المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد

البهوتي

الصندوق الخيري لنشر البحوث والرسائل العلمية (12) الدراسات الفقهية (9) المِنَحُ الشَّافِيات بِشَرْحِ مُفْردَاتِ الإمَامِ أحْمَد تأليف العلامة منصور بن يونس بن صلاح الدين البهوتي تحقيق ودراسة فضيلة أ. د. عبد الله بن محمد المُطلَق عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية الجزء الأول كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع

دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع، 1427هـ فهرسه مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر المطلق، عبد الله بن محمَّد المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد/ عبد الله بن محمَّد المطلق - الرياض 1427 هـ 444 ص: 17×24 سم ردمك: 1 - 13 - 701 - 9960 (مجموعة) ×-140 - 701 - 9960 (ج1) 1 - الفقه الحنبلي أ- العنوان ديوى 258،4 2997/ 1426 رقم الإيداع: 2997/ 1426 ردمك: 1 - 13 - 701 - 9960 (مجموعة) ×- 14 - 701 - 9960 (ج1) ساعد على نشره ليباع بسعر التكلفة مؤسسة سليمان بن عبد العزيز الراجحي الخيرية - جزاهم الله خيرًا- جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة الطبعة الأولى 1427هـ - 2006م دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع المملكة العربية السعودية ص. ب 27261 الرياض 11417 هاتف: 4742458 - 4773959 - 4794354 فاكس: 4787140 E-mail: [email protected]

المِنَحُ الشَّافِيات بِشَرْحِ مُفْردَاتِ الإمَامِ أحْمَد (1)

{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}

مقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا أما بعد .. فسأتحدث في هذه المقدمة عن الأمور التالية: 1 - أهمية البحث. 2 - أسباب اختياري لهذا الموضوع. 3 - خطة البحث. أما أهمية البحث: فإن الفقه من أهم العلوم وأشرفها، وحاجة الناس إليه متجددة متكررة، وقد بين - صلى الله عليه وسلم - أن من أراد الله به خيرًا فقهه في الدين، ذلك أن من أوتي الفقه في الدين فقد أوتي القرآن وتفسيره، وأوتي العلم بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -

وإجماع الأمة ووسائل الاستنباط، فتلك مصادر الفقه وموارد الفقيه التي يستقي منها الفتوى في كل مسألة عويصة وحادثة جديدة. وقد ضرب فقهاء السلف في ذلك بسهم وافر، وكانوا سببًا في الثراء الكبير، الذي افتخرت به المكتبة الإِسلامية، بما ألفوا من الكتب وقعّدوا من القواعد، وبما خرّجوا من التلاميذ الذين حملوا المشعل بأمانة إلى من بعدهم، وساروا بالأمة على النهج الواضح القويم. كان من أبرز هؤلاء الأئمةُ الأربعةُ الذين انتشرت مذاهبهم وكثر أتباعهم، وقد تتابع أتباع كل مذهب من هذه المذاهب على التأليف فيه وتدريسه ونشره، ولن ينقطع هذا الاهتمام ما دامت الأمة معتزة بتشريعها وتراثها، متصلة بماضيها الخالد النفيس. وكان الإمام أحمد بن حنبل أحد هؤلاء الأئمة، واحد أئمة الحديث الكبار الذين حفظوا الأحاديث وأتقنوا الآثار وأجادوا تلك الصناعة حتى كان من أحذق صيارفة الحديث، ولقد كان مصدر شهرة الإمام أحمد في الحديث ما امتاز به من حفظ منقطع النظير، وما تركه من آثار كبيرة في هذا المجال. فلقد كان من آثاره -رحمه الله-: 1 - كتاب المسند، المشهور وفيه ما يقرب من أربعين ألف حديث -بالمكرر- مطبوع. 2 - كتاب التفسير، وعدد أحاديثه مائة وعشرون ألفًا (¬1). ¬

_ (¬1) وقد استبعد الذهبي -في سير أعلام النبلاء 13/ 521 - 522، في ترجمة عبد الله بن الإمام أحمد- أن يكون مثل هذا الكتاب للإمام أحمد للأسباب التالية: 1 - عدم وصول شيء منه إلينا، مع اهتمام علماء الحنابلة بتراث أحمد ووفرتهم ببغداد. 2 - أنه لو كان لأحمد لنقحه من الأحاديث التي لا تثبت ولم يصل عدد أحاديثه إلى هذا القدر. 3 - أن الإمام أحمد كان لا يرى التصنيف وإنما جمع المسند ابنه عبد الله، حيث كان يسمعه من والده نسخًا وأجزاءً.

3 - كتاب الزهد، وهو في مجلد، وهو مملوء بالأحاديث والآثار- مطبوع. 4 - كتاب الصلاة- مطبوع. 5 - كتاب المناسك الكبير، وكتاب المناسك الصغير. 6 - حديث شعبة. 7 - كتاب السنة. 8 - كتاب الفتن. 9 - كتاب الورع. 10 - كتاب الترجل. وغيرها من الكتب، وكلها مملوءة بالأحاديث والآثار الكثيرة التي تدل على ما يتصف به الإمام من تضلع متين في الحديث وحفظ كبير للآثار. ولقد أثر هذا الرصيد الضخم من الأحاديث والآثار على منهج الإمام الفقهي، فلقد استطاع -رحمه الله- أن يستل فتاواه الفقهية مما حازه من تلك الذخيرة الفائقة، وذلك المخزون العميق من الحديث والأثر، فبدت فتاواه وكأنها آثار بحتة، حيث اصطبغت بصبغتها واندمجت في ثناياها. ولقد كان هذا الرصيد الضخم سببًا قويًا وظاهرًا من أسباب انفراد الإمام أحمد بمسائل فقهية عن بقية الأئمة الأربعة، فقد تتوفر عنده طرق الحديث حتى يشاهد صحتها، أو تتضح عنده الرؤية حولها فيجزم بأحكامها وعدم نسخها، وقد تصل إليه فتاوى الصحابة في الموضوع فلا يبغي بها بديلًا ولا يرضى بغيرها من الأقيسة دليلًا. ومن عرف أحمد فقيهًا محدثًا متشبعًا بآثار الصحابة والتابعين، لا بدّ أن يحسب لمفرداته ألف حساب، مما يجعله يتتبع مستنده فيها، فيبحث ويدقق. فلعل حافظة الإمام وَعَتْ شيئًا فات من قبله، أو أدرك آثارًا لم تصل سابقيه. رحم الله الجميع، فقد كان قصدهم حسنًا وهدفهم واحدًا. وكلهم من رسول الله مقتبس ... غَرْفًا من البحر أو رشفًا من الديمِ

أسباب اختياري للموضوع

أسباب اختياري للموضوع: لقد كان من أبرز أسباب اختياري للموضوع، ما كان يستوقفني كثيرًا عند قراءتي في كتاب الإنصاف، حين يسوق روايات المذهب الحنبلي، بأن هذه الرواية أو هذا القول أو الوجه من مفردات المذهب. ولما كنت أعرف انتماء أحمد إلى مدرسة أهل الحديث، وتتلمذه على الشافعي الذي درس على الإمامين مالك ومحمَّد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة، فقد كنت استكثر هذه المفردات وأفكر في ثبوتها عن الإمام. ولقد نشأ في نفسي محبة الاطلاع على المفردات ومعرفة مستند أحمد في كل مسألة، وهل مذهبه فيها راجح أو مرجوح، وما موقف محققي مذهبه الذين جمعوا -كإمامهم- بين الفقه والحديث، وسلكوا نهجه في تحري السنة الثابتة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -. ولقد علمت أن الشيخ محمَّد بن علي بن عبد الرحمن المقدسي المتوفى سنة 820 هـ قد جمع ما انفرد به أحمد في صحيح مذهبه المشهور عن الأئمة الثلاثة في كتاب سماه "النظم المفيد الأحمد في مفردات الإمام أحمد"، وشرحه شيخ المذهب في عصره، العلامة منصور بن يونس البهوتي سنة 1051 هـ ولقد رأيت هذا الشرح مطبوعًا سنة 1344 هـ طباعة سيئة فيها بياض كثير وتصحيف وتحريف. كما وجدت مسائل كثيرة مما عده الناظم من المفردات -وسلم له الشارح ذلك- قد نص عليها أئمة المذاهب الأخرى، وهي موجودة في كتب مذاهبهم المتداولة الآن بين أيدي طلبة العلم في المكتبات العامة. لذلك رأيت أن أسهم في هذا المجال بخدمة هذا الكتاب الذي احتوى على الخرائد الفريدة في الفقه الحنبلي، وذلك بتحقيق عبارته وإلقاء الأضواء على حياة مؤلفه، وآثاره العلمية، ومنهجه في الكتاب، وتتبع المسائل المفردة في الكتاب في مظانها من كتب الفقه في المذاهب الأخرى، وأسجل ما أجده مما وافق فيه أحد الأئمة الثلاثة أحمد، مما يدلّ على عدم الانفراد. ورأيت تتميمًا للفائدة أن أسجل رأي شيخ الإِسلام ابن تيمية وتلميذه ابن

خطة البحث

القيم إذا رجحا المفردة واستحسناها، كما أسجل رأي المحققين من غير الحنابلة إذا أيدوا ما انفرد به أحمد، وذلك كابن حزم الظاهري والنووي والكمال ابن الهمام وعلاء الدين الكاساني والشوكاني والصنعاني. خطة البحث: لقد سرت في دراسة هذا الكتاب وتحقيقه على الخطة التالية: أولًا: الدراسة وهي قسمان: القسم الأوّل ويشمل: أ- التعريف بمفردات الأمام أحمد ويشمل: 1 - تعريف المفردات. 2 - لكل إمام مفردات. 3 - التأليف في مفردات أحمد. 4 - منهج الإمام أحمد في الفقه. 5 - أصول مذهب الإمام أحمد. 6 - نظرة في المفردات. 7 - أسباب الانفراد. ب- التعريف بمؤلف الكتاب، ويشمل: 1 - عصره. 2 - نسبه ومولده. 3 - نشأته وتعلمه. 4 - خلقه. 5 - صلاته بعلماء نجد.

6 - شيوخه. 7 - تلاميذه. 8 - مؤلفاته. 9 - وفاته. جـ- التعريف بالكتاب، ويشمل: 1 - العنوان. 2 - نسبته إلى المؤلف. 3 - منهج المؤلف فيه. 4 - قيمة الكتاب. 5 - المآخذ على الكتاب. 6 - مصادر الكتاب. أما القسم الثاني من الدراسة: وهو الخاص بالمسائل الفقهية المذكورة في الكتاب، والذي يتطلب البحث والتنقيب عن كل مسألة مفردة في كتب المذاهب الأخرى، لنرى هل سلم للمؤلف ومن قبله الناظم ما ذكراه من انفراد أحمد بها، أم أن أحدًا من الأئمة شارك أحمد في القول بها؟ -فلقد وزعت حاصل هذه الدراسة على المسائل الفقهية في الكتاب، فحيث وجدت في مسألة من المسائل أن أحد الأئمة قد شارك أحمد في المسألة، أذكر ذلك تعليقًا في الحاشية، وأنقل ما رأيته من كتب المذاهب بنصه، ذاكرًا اسم الكتاب الذي نقلت منه ورقم الجزء والصفحة التي فيها هذا الكلام. وربما نقلت من وافق أحمد من غير الأئمة الثلاثة من علماء السلف أو محققي المذاهب الأخرى. ولقد حرصت على نقل اختيارات شيخ الإِسلام ابن تيمية وتلميذه ابن

ثانيا: التحقيق

القيم لما انفرد به أحمد من المسائل؛ لأنّ اختيار هذين العالمين المحققين يمنح المفردة مزيد القوة عند طلبة العلم، الذين يبحثون عن الراجح بالدليل. ثانيًا: التحقيق ويشمل: 1 - عرض لنسخ الكتاب المخطوطة، يشتمل على بيان عدد النسخ، ومكان كل نسخة ورقمها في المكتبة، واسم ناسخها وسنة الفراغ من نسخها وعدد أوراقها وعدد الأسطر بكل ورقة ووصف حالة المخطوط الراهنة. 2 - عرض موجز، يبين المنهج الذي سلكته في التحقيق، ويوضح أهم ملامحه، وتتمثل في الخطوات التالية: أ- المقابلة بين النسخ لتصحيح عبارة الكتاب وإثبات ما يغلب على الظن أنه عبارة المؤلف. ب- أشرت إلى رقم الآيات القرآنية الموجودة في الكتاب وسورها. جـ- خرجت الأحاديث والآثار الموجودة في الكتاب مشيرًا إلى مواضعها من كتب الحديث والأثر. د- بذلت جهدي في مقابلة النصوص المنقولة في الكتاب بمصادرها الأصلية، وبيان مكانها في الكتب المطبوعة منها. ولم ألتزم الإشارة إلى مرجع المؤلف حين يعبر بقوله: اختاره، أو قدمه، أو قطع به أو جزم به؛ لأمرين: 1 - أن المؤلف نقل هذه العبارات من الإنصاف، وقد أشار إلى ذلك في مقدمة كتابه. 2 - أنه لم يكن في هذه العبارة نص منقول يتحقق من صحة عبارته، خوف تحريف النساخ، أو سبق قلم المؤلف أو الناسخ. هـ -عرّفت بالمواضع الموجودة في الكتاب.

ثالثا: وضعت الفهارس الآتية لخدمة الكتاب

و- عزوت الشواهد اللغوية في الكتاب إلى قائليها، ونسبتها إلى مواضعها من دواوين الشعراء وكتب اللغة. ز- ترجمت للأعلام العلماء الموجودين في هذا الكتاب، وجعلت ذلك في آخر الكتاب مرتبًا على حروف الهجاء. ثالثًا: وضعت الفهارس الآتية لخدمة الكتاب: 1 - فهرس الآيات القرآنية. 2 - فهرس الأحاديث النبوية والآثار. 3 - فهرس الشواهد اللغوية والنحوية. 4 - فهرس مراجع التحقيق والدراسة. 5 - فهرس مواضيع الكتاب. والله أسال أن يجعل عملنا كله صالحًا ولوجهه خالصًا وأن لا يجعل لأحد فيه شركا وصلى الله على نبينا محمَّد وآله وصحبه وسلم.

لمحة عن مفردات الإمام أحمد

لمحة عن مفردات الإمام أحمد ويشمل: 1 - تعريف المفردات. 2 - لكل إمام مفردات. 3 - التأليف في مفردات أحمد. 4 - منهج الإمام أحمد. 5 - أصول مذهب الإمام أحمد. 6 - نظرة في المفردات. 7 - أسباب الانفراد.

المفردات

المفردات المفردات: جمع مفردة. ومادة فَرَدَ تأتي لمعان تدل في مجموعها على الوحدة والانفراد. فالفرد: الوتر، وجمعه أفراد وفرادى على غير قياس كأنه جمع فَرْدان، وثور فَرْد وفَارِد وفَرِدٌ وفَردٌ وفَرِيد كله بمعنى منفرد، وظبية فَارِد انقطعت عن القطيع وكذلك السدرة الفاردة التي انفردت عن سائر السدر. والفَرِيد: الدر إذا نظم وفصل بغيره، وأفْرَاد النجوم: الدراري في آفاق السماء، لانفرادها بقوة الإضاءة والنور (¬1). فالمفردات هنا إذن: المسائل الفقهية التي انفرد فيها أحد الأئمة الأربعة بقول مشهور في مذهبه، لم يوافقه فيه أحد من الأئمة الثلاثة الباقين (¬2). وبهذا التعريف يظهر أنه ليس من لوازم المفردات أن ينفرد بها القائل من علماء الأمة جميعًا، ولو كان ذلك لازمًا، لندر أن يكون هناك مفردة، إذ يندر أن ينفرد أحد من علماء المسلمين، بقول في مسألة لم يوافقه فيه أحد من العلماء قبله، ولو وُجِدَ فغالبًا ما يكون هذا من أخطاء ذلك العالم. ¬

_ (¬1) الصحاح2/ 518 - 519. (¬2) انظر مفاتيح الفقه الحنبلي 2/ 239.

لكل إمام مفردات

لكل إمام مفردات: إن دارس الفقه الإِسلامي المفتش عن ذخائره في الكتب الكثيرة، التي زخرت بها المكتبات الإِسلامية، يجد أمامه واضحًا أن لكل مجتهد مسائل انفرد بها عن علماء عصره، وقد يكون له فيها مستند قوي فهمه من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وقد يكون فيها مخطئًا معتمدًا على فهم غير سديد لأحد الأدلة الشرعية. ويستطيع دارس الفقه الإِسلامي المقارن أن يطلع على مسائل كثيرة انفرد بها أحد الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المنتشرة، قد يكون قوله فيها راجحًا وقد يكون مرجوحًا. وقد ذكر ابن منقور في مجموعه -عن الوزير ابن هبيرة في الإفصاح- مسائل متعددة مما انفرد به كل واحد من الأئمة الثلاثة (¬1). وقد رأيت أن بعضًا منها لا يسلم فيها القول بالانفراد، وبعضًا منها قول مرجوح لذلك الإمام يرده كثير من أصحابه، وقد حاولت جاهدًا أن أمثل لما انفرد به كل إمام، راجعًا في ذلك إلى الكتب المعتمدة في مذهبه، مجتهدًا في تحقيق انفراده بالبحث في فقه المذاهب الأخرى وقد توصلت إلى ما يأتي: أولًا: أمثلة لما انفرد به الإمام أبي حنيفة رحمه الله: 1 - نقض الوضوء بالقهقهة في الصلاة ذات الركوع والسجود (¬2). 2 - الإقامة كالأذان وزيادة: قد قامت الصلاة مرتين (¬3). 3 - استحباب تكبير الإمام ومن معه عند قول المقيم: قد قامت الصلاة. ¬

_ (¬1) انظر الفواكه العديدة 1/ 49 - 49. (¬2) بدائع الصنائع 1/ 32. (¬3) المرجع السابق 1/ 148.

ثانيا: أمثلة لما انفرد به الإمام مالك

4 - وجوب صلاة الوتر، وقد روي عنه أنها فرض (¬1). 5 - وجوب صلاة العيدين (¬2). 6 - تخصيص جواز الجمع، بجمع الظهر والعصر يوم عرفة، مع الإمام للحاج، والمغرب والعشاء للحاج بمزدلفة (¬3). 7 - إذا ماتت المرأة فليس لزوجها أن يغسلها؛ لانتهاء النكاح، وإن مات هو غسلته لأنها في العدة (¬4). 8 - عدم وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون؛ لأنها عبادة محضة، والصبي والمجنون لا يخاطبان بها، ولا يطالب الوليّ بإخراجها من مالهما إلا في زكاة الحبوب والثمار لوجوبها عليهما (¬5). 9 - تفضيل القِرَان في الحج مطلقًا؛ لأنه نسك النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬6). 10 - ثبوت خيار الرؤية للمشتري دون البائع. وهذا رأيه الأخير (¬7). ثانيًا: أمثلة لما انفرد به الإمام مالك: 1 - عدم التوقيت في المسح على الخفين (¬8). 2 - طهارة الكلب (¬9). 3 - إفراد قول: (قد قامت الصلاة) في الإقامة (¬10) ¬

_ (¬1) المرجع السابق 1/ 270. (¬2) المرجع السابق 1/ 274 - 275. (¬3) المرجع السابق 2/ 152 - 153. (¬4) المرجع السابق 1/ 304، والمفردة إنما هي المسألة الأولى. (¬5) المرجع السابق 2/ 5604. (¬6) المرجع السابق 2/ 174. (¬7) المرجع السابق 5/ 292. (¬8) الكافي لابن عبد البر 1/ 176 - 177. (¬9) المرجع السابق 1/ 161. (¬10) المرجع السابق 1/ 197.

ثالثا: أمثلة لما انفرد به الشافعي

4 - استحباب صلاة التراويح ستًا وثلاثين ركعة والوتر (¬1). 5 - وجوب تبييت النية في صوم التطوع، وأنه لا يصح إلا بها (¬2) 6 - لا عقيقة بعد اليوم السابع. هذا هو المشهور عنه (¬3). 7 - تفضيل المدينة على مكة (¬4). 8 - إباحة أكل سباع الطير الجارحة (¬5). 9 - أن ما مات حتف أنفه من الجراد لا يؤكل (¬6). ثالثًا: أمثلة لما انفرد به الشافعي: 1 - وجوب قراءة الفاتحة على المأموم مطلقًا (¬7). 2 - استحباب التورك في جلسة التشهد الأخير واستحباب الافتراش في الأوّل (¬8). 3 - أن صلاة الجماعة فرض كفاية (¬9). 4 - أن سجود السهو كله قبل السلام (¬10). 5 - أن من أقام ببلد بنية أن يرحل منه إذا حصلت حاجة له يتوقعها كل وقت قصر ثمانية عشر يومًا (¬11). ¬

_ (¬1) المرجع السابق 1/ 256. (¬2) المرجع السابق 1/ 337. (¬3) المرجع السابق 1/ 426. (¬4) شرح الزرقاني على الموطأ 2/ 4. (¬5) الكافي لابن عبد البر 1/ 437. (¬6) المرجع السابق 1/ 437. (¬7) انظر مغني المحتاج 1/ 155 - 156. (¬8) المرجع السابق 1/ 172. (¬9) المرجع السابق 1/ 229. (¬10) المرجع السابق 1/ 213. (¬11) المرجع السابق 1/ 265.

التآليف في مفردات الإمام أحمد

6 - جواز تعجيل زكاة الفطر من أول رمضان (¬1). 7 - أن العمرة فرض (¬2). 8 - ابتداء وقت ذبح هدي التمتع بعد الفراغ من عمرة التمتع (¬3) 9 - صحة وجواز زواج البنت من الزنا (¬4). 10 - وجوب ختان المرأة (¬5). التآليف في مفردات الإمام أحمد: ألف الشيخ أبو الحسن علي بن محمَّد الطبري الهراسي الشافعي -المعروف بإلكيا، المتوفى سنة 504 هـ - كتابًا في مفردات أحمد. وتصدى للرد عليه فيها وبيان ضعف مأخذه في الاستدلال عليها. ولم يعتبر رحمه الله القول المشهور لأحمد، ولا ما وافق فيه مالكًا، فجازف بِعَدِّ مسائل ليست من "المفردات". وقد تصدى له فقهاء الحنابلة في وقته وبيَّنوا زيف ادعاءاته وتتبعوا ألفاظه وكلماته. 1 - فألف معاصره أبو الوفاء علي بن محمَّد بن عقيل البغدادي، المتوفى سنة 513 هـ كتابه "المفردات" في الرد عليه. 2 - وألف أبو الحسن علي بن عبد الله بن نصر بن السري الزاغوني المتوفى سنة 527 هـ كتابه "المفردات" في مجلدين، وهي مائة مسألة. 3 - ثم ألف عبد الوهاب بن عبد الواحد بن محمَّد الشيرازي المتوفى سنة 536 هـ كتابه "المفردات". ¬

_ (¬1) المرجع السابق 1/ 416. (¬2) المرجع السابق 1/ 460. (¬3) المرجع السابق 1/ 516. (¬4) المرجع السابق 3/ 175. (¬5) شرح النوويّ على مسلم 3/ 148.

4 - ثم ألف أبو يعلى المغير محمَّد بن محمَّد بن محمَّد عماد الدين ابن أبي يعلى المتوفى سنة 560 هـ كتابه "المفردات". 5 - ثم ألف فيها أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمَّد بن علي جمال الدين بن الجوزي المتوفى سنة 597 هـ. 6 - ثم ألف إسماعيل بن علي بن حسين البغدادي المعروف بغلام ابن المني المتوفى سنة 610هـ كتابه "المفردات". 7 - ثم ألف أحمد بن الحسين بن عبد الله بن الشيخ أبي عمر المقدسي المشهور بابن قاضي الجبل المتوفى سنة 771هـ "كتاب الرد على إلكيا الهراسي"، كتب منه مجلدين ولم يتمه. 8 - وألف محمَّد بن أحمد بن عبد الهادي المتوفى سنة 744 هـ كتابه "الرد على إلكيا الهراسي" في جزء كبير. 9 - ثم ألف محمَّد بن علي بن عبد الرحمن العمري المتوفى سنة 820 منظومته التي شرحها الشيخ منصور البهوتي بهذا الكتاب وسماها "النظم المفيد الأحمد في مفردات الإمام أحمد". وقد اتجه كثير من العلماء الذين وهبهم الله ملكة شعرية إلى نظم العلوم، حيث وجدوه وسيلة سهلة لحفظ قواعدها، والإبقاء على شواردها في الذهن، يتغنون بها في خلواتهم، فيكون ذلك وسيلة لتذكرها. وليس ذلك قاصرًا على الفقه فقط، بل نظمت أكثر العلوم، فالعروض والنحو والصرف والبلاغة والمنطق والعقيدة وأصول الفقه والفرائض كلها قد حظيت بنصيب وافر من النظم. بل نظمت كثير من حوادث التاريخ وقواعد الحساب والفلك، واتجه بعض النظامين إلى كتب معينة فنظمها، ولعل نصيب الفقه كان وافرًا من ذلك، فمختصر الخرقي مثلًا قد نظمه عالمان جليلان: أحدهما: فخر الدين ابن هبيرة، أخو الوزير ابن هبيرة المتوفى سنة 567هـ. والثاني: يحيى بن يوسف الصرصري المتوفى سنة 656 هـ.

وكتاب زاد المستقنع للحجاوي، قد نظمه كثير من علماء الحنابلة، منهم: 1 - الشيخ محمَّد بن قاسم آل غنيم المتوفى سنة 1335 هـ، وقد بلغ عدد أبيات منظومته 4892 بيتًا. 2 - الشيخ سليمان بن عطية المزيني المتوفى سنة 1363 هـ. 3 - الشيخ سعد بن حمد بن عتيق. وسماه: "نيل المراد بنظم متن الزاد". وقد وصل فيه إلى كتاب الشهادات، وأتمه بعد وفاته فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز آل سحمان، القاضي بمحكمة التمييز بالرياض. وقبل أن ألقي الأضواء على مفردات أحمد من خلال هذا الكتاب، أرى أنه من الأحسن الإشارة بإيجاز إلى طبيعة منهج أحمد الفقهي، والأصول التي اعتمد عليها أحمد وتلاميذه في تكوين المذهب الحنبلي فأقول: منهج الإمام أحمد في الفقه: إن الإمام أحمد رحمه الله إمام أهل الحديث في زمنه بلا منازع، شهد له بذلك شيوخه وأقرانه وتلاميذه. قال عبد الرزاق الصنعاني: رحل إلينا من العراق أربعة من رؤساء أهل الحديث، الشاذكوني: وكان أحفظهم للحديث، وابن المديني: وكان أعرفهم باختلافه، ويحيى بن معين: وكان أعلمهم بالرجال، وأحمدُ بن حنبل: وكان أجمعهم لذلك كله (¬1). وقال وكيع بن الجراح: ما قدم الكوفة مثل هذا الفتى، يعني أحمد بن حنبل (¬2). ¬

_ (¬1) مناقب الإمام أحمد 97. (¬2) المرجع السابق 99.

وقال أحمد بن سعيد الرازي: ما رأيت أسود الرأس، أحفظ لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أعلم بفقهه ومعانيه من أبي عبد الله أحمد بن حنبل (¬1). وكان رحمه الله إماما في الفقه. قال عبد الرزاق الصنعاني: ما رأيت أفقه منه ولا أورع (¬2). وقال الشافعي: خرجت من بغداد وما خلفت بها أحدًا أتقى ولا أورع ولا أفقه -أظنه قال-: ولا أعلم من أحمد بن حنبل (¬3). وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: انتهى العلم إلى أربعة: إلى أحمد بن حنبل، وهو أفقههم فيه. وإلى ابن أبي شيبة، وهو أحفظهم له، وإلى علي بن المديني، وهو أعلمهم به، وإلى يحيى بن معين، وهو أكتبهم له (¬4). وقال أبو زرعة: ما أعلم في أصحابنا أسود الرأس أفقه من أحمد بن حنبل (¬5). وقد جمع رحمه الله بين الحديث والفقه، وبلغ فيهما منزلة فاق بها أقرانه. وقد استطاع أن يسخر الفقه -لما حازه من ذخيرة فائقة- في الحديث، فظهرت فتاواه وكأنها آثار بحتة لهيمنتها على ديباجة فقهه، فاصطبغت بصبغتها، واندمجت في ثناياها. ولعل من الأسباب التي ساعدت على تكوين هذا النمط الفريد من الفقه شيوع تدوين الحديث والأثر في بلدان المسلمين، حتى قلّ أن يوجد أهل للرواية إلا ولديه تدوين أو صحيفة أو نسخة، وذلك أنه كم من حديث صحيح لا يرويه -قبل التدوين- إلا أهل بلد خاصة، كأفراد الشاميين ¬

_ (¬1) ابن حنبل لأبي زهرة 88. (¬2) مناقب الإمام أحمد 96. (¬3) المرجع السابق 145. (¬4) المرجع السابق 151. (¬5) المرجع السابق 163.

والعراقيين والمصريين، أو لم يروه إلا أهل بيت خاص، كنسخة بُرَيْد عن أبي بردة عن أبي موسى، ونسخة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وربما كان الصحابي مقلًا غير مشهور لم يحمل عنه إلا عدد قليل، فمثل هذه الأحاديث قد لا تصل إلى عامة أهل الفتوى قبل التدوين. وقد طاف جهابذة الحديث أقطار البلاد الإِسلامية، فجمعوا الكتب ودونوا السنن، وتتبعوا ما جمعه طلبة العلم في نسخهم، فبينوا صحيح الأخبار من سقيمها، ونفوا ما فيها من الموضوعات، وأوضحوا ما فيها من الشاذ والمنكر. وقد اجتمع باهتمام أولئك الأعلام من الحديث والآثار ما لم يكن مجموعًا من قبل، ويسروا للأئمة الاطلاع على هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، مما لم يكن ميسورًا من قبل لكل أحد، وخلص إليهم من طرق الأحاديث شيء كثير، حتى كان بعض الأحاديث عندهم له مائة طريق فما فوق، فكشف بعض الطرق ما استتر في بعضها الآخر، وعرف على كل حديث من الغرابة والاستفاضة وأمكن لهم النظر في المتابعات والشواهد، واجتمعت عندهم آثار فقهاء كل بلد من الصحابة والتابعين. وكان كثير من أهل الفتوى قبلهم لا يتمكن إلا من جمع حديث بلده وأصحابه ومن يلتقي به. وقد ظهر على الطبقة التي عاصرها أحمد أحاديث صحيحة كثيرة، وآثار عن صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيرة لم تظهر على أهل الفتوى من قبل، ويؤيد ذلك أن الشافعي قال لأحمد: أنتم أعلم بالأخبار الصحيحة منا، فإذا كان خبر صحيح فأعلموني حتى أذهب إليه كوفيًا كان أو بصريًا أو شاميًا (¬1). فلم تكن مسألة من مسائل الفقه ترد على من تضلع بالحديث وتشبع بالآثار وتسنم ذروة الاستنباط والاجتهاد، إلا وجد لها حلًا في حديث صحيح أو حسن أو صالح للاعتبار، أو وجد أثرًا من آثار الشيخين أو سائر ¬

_ (¬1) انظر حجة الله البالغة 1/ 148 - 149 ومفاتيح الفقه الحنبلي 1/ 386 - 388.

أصول مذهب الإمام أحمد بن حنبل

الخلفاء أو الصحابة أو العلماء التابعين، أو قضاة الأمصار أو فقهاء البلدان، أو وجد استنباطًا من عموم أو إيماء أو اقتضاء، فيسر الله لهم العمل بالسنة على هذا الوجه. ويبين لنا الإمام أحمد أنه لا يجوز للرجل أن يتولى الفتوى للناس إلا إذا كان صاحب رصيد ضخم من الأحاديث والآثار، فقد سئل رحمه الله: يكفي الرجل مائة ألف حديث حتى يفتي؟ قال: لا. حتى قيل: خمسمائة ألف حديث؟. قال: أرجو (¬1). وكان رحمه الله مع فقهه ودرايته بصناعة الحديث من أحفظ العلماء لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وآثار الصحابة والتابعين. يقول العلامة ولي الله الدهلوي: وكان أعظمهم -أي أهل الحديث- شأنًا، وأوسعهم رواية، وأعرفهم للحديث مرتبة، وأعمقهم فقهًا، أحمد بن حنبل ثم إسحاق بن راهويه (¬2). ويحسن هنا أن نبين الأصول التي اعتمد عليها الإمام أحمد في فتاواه، وبنى عليها منهجه الفقهي، وسيكون ذلك بإيجاز، فنقول: أصول مذهب الإمام أحمد بن حنبل الأصل الأوّل: النصوص من الكتاب والسنة: كان رحمه الله إذا وجد النص لم يلتفت إلى غيره، ولم يعبأ بما خالفه، ولا بمن خالفه كائنًا من كان، ويدل على ذلك أنه لم يلتفت إلى خلاف عمر في أنه لا يجب للمبتوتة سكنى ولا نفقة، حيث ثبت عنده حديث فاطمة بنت قيس في ذلك (¬3)، ولم يلتفت إلى خلافه في جواز التيمم للجنب، حيث ثبت عنده حديث عمار بن ياسر في ذلك (¬4). ولم يلتفت إلى خلاف علي وعثمان ¬

_ (¬1) حجة الله البالغة 1/ 150. (¬2) المرجع السابق 1/ 150. (¬3) البخاري 9/ 421 - 422 ومسلمٌ برقم 148. (¬4) البخاري 1/ 386 ومسلمٌ برقم 368.

الأصل الثاني: الإجماع

وطلحة وأبي بن كعب في وجوب الغسل من الإكسال، بعد أن ثبت لديه حديث عائشة أنها فعلته هي ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واغتسلا (¬1) (¬2). الأصل الثاني: الإجماع: فإذا أجمعت الأمة على حكم، أو قال الصحابي قولًا واشتهر ولم يخالفه أحد، فإن أحمد يأخذ به أصلًا من أصول مذهبه (¬3). ومثاله: ما اشتهر عن عمر من جلد الثلاثة الذين شهدوا على المغيرة ابن شعبة بالزنا حدّ القذف (¬4). وقتل السبعة الذين قتلوا المرأة الصنعانية. وقال: لو تمالأ عليها أهل صنعاء لقتلتهم جميعًا (¬5). وقد أنكر أحمد ما يسميه بعض الفقهاء إجماعًا، وهو عدم العلم بالمخالف، وقد كَذَّبَ الإمام من ادعى هذا الإجماع، روى عنه ابنه عبد الله: سمعت أبي يقول: ما يدعي فيه الرجل الإجماع فهو كذب، من ادعى الإجماع فهو كاذب؛ لعل الناس اختلفوا. ما يدريه؟ .. ولم ينته إليه فليقل: لا نعلم الناس اختلفوا هذه دعوى بشر المريسي والأصم، ولكنه يقول: لا نعلم الناس اختلفوا، أو لم يبلغني ذلك (¬6). الأصل الثالث: قول الصحابي: وكان رحمه الله في أصح الروايتين عنه يرى أنه حجة، فقد روى عنه أبو داود قوله: ما أجبت في مسألة إلا بحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا وجدت في ذلك السبيل إليه، أو عن الصحابة أو عن التابعين. فإذا وجدت ¬

_ (¬1) مسلم برقم 349 والترمذيُّ برقم 108 - 109. (¬2) إعلام الموقعين 1/ 29 - 30. (¬3) المرجع السابق 1/ 30 - 31. (¬4) البخاري 5/ 187 تعليقًا ووصلها الشافعي والبيهقيُّ والطبرانيُّ والحاكم وابن جرير قاله ابن حجر في فتح الباري. (¬5) الموطأ 4/ 201 وانظر أيضًا فتح الباري 12/ 200. (¬6) إعلام الموقعين 1/ 30.

الأصل الرابع: الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف

عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم أعدل إلى غيره، فإذا لم أجد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعن الخلفاء الأربعة الراشدين المهديين، فإذا لم أجد عن الخلفاء فعن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأكابر فالأكابر، وإذا لم أجد فعن التابعين وعن تابعي التابعين. وما بلغني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث له ثواب إلا عملت به رجاء ذلك الثواب ولو مرة واحدة (¬1). وهذا اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم. قال ابن القيم: الأصل الثاني من أصول فتاوى الإمام أحمد ما أفتى به الصحابة، فإذا وجد لبعضهم فتوى لا يُعْرَفُ له مخالف منهم فيها لم يعْدُها إلى غيرها، ولم يقل: إن ذلك إجماع، بل من ورعه في العبارة يقول: لا أعلم شيئًا يدفعه، أو نحو هذا (¬2). فإذا اختلف الصحابة تخير من أقوالهم ما كان أقربها إلى الكتاب والسنة، ولم يخرج عن أقوالهم. فإن لم يتبين له موافقة أحد الأقوال، حكى الخلاف فيها ولم يجزم بقول (¬3). ويرى الإمام مالك والشافعيُّ -في أحد قوليه- وبعض الحنفية أن قول الصحابي -فيما للرأي فيه مجال إذا لم ينتشر- حُجّة مقدمة على القياس، فإن انتشر في الصحابة ولم يظهر له مخالف فهو الإجماع السكوتي، وهو حجة عند الأكثرين وإن كان فيما لا مجال للرأي فيه، فله حكم المرفوع إذا لم يعرف عن الصحابي الأخذ بالإسرائيليات (¬4). الأصل الرابع: الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف: يرى أحمد رحمه الله الأخذ بالمرسل -وهو ما سقط منه الصحابي- ¬

_ (¬1) المسودة 336. (¬2) إعلام الموقعين 1/ 31. (¬3) المرجع السابق .. والفتاوى 20/ 14. (¬4) المستصفى 243 - 246، وأصول الفقه الإِسلامي 239 - 240، ومذكرة الشنقيطي على الروضة 164 - 165.

الأصل الخامس: القياس

والحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه ويرجحه على القياس. وليس المراد بالضعيف عنده الباطل ولا المُنْكَر ولا ما في رواته متهم بحيث لا يسوغ الذهاب إليه ولا العمل به، بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح وقسم من أقسام الحسن، ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف. وللضعيف عنده مراتب، فإذا لم يجد في الباب أثرًا يدفعه ولا قول صحابي ولا إجماعًا على خلافه، كان العمل به عنده أولى من القياس (¬1). ويرى أبو حنيفة ومالك: العمل بالمرسل، أما الشافعي فيرى قبوله في الحالات التالية: 1 - أن يُعْضَدَ المرسل بحديث متصل السند في معناه، وحينئذ تكون الحجة في المتصل لا في المرسل. 2 - أن يقوى بمرسل آخر قَبِلَهُ أهل العلم. 3 - أن يوافقه قول صحابي. 4 - أن يتلقاه أهل العلم بالقبول (¬2). الأصل الخامس: القياس: وذلك أن الإمام أحمد -رحمه الله- إذا لم يكن عنده في المسألة نص ولا إجماع ولا قول صحابي ولا أثر مرسل أو ضعيف، عدل إلى القياس فاستعمله للضرورة. وقد قال في كتاب الخلال: سألت الشافعي عن القياس فقال: إنما يصار إليه عند الضرورة، وذكر القاضي في كتاب العدة: أن القياس العقلي حجة؛ يجب القول به والعمل عليه (¬3). ¬

_ (¬1) إعلام الموقعين 1/ 31 - 32. (¬2) المستصفى 195/ 196، أصول الفقه الإِسلامي 99 - 100، مذكرة الشنقيطي على الروضة 142 - 143. (¬3) إعلام الموقعين 1/ 33.

الأصل السادس: استصحاب الحال

الأصل السادس: استصحاب الحال: الاستصحاب لغة: طلب الصحبة. واصطلاحًا: الحكم بثبوت حكم في الزمان الحاضر بناءً على أنه كان ثابتًا في الزمن الماضي إلى أن يوجد الدليل المغيّر (¬1)، وهو أربعة أقسام: الأوّل: استصحاب العدم الأصلي عند الدليل الشرعي؛ كاستصحاب عدم وجوب صلاة سادسة. وهذا متفق على أنه حجة. الثاني: استصحاب الحكم السابق، كاستصحاب حكم الطهارة أو حكم الحدث حتى يثبت خلافهما. الثالث: استصحاب الحال السابقة، ومثاله: استصحاب حياة المفقود؛ فيرث من مورثه استصحابًا لحياته عند من يرى حجيته. الرابع: استصحاب حكم الإجماع في محلّ النزاع، وهو حجة عند ابن القيم والمزني والصيرفي وابن شاقلا وابن حامد والرازي، ويرى الموفق ابن قدامة أنه لا يحتج به، وهو قول أبي حامد وأبي الطيب الطبري والقاضي أبي يعلى وابن عقيل وأبي الخطاب والحلواني وابن الزاغوني. ومثاله: الإجماع على بطلان صلاة المتيمم إذا رأى الماء قبل الصلاة، فإذا رآه أثناءها فهل تبطل استصحابًا للإجماع أو تصح ويستمر فيها ولا يستصحب ذلك الإجماع؟ قولان للعلماء (¬2). ويرى أكثر الحنفية وبعض الشافعية أن الاستصحاب ليس بحجة. ويرى المتأخرون من الحنفية أن الاستصحاب حجة دافعة لا مثبتة، ¬

_ (¬1) أصول الفقه الإِسلامي 217. (¬2) إعلام الموقعين 1/ 381 - 383، والمستصفى 232، ومذكرة الشنقيطي على الروضة 160، وأصول مذهب الإمام أحمد 373 - 379.

الأصل السابع: المصالح المرسلة

على معنى أنه يصلح حجة لدفع ما يخالف الأمر الذي ثبت بالاستصحاب، ولا يصلح حجة على إثبات أمر جديد لم يقم دليل على ثبوته (¬1). الأصل السابع: المصالح المرسلة: المصلحة: هي الوصف الذي يكون في ترتيب الحكم عليه جلب منفعة أو درء مفسدة. وقد قسم علماء الأصول المصالح ثلاثة أقسام: 1 - ما شهد الشرع باعتبارها، وهذه معتبرة باتفاق. 2 - ما شهد الشرع بإلغائها، وهذه ملغاة بالاتفاق. 3 - ما لم يشهد لها الشرع باعتبار ولا بإلغاء بدليل معين، وكانت في الأمور التي يدرك العقل معناها، وهذا القسم هو الذي يسمى (بالمصالح المرسلة) وهو الذي اختلف العلماء في صلاحيته لترتيب الأحكام عليه (¬2). وقد اتخذها بعض علماء الأصول من الحنابلة حجة يعتمد عليها في ترتيب الأحكام الشرعية في أبواب المعاملات التي لا نص فيها ولا إجماع ولم يسبق لها نظير تلحق به. وذلك كما فعل الطوفي ومن تأثر به كابن بدران (¬3). ويرى الإمام مالك إن الاستصلاح حجة في الحاجيات والضروريّات. ويرى الظاهرية وبعض الشافعية كالآمدي وابن الحاجب من المالكية أنه لا يصح الاحتجاج بالمصالح المرسلة ولا بناء الأحكام عليها (¬4). ¬

_ (¬1) أصول الفقه الإِسلامي 221. (¬2) تنقيح الفصول 446، وأصول مذهب الإمام 413. (¬3) المدخل إلى مذهب الإمام أحمد 138. (¬4) تنقيح الفصول 446، وأصول الفقه الإِسلامي د. بدران 210 - 211، ومذكرة الشنقيطي ص 169.

الأصل الثامن: الاستحسان

الأصل الثامن: الاستحسان: الاستحسان لغة: عَدُّ الشيء حسنًا. وشرعًا: هو العدول عن موجب القياس إلى دليل هو أقوى منه (¬1). وقال به علماء الأصول من الحنابلة. وذكر الطوفي: أن القول به هو مذهب أحمد. وذكر القاضي أبو يعلى: أن أحمد قد نص على الاستحسان في مسائل منها: 1 - قوله في رواية صالح في المُضَاربِ: إذا خالف المضَارِبُ فاشترى غير ما أمره به صاحب المال أن الربح لصاحب المال وللمضارب أجرة مثله ما لم يُحِط الربح بأجرة مثله، وقال: كنت أذهب إلى أن الربح لصاحب المال ثم استحسنت. 2 - وقال في رواية الميموني: أستحسن أن يتيمم لكل صلاة، ولكن القياس أنه بمنزلة الماء حتى يحدث أو يجد الماء. 3 - وقال في رواية المروذي: يجوز شراء أرض السواد ولا يجوز بيعها. فقيل له: كيف نشتري ممّن لا يملك؟ فقال: القياس كما تقول ولكن هو استحسان (¬2). ويروى عن أحمد وغيره ذم الاستحسان. وحمله العلماء على القول بالهوى والتشهي. ويرى المحققون من الحنابلة وغيرهم أن الاستحسان ليس دليلًا مستقلًا ولكنه من باب ترجيح الأدلة بعضها على بعض، فإنه لا يجوز الاستحسان من غير دليل، وإذا كان مستندًا إلى دليل فالحجة في سنده (¬3). ¬

_ (¬1) أصول مذهب الإمام أحمد 515. (¬2) المسودة: 451 - 452. (¬3) المرجع السابق، وشرح مختصر ابن الحاجب 2/ 389، وحاشية البناني 2/ 353، وإرشاد الفحول 241.

الأصل التاسع: شرع من قبلنا

الأصل التاسع: شرع من قبلنا: المقصود به الأحكام الشرعية التي ثبتت على من قبلنا وذكرت في شرعنا، ولم يرد في شرعنا نسخها ولا مطالبتنا بها. وللإمام أحمد فيها روايتان: الأولى: أنه شرع لنا. وعليها جمهور الحنابلة واختارها أبو يعلى، وأبو الحسن التميمي، وقال عنها أبو البركات: إنها أصح الروايتين، وكذلك صححها الفتوحي في شرح الكوكب المنير. ويمثل الأصحاب لهذه الرواية بما ذُكِرَ عن أحمد أنه سُئِلَ عن امرأة حلفت أن تنحر ولدها فقال: عليها كبش تذبحه وتتصدق بلحمه. واستدل بقوله تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} (¬1) (¬2). وقد ذهب إلى هذا أكثر الحنفية، وهو المشهور في مذهب مالك. الثانية: أنه ليس بشرع لنا. واختارها أبو الخطاب وهو المشهور في مذهب الشافعي وقول لبعض الحنفية (¬3). الأصل العاشر: سد الذرائع وإبطال الحيل: الذريعة: الوسيلة إلى الشيء. واصطلاحًا: الوسيلة المفضية إلى فعل محرم. يقول شيخ الإِسلام ابن تيمية: الذريعة ما كان وسيلة وطريقًا إلى الشيء، لكن صارت في عرف الفقهاء عبارة عما أفضت إلى فعل محرم، ولو تجردت عن ذلك الإفضاء لم يكن لها مفسدة. ¬

_ (¬1) سورة الصافات آية 107. (¬2) المسودة ص 193 - 194، وشرح الكوكب المنير 384. (¬3) انظر كشف الأسرار 3/ 213، والمسودة 194، ومذكرة الشنقيطي 161، وأصول الفقه الإِسلامي 236.

ولهذا قيل: الذريعة الفعل الذي ظاهره مباح، وهو وسيلة إلى فعل محرم (¬1). والحيل: جمع حيلة وهي هنا: ما يكون من الطرق الخفية موصلًا إلى استحلال المحرم بحيث لا يفطن له إلا بنوع ذكاء. والمراد بإبطالها: إلغاؤها وعدم الاعتداد بها. وتنقسم الذرائع باعتبار إفضائها إلى المفسدة إلى ثلاثة أقسام: 1 - ذريعة تفضي إلى المفسدة قطعًا، وقد أجمع العلماء على سدها، وذلك كحفر بئر خلف باب الدار في طريق مظلم بحيث يقع فيه كل من يدخل أو يخرج من الدار. 2 - ذريعة تفضي إلى المفسدة غالبًا، كبيوع الآجال التي تتخذ ذريعة إلى الربا وقد اعتبرها مالك وأحمدُ، فحرَّما هذه الأنواع من البيوع، ولم يعتبرها أبو حنيفة والشافعيُّ فقالا: بالجواز في بيوع الآجال. 3 - ذريعة تفضي إلى المفسدة نادرًا، وإفضاؤها إلى المصلحة أرجح، وذلك كزراعة العنب؛ لأنّ اتخاذ الخمر منه نادر واتخاذه للأكل أكثر، وهذا القسم لا اعتبار للذريعة فيه بلا خلاف بين العلماء. وقد شدّدَ شيخ الإِسلام في وجوب سد الذرائع وإبطال الحيل إلى المحرمات. واقتفاه تلميذه ابن القيم في إعلام الموقعين بما لا مزيد عليه (¬2)، بل جعل رحمه الله سد الذرائع أحد أرباع الدين. قال: وباب سد الذرائع أحد أرباع التكليف فإنه أمر ونهي، والأمر نوعان: أحدهما: مقصود لنفسه. والثاني: وسيلة إلى المقصود. والنهي نوعان: أحدهما: ما يكون المنهي عنه مفسدة في نفسه. ¬

_ (¬1) الفتاوى الكبرى 3/ 256. (¬2) الفتاوى الكبرى 3/ 256، وإعلام الموقعين 3/ 145.

الأصل الحادي عشر: العرف

والثاني: ما يكون وسيلة للمفسدة. فصار سد الذرائع المفضية إلى الحرام أحد أرباع الدين (¬1) الأصل الحادي عشر: العرف: العرف لغة: المعروف وهو ضد المنكر. وسمي بذلك لأنّ النفوس تسكن إليه. وشرعًا: ما تعارف عليه الناس وصار عندهم شائعًا، سواء كان في جميع البلدان أو بعضها، قولًا كان أو فعلًا (¬2)، وهو قسمان: 1 - عرف صحيح: وهو ما شهد له الشرع بالاعتبار في الجملة، أو لم يعارض نصوص الشارع. 2 - عرف فاسد: وهو ما تعارف عليه الناس مما يخالف نصوص الشارع ويصادم قواعده (¬3). ولم ينازع أحد من الفقهاء في اعتبار العرف مصدرًا ودليلًا تُبْنَى عليه الأحكام، بل لقد اشتهرت بين الفقهاء قواعد فقهية تبيّن قيمة الأعراف الصحيحة في المجتمع، كقول الفقهاء: المشروط عرفًا كالمشروط شرطًا والثابت بالعرف كالثابت بالنص (¬4) وكقولهم العادة محكمة. وقد لاحظ ذلك فقهاء الحنابلة في كثير من فتاواهم وأحكامهم -وخاصة في باب المعاملات- لأنهم يتوسعون فيها، ويعتبرون المعاني والمقاصد، ولا يقفون عند الألفاظ فقط. وقد مثل ابن القيم لجريان العرف مجرى النطق بمسائل كثيرة منها: 1 - لزوم نقد البلد في المعاملات وإن لم يشترطه. 2 - ضرب الدابة المستأجرة إذا حَرَنَتْ في الطريق. ¬

_ (¬1) إعلام الموقعين 3/ 205. (¬2) مصادر التشريع الإِسلامي فيما لا نص فيه 145. (¬3) المرجع السابق 146 - 147. (¬4) انظر تنقيح الفصول 448، وأصول الفقه الإِسلامي 226.

3 - لَوْ جَذَّ ثماره أو حصد زرعه ثم بقي من ذلك ما يرغب عنه عادة، جاز لغيره التقاطه وأخذه وإن لم يأذن فيه لفظًا (¬1). نظرة في "المفردات": ذكر ناظم "المفردات" أنه لم يذكر في منظومته إلا الصحيح الأشهر عند أكثر علماء الحنابلة من أهل النظر والتحقيق حيث قال: بنيتها على الصحيح الأشهر ... عند أكثر الأصحاب أهل النظر ومن درس المسائل التي ذكرها الناظم في هذه المنظومة، يجد أن ناظمها -رحمه الله- لم يلتزم هذا الشرط كما نبه عليه علاء الدين المرداوي في مقدمة كتابه الإنصاف حيث قال: وكذلك، ناظم "المفردات" فإنه بناها على الصحيح الأشهر وفيها مسائل ليست كذلك (¬2)، ونبه عليها الشيخ منصور في أول هذا الكتاب. ونريد هنا أن نسوق أمثلة من المسائل التي ذكرها الناظم، وكانت مما ضعفه المحققون من علماء الحنابلة، كما ذكره الشيخ منصور في الشرح، أو ذكرته في التعليق ومنها: 1 - كراهية الوضوء من ماء زمزم. 2 - إذا خلت المرأة بالماء للشرب فلا يَرفَعُ باقيه -إذا كان دون القلتين- حدث الرجل. 3 - إمامة المرأة بالرجال في صلاة التراويح. 4 - أن من ملك خمسين درهمًا فهو غني لا تحل له الزكاة. 5 - إيجاب الزكاة في بقر الوحش السائمة إذا بلغت نصابًا. 6 - العبد المشترك على كل واحد من مالكيه صاع في زكاة الفطر. ¬

_ (¬1) إعلام الموقعين 2/ 488. (¬2) الإنصاف 1/ 16.

7 - الإسهام للبعير في الجهاد إذا كان صاحبه لا يقدر على فرس. 8 - إرث بنت المولى بالولاء. 9 - إذا تزوج الحر أمة زواجًا صحيحًا مكتمل الشروط، ثم تزوج حرة، بطل زواج الأمة، وكان زواج الحرة طلاقًا لها. 10 - تحريم الكتابية على المسلم إذا كانت أمها حربية. 11 - أن الكفاءة في النكاح شرط لصحته. 12 - حصول الرجعة بالخلوة. 13 - إذا جنى المرء على نفسه ضمنت العاقلة ديته لورثته، إذا كان القتل خطأ أو شبه عمد. 14 - إذا أُكْرِهَ الرجلُ على الزنا فَيُحَدُّ؛ لأنه لا يتصور منه الزنا مع الإكراه. 15 - نصب القاضي سنّة وليس فرض كفاية. 16 - انعقاد اليمين بالرسول. 17 - إذا أثخن الصائد الصيد وأدركه وفيه حياة مستقرة، ولم يكن معه آلة يذكيه بها، أرسل عليه الجارح، فإذا قتله حل. وقد استقصى المرداوي في كتاب الإنصاف الروايات في مذهب الإمام أحمد، ونَبَّهَ على كثير مما انفرد به، ومنها روايات ضعيفة نبه عليها محققو المذهب، وأهملها الناظم لضعفها، منها: 1 - ابتداء مدة المسح على الخفين من المسح بعد الحدث (¬1). 2 - إذا لبس الخف ثم أحدث ثم سافر قبل المسح أتم مسح مقيم (¬2). ¬

_ (¬1) المرجع السابق 1/ 177. (¬2) المرجع السابق 1/ 179.

3 - إذا لبس الخف ثم أحدث ومضى وقت صلاة ثم سافر أتم مسح مقيم (¬1). 4 - إباحة التنفل بركعتين قبل صلاة المغرب (¬2). وإذا راجعنا ما كتبه فقهاء الحنابلة حول هذه المسائل الفقهية، وجدنا أن محققي المذهب قد أوضحوا ضعفها، وبينوا ما صح عن الإمام أحمد منها، وما يعضده الدليل، وما هو المذهب عند كبار أصحاب أحمد الذين تأثروا بمنهجه، وجمعوا بين الرصيد الضخم من الأحاديث والآثار، وبين العلم بالفقه وطرق الاستنباط التي عَوَّلَ عليها أحمد في فتاواه. ولا يعني هذا أن جملة ما انفرد به أحمد ضعيف، فإن أكثر مفرداته التي لم يختلف فيها مذهبه يكون قوله فيها راجحًا، وما انفرد به مما هو ضعيف يكون له في الغالب رواية توافق القول الراجح فيه، قال شيخ الإِسلام ابن تيمية: وأكثر مفاريد أحمد -التي لم يختلف فيها مذهبه- يكون قوله فيها راجحًا. كقوله بجواز فسخ الإفراد والقران إلى التمتع. وقبوله شهادة أهل الذمة على المسلمين عند الحاجة، كالوصية في السفر. وقوله: بتحريم نكاح الزانية حتى تتوب. وقوله: بجواز شهادة العبد. وقوله: بأن السنة للمتيمم أن يمسح الكوعين بضربة واحدة. وقوله: في المستحاضة بأنها تارة ترجع إلى العادة وتارة ترجع إلى التمييز، وتارة ترجع إلى غالب عادات النساء .. فإنه روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث سنن، عمل بالثلاث أحمد دون غيره. ¬

_ (¬1) المرجع السابق. (¬2) المرجع السابق 1/ 422.

أسباب الانفراد

وقوله: بجواز المساقاة والمزارعة على الأرض البيضاء والتي فيها شجر، وسواء كان البذر منهما أو من أحدهما، وجواز ما يشبه ذلك وإن كان من باب المشاركة ليس من باب الإجارة، ولا هو على خلاف القياس ونظير هذا كثير. أهـ (¬1). وسترى في هذا الكتاب -في غالب أبواب الفقه- مسائل انفرد بها الإمام أحمد وكان الدليل في جنبته، ووافقه عليها أئمة كبار من أتباع المذاهب الأربعة وغيرهم. أسباب الانفراد: إن من يستقرئ المسائل التي انفرد بها أحمد، والتي دَوَّن غالبها لنا هذا الكتاب لا بد أن يلمس أن وراء هذا الانفراد أسبابًا سوغت للإمام أحمد أن يخالف ما سمعه من مشايخه -كالشافعي وغيره- وما نقل إليه من بعض علماء السلف قبله. وقد تكون هذه الأسباب التي نشير إلى بعضها يشترك مع الإمام فيها أئمة المذاهب الأخرى أو بعضهم. لكن الاختلاف في تطبيق القاعدة على المسائل الفرعية هو السبب الكامن وراء هذا. الانفراد، ولا نستطيع أن نحصر جميع الأسباب التي نشأ عنها الخلاف في جميع هذه المفردات ولكنا هنا نذكر أهمها بإيجاز فنقول: الأوّل: كثرة الأحاديث النبوية الصحيحة: كثر تدوين الأحاديث في عصر الإمام أحمد فألفت الصحاح وجمعت السنن والمسانيد والمصنفات، وتوفر بين يدي طلبة العلم ما اجتمع من أحاديث الآفاق. وكان أحمد حافظة عصره؛ طاف في طلب الحديث كثيرًا من البلاد الإِسلامية، والتقى بحفظة العصر وأئمة الحديث في العراق والشام والحرمين واليمن، فاجتمع له ثروة عظيمة لم تكن لأحد من معاصريه أو سابقيه. ولقد ¬

_ (¬1) الفتاوى: 20/ 229.

قيل: إن أحمد يحفظ ألف ألف حديث. وهو مع ذلك من صيارفة الحديث وعلماء الرجال الذين يفحصون أسانيد الأحاديث، فيعرفون صحيحها وضعيفها، ويفرقون بين جيدها ورديئها. وقد كان لذلك أثره الواضح في فقه الإمام، ويستطيع القارئ لهذا الكتاب أن يلمس أثره واضحًا في مسائل منها: 1 - روى إبراهيم الحربي قال: قال سلمة بن شبيب لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله، كل شيء منك حسن جميل إلا خصلة واحدة، فقال: وما هي؟. قال: تقول بفسخ الحج. فقال أحمد: قد كنت أرى أن لك عقلًا، عندي ثمانية عشر حديثًا صحاحًا جيادًا كلها في فسخ الحج أتركها لقولك؟ (¬1). 2 - نقض الوضوء بأكل لحم الجزور، وقد روى فيه أحمد حديثين أحدهما عن البراء بن عازب والثاني عن جابر بن سمرة. قال أحمد: فيه حديثان صحيحان حديث البراء (¬2) وحديث جابر بن سمرة (¬3). 3 - الأخذ بجميع صور الوتر الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد ذكر في هذا الكتاب ما انفرد به أحمد منها وهي: أ- الإيتار بخمس سردًا، لا يجلس إلا في آخرها (¬4). ب- الإيتار بسبع سردًا؛ لا يجلس إلا في آخرها (¬5). جـ- الإيتار بتسع ركعات؛ يجلس بعد الثامنة فيتشهد ثم يقوم فيصلي التاسعة فيتشهد التشهد الثاني ويسلم (¬6). 4 - سلب الجاني في حرم المدينة، وقد روى فيه حديث سعد بن أبي وقاص الذي في مسلم (¬7). ¬

_ (¬1) المغني 3/ 416. (¬2) أحمد في الفتح الرباني 2/ 94، وأبو داود برقم 184. (¬3) مسلم برقم 360. (¬4) مسلم برقم 737. (¬5) أبو داود برقم 1356. (¬6) مسلم برقم 746. (¬7) مسلم برقم 1364.

الثاني: كثرة آثار الصحابة

5 - كراهية المشي بالنعلين في المقابر. فقد روى فيه أحمد حديث بشر بن الخصاصية وقال: إسناده جيد (¬1). 6 - إرث الجدة أم الأب مع ابنها الذي أَدْلَتْ به، لحديث ابن مسعود الذي رواه الترمذيُّ وسعيد بن منصور (¬2). الثاني: كثرة آثار الصحابة: كثر تدوين آثار الصحابة في هذا العصر، فظهر رجال من المحدثين جعلوا أكبر همهم -بعد تدوين الحديث- تتبع أفعال الصحابة وفتاواهم وتجميعها وترتيبها على أبواب الفقه أو أسماء رواتها. وكان من أقدم من اشتهر بذلك -وكان له فيه باع كبير- شيخ الإمام أحمد عبد الرزاق الصنعاني المتوفى 211هـ، الذي ألف كتاب المصنف. وهو كتاب ضخم فريد. ثم كان الإمام الحافظ الحجة أبو بكر ابن أبي شيبة المتوفى 235 هـ، الذي ألف كتاب (المصنف) وهو مملوء بالآثار عن الصحابة رضوان الله عليهم. وكان للإمام أبي محمَّد الدارمي المتوفى 255 هـ باع كبير في ذلك، فقد جمع في كتابه السنن كثيرًا من آثار الصحابة وفتواهم. وكان لآثار الصحابة منزلة كبيرة في دليل الفقه الحنبلي، حتى قل أن تجد مسألة لم يستدل لها بأثر عن الصحابة. ويستطيع القارئ أن يلمس ذلك واضحًا في كتب الفقه التي اهتمت بذكر الدليل، كالمغني والشرح الكبير وغيرهما. وقد كان أحمد رحمه الله إذا لم يكن عنده نص ولا إجماع، ووجد في المسألة قولًا لأحد الصحابة، ولم يعرف له مخالفًا أخذ به، ولا يكون عنده بمنزلة الإجماع. ولكنه يقول: لا أجد شيئًا يدفعه، أو نحو ذلك (¬3). وإليك بعض الأمثلة التي ذكرها الأصحاب عن الإمام مما يوضح ذلك، وهي موجودة في هذا الكتاب. ¬

_ (¬1) أحمد 5/ 83 - 84، وأبو داود 3230. (¬2) الترمذيُّ برقم 3/ 21، وسعيد بن منصور 1/ 34، 36. (¬3) انظر إعلام الموقعين 1/ 31.

1 - يرى الإمام أحمد أن بيع العربون جائز، وهو أن يشتري السلعة فيدفع إلى البائع درهمًا أو غيره؛ على أنه إن أخذ السلعة احتسب به من الثمن وإن لم يأخذها فذلك للبائع. ويرى الأئمة الثلاثة أنه لا يجوز (¬1)، ويستدلون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع العربون، رواه ابن ماجة (¬2) وقد ضعف أحمد هذا الحديث، وأخذ بما صح عن عمر -رضي الله عنه-؛ فإن نافع بن عبد الحارث اشترى له دار السجن من صفوان بن أمية، فإن رضي عمر وإلا فله كذا وكذا (¬3). وقد روى الأثرم قال: قلت لأحمد: تذهب إليه؟ قال: أي شيء أقول؟ هذا عمر -رضي الله عنه-، وضعف الحديث المروي (¬4). 2 - إذا ضرب رجل رجلًا حتى أحدث، فهل يجب للمضروب دية؟ يرى الأئمة الثلاثة أنه لا دية له؛ لأنّ الدية إنما تجب لإتلاف منفعة أو عضو أو إزالة جمال. وهو القياس (¬5). ¬

_ (¬1) انظر الموطأ مع شرح الزرقاني 3/ 251 وعون المعمود 9/ 400 - 401 ومغني المحتاج 2/ 39. (¬2) رواه ابن ماجة برقم 2192 - 2193 وقال المجد في المنتقى: (رواه أحمد والنسائيُّ وأبو داود وهو لمالك في الموطأ وقال الشوكاني في نيل الأوطار 5/ 173: الحديث منقطع؛ لأنه من رواية مالك أنه بلغه عن عمرو بن شعيب ولم يدركه فبينهما راو لم يسم وسماه ابن ماجة فقال: عن مالك عن عبد الله بن عامر الأسلمي وعبد الله لا يحتج بحديثه وقد قيل: إن الرجل الذي لم يسم هو ابن لهيعة ذكر ذلك ابن عديّ وهو أيضًا ضعيف، ورواه الدارقطني والخطيب عن مالك عن عمرو بن الحرث عن عمرو بن شعيب وفي إسناده الهيثم بن اليمان وقد ضعفه الأزدي، وقال أبو حاتم: صدوق ورواه البيهقي موصولًا من غير طريق مالك. (¬3) انظر المحلى 8/ 373، وذكره النوويّ في المجموع 9/ 369 نقلًا عن ابن المنذر وسكت عليه. (¬4) انظر المغني 4/ 289. (¬5) انظر بدائع الصنائع 7/ 320، ومغني المحتاج 4/ 81، وتكملة المجموع 19/ 134.

الثالث: تقديم خبر الواحد على القياس

ويرى أحمد أن له ثلث الدية، ويستدل بما روي أن عثمان قضى فيمن ضرب إنسانًا حتى أحدث بثلث الدية (¬1). وقد قال أحمد: لا أعرف شيئًا يدفعه، فقدم قول الصحابي على القياس (¬2). الثالث: تقديم خبر الواحد على القياس: إذا تعارض خبر الواحد مع القياس؛ فمذهب الشافعي وأحمدُ والمشهور من مذهب أبي حنيفة ومالك تقديم الخبر (¬3)؛ وقد قبل الإمام أحمد أخبارًا كثيرة رجحها على القياس منها: 1 - قدم حديث الحكم بن عمرو الغفاري في النهي عن وضوء الرجل بفضل وضوء المرأة (¬4) على القياس؛ وهو عدم الفرق بين المرأة والرجل. 2 - أخذ بحديث أبي هريرة في الأمر بغسل اليدين من نوم الليل (¬5) وترك القياس فيه؛ وهو عدم الفرق بين نوم الليل والنهار. 3 - أخذ بحديث أبي هريرة في انتفاع المرتهن بالرهن مقابل النفقة (¬6) مع مخالفته للقياس من وجهين: أحدهما: أنه يجيز لغير المالك أن ينتفع بالحيوان، المرهون بغير إذن المالك. والثاني: تضمينه الانتفاع بالنفقة لا بالقيمة (¬7). ¬

_ (¬1) رواه عبد الرزاق 10/ 24، وابن حزم في المحلى 10/ 495. (¬2) المغني 9/ 581. (¬3) الروضة مع مذكرة الشنقيطي 146، وتنقيح الفصول 387، وتيسير التحرير 3/ 116. (¬4) الترمذيُّ برقم 64، وأبو داود برقم 82. (¬5) البخاري 1/ 229 - 230، ومسلمٌ برقم 278. (¬6) البخاري 5/ 101 - 102. (¬7) نيل الأوطار 5/ 264 - 265.

الرابع: الأخذ بظاهر النص ما لم ترد قرينة قوية تصرفه أو يدل دليل على نسخه

الرابع: الأخذ بظاهر النص ما لم ترد قرينة قوية تصرفه أو يدل دليل على نسخه: ومن ذلك: 1 - قبوله شهادة أهل الذمة في السفر على المسلمين، وقد أخذ أحمد بظاهر الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ} الآية (¬1). 2 - يجوز عند الإمام أحمد أن يجعل الرجل عتق أمته صداقًا لها. وقد أخذ الإمام أحمد بظاهر حديث أنس، قال: أعتق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صفية وجعل عتقها صداقها [متفق عليه] (¬2). 3 - يجوز عند الإمام أحمد أن يشترط البائع نفعًا معلومًا في العين المبيعة، وقد أخذ الإمام أحمد بحديث جابر أنه كان يسير على جمل فأعيا فأراد أن يسيبه قال: ولحقني النبي فدعا وضربه فسار سيرًا لم يسر مثله. فقال: "بِعْنِيِه". فقلت: لا، ثم قال: "بِعْنِيِه" فبعته واستثنين حُملاَنهُ إلى أهلي. [متفق عليه] (¬3). 4 - يرى أحمد قطع جاحد العارية وقد أخذ بظاهر حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: كانت امرأة، تستعير المتاع وتجحده، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطع يدها، الحديث رواه مسلم (¬4). 5 - تقديم القارئ على الفقيه في أحقية الإمامة؛ أخذًا بظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي مسعود البدري: "يَؤُمُ القَوْمَ أَقرَؤُهُمْ لِكِتابِ الله فَإِن كَانُوا في القِراءَةِ سَواءً فأَعلَمُهُمْ بالسُّنَّةِ فَإنْ كانُوا في السُّنَّةِ سَوَاءً فأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإنْ ¬

_ (¬1) سورة المائدة: 106. (¬2) البخاري 9/ 11، ومسلمٌ برقم 1365. (¬3) البخاري 5/ 229 - 231، ومسلمٌ برقم 715. (¬4) مسلم برقم 1688، وأحمدُ 2/ 151.

الخامس: الخلاف في القواعد الأصولية والفقهية

كَانُوا في الهِجْرَة سَوَاءً فأَقدَمُهُم سِنًا. أو قال: سِلْمًا" (¬1). الخامس: الخلاف في القواعد الأصولية والفقهية: قد يكون الخلاف في الفروع ثمرة مترتبة على اختلاف العلماء في قواعد أصولية أو فقهية، يلمس أثرها واضحًا من قرأ كتب القواعد التي ألفت في كل مذهب من المذاهب الأربعة، أو قرأ كتب الأصول التي تتكلم عن القواعد الأصولية ممزوجة بأمثلتها من الفروع الفقهية أو مستنتجة منها، وسوف نتعرض هنا لبعض القواعد التي لمسنا أثرها واضحًا في هذا الكتاب منها: 1 - الجمع بين الدليلين مقدم على النسخ أو الترجيح عند التعارض إذا أمكن الجمع بين الدليلين المتعارضين فإنه يقدم على القول بالنسخ أو الترجيح عند الحنابلة والشافعية؛ لأنّ العمل بالدليلين إذا أمكن فهو أولى من إهمالهما (¬2). ويختلف العلماء في تطبيق هذه القاعدة على آحاد الوقائع المختلفة ومنها: أ- جمع الإمام أحمد بين حديث جابر -قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي -يعني الجمعة- ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس" رواه مسلم (¬3) - وبين حديث سلمة بن الأكوع: "كنا نجمع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الجمعة حين تميل الشمس". رواه البخاري (¬4) فجعل حديث جابر دالًا على وقت الجواز وحديث سلمة على وقت الأفضلية. ب- جمع الإمام أحمد بين آية الخلع: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} الآية (¬5). وبين ما رواه ابن ماجة؛ أن جميلة بنت سلول أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) مسلم برقم 673، وأبو داود برقم 584. (¬2) اللمع 55، والروضة مع مذكرة الشنقيطي 317. (¬3) مسلم 858. (¬4) البخاري 7/ 346. (¬5) سورة البقرة آية 230.

فقالت: والله يا رسول الله ما أعتب على ثابت في دين ولا خلق ولكن أكره الكفر في الإِسلام لا أطيقه بغضًا. فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَتَرُدِّينَ عَلَيهِ حَدِيقَتهُ"؟ قالت: نعم. فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد (¬1) فجعل -رحمه الله- الآية دالة على جواز أخذ الزيادة على المهر في الخلع، والنهي في الخبر دالًا على كراهة ذلك. 2 - أن صيغة الأمر عند الإطلاق تقتضي الوجوب، ولا تدل على غيره إلا بقرينة. وهذا مذهب الجمهور (¬2). ومنه: أ- وجوب قبول الحوالة على مليء، فلا يعتبر فيها رضا المُحَال. وقد أخذ أحمد بأمره - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة: "مَطْلُ الغَنِي ظُلْمٌ وَإِذَا أُتْبعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَليءٍ فَليَتّبعْ" [متفق عليه] (¬3). وحمله الجمهور على الاستحباب (¬4). ب- وضع الجوائح. وقد أخذ أحمد بحديث جابر -رضي الله عنه- قال: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بوضع الجوائح، رواه مسلم وأبو داود (¬5). 3 - اقتضاء النهي الفساد: وقد نص الإمام أحمد عليه في مواضع. قال علاء الدين ابن اللحام: إطلاق النهي؛ هل يدل على الفساد أم لا؟ في ذلك مذاهب: أحدها: أنه يدلّ على الفساد مطلقًا. قال أبو البركات: نص عليه في مواضع تمسك فيها بالنهي المطلق على الفساد، وهذا قول جماعة من الفقهاء، حكاه القاضي أبو يعلى. ¬

_ (¬1) ابن ماجة برقم 2057، والبيهقيُّ 7/ 313. (¬2) التمهيد في تخريج الفروع على الأصول 260 - 261. (¬3) البخاري 4/ 381، ومسلمٌ برقم 1564. (¬4) انظر فتح الباري 4/ 381، ونيل الأوطار 5/ 267. (¬5) مسلم برقم 1554، وأبو داود برقم 3374، والنسائيُّ 7/ 364 - 365.

قال الخطابي: ظاهر النهي يوجب فساد المنهي عنه، إلا أن تقوم دلالة على خلافه، قال: وهذا هو مذهب العلماء. الثاني: لا يدلّ عليه مطلقًا، ونقله في المحصول عن أكثر الفقهاء، والآمدي عن المحققين. الثالث: يدلّ عليه في العبادات دون المعاملات، وهو المختار في المحصول والمنتخب وغيرهما، وقاله أبو الحسين البصري. الرابع: أنه يدلّ عليه في العبادات مطلقًا وفي المعاملات، إلا إذا رجع إلى أمر مقارن للعقد غير لازم له بل ينفك عنه، كالنهي عن البيع يوم الجمعة وقت النداء، فإن النهي إنما هو لخوف تفويت الصلاة لا لخصوص البيع؛ إذ الأعمال كلها كذلك، التفويت غير لازم لماهية البيع. وهذا القول قد نقله ابن برهان في الوجيز عن الشافعي، واختاره الرازي في المعالم في أثناء الاستدلال، ونقله الآمدي بالمعنى عن أكثر أصحاب الشافعي (¬1)، هذه خلاصة آراء العلماء في المسألة. ولهذه القاعدة عند أحمد فروع موجودة في هذا الكتاب منها: 1 - لا تصح الطهارة من آنية الذهب والفضة، ولا من إناء اشتراه صاحبه بثمن محرم، ولا من إناء مغصوب. 2 - لا يصح الاستجمار بالمغصوب. 3 - لا تصح الصلاة في ثوب الحرير ولا في الثوب المغصوب. 4 - بطلان بيع الحاضر للبادي إذا توفرت الشروط الخمسة، وستأتي في موضعها إن شاء الله. 5 - بطلان الصلاة في المواضع المنهي عنها. 6 - بطلان صلاة الفذ خلف الصف. 7 - تحريم ما ذبح بسكين مغصوب. ¬

_ (¬1) القواعد والفوائد الأصولية 192، وانظر أيضًا: العدة 2/ 432، والإحكام للآمدي 2/ 174 - 175 المطبوع سنة 1387 هـ.

التعريف بمؤلف الكتاب ويشمل: 1 - عصره. 2 - نسبه ومولده. 3 - نشأته وتعلمه. 4 - خلقه. 5 - صلاته بعلماء نجد. 6 - شيوخه. 7 - تلاميذه. 8 - مؤلفاته. 9 - وفاته.

التعريف بمؤلف الكتاب

التعريف بمؤلف الكتاب عصره: أطل القرن الحادي عشر الهجري والعالم الإِسلامي تحكمه الدولة العثمانية وكانت في إبّان فتوتها وأَوْجِ عظمتها، إلا أن المحافظات البعيدة عن عاصمة الخلافة لا تنعم بما تنعم به العاصمة من الأمن والاستقرار. وقد شهدت مصر في النصف الأوّل من هذا القرن فوضى سياسية في إدارتها، وحفظ لنا التاريخ ألوانًا من ظلم الباشوات وتعسفهم، سببت انتفاضات متعاقبة تنتهي بالإطاحة بالباشا المستبد واستبداله بآخر، وكان ذلك بمعزل عن الدولة العثمانية الأم. ففي عام 999 هـ استقال والي مصر عويس باشا بعد أن ثار الجنود عليه ونهبوا بيته، وقاموا بثورة في جميع أنحاء القطر، وخلفه على ولاية مصر حافظ أحمد باشا ولم تطل مدته، وخلفه الكردي باشا ثم السيد محمَّد باشا. وفي أيامه قامت ثورة عسكرية أطاحت به وانتهت باستبداله بخضر باشا سنة 1006هـ ثم أطيح به وولي علي باشا السلحدار، وكان مكرمًا للجند سفاكًا للدماء؛ فلم يكن يخرج من موكبه إلى ضواحي المدينة حتى يقتل عشرة أشخاص على الأقل تحت حوافر جياده. وفي أيامه حدثت مجاعة وعم الخراب، فترك القاهرة فرارًا من العاقبة، واستخلف على القاهرة: بري

بك وبوفاته انتخب السناجق الأمير (عثمان بك) ليقوم مقامه حتى عين الباب العالي إبراهيم باشا، فثار عليه الجند فقتلوه وحملوا رأسه مع أحد أعوانه وطافوا بهما في شوارع المدينة. ثم أرسلت الأستانة محمَّد باشا الكوجي واليًا على مصر. وفي سنة 1024 هـ ولي على مصر أحمد باشا الدفتردار، وتبعه سلسلة من الولاة من بينهم الوزير فرغلي مصطفى، ثم جعفر باشا، ثم مصطفى باشا، ولم تدم ولايتهم أكثر من بضعة أشهر، ثم بيرم باشا، فموسى باشا، والوالي حسين الدالي، وأيوب باشا وغيرهم، ولم يكن لهم أي نفوذ. وأخيرًا آلت القوة إلى المماليك البكوات الذين يعدون أنفسهم من أبناء مصر، وليسوا كالبشوات الأتراك الذين إذا أتوا مصر كان همهم جمع المال قبل أن يعزلوا (¬1). وقد أثرت هذه الفوضى السياسية على سير الحركة العلمية في مصر، حتى وصلت في نهاية العهد العثماني إلى أبعد درجات الانحطاط العلمي، فَقَلَّ نبوغ العلماء والمفكرين. وأكثر ما كتب في هذا العصر إنما هو من قبيل الشروح والحواشي والمختصرات من المطولات. ولقد انحط فيه أسلوب الإنشاء حتى أوشك أن يكون عامِّيًا، وضعفت اللغة العربية في المؤلفات، وظهر ذلك في ركاكة الأسلوب وعدم انتظام العبارات ووجود اللحن. ولا غرو في ذلك فإن كثيرًا من المدارس التي افتتحها المماليك في مصر قد اندثرت ولم يبق إلا الأزهر وبعض المساجد والكتاتيب التي تعلم الناس القرآن. كما اندثرت دور الكتب التي كانت موجودة في عصر المماليك في المساجد والمدارس ولم يبق إلا مكتبة الجامع الأزهر. ومع هذا كله فقد نبغ في هذا القرن علماء ومفكرون، ولكنهم قلة ¬

_ (¬1) تاريخ مصر الحديث 77 - 78 - 84، وأوضح الإشارات فيمن ولي مصر القاهرة من الوزراء والباشات 156 - 178، وكتاب القاهرة 204.

نسبه ومولده

بالنسبة إلى العصور السابقة، ومنهم أحمد الشويري الحنفي المتوفى سنة (1066هـ)، وشهاب الدين القليوبي الشافعي (ت 1069هـ)، وعلي بن زين العابدين الأجهوري المالكي (ت1066هـ)، وأبو الضياء علي بن علي الشبراملسي ت (1087هـ)، وشمس الدين الغنائي (ت1098هـ) (¬1). نسبه ومولده: هو منصور بن يونس بن صلاح الدين بن حسن بن أحمد بن علي بن إدريس البهوتي، شيخ الحنابلة بمصر وخاتمة علمائهم بها. والبهوتي نسبة إلى بهوت إحدى قرى مركز طلخا بمحافظة الدقهلية، بجمهورية مصر العربية. وقد ذكر نساخ المخطوطات الثلاث أ، ب، جـ أن جد الشيخ اسمه إدريس وساقوا نسبه هكذا: منصور بن يونس بن إدريس بن صلاح الدين .. إلخ، وكذلك أيضًا في صفحة العنوان من كتاب كشاف القناع المطبوع. وما ذكرته أولًا هو ما ذكره الشيخ عن نفسه في أواخر كتبه، وهو ما ذكر المحبي في خلاصة الأثر 4/ 426. والشطي في تلخيص طبقات الحنابلة ص 104. وابن بشر في عنوان المجد 1/ 50. وعلى صفحة العنوان من النسخة الخطية (س) كتب نسب الشيخ هكذا: منصور بن يونس بن صلاح الدين بن أحمد بن علي بن حسن بن السيد إدريس بن عيسى بن نجم بن إسحاق بن عبد الله بن علي بن الحسن الأنور بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه ورضي عنه-. وحيث إنني لم أجد ذلك في كتاب يعتمد عليه، فقد راجعت كتب التراجم ونسب الطالبين فلم أجد أن للحسن بن علي -رضي الله عنه- ولدًا اسمه الحسن الأنور، بل قد ذكر العالم النسابة أحمد بن علي الداودي ¬

_ (¬1) انظر كتاب القاهرة 214 - 226 - 227.

الحسني في كتابه (عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب) ص / 55 أن أولاد الحسن بن علي -في رواية شيخ الشرف العبيدلي- ستة عشر ولدًا، منهم خمس بنات وأحد عشر ذكرًا هم: 1 - زيد، 2 - الحسن، المثنى، 3 - الحسين، 4 - طلحة، 5 - إسماعيل، 6 - عبد الله، 7 - حمزة، 8 - يعقوب، 9 - عبد الرحمن، 10 - أبو بكر، 11 - عمر. وقال الموضح النسابة: عبد الله وأبو بكر، وزاد القاسم وهي زيادة صحيحة أ. هـ. وراجعت ترجمة الحسن المثنى في كتب التراجم لعلي أجد أنه يلقب بالحسن الأنور فلم أظفر من ذلك بشيء. ثم بحثت في ولد الحسن المثنى فلم أجد أن له ولدًا اسمه علي، ثم إنني عددت أجداده إلى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فوجدت أن عليًا جده الثالث عشر، وقد ولد المؤلف رحمه الله سنة ألف من الهجرة. ولو تتبعنا نسب محمَّد بن الحسن العسكري -المهدي المنتظر في عقيدة الشيعة- مثلًا المولود سنة خمس وخمسين ومائتين وجدنا أن عليًا جده التاسع، فهو كما ذكرته كتب التراجم: محمَّد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمَّد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمَّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب (¬1). ولو نظرنا في كتاب موارد الإتحاف في نقباء الأشراف لوجدنا أن بعض نقبائهم في القرن السادس الهجري يكون الإمام علي كرم الله وجهه الجد الثالث عشر لهم والرابع عشر. انظر مثلًا: ص 207، وفيها: نقيب الطالبين بدمشق أبو عبد الله محمَّد بن أبي طاهر محمَّد بن أبي البركات محمَّد بن زيد بن أحمد بن محمَّد بن محمَّد الأشتر بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله بن علي بن الحسين بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب. ¬

_ (¬1) وفيات الأعيان 4/ 262 - 261 - 260.

نشأته وتعلمه

وكل هذا يضع علامة استفهام حول ما كتب على صفحة العنوان من النسخة الخطية (س). على أنني لا أستطيع أن أنس نسب الشيخ إلى الأسرة الشريفة، ولكني كباحث وجدت لزامًا على نفسي أن أسجل ما وجدته على ظهر المخطوطة، وأسجل ما أراه حياله. أما مولده فإن كثيرًا ممّن ترجم للشيخ لم يتطرق إلى ذكر السنة التي ولد فيها، لكن نقل الغزي أن في حاشية تلميذ الشيخ وابن أخته العلامة الخلوتي، أنه سأل الشيخ عن ذلك فذكر أنه ولد سنة الألف من الهجرة (¬1). نشأته وتعلمه: نشأ -رحمه الله- في بيئة دين وعلم، وحفظ القرآن وهو صغير شأن معاصريه من طلبة العلم، ثم انصرف إلى طلب العلم، وصرف جُلَّ وقته فيه. وتبحر في الفقه على مذهب أحمد، واجتهد في تحرير مسائله وإيضاح دقائقه والكشف عن مبهماته، واستحق أن ينال لقب شيخ المذهب، قال عنه المحبّي في "خلاصة الأثر" 4/ 426: شيخ الحنابلة بمصر وخاتمة علمائهم بها، الذائع الصيت البالغ الشهرة، كان عالمًا عاملًا ورعًا متبحرًا في العلوم الدينية صارفًا أوقاته في تحرير المسائل الفقهية، ورحل الناس إليه من الآفاق لأجل أخذ مذهب الإمام أحمد بن حنبل -رضي الله عنه-، فإنه انفرد في عصره بالفقه. وقال فيه مؤرخ نجد عثمان بن بشر في كتابه "عنوان المجد في تاريخ نجد" 1/ 50: العالم العلامة، بقية المحققين وافتخار العلماء الراسخين، ناصر المذهب المنتفي للشبهات والريب .. صاحب التصانيف المفيدة والمناقب العديدة الحميدة. وقال فيه الشطي في مختصره ص 104: الشيخ الإمام، شيخ الإِسلام، ¬

_ (¬1) انظر مختصر طبقات الحنابلة ص 105.

خلقه

كان إمامًا همامًا علامة في سائر العلوم، فقيهًا متبحرًا أصوليًا مفسرًا جبلًا من جبال العلم، وطودًا من أطواد الحكمة، وبحرًا من بحور الفضائل، له اليد الطولى في الفقه والفرائض وغيرها أ. هـ. وقد رحل إليه الناس من الشام والعراق والحجاز ومن نجد لأخذ المذهب الحنبلي، وكانت تصانيفه محل العناية والدرس من طلاب الفقه الحنبلي في عصره وبعده إلى يومنا هذا. ولعل أكبر دليل على ذلك تدريس كتاب الروض المربع في كليات الشريعة التابعة لجامعة الإمام محمَّد بن سعود الإِسلامية في المملكة العربية السعودية. وقد نقل ابن بشر في تاريخه قال: أخبرني الشيخ عثمان بن منصور الحنبلي الناصري،-متع الله به- قال: أخبرني بعض مشائخي عن أشياخهم قالوا: كل ما وضعه متأخرو الحنابلة من الحواشي على تلك المتون ليس عليها معول إلا ما وضعه الشيخ منصور؛ لأنه هو المحقق لذلك إلا حاشية الخلوتي لأن فيها فوائد جليلة. خلقه: كان رحمه الله على خلق كريم، ذا أدب عال شأن العلماء العاملين. وكان برًا بتلاميذه ومريديه، يقضي حاجاتهم ويواسي منكوبهم ويعطف على مغتربهم. قال فيه المحبي: كان شيخًا له مكارم دائرة، وكان في كل ليلة جمعة يجعل ضيافة ويدعو جماعته من المقادسة، وإذا مرض أحد منهم عاده وأخذه إلى بيته ومرّضه إلى أن يشفى، وكانت الناس تأتيه بالصدقات فيفرقها على طلبة العلم في مجلسه ولا يأخذ منها شيئًا (¬1). ونقل الشطي في مختصره في ترجمة الشيخ قول السفاريني: وكان الشيخ له مكارم دارّة وبشاشة سارة (¬2). ¬

_ (¬1) خلاصة الأثر 4/ 426. (¬2) مختصر طبقات الحنابلة ص 105.

صلاته بعلماء نجد

صلاته بعلماء نجد: كان -رحمه الله- موضع التبجيل والاحترام من علماء نجد الحنابلة، فكانوا يراسلونه ويتلقفون ببالغ الشوق كتبه وحواشيه! بل لقد سافر بعضهم إلى مصر لأخذ العلم عنه والقراءة عليه، وقد ترجم له ابن بشر -في كتابه: عنوان المجد في تاريخ نجد- في السوابق، وقد نقل الشيخ أحمد بن محمَّد المنقور المتوفى سنة 1125 هـ في مجموعه الذي دون فيه فتاوى وتعليقات شيخه عبد الله بن محمَّد بن ذهلان المتوفى سنة 1099 هـ، نقل فيه من جميع كتب الشيخ منصور، ففي 1/ 78 نقل من كتاب المنح الشافيات قوله: قال في المفردات: وبدخول الوقت طهر يبطل ... لمن بها استحاضة قد نقلوا لا بالخروج منه لو تطهرت ... للفجر لم يبطل لشمس ظهرت قال في شرحها: لا تبطل الطهارة بخروج الوقت إذا لم يدخل وقت صلاة أخرى من الخمس؛ فمن تطهرت لصلاة الصبح لم يبطل وضوؤها بطلوع الشمس؛ لأنه لم يدخل وقت صلاة أخرى. وقد ذكر ابن منقور في هذا المجموع نقولًا كثيرة من كتابه "كشاف القناع" ومن حاشيته على المنتهى. ويذكر ابن منقور أن الشيخ أحمد بن بسام أرسل إلى الشيخ أحمد بن محمَّد بن خيخ النجدي -كان بالمدينة- يسأله عن مسألة في الوقف، فوافق وجود الشيخ منصور، فأجاب: وصورة السؤال: شخص وقف عقاره -وله ثلاثة أولاد- على ولديه فلان وفلان وسكت عن الثالث. ومات الجميع؛ الموقوف عليهم والمسكوت عنه. وخلف الكل أولادًا. الموقوف عليه والمسكوت عنه ورفع الأمر إلى خويدم نعالكم، وأفتيت بدخول أولاد الجميع -المسكوت عنه والموقوف عليه- على ما صرح به في "المغني، والإنصاف، والفروع، وشرح المنتهى". وخالف في ذلك آخر، ونقل عن الإقناع عبارة توهم من ليس له

ممارسة بمذهب أحمد. وأفتاه شافعية بغير الفهم الواضح، حتى إبراهيم ابن حسن مفتي الإحساء فهم كما فهموا، ولما نقلت له العبارة قال: والله فتيا الرجل في غير مذهبه يؤدي إلى الزلل وأنا راجع، فقد قال عمر على المنبر: أصابت الجارية وأخطأ عمر. ولم تأخذه العزة (¬1). فأجاب الشيخ منصور: قد سر الفقير بما أفتيتموه وأوضحتموه، وأن الحق لأولاد الجميع لا يختص به أولاد أحدهم؛ لأنّ هذا منقطع الآخر، وهم ورثة الواقف؛ ينصرف المنقطع عليهم على قدر إرثهم من الواقف وقفًا. ومسألة (المغني) و (الإقناع) و (المنتهى) إن كانت هي التي عبروا عنها بقولهم: وإن قال: هذا وقف على ولدي فلان وفلان وولد ولدي. وله ثلاثة بنين، كان على المسمين وأولادهما وأولاد الثالث دونه وليست هذه المسألة؛ لأنّ الواقف في هذه المسألة له مآل، وولد ولدي مفرد مضاف لمعرفة فيعم، وفي المسألة المستفتى فيها ليس له مآل بالكلية، لكن جاء الاشتراك بينهم من حيث إن الكل من ورثة الواقف، وإن المنقطع يصرف لورثته نسبًا، وقفًا على قدر إرثهم. كتبه منصور البهوتي عفا الله عنه، ونقله ابن منقور من خطه (¬2). وكان علماء نجد حريصين على لقاء الشيخ والسماع منه، وقد ذكر ابن بشر في تاريخه "عنوان المجد" أنه في سنة 1049 هـ حج الشيخ منصور وحج عالم نجد في وقته الشيخ سلمان بن علي بن مشرف، فاجتمعا وتباحثا، وأطلعه الشيخ منصور على شرحه للإقناع -وكان لم ينته منه إلا ذلك العام- فتأمله الشيخ سليمان وكان قد ابتدأ في شرح الإقناع فوجده مطابقًا لما عنده، إلا مواضع يسيرة فأتلف شرحه. ولعل قوله: إنه لم ينته من شرحه للإقناع إلا ذلك العام، يعني انتهاءه ¬

_ (¬1) هذا الأثر ساق أسانيده العجلوني في كشف الخفا، ومزيل الألباس 1/ 316 - 317. (¬2) الفواكه العديدة 1/ 510 - 511.

شيوخه

من تنقيحه ومراجعته، وإلا فقد ذكر ابن بشر أن الشيخ ابتدأ بشرح المعاملات أولًا، وفرغ من المجلد الأوّل منها تاسع عشر ذي الحجة سنة أربع وأربعين، وشرع في المجلد الثاني وفرغ منه سنة خمس وأربعين وألف يوم الخميس مستهل شعبان (¬1) وشرح العبادات في سنة ست وأربعين ثم ذكر أنه فرغ من شرح المنتهى سنة تسع وأربعين وألف من الهجرة، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام. شيوخه: أخذ العلم عن كثير من العلماء من الحنابلة وغيرهم، ومن أشهر شيوخه: 1 - عبد الرحمن بن يوسف البهوتي: ولد رحمه الله بمصر وبها نشأ، وقرأ الكتب الستة وغيرها من كتب الحديث. وروى المسلسل بالأولية عن الجمال يوسف بن القاضي زكريا، وأخذ علوم الحديث عن الشمس الشامي صاحب السيرة النبوية تلميذ السيوطي، وكان عالمًا فاضلًا ورعًا زاهدًا. قال عنه جميل الشطي في "مختصر طبقات الحنابلة" ص103: هو الشيخ الإمام العالم العلامة المسند الأثري البركة الثقة العمدة الهمام الفقيه المتضلع من العلوم والفضائل خاتمة المعمرين، ومن مشايخه في الفقه الحنبلي والده وجده والتقي الفتوحي الحنبلي صاحب منتهى الإرادات وأخوه عبد الرحمن ابنا شيخ الإِسلام الشهاب أحمد ابن النجار الفتوحي، والشيخ شهاب الدين البهوتي الحنبلي. وأخذ الفقه المالكي عن زين الدين الجيزي، والشيخ محمَّد الفيش، والشيخ أبو الفتح الدميري شارح المختصر، والشيخ محمَّد الحطاب المالكي. ¬

_ (¬1) هذا هو الموجود في آخر كتاب كشاف القناع 6/ 487.

2 - يحيى بن موسى الحجاوي

وأخذ الفقه الحنفي عن الشيخ شمس الدين البرهمتوشي، وأبو الفيض السلمي، وأمين الدين بن عبد العال، وعلي بن غانم المقدسي. وأخذ الفقه الشافعي عن الشمس الخطيب الشربيني، والشمس العلقمي شارح الجامع الصغير، والشيخ ولي الدين الضرير. وقد أخذ عنه جمع من الأئمة؛ منهم الشيخ منصور والشيخ عبد الباقي الدمشقي. وكان رحمه الله في سنة أربعين وألف موجودًا في الأحياء، وكان قد عاش نحوًا من مائة وثلاثين سنة على ما هو مشهور (¬1). 2 - يحيى بن موسى الحجاوي: هو يحيى بن موسى بن أحمد بن موسى بن سالم بن عيسى بن سالم الشهير بابن الحجاوي، المقدسي الأصل، الدمشقي المولد والمنشأ، ثم الصالحي، ثم القاهري. كان رحمه الله عالمًا متبحرًا فقيهًا محدثًا فرضيًا، أخذ الحديث والفقه عن جماعة من علماء دمشق، منهم والده شرف الدين موسى الحجاوي مؤلف الإقناع ومفتي الحنابلة بدمشق، وكان الشيخ شرف الدين قد أخذ الحديث عن مفتي دار العدل السيد كمال الدين محمَّد بن حمزة الحسيني؛ بعد قراءته عليه مشيخته التي خرّج لنفسه فيها أربعين حديثًا، وهو قد أخذ عن جماعة كثيرين منهم الحافظ ابن حجر العسقلاني. وقد أجازه العلامة البدر الغزي بمنظومة ذكرها الشطي في مختصر الطبقات وهي: الحمد لله على تواتر ... آلائه في باطن وظاهر ثم الصلاة والسلام أبدًا ... على النبي الهاشمي أحمدا وآله وصحبه والتابعين ... وعلماء الدين طرًا أجمعين ¬

_ (¬1) انظر خلاصة الأثر 2/ 405، ومختصر طبقات الحنابلة 103 - 104.

وبعد فالطفل اللبيب الألمعي ... الحاذق النخيل الأديب اللوذعي الشيخ يحيى ابن الإمام المتقن ... العالم العلامة المفتن الشرقي موسى هو الحجاوي ... نزهه الله عن المساوي حضر عندي وعليَّ عرضا ... مواضعًا عرضًا مجيدًا مرتضى من المصنف الذي للخرقي ... العالم العلامة المحقق أبرزها سردًا بحسن لفظه ... بلا تكلف لها من حفظه دلت على حفظ الكتاب كله ... قرت به عيون كل أهله وقد أجزته وقاه الله ... سبحانه من كل ما يخشاه بكل ما يجوز لي روايته ... أو حل لي بين الورى درايته وفّقه الله لخير العمل ... وصانه من الخطا والخطل قد قال ذا محمَّد الغزي ... العامري والده الرضي عام ثمانين وتسعمائة ... من الستين قد مضت للهجرة والحمد لله تمام النظم ... يعطر المبدأ بحسن الختم وبعد أن توفي والده شرف الدين رحل إلى القاهرة، وتتلمذ على أئمة الفقه في الجامع الأزهر كالتقي محمَّد الفتوحي وغيره، وبعد أن أدرك حظًا وافيًا من العلم جلس للتدريس بالجامع الأزهر، وتتلمذ عليه طلبة العلم في الفقه الحنبلي والفرائض والحديث، وتخرج على يديه أكابر العلماء في ذلك. وممن تخرج على يديه الشيخ منصور البهوتي والشيخ مرعي المقدسي والقاضي محمود الحميدي الدمشقي ابن أخت صاحب الترجمة. ولم يزل -رحمه الله- ركنًا للإفادة وعلمًا يهتدى به إلى أن توفي -رحمه الله- في أوائل القرن الحادي عشر بالقاهرة، -رحمه الله- وأسكنه فسيح جناته (¬1). ¬

_ (¬1) انظر مختصر طبقات الحنابلة 95 - 96.

تلاميذه

تلاميذه: درس على الشيخ تلاميذ كثيرون، وانتفع بعلمه خلق كثير. وكان من أبرز تلاميذه عالمان فاضلان هما: 1 - محمَّد الخلوتي: هو محمَّد بن أحمد بن علي البهوتي الشهير بالخلوتي. ولد بمصر وبها نشأ وتعلم وكان ملازمًا للشيخ منصور، وأخذ أيضًا عن العلامة عبد الرحمن البهوتي الحنبلي تلميذ الشمس محمَّد الشامي صاحب السيرة النبوية وأخذ العلوم العقلية عن الشهاب الغنيمي، ثم تتلمذ على زميله في الطلب العلامة المحقق النور الشبراملسي الشافعي ولازمه، وكان يجله ويحترمه ولا يخاطبه إلا بعبارات التعظيم والإجلال. لم يزل ملازمًا لمجلسه حتى مات. اشتهر الشيخ بحاشيته على المنتهى، وقد جمعت بعد موته من تقريراته، وهي مطبوعة الآن. وللشيخ تحريرات على الإقناع بلغت اثني عشر كراسًا، وله شعر رقيق يدلّ على ملكة أدبية كقوله: كان الدهر في خفض الأعالي ... وفي رفع الأسافلة اللئام فقيه عنده الأخبار صحت ... بتفضيل الجود على القيام وكانت وفاته -رحمه الله- بمصر بعد نصف ليلة الجمعة تاسع عشر ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وألف (¬1). 2 - عبد الله بن عبد الوهاب المشرفي: هو عبد الله بن عبد الوهاب بن عبد القادر بن رشيد بن بريد بن محمَّد المشرفي من الوهبة من تميم. يلتقي نسبه مع نسب الشيخ محمَّد بن عبد الوهاب صاحب الدعوة السلفية في نجد في جده بريد بن محمَّد. ¬

_ (¬1) انظر خلاصة الأثر 3/ 390 - 391.

مؤلفاته

نشأ -رحمه الله- في بيئة علم ودين، وأخذ عن علماء نجد في عصره. وممن أخذ عنه في بداية تحصيله العلمي علامة نجد في وقته الشيخ أحمد بن محمَّد بن بسام، الذي كان في بلدة العيينة (¬1). ثم رحل إلى مصر وتتلمذ على الشيخ منصور وغيره. وبعد أن أدرك حظًا وافيًا من العلم وتضلع في الفقه الحنبلي رجع إلى نجد، ثم تولى قضاء العيينة إلى أن مات. وكانت العيينة في ذلك الوقت من أكبر قرى نجد، ولا يلي قضاءها إلا كبار العلماء، لأهمية البلاد وكثرة السكان. وقد كان -رحمه الله- علمًا من أعلام الفقه الحنبلي في نجد، وكانت تأتيه أسئلة الفتيا من أطرافها، وقد دون الشيخ أحمد المنقور في مجموعه بعض فتاواه: وكانت وفاته -رحمه الله- سنة ست وخمسين وألف في بلدة العيينة (¬2). مؤلفاته: كانت مؤلفات الشيخ منصور موضع عناية علماء الحنابلة في عصره، وبعده، لاعترافهم له بأنّه محقق المذهب ومحرره في زمنه، حتى لقد نال -رحمه الله- لقب شيخ المذهب كما سبق. وكانت جل مؤلفات الشيخ شروحًا وحواشي على كتب المتون المعتمدة في المذهب، والتي عنيت بتدوين القول الراجح فقط، وكانت متعلق همة طلبة العلم في ذلك العصر الذي عني أهله بحفظ المتون. وسنتكلم بإيجاز عن مؤلفات الشيخ المذكورة في كتب التراجم. أ- كشات القناع عن متن الإقناع: وهو شرح لكتاب الإقناع في الفقه الذي ألفه علامة زمانه في الفقه الحنبلي شرف الدين أبي النجا موسى بن أحمد بن سالم بن عيسى بن سالم المقدسي الحجاوي الصالحي الدمشقي المتوفى سنة 968 هـ، وهو من أحسن ¬

_ (¬1) علماء نجد 1/ 187 - 188. (¬2) المرجع السابق عنوان المجد 51.

الكتب المختصرة التي ألفت في فقه الإمام أحمد، مع تحرير النقول وكثرة المسائل. يقول الشيخ منصور في مقدمة هذا الشرح: ولما رأيت الكتاب الموسوم بالإقناع في غاية حسن الوقع وعظم النفع؛ لم يأت أحد بمثاله ولا نسج ناسج على منواله، غير أنه يحتاج إلى شرح يسفر عن وجوه مخدراته النقاب، ويبرز من خفي مكنوناته بما وراء الحجاب، فاستخرت الله تعالى وشمرت عن ساعد الاجتهاد، وطلبت من الله العناية والرشاد، وكنت أود لو رأيت لي سابقًا أكون وراءه مصليًا (¬1). ولم أكن في حلبة رهانه مجليًا (¬2) إذ لست لذلك كفوًا بلا مرا. وسميته "كشاف القناع عن الإقناع"، والله أسأل أن ينفع به كما نفع بأصله، وأن يعاملنا بفضله. ومزجته بشرحي حتى صار كالشيء الواحد، لا يميز بينهما إلا صاحب بصر وبصيرة، لحل ما قد يكون من التراكيب العسيرة. وتتبعت أصوله التي أخذ منها؛ كالمقنع والمحرر والفروع والمستوعب وما تيسر الاطلاع عليه من شروح تلك الكتب وحواشيها، كالشرح الكبير والمبدع والإنصاف وغيرها، مما منّ الله تعالى بالوقوف عليه، خصوصًا شرح المنتهى والمبدع، فتعويلي في الغالب عليهما، وربما عزوت بعض الأقوال إلى قائلها خروجًا من عهدتها. وذكرت ما أهمله من القيود، وغالب علل الأحكام وأدلتها على طريق الاختصار غير المردود. وبينت المعتمد من المواضع التي تعارض كلامه فيها، وما خالف فيه المنتهى، متعرضًا لذكر الخلاف فيها، ليعلم مستند كل منها. أ. هـ. وتظهر شخصية الشيخ العلمية في هذا الكتاب مجتهدًا في تحرير المذهب وتحقيقه، وبيان صحيح أدلته من ضعيفها، معتمدًا في ذلك على ما ينقله عن علماء الحديث، وما استفاده من كتب العلماء الذين جمعوا بين الفقه والحديث، كمؤلفي المغني والفروع والمبدع. ¬

_ (¬1) المصلي هنا: الفرس الثاني في السباق، انظر القاموس المحيط 4/ 353. (¬2) المجلي: هو الفرس السابق في الحلبة؛ انظر القاموس 4/ 313.

ب- شرح منتهى الإرادات

وتظهر في هذا الكتاب استفادة المؤلف من آراء المحققين؛ كالإمام النوويّ وابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ولكن سيره على خطا مجتهدي المذاهب الذين يجتهدون في حدود آراء الإمام جعلت استفادته من أولئك الأعلام محدودة. والحق أن هذا الكتاب من أجلّ الكتب في الفقه الحنبلي، وأكثرها فائدة، فقد احتوى على أكثر المسائل الفقهية، فقلّ أن تبحث عن مسألة إلا وتجدها فيه مدونة. وقد طبع في ست مجلدات، وعليه تعليقات مقتضبة قليلة وبعضها غير سديد للشيخ هلال مصباحي مصطفى هلال أحد علماء الأزهر الشريف. ب- شرح منتهى الإرادات: منتهى الإرادات كتاب مختصر في فقه الإمام أحمد بن حنبل، ألفه العلامة محمَّد تقي الدين بن أحمد شهاب الدين بن النجار الفتوحي الحنبلي المتوفى سنة 972هـ جمع فيه مؤلفه بين مسائل المقنع لأبي محمَّد عبد الله موفق الدين ابن قدامة المقدسي المتوفى بسنة 620 هـ، ومسائل التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع للقاضي علاء الدين علي بن سلمان المرداوي المتوفى سنة 885 هـ. وذلك لأنّ ما قطع به المقنع أو صححه أو قدمه أو ذكر أنه المذهب، وكان موافقًا للصحيح ومفهومه مخالفًا لمنطوقه، لم يتعرض له التنقيح غالبًا، فمن عنده المقنع يحتاج إلى التنقيح والعكس وقد زاد عليها المؤلف بعض الفوائد، وقد شرحه الشيخ منصور شرحًا مختصرًا مفيدًا، اعتمد فيه على كتابه كشاف القناع وعلى شرح مؤلف المنتهى عليه، الذي ذكر الشيخ منصور عنه أنه غير شاف للعليل، واعتمد أيضًا على كتاب الشرح الكبير للشيخ عبد الرحمن بن أبي عمر بن قدامة المتوفى سنة 682هـ. وقد طبع هذا الشرح في ثلاث مجلدات، وله نسخ مخطوطة تحمل عناوين مختلفة منها:

1 - نسخة بعنوان: دقائق أولي النهى. 2 - نسخة بعنوان: تدقيق أولي النهى. 3 - نسخة بعنوان: إرشاد أولي النهى. 4 - نسخة بعنوان: معونة أولي النهى (¬1) جـ- الروض المربع شرح زاد المستقنع: كتاب زاد المستقنع في الفقه: ألفه شرف الدين أبو النجا موسى الحجاوي، وهو مختصر كتاب المقنع في الفقه تأليف أبي محمَّد عبد الله موفق الدين ابن قدامة. وقد شرحه الشيخ منصور شرحًا لطيفًا، أوضح به معاني الكتاب وكشف عن دقائقه، مع ضم قيود يتعين التنبيه عليها، وفوائد يحتاج إليها. وقد حظي هذا الشرح بحواش كثيرة توضح مسائله وتشرح دقائقه، منها: 1 - حاشية صالح بن سيف العتيقي المتوفى سنة 1223 هـ (¬2). 2 - حاشية الشيخ إبراهيم بن محمَّد بن ضويّان المتوفى سنة 1353هـ (¬3). 3 - حاشية الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري المتوفى سنة 1373 هـ، وهي مطبوعة مع الروض في ثلاث مجلدات. 4 - حاشية الشيخ عبد الرحمن بن محمَّد بن قاسم العاصمي النجدي، المتوفى سنة 1392 هـ، وهي مطبوعة مع الروض في سبع مجلدات. ¬

_ (¬1) انظر فهرست مخطوطات الفقه الإِسلامي إعداد جامعة الإمام محمَّد بن سعود الإِسلامية. (¬2) انظر علماء نجد 2/ 353. (¬3) انظر علماء نجد 1/ 144.

د- عمدة الطالب

د- عمدة الطالب: وهي متن مختصر في الفقه الحنبلي، وقد ذكرها ابن بشر في تاريخه باسم العمدة، وكذلك سماها الدكتور سالم بن علي الثقفي في كتابه مفاتيح الفقه الحنبلي 2/ 197. وقد اعتمد على ما ذكره ابن حميد في كتابه السحب الوابلة (¬1). وهذا الكتاب مطبوع مع شرحه (هداية الراغب) تأليف الشيخ عثمان بن أحمد النجدي المتوفى سنة 1097 هـ وقد وصف ابن بدران في المدخل 228 هذا الشرح بقوله: (وشرحه الشيخ عثمان بن أحمد النجدي شرحًا لطيفًا مفيدًا مسبوكًا سبكًا حسنًا): أ. هـ. ونظم الشيخ صالح بن حسن البهوتي المتوفى سنة 1121هـ كتاب العمدة وسماه: (وسيلة الراغب لعمدة الطالب). د- المنح الشافيات: وهو شرح للنظم الذي ألفه محمَّد بن علي بن عبد الرحمن المقدسي الصالحي المتوفى سنة 820 هـ، وسماه: (النظم المفيد الأحمد في مفردات الإمام أحمد). وقد ذكر المحبّي أن ناظم "المفردات" هو محمَّد بن عبد الهادي المقدسي، وتبعه في هذا الوهم ابن حميد في السحب الوابلة، ومنها نقل الدكتور سالم بن علي الثقفي في ترجمة الشيخ منصور البهوتي (¬2). هـ- حاشية على الإقناع: وهي غير الشرح السابق عليه والمسمى كشاف القناع، وقد أشار إليها في الشرح في عدة مواضع وذكرها المحبي وابن بشر وغيرهما (¬3). ¬

_ (¬1) انظر عنوان المجد 1/ 50، ومختصر طبقات الحنابلة 105، ومفاتيح الفقه الحنبلي 2/ 197. (¬2) انظر خلاصة الأثر 4/ 426، والسحب الوابلة 309، ومفاتيح الفقه الحنبلي 2/ 127. (¬3) خلاصة الأثر 4/ 426، وعنوان المجد 1/ 50.

و- حاشية على المنتهى

و- حاشية على المنتهى: وهي غير الشرح السابق، وقد ذكرها المحبي وابن بشر (¬1)، ونقل منها ابن منقور في مجموعه في عدة مواضع (¬2). تنبيه. ذكر ناشر كتاب: (الفواكه العديدة في المسائل المفيدة) -مجموع المنقور- في فهرس جعله آخر الكتاب، للكتب التي ذكرها المؤلف أو نقل عنها، أن للشيخ منصور كتابًا أسماه: (آداب القاضي) (¬3) مشيرًا إلى ما نقل عنه ابن منقور 2/ 235. وهذا سهو منه فإن ابن منقور -رحمه الله- إنما نقل من باب: آداب القاضي. وفاته: توفي -رحمه الله- ضحى يوم الجمعة، عاشر شهر ربيع الثاني سنة 1051 هـ بمصر، ودفن في تربة المجاورين. ويذكر ابن بشر في كتابه عنوان المجد ص49 - 50 أنه توفي سنة اثنتين وخمسين وألف. ¬

_ (¬1) المرجع السابق. (¬2) انظر الفواكه العديدة 1/ 110، 115. (¬3) الفواكه العديدة 2/ 415.

التعريف بالكتاب ويشمل: 1 - العنوان. 2 - نسبته إلى المؤلف. 3 - منهج المؤلف فيه. 4 - قيمة الكتاب. 5 - المآخذ على الكتاب. 6 - مصادر الكتاب.

التعريف بالكتاب

التعريف بالكتاب الكتاب شرح متوسط للمنظومة التي ضمنها ناظمها محمَّد بن علي المقدسي المسائل التي انفرد بها الإمام أحمد في الفقه، ورتبها على الأبواب الفقهية، وسنتحدث عن الكتاب من خلال المباحث التالية: أولًا: العنوان: وقع الاختلاف في عنوان الكتاب بين النسخ الخطية الموجودة بين يدي على النحو التالي: 1 - في نسختي أ، ب عنوان الكتاب: (منح الشافيات في شرح المفردات). 2 - في نسخة جـ والمطبوعة: (منح الشفا الشافيات في شرح المفردات). 3 - في نسخة د: شرح نظم المفردات. 4 - في نسخة س (المنح الشافية بشرح "المفردات" الوافية). 5 - في نسخة هـ: (المنح الشافيات شرح المفردات). 6 - وفي نسختي ص، ك: (المنح الشافيات بشرح المفردات). ومن خلال هذا العرض نجد أن النسخ الثلاث هـ، ص، ك قد اتفقت على تسمية الكتاب باسم: (المنح الشافيات)، وقريب من هذا ما جاء في نسخة س وهو: (المنح الشافية). وبما أن اللائق بلفظ المنح أن يكون موصوفًا بالشافيات لا مضافًا إليها، فقد رجحت العنوان الموجود في هذه النسخ الثلاث وهو: (المنح الشافيات بشرح المفردات).

ثانيا: نسبة الكتاب إلى المؤلف

ثانيًا: نسبة الكتاب إلى المؤلف: لا أعلم أحدًا عزا الكتاب إلى غير الشيخ منصور، بل لقد صرح بنسبته إليه المحبي في خلاصة الأثر 4/ 426، وابن حميد في السحب الوابلة ص 309، والشطي في مختصر طبقات الحنابلة ص 106، ولم يذكره ابن بشر ضمن مؤلفات الشيخ 1/ 50. أما المنظومة فقد ذكر المحبي في خلاصة الأثر 4/ 426، وابن حميد في السحب الوابلة ص 309، والدكتور سالم الثقفي في مفاتيح الفقه الحنبلي 2/ 197، أن مؤلفها محمَّد بن عبد الهادي، والصواب محمَّد بن علي بن عبد الرحمن المقدسي كما ذكر هو عن نفسه في آخر النظم حيث قال: ناظمها محمد بن علي ... المقدسي الصالحي الحنبلي وكما ذكر المصنف في آخر الكتاب. ثالثًا: منهج المؤلف في الكتاب: لا بدّ لكل مؤلف أن يتخذ له نهجًا يسير عليه في كتابه -قد يصرح به وقد لا يصرح- ولكنه يعرف بالاستقراء والتتبع. وقد ذكر الشيخ في مقدمة كتابه أنه اعتمد على كتاب الإنصاف في بيان الخلاف بين علماء المذهب، وعلى كتاب الشرح الكبير في ذكر الخلاف بين المذاهب وأدلتها. ومع ذلك فإن لمنهج المؤلف في الكتاب مميزات من أهمها: 1 - رتب الناظم "المفردات" على أبواب الفقه، وقد بين الشارح المعاني اللغوية والشرعية لتلك الأبواب ومصادر ثبوتها في الجملة. 2 - حرص المؤلف على شرح المسألة التي انفرد بها أحمد وذكرها الناظم، وبين من وافقه عليها من علماء السلف وأئمة المذاهب إن كان. 3 - يذكر المؤلف دليل كل مسألة انفرد بها أحمد. 4 - إذا كانت الرواية المفردة ليست هي المذهب عند مشاهير علماء الحنابلة فإن المؤلف ينص على ذلك ويبين ما هو المذهب.

رابعا: قيمة الكتاب

5 - يذكر المؤلف في كثير من المسائل أن الإمام أحمد نص على المسألة، وقد يذكر أحيانًا من رواها عنه. 6 - يعتمد المؤلف على كتاب الإنصاف لعلاء الدين المرداوي في عرض آراء علماء المذهب، أما الذين جاؤوا بعد المرداوي فإن المؤلف يذكر اختياراتهم في كثير من المسائل. 7 - يقارن المؤلف في كثير من المسائل بين المذهب الحنبلي وغيره من المذاهب، ويناقش أدلة المخالفين، وينتصر للمذهب الحنبلي مستمدًا ذلك كله من كتاب الشرح الكبير وغيره. 8 - كان -رحمه الله- لا يهتم بعرض المذهب الظاهري، مع موافقته في كثير من المسائل. 9 - ذكر المؤلف آراء الأئمة المشهورين من علماء السلف، كسفيان الثوري، وأبي ثور، وإسحاق بن راهويه، وأبي عبيد القاسم بن سلام، وابن المنذر في كثير من مسائل الكتاب. رابعًا: قيمة الكتاب: تكمن قيمة هذا الكتاب فيما سده من فراغ في المكتبة الإِسلامية، وما يرسله من أضواء في المسارات العلمية، وما يزيله من الشبه المفتعلة. ويمكن أن نلخص ذلك فيما يأتي: 1 - يعتبر هذا الكتاب دليلًا قاطعًا على أولئك الذين يَشُكُّون في مقدرة أحمد بن حنبل الفقهية، فيرونه محدثًا لا فقيهًا. ومع أن هذه الدعوى تلاشت واضمحلت في خضم المؤلفات الفقهية التي ألفها فقهاء الحنابلة عبر الزمن، وتزخر بها الآن مكتبات العالم الإِسلامي -مع ذلك- فإن هذا الكتاب شاهد قوي على مقدرة أحمد الفقهية، والتي تدور على اتباع النص ما أمكن، كما سبق. 2 - يعتبر هذا الكتاب حجة ثابتة في وجه الذين يرون أن ما انفرد به

خامسا: المآخذ على الكتاب

أحمد ضعيف في جملته، لا يستحق أن يتابع عليه، كما زعم إلكيا الهراسي الشافعي (ت504 هـ)، حيث ألف كتابًا رد فيه على مفردات أحمد وضعفها. 3 - هذا الكتاب بحق سجل حافل بالأحاديث والآثار، يبين مدى ارتباط أحمد بالنصوص وآثار الصحابة وكثرة اعتماده عليها، ويوضح وفرتها في جنس دليله الفقهي. 4 - وهذا الكتاب هو أول كتاب يجمع المشهور مما انفرد به أحمد من المسائل الفقهية التي لها أتباع في مذهبه أو هي المذهب، كاشفًا عن كل رواية، ومبينًا موقعها من الآراء الفقهية في المذهب، حسب ما يختاره علماء المذهب الذين حرروه ونقحوه، ومبينًا معتمد الإمام فيما ذهب إليه وخالف فيه غيره، لا سيما وأن مؤلفه قد نال لقب شيخ المذهب في عصره. 5 - كشف المؤلف في هذا الكتاب الستار عن بعض المسائل التي رآها الناظم وغيره من المفردات؛ فبين من وافق الإمام أحمد من الأئمة الثلاثة الآخرين، أو من علماء السلف المشهورين، معتمدًا في ذلك على ما نقله عن الشرح الكبير. 6 - لا يقتصر المؤلف على الرواية المفردة إذا لم تكن هي المذهب، بل يذكر الرواية الراجحة في نظره، والتي يرى أنها المذهب. وقد يسوق الروايات الأخرى عن الإمام. 7 - عند الاختلاف في المذهب يذكر المؤلف غالبًا من قدم كل رواية من المؤلفين في المذهب أو جزم بها أو اختارها. خامسًا: المآخذ على الكتاب: إن كل عمل بشري من غير معصوم لا بدّ أن يكون فيه نقص وعليه مآخذ، لكن هذه المآخذ تختلف من عمل إلى عمل، فقد تكون في صميم جوهر العمل وقد تكون جانبية أو شكلية؛ لا تقلل من قيمة العمل ولا تضعف ثقة الناس فيه.

وغالب ما سننبه عليه من الملاحظات يكون الشيخ فيها تابعًا لمؤلف الشرح الكبير، حيث اعتمد عليه في عزو المذاهب ونقل الأدلة. وقد يكون خطأ في النقل تجاوز فيه كلمات أو أسطرًا فجاءت العبارة بسبب السقط غير سليمة، وسننبه على جنس هذه المآخذ بضرب بعض الأمثلة مما في الكتاب فنقول: أ- اعتماده في نقل الأحاديث وعزوها على كتاب الشرح الكبير من غير أن يرجع إليها في كتب الحديث، وقد أوقعه هذا العمل في أخطاء منها: 1 - أخطأ المؤلف في ص 247 في عزو حديث: "من قتل قتيلًا فله سلبه غير مخموس". فذكر أنه متفق عليه، وليس كذلك، فإن لفظ غير مخموس ليس عند البخاري ومسلمٌ. 2 - في ص 293 جعل لفظ الحديث المرسل الذي روته عمرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخرجه مالك في الموطأ وأحمدُ في المسند من رواية الصحيحين، مع أن الشيخين لم يروياه باللفظ الذي ساقه به بل روياه بلفظ آخر. 3 - في ص 487 جعل حديث فاطمة بنت قيس باللفظ الذي ساقه به من رواية الشيخين، وليس كذلك، بل هو بهذا اللفظ من أفراد مسلم. 4 - في ص 359 دمج أثرين أحدهما عن يحيى بن سعيد الأنصاري والثاني عن سعيد بن المسيّب فجعلهما أثرًا واحدًا، وقد بينت ذلك في التعليق. ب- ادعاء الإجماع في كثير من المسائل التي نقل فيها قول صحابي ولم يعرف له مخالف، وهذا كثير جدًا في الكتاب، وهو الذي نهى عنه أحمد كما سبق في أصول مذهب الإمام أحمد. ب- اعتمد في نقل مذاهب الأئمة الثلاثة الآخرين على كتاب الشرح الكبير، وقد ذكر ذلك في مقدمة الكتاب، وقد صرح به أيضًا في أثناء الكتاب في مسائل منها:

1 - قال في ص 347 قال: وحكى الأصحاب الضمان عن أبي حنيفة والشافعيُّ. 2 - قال في ص 411 قال: قال في الشرح: وهو أصح وهو قول أبي حنيفة. 3 - قال في ص 423 قال في الشرح: وبه قال أبو حنيفة ومالك. وقال الشافعي: ليس له ذلك ... إلخ. وقد أوقعه ذلك في بعض الأخطاء منها: 1 - في ص 212 ذكر المؤلف عن الحنفية أنهم يوافقون ما حكاه الناظم عن الإمام أحمد في المفردات، وهو اشتراط وجود المحرم لحج المرأة ولو كانت في جوار الحرم. والذي في المذهب الحنفي اشتراط المحرم لمن بينها وبين مكة مسافة قصر .. (انظر فتح القدير 2/ 419 - 420 - وبدائع الصنائع 2/ 124). 2 - في ص 262 نسب إلى الإمام مالك أنه يقول: يجب قسم الأرضين التي فتحت عنوة، وقد ذكر ابن عبد البر في الكافي 1/ 481 وابن رشد في بداية المجتهد 1/ 401 عن مالك أنه يرى أنها لا تقسم بل توقف. 3 - في ص 291 نسب إلى الشافعي أنه يقول: لا يصح رهن الثمرة قبل بدو صلاحها، ولا الزرع الأخضر حتى يشتد؛ لأنه لا يصح بيعهما. وقد نص الشافعي في الأم 3/ 143 على جواز ذلك. د- الخطأ في النقل ومنه: 1 - نقل المؤلف في ص 62 عند ذكر من قال: يجزئ التيمم بضربة واحدة عن الترمذيُّ قوله: وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم، منهم علي وعمار وابن عباس وعطاء والشعبي والأوزاعي ومالك وإسحاق. وهذا النقل غير دقيق، فإن الأوزاعي ومالك لم يكونا من القائلين به في عبارة الترمذيُّ، أما مالك فقد ذكره الترمذيُّ مع فريق آخر يقول بأن التيمم لا بد فيه من ضربتين.

وأما الأوزاعي فلم يذكره الترمذيُّ بشيء. (انظر سنن الترمذيُّ مع شرحها تحفة الأحوذي 1/ 442 - 443). 2 - وفي ص 111 عند الكلام على عدم لزوم متابعة المأموم لإمامه في سجدة التلاوة في السرية نقل المؤلف قول الموفق في المغني 1/ 654: والأولى السجود لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما جُعِلَ الإمَامُ ليُؤتَمَّ به فَإذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا"، وما ذكره يبطل بما إذا كان الإمام بعيدًا أو أطرش .. إلخ. وقد يبدو للقارئ أن قوله: وما ذكره يبطل، رد على الموفق، وليس كذلك، بل هو من كلام الموفق يرد به على طائفة من الحنابلة كرهوا قراءة السجدة في السرية، وصحة العبارة كما في المغني: وما ذكروه، وليس في الكلام ما يدل على مرجع للضمير المستتر في: ذكره فيبدو أنه عائد إلى الموفق. 3 - وفي ص 201 نقل من الفروع 3/ 191 في توجيه كلام أبي بكر القائل بلزوم الكفارة بالوطء في الاعتكاف، قال: ومراد أبي بكر ما اختاره صاحب المغني والمحرر والمستوعب وغيرهم أنه أفسد المنذور بالوطء، فهو كما لو أفسده بالخروج لما له منه بد على ما سبق أ. هـ وقد يتوهم القارئ أنه سبق في هذا الكتاب، وخصوصًا أنه لم يضع حدًا لنهاية النقل من الفروع، والحق أنه سبق في كتاب الفروع وليس في هذا الكتاب. 4 - وفي ص 196 نقل عن أبي قلابة كلامًا، هو من قول الشافعي، وقد بينته في موضعه. هـ - الخطأ في الأسماء: ومنه: 1 - في ص 77 جعل حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في المستحاضة عن علي بن ثابت عن أبيه عن جده والصواب عديّ بن ثابت. (انظر الحديث في سنن أبي داود برقم 297 وفي سنن الترمذيُّ برقم 126، 127). 2 - وفي ص 191 نقل عدم إجزاء الصوم في السفر عن عبد الله بن عوف والصواب عبد الرحمن بن عوف. (انظر سنن النسائيُّ 4/ 183 والمحلى 4/ 257).

3 - وفي ص 264 ذكر المؤلف أنه ورد في كتاب أهل الجزيرة، لعياض بن غنم: ولا نجدد ما خرب من كنائسنا. والصواب: عبد الرحمن بن غنم، كما ورد في سنن البيهقي 9/ 202 وفي المغني 10/ 606. 4 - ذكر المؤلف في ترجمة القاضي الفاضل ص 16 أنه توفي ليلة السبت سحر خامس جمادى الأولى سنة ستين وخمسمائة. وقال: كذا ذكره ابن الجوزي في طبقاته. وقد راجعت ترجمة ابن الجوزي في ذيل طبقات الحنابلة 1/ 416 - 421 ولم أجد له مؤلفًا بهذا الاسم مع كثرة مؤلفاته، وقد وجدت أن ابن الجوزي ترجم للقاضي الفاضل في كتابه المنتظم 10/ 213، وفيه أنه توفي ليلة السبت خامس جمادى الآخرة من سنة ستين وخمسمائة. و- عدم تحرير محل النزاع: قد يفوت على المؤلف أحيانًا أن يحرر موضع النزاع في المسألة فيدمجها من غير تحرير، وذلك كما فعل في ص 101 حين تكلم على ما انفرد به أحمد حول مسألة ما إذا نسي التشهد الأوّل ثم ذكره، فإن لهذه المسألة ثلاثة أحوال: الأولى: أن يذكره قبل أن يستتم قائمًا فحينئذ يجب عليه الرجوع، وهو مذهب الجمهور. الثانية: أن يستتم قائمًا ثم يذكر قبل أن يبتدئ في القراءة فيجوز له الرجوع مع الكراهة، وهذا ما ذكره الناظم من المفردات. الثالثة: إذا استتم قائمًا وشرع في قراءة الفاتحة حرم رجوعه، وهذا مذهب الجمهور. وفي ص 498 شرح المؤلف بيت الناظم: إعفاف ابنِ لازمُ للوالد ... كعكسه لا تكُ بالمعاند بأنّه يجب على الابن أن يعف أباه إذا احتاج إلى الإعفاف .. إلخ، مع أن البيت في وجوب إعفاف الوالد لولده:

مصادر الكتاب

ز- أخطاء لغوية: اتفقت عليها النسخ الخطية، ولعلها من الناسخ الأوّل: ومنها: 1 - قال المؤلف في ص 17: دلائل جمع دليل. وقد راجعت كتب اللغة فوجدت أن دلائل جمع دلالة ودليلة، وأن دليلًا يجمع على أدلة وأدلاء. (انظر لسان العرب 11/ 248، وتاج العروس 7/ 325). 2 - وقال في ص 29: ومولده سنة اثنين وثلاثين وأربعمائة، والصواب اثنتين وثلاثين وأربعمائة. 3 - وقال في ص 389: وقال الثوري والشافعيُّ وأبو يوسف: السدس بينهما نصفين، والصواب نصفان. 4 - وقال في ص 443: إذا خالعت المريضة في مرض موتها المخوف بزيادة عن ميراثها .. إلخ، والصواب: ميراثه؛ لأنه هو الذي سيرث لو ماتت في مرضها هذا. 5 - وقال في ص 488: فأقل زمن يمكن فيه ذلك تسع وعشرون يومًا ولحظة، والصواب: تسعة وعشرون يومًا. مصادر الكتاب: لقد التزم المؤلف -رحمه الله- بما ذكره في مقدمة كتابه من اعتماده على كتاب الشرح الكبير في نقل أدلة المذهب والمذاهب الأخرى وأدلتها، ويكاد الشرح الكبير أن يكون صورة للمغني لاعتماده عليه كثيرًا جدًا، وكتاب المغني مملوء بالآثار المنسوبة إلى كتب فقدتها المكتبة الإِسلامية الآن. وقد اعتمد المصنف أيضًا على كتاب الإنصاف لعلاء الدين المرداوي في بيان الخلاف في المذهب، وما كان المؤلف يخرج عن ذلك إلا أن يبين آراء مشاهير علماء الحنابلة الذين جاؤوا بعد المرداوي وهم: أبو النجا الحجاوي مؤلف الإقناع، وأبو بكر ابن النجار الفتوحي مؤلف المنتهى. وكان اعتماد المؤلف على الإنصاف في ذلك يسر له نقل الروايات عن

أ- كتب الحديث

أحمد ومن اختار كل رواية من علماء المذهب، من خلال ما كتبوه في الفقه أو الحديث أو أصول الفقه. وحسبنا هنا أن نُعَرِّف تعريفًا موجزًا بكتب الآثار ومؤلفات الأصحاب التي ورد ذكرها في هذا الكتاب فنقول: أ- كتب الحديث: لقد كان الشيخ -رحمه الله- ملتزما بنقل أدلة المذهب من الشرح الكبير، الذي تأثر تأثرًا كبيرًا جدًا بكتاب المغني لموفق الدين بن قدامة. وكان الموفق -رحمه الله- قد استفاد كثيرًا من كتب الحديث والأثر، فقد استفاد من الكتب الستة المشهورة، ومن موطإ مالك، ومسند أحمد، وسنن الدارقطني والبيهقيُّ وسعيد بن منصور، والمعجم الكبير للطبراني وغيرهم. كما يظهر بوضوح استفادته من كتب الحديث والآثار التي ألفها بعض الحنابلة، ولم تنل من الشهرة ما نالته كتب الحديث والأثر المشهورة المتداولة. وسنذكر هنا تعريفًا موجزًا لمن ورد ذكرهم في هذا الكتاب من مؤلفي كتب الآثار الذين ليس لمؤلفاتهم شهرة في هذا الزمان، فنقول: 1 - الجوزجاني: أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب السعدي أحد الحفاظ كان يحدث على المنبر، وكان أحمد بن حنبل يكاتبه فيتقوى بذلك ويقرأ كتابه على المنبر. وذكر عنه ابن عديّ أنه كان يتحامى على علي، توفي سنة 256 هـ، له كتاب المترجم وكتاب الضعفاء (¬1). 2 - النجاد: هو الحافظ الفقيه أبي بكر أحمد بن سلمان بن الحسن النجاد الحنبلي شيخ العلماء ببغداد، ولد سنة 253 هـ، صنف كتابًا كبيرًا في السنن وكتابًا في الفقه والاختلاف، توفي سنة 348 هـ (¬2). ¬

_ (¬1) انظر تذكرة الحفاظ 2/ 549. (¬2) المرجع السابق 3/ 868.

3 - الخلال

3 - الخلال: أبو بكر أحمد بن محمَّد بن هارون البغدادي الحنبلي المشهور الخلال. الفقيه المحدث جامع علم أحمد بن حنبل ومرتبه، صنف كتاب لسنة في ثلاث مجلدات، وكتاب العلل في عدة مجلدات، وكتاب الجامع هو كبير جدًا .. توفي سنة 311 هـ (¬1). 4 - الأثرم: أبو بكر أحمد بن محمَّد بن هانئ الإسكافي، صاحب الإمام أحمد، الحافظ الكبير له كتاب العلل وكتاب السنن مات بعد الستين ومائتين (¬2). 5 - أبو بكر البرقاني: هو أحمد بن محمَّد بن أحمد بن غالب الخوارزمي البرقاني الشافعي، الإمام الحافظ شيخ الفقهاء، صنف المسند وضمنه ما اشتمل عليه صحيح البخاري ومسلمٌ، وصنف حديث الثوري وشعبة وعبد الله بن عمر وعبد الملك بن عمير وبيان بن بشر ومطر الوراق، مات سنة 425 هـ (¬3). 6 - أبو بكر عبد العزيز: هو عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد بن معروف، المعروف بغلام الخلال، أحد فقهاء الحنابلة، له كتاب الشافي في الحديث، وألف في الفقه: التنبيه والمقنع وزاد المسافر والخلاف مع الشافعي. توفي سنة 363 هـ (¬4). ¬

_ (¬1) المرجع السابق 3/ 785. (¬2) المرجع السابق 2/ 579. (¬3) المرجع السابق 3/ 1075. (¬4) طبقات الحنابلة 2/ 119.

7 - أبو حفص بن شاهين

7 - أبو حفص بن شاهين: هو عمر بن أحمد بن عثمان البغدادي الواعظ، الإمام الحافظ صاحب التصانيف الكثيرة؛ منها التفسير الكبير والمسند والتاريخ والزهد. مات سنة 385 هـ (¬1). 8 - عمر بن شبة: هو عمر بن شبة بن عبيدة؛ الحافظ العلامة الإخباري أبو زيد النميري البصري صاحب التصانيف، كان بصيرًا بالسير والمغازي وأيام الناس. صنف كتابًا في تاريخ البصرة وآخر في أخبار المدينة. توفي سنة 262 هـ (¬2). ب- كتب الفقه: 1 - الإجماع: تأليف العلامة محمَّد بن إبراهيم بن المنذر -المشهور بابن المنذر- المتوفى سنة 318 هـ وقد ضمنه مؤلفه المسائل الفقهية المتفق عليها عند أكثر علماء المسلمين - مطبوع. 2 - الأحكام السلطانية في مصلحة الراعي والرعية: مجلد لطيف تأليف القاضي أبي يعلى بن الفراء، المتوفى سنة 458 هـ - مطبوع. 3 - الاختيارات: وتسمى الأخبار العلمية في اختيارات الشيخ تقي الدين ابن تيمية. جمعها ورتبها علي بن محمَّد بن علي البعلي، المعروف بابن اللحام، المتوفى سنة 803هـ - مطبوع. 4 - إدراك الغايه في اختصار الهداية: مجلد لطيف ألفه الشيخ صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق بن عبد الله بن علي القطيعي، المتوفى سنة 739 هـ (¬3). ¬

_ (¬1) تذكرة الحفاظ 3/ 987 - 988. (¬2) المرجع السابق 2/ 517. (¬3) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 428.

5 - الإرشاد في فروع الحنبلية

5 - الإرشاد في فروع الحنبلية: تأليف الشيخ أبو علي محمَّد بن أحمد ابن أبي موسى الهاشمي المتوفى سنة 428 هـ (¬1). 6 - الإفادات بأحكام العبادات: تأليف أحمد بن حمدان بن شبيب الحراني، المتوفى سنة 695 هـ (¬2). 7 - الإفصاح عن معاني الصحاح: هو في الأصل اسم لكتاب شرح به الوزير يحيى بن محمَّد بن هجرة -المتوفى سنة 560 هـ- أحاديث الصحيحين، ولما وصل إلى حديث: "مَن يُرِدِ الله بِهِ خيرًا يفقههُ في الدين". شرح الحديث وتكلم على الفقه، وذكر المسائل المتفق عليها والمختلف فيها بين الأئمة الأربعة. وقد أفرده الناس من الكتاب وأطلقوا عليه اسم الإفصاح - مطبوع. 8 - الإقناع: تأليف أبي النجا موسى الحجاوي -المتوفى سنة 968 هـ- جرد فيه الصحيح من المذهب. لم يؤلف مثله في المذهب في تحرير النقول وكثرة المسائل - مطبوع. 9 - الإقناع: تأليف علي بن عبد الله بن نصر بن السري الزاغوني، المتوفى سنة 527 هـ (¬3). 10 - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف: تأليف الشيخ العلامة علاء الدين أبو الحسن علي بن سلمان المرداوي، المتوفى سنة 885هـ ألفه تصحيحًا للمقنع، وتوسع فيه بحيث ذكر في كل مسألة ما نقل فيها من الأقوال عن علماء المذهب. وقد طبع الكتاب في اثني عشر جزءًا. 11 - البلغة: ويسمى بلغة الساغب وبغية الراغب، تأليف الشيخ فخر الدين محمَّد بن الخضر بن تيمية، المتوفى سنة 622 هـ، وهو كتاب وجيز في الفقه (¬4). ¬

_ (¬1) طبقات الحنابلة 2/ 180. (¬2) مقدمة الإنصاف 1/ 14، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 331. (¬3) الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 180. (¬4) المرجع السابق 2/ 151.

12 - التبصرة

12 - التبصرة: تأليف عبد الرحمن بن محمَّد بن علي بن محمَّد الحلواني، الفقيه الإمام أبو محمَّد بن أبي الفتح، المتوفى سنة 546 هـ (¬1). 13 - تجريد العناية في تحرير أحكام النهاية: تأليف الشيخ علي بن محمَّد بن علي البعلي ثم الدمشقي، المعروف بابن اللحام، المتوفى سنة 803 هـ (¬2). 14 - التذكرة: تأليف أبي الوفاء علي بن عقيل البغدادي، المتوفى سنة 513 هـ، وهي مجلد واحد (¬3). 15 - التذكرة: تأليف نصر الله بن عبد العزيز بن صالح بن محمَّد بن عبدوس الحراني، وقد بناها على الصحيح من الدليل (¬4). 16 - التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع: تأليف العلامة علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي، المتوفى سنة 885 هـ وهو مختصر كتاب الإنصاف - مطبوع. 17 - التصحيح، واسمه تصحيح الخلاف المطلق في المقنع، وهو تأليف الشيخ محمَّد بن عبد القادر بن عثمان النابلسي المعروف بالجنة، المتوفى سنة 797 هـ (¬5). 18 - التلخيص: واسمه تخليص المطلب في تلخيص المذهب: تأليف فخر الدين ابن تيمية محمَّد بن الخضر بن محمَّد بن الخضر الحراني، المتوفى سنة 622 هـ. 19 - التنبيه: تأليف أبي بكر عبد العزيز بن جعفر بن أحمد؛ المعروف بغلام الخلال، المتوفى سنة 363 هـ. ¬

_ (¬1) المرجع السابق 1/ 221. (¬2) مقدمة الإنصاف 1/ 15، وشذرات الذهب 7/ 31. (¬3) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 156. (¬4) مقدمة الإنصاف 1/ 16. (¬5) شذرات الذهب 6/ 349، ومقدمة الإنصاف 1/ 15.

20 - الجامع لعلوم أحمد بن حنبل

20 - الجامع لعلوم أحمد بن حنبل: تأليف أبي بكر أحمد بن محمَّد بن هارون؛ المعروف بالخلال، المتوفى سنة 311 هـ، وهو أجمع مصنف لعلوم الإمام أحمد، جمع فيه مؤلفه أكبر قدر ممكن من مسائل الإمام أحمد ورواياته وعلومه، وقد سمعها عمن سمعها من الإمام، والكتاب ضخم بلغ نحوًا من مائتي جزء في عشرين مجلدًا (¬1). 21 - الجامع الصغير: تأليف القاضي أبي يعلى محمَّد بن الحسين بن محمَّد بن خلف؛ ويعرف بابن الفراء المتوفى سنة 458 هـ (¬2). 22 - الحاويان: الكبير والصغير: تأليف عبد الرحمن بن عمر بن أبي القاسم بن علي بن عثمان البصري، الفقيه الضرير، المتوفى سنة 684 - وهو في مجلدين (¬3). 23 - حاشية ابن مفلح على المقنع: تأليف شمس الدين محمَّد بن مفلح بن مفرج المقدسي الراميني المتوفى سنة 762 هـ وهي حاشية مفيدة جدًا (¬4). 24 - الخلاصة: وهي في مجلد من تأليف القاضي وجيه الدين أبي المعالي أسعد، وسمي محمَّد بن المنجا بن بركات بن المؤمل التنوخي، المتوفى سنة 606 هـ (¬5). 25 - الخلاف الكبير: تأليف القاضي محمَّد بن الحسين بن محمَّد بن خلف؛ المعروف بابن الفراء المتوفى سنة 458 هـ. 26 - رؤوس المسائل: ويسمى الخلاف الصغير، تأليف أبي الخطاب محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني، المتوفى سنة 510 هـ (¬6). ¬

_ (¬1) المنتظم 6/ 174، والمدخل لابن بدران 205. (¬2) طبقات الحنابلة 2/ 193، 205 - 206. (¬3) انظر ذيل طبقات الحنابلة 2/ 313. (¬4) الدرر الكامنة 5/ 30. (¬5) الذيل على طبقات الحنابلة 2/ 49. (¬6) المرجع السابق 1/ 116.

27 - رؤوس المسائل

27 - رؤوس المسائل: تأليف الشريف عبد الخالق بن عيسى بن أحمد ابن أبي موسى الهاشمي، المتوفى سنة 470 هـ، وهي أشهر من الأولى، وفيها يذكر المؤلف المسائل التي خالف فيها أحمد واحدًا من الأئمة الثلاثة أو أكثر، ثم يذكر الأدلة وينتصر للإمام، ويذكر الموافق له في تلك المسألة (¬1). 28 - الرعايتان وهما كبرى وصغرى: أما الكبرى فتحتوي على نقول كثيرة غير محررة، وأما الصغرى فلعلها المعنية بقول صاحب كشف الظنون 1/ 908: إنها ثمانية أجزاء في مجلد، وكلاهما تأليف الشيخ أحمد بن حمدان النمري الحراني المعروف بابن حمدان (¬2). 29 - كتاب الروايتين والوجهين: تأليف القاضي أبي يعلي بن الفراء، وفيه نقل عن الإمام أحمد المسائل التي قال فيها بروايتين أو أكثر، أو له فيها وجهان أو أكثر. وقد حقق الدكتور عبد الكريم اللاحم المسائل الفقهية في الكتاب في رسالته للدكتوراه. 30 - زاد المسافر: تأليف أبي بكر عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد ابن معروف، المعروف بغلام الخلال، المتوفى سنة 363 هـ. 31 - شرح ابن رزين: تأليف الشيخ عبد الرحمن بن رزين بن عبد العزيز بن نصر الدمشقي. المتوفى سنة 656 هـ وهو شرح لكتاب مختصر الحرفي، اختصره من المغني وسماه التهذيب (¬3). 32 - الشرح الكبير: تأليف شمس الدين عبد الرحمن بن محمَّد بن أحمد بن قدامة، المكنى بابن أبي عمر، المتوفى سنة 682 هـ، وهو شرح لكتاب المقنع في الفقه، للموفق، مستمد من كتاب المغني - مطبوع. 33 - .. 34 - شرح ابن منجا: واسمه (الممتع شرح المقنع)، وهو في أربع ¬

_ (¬1) المرجع السابق 1/ 15، والمدخل لابن بدران 219. (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 331، ومفاتيح الفقه الحنبلي 2/ 244. (¬3) مقدمة الإنصاف 1/ 15، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 264.

35 - شرح ابن عبيدان

مجلدات، ومؤلفه الشيخ أبو البركات منجا بن عثمان بن أسعد بن المنجا التنوخي. المتوفى سنة 695 هـ (¬1). 35 - شرح ابن عبيدان: وهو شرح على كتاب المقنع لابن قدامة، تأليف الشيخ عبد الرحمن بن محمود بن عبيدان البعلي المتوفى سنة 734هـ (¬2). 36 - شرح المجد ابن تيمية على الهداية: واسمه (منتهى الغاية في شرح الهداية) بيض منه أربع مجلدات كبار، إلى أوائل الحج، والباقي لم يبيضه (¬3). 37 - شرح أبي المعالي: واسمه كتاب النهاية في شرح الهداية، تأليف وجيه الدين أسعد، وقيل محمَّد بن المنجا بن بركات المتوفى سنة 606 هـ وهو في بضعة عشر مجلدًا، وفيه فروع ومسائل كثيرة غير معروفة في المذهب. والظاهر أنه كان ينقلها من كتب غير الأصحاب ويخرجها على ما يقتضيه عنده المذهب (¬4). 38 - شرح الزركشي على مختصر الخرقي: تأليف محمَّد بن عبد الله بن محمَّد الزركشي المتوفى سنة 772 هـ، وهو شرح قيم لم يسبق إلى مثله، لكنه مات قبل أن يكمل تبيضه، فبيض الباقي بعده عمر بن عيسى بن محمَّد، نزيل جامع ابن طولون، وفرغ من تبيضه في جمادى الأولى سنة 774 هـ (¬5). 39 - شرح المحرر: تأليف الشيخ تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية؛ شيخ الإِسلام أبي العباس، المتوفى سنة 728 هـ، وهي ¬

_ (¬1) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 332، المدخل لابن بدران 215. (¬2) مقدمة الإنصاف 1/ 15، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 423. (¬3) مقدمة الإنصاف 1/ 15. (¬4) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 49، ومفاتيح الفقه الحنبلي 2/ 107. (¬5) المدخل لابن بدران 211.

40 - العدة

تعليقات على كتاب جده مجد الدين، وهما في عدة مجلدات (¬1). 40 - العدة: تأليف أبي محمَّد عبد الله بن أحمد بن محمَّد بن قدامة، المشهور بالموفق أو موفق الدين بن قدامة المتوفى سنة 620 هـ، وهو كتاب مختصر في الفقه، وضعه مؤلفه للمبتدئين - مطبوع. 41 - الفائق: تأليف أحمد بن الحسن بن عبد الله بن الشيخ أبي عمر، المعروف بابن قاضي الجبل، المتوفى سنة 771هـ وهو في مجلد كبير (¬2). 42 - الفروع: تأليف محمَّد بن مفلح المقدسي الراميني المتوفى سنة 762 هـ، وهو من أجل الكتب وأنفعها وأجمعها للفوائد، وكان يسمى مكنسة المذهب، ولم يبيضه مؤلفه -رحمه الله- كله ولم يقرأ عليه، وقد نقحه علاء الدين المرداوي وصحح مسائله وشرحها، وسمى ما ألفه (تصحيح الفروع)، وهو مطبوع مع الفروع الآن. 43 - الفصول: ويسمى كفاية المفتي؛ في عشر مجلدات وقيل سبع كبار، تأليف علي بن محمَّد بن عقيل البغدادي المتوفى سنة 513 هـ (¬3). 44 - ... 45 - القواعد الفقهية: تأليف العلامة أبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب، المتوفى سنة 795 هـ، وقد سرد فيها مائة وستين قاعدة، وذيلها بفوائد من مسائل مشتهرة فيها خلاف في المذهب، ينبني على الخلاف فيها فوائد متعددة، وهي إحدى وعشرون مسألة - مطبوع. 46 - الكافي: تأليف الإمام موفق الدين أبي محمَّد عبد الله بن أحمد بن محمَّد بن قدامة، المتوفى سنة 620 هـ ذكر فيه من الأدلة ما يؤهل الطلبة للعمل بالدليل، وهو مطبوع في ثلاث مجلدات. 47 - المبدع: تأليف إبراهيم بن محمَّد بن عبد الله بن محمَّد بن مفلح الراميني الأصل، ويعرف بابن مفلح الحفيد المتوفى سنة 884هـ، شرح فيه ¬

_ (¬1) العقود الدرية ص 371، ومقدمة الإنصاف 1/ 15. (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 453، والمدخل لابن بدران 205. (¬3) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 156.

48 - المبهج

مؤلفه كتاب المقنع لابن قدامة وهو شرح جليل - طبع في عشر مجلدات. 48 - المبهج: تأليف أبي الفرج عبد الواحد بن محمَّد الشيرازي المعروف بالمقدسي المتوفى سنة 486 هـ (¬1). 49 - المجرد: تأليف القاضي أبي يعلي بن الفراء المتوفى سنة 458هـ (¬2). 50 - مجمع البحرين: تأليف العلامة محمَّد بن عبد القوي بن بدران المقدسي المرداوي، المشهور بالناظم، المتوفى سنة 699 هـ ولم يتمه (¬3). 51 - المحرر: تأليف الشيخ مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن تيمية -جد شيخ الإِسلام تقي الدين-، وهو كتاب جليل في الفقه الحنبلي، طبع في مجلدين. 52 - مختصر ابن تميم: تأليف الشيخ محمَّد بن تميم الحراني، تلميذ المجد ابن تيمية المتوفى سنة 675 هـ تقريبًا، ولم يكمله على أبواب الفقه بل وصل فيه إلى أثناء الزكاة. وفيه يذكر الروايات عن أحمد ويذهب فيه تارة مذهب التفريغ وآونة إلى الترجيح، وهو كتاب نافع لمن يريد الإطلاع على اختيارات الأصحاب (¬4). 53 - المذهب الأحمد: تأليف الشيخ محي الدين يوسف بن عبد الرحمن بن علي بن محمَّد نجل ابن الجوزي المتوفى سنة 656 هـ وهو مطبوع في مجلد صغير. 54 - مسائل الإمام أحمد: هذا الاسم يطلق على مجموعة من الكتب التي جمعت فتاوى الإمام أحمد، وقام بتدوينها تلاميذه الذين صاحبوه وسمعوا منه، وعرف كل كتاب منها عند الإطلاق باسم جامعه منها. ¬

_ (¬1) طبقات الحنابلة 2/ 248، ومقدمة الإنصاف 1/ 14. (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 276. (¬3) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 342، والمدخل لابن بدران 210. (¬4) المدخل لابن بدران ص 219.

أ- مسائل أبي داود

أ- مسائل أبي داود: وهي التي دونها الإمام المحدث سليمان بن الأشعث بن إسحاق، المشهور بأبي داود صاحب السنن - مطبوع. ب- مسائل ابن منصور الكوسج: وهي التي دونها عن الإمام صاحبه إسحاق بن منصور الكوسج المروزي المتوفى سنة 251هـ، وفيها عن إسحاق ابن راهويه نحو نصفها (¬1). ج- مسائل إبراهيم بن إسحاق الحربي: وهي التي دونها إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الحربي المتوفى سنة 285 هـ، أحد ناقلي مذهب أحمد الكبار (¬2). د- مسائل ابن هانئ: وهي التي دونها إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري المتوفى سنة 275 هـ، وهي مطبوعة في مجلدين. 55 - مسبوك الذهب: تأليف العلامة جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمَّد، المعروف بابن الجوزي المتوفى سنة 598 هـ، وهو في مجلد (¬3). 56 - المستوعب: تأليف الشيخ محمَّد بن عبد الله بن الحسين السامري الملقب بنصير الدين، والمعروف بابن سنينة، المتوفى سنة 616 هـ، وهو كتاب قيم في الفقه؛ احتوى على فوائد جليلة ومسائل غريبة (¬4). 57 - المطلع على أبواب المقنع: تأليف أبي عبد الله شمس الدين محمَّد بن أبي الفتح البعلي الحنبلي المتوفى سنة 709 هـ، شرح فيه ألفاظ كتاب المقنع لابن قدامة - مطبوع. 58 - المنتخب: تأليف الشيخ تقي الدين أحمد بن محمَّد الآدمي ¬

_ (¬1) طبقات الحنابلة 1/ 113. (¬2) طبقات الحنابلة 1/ 86. (¬3) كشف الظنون 2/ 6171. (¬4) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 121.

59 - منتخب الأزجي

البغدادي، وقد ذكره صاحب الدر المنضد، آخر الطبقة الحادية عشرة، التي تنتهي سنة 740هـ، ولم يذكر سنة وفاته (¬1). 59 - منتخب الأزجي: يحيى بن يحيى الأزجي الفقيه، صاحب نهاية المطلب في علم المذهب .. وهو كتاب كبير جدًا وفيه أشياء ساقطة لا تحقيق فيها. مات بعد الستمائة بقليل (¬2). 60 - المنتهى: أو منتهى الإرادات، تأليف الشيخ محمَّد بن أحمد بن عبد العزيز الفتوحي الشهير بابن النجار الابن، المتوفى سنة 972 هـ حرر مسائله على الراجح من المذهب، وقد جمع فيه مؤلفه بين المقنع لابن قدامة والتنقيح المشبع لعلي بن سليمان المرداوي وزاد فيه مسائل. 61 - المنور في راجح المحرر: تأليف الشيخ تقي الدين أحمد بن محمَّد الآدمي البغدادي (¬3). 62 - النكت على المحرر: تأليف الشيخ شمس الدين محمَّد بن مفلح المقدسي الراميني مؤلف الفروع؛ وهي مطبوعة مع المحرر بعنوان (النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر) (¬4). 63 - النهاية: تأليف الشيخ عبد الرحمن بن رزين، اختصر فيه الهداية لأبي الخطاب (¬5). 64 - الهداية: تأليف الشيخ أبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني، يذكر فيها المسائل الفقهية والروايات عن الإمام، تارة مرسلة وتارة يبين اختياره. وقد طبعت في مجلدين. 65 - الهادي: ويسمى أيضًا -عمدة العازم في تلخيص المسائل ¬

_ (¬1) الدر المنضد - مخطوط لوحة 148. (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 120، والمدخل لابن بدران 211 - 212. (¬3) الدر المنضد - مخطوط لوحة 148. (¬4) مفاتيح الفقه الحنبلي 159. (¬5) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 794، ومقدمة الإنصاف 1/ 14.

66 - الواضح

الخارجة عن مختصر أبي القاسم- وهو من تأليف موفق الدين بن قدامة (¬1). 66 - الواضح: تأليف علي بن عبد الله بن نصر السري بن الزاغوني المتوفى سنة 527 هـ (¬2). 67 - الوجيز: تأليف الشيخ سراج الدين أبي عبد الله الحسين بن يوسف بن محمَّد بن أبي السري الدجيلي المتوفى سنة 732 هـ (¬3). 68 - الوسيلة: لعل المراد به كتاب (وسيلة المتلفظ إلى كفاية المتحفظ) وهو نظم للشيخ إسماعيل بن محمَّد بن بردس المعروف بابن رسلان البعلبكي، المتوفى سنة 784 هـ (¬4). جـ- كتب اللغة: 1 - تهذيب اللغة: تأليف العلامة أبي منصور محمَّد بن أحمد الأزهري المتوفى سنة 370 هـ. 2 - القاموس المحيط: تأليف مجد الدين محمَّد بن يعقوب الفيروزآبادي المتوفي بزبيد في اليمن سنة 817 هـ أو 816 هـ. 3 - النهاية في غريب الحديث والأثر: تأليف العلامة مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمَّد الجزري، المعروف بابن الأثير، المتوفى سنة 606هـ. ¬

_ (¬1) مقدمة الإنصاف 1/ 14. (¬2) المنهج الأحمد 1/ 239. (¬3) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 417. (¬4) الدرر الكامنة 1/ 404، ومفاتيح الفقه الحنبلي 2/ 165.

التحقيق ويشمل: 1 - بين يدي التحقيق. 2 - منهج التحقيق. 3 - نماذج من صور المخطوطات.

بين يدي التحقيق

بين يدي التحقيق لقد بحثت حسب الاستطاعة في فهارس المخطوطات في المكتبات التي تيسر لي الإطلاع على فهارسها، والتمست ممّن له علم ودراسة بالمخطوطات وقد وجدت النسخ التالية: 1 - نسخة خطية للكتاب في قسم المخطوطات في المكتبة السعودية بالرياض التابعة للرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برقم 499/ 86 وعنوانها (منح الشافيات شرح المفردات) وخطها معتاد؛ وهي بخط محمَّد بن ربيعة العوسجي، وفرغ من نسخها يوم السبت بعد الزوال من غرة شعبان سنة خمس وتسعين وألف وهي في ست وثلاثين ومائتي صفحة: وفي كل صفحة 26 أو 25 سطرًا، وفيها اثنتا عشرة ورقة -حجم صغير- في كل صفحة منها 20 سطرًا. وكان الخط بها مختلفًا عن سائر الأوراق بالنسخة، وبها آثار رطوبة وبلل. وعليها تعليق قليل تحت رمز (حـ) أو (حشه) وأظنها بمعنى حاشية، وقد لا يوضع شيء. وعلى هامشها أحيانًا تصحيح بقلم حبر عادي، وقد رمزت إلى هذه النسخة بحرف (أ). 2 - نسخة خطية للكتاب في قسم المخطوطات بالمكتبة السعودية بالرياض التابعة "لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد" برقم 450/ 86، وعنوانها (منح الشافيات في شرح المفردات)، وخطها معتاد. وهي بخط محمَّد بن حمد بن نصر الله بن فوزان بن نصر الله، وفرغ من

نسخها يوم الثلاثاء قبل الزوال سنة إحدى وستين ومائتين وألف من الهجرة. وفي هذه النسخة أنه بلغ مقابلة على أصله حسب الطاقة. وهذه النسخة أقل النسخ أخطاء وأقربها إلى عبارة الأصول التي اعتمد عليها المؤلف، وبها آثار رطوبة، وعدد صفحات هذه النسخة أربع وخمسون ومائتان، وعدد الأسطر يتراوح بين 24 إلى 25 سطرًا. وعليها تصحيح قيم بخط الناسخ أثناء المقابلة، كما أن عليها تعليقًا قليلًا تحت رمز (حشه) وقد رمزت إلى هذه النسخة بحرف (ب). 3 - نسخة خطية للكتاب في قسم المخطوطات في المكتبة السعودية التابعة للرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد برقم 339/ 86، وخطها حسن، وهي بخط محمَّد بن حمد بن نصر الله بن فوزان، وفرغ منها يوم الخميس 14 من جمادى الأولى سنة 1257 هـ وأوراقها 96 ورقة، يوجد بها ثمان ورقات من صفحة 129 - 144 بها خروم كبيرة. والورقة الأخيرة رتبت خطأ، وبها آثار رطوبة وعرق في كثير من الأوراق. وعدد الأسطر بها من 32 إلى 33 سطرًا، وحجم الصفحة 24.5× 16سم. وفي نهايتها بلغ مقابلة سنة 1258 هـ وعليها تعليق قليل، وقد رمزت إلى هذه النسخة بحرف (جـ). وإذا اتفقت النسخ الثلاث أ، ب، جـ رمزت للجميع باسم: النجديات. 4 - نسخة خطية للكتاب في مكتبة الجامع الأزهر بمصر برقم 13/ 4237، وعنوانها (شرح نظم المفردات) وهي بخط علي بن منصور بن علي الأخصاصي، وكان فراغه منها يوم سادس عشر محرم سنة سبع وخمسين وألف من الهجرة، وهي أقرب النسخ إلى حياة المؤلف، وخطها معتاد، وعدد أوراقها 206، ويتراوح عدد أسطر الصفحة بين 23 - 24. وقد رمزت إليها بحرف (د). 5 - نسخة خطية للكتاب في مكتبة الجامع الأزهر بمصر برقم 613/ 47850 وعنوانها: (المنح الشافيات شرح المفردات)، بخط حمدان بن

محمَّد بن سالم بن علي المرداوي، وكان فراغه من نسخها سنة سبع وثمانين وألف من الهجرة، بأوراقها تلوث. عدد أوراقها مائتان وسبعون ورقة وعدد أسطر الصفحة 23 وحجم الورقة 21 سم، وقد رمزت إليها بحرف (هـ). 6 - نسخة خطية للكتاب في مكتبة الجامع الأزهر بمصر برقم 85/ 33635 وعنوانها: (المنح الشافية بشرح "المفردات" الوافية) وهي بخط أحمد بن محمَّد الكتل، وكان فراغه من نسخها في اليوم التاسع عشر من جمادى الأولى سنة سبع عشرة ومائة وألف من الهجرة، وخطها معتاد. وهي مجدولة بالمداد الأحمر من ورقة 130 إلى آخرها، وبأوراقها آثار عرق وتلوث خفيف، عدد الأسطر بها 25 ومقاس الورقة 20سم، وقد رمزت إليها بحرف (س). 7 - نسخة خطية للكتاب في مكتبة الجامع الأزهر بمصر برقم 613/ 47851 وعنوانها: (المنح الشافيات بشرح المفردات) بخط أحمد بن يوسف البلعاوي، وكان فراغه من نسخها سنة تسعين ومائتين وألف من الهجرة. وخطها معتاد، وبها خرم من آخر باب الجهاد في مسألة تخيير الإمام في الأراضي التي فتحت عنوة من قوله: ومثل أرض العنوة في ذلك ما جلا عنها أهلها خوفًا منا -إلى- باب الجنايات مسألة دخول النساء في الحلف في القسامة عند قوله: عمدًا كان القتل أو خطأ أو شبه عمد، وبهذا قال ربيعة والثوري والليث والأوزاعي، وقد رمزت إليها بحرف (ص). 8 - نسخة خطية للكتاب بمكتبة الجامع الأزهر بمصر برقم 614/ 47852 وعنوانها: (المنح الشافيات بشرح المفردات) بخط معتاد موجود منها 120 ورقة. وسقط آخرها من عند قوله في باب لحوق النسب: وعندنا في صورتين حققوا ... والمدتان إن مضت لا يلحق ثم بيتان بعده ثم سطران، ثم الشرح ثم يبتدئ السقط، وقد رمزت إليها بحرف (ك).

9 - نسخة خطية للمنظومة التي شرحها المؤلف بمكتبة جامعة الملك سعود، قسم المخطوطات برقم 2571، نسخ عبد الرحمن حسن عبد العليم فطوري سنة 1310 هـ في 26 ورقة مقاس 14.5 و 16.5× 21 سم، وقد رمزت إليها برمز (نظ). منهج التحقيق: قبل أن أبين المنهج الذي سلكته في التحقيق استعرض النسخ الخطية للكتاب مرتبة على حسب الترتيب الزمني للنسخ وهي كالتالي: 1 - نسخة (د) وهي الموجودة في مكتبة الجامع الأزهر برقم 13/ 4237، وتاريخ نسخها سنة 1057 هـ. 2 - نسخة (هـ) وهي موجودة في مكتبة الجامع الأزهر برقم 613/ 47850، وتاريخ الانتهاء من نسخها 1087 هـ. 3 - نسخة (أ) وهي موجودة في المكتبة السعودية بالرياض برقم 499/ 86، وتاريخ الانتهاء من نسخها 1095 هـ. 4 - نسخة (س) وهي موجودة في مكتبة الجامع الأزهر برقم 85/ 33635، وتاريخ الانتهاء من نسخها 1117 هـ. 5 - نسخة (جـ) وهي موجود في المكتبة السعودية بالرياض برقم 339/ 86، وتاريخ الانتهاء من نسخها في سنة 1257 هـ. 6 - نسخة (ب) وهي موجودة في المكتبة السعودية بالرياض برقم 450/ 86، وتاريخ الانتهاء من نسخها في سنة 1261 هـ. هذه هي النسخ الكاملة للكتاب، ثلاث منها في مكتبة الجامع الأزهر وهي د، هـ، س وثلاث منها في المكتبة السعودية بالرياض وهي أ، ب، جـ. وقد صرفت النظر نهائيًا عن نسختي (ص، ك) الموجودتين في مكتبة

الجامع الأزهر لأنهما غير كاملتين -كما أوضحت من قبل-، وأيضًا فإن نسخة (ص) كان الفراغ منها في سنة 1290 هـ أما نسخة (ك) فإنه قد سقط غالب نصفها الأخير وفيه تاريخ نسخها فلم نعلمه. وحيث إن النسخة المطبوعة عام 1344 هـ قد اعتمد ناشرها على نسخة خطية، وبعد انتهاء طبع غالبها وجد نسخة أخرى فألحق التصويبات للجزء المطبوع في ورقة آخر الكتاب، فقد رمزت إلى المطبوعة -إذا لم يحصل خلاف بين النسختين- بحرف (ط)، ورمزت إلى التصحيح بحرف (م)، ورمزت إلى أصل المطبوع -إذا خالف التصحيح- رمز (طا) ولم أعتمد من ذلك على شيء. ويتلخص المنهج الذي سلكته في التحقيق في النقاط التالية: 1 - حاولت قدر الإمكان أن أثبت النص على الصورة التي أراده بها المؤلف، أو على أقرب صورة إليها. 2 - جعلت نسخة (د) هي الأصل؛ لأنها أقرب النسخ إلى حياة المؤلف، والتزمت عبارتها دون بقية النسخ ما لم يظهر تكاتف النسخ الأخرى على عبارة هي أسبق إلى الصواب، أو يشهد لها الأصل المنقول منه. 3 - إذا كان الاختلاف بين النسخ سببه الرسم الإملائي فغالبًا لا أذكره، وأثبت في رسم الكلمة ما هو مألوف الآن. 4 - لم ألتزم دائمًا ذكر الاختلاف بين النسخ في عبارات الترحم والترضي والثناء، ولا في التعبير في حقه - صلى الله عليه وسلم - بالرسول أو النبي، لعلمي أنه لا يترتب على الاختلاف في ذلك شيء ذو بال. 5 - إذا كان الكتاب الذي ورد النقل عنه في الكتاب مطبوعًا، فإنني أبين رقم الصفحة والجزء الذي فيه تلك العبارة. 6 - إذا كان النقل عن أحد الأئمة الثلاثة، فإني أرجع إلى أحد الكتب المشهورة في مذهبه، والتي لها عناية بنقل الأقوال والروايات في المذهب.

7 - أشير إلى مكان الآية الموجودة في الكتاب من سور القرآن ورقمها. 8 - أخرج الأحاديث التي ذكرها المؤلف، مشيرًا إلى من أخرجها، ورقمها في الكتاب أو رقم صفحتها، والجزء الذي وردت فيه من الكتاب. وغالبًا ما أذكر رأي أئمة التخريج كالزيلعي وابن حجر والشوكاني وغيرهم. 9 - أخرج الآثار التي ذكرها المؤلف عن الصحابة من كتب الآثار ما استطعت إلى ذلك سبيلًا، ومع ذلك فإن هناك آثارًا لم أهتد إليها في الكتب المطبوعة الآن، ولعل السبب في ذلك أن ابن قدامة في المغني كان ينقل من كتاب اختلاف العلماء لابن المنذر وكان مملوءًا بالآثار، وكان ينقل الآثار من سنن سعيد بن منصور ولم يطبع منها الآن إلا جزآن، ومن جامع الخلال وسنن أبي بكر النجاد ومسند البرقاني وكتب الأثرم والجوزجاني وابن شاهين وغيرهم، ولا أعلم أن هذه الكتب مطبوعة الآن. 10 - ضبطت الكلمات الغريبة وشرحتها شرحًا موجزًا واضحًا، معتمدًا في ذلك على المصادر الموثوق بها عند أهل اللغة. 11 - شرحت بعض العبارات الغامضة في الكتاب بما يكشف غموضها ويوضح مراد المؤلف منها. 12 - نسبت الشواهد اللغوية والنحوية في هذا الكتاب إلى أصحابها وإلى موضعها من كتب النحو أو اللغة. 13 - عرفت بالأماكن المذكورة في الكتاب معتمدًا في ذلك على المعاجم المتخصصة بتحديد البلدان. 14 - ترجمت للأعلام العلماء المذكورين في هذا الكتاب في تراجم موجزة في آخر الكتاب مرتبين حسب ترتيب حروف الهجاء، معنونًا لكل واحد منهم بالاسم الذي ذكر به في هذا الكتاب، ولم أرَ حاجة لوضع

تراجم للصحابة -رضوان الله عليهم- المذكورين في هذا الكتاب للأسباب الآتية: أ- إن أكثر المذكورين في الكتاب من الصحابة المشهورين المعروفين عند كل دارسي الفقه الإِسلامي. ب- توفر كتب تراجمهم في المكتبات العامة والخاصة وسهولة الرجوع إليها.

