الميسر في علم تخريج الحديث النبوي

عبد القادر المحمدي

المقدمة

المقدمة إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أما بعد: فقد طلب مني بعض الأخوة الأفاضل أن أكتب محاضرات في مادة علم تخريج الحديث النبوي، لطلاب قسم الحديث في الجامعة الإسلامية ببغداد، فعقدت العزم بعد التوكل على الله تعالى وشرعت بكتابة محاضرات فيها بعبارة سهلة تيسر على الطالب الاستفادة منها عملياً إن شاء الله تعالى، إذ الغالب في البحوث التي تعرضت لهذا العنوان غلبت عليها الدراسة الوصفية النظرية، فأردت في هذه العجالة تيسير عرضه على الطلبة ولا سيما بعد ضعف الهمة في طلب العلم وقصور الطالبين على المختصرات حتى بلغ ببعض من تخصص في الحديث في الدراسات العليا أن يكتفي في دراسة الإسناد بعزو الحديث إلى مصدر أو مصدرين ويسميه تخريجاً! ومما دفعني أكثر إلى كتابة هذا البحث ما رأيت من بعض المشتغلين -اليوم- بالحديث النبوي وتحقيقه من تخبط في تخريج الحديث أو قصور فيه، ومنهم من يظن أنّ الحكم على الإسناد هو عملية رياضية (1+1=2)، فيعمد إلى تقريب التهذيب للحافظ ابن حجر العسقلاني ثم يدرس رجال الإسناد: فإن كانوا ثقاتاً قال: صحيح، وإن كانوا صدوقين أو فيهم صدوق قال: حسن، وإن كان فيه ضعيف قال ضعيف! من دون الرجوع إلى دواوين العلل والرجال، وهذا غلط محض، وقد صُحِّحتْ عشرات بل مئات الأحاديث بناءً على هذه الطريقة، ولو فتشت عن هذه الأحاديث بتأنٍّ في كتب العلل لوجدتها هناك ولا أرى يخلص منها إلا مثل همل النعم. وإن تعجب فعجب من أولئك الذين يُخطِّئون أئمة النقد الجهابذة، ويردون كلامهم وأحكامهم بفهم معوج لقواعد مصطلح الحديث، أو يحاكمونهم على وفق قواعد المتأخرين! وكم من مرة تقرأ مثل ذلك هنا أو هناك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فأردت في هذا البحث -المتواضع- إرشاد طلبتنا الأعزاء والأخوة الباحثين بأيسر العبارة، دون غوص في تفرعات الموضوع، كما وجدته في كثيرٍ من البحوث التي تحدثت عن التخريج

،بحيث أرهق البحث بتفريعات كثيرة هي مفيدة ومهمة ولكنها قد تحير الباحث المبتدئ، لذا حاولنا ههنا التركيز على الجانب التطبيقي منه أكثر من الجانب النظري، وقد انتفعت مما كتبه الأخوة والأساتذة في هذا الميدان، وحاولت تسهيل الأمر على طلبتنا الأعزاء بطريقة ميسرة، وحاولت فتح الباب أمامهم للولوج في هذا العلم، معتذرا عن أي قصور وقع في بعض مباحثه، فإن وفقت فمن الله وحده وإن كانت الأخرى فمن نفسي والشيطان. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا وعلى آله وصحبه أولاً وآخراً.

المُيَسّر في علم تخريج الحديث النبوي بقلم الدكتور عبد القادر مصطفى المحمدي الأستاذ المساعد في قسم الحديث -كلية أصول الدين 1431هـ-2010م

الفصل الأول الدراسة النظرية لعلم تخريج الحديث

الفصل الأول الدراسة النظرية لعلم تخريج الحديث المبحث الأول تعريف التخريج وفوائده المطلب الأول: تعريف التخريج لغة واصطلاحاً: التخريج: لغة: خَرَجَ خُرُوجاً " نقيض دَخَلَ دُخُولاً " ومَخْرَجاً " بالفتح مَصدرٌ أَيضاً فهو خارِجٌ وخَرُوجٌ وخَرَّاجٌ وقد أَخْرَجَه وخَرَجَ به. والمخرج: موضع الخروج .. ِوخَرَّجَ فلانٌ عَمَله إِذا جعله ضروباً يخالف بعضه بعضا (¬1). وفي الاصطلاح: من يتتبع صنيع المحدثين الأقدمين يجد أنّ معنى التخريج عندهم إذا أطلق إنما يريدون به: ما ينتقيه الراوي لنفسه من أصول سماعاته من أحاديث شيوخه. وقد يكون هذا الانتقاء مرتباً على أسماء مشايخه بحسب حروف المعجم وحينئذٍ يسمى معجماً، أو يكون حسب الأقدم من شيوخه وهذا يسمونه (مشيخة)،أو يرتب بشكل فوائد منتقاة عشوائياً بغير ترتيب، وحينئذٍ يسمى (فوائد) .. وهكذا (¬2). وأحياناً يعسر على الراوي ذلك (التخريج) فيستعين ببعض أقرانه (زملائه) ممن يحسن ذلك. ¬

_ (¬1) ينظر: لسان العرب ابن منظور مادة (خرج) 2/ 249،وينظر مادة (خرج) في القاموس المحيط، الفيروز آبادي 1/ 238،،وتاج العروس، الزبيدي 4/ 158،ومختار الصحاح، الرازي ص196. (¬2) ينظر: تحرير علوم الحديث، عبد الله الجديع 2/ 734،وكيف ندرس علم التخريج، الدكتور حمزة المليباري والدكتور سلطان العكايلة ص 16.

قال الخطيب:" وإن لم يكن الراوي من أهل المعرفة بالحديث وعلله واختلاف وجوهه وطرقه وغير ذلك من أنواع علومه فينبغي له أن يستعين ببعض حفاظ وقته في تخريج الأحاديث التي يريد إملاءها قبل يوم مجلسه فقد كان جماعة من شيوخنا يفعلون ذلك فمنهم أبو الحسين بن بشران كان محمد بن أبي الفوارس يخرج له الإملاء ... " (¬1). وفي هذا يقول الحافظ السخاوي: "التخريج: إخراج المحدث الأحاديث من بطون الأجزاء والمشيخات والكتب ونحوها وسياقها من مرويات نفسه، أو بعض شيوخه أو أقرانه، أو نحو ذلك، والكلام عليها وعزوها لمن رواها من أصحاب الكتب والدواوين مع بيان البدل والموافقة ونحوهما مما سيأتي تعريفه. وقد يتوسع في إطلاقه على مجرد الإخراج، والتصنيف، والعزو وجعل كل صنف على حده" (¬2). وأما عند المعاصرين فعرفه الغماري:"عزو الأحاديث التي تذكر في المصنفات مطلقة غير مسندة ولا معزوة إلى كتاب أو كتب مسندة، إما مع الكلام عليها تصحيحاً وتضعيفاً وداً وقبولاً وبيان ما فيها من علل، وإما بالاقتصار على العزو إلى الأصول" (¬3). وعرفه الدكتور محمد أبو شهبة:" عزو الأحاديث إلى من ذكرها في كتابه من الأئمة وبيان درجتها من الصحة أو الحسن أو الضعف" (¬4). وعرفه الدكتور محمود الطحان فقال:" هو الدلالة على موضع الحديث في مصادره الأصلية التي أخرجته مع بيان درجته صحة أو ضعفاً عند الحاجة إلى ذلك" (¬5). ¬

_ (¬1) الجامع لأخلاق الراوي 2/ 88. (¬2) فتح المغيث 2/ 372. (¬3) حصول التفريج بأصول التخريج ص21. (¬4) حاشية كتاب الوسيط في علوم ومصطلح الحديث ص 353. (¬5) أصول التخريج ودراسة الأسانيد ص 10.

وعرفه الدكتور دخيل بن صالح بأنه:" بيان مصادر الحديث وإسناده، ومتنه ودرجته بحسب الحاجة" (¬1). وعرفه الدكتور حاتم العوني:"عزو الحديث إلى مصادره الأصلية المسندة، فإن تعذرت فإلى الفرعية المسندة، فإن تعذرت فإلى الناقلة عنها بأسانيدها، مع بيان مرتبة الحديث غالباً " (¬2). وقال الدكتور محمد أبو الليث: التخريج يطلق على استعمالين:"الأول: رواية المحدث الأحاديث في كتابه بأسانيده. والثاني: عزو فلان أحاديث كتاب كذا أي عزاها ونسبها إلى من رواها من الأئمة في كتابه بإسناده مع بيان درجتها من حيث القبول والرد" (¬3). وهكذا نجد تعاريف هؤلاء المعاصرين كلها تدور في فلك واحد، هو عزو الحديث والحكم عليه عند الحاجة، وحتى من اعترض على هذه التعاريف فإنه لم يبتعد بما حده عن فلك تلك التعريفات، إذ عرفه الدكتور حمزة المليباري بعد اعتراضه على ما سبق:"هو كشف مظان الحديث من المصادر الأصلية التي تعتمد في نقله على الرواية المباشرة، لمعرفة حالة روايته من حيث التفرد أو الموافقة أو المخالفة" (¬4).قلت: وما أضافه أستاذنا المليباري، ليس إضافة جديدة، بل هو من لوازم دراسة الحديث للحكم عليه. وكذا الشيخ عبد الله الجديع، إذ قال بعد اعتراضه:"أن تعمد إلى حديث فتجمع طرقه: أسانيده ومتونها، من الكتب الحديثية التي تقوم على الإسناد لا الكتب الناقلة عنها ثم التأليف بينها لتحرير مواضع الاتفاق والافتراق في الأسانيد فتتبين المتابعات والشواهد، وفي المتون ¬

_ (¬1) طرق التخريج بحسب الراوي الأعلى ص7. (¬2) تخريج ودراسة الأسانيد ص2. (¬3) تخريج الحديث نشأته ومنهجيته ص 16. (¬4) كيف ندرس علم تخريج الحديث ص28.

فيتبين ما فيها من التوافق اللفظي والمعنوي والزيادة والاختلاف" (¬1).ولا أخاله خرج عن هذا الفلك. فالتخريج يطلقه المحدثون على معانٍ منها: 1 - معرفة المصنفات التي أخرجت هذا الحديث، وذكرته بالإسناد. 2 - يطلق ويراد به مخرج الحديث ويعنون به الصحابي تحديداً، ثم بعد الوقوف على الصحابي الذي رواه يبحثون في الطرق الموصلة إليه. وهكذا يمكننا تعريفه باختصار فنقول: علم يُعنى بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حيث عزوه إلى مصادره الأصلية، وبيان درجته من خلال دراسة الإسناد والمتن رواية ودراية. *شرح التعريف: قولنا: (علم يعتني بحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -):ويدخل فيه المرفوعات والموقوفات والمعلقات .. الخ ويلحق به آثار الصحابة. ويخرج من هذا التعريف الآيات القرآنية وأقوال الفقهاء، والقواعد الفقهية والأحكام، والشعر والنثر. قولنا: (من حيث عزوه إلى مصادره الأصلية): ونعني بـ (مصادره الأصلية):الكتب التي خرجت الحديث النبوي متصلاً أو غير متصل كالصحاح والجوامع والمصنفات والمسانيد والموطآت .... الخ. ويخرج بهذا القيد الكتب الفرعية (إلا عند الضرورة كما سيأتي لاحقاً). قولنا: (وبيان درجته من خلال دراسة الإسناد والمتن):أي إصدار الحكم على الحديث، ويكون ذلك باتصال سنده أو عدمه والنظر إلى حال رواته، ثم بيان علته إن كانت هناك علة في الحديث. ¬

_ (¬1) تحرير علوم الحديث 2/ 736.

المطلب الثاني: فوائد التخريج.

قولنا: (روايةً ودرايةً): أي النقد الحديثي في أطار الجرح والتعديل والعلل، ثم الموازنة والترجيح عند التعارض من جهة المتن والسند واختلاف طرق الحديث وألفاظه المطلب الثاني: فوائد التخريج. وهي كثيرة منها (¬1): 1 - الوقوف على مواضع الحديث بشكل يسهل على الباحث. 2 - الوقوف على طرق الحديث المتعددة -متابعاته وشواهده-. 3 - معرفة درجة الحديث وحكمه عند الحاجة. 4 - الوقوف على علل الحديث –إن وجدت-. 5 - الوقوف على الألفاظ المدرجة إن وجدت في الحديث من خلال المقارنة بين الطرق. 6 - - معرفة المقصود الذي سيق لأجله الحديث، 7 - تمييز المهمل وتعيين المبهم. 8 - تقريب مناهج المحدثين المتعددة في ترتيب مؤلفاتهم، ومعرفة الضوابط الدقيقة للتخريج العملي، ومعرفة طرق التخريج للمشتغلين في إعداد برامج الحاسب الآلي. 9 - حماية السنة من الدخلة والمنتحلين، ذلك بإشاعة الصحيح من السنة، إذ تخريج الحديث من أهم أبوابه كما قال ابن المديني:" الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه". 10 - احترام العلماء من سلفنا الكرام بمعرفة ما بذلوه من جهد ووقت في خدمة هذا العلم الشريف. ¬

_ (¬1) ينظر: التخريج ودراسة الأسانيد ص 14،وتخريج الحديث نشأته ومنهجيته ص26،وعلم التخريج ودوره في حفظ السنة النبوية، د. محمد بن ظافر ص29.

المبحث الثاني المصادر الأصلية والفرعية للحديث النبوي الشريف

المبحث الثاني المصادر الأصلية والفرعية للحديث النبوي الشريف. المطلب الأول: المصادر الأصلية: وهي الكتب التي تُروى بالأسانيد من المؤلف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -،ومنها كتب اشتملت على جميع أبواب الدين، وأخرى على أغلب أبواب الدين، وثالثة اشتملت على باب ٍأو بعض أبواب الدين. *الفرع الأول: كتب اشتملت على جميع أبواب الدين، ومنها: أولاً-الجوامع: مفردها جامع: وهو كتاب جمع الأبواب الفقهية والسير والمغازي والتوحيد وغيرها من فنون العلم: ومنها: 1 - الجامع لمعمر بن راشد البصري ت (153هـ). 2 - الجامع لسفيان الثوري ت (161هـ). 3 - الجامع لعبد الله بن وهب ت (197هـ). 4 - الجامع لسفيان بن عيينة ت (198هـ). 5 - الجامع لعبد الرزاق بن همام الصنعاني ت (211هـ). 6 - مسند الدارمي لعبد الله بن محمد الدارمي ت (255هـ)،ويسمى سنن الدارمي، والصواب أنه مسند (¬1). 7 - الجامع المختصر من السنن عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعرفة الصحيح والمعلول وما عليه العمل. لأبي عيس الترمذي ت (279هـ)،ويسمى اختصاراً: (جامع الترمذي)، وأحياناً: (سنن الترمذي). وغيرها كثير. ¬

_ (¬1) ينظر للفائدة: التقييد والإيضاح، الحافظ العراقي ص56.

ثانياً- الصحاح: جمع صحيح: وهو كتاب التزم صاحبه ألا يدخل فيه إلا الحديث الصحيح، ولا يعني من وجود الحديث في هذا الكتاب الجزم بصحته، خلا صحيحي البخاري ومسلم لتلقي الأمة لكتابيهما بالقبول، ومنها: 1 - الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيامه، لمحمد بن إسماعيل البخاري ت (256هـ)،ويسمى اختصاراً صحيح البخاري، وهو أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى، وقد تلقته الأمة بالقبول. 2 - المسند الصحيح، للإمام مسلم بن حجاج النيسابوري ت (261هـ) والمسمى (صحيح مسلم)،وهو ثاني كتاب بعد صحيح البخاري في الصحة وهو مما تلقته الأمة بالقبول. 3 - المسند الصحيح المتصل بنقل العدل عن العدل من غير قطع في المسند ولا جرح في النقلة، لمحمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري ت (311هـ)،والمسمى (صحيح ابن خزيمة). 4 - المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع من غير وجود قطع في سندها ولا ثبوت جرح في ناقليها، لمحمد بن حبان البستي ت (354هـ)،والمسمى (صحيح ابن حبان). ثالثاً-المستخرجات: وهو أن يأتي المصنف إلى أحاديث كتاب من كتب السنة المسندة ويروي أحاديثه بأسانيده هو، من غير طريق صاحب الأصل، فيجتمع مع صاحب الأصل في طبقة من طبقات السند في شيخه أو فيمن فوقه ولو إلى الصحابي، لأغراض كثيرة كطلب علو الإسناد، أو تقوية الحديث الأصل بتعدد طرقه وهكذا، والمستخرجات لا تتضمن إلا المرفوع من الحديث فقط، ومنها: 1 - المستخرج على صحيح البخاري، لأبي بكر الإسماعيلي ت (295هـ). 2 - مختصر المسند الصحيح المؤلف على مسلم، لأبي عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني ت (316هـ)،والمعروف بـ (مستخرج أبي عوانة). 3 - المستخرج على صحيح البخاري، لأبي نعيم الأصفهاني (430هـ).

4 - المسند المستخرج على صحيح مسلم، لأبي نعيم. 5 - المستخرج على الجامع الصحيح، لأحمد بن موسى بن مردويه الأصفهاني ت (410هـ). 6 - المستخرج على سنن أبي داود، لمحمد بن عبد الملك بن أيمن القرطبي ت (330هـ). رابعاً- المستدركات: كتب يقصد مؤلفها استدراك أحاديث على كتاب معين أو أكثر –كصحيح البخاري أو مسلم أو كليهما مثلاً-مما يظن أنها على شرطه أو شرطهما. وهي قليلة جداً، منها: - الإلزامات، لعلي بن عمر الدارقطني ت (385هـ). - المستدرك على الصحيحين، لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري ت (405هـ). - الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، لمحمد بن عبد الواحد المقدسي، أبي عبد الله ضياء الدين الحنبلي ت (643هـ) (¬1). وهذه المستدركات ليست من قبيل الصحاح، إذ فيها الصحيح والحسن والضعيف، بل والموضوع، ولا سيما مستدرك الحاكم الذي حشاه بالأحاديث المنكرة والمعلولة، فلا يلتفت إلى تصحيحه أو موافقة الذهبي له، فإنما لخصه الذهبي في ابتداءٍ كما قال الذهبي: "في المستدرك شيء كثير على شرطهما، وشيء كثير على شرط أحدهما، ولعل مجموع ذلك ثلث الكتاب بل أقل، فإن في كثير من ذلك أحاديث في الظاهر على شرط أحدهما أو كليهما، وفي الباطن لها علل خفية مؤثرة، وقطعة من الكتاب إسنادها صالح وحسن وجيد، وذلك نحو ربعه، وباقي الكتاب مناكير وعجائب، وفي غضون ذلك أحاديث نحو المائة يشهد القلب ببطلانها، كنت قد ¬

_ (¬1) وقد يصلح أن يسمى مسندا، وصحيحا، ومعجماً، وهو غير تام مات رحمه الله ولم يتمه.

أفردت منها جزءً، وحديث الطير بالنسبة إليها سماء، وبكل حال فهو كتاب مفيد قد اختصرته، ويعوز عملا وتحريرا" (¬1). *الفرع الثاني: كتب اشتملت على أغلب أبواب الدين، ومنها: أولاً- السنن: وهي كتب يرتبها المصنف على حسب الأبواب الفقهية، وتتضمن أحاديث الأحكام غالباً وليس فيها شيء من الآثار، ومنها: 1 - السنن، لسعيد بن منصور الخراساني ت (227هـ). 2 - السنن، لمحمد بن يزيد بن ماجه القزويني ت (273هـ)،والمشهور بسنن ابن ماجه. 3 - السنن، لأبي داود السجستاني ت (275هـ) والمشهور بسنن أبي داود. 4 - السنن، لأحمد بن شعيب النسائي ت (303هـ)،ويسمى سنن النسائي، أو (المجتبى) أو (المجتنى). 5 - السنن الكبرى للنسائي نفسه. 6 - السنن، لعلي بن عمر الدارقطني ت (385هـ). 7 - السنن الكبرى، لأحمد بن الحسين البيهقي ت (458هـ). 8 - السنن الصغرى، للبيهقي. ثانياً- المسانيد: وهي التي ترتب فيها الأحاديث على حسب اسم الصحابي الذي يرويها، ويرتب الصحابة بحسب أفضليتهم أو سابقتهم، ومنها (¬2): ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء 17/ 167،وقد كتب الأخ الحبيب ورفيق طلب العلم الشيخ الدكتور عزيز رشيد الدايني -رحمه الله تعالى- بحثاً نفيساً: (منهج الذهبي في تلخيص مستدرك الحاكم)،فلينظر، والشيخ عزيز الدايني من أفذاذ طلبة العلم في العراق، رافقنا في طلب العلم مع خيرة طلبة العلم آنذاك وهو من الدعاة والخطباء اللامعين، ومن القراء المتقنين، اغتالته يد الغدر في بغداد عام 2006م، نسأل الله أن يتقبله في الشهداء، له مؤلفات مفيدة. (¬2) ينظر: مقدمة ابن الصلاح ص 20.

1 - المسند، لأبي حنيفة النعمان بن ثابت ت (150هـ). 2 - المسند، لعبد الله بن المبارك المروزي ت (181هـ). 3 - المسند، لمحمد بن إدريس الشافعي ت (204هـ). 4 - المسند: لعبد الله بن الزبير بن عيسى الحميدي ت (219هـ). 5 - المسند، لأحمد بن حنبل الشيباني ت (241هـ). وغيرها كثير. ثالثاً- المعاجم: هي أن ترتب الأحاديث على اسم الصحابي ولكن حسب حروف الهجاء، ومنها: 1 - المعجم الكبير، لسليمان بن أحمد اللخمي الطبراني ت (360هـ).وهذا مرتب حسب أسماء الصحابة. 2 - المعجم الأوسط، للطبراني. وهو مرتب حسب أسماء شيوخه. 3 - المعجم الصغير، للطبراني. وهذا مرتب حسب أسماء شيوخه. رابعاً- المصنفات: كتب مرتبة على الأبواب الفقهية، وتشتمل على الأحاديث المرفوعة والموقوفة والمقطوعة، منها: 1 - المصنف، لعبد الرازق بن همام الصنعاني ت (211هـ). 2 - المصنف، لابن أبي شيبة، لأبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ت (235هـ). خامساً- الموطّآت: هي كتب مصنفة على أبواب الفقه، وتشمل المرفوعات والموقوفات والمقطوعة، فهي كالمصنف، واختلافهما اختلاف تسمية فقط، ويقصد مصنفها تسهيل السنة على الناس، لذا سميت بالموطآت، وقيل إنّ الإمام مالكاً عرضه على سبعين من فقهاء المدينة فوافقوه وتواطؤوا عليه. ومنها:

1 - الموطأ، لمحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب المدني ت (158هـ) (¬1). 2 - الموطأ، لمالك بن أنس المدني ت (179هـ). *الفرع الثالث: كتب مصنفة على بابٍ أو بعض أبواب الدين، ومنها: الأجزاء الحديثية: ويجمع فيها الأئمة أحاديث خاصة بمسألة معينة أو مراد معين، كأن تكون في العقيدة أو في الفقه أو في الزهد أو في السيرة .. وهكذا، ففي العقيدة مثلاً: 1 - الإيمان، لعبد الله بن أبي شيبة ت (235هـ). 2 - التوحيد، لمحمد بن إسحاق بن خزيمة ت (311هـ). وفي الفقه مثلاً: 1 - الأشربة، لأحمد بن حنبل ت (241هـ). 2 - رفع اليدين، لمحمد بن إسماعيل البخاري ت (256هـ). 3 - القراءة خلف الإمام، لأحمد بن الحسين البيهقي ت (458هـ). وفي الزهد مثلاً: 1 - الزهد، لعبد الله بن المبارك ت (181هـ). 2 - الزهد، لأحمد بن حنبل ت (241هـ). 3 - الزهد، لهناد بن السري (243هـ). ب - الأمالي: وهي أن يجلس الشيخ ويملي على تلاميذه أحاديث في باب معين أو أبواب متفرقة بإسناده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد يكون الإملاء في يوم معين كيوم الجمعة أو الاثنين .. وهكذا. ومنها: ¬

_ (¬1) وهو مفقود، قال الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي 2/ 282:"ابن أبي ذئب صنف موطأ فلم يخرج "،ونقل السيوطي في تدريب الراوي 1/ 89،والصنعاني في توضيح الأفكار 1/ 49:" لابن أبي ذئب موطأ أكبر من موطأ مالك بأضعاف حتى قيل لمالك: ما الفائدة في تصنيفك؟ فقال: ما كان لله بقي ".

