الناسخ والمنسوخ للمقري

ابن سلامة

بسم الله الرحمن الرحيم

مُقَدّمَة الْمُؤلف بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالَ الْمُؤلف الشَّيْخ أَبُو الْقَاسِم هبة الله بن سَلامَة بن نصر الْمُفَسّر الْمقري رَحمَه الله بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد خَاتم النَّبِيين وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا لدينِهِ وَجَعَلنَا من أَهله وفضلنا بِمَا علمنَا من تَنْزِيله وشرفنا بِمُحَمد نبيه وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى أَله وَأنزل عَلَيْهِ كِتَابه الَّذِي لَم يَجعَل لَهُ عوجا وَجعله قيمًا لِيُنذِرَ بَأساً شَديداً مِن لَدنه {لَا يَأتيهِ الباطِلُ مِن بَينِ يَدَيهِ وَلا مِن خَلفِهِ تَنزيلٌ مِن حَكيمٍ حَميدٍ} بَين فِيهِ الْحَلَال وَالْحرَام وَالْحُدُود وَالْأَحْكَام والمقدم والمؤخر وَالْمُطلق والمقيد والأقسام والأمثال والمجمل والمفصل وَالْخَاص وَالْعَام والناسخ والمنسوخ

{لِيَهلِكَ مَن هَلَكَ عَن بيِّنَةٍ وَيحيى مِن حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَهَ لَسَميعٌ عَليم} فَأول مَا يَنْبَغِي لم أَرَادَ أَن يعلم شَيْئا من علم هَذَا الْكتاب أَلا يدأب نَفسه إِلَّا فِي علم النَّاسِخ والمنسوخ اتبَاعا لما جَاءَ عَن أَئِمَّة السّلف رَضِي الله عَنْهُم لِأَن كل من تكلم فِي شَيْء من علم هَذَا الْكتاب وَلم يعلم النَّاسِخ من الْمَنْسُوخ كَانَ نَاقِصا وَقد رُوِيَ عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه أَنه دخل يَوْمًا مَسْجِد الْجَامِع بِالْكُوفَةِ فَرَأى فِيهِ رجلا يعرف بِعَبْد الرَّحْمَن بن دَاب وَكَانَ صاحبا لأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَقد تحلق النَّاس عَلَيْهِ يسألونه وَهُوَ يخلط الْأَمر بِالنَّهْي وَالْإِبَاحَة بالحظر فَقَالَ لَهُ عَليّ رضى الله عَنهُ أتعرف النَّاسِخ من الْمَنْسُوخ قَالَ لَا قَالَ هَلَكت وأهلكت فَقَالَ أَبُو من أَنْت

قَالَ أَبُو يحيى فَقَالَ أَنْت أَبُو اعرفوني وَأخذ بأذنه ففتلها وَقَالَ لَا تقص فِي مَسْجِدنَا بعد ويروى فِي معنى هَذَا الحَدِيث عَن عبد الله بن عمر وَعبد الله بن عَبَّاس أَنَّهُمَا قَالَا لرجل آخر مثل قَول أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ كرم الله وَجهه أَو قَرِيبا مِنْهُ وَقَالَ حُذَيْفَة بن الْيَمَان لَا يقص على النَّاس إِلَّا أحد ثَلَاثَة أَمِير أَو مَأْمُور أَو رجل يعرف النَّاسِخ والمنسوخ وَالرَّابِع متكلف أَحمَق وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح لِأَنَّهُ يخلط الْأَمر بِالنَّهْي والأباحة بالحظر قَالَ الشَّيْخ هبة الله أبوالقاسم رَحمَه الله

باب في الناسخ والمنسوخ

وَلما رَأَيْت الْمُفَسّرين قد سلكوا طَرِيق هَذَا الْعلم وَلم يَأْتُوا مِنْهُ وَجه الْحِفْظ وخلطوا بعضه بِبَعْض ألفت فِي ذَلِك كتابا أَي هَذَا الْكتاب يقرب على من أحب تَعْلِيمه وتذكارا لمن علمه وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلت وَإِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنيب بَاب فِي النَّاسِخ والمنسوخ إعلم أَن النّسخ فِي كَلَام الْعَرَب هُوَ الرّفْع للشَّيْء وَجَاء الشَّرْع بِمَا تعرف الْعَرَب إِذْ كَانَ النَّاسِخ يرفع حكم الْمَنْسُوخ والمنسوخ فِي كتاب الله تَعَالَى على ثَلَاثَة أضْرب 1 فَمِنْهُ مَا نسخ خطه وَحكمه 2 وَمِنْه مَا نسخ خطه وَبَقِي حكمه 3 وَمِنْه مَا نسخ حكمه وَبَقِي خطه فَأَما مَا نسخ خطه وَحكمه فَمثل مَا رُوِيَ عَن أنس بن مَالك أَنه قَالَ

كُنَّا نَقْرَأ على عهد رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) سُورَة نعدلها بِسُورَة التَّوْبَة مَا أحفظ مِنْهَا غير آيَة وَاحِدَة وَهِي {لَو أَن لِأَبْنِ آدم واديين من ذهب لابتغى لَهما ثَالِثا وَلَو أَن لَهُ ثَالِثا لابتغى إِلَيْهِ رَابِعا وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ} وروى عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ أَقْرَأَنِي رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) آيَة أَو قَالَ سُورَة فحفظتها وكتبتها فِي مصحفي فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل رجعت الي مضجعي فَلم أرجع مِنْهَا الى شَيْء فَغَدَوْت الى مصحفي فَإِذا الورقة بَيْضَاء فَأخْبرت رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فَقَالَ يَا ابْن مَسْعُود تِلْكَ رفعت البارحة وَأما مَا نسخ خطه وَبَقِي حكمه فَمثل مَا رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لَوْلَا أَن أخْشَى أَن يَقُول النَّاس قد زَاد عمر فِي الْقُرْآن مَا لَيْسَ فِيهِ لكتبت آيَة الرَّجْم وأثبتها فِي الْمُصحف وَوَاللَّه لقد

قرأناها على عهد رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لَا ترغبوا عَن آبائكم فَإِن ذَلِك كفر بكم الشَّيْخ وَالشَّيْخَة إِذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّة نكالا من الله وَالله عَزِيز حَكِيم فَهَذَا مَنْسُوخ الْخط ثَابت الحكم وَأما مَا نسخ حكمه وَبَقِي خطه فَهُوَ فِي ثَلَاث وَسِتِّينَ سُورَة مثل الصَّلَاة إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَالصِّيَام الأول والصفح عَن الْمُشْركين والإعراض عَن الْجَاهِلين قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْقَاسِم هبة الله فَأول مَا يبْدَأ بِهِ من ذَلِك تَسْمِيَة السُّور الَّتِي لم يدخلهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ وَهِي ثَلَاث وَأَرْبَعُونَ سُورَة وَالله أعلم أَولهَا أم الْكتاب ثمَّ سُورَة يُوسُف ثمَّ يس ثمَّ الحجرات ثمَّ سُورَة الرَّحْمَن ثمَّ سُورَة الْحَدِيد ثمَّ الصَّفّ ثمَّ الْجُمُعَة ثمَّ التَّحْرِيم ثمَّ الْملك ثمَّ الحاقة ثمَّ نوح

ثمَّ الْجِنّ ثمَّ المرسلات ثمَّ النبأ ثمَّ النازعات ثمَّ الانفطار ثمَّ المطففين ثمَّ الانشقاق ثمَّ البروج ثمَّ الْفجْر ثمَّ الْبَلَد ثمَّ الشَّمْس وَضُحَاهَا ثمَّ وَاللَّيْل ثمَّ وَالضُّحَى ثمَّ ألم نشرح ثمَّ الْقَلَم ثمَّ الْقدر ثمَّ الانفكاك ثمَّ الزلزلة ثمَّ العاديات ثمَّ القارعة ثمَّ التكاثر ثمَّ الْهمزَة ثمَّ الْفِيل ثمَّ قُرَيْش ثمَّ أَرَأَيْت الَّذِي ثمَّ الْكَوْثَر ثمَّ النَّصْر ثمَّ تبت ثمَّ الْإِخْلَاص ثمَّ الفلق ثمَّ النَّاس فَهَذِهِ ثَلَاثَة وَأَرْبَعُونَ سُورَة لم يدخلهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ مِنْهَا سور لَيْسَ فِيهَا أَمر وَلَا نهي وَمِنْهَا سور فِيهَا نهي وَلَيْسَ فِيهَا أَمر وَمِنْهَا سور فِيهَا أَمر وَلَيْسَ فِيهَا نهي وسنذكرها إِن شَاءَ الله فِي موَاضعهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب تَسْمِيَة السُّور الَّتِي دَخلهَا النَّاسِخ وَلم يدخلهَا الْمَنْسُوخ وَهِي 2 سِتّ سور أولهنَّ سُورَة الْفَتْح ثمَّ سُورَة الْحَشْر ثمَّ المُنَافِقُونَ ثمَّ التغابن ثمَّ الطَّلَاق ثمَّ سُورَة الْأَعْلَى فَهَذِهِ سِتّ سور دَخلهَا النَّاسِخ وَلم يدخلهَا الْمَنْسُوخ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب تَسْمِيَة السُّور الَّتِي دَخلهَا الْمَنْسُوخ وَلم يدخلهَا النَّاسِخ وَهِي أحدى واربعون سُورَة أَولهَا سُورَة الْأَنْعَام ثمَّ الْأَعْرَاف ثمَّ يُونُس ثمَّ هود ثمَّ الرَّعْد ثمَّ إِبْرَاهِيم ثمَّ الْحجر ثمَّ النَّحْل ثمَّ بني إِسْرَائِيل ثمَّ الْكَهْف ثمَّ طه ثمَّ الْمُؤْمِنُونَ ثمَّ النَّمْل ثمَّ الْقَصَص ثمَّ العنكبوت ثمَّ الرّوم ثمَّ سُورَة لُقْمَان ثمَّ الْمضَاجِع وَهِي ألم السَّجْدَة ثمَّ سُورَة الْمَلَائِكَة ثمَّ وَالصَّافَّات ثمَّ ص ثمَّ الزمر ثمَّ حم السَّجْدَة ثمَّ الزخرف ثمَّ الدُّخان ثمَّ الجاثية ثمَّ الْأَحْقَاف ثمَّ سُورَة مُحَمَّد (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ثمَّ سُورَة الباسقات ثمَّ النَّجْم ثمَّ الْقَمَر ثمَّ سُورَة الامتحان ثمَّ سُورَة ن ثمَّ سُورَة المعارج ثمَّ المدثر ثمَّ الْقِيَامَة ثمَّ الْإِنْسَان ثمَّ

عبس ثمَّ الطارق ثمَّ الغاشية ثمَّ التِّين ثمَّ الْكَافِرُونَ فَهَذِهِ إِحْدَى وَأَرْبَعُونَ سُورَة دَخلهَا الْمَنْسُوخ وَلم يدخلهَا النَّاسِخ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب تَسْمِيَة السُّور الَّتِي دَخلهَا النَّاسِخ والمنسوخ وَهِي أَربع وَعِشْرُونَ سُورَة أَولهَا الْبَقَرَة ثمَّ آل عمرَان ثمَّ النِّسَاء ثمَّ الْمَائِدَة ثمَّ الْأَنْفَال ثمَّ التَّوْبَة ثمَّ النَّحْل ثمَّ مَرْيَم ثمَّ الْأَنْبِيَاء ثمَّ الْحَج ثمَّ النُّور ثمَّ الْفرْقَان ثمَّ الشُّعَرَاء ثمَّ الْأَحْزَاب ثمَّ سبأ ثمَّ الْمُؤمن ثمَّ الشورى ثمَّ الذاريات ثمَّ الطّور ثمَّ الواقعه ثمَّ المجادلة ثمَّ المزمل ثمَّ كورت ثمَّ الْعَصْر فَهَذِهِ مئة وَأَرْبع عشرَة سُورَة

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي اخْتِلَاف الْمُفَسّرين على أَي شَيْء وَقع الْمَنْسُوخ من كَلَام الْعَرَب قَالَ مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير وَعِكْرِمَة بن عمار لَا يدْخل النّسخ إِلَّا على أَمر أَو نهي فَقَط افعلوا أَو لَا تَفعلُوا وَاحْتَجُّوا على ذَلِك بأَشْيَاء مِنْهَا قَوْلهم إِن خبر الله على مَا هُوَ بِهِ وَقَالَ الضَّحَّاك بن مُزَاحم كَمَا قَالَ الْأَولونَ وَزَاد عَلَيْهِم فَقَالَ يدْخل النّسخ على الْأَمر وَالنَّهْي وعَلى الْأَخْبَار الَّتِي مَعْنَاهَا الْأَمر وَالنَّهْي مثل قَوْله تَعَالَى {الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلّا زانِيَةً أَو مَشرِكَةً والزانية لَا ينْكِحهَا إِلَّا زَان أَو مُشْرك} وَمعنى ذَلِك لَا تنحكوا زَانِيَة وَلَا مُشركَة

وعَلى الْأَخْبَار الَّتِي مَعْنَاهَا الْأَمر مثل قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة يُوسُف {قالَ تَزرَعونَ سَبعَ سِنِين دأبا فَمَا حصدتم فذروه فِي سنبله} وَمعنى ذَلِك إزرعوا سبع سِنِين دأبا وَمثل قَوْله تَعَالَى {فلولا أَن كُنتُم غَيرَ مَدينينَ تَرجِعونَها إِن كُنتُم صَادِقين} وَمعنى ذَلِك ارجعوها يَعْنِي الرّوح وَمثل قَوْله تَعَالَى {وَلَكِن رَسُول الله} وَمعنى ذَلِك أَي وَلَكِن قُولُوا لَهُ يَا رَسُول الله فَإِذا كَانَ هَذَا معنى الْخَبَر كَانَ كالأمر وَالنَّهْي وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم وَالسُّديّ قد يدْخل النّسخ على الْأَمر وَالنَّهْي وعَلى جَمِيع الْأَخْبَار وَلم يفصلا وتابعهما على هَذَا القَوْل جمَاعَة وَلَا حجَّة لَهُم فِي ذَلِك من الدِّرَايَة وَإِنَّمَا يعتمدون على الرِّوَايَة وَقَالَ آخَرُونَ كل جمله اسْتثْنى الله تَعَالَى مِنْهَا ب إِلَّا فَإِن الأستثناء نَاسخ لَهَا

وَقَالَ آخَرُونَ لَا يعد خلافهم خلافًا لَيْسَ فِي الْقُرْآن نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ وَهَؤُلَاء قوم عَن الْحق صدوا وبإفكهم على الله ردوا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب مَا رد الله على الْمُلْحِدِينَ وَالْمُنَافِقِينَ من أجل معارضتهم فِي تنقل أَحْكَام كِتَابه الْمُبين قَالَ الله تَعَالَى {مَا نَنسَخ من آيَةٍ أَو نُنسِها نَأتِ بِخَير مِنْهَا أَو مثلهَا} قَالَ الشَّيْخ ابو الْقَاسِم هبة الله وَهَذِه الْآيَة يحْتَاج مفسرها الى أَن يقدرها قبل تَفْسِيره لَهَا لِأَن فِيهَا مقدما ومؤخرا تَقْدِيره وَالله أعلم مَا نرفع من حكم آيَة نأت بِخَير مِنْهَا أَو ننسها أَي نتركها فَلَا ننسخها وَقد أعترض فِي هَذَا التَّأْوِيل فَقيل فِي الْقُرْآن مَا بعضه خير من بعض أَلَيْسَ بِكَلَام وَاحِد جلّ قَائِله فَالْجَوَاب أَن معنى {خير مِنْهَا} أَي أَنْفَع مِنْهَا لِأَن النَّاسِخ لَا يَخْلُو من أحدى النعمتين إِمَّا أَن يكون أثقل فِي الحكم فَيكون أوفر فِي الْأجر وَإِمَّا أَن يكون أخف فِي الحكم فَيكون أيسر فِي الْعَمَل وَمن قَرَأَهَا / ننسأها / أَي نؤخر حكمهَا فَيعْمل بهَا حينا ثمَّ قَالَ تَعَالَى {أَلَم تَعلَم أَنَّ الله على كل شَيْء قدير}

من أر النَّاسِخ والمنسوخ وَمثل قَوْله هَذَا قَوْله {وَإِذا بَدَّلنا آيَة مَكانَ آيةٍ وَاللَهُ أَعلَمُ بِما يُنَزِّلُ} وَالْمعْنَى حكم آيَة {قَالُوا إَنَّما أَنْت مفتر} أَي اختلقته من تِلْقَاء نَفسك فَقَالَ تَعَالَى ردا عَلَيْهِم {بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ} لِأَن فِي إِثْبَات النَّاسِخ والمنسوخ فِي الْقُرْآن دلَالَة على الوحدانية وَالله تَعَالَى يَقُول {أَلا لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ} وَقد رُوِيَ عَن عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه صعد الى الْمَرْوَة فَقَرَأَ {أَلا لَهُ الخَلقُ وَالأَمر} وَقَالَ يَا آل غَالب من ادّعى ثَالِثَة فَليقمْ الْخلق جَمِيع مَا خلق وَالْأَمر جَمِيع مَا قضي وَلَيْسَ فِي كتاب الله تَعَالَى كلمتان تجمعان الْملك كُله غَيرهمَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب ذكر مَا جَاءَ من النّسخ فِي الشَّرِيعَة على التوالي قَالَ الشَّيْخ هبة الله أعلم ان أول النّسخ فِي الشَّرِيعَة أَمر الصَّلَاة ثمَّ الْقبْلَة ثمَّ الصّيام الأول ثمَّ الزَّكَاة ثمَّ الْإِعْرَاض عَن الْمُشْركين ثمَّ الْأَمر بجهادهم ثمَّ

أَعْلَام الله تَعَالَى نبيه (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) مَا يَفْعَله بِهِ ثمَّ أمره بِقِتَال الْمُشْركين ثمَّ أمره بِقِتَال أهل الْكتاب {حَتَّى يُعْطوا الْجِزْيَة عَن يَد وهم صاغرون} ثمَّ مَا كَانَ أهل الْعُقُود عَلَيْهِ من الْمَوَارِيث فنسخه بقوله {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض} ثمَّ هدم منار الْجَاهِلِيَّة وان لَا يخالطوا الْمُسلمين فِي حجهم ثمَّ نسخ الله المعاهدة الَّتِي كَانَت بَينه وَبينهمْ بالأربعة الْأَشْهر بعد يَوْم النَّحْر الَّذِي أرسل فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمِير الْمُؤمنِينَ عليا رضى الله عَنهُ بهَا الى الْمَوْسِم وأردفه بِأبي هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ فَأذن بهَا فِي الْحَج فَهَذَا جملَة التَّرْتِيب قَالَ الشَّيْخ هبة الله ونزول الْمَنْسُوخ بِمَكَّة كثير ونزول النَّاسِخ بِالْمَدِينَةِ كثير - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب النَّاسِخ والمنسوخ على نظم الْقُرْآن لَيْسَ فِي أم الْكتاب شَيْء لِأَن أَولهَا ثَنَاء وَآخِرهَا دُعَاء

وسوة البقرة

وسوة الْبَقَرَة مَدَنِيَّة تحتوي على ثَلَاثِينَ آيَة مَنْسُوخَة أَولهَا قَوْله تَعَالَى {وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقون} اخْتلف أهل الْعلم فِي ذَلِك فَقَالَ طَائِفَة وهم الْأَكْثَرُونَ هِيَ الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة وَقَالَ مقَاتل ابْن حَيَّان وَجَمَاعَة هَذَا مَا فضل عَن الزَّكَاة نسخته الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة وَقَالَ أَبُو جَعْفَر يزِيد بن الْقَعْقَاع نسخت الزَّكَاة المفروضه كل صَدَقَة فِي الْقُرْآن وَنسخ صِيَام شهر رَمَضَان كل صِيَام فِي الْقُرْآن وَنسخ ذَبِيحَة الْأَضْحَى كل ذبح الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا} وَالنَّاس فِي ذَلِك

قائلان فَقَالَت طَائِفَة مِنْهُم مُجَاهِد وَالضَّحَّاك ابْن مُزَاحم هِيَ محكمَة وقدرونها ويقرؤونها بالمحذوف الْمُقدر فَيكون التَّقْدِير على قَوْلهمَا إِن الَّذين آمنُوا وَمن آمن من الَّذين هادوا وَالنَّصَارَى وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ هِيَ مَنْسُوخَة وناسخة عِنْدهم {وَمن يبتغ غير الصائبين الْإِسْلَام دينا فَلَنْ يقبل مِنْهُ} الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {وَقَولوا لِلَّناسِ حُسناً} و {حُسناً} فِيهَا قَولَانِ قَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح وَأَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب هِيَ محكمَة وَاخْتلفَا بعد مَا أجمعا على إحكامها فَقَالَ مُحَمَّد بن عَليّ رَضِي الله عَنهُ {وَقُولُوا للنَّاس} أَي قُولُوا لَهُم إِن مُحَمَّدًا رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وَقَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح وَقُولُوا للنَّاس مَا تحبون أَن يُقَال لكم

وَقَالَ ابْن جريج قلت لعطاء إِن مجلسك هَذَا قد يحضرهُ الْبر والفاجر أفتأمرني أَن أغْلظ على الْفَاجِر فَقَالَ لَا ألم تسمع إِلَى قَول الله تَعَالَى {وَقولوا لِلَّناسِ حُسناً} وَقَالَ جمَاعَة هِيَ مَنْسُوخَة وناسخها عِنْدهم قَوْله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا المُشرِكينَ حَيثُ وَجَدتُموهُم} الْآيَة الْآيَة الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {فَاِعفوا وَاِصفَحوا} نسخ مَا فِيهَا من الْعَفو والصفح بقوله تَعَالَى {قاتِلوا الَّذينَ لَا يُؤمِنونَ بِاللَهِ وَلا بِاليَومِ الآخِر} إِلَى قَوْله {وَهُم صاغِرونَ} وَبَاقِي الْآيَة مُحكم الْآيَة الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ المَشرِقُ وَالمَغرِبُ} هَذَا مُحكم والمنسوخ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {فَأَينَما تُوَلّوا فَثَمَّ وَجهُ اللَه} وَذَلِكَ أَن طَائِفَة أرسلهم النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)

فِي سفر فعميت عَلَيْهِم الْقبْلَة فصلوا إِلَى غير جِهَتهَا فَلَمَّا تبينوا ذَلِك رجعُوا إِلَى رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فأخبروه فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَللَّه الْمشرق وَالْمغْرب فأينما توَلّوا فثم وَجه الله} وَقَالَ قَتَادَة وَالضَّحَّاك وَجَمَاعَة لما قدم رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الْمَدِينَة صلى نَحْو بَيت الْمُقَدّس سَبْعَة عشر شهرا ثمَّ حول الى الْكَعْبَة وَهَذَا قَول الْأَكْثَرين من أهل التَّارِيخ مِنْهُم معقل بن يسَار والبراء بن عَازِب وَقَالَ قَتَادَة ثَمَانِيَة عشر شهرا وفيهَا رِوَايَة أُخْرَى عَن ابراهيم الْحَرْبِيّ قَالَ فِيهَا ثَلَاثَة عشر شهرا وَقَالَ آخَرُونَ قَالَت الْيَهُود بعد تَحْويل الْقبْلَة لَا يَخْلُو مُحَمَّد من

أَمريْن إِمَّا أَن يكون كَانَ على حق فقد رَجَعَ عَنهُ وَإِمَّا أَن يكون على بَاطِل فَمَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يُقيم عَلَيْهِ فَأنْزل الله تَعَالَى {وَلِلّهِ المَشرِقُ وَالمَغرِب} الْآيَة ثمَّ نسخت بقوله {وَحَيْثُ مَا كُنْتُم فَوَلوا وُجُوهكُم شطره} وَاخْتلف أهل الْعلم فِي أَي صَلَاة وَفِي أَي وَقت فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ حولت القبله فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ النّصْف من رَجَب على رَأس سَبْعَة عشر شهرا من مُقَدّمَة الْمَدِينَة فِي وَقت الظّهْر وَقَالَ قَتَادَة حولت يَوْم الثُّلَاثَاء النّصْف من شعْبَان على راس ثَمَانِيَة عشر شهرا من مُقَدّمَة الْمَدِينَة وَكَانَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة يحول وَجهه ويرنو نَحْو السَّمَاء بطرفه وَيَقُول يَا جِبْرِيل إِلَى مَتى أُصَلِّي الى قبْلَة الْيَهُود فَقَالَ جِبْرِيل إِنَّمَا أَنا عبد مَأْمُور فسل رَبك قَالَ فَبَيْنَمَا هُوَ على ذَلِك إِذْ نزل عَلَيْهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ اقْرَأ يَا مُحَمَّد / قد نرى تقلب ذَلِك وَجهِكَ فِي السَماءِ / تنْتَظر الْأَمر فَحذف هَذَا من الْكَلَام لعلم السَّامع بِهِ وَنزل {فَوَلِّ وَجهَكَ شَطرَ المِسجِدِ الحَرامِ} أَي نَحوه وتلقاءه والشطر فِي