نموذج من المخطوط

نموذج من المخطوط

نموذج من المخطوط

نموذج من المخطوط

نموذج من المخطوط

نموذج من المخطوط

نموذج من المخطوط

نموذج من المخطوط

نموذج من المخطوط

نموذج من المخطوط

نموذج من المخطوط

نموذج من المخطوط

نموذج من المخطوط

المِنَحُ الشَّافِيَاتُ بِشَرحِ مُفْردَاتِ الإمَامِ أحْمَد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وبه نستعين، رب يسر وأعن يا كريم الحمد لله رب العالمين، الذي شرح صدر (¬1) من أراد هدايته للإسلام، ونوّر فؤاده (¬2) بنور معالم الدين. الواحد الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (¬3). الملك الحق المبين، أحمده سبحانه تعالى (¬4) وإياه أستعين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا صاحبة (¬5) ولا ولدًا. شهادة أدخرها ليوم الدين، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله سيد الأولين والآخرين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد: فهذا شرح ليس بالطويل الممل، ولا ذي الاختصار المخل، (جعلته) (¬6) على المنظومة الألفية في مفردات الإمام الصمداني (¬7) والزاهد الورع الرباني، إمام الأئمة وناصر السنة أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، تغمده الله بالرحمة والرضوان وأسكنه فسيح الجنان، أحل به تراكيبها ¬

_ (¬1) في النجديات، د، هـ، ط صدور. (¬2) في ط ونوره، وفي أ، جـ ونور قلوب أحبابه. (¬3) في ب السميع العليم البصير. (¬4) في جـ، ط لا توجد هذه الكلمة. (¬5) في ب ولا صاحبة له. (¬6) ما بين القوسين من جـ. (¬7) السيد الذي يقصده الناس لقضاء حاجاتهم، وكان الإمام أحمد -رحمه الله- يقصده الناس من جميع البقاع لدراسة السنّة النبوية التي هي حاجة طلاب العلم.

ومعانيها، وأوضح به مسائلها ومبانيها. واعتمدت في نقل الخلاف (¬1) على الكتب المعتمدة في ذلك كالإنصاف (¬2) والفروع (¬3)، وعلى عزو الأدلة والخلاف العالي (¬4) على الشرح الكبير (¬5) وغيره، والله أسأل أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به إنه قريب مجيب، رؤوف رحيم. قال المصنف -رحمه الله- تعالى بعد بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله القديم الأحدِ ... الواحد الفردِ العظيمِ الصمدِ تأسيًا بالكتاب العزيز، وعملًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ أَمْرٍ ذي بَالٍ لاَ يُبْدَأُ (فيه) (¬6) بِبِسّمِ الله (¬7) الرَّحمنِ الرَّحيِمِ، فَهُوَ أبْترُ". وفي رواية: "بِالحَمْدِ للهِ (¬8) ". لكن نقل ابن الحكم لا تكتب أمام الشعر ولا معه. وذكر الشعبي أنهم كانوا يكرهونه. قال القاضي: لأنه يشوبه الكذب والهجو غالبًا أ. هـ. قلت: فيؤخذ من تعليل (¬9) القاضي أن المراد بالشعر (¬10) غير ما يكون في المسائل العلمية (¬11). والحمد هو الثناء بجميل الصفات. وعرفًا فعل ينبئ عن تعظيم (¬12) ¬

_ (¬1) المقصود الخلاف ببن علماء المذهب في التخريج أو ترجيح أحد الروايات أو الأوجه. (¬2) سبق التعريف به في مصادر الكتاب. (¬3) سبق التعريف به في مصادر الكتاب. (¬4) في د المقالي. (¬5) سبق التعريف به في مصادر الكتاب. (¬6) ما بين القوسين من ب وجـ وس. (¬7) في أبالبسملة، وفي ط ببسم الله. (¬8) الحديث ذكره العجلوني في كشف الخفا 2/ 156، وعزا الرواية الأولى منه إلى أبي داود، والثانية إلى ابن ماجة، وحسن إسناده وأعلَّه أبو داود بالإرسال وانظر إرواء الغليل (1/ 29). (¬9) في ب وجـ كلام. (¬10) سقطت من هـ، ومن د. وس سقطت الباء فقط. (¬11) ما يكون في المسائل العلمية على النحو الذي يعنيه المؤلف لا يراه الأدباء شعرًا، لخلوه من الخيال واستعمال الشعور، وفقدانه أهم مميزات الشعر، وإنما يسمونه نظمًا. (¬12) في النجديات وط بتعظيم.

المنعم من حيث إنعامه. والشكر: هو الحمد عرفًا، واصطلاحًا: صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه لما خلق لأجله، وبين الحمد والشكر اللغويين عموم وخصوص وجهي (¬1)؛ فعموم الحمد أنه لمبدي النعمة وغيره، وخصوصه أنه لا يكون إلا باللسان، وعموم الشكر أنه يكون بغير اللسان، وخصوصه أنه لا يكون إلا لمبدي النعمة .. قال الشاعر: أفادتكم النعماءُ مني ثلاثةً ... يدي ولساني (¬2) والضميرَ المحجبا وقيل هما سواء. والقديم من قَدُمَ بالضم قدمًا ضد حدث، وإطلاق القديم عليه تعالى ورد في سنن ابن ماجة (¬3) من حديث أبي هريرة (¬4)، والأحد في الصحاح بمعنى الواحد، (أ. هـ). والواحد الذي لا ينقسم بوجه، ولا مشابهة بينه وبين غيره بوجه. وقال في النهاية: هو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر (¬5)، وقال الأزهري: الفرق بين الواحد والأحد أن الأحد بني لنفي ما ذكر معه من العدد. تقول: ما جاءني أحد. والواحد اسم بني لمبدأ العدد. تقول: جاءني واحد من الناس (¬6)، ولا تقول جاءني أحد، والواحد (¬7) منفرد بالذات في ¬

_ (¬1) في النجديات وط من وجهين. (¬2) سقطت من ب. (¬3) في النجديات وهـ وط ابن حيان:. (¬4) الحديث رواه ابن ماجة برقم 3861 عن أبي هريرة، وفي سنده عبد الملك بن محمد، وهو ضعيف، أما ابن حبان فقد رواه برقم 796، وليس فيه القديم، والصحيح أن القديم ليس من أسمائه الحسنى جل وعلا، لأن أسماء الله توقيفية ولم يثبت بسند يعتد به. وأول من سمى الله بهذا الاسم المتكلمون، أما سلف الأمة فلم يثبت عنهم ذلك لعدم الدليل عليه. انظر شرح الطحاوية 52 - 53. (¬5) انظر الصحاح 2/ 44، والنهاية 1/ 27. (¬6) في النجديات وط (تقول ما جاءني واحد) وقد راجعت ما نقل منه المؤلف وهو تهذيب اللغة 5/ 194 - 195 فلم أجد لفظ: (ما). (¬7) سقط من جـ وفي د وس والواحد مفرد وكذلك الأحد مفرد بدل منفرد.

عدم المثل والنظير، والأحد منفرد بالمعنى. وقيل: الواحد هو الذي لا يتجزأ ولا يثنى ولا يقبل الانقسام ولا نظير له ولا مثل، ولا يجمع هذين الوصفين إلا الله تعالى. والفرد (¬1): الوتر، أي: (¬2) المنفرد في ذاته وصفاته وأفعاله. والعظيم: البالغ أقصى مراتب العظمة، وهو الذي لا يتصوره عقل ولا يحيط (¬3) بكنهه بصيرة، وحاصله يرجع إلى التنزيه عن إحاطة القول بكنه ذاته تعالى. والصمد: السيد لأنه يصمد إليه في الحوائج. وقيل: المنزه عن الآفات. وقيل: الذي لا يطعم. وقيل: الباقي الذي لا يزول. والصفات كلها مجرورة على أنها صفة الله تعالى. ذي الجود والإفضال والإنعام ... سبحانه من ملك علَّامِ يقال جاد جودًا (¬4) فهو جواد. والإفضال: الإحسان، والإنعام إعطاء النعمة وهي ملايم (¬5) نحمد عافيته، وسبحان: علم جنسي على التنزيه البليغ منصوب بفعل محذوف وجوبًا لسده مسده (¬6). والملك: هو الذي ينفذ مشيئته في ملكه (و) (¬7) تجري الأمور فيه على ما يشاءة لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، والعلام: صيغة (¬8) مبالغة من العلم كالعليم، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين. صفاته جلّت وقد تعالى ... عن أن يكون شبهه مثالًا ¬

_ (¬1) في د المفرد. (¬2) سقط من ط ود وس. (¬3) في د يحيطه. (¬4) في أوب وجـ وط الجواد، وفي هـ جواد. (¬5) كذا في جميع النسخ ولعلها ملائم بالهمزة، أي موافق للرغبة. (¬6) في النجديات وهـ وط لسد مسده. (¬7) الواو ليست في شيء من النسخ وهي ضرورة للربط. (¬8) في ط صفة.

الصفات: جمع صفة وهي (¬1) الوصف؛ فالهاء عوض عن الواو، وصفاته تعالى إما ذاتية، كالعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والحياة والإرادة، أو (¬2) صفات أفعال، كالإحياء والخلق والرزق. وجلت: عظمت. وتعالى بالغ في العلاء والارتفاع؛ والشَبهُ والشبيه بمعنى الشبيه، والمثال: المماثل. والمعنى أن صفاته تعالى عظمت عن أن (¬3) تشبه بصفات غير. وأنه تعالى ليس كمثله شيء (¬4). وكلما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك. وكيف يشبه الخالق أو صفاته بالمخلوق؟!. أحمده حمدًا كثيرًا طيبًا ... مباركًا فيه على ما وهبا الطيب: ضد الخبيث، والبركة: خير إلهي (¬5) في الشيء، والمبارك فيه: ما فيه ذلك الخير، والهبة: الإعطاء بلا عوض، وأتى بالجملة الفعلية بعد الإسمية تأسيًا بحديث: "إنَّ الحَمْدَ لِلْهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتعينُهُ" (¬6)، وعن رفاعة بن رافع الزرقي قال: كنا نصلي وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما رفع رأسه من الركعة قال: "سَمِعَ اللهُ لمنْ حَمِدَهُ" قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا، فيه فلما انصرف قال: "من المُتكَلِّمُ؟ " قال: أنا. قال: "رَأيتُ بِضْعةً وثَلاثينَ مَلْكًا يَبْتَدِرُونَها أيَّهُمْ يَكْتُبُها أوَّلَ". رواه البخاري (¬7). وصلِّ يا ربِّ على النبيِّ ... محمدٍ ذي العنصر الزكيِّ ¬

_ (¬1) في د وهو. (¬2) في ب واو العطف بدل أو، وكذلك في د وس. (¬3) سقط حرف أن من النسخ النجدية وهـ وسقط من د عن. (¬4) في د وهو السميع وفي س وهو السميع البصير. (¬5) في د الخير الإلهي. (¬6) أول خطبة الحاجة وقد رواها مسلم برقم 868 وابن ماجة برقم 1892، ورواها أبو داود برقم 2118 والترمذيُّ رقم 1105 والنسائيُّ 3/ 105 بلفظ: (إنَّ الحَمْدَ للهِ نَسْتَعيِنُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ". (¬7) البخاري 2/ 237 وأبو داود 770 والنسائيُّ 2/ 196.

الصلاة من الله: الرحمة (¬1) ومن الملائكة: الاستغفار، ومن غيرهم: تضرع ودعاء. قال أبو العالية (¬2): صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء. والنبي: قال القاضي عياض: يهمز، ولا يهمز، من جعله من النباء همزه؛ لأنه ينبئ الناس، أو لأنه ينبِّئ هو بالوحي، ومن لم يهمز إمّا سهله وإما أخذه من النبوة، وهي الارتفاع؛ لرفعة منازلهم على الخلق (¬3)، وقيل: مأخوذ من النبي الذي هو الطريق؛ لأنهم الطريق إلى الله تعالى. ومحمَّد من أسمائه عليه الصلاة والسلام، وسمي به لكثرة خصاله المحمودة، وهو علم منقول من التحميد مشتق من الحميد (¬4)؛ اسم الله تعالى. وقد أشار إليه حسان بن ثابت -رضي الله عنه- بقوله: وشق له من اسمه ليجلّه ... فذو العرش محمود وهذا محمد (¬5) والعنصر: بضم الصاد وفتحها: الأصل. والزكي: الطاهر أو الممدوح فهو - صلى الله عليه وسلم - خيار من خيار من خيار (¬6). وصاحب الخصائص الكرام ... منفردًا بها عن الأنام الخصائص: جمع خصوصية -بضم الخاء وفتحها والفتح أفصح- والمراد ¬

_ (¬1) رد ابن القيم تفسير الصلاة من الله بالرحمة بثلاثة أدلة: أ- أن الله غاير بينهما في قوله (عليهم صلوات من ربهم ورحمة) 2: 157. ب- أن سؤال الرحمة يشرع لكل مسلم والصلاة تختص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهي حق له وآله، ولهذا منع بعض العلماء من الصلاة على معين غيره ولم يمنع من طلب الرحمة لأحد. ج- أن رحمة الله عامة وسعت كل شيء وصلاته خاصة بخواص عباده. انظر بدائع الفوائد 1/ 2. (¬2) في د أبو المعالي وليست واو العطف في النجديات. (¬3) الشفا بتعريف حقوق المصطفى 25، ط دار الكتب العلمية سنة 1399 هـ. (¬4) في أوب وجـ النميد، وذكر السهيلي في الروض الأنف 1/ 182 أنه منقول من الصفه. (¬5) ديوان حسان ص 1/ 306. (¬6) سقطت من د وس.

ما اختص به - صلى الله عليه وسلم - من الكرامات الواجبات والمباحات والمحظورات (¬1). وقد أفردها كثير من العلماء بالتأليف، وذكر الفقهاء منها في أوائل كتب النكاح جملة شافية. والكرام (¬2): جمع كريمةُ من الكرم ضد اللؤم. والأنام: الخلق. ومنفردًا: نصب على الحال من الضمير في صاحب الخصائص، وهو عائد على النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد قسم العلماء خصائصه إلى قسمين: 1 - ما انفرد به حتى (¬3) عن الأنبياء. 2 - وما انفرد به عن الأمم خاصة. وآله وصحبه الأعلام ... وخصهم بأفضل السلام آله: أتباعه على دينه. وقيل: أقاربه المؤمنين (¬4) من بني هاشم وبني المطلب، وقيل: أهله. وأصله أول عند الكسائي تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت (¬5) ألفًا لتصغيره (¬6) على أويل. وعند سيبويه؛ أهل قلبت الهاء همزة ثم الهمزة ألفًا لتصغيره على أهيل والصواب جواز إضافته خلافًا لمن أنكره. والصحب: اسم جمع لصاحب بمعنى الصحابي؛ وهو من اجتمع بالنبي - صلى الله عليه وسلم - اجتماعًا متعارفًا في اليقظة، أو لقيه، أو رآه بعد البعثة مؤمنًا، وتبطل صحبته وسائر أعماله بردته إن مات عليها. ¬

_ (¬1) أما ما خص الله به نبيه من الواجبات فمثل صلاة الضحى والوتر والسواك والأضحية وهذه واجبات في حقه سنن في حق أمته. أما ما خصه الله به من المباحات فمثل: نكاحه - صلى الله عليه وسلم - تسعًا، وانعقاد نكاحه بلا ولي ولا شهود وبلفظ الهبة، وأبيح له الوصال وصفي المغنم وخمس الخمس وأربعة أخماس الفيء. أما ما خصه الله به من المحرمات: فإنه حرم عليه الصدقة ونزع لأمته قبل قتال عدو دعت له حاجة ومد العين إلى متاع الناس وإمساك من كرهت نكاحه، انظر نهاية المحتاج 6/ 174 - 176 والفروع 3/ 16 - 21. (¬2) في أوحـ وجـ وهـ وط بدون واو العطف الاستئنافية. (¬3) سقطت من د. (¬4) في النجديات وط المؤمنين. (¬5) في جميع النسخ قلبت، وزدنا الفاء للربط. (¬6) في د التصغير، وفي هـ لتصغير.

والأعلام: جمع علم بفتحتين وهو في اللغة العلامة أو الجبل. وإطلاقه على الآدمي (¬1) من المجاز. والسلام: إما بمعنى التحية أو السلامة من النقائص والرذائل. والضمير في خصهم له - صلى الله عليه وسلم - ولآله وصحبه، وهو فعل أمر معطوف على صلِّ؛ أي صلِّ وسلم عليه وعلى آله وصحبه. وأتى بذلك امتثالًا لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} (¬2). ولحديث: "قُولُوا: الَّلهُمَّ صل عَلَى مُحَمَّدٍ وعَلَى آلِ مُحَمَّدِ" (¬3). ولذلك قدم الآل وأعقبهم بالصحب ردًا على من يوالي الآل على الصحب كالشيعة. وهذه مسائل فقهية ... أرجوزة وجيزة ألفية المسائل: جمع مسألة؛ وهو (¬4) مطلوب خبري يبرهن عنه في العلم. والفقه لغة: اللَّهم، وعرفًا: معرفة الأحكام الشرعية بالفعل والقوة القريبة (¬5)، والأرجوزة: أفعولة من الرجز؛ أحد الأبحر المعروفة عند العروضيين؛ وزنه مستَفعلن (¬6) ست مرات، ويدخله من الزحاف (¬7) والعلل (¬8) ما يعلم من محله من كتب الفن. والوجيز: المختصر، والألفية نسبة إلى (¬9) ¬

_ (¬1) في النجديات، ط آدمي. (¬2) سورة الأحزاب من آية 56. (¬3) الحديث رواه مسلم برقم 405. (¬4) في النجديات، ط وهو. (¬5) في ط القرينة. (¬6) في النجديات مستفعلًا وفي د. س مستفعل وكررت أيضًا في هـ. (¬7) الزحاف: تغيير يلحق بثواني أسماء الأجزاء في التفعيلة العروضية في الحشو وغيره. وإذا دخل في بيت من القصيدة فلا يجب التزامه فيما يأتي بعده من الأبيات. وهو نوعان: مفرد: كتغيير فعولن إلى فعول، ومركب: كتغيير مستفعلن إلى متعلن، انظر ميزان الذهب 9 - 13 الطبعة الرابعة عشر. (¬8) العلة تغيير مخصص بثواني الأسباب واقع في العروض والضرب وإذا وجد، لزم في جميع القصيده. ويكون بالزيادة كتحول فاعلن إلى فاعلاتن، وبالنقص كتحول فاعلن إلى فعلن. انظر ميزان الذهب 14 - 15. (¬9) سقطت من أ، جـ وفي د، هـ -من للألف.

الألفِ؛ لأنها ألف بيت على المشهور عند العروضيين. أذكر فيها ما به قد انفرد ... إمامُنا في سلك أبيات تُعد أي: أذكر في هذه الأرجوزة ما انفرد به الإمام أحمد عن غيره من باقي الأئمة الأربعة، منظومًا في ضمن أبيات معدودة العد المذكور. وهو الإمام أحمد الشيباني ... العالم (¬1) الحبر التقي الرباني الإمام (¬2): المقتدى به، والشيباني نسبة إلى شيبان بن ذهل أحد أجداد الإمام؛ فإنه أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان -بالياء المثناة- ابن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هِنْب -بكسر الهاء وإسكان النون وبعدها باء موحدة- ابن أفصى -بالفاء (¬3) والصاد المهملة- ابن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، يلتقي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في نزار، حملت به أمه بمرو، وولدته ببغداد ونشأ بها، وأقام بها إلى أن توفي، ودخل مكة والمدينة والشام واليمن والكوفة والبصرة والجزيرة، وفضائله كثيرة، ومناقبه شهيرة. سمع سفيان بن عيينة وإبراهيم بن سعيد ويحيى القطان وهشامًا ووكيعًا وابن علية وابن مهدي وعبد الرزاق وخلائق كثيرًا. وروى عنه عبد الرزاق ويحيى بن آدم (و) (¬4) أبو الوليد وابن مهدي وعلي بن المديني والبخاريُّ ومسلمٌ وأبو زرعة (¬5) الداري والدمشقي وغيرهم. ولد -رضي الله عنه- في ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة، وتوفي يوم الجمعة لنحو من ¬

_ (¬1) في د، وس، العلم. (¬2) في النجديات، هـ، ط أي الإمام. (¬3) سقط من جـ وط. (¬4) ليست الواو في النجديات، ط وأبو الوليد هو هشام بن عبد الملك الطيالسي المتوفى سنة 227 هـ. (¬5) في أ، جـ أبو زرعه وهي ط زعره وهو الرازي وليس الداري.

ساعتين من النهار، لاثنتي عشرة ليلة (¬1) خلت من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ومائتين والمشهور من ربيع الآخر -رضي الله عنه-. صنف المسند -ثلاثون ألف حديث-، والتفسير -مائة ألف وعشرون ألفًا-، والناسخ والمنسوخ، والتاريخ وحديث شعبة، والمقدم والمؤخر في القرآن، وجوابات القرآن، والمناسك الكبير، والصغير، وأشياء أخر. قاله في المطلع (¬2). وليس هذا بيان مناقبه. والحبر بكسر والفتح واحد الأحبار -والكسر أفصح- لأنه يجمع على أفعال دون فعول، وقال الفراء: هو بالكسر وقال أبو عبيدة (¬3): هو بالفتح. وقال الأصعمي: ولا أدري أنه بالفتح أو بالكسر، والتقي: مأخوذ من التقى (¬4) للمبالغة، والرباني: المتأله العارف بالله تعالى. ومنه قوله تعالى: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} (¬5). عن مذهب النعمان ثم ابن أنس ... والشافعيُّ كلهم يحكي القبس الجار والمجرور متعلق بانفرد، والمذهب في الأصل: مكان الذهاب أو زمانه أو نفس الذهاب، وعرفًا: ما قاله المجتهد بدليل ومات قائلًا به. قال ابن مفلح في أصوله: مذهب الإنسان؛ ما قاله أو جرى مجراه من تنبيه (¬6) وغيره (¬7). ¬

_ (¬1) في جـ وط لاثني عشرة. (¬2) المطلع 421 - 423. (¬3) في د أبو عبيد. (¬4) في د، س التقوى. (¬5) سورة آل عمران من آية 79. (¬6) في ط نبيه. (¬7) مثل تصحيح الخبر الذي يدل على حكم الحادثة أو تحسينه أو الأمر بتدوينه أو يعمل الحكم بنفسه أو يومئ إلى قوته ونحو ذلك، ويطلق المذهب عند المتأخرين من أئمة المذاهب على القول المعتمد الذي عليه الفتوى. انظر مفاتيح الفقه الحنبلي 2/ 367 - 369، وحاشية الروض المربع 1/ 49.

والنعمان هو الإمام الأوحد أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى بن ماه. أجمع السلف والخلف على كثرة علمه وورعه وعبادته ودقة مداركه. ولد بالكوفة سنة ثمانين من الهجرة في خلافة عبد الملك (¬1) بن مروان، فعاش سبعين سنة، وتوفي ببغداد سنة مائة وخمسين. روى عن نافع مولى ابن عمر وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وعكرمة مولى ابن عباس وغيرهم. وأخذ (¬2) عنه أبو يوسف (¬3) ومحمَّد وعبد الرازق بن همام وابن المبارك وغيرهم. وابن أنس هو الإمام مالك بن أنس بن أبي عامر أبو عبد الله إمام دار الهجرة، أخذ عن نافع مولى ابن عمر، وكثير من التابعين، وأخذ عنه الأوزاعي والثوري والليث والشافعيُّ وخلق كثير، وتوفي صبيحة أربع عشرة ليلة (¬4) خلت من ربيع الأول. وقيل: في صفر سنة تسع وسبعين ومائة في خلافة الرشيد (¬5)، وهو ابن خمس وثمانين، وقيل: ابن تسعين، وحمل به في (¬6) البطن ثلاث سنين. قاله (¬7) في المطلع (¬8). والشافعيُّ: هو الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب ابن عبد مناف بن قصي يجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في عبد مناف. ولد سنة خمسين ومائة بغزة عند الجمهور، وتوفي بمصر ليلة الجمعة ¬

_ (¬1) هو الخليفة الأموي من أعظم خلفاء بني أمية ودهاتهم، ولد سنة 26 هجرية، وبويع بالخلافة سنة 65 هجرية بعد موت والده، وتوفي سنة 86 هجرية، انظر تاريخ الخلفاء 214 - 215. (¬2) في د. هـ س وعنه. (¬3) في د أبو سيف. (¬4) في ط وجـ أربع عشر ليلة وهو غلط، وفي ب، هـ أربعة عشر ليلة وهو غلط أيضًا، والصواب ما أثبتناه وهو الموجود في بقية المخطوطات. (¬5) هو خليفة المسلمين هارون الرشيد بن محمد المهدي العباسي، كان يغزو عامًا ويحج عامًا، توفي رحمه بطوس سنة 193هـ. تاريخ الخلفاء ص 283 - 290. (¬6) غير موجود في ط. (¬7) في ط قال في المقطع. (¬8) 452 وانظر التمهيد لابن عبد البر (1/ 91).

بعد (¬1) الغروب آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين؛ وهو ابن أربع وخمسين سنة، ودفن بالقرافة الصغرى (¬2) (بعد عصر الجمعة) (¬3) روى عن مالك بن أنس ووكيع بن الجراح ويحيى بن القطان [وعبد الله بن المبارك والفضيل (¬4) بن عياض ومحمَّد بن الحسن .. وغيرهم وروى عنه أحمد بن حنبل ويحيى بن سعيد (¬5) القطان] (¬6) وعبد الرحمن بن مهدي وأبو بكر الحميدي وسفيان بن عيينة وأبو ثور وغيرهم، ومناقب الكل كثيرة، وفضائلهم شهيرة، قد أفردت بالتأليف، رحمهم الله وجزاهم عنا خيرًا (¬7)، والقبس بالتحريك الشعلة من النار، والمراد هنا السراج، أي كل من الأئمة الأربعة يهتدى به كما يهتدى بالسراج لأن اختلافهم رحمة. ففي فروع الفقه حيث اختلفوا ... أذكر ما عسى عليه أقف أي: متى اختلف الأئمة الأربعة المذكورون في فروع الفقه، يذكر المصنف قول الإمام أحمد الذي انفرد به، وربما يذكر قول كل واحد من الأربعة حيث انفرد عن البقية استطرادًا. وكل ما قد جاء من أقواله ... منفردًا بذاك عن أمثاله ¬

_ (¬1) سقطت من النجديات وط. (¬2) سقطت من د. (¬3) ما بين القوسين سقط من ط وقد أسقط من الأصل الذي اعتمد عليه الناشر الكلمتين قبلها أيضًا، ولكنه أكملها من وفيات الأعيان وأشار إلى ذلك في الهامش، لكنه بحمد الله قد وجدت كلها في النسخ المخطوطة عندنا. (¬4) في ط الفضل. (¬5) في أوجـ وهـ: سعد. (¬6) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬7) ألف الشيخ محمد أبو زهرة في ترجمة كل إمام من الأئمة الأربعة كتابًا تكلم فيه عن نسبه ونشأته وعلمه وأصول مذهبه والأدوار التي مر بها المذهب، وتكلم عن انتشار كل مذهب وغير ذلك، وألف في مناقب كل إمام طائفة من أتباعه فألف محمد بن يوسف الصالحين عقود الجمان في مناقب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، وألف أبو الحسن بن فهر المصري فصائل مالك. وألف البيهقي (مناقب الشافعي)، وألف ابن الجوزي (مناقب الإمام أحمد بن حنبل).

فمثله إما عن الرسول ... أو صاحب أو تابع مقبول أي: كل قول للإمام أحمد انفرد به عن غيره من الأربعة، فهو إما وارد عن محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو عن أحد من أصحابه، أو من التابعين لهم المقبولين؛ إذ قول الصحابي حجة عنده إذا لم يخالفه غيره من الصحابة. وأما التابعي فموافقه في الاجتهاد، قوله (¬1) ليس بحجة في المشهور. مصدق ذا إن شئت يا إمامي ... انظر وطالع كتب الإسلام أي: إن أردت ما يصدق (¬2) كلام المصنف من أن الإمام أحمد لم يقل قولًا وينفرد (¬3) به إلا لدليل (¬4) مما تقدم (فعليك) أن تنظر في كتب الإسلام المشتملة على بيان الخلاف العالي تطالعها، فترى ما ذكره لك مطابقًا للواقع. واعلم بأن (¬5) أصحابنا قد صنفوا ... في "المفردات" جُملًا وألفوا لكنهم لم يقصدوا هذا النمط ... بل قصدوا الرد على إلكيا فقط أي: لم ينفرد المصنف بالتصنيف في "المفردات" بل سبقه الأصحاب لذلك وألفوا فيها، ولكن على غير الطريقة التي أرادها (¬6) من جمعها، من غير تعرض للرد على المخالف وإقامة الدليل، بل قصد الرد على إلكيا فقط. وهو الشيخ أبو الحسن علي بن محمد بن علي الطبري الهراسي (¬7) عرف بإلكيا -بكسر الهمزة ولام ساكنة ثم كاف مكسورة وبعدها ياء مثناة من تحت- معناه الكبير بالعجمية. توفي في المحرم سنة أربع وخمسمائة وعمره ¬

_ (¬1) في أ، جـ ووقوله وفي ب أو قوله. (¬2) سقطت من أ. (¬3) في ب يفرد. (¬4) في ط الدليل وفي هـ بدليل. (¬5) في ب وأعلم أن. (¬6) في النجديات، ط أراد بها من جمعها. (¬7) في د الهراس.

أربع وخمسين سنة. والهراسي (¬1) -براء مشددة وسين مهملتين- لا يعلم نسبه لأي شيء ذكره ابن شهبة، فوصل همزته (¬2) في النظم للضرورة وإسقاط (¬3) إل منه فيما سيأتي من كلامه من الاقتطاع للضرورة. فإنه أعني كيا قد صنفا ... في مفردات أحمد مصنفًا وقصد الرد عليه فيها ... وكان فيما قد عنا سفيها صنف إلكيا في مفردات أحمد كتابا، ورد عليه فيهم وكان مخطئًا في ذلك؛ فإنه قد عرّض نفسه لعظيم، والسفيه: فعيل من سَفِهَ -بكسر الفاء- يسفه سفهًا وسفاهة (¬4) وسفاهًا وأصله الخفة (¬5) والحركة، فالسفه ضعف العقل وسوء التصرف، وقد رمي بأنه باطني (¬6) وبرأه (¬7) ابن عقيل، وخمل ذكره بعد ذلك، كما ذكره ابن كثير وغيره (¬8). غالب ما قال بأنه انفرد ... فإنه سهو ووهم فليرد هذا بيان لسفهه، أي غالب ما قال (¬9) إلكيا إن الإمام أحمد انفرد به ¬

_ (¬1) في د الهراس. (¬2) في ط بهزمته. (¬3) في ب وأسقط. (¬4) في النجديات، ط فسفاهه. (¬5) في أوب الحقه بالقاف. (¬6) ذكر السبكي في طبقات الشافعية 4/ 282 هذا الافتراء وسببة فقال:. ومن غريب ما اتفق له أنه أشيع إن إلكيا باطني يرى رأى الإسماعيلية فنمت له فتنة هائلة وهو بريء منها، ولكن وقع الاشتباه على الناقل فإن صاحب اللا لموت ابن الصباح الباطني الإسماعيلي كان يلقب بإلكيا أيضًا، ثم ظهر الأمر وفرجت كربة الشيخ وعلم أنه أتي من توافق الكنيتين. (¬7) في جـ ويراه. (¬8) انظر البداية والنهاية 12/ 172 - 173 وليس فيها أنه خمل ذكره -رحمه الله- بعد هذه التهمة، كما أنني لم أجده في طبقات الشافعية لتقي الدين السبكي وقد ترجم له -رحمه الله- ولا في وفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 287 - 288، ولا في المنتظم لابن الجوزي 9/ 167. (¬9) في د قاله.

مردود لسهوه ووهمه في ذلك، ثم (¬1) أوضح ذلك بقوله: لأنه لم يعتبر بالأشهر ... ولاخلاف مالك في النظر أي لأن إلكيا لم يعتبر القول الأشهر للإمام أحمد، ولم يعتبر خلاف مالك في المسألة، فعد من مفردات أحمد ما وافقه مالك عليه، وهذا غير لائق بأولي الفضل لظهور العصبية. وإنما يقصد فيما ألّفا ... إذا رأى قولًا ولو مزيفًا لأحمد قد خالف النعمانا ... والشافعيُّ نصب البرهانا (¬2) أي وإنما يريد (¬3) إلكيا في تأليفه أنه إذا رأى قولًا لأحمد -ولو ضعيفًا- قد خالف فيه أبا حنيفة والشافعيُّ أقام الدليل على إبطاله، فهذا دليل تعصبه؛ حيث لم يعتبر الأشهر ولا موافقة مالك. قال الربيع بن سليمان: قال الشافعي: من أبغض أحمد بن حنبل فهو كافر. قلت: يطلق (¬4) عليه اسم الكفر؟ قال: نعم، من أبغض أحمد بن حنبل عاند السنة، ومن عاند السنة، قصد (¬5) الصحابة، ومن قصد الصحابة فقد أبغض النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن أبغض النبي - صلى الله عليه وسلم - كفر بالله العظيم (¬6). ¬

_ (¬1) سقطت ثم من النجديات، هـ، ط. (¬2) في نظ النعمان بدون ألف الإطلاق وكذا البرهان. (¬3) في ط يؤيد .. (¬4) في النجديات، ط نطق اسم الكفر وفي هـ تطلق اسم الكفر. (¬5) أي قصد عداوة الصحابة فإنهم الذي نشروا السنة ودافعوا عنها. (¬6) لا أرى أن هذه اللوازم مترتبة على بغض الإمام أحمد، فإن زعماء الاعتزال في كل زمن يبغضون أحمد بن حنبل، لأنه وقف مجاهدًا أمام دعوتهم، ونحن نعلم قطعًا أن أكثرهم يحبون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم إنما يبغضون أحمد لأنه خالفهم فيما تأولوه، ولم يحكم صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - بكفر من أبغض عثمان -رضي الله عنه- ولا من أبغض معاوية، وهم أفضل من الإمام أحمد عند الأمة قاطبة وأنا أشك في صحة نسبة هذا الكلام إلى الإمام الشافعي رحمه الله، وهو إن صح محمول قطعًا على من أبغض أحمد لمناصرته السنة وكان من المتزندقة الذين انحرفوا بدون تأويل وإلا فإن بغض أحمد وحده لا يكون مكفرًا.

فصحح (¬1) الأصحاب ما قد صحّا ... منها وما كان إليه ينْحى أي صحح الأصحاب ما صح نقله عن الإمام وما نسب إليه من المسائل التي ذكرها إلكيا: وبينوا أغلاطه ووهمه ... ...................... أي بين الأصحاب أغلاط إلكيا فيما عزاه للإمام، وليس صحيحًا عنه ووهمه في ذلك، أو فيما استدل به للرد عليه. .................... ... وناقشوه لفظه وكلمه أي ناقش الأصحاب الذين صنفوا في ذلك إلكيا وتتبعوا ألفاظه وكلماته، جزاهم الله خيرًا. فابن عقيل منهم والقاضي ... سبط أبي (¬2) يعلى بعزم ماضي أي: من أصحابنا الذين ألفوا في "المفردات" أبو الوفا علي بن عقيل بن محمد بن عقيل -بفتح العين فيهما- البغدادي، انتهت إليه الرياسة في الأصول والفروع، وله الخاطر العاطر، والفهم الثاقب، واللباقة والفطنة البغدادية والتبريز في المناظرة على (¬3) الأقران، والتصانيف الكبار، منها الفنون مائتا مجلد، ومنها الكفاية في أصول الدين، والواضح في أصول الفقه ثلاث مجلدات، وكفاية المفتي في الفقه سبع مجلدات كبار، وكتاب التذكرة، ورؤوس المسائل، والإرشاد في أصول الدين، وغير ذلك. ولد سنة ثلاثين وأربعمائة (¬4)، نشأ ببغداد وأخذ عن القاضي أبي يعلى وغيره، ومات بها سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. ¬

_ (¬1) في نظ: ص وصحح. (¬2) سقط من ط لفظ أبي والشطر الأول في د فابن عقيل وابنه والقاضي. (¬3) في جميع النسخ النجدية في. (¬4) صحح ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة 1/ 142 أنه ولد سنة إحدى وثلاثين وأربعمانة وقال: (كذا نقله عنه ابن ناصر السلفي وقال ابن الجوزي: رأيته بخطه ..) أهـ.

وأما القاضي أبو يعلى فهو محمد بن الحسين (¬1) بن محمد بن خلف بن أحمد بن الفراء، له في الفروع والأصول القدم العالي، فأصحاب أحمد له يتبعون ولتصانيفه يدرسون، ولمقاله يسمعون ويطيعون، تفقه على ابن حامد وصحبه إلى أن مات. ولد -رحمه الله- لتسع أو ثمان وعشرين ليلة خلت من المحرم سنة ثمانين (¬2) وثلاثمائة وتوفي ليلة الاثنين بين العشاءين تاسعة عشر رمضان سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. وسبطه هو القاضي الفاضل محمد بن محمد بن محمد بن الحسين (¬3) بن محمد بن خلف بن أحمد بن الفراء (¬4) أبو يعلى الصغير، ويلقب عماد الدين ابن القاضي أبي حازم بن القاضي أبي علي المتقدم ذكره، ولد يوم السبت لثماني عشرة من شعبان سنة أربع وتسعين وأربعمائة، وتفقه على يد أبيه وعمه القاضي أبي الحسين (¬5) وبرع في الحديث والخلاف والمناظرة، وكان ذا ذكاء مفرط. وتوفي -رحمه الله- ليلة السبت سحر خامس جمادى الأولى سنة ستين وخمسمائة، كذا ذكره ابن الجوزي في طبقاته (¬6) وغيره، والسبط ابن الابن وابن البنت لكن الأول هو المراد كما تقدم. كذلك الجوزي والزاغوني ... وغيرهم بالجد لا بالهون ¬

_ (¬1) في ط الحسن. (¬2) في النجديات، د، س ثمان، وما أثبتناه هو الصواب. انظر طبقات الحنابلة 2/ 193 والمنتظم 8/ 243 والمذهب الأحمد 2/ 105. (¬3) في ط الحسن. (¬4) في النجديات، هـ ط محمد بن محمد بن الحسن والصواب كما أثبته انظر ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 1/ 244والمنهج الأحمد 2/ 283 والمنتظم 10/ 213. (¬5) في د، س الحسن. (¬6) لا أعلم أن لابن الجوزي كتابًا باسم طبقات الحنابلة أو نحوه وقد راجعت مؤلفاته في ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 1/ 416 - 421 ولم أجد فيها كتابًا بهذا الاسم مع أنه -رحمه الله- ألف كثيرًا، ولعل المؤلف يقصد كتابه "المنتظم" وقد ترجم له فيه كلمًا سبق أن أشرنا إليه.

الزاغوني أبو الحسن علي بن عبيد الله (¬1) بن نصر الزاغوني، تفقه على يد يعقوب البرزناني (¬2) وصنف في الأصول والفروع، فمن مصنفاته في الفروع الإقناع في مجلدين، والمفردات المشار إليها في مجلدين أيضًا، وعنه أخذ ابن الجوزي وغيره قال: وكان له في كل فن من العلوم حظ. ولد سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وتوفي في محرم سنة سبع وعشرين وخمسمائة -رحمه الله-، والجوزي هو جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي، الغني عن الإطناب، وبث (¬3) الفضائل والألقاب. وهو من ولد محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ومولده تقريبًا سنة إحدى عشرة أو اثنتي (¬4) عشرة وخمسمائة (¬5)، ومؤلفاته لا تنحصر (¬6) كثرة. وتوفي ليلة الجمعة بين العشاءين ثالث عشر رمضان سنة سبع (¬7) وتسعين وخمسمائة، وقوله: وغيرهم (¬8) كابن المنى، والجد: ضد الهزل - بكسر الجيم. أكثرهم ردًا عليه اقتصروا ... ونصبوا أدلة وانتصروا أي اقتصر أكثر من ذكر من الأصحاب على الرد على إلكيا، ونصبوا الأدلة لقول الإمام والانتصار له، ولم يزيدوا على ذلك. وابن عقيل زادها مسائلًا ... مشهورة وناصبًا دلائلًا ¬

_ (¬1) في النجديات، هـ، عبد الله والصواب كما أثبته انظر طبقات الحنابلة 1/ 180 وشذرات الذهب 4/ 80 ومناقب الإمام أحمد 637. (¬2) في د، س البرزاني والأصح البرزيني نسبة إلى مدينة برزبين كما في الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب جـ 1/ 73، 180 ومناقب الإمام أحمد: 631 - 634. (¬3) في د بيت. (¬4) في أوب أحد واثني عشر وهو غلط وفي ط اثني عشر وهو أيضًا غلط. (¬5) سقطت من جـ. (¬6) في د، س تحصى. (¬7) في د سبعه. (¬8) سقطت من د، وقوله وغيرهم.

أي وزاد ابن عقيل على "المفردات" التي ذكرها إلكيا مسائل مشهورة بأدلتها وأوضحها بإقامة البرهان عليها، والدلائل: جمع (¬1) دليل وهو لغة: المرشد. وعرفًا: ما يتوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري. لكنه حذا كما تقدما ... ينصر غير أشهر قد قدما أو ما يكون مالك قد وافقا ... إمامنا فيما له قد حققا لكن ابن عقيل جارى إلكيا في الانتصار لما قدمه، وإن كان غير الأشهر عن الإمام، وجاراه أيضًا حيث عدَّ من "المفردات" ما وافق أحمد عليه مالكًا، مع أنه ليس من "المفردات" كما هو واضح. فتلك إن (¬2) حررتها تقلّ؟ (¬3) ... والمفردات أصلها يجلّ أي فالمسائل التي ذكرها إلكيا والأصحاب قليلة، مع (¬4) أن أصل "المفردات" أكثر منها كما ستقف عليه. إذ قد أخلوا (¬5) بالكثير منها ... وأدخلوا المنفيّ قطعًا عنها أي أخل الأصحاب بالكثير (¬6) من المفردات، وأدخلوا فيها ما ليس منها، وهو ما وافق الإمام عليه مالكًا رحمهما (¬7) الله. فأحببت (¬8) أن أسبر ما قد ذكروا ... وأنظم الصحيح إذ يحرروا (¬9) ¬

_ (¬1) الذي في كتب اللغة أن لفظ دليل يجمع على أدلة وأدلاء وأما دلائل فهي جمع دلالة ودليلة، انظر لسان العرب 11/ 248 - 249، وتاج العروس 7/ 325. (¬2) في د، س إذ. (¬3) في النجديات وط (فتلك إذ قد حررت تقل). (¬4) في جـ وط سمع. (¬5) في نظ (خلوا). (¬6) في أوجـ وط بأكثر وهو غلط. (¬7) في النجديات، ط -رحمه الله-. (¬8) في ط أحببت. (¬9) في النجديات، هـ، ط يحرر.

أي: أحب المصنف أن ينظر (¬1) فيما الأصحاب؛ فينظم الصحيح منه المحرر. والسبر: الاختبار. وأنْف ما لا يسلم التفريد ... فيه وما يسّر لي أزيد أي يترك ما ذكره الأصحاب من "المفردات" وليس منها لموافقة مالك فيه، ويزيد عليها ما يسّر الله له. بنيتها على الصحيح الأشهر ... عند أكثر الأصحاب أهل النظر (¬2) أي بنى (¬3) المصنف هذه الأرجوزة على القول الذي صححه (¬4) أكثر الأصحاب المحققين، وهذا بحسب ما ظهر له. وسأبين لك ضعف كثير منها: وهكذا فسائر المذاهب ... ...................... أي باقي المذاهب وقع فيها الاختلاف، وانفرد كل من الأئمة بمسائل، ولا إنكار في مسائل الاجتهاد. ........................ ... والخلْف ذكرًا ليس من مطالبي (¬5) أي ذكر الخلاف في المسائل ليس من مقاصد المصنف التي وضع الكتاب لها، فلا يلتزم ذكره: ¬

_ (¬1) في د، س ينظم. (¬2) في ب (عند الأصحاب أهل النظر). وسهل الناظم همزه أكثر كأنها همزة وصل لضرورة النظم. (¬3) في النجديات، ط بهن والصواب ما أثبتناه لأن الناظم يقول بنيتها وقد قال المرداوي في مقدمة الإنصاف ص 16: وكذلك ناظم المفردات فإنه بناها على الصحيح الأشهر وفيها مسائل ليست كذلك. (¬4) في النجديات، هـ ط صحيح. (¬5) في النجديات، هـ ط مسألة.

إلا إذا ما اختلف التصحيح ... فذكْره (¬1) حينئذ تلميح أو إن يكن قائل ذاك الحكم (¬2) ... مفصلًا كما ترى في نظمي (¬3) أي إلا إذا اختلف التصحيح بين الأصحاب فيذكره على وجه التلميح والإشارة أو يكون أحد القولين مفصلًا في الحكم فيذكره، كما ستقف عليه في نظمه. فحيث بالشيخ (¬4) مقالي أطلق ... فهو الإمام العالم الموفق أي حيث أطلق الشيخ في كلامه فمراده (¬5) به الإمام الرباني المتفق على إمامته وديانته، موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، صاحب المغني والكافي (¬6) والمقنع والعمدة وروضة الأصول (¬7) وغيرها؛ ولد بجماعيل (¬8) من الأرض المقدسة، في شعبان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، وسمع من خلق كثير. منهم الإمام عبد القادر بن أبي صالح الجيلي، وتوفي يوم السبت وهو يوم عيد الفطر بدمشق، ودفن يوم الأحد من سنة عشرين وستمائة. وإن أقُل في نظمي الشيخان ... فالمجد أعني معه الحراني أي وإن أطلق في نظمه (¬9) الشيخين فهو يعني (¬10) -مع الشيخ الموفق- ¬

_ (¬1) في نظ بذكره. (¬2) في نظ (أو أن يكون قابل ذا الحاكم). (¬3) في د، س النظم. (¬4) في أوج: فحيث بالشيخ في مقالي، وفي ب فحيث الشيخ في مقالي، وفي نظ: أطلقا بألف إطلاق وكذلك الموفق أو في د فحيث ما الشيخ. (¬5) في النجديات، ط مراده. (¬6) سقط من ط. (¬7) هي روضة الناظر وقد شرحها ابن بدران والشيخ محمد الأمين الشنقيطي. (¬8) قال ياقوت الحموي في معجم البلدان 2/ 159: جمَّاعيل بالفتح وتشديد الميم، وألف، وعين مكسورة، وياء ساكنة، ولام، قرية في جبل نابلس من أرض فلسطين. (¬9) في النجديات، ط نظمي. (¬10) في ط معني.

شيخ الإسلام؛ هو مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الخضر (¬1) بن محمد بن علي بن تيمية الحراني، جد شيخ الإسلام أبي العباس أحمد بن تيمية. ولد المجد -رحمه الله-تعالى سنة تسعين وخمسمائة تقريبًا (¬2) وتوفي يوم عيد الفطر بعد صلاة الجمعة من سنة اثنين وخمسين وستمائة. والرمز بالحمرة (ص) تشتهر (¬3) ... لما له الأصحاب ردًا ذكروا وابن عقيل (ع) أيضًا أرمز (¬4) ... وأخلي ما أزيد كي يميز يعني أن ما ذكر الأصحاب ردًا (¬5) على إلكيا رمز له المصنف (ص) بالحمرة، وما زاده ابن عقيل عليهم (¬6) رمز له (ع) بالحمرة. أيضًا وأخلى ما زاده هو عن (¬7) العلامة ليتميز ذلك. وكل ذا قصدًا للاختصار ... ليسهل الحفظ على المجاري (¬8) أي فعل المصنف جميع ما تقدم من إطلاق الشيخ على الموفق والشيخين على الموفق (¬9) والمجد، والرمز بالصاد والعين لما سبق طلبا ¬

_ (¬1) كذا في شذرات الذهب 5/ 257 والذي في ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 2/ 294 هو (عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن عبد الله الخضر). إلخ، أو ذكره ابن عبد الهادي في نسب حفيده شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية في العقود الدرية ص 2: (عبد السلام بن أبي محمد عبد الله ابن أبي القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية). (¬2) سقطت من النجديات، ط. (¬3) في أ، ط تشتهر وفي د اشتهر، والبيت في نظ (والرمز بالحمرة صاد تشتهر لما له الأصحاب لردا ذكر). (¬4) في نظ وابن عقيل عين أيضًا أرمز، من د سقطت كلمة أيضًا. (¬5) في النجديات، د بالهاء، وهو غلط وسقطت أن من ص، ك. (¬6) سقطت من النجديات، ط. (¬7) في أ، جـ على. (¬8) في نظ المحار. (¬9) سقطت واو العطف في ط.

للاختصار، وتسهيل حفظ الأرجوزة على طلاب العلم. مرتبًا لها على الأبواب ... ...................... أي رتب مسائل هذه الأرجوزة على أبواب الفقه على طريقة الأصحاب ليسهل الوقوف (¬1) عليها، وتأسيًا بأولئك الأعلام. ....................... ... وربنا أعلم بالصواب فهو علام الغيوب، وللمجتهد أجر اجتهاده وإن أخطأ، حيث بذل وسعيه فيما يدخله الاجتهاد. وأسأل الرحمن علمًا نافعًا ... وأن يكون المصطفى لي شافعًا أي يسأل المفيض لجلال (¬2) النعم، علمًا ينفعه (¬3) وينفع من وصل إليه، للاستعاذة من علم لا ينفع (¬4)، ويسأله أن يكون المصطفى محمد - صلى الله عليه وسلم - شافعًا له يوم القيامة، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم والمصطفى من الصفوة بمعنى الخيار، وطاؤه بدلًا من تاء الافتعال لملاقاتها الصاد. ¬

_ (¬1) في النجديات، ط الوقف. (¬2) في أوط بحلال، في هـ، س لجلائل. (¬3) في د نفعه. (¬4) يشير إلى حديث زيد بن أرقم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "اللَّهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها" (رواه مسلم والترمذيُّ والنسائيُّ، وهو قطعة من حديث) انظر الترغيب والترهيب 1/ 124.

من كتاب الطهارة

من كتاب الطهارة أي فالمفردات من كتاب الطهارة المسائل التي ذكرها في النظم. والكتاب كالكتابة، والكتب مصدر كتب بمعنى الجمع، يقال: تكتب (¬1) القوم إذا اجتمعوا، ومنه الكتابة لاجتماع الحروف، والطهارة (¬2) النظافة والنزاهة عن الأقذار، وشرعًا: ارتفاع حدث وما في معناه (¬3) وزوال خبث أو ارتفاع حكم ذلك (¬4). لا يجزئ (¬5) الوضوء بالمغصوب ... ....................... أي لا يصح الوضوء بالماء المغصوب، كالصلاة في الثوب المغصوب، وكالوضوء (¬6) الغسل ومثل المغصوب المسروق والمنهوب ونحوه، على قياسه الماء المسبل للشرب وماء آبار ديار ¬

_ (¬1) في ط يقال (تكتبوا إذا اجتمعوا). (¬2) في ب وجـ (والطهارة والنظافة). (¬3) أي الذي على صورته كالحاصل بغسل الميت والوضوء والغسل المستحبين، وعبّر في جانب الحدث بالارتفاع وفي جانب الخبث بالزوال لأن الحدث أمر معنوي والخبث شيء مادي. (¬4) أي بالتيمم بالصعيد الطاهر ونحوه فإنه عند كثير من الحنابلة مبيح لا رافع .. انظر الشرح الكبير 1/ 5. (¬5) في ب لا يجوز. (¬6) في أ، ب، جـ، ط وكالوضوء والغسل.

ثمود (¬1)، غير بئر الناقة لحديث: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيهِ أمْرُنَا فَهُوَ رَدّه" (¬2)، لكن قياس ما يأتي في الصلاة في المغصوب إذا كان عالمًا ذاكرًا لا جاهلًا وناسيًا، وكذا الحج بمال مغصوب (¬3)، بخلاف الوضوء والغسل والصوم ونحوه في مكان مغصوب فيصحّ؛ كالأذان والبيع ونحوه فيه. ................... ... ولا يفي في النجو بالمطلوب أي لا يكفي المغصوب ونحوه في الاستجمار، لأنه رخصة وهي لا تناط بالمعاصي كالتيمم بتراب مغصوب. واختار الشيخ تقي الدين إجزاء المغصوب في الاستجمار، لكن ما قدمناه هو الصحيح، وعليه الأصحاب، وأما إزالة النجاسة بالماء فلا يشترط فيها إباحته لأنها من قبيل التروك. ويكره التطهير بالمسخن ... بنجس في أشهر معنعن أي يكره استعمال المسخن بنجس في طهارة إن لم يحتج إليه، في أشهر الروايتين عن أحمد، وهو الصحيح؛ جزم به في المجرد والوجيز والمنور ومنتخب الآدمي وغيرهم، وقدمه أبو الخطاب في رؤوس المسائل والرعاية الصغرى وصححه (¬4) في التصحيح والرعاية الكبرى قال الزركشي: ¬

_ (¬1) معروفة الآن باسم مدائن صالح وتقع بين المدينة وتبوك وقد مرّ بها - صلى الله عليه وسلم - وهو في طريقه إلى تبوك، وعمدة الحنابلة في أنه لا يجوز الوضوء من آبارها ما عدا بئر الناقة، ما رواه ابن عمر قال: (إن الناس نزلوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الحجر أرض ثمود، فاستقوا من آبارها، وعجنوا العجين فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يهريقوا ما استقوا ويعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة) رواه البخاري 6/ 269 ومسلمٌ 298. (¬2) رواه مسلم برقم 1718 عن عائشة -رضي الله عنها- وقد أخرجه البخاريُّ معلقًا 4/ 298 و 13/ 267، وقد أخرجه موصولًا بلفظ: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" 5/ 221، وكذلك أخرجه مسلمٌ أيضًا برقم 1343. (¬3) وهذا مذهب الظاهرية، قال ابن حزم في المحلى 1/ 216: ولا يحل الوضوء بماء أخذ بغير حق، ولا الغسل إلا بإذن صاحبه، فمن فعل ذلك لا صلاة له وعليه إعادة الوضوء والغسل. (¬4) في النجديات هـ، ط وصحح، وانظر أيضًا الإنصاف 1/ 299.

اختارها الأكثر، وقال المجد في شرحه: وهو الأظهر (¬1). علته كراهة الوقود ... فاكره هنا قطعًا بلا قيود أو وهم تنجيس فقل بالفرق ... حيث انتفى فامنعه يا ذا الحذق أي اختلف في علة كراهة المسخن بالنجاسة، هل هي كون الوقود نجسًا فيكره الماء، وإن كان كثيرًا، وتحقق (¬2) عدم وصولها إليه؟ أو (وهم ملاقاتها له فلا يكره إذا كان كثيرًا أو قليلًا، وتحقق عدم وصولها إليه) (¬3) لانتفاء العلة؟. على وجهين. ومقتضى كلام التنقيح والمنتهى والإقناع وغيرهم هو الأول حيث أطلقوا كراهته. وإن عدم وصول دخانها إليه تنجس (¬4) إذا كان يسيرًا بمجرد الملاقاة، والوقود بالضم الفعل وبالفتح ما يوقد به. واكره لرفع حدث من زمزم ... ...................... أي يكره استعمال ماء (¬5) زمزم في رفع الحدث (¬6) قدمه المجد في شرحه وقال: نص عليه ابن رزين. وعنه: لا يكره. وهو الصحيح من المذهب نص عليه وجزم به في الوجهين وغيره، وقدمه في التلخيص ومختصر ابن تميم والرعايتين وشرح ابن عبيدان وتجريد العناية وغيرهم، وقدمه في المغني والشرح وقالا: هذا ¬

_ (¬1) في النجديات، ط أظهر. (¬2) في أ، د، هـ، س أو تحقق. (¬3) ما بين قوسين كتب في جـ في الهامش وقد غطاه التجليد. (¬4) في النجديات، ط فنجس. (¬5) في النجديات، ط يكره ماء زمزم. (¬6) أي يكره استعماله في رفع الحدث سواء كان الأكبر أو الأصغر، وهذه هي الرواية الأولى في هذا الحكم، وسيسوق المصنف الرواية الثانية بعد قليل والرواية الثالثة بعد شرح بيت الناظم (والنص في الغسل) إلخ ... والروايتان الأولى والثالثة مما انفرد به أحمد.

أولى (¬1). وكذا قال ابن عبيدان، قال في مجمع البحرين: هذا أقوى الروايتين، وصححه في نظمه، وابن رزين في شرحه، وإليه ميل المجد في المنتقى وهو مفهوم التنقيح والمنتهى والإقناع. ...................... ... كخبث بل صنه للتكرم أي كما يكره استعماله في خبث فيصان عنه كرامة له لشرف منمبعه وفضله. والنص في الغسل أتى (¬2) محله ... لقول عباس فلا أحله أي وفي رواية ذكرها في التلخيص يكره الغسل بماء زمزم (لا الوضوء) (¬3) لقول العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه-: (لا أحلها لمغتسل) (¬4)، وقيل: قائله (¬5) عبد المطلب حين حفرها (¬6). ويدل لعدم الكراهة حديث علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف بعرفة وهو مردف أسامة بن زيد، فذكر الحديث وفيه: ثم أفاض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا بسجل من ماء زمزم فشرب منه وتوضأ. رواه عبد الله بن أحمد في المسند عن غير أبيه (¬7). والغسل كالضوء وكونه مباركًا لا يمنع الوضوء به كالماء الذي وضع ¬

_ (¬1) المغني 1/ 18 الشرح الكبير 1/ 10 - 11. (¬2) في نظ إلى. (¬3) سقطت من ط. (¬4) ذكره الأزرقي في أخبار مكة، 2/ 58، عن زر بن حبيش. (¬5) في النجديات، ط قائله. (¬6) واختار هذه الرواية شيخ الإسلام ابن تيمية قال في الفتاوى 12/ 600: الصحيح أن النهي من العباس إنما جاء عن الغسل فقط لا عن الوضوء، والتفريق بين الغسل والوضوء هو لهذا الوجه؛ فإن الغسل يشبه إزالة النجاسة، ولهذا يجب أن يغسل في الجنابة ما يجب أن يغسل في النجاسة، وحينئذ فصون هذه المياه المباركة من النجاسات متوجه بخلاف صونها من التراب ونحوه من الطاهرات. (¬7) انظر الفتح الرباني 1/ 84 وسنده جيد قاله في بلوغ الأماني.

-عليه السلام- يده فيه. وقول العباس السابق محمول على ما إذا ضيّق على الشاربين (¬1). وامرأة بالماء في الطهر خلت ... لا يطهر الرجال مما أفضلت أي إذا خلت مكلفة ولو كافرة لطهارة كاملة عن حدث بماء قليل وبقي (¬2) منه شيء فالباقي طهور لكنه لا يرفع حدث الرجل البالغ ولا الخنثى. هذا المذهب المعروف وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثير منهم؛ لحديث الحكم بن عمرو (¬3) الغفاري قال: (نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة، رواه الترمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ) (¬4) قال أحمد: جماعة كرهوه، منهم عبد الله بن عمر (¬5) وعبد الله بن سرجس (¬6)، وخصصناه بالخلوة لقول عبد الله بن سرجس: توضأ أنت ها هنا وهي (¬7) ها هنا، وأما إذا خلت به فلا تقربنه (¬8). والمنع منه تعبدي (¬9). ¬

_ (¬1) وهذا رأي جمهور العلماء، وأجابوا عن قول العباس بأنه لا يصح وعلى فرض صحته فإنه قول صحابي لا يؤخذ بصريحه في التحريم ففي غيره أولى، ولا يجوز ترك النص له .. انظر المجموع 1/ 137 والمغنى 1/ 18 وحاشية ابن قاسم على الروض المربع 1/ 64. (¬2) في جـ وط أو بقي. (¬3) في ط عمر. (¬4) الترمذيُّ برقم 64 وأبو داود برقم 82 وقد صححه ابن حجر في فتح الباري 1/ 260 وضعفه النووي في شرح مسلم 4/ 3. (¬5) في الأزهريات عمرو. (¬6) في أسرخس. (¬7) سقطت من ط وجـ (وهي ها). (¬8) هذا الأثر ذكره في المبدع 1/ 49، 50 منسوبًا إلى الأثرم ولم يذكر سنده، وقد بحثت عنه في الكتب الستة والمجاميع ولم أجده، أما أثر ابن عمر فهو عند ابن أبي شبه 1/ 33. (¬9) وعن أحمد رواية أخرى اختارها ابن عقيل وأبو الخطاب وابن مفلح وشيخ الإسلام ابن تيمية: وهي أن خلوة المرأة لا تؤثر وهذا مذهب الجمهور ودليله ما رواه مسلم برقم 323 عن ابن عباس -رضي الله عنه-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسل بفضل ميمونة. وحملوا النهي في حديث الحكم على التنزيه.

وعندنا في عكس ذا قولان ... ...................... أي إذا خلا الرجل بالماء (¬1) للطهارة، فهل يرفع الباقي منه حدث امرأة؟ على قولين، والصحيح أن خلوته لا تؤثر منعًا وهو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثير منهم، ونقله جماعة عن أحمد، وحكاه (¬2) القاضي وغيره إجماعًا. ولا تؤثر خلوة الخنثى المشكل على الصحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب. ...................... ... كذاك ماء هو قلتان (¬3) أي إذا كان الماء قلتين فأكثر ففي تأثير خلوتها به قولان، الصحيح من المذهب -وعليه جماهير الأصحاب- أن الخلوة لا تؤثر فيه منعًا؛ لأن النجاسة لا تؤثر في الماء الكثير فهذا أولى، فإن خلت بكثير واستعملت منه (¬4) خلوة وبقي منه دون القلتين فالظاهر (¬5) منه أنه لا يرفع حدث الرجل؛ لأنه (¬6) يصدق عليه أنه قليل خلت به لطهارة، وتغليبًا للحظر. تنبيه: علم مما سبق أنه لا أثر لخلوتها في منعها من استعماله ولا منع امرأة أخرى ولا صبي من الطهارة به، وأنه لا أثر لخلوتها بالتراب ولا بماء في غير رفع الحدث على الصحيح في ذلك كله. خلوتها (¬7) أن لا يراها تغتسل (¬8) ... ...................... ¬

_ (¬1) سقطت كلمة الماء من د. (¬2) ليست الواو في النجديات، ط. (¬3) في نظ (ما هو قلتان) وكذلك هو في د، و. (¬4) في أوج وط استعملت وفي ب استعملته وسقطت كلمة خلوة من د، س. (¬5) في الأزهريات الظاهر. أنه. (¬6) في أ، جـ، ط أنه. (¬7) في جـ وخلوتها. (¬8) في نظ (أم لم يرها تغتسل).

أي معنى الخلوة عدم المشاهدة عند استعمالها من حيث (¬1) الجملة. قال الزركشي: هي المختارة. قال في الفروع: وتزول الخلوة بالمشاهدة على الأصح (¬2). وقدمه في المستوعب والمغني والشرح والرعايتين والحاوي الصغير والفائق (وجزم به في المنتهى وغيره) (¬3). ...................... ... وعنه لا يشتركا فيه نقل أي وعن أحمد معنى الخلوة: انفرادها بالاستعمال، شوهدت أم لا. اختارها ابن عقيل، وقدمها ابن تميم وصاحب مجمع البحرين. قال (¬4) في الحاوي الكبير: وهي أصح عندي (¬5). ويجوز للرجل والمرأة أن يغتسلا ويتوضآ من إناء واحد بلا كراهة؛ لأنه -عليه السلام- كان يغتسل هو وزوجته من إناء واحد؛ يغترفان منه جميعًا .. رواه البخاري (¬6). وسؤرها فهكذا في قول ... ...................... أي إذا خلت المرأة بالماء للشرب ففي سؤرها أي فضل شرابها رواية أنه لا يرفع حدث الرجل، كما لو خلت به للطهارة، والمذهب: لا أثر لخلوتها به لغير طهارة حدث كما تقدم، حتى لو خلت به (¬7) لاستنجاء أو وضوء أو غسل مستحبين لم تؤثر (¬8) خلوتها لذلك. ¬

_ (¬1) في جـ وط حديث. (¬2) الفروع 1/ 84. (¬3) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬4) سقطت من ط. (¬5) يؤيد هذا التفسير ما أخرجه أبو داود والنسائيُّ من طريق حميد بن عبد الرحمن الحميري قال: لقيت رجلًا صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع سنين فقال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تغتسل المرأة بفضل الرجل أو يغتسل الرجل بفضل المرأة وليغترفا جميعًا. قال الحافظ في الفتح 1/ 260: رجاله ثقات ولم أقف لمن أعله على حجة قوية، ودعوى البيهقي أنه في معنى المرسل مردودة لأن إبهام الصحابي لا يضر وقد صرح التابعي بأنه لقبه. (¬6) البخاري 1/ 32. (¬7) سقطت من د، س. (¬8) في جـ وط لم يؤثر.

................ ... قد جاء في لفظ عن الرسول أي جاء (¬1) النهي عن وضوء الرجل بفضل طهور المرأة عنه - صلى الله عليه وسلم - (¬2). كل النجاسات إذا ما وردت ... على كثير الما إذا ما غيرت طهره الجمهور لم يفرقوا ... ومعهم (¬3) الشيخان فيما حققوا وابن عقيل وأبو الخطاب ... كل يقول هكذا جوابي أي الماء الكثير -وهو ما بلغ قلتين بقلال هجر وهما خمسمائة رطل بالعراقي- لا ينجس إذا لاقته نجاسة (¬4) من آدمي أو غيره إلا بالتغير (¬5) لقوله -عليه السلام-: "إذا كان الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ (¬6) لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيءً". رواه أحمد. وقوله: "الْمَاءُ لا يُنَجِّسْهُ شَيْءً إلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ أَوْ طَعْمِهِ أَوْ (¬7) لَوْنِهِ". رواه ابن ماجة والدارقطنيُّ (¬8) ولأن نجاسة بول الآدمي لا تزيد على نجاسة بول الكلب، وهو لا ينجس القلتين فهذا أولى. قال في الإنصاف (¬9): وعليه ¬

_ (¬1) سقطت من النجديات، ط. (¬2) الذي يظهر من كلام الناظم أنه أراد أن يؤكد أنه ورد النهي من النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الوضوء بسؤر المرأة، وهو يشير إلى ما رواه الدارقطني في حديث الحكم بن عمرو الغفاري 1/ 53: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة، قال شرابها: وقد حكى الدارقطني الخلاف في رفعه ووقفه. وقد شرح المؤلف عجز هذا البيت بغير المتبادر منه فإن الناظم -رحمه الله- قال في البيت: وسؤرها فهكذا في قول ... قد جاء في لفظ عن الرسول (¬3) في نظ (وتبعهم). (¬4) في النجديات، ط النجاسه. (¬5) في جـ وط (بالتغيير). (¬6) الفتح الرباني 1/ 217 أو إسناده جيد، وقد شك الراوي فيه هل هو بلفظ قلتين أو ثلاث؟. (¬7) في الأزهريات وبدل أو في الموضعين. (¬8) ابن ماجة برقم 521، والدارقطنيُّ 1/ 11، وفي سنده رشدين بن سعد وهو ضعيف .. انظر سبل السلام 1/ 30. (¬9) الإنصاف 1/ 59.

جماهير المتأخرين، وهو المذهب عندهم. قال ابن المنجا في شرحه: عدم النجاسة أصح. واختاره أبو الخطاب وابن عقيل والمصنف أي الموفق والمجد والناظم وغيرهم (¬1)، و (ما) في البيت الأول (¬2) الأولى زائدة والثانية نافية، وأبو الخطاب هو محفوظ بن أحمد الكلوذاني قرأ على القاضي أبي يعلى وغيره. ومولده سنة اثنين (¬3) وثلاثين وأربعمائة ومات في جمادى الآخرة سنة عشر وخمسمائة. والخرقي في الأقدمين حرروا ... نصًا أتى بالفرق وهو الأشهر تنجيسه من آدمي بالبول ... ومائع الغوط فقط في القول إلا حياضًا نزحها لا يمكن ... وفقًا لما قال علي والحسن أي: وعن أحمد: ينجس ما لا (¬4) يشق نزحه مشقة عظيمة ببول آدمي وعذرته المائعة، وهذا المذهب عند أكثر المتقدمين والمتوسطين. قال في الكافي (¬5) "أكثر الروايات أن البول والغائط ينجس الماء الكثير. قال ابن عبيدان: أشهرها أنه ينجس اختارها الشريف وابن البنا والقاضي، وقال: اختارها الخرقي وشيوخ أصحابنا. ويروى نحو ذلك عن علي بن أبي طالب فروى الخلال بإسناده أن عليًا سئل عن صبي بال في بئر فأمرهم بنزحها (¬6). ¬

_ (¬1) سقطت من د ومن س سقطت الأولى. (¬2) وعن أحمد رواية أخرى أنه لا ينجس إلا بالتغير قليلًا كان أو كثيرًا، وقد اختار هذه الرواية شيخ الإسلام ابن تيمية وهو مذهب مالك وقول للشافعي، واستدلوا بحديث بئر بضاعة حين سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه حيث تلقى فيه الحيض والنتن فقال: "الماء طهور لا ينجسه شيء". رواه أحمد 3/ 31، وأبو داود برقم 66، والترمذيُّ 66، والنسائيُّ 1/ 174، وانظر الكافي لابن عبد البر 1/ 156، والمغني 1/ 24 - 25. (¬3) كذا في جميع النسخ والصواب (اثنتين). (¬4) سقطت كلمة لا من (أ). (¬5) الكافي 1/ 11. (¬6) قال ابن قدمه في المغنى 1/ 37: قال الخلال: حدثنا عن علي -رضي الله عنه- بإسناد صحيح أنه سئل عن صبي بال في بئر فأمرهم أن ينزحوها، وقد بعثت عنه في كتب الحديث ولم أجده.

وهو قول الحسن لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله: "لاَ يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ في الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذيِ لاَ يَجْرِي ثُمَّ يَغْتَسِل فِيهِ". متفق عليه (¬1). وهذا يتناول القليل والكثير وهو خاص في (¬2) البول، فيجمع بينه وبين حديث القلتين، يحمل (¬3) هذا على البول، وحمل حديث القلتين على سائر النجاسات، والعذرة المائعة في معنى البول لأن أجزاءها تتفرق في الماء وهي أفحش منه، وكذا العذرة الرطبة. جزم به في الإرشاد والمستوعب والمحرر والحاويين والفائق وتجريد العناية والزركشي، وقدمه في الفروع، وقطع به في الإقناع والمنتهى، وكذا يابسة ذابت (¬4)، نص عليه. وعلم منه أنه ما تعظم مشقة نزحه كمصانع مكة (¬5) وطريقها لا ينجس إلا بالتغير. قال في الشرح: (¬6) لا نعلم فيه خلافًا. ثم ذكر كلام ابن المنذر في حكاية الإجماع على معنى ذلك. والخرقي هو أبو القاسم عمر (¬7) بن الحسين بن عبد الله بن أحمد، قرأ العلم على من قرأ على أبي بكر المروذي وحرب الكرماني وصالح وعبد الله ابني (¬8) إمامنا، وله المصنفات الكثيرة، ولم ينتشر (¬9) منها إلا المختصر في الفقه. توفي سنة 334 هـ أربع وثلاثين وثلاثمائة ودفن بدمشق. وعلي -رضي الله عنه- هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن ¬

_ (¬1) البخاري 1/ 298 - 299 ومسلمٌ برقم 282 وأبو داود 69 والنسائيُّ 1/ 49. (¬2) في جـ، ط في كل بول. (¬3) في النجديات، ط لحمل. (¬4) في أ، ب، جـ ذابة وفي ط ذابة وما في المخطوطات غلط إملائي تتابع عليه النساخ. (¬5) مصانع مكة: حياض كبيرة يجتمع فيها الماء الكثير وقد جعلت موردًا للحجاج يصدرون عنها ولا ينفذ ما فيها. انظر القاموس 3/ 53 والشرح الكبير 1/ 27. (¬6) الشرح الكبير 1/ 27. (¬7) في ج، ط أبو القاسم بن الحسين. (¬8) في ب، جـ، ط، د، هـ، س ابن. (¬9) في الأزهريات ينشر.

هاشم بن عبدمناف أبو الحسن، كناه النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا تراب. وروى عنه ابناه الحسن والحسين وابن مسعود وابن عمر وأبو موسى وابن عباس وأبو سعيد الخدري في آخرين من الصحابة والتابعين. ولي الخلافة أربع سنين وسبعة أشهر وأيامًا مختلفًا فيها. وقتل سنة أربعين في رمضان -رضي الله عنه- والحسن هو البصري؛ من سادات التابعين. جمع كل فن من علم وعبادة، أبوه مولى زيد بن ثابت، ولد في زمن عمر بن الخطاب وحنكه عمر بيده، ومات في أول رجب سنة عشر ومائة. من بعد نوم الليل يبغي (¬1) الطهرا ... تثليث غسل اليد فرضًا (¬2) فاقرا أشار بذلك إلى ما ذكره الأصحاب من وجوب غسل اليدين ثلاثًا على القائم من نوم الليل (¬3)، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا اسْتيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَيهِ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلْهُماَ الإنَاءَ ثَلاثَاً فَإنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي أيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ" متفق عليه (¬4) ولم يذكر البخاري ثلاثًا. وغمسها في الماء قبل الغسل ... يسلبه (¬5) التطهير جا في النقل أي غمس المسلم المكلف القائم من نوم الليل يده إلى الكوع في الماء القليل قبل غسلها ثلاثًا يسلبه الطهورية فيصير طاهرًا غير مطهر، وهذا ¬

_ (¬1) في نظ فردا. (¬2) في نظ ينبغي. (¬3) وعن أحمد رواية أخرى أنه لا يجب غسلهما بل يستحب، اختارها الخرقي وصاحب العمدة والوجيز والمنور والمنتخب وغيرهم وصححها المجد، وهي اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة الآية 6] وهذا يشمل القائم من النوم وقد فسره بذلك زيد بن أسلم -رحمه الله- ولم يذكر سبحانه غسل اليدين، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - علل بتوهم النجاسة وأمر بذلك احتياطًا فلا يكون واجبًا بل مستحبًا. وهذا هو مذهب جمهور العلماء كما حكى ذلك النووي في المجموع 1/ 399، وكما في شرح العناية مع فتح القدير 1/ 13، والإنصاف 1/ 130، وحاشية الروض لابن قاسم 1/ 168. (¬4) البخاري 1/ 229 - 230 ومسلمٌ برقم 278. (¬5) في نظ يلسبها.

المذهب. قال أبو المعالي في شرح الهداية: عليه أكثر الأصحاب، قال في مجمع البحرين: هذا المنصوص. وعنه بل ينجس أيضًا قالوا ... منصوصه واختاره الخلّال (¬1) أي وعن الإمام رواية أن الماء ينجس بغمس القائم من نوم الليل (¬2) يده فيه قبل غسلها ثلاثًا (¬3)، واختارها (¬4) الخلال؛ وهو أحمد بن محمد بن هارون، صحب أبا بكر المروذي إلى أن مات، وسمع من (¬5) جماعة من أصحاب أحمد، ومات يوم الجمعة لليلتين خلتا من شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وثلاثمائة. تتمة: لا أثر لغمس (¬6) كافر (¬7) ولا صغير ولا مجنون (¬8) ولا قائم من نوم ¬

_ (¬1) في نظ الخلالوا. (¬2) في النجديات، ط ليل. (¬3) وهو قول داود وحكي عن الحسن البصري وإسحاق بن راهويه ومحمَّد بن جرير وعن الإمام أحمد رواية ثالثة أنه طهور، واختارها الخرقي والموفق والشارح والشيخ تقي الدين ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وهو مذهب الأئمة الثلاثة؛ لأنه ماء لاقى أعضاء طاهرة فكان على أصله، ونهيه - صلى الله عليه وسلم - عن غمس اليد إن كان لوهم النجاسة فهو لا يزيل الطهورية، كما لا يزيل الطاهرية وإن كان تعبديًا اقتصر على موضع النص، وحديث أبي هريرة محمول على الاستحباب. انظر المجموع 1/ 399، وشرح فتح القدير 1/ 13، والخرشى على مختصر خليل 1/ 122 - 123، والفتاوى 21/ 45 - 46، والمبدع 1/ 47. (¬4) ففي د واختاره وفي س واختار. (¬5) في جـ ط منه. (¬6) في جـ ط بغمس. (¬7) لأنه غير مخاطب بفروع الشريعة عند أصحاب هذا القول ولأن العلة تعبديه. (¬8) لأنهما غير مكلفين والخطاب في حديث الأمر بغسل اليدين للمكلفين فلا يتناولهما وعلة الحكم تعبدية فلا تتعدى بالقياس لأن في الحديث: "فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده" والبيتوتة إنما تكون من نوم الليل.

(فائدة)

نهار (¬1) ولا نوم ليل لا ينقض الوضوء (¬2)، لكن لا فرق بين قليل النوم وكثير حيث نقض، ولا لغمس بعض اليد على الصحيح، ولا يجزئ غسلها دون ثلاث. ولا بد فيه من نية وتسمية، لكن تسقط سهوًا ولا تكفي نية الوضوء والغسل عن نية غسلها (¬3)؛ لأن غسل (¬4) اليد طهارة مفردة، يجوز تقديمها بالزمن الطويل، وغسلهما لمعنى فيهما غير معقول لنا، فلو استمعل الماء (¬5) ولم يدخل يده في الإِناء (¬6) فسد ولم يجزئه الطهر (¬7). * * * (فائدة) يستعمل ما غمس القائم من نوم الليل يده فيه إن لم يوجد غيره ثم يتيمم (¬8). ص والقول في مسألة الأواني ... إذا نجّس (¬9) البعض على المعاني واشتبه الأمر على ذي اللب ... ففرضه الترك وأخذ الترب ¬

_ (¬1) لأن قوله في الحديث: "لا يدري أين باتت يده" يخرج القائم من نوم ليل لا ينقض الوضوء فإِنه يدري أين باتت يده لأنه لم يستغرق. (¬2) في جـ، د، س، ط بغمس. (¬3) في جـ، د، هـ، غسلها. (¬4) في د، س لأنها طهارة مفرده. (¬5) سقطت من د. (¬6) سقطت من د، س. (¬7) يعني: إذا صب على يديه من الإِناء ذاكرًا لنومه عالمًا بوجوب الغسل ولم ينو غسل يديه فإِن الماء يفسد باستعماله فيكون طاهرًا لا طهورًا ولا يجزئه الغسل لأنه لم ينو .. انظر الفواكه العديدة 1/ 23. (¬8) هذه الفائدة والتي قبلها بعنوان تتمة تفريع مبني على الرواية السابقة التي تنص على أن غمس يد القائم من نوم الليل الناقض للوضوء في الإِناء قبل غسلها يسلب الماء الطهورية إذا كان قليلًا وكان ذو اليد مسلمًا مكلفًا، وقد بينا مذهب الجمهور واختيار محققي الحنابلة. (¬9) في ط: أنجس.

أي: إذا اشتبهت آنية الطهور بآنية النجس وجب تركهما ولم يتحر بل يعدل إلى التيمم ذكره الأصحاب. ولو زاد عدد الطهور لأنه قد اشتبهه المباح بالمحظور فيما لا تبيحه (¬1) الضروروة فلم يجز التحري كما لو اشتبهت أخته بأجنبيات (¬2). ولا يشترط للتيمم إراقتهما ولا خلطهما، لكن إن أمكن تطهير أحدهما "بالآخر"، بأن كان الطهور قلتين وعنده إناء يسعهما، وجب خلطهما عند إرادة الطهارة. وإن احتاج للشرب حال الاشتباه تحرى وشرب. فإن لم يغلب على ظنه شيء شرب من أحدهما؛ لأنه حال ضروروة، فإذا شرب من أحدهما أو أكل من المشتبه بالميتة لم يلزمه غسل فمه، لأن الأصل طهارته (¬3). وكاشتباه الطهور بالنجس، واشتباه المباح بالمحرم (¬4). وأما إذا اشتبه الطهور بالطاهر فإنَّه يتوضأ وضوءًا واحدًا، من هذا غرفة ومن هذا غرفة، يعم بكل غرفة محل الفرض ليكون متطهرًا من الطهور بيقين (¬5)، ويجزئه ولو مع طهور بيقين (¬6). وإن يكن ذا في ثياب وجدا ... لا يتحرى جاء نصًّا مسندًا أي: إن اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة لم يتحر أيضًا نص عليه الإمام، بخلاف ما لو اشتبهت عليه القبلة؛ لأن القبلة عليها أدلة من النجوم وغيرها، ¬

_ (¬1) في النجديات يستبحه. (¬2) هذا هو المشهور في المذهب وبه قال سحنون من المالكية وقال الشافعي: يتحرى ويجتهد فإذا غلب على ظنه طهارة أحدهما بعلامة تطهير به، وبمثل هذا قال بعض المالكية، وقال أبو حنيفة: لا يتحرى إلا إذا كان عدد الطاهر أكثر من عدد النجس، ومحل الخلاف إذا لم يكن أحدهما نجس الأصل بأن يكون بولا .. انظر المجموع 1/ 226 والمتتقى 1/ 59 وفتاوي ابن تيمية 21/ 76، .. ومختصر الطحاوي ص 17. (¬3) الواو ليست في النجديات ولا في ط. (¬4) في د اشتباه بالمحرم. (¬5) وفي المذهب وجه آخر عليه أكثر الأصحاب وهو أنه يتوضأ بكل واحد منها وضوءًا كاملًا وهو مذهب المالكية وأحد الوجهين عند الشافعية والوجه الثاني عندهم أنه يتحرى، انظر الخرشى 1/ 118 والإِنصاف 1/ 249. (¬6) يعني: يجزئه أن يتوضأ منهما وضوءًا واحدًا من هذا غرفه ومن هذه غرفه ولو كان عنده طهور بيقين.

فيغلب على الظن مع الاجتهاد فيها الإصابة بحيث يبقى احتمال الخطإ وهمًا ضعيفًا بخلاف الثياب. بل في عداد (¬1) نجس يصلي ... يزيد أخرى حررت في النقل أي: بل (¬2) يصلي في كل ثوب صلاة ينوي بها الفرض، بعدد الثياب النجسة حيث علمه وزاد صلاة. هذا (¬3) المذهب (¬4) مطلقًا نص عليه -وعليه جماهير الأصحاب- ليؤدي فرضه بيقين، فإن جهل عدد النجسة صلى حتى يتيقن أنه صلى في ثوب طاهر ولو كثرت، ولا نظر للمشقة لندرة ذلك خلافًا لابن عقيل (¬5). وما يلي العورات من كتابي ... فاحكم بتنجيس ولا تحابي أي: ما يلي عورة الكتابي من ثيابه -كالسراويل- يحكم بنجاسته، فتمتنع الصلاة فيه، فغير الكتابي أولى. وهذا ما اختاره القاضي وجزم به في الإفادات؛ لأنه لا يخلو عن نجاسة غالبًا. مستعمل الثياب والأواني ... من المجوس فيهما قولان فالنص من صلى بها يعيد ... وليس في إرشادنا ترديد والقاضي والكافي هذا المذهب ... والمجد في الشرح كذا المستوعب أي: ما استعمله من لا تحل ذبيحته -كالمجوس- من الثياب والأواني فيه روايتان كما في المحرر والفروع (¬6) وغيرهما. ¬

_ (¬1) في أعدد وفي جـ عد. (¬2) سقطت من النجديات وط. (¬3) في د، س على. (¬4) وفي المذهب قول آخر اختاره شيخ الإِسلام ابن تيمية أنه يتحرى ويصلي في واحد وهو مذهب الشافعية .. انظر الاختيارات ص 5 ومغنى المحتاج 1/ 189. (¬5) فإِنه -رحمه الله- يرى أن إذا كثرت الثياب وشق صلاته في الكل فإنه يتحرى فيصلي في أحدها دفعًا للمشقة .. المبدع 1/ 64 والاختيارات 1/ 100. (¬6) المحرر 1/ 7 والفروع 1/ 100.

إحداهما: لا يستعمل إلا بعد غسله، ولا يؤكل من طعامهم إلا الفاكهة ونحوها، اختاره القاضي وجزم به في المذهب والمستوعب، وقدمه في الكافي، وصححه المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين وابن عبيدان (¬1). يقول الناظم: وليس في هذا في الإرشاد (¬2) تردد، وقطع به في الإرشاد بلا (¬3) تردد. وصرح الموفق والشارح بأن ثيابهم كثياب أهل الكتاب بخلاف أوانيهم (¬4).قال في الإنصاف: والظاهر أنهما روايتان (¬5). قال القاضي: وكذا من يأكل لحمًا لخنزير من أهل الكتاب في موضع يمكنهم أكله فيه (¬6)، أو يأكل الميتة، أو يذبح بالسن والظفر. وقال ابن أبي موسى: وكذا ثوب الصبي. والأكثرون مطلقًا يطهروا ... وقاله المقنع والمحرر (¬7) أي: أكثر الأصحاب يطهرون ثياب الكفار وأوانيهم مطلقًا، من أهل الكتاب وغيرهم، وما ولي (¬8) عوراتهم وغيره. وهو المذهب الذي عليه الجمهور؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه توضؤوا من مزادة مشركة. متفق (¬9) ¬

_ (¬1) ودليل هذه الرواية حديث أبي ثعلبة قال: قلت: يا رسول الله، إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل من آنيتهم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا غيرها فاغسلوها بالماء وكلوا فيها" .. رواه البخاري 9/ 523، 524 ومسلمٌ برقم 1930، ووجه أنه إذا منع في أهل الكتاب ونهي عن استعمال أوانيهم بدون غسلها ففي غيرهم أولى، ولأن ذبائحهم ميتة فنجاسة الآنية بها متيقنة، المبدع 1/ 70. (¬2) كتاب في الفقه الحنبلي ألفه أبو علي الهاشمي محمَّد بن أحمد بن أبي موسي المتوفي سنة 428 هـ. (¬3) في أ، جـ، ط بل وفي د بلا ترد. (¬4) المغني 1/ 68 والشرح الكبير 1/ 63. (¬5) الإنصاف 1/ 58، د7. (¬6) سقطت من الأزهريات. (¬7) في أ، ب، جـ المحرروا. وانظر المحرر 1/ 7 والمقنع 1/ 23. (¬8) في أ، هـ ومن ولي. (¬9) البخاري 6/ 425 - 426 ومسلمٌ برقم 682.

عليه، ولأن الأصل الطهارة فلا تزول بالشك. وكذا بدن الكافر وطعامه وماؤه وما صبغه أو نسجه ونحوه. ومن (¬1) إناء فضة أو ذهب ... فالطهر لا يصح أيضًا مذهبي كذلك المغصوب والمبتاع (¬2) ... بثمن محرم أذاعوا أي: لا تصح الطهارة من آنية الذهب والفضة. اختاره (¬3) أبو بكر والقاضي أبو الحسين والشيخ تقي الدين. قاله الزركشي. قال في مجمع البحرين: لا تصح الطهارة منها في أصح الوجهين وصححه ابن عقيل في تذكرته. أ. هـ (¬4). كالصلاة في الدار المغصوبة، وكذا حكم المموه ونحوه، والمغصوب ونحوه، وما ثمنه حرام. وحكم الطهارة منه وبه وفيه وإليه سواء. والمذهب: الصحة في الجميع. قطع به الخرقي وصاحب الوجيز والمنور والمنتخب والإفادات والإقناع والمنتهى وغيرهم، وصححه في المغني والشرح وابن عبيدان وتجريد العناية وابن منجا في شرحه وغيرهم، وقدمه في الفروع والرعايتين والحاويين وغيرهما (¬5). (¬6). ص كذا إهاب ميتة لا يطهر ... بالدبغ في المنصوص وهو الأشهر أي: جلد الميتة المتنجس بالموت لا يطهر بالدبغ في أشهر الروايتين (¬7)، وهذا المذهب نص عليه في رواية الجماعة، وعليه جماهير ¬

_ (¬1) في أ، ب، جـ، د، ط كذا. (¬2) في ط المباع. (¬3) في ب، ط اختارها. (¬4) الإنصاف 1/ 81. (¬5) في جـ، د، س، ط وغيرهما. (¬6) وذلك لأن الإناء ليس بشرط ولا ركن للعبادة فلم يؤثر لأنه أجنبي والقول بالتحريم لا يستلزم عدم صحة الطهارة، حاشية ابن قاسم على الروض 1/ 104. (¬7) وهو رواية عن الإمام مالك ذكرها ابن رشد في بداية المجتهد 1/ 78، 89 والخرشي في شرح مختصر خليل 1/ 89.

الأصحاب وقطع به كثير (¬1) منهم. (وعنه يطهر منها جلد ما كان طاهراً في حال الحياة (¬2)) وقال القاضي في الخلاف: رجع الإمام أحمد عن الرواية الأولى في رواية أحمد بن الحسن وعبد الله و (¬3) الصاغاني، ورده ابن عبيدان وغيره، وقال: إنما هي رواية أخرى. وجه الأولى ما رواه عبد الله بن عكيم (¬4) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى جهينة: "إني كنت رخصت لكم في جلود الميتة فإذا جاءكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب". رواه أحمد وأبو داود (¬5) وليس في أبي داود: "كنت رخصت لكم"، ولا عند أحمد بل ذلك من رواية الطبراني والدارقطني قال أحمد: إسناده جيد (¬6) وفي لفظ: "أتانا كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل وفاته بشهر أو شهرين" وهو ناسخ لما قبله، لأنه في آخر عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولفظه دال على سبق الرخصة، وأنه متأخر منع لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كنت رخصت لكم" وإنما يؤخذ بآخر أمره (¬7) عليه السلام. ¬

_ (¬1) في أ، حـ، ط جماعة. (¬2) ما بين القوسين من ب. (¬3) في د أحمد بن أحمد بن الحسين وعبد الله الصاحاني وكذلك في س لكن فيها الحسن بدل الحسين وسقطت كلمة عبد الله من أ، حـ، ط. (¬4) في أ، جـ، س، ط حكيم وهو تصحيف وفي د عليم. (¬5) الفتح الرباني 1/ 216 وأبو داود برقم 1427، 4128 والترمذي برقم 1729 والبيهقي 1/ 14، 15 وابن حبان 1/ 410 وفي سند الحديث انقطاع واضطراب، أما الانقطاع فإنه يرويه عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم ولم يسمع منه، وأما الإضراب فإنه تارة يرويه عن كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وتارة عن مشيخة من جهينة. كلما أن في متنه اضطراب فإنه رواه أكثر من غير تقييد، ومنهم من رواه مقيدًا بشهر أو بشهرين أو أربعين يومًا ولهذا رجع أحمد عن القول به، قال الخلال: "لما رأى أبو عبد الله تزلزل الرواة فيه توقف". انظر نيل الأوطار 1/ 81. (¬6) قال في تلخيص الحبير 1/ 47: إسناده ثقات وقد عزاه إلى ابن عدي والطبراني ولم يعزه إلى الدارقطني كما أنني لم أجد الحديث في سنن الدارقطني في مظنته. منها. (¬7) في النجديات، ط عمره.

فإن قيل هو مرسل لأنه من كتاب لا يعرف حامله. أجيب بأن كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كلفظه ولذلك لزمت الحجة من كتب إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وحصل له البلاغ، لأنه لو لم يكن حجة لم يلزمهم الإجابة ولكان لهم عذر في ترك الإجابة لجهلهم بحامل الكتاب، والأمر بخلاف ذلك، وعلى هذا فلا يجوز بيع جلد الميتة المدبوغ كسائر أجزائها. ويجوز الانتفاع بجلد ما كان طاهراً حال الحياة إذا دبغ (¬1) لأنه عليه السلام وجد شاة ميتة أعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة، فقال: "ألا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به .. " رواه مسلم (¬2)، ولأن الصحابة لما فتحوا فارس انتفعوا بسروجهم وأسلحتهم، وذبائحهم ميتة، ونجاسته لا تمنع الانتفاع به كالاصطياد بالكلب. وشعر وريش ووبر وصوف من طاهر في الحياة طاهر بعد الموت .. مذهبنا نجاسة الحمار ... والبغل والجارح في الأطيار أي: الصحيح من المذهب نجاسة الحمار الأهلي والبغل منه وكل (¬3) ما لا يؤكل من الطير والبهائم مما فوق الهر خلقة كالذئب والنمر والصقر والبازي (¬4) ونحوها، لحديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الماء وما ينوبه ¬

_ (¬1) يظهر أن المؤلف يريد جزاز الانتفاع به في اليابسات فقط لأنه لم يصرح بطهارته بعد الدبغ والرواية الثانية لا يجوز الانتفاع به وهما مبنيتان على المشهور من المذهب الذي حكاه المؤلف وهو أن جلد الميتة لا يطهر بالدبغ. وعن أحمد أن الدباغ يطهر جلد الميتة التي تطهرها الذكاة وهذه آخر الروايتين عنه كما ذكر المؤلف عن القاضي ودليلها حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: تصدق على مولاة لميمونة بشاة فماتت فمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "هلا استمتعتم بإهابها فدبغتموه فانتفعتم به؟ " فقالوا: إنها ميتة؟ فقال: "إنما حرم أكلها" .. رواه البخاري 3/ 281 ومسلمٌ برقم 363 وانظر المبدع 1/ 70 - 72. (¬2) مسلم برقم 363. (¬3) سقطت كل من النجديات، ط. (¬4) البازي: قال في القاموس 4/ 303 الباز والبازي: ضرب من الصقور.

من السباع والدواب. فقال: "إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث" (¬1) وهذا (¬2) يدل على نجاستها، وإلا لكان التحديد بالقلتين في جواب السؤال عن ورودها الماء عبثا، وأما الهر وما دونه خلقة فطاهر حيا. ص كل النجاسات فكالكلاب ... تغسل سبعًا هكذا جوابي الصحيح من المذهب أن سائر النجاسات تغسل سبعًا إذا كانت على غير الأرض ونحوها ولم تكن بول صبي لم يأكل الطعام لشهوة قياسًا على نجاسة الكلب. ولما روى ابن (¬3) عمر أنه قال: أمرنا بغسل الأنجاس سبعًا (¬4) فينصرف إلى أمر (¬5) النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬6). ولا يعتبر لنجاسة غير الكلب ¬

_ (¬1) رواه أحمد في المسند مع الفتح 1/ 216 وأبو داود برقم 63، 64، 65 والترمذيُّ برقم 67 والنسائيُّ 1/ 175 وابن خزيمة 1/ 49 قال محمَّد بن أحمد بن عبد الهادي في المحرر ص4: وصححه ابن خزيمة وابن خزيمة وابن حبان والدارقطنيُّ وغير واحد من الأئمة وتكلم فيه ابن عبد البر وغيره، وقيل: الصواب وقفه وقال الحاكم: هو صحيح على شرط الشيخين فقد احتجا جميعًا بجميع رواته ولم يخرجاه وأظنهما -والله أعلم- لم يخرجا- لخلاف فيه على أبي أسامة عن الوليد بن كثير. (¬2) في النجديات، ط وهو. (¬3) في النجديات، ط لما روى ابن عمر. (¬4) هذا الأثر موجود في غالب كتب الفقه الحنبلي التي تذكر الأدلة ولم تنسبه إلى شيء من كتب الحديث أو الأثر وقد بحثت عنه فلم أجده وهو في المغني 1/ 46 والشرح الكبير 1/ 288 والمبدع1/ 238 وذكر الألباني في إرواء الغليل 1/ 186 - 187 أنه لم يجده بهذا اللفظ ولا يعلم حديثًا مرفوعًا صحيحًا بمعناه إلا في نجاسة الكلب. (¬5) في د، س فينصرف الأمر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬6) مذهب الجمهور أنه لا يشترط العدد في إزالة نجاسة غير الكلب والخنزير لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال للمرأة التي سألته عن دم الحيض: "إذا أصاب إحداكن الدم من الحيضة فالتقرصه ثم لتنضحه بماء ثم لتصل فيه" رواه البخاري وأمر المرأة الغفاوية أن تغسل دم الحيض بماء فيه ملح ولم يأمرها بعدد، وهذا رواية عن الإمام أحمد اختارها شيخ الإِسلام ابن تيمية انظر الهداية مع فتح القدير 1/ 145 ومغنى المحتاج 1/ 85 وحاشية ابن قاسم على الروض المربع 1/ 344 والكافي لابن عبد البر 1/ 161 والبخاريُّ 1/ 349 وأبا داود رقم 313.

والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما تراب خلافًا للخرقي، ويكفي في بول غلام لم يأكل الطعام لشهوة نضحه، وفي الأرض والصخر والأحواض والحيطان ونحوها مكاثرتها بالماء حتى يذهب لون النجاسة وريحها إذا تنجست بمائع، وإلا فلا بد من إزالة أجزاء النجاسة.

ومن باب الوضوء

ومن باب الوضوء الباب لغة المدخل إلى الشيء .. وفي الاصطلاح: اسم لمسائل من العلم. والوضوء: من الوضاءة، وهي لغة النظافة والحسن، وشرعًا: استعمال ماء طهور في الأعضاء الأربعة (¬1) على صفة مخصوصة، سمي وضوءًا لتنظيفه المتوضي وتحسينه. * * * ص وفي الوضوء التسمية مفترضة ... ...................... الصحيح من المذهب أن التسمية واجبة في الوضوء وهو مذهب الحسن وإسحاق لحديث: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" (¬2) رواه أبو داود والترمذيُّ، ورواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعة من أصحابه منهم أبو سعيد. قال أحمد: حديث أبي سعيد أحسن حديث في الباب، وهذا نفي ¬

_ (¬1) وهي الوجه واليدان والرأس والرجلان. (¬2) أبو داود برقم 101 والترمذيُّ برقم 25 وأحمدُ 2/ 418 قال في تحفة الأحوذي 1/ 116 قال أحمد في أحاديث التسمية: لا أعلم في هذا الباب حديثًا له إسناد جيد، وقال الحافظ ابن حجر: والظاهر أن مجموع الأحاديث يحدث منها قوة تدل على أن له أصلًا.

في (¬1) نكرة يقتضي أن لا يصح وضوء بدون التسمية، وكالوضوء الغسل والتيمم. وتسقط سهوا نصًا (¬2) وفاقًا لإسحاق، لحديث: "عفي لأمتي عن (¬3) الخطأ والنسيان" (¬4) .. ولأن الوضوء عبادة تتغاير أفعالها فكان في واجباتها ما يسقط بالسهو كالصلاة. قلت: فيؤخذ منه تسقط جهلًا كواجبات الصلاة خلافًا لبحثه في القواعد الأصولية (¬5). * * * ...................... ... ص كذالك الاستنشاق ثم المضمضة كل منهما فرض في الوضوء، وكذا الغسل, لأن غسل الوجه فيها واجب، وهما من الوجه في المشهور من المذهب ولحديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا بد منه" .. رواه أبو بكر في الشافي (¬6). وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمضمضة والاستنشاق (¬7)، وفي حديث لقيط بن صبرة: "إذا توضأت فمضمض" رواه أبو داود وأخرجهما الدارقطني (¬8) وفي حديث ¬

_ (¬1) كذا في جميع النسخ (والصواب في سياق نكرة). (¬2) في ط أيضًا. (¬3) سقطت من د. (¬4) هذا الحديث رواه ابن ماجة وغيره بلفظ: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". وقد صححه الحاكم وقال: على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وحسنه النووي في الأربعين وأقره الحافظ في التلخيص؛ وقد أعله أبو حاتم وقال: (لا يصح هذا الحديث ولا يصح إسناده). انظر المحرر 181، ونصب الراية 2/ 64 وإرواء الغليل. (¬5) انظر القواعد الأصولية لابن اللحام 59. (¬6) انظر الدارقطني 1/ 84. (¬7) الدارقطني 1/ 84. (¬8) أبو داود برقم 144 والدارقطنيُّ 1/ 84.

مسلم: "من توضأ فليستنشق" (¬1)، والأمر للوجوب، ولأن كل من وصف وضوءه -عليه السلام- مستقصى ذلك أنه تمضمض واستنشق، ومداومته عليهما تدل على وجوبهما، ولأنهما في حكم الظاهر لا يشق غسلهما، فوجب لقوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] (¬2). ترك موالاة الوضوء يبطل ... حتى لو سهوا لهذا نقلوا أي: الموالاة فرض في الوضوء نص عليه في مواضع، فلا تسقط عمدًا ولا سهوًا، وبوجوبها قال الأوزاعي وقتادة (¬3)، لحديث عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يصلي وفي ظهر (¬4) قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعيد الوضوء والصلاة .. رواه (¬5) أبو داود، ولو لم تجب الموالاة لأمره بغسل اللمعة فقط، ولأنها عبادة يفسدها الحدث فاشترطت لها الموالاة كالصلاة، والآية دلت على وجوب الغسل، وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - كيفيته بفعله، فإنه لم ينقل عنه أنه توضأ إلا متواليًا. ¬

_ (¬1) الذي في مسلم عن أبي هريرة: "إذا توضأ أحدكم فليستنشق بمنخريه من الماء ثم لينتثر" وفي أخرى: "من توضأ فليستنثر ومن استجمر فليوتر" وهو في الصحيح برقم 237. (¬2) جزء من آية الوضوء في سورة المائدة الآية 6. (¬3) وهو المشهور في مذهب المالكية قال الباجي في المنتقى شرح الموطأ 1/ 76. مسألة: إذا ثبت ذلك فإن تفريق الوضوء لغير عذر يبطله على المشهور من المذهب وقال محمَّد بن الحكم: لا يبطله وقد تأوله غيره من أصحابنا على المذهب وبه قال أبو حنيفة والشافعيُّ. وجه القول الأول: أن هذه عبادة يبطلها الحدث الأصغر فكانت الموالاة شرطًا في صحتها كالصلاة والطواف، ووجه القول الثاني: (أن هذه طهارة فلم يكن من شرطها الموالاة كطهارة النجاسة). ثم ذكر أن من تركها لعذر كالناسي فإن الأصح عن مالك أنه لا يبطل وضوؤه وذكر أبو زيد رواية عن مالك: (أنه يبطل متى كان المنسي من المغسولات فرضًا، وهكذا إذا عجز عن الكفاية من الماء فإنه يبني ما لم يجف العضو في أحد قولي ابن القاسم). (¬4) سقطت من د. (¬5) أبو داود برقم 175 وابن ماجة 1/ 218.

ومعنى الموالاة: أن لا يؤخر غسل عضو حتما ينشف الذي قبله يليه (¬1) بزمن معتدل ولو لاشتغال بتحصيل ماء أو إزالة نجاسة أو وسخ ونحوه لغير طهارة (¬2)، لا اشتغال (¬3) سنة كتخليل وإسباغ وإزالة شك أو وسوسة. والأذنان واجب مسحهما ... إسحاق والإمام نص عنهما أي: يجب مسح الأذنين لأنهما من الرأس لقوله -عليه السلام-: "الأذنان من الرأس" (¬4) رواه ابن ماجة ولا يجب مسح ما استتر منهما بالغضاريف كالرأس (¬5) وأولى (¬6)، ويسن مسحهما بعد الرأس بماء جديد. [وإسحاق المذكور هو إسحاق بن راهويه ويأتي في الحج بيان مولده ووفاته] (¬7). ¬

_ (¬1) سقطت من د، س. (¬2) كررت في د أو وسخ ونحوه لغير طهاره. (¬3) في ب، ط لاشتغال. (¬4) ابن ماجة برقم 443 و 445 وأبو داود برقم 134 وقد رواه ابن ماجة من ثلاث طرق كلها لا تخلوا من ضعف وهو عند أبي داود مختلف في رفعه ووقفه انظر المحرر ص 12 وتلخيص الحبير وحاشيته 1/ 91 - 92. (¬5) فإنه لا يجب مسح ما استتر منه بالشعر بل يكفي مسح الشعر. (¬6) في ط وأوله. (¬7) ما بين القوسين سقط من د، س.

ومن باب المسح على الجوارب

ومن باب المسح على الجوارب الجوارب جمع جورب وهو ما يصنع على هيئة الخف من غير جلد. امسح على جوارب صفيقة ... ...................... أي: يجوز المسح على الجوربين [قال ابن المنذر: يروى إباحة المسح على الجوربين] (¬1) عن تسعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي وعمار وابن مسعود وأنس وابن عمر والبراء وبلال وابن أبي أوفى وسهل بن سعد، وهو قول عطاء والحسن وسعيد بن المسيب والثوري وابن المبارك وإسحاق ويعقوب (¬2) ومحمَّد. وقال أبو حنيفة (¬3) ومالك والأوزاعي والشافعيُّ (¬4): لا يجوز المسح عليهما إلا أن ينعلا، لأنه لا يمكن متابعة المشي فيهما فهما كالرقيقين (¬5)، ¬

_ (¬1) ما بين القوسين سقط من د. (¬2) هو أبو يوسف صاحب أبي حنيفة وستأتي ترجمته مع الأعلام. (¬3) وفي الهداية 1/ 157 رواية عن الإمام أبي حنيفة أنه رجع إلى القول بجواز المسح على الجوارب كصاحبيه قال: (وعليه الفتوي). (¬4) ذكر النووي في المجموع 1/ 540: (أن المسح على الجوربين هو الصحيح من المذهب الشافعي متى كان صفيقًا يمكن متابعة المشي فيه). (¬5) أي: لا يجوز المسح على الصفيقين كما لا يجوز المسح على الرقيقين لأنهما لا يمكن متابعة المشي فيهما، والرقيق عكس الصفيق.

ويدل للأول (¬1) حديث المغيرة بن شعبة: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على الجوربين والنعلين) رواه أحمد وأبو داود والترمذيُّ وقال: حسنٌ صحيحٌ (¬2)، وهذا يدل على أنهما لم يكونا منعلين (¬3)، لأنه لو كان كذلك لم يذكر النعلين فإنه لا يقال: مسحت على الخف ونعله، ولأن الصحابة (¬4) -رضي الله عنهم- مسحوا على الجوارب ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم، والجورب في معنى الخف، لأنه ملبوس ساتر (¬5) لمحل الفرض (¬6) يمكن متابعة المشي فيه أشبه الخف، وقولهم: لا يمكن متابعة المشي فيه، قلنا: إنما يجوز المسح عليه إذا ثبت بنفسه (¬7)، وأمكن متابعة المشي فيه وإلا فلا، وأما الرقيق فليس بساتر. * * * ...................... ... وعمة سنية حقيقة أي: يجوز المسح على العمامة وبه قال أبو بكر وعمر وأنس وأبو ¬

_ (¬1) في ط ويدل الأول. (¬2) الفتح الرباني 2/ 71 وأبو داود برقم 159 والترمذيُّ برقم 99 وقد ضعفه أبو داود والنسائيُّ والبيهقيُّ. وقال البيهقي: (إنه حديث منكر ضعفه سفيان الثوري وعبد الرحمن بن مهدي وأحمدُ بن حنبل ويحيى ابن معين وعلي بن المديني ومسلمٌ بن الحجاج حيث خالف فيه أبو قيس الأودي وهزيل بن شرحبيل الثقات الذين رووه عن المغيرة واقتصروا على المسح على الخفين. ولهذا العلة اشترط العلماء في الجوربين أن يكونا صفيقين فيكونا بمنزلة الخفين) انظر تحفة الأحوذي 1/ 230 - 337. (¬3) في د منعولين. (¬4) المقصود من سبق ذكرهم من الصحابة. (¬5) وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم .. انظر الفتاوي 21/ 183 وتهذيب السنن 1/ 131 - 123. (¬6) في ط الغرض وهو تصحيف. (¬7) لا يرى شيخ الإِسلام اشتراط هذا الشرط بل إذا ثبت الجورب بنعل تحته أو بشده بخيط ونحوه فيجوز المسح عليه .. انظر الفتاوى 21/ 184.

أمامة وروي عن سعد بن مالك وأبي الدرداء -رضي الله عنهم-، وهو قول عمر بن عبد العزيز والحسن وقتاده وابن المنذر وغيرهم لحديث المغيرة بن شعبة قال: توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومسح على الخفين والعمامة. قال الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ (¬1). وروى مسلم (¬2) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين والخمار (¬3) (¬4)، وعن عمرو بن أمية قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على عمامته وخفيه، رواه البخاري (¬5)، والآية (¬6) لا تنفي ما ذكر لأنه عليه الصلاة والسلام مبيّن لكلام الله تعالى، وقد مسح على العمامة، وهذا يدل على أن المراد في الآية المسح على الرأس أو حائله (¬7)، ويشترط للمسح على العمامة أن تكون محنكة (¬8) أو ذات ذؤابة (¬9) وأن (¬10) تكون على ذلك، وأن تكون ساترة لغير ما العادة كشفه فلا يصح المسح على العمامة الصماء، وعنها احترز بقوله: سنية لما فيه من التشبه (¬11) بالأعاجم. ¬

_ (¬1) الترمذيُّ برقم 100. (¬2) سقط من د. (¬3) بياض في ط. (¬4) مسلم برقم 275 والترمذيُّ برقم 101 والنسائي 1/ 75 - 76 عن بلال رضي الله عنه. (¬5) البخاري 1/ 266. (¬6) يشير إلى قوله تعالى في آية الوضوء {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} المائدة من آية 6. (¬7) في النجديات، ط حائل. (¬8) المحنكه: هي التي يدار منها تحت الحنك لوث أو لوثان ونحوه وهذه كانت عمة المسلمين على عهده - صلى الله عليه وسلم - وهي أكثر سترًا من غيرها ويشق نزعها. انظر المبدع 1/ 148 - 149 والمطلع 23. (¬9) الذؤابة بضم الذال وفتح الهمزة وأصلها من الشعر والمراد هنا طرف العمامة المرخي سمي ذؤبة مجازًا، المطلع 23. (¬10) في ط (وأو تكون). (¬11) وفي د، س بالإعجام.

كذا على دنّية القضاة ... ...................... الدنّية بالدال المهملة بعدها نون ثم مثناه تحتية قلنسوة (¬1) كبيرة كانت القضاة تلبسها قال (¬2) في مجمع البحرين: هي على هيئة ما تتخذه الصوفية الآن، أي: يجوز المسح عليها كسائر القلانس. صححه في التصحيح قال في مجمع البحرين: يجوز المسح عليها في أظهر الروايتين، قال في نظمه: هذا المنصور، واختاره الخلال وابن عبدوس في تذكرته، وجزم به في الوجيز والإفادات، وقال صاحب التبصرة: يجوز إذا كانت محبوسة تحت حلقه بشيء، وقال في الفائق: ولا يشترط للقلانس تحنك، واشترطه الشيرازي. وعنه لا يباح المسح عليها مطلقًا، وهو المذهب اختاره أبو المعالي في النهاية، وقدمه في الفروع وابن رزين في شرحه وقطع به في التنقيح والمنتهى والإقناع، قال ابن المنذر: لا نعلم أحدًا قال به إلا أنه يروى عن أنس أنه مسح على قلنسيته (¬3). أ. هـ. وروى الأثرم عن أبي موسى أنه خرج من الخلاء فمسح على (¬4) القلنسوة (¬5). ¬

_ (¬1) القلنسوة: قال في القاموس المحيط 1/ 242: (القلنسوة والقنسية إذا فتحت القاف ضممت السين وإذا ضممت القاف كسرت السين تلبس في الرأس جمعها قلانس وقلانيس وقلنس). (¬2) في النجديات، ط قاله. (¬3) في النجديات، ط قلنسيه وسقطت منها أ، هـ والأثر رواه عبد الرزاق في المصنف 1/ 190 وفي سنده سعيد بن عبد الله بن ضرار ذكره ابن أبي حاتم، ونقل عن أبيه أنه ليس بالقوي. (¬4) سقطت من النجديات، ط، هـ. (¬5) ابن أبي شيبة 1/ 22 وقد رواه عن يحيى بن سعيد القطان عن ابن أبي عروبة عن أشعت عن أبيه.

................ ... وخمر (¬1) النسا لذا (¬2) تواتي أي: يجوز المسح على خمر النساء إذا كانت مدارة تحت حلوقهن على المذهب، يروى ذلك عن أم سلمة حكاه ابن المنذر، ولأنه ملبوس للرأس يشق نزعه أشبه العمامة (¬3). ولا يجوز المسح على الوقاية، لأنه لا يشق نزعها فهي كطاقية الرجل، وشرط ما يمسح من الحوائل كلها أن يلبس بعد كمال الطهارة بالماء. ولا تجز مسحًا على محرم ... كالغصب والحرير فيما قد نمي أي: لا يجوز المسح على خف ونحوه محرم كغصب (¬4) وحرير لرجل (¬5) على الصحيح من المذهب، لأن المسح رخصة فلا تستباح بالمعصية كما لا يستبيح المسافر الرخص بسفر المعصية ونمي بمعنى نقل أي (¬6) عن الإمام والأصحاب. * * * أكثر (¬7) أعلى الخف مسحًا يجب ... ...................... أي: يحب (مسح) (¬8) أكثر أعلى الخف فمسحًا تمييز محول على (¬9) ¬

_ (¬1) الخمر بضم الخاء والميم وقد تسكن وهو ما تغطي به المرأة رأسها ويسمي النصيف والقناع. (¬2) في د، هـ كذا. (¬3) ولحديث: بلال السابق الذي رواه مسلم ولما رواه أحمد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "امسحوا على الخفين والخمار" فإنه يشمل ما يخمر به الرأس كالعمامة وخمر النساء المتوفر فيها شروط المسح، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن المسح على القلانس الكبار وخمر النساء المدارة تحت حلوقهن من محاسن الشريعة الإسلامية والحنيفية السمحة. انظر الفتاوى 21/ 186 - 187. (¬4) وهو وجه في مذهب الشافعية حكاه النووي في المجموع 1/ 552 والمنهاج 1/ 66. (¬5) في د كرجل. (¬6) سقطت من د، س. (¬7) في د، س أكثر. (¬8) ما بين القوسين من ب. (¬9) في جـ عن وفي النجديات محمول عن الابتداء.

الابتداء ووجهه حديث المغيرة السابق فهو تفسير للفظ المسح الوارد مطلقًا. * * * ...................... ... ومالك فكل الأعلى (¬1) يذهب أي: ذهب الإِمام مالك إلى وجوب مسح جميع (¬2) أعلى الخف (¬3) لحديث علي: (رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح ظاهر خفيه) رواه أحمد وأبو داود (¬4). * * * والحنفي قدر ثلاث أصابع ... ...................... أي: وقال أبو حنيفه ومحمَّد بن الحسن: يجزيه قدر ثلاث أصابع وهو قول الأوزاعي لأن اليد آلة المسح والثلاثة (¬5) أكثر أصابعها (¬6). * * * ...................... ... وما اسمه مسح يقول الشافعي أي: وقال الشافعي: يجزئ أقل ما يسمى مسحًا وهو قول الثوري وأبي (¬7) ثور؛ لأنه أطلق لفظ المسح ولم ينقل فيه تقديره فيرجع فيه إلى ما يتناوله الاسم (¬8). ¬

_ (¬1) في أ (علي). (¬2) سقطت من د، س. (¬3) بداية المجتهد 1/ 91. (¬4) الفتح الرباني 2/ 69 وأبو داود برقم 162. (¬5) في د، س الثلاث. (¬6) بدائع الصنائع 1/ 12. (¬7) في ب، جـ أبو ثور وهو غلط وكذلك في الأزهريات. (¬8) مغني المحتاج 1/ 67.

وإن بدت رجل الفتى من خفه ... فغسلها إذ ذاك ليس يكفه وضوؤه فواجب تمامه ... وهكذا إذا انقضت أيامه أي: متى ظهرت الرجل أو بعضها من الخف أو انقضت (¬1) مدة المسح استأنف الطهارة ولم يكفه غسل قدميه وكذا إذا (¬2) ظهر بعض الرأس وفحش أو انتقض بعض العمامة؛ لأن المسح على الحائل بدل عن (¬3) غسل ما تحته أو مسحه فمتى ظهر المستور وجب غسله أو مسحه لزوال حكم البدل كالمتيمم يجد الماء وإذا عاد الحدث إلى بعض الأعضاء عاد إلى الكل؛ لأنه لا يتبعض في النقض وإن تبعض (¬4) في الرفع، وزوال جبيرة كخف وبرؤها زوالها، وظهور القدم أو بعضها إلى ساق الخف كخروجها منه ولو كان ما مر في الصلاة، وكذا لو انقطع دم مستحاضة ونحوها (¬5). والمسح أولى بالفتى وأفضل ... وعنه بل هما سواء فانقلوا أي: المسح على الخفين أفضل من الغسل على الصحيح من المذهب نص عليه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إنما طلبوا الفضل. وعنه: الغسل أفضل المفروض في كتاب الله والمسح رخصة. وعنه: (¬6) هما سواء قال في رواية حنبل: كله جائز المسح والغسل ما في قلبي من المسح شيء ولا من الغسل وهذا قول ابن المنذر. ¬

_ (¬1) في نسخة جـ وانتفضت أيامه وفي ب ولم نتفضت وفي أ، ط وانقضت. (¬2) في النجديات، ط أن. (¬3) في س يدل على. (¬4) ف ط ينبعض وقد سقطت من د. (¬5) وفي المذهب الشافعي وجه ذكره في مغني المحتاج 1/ 68 مفاده نقض الوضوء الممسوح فيه على الخفين بخلعها أو أحدهما أو ظهور بعض الرجل بخرق أو غيره أو انقضاء مدة المسح. (¬6) في ط وعندهما.

قال الشيخ تقي الدين: وفصل الخطاب أن الأفضل في حق كل أحد ما هو الموافق لحال قدمه. فالأفضل لمن قدماه مكشوفتان غسلهما، ولا يتحرى لبس الخف ليمسح عليه كما كان عليه أفضل الصلاة والسلام يغسل قدميه إذا كانتا مكشوفتين، ويمسح قدميه إذا كان لابسًا للخف (¬1). (¬2) ¬

_ (¬1) سقطت من د، س. (¬2) الفتاوى 26/ 94 وفيها معنى هذا الكلام لا لفظه.

ومن باب نواقض الوضوء

ومن باب نواقض الوضوء النواقض: جمع ناقض والنقض حقيقة في البناء، واستعماله في المعاني -كنقض الوضوء والعلة- (¬1) مجاز، فنواقض الوضوء مفسداته. والدود من غير سبيل إن خرج ... ينقض والنعمان قال لا حرج أي: إن خرج الدود من غير القبل والدبر نقض الوضوء، يعني: إن فحش كسائر النجاسات من غير سبيل لأن دود الجرح نجس لتولده من النجاسة أشبه غيره من النجاسات (¬2). وقال أبو حنيفة النعمان: لا حرج أي لا نقض به لأنه طاهر غير خارج من سبيل بخلاف ما يخرج من السبيل من الدود (¬3). * * * كذا كثير الدم حين يخرج ... ...................... أي: ينقض الكثير من الدم الوضوء وكذا سائر النجاسات من غير السبيلين (¬4)، روى ذلك عن ابن عباس وابن عمر وسعيد بن المسيب وعطاء وقتادة ¬

_ (¬1) نقض العلة: هو وجود الوصف المعلل به دون الحكم وهو من القوادح المتوجهة على القياس. (¬2) ليس مع القائلين به دليل صحيح، وقياسه على الدم باطل لأن الأصح في الدم عدم النقض كما سيأتي قريبًا. (¬3) انظر بدائع الصنائع 1/ 27. (¬4) في د، ك، السبيل.

والثوري وأصحاب الرأي (¬1). لما روى أبو الدرداء (¬2): "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاء فتوضأ قال ثوبان: صدق: أنا سكبت له وضوءه". رواه الترمذيُّ وقال: هذا أصح شيء في الباب (¬3). قيل لأحمد: حديث ثوبان صح (¬4) عندك؟ قال: نعم. وقال - صلى الله عليه وسلم - (لفاطمة) (¬5): "إنه عرق فتوضئي لكل صلاة". رواه (¬6) الترمذيُّ، علل بأنه دم عرق وهذا كذلك (¬7)، ولأنه قول من سمي من الصحابة ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم. وأما القليل فلا ينقض الوضوء قال أحمد (¬8): عدة من الصحابة تكلموا فيه، أبو هريرة (¬9) كان يدخل أصابعه في أنفه، وابن عمر عصر بثرة فخرج دم فصلى ولم يتوضأ، وابن أبي أوفى عصر دملًا، وابن عباس قال: إذا كان ¬

_ (¬1) انظر فتح القدير شرح الهداية 1/ 25 - 26. (¬2) في د أبو داود. (¬3) الترمذيُّ برقم 87 وهو عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاء فأفطر فتوضأ ... الحديث ويتوقف الاستدلال بالحديث على أن الفاء في فتوضأ للسببية لا للتعقيب وأن يكون لفظ: توضأ بعد لفظ: قاء محفوظًا، فقد رواه أبو داود والترمذيُّ في الصيام وابن الجارود وابن حبان والبيهقيُّ والطبرانيُّ وابن منده والحاكم من حديث معدان بدون ذكر الوضوء، تحفة الأحوذي 1/ 288 - 289. (¬4) في النجديات هـ، ط ثبت. (¬5) ما بين القوسين سقط من أ، جـ طا. (¬6) الترمذيُّ برقم 125 ولفظه: "إنما ذلك دم عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي"، قال أبو معاوية في حديثه: وقال: "توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت" قال الشارح: وجعل بعض المحدثين كلام أبي معاوية مدرجًا وجزم بعضهم أنه موقوف على عروة وقد رد ذلك الحافظ في الفتح 1/ 349 وذكر أن له طريقًا آخر عند الدارمي عن حماد بن سلمة وعند السراج عن يحيى بن سليم كلاهما عن هشام) انظر تحفة الأحوذي 1/ 390 - 391. (¬7) لكنه خارج من السبيل فكيف يقاس عليه الدم وهو لم يخرج منه. (¬8) سقطت من د قال أحمد. (¬9) في د، س هريه.

فاحشًا فعليه الإعادة، وجابر أدخل أصابعه في أنفه، ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم. قال الخلال: الذي استقرت عليه الرواية عن أبي (¬1) عبد الله أن الفاحش ما يستفحشه كل إنسان في نفسه لقوله -عليه السلام-: "دع ما يريبك إلا ما لا يريبك" (¬2) ولا فرق بين الخارج بعلاج بقطنة ونحوها وغيره. * * * ...................... ... (ص) وعنده لا ينقض المعالج أي: عند أبي حنيفة لا ينقض الدم الخارج بالعلاج لأنه يقول: إن سال الدم نقض، وإن وقف برأس الجرح (¬3) فلا (¬4) لحديث: "من قاء أو رعف في صلاته فليتوضأ" (¬5)، لكن قال في الشرح: هذا الحديث لا يعرف ولم يذكره أصحاب السنن وقد تركوا العمل به فقالوا (¬6): إذا كان دون ملء الفم لم ينقض الوضوء (¬7). * * * وينقص الوضوء مس الذكر بظاهر (¬8) الكف ... ...................... أي: وينقض الوضوء مس الذكر أو (¬9) فرج أصلي (¬10) بلا حائل باليد ¬

_ (¬1) في د ابن. (¬2) المسند 1/ 200. (¬3) في النجديات، ط الجراح. (¬4) بدائع الصنائع 1/ 25. (¬5) رواه ابن ماجة والدارقطنيُّ عن إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة، وقال الدارقطنيُّ: الحفاظ من أصحاب ابن جريج يروونه مرسلًا) وإسماعيل بن عياش لا يحتج الحفاظ بحديثه عن غير الشاميين وقد صحح هذا الحديث الزيلعيُّ- انظر نصب الراية 1/ 38 - 39. (¬6) في د فقال. (¬7) الشرح الكبير 1/ 178. (¬8) في د بباطن. (¬9) في ط، و. (¬10) في أ، ج، ط غير أصلي وفي د، س غيره أصلي.

ولو زائدة (¬1) خلا ظفر، وسواء كان اللمس ببطن الكف أو ظهرها أو حرفها. وقال أبو حنيفة وربيعة والثوري وابن المنذر لا ينقض مسه بحال لما روى قيس بن طلق عن أبيه قال: كنت جالسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رجل: مسست ذكري أو الرجل يمس (¬2) ذكره في الصلاة، عليه وضوء؟ قال: "إنما هو بضعة منك" رواه أحمد وأبو داود والترمذيُّ والنسائيُّ (¬3)، ولأنه عضو فلم ينقض كسائر أعضائه. وقال مالك والشافعيُّ وإسحاق لا ينقض مسه بظاهر (¬4) الكف؛ لأنه ليس بآلة للمس فأشبه ما لو مسه بفخذه (¬5). ولنا: حديث بسرة بنت صفوان (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من مس ذكره فليتوضأ") (¬6). رواه ابن ماجة والترمذيُّ وقال: حسنٌ صحيحٌ وقال البخاري: أصح شيء في الباب حديث بسرة وصححه أحمد (¬7) وقوله عليه السلام: "من أفضى بيده إلى ذكره ليس دونه ستر فقد وجب عليه الوضوء" .. رواه أحمد والدارقطنيُّ (¬8) فظاهر كفه من يده والإفضاء: اللمس ¬

_ (¬1) في د، س زايد. (¬2) في النجديات، ط مس. (¬3) أحمد في الفتح الرباني 2/ 88 - أبو داود برقم 182، 183 والترمذيُّ برقم 85 والنسائيُّ 1/ 101 وصححه ابن الفلاس وابن حبان والطبرانيُّ وابن حزم وضعفه الشافعي وأبو حاتم وأبو زرعة والدارقطنيُّ والبيهقيُّ وابن الجوزي وادعى فيه النسخ ابن حبان والطبرانيُّ وابن العربي والحازمي وهو رأي ابن حزم- انظر طريق الرشد 34 وهو روايه عن الإمام أحمد ذكرها الموفق في المغني 1/ 170 واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ولكنه جعل الوضوء منه كالوضوء من الغضب ومن أكل ما مسته النار فهو مستحب لا واجب الفتاوى 21/ 241 وحاشية المقنع 1/ 52 وانظر بدائع الصنائع 1/ 30. (¬4) في النجديان، ط بظهر. (¬5) الكافي لابن عبد البر 1/ 149 ومغني المحتاج 1/ 30. (¬6) ما بين القوسنين من ب. (¬7) الترمذيُّ برقم 82، 83، 84، وأبو داود برقم 181 والنسائيُّ 1/ 101 وصححه أحمد في مسائله لأبي داود ص 309 وهو عند ابن ماجة برقم 479. (¬8) انظر الفتح الرباني 2/ 86 - 87 عن بسرة، والدارقطنيُّ 1/ 53 عن أبي هريرة وصححه ابن =

من غير حائل، ولأنه جزء من يده أشبه باطن الكف، وأما حديث قيس فقال أبو زرعة وأبو حاتم: قيس مما لا يقوم بروايته حجة ووهناه ولم يثبتاه، ويحتمل نَسْخُهُ لأن طلقا قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم يؤسسون المسجد وإسلام (¬1) أبي هريرة -وهو ممّن روى النقض- متأخر لأنه إنما صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع سنين. * * * ...................... ... وأكل الجزر أي: ينقض الوضوء أكل لحم الجزور خاصة تعبدًا سواء أكله عالمًا أو جاهلًا (¬2) نيًا أو مطبوخًا، وهو قول جابر بن سمرة ومحمَّد بن إسحاق وأبي خيثمة ويحيى بن يحيى وابن المنذر قال الخطابي: ذهب إلى هذا عامة أصحاب الحديث (¬3) لحديث البراء بن عازب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: "نعم"، قال: أنتوضأ من لحوم الغنم قال: "لا" رواه أحمد وأبو داود والترمذيُّ وابن ماجة (¬4) وعن جابر بن سمرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ = حبان والحاكم وابن عبد البر، وقال ابن السكن: (وهو أجود ما روي في هذا الباب، وفي طريق الدارقطني يزيد بن عبد الملك وهو ضعيف). نيل الأوطار 1/ 226. (¬1) في النجديات، ط أسلم. (¬2) ذكر الخلال أن الذي استقر عليه رأي الإمام أحمد أنه إنما ينقض وضوء العالم بالحكم لأنه خبر آحاد فيعذر بجهله كما يعذر بجهل الزنا ونحوه حديث العهد بالإسلام. المبدع 1/ 168. (¬3) وهو اختيار النووي والبيهقيُّ وشيخ الإِسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والشوكاني، قال النووي في شرح مسلم 1/ 48 (وهذا المذهب أقوى دليلًا وإن كان الجمهور على خلافه وقد أجاب الجمهور عن هذا الحديث -يعني: حديث جابر بن سمرة- بحديث جابر كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار) ولكن هذا الحديث عام وحديث الوضوء من لحوم الإبل خاص والخاص مقدم على العام والله أعلم. أ. هـ. انظر الفتاوي 20/ 524 وتهذيب السنن 1/ 163 - 164 ونيل الأوطار 1/ 237 - 238. (¬4) أحمد في الفتح الرباني 2/ 94 وأبو داود برقم 184 والترمذيُّ برقم 81 وابن ماجة برقم 494.

مثله، رواه مسلم (¬1) قال أحمد: فيه حديثان صحيحان، حديث البراء وجابر بن سمرة. وحديث ابن عباس: "الوضوء مما يخرج لا مما يدخل (¬2) " من قوله موقوف عليه (¬3)، ولو صح لوجب تقديم حديثنا عليه، لكونه أصح وأخص والخاص يقدم على العام. وكذا حديث جابر: (كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار). رواه أبو داود (¬4)، لأنه عام وحديثنا خاص، ولا يصح حمله على الاستحباب (¬5) ولا على غسل اليدين (¬6) بقرينة السياق، ولمخافته المعهود في كلام الشارع، وفي الشرح الكبير ما فيه كفاية في ذلك (¬7). ولا نقض بشرب لبنها ومرق لحمها وأكل كبدها أو طحالها وسائر أجزائها غير اللحم، ولا بما سوى لحم الجزور من الأطعمة لأن النص الصحيح لم يتناوله، والحكم في اللحم غير معقول (¬8) فيجب الاقتصار عليه. * * * ص وهكذا الردة عن الإيمان ... ...................... أي: تنقض الوضوء وهي الإتيان بما يخرج به عن الإسلام نطقًا أو اعتقادًا أو شكًا، فمتى (¬9) عاود الإسلام لم يصل حتى يتوضأ، وهذا قول ¬

_ (¬1) مسلم برقم360. (¬2) في ط يدل. (¬3) البيهقي 1/ 159 موقوفًا. (¬4) أبو داود برقم 192 والنسائيُّ 1/ 108. (¬5) في أ، ب، هـ الأصحاب وهو تصحيف. (¬6) في د، س، ص، ك اليد. (¬7) انظر الشرح الكبير 1/ 189 - 191. (¬8) في ط قوي وهو غلط. (¬9) في النجديات، هـ، ط فمن.

الأوزاعي وأبي (¬1) ثور لقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65]. والطهارة عمل وحكمها باق فيجب أن يحبط بالردة للآية، ولأنها عبادة يفسدها الحدث (¬2) فبطلت بالشرك كالصلاة (¬3). * * * ...................... ... ص وغسل من (¬4) يدرج في الأكفان أي: ينقض الوضوء غسل الميت صغيرًا كان أو كبيرًا ذكرًا أو أنثى مسلمًا أو كافرًا، وهو قول النخعي وإسحاق، لأن ابن عمر وابن عباس كانا يأمران غاسل الميت. بالوضوء، وعن أبي هريرة أقل ما فيه الوضوء، قال في الشرح (¬5): لا نعلم لهم مخالفًا في الصحابة فكان إجماعًا، ولأن الغاسل لا يسلم من مس عورة الميت غالبًا فأقيم مقامه كالنوم مع الحدث (¬6). ¬

_ (¬1) في د، س أبو ثور. (¬2) في ط الحديث. (¬3) الأشهر عن أصحاب الإمام أحمد أن الردة لا تحبط العمل إلا بالموت لقوله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} [البقرة: 217]. فيصح حجه في إسلامه الأول ويجزئه لو عاد إلى الإِسلام. (¬4) في د ما. (¬5) الشرح الكبير 1/ 189. (¬6) وذهب بعض الحنابلة إلى أنه لا ينقض لأنه لم يرد فيه نص صحيح ولا هو في معنى المنصوص ولأن كلام أحمد الثابت عنه يدل على أنه مستحب لا واجب وما روي عن أبي هريرة موقوف عليه وقد روى البيهقي 1/ 299 أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه فإن ميتكم ليس بنجس فحسبكم أن تغسلوا أيديكم"، وقد حسن الحافظ في التلخيص إسناده وهذا اختيار الموفق وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهما من محققي الحنابلة. انظر المغني 1/ 185 - والمبدع 1/ 167 - 168 وحاشية ابن قاسم على الروض المربع 1/ 254.

والنقض بالمذي اتفاقًا نقلًا ... ...................... قال في الشرح (¬1): والمذي ما يخرج عقب الشهوة زلجًا متسبسبًا (¬2) فيكون على رأس الذكر ينقض الوضوء إجماعًا. * * * ...................... ... وعندنا فالأنثيان يغسلا أي: يجب بخروج المذي غسل الذكر والأنثيين مرة لحديث علي قال: كنت رجلًا مذّاءً فاستحييت أن أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمكان ابنته فأمرت المقداد (¬3) بن الأسود فسأله فقال: "يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ" رواه أبو داود (¬4)، وفي لفظ (¬5): "توضأ وانضح فرجك" رواه مسلم (¬6)، والأمر للوجوب، ولأنه خارج بسبب الشهوة فأوجب غسلًا زائدًا على موجب البول (¬7) كالمني، وسواء غسله قبل الوضوء أو بعده، وما أصابه المذي يغسل سبعًا كسائر النجاسات على المذهب (¬8)، ولا يعتبر لغسل الذكر والأنثيين نية ولا تسمية كإزالة النجاسة. وقد تقدم. ¬

_ (¬1) الشرح الكبير 1/ 176. (¬2) في ط منسلسا. (¬3) سقطت من د. (¬4) أبو داود برقم 207، 208. (¬5) في النجديات، ط رواية. (¬6) مسلم برقم 303 والنسائيُّ 1/ 96 - 97. (¬7) في د، س الوضوء. (¬8) وعن أحمد رواية أخرى أنه يكفي فيه غسلة واحدة تذهب بعين النجاسة. وعنه أنه يكفي فيه النضح واختاره شيخ الإِسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وخصوصًا في حق الشباب لكثرته منهم فعفي عن يسيره كالدم وهو أولى بالرخصة من بول الغلام ومن أسفل الحذاء لمشقة التحرز منه، إغاثة اللهفان 1/ 150 وحاشية ابن قاسم على الروض المربع 1/ 363.

ومن باب الغسل

ومن باب الغسل بضم الغين: الاغتسال، وبفتحها مصدر غسل الثوب ونحوه وبكسرها ما يغسل به الرأس من خطمي (¬1) وسدر وغيرهما .. ويجب الغسل على من انتقل ... منيه في أنثييه (¬2) قد حصل حين أراد الدفق أمسك ذكره ... بذاك نص جاء حرب ذكره أي: يجب الغسل على من أحس بانتقال منيه فأمسك ذكره فلم يخرج نص عليه في رواية حرب وأحمدُ بن أبي عبده (¬3)، ولم يذكر القاضي فيه خلافًا، قال: لأن الجنابة تباعد الماء عن محله وقد حصلت بانتقاله أشبه ما لو ظهر وكذا لو أحست المرأة بانتقاله من ترائبها (¬4) فلو اغتسل له ثم خرج بعد لم يعد الغسل، لأنه تعلق بانتقاله وقد اغتسل له فلم يجب له غسل ثان كبقية المني إذا خرجت بعد الغسل. واختار الموفق والشارح وصاحب الفائق وغيرهم وهو ظاهر كلام الخرقي: لا يجب الغسل حتى يخرج ولو لغير شهوة (¬5)، وعلى الأول يثبت ¬

_ (¬1) الخطمى بكسر الخاء وفتحها نبات من فصيلة الخبازيات له فوائده الطبية الكثيرة فهو يستعمل كملين ومسكن ومنظف. القاموس1/ 108 والمنجد 187. (¬2) في نظ الأنثيين. (¬3) في د أبي وعبده وفي هـ أبي عبيده. (¬4) الترائب: ضلوع الصدر واحدها تريبة ... المفردات 74. (¬5) واستدل الموفق ومن معه بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - علق الاغتسال على رؤية الماء فقال حين =

بانتقال المني حكم بلوغ وفطر وغيرهما، قال الشيخ تقي الدين: وكذا انتقال حيض. (تنبيه) حرب هو ابن إسماعيل بن خلف الكرماني، وكان رجلًا جليلًا أخذ عن أبي عبد الله (أحمد) (¬1) بن حنبل وعن أبي الوليد وسليمان بن حرب وغيرهم. وبوضوء جنب أو حائض ... أو نفسا بلا نجيع فائض لهم يجوز اللبث كالعبور ... في مسجد ذاك على المشهور أي: يجوز للجنب والحائض والنفساء إذا انقطع دمهما ونحوهم اللبث في المسجد إذا توضؤوا وضوءهم للصلاة على المشهور عند أصحابنا، وهو قول إسحاق وقال الأكثرون: لا يجوز للآية (¬2) والخبر (¬3). ولنا ما روى زيد بن أسلم قال: (كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحدثون في المسجد (¬4) على غير وضوء وكان الرجل يكون جنباً فيتوضأ ثم يدخل ¬

_ = سألته أم سليم هل على المرأة من غسل إذا احتلمت: قال: "نعم إذا رأت الماء". رواه البخاري 1/ 202 ومسلمٌ برقم 313، وقال - صلى الله عليه وسلم - لعلي: "إذا فضخت الماء فاغتسل" رواه أبو داود برقم 209 فعلقه - صلى الله عليه وسلم - على الفضخ وهو دفق المني قاله في النهاية 3/ 453. ورد ما ذكره القاضي من أن الجنابة تباعد الماء عن محله بأنه يجوز أن يسمى جنبًا لمجانبته الماء ولا يحصل إلا بخروجه ولأنه يبتعد عن الصلاة والمسجد وغيرهما مما منع منه. انظر المغني 1/ 198 - 199. (¬1) ما بين القوسين من ط وفي ب عن عبد الله بن حنبل وفي هـ، س أخذ عن ابن عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل. (¬2) هي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43] وقد فسرها الشافعي وغيره لا تقربوا مواضع الصلاة بدليل قوله إلا عابري سبيل لأنه ليس في الصلاة عبور سبيل إنما السبيل في موضعها وهو المسجد انظر المجموع 2/ 160. (¬3) وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا أحل المسجد لحائض ولا جنب". رواه أبو داود برقم 232 وصححه ابن خزيمة وحسنه ابن القطان وابن سيد الناس وأبطله ابن حزم انظر نيل الأوطار 1/ 269 - 270. (¬4) سقطت من جـ، ط.

فيتحدث) (¬1) وهذا إشارة إلى جميعهم يخص عموم الحديث. عن عطاء بن يسار قال: (رأيت رجالًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤوا وضوء الصلاة) (¬2) رواه سعيد بن منصور والأثرم (¬3). والنجيع: الدم إلى سواد ودم الجوف خاصة أي إنما يجوز للحائض والنفساء اللبث في المسجد بالوضوء إذا انقطع دمهما لا حال جريانه. وقوله: كالعبور أي كما يجوز لهم عبور المسجد لحاجة وغيرها على الصحيح وسواء توضؤوا أو لا، وليس من المفردات بل شبه اللبث إذن به من حيث أن كلا منهما جائز في الجمله. والظفر في غسل المحيض ينقض ... في النص والشيخان هذا نقضوا (¬4) أي: يجب على الحائض نقض شعرها (¬5) (المظفور للغسل من الحيض نصًا قال مهنا: سألت أحمد عن المرأة تنقض شعرها) (¬6) من الحيض قال: نعم، فقلت له كيف تنقضه من الحيض ولا تنقضه من الجنابة، فقال: حدثت (¬7) أسماء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "تنقضه" (¬8). وهذا ¬

_ (¬1) هذا الحديث فيه هشام بن سعد المدني ضعفه أحمد وابن معين والنسائيُّ، وقال أبو حاتم لا يحتج به، وقال أبو داود: هو أثبت الناس في زيد بن أسلم انظر نيل الأوطار 1/ 270 وميزان الاعتدال 4/ 298 - 299. (¬2) هذا الأثر فيه هشام بن سعد وقد سبق الكلام عليه قريبًا. انظر نيل الأوطار 1/ 270. (¬3) في النجديات، ط الحكم. (¬4) في ط هنا ينقص وفي د، س ينقضوا. (¬5) في جـ شعر المظفور. (¬6) ما بين القوسين سقط من طا. (¬7) في النجديات، ط حديث. (¬8) العبارة في المغني 1/ 225. قال مهنا: سألت أحمد عن المرأة تنقض شعرها إذا اغتسلت من الجنابة؟ فقال: لا، فقلت له: في هذا شيء؟ قال نعم حديث أم سلمة قلت فتنقض شعرها من الحيض؟ قال: نعم، قلت له: وكيف تنقضه من الحيض ولا تنقضه من الجنابة؟ قال: حديث أسماء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تنقضه": وقد ساق الموفق في المغني 1/ 226 =

قول الحسن وطاووس لحديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "إذ كانت حائضًا خذي ماءك وسدرك وامتشطي" (¬1) ولا يكون المشط إلا في شعر غير (¬2) مظفور وللبخاري: "انقضي رأسك وامتشطي" (¬3) ولأن الأصل وجوب نقض الشعر ليتيقن وصول الماء إلى ما تحته فعفي (¬4) عنه في غسل الجنابة، لأنه يكثر فيشق ذلك بخلاف الحيض. وذهب أكثر العلماء إلى أنه لا يجب لأن في بعض ألفاظ حديث أم سلمة أفأنقضه (¬5) للحيضة والجنابة فقال: لا، رواه مسلم (¬6). وحكاه ابن الزاغوني رواية واختاره ابن عقيل في التذكرة وابن عبدوس والشيخان والشارح وصاحب مجمع البحرين وابن عبيدان وقدمه في الفائق، قال الزركشي: والأولى حمل الحديثين على الاستحباب، ومعنى نقض الشيخين للنص حمله على الاستحباب وصرفه عن الوجوب (¬7). ¬

_ = حديث أسماء مستدلًا به على عدم النقض وهو في مسلم برقم 332 وفيه تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتحسن الطهور ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكًا شديدًا حتى تبلغ شؤون رأسها ثم تصب عليها الماء. (¬1) لم أجده بهذا اللفظ. (¬2) في النجديات، ط ولا يكون المشط في شعر غير ذا مظفور وسقطت إلا من هـ. (¬3) البخاري 1/ 354 ومسلمٌ برقم 1211 وأبو داود برقم 1778 و1781. (¬4) في النجديات، هـ، ط فيعفي. (¬5) في أ، جـ، ط أنا أنقضه للحيض. (¬6) مسلم برقم 230. (¬7) والصارف له عن الوجوب حديث أم سلمة السابق ولقد أنكرت عائشة على عبد الله بن عمرو أمره النساء بنقض رؤوسهن للغسل وقالت: يا عجبًا لابن عمرو هذا يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد ولا أزيد أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات. وهذه الأحاديث كافية في صرف الأمر الوارد في البخاري إلى الاستحباب، وأيضًا فإن غسل عائشة الذي في البخاري إنما هو غسل تنظيف ليوم عرفة لا للتطهير من حدث الحيض فإنها ما زالت حائضًا، وهذه رواية عن أحمد اختارها الموفق والمجد وشيخ الإسلام، انظر صحيح مسلم 1/ 259 - 260 وفتح الباري 1/ 325 وفتح القدير 1/ 40 وحاشية ابن قاسم على الروض 1/ 287.

والغسل للكبرى فقط لا يرفع (¬1) ... صغرى وإن نوى فعنه ينفع أي: وإن نوى بالغسل الطهارة الكبرى أي: رفع الحدث الأكبر لم يرتفع حدثه الأصغر لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإنما لكل امرئ ما نوى" (¬2) وهذا لم ينو (¬3) الوضوء، هذا الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم، وإن اغتسل ينوي الطهارتين أجزأ عنهما على المذهب مطلقًا، وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم. وعنه لا يجزيه حتى يتوضأ إما قبل الغسل أو بعده وهذه هي المشار إليها بقوله، وإن نوى فعنه ينفع أي وإن نوى بالغسل الطهارتين فعنه لا ينفعه (¬4) ذلك أي لا يجزيه عن الوضوء فينفع منفي بلا مقدرة بقرينة السياق لأن كلامه في المفردات وهذه الرواية هي التي منها (¬5) دون رواية الرفع التي هي المذهب. ومثل نية الوضوء والغسل لو نوى استباحة أمر لا يباح إلا بهما كالصلاة والطواف ومس المصحف أو نوى رفع الحدث وأطلق. ¬

_ (¬1) في د ينفع. (¬2) جزء من حديث متفق عليه عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وهو أول حديث في الأربعين النووية انظر الأربعين النووية مع شرحها ص 7 وهو في البخاري 1/ 7 - 15 وفي مسلم برقم 1907. (¬3) في د أن لم ينو. (¬4) في ط لا ينفع. (¬5) كلا الروايتين وجه عند الشافعية، والصحيح أنه يجزيه في الحالين وهذا هو المشهور عن الأئمة الأربعة، لكن عند الحنفية والحنابلة لا بد من المضمضة والاستنشاق، انظر التاج والإكليل لمختصر خليل 1/ 318 وبدائع الصنائع 1/ 19 والمجموع 1/ 212 والمغني مع الشرح 1/ 217.

ومن باب التيمم

ومن باب التيمم وهو لغة القصد قال تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (¬1) وشرعًا مسح الوجه واليدين بالتراب على وجه مخصوص وهو بدل عن طهارة الماء مبيح للصلاة ونحوها وليس رافعاً (¬2) للحديث والأصل فيه (¬3) قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (¬4). وحديث عمار (¬5) وغيره. وضربة تسن للتيمم ... للوجه والكفين فيما قد نمي ص ولا يمرفق بل يكن مكوعًا (¬6) ... ...................... أي: الواجب والمسنون في التيمم ضربة واحدة فيمسح وجهه بباطن أصابعه وكفيه براحتيه، ولا يجب ولا يسن مسح ذراعيه إلى المرفقين بل ¬

_ (¬1) البقرة الآية 267. (¬2) الصحيح أنه رافع للحدث وهو مذهب الحنفية لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره" رواه أحمد في مسنده 5/ 248 وهو رواية عنه اختارها شخ الإِسلام ابن تيمية. انظر الفتاوي 21/ 352 - 362 وبدائع الصنائع 1/ 55. (¬3) سقطت من النجديات، هـ، ط. (¬4) المائدة من آية 6. (¬5) سيأتي قريبًا في أدلة الحنابلة. (¬6) المعنى لا يمسح إلى المرفقين بل يكفيه أن يمسح يديه إلى الكوعين وتلك هي السنة.

يقتصر على المسح إلى الكوعين على (¬1) الصحيح من المذهب، قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: التيمم ضربة واحدة، قال: نعم للوجه والكفين، ومن قال: ضربتين فإنما هو شيء زاده، قال الترمذيُّ: وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم منهم علي وعمار وابن عباس وعطاء والشعبي والأوزاعي ومالك وإسحاق (¬2). وقال الشافعي: لا يجزئ التيمم إلا بضربتين للوجه واليدين للمرفقين، وروى ذلك (¬3) عن ابن عمر وابنه سالم والحسن والثوري وأصحاب الرأي لما روى ابن الصمة أن النبي (¬4) - صلى الله عليه وسلم -: "تيمم فمسح على وجهه وذراعيه" (¬5) وروى ابن عمر وجابر وأبو أمامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "التيمم ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين" (¬6)؛ ولأنه بدل يؤتى به في محل مبدله فكان حده (¬7) منهما واحدًا كالوجه (¬8). ولنا ما روى عمار قال: بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تتمرغ الدابة ثم أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت (¬9) ¬

_ (¬1) في جـ، ط وعلى الصحيح. (¬2) النقل عن الترمذيُّ غير دقيق فإن الأوزاعي ومالك لم يكونا من القائلين به عند الترمذيُّ أما مالك فقد ذكره من الفريق الثاني الذين يقولون بأن التيمم ضربتين ولم يذكر الأوزاعي بشيء، انظر الترمذيُّ مع التحفة 1/ 442 - 443. (¬3) في ط مالك. (¬4) في النجديات وهـ، ط رسول الله. (¬5) الدارقطني 1/ 177 من حديث أبي عصمة عن موسى بن عقبة عن الأعرج عن أبي الجهيم، قال الزيلعيُّ في نصب الراية 1/ 154: (أبو عصمة إن كان هو نوح بن أبي مريم فهو متروك). (¬6) الدارقطني 1/ 180 - 181 والحاكم 1/ 180 وكل هذه الأحاديث لا تخلو من مقال فالأصح في حديثي جابر وابن عمر الوقف كما ذكر ذلك الدارقطني ورجحه ابن حجر، وحديث أبي أمامة رواه الطبراني وفي إسناده جعفر بن الزبير وهو ضعيف كما نبه إليه ابن حجر والعيني. انظر نصب الراية 1/ 150 - 151 ونيل الأوطار 1/ 309 وتحفة الأحوذي 1/ 443 - 445. (¬7) في أ، جـ، ط (وجدة). (¬8) انظر الأم 1/ 42 والمجموع 2/ 229 - 230. (¬9) في أفذكر.

ذلك له فقال: "إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا ثم ضرب بيديه (¬1) الأرض ضربة واحدة ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه". [متفق عليه] (¬2)، ولأنه حكم علق على مطلق اليدين فلم يدخل فيه الذراع كقطع السارق ومس الفرج وقد احتج ابن عباس بهذا. وأما أحاديثهم فضعيفة قال الخلال (¬3): الأحاديث في ذلك ضعاف جدًا ولم يرو منها أصحاب السنن إلا حديث ابن عمر وقال (¬4) أحمد: ليس بصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو عندهم حديث منكر. قال الخطابي: يرويه (¬5) محمَّد بن ثابت وهو ضعيف وحديث ابن الصمة صحيح لكن إنما جاء في المتفق عليه فمسح وجهه ويديه فيكون حجة لنا كما تقدم. ثم أحاديثهم لا تعارض حديثنا لأنها تدل على جواز التيمم بضربتين (¬6)، ولا ينفي ذلك جواز التيمم بضربة كما أن وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثًا لا ينفي الإجزاء بمرة، وما روي في حديث عمار إلى المرفقين فلا يعول عليه إنما رواه مسلمة (¬7) وشك فيه ذكر ذلك النسائي فلا يثبت مع (¬8) الشك مع أنه قد أنكر عليه وخالف فيه سائر الرواة الثقات، وتأويل الكفين باليدين إلى المرفقين (¬9) مع كونه لا يعرف في اللغة باطل، لأن عمارًا الراوي ¬

_ (¬1) في النجديات، ط يد بالإفراد. (¬2) البخاري 1/ 386 ومسلمٌ برقم 368. (¬3) سقط من ب. (¬4) سقطت الواو من جـ، ط. (¬5) في أ، جـ، أ، ط رواية وفي ب راويه. (¬6) في جـ بضربتين ولا بضربتين. (¬7) هو سلمة بن كهيل بن حصين الحضرمي الكوفي دخل على ابن عمر وزيد بن أرقم وروى عن أبي جحيفة وجندب بن عبد الله ابن أبي أوفى وأبي الطفيل وغيرهم وثقه أحمد وابن معين والنسائيُّ وغيرهم. انظر تهذيب التهذيب 4/ 155 - 156. (¬8) سقطت من د، س. (¬9) هذا رد لجواب الحنفية والشافعية على حديث عمار حيث أوّلوا لفظ الكفين باليدين إلى المرفقين إطلاقًا لاسم الجزء على الكل.

له الحاكي فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أفتى بعد النبي- صلى الله عليه وسلم - في التيمم للوجه والكفين عملًا بالحديث، وقد شاهد فعل النبي- صلى الله عليه وسلم - والفعل لا احتمال فيه (¬1). * * * ...................... ... ومالك والقاضي في ذا نازعا أي: نازع مالك والقاضي في (¬2) أن المسنون ضربة واحدة للوجه واليدين إلى الكوعين فقالا (¬3): هذه صفة (¬4) الوجوب، وأما صفة المسنون فضربتان يمسح بأولاهما وجهه وبالأخرى يديه إلى المرفقين لما تقدم من الأحاديث وخروجًا من الخلاف (¬5)، وإنما اختار أحمد الأول (¬6) لأن الأحاديث الصحيحة إنما جاء فيها المسح. وعند فقد الماء والتراب ... صل ولا تعد كذا جوابي أي: من عدم الماء والتراب صلى الفرض فقط على حسب حاله، ولا يزيد على ما يجزي، وكذا لو كان به قروح لا يستطيع معها مس البشرة بماء. ولا تراب فيصلي الفرض فقط على حسب حاله ولا إعادة عليه (¬7). ¬

_ (¬1) واختاره ابن المنذر وعامة أهل الحديث وقواه ابن حجر ورجحه الشوكاني وهو قول أهل الظاهر واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم انظر فتح الباري 1/ 376 ونيل الأوطار 1/ 310 - 311 وزاد المعاد 1/ 50 والمحلى 2/ 154. (¬2) غير موجودة في ط. (¬3) في النجديات، هـ، ط فقال. (¬4) سقطت من د، س. (¬5) انظر الكافي لابن عبد البر 1/ 182 وبداية المجتهد 1/ 67. (¬6) في النجديات، ط الأولى. (¬7) وهو قول للشافعي قال النووي في شرح مسلم 4/ 60: القول الرابع للشافعي: تجب الصلاة ولا تجب الإعادة وهذا مذهب المزني وهو أقوى الأقوال دليلًا ويعضده هذا الحديث وأشباهه، يشير إلى حديث مسلم الذي ذكره المؤلف. وبه قال ابن حزم في المحلى 2/ 138 - 139 قال مسألة: ومن كان محبوسًا في حضر أو سفر بحيث لا يجد ترابًا ولا ماءًا أو كان مصلوبًا وجاءت الصلاة فليصل كما هو وصلاته تامة ولا يعيدها سواء وجد الماء في الوقت أو لم يجده إلا بعد الوقت.

وقال الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة: لا يصلي حتى يقدر على أحدهما (¬1) (¬2). وقال الشافعي: يصلي ويعيد (¬3). وعن أصحاب مالك كالقولين الأخيرين (¬4). ولنا ما روى (¬5) مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث أناسًا لطلب قلادة أضلتها عائشة فحضرت الصلاة فصلوا بغير وضوء فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له فنزلت آية التيمم (¬6)، ولم ينكر النبي- صلى الله عليه وسلم - ذلك ولا أمرهم بإعادة، فدل على أنها غير واجبة، ولأن الطهارة شرط فلم تؤخر الصلاة عند عدمه كالسترة (¬7)، ولأنه أحد شروط الصلاة فسقط عند العجز عنه كسائر شروطها. وإن تكن نجاسة في البدن ... كحدث تيمم لها عني أي: يجوز التيمم للنجاسة على بدنه (¬8) إذا عجز عن غسلها لخوف (¬9) الضرر أو عدم الماء بعد تخفيفها (¬10) ما أمكن لزومًا ولا إعادة، قال أحمد: هو بمنزلة الجنب يتيمم. وقال أكثر الفقهاء: لا يتيمم لها (¬11)، لأن الشرع إنما ورد بالتيمم ¬

_ (¬1) في ط أخذهما. (¬2) حاشية ابن عابدين 1/ 252. (¬3) مغني المحتاج 1/ 105 - 106. (¬4) الشرح الصغير مع حاشية الدسوقي 1/ 162 - 163 وفي الأزهريات الآخرين مكان الأخيرين. (¬5) في ط رواه. (¬6) البخاري 1/ 373 ومسلمٌ برقم 367 وأبو داود برقم 317. (¬7) أي: كستر العورة فإنه شرط لصحة الصلاة فإذا عدم سقط وصلى عريانًا. (¬8) في د، س بدن. (¬9) في النجديات، هـ، ط كخوف. (¬10) في جـ، ط تحقيقها. (¬11) سقطت من د، س.

[للحدث وغسل النجاسة وليس في معناه (¬1) لأن مقصود الغسل إزالة النجاسة ولا يحصل ذلك بالتيمم] (¬2). ولنا قوله -عليه السلام-: "الصعيد الطيب طهور المسلم" (¬3) قوله: "جعلت لي الأرض مسجداً وطهورًا" (¬4)، لأنها طهارة في البدن تراد للصلاة فجاز لها التيمم قياسًا على الحدث، وقولهم: لم يرد به الشرع قلنا: هو داخل في عموم الأخبار. ويشترط لصحة التيمم لها النية فينوي الاستباحة فيها (¬5) لقوله عليه السلام: "وإنما لكل امرئ ما نوى" (¬6)، ولأن التيمم طهارة حكمية وغسل النجاسة بالماء طهارة (¬7) عينية فجاز أن تشترط النية في الحكمية دون العينية لما بينهما (¬8) من الاختلاف، وتجب فيه التسمية وتسقط سهوًا كتيمم المحدث (¬9) لقول أحمد: هو بمنزلة الجنب. بخلع خف يبطل التيمم ... والشيخ في ذا قال لا أسلم يعني: إذا تيمم وعليه خف أو عمامة أو جبيرة ونحوها لبسها على طهارة بالماء ثم خلع الخف أو نحوه بعد أن تيمم بطل تيممه، قال في الإنصاف: (وهو المذهب المنصوص عن أحمد في رواية عبد الله على الخفين وفي رواية حنبل عليهما وعلى العمامة) (¬10). أ. هـ. لأنه مبطل للوضوء ¬

_ (¬1) في ط معناه. (¬2) ما بين القوسين سقط من د وانظر في المذاهب الفقهية المجموع 2/ 227. (¬3) أبو داود برقم 333 والترمذيُّ 124. (¬4) البخاري 1/ 444 ومسلمٌ 523. (¬5) في د، س، ص، ك منها. (¬6) من حديث عمر بن الخطاب: "إنما الأعمال بالنيات" وقد سبق تخريجه. (¬7) سقطت من النجديات، هـ، ط. (¬8) في النجديات، ط فيهما. (¬9) في د، س، ص، ك الحديث. (¬10) الإنصاف 1/ 298.

فأبطل التيمم كسائر مبطلاته وهذا يخص (¬1) التيمم عن الحدث الأصغر على ما ذكرنا قاله في الشرح (¬2). وقال الشيخ (¬3) الموفق والشارح وصاحب الفائق والشيخ تقي الدين -قاله في الفائق- وقدمه الناظم: لا يبطل تيممه بذلك لأن مبطل الوضوء نزع ما هو ممسوح عليه فيه ولم يوجد ها هنا ولأن إباحة المسح لا يصير بها ماسحًا ولا بمنزلة الماسح (¬4). ورده المجد بأن التيمم وإن اختص بعضوين صورة فإنه متعلق بالأربعة حكمًا ومثل (¬5) خلع الخف ونحوه فيما تقدم انقضاء مدة المسح وسائر مبطلات طهارة المسح. وفي الوضوء حسبما (¬6) تقدما ... بخلع خف نقضه قد سلما يعني: أن الشيخ الموفق قد سلم نقض الوضوء الممسوح فيه على خف ونحوه (بخلعه) (¬7) وإنما خالف في التيمم عنه فقط. ¬

_ (¬1) في الأزهريات يختص. (¬2) الشرح الكبير 1/ 270. (¬3) سقطت من د، س. (¬4) المرجع السابق والمغني 1/ 273. (¬5) في النجديات وفي نسخة ط قيل وفي الهامش من ب كتب ما يشبه التصحيح تعليقًا على هذه الكلمة ولعله مثل. (¬6) في أ، جـ حيث وفي ب، ط حسب. (¬7) ما بين القوسين من ب.

ومن باب الحيض

ومن باب الحيض وهو (¬1) لغةً: السيلان مأخوذ من قولهم: حاض الوادي إذا سال، وحاضت الشجرة إذا سال منها شبه الدم وهو الصمغ الأحمر. وشرعًا: دم طبيعة ترخيه (¬2) الرحم يعتاد أنثى إذا بلغت في أوقات معلومة. والاستحاضة: سيلان الدم في غير أوقاته من مرض وفساد (¬3) من عرق فمه في (¬4) أدنى الرحم يسمى العاذل (¬5). والنفاس: الدم الخارج بسبب الولادة. أكثر سن الحيض خمسون سنة ... فحنبل عن شيخه قد عنعنه أي: روى حنبل عن الإمام أحمد أن أكثر سن الحيض خمسون سنة وهو قول إسحاق ويكون حكمها فيما تراه بعد الخمسين سنة حكم المستحاضة، واستدل الإمام بقول عائشة: (إذا بلغت المرأة خمسين سنة ¬

_ (¬1) في النجديات وط هي. (¬2) في ط يرفضه. (¬3) في ط ونفساء ومن عرق. (¬4) في د أو. (¬5) في ط المعاذل.

خرجت (¬1) من حد الحيض (¬2)، وقالت أيضًا: لن (¬3) ترى في بطنها ولدًا بعد الخمسين) رواه أبو إسحاق الشالنجي (¬4)، ولا فرق بين نساء العرب وغيرهن على الصحيح لاستوائهن في جميع الأحكام (¬5). وحنبل هو أبو علي بن إسحاق الشيباني ابن عم الإمام أحمد سمع أبا نعيم الفضل بن ذكين (¬6) وأبا غسان مالك بن إسماعيل وعفان بن مسلم والإمام أحمد وغيرهم، وحدّث عنه ابنه عبيد الله- وقيل: عبد الله- وعبد الله البغوي وأبو بكر الخلال وغيرهم. وروينا بالإسناد إلى حنبل بن إسحاق (¬7) قال: جمعنا عمي أنا (¬8) وصالح وعبد الله وقرأ علينا المسند وما سمعه منه -يعني: تامًا- غيرنا، وقال لنا: إن هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من تسعمائة وخمسين ألفًا فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارجعوا إليه فإن وجدتموه فيه وإلا فليس بحجة، توفي بواسط (¬9) في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين ومائتين -رحمه الله تعالى- قاله في المطلع (¬10): ¬

_ (¬1) سقطت كلمة سنة من د، س وكلمة خرجت من هـ. (¬2) هذا الأثر والذي بعده بحثت عنهما ولم أجدهما في شيء من كتب الحديث والآثار، وقد ذكر الألباني في إرواء الغليل 1/ 220 أنه بحث عن هذا الأثر فلم يجده. (¬3) في ط لمن. (¬4) في ب، جـ، ط الشالبخي وفي د، س السالنجي. (¬5) وعن أحمد لا حدّ لأكثره وصححها في الكافي وصوبها في الإنصاف وهي اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهي مذهب الأئمة الثلاثة، ولا تسمى آيسة حتى ينقطع دمها لكبر أو مرض وتيأس من رجوعه قال تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ} [الطلاق: 4]. انظر الإنصاف 1/ 356 والكافي 1/ 75 وحاشية ابن قاسم على الروض 1/ 372. (¬6) في ط، دكين. (¬7) في هـ، رويدًا بالأسناو إلى حنبل بن أسحاة. (¬8) في النجديات: لي. (¬9) مدينة بالعراق بناها الحجاج بن يوسف الثقفي سنة خمس وسبعين وسماها واسطًا لتوسطها بين الكوفة والبصرة. انظر تاريخ واسط 1/ 43 ط: مطبعة المعارف 1387هـ. (¬10) المطلع 434 - 435.

والطهر بين الحيض فاعرف خبره ... أقله ثلاثة مع عشره يعني: أن أقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يومًا بلياليها. وقال أبو حنيفة والثوري ومالك والشافعيُّ: أقله خمسة عشر (¬1)، وعن أحمد نحو ذلك لقوله -عليه السلام-: "تمكث إحداكن شطر دينها لا تصلي" (¬2). ولنا ما روى أحمد عن علي أن امرأة جاءته (¬3) قد طلقها زوجها فزعمت أنها حاضت في شهر ثلاث حيض طهرت عند كل قرء وصلّت، فقال لشريح: قل فيها، فقال شريح: إن جاءت ببينة (¬4) من بطانة أهلها ممّن يرضى دينه وأمانته فشهدت بذلك وإلا فهي كاذبة (¬5) فقال علي: قالون، أي: جيد بالرومية (¬6)، ولا يقول (¬7) مثل هذا إلَّا توقيفًا وهو قول صحابي انتشر ولم يعلم خلافه ولا يتصور إلا على قولنا أقله ثلاثة عشر وأقل الحيض يوم (وليلة) (¬8) وهذا في الطهر بين الحيضتين [وأما (¬9) الطهر بين ¬

_ (¬1) انظر حاشية ابن عابدين 2/ 285 والخرشي على مختصر خليل 1/ 204 والمجموع 2/ 288. (¬2) هذا الحديث: قال فيه الحافظ بن حجر في التلخيص 1/ 162: (لا أصل له بهذا اللفظ، قال الحافظ أبو عبد الله ابن منده فيما حكاه ابن دقيق العيد في الإمام عنه ذكر بعضهم هذا الحديث ولا يثبت بوجه من الوجوه وقال البيهقي في المعرفة: هذا الحديث يذكره بعض فقهائنا وقد طلبته كثيرًا فلم أجده في شيء من كتب الحديث ولم أجد له إسنادًا وقد ساق عن ابن الجوزي في التحقيق وأبي إسحاق في المهذب والنووي نحوًا من ذلك. (¬3) في جـ، ط جاءت. (¬4) في د بينه. (¬5) في ب كاتبه. (¬6) البخاري 1/ 360 تعليقًا ووصله الدارمي1/ 212 - 213 وقال ابن حجر في فتح الباري: رجاله ثقات. (¬7) في د، ولا يقال. (¬8) ما بين القوسين سقط من جـ، د، هـ، س، ط. (¬9) في أ، ب، جـ، ط وأقل.

الحيضة] (¬1) فأقله خلوص النقاء بأن لا تتغير معه قطنة احتشتها، ولا يكره وطؤها زمنه بعد الغسل ولو نقص عن يوم. يجوز بالحائض الاستمتاع ... بدون فرج ليس ذا جماع أي: يجوز أن يستمتع من الحائض بدون الفرج حتى ما بين السرة والركبة لأنه ليس بجماع، والمحرم الجماع، وهو الوطء في الفرج خاصةً، وهو قول عكرمة وعطاء والشعبي والثوري وإسحاق (¬2). وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ: لا يباح الاستمتاع منها (¬3) بما بين السرة والركبة لقول عائشة: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض) رواه البخاري ومسلمٌ بمعناه (¬4)، وعن عبد الله بن سعد الأنصاري أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: "ما دون الإزار" رواه البيقهي (¬5) (¬6). ولنا قوله تعالى (¬7): {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} (¬8) وهو اسم لمكان الحيض كالمقيل والمبيت فتخصيصه (¬9) موضع الدم بالمنع يدل على إباحة ما ¬

_ (¬1) ما بين القوسين سقط من د. (¬2) وبه قال الشافعي: في القديم واختاره أبو إسحاق المروزي والروياني ورجحه النووي في المجموع 2/ 377 وإليه ذهب ابن حزم في المحلى 2/ 176 ونسبه ابن كثير في تفسيره 1/ 258 إلى أكثر العلماء. (¬3) في ط فيها. (¬4) البخاري 1/ 344 ومسلمٌ برقم 293. (¬5) البيهقي1/ 312 وضعف ابن حزم في المحلى 2/ 180 - 181 هذا الحديث بأنه يرويه حرام بن حكيم عن عمه عبد الله بن سعد وحرام ضعيف ثم قد رواه عنه مروان بن محمَّد الأسدي وهو ضعيف. وقد رد ذلك ابن حجر كله كما نقله الشيخ أحمد شاكر في تحقيق المحلى تعليقًا على كلام ابن حزم. (¬6) حاشية ابن عابدين 1/ 292 والخرشي 1/ 208. (¬7) سقط من ط. (¬8) البقرة من آية 222. (¬9) في ب فتخصيص وفي د فتخصيصه.

