمِرُهُ الْبِلادُ كَأَنَّهُ ... سَيْفٌ عَلى شَرَفٍ يُسَلُّ وَيُغمَدُ أَيْ: مَوْضِعٍ عَالٍ. وَالشَّريفُ مِنْ الْقَوْم: الرَّفيعُ الْمَنْزِلَةِ الْعالِى الْقَدْرِ وَالْحَسَبِ. قَوْلُهُ: "فِى حَيْفِكَ" أَيْ: فِى جَوْرِكَ، وَالْحَيْفُ: الْجَوْرُ، حافَ، أَيْ:، جَارَ، قالَ اللهُ تعالَى: {أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ} (¬84). قَوْلُهُ: "يَميلُ إِلَيْهِ طَبْعُهُ" (¬85) الطَّبْعُ وَالطِّباعُ: مَا رُكِّبَ فِى الإِنْسانِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ، وَغيْرِهِمَا مِنَ الْأَخْلاقِ الَّتي لَا يُزايِلُها (¬86) يُقالُ: فُلانٌ كَريمُ الطِّباعِ وَالطبائِعِ، وَهُوَ اسْمٌ مُؤَنَّثٌ عَلَى فِعالٍ نَحو مِثالٍ وَمِهادٍ (¬87). ¬
قَوْلُهُ: "أَوْ أَحَبَّ أَنْ يَفْلَجَ" (¬88) أَيُّ: يَغْلِبَ، يُقالُ: فَلَجَ خَصْمهُ، أَيْ: غَلَبَهُ. قَوْلُهُ: "لَدَدٌ" (¬89) اللَّدَدُ: شِدَّةُ الْخُصومَةِ، يُقالُ: رَجُل أَلدُّ بَيِّنُ اللَّدَدِ، وَهُوَ: الشَّديدُ الْخُصومَةِ، وَقَوم لُدٌّ، قالَ اللهُ تَعالَى: {أَلَدُّ الْخِصَامِ} (¬90) وقال: {وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا} (¬91). وَقالَ الْأَزْهَرِىُّ (¬92): اللَّدَدُ: الْتِوَاءُ الْخَصْمِ فِى مُحاكَمَتِهِ، مَأْخوذٌ مِنْ لَدِيدَىِ الْوَادِى، وَهُما: جَانِباهُ. قَوْلُهُ: "فإنْ عادَ زَبَرَهُ" الزَّبْرُ: الزَّجْرُ وَالمَنْعُ، يُقالُ: زَبَرَهُ يَزْبُرُهُ -بِالضَّمِّ- زَبْرًا: إِذا انْتَهَرَهُ. كَذا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِىُّ (¬93). قَوْله: "وَلا يَتَعَنَّتُهُ" (¬94) أَىْ: يَطْلُبُ زَلَّتَهُ، تَقولُ: جاءَنِي فُلانٌ مُتَعَنِّتًا: إِذا جَاءَ يَطْلُبُ زَلَّتَكَ، وَأَصْلُ الْعَنَتِ: الْمَشَقَّةُ. وَ "اسْتَعْدَى عَلَيْهِ الْحاكِمَ" (¬95) أَيْ: اسْتَعانَهُ، يُقالُ: اسْتَعْدَيْتُ عَلى فُلانٍ الأَميرَ فَأَعْداني، أَىْ: اسْتَعَنْتُ: بِهِ فَأَعَانَنِي، وَالاسْمُ مِنْهُ: الْعَدْوى، وَهِيَ: الْمَعونَةُ، قالَ زُهَيْرٌ (¬96): وَإِنِّى لَتُعْدينِى عَلى الْهَمِّ جَسْرَةٌ ... تَخُبُّ بِوَصّالٍ صَرومٍ وَتُعْنِقُ وَ "صاحِبُ الشُّرْطَةِ" (¬97) يُقالُ: أَشْرَطَ فُلانٌ نَفْسَهُ لِأمْرِ كَذا، أَيْ: أَعْلَمَها وَأَعَدَّها. قالَ الأَصْمَعِىُّ: وَمِنْهُ سُمِّىَ الشُّرَطُ؛ لأنَّهمْ جَعلوا لأنْفُسِهِمْ ¬
عَلامَةً يُعْرَفونَ بِبها، الْواحِدُ: شُرْطَةٌ وَشُرْطِىٌّ. وَقالَ أَبو عبَيدةَ: سُمُّوا شُرْطَةً؛ لِأَنَّهُمْ أُعِدُّوا (¬98). قَوْلُهُ: "مَا قَتلَ دَادَوَيْهِ" (¬99) ذَكَرَ الْقَلْعِىُّ (¬100) أَنَّه بِدالَيْن مُهْمَلَتَيْنِ مَفْتوحَتَيْنِ، وَتَخْفيفِ الْياءِ وَتَسْكِينِها. قَوْله: "فَإنْ كانَتْ بَرْزَةً" أَيْ: ظاهِرَةً غَيْرَ مُحْتَجبَةٍ، وَقد ذُكِرَ (¬101). قَوْلُهُ (¬102): "لا يَتَوَرَّعُ" لَا يَتَّقِى وَالْوَرَعُ: التَّقْوى وَاجْتِناب الظُّلْمِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬103). قَوْلُهُ: "أَنْ يُوَافِقَ قَدَرَ بَلاءٍ" الْقَدَرُ: مَا يُقَدَّرُ عَلى الإِنْسانِ وَيُقضى عَلَيْهِ مِن حُكْمِ اللهِ السّابِقِ فِى عِلْمِهِ. يُقالُ: قَدَرٌ، وَقدْرٌ، بِالْفَتْحِ وَالإِسْكانِ، وَأَنْشَدَ الْأَخْفَشُ (¬104): أَلا يَالَقَوْمى لِلنَّوَائِبِ وَالْقَدْرِ ... وَلِلْأَمْرِ يَأْتى المَرْءَ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِى وَالْبَلاءُ: ما يُصيبُ الإِنسانَ مِنَ الشِّدَّةِ وَالتَّعَبِ فِى النَّفْسِ وَالْمالِ. قَوْلُهُ: "جَنَبَةِ الْمُدَّعَى" (¬105) جَنَبَةٌ بِمَعْنَى جانِبٍ. ¬
قَوْلُهُ: "وَنَكَلَ عَنِ الْيَمينِ" قيلَ: جَبُنَ وَهابَ الإِقدامَ عَلَيْها، قالَ (¬106): . . . . . . . . . . . . . ... فَلَمْ أَنكُلْ عَنِ الضَّرْبِ مِسْمَعًا أَيْ: لَمْ أَجْبُنْ وَلمْ أَمْتَنِعْ. وَقيلَ: نكَلَ: امْتَنَعَ، وَمِنهُ سُمِّىَ الْقَيْدُ نِكْلًا؛ لِأنَّهُ يَمْنَعُ الْمَحْبُوسَ (¬107). قَوْلُهُ: "لِطِفْلٍ فِى حِجْرِهِ" (¬108) الحِجْرُ بِمَعْنَى الْحِضْنِ، وَهُوَ: مَا بَيْنَ الإِبْطِ إِلَى الْكَشْحِ، وَهُوَ: الْجَنْبُ؛ لأَنَّهُ يُحْمَلُ هُنالِكَ. قَوْلُهُ: "طَعْنًا فِى البَيِّنَةِ" (¬109) طَعَنَ فيهِ بِالْقَوْلِ يَطْعنُ: إِذا انْتَقَصَهُ وَجَرَحَهُ. قَوْلُهُ: "أَحَقُّ مِنَ الْيَمينِ الفَاجرَةِ" (¬110) مَعْناهُ: الْكاذِبَةُ، وَقَد ذَكَرْنا أَنَّ الفَجرَ أَصْلُهُ الشَّقُّ، وَمِنْهُ سُمِّىَ الفَجْرُ (¬111) وَقِيلَ: إِنَّهُ الْمَيْلُ عَنِ القَصْدِ، فَقيلَ لِلْكاذِبِ فاجِرٌ؛ لِأَنَّهُ مالَ عَن الصِّدْقِ، وَقيلَ لِلْمائِلِ عَنِ الْخَيْرِ وَالْعادِل عَنْهُ: فاجِرٌ؛ لِأَنَّهُ مالَ عَنِ الرُّشْدِ. قَوْله: "مُلازَمَةُ الخَصْمِ" (¬112) هُوَ: أَنْ يَقْعُدَ مَعَهُ حَيْثُ قَعَدَ، وَيَذهَبَ مَعَهُ حَيْثُ ذَهَبَ، وَلا يُفارِقُهُ. قَوْلُهُ: "أَطْرَدْتُكَ جَرْحَهُمَا" (¬113) يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ، أَحَدُهُما: أنْ يَكونَ مِنَ الطَّردِ، بِالتَّحْريكِ، وَهُوَ: مُزاوَلَةُ الصَّيْدِ، كَأَنَّهُ يُزاوِلُ جَرْحَهُ، وَيَختلُهُ مِنْ ¬
حَيْثُ لا يَعْلَمُ. وَالثّانِي: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكونَ مَعْناهُ: الْاتِّباعُ، أَيْ: جَعَلْتُ لَك أَنْ تَتَّبِعَهُ وَتَنْظُرَ زَلَّاتِهِ وَمَعايِبَهُ، مِن مُطارَدَةِ الْفُرْسانِ. قَوْلُهُ: "أَمَدًا يَنْتَهِى إِليهِ" (¬114) الْأَمَدُ: الْغايَةُ كَالْمَدى، يُقالُ: مَا أَمَدُكَ؟ أَيْ: مُنْتَهَى عُمُرِكَ. قَوْلُهُ: "وإِلَّا اسْتَحْلْلتَ عَلَيْهِ القَضِيَّةَ" يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ، أَحَدُهُما: أَنْ يَكونَ مِنَ الْحَلالِ ضِدِّ الْحرامِ، أَىْ: جَعَلَ لَكَ أَنْ تَقْضِىَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْكَ، وَالثَّانِي: أَنْ يَكونَ مِنَ الْحُلولِ ضِدِّ التَّأْجِيلِ، أَيْ: قَدْ وَجَبَ القَضاءُ عَلَيْهِ، وَحانَ حُلولُهُ، وَلَمْ يَجُزْ تَأْجِيلُهُ. قَوْلُهُ: "أَنْفَى لِلشَّكِّ وَأَجلَى لِلْعَمَى" أَيْ: أَوضَحُ وَأَبْيَنُ، مِنْ جَلالِىَ الْخَبَرُ، أَىْ: وَضَحَ وَبانَ. وَالْعَمَى هَا هُنَا: أَرادَ بِهِ عَمَى الْقَلْب وَالتَّحيُّرَ عَنِ الصَّوابِ. قوْلُهُ: "هَيْبَهُ النّاسِ" (¬115) الْهَيْبَةُ: الِإجْلال وَالْمَخامةُ، وَهِبْتُ الشَّيْىءَ وَتَهَيَّبْتُهُ، أَيْ: خِفْتُهُ (¬116). قَوْلُهُ: "لَمْ يَقْبَلْ فِى التَّرْجَمَةِ إِلَّا عَدْلَيْنِ" (¬117) يُقالُ: تَرْجَمَ كَلامَهُ: إِذَا فَسَرّهَ بِلِسانٍ آخرَ، وَمِنْهُ التَّرْجَمانُ، وَالْجَمْعُ: التَّراجِمُ، مِثْلُ زَعْفَرانٍ وَزَعافِرَ. ¬
وَيُقال: تَرجُمانٌ، وَلَكَ أَنْ تَضُمَّ التَّاءَ بِضَمِّ الجيمِ، فَتَقولَ: تُرْجُمانٌ، مِثْلُ: يَسروع ويُسْروعٍ (¬118) , قالَ (¬119): *كَالتُّرْجُمانِ لَقِىَ الأَنْباطَا* "الْقِياسُ الْجَلِىُّ" (¬120) نَقيضُ الْخَفِىِّ،، جَلَوْت الشَّيْىءَ: أَظْهَرْتَهُ بَعْدَ خَفائِهِ، وَلِهَذا سُمِّىَ الصُّبْحُ: ابْن جَلَاءٍ (¬121)؛ لِأنَّهُ يَجلو الأَشْخاصَ وَيُظْهِرُها مِنْ ظُلَمِ اللَّيْلِ. قَوْلُهُ: "لَا يُؤْمَنُ أَنْ يحرفَ" (¬122) تَحْريفُ الْكَلامِ عَنْ مَواضِعِهِ: تَغْييرُه. قوله: "خَتْمُ الكِتاب" أَنْ يَجعَلَ عَلَيْهِ شيْئًا من شَمْع أَوْ ما شَاكلَه، وَيُعَلِّمَ عَلَيْهِ بِعَلامَةٍ مِنْ كِتابٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَصْلُهُ عِنْدَ الْعَرَب: خَتْمُ الدَّنِّ -وَهُوَ- وِعاءُ الْخَمْرِ- بِالطِّينِ، قالَ الْأعْشَى (¬123): وَصَهْباءُ طَافَ (¬124) يَهُودِيُّها ... وَأَبْرَزَها وَعَلَيْها خُتُم ¬
ومن باب القسمة
وَمِنْ بابِ الْقِسْمَةِ قَوْلُة تَعالَى: {فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} (¬1) أَىْ: أَعْطوهُمْ، وَالرِّزْقُ: الْعَطاءُ، وَرِزْقُ الْجُنْدِ: عَطاؤهُمْ. {وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} قالَ فِى التَّفْسيرِ: قَوْلًا جَميلًا لِلاعْتِذارِ (¬2). قَوْلهُ: "وإنْ كانَ فِى الْقِسْمَةِ رَدٌّ" (¬3) الرَّدُ: ما يَرُدُّهُ أَحَدُ الشَّريكَيْنِ إِلى صاحِبِهِ إِذا لَمْ يَتَعادَلِ الْجُزْءانِ، فَيَرُدُّ صاحِبُ الْجُزْءِ الْكَثيرِ عَلى صاحِبِ الْقَليلِ، مِنْ رَدَّهُ: إِذا رَجَعَهُ إِلَيْهِ. قَوْلُهُ: "فَرْزُ النَّصيبَيْنِ" (¬4) الْفَرْزُ: مَصْدَرُ فَرَزْتُ الشَّيْىءَ أَفْرِزُهُ فَرْزًا: إِذا عَزَلْتَهُ عِنْ غَيْرِهِ: مِزْتَهُ (¬5)، وَالْقِطْعَة مِنْهُ: فِرْزَة بِالْكَسْرِ، وَكَذَلِكَ أَفْرَزْتُهُ بِالْهَمْزِ (¬6)، وَكَذَلِكَ التَّمْييزُ مِثْلُهُ. "لَا ضَرَرَ وَلَا إِضْرارَ" (¬7) وَقَدْ ذُكِرَ (¬8). ¬
قَوْلُهُ: "صاحِبُ الطِّلْقِ" (¬9) بِكَسْرِ الطّاءٍ: هُوَ ضِدُّ الْوَقْفِ، سُمِّىَ طِلْقًا؛ لِأنَّ مالِكَهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فيهِ، وَالْوَقْفُ: غيْرُ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ، بَلْ هُوَ مَمْنوع مِنْ بَيْعِهِ وَهِبَتِهِ. وَالطِّلْقُ (¬10) أَيْضًا الْحَلالُ. قَوْلُهُ: "أراضٍ" (¬11) قالَ أهْلُ النَّحْوِ: لَا يَجوزُ جَمْعُ إرْضٍ عَلى أراضٍ، وَالصَّوابُ: أَرَضونَ - بِفَتحِ الرّاءِ؛ لِأنَّ أَفاعِل جَمْعُ أَفعَلَ كَأحْمَرَ وَأَحامِرَ وَأَفْكَلَ وَأَفاكِلَ، وَلا يُجْمَع فَعْل عَلى أَفاعِلَ، بَلْ (¬12) يُجْمَع عَلى أَرَضينَ وَآرضٍ (¬13) فِى الْقَليلِ، وَأُروضٍ أَيْضًا، وَقالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬14): أَراضٍ: جَمْعُ آرُضٍ، جَمْعُ الْجَمعِ. قَوْلُهُ: "يُسْقَى بالسَّيْحِ" هُوَ الْماءُ الْجارِى عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، وَقَد ذُكِرَ فِى الزَّكاةِ (¬15). وَ "النّاضِحُ" الْبَعيرُ الَّذى يُسْتَقَى عَلَيْهِ، وَالأُنْثى: ناضِحَةٌ وَسانِيَةٌ، وَالنَّضَّاحُ (¬16): الَّذى يَنْضَحُ عَلى الْبَعيرِ، أَيْ: يَسوقُ السَّانِيَةَ وَيَسْقى نَخْلًا (¬17). ¬
قَوْلُهُ: "وَإِنْ كانَ بَيْنَهُمَا عَضائِدُ" (¬18) أراد: دَكاكينَ مُتَلاصِقَةً مُتَوَالِيَةَ الْبِناءِ. قالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬19): أَعْضادُ كُلِّ شَيْىءٍ: ما يُشَدُّ حَوالَيْهِ (¬20) مِنَ الْبِناءِ وَغَيْرِهِ كَأَعْضادِ الْحَوْضِ، وَهِيَ: حِجارَةٌ تُنْصَبُ حَوْلَ شَفيرِهِ. وَلَعَلَّها سُمِّيَتْ عَضائِدَ مِنْ هذا البِناءِ، وَيُقالُ: "عَضُدٌ مِنْ نَخْلٍ" (¬21) إِذا كانَتْ مُنْعَطِفَة مُتَساوِيَةً. والْعَرْصَةُ (¬22): هِىَ: ساحَةٌ فارِغَةٌ لا بِناءَ فيها، بَيْنَ الدُّورِ، وَالْجَمْعُ: الْعِراصُ، وَالْعَرَصاتُ. وَالْحائِطُ: معْروفٌ، وَهُوَ: الجِدارُ، سُمِّىَ حائِطا؛ لِأنَّهُ يُحيطُ بِما دونَهُ. قَوْلُهُ: "فَأَرادَا قِسمَتَها مُهايَأَةً" (¬23) الْمُهايَا أَصْلُها: الإِصْلاحُ، وَهَيَّأْتُ الشَّيْىءَ: أَصْلَحْتُهُ، وَهِيَ مُفاعَلَة مِنْ ذَلِكَ، فَإِذا تَصالَحا عَلى هَذِهِ الْقِسْمَةِ قيلَ: تَهايَآ مُهايَأَةً. وَ "الأَكسابُ النّادِرَةُ" (¬24) الَّتِى تَشِذُّ وَيُعْدَمُ وُجودُها فِى كُلِّ حِينٍ. قَوْلُهُ: "جُزْءٌ مُشاعٌ" (¬25) مِنْ أَشَعْتُ الْخَبرَ، أَيْ: أَذَعْتَهُ، فَهُوَ شائِعٌ فِى النّاسِ لَا يَعْلَمُهُ واحدٌ دون وَاحِدٍ، كَذَلكَ الشَّيْىءُ الْمُشاعُ بَيْن الشُّركاءِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَاحِدٌ دونَ وَاحِدٍ. قَوْلُهُ: "التَّرِكَةُ" (¬26) ذَكَرْنا أَنَّ التَّرِكَةَ: ما يتْرُكُهُ الْمَيِّتُ تُراثًا، فَعِلَة مِنَ التَّرْكِ. ¬