المطلب الثاني: المصادر الفرعية.

1 - الأمالي، للحسين بن إسماعيل بن محمد المحاملي ت (330هـ). 2 - الأمالي، لأبي القاسم، ابن بشران البغدادي ت (430هـ). 3 - الأمالي، لأبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي ت (806هـ). هذه باختصار أهم المصادر الأصلية للحديث النبوي. المطلب الثاني: المصادر الفرعية. ونعني بها: الكتب الحديثية الناقلة عن الكتب الأصلية، وهي أما تكون مصنفة على السند أو المتن. الفرع الأول: ما كان مصنفاً على السند: مثل: (كتب الأطراف، والجوامع). *ومن أهم كتب الأطراف: 1 - تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف، لأبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي (742هـ). 2 - إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة، لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852هـ). 3 - إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة، لأحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (840 هـ) *ومن أهم كتب الجوامع: 1 - جامع المسانيد والسنن الهادي لأقوم سنن، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي (774هـ). 2 - جمع الجوامع، لجلال الدين السيوطي (911هـ). الفرع الثاني: ما كان مصنفاً حسب المتن، مثل: (كتب الزوائد، وكتب التخريج). ومن أهم كتب الزوائد:

1 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، لنور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (807هـ)،جمع فيه الأحاديث الزائدة الواردة في: (مسند الإمام أحمد، ومسند أبي يعلى، ومسند البزار، ومعاجم الطبراني الثلاثة، على ما جاء في الكتب الستة). 2 - المطالب العالية في زوائد المسانيد الثمانية، لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852هـ)،جمع فيه: (الأحاديث الزائدة الواردة في مسند أبي يعلى، ومسند مسدد بن مسرهد، ومسند ابن أبي عمر العدني، ومسند أحمد بن منيع، ومسند الطيالسي، ومسند الحارث بن أبي أسامة، ومسند الحميدي، ومسند إسحاق بن راهويه، على ما في الكتب الستة). ومن أهم كتب التخريج: 1 - نصب الراية لأحاديث الهداية، لجمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي (762هـ). 2 - الهداية في تخريج أحاديث البداية، لأحمد بن الصديق الغماري (1380هـ)،وهو في تخريج أحاديث كتاب: بداية المجتهد لابن رشد في المذهب المالكي. 3 - البدر المنير لابن الملقن (804هـ) وهو من أنفع كتب التخريج. 4 - تخريج أحاديث إحياء علوم الدين للحافظ العراقي (806بهـ). 5 - التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، للحافظ أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852هـ). ولا يجوز للمشتغل بالتخريج العدول عن المصادر الأصلية إلى المصادر الفرعية إلا بشروط، منها (¬1): 1 - أن يكون هذا الحديث غير موجود في الأصلية كونه مفقوداً أو مخطوطاً أو تعذر الوصول إليه. ¬

_ (¬1) ينظر: التخريج ودراسة الأسانيد ص 6،وتخريج الحديث نشأته ومنهجيته ص18،ومذكرة في تخريج الحديث، سامي جاد الله ص11.

فمثلاً: هناك بعض الكتب التي لم تصلنا أصلاً أو لم تصلنا كاملة، ولكنها موجود في زمن الحافظ المزي أو مغلطاي أو الذهبي أو ابن حجر، فيجوز لك أن تخرجه من هذا الكتاب الفرعي وتعزو إليه. فمثلاً كتاب التمييز (¬1) للإمام النسائي فيه تراجم وروايات، ولكنه مفقود، وهو إلى زمن الحافظ ابن حجر (852هـ) موجود ومتداول، وصرح بالنقل منه ابن خلفون والمزي والذهبي ومغلطاي وابن حجر وغيرهم، فتقول في مثله: أخرجه النسائي في التمييز كما نقله مغلطاي في إكمال تهذيب الكمال. -مثال آخر-:يمكنك أن تخرج من كتاب إتحاف المهرة للحافظ ابن حجر أحاديث مسند أبي عوانة المفقودة من المطبوع؛ لأن الحافظ ابن حجر كانت عنده نسخة كاملة، فنقول: أخرجه أبو عوانة في مسنده كما قال الحافظ في (إتحاف المهرة).أو نحوها من العبارات الأخرى. فهذا الكتاب مصدرٌ فرعي؛ لأنه نقل عن الكتب التي تروي بالإسناد، يجوز لنا أن ننقل منه بهذه الطريقة. أما أن ننقل من مصدر فرعي حديثاً مخرجاً في المصادر الأصلية، والكتاب مطبوع متداول، فلا يصح علمياً، كأن تخرج حديثاً من إتحاف المهرة –مثلاً – وتعزوه على صحيح ابن خزيمة وهو في المطبوع. 2 - أن يكون المصدر الفرعي نقل الحديث بالإسناد. والحقيقة أنه يشمل كلا المصدرين، فلابد للمصدر الأصلي والفرعي أن يكون مسنداً، فكتاب (الشهاب) للقضاعي ت (454هـ) من المصادر الأصلية؛ لكنه لم يحوي على أسانيد حتى جاء المؤلف وصنف مسنده (مسند الشهاب) فهذا مصدر أصلي مسند. ¬

_ (¬1) وقد يسر الله تعالى لنا جمع أقوله المبثوثة في بطون الكتب في جزء مستقل أسميناه: (أقوال الإمام النسائي في كتابه أسماء الرواة والتمييز بينهم)،ودرسنا الرواة الذين وقفنا عليهم، موازنة بأقوال أئمة الجرح والتعديل.

وكذا: كتاب (الفردوس) للديلمي ت (509هـ) من المصادر الأصلية، وهو غير مسند، لكن كتاب (مسند الفردوس) لابنه (أبي منصور) مصدر أصلي ومسند. وقل مثله في المصادر الفرعية فكتاب (الأذكار)،للنووي مصدر فرعي غير مسند، لكن كتاب (نتائج الأفكار) للحافظ ابن حجر، كتاب فرعي مسند؛ لأنه كتاب مسند ويسوق أحاديث كتاب الأذكار بإسناده هو - ابن حجر-. وقد جوز بعض الباحثين المعاصرين النقل من الكتب الفرعية وإن لم تكن مسندة، وأطلق بعضهم عليها أسم (مصادر غير أصلية)،وأطلق على المسندة منها (مصادر شبه الأصلية) (¬1). وننبه: أننا نقول عند النقل من المصادر الأصلية: أخرجه، ومن المصادر الفرعية: أورده. ومن أهم فوائد التخريج من المصادر الفرعية (¬2): أ- الوقوف على الأحاديث المفقودة أو التي يعسر وقوفنا عليها. ب- أنها تمثل المفتاح والدليل الموصل إلى المصادر الأصلية. ج- معرفة أحكام بعض الأحاديث التي لم يبين الأئمة حكمها في المصادر الأصلية لسبب أو لآخر. ¬

_ (¬1) ينظر: تخريج الحديث نشأته ومنهجيته ص19. (¬2) ينظر: المفصل في أصول التخريج ودراسة الأسانيد، علي بن نايف الشحوذ ص23.

المبحث الثالث مراحل تخريج الحديث

المبحث الثالث مراحل تخريج الحديث لتخريج الحديث خمس مراحل: 1 - معرفة مظان الحديث من كتب السنة الأصلية. 2 - جمع طرق الحديث المختلفة. 3 - تحديد موضع التفرد في الإسناد. 4 - ترجمة رجال الإسناد. 5 - الحكم على الحديث. والآن نتحدث بتفصيل عن كل مرحلة منها: المطلب الأول: معرفة مظان الحديث. ونعني بها معرفة مكان وجود هذه الأحاديث في الكتب الأصلية من كتب السنة المعتمدة كالكتب الستة، ومصنفات مؤلفيها الأخرى وموطأ مالك، وسنن الدارمي، ومسند أحمد، ومصنف عبد الرزاق، ومصنف ابن أبي شيبة، ومسند الطيالسي، ومسند الحميدي، ومسند عبد بن حميد، وصحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان، وسنن الدارقطني، وسنن البيهقي ..... الخ. ومعرفة مظان الحديث تكون إما عن طريق المتن أو السند، إذ يختلف العلماء في تصنيف كتب السنة، قال الخطيب البغدادي: "من العلماء من يختار تصنيف السنن وتخريجها على الأحكام

وطريقة الفقه، ومنهم من يختار تخريجها على المسند، وضم أحاديث كل واحد من الصحابة بعضها إلى بعض" (¬1). ويقول الحافظ أبو عمرو بن الصلاح:"وللعلماء بالحديث في تصنيفه طريقتان: إحداهما: التصنيف على الأبواب، وهو: تخريجه على أحكام الفقه وغيرها، وتنويعه أنواعاً، وجمع ما ورد في كل حكم وكل نوع في باب فباب، والثانية: تصنيفه على المسانيد وجمع حديث كل صحابي وحده، وإن اختلفت أنواعه" (¬2). وقال ابن حجر:"وتصنيفه إما على المسانيد، أو الأبواب، أو العلل، أو الأطراف" (¬3). ويقول السخاوي: ولهم طريقة أخرى في جمع الحديث وهي جمعه على حروف المعجم ...... ومنهم من يرتب على الكلمات لكن غير متقيد بحروف مقتصرا على ألفاظ النبوة فقط .... ثم من هؤلاء من يلم بغريب الحديث وإعرابه أو أحكامه وآرائه فيه .... وجمعوا أيضا أبوابا من أبواب الكتب المصنفة الجامعة للأحكام وغيرها فأفردوها بالتأليف .... " (¬4). وهكذا فطرق التصنيف مختلفة وطريقة البحث فيها مختلفة أيضاً، وتكون: أولا: عن طريق المتن. ويكون إما عن طريق طرف الحديث أو لفظة بارزة في المتن. أ- عن طريق معرفة طرف الحديث: أي أوله، إذ ترتب فيه الأحاديث على حروف المعجم لتسهل عملية كشف موضع الحديث، ومن الكتب المصنفة في هذا الباب: ¬

_ (¬1) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/ 284. (¬2) مقدمة ابن الصلاح ص 143. (¬3) نخبة الفكر ص30. (¬4) فتح المغيث 2/ 387.

أولاً-جمع الجوامع: وهو المسمى بالجامع الكبير للحافظ جلال الدين السيوطي ت (911هـ)،وهو مقسم على قسمين قسم للأقوال، والآخر للأفعال. وقد استل منها ما يقارب عشرة آلاف حديث في الأحاديث القولية القصيرة فقط. أما الأحاديث الفعلية أو القولية الطويلة فلا تجدها فيه، واستخدم الرموز الآتية: (خ) للبخاري، (م) لمسلم، و (ق) للبخاري ومسلم، (هـ) لابن ماجه، (د) لأبي داود، (ت) للترمذي، (ن)،للنسائي، و (4):للأربعة سوى البخاري ومسلم، (3):للأربعة سوى ابن ماجه، (حم):لأحمد في المسند، (عم):لما زاده ابنه عبد الله في المسند، (ك):للحاكم، (خد) للبخاري في الأدب المفرد، (تخ):له في التاريخ، (حب):لابن حبان، (طب):للطبراني في الكبير، (طس):له في الأوسط، (طص):له في الصغير، (ص):لسعيد بن منصور في سننه، (ش):لابن أبي شيبة، (عب):لعبد الرزاق في مصنفه، (ع):لأبي يعلى في مسنده، (قط):للدارقطني في سننه، (فر):للديلمي في مسند الفردوس، (حل):لأبي نعيم في الحلية، (هق):للبيهقي في سننه، (هب):له في شعب الإيمان، (عد):لابن عدي في الكامل، (عق):للعقيلي في الضعفاء، (خط): للخطيب في تاريخه. وأستعمل (صح):للدلالة على صحة الحديث عنده. و (ح) للحسن، و (ض):للضعيف. ثانيا-فيض القدير للمناوي، وهو شرح للجامع الصغير. ثالثاً- الدرر المتناثرة في الأحاديث المشتهرة للسيوطي. رابعاً-المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة، للحافظ السخاوي ت (902 هـ). خامساً-كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، لإسماعيل العجلوني (1162هـ). سادساً- موسوعة أطراف الحديث، لمحمد السعيد بسيوني زغلول.

وغيرها من الكتب الأخرى، وقد ينتفع طالب العلم من الفهارس الملحقة بالتحقيقات والمؤلفات التي اشتهرت اليوم كفهارس تحفة الأشراف وفهارس المسند الجامع وفهارس مسند أحمد وفهارس صحيح ابن حبان ... وغيرها كثير جداً. ب- عن طريق لفظة بارزة في المتن. وما يعينك في ذلك كتاب: (المعجم المفهرس لألفاظ الحديث)، لمجموعة من المستشرقين بإشراف الدكتور (أرند جاي فنسك)،وهو مختص بالكتب التسعة (الستة والموطأ ومسند الدارمي ومسند أحمد) وقد طبع في ثماني مجلدات. وللبحث فيه نرجع الكلمة إلى مصدرها اللغوي كأنك تبحث في معاجم اللغة، ثم نبحث عن مشتقات تلك الكلمة ترتيبًا أبجديًا فيبدأ بألف باء ثم بعدها ألف تاء ... وهكذا. وقد جاءت الفهارس في المجلد الثامن منه. وللكتاب رموز خاصة به موجودة في حاشية كل صفحة من الكتاب، وهي: (خ): للبخاري، (م): لمسلم، (د): لأبي داود، (ت):للترمذي، (ن):للنسائي، (جه): لابن ماجه، (ط):لموطأ مالك، (حم):لمسند أحمد، (دي):لسنن الدارمي. وطريقة إشارته إلى الموضع: يذكر جملة من الحديث التي حوت الكلمة المقصودة من البحث ويضع أمامها اسم الكتاب (الإيمان، الصلاة، والصيام .... )،ثم رقم الباب (4،3،2،1 .... ). وهذا بالنسبة لجميع المصنفات خلا صحيح مسلم وموطأ مالك ومسند أحمد، إذ استعمل مع صحيح مسلم والموطأ عنوان الباب ورقم الحديث، وينفعك ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي لهما- طبعته-. أما مسند أحمد فإنه يشير إلى رقم الجزء والصفحة، ويستعمل رقمين أحدهما كبير للجزء والآخر صغير للصفحة، وتعتمد فيها الطبعة الميمنية أو المصورة عنها، والمطبوعة في ست مجلدات.

ولمن لا يعرف طريقة ترتيب أبواب وكتب كل كتاب من هذه الكتب التسعة، فعليه مراجعة مقدمة مفتاح كنوز السنة لمحمد فؤاد عبد الباقي فإنه ذكر أرقام الأبواب والكتب مرتبة حسب التسلسل. فمثلا: لو أردت البحث عن كلمة (أصحابي)،فإنك تبحث في المعجم عن الكلمة بعد تجريدها إلى الفعل الثلاثي (صحب)،ثم تبحث في مشتقاتها فتجد مثلاً: صَحبَ، صَحْب، صاحب، صاحبة، أصاحب، أصحابه، أصحابي، صحابة، صحاببي .. أصيحابي ....... ويذكر أمام كل لفظة طرف الحديث وموضعه من الكتب التسعة بالرموز الموضحة فيه. ثانياً: معرفة المظان عن طريق السند: وقيل إن أول من خرج على السند نعيم بن حماد، قال أحمد بن محمد بن غالب الفقيه: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني، قال: وأول من صنف مسندا وتتبعه نعيم بن حماد (¬1). وتعقبه الخطيب فقال:"وقد صنف أسد بن موسى المصري مسندا وكان أسد أكبر من نعيم سناً وأقدم سماعا فيحتمل أن يكون نعيم سبقه إلى تخريج المسند، وتتبع ذلك في حداثته وخرج أسد بعده على كبر سنه والله اعلم" (¬2). ويطلق عليه المعاصرون: التخريج عن طريق (الراوي الأعلى) للحديث، ويراد به أعلى رجل في الإسناد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواء كان صحابياً أو تابعياً أو دونه. وأفضل ما يفيد في هذا الباب كتب المسانيد وهي مرتبة على أسماء الصحابة رضي الله عنهم، فمنها ما يرتب على الفضل والشرف، أو على السابقة في الإسلام، ومنها ما يرتب على حروف المعجم، ومن أهمها مسند الطيالسي، ومسند الحميدي ومسند أحمد، وغيرها، ومن أهم ¬

_ (¬1) الجامع لأخلاق الراوي 2/ 290. (¬2) المصدر نفسه.

كتب المعاجم: معجم الطبراني الكبير، ومعجم الطبراني الأوسط، ومعجم الطبراني الصغير وغيرها، ومنها ما رتب على أطراف مسانيد الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، إذ يذكر طرفاً من حديثه (جزء منه) وليس بالضرورة أوله، ومن أهم كتب الأطراف: 1 - أطراف الصحيحين، لأبي مسعود: إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقي ت (401) هـ. 2 - أطراف الصحيحين، لأبي محمد: خلف بن محمد بن علي بن حمدون الواسطي ت (401) هـ. 3 - أطراف الكتب الستة، للحافظ أبي الفضل: محمد بن طاهر المقدسي، المعروف بابن القيسراني ت (507) هـ. 5 - الإشراف على معرفة الأطراف، للحافظ ابن عساكر ت (571) هـ، وهو في أطراف السنن الأربع. 6 - أطراف الستة، لأبي بكر: محمد بن أحمد بن علي المصري القسطلاني ت (686) هـ. 7 - تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف للإمام المِزِّي ت (742) هـ. 8 - إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة، للحافظ ابن حجر العسقلاني ت (852) هـ. 9 - إطراف المسْنِد المعتلي بأطراف المُسنَد الحنبلي، للحافظ ابن حجر. ولنأخذ أهمها وأكثرها انتشاراً بين طلبة العلم اليوم وهو كتاب تحفة الأشراف للمزي مثالاً: كتاب تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف .... للإمام الحافظ المزي ت (742هـ): وللتعريف بالإمام المزي ننقل باختصار بعض ما قاله تلميذه النجيب الإمام الذهبي:" شيخنا الإمام العالم الحبر الحافظ الأوحد محدث الشام جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف القضاعي ثم الكلبي الدمشقي الشافعي، ولد بظاهر حلب سنة أربع وخمسين وستمائة ونشأ بالمزة، وحفظ القرآن وتفقه قليلا ثم أقبل على هذا الشأن .... ونظر في

اللغة ومهر فيها وفي التصريف وقرأ العربية وأما معرفة الرجال فهو حامل لوائها والقائم بأعبائها لم تر العيون مثله عمل كتاب تهذيب الكمال في مائتي جزء وخمسين جزءً وعمل كتاب الأطراف في بضعة وثمانين جزءً، وخرج لنفسه وأملى مجالس وأوضح مشكلات ومعضلات ما سبق إليها في علم الحديث ورجاله، وولي المشيخة بأماكن منها الدار الأشرفية، وكان ثقة حجة، كثير العلم حسن الأخلاق، كثير السكوت قليل الكلام جداً، صادق اللهجة لم تعرف له صبوة، وكان يطالع وينقل الطباق إذا حدث، وهو في ذلك لا يكاد يخفى عليه شيء مما يقرأ بل يرد في المتن والإسناد ردا مفيدا يتعجب منه فضلاء الجماعة وكان متواضعا حليما صبورا مقتصدا في ملبسه ومأكله كثير المشي في مصالحه ترافق هو وابن تيمية كثيرا في سماع الحديث وفي النظر في العلم" (¬1). وأما كتابه تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف: فقد مر كلام الذهبي في الثناء على التحفة آنفاً، وقال ابن حجر العسقلاني:"إن من الكتب الجليلة المصنَّفة في علوم الحديث كتاب تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف تأليف شيخ شيوخنا الحافظ أبي الحجاج: يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف المِزِّي، وقد حصل الانتفاع به شرقاً وغرباً، وتنافس العلماء في تحصيله بعداً وقرباً" (¬2). وأفاد المزي من صنيع سابقيه، فقال في مقدمة التحفة:" معتمداً عامة ذلك على: كتاب أبي مسعود الدمشقي، وكتاب خلف الواسطي، في أحاديث الصحيحين، وعلى كتاب أبي القاسم بن عساكر، في كتب السنن" (¬3)،كما أنه استدرك عليهم بعض الأحاديث. ¬

_ (¬1) تذكرة الحفاظ 4/ 1500. (¬2) النكت الظراف على الأطراف 1/ 4. (¬3) تحفة الأشراف 1/ 4.

إذن اشتمل الكتاب على الكتب الستة، وبعض مصنفات أصحابها الأخرى وجعل لكل واحد منها رمزا خاصاً بها وهي: (خ): لصحيح الإمام البخاري. و (خت): لما استشهد به البخاري تعليقاً. (م): لصحيح مسلم ومقدمته. (د): لسنن أبي داود. و (مد): لما أخرجه أبو داود في المراسيل. (ت): لجامع الترمذي. و (تم):لما أخرجه في الشمائل. (س):لسنن النسائي الصغرى والكبرى. و (سي):لما أخرجه النسائي في كتاب عمل يوم وليلة. (ق):لسنن ابن ماجه. (ع):لما رواه هؤلاء الستة. (ز):لما زاد على ذلك: أحاديث يذكرها، فاتت من سبقه أو لم ينبه عليها. (ك):لما استدركه على الحافظ ابن عساكر. وقد زاد على الكتب الستة بعض مؤلفات أصحابها الأخرى، كـ: 1 ـ مقدمة صحيح مسلم. 2 ـ كتاب المراسيل لأبي داود. 3 ـ كتاب العلل الصغير للترمذي. 4 ـ كتاب الشمائل للترمذي. 5 ـ كتاب عمل اليوم والليلة للنسائي. وقد رتب المزي كتابه على حسب أسماء الصحابة، إذ رتب أسماء الصحابة على حروف المعجم، ثم رتب أحاديث كل صحابي على وفق أسماء الرواة عنه من التابعين، ثم رتب أحاديث كل تابعي عن ذلك الصحابي على وفق أسماء من روى عنه، وهكذا، وقد جعل اسم الصحابي بالخط العريض، ثمَّ يضع طرف الحديث وتخريج الحديث. واشتمل على المرفوع والموقوف والمرسل والمقطوع تبعاً لما احتوته هذه المصادر، وقد أفرد المِزِّي قسماً خاصاً للمراسيل في آخر تحفة الأشراف.