عداه ويوضحه أن سبب نزول الآية أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة اعتزلوها فلم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجتمعوا معها في البيت فسأل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت هذه الآية. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اصنعوا كل شيء غير الجماع" رواه مسلم (¬1)، وهذا تفسير (¬2) للآية. وعن عكرمة عن بعض أزواج النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا أراد من الحائض شيئًا ألقى على فرجها خرقة. رواه أبو داود (¬3) وحديث عائشة ليس فيه دليل على تحريم (¬4) ما تحت الإزار لأنه -عليه السلام- قد يترك المباح تقذرًا (¬5) كتركه (¬6) أكل الضب (¬7). والحديث الآخر يدل بالمفهوم والمنطوق راجح (¬8) عليه. * * * فإن يطأ الفرج فقل (¬9) كفارة ... ...................... يعني: إن وطئ من يجامع مثله امرأة حال جريان دم الحيض في قبلها فعليه كفارة دينار، أي: مثقال من الذهب أو نصفه على التخيير (¬10) ¬

_ (¬1) مسلم برقم 302 وأبو داود برقم 2165 والترمذيُّ برقم 2981 والنسائيُّ 1/ 152 وقد سقط من نسخة هـ مسلم. (¬2) في ط التفسير. (¬3) أبو داود برقم 272. (¬4) سقطت من النجديات، هـ، ط، وفي د على تحريم الأزار. (¬5) في أ، ب، هـ تعذرًا. (¬6) في طا: كتو ثم بياض بعدها وسقطت كلمة أكل من النجدية، هـ، ط. (¬7) فإنه - صلى الله عليه وسلم - ترك أكله حين أهدي إليه وقال: "إنه ليس بأرض قومي فأجدني أعافة" وقد أكله خالد بن الوليد على مائدة النبي - صلى الله عليه وسلم -. رواه البخاري 9/ 466 ومسلمٌ برقم 1145، 1946، 1948 وأبو داود 3793، 3794. (¬8) في م راجع وسقطت من د. (¬9) في ب، ط (فإن يطأ بالفرج قل كفاره) وفي هـ، وإن. (¬10) وهو قديم قول الشافعي إلا أنه يرى أنه (إن كان الجماع في أول الحيضة كانت الكفارة دينارًا وإن كان في آخرها كانت نصف دينار. المجموع 2/ 374. واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أن عليه الكفارة دينار ويعتبر أن يكون مضروبًا الاختيارات 27.

لحديث ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال: "يتصدق بدينار أو بنصف دينار" رواه أحمد وأبو داود والترمذيُّ والنسائيُّ (¬1) لكن مداره على عبد الحميد بن زيد بن الخطاب وقد قيل للإمام (¬2) أحمد: في نفسك منه شيء؟ قال: نعم. وعنه لا كفارة عليه وهو قول أبي حنيفة ومالك والشافعيُّ في المشهور عنه (¬3) ولا فرق بين المكره والناسي والجاهل وغيرهم لعموم الخبر. * * * ...................... ... وهكذا في المرأة المختارة يعني: أن الحائض إن طاوعت على الوطء وجبت عليها الكفارة نص عليه، لأنه وطء يوجب الكفارة على الرجل فأوجبها على المرأة كالوطء في الإحرام فإن أكرهت فلا كفارة. قلت (¬4): وقياسها الجاهلة والناسية ولم أره في كلامهم. ونفاس (¬5) كحيض فيما سبق. وعندنا يحرم وطء المرأة ... إن تستحض إلا لخوف العنت أي: يحرم وطء المستحاضة في الفرج إلا مع خوف وقوع في المحظور منه أو منها وهو مذهب ابن سيرين والشعبي لقول عائشة: المستحاضة لا يغشاها زوجها (¬6)، ولأن بها أذى أشبهت الحائض لكن لا ¬

_ (¬1) أحمد في الفتح الرباني 2/ 156 وأبو داود 264 والنسائيُّ 1/ 153 الترمذيُّ برقم 137. (¬2) سقطت من النجديات، هـ، ط. (¬3) انظر حاشية ابن عابدين 1/ 298 وعارضة الأحوذي 1/ 218 والمجموع 2/ 374. ويرى علماء الحنفية أن الكفارة مستحبة قال في الدر المختار 1/ 298: (ويندب تصدقه بدينار أو نصفه) ومثله في فتح القدير 1/ 115. (¬4) في ب، جـ، ط (وقلت). (¬5) في ط النفاس. (¬6) الدارمي 1/ 208 وأعله البيهقي وغيره بأنه مدرج من كلام الشعبي لا يصح عنها. انظر المجموع 2/ 384.

كفارة فيه (¬1). وعنه يباح وطؤها مطلقًا وهو قول أكثر العلماء لما روى أبو داود عن عكرمة، عن حمنة بنت جحش: أنها كانت مستحاضة وكان زوجها يجامعها (¬2). وقال: إن أم حبيبة كانت تستحاض (¬3)، وكان (¬4) زوجها يغشاها (¬5). وقد كانت حمنة تحت طلحة وأم حبيبة تحت عبد الرحمن بن عوف وقد سألتا النبي- صلى الله عليه وسلم - عن أحكام المستحاضة فلو كان حرامًا لبينه (¬6) لهما، فأما مع خوف العنت فيباح على الروايتين لأن حكمه أخف من حكم الحيض ومدته تطول فإن انقطع دمها أبيح وطؤها قبل الغسل لأنه غير واجب عليها. وعدم الطول فها هنا سقط (¬7) ... وابن عقيل قال أيضًا يشترط يعني: إذا خاف العنت أبيح وطء المستحاضة سواء وجد طولًا، أي: مالًا حاضرًا لنكاح غيرها أو لا، وقال ابن عقيل: لا يباح وطؤها إلا مع خوف العنت وعدم الطول قياسًا على نكاح الأمة وقدمه في الرعاية الكبرى، وقال: الشبق (¬8) الشديد كخوف العنت. إذا (¬9) تعدى الدم بالمبتدأه (¬10) ... وجاوز الأقل فاسمع نبأه ¬

_ (¬1) سقطت من ط. (¬2) أبو داود برقم 310 لكن قال المنذري: في سماع عكرمة من حمنة وأم حبيبة نظر وليس فيها ما يدل على سماعه منهما. (¬3) في د، هـ مستحاضة. (¬4) في ط فكان. (¬5) أبو داود برقم 309 وقد رواه عكرمة عن أم حبيبة وفي سماعه منها الكلام السابق قال الحافظ في الفتح 1/ 363: وهو حديث: صحيح إن كان عكرمة سمعه منها. (¬6) في الأزهريات بينه. (¬7) في أ، ب، جـ يسقط. (¬8) شدة الرغبة في النكاح من شبق الشين وكسر الباء إذا اشتدت غلمته، قاله في القاموس المحيط 3/ 248. (¬9) في د إن وفي س إن يتعدى. (¬10) في ط في المبتدأة.

لا تلتفت إليه بل تصلي ... وتفعل (¬1) الصيام بعد الغسل وعند قطع دمها تغتسل ... ثلاث مرات لهذا تفعل إن يتفق فتنتقل إليه ... وتقضي (¬2) ما صامته فرضًا فيه وجملة (¬3) ذلك أن المبتدأة أول ما ترى دمًا أو صفرةً أو كدرةً ولم تكن حاضت قبله إذا كانت في وقت يمكن (¬4) حيضها وهي بنت تسع سنين فأكثر وتعدى، أي: جاوز دمها أقل الحيض وهو يوم وليلة فإنها تجلس بمجرد ما ترى الدم فتدع الصلاة والصيام ونحوهما يومًا وليلة لأن دم الحيض جبلة (¬5) وعادة ودم الاستحاضة لعارض الأصل عدمه ثم تغتسل وتتوضأ لوقت كل صلاة وتصلي وتصوم وتفعل ما تفعله (¬6) الطاهرات؛ إلا أنها لا توطأ فإذا انقطع دمها لأكثر الحيض فما دون اغتسلت غسلًا ثانيًا عند انقطاعه ثم تفعل ذلك في الشهر الثاني والثالث؛ فإذا (¬7) كان في الأشهر الثلاثة متساويًا صار ذلك عادة وعلمنا أنها كانت (¬8) حيضًا فيجب عليها قضاء ما صامته ونحوه من الفرض فيه لأنّا تبيّنا أنها (¬9) صامته في زمن الحيض لأن العبادة واجبة في ذمتها بيقين فلا تسقط بأمر مشكوك فيه كالمعتدة (¬10) لا يحكم ببراءة رحمها قبل الثالثة. ¬

_ (¬1) في ط وتفصل. (¬2) في ط ونقل. (¬3) في م حكمه. (¬4) في أ، جـ، طا تميز. (¬5) في بج هله. (¬6) في الأزهريات يفعله. (¬7) في النجديات، ط فإذا. (¬8) في د، س أنها أي الد ما كانت. (¬9) في ب، ط أن ما صامته وفي أ، جـ: أنه صامته. (¬10) رد ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية بأن الله قد بين للمسلمين أحكام الحيض والاستحاضة وأنه لا يوجد في الشريعة شك ولا شبهة وليس فيها إيجاب الصلاة مرتين ولا الصيام مرتين إلا بتفريط من العبد وأيضًا فإن الصواب ما عليه جمهور المسلمين أن من فعل العبادة كما أمر بحسب وسعه فلا إعادة عليه لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} لكن من فرط فيما أمر به فإنه يؤمر بالإعادة كما أمر - صلى الله عليه وسلم - المسيء في صلاته بالإعادة ولم =

وعنه تجلس ما تراه من الدم ما لم يجاوز أكثر الحيض، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعيُّ، واختاره الموفق وصاحب الفائق، لأن دم الحيض دم جبلة، والاستحاضة دم عارض لفساد، والأصل فيها السلامة (¬1). وعلم مما تقدم أنه لو انقطع دون يوم وليلة أنه دم فساد وأن العادة لا تثبت بدون ثلاث (¬2). وهكذا في الحكم من تقدمت ... عادتها أو زادت أو تأخرت لا تلتفت إلا إذا تكررا ... فنص هذا عندنا تقررا أي: إذا كان (¬3) للمرأة عادة مستقرة في الحيض رأت الدم في غير عادتها لم تلتفت إليه حتى يتكرر ثلاثًا فتنتقل إليه ويصير عادة لها وتترك العادة الأولى لكن تغتسل عند انقطاعه، وإذا رأته زائدًا على عادتها اغتسلت عند مضي عادتها وصامت وصلّت، فإذا (¬4) انقطع لأكثره فما دون اغتسلت ثانيًا لجواز أن يكون حيضًا كما قلنا في المبتدأة. ¬

_ = يأمر - صلى الله عليه وسلم - عمر ولا عمارا بالإعادة لما كانا جنبين فعمار تمرغ وصلى وعمر لم يصل وكذلك من أكل حتى تبين له الحبل الأسود من الحبل الأبيض لم يأمرهم - صلى الله عليه وسلم - بالإعادة. الفتاوي 21/ 633 - 634. (¬1) انظر فتح القدير 1/ 161والكافي لابن عبد البر 1/ 187ومغني المحتاج 1/ 113 والشرح الكبير 1/ 323. (¬2) لأن العادة مأخوذة من المعاودة ولا تحصل بمرة واحدة وهذا وجه شاذ في مذهب الشافعية. فأما مشهور المذهب عندهم وعند المالكية أنها تثبت بمرة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد المرأة التي استفتت لها أم سلمة إلى الشهر الذي يلي شهر الاستحاضة، ولأنه أقرب إليها فوجب ردها إليه. ويرى الحنابلة أن حديث: المرأة التي استفتت لها أم سلمة حجة لهم لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "تنتظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها" وكان يخبر بها عن دوام الفعل وتكراره، ولا يقال لمن فعل شيئًا مرة كان يفعل. انظر الشرح الكبير 1/ 324 والمجموع 2/ 426 - 427 ومواهب الجليل 1/ 368 وانظر في تخريج الحديث الموطأ 1/ 122 - 123 وأبا داود برقم 374، 275 والنسائيُّ 1/ 182. (¬3) في النجديات، ط كانت. (¬4) في النجديات، ط وإذا.

وإذا صار عادةً لها (¬1) تقضي صوم فرض ونحوه كانت فعلته فيه لأنّا تبيّنا أنها صامت في حيض [ولم تقض الصلاة] (¬2) لأن الحائض لا تقضي الصلاة ولا توطأ مع رؤية الدم قبل أن تنتقل لاحتمال أن يكون حيضًا إذ هو الأصل وإنما أمرت بالعبادة احتياطًا. وقال أبو حنيفة: إن رأته قبل العادة فليس بحيض حتى يتكرر مرتين وإن رأته بعدها فهو حيض (¬3). واختار الموفق وجمع أنها تصير إليه من غير تكرار (¬4)، وبه قال الشافعي (¬5)، وعمل النساء عليه (¬6). ووافق النعمان في بعض الصور ... في النقض عن عادتها لا ما عبر (¬7) يعني: إذا انقطع دم الحائض (¬8) ثم عاد في عادتها ولم يجاوزها فهو ¬

_ (¬1) في النجديات، ط عادتها. (¬2) ما بين القوسين سقط من د. (¬3) فتح القدير 1/ 119. (¬4) المغني 1/ 364. (¬5) مغني المحتاج 1/ 113. (¬6) في النجديات، ط فيه وفي هـ عليه فيه ومعناه أن هذا هو الذي عليه عمل النساء فهو عرف جار بينهن أن المرأة متى رأت الدم الذي يصلح للحيض فهو حيض من غير التفات إلى العادة، ولو كان في عرفهن اعتبارها على الوجه المذكور لنقل ولم يجز التواطؤ على كتمانه مع دعاء الحاجة إليه ولذلك لما كان بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - معه في الخميلة فجاءها الدم فانسلت من الخميلة فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما لك أنفست؟ " قالت: نعم، فأمرها أن تأتزر ولم يسألها النبي - صلى الله عليه وسلم - هل وافق العادة أو جاء قبلها ولا هي ذكرت ذلك ولا سألت عنه وإنما استدلت على الحيضة بخروج الدم فأقرها عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر المغني1/ 364 وانظر في تخريج الحديث البخاري1/ 343 ومسلمٌ برقم 296 والنسائيُّ 1/ 149 - 150 وليس فيه الأمر بالإتزار بل هو في حديث عائشة وهو في الموطأ 1/ 116. (¬7) في جـ إلا ما عير وفي د، لا ما غير. (¬8) في د، س الحيض.

من حيضها ووافقنا النعمان أبو حنيفة على ذلك (¬1)، وهو مذهب الثوري أيضًا لأنه صادف زمن العادة فأشبه ما لو لم ينقطع. وقوله: ما عبر، أي: ما رأته بعد العادة فإنه لا يكون حيضًا حتى يتكرر إن أمكن جعله حيضًا فيكون حكمه حكم الزائد عن أقل الحيض في المبتدأة وإن لم يصلح (¬2) أن يكون حيضًا فهو استحاضة. وإن ترى معتادة للصفرة ... في خارج العادة (¬3) أو للكدرة ليس بحيض ذا ولو تكررا ... وغسلها ليس إذا تقررا أي: إذا رأت الحائض المعتادة صفرةً أو كدرة وهي شيء كالصديد يعلوه صفرة وكدرة فليس بحيض ولو تكرر، فلا تترك (¬4) الصلاة والصيام ونحوهما له (¬5)، ولا تغتسل عند إنقطاعه (¬6)، لقول أم عطية: كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئًا. رواه أبو داود والبخاريُّ (¬7) ولم يذكر بعد الطهر. وأما الصفرة والكدرة في زمن (¬8) العادة فحيض لدخولهما في عموم قوله تعالى: {قُلْ هُوَ أَذًى} (¬9)، ولقول عائشة: (وكان النساء يبعثن إليها بالدِّرجة (¬10) فيها الصفرة والكدرة: لا تعجلن (¬11) حتى ترين القصة ¬

_ (¬1) الهداية مع فتح القدير 1/ 119. (¬2) في الأزهريات يصح. (¬3) في د المعتادة. (¬4) في د تتكرر. (¬5) سقطت من النجديات، ط. (¬6) هذا إذا كانت في غير عادتها وهو قول في مذهب المالكية لابن الماجشون وحكاه الباجي والمازري المذهب عندهم، مواهب الجليل 1/ 365. (¬7) أبو داود برقم 307، 308 والنسائيُّ 1/ 186 - 187 وهو في البخاري 1/ 361. (¬8) في د بعد سقطت من النجديات. (¬9) في ص، ك، قل هو أذى فاعتزلوا. (¬10) بكسر الدال المشددة وفتح الراء والجيم جمع درج وهو كالسقط الصغير تضع فيه المرأة خِفّ متاعها وطيبها. انظر النهاية 2/ 111. (¬11) في ط فتقول لا تعجلن.

البيضاء) (¬1) تريد بذلك الطهر من الحيض. وفي الكافي: (قال مالك وأحمدُ: هي ماء أبيض يتبع الحيضة) (¬2). وبدخول الوقت طهر يبطل ... لمن بها استحاضة قد نقلوا لا بالخروج منه لو تطهرت (¬3) ... للفجر لم يبطل بشمس ظهرت يعني: أن المستحاضة ومن به سلس بول (¬4) ونحوه يتوضأ لوقت كل صلاة إلا أن لا (¬5) يخرج منه شيء وهو قول أصحاب الرأي لحديث علي بن (¬6) ثابت عن أبيه، عن جده في المستحاضة: "تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتصوم وتصلي وتتوضأ عند كل صلاة" .. رواه أبو داود والترمذيُّ (¬7). وعن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -[فذكرت (¬8) خبرها ثم] (¬9) قال: "توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت" رواه أحمد وأبو داود والترمذيُّ وقال: حسنٌ صحيحٌ (¬10)، فإذا توضأ أحد هؤلاء قبل الوقت، ثم بعد دخول الوقت (¬11) بطلت طهارته [لأن دخوله ¬

_ (¬1) البخاري تعليقًا 1/ 356 في ترجمة باب والموطأ 1/ 117. (¬2) الكافي 1/ 98. (¬3) في أ، جـ لوقت تطهرت. (¬4) في النجديات، ط البول. (¬5) في ب، طا لا، أن وفي جـ إلا، إلا أن. (¬6) كذا في جميع النسخ والصحيح عدي كما في الكتب التي روت هذا الحديث وستأتي. (¬7) أبو داود برقم 297 والترمذيُّ برقم 126، 127 وقد ضعفه الترمذيُّ وابن حجر في التلخيص 1/ 170. (¬8) في س، هـ فذكر. (¬9) سقط ما بين القوسين من د. (¬10) أحمد في المسند مع الفتح 2/ 171 وأبو داود برقم 298 والترمذيُّ برقم 125 وقد اعترض بعض المحدثين بأن قوله: "وتوضئ لكل صلاة" إلخ .. مدرج وقد رد ذلك الحافظ، وجزم بعضهم بأنه موقوف على عروة ورده الحافظ أيضًا ورد أيضًا ما قيل من تفرد حماد بن سلمة عن هشام بهذه الرواية بأنه قد رواها الدارمي من طريق حماد بن سلمه والسراج من طريق يحيى بن سليم كلاهما عن هشام. انظر تحفة الأحوذي 1/ 390 - 391. (¬11) ما بين القوسين سقط من د.

يخرج به الوقت] (¬1) الذي توضأ فيه والحدث مبطل للطهارة وإنما عفي عنه مع الحاجة إلى الطهارة، ولا حاجة قبل الوقت، وإن توضأ بعد الوقت صح وضوؤه ولم يؤثر فيه ما يتجدد من الحدث الذي لا يمكن التحرز منه، ولا تبطل الطهارة بخروج الوقت إذا لم يدخل وقت صلاة أخرى من الخمس فمن تطهرت لصلاة الصبح لم يبطل (¬2) وضوؤها بطلوع الشمس لأنه لم يدخل وقت صلاة أخرى قال المجد في شرح الهداية: (ظاهر كلام أحمد أن طهارة المستحاضة تبطل بدخول الوقت دون خروجه، وقال أبو يعلى: تبطل بكل واحد منهما، ثم قال: والأول أولى) أهـ. ومشى على الثاني في الإقناع (¬3). والمشهور عند الحنفية أنه يبطل بخروج الوقت لا بدخوله فلو توضأت بعد طلوع الشمس لم يبطل حتى يخرج وقت الظهر (¬4). وما رأت (¬5) ما الدما ذات الحبل ... قبيل وضع بعداد يستقل (¬6) فهو نفاس تترك العبادة ... فيه ولا تعده في العادة يعني: أن الحامل لا تحيض وفاقًا لأبي حنيفة فلا تترك الصلاة ولا الصوم إذا رأت دمًا إلا قرب ولادة بيومين أو ثلاثة بأمارة على قرب الوضع وهذا قول إسحاق لأنه دم خرج (¬7) بسبب الولادة فكان نفاسًا كالخارج بعده (¬8). ¬

_ (¬1) ما بين القوسين سقط من س. (¬2) في ط تبطل. (¬3) الإقناع 1/ 16. (¬4) ويرى زفر من الحنفية أنها تنتقض بدخول الوقت لا بخروجه ويرى أبو يوسف أنها تنتقض بأحدهما لكن فخر الإسلام ذكر أن ذلك لم يصح عنهما وأن الكل متفقون على انتقاضها عند خروج الوقت. فتح القدير 1/ 127. (¬5) في أ، جـ زادت. (¬6) في أ، ب بعد أو يستقبل وفي جـ قبل وضع أو يستقبل. (¬7) في ط خروج وسقط من د لأنه دم. (¬8) ويرى الخطاب من المالكية أن الدم الذي قبل الولادة من أجلها يعتبر نفاسًا وعزاه أكثر المالكية وتعد أيامه من أيام النفاس. انظر الشرح الكبير للدسوقي 1/ 174.

فإن رأت الدم من غير علامة لم تترك له العبادة لأن الظاهر (¬1) أنه دم فساد فإن تبين كونه قريبًا من الوضع لوضعها بعده (¬2) بيوم أو يومين أعادت الصوم المفروض الذي صامته فيه وإن رأته عند العلامة تركت العبادة [وإن تبيّن بعده عنها أعادت ما تركته من العبادة] (¬3) الواجبة لأنه تبيّن أنه ليس بحيض ولا نفاس، وقوله: ولا تعده في العادة (¬4)، أي: لا تحتسبه (¬5) من الأربعين التي هي مدة (¬6) النفاس. والنفساء في الأربعين وطؤها ... وإن تكن بلا دم قد كرها أي: إذا انقطع النفاس في الأربعين واغتسلت كره وطؤها قال أحمد: ما يعجبني أن يأتيها زوجها على حديث عثمان بن أبي العاص أنها أتته قبل الأربعين، فقال: لا تقربيني (¬7) ولأنه لا يأمن عود الدم في زمن الوطء فيكون واطئًا (¬8) في نفاس ولا يحرم وطؤها لأنها في حكم الطاهرات ولذلك تجب (¬9) عليها العبادة (¬10). ¬

_ (¬1) في د، س لابن الظاهر. (¬2) في النجديات، ط بعد. (¬3) ما بين القوسين سقط من د. (¬4) في د العباده. (¬5) في ط تحسبه وفي د تحبسه. (¬6) في أ، ب، مقرة. (¬7) الأثر في كنز العمال 1/ 375 وقد أخرجه عبد الرزاق 1/ 313. (¬8) في د، ط وطئًا. (¬9) في ب، جـ، ط يجب. (¬10) في د، ص، ك العبادات.

ومن كتاب الصلاة

ومن كتاب الصلاة وهي لغة الدعاء، قال ([الله تعالى (¬1)]: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} أي: ادع لهم وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان مفطرًا فليطعم، وإن كان صائمًا فليصل" (¬2) وشرعًا: أقوال وأفعال معلومة مفتتحة بالتكبير (¬3) مختتمة بالتسليم، وهي واجبة بالكتاب والسنة والإجماع (¬4) وآكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، وفرضت ليلة الإسراء (¬5) سميت صلاة لاشتمالها على الدعاء. لا تسقط الصلاة بالإغماء ... بمرض كالشرب للدواء لا فرق إن طال به الإغماء ... أو قصر (¬6) الحكم كذا سواء ¬

_ (¬1) سقطت من د، ومن س، هـ، ص سقط لفظ الجلالة فقط. (¬2) الحديث أخرجه مسلمٌ برقم 1150 وأبو داود 2461 ومعنى فليصل: فليدع. (¬3) في ط التبكير. (¬4) أما أدلة وجوبها من الكتاب فكثيرة منها قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} [البينة: 5]. والأحاديث في وجوبها كثيرة أيضًا منها حديث ابن عمر: "بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت". متفق عليه. وقد أجمعت الأمة على وجوبها وأنها الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين. انظر المغني 1/ 376 وبداية المجتهد 1/ 89 ونيل الأوطار 1/ 333 في السنة الثانية عشر قبل الهجرة بسنة. (¬5) كان ذلك في السنة العاشرة من البعثة قبل الهجرة بثلاث سنين وقيل. انظر البداية والنهاية 3/ 119والكامل 2/ 51. (¬6) في نظ قصد.

أي: لا يسقط وجوب الصلاة بالإغماء بسبب مرض كما لو شرب دواءً مباحًا أو محرمًا أو مسكرًا، وكذا الصوم ونحوه، ويروى ذلك عن عمار وعمران بن حصين وسمرة بن جندب (¬1) وسواء طال الإغماء أو قصر. وقال مالك والشافعيُّ: لا يلزمه قضاء الصلاة إلا أن يفيق في جزء من وقتها (¬2) لأنه يروى أن عائشة سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يغمى عليه فيترك الصلاة فقال رسول الله (¬3) - صلى الله عليه وسلم -: "ليس من ذلك قضاء إلا أن يغمى عليه فيفيق في وقتها فيصليها" (¬4). وقال أصحاب الرأي: إن أغمي عليه أكثر من خمس صلوات لم يقض شيئًا وإلا قضى الجميع لأن ذلك يدخل في التكرار فأسقط القضاء كالجنون (¬5). ولنا أن الإغماء لا يسقط فرض الصيام ولا يؤثر في ثبوت الولاية ولا تطول مدته غالبًا أشبه النوم، وحديثهم يرويه الحكم (¬6) بن سعد قال البخاري: تركوه (¬7)، وقياسه على الجنون لا يصح، لأنه تطول مدته غالبًا وتثبت عليه الولاية ويسقط عنه الصوم، ولا يجوز على الأنبياء عليهم السلام بخلاف الإغماء وما يؤثر في إسقاط الخمس لا يؤثر في إسقاط الزائد عليها كالنوم. ¬

_ (¬1) في النجديات، ط حبيب. (¬2) انظر الكافي لابن عبد البر 1/ 237 ومغني المحتاج 1/ 131. (¬3) في د النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬4) قال الزيلعيُّ في نصب الراية 2/ 177: أخرجه الدارقطني عن الحكم بن عبد الله بن سعيد الأيلي أن القاسم بن محمَّد بن أبي بكر -رضي الله عنه- حدثه: أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - سألت رسول الله ... الحديث وهو: ضعيف جدًا قال أحمد في الحكم بن سعيد الأيلي: أحاديثه موضوعة وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات وقال ابن معين: ليس بثقة ولا مأمون وكذبه الجوزجاني وأبو حاتم وتركه النسائي وابن الجنيد والدارقطنيُّ وقال البخاري: تركوه وبقية السند كله إلى الحكم مظلم. (¬5) كشف الأسرار على أصول البزدوي 4/ 280. (¬6) في ط الحاكم وفي هـ الحكيم. (¬7) في طا تركوا.

وتارك الصلاة حتى كسلا ... يقتل كفرًا إن دعي وقال: لا وما له فيء ولا يغسل ... وصحح الشيخان حدًا يقتل من يجحد (¬1) وجوب الصلاة عالمًا أو جاهلًا وعرف وأصر كفر، قال الموفق: لا أعلم في هذا خلافًا (¬2)، لأنه لا يجحدها إذن إلا تكذيبًا لله ورسوله وإجماع الأمة فيستتاب فإن تاب وإلا قتل. وإن تركها تهاونًا وكسلًا لا جحودًا دعاه (¬3) الإمام أو نائبه إلى فعلها وهدده فقيل له: صل وإلا قتلناك فإن لم يصل حتى تضايق وقت التي (¬4) بعدها وجب أن يستتاب فإن تاب بفعلها وإلا وجب قتله كفرًا في إحدى الروايتين قال في الإنصاف: (وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب). أهـ (¬5). وحينئذٍ فلا يغسل ولا يصلى عليه بل يوارى (¬6) لعدم [من يواريه] (¬7) وما له فيء لبيت (¬8) المال (¬9). ¬

_ (¬1) في النجديات ط يجحد. (¬2) المغني 2/ 299. (¬3) في في النجديات، ط ودعاه. (¬4) في النجديات الوقت التي، وفي ط الوقت الذي. (¬5) الإنصاف 1/ 401. (¬6) في أ، جـ، ط يورى. (¬7) ما بين القوسين من ص، ك. (¬8) في د في بيت المال. (¬9) وقد أطال ابن القيم في كتابه الصلاة في الانتصار لهذا القول وساق أقوال العلماء من التابعين ومن بعدهم في كفر تارك الصلاة ومن حكى الإجماع على ذلك وقال رحمه الله 491: "ومن العجب أن يقع الشك في كفر من أصر على ترك الصلاة ودعي إلى فعلها على رؤوس الملأ وهو يرى بارقة السيف على رأسه، ويشد للقتل، وعصبت عيناه، وقيل له: تصلي وإلا قتلناك فيقول: اقتلوني ولا أصلي أبدًا، ومن لا يكفر تارك الصلاة يقول هذا مؤمن مسلم يغسل ويصلي عليه ويدفن في مقابر المسلمين، وبعضهم يقول إنه مؤمن كامل الإيمان إيمانه كإيمان جبريل وميكائيل فلا يستحيي من هذا قوله من إنكاره تكفير من شهد بكفره الكتاب والسنة واتفاق الصحابة والله الموفق.

وقال أبو حنيفة: (لا يقتل لحديث لا يحل دم أمرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث) (¬1) وكالحج (¬2). وقال مالك والشافعيُّ: يقتل حدًا (¬3) واختاره أبو عبد الله بن بطه وأنكر قول من قال: إنه يكفر [واختاره الموفق وقال: هو أصوب القولين] (¬4)، ومال إليه الشارح واختاره ابن عبدوس [في تذكرته وابن عبدوس] (¬5) المتقدم وصححه المجد وصاحب المذهب ومسبوك الذهب وابن رزين والناظم والتصحيح ومجمع البحرين وجزم به في الوجيز والمنور والمنتخب (¬6) وقدمه في المحرر وابن تميم والفائق وحينئذ فيغسل (¬7) ويصلى عليه ويدفن مع المسلمين ويورث. ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة" رواه مسلم (¬8) قوله: "من ترك الصلاة متعمدًا برئت منه ذمة الله ورسوله" رواه أحمد (¬9) وقوله: "نهيت عن قتل المصلين" (¬10) ولأنها ركن من أركان الإسلام لا تدخله النيابة فوجب أن يقتل تاركه كالشهادتين (¬11)، وحديثهم حجة لنا، لأن الأخبار المذكورة تدل على أن تركها كفر فيكون من إحدى (¬12) الثلاث، ثم ¬

_ (¬1) البخاري 12/ 176 - 177 ومسلمٌ برقم 1676. (¬2) انظر حاشية ابن عابدين 1/ 352. (¬3) بداية المجهد 1/ 909 ومغني المحتاج 1/ 227. (¬4) المغني 2/ 301 وما بين القوسين سقط من د. (¬5) ما بين القوسين سقط من النجديات، ط. (¬6) سقط من النجديات، ط. (¬7) في ط فيقتل. (¬8) مسلم برقم 82 ولفظه عن جابر: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة". (¬9) رواه أحمد في المسند 1/ 230 من طريق مكحول عن أم أيمن وفيه انقطاع وكذلك رواه البيهقي والحاكم وابن ماجة وفي إسناده ضعف. انظر تلخيص الحبير 2/ 148. (¬10) أبو داود برقم 4907. (¬11) في الأزهريات الشهاده. (¬12) في د، س أحد.

إن أحاديثنا خاصة تخص عموم ما ذكروه، وقياسهم على الحج لا يصح لاختلاف الناس في جواز تأخيره بخلافها. وكافر فبالصلاة يسلم ... في كل حال وبهذا يحكم حتى ولو منفردًا قد صلى ... أو خارج المسجد ليس إلا أي: يحكم بإسلام الكافر إذا صلى في كل حال سواء صلى في جماعة أو منفردًا داخل المسجد أو خارجه في دار إسلام (¬1) أو حرب، لقوله -عليه السلام-: "من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا فله ما لنا وعليه ما علينا (¬2) ". وقال -عليه السلام-: "بيننا وبينهم الصلاة" (¬3) فجعل الصلاة حدًا فمن أتى بها فينبغي أن يدخل في حد الإسلام، ولأنها أحد مباني الإسلام المختصة به فإذا فعلها حكم بإسلامه كالشهادتين (¬4). بالجزء من وقت الصلاة تلزم (¬5) ... إن يطر منع فالقضا محتم أي: إذا دخل وقت صلاة ولو بقدر تكبيرة ثم طرأ مانع من حيض أو (¬6) جنون أو (¬7) نحوهما لزم القضاء لأن الصلاة تجب بأول وقتها ويستقر وجوبها بذلك. ¬

_ (¬1) في النجديات، هـ، ط الإسلام. (¬2) البخاري 1/ 417 ولفظه عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته". (¬3) الفتح الرباني 2/ 232 والترمذيُّ برقم 2623 والنسائيُّ 1/ 187 واللفظ المذكور هنا مختصر ولفظه: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر". والحديث صحيح الإسناد قال هبة الله الطبري: صحيح على شرط مسلم. المحرر 32. (¬4) وعند الحنفية أنه يحكم بإسلام الكافر إذا صلى ولكن بشروط أربعة. 1 - أن يصلي في الوقت. 2 - أن يصلي مع جماعة. 3 - إن يكون مؤتمًا لا إمامًا. 4 - أن يتم صلاته صحيحة. انظر في ذلك حاشية ابن عابدين 1/ 353. (¬5) في نظ يلتزم. (¬6) في د، س و. (¬7) في ط و.

وقال الشافعي وإسحاق: لا تستقر (¬1) إلا بمضي زمن يمكن فعلها فيه فلا يجب القضاء بما دونه (¬2)، واختاره أبو عبد الله بن بطة. ويجب الترتيب في القضاء ... مع عدم النسيان كالأداء (¬3) حتى ولو في الحكم زاد المقضي ... عن فرض يوم فانتبه للفرض أي: يجب الترتيب بين الصلاة الفائتة والحاضرة وبين الفوائت قلت أو كثرت كأداء الفرائض ويسقط بالنسيان. وقال الشافعي: لا يجب مطلقًا (¬4). وقال أبو حنيفة ومالك: لا يجب الترتيب في أكثر من صلاة يوم وليلة لأنه يشق (¬5). ولنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاتته أربع صلوات فقضاهن مرتبات. رواه أحمد والترمذيُّ والنسائيُّ (¬6)، وقال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" (¬7) .. وكالأربع ما زاد عليها، ولأنها صلوات واجبات تفعل في كل وقت متسع لها فوجب فيها الترتيب كالخمس، وإفضاؤه إلى التكرار لا يمنع وجوبه كترتيب الركوع والسجود. وأما سقوطه بالنسيان فلحديث عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان (¬8) ¬

_ (¬1) في د، س، ط يستقر. (¬2) مغني المحتاج 1/ 132. (¬3) في نظ القضا، الأدا بدون همزة. (¬4) المجموع 2/ 74 - 75. (¬5) الهداية مع فتح القدير 1/ 488 - 490 والكافي لابن عبد البر 1/ 224. (¬6) الفتح الرباني 2/ 309 - 310 والترمذيُّ برقم 179 والنسائيُّ 1/ 297 - 298 وفيه انقطاع فإن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله بن مسعود ذكر ذلك الترمذيُّ وغيره وحسن في بلوغ الأماني إسناده. (¬7) البخاري 2/ 93. (¬8) سبق تخريجه.

وحيث اعتبر (¬1) الترتيب فهو شرط لصحة الصلاة، ويسقط (¬2) أيضًا بخشية خروج الوقت ولو (¬3) المختار (¬4)، وقوله: فانتبه للفرض أي: تيقظ للواجب عليك ولا تغفل عنه. ¬

_ (¬1) في د اعتبروا. (¬2) كررت هذه اللفظة في نسخة (أ). (¬3) في ط وهو سقطت من د، س. (¬4) أي: يسقط الترتيب بين الفوائت إذا خشي الذي يقضي من فوات وقت الصلاة الحاضرة سواء كان وقت الضرورة أو الوقت المختار.

ومن باب الأذان

ومن باب الأذان وهو لغة الإعلام قال تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 3] أي: إعلام، والأذان للصلاة (¬1) إعلام بوقتها، وشرعًا: اللفظ المعلوم المشروع في أوقات الصلوات (¬2) في الجملة. فرض على الكفاية الأذان ... دليله (¬3) قام به البرهان أي: الأذان فرض كفاية حضرًا للخمس المؤداة والجمعة على الرجال الأحرار فإذا تركه أهل بلد قاتلهم الإمام وهو قول عطاء ومجاهد وبعض أصحاب مالك (¬4) (¬5). ¬

_ (¬1) في جـ، ط في الصلاة. (¬2) في النجديات، ط الصلاة. (¬3) في نظر ودليله قد قام. إلخ. (¬4) انظر مواهب الجليل 1/ 422 - 423. (¬5) وهو وجه في مذهب الشافعية ذكره في مغني المحتاج 1/ 134 وأوجبه محمَّد بن الحسن على أهل المصر في الجملة، وعند عامة علماء الحنفية أن الأذان والإقامة سنتان مؤكدتان يأثم أهل المصر بتركهما روى أبو يوسف عن أبي حنفية أنه قال في قوم صلوا الظهر أو العصر في المصر جماعة بغير أذان ولا إقامة: قد أخطؤوا السنة وخالفوا وأثموا، وبهذا نعرف أن الخلاف بين الحنابلة والحنفية لفظي لأن من سماه سنة مؤكدة رتب على تركه الإثم فهي بمنزلة الواجب لأنه هو الذي يعاقب على تركه فقط عند الموجبين (الحنابلة. انظر بدائع الصنائع 1/ 146 - 147 والاختيارات لابن تيمية ص 36.

وقال ابن المنذر: الأذان والإقامة واجبان على كل جماعة في الحضر والسفر لأن النبي- صلى الله عليه وسلم - أمر به مالك بن الحويرث وصاحبه (¬1)، والأمر يقتضي الوجوب، وداوم عليه هو (¬2) وخلفاؤه وأصحابه ولأنه من شعائر (¬3) الإسلام الظاهرة فكان فرضًا كالجهاد فإذا قام به من تحصل به الكفاية سقط عن الباقين كسائر فروض الكفايات (¬4)، لأن بلال كان يؤذن للنبي - صلى الله عليه وسلم - فيكتفي به، وإنما قلنا: يجب في الحضر فقط لأن الأذان إنما شرع في الأصل للإعلام بالوقت ليجتمع الناس إلى الصلاة ويدركوا الجماعة. وقوله: دليله قام به البرهان أي: قام البرهان بصحة دليل وجوب الأذان، لأن حديث مالك بن الحويرث متفق عليه وهو ظاهر في وجوبه، وحكم الإقامة كالأذان، ويسنان سفرًا ولمنفرد ومقضية. * * * وفاسق أذانه كالعدم ... ...................... أي: لا يصح أذان الفاسق لأنه شرع للإعلام ولا يصح الإعلام بقول الفاسق لأنه لا يقبل خبره ولا روايته وهذا فيمن هو ظاهر الفسق (¬5) فأما (¬6) مستور الحال فيصح أذانه قال في الشرح: بغير خلاف علمناه (¬7). ¬

_ (¬1) البخاري 2/ 93 ومسلمٌ برقم 674 وأبو داود برقم 589 والترمذيُّ برقم 205 والنسائيُّ 2/ 77. (¬2) سقطت من النجديات، هـ ط. (¬3) في د شعار. (¬4) في ط الكفاية. (¬5) الذي عليه الجمهور أنه يصح أذانه مع الكراهة قال النووي في المجموع 3/ 108: فإن كان فاسقًا صح أذانه وهو مكروه واتفق أصحابنا على أنه مكروه، ونص عليه البندنيجي وابن الصباغ والروياني وصاحب العدة وغيرهم قال أصحابنا: وإنما يصح أذانه في تحصيل وظيفة الأذان، ولا يجوز تقليده وقبول خبره في دخول الوقت لأن خبره غير مقبول. (¬6) في النجديات، ط فإن كان. (¬7) الشرح الكبير جـ 79 - 80 وقد أخرجه أبو الشيخ وسعيد بن منصور وهو في أبي داود برقم 937.

................ ... فيه كذا من فاه بالمحرم أي: من تكلم بمحرم كسبّ وشتم وفحش في الأذان فأذانه كالعدم لبطلانه بذلك وإن كان يسيرًا لأنه فعل محرمًا فيه أشبه الردة. وحيث أذن تندب الإقامة ... إلا إذا شق فلا ملامة يعني: يستحب أن يقيم الصلاة في الموضع الذي أذن فيه. قال أحمد: أحب إليَّ أن يقيم في مكانه قال: ولم يبلغني فيه شيء إلا حديث بلال: "لا تسبقني بآمين" (¬1)، يعني: لو كان يقيم في المسجد لما خاف أن يسبقه بالتأمين، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان يكبر بعد فراغ بلال من الإقامة، ولأن الإقامة شرعت للإعلام فهي كالإذان، فإذا شق عليه أن يقيم في موضع أذانه كالذي يؤذن في المنارة أو في مكان بعيد من المسجد فيقيم في غير موضعه لئلا يفوته بعض الصلاة مع الإمام. وجلسة بعد آذان المغرب ... تندب حتى تركها أكره تصب أي: يستحب أن يجلس خفيفة ثم يقيم ويكره تركها: يعني: أنه خلاف الأولى لما روى تمام في فوائده بإسناده عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "جلوس المؤذن بين الأذان والإقامة في المغرب سنة" (¬2). وروى عبد الله بن أحمد بإسناده عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا بلال، اجعل بين أذانك وإقامتك نفسًا يفرغ الآكل من طعامه في مهل (¬3) ويقضي حاجته في مهل" (¬4)، ولأن الأذان مشروع ¬

_ (¬1) في س خالف. (¬2) لم أجده وهو في الشرح الكبير 1/ 410. (¬3) في النجديات، ط المهل. (¬4) المسند 5/ 143 وهو من زيادات عبد الله بن أحمد وإسنادُهُ ضعيفٌ لأنه من رواية عبد الله بن الفضل عن عبد الله بن أبي الجوزاء عن أبي بن كعب وابن أبي الجوزاء لا يعرف لكن للحديث طرق أخرى ترفعه إلى درجة الحسن استوفاها الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 2/ 576 - 579 (5) في ط للإمام فليس وهو تصحيف.

للإعلام فيسن (¬1) تأخير الإقامة ليدرك الناس صلاة المغرب جماعة كسائر الصلوات (¬2). قد قامت الصلاة حين تسمع ... إلى الصلاة فالقيام يشرع أي: يسن (¬3) قيام الإمام إلى الصلاة عند قول المقيم: قد قامت الصلاة، ويسن قيام المأمومين عقب قيام الإمام عند قول المقيم ذلك إن رأوا الإمام لأن هذا خبر بمعنى الأمر مقصوده الإعلام ليقوموا فيستحب المبادرة (¬4) إلى القيام امتثالًا للأمر. وروى مسلم عن أبي قتادة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني قد خرجت" (¬5) وسن للمقيم أن يكون في الإقامة كلها قائمًا كالأذان. والركعتان قبل فعل المغرب ... تندب لا تكره عن صحب النبي أي: لا تكره صلاة ركعتين بعد أذان المغرب قبل فعلها بل تندب لفعل صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - لحديث أنس وغيره كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أذن المؤذن ابتدروا السواري وصلوا ركعتين ركعتين (¬6). وما ذكره المصنف من ندب الركعتين المذكورتين وقريب من قول الإقناع وتباح الركعتان (¬7) بعد أذان المغرب وفيهما ثواب (¬8)، وقال في الإنصاف (¬9): تباح صلاة (¬10) ¬

_ (¬1) وذكر النووي في المجموع 3/ 126 - 127 أنه يستحب أن يفصل بين أذان المغرب وإقامتها فصلًا يسيرًا بقعدة أو سكوت نحوهما وقال: هذا مذهبنا لا خلاف فيه عندنا. (¬2) في د ليس. (¬3) في أالمباده. (¬4) البخاري 2/ 99 ومسلمٌ برقم 604 وليس عند البخاري (قد خرجت). (¬5) البخاري 2/ 89 ومسلمٌ برقم 837 (¬6) في النجديات، ط يباح وفي س الركعتين. (¬7) الإقناع مع شرحه كشاف القناع 1/ 244. (¬8) الإنصاف 1/ 422. (¬9) الإنصاف 1/ 422. (¬10) في ب ويباح.

الركعتين قبل صلاة المغرب على الصحيح من المذهب، نص عليه، وعليه جمهور الأصحاب، وجزم به في المغني والشرح ذكره في صلاة التطوع وهو من المفردات. وقيل يكره قال ابن عقيل: لا يركع قبل المغرب شيئًا. وعنه يسن فعلهما (¬1)، جزم به ناظم المفردات، وهي من المفردات أيضًا (¬2)، وعنه: "بين كل أذانين صلاة" وقال (¬3) ابن هبيرة: في غير (¬4) المغرب. ¬

_ (¬1) في ط فعلها. (¬2) وهو وجه في مذهب الشافعية صححه النووي في المنهاج 1/ 220 وقواه في شرح مسلم 6/ 123 وذكر أنه اختيار محققي المذهب الشافعي ورجحه ابن حجر في فتح الباري 2/ 90. (¬3) في هـ، ص، ك. قاله. (¬4) في ص، ك عمير.

ومن باب ستر العورة وموضع الصلاة

ومن باب ستر العورة (¬1) وموضع الصلاة أي: أمكنتها. وواجب في الفرض ستر المنكب (¬2) ... ...................... أي: يشترط لصحة الفرض ستر أحد العاتقين (¬3) مع العورة إن كان قادرًا واختاره ابن المنذر. وقال أكثر العلماء: لا يجب ستر غير العورة لأنهما ليسا من العورة أشبها بقية البدن (¬4)، ولنا حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء" رواه مسلم (¬5) وعن بريده قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي في لحاف ولا يتوشح (¬6) به وأن يصلي في ¬

_ (¬1) في الأزهريات السترة. (¬2) المنكب. قال ابن الأثير في النهاية 4/ 113: (هو ما بين الكتف والعنق). (¬3) العاتق. قال في القاموس 3/ 261: موضع الرداء من المنكب أو ما بين المنكب والعنق. (¬4) حاشية ابن عابدين 1/ 404 ومواهب الجليل 1/ 498 وشرح النووي على مسلم 4/ 232. (¬5) مسلم برقم 516 ولفظه: عاتقيه بدل عاتقه. (¬6) من الوشاح: وهو شيء ينسج عريضًا من أديم وربما رصع بالجوهر والخرز وتشده المرأة بين عاتقيها وكشحيها ويقال: فيه وشاح وإشاح. انظر النهاية 5/ 187.

سراويل ليس عليه رداء. رواه أبو داود (¬1). ويجزيه (¬2) وضع ثوب على أحد عاتقيه وإن كان يصف البشرة، لأن وجوب ذلك بالخبر ولفظه: "لا يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء" (¬3)، وهذا يقع على ما يعم المنكبين وما لا يعم وعلى ما يستر البشرة وما لا يسترها (¬4). ولا يجزيه وضع نحو حبل على عاتقه لأنه ليس سترة (¬5) ولا لباسًا. ويجزي في النفل ستر العورة فقط، نص عليه في رواية حنبل، لأن مبناه على التخفيف ولذلك يسامح فيه بترك القيام وترك الاستقبال في السفر (¬6) وجمعًا بين الأخبار (¬7). ¬

_ (¬1) أبو داود برقم 636. (¬2) في ط فيجزيه. (¬3) هو حديث أبي هريرة السابق الذي أخرجه مسلمٌ ولو أحال المؤلف إليه لكان أنسب. (¬4) ما بين القوسين من ب، د. (¬5) في النجديات بستره وفي ط يستره. (¬6) وذلك على الدابة لما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي على راحلته حيث توجهت به. وفي لفظ: كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه ويومئ برأسه وكان ابن عمر يفعله. رواه البخاري 2/ 473 ومسلمٌ برقم 700 ولفظ الرواية الأولى لمسلم. (¬7) أي: بين ما استدل به الحنابلة وذكره المؤلف من الأحاديث وبين ما استدل به الجمهور ومنه حديث سلمه بن الأكوع -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، إني رجل أصيد فأصلي في القميص الواحد قال: "نعم وأزره عليك ولو بشوكة". رواه أبو داود برقم 632 وحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو قال: قال عمر: "إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما فإن لم يكن إلا ثوب فليتزر ولا يشتمل اشتمال الصماء". رواه أبو داود برقم 635. وقد جمع ابن المنذر وابن حزم والطحاويُّ بين هذه الأحاديث بغير ما جمع به الحنابلة فأوجبوا ستر أحد العاتقين على من ثوبه واسع ولم يوجبوه على من ثوبه ضيق ويشهد لهذا الجمع حديث جابر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"إذا صليت في ثوب واحد فإن كان واسعًا فالتحف به وإن كان ضيقًا فاتزر به". رواه البخاري 1/ 399 ومسلمٌ برقم 766. واختار هذا الجمع الشوكاني في نيل الأوطار 2/ 80. وانظر المحلى 4/ 71.

................ ... وتبطل الصلاة في المغتصب من أرض أو ثوب وفي الحرير (¬1) ... ...................... وتبطل صلاة من صلى في موضع مغصوب أو ثوب مغصوب أو حرير وكذا ما غالبه حرير حيث حرم، وكان عالمًا ذاكرًا لحديث: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد"، أي: مردود وقول (¬2) ابن عمر: من اشترى ثوبًا بعشرة دراهم وفيه درهم حرام لم تقبل له صلاة ما دام عليه ثم أدخل أصبعيه في أذنيه، وقال: صمتا إن لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمعته يقوله (¬3). رواه أحمد لكن في إسناده رجل غير معروف (¬4). ولأن قيامه وقعوده في ذلك منهي عنه [فكيف يكون متقربًا بما هو عاص به مأمورًا بما هو منهي عنه] (¬5)، والمغصوب بعضه كالمغصوب كله وكذا لو صلى وعليه سترتان إحداهما مغصوبه سواء كان المغصوب الفوقاني أو التحتاني لأن الستر لا يختص بإحداهما (¬6)، وكذا الحج بمال مغصوب (¬7)، فإن كان ¬

_ (¬1) في أ، ط من أرض ثوب أو وفي الحرير وفي د كذلك الحجج بمال أجنبي وفي هـ، س من ثوب أو أرض وفي الحرير. (¬2) في النجديات، هـ، ط قال. (¬3) في د، س يقول. (¬4) انظر المسند 2/ 98 وقد أخرجه عبد بن حميد والبيهقيُّ في الشعب وضعفاه وأخرجه أيضًا تمام والخطيب وابن عساكر والديلمي وفي إسناده هاشم عن ابن عمر قال ابن كثير في الإرشاد: هاشم غير معروف .. نيل الأوطار 2/ 88. (¬5) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬6) في النجديات، ط أحدهما. (¬7) أما الصلاة في الثوب المغصوب أو المغصوب ثمنه فقد حكى الشوكاني في نيل الأوطار 2/ 88 عن العترة: أنه لا تصح الصلاة فيه. وهو مذهب ابن حزم فإنه نص في المحلي 4/ 33، 36 أنها لا تصح الصلاة في الثوب المغصوب أو المتملك بغير حق وكذلك الأرض المغصوبة والوطاء المغصوب والسفينة المغصوبة إذا قدر على مفارقتها إلا إذا يئس عن معرفة من أخذت منه بغير حق. ولا تصح الصلاة عنده للرجل خاصة في الثوب فيه حرير أكثر من أربعة أصابع عرضًا في طول الثوب إلا اللبنة والتكفيف فهما مباحان ولا في ثوب فيه ذهب =

جاهلًا أو ناسيًا أنه مغصوب فعبادته صحيحه لأنه غير آثم إذن (¬1). * * * ...................... ... مواطن (¬2) النهي على المشهور مزبلة معاطن ومقبرة ... قارعة الطريق ثم المجزرة وظهر بيت الله والحمام ... وألحق الحش بها الإمام أي. المواضع المنهي عن الصلاة فيها على المشهور في المذهب معاطن الإبل: جمع معطن وهي ما تقيم (¬3) فيها وتأوي إليها، والمقبرة والحمام وقارعة الطريق: أي: محل قرع (¬4) الأقدام دون ما علا عن جادة المسافر يمنة ويسرة والمزبلة والمجزرة وظهر بيت الله الحرام، وحكم في داخله كذلك، وألحق الإمام أحمد بها الحش، فلا تصح (¬5) فيها (¬6) الصلاة تعبدًا ¬

_ = ولا تصح صلاة رجل لبس ذهبًا من خاتم أو غيره. وعند المالكية إذا صلى في ثوب حرير ولم يكن عنده غيره إلا ثوب نجس فإنه يصلي فيه ويعيد فإذا لم يضطر إليه وصلى فيه مع أنه يجد غيره فقال ابن وهب: لا إعادة عليه، وقال ابن حبيب: يعيد أبدًا، وقال أشهب: يعيد في الوقت، ومال إليه ابن يونس. انظر التاج والإكليل 1/ 498، 501 وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية قال في الاختيارات ص 41: ولا تصح الصلاة في الثوب المغصوب ولا الحرير ولا المكان المغضوب هذا إذا كانت فرضًا وهو أصح الروايتين عن أحمد. (¬1) لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان". وقد سبق تخريجه. (¬2) في أ، جـ وموطن النهي وقد سقط هذا الشطر كله من د والذي قبله. (¬3) في، د، ي بقبم. (¬4) في، ب طت قراع. (¬5) في، ط يصح. (¬6) في النجديات، ط فيه فيرجع الضمير إلى الحش ولا يصح ذلك لأن الحكم ثبت في الحش بالقياس. وما أثبته هو نص النسخ الأزهرية ويعود الضمير إلى المواضع المنهي عنها كلها وقد قال به بعض فقهاء الحنابلة: وذلك أيضًا لا يصح مع القول بأن الحش مقيس عيها =

لحديث جابر بن سمرة: أن رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أنصلي (¬1) في مرابض (¬2) الغنم؟ قال: "نعم"، قال: في مبارك الإبل؟ قال: "لا" رواه مسلم (¬3)، وقوله -عليه السلام-: "الأرض كلها مسجد إلا الحمام والمقبرة" رواه أبو (¬4) داود وحديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "سبع مواطن لا تجوز فيها الصلاة، ظهر بيت الله والمقبرة والمجزرة والمزبلة والحمام وعطن الإبل ومحجة الطريق". رواه ابن ماجة (¬5). وهذه الأحاديث: (خاصة فتقدم على عموم غيرها والحش بفتح الحاء وضمها موضع قضاء الحاجة) (¬6)، ثبت الحكم فيه (¬7) بطريق التنبيه (¬8)؛ لأنه إذا منع من الصلاة في هذه المواضع لكونها مظان النجاسة فالحش أولى لكونه معد للنجاسة (¬9)، ولأنه قد منع من ذكر الله فيه والكلام فمنع الصلاة أولى. ولا فرق في المقبرة بين القديمة والحديثة وما تقلب ترابها أو لم يتقلب، ولا يضر قبران ولا ما دفن بداره (¬10) وتصح فيها الصلاة على ¬

_ = لأن ما كانت علته تعبدية لا يقاس عليه والصحيح أن الحكم معلل وأنه إنما نهى ها هنا لأنها مظنة النجاسة وعلى هذا فيكون الحكم حيث توجد العلة فلا يثبت حكم المنع في موضع خلع الثياب في الحمام ونحوه. انظر المغني مع الشرح الكبير 1/ 718 - 719. (¬1) في ب، جـ، طا أن أصلي. (¬2) في طا مربض. (¬3) مسلم برقم 360. (¬4) أبو داود برقم 492 والترمذيُّ برقم 317 وابن ماجة برقم 745. (¬5) ابن ماجة برقم 747 وقد رواه الترمذيُّ برقم 346. (¬6) ما بين القوسين سقط من ط. (¬7) في ط فيها. (¬8) في أ، جـ، ط السنة وفي د البتيه وفي هـ الشبه. (4) في النجديات، ط معدن. (¬9) في ط النجاسة. (¬10) هذا بناءًا على أن العلة تعبدية أما إذا كانت العلة خوف الشرك بها فلا تصح أيضًا وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وجمع من أئمة الحنابلة. انظر الفتاوى 21/ 321 - 322 وحاشية ابن قاسم على الروض 1/ 538.

الجنازة ولا فرق في الحمام بين مكان الغسل والمسلخ (¬1) والآتون (¬2) وكل ما يغلق عليه باب الحمام لتناول الاسم له (¬3) وأسطحة هذه المواضع مثلها فيما تقدم. واختار الموفق صحة الصلاة في المجزرة والمزبلة وقارعة الطريق وأسطحتها لعموم قوله -عليه السلام-: "جعلت لي الأرض مسجدًا" متفق عليه (¬4) واستثنى منه المقبرة والحمام ومعاطن الإبل بأحاديث صحيحة فما عدا ذلك يبقى على العموم (¬5)، وحديث ابن عمر يرويه (¬6) العمري (¬7) وزيد بن جبيرة (¬8)، وقد تكلم فيهما من (¬9) قبل حفظهما فلا يترك به الحديث الصحيح (¬10) (¬11)، ومعنى محجة الطريق: الجادة المسلوكة في (¬12) السفر. ¬

_ (¬1) مكان خلع الثياب من الحمام. انظر لسان العرب3/ 25. (¬2) المحل الذي توقد فيه نار الحمام ويقال: هو مولد. لسان العرب 13/ 7. (¬3) سقط من ط. (¬4) سبق تخريجه. (¬5) وبهذا قال ابن حزم ورجحه الشوكاني وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية: في المقبرة والحش وأعطان الإبل. انظر المحلى 4/ 24، 27، ونيل الأوطار 150/ 153، والاختيارات 44 - 45. (¬6) في النجديات، ط يروايه. (¬7) في أالقمري وهو تصحيف فإنه عبد الله بن عمر العمري قال الذهبي في ميزان الاعتدال 2/ 465: صدوق في حفظه شيء. ونقل عن ابن معين قوله: فيه ليس به بأس. وقال أحمد: صالح لا بأس به. وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي. وقال الفلاس: إن يحيى القطان لا يحدث عنه. (¬8) في النجديات: هبيرة وفي د، س حسره وفي ط منيرة وكلها تصحيف: وقد قال فيه الذهبي: قال البخاري وغيره: متروك. وقال أبو حاتم: لا يكتب حديثه. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. انظر ميزان الاعتدال 2/ 99. (¬9) سقطت من د، س. (¬10) سقطت من د. (¬11) أي: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا". (¬12) في د، ك، ص الطريق الجاده المسلوكه في السفر كذلك في هـ لكن سقطت المسلوكة.

في ظهر بيت الله لكن فرقوا ... فصححوا النفل فقط لم يطلقوا أي: فرق الأصحاب فصححوا النفل في (¬1) ظهر بيت الله الحرام وداخله دون الفرض (¬2) فلم يصححوه إلا إذا وقف على منتهاه بحيث لم يبق وراءه شيء (منه) (¬3) أو خارجه وسجد داخله فيصح الفرض أيضًا لعدم استدباره البيت. ومالك في ذا على الوفاق (¬4) ... ومانع في الصور البواقي أي: وافق الإمام مالك على أن صلاة (¬5) الفرض لا تصح في الكعبة ولا على ظهرها دون النفل فيصح (¬6)، ولم يمنع الصلاة في المقبرة والحمام والمجزرة والمزبلة وقارعة الطريق وأسطحتها والحش لعموم حديث: "وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا" (¬7). وقال أبو حنيفة والشافعيُّ بالصحة في الكل للحديث السابق: ولأن الكعبة مسجد ولأنه محل لصلاة (¬8) النفل فكان محلًا للفرض كخارجها (¬9). ولنا ما تقدم من أحاديث النهي وقوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] , والمصلي فيها أو على ظهرها غير مستقبل لجهتها أما النافلة فمبناها على التخفيف والمسامحة، بدليل صحتها قاعدًا وإلى غير القبلة وعلى الراحلة في السفر. ¬

_ (¬1) في النجديات، ط على. (¬2) لأنه قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى تطوعًا في الكعبة بين العمودين اليمانيين من طريق ابن عمر عن بلال بن رباح وكان ممّن دخل معه - صلى الله عليه وسلم -. والحديث رواه البخاري 6/ 92 ومسلمٌ برقم 1329. (¬3) ما بين القوسين من ب. (¬4) في جـ الأوقاف. (¬5) في النجديات الصلاة وفي ط الصلاة هي الفرص. (¬6) في د تصح. (¬7) بداية المجتهد 1/ 117 وشرح الموطأ للزرقاني 2/ 355. (¬8) في ب، جـ للصللاة. (¬9) انظر بدائع الصنائع 1/ 115 - 116 ومغني المحتاج 1/ 144، 145، 203.

ومن باب صفة الصلاة, وما يلحق بها

ومن باب صفة الصلاة, وما يلحق (¬1) بها أي: كيفيتها التي تفعل عليها: وسائر التكبير في الصلاة ... فالنص عنه بالوجوب آتى كذاك في التسميع والتحميد ... تسبيحي (¬2) الركوع والسجود يعني: أن واجبات الصلاة عشرة أشياء على ما ذكره المصنف، فتجب (¬3) مع الذكر وتسقط مع السهو، فمنها تكبير الانتقال جميعه في حق كل مصل غير ركوع مسبوق أدرك إمامه راكعًا (¬4)، ومنها التسميع لغير المأموم (¬5) والتحميد للمأموم والإمام والمنفرد، ومعنى التسميع قول: سمع الله لمن حمده. ومعنى التحميد قول: ربنا ولك الحمد، وذلك لحديث أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة يكبر حين (¬6) يقوم ثم يكبر حين يركع ثم يقول: "سمع الله لمن حمده" حين يرفع صلبه من الركوع ثم يقول وهو قائم: "ربنا ولك الحمد" ثم (يكبر حين يهوي ساجدًا ¬

_ (¬1) ما بين القوسين من نظ. (¬2) في أ، ب تسبحتي. (¬3) في أ، ب، جـ فيجب. (¬4) فإنه تجزيه تكبيرة الإحرام عن تكبيرة الركوع وإن قدر على أن يأتي بها فحسن. (¬5) في د، س الإمام. (¬6) و (7) في أ, جـ حتى.

ثم يكبر حين يرفع رأسه ثم يكبر حين يسجد ثم يكبر حين يرفع رأسه ثم) (¬1) يفعل (¬2) مثل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها وكبر حين (¬3) يقوم من الثنتين (¬4) بعد الجلوس. [متفق عليه] (¬5). وعن ابن مسعود قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكبر في كل خفض ورفع وقيام وقعود وأبو بكر وعمر .. رواه أحمد والترمذيُّ وقال: حسنٌ صحيحٌ (¬6) وقد (¬7) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا كما رأيتموني أصلي" وقال: "إنمَّا جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا" متفق (¬8) عليه. والأصل في الأمر أنه للوجوب. وأما المسبوق إذا أدرك (¬9) الإمام راكعًا فتجزيه تكبيرة الإحرام عن تكبيرة الركوع لكن السنة أن يأتي بها أيضًا (¬10). ومن الواجبات أيضًا التسبيحة الأولى في الركوع والسجود لحديث (¬11) عقبة بن عامر قال: لما نزلت، {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)} (¬12) وقال ¬

_ (¬1) سقط من ط. (¬2) في ط يعقد وهو تصحيف. (¬3) في أ، ب حتى. (¬4) في ب، جـ، ط اثنتين. (¬5) البخاري 2/ 225 - 226 ومسلمٌ برقم 392 والنسائيُّ 2/ 233. (¬6) انظر الفتح الرباني 3/ 246 - 247 والترمذيُّ برقم 253 والنسائيُّ 2/ 195. (¬7) في النجديات، ط قال: وما أثبته هو الصواب لا سيما وأن هذا الحديث من رواية مالك بن الحويرث وليس من رواية ابن مسعود. انظر البخاري 1/ 162. (¬8) البخاري 2/ 174 ومسلمٌ برقم 414 وأبو داود 603 والنسائيُّ 2/ 141 - 142. (¬9) كررت في ب. (¬10) يرى المالكية أن ما سوى تكبيرة الإحرام من التكبيرات سنة مؤكدة يجب سجود السهو لتركها، وقالت طائفة منهم: يجب إعادة الصلاة لتركها عمدًا، وهذا هو معنى الوجوب عند الحنابلة فالخلاف حينئذ بين الحنابلة وبين هذه الطائفة من المالكية لفظي .. انظر المقدمات الممهدات 1/ 117. (¬11) في أ، ب، ج، هـ، طا ولحديث. (¬12) سورة الواقعة آية 74.

النبي- صلى الله عليه وسلم -: "اجعلوها في [ركوعكم، ولما نزل {سَبِّحِ اسْمَ (¬1) رَبِّكَ الْأَعْلَى} قال: اجعلوها في] (¬2) سجودكم" (¬3). وحديث ابن مسعود: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا ركع أحدكم فليقل: سبحان ربي العظيم ثلاث مرات وذلك أدناه، وإذا سجد فليقل: سبحان ربي الأعلى ثلاثًا وذلك أدناه" رواهما ابن ماجة وأبو داود (¬4) ولم يقل ثلاث مرات وما زاد على المرة فيهما سنة. * * * والجلسة الأولى مع (¬5) التشهد ... ...................... أي: ومن واجبات الصلاة أيضًا التشهد الأول والجلوس له لفعله - صلى الله عليه وسلم - وقوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وفي لفظ لابن مسعود مرفوعًا: "فإذا صلى أحدكم فليقل: التحيات لله .. " الحديث (¬6) المتفق (¬7) عليه. والأصل في الأمر الوجوب (¬8). * * * ...................... ... ثانية التسليم في المجرد (¬9) ورحمة الله وربي اغفر لي ... فكل (¬10) هذا واجب في النفل ¬

_ (¬1) في ط باسم وهو غلط. (¬2) ما بين القوسين سقط من س. (¬3) أبو داود برقم 869 وابن ماجة برقم 887. (¬4) أبو داود برقم 886 والترمذيُّ برقم 360 وقال الترمذيُّ: إسناده ليس بمتصل عون بن عبد الله بن عتبة لم يلق ابن مسعود. وقد أخرجه أيضًا ابن ماجة برقم 890. (¬5) في ب، ج، هـ في. (¬6) في النجديات، ط للحديث. (¬7) البخاري 2/ 257 - 261 ومسلمٌ برقم 402. (¬8) وهما أيضًا عند الحنفية من واجبات الصلاة يجب لتركهما سهوًا سجود السهو. انظر بدائع الصنائع 1/ 171 - 172 وكنز الدقائق 1/ 1/ 317 - 318. (¬9) في ب، د، س، ط المجود. (¬10) في نظ، د، س وكل.

أي: ومن واجبات الصلاة التسليمة الثانية وقوله في التسليمتين (¬1): "ورحمة الله" في غير صلاة جنازة فيهما لحديث بن مسعود قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسلم حتى يرى بياض خده عن يمينه ويساره. وعن جابر بن سمرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه (¬2) عن يمينه وشماله"، رواهما مسلم (¬3) وفي لفظ حديث ابن مسعود: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم عن يمينه [ويساره] (¬4): "السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله" قال الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ صحيح (¬5). وأما صلاة الجنازة فيكفي فيها: السلام عليكم مرة؛ لأن مبناها على التخفيف. وما ذكره الناظم رواية (¬6) والصحيح أن التسليمتين [ركن (¬7)] في غير الجنازة [وسجود التلاوة] (¬8) وقوله: "ورحمة الله" ركن لا يسقط عمدًا ولا سهوًا ولا جهلًا لما تقدم من الأدلة ومشى عليه في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها (¬9)، وعنه التسليمة الثانية سنة مطلقًا. وعنه سنة في النفل فقط. ومن واجبات الصلاة أيضًا قول: ربي اغفر لي بين السجدتين، لحديث حذيفة أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان يقول بين السجدتين: "ربي ¬

_ (¬1) في النجديات، ط وقوله التسلميتين وفي هـ وقوا التسلميتين. (¬2) سقط النجديات، ط على أخيه. (¬3) مسلم برقم 581، 431. (¬4) ما بين القوسين من ب، ط. (¬5) الترمذيُّ برقم 295 وأبو داود برقم 996 قال في التلخيص 1/ 270: قال العقيلي: والأسانيد صحاح ثابتة في حديث ابن مسعود في تسليمتين ولا يصح في تسليمة واحدة شيء. (¬6) في برواه. (¬7) سقطت من الأزهريات. (¬8) سقطت من النسخ الأزهرية قوله وسجود التلاوه. (¬9) في ب، جـ وغيرهما.

اغفر لي ربي اغفر لي" (¬1). النسائي وابن ماجة (¬2)، وقال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" والأصل في الأمر الوجوب. وقال الجمهور: جميع ما ذكر سنة لأنه لم يعلمه المسيء في صلاته ولو كان واجبًا لعلمه إياه وأجيب عنه بأنه لم يعلمه أيضًا التشهد الأخير ولا السلام ولعله اقتصر على تعليمه ما أساء فيه فقط (¬3). والأنف كالجبهة في السجود ... عليهما أوجبه للمعبود أي: يجب السجود على الأنف [كالجبهة] (¬4) فلا تصح الصلاة إذا تركه مع القدرة لحديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم الجبهة" (¬5) -وأشار بيده إلى أنفه- واليدين والركبتين وأطراف القدمين [متفق (¬6) عليه]، وإشارته إلى أنفه تدل على إرادته وللنسائي (¬7) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم الجبهة والأنف واليدين والركبتين والقدمين" (¬8). ومن سها عن جلسة التشهد ... وقام للثالثة (¬9) اسمع مقصدي جاز له الرجوع ما لم يقرأ ... ومع تمام النصب فاكره تبرأ ¬

_ (¬1) في النجديات، ط ربي أغفر لي مرة واحدة. (¬2) النسائي 3/ 226 وابن ماجة برقم 897 وسنده عند ابن ماجة صحيح. أما النسائي فقال: هذا الحديث عندي مرسل وطلحة بن يزيد لا أعلمه سمع من حذيفة شيئًا وغير العلاء بن المسيب قال في هذا الحديث عن طلحة عن رجل عن حذيفة: والرجل الذي لم يسمه النسائي هو على الراجح صلة بن زفر العبسي كما ذكره الطيالسي. انظر إرواء الغليل 2/ 42 - 43. (¬3) انظر بدائع الصنائع 1/ 167 والكافي لابن عبد البر 1/ 206 - 209. (¬4) سقطت من د. (¬5) البخاري 2/ 245 - 246 ومسلمٌ برقم 490. (¬6) النسائي 2/ 208. (¬7) وإلى وجوب السجود على الأنف مع الجبهة ذهب الأوزاعي وإسحاق وابن حبيب من المالكية وهو قول للشافعي قوّى النووي دليله. المجموع 3/ 398. (¬8) في أ، ب، جـ لثالثة. (¬9) سقطت من النجديات، ط، وفي س الثانية.

يعني: إن نسي التشهد الأول وحده أو مع الجلوس ونهض للركعة الثالثة لزمه الرجوع والإتيان به (¬1) إن لم يستتم قائمًا فإن استتم قائمًا (¬2) ولم يشرع في القراءة كره له الرجوع وإن شرع في القراءة حرم عليه الرجوع (¬3) لما روى المغيرة بن شعبة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائمًا فليجلس وإذا استتم قائمًا فلا يجلس ويسجد (¬4) سجدتي السهو". رواه أحمد وأبو (¬5) داود وابن ماجة من رواية جابر الجعفي وقد تكلم فيه (¬6) ولأنه ترك واجبًا فلزمه الإتيان به إذا ذكره (¬7) قبل أن ينتصب قائمًا كما لو لم تفارق ركبتاه الأرض، وإنما جاز رجوعه بعد القيام، لأنه ركن ليس بمقصود بنفسه ولهذا جاز تركه في مواضع بخلاف غيره من الأركان (¬8) ولهذا لا يرجع إذا شرع في القراءة (¬9)، كما لو شرع في الركوع، ¬

_ (¬1) في النجديات، ط بها. (¬2) سقط من ب (فإن استتم قائمًا). (¬3) الذي أشار إليه الناظم أنه من مفردات الإمام أحمد هو جواز الرجوع بعد أن يستتم قائمًا. وقد أجازه الإمام أحمد مع الكراهة أما رجوعه قبل أن يستتم قائمًا فهذا مذهب الجمهور. انظر بدائع الصنائع 1/ 171، ومغني المحتاج 1/ 207 والكافي لابن عبد البر 1/ 231. (¬4) في النجديات، ط وسجد. (¬5) سقط من النجديات، ط. (¬6) الفتح الرباني 1/ 152 وابن ماجة برقم 1208 ورواه أبو داود برقم 10237 قال الشوكاني في نيل الأوطار 3/ 136: وقد أخرجه أيضًا الدارقطني والبيهقيُّ ومداره على جابر الجعفي وهو ضعيف جدًا، وقد قال أبو داود: ولم أخرج عنه في كتابي غير هذا الحديث. (¬7) في النجديات، ط تركه وفي هـ تذكره. (¬8) وهو وجه في مذهب المالكية قال ابن عبد البر في الكافي 1/ 231: ومن قام من اثنتين واعتدل قائمًا ثم رجع إلى جلوسه سجد بعد سلامه ولا شيء عليه، وكان الأولى به أن لا يرجع بعد اعتداله قائمًا، ويسجد قبل السلام، ولا وجه لقول من قال من أصحابنا: إن صلاته قد فسدت برجوعه لأنه رجع إلى أصل ما كان عليه وقد قيل في هذه المسألة: أنه يسجد بعد رجوعه أيضًا قبل السلام والأول تحصيل المذهب. (¬9) في ط القرآن.

لأن ذلك مقصود لذاته، وكذا كل ذكر واجب تركه سهوًا وكذا حكم المسبوق إذا سلم إمامه وقام (¬1) لقضاء ما فاته فسجد الإمام للسهو ففي رجوعه ما سبق من التفصيل قياسًا على التشهد. والأسود البهيم في الكلاب ... يقطع إن مر بلا ارتياب وهكذا المرأة والحمار ... صلاة من بين يديه ساروا يعني (¬2) إذا مر بين المصلي وبين (¬3) سترته أو بين يديه قريبًا منه إن لم تكن ستره (¬4) كلب أسود بهيم وهو ما لا لون فيه سوى السواد أو امرأة (¬5) أو حمار (¬6) بطلت صلاته (لما روى أبو ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬7)): "إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل مؤخرة الرجل (¬8) فإن لم يكن فإنه يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب الأسود"، وقال عبد الله بن الصامت: (يا أبا ذر) (¬9) ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر؟ قال: يا بن أخي سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سألتني فقال: "الكلب الأسود شيطان". رواه مسلم وأبو داود وغيرهما (¬10) وما ذكره المصنف من كون المرأة والحمار تبطل الصلاة بمرورهما رواية اختارها المجد ورجحها الشارح وقدمها في المستوعب وابن تميم وحواشي ابن مفلح (¬11). ¬

_ (¬1) في طا وقد. (¬2) في النجديات، ط أي إذا. (¬3) سقطت من النجديات، ط. (¬4) في النجديات، يكن وفي د سترته. (¬5) في النجديات، ط وأمرأة. (¬6) في جـ، ط وحمار وفي ألف أو حماره. (¬7) ما بين القوسين من ب وفي بقية النسخ لقوله عليه الصلاة والسلام. (¬8) مؤخرة الرجل أو آخرته بالمد: الخشبة التي يستند إليها الراكب من كور البعير. النهاية 1/ 29. (¬9) ما بين القوسين من ب. (¬10) مسلم برقم 510 وأبو داود برقم 703 والترمذيُّ برقم 338. (¬11) وهو مذهب الظاهرية قال ابن حزم في المحلي 4/ 8: ويقطع صلاة المصلي كون =

وعنه لا تبطل بمروهما وهي المذهب نقلها الجماعة عن الإمام أحمد وجزم بها الخرقي وصاحب المبهج والوجيز والإفادات والمنور والمنتخب قال في المغني: هي المشهورة (¬1)، وصححها في التصحيح وغيره وجزم بها في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرهم لأن زينب بنت أبي سلمة مرت بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يقطع صلاته. رواه أحمد وابن ماجة بإسناد حسن (¬2) وعن الفضل بن عباس قال: أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في بادية فصلى في الصحراء ليس بين يديه سترة وحمار لنا وكلب يعبثان فما بالى ذلك (¬3)، رواه أبو داود (¬4). ¬

_ = الكلب بين يديه مارًا أو غير مار، صغيرًا أو كبيرًا، حيًا أو ميتًا. أو كون الحمار بين يديه كذلك أيضًا، وكون المرأة بين يدي الرجل مارة أو غير مارة، صغيرة، أو كبيرة، إلا أن تكون مضطجعة معترضة فقط فلا تقطع الصلاة حينئذ، ولا يقطع النساء بعضهن صلاة بعض. واختاره شيخ الإِسلام ابن تيمية في الفتاوى 21/ 14 - 16 وقواه ابن القيم في زاد المعاد 1/ 79 فذكر أنه ثبت من رواية أبي ذر وأبي هريرة وابن عباس وعبد الله بن مغفل وذكر أن معارض هذه الأحاديث قسمان صحيح غير صريح وصريح غير صحيح فلا تترك لمعارض هذا شأنه. (¬1) المغني 2/ 249. (¬2) الفتح الرباني 3/ 135 وابن ماجة برقم 948 قال في بلوغ الأماني: وفي إسناده ضعف لأن ابن ماجة رواه عن محمَّد بن قيس عن أبيه وأحمدُ رواه عن محمد بن قيس عن أمه وكلاهما لا يعرف. (¬3) في د بذلك. (¬4) أبو داود برقم 718.

ومن باب سجود السهو

ومن باب سجود السهو قال في النهاية (¬1): السهو في الشيء تركه من غير علم والسهو عن الشيء تركه مع العلم به. ومن (¬2) قرأ القرآن في التشهد ... أو عكسه فقس عليه واقتد أو (¬3) جاء في ثالثه للظهر ... بسورة أو مغرب أو عصر إذا أتى بذاك سهوًا يشرع ... له السجود في الأصح فاسمعوا أي: يسن السجود إذا أتى بقول مشروع في الصلاة غير السلام في غير موضعه، كإن قرأ في موضع التشهد أو راكعًا أو ساجدًا أو تشهد قائمًا أو راكعًا أو ساجدًا أو قرأ سورة في غير الأوليين من مغرب أو ظهر أو عصر أو عشاء أو أتى بتسبيح الركوع في السجود أو عكسه ونحوه ليسجد (¬4) للسهو استحبابًا في أصح الروايتين لعموم قوله -عليه السلام-: "إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس". رواه مسلم (¬5). ولا يجب السجود لسهوه لأن عمده لا يبطل الصلاة بخلاف السلام قبل إتمامها. وأما إن أتى فيها بذكر أو دعاء لم يرد به الشرع كقوله: آمين رب ¬

_ (¬1) النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 430. (¬2) في، نظ من. (¬3) في أ، س، جاء، في جـ وإن. (¬4) في د فيسجد. (¬5) مسلم برقم 572.

العالمين، وقوله في التكبير: الله أكبر كبيرًا ونحوه لم يشرع له سجود السهو (¬1) , لأنه روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سمع رجلًا يقول في الصلاة: الحمد لله حمدًا كثيراً طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى (¬2) فلم يأمره بالسجود. ولا يسن السجود لتركه (¬3) سنة قولية أو فعلية؛ لأنه لا يمكن التحرز من تركها لكنه مباح فلا (¬4) تبطل الصلاة به (¬5). ومن سها عن ركن ركعة فلم ... يذكره حتى يقراءة (¬6) الأخرى ألم فإنه نبطل تلك الركعة ... فقط ولا تقل إذا بالرجعة يمتنع الرجوع بالشروع ... ومالك قيد بالركوع والشافعيُّ (¬7) والنعمان فيما (¬8) حققا ... يرجع قالا: عندنا (¬9) ذا مطلقًا يعني: إذا ترك ركنًا كركوع أو سجود أو طمأنينة ونحوه سهوًا ولم يذكره حتى شرع في قراءة الركعة التي تليها بطلت (¬10) التي تركه منها فقط، ¬

_ (¬1) ليست في الأزهريات. (¬2) أبو داود برقم 773 والنسائيُّ 2/ 196. (¬3) في النجديات، هـ، ط لترك. (¬4) في د، س لا. (¬5) يرى بعض العلماء أنه لا يجوز السجود لترك سنة من السنن؛ لأن سجود السهو زيادة في الصلاة فلا يجوز إلا بتوقيف فلو فعله لشيء من ذلك ظانًا جوازه بطلت صلاته إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام أو بعيدًا عن العلماء، ذكر ذلك البغوي ونقله الشربيني في مغني المحتاج هـ1/ 206. (¬6) في ط (يذكره حتى بقراءة ألم). وقد ذكر الناشر في الحاشية أن في النسختين اللتين اعتمد عليهما نحو ما أثبته هنا وقد زعم أنه تركه لأنه لا يستقيم معه الوزن وذلك غير صحيح وفي نظ. (يذكر حتى بقراءة الأخرى ألم). (¬7) في جـ د، هـ، ط والشافعيُّ النعمان. (¬8) في أفيها. (¬9) في نظ يرجع قالا ذا عندنا مطلقًا وفي ب سقطت (ذا). (¬10) لو قال: لغت لكان أحسن لأن العبادة إذا حكم عليها بالبطلان حكم عليها كلها.

ولا يرجع ليأتي بالركن المتروك وما بعده بل يمضي في صلاته. والركعة التي تليها تكون مكانها عوضها (¬1) نص عليه في رواية جماعة. وقال مالك: إن ذكر قبل رفعه من ركوع الثانية رجع واعتد بالركعة الأولى، وإن ذكر بعد رفعه من ركوع الثانية ألغى الأولى (¬2). (و) (¬3) قال أبو حنيفة والشافعيُّ: يرجع إلى المتروك مطلقًا فيأتي به لكن عند الشافعية يرجع إليه ما لم يصل إلى مثله فتلغو الركعة (¬4). ولنا أن المزحوم في الجمعة إذا زال الزحام والإمام راكع في الثانية فإنه يتبعه ويسجد معه ويكون السجود من الثانية دون الأولى كذا هنا. فأما إن ذكر قبل الشروع في القراءة أعاد (¬5) فأتى به وبما بعده, لأنه ذكره في موضعه فلزمه الإتيان به كما لو ترك سجدة من الركعة الأخيرة فذكرها قبل السلام فإنه يأتي بها في الحال، وإن علم بعد السلام فهو كتركه (¬6) ركعة، إن طال الفصل أو أحدث أو تكلم ابتدأ الصلاة لتعذر البناء وإلا أتى بركعة كاملة. سجدتي السهو فقل قبل السلام ... وبعده في صورتين والسلام سلم من نقصانها فيما نقل ... كذا إمام شك بالظن عمل يعني: أن سجود السهو محله ندبا قبل السلام في جميع الصور إلا في صورتين (¬7). إحداهما: أن يسلم قبل إتمام صلاته فيندب (¬8) له السجود بعد ¬

_ (¬1) في النجديات، ط غوضًا. (¬2) في النجديات، ط غوضًا. (¬3) سقطت من أ، جـ ط. (¬4) فتح القدير 1/ 393 - 394 ومغني المحتاج 1/ 178 - 179. (¬5) في أ، ب عاد وفي ج! ط، أعاد. (¬6) في النجديات، ط كتركه. (¬7) يوجد في النجديات، هـ, ط بعد كلمة صورتين إلى آخره. (¬8) في ط فيثبت.

السلام (¬1)، لحديث ذي اليدين وعمران بن حصين، فإن فيه فصلى الركعة التي كان ترك ثم سلم ثم سجد سجدتي السهو ثم سلم، رواه (¬2) مسلم. الثانية: إذا كان إمامًا و (¬3) شك في عدد الركعات وبنى على غلبة ظنه فإنه يسجد بعد السلام أيضًا ندبًا، لحديث ابن مسعود (¬4)، نص على ذلك في رواية الأثرم. فقال: أنا أقول كل (¬5) سهو جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سجد (¬6) فيه بعد السلام (فإنه يسجد فيه بعد السلام) (¬7). وسائر السهو سجد فيه قبل السلام لأنه من شأن الصلاة فكان فيها كسجود صلبها، وإنما خولف في الصورتين (¬8) للنص لكن الصورة الثانية (¬9) مبنية على كون الإمام يعمل عند الشك بظنه لأن له من ينبهه (¬10) إن أخطأ ¬

_ (¬1) في النجديات، ط بعد السلام له. (¬2) حديث ذي اليدين رواه البخاري3/ 77 - 78 ومسلمٌ برقم 573 وأبو داود برقم 1008، 1109. وحديث عمران رواه مسلم برقم 574 وأبو داود برقم 1018 والنسائيُّ 2/ 26. (¬3) في ب أو. (¬4) يشير إلى ما رواه إبراهيم النخعي عن علقمة عن ابن مسعود قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال إبراهيم: زاد أن نقص، فلما سلم قيل له: يا رسول الله، حدث في الصلاة شيء؟ قال: "لا وما ذاك؟ " قالوا: صليت كذا وكذا، فثنى رجليه واستقبل القبلة فسجد سجدتين، ثم سلم ثم أقبل علينا بوجهه فقال: "إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به. ولكن إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلِّم ثم ليسجد سجدتين". رواه البخاري 1/ 422، 423 ومسلمٌ برقم 572 وأبو داود برقم 1019، 1020، 1021 والترمذيُّ برقم 392، 393 والنسائيُّ 3/ 31، 23. (¬5) في أ، ج، ط لكل. (¬6) في أ، ج، ط يسجد. (¬7) ما بين القوسين من ب. (¬8) في النجديات الصورتان. (¬9) سقطت من د، س. (¬10) في د ينبه.

والمذهب أنه يبني على اليقين حتى ينبهوه (¬1). وإذا سجد ما قلنا إنه قبل السلام بعده أو العكس صح لأن كونه قبله أو بعده ندب فقط، وحيث سجد بعد السلام فإنه يتشهد بعد السجود (¬2)، ويسلم لحديث عمران بن حصين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم فسها فسجد بهم (¬3) سجدتين ثم تشهد ثم سلم. رواه أبو داود والترمذيُّ وقال: حديث حسن (¬4)، ولأنه سجود له تسليم فكان له تشهد كسجود صلب الصلاة. ويحتمل أنه لا يجب التشهد لأن ظاهر الحديثين الأولين أنه سلَّم (¬5) من غير تشهد، وهما أصح من هذه الرواية، ولأنه سجود منفرد (¬6) أشبه سجود التلاوة قاله في الشرح (¬7)، ومراده بالحديثين الأولين حديث عمران بن حصين الذي رواه مسلم قال فيه: سجد سجدتي السهو ثم سلم (¬8)، وحديث ابن مسعود: ثم سجد سجدتين ثم سلم (¬9). ¬

_ (¬1) معنى البناء على اليقين أن يأخذ بالأقل في عدد الركعات فإذا شك هل صلى ثلاثًا أو أربعًا؟ فليجعلها ثلاثًا لأنها اليقين، وإذا شك هل أتى بالركن أم لا؟ فاليقين عدمه فيأتي به ويتم صلاته. الروض المربع 2/ 166 - 168. (¬2) في النجديات، ط السلام. (¬3) سقطت من النجديات، هـ ط. (¬4) أبو داود برقم 1039 والترمذيُّ برقم 395 وقال الحافظ ابن حجر في الفتح 3/ 79: قال الترمذيُّ: حسن غريب، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ... وضعفه البيهقي وابن عبد البر وغيرهما ووهموا رواية أشعت -يعني: هذه- لمخالفته غيره من الحفاظ عن ابن سيرين .. فصارت زيادة أشعت شاذة ولهذا قال ابن المنذر: لا أحسب التشهد في سجود السهو يثبت، لكن قد ورد في التشهد في سجود السهو عن ابن مسعود عند أبي داود والنسائيُّ، وعن المغيرة عند البيهقي وفي إسنادها ضعف، وقد يقال إن الأحاديث الثلاثة في التشهد باجتماعها ترتقي إلى درجة الحسن، قال العلائي: وليس ذلك ببعيد، وقد صح ذلك عن ابن مسعود من قوله. أخرجه ابن أبي شيبة. وفي النجديات وهـ وط أن الترمذيُّ قال: حسنٌ صحيحٌ. (¬5) في ط يسلم. (¬6) ف د، مفرد. (¬7) الشرح الكبير 1/ 704. (¬8) مسلم برقم 574. (¬9) البخاري 1/ 422 - 423 ومسلمٌ برقم 572.

ومن باب صلاة التطوع وسجود التلاوة

ومن باب صلاة (¬1) التطوع وسجود التلاوة التطوع: لغة فعل (¬2) الطاعة وشرعًا: طاعة غير واجبة، والنفل والنافلة: الزيادة، والتنفل (¬3): التطوع. من وتره بركعات (¬4) خمس ... بجلسة ترد لا بالعكس أقل الوتر ركعة، وأكثره إحدى عشرة (¬5) للأخبار، وأدنى الكمال ثلاث بسلامين، ويجوز بواحد (¬6) سردًا (¬7) وإذا أوتر بخمس سردها فلا يجلس إلا في آخرها (¬8) لحديث عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء منها إلا في آخرها .. [متفق عليه] (¬9). ¬

_ (¬1) في أ، ب، ج، طا سجود التطوع. (¬2) في أ، ب نفل. (¬3) في د نفل. (¬4) في د بركعاتان. (¬5) في ط عشر. (¬6) في النجديات، ط بواحده. (¬7) أي: ويجوز ثلاث سردًا بسلام واحد. (¬8) وهذه الصورة من صور الوتر عند الشافعية فقد نص النووي على جواز الإيتار بخمس بتشهد واحد في آخر. وإن فعلها بتشهدين وسلام واحد يجلس في الآخرة والتي تليها جاز. المجموع 3/ 507. (¬9) مسلم برقم 737 ولم أجده في البخاري مع البحث الكثير عنه في مظانة منه وبواسطة المعاجم.

وهكذا الوتر بسبع يفعل ... إذ مثله عن النبي ينقل أي: إذا أوتر بسبع سردها فلا يجلس إلا في آخرها (¬1) لحديث ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "توضأ ثم صلى سبعًا أو خمسًا أوتر بهن لم يسلم إلا في آخرهن" .. رواه مسلم (¬2) وعن أم سلمة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوتر بسبع أو خمس لا يفصل بتسليم .. رواه النسائي (¬3). ومن يكن بالتسع أيضًا صانعه ... فجلستين الثامنة والتاسعة أي: من أوتر بتسع ركعات سرد ثمانيًا ثم يجلس فيتشهد التشهد الأول ثم يقوم فيأتي بالتاسعة ثم يتشهد التشهد (¬4) الثاني ويسلم (¬5)، لفعله عليه السلام. رواه مسلم (¬6) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. وقيل في السبع كذا تفعل لا ... كالخمس والشيخ (¬7) لهذا نقلًا يعني: إذا أوتر بسبع قيل: إنه يسرد ستًا ويتشهد التشهد الأول ثم يقوم فيأتي بالركعة السابعة ثم يتشهد التشهد الأخير ويسلم (¬8)، واختاره ¬

_ (¬1) وهذه أيضًا من صور الوتر عند الشافعية. انظر المجموع 3/ 507. (¬2) لم أجد هذا الحديث في مسلم وهو في أبي داود برقم 1356 وقد عزاه في المغني 1/ 709 إلى أبي داود فقط وفي الشرح الكبير 1/ 715 إلى مسلم وأبي داود. (¬3) النسائي 3/ 237 ولفظه، لا يفصل بينهن بتسلم. (¬4) سقط من د، هـ. (¬5) وهذه صورة أخرى من صور الوتر عند الشافعية وعندهم صورة أخرى في الإيتار بتسع وأنه لا يجلس إلا في آخرها. المجموع 2/ 507. (¬6) مسلم برقم 746 وأبو داود برقم 1346. (¬7) في أالسيخ. (¬8) وهذه صورة أخرى من صور الوتر عند الشافعية فيما إذا أوتر بسبع والصورة الثانية أن لا يجلس إلا في آخرها وقد ذكرها المصنف قبل قليل وخلاصة القول: أن مذهب الشافعية يجيز الإيتار بخمس وبسبع وبتسع وبإحدى عشرة ويخير المكلف بين أن يجمعها بتشهد واحد في آخرها أو يصليها بتشهدين وسلام واحد يجلس في الآخرة والتي قبلها. المجموع 3/ 507.

الشيخ الموفق والشارح وغيرهما، لأن حديث عائشة من رواية أبي داود: أوتر بسبع لم يجلس إلا في السادسة والسابعة ولم يسلم إلا في السابعة (¬1). رفع اليدين في سجود التالي ... لو (¬2) في الصلاة جاء عن رجال أي: يسن لمن سجد للتلاوة قارئًا كان أو مستمعًا أن يرفع يديه إذا أراد السجود ولو كان في صلاة (¬3) نص عليه وهو المذهب لما روى وائل بن حجر قال: قلت: لأنظرن (¬4) إلى صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يكبر إذا خفض ورفع ويرفع يديه في التكبير (¬5) قال أحمد: هذا يدخل في هذا كله. وفيه رواية أخرى: لا يرفع يديه في الصلاة اختاره القاضي قال الشارح: وهو قياس المذهب لقول ابن عمر: وكان لا يفعل ذلك في السجود متفق (¬6) عليه (ويتعين تقديمه على حديث وائل بن حجر؛ لأنه أخص منه ولذلك قدم عليه) (¬7) في سجود الصلب كذلك ها هنا (¬8). ومن يكن سامع لا مستمعًا ... سجوده فليس في ذا (¬9) شرعًا يعني: أن سجود التلاوة ليس سنة للسامع الذي لم يقصد الاستماع روي ذلك عن عثمان وابن عباس وعمران بن حصين وبه قال مالك (¬10) (¬11). ¬

_ (¬1) أبو داود برقم 1342. (¬2) في د أو. (¬3) في النجديات، ط الصلاة. (¬4) في النجديات لأنظر وفي ط قال إني لأنظر. (¬5) أحمد في المسند 4/ 316 ولفظه: أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان يكبر إذا خفض وإذا رفع ويرفع يديه عند التكبير ويسلم عن يمينه وعن يساره. (¬6) البخاري 2/ 181 ومسلمٌ برقم 390. (¬7) ما بين القوسين سقط من أ، ح!، هـ ط. (¬8) الشرح الكبير 1/ 791. (¬9) في ط مستمًا بدل مستمعًا. وفي النجديات في الشطر الثاني فليس هذا شرعًا. (¬10) بداية المجتهد 1/ 225. (¬11) وهو وجه في مذهب الشافعية. قال النووي في المجموع 3/ 552: وبه قطع أبو حامد والبندنيجي.

وقال أصحاب الرأي: عليه السجود؛ وروي نحوه (¬1) عن ابن عمر والنخعي وإسحاق، لأنه سامع للسجدة أشبه المستمع (¬2). وقال الشافعي: لا أؤكد (¬3) عليه السجود وإن سجد فحسن (¬4). ولنا ما روي عن عثمان أنه مرَّ بقاص فقرأ القاص (¬5) سجدة ليسجد عثمان معه فلم يسجد وقال: إنَّما السجدة على من استمع (¬6). وقال ابن مسعود وعمران ما جلسنا لها (¬7) ولم يعلم لهم مخالف في عصرهم. فأما ابن عمر فإن ما روي عنه أنه قال: إنما السجدة على من سمعها (¬8)؛ فيحتمل أنه أراد من سمعها (¬9) قاصدًا وينبغي حمله على ذلك جمعًا بين أقوالهم، ولأن السامع لا يشارك التالي في الأجر فلم يشاركه في السجود كغيره، أما المستمع فقد قال -عليه السلام-: "التالي والمستمع شريكان في الأجر" (¬10) فلا يقاس عليه غيره. ¬

_ (¬1) في النجديات، هـ، ط عنه. (¬2) انظر حاشيه ابن عابدين 2/ 104 - 105. (¬3) في النجديات، ط الأكد وفي هـ لا أكد. (¬4) المجموع 3/ 551. (¬5) في د، ط مر بقاض فقرأ القاضي. (¬6) البخاري تعليقًا 2/ 460 وبدون ذكر السبب الذي ساقه المصنف ورواه بتمامه عبد الرزاق في مصنفه 4/ 344 قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب أن عثمان. الأثر. (¬7) أما أثر ابن مسعود فلم أجده. وأما أثر عمران فقد روى ابن أبي شيبة عن مطرف قال: سألت عمران بن حصين عن الرجل لا يدري أسمع السجدة أو لا؟ فقال: وسمعها أو لا، فماذا؟. وروى عبد الرزاق عن مطرف أن عمران مر بقاص فقرأ القاص السجدة فمضى عمران ولم يسجد معه. قال ابن حجر في فتح الباري 2/ 460: إسنادهما صحيح. (¬8) ابن أبي شيبة في مصنفه 3/ 5 - 6 وسكت عليه الزيلعي في نصب الراية 2/ 178. (¬9) في ب استمعها. (¬10) لم أجده وهو في الشرح الكبير 1/ 780.

وقوله سامع خبر يكن (¬1) منصوب ولم ينونه للضرورة أو سجد الإمام في الإخفات مأمومه إن شاء لا يواتي. يعني: إن قرأ الإِمام آية سجدة في صلاة سر وسجد لها لم يلزم المأموم متابعته، لأنه ليس بمسنون للإمام ولم يوجد (¬2) الاستماع المقتضي للسجود. قال الموفق: والأولى السجود لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا سجد فاسجدوا" (¬3) وما ذكروه (¬4) يبطل بما إذا كان المأموم بعيدًا أو أطروشًا (¬5) في صلاة الجهر، فإنه يسجد بسجود (¬6) إمامه وإن لم يسمع (¬7). ويكره للإمام قراءة آية السجدة في صلاة سرية وفاقًا لأبي حنيفة (¬8). وقال الشافعي: (لا يكره (¬9)) لما روى ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في الظهر ثم قام فركع فرأى أصحابه أنه قرأ سورة السجدة رواه أبو داود (¬10) وقال (¬11) الموفق: واتباع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى (¬12). ¬

_ (¬1) في ب ليكن. (¬2) في ط يوجه. (¬3) سبق تخريجه. (¬4) في النجديات، هـ، ط وما ذكره. (¬5) الأطروش: والأطروش الأصم من الطرش وهو الصمم وقيل: أهونه وقيل: هو مولد. لسان العرب. (¬6) في ب، د، سجود. (¬7) قد يبدو أن قوله: (وما ذكروه يبطل) إلخ. رد على الموفق وليس كذلك بل هو من كلام الموفق يرد به على طائفة من الحنابلة كرهوا قراءة السجدة في السرية. انظر المغني 1/ 654 والشرح الكبير 1/ 792. (¬8) انظر حاشة ابن عابدين 2/ 122. (¬9) انظر مغني المحتاج 1/ 216. (¬10) أبو داود برقم 807 وفيه أمية شيخ لسليمان التيمي وهو لا يعرف. وقد أخرج الحديث الحاكم. والطحاويُّ. انظر تلخيص الحبير 2/ 10. (¬11) سقطت الواو من د، س. (¬12) المغني 1/ 654.

مستمع سجوده لا يشرع ... إن يكن التالي به (¬1) يمتنع يعني: إن لم يسجد التالي لم يسجد المستمع (¬2) لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى إلى نفر من أصحابه فقرأ رجل منهم سجدة ثم نظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنك كنت (¬3) إمامنا ولو سجدت سجدنا" (¬4)، واعتبر لسجود (¬5) المستمع أيضًا أن يصلح التالي إمامًا (له) (¬6) فلا يسجد المستمع قدّام التالي ولا عن يساره مع خلو يمينه، ولا رجل لتلاوة امرأة وخنثى، ويسجد لتلاوة أمي وزمن وصبي مميز، ولا يسجد مصل لتلاوة غيره إلا إمامه متابعة له. ¬

_ (¬1) في د، س بها. (¬2) وذكره ابن رشد في بداية المجتهد 1/ 225 عن مالك قال: وقال مالك: يسجد السامع بشرطين: أحدهما: إذا قعد ليسمع القرآن. والآخر: أن يكون القارئ يسجد وهو مع هذا ممّن يصح أن يكون إمامًا للسامع. وروى ابن القاسم عن مالك أنه يسجد السامع وإنه كان القارىء ممّن لا يصلح للإمامة إذا جلس إليه. أ. هـ وذهب إلى هذا من الشافعية الصيدلاني واختاره إمام الحرمين .. انظر المجموع 3/ 551. (¬3) سقطت من أ، حـ، هـ ط. (¬4) اختلاف الحديث المطبوع مع الأم 1/ 119 - 120 وقال السراج البلقيني في حاشيته على الأم: مرسل. ورواه البيهقي مرسلًا عن عطاء وموصولًا عن أبي هريرة وفي سند المرسل إسحاق بن عبد الله وهو ضعيف. أ. هـ. (¬5) في ج، د، س بسجود. (¬6) سقطت من أ، ب، ط.

ومن باب صلاة الجماعة

ومن باب صلاة الجماعة وهي (¬1): ما فوق الواحد فأقلها اثنان إمام ومأموم في غير جمعة وعيد. في كل فرض تجب الجماعة ... ...................... أي: تجب الجماعة للصلوات الخمس المؤداة ولو سفرًا أو في خوف على الرجال الأحرار القادرين (¬2) ويروى نحو ذلك عن ابن مسعود وأبي موسى وبه قال عطاء والأوزاعي وأبو ثور، لقوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} [النساء: 102] فأمر بالجماعة حال الخوف، ففي غيره أولى ويؤكده قوله تعالى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43] وروى ¬

_ (¬1) أي: الجماعة في الصلاة. (¬2) وممن قال بوجوب صلاة الجماعة عامة مشائخ الحنفية قال الكاساني في بدائع الصنائع 1/ 155. أما الأول -أي حكم صلاة الجماعة - فقد قال عامة مشايخنًا: أنها واجبة. وقال الكرخي. إنها سنة. ثم قال بعد ذلك: وأما بيان من تجب عليه الجماعة، فالجماعة إنما تجب على الرجال العاقلين الأحرار القادرين عليها من غير حرج. أ. هـ. وهو وجه ضعيف في مذهب الشافعية حكاه النووي في المنهاج، 1/ 230 قال: وقيل فرض عين. وهو مذهب الظاهرية ذكره ابن حزم في المحلى 4/ 188 - 196 وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم .. انظر الفتاوى 23/ 226 وبدائع الفوائد 4/ 159 - 161.

أبو هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أثقل صلاة على النافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيها لأتوهما ولو حبوًا ولقد هممت أن آمر (¬1) بالصلاة فتقام ثم آمر رجلًا يصلي (¬2) بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار" متفق عليه (¬3)، روى أيضًا أن رجلًا أعمى قال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرخص فيصلي في بيته فرخص (¬4) له فلما ولى دعاه فقال: "هل تسمع النداء؟ " فقال: نعم، قال: "فأجب" (¬5) رواه مسلم (¬6). وعن ابن مسعود قال: لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى به (¬7) يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف .. رواه الجماعة إلا البخاري والترمذيُّ (¬8). ويعضد وجوب الجماعة أن الشارع شرعها حال الخوف على صفة لا تجوز في الأمن وأباح الجمع للمطر وليس ذلك إلا محافظة على الجماعة ولو كانت سنة لما جاز ذلك. * * * ...................... ... وقال باشتراطها جماعة أي: قال جماعة من أصحابنا وغيرهم (¬9): إن الجماعة يشترط لصحة المكتوبات وهي رواية ذكرها القاضي وابن الزاغوني في الواضح والإقناع ¬

_ (¬1) في أ، جـ، ط والأزهريات ولقد هممت بالصلاة فتقام. (¬2) في د فيصلي. (¬3) البخاري 2/ 104 - 108 ومسلمٌ برقم 651 وأبو داود برقم 548، 549 والنسائيُّ 2/ 107. (¬4) في هـ فيرخص. (¬5) في هـ فأجب. (¬6) مسلم برقم 653 والنسائيُّ 2/ 109. (¬7) سقطت من هـ. (¬8) مسلم برقم 654 وأبو داود 550 والنسائيُّ 2/ 107 - 109. (¬9) سقطت من النجديات، ط.

واختارها ابن أبي موسى وابن عقيل والشيخ تقي الدين، فلو صلى وحده من غير عذر لم تصح (¬1) قال في الفتاوى المصرية: هو قول طائفة من أصحاب الإِمام أحمد ذكره القاضي في شرح المهذب عنهم (¬2) أ. هـ. وروي عن (¬3) غير واحد من الصحابة منهم ابن مسعود وأبو موسى قالوا: من سمع النداء ثم لم يجب من غير عذر فلا صلاة له (¬4) لكن قال الشريف أبو جعفر: لا يصح عن صاحبنا (¬5) كونها شرطًا، قال في الحاوي الكبير: وفي هذا القول (¬6) -يعني: باشتراطها- بعد: وإن نوى المنفرد الإمامة ... فلا يصح ذا ولا كرامة نيّتها واجبة في الأول ... في الفرض هذا ليس في التنفل (¬7) يعني: [أنه (¬8)] يشترط للجماعة أن ينوي الإمام كونه مقتدى به عند ¬

_ (¬1) وهو مذهب الظاهرية قال ابن حزم في المحلى 4/ 188: ولا تجزئ صلاة فرض أحدًا من الرجال إذا كان بحيث يسمع الأذان أن يصليها إلا في المسجد مع الإمام فإن تعمد ترك ذلك بغير عذر بطلت صلاته، فإن كان بحيث لا يسمع الأذان ففرض عليه أن يصلي في جماعة مع واحد إليه فصاعدًا ولا بد فإن لم يفعل فلا صلاة له إلا أن لا يجد أحدًا يصليها معه فيجزئه حينئذ وإلا من له عذر فيجزئه حينئذ التخلف عن الجماعة. (¬2) الفتاوي 23/ 226. (¬3) سقطت من النجديات، هـ ط. (¬4) أما أثر أبي موسى فقد رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي واستدل به ابن حزم في المحلى. انظر حاشية الشيخ أحمد شاكر على المحلى 4/ 195، وقد رواه أحمد قال: حدثنا وكيع حدثنا مسعر عن أبي الحصين عن أبي برده عن أبي موسى .. انظر كتاب الصلاة لابن القيم ص74 وقد سكت عليه واحتج به. وأما أثر ابن مسعود فقد استدل به ابن حزم معلقًا وسكت عليه. وقد رواه أحمد قال: حدثنا وكيع حدثنا سليمان بن المغيرة عن أبي موسى الهلالي عن ابن مسعود .. انظر كتاب الصلاة لابن القيم ص74 وقد سكت عليه واحتج به. (¬5) في ب أصحابنا وفي ط صحابي. (¬6) في أ، ب، ج، ط العذر وفي هـ القدر. (¬7) في أ، ب، ج (في الفرض ليس هذا في المتنفل). (¬8) ما بين القوسين من النجديات، هـ ط.

الإحرام في غير مسألة الاستخلاف وشبهها، فلو أحرم منفردًا ثم نوى كونه إمامًا لم يصح ذلك؛ لأن محل (¬1) النية عند الإحرام فلا يعتد بها بعده، ولأن الإمام إنما يتميز عن المأموم بالنية فكانت شرطًا لانعقاد الجماعة كالجمعة إن كانت الصلاة فرضًا. فإن كانت نفلًا صح أن يؤم من أحرم منفردًا لحديث ابن عباس لما نام عند خالته ميمونه وقام النبي - صلى الله عليه وسلم - يتهجد من الليل ثم جاء ابن عباس وأحرم معه -عليه السلام- ولم ينهه (¬2) .. وهذه (¬3) إحدى الروايتين واختاره الموفق (¬4) والمجد في شرحه وجزم به في الشرح والوجيز والإفادات وشرح ابن منجا قال في الفروع: وهو المنصوص (¬5) قال في الإقناع: وهو الصحيح (¬6). وعنه: لا يصح في النفل أيضًا قال في الإنصاف (¬7): وهو المذهب وعليه الجمهور، قال في الفروع (¬8): اختاره الأكثر، قال المجد: اختاره القاضي وأكثر أصحابنا وقدمه في الفروع والهداية والمجد في شرحه وقطع به في المنتهى وغيره (¬9)، ولا يصح أن يأتم من لم ينوه عند الإحرام أيضًا ¬

_ (¬1) في د، س محله. (¬2) الحديث أخرجه البخاريُّ في الصلاة باب استعانة اليد في الصلاة إذا كان من أمر الصلاة 3/ 57 ورواه مسلم برقم 763. (¬3) في الأزهريات وهذا. (¬4) الذي اختاره الموفق صحة إمامة من أحرم منفردًا في الفرض والنفل قال في المقنع 1/ 137: وأن نوى الإمامة صح في النفل ولم يصح في الفرض ويحتمل أن يصح وهو أصح عندي. وكذلك صححه في المغني 2/ 61. (¬5) الفروع 1/ 400. (¬6) الإقناع مع شرحه كشاف القناع 1/ 108. (¬7) الإنصاف 2/ 29. (¬8) الفروع 1/ 400. (¬9) وعن أحمد ما يدل على جوازه في الفرض والنفل. أما في النفل فلحديث ابن عباس الذي استدل به المؤلف وأما في الفرض فلما رواه أحمد 5/ 294 وابن ماجة برقم 974 أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم في صلاة المغرب وحده فجاءه جابر وجبار فصلى بهما. واختار هذا الموفق وشيخ الإسلام ابن تيمية وهو مذهب المالكية والشافعية .. انظر المقنع وحاشيته 1/ 137 والشرح الكبير للدسوقي 1/ 338 والأم 1/ 141.

لما تقدم إلا إذا أحرم إمامًا لغيبة إمام الحي ثم حضر وبنى على صلاة نائبه وصار الإمام مأمومًا فيصح ذلك لفعله - صلى الله عليه وسلم - لما أحرم أبو بكر لغيبته ثم حضر -عليه السلام- وتأخر أبو بكر وتقدم النبي- صلى الله عليه وسلم - (¬1)، ولا يختص ذلك بالإمام الأعظم بل الراتب. وعندنا في سائر المساجد ... إلا الثلاثة (¬2) لا تكن بالجاحد لا تكرهن إعادة الجماعة ... لكونها تفضي (¬3) إلى إلاضاعة يعني: إذا صلى الإمام الراتب ثم حضر جماعة لم يصلوا فإنه يستحب لهم أن يصلوا جماعة فلا يكره لهم الصلاة جماعة وهو (¬4) قول ابن مسعود (¬5) لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تفضل (¬6) صلاة الجماعة على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة" (¬7) إلا إذا كانت الصلاة بأحد المساجد الثلاثة المسجد الحرام ومسجده - صلى الله عليه وسلم - والمسجد الأقصى فتكره إعادة الجماعة بها. هذا مفهوم كلامه في المقنع والوجيز وقدمه في النظم وهي إحدى الروايتين (¬8) عن الإمام (¬9) وعلله (¬10) بأنه أرغب في توفير الجماعة أي: لئلا يتوانى الناس في حضور ¬

_ (¬1) البخاري 2/ 139 - 141 ومسلمٌ برقم 417. (¬2) في نظ والأزهريات الثلاث. (¬3) في النجديات يفضي وفي س تقضي. (¬4) في النجديات، هـ، ط وهذا. (¬5) وقال باستحباب إعادة الجماعة في المسجد -لمن فاتتهم الصلاة مع الإمام الراتب- عطاء والحسن والنخعي وقتادة وإسحاق واختاره الموفق وشيخ الإسلام ابن تيمية. انظر المغني 2/ 7 - 12 والفتاوى 23/ 257 - 258. (¬6) في جـ يفضل. (¬7) رواه البخاري 2/ 109 - 110 ومسلمٌ برقم 650 وأحمدُ انظر. الفتح الرباني 5/ 165 والترمذيُّ برقم 215. والنسائيُّ 2/ 103. (¬8) في النجديات، هـ، ط الروايات. (¬9) الذي عليه الأئمة الثلاثة أنها لا تعاد الجماعة في مسجد له إمام راتب في غير ممر الناس بل عليهم أن يخرجو ليجمعوا خارج المسجد أو مع إمام راتب آخر لم يصل بعد أو يصلوا أفذاذًا. شرح الدردير مع حاشية الدسوقي 1/ 332 وحاشية ابن عابدين 1/ 395 والأم. (¬10) في د، س وعليه.

الجماعة مع الراتب أن أمكنهم الصلاة في جماعة أخرى فتفوتهم فضيلة أول الوقت المضاعفة في هذه المساجد التضاعف الكثير (¬1): وهذا هو ما أشار إليه الناظم في قوله: لكونها تفضي إلى الإضاعة فهو علة لما فهم (¬2) من كراهتها بالمساجد الثلاثة المشار إليها (¬3) بالاستثناء. وعنه لا تكره إعادة الجماعة إلا في مسجدي مكة والمدينة فقط (¬4) لمزيد المضاعفة فيهما (¬5) قال في الإنصاف (¬6): وهو المذهب جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والتلخيص والبلغة والمنور وقدمه في الفروع وابن تميم والرعايتين والحاويين والفائق قال المجد: وهو الأشهر عن أحمد وذكره الموفق عن الأصحاب (¬7). ومحل الكراهة إذا لم يكن عذر فمن فاتته الجماعة لعذر لم يكره له إعادتها حتى في المساجد الثلاثة لقوله -عليه السلام-: "ألا من يتصدق على هذا فيصلي معه"، فقام رجل من القوم فصلى معه. رواه أحمد وأبو داود من حديث أبي سعيد (¬8) وحسنه الترمذيُّ (¬9). ¬

_ (¬1) تخصيص هذه المساجد الثلاثة بكراهة إعادة الجماعة فيها انفرد به أحمد عن الذين وافقوه على سنيّة الإعادة ورجح محققوا المذهب استحباب إعادتها في جميع المساجد لعدم الفرق ولأن أدلة الجواز كانت في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الموفق في المغني 2/ 10: وظاهر حديث أبي سعيد وأبي أمامة أن ذلك لا يكره لأن الظاهر أن هذا كان في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - والمعنى يقتضيه أيضًا فإن فضيلة الجماعة تحصل فيها كحصولها في غيرها. (¬2) في ب، جـ فيه وفي ط يفهم. (¬3) في جـ والأزهريات إليه. (¬4) كررت في د والمدينه فقط. (¬5) في د فيها. (¬6) الإنصاف 2/ 220. (¬7) الذي ذكره الموفق عن الأصحاب كراهة الإعادة في المساجد الثلاثة. انظر المغني 2/ 8 - 9. (¬8) الفتح الرباني 5/ 343 وأبو داود برقم 574 والترمذيُّ برقم 220 ولفظ الترمذيُّ يتجر بدل يتصدق وهو في النجديات، ط أبي سعيد وليس ابن مسعود وهو تصحيف من النساخ. (¬9) وقد ورد عن بعض الصحابة أنهم دخلوا المسجد بعد انقضاء الصلاة فصلوا بمن معهم جماعة فقد ذكر ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه دخل المسجد وقد صلوا فجمع بعلقمة ومسروق والأسود، وإسناده صحيح. =

تنبيه: قال في الإنصاف (¬1): الذي يظهر أن مراد من يقول: يستحب، أولًا يكره نفي الكراهة لا أنها (¬2) غير واجبة إذ (¬3) المذهب أن الجماعة واجبة، فإما أن يكون مرادهم نفي الكراهة. وقالوا ذلك لأجل المخالف أو يكون على ظاهره لكن ليصلوا في غيره .. أي: غير المسجد الذي أقيمت فيه الجماعة. سبق الإمام بالركوع فصلوا ... إن كان عمدًا للصلاة يبطل أو (¬4) كان سهوًا فذكر قبل انحنا ... إمامه فالعود أوجب للبناء فإن أباه بطلت قد قدموا ... وقيل بل صحيحة ويأثموا يعني: أنه يحرم على المأموم سبق إمامه بالركوع لقوله -عليه السلام-: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا" وقال البراء: كان النبي- صلى الله عليه وسلم - إذا قال: "سمع الله لمن حمده" لم يحن أحد منا ظهره حتى يقع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساجدًا ثم نقع سجودًا بعده .. متفق عليهما (¬5)، فإن (¬6) فعل فركع قبل إمامه عمدًا بطلت صلاته قدمه الشارح قال (¬7): فتبطل صلاته في ظاهر كلام الإمام أحمد فإنه قال: ليس (¬8) لمن سبق الإمام صلاة لو كان له صلاة لرجي له الثواب ولم يخش عليه ¬

_ = وذكر البخاري صحيحه 2/ 109: أن أنس بن مالك جاء إلى مسجد قد صلي فيه فأذن وأقام وصلى جماعة قال الحافظ في الفتح: وصله أبو يعلى في مسنده، وهو قول عطاء والحسن في رواية وأحمدُ وإسحاق وأشهب .. انظر تحفة الأحوذي 2/ 8 - 9. (¬1) الإنصاف 2/ 219. (¬2) في أ، جـ، ط لأنها. (¬3) في ب، جـ، د إذا. (¬4) في أ: إن كان. (¬5) في د عليه. (¬6) أما الأول: فقد سبق تخريجه وأما الثاني: فقد رواه البخاري 2/ 152 - 153 ومسلمٌ برقم 474 والترمذيُّ برقم 281. (¬7) الشرح الكبير 2/ 14. (¬8) في د، س يسن.

العقاب (¬1). قال (¬2) في الحواشي اختاره بعض أصحابنا (¬3). والصحيح من المذهب لا تبطل صلاته بمجرد ذلك وعليه الجمهور واختاره القاضي وغيره (¬4)، قال (¬5) في الفروع (¬6): والأشهر لا تبطل إن عاد إلى متابعته حتى أدركه فيه. فعلى المذهب يجب عليه أن يرجع لمتابعة إمامه وكذا ناس وجاهل ذكر يلزمه الرجوع فإن أباه عالمًا عمدًا (¬7) حتى أدركه الإِمام فيه بطلت صلاته لتركه (¬8) متابعة إمامه بلا عذر. وقال القاضي: لا تبطل لأن العادة أن (¬9) المأموم يسبق الإمام بالقدر اليسير فعفي عنه كفعله سهوًا أو جهلًا، واختاره جماعة من الأصحاب وصححه ابن الجوزي في المذهب، وذكر في التلخيص أنه المشهور. وقيل: تبطل بالركوع فقط، وإن لم يعد سهوًا أو جهلًا لم تبطل صلاته ويعتد (¬10) به لحديث: "عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان" (¬11). مثل الركوع سائر الأركان ... وقيل تختص (¬12) بهذا الشأن ¬

_ (¬1) يشير إلى ما ثبت في حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار أو يحول الله صورته صورة حمار". رواه البخاري 2/ 153، ومسلمٌ برقم 427. (¬2) في ط وقال. (¬3) وهو مذهب الظاهرية لحديث أبي هريرة السابق، ولأن النهي يقتضي الفساد. انظر المحلى 4/ 60 - 61. (¬4) سقط من جـ، د، س، ط لفظ: (وغيره). (¬5) سقط من هـ. (¬6) الفروع 1/ 592. (¬7) في ط متعمدًا. (¬8) في النجديات، هـ، ط لترك. (¬9) سقطت د، س. (¬10) في د، س يعتبر. (¬11) الحديث ذكره الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير 1/ 280 - 281 وعزاه إلى ابن ماجة وابن حبان والدارقطنيُّ، وقد أسهب في تخريجه وضعفه وقد حسنه النووي في الأربعين ص 129. (¬12) في النجديات، ط تختص.

أي: سائر الأركان إذا سبق بها المأموم الإمام حكمها حكم السبق بالركوع على التفصيل السابق (¬1) (¬2). وقيل: يختص الركوع بهذا الأمر لأنه الذي تدرك (¬3) به الركعة وغيره لا يساويه في ذلك قطع بمعناه في التنقيح (¬4) والمنتهى (¬5). وليس للقادر الائتمام ... بمدنف (¬6) يعجزه القيام أي: لا تصح إمامة العاجز عن القيام بالقادر عليه إذا لم يكن إمام الحي (¬7) قال في الشرح: رواية واحدة، لأنه يخل بركن من أركان الصلاة أشبه العاجز عن الركوع وتجوز إمامته بمثله (¬8). إلا إمام الحي في بلائه ... إن كان يرجى برؤه من دائه أي: إذا مرض إمام المسجد (¬9) الراتب مرضًا يرجى زواله فصلاة القادر على القيام خلفه صحيحة لحديث عائشة الآتي. فإن لم يرج زوال علته كالزمن ومن لا يرجى قدرته على القيام على الدوام (9) لم تصح إمامته [لأن اتخاذ الزمن ومن لا ترجى قدرته على القيام إمامًا راتبًا] (¬10) ¬

_ (¬1) سقطت من ب. (¬2) وهو مذهب الظاهرية قال ابن حزم في المحلى 4/ 60 - 61: وفرض على كل مأموم أن لا يرفع ولا يركع ولا يسجد ولا يكبر ولا يقوم ولا يسلم قبل إمامه، ولا مع إمامه فإن فعل عامدًا بطلت صلاته لكن بعد تمام ذلك من إمامه فإن فعل ذلك ساهيًا فليرجع ولا بد حتى يكون ذلك كله منه بعد كل ذلك من إمامه وعليه سجود السهو. (¬3) في د، س ترك. (¬4) التنقيح المشبع ص 57. (¬5) المنتهى مع شرحه للبهوتي 1/ 249 - 250. (¬6) في لفظ بمدفن. (¬7) وهو رواية عن مالك ذكرها في شرح الزرقاني 1/ 379 وشرح الدردير 1/ 327 لكنه لم يستثن إمام الحي في هذه الرواية. (¬8) الشرح الكبير 2/ 43. (¬9) سقطت من ح!، هـ ط في أن فلا. (¬10) ما بين القوسين من ب.

يفضي إلى تركهم القيام على الدوام [أو إلى مخالفة قوله -عليه السلام-: فإذا صلى جالسًا فصلوا جلوساً أجمعون (¬1) ولا حاجة إليه] (¬2) ولأن الأصل في هذا فعله عليه السلام وكان يرجى برؤه. * * * (به) (¬3) فيأتموا جلوسًا خلفه ... ...................... يعني: إذا مرض إمام الحي مرضًا يرجى زواله وصلى جالساً وأتموا به فإنهم يصلون جلوسًا مع قدرتهم على القيام. لحديث عائشة قالت: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وهو شاك فصلى جالسًا وصلى وراءه قوم قيامًا فأشار إليهم أن اجلسوا فلما انصرف قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به. فإذا ركع فاركعوا [وإذا رفع فارفعوا] (¬4) وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا لك الحمد وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون" (¬5) رواه البخاري قال ابن عبد البر (¬6): روي هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من طرق متواترة من حديث أنس ¬

_ (¬1) جزء من حديث عائشة الآتي بعد أسطر. (¬2) ما بين القوسين كله من ب مستدرك في الهامش. (¬3) سقطت من ب. (¬4) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬5) الحديث أخرجه البخاريُّ في صلاة الجماعة باب "إنما جعل الإمام ليؤتم به"، وفي قصر الصلاة باب صلاة القاعد، وفي السهو باب الإشارة في الصلاة، وفي المرض باب إذا عاد مريضًا فحضرت الصلاة فصلى بهم جماعة، وليس بهذا اللفظ المذكور في شيء من أبواب البخاري عن عائشة وهو في صلاة الجماعة بلفظ: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بينه وهو شاك فصلى جالسًا وصلى وراءه قوم قيامًا فأشار إليهم أن أجلسوا فلما انصرف قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا". وهو في مسلم برقم 412 في الصلاة باب ائتمام المأموم بالإمام وفي أبي داود برقم 605 في الصلاة باب الإمام يصلي من قعود. (¬6) هو أبو عمر يوسف بن عبد الله النمري القرطبي إمام عصره في الحديث والأثر له كتاب التمهيد والاستذكار في شرح الموطأ، والاستيعاب في تراجم الصحابة توفي رحمه الله بشاطبة شرق الأندلس سنة 463 هجرية.

وجابر وأبي هريرة وابن عمر وعائشة كلها بأسانيد صحيحة وقد فعله أربعة من أصحاب (¬1) النبي - صلى الله عليه وسلم - بعده. فإن كان الإِمام ابتدأ (¬2) بهم الصلاة قائمًا ثم جلس لمرضه أتموها قيامًا لحديث عائشة المتفق عليه في صلاته - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي مات فيه جمعًا بين الحديثين، كما أشار إليه الإمام أحمد (¬3) رحمه الله. * * * ...................... ... فإن هم قاموا وراموا خلفه (¬4) فعندنا قولان في البطلان ... أصحها (¬5) لا لذوي العرفان أي: إذا صلوا خلف إمام الحي قيامًا ففي بطلان صلاتهم قولان: أصحهما: لا تبطل لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرهم بالإعادة (¬6). والوجه الثاني: تبطل وهو ظاهر كلام الخرقي لمخالفتهم الأمر (¬7) ¬

_ (¬1) هم جابر وأبو هريرة وأسيد بن حضير وقيس بن قهد وقد حكاه ابن حبان، رحمه الله، عنهم في صحيحه بأنهم قالواه وأفتوا به. انظر صحيح ابن حبان 3/ 412 - 417. (¬2) في ط ابتدؤهم. (¬3) يرى بقية الأئمة أن الحديث الذي استدل به المؤلف على صلاة المأمومين قعودًا خلف الإمام القاعد منسوخ بحديث عائشة الذي أشار إليه ومضمونه أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بالصحابة في مرض موته جالسًا وكانوا قد افتتحوا الصلاة مع أبي بكر فجاء النبي بين رجلين حتى جلس جنب أبي بكر فصلى بالناس وهو قاعد وصلوا خلفه قيامًا. الحديث في مسلم برقم 418. وانظر في ذلك الأم 1/ 151. (¬4) في أ، ب، ج فإن هم راموا وقاموا خلفه في نظ رادوا. (¬5) في ط أقواهما وفي نظ أصحهما. (¬6) أي: في حديث عائشة السابق فقد قاموا خلفه حتى أمرهم بالجلوس. (¬7) يشير إلى أمره - صلى الله عليه وسلم - في حديث عائشة السابق: "وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون".

والمذهب: أن جلوسهم خلفه مستحب لا واجب فلا تبطل (¬1) بتركه كما تقدم وقوله: وراموا خلفه بضم الخاء أي: قصدوا مخالفته. فائدة: يستحب للإمام الراتب إذا مرض أن يستخلف من يصلي بهم خروجًا من الخلاف. وقدم القاري على الفقيه ... فالنص قد جاء بلا تمويه أي: السنة أن يقدم القاري على الفقيه، وهو قول ابن سيرين والثوري وابن المنذر وإسحاق وأصحاب الراي (¬2). لما روى أبو مسعود (¬3) البدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا (¬4) في الهجرة سواء فأقدمهم سنًا -أو قال (¬5) - سلمًا (¬6) " (¬7) وعن أبي سعيد (¬8) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا اجتمع ثلاثة فيؤمهم أحدهم وأحقهم بالإمامة أقرؤهم" رواهما (¬9) مسلم (¬10). ¬

_ (¬1) في د فتبطل. (¬2) بدائع الصنائع 1/ 157: وليس هو مشهور المذهب عندهم بل المشهور تقديم الأعلم بالسنة على الأقرأ، قال الكاساني في البدائع 1/ 157: ثم من المشايخ من أجرى الحديث على ظاهره وقدم الأقرأ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بدأ به، والأصح أن الأعلم بالسنة إذا كان يحسن من القراءة ما تجوز به الصلاة فهو أولى، كذا ذكر في آثار أبي حنيفة أ. هـ. ووافقنا أيضًا الظاهرية فقال ابن حزم في المحلي 4/ 207: فالأفضل أن يؤم القوم في الصلاة أقرؤهم للقرآن وإن كان أنقص فضلًا فإن استووا في القرآن فأفقههم وإن أستووا في الفقه والقراءة فأقدمهم صلاحًا. (¬3) في أ، حـ ابن مسعود. (¬4) في د كان. (¬5) في د قا. (¬6) في أ، حـ، ط مسلمًا. (¬7) مسلم برقم 673 وأبو داود برقم 584. (¬8) في النجديات، ط أبي شعبة وهو تصحيف وما أثبته هو الصواب وهو في مسلم رقم 672 وفي الشرح الكبير 2/ 17. (¬9) في النجديات، ط رواه. (¬10) مسلم رقم 672 والنسائيُّ 2/ 77.

وأجاب أحمد: عن تقديم أبي بكر -رضي الله عنه- بأنه كان للخلافة والخليفة أحق بالإمامة (¬1)، ومن شرط تقديم الأقرأ حيث قلنا به أن يكون عالمًا فقه صلاته فقط حافظًا للفاتحة وإن لم يعلم أحكام سجود السهو لندرة عروضه، وقوله: فالنص أي: عنه -عليه السلام- كما تقدم أو عن الإمام أحمد: وولد الزنا فالائتمام ... به (¬2) فلا يكره يا غلام أي: لا تكره إمامة ولد الزنا حيث صلح لها، وهو قول عطاء وسليمان بن موسى والحسن والنخعي والزهري (¬3) وعمرو بن دينار وإسحاق (¬4)، لعموم قوله -عليه السلام-: "يؤم القوم أقرؤهم" وقالت عائشة (¬5): ليس عليه من وزر أبويه شيء، قال الله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء: 15]، وقال: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، وغلام مبنى على الضم لقطعه (¬6) عن الإضافة على لغة من لا ينتظر المحذوف: ¬

_ (¬1) هذا جواب اعتراض ساقه المؤلف في كشاف القناع مفاده إذا قلنا بتقديم الأقرأ على الأفقه فكيف نجيب عن تقديم النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر مع أن غيره في ذلك الزمن أحفظ منه وأقرأ كأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت؟. وقد أجاب عنه الإمام أحمد بما ذكره المؤلف وأجاب عنه الشيخ هلال المصيلحي في حاشية كشاف القناع بأنه غير مسلم أن هؤلاء أو غيرهم كانوا أقرأ من أبي بكر أو أعلم وإنما أمره الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة لظنه أنهم لا يقدمونه في حياته - صلى الله عليه وسلم - وإلا فهو في رأي الصحابة المقدم فيهم وأعلمهم وأقرؤهم جميعًا لقربه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. كشاف القناع وحاشيته 1/ 471. (¬2) سقطت من أ، جـ. (¬3) في ط الزبيري. (¬4) وبه قالت الظاهرية قال ابن حزم في المحلى 4/ 211: مسألة: والأعمى والبصير والخصي والفحل والعبد والحر وولد الزنا والقرشي سواء في الإمامة في الصلاة كلهم جائز أن يكون إمامًا راتبًا ولا تفاضل بينهم إلا بالقراعة والفقه وقدم الخير والسن فقط. وعند المالكية يكره أن يتخذ إمامًا راتبًا. انظر حاشية الدسوقي 1/ 330. (¬5) ابن أبي شيبة 2/ 216 وابن حزم في المحلى 2/ 213. (¬6) في ب تقطعه.

إمامة المرأة بالرجال ... فعندنا تصح في مثال امرأة قارئة مجيدة ... حافظة لسور عديدة وغيرها من الرجال أمي ... أو حافظ لسورة في النظم ففي التراويح فقط تؤمهم ... قيامها من خلفهم لا عندهم ونصه (¬1) في الأقدمين اشتهرا ... وخالف الشيخان فيما ذكرا يعني: أن إمامة المرأة بالرجال لا تصح إلا في صورة، وهي إذا كانت قارئة والرجال أميون فتؤمهم في صلاة التراويح خاصة، جزم به في المذهب والفائق وابن تميم والحاويين والزركشي وقدمه في الرعاية "الكبرى" وتكون وراءهم (¬2)، لحديث أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل لها (¬3) مؤذنًا يؤذن لها وأذن لها (¬4) أن تؤم أهل دارها .. رواه أبو داود (¬5) وهذا القول هو الأشهر عند المتقدمين (¬6). وقال الشيخان وجمهور المتأخرين: لا تصح إمامتها برجل مطلقاً لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:"لا تؤمن امرأة رجلًا" رواه ابن ماجة (¬7) ولأنها لا تؤذن للرجال فلم يجز أن تؤمهم كالمجنون. وحديث أم ورقة إنما أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها، كذلك رواه الدارقطني (¬8)، وهذه زيادة يجب قبولها ولو لم تذكر لتعين (¬9) حمل الحديث ¬

_ (¬1) سقطت الواو من نظ. (¬2) في أ، ج، د، س أشهر. (¬3) في النجديات، ط معهم. (¬4) سقط من ط (لها). (¬5) سقطت من النجديات، ط وأذن لها. (¬6) أبو داود برقم 592 وفي سنده عبد الرحمن بن خلاد وهو مجهول ورواه أحمد. انظر الفتح الرباني 5/ 233. (¬7) ابن ماجة برقم 1081 أو في سنده عبد الله بن محمد العدوي عن علي بن زيد بن جدعان والعدوي متهم بوضع الحديث اتهمه وكيع وشيخه ضعيف. انظر تلخيص الحبير 2/ 32. (¬8) الدارقطني 1/ 403 أو الحاكم في المسندرك 1/ 203. (¬9) في أ، جـ، ط لتبين.

على ذلك لأنه أذن لها أن تؤم في الفرائض بدليل أنه جعل لها مؤذنًا، والأذان إنما يشرع (¬1) في الفرائض، والتخصيص بالتراويح تحكم بغير دليل. وقوله: أو حافظ لسورة في النظم، إما أن يكون المراد غير الفاتحة فلا حاجة إليه، لأنه أمي، أو يكون المراد هي فيكون مبنيًا على قول أنها تؤمهم إن كانت أقرأ من الرجال. وقوله: لا عندهم أي: إذا أمت الرجال في الصورة المذكورة لا تقف بينهم ولا قدّامهم بل (¬2) وراءهم كما تقدم لحديث آخروهن من حيث أخرهن الله (¬3). والفذ من صلى (¬4) خليف الصف ... صلاته (¬5) باطلة لا تكفي أي: لو صلى ركعة خلف الصف فذا لم تصح صلاته، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة لفرد خلف الصف" (¬6) رواه الأثرم وكذا لو وقف الرجل وحده خلف الإِمام وإن لم يكن صف (¬7): ¬

_ (¬1) في ط شرع. (¬2) في ط بل هي وراءهم. (¬3) أخرجه عبد الرزاق والطبرانيُّ من قول ابن مسعود: ولا يصح رفعه. انظر نصب الراية 2/ 36 وكشف الخفاء 1/ 69. (¬4) في ط من يقوم خلف الصف. (¬5) في النجديات، هـ باطلة صلاته. (¬6) رواه أحمد. انظر الفتح الرباني 5/ 327 - 328 وابن ماجة برقم 1003. وقال في بلوغ الأماني: قال البوصيري في زوائد ابن ماجة: إسنادُهُ صحيحٌ ورجاله ثقات. (¬7) وممن يرى بطلان صلاة المنفرد خلف الصف النخعي والحسن بن صالح وإسحاق وحماد وابن أبي ليلى ووكيع وهو مذهب الظاهرية قال ابن حزم في المحلى 4/ 52: مسألة: وأيما رجل صلى خلف الصف بطلت صلاته ولا يضر ذلك المرأة شيئًا. انظر أيضًا نيل الأوطار 3/ 210، ورجح هذا شيخ الإِسلام ابن تيمية في غير المضطر إليه. قال في الفتاوى 23/ 396: ونظير ذلك أن لا يجد الرجل موقفًا إلا خلف الصف فهذا فيه نزاع بين المبطلين لصلاة المنفرد، والأظهر صحة صلاته في هذا الموضع لأن جميع واجبات الصلاة تسقط بالعجز. وقد بين رحمه الله قبل هذا الكلام أن صلاة المنفرد. خلف الصف لا تصح لما ثبت في السنة من بطلانها فقد صحح حديث =

والصف بالصبيان والنساء ... يبطل في الفرض بلا امتراء يعني: إذا لم يقف مع الرجل إلا صبي فأكثر أو امرأة فأكثر فهو فذ تبطل صلاته إذا صلى (¬1) ركعة كذلك و (¬2) كانت الصلاة فرضًا في مسألة مصافة (النساء و (¬3)) الصبي؛ لأن المرأة لا تصح (¬4) أن تؤمه (¬5) فلا تكون معه صفًا لأنها من غير أهل الوقوف (¬6) معه فوجودها كعدمه (¬7)، وكذا الصبي في الفرض فإن كانت الصلاة نفلًا صح وقوف الرجل مع الصبي لحديث أنس (¬8) (¬9)؛ لأنه يصح أن يؤمه فيه. وقال ابن عقيل: يصح وقوف الرجل مع المرأة والصبي مطلقًا كوقوفه مع فاسق ومن يعيد الصلاة، والخنثى كالمرأة (¬10). أو صف مأموم على الشمال ... من الإِمام واليمين خالي ¬

_ = وابصة وعلي بن شيبان غير واحد من أئمة الحديث وليس فيهما ما يخالف الأصول بل ما فيهما هو مقتضى النصوص المشهورة والأصول المقررة. (¬1) سقطت من أ، ج، ط، هـ. (¬2) في أ، جـ، ط أو. (¬3) ما بين القوسين سقط من الأزهريات وسقطت واو العطف من أ، ج، ط. (¬4) في النجديات، ط، س، هـ تصح. (¬5) في د تؤمهم. (¬6) في ج القوف. (¬7) في د كعدمها. (¬8) سقطت من د، س. (¬9) وهو ما رواه الستة إلا ابن ماجة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن جدته مليكة دعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لطعام صنعته فأكل ثم قال: "قوموا فلأصلى لكم" فقمت إلى حصير لنا قد أسرد من طول ما لبس فنضحته بماء فقام عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقمت أنا واليتيم وراءه وقامت العجوز من ورائنا فصلى لنا ركعتين ثم انصرف .. رواه البخاري 3/ 411 - 412 ومسلمٌ برقم 658 وأبو داود برقم 612. والترمذيُّ برقم 234 والنسائيُّ 2/ 56 - 57. (¬10) في النجديات، ط كأمرأة.

صلاته تبطل لا تمار ... ...................... يعني: إذا وقف المأموم عن شمال الإِمام مع خلو يمينه وصلى ركعة لم تصح صلاته لحديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أداره عن يمينه (¬1)، وكذلك حديث جابر (¬2)، ولم يأمرهما -عليه السلام- بابتداء التحريمة لأن ما (¬3) يفعله قبل الركوع لا يؤثر، فإن الإِمام يحرم قبل المأمومين وبعضهم يحرم قبل بعض، ولا يضر انفراده، ولا يلزم من العفو عن ذلك العفو عن ركعة كاملة. قال في الشرح: والقياس أنه يصح كما لو كان يمينه وكون النبي - صلى الله عليه وسلم -أدار ابن عباس وجابرًا يدل على الفضيلة لا على عدم الصحة بدليل رد جابر وجبار (¬4) إلى ورائه مع صحة صلاتهما عن جانبيه. أ. هـ (¬5). وقاله: أنه القياس هو قول أكثر أهل العلم، لكن المذهب ما سبق، ولا فرق فيما سبق بين أن يكون خلفه صف (¬6) أو لا على الصحيح. * * * ...................... ... ويكره الصف حذا السواري (¬7) يعني: يكره وقوف مأمومين بين سوار (¬8) تقطع الصفوف عرفًا (¬9)، ¬

_ (¬1) رواه البخاري 2/ 160 - 161. ومسلمٌ برقم 763 وأبو داود برقم 610 - 611 والترمذيُّ برقم 232 والنسائيُّ 2/ 104. (¬2) رواه مسلم برقم 766 وأبو داود برقم 633. (¬3) في النجديات، ط من. (¬4) سقط من أ، ج، هـ، ط. (¬5) الشرح الكبير 2/ 65. انظر حاشية ابن عابدين 1/ 567 والكافي لابن عبد البر 1/ 211 أو مغني المحتاج 1/ 246. (¬6) سقطت من ط كلمة صف. (¬7) جمع سارية وهي الأسطوانة (العمود). انظر القاموس 4/ 341. (¬8) في د يكره الوقوف ما بين سواري. (¬9) في جـ، ط حرفًا.

وكره ذلك ابن مسعود والنخعي (¬1) لحديث معاوية بن قره (¬2) عن أبيه قال: كنا ننهى أن نصف (¬3) بين السواري على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونطرد (¬4) عنها طردًا. رواه ابن ماجة (¬5). فإن كان الصف صغيرًا لا ينقطع بها أو كانت هي لا تقطعه لصغرها فلا كراهة كما لا يكره ذلك للإمام. ويجهر الإِمام والمأموم ... بقول آمين عداك اللوم يعني: يسن للإمام والمأموم الجهر بقول: آمين معًا في الصلاة الجهرية (¬6) [لحديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أمن الإِمام فأمنوا] (¬7). فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه متفق عليه (¬8)، وأخرج الشافعي بسنده عن ابن جريح عن عطاء قال: كنت أسمع الأئمة ابن الزبير ومن بعده يقولون: آمين ومن خلفهم: آمين حتى إن للمسجد لجة (¬9). واللجة بلام مفتوحة وجيم مشددة: اختلاط الأصوات. وإن نسيه إمام أو أسرّه أتى به مأموم جهرًا. ¬

_ (¬1) وهو كذلك عند المالكية قال الدردير: (وكرهت للجماعة صلاة بين الأساطين أي الأعمدة). مع حاشية الدسوقي 1/ 331. (¬2) في جـ، طا فزو. (¬3) في ط، جـ يصف. (¬4) في ط يطرد. (¬5) ابن ماجة برقم 1002 في إقامة الصلاة والسنة فيها وفيه هارون بن مسلم قال فيه أبو حاتم: مجهول، وقد رواه أصحاب السنن خلا ابن ماجة من طريق أنس وهو عند أبي داود برقم 673 والترمذيُّ برقم 229. (¬6) وهو الأظهر في مذهب الشافعية قال النووي في المنهاج 1/ 161: ويسن عقب الفاتحة: آمين خفيفة الميم بالمدّ، ويجوز القصر ويؤمن مع تأمين إمامه ويجهر به في الأظهر. (¬7) ما بين القوسين سقط من النجديات، هـ. ط. (¬8) البخاري 2/ 218 - 221 ومسلم برقم 410. (¬9) أثر ابن الزبير أخرجه البخاريُّ تعليقًا 2/ 217 وهو في بدائع المنن جمع وترتيب مسند الشافعي والسنن 1/ 76. وقد رواه الشافعي عن مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء.

ومن باب صلاة المسافر والخوف

ومن باب صلاة المسافر والخوف السفر: قطع المسافة، سمي بذلك لأنه يسفر عن أخلاق الرجال، والخوف ضد الأمن. إذا نوى إقامة مستسفر ... إحدى وعشرين صلاة يقصر (¬1) فإن نوى كثر فالإتمام ... يلزمه وينتفي الملام يعني: إذا نوى المسافر الإقامة ببلد أكثر من إحدى وعشرين صلاة أتم وإلا قصر، قال في المغني والشرح: (¬2) والمشهور عن أحمد أن المدة التي يلزم المسافر الإتمام إذا نوى الإقامة فيها ما كان أكثر من إحدى وعشرين صلاة .. رواه الأثرم وغيره (¬3)، هو الذي ذكره الخرقي واختاره أبو بكر والموفق ونصرها في مجمع البحرين وجزم بها في العمدة وقدمها الناظم لحديث أنس قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة فصلى ركعتين حتى رجع، وأقام بمكة عشرًا يقصر الصلاة، متفق (¬4) عليه. وذكر أحمد حديث جابر وابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم صبح (¬5) رابعة، فأقام اليوم الرابع والخامس والسادس والسابع وصلى الفجر بالأبطح يوم الثامن فكان يقصر ¬

_ (¬1) في نظ تقصر. (¬2) سقطت الواو من الأزهريات. (¬3) المغني 2/ 132 والشرح الكبير 2/ 107 - 108. (¬4) رواه البخاري 2/ 463 مسلم برقم 693. (¬5) في جـ، س، هـ لصبح.

الصلاة في هذه الأيام وقد أجمع (¬1) على إقامتها (¬2)، قال: فإذا أجمع أن يقيم كما أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - قصر، وإذا أجمع على أكثر من ذلك أتم (¬3). وعنه: إن نوى الإقامة أكثر من عشرين صلاة أتم وإلا قصر وهذه الرواية هي المذهب قاله في الإنصاف (¬4) وغيره، وقدمها في الفروع وغيره (¬5)، وقطع بها في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرهم. ووجهه (¬6) الحديث السابق لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يدخل مكة إلا ضحى يوم الرابع من ذي الحجة فلم يقم بها إلا عشرين صلاة وهذا (¬7) قول مالك (¬8) والشافعيُّ (¬9). ¬

_ (¬1) في النجديات اجتمع. (¬2) حديث جابر رواه أحمد في المسند 3/ 362 وحديث ابن عباس رواه البخاري 3/ 323، وليس هذا نص الحديثين وإنما استنبطه الإِمام من مجموع أحاديث صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد رواها جابر وابن عباس وغيرهما لكن في حديثي ابن عباس وجابر تاريخ قدومه مكة. (¬3) وقد اختار هذه الرواية السبكي من الشافعية نص على ذلك في مغني المحتاج 1/ 265. (¬4) الإنصاف 2/ 329. (¬5) سقطت من النجديات، ط. (¬6) في النجديات، هـ، ط ووجه. (¬7) في النجديات، ط وهكذا. (¬8) الذي في المذهب المالكي أن نية الإقامة مدة أربعة أيام صحاح تقطع القصر وأربعة أيام إنما يجب فيها عشرون صلاة وهذا يخالف المذهب الحنبلي فإنما يقطع القصر فيه نية إقامة أكثر من عشرين صلاة لا نية العشرين وحدها. (¬9) الصحيح من مذهب الشافعية أنه إذا نوى إقامة أربعة أيام بموضع انقطع سفره بوصوله ولا يحسب من الأربعة يوم دخوله ولا يوم خروجه وهذا يخالف المذهب الحنبلي في صور منها: 1 - أنه إذا نوى إقامة أربعة أيام فيها عشرون صلاة يقصر عند الحنابلة ولا يقصر عند الشافعية. 2 - أنه إذا لم يحسب يوم دخوله ولا يوم خروجه قد يصلي ثلاثًا وعشرين صلاة مقصورة عند الشافعية وهذا لا يجوز في المذهب الحنبلي .. انظر الأم 1/ 164 والمنهاج 1/ 264.

وقال الثوري وأصحاب الرأي: إن أقام خمسة عشر يومًا مع اليوم الذي يخرج فيه أتم، وإن نوى دونه قصر (¬1)، ويروي عن ابن عمر وسعيد ابن جبير والليث بن سعد (¬2) (¬3). وقوله: مستسفر أي: مسافر. لا قصر للملاح والمكاري ... ونحوهم من طالبي الأسفار يعني: لا يترخص ملاح وهو صاحب السفينة بقصر (¬4) ولا غيره إذا كان معه أهله وليس له نية إقامة ببلد؛ لأنه غير ظاعن عن منزله فلم يبح له الترخص كالمقيم في المدن (¬5)، والنصوص الواردة في المسافر المراد بها الظاعن عن (¬6) منزله وهذا ليس كذلك (¬7)، ومثل الملاح في ذلك المكاري (¬8) والراعي ورسول السلطان ونحوهم فلا يترخصون (¬9)، إذا كان معهم أهلهم ولم يعزموا على إقامة ببلد وإلا فلهم الترخص (¬10). ¬

_ (¬1) انظر في ذلك بدائع الصنائع 1/ 97. (¬2) في جـ سعيد. (¬3) ويرى بعض محققي الحنابلة أن الإقامة في حال السفر لا تخرج عن حكم السفر سواء طالت أو قصرت إذا كان غير مستوطن ولا عازم على الإقامة بذلك الموضع، وهذا القول أرجح عندي لأن مستند من حدد المدة بهذا القدر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -. أقامه بمكة وقد أقام - صلى الله عليه وسلم - في تبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة وأقام في مكة زمن الفتح تسع عشرة ليلة أو ثماني عشرة وهو يقصر، ولم يحدد - صلى الله عليه وسلم - ذلك بمدة، وقد نقل ابن القيم في زاد المعاد آثارين عن الصحابة تفيد أنهم قصروا مع إقامتهم مددًا فوق هذه المدة بكثير. انظر الفتاوى 24/ 137 - 143 أو زاد المعاد 3/ 14 - 15. (¬4) في ط ويقصر. (¬5) في النجديات، هـ ط المدة. (¬6) سقطت من ط. (¬7) وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية. انظر الفتاوى 25/ 213. (¬8) المكاري: المستأجر الذي يحمل للناس امتعتهم على دوابه، ومثله سائقوا سيارات الشحن والأجرة الذين يقطعون المسافات الطويلة وغالب أوقاتهم في سفر إذا كان معهم أهلهم. (¬9) في أ، ج، هـ فلم يترخصون. (¬10) يستحب الإِمام الشافعي للملاح إذا كان منزله سفينته أن يتم مع أنه يجوز له أن يقصر =

بعد دخول الوقت من قد سافرًا ... يتم لا يقصر نصًا ظاهرًا يعني: إذا سافر بعد دخول الوقت وجب عليه إتمام تلك الصلاة، لأنها وجبت في الحضر أربعًا فلزمه إتمامها كما لو سافر بعد خروج وقتها (¬1). وهكذا في الحكم من إذا ترك ... صلاته حتى إذا الوقت انفرك (¬2) وكان عمدًا فرضه الإتمام ... وليس كالناسي يا (¬3) غلام يعني: أن المسافر إذا أخر الصلاة عمدًا حتى خرج وقتها أو تضايق عن فعلها لزمه إتمامها؛ لأن القصر رخصة وهذا عصى بالتأخير، والرخص لا تناط بالمعاصي، بخلاف من أخرها نسيانًا لأنه معذور، حتى لو ذكر صلاة سفر بسفر (¬4) آخر كان له قصرها، بخلاف ما لو ذكرها في الحضر. وعنه لا قصر لكل (¬5) تارك ... في عمده وسهوه كذلك أي: وعن الإِمام أحمد أنه (¬6) لا قصر لكل من ترك الصلاة حتى تضايق وقتها عمدًا كان ذلك أو سهوًا (¬7). ¬

_ = قال: وإذ كان الرجل مالكًا للسفينة وكان فيها منزله وكان معه فيها أهله أو لا أهل له معه فيها فأحب إلى أن يتم وله أن يقصر إذا سافر وعليه حيث أراد مقامًا غير مقام سفر أن يتم. الأم 1/ 166. (¬1) وعند أحمد رواية أخرى أن له أن يقصر وهو مذهب الأئمة الثلاثة وحكاه ابن المنذر إجماعًا لأنه سافر قبل خروج وقتها أشبه ما لو سافر قبل وجوبها وكلابس الخف إذا أحدث ثم سافر قبل المسح .. الشرح الكبير 2/ 101 وحاشية ابن عابدين 2/ 131 والكافي لابن عبد البر 1/ 246. (¬2) في النجديات، ط فرك، وفي نظ حتى فالوقت انفرك. (¬3) في ط أيا غلام. (¬4) سقطت من ب، د، س. (¬5) في أ: صلى. (¬6) سقطت من النجديات، ط. (¬7) وهو قول في مذهب الشافعية ذكره النووي في روضة الطالبين 1/ 183.

لطالب العدو أن يصلي ... صلاة خوف في أصح النقل يعني: لطالب العدو الخائف (¬1) فواته أن يصلي صلاة الخوف في أصح الروايتين عن الإِمام كالمطلوب (¬2)، روي ذلك عن شرحبيل بن حسنة، وهو قول الأوزاعي (¬3)، لما روى عبد الله بن أنيس قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خالد بن سفيان الهذلي فقال (¬4): (أذهب فاقتله، فرأيته وحضرت صلاة العصر، فقلت إني أخاف أن يكون بيني وبينه ما يؤخر الصلاة فانطلقت أمشي وأنا أصلي أومئ إيماءًا نحوه. وذكره الحديث رواه أبو داود (¬5)، وظاهر حاله أنه أخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - أو كان قد علم جواز ذلك فإنه لا يظن به أن يفعل ذلك مخطئًا وهو رسول) (¬6) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يخبره بذلك ولا يسأله عن حكمه. ¬

_ (¬1) في الأزهريات والخائف. (¬2) في د والمطلوب. (¬3) هو رواية عن الإمام مالك حكى ذلك عنه ابن حبيب. انظر المنتقى شرح الموطأ 1/ 325. (¬4) في النجديات، هـ، ط قال. (¬5) أبو داود برقم 1249 وقد عنعنه ابن إسحاق وهو يدلس إذا عنعن ولكن رواه أحمد في المسند 3/ 496 وصرح فيه ابن إسحاق بالتحديث فزالت الشبهة وتمامه عند أبي داود فلما دنوت منه قال لي: من أنت؟ قلت: رجل من العرب بلغني أنك تجمع لهذا الرجل فجئتك في ذلك قال: إني لفي ذاك، قال: فمشيت معه ساعة، حتى إذا أمكنني علوته بالسيف حتى برد، أي مات والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري وحسن إسناده الحافظ في الفتح. انظر نيل الأوطار 3/ 366. (¬6) سقطت من د، س.

ومن باب صلاة الجمعة

ومن باب صلاة الجمعة بضم الميم وهو الأصل وسكونها وفتحها سميت بذلك لجمعها الخلق الكثير أو جمع الجماعات أو غير ذلك. لجمعة وقت الوجوب يدخل ... إذ ترتفع شمس كعيد نقلوا يعني: أن [وقت الجمعة يدخل بارتفاع الشمس قيد (¬1) رمح وهو أول، (¬2) وقت صلاة العيد، هذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب نص عليه، قال في رواية عبد الله: نذهب إلى أنها كصلاة العيد، قال مجاهد: ما كان للناس عيد إلا في أول النهار (¬3)، وقال عطاء: كل عيد حين يمتد (¬4) الضحى الجمعة والأضحى والفطر (¬5)، لما روى ابن مسعود قال: ما كان عيد إلا في أول النهار (¬6)، وروى عنه وعن معاوية أنهما صليا الجمعة ضحى وقالا: إنما عجلنا خشية الحر عليكم (¬7). وعن ابن مسعود قال لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) في أ، ج، هـ، ط قدر. (¬2) سقط من د، س. (¬3) مصنف ابن أبي شيبة 2/ 107. (¬4) في النجديات تميد وفي ط تميل. (¬5) المصنف لعبد الرزاق 3/ 174. (¬6) لم أجده وهو في المغني 25/ 210 بلفظ لما روي عن ابن مسعود. (¬7) أما أثر ابن مسعود فرواه ابن أبي شيبة في مصنفه 2/ 107 وفيه عبد الله بن سلمة -بكسر اللام- وهو صدوق إلا أنه تغير لما كبر قاله شعبة وغيره. وأما أثر معاوية فقال في فتح الباري: رواه ابن أبي شيبة من طريق سعيد بن سويد وسعيد ذكره ابن عدي في الضعفاء. انظر فتح الباري 2/ 323.

يصلي: بنا الجمعة في ظل الحطيم (¬1). رواه ابن البحتري (¬2) في أماليه بإسناده. وقال أكثر أهل العلم: وقتها الظهر لحديث سلمة بن الأكوع كنا نجمع مع النبي (¬3) - صلى الله عليه وسلم - يصلي الجمعة حين تميل الشمس. رواه البخاري (¬4). ولنا حديث جابر قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي يعني: الجمعة ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها (¬5) حين (¬6) تزول الشمس أخرجه مسلمٌ (¬7) وعن سهل بن سعد قال: كنا لا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. متفق (¬8) عليه. قال ابن قتيبة: لا يسمى غداء (¬9)، ولا قائلة بعد الزوال، وروى الإمام أحمد عن وكيع عن جعفر بن برقان عن ثابت بن الحجاج عن عبد الله بن سيدان قال: شهدت الخطبة مع أبي بكر فكانت صلاته وخطبته قبل نصف النهار، وشهدتها مع عمر بن الخطاب فكانت صلاته، وخطبته، إلى أن أقول: قد انتصف النهار ثم صليتها مع عثمان بن عفان فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول قد زال النهار، فما رأيت أحدًا عاب ذلك (¬10) ولا أنكره (¬11)، وروي عن ¬

_ (¬1) الحطيم: هو الحجر المخرج من الكعبة، وقيل: هو ما بين الركن والباب، النهاية 1/ 403. (¬2) في ط البخاري في مسنده وفي النجديات بالنجري وفي د امحترى والأثر لم أجده وهو في المغني 2/ 21 والشرح الكبير 2/ 164. (¬3) في النجديات، ط رسول الله. (¬4) البخاري 7/ 346. (¬5) في د، س فنذبحها. (¬6) في النجديات حتى وفي د، س حيث. (¬7) مسلم برقم 858. (¬8) البخاري 2/ 356 ومسلمٌ برقم 859. (¬9) في د، س عذرًا. (¬10) في د، س عاب على ذلك. (¬11) المصنف لابن أبي شيبة 2/ 107 وقد رده ابن حجر بأن عبد الله بن سيدان غير معروف العدالة. وقال البخاري: لا يتابع على حديثه. بل عارضه ما هو أقوى منه وهو حديث سويد بن غفلة أنه صلى مع أبي بكر وعمر حين زالت الشمس رواه ابن أبي شيبة وإسناده قوي. انظر فتح الباري 1/ 321.

ابن مسعود وجابر وسعد ومعاوية أنهم صلوا قبل الزوال (¬1). وأحاديثهم تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلها بعد الزوال في كثير من أوقاته (¬2). ولا خلاف في جوازه وأنه الأولى، وأحاديثنا تدل على جواز فعلها قبل الزوال (¬3). فلا تعارض بينها (¬4). تنبيه: ظاهر كلام الناظم أنها تلزم بدخول وقت العيد وهو رواية قال في مجمع البحرين اختارها: القاضي وأبو حفص المغازلي (¬5). (¬6) أهـ. والصحيح أنه (¬7) وقت جواز وأنها تلزم بالزوال وعليه أكثر الأصحاب. والعيد (¬8) والجمعة إن قد جمعا ... فتسقط (¬9) الجمعة نصًا سمعًا عمن أتى بالعيد لا يستثنى ... سوى الإِمام في أصح المعنى يعني: إذا وافق العيد يوم الجمعة سقطت عمن حضره مع الإِمام وممن قال بالسقوط الشعبي والنخعي والأوزاعي، وقد قيل إنه مذهب عمر ¬

_ (¬1) سبق تخريج أثري ابن مسعود ومعاوية أما أثر سعد فقد رواه ابن أبي شيبة عن مصعب بن سعد قال: كان سعد يقيل بعد الجمعة. والقيلولة هي الاستراحة نصف النهار وإن لم يكن معها نوم. كما قاله ابن الأثير في النهاية 4/ 133. انظر إرواء الغليل 3/ 64، وأما أثر جابر فلم أجده. (¬2) المؤلف -رحمه الله- لم يذكر إلا حديثًا واحدًا فكأنه نبه به على غيره. (¬3) الخلاف الذي ذكره الخرقي واستدل له ابن قدامة بحديثي جابر وسهل بن سعد هو جواز فعلها في الساعة السادسة التي قبل الزوال أما فعلها قبل ذلك فهو قول ضعيف، وإن كان قد روي عن أحمد واختاره القاض وأصحابه والأولى كما قال صاحب المغني أن لا تصلى إلا بعد الزوال خروجًا من الخلاف؛ ولأنه الوقت الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعلها فيه في كثير من أوقاته. انظر المغني 2/ 212. (¬4) في د، س، ط بينهما. (¬5) في د، س، ب المغاربي. (¬6) الإنصاف 2/ 376. (¬7) في النجديات، هـ، ط أنها. (¬8) في نظ الجمعة. (¬9) في نظ تسقط.

وعثمان وعلي وسعيد وابن عمر وابن عباس وابن الزبير (¬1). وقال أكثر الفقهاء: لا تسقط الجمعة لعموم الآية (¬2)، والأخبار الدالة على وجوبها (¬3). ولنا حديث معاوية أنه سأل زيد بن أرقم هل شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عيدين (¬4) اجتمعا في يوم؟ قال: نعم، قال: فكيف (¬5) صنع؟. قال: صلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال: من شاء أن يصلي فليصل. رواه أبو داود، وفي لفظ الإِمام (¬6) أحمد من شاء أن يجمع فليجمع (¬7). وعن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه عن الجمعة وإنا مجمعون" رواه ابن ماجة (¬8). وأما الإِمام فلا تسقط عنه الجمعة، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وإنا مجمعون" فإن (¬9) حضر معه العدد المعتبر ولو ممّن صلى (¬10) العيد جمع بهم؛ لأن سقوطها عنهم سقوط حضور (¬11) لا وجوب (¬12)، وكذا العيد يسقط بالجمعة ¬

_ (¬1) وهذا اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية قال في الفتاوى 24/ 213 بعد أن ساق الأحاديث في ذلك: وهذا المنقول هو الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه وأصحابه، وهو قول من بلغه من الأئمة كأحمد وغيره والذين خالفوه لم يبلغهم ما في ذلك من السنن والآثار. (¬2) وهي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)} [الجمعة: 9] (¬3) انظر حاشية ابن عابدين 2/ 166 وبداية المجتهد 1/ 219. (¬4) في د عيدان. (¬5) في ج، ط كيف. (¬6) في النجديات، ط الإِمام. (¬7) أبو داود برقم 1070 وابن ماجة برقم 1310 ورواه أحمد في المسند انظر الفتح الرباني 6/ 32 وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي. (¬8) ابن ماجة برقم 1311 وأبو داود برقم 1073. (¬9) في النجديات، هـ، ط فإذا. (¬10) في النجديات، ط ولو في صلاة. (¬11) في د، س حضورهم. (¬12) فيكون حكمه كمريض ونحوه ممّن له عذر أو شغل يبيح ترك الجمعة فتنعقد به الجمعة ويصح أن يؤم فيها، انظر كشاف القاع 2/ 40.

فيعتبر العزم على فعلها (¬1)؛ لأنها إذا سقطت به مع تأكدها فهو أولى بذلك. إن خرج الوقت وهو في الجمعة ... صحت ولو قبل كمال ركعة وعنه بل بدونها (¬2) لا تدرك (¬3) ... والخرقي والشيخ هذا (¬4) سلكوا يعني: إذا أحرم بالجمعة ثم خرج الوقت بعد التحريمة ولو قبل إدراك ركعة أتمها جمعة على الصحيح من المذهب؛ لأنه (¬5) أحرم بها في وقتها أشبه ما لو أتمها فيه. وعنه: إن كان لم يدرك منها ركعة لم يدركها اختاره الشيخ (¬6) الموفق، وهو ظاهر قول الخرقي وصاحب الوجيز وغيرهما، وقدمه ابن رزين في شرحه، قال ابن منجا في شرحه: هو قول أكثر أصحابنا (¬7)، قال في الإنصاف: وليس كما قال (¬8)، وعلى القول بأنه لا (¬9) يدركها هل يتمها ظهرًا أو يستأنف ظهرًا؟ فيه وجهان مبنيان على القولين في المسبوق إذا أدرك مع الإِمام دون ركعة. ¬

_ (¬1) هذا إذا أراد أن يصليها بعد الزوال -بعد خروج وقت العيد- أما إذا أراد أن يصليها قبل الزوال فلا يشترط ذلك لأنها حينئذ تقع في وقت صلاة العيد. انظر كشاف القناع 2/ 41. (¬2) في س دونها. (¬3) في د، س تترك. (¬4) في د، س بهذا. (¬5) في د لأنها. (¬6) سقطت من النجديات، ط. (¬7) وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية لما رواه مسلم برقم 607 عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة"، فهذا نص عام في جميع صور إدراك ركعة من الصلاة سواء كان إدراك جماعة أو إدراك وقت. وفي الصحيحين عنه - صلى الله عليه وسلم -: "من أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الفجر، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر". انظر البخاري 2/ 46 ومسلمٌ رقم 608 والفتاوى 23/ 255 - 257. (¬8) الإنصاف 1/ 377. (¬9) في النجديات، ط لم.

ولا يؤم العبد والمسافر ... في جمعة دليله فظاهر لا فرق إن كان كمال العدد ... بغيره أو لم يكن في مقصدي يعني: من (¬1) لا تجب عليه الجمعة بنفسه كالعبد (¬2) ولو مكاتبًا (¬3) أو مبعضًا (¬4) والمسافر ولو أقام ما يمنع القصر لعلم ونحوه لا يصح أن يؤم في الجمعة سواء كمل العدد بدونه أو لا، لأن الجمعة إنما صحت منه تبعًا فلم يصح أن يكون إمامًا متبوعًا، إذ التابع لا يكون متبوعًا (¬5). ¬

_ (¬1) سقطت من د، س. (¬2) في ح، ط كالعبد. (¬3) المكاتب: العبد الذي اشترى نفسه من سيده بثمن مقسط في ذمته. انظر المقنع 2/ 498. (¬4) وهو الذي بعضه حر وبعضه رقيق كالمعتق نصفه نحوه. (¬5) وهو قول في مذهب الشافعية قال في المنهاج 1/ 284: وتصح خلف العبد والصبي والمسافر في الأظهر إذا تم العدد بغيره، ثم قال في شرحه مغني المحتاج: والثاني لا تصح لأن الإِمام ركن في صحة هذه الصلاة فاشترط فيه الكمال كالأربعين بل أولى.

ومن أبواب العيدين والكسوف والاستسقاء

ومن أبواب العيدين والكسوف والاستسقاء العيدان: تثنية عيد وهو اسم لليوم (¬1) المعروف، سمي بذلك لأنه يعود لوقته أو بالسرور والفرح. والكسوف: ذهاب ضوء أحد (¬2) النيرين (¬3) أو بعضه. والاستسقاء: طلب السقيا على صفة مخصوصة عند جدب الأرض وقحط المطر (¬4) المضر ونحوه (¬5). فرض على الكفاية الصلاة ... للعيد قد أثبته الرواة والحنفي قال فيها تجب ... ومالك والشافعيُّ تندب أي: صلاة العيدين (¬6) فرض كفاية قال في مجمع البحرين: في أظهر الروايتين قال في الإنصاف: هذا المذهب (¬7) وبه قال بعض أصحاب ¬

_ (¬1) في ط اليوم. (¬2) وسقطت من ط. (¬3) نيرين: الشمس والقمر. (¬4) احتباسه. القاموس 3/ 378. (¬5) كما إذا غارت مياه الآبار أو الأنهار أو نقصت. (¬6) في النجديات، هـ ط العيد. (¬7) الإنصاف 1/ 420.

الشافعي (¬1). وقال أبو حنيفة: هي واجبة على الأعيان، وليست فرضًا. لأنها صلاة شرعت لها خطبة (¬2) فكانت واجبة على (¬3) الأعيان كالجمعة. وقال مالك وأكثر أصحاب الشافعي: هي سنة لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: للأعرابي حين ذكر خمس صلوات وقال هل علي غيرهن؟ قال: "لا إلا أن تطوع (¬4) " (¬5)؟ ولأنها ذات ركوع وسجود لا يشرع لها أذان فلم تكن واجبة كصلاة الاستسقاء (¬6). ولنا على وجوبها في الجملة قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} [الكوثر: 2] و (¬7) الأمر يقتضي الوجوب، ولأنها من أعلام الدين الظاهرة فكانت واجبة كالجمعة والجهاد. ¬

_ (¬1) وهو وجه ضعيف في مذهب الشافعية ذكر ذلك النووي في المنهاج 1/ 310 قال: باب صلاة العيدين، هي سنة وقيل فرض كفاية. (¬2) في النجديات، هـ ط الخطبة. (¬3) بدائع الصنائع 1/ 274 - 275 وقد مال إلى هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية واستدل بما يأتي: 1 - أن المسلمين كلهم يجتمعون خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه بعده، ولم يكونوا في سائر التطوع يفعلون ذلك بل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلى التطوع ويدع، فكان مرة يستسقي بالصلاة في الصحراء وفي أخرى يدعو فقط، حتى أن من العلماء من لم يعرف في الاستسقاء صلاة كأبي حنيفة. 2 - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر النساء أن يخرجن إلى العيد حتى أمر بإخراج الحيض فقالوا له: إن لم يكن للمرأة جلباب. قال - صلى الله عليه وسلم -: "لتلبسها أختها من جلبابها". وهذا توكيد لخروجهن يوم العيد مع أنه في الجمعة والجماعة قال: "وبيوتهن خير لهن". 3 - وأيضًا فإن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قيل له: إن بالمدينة ضعفاء، لا يمكنهم الخروج معك فلو استخلفت من يصلي بهم فاستخلف من صلى بهم فلو كان الواحد يفعلها بنفسه لم يحتج إلى الاستخلاف الذي لم تمض به السنة. انظر الفتاوى 24/ 178 - 183 بتصرف. (¬4) في النجديات، ط تتطوع. (¬5) البخاري 1/ 97 - 98 ومسلمٌ برقم 8 وأبو داود برقم 391 والنسائيُّ 4/ 121. (¬6) الكافي لابن عبد البر 1/ 263 ومغني المحتاج 1/ 310. (¬7) سقطت من ط.