ومن باب الدعوى والبينات
وَمِنْ بابِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّناتِ الْمدَّعى فِى اللُّغَةِ: كلُّ مَنِ ادَّعَى نَسَبًا أَوْ عِلْمًا، أَوِ ادَّعى ملك شَيْىءٍ، نوُزِعَ فِيهِ أَوْ لَمْ ينازَعْ، وَلا يُقالُ فِى الشَّرْعِ: مدَّعٍ إِلّا إِذا نازَعَ غَيره. وَسمِّيَتِ البَيِّنَةَ بَيِّنَةً، وَهِيَ: الشُّهودُ؛ لِأنَّها تبِين عَنِ الْحَقِّ وَتُوضِحُهُ بَعْدَ خَفائِهِ، مِنْ بانَ الشَّيْىءُ: إِذا ظَهَرَ، وَأَبَنْتُهُ: أَظْهَرْتُهُ، وَتَبَيَّنَ لِي: ظَهَرَ وَوَضَحَ. قَوْلُهُ: "امْتِحانِ الشُّهودِ" (¬1) هُوَ اخْتِبارُهُمْ، مَحَنْت الشَّيْىءَ وَامْتَحَنْتة، أَيْ: اخْتَبَرْتة، وَالاسم: المِحْنَة، وَأَصْلُة: مِنْ مَحَنْت الْبِئْرَ مَحْنًا: إِذا أَخْرَجْتَ تُرابَها وَطِينَها. قَوْئهُ: "التَّرجِيحُ" (¬2) مَأْخوذٌ مِنْ رُجْحانِ الميزانِ، وَرجَحْت بِفُلانٍ: إِذا كُنْتَ أَرْزَنَ مِنهُ (¬3)، وَقَوْمٌ مَراجيحُ فِى الْحِلْمِ. وَمَعْناهُ: أَنْ تَكونَ إِحْدى الْحُجَّتَيْنِ أَقْوىَ بِزِيَادَةِ شَيْىءٍ لَيْس فِى الْأَخْرَى. قَوْلُة: "وَنَقَده الثَّمَنَ" (¬4) النَّقْدُ ضِدُّ الْفَقْدِ، وَهُوَ: إِحضارُهُ فِى الْمَجْلِسِ. قَولهُ: "وَعَزَيَا الدَّعْوَى" (¬5) يُقال: عَزَيْتُهُ إِلى أَبيهِ وَعَزَوْتُة، أَيْ: نَسَبْتَهُ إِلَيْهِ، وَاعْتَزى هوَ: أَىِ: انْتَمى وَانْتَسَبَ. ¬
وَفِي الْحديثِ: "مَنْ تَعَزَّى بِعَزاءِ الْجاهِلِيَّةِ فَأَعِضُّوهُ بِهَنِ أَبيهِ وَلا تَكْنُوا" (¬6) أَيْ: مَنِ انتسَبَ وَانتمى، وَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: يا لَفُلانٍ (¬7). قَوْلُهُ: "قَدْحًا فِى الْبَيِّنَةِ" (¬8) الْقَدْحُ مِثْلُ الْجَرْحِ، يُقالُ: قَدَحْتُ فِى نَسَبِهِ، أَىْ: طَعَنْتُ. قَوْلُهُ: "أَزَجٌ" (¬9) عَلَى وَزْنِ فَعَلٍ، مُحَرَّكٌ مُخَفَّفٌ. الْأَزَجُ: ضَرْبٌ مِنَ الْأَبْنِيَةِ، وَالْجَمْعُ: آزُجٌ وَآزَاجٌ، قالَ الْأَعْشَى (¬10): بَناهُ سُلَيْمانُ بْنُ دَاوُدَ حِقْبَةً ... لَهُ آزُجٌ صُمٌّ وَطَىٌّ مُوَثَّقُ وَيروَى "أَزَجٌ عَالٍ" وَهُوَ كَالْعُقُودِ فِى مَحارِيبِ الْمَسَاجِدِ وَبَيْنَ الأَسَاطِينِ. قَوْلُهُ: "مَوْضِعُ جُبٍّ" هُوَ السِّردابُ وَوِعاءُ الْماءِ. وَقَدْ ذَكَرْنا أَنَّ صَحْنَ الدّارِ: وَسَطُها. قَوْلُهُ: "مُسَنَّاةً" (¬11) قالَ الْهَرَوِىُّ (¬12): الْمُسَنّاةُ: ضَفيَرةٌ (¬13) تُبْنَى لِلسَّيْلِ تَرُدُّهُ، سُمِّيَتْ مُسَنّاةً، لِأنَّ فِيهَا مَفاتِحُ لِلْماءِ (¬14)، ¬
يُقالُ: سَنَّيْتُ الشَّيْىءَ: إِذا فَتَحْتَة، قالَ الشّاعِرُ: (¬15) . . . . . . . . . . . . . ... إِذا اللهُ سَنَّى عَقْدَ شَيْىءٍ تَيَسَّرَا وَذَكر فِى مَواضِعَ مِنَ الْكِتابِ ما يَدُلُّ أَنَّ الْمُسَنَّاةَ تَجَمُّعُ الْماءِ مِنَ النَّهْرِ، وَلَمْ أَقِفْ مِنْهُ عَلَى حَقيقَةٍ. وَقَد ذَكَرَ أَهْلُ التَّفْسيرِ فِى قَوْلِهِ تَعالَى: {سَيْلَ الْعَرِمِ} (¬16) أَنَّ الْعَرِمَ: الْمُسَنَّاة، وَكانَ ذَلِكَ سَدًّا يُجْمَعُ فيهِ مَاءُ السُّيُولِ (¬17). قَوْلُهُ: "مُرَاهِقًا" (¬18) هُوَ الَّذِي قارَبَ الْاحتِلامَ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬19). قَوْلُهُ: "الْمَتاعَ الَّذِى فِى الدّارِ" هُوَ هَا هُنا: الْأَثاثُ وَآلاتُ الْبَيْتِ وَالْأَبْنِيَةُ. ¬
ومن باب اليمين فى الدعاوى
وَمِنْ بابِ الْيَمينِ فِى الدَّعاوِىَ اللَّوْث - بِالْفَتْحِ: الْقُوَّة, قالَ الْأعْشى (¬1): بِذاتِ لَوْثٍ عَفَرْناةٍ إِذا عَثَرْت ... فَالتَّعْسُ أَدْنَى لَها مِنْ أَنْ يُقالَ لَعا وَمِنْهُ سُمِّىَ الْأَسَدُ ليْثًا (¬2)، فَالَّلوْثُ: قُوَّةُ جَنبَةِ الْمُدَّعِى (¬3). وَأَمَّا اللُّوثُ -بِالضَّمِّ- فُهُوَ الاسْتِرْخَاءْ. وَاللُّوثَةُ: مَسُّ جُنونٍ. وَسُمِّيَتِ الْأَيْمانُ هَا هُنا الْقَسامَةَ؛ لِتَكْرارِها وَكَثْرَتِها، وَإِنْ كانَتْ كُلُّ يَمينٍ قَسَمًا. وَقيلَ: لِأنَّها تُقْسَمُ عَلَى الْأَوْلياءِ فِى الدَّمَ. قَوْلُهُ: "مِنْ جَهْدٍ أَصابَهُما" (¬4) الْجَهْدُ - بِالْفَتْحِ: الْمَشَقَّةُ، وَجُهِدَ الرَّجُلُ فَهوَ مَجْهودٌ، مِنَ الْمَشَقَّةِ، يُقالُ: أَصابَهُمْ قَحْطٌ مِنَ الْمطرِ فَجُهِدُوا. قَوْلُهُ: "طُرِحَ فِى فَقيرٍ" الْفَقيرُ: مَخْرَجُ الْماءِ مِنَ الْقَناةِ، وَهُوَ حَفيرٌ كَالْبِئرِ. وَعَبْدُ اللهِ بْنُ سَهْلٍ: الْمَقْتولُ، وَأَخوهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سهلٍ، وَحُويِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ: ابْنا مَسْعودٍ (¬5). قَوْلُهُ: "الْكُبْرُ الْكُبْرُ" (¬6) مَعْناهُ: لِيَبْدَأَ الْكَلامَ الأَكبَرُ، وَكانَ عَبْدُ الرحْمنِ أَصْغَرَ صاحِبَيْهِ. ¬
قَوْلة: "وَإِمَّا أَنْ يَأْذَنوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ" (¬7) يَأْذَنوا: يَعلَموا، وَالْأَذانُ (¬8): الِإعْلام، كأَنَّهُ الإِيقاع فِى الأُذُنِ. قَوْله: "لحُوَيِّصَةَ وَمحَيِّصَةَ" السَّماعُ فيهِمَا بسكونِ اليَاءِ وَبِالتَّخفيفِ، وَبرْهانُ الدّينِ بْنِ الْحَضْرَمِىِّ أَسْمَعَنَاه بِكَسْرِ الْياءِ وَبِالتَّشْديد (¬9). قوله: "تُبْرِئكُمْ يَهودُ" (¬10) أَيْ: يَحْلِفونَ فَيبْرَأونَ مِنَ الْقَتْلِ، يُقالُ: بَرِئَ مِنَ الدُّيْنِ، وَأَبْرَأْتُهُ أَنا فَهُوَ بَرىءٌ وَخَلِىٌّ مِنْهُ. قَوْلُهُ: "مُغَلَّظَةً" (¬11) الْغِلَظُ فِى الْجِسْمِ: الْكَثافَة وَالثُّخونَة وَالْامْتِلاءُ، وَفيما سواهُ: الْكَثْرَة، فَتَغْليظْ الْأَيْمانِ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ وَبِالصِّفاتِ، وَتَغْليظ الدِّية: تَكْثيرها بِالْأَسْنانِ الَّتي تَكْثُرُ قيمَتُها. قَوْلهُ: "تَواطَأوا عَلى الشَّهادَةِ" تَوَافَقوا. قَوْلهُ: "لأنَّ الْمُعَوَّل" أَىْ: الْمُعْتَمَدَ، وَالْعَرَبُ تَقول: عَوَّلْت عَلَيْهِ فِى الْأَمْرِ، أَىْ: اسْتَعَنْتُ بِهِ فيهِ وَاعْتَمَدْت عَلَيْهِ. قَوْلهُ: "لَقَدْ خَشيتُ أَنْ يَبْهَأَ النَّاسُ" أَيْ: يَأْنَسوا بِهِ، فَتَقِلَّ هَيْبَتُهُ عِنْدَهُمْ فَيَتَهاوَنوا بِهِ وَيَحْتَقِروهُ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬12). قَوْلُهُ: "مِنْ صِفاتِ الذّاتِ" (¬13) أَيْ: حَقيقَتِهِ وَثُبوتِ وُجودِهِ فِى النَّفْسِ مِنْ غَيْرِ صورةٍ وَلا شخْصٍ وَلا مِثالٍ. ¬
ومن كتاب الشهادات
وَمِنْ كِتابِ الشَّهاداتِ أَصْلُ الشَّهادَةِ: الْحُضورُ، مِنْ قَوْلهِمْ: شَهِدَ الْمكانَ، وَشَهِدَ الْحَرْبَ، أَيْ: حَضَرها، وَالْمُشاهَدَةُ: الْمُعايَنَةُ مَعْ الْحضورِ، وَالشَّهادَةُ: خَبَرُ قَطْع بِما حَضَرَ وَعايَنَ، ثُمَّ قَدْ يَكونُ بِما عُلِم وَاسْتفاضَ. وَقيلَ: إِنَّ الشَّهادَةَ مَأخوذة مِنَ الْعِلْمِ مِنْ قَوْلِهِ تَعالَى: {شَهِدَ اللَّهُ} (¬1) قيلَ: عَلِمَ وَبَيَّنَ (¬2)، كَأنَّ الشّاهِدَ يُبَيِّنُ ما يُوجِبُ حُكْمَ الحاكِمِ. قَوْلُهُ: "شَهِدَ أَبو بَكْرَةَ وَنافِعٌ" (¬3) وَزِيادٌ (¬4): هُمْ أُخْوَةٌ، أُمُّهُمْ سُمَيَّةُ جارِيَةٌ لِلْحارِثِ بْنِ كَلَدَةَ الثَّقَفِىِّ (¬5)، وَكانَ أَبُو بَكْرَةَ يُنْسَبُ فِى الْمَوَالِى (¬6). قالَ الْبَيْهَقِىُّ (¬7): أَبو بَكْرَةَ بْنُ مَسْروح، وَقيلَ: اسْمُهُ نُفَيْعُ بْنُ الْحارِثِ، وَنافِعٌ ينسَبُ إِلَى الْحارِثِ، وَزِيادٌ يُنْسَبُ إِلى أَبى سُفْيانَ بْنِ حَرْبٍ، وَصَدَّقَهُ مُعاوِيَةُ رَضِي اللهُ عَنْهُ، وانتفَى عَنْ أَبيهِ عُبَيْدٍ (¬8) زَوْجِ سُمَيَّةَ أَمِّهِ، فَهَجَرَهُ أَخوهُ أَبو بَكْرَةَ إِلى ¬
أَنْ ماتَ (¬9) حِينَ انْتَسَبَ إِلى الزّانِي، وَصَدَّقَ أَنَّ أمَّهُ زَنَتْ؛ لأنَّ أبا سُفيانَ زَعَمَ أَنَّهُ زَنَى بِأُمِّهِ فِى الْجاهِلِيَّةِ. قَوْلهُ: "خَيْرُ النّاسِ قَرْنِي" (¬10) الْقَرْنُ مِنَ النَّاسِ: أَهْلُ زَمانٍ واحِدٍ، وَاشْتِقاقُهُ مِنَ الاقتران (¬11)، وَكُلُّ طَبَقَةٍ مُقْتَرِنينَ فِى وَقْتٍ فَهُمْ قَرْنٌ، قالَ (¬12): إِذا ذَهَبَ الْقَرْنُ الَّذى أَنْتَ مِنْهُمُ ... وَخُلِّفْتَ فِى قَرْنٍ فَأَنْتَ غَريبُ وَالْقَرْن: مِثْلُكَ فِى السِّنِّ، تَقولُ: هَذا عَلَى قَرْنِي، أَيْ: عَلى سِنِّى. قَوْلُهُ: "ثمَّ يَغْشو" أَيْ: يَكْثُرُ وَيُنْشَرُ، مِنْ فَشَا المالُ: إِذَا تَناسَلَ وَكَثُرَ، وَفَشا الْخَبَرُ أَيْضًا: إِذا ذاعَ. ¬
ومن باب من تقبل شهادته ومن لا تقبل
وَمِنْ بابِ مَنْ تُقْبَلُ شَهادَتُهُ وَمَن لا تُقْبَلُ قَوْلهُ تَعالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (¬1) يُقالُ: أَشْهَدْتُ وَاسْتَشهَدْتُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ. وَالشَّهيدُ وَالشَّاهدُ: سَوَاءٌ، بِمَعْنًى، كَالْعالمِ وَالْعَليمِ (¬2)، وَيُجْمَعُ علمًا أَشهادٍ وَشُهداءُ وَشُهودٍ وَشَهْدٍ. وَسُمِّىَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثابت ذَا الشَّهادَتَيْين (¬3)؛- لأنَّهُ حَكَمَ بِشهادَتِهِ وَحْدَهُ، وَأَقامَ شَهادَتهُ مَقامَ شاهِدَيْنِ. قَوْلهُ: "الْمُغَفَّلِ" (¬4) الَّذى تَكْثُرُ مِنْهُ الْغَفْلَةُ، وَلَيْس بِمْتَيَقِّظٍ وَلا ذاكِرٍ. قَوْلهُ: "لَا تَجوزُ شَهادَةُ خائِن وَلا خائِنَةٍ" (¬5) الْخائِنُ: الَّذى اوتُمِنَ فَأَخَذَ أَمانَتَة، وَقَدْ وَهِمَ مَنْ قالَ: هُوَ السّارِقُ، وَقَدْ تَقَعُ الْخِيانةُ فِى غَيْرِ الْمالِ، وَذلِكَ بِأَنْ يُسْتَوْدَعَ سِرًّا فُيُفْشِيَهُ، أَوْ يُؤْمَنَ عَلى حُكْمٍ فَلا يَعْدِلُ فيهِ. قَوْلُهُ: "وَلا ذِى غِمْرٍ" الْغِمْرُ: الْحِقْدُ [وَالْغِلُّ] وَقَد غَمِرَ صَدْرُهُ عَلَىَّ -بِالْكَسْرِ- يَغْمَرُ غَمَرًا وَغِمْرًا، عَنْ يَعْقوب (¬6). ¬
قَوْلُهُ: "شَهِدَه بِالزّورِ" (¬7) الزّورُ: الْكذِبُ وَأَصْلُهُ: الْمَيْل، كَأَنَّهُ مالَ عَنِ الصِّدْقِ إِلَى الْكذِبِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالَىْ: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ} (¬8) وَقيلَ: هوَ مُشْتَقٌّ مِنْ قَولهِمْ: زَوَّرْتُ فِى نَفْسي حَديثًا: أَصْلَحْتُهُ وَهيَّأْتُهُ، كَأن شاهِدَ الزّورِ قدْ زَوَّرَ الشّهادَةَ فِى نَفْسِهِ وَهَيَّأْهَا وَلَمْ يَسمَعْ وَلَمْ يَرَ. قَوْلُهُ: "يُمْحِضُ الطاَّعَةَ" (¬9) أَي: يُخلِصُها، وَالْمحْضُ: الْخالِص من كُلِّ شَيْيءٍ. قَوْلُهُ: "يَخْبُثُ بَعْضٌ" (¬10) الْخَبيثُ: ضِدُّ الطَّيِّبِ، وَقد خَبُثَ خَباثَةً وَخُبْثًا. قَوْلُهُ: "مَنِ استَجازَ" (¬11) أَىْ: رآهُ جائِزًا سائِغًا، يُقالُ: جَوَّزَ لَهُ ما صَنَعَ وَأَجازَ لَهُ، أَيْ: سَوَّغَ لَهُ ذَلِكَ. وَالْمروءَةُ (¬12): تُهْمَزُ وَتُخَفَّفُ، وَيَجوزُ التَّشْديدُ وَترْك الْهمْزِ فيهَا، وَهِىَ: الإِنسانِيِّةُ كَما ذَكَرَ (¬13). قالَ أَبو زَيْدٍ: مَرُؤَ الرَّجُلُ: صارَ ذَا مُروءَةٍ، فَهُوَ مَرىءٌ عَلَى فَعيلٍ، وتَمَرَّأَ: تَكَلَّفَ الْمُروءَةَ (¬14). ¬
