الميزان في أحكام تجويد القرآن

فريال زكريا العبد

مقدمة

مقدّمة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اتبع هديه إلى يوم الدين. وبعد .. فقد كان فضلا من الله ومنّة، أن هدانى إلى القيام بمهمة إعداد بحث يجمع أحكام التجويد برواية حفص عن عاصم بن أبي النجود من طريق الشاطبية، يكون مرجعا للدارسين والدارسات بحلقات تحفيظ القرآن. وقد استعظمت المهمة بادئ الأمر، وتهيبت خوض التجربة، وترددت لحظات تنازعني خلالها أمران: أمّا أولهما فشوق إلى الاشتغال بعلم من علوم القرآن وطمع فى نوال شرف تلك المنزلة، وأمّا الآخر فتحرّج واحتراز منى أن أكتب فى ميدان غير ميدان تخصصي وإن كانت تربط بين الميدانين وشائج قربى وثيقة، فتخصصي ميدانه الدراسات اللغوية واللغة العربية والبحث المنشود ميدانه المباحث القرآنية. غير أن ترددي لم يدم طويلا بفضل الله تعالي إذ ألهمني أن أتمسك بتلك العطية التي رزقني إياها، وألا أفرط فيها، فتعاظم أمرها في ناظريّ حتى بات إنجازها أسمى طموحاتي، وأوسع دوائر أحلامي. فاستعنت بالله العزيز، وشحذت الهمّة، واستنفرت الإرادة، وعزمت أن أخوض التجربة، وعاهدت نفسي أن أتفرغ لتلك المهمة الشريفة، قاصرة جل وقتي وجهدي عليها حتى أفرغ منها. إلى أن أتم الله نعمته على، ووفقني وأعاننى على إنجاز هذا الجهد المتواضع. فله الحمد في الأولى والآخرة على ما أنعم وأولى، فبفضله ومشيئته انهالت على كثير من المراجع من أهل العلم والفضل، وكأنما كانت تسعى إلىّ- بفضل الله تعالى- قبل أن أسعى إليها، وبعون الله وتيسيره تفتحت أمامي كنوز المعارف

الكامنة فى بطون تلك المراجع، فجعلت أرتشف منها وأتزود. وكنت قد انتويت في بداية الأمر أن أقدم بحثا موجزا، يطوف بالأبواب الرئيسة في أحكام التجويد باختصار، دون أن أتعرض للتفاصيل الدقيقة لتلك الأحكام، ولكنى وجدتني في خضم تلك المراجع أسبح فى بحار من المعرفة لم يكن لى سابق علم بها، وأطّلع على كنوز من أسرارها كانت خفية عنى، فلما تكشفت لناظريّ بهرتني، وراعني فيضها، وغزارتها، فو الله لقد استحييت أن أستأثر بكل ذلك الفيض وحدي دون أن يقاسمني فيه سائر الإخوة والأخوات الدارسين والدارسات، فجعلت أغوص في أعماق تلك المراجع، أستخرج الدرّ الكامن في بطونها لأخلص به إليهم على صحاف المعرفة. وأخيرا، وبعد أن أتممت أبواب بحثي بحمده تعالى وتمام نعمته، لا يسعني إلا أن أسجد شاكرة لله فضله الذي أسبغه علىّ، راجية أن يتقبله مني، داعية لكل الأئمة والعلماء والأساتذة الأجلاء أصحاب الكتب والمراجع النفيسة التي استعنت بها، واعتمدت عليها في جمع مادة هذا الكتاب؛ فمن معينهم نهلت، ومن قطوفهم جنيت، ومن فيض علمهم تعلمت. فبحق الله إن فضلهم علىّ لعظيم، وإن خيرهم علىّ لعميم؛ فهم الذين غرسوا، ورووا، وتعاهدوا بذور علم التجويد، حتى نضجت ثمارها، فانتخبت وانتقيت من قطوفها اليانعة تلك الباقة التي نثرتها على صفحات كتابي، والتي توسمت فيها أن تكون جامعة في غير إفراط، ملتزمة في غير تفريط. فإلى كل هؤلاء العلماء الأجلاء، وإلى كل الأساتذة الأفاضل الذين تفضلوا مشكورين بمراجعة أبواب هذا الكتاب، ولم يضنوا علىّ بملاحظاتهم، وتوجيهاتهم القيمة أقرّ بالفضل، وأدين بالشكر، فلولا جهد هؤلاء ما كان تحصيلي، ولولا غرسهم ما جنيت ثمرا، ولولا توفيق ربي ما بدأت ولا أكملت عملا. فجزى الله خيرا كل من ساهم فى إنجاز ذلك العمل المتواضع، ومعذرة منى لكل من وجد

بالكتاب نقصا، أو خطأ قصرت همتي عن إدراكه، أو تداركه قبل مثول الكتاب للطبع، فما تمّ الكمال لكتاب سوى كتاب الله عزّ وجلّ، أما من وجد فيه نفعا فأسأله خير الدعاء، وله مثل ما دعا به، والله ولى التوفيق. فريال زكريا العبد الموجهة فى مادة اللغة العربية بالتعليم الثانوى بإدارتى وسط وغرب الإسكندرية (سابقا felabd @maktoob.com (

شكر وتقدير

شكر وتقدير لما كان من شيم الوفاء حفظ الجميل لكل من له يد علينا، والإقرار بفضله كل وقت وكل حين، فقد وجدت فى مناسبة صدور هذا الكتاب فرصة مواتية لتسجيل كلمة شكر وامتنان وعرفان للأستاذ الدكتور: محمود عبد الحميد الهيتى الأستاذ بكلية الزراعة جامعة طنطا وأستاذى بحلقات تحفيظ القرآن. وإنه لمن دواعى الوفاء أن أقرّ بأن له الفضل فى تعليمى مبادئ وقواعد وأصول علم التجويد، وعلى يديه حفظت ما يقرب من نصف القرآن الكريم. وقد استطاع بفضل أستاذيته، وسعة صدره، أن يربط الدارسين والدارسات بحلقاته، وأن يدفعهم إلى الانتظام فى الدراسة والصبر والمثابرة، والمنافسة الشريفة فى التحصيل والحفظ. فجزاه الله عنا خير الجزاء وبارك له فى ماله وأهله وولده بإذنه تعالى ومشيئته، إنه سميع مجيب. ولا يفوتنى أيضا أن أتوجه بجزيل الشكر والتقدير إلى الأساتذة الأفاضل الذين قاموا بمراجعة كتابى هذا، دون أن يعرفوا صاحب هذا الكتاب أو هويته، وإنما بذلوا جهدهم مسارعين فى الخيرات، طائعين مختارين، محتسبين أجرهم عند الله تعالى، وكان لتعليقهم على أدائى المتواضع، وتقريظهم ذلك الكتاب، فضل كبير فى إثلاج صدرى، واطمئنان نفسى بعد طول معاناة وقلق ومكابدة. فلهم جميعا كل العرفان والامتنان، وأخص بالذكر منهم: 1 - الأستاذ الدكتور: حافظ أيوب: الأستاذ بجامعة الأزهر، كلية أصول الدين (سابقا)، والمستشار الدينى بوزارة الدفاع بدولة الإمارات العربية المتحدة (سابقا).

2 - الأستاذ الفاضل: محمود داود: المشرف على علم القراءات بمعهد قراءات دمنهور. كما أسأل الله تعالى أن يجازى خيرا كل من عاون فى إخراج هذا المؤلف إلى حيز الوجود، وكل من قدم لى تيسيرا فى شتى مراحل الإعداد والإخراج والطبع. فريال العبد

قراءة القرآن

قراءة القرآن قال تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل: 4] أى اقرأه بطمأنينة غير متعجل فى تدبر معانيه وأعط كل حرف حقه ومستحقه. وعند ما سئلت أم سلمة عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هي تنعتها بالقراءة المفسرة حرفا، حرفا (¬1) أى يفسر الحروف فلا تختلط على السامع. وسئل أنس بن مالك رضي الله عنه عن كيفية قراءة النبى صلى الله عليه وسلم فقال: «كانت قراءته مدا. ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم يمد ببسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم». وقد تلقى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءتهم من الرسول مباشرة عن طريق المشافهة ثم تلقى التابعون عن الصحابة رضوان الله عليهم ثم تابعوا التابعين وهكذا تمضى سلسلة المشافهة من جيل إلى جيل ومن مقرئ إلى قارئ مع تحرى القارئ أن يتلقى من الماهرين المجودين المتقنين وكان السلف يشترطون فى ذلك اتصال السند إلى النبى صلى الله عليه وسلم لأن هذا العلم سنة متبعة يأخذها اللاحق عن السابق وكان صلى الله عليه وسلم يعرض القرآن على جبريل فى كل عام مرة فى رمضان، وفى السنة التى توفى فيها عرضه مرتين. وقد تسابق صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهلون من نبع القرآن علما وعملا وحفظا وترتيلا. وتميز منهم نفر ممن اتقنوا فن التلاوة حتى صاروا أعلاما فيها فاحتضنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ووالاهم بالعناية والرعاية ولمعت من بينهم أسماء بعينها وتعاهدهم يسمعهم قراءته ويطلب منهم أحيانا أن يسمع منهم وأغلبنا يعلم أنه صلوات الله عليه وآله وسلامه طلب من عبد الله بن مسعود- كما جاء فى الحديث الصحيح- أن يقرأ عليه فقرأ حتى بلغ قوله تعالى فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً 41 [النساء: 41] قال حسبك، فالتفت فإذا به صلى الله عليه وسلم تذرف عيناه. (متفق عليه). كما ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم سمع ¬

_ (¬1) تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، وأخرجه أبو داود والترمذي.

عبد الله بن مسعود يقرأ فى صلاته فقال: «من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم معبد» (¬1). وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى بن كعب «إن الله أمرنى أن أقرأ عليك» قال: ءآلله سماني لك؟ قال: «الله سماك لي»، قال أنس: فجعل أبي يبكي» (¬2). فكان أبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود من تلك الكوكبة من الصحابة ومن طلائع القراء الذين تعهدهم رسول الله. قال صلى الله عليه وسلم: «خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ، وأبي بن كعب» ومن هذه الكوكبة أيضا: زيد بن ثابت، وعلي بن أبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل. نستنتج من حرص رسول الله- صلى الله عليه وسلم- علي تلقي القرآن من أناس بعينهم أن لهم تميزا في طريقة قراءتهم عن غيرهم. كما نستنتج أن لقراءة القرآن هيئة وصفة يستحب اتباعها كما يكره مخالفتها أو الانحراف عنها. «وصفة القراءة هذه التي اصطلحوا علي تسميتها بعد ذلك «بالتجويد» تحتوي علي لهجات العرب الفصحي، وطريقتهم في النطق. وهذا من مقتضي كون القرآن عربيا فهو عربي في لفظه ومعناه، وأسلوبه، وتركيبه، ولهجته، وطريقة النطق به، ولذلك تجد كثيرا من مباحث التجويد والقراءة في علم «اللغة و «النحو»، فهي مباحث مشتركة بين الطرفين» (¬3). قال تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ [البقرة: 121] يقول الإمام الغزالي «وتلاوة القرآن حق تلاوته هو أن يشترك فيه اللسان والعقل والقلب، فحظ اللسان تصحيح الحروف بالترتيل وحظ العقل الائتمار. فاللسان «يرتل»، والعقل «يترجم»، والقلب «يتعظ» (¬4). ¬

_ (¬1) مجمع الزوائد للهيثمي، ج 9، ص 287. (¬2) رواه مسلم، ج 2، ص 195. (¬3) قواعد التجويد، أبو عاصم عبد الفتاح القاري، ص 2. (¬4) إحياء علوم الدين، ج 3، ص 131، ط 1956 م.

فضل تلاوة القرآن

فضل تلاوة القرآن لا شك أنه ما من مسلم قد أتيح له أن يستوعب ما جاء بالكتاب والسنة بشأن فضل القرآن الكريم وفضل تلاوته والانشغال به والعمل بما جاء فيه، وما وعد الله به أهل القرآن من الدرجات العلى فى جنات النعيم، إلا وتاقت نفسه إلى دراسته، وإجادة تلاوته، ومحاولة حفظه وتعاهده بالاسترجاع حتى لا يتفلت من صدره ولا يتسع المقام هنا لسرد الكثير مما جاء بالكتاب والسنة في هذا الشأن ولكننا نكتفي من كل بستان بزهرة أو بضع زهرات: فمما ورد بالكتاب في هذا الشأن: 1 - قال تعالي: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30) [فاطر: 29، 30] 2 - قال تعالي: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً (82) [الإسراء: 82] 3 - وقال تعالي: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ [ص: 29] 4 - لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) [الحشر: 21] 5 - اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (23) [الزمر: 23] ومما جاء فى أحاديث رسول الله: 1 - روى أبو داود والترمذي بإسناد هما عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما

قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها» (¬1). 2 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله أهلين من الناس» قالوا: من هم يا رسول الله ... ؟ قال: «أهل القرآن هم أهل الله وخاصته» (¬2). 3 - وعن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل، وآناء النهار» (متفق عليه) 4 - عن ابن عباس رضى الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الأعمال إلي الله تعالي الحالّ المرتحل: قالوا: ومن الحالّ المرتحل يا رسول الله؟ قال: «صاحب القرآن يقرأ من أوله لآخره كلما حلّ ارتحل» (¬3). 5 - عن بن معاذ بن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس الله والديه تاجا يوم القيامة ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا. فما ظنكم بالذي عمل بهذا». والحديث لم يحدد مكانة من عمل بهذا وإنما اكتفي بتحديد منزلة والديه في صورة تشتهيها كل نفس أما صاحب هذا العمل فقد ترك لخيال السامعين أن يحلق كما يشاء فلا حدود لعطاء الله لمن طلب رضاه وسار علي نهج القرآن الكريم. 6 - روى مسلم بسنده من حديث عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين». 7 - روى مسلم بسنده عن أبى إمامة الباهلى قال: «اقرءوا القرآن فإنه يأتى يوم القيامة شفيعا لأصحابه». 8 - قال صلى الله عليه وسلم: «إن هذه القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد» قيل فما جلاؤها يا رسول الله؟ قال: «ذكر الموت وتلاوة القرآن: ألم تسمعوا قوله تعالى: وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ (¬4). ¬

_ (¬1) رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجة. (¬2) القرطبي ح 1، ص 30. (¬3) رواه أحمد والنسائي. (¬4) الفتح الرباني: 17/ 7 والفيروزآبادي ح 1، ص 64.

آداب تلاوة القرآن

9 - روى مسلم بسنده عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما اجتمع قوم فى بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده». (¬1) 10 - وروى الشيخان بسنديهما عن عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذى يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران». 11 - وعن أبى سعيد الخدرىّ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطوا أعينكم حظها من العبادة قالوا يا رسول الله وما حظها من العبادة؟. قال النظر فى المصحف والتفكر فيه والاعتبار بعجائبه». 12 - وعن عبادة بن الصامت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل عبادة أمتى تلاوة القرآن». وأخيرا نختتم هذه الباقة العطرة من أحاديث سيد المرسلين بما رواه عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» (أخرجه البخارى) وها هو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أوضح معالم الطريق لمن أراد أن يكون خير الناس فبين أن عليه أن يتعلم القرآن أولا تلاوة ودراسة وفهما مع العمل بما فيه من أحكام، والالتزام بما فيه من أوامر ونواه، فهذا هو نصف الطريق، فإذا أتم الله نعمته وفضله عليه ومكنه من القيام بتعليم القرآن لغيره فقد أكمل المسيرة وهنيئا له إذا أخلص نيته لله وحده غير ناظر لصيت أو سمعة أو شهرة. آداب تلاوة القرآن 1 - إخلاص النية لله وحده. 2 - أن يكون القارئ طاهرا نظيف الثوب والبدن. ¬

_ (¬1) مسلم ح 4، ص 2074.

3 - أن يستقبل القبلة إن لم يكن هناك ما يعوقه عن ذلك. 4 - الإعداد النفسى والذهنى والتهيئة لاستحضار عظمة الله وجلاله وعظمة الكلام الذى سيتلوه. 5 - حبذا لو استاك أو نظف فمه لأنه سوف ينطق بكلام الله سبحانه وتعالى وسوف يجرى الكلام فيه ليخرج من مخارج حروفه، فالأولى أن يكون الفم ذا رائحة زكية إن أمكن ذلك. 6 - وإذا كان حظ اللسان من التلاوة تصحيح الحروف بالتلاوة، وحظ العقل تفسير المعانى، وحظ القلب الاتعاظ والتأثر، فينبنى على ذلك أنه إذا جلس المؤمن للتلاوة حاضرا بعقله، وقلبه، ولسانه فقد صدق مع نفسه، ومع الله، ومع كلام الله. وإذا كان أمر المؤمن كذلك، فلا بد أن عقله سوف يتدبر ما يتلوه من آيات الله، فإذا تدبر العقل، استشعر المؤمن من خلال الآيات فتحا من الله وقبولا، فلا يكتفي بما يبدو من ظاهر الكلام، وإنما يستشعر قلبه معاني خفية، هي نفحات من عند الرحمن لعبده الذي أقبل عليه وقد ألقي خلف ظهره كل أمور دنياه، وخلص لمولاه وحده. ومع هذا الحضور بالنفس، والعقل، والقلب سوف يشعر بقرب الله تعالي منه، ويحس أنه في حضرته، فإذا تلا أمرا من أوامره، أو نهيا من نواهيه خضعت نفسه منصاعة، وقالت سمعا وطاعة. وإذا تلا من كلام الله آية وعيد وجل قلبه وظن أنه هالك لا محالة فيتوب، وإذا كانت آية وعد استبشر خيرا واطمأن قلبه، فإذا مر بذكر النار تعوذ منها ومن عذابها، واذا جاء ذكر الجنة انشرح صدره واشتاقت نفسه إليها وألح في طلبها. 7 - أن ينتقي لنفسه مكانا بمعزل عن كل ما يلهيه ويصرفه عن الاندماج في معاني الآيات (كالمذياع والتلفاز والأماكن التي تعج بالضوضاء وأهل اللغو والفراغ). 8 - أن يزين قراءته ويحسن صوته بها وإن لم يكن حسن الصوت حسّنه ما استطاع. فالقراءة السليمة المجودة المتقنة إذا زانها صوت حسن ندىّ كانت فضلا من الله ومنة على من قرأ ومن سمع، وصرف الله إليها الجن والملائكة يستمعون

لها، وصغت لها أسماع المؤمنين وقلوبهم، وما من دليل على ذلك أبلغ من تأثر الرسول الكريم نفسه بالأصوات الحسنة وتأثيرها على نفسه ويقينه بمدى تأثيرها على النفوس لذا نراه حين أقر صيغة الأذان لأول مرة فى الإسلام لم يكلف من حدثه بها أن يؤذن بل قال له: «اذهب إلى بلال فعلمه إياها فإنه أندى منك صوتا ... ». وقال أيضا: «زينوا القرآن بأصواتكم». ومن قوله أيضا: «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبى حسن الصوت يتغنى بالقرآن» ولقد سمع عبد الله بن مسعود يقرأ فى صلاته فقال: «من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم معبد» فقد كان عبد الله ابن مسعود مشهورا بحسن الصوت وجودة الترتيل ودقة الأداء حتى أن الرسول نفسه طلب منه أن يقرأ عليه القرآن عند ما أحب أن يسمعه من غيره. ولا ننسى أن نذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعبر بأسلوب فى منتهى البلاغة عن مدى إعجابه بصوت أبى موسى الأشعرى عند ما قابله فقال له: «لو رأيتنى وأنا أسمع قراءتك البارحة!! لقد أوتيت مزمارا من مزامير داود». فقال أبو موسى: لو علمت أنك تسمع قراءتى لحبرتها لك تحبيرا» أى لجودتها وحسنتها وزينتها لك تزيينا. على أنه ينبغى للقارئ أن يضع نصب عينيه حدا فارقا جليا بين ما هو تزيين وتحسين للصوت قصد به أن يكون جواز مرور يفتح آذان السامعين ويسمح للمعانى القرآنية أن تتجاوز عتبات أسماعهم لتنفذ إلى أعماق قلوبهم ومداركهم وعقولهم، وبين ما هو ترنم وتنغيم لأجل التطريب. لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرءوا القرآن بملحون العرب وألسنتها، وإياكم ولحون أهل العشق، ولحون أهل الكتابين، وسيجيء بعدى قوم يرجعون القرآن ترجيع أهل الغناء والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم» (¬1). 9 - التوقف عن القراءة عند التثاؤب ثم الاستئناف بعده. 10 - أن ينهى قراءته بتصديق ربه (أي قوله: صدق الله العظيم) وأن يشهد ¬

_ (¬1) نوادر الأصول، وجمال القراء للسخاوي/ عن حذيفة وأبي داود رضى الله عنهما.

الأحرف السبعة

لرسوله بإبلاغ الرسالة فيقول: (وصدق رسوله الكريم بلغ الرسالة ونحن على ذلك من الشاهدين). الأحرف السبعة روي ابن عباس- رضى الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أقرأني جبريل علي حرف، فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف» (¬1). فكانت استزادة الرسول صلى الله عليه وسلم طلبا للتوسعة على أمة المسلمين وتخفيفا عنها، ورحمة بها. وروي البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت هشاما يقرأ سورة (الفرقان) في حياة النبي فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ علي حروف لم يقرئنيها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فكدت أساوره (¬2) في الصلاة، فتصبرت حتى سلم فلببته (¬3) بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ فقال أقرأنيها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقلت كذبت فإن رسول الله قد أقرأنيها علي غير ما قرأت .. فانطلقت به أقوده إلي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان علي حروف لم تقرئنيها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرسله .. اقرأ يا هشام» فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «كذلك أنزلت» ثم قال: «اقرأ يا عمر» فقرأت القراءة التي أقرأني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كذلك أنزلت». إن هذا القرآن أنزل علي سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه) وقد اختلف في المراد بالأحرف السبعة اختلافا بينا فرجح بعضهم أن تكون الأحرف السبعة لغات القبائل وقيل إن المراد بها معاني الأحكام القرآنية كالمحكم والمتشابه والحلال والحرام، والإنشاء والخبر والأمثال. وهناك أقوال أخري مختلفة تناولها ابن الجزري بالتفنيد والمراجعة ثم رفضها محتجا بأن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ترافعوا إليه كان ترافعهم واختلافهم فيما يختص بحروف القرآن، ولم يختلفوا في تفسيره، ولا أحكامه ولا معانيه. لذا ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) «أساوره»: أبطن به، أو آخذ برأسه، أو أواثبه. (¬3) أي جمعت ثيابه عند نحره وجررته منها، أو ضربت لبّته أي «موضع القلادة».

أوجه التغاير والاختلاف السبعة:

يميل المحققون من العلماء إلي ترجيح مذهب الإمام أبي الفضل الرازي حيث يرى أن المراد بالأحرف السبعة: الأوجه التي يقع بها «التغاير والاختلاف» وهي لا تخرج عن سبعة». أوجه التغاير والاختلاف السبعة: 1 - اختلاف الأسماء: في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث. فالاختلاف في الافراد والجمع في نحو قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ [البقرة: 184]. قرئ بالإفراد (مسكين) وقرئ (مساكين) بالجمع. والاختلاف في التثنية والجمع نحو قوله تعالي: فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات: 10]، قرئ بالتثنية وقرئ (إخوتكم) بالجمع. والاختلاف في التذكير والتأنيث نحو قوله تعالى: وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ قرئ بياء التذكير، وقرئ (تقبل) بتاء التأنيث [البقرة: 48]. 2 - اختلاف تصريف الأفعال: من ماض ومضارع وأمر نحو قوله تعالى: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً [البقرة: 184] قرئ الفعل هكذا (تطوع) علي أنه فعل ماض وقرئ (يطّوّع) علي أنه فعل مضارع مجزوم. ونحو قوله تعالي: قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ [الأنبياء: 4] قرئ (قال) على أنه فعل ماض، وقرئ (قل) على أنه فعل أمر. 3 - اختلاف وجوه الإعراب: نحو قوله تعالى: وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ [البقرة: 119]، قرئ بضم التاء ورفع اللام على أن (لا) نافية وقرئ بفتح التاء وجزم اللام هكذا (تسأل) على أن (لا) ناهية. 4 - الاختلاف بالنقص أو الزيادة: نحو قوله تعالى: وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ [آل عمران: 133] بإثبات الواو قبل السين وقرئ (سارعوا) بحذف الواو. 5 - الاختلاف بالتقديم والتأخير: نحو قوله تعالى: وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا [آل عمران: 195] قرئ هكذا بتقديم (وقتلوا) وتأخير (وقاتلوا).

حكمة إنزال القرآن على سبعة أحرف:

6 - الاختلاف بالإبدال أى جعل حرف مكان حرف آخر كقوله تعالى: هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ [يونس: 30] قرئ هكذا بتاء مفتوحة فباء ساكنة وقرئ بتاءين الأولى مفتوحة والثانية ساكنة (تتلوا). 7 - الاختلاف فى الهجاء كالفتح والإمالة والإظهار، والإدغام والتسهيل، والتحقيق، والتفخيم، والترقيق، وهكذا يدخل فى هذا النوع الكلمات التى اختلفت فيها لغة القبائل نحو (خطوات) تقرأ بتحريك الطاء بالضم، وتقرأ بتسكينها، ونحو (بيوت) تقرأ بضم الباء وتقرأ بكسرها (¬1). حكمة إنزال القرآن على سبعة أحرف: 1 - اختلاف ألسنة العرب ولهجاتهم بحيث لو كلفهم الله تعالى لهجة واحدة لشق عليهم ذلك ونلاحظ مثل ذلك فى عصرنا هذا إذ تختلف لهجات الشعب الواحد بين أهالى شمال البلاد وأهالى الجنوب وبين أهالى السواحل وأهالى وسط البلاد. فمن رحمة الله تعالى أنه يسر على هذه الأمة حفظ كتابه وتلاوته فأذن لنبيه أن يقرئ أمته القرآن على سبعة أحرف، فكان النبى يقرئ كل قبيلة بما يوافق لغتها. 2 - ويرى البعض أنه فى إنزال القرآن الكريم على سبعة أحرف دليل على صدق رسالة النبى صلى الله عليه وسلم حيث ينطق القرآن بهذه الأحرف السبعة وتلك اللهجات المتعددة وهو النبى الأمى الذى لا يعرف سوى لهجة قريش. جمع القرآن لا شك أن البعض منا قد سأل نفسه ذات يوم وهو يتناول بين يديه كتاب الله العزيز (المصحف الشريف) بغلافه الفاخر وطباعته الرائعة: «ترى كيف كانت هيئة هذا الكتاب على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم؟ هل كان كتابا يشبه ما نراه فى أيدينا ¬

_ (¬1) من كتاب (الشيخان)، طه حسين، ص 97، من الكتاب الأول- بتصرف.

اليوم؟ وكيف حفظه الله، وحوفظ عليه حتى وصل إلى أيدينا فى عهدنا هذا؟ وإذا كان هذا التساؤل قد طاف بخواطر الكثيرين منا ممن لم تتح لهم الفرصة لمعرفة تاريخ تدوين ما يسمى «بالمصحف العثمانى» فها نحن نحاول أن نجيب عن ذلك التساؤل فى غير إسهاب: حينما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة ودخل فى الإسلام بعض ممن عرفوا الكتابة من الصحابة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يدعوهم لكتابة ما نزل من القرآن أولا بأول، وكان كل واحد منهم يحتفظ بما كتبه في مكان يأمن فيه على ما كتب من الضياع. ولما لم تكن الكتابة على الورق أمرا ميسورا لكل من أراد الكتابة كما هو الحال اليوم، لذا فقد لجأ العرب في ذلك الوقت إلى الكتابة على (العسيب) وهو جريدة النخل العريضة. وكتبوا على (الرقعة) وهى القطعة من الجلد أو الورق وكتبوا على اللوح وهو الصفحة العريضة من الخشب. وكتبوا على أضلاع الحيوانات (كالإبل والنوق). وأذن الله لرسوله بالهجرة إلى المدينة فزاد اهتمامه بكتابة الوحى، وعمل على محو أمية الكثير من المسلمين، وجعل فدية الأسير لفك رقبته أن يعلم عشرة من المسلمين فزاد عدد كتاب الوحى فلم يتم نزول القرآن حتى كانوا أكثر من أربعين كاتبا من بينهم عدد غير قليل من حفظة القرآن فلما تولى أبو بكر الخلافة وأرسل الجيوش لمحاربة المرتدين استشهد عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفى حرب «مسيلمة» استشهد عدد آخر أكبر، وكان من بينهم نحو سبعين من حفظة القرآن. فأشار عمر على أبى بكر أن يجمع القرآن حتى لا يتعرض نص من نصوصه للضياع باستشهاد القراء منهم وأصحاب النبى. وتردد أبو بكر فى قبول ذلك الرأي لأنه كان يتحرج من أن يفعل شيئا لم يفعله الرسول وهو جمع القرآن. ولكن عمر ما زال به حتى أقنعه فدعا أبو بكر «زيد بن ثابت» رحمه الله، وكان شابا قويا صبورا عاقلا من كتّاب الوحي وقد شهد العرضة الأخيرة للقرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فكلفه أن يتتبع القرآن فيجمعه.

الفرق بين:"جمع القرآن" و"نسخ المصاحف"

وتردد زيد كما تردد أبو بكر، لأن النبي لم يفعل ذلك، ولكن أبا بكر وعمر رضى الله عنهما أقنعاه بما في ذلك من خير للإسلام والمسلمين، وجعل يتتبع القرآن يجمعه من صدور الرجال، وبالرغم من حفظه للقرآن لم يكن يقبل من رجل نصّا من نصوصه إلا إذا وجده عند رجل آخر من أصحاب النبى وقيل لم يقبل شيئا من أحد إلا أن يأتى معه بشهيدين، مستبعدا كل ما ليس بقرآن من أحاديث قدسية أو تفسير أو تأويل وما نسخت تلاوته من القرآن. ومستبعدا من القرآن رواية الآحاد. فلما أتم جمعه من ألواح الحجارة والجلود وأكتاف الإبل وعسب النخل، وكان ذلك فى عهد أبى بكر أو فى أيام عمر- على اختلاف فى ذلك- «اكتمل بذلك أول مصحف» كتب فيه القرآن الكريم «كاملا» «مرتب السور والآيات» بما يتفق والعرضة الأخيرة وظل أول المصاحف هذا عند أبى بكر (إن كان قد اكتمل جمعه فى عهده). ثم صار بعد ذلك إلى عمر، أو ظل عند عمر (إن كان قد اكتمل جمعه فى عهده) حتى استشهد عمر فكانت نهاية المطاف عند «حفصة أم المؤمنين رضى الله عنها». الفرق بين: «جمع القرآن» و «نسخ المصاحف» لما تولى عثمان الخلافة وخشى اختلاف الناس بالأمصار فى قراءة القرآن عزم على «نسخ المصاحف»، وإرسالها إلى المدن الكبرى، فطلب هذا المصحف من حفصة ليعتمد عليه القائمون بالنسخ، وكان زيد بن ثابت من الذين شاركوا فى ذلك أيضا. ومن الناس من يظن أن جمع القرآن أيام أبى بكر أريد به منع اختلاف الناس فى القراءة، وهذا خطأ، فالمصحف الذى جمع لم يكن مرجعا معروضا لعامة المسلمين، وإنما أريد به حفظ نصوص القرآن من أن تذهب بموت الذين يحفظونه فى صدورهم، أو يحتفظون بها مكتوبة عندهم فأما المصحف الذى أريد به منع اختلاف الناس فى القراءة فهو الذى أرسله عثمان إلى الأمصار والذى سمى (بالمصحف الإمام) أي الذي يقتدي به عامة المسلمين.

منشأ القراءات

فقد أشار حذيفة بن اليمان على عثمان رضى الله عنهما أن يدرك هذه الأمة قبل أن تختلف على كتابها كما اختلفت اليهود والنصارى نتيجة لكثرة الاختلاف فى وجوه القراءة. واستشار عثمان أعلام الصحابة وذوى الرأى، فأجمعوا على أن يأمر بنسخ عدد من المصاحف يرسل واحدا منها إلى كل مصر من الأمصار ليكون مرجعهم عند الاختلاف، وحرق ما عداها من المصاحف. عندئذ أرسل عثمان رضي الله عنه إلى أم المؤمنين حفصة يطلب منها ما كانت تحتفظ به من الصحف التى سبق أن كتبها زيد بن ثابت فكلف عثمان «زيد بن ثابت» و «عبد الله بن الزبير» و «سعيد بن العاصى»، و «عبد الرحمن بن الحارث بن هشام» بنسخ هذه الصحف عدة نسخ أرسل إلى كل مصر من الأمصار نسخة وأمر بحرق ما عداها. منشأ القراءات: أراد عثمان رضي الله عنه أن يوحد المسلمين على مصحف واحد يرسم بطريقة تتلاءم مع الحروف السبعة التى نزل بها القرآن، وما لا يحتمله الرسم كتبه فى نسخة بقراءة، وفى الأخرى بقراءة أخرى، ولم يكرره فى النسخة الواحدة لدفع توهم التكرار، فإن لكل منهما وجها من غير تكرار ولم يكتب أحدهما فى الأصل، والثانى فى الحاشية لأن فى ذلك ترجيحا بلا مرجح، ولدفع توهم أن تكون الكلمة فى الأصل غير صحيحة والتى فى الحاشية هى تصحيح لها. وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن المصاحف العثمانية بمجموعها متضمنة برسمها ما ثبت من القراءات المتواترة فى العرضة الأخيرة محتملة للأحرف السبعة وأرسل مع كل نسخة إماما عدلا ضابطا. فأمر زيد بن ثابت أن يقرئ بالمصحف المدنى، وأرسل عبد الله بن السائب مع المصحف المكى، والمغيرة بن أبى شهاب المخزومى مع الشامى، وأبا عبد الرحمن السلمى مع المصحف الكوفى، وعامر بن عبد القيس مع المصحف البصرى.

القراءات المتواترة

وقد أرسل عثمان رضي الله عنه جماعة من قراء الصحابة يعلمون الناس القراءة بالتلقين وقد تغايرت قراءاتهم بتغاير رواياتهم. كما أن المصاحف العثمانية لم تكن ملزمة بقراءة معينة دون الأخرى لخلوها من النقط والتشكيل، بحيث تحتمل عند التلقين الوجوه المروية. وقد تمسك أهل كل مصر من الأمصار بما تلقوه سماعا من الصحابى الذى أقرأهم، وتركوا ما عداه، وكان هذا منشأ القراءات وظهور الخلاف. وبعد فترة من الزمن مضى جيل الصحابيين، وقام مقامهم جيل التابعين، ثم تفرغ جماعة «للقراءة والإقراء» حتى صاروا أئمة يقتدى بهم وتعتمد رواياتهم فنسبت القراءة إليهم» (¬1). فلما كان القرن الرابع اشتهر الحافظ أبو بكر البغدادى وهو أول من أفرد القراءات السبعة فى كتاب واختار فيه أشهر سبعة من أئمة القراءة فى عصره. القراءات المتواترة وهي عبارة عن اختلاف الكيفيات في تلاوة اللفظ القرآني المنزل علي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ونسبتها إلي قائليها المتصل سندهم برسول الله صلي الله عليه وعلي آله وسلم، ولزيادة الإيضاح يجب معرفة المصطلحات الآتية (¬2): 1 - القراءة: ويريدون بها الاختيار المنسوب لإمام من الأئمة العشرة بكيفية القراءة للفظ القرآني علي ما تلقاه مشافهة متصلا سنده برسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون مثلا: قراءة عاصم، قراءة نافع ... وهكذا. 2 - الرواية: ويريدون بها ما نسب لمن روي عن إمام من الأئمة العشرة من كيفية قراءته للفظ القرآني، وبيان ذلك أن لكل من أئمة القراءة راويين، اختار كل منهما رواية عن ذلك الإمام في إطار قراءاته، قد عرف بها ذلك الراوي ¬

_ (¬1) بغية عباد الرحمن، محمد شحادة الغول، ص 31، 33. (¬2) غاية المريد في علم التجويد، عطية قابل نصر، ص 24.

أركان القراءة الصحيحة

ونسبت إليه فيقال مثلا: رواية حفص عن عاصم، ورواية ورش عن نافع ..... وهكذا. 3 - الطريق: وهو ما نسب للناقل عن الراوي وإن سفل كما يقولون هذه رواية ورش من طريق الأزرق أركان القراءة الصحيحة لما كان القرآن العظيم إنما يتلقى بالمشافهة فيرويه جيل من أعيان القراء الضابطين عن شيوخهم ويتسلسل السند إلي النبي صلى الله عليه وسلم كان أول شرط من شروط صحة القراءة تواتر سندها إلي الرسول صلى الله عليه وسلم. ولكي لا يقع القارئ فيما اتفق الصحابة على إطراحه وتركه من الأحرف السبعة ويخرج على إجماعهم فإنهم اشترطوا أيضا موافقة القراءة لخط المصاحف العثمانية ورسمها ولو تقديرا ... فإذا لم يحتملها الرسم اعتبرت القراءة شاذة وإن صح سندها، فلا يقرأ بها القرآن. وبعضهم يزيد شرطا ثالثا هو أن توافق القراءة وجها من العربية. فإذا تأملت هذه الشروط، فاعلم أن كل قراءة تعرض عليها فإن توفرت فيها فهي صحيحة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي مما تضمنه مصحف عثمان وأجمع عليه الصحابة، فيقرأ بها القرآن بلا خلاف، ولا يجوز إنكارها أوردها. ومن هذا يتبين لك أنه لا تحديد في الأصل لعدد القراءات أو أعيان القراء الذين يقرأ بروايتهم، ولذلك كان كثير من علماء أعيان السلف يقرأ بقراءات تثبت عندهم من غير طريق هؤلاء السبعة المشهورين فابن جرير الطبري رحمه الله روى في كتابه واحدا وعشرين قراءة وكذلك فعل أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه (القراءات) واسماعيل بن اسحاق القاضي- صاحب قالون- وغيرهم. يقول مكي بن أبي طالب القيسي في كتابه (الإنابة): «وقد ذكر الناس من

ترجمة الإمام عاصم

الأئمة في كتبهم أكثر من سبعين ممن هو أعلى رتبة، وأجل قدرا من هؤلاء السبعة» (¬1). أما القراء السبعة فكان أول من اختارهم واقتصر عليهم في كتابه أبو بكر بن مجاهد في القرن الرابع الهجري ولذلك يوصف بأنه (مسبع السبعة) بقصد التيسير على الأمة وهم: 1 - نافع ويكني (أبا رويم) توفي بالمدينة وروي عنه قالون وورش. 2 - (عبد الله بن كثير) الداري (إمام أهل مكة) وروي عنه قنبل والبزي. 3 - (أبو عمرو بن العلاء) ابن عمار التميمي البصري وروي عنه (الدوري) و (السوسي). 4 - (عبد الله بن عامر) إمام أهل الشام وروي عنه (هشام) و (ابن ذكوان). 5 - (عاصم بن أبي النجود) تأتي ترجمته مستقلة. 6 - (حمزة بن حبيب الزيات) وأشهر رواته (خلف) و (خلاد). 7 - (الكسائي) أمام الكوفة بعد حمزة. (أشهر رواته) أبو الحرث الليث. وزاد بن الجزري في (نشره) و (درته) ثلاثة قراء هم: (أبو جعفر) و (يعقوب) و (خلف). ترجمة الإمام عاصم اسمه: عاصم بن أبي النجود الأسدي، ويقال (ابن بهدلة) مكانته: شيخ الإقراء بالكوفة، وأحد القراء السبعة وكان من التابعين الأجلاء. إسناده: إسناد عاصم في القراءة ليس بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم سوي رجلين. ¬

_ (¬1) قواعد التجويد، أبو عاصم بن عبد الفتاح القارئ، ص 7.

ترجمة الإمام حفص

فقد قرأ القرآن علي أبي عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه، وقرأ علي زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وكان يتردد عليهما، فيأخذ من هذا قراءة ابن مسعود، ومن ذاك قراءة علي، وهكذا استوثق في القراءة، وجمع فيها بين أقوي المصادر. قال عنه أبو إسحاق السبيعي: ما رأيت أحدا أقرأ للقرآن من عاصم وروي عبد الله بن أحمد بن حنبل أنه قال: سألت أبي أي القراءة أحب إليك؟ فقال: قراءة أهل المدينة، فإن لم يكن فقراءة عاصم. وقد أثني عليه الأئمة وقدموه في القراءة وجعلوا قراءته في مقدمة القراءات المتواترة، وتلقوا روايته بالقبول. وكان رحمة الله إلي جانب علمه بالقراءة عالما بالسنة، لغويا، نحويا، فقهيا، وكان رجلا صالحا خيرا ثقة. روي عنه القراءة كثيرون عد منهم الذهبي: حفص بن سليمان، وأبا بكر شعبة بن عباس، والمفضل بن محمد الضّبّي، والأعمش، ونعيم بن ميسرة ... وهؤلاء قرءوا عليه القرآن. وفاته: قيل توفي رحمه الله سنة سبع وعشرين ومائة هجرية (وفي قول آخر مائة وعشرين من الهجرة) جزاه الله عن الأمة خير الجزاء. ترجمة الإمام حفص هو حفص بن سليمان بن المغيرة الأسدي الغاضري (قبيلة من بني أسد) البزاز الكوفي المعروف بحفيص وكنيته «أبو عمر»، ولد سنة 90 هـ وتوفي سنة 180 هـ. كان ربيب عاصم (ابن زوجته)، وكان أعلم أصحابه بقراءته أخذ القراءة عنه تلقينا. ثناء العلماء عليه: أما في القراءة فيعدونه مقدما على أبي بكر بن عباس (شعبة) وهو الراوي الآخر عن عاصم. فهو أكثر حفظا وإتقانا، ولذلك اشتهرت روايته وتلقاها الأئمة بالقبول.

يقول الحافظ الذهبي: وكان الأولون يعدونه في الحفظ فوق أبي بكر بن عباس ويصفونه بضبط الحروف التي قرأ بها علي عاصم. وقال يحيي بن معين: الرواية الصحيحة التي رويت عن عاصم رواية «حفص بن سليمان» وليس بغريب علي حفص فقد قرأ علي عاصم مرارا. وقد كان رحمه الله متخصصا بالقراءة متقنا لها، ولم يكن شأنه كذلك في الحديث ... قال الذهبي في ميزان الاعتدال: كان ثبتا في القراءة، واهيا في الحديث، لأنه كان يتقن القرآن ويجوده، ولا يتقن الحديث، وإلا فهو في نفسه صادق. وشهد له الشاطبي بقوله: ................ «وحفص وبالإتقان كان مفضلا» نزل رحمه الله ببغداد فأقرأ بها، وجاور في مكة فأقرأ بها، وكما سبق أن بينا، فقد قرأ القرآن علي إمامه عاصم (زوج أمه)، وقرأ عاصم بالرواية التي أقرأها لحفص على أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قرأ عاصم بالرواية التي أقرأها لشعبة علي زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. وروى عن حفص رواة كثيرون منهم: حسين بن محمد المروزي، وحمزة بن قاسم الأحوال، وسليمان بن داود الزهراني ... وكثيرون غيرهم. غفر الله لهم جميعا.

علم التجويد

علم التجويد تعريفه: التجويد لغة: التحسين، يقال جودت الشيء أي حسنته. واصطلاحا: إعطاء كل حرف، ومستحقه. وحق الحرف: صفاته الذاتية اللازمة له والتى يتميز بها عن غيره وذلك نحو: الجهر، والاستعلاء، والإطباق، والإصمات، وغير ذلك من الصفات القائمة بذات الحرف والملازمة له ولا تفارقه. ومستحق الحرف: صفاته العارضة التي تلازمه حينا وتفارقه حينا آخر كالإظهار، والإدغام، والإقلاب، والإخفاء والترقيق والتفخيم في «اللام والراء». وحقيقة الأمر أن للحرف حالتين: 1 - حالة كونه منفردا. 2 - وحالة مجاورته لما قبله أو ما بعده من الحروف. ففي حالة كونه منفردا يلزم تحديد مخرجه وتحقيق الصفات اللازمة له والتي لا تقوم ذات الحرف إلا بها. وفي حالة مجاورته لغيره من الحروف تنشأ أحكام الإظهار والإدغام والمدود والترقيق والتفخيم إلي غير ذلك. طريقة الأخذ به: «المشافهة والتلقي من العالمين به والمتخصصين فيه». موضوعه: القرآن الكريم «وقيل الكلمات القرآنية والحديث». غايته: صون اللسان عن الخطأ في كتاب الله تعالى. فضله: من أجلّ وأعظم العلوم منزلة لتعلقه بكلام الله عز وجل. واضعه:* قيل: هو من عند الله لأنه صفة لكلامه عز وجل الذي نزل به جبريل علي الرسول صلى الله عليه وسلم.

* وقيل: رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه تلقاه مجودا وتلقته الصحابة منه صلى الله عليه وسلم وتلقاه جيل بعد جيل إلى أن وصلنا. * أما أول من أرسى لهذا العلم قواعده: فقد تضاربت الأقوال حوله فقيل هو: أبو الأسود الدؤليّ، وقيل: الخليل بن أحمد الفراهيدي، وقيل: أبو القاسم عبيد بن سلام. حكمه: تعلمه «فرض كفاية» (أي إذا تعلمه البعض سقط عن الباقين) ولكن العمل به (أي تطبيق أحكامه لمن يقرأ القرآن) «فرض عين» بمعني أنه إذا قام المسلم بتجويد القرآن مشافهة بالتلقي فأداه سليما دون أن يعرف أحكام التجويد ذاتها فلا بأس عليه في ذلك. استمداده: من القرآن، ومن السنة، ومن الإجماع. 1 - فمن القرآن: قوله تعالي: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل: 4] وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ [فاطر: 29، 30]، وقوله تعالى: قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [الزمر: 28]. وفي ذلك يقول الإمام ابن الجزري: والأخذ بالتجويد حتم لازم ... من لم يجود القرآن آثم لأنه به الإله أنزلا ... وهكذا منه إلينا وصلا وهو إعطاء الحروف حقها ... من صفة لها ومستحقها مكملا من غير ما تكلف ... باللطف في النطق بلا تعسف 2 - ومن السنة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب أن يقرأ القرآن كما أنزل» وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه». وقد سبق أن سقنا العديد من الأحاديث النبوية الواردة بهذا الشأن التي تحث

اللحن

علي تعلم القرآن وإجادة قراءته وتلاوته حق تلاوة. ومن السنة أيضا ما جاء عن ابن مسعود (أنه كان يقرئ رجلا فقرأ الرجل: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ ... مرسلة (دون أن يمد الفقراء) فقال ابن مسعود ما هكذا أقرأنيها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: وكيف أقرأكها يا أبا عبد الرحمن؟ فقال (للفقراء ... ) ومدها. فقد أنكر ابن مسعود على الرجل أنه قرأ (للفقراء) من غير مد رغم المد وترك المد (أى القصر) لن يؤثر علي دلالة الكلمة إلا أن إنكار ابن مسعود عدم المدّ دلّ علي أن القراءة بغير قراءة النبي صلى الله عليه وسلم أمر مستنكر غير مرخص به. 3 - الإجماع: يقول الشيخ محمد مكي نصر: أما إجماع الأمة فقد اجتمعت الأمة المعصومة من الخطأ على «وجوب التجويد» من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلي زماننا، ولم يختلف في ذلك أحد منهم. وللتجويد جانبان: جانب «نظري» يشمل تلك القواعد التي دونت في الكتب كأنواع المدود وأزمنتها وحروف كل من الإظهار والإقلاب والإخفاء وغير ذلك من الأحكام والمعلومات التي يمكن أن ندونها أو نأخذها من بطون الكتب. والجانب الآخر وهو الجانب «العملى» أو «التطبيقى» الذي لا يمكن أن يتقنه المتلقي ويضبطه إلا بالمشافهة والتلقي من شيخ متقن مشهود له. ومما نضرب به المثل للجانب العملى أو التطبيقى: الروم، والإشمام، والتسهيل، والإخفاء الشفوي، والغنة. ولذا قيل: من يأخذ العلم عن شيخ مشافهة ... يكن عن الزّيغ والتّصحيف في حرم ومن يكن آخذا للعلم من صحف ... فعلمه عند أهل العلم كالعدم اللحن تعريفه: لغة: الانحراف والميل. وهو نوعان: 1 - لحن جلي. 2 - لحن خفي.