فأما حديث الأعرابي فليس لهم فيه حجة لأن الأعراب (¬1) لا تلزمهم الجمعة فالعيد أولى، والمراد منه فرض العين بدليل الجنازة، وهو مخصوص أيضًا بغير المنذورة فكذلك صلاة العيد، وقياسهم لا يصح؛ لأن كونها ذات ركوع وسجود لا أثر له فيجب حذفه، فينقض (¬2) بصلاة الجنازة وينتقض على كل حال بالصلاة المنذورة. قراءة الجمعة فاندب فيها ... سورتها وسورة تليها أي: سورة الجمعة والتي تليها وهي سورة المنافقين قال القاضي علاء الدين المرداوي: إن كان مراده (¬3) هنا أنه تندب (¬4) قراءتهما في صلاة العيد فما رأيته لغيره (¬5)، وإن كان مراده صلاة الجمعة وهو المنقول (¬6)، فما هذا محله، بل محله في بابه وهو الباب قبله (¬7). قلت: وعلى فرض أن يكون الثاني مراده فليس من المفردات لأنه قول الشافعي أيضًا (¬8). ويحتمل أن يكون المعنى قراءة السورة التي يقرأ بها في الجمعة، وهي سورة سبح والتي تليها الغاشية، فيقرأ بهما في ركعتي العيد وهو موافق ¬

_ (¬1) في د العرب. (¬2) في النجديات، ط فينقص. (¬3) في النجديات، ط المراد. (¬4) في النجديات، ط يندب. (¬5) يعني: أنه لم ير أحدًا من الأصحاب حكاه عن الإِمام أحمد ولا ذكره رواية عنه وإنما رآه من الناظم فقط. (¬6) وبنحو هذا قال المالكية، قال ابن عبد البر في الكافي 1/ 25: والقراءة في الجمعة بعد فاتحة الكتاب بسورة الجمعة في الركعة الأولى، وفي الثانية بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} أو {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} أو {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ}، كل ذلك حسن مستحب أو بما شاء ولا ينبغي أن تترك سورة الجمعة إلا من ضرورة. (¬7) في ط قبل. (¬8) انظر مغني المحتاج 1/ 290.

للمذهب، لحديث مسلم (¬1) لكنه بعيد عن عبارته (¬2) ولا قرينة تصرف إليه، لكن العمل عليه أولى تصحيحًا لعبارته (¬3). تكبير تشريق فقل بالعصر ... من آخر يقطع لا بالفجر يعني: أن التكبير عقب الصلوات المفروضات جماعة يستمر إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، وهو قول عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود وإليه ذهب الثوري وابن عيينة وأبو يوسف ومحمَّد (¬4). وعن ابن مسعود أنه كان يكبر من غداة عرفة إلى العصر من يوم النحر (¬5) وإليه ذهب النخعي وعلقمة وأبو حنيفة لقوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا (¬6) اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28]، (¬7)، وهي أيام العشر ويوم النحر آخرها (¬8). وعن ابن عمر وعمر بن عبد العزيز أن التكبير إلى الفجر من آخر أيام التشريق، وبه قال مالك والشافعيُّ في المشهور عنه، ولأن الناس تبع (¬9) للحج (¬10) ¬

_ (¬1) رواه مسلم برقم 878 وهو عن النعمان بن بشير قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في العيدين (2) والجمعة بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)} وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأ بهما، وقد أخرجه أبو داود برقم 112 والترمذيُّ برقم 533. (¬2) في النجديات عبارة. (¬3) لكن في نهاية المحتاج 2/ 391 للشافعية ما يفيد بأن قراءة سورتي سبح والغاشية في صلاة العيد سنة وهو كذلك عند الحنفية. قال في بدائع الصنائع 1/ 277: ويقرأ في الركعتين أي سورة شاء وقد روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقرأ في صلاة العيد {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)} فإن تبرك بالاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قراءة هاتين السورتين في أغلب الأحوال فحسن، لكن يكره أن يتخذهما حتمًا لا يقرأ فيها غيرهما. (¬4) انظر فتح القدير 2/ 81 وهو قول في مذهب الشافعية. قال في نهاية المحتاج 2/ 398: وفي قول يكبر من صبح عرفه ويختم بعصر آخر أيام التشريق للأتباع. (¬5) ابن أبي شيبة 2/ 165. (¬6) في النجديات، ط واذكروا. (¬7) صوابها (ويذكروا اسم الله). (¬8) فتح القدير 2/ 80. (¬9) في ط تتبع. (¬10) في أ، جـ، ط الحج وفي ب الحاج.

وآخر صلاة بمنى الفجر من اليوم الثالث من أيام التشريق (¬1). ولنا ما روى جابر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الصبح من غداة عرفة أقبل على أصحابه فيقول: على مكانكم و (¬2) يقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، فيكبر (¬3) من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق (¬4)، وعن علي وعمار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكبر يوم عرفة صلاة الغداة ويقطعها صلاة العصر آخر أيام التشريق، رواهما الدارقطني (¬5)، إلا أنهما من رواية عمرو (¬6) بن شمر (¬7) عن جابر الجعفي وقد ضعفا، ولأنه قول عمر وعلي وابن عباس رواه سعيد (¬8) عنهم، قيل لأحمد: بأي حديث تذهب إلى أن التكبير (¬9) من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق؟ قال: بإجماع (¬10) عمر وعلي وابن عباس، ولقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] وهي أيام التشريق فيتعين الذكر في جميعها. * * * بخطبة الفطر كذاك يقطع ... ...................... يسن التكبير ليلة عيد (¬11) الفطر بلا نزاع، ونص عليه لقوله: ¬

_ (¬1) الكافي لابن عبد البر 1/ 265 ونهاية المحتاج 2/ 398. (¬2) سقط من ط. (¬3) في د، س فيكون. (¬4) الدارقطني 2/ 50 في كتاب العيدين غير أنه بلفظ الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله .. إلخ. (¬5) الدراقطني 2/ 49. (¬6) هو عمرو بن شمر الجعفي الكوفي قال يحيى: ليس بشيء. وقال الجوزجاني: زائغ كذاب. وقال ابن حبان: رافضي يشتم الصحابة ويروي الموضوعات عن الثقات. وقال البخاري: منكر الحديث .. انظر ميزان الاعتدال 3/ 268. (¬7) في د، س سمره. (¬8) أي: سعيد بن منصور في سننه وليس في المطبوع منها كتاب الصلاة. (¬9) في النجديات، ط في. (¬10) في النجديات، د، س. (¬11) سقطت من النجديات، ط.

{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185]، ويستحب أيضًا أن يكبر من الخروج إليها إلى فراغ الخطبة على الصحيح من المذهب عليه أكثر الأصحاب. وعنه: (¬1) إلى خروج الإِمام إلى صلاة العيد. وقيل: إلى سلامها وهو ظاهر كلامه في المنظومة. وعنه: إلى وصول المصلي إلى المصلى وإن لم يخرج الإِمام وكذا حكم التكبير المطلق في الأضحى بل يسن في العشر كله (¬2) لا غير (¬3) على الصحيح من المذهب وعليه أكثر الأصحاب، وقيل: (¬4) إلى آخر آيام التشريق. * * * ...................... ... والجهر في الكسوف أيضًا يشرع أي: يسن الجهر في صلاة الكسوف روى عن علي أنه (¬5) فعله (¬6)، وهو مذهب أبي يوسف وإسحاق وابن المنذر (¬7) لحديث عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جهر في صلاة الكسوف. متفق (¬8) عليه. وعنها أيضًا: أن ¬

_ (¬1) في النجديات، ط وقيل وعنه. (¬2) لعل الأصح كلها ويجوز ما ذكره على تقدير مضاف محذوف تقديره في زمن العشر كله أو نحوه. (¬3) في ط لا غيره. (¬4) في أ، حـ، ط، وقيل لا إلى. (¬5) في ط أن فعله. (¬6) رواه ابن خزيمة وسكت عليه الحافظ في الفتح 2/ 252. (¬7) وقال به من الشافعية ابن خزيمة ورجحه ابن حجر في فتح الباري 2/ 454 - 455 ورجحه من المالكية ابن العربي في عارضه الأحوذي 423 وذكر أنه رواية المدنيين عن مالك كما رجحه الشوكاني في نيل الأوطار3/ 377 وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية في فتاواه 4/ 261. (¬8) البخاري 2/ 454 ومسلمٌ برقم 901.

النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الكسوف وجهر فيها، قال الترمذيُّ: هذا حديث حسن صحيح (¬1)، ولأنها نافلة شرعت لها الجماعة فكان من سننها الجهر كصلاة الاستسقاء. وأما قول عائشة: حزرت (¬2) قراءته: ففي إسناده مقال (¬3)، على أنه يحتمل أن يكون لبعد ونحوه. وخطبة فرد (¬4) في الاستسقاء ... تشرع لاثنتين (¬5) في الأداء (¬6) أي: يسن بعد صلاة الاستسقاء خطبة واحدة على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب ونص عليه وبهذا قال عبد الرحمن بن مهدي لقول ابن عباس: لم يخطب خطبتكم هذه ولكن لم يزل في الدعاء والتكبير (¬7) وهذا يدل على أنه ما فصل بين ذلك بسكوت ولا (¬8) جلوس، ولأن كل من نقل الخطبة لم ينقل خطبتين وقول ابن عباس صنع النبي - صلى الله عليه وسلم - كما صنع في العيد (¬9)، محمول على الصلاة بدليل قوله صلى ركعتين كما كان يصلي في العيد وبدليل أول الحديث (¬10). ¬

_ (¬1) الترمذيُّ برقم 563 وأبو داود برقم 118 وسقطت كلمة حسن من د، س. (¬2) قال في القاموس 2/ 8: (الحزر: التقدير والخرص). (¬3) رواه أبو داود برقم 1187 وفي إسناده محمد بن إسحاق وقد صرح بالسماع. (¬4) في جـ، ط فزد وفي نظ كأنها يزيد. (¬5) في نظ لا تسن. (¬6) في نظ، جـ، ط الأداء. (¬7) جزء من حديث ابن عباس الذي رواه أبو داود برقم 1165 والترمذيُّ برقم 558 والنسائيُّ 3/ 156. (¬8) في ب وإلا. (¬9) لم أجده بهذا اللفظ وهو في المغني 2/ 288 منقولًا عن ابن عبد البر. (¬10) بعض حديث ابن عباس السابق ولفظ الحديث: بكامله عن إسحاق بن عبد الله بن كنانة قال: أرسلني الوليد بن عتبة وكان أمير المدينة إلى ابن عباس أسأله عن استسقاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متبذلًا متواضعًا متضرعًا حتي أتى المصلى فلم يخطب خطبتكم هذه ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير وصلى ركعتين كما كان يصلي في العيد. رواه أبو داود 1165 والترمذيُّ برقم 558 والنسائيُّ 3/ 156.

وهكذا التكبير في ابتدائها ... يشرع كالعيد وفي أثنائها أي: يسن ابتداء خطبة الاستسقاء بالتكبير فنفتتحها (¬1) بتسع تكبيرات متتابعات كخطبة العيد (¬2) لحديث ابن عباس السابق: صنع النبي - صلى الله عليه وسلم - كما صنع في العيد، ويكبر أيضًا في أثناء (¬3) الخطبة كما في خطبة العيد لكن يكثر هنا من الاستغفار وقراءة آيات فيها الأمر به ومن الدعاء والتضرع. ¬

_ (¬1) في النجديات، ط فنفتتحها. (¬2) وعند الشافعية أنه يخطب خطبتين كالعيد يفتتح الأولى بتسع تكبيرات متوالية والثانية بسبع قال في مغني المحتاج 1/ 324: وقيل إنه يكبر كالعيد قال المصنف (النووي): وهو ظاهر نص الأم وقال الأذرعي: إنه قضية كلام أكثر العراقيين، وقد قال في المنهاج في وصف خطبتي العيد: يفتتح الأولى بتع تكبيرات والثانية بسبع ولاءً. (¬3) في النجديات، ط ابتداء.

ومن كتاب صلاة الجنائز

ومن كتاب (¬1) صلاة الجنائز بفتح الجيم جمع جنازة بكسرها وفتحها وقيل بالكسر اسم للسرير عليه الميت، وبالفتح للميت، وقيل: بالعكس، وإن لم يكن على السرير ميت لم يقل له جنازة ولا نعش (¬2). وشارب الميت كذاك الظفر ... طويله يقص (¬3) ندبًا ذكروا أي: يستحب قص شارب الميت إذا طال، وهذا قول الحسن وبكر بن عبد الله وسعيد بن جبير وإسحاق لقول أنس: اصنعوا بموتاكم ما تصنعون بعرائسكم (¬4)، ولأن تركه يقبح منظره وفعله مسنون في الحياة ولا (¬5) مضرة فيه فشرع بعد الموت كالاغتسال. وكذا يسن قص أظافره إذا طالت لما تقدم (¬6)، وما أخذ (¬7) منه جعل معه كعضو ساقط. ويحرم حلق عانته وختنه ولا يسرح شعره بالمشط لأنه يقطعه ولا حاجة إليه. ¬

_ (¬1) في النجديات، ط باب. (¬2) انظر النهاية 1/ 306. (¬3) في نظ نقص. (¬4) لم أجده وهو في الشرح الكبير 2/ 325 والمبدع 2/ 231 وهو في المغني 2/ 408 من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬5) الواو من النجديات، ط. (¬6) وهو الجديد من قولي الشافعي ذكر ذلك النووي في المجموع 5/ 137 عن طائفة من علماء الشافعية. (¬7) في النجديات أخذه.

بعد أربع المشهور (¬1) سقط يغسل ... وصل لو لم يستهل نقلوا السقط بتثليث السين (الولد (¬2) تضعه المرأة لغير تمام أو ميتًا (¬3) فإن خرج حيًا واستهل غسل وصلي عليه حكاه ابن المنذر إجماعًا. وإن خرج ميتًا فقال أحمد: إذا أتى له أربعة أشهر غسل وصلي عليه. وهذا قول سعيد بن المسيب وابن سيرين وإسحاق (¬4). وصلى ابن عمر على ابن لابنته ولد ميتًا) (¬5)، وذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والسقط يصلى عليه". رواه أبو داود والترمذيُّ وفي رواية الترمذيُّ والطفل يصلى عليه وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيح (¬6) وذكره أحمد واحتج به وبحديث أبي بكر (¬7) الصديق أنه قال: ما أحد أحق أن يصلى عليه من الطفل (¬8). ولأنه نسمة نفخ فيها الروح فيصلى عليه كالمستهل، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن مسعود أخبر أنه ينفخ فيه الروح لأربعة أشهر (¬9). وأما حديث الطفل لا يصلى عليه (¬10) ولا يرث ولا يورث حتى ¬

_ (¬1) في النجديات، د، هـ. (¬2) سقط من أ، حـ، ط. (¬3) النهاية 2/ 378. (¬4) وذكر في المهذب وغيره من كتب الشافعية أنه قديم قولي الشافعي وقد نقل النووي إنكار بعض علماء الشافعية نسبة ذلك إلى الشافعي. انظر المجموع 4/ 212 - 213. (¬5) لم أجده، وقد ذكره الموفق في المغني 2/ 397. (¬6) أبو داود برقم 3180 من حديث المغيرة بن شعبة يرفعه ورواه أحمد في المسند 4/ 248 - 249 وإسنادُهُ صحيحٌ، والرواية الثانية رواها الترمذيُّ برقم 1031 والنسائي 4/ 55، 56 والحاكم 1/ 363 والبيهقيُّ 4/ 8. (¬7) سقطت من د، س. (¬8) عبد الرزاق برقم 6604 موقوفًا بلفظ أحق من صلينا عليه أبناؤنا ورواه البيهقي في السنن 4/ 9 مع الجوهر النقي وقد ذكره من وجه آخر مرفوعًا عن البراء بن عازب. (¬9) البخاري 11/ 417 وفي مسلم برقم 2643 وأبو داود برقم 4708 والترمذيُّ برقم 2138. (¬10) سقطت من هـ.

يستهل. رواه الترمذيُّ: فقال الترمذيُّ: قد اضطرب فيه (¬1). والزوج لا توجب عليه كفنا ... لزوجة إعسارها تبينا يعني: أن الزوج لا يجب (¬2) عليه (¬3) كفن زوجته ولا مؤونة تجهيزها ولو كانت معسرة، وهذا قول الشعبي وأبي حنيفة (¬4)، قاله في الشرح (¬5)، لأن النفقة والكسوة وجبت للتمكين (¬6) من الاستمتاع، ولهذا تسقط بالنشوز، وقد انقطع ذلك بالموت، فأشبه ما لو انقطع بالفرقة في الحياة، ولأنها (¬7) بانت منه بالموت فأشبهت الأجنبية. وفارقت المملوك لأن نفقته تجب بحق الملك لا بالانتفاع، ولهذا تجب نفقة الآبق وفطرته، والولد تجب نفقته بالقرابة ولا تبطل بالموت، بدليل أن السيد والوالد (¬8) أحق بدفنه وتوليه (¬9). فإن لم يكن لها مال فذلك على من تلزمه نفقتها من الأقارب، فإن لم يكن ففي بيت المال إن أمكن وإلا فعلى من علم بها من المسلمين (¬10). ¬

_ (¬1) الترمذيُّ برقم 1032 وابن ماجة برقم 1508 وقال فيه الترمذيُّ: هذا حديث قد اضطرب الناس فيه، فرواه بعضهم عن أبي الزبير عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا ورواه بعضهم موقوفًا على جابر وكان هذا (يعني: الموقوف) أصح من المرفوع. (¬2) كررت في ب. (¬3) سقطت من جـ. (¬4) وبه قال صاحبه محمد بن الحسن وهو قول في مذهب الشافعية والمعتمد في مذهب المالكية. انظر في ذلك بدائع الصنائع 1/ 308 - 309 ومغني المحتاج 1/ 338 وحاشية الدسوقي 1/ 414. (¬5) الشرح الكبير 2/ 338. (¬6) في الأزهريات للتمكن. (¬7) سقطت الواو من ط. (¬8) في جـ، ط الولد. (¬9) في أ، جـ. ط في توليته وفي ب وتوليته. (¬10) عن أحمد رواية أخرى: أنها إن كان لها مال فكفنها في مالها مقدم على الدين والوصية وإن لم يكن لها مال فيجب على الزوج كفنها، وهذا قول أبي يوسف، والأصح في مذهب الشافعي، وقول في مذهب مالك، وما ذكره المؤلف وغيره من =

صلاة ميت فالوصي قدموا ... على إمام أو قريب فاعلموا أي: يقدم الوصي بالصلاة على الميت على الإِمام الأعظم والأقارب وغيرهم وهذا قول سعيد بن زيد وأنس وأبي برزة وزيد بن أرقم وأم سلمة. وقال الثوري وأبو حنيفة ومالك والشافعيُّ: تقدم العصبات لأنها ولاية تترتب (¬1) بترتب العصبات، فالولي فيها أولى كولاية النكاح (¬2). ولنا إجماع الصحابة -رضي الله عنهم- فقد أوصى أبو بكر أن يصلي عليه عمر (¬3)، وعمر أوصى أن يصلي عليه صهيب (¬4)، وأم سلمة أوصت أن يصلي عليها (سعيد بن زيد (¬5)، وأبو بكرة (¬6) أوصى أن يصلي عليه (¬7) أبو برزة (¬8)، وعائشة أوصت أن يصلي عليها أبو هريرة (¬9)، وابن مسعود أوصى ¬

_ = أنها بانت منه بالموت فلا يجب لها عليه شيء غير صحيح بدليل أنه يرثها لو كان لها مال. انظر بدائع الصنائع 1/ 308 - 309 والمنهاج 1/ 338 وحاشية الدسوقي 1/ 414. (¬1) في أترتيب لترتب وفي ط ترتيب لترتيب وفي د، س ترتيب بترتيب. (¬2) خلاف المذكورين إنما هو في تقديم العصبات على الوصي وليس على الإِمام أيضًا فقد نص علماء الحنفية والمالكية على تقديم الوالي على الولي واستدلوا بأن الحسين -رضي الله عنه- قدم سعيد بن العاص ليصلى على الحسن بن علي وكان سعيد أميرًا على المدينة وقال له الحسين: تقدم فلولا أنها سنة ما قدمتك. انظر حاشية ابن عابدين 2/ 219 - 221 والكافي لابن عبد البر 1/ 373 - 274 أما الشافعي فإنه قدم الولي على الوالي في إمامة صلاة الجنازة قال النووي في المنهاج 1/ 346: (الجديد أن الولي أولى بإمامتها من الوالي). (¬3) ذكره النووي في المجموع 5/ 177 نقلًا عن ابن المنذر معلقًا. (¬4) المرجع السابق وقد ذكر ابن سعد في الطبقات 3/ 229 - 230: أن عمر قال لأهل الشورى: ليصل لكم صهيب. ولما مات عمر قدم الصحابة صهيبًا للصلاة عليه؛ لأنه الذي يصلي بهم المكتوبات وليس فيه الوصية. (¬5) ابن أبي شيبة 3/ 275. (¬6) في د، س أبو بكر. (¬7) ما بين القوسين سقط من جـ، ط. (¬8) لم أجده وهو في المغني 2/ 367. (¬9) المجموع 5/ 117 نقلًا عن ابن المنذر.

أن يصلي عليه الزبير (¬1). وهذه قضايا اشتهرت ولم يظهر لها مخالف فكانت إجماعًا ولأنها حق للميت فإنها شفاعة له فقدم وصيه فيها كتفريق ثلثه. وولاية النكاح يقدم عندنا أيضًا فيها الوصي على الصحيح وإن سلمت (¬2) فليس حقًا له بل للمولى (¬3) عليه. إن كبر الأمام في صلاته ... خمسًا على جنازة فواته أي: إذا كبر الإِمام في الصلاة على الجنازة خمسًا تابعه المأموم وجوبًا، ولا يتابعه فيما زاد عليها كذلك، رواه الأثرم، وهو ظاهر الخرقي، وقدمه في المقنع وغيره (¬4) لحديث مسلم (¬5) عن زيد بن أرقم أنه كبر على جنازة خمسًا، وقال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكبرها، وروى سعيد بإسناده عن حذيفة معناه (¬6)، وعن علي أنه صلى على سهل (¬7) بن حنيف فكبر عليه خمسًا (¬8). وعنه يتابعه إلى سبع قطع به في التنقيح والمنتهى والإقناع وغيرها وهو قول بكر بن عبد الله المزني؛ لأنه روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر على حمزة سبعًا، رواه ابن شاهين (¬9)، وكبر (علي) (¬10) على أبي قتاده سبعًا (¬11)، وكبر على ¬

_ (¬1) البيهقي 4/ 29. (¬2) في د، هـ، س أسلمت. (¬3) في ط المولى. (¬4) وهو مذهب الظاهرية قال ابن حزم في المحلى 5/ 124: (ويكبر الإِمام والمأمومون بتكبير الإِمام على الجنازة خمس تكبيرات لا أكثر، فإن كبروا أربعًا فحسن ولا أقل). (¬5) مسلم برقم 957 وابن ماجة برقم 1505 والدارقطني 2/ 73. (¬6) الدراقطني 2/ 73. (¬7) في د، هـ، س سهيل. (¬8) قال في نيل الأوطار 4/ 68: رواه ابن أبي خيثمة عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن مغفل وعند عبد الرزاق 3/ 481 وابن أبي شيبة 4/ 115 بلفظ إن عليًا كبر على جنازة خمسًا. (¬9) الدارقطني 4/ 116 والحاكم في المستدرك 3/ 198 والبيهقيُّ في السنن 4/ 12 وفيه يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف، انظر نصب الراية 2/ 310. (¬10) ما بين القوسين من ب، هـ، س، ص، ك. (¬11) البيهقي 4/ 36 - 37 وقال: إنه غلط لأن أبا قتادة عاش بعد موت علي مدة طويلة قال =

سهل بن حنيف ستًا (¬1) وهذا إذا لم تظن بدعة الإِمام أو رفضه ولا يجوز الزيادة على سبع ولا النقص عن أربع فإذا جاوز الإِمام سبعًا لم يتابعه ولم يسلم قبله لأنه ذكر وينبغي أن يسبح به بعد السابعة. وفائت التكبير للمأموم ... قضاؤه فليس بالمحتوم أي: لا يجب على المسبوق قضاء ما فاته من التكبير بل يخير (¬2) لحديث عائشة قالت: يا رسول الله، إني أصلى على الجنازة ويخفى عليّ بعض التكبير قال:"ما سمعت فكبري وما فاتك فلا قضاء (¬3) عليك" (¬4)، ولأنها (¬5) تكبيرات متواليات حال القيام فلم يجب ما فات منها كتكبيرات العيد (¬6). وأما حديث: "فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" (¬7)، فهو في الصلوات الخمس بدليل صدره ولكن يستحب للمسبوق قضاؤه خروجًا من الخلاف وتحصيلًا للأجر. من غلّ فالإمام لا يصلي ... عليه لكن غيره في النقل أي: لا يسن للإمام الأعظم وإمام كل قرية وهو واليها في القضاء ¬

_ = الحافظ في التلخيص 2/ 120: وهذه علة غير قادحة لأنه قد قيل: إن أبا قتادة قد مات في خلافة علي وهذا هو الراجح. (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة 3/ 165 وعبد الرزاق 1/ 480 والحاكم في المستدرك 3/ 409. (¬2) في جـ، ط يخبر. (¬3) في أ، ط تقضي وفي ب، جـ قضي بالمقصورة. (¬4) لم أجده وهو في المغني 2/ 376 وقد ذكر ابن حزم في المحلى 5/ 179 أنه لم يصح فيه شيء خاص بصلاة الجنازة. (¬5) سقطت الواو من د، س. (¬6) وعدم قضاء ما فات من التكبير على الجازة مروي عن ابن عمر والحسن البصري والشعبي وعطاء وقتادة ذكر ذلك ابن أبي شيبة في المصنف 3/ 306. (¬7) البخاري 2/ 97، 98 ومسلمٌ برقم 602 وأبو داود برقم 572 والترمذيُّ برقم 327 والنسائيُّ 2/ 114 - 115 وصدره: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وائتوها تمشون، وعليكم السكينة". الحديث.

الصلاة على الغال وهو: من كتم شيئًا من الغنيمة ليختص به، ويصلي عليه غيره لحديث زيد بن خالد الجهني قال: توفي رجل من جهينة يوم خيبر (¬1) فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "صلوا على صاحبكم"، فتغيرت وجوه القوم فلما رأى ما بهم قال: "إن صاحبكم غلّ من الغنيمة" (¬2) احتج به أحمد، واختص الامتناع بالإمام لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما امتنع قال: "صلوا على صاحبكم"، وكان (¬3) النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الإِمام فألحق به من ساواه (¬4) في ذلك. وهكذا عامد قتل نفسه ... لسوء ما يلقاه بعد رمسه (¬5) يعني: مثل الغال فيما تقدم من تعمد قتل نفسه لحديث جابر بن سمرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاؤوه (¬6) برجل قد (¬7) قتل نفسه بمشاقص (¬8) فلم يصل عليه. رواه مسلم (¬9): وروى (¬10) أبو داود (¬11) نحوه (¬12). ¬

_ (¬1) في الموطأ يوم حنين وهر سهو تفرد به يحيى بن يحيى الليثي كما نبه عليه الزرقاني 3/ 30. (¬2) رواه أحمد انظر الفتح الرباني 7/ 312 وأبو داود رقم 2710 وابن ماجة برقم 4848 والموطأ 3/ 30 وإسناده عند مالك وابن ماجة صحيح وتتمته: ففتشنا متاعه فوجدنا فيه خرزًا من خرز اليهود ما يساوي درهمين. (¬3) في د، س فكان. (¬4) في أ، جـ! سواه. (¬5) الرَّمس: الدفن ويطلق أيضًا على القبر وعلى كتمان الخبر. انظر القاموس 2/ 220. (¬6) في ط جاءه رجل. (¬7) سقطت من النجديات، ط. (¬8) في أبمشقاص. (¬9) مسلم برقم 978 والترمذيُّ برقم 1068 أو النسائي 4/ 66. (¬10) في ط ورواه أبو داود. (¬11) أبو داود برقم 3185. (¬12) واختار شيخ الإِسلام ابن تيمية ما انفرد به أحمد في هذه المسألة والتي قبلها وذلك في فتاواه 24/ 289 - 290 غير أنه لا يجعل ذلك للإمام فقط بل لإئمة العلم والدين الذين يقتدى بهم لما في تركهم من زجر الناس عن تلك الأعمال القبيحة. وقد ألحق شيخ الإِسلام أهل الكبائر بمن ورد فيهم النص وهو الغال وقاتل نفسه والمدين الذي لا قضاء له فيرى رحمه الله أن ترك الأئمة الصلاة على أهل الكبائر الظاهرة يثبت بطريق الأولى قياسًا على هؤلاء.

والمشاقص (¬1)، جمع مشقص كمنبر (¬2) نصل عريض (¬3) أو سهم فيه ذلك، وروي أنه -عليه السلام- أمر بالصلاة على قاتل نفسه (¬4). وأشار بقوله لسوء ما يلقاه .. إلخ إلى علة الامتناع من الصلاة عليه (¬5). والميت إن قبل الصلاة دفنوا ... تعمدوا ذلك أو (¬6) ما فطنوا ينبش ما لم يطل الزمان ... وكان من تفسيخه (¬7) أمان يعني: إذا دفن الميت قبل الصلاة عليه عمدًا أو غفلة ونحوها نبش وأخرج وصلي عليه إن لم يخش تغيره أو تفسخه؛ لأن الصلاة عليه واجبة وقد دفن قبلها أشبه ما لو دفن قبل أن يغسل وإنما يصلى على القبر عند الضرورة. وأما المسكينة التي صلى النبي (¬8) - صلى الله عليه وسلم - على قبرها ولم تنبش فقد كان صلي عليها (¬9) فلم تبق الصلاة عليها واجبة فإن تغير الميت لم ينبش. ¬

_ (¬1) في أالمشقاص. (¬2) في أ، ب، جـ يكسر (بالياء) وفي ب بكسر بالباء الموحدة. (¬3) قال في النهاية 2/ 49 المشقص: نصل السهم إذا كان طويلًا غير عريض فإذا كان عريضًا فهو المعبلة. (¬4) لم أجد أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بالصلاة على قاتل نفسه بل ورد ذلك في حديث الغال السابق حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا على صاحبكم وورد في حديث جابر فيمن قتل نفسه عند النسائي أما أنا فلا أصلي عليه". (¬5) أي: إلى سبب الامتناع من الصلاة عليه وقد ثبت ذلك من حديث جندب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكينًا فحز به يده فما رقأ الدم حتى مات فقال الله عزَّ وجلَّ: عبدي بادرني بنفسه حرمت عليه الجنة". رواه البخاري 6/ 362 ومسلمٌ برقم 113 وما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة عليه إلا عقوبة له وردعًا لغيره عن مثل عمله. انظر عون المعبود 8/ 473. (¬6) في أ، جـ و. (¬7) في أ، ب، جـ تفسخه. (¬8) في د الله. (¬9) رواه النسائي 4/ 69 وروى نحوه البخاري 3/ 164 ومسلمٌ برقم 956 وأبو داود برقم 3203.

عند الطلوع (¬1) أو غروب الشمس ... يكره وضع ميت في رمس كذاك عند الاستوا في الظاهر ... ...................... أي: يكره الدفن في ثلاثة أوقات: 1 - عند طلوع الشمس حتى ترتفع قيد (¬2) رمح. 2 - وعند غروبها حتى يتم. 3 - وعند قيامها وهو وقت الاستواء حتى تزول. لحديث عقبة بن عامر ثلاث ساعات كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهانا عن الصلاة فيهن وأن نقبر فيهن موتانا حين (¬3) تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة، وحين تتضيف الشمس للغروب، رواه مسلم (¬4). ومعنى تتضيف (¬5) أي: تجنح (¬6) وتميل للغروب من قولك تضيفت فلانًا إذا ملت إليه. فأما في غير (¬7) هذه الأوقات فيجوز ليلًا ونهارًا لكن الدفن نهارًا أولى. ¬

_ (¬1) في ط طلوع. (¬2) في النجديات، ط قدر. (¬3) في د، س حيث. (¬4) مسلم برقم 831 وأحمد. انظر الفتح الرباني 8/ 68 - 69. (¬5) في د، س تتضيق. (¬6) جـ جنح. (¬7) في ط فأما في هذه.

............... ... والمشي بالنعلين في المقابر أي: يكره، فيستحب خلع النعال وما في معناها لمن دخل (في) (¬1) المقابر لحديث بشير (¬2) بن الخصاصية (¬3) قال: بينما أنا أماشي (¬4) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ رأى رجلًا يمشي في القبور عليه نعلان فقال له: "يا صاحب السبتتين ألق سبتتيك" (¬5). فنظر الرجل فلما عرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلعها فرمى بهما. رواه أبو داود، وقال (¬6) أحمد: إسناده جيد (¬7)، وأكثر أهل العلم لا يرون بذلك بأسًا (¬8)، ولا يكره المشي فيها بالخف. تطوع القربات كلالصلاة (¬9) ... ثوابه (¬10) لمسلمي الأموات يهدي وكالقرآن مثل الصدقة ... منفعة تأتيهم محققة يعني: أي قربة فعلها مسلم وجعل ثوابها للميت فإنه ينفعه قال في الشرح (¬11): أما الدعاء والاستغفار والصدقة وقضاء الدين وأداء الواجبات، فلا نعلم فيه خلافًا إذا كانت الواجبات مما تدخله النيابة، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ ¬

_ (¬1) ما بين القوسين من ط. (¬2) في أكسر وفي ب، جـ، ط بشر وفي هـ كشتر. (¬3) في أ، جـ، د، س، الحصاصية بالحاء وفي ط الخصاصة. (¬4) في أ، جـ ماشيًا وراء وفي ب، ط ماش وراه. (¬5) في ط سبيتك. (¬6) سقطت الواو من د، س. (¬7) أبو داود برقم 3230 وأحمدُ 5/ 83، 84، ولفظ أحمد: يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتك. والنعال السبتيه: هي المصنوعة من جلود البقر المدبوغة سميت بذلك لأن شعرها قد سُبِت عنها أي أزيل وقيل: لأنها انسبتت أي لانت. النهاية 2/ 330. (¬8) انظر المنهل العذب المورود 9/ 78. (¬9) في د في الصلاة. (¬10) في جـ ثوبه. (¬11) الشرح الكبير 2/ 425.

سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر: 10]. وقال تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19] ودعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي سلمة حين (¬1) مات (¬2)، وللميت الذي صلى عليه (¬3)، وسأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، إن أمي ماتت أفينفعها أن أتصدق (¬4) عنها قال: "نعم"، رواه أبو داود (¬5). وجاءت امرأة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: "أرأيت (¬6) لو كان على أبيك دين كنت قاضيته؟ " قالت: نعم، قال: "فدين الله أحق أن يقضى" (¬7) وقال في الذي سأله أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأصوم (¬8) عنها؟ قال: "نعم" (¬9)، وكلها أحاديث صحاح وفيها دلالة على انتفاع الميت بسائر القرب لأن الصوم والحج والدعاء والاستغفار كلها عبادات بدنية وقد أوصل الله (¬10) نفعها إلى الميت فكذلك ما سواها (¬11)، وكذا ما ورد في ¬

_ (¬1) في جـ، ط حتى حين مات. (¬2) حيث دعا له - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين وأغفر لنا وله يا رب العالمين وافسح له في قبر ونور له فيه". رواه مسلم برقم 920. (¬3) روى عوف بن مالك قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد صلى على جنازة يقول: (اللَّهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله وأغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارًا خيرًا من داره وأهلًا خيرًا من أهله وزوجًا خيرًا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من القبر أو من عذاب النار". قال عوف: فتمنيت أن لو كت أنا الميت لدعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لذلك الميت. رواه مسلم 963 والنسائيُّ 4/ 73. (¬4) في النجديات، هـ، ص أن تصدقت. (¬5) البخاري 5/ 289 وأبو داود برقم 2882 والنسائيُّ 6/ 252 - 253. (¬6) في د، س رأيت. (¬7) البخاري 3/ 300 مسلم برقم 1354، 1335 وأبو داود برقم 1809. (¬8) سقطت همزة الاستفهام من النجديات،. هـ، ط. (¬9) مسلم برقم 1149 وأبو داود برقم 3309 الترمذيُّ برقم 667. (¬10) سقطت من ط (الله). (¬11) الخلاف إنما هو في إهداء العبادات البدنية المحضة كالصوم والصلاة وقراءة القرآن فمذهب المالكية والشافعية أنه لا يصل ثوابها إلى الميت أما وصول ثواب الصدقة =

ثواب من قرأ يس، وتخفيف الله عن أهل المقابر بقراءته (¬1)، وخبر وضع الجريدة (¬2)، ولأنه عمل بر وطاعة فوصل نفعه وثوابه كالصدقة والصوم والحج الواجب (¬3) (¬4). وكذا لو جعل الثواب أو بعضه لحي (بلغ) (¬5) وإهداء القرب مستحب. ¬

_ = فمحل إجماع قاله النووي في شرح مسلم 1/ 89. أما الحج فقد أجازه مالك إذا أوصى به الميت وأجاز الشافعي حج التطوع عن الميت. انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 17/ 114 وشرح الزرقاني على الموطأ 2/ 186 وشرح النووي على مسلم 1/ 89 - 90 والفتاوى لابن تيمية 24/ 322 - 323. (¬1) أبو داود برقم 3121 وابن ماجة برقم 1448 والمسند 5/ 26 - 27 وهو حديث ضعيف الإسناده التلخيص 2/ 104. (¬2) البخاري 1/ 373 - 276 ومسلمٌ برقم 292 وأبو داود برقم 20 - 21 والترمذيُّ برقم 70. (¬3) سقط من ب، ط (الواجب). (¬4) وهذا مذهب الحنفية قال ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار 2/ 243: مطلب في القراءة للميت وإهداء ثوابها له: تنبيه: صرح علماؤنا في باب الحج عن الغير بأن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صومًا أو صدقة أو غيرها. كذا في الهداية بل في زكاة التتار خانية عن المحيط: الأفضل لمن يتصدق نفلًا أن ينوي لجميع المؤمنين والمؤمنات لأنها تصل إليهم ولا ينقص من أجره شيء. أهـ. وهو مذهب أهل السنة والجماعة. أهـ. وقد أجازه ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ولكن شيخ الإِسلام في الفتاوى 24/ 323 قال بعد أن ذكر جوازه: ومع هذا فلم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعًا وصاموا وحجوا وقرؤوا القرآن يهدون ثواب ذلك لموتاهم المسلمين ولا لخصوصهم بل كان عادتهم كما تقدم فلا ينبغي للناس أن يعدلوا عن طريق السلف فإنه أفضل وأكمل. وقوله رحمه الله: بل كان عادتهم كما تقدم. يشير إلى قوله قبل ذلك 24/ 322، وروي عن طائفة من السلف عند كل ختمة دعوة مستجابة فإذا دعا الرجل عقيب الختم لنفسه ولوالديه ولمشائخه وغيرهم من المؤمنين والمؤمنات كان هذا من جنس المشروع وكذلك دعاؤه لهم في قيام الليل وغير ذلك من مواطن الإجابة. وانظر كتاب الروح لابن القيم 117 - 143. (¬5) ما بين القوسين من جـ وقد سقطت كلمة إهداء أيضًا من ط.

وأجيب عن قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)} [النجم: 39]، بما يطول ذكره (¬1). وعن حديث: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث" (¬2)، بأنه إنما دل على انقطاع عمله وليس هذا من عمله، ولو دل كان مخصوصًا بما سلموه فتعدى إلى ما منعوه أيضًا. ¬

_ (¬1) وقد استوفاها ابن القيم في كتاب الروح 125 - 129 وسأسوقها مختصره. 1 - المراد بالإنسان الكافر قال ابن القيم: وهذا ضعيف جدًا لأن السياق يقتضي العموم. 2 - الآية إخبار بشرع من قبلنا وقد جاء شرعنا بخلافه قال: وهذا أضعف من الأول. 3 - اللام في قوله للإنسان بمعنى على قال وهذا أبطل من القولين الأولين حيث يحول الكلام عن معناه المفهوم ولا تحتمله اللغة. 4 - الكلام فيه حذف تقديره وأن ليس للإنسان إلا ما سعى أو سعى له غيره قال: وهذا أيضًا من النمط الأول. 5 - الآية منسوخة بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}. وهذا منقول عن ابن عباس وضعفه ابن القيم بأن الجمع أولى من النسخ وهو ممكن. 6 - وقيل: المراد بالإنسان الحي دون الميت وضعفه ابن القيم. 7 - أن كل ما وصل إليه من ثواب القرب فهو من سعيه لأن الإنسان بسعيه اكتسب الأصدقاء وأولد الأولاد ونكح الأزواج وأسدى الخير فإذا أهدى إليه أولئك فهو بسبب سعيه وهو بإيمانه وطاعته سعى إلى أن ينتفع بدعاء إخوانه المؤمنين وينتفعوا بدعائه وهذا رأي ابن عقيل. 8 - إن المنفي في الآية ملك الإنسان لعمل الغير لا انتفاعه بما أهدى إليه منه إذا بذله ساعيه له، وهذا اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية. والرأيان الأخيران أقوى الآراء وأرجحها. (¬2) مسلم برقم 1631 وأبو داود برقم 2880 والنسائيُّ 6/ 251.

ومن كتاب الزكاة

ومن كتاب الزكاة قال ابن قتيبة: الزكاة من النما (¬1) والزيادة، سميت بذلك لأنها تثمر (¬2) المال وتنميه. يقال زكا الزرع إذا كثر ريعه وزكت النفقة إذا بورك فيها. وشرعًا: حق واجب في مال خاص لطائفة مخصوصة بوقت مخصوص وهي أحد أركان الإِسلام، واجبة بالكتاب (¬3) والسنة (¬4) والإجماع (¬5)، يقاتل مانعها لفعل (¬6) الصحابة رضي الله عنهم. في بقر الوحش زكاة تذكر ... إن سامها والشيخ هذا ينكر أي: تجب (¬7) الزكاة في بقر (¬8) الوحش السائمة إذا بلغت نصابًا ¬

_ (¬1) في النجديات النمي. (¬2) في النجديات، ط تنمو وفي حاشية ألعله تزيد وهي في الشرح الكبير 2/ 433 (تثمر). (¬3) ومنه قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} [البينة: 5]. (¬4) ومنها حديث ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بني الإِسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان". رواه البخاري 1/ 47 ومسلمٌ برقم 16 والترمذيُّ برقم 2736 والنسائيُّ 8/ 107. (¬5) نقله ابن المنذر في كتابه الإجماع ص 42 - 45 والموفق في المغني 2/ 434. (¬6) في ط كفعل. (¬7) في جـ يجب. (¬8) في النجديات، ط ببقر.

بنفسها (¬1) أو ضمها إلى الأهلية؛ لأن اسم البقر يشملها فتدخل في مطلق الخبر. وعنه لا زكاة فيها، صححه الموفق والشارح وغيرهما، وهو قول أكثر أهل العلم (¬2)؛ لأن اسم البقر عند الإطلاق لا ينصرف إليها ولا تسمى بقرًا إلا بالإضافة إلى الوحش وكذا الخلاف في غنم الوحش، ولا تجب الزكاة في الظباء قال في الشرح: لا نعلم فيه خلافًا لعدم تناول اسم الغنم لها (¬3). كذا نتاج أمها الأهلية ... من وحش أو بالعكس بالسوية يعني: تجب الزكاة في المتولد (¬4) بين أهلي ووحشي سواء كانت الأم أهلية والأب وحشيًا أو (¬5) بالعكس لأنها متولدة بين ما تجب فيه وما لا تجب فيه فوجب فيها الزكاة كالمتولد بين سائمة ومعلوفة. وقال أبو حنيفة ومالك: إن كانت الأمهات (¬6) أهلية وجبت الزكاة فيها وإلا فلا؛ لأن ولد البهيمة يتبع أمه (¬7). وقال الشافعي: لا زكاة فيها كالمتولد بين وحشيين (¬8)، وقال الموفق: القول بانتفاء الزكاة فيها أصح؛ لأنه لا دليل للوجوب (¬9). ¬

_ (¬1) سقطت من أ، ح! هـ ط. (¬2) انظر حاشية ابن عابدين 2/ 280 والتاج والإكليل 2/ 256 ومغني المحتاج 1/ 269. (¬3) الشرح الكبير 2/ 436. (¬4) في ط المتولدين. (¬5) في د، س و. (¬6) في أ، جـ، ط الأمات وفي د الإناث. (¬7) حاشية ابن عابدين 2/ 280 والتاج والإكليل 2/ 257. (¬8) مغني المحتاج 1/ 369. (¬9) ولأن النص إنما ورد في بهيمة الأنعام من الأزواج الثمانية وليس الوحثي منها فلا يتناوله نص الشارع، ولا يمكن قياسه عليها لتباعد ما بينهما واختلاف حكمهما في كون الوحشي وما تولد منه ومن غيره لا يجزئ في الهدي ولا في الأضحية ولا في الدية. انظر المغني 2/ 470.

ماشية النصاب إن تفرقت ... مسافة القصر زكاة سقطت وعنه لا والشيخ قد صححها ... كذا أبو الخطاب قد رجحها يعني: إن تفرقت ماشية الإنسان في بلدين مسافة القصر فلكل مال حكم نفسه يعتبر على حدته (¬1) إن كان نصابًا ففيه (¬2) الزكاة، وإلا فلا نص عليه. قال ابن المنذر: لا أعلم هذا القول عن (¬3) غير أحمد. واحتج بظاهر قوله -عليه السلام-: "لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة" (¬4)، وهذا متفرق فلا يجمع، ولأنه لما أثر اجتماع مالين لرجلين في كونهما يصيران كالمال الواحد وجب أن يؤثر افتراق مال الرجل الواحد حتى يجعله كالمالين، ولا يصح القياس على غير السائمة لأن الخلطة لا تؤثر فيها كذلك الافتراق، والبلدان المتقاربة بمنزلة (¬5) البلد الواحد. وعنه: لا أثر للتفريق مطلقًا اختارها أبو الخطاب، وصححها الموفق والشارح وهو قول سائر العلماء (¬6) لقوله (¬7) -عليه السلام-: "في أربعين شاه شاة" (¬8) وكغير السائمة. ¬

_ (¬1) في ب حدته. (¬2) في د فعليه. (¬3) في هـ من. (¬4) جزء من حديث طويل رواه أنس بن مالك وتضمن كتاب أبي بكر -رضي الله عنه- في بيان فرائض الزكاة التي فرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقد أخرجه أبو داود برقم 1567 والنسائيُّ 5/ 20 - 21 وأحمدُ في المسند 1/ 11 - 12 والحاكم 1/ 390 - 392 وصححه الحاكم والدراقطني والذهبي. انظر إرواء الغليل 3/ 264 - 266. (¬5) في د كالبلد. (¬6) انظر الكافي لابن عبد البر 1/ 319 وبدائع الصنائع 2/ 29 ومغني المحتاج 1/ 374. (¬7) في أ، جـ، ط كقوله. (¬8) من حديث أنس السابق الدي تضمن كتاب أبي بكر في فرائض الزكاة التي فرضها النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وحمل الشارح كلام أحمد في الرواية الأولى على أن الساعي لا يأخذها فأما رب المال فيخرج إذا بلغ ماله نصابًا واستدل له (¬1). والقمح والشعير والقطاني (¬2) ... تضم (¬3) في النصاب كالأثمان وعنه لا والشيخ هذا الثاني ... فعنده الأصح يا معاني (¬4) يعني: أن سائر الحبوب من القمح والشعير والعدس والحمص والأرز والجلبان (¬5) والسمسم والدخن واللوبيا والفول والماش (¬6) ونحوها كلها تضم (¬7) بعضها إلى بعض في تكميل النصاب اختارها أبو بكر، وهذا (¬8) قول عكرمة وحكاه ابن المنذر عن طاووس؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا زكاة في حب ولا ثمر حتى يبلغ خمسة أوسق" (¬9). فمفهومه (¬10) وجوب الزكاة فيه إذا بلغ خمسة أوسق، ولأنها تتفق في النصاب وقدر المخرج فوجب ضم بعضها إلى بعض كأنواع الجنس كالذهب (¬11) والفضة، وهذا معنى قوله كالأثمان. ¬

_ (¬1) بأنه قد روى الميموني وحنبل عنه رحمه الله: أنه لا يأخذ المتصدق منها شيئًا؛ لأن لا يجمع بين متفرق وصاحبها إذا ضبط ذلك وعرفه أخرجها بنفسه ووضعها في الفقراء. الشرح الكبير 2/ 546. (¬2) في نظ القطان. (¬3) في د يضم للنصاب، وفي س يضم النصاب. (¬4) في أ، جـ، طط بالمعاني. (¬5) الجلبان: قال في القاموس 1/ 48: نبت. وفي المنجد ص 96: نبات عشبي من فصيلة القطانيات الفراشية، فيه أنواع تزرع لحبها ولكلئها، وأنواع تزرع لزهرها المختلف الألوان. (¬6) الماش: حب يؤكل مطبوخًا وهو معتدل وخلطه محمود نافع للمحموم والمزكوم ملين، وإذا طبخ بالخل نفع الجرب المتقرح وضماده يقوي الأعضاء الراهية القاموس 2/ 288 والمنجد 780. (¬7) في ط يضم. (¬8) سقطت الواو من النجديات، هـ ط. (¬9) رواه مسلم 979. (¬10) في د، س مفهومه وفي ط مفهوم. (¬11) في د، وهو الذهب.

وهذا الدليل منتقض بالثمار (¬1). وعنه أن الحنطة تضم إلى الشعير، وتضم القطنيات بعضها إلى بعض حكاه الخرقي، ونقلها أبو الحارث، قال: وهذا (¬2) هو الصحيح وهو مذهب مالك (¬3). وعنه: لا يضم جنس منها إلى غيره ويعتبر النصاب في كل جنس منفردًا. وهذا قول عطاء ومكحول وابن أبي ليلى والأوزاعي والثوري والحسن بن صالح وشريك والشافعيُّ وأبي (¬4) ثور وأبي عبيد (¬5) والحنفية (¬6)، لأنها أجناس فاعتبر النصاب في كل واحد منفردًا كالثمار (¬7) والمواشي وهذا هو المذهب اختاره الشيخ الموفق والشارح وغيرهم، وقطع به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها (¬8). والقطاني جمع قطنية بكسر القاف وتجمع أيضًا على قطنيات، قال أبو عبيد: هي صنوف الحبوب من العدس والحمص والأرز والجلجلان وهو (¬9) ¬

_ (¬1) فإنه لا يضم بعضها إلى بعض باتفاق العلماء فلا يضم التمر إلى الزبيب مثلًا في تكميل النصاب. انظر الشرح الكبير 2/ 559. (¬2) سقطت من النجديات، ط. (¬3) وهذا اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية قال: ويضم القمح والشعير والسلت في الزكاة، وتضم القطاني بعضها إلى بعض ويضم زرع العام بعضها إلى بعض ولو كان بعضه صيفيًا وبعضه شتويًا، وكذلك الثمرة ولو كان في بلدان شتى إذا كان لواحد. أ. هـ. 25/ 23 وهو مذهب مالك كما حكاه المؤلف. انظر الموطأ مع شرح الزرقاني 2/ 133 - 134 والتاج والإكليل 2/ 282. (¬4) سقطت من د، س. (¬5) في أ، حـ، هـ ط أبي عبيدة والصواب ما أثبتاه وهو الإِمام الفاضل القاسم بن سلام بتشديد اللام له مصنفات كثيرة في اللغة والقرآن والفقه والحديث واشتهر بكتاب الأموال مات رحمه الله سنة اثنتين أو ثلاث وعشرين ومائتين. وفيات الأعيان 62. (¬6) انظر مغني المحتاج 1/ 384 أو بدائع الصنائع 2/ 60. (¬7) في النجديات، ط كثياب. (¬8) في ط وغيرهما. (¬9) سقطت من د، س.

السمسم (¬1) وزاد غيره الدخن واللوبيا والفول والماش من قطن يقطن في البيت (¬2) أي: مكث فيه. زكاة ما تخرجه الأراضي ... علته فالكيل (¬3) للتقاضي (¬4) والإدخار لا بالاقتيات ... ولا تقول (¬5) سائر النبات يعني: أن علة وجوب الزكاة في الخارج من الأرض من (¬6) حب وثمر (¬7) الكيل والإدخار فتجب في كل مكيل (¬8) مدخر (¬9) سواء كان يقتات كالبر والشعير ونحوهما أو لا (¬10) كالأبازير (¬11) وحب الفجل ونحوه ولا تجب فيما عدا ذلك. وقال أبو حنيفة: في كل ما يقصد بزراعته نماء الأرض إلا الحطب والقصب والحشيش، لقوله -عليه السلام-: "فيما سقت السماء العشر" (¬12)، وهو عام (¬13). وقال مالك والشافعيُّ: لا زكاة في ثمر إلا التمر والزبيب، ولا في ¬

_ (¬1) الأموال 571. (¬2) في ب أي يمكث فيه وفي أ، ح، ط أن مكث وفي هـ إذا مكث. (¬3) في أ، ب، س فالكل. (¬4) في جـ المتقاضي. (¬5) في ط ولا نقول. (¬6) سقطت من د، س. (¬7) في جـ وتمر. (¬8) في ط قليل. (¬9) سقطت ن النجديات، هـ، ط. (¬10) سقط من د أولًا كا. (¬11) كل حب يبذر للنبات، ويطلق على التابل وهو ما يطيب به الغذاء. انظر القاموس 1/ 371. (¬12) رواه البخاري 3/ 275 - 276 والترمذيُّ برقم 640 بلفظ: فيما سقت السماء والعيون أو كان عشريًا العشر وما سقي بالنضح نصف العشر. (¬13) انظر حاشية ابن عابدين 2/ 326 - 327.

حب إلا ما كان قوتًا في حالة الاختيار (¬1) إلا في الزيتون على اختلاف (¬2) ولنا عموم قوله -عليه السلام-: فيما سقت السماء العشر وقوله لمعاذ: خذ الحب من الحب (¬3) خرج منه ما لا يكال بمفهوم قوله: "ليس في حب ولا ثمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق". رواه مسلم والنسائيُّ (¬4)، وعن علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس في الخضروات صدقة". وعن عائشة -رضي الله عنها- نحوه رواهما (¬5) الدارقطني (¬6)، وروى الأثرم بإسناده أن عامل عمر كتب إليه في كروم (¬7) فيها من الفرسك (¬8) والرمان ما هو أكثر غلة من الكروم أضعافًا، فكتب عمر ليس عليها عشر هي من العضاه (¬9) (¬10). وفي نصاب عسل بالفرق ... عشر (¬11) فعشر أي أرض قد لقي يعني: إذا بلغ عسل (¬12) النحل نصابًا وهو عشرة أفراق كل (¬13) فرق- ¬

_ (¬1) في جـ، ط الاحتياز. (¬2) انظر بداية المجتهد 1/ 253 - 254 ومغني المحتاج 1/ 281 - 282. (¬3) أبو داود برقم 1599 وابن ماجة برقم 1814 وهو حديثٌ حسنٌ في سنده شريك بن عبد الله بن أبي نمر، وهو صدوق يخطئ، وباقي رجاله ثقات، حاشية جامع الأصول 4/ 631. (¬4) مسلم برقم 979 والنسائيُّ 5/ 17. (¬5) في النجديات، هـ، ط رواه. (¬6) حديث علي أخرجه الدارقطني3/ 94 - 95 وفيه الصقر بن حبيب وهو ضعيف جدًا وحديث عائشة أخرجه أيضًا الدارقطني 2/ 95 وفيه صالح ابن موسى وهو ضعيف. انظر التلخيص الحبير 2/ 165. (¬7) في سنن البيهقي 4/ 125 إن قبلنا حيطانًا فيها كروم وفيها من الفرسك؛ الأثر والحيطان: الحقول والمزارع، والكروم: العنب. (¬8) الخوخ وقيل: مثل الخوخ من العضاه، وهو أجرد أملس، أحمر وأصفر، وطعمه كطعم الخوخ، ويقال له: الفرس .. النهاية 3/ 429. (¬9) قال في القاموس 4/ 288: هي أعظم الشجر أو الخمط أو كل ذات شوك أو ما عظم منها وطال، وقال في النهاية 3/ 255: هي شجر أم غيلان وكل شجر عظيم له شوك الواحدة عضة بالتاء. (¬10) البيهقي 2/ 125 وعامل عمر هو سفيان بن عبد الله الثقفي وكان أميرًا على الطائف. (¬11) في أ، ب، حـ عشرة. (¬12) في د العسل النحل. (¬13) في النجديات، ط لكل.

بفتح الراء- ستة عشر رطلًا عراقية ففيه الزكاة، وهي عشره (¬1) سواء أخذه من موات أو من ملكه قال الأثرم: سئل أبو عبد الله أنت تذهب إلى أن في العسل الزكاة (¬2)؟ قال: نعم، أذهب إلى أن في العسل الزكاة العشر، قد أخذ (¬3) عمر منهم الزكاة، قلت: ذلك على أنهم تطوعوا به، قال: لا، بل (¬4) أخذ منهم، ويروى ذلك (¬5) عن عمر بن عبد العزيز ومكحول والزهري والأوزاعي وإسحاق. وقال مالك والشافعيُّ وابن أبي ليلي والحسن بن صالح وابن المنذر: لا زكاة فيه، لأنه مانع خارج من حيوان أشبه اللبن (¬6). وقال أبو حنيفة: إن كان في أرض العشر ففيه الزكاة وإلا فلا زكاة فيه (¬7). ولنا حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يؤخذ في زمانه من قرب العسل من كل عشر قرب قربة من أوسطها. رواه أبو عبيد والأثرم وابن ماجة (¬8). وأما اللبن فالزكاة وجبت (¬9) في أصله وهو (¬10) السائمة بخلاف العسل. ¬

_ (¬1) في جـ ط عشرة. (¬2) في أ، ب زكاه. (¬3) في ب أخذه. (¬4) في النجديات، ط لا بد. (¬5) في أ، جـ ط كذ وفي ب كذلك. (¬6) انظر شرح الزرقاني على الموطأ 2/ 138 ومغني المحتاج 1/ 382. (¬7) وذلك إذا كان في أرض الخراج لئلا يجتمع العشر الواجب في زكاة العسل والخراج، ولا يشترط أبو حنيفة -رحمه الله- النصاب لوجوب الزكاة في العسل فيجب العشر عنده في القليل والكثير، أما صاحباه فيشترطان بلوغ النصاب وهو عند أبي يوسف خمسة أوسق وعند محمد خمسة أفراق كل فرق ستة وثلاثون رطلًا، ولا يرى أبو يوسف وجوب الزكاة في العسل إذا أخذ من أرض غير مملوكة. انظر البحر الرائق 2/ 255 - 256، وحاشية ابن عابدين 2/ 325. (¬8) أبو عبيد في الأموال 598 وابن ماجة برقم 1824 وأبو داود برقم 1600 وقد صححه الألباني في إرواء الغليل 3/ 284 - 286. (¬9) في س كالزكاة وجب. (¬10) في النجديات! هـ ط وهي.

وعندنا فكل ما يستخرج (¬1) ... من معدن الأرض عداك الحرج ففي النصاب منه ربع العشر ... كالقار أو كالنفط أو كالصفر وهكذا فيروزج (¬2) ياقوت (¬3) ... وكل ما بمعدن منعوت المعدن بكسر الدال: متولد في الأرض لا من جنسها ولا نبات، فمن استخرج منه نصابًا من الأثمان أو ما يبلغ ذلك من غيرها في دفعة أو دفعات لم يترك العمل بينها (¬4) ثلاثة أيام بلا عذر فعليه في الحال ربع عشره إن كان من أثمان، أو ربع (¬5) عشر قيمة ذلك إن كان من غيرها، سواء كان منطبعًا كالحديد والنحاس والصفر والرصاص أو غير منطبع (¬6) كالفيروز، والياقوت ونحوه. وقال مالك والشافعيُّ: لا تتعلق الزكاة إلا بالذهب والفضة لحديث: لا زكاة في حجر (¬7) (¬8). وقال أبو حنيفة في إحدى الروايتين: تتعلق الزكاة بكل ما ينطبع دون ¬

_ (¬1) في أ، ب، ج (يخرج). (¬2) هو حجر كريم وهو المعروف بالفيروز ويوجد على هيئة كتل مخلوط بالطين في إيران. انظر دائرة معارف القرن العشرين 7/ 567. (¬3) الياقوت حجر كريم أنواعه كثيرة منها الياقوت الأحمر والأزرق والأصفر .. دائرة معارف القرن العشرين 10/ 905 - 907. (¬4) في النجديات، ط بينهما. (¬5) في ب أو بعض. (¬6) المعدن الذي ينطبع هو الذي يقبل الطرق والسحب والذي لا ينطبع هو الذي لا يقبل ذلك قال الجوهري في الصحاح 3/ 1252 - 1253 الطبع: الختم، وهو التأثير في الطين ونحوه .. وطبعت الدرهم والسيف أي عملت، وطبعت من الطين جرة، والطباع الذي يعملها. (¬7) الحديث ذكره الحافظ في التلخيص 2/ 181 وعزاه إلى ابن عدي من حديث عمر بن أبي عمر الكلاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وأخرجه البيهقيُّ 4/ 146 من طريقه وتابعه عثمان الوقاصي ومحمَّد بن عبيد الله العرزمي كلاهما عن عمرو بن شعيب وهما متروكان. (¬8) انظر المقدمات لابن رشد 1/ 221 - 222 ومغني المحتاج 1/ 394.

غيره، ولنا عموم قوله تعالى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267]، ولأنه معدن فتعلقت الزكاة به كالأثمان، والحديث إن صح حمل على حجر لا يقوم عادة. ما يخرج البحر كذا في النظر ... كلؤلؤ (¬1) أو سمك أو كعنبر (¬2) (¬3) هذا هو المنصور في الخلاف ... وعكسه المغني (¬4) به يوافي يعني: تجب الزكاة فيما يخرج من البحر من العنبر واللؤلؤ والمرجان (¬5) ونحوه في رواية نصرها في الخلاف؛ لأنه يشبه الخارج من معدن البر، ويروى (¬6) عن عمر بن عبد العزيز أنه أخذ من العنبر الخمس، وهو قول الحسن والزهري، (وزاد (¬7) الزهري (¬8)) في اللؤلؤ يخرج من البحر (¬9). ¬

_ (¬1) هو الدر وأصله رملة تسقط في المسكن الصدفي لبعض الحيوانات الرخوة التي تسكن قيعان بعض البحار فيتألم منها الحيوان ويعجز عن إخراجها فيكسوها بطبقة صدفية على نحو ما كسا محارته بالصدف الأملس. دائرة معارف القرن العشرين 4/ 26. (¬2) هو تجمد مرضي في قوام السمع يتكون في أمعاء حيوان بحري يسمى قشلوت مكروسيفال ترجد تلك المادة منه في المعي الأعور غالبًا في وسط سائل أصف نارنجي أو أحمر مع بعض بقايا فكوك حيوانية بحرية صغيرة وما ذكر غير ذلك فباطل. انظر دائرة معارف القرن العشرين 6/ 756. (¬3) في نظ كلؤلؤ والمسك ثم لعنبر. (¬4) في أ، ب المنفي وفي نظ المفتي وهو تصحيف. (¬5) المشهور في تعريف المرجان أنه عروف حمر كأصابع الكف تستخرج من قاع البحر، وقيل: وهو صغار اللؤلؤ، وقيل: كبار الدر وصغاره، وقيل: الخرز الأحمر. دائرة معارف القرن العشرين 8/ 721. (¬6) سقطت الواو من النجديات، هـ ط. (¬7) في أ، جـ، ط فمراد. (¬8) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬9) أي: يجب فيه الخمس، وبوجوب الخمس فيما يستخرج من البحر قال أبو يوسف رحمه الله، واحتج بأن عامل عمر كتب إليه في لؤلؤة وجدت ما فيها؟ قال: فيها الخمس، وعن ابن عباس عن عمر بن الخطاب: أن في العنبر وفي كل ما استخرج =

وعنه لا زكاة في ذلك، وهو الصحيح؛ لأن (¬1) ابن عباس قال: ليس في العنبر شيء إنما هو شيء (¬2) ألقاه البحر، وعن جابر نحوه رواهما أبو عبيد (¬3)، ولأنه قد كان يخرج على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه فلم يأت (¬4) فيه سنة عنه ولا عنهم من وجه يصح. وأما السمك (¬5) فلا شيء فيه (¬6) بحال في قول أهل العلم كافة إلا شيئًا روي (¬7) عن عمر بن عبد العزيز رواه عنه أبو عبيد (¬8)، وقال: ليس الناس على هذا، ولا نعلم أحدًا قال به. وعن أحمد أن (¬9) فيه الزكاة كالعنبر، والصحيح أنه لا شيء فيه كصيد (¬10)، البر. بنفسه الدفين من قد أخرجا ... من أرض حربي ركاز ذاك جا الركاز: الكنز من دفن الجاهلية عليه أو على بعضه علامة كفر فقط، وفيه الخمس مطلقًا- لحديث أبي هريرة مرفوعًا: "وفي الركاز الخمس" متفق (¬11) عليه. يصرف مصرف الفيء، وباقيه لواجده فإن وجده (¬12)) في ¬

_ = من حلية البحر الخمس. وضعف هذا الأثر ابن حزم في المحلى 6/ 117 وانظر بدائع الصنائع 2/ 68. (¬1) في ط لابن عباس. (¬2) سقطت من د، س. (¬3) الأموال 432. وروى البيهقي أثر ابن عباس 4/ 146. (¬4) في د، س تأت. (¬5) في د، س المسك. (¬6) في النجديات، ط فيه عليه بحال. (¬7) في د، ورودى. (¬8) الأموال برقم 434. (¬9) في د، س أنه. (¬10) في د كصعيد. (¬11) البخاري 3/ 288 - 289 ومسلمٌ برقم 1710 والترمذيُّ برقم 642 وأبو داود برقم 3085 والنسائيُّ 5/ 45. (¬12) سقط من أ، حـ ط فإن وجده.

أرض الحرب ولم يقدر عليه إلا بجماعة من المسلمين لهم منعة فهو غنيمة وإن قدر عليه بنفسه فهو لواجده حكمه حكم ما لو وجده (¬1) في موات (¬2) من أرض المسلمين (¬3). وقال أبو حنيفة والشافعيُّ: إن عرف مالك الأرض وكان حربيًا فهو غنيمة أيضًا؛ لأنه في حرز (¬4) مالك معين، أشبه ما لو أخذه من بيت أو خزانة (¬5). ولنا: أنه ليس لموضعه مالك محترم أشبه ما لو لم يعرف مالكه. وبنفسه متعلق بأخرج (¬6)؛ وألفه للإطلاق، والدفين مفعوله، وركاز خبر مقدم (¬7)، وذاك مبتدأ مؤخر راجع للدفين، وجملة جاء صفة لركاز وفاعله يعود على من، والتقدير من أخرج الدفين من أرض حربي (¬8) بنفسه فالدفين ركاز أتاه، فيخرج خمسه وباقيه له، فإن جعلت من شرطية قدرت الفاء في الجزاء، وسهله للضرورة، وإن كانت (¬9) موصولة لم يحتج إليه (¬10) وسهل تقدم معمول الصلة وقوعه في الشعر. ¬

_ (¬1) في د وجدته. (¬2) سقطت من د، س. (¬3) وقال به بعض أصحاب مالك قال ابن عبد البر في الكافي 1/ 297 بعد أن ذكر مذهب مالك في أنه غنيمة: ومن أهل المدينة وأصحاب مالك من لا يفرق بين شيء من ذلك، وقالوا: سواء وجد الركاز في أرض العنوة أو أرض الصلح أو أرض العرب أو أرض الحرب إذا لم يكن ملكًا لأحد ولا يدعيه أحد فهو لواجده، وفيه الخمس على عموم ظاهر الحديث. (¬4) في ب حرزه. (¬5) انظر بدائع الصنائع 2/ 66 ومغني المحتاج 1/ 396 وفي البدائع: أنه إذا قدر عليه بنفسه حل له ولا خمس فيه، لأنه لم يأخذه على سبيل الغلبة والقهر فلم يكن غنيمة. (¬6) في النجديات، د هـ. (¬7) في النجديات، ط متقدم. (¬8) في النجديات، هـ ط حرب. (¬9) في أ، جـ ط كان. (¬10) في النجديات، هـ ط يحتج له.

وبالزكاة باخل أو يكسل ... فيستتاب إن أصر يقتل (¬1) أي: من (¬2) منع الزكاة بخلًا أو كسلًا وهو تحت قبضة الإِمام ولم يمكن (¬3) أخذها منه استتيب ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قتل حدًا، قياسًا على تارك الصلاة، ولم يحكم بكفره؛ لأن عمر وغيره امتنعوا من قتال (¬4) مانعي الزكاة في البدء (¬5) ولو اعتقدوا كفرهم (¬6) لما توقفوا عنه، ثم اتفقوا على القتل (¬7)، وبقي (¬8) الكفر على أصل النفي (¬9)، ولأن الزكاة فرع من فروع الدين فلم يكفر بتركه كالحج (¬10)، وإذا لم نكفر بتركها لم نكفر (¬11) بالقتال عليها. وإن أمكن أخذها منه أخذت من غير زيادة، وعزره إمام وضع (¬12) الزكاة مواضعها إن كان عالمًا بتحريم ذلك. وقوله بالزكاة متعلق بباخل وهو مبتدأ، ويكسل (¬13) صفة لموصوف محذوف أي: أو مانع يكسل مع الاعتراف بالوجوب، وجملة فيستتاب خبر المبتدإ، وزيدت الفاء لشبه (¬14) المبتدأ (¬15) للشرط لقصد العموم، أي: مانع بخلًا أو كسلًا فهو يستتاب فإن تاب ترك، وإن أصر قتل وتؤخذ بكل حال. ¬

_ (¬1) في ج تقيل. (¬2) في النجديات، ط أي ومن. (¬3) في ط يكن. (¬4) في ط قتل. (¬5) في النجديات، ط البدو. (¬6) في النجديات، ط كفره. (¬7) كذا في جميع النسخ ولعل الأصوب القتال. (¬8) في أبقي وفي ط نفي. (¬9) مراجعة عمر لأبي بكر في قتال مانعي الزكاة ثم الإجماع عليه رواها البخاري 3/ 211 ومسلمٌ برقم 20 وأبو داود برقم 1556 والترمذيُّ برقم 2610 أو النسائي 5/ 14. (¬10) في ج، ط، أفلم يكفره بتركه الحج. (¬11) في النجديات، هـ ط (بكفر) في الموضعين. (¬12) في أووضع. (¬13) في أ، ج بكسل. (¬14) في أ، ب، حـ ط شبه. (¬15) سقطت من النجديات، ط.

ومالك الخمسين في غناء ... ونصر الشيخان باكتفاء يعني: من ملك (¬1) خمسين درهمًا فهو غني لا تحل له الزكاة وكذا (¬2) من ملك قيمتها من الذهب، أو وجد (¬3) ما تحصل (¬4) له به (¬5) الكفاية على الدوام من مكسب (¬6) أو تجارة أو أجر عقار ونحو ذلك، ولو ملك من الحبوب أو العروض أو العقار أو السائمة ما لا تحصل به الكفاية لم يكن غنيًا، وهذا اختيار الخرقي وجماعة وهو قول الثوري والشعبي وابن المبارك وإسحاق لحديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"من سأل وله ما يغنيه جاءت مسألته يوم القيامة خدوشًا (¬7) أو كدوشًا (¬8) في وجهه" فقيل: يا رسول الله، ما الغني؟ قال: "خمسون درهمًا أو قيمتها من الذهب". رواه أبو داود والترمذيُّ وحسنه (¬9). وعنه: أن الغنى ما تحصل به الكفاية فإذا لم يكن محتاجًا حرمت عليه المسألة والصدقة (¬10) وإن لم يملك شيئًا، وإن كان محتاجًا حلت له المسألة (¬11) وإن ملك نصابًا، والأثمان وغيرها في هذا سواء، وهذا اختيار أبي الخطاب وابن شهاب العكبرى (¬12) وكثير من الأصحاب وهو المذهب، ¬

_ (¬1) في ج، ط يعني: مالك وفي أ، ب يعني: من مالك والتصحيح من هامش جـ. (¬2) في النجديات، ط كذلك. (¬3) في ط، ج أوجد. (¬4) في النجديات، هـ ط يحصل. (¬5) سقط لفظ. (به) من ب، ج. (¬6) في ب كسبه. (¬7) الخدوش: جمع خدش، وخدش الجلد قشره بعود أو نحوه وجمع وهو مصدر لأنه سمي به الأثر. انظر النهاية 2/ 14. (¬8) جمع كدش: وهو الخدش قال في القاموس 2/ 285: (كدشه) يكدشه ضربه بسيف أو رمح وقد كتبت في د، سكدوحًا. (¬9) أبو داود برقم 1626 والترمذيُّ برقم 650 والنسائيُّ 5/ 97 وابن ماجة برقم 1840. (¬10) في أالمسألة الصدقة. (¬11) سقطت كلمة (المسألة) من ب، جـ ط. (¬12) في أ، ب، ط العبكري.

جزم به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها، وهو قول الشافعي ومالك (¬1)؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لقبيصة بن المخارق: "لا تحل الصدقة إلا لأحد ثلاثة، رجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي (¬2) الحجا من قومه قد أصابت فلانًا فاقة (¬3) فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش أو سدادًا من عيش". الحديث رواه مسلم (¬4)، ولأن الحاجة هي الفقر، والغنى ضدها فمن كان محتاجًا فهو فقير فيدخل في عموم النص، ومن استغنى دخل في عموم النصوص المحرمة. والحديث الأول فيه ضعف، ويمكن تخريجه على أن الغنى إذ ذاك كان يحصل بذلك القدر، ثم (¬5) هو يختلف باختلاف الأزمان فيعتبر كل وقت بحسبه. ولا يجوز الدفع للفقير ... أكثر من (¬6) غناه في التقدير أي: لا يجوز أن يدفع للفقير من الزكاة أكثر مما يغنيه، وكذا المسكين فيعطيان (¬7) ما يغنيهما مع عائلتهما، فإن قلنا: الغنى ما يحصل به الكفاية أعطيا (ما يكفيهما في حول كامل لأن وجوب الزكاة يتكرر بتكرر الحول فينبغي أن يأخذ) (¬8) ما يكفيه إلى مثل ذلك الوقت (¬9) وإن قلنا. يحصل الغنى بخمسين درهمًا جاز أن ¬

_ (¬1) الكافي لابن عبد البر 1/ 326، 368 ومغني المحتاج 3/ 106. (¬2) في النجديات هـ، ط ذيس. (¬3) في ب كرر كلمة (فاقة). (¬4) حديث قبيصة في مسلم برقم 1044 أو أبي داود 1640 والنسائيُّ 5/ 67، والحديث مختصر هنا وقد ذكر المؤلف الرجل الثالث حيث فيه الشاهد لما يذكره وترك الأول والثاني وهما رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش. (¬5) في النجديات فكل وفي ط قيل. (¬6) في د، س ما. (¬7) في ط يعطيان بدون فاء. (¬8) ما بين القوسين سقط من النجديات، هـ ط. (¬9) وهذا مذهب المالكية، لأن أموال الزكاة في غالبها حولية، ولأنه قد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه ادخر لأهله قوت سنة.

يأخذ له ولعائلته حتى يصير لكل واحد منهم (¬1) خمسون. يجوز كون العبد أو ذي القربى ... عاملًا الشيخ لهذا يأبى أي: يجوز أن يكون العبد عاملًا على الزكاة فلا تشترط الحرية في العامل، لأن العبد يحصل منه المقصود أشبه الحر (¬2). ويجوز أيضًا أن يكون من ذوي القربى (لأن ما يأخذه أجرة عمل تجوز لغني فجازت لذوي القربى (¬3) كأجرة النقال، وهذا أحد الوجهين وعزاه في الشرح للأصحاب) (¬4). والوجه الثاني: لا يجوز أن يكون من ذوي القربى وهذا اختيار الشيخ الموفق وغيره وجزم به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها لأن الفضل ابن عباس وعبد المطلب بن ربيعة بن الحارث سألا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبعثهما على الصدقة فأبى أن يبعثهما، وقال: "إن هذه الصدقة أوساخ الناس وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد" (¬5)، وهذا ظاهر في تحريم أخذهم لها عمالة فلا تجوز مخالفته (¬6)، ويخالف النقال والحمَّال (¬7) فإنه يأخذ أجرة لحمله لا لعمالته (¬8). وفيه لا يشترط الإسلامًا ... وعكس الشيخان ذا ولاما أي: لا يشترط في العامل الإِسلام ذكره الخرقي والقاضي وغيرهما لأنها (¬9) إجارة على عمل فجاز (¬10) أن يتولاه الكافر كجباية الخراج. ¬

_ (¬1) في النجديات، ط منهما. (¬2) سقطت من ج. (¬3) واستدل له بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة". رواه البخاري 13/ 108 - 109. (¬4) ما بين القوسين سقط من د، س. الشرح الكبير 2/ 695. (¬5) رواه مسلم برقم 1072 وأبو داود برقم 2985 والنسائيُّ 5/ 105 - 106. (¬6) وهو الراجح إن شاء الله لقوة دليله، وليس مع من أجار أخذهم منها بالعمالة دليل يعتمد عليه. (¬7) في أ، جـ ط الجمال. (¬8) في ألعمالية. (¬9) في النجديات لأنا. (¬10) في د، س فجازت.

والصحيح من المذهب أنه يشترط إسلامه اختاره (¬1) الشيخان والجمهور وجزم به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها؛ لأنها ولاية على المسلمين، فاشترط لها الإِسلام كسائر الولايات، والكافر ليس بأمين، قال عمر: لا تأمنوهم وقد خونهم الله (¬2)، وأنكر على أبي موسى تولية الكتابة نصرانيًا (¬3) فالزكاة التي هي ركن الإِسلام أولى. ومن يقول (¬4) الحكم في المؤلفة ... لم ينقطع فقول (¬5) أهل المعرفة المؤلفة: السادة المطاعون في عشائرهم ممّن يرجى إسلامه أو يخشى شره أو يرجى بعطيته قوة إيمانه أو إسلام نظيره أو جباية الزكاة ممّن لا يعطيها أو الدفع عن المسلمين فيعطون عند الحاجة (¬6). وقال أبو حنيفة وغيره: قد انقطع حكمهم لما روي أن مشركًا جاء يلتمس من عمر مالًا فلم يعطه وقال: (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) (¬7)، ولأنه لم ينقل عن عثمان ولا علي أنهم أعطوهم شيئًا من ذلك، ¬

_ (¬1) في د، س اختارها. (¬2) وذلك في قوله تعالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ} [الأنفال: 71]. ومعنى فقد خانوا الله .. أي: قد كفروا به وخالفوا أمره وقاتلوا رسوله. انظر تفسير الطبري 10/ 50 وفتح القدير للشوكاني 2/ 328. (¬3) هما أثر واحد عن عمر رواه البيهقي 10/ 127 و 9/ 204 وهو في تفسير ابن كثير3/ 124 منسوبًا إلى ابن أبي حاتم. طبعة مكتبة الشعب. (¬4) في النجديات يقل. (¬5) في ب، ج بقول. (¬6) إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة قول في مذهب المالكية ذكره في شرح الدردير على مختصر خليل قال: وأشار للصنف الرابع بقوله: ومؤلف وهو (كافر) يعطى منها (ليسلم) وقيل: مسلم حديث عهد باسلام ليتمكن إسلامه (وحكمه) وهو تأليفه بالدفع إليه (باق) لم ينسخ 1/ 495 المطبوع مع حاشية الدسوقي وهو الصحيح في مذهب الشافعية قال النووي في المنهاج: (والمؤلفة من أسلم ونيته ضعيفة أو له شرف يتوقع بإعطائه إسلام غيره، والمذهب أنهم يعطون من الزكاة) وقد زاد الشربيني في مغني المحتاج شرح المنهاج صنفين من المؤلفة هما من يقاتل من يليله من الكفار، ومن يقاتل من يليله من مانعي الزكاة. انظر مغني المحتاج 3/ 109. (¬7) أثر عمر في تفسير ابن جرير 10/ 113 وقد ذكره في نصب الراية 2/ 394 - 395 وسكت عليه.

ولأن الله تعالى أظهر الإِسلام وقمع المشركين فلا حاجة إلى التأليف (¬1). ولنا: قوله تعالى: {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} [التوبة: 60] وهذه الآية في سورة براءة وهي من آخر ما نزل (¬2) من القرآن وقد صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى المؤلفة من المشركين والمسلمين (¬3) وأعطى أبو بكر عدي بن حاتم حين قدم عليه بثلاثمائة جمل ثلاثين بعيرًا (¬4). ومخالفة كتاب الله وسنة رسوله واطراحهما (¬5) بلا حجة لا يجوز، ولا يثبت النسخ (¬6) بترك عمر وعثمان وعلي إعطاءهم، ولعلهم لم يحتاجوا إليه فتركوه لعدم الحاجة (¬7) إلى إعطائهم لا لسقوط (¬8) سهمهم. الحج أيضًا في سبيل الله ... عدوا (¬9) وفي المقنع هذا واه عد (¬10) الأصحاب حج فرض الفقير في سبيل الله تعالى فيعطى من الزكاة ما يحج به فرضه وهو قول إسحاق (¬11). وقدم في المقنع وغيره أنه لا يعطى منها في الحج وبه قال أبو حنيفة والثوري ومالك والشافعيُّ وأبو ثور (¬12). قال في الشرح (¬13): وهي أصح ¬

_ (¬1) انظر حاشية ابن عابدين 2/ 342. (¬2) في ج ينزل. (¬3) خبر إعطاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - المؤلفة من الزكاة رواه البخاري 6/ 178 - 181 ومسلم برقم 1064 وأبو داود برقم 4764. (¬4) رواه البيهقي عن الإِمام الشافعي 7/ 19 - 20. (¬5) في ط وأطراحها وسقطت بلا من هـ. (¬6) في أالفسخ. (¬7) في د، س ولعدم. (¬8) في س يسقط. (¬9) في النجديات، ط عد. (¬10) في النجديات، د، هـ أعد. (¬11) وبه قال مطرف وابن الماجشون وابن نافع وأصبغ من المالكية، ذكره عنهم ابن حبيب. انظر المنتقى شرح الموطأ 2/ 153. (¬12) انظر حاشية ابن عابدين 2/ 343، ومغني المحتاج 3/ 111. ويرى محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة إعطاء الحاج المنقطع من الزكاة لدخوله فيما يدل عليه قوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}. انظر بدائع الصنائع 2/ 46، وأحكام القرآن للجصاص 3/ 127. (¬13) الشرح الكبير 2/ 702.

لأن (¬1) سبيل الله عند الإطلاق لا (¬2) ينصرف إلا إلى الجهاد ولنا أن رجلًا جعل ناقة في سبيل الله فأرادت امرأته الحج فقال لها النبي- صلى الله عليه وسلم -: "اركبيها فإن الحج من سبيل الله". رواه أبو داود (¬3) بمعناه وعن ابن عباس وابن عمر: الحج من سبيل الله (¬4). ع: مولى بني هاشم في المنقول ... لا يقبض الزكاة كالأصول (¬5) أي: حكم موالي (¬6) بني هاشم حكمهم في عدم حل الزكاة لهم إذا لم يكونوا غزاة أو غارمين لإصلاح ذات البين أو مؤلفة حيث جاز (¬7). وقال أكثر أهل العلم: يجوز الدفع إليهم؛ لأنهم ليسوا بقرابة النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يمنعوا الصدقة كسائر الناس. ولنا ما روى أبو رافع أن النبي (¬8) - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلًا من بني مخزوم على الصدقة فقال لأبي رافع: "اصحبني كيما نصيب منها"، فقال: لا حتى ¬

_ (¬1) في أ، جـ عند، وفي ط عنه. (¬2) في أ، جـ، هـ، ط فلا ينصرف إلا إلى الجهاد، وفي ب إنما ينصرف إلى الجهاد. (¬3) أبو داود برقم 1990، والحاكم 1/ 183 - 184، وفيه عامر الأحول وقد تكلم فيه بعض المحدثين وقواه بعضهم، وقال الحافظ في التقريب: (صدوق يخطئ). انظر إرواء الغليل 6/ 33. ورواه أحمد 6/ 405 - 406 وفي إسناده رجل مجهول، وفيه أيضًا إبراهيم بن مهاجر بن جابر البجلي وهو متكلم فيه، وقد رواه أبو داود من طريق آخر فيه محمد بن إسحاق. انظر نيل الأوطار 4/ 191. (¬4) أما أثر ابن عباس فقد رواه أبو عبيد في الأموال برقم 1784، وقال الألباني في إرواء الغليل 3/ 377: إسناده جيد. وأما أثر ابن عمر فقد رواه أبو عبيد في الأموال برقم 1976، وصحح الألباني في إرواء الغليل 3/ 377 إسناده. (¬5) في ج كالأهول. (¬6) في أ، جـ، هـ، ط مولى. (¬7) وهو مذهب الحنفية قال الجصاص في أحكام القرآن 3/ 133: واختلف في الصدقة على موالي بني هاشم وهل أريدوا بآية الصدقة، فقال أصحابنا والثوري: مواليهم بمنزلتهم في تحريم الصدقات المفروضات عليهم. وانظر أيضًا بدائع الصنائع 2/ 49 وهو الأصح من مذهب الشافعية كما ذكره في المنهاج 3/ 312 قال: وشرط آخذ الزكاة من هذه الأصناف الثمانية الإِسلام وأن لا يكون هاشميًا ولا مطلبيًا وكذا مولاهم في الأصح. (¬8) في النجديات، هـ ط رسول الله.

آتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فأسأله، فانطلق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -) (¬1)، فسأله (¬2) فقال: "إنا لا تحل لنا الصدقة، وإن مولى (¬3) القوم منهم" أخرجه أبو داود والنسائيُّ والترمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ (¬4). وقولهم: إنهم ليسوا بقرابة، قلنا: هم بمنزلة القرابة بدليل قوله عليه السلام: "الولاء لحمة كلحمة النسب" (¬5)، وكذا ثبت فيهم (حكم القرابة من (¬6)) الإرث والعقل والنفقة فلا يمنع (ثبوت (¬7)) حكم تحريم (¬8) الصدقة فيهم. دفع الزكاة للقريب (¬9) اللازم ... إنفاقه (¬10) فليس بالملايم أي: لا يجزئ دفع الزكاة إلى قريبه الذي تلزمه نفقته ولو من غير عمودي النسب (¬11). وقال أكثر أهل العلم: تجزئ إلى غير عمودي نسبه (¬12) لحديث: الصدقة على المسكين (¬13) صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة، ولم يشترط نافلة ولا فريضة ولم يفرق بين الوارث وغيره (¬14). ولنا أنه إذا دفع ¬

_ (¬1) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬2) سقطت من هـ. (¬3) في النجديات، هـ ط موالي. (¬4) أبو داود برقم 1650 والنسائيُّ 5/ 107 والترمذيُّ برقم 657 وأحمدُ 6/ 10. (¬5) رواه الدارمي 2/ 398 موقوفًا على ابن مسعود. (¬6) و (¬7) ما بين القوسين من ب. (¬8) في د، س تفريق. (¬9) في أ، ج للفقير. (¬10) في ب، ج (انفاقه عليه فليس باللايم). (¬11) وهذا مذهب المالكية قال ابن عبد البر في الكافي 1/ 327: (ولا يعطى منها من تلزمه نفقته) ومثله في المدونة 2/ 57 ولكنهم لا يوجبون النفقة لغير الأولاد الصغار والأبوين الفقيرين. انظر الكافي 2/ 628. ونحو هذا عند الشافعية قال في مغني المحتاج 3/ 112 ومنها -أي من شروط آخذ الزكاة- أن لا يكون ممّن تلزمه نفقته نعم تستثنى الزوجة إن كانت غارمة. أ. هـ. لكن المذهب الشافعي لا يوجب النفقة لغير الأصول والفروع. انظر أيضًا مغني المحتاج 3/ 446 - 447. (¬12) في أ، ج، ط النسبة. (¬13) في أ، ج، ط المسلمين. (¬14) انظر حاشية ابن عابدين 2/ 346 والمغني 2/ 512.

الزكاة إلى من تجب عليه نفقته فقد أغناه (¬1) عن مؤنته فيعود نفع زكاته إليه فلم يجز كدفعها إلى والده أو (¬2) قضاء دينه، والحديث (¬3) يحتمل صدقة التطوع فيحمل عليها. زكاته يخرج في الأنام (¬4) ... بنفسه أولى من الإمام أي: يستحب للإنسان تفرقة زكاته بنفسه فهو أفضل من دفعها إلى الساعي أو الإِمام ليكون على يقين من وصولها إلى مستحقها، وسواء كانت من (¬5) الأموال الظاهرة أو الباطنة قال الحسن ومكحول وسعيد بن جبير: يضعها رب المال في مواضعها (¬6). وعند أبي الخطاب دفعها إلى الإِمام العادل أفضل، واختاره ابن أبي موسى وهو قول أصحاب الشافعي والشعبي والأوزاعي وغيرهم، قيل لابن عمر: إنهم يقلدون بها الكلاب ويشربون (¬7) بها الخمر قال: ادفعها إليهم (¬8). ويجزئ دفعها إلى الإِمام وإن لم يضعها مواضعها. ¬

_ (¬1) في ط أغني. (¬2) في ط و. (¬3) في ط ولحديث. (¬4) في ب الإِمام وفي نظ تخرج في الأيام وقال في حاشية ط كذا في الشرح وفي التيمورية في الأيام هي كذلك في الأزهريات. (¬5) في النجديات، هـ ط في. (¬6) ورجح هذا الموفق في المغني 2/ 509 واستدل له بأن فيه إيصال الحق إلى مستحقه مع توفير أجر العمالة وصيانة حقهم عن خطر الخيانة، ومباشرة تفريج كربة مستحقها وإغنائه بها، مع إعطائها للأولى بها من محاويج أقاربه وذوي رحمه وصلة رحمه بها فكان أفضل كما لو لم يكن آخذها من أهل العدل. فإن قبل: فالكلام في الإِمام العادل إذ الخيانة مأمونة في حقه. قلنا: الإِمام لا يتولى ذلك بنفسه وإمّا يفوضه إلى سعاته ولا تؤمن منهم الخيانة، ثم ربما لا يصل إلى المستحق الذي قد علمه المالك من أهله وجيرانه شيء منها وهم أحق الناس بصلته وصدقته مواساته. أ. هـ واستثنى أحمد صدقة الأرض فإنه يرى دفعها إلى السلطان وذلك لأن العشر قد ذهب قوم إلى أنه مؤونة الأرض فهو كالخراج يتولاه الأئمة بخلاف سائر الزكاة. انظر المغني 2/ 508. (¬7) في النجديات يشرون. (¬8) لم أجده وقد ذكره في المغني 2/ 508 عن الإِمام أحمد معلقًا.

ومن باب زكاة الفطر

ومن باب زكاة الفطر وهو اسم مصدر أفطر إفطارًا، وأضيفت هذه الزكاة إلى الفطر؛ لأنها تجب بالفطر من رمضان، قال ابن قتيبة: وقيل لها فطرة لأن (¬1) الفطرة الخلقة، قال تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] وهذه (¬2) يراد بها الصدقة عن البدن والنفس (¬3). مكاتب فطرته (¬4) عليه ... كذا قريب ينتمي إليه أي: تجب فطرة المكاتب عليه دون (سيده وكذا فطرة من تجب عليه نفقته) (¬5) كزوجته ورقيقه وقريبه التابع له كولده من أمته لعموم قوله عليه السلام: "أدوا صدقة الفطر (¬6) عمن تمونون" (¬7). وتفارق زكاة المال لأنه يعتبر لها النصاب والحول، ولا يحملها أحد ¬

_ (¬1) في ج، ط لا الفطرة. (¬2) سقطت من د. (¬3) سقطت من د. (¬4) في ج فطريته. (¬5) ما بين القوسين سقط من ب. (¬6) ما بين القوسين من د، س فقط. (¬7) رواه الدارقطني 2/ 140 والبيهقيُّ 4/ 161 ولفظه: (ممّن تمونرن وهو أيضًا لفظ الشرح الكبير 2/ 649 والحديث قال فيه الدارقطني: رفعه القاسم وليس بالقوي والصواب موقوف وقال البيهقي: إسناده ليس بالقوي) ورواه البيهقي من وجه آخر بسند كله ثقات لكنه مرسل. انظر إرواه الغليل 3/ 319، 320.

عن غيره بخلاف الفطرة، ولا يصح قياسه على القن، لأن مؤنة القن على سيده بخلاف المكاتب. والشركاء كلهم في عبد ... فيلزم الصاع لكل فرد وقدم المقنع والمحرر (¬1) ... يلزمهم صاع ولا يكرر يعني (¬2) تجب فطرة العبد المشترك بين اثنين فأكثر عليهم (¬3) لعموم الأحاديث، ولأنه عبد مسلم فأشبه (¬4) المملوك لواحد. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: لا فطرة على واحد منهم لأنه ليس لواحد منهم ولاية تامة أشبه المكاتب. وفرق بينهما لأن (¬5) المكاتب لا تلزم سيده نفقته بخلاف المشترك. وعلى الأول فعلى كل واحد من الشركاء صاع، لأنها طهرة فوجب تكميلها على كل واحد من الشركاء ككفارة القتل (¬6). وعنه: على الجميع صاع واحد (¬7) على كل واحد بقدر ملكه فيه (¬8)، وهي المذهب وقطع بها في التنقيح والإقناع والمنتهى (¬9) وغيرها وقدمها في ¬

_ (¬1) في نظ قدم في المغني والمحرر وفي د وقدم في المغني والمحرر وفي س وقدم في المغني والمحرر. (¬2) في النجديات، هـ ط أي. (¬3) سقطت من النجديات، هـ ط. (¬4) ف د أشبه. (¬5) في النجديات، هـ ط بأن. (¬6) وقد نقل الموفق في المغني 2/ 687 عن فوزان أن أحمد رجع عن ذلك. (¬7) سقطت من د، س. (¬8) وهما روايتان عن الإِمام مالك رحمه الله قال الباجي في المنتقى 2/ 182: (فرع) وكيف يخرج عنه زكاة الفطر مالكاه؟ عن مالك في ذلك روايتان روى ابن القاسم إنه يخرج كل واحد منهما عنه بقدر ملكه فيه، وروى عنه ابن الماجشون يخرج كل واحد منها عنه فطرة كاملة). (¬9) سقط من النجديات، هـ ط، الإقناع والمنتهى.

المقنع والمحرر (¬1) وغيرهما وهذا قول سائر من أوجب فطرته على سادته، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوجب صاعًا عن كل واحد (¬2) وهذا عام في المشترك وغيره، ولأن نفقته تقسم عليهم فكذلك (¬3) فطرته التابعة لها، وكماء (¬4) غسل الجنابة (¬5). ومثله من ألحقته القافه ... بأبوين فافهم (¬6) اللطافة وهكذا جماعة تلزمهم ... نفقة لواحد (¬7) يقر بهم وهكذا مبعض الحرية ... فالكل في (¬8) الإفتاء بالسوية يعني: مثل القن المشترك فيما تقدم من ألحقته القافة (¬9) بأبوين فأكثر أو (¬10) وجبت نفقته (¬11) لعسرته على قريبين فأكثر له موسرين، والمبعض، فعلى المذهب الواجب صاع بالحصص ومن عجز منهم لم يلزم غيره ما عليه كشريك ذمي (¬12). ¬

_ (¬1) المقنع 1/ 339 والمحرر 1/ 227. (¬2) وجوب صدقة الفطر ثبت بأحاديث كثيرة منها حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال. فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر: صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على كل عبد أو حر صغير أو كبير، رواه البخاري 3/ 291 - 293 ومسلمٌ برقم 984. (¬3) في النجديات، ط وكذلك. (¬4) في طا كما غسل. (¬5) أي: كماء غسل الجنابة إذا احتاج إليه العبد فثمنه على سادته بالحصص على قدر ملكهم. (¬6) في النجديات، ط فإسمع. (¬7) في د، س الواحد. (¬8) في ط بالإفتاء. (¬9) القافة جمع قائف قال ابن الأثير في النهاية 4/ 121: القائف الذي يتبع الآثار ويعرفها ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه. (¬10) في د، س، ط أوجبت. (¬11) سقطت من د، س. (¬12) فإنه لا يجب عليه قسطه من الفطرة إذا كان شريكًا في عبد مسلم لأن الفطرة إنما تجب على المسلمين ولا يجب نصيبه على شريكه المسلم بل يسقط ويؤدي الشريك المسلم حصته منها فقط. انظر كشاف القناع 2/ 247، 250.

ولا تدخل الفطرة في المهاياة (¬1) إذا كان (¬2) بين السيد والمبعض مهاياة، لأنها حق لله تعالى فلم تدخل في ذلك كالصلاة، وكذا العبد المشترك لو تهايوا فيه (¬3). واللطافة رقة القوام أو كون الشيء شفافًا لا يحجب البصر عن رؤية (¬4) ما وراءه وقوله: يقربهم (¬5) أي: يقرب منهم قرابة موجبة لإنفاقهم عليه (¬6). وهكذا من مان شهر الصوم (¬7) ... فطرته تلزمه يا قومي يعني: من تبرع بمؤنة شخص جميع شهر رمضان لزمته فطرته نص عليه أحمد في رواية أبي داود فيمن ضم إلى نفسه يتيمة يؤدي عنها لعموم قوله -عليه السلام-: "أدوا صدقة الفطر عمن تمونون" وهذا ممّن يمون ولأنه شخص أنفق عليه فلزمته فطرته كعبده. واختار (¬8) أبو الخطاب لا تلزمه [فطرته لأنه لا تلزمه] (¬9) مؤنته وهذا قول أكثر أهل العلم قال الشارح: وهو الصحيح وكلام أحمد في هذا محمول على الاستحباب والحديث محمول على من تلزمه مؤنته (¬10). ¬

_ (¬1) في ج المهايا. (¬2) سقطت من ب، ج والعبارة في أ: إذا بين كالسيد والعبد. (¬3) المهايأة في العبد المشترك أن تقدر قسمة نفعه بين الشركاء بزمن معين مثلًا فيكون لكل شريك أسبوعًا أو عشرة أيام وكذلك المبعض إذا هيّأ من يملك بعضه فيستخدمه مدة معينة ويتركه يعمل لنفسه بنسبة ما فيه من الحرية ففي المبعض مثلًا إذا كان يوم العيد وهو في نوبة السيد فيجب على السيد من الفطرة بقدر ما يملكه منه ولا نوجبها كلها عليه لأنها وجبت وهو في نوبته كما هو عند الشافعية. انظر كشاف القناع 2/ 250 ومغني المحتاج 1/ 403. (¬4) أد ب ما وراء وراءه. (¬5) سقطت من د، س. (¬6) سقطت من د، س. (¬7) في أ، ب، ج ونسخة الشرح التي اعتمد عليها الناشر: وكذا من مان شخصًا كل شهر الصوم .. وفي ط من مان شخصًا كل شهر الصوم. (¬8) في أواختاره. (¬9) ما بين القوسين سقط من د، س وسقط من س أيضًا مؤنته. (¬10) الشرح 2/ 653 وانظر الهداية 1/ 75.

ولو مانه جماعة لم تجب عليهم فطرته كما لو مانه بعض الشهر. [وفي نسخة (¬1) بل الشطر الأول من البيت المذكور من مان شخصًا كل شهر الصوم] (¬2). والصاع إن لفق من أجناس ... جوازه موافق القياس يعني: يجزئ إخراج صاع من الأجناس المنصوص عليها وهي التمر والزبيب والبر والشعير والأقط لأن كل واحد منها يجزئ (¬3) منفردًا فأجزأ بعض من هذا وبعض من هذا الآخر (¬4) كفطرة العبد المشترك إذا أخرج (¬5) عنه كل واحد (¬6) من جنس (¬7). وواجد (¬8) المنصوص نحو التمر ... أيضًا وكالشعير أو كالبر فطرته إخراجها من ذاته ... لا غيره ولو من إقتياته أي: من وجد الأجناس المنصوص عليها أو بعضها أخرج فطرته منها ولا يجوز له (¬9) العدول عنها إلى غيرها مع القدرة عليها سواء كان المعدول إليه قوت بلده أو لم يكن، لأن النص قصرها على أجناس معدودة (¬10) فلم ¬

_ (¬1) في ج نسخته. (¬2) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬3) سقطت من ج. (¬4) في د، س فأجزا بعض أو بعض من الآخر. (¬5) في ط إذا خرج عن كل وسقطت عنه من د، س. (¬6) سقطت من د، س. (¬7) ويجوز هذا عند الحنفية في الأصناف المنصوص عليها قال ابن عابدين 2/ 365: يجوز عندنا تكميل جنس من جنس آخر من المنصوص عليه ففي البحر عن النظم لو أدى نصف صاع شعير ونصف صاع تمر أو نصف صاع تمر ومنّا واحدًا من الحنطة أو نصف صاع شعير وربع صاع من الحنطة جاز. (¬8) في ج واجب. (¬9) سقطت من ط كلمة له. (¬10) يشير إلى الأجناس المذكورة في حديث أبي سعيد الخدري قال: كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاعًا من طعام أو صاعًا من شعير أو صاعًا من تمر أو =

يجز العدول عنها كما لو أخرج القيمة وكما لو أخرج عن زكاة المال من غير جنسه. فإن عدم الأجناس المذكورة أخرج ما يقوم مقامها من كل حب وثمر (¬1) يكال ويقتات كالذرة والدخن والأرز (¬2). وواجد مبتدأ أول وفطرته مبتدأ ثان وإخراجها مبتدأ ثالث ومن ذاته أي: عين (¬3) المنصوص متعلق (¬4) بمحذوف خبر الثالث وهو وخبره خبر الثاني وهو وخبره (¬5) خبر الأول وغيره بالجر معطوف بلا على ذاته. وفوق يومين قبيل العيد ... تعجيلها فليس بالمفيد ¬

_ = صاعًا من زبيب أو صاعًا من أقط فلم نزل نخرجه حتى قدم معاوية المدينة فتكلم فكان مما كلم الناس إني لأرى مُدَّين من سمراء الشام تعدل صاعًا عن تمر المدينة فأخذ الناس بذلك. قال أبو سعيد: فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه .. البخاري 3/ 294 ومسلمٌ برقم 985 والترمذيُّ برقم 676 واللفظ له ورواه أبو داود برقم 1616. (¬1) في أ، ج، ط تمر. (¬2) وعنه يجزي كل حب وثمر يقتات ولو لم تعدم الخمسة وهو قول جمهور العلماء واختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم فيخرج من غالب قوت البلد قال شيخ الإِسلام في الفتاوى 25/ 69: وهو أصح الأقوال فإن الأصل في الصدقات أنها تجب على وجه المواساة للفقراء كما قال تعالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89]. والنبي - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير لأن هذا كان قوت أهل المدينة، ولو كان هذا ليس قوتهم بل يقتاتون غيره لم يكلفهم أن يخرجوا مما لا يقتاتون، كما لم يأمر الله بذلك في الكفارات وصدقة الفطر من حسن الكفارات، هذه معلقة بالبدن وهذه معلقة بالبدن، بخلاف صدقة المال فإنها تجب بسبب المال من جنس ما أعطاه الله. أ. هـ. انظر حاشية ابن قاسم على الروض 3/ 287 وبداية المجتهد 1/ 281 ومغني المحتاج 1/ 405 - 406 وإعلام الموقعين 30/ 15 - 16. (¬3) في هـ غير. (¬4) في ط معلق. (¬5) سقطت من د، س.

أي: يجوز تعجيل زكاة الفطر قبل العيد بيومين ولا يجزئ (¬1) إخراجها قبل ذلك (¬2). وقال أبو حنيفة: يجوز (¬3) تعجيلها من أول الحول، لأنها زكاة أشبهت زكاة المال (¬4). وقال الشافعي: يجوز من أول شهر رمضان لأن سبب الصدقة الصوم والفطر عنه فإذا وجد أحد السببين جاز تعجيلها كزكاة المال بعد ملك النصاب (¬5). ولنا حديث ابن عمر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم". رواه الجوزجاني (¬6) (¬7). والأمر للوجوب ومتى قدمها بالزمن الكثير لم يحصل إغناؤهم يوم العيد وسبب وجوبها الفطر بدليل إضافتها إليه، وزكاة المال سببها ملك النصاب (¬8)، والمقصود إغناء الفقير بها (¬9) في الحول كله فجاز إخراجها في (¬10) جميعه، وهذه المقصود منها الإغناء في وقت مخصوص فلم يجز تقديمها قبل الوقت، فأما تقديمها بيوم أو يومين فجائز (¬11)، لما روى البخاري (¬12) عن ¬

_ (¬1) في هـ ولا يجوز. (¬2) ونحو هذا عند المالكية قال ابن عبد البر في الكافي 1/ 321: ولا يجوز إخراجها قبل يوم الفطر إلا بالمدة اليسيرة مثل اليوم واليومين ونحو ذلك. وذكره في بدائع الصنائع 2/ 74 عن الكرخي من علماء الحنفية. (¬3) في د، س يجزي. (¬4) بدائع الصنائع 2/ 74. (¬5) مغني المحتاج 1/ 416. (¬6) في د الحروجاني. (¬7) رواه الدارقطني 3/ 152 - 153 والبيهقيُّ في سننه 4/ 175 وفيه أبو معشر قال فيه البيهقي: غيره أوثق منه، وضعفه الحافظ في التقريب، وقد ضعف الحديث النووي في المجموع 6/ 126 والحافظ في بلوغ المرام 2/ 270. (¬8) سقطت من د، س. (¬9) في ط منها. (¬10) في ط فيه وقد سقطت من ج. (¬11) في أ، ج، ط فجاز. (¬12) البخاري 3/ 298.

ابن عمر قال: (وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين) وهذا إشارة إلى جميعهم فيكون إجماعًا، ولأن تعجيلها بهذا القدر (¬1)، لا يخل بالمقصود منها فإن الظاهر أنها تبقى أو بعضها إلى يوم العيد فيستغني عن الطواف. ¬

_ (¬1) في ج العذر.

ومن كتاب الصوم والاعتكاف

ومن كتاب الصوم والاعتكاف الصيام والصوم مصدر صام وهو لغة الإمساك، يقال: صام النهار إذا وقف سير الشمس، قال تعالى حكايته عن مريم: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] أي: إمساكًا عن الكلام. وشرعًا: إمساك (¬1) بنية عن أشياء مخصوصة في زمن معين من شخص مخصوص. وصوم رمضان أحد أركان الإِسلام ومبانيه، فرض في السنة الثانية من الهجرة فصام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسع رمضانات إجماعًا. وفي الثلاثين من الليالي ... من شهر شعبان عن الهلال إن حال غير في غد يصام ... من رمضان فطره حرام يعني: إن لم ير الهلال ليلة الثلاثين من شعبان وحال دون مطلعه غير أو قتر ونحوهما وجب صيامه حكمًا ظنيًا (¬2) احتياطًا بنية رمضان، ويجزيه إن كان من شهر رمضان اختاره الخرقي وأكثر شيوخ أصحابنا، وهو مذهب عمر وابنه وعمرو بن العاص وأبي هريرة وأنس ومعاوية وعائشة وأسماء ابنتي (¬3) أبي بكر، وبه قال بكر بن عبد الله المزني وأبو ¬

_ (¬1) في ب، ج إمساكًا. (¬2) في ب واحتياطًا وفي أ، حـ، هـ أو احتياطًا. (¬3) في د بنتًا وفي س بنت.

عثمان النهدي (¬1) وابن أبي مريم ومطرف (¬2) وميمون بن مهران وطاووس ومجاهد. وعن أحمد لا يجب صومه ولا يجزيه (¬3) عن رمضان إن صامه وهي (¬4) قول أبي حنيفة ومالك والشافعيُّ وكثير من أهل العلم لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم (¬5) فأكملوا عدة شعبان ثلاثين" رواه البخاري (¬6) وأيضًا قد صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صوم يوم الشك (¬7) و (¬8) هذا يوم شك ولأن الأصل بقاء شعبان (¬9). ووجه الرواية (¬10) الأولى حديث نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له"، قال نافع: كان عبد الله بن عمر إذا مضى من شعبان تسعة (¬11) وعشرون يومًا يبعث (¬12) من ينظر له (¬13) الهلال فإن رأى فذاك وإن لم ير ولم (¬14) يحل دون منظره سحاب ولا قتر ¬

_ (¬1) في النجديات ط لهندي وفي د، س النهري. (¬2) في أ، ج، والأزهريات، ط مطروح. (¬3) في د، س يجزي. (¬4) في أ، ط، وهو. (¬5) في النجديات، ط عليه. (¬6) البخاري 4/ 106 وأحمد 2/ 415، 430، 454، 456، 469. (¬7) وذلك في حديث عمار بن ياسر: "من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -"، رواه أبو داود برقم 2334 والترمذيُّ برقم 686 والنسائيُّ 4/ 153 وابن ماجة برقم 1645. (¬8) سقطت الواو من ط. (¬9) انظر بدائع الصنائع 2/ 78 - 79 والكافي لابن عبد البر 1/ 348 ومغني المحتاج 1/ 420. (¬10) في ب، ج الرؤية. (¬11) في د، س تسع. (¬12) في د بعث. (¬13) سقطت من د، س. (¬14) في ب: وإن لم يروه لم.

أصبح مفطرًا، وإن حال دون منظره سحاب أو قتر أصبح صائمًا (¬1). ومعنى اقدروا أي: ضيقوا من قوله تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: 7] أي: ضيق، وقوله تعالى (¬2): {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الروم: 37] والتضييق له أن يجعل شعبان تسعة وعشرين يومًا، وقد فسره ابن عمر بفعله وهو راويه (¬3) وأعلم بمعناه فيجب الرجوع إلى تفسيره (¬4)، كما رجع إليه في تفسير التفرق في خيار المتبايعين (¬5)، ولأنه شك في أحد طرفي الشهر لم يظهر فيه أنه من غير رمضان فوجب صومه كالطرف الآخر، قال علي وأبو هريرة وعائشة: (لأن أصوم يومًا من شعبان أحب إليَّ من أن أفطر يومًا من رمضان) (¬6)، ولأن الصوم يحتاط (¬7) له ولذلك (¬8) وجب الصوم بخبر الواحد ولم يفطروا إلا بشهادة اثنين. فأما خبر أبي هريرة الذي احتجوا به فإنه يرويه محمد بن زياد (¬9)، وقد ¬

_ (¬1) أبو داود برقم 2320 والمرفوع منه رواه مسلم برقم 1080. (¬2) سقطت من د، س. (¬3) في د، س روايته. (¬4) في ج تفسير. (¬5) في ب، ج، ط التابعين. (¬6) أما أثر علي فأخرجه الشافعي في مسنده مع الأم 6/ 131 وهو من رواية فاطمة بنت الحسين عنه وهي لم تدركه ولو صح فلا يستقيم الاستدلال به لأن لفظ الرواية، (أن رجلًا شهد عند علي على رؤية الهلال فصام، وأحسبه قال: أمر الناس أن يصوموا ثم قال: أصوم) إلخ وانظر نيل الأوطار 4/ 217 .. وأما أثر أبي هريرة، فقد ساق ابن القيم سنده في زاد المعاد 1/ 158 قال: وأما الرواية عن أبي هريرة فقال -يعني: أحمد- حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا معاوية بن صالح عن أبي مريم قال: سمعت أبا هريرة يقول: (لأن أتعجل في صوم رمضان بيوم أحب إلى من أن أتأخر لأني إذا تعجلت لم يفتني وإذا تأخرت فاتني). وأما أثر عائشة فرواه أحمد 6/ 125 - 126 وسنده صحيح ورواه سعيد بن منصور وفي سنده راو لم يسم. انظر إرواء الغليل 4/ 11. (¬7) في ط محتاط. (¬8) في ط وكذلك. (¬9) هو محمد بن زياد الجمحي مولى عثمان بن مظعون كان من أجلاء التابعين وثقه أحمد والناس وأخرج له البخاري في الصحيح. انظر التاريخ الكبير 1/ 82 - 83 وميزان الاعتدال 3/ 551.

خالفه سعيد بن المسيب فرواه عن أبي هريرة: "فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين" (¬1)، وروايته أولى لإمامته واشتهار ثقته وعدالته وموافقته لرأي: أبي هريرة ومذهبه، ولخبر ابن عمر الذي رويناه ويمكن حمله على ما إذا (¬2) غم في طرفي الشهر و (¬3) روية ابن عمر: "فاقدروا له ثلاثين" (¬4)، مخالفة للرواية الصحيحة المتفق عليها ولمذهب (¬5) ابن عمر [رضي الله عنه] (¬6)، ورواية النهي عن صوم يوم الشك محمول على حال الصحو جمعًا بين الأخبار، فإذا لم يكن ليلة الثلاثين من شعبان مانع من الرؤية كره صومه، وقد أطال الأصحاب في المسألة وأفردت بالتأليف (¬7). ويصلي التراويح ليلة الثلاثين مع الغيم (¬8). ويجب على من لم يبيت ¬

_ (¬1) مسلم برقم 1081. (¬2) في د، س على إذا ما غم. (¬3) سقطت الواو من ط. (¬4) أخرجها مسلم برقم 1080. (¬5) في ج والمذهب. (¬6) ما بين القوسين ليست في د، س. (¬7) قال في اختيارات شيخ الإِسلام ص 107: وإن حال دون رؤية الهلال ليلة الثلاثين غير أو قتر فصومه جائز لا واجب ولا حرام، وهو قول طوائف من السلف والخلف، وهو مذهب أبي حنفية والمنقولات الكثيرة المستفيضة عن أحمد إنما تدل على هذا، ولا أصل للوجوب في كلامه ولا في كلام أحد من الصحابة رضي الله عنهم. وحكى عن أبي العباس أنه كان يميل أخيرًا إلى أنه لا يستحب صومه. وانتصر لهذا ابن القيم في زاد المعاد 1/ 156 - 157 قال: وكان من هديه - صلى الله عليه وسلم - أن لا يدخل في صوم رمضان إلا برؤية محققة أو بشهادة شاهد واحد .. فإن لم تكن رؤية ولا شهادة أكمل عدة شعبان ثلاثين يومًا وكان إذا حال ليلة الثلاثين دون منظره غيم أو سحاب أكمل عدة شعبان ثلاثين يومًا ثم صامه ولم يكن يصوم يوم الإغمام ولا أمر به بل أمر بأن يكمل عدة شعبان ثلاثين إذا غم وكان يفعل كذلك فهذا فعله وهذا أمره، وقد أسهب رحمه الله في الانتصار لهذا الرأي وعرض أدلته والإجابة على أدلة المخالفين. (¬8) بني هذا وما بعده على ترجيحه الرواية الأولى وقد ظهر من كلام المحققين في المذهب -ابن تيمية وابن القيم- أنها مرجوحة والأدلة الصحيحة الصريحة تدل على ذلك كما سبق، وهو الراجح إن شاء الله.

النية الإمساك مع القضاء، وعلى من وطئ فيه الكفارة إذا لم يتبين أنه من شعبان. وإن رأى الهلال أهل بلد ... صام جميع الناس في المجود (¬1) يعني: إذا ثبت رؤية الهلال ببلد لزم الصوم جميع الناس من رآه ومن لم يره ولو اختلفت (¬2) المطالع نصًا، وهذا قول الليث وبعض أصحاب الشافعي (¬3). والمشهور عندهم إن كان بين البلدين مسافة تختلف (¬4) فيها المطالع فلكل أهل بلد حكم رؤيتهم (¬5) لقصة كريب حين رأى الهلال بالشام وقدم المدينة وأخبر ابن عباس وكانوا لم يروه تلك الليلة، فقال ابن عباس: فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه (¬6)، فقال له كريب: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه، فقال: هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رواه مسلم (¬7). ولنا الإجماع على صوم شهر رمضان، وقد ثبت أن هذا اليوم منه بشهادة الثقات فوجب صومه على جميع المسلمين، ولأن الشهر ما بين الهلالين، وقد ثبت أن هذا اليوم منه في سائر الأحكام من حلول الدين ووقوع الطلاق والعتاق ووجوب النذر وغير ذلك من الأحكام فيجب صيامه بالنص والإجماع (¬8). ¬

_ (¬1) في ج، د، س المجرد. (¬2) في النجديات، ط اختلف. (¬3) وهو ظاهر الرواية في المذهب الحنفي ذكر ذلك قاضيخان الحنفي ونقله عن شمس الأئمة السرخي .. الاختيار 1/ 129. (¬4) في النجديات يختلف. (¬5) قال النووي في المنهاج 1/ 442 (وإذا رؤي ببلد لزم حكمه البلد القريب دون البعيد في الأصح والبعيد مسافة القصر وقيل: باختلاف المطالع، قلت: هذا أصح، والله أعلم). (¬6) في د، س ونراه. (¬7) رواه مسلم برقم 1087 وأبو داود برقم 2332 والترمذيُّ برقم 693 والنسائيُّ 4/ 131. (¬8) لا نص ولا إجماع على موضع النزاع، واختلاف المطالع قول في مذهب أحمد اختاره =

فأما حديث كريب فإنما دل على أنهم لا يفطرون بقول كريب وحده ونحن نقول به (¬1)، وإنما محل الخلاف وجوب قضاء اليوم الأول وليس هو في الحديث المذكور. بنية يصح صوم النفل ... بعد زوال الشمس نصا نقلي أي: يصح صوم النفل (¬2) بنية من (¬3) النهار ولو بعد الزوال هذا ظاهر كلام أحمد والخرقي وهو ظاهر قول ابن مسعود ويروى عن سعيد بن المسيب (¬4). واختار القاضي في المجرد أنه لا تجزيه (¬5) النية بعد الزوال وفاقًا لأبي حنيفة والمشهور من قولي (¬6) الشافعي، لأن معظم النهار مضى بغير نية بخلاف الناوي قبل الزوال فإنه أدرك معظم العبادة، ولهذا لو أدرك الإِمام في الركوع اعتد بالركعة بخلاف ما لو أدركه بعده (¬7). ولنا أنه نوى (¬8) في جزء من النهار أشبه ما لو نوى في أوله، ولأن ¬

_ = شيخ الإِسلام ابن تيمية قال في الاختيارات 106: تختلف المطالع باتفاق أهل المعرفة بهذا فإن اتفقت لزمه الصوم وإلا فلا، وهو الأصح للشافعية وقول في مذهب أحمد. وقد ذكر ابن عبد البر الإجماع على اعتبار اختلاف المطالع وأن الرؤية لا تراعى مع البعد كالأندلس مع خراسان. انظر العذب الزلال ص 39 وصحح النووي في شرح مسلم7/ 197 اعتبار اختلاف المطالع. (¬1) هذا لا يستقيم مع قول ابن عباس في الحديث لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. إذ لو كان كما يقول المؤلف لقال ابن عباس: أو يشهد معك آخر. (¬2) في ج النقل. (¬3) في النجديات، هـ ط في. (¬4) وهو قول في مذهب الشافعي قال في المنهاج 1/ 424: (يصح النفل بنية قبل الزوال وكذا بعده في قول). (¬5) في النجديات، ط يجزيه وفي ص ك تجزي. (¬6) في الأزهريات، ط قول. (¬7) انظر حاشية ابن عابدين 2/ 377 ومغني المحتاج 4/ 421. (¬8) في ط أنه إن نوى.

جميع الليل وقت لنية الفرض فكذلك النهار وقت لنية النفل ولأن صوم النفل (¬1)، إنما جوزناه بنية من النهار طلبًا لتكثيره وهذا أبلغ في التكثير وتعليلهم يبطل بما لو نوى قبل الزوال بلحظة فيصح مع أن الأكثر خلا عن النية في الأصل فإن ما بين طلوع الفجر والزوال يزيد على ما بين الزوال والغروب بما بين طلوع الفجر والشمس (¬2). وعند مالك وداود: النفل كالفرض لا يصح إلا بنية من الليل (¬3) وعند أبي حنيفة يصح الفرض (¬4) بالنية (¬5) قبل الزوال كالنفل ودليلهم والجواب عنه مذكور في المطولات. ليس من البر الصيام في سفر (¬6) ... وفطره أفضل أخذًا بالأثر أي: الفطر في السفر المبيح للقصر أفضل من الصوم وهو مذهب ابن عمر وابن عباس وسعيد بن المسيب والشعبي والأوزاعي (¬7). وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ: الصوم أفضل لمن قوى عليه (¬8)، ويروى عن أنس وعثمان بن أبي العاص لقوله -عليه السلام- من كانت له حمولة يأوي إلى شبع فليصم رمضان حيث أدركه .. رواه أبو داود (¬9). ¬

_ (¬1) كرر في هـ ولأن صوم النفل. (¬2) هذا لا يلزم الحنفية فإنهم لم يعتبروا الزوال بل اعتبروا نصف النهار فعبر به بعضهم، وقال بعضهم: إلى الضحوة الكبرى لا بعدها ولا عندها، ومن اعتبر منهم الزوال فقد ضعفوا قوله. انظر حاشية ابن عابدين 2/ 377. (¬3) المنتقى شرح الموطأ 2/ 40 - 41. (¬4) و (12) مخروم في ج. (¬5) انظر بدائع الصنائع 2/ 85 والمغني 3/ 22 - 24. (¬6) في ج مخروم (ليس من البر الصيام). (¬7) وهو اختيار ابن تيمية قال في الاختبارات: والمسافر الأفضل له الفطر: ص 107. (¬8) انظر بدائع الصنائع 2/ 961 والكافي لابن عبد البر 1/ 337 ومغني المحتاج 1/ 271. (¬9) أبو داود برقم 2410 وهو من رواية سلمة بن المحبق الهذلي -رضي الله عنه- وفي سنده حبيب بن عبد الله الأزذى وهو مجهول وابنه عبد الصمد بن حبيب ضعفه أحمد وغيره. حاشية جامع الأصول لعبد القادر الأرناؤوط 4/ 414.

ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ليس من البر الصيام (¬1) في السفر". متفق عليه (¬2)، ولأنه -عليه السلام- أفطر في السفر فلما بلغه أن قومًا صاموا قال: "أولئك العصاة". رواه مسلم (¬3). بل قيل: إن الصوم في السفر لا يجزئ لظاهر الأحاديث السابقة وغيرها قال ابن عبد البر: هذا قول يروى عن عبد الرحمن (¬4) بن عوف هجره الفقهاء كلهم (¬5)، والسنة ترده، قال أنس: كنا نسافر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم. متفق عليه (¬6) والأحاديث السابقة محمولة على تفضيل الفطر على الصيام وقوله: "أولئك العصاة" يحتمل أنهم اعتقدوا عدم حل الفطر أو نحوه. ومن نوى الصيام وهو حاضر ... في يومه يفطر إذ يسافر يعني: إذا أنشا الحاضر السفر في أثناء يوم من رمضان فله الفطر في ذلك اليوم إذا فارق بيوت قريته العامرة وهذا قول عمرو بن شرحبيل والشعبي وإسحاق وأبي (¬7) داود وابن المنذر (¬8). وعنه: لا يباح له فطر ذلك (اليوم) (¬9) وهو قول مكحول والزهري ¬

_ (¬1) في النجديات، ط الصوم. (¬2) في البخاري 4/ 161 - 162 ومسلمٌ برقم 1115 وأبو داود برقم 2407 والنسائيُّ 4/ 176. (¬3) مسلم برقم 1114 والترمذيُّ برقم 710. (¬4) في النجديات، هـ عبد الله بن عوف وفي ط عبد الله وابن عوف وهو الصحابي المشهور فإنه كان يرى ذلك وهو في النسائي 4/ 183 وصحح ابن حزم في المحلى 4/ 257 إسناده .. وانظر تلخيص الحبير 2/ 204. (¬5) بل قال به ابن حزم في المحلى 4/ 243. (¬6) البخاري 4/ 163 أو مسلم برقم 1118. (¬7) في ب، ج، هـ وأبو داود وفي أ، ط أبي داود. (¬8) وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية -رحمه الله-: في الفتاوى 25/ 212، ورجحه الصنعاني في سبل السلام 2/ 320 والشوكاني في نيل الأوطار 4/ 255 وقال: (وهذا هو الحق). (¬9) ما بين القوسين من ب.

ويحيى الأنصاري وأصحاب الرأي ومالك والشافعيُّ، لأن الصوم عبادة تختلف (¬1) بالحضر والسفر فإذا اجتمعا فيها غلب حكم الحضر كالصلاة (¬2). ولنا ما روى عبيد بن جبر (¬3) قال: ركبت مع أبي بصرة الغفاري في سفينة من الفسطاط في شهر رمضان فدفع ثم قرب غداءه فلم يجاوز البيوت حتى دعا (¬4) بالسفرة ثم قال: أقترب قلت: ألست ترى البيوت قال أبو بصرة: أترغب عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. رواه أبو داود (¬5)، وكالمرض، والصوم أشق فلا يقاس على الصلاة. قل أفطر الحاجم والمحجوم ... بذا أتى (¬6) النص عداك اللوم أي: يفطر الحاجم والمحجوم بالحجامة إن (¬7) ظهر بها (¬8) دم، وبه قال: إسحاق وابن المنذر ومحمَّد بن إسحاق بن خزيمة وعطاء وعبد الرحمن بن مهدي. وكان مسروق والحسن وابن سيرين لا يرون للصائم أن يحتجم. وكان جماعة من الصحابة يحتجمون ليلًا في الصوم منهم ابن عمر وابن عباس وأبو موسى وأنس بن (¬9) مالك. ¬

_ (¬1) في أ، ج، ط مختلف. (¬2) انظر حاشية ابن عابدين 2/ 431 والكافي لابن عبد البر 1/ 338 ومغني المحتاج 1/ 437. (¬3) في جميع النسخ جبير وكذلك في الشرح الكبير 3/ 20، والتصحيح من سنن أبي داود 2412 ومن ميزان الاعتدال 3/ 19. (¬4) في د دانا السفرة وفي ط السفر. (¬5) أبو داود برقم 2412 وفي سنده كليب بن ذهل الحضرمي لم يوثقه غير ابن حبان وقال ابن حجر: مقبول، وباقي رجاله ثقات، ويشهد له حديث محمد بن كعب عند الترمذيُّ برقم 799، 800 قال: أتيت أنس بن مالك -رضي الله عنه- في رمضان وهو يريد سفرًا وقد رحلت له راحلته ولبس ثياب سفره ودعا بطعام وأكل فقلت له: سنة؟ وإرواء الغليل 4/ 64 - 65 وحاشية جامع الأصول 6/ 413. (¬6) في ج به إلى. (¬7) في النجديات، هـ، ط إذا. (¬8) في س لها. (¬9) سقط من د.

ورخص فيها أبو سعيد الخدري وابن مسعود وأم سلمة وعروة وسعيد ابن جبير، وقال أبو حنيفة والثوري ومالك والشافعيُّ: يجوز للصائم أن يحتجم ولا يفطر لما روى البخاري (¬1) عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (احتجم وهو صائم) (¬2)، ولأنه دم (¬3) خارج من البدن أشبه القصد (¬4) (¬5). ولنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أفطر الحاجم والمحجوم: رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد عشر نفسًا قال أحمد: حديث شداد بن أوس من أصح حديث يروى في هذا الباب، وإسناد حديث رافع إسناد جيد، وقال: حديث ثوبان وشداد صحيحان، وقال علي بن المديني: أصح شيء في هذا الباب حديث شداد وثوبان (¬6). وحديثهم منسوخ بحديثنا [بدليل حديث ابن عباس قال احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقاحة (¬7) بقرن وناب] (¬8) وهو محرم صائم .. فوجد لذلك ضعفًا شديدًا فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحتجم الصائم. رواه أبو إسحاق الجوزجاني في المترجم (¬9)، وعن الحكم قال: احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضعف ¬

_ (¬1) البخاري 4/ 155 وأبو داود برقم 2372 والترمذيُّ برقم 777. (¬2) خرم في ج مكان (صائم) ومكان (دم خا). (¬3) القصد: شق العرق ليخرج منه الدم. انظر القاموس 1/ 323. (¬4) انظر بدائع الصنائع 2/ 107 والموطأ مع شرح الزرقاني 2/ 176 - 177 ومغني المحتاج 1/ 431. (¬5) ذكر الحافظ ابن حجر أنه قد روى عن ستة عشر صحابيًا وهم ثوبان وشداد بن أوس ورافع بن خديج وأبو موسى ومعقل بن ياسر وأسامة بن زيد وبلال وعلي وعائشة وأبو هريرة وأنس وجابر وابن عمر وسعد بن أبي وقاص وأبو يزيد الأنصاري وابن مسعود وقد تكلم ابن حجر على طرقها كلها في تلخيص الحبير 2/ 193 وحديث ثوبان أخرجه أبو داود برقم 2367 و 2370 و 2371، وأخرج حديث شداد أيضًا برقم 2368 و 2369 وحديث رافع أخرجه الترمذيُّ برقم 774. (¬6) القاحة: اسم موضع بين مكة والمدينة على ثلاث مراحل من المدينة. انظر النهاية 4/ 119. (¬7) في د، س وبان. (¬8) ما بين القوسين سقط من ط. (¬9) المسند 1/ 244 وطبقات ابن سعد 1/ 143.

ثم كرهت الحجامة للصائم (¬1)، وكان ابن عباس وهو راوي حديثهم يعد الحجام والمحاجم فإذا غابت الشمس احتجم .. كذلك رواه الجوزجاني (¬2). فإن قيل: فقد روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى الحاجم والمحجوم يغتابان فقال: ذلك (¬3) أجيب بأنه لم تثبت صحة (¬4) هذه الرواية مع أن عموم اللفظ يقدم على خصوص السبب (و) لا يقال: معنى أفطر الحاجم والمحجوم أي: قربا من الفطر لأنه تأويل يحتاج إلى دليل (¬5). ومن غدا في صومه مستنشقا ... ممضمضا (¬6) لحلقه الما سبقا فليس ذا للصوم (¬7) قالوا: أبطلا (¬8) ... حتى ولو بالغ فيما فعلا (¬9) يعني: إذا تمضمض الصائم أو استنشق (¬10) فدخل الماء حلقه بغير قصده لم يفسد صومه، وهذا قول الأوزاعي وإسحاق والشافعيُّ في أحد قوليه (¬11)، وروي ذلك عن ابن عباس. وقال أبو حنيفة ومالك: يفطر لأنه أوصل (¬12) الماء إلى حلقه ذاكرًا لصومه فأفطر كما لو تعمد شربه (¬13). ¬

_ (¬1) انظر المسند 1/ 248 وطبقات ابن سعد 1/ 143. (¬2) لم أجده وقال الألباني في إرواء الغليل 4/ 79: لم أقف على إسناده في شيء من المصادر التي عندي ولا أراه يصح فقد صح عن ابن عباس من طريق ابن أبي شيبة أنه سئل عن الحجامة فقال: الفطر مما دخل وليس مما خرج. (¬3) رواه البيهقي في شعب الإيمان وفيه غياث بن كلوب الكوفي وهو مجهول. انظر نصب الراية 2/ 483. (¬4) في ج صحته. (¬5) في د س تأويل. (¬6) في نظ مضمضًا. (¬7) في جـ ذا الصوم. (¬8) في د أفطر. (¬9) في أ، ب نقلًا وفي د قررًا. (¬10) في د واستنشق. (¬11) انظر الأم 2/ 86 ومغني المحتاج 1/ 429. (¬12) في ط وصل. (¬13) انظر بدائع الصنائع 1/ 91 والمدونة 1/ 200.

ولنا: أنه وصل إلى حلقه من غير قصد أشبه ما لو طارت ذبابة إلى حلقه وبهذا فارق المتعمد. فإن بالغ الصائم في المضمضة أو الاستنشاق فقد فعل مكروهًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للقيط بن صبرة (¬1) وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا (¬2)، فإن دخل الماء حلقه فقال أحمد: يعجبني أن يعيد صومه. والصحيح من المذهب أنه لا يفطر بذلك كما ذكر الناظم، لأنه وصل من غير قصد أشبه غبار الطريق (¬3) إذا دخل حلقه، وكذلك (¬4) لو زاد على الثلاث في المضمضة لغير طهارة، إن كانت لحاجة كغسل (¬5) فمه (¬6) عند الحاجة إليه ونحوه فحكمها حكم المضمضة للطهارة، وإن كان عبثًا أو تمضمض من أجل العطش كره، وسئل أحمد عن الصائم يعطش فيتمضمض ثم يمجه قال: يرش على صدره أحب إلي فإن فعل فوصل الماء إلى حلقه أو أنزل (¬7) الماء في فيه عابثًا أو تبردًا (¬8) فالحكم فيه كالحكم في الزائد على الثلاث لأنه مكروه. وواطيء في الصوم إذ يكفر ... وعاد كفارته تكرر يعني: إذا جامع في يوم وكفر ثم عاد فجامع فيه ثانيًا فعليه كفارة ثانية نص عليه. وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ: لا شيء عليه للجماع الثاني، ¬

_ (¬1) في ط، ب، ج للمعيط بن هبيرة وهو تصحيف. (¬2) رواه أبو داود برقم 142 و 143 والترمذيُّ برقم 38 والنسائيُّ 1/ 66. (¬3) في المغني 3/ 44 والشرح الكبير 3/ 44 غبار الدقيق أي ما يتطاير منه عند نخله. (¬4) في النجديات، ط كذلك. (¬5) في ج، الأزهريات لغسل. (¬6) في ج، ب فمن. (¬7) في أ، ب، ط أنزل. (¬8) في ب، ج، ط بترد.

لأنه لم يصادف الصوم ولم يمنع صحته فلم يوجب شيئًا كالجماع في الليل (¬1). ولنا: أنها عبادة تجب الكفارة بالجماع فيها فتكررت بتكرار (¬2) الوطء إذا كان بعد التكفير (¬3) كالحج، (ولأنه وطء محرم بحرمة رمضان فأوجب الكفارة كالأول وفارق الوطء في الليل لأنه مباح) (¬4)، وهكذا كل من لزمه الإمساك إذا جامع في نهار رمضان وجبت عليه الكفارة وإن جامع في يوم ثم أعاده فيه قبل التكفير فكفارة واحدة بغير خلاف، وإن جامع في يومين أو أكثر (¬5) فلكل يوم كفارة سواء كفر للأول أم (¬6) لا. كذاك (6) إن ظن غروب الشمس ... أو ظن أن الليل باق ممسي وظهر الأمر بالانعكاس ... كفارة وهكذا في الناسي يعني: إذا وطئ يظن (¬7) أن الشمس غربت ولم (¬8) تكن كذلك أو وطئ يظن أن الفجر لم يطلع وكان قد طلع أو ناسيًا فعليه الكفارة (¬9)، وكذا لو ¬

_ (¬1) انظر البحر الرائق 2/ 297، 298 والكافي لابن عبد البر 1/ 343 ومغني المحتاج 1/ 444. (¬2) في ب، حـ بتكرر. (¬3) في ط التكلف. (¬4) ما بين القوسين سقطت من ط. (¬5) في النجديات، ط فأكثر. (¬6) في ب، حـ كذلك. (¬7) في د، س فظن وفي النجديات، ط يظن الشمس. (¬8) في النجديات، ط وأن لم تكن. (¬9) إذا جامع يظن أن الشمس غربت فبان عكس ذلك فعليه الكفارة عند الحنفية قال في بداية المبتدي 2/ 374: ولو شك في غروب الشمس لا يحل له الفطر ولو أكل فله القضاء وقال في شرح ذلك في فتح القدير شرح الهداية وفي الكفارة روايتان إذا لم يتبين الحال فإن ظهر أنه أكل قبل الغروب فعليه الكفارة لا أعلم فيه خلافًا، وهم إذا أوجبوها في الأكل ففي الجماع بطريق الأولى لأنه الأصل الذي قاسوا عليه الإفطار بالأكل أو الشرب.=

وطئ مكرهًا (¬1) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الذي قال: وقعت على امرأتي بالكفارة ولم يستفصله، ولو اختلف الحال لسأل واستفصل، لأنه لا يجوز تأخير البيان عن (¬2) وقت الحاجة. فإن قيل: ففي السؤال ما يدل على العمد وهو قوله هلكت أو احترقت (¬3). أجيب: بأنه يجوز أن يخبر بهلكته لما يعتقده (¬4) في الجماع مع النسيان وخوفه من غير ذلك (¬5). والمرأة إذا طاوعت غير جاهلة أو ناسية كالرجل، فإن عذرت فالقضاء فقط. والنزع عندنا جماع يذكر ... مذ بان فجر معه يكفر يعني: إذا طلع عليه الفجر وهو يجامع فنزع في الحال مع أول طلوع الفجر فعليه القضاء والكفارة على الصحيح من المذهب، لأن النزع جماع (عندنا) (¬6) يتلذذ به أشبه الإيلاج (¬7). وقال أبو حفص، لا قضاء عليه ولا كفارة، وهو قول أبي حنيفة ¬

_ = وذكر ابن الماجشون وابن نافع عن مالك أنه يجب على من جامع ناسيًا في نهار رمضان الكفارة. انظر المنتقى للباجي 2/ 65 والكافي لابن عبد البر 1/ 341. (¬1) يرى ابن الماجشون من المالكية أن عليه الكفارة لأنه ملتذ بالجماع فعليه الكفارة كالمختار. (¬2) في ط عنه. (¬3) في د، س اقترحت. (¬4) في النجديات، ط يفتقده. (¬5) ويرى شيخ الإِسلام ابن تيمية أن الناسي لا قضاء عليه ولاكفارة قال في الفتاوى 20/ 573: والأصل الذي دل عليه الكتاب والسنة أن من فعل محظورًا ناسيًا لم يكن قد فعل منهيًا عنه فلا يبطل بذلك شيء من العبادات ولا فرق بين الوطء وغيره وسواء كان في إحرام أو صيام. (¬6) سقط من الأزهريات. (¬7) هـ الإبلاع.

والشافعيُّ، لأنه ترك الجماع فلا يتعلق به ما يتعلق (¬1) بالجماع كما لو حلف لا يدخل دارًا وهو فيها فخرج منها (¬2). وقال مالك: لا يبطل (¬3) صومه ولا كفارة عليه، لأنه (¬4) لا يقدر على أكثر مما (¬5) فعله من ترك الجماع (¬6). وقال الشيخ الموفق: وهذه المسألة تقرب من الاستحالة (¬7)، إذ (¬8) لا يكاد يعلم بطلوع الفجر على وجه يتعقبه النزع من غير أن يكون قبله شيء من الجماع فلا حاجة إلى فرضها والكلام فيها (¬9). وليلة القدر فقل (¬10) أرجاها ... سبع وعشرون فقم تلقاها ليلة القدر ليلة شريفة مباركة معظمة مفضلة قال الله تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] أي: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، وقال (¬11) النبي - صلى الله عليه وسلم -:"من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه". متفق عليه (¬12)، سميت ليلة القدر لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة من خير ورزق وبركة وغيرها، يروى عن ابن عباس (¬13)، وقيل غير ذلك، ¬

_ (¬1) في النجديات، ط فلا يتعلق بما يتعلق. (¬2) انظر بدائع الصنائع 2/ 91 والأم 2/ 83. (¬3) في الأزهريات يبطل. (¬4) في د، س ولأنه. (¬5) في د، س ما. (¬6) حاشية الدسوقي 1/ 488. (¬7) في د، س الاستحاضة. (¬8) في أح ط أو. (¬9) المغني 3/ 63. (¬10) سقطت من ج وهي في نظ فقيل. (¬11) سقطت الواو من النجديات، ط. (¬12) البخاري 4/ 99، 221 ومسلم برقم 760. (¬13) رواه عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقيُّ في شعب الإيمان. انظر الدر المنثور 6/ 25.

وتختص برمضان، وتطلب في العشر الأخيرة منه وأوتاره آكد، وأرجاها ليلة سبع وعشرين، قال أبي بن كعب وابن عباس: هي (¬1) ليلة سبع وعشرين (قال زر بن حبيش: قلت لأبي بن كعب: أنَّى (¬2) علمت (¬3) أبا المنذر أنها ليلة سبع وعشرين؟) (¬4) قال: أخبرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنها ليلة صبيحتها تطلع الشمس ليس لها شعاع فعددنا وحفظنا، والله لقد علم ابن مسعود أنها في رمضان وأنها ليلة سبع وعشرين، ولكنه كره أن يخبركم فتتكلوا (¬5)، قال الترمذيُّ: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ (¬6) وحكي عن ابن عباس أنه قال: سورة القدر (¬7) ثلاثون كلمة السابع والعشرون (¬8) منها هي (¬9)، وروى أبو داود بإسناده عن معاوية عن النبي (¬10) في ليلة القدر قال (¬11): "ليلة سبع وعشرين" (¬12) وفيها أقوال أخر (¬13) وأحاديث، وهي متنقلة في ليالي العشر. قال أبو قلابة (¬14): إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجيب (¬15) على حسب ما ¬

_ (¬1) في ج، ط في. (¬2) في جميع النسخ أما والتصويب من سنن الترمذيّ. (¬3) في، د س علم. (¬4) ما بين القوسين سقط من د. (¬5) في د، س تتكلموا. (¬6) الترمذيُّ برقم 793. (¬7) سقطت من ج، ط. (¬8) سقطت من ج، ط. (¬9) نقله ابن قدامة في المغني 3/ 115 وقد ذكره ابن عطيه في تفسيره وجعله من ملح التفاسير وذكره ابن حزم في المحلى 7/ 35 عن بعض المالكية وبالغ في إنكاره. انظر فتح الباري 4/ 229. (¬10) سقطت من النجديات، هـ ط. (¬11) سقطت من النجديات، ط. (¬12) أبو داود برقم 1386. (¬13) ساقها الحافظ ابن حجر في فتح الباري 4/ 227 - 231 فبلغت ستة وأربعين قولًا. (¬14) في د، س فلان. (¬15) في د، س يخبر.

يسأل (¬1)، فعلى هذا كانت في السنة التي رأى أبو سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد (¬2) في الماء والطين ليلة إحدى عشرين (¬3) وفي السنة التي أمر عبد الله بن أنيس ليلة ثلاث وعشرين (¬4)، وفي السنة التي رأى أبي بن كعب علامتها ليلة (¬5) سبع وعشرين، وهد ترى علامتها في غير هذه الليالي. قال بعض أهل العلم: أبهم الله هذه الليلة على الأمة ليجتهدوا في طلبها، ويجدوا في العبادة في الشهر كله طمعًا في إدراكها، كما أخفى ساعة الإجابة في يوم الجمعة ليكثروا من الدعاء في اليوم كله، وأخفى اسمه الأعظم في الأسماء ورضاه في الطاعات ليجتهدوا (¬6) في جميعها، وأخفى الأجل وقيام الساعة ليجد الناس في العمل حذرًا منها، والله أعلم. والاعتكاف لا تجز إيقاعه ... في المسجد العاري عن الجماعة الاعتكاف لغة: لزوم الشيء وحبس النفس عليه برًا كان أو غيره (¬7) منه قوله تعالى: {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} (¬8). وشرعًا: لزوم المسجد لطاعة الله على وجه مخصوص. وهو مشروع بالكتاب (¬9) والسنة قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على ¬

_ (¬1) ليس هذا كلام أبي قلابة بل هو من كلام الإِمام الشافعي والعبارة في المغني والشرح الكبير 3/ 116: (قال أبو قلابة: إنها تنتقل في ليالي العشر قال الشافعي: كان هذا عندي والله أعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجب على نحو ما يسأل ..) إلخ. (¬2) في النجديات، هـ يسجد. (¬3) رواه البخاري 4/ 222 ومسلمٌ برقم 1167 وأبو داود برقم 1382 والنسائيُّ 3/ 79 - 80. (¬4) رواه مسلم برقم 1168 وأبو داود برقم 1380 وقد أمره - صلى الله عليه وسلم - بالنزول إلى المسجد لأنه كان في بادية ويشق عليه أن ينزل كل ليلة فقال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: مرني بليلة أنزلها إلى هذا المسجد فقال - صلى الله عليه وسلم -:"أنزل ليلة ثلاث وعشرين". (¬5) سقطت من ب، حـ. (¬6) في د فيجتهدوا في جميعه وفي س فيجتهدوا في جميعها. (¬7) سقطت الواو من ط. (¬8) الأعراف: 138. (¬9) في هـ في الكتاب.

أن الاعتكاف لا يجب على الناس فرضًا إلا أن ينذر المرء على نفسه الاعتكاف فيجب عليه (¬1). ولا يصح إلا في المسجد لقوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] فلو صح في غيرها لم تختص بتحريم المباشرة، إذ هي محرمة في الاعتكاف مطلقا، ولأنه -عليه السلام- كان لا يدخل البيت في اعتكافه إلا لحاجة، ولا يصح ممّن تلزمه الجماعة إلا بمسجد تقام فيه (¬2) لما روى الدارقطني بإسناده عن الزهري عن عروة وسعيد ابن المسيب عن عائشة أن السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الإنسان، ولا اعتكاف (¬3) إلا في مسجد جماعة (¬4)، وهو ينصرف إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولئلا يلزم ترك الجماعة أو (¬5) تكرر الخروج المنافي للاعتكاف، بخلاف الجمعة لأنها لا تتكرر. ويصح اعتكاف المرأة ومن لا تلزمه الجماعة كالعبد والمسافر بكل (¬6) مسجد، ولا يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، لأنه ليس بمسجد حقيقة. ¬

_ (¬1) انظر الإجماع 47. (¬2) وهو رواية عن أبي حنيفة قال في فتح القدير 2/ 393: وروى الحسن عن أبي حنيفة أن كل مسجد له إمام ومؤذن معلوم، ويصلى فيه الخمس بالجماعة يصح الاعتكاف فيه، وصححه بعض المشائخ. (¬3) في أ، ج، ط الاعتكاف. (¬4) جزء من حديث رواه الدارقطني 2/ 201 وقال فيه (يقال إن قوله وأن السنة للمعتكف). إلخ ليس من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه من كلام الزهري ومن أدرجه في الحديث فقدوهم. أ. هـ. وقد أعله ابن الجوزي في التحقيق بإبراهيم بن محشر ونقل عن ابن عدي أنه قال: له أحاديث مناكير. أ. هـ. من نصب الراية 2/ 487 وقال الألباني في إرواء الغليل 4/ 140: وقوله: (ليس من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -) لعله سبق قلم فإن هذا النفي لا حاجة إليه لأن أحدًا من الرواة لم يذكر أنه من قوله - صلى الله عليه وسلم - لأن الحديث من أصله ليس من قوله - صلى الله عليه وسلم - وإنما هو من قول عائشة تحكى فعله - صلى الله عليه وسلم - فالظاهر أنه أراد أن يقول: "ليس من قول عائشة فوهم". (¬5) في د، س و. (¬6) بياض في ط وفي حـ بعكـ.

كفارة الوطئ (¬1) في الاعتكاف ... تلزم والشيخان بالخلاف يعني: تجب الكفارة بالوطء في الاعتكاف المنذور، واختاره أبو بكر والقاضي وأصحابه قال في المستوعب: هذا أصح الروايات وقدمه في الخلاصة والرعايتين والحاويين وغيرهم. وعنه: لا كفارة مطلقًا وهو الصحيح من المذهب واختاره الموفق والشارح والمجد وصاحب الفائق وغيرهم وقطع به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها لكن عليه الكفارة لإفساد النذر قال (¬2) في الفروع: ومراد أبي بكر ما اختاره صاحب المغني والمحرر والمستوعب وغيرهم أنه أفسد المنذور بالوطء فهو كما لو أفسده بالخروج لما له منه بد على ما سبق (¬3) وهذا معنى كلام القاضي (في الجامع الصغير) (¬4). وقال ابن عقيل في الفصول: يجب في التطوع في أصح الروايتين، قال المجد في شرحه: لا وجه له، قال: (لم يذكرها القاضي ولا وقفت على لفظ يدل عليها عن (¬5) أحمد، وهي في المستوعب. وحيث أوجبنا الكفارة بالوطء فهي كفارة يمين وقال القاضي (¬6) في الخلاف: كفارة الظهار، قدمه في النظم والفائق والرعاية الصغرى والحاويين. وقيل: كفارة رمضان، واختاره في الرعاية الكبرى قال في الهداية: وهو ظاهر كلام أحمد في رواية حنبل (¬7). ¬

_ (¬1) في ط الواطي. (¬2) في النجديات قاله. (¬3) لم يسبق شيء من هذا في هذا الكتاب ولكن المؤلف -رحمه الله- نقل كلام ابن مفلح في الفروع كما هو. (¬4) الفروع 3/ 191 وفيه تقديم وتأخير. (¬5) في أ، جـ هـ من. (¬6) ما بين القوسين قط من طا. (¬7) الهداية لأبي الخطاب 1/ 88.

نذر اعتكاف يقضى بعد الموت ... كنذر صوم جاءنا (¬1) للفوت يعني: إذا مات بعد أن نذر اعتكافًا (¬2) وتمكن (¬3) من فعله فإنه يقضى عنه، فيفعله وليه أو (¬4) غيره بإذنه وبدونه قياسًا على الصوم (¬5). ولأن الكفارة تجب بتركه في الجملة أشبه الصوم، وكذا الحج والعمرة ونذر الطواف والوضوء ونحوه لعموم قوله -عليه السلام-: "فدين الله أحق بالوفاء" (¬6). وأما صلاة الفرض وقضاء رمضان فلا يقضى عنه، لكن يطعم في قضاء رمضان إن لم يكن تركه لعذر عن كل يوم طعام مسكين، وكذا صوم متعة وكفارة لوجوبه بأصل الشرع بخلاف النذر. ¬

_ (¬1) في ج جاء. (¬2) في جـ، ط الاعتكاف. (¬3) في أ، حـ ط تمكن. (¬4) في د وغيره. (¬5) قال في الإنصاف 3/ 339 وهو الصحيح من المذهب نقله الجماعة عن أحمد وعليه الأصحاب. (¬6) البخاري 4/ 170 ومسلمٌ برقم 1148 ولفظ البخاري: (أحق أن يقضى) وعند مسلم (أحق بالقضاء) وكلفظ البخاري.

ومن كتاب الحج

ومن كتاب الحج بفتح الحاء لا بكسرها في الأشهر وعكسه شهر الحجة. وهو لغة: القصد إلى من تعظمه. وشرعًا قصد مكة لعمل (¬1) مخصوص، وهو أحد أركان الإِسلام ومبانيه، فرض سنة تسع عند الأكثر، ولم يحج النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد هجرته سوى حجة الوداع، وكانت سنة عشر، وفرضيته بالكتاب والسنة والإجماع (¬2). وأفضل الأنساك فالتمتع ... لا مفردًا أو (¬3) قارنًا فاستمعوا (¬4) التمتع: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم به في عامه بعد فراغه منها. والإفراد: أن يحرم بالحج وحده، فإذا فرغ منه اعتمر عمرة الإِسلام إن كانت باقية عليه. والقران: أن يحرم بهما معًا، أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل الشروع في طوافها، ويصح ممّن معه هدي ولو بعد السعي (¬5). ¬

_ (¬1) في ط بعمل. (¬2) أما من الكتاب فقوله تعالى: ({وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97]. ومن السنة حديث: "بني الإِسلام على خمس") وقد سبق تخريجه، وأجمع المسلمون على وجوبه في العمر مرة واحدة). انظر الإجماع 48. (¬3) في أ، ط و. (¬4) في ج فاسمعوا. (¬5) أي: يصح أن يدخل الحج على العمرة إذا كان معه هدي ولو بعد سعي العمرة.

ومن أراد الإحرام فهو مخير بين هذه الثلاثة، ذكره جماعة إجماعًا لقول عائشة خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "من أراد منكم أن يهل [بحج فليفعل، ومن أراد أن يهل] (¬1) بحج (¬2) وعمرة فليفعل، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل" قالت: وأهل بالحج؛ وأهل به ناس معه، وأهل معه ناس بالعمرة والحج، وأهل ناس بالعمرة، وكنت فيمن أهل بعمرة. متفق عليه (¬3). وذهب طائفة من السلف والخلف أنه لا يجوز إلا التمتع وقاله (¬4) ابن عباس (¬5) وكره التمتع عمر وعثمان ومعاوية وابن الزبير (¬6). وبعضهم القران (¬7) روى الشافعي عن ابن مسعود أنه كان يكرهه (¬8). وأفضل الأنساك التمتع نص عليه في رواية صالح وعبد الله وهو قول ابن عمر وابن عباس وعائشة والحسن وعطاء وطاووس ومجاهد وجابر بن زيد وسالم والقاسم وعكرمة (¬9). وذهب الثوري وأصحاب الرأي: إلى اختيار القران لما روى أنس ¬

_ (¬1) سقط من ج والأزهريات. (¬2) في ط أن يهل الحج وعمرة. (¬3) البخاري 1/ 355 و 3/ 485 ومسلمٌ برقم 1211 وفي الحديث تقديم وتأخير في أوله وصوابه: "من أراد أن يهل بحج وعمره فليفعل ومن أراد أن يهل بحج فليهل، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل" الحديث .. (¬4) في أ، جـ، ط وقال ابن عباس. (¬5) المسند 1/ 259 - 261. (¬6) فتح الباري 2/ 344 - 345. (¬7) أي: وكره بعضهم القران. (¬8) مسند الشافعي 1/ 376. (¬9) وهو قول للشافعي ذكره في المنهاج قال 1/ 514: (وأفضلها الإفراد وبعده التمتع وبعد التمتع القران وفي قول التمتع أفضل من الإفراد)، وهو اختيار ابن تيمية قال رحمه الله: اختيار المتعة قول أصحاب الحديث وهو قول فقهاء مكة من الصحابة والتابعين وقول بني هاشم اتفق على اختياره علماء سنته وأهل بلدته وأهل بيته) الفتاوى 26/ 289.

قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل بهما جميعًا: "لبيك عمرة وحجا؛ لبيك عمرة وحجًا) متفق عليه (¬1) (¬2). وذهب مالك وأبو ثور إلى اختيار الإفراد وهو ظاهر مذهب الشافعي، وروي ذلك عن (¬3) عمر وعثمان وابن عمر وجابر وعائشة، لما روت عائشة وجابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (أفرد الحج) متفق (¬4) عليه ولأنه يأتي بالحج تامًا غير جبر فكان أولى (¬5). ولنا: أن التمتع آخر ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬6) احتج به أحمد، قال إسحاق بن إبراهيم: كان اختيار أبي عبد الله الدخول بعمرة لقوله عليه السلام: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولأحللت معكم" (¬7)، وفي الصحيحين: أنه أمر أصحابه لما طافوا وسعوا أن يجعلوها عمرة إلا من ساق هديًا، وثبت على إحرامه لسوقه الهدي، وتأسف (¬8) ولا ينقلهم إلا إلى الأفضل، ولا يتأسف إلا عليه، ولأن التمتع منصوص عليه في كتاب الله (¬9) دون سائر الأنساك، ولأنه يجتمع فيه الحج والعمرة في أشهر الحج مع كمالها (¬10) على وجه اليسر والسهولة مع زيادة نسك فكان أولى (وأما القران فإنما يؤتى فيه بأفعال الحج وتدخل فيه أفعال العمرة والمفرد يعتمر بعد الحج من أدنى الحل وقد اختلف في إجزائها عن عمرة التمتع ¬

_ (¬1) البخاري 3/ 327، 442 ومسلمٌ برقم 1251 واللفظ لمسلم. (¬2) انظر حاشية ابن عابدين 2/ 529. (¬3) سقطت من د، س. (¬4) حديث عائشة أخرجه: البخاري 3/ 336 ومسلمٌ برقم 1211 وحديث جابر في البخاري 2/ 402 ومسلمٌ برقم 1248. (¬5) انظر الكافي لابن عبد البر 1/ 364 ومختصر المزني المطبوع مع الأم 2/ 52. (¬6) سقط من ط كلمة (وسلم). (¬7) رواه مسلم من حديث جابر برقم 1216. (¬8) رواه البخاري 3/ 345، 346، 402، 403 ومسلمٌ برقم 1211، 126 وأبو داود برقم 1778 - 1783. (¬9) في قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196]. (¬10) في ط كما لها.

فكان أولى) (¬1). فإن قيل: أمرهم بالفسخ ليس لفضل التمتع، وإنما هو لاعتقادهم عدم جواز العمرة في أشهر الحج (¬2). أجيب: بأنهم لم يعتقدوه (¬3) ثم لو كان لم يخص (¬4) به من لم يسق الهدي، لأنهم سواء في الاعتقاد، ثم لو كان لم يتأسف لاعتقاده جوازها فيها وجعل العلة فيه (¬5) سوق الهدي. وعنه فالقران إذ يساق ... الهدى (¬6) إذ قال به إسحاق أي: وعن الإِمام إن ساق (¬7) الهدي فالقران أفضل له رواه المروذي، وهي قول إسحاق (¬8) واختارها الشيخ تقي الدين، وقال: هو المذهب، وقال: إن اعتمر وحج في سفرتين أو (¬9) اعتمر قبل أشهر (¬10) الحج، فالإفراد أفضل باتفاق الأئمة الأربعة (¬11) (¬12) نص عليه أحمد في الصورة الأولى وذكره ¬

_ (¬1) ما بين القوسين سقط من النجديات، هـ ط. (¬2) وقد بين ذلك ابن عباس قال: كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض، ويجعلون المحرم صفر، ويقولون: إذا برأ الدبر، وعفا الأثر، وانسلخ صفر، حلت العمرة لمن اعتمر، فقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة فتعاظم ذلك عندهم فقالوا: يا رسول الله أي الحل؟ قال: الحل كله). رواه مسلم برقم 1240. (¬3) في ط يعتقدوا. (¬4) في ط لم يختص. (¬5) أي: في بقائه على إحرامه وعدم فسخه إلى عمرة. (¬6) في أ، ب، هـ، ط هديا وذا. (¬7) ف ب، ج، ط يساق. (¬8) سقطت من النجديات، ط. (¬9) في ط و. (¬10) سقطت من ط كلمة (أشهر). (¬11) سقطت من ط كلمة (الأربعة) (¬12) الفتاوى 2/ 37، 85 - 89 والاختيارات 117.

القاضي في الخلاف وغيره، وهي (¬1) أفضل من الثانية نص عليه، واختاره صاحب الفائق في الصورة الأولى. ووجه هذه الرواية ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرن حين ساق الهدي، ومنع كل من ساق الهدي من الحل حتى ينحر هديه (¬2)، وأجيب عن الاحتجاج بفعله - صلى الله عليه وسلم - بأجوبة منها: أن أكثر الروايات أنه - صلى الله عليه وسلم - كان متمتعًا (¬3)، روي ذلك عن عمر وعثمان وسعد بن أبي وقاص وابن عباس وابن عمر ومعاوية وأبي موسى وجابر وعائشة وحفصة بأحاديث صحاح (¬4)، وأخبر -عليه السلام- عن نفسه بالمتعة في حديث حفصة (¬5) فلا يعارض خبر (¬6) غيره. ¬

_ (¬1) في النجديات، ط وهو. (¬2) سبق تخريجه. (¬3) هذا جواب من رجح التمتع مطلقًاورأى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج متمتعًا وقد رآه بعض الحنابلة وقد نص شيخ الإِسلام ابن تيمية على أن الإِمام أحمد لم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم - حج متمتعًا -التمتع الخاص- بل نص على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج قارنًا .. وأجاب -رحمه الله- عن الأحاديث التي ذكرت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج متمتعًا بأن المراد التمتع العام الذي يشمل القرآن ويوجب الهدي، وهو سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي فعلها علي بن أبي طالب ووافقه عثمان على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلها. الفتاوى 25/ 34، 67، وما رجحه شيخ الإِسلام من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج قارنًا هو رأي محققي المذاهب الأربعة، قال النووي في شرح مسلم 8/ 135: والصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - كان أولًا مفردًا ثم أحرم بالعمرة بعد ذلك وأدخلها على الحج فصار قارنًا ورجحه الكمال بن الهمام في فتح القدير 2/ 519 - 523. (¬4) قال الشوكاني في نيل الأوطار 4/ 347 وأما حجه تمتعًا فروي عن عائشة وابن عمر عند الشيخين، وعلي وعثمان عند مسلم وأحمدُ، وابن عباس عند أحمد والترمذيُّ وسعد بن أبي وقاص أي عندهما. أ. هـ. وروي أيضًا عن عمر عند أحمد ومسلمٌ وابن ماجة والبيهقيُّ. انظر بلوغ الأماني شرح الفتح الرباني 11/ 160 - 161. (¬5) لم أجده وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 3/ 341 في ترجيح أنه حج قارنًا: وأنه لم يقع في شيء من الروايات النقل عنه من لفظه أنه قال: أفردت ولا تمتعت بل صح عنه أنه قال: قرنت. أ. هـ. (¬6) في ب خبره غيره.

ويمكن الجمع بين الأحاديث بأن يكون أحرم بالعمرة ثم لم يحل منها لأجل هديه حتى أحرم بالحج فصار قارنًا، وسماه من سماه مفردًا لاشتغاله (¬1) بأفعال الحج وحدها بعد فراغه من أفعال العمرة، والجمع بين الأحاديث مهما أمكن أولى من حملها على التعارض. [تنبيه: إسحاق المذكور في كلامه هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد (¬2) أبو يعقوب المعروف بابن راهويه أحد أئمة الإسلام جمع بين الحديث والفقه والورع سمع ابن عيينة ومن في طبقته، وسمع منه البخاري ومسلمٌ والترمذيُّ ولد سنة ست وستين ومائة ومات سنة ثلاث وأربعين ومائتين على ما ذكره القاضي أبو الحسين (¬3) في طبقاته، (¬4). والحج والعمرة إن لم يقعا ... في أشهر الحج فما تمتعا يعني: إن أحرم بالعمرة في غير أشهر الحج لم يكن متمتعًا ولم يلزمه دم (¬5) تمتع، سواء وقعت أفعالها في أشهر الحج أو في غيره (¬6) قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله سئل عمن أهل بعمرة في غير أشهر الحج ثم قدم في شوال أيحل من عمرته في شوال أم يكون متمتعًا؟ قال: لا يكون متمتعًا، واحتج بحديث جابر وذكر إسناده عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله سئل عن امرأة تجعل على نفسها عمرة في شهر مسمى، ثم يخلو (¬7) إلا ليلة ¬

_ (¬1) في ط ولا شتغاله ولا معنى لهذه الواو. (¬2) في جـ، ص، ك مجلد. (¬3) في أ، ج، ط أبو الحسن .. وهو القاضي محمد بن محمد بن الحسين بن الفراء له طبقات الحنابلة قتل رحمه الله سنة 526. (¬4) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬5) سقط من د. (¬6) وهذا قول في مذهب الشافعي قال في المجموع 7/ 170: ولو أحرم بها قبل أشهر الحج وأتى بجميع أفعالها في أشهره فقولان مشهوران ذكرهما المصنف بدليليهما (أصحهما): نصه في الأم لا دم. (والثاني): نصه في القديم والإملاء يجب الدم. أما لو أحرم بالعمرة وأتى بأعمالها قبل أشهر الحج فلا يكون متمتعًا ولا يجب عليه هدي التمتع عند جمهور العلماء، ونقل النووي في المجموع 7/ 170 خلاف طاووس في ذلك .. (¬7) سقطت ثم من د، س وصحفت يخلو فكتبت يجلو.

واحدة، ثم تحيض، قال: لتخرج ثم لتهل بعمرة ثم لتنتظر (¬1) حتى تطهر ثم لتطف بالبيت (¬2). من لم يسق هديًا ففسخ حجه ... بعمرة جوز لمن يرجه بل جاءنا منصوصه بندبه ... حيث النبي آمر لصحبه (¬3) يعني: من أحرم مفردًا أو قارنًا ولم يسق هديًا يجوز له (¬4) بل يندب أن (¬5) يفسخ نية الحج ويجعلها عمرة مفردة، فيقصر ويحلّ من إحرامه ليصير متمتعًا إن لم يكن وقف بعرفة، وهذا قول الحسن ومجاهد وداود. وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا يجوز لأن الحج أحد النسكين فلم يجز فسخة كالعمرة (¬6) (¬7). ¬

_ (¬1) في النجديات، هـ ط تنتظر. (¬2) لم أجده وهو في المغني 3/ 499، نقله عن الأثرم وجوّد في المبدع 3/ 122 إسناده. (¬3) في جـ، هـ فسخ بدون الفاء العاطفة. (¬4) سقطت كلمة (له) من ط. (¬5) في أ، ب أي. (¬6) شرح النووي على مسلم 8/ 144، 150 وبداية المجتهد 1/ 333. (¬7) ويرى ابن حزم وابن القيم والألباني وجوب الفسخ وهو رأي ابن عباس فقد روى عنه مسلم برقم 1244، 1245 أنه كان يقول: لا يطوف بالبيت حاج إلا حل، واستدل له بحديث البراء بن عازب وفيه قال: فأحرمنا بالحج فلما قدمنا مكة قال: اجعلوا حجكم عمرة قال: فقال الناس: يا رسول الله، قد أحرمنا بالحج كيف نجعلها عمرة؟ قال: "انظروا ما آمركم به فافعلوا"، فردوا عليه القول، فغضب ثم انطلق حتى دخل على عائشة وهو غضبان ورأت الغضب في وجهه فقالت: من أغضبك أغضبه الله؟ قال: "ما لي لا أغضب وأنا آمر بالأمر فلا أتبع". رواه ابن ماجة برقم 2982 قال ابن القيم في زاد المعاد 1/ 204 تعليقًا على هذا الحديث: (وغضبه - صلى الله عليه وسلم - لما لم يفعلوا ما أمرهم به من الفسخ ونحن نشهد الله علينا أنا لو أحرمنا بحج لرأينا فرضًا علينا فسخه إلى عمرة تفاديًا من غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واتباعًا لأمره فوالله ما نسخ هذا في حياته ولا بعده، ولا صح حرف واحد يعارضه ولا خص بها أصحابه دون غيرهم بل أجرى الله على لسان سراقة أن سأله هل هذا مختص بهم؟ فأجاب بأن ذلك كائن لأبد الأبد فما ندري ما يقدم على هذه الأحاديث وهذا الأمر المؤكد الذي غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من خالفه؟). أ. هـ. وانظر المحلى 7/ 99 وإرواء الغليل 4/ 183.

ولنا: أنه قد (¬1) قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر أصحابه في حجة الوداع الذين أفردوا الحج وقرنوا أن يحلوا كلهم ويجعلوها (¬2) عمرة إلا من كان معه الهدي. في أحاديث كثيرة متفق عليها بحيث تقرب من التواتر، ولم يختلف في صحة ذلك وثبته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد من أهل العلم علمناه، وعن إبراهيم الحربي (¬3) قال: (قال (¬4)) سلمة بن شبيب لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله، كل شيء منك حسن جميل إلا خصلة واحدة فقال: ما هي؟ قال: تقول بفسخ الحج، فقال أحمد: قد كنت أرى أن لك عقلًا، عندي ثمانية عشر حديثًا صحاحًا جيادًا كلها في فسخ الحج أتركها لقولك؟. وقد روى فسخ الحج إلى العمرة ابن عمر وابن عباس وجابر وعائشة وأحاديثهم متفق عليها، ورواه غيرهم من وجوه صحاح. وأما ما روى (¬5) من (¬6) أن ذلك رخصة خاصة بأصحابه -عليه السلام- فلم يثبت بدليل صحيح (¬7). ¬

_ (¬1) في ط أن وسقطت قد من هـ. (¬2) في ط يجعلوهما. (¬3) في أ، ط الخرقي. (¬4) ما بين القوسين من ب. (¬5) حديث ابن عمر رواه البخاري 3/ 431 / 432 ومسلمٌ برقم 1227، وحديث ابن عباس رواه البخاري 3/ 337 - 338 ومسلمٌ برقم 1240، وحديث جابر رواه البخاري 3/ 343 ومسلمٌ برقم 1216، وحديث عائشة رواه البخاري 3/ 334 - 334 ومسلمٌ برقم 1211. (¬6) سقطت من النجديات وهـ وط. (¬7) روى ذلك مسلم عن أبي ذر برقم 1224. ولفظه: كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - خاصة: ورواه أبو داود برقم 1807 والنسائيُّ 5/ 179 - 180 وكلها موقوفة على أبي ذر وقد عارضه حديث ابن عباس المرفوع فإن العمرة قد دخلت في الحج إلى يوم القيامة، رواه مسلم برقم 1241 وما أخرجه مسلمٌ أيضًا عن جابر في حديثه الطويل رقم 1218 وفيه: "فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة"، فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله، ألعامنا هذا أم لأبد؟ فشبك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابعه واحدة في الأخرى وقال: "دخلت العمرة في الحج مرتين لا بل لأبد أبد".