قَوْلُهُ: "إِذا لَمْ تَسْتَحى فَاصْنَعْ ما شئتَ" (¬15) مَعْناهُ: إِنَّما يَمْنَعُ مِنْ فِعْلِ السّوءِ وَالْقَبيحِ الْحَيَاءُ، فَإِذَا عُدِمَ الْحَياءُ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ مانِعٌ. وَقيلَ مَعْناهُ: إِذا لَمْ تَسْتَحى صَنَعْتَ ما شِئْتَ، وَقيلَ: اصْنَعْ مَا شِئْتَ فَأنْتَ مُجازىً (¬16). قَوْلُهُ: "الصَّنائِعِ الدَّنيئَةِ" (¬17) هِىَ: الْخَسيسَةُ، مَأْخوذَةٌ مِنَ الدَّنيىءِ، وَهُوَ: الْخَسيسُ، مَهْموزٌ. وَقَدْ دَنَأ الرجُلُ: إِذا صارَ دَنيئًا لَا خَيْرَ فِيهِ. قَوْلُهُ: "وَالزَّبّالِ" الَّذى يَحْمِلُ الزِّبْلَ، وَهُوَ: السِّرْجينُ، وَمَوْضِعُهُ: الْمَزْبَلَةُ. وَالنَّخّالُ: هُوَ الَّذى يَنْخُل التُّرابَ يَلْتَمِسُ فيهِ الشَّيْىءَ التّافِهَ. وَالشِّطرنْجُ (¬18): بِكَسْرِ الشِّينِ فِى اللُّغَةِ الْفَصيحَةِ (¬19). قَوْلُهُ: "يَلْعَبُ بِهِ اسْتِدْبارًا" الاسْتِدْبارُ: خِلافُ الاسْتِقْبالِ، أَيْ: يَجْعَلُهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ. قَوْلُهُ "تَكَلَّمَ فِى لَعِبِهِ بِما يَسْخُفُ" (¬20) هُوَ الْكَلامُ الْمُقْذِعُ السّاقِطُ، وَأَصْلُ السُّخْفِ: رِقَّةُ الْعَقْلِ، وَقَدْ سَخُفَ الرجُلُ -بِالضَّمِّ- سَخافَةً فَهُوَ سَخيفٌ. "وَيَحرُمُ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ" لَيْسَ النَّرْدُ بِعَرَبِىٍّ (¬21)، وَصورَتُهُ: أَنْ يَكونَ ثَلاثينَ بُنْدُقًا، مَعَ كُلِّ واحِدٍ مِنَ اللَّاعبينَ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَيَكون فيهِ ثَلاثُ ¬
كِعابٍ مُرَبَّعَةٍ، تَكونُ فِى أَرْباعِ كُلِّ واحِدَةٍ، فِى رُبُع سِتُّ نُقَطٍ، وَفِى الْمُقابِلَةِ نُقْطَة وَفِى الرُّبْعِ الثانِي خَمْسُ نُقَطٍ، وَفِى الْمُقابِلَةِ نُقْطتانِ، وَفِى الرُّبُعِ الثالِثِ أَرْبَعُ نُقَطٍ، وَفِى الْمُقابِلَةِ ثَلاثُ نُقَطٍ. وَ "الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ" (¬22) هِىَ: قِطْعَةٌ مِنْ خَشبٍ يُحْفَرُ فيها ثَلاثَةُ أَسْطُرٍ، فَيُجْعَلُ فِى تِلْكَ الْحُفَرِ حَصىً صِغارٌ يَلْعْبونَ بهَا ذَكَرهُ فِى البَيانِ. وَيَحْرُمُ اللَّعِبُ بِالأرْبَعَةَ عَشَرَ: هِىَ الَلُّعْبَةُ الَّتِى يُسَمِّيها الْعَامَّةُ: شَارْدُهْ، وَهُوَ: أَرْبَعَةَ عَشَرَ بِالْفارِسَّيةِ؛ لِأنَّ شَارْ أَرْبَعَةٌ، وَدُهْ: عَشرَةٌ بِلُغَتِهِمْ، وَهُوَ: حُفَيْراتٌ تُجْعَلُ فِى لَوْحٍ سَطرًا فِى أَحَدِ جَانِبَيْهِ، وَسَطرًا فِى الْجانِبِ الآخَرِ، وَتُجْعَلُ فِى الْحُفَرِ حَصىً صِغارٌ يَلْعَبونَ بِها، وقالَ فِى الشّامِلِ: ثَلاثَة أَسْطرُ. قَوْلُهُ: "مِنْ غَيْرِ آلةٍ مُطّرِبَةٍ" (¬23) قَدْ ذَكَرْنا (¬24) أَنَّ الطَّرَبَ: خِفَّةٌ تُصيبُ الإِنْسانَ؛ لِشِدَّةِ حُزْنٍ أَوْ سُرورٍ، وَقالَ الشَّاعِرُ (¬25): وَأَرانِى طَرِبًا فِى إِثْرِهِمْ ... طَرَبَ الْوَالِهِ أَوْ كَالمُخْتَبَلْ وَبَيْتُ الْجارِية الَّتي تُنْشِد (¬26): هَلْ عَلَىَّ وَيْحَكُما ... إِنْ لَهَوتُ مِنْ حَرَجْ فَقالَ: "لا حَرَجَ إِنْ شاءَ اللهُ". ¬
قالَ ابْنُ الْأَنْبارِىِّ (¬27) فِى الْويّحِ قَوْلان، قالَ أَهْلُ التَّفْسير: الْوَيْحُ: الرَّحْمَةُ، وَقالوا: حَسَنٌ أَنْ يَقول الرَّجُلُ لِمَنْ يُخاطِبُهُ: وَيْحَكَ. وَالثَّانِي: قالهُ الْفَرّاءُ: الْوَيْحُ وَالْوَيْسُ: كِنايَتانِ عَنِ الْوَيْلِ، وَمَعْنَى وَيْحَكَ: وَيْلَكَ، بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الْعَرَبِ: كَاتَعَهُ اللهُ، كِنايَة عَنْ قَولهِمْ: قاتَلَهُ اللهُ، وَكَنَّى آخَرونَ، فَقالوا: كاتَعَهُ اللهُ. وَقالَ غَيْرُهُ (28) وَيْحٌ: كَلِمَةُ رَحْمَةٍ ضِدُّ وَيْلٍ: كَلِمَةُ عَذَابٍ. وَقالَ الْيزِيدىُّ: هُما بِمَعْنًى وَاحِدٍ، يُقالُ: وَيْححٌ لِزَيْدٍ، وَوَيْلٌ لِزَيْدٍ بِرَفْعِهِما عَلَى الابْتِداءِ، وَلَكَ أَنْ تَقُول: وَيحًا لِزَيد وَوَيْلًا لِزَيْد، فَتَنْصِبَهُما بِإِضْمارِ فِعْلٍ، كَأنَّكَ قُلْتَ: أَلْزَمَهُ اللهُ وَيْحًا وَوَيْلًا (¬28). قَوْلُهُ: "لا حَرَجَ" أَيْ: لا ضيقَ أَوْ لا إِثْمَ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬29). قَوْلُهُ: "يَرْنَمُ بِالْبَيْتِ وَالْبَيْتَيْنِ" (¬30) الرَّنَمُ -بالتَّحرِيكِ: الصَّوْتُ، وَقَدْ رَنِمَ -بِالكَسْرِ- وَتَرَنَّمَ: إِذا رَجَّعَ صَوْتَهُ، وَالتَّرْنيمُ: مِثْلُهُ، وَتَرَنَّمَ الطائِرُ فِى هَديرِهِ. وَقيلَ: إِنَّ البَيْتَ الَّذي أَنْشَدَهُ عُمَرُ (¬31) رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَإِنَّ ثَوَائِى بِالْمَدينَةِ بَعْدَما ... قَضَى وَطرًا مِنْها جَميُل بْنُ مَعْمَرِ أَرادَ جَميلَ بْنَ مَعْمَرٍ الْجُمَحِىَّ، لَا الْعُذْرِىَّ، فَإِنَّهُ مُتَأَخِّرٌ. ¬
قَوْلُهُ: "إِنِّي لَأُجِمُّ قَلْبِىَ" (¬32) أَيْ: أُريحُهُ، وَالْجَمامُ- بِالْفَتْحِ: الرّاحَةُ، يُقالُ: جَمَّ الْفَرَسُ جَمًّا وَجَمامًا: إِذا ذَهَبَ إِعْياؤهُ، وَكَذَلِكَ: إِذا تَرَكَ الضرِّابَ، يَجِمُّ وَيَجُمُّ. وَأُجِمَّ الْفَرسُ: إِذا تُرِكَ أَنْ يُرْكَبَ (¬33). وَقيلَ: يَجْمَعُهُ وَيُكْمِلُ صَلاحَهُ وَنَشاطَهُ. يُقالُ: جَمَّ الْماءُ يَجُمُّ: إِذا زادَ (¬34)، وَجَمَّ الْفَرسُ: إِذا زادَ جَرْيُهُ. قَوْلُهُ: "الْمِعْزَفَةِ" (¬35) بِكَسْرِ الميم مِنْ آلاتِ الْمَلَاهِى. وَالْمعازِفُ: الْمَلاهِى، وَالْعَزيفُ: صَوْتُ الْجِنِّ تَعْزِفُ عَزِيفًا. قَوْلُهُ تَعالَى: {لَهْوَ الْحَدِيثِ} (¬36) فُسِّر بِالْغِناءِ، وَسُمِّىَ لَهوا؛ لِأنَّهُ يُلْهِى عَنْ ذِكرِ اللهِ (¬37)، يقال: لَهِيتُ (¬38) عَنِ الشَّيْىء: إِذا اعرَضْتَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: "إنَّ الله حَرَّمَ عَلى أُمَّتى الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَالْمِزْرَ وَالْكوبَةَ وَالْقِنِّينَ" (¬39) الْخَمْرُ. يَكونُ مِنَ الْعِنَبِ، وَيُقالُ لما سِوَاها مَجازًا وَاتِّساعًا. وَالْمَيْسِرُ: الْقِمارُ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬40). وَالْمِزْرُ: خَمرَةُ الذُّرَةِ (¬41). وَأَمّا الْكوبَةُ وَالْقِنِّينُ، فَقَدْ ¬
فَسَرهُما الشَّيْخُ فِى الْكِتابِ (¬42)، وَفَسَرّ اَلْقِنِّينَ بِالْبَرْبَطِ، وَهُوَ: عودُ الْغِناءِ (¬43)، قالَ الزَّمَخْشَرِى (¬44): القِّنِّين بِوَزْنِ السِّكِّيتِ: الطُّنْبورُ، عَنِ ابْنِ الْأعْرَابِىِّ، وَقَنَّنَ: إِذا ضَرَبَ بِهِ، يُقالُ: قَنَنْتُهُ بِالْعَصا قَنًّا: إِذا ضَرَبتهُ، قالَ: وَقيلَ: لُعْبَةٌ لِلرّومِ يَتَقامَرونَ بِها. وَهُوَ قَوْل ابْنِ قُتَيْبَةَ (¬45). قالَ ابْنُ الْأَعْرابِىِّ: وَهُوَ: الطُّنْبورُ بِالْحَبَشِيَّةِ. وَالْكوبَةُ: النَّرْدُ، وَيُقالُ: الطَّبْلُ (¬46). وَقالَ فِى الْوَسيطِ: هُوَ طَبْلُ الْمُخَنَّثينَ دَقيقُ الْوَسَطِ غَليظُ الطَّرَفَيْنِ. وَقالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬47): الْكوبَةُ. الطَّبْلُ الصَّغيرُ الْمُخَصَّرُ، وَهُوَ قَريبٌ مِمّا قالَ فِى الْوَسيطِ. وقالَ فِى الْعَيْنِ (¬48): هُنَّ قَصَباتٌ يُجْمَعْنَ [فِى] قِطْعَةٍ مِنْ أَديمٍ، وَيُحْرَزُ عَلَيْهِنَّ، ثُمَّ يَنْفُخُ فيها اثْنانِ يَزْمِرانِ فيها، وَسُمِّيَتْ كوبَةً؛ لِأنَّ بَعْضَها كُوِّبَ عَلى بَعْضٍ، أَيْ: أُلْزِمَ. قَوْلُهُ: "تُمْسَخُ" (¬49) الْمَسْخُ: تَحْوِيلُ صُورَةٍ إِلى ما هُوَ أَقْبَحُ مِنْها، يُقالُ: مَسَخَهُ الله قِرْدًا، وَالْمَسيخُ مِنَ الرِّجال: الَّذى لا مَلاحَةَ لَهُ، وَمِنَ اللَّحْمِ: الَّذى لا طَعْمَ لَهُ. ¬
قَوْلُهُ: "أَعْلِنوا النِّكاحَ وَاضْرِبوا عَلَيْهِ بِالدُّف" (¬50) الإِعْلانُ وَالْعَلانِيَةُ: ضِدُّ الإِسْرارِ، وَهُوَ: إِظْهارُ الشَّيْىءِ وَتَرْكُ إِخْفائِهِ، لِيُخالِفَ الزِّنا الَّذى عَادَتُهُ أَنْ يُسْتَسَرَّ بِهِ وَيُخْفَى. وَالدُّفُّ -بِالضَّمِّ، وَحَكى أَبو عُبَيْدٍ (¬51) أَنَّ الْفَتحَ فيهِ لُغَةٌ. قَوْلُهُ: "الْحُداءُ" (¬52) الْحُداءُ وَالْحَدْوُ: سَوْقُ الإِبِلَ وَالْغِناءُ لَها، وَقَدْ حَدَوْتُ الإبِلُ حَدْوًا وَحُداءً. قَوْلُهُ: "فَأَعْنَقَتِ الإِبِلِ فِى السَّيْرِ" (¬53) أَيْ: أَسْرَعَتْ، وَالْعَنَقُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ سَريعٌ (¬54)، كأَن الإِبِلَ تَرْفَعُ أَعْناقَها فيهِ. قَوْلُهُ: "رُوَيْدَكَ" تَصْغيرُ رُوْدٍ (¬55)، وَقَدْ أَرْوَدَ بهِ، أَيْ: رَفَقَ بِهِ، وَقَدْ وُضِعَ مَوْضِعَ الْأَمْرِ، أَيْ: أَرْوِدْ بِمَعْنَى أَرْفِقْ. وَقيلَ: أَصْلُهُ مِنْ رادَتِ الرِّيح تَرودُ: إِذا تَحَرَّكَتْ حَرَكةً خَفيفَةً، قالَ اللهُ تَعالَى {أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} (¬56) أَىْ: إِمْهالًا رُوَيْدًا (¬57). قَوْلُهُ: "رِفْقا بِالْقَواريرِ" شَبَّهَهُنَّ بِها، لِضَعْفِهِنَّ وَرِقَّةِ قُلوبِهِنَّ، وَالْقَواريرُ يُسْرِعُ إِلَيْها الْكَسْرُ، وَكانَ يُنْشِدُ مِنَ الرَّجَزِ ما فيهِ نسيبٌ، فَلَمْ يَأَمَنْ أَنْ يُصيبَهُنَّ، أَوْ يوقِعَ فِى قُلوبِهِنَّ حَلاوَةً، أَمْرٌ بِالْكَفِّ عَن ذَلِكَ. ¬
يُقالُ: الْغِناءُ رُقْيَةُ الزِّنا (¬58)، وَيُقالُ: إِنَّ سُلَيْمانَ بْنَ عَبْد الْمَلِكِ سَمِعَ فِى مُعَسْكَرِهِ مُغَنِّيًا فَدَعا بِهِ فَخَصاهُ فَقالَ: إِنَّ الْغنِاءَ رُقْيَةُ الزنا، وَكانَ شَديدَ الْغَيْرَةِ (¬59). وَأَنْشَدَ بَعْض أَهْلِ الْعَصْرِ (¬60): يا حادِىَ الْعيسِ رِفْقًا بِالْقَواريرِ ... فَقَدْ أَذابَ سُراها بِالْقَوَى رِيرِى (¬61) وَشَفَّها السَّيْرُ حَتَّى ما بِها رَمَقٌ ... فِى مَهْمَهٍ لَيْسَ فيهِ لِلْقوَارِى رِى (¬62) جَمْعُ قارِيةٍ، وَهِيَ: الْفاخِتَةُ. قَوْلُهُ: "فَأنْشَدْتُهُ بَيْتًا فَقالَ: هِيهِ" (¬63) مَعْناهُ: زِدْ، وَهو اسْمُ فِعْلٍ يُؤْمَرُ بهِ، أَيْ: زِدْ فِى إِنْشادِكَ، يُنَوَّنُ، فَمَنْ نَوَّنَ، فَمَعْناهُ: زِدْنِي حَديثًا؛ لِأنَّ التَّنْوِينَ لِلتّكْثيرِ، وَمَنْ لَمْ يُنَوِّنْ، فَمَعْناهُ: زِدْنِي مِنَ الْحَدِيثِ الْمَعْروفِ مِنْكَ. وَأَصْلُهُ: إِيه، وَالْهاءُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْهَمْزَةِ، تَقولُهُ لِلرَّجُلِ إِذا اسْتَزَدْتَهُ مِن حَديثٍ أَوْ عَمَل (¬64)، قالَ ذُو الرُّمَّةِ (¬65): وَقَفْنا فَقُلْنا إِيه عَنْ أُمِّ سَالمٍ ... وَما بالُ تَكْليمِ الدِّيارِ الْبَلاقِعِ وَأَمّا إِيهًا، فَمَعْناهُ: كُفّ، وَلَمْ يَجِىءْ إِلَّا مُنَكَّرًا، قالَ النَّابِغَةُ (¬66): إِيهًا فِدَاءٍ لَكَ الْأَقْوامُ كُلُّهُمُ ... وَمَا أُثَمِّرُ مِنْ مالٍ وَمنْ وَلَدِ ¬