كَلَام الْعَرَب النّصْف وَهَذِه هَهُنَا لُغَة الْأَنْصَار فَصَارَت ناسخة لقَوْله {فَأَينَما تُوَلّوا فَثَمَّ وَجهُ اللَه} وَفِي رِوَايَة أُخْرَى رَوَاهُ ابراهيم الحرابي قَالَ حولت الْقبْلَة فِي جمادي الْآخِرَة الْآيَة السَّادِسَة قَوْله تَعَالَى {وَلنَا أَعمالُنا وَلَكُم أَعمالَكُم} نسخ هَذَا بِآيَة السَّيْف على قَول الْجَمَاعَة الْآيَة السَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الصَفا وَالمَروَةَ مِن شَعائِرِ اللَه} هَذَا مُحكم والمنسوخ قَوْله {فَمَن حَجَّ البَيتَ أَو اِعتَمَر فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَن يطوف بهما} وَمَعْنَاهَا أَن لَا يَطَّوَفَ بِهِما وَكَانَ على الصَّفَا صنم يُقَال لَهُ إساف وعَلى الْمَرْوَة صنم يُقَال لَهُ نائلة وَكَانَا رجلا وأمرأة فِي

الْجَاهِلِيَّة فدخلا الْكَعْبَة فزنيا الْكَعْبَة فِيهَا فمسخهما الله تَعَالَى صنمين فَوضعت الْمُشْركُونَ الصَّنَم الَّذِي كَانَ رجلا على الصَّفَا والصنم الَّذِي كَانَ امْرَأَة على الْمَرْوَة وعبدوهما من دون الله تَعَالَى فَلَمَّا أسلمت الْأَنْصَار تحرجوا أَن يسعوا بَينهمَا فَأنْزل الله تَعَالَى {إِنَّ الصَفا وَالمَروَةَ مِن شَعَائِر الله} الْآيَة ثمَّ نسخ الله تَعَالَى ذَلِك بقوله {وَمَن يَرغَبُ عَن مِلَّةِ إِبراهيمَ إِلّا مَن سفه نَفسه} الْآيَة الْآيَة الثَّامِنَة قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذينَ يَكتُمونَ مَا أَنزَلنا مِنَ البَيِّناتِ وَالهُدى} إِلَى قَوْله {ويلعنهم اللاعنون} نسخهَا الله تَعَالَى عَمَّن أسلم بِالِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {إِلّا الَّذينَ تَابُوا وَأَصْلحُوا وبينوا} وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة لَوْلَا هَذِه الْآيَة مَا حدثتكم بِشَيْء

وَيُقَال من ورع الْعَالم أَن يتَكَلَّم وَمن ورع الْجَاهِل أَن يسكت الْآيَة التَّاسِعَة قَوْله تَعَالَى {إِنَّما حرم عَلَيْكُم الْميتَة وَالدَّم} الْآيَة نسخ الله تَعَالَى بِالسنةِ بعض الْميتَة وَالدَّم بقوله عَلَيْهِ السَّلَام أحلّت لنا ميتَتَانِ وَدَمَانِ السّمك وَالْجَرَاد والكبد وَالطحَال ثمَّ قَالَ {وَما أُهِلًّ بِهِ لِغَيرِ اللَه} ثمَّ رخص للْمُضْطَر وللجائع غير الْبَاغِي والعادي بقوله تَعَالَى {فَمَنِ اِضطَرَّ غَيرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثمَ عَلَيه} الْآيَة الْعَاشِرَة قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُم القِصاصُ فِي الْقَتْلَى الْحر بِالْحرِّ} الأية وَذَلِكَ أَن حيين اقتتلا قبل الْإِسْلَام بِقَلِيل وَكَانَ لأَحَدهمَا على الآخر طول فَلم يقْتَصّ أَحدهمَا من صَاحبه حَتَّى جَاءَ الْإِسْلَام فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ لَا نرضى أَن يقتل بِالْعَبدِ منا إِلَّا الْحر مِنْهُم وبالمرأة منا إِلَّا الرجل مِنْهُم فسوى الله تَعَالَى بَينهمَا فِي الْقصاص وَنزل {كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى الْحر بِالْحرِّ وَالعَبدُ بِالعَبدِ وَالأُنثى بِالأُنثى} إِلَى هَهُنَا

مَوضِع النّسخ وَبَاقِي الْآيَة مُحكم وَأجْمع الْمُفَسِّرُونَ على نسخ مَا فِيهَا من الْمَنْسُوخ وَاخْتلفُوا فِي ناسخها قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ وَجَمَاعَة ناسخها الْآيَة الَّتِي فِي الْمَائِدَة وَهِي قَوْله تَعَالَى {وَكَتَبنا عَلَيهِم فِيهَا أَنَّ النَّفس بِالنَّفسِ} الْآيَة فَإِن قيل هَذَا كتب على بني إِسْرَائِيل كَيفَ يلْزمنَا حكمه فَالْجَوَاب على ذَلِك أَن آخر الْآيَة ألزمنا ذَلِك وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَمَن لَم يَحكُم بِما أَنزَلَ اللَهُ فَأولئِكَ هم الظَّالِمُونَ} وَقَالَ الحجازيون وَجَمَاعَة إِن ناسخها الْآيَة الَّتِي فِي بني إِسْرَائِيل وَهِي قَوْله تَعَالَى {وَمَن قُتِلَ مَظلوماً فَقَد جَعَلنا لوَلِيِّه سُلْطَانا فَلَا يسرف فِي الْقَتْل} وَقتل الْمُسلم بالكافر إِسْرَاف وَكَذَلِكَ قتل الْحر بِالْعَبدِ لَا يجوز عِنْد جمَاعَة من النَّاس وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ يجوز وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث ابْن الْبَيْلَمَانِي أَن النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) قتل مُسلما بِكَافِر معاهد وَقَالَ أَنا أَحَق من وَفِي بعهده

الْآيَة الْحَادِيَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيكُم إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوتُ إِن تَرَكَ خَيراً الوَصِيَّةُ لِلوالِدَينِ وَالأَقرَبينَ بِالمَعروفِ حَقّاً عَلى المُتَّقينَ} نسخت بِالْكتاب وَالسّنة فالكتاب قَوْله تَعَالَى {يوصيكُمُ اللَهُ فِي أَولادِكُم} الْآيَة وَالسّنة قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام أَلا لَا وَصِيَّة لوَارث وَقد ذهب ظائفة إِلَى أَن النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) قَالَ من لم يُوصي لِقَرَابَتِهِ فقد ختم عمله بِمَعْصِيَة وَقَالَ جمَاعَة الْآيَة كلهَا محكمَة ذهب الى ذَلِك الْحسن الْبَصْرِيّ

وطاووس وَقَتَادَة والْعَلَاء بن زيد وَمُسلم بن يسَار الْآيَة الثَّانِيَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ} اخْتلف النَّاس فِي الْإِشَارَة إِلَى من هِيَ فَقَالَ بَعضهم الآشارة الى الْأُمَم الخالية وَهُوَ قَول الْأَكْثَرين وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى مَا أرسل نَبيا إِلَّا فرض عَلَيْهِ وعَلى أمته صِيَام شهر رَمَضَان فكفرت بِهِ الْأُمَم كلهَا وَآمَنت بِهِ أمة مُحَمَّد (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فَيكون التَّنْزِيل على هَذَا الْوَجْه مدحا لهَذِهِ الْأمة وَقَالَ بَعضهم الاشارة الى النَّصَارَى وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا إِذا أفطروا وأكلوا وَشَرِبُوا جامعوا النِّسَاء مَا لم يَنَامُوا وَكَانَ الْمُسلمين كَذَلِك وَزِيَادَة عَلَيْهِم كَانُوا إِذا أفطروا وأكلوا وَشَرِبُوا جامعوا النِّسَاء مَا لم يَنَامُوا ويصلوا الْعشَاء الْآخِرَة فَعمد أَرْبَعُونَ رجلا من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فجامعوا نِسَاءَهُمْ بعد النّوم مِنْهُم عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَذَلِكَ

أَنه رواد امْرَأَته عَن نَفسهَا فَقَالَت إِنِّي كنت قد نمت وَكَانَ أَي الزَّوْجَيْنِ إِذا نَام حرم على الآخر فَلم يلْتَفت الى قَوْلهَا فجامعها فَجَاءَت الْأَنْصَار فأقرت على أَنْفسهَا عِنْد رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) بفعالها وَأقر عمر على نَفسه بِفِعْلِهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لقد كنت يَا عمر جَدِيرًا أَن لَا تفعل فَقَامَ يبكي وَكَانَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) يمشي بِالْمَدِينَةِ فَرَأى شَيخا كَبِيرا من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ صرمة بن قيس يكنى أَبَا قيس من بني النجار وَهُوَ يهادي بَين رجلَيْنِ وَرجلَاهُ تخطان الأَرْض خطا فَقَالَ لَهُ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) مَا لي أَرَاك يَا أَبَا قيس طليحا قَالَ الشَّيْخ هبة الله والطليح الضَّعِيف فَقَالَ يَا رَسُول أَنِّي دخلت على امْرَأَتي البارحة فَقَالَت عَليّ رسلك أَبَا قيس حَتَّى أسخن لَك طَعَاما قد صَنعته لَك فمضت لإسخانه فحملتني عَيْنَايَ فَنمت فجائتني بِالطَّعَامِ فَقَالَت الخيبة الخيبة حرم وَالله

عَلَيْك الطَّعَام وَالشرَاب فَأَصْبَحت طاويا وعملت فِي أرضي فَغشيَ عَليّ من الضعْف فرق لَهُ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) حَتَّى دَمَعَتْ عَيناهُ وَكَانَ قصَّة صرمة قبل قصَّة عمر وَالْأَنْصَار فَبَدَأَ الله بِقصَّة عمر وَالْأَنْصَار لِأَن الْجنَاح فِي الْوَطْء أعظم مِنْهُ فِي الْأكل وَالشرب فَنزل {أُحِلَّ لَكُم لَيلَةَ الصِيام الرَفَثُ إِلى نِسائَكُم} إِلَى قَوْله {فَتابَ عَلَيكُم وَعَفا عَنكُم} فِي شَأْن عمر وَالْأَنْصَار وَنزل فِي قصَّة صرمة قَوْله تَعَالَى {وَكُلوا وَاِشرَبوا} إِلَى قَوْله {ثُمَّ أَتِمّوا الصِيامَ إِلى اللَيلِ} فَصَارَت هَذِه الْآيَة ناسخة لقَوْله تَعَالَى {كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ} الْآيَة الْآيَة الثَّالِثَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {وَعَلى الَّذينَ يُطيقونَهُ فِديَةٌ طَعامُ مِسكينٍ} وَهَذِه الْآيَة نصفهَا مَنْسُوخ وَنِصْفهَا مُحكم وَقد قَرَأت / يطوقونه / فَمن قَرَأَ {يطيقُونَهُ} أَرَادَ يُطِيقُونَ صِيَامه وَمن قَرَأَ يُطَوَّقونَهُ يَعْنِي يكلفونه

وَكَانَ الرجل فِي بَدْء الأسلام مُخَيّرا إِن شَاءَ صَامَ وَإِن شَاءَ أفطر وَأطْعم مَكَان يَوْمه مِسْكينا حَتَّى قَالَ الله تَعَالَى فَمن تطوع خيرا وَأطْعم مِسْكينا بمَكَان يَوْمه كَانَ أفضل وَالْإِطْعَام مد من طَعَام على قَول أهل الْحجاز وعَلى قَول أهل الْعرَاق نصف صَاع حَتَّى أنزل الله تَعَالَى الْآيَة الَّتِي تَلِيهَا وَهِي قَوْله تَعَالَى {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَهرَ فَليَصُمهُ} وَهَذَا الظَّاهِر يحْتَاج إِلَى كشف وَمَعْنَاهُ وَالله أعلم من شهد مِنْكُم الشَّهْر حَاضرا عَاقِلا بَالغا صَحِيحا فليصمه فَصَارَ هَذَا نَاسِخا لقَوْله تَعَالَى {وَعَلى الَّذينَ يطيقُونَهُ} الْآيَة الرَّابِعَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {وَقاتِلوا فِي سَبيلِ اللَهِ الَّذينَ يقاتلونكم وَلا تَعتَدوا} أَي فتقاتلوا من لَا يُقَاتِلكُمْ كَانَ هَذَا فِي الأبتداء ثمَّ نسخ الله تَعَالَى ذَلِك بقوله تَعَالَى {فَمن اعْتدى عَلَيْكُم فاعتدوا عَلَيْهِ بِمثل مَا اعْتدى عَلَيْكُم} وَبِقَوْلِهِ {وقاتلوا الْمُشْركين كَافَّة كَمَا يقاتلونكم كَافَّة} أَي جَمِيعًا وَبِقَوْلِهِ {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وخذوهم} الْآيَة

الْآيَة الْخَامِسَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {وَلا تُقاتِلوهُم عِندَ المَسجِدِ الحَرامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} صَارَت هَذِه الْآيَة مَنْسُوخَة بِآيَة السَّيْف الْآيَة السَّادِسَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {فَإِنِ اِنتَهوا فَإِنَّ اللَهَ غَفورٌ رَحِيم} هَذَا من الْأَخْبَار الَّتِي مَعْنَاهَا الْآمِر وَتَقْدِيره فاعفوا عَنْهُم واصفحوا لَهُم صَار ذَلِك الْعَفو والصفح مَنْسُوخا بِآيَة سيف الْآيَة السَّابِعَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {وَلا تَحلِقوا رُؤوسَكُم حَتّى يَبلُغَ الهَديُ مَحَلَّهُ} نزلت فِي كَعْب بن عجْرَة الْأنْصَارِيّ وَذَلِكَ أَنه قَالَ لما نزلنَا مَعَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الْحُدَيْبِيَة مر بِي النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وَأَنا أطبخ قدرا لي وَالْقمل يتهافت على وَجْهي فَقَالَ رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) يَا كَعْب بن عجْرَة لَعَلَّك يُؤْذِيك هوَام

رَأسك فَقلت نعم يَا رَسُول الله فَقَالَ ادْع بحلاق فَاحْلِقْ رَأسك وَنزلت {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من رَأسه} وَفِي الْكَلَام مَحْذُوف تَقْدِيره فحلق فَعَلَيهِ مَا فِي قَوْله تَعَالَى {ففِديَةٌ مِن صِيامٍ أَو صَدَقَةٍ أَو نُسُكٍ} الْآيَة الثَّامِنَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {يَسأَلونَكَ مَاذَا يُنفِقونُ قُل مَا أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} الْآيَة كَانَ هَذَا قبل أَن يفْرض الله الزَّكَاة فَلَمَّا فرضت الزَّكَاة نسخ الله بهَا كل صَدَقَة فِي الْقُرْآن فَقَالَ الله تَعَالَى إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين الْآيَة قَالَ أَبُو جَعْفَر يزِيد بن الْقَعْقَاع نسخت الزَّكَاة كل صَدَقَة فِي الْقُرْآن وَنسخ شهر رَمَضَان كل صِيَام وَنسخ ذباحة الْأَضْحَى كل ذبح فَصَارَت هَذِه ناسخة لما قبلهَا الْآيَة التَّاسِعَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {يَسأَلونَكَ عَنِ الشَهرِ الحَرامِ قِتالٍ فِيهِ} وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا يمتنعون عَن الْقِتَال فِي الْجَاهِلِيَّة فِي الْأَشْهر الْحرم حَتَّى خرج عبد الله

ابْن جحش وَأمره النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَن يخرج الى بطن نخله يلقِي بهَا عَمْرو الْحَضْرَمِيّ فقاتله فَقتله فَعير الْمُشْركُونَ الْمُسلمين بقتل هَذَا الرجل لعَمْرو بن الْحَضْرَمِيّ وَكَانَ قد قتل فِي آخر يَوْم من جُمَادَى الْآخِرَة وَكَانَ ذَلِك فِي ابْتِدَاء رَجَب فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة يعظم الله شَأْن الشَّهْر الْحَرَام وَالْقَتْل فِيهِ ثمَّ صَارَت منسوخه بقوله {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} يَعْنِي فِي الْحل وَالْحرَام الْآيَة الْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر} فالخمر كل مَا خامر الْعقل وغطاه وَالْميسر الْقمَار كُله وَذَلِكَ أَن

الله تَعَالَى حرم الْخمر فِي اوطان خَمْسَة فأولهن قَوْله تَعَالَى {وَمن ثَمَرَات النخيل وَالْأَعْنَاب تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سكرا وَرِزْقًا حسنا} فمعناها وتتركون رزقا حسنا وَهُوَ تعيير من الله تَعَالَى لَهُم فظاهرها تعدد النعم وَلَيْسَ كَذَلِك فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة امْتنع عَن شربهَا قوم وَبَقِي آخَرُونَ حَتَّى قدم رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الْمَدِينَة فَخرج حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَقد شرب الْخمر فَلَقِيَهُ رجل من الْأَنْصَار وَبِيَدِهِ نَاضِح لَهُ والأنصاري يتَمَثَّل ببيتين لكعب بن مَالك فِي مدح قومه وهما جَمعنَا مَعَ الإيواء نصرا وهجرة فَلم ير حَيّ مثلنَا فِي المعاشر ... فأحياؤنا من خير أَحيَاء من مضى وأماوتنا فِي خير أهل الْمَقَابِر فَقَالَ لَهُ حَمْزَة أُولَئِكَ الْمُهَاجِرُونَ فَقَالَ لَهُ الْأنْصَارِيّ بل نَحن الْأَنْصَار فتنازعا فَجرد حمزه سَيْفه وَعدا على الْأَنْصَار فَلم يُمكن الْأنْصَارِيّ أَن يقوم لَهُ فَترك نَاضِحَهُ وهرب فظفر حَمْزَة بالناضح وَجعل يقطعهُ فجَاء الْأنْصَارِيّ الى النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) مستعديا فَأخْبرهُ بِخَبَر حمزه وفعاله بالناضح فغرم النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لَهُ ناضحا فَقَالَ عمر بن الْخطاب يَا رَسُول الله أما ترى الى مَا نلقي من أَمر الْخمر إِنَّهَا مذهبَة لِلْعَقْلِ متلفة لِلْمَالِ فَأنْزل الله تَعَالَى بالمدينه {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر قل فيهمَا إِثْم كَبِير}

وَقد قريء كثير والمعنيان متقاربان {وَمَنَافع للنَّاس} وعَلى هَذَا مُعَارضَة لقَائِل يَقُول أَيْن الْمَنْفَعَة مِنْهَا وَقد قَالَ رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَن الله تَعَالَى لم يَجْعَل شِفَاء أمتِي فِيمَا حرم عَلَيْهَا فَالْجَوَاب على ذَلِك أَنهم كَانُوا يبتاعونها فِي الشَّام بِالثّمن الْيَسِير ويبيعونها فِي الْحجاز بِالثّمن الثمين وَكَانَت الْمَنَافِع فِيهَا من الأرباح وَكَذَلِكَ قَالَ الله تَعَالَى {قُل فيهِما إِثمٌ كَبيرٌ} فَانْتهى عَن شربهَا قوم وَبَقِي آخَرُونَ حَتَّى دَعَا مُحَمَّد ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهْرِيّ قوما فأطعمهم وسقاهم حَتَّى سَكِرُوا فَلَمَّا حضر وَقت الصَّلَاة صلوا الْمغرب فقدموا رجلا مِنْهُم يُصَلِّي بهم وَكَانَ أَكْثَرهم قُرْآنًا يُقَال لَهُ ابْن أبي جعونه حَلِيف الْأَنْصَار فَقَرَأَ فَاتِحَة الْكتاب وَقل يَا أَيُّها الكافِرون فَمن أجل سكره خلط فَقَالَ فِي مَوضِع {لَا أعبد} أعبد وَفِي مَوضِع {أعبد} لَا أعبد فَبلغ ذَلِك رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فشق عَلَيْهِ فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا لَا تَقرَبوا الصَلاةَ وَأَنتُم سُكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ}

الْآيَة فَكَانَ الرجل مِنْهُم يشرب الْخمر بعد الْعشَاء الْأَخِيرَة ثمَّ يرقد وَيقوم عِنْد صَلَاة الْفجْر وَقد صَحا ثمَّ كَانَ يشْربهَا إِن شَاءَ بعد صَلَاة الْفجْر فيصحوا مِنْهَا عِنْد صَلَاة الظّهْر فَإِذا كَانَ وَقت الظّهْر لم يشْربهَا الْبَتَّةَ حَتَّى يُصَلِّي الْعشَاء الْأَخِيرَة حَتَّى دَعَا سعد بن أبي وَقاص الزُّهْرِيّ وَقد عمل وَلِيمَة على رَأس جزور فَدَعَا أُنَاسًا من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا وَسَكِرُوا وافتخروا فَعمد رجل وَالْأَنْصَار فَأخذ أحد لحيي الْجَزُور فَضرب بِهِ أنف سعد ففزره وَجَاء سعد مستعديا إِلَى رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والأنصاب والأزلام رِجْس من عمل الشَّيْطَان فَاجْتَنبُوهُ أَي فاتركوه لَعَلَّكُمْ تفلحون} وَهَذِه الْآيَة تدل على تَحْرِيم الْخمر فِي الْقُرْآن لِأَن الله تَعَالَى ذكره مَعَ الْمُحرمَات وَاخْتلف الْمُفَسِّرُونَ فِي مَوضِع التَّحْرِيم أهوَ هَهُنَا أم غَيره فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ هَهُنَا وَقَالَ آخَرُونَ التَّحْرِيم عِنْد قَوْله تَعَالَى {فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} فَقَالُوا أنتهينا يَا رَسُول الله وَالْمعْنَى انْتَهوا كَمَا قَالَ فِي الْفرْقَان {أَتَصْبِرُونَ} وَالْمعْنَى اتَّقوا اصْبِرُوا وَفِي الشُّعَرَاء {قوم فِرْعَوْن أَلا يَتَّقُونَ} وَالْمعْنَى اتَّقوا

وقال آخر تشرب الإثم بالكؤوس جهارا وترى المتك بيننا مستعارا

وأكد تحريها بقوله تَعَالَى {قُل إِنَّما حَرَّمَ رَبّي الفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنها وَما بَطَن وَالإِثمَ وَالبَغيَ بِغَيرِ الحَقٍّ} وَالْإِثْم الْخمر قَالَ الشَّاعِر شربت الْإِثْم حَتَّى ضل عَقْلِي كَذَاك الْإِثْم يذهب بِالعُقولِ ... وَقَالَ آخر تَشرَبُ الإِثمَ بِالكُؤوسِ جِهاراً وَترى المتك بَيْننَا مستعارا ويروي بِالنَّهَارِ جهارا والمتك الأترج فَهَذَا تَحْرِيم الْخمر والنتقاله فِي مواطنه الْآيَة الْحَادِيَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {ويسألونك مَاذَا يُنفِقونَ قُلِ العَفوَ} وَمعنى الْعَفو الْفضل من المَال وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى فرض عَلَيْهِم قبل الزَّكَاة إِذا كَانَ للْإنْسَان مَال أَن يمسك مِنْهُ ألف دِرْهَم أَو قيمتهَا من الذَّهَب وَيتَصَدَّق بِمَا بَقِي وَقَالَ آخَرُونَ فرض عَلَيْهِم أَن يمسكوا ثلث أَمْوَالهم ويتصدقوا بِمَا بقى وَإِن كَانَ من أهل زراعة الأَرْض وعمارتها أَمرهم أَن يمسكوا مَا يقيتهم حولا ويتصدقوا بِمَا بَقِي وَإِن كَانَ مِمَّن يَلِي عمله بيدَيْهِ أمسك مَا يقوته يَوْمه وَيتَصَدَّق

بِمَا بقى فشق ذَلِك عَلَيْهِم حَتَّى أنزل الله تَعَالَى الزَّكَاة فَفرض فِي المَال الذَّهَب وَالْفِضَّة إِذا حَال عَلَيْهِ الْحول ربع عشرَة إِذا بلغ من الذَّهَب عشْرين دِينَارا أَو من الْوَرق مِائَتي دِرْهَم فَيكون من كل عشْرين دِينَارا نصف دِينَار وَمن كل مِائَتي دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم فأسقط عَنْهُم الْفضل فِي ذَلِك فَصَارَت آيَة الزَّكَاة وَهِي قَوْله تَعَالَى {خُذ مِن أَموالهِم صَدَقَةً تطهرهُمْ وتزكيهم بهَا} فبينت أَلْسِنَة أَعْيَان الزَّكَاة من الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالنَّخْل وَالزَّرْع والماشية فَصَارَت هَذِه الْآيَة ناسخة لما قبلهَا الْآيَة الثَّانِيَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن} هَذَا عَام فِي جَمِيع انواع الْكفْر فنسخ الله تَعَالَى بعض أَحْكَامهَا من اليهوديات والنصرانيات بِالْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَة الْمَائِدَة وَهِي قَوْله تَعَالَى {اليَومَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَات وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب حل لكم وطعامكم حل لَهُم وَالْمُحصنَات من الْمُؤْمِنَات وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ} الى وَالطَّعَام الذَّبَائِح فَقَط وَهُوَ عُمُوم