مسافة القصر لدى الأسفار ... ما بينما الحج والاعتمار به دم المتعة والقران ... سقوطه فواضح البرهان يعني: إذا أحرم بالعمرة وحل منها ثم سافر فأحرم بالحج من مسافة قصر فأكثر من مكة سقط عنه دم التمتع، وروي ذلك عن عطاء والمغيرة وابن المديني (¬1) وإسحاق. (وقال) (¬2) الشافعي: إن رجع إلى الميقات فلا دم عليه (¬3). وقال أصحاب الرأي: إن رجع إلى مصره بطلت متعته وإلا فلا (¬4) (وقال مالك: إن رجع إلى مصره أو إلى غيره أبعد من مصره بطلت متعته وإلا فلا) (¬5). وقال الحسن: هو متمتع وإن رجع إلى بلده، واختاره ابن المنذر لعموم (قوله تعالى): (¬6) {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196]. ولنا: قول عمر إذا اعتمر في أشهر الحج ثم أقام فهو متمتع، فإن خرج ورجع فليس بمتمتع (¬7)، وعن ابن عمر نحو ذلك (¬8)، ولأنه إذا رجع إلى الميقات أو ما دونه لزمه الإحرام منه، فإذا كان بعيدًا فقد أنشأ سفرًا بعيدًا لحجه فلم يترفه بترك أحد المسفرين. وأما سقوط دم القران بالسفر المذكور فهو القياس، ولكن كلامهم ¬

_ (¬1) سقطت كلمة وابن من ب، ج، والأزهريات وط. (¬2) ما بين القوسين من ب. (¬3) انظر مغني المحتاج 1/ 516. (¬4) انظر حاشية ابن عابدين 2/ 541. (¬5) ما بين القوسين سقطت من النجديات، ط. (¬6) ما بين القوسين من ب. (¬7) رواه ابن حزم في المحلى 7/ 159 قال: روينا من طريق وكيع حدثنا العمري عن نافع عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فذكره. (¬8) رواه ابن حزم في المحلى 7/ 159 من طريق ابن أبي شيبة حدثنا وكيع وحفص بن غياث قال حفص: عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر.

يقتضي لزومه، لأن اسم القرآن باق بعد السفر بخلاف التمتع قاله في الفروع (¬1)، والصحيح أن اسم التمتع باقٍ أيضًا. ويلزم الورّاث (¬2) أن يحججوا (¬3) ... من أصل مال الميت عنه يخرجوا هذا وإن لم تك (¬4) بالوصية ... حتى ولا تجزئ (¬5) ميقاتيه يعني: من وجب عليه الحج ومات ولم يحج لزم ورثته أن يخرجوا من جميع ماله ما يحج به ويعتمر من حيث وجبا سواء فاته بتفريطه أو بغيره ولا تجزئ الاستنابة عنه من الميقات. وقال أبو حنيفة ومالك: يسقط (¬6) عنه بالموت، فإن وصى (¬7) فمن الثلث، لأنه عبادة بدنية فسقط بالموت كالصلاة (¬8) (¬9). وقال الشافعي فيمن مات وعليه حجة الإِسلام يستناب عنه من الميقات، لأن الإحرام لا يجب من دونه (¬10). ولنا: على عدم السقوط (¬11) ما روى ابن عباس أن امرأة سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أبيها مات ولم يحج قال: "حجي عن أبيك،، وعنه: أن امرأة نذرت أن تحج فماتت فأتى أخوها النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن ذلك، فقال:، أرأيت لو كان على أختك دين أكنت قاضيه؟ "، قال: نعم قال: ¬

_ (¬1) الفروع 3/ 316. (¬2) في النجديات، د، س الوارث. (¬3) في نظ والأزهريات يحجوا. (¬4) في أ، ب، ج تكن. (¬5) في ج، ص، ك يجزئ. (¬6) في أ، ط تسقط. (¬7) في أ، جـ، هـ، ط وإن أوصى به وفي ب وأن أوصى به فإن أوصى. (¬8) انظر بدائع الصنائع 2/ 221 والكافي لابن عبد البر 1/ 357 - 358. (¬9) في طا بالصلاة. (¬10) انظر المجموع 7/ 88 - 89. (¬11) في ط السقط.

"فاقضوا (¬1) الله فهو أحق بالقضاء"، رواهما النسائي (¬2) ولأنه حق تدخله النيابة فلم يسقط بالموت كالدين بخلاف الصلاة (¬3). وأما كونه من حيث وجب فلأن القضاء يكون على صفة الأداء في الصلاة والصوم، فإن كان له وطنان جازت الاستنابه من أقربهما. نفقة الحج على الصبي ... مثل الضحايا لا على الولي أي: نفقه الحج في مال الصبي كالأضحية لا على وليه في رواية اختارها جماعة منهم القاضي في خلافه، وقدمها في الهداية والخلاصة والرعايتين والحاويين والفائق (¬4) وإدراك الغاية، لأن الحج له فنفقته (¬5) عليه كالبالغ، ولأن له فيه مصلحة بتحصيل الثواب له ويتمرن عليه فصار كأجر (¬6) المعلم والطبيب. والصحيح من المذهب أن ما زاد على نفقة الحضر في مال وليه إن أنشأ (¬7) السفر به تمرينًا له على الطاعة، وكذا الكفارة لأن الحج لا يجب في العمر إلا مرة فلا حاجة إلى التمرن عليه، ولأنه قد لا يجب فلا يجوز تكليفه بذل ماله من غير حاجة إليه. وامنع من الحج بغير محرم ... لامرأة لو في جوار الحرم أي: يشترط لوجوب الحج على المرأة وجود محرم لها، ولا يجوز لها السفر بدونه ولو كانت جوار الحرم أي (¬8) ليس بينها وبينه مسافة ¬

_ (¬1) في ط فاقض. (¬2) النسائي 5/ 116 والحديث الثاني أخرجه البخاريُّ 1/ 507. (¬3) وهو مذهب الظاهرية كما ذكره ابن حزم في المحلى 7/ 62 - 65 واختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية قال في الاختيارات 115: ومن وجب عليه الحج فتوفي قبله وخلف مالًا حج عنه في أظهر قولي العلماء. (¬4) في ط التأليف. (¬5) في د نفقته. (¬6) في النجديات، ط كأحرة. (¬7) في د، ط نشا. (¬8) سقطت من د، س.

قصر (¬1)، قال أبو داود: قلت لأحمد: امرأة موسرة لم يكن (¬2) لها محرم هل وجب عليها الحج؟ قال: لا، وقال: المحرم من السبيل، وهذا قول الحسن والنخعي وإسحاق وأصحاب (¬3) الرأي: وابن المنذر (¬4). وقال ابن سيرين ومالك والأوزاعي والشافعيُّ: ليس المحرم شرطاً في حجها بحال، وقال ابن سيرين، تخرج مع رجل من المسلمين لا بأس به، وقال مالك: تخرج مع جماعة النساء، وقال الشافعي: تخرج مع حرة ثقة (¬5). ولنا: حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لامرأة (¬6) تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة (¬7) يوم إلا ومعها ذو (¬8) محرم"، وفي حديث ابن عباس مرفوعًا: "ولا تسافر امرأة إلا ومعها ذو (¬9) محرم"، متفق (¬10) عليهما، قال أبو عبد الله (¬11): أما أبو هريرة فيقول: يوم وليلة ¬

_ (¬1) في الأزهريات القصر. (¬2) في النجديات، ط ليس. (¬3) لم يوافق الأحناف هذه المسألة كما حكى المؤلف رحمه الله عنهم، لأن الذي انفرد به أحمد هو اشتراط المحرم في الحج مطلقًا طالت المسافة أو قصرت أما الاحناف فإنهم يشترطون المحرم لمن بينها وبين مكة ثلاثة أيام فصاعدًا. قال في بداية المبتدي 2/ 419 - 420: ويعتبر في المرأة أن يكون لها محرم تحج به أو زوج ولا يجوز لها أن تحج بغيرهما إذا كان بينها وبين مكة مسيرة ثلاثة أيام، وقال في بدائع الصنائع 2/ 124: ثم المحرم أو الزوج إنما يشترط إذا كان بين المرأة وبين مكة ثلاثة أيام فصاعدًا فإن كان أقل من ذلك حجت بغير محرم. (¬4) وهذا هو الذي صححه شيخ الإِسلام ابن تيمية في الفتاوى المصرية قال في الاختيارات ص 116، وصحح أبو العباس في الفتاوى المصرية أن المرأة لا تسافر إلا مع زوج أو ذي محرم. (¬5) الموطأ مع شرح الزرقاني 2/ 401 والأم 2/ 100. (¬6) في النجديات، ط لمن. (¬7) في النجديات، ط مسايرة. (¬8) سقطت من النجديات، ط كلمة ذو. (¬9) سقطت من طا كلمة ذو. (¬10) حديث أبي هريرة رواه البخاري 2/ 468 ومسلمٌ برقم 1339 واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري يوم وليلة، وحديث ابن عباس رواه البخاري 4/ 64 - 66 ومسلمٌ برقم 1341. (¬11) في النجديات، ط عبيد.

ويروى (¬1) عن أبي هريرة: لا تسافر سفرًا أيضًا، وأما حديث أبي سعيد فيقول: ثلاثة أيام (¬2)، قلت: ما تقول أنت؟ قال: لا تسافر سفرًا قليلًا ولا كثيرًا إلا مع ذي محرم. وروى الدارقطني (¬3) بإسناده عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو (¬4) محرم". وكافر فلا يكون (¬5) محرمًا ... لامرأة حتى يكون مسلمًا أي: الكافر ليس بمحرم للمسلمة وإن كانت ابنته قال أحمد في يهودي أو نصراني أسلمت ابنته: لا يزوجها ولا يسافر بها ليس هو (¬6) لها بمحرم. وقال أبو حنيفة والشافعيُّ: هو محرم لها؛ لأنها محرمة عليه على التأبيد (¬7) ولنا: أن إثبات (¬8) المحرمية يقتضي الخلوة بها فوجب أن لا يثبت لكافر على مسلمة كالحضانة للطفل، ولأنه لا يؤمن عليها أن يفتنها عن دينها كالطفل وما ذكروه يبطل (¬9) بالتحريم باللعان (¬10). من أحرمت زوجته تطوعًا ... أو (¬11) عبده من غير إذن سمعًا ليس له في الأشهر التحليل ... والشيخ كالجمهور لا يميل ¬

_ (¬1) سقطت من ط كلمة يروي. (¬2) رواه مسلم برقم 1340. (¬3) الدارقطني 2/ 223. (¬4) سقطت من طا كلمة (ذو). (¬5) في ب، ج لا يكون. (¬6) سقطت من د، س. (¬7) انظر بدائع الصنائع 2/ 124 ونهاية المحشاج 3/ 243. (¬8) في أ، جـ، ط ثبات. (¬9) سقط من النجديات، هـ ط بالتحريم. (¬10) فإن الملاعنة محرمة عليه على التأبيد ومع ذلك فليس الملاعن محرمًا لها ولا يباح له الخلوة بها بالاتفاق ولا يدخل تحت هذا الخلاف المجوسي الذي يعتقد حل محارمه فلا تسافر معه لأنه لا يؤمن عليها، ذكر ذلك الكاساني في بدائع الصنائع 2/ 124 وابن مفلح في الفروع 3/ 239. (¬11) في نظ، د، س وعبده.

يعني: ليس للمرأة أن تحرم بتطوع بغير إذن زوجها، ولا للعبد (¬1) أن يحرم بغير إذن سيده؛ لأنهما يفوتان حقوق الزوج والسيد الواجبة بالتزام ما ليس بواجب، فإن أحرم كذلك انعقد صحيحًا، لأنه عبادة بدنية فأشبه الصلاة والصيام، وليس للزوج ولا للسيد تحليلهما (¬2) في رواية نقلها الجماعة واختارها أبو بكر والقاضي وابنه وقدمها في المحرر. وعنه: لهما تحليلهما وفاقًا لجمهور العلماء (¬3) وهي (¬4) المذهب، وقطع بها (¬5) الشيخ الموفق في المقنع، وكذا صاحب الوجيز والمنور وابن منجا في شرحه واختارها ابن حامد والشارح وغيرهما، وجزم بها في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها؛ لأنّ في بقائهما على الإحرام تفويتًا لحق الزوج والسيد بغير إذنهما فجاز لهما تحليلهما (¬6)، تداركًا لدفع الضرر عنهما كالصوم (¬7) المضر ببدنهما. ومن ينسب لاثنين (¬8) في حجهما ... كان (¬9) له حيث نوى وأبهما (¬10) يعني: لو استنابه اثنان (¬11) في نسك وأحرم به عن أحدهما لا بعينه وقع عن نفسه؛ لأنّ أحدهما ليس أولى به من الآخر أشبه ما لو أحرم عنهما (¬12). ¬

_ (¬1) في د، س لعبد. (¬2) في د، س، ط تحليلها. (¬3) انظر حاشية ابن عابدين 2/ 591 والأم 2/ 96، 100، 101 والكافي لابن عبد البر 1/ 412 - 414 والمحلى 7/ 52. (¬4) في د، س وهي. (¬5) في د، س به. (¬6) في ط تحليلها. (¬7) في د، س أي الزوج والسيد. (¬8) في نظ الأثنين. (¬9) في هـ، ط كانت. (¬10) في جـ رأيهما. (¬11) في أ، ح! ط استناب أثنين. (¬12) وهو رأي أبي يوسف ذكر ذلك عنه السرخسي في المبسوط 4/ 159 واستدل له بقوله: =

وقال أبو الخطاب: يصح ويصرفه إلى أيهما شاء، كما لو أحرم بنسك ولم يعينه (¬1). وإن أحرم عن أحدهما بعينه صح، ثم يحج عن الآخر، وإن أحرم به عنهما أو (¬2) عن نفسه وأحدهما (¬3) وقع عن نفسه؛ لأنه لا يمكن وقوعه عنهما، وليس أحدهما أولى به (¬4) من الآخر. إذا استناب العاجز المعضوب ... ولو تعافى سقط الوجوب يعني: إذا استناب العاجز عن الحج لمرض لا يرجى برؤه ونحوه ويسمى (¬5) المعضوب فحج النائب ثم عوفي المستنيب لم يجب عليه حج آخر وهذا قول إسحاق. وقال الشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر: يلزمه؛ لأنّ هذا بدل إياس فإذا برئ تبينا أنه لم يكن مأيوسًا منه فلزمه الأصل، كالآيسة تعتد بالشهور ثم تحيض يلزمها العدة بالحيض (¬6). ولنا: أنه (¬7) أتى بما أمر به فخرج من (¬8) العهدة كما لو (¬9) لم يبرأ ¬

_ = وحجته أنه مأمور بالحج عن كل واحد منهما بتعيين النية له فإذا لم يفعل صار مخالفًا كما إذا نوى عنهما جميعًا. (¬1) وهو رأي أبي حنيفة ومحمَّد. قال في المبسوط 4/ 159: رجل أمره رجلان أن يحج عنهما فأهل بحجة عن أحدهما لا ينويه يصرفه إلى أيهما شاء في قول أبي حنيفة ومحمَّد. وانظر الهداية لأبي الخطاب 1/ 92. (¬2) في ط و. (¬3) في د وأحدهما. (¬4) ليست في ط. (¬5) في د، س وسمي. (¬6) انظر الأم 2/ 98 وحاشية ابن عابدين 2/ 598. (¬7) في أأنه أن أتى وفي هـ أنه إذا أتى. (¬8) في الأزهريات عن. (¬9) سقطت من ط كلمة (لو).

نقول أدى حجة الإِسلام بأمر الشارع فلم يلزمه حج ثان، كما لو حج عن نفسه، ولأن هذا يفضي إلى إيجاب حجتين عليه ولم يوجب الله عليه (¬1) إلا حجة واحدة. وأما الآيسة فلا يتصور عود حيضها حتى ولو رأت دمًا (¬2) فليس بحيض ولا يبطل به اعتدادها، وكذلك (¬3) الحكم لو عوفي بعد إحرام نائبه قبل أن يتممه (¬4). فأما إن عوفي قبل إحرام النائب لم يجزه (¬5) بحال فيقع للنائب "قلت" ويلزمه رد النفقة. وعادم النعلين في الإحرام ... يلبس خفين على التمام (¬6) من غير قطع لهما كلا ولا ... فدية في هذا على من فعلا (¬7) يعني: إذا عدم المحرم النعلين حال الإحرام جاز له لبس الخفين من غير قطع ولا فدية عليه، روي عن علي بن أبي طالب وبه قال عطاء وعكرمة. ¬

_ (¬1) في النجديات، ط تعالى. (¬2) في النجديات، ط رأته دمًا. (¬3) في الأزهريات وكذا. (¬4) الأظهر عند الموفق وشيخ الإِسلام ابن تيمية أنه لا يجزئه كالمتيمم يجد الماء في الصلاة قال في المغني 3/ 179: فأما إن عوفي قبل فراغ النائب من الحج فينبغي أن لا يجزئه الحج؛ لأنه قدر على الأصل قبل تمام البدل فلزمه كالصغيرة ومن ارتفع حيضها إذا حاضتا قبل إتمام عدتهما بالشهور، وكالمتيمم إذ رأى الماء في صلاته. وانظر أيضًا حاشية المقنع 1/ 391. (¬5) في النجديات، هـ س يجزيه وفي ط يجزيه. (¬6) في د، س وروى. (¬7) وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية قال في الفتاوى 21/ 193: إن المحرم إذا لم يجد نعلين ولا ما يشبه النعلين -من خف مقطوع أو جمجم مداس أو غير ذلك- فإنه يلبس أي خف شاء ولا يقطعه هذا أصح قولي العلماء وهو ظاهر مذهب أحمد وغيره. وانتصر لذلك ابن القيم في تهذيب السنن 3/ 346 - 348.

وقال عروة بن الزبير ومالك والثوري والشافعيُّ وإسحاق وأصحاب الرأي: وابن المنذر: يقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين، لما روى ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "فمن لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين" متفق (¬1) عليه، وهو متضمن لزيادة على حديث (¬2) ابن عباس وجابر، والزيادة من الثقة مقبولة (¬3). قال الخطابي: العجب من أحمد في هذا فإنه لا يكاد يخالف سنة تبلغه وقلت سنة لم تبلغه (¬4). ولنا: حديث ابن عباس وجابر: "من لم يجد نعلين فليلبس خفين (¬5) مع قول علي: (قطع الخفين فساد يلبسهما كما هما) (¬6) مع موافقة القياس فإنه ملبوس أبيح لعدم غيره أشبه السراويل، ولأن قطعه لا يخرجه عن حالة الحظر (¬7)، فإن لبس المقطوع محرم مع القدرة على النعلين كلبس الصحيح، وفيه إتلاف ماليته وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعته. وأما حديث ابن عمر فزيادة القطع لم يذكرها جماعة، وروي أنها من قول نافع (¬8)، ولو سلم صحة رفعها فهي (¬9) بالمدينة، وخبر ابن عباس ¬

_ (¬1) البخاري 3/ 318 - 321 ومسلمٌ برقم 1177. (¬2) في د حديب. (¬3) انظر الكافي لابن عبد البر 1/ 388، والأم 2/ 173، وحاشية ابن عابدين 2/ 490. (¬4) معالم السنن 2/ 345 طبع مطبعة أنصار السنة المحمدية 1367 هـ. (¬5) حديث ابن عباس -رضي الله عنه- رواه البخاري 3/ 319 ومسلمٌ برقم 1178 وحديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- رواه مسلم برقم 1179. (¬6) لم أجده وهو في المغني 2/ 474. (¬7) كتبت في جميع النسخ الحضر. (¬8) قال الموفق في المغني 2/ 374 فأما حديث ابن عمر فقد قيل: إن قوله: وليقطعهما من كلام نافع، كذلك رويناه في أمالي أبي القاسم بن بشر بإسناد صحيح وقال أيضًا: (ولا يرتاب أحد من المحدثين أن حديث ابن عمر أصح من حديث ابن عباس). (¬9) في النجديات، ط في المدينة.

بعرفات (¬1)، فلو كان القطع واجبًا لبينه للجمع العظيم الذي لم يحضر كثير منهم كلامه في المدينة في موضع البيان ووقت الحاجة، ولا يقال: اكتفى بما سبق، لأنه يقال: فلم ذكر لبسهما؟ والمفهوم من إطلاقه لبسهما بلا قطع. وقول المخالف (¬2) المقيد (¬3) يقضي على المطلق محله إذا لم يمكن تأويله وعن قوله حديث (¬4) ابن عمر فيه زيادة لفظ، بأن خبر ابن عباس وجابر فيهما زيادة حكم هو (¬5) جواز اللبس بلا قطع يعني: أن هذا الحكم لم (¬6) يشرع بالمدينة (¬7) وهذا أولى من دعوى النسخ، وبهذا يجاب عن قول الخطابي السابق. وقوله: فإنه لا يكاد يخالف سنة تبلغه، فيه شيء، فإنه قد يخالف لمعارض (¬8) راجح كما هو عادة المجتهدين رحمهم الله في الجمع بين الأخبار. قال الموفق: والأولى قطعهما عملًا بالحديث الصحيح، وخروجًا من الخلاف وأخذًا بالاحتياط (¬9) قال الشارح والذي قاله صحيح (¬10). وحالق شعرين مثل البدن ... والرأس فديتان (¬11) فيما قد عني ¬

_ (¬1) قال الدارقطنيُّ في سننه 2/ 23: سمعت أبا بكر النيسابوري يقول في حديث ابن جريج وليث بن سعد وجويرية بن أسماء عن نافع عن ابن عمر قال: نادى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد ماذا يترك المحرم من الثياب؟ وهذا يدلّ على أنه قبل الإحرام بالمدينة وحديث شعبة وسعيد بن زيد عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن ابن عباس أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب برفات. هذا بعد حديث ابن عمر. (¬2) في أ، ج، ط المخالفة. (¬3) في د، س المقيس. (¬4) في النجديات، ط في حديث. (¬5) في أ، وجـ وط هي. (¬6) سقطت من أ، هـ، ط. (¬7) في ط المدنية. (¬8) في ط لعارض. (¬9) المغني 3/ 275. (¬10) الشرح الكبير 3/ 275. (¬11) في د فديتين.

يعني: لكل واحد من شعر البدن وشعر الرأس حكم منفرد (¬1)، فلو حلقهما ففديتان، في رواية نقلها الجماعة واختارها القاضي في التعليق وغيره وابن عقيل وجماعة وجزم بها في المبهج (¬2). وعنه: شعر الرأس والبدن واحد، وهو الصحيح من المذهب اختاره أبو الخطاب والموفق والشارح، وجزم به في الهادي والمنور وقدمه في الخلاصة والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق وشرح ابن رزين والنظم، وجزم به في المنتهى والإقناع وهذا قول أكثر الفقهاء (¬3)؛ لأنّ الشعر كله جنس واحد فلم تتعدد الفدية فيه باختلاف مواضعه كما لو لبس قميصًا وسراويل. ومحرم (¬4) فإن يدل محرمًا ... على اصطياد فالجزا عليهما يعني: إذا (¬5) دلّ محرم محرمًا على صيد فقتله فالجزاء بينهما، وبه قال عطاء وحماد بن أبي سليمان. وقال الشعبي وسعيد بن جبير وأصحاب الرأي: على كل واحد جزاء، لأنّ كل واحد يستقل بالجزاء إذا انفرد فكذلك عند الاجتماع (¬6) ولنا: أن الواجب جزاء المتلف وهو واحد فيكون الجزاء واحدًا. وقال مالك والشافعيُّ: لا شيء على الدال (¬7). ¬

_ (¬1) في ط، جـ مفرد. (¬2) وهو قول أبي القاسم الأنماطي من الشافعية قال في المهذب 7/ 366: وإن حلق شعر رأسه وشعر بدنه لزمه ما ذكرناه أي فدية واحدة وقال أبو القاسم الأنماطي يلزمه فديتان؛ لأنّ شعر الرأس مخالف لشعر البدن ألا ترى أنه يتعلق النسك بحلق الرأس ولا يتعلق بشعر البدن والمذهب الأوّل. أ. هـ. (¬3) انظر حاشية ابن عابدين 2/ 549 - 550 والكافي لابن عبد البر 1/ 388 - 389 والمهذب 1/ 366. (¬4) في ط محزم. (¬5) سقطت من د، س وهي في هـ أن. (¬6) انظر بدائع الصنائع 2/ 203 - 204. (¬7) انظر مواهب الجليل 3/ 176، والأم 2/ 176.

ولنا: حديث أبي قتادة لما صاد الحمار الوحشي وأصحابه محرمون قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو (¬1) أشار إليها؟ " (¬2) فإنه يدلّ على تعلق التحريم بذلك لو وجد منهم، ولأنه سبب (¬3) يتوصل به إلى إتلاف الصيد فتعلق به الضمان كما لو نصب أحبوله (¬4). وهكذا الحلال للحلال ... في حرم صاد ولم يبال يعني: إذا دلَّ حلال حلالًا على صيد الحرم فقتله فالجزاء بينهما كالمحرمين؛ لأنّ صيد الحرم مضمون على الحلال والمحرم فاشتركا فيه. ورجعة النكاح في الإحرام ... قولان في الصحة عن إمامي فابن عقيل لا (¬5) على المشهور ... والشيخ بالصحة كالجمهور يعني: في الرجعة في الإحرام روايتان، إحداهما: لا تصح وهي اختيار ابن عقيل لأنها عقد وضع لإباحة البضع أشبه النكاح (¬6). والثانية: تصح وهي قول الجمهور (¬7)، واختيار (¬8) الخرقي والموفق وغيرهما وقطع بها في (¬9) التنقيح والإقناع والمنتهى لأنها إمساك للزوجة لقوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231، وفي الطلاق من آية: 2] (¬10)، ولأنها ¬

_ (¬1) في ط و. (¬2) رواه البخاري 4/ 24 - 25 ومسلمٌ برقم 1196. (¬3) في أ، حـ5، ط ولا سبب. (¬4) الأحبولة: المصيدة وهي آلة يصاد بها. انظر القاموس 3/ 353. (¬5) سقطت من نط، هـ لا. (¬6) وهو وجه في مذهب الشافعية عند الخراسانيين قال في المجموع 7/ 287: وذكر الخراسانيون وجهين في الرجعة: - أصحهما: أنها تصح. - والثاني: أنها لا تصح بناءً على اشتراط الشهادة على أحد القولين والصواب الأوّل. أ. هـ. (¬7) انظر الموطأ مع الزرقاني 2/ 274 - 275 والمجموع 7/ 287. (¬8) في النجديات واختار. (¬9) سعطت من ج كلمة (في). (¬10) في النجديات، ط بالمعروف وهي في البقرة من آية 231 وفي الطلاق من آية 2.

تجوز بلا ولي ولا شهود ولا إذنها فلم تحرم، كإمساكها بترك الطلاق، ولأن الصحيح من المذهب أن الرجعية (¬1) مباحة قبل الرجعة فلا يحصل بها إحلال، وإن قلنا إنها محرمة فليس ذلك مانعًا من رجعتها كالتكفير للمظاهر. ومحرم بالنظر المكرر ... أمنى فدى (¬2) بالشاه أو بالجزر (¬3) إذا كرر النظر المحرم فأمنى فعليه الفدية (¬4)، وهل هي شاة أو بدنه؟ فيه روايتان، والصحيح من المذهب أنها بدنه لأنها إنزال بفعل محظور (¬5) فأشبه اللمس، وإن أمذى بذلك فعليه شاة، وإن لم يقترن به مني ولا مذي فلا شيء عليه. والاستمناء (¬6) في معنى تكرار النظر فيقاس عليه (¬7) وأما مجرد النظر فلا شيء فيه، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينظر إلى نسائه وهو محرم وكذلك أصحابه. وإن نظر ولم يكرر فأمنى فعليه شاة؛ لأنه فعل (¬8) يحصل به اللذة أوجب الفدية أشبه اللمس (¬9). ¬

_ (¬1) في جـ ط الرجعة وكتبت في هامش أبقلم مغاير الزوجة. (¬2) في د فذا. (¬3) في د بالجزي. (¬4) وهو قول ابن عباس وسعيد بن جبير وإسحاق ذكر ذلك النوويّ في المجموع 7/ 397. (¬5) في د، س محذور. (¬6) في د، س الاستمتاع. (¬7) سقطت الواو من جـ، ط. (¬8) سقطت كلمة فعل من د، وهي في س كفعل. (¬9) وهو مذهب المالكية قال المواق: في التاج والإكليل 3/ 166: قال مالك: إن أراد المحرم النظر للذة حتى أنزل فسد حجه وعليه حج قابل والهدي فإن لم يبالغ النظر ولا أدامه فأنزل فحجه تام وعليه الهدي. أ. هـ. وبهذا النقل يتبين أن المذهبين يتفقان في حكم من أمنى ولم يكرر النظر أما من كرره فأمنى فعند المالكية يفسد حجه ويقضيه من قابل ويهدي، وعند الحنابلة حجه صحيح وعليه الفدية.

أو يمن باللمس أو التقبيل ... والوطء دون الفرج في التمثيل بدنة تلزمه لما اعتدى ... إذ حجه بذاك نصًا فسدا يعني: إن أمنى (¬1) المحرم باللمس لشهوة أو القبلة أو الوطء دون الفرج [فعليه بدنة كفارة لذلك المحظور؛ لأنه استمتاع أوجب الغسل فأوجب بدنة كالوطء في الفرج] (¬2). وإن لم ينزل فعليه شاة، وبه قال سعيد بن المسيّب وعطاء وابن سيرين والزهري وقتادة ومالك والثوري والشافعيُّ وأبو ثور وأصحاب الرأي: لأنها ملامسة لا تفسد الحج عريّة عن الإنزال فلم توجب بدنة كاللمس لغير شهوة، وسواء أمذى بذلك أو لم يمذ (¬3). وقوله: إذ حجه بذاك نصًا فسدا هو رواية اختارها أبو بكر والخرقي فيما إذا وطئ دون الفرج فأنزل، وهو قول عطاء والحسن والقاسم بن محمَّد ومالك (¬4) وإسحاق؛ لأنها عبادة يفسدها الوطء فأفسدها الإنزال عن مباشرة كالصيام. وعنه: لا يفسد النسك بذلك، وهو قول الشافعي (¬5) وأصحاب الرأي (¬6) وهو الصحيح من المذهب، وقطع به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها لأنه (¬7) استمتاع لا يجب بنوعه الحد فلم يفسد النسك، كما لو لم ينزل ولأنه لا نص فيه ولا إجماع، ولا يصح قياسه على المنصوص عليه، ¬

_ (¬1) في د أي أمنى وفي س إن أمني وسقطت من النسختين كلمة يعني. (¬2) ما بين القوسين سقط من د ولم يوجد منه في س إلا فعليه بدنه. (¬3) هؤلاء الأئمة إنما وافقوا المذهب فيما إذا لم ينزل، أما إذا أنزل فيجب عليه دم عند الحنفية والشافعية والمالكية وهو شاة فوجوب البدنة من مفردات المذهب. انظر بدائع الصنائع 2/ 195 والمدونة 2/ 186 والأم 2/ 184 وبداية ابن رشد 1/ 371 - 372. (¬4) انظر المدونة 2/ 186 والكافي لابن عبد البر 1/ 396. (¬5) انظر المجموع 7/ 283. (¬6) انظر بدائع الصنائع 2/ 195. (¬7) في حـ، ط لأنها.

لأنّ الوطء في الفرج يجب بنوعه الحد، ولا يفترق الحال فيه بين الإنزال وعدمه بخلاف المباشرة. والصيام يخالف الحج في المفسدات ولذلك يفسد بتكرار النظر (¬1) وبسائر محظوراته، والحج لا يفسد (¬2) بغير الجماع فافترقا فإن لم ينزل لم يفسد حجه بذلك، قال في الشرح: لا نعلم فيه خلافًا (¬3). أن (¬4) يدهن في رأسه بالشيرج (¬5) ... أو زيت المنصوص لا من حرج أي: يجوز للمحرم أن يدهن رأسه بالشيرج والزيت، نص عليه وكذا السمن (¬6) والشحم وسائر الأدهان غير المطيبة، وروي ذلك (¬7) عن ابن عباس وأبي ذر (¬8) والأسود بن يزيد (¬9) وعطاء والضحاك نقله الأثرم. وقال أصحاب الرأي ومالك والشافعيُّ وأبو ثور: لا يدهن رأسه بشيء من الأدهان (¬10)، لأنه يزيل الشعث ويسكن الشعر (¬11). وأما سائر البدن فيجوز بلا خلاف في المذهب، وحكى فيه القاضي روايتين، ولا فدية سواء فعله في الرأس أو غيره. ¬

_ (¬1) لا يفسد الصيام بتكرار النظر ما لم يترتب عليه إنزال وهذا هو مقصود المؤلف .. انظر المقنع 1/ 365 - 366. (¬2) في أ، ج، ط لا وفسد به وفي ب لا يفسده غير الجماع. (¬3) الشرح الكبير 3/ 323. (¬4) في ط أو يدهن. (¬5) الشيرج: دهن السمسم وربما قيل لدهن الأبيض وللعصير قبل أن يتغير تشبيهًا به لصفائه) تاج العروس 2/ 64. (¬6) في جـ السمس. (¬7) في ط بذلك. (¬8) في أ، جـ أبو وكرت في ب وفي هـ ابن ذر. (¬9) في ج، ط زيد. (¬10) انظر بدائع الصنائع 2/ 190 والكافي لابن عبد البر 1/ 387 والأم 2/ 130. (¬11) وعن أحمد رواية كمذهب الجمهور ذكرها عنه أبو داود ونقلها في المغني 3/ 300 ورجحها شيخ الإِسلام ابن تيمية في الفتاوى 26/ 116.

ومن يطف (¬1) إفاضة نواها ... فرضًا فلا يجزيه إن أخلاها أي: يشترط في طواف الإفاضة وهو طواف الزيارة أن يعينه بالنية هذا قول إسحاق وابن القاسم صاحب مالك وابن المنذر. وقال الثوري والشافعيُّ وأصحاب الرأي: يجزيه (¬2) وإن لم ينو الفرض الذي عليه (¬3). ولنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل أمرئ ما نوى" (¬4)، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سماه صلاة (¬5) والصلاة لا تصح إلا بنية (¬6) اتفاقًا، وهذا الطواف ركن لا يتم الحج إلا به بغير خلاف. سمي طواف الإفاضة لكونه يأتي به عند إفاضته من منى إلى مكة، وطواف الزيارة لأنه يأتي من منى فيزور البيت ولا يقيم بمكة بل يرجع إلى منى. وقبله إذ حيث منه يقرب ... في متعة طوف قدوم يندب (¬7) ¬

_ (¬1) في النجديات يطق وهو تصحيف وفي د، س يطوف. (¬2) في نظ تجزيه. (¬3) انظر المجموع 7/ 70 وبدائع الصنائع 2/ 128 - 129 والكافي لابن عبد البر 1/ 362 ومعنى ما ذكره المؤلف عنهم أنه متى كان عليه طواف الزيارة فنوى بطوافه غيره انصرف إلى طواف الزيارة وسقط الفرض من ذمته وتم حجه واستدل في المجموع بأنّه إذا أحرم بالحج نافلة ولم يكن قد حج فرضه انصرف إلى الفريضة، وكذلك الوقوف بعرفة فيما لو نوى به غير ركن الحج فإنه ينصرف إليه. (¬4) سبق تخريجه. (¬5) في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الطواف حول البيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه". الحديث رواه الترمذيُّ برقم 960 والنسائيُّ 5/ 222 وحكى الترمذيُّ الاختلاف في رفعه ووقفه على ابن عباس ويؤيد المرفوع رواية النسائيُّ والحاكم 1/ 459 انظر نصب الراية 3/ 57 - 58. (¬6) في النجديات، ط بالنية. (¬7) في نظ، أ، ب، ج في متعة طوافه قد ينب وذكر في حاشية ط أنه أيضًا نص نسخة الشرح التي اعتمد عليها.

أي: يندب للمتمتع إذا دخل مكة لطواف الزيارة أن يطوف للقدوم قبله نص عليه، وكذا مفرد وقارن لم يدخلا مكة قبل، واحتج أحمد بما روت عائشة قالت: فطاف الذين أهلوا بالعمرة وبين (¬1) الصفا والمروة ثم حلقوا ثم طافوا (¬2) طوافًا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم، وأما الذي جمعوا (¬3) الحج والعمر فإنما طافوا طوافًا واحدًا (¬4) فحمل أحمد قول عائشة على أن طوافهم لجمعهم (¬5) هو طواف القدوم، ولأنه قد ثبت أن طواف القدوم مشروع فلم يكن طواف الزيارة مسقطًا له (¬6) كتحية المسجد عند دخوله قبل التلبس بصلاة الفرض. قال الموفق: (ولم أعلم أحدًا وافق أبا عبد الله على هذا الطواف الذي ذكره بل المشروع طواف واحد للزيارة كمن دخل المسجد وأقيمت الصلاة، وعائشة إنما ذكرت طوافًا واحدًا فمن أين يستدل به على طوافين) (¬7) وأطال فيه واختاره الشيخ تقي الدين (¬8) وصححه ابن رجب (¬9). وراكب بغير عذر طائفًا ... لم يجز والشيخان فيه خالفًا أي: لا يجزئ طواف الراكب ولا المحمول (¬10) لغير عذر على الصحيح من المذهب. وقال أبو حنيفة: يجزيه ويجبر بدم ويعيد ما كان بمكة (¬11). ¬

_ (¬1) في ط (وسعوا) بين قوسين وليست في أ: ولا في شيء من النسخ الخطية ولا في كتب الحديث. (¬2) في د، س ثم حلق ثم طاف. (¬3) في أ: وأما الذين حجوا جمعوا. (¬4) رواه البخاري 3/ 395 ومسلمٌ برقم 1211 وأبو داود برقم 1781. (¬5) في د، س لحجهم. (¬6) سقطت من أ، حـ ط. (¬7) المغني 3/ 468. (¬8) الاختيارات 118. (¬9) القواعد الفقهية 1/ 25. (¬10) في النجديات، ط ولا لمحمول. (¬11) انظر المبسوط 4/ 45.

وقال الشافعي وابن المنذر: يجزيه ولا شيء عليه (¬1) وهو رواية اختارها أبو بكر وابن حامد والموفق والمجد وغيرهم؛ لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف راكبًا (¬2) قال ابن المنذر: لا قول لأحد مع (¬3) فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -. ولنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الطواف بالبيت صلاة" (¬4)، ولأنه عبادة تتعلق بالبيت (¬5) فلم يجز (¬6) فعلها راكبًا لغير عذر كالصلاة، وأما طوافه - صلى الله عليه وسلم - راكبًا فكان لعذر، كما يشير إليه قول جابر طاف (¬7) النبي - صلى الله عليه وسلم - على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس ويشرف عليهم ليسألوه فإن الناس غشوه (¬8) وسعى راكبًا كطواف (¬9). وهكذا أيضًا طواف الحامل ... لبس بمجز عن طواف كامل أي: لا يجزئ طواف (¬10) حامل معذور إلا إذا نويا جميعًا عنه أو نوى هو دون المحمول؛ لأنه طواف أجزأ عن المحمول فلم يقع عن الحامل كما لو نويا جميعًا عن المحمول، ولأنه طواف واحد فلم يقع عن شخصين ¬

_ (¬1) مغني المحتاج 1/ 487. (¬2) طواف النبي - صلى الله عليه وسلم - راكبًا ثبت عن عدد من الصحابة -رضي الله عنهم: منهم. 1 - عبد الله بن عباس وقد أخرج حديثه البخاري 2/ 378 ومسلمٌ برقم 1272. 2 - وجابر بن عبد الله وأخرج حديثه مسلم برقم 1273 وأبو داود برقم 1880 والنسائيُّ 5/ 241. 3 - وعائشة وقد أخرج حديثها مسلم برقم 1274 والنسائيُّ 5/ 224. (¬3) سقطت من ج، هـ، ط، كلمة مع. (¬4) سبق تخريجه. (¬5) في جـ، ط، الموت. (¬6) في أيجزي. (¬7) في د طواف. (¬8) وراه مسلم 1273 وأبو داود 1880 والنسائيُّ 5/ 241. (¬9) في النجديات، هـ ط لطواف. (¬10) سقطت من أ، جـ، هـ، ط وفي ب الطواف.

كالراكب (¬1)، وأما إذا حمله بعرفة فما حصل الوقوف بالحمل، فإن المقصود الكون في عرفات وهما كائنان بها، والمقصود هنا الفعل وهو واحد فلا يقع عن شخصين (¬2)، ووقوعه (¬3) عن المحمول أولى لأنه لم ينو طوافه إلا لنفسه والحامل لم يخلص قصده بالطواف لنفسه. لا يكره الطواف أسبوعين ... من غير ما فصل بركعتين كذا طواف ثالث ورابع ... ويجمع الركعات ثم يركع لا يكره أن يجمع (¬4) أسبوعين فأكثر فإذا فرغ ركع لكل (¬5) أسبوع ركعتين فعلته عائشة والمسور بن مخرمة وبه قال عطاء وطاووس وسعيد بن جبير (¬6). وكرهه ابن عمر والزهري وأبو حنيفة ومالك؛ لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله، ولأن تأخير (¬7) الركعتين عن طوافهما يخل بالموالاة بينهما (¬8) (¬9). ¬

_ (¬1) أي: نويا الطواف عن الحامل فقط. (¬2) وهو قول في مذهب الشافعية ذكره في مغني المحتاج 1/ 492 وذكر أنه نص الشافعي في الأم وأنه أقوى الأقوال عند الأصحاب وإن كان يخالف ما نص عليه النوويّ في المنهاج من وقوعه عن الحامل إذا نويا عنهما جميعًا. ويرى أبو حنيفة رحمه الله أنه يقع عنهما إذا نويا وقوعه عنهما جميعًا لأنه وجد الطواف عنهما مع نيتهما فوقع عن كل منهما وقال الموفق: هذا قول حسن. انظر بدائع الصنائع 2/ 128، الشرح الكبير 3/ 396. (¬3) سقطت الواو من ط. (¬4) في النجديات، هـ ط لا يكره الطواف أسبوعين. (¬5) في ط ركع أسبوعًا ركعتين. (¬6) وعدم كراهته هو مذهب الشافعية قال في المجموع 7/ 62: إذا طاف طوافين أو أكثر بلا صلاة ثم صلى لكل طواف ركعتين جاز، لكن ترك الأفضل صرح به جماعة من أصحابنا منهم الصيمري والشيخ أبو نصر البندنيجي وصاحب العدة والبيان وغيرهم، قال أصحابنا: ولا يكره ذلك. ورووه عن عائشة والمسور بن مخرمة. (¬7) في النجديات، ط تأخيره. (¬8) سقطت من النجديات، ط. (¬9) انظر حاشية ابن عابدين 2/ 498 - 499 والكافي لابن عبد البر 1/ 414.

ولنا: أن الطواف يجري مجرى الصلاة، والصلاتان الجائز جمعهما يؤخر ما بينهما فيصليهما (¬1) بعدهما، كذلك هذا، وكون النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يفعله لا يوجب كراهه (¬2)، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يطف أسبوعين ولا ثلاثة وذلك غير مكروه بالاتفاق. والموالاة غير معتبرة بين الطواف والركعتين، بدليل أن عمر صلاها بذي طوى (¬3)، وأخرت أم سلمة ركعتي (¬4) الطواف حين (¬5) طافت راكبة بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬6). والأولى أن يركع لكل أسبوع عقبه اقتداء بفعله -عليه السلام- وخروجًا من الخلاف. وخطبة في سابع الأيام ... فلا تسن جاء عن إمامي أي: لا تسن الخطبة للإمام في سابع ذي الحجة (¬7) بل يوم عرفة بنمرة ويوم النحر وثاني أيام التشريق بمنى لفعله - صلى الله عليه وسلم - مع (¬8) قوله: "خذوا عني مناسككم" (¬9). ¬

_ (¬1) كذا في جميع النسخ والذي في الشرح الكبير 3/ 402 فيصليها وهو الصواب. (¬2) في ط كراهته. (¬3) رواه مالك في الموطأ 2/ 308 وإسناده على شرط البخاري ومسلمٌ قاله في المجموع 7/ 57 وطُوَى: موضع عند باب مكة يستحب لمن دخل مكة أن يغتسل به. النهاية 3/ 147. (¬4) في ب الركعتي. (¬5) في د، س حيث. (¬6) أخرجه البخاريُّ 3/ 389 - 390. (¬7) استدل من قال بسنيتها بما رواه النسائيُّ عن جابر في صفة حجة أبي بكر الصدِّيق -رضي الله عنه- وفيها: فلما كان قبل التروية بيوم قام أبو بكر فخطب الناس فحدثهم عن مناسكهم حتى إذا فرغ قام علي فقرأ على الناس براءة حتى ختمها، الحديث، وقد أعله النسائيُّ بعبد الله بن خثيم فإنه ليس بالقوي وقال فيه علي بن المديني: منكر الحديث .. سنن النسائيُّ 5/ 247 - 248. (¬8) في النجديات وط من. (¬9) رواه مسلم برقم 1297 وأبو داود برقم 1970 والنسائيُّ 5/ 270 من حديث جابر -رضي الله عنه-.

وقت الوقوف عندنا (¬1) فيدخل ... في يوم تعريف بفجر نقلوا يعني: يدخل وقت الوقوف بعرفه من طلوع الفجر يوم عرفة. وقال مالك والشافعيُّ وغيرهما: أول وقته زوال الشمس يوم عرفة (¬2) واختاره أبو حفص العكبري (¬3)، وحكاه بعضهم إجماعًا لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما وقف بعد الزوال. ولنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفه قبل ذلك ليلًا أو نهارًا فقد تم حجه وقضى تفثه" (¬4)، ولأنه من يوم عرفة فكان وقتًا للوقوف (¬5): كما بعد الزوال، وترك الوقوف فيه لا يمنع كونه وقتًا له كما بعد العشاء، وإنمَّا وقفوا في وقت الفضيلة ولم يستوعبوا وقت الوقوف (¬6). من فاته الوقوف خاب الأرب ... بعمرة إحرامه ينقلب وعنه بل إحرامه لا يبطل (¬7) ... من حجه بل يلزم التحلل (¬8) يعني: من طلع عليه فجر يوم النحر ولم يقف بعرفة لعذر أو غيره فاته الحج بلا نزال وانقلب إحرامه -إن لم يختر البقاء عليه ليحج من قابل- عمرة فيطوف ويسعى ويحلق أو يقصر، قال الزركشي: المذهب المنصوص ¬

_ (¬1) في جـ عنده. (¬2) انظر الكافي لابن عبد البر 1/ 372 ومغني المحتاج 1/ 498. (¬3) في ط، ب، جـ العبكري. (¬4) في حديث عروة بن مضرس الطائي رواه أحمد 4/ 261 - 262 وأبو داود برقم 1950 والترمذيُّ برقم 891 والنسائيُّ 5/ 263 وابن ماجة برقم 3016 وصححه الترمذيُّ قال فيه ابن حجر: وصحح هذا الحديث الدارقطني والحاكم والقاضي أبو بكر بن العربي على شرطهما. انظر تلخيص الحبير 2/ 256. (¬5) في أ، ج، ط لوقوف. (¬6) سقط من ج، ط (في وقت الفضيلة ولم يستوعبوا وقت الوقوف). (¬7) في أ، جـ ط يلزم. (¬8) في هـ التحليل.

أنه يتحلل بعمرة اختاره الخرقي وأبو بكر والقاضي وأصحابه والشيخان، انتهى، وقطع به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها (¬1). وعنه: لا يقلب إحرامه عمرة، بل يتحلل بطواف وسعى وحلق (¬2) ولم يكن عمرة، وهو قول ابن حامد ذكره عنه جماعة وهو ظاهر المقنع (¬3) قال الشارح: يحتمل أن من قال: يجعل إحرامه عمره أراد أنه (¬4) يفعل فعل المعتمر من الطواف والسعي فلا يكون بين (¬5) القولين. خلاف، انتهى (¬6)، قلت: ويؤيده ما قالوه من أنها لا تجزئ عن عمرة الإِسلام كمنذوره. إن عدم الهدي لذي الإحصار ... أو كان لا يمكن للإعسار يصوم عشرًا فبها (¬7) التحلل ... فالصوم (¬8) عن فقد الهدايا بدل ¬

_ (¬1) وهذه الرواية قال بها أبو يوسف من الحنفية ذكر ذلك الكاساني في بدائع الصنائع 2/ 220 وهو وجه في مذهب الشافعية قال في مغني المحتاج 10/ 431: ثم ما أتى به لا ينقلب عمرة وقيل ينقلب عمرة ويجزئ عن عمرة الإِسلام، وقال ابن عبد البر في الكافي 1/ 401 في بيان مذهب مالك فيمن فاته الوقوف: ومن لم يدرك شيئًا من ذلك فقد فاته الحج وليس عليه عمل ما بقي من المناسك وهو عند مالك بالخيار إن شاء أقام على إحرامه إلى قابل فأتم حجه وأجزأه ولا شيء عليه، وإن شاء تحلل بعمرة ثم قضى قابلًا وأهدى والاختيار أن يتحلل. (¬2) في جميع النسخ فقط والتصحيح من المغني 3/ 550 والشرح الكبير 3/ 508. (¬3) هذا مذهب الشافعية وقول أبي حنيفة ومحمَّد بن الحسن فإنهم قالوا: يتحلل بطواف وسعي وحلق، واستدلوا بما رواه الشافعي في مسنده، عن عمر رضي الله عنه أنه قال لأبي أيوب لما فاته الحج: اصنع ما يصنع المعتمر ثم قد حللت فإن أدركت الحج قابلًا فحج وأهد ما استيسر من الهدي، واستدل في بدائع الصنائع 2/ 220، بأنّه قد روي عن عمر وزيد بن ثابت وعبد الله بن عباس فيمن فاته الحج أنه يحل بعمل العمرة فأضافوا العمل إلى العمرة والشيء لا يضاف إلى نفسه. (¬4) في ب، ط أن وفي د يعقل. (¬5) في جـ من. (¬6) الشرح الكبير 3/ 509. (¬7) في جـ ها. (¬8) في أ، جـ بالصوم.

يعني: إذا أحصر المحرم ولم يكن له طريق إلى الحج ذبح هديًا (في موضعه) (¬1) وحل بلا خلاف، فإن لم يجد الهدي أو ثمنه صام عشرة أيام بالنية ثم حل (¬2). وقال أبو حنيفة ومالك: لا بدل له، لأنه لم يذكر (¬3) في القرآن (¬4). (¬5). ولنا: أنه دم واجب للإحرام فكان له بدل كدم التمتع والطيب واللباس وترك النص عليه لا يمنع قياسه (¬6) على غيره (¬7) وليس له التحلل (¬8) حتى يصوم، كما لا يتحلل واجد الهدي إلا بنحوه. وهديه (فعندنا يختص ... بفقراء (¬9) حرم) (¬10) قد نصوا يعني: لا ينحر المحصر (¬11) هديًا معه إلا بالحرم ويواطئ (رجلًا على نحره في وقت) (¬12) يتحلل فيه، قال الموفق: هذا والله أعلم فيمن كان حصره خاصًا، فأما الحصر (¬13) العام (¬14) فلا ينبغي أن يقوله (¬15) أحد؛ لأن ¬

_ (¬1) ما بين القوسين من ب. (¬2) وهو قول في مذهب الشافعية ذكره في مغني المحتاج قال 1/ 534، 535 والقول الثاني بدله الصوم وهو كصوم التمتع أو الحلق أو التعديل. (¬3) في ط يذكره. (¬4) أي: في قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196]. (¬5) انظر بدائع الصنائع 2/ 180 والكافي لابن عبد البر 1/ 400. (¬6) في ط قيامه. (¬7) و (¬8) مخروم في جـ وبياض في ط. (¬9) في د س لفقدا. (¬10) مخروم في جـ. (¬11) في د، س المحصور. (¬12) بياض في ط ومخروم في جـ. (¬13) في هـ المحصر. (¬14) الحصر الخاص هو الذي يكون في حق شخص واحد مثلًا كالمحبوس بغير حق أو من أخذته اللصوص وحده، والحصر العام هو الذي يكون في حق جميع الحجاج. (¬15) في د، س يقول.

ذلك يفضي إلى تعذر الحل لتعذر وصول الهدي إلى محله، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه (¬1) نحروا هداياهم في الحديبية (¬2) وهي من الحل، قال البخاري: (قال مالك وغيره: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حلقوا وحلوا من (¬3) كل شيء قبل الطواف وقبل أن يصل الهدي إلى البيت، ولم يذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أحدًا أن يقضي شيئًا ولا أن يعود له) (¬4) انتهى. والمذهب أنه (¬5) ينحر هديه في موضع حصره من حل أو حرم نص عليه، وعليه الأصحاب لما تقدم. بطيبة في الحرم المطهر ... فيضمن الصيد وعضد (¬6) الشجر بسلب الجاني لمن رآه ... يأخذه والشيخ ذا يأباه يعني: يضمن الصيد والشجر في حرم طيبة وهي مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجزاء ذلك (¬7) سلب الجاني وهو ما عليه من ثياب دون دابته لمن أخذه، هذا المنصور. عند الأصحاب في كتب الخلاف قاله في الفروع (¬8). ونقله الأثرم والميموني وحنبل واختاره ابن عبدوس في تذكرته وجزم به في المنور ونهاية ابن رزين وقدمه في المحرر والرعايتين والحاويين والفائق (¬9) لحديث ¬

_ (¬1) سقطت من د، س. (¬2) الحديبية: تعرف اليوم باسم الشميسي وبينها وبين المسجد قرابة اثنين وعشرين كيلو متر وهي أبعد الحل من البيت. انظر معالم الحجاز 2/ 246 - 247. (¬3) في ط في. (¬4) المغني 3/ 373 وما نقله الموفق عن البخاري موجود في الصحيح 4/ 9، وقد نقله بتصرف. (¬5) في ط أن. (¬6) في ب، ط عضد. (¬7) سقطت من د، س. (¬8) الفروع 3/ 488. (¬9) وهو القديم من قولي الشافعي واختاره النوويّ في المجموع 7/ 450 قال رحمه الله: والمختار ترجيح القديم ووجوب الجزاء فيه وهو سلب القاتل لأنّ الأحاديث فيه صحيحة بلا معارض.

مسلم عن (¬1) عامر بن سعد أن سعدًا ركب إلى قصره بالعقيق (¬2) فوجد عبدًا يقطع شجرًا ويحطبه (¬3) فسلبه ولما رجع سعد جاءه أهل الغلام فكلموه أن يرد على (¬4) غلامهم أو عليهم، فقال: معاذا الله أن أرد شيئًا نفلنيه (¬5) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أبى أن يرد عليهم (¬6)، وعن سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من وجد أحدًا يصيد فيه فليسلبه"، رواه أبو داود (¬7). وعنه لا جزاء في ذلك، وهذا المذهب اختاره الشيخ الموفق، وجزم به في الوجيز والمنتخب والتنقيح والمنتهى والإقناع، وقدمه في الفروع والخلاصة والنظم والكافي وتجريد العناية (¬8) وإدراك الغاية ونهاية ابن (¬9) رزين، وهو قول أكثر أهل العلم؛ لأنه موضع يجوز دخوله بغير إحرام فلم يجب في صيده ونحوه جزاء كصيد (¬10) وج (¬11) واد بالطائف. ¬

_ (¬1) في ط ابن. (¬2) في هـ العقتيق. (¬3) في د، س يحتطبه وفي صحيح مسلم يخبطه من الخبط وهو ضرب الشجر بالعصا ليتناثر ورقها: النهاية 2/ 7. (¬4) في النجديات، ط إلى. (¬5) في ب، حـ ط فعله وهو من النفل وهو الزيادة وهو في باب الغنائم ما يعطيه الأمير المجاهد زيادة على نصيبه من الغنيمة، انظر النهاية 4/ 99. (¬6) مسلم برقم 1364. (¬7) الحديث في أبي داود برقم 2021 ولفظه: "من وجد أحدًا يصيد فيه فليسلبه ثيابه" وفيه القصة السابقة في مسلم وفيه سليمان بن أبي عبد الله قال المنذري سئل عنه أبو حاتم فقال: ليس بالمشهور فيعتبر حديثه، وقال الذهبي: تابعي وثّق. عون المعبود 6/ 24. (¬8) في جـ، ط الغناية. (¬9) سقطت من ط. (¬10) في ط لصيد. (¬11) وُجّ كما ذكر المؤلف واد بالطائف وقيل: هو بلد الطائف وصيده وشجره مباح عند الجمهور، وقال أصحاب الشافعي هو محرم واستدلوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صيد وجّ وعضاهها محرم". رواه أحمد ورد بأنّه ضعيف ضعفه البخاري وأحمدُ. انظر المغني 3/ 371 والمجموع 7/ 449، 452.

ومن كتاب الأضاحي

ومن كتاب الأضاحي جمع أضحية (¬1): وهي ما يذبح في أيام النحر بسبب العيد تقربًا إلى الله تعالى، وهي مشروعة بالإجماع، وسنة عند الأكثر (¬2). أضحية لا تجزئ العضباء ... وهي (¬3) التي بقرنها بلاء كنصفه يكسر لا القليل ... ودمه لو لم يكن يسيل أي: لا تجزئ العضباء أضحية بل ولا هديًا (¬4) ولا عقيقة (¬5)، وهي التي ذهب نصف قرنها أو أذنها فأكثر (¬6)، بخلاف ما دون النصف فلا يمنع الإجزاء. وقال أبو حنيفة والشافعيُّ: تجزئ مكسورة القرن (¬7). وقال مالك: إن كان قرنها يدمي لم تجز (¬8) وإلا أجزأت (¬9) (¬10). ¬

_ (¬1) الأضحية. بضم الهمزة وكسرها وسكون الضاد وكسر الحاء وتشديد الياء المفتوحة وتخفيفها وتسمى الأضحاة. انظر القاموس 4/ 354 والنهاية 3/ 76. (¬2) انظر بداية المجتهد 1/ 429 ومغني المحتاج 4/ 282. (¬3) في نظ وبي. (¬4) الهدي: ما يهدي إلى الحرم من النعم لتنحر به. انظر النهاية 5/ 254. (¬5) العقيقة: الذبيحة التي تذبح عن المولود. انظر النهاية 3/ 276. (¬6) في ج، ط أو أكثر. (¬7) انظر بدائع الصنائع 5/ 76 ومغني المحتاج 4/ 287. (¬8) في أ، حـ، ط يجز. (¬9) في ط، أجزأ. (¬10) انظر الكافي لابن عبد البر 1/ 422.

وقال أبو حنيفة: لا تجزئ ما ذهب ثلث أذنها (¬1). وقال عطاء ومالك: إن ذهبت الأذن كلها لم تجز وإن ذهب يسير أجزأت (¬2). ولنا: ما روي عن علي قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضحي بأعضب الأذن والقرن، قال قتاده: فسألت سعيد بن المسيّب فقال: نعم. العضب النصف فأكثر من ذلك، رواه النسائيُّ وابن ماجة (¬3). وعن علي -رضي الله عنه-: (أمرنا رسول الله أن نستشرف (¬4) العين) (¬5) والأذن رواه أبو داود والنسائيُّ (¬6) والمذهب يجزئ ما ذهب نصف قرنها؛ أو أذنها فأقل دون ما (¬7) ذهب منها الأكثر من ذلك. في عشر ذي الحجة أخذ (¬8) الظفر ... على (المضحي حرموا والشعر) (¬9) أي: إذا دخل عشر ذي الحجة حرم على من أراد أن يضحي أو (¬10) يضحى عنه أخذ شيء من شعره أو ظفره أو بشرته وهذا (¬11) قول إسحاق وسعيد بن المسيّب حكاه ابن المنذر عنهما (¬12). ¬

_ (¬1) انظر بدائع الصنائع 5/ 75 وهو رواية أبي يوسف عنه. (¬2) انظر الكافي لابن عبد البر 1/ 421 وفيه أن ما ذهب ثلث أذنها لا تجزئ عنده لأنه ذهب أكثره. (¬3) النسائيُّ 7/ 217 وابن ماجة برقم 3142. (¬4) أي: نتأمل سلامتهما من آفة تكون بهما، وقيل: من الشرفة وهي خيار المال أي أمرنا أن نتخيرها. النهاية 2/ 462. (¬5) ما بين القوسين سقط من ط وسقط من هـ إلى قوله أن نستشرف. (¬6) أبو داود برقم 2804 والنسائيُّ 7/ 217. من طريق أبى إسحاق السبيعى وهو ثقة لكنه اختلط بآخرة. (¬7) ما بين القوسين مخروم من جـ وبياض في ط. (¬8) في د، س أخذذ. (¬9) ما بين القوسين مخروم من جـ. (¬10) سقط من النجديات، هـ ط يضحي أو. (¬11) سقطت الواو من د، س. (¬12) وهو وجه في مذهب الشافعية اختاره بعضهم ذكره النوويّ في المجموع 8/ 306، 307 وحكاه أيضًا عن سعيد بن المسيّب وربيعة وداود.

وقال القاضي وجماعة من أصحابنا: هو مكروه غير محرم، وبه قال مالك والشافعيُّ (¬1) لقول عائشة: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يقلدها بيده ثم يبعث بها ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر الهدي، متفق عليه (¬2). وقال أبو حنيفة: لا يكره ذلك لأنه لا يحرم عليه الوطء واللباس فلا يكره له حلق الشعر وتقليم الأظفار كما لو لم يرد أن يضحي (¬3). ولنا: حديث أم سلمة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي" رواه مسلم (¬4) وفي رواية له: "ولا من بشره (¬5) " وهذا يرد القياس وحديث عائشة عام وهذا خاص يجب تقديمه وتنزيل العام (¬6) على ما عدا ما تناوله (¬7) الحديث الخاص جمعًا بينهما (¬8). ¬

_ (¬1) انظر الشرح الكبير للدردير 2/ 108 ومغني المحتاج 4/ 283. (¬2) البخاري 3/ 431 ومسلمٌ برقم 1321 وأبو داود برقم 1757 والترمذيُّ برقم 908 والنسائيُّ 5/ 171. (¬3) انظر عمده القاري 10/ 39. سقطت من هـ. (¬4) مسلم برقم 1977 وأبو داود برقم 2791 والترمذيُّ برقم 1523 والنسائيُّ 7/ 211 - 212. (¬5) البشرة: ظاهر الجلد قاله في النهاية 1/ 129. (¬6) في النجديات، ط تنزيله. (¬7) في النجديات، ط يتناوله. (¬8) قال الشوكاني في نيل الأوطار 5/ 128 في ترجيح ما ذهب إليه أحمد ومن معه بعد أن ذكر استدلال الشافعي بحديث عائشة قال: ولا يخفى أن حديث الباب أخص من حديث عائشة مطلقًا فيبنى العام على الخاص ويكون الظاهر مع من قال بالتحريم ولكن على من أراد التضحية.

ومن كتاب الجهاد (وما يلحق به)

ومن كتاب الجهاد (وما يلحق به) (¬1) الجهاد: بذل الوسع في قتال العدو مصدر (¬2) جاهد جهادًا أو مجاهدة وشرعًا: قتال كفار خاصة. ومشروعيته بالكتاب والسنة والإجماع (¬3)، وهو فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الكل، وإلا أثم الناس كلهم. مع واحد من أبويه الطفل ... إن يسب يسلم وعليهم (¬4) يعلو أي: إذا سبي من لم يبلغ مع أحد (¬5) أبويه فهو مسلم حكمًا (¬6) إذا ¬

_ (¬1) سقطت من د، س وهي في هـ وما يلتحق به. (¬2) في د ومصدر. (¬3) أما من الكتاب فقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216] وقوله تعالى {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة: 122]. ومن السنة ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الفتح: "لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا". رواه البخاري 6/ 28، 29 ومسلمٌ برقم 1353 والترمذيُّ برقم 1590 وأبو داود برقم 2480 والنسائيُّ 8/ 146 وأما الإجماع فقد أجمعت الأمة على مشروعيته. انظر مطالب أولي النهي 2/ 497. (¬4) في د، س وعليه. (¬5) في أمع واحد أبويه وفي ج ط واحد من أبويه وفي هـ من أحد أبويه. (¬6) في ط حكاه.

كان سابيه مسلمًا تبعًا له، وبه قال الأوزاعي. وقال أبو الخطاب: يتبع أباه، وهو رواية حكاها القاضي وفاقًا لأبي حنيفة والشافعيُّ؛ لأنه لم ينفرد عن أبويه فلم يحكم بإسلامه كما لو سبى معهما (¬1). وقال مالك: (إن سبي مع أبيه تبعه لأنّ الولد يتبع أباه في الدين كما يتبعه في النسب) (¬2)، وإن سبي مع أمه فهو مسلم؛ لأنه لا يتبعها في النسب فكذا في الدين (¬3). ولنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه". رواه (¬4) مسلم. فمفهومه أنه لا يتبع أحدهما لأنّ الحكم متى (¬5) علق بشيئين لم (¬6) يثبت بأحدهما (¬7) وكما لو أسلم أحدهما، وإن سبي منفردًا فمسلم إجماعًا، ومعهما فعلى دينهما. أو واحد من أبويه هلكًا ... يسلم حكمًا لا يخاف دركًا أي: إذا هلك أحد أبوي (¬8) غير بالغ بدارنا حكم بإسلامه تبعًا للدار لمفهوم الحديث السابق (¬9). ¬

_ (¬1) انظر الهداية لأبي الخطاب 1/ 114؛ وحاشية ابن عابدين 2/ 228 - 229 والأم 7/ 333 وقوله يتبع أباه أي أحد أبويه كما في الأم وحاشية ابن عابدين والهداية. (¬2) بين القوسين سقط من النجديات، هـ ط. (¬3) انظر المدونة 1/ 178 - 179 وفيها أنه لا يكون الصغير مسلمًا إلا إذا أجاب إلى الإِسلام بشيء يعرف. (¬4) مسلم برقم 2658 ورواه البخاري 3/ 197 - 199 واللفظ له. (¬5) في أ، حـ ط نفي. (¬6) سقطت من د، س. (¬7) وهذا اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية قال في الاختيارات 315: والطفل إذا سبي يتبع سابيه في الإِسلام إن كان مع أبويه، وهو قول الأوزاعي ولأحمد نص يوافقه. (¬8) في ب أبويه وهو. (¬9) وذهب الجمهور إلى أنه لا يحكم بإسلامه بذلك وهو رواية عن أحمد، لأنّ من هلك=

وقوله: لا يخاف دركًا، أي: للكفر لزواله عنه حكمًا ولا نقطع (¬1) بجنة أو نار إلا لمن ثبت بالنص القطع لهم. وولد المسلم بالنصراني ... إن يشتبه يحكم بالإيمان يعني: إذا اشتبه ولد مسلم بولد كافر ولم يعلم أحدهما من الآخر، حكم بإسلام ولد الكافر تغليبًا للإسلام لأنه يعلو ولا يعلى عليه (¬2) ولا قرعة لاحتمال خطأها (¬3) فيؤدي إلى تصيير (¬4) المسلم كافرًا. وهكذا لقيط دار الحرب ... كافرة إن نزن من ذا الضرب (¬5) يعني: يحكم بإسلام لقيط دار الحرب إذا التقطه مسلم تبعًا لملتقطه قياسًا على المسبي منفردًا، وهذا مقتضى ما نقله عبد الله والفضل (¬6) يتبع مالكًا مسلمًا كسبي، واختاره الشيخ تقي الدين (¬7)، وإليه يميل كلام ابن نصر الله في حواشيه. ولكن الذي عليه أكثر الأصحاب أن لقيط دار الحرب كافر رقيق إذا لم يكن بها (¬8) مسلم أو كان نحو تاجر وأسير فإن أكثر المسلمون (¬9) فمسلم. ¬

_ = أبواه أو أحدهما بدار الإِسلام لا تنقطع تبعيته لهما فإنه يتبع أقاربه أو وصي أبيه بخلاف المسبي فإنه يتبع سابيه. ويدل عليه العمل المستمر من عهد الصحابة يموت أهل الذمة ويتركون الأطفال ولم يتعرض أحد من الأئمة وولاة الأمور لأطفالهم ولم يقولوا هؤلاء مسلمون. انظر حاشية ابن قاسم على الروض 4/ 273 وحاشية ابن عابدين 4/ 173. (¬1) في النجديات، ط يقطع. (¬2) سقطت من النجديات، هـ ط. (¬3) في جـ، هـ ط خطأهما. (¬4) في أ، حـ تصير. (¬5) في نظ كافرة ترى من ذا الضرب، وفي د، س من ذي الضرب. (¬6) في ب والطفل وهو تصحيف. (¬7) الاختيارات 315. (¬8) أي: بالدار وفي النجديات به وسقط من هـ. (¬9) في ب كثروا وسقطت كلمة المسلمون من النجديات، ط.

وإذا (¬1) زنت كافرة فأتت بولد بدار الإِسلام فهو مسلم حكمًا تبعًا للدار لانقطاع نسبه عن أبيه (¬2) فانقطعت تبعيته له في الدين فيكون على الفطرة وهي الإِسلام لمفهوم الحديث السابق (¬3). والزوج إن تسبه (¬4) دون امرأته ... لم ينفسخ نكاحه في مدته أي: إذا سبي الزوج دون امرأته لم ينفسخ نكاحه بذلك؛ لأنه لا نص فيه ولا قياس يقتضيه، وقد سبى النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعين (¬5) من الكفار يوم بدر فمن على بعضهم وفادى (¬6) بعضًا (¬7) فلم يحكم عليهم بفسخ أنكحتهم. وقال أبو حنيفة وأبو الخطاب: إذا سبي أحد الزوجين انفسخ النكاح لأنهما افترقت بهما الدار، وطرأ الملك على أحدهما فانفسخ النكاح كما لو سبيت المرأة وحدها (¬8). وقال الشافعي: إذا سبي واسترق انفسخ نكاحه، وإن مُنّ عليه أو فودي (¬9) فلا (¬10)، ولا ينفسخ (¬11) النكاح بسبي الزوجين معًا سواء (¬12) اتحد السابي أو تعدد. ¬

_ (¬1) في النجديات، هـ ط وأن. (¬2) في أ، ج، ط مكتوب كلمة فابق بعد كلمة أبيه ولا معنى لها. (¬3) وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية قال في الاختيارات 315: ويحكم بإسلام الطفل إذا مات أبواه أو كان نسبه منقطعًا مثل كونه ولد زنا أو منفيًا بلعان وقاله غير واحد من العلماء. (¬4) في الأزهريات تسبيه. (¬5) في د تسعين. (¬6) في ط فدي. (¬7) أسر النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعين من المشركين في بدر وفداهم. رواه مسلم برقم 1763 وأحمدُ 1/ 30 - 33. (¬8) بدائع الصنائع 2/ 339 أما أبو الخطاب فقد ذكر في الهداية 1/ 114 عن شيخه القاضي أبي يعلى أنه ينفسخ إذا سبي أحدهما واسترق ورجح هو أنه لا ينفسخ. (¬9) في النجديات، ط فدى. (¬10) مغني المحتاج 4/ 229. (¬11) في ب، جـ يفسخ. (¬12) في ب وسواء.

والأبوان إن (¬1) سبيا (¬2) والولد ... بالبيع لو (¬3) بالغ لا ينفرد يعني: يحرم أن يفرق في البيع والهبة ونحوهما بين الولد وأبويه أو أحدهما ولو أنه بالغ، لحديث أبي أيوب قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من فرق بين والدة (¬4) وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة" رواه الترمذيُّ (¬5) وقال: حديثٌ حسنٌ غريب (¬6)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا توله (¬7) والدة عن ولدها" (¬8)، وقال (¬9) أحمد: لا يفرق بين الأم وولدها وإن رضيت، وذلك لما فيه من الإضرار بالولد ولأن المرأة قد ترضى بما فيه ضررها ثم يتغير قلبها فتندم. وقيس الأب على الأم لأنه أحد الأبوين، وحكم الجد والجدة في تحريم التفريق بينهما وبين ولد ولدهما (¬10) كالأبوين، وكذا الإخوة وكل ذي رحم محرم يحرم التفريق بينهما في القسم والبيع والهبة ونحوها، لحديث علي قال: وهب لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غلامين أخوين فبعت أحدهما فقال لي (¬11) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما فعل غلامك؟ " فأخبرته فقال: ¬

_ (¬1) سقطت من د، س ن. (¬2) في جـ سبينا. (¬3) في ب أو. (¬4) في النجديات، هـ ط الوالده. (¬5) الترمذيُّ برقم 1283 الفتح الرباني 14/ 105 وفي إسناده حيي المعافري وهو مختلف فيه. انظر تلخيص الحبير 3/ 15. (¬6) سقطت من ب، جـ ط. (¬7) الوله: ذهاب العقل والتحير من شدة الوجد ومعنى الحديث يفرق بينهما في البيع، وكل أنثى فارقت ولدها فهي واله. انظر النهاية 5/ 227. (¬8) قال فيه ابن حجر في التلخيص 3/ 15: رواه البيهقي من حديث أبي بكر بسند ضعيف، وأبو عبيد في غريب الحديث من مرسل الزهري وراويه عنه ضعيف، والطبرانيُّ في الكبير من حديث نقاده في حديث طويل. (¬9) سقطت الواو من د، س. (¬10) في د ولديهما وفي س ولد ولديهما. (¬11) سقطت من النجديات، ط.

"رده رده" (¬1) رواه الترمذيُّ (¬2) وقال: حديثٌ حسنٌ غريب، وعن عبد الرحمن بن فروخ قال: كتب لنا عمر بن الخطّاب: لا تفرقوا بين الأخوين ولا بين الأم وولدها في البيع" (¬3)، ولأنه ذو رحم محُرّم فحرم (¬4) التفريق بينهما كالولد والوالدة (¬5). أو ادعى الأسير إسلامًا سبق ... مع حلف وشاهد لا يسترق يعني: إذا ادعى الأسير إسلامًا سبق أسره وأقام شاهدًا وحلف معه خلي سبيله فلا يسترق. وقال الشافعي: لا يقبل إلا شهادة عدلين؛ لأنه ليس بمال ولا يقصد منه المال (¬6). ولنا: ما روى عبد الله بن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يوم بدر لا يبقي (¬7) منهم أحدٌ إلا أن يفدى أو تضرب عنقه فقال عبد الله بن مسعود: إلا سهيل بن بيضاء فإني سمعته يذكر الإِسلام، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إلا سهيل بن بيضاء" (¬8)، فقبل شهادة عبد الله وحده. ¬

_ (¬1) في أ، ب ردوه. (¬2) الترمذيُّ برقم 1284 والدراقطني 2/ 66. (¬3) رواه سعيد بن منصور في سننه 2/ 266 عن سفيان عن عمرو بن دينار عن عبد الله بن فروخ عن أبيه. (¬4) سقط من النجديات، هـ محرم ومن ط فحرم. (¬5) الصحيح أنه يجوز التفريق بين من ذكر بعد البلوغ ودليل ذلك ما رواه الدارقطني 3/ 61 والحاكم 2/ 55 عن عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يفرق بين الأم وولدها فقيل: إلى متى؟ قال: حتى يبلغ وتحيض الجارية، وفي إسناده عبد الله بن عمرو الواقفي وهو ضعيف، ويعضده حديث سلمة بن الأكوع حين سبى المسلمون قومًا من فزارة، وكان سلمة -رضي الله عنه- هو الذي ردهم عن الجبل وفيهم امرأة معها ابنة لها من أجمل العرب فنفله أبو بكر -وكان أمير السرية- ابنتها ثم استوهبها منه - صلى الله عليه وسلم - ففادى بها أسرى المسلمين الذين كانوا بمكة. رواه مسلم برقم 1755. (¬6) انظر تكملة المجموع 20/ 254، 255، 257. (¬7) في النجديات، ط أبقي. (¬8) الترمذيُّ برقم 3085 وقال: حديثٌ حسنٌ، وأحمدُ في المسند. انظر الفتح الرباني 14/ 107 وإسناده منقطع فإن أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه كما قاله الترمذيُّ.

من ليس في الكفركتاب لهم ... كلا ولا شبهة (¬1) عرب عجم كعابد الأوثان لا يرقوا ... لقتلهم والقلب لا يرق يعني: من ليس له كتاب ولا شبهة كتاب كعبدة الأوثان لا يجوز استرقاقهم (¬2) عربًا كانوا أو عجمًا (¬3). وقال أبو حنيفة: يجوز في العجم (¬4) دون العرب (¬5). ولنا: أنه كافر لا يقر بالجزية فلم يجز استرقاقه كالمرتد، وعلى هذا فيخير فيهم الإمام بين القتل والمنّ والفداء. وأما أهل الكتاب كاليهود والنصارى ومن تدين بدينهم ومن له شبهة كتاب كالمجوس فيخير الإمام فيهم بين الرق والقتل والمن (¬6) والفداء فيفعل وجوبًا ما هو أصلح وأنفع للمسليمن. وما ذكره من أن من ليس له كتاب ولا شبهة كتاب لا يرق، هو رواية، والصحيح من المذهب أنه يجوز استرقاق من لا تقبل منه الجزية أيضًا وجزم به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يسترق سبايا (¬7) عبدة الأوثان وأكثر ما كانت سبايا الصحابة في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - من عبدة الأوثان (¬8). ¬

_ (¬1) في أتنبهه. (¬2) في ط استرقافهم. (¬3) هو وجه في المذهب الشافعي حكاه النوويّ في المنهاج 4/ 288: (وقيل: لا يسترق وثني وكذا عربي في قول) واستدل لذلك الشربيني في شرحه بأن الوثني لا يجوز تقريره بالجزية، ورده: (بأن من جاز أن يمن عليه ويفادى جاز أن يسترق كالكتابي). (¬4) في النجديات، ط يجوز في العرب دون لعجم. (¬5) انظر مختصر الطحاوي 383 - 284 وبدائع الصنائع 7/ 119 وحاشية ابن عابدين 4/ 139، 198. (¬6) سقط من النجديات، هـ ط (والمن والفداء). (¬7) في النجديات، بسبايا. (¬8) وقد استرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبايا هوازن ثم أمر بإطلاقهم بعد أن أسلموا وطلبوا منه ذلك، واسترق - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه سبايا بني المصطلق ثم منّوا عليهم بسبب جويرية، واسترق علي -رضي الله عنه- بني ناجية وهم من العرب. انظر صحيح البخاري 5/ 123، 8/ 24 والفتح الرباني 14/ 96، 109 - 110.

وقوله: لقتلهم أي: لأنهم يقتلون إذا لم يكن في المن والفداء مصلحة. وقوله: والقلب لا يرق أي: لا ينبغي أن يرق ويعطف بهم القلب، بل يجب فعل ما هو الأصلح مما تقدم (¬1)، قال الله تعالى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29]. وشجر الكفار ثم الزرع ... فحرقه محرم والقطع هذا هو المفتى به في الأشهر ... وقدم الجواز في المحرر أي: يحرم حرق شجر الكفار وزرعهم وقطعه في إحدى الروايتين إلا أن لا (¬2) يقدر عليهم إلا به أو يكونوا (¬3) يفعلونه بنا، قال في الفروع: نقله واختاره الأكثر (¬4) قال الزركشي: وهو أظهر لقول أبي بكر (¬5) في وصيته ليزيد (¬6) حين بعثه أميرًا: ولا تعقرن شجرًا مثمرًا (¬7) (¬8)، ولأن فيه اتلاقًا محضًا فلم يجز كعقر الحيوان، وبهذا قال الأوزاعي والليث وأبو ثور. والرواية الثانية: يجوز أي: إذا لم يضر بالمسلمين وهو المذهب قطع به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها، وبه قال مالك والشافعيُّ وإسحاق وابن المنذر (¬9). وقال إسحاق: التحريق سنة إذا كان أنكى للعدو، ولقوله تعالى: ¬

_ (¬1) سقط من د، س مما تقدم. (¬2) سقطت لا من د، هـ. (¬3) في د، س ويكونوا. (¬4) الفروع 6/ 210. (¬5) سقطت من حـ كلمة في. (¬6) في د زيد. (¬7) سقط من ط كلمة مثمرًا. (¬8) سنن سعيد بن منصور 2/ 158 ورواه مالك في الموطأ 3/ 12 بلفظ: ولا تقطعن. وإسناده منقطع. لأنه قد رواه يحيى بن سعيد عن أبي بكر -رضي الله عنه- ولم يدركه. (¬9) انظر الكافي لابن عبد البر 1/ 467 ومغني المحتاج 4/ 226.

{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ (¬1) أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحشر: 5]، وروى ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرق نخل بني النضير وقطع وهي البُوَيْرَة (¬2)، فأنزل الله تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} وفيها يقول حسان. وهان على سراة (¬3) بني لؤي ... حريق بالبويرة مستطير (¬4) متفق عليه (¬5). بغير إذن تحرم المبارزة ... فالسلب المشهور ليست جائزة (¬6) أي: تحرم (¬7) المبارزة بغير إذن الأمير. ورخص فيها مالك والشافعيُّ وابن المنذر، لأنّ أبا قتادة قال: (بارزت رجلًا يوم حنين (¬8) فقتلته (¬9)) (¬10)، ولم يعلم أنه استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ولنا: أن الإمام أعلم بفرسانه (¬11) وفرسان عدوه، ومتى برز الإنسان إلى من لا يطيقه كان معرضًا نفسه للهلاك فتنكسر قلوب المسلمين، فينبغي ¬

_ (¬1) اللينة: النخلة الناعمة. انظر المفردات في غريب القرآن ص 457. (¬2) تصغير بئر وهي موضع منازل بني النضير اليهود بالمدينة. انظر معجم معالم الحجاز 1/ 260 وفي د البوره. (¬3) سقطت من جـ كلمة على. (¬4) البيت في ديوان حسان 1/ 210. وسرة جمع سري وهو الشريف في قومه، ومستطير: منتشرة، وإنما قال حسان: ذلك تعييرًا لقريش لأنهم كانوا أغروهم بنقض العهد ووعدوهم أن ينصروهم إن قصدهم النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬5) البخاري 7/ 256 ومسلمٌ برقم 1746 وأبو داود برقم 2615 والترمذيُّ برقم 3298. (¬6) في نظ بجائرة وفي ص، ك لست جائزة. (¬7) في أ، ب يحرم. (¬8) سقطت من جـ، ط كلمة حنين. (¬9) في الأزهريات وقتلته. (¬10) رواه عبد الرزاق في المصنف برقم 9476 والدارميُّ 2/ 229 ولفظه عنده: بارزت رجلًا فقتلته فنفلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سلبه. (¬11) في د، س أعلم بفرسان عدوه.

أن يفوض ذلك إلى الإمام أو الأمير ليختار (¬1) مبارزة من يرضاه لها، فيكون أقرب إلى الظفر وجبر (¬2) قلوب المسلمين وكسر قلوب الكافرين. وهذا بخلاف المنغمس في الكفار (¬3) فإنه يطلب الشهادة ولا يترقب (¬4) منه ظفر ولا مقاومة بخلاف المبارز فإن قلوب الجيش تتعلّق به وتترقب ظفره) (¬5) فافترقا. وقوله: فالسلب المشهور ليست جائزة يعني: أن من بارز (¬6) بغير إذن الإمام أو نائبه فقتل كافرًا لم يستحق سلبه على المشهور، قطع به في الإرشاد، لأنه عاص بفعله، وقطع في المغني بأنّه يستحقه، وهو ظاهر التنقيح والمنتهى والإقناع وغيرها لعموم الأدلة (¬7). ¬

_ (¬1) في ج، ط يختار وفي د، س والأمير يختار. (¬2) في النسخة التي اعتمد عليها الناشر وجه. (¬3) هو الذي يقتحم صفوف الكفار ويدخل بينهم للقتال، ويفارق المبارز بما ذكر المؤلف وبأن قلوب الجيش تتعلّق بالمبارز وتترقب ظفره فترتفع معنويتهم وتقوى قلوبهم بانتصاره وانكسار خصمه، وبالعكس يحدث العكس بخلاف المنغمس. وأجيب عن حديث أبي قتادة بأنّه كان بعد التحام الحرب رأى رجلًا يريد أن يقتل رجلًا من المسلمين فضربه أبو قتادة فالتف إليه وضمه ضمة كاد أبو قتادة أن يموت منها كما ذكر ذلك في رواية مسلم رقم 1751، وليست هذه هي المبارزة المختلف فيها بل المختلف فيها أن يبرز رجل من بين الصفين قبل التحام الحرب يدعو إلى المبارزة فهذا هو الذي يعتبر له إذن الإمام، لأنّ أعين الطائفتين تمتد إليهما، وقلوب الفريقين تتعلّق بهما، وأيهما غلب سر أصحابه، وكسر قلوب أعدائه، بخلاف ما ورد في قصة أبي قتادة. انظر المغني 10/ 395. (¬4) في د، س يتقرب. (¬5) ما بين القوسين سقط من النجديات، هـ، ط. (¬6) في أ، ب بارزه. (¬7) التي تدل على أن من قتل قتيلًا فله سلبه فمنها عند البخاري 6/ 177 ومسلمٌ برقم1751 عن أبي قتادة مرفوعًا: "من قتل قتيلًا له عليه بينة فله سلبه". وعن أبي قتادة مرفوعًا: "من قتل قتيلًا له عليه بينة فله سلبه". وعند أبي داود برقم 2721 عن عوف بن مالك وخالد بن الوليد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالسلب للقاتل ولم يخمس السلب. وانظر في ذلك المغني 10/ 419 - 421.

والعين قل (¬1) من ورق أو ذهب (¬2) ... غنيمة ولا تقل في (¬3) السلب يعني: المال الذي مع الكافر المقتول في المبارزة في هميانه (¬4) أو خريطته (¬5) من ذهب أو فضة مضروبة غنيمة وليس من السلب لأنه ليس من الملبوس ولا مما يستعين به في الحرب فهو كرحله وأثاثه (¬6) والسلب: هو ما (¬7) عليه من ثياب وحلي وسلاح (¬8) ودابة (¬9) بآلتها قاتل عليها، وهو للقاتل (¬10) المغرر بنفسه غير مخموس، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل قتيلًا فله سلبه غير مخموس" متفق عليه (¬11). والكافر الغازي مع الإمام ... بإذنه يرغب بالإسهام (¬12) أي: إذا غزا الكافر مع الإمام أو الأمير بإذنه فإنه يسهم له كالمسلم وبه قال الزهري والأوزاعي والثوري وإسحاق وهذا المذهب (¬13). ¬

_ (¬1) في نظ بل. (¬2) في نظ ود و. (¬3) في د فيها. (¬4) الهميان: المنطقة التي تحفظ فيها النقود ويطلق على تكة السروال والكمر. انظر النهاية 5/ 276. (¬5) في د س، هـ خريطه. (¬6) وبهذا قالت طائفة من المالكية قال في المنتقى 3/ 191: وأما السلب الذي يستحقه القاتل -بهذا القول- قال سحنون: قال أصحابنا: لا نفل في العين وإما هو الفرس وسرجه ولجامه وخاتمه ودرعه وبيضته ومنطقته في ذلك من رجليه إلى ساعديه وساقيه رأسه والسلاح ونحوه وحلية السيف تبع للسيف. (¬7) في جـ ط مما. (¬8) سقطت من د، س. (¬9) في س ثياب. (¬10) في حـ، ط وهو المقاتل. (¬11) سبق تخريجه ولفظه: (غير مخموس) ليست في الصحيحين. (¬12) في نظ الإِسلام. (¬13) واختاره ابن حبيب من المالكية قال الباجي في المنتقى 3/ 179: قال ابن حبيب: إذا أذن الإمام لقوم من أهل الذمة في الغزو معه أسهم بينهم وبين المسلمين.

وعنه لا يسهم له (¬1)، وهو مذهب أبى حنيفة ومالك والشافعيُّ، لأنه من غير أهل الجهاد كالعبد (¬2). ولنا: ما روى الزهري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعان بناس من اليهود في حربه فأسهم لهم، رواه سعيد في سننه (¬3)، وروي أن صفوان بن أمية خرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين وهو على شركه فأسهم له وأعطاه (من) سهم المؤلفة (¬4)، ولأن الكفر نقص في الدين فلم يمنع من استحقاق السهم لفسق بخلاف العبد فإن نقصه (¬5) في دنياه وأحكامه، وإن غزا بغير إذن الإمام لم يسهم له لأنه غير مأمون على الدين فهو كالمرجف (¬6) وشر منه. وتاجر بلا قتال قد (¬7) حضر ... وقعتنا بسهمه يقضي الوطر (¬8) وأسهم لحداد وللبيطار (¬9) (¬10) ... أيضًا وللخياط والمكارى كذاك للصباغ والإسكافي (¬11) ... ونحوهم بذاك نص وافي يعني: أن الغنيمة لمن شهد الوقعة وإن لم يقاتل، فيسهم لتاجر (¬12) ¬

_ (¬1) سقطت من أ، حـ ط. (¬2) انظر بدائع الصنائع 7/ 16 والكافي لابن عبد البر 1/ 475 ومغني المحتاج 3/ 105. (¬3) روى الترمذيُّ مرسلًا برقم 1858 وقال الزيلعيّ في نصب الراية 3/ 422 - 423: قال صاحب التنقيح: مراسيل الزهري ضعيفة، كان يحيى القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئًا ويقول هي بمنزلة الريح. (¬4) رواه الشافعي في الأم 4/ 177: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - استعان بصفوان وهو مشرك، وروى البيهقي 7/ 18 - 19: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه من سهم المؤلفة قلوبهم مائة من الإبل. (¬5) في النجديات، هـ، ط فإنه نقص. (¬6) المرجف: هو الذي ينقل الأراجيف وهي الأخبار الكاذبة التي توهن عزائم الجيش وتبث في نفوسهم الرعب من العدو. (¬7) في نظ بل. (¬8) في د س الوتر. (¬9) في نظ للحداد والبيطار. (¬10) البيطار: طبيب الدواب. انظر القاموس 1/ 374. (¬11) الإسكافي: الذي يصنع الخفاف، أو النجّار وكل صانع بحديدة .. القاموس 3/ 153. (¬12) في د، س فيهم كتاجر.

وحداد وبيطار ومكاري وصباغ وإسكافي ونحوهم. وقال القاضي: يسهم له إذا كان مع المجاهدين وقصد الجهاد فأما لغير ذلك فلا، واحتج ابن المنذر (¬1) بحديث سلمة بن الأكوع أنه كان (¬2) أجيرًا لطلحة حين أدرك عبد الرحمن بن عيينه حين أغار على سرح النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - سهم (¬3) الفارس والراجل (¬4). * * * لفرسين جوّز الإسهامًا ... ...................... أي: يسهم (¬5) لفرسين مع رجل، ولا يزاد عليهما لو كان معه أكثر فيعطي خمسة أسهم سهمًا له وأربعة لفرسيه إذا كانتا عربيتين (¬6). وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ: لا يسهم لأكثر من فرس واحد (¬7) لأنه لا يمكن أن يقاتل (¬8) على أكثر منها كالزائد على الفرسين (¬9). ¬

_ (¬1) لم يذكر المؤلف مذهب ابن المنذر وهو أنه يسهم له إذا شهد القتال فلعله تركه، لأنه اكتفى بما نقله عن القاضي ولا شك أن سلمة كان مع المجاهدين واشترك في القتال بل كان صاحب اليد الطولى في ذلك كما دلّ عليه الحديث. (¬2) سقطت من النجديات، ط. (¬3) سقطت من ط كلمة سهم. (¬4) رواه مسلم برقم 1807. (¬5) في ب سهم. (¬6) الإسهام لفرسين رأي الليث بن سعد وأبي يوسف وإسحاق، ذكر ذلك ابن حجر في فتح الباري 6/ 51. واستدل الكاساني في بدائع الصنائع 7/ 126 لقول أبي يوسف بأن المغازي تقع له الحاجة إلى فرسين يركب إحداهما ويجنب الآخر حتى إذا أعيا المركوب عن الكر والفر تحول إلى الجنيبة. (¬7) في النجديات، ط واحده. (¬8) في هـ قال. (¬9) انظر بدائع الصنائع 7/ 126 والكافي لابن عبد البر 1/ 475 ومغني المحتاج 3/ 104.

ولنا: ما روى الأوزاعي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسهم للخيل، وكان لا يسهم للرجل فوق فرسين، وإن كان معه عشرة أفراس، وعن أزهر (¬1) بن عبد الله أن عمر بن الخطّاب كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح أن يسهم للفرس سهمين وللفرسين أربعة أسهم ولصاحبها سهم، فذلك خمسة أسهم وما كان فوق الفرسين فهي (¬2) جنائب (¬3)، رواهما سعيد (¬4)، ولأن به إلى الثاني حاجة فإن إدامة ركوب واحد يضعفه ويمنع القتال عليه (¬5) فيسهم له كالأول بخلاف الثالث فإنه مستغنى (¬6) عنه. * * * ...................... ... وللبعير أسهم ولا ملامًا (¬7) إن لم يكن له (¬8) سواه فرسًا ... في النص والشيخان في ذا عكسًا قال الخرقي: (من غزا على بعير لا يقدر على غيره قسم له ولبعيره سهمان) (¬9). وروى عن أحمد أنه يسهم للبعير سهم ولم يشترط عجز صاحبه عن غيره، وحكى نحو هذا عن الحسن لقوله تعالى: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ ¬

_ (¬1) في د، س أزهد. (¬2) في د فهو. (¬3) قال في النهاية 1/ 303 الجنب بالتحريك في السباق أن يجنب فرسًا إلى فرسه الذي يسابق عليه فإذا فتر المركوب تحول إلى المجنوب. (¬4) سنن سعيد بن منصور 2/ 304 أما الأوّل فقال عنه الحافظ في التلخيص 3/ 107: معضل، وأما الثاني فقال فيه الألباني في إرواء الغليل 5/ 67: منقطع بلا ريب. (¬5) في ط عليهم. (¬6) في د يستغني. (¬7) في نظ، ب، ط ملالًا. (¬8) سقط من أ، جـ. (¬9) مختصر الخرقي مع المغني 10/ 448.

وَلَا رِكَابٍ} [الحشر:6] (¬1)، ولأنه حيوان تجوز (¬2) المسابقة عليه (¬3) فيسهم له كالفرس. واختار أبو الخطاب والشيخان وغيرهم وأكثر الفقهاء لا يسهم له وقطع به في التنقيح والإقناع والمنتهى، قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن (¬4) من غزا على بعير فله سهم راجل (¬5)، كذلك قال الحسن ومكحول والثوري والشافعيّ وأصحاب الرأي (¬6)، لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينقل عنه أنه أسهم لغير الخيل من البهائم، وقد كان معه يوم بدر سبعون بعيرًا (¬7)، ولم تخل غزاة من غزواته من الإبل، بل هي غالب دوابهم وكذا خلفاؤه من بعده وغيرهم مع كثرة غزواتهم، ولم ينقل عن أحد منهم فيما علمناه أنه أسهم لبعير، ولو أسهموا لم يخف، ولأنه لا يمكن صاحبه الكر والفر فهو كالبغل. وبالغ القاضي في الأحكام ... قال: كذاك الفيل في الإسهام أي قال القاضي أبو يعلى في الأحكام السلطانية: إن الفيلة حكمها حكم الهجين (¬8) لها سهم. والمذهب خلافه؛ لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يسهم لها ولا أحد من خلفائه؛ ولأنها لا تجوز المسابقة عليها بعوض فلم يسهم لها كالبقر (¬9). ¬

_ (¬1) وأوجفتم من الوجيف وهو سرعة السير والركاب الإبل. انظر تفسير أبي السعود 5/ 301. (¬2) في ط، جـ يجوز. (¬3) المراد المسابقة بعوض. (¬4) سقطت من د. (¬5) الإجماع 6، وانظر الهداية لأبي الخطاب 1/ 118 المقنع 1/ 506. (¬6) انظر الأم 4/ 69 وحاشية ابن عابدين 4/ 148، والكافي لابن عبد البر 1/ 475. (¬7) روى ذلك ابن إسحاق في السيرة. انظر سيرة ابن هشام 2/ 186. (¬8) الهجين من الخيل: من كان أبوه عتيقًا وكانت أمه غير عتيقة. انظر النهاية 5/ 248. (¬9) في النجديات، س، ط البقرة.

والفرس المعار والمغتصبة ... بسهمها المالك يقضي أربه (¬1) يعني: أن سهم الفرس المعار والمغصوب لمالكه دون المستعير والغاصب (¬2)؛ لأنه من نمائه فأشبه ولده (¬3)، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل للفرس سهمين (¬4) وما كان للفرس فهو لمالكه وهذا في المعار رواية. والصحيح من المذهب أن سهمه للمستعير قطع به في الإقناع والمنتهى وغيرهما، لأن سهم الفرس مستحق بمنفعته وهي (¬5) للمستعير بإذن المالك فيها فهو كالمستأجر. وفارق النماء فإنه غير مأذون له (¬6) فيه، وإن استعاره لغير الغزو فغزا به فهو كالمغضوب. تنبيه: اسم الجنس يذكر ويؤنث قال تعالى: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} [القمر: 20] وفي أخرى {خَاوِيَةٍ} [الحاقة: 7]، وقد اجتمعا (¬7) في قول الناظم معار ومغتصبة. وفرس السيد إن غزا بها ... مملوكه فارضخ له وأسهم لها ¬

_ (¬1) في نظ يقطي ر. (¬2) وهذا أحد قولي ابن القاسم من المالكية في الفرس المستعار قال الحطاب في مواهب الجليل 3/ 372: فرعان. الأوّل: في سهم الفرس المستعار هل هو لربه أو للمستعير قولان: الأوّل: أحد قولي ابن القاسم، والثاني: لمالك وأحد قولي ابن القاسم. أ. هـ أما المغصوب الذي مالكه في الجيش وليس له فرس سواه فهل يكون سهمه للغاصب أو لمالكه؟ قولان عزاهما اللخمي لابن القاسم، وإن كان له سواه فسهمه لغاصبه وعليه أجرة المثل، وكذا لو غصبه من أرض الإِسلام ولم يشهد صاحبه الوقعة ذكر ذلك ابن يونس عن سحنون. انظر التاج والإكليل 3/ 72. (¬3) سقطت الواو من ط. (¬4) أبو داود برقم 2733، 2734، 2735 والنسائيُّ 6/ 228. (¬5) في النجديات، ط بنفقته وهو. (¬6) سقطت من الأزهريات. (¬7) في ط اجتمعتا.

أي: إن غزا العبد على فرس سيده. رضخ للعبد فيعطيه الإمام باجتهاده شيئًا غير مقدر (¬1)، ويسهم للفرس إن لم يكن مع سيده فرسان سواها (¬2) نص عليه. (و) (¬3) قال أبو حنيفة والشافعيُّ: لا يسهم للفرس لأنها تحت من لا يسهم له، فلم يسهم له كما لو كان (¬4) تحت مخذل (¬5). ولنا: أنه فرس حضر الوقعة وقوتل عليه فأسهم له كما لو كان السيد راكبه (¬6) وسهم الفرس ورضخ العبد للسيد لأنه مالكه ومالك فرسه. وسواء حضر السيد القتال أو غاب عنه، وفارق فرس المخذل لأنّ الفرس له، فإذا لم يستحق شيئًا بحضوره فلئلا (¬7) يستحق بحضور فرسه أولى. يجوز للإمام بعد الخمس ... تنفيله (¬8) بثلث أو سدس أي: يجوز للإمام أو نائبه إذا دخل دار الحرب غازيًا بعث سرية تغير على العدو ويجعل لهم الربع فأقل بعد الخمس، وإذا رجع بعث سرية تغير ويجعل لهم الثلث فأقل بعد الخمس (¬9)، فما قدمت به السرية أخرج خمسه ¬

_ (¬1) هذا هو تفسير الرضخ في باب قسمة الغنائم. (¬2) في جـ، ط سواهما. (¬3) ما بين القوسين من ب. (¬4) في النجديات، ط كانت. (¬5) انظر البحر الرائق 5/ 97 والمجموع 19/ 30 - 363 ولم أجد هذه المسألة بنصها. (¬6) في ب، جـ راكب. (¬7) في ط فلأن. (¬8) التنفيل من النفل وهو الزيادة وهو هنا تخصيص من له أثر في الحرب بشيء من المال زيادة على نصيبه من الغنيمة .. انظر فتح الباري 6/ 169. (¬9) زيد في الرجعة على البدء لمشقة الرجعة، لأنّ الجيش في البدء ردء للسرية بخلاف الرجعة، ولأن في الرجعة يشتاقون إلى أهليهم فالخروج مع السرية أكثر مشقة. انظر كشاف القناع 3/ 68 وعون المعبود 7/ 425.

ثم أعطى السرية ما جعله لها ثم قسم سائره في الجيش والسرية معه وبهذا قال حبيب بن مسلمة (¬1)، والحسن والأوزاعي وجماعة من أهل العلم (¬2) (¬3). وقال سعيد بن المسيّب ومالك: لا نفل إلا من الخمس (¬4). وقال الشافعي: يخرج من خمس الخمس لما روى ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية فيها عبد الله بن عمر فغنموا إبلًا كثيرًا فكانت سهمانهم اثني (¬5) عشر بعيرًا، ونفلوا بعيرًا بعيرًا، متفق (¬6) عليه؛ ولو أعطاهم من الأربعة الأخماس (¬7) التي هي لهم لم تكن نفلًا وكانت (¬8) من سهمانهم (¬9). ولنا: ما روى حبيب بن مسلمة (¬10) الفهري قال: شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفل الربع في البدأة والثلث في الرجعة، وفي لفظ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفل الربع بعد الخمس والثلث بعد الخمس إذا قفل. رواهما أبو داود (¬11). وعن عبادة بن الصامت: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينفل (¬12) في البدأة الربع وفي القفول ¬

_ (¬1) في النجديات، ط سلمه. (¬2) سقط من النجديات، ط من أهل العلم. (¬3) وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية قال في الفتاوى 27/ 271: وكان ينفل السرية في البداية الربع بعد الخمس وفي الرجعة الثلث بعد الخمس وهذا النفل قال العلماء: إنه يكون من الخمس، وقال بعضهم: إنه يكون من خمس الخمس لئلا يفضل بعض الغانمين على بعض، والصحيح أنه يجوز من أربعة الأخماس وإن كان فيه تفضيل بعضهم على بعض لمصلحة دينية لا لهوى النفس كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير مرة. أ. هـ. (¬4) انظر الكافي لابن عبد البر 1/ 475. (¬5) في النجديات اثنا عشر وهو خطأ لأنه خبر كان. (¬6) البخاري 6/ 169 ومسلمٌ برقم 1749. (¬7) في النجديات أخماس وفي د، س أربعة أخماس. (¬8) في النجديات، ط كان. (¬9) انظر الأم 4/ 68 ومغني المحتاج 2/ 102. (¬10) في النجديات سلمة. (¬11) أبو داود برقم 2749، 2750 وإسنادهما صحيح. (¬12) في د يفعل.

الثلث (¬1). رواه الترمذيُّ، وقال: حديثٌ حسنٌ غريب (¬2)، وما ثبت للنبي- صلى الله عليه وسلم - ثبت للأئمة بعده ما لم يقم على تخصيصه به دليل. وأما حديث ابن عمر فهو حجة عليهم فإن بعيرًا على اثني عشر بعيرًا يكون جزءًا من ثلاثة عشر وخمس الخمس جزء من خمسة وعشرين وجزء من ثلاثة عشر أكثر، فلا يتصور أخذ الشيء من أقل منه فيتعين أن يكون (¬3) من غيره، على أن ما رويناه صحيح (¬4) صريح في الحكم فلا يعارض بشيء مستنبط يحتمل غير ما حمّله من استنبطه. ولا يجوز أن ينفل (¬5) أكثر من الثلث لأنّ نفله -عليه السلام- انتهى إليه فينبغي أن لا يتجاوزه (¬6). من غل من غنيمة لذلّه ... عقابه إحراق كل رحله إلَّا سلاحًا حيوانًا مصحفًا ... ...................... الغال: الذي يكتم ما أخذه (¬7) من الغنيمة أو بعضه ولو قل فلا يطلع الإمام عليه ولا يطرحه في الغنيمة فحكمه أن يحرق رحله كله إلا ما استثني، وبه قال الحسن وفقهاء الشام منهم مكحول والأوزاعي والوليد بن هشام ويزيد بن يزيد بن جابر (¬8). وأتي سعيد بن عبد الملك بغال فجمع ماله وأحرقه وعمر بن ¬

_ (¬1) كررت في د، س. (¬2) الترمذيُّ مع التحفة 5/ 176 وليس في النسخة التي رجعنا إليها كلمة غريب وقال في التحفة 5/ 177: وأخرجه أحمد وابن ماجة وصححه ابن حبّان. (¬3) في د، س آن لا يكون. (¬4) سقطت من النجديات، هـ، ط. (¬5) في ط ينقل. (¬6) في النجديات، ط يجاوزه. (¬7) في النجديات، هـ، س، ط يأخذه. (¬8) ويرى شيخ الإِسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أن تحريق رحل الغال من باب التعزير دون الحد الواجب وهو راجع إلى اجتهاد الإمام حسب المصلحة، فإنه - صلى الله عليه وسلم - حرق وترك وكذلك خلفاؤه من بعده. انظر الاختيارات 314 وزاد المعاد 2/ 66.

عبد العزيز حاضر فلم يعبه، وقال يزيد بن يزيد بن جابر: السنة في الذي يغل أن يحرق رحله رواهما سعيد في سننه (¬1). وقال أبو حنيفة ومالك والليث والشافعيُّ: لا يحرق (¬2)؛ لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحرق في خبر رواه أبو داود (¬3)، ولأن إحراق المتاع إضاعة له (¬4) وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال (¬5). ولنا: ما روى صالح بن محمَّد بن زائدة قال: دخلت مع مسلمة أرض الروم فأتي برجل قد غل فسأل سالمًا عنه فقال: سمعت أبي يحدث عن عمر بن الخطّاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وجدتم الرجل قد غل فاحرقوا متاعه واضربوه"، قال (¬6): فوجدنا في متاعه مصحفًا فسأل سالمًا عنه فقال: "بعه وتصدق بثمنه"، رواه سعيد وأبو داود والأثرم (¬7)، وروى عمرو بن ¬

_ (¬1) الأثر الأوّل في سنن سعيد 2/ 291 وأما أثر يزيد بن يزيد بن جابر فلم أره في المطبوع من سنن سعيد بل الذي عنده عن الحسن ولفظه: (حدثنا سعيد قال: نا خالد بن عبد الله عن يونس عن الحسن في الذي يغل قال: يحرق رحله. وقد روى عبد الرزاق في مصنفه برقم 9511 عن ابن عيينه عن يزيد بن يزيد بن جابر عن مكحول قال في الذي يغل يجمع رحله ويحرق). (¬2) انظر عمدة القاري 15/ 7 - 8 والكافي لابن عبد البر 1/ 472 - 473 والأم 4/ 167. (¬3) أبو داود برقم 2712 وهو عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أصاب غنيمة أمر بلالًا فنادى في الناس فيجيئون بغنائمهم فيخمسه ويقسمه، فجاء رجل يومًا بعد النداء بزمام من شعر فقال: يا رسول الله، هذا كان فيما أصبناه من الغنيمة، فقال: "أسمعت بلالًا ينادي ثلاثًا"؟ قال: نعم، قال: "فما منعك أن تجيء به"، فاعتذر إليه فقال: كلا، أنت تجيء به يوم القيامة فلن أقبله عنك. وإسناده حسن وهو عند أحمد في الفتح الرباني 14/ 93 - 94. (¬4) في النجديات، ط مال. (¬5) وذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات، وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال". رواه البخاري 2/ 575 وأحمدُ في المسند 2/ 327. (¬6) في النجديات، هـ، ط فقال. (¬7) سعيد بن منصور 2/ 292 وأبو داود برقم 2713 والترمذيُّ برقم 1461 وقال الترمذيُّ: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وسألت محمدًا -يعني البخاري- عن هذا الحديث فقال: إنما روى هذا صالح بن محمَّد بن زائدة وهو أبو واقد الليثي وهو=

شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر أحرقوا متاع الغال (¬1). وأما حديثهم فلا حجة لهم فيه فإن الرجل يعترف أنه أخذ ما أخذه على وجه الغلول وما أخذه لنفسه، وإنما توانى في المجيء به، وليس الخلاف فيه، ولأن الرجل جاء به من عند نفسه تائبًا معتذرًا، والتوبة تجب (¬2) ما قبلها. وأما النهي عن إتلاف المال فمقيد (¬3) بعدم المصلحة. ولا يحرق السلاح لأنه يحتاج (¬4) إليه في القتال، ولا الحيوان لحرمته، ولا المصحف لحرمته أيضًا ولا نفقته، ولا ثيابه التي عليه ولا آلة دابته، ولا كتب علم، ولا ما لا تأكله النار، ويكون ذلك كله للغال، ويؤخذ ما غله للمغنم، فإن تاب بعد القسمة رد (¬5) خمسه للإمام وتصدق بالباقي نص عليه. ...................... ... وسهمه يحرمه (¬6) عند الوفا أي: يحرم الغال سهمه فلا يعطاه عقوبة له اختاره الآجري. والصحيح من المذهب أنه يعطى سهمه قدمه في المغني والشرح ونصراه (وقدمه) (¬7) في الفروع وصححه في النظم وقطع به في الإقناع والمنتهى؛ لأنّ سبب الاستحقاق (¬8) موجود (¬9) ولم يثبت حرمان سهمه في ¬

_ = منكر الحديث قال محمَّد: وقد روى في غير حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يأمر فيه بحرق متاعه وقال: هذا حديث غريب. أ. هـ. (¬1) أبو داود برقم 2715. (¬2) في أ، جـ تجبه. (¬3) في ب، جـ، ط فقيد. (¬4) في د محتاج. (¬5) في د، ورد. (¬6) في د، س يحرم. (¬7) ما بين القوسين من ب وفي هـ ونصره في الفروع. (¬8) وهو حضور المعركة بقصد القتال. (¬9) في ب موعود.

خبر ولا دلّ عليه قياس، ولا يحرق سهمه لأنه ليس من رحله. إن (¬1) أدرك المسلم عين ماله ... بعد اقتسام الغنم وانفصاله إن بيع (¬2) فهو أولى به بالثمن ... وليس بالقيمة خذ بالأحسن إذا أخذ أهل الحرب أموال المسلمين ثم أخذها المسلمون منهم قهرًا وأدركها أربابها بعد القسمة فهم (¬3) أحق بها بثمنها، وكذا لو أخذ (ها) (¬4) أحد الرعية بثمن فصاحبها أحق بها بثمنها وهذا قول الثوري والأوزاعي (¬5). وقال أبو حنيفة ومالك: يأخذ (ها) (¬6) بالقيمة (¬7) (¬8). وقال الشافعي وابن المنذر: يأخذها صاحبها ويعطى (¬9) مشتريها ثمنها من خمس المصالح، لأنه لم يزل عن ملك صاحبه فوجب أن يستحق أخذه بغير شيء كما قبل القسمة (¬10). ولنا: ما روي أن عمر كتب إلى السائب أيّما رجل من المسلمين أصاب رقيقه و (¬11) متاعه بعينه فهو أحق به من غيره، وإن أصابه في أيدي التجار بعد ما اقتسم فلا سبيل إليه. وقال سلمان بن ربيعة: إذا قسم فلا ¬

_ (¬1) في د، وإن. (¬2) في نظ يباع وفي ب ببيع وفي الأزهريات أبيع. (¬3) في النجديات، طا فهو. (¬4) ما بين القوسين من ب. (¬5) وهو قول لمالك قال في المدونة 2/ 14: (وأما ما ذكرت من أموال أهل الإِسلام فقد أخبرتك فيه بما قال مالك أنه إن أدركه قبل القسمة أخذه بغير شيء وإن أدركه بعد ما قسم كان أولى به بالثمن، وإن عرف أنه مال لأهل الإِسلام ردوه إلى أهله ولم يقتسموه إن عرفوا أهله، وإن لم يعرفوا أهله فليقتسموه. (¬6) ما بين القوسين من ب. (¬7) في ب، طا بالغنيمة وهو تصحيف. (¬8) انظر فتح القدير 6/ 7 والكافي لابن عبد البر 1/ 474. (¬9) في جـ تعطي. (¬10) انظر مختصر المزني 5/ 189. (¬11) في النجديات، ط أو.

حق له فيه، رواهما سعيد (¬1) في سننه، ولأنه إجماع قال أحمد: إنما قال الناس فيها قولين، إذا اقتسم فلا شيء له وقال قوم: إذا اقتسم فهو له بالثمن، فأما أن يكون له بعد القسمة بغير ذلك فلم يقله أحد، متى انقسم أهل (¬2) العصر في حكم (¬3) على قولين لم يجز إحداث قول ثالث لمخالفته الإجماع. وقولهم: لم يزل ملك صاحبه عنه ممنوع بل يملك أهل الحرب ما لنا بالقهر. إذا أخذت من نصارى تغلب ... مثلي زكاة مسلم بالنصب فخذ من الصبي والمجنون ... كنسوة وأضرب عن المجنون بنو تغلب بن وائل من العرب من ولد ربيعة بن نزار انتقلوا في الجاهلية إلى النصرانية فدعاهم عمر إلى بذل الجزية (¬4) فأبوا وأنفوا (¬5) وقالوا: نحن عرب خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض باسم الصدقة، فقال عمر: لا آخذ من مشرك صدقة، فلحق بعضهم بالروم، فقال النعمان بن زرعة: يا أمير المؤمنين، إن القوم لهم بأس وشدة وهم عرب يأنفون من الجزية فلا تعن عليك عدوك بهم، وخذ منهم الجزية باسم الصدقة، فبعث عمر في طلبهم فردهم وضعف عليهم من الإبل من كل خمس شاتين، ومن كل ثلاثين بقرة تبيعين (¬6) ومن كل عشرين دينارًا دينارًا، ومن كل مأتي درهم ¬

_ (¬1) سنن سعيد بن منصور 2/ 311، 212 وفي سند الأثر الأوّل عثمان بن مطر الشيباني وهو ضعيف انظر ميزان الاعتدال 3/ 53 وسلمان بن ربيعة المذكور صحابي وهو أول قاض في البصرة وستأتي ترجمته في فهرس التراجم إن شاء الله. (¬2) سقطت من هـ. (¬3) في أ، ط ومتى أنفسم اقتصر على قولين وفي د، س ومتى انقسم انقصر. (¬4) الجزية: هي المال المأخوذ من الذمي على وجه الصغار كل عام بدلًا من قتلهم وإقامتهم بدارنا. انظر كشاف القناع 3/ 117. (¬5) من الأنفة: أي: كرهته نفوسهم ترفعًا عنه وشرفًا. انظر النهاية 3/ 76. (¬6) في النجديات والأزهريات تبيعان والتبيع من البقر: ما له سنة احدة.

عشرة دراهم، وفيما سقت السماء الخمس، وفيما سقي بنضح (¬1) أو غرب (¬2) أو دولاب (¬3) العشر (¬4)، فاستقر ذلك من قول عمر، ولم يخالفه أحد من الصحابة فصار إجماعًا، وفي معناهم من تهود أو تنصر أو تمجس من العرب، فيؤخذ مثل ذلك من مال من تؤخذ منه الزكاة كما لو كان مسلمًا، وبه قال أبو حنيفة وأبو عبيد (¬5) وذكر أنه قول أهل الحجاز (¬6): فتؤخذ من نسائهم وصبيانهم ومجانينهم ومكافيفهم (¬7) وشيوخهم إلا (¬8) أن أبا حنيفة لا يوجب الزكاة في مال صبي ولا مجنون إلا من الأرض خاصة فكذا في صبيانهم ومجانينهم (¬9). وقال الشافعي: (لا يؤخذ ممّن لا جزية عليه كالنساء والصبيان والمجانين لأنه جزية لا زكاة (¬10)، قال الموفق (¬11): وهذا أقيس (¬12)، وحجة أصحابنا أنهم سألوا عمر أن يأخذ منهم ما يأخذ بعضكم (¬13) من بعض ¬

_ (¬1) النضح: في اللغة الرش ويطلق على السقي والمراد به هنا السقي بواسطة السانية والنواضح الإبل التي يستقى عليها. انظر النهاية 5/ 69 والقاموس 1/ 253. (¬2) الغرب: الدلو العظيمة التي تتخذ من جلد ثور. انظر النهاية 3/ 349. (¬3) الدولاب: آلة كالناعورة يستقى بها الماء وهي معربة. انظر القاموس 1/ 66. (¬4) هذا أثر أخرجه أبو عبيد في الأموال 36/ 65: ورواه البيهقي 9/ 216 وليس عندهما: من الإبل من كل خمس إلى آخره وقد رأيت بعضه تفسيرًا لأبي عبيد لمعنى التضعيف في الأثر وذلك في كتابه الأموال ص 38. (¬5) في ط عبيده. (¬6) انظر الأموال 37. (¬7) سقطت من النجديات، هـ، ط. (¬8) في أ، حـ، ط لأنّ. (¬9) انظر حاشية ابن عابدين 4/ 216. (¬10) المنهاج مع شرحه مغني المحتاج 4/ 252. (¬11) المغني 10/ 592. (¬12) هو الصحيح: إن شاء الله لا سيما، وقد قال عمر -رضي الله عنه- كما نقل المؤلف: (هؤلاء حمقى رضوا بالمعنى وأبو الاسم) وقال النعمان في الأثر السابق: وخذ منهم الجزية باسم الصدقة. (¬13) في النجديات، ط بعضهم.

فأجابهم عمر إليه بعد الامتناع منه، والذي يأخذه بعضنا من بعض هو الزكاة من أي: مال زكوي (¬1) لأي مسلم كان صغير وكبير وصحيح ومريض (¬2) كذلك المأخوذ من بني تغلب ولأن نساءهم وصبيانهم صينوا عن السبي بهذا الصلح ودخلوا في حكمه فجاز أن يدخلوا في الواجب به كالرجال العقلاء) ولا يؤخذ ذلك من غير زكوي كالرقيق والدور ... وتغلب بفتح التاء المثناة فوق وكسر اللام اسم قبيلة، والمجون: اللعب، ومصرف ما يؤخذ منهم كجزية (¬3)؛ لأنه (¬4) جزية مسماة بالصدقة، قال عمر: هؤلاء حمقى (¬5) رضوا بالمعنى وأبو الاسم (¬6) (¬7) يحققه أن الزكاة طهرة وهؤلاء لا طهرة لهم. والكافر التاجر إن مر على ... عاشرنا يأخذ عشرًا انجلًا (¬8) حتى ولو لم ذا عليهم شرطًا ... أو لم يبيعوا عندنا ما سقطا (¬9) أو لم يكونوا يفعلوا ذاك بنا ... هذا هو الصحيح في (¬10) مذهبنا يعني: إذا اعتبر الكافر إلينا أخذ منه العشر مطلقًا جزم به في الواضح. والصحيح من المذهب أن الحربي يؤخذ منه العشر، والذمي (¬11) يوخذ ¬

_ (¬1) في د زكي. (¬2) كذا جاءت عبارة المصنف في جميع النسخ وكان الأصح أن تكون هذه الأسماء منصوبه به لأنها خبر كان وما عطف عليه ولعله قد سقط حرف (من) قبل لفظ صغير وهو في عبارة المغني الذي نقل منه المؤلف. (¬3) في ب مصرف الجزية. (¬4) في طا لأنّ. (¬5) في ط حمقاء. (¬6) في د س الإِسلام. (¬7) ذكره الموفق في المغني 10/ 592 عن الشافعي ولم أجده له وقد استقصى الزيلعيّ في نصب الراية 2/ 363 روايات تضعيف الجزية علي بني تغلب ولم يذكره. (¬8) في جـ انخلى. (¬9) في نظ أو لم يبيع عندنا فأسقطا. (¬10) في أد شطب عليها وكتب بدلًا منها من. (¬11) في جـ، الذي.

منه نصف العشر سواء شرط عليهم أم لا، باعوا عندنا أم لا، فعلوا ذلك بنا إذا اتجرنا (¬1) إليهم أم لا. وقال أبو حنيفة: لا يؤخذ منه شيء إلا أن يكونوا يأخذون منا شيئًا فنأخذ منهم مثله (¬2) لما روي عن أبي مجلز قال: قالوا لعمر: كيف (¬3) نأخذ من أهل الحرب إذا قدموا علينا؟ قال (¬4): كيف يأخذون منكم إذا دخلتم إليهم؟ قالوا: العشر، قال: فكذلك خذوا منهم (¬5). وقال الشافعي في الحربي: إذا دخل إلينا لتجارة لا يحتاج إليها المسلمون لم (¬6) يأذن له الإمام إلا بعوض يشرطه، وما شرطه جاز. ويستحب أن يشترط (¬7) العشر ليوافق فعل عمر، فإن أذن من غير شرط لم يأخذ شيئًا (¬8)، لأنه أمان من غير شرط فلم يستحق به شيئًا كالهدنة. وقال في الذمي: ليس عليه إلا الجزية، إلا أن يدخل أرض الحجاز فينظر في حاله فإن كان لرسالة أو نقل (¬9) ميرة أذن له بغير شيء، وإن كان بتجارة لا حاجة بأهل الحجاز إليها لم يأذن له إلا أن يشترط عليه عوضًا بحسب ما يراه، والأولى أن يشترط نصف العشر لفعل عمر (¬10). ولنا: ما روى أبو داود (¬11) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس على المسلمين ¬

_ (¬1) في جـ إذا اتجر. (¬2) انظر الفتح القدير 2/ 228 - 229. (¬3) في د، س قالوا كيف. (¬4) في د، س قالوا. (¬5) الأموال لأبي عبيد 68. (¬6) سقطت من حـ وفي ط لا. (¬7) في النجديات، هـ، ط يشرط. (¬8) في ب، جـ، ط لم يؤخذ شيء. (¬9) في حـ برة وفي أنقل مسيرة. (¬10) انظر المهذب مع تكملة المجموع 19/ 428، 428، 429، 438. (¬11) أبو داود برقم 3049 وهو عن رجل من بني تغلب أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد رواه البخاري في التاريخ وذكر فيه اضطرابًا وقال: لا يتابع عليه. انظر نيل الأوطار 8/ 70.

عشور إنما العشور على اليهود والنصارى". وروى أبو عبيد في كتاب الأموال (¬1) بإسناده عن لاحق بن حميد: "أن عمر بعث عثمان بن حنيف إلى الكوفة فجعل (¬2) على أهل الذمة في أموالهم الذين (¬3) يختلفون فيها في كل عشرين درهمًا درهمًا"، وهذا كان بالعراق واشتهر ذلك فيما بين الصحابة وعمل به الخلفاء بعده والأئمة في كل عصر فأي إجماع أقوى من هذا، ولم ينقل أنه شرط عليهم ذلك عند دخولهم ولا يثبت بالظن من غير نقل، ولم يأت تخصيص الحجاز بنصف العشر في شيء من الأحاديث. وأما سؤال عمر عما يأخذون منا فإنما كان لأنهم سألوا عن كيفية الأخذ ومقداره، ثم استمر الأخذ من غير سؤال، ولو تقيد أخذنا منهم بأخذهم منا لوجب أن يسأل عنه في كل وقت (¬4). ولا فرق في ذلك بين التغلبي وغيره ولا بين الرجل والمرأة، والكبير والصغير، ويمنعه الدين كزكاة، ولا يؤخذ من غير مال التجارة (¬5) ولا من أقل من عشرة دنانير ولا أكثر من مرة كل عام. والأرضون عنوة إن (¬6) فتحت ... فللإمام خيرة ما (¬7) رجحت من قسمها مع (¬8) جملة الغنيمة ... أو (¬9) وقفها فذاك لا ظليمة (¬10) أرض العنوة: هي ما أجلي (¬11) عنها أهلها بالسيف، فيخير الإمام بين ¬

_ (¬1) الأموال 639. (¬2) في د، س فيجعل. (¬3) في كتاب الأموال 639 التي وهو أصح مما ذكر المؤلف لأنّ الذين اسم موصول خاص بالجمع المذكر العاقل. (¬4) سقطت من د، س. (¬5) في النجديات، هـ، ط تجارة. (¬6) في نظ أو. (¬7) في نظ و. (¬8) في د من. (¬9) في د، س ووقفها. (¬10) في النجديات، هـ، ط في ذاك لا ظليمة. (¬11) في د، س أجلوا.

قسمها ووقفها على المسلمين، ويضرب عليها خراجًا مستمرًا يؤخذ ممّن هي في يده يكون أجرة لها في كل عام (¬1)، وتقر في أيدي أربابها يتوارثونها ما داموا يؤدون خراجها مسلمين كانوا أو من أهل الذمة، ولا يسقط خراجها بإسلام أربابها ولا بانتقالها إلى مسلم، لأنه بمنزلة أجرتها، قال في الشرح (¬2): ولم نعلم أن شيئًا مما (¬3) فتح عنوة قسم بين الغانمين إلا خيبر، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم نصفها فصار لأهله لا خراج عليه، وسائر ما فتح عنوة مما فتحه عمر ومن بعده كأرض الشام والعراق ومصر وغيرها لم يقسم منه شيء. فروى أبو عبيد (¬4) في كتاب الأموال أن عمر قدم الجابية (¬5) فأراد (¬6) قسم الأرضين بين المسلمين فقال له معاذ: والله إذن ليكونن ما تكره إنك إن قسمتها اليوم صار الريع العظيم في أيدي القوم ثم يبيدون (¬7) ويصير ذلك إلى الرجل الواحد والمرأة، ثم يأتي من بعدهم قوم يسدون من الإِسلام مسدًا، وهم لا يجدون شيئًا فانظر أمرًا يسع (¬8) أولهم وآخرهم فصار عمر إلى قول معاذ (¬9). وروى أيضًا قال: قال الماجشون: قال بلال: لعمر بن الخطّاب في ¬

_ (¬1) وهذا مذهب الحنفية قال في الهداية 5/ 469 - 471: وإذا فتح الإمام بلدًا عنوة فهو بالخيار إن شاء قسمه بين الغانمين كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر، وإن شاء أقر أهله عليه ووضع عليهم الجزية وعلى أرضهم الخراج كذلك فعل عمر -رضي الله عنه- بسواد العراق بموافقة من الصحابة ولم يحمد من خالفه. (¬2) الشرح الكبير 10/ 538. (¬3) في النجديات ممّن. (¬4) في ط عبيدة. (¬5) الجابية: مركز على مسافة يوم جنوب غرب دمشق وفيها كانت إمارة الغساسنة قبل الإِسلام. (¬6) في النجديات، ط وأراد. (¬7) في أ، جـ، طا يبدون. (¬8) في د لبيع وفي س ليسع. (¬9) الأموال 59.

القرى التي افتتحها عنوة اقسمها بيننا وخذ خمسها، فقال عمر: لا هذا عين المال، ولكني (¬1) أحبسه فيئًا يجري عليهم وعلى المسلمين، فقال بلال وأصحابه: أقسمها بيننا، فقال عمر: اللَّهم اكفني بلالًا وذويه قال: فما حال الحول ومنهم عين تطرف (¬2). وروى أيضًا أن عمرو بن العاص كتب إلى عمر -رضي الله عنهما- في أرض مصر فكتب إليه عمر أن دعها حتى يغزو منها حبل الحبلة (¬3). وقال مالك وأبو ثور: يجب قسمها لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك، وفعله أولى من فعل غيره (¬4). وأجيب بأن عمر وقفها مع علمه بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فدلّ على أن فعله ذلك لم يكن متعينًا كيف والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد (¬5) وقف نصف خيبر (¬6)، ولو كانت (¬7) للغانمين لم يكن له وقفها، وهذا قول الثوري وأبي عبيد (¬8). ¬

_ (¬1) سقطت من د، س. (¬2) الأموال 58 وقال في القاموس 3/ 167 ما بقي منهم عين تطرف أي ماتوا وقتلوا. (¬3) مسند الإمام أحمد 1/ 166، وفي سنده عبد الله بن لهيعة وهو ضعيف وراو آخر لم يسم، ومعنى الأثر في لسان العرب لابن منظور حتى يغزو منها أولاد الأولاد، وذكر أن حبل الحبلة لفظ عام يطلق على الإنسان وعلى الدواب، وقد نهى الشرع عن بيع حبل الحبلة وهو بيع ولد الجنين أو البيع إلى أن يلد الجنين لما فيه من الغرر فهو بيع شيء لم يخلق بعد أو لأنّ الأجل فيه مجهول. انظر مادة حبل في لسان العرب 11/ 140. (¬4) الذي في الكافي لابن عبد البر: وبداية المجتهد 1/ 401 أن مذهب مالك أن الأرض المفتوحة عنوة لا تقسم بل توقف قال ابن عبد البر: أرض العنوة موقوفة لمنافع المسلمين يجري خراجها وغلتها مجرى الفيء وقال ابن رشد: واختلفوا فيما افتتح المسلمون من الأرض عنوة، فقال مالك: لا تقسم الأرض وتكون وقفًا يصرف خراجها في مصالح المسلمين .. إلا أن يرى الإمام في وقت من الأوقات أن المصلحة تقتضي القسمة فإن له أن يقسم الأرض. (¬5) سقطت من أ، ح، ط. (¬6) رواه أحمد 4/ 27، 35 وأبو داود برقم 3013 وسكت عليه أبو داود والمنذري. انظر نيل الأوطار 8/ 15 - 16. (¬7) في النجديات، ط كان. (¬8) في د، س أبو عبيد في ط أبو عبيدة.

ومثل أرض العنوة في ذلك ما جلا عنها أهلها خوفًا منا، وما صولحوا على أنها لنا ونقرها معهم بالخراج على ما في التنقيح والمنتهى وصحح في الإنصاف وغيره (¬1) أنها تكون وقفًا بمجرد ذلك، وتبعه في الإقناع وغيره (¬2). كنيسه مذ هدمت يمتنع (¬3) ... بناؤها الحق إليه يرجع أي: إذا هدمت كنيسة أو نحوها ولو ظلمًا لم يعد بناؤها وهو قول بعض الشافعية (¬4). وقال أبو حنيفة والشافعيُّ: يجوز كرّم (¬5) شعثها (¬6)، ولأن استدامتها جائزة، وبناؤها كاستدامتها (¬7). ووجه قولنا: أن في كتاب أهل الجزيرة (¬8) لعياض (¬9) بن غنم ولا نجدد ما خرب من كنائسنا (¬10)، وروى كثير بن مره قال: سمعت عمر بن الخطّاب يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"لا تبنى الكنيسة في الإِسلام ولا يجدد ما خرب منها" (¬11)، ولأنه بناء كنيسة في الإِسلام فلم ¬

_ (¬1) سقطت الواو من د، س. (¬2) التنقيح 118 والمنتهى 2/ 118 - 119 والإنصاف 4/ 191 والإقناع 3/ 95. (¬3) في نظ (كنيسة مذهب من يمتنع). (¬4) انظر مغني المحتاج 4/ 254 - 255. (¬5) كرت في د وفي س رم. (¬6) انظر بدائع الصنائع 7/ 114 ومغني المحتاج 4/ 254. (¬7) لا ينبغي أن يفهم من هذا جوازه لهم بل هو من جملة المعاصي التي لا تنكر عليهم كشرب الخمر فلا ينبغي لولي الأمر أن يأذن لهم فيه كما يأذن في الأشياء الجائزة في الشرع، وإنما يخلي بينهم وبين بنائها ولا ينكر عليهم. انظر مغني المحتاج 4/ 254. (¬8) في د، س الجزية. (¬9) كذا في جميع النسخ والصواب عبد الرحمن بن غنم كما ذكر ذلك في المغني 10/ 606 والبيهقيُّ 9/ 202. (¬10) ذكره في المغني 10/ 606 - 607 وعزاه إلى الخلال وساقه بتمامه وأخرجه البيهقيُّ 9/ 202. (¬11) رواه ابن عديّ في الكامل وفي سنده سعيد بن سنان وقد ضعفه أحمد وابن معين وقال ابن القطان: وفيه من الضعفاء غير سعيد محمَّد بن جامع وسعيد بن عبد الجبار. انظر نصب الراية 3/ 454.

يجز كما لو ابتدئ بناؤها وفارق رَمّ (¬1) ما تشعث فإنه إبقاء واستدامة وهذا إحداث. ¬

_ (¬1) في د رمات.

ومن كتاب البيوع

ومن كتاب البيوع وهي جمع بيع وهو لغة: دفع عوض وأخذ معوض عنه، واشتقاقه عند الأكثر من الباع؛ لأنّ كل واحد منهما يمد باعه للأخذ منه. قال (¬1) الزركشي: ورد من جهة الصناعة (¬2) أي: لأنّ البيع يائي والباع واوي، ويجاب بأن المراد الاشتقاق الأكبر المعتبر فيه (¬3) الموافقة في أكثر الحروف. وقيل: هو مشتق من البيعة لأنّ كل واحد منهما يبايع صاحبه أي: يصافقه (¬4) عند البيع ولذلك يسمى البيع صفقه قال الزركشي: وفيه نظر لأنّ المصدر لا يشتق من المصدر. وقال في الفائق: هو مشتق من المبايعة بمعنى المطاوعة لا من الباع (¬5)، وشرعًا: مبادلة عين أو منفعة مباحة مطلقًا بأحدهما أو بمال في الذمة على التأبيد (¬6) غير ربا وقرض، وينعقد بالإيجاب والقبول وبالمعاطاة (¬7). ¬

_ (¬1) في ب قاله الزركشي. (¬2) في د المضارعة. (¬3) سقطت من النجديات، ط. (¬4) في الأزهريات يصافحه. (¬5) لم أجده في كتاب الفائق في غريب الحديث للزمخشري فلعله في كتاب الفائق في الفقه لأحمد بن الحسن الحنبلي المعروف بابن قاضي الجبل. (¬6) يخرج الإجارة فإنها مبادلة منفعة بعين أو دين أو منفعة لكن ليس على التأبيد. (¬7) في النجديات، هـ، ط والمعاطاة.

فوق ثلاث يشرط (¬1) الخيار ... في البيع قالوا مطلقًا واختاروا أي: يجوز شرط الخيار ما يتفقان عليه من المدة المعلومة قَلَّت مدته أو كثرت وبذلك قال أبو يوسف ومحمَّد (¬2) وابن المنذر وحكي عن ابن أبي ليلى وإسحاق وأبي ثور (¬3). وأجازه مالك فيما زاد على الثلاث بقدر الحاجة مثل قرية لا يصل إليها في أقل من أربعة أيام (¬4). وقال أبو حنيفة والشافعيُّ (¬5)، لا يجوز أكثر من ثلاث (¬6) لقول عمر: ما أجد (¬7) لكم أوسع مما جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحبان جعل له الخيار ثلاثة أيام إن رضي أخذ وإن سخط ترك (¬8). (¬9). ولنا: أنه حق يعتمد (¬10) الشرط فرجع في تقديره إلى مشترطه كالأجل قال في المغني (¬11): ولا يثبت عندنا ما روي عن (¬12) وعمر وقد روي عن ¬

_ (¬1) في التجديات يشترط وفي نظ يسقط. (¬2) في أ، جـ ط يوسف وأبو محمَّد. (¬3) وهو مذهب مالك كما ذكره ابن عبد البر في الكافي 2/ 701 قال: والخيار أكثر من ثلاثة أيام عنده جائز لمن اشترطه. وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم قال في الاختيارات 125: ويثبت خيار الشرط في كل العقود ولو طالت المدة. وانظر أيضًا حاشية ابن قاسم على الروض المربع 4/ 421. (¬4) انظر فتح القدير 6/ 299 - 300 ومواهب الجليل 4/ 310. (¬5) سقطت من ب، جـ، طا ود، س، هـ. (¬6) في ط ثلاثة. (¬7) في د لا أحد. (¬8) رواه الدارقطني والطبرانيُّ وفي سند، عبد الله بن لهيعة وقد تفرد به وهو ضعيف. انظر نصب الراية 4/ 8. (¬9) انظر فتح القدير 6/ 299 - 300 ومغني المحتاج 2/ 46 - 37. (¬10) في أ، ط بقيد وفي جـ بعيد وفي د يعتد وفي س بعد. (¬11) المغني 4/ 97. (¬12) سقطت من د، س.

أنس خلافه (¬1) ... وتقدير مالك (¬2) بالحاجة يرده أن الحاجة لا يمكن ربط الحكم بها لخفائها واختلافها وإنما يربط بمظنتها وهو الإقدام. في مدة الخيار إن (¬3) تصرفا ... من باع في المبيع لو (¬4) قد وقفا فاردد ولا تقل بفسخ العقد ... وهكذا في الحكم عتق العبد يعني: إذا تصرف البائع في المبيع في مدة الخيار ولو بوقف أو عتق فتصرفه مردود لبطلانه ولا يكون (¬5) فسخًا للبيع. وقال الشافعي: يصح لأنه إما أن يكون على ملكه (¬6) فيملك العقد عليه أو على ملك المشتري فللبائع فسخه (¬7). ولنا: أنه تصرف في ملك غيره بغير ولاية شرعية فلم يصح كما بعد الخيار (¬8)، وقولهم: يملك الفسخ. قلنا: إلا أن ابتداء التصرف لم يصادف ملكه فلم يصح كتصرف الأب فيما وهبه لولده قبل استرجاعه وتصرف الشفيع في الشقص قبل أخذه. من ذاك وطء أمة قد عدوا ... وعالم تحريمه يحد ¬

_ (¬1) لم أجد ما أشار إليه المصنف بل وجدت ما يخالفه في مصنف عبد الرزاق عن أنس فروى عنه عبد الرزاق: أن رجلًا اشترى من رجل بعيرًا واشترط الخيار أربعة أيام فأبطل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيع وقال: "الخيار ثلاثة أيام". وفي سنده أبان بن أبي عياش قال فيه عبد الحق: إنه لا يحتج بحديثه مع أنه كان رجلًا صالحًا. انظر نصب الراية 4/ 8. (¬2) في أ، جـ وتقديره لك وفي ط وتقديره ذك. (¬3) في نظ إن ما تصرفا. (¬4) في نظ أو. (¬5) في ب ولا تكون. (¬6) في جـ ملك وفي ط ملك البائع. (¬7) انظر مغني المحتاج 2/ 49. (¬8) أي: كما لو كان تصرفه بعد انتهاء مدة الخيار وثبوت الملك للمشتري.

يعني: ليس للبائع وطء الأمة التي باعها بشرط الخيار فإن (¬1) وطيء عالمًا تحريمه وأن ملكه قد زال ولا ينفسخ بالوطء فعليه الحد نص عليه، لأنّ وطأه لم يصادف ملكًا ولا شبهة ملك، فإن أتت بولد فهو رقيق ولا يلحقه نسبه. واختار الشيخ الموفق وغيره لا حدّ عليه لاختلاف العلماء في حل الوطء له وزوال ملكه (¬2)، وإن لم يعلم فلا حدّ عليه، وولده حر يفديه بقيمته يوم ولادته، ولا تصير أم ولده لأنه وطئها في غير ملكه. والمشتري إن جاد بالإعتاق ... ينفذ بالنص (¬3) على الإطلاق يعني: إن أعتق المشتري في مدة الخيار الرقيق الذي اشتراه بشرط الخيار نفذ (¬4) عتقه سواء كان الخيار لهما أو لأحدهما؛ لأنه عتق من مالك جائز التصرف فنفذ كما بعد المدة. وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا عتق فيما لا يملك ابن أدم" (¬5) يدلّ بمفهومه على أنه ينفذ في الملك، وملك البائع الفسخ لا يمنع نفوذ العتق. كما لو باع عبدًا بجارية معيبة فإن مشتري العبد ينفذ عتقه فيه مع أن للبايع الفسخ، وكعتق ابن عبدًا (¬6) وهبه له أبوه مع ملك أبيه الرجوع فيه. ¬

_ (¬1) في، س فإنه. (¬2) لأنّ البيع قد انفسخ بوطئه على الأصح، وقد قال أحمد في المشتري إذا مشط الأمة أو خضبها أو حفها فوضع يده عليها للجماع ونحوه أنها قد وجبت عليه. انظر المغني 4/ 76 - 77. وقال في تصحيح الفروع 4/ 87 - 88: أعلم أن الصحيح أن التصرف من البائع أو المشتري دليل على الرضا واختاره الشيخ في المغني والشارح وغيرهما وقدموه وصححوه في مسائل. (¬3) في نظ في النص. (¬4) في ط فقد. (¬5) رواه الترمذيُّ برقم 1181 وروى أبو داود نحوه برقم 2190، 2191، 2192 وإسناده حسن. (¬6) في د، س عبده أو هبه.

إن سبق القبول للإيجاب ... في البيع لا يصح في جوابي حتى ولو كابتعت لم يفرقوا ... والشيخ للفرق غدا يحقق أي: إن تقدم القبول على الإيجاب لم يصح البيع ولو بلفظ الطلب أو (¬1) الماضي المجرد عن الاستفهام ونحوه في رواية اختارها أكثر الأصحاب قاله في الفروع (¬2) كالنكاح، قال في النكت: نصره القاضي وأصحابه وجزم بها في المبهج وغيره وصححه في الخلاصة وغيرها؛ لأنّ القبول مبني على الإيجاب فإذا لم يتقدم الإيجاب (¬3) فقد أتى بالقبول في غير محله فوجوده كالعدم. وعنه: يصح إن تقدم بلفظ الطلب أو الماضي المجرد عن الاستفهام ونحوه، كقوله بعني أو ملكني ثوبك ونحوه بكذا أو ابتعته أو قبلته بكذا وهو المذهب (¬4) قطع به التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها (¬5). وهذا معنى قوله: والشيخ للفرق غدا (¬6) يحقق، وذلك لأنّ لفظ الإيجاب والقبول وجد منهما على وجه تحصل منه الدلالة على تراضيهما فصح كما لو تقدم الإيجاب (¬7). والفرق بين البيع والنكاح واضح ولذلك ينعقد البيع بالمعاطاة بخلافه (¬8). ¬

_ (¬1) في جـ، ط و. (¬2) الفروع 4/ 4. (¬3) في الأصحاب. (¬4) وهذا مذهب الجمهور وهو الصحيح فإن العبرة بالمعاني لا بالألفاظ وكل واحد من هذه الصيغ يدلّ على تراضي العاقدين بالمبادلة فيصح به البيع ولم نتعبد فيه بلفظ خاص وبترتيب خاص. انظر بدائع الصنائع 5/ 133 ومغني المحتاج 4/ 6. (¬5) في س غيرهما. (¬6) سقطت من د، س. (¬7) انظر المغني 4/ 3. (¬8) أي: النكاح فإنه لا بد فيه من عقد بإيجاب وقبول باتفاق المسلمين وقد نقل في المغني 4/ 5 الإجماع السكوتي على انعقاد البيع بالمعاطاة حيث لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من أصحابه إنكار البيع بها.

خيار غبن المشتري المسترسل ... إن زاد عما اعتيد فاثبت تعدل (¬1) يعني: يثبت خيار الغبن للمسترسل (¬2) إذا غبن غبنًا يخرج عن العادة بائعًا كان أو مشتريًا فيثبت (¬3) له الخيار بين الفسخ والإمساك بكل الثمن (¬4) لأنه غبن لجهله بالمبيع (¬5) فثبت له الخيار كتلقي (¬6) الركبان وكذا حكم إجاره. والمسترسل: اسم فاعل من استرسل بمعنى اطمأن وهو الذي يجهل القيمة ولا يحسن يماكس. فأما من له خبرة بسعر المبيع ويدخل على بصيرة بالغبن [أو يغبن] (¬7) لاستعجاله في البيع (¬8) ولو توقف ولم يستعجل لم يغبن فلا خيار له لعدم التغرير. أيضًا له رد معيب حققا ... أولًا (¬9) وأخذ الأرش إن شا مطلقا (¬10) يعني: إذا اشترى شيئًا ولم يعلم عيبه (¬11) حالة العقد ولا قبله ثم (¬12) ¬

_ (¬1) في نظ كأنها تغلي. (¬2) في أ، جـ، ط بالمسترسل. (¬3) في ب فثبت. (¬4) وهو مذهب مالك قال في مواهب الجليل 4/ 472: فتحصل من هذا أن القيام بالغبن في بيع الاستئمان والاسترسال هو المذهب وأنه لا قيام به في غيره إما اتفاقًا أو على المشهور. وهذا اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية قال في الاختيارات 125، ويثبت خيار الغبن لمسترسل لا لبائع لم يماكسه، وهو مذهب أحمد واستدل له في الفتاوى 29/ 360 بحديث: (غبن المسترسل ربا). رواه البيهقي 5/ 348. (¬5) كذا عبارة جميع النسخ وفي المغني والشرح لأنه غبن لجهله بالمبيع. (¬6) أي: فثبت له الخيار بالاسترسال حيث وجد الغبن الفاحش كما يثبت بتلقي الركبان إذا غبنوا غبنًا فاحشًا وقد جعل المؤلف هذه الصورة أصلًا قاس عليه ثبوت الخيار للمسترسل لتسليم المخالف بثبوت الخيار فيها. (¬7) سقطت من د، س. (¬8) في ط المبيع. (¬9) سقطت من د. (¬10) في أ، ب أولًا. (¬11) في د عينه. (¬12) في ط ولا بدل ثم.

تحقق عيبه (¬1) فإن شاء فسخ البيع ورد المبيع وإن شاء أمسك ولم يفسخ وأخذ الأرش إن لم يفض إلى ربا، وهذا المذهب مطلقًا أي: سواء تعذر رده أو لا هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وهو قول إسحاق. وقال أبو حنيفة والشافعيُّ: إن اختار الإمساك لا أرش إلا أن يتعذر رد المبيع (¬2)؛ لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل لمشتري المصراة الخيار بين الإمساك من غير أرش أو الرد (¬3). ولنا: أنه ظهر على (¬4) عيب لم يعلمه فكان له الأرش كما لو تعيب (¬5) عنده، ولأنه فاته جزء من المبيع فكان له الطلب بعوضه كما لو اشترى عشرة أقفزة فبانت تسعة، وأما مشتري المصراة فثبت (¬6) له الخيار للتدليس (¬7) لا لفوات جزء من البيع، ولذلك لا أرش له ولو (¬8) تعذر عليه الرد. وقول الناظم أولًا. أي: ولا رد بل يمسك. كذلك مأجور قياس المذهب ... قد قاله الشيخان فافهم مطلبي يعني: لو استأجر عينًا ثم علم بها عيبًا وهو ما يظهر به تفاوت الأجرة فالمذهب أن له الفسخ أو (¬9) الإمساك مجانًا. وقال الشيخان: قياس المذهب أن له الأرش إن اختار الإمساك ¬

_ (¬1) في د عينه. (¬2) بدائع الصنائع 5/ 289 والأم 3/ 61 - 63. (¬3) حديث المصراة رواه البخاري 4/ 229، 309 ومسلمٌ برقم 1515، 1524 ولفظه: "لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها فهو بخير النظرين إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردهًا وصاعًا من تمر". والمصراة هي الناقة أو البقرة أو الشاة يجمع لبنها في ضرعها أيامًا لا يحلب فإذا رآه المشتري ظن ذلك عادتها. (¬4) سقطت من النجديات، ط. (¬5) في ط بقيت وفي النجديات تعيبت. (¬6) في النجديات، ط فيثبت. (¬7) في أ، حـ، ط للتلبس. (¬8) في النجديات، ط وإن. (¬9) في د، سو.

كالبيع (¬1)، قال ابن نصر الله: قد تعبنا في الفرق بينهما فلم نعثر عليه والله تعالى أعلم. والخلف في العيب مع احتماله ... هل كان عند بائع في ماله أو حادث بعد الشرا في النظر ... فالقول باليمين قول المشتري يعني: إذا اختلف البائع والمشتري في العيب فقال المشتري: كان قبل البيع فلي الخيار، وقال البائع: بل حدث بعده فلا خيار، وكان العيب مما يحتمل قول كل واحد منهما كالخرق (¬2) في الثوب والرفو فالقول قول المشتري بيمينه، فيحلف بالله أنه اشتراه وبه هذا العيب أو أنه ما حدث عنده ويكون له الخيار؛ لأنّ الأصل عدم القبض في الجزء الفائت واستحقاق ما يقابله من الثمن فكان القول قوله كما لو اختلفا في قبض المبيع. وقال أبو حنيفة والشافعيُّ: القول قول البائع (¬3) لأنّ الأصل سلامة المبيع وصحة العقد (¬4). ¬

_ (¬1) انظر المحرر 1/ 356 والمغني 6/ 32. (¬2) في جـ كالخرقي. (¬3) فيقبل قوله مع يمينه فيحلف على حسب جوابه إن أجاب أنه باعه بريئًا من العيب حلف على ذلك، وإن أجاب أنه لا يستحق ما يدعيه من الرد حلف على ذلك، ويمينه على البت لأنّ الأيمان كلها على البت إلا ما كان على النفي في فعل الغير. وعن الإمام أحمد رواية أنه يحلف على أنه ما يعلم به عيبًا حال البيع فتكون يمينه على نفي العلم. انظر الشرح الكبير 4/ 98 ومواهب الجليل 4/ 462. (¬4) وهو مذهب مالك ورواية عن أحمد اختارها ابن القيم قال رحمه الله: (إذا ادعى العيب فالقول قول من يدلّ الحال على صدقه وإذا احتمل صدقهما فقولان، أظهرهما: أن القول قول البائع لأنّ المشتري يدعي ما يسوغ فسخ العقد بعد تمامه ولزومه والبائع ينكره). ويستدل له بما رواه مالك في الموطأ 4/ 185: أن عبد الله بن عمر باع غلامًا بثمانمائة درهم على البراءة فقال المبتاع -المشتري- بالغلام داء لم تسمه لي فاختصما إلى عثمان فقضى على ابن عمر أن يحلف لقد باعه العبد وما به داء يعلمه فأبى أن يحلف وارتد العبد فصح عنده فباعه بعد ذلك بألف وخمسمائة.=

فإن لم يحتمل إلا قول أحدهما كالإصبع الزائدة والشجة المندملة التي لا يمكن حدوث مثلها والجرح الطري الذي لا يمكن كونه قديمًا فالقول قول (¬1) من يدعي ذلك بغير يمين؛ لأنا نعلم صدقه وكذب خصمه. من باع عبدًا مستحقًا دمه ... والمشتري فذاك لا يعلمه فقتلوه مشتريه ينثني ... بأرشه لا بجميع الثمن يعني: من باع عبدًا مستحق (¬2) الدم بقصاص أو غيره ولم يعلم به المشتري حتى قتل فله الأرش لتعذر الرد وهو (¬3): قسط ما بين قيمته جانيًا وغير جان، ولا يبطل البيع من أصله وبه قال بعض أصحاب الشافعي (¬4). وقال أبو حنيفة والشافعيُّ: يرجع بجميع الثمن لأنّ تلفه كان (بمعنى) (¬5) استحق عند البائع فجرى مجرى إتلافه إياه (¬6). ولنا: أنه (¬7) تلف عند المشتري بالعيب الذي كان (¬8) فيه فلم يوجب ¬

_ = وهذا إذا لم يكن للمشتري بينة تثبت وجود العيب وأنه كان عند البائع ومتى وجدت عنده فإنه يؤخذ بها ويكون له الخيار. انظر فتح القدير 5/ 168 - 169 والكافي لابن عبد البر 2/ 714 والأم 3/ 63. (¬1) سقط من هـ. (¬2) في النجديات، ط استحق. (¬3) سقط من أ، حـ ط. (¬4) وهو قول أبي يوسف ومحمَّد بن الحسن من الحنفية قال في الهداية: ومن اشترى عبدًا قد سرق ولم يعلم به فقطع عند المشتري له أن يرده ويأخذ الثمن عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا: يرجع بما بين قيمته سارقًا إلى غير سارق وعلى هذا الخلاف إذا قتل بسبب حدّ في يد البائع. انظر الهداية مع فتح القدير 6/ 392، ونسبه في المهذب إلى أبي العباس بن سريج وأبي علي بن أبي هريرة من الشافعية. انظر المهذب مع المجموع 12/ 389. (¬5) ما بين القوسين من ب. (¬6) انظر فتح القدير 6/ 392 - 393. (¬7) في ط إن. (¬8) في النجديات، هـ، لو كان له فيه.

الرجوع بجميع الثمن كما لو كان مريضًا فمات بدائه أو مرتدًا فقتل بردته وبهذا ينقض (¬1) ما ذكروه، ولا (¬2) يصح قياسهم على إتلافه لأنه لم يتلفه. حمل المبيع كالإما يستثنى ... ...................... أي: يصح استثناء (¬3) حمل المبيع فإذا باع حاملًا صح استثناء حملها في رواية نقلها ابن قاسم وسندي وبه قال الحسن والنخعي وإسحاق (¬4) وأبو ثور لما روى نافع أن ابن عمر باع جارية واستثنى ما في بطنها (¬5)، ولأنه يصح استثناؤه في العتق فصح في البيع قياسًا عليه. وعنه: لا يصح استثناؤه وهو المذهب وعليه الأصحاب وهو قول أبي حنيفة ومالك والثوري والشافعيُّ (¬6)؛ لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم -: (نهى عن الثنيا إلا أن تعلم) (¬7)، ولأنه مجهول لا يصح إفراده بالبيع فلم يصح استثناؤه كشحم (¬8) الحيوان. ...................... ... أطراف شاة هكذا في المعنى يعني: إذا باع حيوانا مأكولًا شاة أو غيرها واستثنى رأسه وجلده وأطرافه صح نص عليه أحمد (¬9). ¬

_ (¬1) في أيقضا وفي د، س ينتقض. (¬2) في ط فلا. (¬3) في هـ استثنى. (¬4) في هـ استحق. (¬5) رواه ابن حزم في المحلى 8/ 400 من طريق ابن أيمن حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثنا أبي حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا عباد بن عباد بن حبيب بن المهلب -ثقة مأمون- عن عبيد الله بن عمر عن نافع مولى ابن عمر .. الأثر. (¬6) بدائع الصنائع 5/ 175 والمجموع 12/ 383. (¬7) من حديث أخرجه الترمذيُّ برقم 1290 وأبو داود 3375 وقد قال فيه الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريب. (¬8) في د، س كسحر. (¬9) وهو رواية عن مالك وقول ابن القاسم ذكر ذلك ابن عبد البر في الكافي 2/ 671 - 682 وهو اختيار ابن تيمية كما ذكره عنه تلميذه ابن مفلح في كتاب الفروع 4/ 29 - 30.

وقال مالك: يصح في السفر دون الحضر لأنّ المسافر لا يمكنه الانتفاع بذلك فجوز له شراء اللحم دونها (¬1). وقال أبو حنيفة والشافعيُّ (¬2): (لا يجوز لأنه لا يجوز إفراده بالبيع ولنا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الثنيا إلا أن تعلم) وهذه معلومة وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما (¬3) هاجر إلى المدينة ومعه أبو بكر وعامر (¬4) بن فهيرة، مروا براعي غنم فذهب أبو بكر وعامر فاشتريا منه شاة وشرطا (¬5) له سلبها (¬6). وكونه لا يجوز إفراده بالبيع لا يمنع صحة استثنائه كالثمرة قبل التأبير لا يجوز إفرادها بالبيع بشرط التبقية ويجوز استثناؤها فإن امتنع المشتري من ذبحها لم يجبر عليه إن لم يكن شرط وعليه قيمة ذلك على التقريب نص عليه، وله الفسخ بعيب يختص المستثنى (¬7). وبايع يستثني في المبيع ... نفعًا به يصح في التفريع إن كان معلومًا كسكنى الدار ... حولًا ولو أكثر في المقدار يعني: إذا باع شيئًا واستثنى نفعه المباح المعلوم غير الوطء ودواعيه بأن باع الدار واستثنى سكناها حولًا فأكثر أو أقل وحملان البعير إلى محلّ معين صح. وهذا قول الأوزاعى وإسحاق وأبى ثور (¬8) وابن المنذر لحديث ¬

_ (¬1) مواهب الجليل 4/ 283. (¬2) بدائع الصنائع 5/ 175 ومغني المحتاج 2/ 35. (¬3) سقطت من ط كلمة لما. (¬4) في د عمر. (¬5) في النجديات، هـ، ط شرط. (¬6) رواه ابن حزم في المحلى 8/ 401 وقال بعد أن ساق سنده: هذا باطل، عبد الملك بن حبيب الأندلسي هالك وعمارة بن غزية ضعيف، ثم هو مرسل؛ لأنّ عروة بن الزبير لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬7) أي: إذا وجد عيبًا في الجزء المستثنى كالرأس أو أحد الأطراف فله الفسخ بذلك؛ لأنّ الجسد شيء واحد يتألم كله بتألم بعضه فمثلًا لو وجد في رأس البهيمة قرحة وقد استثناه البائع فإن للمشتري الرد بذلك؛ لأنّ ضررها سيسري في بقية أعضاء البهيمة. (¬8) في جـ وأبو ثور وهو غلط.

جابر أنه كان يسير على جمل قد أعيا فضربه النبي - صلى الله عليه وسلم - فسار سيرًا لم يسر مثله فقال (¬1): بعنيه فبعته واستثنيت حملانه إلى أهلي، متفق (¬2) عليه. وأيضًا فهو -عليه السلام- نهى عن الثنيا إلا أن تعلم، وهذه معلومة. وقال الشافعي وأصحاب الرأي: لا يصح الشرط (¬3) لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع وشرط (¬4)، ولأنه ينافي مقتضى البيع فأشبه ما لو شرط أنه يسلمه. وأجيب بأنّه لم يصح نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع وشرط (¬5) وإنما نهى عن شرطين في بيع (¬6) فمفهومه إباحة الشرط الواحد قال أحمد: إنما النهي عن الشرطين (¬7) في بيع أما الشرط الواحد فلا بأس به وتأخير التسليم مدة معلومه لا ينافي البيع كالدار المؤجرة. وهكذا فالمشتري في المذهب (¬8) ... إن شرط النفع كحمل الحطب يعني: يصح شرط المشتري نفع البائع في المبيع كحمل (¬9) الحطب أو ¬

_ (¬1) في ط قال بدون الفاء. (¬2) البخاري 229، 231 ومسلمٌ برقم 716 وأبو داود برقم 3505 والترمذيُّ برقم 1253. (¬3) بدائع الصنائع 5/ 169 وشرح النوويّ على مسلم 11/ 30. (¬4) أخرجه الحاكم في علوم الحديث عن أبي حنيفة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وكذلك أخرجه الطبرانيُّ في الأوسط واستغربه النوويّ وابن حجر. انظر سبل السلام 2/ 478 ونصب الراية 4/ 17 - 18. (¬5) وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - صحة البيع مع الشرط في حديث جابر السابق وحديث بريرة حيث أذن - صلى الله عليه وسلم - لعائشة أن تشتريها بشرط العتق، وقد اشترط أهلها أن يكون الولاء لهم وقد أبطل - صلى الله عليه وسلم - ذلك الشرط لمنافاته لمقتضى العقد ولم يبطل - صلى الله عليه وسلم - شرط العتق. (¬6) في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وقد أخرجه الترمذيُّ برقم 1234 وأبو داود برقم 3405 والنسائيُّ 7/ 288، 295 وقد صححه الترمذيُّ ورواه الحاكم في المستدرك وقال: حديث صحيح على شرط جماعة من أئمة المسلمين. انظر نصب الراية 4/ 18، 19. (¬7) في النجديات، هـ، ط إنما نهى عن الشرطين. (¬8) في نظ مطلبي وفي التيمورية د، س، 5، مذهبي. (¬9) في ب لحمل.

تكسيره وخياطة الثوب أو تفصيله ونحوه نص عليه أحمد في رواية مهنا (¬1) وغيره. واحتج أحمد بأن (¬2) محمَّد بن سلمة (¬3) اشترى من نبطي جرزه (¬4) حطب وشارطه على حملها (¬5) وبه قال إسحاق وأبو عبيد، ولأن غايته أنه بيع وإجارة وتقدم الجواب (¬6) عن حديث النهي عن بيع وشرط، فإن لم يكن النفع معلومًا بأن شرط حمل البائع للحطب إلى منزله وهو لا يعرفه لم يصح للجهالة. وإن جمع في البيع (¬7) بين شرطين كحمل (¬8) الحطب وتكسيره وخياطة الثوب وتفصيله لم يصح البيع لما تقدم، ما لم يكن الشرطان من مقتضى العقد أو مصلحته فلا يؤثران في بطلان البيع. وما سوى المبهم قبل القبض ... فمن ضمان مشتر ذا يمضي المبيع إما متميز أو مبهم (¬9) فالمتميز قسمان: أ- ما يتعلق به حق توفية: [كبعتك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم أو القطيع كل شاة بدرهم ونحوه. ب- وما لا يتعلق به حق توفية:] (¬10) كالعبد والدار ونحوهما والصبرة ونحوها من الجزافيات (¬11). ¬

_ (¬1) في ط ها هنا. (¬2) في د، س بن. (¬3) كذا في جميع النسخ والصواب مسلمة. (¬4) الجرزة: الحزمة من القت ونحوه. انظر القاموس 2/ 168. (¬5) لم أجده وهو في المغني 4/ 201. (¬6) في ط وتقدم والجواب عنه. (¬7) في النجديات، ط ب مع. (¬8) في أ، حـ، طا يا. (¬9) في د، س أو غيره وقد سقطت من النجديات، هـ. (¬10) ما بين القوسين مكرر في جـ، ط. (¬11) في أ، جـ، ط الجزئيات.

والمبهم أيضًا قسمان: أ- ما تعلق به حق توفيته كقفيز من صبره ونحوه. ب- و (¬1) ما لا (¬2) يتعلق به حق توفيته كنصف عبد ونحوه (¬3). فما تعلق به حق توفية (¬4) منهما فهو من ضمان البايع حتى يقبضه المشتري. وما لا يتعلق به حق توفيته فهو من ضمان المشتري بمجرد العقد؛ لحديث "الخراج بالضمان" (¬5)، والمبيع نفعه للمشتري (¬6) فيكون (¬7) ضمانه عليه، خص منه ما يحتاج لحق توفية (¬8) لما سيأتي من أنه ليس له بيعه حتى يستوفيه، ولو دخل في ضمان المشتري لجاز له بيعه والتصرف فيه كما بعد قبضه. وفيه قبل القبض إن تصرفا ... جاز على الإطلاق نصًا (¬9) عرفًا أي: إن (¬10) تصرف المشتري فيما سوى المبهم والمراد به سوى ما بيع بكيل أو وزن أو عد أو ذرع قبل القبض صح تصرفه لحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن بيع الطعام قبل قبضه"، وقوله -عليه السلام-: "من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه" متفق (¬11) عليهما، وخص منه ما أبيع جزافًا لما روى الأوزاعي عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر أنه سمع عبد الله بن ¬

_ (¬1) ما بين القوسين سقط من النجديات، ط. (¬2) سقطت من أ، حـ، ط. (¬3) لم يرد القسم الأوّل من المبهم في جميع النسخ وهو ما يتعلق به حق توفيته مثل القفيز من صبرة والرطل من زبده ونحو ذلك وهو من ضمان البائع حتى يقبضه المشتري كما ذكر المؤلف بعد. انظر الشرح الكبير 4/ 115 - 116. (¬4) في ج، ط توفيته. (¬5) رواه أبو داود برقم 2508 - 3510 والترمذي 1285 والنسائيُّ 8/ 254، 255 وصححه الترمذيّ والحاكم ووافقه الذهبي وحسنه الألباني في إرواء الغليل 5/ 158 - 159. (¬6) في الأزهريات، أ، ح، ط للبائع وهو سهو من النساخ. (¬7) في النجديات، ط من ضمانه. (¬8) في ب، جـ ط توفيته. (¬9) في نظ، حـ ط فيما. (¬10) سقطت من د، س. (¬11) البخاري 4/ 291 - 292 ومسلمٌ برقم 1525 و 1526.

عمر يقول: (مضت السنة أن ما أدركته الصفقة حيًا (¬1) مجموعًا فهو من مال المبتاع) رواه البخاري (¬2) تعليقًا، وقول الصحابي مضت السنة يقتضي سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولأن المبيع المعين لا يتعلق به توفية (¬3) فكان من ضمان المشتري وصح تصرفه فيه (¬4). ونقل عن أحمد أن المطعوم لا يجوز (بيعه) (¬5) قبل قبضه سواء كان مكيلًا أو موزونًا أو لم يكن لحديث ابن عمر قال: "رأيت (¬6) الذين يشترون الطعام مجازفة يضربون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعوه حتى يؤوه (¬7) إلى رحالهم (¬8)، وروى مسلم (¬9) عن ابن عمر قال: "كنا نشتري الطعام من الركبان جزافًا فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نبيعه حتى ننقله من مكانه" (¬10). (تنبيه): حكم المبيع بصفة (¬11) أو رؤية متقدمة حكم المكيل لا يصح تصرفه فيه قبل قبضه، وإن تلف قبل القبض فمن مال بائع والثمر على الشجر إذا تلف بجائحة من مال بائع لكن للمشتري التصرف فيه بشرطه (¬12). ¬

_ (¬1) سقطت كلمة حيا من أ. (¬2) البخاري 4/ 294 ولفظه فهو من المبتاع واللفظ المذكور للدارقطني والطحاويُّ 4/ 294. وانظر فتح الباري 4/ 294. (¬3) في جـ، ط توفيته. (¬4) ورد هذا الكلام بعدم تلازم الضمان وجواز التصرف حيث اشتهر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن بيع مطلق الطعام قبل قبضه من غير فرق بين الجزاف وغيره. (¬5) ما بين القوسين من ب. (¬6) في أ، جـ أرأيت. (¬7) في د، س، ط يؤدوه. (¬8) البخاري 4/ 290 ومسلمٌ برقم 1527. (¬9) مسلم برقم 1527. (¬10) واختارها ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وهو مذهب جمهور العلماء وهو الراجح إن شاء الله لقوة حجته. انظر فتح القدير 6/ 510 - 512 والمنهاج مع مغني المحتاج 2/ 68 وحاشية ابن قاسم على الروض 4/ 478. (¬11) في ب بصفقة. (¬12) وهو القبض وذلك بأن يخلي البائع بينه وبين الثمرة يتصرف فيها تصرف المالك، =

جزافًا الموزون والمكيل (¬1) ... بعضًا ببعض لا تبع تميل (¬2) ومالك وافقنا في النقد ... والفلس بالفلسين قل (¬3) بالرد يعني: إذا بيع الموزون بالموزون (¬4) جزافًا أو بيع المكيل بالمكيل جزافًا فإن اتحد الجنس لم يصح إجماعًا حكاه ابن المنذر (¬5). إن اختلف الجنس ففيه عن أحمد روايتان إحداهما: هي التي أشار إليها الناظم أنه لا يجوز قال في رواية محمَّد بن الحكم: أكره ذلك قال ابن أبي موسى: لا خير فيما يكال بما يكال جزافًا ولا فيما يوزن بما يوزن جزافًا اتفقت الأجناس أو (¬6) اختلفت، واختاره جماعة منهم أبو بكر والقاضي في المجرد والخلاف والشريف أبو جعفر، قال في الرعاية: وهو أظهر، قالوا: لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الطعام بالطعام مجازفة (¬7) وقياسًا على الجنس الواحد. والرواية الثانية: يجوز وهي المذهب وعليها (¬8) جمهور الأصحاب والعلماء لقوله -عليه السلام-: "فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم يدًا بيد" (¬9)، ولأنه يجوز التفاضل فيه فجاز جزافًا كالمكيل بالموزون، ¬

_ = وبهذا يظهر أن بين ضمان المشتري للمبيع وبين صحة تصرفه فيه عموم وخصوص فالذي لا يصح تصرفه فيه لا يدخل تحت ضمانه، وليس كل ما لا يدخل تحت ضمانه لا يصح تصرفه فيه، فالثمرة على الشجر يجوز تصرفه فيها ولو هلكت بآفة سماوية كانت من ضمان البائع عند الحنابلة ومن وافقهم ممّن يقولون بوضع الجوائج. انظر حاشية ابن قاسم على الروض 4/ 483. (¬1) في د، س المكيل الوزن. (¬2) في نظ قبيل. (¬3) في جـ حل. (¬4) سقطت من هـ. (¬5) الإجماع ص 93. (¬6) في أ، ج واختلفت. (¬7) رواه النسائيُّ 7/ 269 - 270 ولفظه: "لا تباع الصبرة من الطعام بالصبرة من الطعام، ولا الصبرة من الطعام بالكيل المسمى من الطعام". (¬8) في النجديات، هـ ط وعليه. (¬9) رواه مسلم برقم 1587 من حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-.