(1) اللحن الجلي:

(1) اللحن الجلي: لغة: الخطأ الظاهر الواضح واصطلاحا: هو خطأ يطرأ علي اللفظ فيخل بعرف القراءة ومبني الكلمة سواء ترتب علي ذلك إخلال بالمعني أو لم يترتب. تسميته: سمى جليا لاشتراك كل من القراء وأهل اللغة في معرفته. مكانه: يكون في: الحروف، والكلمات، والحركات، والسكنات أمثلته: أولا: في الحروف ويكون ذلك كما يلي: 1 - بإبدال حرف بحرف آخر كإبدال السين بالزاي في كلمة مسجد (مزجد) 2 - ويكون بزيادة حرف أو إنقاصه، كزيادة واو في بداية الآية في غير موضعها أو انقاصها من موضعها مثل إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ بدلا من (وإنك ... ) أو حذف حرف من مبني الكلمة كحذف الألف من (لا) في قوله تعالي لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ فتصبح (لأقسم .... ) أو زيادة ألف في نحو عَمَّ يَتَساءَلُونَ فتصبح (عما يتساءلون). ثانيا: يكون بالكلمات: 1 - بإبدال كلمة مكان كلمة نحو وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ* فتصبح (والله عزيز حكيم). 2 - زيادة كلمة علي الآية نحو وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ [آل عمران: 167] فتصبح (والله أعلم بما كانوا يكتمون). 3 - إنقاص كلمة نحو إنقاص كلمة (مؤمنة) من قوله تعالى: أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ أو نحو لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ* بدلا من وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ*.

ثالثا: ويكون بالحركات والسكنات

4 - تقديم ما يستحق التأخير أو العكس وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ* بدلا من وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ثالثا: ويكون بالحركات والسكنات 1 - إبدال الضمة بالكسرة من كلمة (رسوله) في قوله تعالى: أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ إذ يترتب علي إبدال ضم اللام بكسرها معني بشعا لا يليق. 2 - إبدال الفتحة من أَنْعَمْتَ* من سورة الفاتحة بالضمة أو الكسرة. ويقاس علي ذلك كل خطأ يخل بالإعراب وبالتالي يخل بالمعنى. فهذا ومثله يعد من اللحن الجلي فإن كان في الفاتحة فهو يبطل الصلاة بلا خلاف. فإن لم يخلّ فلا يبطل ولكن صاحبه يأثم أما في غير الفاتحة فلا يأثم صاحبه إلا إذا كان متعمدا فيحرم بالإجماع. (2) اللحن الخفي ومعناه لغة: الخطأ المستتر غير الظاهر. ومعناه اصطلاحا: الخطأ المتعلق بعرف القراءة (أي أحكام التجويد ولا يدركه إلا علماء التجويد دون عامة الناس). تسميته: سمي خفيا لاختصاص علماء القراءة بمعرفته دون غيرهم. وهو في خفائه ينقسم إلي نوعين: 1) نوع يدركه (عامة القراء) ولا يدركه عامة الناس. كترك حكم من أحكام التلاوة كالإدغام والإخفاء والإظهار والمد والغنة وخلافه. 2) نوع لا يدركه إلا المهرة المتقنون الضابطون المجودون الذين أخذوا من أفواه الأئمة نحو تكرير الراءات، وتغليظ اللامات والتهاون في ضبط المدود إلى غير ذلك مما سيأتي ذكره في مواضعه بإذن الله تعالى. وهذا النوع من اللحن الخفي وإن كان غير مخل بالمعنى ولا مقصر باللفظ إلا أنه- كما يقول ابن الجزري (¬1): ¬

_ (¬1) التمهيد في علم التجويد/ صحابة، ص 18.

خلل يدخل على اللفظ فيؤدي إلى فساد رونقه ويذهب بحسنه وطلاوته من حيث يجري في اللسان مجرى «الرتّة» أي (العجمة) أو اللّثغة. يقول ابن الجزري في النشر: (ولا شك أن هذه الأمة كما هم متعبدون بتفهم معاني القرآن، وإقامة حدوده، متعبدون بتصحيح ألفاظه، وإقامة حروفه على الصيغة المتلقاة من أئمة القراءة المتصلة بالحضرة النبوية الأفصحية العربية التي لا تجوز مخالفتها ولا العدول عنها إلى غيرها). وقد بين في كتابه (التمهيد) ما يستفاد من تهذيب الألفاظ وتقويم اللسان بالبعد عن اللحن فقال: «اعلم أن المستفاد بذلك حصول التدبر لمعاني كتاب الله، والتفكر في غوامضه، والتبحر في مقاصده، وتحقيق مراده .... وذلك أن الألفاظ إذا أجليت على الأسماع في أحسن معارضها وأجلى جهات النطق بها، حسبما حث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «زينوا القرآن بأصواتكم» كان تلقي القلوب، وإقبال النفوس عليها بمقتضى زيادتها في الحلاوة، والحسن على ما لم يبلغ ذلك المبلغ منها» (¬1). حكمه: النوع الأول: وهو ترك شيء من أساسيات قواعد التجويد كالإظهار والإدغام وغيرهما حكمه التحريم على الأرجح لأنه قد انتفت معه صحة القراءة. النوع الثاني: ويختص بكمال إتقان النطق لا بتصحيحه، وضبط مقادير المدود ووزنها بأدق الموازين، ومراعاة المعاني الخفية في الوقوف، مما لا يدركه إلا أهل الفن الحذاق المهرة فهو أخف حكما ويعتبر في عرف المجودين مخلا بالإتقان وحكمه الكراهة إلا إذا تعمده القارئ. وقد صنف العلماء الناس الذين يقرءون كتاب الله ثلاثة أصناف: الأول: قارئ محسن مأجور: وهو الذي أتقن فنّ التجويد بغير لحن جلي ولا خفي فهذا هو الماهر بالقرآن الذي وعده رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه مع السفرة الكرام البررة. ¬

_ (¬1) التمهيد في علم التجويد/ صحابة، ص 6.

مراتب التلاوة

الثاني: قارئ مسيء آثم: وهو القادر على دراسة علم التجويد والإلمام بقواعده وتطبيق تلك القواعد عمليا في قراءته. وقد يملك كل ما يعينه على ذلك من سلامة جهاز النطق وخلوه من العيوب والعاهات الخلقية ولكنه رغم ذلك متهاون متواكل متكاسل يتّكل على ما ألف من حفظه مستعينا بنفسه مستبدا برأيه مستكبرا عن الرجوع إلى عالم يوقفه على صحيح لفظه. الثالث: قارئ مسيء معذور: ومنه مثلا من كان في مكان لا يوجد به عالم بالتجويد ولا معلم كالمغترب النائي ببلد يندر فيها أن يجد من يعلمه (وإن كانت الدول الأجنبية تعج الآن بالعديد من المراكز الإسلامية ودور التحفيظ لشتى طوائف المسلمين) أو أن يكون القارئ بلسانه عوج أو عيب خلقي يحول بينه وبين النطق السليم وإخراج الحروف من مخارجها الصحيحة. فهذا قارئ معذور غير آثم لأنه رغم ذلك العيب يدرس ويجاهد لتصويب قراءته فهو في ذلك ليس معذورا فحسب بل هو أيضا مأجور ضعف أجر القارئ المعافى في نطقه ومخارج حروفه. لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «والذي يقرأ القرآن وهو يتعتع فيه، وهو عليه شاق له أجران». مراتب التلاوة للقراءة ثلاث مراتب هي: 1) التحقيق 2) الحدر 3) التدوير 1) التحقيق: وهو المبالغة المحمودة في الإتيان بالشيء على وجهه الصحيح من غير زيادة ولا نقصان والمراد به القراءة باطمئنان وتؤدة مع إعطاء الحروف حقها ومستحقها مع تدبر المعاني (باختصار هو البطء والترسل في التلاوة مع مراعاة أحكام التجويد من غير إفراط) (¬1). 2) الحدر: هو الإسراع في القراءة مع مراعاة الأحكام والحذر من الخطأ أو الإخلال بنطق الحروف. ¬

_ (¬1) بغية عباد الرحمن لتحقيق تجويد القرآن، ص 37.

3) التدوير:

3) التدوير: هو مرتبة وسطى بين التحقيق والحدر، وهذا هو المختار عند أهل الأداء. وهذه المراتب كلها جائزة، وأشار إليها صاحب كتاب (لآلئ البيان) بقوله: 4. حدر وتدوير وترتيل ترى ... جميعها مراتبا لمن قرا وقد لاحظت اختلافا في تصنيف بعض الكتب لمراتب القراءة فقد صنفت بعضها (الترتيل) على أنه مرتبة من مراتب القراءة. وبعضها أشار إلى مرتبة التحقيق كمرتبة رابعة تصلح للتعليم وبعضها أغفلها اكتفاء بالترتيل في مرتبة الأداء البطيء والظاهر أن ما أثبتناه من تقسيم المراتب إلى (تحقيق وحدر وتدوير) هو الأقرب للصواب وقد أعجبني من أقوال من دللوا على صحة ذلك قول الشيخ محمد بن شحادة الغول حين قال (¬1): «والترتيل يعمّها كلها (أي يعم المراتب الثلاث) إذ لو كان الترتيل مرتبة مستقلة لكان التدوير والحدر ليسا ترتيلا، عند ذلك لا يكونان مما أمرنا الله عز وجل به في قوله وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا وعليه تكون القراءة بهما غير جائزة أما وأن المراتب الثلاثة نقلت عن الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه ولا بدّ أن يشملها الترتيل فتكون كلها ترتيلا». ¬

_ (¬1) بغية عباد الرحمن لتحقيق تجويد القرآن، ص 38.

أحكام الاستعاذة والبسملة

أحكام الاستعاذة والبسملة أولا: الاستعاذة قال تعالى: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (98) [النحل: 98] حكم ذكرها قبل القراءة: ذهب جمهور من العلماء وأهل العلم إلى أن الأمر بالاستعاذة في الآية الكريمة على سبيل الندب، وذهب بعضهم إلى أنه على سبيل الوجوب (¬1) واحتجوا بأن الأصل في الأمر الوجوب ما لم توجد قرينة فى الآية. وأيا ما كان الأمر واجبا أو مندوبا فلا شك أن الإتيان بها قبل القراءة لا بدّ وأنه عائد بالخير والبركة على قائلها فعند ما تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم فهناك مستعاذ به وهو الله تبارك وتعالى، ومستعاذ منه وهو الشيطان .. والشيطان من خلق الله وأنت من خلق الله، فمن الممكن أن ينفرد خلق الله بخلق الله ويسود القوى بقوته أما إذا التحم أحدهما بخالقه فالثانى لا يقدر عليه، بالإضافة إلى أن الحق تبارك وتعالى يريدك حين تقرأ القرآن أن تصفى جهاز استقبالك تصفية تضمن حسن استقبالك للقرآن .. بأن تبعد عنك نزغ الشيطان .. حينئذ تستقبل القرآن بصفاء .. وتأخذ منه كل عطاء. فإذا استعذت بالله من الشيطان الرجيم تكون فى جانب الله فلا يأتيك الشيطان أبدا (¬2). صيغتها: المختار والمشهور عند جميع القراء: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) وهى أكثر الصيغ التزاما بما يكاد يطابق ¬

_ (¬1) ملخص عمدة البيان في تجويد القرآن، للشيخ محمد سعيد فقير الهروي (¬2) من أقوال فضيلة الشيخ متولي الشعراوي- رحمه الله- (تفسير الشعراوي ج 1).

مواضع الجهر بالاستعاذة:

الأمر الوارد بالآية ويتفق مع الكلمات. غير أن هناك العديد من الصيغ التي فيها زيادة أو نقص عن تلك الصيغة المشهورة نحو: 1 - أعوذ بالله من الشيطان. 2 - أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم (وفى رواية زيادة «من همزه ونفثه ونفخه»). 3 - أعوذ بالله العظيم السميع العليم من الشيطان الرجيم. معنى الاستعاذة: أعتصم بالله وألجأ إليه وأحتمى به من الشيطان الرجيم. محل الاستعاذة: قبل القراءة لقوله تعالى: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (98) أى إذا أردت قراءة القرآن. وهو من أساليب العرب تقول: إذا ذهبت إلى فلان فاحمل معك كذا، أى «إذا أردت الذهاب ... ». ولا خلاف بين العلماء فى أن الاستعاذة ليست من القرآن الكريم، كما أنه لا خلاف أيضا بينهم على أنها مطلوبة ممن أراد القراءة، ولكنهم اختلفوا فيما إذا كانت مطلوبة على سبيل الاستحباب والندب فلا يأثم تاركها، أم على سبيل الوجوب فيأثم تاركها. مواضع الجهر بالاستعاذة: لا خلاف بين أهل الأداء (ومنهم حفص) فى الجهر بها فى موضعين هما: 1 - عند افتتاح القراءة جهرا بحضور من يسمع. 2 - إذا كانت القراءة بالدور وكان القارئ هو المبتدئ بالقراءة. ويعلل أبو شامة رحمه الله سبب الجهر بالتعوذ فيقول: ولأن الجهر به هو إظهار لشعار القراءة كالجهر بالتلبية، وتكبيرات العيد، ومن فوائده (أى من فوائد الجهر بالتعوذ) أن السامع له (أى للتعوذ) ينصت للقراءة من أولها لا يفوته منها شىء. وهذا المعنى هو الفارق بين القراءة خارج الصلاة وفى

مواضع الإسرار بالاستعاذة فى غير الصلاة:

الصلاة، فإن المختار فى الصلاة الإخفاء لأن المأموم منصت من أول تكبيرة الإحرام. (¬1) ويفهم من هذا أن المختار هو الإسرار بالتعوذ فى الصلاة. قال النووى: «وكان ابن عمر- رضي الله عنه- يسرّ، وهو الأصح عند جمهور أصحابنا وهو المختار» (¬2). مواضع الإسرار بالاستعاذة فى غير الصلاة: يقول ابن الجزرى فى النشر: ومن المواضع التى يستحب فيها الإخفاء: 1) إذا قرأ القارئ سرا. 2) إذا قرأ خاليا سواء قرأ جهرا أو سرا. 3) إذا اقرأ فى الدور ولم يكن فى قراءته مبتدئا يسرّ بالتعوذ لتتصل القراءة ولا يتخللها أجنبى (¬3)، فإن المعنى الذى من أجله استحبّ الجهر وهو الإنصات فقد فى هذه المواضع (¬4). ما يجب على القارئ إذا قطع قراءته وعاد إليها: إذا عرض للقارئ أمر طارئ أو ضرورىّ كالعطاس، أو السعال، أو التثاؤب أو كلام له صلة بالقراءة لا يعيد الاستعاذة. وإن كان أجنبيا كأكل، أو شرب، أو رد سلام أو ما شابه ذلك فعليه أن يعيد الاستعاذة وكذلك يعيدها لو قطع القراءة بنية الانتهاء منها ثم عاد إليها ولو بعد قليل من الوقت. حكم الاستعاذة حال اقترانها بالقراءة إذا اقترنت الاستعاذة بأول السورة فينبغى على القارئ حينئذ أن يأتى بعد الاستعاذة بالبسملة ثم يبتدئ بأول السورة، ويجوز له فى تلك الحالة (مع كل ¬

_ (¬1) إبراز المعاني (ط الحلبي 1349 هـ) ج 50. (¬2) النشر 1: 254. (¬3) يقصد بالأجنبي «الاستعاذة» لأنها ليست من القرآن الكريم. (¬4) الإتيان بالبسملة يجب في كل سور القرآن الكريم عدا سورة (براءة)، والأسباب بالتفصيل سيأتي ذكرها لا حقا بإذن الله.

الوجه الأول:

السور باستثناء سورة براءة) أن يتصرف فى كيفية الإتيان بهذه الثلاثة على أربعة أوجه: الوجه الأول: قطع الجميع: أى الوقوف على الاستعاذة ثم البسملة ثم الابتداء بأول السورة نحو: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) قطع بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* قطع عَمَّ يَتَساءَلُونَ الوجه الثانى: قطع الأول عن الثانى، ووصل الثانى بالثالث: نحو (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) قطع بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ عَمَّ يَتَساءَلُونَ الوجه الثالث: وصل الأول بالثانى وقطع الثالث: نحو (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرّحمن الرّحيم) قطع عَمَّ يَتَساءَلُونَ الوجه الرابع: وصل الجميع: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرّحمن الرّحيم عمّ يتساءلون ... ) ويبين الجدول التالى رسما توضيحيا لهذه الأحكام:

أوجه اقتران الاستعاذة والبسملة بأول السورة

أوجه اقتران الاستعاذة والبسملة بأول السورة هناك أربعة أوجه: 1) قطع الجميع: [تصوير] 2) قطع الأول ووصل الثانى بالثالث: [تصوير] 3) وصل الأول بالثانى وقطع الثالث: [تصوير] 4) وصل الجميع: [تصوير] حكم الابتداء بأول سورة براءة إذا كان القارئ مبتدئا قراءته بأول سورة براءة (التوبة) فيحرم أن يأتى بالبسملة، وحينئذ عليه أن يأتى بالاستعاذة وأول السورة وله فى ذلك وجهان فقط: 1) وصل الاستعاذة بأول السورة: [تصوير] 2) قطع الاستعاذة عن أول السورة:

حكم الابتداء من خلال سورة براءة

[تصوير] حكم الابتداء من خلال سورة براءة - إذا كان القارئ يقرأ من سورة براءة مبتدئا بغير أولها فقد اختلف العلماء فى حكمهم على كيفية الابتداء وانقسموا إلى فريقين: الفريق الأول يرى: منع الإتيان بالبسملة أثناء السورة كما منعت في أولها ويكون للقارئ حينئذ وجهان فقط: 1 - الوقف على الاستعاذة. 2 - وصل الاستعاذة بالآية التي يبتدئ بها. الفريق الثانى يرى: جواز الإتيان بالبسملة بعد الاستعاذة، ويكون للقارئ حينئذ الوجوه الأربعة التى سبق ذكرها فى حكم الاستعاذة والبسملة فى أوائل السور. اقتران الاستعاذة بغير أوائل السور: إذا ابتدأ القارئ بغير أول السورة (عدا سورة براءة) فله أن يأتى بالبسملة بعد الاستعاذة وله أن يتركها. فإن أتى بالبسملة فله فى ذلك الوجوه الأربعة التى سبق ذكرها (فى حكم الاستعاذة والبسملة فى أوائل السور)، وإن لم يأت القارئ بالبسملة فله حينئذ وجهان فقط: (1) قطع الاستعاذة عن الآية المبتدأ بها من غير أول السورة. [تصوير] 2) وصل الاستعاذة بالآية المبتدأ بها من غير أول السورة: [تصوير]

ووجه القطع أولى إذا كان أول الآية المقروءة بعد الاستعاذة لفظ الجلالة نحو اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ* أو ما فى معناه نحو إِلهِ النَّاسِ أو مَلِكِ النَّاسِ ونحو قالَ يا مُوسى ..... * فالقائل هو الله عز وجل. أو نحو وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ .. أو الرَّحْمنِ ... *، فينتج عن الوصل معنى غاية فى السوء يوهم أن ما جاء بعد (الشيطان الرجيم) صفة للشيطان وأن الضمير فى مثل قالَ ... * يعود إليه. لذا كان القطع أولى ويستحب حينئذ الإتيان بالبسملة أو الامتناع عن البدء بمثل تلك الآيات. ويمتنع الوصل أيضا إذا كان المقروء بعد الاستعاذة اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ... الآية.

ثانيا: البسملة

ثانيا: البسملة هى ذكر اسم الله تعالى عند بدء القراءة. صيغتها: ليس لها سوى صيغة واحدة هي: (بسم الله الرحمن الرحيم). والبسملة اختصار لقولنا (بسم الله الرحمن الرحيم) كما نقول (حمدل) إذا قال قائل الْحَمْدُ لِلَّهِ*، وحوقل إذا قال (لا حول ولا قوة إلا بالله). معناها: أبتدئ ببركة اسم الله الرحمن الرحيم، وفى ذلك استبراء مما كان يفعله المشركون من ابتدائهم أفعالهم باسم اللات والعزى وغيرهما من آلهتهم وأصنامهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل أمر ذى بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم أقطع» (¬1). «ومعنى أقطع أى مقطوع الذنب أو الذيل .. أى عمل ناقص فيه شىء ضائع .. لأنك حين لا تبدأ العمل ببسم الله قد يصادفك الغرور والطغيان بأنك أنت الذى سخرت ما فى الكون ليخدمك .. وحين لا تبدأ العمل ببسم الله .. فليس لك عليه جزاء فى الآخرة فتكون قد أخذت عطاءه فى الدنيا وبترت أو قطعت عطاءه فى الآخرة .. فإن كنت تريد عطاء الدنيا والآخرة فأقبل على كل عمل بسم الله .. » (¬2). حكمها: أجمع العلماء على أن البسملة جزء آية من سورة النمل فى قوله تعالى: (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم). ثم اختلفوا بعد ذلك ¬

_ (¬1) رواه السيوطى فى الجامع الصغير، وعزاه لعبد القادر الرهاوى فى أول كتاب (الأربعين) عن أبى هريرة بإسناد حسن، ورواه ابن كثير فى تفسيره بلفظ «فهو أجذم». (¬2) تفسير الشعراوي، ج 1، ص 43.

لماذا لم تذكر البسملة عند بدء سورة براءة (التوبة)؟

فى كونها آية مستقلة أنزلت للفصل بين السور مرة واحدة، أو هى آية من سورة الفاتحة، ومن كل سورة ... إلخ. ويرى البعض «ومنهم ابن عباس وابن عمر وأبو هريرة وسعيد بن خبير والشافعى وأحمد فى أحد قوليه» أن البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة لأن السلف أثبتوها فى المصحف مع الأمر بتجريد القرآن مما ليس منه، ولذا لم يكتبوا «آمين»، فثبت بهذا أن البسملة جزء من الفاتحة ومن كل سورة. ويرى آخرون أن البسملة ليست آية من الفاتحة، ولا من غيرها من السور وقالوا إنها آية فذة (¬1) من القرآن أنزلت للفصل والتبرك للابتداء بها. ومن حججهم أنها لو كانت آية من الفاتحة ومن كل سورة لما اختلف الناس فى ذلك، ولما اضطربت أقوالهم فى كونها آية من كل سورة، أو من الفاتحة فقط (¬2). (إضافة): وقد انبنى على ذلك خلاف بين العلماء أيضا في وجوب قراءتها في الصلاة وفي وجوب الجهر أو الإسرار بها. وتحقيق القول في ذلك مرجعه إلي كتب الفقه، وإلى كتب التفاسير التي عنيت بتفسير آيات الأحكام. لماذا لم تذكر البسملة عند بدء سورة براءة (التوبة)؟ ذكر القرطبى فى تفسيره أقوالا خمسة فى سبب سقوط البسملة من أول سورة التوبة، وبعد أن فند تلك الأقوال الخمسة داحضا ما جاء بها من حجج أعلن عن رأيه الذى يراه هو فقال: «والصحيح أن التسمية لم تكتب لأن جبريل- عليه السّلام- ما نزل بها فى هذه السورة (¬3). ¬

_ (¬1) فذة: مفردة مستقلة. (¬2) التفسير الوسيط: د. محمد سيد طنطاوى، ج 1 ص 17 (¬3) تفسير القرطبى ج 8 ص 61 طبعة دار الكتب المصرية سنة 1357 هـ/ سنة 1991 م، وقد رجح المحققون من العلماء هذا القول الذى ذكره القرطبى، ومن هؤلاء الفخر الرازى فى تفسيره ج 15 ص 216 طبعة عيسى الحلبى. وقد أفرد الدكتور محمد سيد طنطاوى فى تمهيده بين يدى تفسير سورة «التوبة» أربع صفحات لمناقشة وتفنيد أقوال العلماء حول أسباب سقوط البسملة من أول سورة «التوبة» ولمن شاء الاستزادة الرجوع إلى التفسير الوسيط ج 6 ص 180: 183.

حكم البسملة مع القراءة

وكما سبق أن بينا أنه لا يجوز ولا يصح وصل الاستعاذة بآية تبدأ بلفظ الجلالة أو ما فى معناه أو اسم الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لا يصح كذلك وصل البسملة بما بعدها إذا كان وصلها يتوهم منه معنى فاسدا لا يستسيغه المؤمن نحو: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» * فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ ... «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» * الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» * وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» * إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ حكم البسملة مع القراءة أولا: عند الافتتاح بأول السورة: إذا أراد القارئ أن يفتتح قراءته بأول سورة من السور (سوى سورة براءة) يستحب له أن يأتى أولا بالاستعاذة، ثم البسملة، ثم يبدأ القراءة، وحينئذ يجوز له أن يأتى بوجه من الوجوه الأربعة التى سبق ذكرها فيما يختص بأحكام الاستعاذة إذا اقترنت بالبسملة، بأول السورة. ثانيا: عند القراءة من غير أول السورة: للقارئ أن يأتى بالبسملة بعد الاستعاذة وله إن شاء أن يتركها ويكتفى بالاستعاذة. فإن أتى بالبسملة جازت له الأوجه الأربعة المذكورة عند اقتران الاستعاذة والبسملة بأول السورة وإن تركها جاز له وجهان: 1) الوقوف على الاستعاذة. 2) وصلها بالآية من السورة. ثالثا: عند وصل آخر السورة بأول سورة أخرى: هناك أربعة وجوه: ثلاثة منها جائزة والرابع غير جائز.

الأوجه الجائزة

الأوجه الجائزة الوجه الأول: قطع الجميع [تصوير] الوجه الثانى: قطع آخر السورة، ووصل البسملة بأول السورة الأخرى [تصوير] الوجه الثالث: وصل الجميع [تصوير] (الوجه غير الجائز) هو الوجه الرابع: وهو وصل آخر السورة بالبسملة، وقطع البسملة عن أول السورة الأخرى. [تصوير] ويرجع عدم جواز هذا الوجه إلى أن البسملة للابتداء بأول السورة وليست للانتهاء منها، وهذا الوجه الرابع غير جائز لأنه يوهم أنها للانتهاء من آخر السورة. الوجوه الجائزة عند الانتهاء من «الأنفال» والانتقال إلى «براءة» (¬1) 1 - الوقوف على نهاية الأنفال مع التنفس ثم الابتداء ببراءة دون بسملة [تصوير] ¬

_ (¬1) بغية عباد الرحمن: لمحمد بن شحادة الغول، ص 46.

2 - الوقوف على نهاية الأنفال بسكتة بدون تنفس مقدارها حركتان والابتداء ببراءة: [تصوير] 3 - وصل آخر الأنفال بأول براءة من غير توقف ولا سكوت: [تصوير] وهذه الأوجه الثلاثة تجوز فيما لو وصلنا نهاية إحدى السور «السابقة فى ترتيبها فى المصحف على سورة الأنفال» بأول سورة براءة. أما لو وصلنا نهاية سورة براءة بأولها، أو وصلنا نهاية أية سورة (ترتيبها فى المصحف بعد براءة) بأول براءة فليس لنا إلا وجه واحد فقط وهو الوقوف على نهاية السورة والابتداء من أول براءة من غير بسملة، والله أعلم.

مخارج الحروف

مخارج الحروف لمعرفة مخارج الحروف وصفاتها أهمية قصوى بالنسبة لكل من أراد أن يقرأ القرآن. بل لا أكاد أكون مبالغة إذا قلت أنها تعد من أهم المعارف وأشدها ضرورة لكل متعلم وطالب لعلم التجويد ولكل متحدث أو قارئ للغة العربية. فالحروف هي مفردات الكلمة؛ والكلمات هي مفردات اللغة أو الكلام. وبغير اللغة العربية لا يمكننا قراءة كتاب الله ومطالعته ناهيك عن فهم معانيه دون الاستعانة بمساعدة مترجم أو من يحل محله. ولا تكون قراءتنا صحيحة إلا إذا كانت على الوجه التي قرئ به القرآن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكي نجاهد من أجل الوصول بأنفسنا إلى تلك الدرجة العالية من صحة التلاوة لا بدّ أن نتوخى تدريب ألسنتنا مرارا وتكرارا على تصحيح ما طرأ على مخارج حروفنا وصفات تلك الحروف من تحريف خلال الأربعة عشر قرنا التي تفصل بين زماننا وزمن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان القرآن يقرأ غضا نديا من أفواه أسلافنا العرب. ولسنا بسبيل مناقشة الأسباب والعوامل التي أدت بنا إلى تلك التغيرات، ولكني أردت بتلك المقدمة أن ألفت نظر الدارسين لعلم التجويد إلى أن الركن الركين لتحقيق قراءة نموذجية سليمة خالية من العيوب اللفظية يبدأ بالدرجة الأولي بتعلم مفردات الحروف حرفا حرفا حتى نتبين من أين يخرج ذلك الحرف الذي تعودنا أن نخرجه بالفطرة والسليقة من المكان الذي نظن أو نعتقد أنه المخرج الصحيح له، وقد لا يكون كذلك. وقد لا يقتصر الأمر على عدم درايتنا بمكان خروج ذلك الحرف، بل يتعداه إلى عدم درايتنا كذلك بالكيفية التي يجب أن نخرجه بها من مخرجه الحقيقي لكي يصل إلى السامع سليما معافي خاليا من العيوب. وإذا كانت سلامة النطق ووضوح الكلام ضرورة اجتماعية لكل إنسان ناجح في مجتمعه فهي بالدرجة الأولي واجب ديني على كل مسلم وعلي كل قارئ

للقرآن متّعه الله بجهاز نطق سليم مستكمل الأعضاء ليس به عيب خلقي خارج عن إرادته. فعلي كل مسلم قارئ لكتاب الله تعالي أن يجاهد لتحقيق غاية ما يستطيع من أجل إخراج كل حرف من حروفه من مخرجه السليم الصحيح متلبسا بكل صفاته اللازمة له. فإن لم يكن قادرا على ذلك فأضعف الإيمان أن يحاول من أجل الوصول إلى ذلك بكثرة المحاولات مع الرغبة الصادقة، والتدريب المستمر، والإرادة القوية، ولا بدّ بمشيئة الله تعالى أن ينجح في النهاية في الوصول إلى بغيته أو الاقتراب منها على الأقل وليعلم أنه فى كل تلك المحاولات مأجور مثاب على ذلك. ولكي يصل إلى تحقيق ذلك عليه أن يتعرف أولا على جهاز النطق البشرى [تصوير]

[تصوير] ليرى كيف يعمل لكي تخرج منه تلك الأصوات والحروف التي تتكون منها الكلمات ويتعرف على شكله وأعضاء النطق المختلفة به، وكيفية إنتاج الحرف ومحل إنتاجه. مثله في ذلك مثل من يفكر في إنتاج سلعة فيقوم بتفقد المصنع المنتج لها والتعرف على الآلات الموجودة بداخله، وطريقة صنع المنتج، وكيفية خروجه من الآلة الخاصة إلى حيز الوجود منتجا عالي الجودة، خاليا من العيوب والتشوهات مع التثبت والتيقن من مهارة القائم بالإشراف على الآلة وقدرته على التحكم في جودة الإنتاج. فإذا كانت الآلة المنتجة للسلعة هي محل خروج المنتج فعضو النطق كذلك هو محل خروج الحرف ومهارة العامل في التحكم في الآلة لإخراج منتج جيد كمهارة الإنسان في استخدام عضو النطق لإخراج حرف سليم من مخرجه الصحيح. وكما أن للمنتج صفاته التي تميزه عن غيره من المنتجات كاللون والطعم

الفائدة الأولى: ما قاله ابن الجزري

والشكل والملمس إلى غير ذلك فللحروف أيضا صفات بها يتميز كل حرف عن غيره وسنعرض لها بمشيئة الله تعالى بعد ما نفرغ من بيان مخارج الحروف. ولمعرفة مخارج الحروف وصفاتها ثلاث فوائد هي: الفائدة الأولى: [ما قاله ابن الجزري] يقول ابن الجزري: «كل حرف شارك غيره في الصفات فإنه لا يمتاز عنه إلا بالمخرج، وكل حرف شارك غيره في المخرج لا يمتاز عنه إلا بالصفات، ولولا ذلك لاتحدت أصوات الحروف في السمع فكانت كأصوات البهائم لا تدل على معني ولما تميزت ذواتها، وهذا معني قول المازني إذا همست وجهرت، وأطبقت، وفتحت اختلفت أصوات الحروف التي من مخرج واحد. وقال الرماني وغيره: لولا الإطباق لصارت الطاء دالا لأنهما ليس بينهما فرق إلا الإطباق، ولصارت (الظاء) (ذالا) ولصارت (الصاد) (سينا) (¬1). الفائدة الثانية: معرفة الحروف القوية من الضعيفة فإذا عرفنا قويها من ضعيفها عرفنا من ذلك ما يجوز أن يدغم منها وما لا يجوز إدغامه، إذ أن الحروف التي تتمتع بقوة ومزية عن غيرها لا يجوز إدغامها في غيرها من الحروف الأضعف والأقل مزية لئلا تذهب تلك المزية والقوة، وتفصيل ذلك سوف نعرض له عند الكلام عن صفات الحروف بإذن الله تعالى. الفائدة الثالثة: [تحسين القدرة على نطق الحروف المتباينة] تحسين القدرة على نطق الحروف المتباينة المخارج أثناء تجاورها في الكلمات دون أن يفقد الحرف حقه أو مستحقه من الصفات اللازمة. تعريف الحرف: الحرف «صوت» يعتمد على مخرج معين. وتعريف الصوت: هو اهتزاز طبقات الهواء المجاورة للأذن البشرية اهتزازا تدركه تلك الأذن، ¬

_ (¬1) نهاية القول المفيد/ محمد مكي نصر، ص 29.

مسببات الصوت

وهو ما يسمى بالمجال السمعي وللأذن البشرية قدرة محدودة على تحمل تلك الذبذبات فإذا زادت قوة تلك الذبذبات عن قدرة تحمل الأذن البشرية تنعدم قدرة الأذن على تمييز تلك الأصوات ولذلك تسمى تلك الاهتزازات حينئذ بالموجات فوق الصوتية. مسببات الصوت (¬1): يحدث الصوت نتيجة، أسباب مختلفة منها: 1 - تصادم جسمين: ومثال ذلك ما تسمعه من صوت عند ما تصفق بكفك، أو تدق مسمارا، أو عند اصطدام سيارتين. 2 - تباعد جسمين بينهما قوى ترابط كأن تمزق صحيفة من ورق أو قطعة قماش. 3 - احتكاك سطح خشن بسطح آخر خشن كذلك. 4 - اهتزاز وتر مشدود كما في الآلات الموسيقية وكما في الوترين الصوتيين للإنسان. 5 - طرق الشوكة الرنانة بجسم صلب أو طرقه بها. وإذا كنا نقول إن الحرف صوت يعتمد على مخرج معين فأي من تلك الأسباب التي ذكرناها آنفا هو السبب في صدور صوت الحرف من مخرجه؟. لكي نتوصل إلى الإجابة عن ذلك السؤال بأنفسنا علينا أن نقوم بتجربة مع أحد الحروف وليكن حرف الميم مثلا فندخل عليه همزة محركة وننطق بالحرف ساكنا أو مشددا هكذا (ءم) فسوف نلاحظ أن حرف الميم نتج عن التصادم بين طرفي عضو النطق بذلك الحرف وهما «الشفتان» فإن أردنا أن ننطق بعدها بميم متحركة لنري كيف يخرج الحرف المتحرك فنقول مثلا (أم من) نجد أن الميم المفتوحة خرجت نتيجة التباعد بين طرفي عضو النطق وهما «الشفتان» وكذلك تتباعد الشفتان بانخفاض الفك السفلي عند النطق بميم مكسورة (ميزان) (ميقات) أو بانضمام الشفتين مع ترك فرجة بينهما حال كونها مضمومة (موقنين) ومن تلك التجربة نخرج بحقيقتين هامتين هما: ¬

_ (¬1) من حلقات كيف نقرأ القرآن للدكتور أيمن رشدي سويد.

1 - أن الحرف الساكن يخرج بالتصادم بين طرفي عضو النطق بالحرف عن مخرجه (¬1). 2 - أن الحرف المتحرك يخرج بالتباعد بين طرفي عضو النطق بالحرف عند مخرجه. وعدد (الحروف الأصلية): ثمانية وعشرون حرفا إذا اعتبرنا الألف الممدودة اللينة «فرعا» عن الهمزة، أما إذا اعتبرناها «حرفا» مستقلا فتكون الحروف الأصلية تسعة وعشرين حرفا وعليه بعض المجودين، قال الناظم: وعدة الحروف للهجاء ... تسع وعشرون بلا امتراء أولها الهمزة لكن سميت ... بألف مجازا إذا قد صورت وحقيقة الأمر في ذلك أن الحروف «الهجائية» (أي المنطوقة) تسعة وعشرون حرفا، والحروف الأبجدية، أي (المكتوبة أو المرسومة) ثمانية وعشرون حرفا والحرف الذي تزيد به الحروف الهجائية عن الأبجدية هو حرف الهمزة ولم يكن لدي العرب حرف تكتبه ليعبر بذاته عن الهمزة فكانت تستعير الواو مثلا للهمزة المضمومة فإذا أرادت أن تكتب (سؤال) كتبته (سوال) وتستعير الياء للهمزة المكسورة فكتب (سيل) حين تقصد (سئل) وتستعير الألف للهمزة المفتوحة (ان) حين تقصد (أن). حتى استحدث الخليل بن أحمد حرفا يدل على الهمزة بذاته وقد وجد أن العين شديدة القرب من مخرج الهمزة فرمز للهمزة برأس العين فقط دون باقي جسمها هكذا (ع) (ء). وهناك حروف أخرى «فرعية» وضابطها أنها «الحروف التي تخرج من مخرجين، وتتردد بين حرفين» وقد عدها ابن الجزري في (نشره) ثمانية وهي: 1 - (الهمزة المسهلة بين بين): أي التي ينطق بها بين الهمزة والألف، أو بين الهمزة والياء، أو بين الهمزة والواو نحو: (ء أعجميّ). ¬

_ (¬1) ويكون ذلك التصادم إما بين اللسان وبعض الحنك، أو بعض الأسنان أو يكون بين الشفتين تبعا لمخرج الحرف.

2 - (الألف الممالة): أي التي ينطق بها مائلة إلى الياء كما فى: بسم الله مجريها 3 - (الصاد المشوبة بالزاى): في مثل (أصدق) (الصراط) فإنه يقرأ بها في بعض القراءات مخلوطة بصوت الزاي. 4 - (الياء المشمة بالواو): في مثل (قيل) (غيض) فإنه ينطق بها مخلوطة بصوت الواو. 5 - (الألف المفخمة): إذا وقعت مع حرف مفخم فإنها تتبعه مع أن الأصل فيها الترقيق. 6 - (اللام المفخمة): فإن الأصل في اللام الترقيق، فإذا فخمت قربت من الواو. 7 - (النون المخفاة): حيث تخلط بالحرف الذي بعدها. 8 - (الميم المخفاة): مثل النون، وكلاهما إذا أخفيا صارا حرفين ناقصين. 9 - وكل هذه الحروف الفرعية قرئ بها في رواية حفص إلا (الصاد المشوبة بالزاي) فإنها رواية عن حمزة.

مخارج الحروف

مخارج الحروف (عددها- أنواعها- حروف كل مخرج) اختلف العلماء حول عدد المخارج على ثلاثة أقوال: فمنهم من جعل في الجوف مخرجا ومنهم من أسقطه ووزع حروفه على مخارج أخرى. ونكتفي هنا بمذهب ابن الجزري حيث جعل لمخارج الحروف خمسة مواضع عامة يخرج من كل موضع منها أكثر من حرف. ووزع على تلك المواضع سبعة عشر مخرجا للحروف. كيف نتبين مخرج الحرف؟ إذا أردت أن تتبين مخرج الحرف فسكنه أو شدده وأدخل عليه همزة هكذا (أك) (أب) فحيثما انقطع الصوت كان مخرجه المحقق. ولما كانت أصوات الحروف مرتبطة بالهواء الخارج من داخل الصدر صاعدا إلى الفم، فقد رتب العلماء مخارج الحروف باعتبار الصوت فيقدمون في ذكر المخارج الأقرب منها إلى منطقة الصدر ثم الذي يليه وهكذا حتى ينتهي إلى مقدم الفم. وبناء على ذلك فترتيب أعضاء النطق أو المخارج العامة هي كما يلي: 1 - الجوف 2 - الحلق 3 - اللسان 4 - الشفاه 5 - الخيشوم المخرج الأول من المخارج العامة: الجوف: ويقصد به جوف الحلق والفم والفراغ الداخل فيهما، ويخرج منه حروف المد الثلاثة وهي: 1 - الألف الساكنة المفتوح ما قبلها (ولا يكون ما قبلها الا مفتوحا دائما). 2 - الواو الساكنة المضموم ما قبلها. 3 - الياء الساكنة المكسور ما قبلها.

المخرج الثانى من المخارج العامة:

وسميت بحروف المد لأنها تخرج بامتداد ولين، من غير كلفة على اللسان لاتساع مخرجها، فإن المخرج إذا اتسع انتشر الصوت فيه، وامتد، وإذا ضاق انضغط فيه الصوت وصلب، ويقال لها أيضا الحروف «الجوفية» و «الهوائية» لأن مبدأ أصواتها من بداية الحلق، ثم ينطلق الصوت منه مارا على كل خلاء الفم، وليس له حيز معين ينتهي عنده كسائر الحروف، لذا فهذه الحروف الثلاثة (حروف المد) أشبه بالصوت منها بالحروف. وهي تقبل المد والزيادة، ولأن (الألف) لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا دائما فهي دائما «هوائية» بخلاف أختيها (الواو والياء) فإنهما قد تفارقهما الحركة المجانسة لهما (حركة الحرف السابق لهما) فقد يكون ما قبلهما من حرف مفتوحا، حينئذ تصيران غير مديتين ويكون لهما مخرجان آخران يختلفان عن مخرجيهما حال المد. المخرج الثانى من المخارج العامة: الحلق: وفيه ثلاثة مخارج لستة أحرف هى: 1 - (أقصى الحلق): أي أبعده ناحية الداخل مما يلي الصدر ويخرج منه حرفان هما: (الهمزة) و (الهاء). 2 - (وسط الحلق): ويخرج منه حرفان هما: (العين) و (الحاء) 3 - (أدنى الحلق): أي أقربه لناحية الفم ويخرج منه حرفان هما: (الغين) و (الخاء). وتسمى هذه الحروف الستة بالحروف الحلقية. المخرج الثالث من المخارج العامة: اللسان: ويخرج منه ثمانية عشر حرفا من عشرة مخارج. وينقسم اللسان إلى أربعة مناطق هي: 1 - أقصى اللسان 2 - وسط اللسان

أولا: أقصى اللسان:

3 - حافتي اللسان 4 - طرف اللسان أولا: أقصى اللسان: (أي مؤخره بالقرب من الحلق) ويخرج منه حرفان هما: 1 - (القاف) من أقصى اللسان مما يلى الحلق مع ما فوقه من الحنك الأعلى. 2 - (الكاف) من أقصى اللسان مما يلى الحلق مع ما فوقه من الحنك الأعلى، ولكنها أقرب قليلا إلى مقدم الفم من القاف، وأبعد عن الحلق، ويسمى هذان الحرفان بالحرفين «اللهويين» نسبة إلى اللهاة، لقربهما منها. ثانيا: وسط اللسان: وفيه مخرج واحد لثلاثة أحرف هي على التوالي: 1 - الجيم 2 - الشين 3 - الياء (غير المدية) (¬1) وتسمى هذه الحروف بالحروف «الشجرية» نسبة إلى (شجر) اللسان أو «شجر» الحنك الأعلى أي ما اتسع منهما. ثالثا: إحدى حافتي اللسان: اليمنى أو اليسرى (أوهما معا) مع ما يحاذيها من الأضراس العليا، ومنه يخرج حرف (الضاد) وخروجها من الجهة اليسرى أسهل وأكثر استعمالا، ومن اليمنى أصعب وأقل استعمالا، ومن الجانبين معا أعز وأعسر وهذا معنى قول الشاطبي رحمه الله: وهو (أي حرف الضاد) لديهما ... يعز، وباليمنى يكون مقللا وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يخرجها من الجانبين. وقيل عمر رضي الله عنه أيضا. رابعا: طرف اللسان: أو (ذلقه) 1 - جزء بسيط من حافة اللسان مع طرفه إلى مقدم الفم مع ما يحاذيه من الأسنان العليا (¬2) ويخرج منه حرف (اللام) ويمكن خروج اللام من إحدى الحافتين غير أن خروجها من الجهة اليمنى أسهل. ¬

_ (¬1) أما المدية فمخرجها الجوف كما تقدم. (¬2) من الضاحك إلى الثنايا العليا.

2 - من طرف اللسان مع ما فوقه من أصول الثنيتين العلييين، والمقصود بالأصول اللثة أو اللحم المحيط بمنابت الأسنان، ومنه يخرج حرف (النون) المتحركة أو المظهرة أما النون المخفاة فينتقل مخرجها قرب مخرج حرف الإخفاء، والنون المدغمة يصبح مخرجها هو نفس مخرج الحرف الذي أدغمت فيه. 3 - من طرف اللسان مائلا قليلا إلى ظهر اللسان مع ما يحاذيه من الأسنان العليا ويخرج منه حرف (الراء) والحروف الثلاثة (اللام)، و (النون)، و (الراء) تسمى بالحروف الطرفية أو الحروف الذلقية نسبة إلى ذلق اللسان. 4 - من طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا تخرج (الطاء) و (الدال) و (التاء) وتسمى هذه الثلاثة الحروف النطعية نسبة لخروجها من «نطع» الفم (¬1). 5 - ومن طرف اللسان وفويق الثنايا السفلى مع إبقاء فرجة قليلة بين طرف اللسان والثنايا عند النطق وهذا مخرج (السين) و (الزاي) و (الصاد) وتسمى هذه الثلاثة الحروف الأسلية نسبة لخروجها من أسلة اللسان أي طرفة ومستدقه. 6 - ومن طرف اللسان من جهة ظهره وأطراف الثنايا العليا ويخرج منه ثلاثة أحرف هي على الترتيب من أسفل إلى أعلى: (الثاء)، و (الذال)، و (الظاء)، وتسمى هذه الثلاثة الحروف اللثوية نسبة لخروجها من قرب اللثة وليس منها، وتخرج (الثاء) بضغط ظهر اللسان على طرف الثنايا العليا مع خروج طرفه قليلا إلى الخارج. وتخرج (الذال) بضغط ظهر اللسان على وسط الثنايا العليا مع خروج طرفه قليلا إلى الخارج أما (الظاء) فتخرج بضغط ظهر اللسان وهو ملتصق بالحنك الأعلى عند ملتقى الثنايا العليا باللثة مع خروج طرفه قليلا إلى الخارج. ¬

_ (¬1) نطع الفم بكسر النون وفتح الطاء (أو سكونها): هو سقف التجويف الأعلى للحنك.

المخرج الرابع من المخارج العامة:

المخرج الرابع من المخارج العامة: الشفتان: ومنه مخرجان: 1 - بطن الشفة السفلى وأطراف الثنايا العليا مخرج (الفاء) 2 - ومن بين الشفتين مع انطباقهما من جهة داخل الفم تخرج (الباء)، ومع انطباقهما من وسطهما تخرج (الميم)، ومع انضمامهما مع ترك فرجة تخرج (الواو) غير المدية. المخرج الخامس من المخارج العامة: الخيشوم: ومنه تخرج الغنة: يقول (الفيروزآبادي) في القاموس المحيط: الخيشوم: هو عظم الأنف الصلب منه، واتفقت المعاجم الحديثة على أن الخيشوم (أقصى الأنف) ويقول مكى بن أبي طالب في الرعاية ص 159: «واعلم أن الغنة تخرج من الخيشوم كما تقدم، والخيشوم طرف الأنف المنجذب إلى داخل الفم» «وتحدث الغنة أو تتم عملية التغنين في الأنفيات (أى: الأصوات ذات الغنة) بسبب ارتخاء اللهاة فيحدث اقتران بين الممر «الحلقي الفمي»، والممر «الأنفي» ينتج عنه أثر سمعي معين هو ما نسميه بالغنة نتيجة إضافة الرنين الذي يتم في المنطقة الحلقية الأنفية إلى الرنين الصادر من تجاويف الممر الصوتي» (¬1). ويأتى الحديث عن الغنة باستفاضة عند ما نتحدث عن صفات الحروف بإذن الله تعالى. ¬

_ (¬1) التجويد القرآني (دراسة صوتية فيزيائية) د/ محمد صالح الضالع، ص 29.