ومما يبين دقة المزي واعتناءه بالعلل أنه يذكر اختلاف الرواة كثيراً، وينبه على وقوع الغلط في المتن أو اسم رجل، فجمع إلى الأطراف عللا وتراجم، وترجيحات فتأمل! فمثلاً: قال في حديث (4823): "اختلف فيه على أبي قلابة اختلافاً كثيراً، قد ذكرنا بعضه في ترجمة أبي الأشعث، عن شداد بن أوسٍ ". وقال في حديث (113):"كذا رواه ت عن عليّ بن حُجر، عن هُشيم، بلفظ سفيان بن عُيينة جعل حديث أحدهما على حديث الآخر والمحفوظ عن عليّ بن حجر لفظُ س عنه كما تقدّم التنبيه عليه". وقال في (195):"والصواب عبد الله بن زياد قاله محمد بن خَلَف الحدّاديّ، عن سعد بن عبد الحميد. وتابعه أبو بكر محمد بن صالح بن يزيد القنّاد، عن محمد بن الحجَّاج، عن عبد الله بن زياد السُحَيْميّ". وقال في (1740):"ولم يُتابع على قوله عن أبيه، فإنّه محفوظ عن شعبة، عن النعمان، عن ابن عمرو بن أوس، عن جدِّه أوس". ونقل كلام الأئمة في عدة مواضع، منها في حديث (4167) قال:"رواه أبو عوانة الإسفرائينيُّ، عن أبي داود السجستانيِّ، عن هدبة بقصَّة الكتابة وقال: وهو منكر، أخطأ فيه همَّام، هو من قول أبي سعيد ". وقال في حديث (16287):"عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق، عن عمته عائشة وهو أخو القاسم بن محمد بن أبي بكر، ومن قال: إنه ابن أبي عتيق، فقد أخطأ".وغيرها كثير لمن تتبع. وقد اعتنى الشيخ عبد الصمد شرف الدين بهذا الكتاب العظيم، ووضع له الفهارس النافعة التي تعين الباحث في مجلد مستقل سمّاه (الكشاف عن أبواب مراجع تحفة الأشراف

بمعرفة الأطراف)،وزاد من انتفاع طلبة الحديث ما صنعه الدكتور بشار عواد معروف لما جمع المسند الجامع إلى تحفة الأشراف. وكذا حققها الشيخ عبد الرزاق المهدي، وخرّج الأحاديث، وقام الدكتور خليل بن مأمون شيحا بتجريد تحفة الأشراف من الأسانيد في كتابه: تقريب تحفة الأشراف المسمى (تجريد الأطراف من مسانيد الأشراف)،ووضع له فهارس عامة لأطراف الحديث ومسانيد الرواة. ثالثاً: معرفة المظان عن طريق موضوع الحديث. كأن يكون في باب معين أو موضوع ما، ومما يعين في هذا كتاب مفتاح كنوز السنة للمستشرق الدكتور (أرند جاي فنسك)،وقد نقله إلى العربية الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي وهو كتاب مرتب على الأبواب يدلك على موضع وجود الحديث في الكتب التسعة مع مسند الطيالسي، ومسند زيد بن علي، وسيرة ابن هشام، وكتاب المغازي للواقدي، وكتاب الطبقات الكبير لابن سعد. وبعض هذه الكتب المزيدة تدلّ بوضوح أهداف المستشرقين من فهرست كتب السنة النبوية والتاريخ الإسلامي، فما مكانة كتاب المغازي للواقدي -مثلاً- إلى المصنفات والجوامع المهمة، ويبدو أنهم فعلوا:"ذلك لتوظيف ما تم تتبعه من كتب السنة والتاريخ من الأحاديث والآثار والأحداث التاريخية لخدمة أغراض الأبحاث الاستشراقية" (¬1). ومما ينفع في هذا الباب: جامع الأصول من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -) لابن الأثير ت (606هـ)،وكتاب (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد)،للحافظ الهيثمي ت (807هـ)،وكتاب (الترغيب والترهيب) للإمام المنذري ت (656هـ)،وغيرها كثير. ¬

_ (¬1) كيف ندرس علم التخريج ص35.

المطلب الثاني: جمع طرق الحديث.

وإذا كان الموضوع في الأحكام فينبغي الرجوع إلى الكتب المصنفة في تخريج أحاديث الأحكام كبلوغ المرام لابن حجر العسقلاني ت (852هـ) والمنتقى من الأخبار في الأحكام لمجد الدين بن تيمية (¬1)،وغيرها. ومن العلماء من صنف في تخريج أحاديث مذهب فقهي معين، منها: 1 - كتاب: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية للإمام الزيلعي ت (762هـ) وهو في تخريج أحاديث الهداية للمرغناني ت (593هـ) وهو في المذهب الحنفي. 2 - كتاب: التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، وهو أصلاً تلخيص لكتاب البدر المنير لابن الملقن ت (804هـ)، وهو في المذهب الشافعي. 3 - إرواء الغليل في تخريج أحاديث الرافعي الكبير للشيخ الألباني. المطلب الثاني: جمع طرق الحديث. نريد به: جمع الأسانيد الكثيرة للحديث الواحد باعتبار الصحابي الواحد (المتابعات)،لأن حديث كل صحابي يعد مستقلاً عن غيره من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين. والطرق جمع طريق، والطريق: هو سلسلة رجال السند الموصلة إلى موضع التفرد ولو إلى الصحابي. فبعض الأحاديث أفراد ليس لها إلا إسناد واحد، وبعضها لها إسنادان أو ثلاثة أو ... عشرة الخ. على أن كثرة الأسانيد قد تنفع وقد لا تنفع؛ لأن الغرابة لا تنافي الصحة مطلقاً مثلما أن الشهرة لا تعني صحة الإسناد كما هو مقرر عند أهل الصنعة. ولابد من التنبيه على استعمال الأئمة لحرف (ح) وهو تحويل لطريق جديد في الإسناد. ¬

_ (¬1) وقد انتقد بعض العلماء تسرع مجد الدين بن تيمية في أحكامه، ينظر كلام الشوكاني في نيل الأوطار 1/ 1.

ولتوضيح هذه المرحلة – جمع الطرق- نقول: لو أردنا جمع طرق حديث الزبير بن العوام عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:"من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار". من الكتب التسعة نجد أنّ من أخرجه: 1 - أحمد في مسنده 1/ 165،قال: حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن جامع بن شداد عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: قلت للزبير رضي الله عنه: مالي لا أسمعك تحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما أسمع ابن مسعود وفلانا وفلانا؟ قال: أما إني لم أفارقه منذ أسلمت؛ ولكني سمعت منه كلمة: (من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار). 2 - وفي 1/ 166،قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا شعبة عن جامع بن شداد عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه، قال: قلت لأبي الزبير بن العوام، به. 3 - والدارمي (233)،قال: أخبرنا عبد الله بن صالح حدثني الليث حدثني يزيد بن عبد الله عن عمرو بن عبد الله بن عروة عن عبد الله بن عروة عن عبد الله بن الزبير عن الزبير، به. 4 - البخاري (107): حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة عن جامع بن شداد عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال قلت للزبير، به. 5 - أبو داود (3166)،قال: حدثنا عمرو بن عون قال أخبرنا خالد (ح). وحدثنا مسدد ثنا خالد المعنى عن بيان بن بشر عن وبرة بن عبد الرحمن عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال قلت للزبير، به. 6 - وابن ماجه (36)، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن بشار قالا: حدثنا غندر محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن جامع بن شداد أبي صخرة عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه، به. 7 - والنسائي في الكبرى (5882) قال: أنبأ محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا خالد عن شعبة، قال: أخبرني جامع بن شداد قال: سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير يحدث عن أبيه أنه قال للزبير، به.

فهذه طرق الحديث جمعناها من الكتب التسعة مباشرة، ولو رجعنا إلى الكتب التي اختصت بتخريج الأسانيد كتحفة الأشراف أو المسند الجامع لسهل الأمر علينا كثيراً، ولكنني أردت ههنا توضيح المراحل، ليتعلمه طالب العلم المبتدئ، ولاسيما إن كان الحديث في كتب غير هذه المجموعة. ولتوضيح طريقة التعامل مع تحفة الأشراف أو المسند الجامع، وكيفية نقل الطرق منهما نقول: إذا أردت الرجوع إلى الحديث السابق –مثلا- في تحفة الأشراف للمزي أو المسند الجامع، فارجع إلى الفهارس العامة آخر الكتاب (الكشاف) – ويمكن للمتمرس الرجوع مباشرة إلى موضعه فيهما-وابحث في أطراف الأحاديث على أول لفظة من الحديث (من كذب علي متعمدا .. ).فستجد الألفاظ رتبت حسب الحروف الهجائية (أب ت ... ) فاذهب مباشرة إلى الحرف الأول من اللفظة الأولى وهو (م) وابحث في (م+ن) يعني: (من)،ثم (من + كذب) وستجد مجموعة من الأطراف بهذا اللفظ فمثلاً: الطرف ... الصحابي ... جزء/صفحة ... رقم -من كذب علي متعمدا .. ... الزبير بن العوام ... 5/ 150 ... (3623) -من كذب في حلمه .. ... علي بن أبي طالب ... 9/ 318 ... (10172) فأنت تبحث في هذه الأطراف وتنظر أمامه في اسم الصحابي، لأنه قد يكون مروياً عن عدة صحابة، فهذا الحديث متواتر روي عن علي بن أبي طالب وأنس وجابر وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين فتنبه إلى من رواه من الصحابة. وبالإمكان الرجوع إلى فهرست الصحابة ومسانيدهم أيضاً آخر الكتابين، ويمكن الرجوع مباشرة إلى موضع الحديث من الكتابين ولكن هذا لمن مارس وهو سهل جدا إن شاء الله تعالى.

وبالرجوع إلى التحفة مثلاً في تخريج هذا الحديث نجده في مسند الزبير بن العوام، ومن حديث ابنه عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، قال الإمام المزي: * (خ د س ق) حديث: من كذب عليَّ متعمِّداً ( ... الحديث) وفيه قصَّة. خ في العلم (38: 2) عن أبي الوليد، عن شعبة، عن جامع بن شدَّاد، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه به. د فيه (العلم 4) عن عمرو بن عون ومسدَّد، كلاهما عن خالد الطحَّان، عن بيان بن بشر، عن وبرة بن عبد الرحمن، عن عامر به. س فيه (العلم، في الكبرى) عن محمد بن عبد الأعلى، عن خالد بن الحارث، عن شعبة به. ق في السنّة (4: 7) عن أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن بشار، كلاهما عن غندر، عن شعبة به. أ. هـ. من تحفة الأشراف. وقد سبق توضيح رموزه، إذ ذكر في أول الحديث من أخرجه (خ د س ق)،ثم ذكر طرف الحديث ثم فصل في موضعه من المصنفات ذاكراً رقم الكتاب ثم الباب وتسلسل الحديث في الباب فمثلا: البخاري في صحيحه في كتاب العلم باب (38)،حديث 2،وهكذا، وقد زاد الدكتور بشار عواد رقم الحديث أو الجزء والصفحة في طبعته، فسهل الأمر كثيراً. ثم يحدد الإمام المزي رحمه الله موضع التفرد في الإسناد بهذه الطرق (فقط) وهو ههنا عامر بن عبد الله بن الزبير رواه عنه جامع بن شداد ووبرة بن عبد الرحمن به. وأما لو رجعت إلى المسند الجامع بالطريقة نفسها فستجده: -عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ: إِنِّي لاَ أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، كَمَا يُحَدِّثُ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ؟ قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ، وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ:"مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".

أخرجه أحمد 1/ 165 (1413) قال: حدَّثنا مُحَمد بن جَعْفَر، حدَّثنا شُعْبة، عن جامع بن شَدَّاد. وفي 1/ 166 (1428) قال: حدَّثنا عَبْد الرَّحْمان بن مَهْدِي، حدَّثنا شُعْبة، عن جامع بن شَدَّاد. و"البُخَارِي" 1/ 38 (107) قال: حدَّثنا أبو الوَلِيد، قال: حدَّثنا شُعْبة، عن جامع بن شَدَّاد. و"أبو داود" 3651 قال: حدَّثنا عَمْرو بن عَوْن، أخبرنا خالد (ح) وحدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا خالد، المَعْنَى، عن بَيَان بن بِشْر. قال مُسَدَّد: أبو بِشْر، عن وَبَرَة بن عَبْد الرَّحْمن. و"ابن ماجه" 36 قال: حدَّثنا أبو بَكْر بن أَبِي شَيْبَة، ومُحَمد بن بَشَّار، قالا: حدَّثنا غُنْدَر، مُحَمد بن جَعْفَر، حدَّثنا شُعْبة، عن جامع بن شَدَّاد، أَبِي صَخْرَة. و"النَّسائي"، في "الكبرى" 5882 قال: أخبرنا مُحَمد بن عَبْد الأَعْلَى، قال: حدَّثنا خالد، عن شُعْبة، قال: أخبرني جامع بن شَدَّاد. كلاهما (جامع، ووَبَرَة) عن عامر بن عَبْد اللهِ بن الزُّبَيْر، عن أبيه، فذكره. أ. هـ. قلت: والمسند الجامع وإن كان فيه جهد كبير وعمل عظيم يشكر عليه من قدمه، ولكنه عمل بشري، يعوزه مراجعة وتدقيق، وقد كنت عهدت أستاذنا الدكتور بشار عواد قد اشتغل بمراجعته، واستدراك ما فاتهم في عملهم من طرق أخرى، وقد وقفت على بعضها في مواضع من الكتاب أسأل الله أن يوفقهم لاستدراكها. فينبغي مراجعة الكتب الأصلية في التخريج، وعدم الاكتفاء بكتب التخريج المتأخرة، ولاسيما بعد ظهور مئات الكتب والأجزاء التي كنا نفتقر إليها فيما سبق وكذا ظهور الحواسيب والانترنت التي سهلت الوصول إلى أقصى الأرض، والأمر سهل ومتيسر بفضل الله تعالى. وههنا نجد أنّه قد فات أصحاب المسند الجامع طريق الدارمي فلم يذكروه وقد مر سلفاً، وهذا الطريق – الدارمي- مع أهميته فهو لا يؤثر في حكم الحديث هنا لأمرين:

المطلب الثالث: تحديد موضع التفرد في الإسناد.

لكون الحديث في البخاري فهو لا يؤثر على الحكم. لكون إسناده ضعيفاً لحال عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد. ولكن قد تجد طريقاً يغير الحكم على الإسناد مطلقاً وينقله من حال إلى حال، فليتنبه. المطلب الثالث: تحديد موضع التفرد في الإسناد. ويبدأ البحث عن موطن الغرابة في الإسناد من مخرج الحديث الأعلى (الصحابي) لنعرف كم راوٍ روى عنه، فإذا انفرد به راوٍ واحد من التابعين ننزل لننظر كم رواه عن هذا التابعي .. وهكذا، وفائدة معرفة موضع التفرد هو: معرفة المتابعات التامة والقاصرة التي تزيل غرابة

الإسناد، ولتسهيل هذه المرحلة على الطلبة والباحثين نستعين برسم شجرة الرواة. وشجرة الرواة بالنسبة لحديثنا أعلاه هي: خالد عبد الرحمن ابن ماجه ابن ماجه النسائي الدارمي فهذه الشجرة وضحت لنا موضع التفرد في هذا الإسناد وهو عبد الله بن الزبير بن العوام - رضي الله عنه -،رواه عنه عامر –ابنه-،وعبد الله بن عروة بن الزبير – ابن أخيه. ووضحت الشجرة أيضاً المتابعات التامة والقاصرة. والمتابعات التامة: أن يُتابع الراوي في شيخه المباشر نفسه (¬1). وهي ههنا: 1 - عبد الله بن عروة -وعامر بن عبد الله تابع أحدهما الآخر في روايتهما عن عبد الله بن الزبير. 2 - جامع بن شداد – ووبرة بن عبد الرحمن تابع أحدهما الآخر في روايتهما عن عامر بن عبد الله 3 - هشام –ومحمد بن جعفر (غندر) - وخالد بن الحارث تتابعوا في روايتهم عن شعبة بن الحجاج. ¬

_ (¬1) ينظر: مقدمة ابن الصلاح ص48،ونزهة النظر ص15،وفتح المغيث 1/ 220.

المطلب الرابع: ترجمة رجال الإسناد.

4 - عبد الله بن محمد بن أبي شيبة (أبو بكر) –ومحمد بن بشار (بندار).تابع أحدهما الآخر في روايتهما عن غندر. 5 - عمرو بن عون –ومسدد بن مسرهد، تابع أحدهما الآخر في روايتهما عن خالد الطحان. والمتابعات القاصرة أن يُتابع الراوي فيما فوق شيخه المباشر (¬1). وهي كل ما سوى التامة من متابعات على أن لا يكون في الطريق نفسه؛ فكل راوٍ في أحد الأسانيد تابع كل الرواة في الأسانيد الأخرى شريطة ألا يكون تابعه متابعة تامة فمثلاً المتابعات القاصرة لشعبة بن الحجاج: (عمرو بن عون، ومسدد، وخالد الطحان، وبيان بن بشر، ووبرة) في الطريق الأول فشعبة تابعهم وهم تابعوه في روايتهم عن عامر بن عبد الله. و (عبد الله بن صالح، والليث، ويزيد، وعمر بن عبد الله، وعبد الله بن عروة) في الطريق الثاني تابعهم شعبة وهم تابعوه في روايتهم عن عبد الله بن الزبير. وهكذا الحال لكل راوٍ من الرواة الآخرين. المطلب الرابع: ترجمة رجال الإسناد. تنقسم الترجمة إلى ثلاثة أقسام: 1 - ترجمة معرفية: وتعنى بعين المتَرجَم له، بما يميزه عن غيره ممن يشترك معه في الاسم أو الكنية أو اللقب أو البلد أو العشيرة، وهي على أهميتها في ذلك بيد أنها لا تفيد الحكم على الراوي من حيث جرحه أو تعديله. ¬

_ (¬1) ينظر: مقدمة ابن الصلاح ص48،ونزهة النظر ص15،وفتح المغيث 1/ 220،وقد سوّى بعض أهل العلم بين المتابعة القاصرة والشاهد.

فمثلاً: قال البخاري في صحيحه: حدثنا إسحاق أخبرنا عبد الصمد حدثنا عبد الرحمن بن دينار قال: سمعت أبي عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:" أنّ رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش فأخذ الرجل خفه فجعل يغرف له به حتى أرواه فشكر الله له فأدخله الجنة". فللحكم على هذا الإسناد -مثلاً- لابد من معرفة رجاله، ولكي نترجم للرواة لابد من معرفتهم فمن إسحاق هذا، ومن عبد الصمد، ومن أبو صالح؟ فحينما نترجم لهم معرفياً نميزهم عن غيرهم، وهو أمر يسير جدا على المتمرس، وأحياناً يعسر الأمر، وذلك حينما يُذكر راوٍ باسمه أو كنيته فقط – مثلاً- ويكون عندنا راويان أو أكثر لهم الاسم نفسه أو الكنية، يشتركان في روايتهما عن الشيخ ذاته وتلميذهما واحد، فمثلاً في إسحاق شيخ البخاري هنا، من المقصود به؟ إذ للبخاري أكثر من شيخ اسمه إسحاق، هل هو إسحاق بن إبراهيم بن راهويه، أو إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعدي، أو إسحاق بن منصور الكوسج أو إسحاق بن شاهين؟ فهؤلاء كلهم من شيوخ البخاري وممن روى عنهم في صحيحه، وطريقة تمييزه تكون بالرجوع إلى شيوخه أو تلامذته، يعني من (روى عنه) ومن (روى هو عنهم)،وخير ما يفيد الباحث في رجال الكتب الستة كتاب تهذيب الكمال للمزي. والنكتة هنا هي أنّ البخاري روى عن إسحاق بن راهويه وعن إسحاق بن منصور الكوسج كلاهما من حديث عبد الصمد بن عبد الوارث، فلا نقدر على تمييزه لا من شيخه ولا تلميذه، لذا فلابد من الرجوع إلى أقوال الأئمة النقاد لعلهم ميزوه، وخير ما ينفعك كتب تحرير المشتبهات، والمؤتلف والمختلف، والمبهمات، والمستخرجات، والشروح.

ورجح أبو علي الجيّاني أنّ البخاري إذا أطلق إسحاق هكذا يريد ابن منصور الكوسج، فقال:" والأشبه عندي أنه إسحاق بن منصور فإن البخاري إذا حدّث عنه كثيراً ما يبهمه ولا ينسبه " (¬1). ووضع الحافظ ابن حجر العسقلاني قاعدة استقرائية جزم بها أن البخاري إذا أطلق إسحاق وقال إسحاق أخبرنا فهو ابن راهويه جزماً، فقال:" التعبير بالأخبار قرينة في كون إسحاق هو ابن راهويه لأنه لا يعبر عن شيوخه إلا بذلك " (¬2). وقال مرة في شيخ للبخاري اسمه إسحاق:"هو ابن إبراهيم، المعروف بابن راهويه، وإنما جزمت بذلك مع تجويز أبي علي الجياني أن يكون هو، أو إسحاق بن منصور؛ لتعبيره بقوله: «أخبرنا يعقوب بن إبراهيم»، لأن هذه العبارة يعتمدها إسحاق بن راهويه، كما عُرف بالاستقراء من عادته أنه لا يقول إلا: «أخبرنا» ولا يقول: «حدثنا» " (¬3). قلت: وهذه القاعدة ليست على إطلاقها فإسحاق هنا وإن قال: أخبرنا، فليس هو ابن راهويه وإنما هو ابن منصور الكوسج كما نص الحافظ ابن حجر نفسه فقال:" إسحاق هو ابن منصور الكوسج كما جزم به أبو نعيم في المستخرج " (¬4). والمسألة تحتاج إلى تدقيق ومراجعة، ولكل قاعدة شواذ، فلعل اختلاف النسخ سبب في اختلاف ألفاظ التحديث فتنبه (¬5). ¬

_ (¬1) التعريف بشيوخ حدّث عنهم محمد بن إسماعيل البخاري وأهمل أنسابهم ص43. (¬2) الفتح 3/ 62،و4/ 71. (¬3) فتح الباري 6/ 491. (¬4) المصدر نفسه 1/ 278. (¬5) وقد وقفت على أكثر من موضع في مسند إسحاق بن راهويه يقول فيه: حدثنا، فمرة برقم (199)، (1268) من حديث يحيى بن آدم و (542) من حديث الملائي، و (1432) من حديث وكيع، و (1520) من حديث وهب بن جرير و (1579) من حديث عبيد الله بن موسى وغيرها كثير، وإن قيل إن الحافظ قصد حديثه في الصحيح، فحديثنا هذا يقيد قاعدة الحافظ رحمه الله فليتنبه.

وهكذا ندرك أهمية الترجمة المعرفية في تمييز الرجل عن غيره، ونعرف جهد العلماء في تقييد المهمل وتبيينه. لذا فأحياناً تجد النقاد لا يتمكنون من تمييز الرجل فيقولون: إن كان الرجل فلاناً فهو ثقة والإسناد صحيح وإلا فلا، وعبارات نحو ذلك. فمثلا: جاء في سؤالات البرقاني للدارقطني:"قلت ابن أبي فديك يروى عن عبد الله بن يزيد عن أبيه عن أبي هريرة؟ فقال: إن كان هذا يزيد مولى المنبعث فهو ثقة" (¬1). وقال ابن أبي حاتم في العلل:"وسألت أبي عن حديث رواه عبد الله بن نمير، عن حجاج بن دينار، عن شعيب بن خالد، عن الحسين بن علي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن من حسن إسلام المرء: تركه ما لا يعنيه"؟ قال أبي: إن كان شعيب بن خالد الرازي فبينهما الزهري، ولا أدري هو أو لا " (¬2). 2 - الترجمة المنقبية: وهي ترجمة تعنى بمناقب الراوي ومحاسن أخلاقه، وتبرز جوانبه الروحية التعبدية كقولنا: زاهد، شجاع، تقي، ورع، كثير البكاء، كثير الصلاة ..... الخ، فهذه العبارات وإن كانت تفيد في عدالة الرجل ولكنها لا تفيد في ضبطه البتة، فكم من زاهد ضعيف الحديث، بل قد يكون الراوي صالحاً تقياً ولا يؤخذ من حديثه حرف، وقد نبه الإمام مسلم على مثل هذا في مقدمته فنقل عن يحيى القطان قوله: "لن ترى الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث" (¬3).ثم ¬

_ (¬1) فتح الباري 13/ 462. (¬2) العلل 4/ 520. (¬3) مقدمة صحيحه 1/ 4.