والحديث أريد به الجنس الواحد (¬1)؛ والقياس لا يصح لأنّ الجنس الواحد يجب التماثل فيه فمنع من بيعه مجازفة لفوات المماثلة بخلاف (¬2) الجنسين. وقوله: ومالك وافقنا [في النقد أي: أنه لا يجوز بيع بعضه ببعض جزافًا وإن اختلف الجنس] (¬3) (¬4). وقوله: والفلس بالفلسين قل بالرد. أي: لا يجوز بيع فلس بفلسين (¬5) نص عليه في رواية جماعة وقدمه في الحاوي والمستوعب، وعنه يجوز وجزم به في الإقناع قال: ولو نافقة (¬6). ¬

_ (¬1) فإن في رواية النسائيّ الأخرى للحديث السابق: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الصبرة من التمر لا يعلم كيلها بالكيل المسمى من التمر). وقد أخرجها مسلم برقم 1530 وذكر الموفق في المغني 4/ 135 للإمام رواية أخرى: (نهى أن تباع الصبرة لا يعلم مكيلها من التمر بالصبرة لا في علم مكيلها من التمر). (¬2) في ط بخلاف بيان الجنسين. (¬3) ما بين القوسين سقط من هـ. (¬4) قال في الموطأ مع المنتقى 4/ 226: لا بأس بأن يشتري الرجل الذهب بالفضة والفضة بالذهب جزافًا إذا كان تبرًا أو حليًا قد صيغ، أما الدراهم المعدودة والدنانير المعدودة فلا ينبغي لأحد أن يشتري من ذلك جزافًا حتى يعلم ويعد، فإن اشترى ذلك جزافًا فإنما يراد به الضرر حين يترك عده ويشتري جزافًا وليس هذا من بيوع المسلمين). (¬5) في ب، جـ، ط بالفلين. (¬6) أي: ولو كانت ذات قيمة متداولة وذلك لأنها ليست بمكيل ولا موزون وقد رواه ابن أبي شيبة 7/ 120 عن مجاهد وحماد وطاووس. انظر الإقناع مع شرحه كشاف القناع 3/ 252.

(ومن باب البيع الفاسد والباطل)

(ومن باب البيع الفاسد والباطل (¬1)) بيع العصير أبطله من (¬2) خمار ... والعبد لو كافر من كفار أي: لا يصح بيع العصير لمن يتخذه خمرًا وكذا كل ما (¬3) قصد به الحرام (¬4) كالعنب والزبيب لمن يتخذه خمرًا ولو ذميًا، ولا بيع سلاح ونحوه في فتنة أو لأهل حرب أو قطاع طريق إذا علم البائع ذلك ولو بقرائن وكذا بيع مأكول ومشروب ومشموم (¬5) لمن يشرب عليه مسكرًا، ولا بيع أقداح ونحوها لمن يشرب (¬6) بها، ولا بيض وجوز ونحوهما لقمّار، ولا بيع غلام (¬7) وأمة لمن عرف بوطء دبر أو غناء وكذا إجارتهما (¬8) لقوله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] وهذا نهي يقتضي التحريم، ولأنه عقد على عين لمعصية الله فلم يصح كإجارة الأمة للزنا (¬9). ¬

_ (¬1) هذا العنوان ليس في شيء من نسخ الشرح وهو من نظ. (¬2) في نظ في. (¬3) في د، سمن. (¬4) سقطت من النجديات، هـ، ط. (¬5) سقطت من النجديات، ط. (¬6) في دلمن يشتريه. (¬7) في أ، جـ غلامه. (¬8) في النجديات، ط أجارتها. (¬9) وهو مذهب الإمام مالك -رحمه الله- قال في مواهب الجليل 4/ 253 - 254: وذكر القرطبي والأبي في أوائل شرح مسلم في منع بيع العنب لمن يعصرها خمرًا قولين. =

ولا يصح أيضًا بيع عبد ولو كافرًا دخل في ملك مسلم لكافر وهذا قول الحسن (¬1) قال أحمد: ليس لأهل الذمة أن يشتروا مما سبى المسلمون قال: وكتب عمر بن الخطّاب ينهى (¬2) عنه أمراء الأمصار هكذا حكى أهل الشام (¬3) ولأن فيه تفويتًا لإسلامه الذي يظهر وجوده؛ لأنه إذا بقي رقيقًا للمسلمين فالظاهر أنه يسلم. قبيل عقد البيع إن يتفقا (¬4) ... أن لا يكون ماضيًا محققًا ¬

_ = قال الأبّي: والمذهب في هذا سد الذرائع كما يحرم بيع السلاح لمن يعلم أنه يريد قطع الطريق على المسلمين أو إثارة الفتنة بينهم وأكثرون منهم على فسخ البيع وذكر بعضهم أنه يصح ويباع على المشتري لمن لا يظن منه ذلك. وهو مذهب الظاهرية قال ابن حزم في المحلى 9/ 29: ولا يحل بيع شيء ممّن يوقن أنه يعصي الله به أو فيه وهو مفسوخ أبدًا، ورجحه شيخ الإِسلام ابن تيمية وابن القيم قال ابن القيم في إعلام الموقعين 3/ 142: (قد تظاهرت أدلة الشرع وقواعده على أن القصود في العقود معتبرة وأنها تؤثر في صحة العقد وفساده وفي حله وحرمته). وذكر في ص 204 (أنه لا يجوز بيع السلاح في الفتنة وكذا كل بيع أو إجارة أو معاوضة تعين على معصية الله سدًا للذرائع). ويحرم البيع في هذه الصورة عند الشافعية ويصح العقد؛ لأنّ النهي فيها إنما هو لمعنى يقترن بالبيع لا لذاته إلا بيع السلاح لأهل الحرب فلا يصح عندهم وعند الحنفية يكره بيع هذه الأشياء ويصح العقد). انظر مغني المحتاج 2/ 27 وبدائع الصنائع 5/ 233 والاختيارات 122. (¬1) ذهب المالكية والشافعية والظاهرية إلى أنه لا يجوز بيع العبد المسلم للكافر إذا لم يعتق عليه لما فيه من إذلال المسلم ولقوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141]. وإذا وقع فينقض البيع عند سحنون وأكثر المالكية. أما إذا كان العبد كافرًا فيجوز بيعه للكافر عند المالكية والشافعية ما لم يكن صغيرًا وليس معه أبواه فإنه لا يجوز بيعه عند المالكية لأنه حينئذ يجبر على الإِسلام. انظر مواهب الجليل 4/ 253 - 257 ومغني المحتاج 2/ 8. أما الظاهرية فلا يجيزون ذلك ويعلل ابن حزم ذلك بنحو تعليل الحنابلة. انظر المحلى 9/ 29. (¬2) في د كتب وعمر بن الخطّاب نهى عنه. (¬3) هو في كتاب عمر حين صالح أهل الذمة من أهل الشام الذي رواه عبد الرحمن بن غنم وأخرجه البيهقيُّ 9/ 202 وقد سبقت الإشارة إليه. (¬4) في نظ إذا اتفقا.

وعقداه فهو بيع تلجئه ... فاردده تحظ (¬1) بالخصال المنجيه وكان ذا في نصه بالرد ... كصورة اقتران ذا بالعقد يعني: إذا خشي إنسان أن يأخذ السلطان أو غيره ملكه فواطأ (¬2) رجلًا على أن يظهر أنه اشتراه منه ليحتمي بذلك ولا يريد (¬3) بيعًا حقيقةً، فهذا يسمى بيع تلجئة ولا يصح، وبه قال أبو يوسف ومحمَّد (¬4). وقال أبو حنيفة والشافعيُّ: هو صحيح؛ لأنّ البيع تم بأركانه وشروطه خاليًا عن مقارنة مفسد فصح كما لو اتفقا على شرط فاسد ثم عقدا (¬5) البيع بغير شرط (¬6). ولنا: أنهما ما (¬7) قصدا البيع فلم يصح منهما كالهازلين، وكما لو اقترن ذلك الشرط بالعقد، فإن لم يواطئه حال العقد ولا قبله فالبيع صحيح لازم لصدوره من أهله في محله ولا إكراه. ومثله إذا أسر (¬8) ثمنًا ... وعقدا بفوقه وأعلنا بالسر خذلًا كالنكاح (¬9) الآتي ... لنصه السابق ذا مواتي يعني: إذا اتفقا سرًا على ثمن وعقدا (¬10) البيع بأكثر منه علانية فالثمن ¬

_ (¬1) في نظ تحظلأى. (¬2) في د فواطأة. (¬3) في الأزهريات أن بيعا. (¬4) وهو ظاهر الرواية عن أبي حنيفة -رحمه الله- قال في بدائع الصنائع 5/ 176 في تصوير هذا البيع وبيان حكمه: نحو أن يخاف رجل السلطان فيقول لرجل: إني أظهر أني بعت منك داري وليس ببيع في الحقيقة وإنما هو تلجئة فتبايعا فالبيع باطل في ظاهر الرواية عن أبي حنيفة وهو قول أبي يوسف ومحمَّد. وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة أن البيع جائز. أ. هـ. (¬5) في أ، ط عقد. (¬6) بدائع الصنائع 5/ 176 والمجموع 9/ 367. (¬7) في د، س أنهما إنما قصد البيع فلا يصح. (¬8) في نظ استبرا. (¬9) في د، س بالنكاح. (¬10) في هـ، ط وعقد.

هو ما اتفقا عليه سرًا، لأنّ المشتري إنما دخل عليه فقط فلم (¬1) يلزمه الزائد (¬2) بخلاف النكاح فإنه يؤخذ فيه (¬3) بالزائد وهذا المذكور في البيع هو (¬4) الموافق لنصه السابق في بيع التلجئه. فإن عقداه سرًا بثمن ثم علانية بآخر فالثمن الأوّل مطلقًا على ما في الإقناع (¬5) كما لو اتفقا عليه بلا عقد وأولى، وقال الحلواني: كنكاح، وفي التنقيح: الأظهر أن الثمن هو الثاني إن كان في (¬6) مدة خيار وإلا فالأول (¬7). ويكره الرهن وبيع المصحف ... وعنه بل يحرم جا عن سلف أي: يكره رهن المصحف وبيعه، صححه (¬8) في البيع في التصحيح ومسبوك الذهب والخلاصة وجزم به في المنور وإدراك الغاية ومنتخب الآدمي، قال في الرعاية الكبرى: وهو أظهر وقدمه في الهداية والمستوعب والهادي والمحرر والرعاية الصغرى والحاويين والفائق (¬9). وعنه يحرم قال في الإنصاف (¬10): وهو المذهب على ما اصطلحناه ¬

_ (¬1) سقطت من د، س. (¬2) وهو ظاهر الرواية عن أبي حنيفة وقول أبي يوسف ومحمَّد إذا صرحا عند المواضعة بأن الزائد رياء وسمعة. انظر بدائع الصنائع 5/ 177. (¬3) في النجديات، هـ ط منه. (¬4) في حـ ط المبيع. (¬5) الإقناع مع شرحه كشاف القناع 3/ 173. (¬6) في د، س فيه. (¬7) التنقيح المشبع ص 125. (¬8) في ط وصححه. (¬9) وكراهة بيعه هو الصحيح من مذهب الشافعي قال النوويّ في المجموع 9/ 273 - 274: (والصحيح من المذهب أن بيعه مكروه وهو نص الشافعي في كتاب اختلاف علي وابن مسعود وبه قطع البيهقي في كتاب السنن الكبرى).أ. هـ وقد ذكر المؤلف بعد قيل أن مذهب الشافعي جواز البيع من غير كراهة وهو مقتضى عبارة المذهب 9/ 273 وبعض كتب الشافعية. (¬10) الإنصاف 4/ 278.

وجزم به في الوجيز واختاره الموفق والشارح وقدمه في المغني والشرح والرعاية الكبرى والنظم والكافي وابن رزين في شرحه ونصره، وقطع به في الإقناع والمنتهى. قال أحمد: لا أعلم في بيع المصحف رخصه، ورخص في شرائه وقال: الشراء أهون. وممن كره بيعه (¬1) ابن عمر وابن عباس وأبو موسى وسعيد بن جبير وإسحاق (¬2) قال ابن عمر: وددت أن الأيدي تقطع في بيعها (¬3) ورخص في بيعها (¬4) الحسن والحكم وعكرمة والشافعيُّ وأصحاب الرأي (¬5)؛ لأنّ البيع يقع على الورق والجلد وبيعه مباح (¬6). ولنا: قول من تقدم من الصحابة ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم، والخلاف في رهنه كبيعه؛ لأنه وسيلة إليه. والحاضر القاصد بيع (¬7) البادي ... إذا أتى بسلعة للنادي وقصده البيع بسعر (¬8) اليوم ... مع جهله بسعرها يا قومي وحاجة الناس إليها عندنا ... فلا يصح البيع نصًا متقنًا البادي ها هنا: من يدخل البلد من غير أهلها سواء كان بدويًا أو من قرية أو بلدة أخرى. والنادي: مجلس القوم ومتحدثهم كالنديّ والندوة. ¬

_ (¬1) في النجديات، ط بيعه. (¬2) انظر مصنف عبد الرزاق 8/ 111 - 112. (¬3) رواه البيهقي 6/ 16 وعبد الرزاق في المصنف 8/ 112 وابن أبي شيبة 6/ 61. (¬4) سقطت من أ، جـ ورخص في بيعها وفي ط وجوزه. (¬5) وهو رواية عن أحمد ذكرها عنه أبو الخطاب وعليه عمل الناس اليوم ولا يسعهم غيره. انظر تصحيح الفروع 4/ 15. (¬6) انظر المهذب 9/ 273. (¬7) في نظ مع. (¬8) في ب ببيع.

ولا يجوز أن يبيع الحاضر (¬1) للبادي (¬2) لقول ابن عباس نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نتلقى الركبان وأن يبيع حاضر لباد قال: فقلت (¬3) لابن عباس: ما قوله حاضر لباد؟ قال: (لا يكون سمسارًا (¬4)) متفق عليه (¬5) (¬6) وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يبيع حاضر لبادي دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض" رواه مسلم (¬7)، والمعنى في ذلك أنه متى ترك البدوي يبيع سلعته اشتراها الناس برخص ويوسع عليهم السعر، وإذا تولى الحاضر بيعها يمتنع من بيعها إلا بسعر (¬8) البلد فيضيق على أهل البلد. وممن (¬9) كره بيع الحاضر للبادي طلحة بن عبيد الله (¬10) وابن عمر وأبو هريرة وأنس وعمر بن عبد العزيز ومالك والليث والشافعيُّ (¬11) وإذا باع الحاضر للبادي واجتمعت الشروط الخمسة التي أشار إليها الناظم لم يصح البيع. وقال الشافعي وغيره: البيع صحيح، لأنّ النهي لمعنى في غير المنهي عنه فلم يبطل كتلقي الركبان (¬12). ¬

_ (¬1) سقطت من النجديات، ط وفي هـ حاضر لبادي. (¬2) في ط البادي. (¬3) القائل طاووس بن كيسان أحد تلاميذ ابن عباس من مشاهير أئمة التابعين وكان شيخ أهل اليمن ومفتيهم وكان كثير الحج مات يوم التروية في مكة سنة ست ومائة وصلى عليه الخليفة هشام بن عبد الملك. انظر تذكرة الحفاظ 1/ 90. (¬4) السمسار لغة: القيم بالأمر الحافظ له، وهو في البيع الذي يدخل بين البائع والمشتري متوسطًا لإمضاء البيع ويسمى أيضًا الدلال. انظر النهاية 2/ 400. (¬5) سقطت كلمة عليه من د، س. (¬6) البخاري 4/ 371 ومسلمٌ برقم 1521 والنسائيُّ 7/ 257. (¬7) مسلم برقم 1522 وأبو داود برقم 3442 والترمذيُّ برقم 1223 والنسائيُّ 7/ 256. (¬8) في جـ إلا سعر. (¬9) في أ، جـ ومن. (¬10) في النجديات، ط عبد الله وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة واحد الستة الذين جعل عمر فيهم الخلافة بعده شهد مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - المشاهد وأبلى بلاءً حسنًا في أحد قتل -رحمه الله- في معركة الحمل. انظر الإصابة 2/ 299 - 230. (¬11) انظر مغني المحتاج 2/ 36 والكافي لابن عبد البر 2/ 738. (¬12) انظر الأم 3/ 81 - 82 وبدائع الصنائع 5/ 232.

ولنا: أنه منهي عنه والنهي يقتضي الفساد فإن اختل شرط منها بأن كان البادي هو القاصد للحاضر وعارفا بالسعر أو جلبها ليأكلها أو يخزنها أو لم يرد بيعها (بسعر يومها بل أحضرها وفي نفسه أن لا يبيعها) (¬1) رخيصة أو لم يكن بالناس إليها حاجة لم يحرم البيع؛ لأنه لا تضييق (¬2) عليهم (¬3) إذن. وأما شراء الحاضر للبادي فيصح؛ لأنّ النهي لم يتناوله بلفظه (¬4) ولا هو في معناه (¬5) فإن النهي عن البيع للرفق بأهل الحضر ليتسع عليهم السعر فيزول عنهم الضرر، وليس ذلك في الشراء لهم إذ لا يتضررون (¬6) لعدم الغبن للبادين بل هو دفع ضرر عنهم، والخلق في نظر الشارع على السواء (¬7). وإن أشار الحاضر على البادي من غير أن يباشر له البيع (¬8) جاز رخص فيه طلحة بن عبيد (¬9) الله والأوزاعي وابن المنذر، وكرهه (¬10) مالك والليث (¬11) وقول الصحابي أولى، ويخبر مستخبرًا عن سعر جهله (¬12). ¬

_ (¬1) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬2) في ب، جـ، ط تضيق. (¬3) في جـ، ط عليهما. (¬4) في النجديات، ط بلفظ. (¬5) في ج، ط بمعناه. (¬6) في جـ يتضرون. (¬7) وقيل: لا يجوز ذلك فإن قوله - صلى الله عليه وسلم - لا يبع حاضر لباد، يشمل البيع والشراء ويدل لذلك ما أخرجه أبو داود عن أنس بن مالك أنه قال. كان يقال لا يبع حاضر لباد وهي كلمة جامعة لا يبيع له شيئًا ولا يبتاع له شيئًا، وقد أخرج مثله أبو عوانه في صحيحه وفي إسناد أبي داود محمَّد بن سليم الراسبي وقد تكلم فيه غير واحد، ويدل له أيضًا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض"، فإن ذلك يحصل في الشراء كما يحصل في البيع. انظر نيل الأوطار 5/ 186 - 187. (¬8) في جـ المبيع. (¬9) في النجديات، ط عبد الله. (¬10) في ج، طا وكرر منه وفي أوكرهه منه. (¬11) انظر بداية المجتهد 2/ 166. (¬12) أي: يخبر من سأله عن السعر ولو كان باديًا ولا يعتبر ذلك من بيع الحاضر للبادي المنهي عنه ولا يلحق به.

لبائع دريهما (¬1) من أعطى ... عربونه يصح هذا الإعطا إن رده ليس به مطلوب ... أو يمضه من ثمن محسوب أي: يصح بيع العربون، ومعناه أن يشتري شيئًا ويعطي البائع من (¬2) ثمنه درهمًا أو نحوه ويقول إن أخذته فالدرهم من الثمن وإلا فهو لك فإن تم العقد فالدرهم من الثمن وإلا فهو للبائع. قال أحمد: لا بأس به وفعله عمر وعن ابن عمر أنه أجازه، وقال ابن سيرين لا بأس به، وقال سعيد بن المسيّب وابن سرين لا بأس (به) (¬3) إذا كره السلعة أن يردها ويرد معها شيئًا. واختار أبو الخطاب: لا يصح وهو قول مالك والشافعيُّ وأصحاب الرأي (¬4) ويروى ذلك عن ابن عباس والحسن، لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن بيع العربون". رواه ابن ماجة (¬5) ولأنه شرط (¬6) للبائع شيئًا بغير عوض فلم يصح كما لو شرطه لأجنبي، ولأنه بمنزلة الخيار المجهول قال في المغني: وهذا هو (¬7) القياس وإنما صار أحمد فيه إلى ما روى عن نافع بن عبد الحارث (¬8) أنه اشترى لعمر دار السجن من صفوان بن أمية فإن رضي عمر وإلا فله كذا ¬

_ (¬1) في ط في الحاشية كذا في النسخة التيمورية وفي نسخة الشرح دراهمًا. (¬2) في أ، جـ ط عن. (¬3) ما بين القوسين ليس من لفظ الشرح الكبير الذي اعتمد المؤلف النقل عنه وسياق المعنى يقتضي حذفه. (¬4) انظر الموطأ مع شرح الزرقاني 3/ 250 - 251 وعون المعبود 9/ 400 - 401 ومغني المحتاج 2/ 39. (¬5) رواه مالك في الموطأ 3/ 186 وأبو داود برقم 3502 وابن ماجة برقم 2191، 2193 وفي سند الموطأ راو مبهم وسمي في رواية ابن ماجة بأنّه عبد الله بن عامر الأسلمي، وقيل: ابن لهيعة، وقيل: الحارث بن عبد الرحمن والجميع ضعفاء. قاله النوويّ في المجموع 9/ 367 - 368. (¬6) في النجديات، ط يشرط. (¬7) سقطت من د، س. (¬8) في ط عنه نافع به عبد الله.

رواه الأثرم (¬1) قال الأثرم: قلت لأحمد: تذهب إليه قال: أي: شيء أقول هذا عمر، وضعف الحديث المروي (¬2) والإجارة فيما تقدم كالبيع. فإن دفع إليه قبل البيع درهمًا وقال: لا تبع هذه السلعة لغيري وإن لم أشترها منك فهذا الدرهم لك، فإن اشتراها بعد ذلك بعقد مبتدإ صح وحسب الدرهم من الثمن وإلا رد لربه؛ لأنّ (¬3) أخذه إذن بغير عوض ولا يصح جعله عوضًا عن انتظاره؛ لأنه لا يقابل بعوض. يكره أن يقول في المرابحة ... لكل عشر (¬4) درهم مسامحة وذا هو المعني ده دوازده (¬5) ... وقيل بل يحرم ذاك عنده (ممّن يكون بائعًا (¬6) بالربح ... فهكذا يخبره بالنصح) (¬7) أي: يكره أن يقول في المرابحة -وهي البيع برأس المال وربح معلوم- على أن أربح في كل عشرة درهمًا وهو معنى قولهم ده يازده وأما ده دوازده (¬8) فالعشرة اثنا (¬9) عشر وهو مكروه أيضًا، ورويت فيه الكراهة عن ابن عمر وابن عباس والحسن ومسروق وعكرمة وسعيد بن جبير (¬10) وعطاء بن يسار و (¬11) قال إسحاق: لا يجوز؛ لأنّ الثمن مجهول حال العقد فلم يجز كما لو باعه بما يخرج به الحساب. ¬

_ (¬1) ذكره النوويّ في المجموع نقلًا عن ابن المنذر وسكت عليه 9/ 369 وهو في المحلى 8/ 273. (¬2) انظر المغني 4/ 289. (¬3) في النجديات، ط لأنه. (¬4) في د، س عشرة. (¬5) ده يازده وله دوازده ألفاظ فارسية وقد بين المصنف رحمه الله معناها بالعربية. انظر مغني المحتاج 2/ 77. (¬6) في طا بالعا. (¬7) سقط من نظ، د، س. (¬8) في د، س ده وازده. (¬9) في النجديات، ط أثني. (¬10) الآثار عن ابن عباس والحسن ومسروق وعكرمة وسعيد بن جبير ساقها ابن أبي شيبة في مصنفه 6/ 434 - 436. (¬11) سقطت الواو من أ، ج، ط.

ورخص فيه سعيد بن المسيّب وابن سيرين وشريح والنخعي والثوري والشافعيُّ وأصحاب الرأي وابن المنذر؛ لأنّ رأس المال معلوم والربح معلوم (¬1). ووجه الكراهية أن (¬2) ابن عمر وابن عباس كرهاه ولم يعلم لهما في الصحابة مخالف، ولأن فيه نوعًا من الجهالة فالتحرز عنها أولى. وفي ده يازده أو ده دوازده (¬3)؛ لأنه بيع الأعاجم والتشبه (¬4) بهم (¬5) مكروه والبيع صحيح، لأنّ الجهالة تزول بالحساب كبيعه (¬6) الصبرة كل قفيز بدرهم. إذا اشترى ثوبًا بنحو عشرة ... وهكذا بمثلها قد قصره (¬7) بقل كذا لا بكذا تحصلا ... علي لا يجوز نصًا نقلا يعني: من اشترى ثوبًا بعشرة ثم قصره أو صبغه ونحوه بعشرة أخبر بذلك على وجهه، ولا يجوز أن يقول تحصل علي بعشرين وبه قال الحسن وابن سيرين وابن المسيّب وطاووس والنخعي والأوزاعي وأبو ثور. وقيل: يجوز لأنه صادق وبه قال الشعبي والحكم والشافعيُّ (¬8). ولنا: أنه تغرير بالمشتري وعسى أنه لو علم أن بعض ما تحصل به ¬

_ (¬1) انظر فتح القدير 6/ 497 - 498 ومغني المحتاج 2/ 77. (¬2) سقطت من د. (¬3) في د، س وازده. (¬4) في س، هـ الشبيه. (¬5) في النجديات، هـ، ط به. (¬6) في أ، جـ، ط كبيعة. (¬7) سقط هذا البيت من نظ. (¬8) ويجوز عند الحنفية إلحاق ما اعتاد التجار إلحاقه بالعرف كأجرة الخياط والقصار والسمسار فيقول: قام علي بكذا ولا يجوز أن يقول: اشتريته بكذا لأنه كذب. انظر بدائع الصنائع 5/ 223، وانظر في مذهب الشافعي المنهاج مع شرحه السراج الوهاج 195.

لأجل الصناعة لم يرغب فيها لعدم رغبته في ذلك فأشبه ما ينفق على الحيوان في مؤونته، وكذا حكم أجرة كيله ومخزنه ونقاده ودلاله (¬1) ونحوها (¬2) فيجب أن يخبر بالحال ولهذا (¬3) قال أحمد: بيع المساومة (¬4) أسهل عندي من بيع المرابحة؛ لأنّ بيع المرابحة يعتريه أمانة واسترسال من المشتري ويحتاج فيه إلى تبيين الحال على وجهه (¬5) ولا يأمن هوى (¬6) النفس في نوع تأويل وخطر فتجنب ذلك أسلم وأولى. وبعد الإخبار برأس ماله ... من أدعى النسيان في مقاله يرجع بالنقصان مع (¬7) يمينه ... والشيخ لا لابد من تبيينه يعني: لو قال البائع: اشتريته بمائة مثلًا ثم قال: نسيت أو غلطت، والثمن زائد عما أخبرت به فالقول قوله مع يمينه اختاره الأكثر منهم القاضي وأصحابه وابن عبدوس في تذكرته وقدمه في الهداية والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاويين والفائق وجزم به في المنور، قال ابن رزين في شرحه: (وهو القياس) انتهى؛ لأنّ المشتري لما دخل مع البائع في المرابحة فقد ائتمنه والقول قول الأمين فيحلف البائع أنه لم يكن وقت العقد يعلم أن ثمنها أكثر فإن حلف خُيِّر مشتر بين الرد ودفع الزيادة، وإن نكل لي يكن له غير ما وقع عليه العقد. وقال الشيخ الموفق (¬8): لا يقبل قول البائع في ذلك إلا ببينة ¬

_ (¬1) في ط دلالته. (¬2) يعني: لو اشترى سلعة بألف ودفع للدلال مائة، وخمسين لمن يكيلها، ومائة أجرة لمخزنها الذي حفظت فيه، فإنه يلزمه في بيع المرابحة أن يبين الحال ولا يجوز أن يقول تحصلت على هذه السلعة بألف ومائتين وخمسين. (¬3) في أ، ط وكذا وفي ب، هـ ولذا. (¬4) هو البيع الذي يسبقه سوم المشتري للسلعة ومعرفة ثمنها. (¬5) في أ، ج ط وجه. (¬6) في النجديات، د، س هو. (¬7) في د، س عن. (¬8) المغني 4/ 264.

وحمل كلام الخرقي عليه واختاره الشارح وقدمه ابن رزين في شرحه قال في الإنصاف (¬1): هو المذهب على ما اصطلحناه في الخطبة (¬2) انتهى وقدمه في التنقيح وجزم به في المنتهى؛ لأنه أقر بالثمن وتعلق به حق المشتري. وكونه مؤتمنًا لا يوجب قبول دعواه الغلط كالمضارب إذا أقر بربح ثم قال: غلطت، ونصه في رواية أبي طالب يقبل قول معروف بالصدق قال في التنقيح: وهو أظهر (¬3). من اشترى شيئًا كنحو الثمرة (¬4) ... قبل صلاح حالها المشتهرة (¬5) بشرط قطع كي يصح المشترى ... فإن تزد بتركه رد الشرا يعني: أن (¬6) من اشترى ثمرة قبل بدو صلاحها أو زرعًا أخضر قبل ¬

_ (¬1) الإنصاف 4/ 440. (¬2) يشير إلى ما ذكره في مقدمه كتاب الإنصاف في بيان المذهب في المسائل التي اختلف فيها الأصحاب قال -رحمه الله- في 1/ 17: وإن كان الترجيح مختلفًا بين الأصحاب في مسائل متجاذبة المآخذ فالاعتماد في معرفة المذهب من ذلك على ما قاله المصنف (الموفق) والمجد والشارح وصاحب الفروع والقواعد الفقهية والوجيز والرعايتين والنظم والخلاصة والشيخ تقي الدين وابن عبدوس في تذكرته فإنهم هذبوا كلام المتقدمين ومهدوا قواعد المذهب بيقين. فإن أطلق الخلاف أو كان من غير المعظم الذي قدمه فالمذهب ما اتفق عليه الشيخان المصنف والمجد أو وافق أحدهما الآخر في أحد اختياريه وهذا ليس على إطلاقه وإنما هو الغالب فإن اختلفا فالمذهب مع من وافقه صاحب القواعد الفقهية أو الشيخ تقي الدين وإلا فالمصنف لا سيما إن كان في الكافي ثم المجد .. وإن لم يكن لهما أو لأحدهما تصحيح فصاحب القواعد الفقهية ثم صاحب الوجيز ثم صاحب الرعايتين فمن بعدهم. (¬3) التنقيح المشبع ص 131. (¬4) في ب، ج التمري. (¬5) في با لمشتهرى. (¬6) سقطت من د، س.

اشتداد حبه بشرط القطع وليس مالكًا للأصل ثم تركه حتى بدا صلاحه واشتد حبه بطل البيع بمجرد الزيادة (¬1). وقال أكثر أهل العلم: لا يبطل؛ لأنّ أكثر ما فيه أن المبيع اختلط بغيره أشبه ما لو اشترى ثمرة فاختطلت بأخرى ولم تتميز أو حنطة فانهالت عليها أخرى (¬2). ولنا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها (¬3)، فاستثنى (¬4) منه ما اشتراه بشرط القطع فقطعه بالإجماع (¬5) فيبقى (¬6) ما عداه على أصل التحريم، ولأن (¬7) التبقية معنى حرّم الشرع اشتراطه لحق الله تعالى فأبطل وجوده العقد كالنسأ فيما يحرم فيه، ولأن صحة البيع تجعل ذلك ذريعة إلى شراء الثمرة قبل بدو صلاحها وتركها حتى يبدو صلاحها ووسائل ¬

_ (¬1) وهو مذهب المالكية قال ابن عبد البر في الكافي 2/ 684: (ومن اشترى قصيلًا أو ثمرًا قبل بدو صلاحه على القطع فتركها، فالبيع باطل ويرد الثمر والحب على البائع).أ. هـ وهو اختيار ابن القيم قال في إعلام الموقعين 3/ 384: إذا باعها بشرط القطع في الحال ثم اتفقا على بقائها إلى الكمال فهو عين ما نهى الله عنه لإفضائه إلى التشاجر والتشاحن فإن الثمار تصيبها العاهات كثيرًا فيفضي بيعها قبل اكتمالها إلى أكل مال المشتري بالباطل كما علل به الشرع. (¬2) انظر بدائع الصنائع 5/ 173 ومغني المحتاج 2/ 89. (¬3) ثبت النهي عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من عدة طرق وعن عدد كثير من الصحابة منهم عبد الله بن عمر عند البخاري 4/ 330 - 33 ومسلمٌ برقم 1534 و 1535 وأبي داود برقم 3367 والترمذيُّ 1226، 1227 والنسائيُّ 7/ 262، 263. ومنهم أنس بن مالك عند البخاري 4/ 331، 223 ومسلمٌ برقم 1666، ومنهم أبو هريرة عند مسلم برقم 1538 والنسائيُّ 7/ 263، ومنهم جابر بن عبد الله عند البخاري 4/ 329 وأبي داود برقم 3372. (¬4) في أ، د، جـ، ط فاشتري. (¬5) انظر المغني 4/ 202. (¬6) في النجديات، ط فبقى. (¬7) سقطت الواو من د، س.

الحرام حرام كبيع العينة (¬1)، وكذا لو اشترى رطبًا (¬2) عرية (¬3) فتركه حتى أثمر فإن البيع يبطل بذلك. ورهنها حتى (¬4) بشرط الإبقا ... يصح لا (¬5) كالبيع فالمح فرقا أي: يصح رهن الثمرة قبل بدو صلاحها والزرع الأخضر حتى بشرط الإبقاء بخلاف البيع. وقال الشافعي: لا يصح رهنهما؛ لأنه لا يصح بيعهما فلم يصح رهنهما كسائر ما لا يجوز بيعه (¬6). وأجيب بالفرق (¬7) بين الرهن والبيع فإن (¬8) الرهن يقل فيه الغرر فإن الثمرة أو الزرع متى (¬9) تلف فحق المرتهن في ذمة الراهن، ولأنه يجوز (¬10) بيعهما في الجملة فجاز رهنهما بشرط التبقية. ¬

_ (¬1) بيع العينة: أن يبيع سلعة مؤجلًا ثم يشتريها من المشتري بثمن حال أقل مما باعها به. انظر نيل الأوطار 5/ 234. (¬2) في النجديات، هـ، ط عريا. (¬3) العرايا: بيع الرطب على رؤوس النخل خرصًا بمثل ما يؤول إليه إذا جف من التمر كيلا وهي جمع عريّة وهي النخلة ومراد المؤلف رحمه الله أن يبين أن الشارع إذا رخص في شيء معين لمعنى يقتضي الرخصة لا يجوز التحيل باستعمالها في غير موضعها فالشارع إنما رخص في العرية لمن يريد أن يأكلها رطبًا فقد كان الفقراء في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يوجد عندهم النقد ويحتاجون إلى الرطب ويوجد عندهم التمر فرخص لهم الشارع في شراء الرطب على رؤوس النخل بخرصة تمرًا. انظر كشاف القناع 3/ 258 - 259. (¬4) في نظ حق. (¬5) سقطت لا من د، س. (¬6) الذي في الأم 3/ 143: (وكذلك لو ارتهن الثمر بعد ما خرج ورؤي جاز الرهن وله تركه في نخله حتى يبلغ وعلى الراهن سقيه والقيام بما لا بد له منه مما لا يثبت إلا به ويصلح في شجره إلا به كما يكون عليه نفقة عبده إذا رهنه. وما ذكره المؤلف هو ما قاله الموفق في المغني 4/ 380. (¬7) في د، س بأن الفرق. (¬8) سقط من د، س فإن الرهن. (¬9) في النجديات، هـ من وفي ط أن. (¬10) في د، س ولأنه بيع يجوز بينهما.

وإن يكن بعد الصلاح المشترى ... ونزلت (¬1) جائحة بها ترى عن مشتر فوضعها لا ينتفي ... ومالك لا بد بالثلث تفي يعني: إذا تلفت الثمرة بجائحة سماوية وهي ما لا صنع فيها لآدمي (¬2) وكان قد اشتراها بعد بدو صلاحها انفسح البيع ورجع المشتري على البائع بالثمن إن كان دفعه وإلا سقط عنه، وإن تلف بعضها انفسخ العقد فيه فقط سواء أتلف (¬3) قدر الثلث أو أقل أو أكثر إلا أنه (¬4) يسامح في الشيء اليسير الذي لا ينضبط نص عليه (¬5). وقال أبو حنيفة والشافعيُّ: في الجديد هو من ضمان المشتري لما روى أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن ابني اشترى ثمرة من فلان فأذهبتها الجائحة فسأله أن يضع عنه فتألى أن لا يفعل فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تألى فلان أن يفعل خيرًا" متفق عليه (¬6)، ولو كان واجبًا ¬

_ (¬1) في د، س أو. (¬2) وذلك كالبرد والسيل والريح ونحو ذلك. انظر المغني 4/ 216. (¬3) في د، س اتلفت. (¬4) في ط أن. (¬5) وهو قديم قولي الشافعي واختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيِّم وبين ابن القيم في إعلام الموقعين 2/ 367 - 368 أنه لا يخالف شيئًا من النصوص الصريحة بل هو مقتضى أصول الشريعة ويتبين ذلك من مقامين. الأوّل: أن حديث وضع الجوائح لا يخالف كتابًا ولا سنة ولا إجماعًا وهو أصل بنفسه فيجب قبوله ويهدر ما يخالفه من القياس، الثاني: أن وضع الجوائح كما هو منطوق السنة الصحيحة فهو مقتضى القياس الصحيح فإن المشتري لم يتسلم الثمرة ولم يقبضها القبض التام الذي يوجب نقل الضمان إليه فإن قبض كل شيء بحسبه وقبض الثمار إنما يكون بإداركها شيئًا فشيئًا فهو كقبض المنافع في الإجارة وتسليم الشجرة إليه كتسليم العين المؤجرة من الأرض والعقار والحيوان. انظر أيضًا مغني المحتاج 2/ 92 والاختيارات 130. (¬6) ليس هذا لفظ الصحيحين بل هو لفظ الموطأ 3/ 264 وأحمدُ في المسند 6/ 69، 105 وهو مرسل لأنه عن عمرة بنت عبد الرحمن عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم تدركه. وهو في البخاري 5/ 225 - 26 ومسلمٌ برقم 1557 عن عمرة عن عائشة قالت: "سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوت خصوم بالباب عالية أصواتهما وإذا أحدهما يستوضع:

لأجبره عليه (¬1)، ولأن التخلية (¬2) يتعلق بها جواز التصرف فتعلق بها الضمان كالنقل (¬3). وقال مالك والشافعيُّ: في القديم ما كان دون الثلث فمن ضمان المشتري؛ لأنه لا بد أن يأكل الطائر منها ويثير الريح ويسقط منها فلم يكن (¬4) بد (¬5) من ضابط، والثلث قد اعتبره الشارع (¬6) في الوصية وعطايا المريض ونحوها (¬7). ولنا: ما روى مسلم في صحيحه وأبو داود عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بوضع الجوائح .. وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن بعت من أخيك ثمرًا فأصابه جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا (¬8) تأخذ مال أخيك بغير حق؟ " (¬9). ولا حجة لهم في حديثهم فإن فعل الواجب خير فإذا تألى ألا يفعل الواجب فقد تألى أن لا يفعل خيرًا. وأما الإجبار فلا يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - بمجرد إخبار أُمِّ المدعي من غير إقرار من البائع ولا حضوره، ولأن التخلية ليست بقبض تام، ولا يلزم من إباحة التصرف تمام القبض بدليل المنافع في الإجارة يصح التصرف فيها ولو تلفت كانت من ضمان المؤجر. ¬

_ = الآخر ويسترفقه في شيء وهو يقول: والله لا أفعل فخرج عليهما - صلى الله عليه وسلم - فقال: (أين المتألي على الله لا يفعل المعروف" فقال: يا رسول الله، أنا وله أي ذلك أحبَّ". (¬1) سقطت من د، س. (¬2) انظر عمدة القاري 12/ 7 ومغني المحتاج 2/ 92. (¬3) في س التحلة. (¬4) سقطت فلم يكن من د، س. (¬5) في أ، حـ، وفي د، س بر. (¬6) في الشارح. (¬7) انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 685 - 686 والفواكه الدواني 2/ 141. (¬8) في ط ثم. (¬9) مسلم برقم 1554 وأبو داود برقم 3374، والنسائيُّ 7/ 364 - 365.

وما دون الثلث داخل في الخير (¬1) المذكور فيجب وضعه (¬2) وأما ما يأكله (¬3) الطير ونحوه فلا تأثير له في العادة؛ لأنه لا يمكن التحرز منه ولا يدخل في الجائحة فهو معلوم بحكم العادة فكأنه مشروط. وإن كان بيع الثمرة قبل بدو صلاحها بشرط القطع وتمكن منه المشتري ولم يفعله حتى اجتاحت فلا ضمان على البائع جزم به في الإقناع (¬4) وغيره وإن لم يتمكن منه (¬5) حتى اجتاحت فعلى البائع ضمانها، وما تتكرر ثمرته (¬6) كالقثاء والباذنجان حكم ثمرته في الجائحة وغيرها حكم الشجر بخلاف سائر الزروع، والله أعلم. والنقد (¬7) في المبيع حيث عينا ... وبعد ذا كساده تبينا نحو الفلوس ثم لا يعامل ... بها (¬8) فمنه عندنا لا يقبل (¬9) بل قيمة الفلوس يوم العقد ... والقرض أيضًا هكذا في الرد أي: إذا وقع البيع بنقد معين كدراهم مكسرة أو مغشوشة أو بفلوس ثم حرمها السلطان فمنع المعاملة بها قبل قبض البائع لها لم يلزم البائع قبضها بل له الطلب بقيمتها يوم العقد، وكذلك لو أقرضه نقدًا أو فلوسًا فحرم السلطان المعاملة بذلك فرده المقترض لم. يلزم المقرض قبوله ولو كان باقيًا بعينه لم يتغير (¬10) وله الطلب بقيمة ذلك ¬

_ (¬1) في ب (والأزهريات، اخير) بالباء الموحدة. (¬2) في ب وصفه. (¬3) قطت من النجديات، هـ، ط (ما يأكله). (¬4) الإقناع مع شرحه كشاف القناع 3/ 284. (¬5) ساقط من جـ، ط. (¬6) في النجديات، ط تكرر ثمريته. (¬7) في نظ والنقض. (¬8) ساقط من النجديات. (¬9) في د، س يقابل. (¬10) وقيد ذلك القاضي بما إذا اتفق الناس على تركها فأما إن تعاملوا بها مع تحريم السلطان لها لزمه أخذها. المغني 4/ 365.

يوم القرض (¬1)، وتكون من غير جنس النقد إن أفضى إلى ربا الفضل فإذا كان دراهم أعطى عنها دنانير وبالعكس لئلا يؤدي إلى الربا. أما في مسألة البيع فلأنها من ضمان المشتري حتى يقبضها البائع وقد تعيبت (¬2) بيد المشتري فلم يلزم البائع قبولها، وأما في مسألة القرض فلأنها تعيبت (¬3) في ملك المقترض فلم يملك ردها. ومثله من رام عود الثمن ... برده المبيع خذ بالأحسن قد ذكر الأصحاب ذا في (¬4) ذي الصور ... والنص (¬5) في القرض عيانًا قد ظهر أي: مثل ما تقدم من اشترى معيبًا أو نحوه بدراهم مكسرة (¬6) أو مغشوشة أو فلوس وأقبضها للبائع فحرمها السلطان ثم رد المشتري المبيع لعيب ونحوه وكان الثمن باقيًا فرده لم يلزم المشتري قبوله منه لتعيبه (¬7) عنده. والأصحاب ذكروا هذه الصور بالقياس على القرض والنص عن الإمام ¬

_ (¬1) وهو قول أبي يوسف رحمه الله قال في فتح القدير 7/ 157 - 158: ولو استقرض فلوسًا نافقة فكسدت عند أبي حنيفة رحمه الله يجب عليه مثلها؛ لأنه إعارة وموجبه رد العين معنى والثمنية فضل فيه إذ القرض لا يختص به، وعندهما تجب قيمتها؛ لأنه لما بطل وصف الثمنية تعذر ردها كما قبض فيجب رد قيمتها كما إذا استقرض مثليًا فانقطع لكن عند أبي يوسف يوم القرض وعند محمَّد يوم الكساد. أ. هـ. والبيع كالقرض عند أبي يوسف ومحمَّد فإذا وقع بالفلوس أو الدراهم المغشوشة ثم كسدت قبل قبض البائع الثمن وجبت قيمتها يوم البيع عند أبي يوسف وعند محمَّد يوم الكساد أما عند الإمام أبي حنيفة فيبطل البيع إذا كسد الثمن المسمى في العقد .. انظر حاشية ابن عابدين 5/ 32 وفتح القدير 7/ 156. (¬2) في د تعينت. (¬3) في د، س، ط تعيب. (¬4) في ب ونظ قد ذكر الأصحاب في ذي الصور، وفي أ، جـ قد ذكر الأصحاب في بعض الصور. (¬5) في ط والنصر. (¬6) في د مكسورة. (¬7) في ط لعيبه.

إنما ورد في القرض في الدراهم المكسرة قال: يقومها كم (¬1) تساوي يوم أخذها ثم يعطيه (¬2). وقال مالك والليث والشافعيُّ: ليس له إلا مثل ما أقرضه؛ لأنّ ذلك ليس بعيب حدث بها فهو كرخص سعرها (¬3). ولنا: أن تحريمها منع نفاقها وأبطل ماليتها فأشبه كسرها (¬4). والنص بالقيمة في بطلانها ... لا (¬5) في ازدياد القدر (¬6) أو نقصانها بل إن غلت فالمثل فيها أحرى (¬7) ... كدانق (¬8) عشرين صار عشرًا يعني: أن النص في رد القيمة إنما ورد عن الإمام فيما إذا أبطلها السلطان فمنع المعاملة بها (¬9) لا فيما إذا زادت قيمتها أو نقصت مع بقاء التعامل بها وعدم تحريم السلطان لها فيرد مثلها سواء غلت أو رخصت أو كسدت سواء كان الغلو (¬10) أو الرخص كثيرًا بأن كانت عشرة بدانق فصارت عشرين بدانق وعكسه أو قليلًا؛ لأنه لم يحدث فيها شيء إنما تغير السعر فأشبه الحنطة إذا رخصت (¬11) أو غلت. ¬

_ (¬1) في د لم تساوي. (¬2) انظر المغني 4/ 365. (¬3) انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 644 - 645 ومغني المحتاج 2/ 119. (¬4) أي: كسرها عند المقترض بعد أن قبضها من المقرض سليمة إذ قد تعيبت عنده فلا يلزم المقرض أخذها حينئذ. (¬5) في نظ كفي. (¬6) في نظ العقد. (¬7) في نظ أمرًا. (¬8) الدانق: قال في القاموس 3/ 233: سدس الدرهم. (¬9) سقطت من ط. (¬10) ذكر في القاموس المحيط 4/ 371: أن الغلو مصدر غلا بمعنى جاوز الحد وأن الغلاء مصدر غلي ضد رخص فلو عبر المؤلف بالغلاء في هذا الموضع وفي الذي بعده حيث قرنه بالرخص لكان أولى. (¬11) في د، س رخص.

والشيخ في زيادة أو نقص ... مثلًا كقرض في الغلا والرخص أي: وقال الشيخ الموفق (¬1): إذا زادت قيمة الفلوس أو نقصت رد مثلها كما لو (¬2) اقترض عرضًا مثليًا (¬3) كبر وشعير وحديد ونحاس فإنه يرد مثله ولو غلا أو رخص؛ لأنّ غلو قيمته أو نقصانها لا يسقط المثل عن ذمة المستقرض فلا يوجب المطالبة بالقيمة وهذا هو معنى ما تقدم من أن نص الإمام برد القيمة إنما هو إذا أبطل السلطان المعاملة بها لا في زيادة القيمة أو (¬4) نقصانها. وشيخ الإِسلام فتى (¬5) تيمية ... قال: قياس القرض عن جلية الطرُدُ (¬6) في الديون كالصداق (¬7) ... وعوض في الخلع والإعتاق (¬8) والغصب والصلح عن القصاص ... ونحو ذا طرا (¬9) بلا اختصاص أي: قال شيخ الإِسلام بحر العلوم أبو العباس أحمد تقي الدين ابن الشيخ عبد الحليم ابن شيخ الإِسلام مجد الدين عبد السلام بن تيمية (¬10) الحراني في شرح المحرر: قياس ذلك أي: القرض فيما إذا كان (¬11) مكسرة أو فلوسًا وحرمها (¬12) السلطان وقلنا يرد قيمتها جميع الديون من (¬13) بدل المتلف والمغصوب والصداق والفداء والصلح عن القصاص (¬14) والكتابة. انتهى. ¬

_ (¬1) انظر المغني 4/ 365. (¬2) سقطت (لو) من د، س. (¬3) في أ، ط مثلها. (¬4) في النجديات، هـ ط، ونقصانها. (¬5) في نظ يعتى. (¬6) في النجديات أطرد. (¬7) في د، س كالطلاق. (¬8) في ب العتاق. (¬9) في نظ طدرًا. (¬10) سقط من النجديات، ط ابن تيمية. (¬11) في ب، 5، كانت. (¬12) الواو ليست في ط. (¬13) في النجديات، هـ ط في. (¬14) في النجديات، ط القياس.

وقوله: طرًا بضم الطا أي (¬1) جميعًا (¬2) من غير اختصاص وبفتحها أي: قطعًا بلا تردد، والفتى في الأصل الشاب السخي. قال وجا في الدين نص (¬3) مطلق ... حرره الأثرم إذ يحقق (¬4) يعني: قال ابن تيمية إن الأصحاب إنما ذكروا النص عن أحمد في القرض قال: وكذلك (¬5) المنصوص عن أحمد في جميع الديون، قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله سئل عن رجل له على رجل دراهم مكسرة فسقطت المكسرة أو فلوس قال: يكون (¬6) له عليه بقيمتها من الذهب، قلت لأبي عبد الله رجل له على رجل دراهم أي: يقر له قال: (¬7) باعه شيئًا؟ قلت: نعم (¬8) باعه ثوبًا بكذا وكذا درهمًا أو اكترى (¬9) منه بكذا وكذا درهمًا فاختلفا في النقد فقال: إنما يكون له بنقد الناس بينهم فقلت: نقد الناس بينهم مختلف قال: له أقل ذلك. وقولهم: إن الكساد نقصًا ... فذاك نقص النوع عابت رخصًا قال: ونقص النوع ليس يعقل ... فيما سوى القيمة ذا لا يجعل يعني: أن تعليل القاضي ومن تابعه (¬10) من الأصحاب لوجوب رد قيمة الفلوس إذا (¬11) كسدت لمنع (¬12) السلطان التعامل بها بأن الكساد يوجب ¬

_ (¬1) سقطت من جـ ط. (¬2) في جميعها. (¬3) في ب، جـ نصًا مطلقًا وفي ط نصًا مطلق. (¬4) في ب، جـ يحققا وفي د ذا يحقق وفي س أن يحقق. (¬5) في جـ، ط وكذا. (¬6) سقطت من د، س. (¬7) في النجديات، ط قال له. (¬8) ما بين القوسين من ب. (¬9) في ط أكثر. (¬10) في د، س تابعهم. (¬11) في هـ أن كسدت. (¬12) في ط كمنع.

النقصان وهو نوع عيب (¬1) معناه عيب النوع إذ ليس المراد عيب الشيء المعين فإنه ليس هو المستحق وإنما المراد عيب النوع والأنواع لا يعقل عيبها إلا نقصان قيمتها هذا معنى كلام الشيخ تقي الدين في الاستدلال لما ذكره المصنف عنه في البيتين المذكورين كما ستقف عليه بعد ذلك. قوله نقصًا بالنصب إما على لغة من ينصب بأن الجزئين كقوله: إن حراسنا أسدًا (¬2) أو خبرًا ليكون المحذوفة مع اسمها، وقوله رخصًا مفعول لأجله أو تمييز، وجملة عابت رخصًا تبيين لنقص النوع. وخرج القيمة في المثلي ... بنقص نوع ليس بالخفي واختاره وقال: عدل ماضي ... خوف انتظار السعر بالتقاضي قال في شرح المحرر: وقد نص (¬3) في القرض على أن الدراهم المكسرة إذا منع (¬4) التعامل بها فالواجب القيمة فيخرج في سائر المتلفات كذلك في الغصب والقرض (¬5)، فإنه معلوم أنه ليس المراد عيب الشيء المعيب فإنه ليس هو المستحق وإنما المراد عيب النوع، والأنواع لا يعقل (¬6) عيبها إلا نقصان قيمتها، فإذا أقرضه أو غصبه طعامًا فنقصت قيمته فهو نقص النوع فلا يجبر على أخذه ناقصًا فيرجع إلى القيمة وهذا هو العدل فإن المالين إنما يتماثلان إذا استوت قيمتهما وأما مع اختلاف القيمة فلا تماثل، فعيب الدين المعين (¬7) إفلاس المدين وعيب العين المعينة خروجها عن ¬

_ (¬1) في د، س نوع عين. (¬2) جزء من بيت شعر ينسب إلى عمر بن أبي ربيعة وليس في ديوانه وتمامه: إذا اسود جنح الليل فلتأت ولتكن ... خطاك خفافًا، إن حرَّاسنا أسدًا انظر إرشاد السالك على أوضح المسالك 166. (¬3) في النجديات، هـ، ط نصوا. (¬4) في النجديات، ط امتنع. (¬5) قد ذكر أن النص عن الإمام إنما ورد في القرض فكيف يجعل الحكم فيه هنا تخريجًا؟ أظن أن ذكر القرض هنا سهو، والله أعلم. (¬6) في ط لا يعقل عليها عيبها. (¬7) سقطت من النجديات، ط.

المعتاد بالنقص، وأما الأنواع فلا عيب فيها بالحقيقة وإنما نقصانها كعيبها، قال: ويخرج في جميع الدين من الثمن والصداق والفدية والصلح عن القصاص مثل ذلك كما في الأثمان (¬1) انتهى المقصود منه. وقول الناظم (¬2): خوف انتظار السعر بالتقاضي، ليس من كلام الشيخ تقي الدين كما علمت بل هو تعليل لكون قوله عدلًا ماضيًا (¬3) أي: لئلا (¬4) ينتظر بالتقاضي عود السعر كما كان حين العقد الأوّل أو نحوه. لحاجة الناس إلى ذي المسألة ... نظمتها مبسوطة مطولة يقول إنه نظم (¬5) هذه المسألة وأطال فيها لحاجة الناس إليها لكثرة وقوعها والسؤال عنها فرحمه الله وجزاه خيرًا. ¬

_ (¬1) وقد رجح أئمة الدعوة ما ذهب إليه شيخ الإِسلام قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين: (وكثير من الأصحاب تابعوا. الشيخ تقي الدين في إلحاق سائر الديون بالقرض وأما رخص السعر فكلام الشيخ صريح في أنه يوجب رد القيمة وهو أقوى فإذا رفع إلينا مثل ذلك وسطنا لصلح بحسب الإمكان هيبة الجزم بذلك. الدرر السنية 5/ 110 وقال حسن بن حسين بن علي بعد أن تكلم عن اختيار الشيخ: (وهو المعتمد لدينا في الفتوى) المرجع السابق 5/ 112. (¬2) في النجديات النظم. (¬3) في د عدلًا لا ماضيًا. (¬4) في ب لأنه لا ينتظر وسقطت أي من النجديات، ط. (¬5) في د، س يقول ناظم هذه المسألة.

ومن باب السلم والرهن

ومن باب السلم والرهن قال الأزهري: السلم والسلف واحد إلا أن السلف (يكون (¬1)) قرضًا (¬2). والسلم شرعًا: عقد على موصوف في الذمة مؤجل (¬3)، وأجمعوا على جوازه لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أسلف (¬4) في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن (¬5) معلوم إلى أجل معلوم". متفق عليه (¬6) من حديث ابن عباس. والرهن لغة: الثبوت والدوام ومنه ماء راهن أي: راكد ونعمة راهنة أي: دائمة. وشرعًا: توثقة دين بعين يمكن (¬7) أخذه أو بعضه منها أو من ثمنها ¬

_ (¬1) ما بين القوسين من ب وفي ط إلا أن السلف قرض. (¬2) تهذيب اللغة 12/ 431. (¬3) وزاد بعضهم في التعريف بثمن مقبوض بمجلس العقد وهذه الزيادة ضرورية وإلا كان بيع الدين بالدين وقد اعترض على هذه الزيادة بعض الفقهاء بأن قبض الثمن شرط من شروط السلم لا أنه داخل في حقيقته، فالأولى أنه بيع موصوف في الذمة إلى أجل مسمى كما عرفه الموفق وغيره وهذا ضعيف؛ لأنّ الأجل شرط أيضًا من شروط السلم وقد تضمنه التعريف. انظر التنقيح المشبع 138 وهداية الراغب 338 وحاشية ابن قاسم على الروض 5/ 4. (¬4) في الأزهريات أسلم. (¬5) في د، س أو. (¬6) البخاري 4/ 355 ومسلمٌ رقم 1604. (¬7) في النجديات، هـ، طعلى.

وهو جائز بالإجماع لقوله تعالى: (¬1) {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283]، والسنة مستفيضة بذلك وليس بواجب إجماعًا؛ لأنه وثيقة بالدين. وفي المكيل لا يصح السلم ... وزنا ولا بالعكس نصًا فاعلموا (¬2) أي: لا يصح السلم في المكيل وزنًا ولا في الموزون كيلًا (¬3). وعنه يصح نقلها المروذي واختارها الموفق والشارح وابن عبدوس في تذكرته وجزم بها في الوجيز والمنور ومنتخب الأزجي وفاقًا لجمهور العلماء؛ لأنّ الغرض (¬4) معرفة قدره وإمكان تسليمه من غير تنازع فبأي (¬5) شيء قدره جاز (¬6). ولنا: أنه قدره بغير ما هو مقدر به شرعًا فلم يجز كما لو أسلم في الموزون ذرعًا وبالعكس، وقياسًا على بيع المكيل بجنسه وزنًا وبالعكس وكذا لا يصح السلم في الفواكه المعدودة كالرمان والسفرجل والخوخ ونحوها؛ لأنها تختلف بالكبر والصغر فلم يصح السلم فيها ولو قدرت بالوزن (¬7) بخلاف الفواكه المكيلة كالرطب والموزونة كالعنب فيصح السلم فيها إذا قدرت بمعيارها الشرعي. وكل مائع مكيل، فلا يصح السلم في الزيت والشيرج واللبن ونحوها وزنًا كذاك (¬8) لا يصح في جنسين ... بثمن يجمل للإثنين ¬

_ (¬1) في أ، جـ فرهن. (¬2) في د، س فاعلم. (¬3) وهو رواية عن أبي حنيفة قال ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار 4/ 280: إذا أسلم في المكيل وزنًا وبالعكس فيه روايتان عن أبي حنيفة والمعتمد الجواز. (¬4) في ط الفرض. (¬5) في النجديات، ط فأي. (¬6) ففي ب قدره به. (¬7) الصحيح من المذهب أن المعدود المتقارب غير الحيوان يجوز السلم فيه عددًا، وما يتفاوت تفاوتًا كثيرًا يسلم فيه وزنًا. انظر الإنصاف 5/ 97. (¬8) في د، س لذلك.

حتى يبين (¬1) لكل جنس ثمنًا ... ...................... أي: لا يصح أن يسلم في جنسين كبرٍّ وشعير أو تمر وزبيب بثمن واحد يجمل لهما حتى يبين ثمن كل جنس منهما (¬2) وكذلك لو أسلم في جنس واحد إلى أجلين فأكثر لم يصح حتى يبين قسط كل أجل وثمنه وكذلك لو أسلم جنسين كذهب وفضة في بر مثلًا لم يصح حتى يبين حصة كل جنس من المسلم (¬3) فيه. وجوز ذلك كله مالك وغيره، لأنّ (¬4) كل عقد جاز (¬5) على جنسين أو بجنسين في عقدين جاز في عقد واحد كبيوع (¬6) الأعيان (¬7). ولنا: أن ما يقابل كل واحد من الجنسين مجهول فلم يصح كما لو عقد عليه مفردًا بثمن مجهول ولأن فيه غررًا؛ لأنا لا نأمن الفسخ (¬8) بتعذر (¬9) أحدهما (¬10) فلا يعرف بم (¬11) يرجع؟ وهذا غرر يؤثر مثله في السلم فيمنع صحته فإن بين ثمن كل جنس صح لانتفائه. ...................... ... والرهن فيه لا تجز (¬12) والضمنا أي: لا يجوز ولا يصح أخذ رهن بالمسلم (¬13) فيه ولا ضمين به ¬

_ (¬1) في ط يبن. (¬2) وهو قول أبي حنيفة رحمه الله قال في شرح العناية 7/ 92: إذا أسلم مائة في كر حنطة وكر شعير ولم يبين رأس مال كل واحد منهما فإنه لا يجوز عند أبي حنيفة رحمه الله. (¬3) في د السلم. (¬4) في د، س لأنه. (¬5) في د عقد جايز جاز. (¬6) في د، س س كبيع. (¬7) انظر المدونة 4/ 13. (¬8) ليست في حـ، ط. (¬9) في ب لتعذر وفي ط تبعة. (¬10) في طا واحدهما. (¬11) سقطت من جـ، ط. (¬12) في د تجوز وفي س تجزم. (¬13) في أ، جـ، د س، ط السلم.

رويت كراهة ذلك عن علي وابن عمر وابن عباس والحسن وسعيد بن جبير والأوزاعي (¬1). ورخص فيه عطاء ومجاهد وعمرو بن دينار والحاكم ومالك والشافعيُّ وإسحاق وأصحاب الرأي وابن المنذر (¬2) لقوله تعالى (¬3): {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} (¬4) إلى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 282 - 283]، وقد روي عن ابن عباس وابن عمر أن المراد به السلم (¬5)، ولأن اللفظ عام فيدخل السلم في عمومه. ولنا: أن المسلم (¬6) فيه لا يمكن أخذه من (¬7) ثمن الرهن ولا من ذمة الضامن ولأنه لا يؤمن هلاك الرهن في يده بعدوان (¬8) فيصير مستوفيًا لحقه من غير المسلم فيه، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره" رواه أبو (¬9) داود، ولأنه يقيم ما في ذمة الضامن مقام ما في ذمة ¬

_ (¬1) الآثار عن علي وابن عمر وابن عباس وسعيد بن جبير رواها ابن أبي شيبة في مصنفه 6/ 20 - 21. (¬2) انظر المدونة 4/ 56 - 58 المهذب مع تكملة المجموع 13/ 180 والهداية مع تكملة فتح القدير 10/ 157. (¬3) سقط من أ، جـ إلى أجل مسمى فاكتبوه وسقط من ب فاكتبوه ومن ط مسمى فاكتبوه. (¬4) أما أثر ابن عباس فهو في الدر المنثور للسيوطي 1/ 370 قال: وأخرج الشافعي وعبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم والبيهقيُّ عن ابن عباس قال: أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى أن الله أحله وأذن فيه ثم قرأ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} الآية ورد ابن الهمام في فتح القدير 7/ 71 نسبته إلى البخاري فإنه -رحمه الله- لم يخرج في صحيحه لأبي حسان الأعرج واسمه مسلم. أ. هـ وأما أثر ابن عمر فعند ابن أبي شيبة 6/ 20 أنه سئل عن الرهن في السلم فقال: (استوثق). (¬5) في د السلم. (¬6) في أ، جـ، ط في. (¬7) في أ: لا بد من وفي جـ هـ: لا يأمن. (¬8) في النجديات، ط بعد. (¬9) رواه أبو داود برقم 3468 وابن ماجة برقم 2283 والبيهقيُّ 6/ 25 وفيه عطية بن سعد العوفي ضعفه أحمد وغيره وحسن حديثه الترمذي وقال ابن عديّ: هو مع ضعفه يكتب حديثه وقال عبد الحق في أحكامه: لا يحتج به وإن كان الجلة قد رووا عنه. نصب الراية 4/ 51.

المضمون عنه فيكون في حكم أخذ العوض والبدل عنه وهذا لا يجوز قال في المبدع (¬1): وفيه نظر (¬2)، أي: لأنه يمكن شراء المسلم فيه من ثمن الرهن فيسلمه (¬3) أو يشتريه الضامن ويسلمه فلا يصرف فيه إلى غيره ولهذا اختار الموفق وجمع الصحة وهي رواية حنبل (¬4). مرتهن للرهن (¬5) نصًا يركب ... بقدر ما أنفق أيضًا يحلب سيان بذل مالك للنفقة ... أو منعها فالإذن (¬6) فيها مطلقة أي: يجوز للمرتهن أن يركب الرهن إن (¬7) كان مركوبًا ويحلبه إن كان يحلب بقدر نفقته متحريًا للعدل دون إذن المالك سواء بذل مالكه النفقة أو منعها وهذا قول إسحاق. وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ: لا يحتسب له بما أنفق وهو متطوع به ولا ينتفع من الرهن بشيء لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " (لا يغلق) (¬8) الرهن من راهنه له غنمه وعليه غرمه (¬9) " (¬10)، ولأنه ملك غيره لم يأذن له في الانتفاع به ولا الإنفاق عليه فلم يكن له ذلك. ¬

_ (¬1) 4/ 202. (¬2) سقطت من د، س. (¬3) في د، س ويسمه وفي ط فيسلمه الضامن. (¬4) وهو الذي رجحه أئمة الدعوة في نجد واعتمدوه في الفتوى قال الشيخ حسن بن حسين بن الشيخ محمَّد بن عبد الوهاب: (الأصح من الروايتين والمعتمد في الفتوى عندنا أنه يصح وفاقًا للأئمة الثلاثة). الدرر السنية 5/ 107 - 108. (¬5) في أ، جـ الرهن. (¬6) في، ط والأذن. (¬7) في النجديات، هـ، ط إذا. (¬8) ما بين القوسين من أ، ط. (¬9) في هـ غرضه. (¬10) رواه الشافعي مرسلًا في مسنده 324 وعنه البيهقي 6/ 39 ورواه الدارقطني 3/ 32 - 33 والحاكم 2/ 51 موصولًا إلى أبي هريرة قال في المحرر ص 153 رواه الدارقطني وقال: إسناده حسن متصل والحاكم وصحح اتصاله ابن عبد البر وغيره والمحفوظ إرساله كذلك رواه أبو داود وغيره، ويرى الأوزاعي والليث وأبو ثور أن انتفاع المرتهن بلبن=

ولنا: حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونًا (ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونًا) (¬1) وعلى الذي يركب ويشرب النفقة" رواه البخاري وأبو داود والترمذيُّ (¬2)، ولأن نفقة الحيوان واجبة وللمرتهن فيه حق وقد أمكن القيام به من نماء الرهن واستيفاؤه من منافعه فجاز كما يجوز للمرأة أخذ مؤنتها من مال زوجها عند امتناعه بغير إذنه، وقيس على ذلك الأمة المرضع تسترضع بقدر نفقتها (¬3). وأما الحديث فنقول به: والنماء للراهن ولكن للمرتهن ولاية صرفه إلى نفقته لثبوت يده عليه وولايته، فإن لم يف الركوب واللبن (¬4) بالنفقة رجع بالباقي إن نواه، وإن فضل في اللبن شيء فهو للراهن وللمرتهن بيعه بإذنه. وكسب مرهون فكالنماء ... يدخل (¬5) في الرهن بلا امتراء أي: يدخل نماء المرهون (¬6) وكسبه وغلته في الرهن وإذا احتيج إلى بيعه في وفاء الدين بيع كالأصل سواء في ذلك المتصل كالسمن وتعلم ¬

_ = الرهن وظهره لا يجوز إلا إذا امتنع الراهن من النفقة وحملوا عليه حديث أبي هريرة الآتي. انظر نيل الأوطار 5/ 265. (¬1) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬2) البخاري 5/ 101 - 102 وأبي داود برقم 3526 والترمذيُّ برقم 1254. (¬3) يرى ابن القيم في إعلام الموقعين 2/ 447 أن هذا الحكم من أحسن الأحكام وأعدلها ولا أصلح للراهن منه وما عداه ففساده ظاهر فإن الراهن قد يغيب ويتعذر على المرتهن مطالبته بالنفقة التي تحفظ الرهن ويثق عليه. أو يتعذر رفعه إلى الحاكم وإثبات الرهن وإثبات غيبة الراهن وإثبات أن قدر نفقته عليه هي قدر حلبه وركوبه وطلبه منه الحكم له بذلك وفي هذا من العسر والمشقة ما ينافي الحنيفية السمحة ولهذا شرع الشارع الحكيم القيم بمصالح العباد للمرتهن أن يشرب لبن الرهن ويركب ظهره وعليه نفقته وهذا محض القياس لو لم تأت به السنة الصحيحة. (¬4) في النجديات، ط اللبس. (¬5) في د، س يدل. (¬6) في ط المرتهن.

الصنعة والمنفصل كالكسب والأجر والولد والثمرة واللبن والصوف وبنحو (¬1) هذا قال (¬2) النخفي والشعبي. وقال الثوري وأصحاب الرأي: في النماء يتبع، وفي الكسب: لا يتبع، لأنه لا يتبع في الكتابة والاستيلاد (¬3) والتدبير فلا يتبع في الرهن (¬4). وقال مالك: يتبع الولد في الرهن خاصة دون سائر النماء، لأن الولد يتبع الأصل في الحقوق الثابتة كولد أم الولد (¬5). وقال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر: لا يدخل في الرهن شيء من النماء المنفصل ولا من الكسب، لأنه حق تعلق بالأصل يستوفى من (¬6) ثمنه فلا يسري إلى غيره كحق (¬7) الجناية (¬8). ولنا: أنه حكم ثبت في العين (¬9) بعقد المالك فيدخل فيه النماء والمنافع كالملك بالبيع ونحوه، ولأنه نماء حادث من عين (¬10) الرهن فيدخل فيه كالمتصل، ولنا على أبي حنيفة أنه عقد يستتبع (¬11) النماء فاستتبع (¬12) الكسب كالشراء، ولنا على مالك أنه نماء حادث من عين (¬13) الرهن فسرى إليه حكم الرهن كالولد، وأما حديث: " (لا يغلق) (¬14) الرهن من راهنه له ¬

_ (¬1) في أ، جـ، ط ونحو. (¬2) في ب قاله. (¬3) في أ، جـ ط الإستيلاء. (¬4) انظر الهداية مع تكملة فتح القدير 10/ 197. (¬5) انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 815 - 816. (¬6) في د، س منه. (¬7) في جـ لحق. (¬8) المنهاج مع شرحه مغني المحتاج 2/ 139. (¬9) في أ، جـ، ط العقد. (¬10) في أ، جـ، ط غير. (¬11) في د، س يستبع. (¬12) في س استبع. (¬13) في أ، جـ ط غير. (¬14) زيدت في هامش أ: وليست في بقية النسخ.

غنمه وعليه غرمه" فتقدم الجواب عنه، والسراية في الرهن لا تفضي إلى استيفاء أكثر من دينه فلا يكثر الضرر على القول بها.

من باب الكفالة والصلح

من باب الكفالة والصلح الكفالة: مصدر كفل يكفل، وهي التزام رشيد إحضار من عليه حق مالي إلى ربه، والصلح: التوفيق والسِّلم، والإجماع على مشروعيتهما في الجملة (¬1). إن لم يسلم كافل من كفلا (¬2) ... يضمن ما على الأصيل أصلا (¬3) سواء المطلق والمؤجل ... ...................... يعني: إن تعذر على الكفيل إحضار المكفول به مع حياته أو غاب ومضى زمن يمكن إحضاره فيه ولم يفعل أو عين زمنًا لإحضاره فمضى ولم يحضره ضمن ما عليه سواء كفله وأطلق أو كفله إلى أجل فطولب عنده ولم يحضره (¬4) وقال أكثر العلماء: لا يغرم. ولنا عموم قوله -عليه السلام-: "الزعيم غارم" رواه الترمذيُّ وحسنه (¬5)، ¬

_ (¬1) انظر الإجماع 99 والمغني 5/ 6 - 7، 95. (¬2) في د، س من كفله. (¬3) في د، س أصله. (¬4) وهذا مذهب مالك قال في المدونة 5/ 252: (قال مالك: من تكفل بوجه رجل إلى رجل فإن لم يأت به غرم المال (قلت) أرأيت إن تكفل بوجهه إلى أجل فمضى الأجل ورفعه إلى السلطان أيغرمه أم لا في قول مالك؟. (قال) قال مالك: يتلوم له السلطان فإن أتى به السلطان وإلا أغرمه المال). (¬5) الترمذيُّ برقم 1265 وأبو داود برقم 3565 وأحمدُ 5/ 267 والبيهقيُّ 6/ 88. وقد أخرجه أبو داود برقم 3328 وابن ماجة برقم 2406 ولفظه: (الحميل غارم) والحميل: الكفيل والضامن.

ولأنها أحد نوعي الكفالة فوجب بها الغرم كالكفالة بالمال، ومحل ما ذكر إن لم يشرط الكفيل البراءة (¬1) عند عجزه عن إحضاره، فإن شرطها لم يغرم وإن مات المكفول به برئ الكفيل (¬2) لسقوط الحضور عنه فبرئ (¬3) كفيله بخلاف غيبته فإن الحضور لا يسقط عنه. ...................... ... ومن عليه الحد ليس يُكْفَل أي: لا تصح (¬4) الكفالة ببدن من عليه حد (¬5) سواء كان حقًا لله تعالى كحد الزنا والسرقة أو لآدمي (¬6) كحد القذف والقصاص، قال في المغني (¬7): وهذا قول أكثر أهل العلم منهم شريح والحسن وبه قال إسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي (¬8)، وبه قال الشافعي في حدود الله تعالى واختلف قوله في حدود الآدمي (¬9). ولنا: حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا كفالة في حد" (¬10)، ولأنه حق لا يجوز استيفاؤه من الكفيل إذا تعذر عليه إحضار المكفول به فلم تصح الكفالة بمن (¬11) هو عليه كحد الزنا. ¬

_ (¬1) في أ، جـ، ط الكفالة وهو سبق قلم من النساخ. (¬2) سقط من النجديات وهـ وط برئ الكفيل. (¬3) في ب برئ وفي أ، جـ فيرى وفي طيرى. (¬4) في د، س يصح. (¬5) سقطت من د. (¬6) في ط لأدنى. (¬7) المغني 5/ 98. (¬8) وهو مذهب مالك قال ابن عبد البر في الكافي 2/ 793: (ولا تجوز الحماله في شيء من الحدود والقصاص ولا الجراح التي فيها قصاص، ولا بأس بالضمان في الجراح التي يؤول حكمها إلى المال). (¬9) في ط الأمي. (¬10) رواه البيهقي 6/ 77 وقال الحافظ في بلوغ المرام: (رواه البيهقي بإسناد ضعيف). سبل السلام 3/ 72. (¬11) في ب لمن.

إلى طريق أعظم جناح ... إخراجه في الحكم لا يباح كذاك في الميزاب كالدكان ... إن ضر أو لا فيهما سيان أي: يحرم إخراج جناح وهو الروشن على أطراف خشب ونحوه مغروزة في الحائط إلى طريق أعظم أو (¬1) درب نافذ وكذا ميزاب وساباط (¬2) سواء أضر بالمارة أو لا إلا بإذن الإمام أو نائبه بلا ضرر، ويحرم أيضًا إخراج دكان ودكة بطريق نافذ مطلقًا فيضمن ما تلف به. وقال أبو حنيفة (¬3) ومالك والشافعيُّ يجوز الميزاب ونحوه (¬4) لقول العباس لعمر لما اجتاز على دار العباس وقلع ميزابه: تقلعه وقد نصبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬5)، الخبر وما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلغيره فعله إذا لم يقم على اختصاصه به دليل. ولنا: الخبر المذكور فإن (¬6) عمر لم يقره حتى أخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصبه ولولا أنه يتوقف على إذن الإمام لما قلعه (¬7)، ولأن وضعه يحتاج إلى اجتهاد وتحر في نفي الضرر عن المارين فتوقف على إذن الإمام أو نائبه. . ¬

_ (¬1) في ط، ودرب. (¬2) الساباط: سقيفة بين دارين تحتها طريق جمعه سوابيط وساباطات القاموس المحيط 2/ 363. (¬3) ويرى أبو حنيفة لا أنه لا يحل له الإنتفاع بالميزاب ونحوه إذا عمله بدون إذن الإمام وتقدم إليه أحد من عرض الناس بالنقض أو الرفع ولو كان لا يضر بالمارين. انظر شرح العناية10/ 307 وبدائع الصنائع 6/ 265. (¬4) المنتقى شرح الموطأ 6/ 43 ومغني المحتاج 2/ 182، 183. (¬5) رواه البيهقي 6/ 66 وفي سنده موسى بن عبيدة متروك قال أحمد: لا يكتب حديثه وقال النسائي وغيره: ضعيف، وقال ابن معين: ليس بشيء، الميزان 4/ 213، ورواه أيضًا من طريق شيخه أبي عبد الله الحاكم وفيه عطاء الخراساني قال فيه الحافظ: صدوق يهم كثيرًا ويرسل ويدلس وهو في المستدرك 2/ 332 بهذا السند. (¬6) في د، س فعله. (¬7) سقط من ب.

ووضع الأخشاب على الجدار ... للجار إن لم يك بالأضرار مع (¬1) اضطرار منه للتسقيف ... عليه إن أباه بالتعنيف أي: يجوز للجار وضع خشبه على جدار جاره إن لم يكن تسقيف إلا به ولم (¬2) يكن فيه ضرر فإن أبي أن يمكّنه منه أجبره الحاكم عليه (¬3). وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ في الجديد: ليس للجار وضع خشبة على جدار جاره، لأنه انتفاع بملك غيره من غير ضرورة فلم يجز كزراعته (¬4). ولنا: حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يمنع أحدكم جاره أن يضع خشبه على جداره" متفق (¬5) عليه، ولأنه انتفاع بحائط جاره على وجه (¬6) لا يضر به أشبه الاستناد إليه والاستظلال به، وكذا جدار مسجد ويتيم ومشترك فيجوز على ما تقدم، فإن كان فيه ضرر أو لم يحتج (¬7) إليه لم يجز إلا بإذن ربه. بين شريكين جدار يقع ... من رام عودا يجبر الممتنع يعني: إذا طالب (¬8) شريك في جدار أو سقف انهدم شريكه ببناء معه ¬

_ (¬1) في د من. (¬2) في النجديات، ط فلم. (¬3) وهو قول الشافعي القديم وقد حكاه البويطي عنه في الجديد قولًا آخر ورجحه البيهقي وأيده ابن حجر في الفتح 5/ 79 - 80. (¬4) انظر عمدة القاري للعيني الحنفي 13/ 10 - 11 والمنتقى شرح الموطأ 6/ 43 ومغني المحتاج 2/ 187. (¬5) البخاري 5/ 79 - 80 مسلم 1609 وأحمد 2/ 274 وأبو داود برقم 3634 وابن ماجة برقم 2335 والبيهقيُّ 6/ 68. (¬6) سقط من النجديات، ط (على وجه). (¬7) في ط يحج. (¬8) في النجديات والأزهريات طلب.

أجبر الممتنع (¬1) كنقض عند خوف سقوط (¬2)، فإن أبى أخذ حاكم من (¬3) ماله أو باع عَرَضَه وأنفق (¬4)، فإن تعذر اقترض عليه. وقال أبو حنيفة والشافعيُّ في الجديد ومالك في إحدى روايتيه (¬5): لا يجبر (¬6) قال في المغني (¬7): وعن أحمد ما يدل على ذلك وهو أقوى دليلًا، لأنه ملك لا حرمة له (¬8) في نفسه فلم يجبر مالكه على الإنفاق عليه كما لو انفرد به. ولنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا ضرر ولا ضرار" (¬9) وهذا وشريكه يتضرران بترك بنائه. ويلزم الأعلى من الجيران ... ما يستر الأدنى عن العيان أي: يلزم الأعلى من الجيران سترة تمنع رؤية الأسفل فإن استويا اشتركا (¬10). ¬

_ (¬1) وهو قول الشافعي القديم صيانه للأملاك المشتركة عن التعطيل، ومحل الخلاف في غير الوقف، أما فيه فيجبر الشريك على العمارة لما فيها من بقاء الوقف: نهاية المحتاج 4/ 339. (¬2) في ط سقوطه. (¬3) في ط منه. (¬4) في النجديات ينفق. (¬5) في أ، جـ، ط دوايته. (¬6) بدائع الصنائع 6/ 264 ومغني المحتاج 2/ 190. (¬7) 5/ 45. (¬8) سقطت من أ، جـ هـ، ط. (¬9) رواه أحمد 5/ 326 - 327 وابن ماجة برقم 2340 وأخرجه مالك مرسلًا 4/ 31 - 32 قال المناوي في فيض القدير 6/ 432: (والحديث حسنه النووي في الأربعين .. وله طرق يقوي بعضها بعضًا، وقال العلائي: للحديث شواهد ينتهي مجموعها إلى درجة الصحة أو الحسن المحتج به). (¬10) قال شيخ الإسلام في الاختيارات ص 134: يلزم الأعلى التستر بما يمنع مشارفته على الأسفل وإن استويا وطلب أحدهما بناء السترة أجبر الآخر مع الحاجة إلى السترة.

وقال الشافعي: لا يلزمه عمل سترة لأن هذا حاجز بين ملكيهما فلم (¬1) يجبر أحدهما عليه كالأسفل (¬2). ولنا: أنه إضرار بجاره فمنع منه كدق يهز (¬3) الحيطان، ولأنه (¬4) يكشف جاره ويطلع على حريمه فمنع (¬5) منه، والعيان بكسر العين مصدر عاين يعاين (¬6) معاينة وعيانًا. من قال صالحني بنصف الدين ... وهكذا صالح ببعض (¬7) العين فهو (¬8) إذن إبرا بلفظ الصلح ... فلا يصح فانتبه للشرح يعني: إذا أقر له بدين أو عين برأه من البعض النصف (¬9) أو أقل أو أكثر أو (¬10) وهبه ذلك وأخذ الباقي صح ذلك فيكون إبراء أو هبة فإن كان بلفظ الصلح لم يصح، لأن لفظ الصلح يقتضي المعاوضة، لأنه إذا قال صالحني بهبة كذا أو البراءة منه على هبة كذا أو (¬11) البراء منه ونحوه فقد أضافه إليه بالمقابلة فصار كقوله: بعني (¬12) بألف أو أخرجه مخرج (¬13) الشرط (وكلاهما لا يجوز بدليل ما لو صرح (¬14) بلفظ الشرط (أو ¬

_ (¬1) في ط فلا. (¬2) انظر مغني المحتاج 2/ 186 - 187. (¬3) سقط من جـ، ط وفي د يهس. (¬4) في ب ذلك وفي جـ، ط ولا. (¬5) في النجديات، ط فيمنع. (¬6) في ب، جـ يعين. (¬7) في د، س ينقص. (¬8) في د، س فهي. (¬9) في ب كالنصف. (¬10) في د و. (¬11) في أ، جـ ط و. (¬12) في ط يعني. (¬13) في ط فخرج. (¬14) في ط خرج.

لفظ (¬1)) (¬2). المعاوضة والقول بأنه يسمى صلحًا ممنوع، وإن سمي صلحًا فمجاز (¬3) لتضمنه قطع النزاع وإزالة الخصومة (¬4). والدين إن يوصف بالحلول ... فالصلح لا يصح في المنقول عليه بالبعض مع التأجيل ... رجحه الجمهور بالدليل أي: إذا كان الدين حالًا وصالح عليه بالبعض مؤجلًا لم يصح الصلح، ورجحه جمهور الأصحاب وأقاموا عليه الدليل إذ الحال لا يصح تأجيله ولأنه معاوضة ببعض حقه (¬5) عن بعض. وقال: بالجزم به في الكافي ... وفصل المقنع للخلاف فصحح الإسقاط وإن الأجل ... وذاك نص الشافعي ينجلي أي: جزم الموفق في الكافي بما تقدم في غير تفصيل (¬6) وصححه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة وغيرها، وفصل في المقنع فقال (¬7): (وإن وضع بعض الحال وأجل باقيه (¬8) صح الإسقاط دون التأجيل (¬9)) وتابعه في المنتهى والإقناع (¬10) وهو وقول للشافعي (¬11)، لأن الإسقاط (¬12) إبراء ولا مانع له، والتأجيل وعد لا يلزم الوفاء به، وكل حال ¬

_ (¬1) ما بين القوسين الصغيرين من ب. (¬2) ما بين القوسين سقط من د س. (¬3) في أ، جـ ط فجاز. (¬4) في جـ، ط الخضوع. (¬5) في ب ماله وليست في جـ ولا ط. (¬6) انظر الكافي 2/ 205. (¬7) سقطت من د، س. (¬8) في أ، جـ باقه. (¬9) المقنع 2/ 123. (¬10) شرح المنتهى 2/ 261 والإقناع مع شرحه كشاف القناع 3/ 392. (¬11) في ب، جـ ط الشافعي. (¬12) في أ، ط لأنه إسقاط وفي جـ أن إسقاط.

لا يصح (¬1) تأجيله (¬2)، ومثل ذلك خلافًا ومذهبًا لو صالحه عن مائه صحاح بخمسين مكسرة (¬3) فعلى المذهب هو إبراء من الخمسين ووعد في الأخرى. ¬

_ (¬1) في ب، جـ تأجيل. (¬2) مغني المحتاج 2/ 179. (¬3) في د مكسورة.

ومن باب الحوالة والوكالة

ومن باب (¬1) الحوالة والوكالة الحوالة: بفتح الحاء وكسرها عقد إرفاق، وهي انتقال مال من ذمة إلى ذمة بلفظها أو معناها الخاص؛ مأخوذة (¬2) من التحول بمعنى الانتقال. والوكالة: بفتح الواو وكسرها لغة: التفويض والحفظ. وشرعًا: استنابة جائز التصرف مثله فيما تدخل النيابة. على مليّ من أحيل يتبع ... وإن أبى فقوله لا يسمع الملي: هو القادر على الوفاء بماله وقوله وبدنه، بمعنى أن يكون له ما يفي منه وأن لا يكون جاحدًا للدين ولا مماطلًا ولا يتعذر إحضاره إلى مجلس (¬3) الحكم (¬4)، فمن أحيل على (¬5) من هذه صفته لزمه اتباعه. فإن أبى أجبر على اتباعه فلا يعتبر قبول المحتال ولا رضاه (¬6) ولا رضا المحال عليه (¬7). ¬

_ (¬1) سقط من هـ. (¬2) في د، س مأخوذ. (¬3) سقط من د. (¬4) فلا يلزم من له الحق أن يحتال على والده لأنه لا يمكن إحضاره إلى مجلس الحكم. انظر كشاف القناع 3/ 387. (¬5) سقط من د. (¬6) سقط من ط. (¬7) وقد ذهب إلى وجوب قبول الحوالة على مليء أبو ثور وابن جرير والظاهرية لكن استثنى ابن حزم ما إذا كان الدين الذي على المحيل من بيع فإنه لا يجيز الإحالة به لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ابتعت بيعًا فلا تبعه حتى تقبضه". ورد: بأن الحوالة عقد إرفاق ينفرد =

وقال أبو حنيفة: يعتبر رضاهما، لأنها معاوضة فاعتبر فيها الرضا من المتعاوضين (¬1). وقال مالك والشافعيُّ: يعتبر رضا المحتال، لأن حقه في ذمة المحيل فلا يجوز نقله إلى غيرها بغير رضاه (¬2). ولنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مطل الغني ظلم وإذا اتبع أحدكم على مليء فليتبع" متفق (¬3) عليه. وفي لفظ: "ومن أحيل بحقه على مليء فليحتل" (¬4)، ولأن للمحيل أن يوفي الحقال في عليه بنفسه وبوكيله وقد أقام المحال عليه مقام نفسه في التقبيض فلزم المحتال القبول كما لو وكل رجلًا في إيفائه، وفارق ما إذا أراد أن يعطيه عما في ذمته عوضًا، لأنه يعطيه غير ما وجب له فلم يلزمه قبوله. وقوله على مليء متعلق بأحيل ومن موصولة مبتدأ وقوله: يتبع خبر ومعناه الأمر أي (¬5): فليتبعه وجوبًا. موكل قدَّر للوكيل ... قدرًا به يبيع (¬6) يا خليلي فباع بالأقل مما قدرًا ... أو زاد عن ذاك الوكيل في الشراء وهكذا في مطلق التوكيل ... إن زاد أو نقَّص في التمثيل (¬7) عن (¬8) ثمن المثل مضى انعقادًا ... ويضمن النقص كذا ما زادا هذا هو المنصوص في القولين ... قال به الأكثر في الحالين ¬

_ = وليست بيعًا فيشترط لها القبض. انظر نيل الأوطار 5/ 267 والمحلى 8/ 108 - 109 والمغني 5/ 54. (¬1) بدائع الصنائع 6/ 16. (¬2) انظر بداية المجتهد 299 والمنهاج مع مغني المحتاج 2/ 193 - 194. (¬3) البخاري 4/ 381 والنسائيُّ 7/ 317 وأحمدُ 2/ 254، 377. (¬4) رواه أحمد 2/ 463 والبيهقيُّ 6/ 70. (¬5) سقطت من النجديات، ط. (¬6) في نظ، أ، جـ يتبع. (¬7) في ب المثيل. (¬8) في ب من.

يعني: إذا قدر الموكل للوكيل قدرًا يبيع به فباع بدونه، أو لم يقدر له شيئًا وباع بدون ثمن المثل، أو قدر الموكل للوكيل ثمنًا يشتري به فاشترى بأكثر منه، أو لم يقدر له ثمنًا (¬1) فاشترى بأكثر من ثمن المثل صح البيع والشراء وكان منعقدًا ماضيًا، لأن (¬2) من صح بيعه بثمن (¬3) المثل صح بما دونه وضمن (¬4) الوكيل النقص في مسألة البيع والزائد في مسألة الشراء، لأنه مفرط (¬5) وهذا إذا كان النقص عن ثمن المثل أو الزيادة عليه -إذا لم يقدر ثمن- مما لا يتغابن به عادة فإن كان كذلك لم يضمنه الوكيل، لأنه لا يمكن التحرز منه إن لم يكن الموكل قدر الثمن وإلا ضمن الكل. وهذا (¬6) هو المنصوص عن الإمام وعليه أكثر الأصحاب. وقوله في الحالين: أي حال البيع وحال الشراء أو حال تقدير الثمن وإطلاقه، والمضارب كالوكيل في ذلك. ¬

_ (¬1) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬2) في ب بأن. (¬3) في ب بمن. (¬4) وخرج هذا أبو العباس بن سريج في المذهب الشافعي قال في تكملة المجموع 11/ 588 - 589: يصح البيع وينفذ في كل حالة نقص فيها الثمن عن القدر الذي أذن فيه، وضمن الوكيل الفرق كأن أذن له في البيع بمائة فباع بتسعين كان على الوكيل ضمان النقص وهو العشرة ونتيجة هذا أن البيع ينفذ بحصول الموكل على الثمن الذي حده بكماله وذلك بضمان مقدار النقص على الوكيل ومثل ما ذكر في البيع يكون في الشراء ... وهذا تخريج أبي العباس ابن سريج -رحمه الله تعالى-. (¬5) إذا باع بدون ثمن المثل أو اشترى بأكثر منه وقد اجتهد واحتاط ولكنه أخطأ فهو معذور لا ضمان عليه رجح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في الاختيارات 140 - 141 قال: وأما إذا احتاط في البيع والشراء ثم ظهر غبن أو عيب لم يقصر فيه فهذا معذور يشبه خطأ الإمام والحاكم ويشبه تصرفه قبل علمه بعزله .. فإن عامة من يتصرف لغيره، بوكالة أو ولاية قد يجتهد ثم يظهر فوات المصلحة أو حصول المفسدة فلا لوم عليه فيهما وتضمين مثل هذا فيه نظر، وهو شبيه بما إذا قتل في دار الحرب من يظنه حربيًا فبان مسلمًا فإن جماع هذا أنه مجتهد مأمور بعمل اجتهد فيه وكيف يجتمع عليه الأمر والضمان، هذا الضرب هو خطأ في الاعتقاد والقصد لا في العمل، وأصول المذهب تشهد له بروايتين. (¬6) في النجديات، طا وكذا.

والشيخ في البيع لهم موافق (¬1) ... وفي الشراء أيضًا (¬2) لهم محاقق يقول: لا يصح قولًا احدًا ... إذا الوكيل باغيًا معاندًا أي: وافق الشيخ أكثر الأصحاب في مسألة البيع على الصحة دون مسألة الشراء فقال: لا يصح قولًا واحدًا (¬3)، لأن الوكيل غير مأذون له في الشراء (¬4) بالزائد فهو كتصرف الفضولي. وقوله: باغيًا معاندًا منصوب على أنه خبر ليكون محذوفة مع اسمها. من قال بيع ذا بكذا والزائد (¬5) ... فحذه صح فيه لا يعاند (¬6) أي: لو قال (الموكل (¬7)) لوكيله بيع هذا الثوب ونحوه بكذا فما زاد فهو لك صح، نص عليه، ورواه سعيد عن ابن عباس بإسناد جيد (¬8)، ولأنها (¬9) عين تنمى (¬10) بالعمل عليها فهو (¬11) كدفعه ماله مضاربة وقال الأكثر: لا يصح. بشاهد مع اليمين عندنا ... وكالة تثبت قولًا متقنًا (¬12) أي: تثبت الوكالة في المال بشاهد ويمين كالمال، ولأن الوسائل لها أحكام المقاصد وكذا الوصية به والكتابة والتدبير كما يأتي. ¬

_ (¬1) في نظ، د يوافق. (¬2) سقطت من نظ والأزهريات. (¬3) المقنع 2/ 153. (¬4) في ط شراء. (¬5) في نظ فالزائد. (¬6) في نظ صح منه لا يعاند، وفي النجديات تعاند. (¬7) ما بين القوسين من ب وفي أ، جـ، ط قال الوكيل. (¬8) ورواه عبد الرزاق 8/ 235 قال: أخبرنا هشيم قال: سمعت عمرو بن دينار يحدث عن عطاء عن ابن عباس. (¬9) في د، س ولأنه. (¬10) في ط ثمن. (¬11) في النجديات، هـ، ط فهي. (¬12) في د، س ممكنًا.

ومن باب الحجر والفلس

ومن باب الحجر والفلس (¬1) الحجر لغة: المنع والتضييق (¬2) ومنه سمى الحرام حجرًا قال تعالى: {وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا} [الفرقان: 22] أي: حرامًا محرمًا، وسمى العقل حجرًا، لأنه يمنع صاحبه من ارتكاب ما يقبح وتضر عاقبته. وشرعًا: منع إنسان من التصرف في ماله. والأصل في مشروعيته قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] أي: أموالهم لكن أضيفت إلى الأولياء، لأنهم قائمون عليها مدبرون لها. والفلس: العدم، والمفلس من لا مال له ولا ما يدفع به حاجته .. وعند الفقهاء: من دينه أكثر من ماله. ولا يحل ما على المديون ... بموته من أجل الديون أي: لا يحل ما على الميت من الديون المؤجلة بموته إن وثق ورثته برهن يحرز (¬3) أو كفيل مليء (¬4) وهو قول ابن سيرين وعبد الله بن الحسن (¬5) وإسحاق وأبي عبيد (¬6). ¬

_ (¬1) في نظ التفليس. (¬2) في أالتضيق. (¬3) في د، هـ يحوز. (¬4) أي شرط عدم الحلول أن يوثق الدين برهن يحرز الأقل من الدين أو التركة يوثق به الدائن لوفاء حقه أو كفيل مليء بالأقل منهما يمكن الاستيفاء منه. (¬5) في أ، جـ، ط حسن. (¬6) في ط عبيده.

وقال الشعبي والنخعي وسوار ومالك والثوري وأصحاب الرأي والشافعيُّ: يحل لخراب ذمة الميت (¬1). ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من ترك حقًا أو مالًا فلورثته" (¬2) (والأجل حق للميت فيكون لورثته) (¬3)، ولأن الموت لم يجعل مبطلًا للحقوق إنما هو ميقات (¬4) للخلافة (¬5) وعلامة على الوراثة فعلى هذا يبقى الدين في ذمة الميت كما كان ويتعلق بالتركة كتعلق أرش الجناية برقبة الجاني فإن لم يوثق (الورثة (¬6)) حل إزالة لضرر (¬7) ربه. ومفلس ذو صنعة فيؤجر (¬8) ... لنفسه (¬9) فإن (¬10) أبى فيجبر يعني: إذا وزع (¬11) مال المفلس بين الغرماء وبقى عليه شيء من الدين وله صنعة يقدر على التكسب بها أجبر على إيجار نفسه فيما يليق به لوفاء بقية دينه (فإن أبى أجبر على ذلك) (¬12)، وهذا قول عمر بن عبد العزيز وسوار والعنبري لإسحاق. وقال مالك والشافعيُّ: لا يجبر (¬13) لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو ¬

_ (¬1) حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني 2/ 134 ومختصر الطحاوي ص 96 والأم 3/ 188. (¬2) البخاري 9/ 45 ومسلمٌ برقم 1619 والترمذيُّ برقم 1070والنسائي 4/ 66 من حديث أبي هريرة بلفظ. من ترك مالًا فلورثته وعن أبي داود بهذا اللفظ من حديث جابر برقم 3343. (¬3) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬4) في النجديات ميقاتًا. (¬5) في طا للخلاف. (¬6) ما بين القوسين من ب. (¬7) في أ، جـ، د الضروروية. (¬8) في نظ فياجر. (¬9) في جـ ونسخة الشرح التي اعتمد عليها الناشر نفسه. (¬10) في النجديات، هـ، ط وإن. (¬11) في أ، جـ، ط أودع. (¬12) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬13) المدونة 5/ 206، 233 ومغنى المحتاج 2/ 154.

عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280]، ولحديث أبي سعيد: أن رجلًا أصيب في ثمار ابتاعها فكثر (¬1) دينه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تصدقوا عليه" فتصدقوا عليه، فلم يبلغ وفاء دينه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك" رواه مسلم (¬2). ولنا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - باع سرّقًا في دينه، وكان سرّق رجلًا دخل المدينة وذكر أن وراءه مالًا فداينه الناس فركبته (¬3) ديون ولم يكن وراءه مال فسماه سرقًا وباعه بخمسة أبعرة (¬4) والحر لا يباع فالمعنى أنه باع منافعه .. ولأن المنافع تجري مجرى الأعيان في صحة العقد عليها وتحريم أخذ الزكاة وثبوت الغنى (¬5) بها فكذلك في وفاء الدين. ودعوى أن حديث سرق منسوخ بأن الحر لا يباع غير مسلمة (¬6)، لأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، ولم يثبت أن بيع الحر كان جائزًا في شريعتنا وحمل بيعه على بيع منافعه أسهل من ذلك، فإن حذف المضاف وإقامة المضاف إليه كثير سائغ في القرآن وكلام العرب ومنه قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} [البقرة: 93]. وإن يكن في فلس يباع ... لدينه العقار والمتاع وما له من حرفة فيدفع ... من ماله إليه ما يبتضع (¬7) ¬

_ (¬1) في ط فكسر وفي د وكثر. (¬2) مسلم برقم 1556 وأبو داود برقم 3469 وأحمدُ 3/ 36 وابن ماجة برقم 2356 والبيهقيُّ 6/ 50. (¬3) في ط فركبثه. (¬4) رواه الدارقطني 3/ 62 والحاكم 2/ 54 والبيهقيُّ 6/ 50 - 51 وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري وضعفه البيهقي وعند هؤلاء كلهم أنه - صلى الله عليه وسلم - باعه بأربعة أبعرة لا بخمسة كما ذكر المصنف، والله أعلم. (¬5) في د، س الغي. (¬6) في النجديات، ط مسلم. (¬7) في أجـ يبتضع وفي نظ ينتفع.

أي (¬1): وإن يكن الحجر في فلس (¬2) (¬3)، فإنه يباع لأجل الدين العقار الذي لا يحتاجه لسكناه ومتاعه الفاضل عن حاجته دون آلة حرفته فلا تباع بل تدفع إليه، فإن لم يكن محترفًا دفع إليه ما يتجر به لتقوم (¬4) به معيشته نص عليه، لأنه مما لا غنى للمفلس عنه فلم يصرف في دينه كثيابه وقوته. وما في البيت الأول ليس من المفردات بل توطئة للثاني. مال اليتيم للولي عندنا ... إقراضه لثقة (¬5) تبينًا أي: يجوز لولي اليتيم والمجنون والسفيه قرض ماله لثقة مليء لمصلحة كحاجة (¬6) سفر أو خوف عليه من تلف أو نقص، لأنه يرد بدله فأشبه البيع ونحوه من عقود المعاوضات بخلاف عقود التبرعات كالهبة بغير عوض والصدقة. قولان في اشتراط أخذ الرهن ... والقطع باشتراطه في المغني يعني: في اشتراط (¬7) أخذ الرهن لجواز القرض قولان وقطع في المغني باشتراطه قال في الإنصاف (¬8): جزم به في الهداية والمذهب ومسبوك ¬

_ (¬1) سقطت من ط. (¬2) في النجديات، ط الفلس. (¬3) الحجر نوعان: حجر لحظ الغير ومنه الحجر على المفلس كما ذكر المؤلف ويكون من أجل حفظ حق الغرماء ومعناه: أن يمنع الحاكم المفلس الذي عليه دين حال يعجز عنه ماله الموجود مدة الحجر من التصرف في ماله ومنه الحجر على المريض فلا يتصرف في ماله فيما زاد على الثلث وذلك لحفظ حق الورثة ومنه الحجر على العبد والمكاتب. والثاني: حجر لحظ نفسه وهو الحجر على المجنون والصبي والسفيه فلا يصح تصرفهم قبل الإذن. (¬4) في هـ لتقدم. (¬5) في نظ لبته. (¬6) سقطت من النجديات، هـ ط. (¬7) في النجديات، ط اشتراطه. (¬8) 5/ 329.

الذهب والخلاصة والهادي والرعايتين والنظم والحاويين وغيرهم واختاره ابن عبدوس في تذكرته. والصحيح من المذهب جواز قرضه للمصلحة (¬1) سواء كان برهن أو لا وجزم به في الوجيز وقدمه في الشرح والفروع وجزم به (¬2) في الإقناع والمنتهى وغيرهما فإن (¬3) لم يأخذه لم يضمن قال في المغني والشرح (¬4): فإن أمكن أخذ الرهن فالأولى أخذه احتياطًا (¬5). ¬

_ (¬1) ويرى الشافعية أنه يجوز ذلك للضرورة من الولي غير القاضي إذا كان على مليء أمين وأخذ الولي فيه رهنا إن رأى في ذلك مصلحة، أما القاضي فيجوز له إقراضه في حال الضرورة وغيرها قال في مغني المحتاج 2/ 75: (ولا يجوز لغير القاضي من الأولياء أن يقرض من مال الصبي والمجنون شيئًا إلا لضرورة كحريق ونهب أو أن يريد سفرًا يخاف عليه فيه أما القاضي فله ذلك مطلقًا لكثرة استغاله ولا يقرضه إلا لمليء أمين ويأخذ رهنًا إن رأى في ذلك مصلحة وإلا تركه). (¬2) في النجديات، ط بها. (¬3) في د، س بان. (¬4) المغني 4/ 296 والشرح الكبير 4/ 522. (¬5) في أ، جـ، ط احتياطيًا.

ومن كتاب الشركة والمضاربة

ومن كتاب الشركة والمضاربة (¬1) المضاربة مأخوذة من الضرب في الأرض وهو السفر فيها للتجارة، ويسميها أهل الحجاز قراضًا (¬2) من القرض وهو القطع كأن رب المال اقتطع للعامل من ماله قطعة وسلمها إليه واقتطع له قطعة من ربحها. والشركة بفتح الشين مع كسر الراء وسكونها وبكسر الشين مع سكون الراء والأصل فيها الإجماع في الجملة (¬3). إذا (¬4) اشترى مضارب من يعتق ... على الشريك صححوا وأطلقوا حتى بلا إذن أتت (¬5) إليه ... لو كان ذا ويعتقوا (¬6) عليه يعني: إذا اشترى المضارب من يعتق على رب المال كأبيه وابنه وأخيه صح الشراء مطلقًا سواء أذن له رب المال في (¬7) ذلك أو لم يأذن له فيه ¬

_ (¬1) المضاربة من أنواع الشركة مباحثها في باب الشركة في غالب كتب الفقه الحنبلي. انظر على سبيل المثال المقنع 2/ 163، 171 وكشاف القناع 3/ 496، 507 والمغني 5/ 109، 134 فالعطف هنا ليس للمغايرة وإنما من عطف الخاص على العام لأهميته. (¬2) في أ، جـ، طا قرشًا. (¬3) انظر الإجماع لابن المنذر ص 95. (¬4) سقطت من نظ. (¬5) في نظ أتى. (¬6) نظ، د، س ويعتق. (¬7) سقطت من د.

ويعتق على رب المال وتنفسخ المضاربة فيه (¬1) ويغرم العامل (¬2) ثمنه حيث لم يأذن له (¬3) رب المال، لأنه فوته (¬4) عليه بغير إذنه (¬5). وقال الشافعي وأكثر الفقهاء: إن اشتراه في الذمة وقع الشراء للعامل وليس له دفع الثمن من مال المضاربة، فإن فعل ضمن، وإن اشتراه بعين المال لم يصح الشراء، لأن الإذن في المضاربة إنما ينصرف إلى ما يمكن بيعه والربح فيه فلا يتناول غير ذلك (¬6) (¬7). ولنا: أنه مال متقوم (¬8) قابل للعقد (¬9) فصح شراؤه كما لو اشترى من (¬10) نذر رب المال إعتاقه. وإن تعدى (¬11) عامل ما أمرا ... به الشريك ثم ربح ظهرا فأجرة (¬12) المثل له وعنه لا ... والربح للمالك نصًا نقلا وعنه بل صدقة ذا يحسن ... لأن ذاك (¬13) ربح ما لا يضمن ¬

_ (¬1) في ط منه. (¬2) سقطت من النجديات، هـ، ط. (¬3) سقطت من أ، جـ، ط. (¬4) في النجديات، هـ، ط فوت. (¬5) ويرى الإمام مالك أنه إن فعل ذلك جاهلًا عتق على رب المال وللعامل حصته من الربح وإن كان عالمًا بذلك عتق على العامل وهو ضامن لرب المال ثمنه وولاؤه لرب المال. انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 778 - 779. (¬6) مغني المحتاج 2/ 316 - 317. (¬7) وذهب الحنفية إلى أن المضارب إذا اشترى من يعتق على رب المال لا يكون ما اشتراه للمضاربة بل يكون مشتريًا لنفسه يضمنه من ماله .. انظر مختصر الطحاوي 126 والاخيتار 2/ 21 - 22. (¬8) في د، س متقدم. (¬9) في النجديات، ط للعقود. (¬10) في أ، جـ، طا في وفي هامش جـ لعله من. (¬11) في نظ تقى. (¬12) في نظ فأخبر. (¬13) في نظ لأن ذكر ربح ما لا يضمن.

يعني: إن تعدى العامل ما أمره (¬1) به رب المال بأن فعل ما ليس له فعله أو (¬2) اشترى شيئًا نهي عن شرائه ثم ظهر ربح ففيه ثلاث روايات إحداها (¬3): له أجرة مثله، لأنه عمل ما يستحق (¬4) به العوض ولم يسلم له المسمى فكان له أجرة مثله كالمضاربة الفاسدة. والثانية: لا شيء له والربح كله للمالك، لأنه عقد عقدًا لم يؤذن (¬5) له فيه فلم يكن له شيء كالغاصب وهذه اختيار أبي بكر وقطع بها في التنقيح والإقناع والمنتهي فهي المذهب. وعنه: يتصدقان بالربح وهي قول الشعبي والنخعي والحكم وحماد وحمله القاضي على الورع. وقوله: (¬6) لأن ذلك ربح ما لا يضمن، أي: وهو منهي عنه (¬7) فيتصدق به (¬8)، لكن في التعليل نظر، فإن هذا المال ¬

_ (¬1) في جـ ما أجره. (¬2) في ط و. (¬3) في النجديات أحدهما. (¬4) في د، س استحق وسقطت ما من هـ. (¬5) في د، س يأذن. (¬6) سقط من النجديات، طا. (¬7) ورد ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك" رواه الترمذيُّ برقم 1234 وأبو داود برقم 3405 والنسائيُّ 7/ 388 و295وابن ماجة برقم 2188. (¬8) ويرى الحنفية أنه إذا تعدى المضارب ما اشترط عليه رب المال ضمن تصرفه وكان ما اشتراه لنفسه له ربحه وعليه وضيعته لكن لا يطيب له الربح عند أبي حنيفة ومحمَّد وعند أبي يوسف يطيب، وعند المالكية أن العامل إذا خالف ما اشترط عليه رب المال يضمن خسارة المال في حال التلف وإن حصل ربح فهو لهما على ما اشترطاه إلا إذا ضارب العامل على المال عاملًا آخر فإن الربح بين رب المال والعامل الثاني ولا شيء للعامل الأول لتعديه بالمقارضة من غير إذن، ولأن الربح إنما يستحق بالعمل ولم يعمل ويرى الشافعي في أحد قولية إنه إذا كان الشراء بعين المال فالشراء باطل، وإن كان في الذمة لزمه ثمنه في ماله وله ربحه وعليه وضيعته ويضمن المال أما قوله الآخر فقد جعل لرب المال الخيار إن أحب أن تكون السلعة قراضًا على شرطهما وإن أحب ضمنه رأس المال .. انظر مختصر الطحاوي 125 - 126 والخرشي 3/ 213، 214 والأم 3/ 257.

مضمون على المضارب بالتعدي في قول أكثر أهل العلم، ومن لم يقل إنه مضمون على العامل (فهو قائل بأنه مضمون) (¬1) على ربه (¬2). مضارب فلا يضارب آخرًا (¬3) ... وإن أبي وجاء أعني ضررًا (¬4) لأول فربحه مردود ... في شركة الأول قل: يعود (¬5) يعني: ليس للمضارب أن يضارب لآخر إن أضر بالأول ولم يأذن له. وقال أكثر الفقهاء: يجوز، لأنه عقد لا يملك به (¬6) منافعه كلها فلم يمنع من المضاربة كما لو لم يكن فيه ضرر وكالأجر المشترك (¬7). ولنا: أن المضاربة على الحظ والنماء فإذا فعل (¬8) ما يمنعه لم يكن ¬

_ (¬1) ما بين القوسين مكرر في جـ. (¬2) ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن الربح بينهما على ظاهر المذهب قال في الاختيارات 147: والربح الحاصل من مال لم يأذن مالكه في التجارة فيه فقيل: هو للمالك فقط كنماء الأعيان .. وقيل يكون بينهما على قدر النفعين بحسب معرفة أهل الخبرة وهو أصحها وبه حكم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-. إلا أن يتجر به على غير وجه العدوان، مثل أن يعتقد أنه مال نفسه فيتبين له أنه مال غيره فهنا يقتسمان الربح بلا ريب. ومقصود الشيخ بقضاء عمر ما رواه مالك في الموطأ 3/ 345 - 346: أن عبد الله وعبيد الله ابني عمر مرا على أبي موسى وهو وال على البصرة فأعطاهما مالًا من مال المسلمين لإيصاله إلى أمير المؤمنين، وأشار عليهما أن يتجرا به ليربحا فيه، فلما قدما على عمر أراد أن يأخذ المال وربحه فجادله عبيد الله بن عمر في ذلك حتى أشار عليه رجل أن يجعله قراضًا فجعله قراضًا وأخذ منهما المال ونصف ربحه. (¬3) في نظ مضاربة فلا يضارب أخرى. (¬4) في نظ الضررًا. (¬5) سقطت من أ، ج، ط له وفي الأزهريات يأذنه. (¬6) في النجديات، ط ربه وسقطت (لا) قبل يملك من هـ. (¬7) في ب المشتري. (¬8) في أفعله.

له كما لو أراد التصرف بالغبن (¬1) فعلى هذا إذا فعل وربح رد (¬2) الربح في شركة الأول يقتسمانه (¬3) فينظر ما ربح في المضاربة الثانية فيدفع إلى رب المال منها نصيبه ويأخذ المضارب نصيبه من الربح فيضمه إلى ربح المضاربة الأولى ويقاسمه فيه رب المال الأول (فكان بينهما كربح المال الأول) (¬4)، لأنه استحق حصته من الربح بالمنفعة (¬5) التي استحقت بالعقد الأول فكان بينهما كربح المال الأول قال في المغني والشرح (¬6): والنظر (¬7) يقتضي أن لا يستحق رب المضاربة الأولى (¬8) من ربح الثانية شيئًا لأنه إنما يستحق بمال أو عمل، وليس له في المضاربة الثانية مال ولا عمل وتعدي المضارب بترك العمل واشتغاله (¬9) عن المال الأول لا يوجب عوضًا. إن دفع المضارب المال إلى ... شريكه وقال: ذا ربح جلا ثم ادعاه (¬10) أصل رأس المال ... يقبل باليمين (¬11) في المقال يعني: إذا دفع (¬12) المضارب إلى رب المال شيئًا وقال: (هذا ربح ثم ادعاه أنه من رأس المال؛ فإنه يقبل قوله بيمينه، لأنه أمين كما يقبل قوله في قدر رأس المال) (¬13) بغير خلاف هذا مقتضى نصه في رواية أبي داود ¬

_ (¬1) في أ، جـ، د، س، هـ، ط بالعين. (¬2) في أ، جـ طا ورد. (¬3) في ب، هـ، ط ويقمسانه وفي د، س يقتسمان. (¬4) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬5) في طا النفقه. (¬6) المغني 5/ 163 - 164 والشرح الكبير 5/ 156. (¬7) في د، س النظم وسقط أ، ح، هـ، ط. (¬8) في ط الأول. (¬9) في جـ استغاله. (¬10) في د، س ادعا. (¬11) في د في اليمين. (¬12) في ج! وقع. (¬13) ما بين القوسين سقط من نسخة ب.

وها هنا (¬1) قال أبو بكر: وعليه العمل، والصحيح من المذهب أنه متى أقر بربح ثم قال غلطت أو كذبت أو نسيت لم يقبل منه كما جزم به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها، لأنه رجوع عن إقرار بحق لغيره. وفي اشتراك المال حيث عينا ... صحح (¬2) بلا خلط وتاو يضمنا يعني: لا يشترط في شركة العنان خلط المالين المعقود عليهما (¬3) فتصح الشركة حيث عين المالان وأحضرا (¬4) من غير خلط (¬5). وما توى أي: هلك من المالين اشتركا في ضمانه وإن لم تكن أيديهما عليه. وقال الشافعي: لا يصح (¬6) حتى يخلطا (¬7) المالين، لأنهما إذا لم يخلطاهما فمال كل واحد منهما يتلف دون صاحبه. ولنا: أنه عقد يقصد به الربح فلم يشترط فيه خلط المال كالمضاربة، ولأنه عقد على التصرف فلم يكن من شروطه (¬8) الخلط كالوكالة، ولا نسلم أنه قد يتلف أو يزيد على (¬9) ملك صاحبه بل تلفه (¬10) من مالهما وزيادته (¬11) لهما، لأن الشركة اقتضت ثبوت الملك لكل واحد منهما في نصف مال ¬

_ (¬1) كذا في النجديات، هـ، ط وهو تصحيف من النساخ والصحيح مهنا وهو نص الأنصاف 5/ 457 وقد سقطت من د، س، م. وانظر مسائل أحمد لأبي داود 199. (¬2) في د صح. (¬3) ويرى الحنفية والمالكية أن خلط المالين ليس شرطًا لصحة الشركة لكنهم ذهبوا إلى أن ما تلف من المالين قبل الخلط فإنه يتلف على صاحبه وما تلف بعد الخلط من ضمانهما جميعًا. انظر بدائع الصنائع 6/ 60 ومواهب الجليل 5/ 125. (¬4) في د، س أخطر. (¬5) في طا خلط العنان، وليس للعنان هنا معنى. (¬6) مغني المحتاج 2/ 213. (¬7) في ب، جـ يخلط. (¬8) في د، س شرطه. (¬9) في ط عن. (¬10) في النجديات، هـ، ط تلف. (¬11) في ب أو.

صاحبه فيكون تلفه منهما (¬1) (¬2) وزيادته لهما. كذا على الدواب عقد الشركة ... كخذ (¬3) حماري واجتهد في البركة (¬4) يصح ذا بينهما (¬5) ما رزقا ... أو يشرطا (¬6) جزءًا عليه اتفقا أي: لو دفع دابته (¬7) إلى من يعمل عليها بجزء معلوم مما يحصل (¬8) له عليها صح نصًا ونقل عن الأوزاعي ما يدل عليه (¬9). وقال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي: لا يصح (¬10)، والربح كله لرب الدابة، لأن العمل (¬11) الذي يستحق به العوض منها، وللعامل أجرة (¬12) مثله، لأن هذا ليس من أقسام الشركة إلا أن تكون المضاربة، وهي لا تصح بالعروض، ولأن المضاربة تكون بالتجارة في الأعيان، وهذه لا يجوز بيعها ولا إخراجها عن ملك مالكها (¬13). ولنا أنها عين تنمى (¬14): بالعمل عليها فصح العقد عليها ببعض نمائها ¬

_ (¬1) سقطت من ط. (¬2) في ب أو. (¬3) في نظ كذا. (¬4) في د، س الشركة. (¬5) في نظ بيعهما. (¬6) في ب شرطًا. (¬7) في النجديات، هـ، ط دابته. (¬8) في النجديات، هـ، ط يحصله. (¬9) فقه الإمام الأوزاعي 2/ 239. (¬10) وهذا مذهب الإمام مالك قال ابن عبد البر في الكافي 2/ 754: ولا يجوز أن يؤجر الرجل دابته أو غلامه بنصف الكسب فإن فعل فلرب ذلك أجرة مثله، وللعامل الكسب كله ولو قال رب الدابة للأجير اعمل لي على دابتي بنصف ما تكسبه عليها كان الكسب كله لرب الدابة وللعامل أجرة مثله. (¬11) في ط العمل. (¬12) في د، س أجر. (¬13) انظر بدائع الصنائع 6/ 65 وتكملة المجموع 14/ 76. (¬14) في أ، ط تنمي.

كالدراهم والدنانير وكالشجر في المساقاة والأرض في المزارعة (¬1). قولهم: إنه ليس من أقسام الشركة ولا هو مضاربة. قلنا: نعم لكنه يشبه المساقاة والمزارعة فإنه دفع لعين المال لمن يعمل عليها ببعض نمائها مع بقاء عينها. ودفع عبد فعلى المنهاج ... أيضًا ودفع الغزل للنساج أي: مثل ما تقدم إذا دفع عبده لمن يعمل عليه بجزء من أجرته أو دفع غزلًا لمن ينسجه بجزء منه (¬2) ونحوه لما تقدم. ¬

_ (¬1) وقد أشار إلى ذلك الأمام أحمد -رحمه الله- قال الموفق في المغني 5/ 118: وقد أشار أحمد إلى ما يدل على تشبيهه لمثل هذا بالمزارعة فقال: لا بأس بالثوب يدفع بالثلث والربع لحديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى خيبر على الشطر وهذا يدل على أنه قد صار في هذا ومثله إلى الجواز لشبهه بالمساقاة والمزارعة لا المضاربة ولا الإجارة ونقل أبو داود عن أحمد فيمن يعطي فرسه على النصف من الغنيمة: أرجو أن لا يكون به بأس، ونقل أحمد بن سعيد عن أحمد فيمن دفع عبده إلى رجل ليكسب عليه ويكون له ثلث ذلك أو ربعه فجائز. (¬2) منع ذلك الجمهور لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قفيز الطحان، وهو أن يستأجر من يطحن له حنطة بقفيز منها. ورد ذلك ابن قدامة في المغني بأن هذا الحديث لا نعرفه ولا يثبت عندنا صحته وبالغ شيخ الإسلام في إنكار هذا الحديث فقال في الفتاوى 30/ 113: هذا الحديث باطل لا أصل له وليس هو في شيء من كتب الحديث المعتمدة ولا رواه إمام من الأئمة، والمدينة النبوية لم يكن بها طحان يطحن بالأجرة ولا خباز يخبز بالأجرة، وأيضًا فأهل المدينة لم يكن لهم مكيال على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يسمى القفيز، وإنما حدث هذا لما فتحت العراق وضرب عليهم الخراج، والعراق لم يفتح في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -. وعلى هذا فقد اختار -رحمه الله- الرواية التي انفرد بها أحمد في جواز الشركة على الدابة التي ذكرها الناظم وما بعدها من المسائل المشابهة لها. انظر الفتاوى 30/ 114، 124 والحق أن يقال إن هذا الحديث رواه الدارقطني وعنه البيهقي 5/ 339 عن أبي سعيد الخدري ولفظه: نهى عن عسب الفحل وعن قفيز الطحان. ورواه عبد الحق في أحكامه من جهة الدارقطني مبنيًا للمعلوم بلفظ: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعقبه ابن القطان بأنه لم يجده في الدارقطني مبنيًا للمعلوم، وقد صحح الحديث الألباني في إرواء الغليل 5/ 295، وما نقلناه في تخريجه هو مختصر كلام الإمام الزيلعيُّ في نصب الراية 4/ 140. وانظر أيضًا الهداية 9/ 107 ومختصر خليل 273، 274 ومغني المحتاج 2/ 335 والمغني 5/ 119.

وهكذا أن تدفع الثوب إلى ... خيَّاطه يجيد (¬1) فيه العملا أو نحو ذا يقول (¬2) حيث نفقا (¬3) ... فربحه بالنصف (¬4) أو ما اتفقا أي: ومثل ما تقدم لو دفع ثوبه إلى خياط (¬5) ليخيطه بنصف ربحه ونحوه، وكذا حصاد زرع (¬6) ورضاع قن (¬7) واستيفاء مال ونحوه بجزء مشاع معلوم منه وكذا بيع ونحوه لمتاع بجزء من ربحه، وإعطاء دابة لمن يغزو عليها بجزء من سهمها، وكذا دفع دابة أو نحل (¬8)، ونحوهما لمن يقوم بهما (¬9) مدة معلومة بجزء منها والنماء ملك لهما بحسب الأصل (¬10)، ولا يجوز دفع الدابة والنحل (¬11) بجزء من نماء كدر ونسل وصوف وعسل لحصول نمائه من غير عمل (¬12). ¬

_ (¬1) في د يجبر. (¬2) في النجديات، هـ، ط يقول. (¬3) في نظ تفقا. (¬4) في د بالنص. (¬5) في هـ خياطه. (¬6) يرى المالكية أنه يجوز حصاد الزرع المعلوم بنصفه وكذا جذاذ التمر المعلوم قال في الكافي 2/ 754 - 775: وجائز حصاد زرع قد نظر إليه بنصفه وكذا جذاذ التمر ولا يجوز حصاد يوم ولا جذاذه على نصف ما يحصد أو يجد فيه ولا يجوز نفض الزيتون على نصف ما يسقط منه ولا بأس بنفضه ولقطه كله بنصف أو ثلث أو جزء منه. (¬7) أجاز الشافعية إرضاع القن ببعضه في الحال قال في المنهاج: (لو استأجرها لترضع رقيقًا ببعضه في الحال جاز على الصحيح). (¬8) في ط أو نخل ونحوها. (¬9) في ط بها. (¬10) وقد ذكر ابن حزم في المحلى 8/ 198 - 199 غالب هذه الصور وأجازها واستدل لها بآثار عن ابن سيرين وعطاء والحكم وأيوب السختياني ويعلي بن حكيم وذكر أنه قول ابن أبي ليلى والأوزاعي والليث بن سعد .. وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى 30/ 114، وقد ساق الصورة المذكورة وألحقها بالمشاركة وبين أن مذهب أحمد فيها هو الموافق للقياس. (¬11) في ط والنخل. (¬12) ولأن الأجرة فيه غير موجودة ولا معلومة وأظهر الروايتين عن أحمد جواز ذلك قال شيخ الإسلام في الفتاوى 30/ 114 - 115: (يجوز عنده أي الإمام أحمد في أظهر الروايتين أن يدفع الماشية إلى من يعمل عليها بجزء من درها ونسلها ويدفع دود القز والورق إلى من يطعمه ويخدمه وله جزء من القز).

في عنق للعبد (¬1) قل ديونه ... وسيد يلزمه (¬2) مأذونه يعني: أن ديون (¬3) العبد إن لم يكن مأذونًا له تتعلق برقبته فيخير سيده بين بيعه وتسليمه فيها وفدائه (¬4) بالأقل (¬5) منها أو (¬6) من قيمته، وإن كان مأذونًا له تعلقت كلها (¬7) بذمة سيده سواء كان بيده مال أو لا؛ لأنه غر الناس بمعاملته. وأما في الأولى فلأنه لا يمكن تعلقها بذمة القن، لأنه يفضي إلى الغائها أو تأخير حق المجني عليه إلى غير غاية (¬8)، ولا بذمة السيد لعدم ما يوجبه (¬9)، فتعين تعلقها برقبة العبد كالقصاص. وعند الشافعية يتعلق دين غير المأذون بذمته يتبع به بعد العتق ودين المأذون يؤدى من مال التجارة أو من كسبه باصطياده ونحوه فإن بقي منه شيء كان في ذمة العبد إلى أن يعتق فيطالب به (¬10). ¬

_ (¬1) في النجديات في عتق العبد فقل ديونه. وفي د في عتق العبد ديونه وفي س في عتق العبد تجيده دينونه وفي هـ: في عتق قل العبد قل دينونه. (¬2) في طا يلزم. (¬3) في ب دون وسقطت أن من د، س. (¬4) في د، س فدياه. (¬5) في أ، ح، ط (بأقل منها ومن قيمته). (¬6) في الأزهريات ومن قيمته. (¬7) في د، س تعلق كله. (¬8) في جـ، طا إلى نمائه. (¬9) في د، س يحبه. (¬10) المنهاج 2/ 99 - 102 وهو مذهب المالكية. انظر المدونة 5/ 244 - 246 ويرى الحنفية أن دين المأذون يتعلق برقبته يباع فيه إن لم يفده السيد قال في تنوير الأبصار 6/ 163: (وكل دين وجب عليه بتجارة أو بما هو في معناها كبيع وشراء وإجارة واستئجار وغرم وديعة وغصب وأمانة جحدهما وعقر وجب بوطء مشرية بعد الاستحقاق يتعلق برقبته يباع فيه بحضرة مولاه). أ. هـ. وأما غير المأذون فتصرفه موقوف على إذن سيده وما أتلفه يؤاخذ به بعد العتق، وأما إقراره بالمال فلا يصح في حق مولاه ويصح في حق نفسه حتى يؤاخذ به بعد العتاق. انظر بدائع الصنائع 7/ 170 - 171.

ومن باب الإجارة والمساقات والمزارعة

ومن باب الإجارة والمساقات والمزارعة الإجارة لغة: المجازاة مأخوذة من الأجر وهو العوض، ومنه سمى الثواب أجرًا، لأن الله تعالى يعوض (¬1) عبده على فعل الطاعة أو صبره عن المعصية. وشرعًا عقد (¬2): على منفعة مباحة معلومة مدة معلومة من عين معينة أو موصوفة في الذمة، أو عمل معلوم بعوض معلوم وهي ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع (¬3). والمساقاة: دفع شجر مغروس معلوم له ثمر (مأكول لمن يعمل عليه بجزء معلوم من ثمره) (¬4). ¬

_ (¬1) في النجديات، ط يعيض. (¬2) في ط حق. (¬3) أما الكتاب فقوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6]. وأما السنة فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قال الله -عَزَّ وجَلَّ-: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر. ورجل باع حرًا وأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفي منه ولم يعطه أجره". رواه البخاري 4/ 346 - 347 وأما الإجماع فقد قال في المغني 6/ 3: وأجمع أهل العلم في كل عصر وكل مصر على جواز الإجارة إلا ما يحكى عن عبد الرحمن بن الأصم أنه قال: لا يجوز ذلك لأنه غرر يعني: أنه يعقد على منافع لم تخلق، وهذا غلط لا يمنع انعقاد الإجماع الذي سبق في الأعصار وسار في الأمصار .. وقال ابن المنذر في الإجماع ص101: وأجمعوا على أن الإجارة ثابتة. (¬4) ما بين القوسين سقط من د، س.

والمناصبة والمغارسة: دفعه بلا غرس مع أرض لمن يغرسه ويعمل عليه حتى يثمر (¬1) بجزء مشاع معلوم منه أو من ثمره أو منهما. والمزارعة: دفع أرض وحب لمن يزرعه ويقوم عليه بجزء مشاع معلوم من المتحصل. والأصل في مشروعيتها حديث ابن عمر قال: "عامل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع"؛ متفق (¬2) عليه (¬3)، وقال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: عامل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر بالشطر ثم أبو بكر ثم عمر وعثمان وعلي ثم أهلوهم إلى اليوم يعطون الثلث والربع (¬4). زوج على زوجته حيث عقد ... إجارة جاز لإرضاع (¬5) الولد أي: يجوز للرجل أن يستأجر زوجته لرضاع ولده منها (¬6). وقال أبو حنيفة وغيره: لا يصح؛ لأنه استحق حبسها والاستمتاع (¬7) بها بعوض فلا يجوز أن يلزمه عوض آخر (¬8) لذلك (¬9). ¬

_ (¬1) في ط تثمر. (¬2) البخاري 5/ 10 - 11ومسلم 1551 وأبو داود برقم 3408 والترمذيُّ برقم 1383 والنسائيُّ 7/ 53. (¬3) سقطت من ط كلمة عليه. (¬4) انظر المحلى 8/ 412 وليس فيه ثم أهلوهم. إلخ .. وهو عند أبي يوسف في الخراج 97 أنه - صلى الله عليه وسلم - أعطى خيبر بالنصف قال: فكان أبو بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم- يعطون أرضهم بالثلث. (¬5) في د، س للإرضاع. (¬6) وفي المذهب المالكي إذا كانت المرأة عالية القدر ومثلها لا يرضع ووجد من يرضع ولدها وقبله وكان الأب أو الولد غنيًا فلا يجب عليها في هذه الحال إرضاعه وإن أرضعته فلها الأجر على الأب. انظر الفواكه الدوانى 2/ 70. (¬7) في د، س بالاستمتاع وسقطت (بها) من س. (¬8) في النجديات، ط آجر. (¬9) الاختيار 4/ 10 والفواكه الدواني 2/ 70.

ولنا: أن كل عقد صح أن تعقده مع غير الزوج صح أن تعقده معه كالبيع، ولأن منافعها في الحضانة والرضاع غير مستحقة للزوج بدليل (¬1) أنه لا يملك إجبارها عليه. وقولهم: إنها استحقت عوض الحبس والاستمتاع. قلنا: هذا غير الحضانة واستحقاق منفعة (¬2) من وجه لا يمنع استحقاق منفعة سواها بعوض آخر كما لو استأجرها أولًا ثم تزوجها. ببعض ما تخرج أرض تؤجر ... كالثلث أو كالنصف أو ما قدروا أي: يجوز أن تؤجر الأرض بجزء مشاع مما (¬3) يخرج منها كالنصف و (¬4) الثلث والربع ونحوه (¬5). وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ: لا يصح ذلك (¬6) واختاره أبو الخطاب وصححه الموفق؛ لأنها إجارة لعين ببعض نمائها فلم يجز كسائر الأعيان (¬7). ولنا: أنه عوض معلوم فصحت به الإجارة كما لو آجرها بدراهم أو دنانير. قبل انقضاء مدة (¬8) إن (¬9) حوله ... مؤجر (¬10) أسقط أجره مكملة ¬

_ (¬1) في د بدليله. (¬2) في ط منعفة. (¬3) ليست في ط بل وضع بدلها و. (¬4) في أ، ط أو. (¬5) وأجازه ابن أبي ليلى وسفيان الثوري والأوزاعي وأبو يوسف ومحمَّد بن الحسن وابن المنذر واختلفت الرواية فيه عن الليث: عمدة القاري 12/ 164 واختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية قال في الاختيارات 157: (وتصح إجارة الأرض للزرع ببعض الخارج منها وهو ظاهر المذهب وقول الجمهور). (¬6) انظر عمدة القاري 12/ 164 وشرح الزرقاني على الموطأ 3/ 374 - 375 والكافي لابن عبد البر 2/ 760 والمنهاج 2/ 323 - 324. (¬7) المغني 5/ 598. (¬8) في نظ، أ، د، س مدته. (¬9) في نظ والأزهريات مذ. (¬10) في ط مؤخرًا.

أي: إذا حول المالك المستأجر من العين المؤجرة قبل تمام المدة أو منعه من العين قبل كمال العمل فلا أجرة له حتى لما مضى. وقال أكثر الفقهاء: له أجر ما سكن ونحوه؛ لأنه استوفى ملك غيره على سبيل المعاوضة فلزمه عوضه (¬1) كالبيع إذا تسلم (¬2) بعضه ومنعه المالك بعضه (¬3) وكما لو امتنع لأمر غالب (¬4). ولنا: أنه لم يسلم (¬5) إليه ما عقد الإجارة عليه فلم يستحق شيئًا كما لو استأجره (¬6) لعمل فلم يوفه، وقياس الإجارة على الإجارة أولى من قياسها على البيع، ويفارق ما إذا امتنع لأمر (¬7) غالب، لأن له عذرًا. وكسب حجام فقل خبيث ... سحت بذا (¬8) قدجاءنا الحديث أكلًا لحر ليس بالملائم ... يطعم للعبد وللبهائم يشير بذلك إلى قول القاضي أنه لا يحل للحجام أكل أجرته على ذلك لقوله: - صلى الله عليه وسلم - "كسب الحجام خبيث" رواه مسلم (¬9) وقال: "أطعمه ناضحك (¬10) ورقيقك" (¬11) وممن كره كسب الحجام عثمان وأبو هريرة والحسن والنخعي ¬

_ (¬1) في س عوض. (¬2) في النجديات، ط سلم. (¬3) له أن يخاصم المؤجر ويطلب ما بقي له من المدة في العقد فإن الإجارة عقد لازم. انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 745 - 746. (¬4) انظر مغني المحتاج 2/ 357 والمغني 6/ 24. (¬5) في جـ، طا لو سلم ما عقد. (¬6) في ط استؤجر وفي أ، جـ، هـ استأجر. (¬7) في الأمر. (¬8) في بندى. (¬9) مسلم برقم 1568 وأبو داود برقم 3421 والترمذيُّ برقم 1275 والنسائيُّ 7/ 190 معنى خبيث دنيء ورديء ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة 267]. انظر نيل الأوطار 5/ 321 تفسير أبي السعود 1/ 404. (¬10) الناضح: قال في النهاية 5/ 69: النواضح هي الإبل التي يستقى عليها واحدها ناضح. (¬11) أبو داود برقم 3422 والترمذيُّ برقم 1277 وأحمد 5/ 436 وقد حسنه الترمذيّ.

فلا يأكله الحر بل يطعمه لرقيقه وبهائمه للخبر وجوابه يأتي. يحرم نصًا جاء (¬1) قال القاضي ... وعقدها ليس بعقد ماضي أي: قال القاضي: لا يباح أجر الحجام وذكر أن أحمد نص عليه في مواضع (¬2). قال: وإن أعطي شيئًا من غير (¬3) عقد ولا شرط فله أخذه ويصرفه في علف دابته وطعمة عبده ومؤنة صناعته (¬4)، ولا يحل له أكله وقال القاضي أيضًا: إن عقد الإجارة على الحجامة غير صحيح (¬5) لظاهر الخبر السابق. وقاله قوم قوم حرموا ... بالعقد لا بغيره أكره جزموا ومذهب الشيخين فأكره مطلقًا ... وعقدها يصح فيها حققًا ¬

_ (¬1) في أ: قا جاء قال في ب سقطت كلمة جاء. (¬2) وقطع المرفق بأنه لا يوجد عن أحمد نص في تحريم كسب الحجام قال في المغني 6/ 122: وليس عن أحمد نص في تحريم كسب الحجام ولا الاستئجار عليها وإنما قال: نحن نعطيه كما أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - ونقول له كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن أكله ونهاه وقال: "أعلفه الناضح والرقيق". وهذا معنى كلامه في جميع الروايات، وليس هذا صريحًا في تحريمه بل فيه دليل على إباحته كما في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعله كما بينا وأن إعطاءه للحجام دليل إباحته إذ لا يعطيه ما يحرم عليه وهو - صلى الله عليه وسلم - يعلم الناس وينهاهم فكيف يعطيهم إياها ويمكنهم منها، وأمره بإطعام الرقيق منها دليل الإباحة فيتعين حمل نهيه عن أكلها على الكراهة دون التحريم وكذا قول الإمام أحمد فإنه لم يخرج عن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعله وإنما قصد اتباعه - صلى الله عليه وسلم - وكذا سائر من كرهه من الأئمة يتعين حمل كلامهم على هذا ولا يكون في المسألة قائل بالتحريم. (¬3) سقطت من. (¬4) في النجديات والأزهريات صناعة. (¬5) وهذا ظاهر كلام ابن حزم في المحلى 8/ 192 قال: (ولا يجوز الأجارة على الحجامه ولكن يعطى على سبيل طيب النفس وله طلب ذلك فإن رضي وإلا قدر عمله بعد تمامه لا قبل ذلك وأعطي ما يساوي).

أي: قال قوم من الأصحاب بما قاله القاضي من بطلان عقد الإجارة للحجامة (¬1) منهم الحلواني، قال الزركشي: هذا قول القاضي وجمهور أصحابه قال في التلخيص: وهو المنصوص وقدمه في المستوعب والفائق. وكذا تحريم (¬2) أكله للحر قال الزركشي: اختار تحريم أكله القاضي وطائفة من أصحابه انتهى. وقوله: حرموا بالعقد لا بغيره. أي: قوم من الأصحاب حرموا ما يأخذه الحجام بعقد الإجارة على الحجامة لا (¬3) ما أخذه بغير عقد فجزموا (¬4) بكراهته. وقال الشيخان: يصح عقد الإجارة لها، ويكره للحر أكل أجرة ذلك، وما يأخذه عليه بغير عقد ولا شرط (¬5)، وهذا هو الصحيح من المذهب وقطع به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها وصححه في الإنصاف وغيره. عقد المساقي وكذا المزارع ... جوازه ففي الأصح قد رعي يعني: أن عقد المساقاة والمزارعة جائز من الطرفين لكل منهما فسخه متى شاء ويبطل (¬6) بموت أحدهما وجنونه المطبق كالوكالة وهو قول (¬7) بعض أهل الحديث. وقال أكثر الفقهاء: هو عقد لازم، لأنه عقد معاوضة فكان لازمًا كالإجارة (¬8)، ¬

_ (¬1) في د، س للحجام. (¬2) في جـ، ط يحرم. (¬3) في د، س إلا. (¬4) في د، س فزموا. (¬5) انظر المغني 6/ 122 - 123 والمحرر 1/ 257. (¬6) في النجديات تبطل. (¬7) في أ، جـ، طا عقد. (¬8) انظر بدائع الصنائع 6/ 187 وبداية المجتهد 2/ 208 ومغني المحتاج 2/ 329.

ولأنه لو كان جائزًا جاز لرب المال فسخه إذا أدركت الثمرة فيسقط حق العامل فيستضر (¬1). ولنا: ما روى مسلم عن ابن عمر أن اليهود سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرهم بخيبر على أن (¬2) يعملوها ويكون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شطر ما يخرج منها من ثمر وزرع (¬3) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نقركم على ذلك ما شئنا" (¬4)، ولو كان لازمًا لم يجز بغير تقدير مدة، ولا أن يجعل الخيرة إليه (¬5) في مدة إقرارهم، ولم ينقل أنه قدر لهم مدة ولو وقع لنقل (¬6)، وعمر -رضي الله عنه- أجلاهم من أرض الحجاز وأخرجهم من خيبر (¬7) ولو كانت لهم مدة مقدرة لم يخرجوا فيها (¬8)، وقياسهم ينتقض بالمضاربة وهي أشبه بالمساقاة من الإجارة فقياسها عليها أولى. وقولهم: إنه يفضي إلى فسخ رب المال بعد كمال الثمرة. ¬

_ (¬1) وروي عن الإمام أحمد أيضًا أن عقد المساقاة والمزارعة لازم، وقد اختار هذا شيخ الإسلام ابن تيمية، وأفتي به أئمة الدعوة في نجد، قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في جواب سؤال عن حكم المساقاة: (الصحيح اللزوم. وهو الذي عليه الفتوى من شيخنا شيخ الإسلام ومن أخذ عنه، لا يختلف فيه اثنان منهم، واستمر الأمر على ذلك إلى الآن وهو الصواب، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو قول بعض متقدمي الأصحاب؛ لأنه عقد معاوضة فكان لازمًا كالإجارة فيفتقر إلى ضرب مدة) الدرر السنية 5/ 172. (¬2) سقطت من هـ. (¬3) في أوزع. (¬4) مسلم 1551. (¬5) سقطت من أ، جـ، ط وفي ب له. (¬6) قال الجمهور: إن الإجمال هنا يفسره ما رواه الإمام مالك في الموطأ مرسلًا إنما نمكنكم من المقام في خيبر ما شئنا ثم نخرجكم منها إذا شئنا لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان عازمًا على إخراج اليهود من جزيرة العرب كما أمر به في آخر عمره وكما دل عليه هذا الحديث وغيره. انظر شرح النووي على مسلم 10/ 211 وشرح الزرقاني على الموطأ 3/ 364. (¬7) البخاري 6/ 181 ومسلمٌ برقم 1551. (¬8) في النجديات، ط منها.

قلنا: متى ظهرت فهي تظهر على ملكهما (¬1) فلا يسقط حق العامل منها بفسخ (¬2) ولا غيره كالمضاربة وعليه تمام العمل وعلى هذا فلا تفتقر إلى ضرب مدة كسائر العقود الجائزة. وعندنا العامل والمساقي ... عليهما الجذاذ في الإطلاق والشيخ بالعامل (¬3) بل يختص ... كالحصد والأول فيه النص يعني: أن جذاذ الثمرة في المساقاة على رب المال والعامل بقدر ملكيهما إلا أن يشترطه رب المال على العامل فيكون عليه وحده وهو قول بعض الشافعية (¬4)، لأنه يكون بعد تكامل الثمرة وانقضاء المعاملة فأشبه النقل إلى المنزل واختار (¬5) الموفق أنه (¬6) يختص بالعامل كالحصاد، لأنه من العمل فيكون عليه كالتشميس (¬7). وقولهم: بعد تكامل الثمرة ينتقض بالتشميس ونحوه لكن المنصوص عن (¬8) الإمام هو الأول كما قاله (¬9) في النظم. ¬

_ (¬1) في د، س، ط ملكها. (¬2) سقطت من د، س. (¬3) في نظ، ط للعامل. (¬4) وهو قول أبي يوسف والذي عليه الفتوى في المذهب الحنفي، أما محمد بن الحسن فيرى أنه عليهما بقدر حقيهما غير أنه لا يجوز اشتراطه على العامل قال في الاختيار 3/ 78: (وأجرة الحصاد والرفاع والدياس والتذرية عليهما بالحصص ولو شرطًا ذلك على العامل لا يجوز عن أبي يوسف جوازه وعليه الفتوى). والمساقاة المزارعة عندهم في ذلك. انظر بدائع الصنائع 6/ 187 والاختيار 3/ 79. (¬5) في أ، واختاره. (¬6) في د، س أن. (¬7) المغني 5/ 567 والتشميس: بسط الشيء في الشمس والمراد هنا بسط الزرع أو الثمرة في الشمس تيبس قبل أن تدرس. انظر القاموس 1/ 224. (¬8) في د، س عند. (¬9) في النجديات، ط قال.

يصح في الأرضين أن يزارع ... ببعض ما تخرجه المزارع أي: تصح المزارعة لما تقدم من خبر ابن عمر وهذا قول كثير من أهل العلم، قال البخاري قال (¬1) أبو جعفر: ما بالمدينة أهل بيت إلا ويزرعون (¬2) على الثلث والربع (¬3). وزارع علي وسعد وابن مسعود وعمر بن عبد العزيز والقاسم وعروة وآل أبي بكر وآل علي وابن سيرين (¬4) وممن رأى ذلك سعيد بن المسيب وطاووس وعبد الرحمن بن الأسود وموسى بن طلحة والزهري وعبد الرحمن بن أبي ليلى (¬5) وابنه وأبو يوسف ومحمَّد وروي ذلك عن معاذ والحسن وعبد الرحمن بن يزيد. ومنع النعمان ثم مالك ... من ذا وقالا لا يصح ذلك والشافعيُّ وافقهم في البيضا ... وقال: لا يصح فيها أيضا أي: منع أبو حنيفة من المزارعة فقال: لا تصح وكذا المساقاة عنده، لأنها إجارة بعوض لم يخلق أو مجهول، وكذا قال مالك في المزارعة: لا تصح (¬6) أي: في الجملة وإلا ففيها تفصيل في كتبهم يطول ذكره، ووافقهما (¬7) الشافعي في الأرض البيضاء الخالية من النخيل ¬

_ (¬1) في د قالوا. (¬2) في أ، ط يزارعون وما أثبتُّه لفظ البخاري 5/ 8. (¬3) هذا الأثر رواه البخاري معلقًا قال ابن حجر في الفتح: (وهذا الأثر وصله عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري قال: أخبرنا قيس بن مسلم به وحكى ابن التين أن القابسي أنكر هذا وقال: كيف يروى فيس بن مسلم هذا عن أبي جعفر وقيس كوفي وأبو جعفر مدني ولا يرويه عن أبي جعفر أحد من المدنيين وهو تعجب من غير عجب وكم من ثقة تفرد بما لم يشاركه فيه ثقة آخر وإذا كان الثقة حافظًا لم يضره الانفراد، والواقع أن قيسًا لم ينفرد به فقد وافقه غيره في بعض معناه). (¬4) روى هذا الآثار ابن أبي شيبه 6/ 337 - 334. وروى بعضها عبد الرزاق 8/ 99 - 100 وابن حزم في المحلى 8/ 215، 216. (¬5) في د، س ليله. (¬6) في هـ يصح. (¬7) في د وفقهما.

والكرم (¬1) لحديث ابن عمر قال: كنا ما (¬2) نرى بالمزارعة بأسًا حتى سمعت رافع بن خديج يقول: (نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها) وقال جابر رضي الله (¬3) عنه: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المخابرة، متفق عليهما (¬4). والمخابرة: المزارعة (¬5) مشتقة من الخبار (¬6) وهي الأرض اللينة (¬7) والخبير الأكار. ولنا: ما روى ابن عمر قال: (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من زرع أو ثمر) (¬8). متفق عليه (¬9)، وقد روى ذلك ابن عباس وجابر بن عبد الله (¬10) قال أبو جعفر: (عامل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر بالشطر ثم أبو بكر (¬11) ثم عمر ثم عثمان وعلي ثم أهلوهم إلى اليوم يعطون (¬12) الثلث والربع" (¬13)، وهذا أمر صحيح مشهور عمل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى مات ثم خلفاؤه الراشدون حتى ماتوا ثم أهلوهم من بعدهم. وأما حديث رافع فمضطرب جدًا اضطرابًا يوجب ترك العمل به قال ¬

_ (¬1) حاشية ابن عابدين 6/ 275 وبدائع الصنائع 6/ 185 والمنتقى شرح الموطأ 5/ 132 والفواكه الدواني 2/ 138 - 140 والأم 5/ 239 - 240 ومغني المحتاج 2/ 323 - 325. (¬2) سقطت من ط. (¬3) سقط من د -رضي الله عنه-. (¬4) البخاري 5/ 18 - 19 ومسلمٌ برقم 1547. (¬5) في د، س والمخابرة والمزارعة. (¬6) في د الخباره. (¬7) في النجديات، طا الميتة وفي القاموس 2/ 17 الخبار كسحاب ما لان من الأرض واسترخى، وهي في المغني والشرح 5/ 582: (من الخبار وهي الأرض اللينة). (¬8) في ط تمر. (¬9) سبق تخريجه. (¬10) أما حديث ابن عباس فقد رواه أبو داود برقم 3410 - 3411 - 3412 وأما حديث جابر فلم أجده. (¬11) سقط من طا. (¬12) في ب يعصون. (¬13) سبق تخريجه.

أحمد: حديث رافع ألوان، وقال أيضًا: حديث رافع ضروب وقال ابن المنذر: قد جاءت الأخبار عن رافع بعلل تدل على أن النهي كان لعلل (¬1). وعلى تقدير صحته وامتناع تأويله وتعذر الجمع (¬2) يجب حمله على أنه منسوخ؛ لأنه لا بد من نسخ أحد الخبرين، ويستحيل القول بنسخ حديث خيبر لكونه معمولًا به من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى موته ثم (¬3) من بعده إلى عصر التابعين فمتى كان نسخه (¬4). وذلك باب كامل مطرد (¬5) ... مذهبنا به إذًا ينفرد أي: باب المزارعة في الأرض البيضاء باب كامل انفرد به مذهبنا عن الأئمة الثلاثة للأدلة السابقة. ¬

_ (¬1) في أ، جـ، هـ طا كالعلل يشير إلى أن النهي في حديث رافع كان معللًا فإنهم كانوا يزارعون بما على الماذينات وأقبال الجداول ونحوها فربما صلح هذا وفسد هذا وربما العكس فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذا النوع .. انظر صحيح مسلم رقم 1547 والماذيانات: ما ينبت على حافتي مسيل الماء وأقبال الجداول أوائلها .. (¬2) في د الجميع. (¬3) سقطت من ط. (¬4) ضعف الشوكاني هذا التوجيه؛ لأن النهي صدر منه - صلى الله عليه وسلم - أثناء معاملته، ولأن جماعة من الصحابة رجعوا إلى رواية النهي ولأن الجمع مهما أمكن واجب وقد أمكن الجمع بحمد الله من وجهين. الأول: حمل أحاديث رافع على المزارعة المفضية إلى الغرر وقد ذكر رافع أنهم كانوا يكرون الأرض بالناحية منها وذكر أيضًا أنهم كانوا يكرونها بما على الماذينات وأقبال الجداول وما يسقي الربيع وشيء من التبن. ولا يصح حملها على مزارعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل خيبر لأنه - صلى الله عليه وسلم - استمر عليها حتى مات واستمر على مثل ذلك جماعة من الصحابة ويؤيد هذا أن رافع أجاز المزارعة على شيء معلوم مضمون قال رافع في رواية مسلم عنه: (فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به). الثاني: حمل أحاديث النهي على الكراهة وأحاديث معاملة أهل خيبر على الجواز وفي هذا بعد إذ كيف يعمل - صلى الله عليه وسلم - المكروه ويموت عليه وقد لجأ إلى هذا بعض العلماء جمعًا بين الأحاديث. انظر نيل الأوطار 5/ 311 - 312 وإعلام الموقعين 1/ 434 - 436. (¬5) في د مطرب.

ومن باب الغصب

ومن باب الغصب وهو مصدر غصب أي: أخذ الشيء ظلمًا. وشرعًا: استيلاء غير حربي عرفًا على حق غيره قهرًا بغير حق. وهو محرم بالإجماع لقوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188] وقوله -عليه السلام- في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا" (¬1). إن تلف المغصوب وهو مثلي ... وعدم المثل فحقق نقلي يضمن بالقيمة يوم (¬2) العدم (¬3) ... لا يوم غصب أو بأقصى (¬4) القيم أي: إذا تلف المغصوب المثلي وهو كل مكيل أو موزون لا صناعة فيه مباحة، يحل السلم فيه وعدم المثل (¬5) أو تعذر لغلاء ونحوه ضمن بقيمة المثل يوم إعوازه لا يوم الغصب ولا بأقصى قيمة (¬6). ¬

_ (¬1) رواه مسلم برقم 2577. (¬2) في هامش ب، جـ وفي نسخة وقت. (¬3) في د العزم. (¬4) في د، س لا بأقصى. (¬5) في النجديات، س، ط المثلي. (¬6) وإلى هذا ذهب محمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة - رحمهما الله- قال في حاشية ابن عابدين 6/ 183: (وعند محمد يوم الانقطاع وعليه الفتوى كما في ذخيرة الفتاوى وبه أفتى كثير من المشايخ) وهو وجه في مذهب الشافعية. وانظر تكملة شرح فتح القدير 9/ 309، 220 ومغني المحتاج 2/ 283.

وقال أبو حنيفة ومالك: تعتبر القيمة يوم المحاكمة (¬1) وهو وجه للشافعية، لأن القيمة لا تنتقل إلى الذمة إلا بحكم الحاكم (¬2)، وقال أبو يوسف: يوم الغصب (¬3). ولنا: أن الأصل هو المثل فاعتبرت (¬4) بيوم فقده كاعتبارها فيما (¬5) لا مثل له بيوم التلف. وإن يكن كالثوب مثل منتفي ... ضمنه بالقيمة يوم التلف أي: وإن يكن المغصوب متقومًا كالثياب ونحوها وتلف أو أتلف فعلى الغاصب ضمانه بقيمته يوم التلف. وقال أبو حنيفة ومالك: تعتبر قيمته يوم الغصب (¬6)؛ لأنه الموجب للضمان فتقديره بحال وجوده كالإتلاف (¬7). وقال الشافعي: يجب أقصى القيم من يوم الغصب (إلى يوم التلف؛ لأنها حالة الزيادة واجبة الرد فوجب) (¬8) حينئذ كون الزيادة مضمونة (¬9). ¬

_ (¬1) ذكر ابن عبد البر في الكافي 2/ 841 أن مذهب مالك في المغصوب المثلي إذا تلف وعدم المثل يضمن بقيمته يوم غصبه. قال: (والأعيان التي يجب رد مثلها عند فقدها كل مكيل أو موزون أو معدود من الطعام كله والإدام وكذلك الذهب والفضة مضروبًا كان أو مسبوكًا وكذا كل مكيل أو موزون غير الطعام .. ولا يؤخذ منه في شيء من ذلك كله قيمته إلا أن لا يوجد مثله فإن لم يجد مثله انصرف إلى قيمته يوم غصبه). وانظر كذلك أسهل المدارك 3/ 62. (¬2) انظر الهداية مع التكملة 9/ 219، 220 ومغني المحتاج 2/ 282. (¬3) انظر الهداية مع تكملة فتح القدير 9/ 219 - 220. (¬4) في د فاعتبر. (¬5) سقطت من د، س. (¬6) الهداية مع التكملة 9/ 220 والخرشي 6/ 135. (¬7) في ب، جـ، طا وكالاتلاف. (¬8) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬9) مغني المحتاج 2/ 284.

ولنا: أن القيمة منتفية الوجوب قبل التلف إذ العين قائمة ووجوب رد (¬1) القيمة والعين لا يجتمعان فلا اعتبار لها بما قبله، وكما (¬2) في الإتلاف من غير غصب. والمهر إن ضمُنّه المغرور (¬3) ... على الذي غَرَّ فقل يحور (¬4) ويفد أولادًا له بالمثل ... من العبيد في صحيح النقل يعني: إذا باع الغاصب الأمة المغصوبة أو وهبها ونحوه ولم يعلم من انتقلت إليه بالحال فوطئها ثم غرمه المالك مهر مثلها كان له الرجوع به على الغاصب (¬5). وقال أبو حنيفة والشافعيُّ في الجديد: لا رجوع له؛ لأنه استوفى بدل الغرم فإذا رجع به جمع بين العوض والمعوض (¬6). ولنا: أنه لم يدخل مع الغاصب على الضمان فوجب أن يثبت له الرجوع لحصول التغرير (¬7). وإن ولدت الأمة والحال هذه فأولادها أحرار لاعتقاد الواطىء الحرية ويلزمه فداء أولاده، لأنه فوت رقهم على مالك أمهم باعتقاده الحرية. وممن قال بوجوب (¬8): الفداء في الجملة الأئمة الثلاثة (¬9) والثوري ¬

_ (¬1) سقطت من النجديات، هـ ط. (¬2) سقطت من ب، جـ، طا. (¬3) في نظ المغدور. (¬4) في نظ، أ، د، س يجوز. (¬5) وهو قول في المذهب الشافعي قال في مغني المحتاج 2/ 294: (والثاني يرجع إذا جهل الغصب؛ لأنه لم يدخل في العقد على ضمانه فيرجع به على البائع لأنه غَرَّةُ بالبيع). (¬6) انظر حاشية ابن عابدين 5/ 197 ومغني المحتاج 2/ 293 - 294. (¬7) في د، س التقدير. (¬8) في أبالوجوب. (¬9) انظر حاشية ابن عابدين 5/ 197 والمدونة 5/ 384 والكافي لابن عبد البر 2/ 843 والأم 5/ 86 ومغني المحتاج 3/ 209.

وإسحاق وأبو ثور لقضاء (¬1) عمر وعلي وابن عباس بذلك (¬2). ويكون الفداء بالمثل من العبيد نص عليه في رواية إسحاق بن منصور وغيره وهو اختيار الخرقي وأبي بكر في التنبيه والقاضيين أبي يعلى ويعقوب بن إبراهيم في تعليقهما وأبي الخطاب في رؤوس مسائله والشريف أبي القاسم الزبدي وغيرهم قال القاضي أبو الحسين والشريف أبو جعفر وأبو الحسن بن بكروس (¬3): هي أصح لقضاء عمر (¬4). وعنه: يفديهم (¬5) بالقيمة اختاره ابن الراغوني وصاحب التلخيص قال القاضي في المجرد: هو أشبه بقوله، لأنه نص على أن الحيوان لا مثل له، وبه قال الأئمة الثلاثة (¬6) وهو المذهب؛ لأنه ضمان وجب لفوت الرق فاعتبر بالقيمة كما في نصيب شريكه إذا سرى العتق إليه. وتعتبر القيمة يوم الولادة، وهو قول الشافعي؛ لأنه أول أوقات إمكان ¬

_ (¬1) في النجديات لقضي. (¬2) انظر المحلى 8/ 138، 139 وفيه: (روينا من طريق سعيد بن منصور عن سفيان بن عيينه عن أيوب بن موسى عن أبي قسيط عن سليمان بن يسار قال: قضى عمر في أولاد الغارة بالقيمة: وسليمان لم يدرك عمر؛ وأما أثر علي فرواه ابن حزم من طريق عبد الرزاق عن عمر عن منصور عن الحكم بن عتيبة أن امرأة وابنا لها باعا جارية لزوجها وهو أبو الولد فولدت الجارية للذي ابتاعها ثم جاء زوجها فخاصم إلى علي بن أبي طالب فقال: لم أبع ولم أهب فقال له علي: قد باع ابنك وباعت امرأتك قال: إن كنت ترى لي حقًا فأعطني قال: فخذ جاريتك وابنها ثم سجن المرأة وابنها حتى تخلصا له فلما رأى الزوج ذلك أنفذ البيع). (¬3) في طا بكر عبد وس. (¬4) ذكر ابن حزم في المحلى 8/ 139 أنه قد صح عن عمر فداؤهم بعبد مكان عبد أو بعبدين مكان عبد وجعل هذا -رحمه الله- تفسيرًا للرواية السابقة عن عمر في قضائه في أولاد الغارة بالقيمة. (¬5) في د يعد بهم. (¬6) انظر حاشية ابن عابدين 5/ 197 - 198 والمدونة 5/ 384 والخرشي 6/ 155 ومغني المحتاج 2/ 209.

تقويمه (¬1) وقال أبو حنيفة يوم المحاكمة (¬2) لما تقدم عنه في المثل (¬3) إذا أعوز (¬4). بالاحترام أحكم لزرع (¬5) الغاصب ... وليس كالباني أو كالناصب (¬6) إن شاء رب الأرض ترك الزرع ... بأجرة المثل فوجه مرعى أو ملكه إن شاء بالإنفاق ... أو قيمة للزرع بالوفاق يعني: إذا غصب أرضًا وزرعها فزرعه محترم (¬7) ليس للمالك قلعه بخلاف البناء والغراس، لأنه يتلف بالقلع ومدته لا تطول بخلافهما، ثم إن أدركه (¬8) رب الأرض بعد حصاده فلس له إلا (¬9) أجرة الأرض وإن أدركه قبل الحصاد فإن شاء تركه إلى الحصاد بأجرة (¬10) مثله وإن شاء تملكه بمثل نفقته (¬11) وهي مثل البذر وعوض لواحقه لحديث رافع ابن خديج أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته" وفي لفظ لابن ماجة: "ويرد عليه (¬12) نفقته" (¬13). ¬

_ (¬1) انظر الأم 5/ 220. (¬2) انظر بدائع الصنائع 3/ 151. (¬3) في هـ المثلي. (¬4) في جـ والنسخة التي اعتمد عليها الناشر أغرر. (¬5) في ب، جـ بالزرع. (¬6) في نظ وليس كالباين أو كالغاصب. (¬7) (¬8) في أ، جـ ط أدرك. (¬9) سقط من أو وفي هـ لا جرة. (¬10) في أ، ط وبأجره مثله. (¬11) وقد ذكر هذا ابن عبد البر: عن بعض أهل المدينة قال في الكافي 2/ 847: (وقالت طائفة من أهل المدينة يعطيه مكيلة بذره ونفقته في الزراعة ويأخذ الزرع). (¬12) سقط من جـ ويرد عليه نفقته. (¬13) رواه أبو داود برقم 3403 والترمذيُّ برقم 1378 وابن ماجة برقم 2466 والبيهقيُّ 6/ 136 وأحمدُ 3/ 465 - 4/ 141، وقال الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ غريب وفي نيل الأوطار 5/ 359: (حديث رافع ضعفه الخطابي ونقل عن البخاري تضعيفه وهو خلاف=

وعن الإمام رواية أنه يتملك الزرع بقيمته، وحملها بعضهم على أن المراد بها نفقته (¬1) فلا خلاف بين الروايتين. وقال الأئمة الثلاثة وغيرهم: يجبر الغاصب على قلع زرعه كغراسه وتقدمت الإشارة إلى الفرق بينهما (¬2). إن صنع الغاصب بابًا بالخشب ... أو ضرب الفضة أو صك الذهب أو حاك غزلًا أو لثوب قصرا ... بزائد شارك (¬3) نصًا ظهرًا رجحه (¬4) الأكثر في الخلاف ... ونصر الشيخان للمنافي (¬5) أي: إذا غصب خشبًا فنجره بابًا أو غصب فضة أو ذهبًا فضربه دراهم أو دنانير أو حليًا مباحًا أو غصب ثوبًا فقصره ونحوه فزادت (¬6) قيمة المغصوب (بذلك فالغاصب شريك للمغصوب) (¬7) منه بالزيادة، لأنها أثر فعله، رجحه أكثر الأصحاب في كتب الخلاف، قال أبو الخطاب: هو الصحيح من المذهب واختاره القاضي في الجامع الصغير والقاضي يعقوب بن إبراهيم وابن عقيل في التذكرة وأبو الحسن بن بكروس، لأن الزيادة (¬8) لا أثر للمالك في حدوثها فلا تكون داخلة في ملكه لانتفاء سببه. والصحيح من المذهب ما نصره الشيخان أن الزيادة للمالك مجانًا قال ¬

_ = ما نقله الترمذيُّ عن البخاري من تحسينه وضعفه أيضًا البيهقي وهو من طريق عطاء بن أبي رباح عن رافع قال أبو زرعة: لم يسمع عطاء من رافع). وصححه الألباني في الإرواء 5/ 351. له شواهد عند أبي داود برقم 3402 وبرقم 3399، وقد تقوى بها عنده إلى درجة الصحة. (¬1) أقحمت هنا في جـ بعد كلمة نفقته العبارة الساقطة من قبل. (¬2) انظر الهداية مع تكملة فتح القدير 9/ 341 - 343 والكافي لابن عبد البر 2/ 847. (¬3) في د يشارك. (¬4) في النجديات ورجحه. (¬5) في هامش النجديات وفي نسخة والشيخ والمجد لهذا نافي. (¬6) في النجديات زاده في ط وزادت وسقطت الفاء من هـ. (¬7) ما بين القوسين سقط من هـ. (¬8) في ب الزيارة.

ابن عقيل: هو أقيس بأصولنا وأشبه بها اختاره القاضي في المجرد (¬1) وأبو علي بن شهاب وابن عقيل في الفصول وصاحب التلخيص وبه قال الشافعي (¬2)، لأنها أثر فعل عدواني فكانت للمالك كما لو زرع المغصوب في أرض مالكه أو علَّف الحيوان فسمن (¬3) (¬4). لا يبر في المغصوب بالإطعام ... لمالك إن ظن (¬5) بالإعلام أي: لا يبرأ الغاصب بإطعام المغصوب لمالكه إذا لم يعلم أنه طعامه (¬6) ولم يعلمه الغاصب بذلك. وقال الحسن وأبو حنيفة يبرأ (¬7) وللشافعي قولان (¬8). ولنا: أنه لم يعده إلى تصرفه التام وسلطانه المطلق إذ لا يتمكن من بيعه (¬9) ولا هبته ولا إطعامه (¬10) لغيره، ولأنه تسبب (¬11) إلى اتلافه بالتغرير (¬12) إذ لو علم ربما باعه ولم يأكله. ¬

_ (¬1) في جـ، ط المحرر. (¬2) انظر المهذب 1/ 487 الطبعة الثالثة 1396هـ. (¬3) في د فيسمن. (¬4) أما أبو حنيفة فيرى أن العين المغصوبة إذا تغيرت بفعل الغاصب حتى زال اسمها وعظم منافعها زال ملك المغصوب منه عنها وملكها الغاصب وضمنها ولا يحل له الانتفاع بها حتى يؤدي بدلها. انظر الهداية مع التكملة 9/ 332 وتحفة الفقهاء 3/ 116، أما الإمام مالك فيرى أنه إذا تغيرت العين عند الغاصب بفعله يلزمه أن يرد مثل المثلي منها أو قيمة المتقوم وذلك يوم غصبه. انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 846 - 847. (¬5) كذا في جميع النسخ ولعل الصواب أن ضن أي بخل بإعلام المغصوب منه أنه طعامه. (¬6) في ط طعام. (¬7) في جـ بيرا. (¬8) بدائع الصنائع 7/ 150 ونهابة المحتاج 5/ 157. (¬9) في ط تبعته. (¬10) سقط من د، س ولا أطعاه لغير. (¬11) في جـ،! ط سبب. (¬12) سقط من النجديات، هـ، ط.

وبالنقود غاصب إن تجرا (¬1) ... والشيخ بالعروض أيضًا قررا (¬2) فالربح بالمالك قد يختص ... فيه وفي المودع (¬3) جاء بالنص بالعين أو في ذمة (¬4) كان الشرا ... مع نقدها في (¬5) أشهر قد حررا حتى بذاجز ما كثير نقلوا ... وذا على الأصول فرع مشكل يعني: إذا اتجر الغاصب بالنقود المغصوبة قال الشيخ الموفق وكثير من الأصحاب: أو بالعروض بأن باعها واتجر بثمنها وحصل ربح فهو للمالك يختص به دون الغاصب (¬6)، ونص عليه أحمد في المودع بفتح الدال إذا اتجر بالوديعة، وسواء كان الشراء بعين المال المغصوب أو المودع أو في ذمته ثم نقده منه كما جزم به أكثر الأصحاب. وقال مالك والليث وأبو يوسف: الربح للغاصب ونحوه عن أبي حنيفة وزفر ومحمَّد بن الحسن لكن قالوا: يتصدق به؛ لأنه غير طيب (¬7) استدلوا بحديث الخراج بالضمان (¬8). ولنا حديث عروة بن الجعد (¬9): حيث أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - رأس (¬10) المال والربح (¬11) احتج به أحمد وروى الأثرم عن رباح بن عبيدة أن رجلًا دفع ¬

_ (¬1) في جـ تحررا. (¬2) في ط نضرًا. (¬3) في النجديات المودوع. (¬4) في النجديات وفي ذمته وفي، س أو في ذمته. (¬5) في ب فهذا. (¬6) المغني 5/ 416. (¬7) بدائع الصنائع 7/ 154 والهداية مع التكملة 9/ 239. (¬8) قال العجلوني في كشف الخفاء 1/ 451: رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة وحسنه الترمذيُّ عن عائشة مرفوعًا. (¬9) في هـ الحصد. (¬10) سقطت من النجديات، هـ ط. (¬11) رواه البخاري 6/ 464 - 465 وأبو داود برقم 3384 وابن ماجة برقم 2402 وأحمدُ 4/ 385 والبيهقيُّ 6/ 112وقد أعله ابن حزم بالإرسال؛ وقال الحافظ في التلخيص: الصواب أنه متصل في إسناده مبهم؛ وصححه الألباني في الإرواء 5/ 128.

إلى رجل دراهم ليبلغها (¬1) أهله فاشترى بها ناقة فباعها فسأل (¬2) ابن عمر عن ذلك قال: ادفع إليه دراهمه بنتاجها (¬3)، ولأنه (¬4) نماء ملكه فكان تابعًا لأصله كالسمن. وهذا الفرع على أصول المذهب مشكل كما قال الحارثي والناظم وغيرهما، لأن الشراء إن كان بعينها فهو باطل لا يصلح (¬5) لإفادة الملك فلا يكون المرتب عليه مملوكًا فيرد كل مال إلى ربه، وإن (¬6) كان الشراء في ذمته ثم أنقد الثمن من المغصوب فالعقد صحيح (والإقباض فاسد وإن كان العقد صحيحًا) (¬7) لكونه واقعًا في ذمة العاقد فكيف يحصل لمن لم يقع في ذمته، وإذا لم يحصل له العقد فكيف يستحق ربحه وفي المسألة كلام طويل لا يليق بهذا المختصر (¬8). ¬

_ (¬1) في جـ ليلغها. (¬2) في النجديات، ط فسئل. (¬3) رواه البيهقي 6/ 113. (¬4) سقطت الواو من النجديات، هـ ط. (¬5) في النجديات، هـ، ط لا يصح. (¬6) في د، س وإذا. (¬7) ما بين القوسين سقط النجديات، ط. (¬8) ذكر المؤلف هنا وجه الإشكال في تخريج هذا على أصول المذهب وقد ساق المؤلف في كتابه كشاف القناع 4/ 113 الوجوه التي خرجه عليها الأصحاب وضعفها وهي كالتالي: أ- خرجه ابن عقيل على صحة تصرف الغاصب وتوقفه على الإجازة واختاره ابن قدامه في المغني 5/ 415 - 416. ب- وخرجه في التلخيص على أن تصرفات الغاصب صحيحه ولا تتوقف على الإجازة؛ لأن ضرر الغاصب يطول بطول الزمن فيشق اعتباره وخص ذلك بما طال زمنه. جـ- وخرجه القاضي بأن الغاصب اشترى في الذمة ثم نقد فيه دراهم الغصب وصرح بذلك أحمد في رواية المروزي. د- وخرجه ابن رجب في فوائد القواعد على أن النقود لا تتعين بالتعيين فيصير كما لو اشترى في ذمته. هـ - وخرجه في المباع 5/ 187 على ما إذا تعذر رد المغصوب إلى مالكه ورد الثمن إلى المشتري.