فِى الْحَديث: ما أَذِنَ اللهُ لِشَيْىءٍ أَذَنَهُ لِنَبِىٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ" (¬67) يُريدُ: ما اسْتَمَعَ اللهُ لِشَيْىءٍ، وَاللهُ تَعالَى لَا يَشْغَلُهُ سَمَعٌ عَنْ سَمْعِ، يُقالُ: أَذِنَ يَأْذَنُ أَذَنًا: إِذا سَمِعَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعالَى: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} (¬68) أي: اسْتَمَعَتْ، قَالَ ابْنُ أَحْمَرَ (¬69): أَيُها الْقَلْبُ تمتع بِدَدَنْ ... إِنَّ هَمِّى فِى سَمَاع وَأَذَنْ وَمِنْ ذَلِكَ سُمِّيَتِ الأُذُنُ. قَوْلُهُ: "مَنْ لَمْ يَتَغَنِّ بِالْقُرْآنِ" (¬70) مُفَسَّرٌ فِى الْكِتابِ، وَالأَوْلَى: الْجَمْعُ بَيْنَ التَّفْسيرَيْنِ: الاسْتِغْناءِ بِهِ وَالتَّأَدّبِ بِآدابِهِ، وَتَحْسينِ الصَّوْتِ بِهِ وَتَرْقيقِهِ، لِيَتَّعِظَ بِهِ مَنْ يَسْمَعُهُ، وَيَتَّعِظَ هُوَ بِهِ. قَوْلُهُ: "وَأَمّا الْقِراءَةُ بِالأَلْحانِ" (¬71) الأَلْحانُ وَاللُّحونُ: واحِدُها اللَّحْنُ، وَهُوَ: الْغِناءُ وَالتَّطرْيبُ، وَقَدْ لَحَنَ فِى قِراءَتِهِ: إِذَا طَرَّبَ بِها وَغَرَّدَ، وَفِى الْحَديثِ: "اقْرَأوا الْقُرْآنَ بِلُحونِ الْعَرَبِ" (¬72). ¬
قَوْلُهُ (73): بَانَتْ سُعادُ فَقَلْبِى الْيَوْمَ مَتْبولُ ... . . . . . . . . . . . . . بَانَتْ: فارَقَتْ، وَالْبَيْنُ: الْفِراقُ، وَالْبَيْنُ أَيْضًا: الْوَصْلُ {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} (¬74) وَهُوَ مِنَ الْأَضْدادِ (¬75). مَتْبولُ، أَيْ: سَقيمٌ فاسِدٌ، يُقالُ: أَتْبَلَهُ الْحبُّ، وَتَبَلَهُ، أَيْ: أَسْقَمَهُ وَأَفْسَدَهُ. قَوْلُهُ: "عَدَلَتْ شَهادَةُ الزُّورِ الإِشْراكَ بِاللهِ" (¬76) أَيْ: ساوَتْهُ وَماثَلَتْهُ، تَقولُ: عَدَلْتُ فُلانًا بِفُلانٍ: إِذا سَاوَيْتَ بَيْنَهُما. قَوْلُهُ: "يَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ" ذُكِرَ (¬77). قَوْلُهُ: "وإِنْ رَأَى أَنْ يُشْهِرَ أَمْرَهُ" (¬78) أَيْ: يَكْشِفَهُ لِلنّاسِ وَيُوَضِّحَهُ، وَالشُّهْرَةُ: وُضوحُ الْأَمْرِ: يُقالُ: شَهَرْتُ الْأَمْرَ أَشْهَرُهُ شَهْرًا وَشُهْرَةً فَاشْتَهَرَ، وَكَذَلِك شَهَّرْتُهُ تَشْهيرًا. قَوْلُهُ: "أَهْلُ الصِّيانَةِ" (¬79) الَّذينَ يُصانونَ عَنِ التَّنْكيلِ وَالتَّأْديبِ بِالتَّعْزيرِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: "أَقيلُوا ذَوِى الْهَيْئاتِ عَثَرَاتِهِمْ" هُمْ أَهْلُ الْمُروءاتِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬80). ¬
قَوْلُهُ: "لَا تُقْبَلُ شَهادَةُ خَصْمٍ وَلا ظَنِين" (¬81) الظَّنينُ: الْمُتَّهَمُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعالَى: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ} (¬82) أَىْ: بِمُتَّهَمٍ، فِى قِراءَةِ منْ قَرَأَ بِالظَّاءِ (¬83). وَالظِّنَّةُ: التُّهْمَةُ. قالَ ابْنُ سيرينَ: "لمْ يَكُنْ عَلِىٌّ يُظَنُّ فِى قَتْلِ عُثْمانَ" (¬84)، أَيْ: يُتَّهَمُ. وَأَمّا مَنْ قَرَأَ بِالضّادِ، فَإِنَّهُ أَرادَ: بِبَخيلٍ. قَوْلُهُ: "ذِى إِحْنَةٍ" يُقالُ: فِى صَدْرِهِ عَلَىَّ إِحْنَةٌ، أَيْ: حِقْدٌ، ولا تَقُلْ: حِنَةٌ (¬85)، وَالْجَمْعُ: إِحْنٌ وَقَدْ أَحِنْتُ عَلَيْهِ - بِالْكَسْرِ، قالَ (¬86): إِذا كانَ فِى صَدْرِ ابْنِ عَمِّكَ إِحْنَةٌ ... فَلا تَسْتَثِرْها سَوْفَ يَبْدو دَفينُها قَوْلُهُ: "الطَّبْعِ" (¬87) هُوَ: السَّجِيَّةُ بِما جُبِلَ عَلَيْهِ الإِنْسانُ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ، وَالطَّبيعَةُ: مِثْلُهُ، وَالْجَمْعُ: الطِّباعُ. قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "فاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي" (¬88) الْبَضْعَةُ - بِفَتْحِ الباءِ: هِىَ الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ، هَذِهِ وَحْدَها بِالْفَتْحِ، وَأَخَواتُها: بِالْكَسْرِ كَالْقِدَّةِ، وَالْفِدرَةِ (¬89)، وَالْخِرْقَةِ، وَالْكِسْفَةِ. ¬
قَوْلُهُ: "يُريُبنى ما يُرِيبُها" أَيْ: يُدْخِلُ عَلَىَّ الشَّكَّ، كُلَّما أُدْخِلَ عَلَيْهَا الشَّكُ وَالتُّهْمَةُ، يُقالُ: رابَنِي فُلانٌ: إِذا رَأَيْتَ مِنْهُ مَا يَريبُكَ وَتَكْرَهُهُ. وَالرِّيبَةُ: الشَّكُّ، قالَ الْهَرَوِىُّ (¬90): يُقالُ: أَرابَنِي الشَّيْىءُ، أَىْ: شَكَّكنى وَأَوْهَمَنِي الرِّيبَةَ، فَإِذا اسْتَيْقَنْتَهُ، قُلْتَ: مَا رَابَنِي - بِغَيْرِ هَمزَةٍ (¬91). وَقالَ الْفَرّاءُ: رابَ وَأَرَابَ: بِمَعْنًى واحِدٍ. وَالضَّرَّةُ (¬92): قَدْ ذُكِرَت، وَهِيَ: إِحْدى الزَّوْجَتَيْنِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ، لإدْخالِ الضَرَّرَ عَلَيْها. قَوْلُهُ: "فَالتَّوْبَةُ أَنْ يُقْلِعَ عَنْها وَيَنْدَمَ" (¬93) وَقَدْ ذَكَرْنا التَّوْبَةَ، وَأَصْلُها: الرُّجوعُ. وَالِإقْلاعُ عَنِ الأَمْرِ: الْكَفُّ عَنْهُ، يُقالُ: أَقْلَعَ فْلانٌ عَمّا كانَ عَلَيْهِ: إِذا تَرَكَهُ فَكَفَّ عَنْهُ. قَوْلُهُ تَعالَى: {وَلَمْ يُصِرُّوا} (¬94) لَمْ يُقيموا، وَالإِصْرارُ: الإِقامَةُ عَلَىَ الذَّنْبِ، أَوْ تَرْكُ التَّوْبَةِ مِنْه (¬95). قَوْلُهُ: "أَجلْ" (¬96) بِمَعْنَى نَعَمْ، وَقَدْ ذُكِرتْ (¬97). ¬
قَوْلُهُ: "مَنْ أَتَى مِنْ هَذِهِ الْقاذوراتِ شَيْئًا" (¬98) هِىَ جَمْعُ قاذورَة، وَهِيَ: الْفِعْلُ الْقَبيحُ وَاللَّفْظُ السَّيِّىءُ. وَقَذِرْتُ الشَّيْىءَ وَتَقَذَّرْتُهُ، أَيْ: عِفْتَهُ وَكَرِهْتَهُ (¬99). قَوْلُهُ: "مَنْ أَبْدى لَنا صَفْحَتَهُ" الصَّفْحَةُ: جانِبُ الْعُنُقِ، وَمَعْناهُ: مَنْ أَظْهَرَ لَنا أَمْرَهُ، أَيْ: أَقَرَّ بِهِ. أَقَمْنا عَلَيْهِ الْحَدَّ. قَوْلُهُ: "تَهيجُ فيها الطَّبائِعُ" (¬100) أَيْ: تَثورُ، يُقالُ: هاجَ الشَّيْىءُ يَهيجُ هَيْجًا وَهَيَجَانًا، أَىْ: ثارَ. وَالطَّبائِعُ: جَمْعُ طَبيعَةٍ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬101). قَوْلُهُ: "لَمْ تُرَدّ بِمَعَّرَّةٍ" (¬102) أَيْ: عَيْبٍ وَعارٍ لَحِقَهُ، وَالْمَعَرَّةُ أَيْضًا: الإِثْمُ، قالَ اللهُ تَعالَى: {فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ} (¬103) أَيْ: إِثْمٌ. ¬
ومن باب عدد الشهود
وَمِنْ باب عَدَدِ الشُّهودِ قَوْلُهُ: "رَأَيْتُ اسْتَاتَنْبُو" (¬1) الاسْتُ: الْعَجزُ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ حَلْقَةُ الدُّبُرِ، وَأصْلُها: سَتَة عَلى وَزْنِ فَعَلٍ -بِالتَّحريك- يَدُلُّ عَلى ذَلِكَ أَنَّ جَمْعَهُ أَسْتاهٌ، مِثْلُ جَمَلٍ وَأَجْمالٍ، وَلا يَجوزُ أَنْ يَكونَ مِثْلَ جِذعٍ وَقُفْلٍ اللَّذَيْنِ يُجْمعانِ أَيْضًا عَلى أَفعالٍ؛ لأنَّك إِذا رَدَدْتَ (¬2) الْهاءَ التي هِىَ لامُ الْفِعْلِ، وَحَذَفْتَ العَيْنَ، قلْتَ: سَهٌ- بِالْفَتْح، قالَ الشَّاعِرُ (¬3): شَأَنكَ قُعَيْنٌ غَثُّها وَسَمينُها ... وَأَنْتَ السَّه السُّفْلى إِذا ذُكِرَتْ (¬4) نَصْرُ يَقولُ: أَنْتَ فيهِمْ بِمَنْزِلَةِ الاسْتِ مِنَ النّاسِ. قَوْلُهُ: "تَنُبو" أَيْ: تَرْتَفِعُ، أَرادَ هَا هُنا: الْعَجُزَ دونَ حَلْقَةِ الدُّبُرِ. قَوْلُهُ: "وَإنَّما الْقِصاصُ فِى ضِمْنِهما " (¬5) أَيْ: فِيما يَشْتَمِلانِ عَلَيْهِ، مِنْ قَوْله: فَهِمْتُ ما تَضَمَّنَهُ كِتابُك، أَيْ: مَا اشْتمَلَ عَلَيْهِ، وَكانَ فِى ضِمْنِهِ. وَأَنْفَذْتُهُ ضِمْنَ كِتابِى، أَيْ: فِى طَيِّهِ. ¬
قولُهُ: "أَغْلبَ عَلَى ذِى لُبٍّ مِنْكُنَّ" (¬6) اللُّبُّ: الْعَقْلُ، وَالْجَمْعُ: الأَلْبابُ، قالَ اللهُ تَعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (¬7) أَيْ: لِذَوى الْعُقولِ. قَوْلُهُ تَعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (¬8) أَيْ: لَا تَتَّبِعْهُ، فَتَقولَ فيهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ (¬9)، يُقالُ: قَفَوْتُهُ أَقْفوهُ، وَقُفْتُهُ أَقوفُهُ: إِذا اتَّبَعْتَ أَثرَهُ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْقافَةُ، لِتَتَبعِهِم الآثارَ، وَأَصْلُهُ: مِنَ الْقَفا. قَوْلُهُ: "لِأنَّ الزّانِي هَتَك حُرْمَةَ اللهِ" (¬10) هَتَكَ: خَرَقَ، وَأَصْلُهُ: خَرْقُ السِّترِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬11). وَالْحُرْمَة، مَا يَحْرُمُ انِتْهَاكُهُ. قَوْلُهُ: "بِالاسْتِفاضَةِ" (¬12) هِىَ مَأْخوذَةٌ مِنْ فاضَ يَفيضُ: إِذا شاعَ، وَهُوَ حَديثٌ مُسْتَفيضٌ، أَيْ: مُنتَشرٌ فِى النّاسِ. قَوْلُهُ: "أَخبارُ الآحادِ" (¬13) الآحادُ: مَا انْحَطَّ عَنْ حَدِّ التَّوَاتُرِ، وَالتَّواتُر: غَيْرُ مَحْصورٍ عَلى الصَّحيح مِنَ الأَقوالِ. ¬
قَوْلُهُ: "فَضَبَطَهُ إِلى أَنْ حَضَرَ عِنْدَ الْحاكِم" (¬14) أَي: أَمْسَكَهُ، وَضَبَطَ الشَّيْىءَ: إِذا حَفِظَهُ بِالْحَزْمِ. قَوْلُهُ: "أَنْهَرَ دَمَهُ" (¬15) أَىْ: أَسَالَه، وَكُلُّ شَيْىءٍ جَرَى فَقَدْ نَهَرَ (¬16). قَوْلُهُ: "أَنْ يُعَرِّضَ" (¬17) التَّعْريضُ: التَّوْرِيَةُ بالشَّيْىء عَنِ الشَّيْىءِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬18). قَوْلُة: "الْفَرْعِ" (¬19) مَأْخوذٌ مِنْ فُروع الشَّجَرَةِ، وَهِيَ: أَغْصانُها الَّتي تَنْمِى عَنِ الأُصولِ. وَفُروعُ كُلِّ شَيْىءٍ أَعْلاهُ أَيضًا. قَوْلُهُ: "أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ" (¬20) الاسْتِرْعاءُ فِى الشّهاداتِ: مَأْخوذٌ مِنْ قَوْلهِم: أَرْعَيْتُهُ سَمْعِى، أَيْ: أَصْغَيْتُ إِلَيْهِ (¬21) وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعالَى: {رَاعِنَا} (¬22) قالَ الأَخْفَش: مَعْناهُ: أَرِعْنَا سَمْعَكَ (¬23). ¬
ومن باب اختلاف الشهود فى الشهادة
وَمِن بابِ اختِلافِ الشُّهودِ فِى الشَّهادَةِ قَوْلُهُ: "فِى زاوِيةِ" (¬1) الزّاوِيَةُ: واحِدَةُ الزَّوَايَا، وَأَصْلُهُ: فاعِلَة، مِنْ زَوَيْتُ الشَّيْىءَ، أَىْ: قَبَضْتُهُ وَجَمْعتُهُ، كَأَنَّها تَقبِضُ وَتَجْمَعُ ما فيها. وَفِي الْحَديثِ: "زُوِيَتْ لِيَ الْأَرْضُ" (¬2). قَوْلُهُ: "سَرَقَ كَبْشًا" (¬3) هُوَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْباءِ بِواحِدَةٍ، وَمَنْ قالَ: "كِيسًا" بِالْياءِ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ تَحْتِها وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ: فَقَدْ أَخْطَأ. قَوْلُهُ: "بِتَزْكِيَتهِمْ" (¬4) تَزْكِيَةُ الشُّهودِ: مَدْحُهُمْ وَالثَّناءُ عَلَيْهِمْ، يُقالُ: زَكَّى فُلان بَيِّنَتَهُ، أَنْ: مَدَحَها، وَزَكَا، أَىْ: نَما صَلاحُهُ، من زَكىَّ الْمالَ (¬5). وَيُقالُ: تَطْهيرُهُمْ، مِنْ قَوْلِهِ تَعالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ} (¬6) وَقَوْلُهُ تَعالَى: {غُلَامًا زَكِيًّا} (¬7) أَىْ: طَاهِرًا، وقَوْلُهُ تَعالَى: {مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا} (¬8) أَىْ: ما طَهُرَ. ¬