بين مسلم ذلك فقال:"يجري الكذب على ألسنتهم ولا يتعمدون الكذب" (¬1).لذا فقد يكون الرجل من أزهد الناس ولو شهد على تمرتين ما قبلت شهادته –كما قال أيوب السختياني-،فمنهم الضعيف كرشدين بن سعد، وعبّاد بن كثير، والحسن بن أبي جعفر وغيرهم. ومنهم متروك الحديث يتحرى الكذب ويتعمده مثل أحمد بن محمد بن غالب غلام خليل، وزكريا بن يحيى المصري. وقد فصل الإمام ابن رجب في شرح العلل (¬2) الأقوال وبينها، فلتنظر لزاماً. قال الذهبي في السير في ترجمة (غلام خليل):" الشيخ، العالم، الزاهد، الواعظ، شيخ بغداد، أبو عبد الله، أحمد بن محمد بن غالب بن خالد بن مرداس، الباهلي البصري، غلام خليل. سكن بغداد وكان له جلالة عجيبة، وصولة مهيبة، وأمر بالمعروف، وأتباع كثير، وصحة معتقد، إلا أنه يروي الكذب الفاحش، ويرى وضع الحديث. نسأل الله العافية" (¬3). فتأمل في قوله: (شيخ، عالم، زاهد، واعظ، شيخ بغداد .... صحة معتقد)،فهذه كلها مناقب وفضائل تدل على عبادة الرجل وحسن تدينه، بيد أنها لا تدفع عنه تعمد الكذب. لذا نجد اليوم كثيراً ممن لا يحسن العلم ربما انخدع ببعض التراجم المنقبية، فيذهب إلى التعصب للرجل بحجة كونه رأساً في الزهد والورع، ولاسيما إن لم يكن الرجل متروكاً كالحارث المحاسبي رحمه الله، ومنصور بن عمار الواعظ، وغيرهم. وهذه الترجمة تفيد كثيراً في التربية والدعوة، وأكثر ما تستعمل في كتب التواريخ والطبقات والزهد، كالحلية لأبي نعيم، وسير أعلام النبلاء، وتاريخ الإسلام للذهبي. ولأن الصحابة كلهم عدول بنص القرآن الكريم والسنة الصحيحة فإننا نكتفي بالترجمة المنقبية لأحدهم ¬

_ (¬1) المصدر نفسه. (¬2) شرح علل الترمذي 1/ 130 فما بعد. (¬3) سير أعلام النبلاء 13/ 283.

3 - الترجمة النقدية: وهي المعنية من الترجمة إذا أطلقت، فالقصد من ترجمة الراوي معرفة حاله من حيث العدالة والضبط، وهذه الترجمة تؤثر على الراوي إيجاباً أو سلباً من حيث قبول حديثه أو رده. والرواة على أقسام من حيث توثيقهم أو عدمه، فمنهم الثقة، وهم مراتب، ومنهم الضعفاء وهم مراتب، ومنهم المتروكون. فالثقة الذي لم يختلف النقاد على روايته، وحديثه واحد في كل حاله، ليس كحديث الثقة الذي قد اختلف النقاد على حديثه، وليس له حالة واحدة، وباعتبار شيخ معين دون غيره: كأبي معاوية الضرير، فحديثه صحيح إذا روى عن الأعمش، ومضطرب في غير الأعمش (¬1). أو باعتبار بلد دون بلد: كـ معمر بن راشد: حديثه في اليمن صحيح، وحديثه في البصرة فيه أغاليط (¬2). ويزيد بن هارون فحديثه بواسط أصح من حديثه ببغداد (¬3). أو باعتبار احتراق كتبه: كعبد الله بن لهيعة، فحديثه قبل احتراق كتبه أصح منه بعد الاحتراق (¬4). أو باعتبار ذهاب بصره: كـ عبد الرزاق بن همام الصنعاني (¬5). أو باعتبار اختلاطه: أي تغير فصار حفظه وضبطه خفيفاً، كسعيد بن أبي عروبة (¬6) وعطاء بن السائب (¬7)،وغيرهما، فمن سمع منهم قبل الاختلاط أصح ممن سمع منهم بعده. ¬

_ (¬1) ينظر: الجرح والتعديل 7/ 247،وشرح علل الترمذي 2/ 670. (¬2) ينظر: الجرح والتعديل 8/ 255،وتهذيب الكمال 28/ 308،وشرح علل الترمذي 1/ 127. (¬3) ينظر: التعديل والتجريح للباجي 3/ 1235،وتاريخ بغداد 14/ 338،وشرح علل الترمذي 2/ 670. (¬4) ينظر: الجرح والتعديل 5/ 146،والكامل لابن عدي 4/ 144،وشرح علل الترمذي 1/ 128. (¬5) ينظر: الجرح والتعديل 6/ 38،والكامل في الضعفاء 5/ 311. (¬6) ينظر: العلل ومعرفة الرجال، عبد الله بن أحمد 1/ 353،والجرح والتعديل 4/ 65. (¬7) ينظر: العلل ومعرفة الرجال 1/ 414،,والجرح والتعديل 6/ 333،وتهذيب الكمال 20/ 92.

المطلب الخامس: مذاهب العلماء في تراجم الرجال.

أو باعتبار التلقين: والتلقين هو اختبار حفظ الشيخ، فيجعل سند متن ما على متن آخر أو متن سند على سند آخر، وهكذا لغرض اختبار حفظ الشيخ (¬1)، وممن اشتهر بقبول التلقين: عبد الله بن صالح كاتب المغيرة (¬2)،وسعيد بن إياس الجريري (¬3). وغيرها من الآفات التي تطرأ على الحافظ (¬4). المطلب الخامس: مذاهب العلماء في تراجم الرجال. للعلماء في تصنيف كتب التراجم مذاهب، فمنهم من صنف في الثقات، ومنهم من صنف في الضعفاء، ومنهم من صنف في تراجم الرواة مطلقاً، ومنهم من صنف في تراجم رجال كتب معينة، ومنهم من صنف في تراجم رواة بلد معين أو في المدلسين أو المتهمين به .. وهكذا، ويمكن توضيح ذلك بما يأتي: أولاً: الكتب المصنفة في الثقات: 1 - الثقات: لأحمد بن عبد الله بن صالح أبي الحسن العجلي الكوفي ت (261) هـ. 2 –. الثقات: لابن حبان أبي حاتم محمد بن حبان البستي ت (354هـ) هـ. 3 - تاريخ أسماء الثقات: لابن شاهين، عمر بن أحمد أبي حفص الواعظ ت (385) هـ. ولابد من التنبيه على أن هذا لا يعني أن من ذكر في هذا الكتب هو ثقة، بل فيها من هو ضعيف، بل ومتهم، وكثيراً ما يصرح العجلي وابن شاهين بضعف الراوي فمثلا: قال العجلي في ترجمة ¬

_ (¬1) ينظر: مقدمة ابن الصلاح ص61،وتدريب الراوي 1/ 339.وقال المعلمي اليماني في التنكيل 1/ 375:"التلقين القادح في الملقن هو أن يوقع الشيخ في الكذب ولا يبين، فإن كان إنما فعل ذلك امتحاناً للشيخ وبين ذلك في المجلس لن يضره، وأما الشيخ فإن قبل التلقين وكثر ذلك منه فإنه يسقط". (¬2) ينظر: الجرح والتعديل 5/ 86،والكامل في الضعفاء 4/ 206،والتعديل والتجريح 2/ 836. (¬3) ينظر: الجرح والتعديل 4/ 1،وثقات ابن حبان 6/ 351. (¬4) ينظر في ذلك شرح علل الترمذي 2/ 32،فما بعد، وكتاب معرفة مراتب الثقات لشيخنا عبد الله السعد حفظه الله تعالى.

الحارث بن عبد الله الأعور: حدثني قاسم العرفطى حدثنا زائدة عن مغيرة عن إبراهيم قال: كان الحارث متهما" (¬1). وقال في ترجمة حكيم بن عجيبة:" كوفي ضعيف الحديث غال في التشيع متروك" (¬2). وقال ابن شاهين في ترجمة البراء بن يزيد الغنوي:" صاحب أبي نضرة: ضعيف" (¬3). وأحياناً يذكر ابن حبان مثل ذلك، من ذلك قوله في ترجمة حبة بن جوين العربي: ضعيف" (¬4). وعلى كل حال فمن وثق في هذه الكتب قد يكون ثقة، وقد يكون الراجح عند التحقيق خلافه، لأن توثيقه هناك مبني على ترجيح صاحب الكتاب له فقط، قال ابن حبان في مقدمة الثقات: "وإنما أذكر في هذا الكتاب الشيخ بعد الشيخ وقد ضعفه بعض أئمتنا ووثقه بعضهم فمن صح عندي منهم أنه ثقة بالدلائل النيرة التي بينتها في كتاب الفصل بين النقلة أدخلته في هذا الكتاب" (¬5).وهذا الأمر مشهور بين طلبة العلم، ولكني رأيت بعض طلبة العلم اليوم يوثق الرجل اعتماداً على إيراده في ثقات ابن حبان –مع إجلالنا لهذا الناقد الكبير-دون تحرير حال الرجل أو النظر في أقوال بقية الأئمة، وهذا غلط فاحش، فليتنبه. ثانيا: كتب مصنفة في الضعفاء: 1 - الضعفاء لأبي زُرعة الرازي، عبيد الله بن عبد الكريم أبي زُرْعة الرَّازيّ 264 هـ. 2 - الضعفاء للبخاري، محمد بن إسماعيل أبي عبدالله البخاري الجعفي 256هـ. 3 - الضعفاء والمتروكين للنسائي، أحمد بن شعيب أبي عبد الرحمن النسائي 303هـ. ¬

_ (¬1) الثقات ص 287. (¬2) الثقات ص 316،وينظر مثلاً التراجم: (85و90و109و111و201و206و249و288). (¬3) تاريخ أسماء الثقات ص 46. (¬4) الثقات 4/ 182. (¬5) مقدمة الثقات 1/ 13.

4 - المجروحين لابن حبان أبي حاتم محمد بن حبان البستي 354هـ. 5 – الضعفاء الكبير للعُقيلي أبي جعفر محمد بن عمر بن موسى العقيلي 322هـ. 6 - الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي، عبدالله بن عدي بن عبدالله بن محمد أبي أحمد الجرجاني 360هـ. 7 - ميزان الاعتدال للذهبي، مُحمَّد بن أحمد أبي عبد الله الذهبيّ الحافظ 748هـ. 8 - لسان الميزان لابن حجر، أحمد بن علي بن حجر أبي الفضل شهاب الدين العسقلاني 852هـ. ثالثا: كتب جمعت بين الثقات والضعفاء. 1 - التاريخ الكبير والصغير والأوسط للبخاري. 2 - الجرح والتعديل لابن أبي حاتم مُحمَّد بن إدريس الحنظليّ أبي حَاتم الرَّازيّ 277هـ. رابعًا: مصنفات في رجال كتب مخصوصة: 1 - المعجم المشتمل على ذكر أسماء شيوخ الأئمة النبل، للحافظ أبي القاسم ابن عساكر الدمشقي ت (571هـ). 2 - الكمال في أسماء الرجال، لعبد الغني المقدسي ت (600هـ). 3 - تهذيب الكمال في أسماء الرجال، لأبي الحجاج المزي ت (743هـ). ولأهمية هذا الكتاب نقول (¬1): لم يجمع أحد شيوخ أصحاب الستة قبل الحافظ ابن عساكر (571) في كتابه " المعجم المشتمل على ذكر أسماء شيوخ الأئمة النبل "،واقتصر فيه على شيوخ أصحاب الستة دون الرواة الآخرين. ¬

_ (¬1) ينظر لزاماً مقدمة تحقيق كتاب تهذيب الكمال، لأستاذنا الدكتور بشار عواد معروف العبيدي.

ورتب الكتاب على حروف المعجم، وأورد التراجم على سبيل الاختصار فذكر اسم المترجم ونسبته، ثم من روى عنه من أصحاب الكتب الستة، ثم توثيقه، وأتبع ذلك بتاريخ وفاته إن وقع له، وأشار في نهاية الترجمة فيما إذا وقع له من حديثه ما كان موافقة أو بدلا عالياً، ونحو ذلك من رتب العلو في الرواية. واستعمل لأصحاب الستة علامات تدل عليهم، وهي: (خ) للبخاري و (م) لمسلم، و (د) لأبي داود، و (ت) للترمذي، و (ن) للنسائي، و (ق) لابن ماجه القزويني. ثم جاء الحافظ الكبير أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي ت (600هـ) فألف كتابه " الكمال في أسماء الرجال " وتناول فيه رجال الكتب الستة. ومما يظنه بعض طلبة العلم غلطاً أن المقدسي اختصر كتاب ابن عساكر، وهذا وهم فالحافظ ابن عساكر ألف في شيوخ أصحاب الكتب الستة حسب، أما المقدسي فألف في رواة الكتب الستة، ولم يقتصر على شيوخهم فقط. وأهم ميزات كتاب الكمال للمقدسي، هي: 1 - حاول أن يستوعب جميع رجال هذه الكتب غاية الإمكان. 2 - بين أحوال هؤلاء الرجال حسب طاقته ومبلغ جهده، وحذف كثيرا من الأقوال والأسانيد طلبا للاختصار. 3 - استعمل عبارات دالة على وجود الرجل في الكتب الستة أو في بعضها، فكان يقول " روى له الجماعة " إذا كان في الكتب الستة، ونحو قوله: " اتفقا عليه " أو " متفق عليه " إذا كان الراوي ممن اتفق على إخراج حديثه البخاري ومسلم في " صحيحيهما " وأما الباقي فسماه تسمية. 4 - أفرد الصحابة عن باقي الرواة، فجعلهم في أول الكتاب، وبدأهم بالعشرة المشهود لهم بالجنة، فكان أولهم الصديق أبو بكر رضي الله عنهم، وأفرد الرجال عن النساء، فأورد الرجال

أولا، ثم أتبعهم بالنساء، ورتب الرواة الباقين على حروف المعجم، وبدأهم بالمحمدين لشرف هذا الاسم. ثم جاء الحافظ المزي ليصنف (تهذيب الكمال في أسماء الرجال)،وقد ذهب البعض إلى أن الحافظ المزي اختصر كتاب " الكمال " لعبد الغني حينما ألف كتابه " تهذيب الكمال "،والحق أنه (هذبه)،فزاد وأنقص، وأبرز ما صنعه المزي في تهذيبه: 1 - استدرك ما فات المؤلف (عبد الغني المقدسي) من رواة هذه الكتب. 2 - حذف بعض من هو ليس من شرطه. 3 - أضاف الرواة الواردين في بعض ما اختاره من مؤلفات أصحاب الكتب الستة، فزاد للبخاري: 1 - كتاب القراءة خلف الإمام. 2 - كتاب رفع اليدين في الصلاة. 3 كتاب الأدب المفرد. 4 كتاب خلق أفعال العباد. 5 ما استشهد به في الصحيح تعليقا. وزاد لمسلم: مقدمة كتابه الصحيح. وزاد لأبي داود: 1 كتاب المراسيل. 2 - كتاب الرد على أهل القدر. 3 - كتاب الناسخ والمنسوخ. 4 - كتاب التفرد (وهو ما تفرد به أهل الأمصار من السنن). 5 - كتاب فضائل الأنصار.

6 - كتاب مسائل الإمام أحمد (وهي المسائل التي سأل عنها أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل). 7 - كتاب مسند حديث مالك بن أنس. وللترمذي: كتاب الشمائل. وللنسائي: 1 - كتاب عمل يوم وليلة. 2 - كتاب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه 3 - كتاب مسند علي رضي الله عنه. 4 - كتاب مسند حديث مالك بن أنس. ولابن ماجه القزويني: كتاب التفسير. وبذلك زاد في تراجم الأصل أكثر من ألف وسبع مئة ترجمة. ثانيا: وذكر جملة من التراجم للتمييز، وهي تراجم تتفق مع تراجم الكتاب في الاسم والطبقة، لكن أصحابها لم يكونوا من رجال أصحاب الكتب الستة. ثالثا: أضاف المزي إلى معظم تراجم الأصل مادة تاريخية جديدة في شيوخ صاحب الترجمة، والرواة عنه، وما قيل فيه من جرح أو تعديل أو توثيق، وتاريخ مولده أو وفاته، ونحو ذلك، فتوسعت معظم التراجم توسعا كبيرا. رابعا: وأضاف المزي بعد كل هذا أربعة فصول مهمة في آخر كتابه لم يذكر صاحب " الكمال " منها شيئا وهي: 1 - فصل فيمن اشتهر بالنسبة إلى أبيه أو جده أو أمه أو عمه أو نحو ذلك. 2 - فصل فيمن اشتهر بالنسبة إلى قبيلة أو بلدة أو صناعة أو نحو ذلك. 3 - فصل فيمن اشتهر بلقب أو نحوه.

4 - فصل في المبهمات. واستخدم المزيّ رموز من سبقه لأصحاب الكتب الستة وزاد عليها رموزاً أخرى مما زاده من مصنفات أخرى، فاستخدم: للبخاري (خ) ولمسلم (م) وللترمذي (ت) ولا ابن ماجه (ت) وللنسائي (س) ولأبي داود (د)، وللبخاري في الأدب (بخ) ولأبي داود في القدر (قد)، وللبخاري تعليقًا (خت)، ولمسلم في مقدمة صحيحه (مق)، وغيرها من الرموز. -ثم جاء الذهبي وهذب تهذيب الكمال في تذهيب التهذيب. -ثم جاء الخزرجي وهذب التذهيب في كتاب سماه: خلاصة تذهيب تهذيب الكمال. -ثم جاء علاء الدين مغلطاي فاستدرك بعض من فات المزي في تهذيبه بكتاب سماه: الإكمال. -وجاء ابن حجر العسقلاني فجمع بين تهذيب الكمال وإكمال مغلطاي في كتاب سماه تهذيب التهذيب، ثم اختصره ابن حجر في تقريب التهذيب. خامسًا: كتب اختصت بتراجم الصحابة الكرام، مثل: 1 - معرفة الصحابة لأبي نعيم، أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق الأصبهاني 430هـ. 2 - الاستيعاب في حياة الصحابة، لابن عبد البر يوسف بن عبد الله 463هـ. 2 - أسد الغابة في معرفة الصحابة: لابن الأثير، أبي الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري المعروف بابن الأثير630هـ. 3 - الإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر العسقلاني. سادساً: تواريخ البلدان: وهي التي تصنف في تراجم رواة بلدة معينة مثل: 1 - تاريخ دمشق لأبي قاسم علي بن الحسن المعروف بابن عساكر ت (571هـ). 2 - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (463هـ). 3 - تاريخ جُرجان لحمزة بن يوسف السهمي (408هـ).

المطلب السادس: مراتب الرواة من حيث الاحتجاج أو عدمه

سابعاً: كتب مصنفة في المدلسين: 1 - المدلسين لأبي أحمد الحاكم ت (378) هـ. 2 – جامع التحصيل في أحكام المراسيل، لأبي سعيد العلائي ت (761) هـ. 3 - أسماء المدلسين لحسين بن علي الكرابيسي. 4 – التبيين في أسماء المدلسين لسبط ابن العجمي ت (841) هـ. 5 - تعريف ذوي التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس لابن حجر ويسمى طبقات المدلسين. المطلب السادس: مراتب الرواة من حيث الاحتجاج أو عدمه يجدر بنا توضيح مراتب الرواة من حيث الاحتجاج بهم من عدمه وذكر ألفاظ كل مرتبة، وحق هذا المبحث ضمن المطلب السابق (ترجمة رجال الإسناد) ولكن لسعة الكلام فيه وفي المبحث الذي يليه آثرنا تأخيرهما أضف إلى إننا خشينا أن إرباك للقارئ ولاسيما المبتدئ في حالة تأخير مطلب الحكم على الحديث بعد هذين المبحثين، فنقول: من يتتبع أقوال أئمة الحديث ونقادهم في أقسام الرواة يجدها تدور في أربع مراتب (¬1): رواة مرتبة الاحتجاج، ورواة مرتبة الاختبار، ورواة مرتبة الاعتبار، ورواة مرتبة الترك. وكل أقوال أئمة النقد في مراتب الرواة تدور بين ذلك، فمثلاً: قال سفيان الثوري:" إني لأروي الحديث على ثلاثة أوجه أسمع الحديث من الرجل أتخذه دينا وأسمع الحديث من الرجل أوقف حديثه وأسمع من الرجل لا أعبأ بحديثه وأحب معرفته" (¬2).وقال محمد بن المثنى لعبد الرحمن بن مهدي:" يا أبا سعيد هم يقولون: إنك تحدث عن كل أحد؟ قال: عمن أحدث؟ فذكرت له محمد بن راشد المكحولي، فقال لي: أحفظ عني: الناس ثلاثة: رجل حافظ متقن فهذا لا ¬

_ (¬1) ذهب الشيخ الجديع في تحرير علوم الحديث 2/ 565 إلى أنها ثلاث مراتب حسب، ومن يتتبع أقوال الأئمة وصنيعهم يجدها كما قلنا، والله أعلم. (¬2) الجرح والتعديل 2/ 37،والضعفاء الكبير 1/ 15،ومعرفة علوم الحديث، الحاكم ص 204.

يختلف فيه، وآخر يهم والغالب على حديثه الصحة فهذا لا يترك حديثه؛ ولو ترك حديث مثل هذا لذهب حديث الناس، وآخر يهم والغالب على حديثه الوهم فهذا يترك حديثه" (¬1). وقال مسلم في مقدمة صحيحه:" إنا نعمد إلى جملة ما أسند من الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنقسمها على ثلاثة أقسام، وثلاث طبقات من الناس على غير تكرار، إلا أن يأتي موضع لا يستغنى فيه عن ترداد حديث فيه زيادة معنى أو إسناد يقع إلى جنب إسناد لعلة تكون هناك ..... فأما القسم الأول: فإنا نتوخى أن نقدم الأخبار التي هي أسلم من العيوب من غيرها وأنقى، من أن يكون ناقلوها أهل استقامة في الحديث وإتقان لما نقلوا، لم يوجد في روايتهم اختلاف شديد ولا تخليط فاحش، كما قد عثر فيه على كثير من المحدثين وبان ذلك في حديثهم، فإذا نحن تقصينا أخبار هذا الصنف من الناس أتبعناها أخباراً يقع في أسانيدها بعض من ليس بالموصوف بالحفظ والإتقان كالصنف المقدم قبلهم، على أنهم وإن كانوا فيما وصفنا دونهم فإن اسم الستر والصدق وتعاطي العلم يشملهم، كعطاء بن السائب ويزيد بن أبي زياد وليث بن أبي سليم وأضرابهم من حمال الآثار ونقال الأخبار، فهم وإن كانوا بما وصفنا من العلم والستر عند أهل العلم معروفين فغيرهم من أقرانهم ممن عندهم ما ذكرنا من الإتقان والاستقامة في الرواية يفضلونهم في الحال والمرتبة، فعلى نحو ما ذكرنا من الوجوه نؤلف ما سألت من الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأما ما كان منها عن قوم هم عند أهل الحديث متهمون أو عند الأكثر منهم فلسنا نتشاغل بتخريج حديثهم، كعبد الله بن مسور أبي جعفر المدائني، وعمرو بن خالد، وعبد القدوس الشامي، ومحمد بن سعيد المصلوب، وغياث بن إبراهيم، وسليمان بن عمرو أبي داود النخعي، وأشباههم ممن اتهم بوضع الأحاديث وتوليد الأخبار، وكذلك من الغالب على حديثه المنكر أو الغلط أمسكنا أيضا عن حديثهم " (¬2). ¬

_ (¬1) الضعفاء الكبير 1/ 15،والكفاية ص 143،والجامع لأخلاق الراوي 2/ 193. (¬2) مقدمة الصحيح 1/ 4 - 6 بتصرف يسير.