وقد جمع ابن الجزرىّ رحمه الله مخارج الحروف فى أبياته التالية: مخارج الحروف سبعة عشر ... على الذى يختاره من اختبر فألف الجوف وأختاها وهى ... حروف مد للهواء تنتهى ثمّ لأقصى الحلق همز هاء ... ثمّ لوسطه فعين حاء أدناه غين خاؤها والقاف ... أقصى اللسان فوق ثم الكاف أسفل والوسط فجيم الشين يا ... والضاد من حافتيه إذ وليا الأضراس من أسفل أو يمناها ... واللام أدناها لمنتهاها والنون من طرفه تحت اجعلوا ... والرا يدانيه لظهر أدخل والطاء والدال وتامنه ومن ... عليا الثنايا والصفير مستكن منه ومن فوق الثنايا السفلى ... والظاء والذال وثا للعليا من طرفيهما ومن بطن الشّفه ... فالفا مع أطراف الثنايا المشرفة للشفتين الواو باء ميم ... وغنّة مخرجها الخيشوم

[تصوير]

جدول لبيان مخارج الحروف العامة والخاصة [تصوير]

مخارج الحروف [تصوير]

[تصوير]

[تصوير]

[تصوير]

صفات الحروف

صفات الحروف الصفات: جمع صفة والصفة لغة: لفظ يدل علي معني في موصوفه: «ذاتي» أو «خارجي». أو: هي ما قام بالشىء من المعانى «الحسية» أو «المعنوية». ولتوضيح ذلك نقول إنك إذا أردت أن تتعرف على شخص لم يسبق لك رؤيته من قبل فإنك تطلب من أحد يعرفه أن يصفه لك فيجيبك مثلا: هو طويل أو قصير، بدين أو نحيف، أبيض أو أسود اللون فتلك صفات ذاتية فيه فإن أكمل لك أنه يرتدي كذا وكذا وكان حزينا أو فرحا، غنيا أو فقيرا فتلك صفات غير لازمة للشخص بل هي عارضة له بعروض أسبابها فيمكن أن تلازمه حينا، وتفارقه حينا آخر. والصفات قد تكون حسية (كاللون والشكل) أو معنوية (كالجود والشجاعة والإيمان والعلم والجهل). وصفة الحرف في اصطلاح المجودين: هي الحال التي يكون عليها عند النطق به وهي إما «ذاتية ملازمة له» (كالجهر والشدة والاستعلاء والاستفال)، وإما أن تكون «صفات عارضة لعروض سببها» (كالتفخيم والترقيق، والخفاء والغنة)، ولمعرفة صفات الحروف فوائد ثلاث سبق الحديث عنها عند التقديم لمخارج الحروف ونلخصها فيما يلي: 1 - تمييز الحروف المشتركة في المخرج: إذ لولا اختلاف الصفات لاشتبهت الطاء بالتاء والظاء بالذال وهكذا ... 2 - تحسين لفظ الحروف المختلفة في المخرج وذلك عند مجاورة الحروف بعضها البعض سواء في كلمة واحدة أو عند التقاء كلمتين، فنعطي لكل حرف

الصفات الأصلية للحروف

حقه ومستحقه من الصفات (¬1). 3 - معرفة قوي الحروف من ضعيفها لنعلم ما يجوز أن يدغم في غيره، وما لا يجوز من الصفات. وقد اختلف العلماء في عدد الصفات ولكن قول جمهور القراء وابن الجزري أيضا أنها سبعة عشر صفة (¬2) تنقسم إلي قسمين: قسم له ضد وهو خمسة، وضده كذلك خمسة، وندخل صفة ما بين الرخاوة والشدة مع أحدهما، وقسم آخر لا ضد له وهو سبع صفات. الصفات الأصلية للحروف [تصوير] ويقول الشيخ محمد مكي نصر (¬3): «فكل حرف يأخذ خمس صفات من المتضادة، وأما غير المتضادة فتارة يأخذ صفة أو صفتين، وتارة لا يأخذ شيئا، فغاية ما يجتمع في الحرف الواحد سبع صفات». ¬

_ (¬1) حق الحرف: صفاته الذاتية اللازمة له التي يتميز بها عن غيره، وذلك كالجهر، والشدة، والاستعلاء، والاستفال، وغير ذلك من الصفات القائمة بذات الحرف. ومستحقه: صفاته العارضة التي تعرض له في بعض الأحوال، مثل الترقيق، والتفخيم، والإخفاء، والإدغام، والإقلاب. (¬2) وهذا هو المشهور وهناك مذاهب أخرى بعضها يقول بالنقصان وبعضها الآخر يقول بالزيادة. (¬3) نهاية القول المفيد (محمد مكي نصر)، ص 44.

كيف يصدر الصوت من حنجرة الإنسان؟

كيف يصدر الصوت من حنجرة الإنسان؟ لا بد لنا من وقفة قصيرة نتعرف خلالها كيف يصدر الصوت من الإنسان وقتما يشاء. وما مصدره؟ أو بمعني آخر ما الآلة التي يعزف علي أوتارها الإنسان ليخرج منها صوتا نديا أو صوتا حادا أو غليظا. ويجيب علماء الطب والتشريح بأن داخل حنجرة الإنسان حبلين. هذان الحبلان هما وترا الصوت لديه ويقوم هواء الزفير بتحريكهما والعزف عليهما عند خروجه من الرئتين أثناء عملية الزفير. وقد يسأل سائل: لو أن الأمر كذلك فلماذا إذن لا نسمع صوت الإنسان مع كل هواء زفير يخرج من رئتيه طيلة الليل والنهار حيث لا يتوقف خروج الزفير إلا بتوقف حياة الإنسان؟ وجواب ذلك: هو أن هذين الحبلين الصوتيين يكونان في وضعهما العادي مرتخيين ومنفتحين، أي متباعدين قليلا بدرجة تسمح لهواء الشهيق أو الزفير أن يمر خلالهما بسهولة ويسر بحيث لا يؤثر في الحبلين الصوتيين، ولا يتأثر بهما. فإذا ما أراد الإنسان إخراج صوت من حنجرته فإن الغضاريف المتصلة بالحبلين الصوتيين تقوم بشدهما، فتنغلق الفتحة التي بينهما، وينطبقان كما تنطبق الشفتان ويصبحان مشدودين كأوتار الآلة الموسيقية المشدودة استعدادا للعزف عليها. وعند ما يدفع الإنسان بهواء الزفير ليخرج من رئتيه يمر في طريقه بالحبلين الصوتيين فيهتزان بفعل قوة الهواء المحبوس محدثين صوتا تتناسب قوته مع قوة شد الوترين، ومع قوة إخراج الهواء المحبوس (انظر ص 71). ونستطيع أن نضرب مثلا لذلك بما يفعله الأطفال حين يلهون بالبالونات فيقوم أحدهم بنفخ البالونة ثم يمسك بفوهتها ويمطها بأصابعه من اليمين والشمال معا فى آن واحد، فتنطبق حافتا فوهتها الممطوطة كأنهما شفتان منطبقتان (أو وتران صوتيان مشدودان) فإذا ما حاول الهواء المضغوط داخل البالون أن يخرج، واجه معاناة شديدة، واحتكاكا قويا كي يتسرب من بين شفتي الفوهة وهذا الاحتكاك القوي يتسبب في اهتزاز شفتي الفوهة مصدرا الصوت الذي نسمعه حينذاك.

قطاع في الحنجرة يبين فتحة أعلى القصبة الهوائية ويوضح كيفية حدوث الصوت [تصوير]

ومن صفات الحروف:

من هذا العرض أردنا أن نخلص إلى حقيقتين هامتين: 1 - أن النّفس: هو هواء الشهيق أو الزفير الذي يمر بيسر وسهولة بين الوترين الصوتيين حال ارتخائهما وتباعدهما فلا يتعامل معهما وبالتالي لا يتولد عن مروره أي صوت. 2 - أما الصوت: فهو الزفير الذي يمر بالوترين الصوتيين حال كونهما منطبقين ومشدودين فعند ما يتسرب من بينهما يهتز الوتران لمروره، ومن هذه الاهتزازات يتولد الصوت. ومن صفات الحروف: أولا: الصفات التي لها ضد: 1 - الهمس: لغة: هو كل ما خفي من كلام، ومشي، ونحوه. واصطلاحا: هو خفاء الحرف وضعف صوته بسبب جريان النفس معه عند النطق به لضعف الاعتماد على المخرج. حروفه: عشرة مجموعة في قولهم: (حثه شخص فسكت) وأخفى هذه الحروف وأضعفها على الإطلاق (الهاء) ولشدة خفائها قوّوها بمدّ الصلة. وإنما لقبت تلك الحروف بالمهموسة لأن الهمس هو الحس الخفي الضعيف، فلما كانت ضعيفة لقبت بذلك 2 - الجهر: لغة: هو الإعلان. واصطلاحا: هو انحباس جريان النفس عند النطق بالحرف لقوة الاعتماد على المخرج. وحروفه: تسعة عشر حرفا وهي ما سوى حروف الهمس وإنما لقبت بالجهر لأن الجهر: الصوت الشديد القوي، فلما كانت في خروجها كذلك لقبت به، لأن الصوت يجهر بها.

3 - الشدة: لغة: القوة. واصطلاحا: أن يشتد لزوم الحرف لموضعه ويقوي فيه حتى يمنع الصوت أن يجري معه عند اللفظ به، فانحباس جريان الصوت نتيجة غلق المخرج عند الحرف الشديد. حروفه: ثمانية أحرف يجمعها قولك (أجد قط بكت) والشدة من علامات قوة الحرف فإن كان معها جهر وإطباق واستعلاء فذلك غاية القوة وإنما لقبت بالشدة لاشتداد الحرف في مخرجه حتى لا يخرج معه صوت. ألا ترى أنك تقول في الحرف الشديد (أج) (أط) فلا يجري النفس مع الجيم والطاء .. 4 - الرخاوة: لغة: اللين. واصطلاحا: جريان الصوت عند النطق بالحرف لضعف الاعتماد على مخرجه، فهو أضعف من الشديد. ألا ترى أنك تقول (اس) (اش) فيجرى النفس معهما. وحروفه: هي بقية الحروف المتبقية بعد حروف (الشدة) وحروف (التوسط) وإنما لقبت بالرخوة لأن الرخاوة اللين فإن وجدت إحدى هذه الصفات الضعيفة في حرف كان فيه ضعف، وإذا اجتمعت فيه كان أضعف الحروف نحو (الهاء). (التوسط) أو (البينية) لغة: الاعتدال واصطلاحا: انحباس بعض الصوت، وجريان بعضه عند النطق بالحرف، لاعتدال مخرجه. أو هي التي لا يجري الصوت معها جريانه مع الرخوة، ولا ينحبس انحباسه مع الشدة، فالصوت يجري معها ضعيفا. وحروفه: ثمانية مجموعة في قولهم (لن عمر) 5 - الاستعلاء: لغة: الارتفاع. واصطلاحا: ارتفاع اللسان عند النطق بالحرف إلى الحنك الأعلى حتى يمتلئ

الفم بصداه، لذا ترتب على الاستعلاء التفخيم .. أي تغليظ النطق بالحرف بواسطة ارتفاع اللسان والمخرج إلى الحنك الأعلى. حروفه: سبعة مجموعة في عبارة (خص ضغط قظ). والمعتبر في الاستعلاء هو: «أقصى اللسان» وبذلك تخرج «الجيم والشين والياء» لأنها من استعلاء «وسط اللسان»، وكذلك تخرج «الكاف» لأنها مما بين «وسط اللسان وأقصاه». لذلك لا تعد تلك الحروف من حروف الاستعلاء. 6 - الاستفال: لغة: الانخفاض. واصطلاحا: تنحيف الحرف بانخفاض اللسان عند النطق به. حروفه: ما تبقى من الحروف بعد حروف الاستعلاء. وترتب على الاستفال ترقيق الحرف. 7 - الإطباق: لغة: التلاصق. واصطلاحا: التصاق بعض اللسان بالحنك الأعلى وانحصار الصوت بينهما. حروفه: أربعة حروف فقط هي: (ص، ض، ط، ظ) قاعدة: «كل إطباق استعلاء» وليس العكس صحيحا، ألا ترى أنك إذا نطقت بالغين والخاء والقاف وقلت (أغ) (أخ) (أق) استعلى اقصى اللسان من غير إطباق وإذا نطقت بالصاد وأخواتها (أص) (أط) استعلى أقصى اللسان وانطبق وانحصر الصوت عند النطق بها بين اللسان والحنك. 8 - الانفتاح: لغة: الافتراق. واصطلاحا: هو افتراق اللسان عن الحنك الأعلى عند النطق بالحرف فلا ينحصر الصوت بينهما. حروفه: جميع حروف اللغة العربية حروف انفتاح ما عدا حروف الإطباق الأربعة. 9 - الإذلاق: لغة: الفصاحة والخفة.

واصطلاحا: خفة الحرف عند النطق لخروجه من طرف اللسان أو الشفتين بخفة وسهولة. وحروفه: ستة مجموعة في قولك (فرمن لب). 10 - الإصمات: لغة: المنع أو الإسكات. واصطلاحا: خروج الحرف بكلفة وصعوبة. وقيل أيضا: منع انفراد حروف الإصمات ببناء أصول الكلمات العربية «الرباعية أو الخماسية» لثقلها على اللسان وإلا كانت غير عربية ككلمتي (مسجد) و (أستاذ). حروفه: باقي حروف الهجاء المتبقية بعد استبعاد حروف الاذلاق الستة. وقد جمع ابن الجزري الصفات العشر السابقة في مقدمة الجزرية قائلا: صفاتها جهر ورخو مستفل ... منفتح مصمتة، والضد قل مهموسها (فحثه شخص سكت) ... شديدها لفظ (أجد قط بكت) وبين رخو والشديد (لن عمر) ... وسبع علو (خص ضغط قظ) حصر وصاد ضاد طاء ظاء مطبقة ... و (فرّ من لب) الحروف المذلقة

جدول الصفات التي لها ضد وبيان حروفها

جدول الصفات التي لها ضد وبيان حروفها [تصوير]

العلاقة بين"صفات الحروف"،"والصوت"،"والنفس"

العلاقة بين «صفات الحروف»، «والصوت»، «والنفس» [تصوير] (فوائد) 1 - اعلم أن كل إطباق معه استعلاء ولكن ليس كل استعلاء معه إطباق، فالحروف (ط، ظ، ص، ض) مطبقة وهي كذلك مستعلية، والحروف (ق، غ، خ) مستعلية ولكنها ليست من حروف الإطباق. 2 - وترتيب حروف الاستعلاء من حيث القوة كما يلي: (الطاء) (الضاد) (الصاد) (الظاء) (القاف) (الغين) (الخاء) 3 - واعلم أن كل استفال انفتاح ولكن ليس كل انفتاح استفال، فجميع الحروف المستفلة منفتحة لأن أقصى اللسان يكون منخفضا إلى قاع الفم ولكن ليس كل منفتح مستفلا فالقاف، والغين، والخاء منفتحة ولكنها من حروف الاستعلاء وليست مستفلة. 4 - تفخيم الحروف المستعلية المطبقة (ط، ظ، ص، ض) أقوى من تفخيم المستعلية المنفتحة (ق، غ، خ). 5 - حروف الهمس (حثه شخص فسكت) كلها رخوة ما عدا الكاف والتاء فقد اجتمع فيها صفتان هما: الشدة والهمس وقد يبدو في اجتماع الصفتين معا

ثانيا: الصفات التي لا ضد لها

تناقضا إذ الشدة احتباس الصوت ويستلزم احتباس النفس، والهمس جريان النفس ويستلزم جريان الصوت، إلا أن الصفتان لا تلازمان الحرف في آن واحد بل هما متتاليتان وليستا متزامنتين بمعنى أن الصوت ينحبس أولا في بداية النطق بالحرف فتتحقق صفة الشدة، ثم يجري النفس بعد ذلك فتتحقق صفة الهمس. 6 - كل الحروف المهموسة رخوة ما عدا «الكاف والتاء»، فهما شديدتان وكل الحروف الشديدة مجهورة ما عدا الكاف والتاء، فهما مهموستان. 7 - أزمنة الحروف الصحيحة المتحركة كلها متساوية فلو قلت (أذن) أو كتب) فكل حرف منها أيا كان حركته يكون مساويا تماما لغيره من الحروف المتحركة، أما الحروف الساكنة فالرخو منها يكون أطول زمنا من الحرف البيني. والبيني منها يكون أطول زمنا من الحرف الشديد. وحروف المد أطول زمانا من الحروف الرخوة. وقد اجتمعت صفات «الشدة والبينية والرخاوة» في كلمة واحدة هي (يستبشرون) إذ السين حرف رخو، وهو أطولهم زمنا، والباء حرف شديد أقلهم زمنا، والنون حرف بيني فهو أوسطهم زمنا. ثانيا: الصفات التي لا ضد لها 1 - الصفير: لغة: كل صوت يشبه صوت الطائر واصطلاحا: هو خروج أحرف الصفير بصوت قوي يشبه صفير الطائر. حروفه: ثلاثة: (الزاي) و (السين) و (الصاد). وإنما لقبت بحروف الصفير لأن مجرى الصوت يضيق عند خروجها فينتج عن ذلك صوت يشبه صفير الطائر. وتستطيع أن تدرك صفير تلك الحروف حينما يهمس أحد في أذن الآخر، فيصل إلى سمعك صوت صفير خفيض كلما توالت تلك الأحرف في كلامه بينما لا تسمع صوتا لبقية الحروف، وتسمع مثل ذلك إذا كنت في المسجد والمصلون يقرءون الفاتحة سرا فإن تلك الحروف بالذات

2 - القلقلة:

يعلو صفيرها لأن الصفير من علامات القوة في الحرف. و (الصاد) أقواها للإطباق والاستعلاء اللذين فيها، و (الزاي) تليها لجهر فيها، و (السين) أضعفها لهمس فيها. 2 - القلقلة: لغة: الاضطراب. واصطلاحا: اضطراب المخرج عند النطق بالحرف ساكنا حتى يسمع له نبرة قوية. حروفها: مجموعة في عبارة (قطب جد). الدافع إلى القلقلة: أن جميع حروف المقلقلة «مجهورة» و «شديدة» (¬1)، والجهر: يمنع جريان النفس والشدة تمنع جريان الصوت، وفي اجتماع هذين الأمرين معا في حرف واحد ما يحتاج إلى تكلف، ومعاناة في بيان صوت الحرف، فأتبعوا صوت الحرف بصويت خفيف ليتحقق نطقه، وهذا الصويت الذي أتبعوا الحرف به، والذي لقبوه بالقلقلة خالف القاعدة الأصلية لإخراج الحروف من مخارجها فقد سبق أن بينّا أن الحرف الساكن يخرج بالتصادم بين طرفي عضو النطق هكذا (أب) (أم) (أن) لكن إخراج صوت القلقلة حالة سكون الحرف ينتج عن التباعد بين طرفي عضو النطق دون أن يصاحبه انفتاح للفم أو انضمام للشفتين أو انخفاض للفك السفلي. وتكون القلقلة في الأحرف الخمسة (قطب جد) في وسط الكلمة نحو (إبراهيم)، (يقطعون) وفى آخرها نحو (كسب)، (لم يلد)، (الحج) وتكون وصلا نحو (لم يلد ولم .. ) ووقفا نحو (برب الفلق) ¬

_ (¬1) وقد أضاف بعض العلماء «الهمزة» إلى أحرف القلقلة الخمسة معللين ذلك بأنها قد اجتمعت فيها «الشدة» و «الجهر» كما هو شأن أحرف القلقلة ولكن جمهور القراء أخرجوها من أحرف القلقلة. فقد جرت عادة العلماء إخراجها بلطافة، ورفق، وعدم تكلف في ضغط مخرجها، لئلا يظهر لها صوت يشبه التهوع، والسعلة. كذلك (الكاف) و (التاء)، لم يعدوهما من حروف القلقلة، لأن الهمس الذي يجرى به النفس في نهاية كل منهما قد أزال كلفة النطق بهما، وقام مقام القلقلة في تسهيل إخراجهما وبيانهما.

مراتب القلقلة:

مراتب القلقلة: 1 - قلقلة كبرى: عند ما يكون حرف القلقلة موقوفا عليه نحو (سريع الحساب) 2 - قلقلة صغرى: عند ما يكون الحرف في وسط الكلمة نحو (يقطعون) أو وسط الكلام نحو (قد أفلح). وليس الأمر في مراتب القلقلة دائرا بين قلقلة واضحة، وقلقلة خفية، بل الأمر دائر بين قلقلة واضحة، وقلقلة أوضح. وقد جعل بعض العلماء مراتب القلقلة: ثلاث مراتب (¬1) هي: 1 - قلقلة أكبر 2 - قلقلة كبرى 3 - قلقلة صغرى وذلك بأن جعلوا أشدها قوة: قلقلة الحرف المشدد الموقوف عليه. وللدكتور أيمن رشدي سويد تحفظ على هذا التقسيم- أراه منطقيا- إذ يقول إنه من المعلوم أن الحرف المشدد أوله حرف مدغم، والمدغم لا يقلقل، وثانيه هو الذي يقلقل وهو في ذلك لا يختلف عن المخفف فى قلقلته (¬2). «قال المرعشى في تبصرة المريد»: وتنقسم القلقلة إلى ثلاثة أقسام: أعلى وهو في (الطاء). و (أوسط) وهو في (الجيم)، وأدنى وهو في الثلاث الباقية» (¬3). (يعنى بذلك: القاف، والباء، والدال). ولا تتأتى القلقلة إلا بالجهر البالغ فمن اكتفى بإسماع نفسه، لم يسمع تعريف «الجهر» نفسه. لأن أدنى الجهر إسماع غيره، لا إسماع نفسه. فمن أسمع القلقلة نفسه فقط، لا يقال إنه أتى بالقلقلة، وإنما يقال إنه ترك القلقلة، فهو لحن (¬4). ألوان من اللحن الشائع عند القلقلة: 1 - خلط صوت القلقلة بإحدى الحركات الثلاث وذلك بالاختلاس من ¬

_ (¬1) أضاف البعض مرتبة رابعة إذا ما كان الحرف متحركا تشبيها للقلقلة بالغنة الموجودة بالنون والميم المتحركتين، وعدوا القلقلة في المراتب الثلاث الأولى قلقلة الكمال. أما المرتبة الرابعة فسموها مرتبة الأصل. (¬2) فى حلقات دروسه «كيف تقرأ القرآن». (¬3) محمد مكى نصر/ نهاية الفول المفيد ص 54، 55. (¬4) محمد مكى نصر/ نهاية الفول المفيد ص 54، 55.

تفاوت حروف القلقلة:

السكون، وفي ذلك ما فيه من تغيير لسكون الحرف، فإذا فقد الحرف سكونه، وجنح إلى حركة من الحركات الثلاث، أدى ذلك إلى فساد المعنى. وقد شاع الميل إلى الكسر بشكل واضح على ألسنة الكثيرين في كلمات بعينها منها على سبيل المثال لا الحصر: (قد) و (لقد) (إبراهيم) (سبحان) فيختلس القارئ من السكون بعضه وينطقه بين السكون والكسرة، أو قد ينطقه بين السكون والفتحة، كما في: «خلقنا» بالقاف الساكنة فيختلس من سكون القاف فتمال إلى الفتح حسب ما قبلها أو بعدها فيختل المعنى تماما. وقد ينقلب سكون الحرف إلى حركة كاملة. 2 - ختم صوت القلقلة بهمزة ساكنة، واضحة، شديدة، مجهورة، هكذا (أحدء) (كسبء) 3 - مد صوت القلقلة، وتمطيطه زمنا يجاوز مستحقه. 4 - خفاء جزء من وضوح القلقلة إذا جاءت مسبوقة أو متبوعة بحرف ساكن (القدر) (فسق) 5 - التهاون في العناية بإظهار القلقلة قوية كاملة وذلك إذا توالى وقوع حرفين من حروف (قطب جد) في كلمة وكان أولهما ساكنا «أصلا» وسكن ثانيهما «وقفا» نحو (والعبد بالعبد) (رطب) تفاوت حروف القلقلة: تتفاوت حروف القلقلة من حيث الإطباق، والاستعلاء، والاستفال فتنقسم إلى ثلاث درجات: 1 - أقواها: (الطاء) لأنه حرف استعلاء وإطباق. 2 - أوسطها: (القاف) لأنه حرف استعلاء فقط. 3 - أدناها: (الباء) و (الجيم) و (الدال) لأنها حروف استفال.

يمتنع قلقلة حروف (قطب جد) الساكنة في الأحوال الآتية:

يمتنع قلقلة حروف (قطب جد) الساكنة في الأحوال الآتية: 1 - إذا لاقى أحد حروف القلقلة الساكنة ساكنا آخر حال الوصل نحو (ولقد اصطفيناه) 2 - إذا ادغم أحد حروف (قطب جد) في حرف آخر نحو (أحطت) ونحو (قد تبين) فلا قلقلة مع إدغام 3 - إذا كان الحرف مشددا موصولا بما بعده (وتب. ما أغنى) 3 - التفشي: لغة: الانتشار واصطلاحا: انتشار الهواء في الفم عند النطق بحرف الشين. حروفه: (الشين) حرفه الوحيد. ويكون التفشي في الساكن والمتحرك، إلا أنه في الساكن أظهر. ويجب مع الشين مراعاة ما يلي: 1 - بيان التفشي الذي فيها عند النطق بها ساكنة (اشتراه). 2 - إذا كانت مشددة فلا بد من إشباع تفشيها نحو (فبشّرناها). 3 - إذا وقفت على نحو (الرّشد) فلا بد من بيان تفشيها وإلا صارت كالجيم. 4 - إذا وقع بعدها جيم فلا بد من بيان لفظ الشين، والاحتراس أن تقترب من لفظ الجيم نحو (شجر بينهم) و (شجرة تخرج). 4 - الاستطالة: لغة: الامتداد. واصطلاحا: هي اندفاع اللسان من مؤخرة الفم إلى مقدمته حتى يلامس رأس اللسان أصول الثّنيّتين العلييين، وذلك تحت تأثير هواء مضغوط خلف اللسان.

5 - اللين:

ويشرح الدكتور أيمن رشدي سويد عملية الاستطالة فيقول: «إن للسان طرفين الطرف الأمامي في مقدم الفم وطرفه الأقصى باتجاه الحلق، وله حافتان جانبيتان. وعند النطق بالضاد تحتك إحدى الحافتين من يمين أو شمال (أو كلتيهما معا) بالصفحة الداخلية من الأضراس العليا. ولا يعني هذا أن الذي يقوم بالعمل هو هذه الحافة فقط أو تلك الحافة الأخرى فقط، بل إن كل منطقة الحواف في الواقع تنطبق على غار الحنك الأعلى، ولكن ما يعنينا أن الضغط والاعتماد عند مخرج الحرف يكون على حافة من الحافتين فإذا نطقنا بالضاد هكذا: (أض) تنغلق كل المنطقة التي انطبقت فيها حواف اللسان بغار الحنك الأعلى والهواء لا يزال محبوسا خلفها، وتحت تأثير ضغط الهواء المحبوس يندفع اللسان قليلا إلى الأمام إلى أن يصل رأسه إلى منطقة اللثة العليا من الداخل، إذن فصفة الاستطالة هي اندفاع اللسان وجريانه من مؤخرة الفم إلى مقدمته حتى يلامس الأسنان. وهو الحرف الوحيد الذي يتحرك مخرجه عند النطق به. فالاستطالة هنا جريان المخرج» (¬1). 5 - اللين: لغة: السهولة. واصطلاحا: إخراج الحرف من مخرجه بسهولة وعدم كلفة على اللسان. حروفه: (الواو) و (الياء) الساكنتان المفتوح ما قبلهما نحو (يوم)، (بيت). ويكون اللين أثناء الكلمة إذا جاء بعد حرف اللين سكون عارض بسبب الوقف، ويكون أيضا في حالة الوصل غير أنه عند الوصل لا يمد. 6 - التكرير: لغة: الإعادة. واصطلاحا: هو ارتعاد طرف اللسان عند النطق بالحرف، وأكثر ما يكون الارتعاد في الراء المشددة والساكنة. والتكرار صفة لحرف (الراء)، وهي صفة تعلم لتترك وتجتنب. ¬

_ (¬1) من دروس كيف نقرأ القرآن، د. أيمن رشدي سويد.

سبب التكرير:

حروفه: (الراء) فقط. سبب التكرير: عند ما يقرع طرف اللسان ما يحاذيه من سقف الحنك الأعلى تبقى فرجة في وسط طرف اللسان، فيصبح اللسان مقعّرا. وهذه الفرجة هي صمام أمان لمخرج حرف الراء، تسمح لبعض الهواء بالمرور فلا يرتعد اللسان، وعند ما نهمل وجود تلك الفرجة ونغلق المخرج تماما بإحكام لصق اللسان به، ينحبس الهواء خلف اللسان، وتحت وطأة ضغط الهواء المحبوس ينزل طرف اللسان قليلا حتى يتسرب بعض الهواء، وكلما ارتد طرف اللسان يعود الضغط مرة ثانية، وثالثة، وهكذا. وعلاج هذه الصفة أن يبقى القارئ فجوة بسيطة في منتصف اللسان. فالراء من الحروف التي لا ينحبس عندها الصوت انحباسا كاملا، ولا يجري جريانا كاملا، بسبب تقعر اللسان الذي يترك هذه الفجوة لتعطينا صفة «البينية» من جهة ولحماية الراء من التكرير من جهة أخرى. 7 - الانحراف: لغة: الميل. واصطلاحا: ميل الحرف عن مخرجه حتى اتصل بمخرج غيره. حروفه: حرفان هما: (اللام) و (الراء). يقول ابن الجزري «حرفا الانحراف وهما الراء واللام، سميا بذلك لأنهما انحرفا عن مخرجهما حتى اتصلا بمخرج غيرهما، وعن صفتهما إلى صفة غيرهما. فاللام حرف من الحروف الرخوة، لكنه انحرف به اللسان مع الصوت إلى الشدة، فلم يعترض في منع خروج الصوت «الشديد»، ولا خرج معه الصوت كله كخروجه مع «الرخو» فهو بين صفتين. وأما الراء فهو حرف انحرف عن مخرج النون الذي هو أقرب المخارج إليه، إلى مخرج اللام وهو أبعد من مخرج النون من مخرجه فسمى منحرفا لذلك» (¬1). وقد تنحرف الراء إلى مخرج حرف الياء كما يرى البعض. ¬

_ (¬1) التمهيد في علم التجويد، محمد بن محمد بن الجزريّ، ص 36، 37.

ومثال انحراف اللام حتى تتحول نونا أننا نسمع ممن لا يحترزون من انحراف اللام إلى النون من ينطقون (وجعلنا) هكذا (وجعنّا)، ذلك أن اللام عند ما تحولت نونا أدغمت النون في النون الأخرى بالكلمة فصارت نونا مشددة. وكذلك (وأرسلنا) و (أنزلنا) تصبح (أرسنّا) و (أنزنّا). أما انحراف الراء لاما أو ياء في قول بعضهم فإنا نلحظه بوضوح في نطق الأطفال للراء في سن مبكرة لاما أو ياء مثل كلمة (ربنا) بعضهم ينطقها (يبّنا) والبعض الآخر ينطقها (لبّنا). قال شارح النونية: «فينبغي للقارئ أن ينطق باللام في جميع ذلك ساكنة، مظهرة من غير تعسف ولا تكلف. وليحترز من ثلاثة أمور: 1 - إهمال بيان الإظهار في ذلك. فإن قوما يهملون بيان إظهار اللام فيدغمون لأن اللسان يسارع إلى الإدغام لقرب المخرجين، وذلك كما سبق أن بينا فى نحو (وجعلنا). 2 - الإفراط والتعسف في بيان الإظهار. فإن قوما يتعسفون فيه فيحركون اللام الساكنة مبالغة في بيان الإظهار. 3 - السكت على اللام وقطع اللفظ عندها، إرادة للبيان، وفرارا من الإدغام. وهذا يفعله كثير من القراء، وهو غلط فيجب اجتنابه. وقد جمع ابن الجزرى رحمه الله الصفات التى لا ضد لها فى أبياته التالية: صفيرها صاد وزاى سين ... قلقلة قطب جد واللين واو وياء سكنا وانفتحا ... قبلهما والانحراف صحّحا فى اللام والرا وبتكرير جعل ... وللتفشى الشين ضادا استطل

صفتا: الخفاء والغنة

صفتا:" الخفاء" و" الغنة" أولا: صفة الخفاء: الخفاء لغة: الاستتار. واصطلاحا: هو خفاء الصوت عند النطق بأحرفه حروفه: أربعة حروف: أ- حروف المد الثلاثة وهي: الألف، والواو، والياء، السواكن، المجانس لها ما قبلها من حركة. وسميت خفية لأنها تخفي في اللفظ إذا اندرجت بعد حرف قبلها. ب- الهاء: وسبب خفائها اجتماع ست صفات للضعف بها ولخفائها قوّوها بالصلة الكبرى والصغرى ثانيا: صفة الغنة: الغنّة: مصطلح يجرى استخدامه بكثرة فى علم التجويد، اختلف العلماء فى تعريفه، وقد عدها البعض صفة من صفات الحروف وعدها البعض الآخر مخرجا لذا كان لزاما علينا أن نقف على مدلولها وأن نتعرف على مخرجها وكيفية إخراجها. وقد رأيت أن أستعرض أغلب ما قيل فى الغنة من أقوال السلف والمحدثين: الغنة: لغة: صوت له رنين فى الخيشوم. شبهه البعض بصوت الغزالة إذا ضاع وليدها. والغنة: (فى تعريف علماء الصوتيات): صوت يخرج فيه الهواء أثناء عملية النطق من التجويف الأنفى ... وهى صوت مستقر فى جوهر كل من «الميم» و «النون» وصفته لازمة لهما ويطلق على كل منهما حرف «أغنّ» أو أنفى. والغنة: (فى تعريف علماء التجويد): صوت يخرج من الخياشيم، لا عمل للسان فيه ومحلها «التنوين» و «النون» و «الميم» بشرط سكونهن وعدم إظهارهن (¬1). ¬

_ (¬1) الحميد: ص 301.

ويرى بعض النحاة وبعض القراء أن صوت الغنة «صوت مستقل فرعى» يخرج من الخيشوم وهو أقصى الأنف وفيه مخرج واحد يخرج منه أصوات الغنة. يقول مكى بن أبى طالب القيسى: «الغنة نون ساكنة خفيفة تخرج من الخياشيم وهى تكون تابعة للنون الساكنة الخالصة السكون غير المخفاة- وهى التى تتحرك مرة وتسكن مرة- كالتنوين لأنه نون ساكنة، وللميم الساكنة». والغنة تظهر عند إدغام النون الساكنة والتنوين فى النون والميم، (ولا تدغم) وتظهر أيضا عند إدغام النون والتنوين فى الياء والواو ويجوز أن تدغم فلا تظهر. والغنة حرف «مجهور» «شديد»، لا عمل للسان فيها، والخيشوم الذى يخرج منه هذه الغنة هو المركب فوق غار الحلق الأعلى فهو صوت يخرج من ذلك الموضع» (¬1). مخرج الغنة: تأرجح ملمح الغنة عند تصنيفه فى كتب التجويد والقراءات بين المخارج والصفات فتم تصنيفه فى رأى بعض العلماء حسب مكان نطقه وبالنسبة للبعض الآخر حسب طريقة نطقه. ومنهم من عد الغنة صوتا مستقلا يخرج من الخيشوم (¬2) وعدها ابن الجزري وابن الطحان من صفات الحروف مثل القلقلة والجهر والتفشي ....... الخ. مصطلح «الخيشوم»: اتفقت معظم المعاجم الحديثة على أن كلمة الخيشوم تدل على أقصى الأنف. ويعمل تدخل التجويف الأنفى على تبديل وتعديل الصوت الأصلى للحرف والفارق بين الصوت المعدل والصوت الأصلى غير المعدل هو سبب الإدراك والتمييز بين الصوت «الفمى» والصوت «الأنفى» أى بين الصوت حال صدوره من الممر الفمى فقط، والصوت عند ما يصدر من كلا الممرين: الفمى والأنفى (¬3). كالتمييز بين النون الظاهرة بدون غنة، وصوت النون المخفاة بغنة. ¬

_ (¬1) الرعاية، ص 240. (¬2) انظر الفرنواني وابن الجزري وابن الطحان. (¬3) التجويد القرآني، أ. د. محمد صالح الضالع، ص 30.

مراتب الغنة خمس:

«واختصارا، يمكننا القول بأن الأصوات الأنفية لها مكونات ثابتة إلى حد بعيد تعتمد أساسا على «الممر الأنفى» و «الحلق». مراتب الغنة خمس: 1 - غنة أكمل ما تكون فى «النون» و «الميم» المشددتين نحو (الجنة) (لن نصبر)، (حمّالة الحطب) و (لكم ما سألتم). وهى فى «النون» أقوى منها فى «الميم» وأكمل (وزمنها حركتان). 2 - الغنة الناتجة عن إدغام النون الساكنة فى «الواو» و «الياء» (وزمنها حركتان) نحو (من ولى)، (من يعمل). 3 - الغنة الناتجة عن إخفاء النون الساكنة عند حروف الإخفاء نحو (الإنسان) و (أنفسهم) والغنة الناتجة عن إخفاء الميم الساكنة عند حرف (الباء) (وزمنها حركتين) نحو (ترميهم بحجارة). 4 - الغنة على النون والميم الساكنتين المظهرتين (وزمنها حركة واحدة) نحو (أنعمت عليهم) لاعتبار وجود أصل الغنة. وتكون ناقصة في قوتها وزمنها. 5 - الغنة على النون والميم المتحركتين (وزمنها حركة واحدة). نحو (ونمارق) وذلك باعتبار أصل الغنة وهي هنا أنقص ما تكون. أقسام «الصفات» من حيث القوة والضعف تنقسم الصفات من حيث القوة والضعف إلى ثلاثة أقسام: 1 - صفات قوية وهي: (الجهر- الشدة- الاستعلاء- الإطباق- الصفير- القلقلة- التكرار- الانحراف- التفشي- الاستطالة- الغنة). 2 - صفات ضعيفة وهى: (الهمس- الرخاوة- الاستفال- الانفتاح- اللين- الخفاء). 3 - صفات لا قوة فيها ولا ضعف وهى: (الإصمات، والإذلاق، والتوسط).

أقسام"الحروف" من حيث القوة والضعف

أقسام «الحروف» من حيث القوة والضعف 1 - أقوى الحروف: (الطاء) 2 - الحروف القوية: (ج- د- ب- ر- ق- ظ- ض- ص) 3 - الحروف المتوسطة: (م- ن- ء- غ- ل) 4 - الضعيفة: باقي الحروف ما عدا (أضعف الحروف) 5 - أضعف الحروف: (ف- ح- ث- هـ) و (حروف المد الثلاثة) ملحوظة: أقوى الحروف على الإطلاق: (الطاء) لأن لها ست صفات كلها قوية وليس لها أي صفة من صفات الضعف. وأضعف الحروف على الإطلاق: (الهاء) لأن لها ست صفات كلها ضعيفة وليس لها أي صفة من صفات القوة.

جدول بيان صفات الحروف

جدول بيان صفات الحروف [تصوير]

(تابع) جدول بيان صفات الحروف

(تابع) جدول بيان صفات الحروف [تصوير]

التفخيم والترقيق

التفخيم والترقيق ترقيق الحروف وتفخيمها ليس أمرا اختياريا يحق لكل إنسان أن يأتيه علي الوجه الذي يراه ويتوافق مع مزاجه الخاص، بل هو أمر يرجع الحكم فيه لأحكام اللغة التي استخلصها العلماء من دراستهم للغة العرب، فقد درسوا حروف الهجاء حرفا حرفا مخرجا، وصفة، وصوتا، وخرجوا من ذلك بأن من الحروف الهجائية ما يستحق التفخيم أبدا، ومنها ما يلزم الترقيق أبدا، ومنها ما يجوز فيه الوجهان. أولا: التفخيم: التفخيم لغة: التسمين. واصطلاحا: هو الإتيان بالحرف غليظا يمتلئ الفم بصداه حروفه: حروف الاستعلاء كلها (خص ضغط قظ) وهو صفة لازمة في تلك الحروف، ولكنه في الحروف التي تفخم أحيانا «بشروط» وترقق أحيانا أخري «بشروط» وهي (اللام والراء والألف) يعد من الصفات العارضة. وعند دراستنا لصفات الحروف قلنا إن أقوي الحروف حروف الإطباق، لما فيها من صفتي الإطباق والاستعلاء. وفي ذلك يقول ابن الجزري: وحروف الاستعلاء فخم واخصصا ... الإطباق أقوى نحو قال، والعصا وقد رتب الحروف من ناحية قوتها ترتيبا تنازليا فجعل الحرف الأول من كل كلمة من الكلمات السبع الأوائل من البيت التالي تمثل في ترتيبها أقوي الحروف ثم الأضعف فالأضعف وهكذا حتى ينتهي ترتيب حروف الاستعلاء السبع: طب ضيفنا صدار ظلال ... قونا غوث خفي بسبع الاستعلاء (ط- ض- ص- ظ* ق- غ- خ)

ولكي ندرك السر وراء ترتيب حروف الاستعلاء على هذا النسق علينا أن نستعرض صفات كل حرف منها على حده: الطاء: الجهر- شدة- الاستعلاء- الإطباق- القلقلة (5 صفات قوية) الضاد: الجهر- الرخاوة- الاستعلاء- الإطباق (3 صفات قوية) الصاد: الهمس- الرخاوة- الاستعلاء- الإطباق- الصفير (3 صفات قوية) الظاء: الجهر- الرخاوة- الاستعلاء- الإطباق (3 صفات قوية) القاف: الجهر- الشدة- الاستعلاء- الانفتاح (3 صفات قوية) الغين: الجهر- الرخاوة- الاستعلاء- الانفتاح (صفتان قويتان) الخاء: الهمس- الرخاوة- الاستعلاء- الانفتاح (صفة واحدة قوية) يقول الشيخ محمد مكي نصر (¬1) (أما حروف الاستعلاء فكلها مفخمة لا يستثنى شيء منها في حال من الأحوال سواء أكانت متحركة أو ساكنة، جاورت مستفلا أو غيره ... وأعلاها في التفخيم حروف الإطباق الأربعة (الصاد، والضاد، والطاء، والظاء) لأن اللسان يعلو بها وينطبق بخلاف (الغين، والخاء، والقاف) فإن اللسان يعلو بها ولا ينطبق). قال المرعشي: «وتفخيم كل حرف منها يكون على قدر استعلائه. فما كان استعلاؤه أبلغ (أي أشد) كان تفخيمه أبلغ ا. هـ». قال ابن الجزرىّ رحمه الله: وحرف الاستعلاء فخّم واخصص ... الإطباق أقوى نحو قال والعصا ¬

_ (¬1) نهاية القول المفيد، محمد مكي نصر، ص 94.

جدول (مراتب التفخيم لحروف الاستعلاء)

جدول (مراتب التفخيم لحروف الاستعلاء) (خص ضغط قظ) [تصوير] ونستنتج مما عرضناه أن التفخيم على قدر الاستعلاء والإطباق، وأن الطاء أفخم الحروف. وأما حروف الانفتاح الثلاثة وهي: «القاف، والغين، والخاء» فلا يبلغ تفخيمها مرتبة حروف الإطباق «فالمجوّد الماهر يفرق بين تفخيمي «القاف»

ملاحظات:

و «الصاد» في قوله تعالى «وعلى الله قصد السبيل» (¬1). ملاحظات: 1 - «الضاد»: «من أعسر الحروف نطقا وتحتاج إلى كثير من الدربة والمهارة ولا يحسن النطق بها إلا الحاذقون المهرة، فيجب الحذر من أن تخرج عند النطق أقرب للظاء خاصة إذا جاء بعدها ظاء نحو قوله تعالى: أَنْقَضَ ظَهْرَكَ أو جاء بعدها ذال نحو مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً كما يجب ألا تلتبس بالطاء خاصة إذا وقعت بعده الطاء كما في (فمن اضطر) أو جاءت بعده تاء كما (فرضتم)، (أفضتم). 2 - «الظاء»، و «الصاد»، إذا سكنتا وجاءت بعدهما «تاء» يمكن أن تتحول الأولى إلى «ذال» نحو (أوعظت) والثانية إلى سين كما في (حرصتم) أو تقترب من الزاي. 3 - يجب تفخيم «الخاء» تفخيما قويا إذا جاورت «الراء المفخمة» ليحصل التناسب بينهما كما جاء في خاء (إخراجا) و (قالت اخرج). 4 - من العلماء من جعل حرف الاستعلاء «الساكن» في المنزلة الرابعة حسب التسلسل التنازلي لقوة التفخيم. ومنهم من وزع تلك الحروف السواكن على المراتب السابقة واللاحقة للمرتبة الرابعة. فجعل الساكن يتبع حركة الحرف السابق عليه، فإن كان ما قبله مفتوحا فخمه بدرجة المفتوح، وإن كان مضموما فخمه بدرجة المضموم، وإن كان مكسورا فخمه بدرجة المكسور وبهذا الشكل تصير المرتبة الرابعة شاغرة حيث قام بتوزيع حروفها على المراتب الأخرى فلا يبقى بالرابعة ساكن أصلي مقيم بها، وهو رأي وجيه ومنطقي فيما أرى (¬2). الحروف الثلاثة المفخمة (القاف، والغين، والخاء) إذا كانت مكسورة فإن تفخيمها يكون نسبيا أي في درجة بين التفخيم الخالص والترقيق المحض. ¬

_ (¬1) النهاية، محمد مكي نصر، ص 103. (¬2) وهو رأي الأستاذ/ محمد شحادة الغول.

ثانيا: الترقيق

ثانيا: الترقيق الترقيق لغة: التنحيف. واصطلاحا: نحول يدخل على الحرف فلا يمتلئ الفم بصداه حروفه: باقي حروف الهجاء «بعد استبعاد حروف الاستعلاء» (خص ضغط قظ) وما عدا (اللام والراء والألف) في بعض أحوالها. يبقى أن نعلم أن باقي الحروف بعد «حروف الاستعلاء» هي «الحروف المستفلة» أو «حروف الاستفال» وهى الحروف التي ينخفض اللسان عند النطق بها فيلزمها «الترقيق». قال ابن الجزرى رحمه الله: فرقّقن مستفلا من أحرف ... وحاذرن تفخيم لفظ الألف ملاحظات: 1 - قد يعتري اللسان أمور تدفعه إلى «تفخيم» بعض الحروف التي مستحقها «الترقيق» من ذلك مثلا: الهمزة: إذا ابتدأنا بها وكان ما بعدها حرفا مفخما (الله أكبر) (الصالحين) (الطلاق) الباء: من (بطل، وباطل) و (يتربص). الحاء: من (حصحص) (أحطت). الدال: من (صدق) (الصدع). الذال: من (ذرهم) (محذورا) الزاى: من (زرعا) السين: من (المستقيم)، (مسطورا). الشين: من (شطر)، (اشترى).

(أحكام اللام)

العين: من (العرش)، (العصر). الفاء: من (فطر)، (فاطر). الكاف: من (كصيب). الميم: من (مخمصة) و (مريم). النون: من (ناظرة) و (النار). الهاء: من (نهر) و (الأنهار). الواو: من (واضرب) و (ضرب) و (واصب). 2 - وكما ينبغي الحرص على احتفاظ الحروف المستفلة بمستحقها من الترقيق ينبغي أيضا عدم المبالغة في ذلك الترقيق حتى لا تبدو وكأنها ممالة. (أحكام اللام) «اللام» حرف «مستفل» «مرقق» في جميع كلمات القرآن الكريم. ولا تغلظ (¬1) إلا في لفظ الجلالة (الله) أو لفظ (اللهم). إذا سبقه: 1 - فتح نحو: (أذن الله) - (سبحانك اللهم). 2 - ضم نحو: (أتى أمر الله) - (وإذا قالوا اللهم). فإذا سبقه كسر فإن اللام تظل مرققة بالإجماع، سواء أكان الكسر أصليا نحو (عن ذكر الله). أو كسرا عارضا للتخلص من التقاء الساكنين كما في (قل اللهم مالك الملك) وسواء أكان متصلا في الرسم (لله)، و (بالله). أو منفصلا نحو (أفي الله)، أو (من عند الله) وإنما رققت بعد الكسرة كراهة التصعد (أي الارتفاع باللسان لسقف الحنك) بعد التسفل واستثقالا له. قال ابن الجزرى رحمه الله: وفخّم اللام من اسم الله ... عن فتح أو ضمّ كعبد الله ¬

_ (¬1) اصطلح علماء التجويد على تسمية «اللام المفخمة» فقط بالمغلظة.