قَوْلُهُ: "وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَن يَكونَ أَلْحَنَ بِحُجَتِهِ" (¬9) أَىْ: أَفْطنَ وَأَقْوَمَ بِها، يُقالُ: لَحِنَ يَلْحَنُ لَحَنًا- بِفَتْحِ الْحاءِ: إِذا أَصابَ وَفَطِنَ (¬10). قالوا: وَأَمّا اللَّحْنُ- بِإِسْكانِ الْحاءِ: فَهُوَ الْخَطَأْ (¬11)، وَاللَّحْنُ أَيْضًا: اللُّغَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ رَضِىَ الله عَنْهُ: "أُبَىٌّ أَقرَؤُنا وَإِنَّا لَنَرْغَبُ عَنْ كَثيرٍ مِنْ لَحْنِهِ" أَيْ: لُغَتِهِ، وَكانَ يَقْرَأُ {التَّابُوهُ} (¬12) قالَ (¬13): وَقَوْم لَهُمْ لَحْنٌ سِوَى لَحْنِ قَوْمِنا ... وَسَكْلٌ وَبَيْتِ اللهِ لَسْنا نُشاكِلُه وَاللَّحْنُ أَيْضًا: التَّعْريضُ وَالِإشارَةُ، قالَ أَبو زَيْد: يُقالُ: لَحَنْتُ لَهُ -بِالْفَتْحِ- لَحْنًا: إِذا قُلْتَ لَهُ قَوْلًا يفْهَمُهُ عَنْكَ، وَيَخْفَى عَنْ غَيْرِهِ، ومِنْهُ قَوْلُهُ تَعالَى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} (¬14). قالَ ابْنُ الْأَنْبارِىِّ: مَعْناهُ: وَلَتَعْرِفنَهُمْ فِى مَعْنَى القَوْلِ. وَقالَ الْعُزَيْزِىُ (¬15): فَحْوَى الْقَوْلِ وَمَعْناهُ. وقالَ الْهَرَوِىُّ (¬16): فِى نَحْوِهِ وَقَصْدِهِ. وَأَنْشَدُوا لِلْقَتَّالِ الْكِلابِىِّ (¬17): وَلَقَدْ لَحَنْت لَكُمْ لِكَيْما تَفْهَموا ... وَوَحَيْتُ وَحْيَا لَيْسَ بِالْمُرْتابِ ¬
ومن كتاب الإقرار
ومِنْ كتابِ الِإقْرارِ الإِقْرارُ: إِخْبارٌ عَمّا قَرَّ وَثَبَتَ وَتَقَدَّمَ , وَمَعْناهُ: الاعْتِرافُ وَتْرْكُ الِإنْكارِ، مِنَ: اسْتَقَرَّ بِالْمكانِ: إِذا وَقَفَ فيهِ وَلَمْ يَرْتَحِلْ عَنْهُ، وَقَرارُ الْماءِ وَقَرارَتُهُ: حَيثُ يَنْتهى جَرَيانُة وَيَسْتَقِرُّ، قالَ عَنْتَرَةُ (¬1): جَادَتْ عَلَيْهَا كُلُّ بَكْرٍ حُرَّةٍ ... فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرارَةٍ كَالدِّرهَمِ قَوْلُهُ تَعالى: {قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} (¬2) أَىْ: بالْعَدْلِ، بكَسْرِ الْقافِ، وَبفَتْحِها: الْجَوْرُ (¬3)، وَقالَ آخَر (¬4): لَيْتَهُمْ أَقْسَطُوا إِذْ أَقْسَطوا ... فَالزَّمانُ قِسْطٌ وَقَسْطٌ قَوْلُهُ تَعالى: {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} (¬5) يُقالُ: أَمَلَّ عَلَيْهِ بِمَعْنَى أَمْلَى، وَأَمْلَلْتُ عَلَيْهِ الْكِتابَ. قَوْلُهُ: "فَإنْ أَقَرَّ مُراهِقٌ" (¬6) يُقالُ: راهَقَ الْغلامُ فهُوَ مُراهِقٌ: إِذا قَارَبَ الاحْتِلامَ. ¬
قَوْلُهُ: "فَإِنْ عَزاهُ إِلى إِرْثٍ" (¬7) أَىْ: نَسَبَهُ وَأَضافَهُ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬8). وَقَوْلُهُ: "مَصْنَع" (¬9) الْمَصْنَعُ: كَالْحَوْضِ يُجْمَعُ فيهِ ماءُ الْمَطرَ، وَكَذَلِكَ الْمَصْنُعَةُ -بِضَمِّ النونِ- هَكَذا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِىُّ (¬10)، وَحَقيقَتُهُ: الْبِرْكةُ. وَحَدَّثَ أَبو الْحَسَن اللؤْلُؤىُّ، وَكانَ خَيرًا فاضِلًا، قالَ: كُنتُ وَلِعًا بِالْحَجِّ فَحَجَجْتُ فِى بَعْضِ السِّنينِ، وَعَطِشْتُ عَطَشًا شَديدًا، فَأجلَسْتُ عَديلى فِىي وَسَطِ الْمَحْمِلِ، ونزَلْتُ أَطْلُبُ الْماءَ، وَالنّاسُ قَدْ عَطِشوا، فَلَمْ أزَلْ أَسْأَلُ رَجُلًا رَجُلًا وَمَحْمِلًا مَحْمِلًا، مَعَكُمْ مَاءٌ؟ وإِذا النّاسُ شَرْعٌ واحِدٌ، حَتّى صِرْتُ فِى ساقَةِ الْقافِلَةِ بِمِيل أَوْ مِيلَمْنِ، فَمَرَرْتُ بِمَصْنَعِ مُصَهْرج، فَإِذا رَجُلٌ فَقيرٌ جالِسٌ فِى أَرضِ الْمَصْنَعِ، وَقَدْ غَرَزَ عَصاهُ فِى أَرْضِ الْمَصْنَعِ، وَالْماءُ يَنْبُعُ مِنْ مَوْضِعِ الْعَصا، وَهُوَ يَشْرَبُ، فَنَزَلْتُ إِلَيْهِ فَشَرِبْتُ حَتَّى رَوِيتُ، وَجِئْتُ إِلَى الْقافِلَةِ، وَالنّاسُ، قَدْ نَزَلوا، فَأَخْرَجْتُ قِرْبَةً وَمَضَيْتُ فَمَلأتُها، وَرَآنِي النّاسُ، فَتَبادَروا بِالْقِرَبِ فَرَوَّوْا عَنْ آخِرِهِمْ، فلما رَوِىَ النّاسُ وَسارَتِ الْقافِلَةُ جِئْتُ لِأَنْظُرَ، فَإِذا الْبِرْكَةُ مَلْأَى تَلْتَطِمُ أَمْواجُها. وَالْمَصانِعُ أَيْضًا: الْحُصونُ، وَقدْ فُسِّرَ قَوْلُهُ تعالى: {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ} (¬11) قالَ مُجاهِدٌ: قُصورًا مُشَيَّدَةً (¬12) قالَ (¬13): تَرَكنَ ديارَهُمْ مِنْهُمْ قِفارًا ... وَهَدَّ مْنَ الْمَصانِعَ وَالْبُروجَا ¬
وَقالَ قَتادَةُ (¬14): هِىَ بِرَكُ الْماءِ، وَقالَ لَبيدٌ (¬15): بَلينا وَمَا تَبْلَى النُّجومُ الطَّوالِعُ ... وَتبْقَى جِبالٌ بَعْدَنا وَمَصانِعُ وَقوْلهُ: "إِن الأَخِرَ زَنى" (¬16) ذُكِرَ (¬17). قَوْلُهُ: "فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ" أَيْ: أَتاهُ منْ ناحِيَتهِ الأَخْرى (¬18)، وَقيلَ: مالَ وَاعْتَمَدَ، وَكَذا الانْتِحاءُ: الاعْتِمادُ وَالْمَيْلُ. قَوْلُهُ: "ما إِخالُكَ سَرَقْتَ" (¬19) أَيْ: ما أَظُنُّكَ، يُقالُ: أَخالُ - بِفَتْحِ الْهَمْزَة، وإِخالُ بِكَسْرِها، وَالكسْرُ أَفْصَحُ، وَالْقِياسُ الْفَتْحُ (¬20). قَوْلُهُ: "فَلَمّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجارَةُ" (¬21) أَيْ: أَصَابَتْة بِحَدِّها، وَالْحِجارَةُ الْمُذَلَّقَةُ: الْمُحَدَّدَةُ، وَذَلْقُ كُلِّ شَيْىءٍ: حَدُّهُ، وَفُلان ذَلْقُ اللِّسانِ: حَديدُهُ. قَوْلُهُ: "تَجَمَّزَ" أَىْ: عدا وَأَسْرَعَ، وَالْجَمزُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ أَشَدُّ مِنَ الْعَنَقِ، وَالنَّاقَةُ تَعْدُو الْجَمَزَى. ¬
قَوْلُهُ: "فَإِنْ قالَ نَعَمْ أَوْ أَجَلْ" (¬22). قالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬23) قَوْلُهُمْ: "أَجَلْ" إِنَّما هو جوابٌ مِثْلُ "نَعَمْ". قالَ الأَخْفَشُ: إِلَّا أَنَّهُ أَحْسَنُ مِنْ "نَعَمْ" فِى التَّصْديقِ، وَ "نَعَمْ" أَحْسَنُ مِنْهُ فِى الاسْتِفْهامِ، فَإِذا قالَ: أَنْت سوْفَ تَذْهَبُ، قُلْتَ: أَجَلْ، وَكانَ أَحْسَنَ مِنْ نَعَمْ، وَإِذا قالَ: أَتَذْهَبُ؟ قُلْتَ: نَعَمْ، وَكانَ أَحْسَنَ مِنْ أَجَلْ (¬24). قَوْلُهُ: "أَو لَعَمْرِى" لَعَمْرى، وَلَعَمْرُكَ: قَسَمٌ، كَأَنَّهُ حَلَفَ بِبَقائِهِ وَحَياتِهِ. وَالْعَمْرُ وَالْعُمْرُ: واحِدٌ فإِذا أَدْخَلْتَ اللَّامَ فَتَحْتَ لَا غَيْرَ (¬25). وَمَعْناهُ فِى الِإقْرارِ: كَأَنَّهُ أَقْسَمَ بِثُبوتِهِ وَلُزومِهِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: "عَلَىَّ شَيْىءٌ" (¬26) أَنْكَرُ النَّكِراتِ: شَيْىءٌ؛ لِأنَّهُ يَجْمَعُ الْمَعْرِفَةَ وَالنَّكِرَةَ، وَالْمُذَكَّرَ وَالْمُؤَنَّثَ، وَالْمَوْجودَ والْمَفْقودَ، فَهُوَ أَحَقُّ الْكَلام فِى التَّفْسيرِ. قَوْلُهُ: "سِتَّةُ دَوانِقَ" (¬27) جَمْعُ دانَقٍ، وَهُوَ: سُدُسُ الدِّرْهَمِ، يُقالُ: دانِقٌ وَدَانَق، بِفَتْحِ النّونِ وَكَسْرِها، وَرُبَّما قالُوا: دَاناقٌ، كَما قالوا لِلدِّرْهَمِ: دِرْهامٌ (¬28). ¬
قَوْلُهُ: "الدِّرْهَمُ الْبَغْلِىُّ" (¬29) وَزْنُهُ: ثَمانِيَةُ دَوانِقَ (¬30)، وَالدَّانِقُ مِنْهُ: أَرْبَعَةُ قَراريطَ، مُشَبَّهٌ بِالدِّرْهَم الَّذى يَكونُ فِى يَد الْبَغْلِ (¬31)، وَالدِّرْهَمُ الْبَغْلِىُّ وَالشُّهْليلىُّ: كَبيرانِ. وَقالَ بَعْضُ المشايِخِ: لَعَلَّهُ أَنْ يَكونَ نُسِبَ إِلى بَغْلانَ، بَلَدٍ بِبَلْخَ (¬32)، كَالنَّسَب إِلى الْبَحْرَيْنِ، يُقالُ فيهِ: بَحْرِىٌّ، عَلى الصحَّيحِ. قَوْلُهُ: "فَإِنْ فَسَرّه بِدَراهِمَ مُزيَّفَةٍ" (¬33) أَىْ: رَديئَةٍ. قالَ ابْنُ الْقُوطِيَّةِ: زافَتِ الدَّراهِمُ تَزيفُ زَيْفًا: بارَتْ (¬34) -وَلَعَلَّهُ لِرَداءَتها. وَدِرْهَمٌ زَيْفٌ وَزائِفٌ، وَالْجَمْعُ: زُيَّفٌ، مِثْلُ: ناقِصٍ وَنُقَّصٌ: إِذا لَمْ تَجُزْ بِأَنْ تَكونَ رَصاصًا أَوْ نُحاسًا مَغْشوشًا، وَزَيَّفْتُها أَنا. قَوْلُهُ: "بِدَراهِمَ مَغْشوشَةٍ" (¬35) مَأْخوذٌ مِنَ الْغِشِّ- بِالْكَسْرِ، وَهُوَ ضِدُّ النَّصيحَةِ. وَقيلَ: مَأْخوذٌ مِنَ الْغَشَشِ، وَهُوَ: الْمَشْرَبُ الْكَدِرُ، قالَهُ ابْنُ الأَنْبارِىِّ (¬36). قَوْلهُ: "وَفَسَرّهَا بِسِكَّةٍ" (¬37) السِّكَّةُ: الْحَديدَةُ الْمَنْقوشَةُ الَّتي يُطْبَعُ عَلَيْها، أَيْ: يُضْرَبُ، وَجَمْعُها: سِكَكٌ. ¬
قَوْلُهُ: "وإنْ قالَ لَهُ عَلَىَّ كَذا وَكَذا" (¬38) هُوَ اسْمٌ مُبْهَمٌ، الْكافُ لِلتَّشْبيهِ، وَذا: اسْمُ إِشارَةٍ، تَقولُ: فَعَلْتُ كَذا، وَقَدْ تَجْرى مَجْرى "كَمْ" فَتَنْصِب ما بَعْدَهُ عَلى التَّمْييزِ، وَتَقَولُ: عِنْدى لهُ كَذا وكَذا دِرْهَمًا؛ لِأنَّهُ كَالْكِناية (¬39). قَوْلُهُ: الاسْتِثْناء" (¬40) مَأْخوذٌ مِنَ الثَّنىِ، وَهُوَ: الْكَفُّ وَالرَّدُّ، يُقالُ: حَلَفَ يَمينًا لا ثُنْيَا (*) فيها وَلَا مَثْنَوِيَّةَ. وَقيلَ: إِنَّهُ مَأخوذٌ مِنْ أَثْناءِ الْحَبْلِ، وَهِيَ: أَعْطافُهُ، كَأَنَّهُ رُجوعٌ عَنِ الشَّيْىءِ وَانْعِطافٌ إِلى غَيْرِهِ. قوْلُهُ: "وَعادَةُ أَهْلِ اللِّسانِ" أَيْ: أَهْلِ الْفَصاحَةِ. وَالَّسَنُ - بِالتَّحْريكِ: الْفَصاحَةُ، وَقَدْ لَسِنَ- بِالْكَسْرِ- فَهُوَ لَسِنٌ وَأَلْسَنُ. وَقَولُهُ فِى بَيْتِ الشِّعْرِ (¬41): "وَبَلْدَةٍ لَيْس بِها أَنيسُ ... إِلَّا الْيَعافيرُ وإلّا الْعيسُ" (¬42) أَيْ: رُبَّ بَلَدَةٍ، الْواوُ بِمَعْنَى رُبَّ، وَالْيَعافيرُ: جَمْعُ يَعْفورٍ، وَهُوَ: وَلَدُ الظَّبْيَةِ، وَوَلَدُ الْبَقَرَةِ الْوَحْشِيَّةِ. وَقالَ بَعْضُهُمْ: الْيَعافِيرُ: تُيُوسُ الظِّباءِ. وَالْعيسُ: الإِبِلُ الْبيضُ، واحِدُها: أَعْيس، وَالأُنْثَى عَيْساءُ بَيِّنَةُ الْعَيَسِ، وَهُوَ اسْتِثْناءٌ مُنْقَطِعٌ، مَعْناهُ: الَّذى يَقومُ مَقامَ الأَنيسِ، الْيَعافيرُ وَالْعِيسُ. ¬
قَوْلُهُ: "فَصٌّ فِى خاتِم" (¬43) بِفَتْحِ الْفاءِ، وَالْعامَّةُ تَكْسِرُهُ، وَالْجَمْعُ: فُصوصٌ. وَفِي الْخاتَم ثَلاثُ لُغاتٍ: خاتَمٌ بِالْفَتْحِ، وَخاتِمٌ بِالْكَسْرِ، وَخاتامٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ زادَ لُغَةً رابِعَةً، فَقالَ: خَيْتامٌ (¬44). قَوْلُهُ: "ثَوْبٌ مُطرّزٌ" (¬45) أَىْ: مُعْلَمٌ، وَالطرِّازُ: عَلَمُ الثَّوْبِ، فارِسِىٌّ مُعَرَّب (¬46)، وَقَدْ طَرَّزْتُ الثَّوْبَ، فَهُوَ مُطرَّزٌ. وَالطِّرازُ: الْهَيْئَةُ، قالَ حسَّان (¬47): بِيضُ الْوُجُوهِ كَريمَة أَحْسابُهُمْ ... شُمُ الْأُنوفِ مِنَ الطِّرازِ الْأَوَّلَ أَىْ: مِنَ النَّمَطِ الْأَوَّلَ. قَوْلُهُ: "مُبْهَمٌ" (¬48) مَعْنى الْمُبْهَمِ فِى الِإقرارِ وَعَيْرِهِ: الَّذى خَفِىَ مَعْناهُ وَلَمْ يُعْلَمْ، وَاسْتَبْهَمَ الشَّيْىءُ: خَفِىَ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْبَهيمَةُ، لِاسْتِعْجامِها. وَاللَّيْلُ الْبَهيمُ: الَّذى يَخْفَى ما فيهِ، وَأَسُودُ بَهيمٌ: لَا بَياضَ فيهِ. قَوْلُهُ: "وَابْنُ وَليدَةِ أَبِي" (¬49) الْوَليدَةُ: الْجارِبَةُ، قالَ حَسّان (¬50): . . . . . . . . . . . . . ... تَغْدو وَلا ئِدُهُمْ لِنَقْفِ الْحَنْظَلِ ¬