الْآيَة لِأَن الشّرك يعم الكتابيات والوثنيات لِأَن الْمُفَسّرين أَجمعُوا على نسخ الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْبَقَرَة الْمَذْكُورَة وعَلى إحكام الْآيَة الَّتِي فِي الْمَائِدَة غير عبد الله بن عمر فَإِنَّهُ يَقُول الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْبَقَرَة محكمَة وَالْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْمَائِدَة مَنْسُوخَة وَمَا تَابعه على هَذَا القَوْل أحد فَإِن كَانَت الْمَرْأَة الْكِتَابِيَّة عاهرة لم يجز نِكَاحهَا وَإِن كَانَت عفيفة جَازَ الْآيَة الثَّالِثَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {وَالمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء} الْآيَة أجمع النَّاس على إحكام أَولهَا وَآخِرهَا إِلَّا كَلِمَات فِي وَسطهَا وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى جعل عدَّة الْمُطلقَة ثَلَاثَة قُرُوء إِذا كَانَت مِمَّن تحيض وَإِن كَانَت أيسة فَثَلَاثَة أشهر وَإِن كَانَت مِمَّن لم تَحض فَمثل ذَلِك والحوامل وضع حَملهنَّ فجيع ذَلِك مُحكم وَهُوَ أَي الْمَنْسُوخ من الْآيَة قَوْله تَعَالَى {وَبِعولتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِك} وَذَلِكَ أَن الرجل كَانَ يُطلق الْمَرْأَة وَهِي حَامِل وَكَانَ يُخَيّر فِي مراجعها مَا لم تضع نزلت فِي رجل من غفار أَو من أَشْجَع يعرف بِإِسْمَاعِيل بن عبد الله جنى على امْرَأَته فَطلقهَا وَهِي حَامِل ثمَّ لم يطلّ حكمهَا كَمَا طَال فِي حكم الْمَنْسُوخ فَكَانَ أَحَق برجعتها مَا لم تضع يُقَال أَنه لم تضع امْرَأَته حَتَّى نسخت وناسخها الْآيَة

الَّتِي تلتها وَبَعض الثَّالِثَة وَهِي قَوْله تَعَالَى {الطَلاقُ مَرَّتانِ} فَإِن قَالَ قَائِل فَأَيْنَ الثَّالِثَة قيل هِيَ قَوْله تَعَالَى {فَإِمساكٌ بِمَعروفٍ أَو تَسريحٌ بِإِحسانٍ} يرْوى ذَلِك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ أخرون بل نسخهَا الله تَعَالَى بِالْآيَةِ الَّتِي تَلِيهَا وَهِي قَوْله تَعَالَى {فَإِن طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعدُ حَتّى تَنكِحَ زَوجاً غَيرَهُ} الْآيَة الرَّابِعَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {وَلا يَحِلُّ لَكُم أَن تَأخُذوا مِمّا آتَيتُموهُنَّ شَيئاً} ثمَّ اسْتثْنى بقوله تَعَالَى {إِلّا أَن يَخافا} يَعْنِي يعلمَا {أَلا يُقيما حُدود اللَه} وَهُوَ أَن تَقول الْمَرْأَة تَعْنِي بَعْلهَا وَالله لَا أَطَأ لَك فراشا وَلَا اغْتسل لَك جَنَابَة وَلَا أطيع لَك أمرا وَإِذا قَالَت ذَلِك فقد أحل الله لَهُ الْفِدْيَة وَلَا يحل لَهُ أَن يَأْخُذ أَكثر مِمَّا سَاق إِلَيْهَا من الْمهْر فَصَارَت الْآيَة ناسخة لحكمها بِالِاسْتِثْنَاءِ الْآيَة الْخَامِسَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {وَالوالِداتُ يُرضِعنَ أَولادَهُنَّ حَولَين كامِلَين} ثمَّ نسخ الله الْحَوْلَيْنِ بقوله {فَإِن أَرَادَا فَصالاً عَن تَراضٍ مِنهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِمَا}

فَصَارَت هَذِه الْآيَة ناسخة للحولين الكاملين بالِاتِّفَاقِ الْآيَة السَّادِسَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذينَ يُتَوَفّونَ مِنكُم وَيَذَرونُ أَزواجاً وَصِيَّةً لأَزواجِهِم مَتاعاً إِلى الْحول غير إِخْرَاج} كَانَ رجل إِذا مَاتَ عَن أمْرَأَته أنْفق عَلَيْهَا من مَاله حولا كَامِلا وَهِي فِي عدته مَا لم تخرج فَإِن خرجت انْقَضتْ الْعدة وَلَا شَيْء لَهَا وَكَانُوا إِذا أَقَامُوا بعد الْمَيِّت حولا عَمَدت الْمَرْأَة فَأخذت بَعرَة فألقتها فِي وَجه كلب تخرج بذلك من عدتهَا عِنْدهم فنسخ الله تَعَالَى ذَلِك بِالْآيَةِ الَّتِي قبلهَا فِي النّظم وَهِي قَوْله تَعَالَى {وَالَّذينَ يُتَوَفَّونَ مِنكُم وَيَذَرونَ أَزواجاً يَتَرَبَّصنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَربَعَةَ أَشهُرٍ وَعَشراً} فَصَارَت الْأَرْبَعَة أشهر وَالْعشر ناسخة للحول وَلَيْسَ فِي كتاب الله تَعَالَى آيَة ناسخة فِي سُورَة إِلَّا والمنسوخ قبلهَا إِلَّا هَذِه الْآيَة وَآيَة أُخْرَى فِي سُورَة الْأَحْزَاب وَهِي قَوْله تَعَالَى {لَا يحل لَكَ النِساءُ مِن بَعدُ} نسختها

الْآيَة الَّتِي قبلهَا وَهِي قَوْله {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك} الْآيَة هَذِه الناسخة والمنسوخة {لَا يحل لَكَ النِساءُ مِن بَعدُ} وَنسخ النَّفَقَة بِالربعِ وَالثمن فَقَالَ {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم} الى قَوْله {وَعشرا} جَمِيعهَا مُحكم غير أَولهَا الْآيَة السَّابِعَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {لَا إِكراهَ فِي الدّين} الْآيَة نسخهَا الله تَعَالَى بِآيَة السَّيْف وَذَلِكَ أَن رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لما أجلى الْيَهُود إِلَى أَذْرُعَات من الشَّام كَانَ لَهُم فِي أَوْلَاد الْأَنْصَار رضَاع فَقَالَ أَوْلَاد الْأَنْصَار نخرج مَعَ أمهاتنا أَيْن خرجن فَمَنعهُمْ آباؤهم فَنزلت هَذِه الْآيَة {لَا إِكراهَ فِي الَّدينِ} ثمَّ صَار ذَلِك مَنْسُوخا نسخته آيَة السَّيْف الْآيَة الثَّامِنَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {وَأَشهِدوا إِذا تَبايَعتُم} فَأمر الله بِالشَّهَادَةِ وَقد كَانَ جمَاعَة من التَّابِعين يرَوْنَ أَن يشْهدُوا فِي كل بيع وابتياع مِنْهُم الشّعبِيّ

وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّا نرى أَن نشْهد وَلَو على جرزة بقل ويروي حزمة ثمَّ نسخت الشَّهَادَة بقوله تَعَالَى {فَإِن أَمِنَ بَعضُكُم بَعضاً فَليُؤَدِّ الَّذي أُؤتُمِنَ أَمانَتَه} الْآيَة التَّاسِعَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {لِلَّهِ مَا فِي السَماوات وَما فِي الأَرض} هَذَا مُحكم والمنسوخ قَوْله {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تَخفوهُ يُحاسِبكُم بِهِ اللَه} الْآيَة اخْتلف الْمُفَسِّرُونَ فِي مَعْنَاهَا فَروِيَ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت إِن الله تَعَالَى يخبر الْخلق يَوْم الْقِيَامَة بِمَا عمِلُوا فِي الدُّنْيَا سرا وجهرا فَيغْفر لِلْمُؤمنِ مَا أسر ويعاقب الْكَافِر على مَا أسر وَقَالَ ابْن مَسْعُود هِيَ عُمُوم فِي سَائِر أهل الْقبْلَة

وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ لما نزلت هَذِه الْآيَة شقّ نُزُولهَا عَلَيْهِم وَقَالُوا إِنَّه يجول الْأَمر فِي نفوسنا لَو سقطنا من السَّمَاء إِلَى الأَرْض لَكَانَ ذَلِك أَهْون علينا وَقَالَ الْمُسلمُونَ يَا رَسُول الله لَا نطيق فَقَالَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لَا تَقولُوا كَمَا قَالَت الْيَهُود سمعنَا وعصينا وَلَكِن قُولُوا سمعنَا واطعنا فَنزلت {لَا يُكَلِّفُ اللَهُ نَفساً إِلّا وُسعَها} الْآيَة الْآيَة الثَّلَاثُونَ قَوْله تَعَالَى {لَا يُكَلِّفُ اللَهَ نفسا إِلَّا وسعهَا} علم الله تَعَالَى أَن الوسع لَا يُطَاق فَخفف الوسع بقوله تَعَالَى {يُريدُ اللَه بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُريدُ بِكُمُ الْعسر} وَقد قيل إِن الله تَعَالَى نسخ بآخر آيَة الدّين أَولهَا وَقد روى عَن النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) حجَّة لمن ذهب الى نسخ قَوْله {أَو تُخْفُوهُ} وَهُوَ قَول النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) إِن الله تجَاوز لأمتي مَا حدثت بِهِ أَنْفسهَا مَا لم

يكلم بِهِ أَو يعْمل وَعَن الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ فَهَذَا مَا ورد فِي مَنْسُوخ سُورَة الْبَقَرَة وَالله تَعَالَى أعلم

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُورَة آل عمرَان مَدَنِيَّة تحتوي من الْمَنْسُوخ على عشر آيَات الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {فَإِن أَسلَموا فَقَدِ اِهتَدوا} هَذَا مُحكم والمنسوخ قَوْله تَعَالَى {وَإِن توَلّوا فَإِنَّمَا عَلَيْك الْبَلَاغ} نسختها آيَة السَّيْف الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {لَا يَتَّخِذِ المُؤمِنونَ الكافِرينَ أَولِياءَ مِن دونِ المُؤمِنين} هَذَا مُحكم والمنسوخ قَوْله تَعَالَى {إِلّا أَن تتقوا مِنْهُم تقاة} نسختها أَيَّة السَّيْف

الْآيَة الثَّالِثَة وَالرَّابِعَة وَالْخَامِسَة متصلات أولهنَّ بآخرهن قَوْله تَعَالَى {كَيفَ يَهدي اللَهُ قَوماً كَفَروا بعد إِيمَانهم} الى قَوْله تَعَالَى {وَلا هُم يُنظَرونَ} نزلت فِي سِتَّة رَهْط ارْتَدُّوا عَن الْإِسْلَام ثمَّ اسْتثْنى الله وَاحِدًا مِنْهُم يُقَال لَهُ سُوَيْد ين الصَّامِت من الْأَنْصَار وَذَلِكَ أَنه نَدم على فعاله وَأرْسل إِلَى أَهله يسْأَلُون رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) هَل لَهُ من تَوْبَة فَقَالَ رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) نعم فَصَارَت فِيهِ وَفِي كل نادم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة الْآيَة السَّادِسَة قَوْله تَعَالَى {وَلِلّهِ عَلى الناسِ حِجُّ الْبَيْت} قَالَ السّديّ فَهَذِهِ على الْعُمُوم ثمَّ اسْتثْنى الله بِمَا بعْدهَا فَصَارَ نَاسِخا لَهَا وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} فَخص المستطيعين

فَسئلَ رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) عَن السَّبِيل مَا هُوَ فَقَالَ هُوَ الزَّاد وَالرَّاحِلَة الْآيَة السَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها الِّذينَ آمَنوا اِتَّقوا اللَهَ حق تُقَاته} وَذَلِكَ أَنه لما نزلت ألآية لم يعلمُوا مَا تَأْوِيلهَا حَتَّى سَأَلُوا رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فَقَالُوا يَا رَسُول الله مَا حق تُقَاته فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حق تُقَاته أَن يطاع فَلَا يعْصى وَأَن يذكر فَلَا ينسى وَأَن يشْكر فَلَا يكفر فشق نُزُولهَا عَلَيْهِم فَقَالُوا يَا رَسُول الله إننا لَا نطيق ذَلِك فَقَالَ رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لَا تَقولُوا كَمَا قَالَت الْيَهُود سمعنَا وعصينا وَلَكِن قُولُوا سمعنَا وأطعنا وَنزل وَبعدهَا بِيَسِير {وَجاهِدوا فِي اللَهِ حَقَّ جِهادِهِ} فَكَانَ هَذَا أعظم عَلَيْهِم من الأول وَمَعْنَاهَا اعْمَلُوا حق عمله وكادت عُقُولهمْ تذهل حَتَّى يسر الله تَعَالَى ذَلِك وَسَهل فَنزل {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم} فَصَارَت ناسخة لما كَانَ فبلها

الْآيَة الثَّامِنَة قَوْله تَعَالَى {لَن يَضُرّوكُم إِلّا أَذَى} الْآيَة نسختها {قاتِلوا الَّذينَ لَا يُؤمِنونَ بِاللَهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخر} الأية التَّاسِعَة قَوْله تَعَالَى {وَمَا كانَ لِنَفسٍ أَن تَموتَ إِلّا بِإِذنِ اللَهِ كِتاباً مُؤَجَلاً} هَذَا مُحكم والمنسوخ قَوْله تَعَالَى {ومَن يُرِد ثَوابَ الُدنيا نُؤتِهِ مِنها وَمَن يرد ثَوَاب الْآخِرَة نؤته مِنْهَا} فنسخ ذَلِك قَوْله تَعَالَى {مَن كانَ يُريدُ العاجِلَةَ عَجَّلنا لَهُ فِيهَا مَا نشَاء لمن نُرِيد} الْآيَة الْعَاشِرَة قَوْله تَعَالَى {لتبلون فِي أَمْوَالكُم وَأَنْفُسكُمْ} هَذَا مُحكم الى قَوْله تَعَالَى {أَذَى كثيرا} قَوْله تَعَالَى {وَإِن تَصبِروا وَتَتّقوا فَإِنَّ ذلِكَ مِن عَزمِ الْأُمُور}

نسخ ذَلِك بقوله تَعَالَى {قاتِلوا الَّذينَ لَا يُؤمِنونَ بِاللَهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر}

سورة النساء

سُورَة النِّسَاء مَدَنِيَّة تحتوي من الْمَنْسُوخ على أَربع وَعشْرين آيَة الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {لِلرِّجالِ نَصيبٌ مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ وللنساء نَصيبٌ مِمّا تَرَكَ الوالِدانِ وَالأَقربونَ} إِلَى قَوْله {مَفْرُوضًا} نزلت فِي أم كحة الْأَنْصَارِيَّة وَفِي ابنتيها وَفِي ابْني عَمها وَذَلِكَ أَن بَعْلهَا مَاتَ وَخلف مَالا فَأَخذه أبنا أَخِيه وَلم يعطيا الْبَنَات مِنْهُ شَيْئا وَكَانَ ذَلِك سنتهمْ فِي الْجَاهِلِيَّة فَجَاءَت أمهما تَشْتَكِي الى النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وتشكو ضعف الأبنتين إِلَيْهِ فرق لَهَا النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فَنزلت هَذِه الْآيَة ثمَّ نسخت بقوله تَعَالَى {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم} وَبَين مَعْنَاهَا وحد الْقسم كَمَا هُوَ

الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {وَإِذا حَضَرَ القِسمَةَ أولُوا القُربى وَاليًتامى وَالمَساكينُ فَاِرزُقوهُم مِنهُ وَقولوا لَهُم قولا مَعْرُوفا} وَقد اخْتلف الْمُفَسِّرُونَ فِي معنى ذَلِك فَقَالَت طَائِفَة أمروا أَن يجْعَلُوا لِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين شَيْئا من المَال يرضخون بذلك وَقَالَ آخَرُونَ أمروا أَن يُعْطوا من المَال لِذَوي القربي وَأَن يَقُولُوا لِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين قولا مَعْرُوفا وَقَالَت طَائِفَة بل نسخهَا الله تَعَالَى بأية الْمَوَارِيث قَوْله تَعَالَى {يوصيكُم اللَهُ فِي أَولادِكُم} الْآيَة الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {وَليَخشَ الَّذينَ لَو تركُوا من خَلفهم} الأية وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى أَمر الأوصياء بإمضاء الْوَصِيَّة على مَا رسم الْمُوصي وَلَا يغيروها ثمَّ نسخ الله تَعَالَى بِالْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَة الْبَقَرَة وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَمَن خافَ مِن موصٍ جَنَفاً أَو إِثماً} أَي علم منموص جورا أَو إِثْمًا {فَأصْلح بَينهم فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} أَي لَا حرج على الْمُوصي إِلَيْهِ أَن يَأْمر

الْمُوصي بِالْعَدْلِ فِي ذَلِك فَكَانَت هَذِه ناسخة لقَوْله تَعَالَى {وَليَخشَ الَّذينَ لَو تَرَكوا من خَلفهم ذُرِّيَّة ضعافا خَافُوا عَلَيْهِم فليتقوا اللَه} الْآيَة الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذينَ يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما} الْآيَة لما نزلت هَذِه الْآيَة عزلت الْأَنْصَار الْأَيْتَام فَلم يخالطوهم فِي شَيْء من أَمْوَالهم فلحق الضَّرَر بالأيتام فَأنْزل الله تَعَالَى / وَيَسأَلونَكَ عَنِ اليَتامى قُل إَصلاحٌ لَهُم خَيرٌ وَإِن تُخالِطوهُم فَإِخوانُكُم فِي الدّين / فِي ركُوب الدَّابَّة وَشرب اللَّبن لِأَن اللَّبن إِذا لم يحلب وَالدَّابَّة إِذا لم تركب لحق الضَّرَر والأذى بصاحبها فَرخص الله تَعَالَى فِي ذَلِك لما فِيهِ من الضَّرَر وَلم يرخص فِي أكل الْأَمْوَال بالظلم فَقَالَ {وَمن كَانَ غَنِيا فليستعفف} عَن أكل مَال الْيَتِيم {وَمَن كانَ فَقيراً فَليَأكُل بِالمَعروفِ} وَالْمَعْرُوف هَهُنَا الْقَرْض فَإِن أيسر رده فَإِن مَاتَ وَلَيْسَ بموسر فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فَصَارَت هَذِه الْآيَة ناسخة لقَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذينَ يَأكُلونَ أَموالَ الْيَتَامَى ظلما} الْآيَة

الْآيَة الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى {وَاللاتي يَأتينَ الفاحِشَةَ مِن نِسائكُم فَاِستَشهِدوا عَلَيهِنَّ أَربَعَةً مِنكُم} إِلَى قَوْله {لَهُنَّ سَبيلاً} كَانَ الرجل وَالْمَرْأَة فِي بَدْء الْإِسْلَام إِذا زَنَيَا حبسا فِي بَيت فَلَا يخرجَانِ مِنْهُ حَتَّى يموتا وَهَذِه الْآيَة نسخت بِالسنةِ لَا بِالْكتاب فكنى الله تَعَالَى بِذكر النِّسَاء عَن ذكر النِّسَاء وَالرِّجَال فَخرج النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) يَوْمًا على أَصْحَابه فَقَالَ خُذُوا عني قد جعل الله لَهُنَّ سَبِيلا الْبكر بالبكر جلد مائَة وتغريب عَام وَالثَّيِّب بِالثَّيِّبِ الرَّجْم فَصَارَت هَذِه السّنة ناسخة لتِلْك الْآيَة الْآيَة السَّادِسَة قَوْله تَعَالَى {وَاللَّذانِ يَأتِيانِها مِنكُم فَآذوهُما}

كَانَ البكران إِذا زَنَيَا عيرًا وشتما فَجَاءَت الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة النُّور وَهِي قَوْله تَعَالَى {الزانِيَةُ وَالزاني فَاِجلِدوا كُلَّ واحِدٍ مِنهُما مائَةَ جَلدَة} فَهَذَا مَنْسُوخ بِالْكتاب وعَلى هَذِه الْآيَة مُعَارضَة لقَائِل يَقُول كَيفَ بَدَأَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالْمَرْأَةِ قبل الرجل فِي الزِّنَا وَبِالرجلِ قبل الْمَرْأَة فِي السّرقَة الْجَواب عَن ذَلِك أَن فعل الرجل فِي السّرقَة أقوى وحيلته فِيهَا أغلب وَفعل الْمَرْأَة فِي الزِّنَا أقوى وحيلتها فِيهِ أسبق لِأَنَّهَا تحتوي على إِثْم الْفِعْل وإثم المواطأة الْآيَة السَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {إِنَّما التَوبَةُ عَلى اللَه للَّذينَ يَعمَلونَ السُوءَ بِجهالَةٍ ثُمَّ يُتوبونَ مِن قريبٍ} فَقيل للنَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) مَا حد التائبين فَقَالَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) من تَابَ قبل مَوته بِسنة قبل الله تَوْبَته ثمَّ قَالَ أَلا وَإِن ذَلِك لكثير ثمَّ قَالَ من تَابَ قبل مَوته بِنصْف سنة قبل الله تَعَالَى تَوْبَته ثمَّ قَالَ أَلا وَإِن ذَلِك لكثير ثمَّ قَالَ من تَابَ قبل مَوته بِشَهْر قبل الله تَوْبَته ثمَّ قَالَ أَلا وَإِن ذَلِك لكثير ثمَّ قَالَ من تَابَ قبل مَوته بجمعه قبل الله تَوْبَته ثمَّ قَالَ أَلا وَإِن ذَلِك لكثير

ثمَّ قَالَ من تَابَ قبل مَوته بساعة قبل الله تَوْبَته ثمَّ قَالَ أَلا وَإِن ذَلِك لكثير ثمَّ قَالَ من تَابَ قبل أَن تغرغر نَفسه قبل الله تَوْبَته ثمَّ تَلا قَوْله تَعَالَى {ثمَّ يتوبون من قريب} قَالَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) كل مَا كَانَ قبل الْمَوْت فَهُوَ قريب فَكَانَ خَبره فِي هَذِه الْآيَة عَاما ثمَّ احتجز التوبه فِي الْآيَة الَّتِي بعْدهَا على أهل الْمعْصِيَة فَقَالَ {وَلَيسَتِ التَوبَةُ لِلَذينَ يَعمَلونَ السَيِّئاتِ حَتّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُم المَوتُ قَالَ إِنّي تُبتُ الآنَ وَلا الَّذينَ يَموتونَ وَهُم كُفّارٌ أولئكَ أَعتَدنا لَهُم عَذاباً أَليماً} فنسخت فِي أهل الشّرك وَبقيت محكمَة فِي أهل الْإِيمَان الْآيَة الثَّامِنَة قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنكِحوا مَا نَكَحَ آباؤُكُم من النِّسَاء إِلَّا مَا قد سلف}

النَّاس فِيهِ قائلان فَقَالَت طَائِفَة هِيَ محكمَة وَقَالَت طَائِفَة هِيَ منسوخه فَمن جعلهَا محكمَة قَالَ مَعْنَاهَا لَكِن مَا قد سلف فقد عَفَوْت عَنهُ وَمن قَالَ إِنَّهَا مَنْسُوخَة قَالَ يكون مَعْنَاهَا وَلَا مَا قد سلف فانزلوا عَنهُ وعَلى هَذَا الْعَمَل الْآيَة التَّاسِعَة قَوْله عز وَجل {وَأَن تَجمَعوا بَينَ الأَختَينِ} ثمَّ اسْتثْنى بقوله تَعَالَى {إَلّا مَا قَد سَلَفَ} الْآيَة الْعَاشِرَة قَوْله تَعَالَى فِي مُتْعَة النِّسَاء {فَما اِستَمتَعتُم بِهِ مِنهُنَّ فَآتوهُنَّ أجورَهُنَّ فَريضَةً} وَذَلِكَ أَن رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) نزل منزلا فِي بعض اسفاره فشكوا فِيهِ اليه الْعزبَة قَالَ اسْتَمْتعُوا من هَؤُلَاءِ النِّسَاء وَكَانَ مُدَّة ذَلِك ثَلَاثَة أَيَّام لَا قبل وَلَا بعد فَلَمَّا نزل خَبِير حرم فِيهِ مُتْعَة النِّسَاء واكل لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة وأباح لنا أكل لُحُوم الْخَيل وَقَالَ (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أحللت لكم هَذِه الْمُتْعَة أَلا وَإِن الله وَرَسُوله قد حرماها عَلَيْكُم أَلا فليبلغ الشَّاهِد مِنْكُم