(أحكام ألف المد)

(إضافة) انفرد ورش بقراءته (من طريق الأزرق) «بتغليظ اللام» التالية «للصاد»، و «الطاء»، و «الظاء» (سواء فتحت هذه الثلاث أو سكنت. خففت، أو شددت) إذا كانت تلك اللام مفتوحة سواء أكانت (مخففة أو مشددة. متوسطة أو متطرفة) نحو: (وأصلحوا)، (أو يصلبوا)، (طلبا)، (معطلة)، (وإن طلقكن)، (ظلموا)، (وظل وجهه) أما إذا كانت اللام مضمومة أو مكسورة أو ساكنة فإنها ترقق لا غير. (أحكام ألف المد) «ألف المد» لا توصف بتفخيم ولا بترقيق ولكنها تتبع حالة الحرف الذي قبلها ترقيقا وتفخيما كما في (النار) (الصادقون) (القارعة) فإذا وقعت الألف بعد «الراء» فيلزمها التفخيم فقط لأن الراء المفتوحة مفخمة دائما. يقول الناظم: وتتبع ما قبلها الألف ... والعكس فى الغنّ ألف ملاحظة: بعض كتب التجويد. اقتصرت على حرف الألف فقط في اتباعه حالة الحرف الذي قبله ترقيقا وتفخيما. والبعض أضاف إلى الألف حرفا «الواو والياء» أيضا. ونرجع في هذه القضية إلى ما جاء على لسان الشيخ محمد مكي نصر حيث قال: وأما حروف الاستفال فكلها مرققة، لا يجوز تفخيم شيء منها إلا الراء واللام في بعض أحوالهما وإلا الألف المدية، فإنها تابعة لما قبلها فإذا وقعت بعد الحرف المفخم تفخم، وإذا وقعت بعد الحرف المرقق ترقق لأن الألف ليس فيه عمل عضو أصلا حتى يوصف بالتفخيم والترقيق» (¬1). ¬

_ (¬1) نهاية القول المفيد/ ص 94.

قال المرعشي في رسالته: «ولما كان في الياء والواو المديين عمل عضو في الجملة كما سبق لم يكونا تابعين لما قبلهما، بل هما مرققان في كل حال كذا يفهم من إطلاقاتهم. ا. هـ». وقال أيضا في حاشيته على رسالته: «ولعل الحق أن الواو المدية تفخم بعد الحرف المفخم. وذلك لأن ترقيقها بعد المفخم في نحو (الطور) و (الصور) و (قوا) لا يمكن إلا بإشرابها صوت الياء المدية بأن يحرك وسط اللسان إلى جهة الحنك، كما يشهد به الوجدان الصادق، مع أن الواو ليس فيه عمل للسان أصلا. وقد رجوت أن يوجد التصريح بذلك أو الإشارة إليه في كتب هذا الفن 1، ولكن أعياني الطلب، فمن وجده فليكتبه هنا. وأما الياء المدية فلا شك في أنها مرققة في كل حال. ا. هـ».

(الراء)

(الراء) أحكامها وأحولها حرف «الراء» من أكثر الحروف التي تتعدد أحوالها وأحكامها حتى إن كثيرا من الدارسين المبتدئين يشق عليهم استيعاب العديد من أحوالها والتوصل إلي حكم كل حالة منها. ولتسهيل الأمر علي الدارسين نقول: إن أحكام «الراء» تدور بين وجوب «التفخيم» في بعض المواضع ووجوب «الترقيق» في مواضع أخري أو جواز «هذا وذاك» مع ترجيح الوجه الأولي منهما وتلك حالة خاصة ببعض الكلمات التي وردت في القرآن الكريم. (ملخص لأحكام الراء) على هيئة سؤال وجواب س- ما الفرق بين الراء الساكنة والراء المتحركة؟ ج- الراء الساكنة هي التي تثبت الشفتان عند النطق بها من مخرجها (¬1) فإذا نطقت همزة ثم أتبعتها راء ساكنة هكذا: (أر) تجد أن لسانك يقرع مخرج الراء بينما تبقى الشفتان ساكنتين. أما الراء المتحركة فتتحرك الشفتان عند النطق بها حسب حركتها فعند ما ننطق الراء المتحركة بالفتح تتباعد الشفتان مع الفكين رأسيا (راجعون)، (يردّ)، (رغب)، (رحيم)، فإن حركناها بالضم نجد أن الشفتين قد استدارتا على شكل حلقة أو دائرة (ردوا)، (الكافرون)، (رزقوا) أما حين نحركها بالكسر فإن الفك الأسفل ومعه الشفة السفلى ينخفضان لأسفل (رئاء)، (يريدون)، (برئ)، (رجالا). من ذلك يمكن أن نستنتج أن للراء ¬

_ (¬1) مخرج الراء: ما بين طرف اللسان وفويق الثنايا العليا وهي أدخل في طرف اللسان قليلا من النون، وفيها انحراف إلى مخرج اللام.

الساكنة وجها واحدا وهو السكون فقط أما الراء المتحركة فلها ثلاثة أوجه هى: الفتح، أو الضم، أو الكسر. س- أي من تلك الأوجه موجب لتفخيمها، وأي منها موجب لترقيقها؟ ج- إن كانت الراء (مفتوحة أو مضمومة) كان ذلك موجبا «لتفخيمها» وإن كانت الراء (مكسورة) كان ذلك موجبا «لترقيقها» س- فإن كانت الراء (ساكنة) فما حكمها؟ هل «نفخمها» أم «نرققها»؟ ج- إذا كانت «الراء» ساكنة تنظر إلى حركة الحرف الذي قبلها (فتح أو ضم أو كسر) ونعطي الراء حكم تلك الحركة فإن كان ما قبلها مفتوحا اكتسبت «الراء» بالتالي حكم الراء المفتوحة وهو: وجوب «التفخيم» وكذلك نفعل إن كان ما قبلها مضموما فنفخمها فإن كان مكسورا رققناها. س- فإن كان ما قبل الراء الساكنة «ساكنا» هو أيضا، كيف يتسنى لنا أن نحكم على الراء حينئذ؟ ج- إن كان ما قبلها (ساكنا) أيضا نظرنا إلي ما قبل ذلك الساكن، ولا بدّ له حينئذ أن يكون متحركا حتما إما بفتح، أو ضم، أو كسر، (لأنه يستحيل أن يجتمع ثلاثة سواكن متتالية) عندئذ نطبق القاعدة التي ذكرناها في إجابة السؤال السابق فنكسب «الراء» صفة ذلك الحرف المتحرك، وحكم تلك الصفة. فإن كان متحركا بفتح أو ضم كان حكم الراء التفخيم، وإن كان متحركا بكسر كان حكمها الترقيق. ملحوظة: الإجابات السابقة تحدد الخطوط العريضة لأحكام الراء من ناحية التفخيم والترقيق بإيجاز إلا أن هناك. تفصيلات كثيرة ودقيقة لم نتعرض لها فيما سبق وسيجيء الكلام عنها لاحقا بالشرح والتفصيل.

(أحكام الراء وأحوالها)

(أحكام الراء وأحوالها) «شرح وتفصيل» [تصوير] أولا: وجوب تفخيم «الراء» تفخم الراء في الحالات الآتية: 1 - إذا كانت الراء «مفتوحة» مطلقا. سواء أكان بعدها ألف مثل: (راغ)، (راجعون) أم لم يكن مثل: (رحمة)، (ربنا) وسواء أوقعت الراء في أول الكلمة مثل (رحمن) أم وسطها مثل: (الصراط) أم في آخرها (أى متطرفة) مثل (أحد عشر)، (فجر). وسواء أكانت الكلمة اسما (رءوف- رحيم) أم فعلا (رضي- يرونه- صبر). 2 - إذا كانت الراء «ساكنة» وقبلها مفتوح نحو (المرجان- العرض- مريم- مرقدنا) فتكتسب الراء صفة الحرف المفتوح قبلها (أى صفة الفتح) وتأخذ حكم الراء المفتوحة «فتفخم». 3 - إذا كانت «ساكنة» وقبلها ساكن (سوى الياء) وقبل الساكن «مفتوح» (والعصر)، (والفجر). 4 - إذا كانت «مضمومة» (مطلقا)، أى سواء أكان بعدها واو نحو (كفروا)، أو ليس بعدها واو نحو (ردوا)، (ركبانا)، وسواء أكانت في أول الكلمة أو في وسطها أو متطرفة، اسما كانت (رعبا. رؤياك)، (القرون. كافرون)، (بشر) أو فعلا (رجعت)، (يخرجون)، (يخرجون)، (ويقدر).

5 - إذا كانت «ساكنة» وقبلها مضموم (القرآن)، (الفرقان)، (انظر). 6 - إذا كانت «ساكنة» وقبلها ساكن قبله مضموم (خسر)، (كفر)، (صفر). 7 - إذا كانت «ساكنة» بعد كسر «عارض» (أي ليس من الكلمة وإنما طرأ علي الحرف فغير حركته إلي الكسر نتيجة سبب عارض استلزم ذلك التغيير) نحو (ارجعي) عند الابتداء بها فهمزة الوصل ساكنة أصلا، والراء بعدها ساكنة أيضا، والعرب تكره اجتماع الساكنين لذا تحرك همزة الوصل بالكسر بغية التوصل للنطق بالراء الساكنة بعدها. ومثل آخر للكسر العارض لمنع التقاء الساكنين نحو (أم ارتابوا) و (لمن ارتضى) فكسر الميم من كلمة (أم) وكسر النون من كلمة (من) كسر عارض إذ أن أصل الأولى (أم) وأصل الثانية (من) ولما كان الكسر ليس «أصليا» لم يعتد به ولزم تفخيم الراء. 8 - إذا كانت «ساكنة» بعد كسر «أصلي» ولكن الراء وقعت في كلمة والكسر الأصلي منفصل عنها في كلمة أخري نحو (ربّ ارحمها)، (قال ربّ ارجعون). 9 - إذا كانت «ساكنة» بعد كسر «أصلي» «متصل» ولكن وقع بعدها حرف من حروف الاستعلاء (خص ضغط قظ) في كلمة واحدة، وكان حرف الاستعلاء غير مكسور (بأن كان مفتوحا أو مضموما أو ساكنا) وقد تحقق ذلك في خمس كلمات في القرآن الكريم يطلق عليها مجازا (قرطاس وأخواتها) وهذه الكلمات هي: قِرْطاسٍ [الأنعام: 7]، إِرْصاداً [التوبة: 107]، مِرْصاداً [النباء: 21]، لَبِالْمِرْصادِ [الفجر: 14]، فِرْقَةٍ* [التوبة: 122]. فإذا جاء حرف الاستعلاء في كلمة أخرى بعدها فلا يؤخذ في الاعتبار وترقق الراء (اعتبارا لما قبلها من كسر أصلي متصل) وذلك نحو فَاصْبِرْ صَبْراً [المعارج: 5]، أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ [نوح: 1].

ثانيا: وجوب"ترقيق" الراء

ثانيا: وجوب «ترقيق» الراء ترقق الراء في الحالات الآتية: 1 - إذا كانت «مكسورة» (مطلقا)، أى سواء أكان بعدها ياء نحو: (قريب)، أو ليس بعدها ياء نحو: (رجالا)، وسواء أكانت في أول الكلمة نحو: (ريح) أم في وسطها نحو: (فرحين) أم متطرفة نحو: (نذير) اسما كانت كما سبق أم فعلا نحو (يريكم)، (يسر)، وسواء أكانت الكسرة (أصلية) كما سبق أم (عارضة) نحو (وبشر الذين آمنوا). 2 - إذا وقعت «ساكنة» بعد كسر «أصلي» «متصل» وكان ما بعدها حرف استفال أو حرف استعلاء «مكسورا» «في نفس الكلمة» نحو (فرعون)، (مرية) فإن غاب شرط من تلك الشروط امتنع ترقيقها ووجب تفخيمها (¬1). 3 - إذا وقعت متطرفة وقبلها ياء المد (قدير)، (خبير)، أو ياء اللين (الخير)، (الطير). 4 - أن تكون ساكنة قبلها ساكن (من حروف الاستفال) وما قبله مكسور نحو (حجر) (الذّكر) (السّحر) ولا يتحقق ذلك إلا حال الوقوف على الراء بالسكون. 5 - أن يأتى بعدها ألف ممالة وهذه لا توجد إلا في كلمة «مجراها» من قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها. ثالثا: جواز «الترقيق» و «التفخيم» يجوز ترقيق «الراء» أو تفخيمها في الحالات الآتية: 1 - إذا سكنت الراء وقبلها حرف مكسور، وبعدها حرف استعلاء مكسور ¬

_ (¬1) سبق التعرض لأحكام الراء الساكنة بعد كسر بالتفصيل وبالأمثلة تحت عنوان: وجوب تفخيم الراء: انظر رقم (7)، (8)، (9) من حالات وجوب تفخيم الراء الساكنة بعد كسر.

يجوز لنا أن نفخم الراء أو أن نرققها، وقد تحقق ذلك في كلمة واحدة في القرآن الكريم وهي كلمة «فرق» من قوله تعالى: فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ [الشعراء: 63] وذلك حال الوصل فقط. فمن العلماء من رأي أن كسر حرف الاستعلاء وهو «القاف» قد أضعفها بحيث ألغي عملها فصارت الراء ساكنة وقبلها مكسور فتعامل معاملة «فرعون» فترقق. ومنهم من رأي أن كسر حرف القاف وإن كان قد أضعفها إلا أنه لم يلغ قوتها تماما. فما زالت القاف تؤثر علي الراء فتفخمها. وجواز الترقيق والتفخيم بالنسبة لهذه الكلمة لا يكون إلا حال الوصل فقط لأن القاف عندئذ تكون مكسورة (أي ضعيفة) أما إذا وقفنا عليها «بالسكون» انتفت عنها حينئذ صفة الضعف فيصير فيها قول واحد هو ضرورة التفخيم بالإجماع لأنه لم يعد ثمة كسر يؤدي إلى إضعاف حرف الاستعلاء. 2 - أن تكون الراء «ساكنة»، وقبلها حرف استعلاء قبله مكسور نحو (مصر)، (القطر) فيجوز لنا في تلك الحالة أن «نفخم» مراعاة لحرف الاستعلاء ويجوز لنا أيضا أن «نرقق» مراعاة للكسر قبل حرف الاستعلاء. وقد اختلف أهل الأداء في الوقف علي كلتا الكلمتين وقد فضل الإمام «ابن الجزري» الترقيق عند الوقف علي كلمة «القطر» و «التفخيم» عند الوقف علي كلمة «مصر» مراعاة لحالها عند الوصل. 3 - أن تكون «ساكنة» بسبب الوقف مكسورة عند الوصل، وبعدها ياء محذوفة كما في: (يسر)، (نذر)، (أسر) فالبعض نظر إلى أنها مكسورة بعدها ياء محذوفة إما للتخفيف كما في (يسر) و (نذر) (¬1). أو للبناء كما في (أسر) (¬2)، فمن نظر إلى ذلك (رققها). ومن نظر إلى أنها ساكنة قبلها ساكن قبله مفتوح نحو: (يسر) أو مضموم، نحو: (نذر) «فخمها». والترقيق في هذه الكلمات أولى نظرا لأنها مرققة حال الوصل. ¬

_ (¬1) إذ أن أصلهما: (يسرى)، (نذرى) وحذفت الياء للتخفيف. (¬2) أصل الفعل (أسرى) وهو فعل أمر آخره حرف علة، فيبنى بحذف حرف العلة (أي: الياء).

(إفادة) جميع الكلمات التي يجوز فيها الوجهان «الترقيق» فيها أولى فيما عدا (مصر) «فالتفخيم» فيها أولى. قال ابن الجزرى رحمه الله: ورقق الراء إذا ما كسرت ... كذاك بعد الكسر حيث سكنت إن لم تكن من قبل حرف استعلا ... أو كانت الكسرة ليست أصلا والخلف فى فرق لكسر يوجد ... ..........

أحكام النون الساكنة والتنوين

أحكام النون الساكنة والتنوين الفرق بين النون الساكنة والتنوين: النون الساكنة: تكون فى آخر الكلمة وفى وسطها، وهى نون ثابتة وصلا ووقفا (أى إذا وصلنا الكلمة بما بعدها، أو إذا توقفنا عندها عن القراءة). وهى أيضا نون ثابتة لفظا وخطا أى أنها نون منطوقة (صوتا) ومكتوبة (رسما). التنوين: التنوين ليس حرفا من الحروف الهجائية ولكنه نون ساكنة زائدة تلحق آخر الاسم، ننطق بها فتظهر لفظا (أى صوتا) فقط، ولا تكتب خطا، ولكن نعبر عنها خطا بالفتحتين حال النصب فنقول (محمدا)، وبالضمتين حال الرفع فنقول (محمد)، وبالكسرتين حال الجر فنقول (محمد). ويظهر التنوين (وصلا) أى إذا اتصل الكلام بما بعد التنوين، ويسقط لفظا إذا توقفنا عليه (¬1) ويحل محله سكون حال الرفع فنقول (محمد) بدلا من (محمد)، وحال الجر فنقول (محمد) بدلا من (محمد). أما حال النصب فإننا نسقطه أيضا فلا ننطق بالنون الزائدة ولكننا نعوض عنها بألف مدية بعد الحرف المفتوح قبله. وعلى ذلك فكلمة (محمدا) المنونة المنصوبة والتى كنا ننطقها (محمّدن) أصبحت (محمّدا) دون تنوين وآخرها دال مفتوحة ممدودة بالألف بغير وجود للنون. وهى لا تلحق إلا الأسماء فقط دون الأفعال والحروف (¬2). ¬

_ (¬1) يستثنى من ذلك قوله تعالى: وَكَأَيِّنْ* حيثما وقعت فقد ثبت فيه التنوين لفظا وخطا. (¬2) يستثنى من ذلك النون الملحقة بالتنوين في قوله تعالى: وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ [يوسف: 32] فقد لحقت بالفعل المضارع (يكون) نون التوكيد الخفيفة الساكنة، فجرى عليها حكم الإدغام الذي يجري على التنوين لذا اعتبرت ملحقة بالتنوين، وإن لم تكن في الأصل تنوينا.

"أحكام النون الساكنة والتنوين"

ولما كان التنوين نونا ساكنة يتلفظ بها أى منطوقة، والتجويد يطبق على ما يتلفظ به من الحروف، كان للتنوين نفس أحكام النون الساكنة تماما. وللنون الساكنة والتنوين فيما يختص بعلاقتهما بما بعدهما من الحروف الهجائية الثمانية والعشرين (¬1) أربعة أحكام هى: (الإظهار- الإدغام- القلب- الإخفاء). وفى ذلك يقول الشيخ الجمزورى رحمه الله: للنون إن تسكن وللتنوين ... أربع أحكام فخذ تبيينى فالأول الإظهار قبل أحرف ... للحلق ست رتبت فلتعرف همز فهاء، ثم عين حاء ... مهملتان، ثم غين خاء «أحكام النون الساكنة والتنوين» أولا: الإظهار الحلقى الإظهار: معناه لغة: البيان والإيضاح واصطلاحا: إخراج كل حرف من مخرجه من غير غنة ظاهرة، والمقصود هنا إخراج حرف النون الساكنة أو التنوين ظاهرين من غير غنة، وسمى حلقيا نسبة إلى مخرج حروفه إذ أنها جميعا حروف حلقية. وعدد حروفه: ستة حروف هى: الهمزة، الهاء، العين، الحاء، الغين، الخاء (ء، هـ، ع، ح، غ، خ) ولسهولة حفظها نجدها مجموعة في الأحرف الأولى من كل كلمة من كلمات العبارتين التاليتين: ¬

_ (¬1) أو التسعة والعشرين وذلك على خلاف بين علماء اللغة.

1 - «أخى هاك علما حازه غير خاسر» 2 - «إن غاب عنى حبيبى همنى خبره» والعبارة الأولى أدق من حيث ترتيب مخارج تلك الأحرف من الحلق، فمن أقصى الحلق تجاه الجوف تخرج «الهمزة والهاء»، ومن وسط الحلق تخرج «العين والحاء»، ومن أدنى الحلق بالقرب من الحنك ومن منبت اللسان تخرج «الغين والخاء». سببه: بعد مخرج النون الساكنة وهو طرف اللسان عن مخرج هذه الحروف وهو الحلق. ولذلك نلحظ أن إظهار النون يزداد وضوحا كلما ازداد بعد مخرج الحرف الحلقي عن مخرج النون، فيكون أشد إظهارا مع حرفي أقصى الحلق «الهمزة والهاء»، ويكون متوسطا مع حرفي وسط الحلق «العين والحاء»، ويكون أدنى مرتبة مع حرفى أدنى الحلق «الغين والخاء». والخلاصة: أن حالة الإظهار «هي الحالة التي لا تتأثر فيها النون الساكنة أو التنوين بما يتلوها مباشرة من حروف، ولا تؤثر فيها أيضا تلك الحروف وذلك لبعد مخرجها عن مخرج النون» (¬1). فإذا وقع حرف من هذه الأحرف الستة بعد النون الساكنة أو التنوين وجب إظهار صوت النون الساكنة أو التنوين بحيث يقرعهما اللسان عند مخرج النون، ويسمى ذلك حينئذ إظهارا حلقيا. ونلاحظ أن الأمر يحتمل أن يقع بعد النون الساكنة أحد هذه الأحرف الحلقية فى كلمة واحدة نحو (ينئون) أو في كلمتين نحو (من أحد)، أما بالنسبة للتنوين فالأمر يختلف حيث أن التنوين نون زائدة متطرفة دائما أي أنها آخر ما يتلفظ به من الكلمة، لذا فإنه من المستحيل أن يقع بعدها أحد الأحرف الستة في نفس الكلمة بل يلزم أن يكون أول الكلمة التي تليها نحو (رسول أمين)، (وفريقا حق) ¬

_ (¬1) التجويد القرآني: أ. د. محمد صالح الضالع، ص 15.

أمثلة توضح إظهار النون الساكنة والتنوين إظهارا حلقيا

أمثلة توضح إظهار النون الساكنة والتنوين إظهارا حلقيا [تصوير] ثانيا: الإدغام الإدغام لغة: الدمج والإدخال. واصطلاحا: إدخال حرف ساكن في متحرك بحيث يصيران حرفا واحدا مشددا.

وقد عرفه سيبويه فقال: هو تقريب الصوت بحيث ينتقل إلى أحدهما (إلى أحد الحرفين) صفة من الآخر. والمقصود بالإدغام هنا: إدخال النون الساكنة (أو التنوين) في أحد حروف الإدغام ليصير الثانى مشددا. حروفه: ستة حروف هى: الياء، والراء، والميم، واللام، والواو، والنون (ى، ر، م، ل، و، ن) وهى مجموعة في كلمة (يرملون) شرط تحقق الإدغام: وتدغم النون الساكنة (الأصلية والزائدة) فيما يليها إذا كان ما يليها أحد أحرف كلمة (يرملون) بحيث تكون النون أى الحرف المدغم في نهاية الكلمة الأولى، وتبدأ الكلمة اللاحقة لها بحرف من حروف الإدغام الستة (وهو الحرف المدغم فيه)، فإذا كانت النون معهن من كلمة واحدة لم يجز الإدغام ووجب الإظهار في أربع كلمات لا خامس لها هى قِنْوانٌ [الأنعام: 99]، وصِنْوانٌ [الرعد: 4]، وبُنْيانٌ [الصف: 4]، والدُّنْيا [البقرة: 85]، ويسمى إظهار النون في هذه الحالة إظهارا مطلقا. ويذكر الشيخ الجمزورى الحكم الثانى وهو الإدغام فيقول: والثان إدغام بستة أتت ... فى يرملون عندهم قد ثبتت لكنها قسمان: قسم يدغما ... فيه بغنة بينمو علما إلا إذا كانا بكلمة فلا ... تدغم كدنيا ثم صنوان تلا والثان إدغام بغير غنّه ... فى اللام والرا ثم كررنه ويمكن تقسيم الأحرف الستة إلى ثلاث مجموعات (¬1). ¬

_ (¬1) التجويد القرآني، أ. د. محمد صالح الضالع، ص 20 بتصرف.

المجموعة الأولى: اللام، والراء (ل، ر).

ويتبع ذلك تقسيم أنواع الإدغام إلى ثلاثة أنواع: المجموعة الأولى: اللام، والراء (ل، ر). تدغم النون الساكنة في أى منهما عند تلاصقها به ويسمى: إدغاما تاما (كاملا) بدون غنة فتصير فيه النون مع اللام «لاما» ومع الراء «راء». نحو: (من لّدنا) حيث صارت النون لاما (مل لدنا) ثم أدغمت اللام الأولى في الثانية فصارت لاما مشددة. ونحو (هدى للمتقين) حيث صار التنوين لاما (هدل/ للمتقين) ثم أدغمت اللام الأولى في الثانية فصارت لاما مشددة. فتنطق هكذا (هد لّلمتقين). ونحو (من رّسول) حيث صارت النون راء (مر/ رسول) ثم أدغمت الراء في الراء فصارت راء مشددة تنطق هكذا: (مرّسول). ونحو (في عيشة رّاضية) حيث صار التنوين راء (عيشتر/ راضية) ثم أدغمت الراء في الراء فصارت راء مشددة تنطق هكذا: (عيشترّاضية). المجموعة الثانية: وهى الميم والنون (م، ن) ويطلق عليها «الأنفيات» لأنها من الحروف المغنونة والغنة تخرج من الخيشوم أى أقصى الأنف وإدغام النون في أحدهما أمر طبيعى مع بقاء الغنة الموجودة فيها بطبيعة الحال فيكون (إدغاما تاما بغنة). واختلف أهل الأداء في الغنة التى تظهر مع إدغام التنوين والنون الساكنة في الميم: هل هى غنتها (¬1) أو غنته (¬2) فذهب ابن كيسان ومرافقوه إلى أنها غنة «النون»، وذهب الدانى وغيره إلى أنها غنة «الميم» وبه أقول لأن النون قد زال لفظها بالقلب، وصار مخرجها من مخرج الميم فالغنة له» (¬3). ¬

_ (¬1) أي غنة الميم. (¬2) أي غنة التنوين والنون. (¬3) التمهيد في علم التجويد: محمد بن محمد الجزري ص 74، دار الصحابة بطنطا.

المجموعة الثالثة: وهى (الواو، والياء) (و، ى).

المجموعة الثالثة: وهى (الواو، والياء) (و، ى). تدغم النون الساكنة أو التنوين في كل من الواو والياء إدغاما ناقصا (غير كامل) إذ ينصهر صوت النون في «الياء» أو «الواو» وتبقى سمة النون غالبة ألا وهى «الغنة» فيكون «إدغاما ناقصا بغنة». نحو (من يقول) فتقلب (النون) ياء وتدغم في الياء بعدها فتصير ياء بغنة. ونحو (شأن يغنيه) فيقلب (التنوين) ياء وتدغم في الياء بعدها فتصير ياء بغنة. ونحو (من وال) فتقلب (النون) واوا وتدغم في الواو بعدها فتصير واوا بغنة. ونحو (رحيم ودود) فيقلب (التنوين) واوا وتدغم في الواو بعدها فتصير واوا بغنة. ونخرج من هذا التقسيم بثلاثة أنواع للإدغام: 1 - إدغام كامل أو تام بدون غنة: مع حرفى (اللام والراء) (ل، ر). 2 - إدغام كامل بغنة: مع حرفى (الميم والنون) (م، ن). 3 - إدغام ناقص بغنة: مع حرفى (الواو والياء) (و، ى). من ملاحظتنا لهذا التقسيم نستنتج: 1) أن القسمين الأول والثانى من الإدغام يشتركان فى تمام الإدغام أى اكتماله (وفيه يفنى الحرف الأول فى الآخر ذاتا وصفة فلا يبقى منه شىء) ويفترقان بسبب وجود الغنة بالقسم الثانى وامتناع وجودها بالأول. 2) أن القسمين الثانى والثالث ويجمعهما حروف كلمة (يومن) أو (ينمو) يتفقان من حيث وجود الغنة بكليهما ويفترقان من حيث اكتمال الإدغام بالثانى وعدم اكتماله بالقسم الثالث. 3) عند إدغام (النون فى النون) تم ذلك مباشرة أما إدغام (النون فى الميم) فتم على مرحلتين: أولاهما: قلب أو إبدال النون ميما ساكنة وثانيهما: إدغام الميم فى الميم وكذلك نفعل عند إدغام النون فى بقية حروف (يرملون).

(أولا: الإدغام بغنة)

4) تظهر النون إظهارا مطلقا فى (يس) وفى (نون) (¬1) فلا تدغمان فى الواو الواقعة بعد كل منهما فتقرأ الأولى (ياسين والقرآن ... ) والثانية (نون والقلم) كما تظهر النون الساكنة فى قوله تعالى مَنْ راقٍ [القيامة: 27] ولا تدغم فى الراء لوجود سكتة لطيفة على النون. بينما يطبق الإدغام فى نون (سين) من قوله تعالى (طسم) فتقلب النون ميما وتدغم بعدها فتصبح (طا سيمّيم). (أولا: الإدغام بغنة) إدغام النون الساكنة والتنوين في حروف (ينمو) [تصوير] (ثانيا: الإدغام بدون غنة) إدغام النون الساكنة والتنوين مع اللام وآلاء (ل، ر) [تصوير] ¬

_ (¬1) من حروف فواتح السور.

ثالثا: الإقلاب

ثالثا: الإقلاب الإقلاب لغة: تحويل الشيء عن وجهه. واصطلاحا: قلب النون الساكنة والتنوين ميما مخفاة قبل الباء، مع بقاء الغنة ظاهرة بإجماع القراء، سواء أكانت النون مع الباء في كلمة نحو (جنب)، (منبثا) أو كلمتين نحو (من بعد) والتنوين لا يكون إلا من كلمتين نحو (سميع بصير). قال الشيخ الجمزورى رحمه الله: والثالث الإقلاب عند الباء ... ميما بغنة مع الإخفاء من ذلك نرى أنه لا بدّ من توافر ثلاثة شروط لقلب النون ميما مخفاة: أولها: قلب النون ميما- ثانيها: جعل الميم مخفاة- ثالثها: الحفاظ علي بقاء الغنة. ونتناول كل أمر من تلك الأمور بالشرح والتفصيل فيما يلي: الشرط الأول: قلب النون الساكنة والتنوين: يتساءل البعض عن أسباب قلب النون الساكنة أو التنوين ميما وعما يمنعنا أن ننطق بها نونا علي أصلها؟ ونجيب فنقول إذا وقعت النون الساكنة أو التنوين قبل الباء ثقل الانتقال من مخرج النون المظهرة إلى مخرج «الباء» لما في ذلك من الكلفة حال التلفظ بهما، «فالنون» مخرجها من «طرف اللسان» مع ما يحاذيه من لثة الأسنان العليا الأمامية، بينما الباء حرف «شفوي» أي أن المخرجين متباعدان. أضف إلى ذلك «أن في النون غنة يتطلب إظهارها الفتور والتراخي إلي حد يشبه الوقف» (¬1). وإخراج الباء من مخرجها بعد النون يحول دون امتداد صوت الغنة المصاحبة للنون فنخلص من ذلك إلى أن النطق بالنون المظهرة قبل الباء فيه كلفة فلا يجوز. وإذا حاولت إدغام النون في الباء لم يجز ذلك أيضا لبعد المخرجين، ولعدم التجانس حيث كانت النون حرفا أغن (¬2) (وكذلك التنوين) أما الباء فحرف غير أغن، ولذهاب غنة النون بالإدغام. ¬

_ (¬1) نهاية القول المفيد: محمد مكي نصر، ص 123. (¬2) أي صفته الغنة.

ولما لم يحسن «إظهار» النون قبل الباء ولم يحسن «إدغامها» فيها كان لا بدّ من البحث عن حرف من الحروف «يؤاخي النون في الغنة»، «ويؤاخي الباء في المخرج» فكانت «الميم» أنسب الحروف لانطباق الصفتين المذكورتين عليها تمام الانطباق وبناء علي ذلك تحل «الميم» محل «النون» فيسهل النطق بها مخفاة قبل الباء ويمكن أن ندلل علي ذلك بما نفعله نحن بقصد التسهيل والتيسير حين نتحدث العامية فنقوم من تلقاء أنفسنا وبالفطرة ودون معلم بقلب النون ميما حال وقوعها قبل الباء فنقول مثلا: (موجز الأمباء) ونقصد «الأنباء» ونقول («يمبني») نقصد «ينبني» أي يبني، ونقول (ممبرّه) أي (من برّه) و (جمبي) أي «جنبي». و (يمبلع) أى (ينبلع). ولو تأملنا كيفية نطق تلك الكلمات لوجدنا أن اللسان كف عن قرع مخرج النون وقامت الشفتان بنطق «الميم» بدلا من «النون» كنوع من التيسير التلقائي ومعني ذلك أن النون قد سقطت لفظا (أي انعدمت صورتها التي يتلفظ بها)، أما (صورتها المرئية) أي المرسومة خطا فتبقى على هيئتها المخطوطة في المصحف برسمها المعهود ونرمز لما جرى عليها من قلب بوضع «ميم» صغيرة فوقها نحو (جنب)، (من بعد). هذا بالنسبة للنون الساكنة، أما نون التنوين فهي أصلا لا وجود لها خطا، وإنما يرمز لها بالحركتين فتحا وضما وكسرا هكذا: () ولكنها موجودة لفظا بهيئتها الصوتية المنطوقة. ولما كانت نون التنوين تشارك النون الساكنة جميع أحكامها كان لزاما علينا أن نسقطها كذلك «لفظا» كلما استحق التنوين حكم الإقلاب. ويرمز للإقلاب في تلك الحالة بحذف إحدى حركتي التنوين (فتحا وضما وكسرا) وترك الأخرى والتعويض عن المحذوف برسم ميم صغيرة مع الحركة الباقية منهما هكذا () ومثال ذلك حال النصب (هنيئا بما أسلفتم)، وحال الرفع (عليم بذات الصدور)، وحال الكسر (كرام بررة).

الشرط الثانى: إخفاء الميم

الشرط الثانى: إخفاء الميم أما وقد انتهينا من قلب النون الساكنة والتنوين ميما. بقي لنا أن نحقق الشرط الثاني للإقلاب وهو إخفاء الميم، فكيف يتم إخفاء الميم؟. سبق أن ذكرنا أن الميم حرف شفوي ينتج من اصطدام الشفتين إحداهما بالأخرى وانطباقهما، ولكننا لو أطبقنا الشفتين إطباقا كاملا مع وجود الغنة لنتج عن ذلك صوت أقرب إلى الميم المشددة. وحتى نتوصل إلى الميم المخفاة علينا ألا نطبق الشفتين إطباقا كاملا بل لا بدّ من ترك فرجة صغيرة بين الشفتين بها تتحقق الغنة والإخفاء ويمتنع التشديد ويساعدنا على إتمام ذلك بنجاح ملامسة أطراف الأسنان الأمامية العليا لباطن الشفة السفلى. والشرط الثالث: الحرص على بقاء الغنة بمقدار حركتين: أمثلة للإقلاب [تصوير]

رابعا: الإخفاء

رابعا: الإخفاء الإخفاء لغة: الستر. يقال أخفى الغمام الشمس أي سترها فحجبها عن الأعين. واصطلاحا: (هو حالة بين الإظهار والإدغام) فلا يماثل «الإظهار» في تحقيق النطق بالنون تحقيقا كليا ولا يماثل «الإدغام» الذي يقتضي المماثلة التامة بين المدغم والمدغم فيه. كيفيته: عند تطبيق الإخفاء يجب ألا نلصق اللسان بالثنايا العليا، وإنما يكون اللسان قريبا منها، غير ملتصق بها، وفى نفس الوقت نحرص على أن نجعله قريبا من مخرج حرف الإخفاء حتى يظهر صوت حرف الإخفاء فى الغنة. حروفه: خمسة عشر حرفا يضمها البيت التالي، ونجدها في الحرف الأول من كل كلمة من كلمات البيت: صف ذا ثناكم جاد شخص قد سما ... دم طيبا، زد فى تقى، ضع ظالما (ص) (ذ) (ث) (ك) (ج) (ش) (ق) (س) ... (د) (ط) (ز) (ف) (ت) (ض) (ظ) قلنا إن الاخفاء حالة بين «الإظهار» و «الإدغام»، فلماذا كان الإخفاء وسطا بينهما؟ ويجيب عن ذلك ابن الجزري فيقول «وذلك أن النون والتنوين لم يقربا من هذه الحروف (يقصد الخمسة عشر حرفا السابقة) كقربهما من حروف «الإدغام» حتى يجب إدغامها فيهن من أجل القرب، ولم يبعدا منهن كبعدهما من حروف «الإظهار» فيجب إظهارهما عندهن من أجل ذلك. فلما عدم القرب الموجب «للإدغام» والبعد «الموجب» للإظهار «أعطيا حكما» «متوسطا» بين «الإظهار» و «الإدغام» (¬1). يلزم إخفاء النون في حالتين: ¬

_ (¬1) نهاية القول المفيد: محمد مكي نصر، ص 125.

أ- أن تكون ساكنة غير مشددة ب- أن يكون ذلك عند أحد الأحرف الخمسة عشر المذكورة آنفا. تحقيق الإخفاء عند تلك الحروف: لما كان «الإظهار» يقتضي إخراج النون الساكنة والتنوين ظاهرين ويعني ذلك (إبقاء) ذات الحرف وصفته معا من غير خفاء، و «الإدغام» يقتضي (إذهاب) ذات النون وصفتها معا، جاء (الإخفاء) وسطا بين نقيضين، فعمل علي (إذهاب) ذات النون لفظا فقط (كما ذهبت لفظا حال الإدغام)، وحرص علي (إبقاء) صفتها وهي «الغنة» (كما بقيت حال الإظهار) ويتحقق الإخفاء «باندماج» النون (أو التنوين) في الحرف التالي اندماجا يفني معه صوت النون في صوت ذلك الحرف حتى لا يبقي منها سوي «الغنة» التي تخرج من الخيشوم. ولا خلاف بين القراء في الإخفاء بغنة عند الأحرف الخمسة عشر، سواء اتصلت بهن فى كلمة واحدة نحو (ينفقون) أو انفصلت عنهن في كلمة أخري نحو (من صيام). أما التنوين فلا يكون اتصاله بهن إلا من خلال كلمتين بحيث يكون التنوين آخر الأولى وحرف الإخفاء أول الأخرى.

أمثلة للإخفاء [تصوير]

مراتب الإخفاء:

مراتب الإخفاء: يقول الشيخ مكي نصر: «واعلم أن الإخفاء يكون تارة إلي الإظهار أقرب، وتارة إلى الإدغام أقرب وذلك حسب بعد الحرف منهما (أي من النون والتنوين) وقربه». والجدول التالي يوضح حروف الإخفاء الخمسة عشر حسب موقعها من مخرج النون [تصوير] إضافة: يتفق تقسيم ابن الجزري لحروف الإخفاء مع ما جاء بالجدول السابق وزاد علي ذلك أن جعل للإخفاء «ثلاث مراتب» أعلاها عند أقرب الحروف من مخرج النون وأدناها عند أبعد الحروف من مخرجها (أي مخرج النون) وأوسطها عند حروف الإخفاء العشرة الباقية. والزيادة التي انفرد بها ابن الجزري عن غيره من المجودين أنه جعل لزمن «الغنة» أيضا ثلاث مراتب تتناسب عكسيا مع قرب مخرج الحرف من النون. والجدول التالي يساهم في توضيح رؤية ابن الجزري للعلاقة التي تربط بين مخارج حروف الإخفاء، ومخرج النون، ودرجة الإخفاء، وزمن الغنة.

[تصوير] ويعترض المرعشي على تقسيم ابن الجزري لأزمان الغنة فيقول: «ولم أر في مؤلف تقدير امتداد الغنة في هذه المراتب. ا. هـ» (¬1). ويقول أيضا: «والذي نقلناه عن مشايخنا، وعن العلماء المؤلفين في فن التجويد المتقنين أن الغنة لا تزيد، ولا تنقص عن مقدار حركتين كالمد الطبيعي. ا. هـ» (¬2). (1) إفادة: في حالة الإخفاء علي القارئ أن يحذر من إشباع الضمة التي قبل النون (وكذلك الفتحة والكسرة) لأن إشباع الضمة أو تمطيط زمنها يتولد منه واو في مثل (منقلبا) فتصير (مونقلبا)، وإشباع الكسرة يتولد منه ياء في مثل (إن شاء) فتصير (إين شاء)، وإشباع الفتحة يتولد منه ألف في مثل (من جاء) فتصير (مان جاء). (2) إفادة: علي القارئ أن يحذر تحقيق النون من ناحية مخرجها عند أداء الإخفاء والاحتراز من إلصاق طرف اللسان بأصول الثنايا العليا (وطريق الخلاص منه تجافي اللسان قليلا عن ذلك) كما قال الدمياطي (¬3). وعلى القارئ الحرص على تثبيت اللسان حتى لا يقرع مخرج النون. ¬

_ (¬1) نهاية القول المفيد: محمد مكي نصر/ 125. (¬2) المرجع السابق، 126. (¬3) أحكام القرآن، محمود خليل الحصري/ 187.

(3) إفادة: يكون الإخفاء أيضا في الحروف المقطعة بأوائل السور، والتي آخرها نون ساكنة، وبعدها أحد حروف الإخفاء كما في «عين سين قاف» فإن العين آخرها نون ساكنة، وبعدها أحد حروف الإخفاء وهو (السين) والسين آخرها أيضا نون ساكنة وبعدها أحد حروف الإخفاء وهو (القاف) فإننا نطبق الإخفاء في مثل هذا ونحوه (¬1). (4) إفادة: الغنة لا توصف بتفخيم ولا ترقيق، ولكنها تتبع حالة حرف الإخفاء الذي يأتي بعدها (عكس الألف إذ تتبع ما قبلها) فإن كان مفخما كالطاء والضاد والظاء والقاف فإنها تفخم تبعا له، كما في: مِنْ طِينٍ*، وَلَمَنْ صَبَرَ، مَنْ ضَلَّ*، مَنْ ظُلِمَ*، مِنْ قَبْلُ*. أما الغين والخاء فليس معهما غنة لأنهما من حروف الإظهار. وإن كان الحرف مرققا (كالتاء، والثاء، والجيم، والدال، الذال، والسين، والشين، والفاء، والكاف)، فإنها ترقق تبعا لها، وبقية حروف الاستفال ليست من حروف الإخفاء (¬2). ¬

_ (¬1) بغية عباد الرحمن، محمد الغول، ص 196. (¬2) المرجع السابق، ص 196.

الحروف المشددة

الحروف المشددة الحرف المشدد في حقيقته حرفان غير مشددين «أولهما» «ساكن» و «ثانيهما» متحرك أدغما فصارا حرفا واحدا مشددا، (لذا نجده في وزن الشعر يقوم مقام حرفين) ويستحب لكل قارئ عند النطق بالحرف المشدد أن ينتبه للحقائق التالية: 1 - وجوب بيان الحرف المشدد حيثما كان موقعه في الكلمة، بحيث يصل لأذن السامع مشددا، لأنه إن فرط (¬1) في تشديده يكون قد حذف حرفا في تلاوته. 2 - الوقف على الحرف المشدد فيه ثقل على اللسان، يزيد عما كان فيه حال كونه متحركا، فلا بد للقارئ من العناية بإظهار التشديد في اللفظ حال الوقف، وتمكين ذلك. 3 - إذا وقع بعد الحرف المشدد حرف يماثله نحو: حَقَّ قَدْرِهِ*، وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ، مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ كان لزاما على القارئ أن يولي ذلك عناية أكبر لأن في اجتماع «ثلاثة حروف متماثلة» من الثقل ما هو أشد مما هو موجود عند اجتماع حرفين متماثلين في حرف واحد. وإلى مثل ذلك يشير الإمام السخاوي في نونيته فيقول: وبيّن الحرف المشدّد موضحا ... مما يليه إذا التقى المثلان (كاليم ما) و (الحق قل) ومثال ... (ظلّلنا) لكيما يظهر الأخوان 4 - إذا ما وقع بعد الحرف المشدد حرف مماثل للمشدد، وكان مشددا هو الآخر نحو وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ كان أولى بالبيان، لما فيه من اجتماع أربعة أمثال (أى أربعة حروف متماثلة، كل مثلين منهما في حرف مشدد). ¬

_ (¬1) فرّط في الشيء: أي قصر فيه، وتهاون، وضيعه/ المعجم الوسيط.

مراتب التشديد:

ومما هو قليل في القرآن وفي كلامنا أيضا أن يجتمع «ثلاث مشددات متواليات»، وإنما يأتي ذلك نتيجة اتصال الكلمات بعضها ببعض، وقد يتحقق من وصل كلمتين أو أكثر من ذلك. واجتماع «ثلاثة أحرف مشددة متوالية» (قائمة مقام ستة أحرف) يتمثل فى نحو (وعلى أمم مّمّن مّعك). ولما كانت الميمان المخففتان من كلمة (أمم) قد سبقتا هذه الستة أحرف كان مجموع الميمات في هذا المثال (ثمانية ميمات). مراتب التشديد: التشديد لا يكون كله بدرجة واحدة من القوة، بل تتفاوت قوته في شدتها بحيث يمكن تقسيمها إلى ثلاث مراتب كما يلي: 1 - أعلاها في (الراء المشددة) لأن الراء من صفتها التكرير وهي صفة يتوخى القارئ اجتنابها فيحاول منع لسانه من تكريرها، وذلك يحتاج منه إلى شدة إلصاق اللسان وتثبيته بأعلى الحنك، وهذه المحاولة تزيد من تشديد الراء فوق تشديد سائر الحروف. 2 - وأوسطها: ما يشدد تشديدا لا زيادة فيه ولا نقص وهو ما ليس فيه (تكرير) (ولا إظهار لغنة الحرف الأول، ولا إطباقه، ولا استعلائه). 3 - أنقصها في كل ما أدغم مع بقاء الغنة نحو لَمَنْ يُؤْمِنُ*، مِنْ وَرائِهِمْ* أو مع بقاء الإطباق نحو أَحَطْتُ أو الاستعلاء نحو أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ. والأحرف المشددة نوعان: 1 - حروف مشددة بغنة وهما (النون والميم المشددتان). 2 - حروف مشددة بدون غنة وهي (باقي الحروف الهجائية).