وآلة اللهو فكالطنبور ... تكسر لا ضمان في المشهور أي: يجوز كسر آلة اللهو (¬1) من (¬2) غير ضمان في المشهور في المذهب، كالطنبور بضم الطاء المزمار، والجنك (¬3)، والعود وغير ذلك. وكذا النرد (¬4) والشطرنج، وبه قال أبو يوسف ومحمَّد بن الحسن وإسحاق والظاهرية وطائفة من السلف ونحوه عن شريح. وحكى الأصحاب الضمان عن أبي حنيفة (¬5) والشافعيُّ (¬6). ولنا حديث أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله أرسلني رحمة للعالمين وهدى للعالمين، وأمرني بمحق المعازف والمزامير والأوثان والصلب (¬7) وأمر الجاهلية" رواه أحمد والطبرانيُّ في معجمه الكبير واللفظ له (¬8)، والمحق نهاية الإتلاف، ولسقوط حرمة ذلك، لأنه منكر. ¬

_ (¬1) في جـ للهو وفي ط تلهو. (¬2) في أ، حـ ط غير وفي ب بغير. (¬3) جنك: معرب وهو الطنبور (هو ذو رقبة طويلة). انظر المعجم الوسيط 1/ 141. (¬4) في د الرند. (¬5) انظر الهداية مع التكملة 9/ 367. (¬6) يرى الإِمام الشافعي أن آلة اللهو إن كانت إذا فصلت تصلح لنفع مباح وإذا كسرت لم تصلح لنفع مباح لزمه ما بين قيمته مفصلًا ومكسورًا لأنه أتلف بالكسر ما له قيمة وإن كانت لا تصلح لمنفعة مباحة لم يلزمه ضمانه. انظر مغني المحتاج 2/ 285. وقد حكى في بدائع الصنائع مثل هذا عن أبي حنيفة فقال 7/ 167 - 168: (ولو كسر على إنسان بربطًا أو طبلًا يضمن قيمته خشبًا منحوتًا عند أبي حنيفة رحمه الله وذكر في المنتقي خشبًا ألواحًا؛ لأنه كما يصلح للهو والفساد يصلح للانتفاع به من وجه آخر فكان مالًا متقومًا من ذلك الوجه). (¬7) في ط الصليب. (¬8) المسند 5/ 268 والمعجم الكبير 8/ 232.

ومن باب الشفعة

ومن باب الشفعة بسكون الفاء من شفعت (¬1) الشيء إذا ضممته (¬2) وثنيته؛ إذ هي ضم نصيب إلى نصيب ومنه شفع الأذان، أو من الشفاعة (¬3) بمعنى الزيادة والتقوية. وهي: استحقاق الإنسان انتزع شقص شريكه ممّن انتقل إليه بعوض مالي إن كان مثله أو دونه (¬4). وهي ثابته بالسنة والإجماع (¬5)، ومنها حديث جابر: (قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يقسم (¬6) فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة) أخرجه البخاريُّ (¬7) والحكمة دفع ضرر الشركة. ¬

_ (¬1) في النجديات شفعة. (¬2) في النجديات ضميته. (¬3) في د، الشافعة. (¬4) معنى قوله: (إن كان مثله أو دونه) أي إن كان من انتقل إليه الشقص مثل الشفيع في الإِسلام أو الكفر أو كان دونه بأن كان كافرًا والشفيع مسلمًا فإن كان العكس فلا شفعة. انظر كشاف القناع 4/ 134. (¬5) حكاه ابن المنذر رحمه الله في الإجماع ص 95 ونقله ابن قدامة في المغني 5/ 460 ولا يقدح فيه خلاف الأصم حيث خالف في جواز الشفعة وذكر أن في إثباتها إضرارًا بأرباب الأموال حيث انعقد الإجماع قبله ولما فيه من مخالفة صريح السنة الثابت وقد ساق المصنف بعضًا منها. (¬6) في هـ ينقسم. (¬7) 4/ 460 ومسلمٌ برقم 1608 وأبو داود برقم 3514 وابن ماجة برقم 2499 وأحمدُ 3/ 396 وليس عند مسلم فإذا وقعت الحدود الحديث.

ليس على المسلم للذمي ... بشفعة أخذًا على المرضي أي: إذا كان المشتري مسلمًا والشريك ذميًا فليس للذمي على المسلم شفعة على المذهب نص عليه (¬1)، وهو وقول الحسن والشعبي وابن أبي ليلى وإحدى الروايتين عن شريح. وقال أكثر الفقهاء: تثبت له كغيره لعموم الأخبار وكالرد بالعيب (¬2) (¬3). ولنا: حديث أنس مرفوعًا: "لا شفعة لنصراني" رواه الدارقطني في كتاب العلل وفي إسناده بابل (¬4) بن نجيح وقد ضعفه الدارقطني ووثقه يزيد بن سنان البصري وقال: كان أصحابنا يكتبون عنه (¬5)، ولأن حرمة المسلم ليست (¬6) كحرمة (¬7) الكافر فانتفى تقديمه، ولأن الشفعة معنى يختص (¬8) بالعقار فأشبه تعلية البناء (¬9). ومشتر للشقص (¬10) إن قد وقفا ... لا حيله بعد (¬11) الطلاب (¬12) بالوفا ¬

_ (¬1) وقد اختارها ابن تيمية قال في الاختيارات 168: (وأولى الروايات في مذهب أحمد أنه لا شفعة لكافر على مسلم). (¬2) في د، س العين. (¬3) انظر الهداية مع التكملة 9/ 404 والمدونة 5/ 399 ومغني المحتاج 2/ 298. (¬4) في ط مايل والصواب نائل كما في البيهقي 6/ 108 - 109 وميزان الاعتدال 4/ 244. (¬5) هذا الحديث رواه البيهقي 6/ 108 - 109 وفي باب رواية ألفاظ منكره يذكرها بعض الفقهاء في مسائل الشفعة، وقال عقب الحديث: (قال ابن عدي: أحاديث نائل مظلمة جدًا وخاصة إذا روى عن الثوري. ورواه البيهقي من طريق أخرى عن سفيان عن حميد الطويل عن الحسن البصري من قوله موقوفًا عليه قال البيهقي: (وهو الصواب). (¬6) في النجديات، ط ليس. (¬7) في س كرمة. (¬8) في ط مختص. (¬9) في د تعليلة إلينا. (¬10) في ب، جـ الشقص. (¬11) في أقبل وفي ب يعد. (¬12) في نظ لطالب.

يبطل حق شفعة كذا الهبة ... وصدقات للفقير ذاهبة جمهور الأصحاب على هذا النمط ... والقاضي قال: النص في الوقف فقط (¬1) يعني: إذا وقف المشتري الشقص المشفوع أو وهبه أو تصدق به أو جعله صداقًا ونحوه من كل ما لا تثبت به شفعة ابتداء (¬2)، وكان ذلك قبل طلب الشفيع بالشفعة بطلت الشفعة بذلك (¬3) هذا الصحيح من المذهب وعليه (¬4) جماهير الأصحاب (¬5). وقال أبو بكر: للشفيع فسخ (¬6) ذلك وأخذه بالثمن الذي وقع به البيع، وهذا قول مالك والشافعيُّ وأصحاب الرأي؛ لأن الشفيع يملك فسخ البيع الثاني والثالث مع إمكان الأخذ (¬7) بهما فلأن يملك فسخ عقد لا يملك الأخذ به أولى، ولأن حق الشفيع أسبق وجنبته (¬8) أقوى فلم يملك المشتري تصرفًا يبطل حقه (¬9). ولنا: أن الشفعة ها هنا إضرار بالموهوب له والموقوف عليه؛ لأن ملكه يزول عنه بغير عوض ولا يزال الضرر (¬10) بالضرر بخلاف البيع فإنه إذا فسخ (¬11) البيع الثاني رجع المشتري الثاني بالثمن الذي أخذ منه فلا يلحقه ¬

_ (¬1) سقط من د في الوقف. (¬2) في ط الله أو كان. (¬3) سقطت من النجديات، ط. (¬4) الواو ليست في ط. (¬5) وهو اختيار ابن تيمية كما في الفتاوى 30/ 387 وبه أفتى الشيخ عبد الله بن حمد الحجازي من علماء الدعوة في نجد. انظر الدرر السنية 4/ 229. (¬6) في أ، جـ، والأزهريات، ط أخذ. (¬7) في ط الآخذ. (¬8) في أ، ط جنبيته. (¬9) الكافي لابن عبد البر 2/ 857 ومغني المحتاج 2/ 303 وحاشية ابن عابدين 6/ 233. (¬10) في أالضر. (¬11) في النجديات، ط انفسخ.

ضرر، ولأن ثبوت الشفعة هنا يوجب (¬1) رد العوض إلى غير المالك وسلبه عن المالك وفي ذلك ضرر فيكون منفيًا. أما لو وقع ذلك حيلة (¬2) على إسقاط الشفعة لم تسقط كما صرح به في الفائق، وقال في القواعد: إنه الأظهر (¬3)، واقتصر عليه في الإنصاف (¬4). وإن وقع التصرف من المشتري بعد طلب الشفيع بالشفعة لم ينفذ تصرفه مطلقًا؛ لأن الشفيع قد ملك الشقص بالطلب على المذهب وعلى القول بأنه لا يملك امتنع عليه التصرف بالطلب فلم ينفذ تصرفه، فمعنى قوله (¬5) لا حيلة بعد الطلاب (¬6) بالوفاء أي: لا إن وقع تصرفه حيلة فإنه لا يسقط حق الشفيع ولا إن وقع تصرفه بعد الطلب بالشفعة فإنه لا يصح تصرفه. وقوله والقاضي قال: النص (¬7) ... إلخ أي: أن القاضي قصر نص الإِمام على الوقف وجمهور الأصحاب عمموا (¬8) الحكم في الوقف والهبة ونحوهما مما تقدم لعدم (¬9) الفارق. ¬

_ (¬1) في النجديات، هـ، ط توجب. (¬2) في أ، ط جعله. (¬3) القواعد لابن رجب 90. (¬4) الإنصاف 6/ 252. ويقرر ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين 3/ 371 أن التحيل لإسقاط الشفعة حرام فيقول: (قال الإِمام أحمد في رواية إسماعيل بن سعيد. وقد سأله عن الحيلة في إبطال الشفعة، فقال: لا يجوز شيء من الحيل في ذلك، ولا في إبطال حق مسلم، وقال عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- في هذه الحيل وأشباهها: من يخدع الله يخدعه، والحيلة خديعة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحل الخديعة لمسلم" والله تعالى ذم المخادعين والمتحيل مخادع لأن الشفعة شرعت لدفع الضرر، ولو شرع التحيل لإبطالها لكان عودًا على مقصود الشريعة بالإبطال وللحق الضرر الذي قصد إبطاله). (¬5) في ط قو. (¬6) في النجديات، د، س، ط الطلب. (¬7) في ب في الوقف. (¬8) في ب، جـ عموا. (¬9) في ب، د بعدم.

شقصين في أرضين من قد اشترى ... في صفقة (¬1) فللشفيع (¬2) ما يرى فواحد إن شا بقسط يأخذ ... وآخر لمشتريه (¬3) بنبذ أي: لو اشترى شقصين في أرضين صفقة واحدة من واحد فللشفيع أخذهما معًا كما هو معلوم وله أخذ أحدهما وترك الآخر للمشتري .. قال الحارثي: وهو نص الشافعي وقول زفر (¬4). وقال أبو حنيفة ومالك والشافعية (¬5) في وجه: إما إن يأخذ الشقصين (¬6) أو يترك فإن أراد أحدهما (¬7) فقط سقطت الشفعة فيهما لترك (¬8) البعض مع إمكان أخذ الكل واتحاد الصفقة (¬9). ولنا: أنه يستحق كل واحد منهما بسبب غير الآخر فجرى مجرى الشريكين (¬10)، ولأنه لو جرى مجرى الشقص الواحد لوجب -إذا كانا شريكين فترك أحدهما شفعته- أن يكون للآخر أخذ الكل والأمر بخلافه. ¬

_ (¬1) في جـ صفقته. (¬2) في نظ فالشفيع. (¬3) في جـ لمشتر. (¬4) مغني المحتاج 2/ 306. (¬5) في د، سالشافعي. (¬6) كررت في س أما أن يأخذ الشقصين. (¬7) في أ، ب، د، س أخذهما. (¬8) في ط بترك. (¬9) انظر تحفة الفقهاء 3/ 63 والمدونة 5/ 414 ومغني المحتاج 2/ 306. (¬10) هذه المسألة فيما إذا كان شريكًا في كلا الشقصين أما إذا كان شريكًا في أحدهما وليس شريكًا في الآخر فلا يستحق الشفعة. إلا فيما له فيه شرك ولا يحق له أن يشفع فيما ليس له فيه شرك فضلًا أن يجبر عليها. انظر الشرح الكبير 5/ 501 كشاف القناع 4/ 150.

ومن باب اللقطة وإحياء الموات

ومن باب اللقطة وإحياء الموات قال في القاموس: اللقطة محركة وكحُزْمَة وهُمَزة وثُمَامَة ما التقط انتهى (¬1)، وشرعًا: مال أو مختص (¬2) ضائع أو (ما) في معناه (¬3) لغير حربي (¬4). والأصل فيها (¬5) السنة ومنها حديث زيد بن خالد الجهني قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لقطة الذهب والورق فقال: "اعرف وكاءها وعفاصها (¬6) ثم عرفها سنة فإن لم تعرف فاستنفقها (¬7) ولتكن (¬8) وديعة عندك فإن جاء طالبها يومًا من الدهر فادفعها إليه" وسأله عن ضالة (¬9) الإبل فقال: "مالك ولها؟ معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها" وسأله ¬

_ (¬1) 2/ 383 لكن أول العبارة في القاموس (واللقط محركة). (¬2) مثل له الفقهاء بخمر الخلال وكلب الصيد عند من أجاز التقاطه. انظر حاشية الروض المربع للعنقري 2/ 437 طبع مطبعة السعادة عام 1390. (¬3) أي: في معنى الضائع كالمتروك قصدًا لأمر يقتضيه وما بين القوسين من هـ. (¬4) أما إذا كان المال الضائع لحربي فيملكه واجده. (¬5) في ط منها. (¬6) الوكاء: الخيط الذي تشد به الصرة والكيس وغيرهما. والعفاص: الوعاء الذي تكون فيه النفقة من جلد أو خرقة أو غير ذلك انظر النهاية 5/ 222 - 3/ 263. (¬7) في ط فاستنفعها. (¬8) في النجديات ولتكون وفي ط فتكون. (¬9) في النجديات ظاله.

عن الشاة فقال: "خذها فإنما هي لك أو لإخيك أو للذئب" متفق عليه (¬1)، والموات: قال في القاموس: كغُراب الموت وكسَحَاب ما لا روح فيه، وأرض لا مالك (¬2) لها. والموتان بالتحريك خلاف الحيوان أو (¬3) أرض لم تحي بعد وبالضم موت يقع في الماشية ويفتح. انتهى (¬4). وشرعًا: الأرض المنفكة عن الاختصاصات وملك معصوم، والأصل في إحيائها حديث جابر مرفوعًا: "من أحيى أرضًا ميتة فهي له" قال الترمذيُّ: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ (¬5)، وفي الباب غيره، قال في المغني والشرح: وعامة فقهاء الأمصار على أن الموات يملك بالإحياء وإن اختلفوا في شروطه (¬6). وعندنا الأفضل ترك اللقطة ... وإن يخف عاد عليها (¬7) شططه أي: الأفضل ترك اللقطة وإن خاف عليها (¬8) التلف بتركها، قال أحمد: الأفضل تركها، وروي معنى ذلك عن ابن عباس وابن عمر (¬9)، وبه قال جابر بن زيد والربيع بن خيثم وعطاء. ¬

_ (¬1) البخاري 5/ 58 - 61 ومسلمٌ برقم 1722 وأبو داود برقم 1704 والترمذيُّ برقم 1372، 1373. (¬2) في د، س ملك. (¬3) قبل أو في أعم وفي ب ثم. (¬4) القاموس 1/ 158. (¬5) الترمذيُّ برقم 1379 وأحمدُ 3/ 304، 338. (¬6) المغني 6/ 147 والشرح الكبير 6/ 147. (¬7) في نظ إليه. (¬8) في أ، ب عليه. (¬9) وذكر ابن رشد في بداية المجتهد 2/ 304 أنه مذهب مالك قال: فأما الالتقاط فاختلف العلماء هل هو أفضل أم الترك .... قال مالك وجماعة: بكراهية الالتقاط. وروي عن ابن عمر وابن عباس به. قال أحمد وذلك للأمرين: 1 - أحدهما: ما روى الترمذيُّ برقم 1882 أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "ضالة المؤمن حرق النار". 2 - ولما يخاف من التقصير في القيام بما يجب لها من التعريف وترك التعدي عليها.

وقال (¬1) الشافعي إذا وجدها بمضيعة وأمن نفسه عليها فالأفضل أخذها، وممن رأى أخذها سعيد بن المسيب والحسن بن صالح وأبو حنيفة (¬2) وأخذها أبي بن كعب وسويد بن غفلة (¬3)، وقال مالك: إن كان شيئًا له (¬4) بال يأخذه (¬5) أحب إليَّّ ويعرفه، ولأن فيه حفظ مال المسلم عليه فكان أولى (¬6). ولنا: قول (¬7) ابن عمر وابن عباس ولا يعرف لهما مخالف في الصحابة، ولأنه يعرض (¬8) نفسه لأكل الحرام وتضييع الواجب من تعريفها وأداء الأمانة فيها فكان تركها أولى وأسلم كولاية مال اليتيم. وإن تقف بهيمة بمهلكه (¬9) ... وربها يظنها (¬10) في هلكه (¬11) فآخذ يملك لا بالرد ... نقول (¬12) فرق بينهما والعبد ¬

_ (¬1) سقطت من أ، جـ، هـ، ط. (¬2) مغني المحتاج 2/ 406. وبدائع الصنائع 6/ 200. (¬3) وقد جاء ذلك في حديث رواه البخاري 5/ 56، 57 ومسلمٌ برقم 1723 وأبو داود برقم 1701 والترمذيُّ برقم 1374: عن سويد بن غفلة أنه وجد لقطة فسأل عنها أبي بن كعب فقال أبي: إني وجدت سورة فيها مائة دينار على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "عرفها حولًا" قال: فعرفتها فلم أجد من يعرفها ثم أتيته فقال: "عرفها حولًا" فعرفتها فلم أجد من يعرفها فقال: "احفظ عددها ووعاءها ووكاءها فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها"، فاستمتعت بها فلقيته بعد ذلك بمكة فقال: "لا أدري بثلاثة أحوال أو حول واحد؟ ". (¬4) في ط سأله بال. (¬5) في ط أخذه. (¬6) الكافي لابن عبد البر 2/ 825. (¬7) في النجديات، هـ، ط أنه قول. (¬8) في النجديات، هـ، ط ولا يعرض. (¬9) في د، س بملكه. (¬10) في أيضها وفي ب يظن. (¬11) في د هلله. (¬12) في نظ فقولوا.

يعني: إذا وقفت (¬1) دابة بمهلكة (¬2) وتركها ربها لعجزها أو عجزه عن نفقتها (¬3) ترك إياس ملكها آخذها بذلك، وبه قال الليث والحسن بن صالح وإسحاق إلا أن يكون تركها ليرجع إليها أو ضلت منه. وقال مالك: هي لمالكها ويغرم ما أنفق عليها (¬4). وقال ابن المنذر: هي لمالكها والآخذ متبرع بالنفقة، لأنه أنفق على مال غيره بغير إذنه. ولنا: ما روى الشعبي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من وجد دابة قد (¬5) عجز عنها أهلها فسيبوها فأخذها فأحياها فهي له"، قال عبد الله (¬6) بن حميد بن عبد الرحمن: فقلت يعني: للشعبي: من حدثك بهذا قال: غير واحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (رواه أبو داود (¬7) وفي لفظ عن الشعبي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬8) أنه قال: "من ترك دابة بمهلكة فأحياها رجل فهي لمن أحياها"، ولأن في الحكم بملكها (¬9) إحياءً لها وإنقاذًا من الهلاك ومحافظة على حرمة الحيوان. فأما إن ترك عبدًا لم يملكه آخذه؛ لأنه في العادة (¬10) يمكنه ¬

_ (¬1) في أ، ب وقف. (¬2) في جـ، د س بملكه. (¬3) في ب نفقها. (¬4) انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 838 - 839. (¬5) في د، س و. (¬6) في سنن أبي داود عبيد الله بن حميد. (¬7) عند أبي داود برقم 3524 و3525 ورواه البيهقي 6/ 198وقال فيه: وهذا حديث مختلف في رفعه وهو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - منقطع، وتعقبه ابن التركماني بأن مثل هذا ليس بمنقطع وأن الصحابة كلهم عدول. انظر إرواء الغليل 6/ 16. (¬8) ما بين القوسين سقط من أ، جـ، ط. (¬9) في ب، جـ يملكها. (¬10) في ط المادة.

التخلص إلى الأماكن التي يعيش بها بخلاف البهيمة، وكذا إن ترك متاعًا فخلصه إنسان لم يملكه؛ لأنه لا حرمة له في نفسه ولا يخشى عليه التلف كالخشية على الحيوان، وما يلقى في البحر عند الخوف والغرق يملك بأخذه كالمنبوذ رغبة عنه، واختار جمع لا يملكه آخذه. ملتقط (¬1) الأثمان مد عرفها ... حولًا فقهرًا ذو الغنى يملكها أي: إذا عرف الملتقط الأثمان حولًا ملكها -وإن كان غنيًا قهرًا، وروي نحو ذلك عن (¬2) عمر وابن مسعود وعائشة (¬3). وقال مالك والحسن بن صالح والثوري وأصحاب الرأي: يتصدق بها وإذا جاءه (¬4) صاحبها (¬5) خُيَّر بين الأجر والغرم، قالوا (¬6): وليس له أن يتملكها إلا أن أبا حنيفة قال: له ذلك إن كان فقيرًا من غير ذوي القربى (¬7). واختلف أصحاب الشافعي فمنهم من قال كقولنا ومنهم من قال: ¬

_ (¬1) في نظ وملتقط. (¬2) سقطت من أ، جـ هـ ط. (¬3) وهذا الملك يزول بمجيء صاحبها ويضمن له بدلها إن تعذر ردها، والظاهر أنه يملكها بغير عوض يثبت في ذمته وإنما يتجدد وجوب العوض بمجيء صاحبها كما يتجدد زوال الملك عنها بمجيئه. وبتملك اللقطة بعد الحول قال ابن حزم في المحلي 8/ 257 واختاره شيخ الإِسلام في الفتاوى 29/ 262 ولا يدخل في ذلك لقطة الحاج فإنها لا تملك بحال ويجب تعريفها أبدًا. (¬4) في جـ، ط والأزهريات، ط جاء. (¬5) في هـ صبها. (¬6) في جـ، هـ، ط قال. (¬7) الكافي لابن عبد البر 2/ 835 - 836 وبدائع الصنائع 2/ 206، وذكر ابن رشد في بداية المجتهد 2/ 306 عن مالك والشافعيُّ أن للغني أن يأكل اللقطة أو ينفقها بعد الحول .. ويضمنها متى ما جاء ربها إن لم يجزه.

يملكها بالنية، ومنهم من قال: يملكها بقوله اخترت ملكها، ومنهم من قال: لا يملكها إلا بقوله والتصرف فيها (¬1). ولنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث زيد بن خالد: "فإن (¬2) لم تعرف فاستنفقها" (¬3) وفي لفظ: "وإلا فهي كسبيل (¬4) مالك" وفي لفظ: "ثم كلها" وفي لفظ: "فانتفع بها" وفي لفظ: "فشأنك بها" (¬5) وفي حديث أبي بن كعب: "فاستنفقها" (¬6) وفي لفظ: "فاستمتع بها" وهو (¬7) حديث صحيح (¬8) وهذه الألفاظ كلها تدل على الملك، ولأن الالتقاط والتعريف سبب للتملك (¬9) فإذا تم وجب أن يثبت به الملك حكمًا كالإحياء والاصطياد، ولأنه سبب (¬10) يملك به فلم يقف الملك بعده على قوله واختياره، ولم يفرق فيه (¬11) بين الغني والفقير. وحكم العروض كالأثمان على الصحيح من المذهب. ¬

_ (¬1) مغني المحتاج 2/ 410 (¬2) في جـ، ط وإن. (¬3) في ط فاستنفعها. (¬4) في بكسلير. (¬5) أما اللفظ الأول (فاستنفقها) فقد سبق تخريجه أول الباب؛ وأما اللفظ الثاني: (وإلا فهي كسبيل مالك) فهو عند مسلم برقم 1723 من حديث أبي بن كعب الذي رواه عنه سويد بن غفلة وقد سبق، وأما اللفظ الثالث (ثم كلها) فهو عند الشيخين من حديث زيد السابق، وأما اللفظ الرابع (فانتفع بها) فلم أجده بل عند الشيخين فاستنفق بها وأما اللفظ الخامس (فشأنك بها) فهو عند الشيخين من حديث زيد السابق. انظر حديث زيد بجميع رواياته في جامع الأصول 10/ 699 - 701. (¬6) في ط فاستنفعها. (¬7) في ب، جـ ط وهي. (¬8) وأما حديث أبي فقد سبق تخريجه بلفظ فاستمتع بها؛ وأما بلفظ فاستنفقها فلم أجدها ولم يذكرها الألباني في روايات الحديث في إرواء الغليل 6/ 19 - 20 وهي في المغني 6/ 327. (¬9) في النجديات، ط التملك. (¬10) سقطت من هـ. (¬11) في النجديات، هـ، ط به.

وقال أكثر أصحابنا: لا يملك العروض بالتعريف، وقال القاضي: نص عليه أحمد في رواية الجماعة. والشاة في الحال ولو في العصر (¬1) ... تملك بالضمان إن لم يبر يعني: إذا التقط شاة ونحوها مما لا يمتنع من صغار السباع خير بين أكلها وعليه قيمتها إذا جاء ربها إن لم يبره من الضمان، وبين بيعها وحفظ ثمنها، وبين حفظها مع الإنفاق عليها (¬2)، وسواء كان في الحضر أو الصحراء. وقال مالك وأبو عبيد وابن المنذر وأصحاب الشافعي: ليس له أكلها في المصر، لأنه يمكنه بيعها بخلاف الصحراء (¬3). ولنا: قوله -عليه السلام-: "هي لك أو لأخيك أو للذئب" جعلها له في الحال وسوى بينه وبين الذئب (¬4) والذئب لا يؤخر أكلها في الحال. وقال مالك: كلها ولا غرم عليك لصاحبها ولا تعريف (¬5) لظاهر الخبر (¬6)، قال ابن عبد البر: لم يوافق مالكًا أحد من العلماء على قوله (¬7)، ¬

_ (¬1) في ب، جـ، والأزهريات الحضر. (¬2) أي: إذا استوت هذه الثلاثة خير بينها، أما إذا كان أحدها أحظ للمالك فإنه يلزمه فعله .. وذكر كثير من الحنابلة عن الإِمام أحمد رواية واحدة أنه لا يجوز للملتقط أن يتصرف قبل الحول في شاة ونحوها بأكل ولا نحوه بل لا بد من تعريفه حولًا كاملًا قبل التصرف فيها. وأفتى أبو الخطاب وابن الزاغوني بأكلها إذ كانت بمضيعة وإلا لم يجز تعجيل ذبحها لأنها ستطلب. انظر الإنصاف 6/ 407 - 408. (¬3) انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 839 ومغني المحتاج 2/ 410. (¬4) سقطت من ب، جـ، هـ، ط. (¬5) انظر شرح الزرقاني على الموطأ 4/ 52 والكافي لابن عبد البر 2/ 839. (¬6) في حديث زيد بن خالد الجهني وقد سبق تخريجه. (¬7) انظر التمهيد 1253 - 126 وقوله لم يوافق مالك أحد على قوله نقله ابن عبد البر من كلام أبي جعفر الأزدي الطحاوي.

وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث عبد الله بن عمر: "ورد على أخيك ضالته" (¬1)، دليل على أن الشاة على ملك صاحبها وكغيرها مما تتبعه الهمة وما جاز أكله في الصحراء جاز أكله في المصر كسائر المأكولات. بحفر بئر في موات يملك ... حريمها (¬2) معها بذرع (¬3) يسلك فخمسة تملك والعشرونا ... وإن تكن عادية خمسونا يعني: إذا حفر بئرًا في موات للتملك ووصل ماءها ملكها وملك حريمها وهو خمسة وعشرون ذراعًا إن لم تكن عادية، وخمسون ذراعًا إن كانت عادية من كل جانب فيها. والعادية بتشديد الياء: القديمة منسوبة إلى عاد ولم يرد (¬4) عادا بعينها لكن لما كانت عاد في الزمن الأول ولها آثار في الأرض نسب إليها كل قديم. وقال أبو حنيفة: حريم البئر أربعون ذراعًا: وحريم العين خمسمائة ذراع (¬5) لحديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "حريم البئر أربعون ذراعًا (¬6) لأعطان الإبل والغنم" (¬7) وعن الشعبي مثله رواه أبو (¬8) عبيد (¬9). ولنا: ما روى الدارقطني والخلال (¬10) بإسنادهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ¬

_ (¬1) لم أجده بهذا اللفظ وهو في أبي داود برقم 1713 عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في ضالة الشاة: فاجمعها حتى يأتيها باغيها. (¬2) في أ، جـ حرمها وحريم البئر: هو الموضع المحيط بها الذي يلقى فيه ترابها وقد حدده الحديث. انظر النهاية 1/ 375. (¬3) في نظ نزرع وفي د برزع وفي س برزرع فيسلك. (¬4) سقط من جـ، ط (ولم يرد عاد) وفي ب ترد. (¬5) ما بين القوسين من ب ملحقة بالهامش. (¬6) ما بين القوسين سقطت من جـ، ط. (¬7) مسند أحمد 2/ 494. (¬8) في ط عبيدة وانظر كتاب الأموال ص 291. (¬9) انظر الهداية مع التكملة 10/ 73، 74 وبدائع الصنائع 6/ 195. (¬10) سنن الدارقطني 4/ 220 وفيه الحسن بن أبي جعفر قال الزيلعيُّ: ضعيف، وقال الدارقطنيُّ الصحيح عن ابن المسيب مرسل ومن أسنده فقد وهم: نصب الراية 4/ 292 - 293.

قال: "حريم البئر البدي خمسة وعشرون ذراعًا وحريم البئر العادي خمسون ذراعًا وهذا نص، وروى أبو عبيد بإسناده عن يحيى بن سعيد (¬1) الأنصاري أنه قال: (السنة في حريم البئر العادي خمسون ذراعًا والبدي خمسة (¬2) وعشرون ذراعًا من نواحيها كلها وحريم بئر (¬3) الزرع ثلاثمائة ذراع من نواحيها كلها وحريم البئر العادية خمسون ذراعًا من نواحيها كلها) (¬4)، وقال في الشرح (¬5): فأما حديث أبي حنيفة فحديثنا أصح منه وراويهما أبو (¬6) هريرة فيدل (¬7) على ضعفه (¬8). ¬

_ (¬1) في د، س سعد. (¬2) في د، س، هـ خمس. (¬3) في أ، جـ، ط البئر. (¬4) خلط المؤلف هنا بين أثرين أحدهما: عن يحيى بن سعيد الأنصاري والثاني: عن سعيد بن المسيب وأدخل أحدهما في الآخر وإليكهما مرتبين روى أبو عبيد ص 292 بإسناده عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه قال: السنة في حريم القليب العادي خمسون ذراعًا والبدي خمس وعشرون ذرعًا وبإسناده عن سعيد بن المسيب قال: حريم البئر البدي خمس وعشرون ذراعًا من نواحيها كلها وحريم بئر الزرع ثلاثمائة ذراع من نواحيها كلها وحريم البئر العادية خمسون ذراعًا من نواحيها كلها. انظر الشرح الكبير 6/ 163 - 164. (¬5) 6/ 164. (¬6) في ب، جـ أبي. (¬7) ليست في جـ، ط وهي في أ، ب هـ فيه. (¬8) في أ، جـ، هـ، ط ضعف وتفيد هذه العبارة الحكم بتقديم المذهب حيث إن دليل المذهبين من رواية أبي هريرة ودليل المذهب الحنبلي أصح فيقدم لأنه أرجح وكون راويهما واحد وأحدهما أصح دليل على ضعف مقابله وهو دليل المذهب الثاني هذا هو معنى العبارة.

ومن باب الوقف

ومن باب الوقف وهو مصدر وقف وأما أوقف فلغة قليلة، وهو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة (¬1)، وهو ثابت بالسنة فمنها حديث عمر: أنه أصاب أرضًا بخيبر فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأمره فيها فقال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "إني أصبت مالًا بخيبر (¬2) لم أصب مالًا قط هو أنفس عندي منه فما تأمرني فيه؟ فقال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها غير أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع (¬3) ولا يوهب ولا يورث"، قال ابن عمر: فتصدق بها عمر في الفقراء وذوي (¬4) القربى والرقاب (¬5) وابن السبيل والضيف (¬6) لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقًا غير متأثل فيه أو متمول فيه (¬7)، متفق (¬8) عليه قال جابر: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذا مقدرة إلا وقف (¬9). ¬

_ (¬1) هذا هو تعريف الوقف الاصطلاح الشرعي. (¬2) في جـ، ط ولم. (¬3) سقط من د. س ولا يبتاع. (¬4) في جـ، د، س وذي. (¬5) قال الراغب في المفردات؛ وفي الرقاب: (أي: المكاتبين منهم فهم الذين تدفع إليهم الزكاة). أ. هـ. ويرى كثير من المفسرين أنها تشمل شراء الرقاب المؤمنة وإعتاقها كما تشمل المكاتبين. انظر تفسير ابن كثير 2/ 365 وفتح القدير للشوكاني 2/ 373. (¬6) في ط والضعيف. (¬7) متأثل: أي: جامع مالًا، ومتمول من تمول الرجل إذا صار ذا مال والمقصود من اللفظين أن لا يتخذ من مال الوقف ما لا يتجر فيه بل يأكل ما احتاجه فقط. انظر النهاية 1/ 23، 4/ 373. (¬8) البخاري 5/ 263 ومسلمٌ برقم 16 أبو داود برقم 2878 والترمذيُّ برقم 1365 والنسائيُّ 6/ 230 - 231. (¬9) لم أجد هذا الأثر في شيء من كتب الحديث والأثر وهو في المغني 6/ 185.

والملك في الوقف فقل: ينتقل ... إلى من الوقف عليه جعلوا (¬1) يعني: إذا وقف على معين كولده أو ولد زيد انتقل الملك في الموقوف للموقوف عليه، قال أحمد: إذا وقف داره على ولد أخيه صارت لهم (¬2). وقال أبو حنيفة: لا ينتقل الملك في الوقف اللازم إليه بل يكون حقًا لله تعالى كالعتق، لأنه أزال ملكه عن العين والمنفعة على وجه القربة (¬3). ولنا: أنه سبب يزيل ملك الواقف وحده إلى من يصح تمليكه على وجه لم يخرج المال عن ماليته فوجب أن ينتقل الملك إليه كالبيع والهبة، ولأنه لو كان تمليك (¬4) المنفعة المجردة لم يلزم كالعارية (¬5)، ولم يزل ملك الواقف عنه كالعارية، ويفارق العتق فإنه أخرجه عن المالية، وامتناع التصرف في الرقبة لا يمنع الملك كأم الولد. والوقف إن يستثن منه الواقف ... نفقة (¬6) عليه لا تواقف (¬7) ¬

_ (¬1) في جـ، ط (انتقل الملك في الموقوف عليه). (¬2) وهو قول في مذهب الشافعي قال في المنهاج 2/ 389: (الأظهر أن الملك في رقبة الموقوف ينتقل إلى الله تعالى أي ينفك عن اختصاص الآدمي فلا يكون للواقف ولا للموقوف عليه)، وذكر في شرحه مغني المحتاج أن قوله: فلا يكون للواقف ولا للموقوف عليه، إشارة إلى القولين الآخرين، ووجه بقاء الملك للواقف أنه حبس الأصل وسبل الثمرة وذلك لا يوجب زوال ملكه، ووجه الثالث الإلحاق بالصدقة. (¬3) بدائع الصنائع 6/ 220 - 221. (¬4) في ب، جـ، ط تملك. (¬5) في ب العارية بدون كاف التشبيه. (¬6) في النجديات، د نفقته. (¬7) في النجديات لا يوافق وفيه اختلاف القافية وفي نظ، س يواقف .. معنى (لا تواقف) أي: لا تقف ضده في الخصومة، لأن دليله قوي وسيغلبك قال في القاموس 2/ 206 والوقات والمواقفة أن تقف معه ويقف معك في حرب أو خصومة وتواقفًا في المجال وواقفته على كذا واستوقفته سألته الوقوف.

أي: إذا استثنى الواقف النفقة على نفسه فالوقف والاستثناء صحيح نص عليه، قال الأثرم: قيل لأبي عبد الله: اشترط في الوقف (¬1) أني أنفق على نفسي وأهلي قال: نعم: واحتج قال: سمعت ابن عيينة عن ابن طاووس عن أبيه عن حجر المدري (¬2) أن في صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أن يأكل منها أهله بالمعروف غير المنكر (¬3)) وبذلك قال ابن أبي ليلى وابن شبرمه وأبو يوسف والزهري (¬4) وابن (¬5) شريح (¬6). وقال مالك والشافعيُّ ومحمَّد بن الحسن: لا يصح الوقف، لأنه أزال (¬7) الملك فلم يجز اشتراط نفعه (¬8) لنفسه كالبيع والهبة، وكما لو أعتق عبدًا واشترط أن يخدمه (¬9). ولنا: الخبر الذي احتج به الإِمام وأن (¬10) عمر لما وقف قال: (لا بأس على من وليها أن يأكل منها أو يطعم صديقًا غير متمول فيه) (¬11) وكان ¬

_ (¬1) في ط، س اشترط الواقف. (¬2) في جـ المذزي وفي ط المذري. (¬3) رواه ابن أبي شيبة وسكت عليه الزيلعيُّ في نصب الراية 3/ 479. (¬4) كذا في جميع النسخ والذي في المغني 6/ 193 أو الشرح 6/ 195 ونيل الأوطار 6/ 28 الزبيري. (¬5) كذا في جميع النسخ وفي المغني 6/ 193 أو الشرح الكبير 6/ 195، والذي يظهر لي أنه ابن سريج أحد علماء المذهب الشافعي وهو ممّن يقول بهذا الرأي. انظر نيل الأوطار 6/ 28. (¬6) ورجح ذلك الكمال بن الهمام قال في كتابه فتح القدير 6/ 228: (وقد ترجح قول أبي يوسف قال الصدر الشهيد: والفتوى على قول أبي يوسف ونحن أيضًا نفتي به ترغيبًا للناس في الوقف واختاره مشايخ بلخ وكذا ظاهر الهداية) واختاره شيخ الإِسلام ابن تيمية فإنه أجاز أن يقف الشخص على نفسه .. انظر الاختيارات صـ170. (¬7) في ب إزالة للملك. (¬8) في النجديات، هـ، ط نفقة نفسه. (¬9) الكافي لابن عبد البر 2/ 1017 أو مغني المحتاج 2/ 390 وفتح القدير 6/ 225 - 226. (¬10) في ب، جـ، ط وابن. (¬11) سبق تخريجه أول الباب.

الوقف في يده إلى أن مات (¬1)، ولأنه إذا وقف وقفًا عامًا كالمساجد والسقايات والمقابر كان له الانتفاع به فكذلك ها هنا. ولا فرق بين أن يشترط لنفسه الانتفاع به مدة حياته أو مدة معينة معلومة، وسواء قدر ما يأكل منه أو أطلقه، فإن عمر لم يقدر ما يأكل الوالي ويطعم إلا بقوله بالمعروف، وإذا اشترطه مدة معينة ومات في أثنائها انتقل ما بقي من المدة لورثته كالبيع. وبالخراب إن زال الانتفاع ... وقيل أو معظمه يباع بشرط (¬2) أن لا يرتجى التعمير ... ويشتري بالثمن النظير (¬3) يعني: إذا تعطلت منافع الوقف بالكلية كدار انهدمت أو أرض خربت (¬4) وعادت مواتًا لا يمكن (¬5) عمارتها أو مسجد انتقل أهل القرية (¬6) عنه وصار لا يصلى (¬7) فيه أو ضاق بأهله ولم يمكن توسعته في موضعه ولم يمكن الانتفاع بشيء منه بيع جميعه واشتري بثمنه مثله .. نص عليه (¬8) .. ¬

_ (¬1) رواه أبو داود برقم 2879 وذلك مستفاد من نص وقف عمر فإنه قال: (بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به عبد الله عمر أمير المؤمنين إن حدث به حدث أن ثمغًا وصرمة ابن الأكوع والعبد الذي فيه والمائة سهم التي بخيبر ورقيقه الذي فيه والمائة وسق التي أطعمه محمَّد - صلى الله عليه وسلم - بالوادي تليه حفصة ما عاشت ثم يليه ذو الرأي من أهلها) الأثر، فعمر لم يجعله إلى حفصة إلا إذا حدث به حدث الموت. (¬2) في ب بشرطان لا يرتجي. (¬3) في نظ التعميرا والنظيرا بالنصب. (¬4) في أخرمت. (¬5) في النجديات، هـ، ط تمكن. (¬6) في د، س قريه. (¬7) في د، س في موضع لا يصلي فيه. (¬8) وهو رواية عن الإِمام مالك قال في حلي المعاصم المطبوع في هامش البهجة 8/ 23: (وأما الأصل فالمشهور لا يجوز بيعه وإن خرب قال ابن الجهم: لأنه يوجد من يصلحه بإجارته سنين فيعود كما كان، قال ابن رشد: وفيها لربيعة أن للإمام بيع الربع إذا رأى ذلك لخرابه وهي إحدى روايتي أبي الفرج عن مالك). وقال بهذا طائفة من المالكيين كما ذكر ابن عبد البر في الكافي 2/ 1020. وقال به أبو يوسف من الحنفية =

وقال رواية صالح: يحول (¬1) المسجد خوفًا من (¬2) اللصوص، وإذا كان موضعه قذرًا، قال القاضي: إذا كان ذلك يمنع الصلاة فيه. وقال محمَّد بن الحسن: إذا خرب المسجد أو الوقف عاد إلى ملك واقفه، لأن الوقف إنما هو تسبيل (¬3) المنفعة فإذا زالت منفعته زال حق الموقوف عليه منه (¬4)، وقال مالك والشافعيُّ: لا يجوز بيع شيء من ذلك لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يباع أصلها ولا يبتاع (¬5) ولا توهب ولا تورث" (¬6)، ولأن ما لا يجوز بيعه مع بقاء منافعه لا يجوز بيعه مع تعطلها (¬7) كالعتق (¬8). ولنا: ما روي أن عمر كتب إلى سعد لما بلغه أنه قد نقب بيت المال الذي بالكوفة: أن انقل (¬9) المسجد الذي بالتمارين واجعل بيت المال في قبلة المسجد فإنه لن يزال في المسجد مصل (¬10)، وكان هذا بمشهد من الصحابة ولم يظهر خلافه فكان إجماعًا، ولأن فيما ذكرناه استبقاء الوقف بمعناه عند تعذر إبقائه بصورته فوجب ذلك كما لو استولد الجارية الموقوفة أو قتلها هو أو غيره قال ابن عقيل: الوقف مؤبد فإن (¬11) لم يمكن تأبيده ¬

_ = قال في الإسعاف 77: (ولو خرب المسجد وما حوله وتفرق الناس عنه لا يعود إلى ملك الواقف عند أبي يوسف فيباع نقضه بإذن القاضي ويصرف ثمنه إلى بعض المساجد). (¬1) في أ، جـ، ط نحول. (¬2) سقطت من د. (¬3) في د، س سبيل. (¬4) شرح فتح القدير 6/ 318. (¬5) في أ، جـ، ط تبتاع. (¬6) سبق تخريجه أول الباب ولفظه هناك (ولا يوهب ولا يورث). (¬7) في د كالعتيق. (¬8) الكافي لابن عبد البر 2/ 1020 أو الفواكه الدواني 2/ 180 ومغني المحتاج 2/ 392. (¬9) في د أقفل. (¬10) بحثت عنه كثيرًا فلم أجده في شيء من كتب الآثار الموجودة في المكاتب العامة وقد وجدته في تاريخ الطبري 4/ 192 وهو في المغني 6/ 226. (¬11) في النجديات، هـ، ط فإذا.

على وجه تخصيصه استبقينا الغرض وهو الانتفاع على الدوام في عين (¬1) أخرى، واتصال (¬2) الأبدال جرى مجرى الأعيان (¬3)، وجمودنا (¬4) على العين مع تعطلها (¬5) تضييع للغرض، ويقرب هذا من الهدي إذا عطب فإنه يذبح في الحال وإن كان يختص بموضع فلما تعذر الغرض بالكلية استوفي منه ما أمكن وترك مراعات المحل الخاص عند تعذره، لأن مراعاته مع (¬6) تعذره تفضي (¬7) إلى فوات الانتفاع بالكلية وهكذا الوقف المعطل المنافع، فإن لم تتعطل منافعه لم يجز بيعه للأخبار، لكن قيل إذا تعذر معظم منافعه جاز بيعه تنزيلًا للمعظم منزلة الكل (¬8)، وله نظائر. على ذوي إرث فمن (¬9) قد وقفا ... في مرض الموت إذا الثلث وفا يصح ذا وليس كالإيصاء (¬10) ... أجيز أو رد (¬11) على السواء (¬12) يعني: إذا وقف شيئًا على ورثته في مرض موته المخوف أو على بعضهم صح ولم يكن بمنزلة الوصية فلا يتوقف على إجازة الورثة بل ينفذ سواء أجازوه أو ردوه لما روى ابن عمر (¬13) أن عمر (¬14) كتب في وصيته: ¬

_ (¬1) في أ، ب غير. (¬2) في جـ والاتصال وفي ط ولا تصال. (¬3) في د الأحيان. (¬4) في أ، جـ، ط وحمونا. (¬5) في د، س تعطيلها. (¬6) في د، س عند. (¬7) في ب، جـ، د يفضي. (¬8) واختار هذا شيخ الإِسلام ابن تيمية في فتاواه 31/ 252 - 266 - 267 وتلميذه ابن القيم وغيرهما من محققي المذهب الحنبلي. انظر مطالب أولي النهي 4/ 366 - 369. (¬9) في د بمن. (¬10) في جـ كالأنصبا. (¬11) في نظ أجيز ورد. (¬12) في جـ السوا. (¬13) ما بين القوسين من جـ، ط. (¬14) سقط من ب أن عمر.

(بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصي به عبد الله عمر أمير المؤمنين إن حدث به حدث الموت أن ثمغًا وصرمة (¬1) ابن الأكوع والعبد الذي فيه والمائة سهم التي له (¬2) بخيبر ورقيقه الذي فيه والمائة وسق الذي أطعمه محمَّد - صلى الله عليه وسلم - بالوادي تليه حفصة ما عاشت ثم يليه ذوو (¬3) الرأي: من أهلها لا يباع ولا يشترى ينفقه (¬4) حيث يرى من السائل والمحروم وذوي القربى لا حرج على من وليه إن أكل أو اشترى رقيقًا منه) رواه أبو داود (¬5) وفيه دليل على تخصيص حفصة بالأكل (¬6) دون إخوتها (¬7) قال أحمد: الوقف غير الوصية؛ لأنه لا يباع ولا يورث ولا يصير ملكًا للورثة بل ينتفعون بغلته، وذهب الشافعي وجمع إلى عدم جوازه كالعطية (¬8). ¬

_ (¬1) قال في النهاية 1/ 222: ثمغ وصرمة ابن الأكوع مالان معروفان بالمدينة كانا لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فوقفهما. (¬2) سقط من ب والأزهريات لفظ له. (*) في جـ، ط الراد. (¬3) في النجديات الأزهريات ذوي. (¬4) في د بنفقة. (¬5) أبو داود برقم 2879. (¬6) ما بين القوسين من ب. (¬7) في د، س دون اختها وأخواتها وفي هـ دون أخواتها. (¬8) وهو رواية عن أحمد اختارها أبو حفص العكبري وابن عقيل ونصرها في المغني وذلك لأنه تخصيص لبعض الورثة بماله في مرضه فمنع منه كالهبات، ولأن كل من لا تجوز له الوصية بالعين لا تجوز له بالمنفعة كالأجنبي فيما زاد على الثلث. وأما خبر عمر فإنه لم يخص بعض الورثة بوقفه وإنما جعل الولاية لحفصة وليس ذلك وقفًا عليها فلا يكون ذلك واردًا على محل النزاع. انظر المغني 6/ 22 - 223 والكافي لابن عبد البر 2/ 1051 ومغني المحتاج 3/ 43.

ومن باب الهبة

ومن باب الهبة مصدر وهب يهب وهي تمليك في الحياة بغير عوض قال - صلى الله عليه وسلم -: "تهادوا تحابوا" رواه أبو يعلى (¬1). عطية الأولاد جا (¬2) في الأثر ... للأنثيين مثل حظ (¬3) الذكر وبينهم فيحرم التفضيل ... وليس يمضي إذ به يميل (¬4) يعني: إذا أعطى أولاده أعطاهم على قدر ميراثهم منه فيعطي الذكر مثل حظ الأنثيين، ويحرم التفضيل والتخصيص، فإن فعل وجب عليه التسوية إما برد ما فضل به البعض أو إعطاء الآخر حتى يستووا (¬5). قال طاووس: لا يجوز ذلك ولا رغيف محترق، وبه قال ابن المبارك (¬6) وروي ¬

_ (¬1) أخرجه البخاريُّ في الأدب المفرد 2/ 50 والبيهقيُّ 6/ 169 من طرق عن ضمام بن إسماعيل قال: (سمعت موسى بن وردان عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -). الحديث وحسن الحافظ في التلخيص 2/ 70 إسناده. وكذلك في بلوغ المرام 3/ 137. (¬2) في أ، ب، ط جازت وفي هـ جايز. (¬3) في أ، ط حصة. (¬4) في نظ وليس يمضي ما به يميل. (¬5) ما بين القوسين من ب. (¬6) وممن يرى وجوب التسوية في الهبة بين الأولاد الثوري وإسحاق وبه صرح البخاري واختاره الصنعاني في سبل السلام 3/ 130 وانظر فتح الباري 5/ 155 - 157. ويرى ابن حزم وجوب العدل في الهبة للأولاد وإبطال كل هبة فيها جور وردها لكنه رحمه الله يرى وجوب التسوية بين الذكر والأنثى فيها. انظر المحلى 9/ 142 - 144.

معناه عن مجاهد وعروة، وكان الحسن يكرهه (¬1) ويجيزه في القضاء. وقال مالك والليث والثوري والشافعيُّ وأصحاب الرأي: يجوز ذلك، لأن أبا بكر نحل عائشة ابنته جذاذ عشرين وسقًا دون سائر (¬2) ولده (¬3) واحتج الشافعي بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث النعمان بن بشير: "أشهد على هذا غيري" (¬4) أمره (¬5) بتأكيدها دون الرجوع فيها، ولأنها عطية تلزم بموت الأب فكانت جائزة كما لو سوى بينهم (¬6). ولنا: ما روى النعمان بن بشير قال: تصدق علي (¬7) أبي ببعض ماله فقالت أمي عمرة (¬8) بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد عليها (¬9) رسول الله فجاء أبي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليشهده (¬10) على صدقتي فقال: (أكُلَّ ولدك أعطيت مثله؟ " قال: لا. قال: "فاتقوا الله واعدلوا في أولادكم" قال: فرجع أبي فرد (¬11) تلك الصدقة، وفي لفظ قال: "فاردده"، وفي لفظ: "فارجعه"، وفي لفظ: "لا تشهدني على جور"، وفي لفظ: "أشهد على هذا غيري"، وفي لفظ: "سوِّ (¬12) بينهم" متفق عليه (¬13)، وهو ¬

_ (¬1) في جـ يكرمه. (¬2) سقط من ط لفظ سائر. (¬3) رواه مالك في الموطأ 4/ 44 والبيهقيُّ 6/ 170، 178. (¬4) رواه مسلم برقم 1623 وأبو داود برقم 3542. (¬5) في د امرأة. (¬6) انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 1003 ومغني المحتاج 2/ 401 وعمدة القاري 13/ 146 وفيها ذكر العيني عن أبي يوسف أنه تجب التسوية إن قصد بالتفضيل الإضرار. (¬7) في ط على. (¬8) سقطت من ب، جـ، هـ ط. (¬9) في أ، جـ، ط علينا. (¬10) في أ، جـ، ط ليشه، وفي د، س يشهده. (¬11) ب، جـ، ط من. (¬12) في النجديات سوى. (¬13) روى البخاري في 5/ 156 - 157 لفظي: "فأرجعه" ولفظ: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم". وروى في 5/ 190 لفظ: "لا تشهدني على جور"، وروى مسلم هذه الألفاظ الثلاثة؛ وروى أيضًا لفظ: فاردده؛ ولفظ: "فأشهد على هذا غيري" وذلك برقم 1623 ولم أجد لفظ: "سوِّ بينهم" في مسلم وإنما فيه: "قاربوا بين أولادكم" ومعناه التسوية.

دليل على التحريم، لأنه سماه جورًا (¬1) وأمره برده وامتنع من الشهادة عليه ولأن تفضيل بعضهم يورث بينهم العداوة وقطيعة الرحم فمنع منه كتزويج المرأة على عمتها. وقول أبي بكر يحتمل أنه خصها لعجزها عن الكسب ونحوه أو عازمًا على التسوية بعد. وقوله -عليه السلام-: "أشهد على هذا غيري"، ليس بأمر (¬2)، لأن (¬3) أدنى أحواله الاستحباب ولا خلاف في كراهة هذا وكيف يأمره بتأكيده مع أمره برده وتسميته جورًا (¬4)، ولو كان أمرًا لامتثله بشير ولم يرده وإنما هو تهديد فيفيد (¬5) ما أفاده النهي عن إتمامه. وقول الناظم: وليس يمضي (¬6) إذ به يميل (¬7)، أي: ليس تفضيل الأب لبعض أولاده ماضيًا، لأنه ميل فيرجع فيه ما دام حيًّا وإن مات قبله فللباقين الرجوع اختاره أبو عبد الله ابن بطة وأبو حفص العكبري وهو قول عروة بن الزبير وإسحاق. والتصحيح من المذهب أنه إن مات قبل الرجوع والتسوية ثبتت العطية للآخذ (¬8) فلا رجوع للباقين عليه (¬9) نص عليه، وهو قول مالك والشافعيُّ وأصحاب الرأي: وأكثر أهل العلم لقول أبي بكر لعائشة لما نحلها نحلًا وددت أنك كنت حزتيه (¬10) فيدل على أنها لو كانت حازته لم يكن لهم ¬

_ (¬1) في النجديات جوارًا. (¬2) بياض في ط، جـ. (¬3) في النجديات، هـ، ط لأنه. (¬4) في النجديات، جوارًا. (¬5) في النجديات، ط فينفى. (¬6) في الأزهريات بعد كلمة يمضي .. الخ. (¬7) في أ، ب تميل. (¬8) في ب للأخذ. (¬9) سقطت من د. (¬10) الموطأ 4/ 44 والبيهقيُّ 6/ 170، 178.

الرجوع، ولأنها عطية لولده فلزمت بالموت كما لو انفرد (¬1). وسائر الورّاث كالأولاد ... في ذاك بالعدل وبالسداد يعني: أن سائر الورثة (¬2) من الأقارب كالإخوة والأعمام وبنيهم والأم والجدة ونحوهم (¬3) حكمهم في التخصيص (¬4) والتفضيل في العطية كالأولاد بجامع القرابة فعليه أن يسوي بينهم على قدر ميراثهم منه سواء كانوا (¬5) من جهة واحدة أو من جهات فإن خالف فعليه أن يعطي الباقي حتى يستووا أو يرجع إن كانت قبل القبض، لأنهم في معنى الأولاد فثبت فيهم حكمهم، فإن مات قبل ذلك استقرت (¬6) للآخذ على الصحيح كما تقدم في الأولاد، وهذا بخلاف من يرث بنكاح أو ولاء، فلا يجب التعديل بينهم في العطية، لأنهم غير منصوص عليهم ولا هم في معنى المنصوص عليه. من مال ولد جاز أخذ الوالد ... بقدر ما يحتاج أو بالزائد إلا إذا ما حصل الإجحاف ... حينئذ لا يثبت (¬7) الخلاف أي: يجوز للأب خاصة أن يتملك من مال ولده ما شاء مع الحاجة وعدمها في صغره (¬8) وكبره إذا لم تتعلق (¬9) حاجة الإبن به ولم يجحف بالولد ولم يكن ليعطيه لولد آخر ولا بمرض موت أحدهما (¬10). ¬

_ (¬1) انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 1003 ومغني المحتاج 2/ 401 - 403 وبدائع الصنائع 6/ 120. (¬2) في ب، جـ الوراثة. (¬3) سقطت واو العطف من ط. (¬4) سقطت واو العطف من هـ. (¬5) في أ، جـ ط كان. (¬6) في النجديات، ط استقر. (¬7) في النجديات لا ينتفي وكذلك في نسخة الشرح التي اعتمد عليها الناشر كما ذكره في حاشية المطبوعة. (¬8) في هـ حضره. (¬9) في هـ يتعلق. (¬10) وهو اختيار ابن تيمية قال في الاختيارات 187: وللأب أن يتملك من مال ولده ما =

وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ ليس للوالد (¬1) أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته لقوله -عليه السلام-: "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا" متفق عليه (¬2)، وروى الحسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل أحد أحق بكسبه من ولده ووالده والناس (¬3) أجمعين" رواه سعيد في سننه (¬4) (¬5)، وعنه -عليه السلام-: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه" رواه الدارقطني (¬6) (¬7). ولنا: حديث عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم" رواه سعيد والترمذيُّ وحسنه (¬8)، وعن (¬9) عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن أبي اجتاح (¬10) مالي فقال: "أنت ومالك لأبيك" رواه الطبراني في معجمه مطولًا (¬11) ورواه غيره وزاد: "وإن أولادكم من أطيب كسبكم فكلوا من أموالهم" وروى محمَّد بن المنكدر والمطلب بن ¬

_ = شاء، ما لم يتعلق به حق كالرهن والفلس، وأن تعلق به رغبة كالمداينة والمناكحة، وقلنا يجوز الرجوع في الهبة ففي التمليك نظر. (¬1) في ب، جـ ط للولد. (¬2) البخاري 1/ 178، 146 ومسلمٌ برقم 1218 وأبو داود برقم 1905. (¬3) في هـ من ولده ولده والناس. (¬4) سقطت من النجديات، هـ، ط (في سننه). (¬5) لم أجده بهذا اللفظ وهو في المسند 5/ 13 عن الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المرء أحق بعين ماله حيث عرف ويتبع البيع بيعه". (¬6) 3/ 26 وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 4/ 172 منسوبًا إلى أبي يعلى وقال: فيه أبو مرة، وثقة أبو داود وضعفه ابن معين. (¬7) انظر بدائع الصنائع 40/ 37 ومغني المحتاج 2/ 176. وانظر أيضًا الملكية في الشريعة الإسلامية 3/ 43 - 45. (¬8) الترمذيُّ برقم 1358 والنسائيُّ 7/ 241 وأبو داود برقم 3528، 3529. (¬9) سقطت من هـ. (¬10) في جـ والأزهريات، ط احتاج. (¬11) رواه أبو داود برقم 353 وابن ماجة برقم 2292 وأحمدُ 2/ 214 وعزاه في مجمع الزوائد 4/ 155 إلى الطبراني في الصغير والأوسط وضعف إسناده وهو عنده عن جابر -رضي الله عنه-.

حنطب قال (¬1): جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن لي مالًا وعيالًا ولأبي مالًا وعيالًا وأبي يريد أخذ (¬2) مالي فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنت ومالك لأبيك" رواه سعيد في (¬3) سننه، ولأن الله تعالى جعل الولد موهوبًا لأبيه فقال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [الأنبياء: 72] وقال: {وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى} [الأنبياء: 90] وقال زكريا: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} [مريم: 5]، وقال إبراهيم: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [إبراهيم: 39]، وما كان موهوبًا له كان له أخذ ماله كعبده. وأما أحاديثهم فأحاديثنا تخصها وتفسرها، وحديث الحسن مرسل ثم هو يدل على ترجيح حقه على حق أبيه (لا على نفي الحق) (¬4) بالكلية، والولد أحق من الوالد فيما تعلقت (¬5) به حاجته. لا يملك ابن لأب مطالبه ... ديونه حتى القروض ذاهبه (¬6) أي: ليس للابن مطالبة أبيه بدين قرض (¬7) أو غيره ولا قيمة متلف ولا أرش جناية ولا غير ذلك وبه قال الزبير بن بكار وهو مقتضى قول سفيان وابن عيينة. وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ: له ذلك لأنه دين ثابت فجازت المطالبة (¬8) به كغيره (¬9). ولنا: أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأبيه يقتضيه دينًا عليه فقال: "أنت ¬

_ (¬1) كذا في جميع النسخ ولعل الأصوب قالا. (¬2) في أ، ب، هـ، ط يأخذ في جـ أن يأخذ. (¬3) رواه عبد الرزاق 9/ 130 عن محمَّد بن المنكدر، ورواه البيهقي 7/ 480 - 481 وقال: هذا منقطع وقد روي موصولًا من وجه آخر لا يثبت. (¬4) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬5) في د، س تعلق. (¬6) في نظ ديونه حتى ولو لقرض ذاهبه. (¬7) في النجديات، ط بدين أو قرض. (¬8) في بالمطالبه. (¬9) الكافي لابن عبد البر 2/ 1005.

ومالك لأبيك" رواه الخلال بإسناده (¬1)، ولأن المال أحد نوعي الحقوق فلم يملك مطالبة أبيه به كحوق الأبدان، ويفارق (¬2) الأب غيره بما ثبت (¬3) له من الحقوق (¬4) على ولده، فإن مات الابن فانتقل الدين إلى ورثته لم يملكوا مطالبة الأب، لأن مورثهم لم يكن له المطالبة فهم أولى فإن مات الأب رجع الابن بدينه في تركته، لأن دينه عليه لم يسقط عن الأب وإنما تأخرت المطالب، وللولد طلبه بعين ماله ونفقته الواجبة، قال في الوجيز: وحبسه عليها (¬5). ¬

_ (¬1) رواه ابن حبان 4/ 109 عن عبد الله بن كيسان عن عطاء عن عائشة وعبد الله بن كيسان هو أبو مجاهد المروزي قال البخاري: منكر الحديث وقال أبو حاتم: ضعيف وقال النسائي: ليس بالقوي؛ وقال الحافظ: صدوق يخطئ كثيرًا: ميزان الاعتدال 2/ 475 وإرواء الغليل 6/ 66، 67. (¬2) في د يقارب. (¬3) في هـ يثبت. (¬4) في النجديات، هـ ط لحق. (¬5) لما ذكر أن الولد ليس له أن يطالب والده بالدين والقرض ونحوه ذكر هنا أنه يجوز للولد مطالبة أبيه في حالين: الأولى: أن يطالبه بعين ماله الموجود في يده. الثانية: أن يطالبه بنفقته الواجبة عليه شرعًا فإذا كان الولد معسرًا عاجزًا عن التكسب فإن له أن يطالب والده بالنفقة بل له أن يطالب بحبسه إذا امتنع لضرورة حفظ النفس. انظر حاشية ابن قاسم على الروض المربع 6/ 25.

ومن كتاب الوصايا

ومن كتاب الوصايا جمع وصية كالعطايا جمع عطية وهي لغة: الأمر قال تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} [البقرة: 132] (¬1). واصطلاحًا: الأمر بالتصرف بعد الموت، وبمال التبرع به بعده (¬2) وهي مشروعة بالإجماع لقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: 180]، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا و (¬3) وصيته مكتوبة عنده" متفق عليه (¬4). من يوص للقرب قل لا يدخل ... منهم سوى من في (¬5) الحياة يصل فإن تكن صلاته (¬6) منقطعة ... قرابة (¬7) الأم إذًا ممتنعة وعمم الباقي من الأقارب ... من جهة الآبا ولا توارب يعني: إذا وصى لقريبه أو قرابته ونحوه دخل فيه من كان يصلهم في ¬

_ (¬1) في ط نبية. (¬2) في ط الأمر بالتصرف بعد الموت بمال والتبرع به بعده. (¬3) سقطت الواو من النجديات. (¬4) البخاري 5/ 264 ومسلمٌ برقم 1628 وأبو داود برقم 2862 والترمذيُّ برقم 974 والنسائى 6/ 238، 239. (¬5) سقطت من ب ونظ وفي أ، جـ ط بالحياة. (¬6) في نظ صلته. (¬7) في ب قرابته.

حياته من قرابة الأب والأم، لأن صلته إياهم في حياته قرينة دالة على صلتهم بوصيته (¬1) فإن لم تكن له صلة لهم في حياته خرج منهم قرابة الأم وعم (¬2) الباقين من قرابة الأب. والمذهب أنه يصرف للذكر والأنثى من أولاده وأولاد أبيه وأولاد جده وأولاد جد أبيه ويسوى بين الذكر والأنثى منهم وكذا الوقف. وقال مالك: يقسم على الأقرب فالأقرب بالاجتهاد (¬3). وقال الشافعي: يعطى كل من يعرف بقرابته من قبل أبيه وأمه الذين ينتسبون إلى الأب الأدنى، لأنهم قرابته فيتناولهم الاسم ويدخلون في عمومه (¬4). ولنا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى من سهم ذوي القربى أولاده وأولاد (¬5) عبد المطلب وأولاد هاشم ذكرهم وإناثهم ولم يعط من هو أبعد منهم كبني عبد شمس وبني نوفل شيئًا إلا أنه أعطى بني المطلب بن عبد مناف وعلل عطيتهم بأنهم لم يفارقوا بني هاشم في جاهلية ولا إسلام (¬6)، ولم يعط قرابة أمه وهم بنو زهرة شيئًا، فحمل مطلق كلام الموصي والواقف على ما حمل عليه مطلق كلام الله (¬7) وفسر بما فسر به وصار بمنزلة ماله عرف في الشرع فيجب حمله عليه وتقديمه على العرف اللغوي كالوضوء (¬8). ¬

_ (¬1) في أ، ب بوصية. (¬2) في الأزهريات وعمم. (¬3) وذكر الباجي في المنتقى أن لفظ القرابة يشمل عند مالك جميع القرابة من جهة الأب والأم وارثين أو غير وارثين قال في 6/ 177: (وروى ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون إذا أوصى لقرابته أو لذي رحمه أو لأهله أو لأهل بيته فإن قولنا وقول مالك وأصحابنا: أن ذلك لجميع قرابته ورحمه وأهله من قبل أبيه وأمه من كل من يرثه ومن ليس بوارث). (¬4) الأم 4/ 38 ومغنى المحتاج 3/ 63. (¬5) في ط أو. (¬6) رواه أبو داود برقم 2979 والنسائيُّ 7/ 130 - 131 وأصله في البخاري 6/ 174. (¬7) في قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الحشر: 7]. (¬8) هذا الاستدال للمذهب وليس للمسألة التي انفرد بها الإِمام أحمد.

وفي القريب كافر لا يدخل ... وعن أهيل قربة ينعزل يعني: إذا أوصى لقراباته أو أهل قريته (¬1) أو وقف عليهم وفيهم كافر لم يدخل معهم. وقال الشافعي: يدخل لأن اللفظ يتناوله بعمومه (¬2). ولنا: أنهم لا يدخلون (¬3) في آية المواريث في لفظ القرآن مع عمومه فلم يدخلوا في لفظ الموصي والواقف، ولأن ظاهر حاله أنه لا يريد الكفار لما بينه وبينهم من عداوة الدين وعدم الوصلة المانع من الميراث، ووجوب النفقة ولذلك خرجوا من عموم اللفظ في الأولاد والإخوة والأزواج وسائر الألفاظ العامة في الميراث فكذا ها هنا. لكن لو (¬4) أن أقاربه أو أهل قريته كلهم كفار دخلوا؛ لأنه لا يمكن تخصيصهم (¬5) إذ في إخراجهم رفع للفظ بالكلية. من قال في الإيصا لزيد سهم ... فالسدس يعطي حيث كان القسم (¬6) أي: لو أوصى لزيد بسهم من ماله فله سدس (¬7) بمنزلة سدس مفروض، إن لم تكمل فروض المسألة أو كانوا عصبة أعطي سدسًا كاملًا، وإن كملت فروضها أعيلت به وإن عالت أُعيل معها، وروي ذلك عن علي وابن مسعود وبه قال الحسن وإياس بن معاوية والثوري (¬8). ¬

_ (¬1) في أ، ب، ط قرابته وفي جـ قرابه. (¬2) مغني المحتاج 3/ 64. (¬3) في هـ يدخل. (¬4) سقطت من جـ، ط وفي أ، ب يوجد مكانها و. (¬5) في د، س تخصيصه. (¬6) في د، س السهم. (¬7) في النجديات، ط السدس. (¬8) وقد ذكر نحو هذا بعض شراح الهداية عن أبي حنيفة وهو أن من أوصى لآخر بسهم من ماله فله السدس لا يزاد عليه ولا يقص: انظر شرح العناية 10/ 442.

وقال أبو حنيفة: يعطى سهمًا من سهام أقل الورثة وقال صاحباه: إلا أن يزيد على الثلث فيعطى الثلث؛ لأن سهام الورثة أنصباؤهم (¬1) فيكون له مثل أقلها لأنه اليقين (¬2). وقال الشافعي وابن المنذر: يعطيه الورثة ما شاءوا، لأن ذلك يقع عليه اسم السهم (¬3). ولنا: ما روى ابن مسعود أن رجلًا أوصى لرجل بسهم من مال فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - السدس (¬4)، ولأن السهم في كلام العرب السدس قاله إياس بن معاوية فتنصرف الوصية إليه، ولأنه قول علي وابن مسعود ولا مخالف لهما في الصحابة. ¬

_ (¬1) في د الضاوهم. (¬2) نتائج الأفكار 10/ 442 وبدائع الصنائع 7/ 356. (¬3) انظر المهذب مع تكملة المجموع 15/ 475. (¬4) رواه البزار وفي إسناده أبو قيس وقد قال فيه: (ليس بالقوي وقد روى عنه شعبة والثوري والأعمش وغيرهم). كشف الأستار 2/ 139.

ومن كتاب الفرائض والمواريث

ومن كتاب الفرائض والمواريث الفرائض جمع فريضة بمعنى مفروضة وهي لغة [تقال لمعان أصلها الحز والقطع. وشرعًا (¬1)] فقه (¬2) المواريث وعلم الحساب المؤدي إلى إعطاء كل ذي حق من التركة حقه. والمواريث جمع ميراث بمعنى الإرث والحق الموروث (¬3) وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تعلموا الفرائض وعلموها (¬4) فإنه نصف العلم، وهو ينسى وهو أول شيء ينزع من أمتي" رواه ابن ماجة (¬5) وقال عمر: تعلموا الفرائض فإنها من دينكم (¬6) وقال: تعلموا الفرائض واللحن والسنة (¬7) كما تعلمون القرآن (¬8). ¬

_ (¬1) ما بين القوسين من ب. (¬2) في أ، جـ، لغة. (¬3) في أ، جـ، ط المورث. (¬4) في ب، جـ والأزهريات وعلموه. (¬5) برقم 2719 والحاكم 4/ 332 والبيهقيُّ 6/ 209 وقال: تفرد به حفص بن عمر وليس بالقوي. وقال الحافظ في التلخيص 3/ 79: متروك. (¬6) رواه الدارمي 2/ 341 وسكت عليه الحافظ في الفتح 12/ 4. (¬7) في ب السنن وفي جـ السن. (¬8) رواه الدارمي 2/ 341 وقال الحافظ في الفتح: (12/ 4 إسناده ثقات إلا أن فيه انقطاعًا) ورواه سعيد بن منصور 1/ 1.

والجدة أم الأب عندنا ترث ... وابنها حي به (¬1) لا تكترث (¬2) أي: ترث الجدة من قبل الأب ولو كان ابنها وارثًا فلا يحجبها، وبه قال عمر وابن مسعود وأبو موسى وعمران بن حصين وأبو الطفيل -رضي الله عنهم- وشريح والحسن وابن سيرين وجابر بن زيد والعنبري وإسحاق وابن المنذر (¬3). وقال زيد بن ثابت: لا ترث إذن، وروي عن عثمان وعلي وبه قال مالك والثوري والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز والشافعيُّ وأبو ثور وأصحاب الرأي لأنها تدلي (¬4) به فيحجبها كالجد مع الأب (¬5). ولنا ما روي عن ابن مسعود قال: "أول جدة أطعمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السدس أم أب مع ابنها وابنها حي" أخرجه الترمذيُّ (¬6) و (¬7) رواه سعيد بن منصور (¬8) إلا أن لفظه: (أطعمت (¬9) السدس أم أب مع ابنها) (¬10)، قال ابن ¬

_ (¬1) في أ، جـ بها وفي هـ حتى به. (¬2) في نظ تك ترث. (¬3) وقال به ابن حزم ورجحه في كتابه المحلى 9/ 279 - 281 واختاره شيخ الإِسلام ابن تيمية في الفتاوى 31/ 354 قال: (والصحيح أنها لا تسقط بابنها -أي: الأب- كما هو أظهر الروايتين عن أحمد لحديث ابن مسعود ولأنها لو أدلت به فهي لا ترث ميراثه بل هي معه كولد الأم مع الأم). أ. هـ. (¬4) في أ، ج، ط تدل. (¬5) انظر شرح الزرقاني على الموطأ 3/ 112 ومغني المحتاج 3/ 12 - 15 وحاشية الباجوري على شرح الشنشوري ص 126 وحاشية ابن عابدين 6/ 772. (¬6) برقم 2103 والبيهقيُّ 6/ 226 من طريق محمَّد بن سالم عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود وقال فيه الترمذيُّ: غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وقال البيهقي: تفرد به محمَّد بنْ سالم وهو غير محتج به. (¬7) سقطت الواو من أ، جـ هـ، ط. (¬8) في جـ منصود. (¬9) في أ، ب، ط وفي جـ أطعمه. (¬10) الذي في سنن سعيد بن منصور 1/ 23 حدثنا هشيم عن الشعبي عن ابن مسعود أن أول جدة أطعمت السدس أم أب مع إبنها وفي 1/ 36 حدثنا سفيان عن ابن أبي ليلى عن الشعبي قال: قال ابن مسعود: إن أول جده ورثت في الإِسلام مع إبنها.

سيرين: (أول جدة أطعمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السدس أم أب مع ابنها) (¬1)، ولأن الجدات أمهات يرثن ميراث الأم لا ميراث الأب فلا يحجبن به (¬2) وكالعم (¬3). وقبل قسم الإرث من قد أسلما ... فيستحق ما بكفر حرما أي: إذا أسلم كافر (¬4) قبل قسم ميراث لمسلم ورث، وروي (¬5) نحو هذا عن عمر وعثمان والحسن بن (¬6) علي وابن مسعود، وبه قال جابر بن زيد والحسن ومكحول وقتاده وحميد وإياس بن معاوية وإسحاق فعلى هذا إذا (¬7) أسلم قبل قسم بعض المال ورث من الباقي. والمشهور عن علي أنه لا يرث وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء وطاووس والزهري وسليمان بن يسار والنخعي والحكم وأبو الزناد وأبو حنيفة ومالك والشافعيُّ وأكثر أهل العلم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يرث الكافر من مسلم" (¬8)، ولأن الملك قد انتقل بالموت إلى المسلمين فلم يشاركهم من أسلم كما لو اقتسموا (¬9). ولنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أسلم على شيء فهو له" رواه سعيد من ¬

_ (¬1) رواه سعيد بن منصور 1/ 34 قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا يونس عن ابن سيرين قال: نبئت أن أول جدة أطعمت السدس أم أب مع إبنها. (¬2) سقطت من د، س وسقطت الواو بعدها من هـ. (¬3) يعني: أن الجدة ترث مع إبنها الأب كما ترث مع إبنها العم باتفاق فلو هلك هالك عن جدة أم أب وعمّ فإنها ترث معه باتفاق العلماء. انظر كشاف القناع 4/ 419. (¬4) في النجديات، ط الكافر. (¬5) سقطت الواو من النجديات، ط. (¬6) في النجديات، ط الحسن وعلي. (¬7) في النجديات، هـ، ط أن. (¬8) من حديث أمامة بن زيد -رضي الله عنهما-، وقد رواه البخاري 12/ 43 ومسلمٌ برقم 1614 أو أبو داود 2909 والترمذيُّ برقم 2108 وابن ماجة برقم 2729 وأحمدُ 5/ 200، 202، 208، 209. (¬9) انظر المدونة 3/ 390، 391 وحاشية ابن عابدين 6/ 767 ومغني المحتاج 3/ 25.

طريقين (¬1)، وترغيبًا له في الإِسلام وحثًا عليه، بخلاف ما إذا قسمت (¬2) التركه وتعين حق كل وارث ثم أسلم فلا شيء له، وإن كان الوارث واحدًا فمتى تصرف في الترجمة واحتازها كان كقسمتها (¬3). وموت جمع غرقًا أو حرقًا (¬4) ... لم ندر من بموته قد سبقًا ورث لبعض بعضهم من صلبه ... ولا تعد ميراثه من صحبه يعني: إذا مات متوارثان فأكثر بغرق أو حرق أو انهدام (¬5) شيء عليهم ونحوه ولم يعلم السابق من اللاحق ورث كل منهم من تلاد مال رفقائه وهو ماله الذي مات عنه دون طريقه وهو ما تجدد له بالإرث من رفقته، قال أحمد: أذهب إلى قول عمر وعلي وشريح وإبراهيم والشعبي وبه قال أيضًا إياس بن عبد المزني (¬6) وعطاء والحسن وحميد الأعرج وعبد الله بن عتبة (¬7) وابن أبي ليلى (¬8) والحسن بن صالح وشريك ويحيى بن آدم وإسحاق، وحكي ذلك عن ابن مسعود قال الشعبي: وقع الطاعون بالشام عام عمواس (¬9) فجعل ¬

_ (¬1) هو في سنن سعيد بن منصور 1/ 54 - 56 أما الطريق الأول فقد رواه سعيد قال: حدثنا عبد الله بن المبارك عن حيوة بن شريح عن محمَّد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة بن الزبير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث، وأما الطريق الثاني فقال سعيد حدثنا سفيان قال: أنبأنا ابن جريج عن ابن أبي مليكة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث. وكلا الطريقين غير متصل لكن قال محمَّد بن عبد الهادي في التنقيح 2/ 252 في مرسل عروة: (صحيح الإسناد). وهو في البيهقي 9/ 113 عن أبي هريرة مرفوعًا وضعفه. انظر إرواء الغليل 6/ 156 - 157. (¬2) في ب اقتسمت وفي د، س أقسمت. (¬3) في د قسمها وفي س كقسمها. (¬4) في د، س حرقًا أو غرقًا. (¬5) في أ، ب، ط إنهدم. (¬6) ما بين القوسين من ب. (¬7) في أ، حـ، الأزهريات، ط عيينة. (¬8) في د ليله. (¬9) عمواس قرية بين القدس والرملة، وكان أول ما ظهر الطاعون بها ثم انتشر، وكان ذلك سنة سبع عشرة وقيل: ثمان عشر ومات به نحو خمسة وعشرين ألفًا. انظر البداية والنهاية 7/ 87 - 103.

أهل البيت يموتون عن آخرهم فكتب في ذلك إلى عمر -رضي الله عنه- فكتب عمر أن ورثوا بعضهم من بعض (¬1). وعن أبي بكر الصدّيق وزيد وابن عباس والحسن بن علي: يقسم ميراث كل ميت على الأحياء من ورثته دون من مات (معه) (¬2)، وبه قال عمر بن عبد العزيز وأبو الزناد والزهري والأوزاعي وأبو حنيفة وأصحابه ومالك والشافعيُّ؛ لأن شرط التوريث حياة الوارث بعد موت المورث (¬3)، وليس بمعلوم فلا يثبت مع الشك في شرطه (¬4) (¬5)، وإن ادعى كل من ورثتهم تأخير حياة مورثه (¬6) حلف كل منهم (¬7) على نفي دعوى (¬8) صاحبه ولا يورث (¬9) واحد منهم من آخر (¬10). وخبر المفقود مذ (¬11) ينقطع ... في مثل حرب غالبًا لا يرجع فأربع من السنين ينتظر ... ويقسم الميراث حقًا لا وزر المفقود من انقطع خبره ولم تعلم حياته ولا موته فإن كان الغالب من ¬

_ (¬1) هذا الأثر في المغني 7/ 176 وقد راجعت كتب الحديث والآثار ولم أجده بهذا اللفظ لكن أخرج عبد الرزاق 10/ 295 والبيهقيُّ 6/ 222 عن الشعبي عن عمر أنه ورث بعضهم من بعض من تلاد أموالهم لا ما ورثوه من بعضهم بعضًا. (¬2) ما بين القوسين من ب. (¬3) في جـ د، س الموروث. (¬4) انظر حاشية ابن عابدين 6/ 798 - 799 والموطأ مع شرح الزرقاني 3/ 122 - 123 والمهذب مع التكملة 16/ 67. (¬5) واختار هذا شيخ الإِسلام ابن تيمية وجعله الأشبه بأصول الشريعة لأن المجهول كالمعدوم في الأصول وذلك كالملتقط لما جهل حال المالك كان المجهول كالمعدوم فصار مالكًا لما التقطه لعدم العلم بذلك. انظر الفتاوى 31/ 356. (¬6) في ب موروثه. (¬7) سقطت من الأزهريات. (¬8) في أ، ط ما ادعى وفي جـ ادعى. (¬9) في س يورثه. (¬10) سقطت من د، س. (¬11) في النجديات أن.

حاله الهلاك كالذي يفقد من بين الصفين في الحرب أو (¬1) بين أهله كالذي يخرج للصلاة فلا يعود أو لحاجة قريبة أو ينقطع في مفازة مهلكة كالحجاز أو في البحر إذا انحرفت سفينته (¬2) ولا يعلم له خبر فينتظر به أربع سنين منذ فقد فإن لم يظهر له خبر قسم (¬3) ماله واعتدت (¬4) زوجته عدة الوفاة وحلت للأزواج نص عليه، لاتفاق الصحابة على تزويج امرأته (¬5) على ما ذكروه (¬6) في العدد؛ ولأن الظاهر هلاكه فأشبه ما لو مضت مدة لا يعيش فيها (¬7)، ولم يفرق سائر أهل العلم بين هذه الصورة وبين صور الفقدان على ما يأتي بيانه (¬8): ¬

_ (¬1) سقطت من د، س. (¬2) في ط سفينة. (¬3) في ط قسم. (¬4) في د، أو اعتدت. (¬5) في ب، جـ، ط امرأة. (¬6) وقال الإِمام الشافعي في القديم مثل هذا في امرأة المفقود قال النووي في المنهاج 3/ 397: ومن غاب وانقطع خبره ليس لزوجته نكاح حتى يتيقن موته أو طلاقه وفي القديم تتربص أربع سنين ثم تعتد للوفاة وتنكح فلو حكم بالقديم قاض نقض على الجديد في الأصح. أما ماله فلا يقسم حتى تقوم بينة بموته أو تمضي مدة يغلب على الظن أنه لا يعيش فوقها فيجتهد القاضي ويحكم بموته. انظر المنهاج 3/ 26 - 27. ويرى الإِمام مالك وأصحابه أن المفقود الذي قضى فيه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بأن تتربص زوجته أربع سنين ثم تعتد أربعة أشهر وعشرًا ثم تحل للأزواج هو المفقود في أرض الإِسلام في التجارات والتصرف والضرب في الأرض إذا انقطع خبره ولم يعرف مكانه فيضرب السلطان لامرأته أجل أربع سنين إذا رفعت أمرها إليه بعد أن يفحص عن أخباره تعتد بعد الأربع سنين عدة الوفاة ثم يدفع لها مؤخر صداقها إن حل أجله ويباح لها النكاح، أما ماله فلا يقسم بين ورثته إلا بأن يتيقن موته أو يمضي عليه من الزمن ما لا يعيش مثله في الأغلب إلى مثله: انظر الكافي لابن عبد البر 1/ 567. (¬7) أي: غالبًا وقد حددها بعضهم بتسعين سنة منذ ولد وقال آخرون: مائة وعشرون سنة. انظر المغني 7/ 207. (¬8) سقطت من النجديات، هـ، ط، وهو بشير إلى ما سيذكره عن الجمهور في ص 381.

وإن أتى من (¬1) بعد ما تربصت ... زوجته حتى ببعل دخلت بعقده (¬2) السابق في الزمان ... يأخذها إن شا يرد (¬3) الثاني وإن يرد قبضًا لما (¬4) قد أمهرا ... ويمضها للثاني في ذا خُيِّرا أي: إذا تربصت امرأة المفقود ما تقدم ثم اعتدت ثم تزوجت بمن دخل بها ثم قدم المفقود خير بين أخذها بالعقد الأول ولو لم يطلق الثاني وبين تركها مع الثاني ويأخذ قدر الصداق الذي أعطاها هو من الثاني، قضى به عمر وعثمان وعلي وابن الزبير (¬5) ولم يعرف لهم مخالف فكان كالإجماع (¬6). وإذا تركها للثاني (¬7) لم يحتج لتجديد عقد، لأنه لم ينقل عن الصحابة تجديد عقد، والأصح لا بد من تجديده، لأنا تبينا بطلان عقده بمجيء الأول وعليه فلا بد من طلاق الأول وعدتها منه (¬8)، ثم يجدد (¬9) العقد، لأن زوجة إنسان لا تكون زوجة لغيره بتركه إياها له (¬10)، وإن قدم الأول قبل ¬

_ (¬1) سقط من ب من. (¬2) في أ، ط بعقدة. (¬3) في أ، ب، ط برد. (¬4) في نظ كما. (¬5) روى هذه الآثار البيهقي 7/ 445 - 446. (¬6) اختار ابن تيمية وابن القيم ما ذهب إليه الإِمام أحمد في هذه المسألة والتي قبلها وقال في إعلام الموقعين 2/ 18 وهذا المأثور عن عمر في مسألة المفقود هو عند طائفة من الفقهاء من أبعد الأقوال عن القياس حتى قال بعض الأئمة لو حكم به حاكم نقض حكمه وهو مع هذا أصح الأقوال وأحراها في القياس وكل قول قيل سواه فهو خطأ. ونقل عن شيخ الإِسلام ترجيح هذا الرأي فقال 2/ 15: (قال شيخنا: من خالف عمر لم يهتد إلى ما اهتدى إليه عمر، ولم يكن له من الخبرة بالقياس الصحيح مثل خبرة عمر). (¬7) في د وأن اتركها. الثاني وفي س وإذا تركها الثاني. (¬8) في أ، ط عنه وفي جـ فيه. (¬9) في أ، جـ ط تجدد. (¬10) سقطت من النجديات، هـ ط.

دخول الثاني بها ردت للقادم (¬1) وجوبًا ولا تخيير. وضربها المدة بالأيام (¬2) ... فغير محتاج إلى الإِمام أي: لا تحتاج (¬3) امرأة المفقود إلى حاكم يحكم بضرب المدة وعدة الوفاة والفرقة، لأنها مدة تعتبر (¬4) لإباحة النكاح فلم تفتقر (¬5) إلى الحاكم كمدة من ارتفع حيضها ولم تدر ما رفعه (¬6)، فيكون ابتداء المدة من حين انقطع خبره ولا تفتقر أيضًا إلى طلاق ولي زوجها بعد اعتدادها في قول ابن عمر وابن عباس - رضي الله تعالى (¬7) عنهم -. وإن تكن غيبته لا للخطر ... تمام تسعين سنينًا ينتظر أي: وإن كانت غيبة المفقود ظاهرها السلامة كالتاجر والسائح (¬8) وطالب (¬9) العلم ولم يعلم خبره انتظر به تمام تسعين سنة من يوم ولد، وهذا قول عبد الملك بن (¬10) الماجشون، لأن الغالب أنه لا يعيش أكثر من هذا. ¬

_ (¬1) في د، س لقادم. (¬2) في النجديات، ط في الأيام. (¬3) في ب يحتاج. (¬4) في د تغيير. (¬5) في د تعتبر. (¬6) وهو وجه في مذهب الشافعية قال في مغني المحتاج 3/ 397: (ظاهر كلام المصنف الاكتفاء بالأربع من حين موته من غير ضرب قاض وهو أحد وجهين، وأصحهما أنه لا بد من ضرب قاض). (¬7) وقال الموفق: هو القياس لأن ولي الرجل لا ولاية له في طلاق امرأته ولأننا حكمنا عليها بعدة الوفاة فلا تجب عليها مع ذلك عدة الطلاق كما لو تيقنت وفاته ولأنه قد وجد دليل هلاكه على وجه أباح لها التزويج وأوجب عليها عدة الوفاة فأشبه ما لو شهد به شاهدان. المغني 9/ 135. (¬8) سقطت من النجديات، هـ، ط. (¬9) في د، س طلب. (¬10) سقطت من النجديات، هـ، ط في د وابن الماجشون.

وقال الشافعي ومحمَّد بن الحسن وهو المشهور عن (¬1) أبي حنيفة ومالك وأبي يوسف: لا يقسم مال المفقود مطلقًا ولا تزوج امرأته حتى يعلم موته أو تمضي عليه مدة لا يعيش مثلها (¬2)، وذلك مردود إلى اجتهاد الحاكم، لأن الأصل حياته والتقدير لا يصار إليه إلا بالتوقيف (¬3) ولا توقيف (¬4) ها هنا (¬5). وولد اللعان إذ (¬6) نفوه ... عصبة (¬7) الأم يعصبوه فإن يخلف أمه وخاله ... فالثلث للأم وما يبقى (¬8) له أي: الولد المنفي باللعان عصبته عصبة أمه روي عن علي وابن عباس وابن عمر وبه قال الحسن وابن سيرين وجابر بن زيد وعطاء والشعبي والنخعي والحكم وحماد والثوري والحسن بن صالح إلا أن عليًّا يجعل ذا السهم من ذوي الأرحام أحق ممّن لا سهم له وقدم الرد على غيره (¬9). وكان زيد بن ثابت يورث من ابن (¬10) الملاعنة كما يورث من غير ابن الملاعنة ولا يجعلها ولا عصبتها عصبة له، فإن كانت أمه مولاة لقوم جعل ¬

_ (¬1) في د، س عند. (¬2) في د، س في مثلها. (¬3) في هـ بالتوقف وط بالتوقيت. (¬4) سقط من ب، جـ، هـ، ط ولا توقيت. (¬5) انظر مغني المحتاج 3/ 397 وبدائع الصنائع 6/ 197 والمدونة 2/ 452. (¬6) في ب إذا. (¬7) في جـ عصبته. (¬8) في النجديات، ط بقي. (¬9) وعن الإِمام أحمد رواية أخر: أمه عصبته فإن لم تكن فعصبتها عصبته وهو قول ابن مسعود واختاره ابن تيمية وتلميذه ابن القيم واستدلوا بقوله - صلى الله عليه وسلم - تحوز المرأة ثلاث مواريث عتيقها ولقيطها وولدها الذي لا عنت عليه. رواه أبو داود برقم 2906 والترمذيُّ برقم 3116. ولأنها قامت مقام أمه وأبيه في إنسابه إليها فقامت مقامهما في حيازة ميراثه، ولأن عصباتها أدلوا بها فلم يرثوا معها كأقارب الأب. انظر المغني 7/ 123 والفتاوى 31/ 349. (¬10) سقطت من أ، جـ، ط.

الباقي من ميراثها لمولاها فإن لم تكن مولاة جعله (¬1) لبيت المال وعن ابن عباس نحوه (¬2)، وبه قال سعيد بن المسيب وعروة وسليمان بن يسار وعمر بن عبد العزيز والزهري (¬3) وربيعة وأبو الزناد ومالك وأهل المدينة والشافعيُّ وأبو حنيفة وصاحباه وأهل البصرة إلا أن أبا حنيفة وأهل البصرة جعلوا الرد وذوي (¬4) الأرحام أحق من بيت المال، لأن الميراث إنما ثبت بالنص ولا نص في توريث الأم أكثر من الثلث ولا في توريث أخ لأم أكثر من السدس ولا في توريث أبي (¬5) الأم والخال ونحوهما (¬6) من عصبات الأم ولا قياسًا أيضًا (¬7). ولنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألحقوا الفرائض بأهلها وما بقي فلأولى رجل ذكر"، (¬8)، وأولى الرجال به أقارب أمه وعن عمر أنه ألحق ولد الملاعنة بعصبة أمه (¬9) وعن علي أنه لما رجم المرأة دعا (¬10) أولياءها فقال: هذا ابنكم ترثونه ولا يرثكم وإن جنى جناية فعليكم حكاه الإِمام أحمد عنه (¬11) ¬

_ (¬1) في هـ جعلت. (¬2) انظر عبد الرزاق 7/ 125 وابن أبي شيبة 11/ 337، وليس فيهما: "فإن كانت أمة مولاة لقوم. إلخ وأثر ابن عباس عند عبد الرزاق وحده .. ". (¬3) في أ، ط الزهيري. (¬4) في ط لذوي. (¬5) سقطت من هـ. (¬6) في هـ ونحوها. (¬7) حاشية ابن عابدين 6/ 776 - 777 والموطأ مع الزرقاني 3/ 123، 193 والأم 4/ 12. (¬8) رواه البخاري 12/ 98 ومسلمٌ برقم 1615 وأبو داود برقم 289 والترمذيُّ برقم 2098. (¬9) لم أجده عن عمر وهو في المغني 7/ 124 .. وقد وجدت في المصنف لابن أبي شيبة 11/ 339 - 340 عن ابن عمر قال: ابن الملاعنة عصبته عصبة أمه يرثهم ويرثونه. (¬10) في هـ عاه وفي دعا ولياها. (¬11) لم أجده عند أحمد، وعند ابن أبي شيبة 11/ 339 عن الشعبي عن علي وعبد الله إنهما قالا في ابن الملاعنة: عصبته عصبة أمه، وعند عبد الرزاق 7/ 124 عن علي مثل ذلك أيضًا.

فعلى هذا إذا خلف أمه وخاله فللأم (¬1) الثلث فرضًا والباقي (¬2) للخال تعصيبًا وولد الزنا و (¬3) من استلحقته امرأة بها (وألحق (¬4)) كولد الملاعنة فيما تقدم. وقف لحمل وارث نصيب ما ... لذكرين في تراث قسما يعني: إذا مات عن حمل وطلب باقي الورثة القسمة (¬5)، وقفت له الأكثر من نصيب ذكرين أو أنثيين وتدفع إلى من لا يحجبه العمل أقل ميراثه ولا يدفع إلى من يسقطه (¬6) شيء، وبه قال محمَّد بن الحسن واللؤلؤي. وقال الليث وأبو يوسف: يوقف (¬7) نصيب غلام ويؤخذ ضمين من الورثة (¬8). وقال الشافعي: لا يعطى شركاء العمل شيئًا، لأن العمل لا حد له ولا نعلم قدرًا يترك له (¬9). وقال: مالك: لا قسمة (¬10) مطلقًا قبل الوضع (¬11). ولنا: أن ولادة التوأمين كثيرة معتادة فلم يجز قسم نصيبهما كالواحد وما زاد عليهما نادر فلم يوقف له شيء كالخامس والسادس. ¬

_ (¬1) في د فلام. (¬2) في د، س الثاني. (¬3) سقطت الواو من النجديات، و. (¬4) ما بين القوسين من ب. (¬5) سقطت من جـ، هـ وهي في ب القسم. (¬6) في أ، هـ من لا يسقطه. (¬7) سقطت من النجديات، هـ، ط. (¬8) انظر فتح القدير 6/ 151. (¬9) المقصود شركاء الحمل في الإرث بالفرض أو التعصيب أما من يرث فرضًا مستقلًا لا يحجبه العمل فإنه يعطى فرضه عائلًا إن أمكن عول المسألة أو بدون عول إذا لم يمكن عولها: انظر المنهاج 3/ 28. (¬10) في النجديات، ط قسم. (¬11) انظر الخرشي على مختصر خليل 8/ 224.

من بعضه حر فورثه به ... وهكذا عن إرثه لا ينتهي واحجب بما فيه من الحرية ... بقدرها فالحكم بالسوية أي: يرث المعتق بعضه ويورث (¬1) ويحجب بحسب ما فيه من الحرية، وهذا قول علي وابن مسعود وبه قال حمزة الزيات وعثمان البتي (¬2) وابن المبارك والمزني وأهل الظاهر (¬3). وقال زيد بن ثابت: لا يرق ولا يورث وأحكامه أحكام العبد وبه قال مالك والشافعيُّ في القديم وقال في الجديد: ما كسبه بجزئه الحر لورثته ولا يرث هو ممّن (¬4) مات شيئًا (¬5). ولنا: ما روى عبد الله بن أحمد بإسناده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في العبد يعتق بعضه: "يرث ويورث على قدر ما عتق (¬6) منه" (¬7). ولأنه يجب أن يثبت لكل بعض حكمه كما لو كان الآخر (¬8) مثله وقياسًا لأحدهما على الآخر فلو مات عن بنت نصفها حر وعن أم وزوجة وعم أحرار فللبنت الربع وللأم الربع وللزوجة ثمن ونصف ثمن والباقي للعم وتصح من ستة عشر. من خلف ابنًا لخنثى (¬9) مشكل ... فالثلث والربع لابن ينجلي (¬10) والربع والسدس إذن للخنثى ... نصف الذي لذكر وأنثى ¬

_ (¬1) في ب تورث. (¬2) في د أي البتي. (¬3) المحلى 9/ 302. (¬4) في النجديات، هـ ط ولا ممّن. (¬5) الكافي لابن عبد البر 2/ 963 ومغني المحتاج 3/ 25. (¬6) في النجديات عنه. (¬7) الحديث بهذا اللفظ لم أجده في المسند لكن روى الترمذيُّ برقم 1295: "إذا أصاب المكاتب حدًا أو ميراثًا ورث بحساب ما عتق منه". وقد روى نحوه أبو داود برقم 4582 والنسائيُّ 8/ 85 - 46 وقد قال فيه الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ. (¬8) في أ، ط لآخر. (¬9) في جـ وخنثى وفي س ثم خنثى. (¬10) في أ، جـ ينجل.

الخنثى من له كآلة (¬1) الرجل والأنثى أو ثقبة يخرج منها البول فمن ثبت فيه علامات الرجل أو النساء علم أنه رجل أو امرأة والذي لا علامة فيه مشكل فإذا مات من يرثه وكان يرجى انكشاف حاله أعطي ومن معه اليقين ووقف الباقي في قول الجمهور حتى يبلغ (¬2) فتظهر (¬3) فيه العلامات ويتضح أمره، فإن مات صغيرًا أو (¬4) بلغ بلا أمارة ورث نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى نص عليه أحمد، وهو قول ابن عباس (¬5) والشعبي وابن أبي ليلى وأهل المدينة ومكة والثوري واللؤلؤي وشريك والحسن بن صالح ويحيى بن آدم (¬6) وورثه أبو حنيفة بأسوأ حالاته (¬7) والباقي لسائر الورثة (¬8) .. وأعطاه الشافعي ومن معه اليقين ووقف الباقي حتى يتبين أمره أو (¬9) يصطلحوا وبه قال أبو ثور وداود و (¬10) ابن جرير (¬11). ولنا: قول ابن عباس ولم يعرف له في الصحاية منكر (¬12) ولأن حالتيه ¬

_ (¬1) في س ماله. (¬2) سقطت من د، س. (¬3) في د، س تظهر. (¬4) في ب، جـ، ط و. (¬5) في هـ العباس. (¬6) وهو قول مالك قال ابن عبد البر في الكافي 2/ 1050: وميراث الخنثى إذا أشكل أمره -وإشكاله أن يبول من فرجيه جميعًا سواء- كان له نصف ميراث الذكر ونصف ميراث الأنثى هذا قول مالك في المشكل عنده إذا بال منهما. (¬7) في أحالتيه. (¬8) بدائع الصنائع 7/ 329. (¬9) في أ، جـ، ط و. (¬10) سقطت من أ، جـ، ط. (¬11) مغني المحتاج 3/ 28 - 29. (¬12) روى هذا الأثر إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري في مسائل الإِمام أحمد 2/ 69 قال: (قرأت على أبي عبد الله: عبد القدوس قال: حدثنا صفوان قال: كتب قسطنطين إلى عبد الملك بن مروان يسأله عن صبي ولد له حياء كحياء المرأة وذكر كذكر الرجل كيف يورث؟ وكيف يودى؟ فسأل ابن عباس عن ذلك فقال: يورث ويودى من حيث يبول فإن بال منهما جميعًا فمن حيث بدر فإن كانا سواء فنصف دية ذكر ونصف دية أنثى والميراث كذلك).

تساوتا (¬1) فوجب التسوية بين حكميهما (¬2) كما لو تداعى نفسان دارًا بأيديهما ولا بينة لهما وليس توريثه بأسوأ أحواله أولى من توريث من معه بذلك فتخصيصه بهذا تحكم لا دليل عليه، والوقف لا غاية له تنتظر وفيه تضييع للمال مع يقين (¬3) استحقاقهم له (¬4) فعلى هذا إذا خلف ابنًا واضحًا وولدًا خنثى مشكلًا فللواضح الثلث والربع سبعة من اثني عشر وللخنثى الربع والسدس خمسة (¬5) من الاثني عشر (¬6). وهكذا ديته إن قتلا ... نصًا أتانا فبهما (¬7) قد نقلا يعني: إذا قتل الخنثى المشكل ووجبت الدية فهي (¬8) نصف دية ذكر ونصف دية أنثى نص عليه وكذا جراحه (¬9) فيما فيه (¬10) ثلث الدية فأكثر لما تقدم في توريثه. ليس اختلاف الدين في الآراء ... بمانع للأرث بالولاء أي: اختلاف الدين غير مانع من الإرث فيرث المسلم الكافر والكافر المسلم بالولاء روي عن عثمان (¬11) وعلي وعمر بن عبد العزيز وبه قال أهل الظاهر واحتج أحمد بقول علي الولاء شعبة من الرق (¬12). ¬

_ (¬1) في النجديات، ط تساويا. (¬2) في النجديات، هـ، ط حكمهما. (¬3) في د تعيين. (¬4) سقطت من د، س. (¬5) سقطت من أ، جـ، ط. (¬6) في النجديات، ط: الاثني عشرة في س: أثنا عشر. (¬7) في نظ فيه ما قد نقلا. (¬8) سقطت من م، جـ وفي ط فديته. (¬9) في النجديات، ط جراجته. (¬10) سقطت من د، س. (¬11) سقطت من الأزهريات. (¬12) البيهقي 10/ 302 - 303.

وقال مالك: يرث المسلم مولاه النصراني، لأنه يصلح (¬1) له ملكه ولا يرث النصراني مولاه المسلم، لأنه لا يصلح (1) له أن يملكه (¬2) (¬3). وجمهور الفقهاء على أنه لا يرثه مع اختلاف دينهما (¬4) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم"، ولأنه ميراث (¬5) فمنعه اختلاف الدين كميراث النسب بل النسب أقوى منه فيكون هو أولى (¬6). إن خلف المولى أبا مولاه ... وابنه ورثهما إياه لوالد (¬7) المولى فسدس (¬8) المال ... والباقي للابن بلا محال لا يرث ذو فرض بالولاء إلا الأب (¬9) والجد يرثان السدس مع ابن المعتق نص أحمد على هذا في رواية جماعة وقال: ليس الجد والأب والابن من الكبر في شيء يجزيهم على الميراث وهذا قول شريح والنخعي والأوزاعي وأبى يوسف (¬10). وروي عن زيد أن المال للابن وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء والشعبي والحسن والحاكم وقتادة وحماد والزهري وأبو حنيفة ومالك ¬

_ (¬1) في ط، هـ يصح وسقطت له الثانية من د، س. (¬2) في ب، ط تملكه وسقطت أن من أ، حـ هـ. (¬3) الذي في الموطأ 3/ 121 مع شرح الزرقاني (قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا والسنة التي لا اختلاف فيها والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا أنه لا يرث المسلم الكافر بقرابة ولا ولاء ولا رحم ولا يحجب أحدًا عن ميراثه). (¬4) في دينها. (¬5) في د س ميراثهم. (¬6) انظر الموطأ مع شرح الزرقاني 3/ 121 ومغني المحتاج 3/ 3/ 24. (¬7) في د، س لوالي وفي النجديات لولد. (¬8) في نظ فثلث. (¬9) في النجديات، ط أب. (¬10) انظر شرح العناية على الهداية 9/ 227 والآثار لأبي يوسف 171.

والثوري ومحمَّد والشافعيُّ وأكثر الفقهاء، لأن الابن أقرب العصبة (¬1). ولنا: أنه عصبة وارث فاستحق من الولاء كالأخوين ولا نسلم أن الابن أقرب من الأب بل هما في القرب سواء وكلاهما عصبة لا يسقط أحدهما صاحبه وإنما هما يتفاضلان (¬2) في الميراث، وكذا حكم الأب والجد مع ابن الابن وإن نزل وحكم الجد والإخوة في الإرث بالولاء كالنسب. لا إرث بالولاء ممّن اعتقا ... كفارة أو من زكاة مطلقًا أي: إذا أعتق رقبة عن (¬3) زكاته أو عن كفارته أو نذره فقال أحمد في الذي يعتق عن زكاته: إن ورث منه شيئًا جعله في مثله قال: وهذا قول الحسن وبه قال إسحاق وعلى قياس ذلك العتق في النذر (¬4). وقال مالك: ولاؤه لسائر المسلمين يجعل في بيت المال (¬5). وقال أبو عبيد (¬6): ولاؤه لصاحب الصدقة (¬7) وهو قول الجمهور في العتق في الندر (¬8) والكفارة (¬9)، وهو المذهب عندنا في الكل (¬10) لحديث: "إنما الولاء لمن أعتق" (¬11)، ولأنه عتق عن نفسه فكان له الولاء، لكن ما أعتقه ساع من الزكاة فولاؤه للمسلمين، لأنه أعتقه من غير ماله. ¬

_ (¬1) انظر شرح العناية على الهداية 9/ 227 والمدونة 3/ 378 ومغني المحتاج 3/ 247. (¬2) في د تفاصلان. (¬3) سقطت من د، س. (¬4) كان من الأولى أن يقول أيضًا والكفارة لأنه ذكرها ولم يستدل لها وقد ذكرها في المغني 7/ 247. (¬5) المدونة 3/ 369. (¬6) في أ، ب، د، س، ط أبو عبيدة. (¬7) انظر الأموال 723. (¬8) سقطت من ط. (¬9) انظر الخرشي على مختصر خليل 8/ 162 والمهذب مع تكملة المجموع 16/ 42 وحاشية ابن عابدين 6/ 120. (¬10) في ط عندنا لما في الحديث. (¬11) من حديث تبره وقد سبق تخريجه في البيع.

وبالولا ورث لبنت المولي ... وعكسه الشيخان قالا (¬1) أولًا وهكذا في الخرقي والشافي ... والأول المنصور (¬2) في الخلاف يعني: لا يرث أحد من النساء بولاء الغير إلا بنت المعتق في رواية لما روى إبراهيم النخعي أن مولى لحمزة مات وخلف بنتًا (¬3) فورث النبي - صلى الله عليه وسلم - بنته (¬4) النصف وجعل لبنت حمزة النصف (¬5). وعكس الشيخان فقالا: بنت المعتق كغيرها من النساء فلا ترث (¬6) وهو الذي قدمه الخرقي وصاحب الشافي (¬7) وهو الصحيح عند الأصحاب وقال القاضي عن الرواية المذكورة أولًا: ما وجدتها منصوصة عنه، وقد قال في رواية ابن القاسم (¬8) وقد سأله عن المولى هل كان لحمزة أو ابنته فقال: لابنته، قد نص على أن (¬9) ابنة حمزة ورثت ولاء نفسها، لأنها هي المعتقة (¬10)، وهذا قول الجمهور إليه ذهب مالك والشافعيُّ وأهل العراق وداود ولإجماع الصحابة ومن بعدهم عليه (¬11). وقوله: في الخلاف أي: في كتب الخلاف ويحتمل أن يكون (مراده ¬

_ (¬1) في نظ قال. (¬2) في د، س المنصوص. (¬3) في د بيتًا في س بنينه. (¬4) في د بنتيه وفي س بنيه. (¬5) رواه الدارقطني 4/ 83 - 84 عن ابن عباس وفيه سليمان بن داود الشاذكوني وهو متهم بالوضع ولم أجده عن إبراهيم النخعي. (¬6) انظر المغني 7/ 264 والمحرر 1/ 41. (¬7) في أ، جـ، هـ، ط الكشاف. (¬8) في أ، جـ، ط قاسم. (¬9) سقطت من ط. (¬10) وهذا هو الثابت وقد رواه ابن ماجة برقم 4784 والحاكم 4/ 66 والبيهقيُّ 6/ 241، 10/ 302. (¬11) انظر الهداية مع تكملة فتح القدير 9/ 226 والكافي لابن عبد البر 2/ 975 ومغني المحتاج 3/ 20.

كتاب (¬1) الخلاف الكبير (¬2) للقاضي أبي يعلى لكن قد ذكرت لك إنكار القاضي لهذه الرواية فضلًا عن نصرته لها. والقتل إن لم يك (¬3) مضمونًا على ... قاتله ورثه نصًا نقلًا أي: لا يمنع القتل غير المضمون القاتل من الميراث كقتل الباغي العادل وعكسه في الحرب والقتل قصاصًا أو حدًا أو دفعًا عن نفسه ونحوه (¬4)، بخلاف المضمون بقصاص أو دية أو كفارة فيمنعه الميراث (¬5). وعند الشافعي: يمنع القتل (¬6) الميراث بكل حال (¬7). وقال أبو حنيفة: وصاحباه: كل قتل لا يأثم فيه لا يمنع الميراث كقتل الصبي والمجنون والنائم والساقط على إنسان من غير اختيار منه وسائق الدابة وراكبها وقائدها إذا قتلت بيدها أو فمها فيرثه (¬8)، لأنه غير (¬9) متهم فيه ولا إثم فيه أشبه القتل في الحد (¬10). وقال (¬11) مالك: يرث قاتل الخطأ من المال دون الدية ولا يرث قاتل العمد (¬12). ¬

_ (¬1) ما بين القوسين من ب، ط وسقط أيضًا من د، س كلمة (مراده). (¬2) سقطت من هـ، ط. (¬3) في د، س يكن. (¬4) وهذا وجه في المذهب الشافعي قال به بعض علماء الشافعية قال في مغني المحتاج 3/ 26: (وقيل: إن لم يضمن كأن وقع قصاصًا أو حدًا ورث القاتل لأنه قتل بحق). (¬5) في جـ زيادة وهي (وعند الميراث). (¬6) في النجديات، ط يمنع الميراث القتل. (¬7) الأم 4/ 3 ومغني المحتاج 3/ 25. (¬8) في د، س فيرث. (¬9) سقطت من ب، ج، ط وفي أليس. (¬10) حاشية ابن عابدين 6/ 766 - 767. (¬11) سقطت الواو من أ، جـ، ط. (¬12) الكافي لابن عبد البر 2/ 1049.

ولنا: أن غير المضمون مأذون فيه فلم يمنع الميراث كما لو أطعمه أو سقاه بإذنه فأفضى إلى تلفه بخلاف ما عداه فإنه داخل في عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - (¬1):"ليس للقاتل شيء" رواه مالك في موطئه وأحمدُ من حديث عمر (¬2) وفي الباب غيره. وجدتان اجتمعا لإحداهما ... قرابتان إرثها (¬3) قل بهما فالسدس ثلثاه لها والأخرى (¬4) ... فثلثه الأخذ بهذا أحرى يعني: إذا كان جدتان إحداهما (¬5) تدلي (¬6) بقرابتين والأخرى ذات قرابة واحدة فلذات القرابتين (¬7) ثلثا (¬8) السدس ولذات القرابة ثلثه وهذا قول يحيى بن آدم والحسن بن صالح ومحمَّد بن الحسن والحسن بن زياد وزفر وشريك (¬9). قال الثوري والشافعيُّ وأبو يوسف: السدس بينهما نصفين (¬10)، وهو قياس قول مالك، لأن القرابتين إذا كانتا من جهة واحدة لم يورث (¬11) بهما جميعًا كالأخ من الأب والأم (¬12). ¬

_ (¬1) في جـ عليه السلام. (¬2) الموطأ مع الزرقاني 4/ 196 وأحمدُ 1/ 49 وأبو داود برقم 4564 وابن ماجة برقم 2664 والبيهقيُّ 6/ 219. وفد أعله النسائي وقواه ابن عبد البر وصوَّب الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام وقفه على عمرو بن شعيب وقال الصنعاني في سبل السلام 3/ 156: والحديث له شواهد كثيرة لا تقتصر عن العمل بمجموعها. (¬3) في نظ إرثهما. (¬4) في ب وأخرى. (¬5) في د، هـ أحدهما. (¬6) في ط ذات قرابتين. (¬7) في جـ قرابتين. (¬8) في ب ثلث. (¬9) حاشية ابن عابدين 6/ 783. (¬10) كذا في جميع النسخ والصواب نصفان. (¬11) في د، س يرث. (¬12) المرجع السابق والخرشي على مختصر خليل 8/ 201 - 202، 208 ومغني المحتاج 3/ 16.

ولنا: أنها شخص (¬1) ذو (¬2) قرابتين ترث بكل واحدة منهما منفردة (¬3) لا ترجح بهما على غيرها فوجب أن ترث بهما كابن العم إذا كان أخًا لأم أو (¬4) زوجًا (¬5) وفارق الأخ لأبوين فإنه يرجح بقرابته على الأخ من الأب ولا يجمع بين الترجيح بالقرابة الزائدة والتوريث بها فإذا وجد أحدهما انتفى الآخر ولا ينبغي أن يخل بهما جميعًا. ¬

_ (¬1) في أ، جـ، ط تخص. (¬2) في ط ذات. (¬3) في هـ مفردة. (¬4) في د، س و. (¬5) في أ: أو.

ومن أبواب العتق والتدبير والكتابة

ومن أبواب (¬1) العتق والتدبير والكتابة العتق في اللغة: الخلوص ومنه عتاق الخيل وعتاق الطير أي: خالصها وسمي البيت الحرام عتيقًا (¬2) لخلوصه من أيدي الجبابرة. وهو في الشرع: تحرير الرقبة وتخليصها من الرق، يقال عتق العبد وأعتقته أنا وهو عتيق ومعتق، والأصل فيه الإجماع (¬3) لقوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92]، وقوله: {فَكُّ رَقَبَةٍ (13)} [البلد: 13] وحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل إرب (¬4) منها إربًا منه من النار حتى إنه ليعتق اليد باليد والرجل بالرجل والفرج بالفرج" متفق عليه (¬5) في أخبار كثيرة سوى هذا. والتدبير: تعليق العتق بالموت، سمي تدبيرًا لأن الوفاة دبر الحياة يقال دابر الرجل يدابر مدابرة إذا مات، فسمي العتق بعد الموت تدبيرًا والأصل فيه الإجماع (¬6) لحديث جابر أن رجلًا أعتق مملوكًا (له (¬7)) عن دبر فاحتاج ¬

_ (¬1) في نظ باب. (¬2) حيث يقال: البيت العتيق ومنه قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29]. (¬3) الإجماع 123. (¬4) الإرب: بكسر الهمزة العضو جمعه آراب أي أعضاء. انظر النهاية 1/ 36. (¬5) البخاري 11/ 519 ومسلمٌ برقم 1509 والترمذيُّ برقم 1451، وأحمدُ 2/ 420، 422 والبيهقيُّ 10/ 271. (¬6) انظر الإجماع 106 والمغني 12/ 207. (¬7) ما بين القوسين من هـ.

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من يشتريه مني فباعه من نعيم بن عبد الله بثمانمائة درهم فدفعها إليه وقال: (أنت أحوج منه) " متفق (¬1) عليه. والكتابة: بيع سيد رقيقه نفسه على مال معلوم في ذمته يؤديه مؤجلًا بنجمين فأكثر، سميت كتابة لضم (¬2) بعض النجوم إلى بعض، أو لأن السيد يكتب بينه وبين رقيقه كتابًا بما اتفقا عليه، والنجوم ها هنا الأوقات المختلفة، لأن العرب كانت لا تعرف الحساب وإنما تعرف الأوقات بطلوع النجوم. والأصل فيها قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ} [النور: 33] (¬3) والأحاديث فيها شهيرة، وأجمعت الأمة على مشروعيتها (¬4). من نسي المعتق أو قد أبهما ... يظهر بالقرعة من قد كتما أي: إذا أعتق واحدًا من رقيقه ثم نسيه أو أعتق منهم واحدًا مبهمًا أقرع بينهم فمن خرجت له القرعة فهو حر من حين أعتقه وليس للسيد التعيين ولا للوارث بعده. فإن قال: أردت هذا بعينه قبل منه وعتق، لأن ذلك لا يعرف إلا من جهته. وقال أبو حنيفة والشافعيُّ: للمعتق التعيين ويطالب (¬5) بذلك فيعتق من عينه وإن لم يكن نواه حالة القول، وإذا عتق (¬6) بتعيينه فليس لباقي رقيقه الاعتراض عليه، لأن له تعيين العتق ابتداءً فإذا أوقعه (¬7) غير معين كان له ¬

_ (¬1) البخاري 4/ 296 ومسلمٌ برقم 997 وأبو داود برقم 3956 والترمذيُّ برقم 1219. (¬2) في ب، جـ، هـ بضم. (¬3) والشاهد فيها {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}. (¬4) انظر الإجماع 104 - 105 والمغني 12/ 338 - 339. (¬5) كررت في س. (¬6) في س أعتق. (¬7) في س أوقفه.

تعيينه كالطلاق (¬1). ولنا: أن مستحق العتق غير معين فلم يملك تعيينه (¬2) ووجب تمييزه بالقرعة كما لو أعتق الجميع في مرضه ولم يخرجوا من الثلث والطلاق كمسألتنا (¬3). ووطؤه أولًا على السواء ... لا يبطل (¬4) القرعة في الإماء يعني: إذا أعتق إحدى إمائه مبهمة غير معينة ثم وطىء إحداهن لم يتعين العتق ولا الرق فيها (وتكون كما لو لم يطأ واحدة فتعين إحداهن بقرعة) (¬5) وبه قال أبو حنيفة (¬6). وقال الشافعي: (يتعين (¬7) الرق فيها (¬8)) (¬9)، لأن الحرية تتعين بتعيينه ¬

_ (¬1) هذا الذي ذكر عن الإمام الشافعي هو فيما إذا أعتق مبهمًا أما إذا أعتق معينًا ونسيه فإنه يؤمر بالتذكر فإن قال: أعتقت هذا قبل قوله لأنه أعرف بما قال؛ فإن اتهمه الآخر حلف لجواز أن يكون كاذبًا، فإن نكل حلف الآخر وعتق العبدان أحدهما بإقراره والآخر بالنكول واليمين. فإن مات قبل أن يبين رجع إلى قول الوارث لأن له طريقًا إلى معرفته فإن قال الوارث: لا أعلم فالمخصوص أنه يقرع بينهما لأنه ليس أحدهما بأولى من الآخر فرجع إلى القرعة: انظر تكملة المجموع 16/ 8، ويرى أبو حنيفة أنه إن أعتق أحد عبديه ونسيه إن بينه فهو على ما بين وإن لم يبين وقال: لا أدري أيهما حر لا يجبر على البيان ولكن يعتق من كل واحد منهما نصفه مجانا ونصفه بنصف القيمة. انظر بدائع الصنائع 4/ 106. (¬2) في د، س تعينه. (¬3) في د، س لمسئلتنا. (¬4) في نظ ووطئيه. (¬5) في نظ تبطل. (¬6) ما بين القوسين سقط من النجديات، هـ، ط. (¬7) بدائع الصنائع 104 سقطت من أ، ط. (¬8) في جـ، ط منها. (¬9) ما بين القوسين سقط من أ، ب، هـ.

عنده ووطؤه دليل على تعيينه وقد سبق الكلام معه (¬1) والجواب عن ذلك. فإن مات المعتق ولم يعين (¬2) قام ورثته مقامه في القرعة وليس لهم التعيين وقد نص الشافعي على هذا إذا (¬3) قالوا: لا ندري أيهما أعتق. وقال أبو حنيفة: لهم التعيين، لأنهم يقومون مقام مورثهم (¬4). من قال عبدي أنت (¬5) معتوق (¬6) على ... ألف فقل يعتق لو لم يقبلا والألف لا تلزمه أيضًا كما ... في وعليك لا بألف فاعلما أي: إذا قال لعبده: أنت حر وعليك ألف عتق ولو لم يقبل (¬7) ولا شيء عليه، لأنه أعتقه (¬8) بغير شرط وجعل عليه عوضًا لم يقبله فعتق ولم يلزمه الألف هكذا (¬9) ذكر المتأخرون من أصحابنا. ونقل جعفر بن محمد قال: سمعت أبا عبد الله قيل له إذا قال: أنت حر وعليك ألف درهم فقال: جيد، فقيل له: فإن لم يرض العبد قال: لا يعتق إنما قال له على أن يؤدي إليه ألفًا فإن لم يؤد فلا شيء. فإن قال: أنت حر على ألف، فكذلك في إحدى الروايتين لأن على ليست من أدوات الشرط ولا البدل (¬10) فأشبه قوله وعليك ألف. ¬

_ (¬1) في ط فيه. (¬2) في أ، جـ، يعيين. (¬3) في ط إذ. (¬4) إنما يكون للورثة التعيين عند الحنفية إذا كان مورثهم أعتق أحد عبيده ثم نسيه أما إذا أعتق مبهمًا فليس لهم التعيين بل ينقسم العتق على العبيد. انظر مختصر الطحاوي وتعليق أبي الوفاء الأفغاني عليه ص 373. (¬5) في نظ أنه. (¬6) في هـ معتق. (¬7) في د، س يقل. (¬8) في النجديات، هـ، ط اعتق. (¬9) في د هذا. (¬10) في هـ اليد.

وعنه: إن قبل العبد عتق وعليه ألف، وإن لم يقبل لم يعتق، وهذا قول أبي حنيفة ومالك والشافعيُّ (¬1) قال في الشرح (¬2): وهذه الرواية هي (¬3) الصحيحة وجزم بها في المنتهى والإقناع وغيرهما (¬4)، لأنه أعتقه (¬5) بعوض فلم يعتق بدون قبوله كما لو قال له: أنت حر بألف، ولأن على تستعمل (¬6) للشرط والعوض قال الله تعالى: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ} [الكهف: 66]، وقال: {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} [الكهف: 94]، وقال: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِىِ ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27]. وقوله: لا بألف أي: لا إن قال له: أنت حر بألف فإنه لا يعتق إلا أن يقبل (¬7) فإن قبل عتق ولزمته الألف، لأن الباء للبدل كبعته بدرهم. وإن قال: أنت حر على أن تخدمني سنة عتق في الحال ولزمته الخدمة كما لو أعتقه واستثناها، فإن مات السيد قبل كمال السنة رجع على العبد بقيمة ما بقي من الخدمة. وقال أبو حنيفة: تقسط (¬8) قيمة العبد على خدمة السنة ليسقط منها بقدر ما مضى ويرجع عليه بما بقي من قيمته (¬9) (¬10). ولنا: أن العتق عقد لا يلحقه الفسخ فإذا تعذر فيه استيفاء العوض ¬

_ (¬1) انظر فتح القدير 5/ 14 والمنتقى شرح الموطأ 6/ 263 ومغني المحتاج 4/ 494. (¬2) الشرح الكبير 12/ 280. (¬3) سقطت من أ، جـ ط. (¬4) في د، س وغيرها. (¬5) في أ، جـ، هـ، ط أعتق. (¬6) في جـ، ط مستعمل. (¬7) في النجديات، ط قبل أن يقبل وفي هـ أن لم يقبل. (¬8) في أ، جـ د، ط تسقط. (¬9) في ب، جـ ط القيمة. (¬10) هذا الذي ذكره المؤلف عن أبي حنيفة إنما يكون إذا قبل العبد العتق على خدمة سنة، لأنها معاوضه يشترط لها القبول: انظر فتح القدير 5/ 14.

رجع إلى (¬1) قيمته. كالعوض في النكاح والصلح عن دم العمد فإن قال: أنت حر على أن تعطيني ألفًا فالصحيح أنه لا يعتق حتى يقبل فإن قبل عتق ولزمه (¬2) الألف. وحامل في العتق إن (¬3) يستثنى ... جنينها يصح هذا المعنى يعني: إذا أعتق حاملًا عتق جنينها إلا أن يستثنيه، لأنه يتبعها (¬4) في البيع والهبة ففي العتق أولى فإن استثناه لم يعتق روي عن ابن عمر وأبي هريرة والنخعي وإسحاق وابن المنذر قال ابن سيرين: له ما استثنى، وقال عطاء والشعبي: إذا استثنى ما في بطنها فله ثنياه. وقال مالك والشافعيُّ: لا يصح استثناء الجنين، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الثنيا إلا أن تعلم (¬5) وقياسًا على استثنائه (¬6) في البيع أشبه بعض أعضائها (¬7). ولنا: قول ابن عمر وأبي هريرة قال أحمد: أذهب إلى حديث ابن عمر في العتق ولا أذهب إليه في البيع (¬8) لقول النبي (¬9) - صلى الله عليه وسلم -:"المسلمون (¬10) على شروطهم" (¬11)، ولأنه يصح إفراده بالعتق فصح استثناؤه كالمنفرد (¬12). ¬

_ (¬1) في النجديات، ط إليه. (¬2) في ب، ط ولزمته. (¬3) في ط أن. (¬4) في ب يتبع وقد سقط من جـ، ط لأنه يتبعها. (¬5) سبق تخريجه. (¬6) سقط من د، س على استثنائه. (¬7) الفواكه الدواني 2/ 159 - 160 ومغني المحتاج 4/ 514. (¬8) حديث ابن عمر المشار إليه قد ذكره الموفق في المغني قال 12/ 465: وروى الأثرم بإسناده عن ابن عمر أنه أعتق جارية واستثنى ما في بطنها. (¬9) في ط رسول الله. (¬10) حزم في جـ مكان المسلمون على. (¬11) سبق تخريجه. (¬12) في أتقديم لعبارة ويفارق البيع العتق لأنه عقد معاوضه بعد كلمة للحديث ثم أتى بها في محلها. وفي جـ فصح استثناؤه للحديث ثم خرم قدر كلمتين ثم تأتي كلمة المنفرد.

وخبرهم (¬1): (نقول به والحمل معلوم فصح استثناؤه) (¬2) للحديث، ويفارق البيع العتق لأنه عقد معاوضة: (يعتبر فيه العلم بصفات العوض ليعلم هل هو قائم مقام العوض) (¬3) (¬4) أو لا، والعتق تبرع لا تتوقف صحته على معرفة صفات المعتق (¬5)، ولا تنافيه الجهالة به ويكفي العلم بوجوده وقد وجد، ولذلك صح إفراد الحمل بالعتق ولم يصح إفراده بالبيع، ولأن استثناءه في البيع إذا بطل بطل البيع كله، وها هنا إذا بطل استثناؤه لم (¬6) يبطل العتق في الأمة ويسري (¬7) الإعتاق إليه فكيف يصح إلحاقه به مع تضاد الحكم فيهما (¬8)، ولا يصح قياسه على بعض أعضائها، لأنه يصح إفراده بالحرية عن أمه فيما إذا أعتقه دونها كما أشار إليه بقوله. إذ عتقه بدونها إجماع ... بذكره أئمة (أ) (¬9) ذاعوا أي: لأن عتق الحمل دون أمه صحيح وأشاع (¬10) أئمة (¬11) أنه إجماع (¬12)، لأن حكمه حكم الإنسان المنفرد، ولهذا يورث الجنين، وإذا ضرب بطن امرأة فأسقطت (¬13) جنينًا ففيه الغرة موروثة [عنه كأنه سقط حيًا، وتصح الوصية له وبه ويرث إذا مات مورثه (¬14)] قبل أن تلد ثم ولد بعده، فصح عتقه كالمنفصل. ¬

_ (¬1) في جـ، ط وأخبرهم. (¬2) ما بين القوسين سقط من د. (¬3) في النجديات، هـ، ط المعوض. (¬4) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬5) في أ، جـ، ط التعتق. (¬6) في ط ولم. (¬7) في د وسرى. (¬8) في ط فيها. (¬9) ما بين القوسين من ب، ط، وفي جـ د، س قد ذاعوا. (¬10) في ط واشاعة. (¬11) في أ، حـ، ط أمة. (¬12) انظر الإجماع 124. (¬13) في أ، جـ، ط فأسقط. (¬14) ما بين القوسين سقط من د، س.

(فائدة) يصح عندنا أن يهب أمة ويستثني (¬1) حملها قياسًا على العتق (¬2). بحلف مع شاهد الاعتاق ... يثبت والتدبير بالوفاق أي: يثبت العتق والتدبير بشاهد عدل يشهد به مع يمين العتيق (¬3) والمدبر ويثبتان أيضًا بشهادة رجل وامرأتين. وقال الشافعي: لا يثبت بذلك، لأن الثابت به الحرية وكمال الأحكام وهذا ليس بمال ولا (¬4) المقصود منه المال ويطلع عليه الرجال في غالب الأحوال فأشبه النكاح والطلاق (¬5). ولنا: أنه لفظ يزول به ملكه عن مملوكه فأشبه البيع، وهذا أجود لأن البينة إنما تراد لإثبات الحكم على المشهود عليه وهو في حقه إزالة ملكه عن ماله فيثبت بهذا وإن حصل به غرض (¬6) آخر للمشهود عليه فلا يمنع (¬7) ذلك من ثبوته بهذه البينة، ولأن العتق يتشوف إليه وينبني على التغليب والسراية فينبغي أن تسهل طريق إثباته، وإن كان الاختلاف بين العبد وورثة السيد بعد موته فهو كما لو كان الخلاف مع السيد. والتدبير بالوفاق: أي: وفاق (¬8) العتق فيما ذكر من ثبوته بشهادة رجل ويمين المدعي أو بشهادة رجل وامرأتين. وهكذا كتابة الموالي ... ...................... أي: إذا اختلف السيد وعبده في الكتابة بأن ادعى العبد أن سيده كاتبه ¬

_ (¬1) في أ: وستثنى وفي جـ واستثنى وفي ط ينثنى. (¬2) في أ، جـ المعتق. (¬3) في النجديات، ط المعتق. (¬4) في أ، جـ، هـ ط ولأن وفي د، س ولا بالمقصود. (¬5) مغني المحتاج 4/ 441 - 443، 537. (¬6) في النجديات، ط يمتنه. (¬7) في د عوض. (¬8) في د وفارق.

وأنكره السيد قبل في ذلك رجلان ورجل وامرأتان ورجل ويمين العبد المدعي للكتابة (¬1)، لأنها (¬2) عقد معاوضة فثبتت (¬3) بذلك كالبيع والإجارة وكذا لو اتفقا (¬4) على الكتابة واختلفا في أداء مالها، لأن النزاع في أداء المال والمال يقبل فيه الشاهد واليمين والرجل والمرأتان وبذلك (¬5) قال الشافعي في الثانية (¬6). ...................... ... وواجب إيتاء (¬7) ربع المال أي: يجب على السيد أن يعطي المكاتب إذا أدى إليه مال الكتابة كله (¬8) ربع مال الكتابة (¬9) وإن شاء وضعه عنه قبل القبض. أما وجوب الإيتاء فلقول (¬10) الله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] وظاهر الأمر الوجوب. وأما وجوب الربع فلما روى أبو بكر بإسناده عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}، قال: "ربع مال (¬11) المكاتبة" وروي موقوفًا على (¬12) علي (¬13)، وحكمته الرفق بالمكاتب ¬

_ (¬1) في ط للكتاب. (¬2) في النجديات، هـ، ط لأنه. (¬3) في النجديات، ط فثبت. (¬4) في أ، ب اتفق. (¬5) في النجديات، ط وكذلك. (¬6) انظر مغني المحتاج 4/ 537، 441 - 443. (¬7) في د، س ابقاء. (¬8) سقطت من د. (¬9) في أ، جـ، ط يجب على السيد أن يعطي المكاتب ربع المال إذا أدى إليه مال الكتابه. وفي ب تجب على السيد أن يعطي المكاتب إذا ربع المال .. إلخ. (¬10) في أ، جـ، ط لقول الله بدون الفاء الواقعة في جواب أما. (¬11) سقطت من د، س. (¬12) في النجديات، س، هـ، ط عن. (¬13) البيهقي 10/ 329 وقال: قد روى مرفوعًا والصحيح أنه موقوف ورواه عبد الرزاق 8/ 375، 376 موقوفًا على علي.

وإعانته (¬1) فكذا لو وضعه (عنه أو عجله جاز لحصول (¬2)) الغرض (¬3) (¬4). وبيعه يجوز لا ملامة ... لكن يقوم المشتري مقامه أي: يجوز بيع المكاتب ويقوم المشتري مقام البائع في أنه إذا أدى إليه عتق (¬5). وقال أصحاب الرأي: ومالك والشافعيُّ في الجديد: لا يجوز بيعه (¬6)، لأن كتابته عقد يمنع استحقاق كسبه فمنع بيعه (¬7). ولنا: حديث بريرة المتفق عليه، قال ابن المنذر: بيعت بريرة بعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي مكاتبة ولم ينكر ذلك ففي ذلك أبين البيان (¬8) أن بيعه (¬9) ¬

_ (¬1) في د واغاثته. (¬2) ما بين القوسين مخروم في جـ وبياض في ط. (¬3) في ط لفرص. (¬4) يرى الشافعية أنه يجب على السيد إعطاء مكاتبه شيئًا من المال إعانة أو حطه عنه من نجوم الكتابة ولكن لا يختص الوجوب بالربع بل يستحب قال في المنهاج 4/ 521: (يلزم السيد أن يحط عنه جزءًا من المال أو يدفعه إليه والحط أولى وفي النجم الأخير أليق والأصح أنه يكفي ما يقع عليه الاسم ولا يختلف بحسب المال وأن وقت وجوبه قبل العتق ويستحب الربع وإلا فالسبع. (¬5) وهو قديم قولي الشافعي قال في مغني المحتاج 4/ 527: (والقديم يصح بيع المكاتب كالعتق بصفة وبهذا قال أحمد). أ. هـ. وهو رواية عن مالك، ويرى ابن حزم جوازه ما لم يؤد المكاتب شيئًا من كتابته قال في المحلى 9/ 232: (وبيع المكاتب والمكاتبة ما لم يؤديًا شيئًا من كتابتهما جائز). (¬6) الذي في بدائع الصنائع 4/ 151: (أنه يجوز بيع المكاتب إذا رضي ويكون بيعه فسخًا لكتابته قال: (ولا يجوز له بيع المكاتب بغير رضاه بلا خلاف، لأن فيه إبطال حق المكاتب من غير رضاه وهو حق الحرية فلا يجوز بيعه كالمدبر وأم الولد، وإن رضي به المكاتب جاز ويكون ذلك فسخًا للكتابة، لأن امتناع الجواز كان لحق المكاتب فإذا رضي فقد زال المانع). (¬7) بدائع الصنائع 4/ 151 والمنتقى 7/ 22 ومغني المحتاج 4/ 527. (¬8) في د س البينات. (¬9) في ب أنه بيع.

جائز ولا أعلم خبرًا يعارضه ولا أعلم في شيء من الأخبار دليلًا (¬1) على عجزها. وتأوله الشافعي على أنها كانت قد عجزت وكان بيعها فسخًا لكتابتها (¬2) (¬3)، وهذا التأويل بعيد يحتاج إلى دليل في غاية القوة وليس في الخبر ما يدل عليه، بل قولها أعينيني على كتابتي (¬4) دليل على إبقائها على الكتابة، وليس المكاتب كأم الولد، لأن سبب حريتها مستقر على وجه لا يمكن فسخه بحال فأشبه الوقف والمكاتب يجوز فسخ كتابته ورده إلى الرق إذا عجز فافترقا (¬5). وظاهر كلامهم يجوز للسيد بيع المكاتب بأكثر مما كاتبه عليه وحكى فيه ابن أبي موسى روايتين. و (¬6) إذا أدى للمشتري عتق وولاؤه له دون البائع، لأن المشتري هو المعتق وإن عجز عاد قنا (¬7) له. من شرط الوطء على المكاتبة ... أبيح (¬8) ذا وفيه لا معاتبه أي: يجوز لسيد المكاتبة وطؤها إذا شرطه (¬9) في عقد الكتابة وبه قال سعيد بن المسيب. وقال الجمهور: لا يجوز لأنه لا يملكه مع إطلاق (¬10) العقد فلم يملكه بالشرط كما لو باعها أو أعتقها (¬11). ¬

_ (¬1) في جـ دليل. (¬2) في طا لمكاتبها وفي أ، ب لكابتها. (¬3) انظر اختلاف الحديث المطبوع مع الأم 7/ 195 - 220. (¬4) مسلم برقم 1504. (¬5) في د، س (افرق) مكان إلى الرق. (¬6) سقطت الواو من أ، جـ، ط. (¬7) في ط رقيقًا. (¬8) في نظ أبح. (¬9) في ط شرط. (¬10) في د الطلاق وفي س الطلاق بالعقد. (¬11) بدائع الصنائع 4/ 141 الكافي لابن عبد البر 2/ 996 ومغني المحتاج 4/ 522.

ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمنون عند شروطهم" ولأنها مملوكة له (¬1) شرط نفعها فصح كشرط (¬2) استخدامها يحقق هذا أن منعه من وطئها مع بقاء ملكه عليها ووجود المقتضي لحل وطئها إنما كان لحقها، فإذا اشترط عليها جاز كالخدمة، وفارق البيع والعتق فإنهما يزيلان ملكه (¬3) عنها. وشرطه أن لا يسافر يلزم (¬4) ... أيضًا كذاك الخلق لا يسألهم أي (¬5) يصح شرط السيد على المكاتب أن لا يسافر وأن لا يأخذ الصدقات ويكون الشرط لازمًا للخبر السابق فإن خالف فللسيد (¬6) فسخها. والشركا من رام أن يكاتبا ... أجز (¬7) ولو بغير إذن راغبًا (¬8) أي: إذا كان لرجل جزء من عبد فكاتبه صح سواء كان باقيه حرًا أو مملوكًا لغيره وسواء أذن فيه الشريك أو لم يأذن، وهذا قول الحكم وابن أبي ليلى، لأن نصيبه منه ملك له يصح بيعه وهبته وعتقه فصحت كتابته كما لو ملك جميعه، وكما لو كان باقيه حرًا عند الشافعي، أو أذن فيه الشريك عند الباقين (¬9). ¬

_ (¬1) في د، س لها. (¬2) في د، س شرط. (¬3) في د ماله. (¬4) في نظ تلزم. (¬5) في د أن. (¬6) في د للسيد. (¬7) في أ، جـ، ط، د، س أجزاء وفي ب جزا. (¬8) في النجديات الراغبا. في النجديات، هـ، ط و. (¬9) انظر بدائع الصنائع 4/ 148 ومغني المحتاج 4/ 520 وفي الكافي لابن عبد البر 2/ 991: أن مذهب مالك أنه لا يجوز لأحد الشريكين في عبد أن يكاتب نصيبه أذن له شريكه في ذلك أم لم يأذن له، لكن أجاز مالك ما لو كاتبه أحدهما ثم اختار الآخر الكتابة أيضًا فإن مكاتبة الأول جائزة ويقتسم ما أخذ من النجوم مع الثاني.

وباليمين القول قول السيد ... في قدر ما كاتب في المجرد أي: إذا اختلفا في عوض الكتابة فقال السيد: كاتبتك على ألفين مثلًا، وقال المكاتب: بل على ألف فالقول قول السيد على الصحيح من المذهب قال القاضي: هذا المذهب نص عليه في رواية الكوسج. وعنه: يتحالفان كالمتبايعين (¬1) وهو قول الشافعي وأبي يوسف ومحمَّد (¬2). وعنه: القول قول المكاتب لأنه منكر للزائد (¬3). ووجه الأولى: أنه اختلاف في الكتابه فالقول قول السيد فيه كما لو اختلفا في أصلها، ولا فائدة في التحالف، إذ الحاصل بالتحالف فسخ (¬4) الكتابة ورد العبد للرق (¬5) وهذا يحصل عند من جعل القول قول السيد مع يمينه، لأن العبد لا يجبر على التكسب (¬6)، وإنما قدمنا قول المنكر في سائر المواضع لأن الأصل معه، والأصل ها هنا مع السيد، لأن الأصل ملكه للعبد وكسبه، وسواء كان اختلافهما قبل العقد (¬7) أو بعده، مثل أن يدفع إليه ألفين ويعتق ثم يدعي المكاتب أن أحدهما (¬8) عن الكتابة والآخر وديعة أو نحوه ويقول السيد بل هما مال الكتابة. والعتق مذ كان بأخذ العوض ... وبان ذو عيب به لا يرتضي لسيد في رد (¬9) ما هو شاك ... قيمته (¬10) والأرش في الإمساك (¬11) ¬

_ (¬1) في د، س المتبايعان. (¬2) مغني المحتاج 4/ 536 ومختصر الطحاوي 386. (¬3) وهو قول أبي حنيفة الأخير وكان أولًا يقول: يتحالفان ويترادان كالمتبايعين. انظر بدائع الصنائع 4/ 141 ومختصر الطحاوي 386. (¬4) سقط من ط لفظ (فسخ). (¬5) في النجديات، ط إلى الرق. (¬6) في د، س التكتب. (¬7) في د، س العتق. (¬8) في ط إحداهما. في النجديات، ط و. (¬9) في د يرد. (¬10) في د فيغمة. (¬11) في النجديات، ط بالإمساك.

أي: إذا قبض (السيد عوض (¬1)) الكتابة كله وعتق المكاتب ثم بان به عيب ولم يرض به السيد معيبًا لم يرتفع العتق (¬2)، بل السيد مخير بين الرد والطلب بالبدل وهو مثل المثلي وقيمة المتقوم (¬3) وبين الإمساك مع الأرش، لأن العتق لا يرتفع بعد وقوعه، والإطلاق يقتضي سلامة العوض فلم يبق إلا الرجوع ببدله (¬4) أو ببدل ما فات منه وهو أرش نقصه. يصح أن يشتري المكاتب ... ابن أخ كذاك أم وأب وهم أرفا معه برقه ... ويعتقوا (¬5) عند الأدا بعتقه أي: يصح أن يشتري المكاتب ذوي (¬6) رحمه المحرم كأبيه وأمه وأخيه وابنه ونحوهم وإن لم يأذن له سيده وهذا قول الثوري وإسحاق وأصحاب الرأي (¬7) قاله في الشرح (¬8)، لأنه اشترى مملوكًا (¬9) بما لا ضرر على السيد في شرائه فصح كالأجنبي، وبيانه أنه يأخذ من كسبهم وإن عجز صاروا (¬10) رقيقًا لسيده فلا ضرر عليه، ويفارق الهبة، لأنها تفوت المال بغير عوض ولا نفع يرجع إلى المكاتب والسيد، وكذا للمكاتب (¬11) أن يقبلهم إذا وهبوا له أو (¬12) أوصي له بهم، وإذا ملكهم فليس له بيعهم ولا هبتهم ولا إخراجهم عن ملكه ولا يعتقون حتى يعتق لكمال ملكه فيهم إذًا وزوال تعلق ¬

_ (¬1) ما بين القاسين خرم في جـ وبياض في ط. (¬2) في د التعق. (¬3) سقط من أ، جـ، ط (وقيمة المتقرم). (¬4) في أ، جـ، ط، س، هـ يدل. (¬5) في هـ ويعتقون. (¬6) في أ، جـ: ذو ووفي ب، ط ذا. (¬7) ويرى الإمام مالك أن للمكاتب أن يشتري ولده من يعتق عليه من ذوي رحمه المحرم إذا أذن له سيده ويدخلون معه في كتابته. انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 995. (¬8) الشرح الكبير 9/ 379 وتكملة شرح فتح القدير 9/ 180. (¬9) كذا في جميع النسخ وليس في الشرح الكبير 9/ 379 لفظ بما ولا معنى لها. (¬10) في أ، جـ، ط، الأزهريات صار. (¬11) في د، س المكاتب. (¬12) سقطت من د.

حق السيد عنهم ويكون ولاؤهم له دون سيده (¬1)، ولا يعتقون (¬2) بإعتاق السيد، لأنه لا يملكهم ولا بإعتاق المكاتب إلا إن أذن له سيده فيه، وله كسبهم ونفقتهم عليه بحكم الملك لا بحكم القرابة، وكذا ولده التابع (¬3) له في الكتابة، والله سبحانه أعلم. ¬

_ (¬1) في جـ، ط سيدهم. (¬2) سقط من ط ولا يعتقون. (¬3) في أ، جـ، ط المتابع.

ومن كتاب النكاح

ومن كتاب النكاح هو في اللغة: الجمع ومنه قول الشاعر: أيها المنكح الثريا سهيلًا ... عمرك الله كيف يجتمعان هي شامية إذا ما استقلت ... وسهيل إذا استقل يماني (¬1) وفي المثل أنكحنا الفرى (¬2) فسيرى (¬3)، أي: أضربنا فحل حمر الوحش أتنه (¬4) فسيرى ما يتولد منهما، يضرب مثلًا للأمر يجتمعون عليه ثم يتفرقون عنه. حقيقة في العقد والوطء معًا ... لفظ النكاح جاء نصًا (¬5) سمعا يعني: أن لفظ النكاح شرعًا حقيقة في (العقد و (¬6)) الوطء فهو مشترك بينهما هذا الأشهر كما في الفروع والمنتهى (¬7) وغيرهما قال القاضي: الأشبه بأصلنا أنه حقيقة في الوطء والعقد جميعًا (¬8) لقولنا بتحريم موطوءة الأب من ¬

_ (¬1) للشاعر عمر بن أبي ربيعة. انظر ديوانه 438 طبع دار بيروت للطباعة والنشر 1398 هـ. (¬2) في د العرى وفي هـ العزى. (¬3) لم أجده في مجمع الأمثال للميداني. (¬4) في أأتانه وفي هـ أتته. (¬5) في نظ نص. (¬6) ما بين القوسين سقط من ط. (¬7) انظر الفروع 5/ 145 والمنتهى مع شرحه للمصنف 3/ 2. (¬8) في د، س جمعًا.

غير تزويج (¬1) استدلالًا بقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] قال في الإنصاف: وعليه الأكثر (¬2) وقيل: هو (¬3) حقيقة في العقد مجاز في الوطء وهذا الصحيح من المذهب وقدمه في الإقناع والمنتهى وغيرهما (¬4)، لأن الأشهر استعمال لفظة (¬5) النكاح بإزاء (¬6) العقد في الكتاب والسنة ولسان أهل العرف وقد قيل: ليس في الكتاب لفظ (¬7) النكاح بمعنى الوطء إلا قوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] ولأنه يصح نفيه عن الوطء فيقال هذا سفاح وليس بنكاح، وفي الخبر: "ولدت من نكاح لا من سفاح" (¬8). وقيل (¬9): حقيقة في الوطء مجاز في العقد، وقيل: إنه حقيقة في كل واحد باعتبار مطلق (¬10) الضم، قال ابن رزين: هو الأشبه لأن القول بالتواطئ خير من الاشتراك والمجاز، لأنهما على خلاف الأصل. وأطلق الوجب في النكاح ... لتائق كخائف السفاح رجحها طائفة كثيرة ... لأنها رواية شهيرة (¬11) عبد العزيز جازم مقرر (¬12) ... وابن أبي موسى فقال: الأظهر (¬13) ¬

_ (¬1) أي: من غير عقد فإذا وطئ الأب امرأة بشبهة أو زنا حرمت بذلك على ابنه على مقتضى ما رجحه القاضي. (¬2) الإنصاف 8/ 5. (¬3) في د هي. (¬4) في د، س وغيرهم. (¬5) في هـ لفظ. (¬6) في ط بأنه وفي أ، جـ بأن. (¬7) في النجديات، ط لفظة. (¬8) رواه البيهقي 7/ 190 وابن جرير الطبري 11/ 76 عن جعفر بن محمد مرسلًا وقد روى متصلًا عن علي وعائشة وابن عباس وأبي هريرة بطرق كلها لا تخلو من ضعف غالبها شديد الضعف. انظر إرواء الغليل 6/ 329 - 334. (¬9) سقطت الواو من د، س. (¬10) في النجديات مطلقًا. (¬11) في جـ مشهوره. (¬12) في النجديات مقدر. (¬13) في حاشية ط كذا في نسخة الشرح وفي التيمورية (الأشهر).

وابن عقيل وابن نصر نصرا (¬1) ... في المفردات واضحًا واقصرا (¬2) وغيرهم لكن أبى الشيخان ... بل سنة في فرقة الأعيان يعني (¬3): روى عن أحمد أن النكاح واجب على الإطلاق فلا يختص وجوبه بالخائف زنا، وهذه الرواية رجحها جماعة كثيرة من الأصحاب منهم أبو بكر عبد (¬4) العزيز حيث اختارها وابن أبى موسى قال: هي الأظهر؛ ونصرها ابن عقيل وابن نصر أبو الحسن (¬5) الزاغوني (¬6) (في المفردات وغيرهم كأبي (¬7)) حفص وأبي يعلى الصغير في مفرداته وصاحب الوسيلة (¬8) لقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] وقوله -عليه السلام-: "يا معشر الشباب مَن استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فليصم فإن الصوم له وجاء" متفق (¬9) عليه، والأمر في الأصل للوجوب (¬10). والمشهور في المذهب الذي عليه القاضي والشيخان والشارح وابن عقيل في التذكرة واختاره ابن حامد والشريف أبو جعفر وصاحب المنتهى ¬

_ (¬1) في نظ نصروا. (¬2) في نظ اختصروا وفي النجديات، هـ، ط وانتصرا. (¬3) سقطت من د، س. (¬4) في د وعبد العزيز. (¬5) في أ، ج، ط حسن. (¬6) في أالزاغونوني. (¬7) ما بين القوسين خرم في ج وبياض في ط. (¬8) لعله الشيخ إسماعيل بن محمد المشهور بابن رسلان البعلبكي المتوفي في شوال سنة 784 هـ فإن له كتابًا اسمه وسيلة المتلفظ إلى كفاية المتحفظ. انظر الدرر الكامنة 1/ 404 ومفاتيح الفقه الحنبلي 2/ 165. (¬9) رواه البخاري 9/ 92 - 95 ومسلمٌ 1400 وأبو داود برقم 2046 والترمذيُّ برقم 1081 والنسائيُّ 4/ 169. (¬10) وهذا رأي ابن حزم رحمه الله قال في المحلى 9/ 440: (وفرض على كل قادر على الوطء إن وجد من أين يتزوج أو يتسرى أن يفعل أحدهما ولا بد فإن عجز فليكثر من الصوم).

والإقناع وغيرهم أنه ليس بواجب إلا أن يخاف على نفسه الوقوع في محظور بتركه فيلزمه إعفاف نفسه وهو قول أكثر الفقهاء، لأن الله تعالى حين أمر به علقه على الاستطابة بقوله تعالى (¬1): {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} والواجب (¬2) لا يقف على الاستطابة وقال تعالى (¬3): {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] ولا يجب ذلك بالاتفاق فدل على أن المراد بالأمر الندب، كذلك الخبر يحمل على الندب أو (¬4) على من يخشى على نفسه الوقوع في (¬5) المحظور (¬6) بترك النكاح. قال القاضي: على هذا يحمل كلام أحمد أبي بكر في إيجاب النكاح. وقوله: لكن أبى الشيخان أي: خالفا وقالا: هو سنة إن لم يخش الوقوع في المحرم (¬7) كما تقدم، وهو قول أكثر العلماء من أعيان أئمة المذهب وغيرهم. إن قدم القبول في النكاح ... فلا (¬8) يصح واترك التلاحي أي: إن (¬9) تقدم القبول على الإيجاب في النكاح لم يصح سواء كان بلفظ الماضي مثل أن يقول تزوجت ابنتك فيقول زوجتك أو بلفظ الطلب كقوله: زوجني ابنتك فيقول: زوجتكها (¬10). وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ: يصح فيهما جميعًا، لأنه قد وجد ¬

_ (¬1) ليست في د، س. (¬2) سقطت الواو من د، س. (¬3) ما بين القوسين من جـ، ط. (¬4) في هـ و. (¬5) في جـ يخشى على نفسه الوقوع في الوقوع في المحضور. (¬6) في النجديات المحضور. (¬7) المقنع 3/ 3 - 4 والمحرر 2/ 13. (¬8) في النجديات، كل، قبل. (¬9) سقطت من أ، جـ. (¬10) في النجديات، هـ، ط زوجتك.

الإيجاب والقبول فصح كما لو تقدم الإيجاب وكالبيع والخلع (¬1). ولنا: أن القبول إنما يكون للإيجاب فمتى وجد قبله لم يكن قبولًا لعدم معناه، وكما لو تقدم بلفظ الاستفهام، وأما البيع فلا يشترط (¬2) فيه صيغة الإيجاب (¬3) لصحته بالمعاطاة ولا يلزم الخلع (¬4)، لأنه يصح تعليقه على الشروط (¬5). ولاية النكاح تستفاد ... لمن بها الإيصاء والإسناد أي: تستفاد ولاية النكاح بالوصية وهو قول الحسن وحماد بن سليمان ومالك (¬6). وقال أبو حنيفة والشافعيُّ وابن المنذر: لا تستفاد بالوصية، لأنها ولاية (¬7) تنتقل إلى غيره شرعًا فلم يجز أن يوصي بها (¬8) كالحضانة (¬9). ولنا: أنها ولاية ثابتة (¬10) فجازت الوصية (¬11) بها كولاية (¬12) المال، ¬

_ (¬1) بدائع الصنائع 2/ 231 ومواهب الجليل 3/ 422 - 423 ومغني المحتاج 3/ 140. (¬2) في جـ، هـ تشترط. (¬3) كذا في جميع النسخ والذي في المغني 7/ 431 والقبول. (¬4) أي: ليس القياس على الخلع بملزم لأنه يصح تعليقه على الشروط كإن أعطيتني كذا أو عملت لي كذا بخلاف النكاح فافترقا. (¬5) في د، س الشرط. (¬6) انظر التاج والإكليل 3/ 428 المطبوع مع مواهب الجليل، والكافي لابن عبد البر 2/ 526 وهي رواية ضعيفة عن أبي حنيفة رواها عنه هشام في نوادره. حاشية ابن عابدين 3/ 80. وقول المؤلف "حماد بن سليمان" خطأ والصواب حماد بن أبي سليمان. انظر ترجمته في التراجم ص 619. (¬7) في هـ ولا. (¬8) في د، س كالخطابة. (¬9) انظر حاشية ابن عابدين 3/ 79 - 80 والأم 5/ 17 ومغني المحتاج 3/ 169. (¬10) في أ، جـ ثانية وفي ب ثابيه. (¬11) في ط وصية. (¬12) في هـ لولاية.

ولأنه يجوز أن يستنيب فيها في حياته فيكون نائبه قائمًا مقامه فجاز أن يستنيب فيها بعد موته كولاية المال. ويملك الإجبار (¬1) مثل الموصي ... والزوج لو لم يك بالمنصوص (¬2) يعني: أن وصي كل ولي يقوم مقامه فإن كان الولي (¬3) له الإجبار فذلك لوصيه وإن كان الولي يحتاج إلى إذنها فوصيه كذلك، لأنه قائم مقامه فهو كالوكيل وسواء عين الولي الزوج ونص عليه أو وصى إليه بأن يزوج وأطلق (¬4). وقال مالك: إن عين الأب الزوج ملك إجبارها صغيرة كانت أو كبيرة، وإن لم يعين الزوج وكانت بنته (¬5) كبيرة صحت الوصية واعتبر إذنها وإن كانت صغيرة انتظر بلوغها فإذا أذنت جاز أن يزوجها بإذنها (¬6). ولنا: أن من ملك التزويج إذا عين له الزوج ملكه مع الإطلاق (¬7) كالوكيل (¬8)، ولا خيار للصغيرة إذا زوجها الوصي ثم بلغت لقيام الوصي مقام الأب كوكيله. ¬

_ (¬1) في حاشية ط (كذا في نسخة الشرح وفي التيمورية الإيصاء). (¬2) في د بالنص. (¬3) سقطت من النجديات، هـ، ط. (¬4) في ب أو. (¬5) في ط ثيبه. (¬6) التاج والإكليل 3/ 428. (¬7) في أ، ط وكالوكيل. (¬8) ما نصره المؤلف هنا مردود بما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: توفي عثمان بن مظعون وترك ابنة له من خولة بنت حكيم وأوصي إلى أخيه قدامة بن مظعون قال عبد الله: وهما خالاي فخطبت إلى قدامة بن مظغون ابنة عثمان بن مظعون فزوجنيها ودخل المغيرة بن شعبة إلى أمها فأرغبها في المال فحطت إليه وحط هوى الجارية إلى هوى أمها فأبتا حتى ارتفع أمرها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال قدامة: يا رسول الله، ابنة أخي أوصى بها إلي فزوجتها ابن عمتها فلم أقصر بها في الصلاح ولا في الكفاية ولكنها امرأة وإنما حطت إلى هوى أمها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هي يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها" قال عبد الله بن عمر: فانتزعت والله بعد أن ملكتها فزوجوها المغيرة بن شعبة. رواه أحمد والدارقطنيُّ وقد سكت عنه الحافظ في التلخيص 3/ 185 وقال في مجمع الزوائد 4/ 280: رجال أحمد ثقات).

وبنت تسع إذنها معتبره ... إن لم تكن (¬1) من الولي مجبره أي: إذن بنت تسع سنين صحيح معتبر نصًا لقول عائشة: إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة، رواه أحمد وروى عن ابن عمر مرفوعًا (¬2) ومعناه في حكم المرأة، ولقوله -عليه السلام-: "تستأمر اليتيمة في نفسها فإن سكتت فهو إذنها وإن أبت فلا جواز عليها" رواه أبو داود (¬3)، وقد انتفى الإذن فيمن لم تبلغ تسع سنين فيجب حمله على من بلغتها، ثم إن كان الولي مجبرًا كأبي البكر فاستئذانها سنة وليس بشرط كالكبيرة وأولى، وإن لم يكن مجبرًا كجد اليتيمة وعمها وأخيها فلا يزوجها إلا بإذنها كالبالغة، وأما اليتيمة دون التسع فلا تزوج بحال، لأن الولي ليس مجبرًا ولا إذن لها حتى تبلغ تسعًا فأكثر. زانية فلا تجز (¬4) تزويجها ... إن لم تقم بتوبة تعويجها أي: تحرم الزانية على الزاني وغيره حتى تنقضي عدتها وتتوب عن الزنا وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ لا تعتبر توبتها (¬5). ولنا: ما روي أن مرثد الغنوى دخل مكة فرأى امرأة فاجرة يقال (¬6) لها: عناق فدعته إلى نفسها فلم يجبها فلما قدم المدينة سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له: "أنكح (¬7) عناقًا؟ " فلم يجبه فنزل قوله تعالى: ¬

_ (¬1) في نظ: تك. (¬2) أثر عائشة لم أجده في المسند ورواه الترمذيُّ بعد الحديث رقم 1109 والبيهقيُّ 1/ 220 وأما حديث بن عمر فرواه أبو نعيم في أخبار أصفهان وفي سنده عبد الملك بن مسران قال ابن عدي: مجهول وقال العقيلي: غلب عليه الوهم لا يفهم شيئًا من الحديث. إرواء الغليل 1/ 199. (¬3) أبو داود برقم 2093 والترمذيُّ برقم 1109 والنسائيُّ 6/ 85. (¬4) في د، س يجز. (¬5) انظر حاشية ابن عابدين 3/ 48 - 49 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 12/ 169 والأم 5/ 131 - 132. (¬6) في أ، ب يقول وفي ط سقط لفظ لها. (¬7) في ط أأنكح.

{الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3] فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتلا عليه الآية وقال: "لا تنكحها" (¬1) ولأنها إذا كانت مقيمة على الزنا لا (¬2) يأمن أن تلحق (¬3) به ولدًا من غيره وتفسد فراشه، وتوبتها أن تراود فتمتنع، كما روي عن عمر (¬4) وقال الموفق: والصحيح أن توبتها الاستغفار والندم والإقلاع عن الذنب كسائر الذنوب (¬5). ولا يصح عقده من فاسق ... ولو وكيلًا (¬6) ليس بالموافق أي: لا يصح عقد النكاح إذا كان الولي أو وكيله العاقد فاسقًا ظاهر الفسق فيشترط العدالة في الولي ولو ظاهرًا قال أحمد: أصح شيء في (¬7) هذا قول ابن عباس: لا. يعني: وقد روى ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل وأيما امرأة أنكحها ولي مسخوط عليه فنكاحها باطل" (¬8)، وروى البرقاني بإسناده عن جابر قال: قال ¬

_ (¬1) رواه أبو داود 1051 والترمذيُّ برقم 3176 والبيهقيُّ 7/ 153 وقال الترمذيُّ: حسن غريب. (¬2) في د، س لم يأمن. (¬3) في أ، جـ، ط يلحق. (¬4) كذا في جميع النسخ والصحيح ابن عمر وهو كذلك في المغني 7/ 517، وحجة هذا القول أنه لا يعرف صدق توبتها بمجرد القول فصارت كمن قال الله فيهن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} [الممتحنة: 10]، والمهاجر قد يتناول التائب قال - صلى الله عليه وسلم -: "المهاجر من هجر ما نهى الله عنه"، رواه البخاري 1/ 51 فهذه إذا ادعت أنها هجرت السوء امتحنت على ذلك والصحيح أن هذا لا يجوز لأن الممتحن يدعو المرأة إلى الزنا ويطلبه منها ولا يكون إلا في خلوة ولا تحل الخلوة بالأجنبية ولو في تعليمها القرآن فكيف في مراودتها على الزنا، ولأنه قد يعرضها إلى نقض توبتها. انظر المغني 7/ 517 والفتاوى 32/ 125. (¬5) المغني 7/ 517. (¬6) في أ، ب، جـ، ط وكيل. (¬7) سقط من هـ شيء في. (¬8) رواه الدارقطني 3/ 212 - 213 والبيهقيُّ 7/ 124 وقال الدارقطنيُّ: رفعه عدي ابن الفضل ولم يرفعه غيره والمحفوظ أنه من قول ابن عباس.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكاح إلا بولي (¬1) وشاهدي عدل" (¬2)، ولأنها ولاية عدل (¬3) نظرية فلا يستبد بها الفاسق كولاية المال وهذا قول الشافعي (¬4)، وأما اعتبار العدالة في وكيل فلقيامه مقامه فاعتبر فيه ما يعتبر فيه فلا ينقض النكاح لو بان الولي بعد عقده فاسقًا، لأن المعتبر ظهور العدالة لا وجودها في الباطن وكذا يقال في الشهود. وكافر لابنته فلا يلي ... تزويجها من مسلم مبجل في النص والقاضي كذا أصحابه ... والمجد في الشرح كذا جوابه (¬5) محرر والمغني في ذا اجتمعا ... وجوزا هدية قد تبعا أي: لا يلي كافر نكاح موليته الكافرة إذا زوجها المسلم (¬6) نص عليه قال: لا يعقد يهودي ولا نصراني عقد نكاح لمسلم ولا مسلمة، وقاله (¬7) القاضي وأصحابه والمجد في شرح الهداية: لأنه عقد يفتقر إلى شهادة مسلمين فلم يصح بولاية كافر كنكاح المسلمين. وقال المجد في المحرر والموفق في المغني وأبو الخطاب في الهداية. وغيرهم (¬8): يليه (¬9)، قال في الشرح (¬10): وهو أصح، وهو قول أبي (¬11) ¬

_ (¬1) في المغني والشرح 7/ 357 بولي مرشد وهو الشاهد من الحديث. (¬2) أخرجه الطبرانيُّ وقال: تفرد به قطن بن نسير الذراع وهو صدوق يخطىء وفيه محمد بن عبد الملك وهو مجهول وإن كان الواسطي فهو مدلس وقد عنعن. إرواء الغليل 6/ 241. (¬3) سقطت من د، س. (¬4) مغني المحتاج 3/ 155. (¬5) في أ: أجابه. (¬6) في جـ، هـ لمسلم. (¬7) في النجديات، هـ، ط قال. (¬8) في جـ كرر لفظ غيرهم. (¬9) انظر المحرر 2/ 17 والمغني 7/ 364 والهداية 1/ 249. (¬10) الشرح 7/ 434. (¬11) في جـ هـ أبو.

حنيفة (¬1)، وجزم به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرهم، لأنه وليها فصح تزويجه لها كما لو زوجها كافرًا والشهود يرادون لإثبات النكاح عند الحاكم بخلاف الولاية (¬2). كفاءة النكاح فيه تشترط ... وخالف الشيخان في الشرط فقط لكن لمن لم يرض فسخ العقد ... حتى أخ على أبيه (¬3) يعدي يعني: اختلفت الرواية عن أحمد في اشتراط الكفاءة لصحة النكاح فروى عنه أنها (¬4) شرط فإنه قال: إذا تزوج المولى العربية فرق بينهما، وهذا قول سفيان، وقال: أحمد في الرجل يشرب الشراب: ما هو بكفء لها يفرق بينهما، وقال: لو كان المتزوج حائكًا فرقت بينهما لقول عمر: (لأمنعن فروج (¬5) ذوات الأحساب (¬6) إلا من الأكفاء) رواه الخلال (¬7)، وهذا اختيار الخرقي (¬8) فلو رضيت المرأة والأولياء بغير كفء لم يصح النكاح، لأنها حق لله وإن عدمت (¬9) الكفاءة بعد العقد لم يبطل النكاح. والرواية الثانية: ليست شرطًا في النكاح واختارها الشيخان (¬10) قال في الشرح (¬11): وهي (¬12) أصح وهذا قول أكثر أهل العلم وروي (¬13) عن عمر ¬

_ (¬1) انظر حاشية ابن عابدين 3/ 77 - 78. (¬2) سقط لفظ الولاية من أ، جـ. (¬3) في أ: أخيه وكتب فوقها أبيه بخط الناسخ. (¬4) في ب، جـ، ط بأنه أأنه. (¬5) في ب، ط تزوج. (¬6) في س الإحسان. (¬7) رواه الدارقطني 3/ 298 وعبد الرزاق 6/ 152 وابن أبي شيبة 4/ 418. (¬8) انظر مختصر الخرقي مع شرحه المغني 7/ 371. (¬9) في ب، جـ. ط عدت وفي هاش ط كذا في الأصل ولعلها فقدت. (¬10) انظر المغني 7/ 373 والمحرر 2/ 18. (¬11) الشرح الكبير 7/ 463. (¬12) في د وهو. (¬13) في ب، ط عنه وفي ط عنه عن عمر.