الْغَائِب فنسخ هَذِه الْآيَة ذكر مِيرَاث الرّبع وَالثمن وَلم يكن لَهَا نصيب فِي ذَلِك وتحريمها فِي مَوضِع جَرَيَان الرّبع وَالثمن قَالَ الْأَمَام مُحَمَّد بن ادريس الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ مَوضِع تَحْرِيمهَا عِنْد قَوْله {وَالَّذين هم لفروجهم حافظون إِلّا على أَزواجِهِم أَو مَا مَلَكَت أَيمانُهُم} الى قَوْله {فَأُولَئِك هم العادون} ثَلَاث أيات قد أَجمعُوا أَنَّهَا لَيست زَوْجَة وَلَا ملك يَمِين الْآيَة الْحَادِيَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا لَا تَأكُلوا أَموالَكُم بَينَكُم بِالباطِلِ إِلّا أَن تَكونَ تِجارَةً عَن تَراضٍ مِنكُم} وَذَلِكَ أَن هَذِه الْآيَة لما نزلت قَالَت

الْأَنْصَار إِن الطَّعَام من أفضل الْأَمْوَال لِأَن بِهِ تقوم الهياكل فتحرجوا أَن يؤاكلوا الْأَعْمَى وَالْمَرِيض والأعرج قَالُوا لِأَن الْأَعْمَى لَا ينظر الى أطايب الطَّعَام وَأَن الآعرج لَا يتَمَكَّن فِي الْمجْلس فيتهنأ بِأَكْلِهِ وَالْمَرِيض لَا يشبهنا فِي الْأكل والبلع وامتنعوا عَن مؤاكلتهم حَتَّى انْزِلْ الله تَعَالَى فِي سُورَة النُّور {لَيسَ عَلى الأَعمى حَرَجٌ} الأية وَمَعْنَاهَا لَيْسَ على مؤاكلة الْأَعْمَى حرج فالحرج مَرْفُوع عَنهُ وَهُوَ فِي الْمَعْنى عَن غَيره {وَلا عَلى الأَعرَجِ حَرَجٌ} أَي وَلَا على من أكل مَعَ الْأَعْرَج حرج {وَلا عَلى المَريضِ حَرَجٌ} فَصَارَت هَذِه الْآيَة ناسخة لما وَقع لَهُم فِي تَحْرِيم الْآيَة قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله تَعَالَى قَوْله تَعَالَى {لَيسَ عَلى الأَعمى حَرَجٌ} اللَّفْظ للأعمى وَالْمرَاد لغيره الْآيَة الثَّانِيَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {وَالَّذين عقدت أَيمانُكُم فَآتوهُم نَصيبَهُم} كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة وَفِي أول الأسلام يعاقد الآجل فَيَقُول دمي دمك وهدمي هدمك فَإِن مت قبلك فلك من مَالِي كَذَا وَكَذَا مَا شَاءَ أَن يُسَمِّيه فَكَانَت هَذِه سنتهمْ فِي الْجَاهِلِيَّة فَإِن مَاتَ وَلم يسمه أَخذ من مَاله سدسه فَأنْزل الله تَعَالَى {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض} فنسخت هَذِه الْآيَة كل معاهدة ومعاقدة كَانَت بَينهم

الْآيَة الثَّالِثَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا لَا تَقرَبوا الصَلاةَ وَأَنتُم سُكارى} الأية وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى حرمهَا عَلَيْهِم فِي اوقات الصَّلَاة وَقد ذكر فِي الْبَقَرَة ثمَّ نسخ تَحْرِيمهَا فِي وَقت دون وَقت بقوله تَعَالَى {فَاِجتَنِبوه لَعَلَّكُم تَفلِحون} وَقَالَ آخَرُونَ نسخهَا الله تَعَالَى بقوله {فَهَل أَنتُم مُنتَهون} الْآيَة الرَّابِعَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {فَأَعْرض عَنْهُم وعظهم} فَهَذَا مقدم ومؤخر وَمَعْنَاهُ فعظهم وَأعْرض عَنْهُم كَانَ هَذَا فِي بَدْء الْإِسْلَام ثمَّ صَار الْوَعْظ والإعراض منسوخين بِآيَة السَّيْف الْآيَة الْخَامِسَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {وَلَو أَنَّهُم إِذ ظَلَموا أَنفُسَهُم جاؤوكَ فَاِستَغفَروا اللَهَ وَاِستَغفَرَ لَهُمُ الرَسولُ لَوَجدوا اللَه تَوّاباً رحِيما}

نسخ ذَلِك بقوله تَعَالَى {اِستَغفِر لَهُم أَو لَا تَستَغفِر لَهُم إِن تستغفر لَهُم سبعين مرّة فَلَنْ يغْفر اللَهَ لَهُم} فَقَالَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لأزيدن على السّبْعين فَأنْزل الله عز وَجل {سَواءٌ عَلَيهِم أَستَغفَرتَ لَهُم أَم لَم تستغفر لَهُم لن يغْفر الله لَهُم} فَصَارَ هَذَا نَاسِخا لما قبله الْآيَة السَّادِسَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا خُذوا حِذرَكُم فانفروا ثبات أَو انفروا جَمِيعًا} الْآيَة والثبات العصب المتفرقون فَصَارَت الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة التَّوْبَة ناسخة لَهَا وَهِي قَوْله تَعَالَى {وَما كانَ المُؤمِنونَ لِيَنفِروا كَافَّة} الْآيَة الْآيَة السَّابِعَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {مَن يَطِعِ الرَسولَ فَقَد أَطاعَ اللَهَ} هَذَا مُحكم

{وَمن تولى فَمَا أَرْسَلْنَاك عَلَيْهِم حفيظا} نسخ بِآيَة السَّيْف الْآيَة الثَّامِنَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {فَأَعْرض عَنْهُم} هَذَا مَنْسُوخ {وَتَوَكَّل عَلى اللَه} هَذَا مُحكم نسخ {فَأَعْرض عَنْهُم} بِآيَة السَّيْف الْآيَة التَّاسِعَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {فَقاتِل فِي سَبيلِ اللَهِ لَا تُكَلَّفُ إِلّا نَفسك} نسخ بِآيَة السَّيْف الْآيَة الْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {إِلّا الَّذينَ يَصِلونَ إِلى قَومٍ بَينًكُم وَبَينَهُم ميثاقٌ} إِلَى قَوْله {سَبيلاً} نسخ بِآيَة السَّيْف الْآيَة الْحَادِيَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {سَتَجِدُونَ آخَرين يُرِيدُونَ} الْآيَة نسخ أَيْضا بِآيَة السَّيْف الْآيَة الثَّانِيَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {فَإِن كانَ مِن قَومٍ عَدُوٍّ لكم وَهُوَ مُؤمن} الى أخر

الْآيَة نسخ بقوله تَعَالَى {بَراءَةٌ مِنَ اللَهِ وَرَسولِهِ إِلى الَّذينَ عاهدتم من الْمُشْركين} الْآيَة الْآيَة الثَّالِثَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {وَمَن يَقتُل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا} الْآيَة وَذَلِكَ أَن مقيس ابْن أبي صبَابَة التَّيْمِيّ قتل قَاتل أَخِيه بعد أَخذ الدِّيَة ثمَّ ارْتَدَّ كَافِرًا فلحق بِمَكَّة فَانْزِل الله تَعَالَى فِيهِ هَذِه الْآيَة وَأجْمع الْمُفَسِّرُونَ من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ على نسخ هَذِه الْآيَة إِلَّا عبد الله بن عَبَّاس وَعبد الله بن عمر فَإِنَّهُمَا قَالَا إِنَّهَا محكمَة قَالَ الشَّيْخ هبة الله وَالدَّلِيل على ذَلِك تكاثف الْوَعيد فِيهَا وَرُوِيَ عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه أَنه نَاظر ابْن عَبَّاس فَقَالَ من ايْنَ لَك انها محكمَة قَالَ ابْن عَبَّاس لتكاثف الْوَعيد فِيهَا فَكَانَ ابْن عَبَّاس مُقيما على إحكامها

وَقَالَ أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ كرم الله وَجهه نسخهَا الله تَعَالَى بآيتين آيَة قبلهَا وَآيَة بعْدهَا فِي النّظم وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَهَ لَا يَغفِرُ أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} الى قَوْله {إِثْمًا عَظِيما} وبآية بعْدهَا فِي النّظم وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَهَ لَا يَغفِرُ أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} الى قَوْله {ضَلالاً بَعيداً} وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ نسخهَا الله تَعَالَى بقوله {وَالَّذينَ لَا يَدعونَ مَعَ اللَهَ إِلها آخَر} الى قَوْله {وَيَخلُد فيهِ مُهاناً} ثمَّ اسْتثْنى بقوله {إِلّا مَن تابَ} الْآيَة الرَّابِعَة وَالْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ المُنافِقينَ فِي الدَركِ الأَسفَلِ مِنَ النَّار وَلنْ تَجِد لَهُم نَصِيرًا} ثمَّ أستثنى فَقَالَ {إِلّا الَّذينَ تَابُوا وَأَصلَحوا وَاِعتَصَموا بِاللَهِ} الْآيَة

سورة المائدة

سُورَة الْمَائِدَة نزلت بِالْمَدِينَةِ إِلَّا آيَة مِنْهَا فَإِنَّهَا نزلت بِمَكَّة أَو غَيرهَا تحتوي من الْمَنْسُوخ على تسع آيَات أولَاهُنَّ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا لَا تحلوا شَعَائِر الله وَلَا الشَّهْر الْحَرَام وَلَا الْهَدْي وَلَا القلائد} هَذَا مُحكم {وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام} الى قَوْله {ورضوانا} مَنْسُوخ وَبَاقِي الْآيَة مُحكم نسخ الْمَنْسُوخ مِنْهَا بِآيَة السَّيْف وَذَلِكَ أَن الخطيم واسْمه شُرَيْح بن ضبيعة بن شُرَحْبِيل الْبكْرِيّ أَتَى النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فَقَالَ يَا مُحَمَّد اعْرِض عَليّ أَمرك فَعرض عَلَيْهِ الدّين فَقَالَ أرجع الى قومِي فَأَعْرض عَلَيْهِم مَا قلته فَإِن أجابوني كنت مَعَهم وَأَن أَبَوا عَليّ كنت مَعَهم فَقَالَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لقد دخل عَليّ بِوَجْه كَافِر وَخرج بعقبي غادر فَمر بسرح لرَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فاستاقه

وَخرج الْمُسلمُونَ فِي إثره فَأَعْجَزَهُمْ فَلَمَّا كَانَت عمْرَة الْقُضَاة وَهُوَ الْعَام السَّابِع سمع الْمُسلمُونَ تَلْبِيَة الْمُشْركين وَكَانَت كل طَائِفَة من الْعَرَب تلبي على حدتها فَسَمِعُوا بكر بن وَائِل تلبي وَمَعَهُمْ الخطيم فَقَالُوا يَا رَسُول الله لَا يذهب أَو تغير عَلَيْهِ فَأنْزل الله عز وَجل {وَلا آمينَ البَيتَ الحَرامَ يَبتَغونَ فَضلاً مِن رَبهم} يَعْنِي الْفضل فِي التِّجَارَة {ورضوانا} وَهُوَ لَا يرضى عَنْهُم فَصَارَ ذَلِك مَنْسُوخا بِآيَة السَّيْف الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {فَاِعفُ عَنهُم وَاِصفَح} نزلت فِي الْيَهُود ثمَّ نسخ الْعَفو والصفح بقوله تَعَالَى {قاتِلوا الَّذينَ لَا يُؤمِنونَ بِاللَهِ} الى قَوْله {وَهُم صاغِرون} الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {إِنّما جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} الْآيَة نسخهَا الله تَعَالَى بِالِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {إِلّا الَّذينَ تَابُوا من قبل أَن تقدروا عَلَيْهِم} الْآيَة

الْآيَة الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {فَإِنّ جاؤوكَ فَاِحكُم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم} اخْتلف الْمُفَسِّرُونَ على وَجْهَيْن فَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَالنَّخَعِيّ وَهِي محكمَة خير بَين الحكم والإعراض وَقَالَ مُجَاهِد وَسَعِيد تنسخها الْآيَة الَّتِي بعْدهَا وَهِي قَوْله تَعَالَى {وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله} الْآيَة الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى {مَا عَلى الرَسولِ إِلَّا الْبَلَاغ} نسخ ذَلِك بِآيَة السَّيْف وباقيها مُحكم الْآيَة السَّادِسَة قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا عَلَيكُم أَنفُسَكُم لَا يَضُرُّكُم مَن ضَلَّ} الى هَهُنَا مَنْسُوخ وباقيها مُحكم قَالَ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام لَيْسَ فِي كتاب الله آيَة جمعت النَّاسِخ

والمنسوخ غير هَذِه الْآيَة قَالَ الشَّيْخ هبة الله لَيْسَ كَمَا قَالَ بل فِي كتاب الله هَذِه الْآيَة وَغَيرهَا وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة وَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِنَّكُم تقرؤون هَذِه الْآيَة وتضعونها فِي غير موضعهَا فو الَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتأمرن بِالْمَعْرُوفِ ولتنهن عَن الْمُنكر أَو ليعمكم الله بعقابه أَو لتدعن فَلَا يُجَاب لكم والناسخ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {إِذا اهْتَدَيْتُمْ} وَالْهَدْي هَا هُنَا الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر الْآيَة السَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا شَهادَةُ بَيْنكُم} الى قَوْله {ذَوا عدل مِنْكُم} هَذَا مُحكم والمنسوخ قَوْله تَعَالَى {أَو آخَرانِ مِن غَيرِكُم} كَانَ فِي أول الأسلام

تقبل شَهَادَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ فِي السّفر وَلَا تقبل فِي الْحَضَر وَذَلِكَ أَن تميما الدَّارِيّ وعدي بن بداء النصرانيين أَرَادَا أَن يركبا الْبَحْر فَقَالَ لَهما قوم من أهل مَكَّة أَن نخرج مَعَكُمَا مولى لنا نُعْطِيه بضَاعَة وهم آل الْعَاصِ فأبضعوه بضَاعَة واخرجوه مَعَهُمَا فشرها الى مَا مَعَه فَأَخَذَاهُ وقتلاه فَلَمَّا رجعا اليهم قَالُوا مَا فعل مَوْلَانَا قَالَا مَاتَ قَالُوا فَمَا كَانَ من مَاله قَالَا ذهب فخاصموهما إِلَى رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {أَو آخَرانِ مِن غَيرِكُم} إِلَى آخر االآية ثمَّ صَار ذَلِك مَنْسُوخا بقوله {وَأَشهِدوا ذَوَي عدل مِنْكُم} فَصَارَت شَهَادَة الذميين مَنْسُوخَة فِي السّفر والحضر الْآيَة الثَّامِنَة قَوْله عز وَجل {فَإِن عثر على أَنَّهُمَا استحقا إِثْمًا} أَي علم واطلع على أَنَّهُمَا اِستَحَقّا إِثماً يَعْنِي الشَّاهِدين الْأَوَّلين {فَآخَرانِ يَقومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذينَ اِستَحَقَّ عَلَيهِم الأَوليانِ} وَذَلِكَ أَن عدي بن بداء وَتَمِيم بن أَوْس الداريين عمدا إِلَى مولى آل الْعَاصِ فقتلاه واخذا مَاله ثمَّ شهد لَهُم شَاهِدَانِ ان مَا احداسا وَظهر لَهُم بعد ذَلِك قَعْب وجد بِمَكَّة يُبَاع فِي

سوق اللَّيْل فقبضوا على الْمُنَادِي فَقَالُوا لَهُ من أَيْن لَك هَذَا فَقَالَ دَفعه الي تَمِيم الدَّارِيّ وعدي بن بداء فَرفعُوا ذَلِك إِلَى رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فَنزلت هَذِه الْآيَة وامر النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَن يشْهد على الشَّاهِدين الاولين شَاهِدَانِ آخرَانِ فَتبْطل بِهِ شَهَادَة الآولين فَهَذَا فِي غير شَهَادَة الاسلام ثمَّ نسخ ذَلِك بالاية الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء الصُّغْرَى من قَوْله تَعَالَى / واشهدوا ذَوي عدل مَعكُمْ / فبطلت شَهَادَة الذميين فِي الْحَضَر وَالسّفر الْآيَة التَّاسِعَة قَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ أَدنى أَن يَأتوا بِالشَهادَةِ عَلى وَجهِها} أَي على حَقِيقَتهَا {أَو يَخافوا أَن تُرَدَّ أَيمانُ بَعدَ أَيمانِهم} الى هَا هُنَا مَنْسُوخ وَالْبَاقِي مُحكم نسخ الْمَنْسُوخ مِنْهَا بقوله تَعَالَى {وَأَشهِدوا ذَوي عَدلٍ مِنكُم}

سورة الأنعام

سُورَة الْأَنْعَام نزلت بِمَكَّة لَيْلًا إِلَّا تسع آيَات مِنْهَا وَهِي تحتوي من الْمَنْسُوخ على خمس عشرَة آيَة الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {قُل إِنِّي أَخَاف إِن عصيت رَبِّي عَذَاب يَوْم عَظيم} نسخت بقوله تَعَالَى {لِيَغفِرَ لَكَ اللَهُ مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {وَكَذَّبَ بِهِ قَومُكَ وَهُو الْحق} هَذَا مُحكم والمنسوخ قَوْله تَعَالَى {قل لست عَلَيْكُم بوكيل} نسخ بِآيَة السَّيْف الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {وَإِذا رَأَيتَ الَّذينَ يَخوضونَ فِي آياتِنا فَأَعرِض عَنهُم}

الى قَوْله تَعَالَى {وَما عَلى الَّذينَ يَتَّقونَ مِن حِسابِهم مِن شَيْء وَلَكِن ذكرى لَعَلَّهُم يَتَّقُونَ} نسخ ذَلِك بقوله تَعَالَى {فَلَا تقعدوا مَعَهُم حَتّى يَخوضوا فِي حَديثٍ غَيرِه} الْآيَة الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {وَذَرِ الَّذينَ اِتَّخَذوا دينَهُم لعبا ولهوا} يَعْنِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى نسخهَا قَوْله تَعَالَى {قاتِلوا الَّذينَ لَا يُؤمِنونَ بِاللَهِ وَلا بِاليَومِ الآخِر} الْآيَة الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى {قُلِ اللَهُ ثُمَّ ذَرهُم فِي خَوضِهِم} فِيهَا مَحْذُوف تَقْدِيره وَالله أعلم قل الله انزله ثمَّ ذرهم فَأمر الله بالآعراض عَنْهُم ثمَّ نسخ ذَلِك بِآيَة السَّيْف الْآيَة السَّادِسَة قَوْله تَعَالَى {وَمَن عَمِيَ فَعَلَيها وَما أَنا عَلَيكُم بِحفيظٍ} نسخ بِآيَة

السَّيْف الْآيَة السَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {اِتّبِع مَا أُوحِي إِلَيْك من رَبك لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} هَذَا مُحكم وَقَوله تَعَالَى {وَأعْرض عَن الْمُشْركين} نسخ ذَلِك بِآيَة السَّيْف الْآيَة الثَّامِنَة قَوْله تَعَالَى {وَما جَعَلناكَ عَلَيهِم حَفيظاً وَما أَنتَ عَلَيهِم بِوَكيلٍ} نسخ بِآيَة السَّيْف الْآيَة التَّاسِعَة قَوْله تَعَالَى {وَلَا تسبوا الَّذين يَدعونَ مِن دونِ اللَهِ فَيَسُبّوا اللَهَ عَدواً بِغَير عِلم} نَهَاهُم الله تَعَالَى عَن سبّ الْمُشْركين هَذِه الْآيَة ظَاهرهَا ظَاهر الْأَحْكَام وباطنها بَاطِن الْمَنْسُوخ

لِأَن الله أمرنَا بِقَتْلِهِم والسب يدْخل فِي جنب الْقَتْل وَهُوَ أشنع وَأَغْلظ نسخت بِآيَة السَّيْف الْآيَة الْعَاشِرَة قَوْله تَعَالَى {وَلَو شاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلوه} هَذَا مُحكم والمنسوخ {فَذَرهُم وَما يَفتَرون} نسخ ذَلِك بِآيَة السَّيْف الْآيَة الْحَادِيَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {وَلا تَأكُلوا مِمّا لَم يُذكَر اِسمُ اللَهِ عَلَيه} نسخ ذَلِك بقوله تَعَالَى {اليَومَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَيِّباتُ وَطعامُ الَّذينَ أُوتُوا الْكتاب حل لكم وطعامكم حل لَهُم} وَالطَّعَام هَهُنَا الذَّبَائِح الْآيَة الثَّانِيَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {قُل يَا قَومِ اِعمَلوا عَلى مَكانَتِكُم إِنّي عامِلٌ} إِلَى قَوْله {لَا يفلح الظَّالِمُونَ} نسخ بِآيَة السَّيْف

الْآيَة الثَّالِثَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {فَذَرهُم وَما يفترون} نسخ بِآيَة السَّيْف الْآيَة الرَّابِعَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {قل انتظروا إِنَّا منتظرون} نسخت بِآيَة السَّيْف الْآيَة الْخَامِسَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {إِن الَّذين فرقوا دينهم وَكَانُوا شيعًا لست مِنْهُم فِي شَيْء إِنَّمَا أَمرهم إِلَى الله} نسخ آيَة السَّيْف وَقد اخْتلف النَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {فذرهم وَمَا يفترون} قَالَت ظائفة هِيَ على طَرِيق التهديد وَقَالَ آخَرُونَ نسخت بِآيَة السَّيْف وَآيَة السَّيْف نسخت فِي الْقُرْآن مائَة آيَة وأربعا وَعشْرين آيَة

سورة الأعراف

سُورَة الْأَعْرَاف نزلت بِمَكَّة إِلَّا آيَات وَهِي قَوْله تَعَالَى {وَاِسأَلهُم عَنِ القُريَةِ الَّتي كانَت حاضِرَةَ البَحر} إِلَى قَوْله {وَإِنّه لَغَفورٌ رَحيم} نزلت فِي الْيَهُود بِالْمَدِينَةِ وَهِي تحتوي من الْمَنْسُوخ على آيَتَيْنِ منسوختين الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {وأملي لَهُم إِن كيدي متين} مَوضِع النّسخ هَهُنَا {وأملي لَهُم} أَي خل عَنْهُم ودعهم وَبَاقِي الْآيَة مُحكم نسخ الْمَنْسُوخ مِنْهَا بِآيَة السَّيْف الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {خُذِ العَفوَ} هَذَا مَنْسُوخ يَعْنِي الْفضل من اموالهم

نسخ بِآيَة الزَّكَاة وَهَذِه الْآيَة من أعجب الْمَنْسُوخ لِأَن أَولهَا مَنْسُوخ وَآخِرهَا مَنْسُوخ وأوسطها مُحكم وَآخِرهَا قَوْله {وَأَعرِض عَنِ الجاهِلينَ} نسخ بِآيَة السَّيْف ووسطها مُحكم وَهُوَ قَوْله {وَأمر بِالْعرْفِ} وَالْعرْف الْمَعْرُوف هَذَا مُحكم وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَتَاهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّد إِنِّي جئْتُك بمكارم الْأَخْلَاق من رَبك قَالَ وَمَا ذَلِك يَا جِبْرِيل قَالَ إِن الله يَأْمُرك أَن تقْرَأ {خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ} الْآيَة قَالَ وَمَا ذَلِك يَا جِبْرِيل قَالَ إِن الله يَقُول لَك صل من قَطعك وَأعْطِ من حَرمك واعف عَمَّن ظلمك وَقد روى عَن عبد الله بن الزبير أَنه قَالَ أَمر أَن نَأْخُذ الْعَفو من أَخْلَاق النَّاس فَهَذَا مَا ورد فِيهَا وَالله أعلم

سورة الأنفال

سُورَة الْأَنْفَال نزلت بِالْمَدِينَةِ إِلَّا آيَتَيْنِ مِنْهَا وهما قَوْله تَعَالَى {وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا ليثبتوك} الْآيَة وَقَوله {يَا أَيُّها النَبِيُّ حَسبُكَ اللَهُ وَمَنِ اِتَّبَعَكَ من الْمُؤمنِينَ} وَقد روى عَن النَّضر بن الْحَارِث أَنه دَعَا فَقَالَ اللَّهُمَّ إِن كانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ مِن عِندِكَ فَأَمطِر عَلَينا حِجارَةً مِنَ السَماءِ أَو اِئتِنا بِعذابٍ أَليم فَأنْزل الله تَعَالَى {سَأَلَ سَائل بِعَذَاب وَاقع للْكَافِرِينَ} وَهِي تحتوي على سِتّ آيَات من الْمَنْسُوخ الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال} والأنفال الْغَنَائِم وَعَن