(النون والميم المشددتان)

(النون والميم المشددتان) أمثلة: أولا: النون المشددة: الْجَنَّةَ* مِنْ ناصِرِينَ* وحكمها حكم النون المدغمة بالنسبة لأحكام النون الساكنة. ثانيا: الميم المشددة: حَمَّالَةَ الْحَطَبِ مِنْ مَحِيصٍ* وحكمها حكم الميم المدغمة بالنسبة لأحكام الميم الساكنة. - ولا بد من تطويل غنتهما حتى تكون أكمل ما تكون كما مر معنا في مراتب الغنة (زمنها حركتان). - وعند الوقف على النون أو الميم المشددتين لا بدّ من تطويل الغنة تماما كما نطقناها في حالة الوصل (زمنها حركتان). يقول الشيخ الجمزورى رحمه الله فى التحفة: وغنّ ميما ثم نونا شدّدا ... وسمّ كلا حرف غنّة بدا (الميم الساكنة) الميم الساكنة: يخرج صوتها نتيجة انطباق الشفتين، ويكون مصحوبا بصفته المميزة وهى «الغنة» التى تخرج عبر الممر الأنفى. أما صوت الميم المتحركة فينتج عن تباعد الشفتين عقب انطباقهما لتخرج من بينهما الميم مفتوحة، أو مضمومة، أو مكسورة. والأحكام التي نوردها الآن تختص بالميم الساكنة فقط. تعريف الميم الساكنة: هى الميم التى لا يتغير سكونها سواء وصلناها بما بعدها من كلام أم وقفنا عندها. فلا يدخل فى هذا التعريف الميم الساكنة وقفا فقط، لأن الوقف يفك ارتباطها بما بعدها من حروف. والدرس يتناول علاقة الميم الساكنة بأحرف الهجاء حال التقائها أحد تلك الأحرف، والميم الساكنة وقفا فقط تكون متحركة حال الوصل إما بحركة أصلية أو عارضة، وفى كلتا الحالتين

(أحكام الميم الساكنة)

تكون قد خرجت من أحكام الميم الساكنة. فلا يدخل معنا مثلا الميم التى كانت ساكنة ثم تحركت بحركة عارضة لسبب طرأ عليها، فقد تتحرك الميم الساكنة حال الوصل فتحا، أو ضما، أو كسرا، وفقا للقواعد المتفق عليها فى اللغة، ومن أمثلة ذلك: 1) الميم الساكنة التى تحركت بفتح: وهى ميم واحدة فى المصحف كله، وقد تحركت بالفتح منعا لالتقاء الساكنين وهى الميم الواقعة بأول سورة آل عمران الم اللَّهُ .. حال الوصل، فحين تقرأ (الف لام ميم) فإن الميم الأخيرة تكون ساكنة حال الوقف، ولكن إذا أردنا أن نصلها بلفظ الجلالة بعدها نجد أنها تفقد سكونها ونحركها بالفتح حركة عارضة لنتمكن بذلك من التوصل للنطق بلفظ الجلالة اللَّهُ* وكانت الفتحة أولى من غيرها لسهولة النطق بها مع تفخيم لفظ الجلالة. 2) ميم الجماعة: ميم الجماعة الساكنة تتحرك فى أغلب الأحوال بضم عارض إذا التقت ساكنا بعدها حال الوصل وهذا كثير نحو هُمُ الْعَدُوُّ، جاءَهُمُ الْحَقُّ*. 3) وقد تتحرك الميم الساكنة بالكسر العارض أيضا وذلك نحو أَمِ ارْتابُوا، أَمِ اتَّخَذُوا*. (أحكام الميم الساكنة) يقول صاحب لآلئ البيان ملخصا أحكام الميم الساكنة: وأخف أحرى عند با وأدغما ... فى الميم والإظهار مع سواهما ولتوضيح ذلك نقول: يصح أن يأتى بعد الميم الساكنة ثمانية وعشرون حرفا هى كل الحروف الهجائية- ليس من بينها حروف المد الثلاثة، نظرا لأن كل حرف من تلك الحروف المدية الثلاثة يستوجب أن تكون الميم قبله متحركة بحركة مجانسة له، فالألف المدية لا بد أن يسبقها ميم مفتوحة، والواو المدية

1 - الإظهار:

يسبقها ميم مضمومة، والياء المدية يسبقها ميم مكسورة. وبذلك تكون الميم مع الحركات الثلاث قد خرجت من أحكام الميم الساكنة، ولكن يمكن أن يقع بعد الميم الساكنة (ياء) أو (واو) غير مديتين نحو: لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ*، أَمْوالًا*، أَمْواتاً*. فإذا التقت الميم أحرف الهجاء كلها كان لها معهم ثلاثة أحكام هي: 1 - الإظهار: ويسمى (إظهارا شفويا) لأن حرف الميم مخرجه شفوي وهذه التسمية تفيد أيضا التمييز بينه وبين (الإظهار الحلقي) للنون الساكنة والتنوين. حروفه: جميع الحروف الهجائية ما عدا «الميم» و «الباء». حكمه: تظهر الميم الساكنة عند كل الحروف الهجائية (ما عدا الميم، والباء) بلا إدغام ولا إخفاء. ويكون الإظهار في كلمة واحدة نحو (يمترون) وفي كلمتين] كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ويراعي شدة إظهار الميم الساكنة إذا أعقبها «واو» أو «فاء» لاتحادها في المخرج مع الواو، وقربها منه مع الفاء وفي ذلك يقول صاحب التحفة: واحذر لدى «واو» و «فا» أن تختفي ... لقربها والاتحاد فاعرف ومثال وقوع الفاء بعد الميم الساكنة (وهم فيها) والواو بعد الميم (أنتم وآباؤكم) وعلامة إظهار الميم في المصحف ثبوت السكون فوقها. 2 - الإدغام: حروفه: حرف واحد هو «الميم». حكمه: إذا وقع حرف «الميم» بعد الميم الساكنة وجب إدغام الساكنة في المتحركة ليصيرا ميما واحدة مشددة مع غنة أكمل ما تكون نحو وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ، وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ، وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ*، أَمْ مَنْ أَسَّسَ، لَكُمْ ما فِي

3 - الإخفاء:

الْأَرْضِ*. ويسمى هذا النوع من الإدغام إدغام مثلين صغيرا للتماثل بين الحرفين المدغم والمدغم فيه ولكون الأول منهما ساكن والثاني متحرك. وعلامته في المصحف: تعرية الميم الساكنة من السكون وتشديد الميم المتحركة بعدها. 3 - الإخفاء: ويسمى «إخفاء شفويا». حروفه: حرف واحد فقط هو (الباء). تسميته: سمي «شفويا» لاتحاد الباء والميم في المخرج الشفوي بخلاف الإخفاء مع النون الساكنة والتنوين فيسمي إخفاء «حقيقيا». حكمه: إخفاء الميم الساكنة عند الباء بغنة ظاهرة في مثل تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ. كيفية إخفاء الميم: سبق الإشارة لذلك عند الكلام عن حكم إقلاب النون الساكنة ميما مخفاة عند ملاقاتها الباء، وما قلناه هناك عن الميم المخفاة هو نفس ما نقوله هنا غير أن الفرق بينهما أن الميم المخفاة هنا لا يلزمها عمل قبل إخفائها أما هناك فيلزم قلب النون الساكنة أو التنوين ميما ساكنة أولا ثم إخفائها عند الباء بعد ذلك. أمثلة للإخفاء الشفوي أَمْ بَعِيدٌ، هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ، نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا وعلامته في المصحف: تعرية الميم من السكون فوقها مع عدم تشديد الحرف الذي بعدها. وقد بين الشيخ الجمزورى- رحمه الله- هذه الأحكام الثلاثة فى أبياته التالية: والميم إن تسكن تجى قبل الهجا ... لا ألف لينة لذى الحجا أحكامها ثلاثة لمن ضبط ... إخفاء إدغام وإظهار فقط

فالأول الإخفاء عند الباء ... وسمّه الشفوىّ للقراء والثانى إدغام بمثله أتى ... وسمّ إدغاما صغيرا يا فتى والثالث الإظهار فى البقيّة ... من أحرف وسمها شفويه واحذر لدى واو وفا أن تختفى ... لقربها والاتحاد فاعرف

(المتماثلان، والمتجانسان، والمتقاربان، والمتباعدان)

(المتماثلان، والمتجانسان، والمتقاربان، والمتباعدان) عند ما يتجاور حرفان من كلمة، أو من كلمتين في درج الكلام فإن هذين الحرفين لا بدّ وأن تربطهما علاقة خاصة ناتجة عن تلك المجاورة. فقد يتفق الحرفان مثلا مخرجا، وصفة، واسما، ورسما، ولفظا، وقد يختلفان أيضا في كل ذلك، أو في معظمه، أو في بعض منه. ويتضح من ذلك أن الحرف لا بدّ وأن تربطه بالحرف المجاور له علاقة من العلاقات الأربع التالية: 1 - علاقة تماثل. 2 - علاقة تجانس. 3 - علاقة تقارب. 4 - علاقة تباعد. وينقسم كل نوع من هذه العلاقات إلى ثلاثة أقسام: أ- صغير. ب- كبير. ج- مطلق. ويكون ذلك على النحو التالى: أ- إذا سكن الحرف الأول منهما وتحرك الثاني فهو «صغير». ب- إذا تحرك الاثنان فهو «كبير». ج- إذا تحرك الأول وسكن الثاني (أى: عكس الصغير) فهو «مطلق». - وقد اتفق القراء على وجوب الإدغام في الحرفين المتماثلين، والمتجانسين، (إذا سكن الأول منهما وتحرك الثاني). - كما اتفقوا على وجوب الإظهار في المتباعدين. - واختلفوا في إدغام «المتقاربين». وقد وضح الشيخ الجمزورى- رحمه الله- العلاقة التى تربط الحرفين المتجاورين فقال:

إن فى الصفات والمخارج اتفق ... حرفان فالمثلان فيهما أحق وإن يكونا مخرجا تقاربا ... وفى الصفات اختلفا يلقبا متقاربين أو يكونا اتفقا ... فى مخرج دون الصفات حققا بالمتجانسين ثم إن سكن ... أول كل فالصغير سمين أو حرك الحرفان فى كل فقل ... كل كبير وافهمنه بالمثل لماذا لجأ العرب إلى الإدغام؟ ونجيب عن هذا السؤال فنقول: إن في إدغام المتماثلين، والمتجانسين، والمتقاربين تخفيف على اللسان عند الكلام، فأول الحرفين منهما ساكن، والثاني متحرك، والمخرج إما عين المخرج الأول، أو مقارب له، وإظهار الحرفين فيه مشقة وثقل على اللسان، ونحن نعلم أن الحرف الساكن ينتج عن تصادم عضوى النطق بالحرف عند مخرجه (أى مخرج الحرف)، سواء تم ذلك التصادم بين اللسان وبعض الحنك، أو بعض الأسنان، أو بين الشفتين، فإذا ضربنا لذلك مثلا بحرف (التاء) من قوله تعالى: رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ نجد أن اللسان عند نطق التاء الساكنة قد التصق ظهر طرفه بأصول الثنيتين العلييين. فإذا ما انتهى من نطق التاء الساكنة من كلمة «ربحت» كان عليه أن يعود مرة أخرى لنفس المخرج، ويعيد الالتصاق به استعدادا للتباعد عنه مرة أخرى، لكي تخرج التاء المتحركة. لأن الحرف المتحرك كما هو معلوم يخرج نتيجة: تباعد طرفى عضو النطق. من ذلك يتبين لنا ما في إظهار الساكن من الحرفين من عسر وكلفة كما يشهد بذلك الحس والتجربة. فالإدغام أيسر وأقرب إلى الخفة لأنه قد تغلب على ثقل الإظهار بحذف الأمر الزائد (¬1) بين الحرف الساكن والحرف المتحرك. وقد شبه النحاة الإظهار في مثل هذه المسائل «بمشى المقيّد» (¬2) لأن الإنسان إذا نطق بحرف وعاد ¬

_ (¬1) أي العمل الزائد للسان عند ما يفارق المخرج ثم يعود إليه ليفارقه ثانية. (¬2) أي الذي يرفع رجله ثم يعيدها إلى نفس المكان أكثر من مرة دون أن يبرحه لأنه مقيد.

أولا: المتماثلان:

إلى مثله، أو إلى مقاربه (¬1) يكون كالراجع إلى حيث فارق، أو إلى قريب من حيث فارق» (¬2). شروط الإدغام: هناك شرطان: أحدهما شرط «للمدغم» والآخر «للمدغم فيه». - فأما شرط الحرف «المدغم» فهو أن يلاقى الحرف «المدغم فيه» خطا (أي رسما أو كتابة) دون وجود فاصل خطى بينهما- بهذا الشرط يخرج نحو أَنَا نَذِيرٌ* لوجود الألف فاصلا خطيا بين النونين رغم أنها ساقطة لفظا حال الوصل (¬3). - وأما شرط الحرف «المدغم فيه» فهو ألا يكون بمفرده إن كان الإدغام من كلمة واحدة فيدخل فيه نحو نَخْلُقْكُمْ، ويخرج نحو (رزقك)، فإن إدغام (القاف) في (الكاف) في المثال الأول لم يؤد إلى التباس في المعنى، لأن الكاف في ضمير جماعة المخاطبين معها حرف آخر وهو الميم أما في المثال الثاني فلكونه أي (الكاف) ضمير المخاطب على حرف واحد وجب الإظهار لأن الإدغام مجحف به. أولا: المتماثلان: تعريفه: هما كل حرفين اتحدا «اسما» و «رسما» نحو: اضْرِبْ بِعَصاكَ* ومِنْ نِعْمَةٍ*. إدغام المتماثلين: هو إدخال حرف ساكن في حرف متحرك، بحيث يصيران حرفا واحدا مشددا هو جنس (¬4) الحرف الثاني، يرتفع عنهما اللسان ارتفاعة واحدة. أقسامه: 1 - إدغام متماثلين صغير. 2 - إدغام متماثلين كبير. 3 - إدغام متماثلين مطلق. ¬

_ (¬1) أي إلى مخرج يقارب مخرج الحرف الأول. (¬2) نهاية القول المفيد، محمد مكي نصر، ص 104. (¬3) لم يعتد بعض القراء بالفاصل اللفظي بين المتماثلين إن كان صلة وذلك نحو قوله (إنه هو) (فقرأ السوسي الهاءين بالإدغام). (¬4) لم يقل هو نفس الحرف الثاني أو هو عينه لئلا يتصور أن الحرفين حرف واحد، بل الواقع أنهما حرفان غير أنهما يتفقان مخرجا، وصفة، واسما، ورسما، ولفظا، أي أنهما متطابقان ومتماثلان تمام التماثل ومع ذلك فلكل منهما ذاته وإن تماثلا.

1 - متماثلان صغير.

1 - متماثلان صغير. وهو أيضا نوعان: أ- إدغام متماثلين صغير كامل «بغنة» ويكون في «النون» و «الميم» نحو مِنْ نُطْفَةٍ* ولَهُمْ ما يَشاؤُنَ*. وسمى صغيرا لقلة الأعمال التي بها يتحقق الإدغام. وسمى كاملا لأن الغنة الناتجة ليست صوت «النون والميم» الأوليين الساكنتين بل صوت «النون والميم» المشددتين الناتجتين عن الإدغام. ب- إدغام متماثلين صغير كامل «بدون غنة» وذلك في غير «النون» و «الميم» فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ واضْرِبْ بِعَصاكَ*. حكمه: وجوب الإدغام لجميع القراء إلا في حالتين: 1 - استثنى حفص الهاء في قوله تعالى مالِيَهْ هَلَكَ. فيجوز فيها السكت، كما يجوز فيها الوصل من غير سكت مع الإدغام من طريق الشاطبية. 2 - أن يكون الحرف الأول حرف مد نحو: قالُوا وَهُمْ، فِي يَوْمٍ* (¬1) فيجب فيه الإظهار لئلا يزول المد بالإدغام. 2 - متماثلان كبير: تعريفه: هما كل حرفين متماثلين كلاهما متحرك. وسمي كبيرا لكثرة الأعمال فيه إذ يستدعي الإدغام فيه أن نسكن الحرف الأول المتحرك ثم ندغمه بعد ذلك في الحرف الثاني، ليصيرا حرفا واحدا مشددا، هو عين الحرف الثاني. حكمه: وجوب الإظهار عند جميع القراء باستثناء ثلاثة مواضع عند حفص: الأول: كلمة تَأْمَنَّا من سورة يوسف باعتبار الأصل. فأصلها (تأمننا) ثم سكنت النون الأولى، وأدغمت في الثانية (إدغاما كاملا بغنة) فصارت نونا واحدة مشددة. ¬

_ (¬1) وجاز الإدغام والإظهار عند بعضهم في مثل ذلك إجراء للوصل.

3 - متماثلان مطلق:

والثاني: كلمة مَكَّنِّي [الكهف: 95] فإن أصل الكلمة (مكّنني)، ثم سكنت النون الأولى، وأدغمت في الثانية (إدغاما كاملا بغنة) فصارت نونا واحدة مشددة. والثالث: كلمة فَنِعِمَّا [البقرة: 271] إذ أصلها (ف نعم ما) فكسرت العين، وسكّنت الميم الأولى، وأدغمت في الثانية المتحركة بالفتح (إدغاما كاملا بغنة) فصارت ميما واحدة مشددة. 3 - متماثلان مطلق: تعريفه: كل حرفين متماثلين أولهما متحرك والثاني ساكن نحو ما نَنْسَخْ تَتْبِيبٍ. حكمه: وجوب الإظهار عند جميع القراء. إدغام المتماثلين تنقسم حروف الهجاء التسعة والعشرون بالنسبة إلى إدغام المتماثلين إلى أربعة أقسام: القسم الأول: قسم من الحروف لا يدغم في شىء وهو «سبعة أحرف»: (الهمزة) و (الألف) و (الخاء) و (الطاء) و (الظاء) و (الصاد) و (الزاى) [ء، أ، خ، ط، ظ، ص، ز] فالسبعة أحرف بمعزل عن التماثل، ولكن الأربعة الأخيرة منها يصح أن تكون «مدغما فيها». القسم الثاني: لا يدغم إلا فى مثله وهو «ستة أحرف»: (الهاء) و (العين) و (الغين) و (الياء) و (الفاء) و (الواو). [هـ، ع، غ، ي، ف، و]

ثانيا: (المتجانسان)

القسم الثالث: لا يدغم إلا في مجانسه، أو مقاربه، لأنه لم يلق مثله، وهو «خمسة أحرف»: (الجيم) و (الشين) و (الضاد) و (الدال) و (الذال) [ج، ش، ض، د، ذ] القسم الرابع: يدغم في «مثله» و «مجانسه» و «مقاربه» وهو «أحد عشر حرفا»: (الحاء) و (القاف) و (الكاف) و (اللام) و (النون) و (الراء) و (الباء) و (التاء) و (الثاء) و (السين) و (الميم). ثانيا: (المتجانسان) تعريفه: المتجانسان هما الحرفان اللذان اتحدا مخرجا واختلفا صفة. أقسامه: 1 - متجانس صغير 2 - متجانس كبير 3 - متجانس مطلق 1 - المتجانس الصغير: تعريفه: هو كل حرفين متجانسين أولهما ساكن وثانيهما متحرك. حكمه: وجوب الإظهار وعدم الإدغام إلا في بعض المواضع المستثناة من حكم الإظهار. أقسامه: ثلاثة أقسام: أولها: إدغام متجانسين صغير «كامل» «بغنة»:- ويكون فى (الباء مع الميم) ولا يوجد له مثال في القرآن إلا مثال واحد هو ارْكَبْ مَعَنا [هود: 42] وجاز فيه الإظهار من وجه ضعيف لحفص. ثانيها: إدغام متجانسين «كامل» «بدون غنة»: ويتحقق باجتماع حرفين بعينهما من الحروف المتجانسة، أولهما ساكن، والثاني متحرك بالهيئة المنصوص عليها فيما يلي:

1 - التاء مع الدال (ت- د) في موضعين فقط هما: فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا [الأعراف: 189]، قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما [يونس: 89]. 2 - الدال مع التاء (د- ت) نحو لَقَدْ تابَ، وَوَعَدْتُكُمْ، وَمَهَّدْتُ، أَرَدْتُمْ*. 3 - التاء مع الطاء (ت- ط) نحو (ودت طائفة)، (همت طائفتان). 4 - الثاء مع الذال (ث- ذ) نحو (يلهث ذلك). 5 - الذال مع الظاء (ذ- ظ) نحو (إذ ظلموا). ثالثها: إدغام متجانسين صغير «ناقص» «بدون غنة»: وذلك في إدغام الطاء في التاء فقط (ط- ت) نحو (أحطت)، (بسطت)، (فرطت). وتدغم الطاء في التاء إدغاما ناقصا بدون غنة وفي ذلك يقول ابن الجزري: «وإذا سكنت وأتي بعدها «تاء» فأدغمها فيها إدغاما غير مستكمل، تبقي معه تفخيمها واستعلاءها، لقوة الطاء، وضعف التاء نحو (بسطت) و (أحطت) و (فرطت) لأن أصل الإدغام أن يدغم الأضعف في الأقوى ليصير في مثل قوته، وفى مثل هذا عكسه ا. هـ» (¬1). لذلك نري أننا حينما أدغمنا التاء في الطاء في نحو (همت طائفة) لم نبق من لفظ التاء شيئا لأن الإدغام ينبغي أن يكون كاملا في نحو هذا. أما الطاء فلا يصح معها الإدغام الكامل في التاء حتى لا تفقد صفاتها القوية كالاستعلاء والإطباق ولو أدغمناها إدغاما كاملا لصارت كلمة (أحطت) (أحتّ) ولصارت (بسطت) (بستّ) ولا يخفي ما في ذلك من إجحاف وضياع لصفات القوة في الطاء. ولكي نأتي بالإدغام الناقص للطاء في التاء على وجهه الصحيح، فإننا نطبق المخرج على (طاء) ساكنة من غير قلقلة ثم نفتحه على تاء. ¬

_ (¬1) التمهيد في علم التجويد، محمد بن الجزري، ص 60.

2 - المتجانس الكبير:

قال شريح في «نهاية الإتقان»: من العرب من يبدل التاء (طاء)، ثم يدغم الطاء الأولي فيهما فيقول: (أحطّ) و (فرطّ)، وهذا مما يجوز في كلام الخلق لا في كلام الخالق». - واختلفوا في إدغام (النون والميم) هل هو إدغام تام كامل التشديد أم غير تام ناقص التشديد؟ ويرى ابن الجزري: «أن الإدغام مع الغنة غير محض ناقص التشديد من أجل صوت الغنة الموجودة معه ومقتضاه أنه متى وجدت الغنة كان الإدغام غير محض ناقص التشديد سواء قلنا إن الغنة «للمدغم» أو «للمدغم فيه» أ. هـ» (¬1). أما (الميم مع الباء) فحكمها الإخفاء الشفوي ولا تكون إلا من كلمتين نحو: وَهُمْ بِالْآخِرَةِ*، كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ*. 2 - المتجانس الكبير: تعريفه: أن يتجاور حرفان متجانسان كلاهما متحرك. حكمه: وجوب الإظهار ولا يوجد فيه إدغام في حفص إلا باعتبار الأصل كما في (يهدّي) (¬2) إذ أصلها (يهتدي) فاجتمع فيها حرفان متجانسان متحركان هما التاء والدال، ولكي يتم الإدغام لا بدّ من تسكين الأول منهما وقلبه إلي جنس الحرف الثاني ثم إدغام الأول الساكن في الثاني المتحرك، ومعني ذلك أننا قمنا بتسكين التاء المتحركة ثم قلبناها دالا من جنس الحرف الثاني ثم أدغمنا الدال (المنقلبة عن التاء) في الدال المتحركة فصارت يهدّي. 3 - المتجانس المطلق تعريفه: أن يتجاور حرفان متجانسان أولهما متحرك والثاني ساكن. حكمه: الإظهار (وإن تدعهم إلى الهدي)، (تدعون)، (المبثوث). ¬

_ (¬1) نهاية القول المفيد، محمد مكي نصر، ص 120. أما الجعبري فمقتضى كلامه أنه محض كامل التشديد مع الغنة حيث اعتبر الغنة للمدغم فيه لا للمدغم. (¬2) يونس 35.

ثالثا: المتقاربان

ثالثا: المتقاربان تعريفه: المتقاربان هما الحرفان اللذان تقاربا في المخرج والصفة، أو في المخرج دون الصفة، أو الصفة دون المخرج. الحرفان اللذان تقاربا في المخرج والصفة: هما الحرفان اللذان خرجا من مخرجين خاصين متجاورين يشملهما مخرج عام واحد ولا يفصل بينهما مخرج أو أكثر، واتحدا في أكثر من نصف عدد الصفات، مثل «اللام» و «الراء». (قل رب) فاللام من حافة اللسان، والراء من طرفه بالقرب من حافته، وصفات كل منهما تكاد تتطابق لولا زيادة الراء بالتكرير والانحراف. والحرفان اللذان تقاربا «مخرجا» فقط دون الصفات، مثل «الدال» مع «السين»، فى نحو (عدد سنين) فلم يشتركا معا إلا في صفتي (الاستفال) و (الانفتاح)، وأما الحرفان اللذان تقاربا صفة دون المخرج فهما (الشين) و (السين) فأولاهما مخرجها وسط اللسان والأخرى مخرجها طرفه، ولكنهما اشتركا في خمس صفات. (تنبيه) طال كلام الشراح لهذا الفن، وتباين في تعريف كل من المتقاربين مخرجا والمتجانسين صفة، فبينما يعتبر البعض أن «الدال» مع «الجيم» متقاربان في المخرج، يعتبرهما البعض الآخر متجانسين في الصفة. ومهما يكن من أمر فإنه تباين شكلي، لا يترتب عليه اختلاف في الحكم، لأن ما ورد فيه الإدغام وجوبا أو جوازا قد سمع من أفواه الشيوخ، ونص عليه في كتب التجويد والقراءات. وينقسم المتقاربان ثلاثة أقسام: 1 - متقاربان صغير 2 - متقاربان كبير 3 - متقاربان مطلق

1 - المتقاربان الصغير:

1 - المتقاربان الصغير: تعريفه: أن يكون الحرفان المتقاربان أولهما ساكن وثانيهما متحرك. حكمه: الأصل فيه الإظهار عند حفص إلا في أربعة مسائل: 1 - يدغم حفص «اللام» الساكنة في «الراء» سواء كانت من حرف أو فعل نحو (بل رّبكم)، (وقل ربّ أنزلني)، (بل رّفعه الله). وهو إدغام تام بدون غنة. وهو تام لفناء اللام ذاتا وصفة في الراء بعدها واكتمال الشدة. وهو بدون غنة لأن «المدغم والمدغم فيه» ليس من صفتهما الغنة. ويستثنى من الإدغام قوله تعالى: (بل ران) لوجوب الإظهار عند حفص بسبب «السكت». 2 - إدغام «القاف» الساكنة في «الكاف» من قوله تعالى (ألم نخلقكم)، ويجوز فيها لحفص الإدغام الكامل (أي فناء القاف صفة وذاتا في الكاف) فتصبح الكلمة (نخلكّم). كما يجوز له أيضا الإدغام الناقص (أي بقاء صفة الاستعلاء في الكاف عند الإدغام)، فنطبق المخرج على «قاف» ونفتحه على «كاف» وذلك للقارئ برواية حفص من طريق الشاطبية. والإدغام الكامل هو الأولى. - أما القارئ من طريق الروضة (قاصر المنفصل) فليس له إلا الإدغام الكامل. بعض القراء ومنهم «مكى بن أبي طالب القيسي» و «ابن المنادى» أبقوا صفة الاستعلاء، وقرءوا بالإدغام الناقص. وقد اتفق الجميع على الإدغام، واختلفوا في كماله. 3 - إدغام لام (ال) في جميع الحروف الشمسية ما عدا اللام حيث تعتبر من قبيل المتماثلين. 4 - إدغام النون الساكنة والتنوين في خمسة أحرف مجموعة في قولك (لم يرو)، واستثنينا (النون) من كلمة يرملون لأن إدغامها من باب إدغام المتماثلين. واستثنى البعض (الميم) أيضا واعتبر إدغام النون في الميم من باب إدغام المتجانسين. ويرجع الخلاف في ذلك إلى اختلاف الشراح في تعريف كل من المتقاربين مخرجا والمتجانسين صفة. وإدغام النون فى «الراء» و «اللام» هو إدغام تام بدون غنة لاكتمال الشدة نحو (من ربك)، (من لدنه). ويستثنى منها (من

2 - المتقاربان الكبير:

راق) للسكتة عند حفص. أما إدغام النون فى الواو والياء فهو إدغام ناقص التشديد لبقاء صفة الغنة بعد الإدغام نحو (من وال) و (إن يشأ). وترتبط (النون الساكنة والتنوين) بأربعة عشر حرفا بينها وبينهم علاقة تقارب، ويحكمها حين ملاقاتها تلك الأحرف حكمان غير الإدغام. (أولهما): الإقلاب. وذلك عند (الباء) فقط. فتقلب النون الساكنة أو التنوين ميما مخفاة عند ملاقاتها (الباء) مع الغنة بمقدار حركتين نحو: (أنباء)، (من بعدهم)، (سميع بصير). (ثانيهما): الإخفاء الحقيقي مع حروف الإخفاء بعد أن نستثنى منها (القاف)، و (الكاف) (لأن بينهما علاقة تباعد) فيتبقى لدينا ثلاثة عشر حرفا من حروف الإخفاء. وحكمها: الإخفاء الحقيقي. وسبب الإخفاء كما سبق أن ذكرنا في أحكام النون الساكنة أن النون الساكنة والتنوين لم يقربا من تلك الحروف قربهما من حروف الإدغام فيدغما فيها لقرب المخرج، كما أنهما لم يبعدا منها كبعدهما من حروف الإظهار فيظهران عندها، فكان الإخفاء وسطا بين الإدغام والإظهار. 2 - المتقاربان الكبير: تعريفه: هما كل حرفين متقاربين كلاهما متحرك نحو (عدد سنين). وحكمه: وجوب الإظهار عند حفص. 3 - المتقاربان المطلق: تعريفه: هما كل حرفين متقاربين أولهما متحرك وثانيهما ساكن نحو (يلتقطه). حكمه: وجوب الإظهار.

(موانع الإدغام)

(موانع الإدغام) وهى قسمان: 1 - القسم الأول: وهو متفق عليه في ثلاثة مسائل: الأولى: كون الحرف الأول من المثلين أو المتقاربين منونا نحو (غفور رحيم)، (سميع عليم)، (في ظلمات ثلاث)، (رجل رشيد). سبب المنع: أن التنوين حاجز قوي جرى مجرى الأصول فمنع التقاء الحرفين بخلاف صلة (إنه هو) لعدم القوة. الثانية: كون الحرف الأول مشددا نحو، (مسّ سقر) و (تمّ ميقات) و (الحقّ كمن) و (أشدّ ذكرا). سبب المنع: ضعف المدغم فيه عن تحمل المشدد لكونه بحرفين وإدغام حرفين في حرف ممتنع، لأنه لو أدغم فيه لا نعدم أحد الحرفين. الثالثة: تاء الضمير سواء كان متكلما أو مخاطبا نحو: (كنت ترابا) و (خلقت طينا) و (كدت تركن) و (جئت شيئا إمرا). سبب المنع: أ- كونهما علي حرف واحد فالإدغام مجحف به. ب- ولأن ما قبل تاء الضمير ساكن ففي إدغامه جمع بين ساكنين. ج- وأنه إذا أدغم التبس الأمر فلا يعرف ضمير المخبر من ضمير المخاطب. 2 - القسم الثاني: المختلف فيه من الموانع وهو (الجزم) وقد جاء في المثلين في نحو قوله: (يخل لكم) فالفعل يخل أصله (يخلو) ثم جزم بحذف حرف العلة وهو الواو فأصبح (يخل)، (ومن يبتغ غير) الفعل (يبتغ) مجزوم بحذف حرف العلة وهو الياء إذ أصله (يبتغي)، كما جاء في المتجانسين (ولتأت طائفة) وأصل الفعل (تأتي)، و (آت ذا القربي) أصل الفعل (آتي)، وجاء في المتقاربين (ولم يؤت سعة) وأصل الفعل (يؤتى). حكمه: المشهور الاعتداد بمانع الجزم في المتقاربين، وجواز الوجهين في غير

رسم توضيحي لأحكام المتماثلين، والمتجانسين، والمتقاربين، والمتباعدين أولا: المتماثلان [تصوير] (1) يستثنى من ذلك: أن يكون الحرف الأخير حرف مد نحو: قالُوا وَهُمْ وفِي يَوْمٍ*.

ثانيا: المتجانسان [تصوير]

ثالثا: المتقاربان [تصوير]

رابعا: المتباعدان [تصوير]

(اللامات السواكن)

(اللامات السواكن) هي خمسة أنواع: 1 - لام (ال). 2 - لام الفعل. 3 - لام الاسم. 4 - لام الحرف. 5 - لام الأمر. أولا: لام (ال) تعريفها: لام (ال): هي لام ساكنة زائدة عن بنية الكلمة يسبقها همزة وتستخدم في تعريف الاسم النكرة. فإذا دخلت عليه تعيّن، وصار معرفة. وذهب «الخليل بن أحمد» إلى أن أداة التعريف هي (ال) برمتها، وأن الهمزة أصلية، وهى عنده همزة قطع. أما سيبويه فذهب إلى أن أداة التعريف هي (اللام) وحدها، وأن الهمزة التي سبقتها زائدة، وأنها همزة وصل يتوصل بها إلى نطق الساكن. وقد تأتي (ال) «ملازمة للاسم» لا تفارقه ولا يستقيم دونها نحو (الآن) و (اليسع) و (اللات)، و (الذي) و (التي) ومثناهما وجمعهما، ولفظ الجلالة (الله). وقد تأتي «مقترنة» به حينا و «مفارقة» له حينا آخر، كما في قوله تعالى: فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ... فكلمتا «مصباح» و «زجاجة» الأوليان نكرتان مجردتان من (ال)، والأخريان مقترنتان بها. حكم لام (ال) الملازمة للاسم ولا تفارقه: تدغم لام (ال) وجوبا إذا دخلت على لام مثلها «إدغام متماثلين» كما في (الذي) و (التي) ومثناهما وجمعهما ولفظ الجلالة (الله).

1 - الإظهار القمري:

وتظهر وجوبا مع (الياء) و (الهمزة)، كما في (اليسع) و (الآن). أما لام (ال) التي يصح أن تقترن بالاسم كما يصح أن تفارقه فلها حكمان: 1 - الإظهار القمري: إذا وقعت قبل أربعة عشر حرفا: فتظهر «لفظا» و «خطا» وتسمى حينئذ «اللام القمرية» نسبة إلى اللام في كلمة «القمر» حيث يجمع بينهما «وجوب الإظهار»، وعلامتها في المصحف الشريف أن تعلوها علامة السكون (ال) وأن يكون الحرف التالي لها متحركا بإحدى الحركات الثلاث (الفتحة أو الضمة أو الكسرة)، وقد جمع الشيخ الجمزوري الأحرف الأربعة عشر في الشطر الأخير من البيت التالي: قبل أربع مع عشرة خذ علمه ... من «ابغ حجك، وخف عقيمه» وهي كما يلي (ء، ب، غ، ح، ج، ك، و، خ، ف، ع، ق، ي، م، هـ) وإذا تأملنا الحروف الأربعة عشر لاحظنا أنها- فيما عدا الشين- قد جمعت حروف الحلق الستة (ء، هـ، ع، ح، غ، خ)، وحروف أقصى اللسان (ق، ك)، وحروف وسط اللسان (باستثناء الشين) أى (ج، ى)، وحروف الشفتين (و، ب، م، ف)، ونلاحظ أن العلاقة التي تربط مخرج (اللام) بمخارج تلك الحروف هي «علاقة تباعد». حكمها: وجوب إظهار اللام إذا وقع بعدها حرف من الأربعة عشر حرفا المذكورة. 2 - الإدغام الشّمسيّ: تدغم اللام وجوبا في الحرف التالي لها إذا جاء بعدها أحد الحروف المتبقية بعد حروف الإظهار. والحروف الأربعة عشر الشمسية المتبقية من الحروف

ملحوظة:

الهجائية هي المجموعة من الحرف الأول من كل كلمة من كلمات البيت التالي: طب ثم صل رحما تفز، ضف ذا نعم ... دع سوء ظن، زر شريفا للكرم ط، ث، ص، ر، ت، ض، ذ، ن ... د، س، ظ، ز، ش، ل ونلاحظ أن هذه الحروف تربطها باللام «علاقة تقارب»، لأنها تشمل جميع حروف طرف اللسان وحافته، والشين وحدها من وسط اللسان. لذا وجب إدغام لام (أل) في جميع تلك الحروف (إدغام تقارب). باستثناء اللام فإدغام (اللام) الساكنة فيها (إدغام تماثل). وعلامة اللام الشمسية في المصحف: 1 - تعرية اللام من علامة السكون. 2 - وتشديد الحرف التالي لها (أى المدغم فيه) نحو (الشّمس)، (التّائبون). ملحوظة: إدغام لام (ال) في النون يعتبر إدغاما شمسيا «بغنة» مقدارها حركتان. كيفية الإدغام: إذا وقع بعد لام (ال) حرف من الحروف الأربعة عشر المذكورة وجب علينا إدغام اللام الساكنة فيه كما يلي: 1 - إبدال لام (ال) الساكنة بحرف مماثل للحرف الواقع بعدها، ويكون ذلك الإبدال «نطقا» فقط (أما صورتها المرسومة (المكتوبة) فتبقى كما هي مرسومة ولا ننطق بها). فإذا وقع بعد اللام (طاء) مثلا أبدلنا اللام طاء مثلها. 2 - نقوم بإدغام «الطاء» الساكنة، «المبدلة من اللام» في «الطاء» الواقعة بعدها لتصبحا «طاء» واحدة مشددة، ولا ننطق باللام التي بقيت مرسومة خطا أبدا، بل ننتقل من الهمزة المفتوحة قبل لام (ال) إلى الحرف المشدد مباشرة وإذا طبقنا ذلك على كلمة (طاغين) عند ما تدخل عليها (ال) فإننا ننطق بالهمزة

المفتوحة أولا، ثم بالطاء المشددة بعدها مباشرة، دون أن نلتفت إلى اللام التي بقيت صورتها مرسومة ولم تحذف، فننطق بالكلمة هكذا (ءططاغين) (ءطّاغين) وتكتب هكذا (الطّاغين). ويلخص الشيخ الجمزورى- رحمه الله- أحكام لام التعريف أى لام: (ال) الداخلة على الأسماء فى الأبيات الآتية: للام أل حالان قبل الأحرف ... أولاهما إظهارها فلتعرف قبل أربع مع عشرة خذ علمه ... من (ابغ حجّك وخف عقيمه) ثانيهما: إدغامها فى أربع ... وعشرة أيضا فع طب ثم صل رحما تفز، ضف ذا نعم ... دع سوء ظنّ، زر شريفا للكرم

اللام الشمسية وحروف الإدغام

اللام الشمسية وحروف الإدغام حكمها: وجوب إدغام اللام في الحرف [تصوير]

اللام القمرية مع حروف الإظهار

اللام القمرية مع حروف الإظهار حكمها: وجوب إظهار اللام [تصوير]

ثانيا: (لام الفعل)

ثانيا: (لام الفعل) هي اللام الساكنة التي تكون جزءا من بنية الفعل ولأنها ساكنة فإنها لا تكون في أول الفعل بل تكون: متوسطة نحو (التقى) أو متطرفة نحو (قل) كما تكون أيضا في الفعل الماضي والمضارع والأمر. (أرسلنا) - (يلبثوا) - (ألق). حكمها: وجوب الإظهار إلا إذا كانت متطرفة ووقع بعدها (لام) أو (راء) فحكمها مع (اللام) الإدغام للتماثل، ومع (الراء) الإدغام للتقارب. أمثلة إظهار (لام) الفعل الماضي: (جعلنا) - (أنزلنا) - (ألهاكم). أمثلة إظهار (لام) الفعل المضارع: (يلتقطه) - (يلتفت) - (تلمزوا) - (يلحدون). أمثلة إظهار (لام) فعل الأمر: (قل لا أجد) - (قل إنما) - (قل هو). أمثلة إدغام (اللام المتطرفة): (ألم أقل لكم): «إدغام تماثل». (قل ربي أعلم): «إدغام تقارب». يقول الشيخ الجمزورى- رحمه الله- فى لام الفعل: وأظهرن لام فعل مطلقا ... فى نحو قل نعم وقلنا والتقى ثالثا: (لام الاسم) هي اللام الساكنة التي تكون جزءا من بنية الاسم مثل: (سلطان)، (ألوانكم)، (العلم). وتكون ساكنة متوسطة أصلية بخلاف لام (ال) فهي لام زائدة على الاسم. حكمها: وجوب إظهارها.

رابعا: (لام الحرف)

رابعا: (لام الحرف) هي اللام الساكنة التي تكون جزءا من بنية الحرف الأصلية، ولا تكون إلا متطرفة، ولا توجد في القرآن إلا في «هل» و «بل» فقط حكمها: 1 - وجوب الإدغام: إذا وقع بعدها (لام) أو (راء) فتدغم في (اللام) إدغام تماثل نحو (هل لكم) (بل لما يذوقوا)، وتدغم في (الراء) إدغام تقارب نحو (بل رفعه الله)، ويستثنى من ذلك (بل ران) لوجود السكت عند حفص من طريق الشاطبية. ولم يقع بعد لام «هل» (راء) في القرآن. 2 - وجوب الإظهار: إذا وقع بعدها ما سوى (اللام والراء) من الحروف الهجائية. خامسا: لام الأمر هي لام ساكنة زائدة عن بنية الكلمة تدخل على الفعل المضارع فتحوله إلى صيغة الأمر وتحريكها بالكسر هو الأكثر إذا لم يسبقها (الواو أو الفاء أو ثم) فإن سبقها أحد الأحرف الثلاثة المذكورة جاز تسكينها وتحريكها على الوجه السالف، لكن التسكين أكثر» (¬1). أمثلة للام الأمر الساكنة: (ثم ليقضوا) (فليكتب) (وليملل) (ولتكن منكم). ومثال تحريكها بالكسر: (لينفق ذو سعة من سعته). حكمها: وجوب الإظهار. ¬

_ (¬1) النحو الوافي، عباس حسن، ج 4، ص 408.

التقاء الساكنين

التقاء الساكنين تكره العرب تجاور حرفين ساكنين في كلمة واحدة أو في كلمتين. إلا أن ذلك كان يقع أحيانا في كلامهم فكانوا يتجاوزون عن بعض حالات خاصة منه بشرط أن يكون ذلك التجاوز قد وقع في كلمة واحدة فيغتفرون تلك الحالات ويجيزونها. أما إن كان التقاؤهما قد وقع بسبب تجاور كلمتين بأن كان الساكن الأول منهما آخر الكلمة الأولي والثاني منهما أول الكلمة الثانية فلا يكون ذلك جائزا ولا مغتفرا إلا حال «الوقف» فقط. فإن وصلوا الكلمتين صار التقاء الساكنين حينئذ غير جائز ولا مغتفر وأوجبوا ضرورة التخلص من «أولهما» إما بحذفه لفظا، وإما بتحريكه. وتفصيل ذلك فيما يلي: أولا: (اجتماع الساكنين في كلمة واحدة) إذا تجاور ساكنان في كلمة فإن «الأول» منهما لا يعدو أن يكون أحد أنواع الحروف الثلاثة الآتية: 1 - حرف مد 2 - حرف لين 3 - حرفا صحيحا أما الثانى فلا يكون إلا حرفا صحيحا فقط. وهذا التجاور ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: أن يكون سكون الحرف الثانى منهما سكونا عارضا بسبب الوقف فقط (بمعنى أن الثاني منهما عند الوصل يفقد سكونه بانتفاء الوقف ويتحرك بالحركة التي تناسب موقعه من الإعراب) فلا يتحقق حينئذ التقاء الساكنين «إلا وقفا» فقط لا «وصلا». كما توضح الأمثلة التالية:

القسم الثانى:

1 - الساكن الأول: حرف مدّ نحو: (النهار- يعملون- نستعين) 2 - الساكن الأول: حرف لين نحو: (البيت- قريش- خوف- قوم) 3 - الساكن الأول: حرف صحيح نحو: (القدر- خسر- العصر- الفجر) أما الساكن الثاني فلا يكون إلا حرفا صحيحا فقط. حكمه: اجتماع الساكنين في هذه الحالة (جائز ومغتفر) وكانت العرب تتجاوز عن مثله. القسم الثانى: أن يكون التقاء الساكنين متحققا وقفا ووصلا وذلك بأن كان الساكن الأول منهما حرف مد وثانيهما مدغم في مثله (أى يكون مشددا) نحو (دآبّة- أتحاجّونّي- الطامّة- الصاخّة- الضّالّين- المّ) أو كان الساكن الأول حرف لين كما في (عين) من فاتحتي (مريم، والشوري) حكمه: اجتماع الساكنين في هذه الحالة (غير جائز ولا مغتفر). وكيفية التخلص من ذلك تكون بتطويل المد وإشباعه حتى يصير ست حركات ثانيا: اجتماع الساكنين نتيجة تجاور كلمتين: ولا يكون ذلك التجاور متحققا إلا حال الوصل بين الكلمتين لفظا لأن الوقف قطع للصوت علي آخر الكلمة الأولي، ثم ابتداء بعده إما بالكلمة الثانية أو بكلمة أخري تسبقها فعند «الوقف» لا يتحقق التقاء الساكنين لفظا وإنما يكون ذلك حال الوصل فقط، و «الحرف الأول» من الساكنين في هذه الحالة أيضا لا يعدو أن يكون واحدا من ثلاثة: 1 - حرف مدّ: بالألف كما في إِذَا السَّماءُ* وإِلَّا اللَّهَ* ذاقَا الشَّجَرَةَ أو بالواو كما في قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ* وأَطِيعُوا اللَّهَ* ووَ امْتازُوا الْيَوْمَ

كيفية التخلص من اجتماع الساكنين:

أو بالياء كما في وَأُولِي الْأَمْرِ وحاضِرِي الْمَسْجِدِ وذِي الْمَعارِجِ حكم اجتماع الساكنين فى هذه الحالة: (غير جائز ولا مغتفر) ولا بدّ من التخلص من اجتماعهما. كيفية التخلص من اجتماع الساكنين: في هذا النوع يكون التخلص من التقاء الساكنين «بحذف الساكن الأول» منهما أي حرف المد (الألف أو الواو أو الياء) ويكون الحذف لفظا فقط لا خطا، ووصلا فقط لا وقفا. ومعني ذلك أن نسقطه من حسابنا حال النطق فنصل الحرف الذي قبله بالساكن الذي بعده بينما يبقي مثبتا خطا (أى يبقى مرسوما) كما يثبت وقفا أيضا فإذا وقفنا علي الساكن الأول وجب إثباته لفظا كما هو مثبت خطا لأن التقاء الساكنين حال الوقف يكون قد انتفى، هذا ما لم يكن حرف المد محذوفا أصلا في رسم المصحف نحو: (أيّه المؤمنون) إذ أصلها (أيها) ويَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إذ الأصل في الفعل (يدعو) ولكنه رسم بغير مد ففي ذلك فقط ومثله يحذف حرف المد وصلا منعا لالتقاء الساكنين، ووقفا أيضا التزاما برسم المصحف. 2 - حرف لين: نحو: ياء اللين بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ طَرَفَيِ النَّهارِ أو واو اللين الدالة على الجمع وَعَصَوُا الرَّسُولَ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ* 3 - حرفا صحيحا: نحو إِذِ الظَّالِمُونَ* لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ لِمَنِ ارْتَضى أو نحو ميم الجماعة تِلْكُمُ الْجَنَّةُ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ أو التنوين أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ. حكم النوعين الثاني والثالث: (غير جائزين) ولا بدّ من التخلص من التقائهما كيفية التخلص من اجتماعهما: القاعدة العامة عند حفص أنه إذا التقى ساكنان ليس أولهما حرف مد فإنه يحرك الساكن الأول «بالكسر» وذلك على

أولا: ما يحرك"بالكسر" على الأصل في القاعدة:

الأصل في التخلص من التقاء الساكنين عنده، وعند من وافقه على ذلك من القراء السبعة (¬1). إلا أن حفصا يستثنى من تلك القاعدة «بعض المواضع» التي خرجت عن ذلك الأصل فيحرك الساكن الأول في بعضها «بالفتح»، وفي البعض الآخر «بالضم»، وفيما يلي بيان ذلك بالتفصيل: أولا: ما يحرك «بالكسر» على الأصل في القاعدة: 1 - إذا كان الساكن الأول حرفا صحيحا باستثناء- «ميم الجمع» - فإنه يحرك بالكسر علي الأصل في القاعدة عند حفص نحو إِذِ الظَّالِمُونَ* إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ لِمَنِ ارْتَضى فَارْجِعِ الْبَصَرَ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ. 2 - إذا كان الساكن الأول حرف لين- باستثناء «واو اللين الدالة علي الجماعة» ومثال ياء اللين بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ طَرَفَيِ النَّهارِ ومثال واو اللين وَلَوِ افْتَدى بِهِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ وعلامة واو اللين وياء اللين: أن تكونا ساكنتين وأن يكون ما قبلهما مفتوحا فيجب تحريكها «بالكسر» عملا بالقاعدة. - التنوين: إذا التقي التنوين همزة وصل بعده حركناه «بالكسر» نحو قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ فإذا وصلنا الآية الأولي بالثانية التقي التنوين في كلمة أَحَدٌ باللام الساكنة من الحرف المشدد في لفظ الجلالة فنحرك التنوين ¬

_ (¬1) لأن في ذلك خلاف بين القراء إذ اختلفوا إذا كان الساكن الأول آخر كلمة، والساكن الثاني في كلمة مبدوءة بهمزة وصل مضمومة في الابتداء لضم الثالث ضما لازما فنافع، وابن كثير، وعامر، والكسائي يخالفون حفص ويحركون الساكن الأول بالضم تبعا لضم الثالث (من كتاب غاية المريد/ عطية قابل نصر ص 191) بتصرف.