وقال ابن أبي حاتم:" وجدت الألفاظ في الجرح والتعديل على مراتب شتى، وإذا قيل للواحد إنه ثقة أو متقن ثبت: فهو ممن يحتج بحديثه، وإذا قيل له إنه صدوق أو محله الصدق أو لا بأس به: فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه وهي المنزلة الثانية، وإذا قيل شيخ: فهو بالمنزلة الثالثة، يكتب حديثه وينظر فيه إلا أنه دون الثانية، وإذا قيل صالح الحديث فإنه يكتب حديثه للاعتبار، وإذا أجابوا في الرجل بلين الحديث فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه اعتبارا، وإذا قالوا ليس بقوي فهو بمنزلة الأولى في كتب حديثه إلا انه دونه، وإذا قالوا ضعيف الحديث فهو دون الثاني لا يطرح حديثه يعتبر به، وإذا قالوا متروك الحديث أو ذاهب الحديث أو كذاب فهو ساقط الحديث لا يكتب حديثه وهي المنزلة الرابعة " (¬1). وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي:" رواة الحديث أربعة أقسام: من هو متهم بالكذب. ومن هو صادق لكن يغلب على حديثه الغلط والوهم لسوء حفظه، وهذان القسمان متروكان. ومن هو صادق ويغلط أحياناً، وهذا القسم هو المحتج بحديثه. ومن هو صادق ويخطئ كثيراً ويهم، لكن لا يغلب الخطأ عليه، وهؤلاء مختلف في الرواية عنهم والاحتجاج بهم. وسبق الكلام على ذلك كله مستوفى. وبقي الكلام في أن بعض الرواة يختلف الحفاظ فيه من أي هذه الأقسام هو؟ فمنهم من يختلف فيه هل هو متهم بالكذب أم لا، ومنهم من يختلف فيه هل هو ممن غلب على حديثه الغلط أم لا. ومنهم من يختلف فيه هل هو ممن كثر غلطه وفحش، أم ممن قل خطؤه وندر. ¬

_ (¬1) الجرح والتعديل 2/ 37.

وقد ذكر الترمذي هنا بعض من اختلف في ترك حديثه وفي الرواية عنه. ونحن نذكر أمثلة هذه الأقسام الثلاثة التي ذكرناها إن شاء الله تعالى:. .... " (¬1). فهكذا يتبين أن مراتب الرواة تدور على أربع مراتب: *-مرتبة الاحتجاج: وراويها يحتج بحديثه انفرد أم توبع. *-مرتبة الاختبار: وهم ثقات ولكن لا يحتج بحديثهم مطلقاً إلا بعد اختباره كأن يكون له أوهام أو تغير أو طرأ عليه طارئ فهو ليس ممن جُزم بضعفه مطلقاً أو توثيقه مطلقاً، كما ذكر ابن رجب رحمه الله بقوله: (وبقي الكلام في أن بعض الرواة يختلف الحفاظ فيه من أي هذه الأقسام .. ،فراويها يختبر حديثه إما أنْ يوثق أو يضعف بحسب القرائن، ودائما تكون هناك علة ما تمنع من توثيق الرجل، فان انتفت العلة المانعة احتج بحديثه منفرداً أو متابعاً، وإن رجحت العلة نزل الراوي إلى الاعتبار أو ربما رد أصلاً بسب تلك العلة كالمخالفة مثلاً، وإن كانت القرائن غير جلية ولا ترجح أحد الطرفين على الآخر يبقى في دائرة الاختبار (التوقف) حتى تأتي القرينة. ومن ذلك مثلاً: قول ابن أبي حاتم: "وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ؛ رَوَاهُ الأَنْصَارِيّ، عَن بَهز بْن حكيم، عَن زرارة، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -:" أَنَّهُ كَانَ يوضع لَهُ وضوؤهُ وسواكه من الليل". وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَن بهز، عَنْ سَعْدِ بْنِ هشام، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أيهما أصح؟ قَالَ أَبِي: إن كَانَ حفظ حَمَّاد فهذا أشبه" (¬2). ¬

_ (¬1) شرح علل الترمذي1/ 324. (¬2) العلل 1/ 25.

وقال:" سألتُ أبي وأبا زُرْعَةَ عن حديثٍ رواه الثوري، عن أبي هاشم، عن سعيد بن جبير أَنه سئل عن النجاسة تصيب الثوب، قال: اقرأ على آية في غسل الثياب. فقلت لهما: من أبو هاشم هذا؟ قال أبي: هو إِسماعيل ابن كثير المكي وليس هو أبو هاشم الرماني قال أبو زُرْعَةَ الذي عندي أَنه الرماني قلت رواه محمد بن كثير فقال إِسماعيل بن كثير قال: إِن حفظ ابن كثير فهو كما يقول" (¬1). *-مرتبة الاعتبار: ورواة هذه المرتبة لا يحتج بحديثهم مطلقاً، ولا يقبل حديث الراوي منهم ما لم يتابع فحديثه يصلح في المتابعات والشواهد (الاعتبار). *مرتبة الترك: ورواتها لا يحتج بهم لا في الاحتجاج ولا في الاعتبار ولا يستشهد بحديثهم أصلاً. ولذا فإن الحافظ ابن حجر العسقلاني جعل أحوال الرواة باعتبار المراتب اثنتي عشرة مرتبة، فقال:" أما المراتب: فأولها: الصحابة: فأصرح بذلك لشرفهم. الثانية: من أكد مدحه: إما: بأفعل: كأوثق الناس، أو بتكرير الصفة لفظا: كثقة ثقة، ومعنى: كثقة حافظ. الثالثة: من أفرد بصفة: كثقة، أو متقن، أو ثبت، أو عدل. الرابعة: من قصر عن درجة الثالثة قليلا وإليه الإشارة، بصدوق، أو لا بأس به، أو ليس به بأس. ¬

_ (¬1) المصدر نفسه 1/ 26.

الخامسة من قصر عن (درجة) الرابعة قليلا، وإليه الإشارة بصدوق سيئ الحفظ، أو صدوق يهم، أو: له أوهام، أو يخطئ، أو تغير بأخرة، ويلتحق بذلك من رمي بنوع من البدعة: كالتشيع، والقدر، والنصب، والإرجاء، والتجهم مع بيان الداعية من غيره. السادسة: من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، وإليه الإشارة بلفظ: مقبول، حيث يتابع، وإلا فلين الحديث. السابعة: من روى عنه أكثر من واحد ولم يوثق، وإليه الإشارة بلفظ: مستور، أو مجهول الحال، الثامنة: من لم يوجد فيه توثيق لمعتبر، ووجد فيه إطلاق الضعف، ولو لم يفسر، وإليه الإشارة بلفظ: ضعيف. التاسعة: من لم يرو عنه غير واحد، ولم يوثق، وإليه الإشارة بلفظ: مجهول. العاشرة: من لم يوثق البتة، وضعف مع ذلك بقادح، وإليه الإشارة بمتروك، أو متروك الحديث، أو واهي الحديث، أو ساقط. الحادية عشرة: من اتهم بالكذب. الثانية عشرة: من أطلق عليه اسم الكذب، والوضع" (¬1). وهذه المراتب في حقيقتها تدور في المراتب الأربع التي ذكرتها، فالمرتبة (الأولى، والثانية، والثالثة، والرابعة): هم رواة مرتبة الاحتجاج. و (الخامسة):هم رواة مرتبة الاختبار. و (السادسة، والسابعة، والثامنة، والتاسعة):هم رواة مرتبة الاعتبار. و (العاشرة والحادية عشرة والثانية عشرة)،رواة مرتبة الترك. ومما يجدر التنبيه عليه هو أنّ الحافظ ابن حجر لم يكتف بالعبارات التي ذكرها في مقدمته بل زاد عليها ألفاظاً أخرى يمكن للمتمرس أن يعرف في أية مرتبة من المراتب، فمن ذلك: ثقة ¬

_ (¬1) مقدمة التقريب 1/ 24.

المطلب السابع: الحكم على الحديث.

يغرب، أو ثقة حافظ له مناكير، أو حافظ له أوهام أو ثقة يهم قليلاً، .... وغيرها. وفي الجملة فإن ألفاظ التوثيق إن اقترنت بعبارات تشعر بخطأ الراوي أو تغيره فإنه يكون من مرتبة الاختبار في الغالب الأعم، وبحسب القرائن، والله أعلم. المطلب السابع: الحكم على الحديث. وهذه المرحلة مهمة للغاية ودقيقة، إذ يترتب عليها قبول الحديث أو رده، والدراسة تنصب على قسمين (¬1): 1 - دراسة الإسناد. 2 - دراسة المتن. ومن المعلوم أن صحة الحديث تستلزم صحة السند والمتن جميعاً، ولا يصح إطلاق الصحة على الحديث لثقة رجال السند ما لم يسلم المتن من الشذوذ والعلة، وكذا المتن لا يصح ما لم يصح السند، وقد يضعف السند لعلة ما كانقطاع أو تدليس أو إرسال .... ولكن المتن صح من جهة إسناد آخر، وهنا أيضاً لا يصح إطلاق الصحة على الحديث بهذا الإسناد. ويمكنك التفصيل في الحديث فتقول: إسناده ضعيف (باطل، منكر .. ) ومتنه صح من حديث آخر، أو إسناده باطل، وصح متنه من وجه آخر .. وهكذا. ¬

_ (¬1) وقبل الشروع في ذلك لابد أن ننظر في الحديث، فأن كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما فهو صحيح إذ الأصل فيما احتجا به الصحة، فلا حاجة حينئذ إلى دراسة الحديث.

ولدراسة الإسناد لابد من الترجمة لكل الرواة لننظر في رواة طرق الحديث هل هم ثقات أو دون ذلك أو فيهم ضعيف أو متهم بالكذب، وهل يصح من الطرق شيء أو علها صحت جميعها أو ربما لم يصح منها شيء. فإن كان السند غريباً مطلقاً، أي ليس فيه متابعات ترجمنا لكل السند ثم حكمنا عليه بعد تتبع كتب العلل وأحكام الأئمة النقاد، وحسب ما سنذكره لاحقاً. وإن كان السند فيه طرق متعددة نلاحظ موضع التفرد في الإسناد، ويمكننا الاستعانة بمخطط لشجرة الرواة يسهل علينا تحديد موضع التفرد في السند، وفائدة معرفة موضع التفرد هي معرفة المتابعات التامة والقاصرة لتسهيل دراسة الإسناد، إذ لو ثبت ضعف المدار فإن الإسناد يبقى ضعيفاً ولو كان الرواة دون المدار كلهم ثقاتٍ، فحينئذٍ نستطيع أن نحكم ابتداءً بضعف السند، أما إن كان موضع التفرد ومن فوقه من رواة مرتبة الاحتجاج، فحينئذ ٍ ندرس رواة الطرق طريقاً طريقاً، فإن صح الإسناد من طريق واحد فالإسناد صحيح، وبقية الطرق متابعات له إن كان رواتها من رواة الاعتبار، وقد تصح جميعها، وقد يصح بعضها، وقد تكون بمجموعها حسنة، فيكون الإسناد حسناً، وقد لا تصح كلها، وحينئذٍ يعد الإسناد ضعيفاً، وهكذا .. وهذا إذا لم يكن هذا الإسناد معارضاً بإسناد أصح منه، أو حكم إمام ناقد بخلافه، كأن يكون معارضاً بإسنادٍ مرسلٍ، والمرسل هو الصواب، أو يكون أخطأ فيه راوٍ من رواته فرفعه، والصواب وقفه، إذ لابد من مراجعة كتب العلل كعلل ابن أبي حاتم، وعلل ابن المديني وعلل أحمد وعلل الدارقطني، وكتب التراجم كالجرح والتعديل لابن أبي حاتم، والكامل في الضعفاء لابن عدي، والضعفاء الكبير للعقيلي، إذ قد تذكر فيها الأحاديث الأغاليط المنتقدة على الراوي في ترجمته ويُتكلم في علته، وغيرها من الكتب الأخرى ككتب التخريج ولاسيما نصب الراية للزيلعي، والتلخيص الحبير لابن حجر العسقلاني، وغيرها.

فإن سلم لنا الإسناد حينئذٍ يأتي دور المتن لدراسته، هل فيه شذوذ أو نكارة، أو اضطراب ... الخ أم هو سالم من تلك العلل؟ ولكي نعرف هذه المشكلة نجمع طرق الباب من المتابعات والشواهد، قال يحيى بن معين:" لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجهاً ما عقلناه" (¬1). وقال أحمد بن حنبل:" الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه والحديث يفسر بعضه بعضا" (¬2).وقال علي بن المديني:" الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه " (¬3). وقال عبد الله بن المبارك:" إذا أردت أن يصح لك الحديث فاضرب بعضه ببعض" (¬4). وكما سلف في دراسة الإسناد من ضرورة مراجعة كتب العلل، فكذا يجب مراجعتها ههنا ويجب البحث أيضاً في كتب السنن والجوامع فأحيانا يذكر أصحابها العلل في موضعها، وكتب الشروح كالتمهيد لابن عبد البر، وفتح الباري لابن حجر، وغيرها وكتب مختلف الحديث كـ (مختلف الحديث) لابن قتيبة، أو الكتب التي اختصت بتوضيح مشكل التعارض في الحديث، ككتاب شرح مشكل الآثار لأبي جعفر الطحاوي، والتحقيق في أحاديث الخلاف لابن الجوزي، وغيرها. فإذا عرفت أنّ الحديث فيه علة، ولم تتمكن من الوقوف عليها بعد البحث في الكتب المعتمدة فأعلم أن القصور في بحثك، فاجهد في ذلك، فقلما فات الأئمة المتقدمين والمتأخرين أحاديث من مثل ذلك، فعليك بالرجوع والبحث. ¬

_ (¬1) الجامع لأخلاق الراوي، الخطيب 2/ 212. (¬2) المصدر نفسه. (¬3) المصدر نفسه. (¬4) المصدر نفسه 2/ 295.

فإن لم تجد –بعد البحث الحثيث- تعارضاً أو إشكالا بين الروايات المتعددة، ووجدت المتن قد سلم من الشذوذ أو العلة فهذا يدل على أن المتن صحيح. وقبل أن تشرع في إطلاق حكمك على الحديث يتوجب عليك الرجوع إلى أقوال الأئمة النقاد وأحكامهم والوقوف عند أقوال الأئمة المتقدمين، فإن اتفق المتقدمون على قبول حديثٍ، أو رده فلا يجوز مخالفتهم بوجه من الوجوه، أما إذا اختلفوا في حديث ما فلا مانع من دراسة أقوالهم والترجيح بينها وفق القواعد المقررة في التعارض والترجيح المعتبرة، والعبرة بقولهم لا بقولك فأنت إنما رجحت حسب. ولا مانع من الجمع بين القولين إن أمكن ذلك بتوجيه معتبر؛ ولكن لا يحل لك الخروج بقول ثالث يرد القولين، فلا يعقل المجيء بشيء فاتهم بالجملة! وحكمك على الحديث إنما يكون على الإسناد حسب، فتقول: هذا إسناد صحيح أو حسن أو ضعيف، ولا يجوز إطلاق الحكم على الحديث كأن تقول:" حديث صحيح". إلا إن تكون مسبوقاً به، كأن يكون الحديث في صحيح البخاري، أو أنك:" تزعم أنك استقرأت جميع كتب السنّة، وتوصلت إلى أن هذا الحديث ليس له علّة باطلة تقدح في صحته. ولا يصح أن تستقرأ فقط، إلا أن تكون دقيق الفهم عالماً بالتخريج وعلم المصطلح والجرح والتعديل، وقد بلغت مبلغ العلماء فيها، وتجزم بعدم وجود علّة باطنة تقدح في الحديث " (¬1). قال البيهقي: " أنّ الأحاديث التي قد صحّت، أو وقفت بين الصحّة والسُّقْم قد دُوّنت وكُتبت في الجوامع التي جمعها أئمةُ أهل العلم بالحديث، ولا يجوز أن يذهب منها شيءٌ على جميعِهم، وإن جاز أن تذهب على بعضهم؛ لضمان صاحب الشريعة حفظها. فمن جاء اليوم بحديث لا يوجد عند جميعهم، لم يُقبل منه .. " (¬2). ¬

_ (¬1) التخريج ودراسة الأسانيد ص 10. (¬2) مناقب الشافعي، البيهقي 2/ 321،وينظر مقدمة ابن الصلاح ص 61.

ومن ذلك ما قاله الحافظ ابن حجر: "وبهذا التقرير يتبين عِظَمُ موقع كلام الأئمة المتقدمين، وشدةُ فحصهم، وقوةُ بحثهم، وصحةُ نظرهم، وتقدمُهم بما يوجب المصيرَ إلى تقليدهم في ذلك، والتسليمَ لهم فيه" (¬1). وقال السخاوي: "ولذا كان الحكم من المتأخرين عسراً جداً، وللنظر فيه مجال، بخلاف الأئمة المتقدمين الذين منحهم الله التبحر في علم الحديث والتوسع في حفظه كشعبة والقطان وابن مهدي ونحوهم وأصحابِهم مثل أحمد وابن المديني وابن معين وابن راهويه وطائفة، ثم أصحابِهم مثل البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي، وهكذا إلى زمن الدارقطني والبيهقي ولم يجئ بعدهم مساوٍ لهم ولا مقاربٌ؛ أفاده العلائي، وقال: فمتى وجدنا في كلام أحد المتقدمين الحكم به كان معتمداً لما أعطاهم الله من الحفظ الغزير وإن اختلَف النقل عنهم عُدِل إلى الترجيح" (¬2). وقال البيهقي: " وهذا النوع من معرفة صحيح الحديث من سقيمه لا يعرف بعدالة الرواة وجرحهم وإنما يعرف بكثرة السماع ومجالسة أهل العلم بالحديث ومذاكرتهم والنظر في كتبهم والوقوف على روايتهم حتى إذا شذ منها حديث عرفه " (¬3). وقال ابن رجب الحنبلي: " وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد، وإن لم يرو الثقات خلافه: " إنه لا يتابع عليه " ويجعلون ذلك علة فيه، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض ¬

_ (¬1) النكت على ابن الصلاح 2/ 726. (¬2) فتح المغيث 1/ 237. (¬3) معرفة السنن والآثار 1/ 144.

تفردات الثقات الكبار أيضاً ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه" (¬1). ومما زاد الطين بلة، أن بعض المستعجلين أو جهلة القوم أو المغرضين راحوا يطعنون في أصح كتاب بعد كتاب الله (صحيح البخاري) أو في تصحيح أئمة النقد كأحمد وأبي داود والترمذي والنسائي بحجة أنّ في الإسناد رجلاً ضعيفاً، وهو خلاف (المقرر في قواعد المصطلح)! والحق أنهم استعجلوا في تطبيق هذه القواعد أو أنهم لم يحسنوا استعمالها، وإلا فأئمة المصطلح قرروا أنّ العالم الجهبذ الناقد الفطن قد ينتقي من أحاديث الضعيف أحسنها، كما فعل الأئمة المتقدمون، فهم أعرف بحديث الضعيف وتفريعاته، فليتنبه لهذه الدقيقة التي غابت أو غيبت عن بعض المعاصرين بل وحتى على بعض العلماء السابقين بسبب الاستعجال وعدم التدقيق، قال الذهبي:" فإن أولئك الأئمة، كالبخاري وأبي حاتم وأبي داود عاينوا الأصول وعرفوا عللها، وأما نحن فطالت علينا الأسانيد، وفقدت العبارات المتيقنة، وبمثل هذا ونحوه دخل الدَّخَل على الحاكم في تصرفه في المستدرك " (¬2). وتأمل قوله أيضاً: " يا شيخ أرفق بنفسك والزم الإنصاف ولا تنظر إلى هؤلاء الحفاظ النظر الشَّزْر ولا ترمقنهم بعين النقص، ولا تعتقد فيهم أنهم من جنس محدثي زماننا حاشا وكلا، وليس في كبار محدثي زماننا أحد يبلغ رتبة أولئك في المعرفة فإني أحسبك لفرط هواك تقول بلسان الحال إن أعوزك المقال: من أحمد؟ وما ابن المديني؟ وأي شيء أبو زرعة وأبو داود؟ فاسكت بحلم أو انطق بعلم، فالعلم النافع هو ما جاء عن أمثال هؤلاء؛ ولكن نسبتك إلى ¬

_ (¬1) شرح علل الترمذي 1/ 142. (¬2) الموقظة ص 46.

المطلب الثامن: التخريج عن طريق الحاسب الآلي

أئمة الفقه كنسبة محدثي عصرنا إلى أئمة الحديث فلا نحن ولا أنت، وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذو الفضل " (¬1). ويجدر بطالب العلم الحريص على السنة النبوية أن يعمق دراسته في طريقة الأئمة المتقدمين، ويكرس وقته لتتبع صنيعهم في مصنفاتهم العظيمة التي حق لنا أن نفتخر بها، وأن يستعين بكتب الأئمة المتأخرين الذي اقتفوا طريقتهم ولاسيما مصنفات الحافظ الذهبي، والحافظ ابن رجب الحنبلي وأخص منها كتابه الماتع شرح علل الترمذي، ومصنفات ابن عبد الهادي الحنبلي، وابن حجر العسقلاني، وغيرهم. المطلب الثامن: التخريج عن طريق الحاسب الآلي التخريج الآلي: أعني به التخريج من خلال الحاسب الآلي (الكمبيوتر). ¬

_ (¬1) تذكرة الحفاظ 2/ 628.

الحاسب الآلي من نعم الله تعالى علينا، والخدمة التي يقدمها للباحث خدمة كبيرة، وهو يمثل مؤسسة كاملة تساندك وتعينك في عملك، فالحديث الذي تحتاج إلى ساعات طوال لمعرفة مظانه أو جمع طرقه، يعطيك ذلك الحاسب في ضغطة زر واحدة! فهو فِهرس يُنتفع به كما يُنتفع بالفهارس التي مر ذكرها، فهو يعين على معرفة اسم الراوي، أو الصحابي، أو لفظة في الحديث، وغيرها، ومع كل هذا فهو لا يعدو أن يكون فِهرساً، ولا يمكنه الاستقلال في الحكم، فالحكم على الأحاديث يحتاج إلى نظر وفقه واستنباط، وليس عملاً آلياً. وأهم ميزات هذه الطريقة: سرعة البحث، وكثرة المصادر وتنوعها، وكذا تنوع أساليب البحث (¬1). وقد شرع الباحثون وبعض المؤسسات إلى استغلال الحاسوب في خدمة السنة النبوية بشكل خاص، والعلوم الشرعية بشكل عام منذ وقت مبكر، فانشئت المشاريع وظهرت المحاولات منذ زمن لجمع الأحاديث والآثار وفهرستها بالكمبيوتر، منها: 1 - مشروع برنامج الكتب التسعة، تابع لشركة صخر بالكويت. 2 - مشروع قاعدة معلومات الأحاديث النبوية الشريفة. مركز الكمبيوتر الإسلامي بلندن تأسس عام 1983هـ. 3 - مشروع سلسبيل لخدمة السنة النبوية والسيرة النبوية. شركة سلسبيل للكمبيوتر بالقاهرة. 4 - مشروع الموسوعة الذهبية للحديث وعلومه. مركز التراث بالأردن. 5 - مشروع موسوعة الحديث النبوي. مركز بحوث السنة والسيرة بجامعة قطر. وغيرها من المشاريع الأخرى. (¬2) ¬

_ (¬1) ينظر التخريج ودراسة الأسانيد، د. حاتم العوني ص 49،وتخريج الحديث نشأته ومنهجيته ص224. (¬2) ينظر للمزيد: تخريج الحديث نشأته ومنهجيته ص221 فما بعد.