قَوْلُهُ: "الْوَلَدُ لِلْفِراش" أَىْ: لمالِكِ الْفِراشِ، وَهُوَ: الزَّوْج، أَوْ لمالِكِ الْأمَةِ؛ لأنَّهُ يَفْتَرِشُها بِالْحَقِّ، وَهَذا مِنْ مُخْتَصَرِ الْكَلامِ، وَهُوَ عَلى حَذفِ مُضافٍ، كَقَوْلِهِ تَعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (¬51) أَىْ: أَهْلَ الْقَرْية. وَالْفِراشُ: الزَّوْجَةُ، يُقالُ: افْتَرَشَ فُلانٌ فُلَانَةً: إِذا تَزَوَّجَها، وَيُقالُ لِامْرَأَةِ الرَّجُلِ: هِىَ فِراشُهُ، وَإِزارُهُ، وَلِحافُهُ. قَوْلُهُ: "وَلِلْعاهِرِ الْحَجَرُ" الْعاهِرُ: الزّانِي: يُقالُ: عَهَرَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ يَعْهَرُ عَهْرًا (¬52): إِذا أَتاها لِفُجورٍ، وَالْعَهْرُ: الزِّنى، وفِى الْحَديثِ: "اللَّهُمَّ أَبْدِلْهُ بِالْعَهْرِ الْعِفَّةَ" (¬53). وَمَعْنَى: "وَلِلْعاهِرِ الْحَجَرُ" أَىْ: لا شَيْىءَ لَهُ فِى نَسب الْوَلَدِ، وإِنَّما يَسْتَحِقُّ الْحَجَرَ الَّذى لا يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ يُرْمَى بِالْحَجَرِ وَيُطْرَدُ. وَقَوْلُ مَنْ قالَ: إِنَّهُ يُرْجَمُ الْحَدَّ بِالْحَجَرِ لَيْسَ بِشَيْىءٍ؛ لأنَّهُ لَيْس كُلُّ زانٍ يَجِبُ رَجْمُهُ، وَهَذا كَما قالوا فِى مَعْنًى: لَهُ التُّرابُ، أَىْ: لَا شَيْىءَ لَهُ. وَرُوِىَ أَنَّ أَبا الْعَيْناءِ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ، وَكانَ أَعْمى، فَأَتاهُ النَّاس يُهَنِّئُونَهُ بِهِ، فَأَتَى الْجَمَّازُ فِى جُمْلَتِهِمْ، فَوَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَجَرًا وَمَضَى، فَتَكَلَّم بِذَلِكَ فَقالَ: أَتَدْرونَ ما أَرادَ لَعَنَهُ اللهُ؟ قالوا: لا، قال: أَرادَ قَوْلَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: "الْوَلَدُ لِلْفِراش وَلِلْعاهِرِ الْحَجَرُ". [تَمَّ الكِتابُ بِحَمْدِ اللهُ وَعَوْنِهِ، وَالْحَمْدُ لله أَوَّلًا وَآخِرًا، وَظاهِرًا وَباطِنًا، وَالْحَمْدُ لله وَحْدَهُ، وَصَلاتُهُ عَلَى مُحَمَّدٍ خَيْرِ خَلْقِهِ، وَعَلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسلْيمًا كَثيرًا طَيَّبًا مُبارَكًا]. ¬
فهرس المصادر والمراجع
فهرس المصادر والمراجع 1 - الإبدال لابن السكيت- تحقيق الدكتور حسين محمد شرف- طبع الأميرية 1398 هـ- 1978 م- مطبوعات مجمع اللغة العربية. 2 - الإبل للأصمعى = الكنز اللغوى. 3 - الإتقان فى علوم القرآن -للسيوطى- تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- الهيئة المصرية العامة للكتاب 1975 م. 4 - أخبار النحويين البصريين- تحقيق طه الزينى، ومحمد عبد المنعم خفاجى طبع مصطفى الحلبى سنة 1374 هـ سنة 1955 م. 5 - أدب الكاتب لابن قتيبة تحقيق محمد الدالى الطبعة الأولى سنة 1402 هـ سنة 1982 م بيروت. 6 - الأزمنة وألامكنة للمرزوقى- طبع حيدر آباد الدكن سنة 1332 هـ. 7 - الأزهية فى علم الحروف -لعلى بن محمد الهروى- تحقيق عبد المعين الملوحى دمشق سنة 1981 م. 8 - أساس البلاغة -للزمخشرى- طبع الشعب. 9 - أسباب نزول القرآن للواحدى -تحقيق السيد صقر- دار القبلة للثقافة الإسلامية 1404 هـ. 10 - الاستيعاب فى معرفة الأصحاب -لابن عبد البر- تحقيق على محمد البجاوى- طبع نهضة مصر. 11 - أسد الغابة فى معرفة الصحابة لابن الأثر تحقيق د / محمد إبراهيم البنا، وآخرين- طبع الشعب. 12 - أسماء جبال تهامة وسكانها= نوادر المخطوطات. 13 - اشتقاق الأسماء للأصمعى -تحقيق الدكتور رمضان عبد التواب- والدكتور صلاح الهادى- الخانجى 1400 هـ.
14 - الاشتقاق -لابن دريد- تحقيق عبد السلام هارون- مطبعة السنة المحمدية القاهرة 1378 هـ. 15 - الاشتقاق -عبد الله أمين- طبع لجنة التأليف والترجمة والنشر- طبعة أولى. 16 - الإصابة فى تمييز الصحابة -لابن حجر العسقلانى- تحقيق على محمد البجاوى- نهضة مصر. 17 - إصلاح خطأ المحدثين -للخطابى- تحقيق برهان الدين الداغستانى- نشر عزت العطار. 18 - إصلاح المنطق -لابن السكيت تحقيق أحمد محمد شاكر، وعبد السلام هارون دار المعارف سنة 1970 م. 19 - الأصمعى اللغوى- د / عبد الحميد الشلقانى- دار المعارف. 20 - الأصنام -لابن السائب الكلبى- تحقيق د / أحمد زكى- مطبوعات الكتب المصرية 1343 هـ 1924 م. 21 - أصوات اللغة العربية -دكتور عبد الغفار هلال- الطبعة الثانية- مطبعة الجبلاوى 1408 هـ 1988 م. 22 - الأصول فى النحو -لابن السراج- تحقيق دكتور عبد الحسين الفتلى- ط أولى 1405 هـ- 1985 م. 23 - إضاءة الراموس وإفاضة الناموس على إضاءة القاموس- لابن الطيب الفاسى- الجزء الأبع- رسالة دكتوراه- تحقيق مصطفى عبد الحفيظ سالم 1404 هـ- 1984 م. 24 - الأضداد لابن الأنبارى- تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- الكويت 1960 م. 25 - الأضدام لأبى الطيب اللغوى- تحقيق الدكتور عزة حسن- دمشق 1963 م. 26 - الأضدام لقطرب- تحقيق الدكتور حنا حداد- دار العلوم للطباعة- الأردن 1405 هـ. 27 - أعلام الحديث فى شرح صحيح البخارى للخطابى- تحقيق الدكتور
محمد. سعد عبد الرحمن آل سعود- مطبوعات جامعة أم القرى 1409 هـ-1988 م. 28 - الأعلام للزركلى- القاهرة 1954، 1959 م. 29 - الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني -تحقيق محمد على البجاوى- الهيئة المصرية العامة للكتاب 1389 هـ. 30 - الأفعال -لابن القطاع- دائرة المعارف العثمانية-1360 هـ الطبعة الأولى. 31 - الأفعال -للسرقسطى- تحقيق د / حسين محمد شرف- المطابع الأميرية- مطبوعات المجمع اللغوى. 32 - الاقتضاب فى شرح أدب الكتاب -للبطليوسى- تحقيق مصطفى السقا، وحامد- عبد الحميد الهيئة المصرية العامة للكتاب. 33 - الإكمال -لابن ماكولا- تحقيق عبد الرحمن العلمى حيدر آباد الهند- نسخة مصورة سنة 1962 م. 34 - الألفاظ الفارسية المعربة- لأدى شير طبع بيروت 1908 م. 35 - الأم -للشافعى- وعليه مختصر المزني- طبع الشعب. 36 - أمالى الزجاجى -تحقيق عبد السلام- هارون القاهرة 1382 هـ. 37 - الأمالى -للقالى- طبع الهيئة المصرية العامة للكتاب 1975 م. 38 - أمالى المرتضى -تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- طبع الحلبى 1954م. 39 - الأمثال اليمانية -جمع وشرح إسماعيل الأكوع- بيروت 1405 هـ-1984 م. 40 - إنباه الرواة على أنباه النحاة -للقفطى- تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم طبع دار الكتب المصرية 1399 هـ- 1950 م. 41 - أنساب الأشراف -للبلاذرى- تحقيق د/ محمد حميد الله- دار المعارف- معهد الخطوطات 1959 م. 42 - أيام العرب فى الجاهلية- محمد أحمد جاد المولى وآخرين- طبع عيسى الحلبى بمصر.
43 - الأيام والليالى والشهور -للفراء- تحقيق إبرإهيم الإبيارى- الأميرية القاهرة 1956 م. 44 - الِإيضاح والتبيان فى معرفة المكيال والميزان لابن الرفعة- تحقيق محمد أحمد إسماعيل مطبوعات جامعة أم القرى 1400 هـ. 45 - إيضاح المكنون فى الذيل على كشف الظنون- لإِسماعيل البغدادى- بغداد 1952 م. 46 - الأيوبيون فى اليمن د/ محمد عبد العال أحمد- الهيئة المصرية العامة للكتاب 1980 م. 47 - البارع في اللغة للقالى -تحقيق هاشم الطعان ـــــــ بيروت. 48 - البحر المحيط -لأبى حيان الأندلسي- ط السعادة 1328 هـ. 49 - البداية والنهاية لابن كثير -تحقيق جماعة بيروت-1408 هـ -1988 م. 50 - بغية الوعاة فى طبقات اللغويين والنحاة -للسيوطى- تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم طبع الحلبى 1384 هـ-1964 م. 51 - البلغة فى تاريخ أئمة اللغة -للفيروزآبادى- تحقيق محمد المصرى طبع دمشق 1392 هـ-1972 م. 52 - البلغة فى الفرق بين المذكر والمؤنث -لابن الأنبارى- تحقيق د / رمضان عبد التواب- طبع دار الكتب المصرية سنة 1970 م. 53 - البيان والتبيين للجاحظ -تحقيق عبد السلام هارون- لجنة التأليف والترجمة والنشر ط أولى سنة 1367 هـ-1948 م، طبع دار الكتب 1970 م. 54 - تأويل مشكل القرآن -لابن قتيبة- طبع عيسى الحلبى 1373 هـ. 55 - تاج العروس من جواهر القاموس -للزبيدى- الطبعة الأولى بالقاهرة 1302 هـ. 56 - تاريخ ثغر عدن -لأبي مخرمة- مطبعة برايل- ليدن 1926 م. 57 - تاريخ الطبرى للطبرى. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- دار المعارف.
58 - تحفة الأحوذى بشرح جامع الترمذى- للريكفورى تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف ط المدنى. 59 - تحفة الأريب -لأبي حيان الأندلسي- تحقيق سمير المجذوب- المكتب الإسلامى- بيروت 1403 هـ. 60 - تذكرة أولى الألباب والجامع للعجب العجاب- للشيخ داود الأنطاكى- طبع صبيح. 61 - تصحيح التصحيف وتحريف التحريف للصفدى- تحقيق السيد الشرقاوى- الخانجى 1407 هـ -1987 م. 62 - تصحيح الفصيح -لابن دستوريه- تحقيق عبد الله الجبورى- بغداد 1395 هـ -1975 م. 63 - تفسير أبى السعود "إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم"- لأبي السعود العمادى- المطبعة المصرية 1347 هـ-1928 م. 64 - تفسير الطبرى "جامع البيان عن تأويل القرآن" للطبرى تحقيق محمود محمد شاكر -دار المعارف- الطبعة الثانية. 65 - تفسير العزيزى "تفسير غريب القرآن" للعزيزى- دار التراث العربى القاهرة. 66 - تفسير غريب القرآن لابن قتيبة -تحقيق السيد أحمد صقر- بيروت 1398 هـ-1978 م. 67 - تفسير القرطبى "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبى- طبع الشعب. 68 - تقريب النشر فى القراءات العشر- لابن الجزرى- تحقيق إبراهيم عطوة- طبع الحلبى 1961 م. 69 - تقويم اللسان لابن الجوزى- تحقيق د / عبد العزيز مطر- طبع دار المعارف- الطبعة الثانية. 70 - التكملة والذيل والصلة لكتاب تاج اللغة وصحاح العربية- للصغانى. الأميرية- مطبوعات المجمع اللغوى. 71 - تمثال الأمثال -للعبدرى- تحقيق أسعد ذبيان- دار المسيرة 1402 هـ-1982 م.
72 - التمثيل والمحاضرة للثعالبى -تحقيق عبد الفتاح الحلو- ط عيسى الحلبى 1381 هـ. 73 - التنبيهات على أغاليط الرواة -لعلى بن حمزة الأصفهانى- تحقيق عبد العزيز الميمنى- دار المعارف بمصر 1967 م. 74 - التنبيه على أوهام أبى على القالى -للبكرى- ط الهيئة المصرية العامة للكتاب 1975 م. 75 - التنبيه والإيضاح عما وقع فى الصحاح -لابن برى- تحقيق عبد العليم الطحاوى- مطبوعات مجمع اللغة العربية ط الهيئة المصرية العامة للكتاب 1981 م. 76 - تهذيب الأسماء واللغات للنووى- طبع المنيرية. 77 - تهذيب اللغة -للأزهرى- تحقيق نخبة من كبار المحققين- الدار القومية للطباعة والنشر. 78 - ثلاثة كتب فى الأضداد- للأصمعى، والسجستانى، وابن السكيت- أوغست هفنز. بيروت 1912 م. 79 - ثمار القلوب فى المضاف والمنسوب- للثعالبى تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- مطبعة المدنى 1384 هـ- 1965 م. 80 - الجبال والمياه والأمكنة- للزمخشرى- تحقيق د/ إبراهيم السامرائى- طبع بغداد. 81 - جمهرة أشعار العرب- لأبي زيد القرشي طبع بولاق 1308 هـ الطبعة الأولى. 82 - جمهرة الأمثال -لأبي هلال العسكرى- تحقيق أبو الفضل إبراهيم- وقطامش- مصر 1964 م. 83 - جهرة أنساب العرب -لابن حزم- تحقيق عبد السلام هارون طبع دار المعارف بمصر. 84 - جمهرة اللغة -لابن دريد- بيروت نسخة مصورة أوفست. 85 - الجنى الدانى فى حروف المعانى -للمرادى- تحقيق فخر الدين قباوة، ومحمد نديم فاضل- بيروت 1393 هـ.