ثانيا: ما يحرك"بالفتح" استثناء من القاعدة:

بالكسر لنتمكن من وصل الكلمتين فننطقه (أحدن الله الصمد) ومثله لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ (فإننا ننطق التنوين هكذا) (قومن الله .. ) ومثله ساءَ مَثَلًا الْقَوْمُ ووَ رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها. ثانيا: ما يحرك «بالفتح» استثناء من القاعدة: 1 - (من) الجارة (المبنية علي السكون) نحو مِنَ الْجَنَّةِ* لَمِنَ النَّاصِحِينَ* وَمِنَ النَّاسِ*. 2 - (تاء التأنيث) إذا أضيف إليها ألف الاثنين، وأصل تاء التأنيث مبنية علي السكون ومثال ذلك قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ أصل الفعل (قالت) بتاء ساكنة فلما ألحقت بها ألف الاثنين حركنا التاء بالفتح. ومثلها كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ ونحو كانَتا رَتْقاً ... فالأصل فيهما (كانت). 3 - الم (1) اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ... من فاتحة آل عمران إذا وصلنا الم* بلفظ الجلالة اللَّهِ* فيلتقي ساكنان هما الميم الساكنة ولام لفظ الجلالة فتحرك الميم بالفتح بالإجماع ومنهم الإمام حفص علي خلاف القاعدة العامة عنده وهي التحريك بالكسر فأصبحت من الحالات المستثناة. وفي قراءتها حال الوصل وجهان: أ- مد الميم (ست حركات) رغم تحركها بالفتح بدلا من السكون وذلك عملا بالأصل (مدا لازما) وذلك لمن لم يعتد بالفتح العارض واعتد بالسكون الأصلي. ب- مد الميم (حركتين) فقط لكون السكون وهو سبب المد قد زال بالوصل فجاز مد الميم مدا طبيعيا مقداره حركتان اعتدادا بالفتح العارض. ثالثا: ما يحرك بالضم: 1 - ميم الجمع الساكنة: نحو عَلَيْكُمُ الصِّيامُ ولَهُمُ الْبُشْرى * وذلِكُمُ اللَّهُ* وهُمُ الْمُفْلِحُونَ*. والأصل في (ميم الجمع) أنها مبنية علي السكون فإذا التقت ساكنا بعدها حركنا الميم بالضم تخلصا من التقاء الساكنين ولم نحركها بالكسر استثناء من القاعدة.

فائدة:

2 - واو الجمع اللينة: مثل دَعَوَا اللَّهَ*، فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ* والفرق بين واو الجمع اللينة وواو الجمع المدية أن اللينة يكون ما قبلها مفتوحا أما المدية فيكون ما قبلها مجانسا لها في حركتها (أي يكون مضموما) والواو المدية تعامل معاملة الساكن الأول إذا ما كان حرف مد فتحذف لفظا ويوصل الحرف المضموم قبلها بالساكن بعدها. وذلك كما سبق أن أوضحنا. أما واو الجمع اللينة وهي المعنية بكلامنا هنا فنحرك سكونها بالضم وتبقي لفظا ورسما ولا تحذف بل تنطق مضمومة نحو دَعَوَا اللَّهَ*، فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ*. فائدة: اختلف حفص مع أربعة من القراء السبعة حول كيفية التخلص من التقاء الساكنين حين يكون الثاني منهما «همزة وصل مضمومة» في أول الفعل بسبب ضم ثالثه (أى ثالث حرف من الفعل) ضما لازما (أى ليس عارضا) نحو (ادعوا) أو (ادع) أو (اخرج) أو (اخرجوا) فحفص ومن وافقه من القراء يحركون الساكن الأول بالكسر تمشيا مع الأصل في القاعدة أما ابن كثير، ونافع، وابن عامر، والكسائي فيحركون الساكن الأول بالضم تبعا لضم الحرف الثالث. والأمثلة التي وقع حولها هذا الخلاف وجد الباحثون أنها تنحصر في خمسة أحرف جاءت ساكنة في نهاية كلمات تلاها فعل مضموم العين ضما لازما. وهذه الأحرف الخمسة مجموعة في كلمة (لتنود) و «التنوين»، ويحركها حفص بالكسر. مثال: للام: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ التاء: وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَ - النون: أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ- الواو أَوِ اخْرُجُوا أَوِ ادْعُوا أَوِ انْقُصْ - الدال: وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ* - التنوين: وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ادْخُلُوها وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا انْظُرْ

المدود

المدود مد الصوت هو إطالته زمنا أطول مما اعتدنا أن نمده به في كلامنا اليومي العادي، ومن أمثلة مد الصوت غير الاعتيادي ما يفعله البائع المتجول بصوته حين يعلن عن سلعته. وحين تنادي علي من يهمك أن يسمعك إن كان بعيدا عنك بمسافة طويلة، فإنك لا تناديه بذات الطريقة التي تناديه بها حين يكون بجوارك بل تمد ما تجده في اسمه من حروف المد، فإن لم يكن باسمه شىء منها، أطلت حركة حرف من الحروف الأخيرة من اسمه بمد تختلقه اختلاقا، كما لو ناديت من اسمه (أحمد) مثلا فإنك قد تمد اسمه هكذا (أحماااااااد ... ). كذلك يفعل من هاجمه بالطريق لص فاستلبه شيئا ثمينا وجرى، فإنه يصيح (حرامى). وانظر إلي الفرق بين طالب يراجع قصيدة من الشعر على عجل من أمره ليلة الامتحان، وبين شاعر يلقيها فيمد المدود مدا، ويمط أزمنتها مطا. أو الفرق بين خطيب يلقي خطبة يريد أن يستحوذ بها على وجدان السامعين وبين مذيع يقرأ نشرة للأخبار. وكذلك الفرق بين طول المدود عند قولك في صلاتك (الله أكبر) أو (أشهد ألا إله إلا الله) وبين طول المدود فى نفس العبارتين حين يرفع المؤذن صوته بالأذان. هذا المد بالصوت له تأثير قوى على المتلقي أو السامع ويتضح ذلك من الأمثلة التي سقناها آنفا، فكل من استخدم المد من هؤلاء الأشخاص كان حريصا على جذب انتباه السامع بصورة تفوق انتباهه للأمور الاعتيادية. وللمد بالصوت أشكال متعددة، ومدد زمنية متفاوتة، وهو ظاهرة طبيعية لدي البشر علي اختلاف أجناسهم وعصورهم. بل هو موجود حتى بين الطيور والحيوانات بشتى أجناسها فنراها تتخذ المد بالصوت لغة لها دلالتها فيما بينها وبين باقي أفراد جنسها ومن ذلك مثلا صياح الديك، وزئير الأسد وغير ذلك من الأصوات.

والمد بالصوت بين بنى الإنسان له أسباب، بعضها «معنوي» أي يختص بالمعنى الذي يريد القائل إيصاله للسامع ومن ذلك: الاستغاثة مثل قولك (وا عمراه، وا محمداه، وا غوثاه ... إلخ)، والندبة (وا حسرتاه، وا رجلاه، وا مصيبتاه .. )، والتعظيم كما في الأذان، والأمثلة كثيرة لا يتسع المقام لتفصيلها منها الدعاء، والرجاء،، والإعجاب، والمبالغة، والتهويل، والتمثيل، وما شابه ذلك. أما المد «اللفظى» فيتعلق بأسباب تختص بمجاورة الألفاظ والحروف بعضها لبعض وما ينتج عن ذلك التجاور من أسباب تستدعى وجود المد. وإذا كان المد بالصوت في استخداماتنا الاعتيادية تحكمه إرادة الإنسان الخاصة، ومزاجه الشخصي، إلا أن المد في علم التجويد له أصول وقواعد وشروط لا بدّ من معرفتها لكل طالب للتجويد. والأصل في باب المد ما نقله الإمام بن الجزري عن الطبراني من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرئ رجلا فقرأ الرجل إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ بغير مد. فقال ابن مسعود: ما هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال كيف أقرأكها يا أبا عبد الرحمن؟ فقال أقرأنيها: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ فمدها (¬1). وقد قال الإمام ابن الجزري (وهذا حديث جليل حجة ونص فى هذا الباب رجال إسناده ثقات) (¬2). ومد الصوت في القرآن له أنواع متباينة، وله مدد زمنية متفاوتة، وقد استحدث لها علماء الصوتيات المحدثون أجهزة متناهية الدقة بالغة الحساسية، لقياس زمن مد الصوت وشدته وقوة تردداته وعددها، نأمل أن تتطور تلك الأجهزة في شكلها وحجمها وثمنها لتصبح سلعة سهلة التناول والتداول كالمحمول فلا شك أنها حينئذ ستكون عاملا مساعدا لكل مبتدئ يريد أن يدرب نفسه على قياس أو ضبط أزمنة المدود وإلى أن يتحقق ذلك بمشيئة الله ¬

_ (¬1) نهاية القول المفيد/ محمد نصر مكي، ص 129. (¬2) حديث صحيح، السلسلة الصحيحة للألباني 2230.

مقياس أزمنة المدود عند الأوائل:

تعالى فى المستقبل القريب أو البعيد يحق لنا أن نسأل أنفسنا عن الكيفية التى تمكن بها علماؤنا الأجلاء ومشايخنا الأفاضل من أئمة علم التجويد من ضبط وقياس أزمنة المدود؟. توصل بعض المشايخ المحدثين في القرن الأخير- ومنهم الشيخ الضباع- رحمه الله- إلى تقدير زمن المد بجعل وحدة القياس (أي الحركة) مساوية في زمنها مقدار زمن قبض الإصبع أو بسطه بحالة تتناسب مع سرعة القراءة (حدرا، أو تدويرا، أو تحقيقا). ويقول أحد علمائنا المحدثين (¬1): «لم يرد قياس علي هذا النحو في كتب شيوخنا الأوائل بل هو محدث فى المائة الأخيرة من السنين، ذكره بعض العلماء المحدثين للمبتدئين للتقريب والتسهيل ويرى أن هذه الطريقة لقياس زمن المدود لا تصل بالمبتدئ إلي ضبط مقدار المد بشكل عملي دقيق، لأننا نعلم أن حركة قبض الأصابع وبسطها تختلف من شخص لآخر، ما بين مريض ومعافي أو بين نشيط وخامل، ناهيك عن أنها تختلف في سرعتها أو رتابتها عند الشخص الواحد في مراحل عمره المختلفة؛ فسرعته في قبض إصبعه وبسطها وهو طفل تختلف عنها في صباه وعنها في شيخوخته». ويفضل بعض العلماء المحدثين وهو منهم، العودة لما وضعه الشيوخ الأوائل من المعايير لضبط مقادير المدود بنفس طريقتهم، وهي الاعتماد علي زمن النطق بحرف متحرك كوحدة لقياس زمن المد. مقياس أزمنة المدود عند الأوائل: كانوا يقيسون مقدار المد بالحركات، ولكي نعلم مقدار مد لا بدّ لنا من توضيح ما يقصدونه بقولهم حركة أو حركتين أو أكثر. ¬

_ (¬1) كيف نقرأ القرآن، د. أيمن رشدي سويد.

أزمنة المدود:

مقدار الحركة: هو الفترة الزمنية التي تكفي للنطق بحرف واحد متحرك بإحدى الحركات الثلاث (الفتحة أو الضمة أو الكسرة) نحو (ق) أو (ق) أو (ق) بالسرعة التي تتناسب مع سرعة القراءة (من تحقيق، أو تدوير، أو حدر)، والحركة عندهم تساوي (نصف ألف مدية)، أي أن الحركتين مساويتان لألف كاملة؛ فإذا قيل لك مد صوتك بمقدار ألف أي بمقدار حركتين وجب عليك أن تمده بمقدار الفترة الزمنية التي يستغرقها نطقك بحرفين متحركين، كما لو نطقت (ق ق) أو (ضر .. ) من كلمة (ضرب)، أو هو زمن نطقك بحرف ممدود بأحد المدود الثلاثة المعتادة والمعروفة لكل مبتدئ فى القراءة والكتابة وهى المد بالألف، أو الواو، أو الياء، نحو (قا .. ) من كلمة (قال)، أو (قو .. ) من كلمة (يقول)، أو (قي ... ) من كلمة (قيل). والقصر في التجويد مقداره حركتان أو (ألف) وهو زمن المد الطبيعي، (وزمن ما ألحق به من مدود أخرى مساوية له فى قياس المد، وسوف نعرض لها فى هذا الباب إن شاء الله تعالى فى حينها)، ولا يزيد المد في القراءة عن «ست حركات» بأي حال. أزمنة المدود: 1 - قصر ومقداره: حركتان (أي ألف) زمن النطق بحرفين (ق ق) أو (قا .. ). 2 - فويق القصر ومقداره: 3 حركات (أي ألف ونصف) زمن النطق بثلاثة حروف نحو (ضرب) 3 - التوسط ومقداره: 4 حركات (أي ألفان) زمن النطق بأربعة حروف (نصره) أو (قالا). 4 - فويق التوسط ومقداره 5 حركات (أي ألفان ونصف) زمن النطق بخمسة حروف (نصرهم) أو (ناداه) 5 - الطول أو الإشباع ومقداره 6 حركات (أي ثلاث ألفات) زمن النطق بستة حروف (نوحيها) أو (أوذينا).

المد والقصر

المد والقصر المد لغة: التطويل، والإكثار، والزيادة، ومنه قوله تعالى: يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ. واصطلاحا: إطالة الصوت بحرف المد أو اللين إلى أكثر من حركتين عند وجود السبب. وأما القصر: فمعناه في اللغة الحبس، والمنع ومنه (قاصرات الطرف). واصطلاحا: إثبات حرف المد الطبيعي من غيره زيادة عليه. وحقيقة المد تحققه بأى مقدار ولو حركتين، وحقيقة القصر عدم المد مطلقا. ولكن المصطلح عليه فى علم التجويد كما يستفاد من تعريفى المد والقصر السابقين أن «القصر» هو مقدار حركتين «والمد» هو ما فوق ذلك. حروف المد: ثلاثة حروف هي: «الألف»، و «الواو»، و «الياء» السواكن المجانس لها ما قبلها من حركة، أي أنها: 1 - الألف الساكنة المفتوح ما قبلها- ولا يكون ما قبلها أبدا إلا مفتوحا. 2 - الواو الساكنة المضموم ما قبلها شرطا فإن كان ما قبلها مفتوحا مثل (يوم/ خوف) كانت حرف «لين». 3 - الياء الساكنة المكسور ما قبلها شرطا، فإن كان ما قبلها مفتوحا مثل (بيت/ شىء) كانت حرف «لين». وقد تحقق اجتماع هذه المدود الثلاثة في كل كلمة من الكلمات الآتية: (نوحيها)، (أوذينا)، (أوتينا). وقد نظم صاحب التحفة رحمه الله ما عرضناه فى أبياته التالية: والمد أصلىّ وفرعىّ له ... وسمّ أولا طبيعيا وهو ما لا توقف له على سبب ... ولا بدونه الحروف تجتلب

أولا:"المد الأصلى" أو"الطبيعى":

بل أى حرف غير همز أو سكون ... جا بعد مدّ فالطبيعىّ يكون والآخر الفرعىّ موقوف على ... سبب كهمز أو سكون مسجلا حروفه ثلاثة فعيها ... من لفظ واى وهى فى نوحيها والكسر قبل اليا وقبل الواو ضم ... شرط وفتح قبل ألف يلتزم واللّين منها اليا، وواو سكنا ... إن انفتاح قبل كلّ أعلنا أولا: «المد الأصلى» أو «الطبيعى»: تعريفه: المد الطبيعي هو الذي لا تقوم ذات الحرف إلا به، ولا يستقيم المعنى المراد بغير وجوده، ولا يتوقف على سبب من «همز» أو «سكون». وجه التسمية: سمي بالطبيعي لأن صاحب الفطرة السليمة لا يزيده عن حده، ولا ينقصه. زمنه: «حركتان». و «المد الأصلي» أو الطبيعي هو من طبيعة حرف المد بحيث لا يمكن أن تقوم ذات الحرف إلا بوجود ذلك المد، فإذا لم نمد الصوت به سقط الحرف وفسد المعني، فقد يتحول الاسم مثلا إلي فعل كما في (كاتب) إذا سقط المد منها فتصبح الفعل (كتب)، والفعل (لام) يتحول إلى الحرف (لم) وهكذا ... وقد ينقلب المعني إلي عكسه تماما، فيشتد قبح المعني وبشاعته كما لو قرأنا من سورة «الكافرون» لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ بدون مد (لا) فتصبح (لأعبد ... ) أى تتحول لا النافية للفعل (أعبد) إلى لام لتوكيد الفعل وهو عكس المعنى المقصود ولا يخفى علينا ما فى هذا المعنى من شرك بالله وكفر والعياذ بالله لمجرد نقصان المد بالألف من الآية، ومثل (لا يستوي ... ) بدون مد (لا) فتصبح (ليستو .. )، وبذلك تتحول لا النافية لمعنى الفعل إلى لام الأمر به، وشتان ما بينهما.

"المد الملحق بالطبيعي"

سببه: لا يتوقف علي سبب بعده ومن تيسير الله تعالي أن هذا المد الطبيعي السهل هو أكثر مدود القرآن. أمثلة: المد بالألف: (قال)، (جاء)، (الكتاب)، (الله)، (صبار). : المد بالواو: (رسول)، (غفور)، (يقول)، (وقود)، (شكور). : المد بالياء: (يأتي)، (بصير)، (قدير)، (سميع)، (أمين). فإذا جاء سبب من أسباب المد التي سنذكرها بعد ذلك، زيد في مقداره عن مقدار المد الطبيعي ويسمي المد حينئذ بالمد الفرعي. «المد الملحق بالطبيعي» قلنا في تعريفنا للمد الطبيعي إنه لا يتوقف علي سبب وهناك أنواع غيره من المدود زمنها حركتان مثله ولكنها تتوقف علي سبب، فإذا زال السبب لم يكن هناك موجب للمد؛ ومن ذلك مد (الصلة الصغرى)، ومد (البدل)، ومد (العوض). لذلك ألحقنا تلك المدود بالمد الطبيعى، ولم نشركها معه فى المسمى لأنها تشترك معه في الحكم فقط وهو وجوب المد حركتين، وتختلف معه في السبب. فإن زال شرط المد امتنع المد. ما يلحق بالمد الطبيعى: 1 - مد العوض: ويتحقق وجوده إذا أردنا الوقوف على اسم منون «بالفتح» - غير تاء التأنيث- فإننا نقف عليه بتحويل (نون التنوين) إلي ألف مد ولا نتلفظ بالتنوين لأن الألف المدية جاءت عوضا عنه ولذا سمي «مد العوض» ففي مثل (وجنات ألفافا) ننطق ألفافا عند الوصل (ألفافن) ولكن إذا أردنا الوقوف عليها قلبنا التنوين ألفا (بمقدار حركتين) فقلنا (ألفافا) ونسقط النطق بالتنوين. ومن أمثلة مد العوض: (توابا، ركبانا، رجالا، سماء، بناء) [هكذا تنطق عند الوقف عليها].

2 - مد البدل:

(تنبيه): لا يجوز أن نطبق مد العوض علي التنوين «بالضم» أو التنوين «بالكسر»، أما بالنسبة لتاء التأنيث المنونة بالفتح نحو (محبة)، (رحمة)، (آية) فتنطق حال الوقف (هاء ساكنة) هكذا: (محبه)، (رحمه)، (آية). 2 - مد البدل: تعريفه: هو أن يتقدم الهمز على حرف المد فى كلمة ولا يعقب حرف المد همز أو سكون. فإذا وقع الهمز قبل حرف من حروف المد الثلاثة نسميه «مدّ بدل»، لأنه غالبا ما يكون قد نتج عن اجتماع همزتين: أولاهما «متحركة» (بإحدى الحركات الثلاث) والأخرى «ساكنة»، والعرب تكره اجتماع همزتين، فنبدل الأخيرة منهما حرف مد مناسبا لحركة الأولي، فإن كانت مفتوحة أبدلنا الثانية «ألفا» نحو (آمن) إذ أصلها (أأمن) وأبدلت الثانية ألفا مدية، وإن كانت «مضمومة» أبدلنا الثانية «واوا» نحو (أومن) إذ أصلها (أؤمن) وأبدلت الثانية واوا مدية. وإن كانت «مكسورة» أبدلنا الثانية «ياء» ونحو (إيمان) إذ أصلها (إئمان) وأبدلت الثانية ياء مدية. حكمه: أجمع القراء (ومنهم حفص) علي قصر هذا النوع من المد إلى (حركتين) - إلا فى قراءة «ورش» فإنه اختص بمده علي اختلاف بين أهل الأداء عنه. أمثلة لمد البدل: (آزر- أوتوا- آمنوا- آتوني- إيلاف). وأحيانا يقابلنا همز ممدود، ولكن حرف المد فيه لا يكون مبدلا عن همزة مثل (إسرائيل- مآب- باءوا- جاءوا- متكئين). فإن كلا من الألف والواو والياء التي تقدمتها همزات في الأمثلة السابقة ليست مبدلة من همز. ولكن لما كانت صورتها كصورة مد البدل سمي هذا النوع الأخير من مد البدل (المد الشبيه بالبدل) على سبيل تحري الدقة. أو مد البدل على سبيل التجاوز. وحيث إن الرواية عن حفص لا تمد (مد البدل) أكثر من حركتين، فقد صنفه حفص رحمه الله ملحقا بالمد الطبيعي.

3 - مد الصلة الصغرى:

3 - مد الصلة الصغرى: تعريفه: هو هاء الضمير التي يكني بها عن المفرد المذكر الغائب أي (هاء الكناية) إذا كانت «مضمومة» أو «مكسورة» ووقعت بين حرفين متحركين (ما قبلها وما بعدها) ولم يكن ما بعدها «همزة» - ولم تكن هذه الهاء (أعنى هاء الضمير، أو هاء الكناية) موقوفا عليها. ولكي نوضح هذا التعريف ونبسط ما جاء به نقول: مد الصلة يتم تطبيقه علي هاء المفرد المذكر الغائب التي نلحقها بنهاية بعض الكلمات نحو الهاء في قولنا: 1 - (عنده)، 2 - (أمه)، 3 - (أبيه)، 4 - (به) وهي هاء غير ممدودة وإنما هى أصلا مبنية على الضم كما في المثالين السابقين (1، 2) إلا إذا سبقها كسر أو ياء ساكنة فإنها تبنى على الكسر (¬1) كما في المثالين: 3، 4. ويتحقق مد الصلة بإشباع حركة تلك الهاء «المضمومة» أو «المكسورة» مقدار حركتين (مقدار زمن نطق حرف ممدود بالألف أو الواو أو الياء، نحو (قا .. ) أو (قو .. ) أو (قى .. ). وإشباع الحركة هو تطويل زمن الصوت أو تمطيطه بالحركة حتى يتولد منها حرف مد يناسبها فيتولد من «الضمة» «واو» ويتولد من «الكسرة» «ياء» ... ولا يكون مد الصلة إلا مع الهاء «المضمومة» أو «المكسورة» فقط لأن المفتوحة يرسم بعدها «ألف» فتكون ممدودة مدا طبيعيا، ويكنى بها عن (المفردة المؤنثة الغائبة) ويشترط تعريف هذا المد وجود عدة شروط لتحقق مد الصلة الصغرى نفصلها فيما يلى: ¬

_ (¬1) يستثنى من ذلك بعض كلمات خرجت عن تلك القاعدة وهي- كما قرأ حفص- ما يلي: 1 - الهاء في قوله تعالى: (وما أنسانيه) بالكهف (الآية/ 63). وفي قوله تعالى: (عليه الله) الفتح (الآية/ 10). فقد قرأ كلا من الهاءين «بالضم». 2 - وفي قوله تعالى: (أرجه وأخاه) الأعراف (الآية/ 111)، والشعراء (الآية/ 36). وفي قوله تعالى (فالقه) النمل (الآية/ 28). فقد قرأ كلا من الهاءين «بالسكون». 3 - أما في قوله تعالى: (ويتقه فأولئك) النور (الآية/ 52). فقد قرأها «بالكسر».

شروط تحقق مد الصلة:

شروط تحقق مد الصلة: 1 - أن تكون الهاء ضميرا لحق بأصل الكلمة زائدا عليها، وليس حرفا من حروفها الأصلية كما فى (ما نفقه كثيرا مما تقول) فهذه الهاء حرف أصلي من الفعل (فقه، يفقه) وكذلك الهاء فى مثل (وجه)، (إله)، (فواكه)، (وإنه عن المنكر)، (لئن لم تنته) ليست ضميرا يعود على المفرد المذكر الغائب فلا يجوز أن تمد مد الصلة. - أن تكون هاء الضمير (أو الكناية) «مضمومة» أو «مكسورة» أن يكون الحرف الذي سبقها متحركا غير ساكن والحرف الذي يليها (ولا بد أن يكون في أول الكلمة التي بعدها) متحركا هو الآخر وذلك نحو (وعنده مفاتح الغيب) فالدال التي قبلها والميم التي بعدها متحركتان. وقد اتفق القراء على وجوب صلة هاء الضمير في هذه الحالة. ويرمز لها في المصحف برسم واو صغيرة عند إشباع الضمة (وعنده مفاتح) وياء صغيرة مردودة إلى الخلف عند إشباع الكسرة (به ى بعضكم على بعض) فإن سكن أحد الحرفين قبلها أو بعدها وجب ترك الصلة حينئذ. ومثال الهاء المسبوقة بحرف ساكن (فيه) و (يداه) و (إليه يرجع)، ومثال الهاء التى أعقبها حرف ساكن (له الملك) و (بيده الخير). 4 - ألا يعقبها همزة تكون أول حرف من الكلمة التي بعدها لأن وقوع الهمزة عقب هاء الضمير ستغير نوع مد الصلة وتحوله من (مد صلة صغرى) ملحق بالمد الطبيعي، ومقداره حركتان، إلى (مد صلة كبرى) بمقدار أربع أو خمس حركات ويأتي الكلام عنه بإذن الله تعالى حين نتناول أنواع المد الفرعي. 5 - أن تكون الكلمة التي فى آخرها «هاء الضمير» والكلمة التي بعدها موصولتين عند القراءة فإذا توقفنا على الهاء بالسكون امتنع المد.

ملاحظات:

ملاحظات: 1 - الأحكام والشروط التي تستوجب مد الصلة في هاء الضمير المفرد الغائب نطبقها على هاء كلمة أخري بذاتها هي «اسم الإشارة للمفردة المؤنثة» (هذه) وهي لا تفترق عن الضمير إلا فى كونها مكسورة، ومسبوقة بمتحرك بالكسر دائما ونعاملها معاملة هاء الضمير المفرد المذكر تماما أى بكل شروطها وأحكامها السابقة. 2 - هناك هاءان للضمير المفرد الغائب مستثناتان من موافقة ما قلناه: إحداهما توافرت لها كل شروط مد الصلة و «لم توصل» عند حفص. والأخرى لم تكتمل لها شروط مد الصلة «ووصلها» حفص فالتي توافرت فيها جميع الشروط ولم تمد حركتين هي الهاء من كلمة (يرضه) (¬1) من قوله تعالى: (وإن تشكروا يرضه لكم) فلم يمدها حفص. والتي لم تتوافر فيها شروط المد ومدها حفص هي الهاء من (فيه) من قوله تعالى (ويخلد فيه ى مهانا) [الفرقان: 69] فقد مدها حركتين بالرغم من أن الهاء سبقها حرف ساكن .. ويشير البيتان التاليان إلى ذلك: ولم يصلوا (ها) مضمر قبل ساكن ... وما قبله التحريك للكل وصلا وما قبله التسكين لابن كثيرهم ... و (فيه مهانا) معه حفص أخو ولا ¬

_ (¬1) (يرضه لكم) أصلها (يرضاه لكم) فلما دخلت عليها (إن) الشرطية حذفت الألف للجزم فأصبحت (يرضه) الزمر/ 7.

ثانيا: المد الفرعي:

ما يلحق بالمد الطبيعي [تصوير] ثانيا: المد الفرعي: تعريفه: هو المد الزائد عن مقدار المد الطبيعي والذي يتوقف على سبب يأتي بعد حرف المد وينعدم بانعدام سببه. المد الفرعي قسمان هما: 1 - ما توقف على (همزة) تأتي بعد حرف المد. 2 - ما توقف على (سكون) أو (شدّة) تأتيان على الحرف الذي يلي حرف المد. أحكامه: أ- الوجوب. ب- الجواز ج- اللزوم. وقد فصل العلامة الجمزورى رحمه الله تلك الأحكام فى الأبيات التالية: للمد أحكام ثلاثة تدوم ... وهى الوجوب والجواز واللزوم فواجب إن جاز همز بعد مد ... فى كلمة وذا بمتصل يعد

القسم الأول: وهو ما توقف على همزة

وجائز مد وقصر إن فصل ... كل بكلمة وهذا المنفصل ومثل ذا إن عرض السكون ... وقفا كتعلمون ونستعين أو قدم الهمز على المد وذا ... بدل كآمنوا وإيمانا خذا ولازم إن السكون أصّلا ... وصلا ووقفا بعد مد طولا ونعرض لتفصيل ذلك فيما يلى: القسم الأول: وهو ما توقف على همزة تأتي بعده وهو أيضا نوعان: أ- مد واجب متصل ب- مد جائز، ويشمل: («المد المنفصل» و «مد الصلة الكبرى»). 1 - المد الواجب المتصل: سمي «واجبا»: لأنه يجب على كل قارئ مده أربع أو خمس حركات. وسمي «متصلا»: لأن همزة القطع وقعت بعد حرف المد في كلمة واحدة متصلين غير منفصلين. مثال: (جاء- جيء- السماء- الملائكة- أولئك). حكمه: يمد في حالة الوصل، أربع حركات، أو خمس حركات. أما إذا كان موقوفا عليه، فيمكن زيادته إلى ست حركات إذا كان متطرف الهمز كما فى: (دعاء) و (نداء) وكما في قوله تعالى (وأنزل من السماء ماء) إذا وقفنا على (ماء). ب- المد الجائز: 2 - الجائز المنفصل: وسمي جائزا لجواز مده أربع أو خمس حركات وجواز قصره أيضا. وسمي منفصلا لأن حرف المد وهمزة القطع لا يكونان متصلين في كلمة واحدة، بل كل منهما في كلمة منفصلة، فيكون «حرف المد» في آخر

3 - الجائز الصلة الكبرى:

الكلمة الأولى، وتكون «همزة القطع» في أول الكلمة التي تلي حرف المد. «ونبهنا» إلى أن الهمزة لا بدّ أن تكون همزة «قطع» لأنها لو كانت همزة وصل، ووقعت بعد حرف المد الساكن لالتقى ساكنان: حرف المد، والحرف الساكن بعد همزة الوصل، وحينئذ ومنعا لالتقاء الساكنين نحذف حرف المد من الكلمة الأولى فلا يكون هناك مدّ كما في: (واتبعوا النور)، (فلما ذاقا الشجرة). حكمه: جواز مده «أربع أو خمس حركات» حال الوصل «وجواز قصره من طريق طيبة النشر»، فإذا ما توقفنا عليه صار مدا طبيعيا فيمد بمقدار (حركتين) لأن الوقف عليه قطعه عن الاتصال بالهمزة وملاقاتها. ومن أمثلة المد الجائز (يا أيها) و (قولوا آمنا) و (وفي أنفسكم). 3 - الجائز الصلة الكبرى: وهو نوع من المنفصل الجائز. ولكن لكونه يتعلق بهاء الضمير أفردوا له اسما يميزه بشكل خاص، وسبق الكلام عن هاء الضمير للغائب المفرد المذكر عند تصنيف مد الصلة كنوع من المدود الملحقة بالمد الطبيعي. واشترطنا هناك أن يقع الضمير بين حرفين متحركين وألا يكون ثاني الحرفين همزة لكي يلحق بالمد الطبيعى. أما هنا فنشترط أن يكون ثانى الحرفين همزة لكى يلحق بالمد الجائز المنفصل نحو (ماله وأخلده) الهمزة/ 3 (في ى ربه أن) البقرة/ 258. حكمه: هو نفس حكم المد الجائز المنفصل عند الوصل فيمد بمقدار أربع إلى خمس حركات غير أنه يفترق عنه حال «الوقف» لأن الهاء فى مد الصلة تسكن فيلغي المدّ كلية. أما الجائز المنفصل فيتحول إلى مد طبيعي بمقدار حركتين، وهذا هو الفرق بينهما وهو فرق جدير بالانتباه إليه وعلامته كما قلنا في مد الصلة الصغرى واو صغيرة (و) عند إشباع حركة الضمة، وياء صغيرة (ى) عند إشباع حركة الياء، غير أنه في مد الصلة الكبرى نجد فوق الواو علامة المد هكذا (و)، وفوق الياء علامة المد هكذا (ى).

القسم الثاني من المد الفرعي: ما توقف على"سكون"

رسم يوضح القسم الأول من المد الفرعي وهو ما توقف سببه على مجيء الهمزة بعد حرف المد الهمزة بعد حرف المد [تصوير] القسم الثاني من المد الفرعي: ما توقف على «سكون» يأتي بعد حرف المد وهو نوعان: أ- نوع توقف على سكون «عارض» بعد المد ويسمى المد العارض للسكون ومنه أيضا «مد اللين» ب- أما النوع الثاني فيسمى المد اللازم وله أربع صور يأتى تفصيل ذلك حين نعرض له بإذن الله تعالى. النوع الأول: المد العارض للسكون: ويشتمل على نوعين: - المد العارض للسكون (أى بسبب السكون العارض لأجل الوقف). وذلك نحو: (الفتاح)، (العليم)، (المؤمنون). ب- مد اللين وهو أيضا عارض للسكون. وذلك نحو: (قوم)، (غير).

1 - تعريف المد العارض للسكون:

ولكي يمكننا أن نميز الفرق بين المد العارض للسكون ومد اللين ينبغي لنا أن نكون على بينة أولا من الفرق بين «حروف المد» و «حرفي اللين». الفرق بين «حروف المد» و «حرفي اللين»: حروف المد ثلاثة أحرف هي: 1 - الألف الساكنة المفتوح ما قبلها دائما نحو: (قال). (لا يكون ما قبلها أبدا إلا مفتوحا). 2 - الواو الساكنة المضموم ما قبلها شرطا نحو: (يقول). 3 - الياء الساكنة المكسور ما قبلها شرطا نحو: (قيل). وحروف اللين حرفان فقط هما: 1 - الواو الساكنة المفتوح ما قبلها نحو: (خوف). 2 - الياء الساكنة المفتوح ما قبلها نحو: (بيت). 1 - تعريف المد العارض للسكون: هو أن يأتي السكون عارضا بسبب الوقف على آخر الكلمة، ويكون قبل هذا السكون حرف مد مثل: (الرحيم) - (يؤمنون) - (القانتين) - (التواب) ويسمى هذا المد مدا عارضا للسكون. حكمه: يجوز مده «حركتين» أو «أربعا» أو «ستا». فإذا ما انتفى الوقف على الكلمة بأن وصلناها بما بعدها صار المد «طبيعيا» بمقدار «حركتين» فقط. 2 - تعريف المد اللين العارض للسكون: هو أن يأتى السكون العارض نتيجة الوقف بعد حرف من حرفي اللين (واو أو ياء ساكنتين مفتوح ما قبلهما) فيجوز له نفس حكم المد السابق (العارض

النوع الثاني: المد اللازم:

للسكون) بأن يمد «حركتين أو أربعا أو ستا». وينتفي عنه المد الزائد بانتفاء الوقف بالسكون. النوع الثاني: المد اللازم: وهو ما توقف على «سكون لازم» (أى ملازم للحرف لا يتأثر بوقف أو وصل وليس عارضا للحرف بسبب.) يأتي السكون بعد حرف المد ويصح أن يتحقق ذلك في كلمة أو في حرف وإذا تحقق في كلمة يصح أن يكون مثقّلا أو مخففا وكذلك يكون في الحرف أيضا ومن ذلك نتبين أنه يمكن للمد اللازم أن يأتي على وجه من الوجوه التالية: 1 - المد اللازم الكلمي المثقل. 2 - المد اللازم الكلمي المخفف. 3 - المد اللازم الحرفي المثقل. 4 - المد اللازم الحرفي المخفف. 1 - المد اللازم الكلمي المثقل: تعريفه: أن يأتي بعد حرف المد حرف مشدد في كلمة واحدة نحو (الطامّة) (الصاخّة). (الدابّة) (الحاقّة). (أتحاجّونّي). (أتأمرونّي). ومن المعلوم أن الحرف المشدد هو في حقيقة الأمر حرفان أوّلهما ساكن سكونا أصليا، وثانيهما متحرك بالحركة المصاحبة للشدة (فتحا أو ضما أو كسرا) فإذا ضربنا لذلك مثلا كلمة (الصاخّة) نجد أننا ننطقها هكذا (الصاخ/ خة) وكلمة دابّة ننطقها (داب/ بة). فإذا ما تلاقى حرف المد مع الساكن من الحرف المشدد في كلمة طولنا زمن المدّ عن حده الطبيعي (الذى هو حركتان) لينتقل إلى حكم المد اللازم الكلمي المثقل. وسمي كلميا: لوجود حرف المد مع الحرف المشدد في كلمة واحدة، وسمي مثقلا: لوجود التشديد بعد حرف المد إذ الحرف المشدد أثقل من المخفف. حكمه: وجوب مده عند جميع القراء (6 حركات) من غير زيادة، ولا نقصان.

2 - المد اللازم الكلمي المخفف:

2 - المد اللازم الكلمي المخفف: تعريفه: هو أن يقع بعد حرف المد حرف ساكن غير مشدد في كلمة واحدة ومثال ذلك (ءالآن) وقد وردت في موضعين من سورة «يونس» وليس في القرآن غيرهما (¬1). وجه تسميته كلمي: لوقوع السكون الأصلي غير المشدد بعد حرف المد في كلمة واحدة. وجه تسميته مخففا: لخفة النطق به نظرا لخلوه من التشديد والغنّة. 3 - المد اللازم الحرفي المثقل: وجه تسميته حرفيا: أنه يقع فى بعض الحروف التي تبدأ بها بعض السور. وعدد السور التي ابتدأت بالحروف فى القرآن كله (29) سورة وعدد الأحرف المقطعة (14) حرفا مجموعة في قولك (نص حكيم قطعا له سر) وهي على ثلاثة أقسام هي: 1 - ما لا يمد أصلا فلا يدخل في باب المدود وهو (الألف) لأن هجاءه ليس به حرف مد. 2 - ما يمد مدا طبيعيا: وهو الحروف المجموعة في قولك (حي طهر) وهي حروف ثنائية الهجاء تنطق هكذا (حا- (يا) - (طا) - (ها) - (را) بدون همزة في أواخرها فهذه الحروف تمد (حركتين) وتنسب إلى المد الطبيعي (ولا تدخل فى المد الفرعى) 1) حروف ثلاثية الهجاء: عددها ثمانية يجمعها قولك (نقص عسلكم) أو (كم عسل نقص) أو (سنقص علمك) وتنطق هكذا (نون- قاف- صاد- عين- سين- لام- كاف- ميم) والمد اللازم الحرفي المثقل لا ينطبق إلا على ¬

_ (¬1) وذلك في قراءة «غير» نافع، أما في قراءة نافع فيضيف إليها كلمة (محياي) «آخر الأنعام» حال الوقف عليها.

4 - المد اللازم الحرفي المخفف:

المجموعة (الثالثة) التي هي ثلاثية الهجاء، أوسطها حرف مد (باستثناء العين فوسطها حرف لين)، يعقبه حرف ساكن نحو (نون) - (ميم). فإن لاقى الحرف الثالث الساكن حرفا آخر بعده يصح إدغامه فيه عند الوصل، يتم إدغامه فيه فيصيران حرفا واحدا مشددا. ومثال ذلك فاتحة سورة البقرة (الم) نجدها تنطق هكذا (ألف) + (لام) + (ميم) ففي وسط كلمة (لام) مد أعقبه حرف ساكن وهو الميم، وعند ما وصلناها بكلمة (ميم) التى بعدها التقت (ميمان) أولاهما ساكنة، وهى آخر حرف من كلمة (لام) والأخرى متحركة وهى أول حرف من كلمة (ميم) فأدغمت الساكنة في المتحركة فصارتا ميما واحدة مشددة سبقها حرف مد وبذلك نرى أنه قد تحقق لدينا شروط «المد اللازم» وسمى حرفيا لأنه وقع في حروف فواتح السور وسمي مثقلا لأن المد أعقبه سكون من «حرف مشدد». حكمه: وجوب مده عند جميع القراء (6 حركات) فيما عدا (العين) من فاتحتى (مريم) و (الشورى) فيجوز فيها التوسط (4 حركات) أو الطول (6 حركات) (¬1). 4 - المد اللازم الحرفي المخفف: تعريفه: هو أن يأتي بعد حرف المد حرف ساكن من حروف (سنقص علمك) وليس بعده حرف يصح إدغامه فيه مثل (الر) فتنطق (ألف) (لام) (را) فلا يوجد إدغام بين الميم والراء لذلك سمي مخففا. وكذلك نحو (نون) فلا شيء بعد النون الأخيرة يستوجب إدغامها فيه فتبقى مخففة. حكمه: وجوب مده عند جميع القراء (ست حركات). ¬

_ (¬1) وفيها حركتان أيضا كما ذكر الإمام ابن الجزري (رحمه الله) من طريق الشاطبية، وجواز القصر من طريق الطيبة.

أسماء أخرى لبعض المدود

أسماء أخرى لبعض المدود ما انتهينا من ذكره من أنواع المدود السابقة: (الأصلى منها والفرعى وما يلحق بكل منهما) هو كل أنواع المدود التى لا غنى لقارئ القرآن عن معرفتها، ولا يضيره جهله بغيرها، فبعض الكتب تذكر أسماء أخرى لبعض المدود مثل: مد التمكين، ومد الفرق ومد التعظيم وهذه المدود ليست أنواعا من المدود مغايرة لما سبق أن ذكرناه، بل هى منها، ولكن اختصها البعض بألقاب أخرى توضح أثر ذلك المد على اللفظ أو المعنى. ونعرض لهذه الألقاب لنتعرف عليها. أولا: مد التمكين: وهو ليس نوعا من المدود الملحقة بالمد الطبيعي، بل هو «مد طبيعي»، وحكمه حكم المد الطبيعي، وإنما اختص بتلك التسمية لكي يتنبه القارئ إذا صادفته كلمة بها ياءان أولاهما مشددة مكسورة، والثانية ياء مدية مثل (حيّيتم) و (النبيّين) ألا يتساهل أو يتهاون في الإتيان بالحرف المشدد مثقلا كامل التشديد على وجهه الصحيح، لما في اجتماع ثلاثة حروف متماثلة من الثقل على اللسان ما يستوجب من القارئ التمهل هنيهة قليلة عند النطق بالساكن الأول من الحرف المشدد، ثم ينتقل إلى الحرف المتحرك، ثم يعقب ذلك إعطاء الحرف الثالث وهو حرف المد حقه من الزمن المقرر له (حركتين)؛ فعلى القارئ أن يتمكن من ذلك كله لأنه إن تهاون في ذلك قد ينتقص حرفا من الحروف الثلاثة المتماثلة. ومن الأمور التي تستوجب عناية القارئ أيضا أن يأتي بعد حرف المد حرف مماثل له، ولكنه متحرك نحو (اصبروا وصابروا) ومثل (آمنوا وعملوا) و (الذي يرسل)، ففي المثالين الأول والثاني نلاحظ أن (واو المد أعقبها حرف

ثانيا: مد الفرق:

مماثل لها متحرك فواو الجماعة أعقبتها (واو) العطف وفي المثال الثالث (ياء) مدية أعقبتها (ياء) غير مدية. فعلى القارئ هنا أيضا أن يتوخى الدقة فى إعطاء كل حرف حقه من الزمن اللازم للنطق به وألا ينقص من زمن المد شيئا. ثانيا: مد الفرق: وهو لون من «المد اللازم الكلمي» جاء «مثقلا» في كلمتين لا غير في القرآن الكريم هما (ءآلذكرين) ذكرت مرتين في الأنعام (143، 144). و (ءآلله) ذكرت مرة في يونس (59) ومرة في النمل (59). وجاء «مخففا» في كلمة واحدة هي (ءآلآن) ذكرت مرتين في سورة يونس (51، 91). ووجه تسميته «مد الفرق» أن المد فيه يمنع حدوث لبس بين الجملة الخبرية التي تقرر خبرا أو حقيقة، وبين الجملة الاستفهامية التي تسوق سؤالا ينتظر الإجابة، ويمكن السامع أن يفرق بينهما. ونضرب لذلك مثلا بكلمة (الآن) وردت في الأنفال (آية 66) في قوله تعالى: (الآن خفف الله عنكم .. )، فهذا أسلوب خبري تقريري يقرر حقيقة، والمفروض أنها كلمة مبدوءة بهمزة وصل، فإن أردنا الابتداء بها مقطوعة عما قبلها حولنا همزة الوصل إلى همزة قطع محققة في النطق. فإذا أردنا أن نبتدئ جملة استفهامية بنفس الكلمة (الآن) أدخلنا عليها همزة قطع للاستفهام، حينئذ تتطابق الكلمتان حال الخبر والاستفهام، فلا يدري السامعء أنت تسأله أم تخبره. ولكي نفرق بين الحالتين، أتينا بالمد اللازم (بمقدار 6 حركات) بعد الهمزة حال الاستفهام فقط، لكي يتحقق الفرق بينهما، وهو مع كلمة (ءالآن) يسمى مد الفرق المخفف لعدم وجود شدة بعد المد ومع (ءآلذّكرين) و (ءآلله) يسمى مد الفرق المشدد لوجود شدة بعد المد (فوق الذال) من الكلمة الأولى و (فوق اللام) من الكلمة الثانية. ثالثا: مد التعظيم أو المبالغة: وهو مد لا يتوقف على سبب لفظي كالهمز أو السكون ولكنه جاء لسبب

رابعا: مد البدل الكبير:

يختص بالمعنى وذلك حين تمد ألف (لا) في نحو (لا إله إلا الله) لتوكيد نفي الألوهية عن كل ما عدا الله سبحانه وتعالى ولتوكيد شدة المبالغة في ذلك النفي تعظيما لقدر الله عز وجل. وهذا المد يكون عند من يقصر المد المنفصل وهو لا يجوز لحفص إلا من طريق (المصباح والروضة)، يقال له أيضا (مد المبالغة). وذكر بن الجزري في النشر قول ابن مهران في كتاب المدات: (إنما سمي مد المبالغة لأنه طلب للمبالغة في نفي الألوهية عما سوى الله سبحانه وتعالى). رابعا: مد البدل الكبير: صنف حفص رحمه الله مد البدل تصنيفا واحدا ملحقا بالمد الطبيعى فقط، فليس لحفص (وكذا جميع القراء عدا ورش) في مد البدل إلا «القصر» حيث لا يمد عنده أكثر من «حركتين». ولما كنا فى كتابنا هذا ملتزمين برواية «حفص» كما ذكرنا فى المقدمة فقد صنفناه ملحقا بالمد الطبيعى وتوخينا من أجل ذلك أن يشترط فى تعريف مد البدل «ألا يلى حرف المد منه همز أو سكون». ولكن بعض كتب التجويد التى لا تلزم نفسها برواية بعينها تصنف مد البدل مدا فرعيا يمد بمقدار حركتين أو أربع أو ست لأن «ورشا» يجيز ذلك ومن هنا نجد فى كتبهم أنواعا مختلفة لمد البدل المسمّى ب (الكبير) منها: 1 - مد واجب بدل كبير: وهو أن تأتى بعد حرف المد المسبوق بهمز (أى مد البدل) همزة قطع نحو (برءاؤا) [الممتحنة: 4]. (وهو عند حفص: مد واجب متصل). 2 - مد جائز بدل كبير: وهو أن تنتهى كلمة بهمز ممدود ثم يعقبها همزة قطع تقع فى أول الكلمة التى تليها مباشرة نحو: (رءا أيديهم) [هود: 70]. (وهو عند حفص: مد جائز منفصل). 3 - مد البدل اللازم المخفف والمثقل: وهو أن يأتى بعد حرف المد المسبوق

(مراتب المدود)

بهمز حرف ساكن سكونا أصليا فى كلمة غير مدغم فى حرف آخر بعده (أى غير مشدد) وهذا هو المخفف نحو (ءآلآن) [يونس: 51، 91]. (وهو عند حفص مد لازم كلمى مخفف). أما المثقل فهو ما كان الحرف الساكن فيه مشددا نحو: (آمّين) [المائدة: 2]، (ءآلذّكرين) [الأنعام: 143] (وهو عند حفص مد لازم كلمي مثقل). مد البدل العارض للسكون: وهو أن يأتى بعد حرف المد المسبوق بهمز حرف سكن للوقف عليه فى كلمة نحو: (مئاب) [الرعد: 29]، (ليئوس) [هود: 9]، (متكئين) [الرحمن: 54] (وهو عند حفص مد عارض للسكون). فلما كانت تلك المدود التى ذكرناها لحفص فى الأمثلة السابقة أقوى رتبة من «مد البدل» كان ذلك مدعاة لإغفاله (أى إغفال مد البدل) وتقديمها عليه لضعف قوته عنها جميعا ويتبين لنا ذلك من خلال تعرفنا على مراتب المدود التى نعرض لتوضيحها الآن (علاوة على أن التنبيه الثانى من التنبيهات الواردة بآخر الباب تزيد هذا القول وضوحا فمن شاء فليرجع إليه). (مراتب المدود) كما أن للغنن مراتب، وللتفخيم والترقيق مراتب، وللقلقلة مراتب، فإن للمدود أيضا خمس مراتب. فالمدود تتفاوت فيما بينها قوة وضعفا تبعا لتفاوت أسبابها قوة وضعفا. وقد رتبها الشيخ السمنودي رحمه الله- ترتيبا تنازليا، الأقوى فالأضعف ... في البيت التالي: أقوى المدود «لازم» «فما اتصل» ... «فعارض» «فذو انفصال» «فبدل» «1» «2» «3» «4» «5» فترتيبه لها هكذا: 1 - المد اللازم 2 - المد المتصل 3 - المد العارض للسكون 4 - المد المنفصل 5 - مد البدل

من هذا الترتيب نلاحظ ما يلى: أولا: نلاحظ أن المد «اللازم» قد صنف فى أعلى مرتبة من حيث القوة لعدة أسباب هى: 1 - أصالة سببه، وهو «السكون» الثابت وصلا ووقفا. 2 - اجتماع حرف المد والسكون معا في «كلمة» واحدة (في اللازم الكلمى المثقل والمخفف) أو في «حرف» واحد (فى اللازم الحرفي المثقل والمخفف). 3 - لزوم مده حالة واحدة «بإجماع القراء» وهي (6 حركات). ثانيا: تمّ تصنيف المد «المتصل» في المرتبة الثانية للأسباب التالية: 1 - أصالة سببه وهو «الهمز». 2 - اجتماع «المد» مع «الهمز» في كلمة واحدة. 3 - وقد قل في مرتبته عن «اللازم» بسبب اختلاف القراء فى مقدار مده. ثالثا: المد «العارض للسكون» (ويندرج معه مد «اللين») جاء في المرتبة الثالثة لما يلي: 1 - اجتماع سببه (حرف المد، أو اللين) مع السكون في «كلمة» واحدة. 2 - ونقص في مرتبته عن المدود السابقة لأن السكون فيه «عارض»، وليس «أصليا»، ولأن مقدار مده مختلف فيه بين «المد»، و «التوسط» و «القصر» (6 حركات، أو 4، أو 2). رابعا: أما المد «المنفصل» فكان في المرتبة الرابعة بسبب: 1 - انفصال سببه عنه وهو «الهمز». 2 - أنه مختلف في مقدار مده أيضا. خامسا: أما مد «البدل» فكان في أدنى المراتب الخمس للأسباب التالية: 1 - أن جميع المدود السابقة يقع سببها بعدها، بينما سبب مد البدل وهو الهمز متقدم عليه.