أضف إلى الأقراص المضغوطة التي تضمنت كتب كبيرة وكثيرة، كالمكتبة الألفية ومكتبة الأجزاء الحديثية ومكتبة مؤلفات ابن تيمية وابن القيم، ومكتبة مؤلفات ابن حجر العسقلاني ... الخ. وجاءت المكتبة الشاملة (باصداراتها) لتحوي أكثر المكتبات والموسوعات فحوت ألاف المصنفات! فهذه مفيدة جداً للمشتغلين بهذا الفن شريطة حسن التعامل معها فقد لاحظنا على كثيرٍ من طلبة العلم ممن يعتمد على على الحاسب الآلي ولا يرجع الى الكتب المطبوعة الخطأ والتخبط في النقولات، ولاسيما أولئك الذين اتموا الدراسات العليا ولم يعرفوا الكتب الا من خلال شاشات حواسيبهم! فالنقل من الحاسب فيه سلبيات، منها: 1 - قلة الضبط، والإتقان في النقل. فكم من حديث اسقط من سنده رجل أو أكثر، وكم من حكم في حديث تحرف، ولعل العجلة والتنافس بين الشركات المنتجة لهذه البرامج يجعلهم يستعجلون في إخراجها بغير دقة. 2 - نشر الجهل المبطن، وأعني به عزل القارئ عن الاتصال المباشر بالمصادر والمناهج، فبعض الباحثين ظن امكانية أن يستغني بهذه البرامج عن الكتب الأصلية وهذا خطأ كبير. 3 - إيهام بعض الباحثين المبتدئين بكثرة المصادر التي خرجت الحديث فيظن انه صحيح أو له أصل اغتراراً بهذه المصادر الكثيرة. 4 - شجعت هذه الموسوعات بعض المرضى على السرقة والتلفيق! فهذه الموسوعات أكثر انتشارا بين يدي الناس من أي كتاب يطبع، فآلاف الكتب في قرص واحد سعره لا يتجاوز دولارات معدودة، فراجت هذه البضاعة بين عامة الناس، واغتر بعض الناس بها طلباً للشهرة

الفصل الثاني الدراسة التطبيقية

والصيت -أعاذنا الله- فراحوا يسرقون البحوث والرسائل الجامعية، ويلفقون بين النصوص وينشرونها على المنتديات بأسمائهم! وعلى كل حال فالحاسب جهاز جيد ونافع والموسوعات مهمة ومفيدة، ولكن شريطة التعامل معه كونه فهرساً، واجتناب مثل هاتيك السلبيات، والله أعلم. الفصل الثاني الدراسة التطبيقية المبحث الأول: نموذج أول لو طلب منك تخريج هذا المتن: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" كَيْفَ بِكُمْ وَبِزمَانٍ، أَوْ يُوشِكُ أَنْ يَأْتيَ زَمَانٌ، يُغَرْبَلُ النَّاسُ فِيهِ غَرْبَلَةً، تَبْقَى حُثَالَةٌ مِنَ النَّاسِ، قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ، وَاخْتَلَفُوا، فَكَانُوا هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، فَقَالُوا: وَكَيْفَ بِنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: تَأْخُذُونَ مَا تَعْرِفُونَ، وَتَذَرُونَ مَا تُنْكِرُونَ، وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ، وَتَذَرُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ ". فأول ما تبدأ به هو البحث عن مظانه في كتب السنة التي أخرجته، ويكون إما بالرجوع إلى طرفه (كيف بكم وبزمان .... )،ويعتمد في ذلك على الكتب التي عُنيت بالأطراف كتحفة الأشراف بمعرفة الأطراف للإمام المزي أو الجامع الصغير للسيوطي أو المسند الجامع أو موسوعة أطراف الحديث لبسيوني زغلول ... وكما سبق توضيحه، ولكن عليك أن تتنبه إلى أن صاحب الفهارس قد يورد طرف الحديث بلفظ غير اللفظ الذي تبحث عنه، لأنه من المحتمل أن تكون للحديث أكثر من لفظة، ولو ذهبت مثلاً إلى تحفة الأشراف -ويمكنك الرجوع إلى

الفهرست آخر الكتاب- فسيدلك على موضعه بالجزء والصفحة، فستجده هكذا في مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه (¬1): وكما في الصورة التوضيحية من فهارس كتاب تحفة الأشراف. ¬

_ (¬1) تحفة الأشراف تحقيق أستاذنا الدكتور بشار عواد معروف 6/ 117.

في هذه الصفحة من كتاب تحفة الأشراف تجد الطرف يبدأ بـ: كيف بكم .... بينما لاحظه في كتاب المسند الجامع فإنه يبدأ بـ: كيف أنت إذا بقيت في حثالة ...

وكلاهما يدلك على موضع طرف الحديث في الكتاب، قريباً منه بعده بحديث أو قبله بحيث لذا فقد جاء برقم (8741). صفحة من فهرست كتاب المسند الجامع

ثم لو رجعت إلى الموضع المذكور من الكتاب فستجده هناك على هذه الصورة: *من طريق عكرمة مولى ابن عباس عنه. 8892 - د سي حديث:" بينما نحن حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ ذكر الفتنة ... الحديثَ. د في الملاحم (8: 17) عن هارون بن عبد الله، عن الفضل بن دكين - س في اليوم والليلة (76 - ب: 7) عن أحمد بن بكار، عن مخلد بن يزيد - كلاهما عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي العلاء هلال بن خبَّاب، عنه بِهِ. *ومن طريق عمارة بن عمرو عنه. 8893 - د ق حديث: "كيف بكم وزمان أو يوشك أن يأتي زمان يغربل الناس فيه غربلة؟ " ... الحديث. د في الملاحم (17: 7) عن القعنبي ق في الفتن (10: 1) عن هشام بن عمار ومحمد بن الصباح ثلاثتهم عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عنه به (قال د: هكذا روي عن عبد الله بن عمرو عن النبي من غير وجه). لاحظ في صورة الكتاب أدناه: فأعلى الصفحة الى اليمين أسم الصحابي صاحب المسند (عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه -.وبعده أسم التابعي الراوي عنه (عمارة بن عمرو). ثم يخرج الطرق أسفل إلى أن تتلقي بعمارة بن عمرو فيقول به. يعني بالإسناد أعلاه.

صورة من المجلد السادس من كتاب تحفة الأشراف للحافظ المزي

وستجده أيضا في المسند الجامع قد روي من حديث عبد الله بن عمرو بهذا الشكل: - عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" كَيْفَ بِكُمْ وَبِزمَانٍ، أَوْ يُوشِكُ أَنْ يَأْتيَ زَمَانٌ، يُغَرْبَلُ النَّاسُ فِيهِ غَرْبَلَةً، تَبْقَى حُثَالَةٌ مِنَ النَّاسِ، قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ، وَاخْتَلَفُوا، فَكَانُوا هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، فَقَالُوا: وَكَيْفَ بِنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: تَأْخُذُونَ مَا تَعْرِفُونَ، وَتَذَرُونَ مَا تُنْكِرُونَ، وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ، وَتَذَرُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ ". أخرجه أحمد 2/ 221 (7063) قال: حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن. وفي (7063) قال: حدثناه قتيبة بن سعيد، بإسناده ومعناه و"أبو داود" 4342 قال: حدثنا القعنبي، أن عبد العزيز بن أبي حازم حدثهم. و"ابن ماجه" 3957 قال: حدثنا هشام بن عمار، ومحمد بن الصباح. قالا: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم. كلاهما (يعقوب، وعبد العزيز) عن أبي حازم، عن عمارة بن عمرو، فذكره. 8742 - عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. قَالَ: ((بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، إِذْ ذَكَرَ الْفِتْنَةَ، فَقَالَ: إِذَا رَأَيْتُمُ النَّاسَ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ، وَخَفَّتْ أَمَانَاتُهُمْ، وَكَانُوا هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ. فَقُلْتُ: كَيْفَ أَفْعَلُ عِنْدَ ذَلِكَ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ؟ قَالَ: الْزَمْ بَيْتَكَ، وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَخُذْ بِمَا تَعْرِفْ، وَدَعْ مَا تُنْكِرْ، وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ خَاصَّةِ نَفْسِكَ، وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ.)). أخرجه أحمد 2/ 212 (6987) قال: حدثنا أبو نُعيم. و"أبو داود" 4343 قال: حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا الفضل بن دُكين. و"النَّسائي" في "عمل اليوم والليلة" 205 قال: أخبرني أحمد (1) بن بكار الحراني. قال: حدثنا مخلد. كلاهما (أبو نُعيم، الفضل بن دُكين، ومخلد بن يزيد) قالا: حدثنا يونس بن أبي إِسحاق، عن هلال بن خَبَّاب، أبي العلاء. قال: حدثني عكرمة، فذكره.

8743 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّهُ قَالَ:" يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، يُغَرْبَلُونَ فِيهِ غَرْبَلَةً، يَبْقَى مِنْهُمْ حُثَالَةٌ، قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ، وَاخْتَلَفُوا، فَكَانُوا هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. قَالُُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا الْمَخْرَجُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: تَأْخُذُونَ مَا تَعْرِفُونَ، وَتَدَعُونَ مَا تُنْكِرُونَ، وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمرِ خَاصَّتِكُمْ، وَتَدَعُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ. أخرجه أحمد 2/ 220 (7049) قال: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا محمد بن مُطَرِّف، عن أبي حازم، عن عَمرو بن شُعيب، عن أبيه، فذكره. 8743 - عن الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو. قال: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: كَيْفَ أَنْتَ إِذَا بَقِيتَ فِي حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: إِذَا مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ، وَكَانُوا هَكَذَا، (وَشَبَّكَ يُونُسُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، يَصِفُ ذَاكَ)، قَالَ: قُلْتُ: مَا أَصْنَعُ عِنْدَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: اتَّقِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَخُذْ مَا تَعْرِفْ، وَدَعْ مَا تُنْكِرْ، وَعَلَيْكَ بِخَاصَّتِكَ، وَإِيَّاكَ وَعَوَامَّهُمْ.)). أخرجه أحمد 2/ 162 (6508) قال: حدثنا إسماعيل، عن يونس، عن الحسن، فذكره. وستجده كما في الصورتين أدناه:

صورة من المجلد 11 من كتاب المسند الجامع

قلت: وهكذا تسهل عليك مع هذه المرحلة (معرفة المظان) مرحلة أخرى هي (جمع الطرق)،وقد تنظم إليها المرحلة الثالثة (تحديد موضع التفرد) ما لم تجد طرقاً أخرى في مصنفات خارج حدود المسند الجامع، كأن يقع لك طريق في مستدرك الحاكم أو معاجم الطبراني أو سنن الدارقطني أو سنن البيهقي أو غيرها من المصنفات الأخرى التي لم تذكر في المسند الجامع، أو ربما قد تكون فاتت عليهم فيه. وقد تنتفع أيضاً من الحاسب الآلي والموسوعات البحثية ولاسيما الموسوعة الشاملة فإن فيها كتباً كثيرة جداً قد تجد فيها ما فاتك أو قد يفوتك من الطرق، شريطة التثبت من الكتاب المطبوع قدر الممكن وإن لم تجده فلابد من التنبيه على أنك أخذته من الحاسب، لأنه قد يقع فيها خطأ في السند كأن يسقط منه رجل أو في المتن كأن تتحرف كلمة أو تسقط منه كلمة وهكذا ... فمثلاً في هذا الحديث سقط من سند الحاكم 2/ 171 أبو حازم، فجاء عن يعقوب عن عمارة فتنبه! وهنا تأتي المرحلة المهمة وهي تحديد موضع التفرد في الإسناد، وبعد الرجوع إلى طرق الحديث وجدنا أنّ هناك طرقاً أخرى خارج المسند الجامع، وهي وإن كانت لا تؤثر على مدار الحديث ولكنها مهمة في البحث، ومن لوازم التتبع السليم، إذ وجدناها في مستدرك الحاكم، فقال في 2/ 171: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا بحر بن نصر بن سابق بن الخولاني ثنا عبد الله بن وهب حدثني يعقوب بن عبد الرحمن عن عمارة بن حزم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما وقال في 4/ 481: حدثنا أبو عون محمد بن أحمد بن ماهان الجزار بمكة حرسها الله تعالى على الصفا إملاء ثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن زيد الصائغ المكي ثنا سعيد بن منصور المكي ثنا

يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن عمارة بن حزم بن عمرو بن حزم عن عبد الله بن عمرو. وهكذا يكون موضع التفرد في هذا الحديث هو (عبد الله بن عمرو بن العاص) رضي الله عنه، رواه عنه عمارة بن حزم، وشعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص. وكما هو مبين في الشجرة الآتية:

النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو بن العاص عمارة بن عمرو بن حزم ... عكرمة ... شعيب بن محمد بن عبد الله أبو حازم ... هلال بن خباب ... عمرو بن شعيب عبد العزيز بن أبي حازم ... يعقوب بن عبد الرحمن ... يونس بن أبي اسحاق ... أبو حازم هشام بن عمار ... محمد بن الصباح ... القعنبي ... قتيبة بن سعيد ... سعيد بن منصور ... عبد الله بن وهب ... ابن دكين ... مخلد ... محمد بن مطرف ابن ماجه (3957) ... ابن ماجه (3957) ... أبو داود (4342) ... أحمد 2/ 221 ... أحمد 2/ 221 ... محمد بن علي ... بحر بن نصر ... هارون بن عبد الله ... ابن بكار ... حسين بن محمد أبو عون ... أبو العباس أبو داود (4343) ... النسائي (250) ... أحمد 2/ 220 الحاكم 4/ 481 ... الحاكم 2/ 171

ولما كان موضع التفرد هنا هو الصحابي، والصحابة كلهم عدول، وعبد الله بن عمرو بن العاص من مشاهير الفقهاء حفظاً وفقهاً. تعين علينا دراسة الطريقين: ولما كان قصدنا ههنا التيسير على طلبتنا وعدم التشعب اختصرنا أقوال أئمة الجرح والتعديل في الراوي على حكم الحافظ ابن حجر العسقلاني في المتن وذكرنا في الهامش بعض المصادر التي ترجمت للرجل، هذا إذا لم يتبين لنا خلاف حكم الحافظ ابن حجر، وإلا فإننا نتوسع من غير إسهاب -حتى لا يشوش الطالب- مرجحين ما يظهر لنا من حكم على الرجل. ولابد من الإشارة إلى أن كتاب الحافظ (التقريب) يعد خلاصة أقوال أئمة الجرح والتعديل، ولكن الحافظ لم يقصد به الاستغناء عن كتب الجرح والتعديل الأخرى والاقتصار على كتابه، بل أعتقد أنه أشار بهذا الكتاب المختصر إلى عدم الاكتفاء به عن غيره، وإلا فما معنى قوله (ثقة قد يهم) أو (صدوق ربما وهم)؟ فهل في قوله: (يهم) والوهم جائز على كبار الأئمة. قال الإمام الذهبي في ترجمة عبد العزيز بن مسلم القَسْمَلي، أبو زيد الخراساني عقب قول الإمام العقيلي:"في حديثه بعض الوهم" (¬1).قال الذهبي:"هذه الكلمة صادقة الوقوع على مثل مالك وشعبة، ثم ساق العقيلي له حديثاً واحداً محفوظا قد خالفه فيه من هو دونه في الحفظ" (¬2). فحينما نجد مثل تلك الأحكام في الكاشف أو التقريب أو غيرهما من كتب المختصرات، هل ننزل رتبة الرجل مباشرة دون دراسة أم أن المصنف أراد أن ينبه بقوله ذاك إلى أن هذا الرجل قد يهم فتنبهوا لحديثه ولاسيما عند التفرد أو المخالفة؟ هذه مسألة تحتاج إلى بحث وتفصيل، وليس الموضع موضعها. ¬

_ (¬1) الضعفاء الكبير 3/ 17. (¬2) ميزان الاعتدال 2/ 673.

* طريق أبي داود وابن ماجه 1 - عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بالتصغير بن سعد بن سهم السهمي أبو محمد، وقيل أبو عبد الرحمن، أحد السابقين المكثرين من الصحابة وأحد العبادلة الفقهاء، مات في ذي الحجة ليالي الحرة على الأصح بالطائف على الراجح (¬1). 2 - عمارة بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني: ثقة استشهد بالحرة وقيل مع ابن الزبير (¬2). 3 - سلمة بن دينار أبو حازم الأعرج الأفزر، التمار المدني القاضي مولى الأسود بن سفيان: ثقة عابد مات في خلافة المنصور (¬3). 4 - عبد العزيز بن أبي حازم سلمة بن دينار المدني: صدوق فقيه، مات سنة أربع وثمانين ومائة وقيل قبل ذلك (¬4). 5 - عبد الله بن مسلمة بن قعنب، القعنبي، الحارثي، أبو عبد الرحمن البصري، أصله من المدينة وسكنها مدة: ثقة عابد، كان بن معين وابن المديني لا يقدمان عليه في الموطأ أحداً. مات في سنة إحدى وعشرين ومائتين بمكة (¬5). وقد يقع للباحث المبتدئ هنا لبس بين هذا وبين أخيه إسماعيل بن مسلمة بن قعنب القعنبي، والتمييز بينهما يسير، فالأول روى عنه الستة خلا ابن ماجه. والثاني (إسماعيل) لم يرو عنه منهم إلا ابن ماجه، والقعنبي الذي في إسنادنا هذا روى عنه أبو داود، فهو عبد الله جزماً، وهو من شيوخ أصحاب الخمسة. ¬

_ (¬1) التقريب (3499)،وينظر: تهذيب الكمال 15/ 375،والإصابة 4/ 192. (¬2) التقريب (4855)،وينظر: التاريخ الكبير 6/ 497،والجرح والتعديل 6/ 366،وتهذيب الكمال 26/ 167. (¬3) التقريب (2489)،وينظر: الجرح والتعديل 4/ 159،وتاريخ ابن أبي خيثمة 4/ 290،وتهذيب الكمال 11/ 272. (¬4) التقريب (4088)،وينظر: الجرح والتعديل 5/ 382،وتهذيب الكمال 18/ 120. (¬5) التقريب (3620)،وينظر: التاريخ الكبير 5/ 212،والتعديل والتجريح 2/ 832،وتهذيب الكمال 16/ 136.

قلت: انتهى هنا أحد طرق الإسناد وهو طريق أبي داود -كما هو واضح في الشجرة - فهذا الإسناد رجاله ثقات إلا (موضع التفرد)،أعني عمارة بن عمرو بن حزم، فهو صدوق كما نص ابن حجر، وقد توبع. 6 - محمد بن الصباح (شيخ ابن ماجه في هذا الحديث):ستجد في التقريب أن هناك اثنين من الرواة في سنن ابن ماجه بهذا الاسم، وكلاهما أبو جعفر وهما متقاربان في الوفاة وفي الشيوخ والتلامذة؛ لكن أحدهما هو: محمد بن الصباح بن سفيان الجَرْجَرائي: بجيمين مفتوحتين بينهما راء ساكنة ثم راء خفيفة، أبو جعفر التاجر: صدوق، مات سنة أربعين ومائتين (¬1). والآخر هو: محمد بن الصباح: البزاز، الدولابي، أبو جعفر البغدادي ثقة حافظ، مات سنة سبع وعشرين ومائتين (¬2). فيحتاج منك الذهاب إلى ترجمتهما ليتبين لك من المقصود منهما، والصواب هو الأول الجرجرائي التاجر الصدوق، وهذا لا يخفى على المتمرسين؛ إذ الأول من شيوخ ابن ماجه المباشرين، والآخر هو شيخ شيخه. 7 - هشام بن عمار بن نصير (شيخ ابن ماجه)، بنون مصغر، السلمي، الدمشقي، الخطيب: صدوق، مقرئ، كبر فصار يتلقن، فحديثه القديم أصح، مات سنة خمس وأربعين ومائتين على الصحيح (¬3). وهذا الطريق (طريق عبد العزيز بن أبي حازم) حسن لحال عبد العزيز هذا فهو ¬

_ (¬1) التقريب (2965)،وينظر: الجرح والتعديل 7/ 289،والثقات 9/ 103،وتهذيب الكمال 25/ 384. (¬2) التقريب (2966)،وينظر: الجرح والتعديل 7/ 289،والثقات 9/ 78،وتهذيب الكمال 25/ 388 (¬3) التقريب (3703)،وينظر: التاريخ الكبير 8/ 199،والجرح والتعديل 9/ 66،والثقات 9/ 233،وتهذيب الكمال30/ 242.

صدوق، ولكنه توبع بالإسناد الآتي: *الطريق الثاني: سند الإمام أحمد 2/ 221: 1 - عمارة بن عمرو، وأبو حازم: سبقت ترجمتهما. 2 - يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القاريّ، بتشديد التحتانية، المدني نزيل الإسكندرية، حليف بني زهرة: ثقة، مات سنة إحدى وثمانين ومائة (¬1). 3 - قتيبة بن سعيد بن جَميل بن طريف الثقفي، أبو رجاء البَغْلاني، بفتح الموحدة وسكون المعجمة، يقال: اسمه يحيى، وقيل: علي: ثقة ثبت، مات سنة أربعين ومائتين عن تسعين سنة (¬2). 4 - سعيد بن منصور بن شعبة، أبو عثمان الخراساني، نزيل مكة: ثقة، مصنف، وكان لا يرجع عما في كتابه لشدة وثوقه به، مات سنة سبع وعشرين ومائتين وقيل بعدها (¬3). ورجال هذا الطريق كلهم ثقات فهو أصح الطرق وأقواها. *سند الحاكم 4/ 481: 1 - سعيد بن منصور، ويعقوب: ثقتان سبقت ترجمتهم. 2 - محمد بن علي بن زيد الصائغ، أبو عبد الله المكي. قال الدارقطني: ثقة (¬4). وذكره ابن حبان في الثقات (¬5). ¬

_ (¬1) التقريب (7824)،وينظر: التاريخ الكبير8/ 398، والثقات 7/ 644،والتعديل والتجريح 3/ 1249،،وتهذيب الكمال 32/ 348. (¬2) التقريب (5522)،وينظر: التاريخ الكبير7/ 195،والجرح والتعديل 7/ 140،والثقات 9/ 20،وتهذيب الكمال 23/ 523. (¬3) التقريب (2399)،وينظر: التاريخ الكبير3/ 516،والتعديل والتجريح 3/ 1087،وتهذيب الكمال 11/ 77. (¬4) سؤالآت السهمي للدارقطني برقم (5). (¬5) الثقات9/ 152.