86 - الجواهر المضية فى طبقات الحنفية- للقرشى تحقيق د/ عبد الفتاح الحلو- طبع عيسى الحلبى 1398 هـ. 87 - الجيم -لأبى عمر الشيباني- تحقيق إبراهيم الإِبيارى وآخرين- القاهرة- طبع الأميرية 1394 هـ-1974 م. 88 - حاشية ابن برى علي المعرب "فى التعريب والمعرب" لابن الجواليقى تحقيق إبراهيم السامرائى- بيروت. 89 - حماسة البحترى -تحقيق لويس شيخو- بيروت 1910 م. 90 - الحماسة البصرية -للبصرى تحقيق عادل جمال سليمان- طبع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. 91 - حياة الحيوان للدميرى -المطبعة الأميرية 1274 هـ، وطبع صبيح، وطبع دار التحرير 1965 م. 92 - الحيوان للجاحظ -تحقيق عبد السلام هارون- الطبعة الثانية- مطبعة الحلبى 1387 هـ-1968 م. 93 - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب- للبغدادى تحقيق عبد السلام هارون الطبعة الثانية 1979 م الهيئة المصرية العامة للكتاب. 94 - الخصائص -لابن جنى تحقيق- الأستاذ محمد على النجار- الطبعة الثانية- بيروت. 95 - خلق الإنسان للأصمعى= الكنز اللغوى. 96 - خلق الإِنسان لثابت- تحقيق عبد الستار فراج طبع الكويت 1406 هـ-1985 م. 97 - خلق الإِنسان للزجاج- تحقيق د/ إبراهيم السامرائي طبع المجمع العلمى العراقى 1387 هـ- 1963 م. 98 - الدرر المبثثة فى الغرر المثلثة- للفيروزابادى- تحقيق د/ على حسين البواب- طبع السعودية 1401 هـ. 99 - درة الغواص فى أوهام الخواص -للحريرى- تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- طبع نهضة مصر. 100 - الدرة الفاخرة فى الأمثال السائرة لحمزة بن حسن الأصبهاني- تحقيق عبد المجيد قطامش- طبع دار المعارف 1971 م.
101 - الدر المصون فى علوم الكتاب المكنون للسمين الحلبى- تحقيق الدكتور أحمد محمد الخراط دمشق 1406 هـ. 102 - دول الإِسلام -للذهبى- تحقيق فهيم محمد شلتوت، محمد مصطفى إبراهيم- طبع الهيئة المصرية العامة للكتاب 1974 م. 103 - ديوان الأدب -للفارابى- تحقيق د / أحمد مختار عمر- مطبوعات مجمع اللغة العربية. 104 - ديوان الأعشى الكبير -ميمون بن قيس- شرح وتعليق محمد محمد حسين- طبع بيروت طبعة سابعة 1403 هـ-1983 م. 105 - ديوان امرىء القيس -تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- طبع دار المعارف بمصر الطبعة الثالثة 1969 م. 106 - ديوان أمية بن أبى الصلت -نشر بشير يموت- بيروت 1934 م. 107 - ديوان أبى طالب "غاية المطالب فى شرح ديوان أبى طالب" جمع محمد الخطيب -طنطا-1950 م، 1951 م. 108 - ديوان أوس بن حجر- بيروت 1399 هـ-1979 م. 109 - ديوان بشار بن برد -لجنة التأليف والترجمة والنشر- الطبعة الثانية 1967 م. 110 - ديوان جران العود- مطبعة دار الكتب المصرية 1931 م. 111 - ديوان جميل بثينة- بيروت 1966 م. 112 - ديوان حسان بن ثابت- تحقيق د / سيد حنفى حسنين- الهيئة المصرية العامة للكتاب 1974 م. 113 - ديوان الحطيئة- رواية ابن حبيب عن ابن الأعرابى وأبي عمرو الشيبانى- بيروت. 114 - ديوان حميد بن ثور الهلالى -تحقيق الميمنى- الدار القومية للطباعة والنشر 1965 م- نسخة مصورة من طبعة دار الكتب 1371 هـ-1951 م. 115 - ديوان ذى الرمة بشرح أبى نصر الباهلى رواية ثعلب تحقيق د / عبد القدوس أبو صالح -بيروت- 1982 م.
116 - ديوان الراعى النميرى تحقيق د/ نورى حمودى القيسى وهلال ناجى- طبع المجمع العلمى العراقى 1404 هـ- 1980 م. 117 - ديوان الشماخ بن ضرار -مطبعة السعادة- القاهرة. 118 - ديوان طرفة بن العبد- بيروت 1399 هـ-1979 م. 119 - ديوان الطرماح تحقيق د/ عزة حسن- طبع دمشق 1966 م. 120 - ديوان عبد الله بن رواحة -تحقيق وليد قصاب- الأردن- عمان 1408 هـ-1988 م. 121 - ديوان العجاج رواية عبد الملك بن قريب الأصمعي وشرحه- تحقيق د/ عزة حسن- بيروت. 122 - ديوان على بن زيد= شعراء النصرانية. 123 - ديوان علقمة بن عبدة -المطبعة الوهبية- القاهرة. 124 - ديوان عمر بن أبى ربيعة- الهيئة المصرية العامة للكتاب 1978 م. 125 - ديوان الفرزدق- بيروت 1386 هـ- 1966 م. 126 - ديوان القطامى- تحقيق ج. بارث- ليدن 2902. 127 - ديوان قيس بن الخطيم- مطبعة دار العروبة- القاهرة 1962 م. 128 - ديوان كعب بن زهر- دار الكتب المصرية 1369 هـ-1950 م. 129 - ديوان لبيد بن ربيعة طبع بيروت. 130 - ديوان النابغة الجعدى -تحقيق عبد العزيز رباح- المكتب الإِسلامى بدمشق 1964 م. 131 - ديوان النابغة الذبياني -تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- دار المعارف بمصر. 132 - ديوان أبي النجم العجلي- جمعه وشرحه علاء الدين أغا- الرياض 1401 هـ-1981 م. 133 - ديوان الهذليين -طبع دار الكتب- نسخة مصورة عنها 1385 هـ-1965 م. 134 - الزاهر للأزهرى -تحقيق الدكتور محمد جبر الألفى- الكويت 1399 هـ.
135 - الزاهر لابن الأنبارى- تحقيق د / حاتم صالح الضامن 1399 هـ-1979 م طبع بغداد. 136 - زهر الأكم فى الأمثال والحكم -لليوسى- تحقيق محمد حجى- محمد الأخضر بيروت 1401 هـ-1981 م. 137 - السبعة فى القراءات -لابن مجاهد- تحقيق د / شوقى ضيف- الطبعة الثانية- دار المعارف. 138 - سر صناعة الإعراب -لابن جنى- تحقيق مصطفى السقا وآخرين- الجزء الأول طبع مصطفى الحلبى سنة 1374 هـ. 139 - السلاح -لأبي عبيد القاسم بن سلام- تحقيق د / حاتم صالح الضامن- بيروت-1405 - 1985 م. 140 - السلوك فى طبقات العلماء والملوك للبهاء الجندى- مخطوط دار الكتب 1949 م. 141 - سمط اللآلى "شرح أمالى القالى" للبكرى -تحقيق الميمنى- طبع لجنة التأليف والترجة والنشر سنة 1936 م. 142 - سنن البيهقى طبع الهند 1354 هـ. 143 - سنن أبى داود -تعليق أحمد سعد على- الطبعة الأولى 1371 هـ-1952 م طبع الحلبى. 144 - سنن ابن ماجة- تحقيق محمد فؤاد عبد الباقى- طبع الحلبى 1372 هـ ـــــ 1952 م. 145 - سنن النسائى- بشرح السيوطى وحاشية السندى- المطبعة المصرية. 146 - سيرة ابن هشام -تحقيق السقا والإِبيارى- وشلبى- الطبعة الثانية 1375 هـ- 1955 م طبع الحلبى. 147 - شذرات الذهب فى أخبار من ذهب- لابن العماد الحنبلى- مطبعة المقدسى 1351 هـ. 148 - شرح أسماء الله الحسنى للقشيرى- تحقيق عبد المنعم الحلوانى مطبعة الأزهر 1390 هـ.
149 - شرح أبيات سيبويه للسيرافى- تحقيق الدكتور محمد على سلطان- مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1396 هـ. 150 - شرح أبيات سيبويه للنحاس -تحقيق الدكتور وهبة متولى سالمة- القاهرة 1405 هـ. 151 - شرح ألفاظ الختصر -للأزهرى- رسالة دكتواره- تحقيق عبد المنعم بشناتى- إشراف الدكتور إبراهيم نجا- بعنوان "الزاهر". 152 - شرح الشافية -لابن الحاجب مع شرح شواهد الشافية للبغدادى- تحقيق محمد محيى الدين وآخرين- مطبعة حجازى سنة 1356 هـ. 153 - شرح ديوان جرير تحقيق إيليا الحاوى- بيروت. 154 - شرح ديوان زهير بن أبى سلمى صنعة أبى العباس ثعلب- الدار القومية للطباعة والنشر 1973 م. 155 - شرح شعر زهير بن أبى سلمى -تحقيق فخر الدين قباوة- بيروت 1402 هـ-1982 م. 157 - شرح ديوان عنترة -بيروت- الطبعة الأولى 1405 هـ-1985 م. 157 - شرح ديوان المتنبى -للبرقوقى- بيروت 1400 هـ-1980 م. 158 - شرح شواهد العينى- علما حاشة الصبان علما الأشمونى طبع عيسى الحلبى. 159 - شرح شواهد المغنى -للسيوطى- تصحيح وتعليق الشنقيطى- بيروت. 160 - شرح القصائد السبع الطوال -لابن الأنبارى- تحقيق عبد السلام هارون- طبعة ثانية. 161 - شرح القصائد العشر للتبريزى- طبع السعادة 1384 هـ-1964 م. 162 - شرح قصيدة كعب بن زهير -لابن هشام- تحقيق الدكتور محمود حسن أبو ناجى- دمشق 1402 هـ.
163 - شرح الكافية للرضى -دار الكتب العلمية- بيروت. 164 - شرح المفصل لابن يعيش- عالم الكتب- بيروت. 165 - شرح مقامات الحريرى للمطرزى- مخطوطة الجامع الأزهر. 166 - شعراء النصرانية فى الجاهلية -تحقيق لويس شيخو- طبع مكتبة الآداب. 167 - شعر الأحوص الأنصاري -تحقيق عادل سليمان جمال- الهيئة المصرية العامة للتأليف والترجمة والنشر- القاهرة-1390 هـ-1970 م. 168 - شعر الأخطل التغلبى -صنعة السكرى- تحقيق د / فخر الدين قباوه- بيروت-1399 هـ-1979 م- طبعة أولى. 169 - الشعر والشعراء لابن قتيبة تحقيق أحمد محمد شاكر طبع دار المعارف بمصر 1966 م. 170 - شعر الكميت بن زيد الأسدى- جع وتقديم د/ داوود سلوم- بغداد 1969 م. 171 - الشعر المنسوب إلى الإمام على بن أبى طالب جمع وشرح عبد العزيز الأهل- بيروت. 172 - شفاء الغليل فيما فى كلام العرب من الدخيل- للشهاب الخفاجى- تحقيق د / خفاجى طبع مكتبة الحرم الحسينى- الطبعة الأولى 1371 هـ-1952 م. 173 - شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم لنشوان الحمرى- طبع الحلبى 1403 هـ-1983 م. 174 - الصاحبى -لابن فارس- تحقيق سيد صقر- طبع الحلبى. 175 - صبح الأعشى -للقلقشندى- طبع الأميرية 1934 م القاهرة. 176 - الصبح المنير فى شعر أبى ميمون قيس بن جندل، والأعشيين الآخرين -تحقيق أودلف جابر- لندن- مطبعة آدلف هلز هوش- 1927 م. 177 - الصحاح "تاج اللغة وصحاح العربية -للجوهرى- تحقيق أحمد عبد
الغفور عطار- الطعة الثانية 1399 هـ-1979 م- بيروت. 178 - صحيح البخارى- طبع الشعب 1379 هـ. 179 - صحيح الترمذى بشرح ابن عربي -المطبعة المصرية- الطبعة الأولى 1350 هـ. 180 - صحيح مسلم- تحقيق محمد فؤاد عبد الباقى- طبع عيسى الحلبى- الطبعة الأولى 1374 هـ. 181 - طبقات الخواص أهل الصدق والإخلاص للشرجى الزبيدى- طبع مصر- حجر 1321 هـ. 182 - طبقات ابن خياط- تحقيق الدكتور أكرم ضياء العمرى- دار طيبة للنشر- الرياض. 183 - طبقات الشافعية الكبرى للسبكى- تحقيق د / محمود الطناحى، د/ عبد الفتاح الحلو- طبع الحلبى الطبعة الأولى 1383 هـ-1964 م. 184 - طبقات فقهاء اليمن- لابن سمرة الجعدى- تحقيق فؤاد سيد- طبع بيروت. 185 - طبقات القراء "غاية النهاية" للجزرى -تحقيق برجستراسر- القاهرة 1352 هـ مطبعة السعادة 1923 م. 186 - الطبقات الكبرى -لابن سعد- بيروت 1376 هـ- 1957 م. 187 - طبقات المفسرين للداويدى -تحقيق على محمد عمر- مطبعة الاستقلال 1392 هـ- 1972 م. 188 - الطرائف الأدبية- تحقيق عبد العزيز الميمنى- طبع بيروت. 189 - العباب الزاخر واللباب الفاخر للصغاني تحقيق الشيخ محمد آل ياسين- بغداد. 190 - العقد الفريد لابن عبد ربه- تحقيق أحمد زين، والإِبيارى- مكتبة النهضة المصرية 1962 م، الطبعة الثانية. 191 - العقود اللؤلؤية فى تاريخ الدولة الرسولية -للخزرجى- تصحيح الشيخ محمد بسيونى عسل- طبع الهلال- 1329 هـ-1911 م.
192 - العمدة فى غريب القرآن- لمكى بن أبى طالب القيسى- تحقيق يوسف المرعشلى- بيرروت- الطبعة الثانية 1404 هـ-1984 م بيروت. 193 - عناية القاضى وكفاية الراضى على تفسير البيضاوى- بيروت. 194 - العين للخليل بن أحمد الفراهيدى جـ 1 تحقيق د/ عبد الله درويش طبع المجمع العلمى- بغداد ومن جـ 2 - 8 تحقيق د/ مهدى الخزومى، د/ إبراهيم السامرائي- طبع الرشيد- بغداد. 195 - عيون الأخبار -لابن قتيبة- الهيئة المصرية العامة للكتاب- مصورة عن طبعة دار الكتب. 196 - عيون الأنباء فى طبقات الأطباء -لابن أبى أصيبعة- طبع مصر 1299 - 1300 هـ. 197 - غريب الحديث -للخطابى- تحقيق عبد الكريم العزباوى طبع دار الفكر- دمشق. 198 - غريب الحديث -لأبي عبيد القاسم بن سلام- طبع حيدر آباد- الهند-1384 هـ-1964 م. 199 - غريب الحديث -لأبي الفرج الجوزى- تحقيق د / عبد المعطى أمين قلعجى- بيروت الطبعة الأولى 1405 هـ- 1985 م. 200 - غريب الحديث -لابن قتيبة- تحقيق عبد الله الجبورى- مطبعة العاني- بغداد 1977 م. 201 - الغريبين- غريبى القرآن والحديث- لأبي عبيد أحمد بن محمد الهروى- تحقيق د/ محمود الطناحى -الجزء الأول- المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 1390 هـ- 1970 م. 202 - الغريبين- غريبى القرآن والحديث مخطوط دار الكتب المصرية. 203 - غلط الضعفاء من الفقهاء -لابن برى- مخطوط ميكروفيلم بمعهد المخطوطات رقم 216 - لغة- فى ذيل لحن العوام للزبيدى. 204 - الفائق فى غريب الحديث -للزمخشرى- تحقيق على محمد البجاوى، ومحمد أبو الفضل إبراهيم الطبعة الثانية- عيسى الحلبى.