هَهُنَا صلَة فِي الْكَلَام تَقْدِيره يَسْأَلُونَك الْأَنْفَال قَالَ الله تَعَالَى {قُلِ الأَنفالُ لِلَّه وَالرَسولِ} وَإِنَّمَا سَأَلُوهُ أَن ينفلهم الْغَنِيمَة وَذَلِكَ أَن رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لما رأى ضعفهم وَقلة عدتهمْ يَوْم بدر فَقَالَ مرغبا لَهُم ومحرضا من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه وَمن أسر أَسِيرًا فَلهُ فداؤه فَلَمَّا وضعت الْحَرْب أَوزَارهَا نظر فِي الْغَنِيمَة فَإِذا هِيَ أقل من الْعدَد فَنزلت هَذِه الْآيَة ثمَّ صَارَت مَنْسُوخَة بقوله تَعَالَى {وَاِعلَموا أَنّما غَنِمتُم مِن شَيْء فَأن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ} الْآيَة الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنتَ فيهِم وَما كانَ اللَهُ مُعَذِّبَهُم وَهُم يَسْتَغْفِرُونَ} ثمَّ نزلت بعْدهَا آيَة ناسخة لَهَا وَهِي الَّتِي تَلِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَما لَهُم أَلّا يُعَذِّبهُمُ الله} الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {وَإِن جَنَحوا لِلسلمِ فَاِجنَح لَها} الى هَهُنَا النّسخ

وَبَاقِي الْآيَة مُحكم نزلت فِي الْيَهُود ثمَّ صَارَت مَنْسُوخَة بقوله تَعَالَى {قاتِلوا الَّذينَ لَا يُؤمِنونَ بِاللَهِ وَلا بِاليَومِ الآخِر} إِلَى قَوْله {وَهُم صاغِرونَ} الْآيَة الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها النَبِيُّ حَرِّضِ المُؤمِنينَ عَلى القِتال} هَذَا مُحكم والمنسوخ قَوْله {إِن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ يغلبوا مِائَتَيْنِ} الى آخر الْآيَة وَكَانَ فرضا على الرجل أَن يُقَاتل عشرَة فَمَتَى فر كَانَ مواليا للدبر فَعلم الله تَعَالَى عجزهم فيسر وخفف فَنزلت الْآيَة الَّتِي بعْدهَا فَصَارَت ناسخة لَهَا فَقَالَ {الآنَ خَفَّفَ اللَهُ عَنكُم وَعَلِمَ أَنَّ فيكُم ضَعفاً} وَالتَّخْفِيف لَا يكون إِلَّا

من ثقل فَصَارَ فرضا على الرجل أَن يُقَاتل رجلَيْنِ فان انهزم مِنْهُمَا كَانَ موليا للدبر وَإِن انهزم عَن أَكثر لم يكن موليا للدبر بِدَلِيل ظَاهر الْآيَة الْآيَة الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى {وَالَّذينَ آمَنوا وَلَم يُهاجِروا مَا لَكُم مِن ولايتهم من شَيْء حَتَّى يهاجروا} وَكَانَ النَّاس يتوارثون بِالْهِجْرَةِ لَا بِالنّسَبِ ثمَّ قَالَ {إِلّا تفعلوه تكن فتْنَة فِي الأَرْض وَفَسَاد كَبِير} حَتَّى أنزل الله تَعَالَى {وأولو الأَرحامِ بَعضُهُم أَولى بِبَعضٍ فِي كِتابِ اللَه} فَصَارَت ناسخة لِلْآيَةِ الَّتِي كَانُوا يتوارثون بهَا وصاروا بعد ذَلِك يتوارثون بِالنّسَبِ الْآيَة السَّادِسَة قَوْله تَعَالَى {وَإِن اِستَنصَروكُم فِي الدّين فَعَلَيْكُم النَّصْر} الى قَوْله {وَفَسَاد كَبِير} وَكَانَ بَين النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وَبَين أَحيَاء من الْعَرَب خُزَاعَة وهلال بن عُمَيْر وَجَمَاعَة من أحباء الْعَرَب موادعة لَا يقاتلهم وَلَا يقاتلونه وحالفهم إِن كَانَ لَهُ حَرْب أعانوه وَإِن كَانَ لَهُم حَرْب أعانهم فَصَارَ ذَلِك مَنْسُوخا بِآيَة السَّيْف وَقد رُوِيَ فِي قَوْله تَعَالَى {قُل لِلَّذينَ كَفَروا إِن يَنتَهوا يُغفَر لَهُم مَا قَد سَلَف}

إِنَّهَا مَنْسُوخَة نسخت بقوله تَعَالَى {وَقاتِلوهُم حَتّى لَا تَكونَ فِتنَةٌ} وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَنَّهَا وَعِيد وتهديد

سورة التوبة

سُورَة التَّوْبَة نزلت بِالْمَدِينَةِ وَهِي من آخر التَّنْزِيل من الْقُرْآن تحتوي على إِحْدَى عشرَة آيَة مَنْسُوخَة أَولهَا قَوْله تَعَالَى {بَرَاءَة من الله وَرَسُوله إِلَى الَّذين عاهدتم من الْمُشْركين فسيحوا فِي الأَرْض أَرْبَعَة أشهر} وَالْآيَة الَّتِي تَلِيهَا نزلت هَذِه ثمَّ نزلت هَذِه فَمن كَانَت بَينه وَبينهمْ موادعة جعل الله مدتهم أَرْبَعَة أشهر من يَوْم النَّحْر إِلَى عشر من شهر ربيع الآخر فَهَذَا مُدَّة لمن كَانَ بَينه وَبينهمْ عهد وَجعل مُدَّة من لم يكن بَينه وَبينهمْ عهد خمسين يَوْمًا من يَوْم النَّحْر إِلَى آخر الْمحرم وَهُوَ تَفْسِير قَوْله تَعَالَى {فَإِذا اِنسَلَخَ الأَشهُرُ الحُرُمُ}

يَعْنِي الْمحرم وَحده ثمَّ صَار ذَلِك مَنْسُوخا بقوله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} وانما يُرِيد بذلك شهر الْمحرم لَا غير سمي باسم الشُّهُور وَهُوَ شهر وَاحِد لأمرين احدهما أَنه مُتَّصِل بشهرين حرامين سمي باسمهما وَالْوَجْه الآخر إِنَّمَا سَمَّاهُ على مَذْهَب الْعَرَب وَالْعرب تَقول ركبنَا البغال وَلَا تركب إِلَّا بغلا وَاحِدًا وركبنا السفن وَهُوَ لَا يركب إِلَّا سفينة وَاحِدَة وَهَذَا على وَجه الْمجَاز وَالْقُرْآن من هَذَا مَمْلُوء وسنذكره فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} الْآيَة مُسْتَثْنى مِنْهَا بقوله تَعَالَى {فَإِن تَابُوا وَأَقاموا الصَلاةَ وَآتوا الزَكاةَ} فإقامة الصَّلَاة هَهُنَا الْإِقْرَار بهَا وَكَذَلِكَ إيتَاء الزَّكَاة وَهَذِه الْآيَة من أَعَاجِيب أَي الْقُرْآن لِأَنَّهَا نسخت من الْقُرْآن لِأَنَّهَا نسخت من الْقُرْآن مائَة وأربعا وَعشْرين آيَة ثمَّ نسخهَا الله تَعَالَى بعد ثمَّ اسْتثْنى من ناسخها فنسخه بقوله تَعَالَى {وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك فَأَجره حَتَّى يسمع كَلَام الله}

وَهِي آيَة السَّيْف نسخت من الْقُرْآن مائَة وأربعا وَعشْرين آيَة ثمَّ صَار آخرهَا نَاسِخا لأولها وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَإِن تَابُوا وَأَقاموا الصَلاةَ وَآتوا الزَكاةَ فَخَلّوا سَبيلَهُم} الْآيَة الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {إِلّا الَّذينَ عاهَدتُم عِندَ المَسجِدِ الحَرامِ فَما استقاموا لكم فاستقيموا لَهُم} نسخت بقوله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} الْآيَة الْخَامِسَة وَالسَّادِسَة قَوْله تَعَالَى {وَالَّذينَ يَكنِزونَ الَذَهَبَ وَالفِضَّةَ وَلا يُنفِقونَها فِي سَبيلِ اللَهِ فَبَشِّرهُم بِعذابٍ أَليم} ثمَّ هددهم بِالْآيَةِ الَّتِي تَلِيهَا {يَوْم يحمى} ثمَّ نسختا بِالزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَة فبينت السّنة أعيانها

الْآيَة السَّابِعَة وَالثَّامِنَة قَوْله تَعَالَى {إِلّا تَنفِروا يعذبكم عذَابا أَلِيمًا ويستبدل قوما غَيْركُمْ} وَقَوله تَعَالَى {انفروا خفافا وثقالا} نسختا جَمِيعًا بقوله تَعَالَى {وَما كانَ المُؤمِنونَ لِيَنفِروا كافَّةً} الْآيَة وَقَوله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا خُذوا حِذرَكُم فانفروا ثبات أَو انفروا جَمِيعًا} الْآيَة التَّاسِعَة قَوْله تَعَالَى {عَفا الله عَنْك لم أَذِنت لَهُم حَتَّى يتَبَيَّن لَك} الْآيَة ثمَّ رخص لَهُ بعد ذَلِك بقوله تَعَالَى {فَإِذا اِستَأذَنوكَ لِبَعضِ شَأنِهِم فَأذَن لِمَن شِئتَ مِنهُم وَاِستَغفِر لَهُم اللَهَ إِنَّ اللَهَ غَفُور رَحِيم}

الْآيَة الْعَاشِرَة قَوْله تَعَالَى {اِستَغفِر لَهُم أَو لَا تَستَغفِر لَهُم إِن تَستَغفِر لَهُم سَبعينَ مرّة فَلَنْ يغْفر الله لَهُم} فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لأزيدن على السّبْعين فنسخها الله بقوله {سَواءٌ عَلَيهِم أَستَغفَرتَ لَهُم أَم لَم تستغفر لَهُم لن يغْفر الله لَهُم} الْآيَة الْحَادِيَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {الْأَعْرَاب أَشد كفرا ونفاقا وأجدر} هَذِه الأية وَالَّتِي تَلِيهَا وَهِي {وَمِنَ الأَعرابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغرَماً ويتربص بكم الدَّوَائِر} نسخهما الله تَعَالَى بقوله {وَمِنَ الأَعرابِ مَن يُؤمِنُ بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر} الْآيَة هَذَا جَمِيع مَا فِي هَذِه السُّورَة من الْمَنْسُوخ

سورة يونس عليه السلام

سُورَة يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام من أَوَائِل مَا أنزل من الْقُرْآن وَهِي سُورَة تلِي تنزيلها فِي النّظم مَا بعْدهَا وَالَّذِي بعْدهَا هِيَ مَكِّيَّة غير آيَتَيْنِ وَيُقَال ثَلَاث آيَات وَالله أعلم نزلت فِي أبي بن كَعْب الْأنْصَارِيّ وَذَلِكَ أَن رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) قَالَ يَا أبي إِن الله يَأْمُرنِي أَقرَأ عَلَيْك الْقُرْآن فَقَالَ أبي وَقد ذكرت هُنَاكَ فَقَالَ أَي عَيْنَيْك الْوَحْي لَك فَبكى بكاء شَدِيدا فَنزلت فِيهِ {قُل بِفَضلِ اللَهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذلكَ فليفرحوا هُوَ خير مِمَّا يجمعُونَ} وَهَذِه الأية فَخر وَشرف لأبي بن كَعْب وَحكمهَا بَاقٍ فِي غَيرهَا وَالْآيَة الَّتِي تَلِيهَا ذمّ لقريش لأَنهم حرمُوا مَا أحل الله لَهُم وَصَارَ حكمهَا فِي كل من يفعل مثل ذَلِك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

وَهِي تحتوي على ثَمَان آيَات من الْمَنْسُوخ الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {إِنّي أَخافُ إِن عَصَيتُ رَبّي عَذابَ يَومٍ عَظيم} نسخت بقوله تَعَالَى {لِيَغفِرَ لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر وَيتم نعْمَته} الْآيَة الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {وَيَقُولُونَ لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ آيَة من ربه فَقل إِنَّمَا الْغَيْب لله} هَذَا مُحكم وَبَاقِي الْآيَة مَنْسُوخ بِآيَة السَّيْف الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {وَإِن كَذَّبوكَ فَقُل لي عَمَلي وَلَكُم عَمَلَكُم} الْآيَة كلهَا نسخت بِآيَة السَّيْف الْآيَة الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {وِإِمّا نُرِيَنَّكَ بَعضَ الَّذي نَعِدُهُم أَو نتوفينك}

نسختها آيَة السَّيْف الْآيَة الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى {أَفَأَنتَ تُكرِهُ الناسَ حَتّى يَكونوا مُؤمِنين} نسخت بِآيَة السَّيْف الْآيَة السادية قَوْله تَعَالَى {فَهَل يَنتَظِرونَ إِلّا مِثلَ أَيّامِ الَّذين خلوا من قبلهم} نسختها آيَة السَّيْف الْآيَة السَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {فَمَن اِهتَدى فَإِنّما يَهتَدي لِنَفسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنِّما يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنا عَلَيْكُم بوكيل} نسختها آيَة السَّيْف الْآيَة الثَّامِنَة قَوْله تَعَالَى / وَاتبع مَا يوحي اليك من رَبك واصبر حَتَّى يحكم الله / نسخ الصَّبْر بِآيَة السَّيْف

سورة هود عليه السلام

سُورَة هود عَلَيْهِ السَّلَام نزلت بِمَكَّة غير آيَات مِنْهَا نَزَلْنَ فِي نَبهَان التمار وَهُوَ قَوْله {وأقم الصَلاةَ طَرَفَي النَهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيلِ} وَالْآيَة الَّتِي تَلِيهَا تحتوي من الْمَنْسُوخ على أَربع آيَات الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {إِنَّما أَنتَ نَذيرٌ وَاللَهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ وَكيل} نسخ مَعْنَاهَا لَا لَفظهَا بِآيَة السَّيْف الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {مَن كانَ يُريدُ الحَياةَ الدُنيا وَزينَتَها} نسخت بقوله تَعَالَى فِي بني إِسْرَائِيل {من كَانَ يُرِيد العاجلة عجلنا لَهُ}

سورة يوسف عليه السلام

الْآيَة الْآيَة الثَّالِثَة وَالرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {وَقُل لِلَّذينَ لَا يُؤمِنونَ اِعمَلوا عَلى مَكانَتِكُم إِنّا عامِلونَ} وَالْآيَة الَّتِي تَلِيهَا {وَانْتَظرُوا إِنَّا منتظرون} الْآيَتَانِ نسختا جَمِيعًا بِآيَة السَّيْف سُورَة يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام نزلت بِمَكَّة وَلَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ

سورة الرعد

سُورَة الرَّعْد اخْتلف أهل الْعلم فِي تنزيلها فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ نزلت بِمَكَّة وَقَالَ قَتَادَة وَجَمَاعَة نزلت بِالْمَدِينَةِ وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ من أهل التَّأْوِيل نزلت آيَات مِنْهَا بِالْمَدِينَةِ وسائرها بِمَكَّة والتنزيل مِنْهَا بِالْمَدِينَةِ قَوْله تَعَالَى {هُوَ الَّذِي يريكم الْبَرْق خوفًا وَطَمَعًا} الى قَوْله تَعَالَى {لَهُ دَعْوَة الْحق} وَهِي وَالله أعلم إِلَى تَنْزِيل الْمَدِينَة أشبه لِأَن فِيهَا قصَّة أَرْبَد بن ربيعَة وعامر بن الطُّفَيْل وَكَانَ شَأْنهمَا بِالْمَدِينَةِ وقدومهما على النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وَمَا لحق أَرْبَد من الصاعقة وَكَيف ابتلى الله عَامر بن الطُّفَيْل بعده فِي عِلّة فَمَاتَ وَهُوَ يَقُول غُدَّة كَغُدَّة الْبَعِير وَلم تزل بِهِ الْعلَّة حَتَّى مَاتَ وَعجل الله بِرُوحِهِ إِلَى النَّار وَكَانَا قدما على رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ليَقْتُلهُ أَحدهمَا فَقَالَ عَامر بن الطُّفَيْل يَا مُحَمَّد أتبعك على أَنَّك تكون على المدد وأكون أَنا

على الْوَبر فَقَالَ لَهُ رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لَا قَالَ فَتكون أَنْت على الْخَيل وأكون أَنا على الرجل قَالَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لَا قَالَ فعلى مَاذَا أتبعك قَالَ تكون رجلا من الْمُسلمين لَك مَا لَهُم وَعَلَيْك مَا عَلَيْهِم قَالَ أكون كسلمان وعمار وَابْن مَسْعُود فُقَرَاء أَصْحَابك قَالَ لَهُ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) إِن شِئْت فَقَالَ عَامر وَاللات والعزى إِلَّا ملأتها عَلَيْك خيلا ورجلا ثمَّ خرجا من عِنْده فَقَالَ لَهُ أَرْبَد لقد عجلت وَلَكِن ارْجع فحدثه أَنْت وتخدعه حَتَّى تشغله فَأَقْتُلهُ أَنا وَإِلَّا أَنا أحدثه وأشفله فتقتله أَنْت قَالَ أفعل فدخلا عَلَيْهِ ثَانِيًا فَقَالَ لَهُ عَامر أعرض عَليّ أَمرك ثَانِيًا فَعرض عَلَيْهِ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أمره الأول وحادثه طَويلا وعامر ينْتَظر أَرْبَد وَهُوَ لَا يضع شَيْئا فَلَمَّا طَال على عَامر ذَلِك قَامَ فَخرج ولحقه أَرْبَد فَقَالَ لَهُ عَامر وَيحك قلت لي حَدثهُ حَتَّى تشغله وأقتله أَنا وَمَا رَايَتك صنعت شَيْئا قَالَ لَهُ أَخَذَنِي من مجامع قلبِي فشغلني عَمَّا أردْت ثمَّ خرجا من عِنْده فَأَما أَرْبَد فأصابته فِي الْبَريَّة الصاعقة فَهَلَك وَعَاد عَامر وَبِه كَغُدَّة الْبَعِير فَلم يزل يَصِيح مِنْهَا وَيَقُول يذهب سيد مثلي بِهَذَا فِي بَيت امْرَأَة وَلم يزل كَذَلِك حَتَّى عجل الله بِرُوحِهِ الى النَّار تحتوي من الْمَنْسُوخ على آيَتَيْنِ آيَة مجمع عَلَيْهَا وَآيَة مُخْتَلف فِيهَا فالمختلف فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذو مَغفِرَةٍ لِلَّناسِ عَلى ظلمهم} النَّاس فِي هَذِه الْآيَة قائلان

فَقَالَ بَعضهم هِيَ محكمَة وَقَالَ آخَرُونَ مَنْسُوخَة نسخت بقوله تَعَالَى {إِنَّ اللَهَ لَا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ} وَالظُّلم هَهُنَا الشّرك وَقَالَ السّديّ إِنَّمَا هُوَ إِحْسَان من الله وَتعطف على خلقه وَالْآيَة الْمجمع عَلَيْهَا {فَإِنّما عَلَيكَ البَلاغُ وَعَلينا الحِسابُ} نسخت بِآيَة السَّيْف

سورة إبراهيم عليه السلام

سُورَة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام نزلت بِمَكَّة غير أيتين مِنْهَا وهما قَوْله تَعَالَى {ألم تَرَ إِلى الَّذينَ بَدَّلوا نِعمَةَ اللَهِ كُفراً} الى قَوْله {تمَتَّعُوا فَأِنَّ مَصيرَكُم إِلى النَّار} نزلت فِي أهل بدر وقتلاهم وأسراهم وَهِي محكمَة عِنْد النَّاس كلهم إِلَّا فِي قَول عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم فَإِن قَالَ فِيهَا آيَة مَنْسُوخَة وَهِي قَوْله تَعَالَى {وَإِن تَعُدّوا نِعمَةَ اللَهِ لَا تُحصوها} هَذَا مُحكم والمنسوخ قَوْله {إِنَّ الإِنسانَ لَظلومُ كَفّارٌ} نسخت بقوله {وَإِن تُعدّوا نِعمَةَ اللَهِ لَا تُحصوها إِن اللَهَ لغَفُور رَحِيم} فِي سُورَة النَّحْل وَقَالَ غَيره وَهَذَا عُمُوم أُرِيد بِهِ الْخُصُوص

سورة الحجر

سُورَة الْحجر نزلت بِمَكَّة تحتوي من الْمَنْسُوخ على خمس آيَات الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {ذَرهُم يَأكُلوا وَيَتَمَتَّعوا} نسخت بِآيَة السَّيْف الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {وَما خلقنَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض} الى قَوْله {فاصفح} مُحكم وَقَوله {فاصفح الصفح الْجَمِيل} نسخت بِآيَة السَّيْف وَأول الْآيَة مُحكم الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {لَا تَمُدَّنَّ عَينَيكَ إِلَى مَا متعنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُم} الْآيَة

كَانَ هَذَا قبل أَن يُؤمر بقتالهم ثمَّ صَار ذَلِك مَنْسُوخا بِآيَة السَّيْف الْآيَة الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {وَقُل إِنّي أَنا النَذيرُ المُبين} نسخ مَعْنَاهَا لَا لَفظهَا بِآيَة السَّيْف الْآيَة الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى {فَاِصدَع بِما تُؤمَرُ} هَذَا مُحكم وَهَذِه الْآيَة نِصْفَانِ نصفهَا مُحكم وَنِصْفهَا مَنْسُوخ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَأعْرض عَن الْمُشْركين} نسخ بِآيَة السَّيْف

سورة النحل

سُورَة النَّحْل من أَعَاجِيب الْقُرْآن نزلت بِمَكَّة وَقَالَت طَائِفَة نزلت بِالْمَدِينَةِ وَالصَّحِيح أَنه نزل من أَولهَا إِلَى رَأس أَرْبَعِينَ آيَة بِمَكَّة وَمن رَأس الآربعين الى أَخّرهَا بِالْمَدِينَةِ تحتوي من الْمَنْسُوخ على أَربع آيَات بِإِجْمَاع وَخمْس آيَات بِخِلَاف الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {وَمِن ثَمَراتِ النَخيلِ وَالأَعنابِ تَتَّخِذونَ مِنهُ سَكَراً وَرِزقاً حَسَناً} أَي وتعدلون عَن الرزق الْحسن وَهَذِه الْآيَة ظَاهرهَا التعداد بِالنعْمَةِ وباطنها توبيخ وتعيير وَنسخت بِالْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَة الْمَائِدَة وَهِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا إِنَّما الخَمرُ} الى قَوْله {لَعَلَّكُم تُفلِحون} وَمَوْضِع التَّحْرِيم قَوْله تَعَالَى {فَاِجتَنِبوه} وَقيل مَوضِع التَّحْرِيم قَوْله تَعَالَى {فَهَل أَنتُم مُنتَهون} الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {فَإِن توَلّوا فَإِنَّمَا عَلَيْك الْبَلَاغ الْمُبين} نسخت بِآيَة

السَّيْف الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {مَن كَفَرَ بِاللَهِ مِن بَعدِ إيمانِه} ثمَّ اسْتثْنى {إِلّا مَن أُكرِهَ وَقَلبُهُ مَطمَئِنٌ بِالإيمانِ} نسخهَا آخرهَا وَيُقَال آيَة السَّيْف نزلت فِي فُقَرَاء الْمُسلمين الَّذين كَانُوا الْمُشْركُونَ يعذبونهم ثمَّ نسخهَا الله تَعَالَى بقوله {إِلّا المُستَضعَفينَ مِنَ الرِجالِ وَالنِساءِ وَالوِلدانِ} فِي سُورَة النِّسَاء الْآيَة الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {اِدعُ إِلى سَبيلِ رَبك بالحكمة وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة} هَذَا مُحكم {وَجادِلهُم بِالتَّي هِيَ أَحسَنُ} مَنْسُوخ نسختها آيَة السَّيْف وَقيل بل آيَة الْقِتَال الْآيَة الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى {وَاِصبِر} نسخ الصَّبْر بِآيَة السَّيْف

سورة بني إسرائيل

سُورَة بني إِسْرَائِيل نزلت بِمَكَّة إِلَّا آيَات نزلت بِالْمَدِينَةِ تحتوي من الْمَنْسُوخ على ثَلَاث آيَات الْآيَة الأولى نسخ بعض مَعَاني ألفاظها وَقَالَ بعض الْمُفَسّرين نسخ من دعائها أهل الشّرك وَهِي قَوْله تَعَالَى {وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إَيّاهُ} هَذَا مُحكم وَقَوله تَعَالَى {وَبِالوالِدَينِ إِحساناً} هَذَا وَاجِب الى قَوْله تَعَالَى {فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولاً كَريماً} هَذَا فِي أهل الْقبْلَة وَغير أهل الْقبْلَة وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَاِخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَحمَةِ وَقُل رَبِّ اِرحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرا} يَقُول إِذا بلغا من الْكبر فوليت من أَمرهمَا مَا كَانَا يليان من أَمرك فِي حَال الصغر فَلَا تقل لَهما عِنْد ذَلِك أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَذَلِكَ ان جَمِيع الْآيَتَيْنِ مُحكم إِلَّا بعض معانيهما فِي أهل الشّرك وَهُوَ إِذا مَاتَ الأبوان على الشّرك فَلَيْسَ للْوَلَد أَن يترحم عَلَيْهِمَا وَلَا يَدْعُو لَهما

الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {رَبُّكُم أَعلَمُ بِكُم إِن يَشَأْ يَرْحَمكُمْ أَو إِن يَشَأْ يعذبكم} الى قَوْله {وَما أَرسَلناكَ عَلَيهِم وَكيلاً} نسختها آيَة السَّيْف الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {قل ادعوا الله أَو ادعوا الرَّحْمَن أيا مَا تدعوا فَلهُ الْأَسْمَاء الْحسنى} هَذَا مُحكم وَقَوله {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا} مَنْسُوخ نسخته الْآيَة فِي سُورَة الْأَعْرَاف وَهِي قَوْله تَعَالَى {وَاِذكُر رَبك فِي نَفسك تضرعا وخيفة} الْآيَة وَذَلِكَ أَن رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) كَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة سمع الْمُشْركُونَ قِرَاءَته فيسبون الْقُرْآن فَنَهَاهُ الله تَعَالَى ان يجْهر بِقِرَاءَة الْقُرْآن فَلَا يسمع

سورة الكهف

سُورَة الْكَهْف نزلت بِمَكَّة بإجماعهم وَأجْمع أهل الْعلم أَن لَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخ إِلَّا السّديّ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا آيَة مَنْسُوخَة وَهِي قَوْله {فَمَن شاءَ فَليُؤمِن وَمَن شاءَ فَليَكفُر} لِأَن عِنْده هَذَا تَخْيِير وَعند الْجَمَاعَة هَذَا تهديد ووعيد نسختها عِنْده هَذِه الْآيَة {وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله}

سورة مريم عليها السلام

سُورَة مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام نزلت بِمَكَّة إِلَّا آيَتَيْنِ مِنْهَا وَهِي قَوْله تَعَالَى {فَخَلَفَ مِن بَعدِهِم خَلفٌ أَضاعوا الصَّلَاة وَاتبعُوا الشَّهَوَات فَسَوف يلقون غيا إِلَّا من تَابَ} الْآيَتَيْنِ وَهِي تحتوي من الْمَنْسُوخ على خمس آيَات الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {وَأَنذِرهُم يومَ الحَسرَةَ إِذ قضي الْأَمر} نسخ معنى الْإِنْذَار مِنْهَا بِآيَة السَّيْف الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {فَسَوفَ يَلقونَ غَياً} الغي وَاد فِي جَهَنَّم ثمَّ اسْتثْنى بقوله {إِلّا مَن تابَ}

الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {وَإِن مِنكُم إِلّا واردها} نسخت بقوله تَعَالَى {ثمَّ ننجي الَّذين اتَّقوا} الْآيَة الْآيَة الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {قُل مَن كانَ فِي الضَلالَةِ فَليَمدُد لَهُ الرَحمنُ مَدّاً} نسخ مَعْنَاهَا بِآيَة السَّيْف الْآيَة الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى {فَلَا تعجل عَلَيْهِم} هَذَا مَنْسُوخ وَقَوله {إَنَّما نَعُدُّ لَهُم عَداً} هَذَا مُحكم نسخ الْمَنْسُوخ مِنْهَا بِآيَة السَّيْف

سورة طه

سُورَة طه نزلت بِمَكَّة والإحكام فِيهَا كثير تحتوي من الْمَنْسُوخ على ثَلَاث آيَات الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {وَلا تَعجَل بِالقُرآن مِن قبل أَن يقْضى إِلَيْك وحيه} نسختها {سنقرئك فَلَا تنسى} وَمَا فِي الأَصْل الى أَخّرهُ نُسْخَة أُخْرَى {وَقُل رَبِّ زِدني عِلماً} هَذَا مُحكم وَذَلِكَ أَن رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لما صلى بِأَصْحَابِهِ وَقَرَأَ سُورَة النَّجْم وانتهت قِرَاءَته الى قَوْله تَعَالَى {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى}

اراد أَن يَقُول {أَلَكُمُ الذِكَرُ وَلَهُ الأُنثى} فَقَالَ تِلْكَ الغرانيق الْعلي وَشَفَاعَتهنَّ ترتجى ثمَّ مضى فِي قِرَاءَته وَختم السُّورَة فَقَالَت قُرَيْش قد صَبأ إِلَى ديننَا فَسجدَ وسجدوا مَعَه حَتَّى لم يبْق

بِمَكَّة أحد إِلَّا سجد إِلَّا الْوَلِيد بن الْمُغيرَة فَإِنَّهُ أَخذ كفا من حَصى وَرَفعه الى وَجهه تكبرا فَأنْزل الله تَعَالَى جِبْرِيل فَقَالَ لَهُ مَا هَكَذَا أنزلت عَلَيْك فَقَالَ وَكَيف أنزلت عَليّ فَأخْبرهُ بِالْقُرْآنِ على حَقِيقَته فَاغْتَمَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحزن لذَلِك فَأنْزل الله تَعَالَى عَلَيْهِ تَسْلِيَة فَقَالَ {وَما أَرسَلنا مِن قَبلِكَ مِن رَسولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلّا إِذا تَمَنّى أَلقى الشَيطانُ فِي أمْنِيته} أَي فِي قِرَاءَته وتلاوته {فَينْسَخ الله مَا يلقِي الشَّيْطَان} فيرفعه {ثمَّ يحكم الله آيَاته} ويبينها {وَالله عليم} بأَمْره {حَكِيم} بصنعه وتدبيره فَكَانَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) إِذا جَاءَ جِبْرِيل بِالْقُرْآنِ سَابِقَة فِي لَفظه ليقْرَأ على جِبْرِيل مرَّتَيْنِ فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة {وَلا تَعجَل بِالقُرآن مِن قَبلِ أَن يُقضى إِلَيكَ وَحيُه} وَنزل {لَا تُحَرِّك بِهِ لِسانَكَ لتعجل بِهِ إِنَّ عَلَينا جَمعَةُ وَقُرآنَهُ فَإِذا قَرَأناه فَاتبع قرآنه} فَبَقيَ بَين بَين لَا يقدر أَن يقرأه مَعَ جِبْرِيل وَلَا يُمكنهُ أَن يُخَالف الْأَمر حَتَّى أنزل الله تَعَالَى الْأمان فَقَالَ

{سَنُقرِئُكَ فَلا تَنسى} فَصَارَ هَذَا نَاسِخا لما قبله فَلم ينسى شَيْئا حَتَّى لقى ربه تَعَالَى الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {فَاِصبِر عَلى مَا يَقولونَ وَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ} وَكَانَ هَذَا قبل أَن تنزل الْفَرَائِض ثمَّ صَار ذَلِك مَنْسُوخا بِآيَة السَّيْف الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {قُل كل متربص فتربصوا} الْآيَة ثمَّ صَار ذَلِك مَنْسُوخا بِآيَة السَّيْف

سورة الأنبياء عليهم السلام

سُورَة الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام نزلت بِمَكَّة حرسها الله تَعَالَى تحتوي من الْمَنْسُوخ على ثَلَاث آيَات متصلات نسخت بِثَلَاث آيَات متصلات أَيْضا فالمنسوخات قَوْله تَعَالَى {إِنَّكُم وَما تَعبُدونَ مِن دون الله} إِلَى قَوْله {وَهُم فِيهَا لَا يَسمَعون} فَقَالَت قُرَيْش لقد خصمنا مُحَمَّد بالْأَمْس حَتَّى تلى هَذِه الْآيَة فَقَالَ لَهُم ابْن الزبعري أَنا أخصم مُحَمَّدًا فِي هَذِه الأيات فَقَالُوا وَكَيف تخصمه فَقَالَ إِن الْيَهُود عبدت الْعَزِيز وَالنَّصَارَى عبدت الْمَسِيح وَمَرْيَم وَقَالُوا ثَالِث ثَلَاثَة وَالْمَجُوس عبدت النَّار والنور وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَإِن الصابئة عبدت الْمَلَائِكَة وَالْكَوَاكِب فان يكن هَؤُلَاءِ مَعَ من عبدوهم فِي النَّار فقد رَضِينَا أَن نَكُون مَعَ أصنامنا فِي النَّار فَأنْزل الله تَعَالَى {إِنَّ الَّذينَ سَبَقَت لَهُم منا الْحسنى أُولَئِكَ عَنْهَا مبعدون} الى قَوْله {هَذَا يَومُكُمُ الَّذي كُنتُم توعَدون}

وفيهَا رِوَايَة أُخْرَى أَن النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) قَالَ لَهُم عجبت من جهلكم بلغ بكم ان حملهمْ على كفركم قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّكُم وَما تَعْبدُونَ} وَلم يقل وَمن تَعْبدُونَ لِأَن مَا خطاب لمن لَا يعقل وَمن خطاب لمن يعقل وَالله أعلم بِالصَّوَابِ

سورة الحج

سُورَة الْحَج نزلت فِي مَوَاطِن مُخْتَلفَة وَهِي من أَعَاجِيب سور الْقُرْآن لِأَنَّهَا نزلت لَيْلًا وَنَهَارًا وفيهَا مكي ومدني وسفري وحضري وحربي وسلمي وناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه وعددها مُخْتَلف فَعَدهَا الشاميون أَرْبعا وَسبعين آيَة وعدها المكيون سبعا وَسبعين آيَة وعدها الْكُوفِيُّونَ ثمانيا وَسبعين آيَة وعدها البصريون خمْسا وَسبعين آيَة وعدها المدنيون سِتا وَسبعين آيَة وعدها المكيون سبعا وَسبعين آيَة وعدها الْكُوفِيُّونَ ثمانيا وَسبعين آيَة فَأَما الْمَكِّيّ مِنْهَا فَمن رَأس الثَّلَاثِينَ مِنْهَا الى آخرهَا وَأما الْمدنِي مِنْهَا فَمن رَأس خَمْسَة عشر الى رَأس ثَلَاثِينَ وَأما الليلي مِنْهَا فَمن أَولهَا الى رَأس خمس آيَات وَأما النهاري فَمن راس خمس الى رَأس تسع وَأما السَّفَرِي فَمن رَأس تسع الى رَأس تسع إِلَى اثْنَتَيْ عشرَة وَأما الحضري مِنْهَا فألى رَأس الْعشْرين نسبت الى المدينه لقرب مدَّته وتحتوي على ثَلَاث آيَات منسوخات

الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {قل يَا أَيُّها الناسُ إِنَّما أَنا لَكُم نَذيرٌ مُبين} نسخ معنى الأنذار بِآيَة السَّيْف واما قَوْله تَعَالَى {وَما أَرسَلنا مِن قَبلِكَ مِن رَسولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلّا إِذا تَمَنّى أَلقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته فَينْسَخ الله} الْآيَة وَذَلِكَ أَن رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) صلى بِأَصْحَابِهِ بِمَكَّة فَقَرَأَ بهم سُورَة النَّجْم حَتَّى انْتَهَت قِرَاءَته الى {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى ألكم الذّكر وَله الْأُنْثَى} واراد أَن يَقُول / تِلْكَ اذن قسْمَة ضيزى فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام تِلْكَ الغرانيق العلى وشفاعتهم ترتجى / نسخهَا الله بقوله {سنقرئك فَلا تَنسى} وَقد بَينا شرحها فِي سُورَة طه

الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {وَإِن جادلوك فَقل الله أعلم بِمَا تَعْمَلُونَ} نسختها آيَة السَّيْف الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {وَجَاهدُوا فِي الله حق جهاده هُوَ اجتباكم} نسخهَا الله تَعَالَى بقوله {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم}

سورة المؤمنون

سُورَة الْمُؤْمِنُونَ نزلت بِمَكَّة وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيتان الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {فَذَرهُم فِي غَمرَتِهِم حَتّى حينٍ} نسختها آيَة السَّيْف الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحسن السَّيئَة} نسختها آيَة السَّيْف

سورة النور

سُورَة النُّور نزلت جَمِيعهَا بِالْمَدِينَةِ وفيهَا من الْمَنْسُوخ سبع آيَات الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {وَالَّذينَ يَرمونَ المُحصَناتِ ثُمَّ لَم يَأتوا بِأَربَعَةِ شُهَداءَ فَاِجلِدوهُم ثَمانينَ جَلدَة وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة} الْآيَة نسخهَا الله باالإستثناء الَّذِي يَليهَا وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {إِلّا الَّذينَ تَابُوا مِن بعد ذَلِك وَأَصْلحُوا فَإِن الله غَفُور رَحِيم} الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلّا زانِيَةً أَو مَشرِكَةً والزانية لَا ينْكِحهَا إِلَّا زَان أَو مُشْرك} نسخت بقوله تَعَالَى {وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم وَالصَّالِحِينَ من عبادكُمْ}

فان قيل لم قدم الله تَعَالَى ذكر الزَّانِيَة قبل الزَّانِي وَقدم الله تَعَالَى ذكر السَّارِق على السارقه فَالْجَوَاب فِي ذَلِك أَن فعل الرجل فِي السّرقَة أقوى وحيلته فِيهَا أغلب وَالزِّنَا من الْمَرْأَة اكثر وحيلتها فِيهَا أغلب لِأَنَّهَا تحتوي إِثْم الْفِعْل وإثم المواطأة وَقد اخْتلف أهل الْعلم فِي الزَّانِيَة إِذا زنت هَل تحرم على زَوجهَا أم لَا فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ لَا تحرم وَقَالَ مُجَاهِد لَو أصَاب مَعهَا عشرَة لم تحرم عَلَيْهِ وَقَالَ آخَرُونَ إِذا وَقع الزِّنَا قبل العقد لم تَرَ إِلَّا زَانيا أبدا وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ يجب عَلَيْهِمَا جَمِيعًا إِذا فجرا قبل العقد ان يتوبا يتأولون قَوْله تَعَالَى {وتوبوا إِلَى الله جَمِيعًا أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تفلحون} وَقَالَ الضَّحَّاك بن مُزَاحم مثلهمَا كَمثل رجل دخل بستانا فاخذ مِنْهُ غصبا ثمَّ عَاد فَابْتَاعَ مِنْهُ شَيْئا بِثمنِهِ فَكَانَ مَا أَخذه غصبا حَرَامًا وَمَا ابتاعه حَلَالا وَمذهب عَائِشَة رضى الله عَنْهَا انه إِذا فسد الأَصْل فسد الْفَرْع الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {وَالَّذينَ يَرمونَ أَزواجَهُم وَلَم يَكُن لَهُم شُهَداءُ إِلّا أنفسهم}

نزلت فِي عَاصِم بن عدي الْأنْصَارِيّ وَكَانَ مقدما فِي الْأَنْصَار وَذَلِكَ أَنه قَالَ للنَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) يَا رَسُول الله الرجل يدْخل بَيته فيجد مَعَ امْرَأَته رجلا فَإِن عجل عَلَيْهِ فَقتله قتل بِهِ وَإِن شهد عَلَيْهِ أقيم عَلَيْهِ الْحَد فَمَا يصنع يَا رَسُول الله فَمَا كَانَ إِلَّا أَيَّامًا يسيرَة حَتَّى ابتلى رجل من أل عَاصِم بِهَذِهِ البلية وجد مَعَ امْرَأَته رجلا فجَاء عَاصِم إِلَى رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فَقَالَ يَا رَسُول الله لقد ابْتليت بِهَذِهِ البلية فِي رجل من أهل بَيْتِي وجد مَعَ امْرَأَته رجلا فَنزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ يَا مُحَمَّد إقرأ {وَالَّذينَ يَرمونَ أَزواجَهُم وَلَم يَكُن لَهُم شُهَداءُ إِلَّا أنفسهم فَشَهادَةُ أَحَدِهِم أَربَعُ شَهاداتٍ بِاللَهِ إِنَّهُ لَمِن الصَّادِقين وَالْخَامِسَة أَن لعنة الله عَلَيْهِ إِن كَانَ من الْكَاذِبين} ثمَّ قَالَ سُبْحَانَهُ {ويدرأ عَنْهَا الْعَذَاب أَن تشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الْكَاذِبين وَالْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا إِن كَانَ من الصَّادِقين} وَذَلِكَ أَمر بِاللّعانِ وَصورته أَن يَجِيء الرجل فَيشْهد على امْرَأَته بِالزِّنَا فيقعد بعد الْعَصْر فِي محفل من النَّاس أَو بعد الصَّلَاة

من الصَّلَوَات فيصعد بِهِ الى مَوضِع علو فَيحلف بِاللَّه أَربع أَيْمَان أَنه صَادِق فِيمَا رَمَاهَا بِهِ من الزِّنَا وَيَقُول فِي الْخَامِسَة لعنة الله عَلَيْهِ إِن كَانَ من الْكَاذِبين ثمَّ ينزل من مَوضِع مَا ارْتَفع عَلَيْهِ وتصعد امْرَأَته فتحلف بِاللَّه أَربع أَيْمَان أَن زَوجهَا كذب عَلَيْهَا فِيمَا ادّعى عَلَيْهَا ورماها بِهِ من الزِّنَا وَتقول فِي الْخَامِسَة إِن غضب الله عَلَيْهَا ان كَانَ زَوجهَا صَادِقا فِيمَا رَمَاهَا بِهِ فاذا فعلا ذَلِك فرق بَينهمَا من غير طَلَاق ولميجتمعا بعد ذَلِك أبدا وَإِن جَاءَت بِحمْل لم يلْحق بِالزَّوْجِ مِنْهُ شَيْء وَتَكون هِيَ أولى بِوَلَدِهَا فَإِن حلف أَحدهمَا وَنكل الآخر أقيم الْحَد عَلَيْهِ وَإِن نكلا جَمِيعًا أقيم الْحَد عَلَيْهِمَا وَالْحَد فِي مَذْهَب أهل الْحجاز الرَّجْم وَفِي مَذْهَب أهل الْعرَاق الْجلد الْآيَة الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا لَا تَدخُلوا بُيوتاً غَيرَ بُيوتِكُم حَتّى تَستَأنِسوا وَتُسَلِّموا عَلى أَهلهَا} هَذَا مقدم ومؤخر وَمَعْنَاهُ حَتَّى تسلموا وتستأنسوا والاستئناس هَهُنَا الْإِذْن بعد السَّلَام ثمَّ نسخت من هَذِه الْآيَة بيُوت مثل الرَّبْط والحانات والحوانيت فَقَالَ تَعَالَى {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَدخُلوا بُيوتاً غَيرَ مَسكونَةٍ فِيهَا مَتاعٌ لَكُم}

الْآيَة الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى {وَقُل لِلمُؤمِناتِ يَغضُضنَ من أبصارهن ويحفظن فروجهن} الْآيَة نسخهَا الله تَعَالَى بقوله {وَالقَواعِدُ مِنَ النِساءِ اللَّاتِي لَا يَرجونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيهِنَّ جُناحٌ أَن يَضَعنَ ثِيابَهُنَّ غَيرَ مُتَبِرِّجاتٍ بزينة} وَالَّذِي يضعنه الجلباب والخمار ثمَّ قَالَ عز وَجل {وَأَن يَستَعفِفنَ خَيرٌ لَهُنَّ} الْآيَة السَّادِسَة قَوْله تَعَالَى {فَإِن تَوَلّوا فَإِنَّما عَلَيهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيكُم مَا حُمِّلتُم} نسختها آيَة السَّيْف وَبَاقِي الْآيَة مُحكم الْآيَة السَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم وَالَّذين لم يَبلُغوا الحُلُمَ مِنكُم ثَلاثَ مَرّاتٍ}

نسختها الْآيَة الَّتِي تَلِيهَا وَهِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذا بَلَغَ الأَطفالُ مِنكُم الحُلمَ فَليَستَأذِنوا كَما اِستَأذَنَ الَّذينَ مِن قَبلِهِم}

سورة الفرقان

سُورَة الْفرْقَان نزلت بِمَكَّة وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيتان متلاصقتان وهما قَوْله تَعَالَى {وَالَّذينَ لَا يَدعونَ مَعَ اللَهَ إِلَهًا آخر وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ} الى قَوْله تَعَالَى {مهانا} ثمَّ نسخهَا الله تَعَالَى بالآستثناء وَقَالَ {إِلَّا من تَابَ وآمن وَعمل عملا صَالحا فَأُولَئِك يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات} وأكد الْآيَة الثَّانِيَة من جَمِيع الْآيَتَيْنِ وَاخْتلف الْمُفَسِّرُونَ فِي التبديل أَيْن يَقع فِي الدُّنْيَا أم فِي الْآخِرَة فَقَالَت طَائِفَة التبديل فِي الدُّنْيَا يصير مَكَان الْإِصْرَار على الذَّنب الإقلاع وَمَكَان الْمعْصِيَة التَّوْبَة وَمَكَان الْإِقَامَة على الذَّنب الإعتذار مِنْهُ وَقَالَ آخَرُونَ التبديل يَقع فِي الْآخِرَة وَهُوَ قَول عَليّ بن الْحُسَيْن

وَجَمَاعَة مَعَه وَقد رُوِيَ عَن مُحَمَّد بن وَاسع أَنه قَالَ مَا يَسُؤْنِي أَن ألْقى الله عز وَجل بقراب الأَرْض خَطَايَا قرَاب الأَرْض مَا يُقَارب مثلهَا أَلا أكون مثابا على مثلهَا مغْفرَة لي ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {إِلّا مَن تابَ}

سورة الشعراء

سُورَة الشُّعَرَاء مَكِّيَّة إِلَّا أَربع آيَات فِي آخرهَا من قَوْله {وَالشعرَاء يتبعهُم الْغَاوُونَ} نزلت الى أَخّرهَا بِالْمَدِينَةِ فِي شعراء الْجَاهِلِيَّة ثمَّ اسْتثْنى مِنْهُم شعراء الاسلام وهم حسان بن ثَابت وَكَعب بن مَالك وَعبد الله بن رَوَاحَة رَضِي الله عَنْهُم فَقَالَ تَعَالَى {إِلَّا الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلوا الصالِحاتِ وَذَكَروا اللَهَ كَثيراً} وَالذكر هَهُنَا الشّعْر فِي الطَّاعَة فَصَارَ الِاسْتِثْنَاء نَاسِخا لما قبله من قَوْله {وَالشعرَاء يتبعهُم الْغَاوُونَ}

سورة النمل

سُورَة النَّمْل نزلت بِمَكَّة وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيَة وَاحِدَة وَهِي قَوْله تَعَالَى {وَأِن أَتلُوَ الْقُرْآن فَمن اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لنَفسِهِ} الْآيَة نسخ مَعْنَاهَا لَا لَفظهَا بِآيَة السَّيْف وباقيها مُحكم

سورة القصص

سُورَة الْقَصَص نزلت بِمَكَّة إِلا آيَة وَاحِدَة نزلت بِالْمَدِينَةِ وَهِي قَوْله تَعَالَى {وَقالوا لَنا أَعمالُنا وَلَكُم أَعمالُكُم سَلامٌ عَلَيكُم لَا نَبتَغي الْجَاهِلين} نسخت بِآيَة السَّيْف وَهِي من السُّور الَّتِي نزلت تتوالى نزل فِي النّصْف الاول يُونُس وَهود ويوسف صلوَات الله عَلَيْهِم مُتَوَالِيَات وَنزل فِي النّصْف الثَّانِي الشُّعَرَاء والنمل والقصص مُتَوَالِيَات وَلَيْسَ فِي الْقُرْآن غير هَذِه متوالياً إِلَّا الحواميم فَإِنَّهَا نزلت على التوالي وَهِي محكمَة وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيَة وَاحِدَة وَهِي قَوْله تَعَالَى {لنا أَعمالنَا وَلكم أَعمالكُم} نسختها آيَة السَّيْف

سورة العنكبوت

سُورَة العنكبوت نزلت من أَولهَا إِلَى رَأس الشّعْر بِمَكَّة وَأنزل آخرهَا بِالْمَدِينَةِ وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيتان الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {وَلا تُجادِلوا أَهلَ الكِتابِ إِلّا بِالَّتي هِيَ أحسن} الْآيَة نسخهَا قَوْله تَعَالَى {قاتِلوا الَّذينَ لَا يُؤمِنونَ بِاللَهِ وَلا بِاليَومِ الآخِر} إِلَى قَوْله {وَهُم صاغرون} الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {وَقَالُوا لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ آيَات من ربه قل إِنَّمَا الْآيَات عِنْد الله} الى هَهُنَا مُحكم والمنسوخ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {وَإِنَّمَا أَنا نَذِير مُبين} فنسخ الله تَعَالَى معنى الانذار بِآيَة السَّيْف

سورة الروم

سُورَة الرّوم نزلت بِمَكَّة وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيَة وَاحِدَة وَهِي قَوْله تَعَالَى {فاصبر} وَالصَّبْر مَنْسُوخ وَقَوله {إِن وعد الله حق} مُحكم {وَلَا يستخفنك الَّذين لَا يوقنون} مَنْسُوخ نسخ ذَلِك آيَة السَّيْف وَالْبَاقِي مُحكم

سورة لقمان

سُورَة لُقْمَان نزلت بِمَكَّة وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيَة وَاحِدَة وَهِي قَوْله تَعَالَى {وَمن كفر فَلَا يحزنك كفره} نسخ مَعْنَاهَا لَا لَفظهَا بِآيَة السَّيْف وَالْبَاقِي مُحكم سُورَة الْمضَاجِع نزلت بِمَكَّة وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيَة وَاحِدَة وَهِي قَوْله تَعَالَى {فَأَعرِض عَنهُم وَاِنتَظِر إِنَّهُم مُنتَظرون} نسختها آيَة السَّيْف