تنبيهات

2 - حرف المد في المدود السابقة كلها أصلي ولكنه في مد البدل مبدل من الهمز «غالبا». تنبيهات 1 - إذا اجتمع مدان أو أكثر من نوع واحد في آية واحدة- وقيل (في كل القراءة) - وكانت تلك المدود من نوع واحد كالمد المنفصل مثلا، أو المتصل، أو العارض وجب على القارئ التسوية بين مدود كل نوع منها، فلا يجوز له أن يمد أحدها أربعا مثلا ويمد نظيره من نفس النوع خمسا بحجة جواز الوجهين في هذا النوع من المد، بل عليه أن يلتزم بالمقدار الذى قرأ به أول مد من هذا النوع. 2 - إذا اجتمع سببان من أسباب المد، أحدهما قوي، والآخر ضعيف أخذنا بالقوى، وأهملنا الضعيف. ومثال ذلك كلمة (الدعاء) اجتمع فيها سببان للمد، أحدهما سبب المد المتصل (وهو حرف المد الذي أعقبه همزة)، وفيها سبب المد العارض للسكون أعملنا المتصل وأهملنا العارض. ونضرب مثلا آخر لاجتماع سببين من أسباب المد يتنازعان حرفا واحدا بقوله تعالى: (وجاءوا أباهم) «فالهمزة الأولى» وهي همزة الفعل «جاء» وقعت بعدها واو مدية فأصبحت بذلك من قبيل مد البدل (حركتان)، «والهمزة الثانية» همزة القطع الواقعة أول كلمة (أباهم) وهي همزة وقعت بعد حرف المد «(الواو) التي سبقتها» وهذا يعتبر من المد الجائز المنفصل (4 أو 5 حركات) وبذلك تنازع الواو سببان للمد: أحدهما ما سبقها من همز، والآخر ما بعدها من همز. ولما كان المد «المنفصل» أقوى من مد «البدل» أخذنا بالأقوى وأهملنا الأضعف. ونجد مثالا آخر في نحو (ءامّين) حيث تنازع «الألف المدية الساكنة» سببان للمد أحدهما الهمز الذي تقدم عليها فصار مد بدل

(حركتان)، والآخر السكون الذي أعقبها فصار مدا لازما (6 حركات) فنأخذ «باللازم» وهو الأقوى، ونهمل «البدل» وهو الأضعف. 3 - إذا اجتمع مدان مختلفان وكان أحدهما أضعف من الآخر، فإن تقدم الضعيف جاز في القوى: «مساواة» الضعيف أو «الزيادة» عليه بقدر ما يحتمل القوى من مد، وإذا تقدم القوى جاز في الضعيف «مساواة» القوى إن كان يحتمل الزيادة أو «النقصان» عن القوى.

الوقف والابتداء

الوقف والابتداء [مقدمة] علم الوقف والابتداء هو علم بالقواعد التي يعرف بها محال الوقف ومحال الابتداء في القرآن الكريم ما يصح منها وما لا يصح .. فائدته: صون النص القرآني من أن تنسب فيه كلمة إلى غير جملتها. ويعد علم الوقف والابتداء من أهم العلوم التي يجدر بالقارئ أن يوليها شديد العناية والاهتمام. وقد اشترط كثير من أئمة الخلف علي المجيز ألا يجيز أحدا إلا بعد معرفة الوقف والابتداء حتى أن بعضهم جعل تعلم الوقف واجبا. وقد ذكر ابن الجزري في النشر عن على بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه أنه سئل عن معنى الترتيل في قوله تعالى: (ورتل القرآن ترتيلا) فقال: «هو تجويد الحروف، ومعرفة الوقوف» وهذا دليل على وجوب تعلمه ومعرفته وقد جاء في رواية أخرجها أبو جعفر النحاس (¬1) أن خطيبا خطب بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: «من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما» ثم وقف على (يعصهما) فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «بئس خطيب القوم أنت قل: (ومن يعص الله ورسوله فقد غوى) وقد كان هذا الوقف القبيح سببا لكراهة النبي صلى الله عليه وسلم له واستنكاره. إذ جمع الخطيب بوقفه هذا بين حال من أطاع ومن عصى، ولم يفصل بينهما فقد كان ينبغي له أن يقف على قوله (فقد رشد) ثم يستأنف ما بعد ذلك، أو يصل كلامه إلى آخره فيقول (ومن يعصهما فقد غوى). علاوة على جمعه الله تعالى ورسوله بقوله: (يعصهما) وكان الأحرى به أن يقول: (ومن يعص الله ورسوله فقد غوى). ¬

_ (¬1) أخرج الحديث ابن الجزري بإسناده في كتابه «التمهيد في علم التجويد»، صحابة، ص 85.

«فإذا كان مثل هذا الوقف مكروها مستبشعا في الكلام الجاري بين المخلوقين فهو في كلام الله تعالى أشد كراهة واستبشاعا وتجنبه أولى وأحق» (¬1). ومن المعلوم أنه لا يجوز عند قراءة القرآن التنفس بين الكلمتين حال الوصل كما لا يجوز التنفس أثناء الكلمة وعلى ذلك فمن غير المتوقع استطاعة القارئ أن يقرأ السورة أو القصة من السورة في نفس واحد دون توقف بل من المتعيّن عليه أن يتخير متى وأين يقف، وكيف يبتدئ بعد أن يتنفس. ولن يعينه على ذلك إلا علمه بأحكام الوقف والابتداء. ومن هنا كانت معرفة الوقوف من أهم متطلبات التجويد في القراءة. قال الهذلى في كتابه (الكامل): «الوقف حلية التلاوة، وزينة القارئ، وبلاغ التالي، وفهم المستمع وفخر العالم، وبه يعرف الفرق بين المعنيين المختلفين، والنقيضين المتنافيين، والحكمين المتغايرين. وقد ذهب بعض العلماء إلى حد أن قالوا: من لم يعرف الوقف لم يعرف القرآن. إذ لا يتأتى لأحد معرفة القرآن إلا بمعرفة الفواصل. وقد وردت السنة بالوقف على رءوس الآيات. ففي حديث أم سلمة رضى الله عنها أنها سئلت عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت كان يقطع قراءته يقول: (الحمد لله رب العالمين). ويقف، (الرحمن الرحيم) ويقف (أخرجه الترمذى). وفى رواية عن أبى داود أنها قالت: كان يقطع قراءته آية، آية .. وقد صنف العلماء فى باب الوقف كتبا مدونة، وذكروا فيها أصولا مجملة، وفروعا من الآيات مفصلة، فمنها ما آثروه عن أئمة القراءات وفاق الأثر وخلافه، ومنها ما اقتدوا فيه بالأثر فقط كالوقف على رءوس الآى. وهو وقف النبي صلى الله عليه وسلم. وانفرد القاضى أبو يوسف (¬2) برأي خاص في ذلك المقام إذ ذهب في رأيه إلى أن: تقدير الموقوف عليه في القرآن الكريم بالتام، والكافي، والحسن، ¬

_ (¬1) نهاية القول المفيد، محمد مكي نصر، ص 15. (¬2) صاحب الإمام أبي حنيفة النعمان رحمهما الله.

1 - الوقف:

والقبيح- وتسميته بذلك- «بدعة»، ومسميه، ومتعمد الوقف عند نحوه «مبتدع». قال: لأن القرآن معجز، وهو كله كالقطعة الواحدة، وبعضه قرآن معجز، وكله تام حسن، وبعضه تام حسن. وقد رد عليه المحققون بما يدحض قوله ومن هؤلاء ابن الجزرى في كتابه (التمهيد) إذ يقول: «ففي معرفة الوقف والابتداء الذي دوّنه العلماء تبيين معاني القرآن العظيم، وتعريف مقاصده، وإظهار فوائده، وبه يتهيأ الغوص على درره وفرائده. فإن كان هذا «بدعة» فنعمت البدعة هذه». ا. هـ ملحوظة: بعض العلماء عرفوا «الوقف»، «والسكت»، و «القطع» بمعنى واحد، وبعضهم وضع لكل منها تعريفا خاصا. لذا وجب أن نوضح تعريف كل منها لغة واصطلاحا. 1 - الوقف: الوقف لغة: الحبس والكف. واصطلاحا: قطع الصوت بغرض التنفس على آخر الكلمة، وإسكان الحرف إن كان متحركا بنية استئناف القراءة بما يلي الحرف الموقوف عليه أو بما قبله، وليس بنية الإعراض عن القراءة. ولا يجب التعوذ بعده وإن طال زمنه. ويكون فى رءوس الآي وأواسطها، ولا بدّ معه من التنفس ولا يأتي الوقوف في وسط الكلمة، ولا فيما اتصل رسما، فلا يوقف على أين في قوله تعالى: «أينما تكونوا» - لاتصاله رسما (¬1). 2 - السكت: السكت لغة: المنع يقال سكت الرجل عن الكلام أى امتنع عنه. واصطلاحا: قطع الصوت على آخر الكلمة من غير تنفس بنية القراءة ويقدر زمنه بحركتين عند بعض القراء. وعند حفص مقدار قليل لطيف. ¬

_ (¬1) نهاية القول المفيد، محمد مكي نصر، ص 153.

3 - القطع:

3 - القطع: القطع لغة: الإبانة والإزالة. تقول قطعت الشجرة إذا أبنتها أو أزلتها. واصطلاحا: عبارة عن قطع القراءة رأسا. فهو كالانتهاء، فالقارئ بالقطع كالمعرض عن القراءة، والمنتقل منها إلى حالة أخرى سوى القراءة. ولا يكون القطع إلا على رأس آية. فلا يصح القطع أثناء الآية. ذكر «ابن الجزري» في «النشر» أن عبد الله بن الهذيل قال «إذا افتتح أحدكم آية يقرؤها فلا يقطعها حتى يتمها. ا. هـ «فإذا قطع القارئ قراءته ثم بدا له أن يعود فيستأنف القراءة مرة أخرى فعليه أن يستعيذ بعد القطع للقراءة المستأنفة. أولا: الوقف أقسامه: باعتبار حال «الواقف»: أربعة أقسام: 1 - اضطراريّ 2 - اختباري 3 - انتظاريّ 4 - اختياريّ 1 - الوقف الاضطراريّ: وهو ما يعرض للقارئ بسبب ضيق النفس أو العطاس أو السعال أو النسيان ونحو ذلك ولا إثم فيه على القارئ لأن سببه خارج عن إرادته. ويجوز له حينئذ أن يقف على أي كلمة وإن لم يتم المعنى، كأن يقف مثلا على شرط دون جوابه، أو على موصول دون صلته، لكن يجب الابتداء بالكلمة التي وقف عليها إن صلح الابتداء بها. 2 - الوقف الاختباري: ويكون عند سؤال ممتحن، أو تعليم متعلم، فيطلب المعلم من تلميذه الوقف على كلمة لبيان المقطوع والموصول، والثابت والمحذوف، إلى غير ذلك بغرض تعليمه كيف يقف إذا اضطر إلى ذلك، وهو ليس محل وقف في العادة. 3 - الوقف الانتظاري: ويكون لمن أراد أن يجمع عدة روايات من القراءات المتواترة فيقف على كل كلمة ليعطف عليها غيرها بوجوه القراءات المختلفة.

4 - الوقف الاختياري: يكون الوقف اختياريا إذا قصده القارئ بمحض إرادته من غير عروض سبب خارجي. وهذا الوقف الاختياري هو محل دراستنا في هذا الموضع. حكمه: جائز ما لم يوجد ما يوجبه أو يمنعه. وعلينا أن نعلم أنه ليس في القرآن وقف واجب شرعا بحيث لو تركه القارئ يأثم، كما أنه ليس هناك أيضا وقف حرام شرعا بحيث لو فعله القارئ يأثم إلا ما أفسد المعنى. فعلى القارئ حينئذ أن يتجنبه، فإن توخى الوقف عليه متعمدا أثم ولا شك، لما يترتب على ذلك من عدم إيضاح المعنى، أو إيهام غيره مما ليس مقصودا من كلام الله تعالى وقد أشار «ابن الجزري» إلى ذلك قائلا: ليس في القرآن من وقف وجب ... ولا حرام غير ما له سبب وعلى كل قارئ أن يعي معنى ما يقرؤه من الآيات لأن فهم المعنى يعينه على اختيار أماكن الوقف الصحيحة، ويزيد من قدرته على التمييز بين أنواعه، اللازم منها، والجائز، والممتنع، فحسن الوقف والابتداء من حسن التلاوة. فإن وجد القارئ أن الوصل يغير المعنى كما في (إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى ... ) فعليه أن يقف، فالوقف على (يسمعون) لازم، لأنه لو وصل اشترك الموتى مع الذين يسمعون في صفة الاستجابة ففسد المعنى بهذا الوصل القبيح، لأن كلمة الموتى مبتدأ، وخبره يأتي بعده (يبعثهم الله). وكما غير الوصل المعنى المراد في ذلك الموضع وأشباهه، قد يغير الوقف أيضا المعنى في بعض المواضع وقد يوهم معنى غير ما أراده الله تعالى كالوقف على قوله إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي فعلى القارئ أن يصل فلا يقف لأن ذلك يعد وقفا قبيحا يتولد عنه معنى بشع.

أقسام الوقف الاختياري [تصوير] يجدر بنا أن نعلم أن معرفتنا لكل نوع من أنواع الوقوف وكذا الابتداء يتوقف على مدى تفهمنا وإدراكنا للعلاقة التي تربط بين ما قبل الوقف من كلام، وبين ما بعده، وتتلخص تلك العلاقة في مصطلحين سوف نتعامل معهما بالضرورة في هذا الفصل عند ما نتعرض لتعريف كل نوع من أنواع الوقوف والابتداء، هذان المصطلحان هما: (التعلق المعنوي) و (التعلق اللفظي) لذا كان لزاما علينا أن نتوقف قليلا كي نوضح معني كل من هذين المصطلحين: 1 - (التعلق المعنوي): أن يكون ما بعد الوقف من المعاني مستكمل لما قبله، كأن يكون الأمر يختص بقصة من قصص القرآن، أو موضوع معين لم يتم ولم يستكمل بعد، وما زال الكلام بعد الوقف يكمل ما قبله، حتى وإن كان ما قبل الوقف يفيد في ذاته معنى صحيحا مقصودا. ولو ضربنا لذلك مثلا بقصة من قصص الأنبياء لوجدنا أننا نأخذ من تتابع الآيات لبنات يضاف لاحقها إلى سابقها حتى يكتمل بناء القصة فتكون كل لبنة قد أفادت معنى في ذاتها، ولكنها ما زالت تفتقر لما بعدها، حتى تكتمل اللبنة الأخيرة من القصة. فإذا وقفنا عليها يكون الوقف تاما من جهة المعنى. حيث ينتقل الكلام بعدها إلى موضوع آخر ليس له تعلق مباشر بما قبلها، عندئذ ينتهي التعلق من جهة المعنى.

أقسام الوقف الاختياري

2 - التعلق اللفظي: أن يكون ما بعد الوقف متعلقا بما قبله من جهة الإعراب يقول «ابن الجزري» في «التمهيد»: «واعلم أنه يجب على القارئ أن يصل المنعوت بنعته، والفاعل بمفعوله، والمؤكد بمؤكده، والبدل بالمبدل منه، والمستثنى بالمستثنى منه، والمعطوف بالمعطوف عليه، والمضاف بالمضاف إليه، والمبتدآت بأخبارها (¬1)، والأحوال بأصحابها، والأجوبة بطالبها (¬2)، والمميّزات بمميّزاتها (¬3) وجميع المعمولات بعواملها ولا يفصل شيئا من هذه الجمل إلا في بعض أجزائها». ملحوظة: كل تعلق لفظي لا بدّ أن يتبعه حتما تعلق معنوي، وليس العكس صحيحا. فليس شرطا عند وجود التعلق المعنوي أن يتبعه تعلق لفظي. فقد يوجد أو لا يوجد. أقسام الوقف الاختياري أولا: الوقف التام تمهيد: اختلف علماؤنا في أقسام الوقف وقد صنفوا في ذلك كما يقول ابن الجزري كتبا مدونة، وذكروا فيها أصولا مجملة واختار ابن الجزري منها أربعة أقسام: «تام مختار، وكاف جائز، وحسن مفهوم، وقبيح متروك» (¬4) فالذين صنفوا الوقف أربعة أقسام فقط، ميزوا عند تعريفهم للوقف التام بين «التام اللازم»، وبين «التام المطلق». وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى. وآخرون جعلوا التام اللازم قسما مستقلا قائما بذاته وله تعريفه الخاص، فصارت أقسام الوقف عندهم خمسة أقسام: لازم، وتام، وكاف، وحسن، وقبيح. ولأن الوقف اللازم هو في الحقيقة وقف تام أيضا لذا فضلنا أن نضعه تحت ذات العنوان (الوقف التام) على أن نبين كل نوع على حده. ¬

_ (¬1) أي كل مبتدإ يوصل بخبره. (¬2) يقصد التمييز والشيء الذي يميزه هنا. (¬3) أي كل إجابة بسؤالها. إذا كل سؤال يتطلب إجابة. (¬4) التمهيد في علم التجويد لابن الجزري، ص 78.

تعريف الوقف التام:

تعريف الوقف التام: هو الوقف على كلام تام في ذاته غير متعلق بما بعده تعلقا معنويا أو لفظيا (أي لا من جهة المعنى ولا من جهة الإعراب) حكمه: يوقف عليه ويبتدأ بما بعده. ويكون في نهاية السور، وأواخر الآيات، وفي انقضاء القصص، كما يكون عند انقضاء الكلام عن موضوع بعينه والانتقال إلى غيره. أنواعه: نوعان: أ- تام لازم (مقيد) ب- تام (مطلق). أ- الوقف التام اللازم «المقيد»: وحكمه: لزوم الوقف عليه، والابتداء بما بعده ما لم يوجد مانع من ذلك. سبب لزومه: أنه لو وصل بما بعده لأوهم معنى غير المعنى المراد. تسميته: يسميه البعض الوقف (اللازم) أو (الواجب) أو (التام المقيد) أو (وقف البيان). علامته في المصحف: وضع ميم أفقية (م) أعلى الكلمة التي يلزم الوقف عليها. أمثلته: قوله تعالى: وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ [الفتح: 9] فالضمير فيها للنبي صلى الله عليه وسلم. والضمير في «وتسبحوه» بعدها لله تعالى والوقف على توقروه يظهر هذا المعنى المراد (¬1). 2 - إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ ..... فلو لم نقف على كلمة العقاب لأوهم ذلك أن شدة العقاب من الله للفقراء المهاجرين. 3 - وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فلو لم نقف على كلمة (الظالمين) لأوهم أنهم هم الذين آمنوا وهاجروا. ¬

_ (¬1) غاية المريد في علم التجويد، عطية قابل نصر.

ب - الوقف التام"المطلق":

ب- الوقف التام «المطلق»: حكمه: يحسن الوقف عليه ويحسن الابتداء بما بعده ومعنى ذلك أنه يجوز وصله بما بعده طالما أن وصله لا يغير المعنى المراد. علامته في المصحف: (قلى) مكانه: ذكر «ابن الجزري» في كتابه «التمهيد» أن هذا القسم من الوقف وهو التام يكثر وجوده في الفواصل (أى رءوس الآي) كقوله تعالى: وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [البقرة: 5] ثم الابتداء بقوله إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا [البقرة: 6] كقوله تعالى: وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ [البقرة: 46] ثم الابتداء بقوله يا بَنِي إِسْرائِيلَ [البقرة: 47]. وقد يوجد الوقف التام قبل انقضاء الفاصلة- أى قبل رأس الآية أو في وسط الآية- كالوقف على «جاءني» من قوله تعالى: لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي قلى وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا، وقد يوجد بعد انقضاء الفاصلة بكلمة، كقوله تعالى: لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً* كَذلِكَ فآخر الفاصلة (سترا) والتمام (كذلك). وقوله تعالى: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ* وَبِاللَّيْلِ [الصافات: 13] فآخر الفاصلة (مصبحين) والتمام (وبالليل) لأنه عطف على المعنى تقديره: مصبحين ومليّلين. وقوله تعالى: وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ* وَزُخْرُفاً [الزخرف: 34، 35] فآخر الفاصلة (يتكئون) والتمام (وزخرفا) من علامات الوقف التام: 1 - يكون على رءوس الآي: كالوقف على قوله وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [البقرة: 5] 2 - الفصل بين آية عذاب وآية رحمة كالوقوف على (الكافرين) في قوله

فائدة:

فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ* وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا ... [البقرة: 25] 3 - الابتداء بعده بالاستفهام نحو أَلَمْ تَرَ* أو أَلَمْ تَعْلَمْ [الحج: 9]. 4 - الابتداء بعده بالنفي نحو لَيْسَ الْبِرَّ .... [البقرة: 7]. 5 - الابتداء بعده بالنهي نحو لا يَغُرَّنَّكَ .... [آل عمران: 95]. 6 - الابتداء بعده بيا النداء يا أَيُّهَا الَّذِينَ- يا بَنِي إِسْرائِيلَ-* يا بَنِي آدَمَ .... * الخ 7 - نهاية قصة وبداية أخرى وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا* وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى فائدة: قد يكون الوقف «تاما» على قراءة، «حسنا» على غيرها كما يقول ابن الجزري ويمثل لذلك بقوله تعالى: إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ. فيقول: هذا وقف «تام» على قراءة من رفع «الهاء» من لفظ الجلالة في قوله اللَّهِ الَّذِي [إبراهيم 1، 2] ووقف «حسن» على قراءة من جر «الهاء» على أنه نعت. وكذا مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وقف (تام) على قراءة من كسر الخاء في وَاتَّخِذُوا [البقرة: 125] ووقف «كاف» على قراءة نافع وابن عامر (واتخذوا) بفتح الخاء على أنه إخبار. وقد يختلف الوقف الواحد في نوعه باختلاف تفسير المفسرين وتأويلهم لمعنى الآية. كقوله تعالى: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران: 7] فهو وقف «تام» على تأويل من زعم أن ما بعده مستأنف وإلى هذا المعنى ذهب أكثر المفسرين فقالوا إن معنى وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ أي يسلمون ويصدقون به. وقال آخرون:- لا يوقف على قوله (إلا الله) لأن وَالرَّاسِخُونَ

جدول يوضح الفرق بين نوعي الوقف التام

فِي الْعِلْمِ معطوف عليه 1 فهو على قولهم غير تام. جدول يوضح الفرق بين نوعي الوقف التام [تصوير] ما يلحق بالوقف التام نلحق بالوقف التام بعض المواضع التي أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الوقوف عليها من غير رءوس الآي. وقد اختلف محققوا علماء القراءات في تحديد ذلك (¬1) فمنهم من قال بأنها سبعة عشر موضعا كما نقل صاحب منار الهدي عن العلامة السخاوي. ومنهم من قال بأنها سبعة عشر موضعا كما نقل صاحب انشراح الصدور مع اختلاف في معظم المواضع مع صاحب منار الهدي. ومنهم من قال بأنها سبعة عشر موضعا علي اختلاف في معظم المواضع مع صاحب انشراح الصدور كما نقل صاحب انشراح الصدور. كما نقل بعضهم غير ذلك (¬2). لكن تفاوتها يعد تفاوتا في الرواية وليس تفاوت التناقض والاضطراب فمن حفظ حجة على من لم يحفظ فكلها صحيحة ونقلتها عدول وقد ذكر كل منهم ¬

_ (¬1) وهذا القول اختاره الشيخ أبو عثمان بن عمرو المعروف بابن الحاجب صاحب «الكافية والشافية». (¬2) بغية عباد الرحمن، لمحمد شحادة الغول، ص 57.

ما انتهى إليه علمه بحسب التلقي والمشافهة عن شيوخه ولهذا فلا اختلاف. ومن أمثلة ذلك ليس على سبيل الحصر: 1 - وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ* أَيْنَ ما تَكُونُوا ... [البقرة: 148]. 2 - قُلْ صَدَقَ اللَّهُ* فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً ... [آل عمران: 95]. 3 - فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً ... [المائدة: 48]. 4 - قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ* عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف: 108]. 5 - سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ* إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ ... [المائدة/ 116]. 6 - كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ* لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى [الرعد: 17]. 7 - وَالْأَنْعامَ خَلَقَها* لَكُمْ فِيها دِفْءٌ [النحل: 5]. 8 - أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً* لا يَسْتَوُونَ [السجدة: 18]. 9 - ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى فَحَشَرَ* فَنادى [النازعات: 22]. 10 - فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ* إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ [يس: 76]. ولقد تتبعت المصاحف فوجدت معظمها يرمز له بالوقف الجائز (ج) إلا القليل منها أمثال وَالْأَنْعامَ خَلَقَها رمز لها ب (قلى) وفَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ رمز لها ب (م).

ثانيا: الوقف الكافي:

ثانيا: الوقف الكافي: تعريفه: هو الوقف على كلام تام في ذاته يتعلق بما بعده من ناحية المعنى دون اللفظ. حكمه: يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده كالوقف التام غير أن الوقف على التام يكون أكثر حسنا. تسميته: سمي كافيا للاكتفاء به، واستغنائه عما بعده لعدم تعلقه به لفظا وهو أكثر الوقوف ورودا في القرآن الكريم (¬1). علامته: وضع حرف (ج) يسار أعلى الكلمة الموقوف عليها وهى تعنى أن الوقف هنا جائز، أو (صلى) وهي تعني (الوصل أولى) فالوصل هنا هو المقدم وهو الأولى يليه الجائز. أمثلة: 1 - قال تعالى: إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ [النمل: 34]. فالوقف على «أذلة» كاف. والكلام قبل الوقف مفيد تام في ذاته وليس له تعلق بما بعده من ناحية الإعراب وكذلك الكلام بعد الوقف تام في ذاته ولكنه يمضي في سياق الموضوع الذي بدأ قبل الوقف. فالكلام الذي انتهى عند موضع الوقف هو كلام «بلقيس» وقد تم عند الوقف. والكلام بعد الوقف هو كلام من الله تعالى، ولكن الترابط المعنوي بين كل من العبارتين يأتي من أن كلام الله تعالى وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ تصديق لقول بلقيس في الملوك وهذا الترابط في سياق الموضوع يجعل الوقف على «أذلة» وقفا «كافيا». 2 - ومثال آخر قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ [البقرة: 4] فهذا كلام مفهوم والوقف عليه كاف، وما بعده كلام مستقل مستغن عما قبله من ناحية الإعراب، ولكنه يتصل به من ناحية المعني لأن سياق الموضوع ما زال مستمرا. ¬

_ (¬1) العميد في علم التجويد، الشيخ محمود على بسة، ص 185.

يقول ابن الجزري في التمهيد: والكافي يتفاضل في الكفاية كتفاضل التام، فمن المقاطع التي بعضها أكفى من بعض قوله تعالى: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ [البقرة: 93] فالقطع على (بكفرهم) كاف، و (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) * أكفى منه. وكذا القطع على: (ربنا تقبل منا) كاف وإِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة: 127] أكفى منه. وقد يكون الوقف كافيا على قراءة. ويكون موضع الوقف موصولا على قراءة أخرى كما في قوله تعالى: يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ فمن قرأ بفتح همزة (وأن الله) وصل ما قبلها بما بعدها ولم يقف. ومن قرأ بكسرها على الاستئناف وقف على (وفضل) وبدأ بما بعدها وهو قوله تعالى (وإن الله). وقد يكون الوقف كافيا تبعا لتأويل المعنى عند بعض المفسرين، ويكون غير كاف على تأويل آخرين كما في قوله تعالى: وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ* وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ ... [البقرة: 103]. فمن جعل (ما) من (وما أنزل) نافية وقف علي (السحر) وكان وقفا كافيا ومن جعلها (اسم موصول) بمعني (الذي) وصل ولم يقف. وكقوله: فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ فإذا اعتبرنا الهاء من كلمة (عليه) تعود على الصديق أبي بكر رضي الله عنه وقفنا عليها وكان الوقف كافيا وهو قول سعيد بن جبير قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم تزل السكينة معه (أي لم يصبه اضطراب ولا خوف) ومن جعل الهاء للنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن الوقف كافيا ووجب الوصل. علاماته: يغلب أن يكون بعده: 1 - (السين) أو (سوف): كما في: وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ [هود: 93]

ثالثا: الوقف الحسن

وكما في .. وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف: 161]. 2 - (بل): كما في أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ [ق: 15] 3 - استفهام: كما في قوله تعالى: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة: 106] أو قوله كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا* أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا [مريم: 82، 83] 4 - مبتدأ: كما في قوله تعالى: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ* أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى [البقرة: 16]. 5 - مفعول به بفعل محذوف. أو خبر لمبتدإ محذوف هُدىً لِلْمُتَّقِينَ لله الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة: 2] وذلك إذا اعتبرنا (الذين) مفعول به لفعل محذوف تقديره (أعني) أو اعتبرناها خبرا لمبتدإ محذوف تقديره (هم). 6 - أن يكون بعده نفي: كقوله تعالى وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ [يس: 69] ثالثا: الوقف الحسن تعريفه: هو الوقف علي كلام تام في ذاته إلا أن بينه وبين ما بعده تعلق معنوي ولفظي مثال: قوله تعالى اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ...... [البقرة: 255]. فإذا وقفنا على قوله (إلا هو) فالكلام جملة مفيدة تفيد وحدانية الله سبحانه وتعالى ولكنه متعلق بما بعده لفظا ومعنى لأن (الْحَيُّ) * و (الْقَيُّومُ) * و (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) و (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) * كلها صفات الموصوف بها هو الله سبحانه تعالى ولو وقفنا لفصلنا الصفات عن موصفها.

تسميته: سمي حسنا لأن الوقوف عليه يفيد معنى في ذاته. علامته في المصاحف: (صلى) ومعناها (الوصل أولى). حكمه: يحسن الوقف عليه. وفي الابتداء بما بعده خلاف بين العلماء وتفصيل كثير يستوجب أن نوضحه فيما يلي: بداية يجب أن نعلم أن الوقف الحسن أثناء الآية لا خلاف فيه. فيحسن الوقف عليه، ولا يحسن الابتداء بما بعده اتفاقا. وعلى القارئ أن يعيد ثم يصل، أما الوقف علي رءوس الآي فموضع خلاف. وقد فرق العلماء بين حالتين: الأولى: ألا يؤدي الوقف على رأس الآية إلي توهم معني غير المعني المقصود بالكلام. والثانية: أن يؤدي الوقف على رأس الآية إلى توهم معنى غير المقصود بالكلام. حكم الحالة الأولى: إذا كان الوقف لا يتوهم بسببه معني غير المقصود. وذلك كالوقف على مصبحين من قوله تعالى: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ من قوله تعالى وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ* وَبِاللَّيْلِ [الصافات: 137]. انقسم العلماء في حكمهم على مثل هذا النوع من الوقف إلى ثلاث طوائف: الطائفة الأولى تقول: يوقف عليه ويبتدأ بما بعده لأن الوقف هنا سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 1. الطائفة الثانية تقول: يوقف عليه ولكن لا يبتدأ بما بعده إلا إذا كان يحسن الابتداء به لإفادته معنى أما إذا لم يفد معنى كقوله (وبالليل) فيستحب للقارئ أن يعيد ثم يصل، ومثل ذلك أيضا قوله تعالى لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ* فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ .. [البقرة 219، 220] وقوله تعالى وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ* مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ [آل عمران 3، 4]. الطائفة الثالثة: لم تفرق في حكمها بين الوقف أثناء الآية، والوقف على رأسها، فجعلت لكليهما حكما واحدا هو أن الوقف الحسن يحسن الوقوف

عليه، ولا يبتدأ بما بعده مطلقا، لذا كتبوا (قف) و (لا) فوق الفواصل كما كتبوا فوق غير الفواصل وقالوا: إن الاستدلال بحديث أم سلمة على سنية وقف الفواصل لا دلالة فيه على ذلك، لأنه إنما قصد به إعلام الفواصل. قال البيهقي: «وجهل قوم هذا المعنى وسموه وقف السنة إذ لا يسن إلا ما فعله (أي الرسول صلى الله عليه وسلم) تعبدا، ولكن هو وقف بيان» (¬1). حكم الحالة الثانية: إذا كان الوقف على رأس الآية يؤدي إلى توهم معنى غير المراد. كالوقف على قوله تعالى فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ [الماعون: 4] وهذا النوع من الوقف يمتنع فيه القطع أما الوقف ففيه خلاف أيضا بين العلماء فقد انقسموا حول هذا الوقف وأمثاله إلى ثلاث طوائف كذلك: الطائفة الأولى: عدت هذا النوع من الوقف القبيح، ولا يجوز الوقف عليه إلا لمن اضطر. الطائفة الثانية: تجيز الوقف عليه والابتداء بما بعده بشرط عدم القطع، لأن القطع في هذا المكان يوهم خلاف المعنى ويجعل الوعيد للمصلين، في حين أنه لو وصل القراءة مع الوقف فإنه حينئذ يظهر من المتوعد. والوقف سنة فلا بأس عندهم من الوقف مع وصل القراءة. الطائفة الثالثة: تجيز الوقف ولا تجيز الابتداء بما بعده إلا إذا أعاد القارئ ثم وصل الوقف بما بعده. ولما كان الوقف وثيق الصلة بالمعنى والإعراب، بل أنه مبني عليهما، لذا نجد أنه قد يحتمل الموضع الواحد أن يكون الوقف عليه تاما على معنى، وكافيا على غيره، وحسنا على غيرهما، ويضرب ابن الجزري لذلك مثالا (¬2) بقوله تعالى هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة: 2]، فيقول هُدىً لِلْمُتَّقِينَ يجوز أن يكون وقفا تاما إذا كان الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ مبتدأ ¬

_ (¬1) نهاية القول المفيد: محمد مكي نصر، ص 162. (¬2) التمهيد في علم التجويد، ص 84، 85 صحابة.

رابعا: الوقف القبيح

وخبره أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ*، ويجوز أن يكون كافيا إذا جعلت (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) على معنى (هم الذين) (¬1) أو منصوبا بتقدير (أعني الذين) (¬2) ويجوز أن يكون حسنا إذا جعلت (الذين) نعتا ل (المتقين). رابعا: الوقف القبيح تعريفه: هو الوقف على كلام لا يؤدي معنى صحيحا لشدة تعلقه بما بعده لفظا ومعنى إلا أن الوقف عليه يعطي معنى ناقصا، أو خاطئا، أو فاسدا غير مقبول. حكمه: لا يتعمد الوقف عليه، فإن وقف القارئ مضطرا أعاد، وربما رجع كلمة أو كلمتين حتى يبين المعنى المقصود. تسميته: يسمى قبيحا لفساد أو قبح المعنى الذي ينتج عنه. أنواعه: ثلاثة أنواع (¬3): النوع الأول: يختص بالتعلق اللفظي بما بعده، ومن ذلك الوقف على العامل دون معموله كالوقف على الفعل دون مفعوله، أو الموصوف دون صفته، أو المبتدأ دون خبره ... إلى آخر المتعلقات اللفظية. ومن أمثلة ذلك: أمثلة: 1 - الوقف على اهْدِنَا من قوله تعالى اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. 2 - الوقف على إن وأخواتها دون اسمها أو دون خبرها، ومثلها كان وأخواتها مثل (إن) من (إن الله) أو (كان الناس) من (كانَ النَّاسُ أُمَّةً) أو على الموصول دون صلته نحو (الذي) من (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ)، أو حرف الجر دون المجرور كالوقف على (من) في (مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ). النوع الثاني: يختص بالتعلق المعنوي، كالوقف على كلام يفيد معنى يخالف المعنى الذي قصده الشارع الحكيم، نظرا لأن ما بعد الوقف هو الذي ¬

_ (¬1) أي خبرا لمبتدإ محذوف تقديره (هم). (¬2) أي مفعولا لفعل محذوف تقديره (أعني أو أقصد). (¬3) بغية عباد الرحمن، محمد الغول، ص 76.

يتمم المعنى المقصود. كالوقف على كلمة (الصلاة) من قوله تعالى لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ فالوقف على (الصلاة) يوهم النهي عن أداء الصلاة مطلقا، والمقصود ليس كذلك، بل المقصود النهي عن اقتراب الصلاة مع السكر حتى يتبينوا ما يقولون وهذا المعنى لا يتم إلا إذا انضم ما بعد الوقف إلى ما قبله. النوع الثالث: الوقف على كلام يوهم معنى لا يليق بالله تعالى نحو إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي ولِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ وفَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ أو وَما أَرْسَلْناكَ .. أو لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ ... علامته في المصحف يرمز له ب (لا). أمثلة للوقف القبيح وقد بين الشيخ- مكي نصر- (¬1) في شرحه لما يتعلق بالوقف القبيح أن كل كلمة تعلقت بما بعدها بأن يكون ما بعدها من تمامها (أي لا يتم المعنى إلا به) لا يوقف عليه، وضرب لذلك أنواعا مختلفة من الوقف القبيح نوضحها ونفصلها فيما يلي: 1 - لا يجوز أن نقف على المضاف دون المضاف إليه نحو بِسْمِ* من بِسْمِ اللَّهِ* وذِكْرُ رَحْمَتِ من ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ الكهف. 2 - ولا على الموصوف دون صفته نحو (اهْدِنَا الصِّراطَ) من (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ). 3 - ولا على الرافع دون المرفوع نحو (قال) من (فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) * ونحو (هنالك دعا .. ) والابتداء (زكريا). 4 - ولا الناصب دون المنصوب نحو: (اهدنا) من (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) لأن الصراط مفعول به منصوب بالفعل (اهد). ¬

_ (¬1) نهاية القول المفيد، ص 167، 168 بتصرف.

5 - ولا المعطوف دون المعطوف عليه نحو: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) (البقرة) فلا يجوز الوقف عليه حتى يقول (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) * لأنها معطوفة على ما سبق. 6 - ولا على (إن) وأخواتها دون أسمائهن نحو (إنّ) من (إنّ الله). ولا على أسمائهن دون أخبارهن نحو (إن الله .. ) ويترك الخبر، ولا على (كان) وأخواتها دون أسمائهن، ولا على أسمائهن دون أخبارهن. ولا على صاحب الحال دون الحال نفسها نحو ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما* فلا يقف حتى يقول (لاعبين). 7 - ولا على المستثنى منه دون المستثنى نحو لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ*. فلا تقف حتى يقول (إلا أياما) ونحو (ثم توليتم) فلا يقف حتى يقول (إلا قليلا). 8 - ولا على المفسّر دون التفسير نحو وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ .. فلا يقف حتى يقول (ليلة). ونحو وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ .. فلا يقف حتى يقول (سنين). ونحو إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ ... فلا يقف حتى يقول (نعجة). 10 - ولا على الموصول (الذي والتي والذين وما .. ) دون صلته نحو: (والذين) من قوله (الذين يؤمنون) وعلى (من) من قوله وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى، وكالوقف على (ما) من قوله تعالى قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا. 11 - ولا على الفعل دون مصدره نحو: الوقف على وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى فلا يقف حتى يقول تَكْلِيماً والوقف على وَسَلِّمُوا فلا يقف حتى يقول تَسْلِيماً. 12 - ولا على حروف الاستفهام وأسمائه دون ما استفهم بها عنه نحو الوقف على ما من قوله تعالى وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى ومن قوله وَما

وقف التعسف

رَبُّ الْعالَمِينَ، و (كيف) من قوله فَكَيْفَ إِذا جِئْنا و (أين) من فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ولا على همزة الاستفهام من آللَّهُ* وآلذَّكَرَيْنِ*. 13 - ولا على أدوات الشرط دون المشروط نحو (من) من قوله تعالى مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً* ولا على الشرط دون الجزاء نحو وَما تَفْعَلُوا ... * من قوله وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ. 14 - ولا على الأمر دون جوابه نحو: فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ فلا يقف حتى يقول: يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ. والسبب: أن هذه الوقوف المشار إليها كلها لا يتم بها كلام، ولا يفهم منها معنى، فلا يجوز الوقف عليها، ولا الابتداء بما بعدها. ويعلق الإمام السيوطي- رحمه الله- على ذلك فيقول: «قولهم لا يجوز الوقف علي كذا، وكذا، إلى آخر ما تقدم إنما يريدون بذلك الجواز الأدائي وهو الذي يحسن في القراءة، ولا يريدون بذلك أنه حرام أو مكروه، إلا أن يقصد بذلك تحريف القرآن وخلاف المعنى الذي أراد الله تعالى فإنه يكفر والعياذ بالله تعالى، فضلا عن أن يأثم. ويجب ردعه بحبسه على ما تقتضيه الشريعة المطهرة. وهناك أمثلة أخرى كثيرة لنوعين من الوقف القبيح أحدهما: الذي يوهم الوقف عليه وصفا لا يليق به تعالى. والثاني: الذي يفهم منه معنى غير ما أراده الله تعالى. ونكتفي منها بما أوردناه أثناء تناول هذين النوعين من الوقف القبيح. وقف التعسف تطلق تلك التسمية علي بعض الوقوف التي يتكلفها بعض القراء أثناء قراءتهم. فتراهم يتعمدون الوقوف علي غير المألوف من مواضع الوقف مستندين في ذلك إلي ما يتكلفه بعض المعربين (المشتغلين بإعراب الكلمات) حين يجنحون في إعرابهم وتأويلهم إلى ما هو جائز ولكنه متعسف قد يؤدي بالمعنى إلى الإغراق في الغرابة، والابتعاد عن مألوفه وقد ذكر صاحب الثغر الباسم «وقف التعسف» نقلا عن ابن الجزري في النشر فقال:

«ليس كل ما يتعسفه بعض المعربين، أو يتكلفه بعض القراء أو يتناوله بعض أهل الأهواء مما يقتضي وقفا أو ابتداء ينبغي أن لا يتعمد الوقف عليه، بل ينبغي تحري المعني الأتمّ، والوقف الأوجه». وقد ضرب لذلك أمثلة عديدة نكتفي ببعضها: 1 - الوقف على (أم لم تنذر ... ) والابتداء (هم لا يؤمنون) (يس) على أن (هم لا يؤمنون) جملة من مبتدأ وخبر. 2 - الوقف على قوله: وَارْحَمْنا أَنْتَ ... والابتداء مَوْلانا فَانْصُرْنا (البقرة) على معنى النداء (أي يا مولانا فانصرنا) الوقف على: ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ ... والابتداء بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنا ... (أي نقسم بالله إن أردنا ... ). 4 - الوقف على وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ والابتداء بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ ... على معنى القسم كالمثال السابق. 5 - فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا أي وكان انتقامنا حقا. والابتداء عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ بمعني لازم أو واجب. 6 - ومن ذلك أيضا قول بعضهم في عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا [الإنسان: 18] أن الوقف على «تسمى» أي عينا مسماة «معروفة» والابتداء «سلسبيلا» هكذا جملة أمرية (أى مبدوءة بفعل أمر) فعلها: «سل» بمعنى اسأل، و «سبيلا» أي طريقا موصلة إلى إليها. يقول ابن الجزري تعليقا على هذا الوقف: «وهذا مع ما فيه من التحريف يبطله إجماع المصاحف على أنه كلمة واحدة» 7 - ومنه أيضا تعسف بعضهم إذا وقف على وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ ويبتدئ (اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ)، ويبقى الفعل «يشاء» بغير فاعل وتكون جملة الابتداء بعدها جملة اسمية مكونة من مبتدأ وخبر.

وقف المراقبة

8 - ومنه الوقف على: وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ ويبتدئ رَأَيْتَ نَعِيماً [الإنسان: 20] يقول ابن الجزري وليس بشيء، لأن الجواب بعده، و «ثم» ظرف لا يتصرف فلا يقع «فاعلا» ولا «مفعولا» وغلط من أعربه مفعولا لرأيت أو جعله محذوفا والتقدير إذا رأيت الجنة رأيت فيها ما لا عين رأيت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. 9 - ومن الوقف على قوله كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ ثم الابتداء عِلْمَ الْيَقِينِ يقول ابن الجزري: «فإن ذلك وما أشبهه تعنت وتعسف لا فائدة فيه، فينبغي تجنبه لأنه محض تقليد، وعلم العقل لا يعمل به إلا إذا وافق النقل. فعليك بمراعاة ما نص عليه أئمة هذا الشأن، فهو أولي من اتباع الأهواء والله الموفق للصواب». قال العلماء: يدخل الواقف على هذه الوقوف المنهي عنها في عموم قوله صلى الله عليه وسلم في حق من لم يعمل بالقرآن: (ربّ قارئ للقرآن والقرآن يلعنه. أ. هـ.). وقف المراقبة ويسمى أيضا وقف «المعانقة» أو «التعانق» وعلامته بالمصحف «» بحيث تكون كل ثلاث نقاط أعلى يسار الكلمة المراد الوقف عليها أو عدم الوقف عليها ويكون ذلك إذا تعانق وقفان في موضعين متقاربين أو متتاليين في آية واحدة فلا يصح للقارئ أن يقف على كل منهما، ولكن إذا وقف على أحدهما امتنع الوقف على الآخر لئلا يختل المعنى كمن أجاز الوقف في أوائل سورة البقرة على قوله تعالى «لا ريب» فإنه لا يجيز الوقف على قوله «فيه» والذي يجيز الوقف على «فيه» لا يجيزه على «لا ريب» لما يسببه اجتماع الوقفين من خلل في المعنى. وفي سورة البقرة أربعة مواضع لوقف المعانقة. وهو في عموم القرآن كله «خمسة وثلاثون» موضعا فمن أرادها مفصلة فعلية بكتب الوقف والابتداء كالأشموني والسجاوندي وأول من نبه على وقف المراقبة الإمام أبو الفضل الرازي.