205 - الفاخر للمفضل بن سلمة- تحقيق عبد العليم الطحاوى- طبع الحلبى 1960 م. 206 - فتح البارى شرح صحيح البخارى لابن حجر- المطبعة السلفية القاهرة 1380 هـ. 207 - الفرق لابن فارس اللغوى- تحقيق د / رمضان عبد التواب- طبع الخانجى- القاهرة. 207 - الفروق اللغوية -لأبي هلال العسكرى- تحقيق حسام الدين القدسى بيروت 1401 هـ. 209 - فصل المقال فى شرح كتاب الأمثال -للبكرى- تحقيق د / إحسان عباس، د / عبد المجيد عابدين- الطبعة الثالثة 1403 هـ-1983 م بيروت. 210 - الفصيح- لثعلب- تحقيق د / عاطف مدكور- دار المعارف بمصر. 211 - فعلت وأفعلت لأبي حاتم -تحقيق خليل العطية- طبع بغداد. 212 - فعلت وأفعلت -للزجاج- تحقيق ماجد حسين الذهبى- بيروت 1404 هـ-1984 م. 213 - فقه اللغة وسر العربية -للثعالبى- تحقيق مصطفى السقا، وإبراهيم الإبيارى، وشلبى- طبع الحلبى 1392 هـ- 1972 م. 214 - فقه اللغة- د / على عبد الواحد وافى -طبعة سابعة- دار النهضة المصرية. 215 - القاموس المحيط -للمجد الفيروز آبادى- بيروت عن الطبعة المصرية. 216 - قصيدة البردة لكعب بن زهير- بشرح ابن الأنبارى- تحقيق الدكتور محمود حسن الليثى- السعودية 1400 هـ. 217 - القلب والإبدال = الكنز اللغوى. 218 - قلائد الجمان للقلقشندى -تحقيق إبراهيم الإبيارى- القاهرة 1383 هـ.
219 - قليوبى وعميرة -حاشيتان- إحداهما لشهاب القليوبى- وثانيتهما للشيخ عمارة- على شرح جلال الدين المحلى على منهاج الطالبين لفقه المذهب الشافعى- طبع الحلبى. 220 - الكاشف فى معرفة من له رواية فى الكتب الستة للذهبى- تحقيق عزت عيد، وموسى محمد- الطبعة الأولى 1392 هـ-1972 م. 221 - الكامل للمبرد- تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم،- والسيد شحاته- طبع نضهة مصر. 222 - كتاب أفعل حللقالى- تحقيق محمد الفاضل بن عشور- طبع تونس. 223 - كتاب الأمثال لأبي عبيد -تحقيق الدكتور عبد المجيد قطامش- مطبوعات جامعة الملك عبد العزيز 1400 هـ. 224 - الكتاب -لسيبويه- تحقيق عبد السلام هارون- طبع الهيئة المصرية العامة للكتاب 1397 هـ- 1977 م. 225 - كشاف اصطلاحات الفنون -للتهانوى- تحقيق لطفى عبد البديع النهضة المصرية 1382 هـ- 1963 م. 226 - الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل فى وجوه التأويل- للزمخشرى- ومعه حاشية السيد الشريف الجرجاني، وكتاب الإنصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال لابن المنير- تحقيق محمد الصادق قمحاوى طبع الحلبى 1392 هـ- 1972 م. 227 - كشف الظنون عن أسامى الكتب والفنون- لحاجى خليفة طبع أوفست- بغداد 1952 م. 228 - الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها- لمكى القيسى- تحقيق د/ محيى الدين رمضان- طبع المجمع العلمى- دمشق 1394 هـ-1974 م. 229 - كفاية المتحفظ ونهاية المتلفظ فى اللغة العربية -لابن الأحدابى- المطبعة الرحمانية. 230 - الكنز اللغوى فى اللسان العرلى د/ أوغست هفنر- طبع
الكاثوليكية- بيروت 1903 م. 231 - اللباب فى تهذيب الأنساب لابن الأثير الجزرى- بغداد. 232 - لسان العرب لابن منظور طبع دار المعارف- بتحقيق عبد الله الكبير وآخرين. 233 - لغات مختصر ابن الحاجب للأموى مخطوطة دار الكتب 47 لغة. 234 - اللغة العربية خصائصها وسماتها د/ عبد الغفار هلال- الطبعة الثالثة 1406 هـ-1986 م. 235 - اللفظ المستغرب فى شرح غريب المهذب للقلعى: رسالة ماجستير تحقيق مصطفى عبد الحفيظ سالم- إشراف د / عبد الغفار هلال 1980م. 236 - المأثور عن أبى العميثل الأعرابى "ما اتفق لفظه واختلف معناه" طبع أوروبا. 237 - ما بنته العرب على فعال- للصنعانى- تحقيق د/ عزة حسن دمشق-1383 هـ-1964 م. 238 - ما تلحق فيه العامة للكسائي- تحقيق د/ رمضان عبد التواب- مطبعة المدني. 239 - مبادىء اللغة للإسكافى- تصحيح النعسانى طبع الخانجى 1325 هـ. 240 - المبسوط فى القراءات العشر -للأصبهاني- تحقيق سبيع حمزة- دمشق 1407 هـ- 1986 م. 241 - المبسوط للسرخسى -مطبعة السعادة- القاهرة- الطبعة الأولى 1324 هـ. 242 - متخير الألفاظ لابن فارس -تحقيق هلال ناجى- بغداد طبعة أولى 1390 هـ-1970 م. 243 - المثلث لابن السيد البطليوسى- تحقيق صلاح مهدى على الفرطوسى- طبع العراق بغداد 1981 م. 244 - مجاز القرآن لأبي عميدة معمر بن المثنى التميمى -تحقيق سزكين- طبع الخانجى.
245 - مجالس ثعلب -تحقيق عبد السلام هارون- دار المعارف طبعة ثالثة. 246 - مجلة معهد الخطوطات العربية جـ 24/ 2/ 1978 م. 247 - مجمع الأمثال للميدانى- تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم طبع عيسى الحلبى. 248 - مجمل اللغة لابن فارس تحقيق زهير عبد المحسن سلطان- بيروت الطبعة الأولى 1404 هـ-1984 م. 249 - مجموع أشعار العرب- ديوان رؤبة بن العجاج- تحقيق وترتيب وليم بن الورد البروسى طبع ليبزج 1953 م برلين. 250 - المجموع شرح المهذب للنووى- الطباعة المنيرية- القاهرة. 251 - المجموع المغيث لأبي موسى المديني -تحقيق العزباوى- مطبوعات جامعة أم القرى. 252 - المحتسب فى تبيين وجوه شواذ القراءات، والاحتجاج عنها لابن جنى- تحقيق على النجدى ناصف، د/ عبد الفتاح شلبى- القاهرة- المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 1389 هـ-1969 م. 253 - المحكم والمحيط الأعظم فى اللغة- لابن سيده جـ 1 تحقيق مصطفى السقا، وحسين نصار جـ 2، جـ 4 تحقيق عبد الستار أحمد فراج جـ 3 تحقيق عائشة عبد الرحمن جـ 5 تحقيق إبراهيم الإبيارى جـ 6 تحقيق مراد كامل جـ 7 تحقيق محمد على النجار- طبع دار المعارف ومعهد المخطوطات العربية. 254 - مختصر المذكر والمؤنث للمفضل بن سلمة- تحقيق د/ رمضان عبد التواب- طبع الشركة المصرية للطباعة والنشر 1972 م. 255 - مختصر المزنى- حاشية على كتاب الأم للشافعى طبع الشعب. 256 - المخصص لابن سيده- بيروت عن الطبعة الأولى- بولاق 1319 هـ. 257 - المذكر والمؤنث- لابن الأنبارى جـ 1 تحقيق د/ عضيمة- طبع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية- القاهرة 1981 م. 258 - المذكر والمؤنث لابن التسترى- تحقيق أحمد عبد المجيد هريدى نشر
الخانجى بالقاهرة والرفاعى بالرياض طبعة أولى 1403 هـ-1983 م. 259 - المذكر والمؤنث لابن فارس- تحقيق د/ رمضان عبد التواب- طبع الخانجى- طبعة أولى 1969 م. 260 - المذكر والمؤنث للفراء- تحقيق د/ رمضان عبد التواب- دار التراث بالقاهرة 1975 م. 261 - مراصد الإطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع -للبغدادى- تحقيق على محمد البجاوى- طبع عيسى الحلبى- طبعة أولى 1373 هـ-1954 م. 262 - المرصع فى الآباء والأمهات والبنين والبنات والأولاد والذوات لابن الاثير. تحقيق: إبراهيم السامرائى- بغداد 1971 م. 263 - المزهر فى علوم اللغة وأنواعها -للسيوطى- تحقيق محمد أحمد جاد المولى وآخرين. طبع الحلبى. 264 - المسائل المشكلة "البغداديات" لأبي على الفارسى- تحقيق صلاح الدين عبد السنكاوى- طبع بغداد. 265 - المستقصى فى أمثال العرب للزمخشرى -بيروت- طبعة ثانية 1397 هـ-1977 م. 266 - المسند لابن حنبل -تحقيق أحمد شاكر- دار المعارف 1365 هـ-1946 م. 267 - مشارق الأنوار على صحاح الآثار -للقاضى عياض- طبع تونس ودار التراث بالقاهرة رقم 13. 268 - المشتبه فى الرجال أسمائهم وأنسابهم للذهبى- تحقيق محمد على البجاوى- طبع الحلبى طبعة أولى 1962 م. 269 - المشترك وضعًا والمفترق صقعا لياقوت الحموى- تحقيق فردينان ديستفلند طبع بغداد. 270 - مشكل الآثار -للطحاوى- الهند طبعة أولى 1333 هـ. 271 - المشوف المعلم في ترتيب الإصلاح على حروف المعجم للعكبرى- تحقيق ياسين السواس مطبوعات جامعة أم القرى 1403 هـ.
272 - المصباح المنير- فى غريب الشرح الكبير للرافعى -للفيومى- تحقيق د/ عبد العظيم الشناوى طبع دار المعارف 1977 م. 273 - المعارف لابن قتيبة- تحقيق د / ثروت عكاشة- دار المعارف- الطبعة الثانية. 274 - معالم السنن للخطابى- شرح سنن أبى داود- تصحيح محمد راغب الطباخ- حلب- الطبعة الأولى 1351 هـ 1932 م. 275 - معانى القرآن للأخفش الأوسط- تحقيق د/ فايز فارس- الكويت طبعة ثانية 1401 هـ-1981 م. 276 - معانى القران وإعرإبه -للزجاج- تحقيق د /- عبد الجليل شلبى- بيروت. 277 - معانى القرآن للفراء -تحقيق أحمد يوسف نجاتى- ومحمد على النجار- الهيئة المصرية العامة للكتاب 1980 م. 278 - معانى القرآن الكريم لأبى جعفر النحاس- تحقيق الشيخ محمد على الصابونى- مطبوعات جامعة أم القرى. 279 - معجم الأدباء -لياقوت الحموى- طبع دار المأمون- الطبعة الأخيرة. 280 - معجم الأفعال اللازمة المتعدية- مجلة الموردم 12 ع 1 لسنة 1403 هـ. 281 - معجم الألفاظ والتراكيب المولدة فى شفاء الغليل للخفاجى- ترتيب الدكتور قصى الحسينى- لبنان 1987 م. 282 - معجم البلدان- لياقوت الحموى- بيروت 1397 هـ- 1977 م. 283 - معجم الشعراء للمرزبانى- القدسى 1354 هـ. 284 - معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع للبكرى- تحقيق مصطفى السقا- بيروت. 285 - معجم المؤلفين- عمر رضا كحالة- دمشق 1376 هـ- 1957 م.
286 - المعرب من الكلام الأعجمى على حروف المعجم للجواليقى- تحقيق أحمد محمد شاكر- دار الكتب المصرية الطبعة الأولى 1361 هـ-1942 م. 287 - المعرب للجواليقى- تحقيق الدكتور ف. عبد الرحيم- دار القلم دمشق 1410 هـ. 288 - معلقة عمرو بن كلثوم بشرح ابن كيسان- تحقيق د/ محمد إبراهيم البنا دار الاعتصام طبعة أولى 1400 هـ- 1980 م. 289 - المغانم المطابة فى معالم طابة -للفيروز آبادى- تحقيق أحمد الجاسر- الرياض 1389 هـ- 1969 م. 290 - المغرب فى ترتيب المعرب- للمطرزى طبع الهند 1328 هـ. 291 - المغنى "مغنى اللبيب من كتب الأعاريب" لابن هشام الأنصاري- تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد- مطبعة المدنى. 292 - المغيث فى غريب القرآن والحديث لأبي موسى المدينى -مخطوط- ميكروفيلم معهد الخطوطات العربية "501 حديث". 293 - المفردات فى غريب القرآن للراغب الأصبهانى- إعداد محمد أحمد خلاف الله- مكتبة الأنجلو. 294 - المفضليات "ديوان العرب- مجموعات من عيون الشعر" تحقيق أحمد محمد شاكر -عبد السلام هارون- دار المعارف- طبعة سادسة. 295 - مقاييس اللغة- لابن فارس تحقيق عبد السلام هارون- طبع الحلبى- الطبعة الأولى. 296 - المقتضب للمبرد- تحقيق د/ عبد الخالق عضيمة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 1392 هـ- 1972 م. 297 - المقصد الأسنى فى شرح أسماء الله الحسنى للغزالى- تحقيق بسام عبد الوهاب- السعودية 1407 هـ. 298 - مقدمتان فى علم القرآن- تحقيق آرثر جفرى- طبع الخانجى 1392 هـ - 1972 م.
299 - المقصور والممدود لابن السكيت- تحقيق الدكتور حسن شاذلى فرهود- السعودية 1405 هـ. 300 - المقصور والممدود -لنفطويه- تحقيق حسين الشاذلى فرهود- المطبعة العربية الحديثة بالقاهرة 1400 هـ-1980 م. 301 - المقصور والممدود للوشاء- تحقيق د / رمضان عبد التواب- طبع الخانجي 1979 م. 302 - المقصور والممدود لابن ولاد تصحيح السيد محمد النعساني مطبعة السعادة طبعة أولى 1326 هـ- 1908 م. 303 - الملمع -للنميرى- تحقيق وجيهة السطل- دمشق 1396 هـ. 304 - الممتع فى التصريف -لابن عصفور- تحقيق فخر الدين قباوة- بيروت طبعة رابعة 1399 هـ- 1979 م. 305 - منال الطالب فى شرح طوال الغرائب- لابن الأثير تحقيق محمود الطناحى- مطبعة المدني. 306 - منتخبات فى أخبار اليمن- طبع ليدن 1916 م. 307 - المنتخب لكراع النمل تحقيق الدكتور محمد العمرى- مطبوعات جامعة أم القرى 1409 هـ. 308 - المنجد فى اللغة لكراع- تحقيق د/ أحمد مختار عمر- د / ضاحى عبد الباقى- مطبعة الأمانة بالقاهرة. 309 - المنصف -لابن جنى- تحقيق إبراهيم مصطفى، وعبد الله أمين- طبع الحلبى- الطبعة الأولى 1370 هـ- 1960 م. 310 - المنقوص والممدود للفراء -تحقيق الميمنى- دار المعارف بمصر. 311 - المنقوص والممدود لنفطويه. 312 - المهذب -للشيرازى- طبع عيسى الحلبى. 313 - المؤتلف والمختلف للآمدى- تحقيق عبد الستار فراج- طبع الحلبى 1381 هـ -1961 م. 314 - الموطأ -للإِمام مالك- رواية الِإمام محمد بن الحسن الشيبانى- تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف- المجلس الأعلى للشئون
الإسلامية- الطبعة الثانية 1387 هـ- 1967 م. 315 - ميزان الاعتدال فى نقد الرجال -للذهبى- تحقيق على محمد البجاوى طبع الحلبى سنة 1382 هـ - 1963 م. 316 - النحوم الزهرة فى سلوك مصر والقاهرة- لابن تغرى بردى طبع دار الكتب المصرية 1353 هـ-1935 م. 317 - النخلة -لأبي حاتم- من مجلة المورد "م 14 ع 3". 318 - نسب عدنان وقحطان -للمبرد- تحقيق عبد العزيز الميمنى- طبع لجنة التأليف والترجمة والنشر 1354 هـ-1936 م. 319 - نسب قريش- لمصعب الزبيرى تحقيق ليفى بروفنسال- دار المعارف- الطبعة الثانية. 320 - نصب الراية فى أحاديث الهداية للزيلعى- طبع الهند 1357 هـ-1938 م. 321 - نظام الغريب فى اللغة -للربعى- تحقيق محمد بن على الأكوع- دمشق 1400 هـ- 1980 م. 322 - النعم والبهائم -لابن قتيبة- طبع أوروبا. 323 - نهاية الأرب- للنويرى دار الكتب المصرية 1935 م. 324 - النهاية فى غريب الحديث والأثر لابن الأثير- تحقيق طاهر الزواوى، ومحمود الطناحى- طبعة أولى 1383 هـ- 1963 م. 325 - نوادر أبى مسحل الأعرابى- تحقيق د/ عزة حسن- دمشق 1380 هـ-1961 م. 326 - النوادر فى اللغة لأبي زيد الأنصاري- تحقيق محمد عبد القادر أحمد- بيروت 1401 هـ- 1981 م. 327 - نوادر المخطوطات- تحقيق عبد السلام هارون طبع الحلبى- طبعة ثانية 1392 هـ- 1972 م. 328 - هدية العارفين لأسماء المؤلفين وآثار المصنفين -للبغدادى- طبع بغداد 1952 م. 329 - همع الهوامع للسيوطى -تصحيح النعساني- طبع السعادة- القاهرة 1327 هـ.
330 - الوجيز للرافعى. 331 - وفاء الوفا بأخبار المصطفى للسمهودى- تحقيق الشيخ محيى الدين- بيروت. 332 - وفيات الأعيان وإنباء أبناء الزمان لابن خلكان- تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد- مطبعة السعادة- طبعة أولى 1367 هـ- 1948 م. 333 - يتيمة الدهر فى محاسن أهل العصر- للثعالبى- تحقيق مفيد محمد- بيروت 1403 هـ-1983 م.