وقال الذهبي:"المحدث الإمام الثقة سمع: القعنبي، وخالد بن يزيد العمري، وحفص بن عمر الحوضي، وسعيد بن منصور، ومحمد بن معاوية، ويحيى بن معين، ومحمد بن بشر التنيسي، وأحمد بن شبيب، وحفص بن عمر الجدي، وإبراهيم بن المنذر، ويعقوب بن حميد بن كاسب، وعدة، مع الصدق والفهم وسعة الرواية. حدث عنه: دعلج بن أحمد، وأبو محمد الفاكهي، وسليمان الطبراني، وخلق كثير من الرحالين، أرّخ أبو يعلى الخليلي وفاته سنة سبع وثمانين ومائتين. والصواب: وفاته بمكة في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين ومائتين" (¬1). 3 - أبو عون: هو محمد بن أحمد بن ماهان الخزاز المكي مؤذن المسجد الحرام (¬2). وهذا الطريق صحيح فهو مستخرج على مسند الإمام أحمد، ورجاله ثقات وإن كان العبرة بطريق أحمد –أصلاً-. *الطريق الثاني للحاكم 2/ 171: 1 - عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم أبو محمد المصري الفقيه ثقة حافظ عابد، مات سنة سبع وتسعين ومائة، وله اثنتان وسبعون سنة (¬3). 2 - بحر بن نصر بن سابق الخولاني، مولاهم المصري أبو عبد الله ثقة، مات سنة سبع وستين وله سبع وثمانون ومائتين سنة (¬4). ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء 13/ 428. (¬2) الرجل لم أقف على من ترجم له، وهو من شيوخ الحاكم وقد أكثر عنه في المستدرك، وروى له البيهقي في سننه وفي شعب الإيمان، وابن عساكر في تاريخه، ولم أقف له على جرح أو تعديل – على حد بحثي –ولم أجد الذهبي يجرحه في تلخيصه للمستدرك بل وافق أو سكت على تصحيح الحاكم عندما يصحح حديثا من طريقه، فلعله ثقة، وهو لا يؤثر ههنا لأن الحاكم أخرجه من طريق أحمد، والله أعلم. (¬3) التقريب (3695)،وينظر: الجرح والتعديل 5/ 189،والثقات8/ 346،وتهذيب الكمال 16/ 277. (¬4) التقريب (639)،وينظر: الجرح والتعديل2/ 419،وتهذيب الكمال 4/ 16.

3 - أبو العباس الأصم، محمد بن يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان الأمويّ مولاهم، النيسابوري المعقلي المؤذن الأصم: شيخ الحاكم، وقد أكثر عنه في مصنفاته، قال عنه الذهبي في تذكرة الحفاظ:"الإمام المفيد الثقة محدث المشرق" (¬1). وقال في العبر:" محدث خراسان، ومسند العصر حدث له الصَّمم بعد الرحلة، ثم استحكم به، وكان يحدّث من لفظه، حدّث في الإسلام نيّفا وسبعين سنة. وأذن سبعين سنة بمسجده، وكان حسن الصوت حسن الأخلاق كريماً، ينسخ بالأجرة، وعمّر دهراً، ورحل إليه خلق كثير. قال الحاكم: ما رأيت الرحالة في بلد، أكثر منهم إليه، رأيت جماعة من الأندلس، ومن أهل فارس على بابه. قلت: سمع من جماعة من أصحاب سفيان بن عيينة، وابن وهب، وكانت رحلته مع والده، في سنة خمس وستين ومائتين، فغاب عن بلده خمس سنين، وسمع بأصبهان والعراق ومصر والشام والحجاز والجزيرة" (¬2). قلت: وهكذا تجد أن تراجم المتأخرين عن أصحاب الكتب الستة، لا تجدهم في التهذيب أو التقريب، وإنما تجدهم في الغالب في التراجم العامة لرواة الطبقات التي جاءت بعدهم، كمصنفات ابن حبان، أو ابن شاهين، أو ابن عدي، أو الخطيب البغدادي، أو ابن عساكر ... إلخ، ولاحظ هنا أن بعض رجال طريقي الحاكم -شيخه وشيخ شيخه –كالصائغ وأبي العباس ترجمنا لهم من الثقات لابن حبان أو سير أعلام النبلاء أو العبر .. وهكذا. وطريق الحاكم هذا رجاله ثقات، وهو يلتقي مع سند أحمد في يعقوب بن عبدالرحمن، والله أعلم. ¬

_ (¬1) تذكرة الحفاظ 3/ 860،وينظر: سير أعلام النبلاء 29/ 450،والبداية والنهاية 11/ 332،وإكمال تهذيب الكمال 4/ 537،والوافي بالوفيات 2/ 171. (¬2) العبر ص141.

* إسناد آخر (مسند أحمد): 1 - عكرمة أبو عبدالله مولى ابن عباس، أصله بربري: ثقة ثبت، عالم بالتفسير لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا تثبت عنه بدعة، مات سنة أربع ومائة وقيل بعد ذلك (¬1). 2 - هلال بن خباب، العبدي، مولاهم، أبو العلاء البصري، نزيل المدائن: صدوق تغير بأخرة، مات سنة أربع وأربعين (¬2). قال يحيى بن سعيد القطان: أتيته، وكان قد تغير (¬3). وقال ابن معين: ثقة (¬4). وقال إبراهيم بن الجنيد: سألت بن معين عن هلال بن خباب، وقلت - رضي الله عنه - إن يحيى القطان يزعم أنه تغير قبل أن يموت، واختلط؟ فقال يحيى: لا ما اختلط، ولا تغير. قلت ليحيى: فثقة هو؟ قال: ثقة مأمون (¬5). وقال أحمد: شيخ ثقة (¬6). وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سئل يحيى وأنا شاهد عن هلال بن خباب فقال: ثقة وقال أبي: ثقة (¬7). ¬

_ (¬1) التقريب (4673)،والرجل فيه كلام طويل، ينظر: تاريخ ابن معين برواية الدوري 3/ 249،والجرح والتعديل 7/ 8،والضعفاء الكبير 3/ 373،والكامل 5/ 266،وتهذيب الكمال 20/ 264،وميزان الاعتدال 3/ 93. (¬2) التقريب (7334)،وينظر: تاريخ ابن معين برواية الدوري 3/ 249،والضعفاء الكبير 3/ 373،والكامل 5/ 266،وتهذيب الكمال 20/ 264،وميزان الاعتدال 3/ 93. (¬3) تاريخ البخاري 8/ 210،وتهذيب الكمال 30/ 330. (¬4) تاريخ ابن معين: برواية الدارمي (483)،وبرواية الدوري 4/ 83. (¬5) سؤالات ابن الجنيد (288). (¬6) علل أحمد 2/ 493. (¬7) علل أحمد 2/ 600.

وقال أبو حاتم: ثقة صدوق، وكان يقال: تغير قبل موته من كبر السن (¬1). وقال محمد بن عبدالله بن عمار: هلال كوفي ثقة (¬2). وقال يعقوب بن سفيان: ثقة، إلاَّ أنه تغير، عمل فيه السن (¬3). وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به (¬4). وقال العقيلي: في حديثه وهم وتغير بأخرة (¬5). وقال ابن حبان: يخطئ ويخالف (¬6). وقال في المجروحين: كان ممن اختلط في آخر عمره، فكان يحدث بالشيء على التوهم لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد، وأما فيما وافق الثقات، فإن احتج به محتج أرجو أن لا يجرح في فعله ذلك (¬7). وقال الذهبي: ثقة (¬8). فالرجل ثقة، فأنت كما رأيت وثقه أئمة الجرح أحمد، وابن معين، وأبو حاتم ويعقوب، وابن شاهين والعجلي والذهبي، وغيرهم. وأما عن اختلاطه: نعم ذكره القطان ويعقوب، وابن حبان، وغيرهم من المتأخرين ممن صنف في المختلطين (¬9)،فاختلاطه قد يكون ثابتاً؛ لكنّ السؤال: هل روى بعد اختلاطه أم لا؟ وهل أثر ¬

_ (¬1) الجرح والتعديل9/ 75. (¬2) ميزان الاعتدال 4/ 312. (¬3) المعرفة والتاريخ 3/ 90. (¬4) الكامل في الضعفاء 7/ 121. (¬5) الضعفاء الكبير 4/ 347. (¬6) الثقات 7/ 574. (¬7) المجروحين 2/ 346. (¬8) الكاشف 2/ 340،وبمعناها في الميزان الاعتدال 4/ 312. (¬9) ينظر مثلاً: المختلطين للعلائي ترجمة (114)،والكواكب النيرات ترجمة (66).

ذلك على رواياته؟ فإن أثر على رواياته فلم لم يذكر أئمة السبر ما انتقد عليه من الروايات التي غلط فيها؟ ولم أقف بحدود بحثي على حديث واحد انتقد عليه بسبب اختلاطه أو غيره، بل قال ابن عدي: لا بأس به، ولم يذكر له ما ينتقد عليه! اللهم إلا ما ذكره ابن عبد الهادي في التنقيح فقال::" هلال بن خبَّاب وهو ضعيفٌ، قال أبو حاتم ابن حِبَّان: اختلط في آخر عمره، وكان يحدِّث بالشيء على التَّوهُّم، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد" (¬1).ومعتمد كلامه كلام ابن حبان رحمه الله. وأحسب أن معتمد الحافظ ابن حجر هو كلام ابن حبان ذاته. وقد نفى ابن معين – على تشدده- أن يكون الرجل قد تغيره، وذكرها أبو حاتم بصيغة تمريض (كان يقال). فالرجل ثقة، وتغيره لم يضره، كما تغير ابن عيينة وجرير بن حازم وغيرهما، والله أعلم. 3 - يونس ابن أبي إسحاق السبيعي، أبو إسرائيل الكوفي: صدوق يهم قليلاً، مات سنة اثنتين وخمسين على الصحيح (¬2). 4 - مخلد بن يزيد القرشي الحراني: صدوق له أوهام، مات سنة ثلاث وتسعين ومائة (¬3). قلت: لعل مستند الحافظ ما قال أبو بكر الأثرم: ذكر لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: مخلد بن يزيد؟ فقال: "كان لا بأس به، كتبت عنه، وكان يهم" (¬4). ¬

_ (¬1) تنقيح التحقيق 3/ 22. (¬2) التقريب (7899)،والرجل فيه كلام طويل وأرجح أن يكون حسن الحديث، وإلا فمن يسلم من الوهم القليل؟! وللمزيد ينظر: تاريخ البخاري 8/ 408،وتاريخ ابن معين برواية الدارمي (78)،والجرح والتعديل 9/ 243،والضعفاء الكبير 4/ 457،والكامل7/ 178،والثقات 7/ 650،وتهذيب الكمال 32/ 488،وميزان الاعتدال 4/ 482،والمغني في الضعفاء ترجمة (7271). (¬3) التقريب (6540). (¬4) الجرح والتعديل 8/ 347.

وقال الساجي: كان يهم، وقدم أحمد مسكين بن كثير عليه (¬1). وإلا فقد قال ابن معين: ثقة (¬2).ومرة: ليس به بأس (¬3). وقال أبو حاتم: صدوق (¬4). وقال أبو داود: ثقة (¬5). وقال يعقوب بن سفيان: ثقة (¬6). وذكره ابن حبان في الثقات (¬7). وقال الذهبي في الكاشف: ثقة (¬8).وفي الميزان: صدوق مشهور (¬9). فالرجل صدوق حسن الحديث، وعلى كل حال فالرجل توبع بثقة. 5 - الفضل بن دكين الكوفي، واسم دكين عمرو بن حماد بن زهير التيمي، مولاهم الأحول أبو نعيم الملائي، بضم الميم مشهور بكنيته: ثقة ثبت، مات سنة ثماني عشرة وقيل تسع عشرة ومائة (¬10). 6 - أحمد ابن بكار بن أبي ميمونة، الأموي مولاهم، أبو عبد الرحمن الحراني: صدوق كان له حفظ، مات سنة أربع وأربعين بعد المئتين (¬11). ¬

_ (¬1) تهذيب التهذيب 10/ 77. (¬2) تاريخ ابن معين برواية الدارمي (758). (¬3) تاريخ ابن معين برواية الدوري 4/ 440. (¬4) الجرح والتعديل8/ 347. (¬5) تهذيب التهذيب 10/ 77. (¬6) المعرفة والتاريخ 3/ 90. (¬7) الثقات 9/ 186. (¬8) الكاشف 2/ 249. (¬9) ميزان الاعتدال 4/ 84. (¬10) التقريب (5401).وينظر: التاريخ الكبير7/ 118،والثقات 7/ 319،وتهذيب الكمال23/ 197. (¬11) التقريب (15)،وينظر: مشيخة النسائي ترجمة (54) والثقات 8/ 23،وتهذيب الكمال 1/ 277،والكاشف 1/ 191،وتهذيب التهذيب 3/ 11.

8 - هارون بن عبد الله بن مروان البغدادي، أبو موسى، الحمال بالمهملة، البزاز: ثقة، مات سنة ثلاث وأربعين بعد المئتين (¬1). فطريق عكرمة حسن والله أعلم. * إسناد آخر (مسند أحمد): وهو إسناد الإمام أحمد من طريق شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو: 1 - شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص: صدوق، ثبت سماعه من جده (¬2). 2 - عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص: صدوق، مات سنة ثماني عشرة ومائة (¬3). 3 - أبو حازم: هو عمارة بن عمرو بن حزم الأنصاري: ثقة. تقدمت ترجمته. 4 - محمد بن مطرف بن داود الليثي أبو غسان المدني، نزيل عسقلان: ثقة، مات بعد المائة، والستين (¬4). 5 - الحسين بن محمد بن بهرام التميمي، أبو أحمد أو أبو علي، المرّوذي، بتشديد الراء وبذال معجمة، نزيل بغداد: ثقة، مات سنة ثلاث عشرة ومائتين أو بعدها بسنة أو سنتين (¬5). ¬

_ (¬1) التقريب (7235)،وينظر: الجرح والتعديل 9/ 92،والثقات 9/ 239،وتهذيب الكمال 30/ 96. (¬2) التقريب (2806)،وينظر: التاريخ الكبير4/ 218،والجرح والتعديل 4/ 351،والثقات 4/ 357وتهذيب الكمال12/ 534. (¬3) التقريب (5050)،وينظر: التاريخ الكبير6/ 142،والجرح والتعديل 6/ 238،وتهذيب الكمال22/ 64. (¬4) التقريب (6305)،وينظر: التاريخ الكبير 1/ 326،والجرح والتعديل8/ 431،وتاريخ بغداد 3/ 296،وتهذيب الكمال 26/ 470. (¬5) التقريب (1345)،وينظر: الجرح والتعديل 3/ 64،والتعديل والتجريح 2/ 95،وتهذيب الكمال 6/ 471.

المبحث الثاني: نموذج ثان

دراسة الإسناد والحكم عليه: تلاحظ أن إسناد حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - صحيح، إذ جاء: * من طريق عمارة بن عمرو بن حزم بإسناد صحيح، مرة من طريق يعقوب بن عبد الرحمن عنه به ومرة من طريق عبد العزيز بن أبي حازم -بإسناد حسن وقد توبع بإسناد صحيح فهو صحيح – عنه به. * وجاء من طريق عكرمة عن ابن عباس بإسناد حسن، وقد توبع. باسناد صحيح. *وجاء من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بإسناد حسن، وقد توبع بإسناد صحيح. فالإسناد إلى عبد الله بن عمرو صحيح لذاته، والله أعلم. هذا بالنسبة إلى الإسناد، ويتوجب على الباحث مراجعة كتب الرواية والعلل والسؤالات والرجال والشروحات للوقوف على كلام أئمة النقد إن كان هناك علة خفية في إسناد الحديث أو متنه لم تتبين لك في دراستك، أو ربما تجد تصريحاً بتصحيح الحديث أو رده. ولم نقف على علة تقدح في إسناد هذا الحديث، فهو صحيح، والله أعلم. المبحث الثاني: نموذج ثانٍ لو طلب منك تخريج حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً:"الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها .... ". فترى بوضوح أنّ لديك متناً وصحابياً يرويه وهذا يسهل عليك التخريج، فالبحث سيكون إما عن طريق الطرف: وباستخدام الطريقة السابقة والموضحة، وبعد الرجوع إلى المسند الجامع –مثلاً- نجد أن الحديث أخرجه ابن ماجه والترمذي. وهو كما يلي:

14538 - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ضَمْرَةَ السَّلُولِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَقُولُ:"الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا، إِلاَّ ذِكْرَ اللهِ وَمَا وَالاَهُ، أَوْ عَالِمًا، أَوْ مُتَعَلِّمًا". أخرجه ابن ماجه (4112) قال: حدَّثنا علي بن ميمون الرقي، حدَّثنا أبو خُلَيْد، عُتْبَة بن حماد الدمشقي. و"التِّرمِذي" 2322 قال: حدَّثنا محمد بن حاتم المُؤدِّب، حدَّثنا علي بن ثابت. كلاهما (عُتْبَة، وعلي بن ثابت) عن عبد الرحمان بن ثابت بن ثَوْبان، قال: سمعتُ عطاء بن قُرَّة، قال: سمعتُ عبد الله بن ضمرة، فذكره. وبعد الرجوع إلى المصنفات الأخرى خارج المسند الجامع وجدناه في الزهد لابن أبي عاصم (126) قال: حدثني علي بن ميمون، به. وفي الضعفاء الكبير للعقيلي2/ 236 في ترجمة ابن ثوبان، قال: حدثناه يوسف بن يزيد قال: حدثنا أسد بن موسى قال: حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، به. وفي شعب الإيمان للبيهقي 2/ 265 (1708) قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي طاهر الدقاق ببغداد أنبأنا أحمد بن سلمان الفقيه حدثنا هلال بن العلاء الرقي ثنا علي بن ميمون الرقي به. ويمكن رسم شجرة الرواة كالاتي: أبو هريرة - رضي الله عنه - عبد الله بن ضمرة عطاء بن قرة عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان علي بن ثابت أسد بن موسى أبو خليد

محمد بن حاتم ... يوسف بن يزيد علي بن ميمون الرقي الترمذي (2322) العقيلي 2/ 236 ابن ماجه (4112) وابن أبي عاصم (126) هلال أحمد بن سليمان محمد بن أحمد البيهقي 2/ 265 ويظهر لك أنّ موضع التفرد هو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وقد دار الحديث عليه، رواه عنه (علي بن ثابت، وأسد بن موسى أبو خليد). وهذان تابع أحدهما الآخر متابعة تامة في روايتهما عن عبد الرحمن بن ثابت. وكذا هلال بن العلاء وابن ماجه تابع أحدهما الآخر في روايتهما عن علي بن ميمون الرقي. وأما المتابعات القاصرة فكثيرة، منها: (يوسف بن يزيد، ومحمد بن حاتم، وعلي بن ميمون) تابع بعضهم بعضاً في روايتهم عن عبد الرحمن بن ثابت. وهكذا. ترجمة رجال السند ودراسة حالهم. * طريق الترمذي:

1 - محمد بن حاتم: ابن سليمان الزِمّي، بكسر الزاي وتشديد الميم، المؤدب الخراساني، نزيل العسكر: ثقة، مات سنة ست وأربعين ومائتين (¬1). 2 - علي بن ثابت الجزري أبو أحمد الهاشمي مولاهم: صدوق ربما أخطأ وقد ضعفه الأزدي بلا حجة (¬2). هذا الطريق فيه علي بن ثابت صدوق، ربما أخطأ كما قال الحافظ. وبالرجوع إلى ترجمة علي بن ثابت التفصيلية نجد أنّ أغلب الأئمة حسّنوا القول فيه: قال محمد بن سعد:"كان ثقة صدوقا" (¬3). وقال أبو زرعة:" ثقة لا بأس به" (¬4). وقال أبو حاتم: "يكتب حديثه، وهو أحب إلي من سويد بن عبد العزيز" (¬5). وقال صالح بن محمد الأسدي: "لا بأس به " (¬6). وقال أبو داود: ثقة (¬7). وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقال:" ربما أخطأ" (¬8). وذكره في الضعفاء ابن الجوزي والذهبي ونقلا تضعيف الأزدي له، والأزدي هو ضعيف أصلا فكيف يقبل تضعيفه، ولاسيما إذا خالف؟! (¬9). ¬

_ (¬1) التقريب (5792).وينظر: الجرح والتعديل 7/ 238،ومشيخة النسائي ترجمة (170)،وتهذيب الكمال 27/ 15. (¬2) التقريب (4696). (¬3) الطبقات 7/ 330. (¬4) الجرح والتعديل 6/ 177. (¬5) المصدر نفسه. (¬6) تاريخ الإسلام الذهبي 6/ 498. (¬7) سؤالات الآجري لأبي داود 2/ 268. (¬8) الثقات 8/ 457. (¬9) ميزان الاعتدال 3/ 235.

فالذي يظهر: أنّ الرجل صدوق، والله أعلم أما عن قول الحافظ في التقريب: ربما أخطأ، فكأنه نقله من ابن حبان كما ترى، ولم يفسر لنا هذا الجرح، ولا يقبل الجرح إلا مفسراً، وإلا فما من ثقة إلا وربما يخطىء؟ ولا سيما أنّ مثل أبي داود وأبي زرعة وغيرهما وثقوه. فهذا الطريق حسن والله أعلم. * طريق آخر: طريق ابن ماجه، وابن أبي عاصم: 1 - أبو خليد: عتبة بن حماد بن خليد بالتصغير أبو خليد الدمشقي القارىء إمام الجامع صدوق (¬1). 2 - علي بن ميمون الرقي العطار ثقة، مات سنة ست وأربعين ومائتين (¬2). فهذا الطريق فيه صدوق فسنده حسن أيضاً، ويتقوى بالمتابعة السابقة –حسب القواعد-والله أعلم. وأما رجال البيهقي فنترجم لهم من باب المعرفة لأن حالهم لا يؤثر على الإسناد لأنه يلتقي مع ابن ماجه والإسناد حسن كما مر، ورجال البيهقي هم: 1 - هلال بن العلاء بن هلال بن عمر الباهلي مولاهم أبو عمر الرقي صدوق، مات في المحرم سنة ثمانين ومائتين، وقد قارب المائة (¬3). 2 - أحمد بن سلمان بن الحسن بن إسرائيل بن يونس، أبو بكر النجاد الفقيه الحنبلى المشهور. والرجل ليس من رجال التقريب، لذا نبحث عنه خارجه، وبعد البحث نجد أنّ: الدارقطني قال:" قد حدث أحمد بن سلمان من كتاب غيره بما لم يكن في أصوله" (¬4). ¬

_ (¬1) التقريب (4428)،تاريخ البخاري 6/ 529،والجرح والتعديل 6/ 370،وتهذيب الكمال 19/ 303. (¬2) التقريب (4805)،وينظر: الجرح والتعديل 6/ 206،والثقات 8/ 472،وتهذيب الكمال21/ 153. (¬3) التقريب (7346).وينظر: الجرح والتعديل 9/ 79،والثقات 9/ 248،وتهذيب الكمال 30/ 346. (¬4) تاريخ بغداد 2/ 261،وتاريخ الإسلام، للذهبي 9/ 324.