سورة الأحزاب

سُورَة الْأَحْزَاب نزلت بِالْمَدِينَةِ إِلَّا آيَتَيْنِ وهما قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها النَّبِيُّ إِنّا أَرسَلناكَ} الى قَوْله {وَلَا تُطِع} وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيتان الأية الأولى {وَلَا تُطِع الْكَافرين وَالْمُنَافِقِينَ ودع أذاهم} الْآيَة نسختها آيَة السَّيْف الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {لَا يَحِلُّ لَكَ النِساءُ مِن بَعدُ} وَهِي من أَعَاجِيب الْقُرْآن الْمَنْسُوخ نسخهَا الله بِآيَة قبلهَا فِي النّظم وَهِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها النَّبِيُّ إِنّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك} الْآيَة

سورة سبأ

سُورَة سبأ نزلت بِمَكَّة وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيَة وَاحِدَة وَهِي قَوْله {قُل لَا تُسأَلونَ عَمّا أَجرَمنا وَلا نُسأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} كلهَا عِنْدهم مَنْسُوخَة وناسخها عِنْدهم آيَة السَّيْف

سورة الملائكة

سُورَة الْمَلَائِكَة مَكِّيَّة وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيَة وَاحِدَة نسخ مَعْنَاهَا لَا لَفظهَا وَهِي قَوْله تَعَالَى {إِن أَنتَ إِلّا نَذيرٌ} الى آخر الْآيَة نسخ بِآيَة السَّيْف سُورَة يس مَكِّيَّة وَلَا مَنْسُوخ فِيهَا وَقد ذهب قوم الى أَن فِيهَا آيَة وَاحِدَة من الْمَنْسُوخ وَهِي قَوْله تَعَالَى {فَلا يَحزُنكَ قَولُهُم} نسخت بِآيَة السَّيْف والآولى القَوْل الاول وَالله أعلم

سورة الصافات

سُورَة الصافات مَكِّيَّة وفيهَا أَربع آيَات منسوخات مِنْهَا آيتان متصلتان أوليان هما قَوْله تَعَالَى {فتول عَنْهُم حَتَّى حِين وأبصرهم فَسَوف يبصرون} والآيتان المتصلتان الآخرتان قَوْله تَعَالَى {وَتَوَلٌ عَنهُم حَتّى حينٍ وَأَبصِر فَسَوف يبصرون} وَبَين الحينين فرق كَبِير فالحين الأول انْتِظَار امْر الله تَعَالَى بقتالهم والحين الثَّانِي كِنَايَة عَن يَوْم بدر وَالْمَشْهُور نسخت الآربع بِآيَة السَّيْف 0

سورة داود عليه السلام

سُورَة دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام مَكِّيَّة وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيتان الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {إِن يُوحى إِلَيَّ أِلّا أَنَّما أَنا نَذيرٌ مُبين} نسخ مَعْنَاهَا لَا لَفظهَا بِآيَة السَّيْف الْآيَة الثَّانِيَة مُخْتَلف فِيهَا فطائفة من أهل الْعلم يذهبون الى أَن قَوْله تَعَالَى {ولتعلمن نبأه بعد حِين} من جعل الْحِين آخر الدَّهْر فَلَا نسخ عِنْده وَمن جعل الْحِين يَوْم بدر يكون فِيهِ النّسخ عِنْده والناسخ عِنْده آيَة السَّيْف وَالله أعلم

سورة الزمر

سُورَة الزمر مَكِّيَّة غير ثَلَاث آيَات وَهِي قَوْله تَعَالَى {قُل يَا عِبادي الَّذينَ أًسرَفوا على أنفسهم} الى قَوْله {وَأَنْتُم لَا تشعرون} وَهِي سُورَة الغرف وفيهَا من الْمَنْسُوخ سبع آيَات الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَهَ يَحكُمُ بَينَهُم فِيمَا هُم فيهِ يَختَلِفون} نسخت بِآيَة السَّيْف الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {إِنّي أَخافُ إِن عَصَيتُ رَبّي عذابَ يومٍ عَظيمٍ} نسخت بقوله {لِيَغفِر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر}

الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {فَاِعبُدوا مَا شِئتُم مِن دونِهِ} نسخت بِآيَة السَّيْف الْآيَة الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {أَلَيْسَ الله بعزيز ذِي انتقام} نسخ الْأَمر من الْخَبَر بِآيَة السَّيْف الْآيَة الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى {قُل يَا قَومِ اِعمَلوا عَلى مكانتكم إِنِّي عَامل فَسَوف تعلمُونَ} نسخت ايضا بِآيَة السَّيْف وَكَذَا قَوْله {مِن يَأتيهِ عَذابٌ يُخزيهِ وَيَحِلُّ عَلَيهِ عَذابٌ مُقيم} نسخ بِآيَة السَّيْف الْآيَة السَّادِسَة قَوْله تَعَالَى {فَمن اهْتَدَى فلنفسه وَمن ضل فَإِنَّمَا يضل عَلَيْهَا وَمَا أَنْت عَلَيْهِم بوكيل}

نسخت بِآيَة السَّيْف الْآيَة السَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {قل اللَّهُمَّ فاطر السَّمَاوَات وَالأَرضِ عالِمَ الغَيبِ وَالشَهادَةِ أَنتَ تَحكُمُ بَينَ عِبادِكَ فِيمَا كَانُوا فيهِ يَختَلِفون} نسخ مَعْنَاهَا لَا لَفظهَا بِآيَة السَّيْف

سورة المؤمن

سُورَة الْمُؤمن مَكِّيَّة وَلَيْسَ فِي كتاب الله تَعَالَى سبع سور نزلت بالتأليف وَاحِدَة بعد الْأُخْرَى إِلَّا الحواميم وَفِي الْمُؤمن من الْمَنْسُوخ ثَلَاث آيَات الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {فَاِصبِر إِنَّ وَعدَ اللَهِ حَقٌّ} نسختها آيَة السَّيْف الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {فَالحُكمُ لِلَّهِ العَلِيِّ الكَبير} نسخ معنى الحكم فِي الدُّنْيَا بِآيَة السَّيْف الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {فَاِصبِر إِنَّ وَعدَ اللَهِ حَقٌّ فإمَّا نرينك بعض الَّذِي نعدهم أَو نتوفينك فإلينا يرجعُونَ} نسخ اولها وَآخِرهَا بأية السَّيْف

سورة المصابيح فصلت

سُورَة المصابيح فصلت مَكِّيَّة فِيهَا من الْمَنْسُوخ آيَة وَاحِدَة وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَستَوي الحَسَنَةٌ وَلا السَّيِّئَةُ} هَذَا مُحكم والمنسوخ قَوْله تَعَالَى {اِدفَع بِالتّي هِيَ أَحسَنُ} نسختها آيَة السَّيْف

سورة الشورى

سُورَة الشورى مَكِّيَّة وفيهَا من الْمَنْسُوخ تسع آيَات الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {وَالمَلائِكَةُ يَسَبِّحونَ بِحَمْد رَبهم وَيَسْتَغْفِرُونَ لمن فِي الأَرْض} نسختها الْآيَة الَّتِي فِي الْمُؤمن وَهِي {الَّذين يحملون الْعَرْش وَمن حوله يسبحون بِحَمْد رَبهم ويؤمنون بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ للَّذين آمنُوا} الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {وَالَّذينَ اِتَّخَذوا مِن دونه أَوْلِيَاء الله حفيظ عَلَيْهِم} هَذَا مُحكم {وَما أَنتَ عَلَيهِم بِوَكيل} نسختها آيَة السَّيْف

الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {فَلِذلِكَ فَاِدعُ وَاِستَقِم كَما أُمِرتَ وَلا تَتَّبِع أَهواءَهُم} هَذَا مُحكم وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَقٌل آمَنتُ بِما أَنزَلَ اللَهَ مِن كِتابٍ} وَبَاقِي الْآيَة مَنْسُوخ إِلَى قَوْله تَعَالَى {اللَهَ يَجمَعُ بَينَنا} نسخ بِآيَة السَّيْف الْآيَة الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {مَن كانَ يُرِيد حرث الْآخِرَة نُزُوله فِي حَرثِهِ وَمَن كانَ يُريدُ حَرثَ الدّنيا نُؤتِهِ مِنها وَمالَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَصيبٍ} نسخت الْآيَة الَّتِي فِي بني إِسْرَائِيل وَهِي قَوْله تَعَالَى {مَن كانَ يُريدُ العاجِلَةَ عَجَّلنا لَهُ فِيهَا مَا نَشاءُ لِمَن نُريد} الْآيَة الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى {قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا إِلّا المَوَدَّةَ فِي القُربى} اخْتلف الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذِه الْآيَة فبعض يَجْعَلهَا محكمَة وَهُوَ قَول أبي

صَالح مولى ام هَانِيء وَآخَرُونَ يجعلونها مَنْسُوخَة وَهُوَ قَول الْجَمَاعَة فَمن جعلهَا محكمَة رُوِيَ أَن النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لما قدم الْمَدِينَة أحسن الْأَنْصَار جواره وَجوَار أَصْحَابه حَتَّى واسوهم بالأموال والأنفس وَقَالَ بعض الْأَنْصَار لبَعض قد واسيتم رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وَرَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) يقدم عَلَيْهِ الْوُفُود وَلَيْسَ عِنْده شَيْء فَلَو جمعتم لَهُ مَالا فاذا قدم عَلَيْهِ الْوُفُود أنفقهُ عَلَيْهِم فَقَالُوا لَا نَفْعل حَتَّى نستأذنه فاستأذنوه فِي ذَلِك فَنزلت {قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا} يَعْنِي على إبلاغ الرسَالَة أَي جعلا الْمَوَدَّة فِي القربي أَن تودوني فِي قَرَابَتي هَذَا قَول من زعم أَنَّهَا محكمَة وَقَالَ آخَرُونَ بل هِيَ منسوخه وناسخها عِنْدهم {قل مَا سألتكم من أجر فَهُوَ لكم} الْآيَة السَّادِسَة قَوْله تَعَالَى {وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا}

نسخت بقوله عز وَجل {فَمن عَفا وَأصْلح فَأَجره على الله} الْآيَة السَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {وَلمن انتصر بعد ظلمه فَأُولَئِك مَا عَلَيْهِم من سَبِيل} نسخت بقوله {فَمن عَفا وَأصْلح فَأَجره على الله} الْآيَة الثَّامِنَة الأية الَّتِي تَلِيهَا نسختا بقوله {وَلمن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لمن عزم الْأُمُور} الْآيَة التَّاسِعَة قَوْله تَعَالَى {وَمن يضلل الله فَمَا لَهُ من سَبِيل} الى قَوْله {فَإِن أَعرَضوا فَما أَرسَلناكَ عَلَيهِم حَفيظاً إِن عَلَيْك إِلَّا الْبَلَاغ} نسخت بِآيَة السَّيْف

سورة الزخرف

سُورَة الزخرف مَكِّيَّة وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيتان الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {فذرهم يخوضوا ويلعبوا حَتَّى يلاقوا يَومَهُم الَّذي يوعَدون} نسختها آيَة السَّيْف الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {فَاِصفَح عَنهُم وَقُل سَلامٌ فَسَوفَ يَعلَمون} نسختها آيَة السَّيْف

سورة الدخان

سُورَة الدُّخان مَكِّيَّة وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيَة وَاحِدَة وَهِي قَوْله تَعَالَى {فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مرتقبون} أَي فَارْتَقِبْ لَهُم الْعَذَاب إِنَّهُم مرتقبون ذَلِك الْمَوْت والارتقاب هَهُنَا الِانْتِظَار نسختها آيَة السَّيْف سُورَة الشَّرِيعَة مَكِّيَّة وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيَة وَاحِدَة وَهِي قَوْله تَعَالَى {قُل لِلَّذينَ آَمَنوا يَغفِروا لِلَّذينَ لَا يَرجونَ أَيّامَ اللَه} نزلت فِي عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَذَلِكَ أَنه كَانَ بِمَكَّة قد كَلمه رجل من الْمُشْركين بهجر فهم بِهِ فَوَثَبَ عَلَيْهِ فَنزلت فِيهِ {قُل لِلَّذينَ آمَنوا يَغفِروا لِلَّذينَ لَا يرجون أَيَّام الله} وَاخْتلف الْمُفَسِّرُونَ فَقَالَت ظائفة لَا ينالون نعْمَة الله وَقَالَ آخَرُونَ لَا يخَافُونَ نقمة الله ثمَّ صَارَت مَنْسُوخَة بِآيَة السَّيْف

سورة الأحقاف

سُورَة الْأَحْقَاف مَكِّيَّة وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيتان الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {قُل مَا كُنتُ بِدعاً مِنَ الرُسُلِ} أَي أول نَبِي بعث هَذَا مُحكم {وَما أَدري مَا يُفعَلُ بِي وَلا بِكُم} هُوَ الْمَنْسُوخ قَالَ الشَّيْخ هبة الله لَيْسَ فِي كتاب الله مَنْسُوخ طَال حكمه كهذه الْآيَة عمل بهَا فِي مَكَّة عشر سِنِين وعيره بِهِ الْمُشْركُونَ وهاجرا الى الْمَدِينَة فَبَقيَ سِتّ سِنِين يعيرهم المُنَافِقُونَ بهَا وَكَانَ الْمُشْركُونَ يَقُولُونَ كَيفَ يجوز لنا اتِّبَاع رجل لَا يدْرِي مَا يفعل بِهِ وَلَا بِأَصْحَابِهِ وَكَذَا قَالَ المُنَافِقُونَ من أهل الْمَدِينَة فَلَمَّا كَانَ عَام الْحُدَيْبِيَة خرج النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) على أَصْحَابه وَوَجهه يَتَهَلَّل فَرحا فَقَالَ لقد نزلت عَليّ الْيَوْم آيَة أَو قَالَ آيَات هِيَ أحب إِلَيّ من حمر النعم أَو قَالَ مِمَّا طلعت عَلَيْهِ

الشَّمْس فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه وَمَا ذَلِك يَا رَسُول الله فَقَرَأَ عَلَيْهِم {إِنّا فَتَحنا لَكَ فَتحاً مُبيناً} إِلَى قَوْله {وَكَانَ الله عليما حكيما} فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه لِيَهنك مَا نزل فِيك فقد أعلمك الله مَا يفعل بك فَمَاذَا يفعل بِنَا فَنزلت {وَبَشِّر المُؤمِنينَ بِأَنَّ لَهُم مِنَ اللهِ فَضلاً كَبِيرا} وَنزلت {ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار} الى قَوْله تَعَالَى {عَظِيما} فَقَالَ المُنَافِقُونَ من الْمَدِينَة وَالْمُشْرِكُونَ من أهل مَكَّة قد أعلمهُ الله مَا يفعل بِهِ وَمَا يفعل بِأَصْحَابِهِ فَمَاذَا يفعل بِنَا فَنزلت {بشر الْمُنَافِقين بِأَن لَهُم عذَابا أَلِيمًا} وَنزلت {ويعذب الْمُنَافِقين والمنافقات} من أهل الْمَدِينَة {وَالْمُشْرِكين والمشركات} الْآيَة من أهل مَكَّة وَغَيرهَا من الْمُشْركين {الظانين بِاللَّه ظن السوء عَلَيْهِم دَائِرَة السوء} الى قَوْله {وَسَاءَتْ مصيرا} فَقَالَ عبد الله بن أبي السَّلُولي هَب مُحَمَّدًا

غلب الْيَهُود وَهَزَمَهُمْ فَكيف لَهُ قدرَة بِفَارِس وَالروم فَنزلت {وَللَّه جنود السَّمَاوَات وَالْأَرْض} هم أَكثر من فَارس وَالروم {وَكَانَ الله عَزِيزًا} أَي منيعا فِي سُلْطَانه {حكيما} فِي تَدْبيره وصنعه وَلَيْسَ فِي كتاب الله سبع كَلِمَات نسختها سبع آيَات إِلَّا هَذِه وَقد اخْتلف الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى {لِيَغفِرَ لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} فَقَالَ قوم {مَا تقدم من ذَنْبك} قبل الرسَالَة {وَمَا تَأَخّر} بعْدهَا وَقَالَ آخَرُونَ {مَا تقدم من ذَنْبك} أَي من ذَنْب أَبِيك آدم {وَمَا تَأَخّر} من ذنُوب أمتك لِأَن بِهِ تيب على آدم وَهُوَ الشافع لأمته فَمن بذلك عَلَيْهِ وَقَالَ آخَرُونَ {مَا تقدم} من ذَنْب أَبِيك أبراهيم {وَمَا تَأَخّر} من ذَنْب النَّبِيين فبه تيب عَلَيْهِم وَقيل {مَا تقدم من ذَنْبك} يَوْم بدر {وَمَا تَأَخّر} يَوْم هوَازن وَذَلِكَ أَنه قَالَ يَوْم بدر اللَّهُمَّ إِن تهْلك هَذِه الْعِصَابَة لَا تعبد فِي الأَرْض

أبداْ فَأوحى الله تَعَالَى إِلَيْهِ من أَيْن لَك أَنِّي لَا أعبد فِي الأَرْض فَكَانَ هَذَا الذَّنب الْمُتَقَدّم وَأما الْمُتَأَخر فَقَالَ يَوْم هوَازن وَقد انهزم أَصْحَابه لِعَمِّهِ الْعَبَّاس وَابْن عَمه أبي سُفْيَان بن الْحَارِث ناولاني كفا من حَصْبَاء الْوَادي فناولاه فَاسْتقْبل بِهِ وُجُوه الْمُشْركين وَقَالَ شَاهَت الْوُجُوه وَكَانُوا أَرْبَعِينَ ألف فَمَا بَقِي مِنْهُم رجل حَتَّى امتلآت عَيناهُ رملا وحصى وَانْهَزَمَ الْقَوْم عَن آخِرهم فَلَمَّا رَجَعَ أَصْحَابه اليه قَالَ لَو لم أرمهم مَا انصرفوا أَي لم ينهزموا فَنزلت {وَمَا رَمَيتَ إِذ رَمَيتَ وَلَكِنَّ اللَهَ رَمى} وعَلى هَذَا مُعَارضَة لقَائِل يَقُول أثبت الله لَهُ الرَّمْي ثمَّ نَفَاهُ عَنهُ فَالْجَوَاب عَن ذَلِك أَن الرَّمْي يحتوي على أَرْبَعَة أَشْيَاء على الْقَبْض والآرسال والتبليغ والإصابه فَكَانَ الْقَبْض

والإرسال من رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) والتبيلغ والأصابه من الله تَعَالَى الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {فَاِصبِر كَما صَبَرَ أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل} نسخ الْأَمر بِالصبرِ بِآيَة السَّيْف

سورة محمد صلى الله عليه وسلم

سُورَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي من السُّور الْمُخْتَلف فِي تنزيلها فَقَالَت طَائِفَة نزلت بِمَكَّة وَهُوَ مَرْوِيّ عَن السّديّ وَالضَّحَّاك وَقَالَ آخَرُونَ نزلت بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ مَرْوِيّ عَن مُجَاهِد وَهِي إِلَى تَنْزِيل الْمَدِينَة أشبه وَالله أعلم تحتوي من الْمَنْسُوخ على آيَتَيْنِ ألأولى مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {فَإِمّا مَنّاً بَعدُ وَإِمّا فِداءُ} نسختها آيَة السَّيْف وَفِي نُسْخَة أُخْرَى أَنَّهَا نسخت بِالْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَة الْأَنْفَال وَهِي قَوْله تَعَالَى {إِذْ يوحي رَبك إِلَى الْمَلَائِكَة} الى قَوْله {كل بنان} الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {وَلا يَسأَلكُم أَموالَكُم} نسخت بقوله تَعَالَى {إِن يسألكموها فيحفكم تبخلوا وَيخرج أضغانكم}

سورة الفتح

سُورَة الْفَتْح نزلت بِالْمَدِينَةِ وفيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ فِيهَا وَهِي احدى السُّور السِّت وفيهَا سبع آيَات نسخت سبع كَلِمَات سُورَة الحجرات نزلت بِالْمَدِينَةِ باجماع وَلَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ

سورة ق

سُورَة ق وَهِي سُورَة الباسقات نزلت بِمَكَّة وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيتان الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {فَاِصبِر عَلى مَا يَقولونَ وَسَبِّح بِحَمدِ رَبك} نسخ معنى الصَّبْر بِآيَة السَّيْف الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {نَحن أعلم بِمَا يَقُولُونَ} فَحكم وَقَوله {وَمَا أَنْت عَلَيْهِم بجبار} أَي بمسلط نسخ ذَلِك بِآيَة السَّيْف

سورة الذاريات

سُورَة الذاريات مَكِّيَّة وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيتان الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {وَفي أَموالِهِم حَقٌّ لِلسائِل وَالمَحروم} نسخ ذَلِك بِآيَة الزَّكَاة الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {فَتَوَلَّ عَنهُم فَما أَنتَ بِمَلومِ} نسخت بقوله تَعَالَى {وَذَكِّر فَإِنَّ الذِكرى تَنفَعُ المُؤمِنين}

سورة الطور

سُورَة الطّور مَكِّيَّة وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيتان الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {قُل تَرَبّصوا فَإِنّي مَعَكُم مِنَ المُتَرَبِّصينَ} نسخ ذَلِك بِآيَة السَّيْف الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {وَاِصبِر لِحُكمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعيُنِنا} نسخ معنى الصَّبْر الْأَمر بِآيَة السَّيْف وَقد قيل وَالله أعلم أَنه قَوْله {فَذَرهُم حَتّى يُلاقوا يَومَهُمُ الَّذي فيهِ يَصعَقون} نسخ بِآيَة السَّيْف

سورة النجم

سُورَة النَّجْم مَكِّيَّة بِإِجْمَاع وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيتان الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {فَأَعْرض عَن من تولى عَن ذكرنَا} نسخ الْإِعْرَاض بِآيَة السَّيْف الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {وَأَن لَيسَ لِلإِنسان إِلّا مَا سَعى} نسخ ذَلِك بقوله تَعَالَى {وَالَّذينَ آمَنوا وَاِتَّبَعَتهُم ذُرِّيَّتُهُم بِإيمانٍ أَلحَقنا بهم ذُرِّيتهمْ} الْآيَة وَلَوْلَا هَذِه لبطلت الشَّفَاعَة

سورة القمر

سُورَة الْقَمَر مَكِّيَّة وفيهَا من الْمَنْسُوخ آيَة وَاحِدَة وَهِي قَوْله تَعَالَى {فتول عَنْهُم} نسخ معنى التولي بِآيَة السَّيْف وباقيها مُحكم سُورَة الرَّحْمَن عز وَجل هِيَ من السَّبع عشرَة سُورَة الْمُخْتَلف فِيهَا فَقَالَت طَائِفَة نزلت بِمَكَّة وَقَالَت طَائِفَة نزلت بِالْمَدِينَةِ وَهِي إِلَى تَنْزِيل مَكَّة أشبه لقَوْل النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لقد كَانَت الْجِنّ أحسن ردا مِنْكُم على رَبهم تَعَالَى حِين قَالُوا وَلَا بِنِعْمَة من نعمك رَبنَا نكذب وَحَدِيث عبد الله بن مَسْعُود أَنه قَرَأَهَا فِي الْحجر وَوَثَبْت بِهِ قُرَيْش وَكَانَ الصَّحَابَة ينهونه عَن أَن يعلن بِالْقُرْآنِ فَقَالَ لَهُ الصَّحَابَة بَعْدَمَا جرى عَلَيْهِ مَا جرى ألم ننهك عَن ذَلِك فَقَالَ وَالله لَئِن عَاد أَعدَاء الله لأعودن فَهَذَا دَلِيل على نُزُولهَا بِمَكَّة وَلَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ

سورة الواقعة

سُورَة الْوَاقِعَة مَكِّيَّة وَقد أجمع الْمُفَسِّرُونَ كلهم على أَن لَا نَاسخ فِيهَا وَلَا مَنْسُوخ إِلَّا مقَاتل بن سُلَيْمَان فانه يُقَال فِيهَا من الْمَنْسُوخ آيَة وَاحِدَة وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلينَ وَقَليلٌ مِنَ الآخِرينَ} نسخهَا قَوْله تَعَالَى {ثُلَّةٌ مِن الْأَوَّلين وثلة من الآخرين}

سورة الحديد

سُورَة الْحَدِيد هِيَ مِمَّا أختلف فِي نُزُولهَا فَقيل نزلت بِمَكَّة والقائلون بِهَذَا الْوَجْه يحتجون أَنه الْقُرْآن الَّذِي لقنه خباب بن الْأَرَت لأخت عمر بن الْخطاب رضى الله عَنهُ وَزوجهَا سعيد بن زيد وَقَالَ آخَرُونَ بل الَّذِي لقنها أول سُورَة طه وَالله أعلم وَقَالَ آخَرُونَ نزلت بِالْمَدِينَةِ لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ

سورة المجادلة

سُورَة المجادلة مَدَنِيَّة بإجماعهم وفيهَا أَيَّة منسوخه وَهِي احدى فَضَائِل عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه لِأَنَّهُ روى عَنهُ أَنه قَالَ ان فِي كتاب الله آيَة مَا عمل بهَا أحد قبلي وَلَا يعْمل بهَا اُحْدُ بعدِي الى يَوْم الْقِيَامَة فَقيل وَمَا هِيَ قَالَ أَن رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لما كثرت عَلَيْهِ الْمسَائِل تبرم خيفة أَن يفْرض على أمته مَا يشق عَلَيْهَا فتندم فَعلم الله ذَلِك مِنْهُ فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا إِذا ناجَيتُمُ الرَسولَ فَقَدِّموا بَينَ يَدَي نَجواكُم صَدَقَةً ذلِكَ خَيرٌ لَكُم وَأَطهَرُ فَإِن لَم تَجِدوا فَإِنَّ اللَهَ غَفورٌ رَحيم} فأمسكوا عَن السُّؤَال فَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه وَلم أملك إِذْ ذَاك إِلَّا دِينَارا فَصَرَفته بِعشْرَة دَرَاهِم وَكنت كلما أردْت أَن أسأله عَن مَسْأَلَة تَصَدَّقت بدرهم حَتَّى لم يبْقى معي غير دِرْهَم وَاحِد فتصدقت بِهِ وَسَأَلته فنسخت الْآيَة وَنزلت ناسختها {أَأَشْفَقْتُم أَن تقدمُوا بَين يَدي نَجوَاكُمْ صدقَات فَإذْ لم تَفعلُوا وَتَابَ الله عَلَيْكُم فأقيموا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة وَأَطيعُوا الله وَرَسُوله وَالله خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ} فَصَارَت ناسخة لَهَا واختص عَليّ بفضلها

سورة الحشر

سُورَة الْحَشْر مَدَنِيَّة وفيهَا نَاسخ وَلَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {مَا أَفاءَ اللَهَ عَليَ رَسولِهِ من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ} الْآيَة

سورة الإمتحان

سُورَة الإمتحان نزلت بِالْمَدِينَةِ بإجماعهم فِي شَأْن حَاطِب بن أبي بلتعة وقصته فِي ذَلِك وَفِي شَأْن سبيعة بنت الْحَارِث وفيهَا ثَلَاث آيَات منسوخات

الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {لَا يَنهاكُم اللَهُ عَن الَّذين لم يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدّين وَلم يخرجوكم من دِيَاركُمْ أَن تبروهم وتقسطوا إِلَيْهِم} نسخهَا الله تَعَالَى بِمَا بعْدهَا وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {إِنّما يَنهاكُم اللَهُ عَن الَّذينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدّين} وَنسخ معنى الْآيَتَيْنِ بِآيَة السَّيْف الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا إِذا جاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فَإِن علمتموهن مؤمنات فَلَا ترجعوهن إِلَى الْكفَّار} نزلت فِي سبيعة بنت الْحَارِث وَذَلِكَ ان زَوجهَا عبد الله بن النباش لحق رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وَهُوَ قافل الى المدينه قَالَ يَا مُحَمَّد أغدرت لم يحفظن كتابك حَتَّى غدرت قَالَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فَبِمَ ذَلِك قَالَ لحقتك الْمَرْأَة وقبلتها وَذَلِكَ أَن رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لما شَرط لقريش أَن مَا جَاءَهُ من عِنْدهم رده اليهم وَمن جَاءَهُم من عِنْده لم يردوه إِلَيْهِ فَكَانَ هَذَا شرطا شَدِيدا صعبا على الْمُسلمين وَلَكِن لطاعتهم لله وَلِرَسُولِهِ ثبتوا على مَا أَمْضَاهُ من ذَلِك فَلَمَّا قفل رَاجعا بعد بيعَة الرضْوَان إِذْ بِامْرَأَة من قُرَيْش

يُقَال لَهَا سبيعة بنت الْحَارِث تَقول يَا رَسُول الله جئْتُك مُؤمنَة بِاللَّه مصدقة بِمَا جِئْت بِهِ قَالَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وَمَا أخرجك أغيرة على زَوجك أَو عَدَاوَة لبيت أهلك ومحبة للقدوم الى الْمَدِينَة قَالَت وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ نَبيا مَا خرجت إِلَّا مُؤمنَة بِاللَّه مصدقة بِمَا جِئْت بِهِ فَقَالَ النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) نعم مَا جِئْت بِهِ وَنعم مَا صدقت فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات فامتحنوهن} فسماها الله مُؤمنَة وَأثبت لَهَا الْهِجْرَة ثمَّ قَالَ {فَاِمتَحِنوهُنَّ} وامتحانها ان تحلف بِاللَّه مَا أخرجهَا غيرَة على زوج وَلَا عَدَاوَة لبيت أحماء فَإِذا حَلَفت فقد امتحنت وَهُوَ تَأْوِيل قَول الله تَعَالَى {الله أعلم بإيمانهن} وَالْعلم هَهُنَا ان يحلف وَكَذَلِكَ كل حَالف ومحلوف لَهُ أَن كَانَ محقا اَوْ مُبْطلًا فعلى الْمَحْلُوف لَهُ أَن يقبله وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَنه قَالَ من حلف لَهُ فَلم يصدق لم يرد عَليّ الْحَوْض وَقَوله تَعَالَى / فَإِن عَلِمتُموهُنَّ مُؤمِناتٍ إِذا حلفن لكم فَلا تَرجِعوهُنَّ إِلى الكُفّار / أَي بَين الْكفَّار قد انْقَطَعت عصمتها عَن زَوجهَا {لَا هن حل لَهُم وَلَا هم يحلونَ لَهُنَّ} أَي لَا تحل لزَوجهَا

الْكَافِر وَلَا هُوَ حل لَهَا وَقَوله تَعَالَى {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفقُوا} يَقُول إِذا أردتم نِكَاحهَا فادفعوا الى زَوجهَا الْكَافِر مِقْدَار مَا سَاق إِلَيْهَا من الْمهْر فَإِن لم تريدوا نِكَاحهَا فَلَا شَيْء عَلَيْكُم وَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى {وَلَا جنَاح عَلَيْكُم أَن تنكحوهن إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ وَلَا تمسكوا بِعِصمِ الكَوافِر} هَذَا مُحكم ثمَّ قَالَ {ذلِكُم حُكمُ اللَهِ يَحكُمُ بَينَكُم} أَي فِي الْوَقْت وَالْحَال {وَالله عليم} بأَمْره {حَكِيم} بصنعه وتدبيره نسخهَا قَوْله تَعَالَى {بَرَاءَة من الله وَرَسُوله} إِلَى آخر الْقِصَّة الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {وَإِن فاتكم شَيْء من أزواجكم إِلَى الْكفَّار فعاقبتم} أَي فغنمتم نزلت فِي عِيَاض بن غنم وَزَوجته حِين ذهبت الى الْكفَّار فارتدت وَلَحِقت بِأَهْلِهَا بِمَكَّة وَفِي أم حَكِيم بنت أبي سُفْيَان فَأمر الله

سورة الصف

تَعَالَى الْمُسلمين أَن يُعْطوا زَوجهَا من الْغَنِيمَة بِقدر مَا سَاق اليها من الْمهْر ثمَّ صَار ذَلِك مَنْسُوخا بقوله تَعَالَى {بَراءَةٌ مِنَ اللَهِ وَرَسولِهِ إِلى الَّذينَ عاهدتم من الْمُشْركين} الى رَأس الْخمس سُورَة الصَّفّ نزلت بِالْمَدِينَةِ وَلَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة الْجُمُعَة نزلت بِالْمَدِينَةِ وَهِي محكمَة لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ

سورة المنافقون

سُورَة المُنَافِقُونَ نزلت بِالْمَدِينَةِ وفيهَا نَاسخ وَلَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخ النَّاسِخ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {سَواءٌ عَلَيهِم أَستَغفَرتَ لَهُم أَم لَم تَستَغفِر لَهُم لن يغْفر الله لَهُم} سُورَة التغابن نزلت بِالْمَدِينَةِ وفيهَا آيَة وَاحِدَة ناسخة وَهِي قَوْله تَعَالَى {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم} وَمَا بعد هَذَا مُحكم وَلَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخ

سورة الطلاق

سُورَة الطَّلَاق وَهِي النِّسَاء الصُّغْرَى نزلت بِالْمَدِينَةِ وفيهَا نَاسخ وَلَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخ والناسخ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {وَأشْهدُوا ذَوي عدل مِنْكُم وَأقِيمُوا الشَّهَادَة لله} وَأما بَاقِيهَا فَهُوَ مُحكم لَيْسَ بناسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة التَّحْرِيم نزلت بِالْمَدِينَةِ لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ

سورة الملك

سُورَة الْملك نزلت بِمَكَّة بِالْإِجْمَاع وَهِي الْمَانِعَة تمنع من عَذَاب الْقَبْر وَالدَّلِيل فِي ذَلِك قَول النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) إِن سُورَة فِي الْقُرْآن ثَلَاثِينَ آيَة تمنع صَاحبهَا من عَذَاب الْقَبْر وَهِي محكمَة لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة ن وَهِي مَكِّيَّة من أَوَائِل مَا نزل من الْقُرْآن وَكَانَ رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) يعجب بهَا وفيهَا آيتان منسوختان وسائرها مُحكم والمنسوخ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {فَذَرني وَمَن يُكَذِّبُ بِهذا الحديثِ سَنَستَدرِجُهُم مِن حَيثُ لَا يعلمُونَ} نصفهَا الاول مَنْسُوخ بِآيَة السَّيْف وَنِصْفهَا الثَّانِي مُحكم الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {فَاِصبِر لِحُكمِ رَبك} ظَاهِرَة مُحكم والمنسوخ مِنْهَا امْرَهْ بِالصبرِ نسخ الله تَعَالَى الصَّبْر مِنْهَا بِآيَة السَّيْف

سورة الحاقة

سُورَة الحاقة نزلت بِمَكَّة وجميعها مُحكم وَلَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة المعارج نزلت بِمَكَّة وفيهَا آيتان منسوختان الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {فاصبر صبرا جميلا} نسخ الصَّبْر مِنْهَا بقوله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {فَذَرهُم يَخوضوا وَيَلعَبوا} نسخ الله ذَلِك النَّهْي بِآيَة السَّيْف

سورة نوح عليه السلام

سُورَة نوح عَلَيْهِ السَّلَام نزلت بِمَكَّة وَهِي محكمَة لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة الْجِنّ نزلت بِمَكَّة وَهِي محكمَة لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ

سورة المزمل

سُورَة المزمل مَكِّيَّة وفيهَا من الْمَنْسُوخ خمس آيَات الْآيَة الأولى قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها المزمل قُم اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا} أمره الله تَعَالَى بِقِيَام اللَّيْل عَن أَخّرهُ ثمَّ اسْتَثْنَاهُ بقوله {إِلّا قَليلاً} ثمَّ نسخ الْقَلِيل مِنْهُ بِنصفِهِ فَقَالَ {نِصفَهُ أَوِ اِنقُص مِنهُ قَليلاً} إِلَى الثُّلُث فنسخ الله تَعَالَى من اللَّيْل ثلثه ثمَّ قَالَ {أَو زِد عَلَيْهِ} أَي من النّصْف الى الثُّلثَيْنِ

الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {إِنّا سَنُلقي عَلَيكَ قَولاً ثَقيلاً} نسخ بقوله تَعَالَى {يُرِيد الله أَن يُخَفف عَنْكُم} الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {وَاِهجُرهُم هَجراً جَميلاً} نسخ الله ذَلِك بِآيَة السَّيْف الْآيَة الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {وذرني والمكذبين أولي النِّعْمَة ومهلهم قَلِيلا} ثمَّ نسخ ذَلِك بِآيَة السَّيْف

الْآيَة الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى {إِن هَذِه تذكرة} هَذَا مُحكم والمنسوخ {فَمن شَاءَ اتخذ إِلَى ربه سَبِيلا} نسخ الله تَعَالَى ذَلِك بقوله تَعَالَى {وَما تَشاؤونَ إِلّا أَن يَشاءَ اللَه} وَقَالَ مُعظم الْمُفَسِّرُونَ نسخ آخر المزمل أَولهَا

سورة المدثر

سُورَة المدثر نزلت بِمَكَّة وَهِي على قَول جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ أول الْقُرْآن نزولا وَهِي محكمَة إِلَّا أَيَّة وَاحِدَة مَنْسُوخَة نزلت فِي قصَّة الْوَلِيد بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {ذَرني وَمَن خَلَقتُ وَحيداً} أَي حل بيني وَبَينه فَإِنِّي أتولى إهلاكه مَعَ الْقِصَّة وَهِي خَاصَّة فِيهِ عَامَّة فِي غَيره الى آخرهَا نسخ الله ذَلِك بِآيَة السَّيْف

سورة القيامة

سُورَة الْقِيَامَة نزلت بِمَكَّة وَهِي محكمَة إِلَّا قَوْله تَعَالَى {لَا تحرّك بِهِ لسَانك لتعجل بِهِ إِن علينا جمعه وقرآنه} هَذَا مُحكم والمنسوخ قَوْله تَعَالَى {لَا تُحَرِّك بِهِ لِسانَك} نسخ الله ذَلِك بقوله {سنقرئك فَلَا تنسى}

سورة الإنسان

سُورَة الْإِنْسَان نزلت بِالْمَدِينَةِ وَقيل بِمَكَّة وَهِي الى النُّزُول بِالْمَدِينَةِ أشبه وَالله أعلم وَهِي أحدى السُّور السَّبع عشرَة الْمُخْتَلف فِي تنزيلهن وَهِي محكمَة إِلَّا آيَتَيْنِ وَبَعض آيَة وَهِي قَوْله تَعَالَى {وَيُطعِمونَ الطَعامَ عَلى حُبِّهِ مِسكيناً وَيَتيماً} هَذَا مُحكم فِي أهل الْقبْلَة {وَأَسيراً} هَذَا مَنْسُوخ بِآيَة السَّيْف وَهُوَ من غير أهل القبله وهم الْمُشْركُونَ

الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {فَاِصبِر لِحُكمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِع مِنْهُم آثِما أَو كفورا} نسخ الصَّبْر بِآيَة السَّيْف الْآيَة الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {إِنَّ هذِهِ تَذكِرَةٌ فَمَن شاءَ اِتَّخَذ إِلى ربه سَبِيلا} نسخ ذَلِك بقوله تَعَالَى {وَما تَشاؤونَ إِلّا أَن يَشاءَ اللَه}

سورة المرسلات

سُورَة المرسلات نزلت بِمَكَّة وَهِي محكمَة كلهَا لم يدخلهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة النبأ نزلت بِمَكَّة وَهِي من آخر الْمَكِّيّ الأول لِأَن النَّبِي (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) هَاجر من غَد يَوْم نزلت والمكي الأول مَا نزل قبل الْهِجْرَة والمكي الآخر مَا نزل بعد فتح مَكَّة وَهِي محكمَة لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة النازعات محكمَة نزلت بِمَكَّة لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ

سورة عبس

سُورَة عبس وَهِي أحدى السُّور السَّبع عشرَة الْمُخْتَلف فِي تنزيلهن وَهِي محكمَة إِلَّا آيَة وَاحِدَة وَهِي قَوْله تَعَالَى {كلا إِنَّهَا تذكرة} هَذَا مُحكم والمنسوخ مِنْهَا {فَمن شَاءَ ذكره} نسخ ذَلِك بقوله تَعَالَى {وَما تَشاؤونَ إِلّا أَن يَشاءَ اللَه}

سورة التكوير

سُورَة التكوير نزلت بِمَكَّة وَهِي محكمَة غير آيَة وَاحِدَة وَهِي قَوْله تَعَالَى {لِمَن شاءَ مِنْكُم أَن يَسْتَقِيم} نسخهَا الله تَعَالَى بِمَا يَليهَا وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَما تَشاؤونَ إِلَّا أَن يَشَاء الله رب الْعَالمين} سُورَة الانفطار نزلت بِمَكَّة وَهِي محكمَة لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة المطففين نزلت فِي الْهِجْرَة بَين مَكَّة وَالْمَدينَة نصفهَا يُقَارب مَكَّة وَنِصْفهَا يُقَارب الْمَدِينَة وَهِي محكمَة لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ

سورة الأنشقاق

سُورَة الأنشقاق نزلت بِمَكَّة وجميعها مُحكم لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة البروج نزلت بِمَكَّة وجميعها مُحكم لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة الطارق نزلت بِمَكَّة وجميعها مُحكم إلآ آيَة وَاحِدَة وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَمَهِّلِ الكافِرينَ أَمهِلهُم رُوَيداً} نسختها آيَة السَّيْف

سورة الأعلى

سُورَة الْأَعْلَى نزلت بِمَكَّة وفيهَا نَاسخ وَلَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخ والناسخ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {سَنُقرِئُكَ فَلا تَنسى} سُورَة الغاشية نزلت بِمَكَّة وجميعها مُحكم إِلَّا آيَة وَاحِدَة فَإِنَّهَا مَنْسُوخَة وَهِي قَوْله تَعَالَى {لست عَلَيْهِم بمصيطر} نسختها آيَة السَّيْف سُورَة الْفجْر نزلت بِمَكَّة وجميعها مُحكم وَلَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ

سورة البلد

سُورَة الْبَلَد نزلت بِمَكَّة وجميعها مُحكم وَلَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ نزلت فِي عَام الْفَتْح من الْمَكِّيّ الاخر سُورَة الشَّمْس نزلت بِمَكَّة وَلَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة اللَّيْل نزلت بِمَكَّة وَهِي إِحْدَى السُّور الْمُخْتَلف فِي تنزيلها لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ

سورة الضحى

سُورَة الضُّحَى نزلت بِمَكَّة فِي شَأْن رسل الْمُشْركين الى الْيَهُود وَفِي ترك رَسُول الله (صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الِاسْتِثْنَاء وجميعها مُحكم وَلَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ

سورة ألم نشرح

سُورَة ألم نشرح نزلت بِمَكَّة وَلَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة التِّين نزلت بِمَكَّة وجميعها مُحكم الا آيَة وَاحِدَة فِي آخرهَا نسخ مَعْنَاهَا لَا لَفظهَا وَهِي قَوْله تَعَالَى {أَلَيسَ اللَهُ بِأَحكَمِ الحاكِمين} نسخ الْمَعْنى فِيهَا بِآيَة السَّيْف أَي دعهم وخل عَنْهُم

سورة القلم

سُورَة الْقَلَم نزلت بِمَكَّة وَهِي من أول تَنْزِيل الْقُرْآن على قَول الاكثرين كلهَا مُحكم لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة الْقدر نزلت بِالْمَدِينَةِ وَهِي محكمَة لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة لم يكن الانفكاك نزلت بِالْمَدِينَةِ لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ

سورة الزلزلة

سُورَة الزلزلة نزلت بِالْمَدِينَةِ وَهِي إِحْدَى السُّور الْمُخْتَلف فِي تنزيلها لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة العاديات نزلت بِالْمَدِينَةِ لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة القارعة نزلت بِمَكَّة لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ

سورة التكاثر

سُورَة التكاثر نزلت بِمَكَّة لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة الْعَصْر نزلت بِمَكَّة وَقيل بِالْمَدِينَةِ فِيهَا آيَة وَاحِدَة منسوخه وَهِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الإِنسانَ لَفي خُسرٍ} نسخهَا الله تَعَالَى بِالِاسْتِثْنَاءِ بعده {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصبرِ}

سورة الهمزة

سُورَة الْهمزَة نزلت بِمَكَّة فِي شَأْن الْأَخْنَس بن شريق وَقيل نزلت بِالْمَدِينَةِ لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة الْفِيل نزلت بِمَكَّة بإجماعهم لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ

سورة قريش

سُورَة قُرَيْش نزلت بِمَكَّة وجميعها مُحكم وَلَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة الدّين نزلت نِصْفَيْنِ أَو نِصْفَانِ نصفهَا بِمَكَّة وَنِصْفهَا بِالْمَدِينَةِ فَالَّذِي أنزل مِنْهَا بِمَكَّة {أَرَأَيْت الَّذِي يكذب بِالدّينِ} نزلت فِي الْعَاصِ بن وَائِل السَّهْمِي {فَذَلِك الَّذِي يدع الْيَتِيم وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ المِسكين} إِلَى هَهُنَا وَنزل بَاقِيهَا فِي عبد الله بن أبي بن سلول الْمُنَافِق {فويل للمصلين} الى أَخّرهَا نزلت بِالْمَدِينَةِ وَلَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ

سورة الكوثر

سُورَة الْكَوْثَر نزلت بِمَكَّة وَلَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة الْكَافِرُونَ نزلت بِمَكَّة وجميعها مُحكم غير آيَة وَاحِدَة وَهِي قَوْله تَعَالَى {لكم دينكُمْ ولي دين} نسخت بِآيَة السَّيْف

سورة النصر

سُورَة النَّصْر نزلت بِالْمَدِينَةِ وَقيل بِمَكَّة وجميعها مُحكم وَلَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة تبت نزلت بِمَكَّة لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ

سورة الأخلاص

سُورَة الأخلاص نزلت بِالْمَدِينَةِ وَقيل بِمَكَّة فِي شَأْن أَرْبَد بن ربيعَة العامري وَفِي عَامر ابْن الطُّفَيْل وَالله أعلم وجميعها مُحكم لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ سُورَة الفلق نزلت بِالْمَدِينَةِ وَقيل بِمَكَّة وَالله أعلم جَمِيعهَا مُحكم لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ

سورة الناس

سُورَة النَّاس نزلت بِالْمَدِينَةِ وَقيل بِمَكَّة وَالله أعلم وجميعها مُحكم وَلَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ قَالَ الشَّيْخ هبة الله وكل مَا كَانَ فِي الْقُرْآن من قَوْله تَعَالَى {فَأَعْرض عَنْهُم} وَقَوله تَعَالَى {فاصبر على مَا يَقُولُونَ} وَقَوله تَعَالَى {فتول عَنْهُم} {فاصفح عَنْهُم} {فاصبر صبرا جميلا} {فاصفح الصفح الْجَمِيل} فَهَذَا وَمَا شاكله مَنْسُوخ بِآيَة السَّيْف وكل مَا كَانَ فِي الْقُرْآن {إِنِّي أَخَاف إِن عصيت رَبِّي عَذَاب يَوْم عَظِيم} نسخهَا قَوْله تَعَالَى {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر}

وكل مَا كَانَ فِي الْقُرْآن من خبر الَّذين أُوتُوا الْكتاب والامر بالصفح عَنْهُم نسخه قَوْله تَعَالَى {قاتِلوا الَّذينَ لَا يُؤمِنونَ بِاللَهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر} الاية وكل مَا كَانَ فِي الْقُرْآن من الْأَمر بِالشَّهَادَةِ نسخه قَوْله تَعَالَى {فَإِن أَمن بَعْضكُم بَعْضًا} وكل مَا كَانَ فِي الْقُرْآن من التَّشْدِيد والتهديد نسخه الله تَعَالَى بقوله {يُريدُ اللَه بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُريدُ بكم الْعسر} وكل مَا كَانَ فِي الْقُرْآن {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} نسخهَا قَوْله تَعَالَى {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض} وكل مَا كَانَ فِي الْقُرْآن من صلح أَو عهد اَوْ حلف أَو موادعه

نسخهَا {بَرَاءَة من الله وَرَسُوله} الى رَأس الْخمس مِنْهَا فَهَذَا جمل من جمل النَّاسِخ والمنسوخ وكل مَا كَانَ فِي الْقُرْآن من {وَلنَا أَعمالنَا وَلكم أَعمالكُم} نسختها آيَة السَّيْف وكل مَا كَانَ فِي القرأن مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ أهل الْجَاهِلِيَّة نُسْخَة الله تَعَالَى بأَمْره وَنَهْيه وَالْأَمر من الله تَعَالَى يَنْقَسِم اقساما فَمِنْهُ امْر حتم لَا بُد مِنْهُ ان يفعل مثل قَوْله تَعَالَى {وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة} وَمِنْه أَمر ندب والانسان الى فعاله احوج وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَأشْهدُوا إِذا تبايعتم} وَهُوَ لأَمره احفظ وَمِنْه أَمر تَخْيِير وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَإِذا حللتم فاصطادوا} وَمِنْه امْر اباحة وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَالْآن باشروهن}

وامر عِنْد الْقُدْرَة على تَركه وَهُوَ أفضل من فعله وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا فِي الأَرْض} وجلوسه الى ان يُصَلِّي الْعَصْر عِنْد الامكان على ذَلِك أفضل وَهَذَا تَفْصِيل الامر وَكَذَلِكَ النَّهْي فَأَما النَّهْي فالشريعة مَبْنِيَّة على الْحَظْر لَا على الاباحة وَالله سُبْحَانَهُ أعلم بِالصَّوَابِ وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تمّ الْكتاب بعون الله وَحسن توفيقه

§1/1