ثانيا: (الابتداء) (أو البدء)

ثانيا: (الابتداء) (أو البدء) تعريفه: لغة: هو الشروع. واصطلاحها: الشروع في القراءة بعد قطع أو وقف. أنواعه: هو نوعان بدء اختياري، وبدء اختباري، وليس هناك بدء اضطراري. وما نخصه ببحثنا هنا هو البدء الاختياري. البدء الاختياري: نوعان جائز وغير جائز. والبدء الجائز: هو أيضا نوعان: بدء حقيقي، وبدء إضافي. البدء الحقيقي: هو ما كان بعد قطع للقراءة السابقة، والانتهاء منها، أو الانصراف عنها إلى أمور أخرى غير القراءة. فعند العودة للقراءة مرة أخرى يكون البدء حينئذ بدءا حقيقيا. لذا يستحب معه مراعاة أحكام الاستعاذة والبسملة. البدء الإضافي: وهو ما كان بعد وقف على آخر كلمة قرآنية زمنا يسيرا، يتنفس فيه عادة، بنية استئناف القراءة لا بنية الإعراض عنها وهو أيضا ثلاثة أنواع: 1 - بدء تام: تعريفه: هو الابتداء بكلام تام في نفسه، وليس له بما قبله تعلق لفظي، ولا معنوي وعلى ذلك فكل أول سورة من سور القرآن العظيم بدء تام وأول القصص القرآني وكذلك أول كل مقطع لا تعلق بينه وبين ما سبقه لفظا ولا معنى. أمثلته: أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ... [النحل: 1] أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ [البقرة: 258] يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ... [الأنفال: 20]. 2 - بدء كاف: تعريفه: هو البدء بكلمة قرآنية بينها وبين ما قبلها تعلق معنوي فقط لا لفظي.

3 - بدء حسن:

أمثلة: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ .... الآية وذلك بعد قوله سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* حيث أن جملة خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ ... تتعلق بحال الكفار الذين لا يؤمنون من ناحية المعنى ولكنها لا تتعلق بها من ناحية الإعراب. 3 - بدء حسن: تعريفه: هو البدء بكلام يتعلق بما قبله من حيث المعنى والإعراب معا، ولا يصح ذلك إلا على رءوس الآي فقط شرط أن يكون بدءا إضافيا بعد وقف. فلا يصح البدء به بدءا حقيقيا، أي بعد قطع رغم كونه رأس آية. أمثلة: للبدء الحسن الذي سوغه كونه رأس آية: 1 - قوله تعالى: إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ ..... بعد قوله تعالى ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ [المؤمنون: 45] 2 - البدء بقوله تعالى: نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ ... بعد قوله تعالى: أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ [المؤمنون: 55، 56]. 3 - البدء بقوله تعالى: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ بعد قوله فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ 4 - البدء بقوله تعالى: فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ... بعد قوله لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ. [البقرة: 219، 220] 5 - قوله تعالى: وَبِاللَّيْلِ. بعد قوله: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ فإن لم يكن رأس آية فلا مسوغ للبدء بكلمة قرآنية متعلقة بما قبلها من حيث المعنى والإعراب فإن كانت الآية طويلة لا يسعها نفس القارئ فعليه أن يقف ثم يعيد ويصل ما قبل الوقف بما بعده حتى لا يبدأ بدءا قبيحا. البدء القبيح وهو غير جائز: تعريفه: هو البدء بكلمة قرآنية بينها وبين ما قبلها تعلق لفظي ومعنوي في

ثالثا: الوقف باعتبار كيفية الوقف

غير رءوس الآي- فيكون قبيحا وعلى القارئ أن يتجنبه وذلك نحو أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ من سورة المسد. كما يكون البدء أشد قبحا إذا ابتدأ بكلمة توهم معنى غير المراد: مثال ذلك: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً من قوله وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً ويَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ من قوله تعالى وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ وإِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ من قوله تعالى لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ. ثالثا: الوقف باعتبار كيفية الوقف الوقف باعتبار الكيفية ينقسم إلى ثلاثة أقسام 1 - الإسكان 2 - الإشمام 3 - الروم قد يكون الوقف بالسكون المحض وإعدام الحركة كلية أو بالروم أو بالإشمام، وقد يوقف بالسكون المحض والروم، وقد يوقف بالثلاثة معا. أولا: السكون المحض: تعريفه: هو السكون الخالص من الحركة المسموعة أو المرئية. مواضعه: 1 - الحرف الساكن سكونا أصليا (أي وصلا ووقفا) نحو لَمْ يَلِدْ* وَلَمْ يُولَدْ. 2 - الحرف المتحرك حال الوصل حركة عارضة ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ (ما يفعل) كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ* (عليكم) يا صاحِبَيِ السِّجْنِ* (صاحبى). 3 - تاء أو هاء التأنيث الموقوف عليها بالهاء رسما: وَشَجَرَةً تَخْرُجُ يوقف عليها هكذا (شجره)، وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ يوقف عليها هكذا (جنه). 4 - المتحرك بالفتح حال الوصل نحو الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، والمنصوب اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ.

ثانيا: الروم

حكمه: الوقف بالسكون المحض ثانيا: الروم الروم لغة: الطلب والقصد واصطلاحا: هو الإتيان ببعض الحركة (بقدر الثلث) بصوت خفي يسمعه القريب المصغي دون البعيد (لا يؤخذ إلا بالمشافهة) مواضعه: في المرفوع والمضموم والمجرور والمكسور (على أن يكون ضما وكسرا أصليا) نحو إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ونحو وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ. استثناء: يستثني من ذلك: 1 - إذا كان الحرف الأخير هاء مضمومة أو مكسورة أو تاء التأنيث المرسومة (تاء مربوطة) فإن الهاء يوقف عليها بالسكون المحض فقط والتاء المربوطة يوقف عليها بهاء ساكنة فقط (¬1). والروم يكون في آخر الكلمة ولم يرد في وسطها إلا في كلمة (تأمنا) من سورة يوسف ومثلها ما مَكَّنِّي فِيهِ من الكهف والروم كالوصل (رومهم كما وصلهم). والروم: الإتيان بثلث الحركة أما الاختلاس: فهو الإتيان بثلثي الحركة، كما يكون الاختلاس في المفتوح والمضموم والمكسور. ثالثا: الإشمام تعريفه: هو ضم الشفتين (بغير انطباق) بعيد تسكين الحرف كهيئتهما عند النطق بالواو وهو يري ولا يسمع. ولا يكون الإشمام إلا في المضموم، ولا يكون الإشمام إلا في آخر الكلمة فيما عدا كلمة (تأمنا) من سورة يوسف، ولا يكون الإشمام إلا كما يكون الوقف (أي كما يكون الوقف بالسكون المحض). ¬

_ (¬1) بغية الرحمن، محمد بن شحادة الغول، ص 89.

مقارنة بين الروم والإشمام

يقول الإمام الشاطبى فى تعريف الروم والإشمام: ورومك إسماع المحرك واقفا ... بصوت خفىّ كل دان تنولا والإشمام إطباق الشفاه بعيد ما ... يسكن لا صوت هناك فيصحلا مقارنة بين الروم والإشمام [تصوير] فائدة الروم والإشمام: فائدتهما إعلام السامع بحركة الحرف الموقوف عليه وعلى ذلك فإن كان القارئ منفردا فليس عليه روم ولا إشمام عدا كلمة (تأمنا). الخلاصة: 1 - يجوز الوقف بالسكون المحض، والروم، والإشمام علي المضموم، والمرفوع عدا الهاء والتاء المربوطة. 2 - يجوز الوقف بالسكون والروم على المكسور والمجرور والمضموم والمرفوع عدا الهاء والتاء المربوطة. 3 - يجوز الوقف بالسكون فقط علي هاء التأنيث وعلي الكسرة التي جيء بها لالتقاء الساكنين وضمة ميم الجمع التي جاء بعدها ساكن، وعلي الساكن وصلا ووقفا، والمنصوب غير المنون. (مواضع السكت) سبق أن تعرضنا لتعريف السكت في مقدمة الكلام عن الوقف وبينا الفرق بين السكت والوقف والقطع. والسكت عند حفص يوجد في القرآن كله في ستة مواضع أربعة منها إجبارية واثنان اختياريان.

السكتات عند حفص

السكتات عند حفص رواية عاصم بطريق الشاطبية مواضع السكت عند حفص أربعة حكمها الوجوب وهي: 1 - على ألف (عوجا) [الكهف: 1]. 2 - على ألف (مرقدنا) [يس: 52]. 3 - على نون (من راق) [القيامة: 27]. 4 - على لام (بل ران) [المطففين: 14]. ويجوز للقارئ في السكتتين الأوليين أن يختار بين السكت إن أراد الوصل وبين الوقف إن رأي أن يقف فكلاهما جائز ولا مانع من أحدهما وفي السكتتين الأخيرتين يمتنع الإدغام بين الحرف الذي قطع الصوت عليه والحرف الذي يليه ويلزم الإظهار. موضعا السكت الاختياري عند حفص هما: 1 - الانتقال من آخر سورة [الأنفال] إلى أول سورة [التوبة]. 2 - في قوله تعالى ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ* هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ وذلك في حال وصل الآيتين من غير وقف على الأولى فالقارئ مخير بين إدغام المتماثلين (بين هاء «ماليه» وهاء «هلك») وبين السكت على ماليه ووصلها بهلك. كيفية الوقف على أواخر الكلمات 1 - الوقف على التنوين: إن كان الموقوف عليه منونا مرفوعا أو مجرورا نحو (رحيم) (حميد) فيحذف منه التنوين فإن كان منصوبا أبدل ألفا نحو (خيرا) فإن كانت الكلمة منونة وكتبت بتاء التأنيث المربوطة فيوقف عليها بالهاء

الساكنة ولا يجوز الوقف عليها إلا بالسكون نحو قوله تعالى: (تَصْلى ناراً حامِيَةً) (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ) (فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ) (¬1). 2 - الوقف على المد المتصل المتطرف الهمزة: إذا وقف على نحو (شاء) جاز لحفص فيه ثلاث أوجه وهي المدود الثلاثة (القصر والتوسط والإشباع) بالسكون. ولذا جاز المد ستا من أجل السكون. وإذا وقف على نحو (في السماء) جاز فيه خمسة أوجه وهي المدود الثلاثة (القصر، أو التوسط أو الإشباع) بالسكون المحض .. والروم مع التوسط أو الإشباع فقط. وإذا وقف على نحو (يشاء) جاز فيه ثمانية أوجه وهي (المدود الثلاثة) مع السكون المحض ومثلها مع الإشمام، والتوسط والإشباع فقط مع الروم. 3 - الوقف على صلة هاء الضمير الغائب المفرد: مثال للهاء المضمومة (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ). حكمها: عند الوقف عليها تحذف واو الصلة الملفوظة غير المكتوبة. مثال الهاء المضمومة: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ). عند الوقف عليها تحذف واو الصلة الملفوظة غير المكتوبة. مثال الهاء المكسورة (ما لهم به ى من علم) عند الوقف عليها تحذف ياء الصلة الملفوظة غير المكتوبة. 4 - الوقف على ألفات (أنا) وأخواتها: وهذه الألفات هي: - ألف (أنا) التي هي ضمير المتكلم، وذلك في عموم القرآن كله. - ألف (لكنا) [الكهف: 38].- ألف (الظنونا) [الأحزاب: 10]. - ألف (الرسولا) [الأحزاب: 66].- ألف (السبيلا) [الأحزاب: 67]. - ألف (قواريرا) الأولى [الدهر: 15]. ¬

_ (¬1) ملخص (عمدة البيان في تجويد القرآن)، ص 68، 71.

حكمها: تثبت الألف الواقعة في الكلمات السابقة وقفا وتحذف وصلا. 5 - الوقف على الألف المحذوفة وصلا ووقفا وإن ثبتت رسما وهذه وقعت في لفظين: أولهما: ألف (ثمودا). وذلك في «أربعة مواضع» (¬1) وثانيهما: ألف (قواريرا) الثانية [الدهر: 16]. حكمها: تسقط الألف وصلا ووقفا من اللفظين رغم ثبوتها رسما في كتابة المصحف. 6 - الوقف على كلمة (سلاسلا) [الدهر: 4]: قرأها حفص بغير تنوين وصلا، ووقف عليها بالألف، ومن غير الألف، مع إسكان اللام من طريقي الشاطبية، وطيبة النشر. 7 - الوقف على ما حذفت ياؤه الأخيرة رسما: إذا وقف على مثل قوله تعالى (ويستحي) [القصص: 4] وفي كل ما حذفت ياؤه الأخيرة من أجل التماثل والتشاكل نحو (يحي) فيوقف عليه بإثبات الياء الأخيرة المحذوفة رسما. 8 - الوقف على المد العارض للسكون: إذا كان ما قبل الحرف الأخير من الكلمة حرف مد أو حرف لين، وكان الحرف الأخير مفتوحا قبل الوقف عليه، فليس فيه إلا السكون المحض مع (الطول أو التوسط أو القصر). (رَبِّ الْعالَمِينَ) * (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) * وإذا كان مضموما ففيه سبعة أوجه (الطول أو التوسط أو القصر)، ومثلها مع الإشمام وسابعها الروم مع القصر نحو (نستعين) - (خير) وإن كان الحرف الأخير مكسورا ففيه أربعة أوجه (الطول- التوسط- القصر) مع السكون ورابعها القصر مع الروم نحو (الرحيم) (على قوم). ¬

_ (¬1) المواضع الأربعة هي: هود: 68، والفرقان: 38، والعنكبوت: 38، والنجم: 51.

(الوقف على أواخر الكلمات بالحذف)

(الوقف على أواخر الكلمات بالحذف) ويكون الحذف في ثلاثة حروف هي: (الألف) و (الواو) و (الياء) والمقصود بالحذف: إسقاط الحرف لفظا (أي عدم النطق به) رغم ثبوته خطأ بالمصحف. أولا: حذف الألف 1 - تحذف الألف وفقا لحذفها رسما في ثلاث كلمات فقط وهي: (أيه المؤمنون) [النور: 31]- (يا أيه الساحر) [الزخرف: 49]- أَيُّهَ الثَّقَلانِ [الرحمن: 31]. (أيه) اتباعا لرسم المصحف وقد حذفت الألف منها على نية الوصل، لأنه صادف أن جاء بعدها همزة وصل. ونقف عليها بالسكون. 2 - تحذف ألف (ما) الاستفهامية إذا دخل عليها حرف من حروف الجر نحو: عَمَّ يَتَساءَلُونَ [النبأ: 1]، فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها [النازعات: 43]، فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ [النمل: 35]، فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ [الطارق: 5]. 3 - الألف المحذوفة خطا، ووقفا، ووصلا نحو: وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ [البقرة: 247] ونحو وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ [لقمان: 17]. 4 - ألف (ثمودا) وقد سبق الإشارة إليها في مواضعها الأربعة. 5 - (قوارير) في الموضع الثاني من قوله تعالى: قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ [الإنسان: 16]. حكمها: الوقف بالسكون على ما قبل الألف المحذوفة اتباعا لرسم المصحف. ثانيا: حذف الواو: وهي الواو المحذوفة من رسم المصحف لغير علة «كعلامة الجزم أو البناء أو نحو ذلك» وجاءت في خمسة مواضع كلها (أفعال) ما عدا كلمة واحدة فهي (اسم):

ثالثا: حذف الياء:

1 - قال تعالى: وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ [الإسراء: 11]. 2 - قال تعالى: يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ [القمر: 6]. 3 - وقال تعالى: وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ [الشورى: 24]. 4 - قال تعالى: سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ [العلق: 18]. 5 - قال تعالى: فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ [التحريم: 4]. ويوقف على الأفعال: (ويدع) (يمح) (سندع) بالسكون أما الكلمة الخامسة (صالح) فمختلف فيها. فبعض العلماء يرى أنها (مفرد) وعلى ذلك فلا دخل لها ببحثنا هذا. والبعض الآخر يرى أن أصلها (وصالحو المؤمنين) على أنها مضاف و (المؤمنين) مضاف إليه وحذفت النون من (صالحون) للإضافة ثم حذفت الواو أيضا من غير علة كما حذفت من الأفعال السابقة وعلى ذلك يوقف عليها بدون واو كما رسمت. كما يضاف إلى ما سبق واو هاء الكناية للمفرد الغائب (مد الصلة) عند الوقف (سبق الكلام عنها). ثالثا: حذف الياء: رسمت بعض الكلمات بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم محذوفة الياء على نية الوصل ونقف عليها بحذف الياء اتباعا لرسم المصحف. وقد نقل بعض القراء إلينا إثبات الياء المحذوفة عند الوقف بالعودة بها إلى الأصل. وهذه الياء محذوفة عند الجميع حال الوصل أما حال الوقف فإن حفصا يحذفها أيضا مراعاة لرسم المصحف والأمثلة على الياء المحذوفة كثيرة نورد هنا بعضا منها ونقيس عليها بقية ما جاء في المصحف الشريف من ياءات محذوفة. الأمثلة على الياءات المحذوفة: 1 - ما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ [الروم: 53].

حكم الوقف على قوله بلى * ونعم * وكلا *

2 - إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ [يس: 23] 3 - مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ [الصافات: 163]. 4 - فَما تُغْنِ النُّذُرُ [القمر: 5]. 5 - وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ [الرحمن: 24]. 6 - الْجَوارِ الْكُنَّسِ [التكوير: 16]. 7 - وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ [المائدة: 3]. 8 - فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ [المائدة: 3]. 9 - نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ [يونس: 103]. 10 - يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ [ق: 41]. 11 - لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا [الحج: 54]. 12 - بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ [طه: 12]. 13 - حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ [النمل: 18]. 14 - مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ [القصص: 30]. حكم الوقف على قوله بَلى * ونِعْمَ* وكُلا* أولا: (بلى) وقعت (بلى) في القرآن في اثنين وعشرين موضعا في خمس عشرة سورة وهي على ثلاثة أقسام: الأول: قسم يختار الوقف عليه الثاني: قسم يمتنع الوقف عليه الثالث: قسم اختلف فيه بين جواز الوقف وامتناعه. القسم الأول: وهو ما تقع فيه (بلى) جوابا لما قبلها وحكمها الوقف عليها وهو في عشرة مواضع ثلاثة منها بالبقرة:

القسم الثاني:

1 - أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ بَلى [81] 2 - إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بَلى [112] 3 - أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى [260] وواحد منها بآل عمران: 5 وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ بَلى وواحد منها بالأعراف: 172 أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى وأول موضعي النحل: 28 ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى وواحد بسورة [يس: 81] بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وواحد بسورة (غافر) قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى وأول موضعي الأحقاف: 33 بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى وواحد بسورة [الانشقاق: 15] إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ بَلى القسم الثاني: أن يكون ما بعدها متعلقا بها وبما قبلها حكمها عندئذ: يمتنع الوقف عليها في سبعة مواضع هي: 1 - بالأنعام: أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ، قالُوا بَلى وَرَبِّنا [آية: 30] 2 - بالنحل: مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا [آية: 38] 3 - بسبإ: قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ [آية: 3] 4 - بالزمر في الأول منها: بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي [آية: 59] 5 - بالأحقاف في ثاني حرفيها: قالُوا بَلى وَرَبِّنا [آية: 34] 6 - بالتغابن: قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ [آية: 17] 7 - بالقيامة: بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ [آية: 4]

القسم الثالث:

القسم الثالث: أن يكون ما بعدها متصلا بها وبما قبلها. وحكمها عندئذ: مختلف فيه وذلك في خمسة مواضع: 1 - بآل عمران: بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ بَلى إِنْ تَصْبِرُوا [آية: 25] 2 - بالزمر: قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ [آية: 71] 3 - بالزخرف: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا [آية: 80] 4 - بالحديد: قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ [آية: 14] 5 - بالملك: أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ. قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا .. [آية: 9] ثانيا: (نعم) لفظ (نعم) لم يقع في القرآن إلا في أربعة مواضع يوقف علي واحد منها والثلاثة الباقية لا يوقف عليها ولا يبتدأ إلا بما قبلها. الموضع الأول: ويوقف عليه: جاء بسورة الأعراف في قوله تعالى: فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ [آية 22] وأما المواضع الثلاثة الأخرى فالذي عليه أهل الأداء فيها أنه لا يوقف عليها ولا يبتدأ إلا بما قبلها وهي: 1 - في قوله تعالى: قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ [الأعراف: 114] 2 - في قوله تعالى: قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ [الشعراء: 42] 3 - في قوله تعالى: قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ [الصافات: 18]

ثالثا: (كلا)

ثالثا: (كلا) الواقع من لفظ (كلا) في القرآن الكريم ثلاث وثلاثون موضعا في خمس عشرة سورة وهي كلها في النصف الأخير منه وكلها سور مكية. وقد قسمها مكي إلى أربعة أقسام (¬1) القسم الأول: ما يحسن الوقف عليها على معنى «الردع»، ويجوز الابتداء بها على معنى «حقا» ووقع ذلك في «أحد عشر» موضعا: 1 - أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً* كَلَّا سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ ... [مريم: 79] 2 - لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا* كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ ... [مريم: 82] 3 - فِيما تَرَكْتُ* كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها ... [المؤمنون: 100] 4 - قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [سبأ: 27] 5 - ثُمَّ يُنْجِيهِ كَلَّا إِنَّها لَظى [المعارج: 15] 6 - أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ* كَلَّا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ [المعارج: 39] 7 - ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ* كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً [المدثر: 16] 8 - أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً* كَلَّا بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ [المدثر: 53] 9 - كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين: 7] 10 - فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ* كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ [الفجر: 17] 11 - مالَهُ أَخْلَدَهُ* كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ [الهمزة: 4] القسم الثاني: ما لا يحسن الوقف عليها ولا الابتداء بها بل توصل بما قبلها وبما بعدها وهو موضعان: أولهما: من سورة النبأ: ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ [آية: 5] ¬

_ (¬1) كما ذكر السيوطي في الإتقان.

القسم الثالث:

وثانيهما: من سورة التكاثر: ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ [آية: 4] القسم الثالث: ما يحسن الوقف عليها ولا يجوز الابتداء بها بل توصل بما قبلها. وهو موضعان في الشعراء: الأول: فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ* قالَ كَلَّا فَاذْهَبا بِآياتِنا ... [الشعراء: 15] الثاني: ... إِنَّا لَمُدْرَكُونَ* قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ [الشعراء: 62] القسم الرابع: ما لا يحسن الوقف عليها ولكن يبتدأ بها وهو الثماني عشرة الباقية الآتية: 1 - كَلَّا وَالْقَمَرِ [المدثر: 32]. 2 - كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ [المدثر: 54]. 3 - كَلَّا لا وَزَرَ [القيامة: 11]. 4 - كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ [القيامة: 20]. 5 - كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ [القيامة: 26]. 6 - كَلَّا سَيَعْلَمُونَ [النبأ: 4]. 7 - كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ [عبس: 11]. 8 - كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ [عبس: 23]. 9 - كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ [الانفطار: 9]. 10 - كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ [المطففين: 7]. 11 - كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين: 5]. 12 - كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ [المطففين: 15].

13 - كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا [الفجر: 21]. 14 - كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى [العلق: 6]. 15 - كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ [العلق: 6]. 16 - كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [العلق: 19]. 17، 18 - كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ* ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ [التكاثر: 3، 4]

همزتا القطع والوصل

همزتا القطع والوصل (أولا: همزة القطع): هي حرف أصلي من حروف الكلمة ولم يكن لها رسم خاص بها حتى اتخذ لها الخليل بن أحمد رأس عين (ء) رمزا لذلك الحرف المنطوق من أقصى الحلق. وقد تأتي فوق الألف كما في (أحمد) فتكون الألف الخنجرية تحتها «كرسيا» لها. وقد تأتي مرسومة تحت الألف كما في (إبراهيم) وقد تأتي فوق الواو كما في (المؤمنات) وقد تأتي تحت الياء النبرة كما في (مطمئن) وقد تأتي على السطر كما في (جاء) أو على السطر وبعدها ألف كما في مد البدل (القرءان). رسمها في المصحف: (رأس عين) (ء) ثابتة خطا ولفظا، ولا تسقط حال الوصل (¬1). أحوالها: 1 - قد تأتي ساكنة أحيانا كما في (يأبى) و (مأمن) و (مؤمن). 2 - كما تأتي متحركة بإحدى الحركات الثلاث: الفتحة مثل (أخذ) (أحمد)، أو الضمة مثل (يئوده) (أوذينا)، أو الكسرة مثل (إسماعيل) (إلياس). 3 - كما تأتي في أول الكلمة نحو: (أجل)، (أنذر)، (أنا). أو في ¬

_ (¬1) الأرجح أن الحرف الأول من حروف الهجاء هو «الهمزة» وليس الألف التي تحمل الهمزة فوقها، لتظهرها بارزة لا تخفى، ولا تختلط بغيرها، فشأن الألف في هذا كشأن الواو، والياء اللتين تستقر فوقهما الهمزة في كتابة بعض الكلمات. أما الألف الأصلية، فمكانها في الترتيب الأبجدي بعد اللام مباشرة، حتى لقد اندمجت- بسبب سكونها واستحالة النطق بها منفردة- في اللام وصارتا «لا» مع أنهما حرفان، لا حرف واحد»، النحو الوافي، الأستاذ حسن عباس ج 1 ص 13.

(ثانيا: همزة الوصل):

وسطها نحو: (ينبئكم)، (الملائكة)، (بئر). أو في آخرها نحو: (شيء)، (ماء)، (سيء). 1 - وقد تأتي في الأسماء كما في (إبراهيم)، وفي الأفعال كما في (أخذ)، (يؤمن)، وفي الحروف كما في (أو) و (إن) و (إلى). 2 - ننطق بها محققة «ابتداء»، و «وصلا». سبب تسميتها: سميت همزة قطع لأنها تقطع الحرف الذي قبلها أثناء النطق بها عن الحرف الذي بعدها. (ثانيا: همزة الوصل): تعريفها: هي همزة مرسومة في أول الكلمة، ورسمها في المصحف رأس صاد (ص) ولا ترسم إلا فوق الألف، فالألف كرسيّ لها، ولا تأتي إلا في أول الكلمة فقط، وهي تحقق ابتداء، وتسقط وصلا في درج الكلام. سبب تسميتها: سميت بهمزة الوصل لأنها يتوصل بها للنطق بالساكن فمن المعروف عند العرب أنه لا يبتدأ بساكن، كما لا يوقف على متحرك، فلا بد من الحركة في الابتداء فإن كان أول الكلمة ساكنا فلا بد من همزة الوصل للتوصل إلى النطق بالساكن ولهذا سماها الخليل بن أحمد (سلم اللسان) (¬1). مواضعها: توجد همزة الوصل في: الأسماء، والأفعال، والحروف. أولا: همزة الوصل في الأسماء: (أ) تكون همزة الوصل في الأسماء المشتقة قياسيا وذلك في موضعين: 1 - مصدر الفعل الماضي الخماسي نحو: (اختلاف)، (ابتغاء)، (افتراء)، (انتقام). 2 - مصدر الفعل الماضي السداسي نحو: (استكبار)، (استغفار)، (واستفتحوا). حكمها: «الكسر» في حالة الابتداء بها. ¬

_ (¬1) انظر: عمدة البيان، الشيخ محمد سعيد الأفغاني.

(فوائد):

(ب) كما تكون همزة الوصل في الأسماء الجامدة غير المشتقة. وهي سماعية في عشرة مواضع في اللغة سبعة منها وردت في القرآن الكريم وهي: 1 - (ابن) نحو (عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ).* 2 - (ابنة) نحو (مَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ) - (إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ). 3 - (امرؤا) نحو (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ). 4 - (امرأة) نحو (إن امرأت خافت)، (امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ)، (فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ). 5 - (اثنان) نحو (اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ)، (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ). 6 - (اثنتان) نحو (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ) - (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً). 7 - (اسم) نحو (مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ). وهناك ثلاثة أسماء أخرى تشارك تلك السبعة في الحكم ولم ترد في القرآن الكريم وهي: 1 - (است) وهي حلقة الدبر. 2 - (ابنم) من ابن مع زيادة التوكيد والمبالغة. 3 - (ايم) في القسم وقد يزاد فيها النون فيقال (ايمن الله). حكمها: «الكسر» في حالة الابتداء بها .. (فوائد): 1 - الأسماء السبعة السماعية همزتها همزة وصل في جميع تصريفاتها، سواء أكانت مفردة أم جمعا، أم مضافة، أم عددا مركبا. وسواء أكانت مرفوعة، أم منصوبة، أم مجرورة. 2 - كلمة (امرأة) إذا جاءت نكرة رسمت بالهاء المربوطة نحو (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا) وإن أضيفت إلى معرفة رسمت بالتاء المفتوحة (امرأت نوح) و (امرأت لوط). 3 - كلمة (اسم) أسقطت منها الألف لفظا، وخطا في

ثانيا: (همزة الوصل في الأفعال)

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) * وبقيت خطا في قوله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) وتعليل ذلك كما يقول (بن خالويه) لأنها كثرت على ألسنة العرب عند الأكل والشرب والقيام والقعود، فحذفت الألف اختصارا من الخط لأنها ألف وصل ساقطة في اللفظ. فإن ذكرت اسما من أسماء الله عز وجل وقد أضفت إليه (الاسم) لم تحذف الألف لقلة الاستعمال نحو قولك (باسم الرب) و (باسم العزيز) (¬1). أما كلمة (اسم) التى لحقت بها (ال) التعريف فأصبحت (الاسم) فلم ترد إلا في سورة الحجرات فقط. وهذه الكلمة بها همزتا وصل: الأولى فيهما في بداية الكلمة وهى همزة (ال) التعريف، والثانية وقعت بين حرفين ساكنين هما اللام والسين (ل، س) وبسقوط همزة الوصل الثانية يلتقي الساكنان (اللام والسين) فكان من المتعين تحريك أولهما (وهو اللام) بالكسر فلما تحركت اللام بالكسر لم يعد من اللازم وجود همزة الوصل الأولى، فتنطق الكلمة حال الابتداء (لاسم) بكسر اللام وهو أحد وجهين في هذه الكلمة والوجه الآخر: أنها تنطق (الاسم) وكلا الوجهين جائز (¬2). 4 - كلمة (ابن) تحذف منها همزة الوصل لفظا وخطا إذا سبقت بعلم، وكان بعدها علم كذلك. بشرط كونه صفة للأول، وأن يكون العلم الثاني أبا له- ما لم يقع أول السطر- فإن وقع أول السطر ردت له الهمزة (¬3). ثانيا: (همزة الوصل في الأفعال) إذا كانت همزة الوصل في فعل فحركة الحرف الثالث في الفعل الثلاثي هي التي تحدد حركة الابتداء بهمزة الوصل وتفصيل ذلك كما يلي: لكي نتمكن من معرفة حركة الحرف الثالث في الفعل الثلاثي نخاطب ¬

_ (¬1) إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم (ابن خالويه)، ص 9، 10. (¬2) أحكام التجويد، الشيخ أحمد عبد الفتاح. (¬3) شذا العرف في فن الصرف، الشيخ أحمد الحملاوي، ص 124.

- حكم همزة الوصل مع الحرف الثالث المفتوح:

بذلك الفعل المفرد والمثنى بصيغة الأمر. فالفعل (ذهب) مثلا نصوغ منه الأمر للمفرد فنقول (اذهب) ثم نخاطب به المثنى فنقول (اذهبا) فنجد أن عين الفعل (حرف الهاء) مفتوحة ويمكن أيضا أن نتعرف على ذلك بأن نأتي بصيغة المضارع فأقول (ذهب- يذهب) فأجد أن الهاء أيضا مفتوحة. - حكم همزة الوصل مع الحرف الثالث المفتوح: تكسر همزة الوصل إذا دخلت على ذلك الفعل فنقول (اذهب) بكسر الهمزة. - وحكم همزة الوصل مع الحرف الثالث المكسور: إذا كان الحرف الثالث مكسورا نحو (هدى- يهدي) فإن همزة الوصل تكسر أيضا في تلك الحالة. - حكم همزة الوصل مع الحرف الثالث المضموم: إذا كان الحرف الثالث من الفعل مضموما كما في (دعا- يدعو). فإن كانت الضمة أصلية ابتدأنا بهمزة الوصل (مضمومة). كما في قوله تعالى: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ وكما يقول تعالى: اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وفي قوله تعالى: اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ*. وإن كانت ضمة الحرف الثالث عارضة كما في الأفعال (اقضوا) (امشوا) (ابنوا) (امضوا) (ائتوا) فهي من الأفعال (قضى/ يقضي) (مشى/ يمشي) (بنى/ يبني) (مضى/ يمضى) (أتى/ يأتي) فلا يعتد بالضم حينئذ لكونه غير أصلى فى الفعل، ونبتدئ بهمزة الوصل مكسورة. ودليلنا على ذلك أننا لو صغنا من تلك الأفعال فعل أمر نخاطب به المثنى لقلنا: (اقضيا) (امشيا) (امضيا) (ابنيا) (ائتيا)، وقياسا على ذلك لو أردنا أن نصوغ من كل فعل من تلك الأفعال فعل أمر نخاطب به جماعة الذكور لكان من المتوقع أن تكون صياغته هكذا: (اقضيوا) (امشيوا) (امضيوا) (ابنيوا)

ثالثا: إذا كانت همزة الوصل في حرف:

(ائتيوا). ولكن لثقل الكسرة قبل حرف العلة المضموم، حذفنا حرف العلة (الياء المضمومة)، ثم جئنا بحركة عارضة مجانسة لواو الجماعة وهي الضمة على الحرف السابق للواو. ومن ذلك نتبين أن الضمة الموجودة هي ضمة عارضة مجلوبة لمجانسة واو الجماعة، وليست ضمة أصلية في الفعل (والضم العارض ورد في القرآن في الأفعال الخمسة السابقة فقط). - أما إذا كان الفعل مبنيا للمجهول كما في قوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ* ووَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ* فإننا نبدأ بهمزة الوصل (مضمومة). ثالثا: إذا كانت همزة الوصل في حرف: ولا تدخل همزة الوصل على حرف من الحروف إلا على اللام الساكنة من (ال) التعريف كما سبق أن أوضحنا في كلامنا عن اللام الشمسية واللام القمرية. ولا تكون إلا مفتوحة عند البدء بها، وتسقط وصلا، ومن أمثلتها: (الله)، (الكتاب)، (القتال)، (الزجاجة)، (التي). وخلاصة ما سبق من أحكام همزة الوصل كما يلى: 1 - تكون همزة الوصل مكسورة عموما باستثناء «أربعة مواضع» فتكون مفتوحة في موضع واحد منها، ومضمومة في الثلاثة الأخر وتوضيح ذلك كما يلي: 1) تفتح همزة الوصل في (ال) التعريف نحو (الآخرة) (اليوم) 2) تضم همزة الوصل في ثلاث مواضع هى: أ- أن تكون في فعل ماض ممدود نحو (ادعوا) ب- أن تكون في فعل صحيح غير معتل مضارعه مضموم العين (أي الحرف الثالث منه) نحو ..... (اسكن) (ادخلوا) (انظروا) (اعبدوا) ج- أن تكون في ماضي الفعل الخماسي والسداسي المبني للمجهول نحو ..... (اتبعوا) (استهزئ) (اجتثت) (استحفظوا)

(مقارنة بين همزة الوصل وهمزة القطع)

(مقارنة بين همزة الوصل وهمزة القطع) [تصوير] (اجتماع همزتي الوصل والقطع) لاجتماع همزتي الوصل والقطع في كلمة واحدة إحدى حالتين: 1 - أن تتقدم همزة الوصل على همزة القطع. 2 - أن تتقدم همزة القطع على همزة الوصل. أولا: تقدم همزة الوصل على همزة القطع: ولا يتحقق ذلك إلا في «الأفعال فقط»، وله حالتان: 1 - وصل الفعل بما قبله. 2 - الابتداء بالفعل. 1 - وصل الفعل بما قبله: عند وصل الفعل الذي اجتمعت فيه الهمزتان بما قبله: تثبت همزة القطع الساكنة بينما تسقط همزة الوصل لفظا في درج الكلام كالمعتاد وتبقى صورتها الخطية فقط. مثال ذلك (فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ) و (أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ).

2 - الابتداء بالفعل:

2 - الابتداء بالفعل: إذا ابتدئ بالفعل الذي به الهمزتان تثبت أولا همزة الوصل وقد تحركت بإحدى الحركات الثلاث حسب القاعدة التي تربط بين حركتها وحركة عين الفعل (أي الحرف الثالث منه) فإن كانت عين الفعل مفتوحة نحو (ائذن لي). أو مضمومة ضما عارضا نحو (ائتوني) كسرت همزة الوصل عند الابتداء بهما ويكون ما بعد كل منهما همزة قطع ساكنة وحينئذ نطبق على كلا المثالين قاعدة مد البدل فنبدل كلا من همزتي القطع ياء فيصبح الفعل الأول (ائذن لي)، ويصبح الثاني (ايتوني). فإذا كانت عين الفعل مضمومة نحو (اؤتمن) وجب ضم همزة الوصل كذلك. حينئذ تجتمع همزة مضمومة وهمزة ساكنة بعدها في كلمة واحدة فيكون علينا أن نبدل الثانية منهما واوا فنبتدئ بالفعل هكذا (اؤتمن). ثانيا: تقدم همزة القطع على همزة الوصل: وفي هذه الحالة لا تكون همزة القطع إلا «همزة استفهام». ويكون ذلك في الأفعال والأسماء. 1 - همزة الاستفهام مع همزة الوصل في الأفعال: إذا دخلت همزة الاستفهام على فعل أوله همزة وصل، سقطت همزة الوصل لفظا وخطا وبقيت همزة الاستفهام وحدها في أول الفعل مفتوحة. وقد سوغ حذف همزة الوصل أن دخول همزة الاستفهام عليها أفقدها الاحتياج إليها، كما أنه قد أمن اللبس بين الاستفهام والخبر عند حذفها لأن همزة الوصل لا تكون فى الأفعال مفتوحة أبدا فى حين أن همزة الاستفهام لا تكون إلا مفتوحة فقط. ومن هنا ساغ حذفها لفظا وخطا. وقد تحقق ذلك في سبعة مواضع في القرآن هي: 1 - في قوله تعالى: قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً [البقرة: 80].

2 - همزة الاستفهام مع همزة الوصل في الأسماء:

2 - قوله تعالى: أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً [مريم: 78]. 3 - في قوله تعالى: أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ [سبأ: 8]. 4 - في قوله تعالى: أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ [الصافات: 153]. 5 - في قوله تعالى: أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ [ص: 63]. 6 - فى قوله تعالى: أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ [ص: 57]. 7 - في قوله تعالى: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ [المنافقون: 6]. 2 - همزة الاستفهام مع همزة الوصل في الأسماء: ولا يكون ذلك إلا في اسم محلى (بال) وفي هذه الحالة تكون همزة الاستفهام وهمزة الوصل مفتوحتين لأن همزة الوصل في (ال) لا تكون إلا مفتوحة فلا يجوز لنا حذفها لئلا يقع اللبس بين الاستفهام والخبر ولنا حينئذ وجهان كلاهما جائز: الوجه الأول: إبدال همزة الوصل ألف مد هو مد فرق لازم مقداره ست حركات حتى لا يلتبس الاستفهام بالخبر. الوجه الثاني: تسهيل همزة الوصل (أي النطق بها بحال بين الهمزة والألف) من غير مد مطلقا والوجه الأول هو المقدم. ولا يوجد مثال لتلك الحالة في القرآن الكريم إلا ثلاث كلمات فقط كل منها تكررت مرتين: الكلمة الأولى: آلذَّكَرَيْنِ مرتين في الأنعام 143، 144. الكلمة الثانية: آلْآنَ مرتين في سورة يونس 51، 91. الكلمة الثالثة: آللَّهُ مرتين الأولى في سورة يونس 59 والثانية في سورة النمل 59.

همزة [تصوير]

الوصل [تصوير]

تاء التأنيث وهاء التأنيث

تاء التأنيث وهاء التأنيث تاء التأنيث: هي تاء تلحق بالفعل للدلالة على أن فاعله مؤنث. فإن لحقت الفعل الماضي فإنها تلحق بآخره وتكون حينئذ ساكنة وصلا ووقفا، وترسم تاء مفتوحة (¬1)، كما تنطق تاء في الوصل والوقف. كقوله تعالى: إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ، وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ [التكوير: 2، 13]. فإن لحقت بالفعل المضارع لحقت بأوله وكانت متحركة. نحو تُؤْتِي أُكُلَها [إبراهيم: 25] فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ [التوبة: 55] وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ. أما «هاء التأنيث» فتلحق بالأسماء وهي هاء زائدة زيادة محضة للدلالة على التأنيث اللفظي (¬2) وتكون متحركة «وصلا» ساكنة «وقفا» نحو: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ [إبراهيم: 24]. ملاحظة: «بعض النحاة يسمي «هاء التأنيث»: «تاء التأنيث المتحركة المتأخرة» وعلى كل من التسميتين اعتراض من بعض النحاة الآخرين». (¬3) وهاء التأنيث التي تلحق بالأسماء يوقف عليها بالهاء وترسم تاء مربوطة: (طيبة)، (خبيثة). ¬

_ (¬1) وتسمى أيضا التاء (المبسوطة أو المجرورة). (¬2) المؤنث أنواع فمنه (المؤنث الحقيقي) وهو كل ما يلد ويتناسل حتى ولو من طريق البيض والتفريخ كالطيور، ومنه: (المؤنث المجازي) وهو الذي لا يلد ولا يتناسل ولكنه في أغلب استعمالاته اللفظية يجري على حكم وقاعدة المؤنث الحقيقي نحو (شمس- أرض- سماء) والمقصود باصطلاح (المؤنث اللفظي) الاسم الذي يشتمل لفظه علامة تأنيث سواء أكان مؤنثا حقيقيا نحو (فاطمة- عائشة) أم مؤنثا مجازيا نحو (نافذة- معلقة- سفينة) أم كان دالا على مذكر نحو (نابغة. طلحة. معاوية) معاوية) معاوية). (¬3) الصبان، ح 1، باب «المعرب والمبني» عند الكلام على الملحق بجمع المذكر السالم وانظر (النحو الوافي) عباس حسن، ج 1، ص 50.

(مقارنة بين تاء التأنيث، وهاء التأنيث)

(مقارنة بين تاء التأنيث، وهاء التأنيث) [تصوير] ما سبق ذكره من أحكام تختص بكل من هاء التأنيث، وتائه هو ما استنبطه النحاة من كلام العرب يستثنى من ذلك الحكم الخاص بهاء التأنيث الزائدة التي تلحق بالأسماء للدلالة على التأنيث، فأغلب قبائل العرب تتفق على وصلها «تاء» ويقفون عليها «هاء» كما سبق أن ذكرنا. ولكن البعض من القبائل العربية- ومنهم قبيلة (طيّء) - لم تشارك أغلب القبائل في ذلك الحكم بل خالفوهم فيه، فكانوا إذا وقفوا على كلمة مثل (نعمة- رحمة- امرأة- ابنة) يقفون عليها «بالتاء» (نطقا، وكتابة) هكذا: (نعمت- رحمت- امرأت- ابنت) فلما كتب ما نزل من الوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يديه بأيدي كتبة القرآن كتبت بعض الكلمات التي تلحقها هاء التأنيث أحيانا بالهاء المربوطة (حكمة- رحمة) وأحيانا أخرى كتبت الكلمات هي نفسها بالتاء المبسوطة (المفتوحة)

كيفية الوقوف على هاء التأنيث:

(حكمت- رحمت) ويرى الدكتور أيمن رشدي سويد- في دروسه «كيف تقرأ القرآن» - أن ذلك «توقيف» من رسول الله صلى الله عليه وسلم لحكمة يعلمها الله تعالى. كيفية الوقوف على هاء التأنيث: كان حفص رحمه الله يقف عليها كما رسمت فإن رسمت هاء مربوطة وقف عليها «بالهاء» (وعلى ذلك أيضا جميع القراء بلا خلاف) وإن رسمت مبسوطة وقف عليها «بالتاء» (وهذا الوقف مختلف فيه بين القراء) وما يعنينا هنا هو قراءة الإمام حفص عن عاصم- رحمهما الله- واعتداده «برسم» الكلمة حال الوقف عليها. وعدد الكلمات المرسومة بالهاء المفتوحة بدلا من المربوطة في القرآن الكريم (عشرون كلمة) بعضها وقع في موضع واحد بالقرآن الكريم والبعض الآخر تكرر وقوعه في أكثر من موضع. ومن هذه الكلمات العشرين ثلاث عشرة كلمة قرئت بالإفراد بإجماع القراء بلا خلاف وهي: (رحمت)، (نعمت)، (لعنت)، (امرأت)، (معصيت)، (شجرت)، (سنت)، (قرت)، (جنت)، (فطرت)، (بقيت)، (ابنت)، (كلمت). وقد وقعت هذه الكلمات في «واحد وأربعين» موضعا بالقرآن الكريم. أما الكلمات السبع الباقية التي اختلف أئمة القراء في قراءتها بين «الأفراد» و «الجمع» فهي: 1 - (كلمت) أو (كلمات) في أربعة مواضع هي: في (الأنعام: 115) وفي (يونس: 33) وفي (يونس: 96) وفي (غافر: 6) وحفص يقرؤها بالإفراد. 2 - غيابت (غيابات) في موضعين: (يوسف: 10) و (يوسف: 15). 3 - بينت (بينات) في موضع واحد: (فاطر: 40). 4 - جمالت (جمالات) في موضع واحد (المرسلات: 33).

5 - آيت (آيات) في موضعين: (يوسف: 7) حفص يقرؤها بالجمع (العنكبوت: 50) 6 - الغرفت (الغرفات) في موضع واحد (سبأ/ 37) وحفص يقرؤها بالجمع. 7 - ثمرت (ثمرات) في موضع واحد (فصلت: 47) وحفص يقرؤها بالجمع. وتشير الجزرية إلى الكلمات التي رسمت أحيانا بالهاء المبسوطة بدلا من المربوطة والسور التي وردت بها: ورحمت الزخرف بالتّا زبره ... الأعراف روم هود كاف البقرة نعمتها ثلاث نحل إبرهم ... معا أخيرات عقود الثّان هم لقمان ثمّ فاطر كالطّور ... عمران لعنت بها والنّور وامرأت يوسف عمران القصص ... تحريم معصيت بقد سمع يخص شجرت الدّخان سنّت فاطر ... كلا والأنفال وأخرى غافر قرّت عين جنّت في وقعت ... فطرت بقيّت وابنت وكلمت أوسط الأعراف وكلّ ما اختلف ... جمعا وفردا فيه بالتّاء عرف والجداول التالية تشير إلى تلك الكلمات مع تحديد السورة والآية التي وقعت بها كل كلمة منها وعدد مرات وقوعها بالهاء المفتوحة في القرآن الكريم

كلمات رسمت بالهاء المبسوطة (أحيانا) بدلا من المربوطة مع بيان مواقعها بالقرآن الكريم [تصوير] كلمات رسمت بالهاء المبسوطة ووقعت في موضع واحد من القرآن الكريم [تصوير] الكلمات: (كلمت- بقيت- قرت- شجرة- جنت) رسمت في مواضعها في القرآن الكريم بالهاء المربوطة فيما عدا الموضع بالجدول أما (فطرت وابنت) فلا ثاني لموضع كل منهما بالقرآن الكريم.

المقطوع والموصول

المقطوع والموصول المقطوع: هو الكلمة التي رسمت مفصولة عما بعدها في رسم المصحف العثماني ومثال ذلك (كل) عند ما تقطع عن (ما) كما في وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ [إبراهيم: 34] والقطع هو الأصل. الموصول: هو الكلمة التي رسمت موصولة بما بعدها في رسم المصحف العثماني ومثال ذلك (كل) عند ما توصل ب (ما) وتكتب هكذا (كلما) كما في قوله تعالى: كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ. وتتضح فائدة معرفة القارئ بالمقطوع والموصول من الكلمات القرآنية عند اضطراره للوقف (الاضطراري) كضيق النفس أو العطاس أو ما شابه ذلك. وكذلك عند الوقف (الاختباري) إن كان في موقع الاختبار من شيخه أو أستاذه. فإن علم أن الكلمة الأولي مقطوعة عن الثانية رسما وجب الوقف علي الجزء الأول من الكلمتين. وإن علم أن الكلمة الأولى موصولة بالثانية رسما فلا يجوز له الوقف حينذاك إلا على نهاية الكلمتين باعتبارهما كلمة واحدة. ومن مواضع القطع ما هو متفق عليه، ومنها ما هو مختلف فيه. وكذلك مواضع الفصل وفيما يلي بيان ذلك:

[تصوير]

[تصوير]

[تصوير]

[تصوير]

[تصوير]

تم بحمد الله

§1/1