قال عقبه الخطيب:" قلت: كان قد كف بصره في آخر عمره فلعل بعض طلبة الحديث قرأ عليه ما ذكره الدارقطني والله أعلم" (¬1). وقال الذهبي:"كان رأسا في الفقه، رأسا في الرواية، ارتحل إلى أبى داود السجستاني، وأكثر عنه، وكان ابن زرقوية يقول: النجاد بن صاعدنا. قلت: هو صدوق" (¬2). 3 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الفرج بن أبي طاهر أبو عبد الله الدقاق، يعرف بابن البياض ... كان شيخا فاضلا دينا صالحا ثقة من أهل القرآن، ومات في يوم الخميس التاسع والعشرين من شعبان سنة خمس عشرة وأربعمائة (¬3). فطريق البيهقي حسن. * طريق آخر: طريق العقيلي: 1 - أسد بن موسى بن إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان الأموي أسد السنة: صدوق يغرب، وفيه نصب، مات سنة اثنتي عشرة ومائتين وله ثمانون. 2 - يوسف بن يزيد بن كامل القراطيسي، أبو يزيد مولى بني أمية: ثقة، مات سنة سبع وثمانين ويقال إنه عاش مائة سنة. وهذا الطريق فيه أسد بن موسى: صدوق يغرب، فهو ثقة مشهور بالرواية، لكنّه لما صنف كتابه احتاج إلى الرواية فحدث عن الضعفاء فجاء بالغرائب. قال النسائي:"حديثه مشهور" (¬4). ¬

_ (¬1) ينظر ما سبق. (¬2) ميزان الاعتدال 1/ 101،وتاريخ الإسلام 9/ 324. (¬3) تاريخ بغداد 1/ 353،وتاريخ الإسلام 6/ 498. (¬4) التاريخ الكبير2/ 49،وتهذيب الكمال 3/ 513 ميزان الاعتدال 1/ 207.

قال النسائي:" ثقة، لو لم يصنف كان خيرا له" (¬1). قال ابن حزم أيضا: "ضعيف" (¬2). ورده الذهبي فقال:"وهذا تضعيف مردود ... قال أبو سعيد بن يونس في الغرباء: حدث بأحاديث منكرة، وهو ثقة. قال: فأحسب الآفة من غيره" (¬3). فالرجل وإن كان ثقة فآفته من غيره، لذا فهو لا يحتج بحديثه حتى يختبر فما انفرد أو خالف فهو ضعيف، وما توبع فهو حسن الحديث. ولما توبع ههنا فإسناده حسن والله أعلم. إذن تبين لنا أن طرق الإسناد دون المدار حسنة يقوي بعضها بعضاً فالإسناد صحيح لغيره إلى عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان. بقي علينا الآن دراسة المدار فما علا: وهو أهم ما في الإسناد لأنه موضع التفرد ومدار الحديث، فإن ضعف فلا ينفع ما فوقه: 1 - عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان العنسي بالنون الدمشقي الزاهد: صدوق يخطئ ورمي بالقدر وتغير بأخرة من، مات سنة خمس وستين ومائة، وهو ابن تسعين سنة (¬4). ¬

_ (¬1) ميزان الاعتدال 1/ 207. (¬2) نصب الراية 1/ 179،وميزان الاعتدال 1/ 207. (¬3) ميزان الاعتدال 1/ 207. وأذكر هنا كلاماً نفيساً للحافظ الزيلعي رحمه الله تعالى إذ قال في نصب الراية 1/ 179 متعقباً ابن حزم في كلامه هذا:"وهذا مدخول من وجهين الثاني: أن أسد ثقة، ولم ير في شيء من كتب الضعفاء له ذكر، وقد شرط ابن عدي أن يذكر في كتابه كل من تكلم فيه، وذكر فيه جماعة من الأكابر الحفاظ، ولم يذكر أسدا، وهذا يقتضي توثيقه ...... ولعل ابن حزم وقف على قول ابن يونس في (تاريخ الغرباء):"أسد ابن موسى حدث بأحاديث منكرة، وكان ثقة، أحسب الآفة من غيره".فإن كان أخذ كلامه من هذا فليس بجيد، لأن من يقال فيه: منكر الحديث ليس كمن يقال فيه: روى أحاديث منكرة، لأن منكر الحديث وصف في الرجل يستحق الترك لحديثه، والعبارة الأخرى تقتضي أنه وقع له في حين لا دائما. وقد قال أحمد بن حنبل في محمد بن إبراهيم التيمي: يروي أحاديث منكرة، وقد اتفق عليه البخاري ومسلم وإليه المرجع في حديث (الأعمال بالنيات).وكذلك قال في زيد بن أبي أنيسة: في بعض حديثه إنكار، وهو ممن احتج به البخاري ومسلم، وهما العمدة في ذلك، وقد حكم ابن يونس بأنه ثقة، وكيف يكون ثقة وهو لا يحتج بحديثه؟ أ. هـ. (¬4) التقريب (3820).

2 - عطاء بن قرة السَلُولي بفتح المهملة وضم اللام الخفيفة: صدوق، مات سنة اثنتين وثلاثين. 3 - عبد الله بن ضمرة السلولي وثقه العجلي (¬1). 4 - أبو هريرة: صحابي جليل (¬2). ويتبين هنا أنّ عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان فيه كلام فهو يخطىء، وقد تغير، فنحتاج إلى مراجعة ترجمته في كتب التراجم، فنجد: وثقه دحيم (¬3). وقال أحمد: أحاديثه مناكير (¬4). وقال أبو حاتم: ثقة (¬5). وقال أبو زرعة: لا بأس به (¬6). واختلف القول عن ابن معين: ففي رواية الدوري قال: لا بأس به (¬7). ونقل ابن أبي حاتم بسنده عن الدوري –أيضاً- عن ابن معين: صالح الحديث (¬8). وفي رواية الدارمي قال: ضعيف (¬9). ¬

_ (¬1) التقريب (3396).وينظر: تاريخ البخاري 5/ 122،والجرح والتعديل 5/ 88،والثقات 5/ 34،وتهذيب الكمال 5/ 129. (¬2) ينظر: أسد الغابة، ابن الأثير1/ 700، وتهذيب الكمال 34/ 366،والإصابة، ابن حجر 4/ 316. (¬3) ميزان الاعتدال 2/ 255. (¬4) الجرح والتعديل 5/ 219. (¬5) الجرح والتعديل 5/ 219. (¬6) المصدر نفسه. (¬7) تاريخ ابن معين برواية الدوري 2/ 356. (¬8) الجرح والتعديل 5/ 219. (¬9) تاريخه برواية الدارمي ص 146.

وقال أبو داود: لا بأس به (¬1). وقال النسائي: ليس بالقوي (¬2). وقال العجلي: ليس به بأس (¬3). وقال صالح جزرة: قدري صدوق (¬4). ووثقه الفلاس (¬5). وقال العقيلي:"لا يتابعه إلا من هو دونه أو مثله " (¬6). وقال ابن عدى: يكتب حديثه على ضعفه (¬7). فالرجل كما يبدو مختلف فيه بشكل كبير وله أخطاء، كما قال ابن حجر، فالرجل وإن كان صدوقاً، إلا أنه ليس ممن يحتمل تفرده، فما توبع عليه فلا إشكال عليه ويقبل منه، وأما ما انفرد أو خالف فلا يقبل منه، ولذا قال الترمذي عقب الحديث (حسن غريب)،وقال العقيلي عقب الحديث: لا يتابعه إلا من هو دونه أو مثله. فإسناد الحديث ضعيف، لحال عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وقد تفرد به ولم يتابع. وللحديث شواهد من حديث جابر وأبي الدرداء وابن مسعود وكلها فيها مقال (¬8). ¬

_ (¬1) سؤالات الآجري 2/ 227. (¬2) ميزان الاعتدال 2/ 255. (¬3) الثقات 2/ 74. (¬4) ميزان الاعتدال 2/ 255. (¬5) المصدر نفسه. (¬6) الضعفاء الكبير 2/ 236. (¬7) الكامل 3/ 283. (¬8) ينظر علل الدارقطني 5/ 89،والعلل المتناهية 2/ 797.

الخاتمة وختاماً يمكن تلخيص أهم النتائج فيما يأتي: 1 - إن علم تخريج الحديث النبوي هو علم مستقل برأسه، وهو من أهم علوم الحديث، وقد بذل الأئمة المتقدمون في تخريج الأحاديث النبوية جهدا كبيرا، وقدموا للمكتبة الإسلامية تراثاً ضخماً ينوء بحمله العصبة أولو القوة! ونحن أمام أمانة عظيمة في المحافظة على هذا الحمل العظيم وصيانته من الدخلة والمنتحلين، والاهتمام بالسنة النبوية عموماً، وبهذا العلم وترصين الدراسات فيه دليل على حسن الإتباع وهو جزء نزر من الوفاء لجهود الأئمة المبجلين، وما قدموه لنا من تصنيف للكتب والأجزاء، ألحقنا الله بركبهم. 2 - علم التخريج هو امتداد طبيعي لحاجة السنة النبوية إلى إثبات وتوثيق عبر الأزمان المختلفة. 3 - للتخريج فوائد جمة: كمعرفة المقصود الذي يساق من أجله الحديث، ومعرفة أسباب ورود الحديث، ومعرفة العلل التي قد تقع في الحديث متناً وسنداً. 4 - نوصي بضرورة تشجيع طلبتنا الكرام بخوض اللجة والتشمير عن سواعد الجد للبحث والكتابة في أبواب هذا العلم العظيم، ولاسيما أن مكتبنا المعاصرة تفتقر إلى مثل هذه الجهود، ولا سيما أننا أبناء هذا البلد الكريم، الذي تخرج منه أئمة الصنعة الحديثية شعبة بن الحجاج وأحمد بن حنبل، والدارقطني، وغيرهم. 5 - نوصي بعدم الانشغال بالدراسات الوصفية النظرية حسب، بل ضرورة الدخول في المجالات العملية التطبيقية، فهي التي تعلم طالب العلم، الممارسة في كتب العلل والتخاريج وهي السبيل الأمثل لطالب العلم الذي يروم فهم الصنعة الحديثية.

قائمة بأهم المصادر والمراجع - أحوال الرجال لأبي إسحاق الجوزجاني، تحقيق: صبحي السامرائي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1985م. - أصول التخريج ودراسة الأسانيد، الدكتور محمود الطحان، دار الكتب السلفية، الرياض 1978م. - الإرشاد، الخليلي القزوني، تحقيق: د. محمد سعيد عمر إدريس، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى 1409 -تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي (ت463هـ)، تحقيق د. بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي، بيروت الطبعة الأولى 2000م. - التاريخ الصغير، البخاري، تحقيق: محمد إبراهيم زايد، دار الوعي، حلب، 1397 هـ -التاريخ الكبير، البخاري، تحقيق: السيد هاشم الندوي، دار الفكر، بيروت. - تاريخ يحيى بن معين، رواية الدوري، دراسة وترتيب وتحقيق: أحمد نور سيف، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بمكة المكرمة، الطبعة الأولى سنة 1399هـ. - التبصرة والتذكرة وشرحها للحافظ زين الدين العراقي، وبهامشه فتح الباقي، دار الكتب العلمية، بيروت. - تحرير علوم الحديث، عبد الله بن يوسف الجديع، توزيع مؤسسة الريان، بيروت، الطبعة الثالثة 2007م - تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف، العسقلاني تحقيق د. بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي، بيروت الطبعة الأولى 1999م. - تخريج الحديث ونشاته ومنهجيته، الدكتور محمد أبو الليث الخير آبادي، دار النفائس، عمان. الطبعة الأولى 2009م.

- تخريج الحديث النبوي عن طريق الموسوعات الألكترونية، إسلام محمود دربالة، الموسوعة الشاملة/ 3. -التخريج ودراسة الأسانيد، حاتم بن عارف الشريف، طباعة مركز الأنصاري بمكة المكرمة. الطبعة الثانية. -تدريب الراوي، السيوطي، تحقيق: أحمد عمر هاشم، دار الكتاب العربي-بيروت. -تذكرة الحفاظ، الذهبي (ت784هـ) دار إحياء التراث العربي، بيروت. - تعجيل المنفعة، العسقلاني، تحقيق: د إمداد الحق، دار الكتب العربي، بيروت ط1 -تقريب التهذيب، العسقلاني (ت852هـ)،مؤسسة الرسالة،1997م. - التلخيص الحبير، العسقلاني حقيق: عبد الله هاشم اليماني، المدينة المنورة 1964. - تلخيص المستدرك للحافظ الذهبي (ت748هـ) مطبوع بذيل المستدرك. - التمييز للإمام مسلم (ت261هـ) تحقيق: الدكتور عبد القادر مصطفى المحمدي، دار ابن جوزي- الرياض ط1. - تهذيب الآثار للإمام أبي جعفر الطبري (ت310هـ) تحقيق: محمود محمد شاكر، مطبعة المدني-،القاهرة 1404هـ - تهذيب التهذيب، ابن حجر العسقلاني (ت852هـ)،دار الفكر بيروت، الطبعة الأولى،1984هـ. - تهذيب الكمال في أسماء الرجال للحافظ جمال الدين أبي الحجاج يوسف المزي (ت742هـ) تحقيق: د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، 1998م. - الثقات، محمد بن حبان بن محمد البستي، تحقيق: شرف الدين أحمد، دار الفكر، بيروت الطبعة الأولى،1975 م

- جامع التحصيل في أحكام المراسيل، للحافظ صلاح الدين أبي سعيد العلائي (ت761هـ) تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، مكتبة النهضة العربية، بيروت، الطبعة الثانية،1986م. - الجامع الكبير، الحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي (279هـ) تحقيق: الدكتور بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى،1996م. - الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي (ت463هـ) تحقيق: د الطحان، مكتبة المعارف، الرياض 1403هـ - الجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي (ت327هـ) تحقيق: محمد السعيد بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية-الطبعة الأولى-بيروت 1408هـ-1988م. -حصول التفريج بأصول التخريج، أو كيف تصير محدثاً، شهاب الدين أحمد بن محمد بن الصديق، تقديم وتحقيق، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى2000م. - الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر العسقلاني (ت852هـ) تحقيق: محمد سيد جاد الحق، القاهرة، الطبعة الثانية، 1966م. - ديوان الضعفاء والمتروكين لشمس الدين الذهبي، دار بيروت، الطبعة الأولى، 1988م. -الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المصنفة، لمحمد بن جعفر الكتاني، تحقيق: محمد المنتصر محمد الزمزمي الكتانيدار البشائر الإسلامية، بيروت الطبعة الرابعة، 1406. - سؤالات أبي عبد الله بن بكير وغيره للدارقطني لأبي عبد الله بن بكير (ت388هـ) دراسة وتحقيق: علي حسن علي عبد الحميد، دار عمار-عمان، الطبعة الأولى 1408هـ-1988م. - سؤالات السهمي للدارقطني لحمزة السهمي (ت428هـ)، تحقيق موفق بن عبد الله، مكتبة المعارف بالرياض،1404هـ.

- سؤالات محمد بن أبي شيبة لعلي بن المديني، علي بن المديني، تحقيق موفق بن عبد الله بن عبد القادر، مكتبة المعارف، الرياض 1984م. - سنن ابن ماجه للحافظ أبي عبد الله محمد بن يزيد (ابن ماجه القزويني) (273هـ) تحقيق: د. بشار عواد معروف، دار الجيل، بيروت الطبعة الأولى 1988م. - سنن أبي داود للحافظ سليمان بن الأشعث السجستاني (275هـ)،دار الحديث، القاهرة،1988م. - سنن الدارقطني (ت385هـ)، للإمام علي بن عمر أبي الحسن الدارقطني، تحقيق: السيد عبد الله هاشم المدني، دار المعرفة، بيروت،1969 م. - سنن الدارمي، لأبي محمد عبد الله ابن عبد الرحمن الدارمي (255هـ) تحقيق: فواز أحمد، وخالد العلمي، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الأولى،1407 هـ. - سنن سعيد بن منصور (ت227هـ) حققه د. سعد بن عبد الله ال حميد، دار العصيمي الطبعة الأولى 1414هـ. - سنن النسائي للحافظ أحمد بن شعيب النسائي (303هـ) بشرح السيوطي وحاشية السندي، دار الحديث، القاهرة،1987م. - السنن الكبرى للنسائي، تحقيق: د. عبد الغفار البنداري وسيد كسروي حسن، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1991م. - سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي (ت748هـ)،مؤسسة الرسالة-بيروت 1401هـ. -شرف أصحاب الحديث، الخطيب البغدادي، تحقيق د. محمد سعيد أوغلي، دار إحياء السنة، أنقرة. - صحيح ابن خزيمة (مختصر المختصر)،محمد بن إسحاق بن خزيمة تحقيق: د. مصطفى الأعظمي، طبعة المكتب الإسلامي، بيروت 1970 م ..

- صحيح البخاري، تحقيق قاسم الشماعي، دار العلم، بيروت، الطبعة الأولى، 1987م. - صحيح مسلم، الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري (ت261 هـ)،حقق نصوصه وصححه: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى 1955م. -الطرق العلمية في تخريج الأحاديث النبوية، الدكتور عبد العزيز بن صالح اللحيدان، الموسوعة الشاملة /3. - الضعفاء الكبير لأبي جعفر العقيلي (ت322هـ) حققه ووثقه: الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي، دار الباز-مكة المكرمة، ودار الكتب العلمية-بيروت، الطبعة الأولى 1984 م. - الضعفاء والمتروكون للإمام النسائي (ت303هـ)،دار الوعي بحلب، تحقيق: محمود زايد. -العبر في خبر من غبر، شمس الدين الذهبي (ت 748 هـ) تحقيق:، محمد السعيد بن بسيوني زغلول دار الكتب العلمية –بيروت. - العلل، لإمام علي بن المديني (ت234هـ) تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي، المكتب الإسلامي 1972م. - علل أحمد بن حنبل، أحمد بن حنبل الشيباني، برواية المروذي تحقيق: الشيخ صبحي السامرائي، مكتبة المعارف، الطبعة الأولى، الرياض 1989م. - علل الجارودي، محمد بن الحسين بن أحمد الجارودي ت (317) هـ، تحقيق: علي الحلبي، دار الهجرة، الرياض، الطبعة الأولى 1991 م. - علل الحديث لأبي محمد عبد الرحمن الرازي، ابن الإمام أبي حاتم الرازي (ت327 هـ) دار المعرفة –بيروت، 1985م. - العلل المتناهية في الأحاديث الواهية لأبي الفرج بن الجوزي (ت597هـ) حققه: إرشاد الحق الأثري وقدم له خليل الميس، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1403هـ.

- العلل الواردة في الأحاديث النبوية للإمام الدارقطني (ت385هـ) تحقيق وتخريج: محفوظ الرحمن زين الله السلفي، دار طيبة، السعودية-الطبعة الأولى 1405هـ-1985م. -العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد بن حنبل، تحقيق: وصي الله محمد عباس، المكتب الإسلامي-دار الخاني، بيروت، الرياض-الطبعة الأولى 1988هـ. - علوم الحديث، المعروف بـ:"مقدمة ابن الصلاح"،أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري بن الصلاح ت (643هـ) تحقيق: نور الدين عتر، دار الفكر، الطبعة الثالثة1404هـ 1984م. - عمل اليوم والليلة للإمام أحمد بن شعيب النسائي (ت 303 هـ) دراسة وتحقيق: د. فاروق حمادة طبع على نفقة الرئاسة للإفتاء والبحوث العلمية والدعوة والنشر بالمملكة العربية السعودية –الطبعة الأولى 1981م. - فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني (852هـ) حقق أصله: عبد العزيز بن باز، ورقمه: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1989م. - فتح المغيث بشرح ألفية الحديث، أبو عبد الله محمد السخاوي (ت902هـ) تحقيق: علي حسن علي عبد الحميد، نشر: دار الإمام الطبري، الطبعة الثانية، 1412هـ. - الكاشف في معرفة من له روايةٌ في الكتب الستة للإمام الذهبي، تحقيق: عزت علي عبد عطية وموسى محمد علي الموشي، دار الكتب الحديثة-الطبعة الأولى 1392هـ - الكامل في ضعفاء الرجال، عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد الجرجاني، تحقيق: يحيى مختار، دار الفكر، بيروت الطبعة الثالثة 1988م. - الكشاف عن أبواب مراجع تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف لعبد الصمد شرف الدين، آخر مجلد من تحفة الأشراف

- كشف الأستار عن زوائد البزار على الكتب الستة، الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (ت807هـ) تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، 1984م. - الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي (ت463هـ) تحقيق: أحمد عمر هاشم، دار الكتاب العربي-بيروت، الطبعة الثانية 1406هـ-1986م. - الكنى، محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: السيد هاشم الندوي، دار الفكر، بيروت. -الكنى والأسماء للدولابي (ت310هـ) دار الكتب العلمية بيروت 1403هـ. -كيف ندرس علم تخريج الحديث، د. حمزة المليباري ود. سلطان العكايلة، دار الرازي الأردن الطبعة الأولى 1998م. - لسان العرب، جمال الدين محمد بن مكرم (ابن منظور) (630هـ)،مطبعة السعادة، مصر 1963 م. - لسان الميزان، الحافظ ابن حجر العسقلاني، طبعة حيدرآباد، الطبعة الأولى 1329هـ. - المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين للإمام ابن حبان (ت354هـ)،دار العربي، حلب، الطبعة الأولى، 1396هـ. - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (ت807هـ)،دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثانية، 1967م. -المحدث الفاصل بين الراوي والواعي للحافظ الرامهرمزي (ت360هـ) تحقيق وتعليق: محمد عجاج الخطيب، دار الفكر-بيروت 1391هـ-1971م. - المراسيل لابن أبي حاتم الرازي (ت327هـ) بعناية: شكر الله بن نعمة الله قوجاني، مؤسسة الرسالة-بيروت، الطبعة الثانية 1402هـ-1982م.

- المراسيل لأبي داود السجستاني (ت275هـ) تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة-بيروت، الطبعة الأولى 1408هـ-1988م. - المستدرك على الصحيحين، أبو عبد الله محمد بن عبد الله (الحاكم النيسابوري) (ت405هـ)، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت الطبعة الأولى 1990م. - مسند أبي يعلى الموصلي، أحمد بن علي التميمي، تحقيق وتخريج: حسين سليم أسد، دار المأمون للتراث، دمشق، الطبعة الأولى، 1984م. - مسند أحمد بن حنبل، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، دار الرسالة، بيروت، 1997م. -مسند البزار، البزار، تحقيق د. محفوظ الرحمن زين الله، مؤسسة علوم القرآن، بيروت الطبعة الأولى 1409 هـ -مسند الشافعي، محمد بن إدريس الشافعي، دار الكتب العلمية، بيروت. -مسند الطيالسي، الطيالسي (ت204هـ)،دار المعرفة، بيروت. - مصنف ابن أبي شيبة، الحافظ أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، ت (235) هـ تحقيق: كمال يوسف الحوت، مكتبة الرشد، الرياض الطبعة الأولى، 1409 هـ. - مصنف عبد الرزاق، الحافظ عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت211هـ) تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، توزيع: المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية، 1403هـ. - المعجم الأوسط، الطبراني، تحقيق: طارق بن عوض الله، وعبد المحسن الحسيني، دار الحرمين، القاهرة 1415هـ - المعجم الكبير، الطبراني، حققه وخرج أحاديثه: حمدي السلفي، مطبعة الزهراء، الموصل، الطبعة الثانية، 1984م. - المفصل في أصول التخريج ودراسة الأسانيد، علي بن نايف الشحوذ، ملتقى أهل الحديث، الموسوعة الشاملة 3.

- موضح أوهام الجمع والتفريق للخطيب البغدادي (ت463هـ) تحقيق: المعلمي اليماني، دار المعارف - الموقظة في مصطلح الحديث للإمام الذهبي (ت748هـ) تحقيق: عبد الفتاح أبي غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب 1405هـ. - ميزان الاعتدال، شمس الدين الذهبي تحقيق: علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى، 1382هـ. - نزهة النظر بشرح نخبة الفكر، للحافظ ابن حجر العسقلاني، تحقيق وتعليق: نور الدين عتر، المكتبة العلمية في المدينة المنورة، والبيان في بيروت. - نصب الراية لأحاديث الهداية للإمام الزيلعي (ت762هـ) تحقيق: محمد يوسف البنوري، دار الحديث، مصر 1357هـ.

§1/1