وابن (¬1) مسعود لقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] وقالت عائشة: (إن أبا حذيفة ابن عتبة بن ربيعة تبنى (¬2) سالمًا وأنكحه ابنة أخيه هند ابنة الوليد بن عتبة وهو مولى لامرأة من الأنصار). أخرجه البخاري (¬3)، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فاطمة بنت قيس أن تنكح أسامة بن زيد مولاه فنكحها بأمره .. متفق (¬4) عليه لكن (¬5) لمن لم يرض (¬6) من (¬7) المرأة، والأولياء كلهم الفسخ، لأن للزوجة ولكل واحد من الأولياء فيها حقًا حتى لو زوج الأب بغير كفء فللأخ الفسخ نص عليه، لأنه ولي في حال (¬8) يلحقه العار بفقد (¬9) الكفاءة فملك الفسخ كالمتساويين (¬10). إن يشترط عليه في كتابها ... أن لا يرى مزوجًا إلا بها أو تشترط (¬11) لا يشتري السراري ... أو يخلها طرًا من الأسفار أو تشرط (¬12) السكنى بدار أو بلد ... إن لم يف خيارها قد انعقد (¬13) أي: إن (¬14) شرط (¬15) لزوجته في صلب النكاح أن لا يتزوج عليها أو لا يتسرى أو لا يسافر بها أو شرط لها السكنى بدارها أو بلدها ونحو ذلك ¬

_ (¬1) في ب، جـ. ط عمرو بن مسعود. (¬2) في د بتنا وفي هـ بنا. (¬3) البخاري 9/ 113 - 114 والنسائيُّ 6/ 63 - 64. (¬4) هذا الحديث من أفراد مسلم وقد رواه برقم 1480. (¬5) في س تكن. (¬6) في أيض. (¬7) في أ، جـ عن. (¬8) في النجديات وهـ، ط حالة. (¬9) في د، س، هـ بعقد. (¬10) في ب، جـ، ط كالمساويين. (¬11) في جـ، ط يشترط وفي نظ، د، س أو تشترط أن لا يشتري السراري. (¬12) في أيشترط. (¬13) في أقد العقد وفي ب ق، العقد. (¬14) سقطت من أ، جـ، ط، ط. (¬15) في النجديات، ط اشترط.

فهو صحيح لازم إن وفي به وإلا فلها الخيار بين البقاء وفسخ النكاح، يروى ذلك عن عمر وسعد (¬1) بن أبي وقاص ومعاوية وعمرو بن العاص وبه قال شريح وعمر بن عبد العزيز وجابر بن زيد وطاووس (¬2) والأوزاعي وإسحاق. وأبطله أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ وغيرهم (¬3) لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل" (¬4) وقوله: "إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا" (¬5)، وهذا يحرم (¬6) وهو التزويج والتسري والسفر (¬7). ولنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج" متفق (¬8) عليه، وقوله -عليه السلام-: "المسلمون على شروطهم" (¬9). ولأنه قول من سمي من الصحابه ولا يعرف لهم مخالف في عصرهم فكان إجماعًا وروى الأثرم بإسناده: "أن رجلًا تزوج امرأة وشرط لها دارها، ثم أراد نقلها فخاصموه إلى عمر فقال: لها شرطها، فقال الرجل: إذًا طلقننا (¬10)، فقال عمر: مقاطع الحقوق عند الشروط" (¬11). ¬

_ (¬1) في د سعيد. (¬2) روى ابن أبي شيبة في مصنفه 4/ 199 - 200 أثر عمر ومعاوية عمرو بن العاص وعمر بن عبد العزيز، وروى عبد الرزاق في مصنفه 6/ 225 - 230، الآثار عن عمر ومعاوية وعمرو بن العاص وشريح وأبي الشعثاء جابر بن زيد وطاووس. (¬3) سقطت من د، س. (¬4) هو في البخاري 9/ 239 بلفظ ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وهو من حديث بريرة وقد سبق تخريجه. (¬5) البيهقي 7/ 249. (¬6) في د محرم. (¬7) الاختيار 3/ 150 والموطأ مع شرح الزرقاني 3/ 136 - 137 والأم 5/ 65. (¬8) البخاري 4/ 237، 9/ 88 ومسلمٌ برقم 1418 وأبو داود برقم 2139 والترمذيُّ برقم 1128 والنسائيُّ 6/ 92 - 93. (¬9) البيهقي 7/ 249. (¬10) في جـ، ط طلقت وفي د طلقنا وفي س طلقتا. (¬11) رواه البيهقي 7/ 249 وسعيد بن منصور 1/ 169 وذكر الترمذيُّ نحوه من قول عمر =

وأما قوله -عليه السلام-: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل" أي: ليس في حكم الله وشرعه وهذا مشروع وقد ذكرنا ما دل على مشروعيته وعلى من نفى ذلك الدليل. وقولهم: إن هذا يحرم الحلال قلنا: (لا يحرم حلالًا وإنمَّا يثبت للمرأة خيار الفسخ [إن لم يف لها به (¬1)) وليس لها الفسخ] (¬2) عند عدم (¬3) الوفاء إلا بحكم حاكم يراه وكذا كل فسخ مختلف فيه. وقوله (¬4): طرًا بضم الطاء أي: جميعًا (¬5) وبفتحها أي: قطعًا. ووجهها ينظر من مخطوبته ... وليست اليدان من ضرورته (¬6) قال في الشرح (¬7): لا خلاف بين أهل العلم في إباحة النظر إلى وجهها، لأنه ليس بعورة، وهو مجمع المحاسن وموضع النظر، ولا يباح له النظر إلى ما لا يظهر عادة، ويباح النظر إلى ما يظهر غالبًا عادة (¬8) كالرقبة واليدين والقدمين، قال أحمد في رواية حنبل: لا بأس أن ينظر إليها وإلى ما يدعوه إلى نكاحها من يد أو جسم أو نحو ذلك. قال أبو ¬

_ = تعليقًا على حديث رقم 1127 وعلقه البخاري في الشروط 9/ 188: وقد اختار هذا القول ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وقد ذكر ابن القيم في إعلام الموقعين 3/ 422: (أن هذا الشرط من أحق الشروط أن يوفى به وهو مقتضى الشرع والعقل والقياس الصحيح فإن المرأة لم ترض ببذل بضعها للزوج إلا على هذا الشرط ولو لم يجب الوفاء به لم يكن العقد عن تراض وكان إلزامًا لها بما لم تلتزمه وبما لم يلزمها الله تعالى ورسوله فلا نص ولا قياس، والله الموفق). (¬1) ما بين القوسين خرم في جـ وفي ط بياض غير أنه يوجد بدل لفظ خيار حق وفي نهاية البياض يوجد لفظ له. (¬2) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬3) في أ، هـ قوم وصححت في هامش. (¬4) ما بين القوسين خرم في جـ وبياض في ط. (¬5) في النجديات، ط جميعها. (¬6) في د، س طريقته. (¬7) الشرح الكبير 7/ 342. (¬8) سقطت من النجديات، ط.

بكر (¬1): لا بأس أن ينظر إليها عند الخطبة حاسرة (¬2)، ووجه ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أذن في النظر إليها من غير علمها علم أنه أذن في النظر إلى جميع ما يظهر غالبًا، إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع (¬3) مشاركة غيره في الظهور، ولأنه يظهر غالبًا فأبيح النظر إليه كالوجه. وظاهر كلام الناظم أنه لا ينظر إلا إلى الوجه ففي جعله من المفردات نظر إلا أن يقال: ليست اليدان من ضرورة الوجه حتى يختص النظر بهما مع الوجه بل جميع ما يظهر غالبًا يشارك الوجه في ذلك كما قدمته (¬4). والأخت إن كانت لأخوين (¬5) ... ذا لأب (¬6) وذا لأبوين (¬7) هما وليان لها وربما ... فالشيخ لابن الأبوين قدمًا يعني: أن المرأة إذا كان لها أخوان لأبوين والآخر لأب فهما سواء في الولاية وهذا قول الخرقي (¬8)، لأنهما استويا في الإدلاء (¬9) بالجهة التي تستفاد بها العصوبة وهي جهة الأب فاستويا في الولاية كما لو كانا (¬10) من أب، وإنما رجح الشقيق في الميراث بجهة الأم ولا مدخل لها في الولاية فلم يرجح بها (¬11). ¬

_ (¬1) في جـ أبو لا بكر. (¬2) في د حاسده. (¬3) سقطت من د، س. (¬4) هذا التوجيه من المؤلف غير سديد فإن الذي انفرد به الإمام أحمد هو جواز النظر إلى الوجه فقط ومعنى قول الناظم ليست اليدان من ضرورته أي أنه لا يباح النظر إليهما وهذا ما ذكره المرداوي في الإنصاف 8/ 17 - 18. (¬5) في نظ، د، هـ بأخوين وفي س أن كان لها أخوين. (¬6) في ب، د، س الأب. (¬7) في نظ، د، س الأبوين. (¬8) انظر مختصر الخرقي مع شرحه المغني 7/ 348. (¬9) في جـ، ط الأولي. (¬10) في س كان. (¬11) وهو قديم قولي الشافعي قال في مغني المحتاج 3/ 151: وعلى القديم هما وليان لأن قرابة الأم لا مدخل لها في النكاح فلا يرجح بها بخلاف الإرث كما لو كان لها عمان أحدهما خال.

والرواية الثانية: الأخ لأبوين أولى وهي اختيار أبي بكر والشيخ الموفق (¬1) وصححها الشارح وغيره وهي المذهب وقطع بها في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها، لأنه حق يستفاد بالتعصيب (¬2) فقدم فيه (¬3) الأخ من الأبوين كالميراث، وكاستحقاق الميراث بالولاء فإنه لا مدخل للنساء فيه وقد قدم الأخ لأبوين فيه، قال في الشرح: وهكذا في بني الإخوة والأعمام وبنيهم (¬4). وحمل عقل فعلى الخلاف ... كذا صلاة الميت لا تنافي أي: حيث وجبت الدية على عاقلة (¬5) المرأة (¬6) وكان فيهم أخ لأبوين وأخ لأب فهل هما سواء أو يقدم ذو الأبوين؟ وإذا ماتت امرأة ولها أخ لأبوين وأخ لأب (¬7) فهل هما سواء في الصلاة عليها أو يقدم الشقيق؟ ينبنى (¬8) ذلك على الخلاف السابق في ولاية النكاح فعلى المذهب يقدم من (¬9) الأبوين وعلى مقابله هما سواء. من عبده الإعفاف منه يطلب ... يُعف أو يبيع جبرًا يجب أي: إذا طلب العبد من سيده أن يزوجه وجب عليه أن يجيبه (¬10) إلى (¬11) ذلك أو أن يبيعه ويجبر على ذلك (¬12). ¬

_ (¬1) في د وهي اختيار الموفق والشيخ أبي بكر. (¬2) في النجديات، ط بالتعصب. (¬3) في هـ فقدم فيه للنسافيه الأخ من الأبوين. (¬4) الشرح الكبير 7/ 415. (¬5) في هـ قلة. (¬6) هم ذكور عصبتها نسبًا وولاءً قريبهم وبعيدهم حاضرهم وغائبهم صحيحهم ومريضهم ولو هرمًا وزمنًا وأعمى. انظر الإقناع مع كشاف القناع 6/ 59. (¬7) في د، س أو لأب. (¬8) في أ، جـ نبني وفي ط يبني. (¬9) كذا في جميع النسخ ولعله سقط الاسم الموصول أي يقدم الذي من الأبوين. (¬10) في د يجبه. (¬11) في أ، جـ، هـ، على. (¬12) وبه قال بعض علماء المالكية إذا احتاج إليه العبد ومنعه السيد إضرارًا به فإنه يجبر =

ووجه وجوب إعفافه قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32]، ولأن النكاح مما تدعو إليه الحاجة غالبًا ويتضرر بفواته فأجبر (¬1) عليه كالنفقه، ولأنه يخاف من ترك اعفافه الوقوع في المحظور بخلاف ما إذا طلب من سيده (¬2) أن يطعمه الحلوى ونحوها (¬3) وكذا حكم أمة طلبته إذا لم يكن يستمتع بها. وحيث عقد أمة تخلله (¬4) ... عقد (¬5) على الحرة قالوا أبطله يعني: إذا تزوج الحر أمة (¬6) لكونه عادم الطول خائف العنت ثم نكح حرة بطل نكاح الأمة في رواية، لأنه إنما أبيح للحاجة فإذا أزيلت (¬7) الحاجة لم تجر (¬8) استدامته كمن أبيح له أكل الميتة للضرورة (¬9) فإذا وجد الحلال لم يستدمه (¬10). والمذهب لا يبطل نكاح الأمة بذلك، لأن فقد الطول كخوف العنت (¬11)، ولا تعتبر استدامته واستدامته ويفارق أكل الميتة فإن أكلها بعد ¬

_ = على رفع الضرر عن العبد إما بتزويجه أو بيعه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ضرر ولا ضراره". انظر مواهب الجليل 3/ 425. (¬1) في النجديات، ط وأجبر. (¬2) في ب وأن. (¬3) هذا جواب على دليل الحنفية وغيرهم ممّن لا يرى إجبار السيد على إنكاح عبده حيث قاسوا النكاح على طلب الحلوى لكونهما من الملاذ. انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 545 وأحكام القرآن للجصاص 3/ 319 - 321 وليس فيهما هذا الدليل. (¬4) في د مخلله. (¬5) في ب عقدًا. (¬6) في ب الحراة وفي د تأخرت إلى بعد كلمة العنت وسقطت من س. (¬7) في النجديات، هـ، ط زالت. (¬8) في النجديات، هـ، ط يجز. (¬9) في النجديات، ط في الضرورة. (¬10) وهذا قول ابن عباس ومسروق وإسحاق والمزني ذكر ذلك الموفق في المغني 7/ 513. (¬11) ما بين القوسين خرم في جـ وبياض في ط.

القدرة ابتداء للأكل وهذا لا يبتدئ النكاح (¬1)، وإنما يستديمه. والاستدامة للنكاح تخالف ابتداءه بدليل أن العدة والردة وأمن العنت يمنعن ابتداءه دون استدامته (¬2)، وكذا الخلاف لو أيسر بعد أن نكح الأمة بالشرطين. سرية باختها لا يجمل ... تزويجه وعقده فيبطل يعني: إذا وطيء أمته ثم تزوج أختها لم تحل ولم يصح النكاح قال القاضي: هو ظاهر كلام أحمد، لأن النكاح تصير به المرأة فراشًا فلم يجز أن يرد على فراش الأخت كالوطء، ولأن وطء مملوكته معنى يحرم أختها لعلة الجمع فمنع صحة النكاح كالزوجية (¬3) (¬4)، ويفارق الشراء فإنه لا ينحصر في الوطء ولهذا صح شراء الأختين ومن لا تحل له كالمجوسية، ولأن هذا يشبه نكاح الأخت في عدة أختها لكونه لم يستبرئ الموطوءة، فإن باع الأمة ونحوه واستبرأها صح أن يتزوج أختها (¬5)، فإن عادت الأمة لملكه لم يبطل النكاح ولم يطأ إحداهما حتى يحرم الأخرى. ¬

_ (¬1) ما بين القوسين خرم في جـ وفي ط يوجد بدله ذلك حرام ثم البقية بياض. (¬2) يعني: أنه لا يجوز ابتداء النكاح في زمن العدة ولا يجوز للمسلم ابتداء نكاح المرتدة في ردتها وكذلك لا يجوز للحر نكاح الأمة مع أمن العنت لكن وجود هذه لا يقطع النكاح فإن الرجعية زوجة في عدتها والمرتدة على الصحيح من المذهب زوجة حتى تنقضي عدتها وكذلك إذا تزوج الحر أمة بشرطه ثم فقد فلا ينفسخ نكاحه. المقنع 3/ 40، 68. (¬3) في د، س كالزوجة. (¬4) وعنه يصح العقد ولا يطأ الزوجة حتى يحرم السرية وهو ظاهر كلام الإمام أحمد كما ذكره أبو الخطاب فىِ الهداية 1/ 253 ونقله حنبل وجزم به في الوجيز وصححه في النظم. انظر الإنصاف 8/ 129. (¬5) قال الإمام مالك في هذه المسألة: (من كانت له أمة يطأها ثم إنه تزوج أختها فإنه لا يعجبني نكاحه ولا فسخه ويوقف إما أن يطلق وإما أن يحرم الأمة) التاج والإكليل 3/ 467. وبمثل هذا قالت الحنفية: ففي الدر المختار 6/ 40 وإن تزوج أخت أمة قد وطئها صح النكاح لكن لا يطأ واحدة منهما حتى يحرم إحداهما عليه بسبب ما.

كافرة وأمها حربية ... حرم (¬1) على المسلم ذي البلية (¬2) أي: إذا كانت الكافرة أمها حربية لم يبح نكاحها للمسلم، ولم يعز (¬3) هذا القول في الإنصاف لغير المؤلف (¬4). والصحيح من المذهب حل نكاح كتابية أبواها كتابيان مطلقًا جزم به في المغني والشرح والوجيز وغيرهم لعموم قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5]. ينتشر (¬5) التحريم باللواط ... مثل الزنا إياك أن تواطي أي (¬6) ينشر اللواط الحرمة كالزنا فيحرم على كل مسلم (¬7) لائط وملوط به أم الآخر وابنته نص (¬8) عليه أحمد وهو قول الأوزاعي، لأنه وطء في الفرج فنشر الحرمة كوطء المرأة (¬9)، قال الشارح (¬10): والصحيح أن هذا لا ينشر الحرمة فإن هؤلاء (¬11) منصوص عليهن فيدخلن (¬12) في عموم قوله ¬

_ (¬1) في نظ حرام وفي بو حرم. (¬2) في نظ التلبية. (¬3) في النجديات، هـ ط ينص. (¬4) الإنصاف 8/ 135. (¬5) في أينشر. (¬6) في جـ أن. (¬7) في الأزهريات من. (¬8) في النجديات، ط عليه نص عليه. (¬9) ونقل المرداوي في الإنصاف 8/ 120 عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه قال: المنصوص عن الإمام أحمد -رحمه الله- في مسألة التلوط أن الفاعل لا يتزوج بنت المفعول فيه ولا أمه. قال: وهو قياس جيد. قال: فأما تزوج المفعول فيه بأم الفاعل ففيه نظر، ولم ينص عليه. (¬10) الشرح الكبير 7/ 473. (¬11) أي: أم الملوط به وابنته وأم اللائط وابنته فليس هناك نص على تحريمهن على الآخر ولا هن في معنى المنصوص عليه. (¬12) في د، س فيدخل.

تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] ووطء المرأة يثبت أحكامًا لا يثبتها اللواط، فلا يجوز إلحاقه به لعدم العلة وانقطاع الشبه (¬1) أو ضعفها (¬2) جدًا. اختلف العنين مع زوجته ... في وطئه الثيب في مدته يخلو (¬3) بها أو يخرج (¬4) المنيا ... فإن أبى فقولها (¬5) المرضيا يعني: إذا أجل العنين سنة ثم ادعى أنه وطيء زوجته الثيب فيها فإنه يخلى معها في بيت ويقال أخرج ماءك على (¬6) شيء فإن ادعت أنه ليس بمني جعل على النار فإن ذاب فهو (¬7) مني وبطل قولها، وهو رواية عن أحمد نقلها مهنا وأبو داود (¬8) وأبو الحارث وغيرهم، واختارها القاضي والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي، وهو مذهب عطاء، لأن العنين يضعف عن الإنزال فإذا أنزل تبينا صدقه فيحكم به. وعنه القول: قوله لأن الأصل السلامة جزم بها في العمدة والوجيز ومنتخب الأزجي وغيرهم واختارها (¬9) القاضي في كتابه (¬10) الروايتين والموفق والشارح وابن عبدوس في تذكرته (¬11). ¬

_ (¬1) في الأزهريات الشبهة. (¬2) كذا في جميع النسخ ولعل الأصح ضعفه. (¬3) في نظ يخل. (¬4) في هـ و. (¬5) في نظ فقوله. (¬6) في أ، جـ، ط عن. (¬7) في هـ فهي. (¬8) مسائل الإمام أحمد لأبي داود 178 - 179. (¬9) في النجديات، هـ، ط اختاره. (¬10) في ط كتاب. (¬11) وهذا مذهب الأئمة الثلاثة وعليه عند الجميع اليمين أنه أصابها فإن نكل خيرت عند أبي حنيفة وأحمدُ وقال مالك والشافعيُّ: ترد اليمين فإن حلفت خيرت وإن لم تحلف فهي امرأته. انظر حاشية ابن عابدين 3/ 499 - 500، والتاج والإكليل 3/ 488، والأم 5/ 35 والمغني 7/ 616 - 617.

وعنه القول: قولها وهو المذهب قدمه في المحرر والنظم والرعايتين. والحاوي الصغير والفروع وغيرهم وقطع به في التنقيح والمنتهى والإقناع، لأن الأصل عدم الإصابة فاليقين معها. وأو في النظم بمعنى الواو، والمرضيا منصوب بفعل محذوف. ويثبت الفسخ بعيب الفتق (¬1) ... والنص فيه واضح في الخرقي أي: يثبت للزوج الخيار إذا كانت المرأة بها فتق ذكره الخرقي وغيره والفتق: انخراق بين السبيلين، قال في الإنصاف (¬2): فيثبت للزوج الخيار بلا خلاف أعلمه أي: في المذهب، لأنه يمنع لذة الوطء وفائدته (¬3)، وكذا يثبت له الخيار على الصحيح من المذهب بانخراق ما بين مخرج بول ومني ويسمى فتقا على الصحيح. يباح الاستمنا لخوف العنت ... لعادم الزوجة أو للأمة (¬4) أي: (يجوز الاستمناء لرجل أو امرأة عند خوف) (¬5) الزنا، لأنه لو (¬6) فعل ذلك خوفًا على بدنه لم يحرم، ففعله خوفًا على (دينه أولى، فلا يباح ¬

_ (¬1) في نظ ويثبت العيب بالفتن. (¬2) الإنصاف 8/ 194. (¬3) وقد ذكر ابن عبد البر عن المالكية أن اتحاد المسلكين عيب يثبت به الخيار قال -رحمه الله- في الكافي 2/ 565: إذا وجد الرجل بامرأته جنونًا أو جذامًا أو برصًا أو ما يمنع الجماع مثل القرن والرتق والإفضاء وهو أن يكون المسلكان واحدًا في المرأة وأراد لذلك مفارقتها وكان له فسخ نكاحه بأمر من الحاكم فلا شيء لها إن لم يكن أصابها فإن علم به بعد ما أصابها فلها مهر المسمى بما استحل من فرجها ويرجع الزوج بذلك على وليها الأب أو الأخ .. فإن كان الولي ابن عم أو مولى أو رجلًا من العشيرة لا علم له بشيء من ذلك فلا غرم عليه وعليها أن ترد الصداق كاملًا لأنها غرت من نفسها إلا أنه يترك لها قدر ما يستحل به فرجها وذلك عند مالك ربع دينار أو ثلاثة دراهم. (¬4) في د للعنت. (¬5) ما بين القوسين خرم في جـ وبياض في ط. (¬6) في ط لأنه وله.

إلا إذا لم يقدر) (¬1) على نكاح ولو لأمة، لأنه إنما أبيح لضرورة الخوف من الزنا وهي مندفعة في حق القادر على النكاح لحرة أو أمة (¬2). ¬

_ (¬1) ما بين القوسين خرم في جـ وبياض في ط. (¬2) وهذا مذهب طوائف من السلف وارتضاه محققوا الحنابلة ونص عليه أحمد لما روي أن الصحابة كانوا يفعلونه في غزواتهم وأسفارهم. انظر حاشية ابن قاسم 7/ 351 والسلسبيل 3/ 117.

ومن كتاب الصداق

ومن كتاب الصداق بفتح الصاد وكسرها، وهي مشروع بالكتاب والسنة [والإجماع، قال تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4] والسنة] (¬1) شهيرة بذلك، والصداق: العوض في النكاح، وله (¬2) تسعة أسماء الصداق والصدقة والمهر والنحلة والفريضة والأجر والعلائق والعُقْر (¬3) والحباء (¬4)، روي عنه - عليه السلام - أنه قال: "أدوا العلائق"، قيل: يا رسول الله، وما العلائق؟ قال: "ما تراضى به الأهلون" (¬5)، وقال عمر: لها عقل نسائها (¬6) (¬7)، ويقال: أصدقت المرأة ومهرتها ولا يقال: أمهرتها ذكره غير واحد. من قال عتق أمتي الصداق ... ينعقد النكاح والإعتاق (¬8) يعني: إذا قال لأمته: أعتقتك وجعلت عتقك صداقك أو قال: أعتقت ¬

_ (¬1) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬2) في د، س وفيه. (¬3) في ط العهر وفي الحاشية في الأصل وعله العقل لقول عمر الذي سيأتي. (¬4) في هـ: لحبار. (¬5) رواه الدارقطني والطبرانيُّ وفي سنده محمد بن عبد الرحمن البيلماني قال ابن القطان: (قال البخاري: منكر الحديث). نصب الراية 3/ 200. (¬6) في جـ نسيانها. (¬7) هذا الأثر في المغني 8/ 3 ولفظه: (لها عقر نسائها) وقد استشهد به على مجيء كلمة عقر بمعنى صداق وكذلك أراد المؤلف هنا وقد ظهر لي أن كلمة عقل هنا تصحيف لكلمة عقر. (¬8) في بالعتاق.

أمتي وجعلت عتقها صداقها ونحوه مما يؤدي هذا المعنى، وكان متصلًا بحضرة شاهدين انعقد النكاح والعتق، وكان العتق هو الصداق، لحديث أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أعتق صفية وجعل عتقها صداقها)، رواه أحمد والنسائيُّ وأبو داود والترمذيُّ وصححه (¬1)، وروى (¬2) الأثرم (¬3) عن صفية قالت: (أعتقني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعل عتقي صداقي)، وروى الأثرم أيضًا (¬4) عن علي أنه كان يقول: (إذا أعتق الرجل أم ولده فجعل عتقها صداقها فلا بأس بذلك)، ولأن العتق يجب تقديمه على النكاح ليصح وقد شرطه صداقًا فتوقف صحة العتق على صحة النكاح، فيكون العتق صداقًا، وقد ثبت العتق فيصح النكاح، ولا (¬5) فرق فيما تقدم بين الأمة القن (¬6) وأم الولد والمدبرة والمكاتبة والمعلق عتقها على صفة (¬7) قبل وجودها ولا بين المسلمة، والكتابية، وكذا لو أعتقها وزوجها أو أجرها لزيد مثلًا على ألف وقبل (¬8) زيد فيهما وكذا لو أعتقها وجعل عتقها مع دراهم معلومه ونحوها صداقها (¬9) (¬10). بدون مهر المثل في المبالغة ... لوالد تزويج حتى بالغه ¬

_ (¬1) الحديث رواه البخاري في صحيحه 9/ 111 ومسلمٌ برقم 1365 وأحمدُ 2/ 99 - 170 - 181 وأبو داود برقم 2054 والترمذيُّ برقم 1115 والنسائيُّ 6/ 114. (¬2) في ط ورواه. (¬3) عزاه ابن حجر في الفتح 9/ 111 إلى الطبراني وأبي الشيخ واستدل به ولم يعله بشيء. (¬4) رواه عبد الرزاق 7/ 270 - 271 وابن حزم في المحلى 9/ 505 من طريق عبد الرزاق. (¬5) في النجديات، ط فلا. (¬6) في ط الأمة والقن. (¬7) في النجديات، ط لصفة. (¬8) في النجديات، ط فقبل. (¬9) في د، س صداقًا. (¬10) وما ذهب إليه أحمد هنا من جواز جعل العتق صداقًا قد قال به سعيد بن المسيب لإبراهيم النخعي وطاووس والزهري والثوري وأبو يوسف وإسحاق وابن حزم والترمذيُّ وابن حبان وقالت به الهادويه ورجحه الصنعاني. انظر فتح الباري 9/ 111 والمحلى 9/ 501 - 507 وبدائع الصنائع 2/ 281 وسبل السلام 3/ 256 - 258.

يعني: يجوز (¬1) للأب أن يزوج بنته بدون مهر مثلها بكرًا كانت أو ثيبًا صغيرة أو كبيرة رضيت أو كرهت قال في الشرح (¬2): وبه قال أبو حنيفة ومالك (¬3). وقال الشافعي: ليس له ذلك فإن فعل فلها مهر مثلها، لأنه عقد معاوضة فلم يجز أن ينقص به عن قيمة المعوض كالبيع ولأنه تفريط في مالها (¬4). ولنا: قول عمر وقد خطب الناس: (ألا لا تغالوا (¬5) في صداق النساء فما أصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدًا من نسائه ولا أحدًا من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية) (¬6)، وكان ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينكر فكان اتفاقًا منهم على أن له أن يزوج بذلك وإن كان دون صداق المثل. وزوج سعيد بن المسيب ابنته (¬7) بدرهمين (¬8) (وهو من) (¬9) أشرف (¬10) قريش شرفًا (¬11) وعلمًا ودينًا، ومن المعلوم أنهما ليسا (¬12) مهر مثلها، ولأنه ليس المقصود من النكاح العوض وإنما المقصود السكن والأزواج (¬13) ووضع المرأة في منصب ¬

_ (¬1) سقطت من النجديات، هـ، ط. (¬2) الشرح الكبير 8/ 31. (¬3) انظر المقدمات 2/ 362 وتعليق الشيخ طاهر محمد الزاوي على مختصر خليل 122 وبدائع الصنائع 2/ 245. (¬4) المنهاج مع نهاية المحتاج 6/ 288 - 289. (¬5) في أ، جـ أن لا لا تغالوا. (¬6) رواه أحمد 1/ 40، 41 وأبو داود برقم 2106 الترمذيُّ برقم 1114 النسائي 6/ 117 - 118 وابن ماجة برقم 1886 والبيهقيُّ 7/ 234. (¬7) سقطت من هـ. (¬8) رواه سعيد بن منصور 1/ 158 قال حدثنا يسار بن عبد الرحمن أن سعيد ابن المسيب زوج ابنته ابن أخيه على درهمين. (¬9) خرم في جـ وبياض في ط لكن قد سبق البياض لفظ (ومن) في ط. (¬10) في الأزهريات أشراف. (¬11) في حـ، ط عرفًا. (¬12) في د، س ليس. (¬13) كذا في جميع النسخ وفي المغني 7/ 391 والأزدواج.

(عند (¬1)) من يكفلها ويصونها (¬2) ويحسن عشرتها، والظاهر من الأب مع تمام شفقته وبلوغ نظره أنه لا ينقصها من صداقها إلا لتحصيل المعاني (¬3) المقصودة (¬4) بالنكاح، ويفارق سائر عقود المعاوضات؛ فإن المقصود فيها العوض فلم يجز تفويته، وليس ذلك لغير الأب إلا بإذنها إن كانت رشيدة، فإن فعله غيره بغير إذنها وجب مهر المثل على الزوج لفساد التسمية وعلى الولي ضمانه، لأنه المفرط كما لو باع مالها بدون ثمن مثله. وإن زوج الأب ابنه الصغير أو (¬5) المجنون بأكثر من مهر المثل صح ولزم ذمة الابن، لأن المعوض (¬6) له فكان العوض (¬7) عليه كالكبير وكثمن (¬8) المبيع (¬9)، ولا يضمنه الأب لو كان ابنه معسرًا إلا إن ضمنه ولو بقوله علي (¬10) ونحوه. وناكح بغير إذن عبد (¬11) ... بعد الدخول حيث رد العقد لزوجة من مهرها خمسان ... قضى بذاك جامع القرآن يعني: (إذا نكح العبد فإن كان) (¬12) بإذن سيده على مهر مسمى فالنكاح صحيح والمهر والنفقة وتوابعها (على سيده سواء ضمنهما أو لا، وسواء) (12) كان مأذونًا له في التجارة أو محجورًا عليه، وإن كان بغير إذن ¬

_ (¬1) ما بين القوسين من ب. (¬2) في ب أو. (¬3) في جـ، ط العاني. (¬4) في أج، ط المقصود. (¬5) في هـ و. (¬6) في النجديات، ط العوض. (¬7) في النجديات، هـ، ط كالمعوض. (¬8) في النجديات، هـ، ط وثمن. (¬9): أي: كالرجل الكبير إذا زوجه أبوه فإنه يلزمه المهر كما يلزمه ثمن المبيع لو اشترى له. (¬10) في د، س ليس. (¬11) في د، س سيد. (¬12) ما بين القوسين خرم في جـ وبياض في ط.

سيده لم يصح النكاح (¬1)، وقال أبو حنيفة: هو موقوف على إجازة سيده (¬2). ولنا: حديث جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه فهو عاهر (¬3) " رواه الأثرم وأبو داود (¬4) [وابن ماجة وروى أبو داود (¬5)]، وابن ماجة (¬6) أيضًا عن ابن عمر موقوفًا: (أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه فهو زان) فإن فارقها قبل الدخول فلا شيء عليه، لأنه عقد باطل فلا يوجب بمجرده شيئًا كالبيع الباطل، وإن فارقها بعد الدخول فلها خمسا (¬7) المسمى في رواية اختارها الخرقي لما روى أحمد بإسناده عن جلاس (¬8) أن غلامًا لأبي موسى تزوج بمولاة تيحان التميمي بغير إذن مولاه، فكتب أبو موسى (¬9) في ذلك إلى عثمان بن عفان، فكتب إليه: (أن فرق بينهما وخُذْ لها الخُمْسَين من صداقها، وكان صداقها خمسة أبعرة) (¬10). والصحيح من المذهب أن الواجب مهر المثل (كقول أكثر الفقهاء، لأنه وطء يوجب المهر فأوجب مهر المثل) (¬11) بكماله كسائر الأنكحة الفاسدة (¬12) ويتعلق (¬13) ذلك برقبة العبد كسائر أروش جنايته فيفديه (سيده) (¬14) بالأقل منه أو من قيمته أو يسلمه. ¬

_ (¬1) سقطت من أ، ج، ط. (¬2) حاشية ابن عابدين 3/ 97. (¬3) في أ، حـ، ط عاص. (¬4) أبو داود برقم 2078 والبيهقيُّ 7/ 127. (¬5) ما بين القوسين سقط من النجديات، هـ، ط. (¬6) أبو داود برقم 2079 وسنن ابن ماجة برقم 1959. (¬7) في د، س خمس. (¬8) في ط جابر. (¬9) في جـ أبي موسى. (¬10) رواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة 7/ 243 - 244 وابن أبي شيبة 4/ 259 - 260. (¬11) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬12) انظر المغني 7/ 411 ومغني المحتاج 3/ 217. (¬13) في أ، جـ ويتعلقن. (¬14) ما بين القوسين من ب.

والمراد بقوله جامع القرآن: عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وقد تقدم ذكر القصة التي رواها الإمام أحمد عنه (¬1). وقد يمكن الجواب عنها بأن خمسي (¬2) المسمى كان مهر مثلها فهي قضية عين طرقها الاحتمال فلا استدلال بها. إن أطلق التأجيل في الصداق ... يصح والمحل في الفراق (¬3) يعني: يصح أن يكون الصداق كله حالًا وأن يكون مؤجلًا وأن يكون بعضه حالًا وباقيه مؤجلًا، لأنه عوض في معاوضة فجاز ذلك فيه كالثمن ومتى أطلق اقتضى الحلول كما لو أطلق ذكر الثمن، وإن شرطه مؤجلًا إلى وقت فهو إلى أجله. وإن شرطه مؤجلًا ولم يذكر أجله صح، ومحله الفرقة، قال أحمد: إذا تزوج على العاجل والآجل لا يحل الآجل إلا بموت أو فرقة، وهو قول النخعي والشعبي، لأن المطلق يحمل على العرف، والعادة في الصداق الآجل (¬4) ترك المطالبة به إلى حين الفرقة فحمل عليه فيصير حينئذ (¬5) معلومًا بذلك بخلاف قدوم زبد ونحوه (¬6). ¬

_ (¬1) انظر مسائل الإمام أحمد لابن هانئ 1/ 220 وقد سبق تخريجها. (¬2) في أ، جـ هـ خمس وفي ب خمسًا. (¬3) في هامش ط كذا في نسخة الشرح وفي التيمورية (بافتراق) وفي نظ، د، س بالفراق. (¬4) في ب المؤجل. (¬5) سقطت من النجديات، هـ ط. (¬6) وهذا قول الليث بن سعد واختيار ابن تيمية وتلميذه ابن القيم قال ابن القيم في إعلام الموقعين 3/ 5، 106: والصحيح ما عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صحة التسمية وعدم تمكين المرأة من المطالبة إلا بموت أو فرقة حكاه الليث إجماعًا منهم وهو محض القياس والفقه، فإن المطلق من العقود ينصرف إلى العرف والعادة عند المتعاقدين كما في النقد والسكة والصفة والوزن، والعادة جارية بين الأزواج بترك المطالبة بالصداق إلا بالموت أو الفراق. فجرت العادة مجرى الشرط. وأيضًا فإن عقد النكاح يخالف سائر العقود. ولهذا نافاه التوقيت المشترط في غيره من العقود على المنافع، بل كانت جهالة مدة بقائه غير مؤثرة في صحته، والصداق عوضه ومقابله فكانت جهالة مدته غير مؤثرة في صحته فهذا محض القياس.

وقوله: والمحل بكسر الحاء أي: وقت حلوله (¬1) الفراق أي: البائن فلو طلقها رجعيًا لم يحل حتى تقضي عدتها لما تقدم. والمهر عبدًا عينوه فظهر ... حرًا لها (¬2) قيمته فيما اشتهر يعني: لو تزوجها على عبد معين تظنه (¬3) مملوكًا للزوج فبان حرًا فلها قيمته (¬4)، لأن العقد وقع على التسمية (¬5) فكانت لها (¬6) قيمته كما لو ظهر مغصوبًا، ولأنها رضيت بقيمته إذ ظنته مملوكًا فكان لها قيمته كما لو وجدته معيبًا فردته، بخلاف ما إذا قال: أصدقتك هذا الحر وهذا المغصوب فإنها رضيت بغير شيء كرضاها (¬7) بما تعلم أنه ليس بمال أو بما لا يقدر على تمليكها إياه، فصار وجود التسمية كعدمها فكان (¬8) لها مهر المثل وسواء سلمه إليها أو لم يسلمه [لأنه سلم] (¬9) ما لا يجوز تسليمه فكان وجوده ¬

_ (¬1) في ط حلول. (¬2) سقطت من د. (¬3) في جـ يظنه. (¬4) وهو قول لمالك والشافعيُّ وقال به أبو يوسف من الحنفية، أما مالك فقد جاء في المدونة 5/ 387: (قلت: أرأيت إن تزوجت امرأة على جارية فاستحقت الجارية أنها حرة أو أصابت المرأة بها عيبًا؟ (قال) تردها وتأخذ قيمة الجارية من زوجها. وأما الشافعي فقد جاء في مغني المحتاج 3/ 225: (لو نكحها بخمر أو حر أو مغصوب سواء أشار إليه ولم يصفه كأصدقتك هذا أو لم يشر ووصفه بما ذكر أو بغيره كعصير ورقيق أو مملوك وجب مهر المثل في الأظهر .. وفي قول قيمته أي قيمة ما ذكر بأن يقدر الخمر عصيرًا لكن يجب مثله والحر رقيقًا والمغصوب مملوكًا لكن المغصوب المثلي يجب مثله). وقد ذكر مثل هذا صاحب الاختيار 3/ 149 عن أبي يوسف رحمه الله. (¬5) في ط القيمة. (¬6) في أ، جـ، ط فلها. (¬7) في الأزهريات لرضاها. (¬8) في النجديات، ط وكان. (¬9) ما بين القوسين سقط من أ، جـ، هـ ط إلا ضمير الغائب المنصوب في يسلمه فهو في جـ هـ أيضًا.

كعدمه، وإن أصدقها خلا فظهر خمرًا أو مغصوبًا فلها مثله خلًا، لأنه مثلي كالإتلاف. في قدر ما أصدق حيث اختلفا ... فمهر مثل مطلقًا لا يحلفا يعني: إذا اختلف الزوجان في قدر ما أصدق الزوج المرأة وجب مهر المثل ولا يتحالفان هنا بخلاف البيع، وسواء كان الاختلاف قبل الدخول (¬1) أو بعده كما أشار إليه بقوله مطلقًا، وهذا إذا كان (¬2) مهر المثل موافقًا لدعوى أحدهما، أو ادعى (¬3) الزوج أقل منه وادعت (¬4) هي أكثر منه فيردان إليه حيث لا بينة لأحدهما. وعنه القول: قول الزوج بيمينه وهي المذهب قطع بها في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها، لأنه مدعى عليه منكر للزيادة فدخل في عموم قوله -عليه السلام-: "ولكن اليمين على المدعي عليه" (¬5). وكذا لو مات الزوجان فاختلف ورثتهما (¬6)، أو مات أحدهما فاختلف ورثته مع الآخر، أو كان أحدهما محجورًا عليه اختلف وليه مع الآخر. وكذا لو اختلفا في عين الصداق (أو صفته أو جنسه أو ما يستقر به) (¬7) فأما إن اختلفا في قبضه] (¬8) فالقول قولها بيمينها (¬9) ولو بعد الدخول، لأنها منكرة له. بخلوة الزوجين مهر يكمل ... حتى ولو حائض كانت (¬10) نقلوا أو أحرمت بالحج أو قد صامت ... ...................... ¬

_ (¬1) في ط الظهور. (¬2) سقطت من هـ. (¬3) و (¬4) في ب، جـ الدعي والدعت. (¬5) سبق تخريجه. (¬6) في ط ورثتها. (¬7) ما بين القوسين غير واضح في جـ وفي ط موجود بودله (أو قيمته أو عيب به). (¬8) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬9) في هـ قوله بيمينه. (¬10) في هـ قوله بيمينه حتى ولو كانت حائض ولو كانت حائض نقلوا.

يعني: أن المهر يتقرر كاملًا بالخلوة إذا علم الزوج بها وكانت يوطأ مثلها، ولو كانت حائضًا أو نفساء أو محرمة بالحج أو بالعمرة (¬1) أو صائمة ولو فرضًا، وكذا لو كانت رتقاء، لأن التسليم المستحق عليها قد وجد وإنما الحيض والإحرام والرتق ونحوه من غير جهتها فلا يؤثر في المهر، كما لا يؤثر في إسقاط النفقة، وكذا لو كان المانع من الزوج كإحرامه وصيامه وعنته (¬2) وجبه ونحوه (¬3). ...................... ... أو في نكاح فاسد قد كانت يعني: إذا كان النكاح فاسدًا كبلا ولي ونحوه فخلا بها استقر المسمى قياسًا على النكاح (¬4) الصحيح، هذا قول الأصحاب، واختار (¬5) الموفق أنه لا يستقر بها قال الشارح (¬6): وهو أولى؛ لأن الصداق لم يجب بالعقد وإنما أوجبه الوطء (¬7) ولم يوجد (¬8)، ولذلك لا يتنصف بالطلاق قبل الدخول فأشبه الخلوة بالأجنبية، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنما جعل لها المهر بما استحل من فرجها) (¬9)، ولم يوجد ذلك في الخلوة بغير إصابة. ¬

_ (¬1) في د، س أو العمره. (¬2) في جـ ط عنه. (¬3) يرى أبو حنيفة -رحمه الله- والشافعيُّ في قوله القديم استقرار المهر بالخلوة في النكاح الصحيح حيث لم يكن مانع حسي كرتق ولا شرعي كحيض لأنها حينئذ مظنة الوطء. انظر حاشية ابن عابدين 3/ 114 - 117 ومغني المحتاج 3/ 225. (¬4) سقط من ب لفظ (النكاح). (¬5) في د، س واختاره. (¬6) الشرح الكبير 8/ 98. (¬7) في أ، جـ ط الولي. (¬8) في ط يوجب. (¬9) يشير إلى ما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل -ثلاث مرات- فإن دخل بها فالمهر لها بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له". رواه داود برقم 2083 والترمذيُّ برقم 1102.

(فائدة): إذا تزوجت (¬1) المرأة تزويجًا فاسدًا لم يحل تزويجها لغير (¬2) من تزوجها حتى يطلقها أو يفسخ نكاحها، فإن امتنع من طلاقها فسخ الحاكم نكاحه نص عليه، لأنه نكاح يسوغ فيه الاجتهاد فاحتيج في التفريق (¬3) إلى إيقاع فرقة كالصحيح المختلف فيه، ولأن تزويجها من غير فرقة يفضي إلى تسليط زوجين بها كل واحد منهما يعتقد صحة نكاحه (¬4) وفساد نكاح الآخر بخلاف الباطل. فإن تزوجت بآخر قبل التفريق لم يصح نكاح الثاني ولم يجز تزويجها الثالث حتى يطلق الأولان أو يفسخ نكاحهما. أيضًا كذا يكمل بالتقبيل ... ونظر للفرج (¬5) في التمثيل يعني: مثل الخلوة في تقرير (¬6) المسمى كاملًا تقبيل الزوج للزوجة بحضرة الناس ولمسه لها ونظره إلى فرجها لشهوة (¬7)، قال أحمد: إذا أخذها فمسها وقبض عليها من غير أن يخلو بها لها الصداق كاملًا إذا نال منها شيئًا لا يحل لغيره، وذلك لما روى الدارقطني عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان (¬8)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كشف خمار امرأة ونظر إليها وجب الصداق دخل أو لم يدخل" (¬9)، ولأنه مسيس فيدخل في مفهوم قوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237]، ولأنه استمتاع بامرأة فكمل به الصداق كالوطء. ¬

_ (¬1) في جـ، ط تزجت. (¬2) في ط بغير. (¬3) في د التعريف وفي هـ واحتيج إلى التغريف في إيقاع. (¬4) في ط نكاحها. (¬5) في ب الفرج. (¬6) في ب تفريق. (¬7) في هـ الشهوه. (¬8) في هـ ثرثان. (¬9) 2/ 307 وهو حديث مرسل لأن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان لم يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر المحلى 9/ 486.

وقال أكثر أهل العلم: لا يكمل بذلك الصداق وقالوا (¬1): إنما أريد بقوله من قبل أن تمسوهن في الظاهر الجماع، ترك عمومه فيمن خلا بها لقول الصحابة فبقي فيما عداه على مقتضى العموم (¬2). بزائد (¬3) المهرين في الإعلان (¬4) ... يؤخذ لا بأول أو ثاني يعني: لو تزوج امرأة على صداق في السر ثم أعلناه بصداق آخر أخذ بالزائد منهما ولم يتعين الأخذ بالأول ولا بالثاني من حيث هو أول أو ثاني، وإنما وجب الأخذ بالزائد منهما، لأنه إن كان مهر السر فقد وجب بالعقد ولم يسقطه (¬5) العلانية، وإن كان مهر العلانية فقد وجد منه بذل الزائد على مهر السر فوجب عليه ذلك كما لو زادها على صداقها (¬6). وإن اختلف الزوجان فقال الزوج: هو عقد واحد أسر ثم أعلن وقالت: بل (¬7) عقدان بينهما فرقة فقولها عملًا بالظاهر، وإن اتفقا على أن المهر ألف وأنهما يعقدان العقد بألفين تجملًا ففعلا (¬8) ذلك فالمهر ألفان، لأنها تسمية صحيحة في عقد صحيح فوجب كما لو لم يتقدمها اتفاق على خلافها (¬9)، وسواء كان السر (¬10) من جنس العلانية أو كانا (¬11) من ¬

_ (¬1) في النجديات، ط قال. (¬2) انظر أحكام القرآن للجصاص 1/ 436 - 438. (¬3) في أ، جـ لزايد. (¬4) في د بالإعلان. (¬5) في جـ، ط يسقط. (¬6) وعند أبي حنيفة إذا عقدا في السر على مهر ثم أقر في العلانية بأكثر فإن اتفقا أو أشهدا أن الزيادة سمعة فالمهر ما ذكر عند العقد، وإن لم يشهد فالمهر عنده ما أعلناه وعند صاحبيه هو ما أسراه. انظر بدائع الصنائع 2/ 287. (¬7) سقطت من النجديات، ط. (¬8) في ط وفعلا وفي ب فعلا بدون عطف. (¬9) في ب خلافه. (¬10) في النجديات، ط كانت سرًا. (¬11) في ب، جـ، ط كان.

جنسين (¬1)، لكن يستحب للمرأة الوفاء للزوج بما وعدته به وشرطته من أنها لا تأخذ إلا ما أسره لئلا يحصل منها الغرر ولحديث المؤمنون على شروطهم. ¬

_ (¬1) في ط حنس.

ومن باب الوليمة وعشرة النساء

ومن باب الوليمة وعشرة النساء أصل الوليمة: تمام الشيء واجتماعه، لأنها مشتقة من الالتئام والاجتماع قال ابن الأعرابي: يقال (¬1) أولم الرجل إذا (¬2) اجتمع عقله وخلقه، ويقال (¬3) للقيد (¬4) ولم لأنه يجمع إحدى الرجلين إلى الأخرى، وقال الأزهري: سمي طعام العرس وليمة لاجمتاع الرجل والمرأة. فالوليمة اسم لطعام العرس خاصة، وتسن للعقد (¬5) لقوله - صلى الله عليه وسلم - لعبد الرحمن بن عوف: "أولم ولو بشاة" (¬6)، والإجابة إليها واجبة بشروطها ويقال للطعام عند (¬7) حذاق صبي (القرآن) (¬8) حذاق، وعند ختان عذيرة وإعذار، وعند الولادة خسرة وخرس، والدعوة (¬9) ¬

_ (¬1) سقط من جـ، ط. (¬2) سقط من جـ، ط. (¬3) مكرره فى جـ. (¬4) في أ، جـ جـ والنسخة التي اعتمد عليها الناشر للنفير. تهذيب اللغة 15/ 406. (¬5) في د، س س بعقد وفي هـ لعقد. (¬6) البخاري برقم 9/ 101 ومسلمٌ برقم 427 وأبو داود برقم 2109 والترمذيُّ برقم 1094 والنسائيُّ برقم 6/ 119 - 120 وعبد الرحمن -رضي الله عنه- قد دخل بامرأته لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى عليه أثر العرس فقال - صلى الله عليه وسلم -: مهيم الحديث ومعناها ما أمرك وما شأنك. (¬7) سقطت من هـ. (¬8) ما بين القوسين من ط. (¬9) في أ، بـ د، س هـ لدعوة.

(لفراغ) (¬1) بناء وكيرة، ولقدوم غائب نقيعة (¬2)، والذبح لمولود عقيقة، ولكل دعوة بسبب أو غيره مأدبة (¬3)، ولطعام مأتم وضيمة، ولطعام قادم تحفة، ولطعام إملاك على زوجة شندخيه، ولمأكول (¬4) في ختمه القارئ مشداخ، وتسمى الدعوة العامة: الجفلى، والخاصة: النقرى. والعشرة (¬5): بكسر العين أصلها الاجتماع يقال (¬6) لكل جماعة عشيرة (¬7) ومعشر وهي ما يكون بين الزوجين من الألفة والانضمام (¬8). لغير عرس سائر (¬9) الولائم ... مباحة للختن (¬10) أو للقادم يعني: أن سائر الدعوات غير وليمة العرس مباحة سواء كان دعوة ختان أو قدوم غائب أو غيرهما فليست لها فضيلة تختص بها لعدم ورود الشرع بها. وهي بمنزلة الدعوة لغير سبب حادث، قال عثمان ابن أبي العاص: كنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا ندعى إليه .. رواه أحمد في مسنده (¬11)، ولأن التزويج يستحب إعلانه وكثرة الجمع فيه والتصويت (¬12) والضرب بالدف بخلاف غيره، لكن العقيقة مستحبة والمأتم مكروه. ¬

_ (¬1) ما بين القوسين من ط. (¬2) في هـ نقيعيه. (¬3) في د ما يده. (¬4) في د ولمألوك. (¬5) في د، س العشر. (¬6) سقط من د يقال لكل. (¬7) في النجديات، ط عشرة. (¬8) سقطت من هـ. (¬9) في أ، ب. للختم. (¬10) في النجديات، ط فلا. (¬11) المسند 4/ 217 ونصه في المسند عن الحسن قال: دعي عثمان ابن أبي العاص إلى ختان فأبى أن يجيب فقيل له: فقال: إنا كنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا ندعى إليه. (¬12) في س التصويب.

وإذا قصد فاعل الدعوة المباحة شكر نعمة الله عليه وإطعام إخوانه وبذل طعامه قال الشارح (¬1): فله أجر ذلك إن شاء الله تعالى. وهكذا إجابة لا تندب ... في النص والشيخ لندب يذهب يعني: أن سائر الدعوات غير الوليمة الإجابة إليها مباحة غير مندوبة في رواية لما تقدم عن عثمان ابن أبي العاص. وذهب الشيخ موفق الدين والشارح (¬2) وغيرهما إلى استحباب الإجابة إليها غير المأتم فتكره (¬3)، وقطع به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها لقول البراء: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بإجابة الداعي .. متفق (¬4) عليه ولحديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا دعي أحدكم فليجب عرسًا كان أو غير عرس .. " رواه أبو داود (¬5)، ولأن فيه جبر قلب الداعي وتطييب خاطره، وقد دعي أحمد إلى ختان فأجاب وأكل (¬6)، وإنما كرهت الإجابة [إلى المأتم، لأنه مكروه (¬7) لما ¬

_ (¬1) الشرح الكبير، ظ. (¬2) المغني 8/ 117 والشرح 8/ 108. (¬3) في هـ تكره. (¬4) البخاري 9/ 210 ومسلمٌ 2066. في النجديات، هـ، ط رسول الله. (¬5) أبو داود برقم 3738 ولفظه: "إذا دعى أحدكم أخاه فليجب عرسًا كان أو نحوه" وقد رواه مسلم برقم 1429. (¬6) وقد قسم ابن رشد المالكي صاحب المقدمات أحكام إجابة الولائم إلى خمسة أقسام: أ - واجبه وهي إجابة وليمة النكاح. ب - مستحبه وهي إجابة المأدبة وهي الطعام يعمل للجيران للوداد. ج - مباحة وهي إجابة الولائم التي تعمل من غير قصد مذموم كالعقيقة والنقيعة والوكيرة والخرس والإعذار ونحو ذلك. د - مكروهة وهي إجابة الوليمة التي قصد بها الفخر والخيلاء لا سيما أهل الفضل والهيئات لأن إجابه مثل ذلك يخرق الهيبة. هـ - محرمة وهي إجابة الوليمة التي عملها من تحرم عليه هديته وذلك كالتي يعملها أحد الخصمين للقاضي. انظر مواهب الجليل 4/ 3 ولم أجدها في المقدمات فلعلها في غيرها من كتبه التي لم تصلنا. (¬7) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى 24/ 316 - 317: وأما صنعة أهل الميت =

فيه من تهييج الحزن وشبه النياحة فالإجابة] (¬1) إليه إعانة عليه. ووطء زوج فعلى المشهور ... فواجب في أربع شهور (¬2) أي: يجب على الرجل أن يطأ زوجته في كل أربعة أشهر مرة حيث لا عذر، لأن الله تعالى قدره بأربعة أشهر في حق المولي فقال: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] الآية فكذلك في حق غيره، لأن اليمين لا توجب ما حلف على تركه كسائر ما لا يجب فيدل على أنه واجب بدونها (¬3). كذا مبيت ليلة من أربع ... في منزل الزوجة (¬4) بل في المضجع ¬

_ = طعامًا يدعو الناس إليه فهذا غير مشروع وإما هو بدعة، بل قد قال جرير بن عبد الله: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعتهم الطعام من النياحة. وانما المستحب إذا مات أن يُصْنع لأهله طعامًا كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب: "اصنعوا لآل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم" .. قال في التلخيص 2/ 138. رواه الشافعي وأحمدُ وأبو داود والترمذيُّ وابن ماجة والدارقطنيُّ والحاكم وصححه ابن السكن. (¬1) ما بين القوسين سقط من هـ. (¬2) في أمشهور. (¬3) ويرى ابن حزم أنه يجب على الزوج أن يجامع زوجته في كل طهر إن قدر على ذلك، والا فهو عاص لله تعالى وقد استدل على هذا بقوله تعالى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222]، وبما رواه بسنده عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: إنا لنسير مع عمر بن الخطاب بالرف من جمدان إذ عرضت له امرأة من خزاعة شابة فقالت: يا أمير المؤمنين إني امرأة أحب ما تحب النساء من الولد وغيره ولي زوج شيخ، ووالله ما فرحنا حتى نظرنا إليه يهوي شيخًا كبيرًا فقال: لعمر يا أمير المؤمنين، إني لمحسن إليها وما آلوها، فقال له عمر: أتقيم لها أطهرها؟ فقال: نعم فقال لها عمر: انطلقي مع زوجك والله إن فيه لما يجزىء أو قال: يغني المرأة المسلمة، ثم قال أبو محمد: ويجبر على ذلك من أبى بالأدب لأنه أتى منكرًا من العمل. أ. هـ. المحلى 10/ 40. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى 32/ 271: يجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف وهو من أوكد حقها عليه أعظم من إطعامها، والوطء الواجب قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة وقيل بقدر حاجتها وقدرته كما يطعمها بقدر حاجتها وقدرته وهذا أصح القولين والله أعلم. (¬4) في د للزوج.

يعني: أنه يجب على زوج الحرة أن يبيت في منزلها بل معها في مضجعها ليلة من كل أربع ليال [إن لم يكن له عذر، وإن كان له نساء حرائر فلكل واحدة منهن ليلة من كل أربع ليال] (¬1) وبه قال الثوري وأبو ثور لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو (¬2) بن العاص (¬3): "يا عبد الله، ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ " قلت: بلى يا رسول الله، قال: "فلا تفعل صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقًا، ولزوجك (¬4) عليك حقًا" متفق عليه (¬5) فأخبر أن للمرأة عليه حقًا، وروى الشعبي أن كعب بن سور (¬6) كان جالسًا عند عمر بن الخطاب فجاءت إليه امرأة فقالت: يا أمير المؤمنين، ما رأيت رجلًا قط أفضل من زوجي، والله إنه يبيت ليله قائمًا ويظل (¬7) نهاره صائمًا، فاستغفر لها وأثنى عليها واستحيت المرأة قامت راجعة، فقال كعب: يا أمير المؤمنين، هلا (¬8) أعديت المرأة على زوجها فقال لكعب: أقض بينهما فإنك فهمت من أمرهما ما لم أفهم قال (¬9) فإني أرى كأنها امرأة عليها ثلاث نسوة هي رابعتهن، فأقضي بثلاثة أيام ولياليهن يتعبد (¬10) فيهن ولها يوم وليلة، فقال عمر: والله [ما رأيك الأول بأعجب إلى من الآخر (¬11)] اذهب (¬12) فأنت قاض على البصرة، روى ذلك عمر (¬13) بن شبة في كتاب قضاة البصرة من وجوه هذا أحدها، وفي لفظ قال عمر: (نعم القاضي ¬

_ (¬1) ما بين القوسين سقط من النجديات، ط. (¬2) في ط عمر، وسقط منها كلمة ابن بعد عمر. (¬3) سقط ن أ، جـ ط. (¬4) في د لزوجك. (¬5) البخاري 9/ 262 ومسلمٌ برقم 1159. (¬6) في جـ ط سوار. (¬7) في ط ويصل. (¬8) في النجديات، ط ألا يا أمير المؤمنين هلا. (¬9) سقطت من أ، جـ ط. (¬10) في د، س يتعبدون. (¬11) ما بين القوسين سقط من حـ، ط. (¬12) سقطت من أ، جـ، هـ ط. (¬13) في د، س عن عمر.

أنت (¬1))، وهذه قضية اشتهرت (¬2) فلم تنكر فكانت إجماعًا ولأنه لو لم يكن حقًا للمرأة لملك الزوج تخصيص إحدى زوجاته به كالزيادة في النفقة على قدر الواجب، فإن كانت الزوجة أمة فلها ليلة من كل سبع، لأن أكثر ما يمكن أن يجمع معها ثلاث حرائر فلهن ست ولها السابعة (¬3). وترك ذا حتى (¬4) بلا إضرار (¬5) ... زوجته في الفسخ بالخيار يعني: إذا ترك الزوج ما وجب عليه مما تقدم بيانه وهو مبيت ليلة (¬6) من كل أربع ليال عندها والوطء في كل أربعة أشهر فزوجته بالخيار بين الفسخ والمقام ولو لم يقصد إضرارها بترك ذلك، قال أحمد في رواية ابن منصور في رجل تزوج امرأة ولم يدخل بها يقول غدًا أدخل بها (غدًا أدخل بها (¬7)) إلى شهر هل يجبر على الدخول؟ قال: اذهب إلى أربعة أشهر إن دخل بها وإلا فرق بينهما، فجعله أحمد كالمولي (¬8)، وليس لها الفسخ في ذلك إلا بحكم الحاكم (¬9)، لأنه مختلف (¬10) فيه. ¬

_ (¬1) انظر الإصابة 3/ 315 ورواها عبد الرزاق مختصره 7/ 148 - 149. (¬2) في أاشتهرت. (¬3) وهذه رواية عن أبي حنيفة رواها الحسن واختارها الطحاوي في مختصره ص 190 وقال في حاشية ابن عابدين: 3/ 203 فأما إذا لم يكن له إلا امرأة واحدة فتشاغل عنها بالعبادة أو السراري اختار الطحاوي رواية الحسن عن أبي حنيفة أن لها يومًا وليلة من كل أربع ليال وباقيها له لأن له أن يسقط حقها بتزوج ثلاث حرائر وإن كانت الزوجة أمة فلها يوم وليلة في كل سبع ... ونقل في النهر عن البدائع أن ما رواه الحسن هو قول الإمام أولًا ثم رجع عنه وأنه ليس بشيء. (¬4) في د، س حق. (¬5) في هـ ضرار. (¬6) سقطت من س. (¬7) سقط من د، س. (¬8) وفي المغني 8/ 142 قال أبو بكر بن جعفر: لم يرو مسألة ابن منصور غيره وفيها نظر، وظاهر قول أصحابنا أنه لا يفرق بينهما لذلك وهو قول أكثر الفقهاء، لأنه لو ضرب مدة لذلك وفرق بينهما لم يكن للإيلاء أثر ولا خلاف في اعتباره. أ. هـ .. (¬9) في النجديات، ط حاكم. (¬10) في س يختلف.

أو ستة قد غاب عنها أشهرًا ... والشرع في أسفاره ما عذرا أيضًا لها الفسخ بإذن الحاكم ... حتى على (¬1) كاس لها وطاعم يعني: إذا سافر عن زوجته نصف سنة في غير (¬2) غزو وحج واجبين أو طلب رزق يحتاج إليه فطلبت قدومه لزمه (¬3) فإن أبى بلا عذر فرق الحاكم بينهما بطلبها أو أذن لها ففسخت نكاحه ولو مع القيام بكسوتها ونفقتها وما تحتاج (¬4) إليه من مسكن ونحوه. وقيل لأحمد: كم (¬5) يغيب الرجل عن زوجته؟ قال: ستة أشهر يكتب إليه فإن أبى أن يرجع فرق الحاكم بينهما. وإنما صار إلى تقديره بهذا لحديث عمر رواه أبو حفص بإسناده عن زيد بن أسلم قال: بينما عمر بن الخطاب يحرس المدينة فمر بامرأة في بيتها وهي تقول: تطاول هذا الليل واسود جانبه ... وأرقني (¬6) أن لا خليل ألاعبه ووالله (¬7) لولا خشية الله وحده ... لحرك من هذا السرير جوانبه فسأل عنها (¬8) عمر فقالوا: هذه فلانة زوجها غائب في سبيل الله، فأرسل إليها امرأة تكون معها، وبعث إلى زوجها فأقفله (¬9) ثم دخل على حفصة فقال: يا بنية، كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: سبحان الله ¬

_ (¬1) سقطت من د وفي س ولو كاس. (¬2) سقط من ط. (¬3) في ط ألزم. (¬4) في النجديات يحتاج وسقط من ط لفظ (إليه). (¬5) سقطت من د، س. (¬6) في النجديات وطال علي. (¬7) سقطت إحدى الواوين من س. (¬8) في ط فسأل عمر عنها. (¬9) في أفأنقله وفي ط فانفله وترك مكانها بياض في د وسقطت من س.

مثلك يسأل مثلي عن هذا؟ (فقال) (¬1): لولا أني أريد النظر للمسلمين ما سألتك، قالت: خمسة أشهر (أو) (¬2) ستة، فوقت للناس في مغازيهم ستة أشهر يسيرون شهرًا ويقيمون أربعة ويسيرون شهرًا راجعين (¬3) فإن سافر لعذر وحاجة سقط حقها من القسم والوطء وإن طال سفره، ولذلك (¬4) لا يفسخ نكاح المفقود إذا ترك لأمرأته نفقة. ¬

_ (¬1) ما بين القوسين سقط من أ، جـ، هـ، ط. (¬2) ما بين القوسين من ط. (¬3) رواه عبد الرزاق مختصرًا 7/ 151 - 152 وقد ساق ابن كثير هذه القصة في تفسيره 1/ 269 بإسنادين الأول رواه الإمام مالك في الموطأ عن عبد الله بن دينار والثاني رواه محمد بن إسحاق عن السائب بن جبير مولى ابن عباس وقال بعد ذلك: وقد روي هذا من طرق وهو من المشهورات. (¬4) في ط كذلك.

ومن كتاب الخلع

ومن كتاب الخلع هو فراق زوجته (¬1) بعوض بألفاظ مخصوصة (¬2)، سمي خلعًا، لأن المرأة تخلع نفسها من الزوج كما تخلع اللباس، قال تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187] ويسمى افتداء، لأنها تفتدي نفسها بمال تبذله (¬3) قال تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229]. فسخ لا ينقص عددًا ... من الطلاق عندنا ذا أبدأ يعني: أن الخلع (¬4) إذا وقع بلفظ خلعت أو فسخت أو فاديت ولم ينوبه (¬5) طلاقًا فإنه يكون فسخًا لا ينقص به عدد (¬6) الطلاق ولو لم ينو الخلع روي ذلك عن ابن عباس وطاووس وعكرمة وإسحاق وأبي ثور فله إعادتها بعقد جديد وإن خالعها مائة مرة أو أكثر (¬7) وقد ضعف أحمد ما ¬

_ (¬1) في ط زوجة. (¬2) في النجديات وط بالفاظ معلومة مخصوصه. (¬3) في جـ. ط وقع تقديم وتأخير فوقعت الآية فلا جناح قبل قوله ويسمي افتداء .. الخ. (¬4) في أوالخلع. (¬5) في ط ينوه. (¬6) في جـ، ط عدة. (¬7) وهو قول الشافعي القديم قال في المنهاج 3/ 268: (الفرقة بلفظ الخلع طلاق وفي قول فسخ لا ينقص عددًا) وقال في شرحه مغني المحتاج (إن هذا القول منسوب إلى القديم. أ. هـ .. وقد اختار شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى 32/ 289 - 293 هذا الرأي وأطال في الاستدلال له وقال: ما علمت أن أحدًا من أهل العلم بالنقل صحح =

روي عن عثمان وعلي وابن مسعود أنه طلقة بائنة بكل حال (¬1)، وقال: ليس لنا في الباب شيء أصح من حديث ابن عباس أنه فسخ (¬2) واحتج ابن عباس بقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} ثم قال: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} ثم قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 329 - 230] فذكر تطليقتين والخلع (¬3) وتطليقة بعدها فلو كان الخلع طلاقًا لكان رابعًا (¬4) ولأنها فرقة خلت عن صريح الطلاق ونيته فكانت (¬5) فسخًا (كسائر الفسوخ) (¬6)، وإن وقع بلفظ الطلاق أو نيته فطلاق بائن، لأنه كناية نوى بها (¬7) الطلاق فكانت طلاقًا، وإن خلا الخلع عن عرض فلغو إلا أن يكون بلفظ طلاق (¬8) أو نيته (¬9) فيكون طلاقًا رجعيًا. ويكره الخلع بما زاد على ... صداقها المعهود فيما قد خلا يعني: أنه يكره للزوج إذا خالع (¬10) زوجته أن يأخذ منها أكثر من صداقها الذي آل إليها منه، لأن جميلة بنت سلول أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ = ما نقل عن الصحابة من أنه طلاق بائن محسوب من الثلاث بل أثبت ما في هذا عندهم ما نقل عن عثمان، وقد نقل عنه بالإسناد الصحيح أنه أمر المختلعة أن تستبرىء بحيضة، وقال: لا عليك عدة وهذا يوجب أنه عنده فرقة بائنة وليس بطلاق إذ الطلاق بعد الدخول يوجب الاعتداد بثلاثة قروء بنص القرآن واتفاق المسلمين بخلاف الخلع فقد ثبت بالسنة وآثار الصحابة أن العدة فيه استبراء بحيضة).أ. هـ .. وممن رجح أن الفرقة بالخلع فسخ لا طلاق الصنعاني في سبل السلام 3/ 300. (¬1) الآثار الثلاثة المشار إليها رواها بن أبي شيبة في المصنف 5/ 109 - 112. (¬2) رواه ابن أبي شيبة 5/ 112 وابن حزم في المحلى 10/ 196. (¬3) سقطت من هـ. (¬4) في أ، ب أربعًا. (¬5) في ط فكان. (¬6) ما بين القوسين خرم في جـ وبياض في طا. (¬7) في النجديات به. (¬8) في هـ الطلاق. (¬9) في ط نية. (¬10) في ط خلع.

فقالت: والله ما أعتب على ثابت في دين ولا خلق، ولكني أكره الكفر في الإسلام، لا أطيقه بغضًا (¬1)، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: أتردين عليه حديقته؟ " قالت: نعم، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد، رواه ابن ماجة (¬2)، وروي عن عطاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كره أن يأخذ من المختلعة أكثر مما أعطاها، رواه أبو حفص بإسناده (¬3)، فيجمع بين قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} وبين الخبر فيقال: الآية دالة على الجواز والنهي عن الزيادة للكراهة (¬4). ثلاثًا إن قالت بألف طلقًا ... بطلقة أجابها محققًا مثل على (¬5)؛ ليس له استحقاق ... وواقع إجماعًا (¬6) الطلاق يعني: إذا قالت المرأة لزوجها: طلقني ثلاثًا بألف فاجابها بطلقة واحدة لم يستحق شيئًا من الألف كما لو قالت: طلقني ثلاثًا على ألف، لأنها بذلت العوض (¬7) في مقابلة شيء لم يجبها إليه فلم يستحق شيئًا كما لو قال في المسابقة: من سبق إلى خمس إصابات (¬8) فله ألف فسبق إلى بعضها، أو قالت: يعني: عبديك (¬9) بألف فقال بعتك: أحدهما بخمسمائة ¬

_ (¬1) في أ، جـ بغضي. (¬2) ابن ماجة برقم 2057 والبيهقيُّ 7/ 313. (¬3) رواه البيهقي 7/ 413 والدارقطنيُّ 3/ 255 وقال في التعليق المغني 3/ 255: رواه أبو داود في مراسيله عن عطاء وابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما. (¬4) وبمثل هذا قال بعض محققي الحنفية في الجمع بين ما ورد عن الإمام من كراهة ذلك وما ورد عنه من نفي كراهته قال في حاشية ابن عابدين 3/ 445 - 446: ويحصل التوفيق بين ما رجحه الفتح من نفي كراهة أخذ الأكثر وهو رواية الجامع الصغير وبين ما رجحه الشمني من إثباتها وهو رواية الأصل فيحمل الأول على نفي التحريمية والثاني على إثبات التنزيهية وهذا التوفيق مصرح به في الفتح. (¬5) في نظ علي. (¬6) في أ، ب جماع. (¬7) في د، س المعوض. (¬8) في هـ خمس ما إصايات. (¬9) في د، س عبدك وفي هـ عبيدك.

وكما لو قالت: طلقني ثلاثًا على ألف عند أبي حنيفة (¬1). فإن قيل: الفرق بينهما أن الباء للعوض دون الشرط وعلى للشرط فكأنها شرطت في استحقاق الألف أن يطلقها (¬2) ثلاثًا. قلنا: لا نسلم أن على للشرط فإنها ليست مذكورة في حروفه وإنما معناها ومعنى الباء واحد وقد سوى بينهما فيما إذا قالت طلقني وضرتي (¬3) بألف أو على ألف، ومقتضى اللفظ لا يختلف بكون المطلقة (¬4) واحدة أو اثنتين (¬5)، فأما إن لم يكن بقي من عدد طلاقها سواها فإنه يستحقه علمت أو لم تعلم، لأنها كملت الثلاث وحصلت ما يحصل بالثلاث من البينونه (¬6) وتحريم العقد فوجب بها العوض كما لو طلقها ثلاثًا. وقوله: (وواقع إجماعًا الطلاق) (¬7)، يشير به إلى أن الاختلاف هنا إنما هو في استحقاق الزوج لثلث (¬8) الألف (¬9) لا (¬10) في وقوع الطلاق فإنه لا خلاف في وقوعه لصدوره (¬11) من أهله في محله. وشرطها مع ألفها تطليقة ... ضرتها فلازم توثيقة (¬12) يعني: إذا قالت لزوجها: طلقني بألف على أن تطلق ضرتي ونحوه ¬

_ (¬1) انظر حاشية ابن عابدين 3/ 448 - 449. (¬2) في، ط يطلقها. (¬3) في أ، ب والأصل الذي اعتمد عليه ناشر. (ط) وضرت. (¬4) في ط الطلقة. (¬5) في أ، ب، هـ، ط ثنتين وفي س أثنين. (¬6) في النجديات، ط بينونة. (¬7) في النجديات والأزهريات وراقع الطلاق إجماعًا. (¬8) في أ، جـ، ط الثلث وفي ب ثلث. (¬9) في ط للألف. (¬10) في النجديات، ط إلا. (¬11) في د لضروروة. (¬12) في ب وثيقة.

فالشرط لازم، فإن طلقها وطلق ضرتها استحق الألف، وإن طلقها وحدها فله الأقل من المهر (¬1) المسمى أو الألف الذي شرطته، لأنه لم يطلق إلا بعوض فإذا لم يسلم له رجع إلى ما رضي (¬2) بكونه عوضًا وهو المسمى إن كان أقل من الألف، وإن كان أكثر فله الألف فقط، لأنه رضي بكونه عوضًا عنها وعن شيء آخر فإذا جعل كله عوضًا عنها كان أحظ له، وكذا لو قالت له: طلقني بألف على أن لا تطلق (¬3) ضرتي. خلع بما زاد على الميراث ... في (¬4) مرض ملك (¬5) من التراث للزوج قدر إرثه منها فقط ... والباقي مردود لإرث (¬6) لا شطط يعني: إذا خالعت المريضة في مرض موتها المخوف بزيادة عن ميراثها (¬7) صح الخلع وبطلت الزيادة هذا قول الثوري وإسحاق (¬8)، لأنها متهمه في أنها قصدت الخلع لتوصل إليه شيئًا من مالها بغير عوض على وجه لم تكن قادرة عليه، وهو وارث لها فبطل كما لو أوصت له أو أقرت له، وأما قدر الميراث فلا تهمة فيه فإنها لو لم (¬9) تخالعه لورث (¬10) ميراثه منها (وإن صحت من) (¬11) مرضها ذلك صح الخلع وله جميع ما خالعها ¬

_ (¬1) سقط من النجديات، هـ، ط. (¬2) في النجديات، ط مضى وفي هـ رجع بما رضي. (¬3) سقطت من د. (¬4) في د من. (¬5) قال في حاشية ط كذا في النسخة التيمورية وفي نسخة الشرح (منك). (¬6) في أ، ب الإرث، وفي س لا إرث. (¬7) كذا في جميع النسخ والصواب ميراثه. (¬8) وهو قول مالك قال ابن عبد البر في الكافي 2/ 595 - 596: وإن خالعته وهي مريضة على مال أعطته وماتت لم يرثها لأنه صحيح والطلاق بيده وإن ماتت كان له الأقل مما أعطته ومن الميراث وقد قيل إن خلع المريض لا يجوز إلا بصداق مثلها فأقل وما زاد فهي وصية والأول قول مالك. (¬9) سقط من جـ، ط لفظ (لم). (¬10) في أ، جـ، ط لورثت. (¬11) ما بين القوسين خرم في جـ وبياض في طا.

عليه لأنا تبينا أنه ليس (بمرض الموت، والخلع في غير) (¬1) مرض الموت كالخلع في الصحة. على ابنه المجنون والأطفال ... ملك طلاقًا (¬2) لو بلا نوال أي: يملك أبو المجنون والطفل أن يطلق عنه ولو بلا عوض، لأن الأب له ولاية يستفيد (¬3) بها تملك البضع فجاز أن يملك بها إزالته إذا لم يكن متهمًا كالحاكم يطلق على المولي وهذه رواية اختارها جماعة من الأصحاب. والمذهب لا يملك ذلك مطلقًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الطلاق لمن أخذ بالساق" رواه ابن ماجة (¬4)، وعن عمر: (إنما الطلاق بيد (¬5) الذي يحل له الفرج) (¬6). ولأنه إسقاط لحقه فلم يملكه كالإبراء، وكسائر الأولياء وكذا القول في زوجة عبده الصغير لأنه في معناه. بصفة من علق الطلاقا ... وبعد ذا أبانها فراقا بخلع أو ثلاث ثم ارتجعا (¬7) ... عادت بما علق نصًا سمعا إن وجدت فأفت بالطلاق ... حتى مع (¬8) الوجدان في الفراق (¬9) ¬

_ (¬1) ما بين القوسين خرم في جـ وبياض في طا. (¬2) في نظ، ط طلاق. (¬3) في أ، ب لا يستفيد. (¬4) ابن ماجة برقم 2081 وفي سنده عبد الله بن لهيعة وهو ضعيف، ورواه الدارقطني 4/ 37 وفي سنده أحمد ابن الفرج ورشدين بن سعد وهما ضعيفان. وقد حسنه الألباني في إرواء الغليل 7/ 1099 بمجموع طرقه. (¬5) في النجديات، ط بيدي. (¬6) رواه ابن أبي شيبة 5/ 87. (¬7) في النجديات مارتجعا. (¬8) في هـ حتى ولو. (¬9) في النجديات والفراق وفي د، س في العلاق.

يعني: إن علق طلاق (¬1) امرأته بصفة كقوله إن كلمت أباك (¬2) فأنت طالق ثم أبانها بخلع أو طلاق على عوض أو بالثلاث وكلمت أباها أو لم تكلمه ثم تزوجها بشرطه ثم كلمت أباها طلقت نصًا. وأكثر أهل العلم يرون أن الصفة لا تعود إذا أبانها بطلاق ثلاث وإن لم توجد [في حال البينونة (¬3)] [وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا قال لزوجته أنت طالق طلاقًا (¬4) إن دخلت الدار فطلقها ثلاثًا ثم نكحت غيره ثم نكحها الحالف ثم دخلت الدار لا يقع عليها الطلاق (¬5)، وهذا على مذهب مالك والشافعيُّ وأصحاب الرأي] (¬6)، (لأن إطلاق (¬7) الملك يقتضي ذلك (¬8) فإن أبانها دون الثلاث فوجدت (¬9) الصفة (¬10) ثم تزوجها انحلت يمينه في قولهم وإن لم توجد الصفة في البينونة ثم نكحها لم تنحل في قول مالك وأصحاب الرأي. والمشهور عند الشافعي لا تعود الصفة بعد البينونة بحال، لأن الإيقاع وجد قبل النكاح فلم يقع (¬11). ¬

_ (¬1) في هـ طلق. (¬2) في ب أن كلمت أباك أو لم تكلميه. (¬3) ما بين القوسين سقط من أ، جـ، هـ، ط. (¬4) في الإجماع لابن المنذر ص 82 ثلاثًا. (¬5) الإجماع ص 82. (¬6) ما بين القوسين من ب. (¬7) في د، س الطلاق. وفي النجديات طلاق. (¬8) في د، س تقتضي. (¬9) ما بين القوسين سقط من أ، جـ، هـ، ط. (¬10) سقطت من د، س. (¬11) انظر حاشية ابن عابدين 3/ 348 - 349 والكافي لابن عبد البر 2/ 582 والمدونة 3/ 10 - 11 ومغني المحتاج 3/ 293.

ولنا: أن عقد الصفة وعودها وجد في النكاح فيقع كما لو لم (¬1) تتخلله بينونة. وقولهم: هذا (¬2) طلاق قبل نكاح. قلنا: يبطل (¬3) بما لم يكمل الثلاث. وقولهم: تنحل الصفة بفعلها. قلنا: إنما تنحل بفعلها على وجه يحنث به، وذلك أن اليمين حل وعقد ثم ثبت أن عقدها يفتقر إلى الملك فكذلك حلها والحنث لا يحصل بفعل الصفة حال بينونتها فلا تنحل اليمين به. وكذا لو علق عتق عبده على دخول الدار ونحوه ثم باعه فدخلها أولا ثم اشتراه ودخلها عتق لما تقدم. ¬

_ (¬1) سقط من ط لفظ (لم) وفي النجديات، ط يتخاله. (¬2) في ب أنه وسقطت من أ، جـ، هـ، ط. (¬3) في أ، جـ، ط أو.

ومن كتاب الطلاق

ومن كتاب الطلاق وهو مصدر طلقت المرأة بضم اللام وفتحها وطلقها فهي مطلقة، وأصله التخلية يقال: طلقت الناقة إذا سرحت حيث شاءت. وشرعًا: حل قيد النكاح أو بعضه، وهو مشروع بالكتاب والسنة والإجماع (¬1) دفعًا للضرر. يصح من مميز الصبيان طلاقه (¬2). أي: يصح الطلاق من مميز يعقله أي: يعلم أن زوجته تبين منه وتحرم عليه وروي نحوه عن سعيد بن المسيب وعطاء والحسن والشعبي وإسحاق لعموم قوله -عليه السلام-: "إنما الطلاق لمن أخذ بالساق" (¬3). وقوله: "كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه والمغلوب على عقله" (¬4). وعن ¬

_ (¬1) أما من الكتاب فقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق:1]. وأما من السنة فروى النسائي 6/ 140 عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: طلاق السنة: أن يطلقها طاهرًا من غير جماع، وقال - صلى الله عليه وسلم - لعمر لما أخبره أن ابنه عبد الله طلق امرأته وهي حائض: "مُرهُ فليراجعها ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملًا". رواه مسلم برقم 1471 وأما الإجماع فنقله ابن المنذر في كتابه الإجماع ص 79 قال -رحمه الله-: وأجمعوا على أن من طلق امرأته واحدة، وهي طاهر من حيضة لم يطلقها فيه، ولم يكن جامعها في ذلك الطهر أنه مصيب للسنة. (¬2) في نظ، د طلاق. (¬3) سبق تخريجه. (¬4) رواه الترمذيُّ برقم 1191، وقال فيه: (هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث عطاء بن عجلان وهو ضعيف ذاهب الحديث).

علي: (اكتموا) (¬1) الصبيان النكاح" (¬2). فيفهم أن فائدته أن لا يطلقوا، ولأنه طلاق من عاقل (¬3) صادف محل الطلاق فأشبه طلاق البالغ. واردده من سكران ... ...................... أي: اردد الطلاق من سكران فلا يقع طلاقه (¬4). إذ (¬5) صح عنه عدم الوقوع ... إليه قد آذن بالرجوع وليس إلا ذاك للميموني (¬6) ... يقول هذا (¬7) أكبر الظنون وذلك مجزوم به في الشافي ... وابن عقيل ناصر موافق يعني: أنه (¬8) صح عن الإمام الرجوع عن وقوع (¬9) الطلاق من السكران نقل الميموني عنه كنت أقول: يقع حتى (¬10) تبينته فغلب علي أنه لا يقع، ونقل أبو طالب: الذي لا يأمر بالطلاق إنما أتى خصلة واحدة والذي يأمر ¬

_ (¬1) في أ، جـ، ط ألهموا. (¬2) ذكره بسنده الإمام أبو محمد ابن حزم في المحلى 10/ 204 عن وكيع عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عمن سمع علي بن أبي طالب أنه كان يقول: (اكتموا الصبيان النكاح). (¬3) في النجديات، ط عاقد. (¬4) هذا الذي عده الناظم من المفردات وسكت عنه المؤلف هو رواية عن الإمام مالك وقول في المذهب الشافعي فقد ذكرها المازري رواية عن مالك وارتضاها ابن عبد الحكم: انظر التاج والإكليل 434 وقال النووي في المنهاج 3/ 290 - 291: (ومن أثم بمزيل عقله من شراب أو دواء نفذ طلاقه وتصرفه له وعليه قولًا وفعلًا على المذهب وفي قول لا، وقيل عليه. أ. هـ. أي ينفذ تصرفه عليه لا له تغليظًا. (¬5) في جـ، د، س، هـ، ط أن. (¬6) في ن بالميموني. (¬7) في نظ هكذا. (¬8) في أ،. جـ، هـ، ط يعني: أن صح وسقط أنه من ب. (¬9) في هـ قوع. (¬10) سقطت من د، س.

به أتى اثنتين حرمها (¬1) عليه وأباحها لغيره، ولهذا (¬2) قيل: إنها (¬3) آخر الروايات. قال الطوفي (في شرح الأصول) (¬4): هذا أشبه، واختار هذه الرواية أبو بكر عبد العزيز في الشافي وزاد المسافر، وابن عقيل، ومال إليها الموفق والشارح (¬5) وابن رزين في شرحه، وجزم بها في التسهيل، واختارها الناظم والشيخ تقي الدين (¬6). وعنه قال ذا طلاق ماضي ... واختاره (¬7) الخلال ثم القاضي أي: عن الإمام أن طلاق السكران اختيارًا يقع وهو المذهب اختاره أبو بكر الخلال والقاضي والشريف أبو جعفر وأبو الخطاب والشيرازي وصححه في التصحيح وتصحيح المحرر وإدراك الغاية ونهاية ابن رزين وجزم به في الخلاصة والعمدة والمنور وقدمه في الفروع وغيره وقطع به في التنقيح والإقناع والمنتهى (¬8). ومرة لإسحاق من أصحابه ... قال له: أجبن (¬9) عن جوابه أي: وتوقف الإمام أحمد -رحمه الله- عن جواب السؤال عن طلاق السكران، فيما نقله عنه إسحاق -رحمه الله- (¬10) لقوة الأدلة من الجانبين ¬

_ (¬1) في أ، ب حرمهما. (¬2) في جـ، ط بهذا. (¬3) سقطت من هـ. (¬4) ما بين القوسين بياض في جـ، ط. (¬5) المغني 8/ 256 - 257 والشرح الكبير 8/ 240. (¬6) الاختيارات ص 254. (¬7) في النجديات، ط واختارها. (¬8) وهذا مذهب الأئمة الثلاثة المشهور عنهم انظر حاشية ابن عابدين 3/ 239 - 240 والكافي لابن عبد البر 2/ 571 ومغني المحتاج 3/ 290 - 291. (¬9) في نظ أجبنا. (¬10) قال في المغني 8/ 255: (أما التوقف عن جواب السؤال عن طلاق السكران فليس بقول في المسألة إنما هو ترك للقول فيها وتوقف عنها لتعارض الأدلة فيها وإشكال دليلها ويبقى في المسألة روايتان). أ. هـ. وهو في مسائل الإمام أحمد لإسحاق بن هانيء النيسابوري 1/ 230 جوابًا للسؤال عن طلاق السكرا ولفظه: لا أقول فيه شيئًا ولكن بيعه يجوز.

فلم يقطع (¬1) فيه بشيء (¬2) من وقوع ولا عدمه. وإن يقل: إحداكما وأطلقه ... طالقة أو نسي المطلقة فقرعة تخرج ما في زعمه ... ووطئه لا ينفها (¬3) مع إثمه أي: لو قال لزوجتيه (¬4): إحداكما طالق (¬5) وأطلق ولم يعين واحدة منهما لا بلفظه ولا بنيته أو طلق (¬6) واحدة معينة كذلك (¬7) ثم نسيها أقرع بينهما فأيتهما (¬8) وقع عليها القرعة طلقت إذا لا طريق للعلم بها غير القرعة كما: لو أعتق عبدا (¬9) من عبيده ولم يعينه، ويحرم عليه الوطء قبل القرعة إن كان الطلاق بائنًا، ولا يكون وطؤه (¬10) مانعًا لها فيقرع بينهما ولو بعد الوطء (¬11). وإن تمَّت واحدة فيقرع (¬12) ... أو مات (¬13) وارث بها فيمنعوا (¬14) ¬

_ (¬1) في يقع وفي جـ يرجع وفي ب، ط يقل. (¬2) ف أ، جـ شيء. (¬3) كأنها في نظ يتننها. (¬4) في هـ زوجته. (¬5) النجديات، ط طالقه. (¬6) في د، ط أطلق. (¬7) في د لذلك. (¬8) في النجديات، ط وأيهما. (¬9) سقط من هـ عبدًا من. (¬10) في النجديات، ط وطئها. (¬11) وقد أيد هذا ابن القيم وانتصر له في كتابه الطرق الحكيمة ص 347 - 354 وذكر الموفق في المغني 8/ 431: أنه قد ثبت عن أحمد فيمن طلق امرأة من نسائه وأنسيها أنها لا تستعمل القرعة قال: وقد روى إسماعيل ابن سعيد عن أحمد ما يدل على أن القرعة لا تستعمل ها هنا لمعرفة الحل وإنما تستعمل لمعرفة الميراث فإنه قال: سألت أحمد عن الرجل يطلق امرأة من نسائه ولا يعلم أيتهن طلق، قال: أكره أن أقول في الطلاق بالقرعة قلت: أرأيت إن مات هذا؟ قال: أقول بالقرعة، وذلك لأنه تصير القرعة على المال وجماعة من روى عنه القرعة في المطلقة المنسية إنما هو في التوريث، فأما في الحل فلا ينبغي أن يثبت بالقرعة. (¬12) في تظ فيقع. (¬13) في د وما أورث وفي س ومال وارث. (¬14) في نظ فيمنع.

يعني: إذا ماتت واحدة ممّن طلق إحداهما لا بعينها أو طلق معينه ثم نسيها أقرع بينهما لأجل الإرث كما في حال الحياة. فإن وقعت على الميتة (¬1) لم يرثها إن كان الطلاق بائنًا، وإن وقعت على الباقية طلقت وورث الميتة. وكذا لو مات المطلق والحال هذه فإن ورثته تقوم مقامه في القرعة كسائر الحقوق، واعتد الجميع أطول الأمرين من عدة طلاق أو وفاة احتياطًا للفروج (¬2). من قال: أنت طالق بالأمس ... وقال: مالي نية في نفسي أو مقصدي وقوعه في الماضي ... فأكثر نفوه إلا القاضي يعني: لو قال: لزوجته أنت طالق أمس ولم ينو به الإيقاع في الحال بأن لم تكن له نية أصلًا أو نوى إيقاعه في الماضي لم يقع نص عليه فيمن (¬3) قال لزوجته: أنت طالق أمس، وإنما تزوجها (¬4) اليوم ليس بشيء، وهذا قول أبي بكر وجمهور الأصحاب (¬5). وقال (القاضي في) (¬6) بعض كتبه يقع الطلاق وهو مذهب الشافعي، لأنه وصف الطلقة بما لا تتصف (¬7) به فلغت الصفة ووقع الطلاق كأنت طالق طلقة لا (¬8) تلزمك (¬9). ¬

_ (¬1) في أ، جـ، ط ميته. (¬2) وقد أيد هذا ابن القيم في الطرق لحكمية 360 - 362 ورد أدلة المخالفين بما لا مزيد عليه فليراجع. (¬3) في ط فمن. (¬4) في النجديات، هـ ط تزوج. (¬5) وهو قول في مذهب الشافعية قال في المهذب 17/ 20: (وإن قال: أنت طالق في الشهر الماضي فالمنصوص أنها تطلق في الحال، وقال الربيع؛ فيه قول أخر أنها لا تطلق). (¬6) ما بين القوسين بياض في ط. (¬7) في هـ يتصف. (¬8) في ب، جـ، ط تكرمك. (¬9) انظر المهذب 17/ 20 ومغني المحتاج 3/ 314.

ووجه الأول: أن الطلاق رفع للإستباحة ولا يمكن رفعها في الزمن الماضي فلم يقع (¬1)، كما لو قال: أنت طالق قبل قدوم زيد بيومين فقدم اليوم فإن أصحابنا لم يختلفوا في أن الطلاق لا يقع، وهو قول أصحاب الشافعي، ولأنه علق الطلاق بمستحيل فلغا، كما لو قال: أنت طالق إن قلبت الحجر ذهبًا، وكذا لو قال: أنت طالق قبل أن أتزوجك. وإن نوى به الإيقاع وقع في الحال، لأنه مقر على نفسه بما هو أغلظ عيله. وواهب الزوجة للأهالي ... بردها لا تنف (¬2) من حلال (¬3) واحدة تطلق بالقبول ... رجعية في نصه المنقول يعني: لو قال لزوجته: وهبتك لأهلك ينوي تفويض طلاقها إليهم فلم يقبلوا لم يقع، لأنه تمليك للبضع فافتقر فيه (¬4) إلى القبول كقوله اختاري، وإن قبلوا (¬5) بنية الطلاق وقعت واحدة (¬6)، لأنه لفظ محتمل فلا يحمل (¬7) على الثلاث عند الإطلاق كقوله اختاري. وتكون رجعية في المدخول بها، لأنها طلقة لمن عليها عدة بغير عوض قبل استيفاء العدد (¬8) فكانت رجعية (¬9)، ¬

_ (¬1) في الأزهريات تقع. (¬2) في نظ يردها لا تبقي. (¬3) ف هـ هلال. (¬4) سقطت من النجديات، هـ. ط. (¬5) في حـ، ط قبل وفي ط قيل. (¬6) قال الموفق في المغني 8/ 286: هذا المنصوص عن أحمد في هذه المسأله وبه قال ابن مسعود وعطاء ومسروق والزهري ومكحول ومالك وإسحاق. وانظر في مذهب مالك الكافي لابن عبد البر 2/ 575 - 576 وفيه أن فيها روايتان الأولى أنها ثلاث، والثاني أنه يقع ما نواه. (¬7) في هـ يحتمل. (¬8) في هـ العدة. (¬9) هذا إذا لم ينو الثلاث، أما إذا نواها فتقع لأنها كناية غير ظاهرة فيرجع إلى نيته في عددها كسائر الكنايات. انظر المغني 8/ 287 والشرح الكبير 8/ 288.

كقوله أنت طالق، وكذا لو (¬1) وهبها نفسها، وتعتبر النية [من الواهب والموهوب. وإذا اختلفت النية] (¬2) بأن نوى واحدة ونووا (¬3) أكثر أو بالعكس، وقع ما اتفقوا (¬4) عليه، وإن نوى بالهبة الإيقاع في الحال وقع وإن لم يوجد قبول. وأما إن قال: بعتك لنفسك (¬5) أو أهلك فلغو وإن نوى به الطلاق. كناية ظاهرة من قد أتى ... ينوي الطلاق قل ثلاث يا فتى أو كان في جوابها (¬6) إذ سألت ... طلاقها حتى ولو ما دخلت أي: من أتى بكناية ظاهرة نحو أنت خلية أو برية أو بائن ينوي الطلاق أو جوابًا لسؤال طلاقها أو في غضب وقع عليه الثلاث (¬7) دخل بها أو لا هذا الصحيح من المذهب. واختار (¬8) أبو الخطاب يرجع (¬9) إلى ما نواه وهو مذهب (¬10) الشافعي فإن لم ينو عددًا فواحدة (ولا يقع اثنتان (¬11)) (¬12). ¬

_ (¬1) سقطت من هـ. (¬2) ما بين القوسين سقط من د. (¬3) في أ، جـ، ط نوى وقد كتبت في ب بالهاء المربوطة. (¬4) في ب اتفقا. (¬5) في النجديات، هـ، ط نفسك. (¬6) في أ، جـ، ط جوابه. (¬7) أي: وقع عليه الطلاق وحسبت عليه ثلاثًا. (¬8) في ب واختاره. (¬9) في ط ترجع. (¬10) في هـ المذهبل. (¬11) ما بين القوسين من ب. (¬12) الهداية لأبي الخطاب 2/ 7.

وقال الثوري وأصحاب الرأي: إن نوى ثلاثًا فثلاث وإن نوى اثنتين أو واحدة وقعت (¬1) واحدة ولا يقع اثنتان (¬2). وقال ربيعة ومالك: يقع بها الثلاث وإن لم ينو إلا في خلع أو قبل الدخول فإنها تطلق واحدة (¬3). ووجه الأول: أنه قول أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أحمد في الخلية والبرية والبتة قول علي وابن عمر قول صحيح ثلاثًا (¬4)، وروى النجاد (¬5) بإسناده: (أن عمر جعل البتة واحدة ثم جعلها بعد ثلاث (¬6) تطليقات) (¬7) وروى أيضًا عن أبي هريرة وابن عباس أنها ثلاث وذكر عن عائشة متابعتهما (¬8) (¬9) ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم فكان إجماعًا، ولأنه طلق امرأته بلفظ يقتضي البينونة فوجب الحكم بطلاق يحصل به البينونة كما لو طلق ثلاثًا أو نوى الثلاث. وأما الكناية الخفية فيقع بها واحدة ما لم ينو أكثر، وإن لم ينو (¬10) بالكناية طلاقًا لم (¬11) يقع شيء ظاهرة كانت أو خفية إلا حال غضب أو سؤال طلاقها أو خصومة لدلالة الحال، فلو لم (¬12) يرده أو أراد غيره إذن ¬

_ (¬1) في أووقعت. (¬2) انظر بدائع الصنائع 3/ 108 وحاشية ابن عابدين 3/ 276 - 277. (¬3) انظر الموطأ مع الزرقاني 3/ 169 - 170 لكن ذكر أنه في غير المدخول بها يدين هل أراد واحدة أو ثلاثًا فإن قال واحدة أحلف على ذلك وكان خاطبًا من الخطاب. (¬4) قول علي رواه سعيد بن منصور 1/ 391 والدارقطنيُّ 4/ 32 والبيهقيُّ 7/ 344 وابن حزم في المحلى 10/ 190، 193، 194 وقول ابن عمر رواه سعيد 1/ 391 والبيهقيُّ 7/ 344. (¬5) صححت في أبقلم مغاير (البخار). (¬6) سقطت من هـ. (¬7) رواه سعيد 1/ 391 من دون ذكر الثلاث وكذلك هو في المحلى 10/ 190. (¬8) في أ، جـ، هـ، ط متابعتها. (¬9) الآثار الثلاثة رواها النجاد وهي في المغني 8/ 272 - 273 والشرح الكبير 8/ 286. (¬10) سقطت من هـ. (¬11) في أ، جـ، ط فلم. (¬12) في أ، جـ، ط وإن فلم، وفي هـ فإن لم.

دين لاحتمال (¬1) صدقه، ولم يقبل حكمًا، لأنه خلاف الظاهر. بخطه من كتب الطلاقا ... تطلق حتى (¬2) نوى الفراقا أدخلها (¬3) الأصحاب في الصريح (¬4) ... والتزموا العقود في الترجيح أي: من كتب صريح طلاق امرأته بما يتبين وقع وإن لم ينوه، لأنها صريحة فيه لأن الكتابة (¬5) تقوم مقام قول الكاتب بدلالة كتابته (¬6) - صلى الله عليه وسلم - إلى ملوك الأطراف (¬7) وكتاب (¬8) القاضي إلى القاضي وهو قول الشعبي والنخعي والزهري والحاكم. وقال أبو حنيفة ومالك وهي منصوص الشافعي: لا يقع إلا بنية، لأن الكتابة (¬9) محتملة فإنه قد يقصد بها تجربة القلم وتجويد الخط وغم الأهل فلم يقع من غير نية ككنايات الطلاق (¬10). ¬

_ (¬1) في ب الاحتمال. (¬2) في أ، ب. كتب لفظ حيث فوق كلمة حتى. (¬3) في النجديات، ط أدخله. (¬4) في النجديات ط التصريح. (¬5) في أ، جـ ط الكناية. (¬6) في د، س كتابه. (¬7) خرج الزيلعيُّ في نصب الراية 4/ 417 - 425 كثيرًا من كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الملوك والقبائل أذكر منها: أ - كتابه إلى قيصر وقد رواه البخاري ومسلمٌ. ب - كتابه إلى المقوقس وقد ذكره الواقدي. ج - كتابه - صلى الله عليه وسلم - إلى النجاشي وقد ذكره الواقدي. د - كتابه إلى الحارث الغساني ملك الشام وقد ذكره الواقدي. هـ - كتابه - صلى الله عليه وسلم - إلى هوذة بن علي الحنفي وقد ذكره ابن سعد في الطبقات. و- كتابه - صلى الله عليه وسلم - إلى جيفر وعبد ابني الجلندي ملكي عمان وقد ذكره ابن سعد في الطبقات. ز - كتابه - صلى الله عليه وسلم - إلى جهينة وقد رواه أصحاب السنن الأربعة. (¬8) في د، س كتابه. (¬9) في هـ الكتاب. (¬10) بدائع الصنائع 9/ 103 والخرشي 4/ 49 والمهذب 17/ 118 ومغني المحتاج 3/ 284 - 285.

وعلى الأول إذا ادعى ذلك يقبل منه حكمًا ويقع ولو قرأ ما كتبه وقصد القراءة فقط وإن كتبه بما لا يبين كإن كتبه بأصبعه على وسادة ونحوها أو في الهواء لم يقع (¬1). وقوله: والتزموا العقود يحتمل أن يكون معناه أن الأصحاب التزموا صحة العقود بالكتابة (¬2) فينعقد البيع ونحوه بكتابة (¬3) الإيجاب والقبول بما يتبين (¬4) لما تقدم ولم أر المسألة كذلك لغيره بل قال في الإقناع (¬5): ويصح الضمان من أخرس بإشارة مفهومة ولا يثبت بكتابته (¬6) مفردة عن إشاره يفهم بها أنه قصد الضمان، لأنه قد يكتب كتبًا عبثًا (¬7) أو تجربة قلم ومن لا تفهم إشارته لا يصح ضمانه وكذلك سائر تصرفاته. انتهى. لكن ذكروا صحة الوصية والإقرار بالكتابة (¬8). ومن يقل أمرك في يديك ... فطلقي (¬9) إن شئت لا عليك فإنها تملك هذا أبدًا ... وتملك الثلاث أيضًا عددًا ما لم يقل فسخت أو يطأها ... لأنه بذاك قد أرضاها وإن يقل لم أنو ما به (¬10) قضت ... من الثلاث لا إليه يلتفت ¬

_ (¬1) هذا الخلاف في الكتابة المستبينه التي ليست على وجه المخاطبة كما إذا كتب على ورقة امرأته طالق. أما الكتابة الموجهة كما إذا كتب خطابًا وجهه إليها أو إلى والدها يخبره فيه بطلاقها فإن هذا صريح يقع به الطلاق ولو قال: ما أردت به الطلاق لا يصدق بمنزلة ما إذا خاطبها بقوله: أنت طالق أو أرسل إليها رسولًا يخبرها بذلك ... انظر بدائع الصنائع 3/ 109. (¬2) في ط الكتاب. (¬3) في س تبين. (¬4) انظر الإقناع مع شرحه كشاف القناع 4/ 363 - 364. (¬5) في النجديات، هـ، ط بكتابة. (¬6) في النجديات، ط يكتب كتب عبثًا. (¬7) في د، س والكتابة. (¬8) في د، س والكتابة. (¬9) في النجديات، ط وطلقي. (¬10) في أ، هابه وفي د لم أنف وفي س لم أنف هابه.

يعني: لو قال لزوجته أمرك في يديك أو أمرك بيدك (¬1) ونحوه ملكت أن تطلق نفسها متى شاءت ثلاثًا ما لم يفسخ أو يطأها، حتى لو قال ما أردت أن تطلق (¬2) إلا واحدة لم يلتفت إليه، أما كونها تملك الثلاث وإن (¬3) نوى واحدة فلأنها من الكنايات الظاهرات (¬4) وتقدم الكلام فيها، وروي عن عثمان وابن عمر وابن عباس، وروي ذلك عن علي أيضًا، وفضالة بن عبيد وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء والزهري قالوا (¬5): إذا طلقت ثلاثًا فقال (¬6): لم أجعل إليها إلا واحدة لم يلتفت إلى قوله، والقضاء ما قضت. وعن عمر وابن مسعود أنها طلقة واحدة وبه قال عطاء ومجاهد والقاسم وربيعة ومالك (¬7) والأوزاعي والشافعيُّ. وقال الشافعي: إن نوى ثلاثًا فلها وإن نوى غير ذلك لم تطلق ثلاثًا والقول قوله في نيته (¬8). ولنا: أنه لفظ يقتضي العموم في جميع أمرها، لأنه اسم جنس مضاف فيتناول الطلقات الثلاث، كما لو قال: طلقي نفسك ما شئت، ولا يقبل قوله أردت واحدة، لأنه خلاف ما يقتضيه اللفظ. وأما كونه لا يتقيد بالمجلس ويكون في يدها (¬9) (ما لم يفسخ أو يطأ، ¬

_ (¬1) في النجديات، ط بيديك. (¬2) في د، س تطلق نفسها. (¬3) في أ، جـ، ط بدلها أو وفي هـ لعله. (¬4) في النجديات، هـ ط الظاهرة. (¬5) في النجديات، هـ، ط قال. (¬6) في هـ قال فقال. (¬7) يرى الإمام مالك أن من ملك امرأته أمرها وقال لها: أمرك بيديك ونحوه وقبلت ذلك فإنها تطلق، لكن كم تملك بهذا التمليك من عدد الطلقات؟ لا يخلو إما أن ينوي بهذا التمليك ثلاثًا أو لم ينو به عددًا معينًا وفي هاتين الحالتين القضاء ما قضت به، أما إذا نوى به واحدة فقط فإنها لا تملك أكثر من ذلك وله أن يناكرها ويحلف على ما نوى. انظر الكافي 2/ 589 - 590 والمدونة 2/ 374. (¬8) انظر مغني المحتاج 3/ 287. (¬9) في ب، جـ، ط يديها.

لأنه (¬1) توكيل مطلق فكان على التراخي (¬2) كالتوكيل في البيع وكذا لو جعل أمرها في يد (¬3)) غيرها. ومتى فسخ أو وطىء بطلت الوكالة كسائر الوكالات، لأن وطأها دليل فسخه، فإن قال لها اختاري نفسك ملكت واحدة فقط ما دامت في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه، لأنه خيار تمليك فكان على الفور كخيار القبول، بخلاف أمرك بيدك فإنه توكيل مطلق. ومن يقل امرأتي مطلقة ... ونية التطليق فيهم مطلقة فيطلق الجميع من نسائه ... قياسه التحرير (¬4) في إمائه يعني: لو قال: امرأتي طالق (¬5) أو زوجتي طالق وله نساء ولم ينو واحدة منهن لا معينة ولا مبهمة طلق جميع نسائه، لأنه مفرد مضاف فيعم وكذا لو قال عبدي حر أو أمتي حرة ولم ينو معينًا ولا مبهمًا منهم عتق الكل لما تقدم (¬6). فإن نوى معينة اختص الوقوع بها وإن نوى واحدة غير معينة أخرجت بقرعة (¬7) كما تقدم. ¬

_ (¬1) كذا في جميع النسخ والأصح فلأنه لأنه جواب أما. (¬2) في أ، جـ، هـ، ط التراضي. (¬3) في ما بين القوسين سقط من جـ. (¬4) في أالتحريم. (¬5) سقطت من النجديات، ط. (¬6) وهذا اختيار أبي الخطاب، واختار جمهور فقهاء الحنابلة أنه تطلق واحدة مبهمة لأن الكلام يحمل على حقيقته ما لم يصرفه عنها دليل ولو تساوى احتمالان لوجب قصره على الواحدة لأنها اليقين فلا يثبت الحكم فيما زاد عليها بأمر مشكوك فيه. المغني 8/ 430 - 431. وهذه المسألة قال فيها الإمام مالك بمثل ما ذكر الناظم عن الإمام أحمد قال ابن عبد البر في الكافي 2/ 582: ولم يختلف قول مالك فيمن طلق امرأة من نسائه ولم يدر أيتهن المطلقة أنهن يطلقن عليه كلهن. (¬7) في ب لقرعه.

واحدة من أربع من طلقا ... وغيرها بعد اعتداد ألحقا (¬1) ومات ثم اشتبهت (¬2) فيقرع ... بين الأولى من قرعت فتمنع (¬3) ويقسم الميراث للبواقي ... جديدة ربع بالاتفاق يعني: لو كان تحته أربع نسوة فطلق واحدة منهن في الصحة ثم اعتدت ثم تزوج أخرى ثم مات (¬4) واشتبهت المطلقة منهن، فللجديدة ربع ميراث الزوجات بلا شك ويقرع بين الأربع الأول، فمن خرجت عليها القرعة منعت من الميراث وورث الباقيات باقي ميراث الزوجات، وكذا لو لم يتزوج أخرى أو كان نكاح بعضهن فاسدًا فإنه يقرع بينهن بعد موته للميراث، إذ لا طريق للتمييز غيرها وقياسًا على العتق وغيره مما وردت فيه القرعة (¬5). واحدة من قال حيث طلقا ... إلا (¬6) أن تشائي فثلاث حققا فإن تقل شئت ثلاثًا يا فتى ... فأوقع بها (¬7) الثلاث نصًا ثبتا ¬

_ (¬1) سقط البيت كله من د، س وكتب بدله في س البيت الأول من المفردة التالية لهذه المفردة. (¬2) في نظ أشبهت. (¬3) في نظ فيمنع أو فيمتنع ولعل الأصوب الأول بدل الأولى. (¬4) في أ، جـ، هـ، ط ماتت. (¬5) يشير إلى ما رواه عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن رجلًا أعتق ستة أعبد ليس له مال غيرهم فأقرع بينهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعتق اثنين وأرق أربعة. رواه مسلم برقم 1668 وأبو داود برقم 3958 - 3961 والترمذيُّ برقم 1364 والنسائيُّ 4/ 64. وقد رجح ابن تيمية في الفتاوى 31/ 372 العمل بالقرعة بعد الموت لبيان المطلقة وقد سئل عن رجل له زوجتان مسلمة وكتابية قال إحداكما طالق ومات قبل أن يبين. فقال -رحمه الله-: والصحيح في هذه المسألة - سواء كانت المطلقة مبهمة أو مجهولة أن يقرع بين الزوجتين فإذا خرجت القرعة على المسلمة لم ترث هي ولا الذمية شيئًا، أما هي فلأنها مطلقة، وأما الذمية فإن الكافر لا يرث المسلم، وإن خرجت القرعة على الذمية ورثت المسلمة ميراث زوجة كاملة، هذا إذا كان الطلاق محرمًا للميراث كما إذا أبانها في الصحة. (¬6) سقطت من نظ. (¬7) في د لها.

يعني: لو قال لزوجته: أنت طالق واحدة إلا أن تشائي ثلاثًا طلقت واحدة لبته إياها ما لم تشأ ثلاثًا فتطلق كذلك لوجود شرطه، وكذا لو قال: أنت طالق ثلاثًا إلا أن تشائي واحدة (¬1)، فيقع الثلاث إن لم تشأ واحدة [فإن شاءتها وقع واحدة] (¬2) لوجود شرطها (¬3). وواحدة في النظم مفعول طلق بألف الإطلاق مقدم عليه وإلا أن تشائي فثلاث مقول قال: وجملة حقق مؤكدة للجملة قبلها أي: حقق كلامه المذكور وبينه. وكذا حكم ما لو قال: أنت طالق واحدة إلا أن يشاء زيد ثلاثًا أو طالق ثلاثًا إلا أن يشاء واحدة فلو شاءت أو شاء اثنتين فكما لو لم يشأ، لأن الثنتين غير الواحدة والثلاث. من حرم الزوجة في الإطلاق (¬4) ... فهو ظهار ليس بالطلاق يعني: لو قال لزوجته أنت (¬5) عليَّ حرام أو ما أحل الله علي حرام فالمنصوص عن أحمد في رواية جماعة (¬6) أنه (¬7) ظهار نوى به الطلاق أولًا ذكره الخرقي وغيره (¬8) (¬9). ¬

_ (¬1) سقطت من أ، جـ، هـ، ط. (¬2) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬3) وقال الجمهور: لا تطلق إذا شاءت ثلاثًا لأن الاستثناء من الإثبات نفي، فتقديره أنت طالق واحدة إلا أن تشائي ثلاثًا فلا تطلقي، ولأنه لو لم يقل: ثلاثًا لما طلقت بمشيئتها ثلاثًا فكذلك إذا قال: ثلاثًا لأنه إنما ذكر الثلاث لمشيئتها الرافعة لطلاق الواحدة. انظر المغني 8/ 380 ومغني المحتاج 3/ 325 - 326. وما ذكره المؤلف عن أحمد في هذه المسألة هو وجه في مذهب الشافعية قال النووي في المنهاج 3/ 325: (ولو قال: أنت طالق ثلاثًا إلا إن يشاء زيد طلقة فشاء طلقة لم تطلق وقيل: تقع طلقة). (¬4) في نظ الطلاق. (¬5) في أ، ب، أنتي. (¬6) في ط جماعته. (¬7) في د، س أنها. (¬8) سقطت من هـ. (¬9) مختصر الخرقي مع شرحه المغني 8/ 556.

وممن قال إنه ظهار عثمان بن (¬1) عفان وأبو قلابة وسعيد بن جبير وميمون بن مهران وروى الأثرم بإسناده عن ابن عباس في الحرام أنه تحرير (¬2) رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينًا (¬3)، ولأنه (¬4) صريح في تحريمها فكان ظهارًا وإن نوى غيره كقوله أنت عليّ كظهر أمي (¬5). وعن أحمد أنه (¬6) إن نوى به الطلاق كان طلاقًا، فكأنه جعله كناية، واختاره ابن عقيل وهو مذهب أبي (¬7) حنيفة والشافعيُّ (¬8) روي ذلك عن ابن مسعود وهذه الرواية هي (¬9) ظاهر كلام الناظم. وممن روي عنه أنه طلاق ثلاثًا علي وزيد بن ثابت وأبو هريرة والحسن البصري وابن أبي ليلى وهو مذهب مالك في المدخول بها (¬10). ليس بإكراه أتى الوعيد ... ولو بقبل عندنا ترديد (¬11) يعني: لو هدد الزوج بأخذ المال ونحوه قادر وغلب على ظنه وقوع ما هدده به لم يكن مكرهًا حتى ينال بشيء من العذاب كالضرب والخنق وعصر الساق، نص عليه في رواية الجماعة، واختاره الخرقي والقاضي ¬

_ (¬1) كرر في ألفظ (ابن). (¬2) في ط تحريم. (¬3) ورواه عبد الرزاق 6/ 404 عن الثوري عن منصور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. (¬4) سقطت الواو. (¬5) وهو وجه في مذهب الشافعية قال في المنهاج 3/ 282 - 283: ولو قال: أنت عليّ حرام أو حرمتك ونوى طلاقًا أو ظهارًا حصل، أو نواهما تخير وثبت ما اختاره، وقيل: طلاق، وقيل: ظهار. (¬6) سقطت من الأزهريات. (¬7) في هـ أبو حنيفة. (¬8) بدائع الصنائع 3/ 232 ومغني المحتاج 3/ 282 - 283. (¬9) في جـ، ط في. (¬10) الكافي لابن عبد البر 2/ 575 - 576. (¬11) في د تريد.

وأصحابه منهم الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما والشيرازي، وجزم به في الإرشاد وقدمه في الخلاصة، وقطع في المحرر (¬1) والحاوي أن الطلاق لا يقع إذا هدده بالقتل أو القطع. وعنه: إن هدده بقتل أو قطع عضو فإكراه وإلا فلا، قال القاضي في كتاب الروايتين (¬2): التهديد بالقتل إكراه رواية واحدة وتبعه المجد في المحرر والحاوي الصغير وزادا: وقطع طرف كما تقدم عنهما (¬3). وعنه: إن هدد بقتل أو قطع طرف أو ضرب أو حبس أو أخذ مال يضره كثيرًا فهو إكراه قال في الإنصاف (¬4): هذا المذهب وقطع به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرهم وسواء كان التهديد له أو لولده. قال في رواية ابن منصور: حد الإكراه إذا خاف القتل أو ضربًا شديدًا وهذا قول أكثر الفقهاء (¬5)، لأن الإكراه لا يكون إلا بالوعيد، فإن الماضي من العقوبة لا يندفع بفعل ما أكره عليه ولا يخشى من وقوعه وإنما (¬6) أبيح له فعل المكره عليه دفعًا لما يتوعد به من (¬7) العقوبة فيما بعد وهو في الموضعين واحد، ولأنه متى توعد بالقتل وعلم أنه يقتله ولم يبح له الفعل أفضى إلى قتله وإلقائه بيده إلى التهلكة، ولا يفيد ثبوت الرخصة بالإكراه ¬

_ (¬1) في هـ وقطع به. (¬2) الروايتين والوجهين ص 134 مخطوط بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية رقم النسخة 675، وقد حقق الدكتور عبد الكريم اللاحم المسائل الفقهية منه وهو فيها 2/ 646. (¬3) انظر المحرر 2/ 50 وقد يفهم من عبارة المصنف حيث عطف الحاوي الصغير على المحرر وجعل الفاعل في زاد ضمير الغائب المفرد أن مؤلف الحاوي هو المجد ابن تيمية وليس كذلك فإن مؤلفه هو الشيخ أبي نصر عبد الرحمن بن عمر البصري مدرس المستنصرية المتوفي سنة 684، انظر الإنصاف 1/ 14 والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 313 - 315. (¬4) 8/ 439. (¬5) الهداية مع تكملة فتح القدير 9/ 233. (¬6) سقطت الواو من د، س. (¬7) سقطت من هـ.

شيئًا، لأنه إذا طلق في هذه الحال وقع طلاقه فيصل المُكْرِه إلى مراده ويقع المُكْره في الضرر، وأما إذا نيل مع (¬1) الوعيد بشيء (¬2) من العذاب كالضرب والحبس والغط في الماء فهو إكراه بلا إشكال. وقوله: عندنا (¬3): ترديد أي: اختلاف فيحتمل رجوعه للقتل ويحتمل رجوعه للوعيد بأنواعه على ما تقدم بيانه إذ الخلاف في الكل، أو ما عدا القتل و (¬4) القطع. ¬

_ (¬1) في د، من. (¬2) في أ، جـ، ط شيء بدون حرف جر. (¬3) في د عند. (¬4) في النجديات، ط أو.

ومن باب الرجعة

ومن باب الرجعة قال الأزهري: الرجعة بعد الطلاق أكثر ما تقال (¬1) بالكسر، والفتح جائز، ويقال: جاءتني رجعة الكتاب أي: جوابه (¬2)، ولعله إنما قيل بالكسر لكون المرتجعة باقية في حال الارتجاع بعد الطلاق فهي كالركبة والجلسة، وأما بالنظر إلى أنها فعل المرتجع مرة واحدة فهي بالفتح فلهذا اتفق (¬3) الناس على الفتح. وهي: إعادة مطلقة غير بائن إلى ما كانت عليه بغير عقد (وهي) (¬4) ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع (¬5). بخلوة يحصل (¬6) الارتجاع ... كما بها لعدة أذاعوا ¬

_ (¬1) في هـ يقال. (¬2) تهذيب اللغة 1/ 368. (¬3) في ب التفق. (¬4) ما بين القوسين من ب. (¬5) أما الكتاب فقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة: 228]. وقوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231]. وأما السنة فقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عبد الله بن عمر: "مره فليراجعها". رواه البخاري 9/ 316 ومسلمٌ برقم 1471 وعن عمر -رضي الله عنه-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طلق حفصة ثم راجعها. رواه أبو داود برقم 2283. وأما الإجماع فقد نقل ابن المنذر إجماع أهل العلم على أن الحرّ إذا طلق دون الثلاث أو العبد إذا طلق دون الإثنتين أن لهما الرجعة. انظر المغني 8/ 470. (¬6) في أ، ب يثبت وفي هـ يجب في.

في أكثر الأحكام كالدخول ... قد جعلوها ومضى منقولي يعني: أن الخلوة تحصل بها الرجعة في رواية نقلها ابن منصور قال في الهداية (¬1) والمستوعب وغيرهما: هذا قول أصحابنا وجزم بها في المنور، لأنه معنى يحرم من الأجنبية ويحل من الزوجة فحصلت به الرجعة كالوطء، وأيضًا الخلوة كالوطء في كثير من الأحكام كوجوب (¬2) العدة وتقرير المهر كاملًا. والصحيح من المذهب: لا تحصل (¬3) الرجعة بالخلوة ولا بالمباشرة دون الفرج ولا بالنظر إلى فرجها ولو لشهوة (¬4)، بخلاف الوطء فتحصل به (¬5) رجعتها نواها أم لا، وهو قول سعيد بن المسيب والحسن وابن سيرين وعطاء وطاووس والزهري والثوري والأوزاعي وابن أبي ليلى وأصحاب الرأي (¬6). وقال (¬7) مالك وإسحاق: يكون (¬8) رجعة إذا أراد به الرجعة (¬9). وقال الشافعي: لا يحصل به (¬10) رجعة ولو نواها فيحرم وطؤها قبل الرجعة (¬11). ¬

_ (¬1) الهداية 2/ 42. (¬2) في س وجوب. (¬3) في هـ يحصل. (¬4) في أ، جـ، ط ولا الشهوة وفي هـ ولا لهشوه. (¬5) في أ، جـ فتصل وفي ط متصل. (¬6) الذي يفهم من كلام المصنف أن أهل الرأي -الحنفية- لا يرون حصول الرجعة بالمباشرة دون الفرج ولا بالنظر إلى فرجها ولو لشهوة وليس كذلك ففي بدائع الصنائع 3/ 182: (وكذلك إن لمسها لشهوة أو نظر إلى فرجها عن شهوة فهو مراجع). وانظر أيضًا حاشية ابن عابدين 3/ 398 - 9. وبهذا نعلم أن موضع الخلاف الذي ساقه المؤلف وذكر فيه آراء أئمة المذاهب الأخرى هو حصول الرجعة بالوطء دون غيره مما ذكر معه سابقًا. (¬7) سقطت من هـ. (¬8) في د، س تكون. (¬9) الكافي لابن عبد البر 2/ 617. (¬10) في ط تحصل. (¬11) الأم 5/ 225 - 226.

ومن أبواب الإيلاء والظهار والكفارات

ومن أبواب الإيلاء والظهار والكفارات (¬1) الإيلاء في اللغة: الحلف يقال آلى يولي إيلاء وألية وجمع الألية الألايا قال الشاعر (¬2): قليل الألايا (¬3) حافظ ليمينه ... إذا صدرت منه الألية برت ويقال تألى يتألى، وفي الخبر: "من يتألى على الله يكذبه" (¬4). وشرعًا: حلف (¬5) زوج يمكنه الوطء بالله تعالى أو صفته على ترك وطء زوجته الممكن جماعها في قبل أبدًا أو يطلق أو فوق أربعة أشهر أو ينويها (¬6). والأصل فيه قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] ... والظهار: مشتق من الظهر وخص به من بين سائر أعضاء، لأن كل ¬

_ (¬1) سقط من أ، جـ هـ (وجمع الألية) وفي ط والجمع. (¬2) كثير عزة من قصيدة قالها في رثاء عبد العزيز بن مروان. انظر ديوان كثير عزة ص 323 - 325 بشرح الدكتور إحسان عباس نشر دار الثقافة بيروت. (¬3) في هـ الألا يأخذ. (¬4) رواه البيهقي في الدلائل والحاكم عن عقبة بن عامر مرفوعًا وأخرجه ابن أبي شيبة وأبو نعيم في الحلية موقوفًا على ابن مسعود. انظر فيض القدير 2/ 179 وزاد المعاد 3/ 7. (¬5) في أ، جـ، ط يحلف. (¬6) معنى قول المؤلف في التعربف (أو يطلق) أي المدة التي حلف على ترك الجماع فيها، وقوله: (أو فوق أربعة أشهر وينويها) أي ينوي ترك الوطء أربعة أشهر في حلفه فإنه يكون موليًا، وجعل من حلف على الامتناع عن وطء زوجته أربعة أشهر موليًا رواية عند الحنابلة ومذهب الحنفية: انظر المغني 8/ 505 وحاشية ابن عابدين 3/ 424.

مركوب يسمى ظهرًا لحصول الركوب على ظهره (¬1) في الأغلب فشبهوا الزوجة بذلك. وفي الشرع: أن يشبه امرأته أو عضوًا منها بمن تحرم عليه ولو إلى أمد (¬2) أو بعضو منها أو بذكر أو بعضو منه ولو (¬3) بغير العربية (¬4). والأصل فيه (قوله تعالى) (¬5): {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 2] وهو محرم كالإيلاء وكان كل منهما طلاقًا في الجاهلية. والكفارات: جمع كفارة من الكفر بمعنى الستر، لأنها تستر الذنب. أن لا يطا الحالف بالطلاق ... ونحوه من حج أو إعتاق من أثبت الإيلالة فلا هي ... حتى يكون حالفًا بالله يعني: لو حلف أن لا يطأ امرأته بالطلاق أو العتاق أو الحج أو صدقة المال لم يثبت الإيلاء له حتى يحلف بالله، فلا يحصل الإيلاء إلا بالحلف بالله تعالى أو صفته (¬6). وقال النخعي وأبو حنيفة ومالك وأهل الحجاز والعراق والشافعيُّ وأبو ثور وأبو عبيد وغيرهم: يكون موليًا، لأنها (¬7) يمين منعت جماعها فهي إيلاء ¬

_ (¬1) في أ، جـ ظهر. (¬2) في د، س أمة. (¬3) في النجديات، ط أو. (¬4) في أ، جـ، ط والأزهريات عربية والمعنى ولو كان الظهار بغير اللغة العربية. (¬5) ما بين القوسين من ب. (¬6) وهو قديم قولي الشافعي قال في المهذب 17/ 290: ولا يصح الإيلاء إلا بالله عزَّ وجلَّ وهل يصح بالعتاق والطلاق والصوم والصلاة وصدقة المال؟ فيه قولان قال في القديم: لا يصح لأنه يمين بغير الله عزَّ وجلَّ فلم يصح به الإيلاء كاليمين بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والكعبة. وقال في الجديد: يصح وهو الصحيح. (¬7) في د، س لأنه.

[كالحلف بالله تعالى (¬1)، وروي عن ابن عباس: "كل يمين منعت جماعها فهي إيلاء (¬2) "] (¬3). ولنا: أن الإيلاء المطلق هو القسم ولهذا قرأ أُبَيٍّ وابن عباس يقسمون بدل يؤلون (¬4)، وروي عن ابن عباس في تفسير يؤلون قال: يحلفون بالله قاله (¬5) أحمد (¬6)، والتعليق بشرط ليس بقسم، ولهذا لا يؤتى فيه بحرف القسم ولا يجاب بجوابه ولا ذكره أهل العربية في باب القسم فلا يكون إيلاء، وإنما سمي حلفًا تجوزًا لمشاركته (¬7) القسم في المعنى المشهور فيه وهو (¬8) الحث على الفعل أو المنع منه أو توكيد الخبر، والكلام عند إطلاقه يصرف لحقيقته حيث لا تتعذر، ويدل عليه (¬9) قوله تعالى: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] إنما يدخل الغفران في اليمين بالله لكن متى ترك الوطء ضرارًا (¬10) ولو بغير حلف ثبت له حكمه (¬11) إزالة للمضارة. امرأة تقول تعني بعلها ... أنت كظهر أبتي فقل لها يلزمها كفارة الظهار ... ظهارها فيه خلاف جاري ¬

_ (¬1) انظر بدائع الصنائع 3/ 575 وحاشية ابن عابدين 3/ 425 - 426 والكافي لابن عبد البر 2/ 597 - 598 والمهذب 17/ 390 ومغني المحتاج 3/ 344. (¬2) رواه عبد بن حميد والبيهقيُّ عن ابن عباس. انظر تفسير الدر المنثور 1/ 270. (¬3) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬4) انظر تفسير المنثور 1/ 270. (¬5) في ط قال. (¬6) ورواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقيُّ في سننه: انظر فتح القدير للشوكاني 1/ 233. (¬7) في د، س لمشاركة. (¬8) سقطت من هـ. (¬9) في هـ على. (¬10) في د، س ضررًا. (¬11) في د، س ثبتت له حكم.

يعني: إذا قالت المرأة لزوجها: أنت علي كظهر أبي (¬1)، أو قالت: إن تزوجت فلانًا فهو عليَّ كظهر أبي، ثم تزوجته فعليها كفارة الظهار، لما روى الأثرم بإسناده عن إبراهيم عن عائشة بنت طلحة قالت: إن تزوجت مصعب بن الزبير فهو علي كظهر أبي فسألت أهل المدينة فرأوا أن عليها الكفارة، وروي من (¬2) وجه آخر عن عتيقها في ذلك: فاستفتت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم (¬3) يومئذٍ كثير فأمروها أن تعتق رقبة وتتزوجه فتزوجته وأعتقتني. وروى سعيد هذين الخبرين مختصرين (¬4)، ولأنها زوج أتى بالمنكر من القول والزور فلزمته كفارة الظهار كالآخر (¬5). وعنه: كفارة يمين قال الموفق والشارح: هذا أقيس وأشبه بالأصول (¬6). وعنه: لا شيء عليها (¬7) وفاقًا لمالك والشافعيُّ (¬8) وإسحاق وأبي ثور (¬9). ¬

_ (¬1) في النجديات أمي. (¬2) في ط في. (¬3) في النجديات هو. (¬4) سنن سعيد بن منصور 2/ 9 والدارقطنيُّ 3/ 319 وعبد الرزاق 6/ 444 وابن حزم في المحلى 10/ 54 وسكت عنها. (¬5) وبه أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية. انظر الفتاوى 34/ 9. وقد رد المانعون لوجوب الكفارة بأن الأثر فيه صحة الظهار قبل النكاح ولا يقول به من استدل به على وجوب الكفارة. وقد أجاب الموجبون لها بأنه يصح على أحدى الروايتين وإن قلنا: لا فالخبر أفاد الكفارة، وصحته قام الدليل على أنه لا يصح قبله قياسًا على الطلاق وبقيت الكفارة لم يدل على إسقاطها شيء. انظر الفروع 5/ 490. (¬6) المغني 8/ 622 والشرح الكبير 8/ 569. (¬7) في د عليه. (¬8) انظر الخرشي على مختصر خليل 4/ 102 وتكملة المجموع 17/ 356 - 357. (¬9) وهو أيضًا مذهب الحنفية قال الجصاص في تفسيره 3/ 423 - 424: (قال أصحابنا لا يصح ظهار المرأة من زوجها وهو قول مالك والثوري والليث والشافعيُّ).

وقوله: ظهارها فيه خلاف (¬1) يعني: اختلف العلماء فيما إذا قالت لزوجها نظير ما يكون به مظاهرًا منها هل يسمى ظهارًا؟. فذهب أكثر أهل العلم منهم مالك الشافعي وأصحاب الرأي: وإسحاق وأبو ثور: إلى أنه ليس بظهار وهو المذهب. وقال الزهري والأوزاعي: هو ظهار، وروي (¬2) عن الحسن ولعلهم يحتجون بأنها أحد (¬3) الزوجين ظاهر من الآخر فكان مظاهرًا كالرجل (¬4). ولنا: قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} فخصهم بذلك، ولأنه قول يوجب (¬5) تحريمًا في الزوجة فاختص به الرجل كالطلاق، ولأن الحل في المرأة حق للرجل فلم تملك المرأة إزالته كسائر حقوقه (¬6) فعليها أن تمكن زوجها من الاستمتاع بها قبل التكفير، لأنه حق (¬7) له عليها فلا يسقطه (¬8) يمينها بخلاف الرجل ولا تستقر عليها الكفارة إلا بالوطء كالرجل، لكن يلزمها الإخراج إذا عزمت على تمكينه كالرجل. وعندنا المشهور في الظهار ... من الصبي العاقل المختار يصح أيضًا هكذا الإيلاء ... مثل الطلاق إذ هما سواء ¬

_ (¬1) في جـ خلافه. (¬2) سقطت الواو من د، س. (¬3) في د، س إحدى. (¬4) وذكر في بدائع الصنائع 3/ 231 أنه قول أبي يوسف وذكر الجصاص في تفسيره 3/ 423 أنه قول الحسن بن زياد تلميذ أبي حنيفة وأن أبا يوسف -رحمه الله- كان يقول: عليها كفارة يمين. (¬5) في ط موجب. (¬6) ما ذكره المؤلف من الأدلة بعد قوله ولنا هي أدلة على المذهب وهو أن المرأة لا تكون مظاهرة إذا تكلمت بألفاظ الظهار وهذا هو الثابت عن أحمد رواية واحدة كما نقل القاضي، وإنما الخلاف عن أحمد في كفارة هذا الكلام إذا صدر من المرأة فقد روي عنه كما ذكر المؤلف ثلاث روايات: انظر المغني 8/ 621. (¬7) في د، س لحق عليها. (¬8) في أ، ط فلا يسقط يمينها.

أي: يصح الظهار والإيلاء من مميز يعقلهما (¬1) قال في القواعد الأصولية: (والأكثرون على صحة ظهاره وإيلائه) انتهى (¬2). وذلك كالطلاق (¬3) ولعموم آيتي الظهار والإيلاء قال الشيخ الموفق: والأقوى عندى أنه لا يصح من الصبي ظهار ولا إيلاء؛ لأنها يمين موجبة للكفارة فلم تنعقد منه كاليمين بالله تعالى، ولأن الكفارة وجبت لما فيه من قول المنكر والزور وذلك مرفوع عن الصبي لرفع القلم عنه (¬4). من رام تكفيرًا فبالدقيق ... أصلًا فجوزه وبالسويق أي: يجزئ في سائر الكفارات إخراج دقيق البر والشعير وسويقهما لكن يزيد بقدر ما يبلغ المخرج حد الإجزاء (¬5) بوزن حبه لقوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ (¬6) إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89]، والدقيق من أوسط ما يطعمه أهله ومثله السويق، ولأن الدقيق أجزاء الحنطة أو الشعير وقد كفاهم مؤنته وطحنه وهيأه وقربه من الأكل. وفارق الهريسة (¬7)، فإنها تفسد (¬8) عن قرب ولا يمكن الانتفاع بها في غير الأكل في تلك الحال بخلاف مسألتنا (¬9). ¬

_ (¬1) في ود، س، ط يعقلها. (¬2) القواعد الأصولية ص 27. (¬3) في جـ، ط كالظهار. في ط الموقف. سقط من ب، حـ، هـ ط (ولا إيلاء). (¬4) المغني 8/ 554 وقد نقلها المؤلف عن الشرح الكبير 8/ 565، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية. انظر الفروع 5/ 492. (¬5) في النجديات، ط الآخر. (¬6) في ط فكفارة. (¬7) الهريسة: طعام يصنع من الحب المهروس، وسميت بذلك لأن البر الذي تصنع منه يدق ثم يطبخ. انظر لسان العرب 6/ 247. (¬8) في د، ستعسر. (¬9) وإجزاء الدقيق والسويق في الكفارة مذهب الحنفية وقول لبعض علماء الشافعية قال في =

وعندنا قولان في الأخباز ... والخرقي قال: بالجواز يعني: في إجزاء إخراج الخبز في الكفارة روايتان (¬1) إحداهما: لا يجزئ وهو المذهب جزم به في الوجيز والمنور وقدمه في المحرر والرعايتين والحاوي (¬2) الصغير والفروع، لأنه خرج عن حالة الكمال والإدخار. وعنه: يجزئ وهو اختيار الخرقي، قال الموفق (¬3): وهذا أحسن، قال في الإنصاف (¬4): وهو الصواب وصححه في التصحيح وجزم به الآدمي في منتخبه قال الزركشي: اختاره (¬5) القاضي وأصحابه ذكره في كتاب الظهار لقوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} وهذا من (¬6) أوسط ما يطعم (¬7) أهله (¬8)، وليس الإدخار مقصودًا في الكفارة فإنها مقدرة بما يقوت المسكين في يومه. وعلى القول بإجزائه فإنه لا يجزى أقل من رطلين بالعراقي إلا أن يعلم أنه مد فيجزئ ولو كان أقل من رطلين (¬9)، وكذا ضعفه من الشعير ¬

_ = حاشية ابن عابدين 3/ 478 في بيان مقدارها: وهي نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير، ودقيق كل كأصله، وكذا السويق. وقال في المهذب 17/ 379: (ولا يجوز الدقيق والسويق والخبز ومن أصحابنا من قال: يجزئه لأنه مهيأ للاقتيات مستغنى عن مؤنته وهذا فاسد). (¬1) في ب روايتان. (¬2) في ب الحاو. (¬3) المغني 8/ 609. (¬4) الإنصاف 9/ 232. (¬5) في هـ اختار. (¬6) سقطت من أ، ب، ط. (¬7) في حـ، هـ تطعمون وفي أ، ب، ط يطعمون. (¬8) في أ: أهلهم. (¬9) وهذا في البر فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله للمظاهر كما رواه أحمد قال: ثنا إسماعيل، ثنا أيوب عن أبي يزيد المدني قال: جاءت امراة من بني بياضة بنصف وسق من شعير فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للمظاهر: "أطعم هذا فإن مدي شعير مكان مُدّ بُرٍّ". وقد ساقه في المبدع 8/ 67 بسنده وسكت عليه ولم أجده في المسند.

ونحوه قال في الإنصاف (¬1): قاله الأصحاب (¬2). وحيث في كفارة تمحضا (¬3) ... عتق فنصف اثنين فيه مرتضي (¬4) كذاك عن كفارتيه رقبة ... وعنهما آخر (¬5) أيضًا أوجبه أي: لو اعتق من وجبت عليه كفارة نصفي عبدين أو نصفي أمتين أو نصفي عبد وأمة أجزأ عنه (¬6)، وكذا لو كان عليه كفارتان فأعتق (¬7) عنهما رقبة ثم أعتق بعد عنهما أخرى، أو كان عليه كفارة فملك نصف رقبة فأعتقه عنها ثم ملك الآخر فأعتقه عنها، لأن الأشقاص كالأشخاص (¬8) في الجملة، وكالهدايا والضحايا إذا اشتركوا فيها؛ وقال الموفق (¬9): الأولى لا يجزي إعتاق نصفين إذا لم يكن الباقي منهما حرًا، لأنه لا يحصل من الشقصين ما يحصل من الرقبة الكاملة في تكميل الأحكام. ¬

_ (¬1) الإنصاف 9/ 233. (¬2) وقد مر في المسألة السابقة عن بعض علماء الشافعية أنهم يرون جواز إخراج الخبز في الكفارة ويرى الحنفية أنه يجوز إخراج الخبز في الكفارة إذا كانت قيمته تعدل قيمة ما يكفر من أصله قال في البدائع 5/ 103: فإن ملكه الخبز بأن أعطاه أربعة أرغفة فإن كان ذلك يعدل قيمة نصف صاع من حنطة أجزأه، وإن لم يعدل لم يجزه، لأن الخبز غير منصوص عليه فكان جوازه باعتبار القيمة. (¬3) في نظ تمحيظًا. (¬4) في النجديات، هـ، ط يرتضى. (¬5) في حاشية ط كذا في التيمورية وفي نسخة الشرح (أجزأ). (¬6) وهو وجه في مذهب الشافعية قال في المهذب 17/ 371 وإن عتق نصف عبدين عن كفارة ففيه ثلاثة أوجه: أحدها: لا يجزئه لأن المأمور به عتق رقبة ولم يعتق رقبة. الثاني: يجزئه لأن أبعاض الجملة كالجملة، في زكاة الفطر وزكاة المال فكذلك في الكفارة. الثالث: به إن كان بعضهما حرًا أجزأه لأنه يحصل تكميل الأحكام والتمكين من التصرف على التمام وإن كان مملوكًا لم يجزه. (¬7) في د، س فنِّ أعتق. (¬8) في ط كأشخاص. (¬9) المغني 11/ 280.

والطفل إن لم يغذ (¬1) بالطعام ... وهو (¬2) حقيق من ذوي إعدام فامنعه من كفارة زكاة (¬3) ... والمجد في الزكاة لا يواتي يعني: (أن) (¬4) الصغير الذي لا يأكل الطعام إذا كان فقيرًا أو مسكينًا لا يعطى من الكفارة ولا الزكاة لقوله تعالى: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} وهذا يقتضي أكلهم له، فإن (¬5) لم يعتبر حقيقة أكلهم وجب اعتبار إمكانه (¬6) ومظنته، ولا تتحقق (¬7) مظنته فيمن لا يأكل وهذه رواية اختارها الخرقي والقاضي والموفق والشارح وابن عبدوس في تذكرته قال المجد: هذه الرواية (¬8) أشهر عنه وجزم بها في الخلاصة والبلغة ومنتخب الآدمي، وقدمها في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير (¬9). والرواية الثانية: يجوز دفعهما إلى الصغير وإن لم يأكل الطعام وهي المذهب جزم بها في الوجيز والتنقيح والإقناع والمنتهى وقدمها في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والمحرر والنظم والفروع؛ لأنه حر مسلم محتاج فأشبه الكبير، ولأن أكله ليس بشرط وتصرف (¬10) إلى ما يحتاج إليه مما تتم به كفايته فأشبه الكبير. ¬

_ (¬1) في نظ يغذي. (¬2) في نظ، د س، فهو. (¬3) في د، س، هـ الزكاة. (¬4) ما بين القوسين من ب. (¬5) في د، س فإل. (¬6) في أ، جـ، س، هـ، ط مكانه. (¬7) في النجديات، هـ، ط تحقق. (¬8) في النجديات، ط رواية ونقله المؤلف من الإنصاف 9/ 229 وليس هذا النص في المحرر 2/ 229 بل قدم الرواية الثانية كما أشار إليها المؤلف بعد فلعله ذكر هذا في غيره. (¬9) وبه قال الإمام مالك في الكفارة فقد جاء في المدونة 3/ 72 (قال ابن القاسم قلت لمالك الصبي المرضع أيطعم من الكفارات قال: نعم إذا كان قد أكل الطعام (قلت): ويحسبه مالك في العدد ويجعله مسكينًا قال: نعم قال ابن القاسم: وقال لي مالك: إذا كان قد بلغ أن يأكل الطعام أطعم في الكفارات. (¬10) في د، س وتصرفه.

وفرق المجد بين الكفارة والزكاة فمنعه فى الكفارة لظاهر الآية فيها وأجازه في الزكاة لعموم ما ذكر فيها (¬1). وقوله كفارة زكاة (¬2): أي: فزكاة وإسقاط العاطف للضرورة (¬3). تتابع الصيام لا ينقطع ... بفطر سفر فالبنا (¬4) إذ يرجع (¬5) أي: لا ينقطع التتابع إذا سافر سفرًا يبيح (¬6) الفطر وأفطر فيبني على ما مضى من صومه إذا رجع (¬7). وقال أصحاب الرأي ومالك وبعض الشافعية: ينقطع، لأن السفر يحصل باختياره فقطع التتابع كما لو أفطر لغير عذر (¬8). ولنا: أنه فطر (¬9) لعذر يبيح الفطر في رمضان فلم يقطع التتابع كإفطار المرأة للحيض وفارق الفطر لغير عذر فإنه لا يباح. وهكذا فحيث ما تخللا (¬10) ... برمضان صومه ما أبطلا وهكذا ففطر يوم العيد ... إن كنت للتحقيق بالمريد (¬11) يعني: إذا تخلل صوم الظهار ونحوه زمان لا يصح صومه فيه عن ¬

_ (¬1) انظر المحرر 2/ 229. (¬2) في أ، جـ، د، س، هـ كفارة الزكاة. (¬3) في جـ الضروروة. (¬4) في د، س بالبنا. (¬5) في نظ في البادي يرجع وفي أفالبنا إذا يرجع. (¬6) في جـ بيح. (¬7) وهو وجه في المذهب الشافعي قال في المهذب 17/ 373: وإن كان الفطر بالسفر ففيه طريقان: من أصحابنا من قال فيه قولان: كالفطر بالمرض لأن السفر في إباحة الفطر فكان كالمرض في قطع التابع والثاني: أنه يقطع التتابع قولًا واحدًا. (¬8) حاشية ابن عابدين 3/ 477 والمدونة 3/ 78 والأم 5/ 270 - 271. (¬9) في أأفطر. (¬10) في نظ تخلًا. (¬11) دخلت الباء على خبر كان لضروروة الشعر.

الكفارة مثل أن يبتدئ الصوم من أول شعبان فيتخلله رمضان ويوم الفطر أو يبتدئ من ذي الحجة فيتخلله يوم النحر وأيام التشريق فإن التتابع لا ينقطع بهذا ويبني على ما مضى من صيامه. وقال الشافعي ومن وافقه: ينقطع التتابع ويلزمه الاستئناف، لأنه أفطر في أثناء الشهرين بما كان يمكنه التحرز منه فأشبه ما إذا أفطر من غير (¬1) عذر أو صام عن نذر أو كفارة أخرى (¬2). ولنا: أنه زمن منعه الشرع من صومه في الكفارة فلم يقطع (¬3) التتابع كالحيض والنفاس، مع أنه يمكن التحرز من النفاس بأن لا يبتدئ الصوم في حال الحمل، ومن الحيض إذا كان طهرها يزيد (¬4) على الشهرين (¬5) بأن تبتدئ الصوم (¬6) عقب طهرها من الحيضة، ومع هذا لا ينقطع به التتابع فعلى هذا إذا ابتدأ الصوم من أول شعبان أجزأه صوم شعبان عن شهر وإن كان ناقصًا ثم (¬7) يشرع من (¬8) اليوم الثاني من شوال ويتم شهرًا بالعدد (¬9) ثلاثين يومًا. بحالة الوجوب الاعتبار ... لا بالأدا (¬10) الإيسار والإعسار (¬11) وعنه: بل (¬12) بأغلظ الأحوال ... فالعتق حتم لذوي الأموال ¬

_ (¬1) في النجديات، هـ، ط لغير. (¬2) الأم 5/ 289 والهداية مع فتح القدير 3/ 239 والخرشي 4/ 118. (¬3) في النجديات، ط يقتطع. (¬4) في النجديات مزيد. (¬5) في النجديات، ط شهرين. (¬6) في النجديات، ط في الصوم وفي س يبتدئ الصوم. (¬7) في د، س لم. (¬8) في د، س عن. (¬9) في د، س بالمعد. (¬10) في د، س بأدا. (¬11) في نظ لا بالأدى اليسار والأعسار وفي هامش أ، ب، وفي نسخة لا بالأدا مذهبنا المختار. (¬12) سقط من ب لفظ (بل).

يعني: إن (¬1) الاعتبار في الكفارة بحال وجوبها وهو وقت العود في الظهار والحنث في كفارة (¬2) اليمين، فإن كان موسرًا حال الوجوب استقر وجوب الرقبة عليه فلم يسقط بإعساره بعد ذلك، وإن كان معسرًا ففرضه الصوم وإن أيسر بعد ذلك لم يلزمه الانتقال إليه لكنه يجزيه (¬3)، ولا اعتبار بحالة الأداء. خلافًا لأبي حنيفة ومالك والشافعيُّ في أحد أقواله، قالوا (¬4): لأنه حق له بدل من غير جنسه فكان الاعتبار فيه بحالة الأداء كالوضوء (¬5). وعن أحمد والشافعيُّ أيضًا الاعتبار بأغلظ الأحوال من حين الوجوب إلى حين التكفير [فمتى وجد رقبة فيما بين الوجوب إلى حين التكفير (¬6)] لم يجزه (¬7) إلا الإعتاق، لأنه (¬8) حق يجب في الذمة بوجود مال فاعتبر فيه أغلظ الأحوال كالحج (¬9). ولنا: أن الكفارة تجب على وجه الطهرة فكان الاعتبار فيها بحال الوجوب كالحد وكالعبد إذا أعتق، ويفارق الوضوء فإنه لو (¬10) تيمم ثم وجد الماء بطل تيممه، وهنا (¬11) لو صام ثم قدر على الرقبة لم يبطل (¬12) صومه، وليس الاعتبار في الوضوء بحالة أدائه إنما الاعتبار بأداء الصلاة. ¬

_ (¬1) ما بين القوسين من ب. (¬2) في أ، جـ، ط الكفارة. (¬3) وهو قول في المذهب الشافعي قال في مغني المحتاج 3/ 365 في شرح قول النووي في المنهاج: (وأظهر الأقوال اعتبار اليسار بوقت الأداء) قال: (والثاني بوقت الوجوب لها وجرى على هذا صاحب التنبيه نبهت على ضعفه في شرحه). (¬4) أي: قال الأئمة المذكورون أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ مستدلين على اعتبار حال الأداء أنه حق له بدل. إلخ .. (¬5) حاشية ابن عابدين 3/ 482 والكافي لابن عبد البر 2/ 608 ومغني المحتاج 3/ 365. (¬6) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬7) في النجديات والأزهريات لم يجزيه. (¬8) في جـ كرر (لأنه حق). (¬9) مغني المحتاج 3/ 365. (¬10) في ب، جـ لم وفي أ، ط إذا. (¬11) في النجديات، هـ، ط وهذا. (¬12) في هـ تبطل.

وأما الحج فهو عبادة العمر وجميعه وقت لها فمتى قدر عليه في جزء من (¬1) وقته وجب بخلاف مسألتنا. ويبطل ما ذكروه بالعبد إذا عتق فإنه لا يلزمه الانتقال إلى العتق مع ما ذكروه (¬2). ¬

_ (¬1) في أ، جـ، هـ، ط في. (¬2) بل قد نص أحمد في رواية الأثرم أنه لا يجزئه العتق لو أعتق قال أحمد: إذا عتق لا يجزئه إلا الصوم واختار هذا الخرقي. انظر المغني 8/ 615 - 618.

ومن أبواب اللعان والقذف ولحوق النسب

ومن أبواب اللعان والقذف ولحوق النسب اللعان: مشتق من اللعن، لأن كل واحد من الزوجين يلعن (¬1) نفسه في الخامسة إن كان كاذبًا. وقال القاضي سمي بذلك، لأن الزوجين لا ينفكان من أن يكون أحدهما كاذبًا فتحصل (¬2) اللعنة عليه وهي الطرد والإبعاد. والأصل فيه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6 - 9] الآيات (¬3). وأصل القذف: رمي الشيء (¬4) بقوة ثم استعمل في الرمي بالزنا (¬5) ونحوه من المكروهات. والأصل فيه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور 4] والنسب: القرابة والجمع أنساب. ¬

_ (¬1) في أحتى يلعن. (¬2) في د، س فيحصل. (¬3) في النجديات، ط الآية. (¬4) في أ، جـ الشيمة. (¬5) في النجديات، ط بالرمي في الزنا.

ونفي حمل وكذا استلحاقه ... فلا يصح جاءنا إطلاقه حتى بعيد (¬1) الوضع جوز ضد ما ... فاه (¬2) به في زمن تقدما يعني: لا يصح نفي الحمل ولا استلحاقه ما دام حملًا حتى تضعه فله نفيه باللعان ولو كان استلحقه حملًا قال أحمد في رواية الجماعة لعله يكون ريحًا يعني: أن الحمل غير متيقن (¬3) يجوز أن يكون ريحًا أو غيرها فيصير نفيه مشروطًا بوجوده ولا يجوز تعليق اللعان (¬4). وقال مالك والشافعيُّ وجماعة من أهل الحجاز: يصح نفي الحمل وينتفي عنه محتجين بحديث هلال بن أميه (¬5) فإنه نفى حملها فنفاه عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - وألحقه بالأم (¬6). وقال ابن عبد البر: الآثار الدالة على صحة هذا القول كثيرة (¬7) وذكرها (¬8)، ولأن الحمل مظنون بأمارات تدل عليه ولهذا ثبت للحامل أحكام تخالف فيها غيرها من النفقة والفطر في الصيام وترك إقامة الحد عليها ¬

_ (¬1) في نظ يعيد. (¬2) في نظ فها. (¬3) في د، س مستيقن. (¬4) هو قول للإمام مالك في نفي الولد قال ابن رشد في المقدمات: وله أن يلاعنها وهي حامل -المراد لنفي الولد-. وقد قيل: ليس له أن يلاعنها حتى تضع روي ذلك عن مالك وهو قول ابن الماجشون. ويرى الحنفية أنه لا لعان لنفي الولد إلا بعد الوضع قال السرخسي في المبسوط 7/ 44: (وإذا نفى الرجل حبل امرأته فقال: هو من زنا فلا لعان بينهما ولا حد قبل الوضع في قول علمائنا). واستدل ابن عابدين في حاشيته 3/ 490 بما استدل به أحمد من احتمال كونه ريحًا وذكر حكايه في ذلك. (¬5) حديث هلال بن أمية وملاعنته زوجته رواه البخاري 9/ 292 ومسلمٌ برقم 1495 وأبو داود برقم 2254 والترمذيُّ برقم 3178 وابن ماجة برقم 2067 والبيهقيُّ 7/ 397. (¬6) الكافي لابن عبد البر 2/ 610 ومغني المحتاج 3/ 380 - 381. (¬7) في ب، جـ كثير. (¬8) سقطت واو العطف من هـ.

وتأخير القصاص عنها وغير ذلك، قال في الشرح (¬1) وهذا القول الصحيح (¬2) لموافقته ظواهر الأحاديث وما خالف الحديث (¬3) لا يعبأ به. وقال أبو حنيفة: إن لاعنها حاملًا (¬4) ثم أتت بولد لزمه ولم يتمكن من نفيه، لأن اللعان لا يكون إلا بين الزوجين وهذه قد بانت بلعانها في حملها (¬5). وهذا فيه إلزامه ولدًا ليس منه، وسد باب الانتفاء من أولاد الزنا والله تعالى قد جعل له إلى ذلك طريقًا فلا يجوز سده. وتعتبر الزوجية (¬6) في الحال التي أضاف إليها (¬7) الزنا فيه وهذه كانت زوجة في تلك الحال. وقاذف المحصن فيما يبدو ... وإن زنا فقاذف يحد أي: إذا كان المقذوف محصنًا وهو الحر المسلم العاقل العفيف عن (¬8) الزنا ظاهرًا الذي يجامع مثله لزم القاذف حد القذف (¬9) وإن زنى (¬10) المقذوف قبل أن يقام الحد على قاذفه وبهذا قال الثوري وأبو ذر والمزني وداود. وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ: لا حد عليه لأن الشروط يعتبر استدامتها إلى حال إقامة الحد بدليل أنه لو ارتد أو جن لم يقم الحد، ¬

_ (¬1) الشرح الكبير 9/ 53. (¬2) كذا في الشرح ولعل الأحسن هو الصحيح. (¬3) سقط من هـ وما خالف الحديث. (¬4) في د، س. حاملها. (¬5) بدائع الصنائع 3/ 240 والهداية مع فتح القدير 3/ 260. (¬6) في أ، جـ، ط من. (¬7) في د، س إليه. (¬8) في جـ، ط من. (¬9) في النجديات، هـ، ط المقذوف. (¬10) في أ، جـ هـ، ط أتى.

ولأن (¬1) وجود الزنا منه يقوي قول القاذف، ويدل على تقدم (¬2) هذا الفعل (¬3) منه، فأشبه الشهادة إذا طرأ الفسق بعد أدائها قبل الحكم بها (¬4). ولنا: أن الحد قد وجب (¬5) وتم بشروطه فلا يسقط بزوال شرط الوجوب كما لو زنا بأمة ثم اشتراها. وقولهم: إن الشروط يعتبر استدامتها لا يصح فإن الشروط للوجوب فيعتبر وجودها إلى حين الوجوب فقط (¬6). وقاذف الخصي والمجبوب ... يحد نصًا ليس بالمكذوب كذا صبي مثله يجامع ... قاذفه يحد لا تمانع يعني: أنه يحد قاذف الخصي والمجبوب إذا كان محصنًا و (¬7) قاذف الصبي الذي يجامع مثله وهو ابن عشر وبنت تسع لدخولهم في العمومات، ولأنهم يلحقهم (¬8) الشين بإضافة الزنا إليهم ويعيرون بذلك، والحد إنما وجب لأجل (¬9) ذلك، وحكاه في المغني عن مالك وإسحاق (¬10)، ولكن لا ¬

_ (¬1) في النجديات، ط وأن. (¬2) في جـ، ط ما تقدم. (¬3) في د، س القول. (¬4) بدائع الصنائع 3/ 243 والكافي لابن عبد البر 2/ 1077 ومغني المحتاج 3/ 361. (¬5) في د، س وجد. (¬6) لو قال فإن الشروط ها هنا للوجوب لكان أولى إذ ليست كل الشروط للوجوب. (¬7) في جـ، ط أو. (¬8) فيه هـ يلحهم. (¬9) في النجديات، ط من أجل. (¬10) الذي حكاه الموفق في المغني 10/ 203 عن مالك وإسحاق إنما هو في وجوب الحد على من قذف صبيًا يجامع مثله أما الخصي والمجبوب فلم يحك عنهما شيئًا فيهما. وقد ذكر ابن عبد البر في الكافي 2/ 1076 عن مالك أنه لا يجب الحد على قاذف الخصي قال: (وليس على من قذف عبدًا ولا كافرًا ولا صبيًا صغيرًا ولا مجنونًا ولا خصيًا حد).

يحد قاذف غير بالغ حتى يبلغ ويطالب، لأنه حق (¬1) له يقصد منه التشفي فلا تدخله النيابه كالقصاص (¬2). وقال الشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي: لا يحد قاذف الصغير كالمجنون، لأن زناه (¬3) لا يوجب حدًا (¬4). لأم حر مسلم من قذفا ... يحد إن شاء وعنه ما عفا حتى ولو ذمية قد كانت ... أو مسها الإرقاق أو قد ماتت يعني: يحد من قذف أم حر مسلم عاقل عفيف عن الزنا إن (¬5) طالب بالحد ولم (¬6) يعف عن القاذف ولو كانت الأم ذمية أو رقيقة أو كافرة أو ميتة، لأنه قدح في نسب الحي، ولأنه بقذف أمه ينسب إلى أنه ولد زنا، واعتبر الإحصان فيه دونها، لأن الحد وجب للقدح في نسبه. وقال أبو بكر: لا يجب الحد بقذف ميت، وهو قول أصحاب الرأي: لأنه قذف لمن لا يصح منه المطالبة (¬7) فأشبه قذف المجنون (¬8). وقال الشافعي: إن كان الميت محصنًا فلوليه (¬9) المطالبة، وينقسم (¬10) ¬

_ (¬1) في هـ لحق. (¬2) في د، س القضاء. (¬3) في جـ زناؤه. (¬4) مغني المحتاج 3/ 371 وحاشية ابن عابدين 3/ 486. (¬5) في أ، جـ، ط (أو) ولي ب و. (¬6) في ب كرر الناسخ كتابة (لم). (¬7) في د، س مطالبة. (¬8) ما ذكره هنا عن أهل الرأي -الحنفية- هو خلاف ما اطلعت عليه في كتبهم المشهورة ففي بداية المبتدي المطبوع مع شرحه الهداية وشرحها فتح القدير 5/ 322: (ولو قال يا ابن الزانية وأمه ميتة محصنة فطالب الابن بحده حد القذف). وذكر ذلك أيضًا في تحفة الفقهاء 3/ 196 - 197وبدائع الصنائع 7/ 55 وقد ذكر فيها أنه لا خلاف في المذهب في أن لولد الميت المطالبة بالحد. (¬9) في هـ فوليه. (¬10) في جـ، ط فيقسم وفي أ، ب، هـ ويقسم.

بانقسام الميراث، وإن لم يكن محصنًا فلا حد على قاذفه؛ لأنه ليس بمحصن (¬1). وقافه (¬2) إن ألحقت للطفل ... حتى بآبا صح ذا في النقل يعني: إن وطيء ثلاثة فأكثر امرأة بشبهة في طهر واحد وأتت بولد يمكن (¬3) أن يكون منهم وعرض معهم على القافة -وهم يعرفون الأنساب بالشبه ولا يختص بقبيلة معينة- فألحقته بهم لحق بالكل وكان ابنًا لهم وهو قول الثوري (¬4) لقضاء عمر باللحاق باثنين وذلك مما اشتهر ولم ينكره أحد في عصره ورواه سعيد بن منصور في سننه أيضًا عن علي (¬5). فهذا كله دال على إمكانه منهما فوجب قبول (قول) (¬6) القائف فيه كما يقبل مثل (¬7) هذا من البينات [في الأمور الممكنات وإذا ثبت إمكانه منهما ثبت (¬8)] إمكانه من أكثر ¬

_ (¬1) انظر مختصر المزني المطبوع مع الأم 5/ 168 وذهب مالك إلى أن من قذف ميتًا محصنًا فإن لولده وإن سفل ولوالده وإن علا المطالبة بالحد ومن قام منهم أخذه. انظر التاج والإكليل 6/ 305. (¬2) في نظ وقاقه قد ألحقت وفي أوقاذفة: (¬3) في د، س لا يمكن. (¬4) وهو قول في مذهب الحنفية قال الكمال بن الهمام في فتح القديره 5/ 54: (ثم كما يثبت نسبه من اثنين يثبت من ثلاثة وأربعة وخمسة وأكثر. وقال أبو يوسف: لا يثبت لأكثر من اثنين لأن القياس ينفي ثبوته من اثنين لكنه ترك لأثر عمر. وقال محمَّد: لا يثبت لأكثر من ثلاثة لقرب الثلاثة من الاثنين ولأبي حنيفة أن سبب ثبوت النسب من أكثر من واحد الاشتباه والدعوى فلا فرق). (¬5) أما أثر عمر فقد رواه عبد الرزاق 7/ 360 وابن أبي شيبة 2/ 187 وقال فيه الزيلعيُّ في نصب الراية 3/ 291: رواه البيهقي وقال: هو منقطع وفيه مبارك بن فضالة ليس بحجة. وأما أثر علي فقال فيه الزيلعيّ 3/ 291: رواه الطحاوي في شرح الآثار ورواه عبد الرزاق وضعفه البيهقي. (¬6) ما بين القوسين من ب. (¬7) النجديات، هـ، ط منه وزيد في ب في اللقيط. (¬8) ما بين القوسين سقط من س.

لوجود المقتضي والتخصيص بالاثنين والثلاثة لا موجب (¬1) له (¬2). إمكان (¬3) وطء في لحقوق النسب ... فعندنا معتبر في المذهب كامرأة تكون في شيراز ... وزوجها يقيم (¬4) في الحجاز فإن تلد لستة من أشهر ... من يوم عقد واضح في المنظر (¬5) فمدة (¬6) الحمل مع المسير ... لا بد أن تمضي في التقدير إن مضتا غدا (¬7) به ملتحقًا (¬8) ... ومالك والشافعيُّ وافقا يعني: يعتبر للحوق (¬9) الولد بالزوج إمكان وطئه لزوجته (¬10) فإذا كانت المرأة بشيراز بلدة بالعجم (¬11) وزوجها بالحجاز لم يلحق به ولدها إلا إذا مضى بعد العقد مدة يمكن أن يسير فيها إليها مع مدة أقل الحمل وهي ستة ¬

_ (¬1) في أ، جـ، ط يوجب. (¬2) ويرى الإِمام الشافعي أنه لا يلحق بأكثر من واحد واختاره ابن القيم وهو الذي يدل عليه علم الأجنة فإن التلقيح إنما يكون بين حيوان واحد وبين البويضة وفي العلم الحديث من وسائل الكشف ما يرجح بها الطبيب الشرعي في معرفة والدي الطفل وقد اشتهر في هذا العصر تحليل البصمة الوراثية وقد اعتمدته المجامع الفقهية وسيلة إثبات في قضايا النسب بديلًا عن القافة بل هو أقوى منها لوصوله عند كثير من الخبراء إلى مرتبة اليقين. انظر مغني المحتاج 4/ 489 - 490 والطرق الحكمية ص 264 والجنين للدكتور محمَّد سلام مدكور ص51. (¬3) في نظ إن كان. (¬4) في نظ، أ، د، س مقيم. (¬5) في نظ النظر. (¬6) قال في هامش أ، ب وفي نسخة فعدة. (¬7) في أعذابه. (¬8) في نظ ما اتحقا. (¬9) في جـ اللحوق. (¬10) في النجديات لزوجة. (¬11) من أشهر المدن الإيرانية وتقع في الجنوب الغربي من إيران افتتحها أبو موسى الأشعري وعثمان بن أبي العاص في خلافة عثمان -رضي الله عنهم-. انظر معجم البلدان الطبعة الأولى سنة 1324 هـ 5/ 321 وقادة فتح بلاد فارس 266 - 267.

أشهر فإن ولدته (¬1) لدون ذلك لم يلحقه وفاقًا لمالك والشافعيُّ (¬2). وقال أبو حنيفة: يلحقه نسبه حيث مضى ستة أشهر؛ لأن الولد إنما يلحقه بالعقد ومدة الحمل ألا ترى أنكم قد قلتم إذا مضى زمان الإمكان لحق الولد وإن علم أنه لم يحصل منه الوطء (¬3). ولنا: أنه لم يحصل إمكان الوطء في هذا العقد فلم يلحق به الولد كزوجة الطفل (¬4) أو كما لو (¬5) ولدته لدون ستة أشهر، وفارق ما قاسوا عليه فإن الإمكان إذا وجد لم يعلم أنه ليس منه قطعًا لجواز أن يكون وطئها من حيث لا تعلم ولا سبيل لنا إلى معرفة حقيقة الوطء. فعلقنا الحكم على إمكانه في النكاح، ولم يجز حذف الإمكان في (¬6) الاعتبار؛ لأنه إذا انتفى حصل اليقين بانتفائه فلم يجز إلحاقه به (¬7) مع يقين كونه ليس منه وذكر المصنف هذه المسألة في المفردات مع كونها ليست منها كما سبق ليرتب (¬8) عليها ما ذكره بقوله. وعندنا في صورتين حققوا ... والمدتان إن مضت لا يلحق من كان كالقاضي وكالسلطان ... وسيره (¬9) لا يخف (¬10) عن عيان أو غاصب صد عن اجتماع ... ونحوه فامنع ولا تراع ¬

_ (¬1) في النجديات، هـ ولدت. (¬2) انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 613 - 614 وتكملة المجموع 17/ 404. (¬3) حاشية ابن عابدين 3/ 550 - 551. (¬4) مع تقدم وسائل النقل السريعة في هذا العصر بإمكان من في أقصى الدنيا من شرق أن يتصل بمن في أقصاها من الغرب في مدة وجيزة تعد بالساعات وذلك مما يقلل أهمية البحث في مثل هذه المسائل. (¬5) سقطت لو من د، س وفي هـ وكما لو. (¬6) لو قال من الاعتبار لكان أحسن. (¬7) سقط من ط. (¬8) في ط يترتب وفي هـ ليترتب. (¬9) في س وسره. (¬10) في نظ يخفي.

يعني: يستثنى مما سبق صورتان لا يلحق الولد فيهما ولو مضت مدة يمكن السير منه إليها فيها (¬1) ومدة أقل الحمل: إحداهما: من لا يخفى سيره كالقاضي والسلطان. الثانية: إذا صد عن الاجتماع بها بأن (¬2) رسم عليه من العقد إلى أن فارقها بحيث يقطع أنه لم يجتمع بها فلا يلحقه الولد إلحاقًا له بمن (¬3) تزوجها وطلقها بحضرة الحاكم، أو مات بالمجلس؛ لأنه في معناه في تحقق عدم الوطء، فهو كما لو ولدته لدون ستة أشهر (¬4). وظاهر (¬5) كلامه في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها لحوقه في هاتين، الصورتين (¬6) أيضًا (¬7). وقوله لا يخف عن عيان بسقوط الألف للتخفيف على حد قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4)} [الفجر: 4]، على قراءة حذف الياء. والعيان بكسر العين مصدر عاين، وقوله فامنع أي: لحوق النسب. ¬

_ (¬1) سقط من النجديات. (¬2) في النجديات، هـ، ط فان. (¬3) في النجديات عن. (¬4) سقطت من هـ. (¬5) في ب فظاهر. (¬6) انظر التنقيح ص250 والإقناع مع شرحه كشاف القناع 5/ 407 والمنتهى 2/ 340 - 341. (¬7) سقطت من النجديات، هـ ط.

ومن كتاب العدد والاستبراء

ومن كتاب العدد والاستبراء العدد واحدها عدة بكسر العين فيهما، مأخوذ من العدد بفتحها؛ لأن أزمنة العدد (¬1) محصورة بعدد الأزمان والأحوال كالأشهر والحيض. والعدة: التربص المحدود شرعًا. والاستبراء: مأخوذ من البراءة وهي التمييز (¬2) والانقطاع، يقال برئ اللحم من العظم إذا قطع منه وفصل عنه، وخص الاستبراء بهذا الاسم لحصوله بأقل ما يدل على البراءة بخلاف العدة، وهو ما يعلم به براءة رحم ملك اليمين من الحمل غالبًا حدثًا أو زوالًا، من وضع حمل أو حيضة أو شهر أو (¬3) عشرة (¬4). بالحيض من تعتد إن لم تغتسل (¬5) ... رجعتها باقية فيما نقل لأكثر (¬6) الحيض ولو قد قطعا ... وعقد غير فاسد قد سمعا ¬

_ (¬1) في د، س العده. (¬2) في د، س، ط التميز. (¬3) في أ، د، س ط و. (¬4) هذه هي الأحوال والأزمان التي تعرف بها براءة الرحم من الحمل، فالحامل يحصل استبراؤها بوضع الحمل، ومن تحيض يحصل استبراؤها بحيضة، والآيسة والصغيرة بشهر، ومن ارتفع حيضها ولم تدر ما رفعه تستبرئ بعشرة أشهر، تسعة أشهر للحمل لأنها غالب مدته وشهر مكان الحيضة .. التنقيح المشبع ص 254. (¬5) في د، س تنتقل. (¬6) في نظ بأكثر.

يعني: إذا طهرت المعتدة (¬1) من الحيضة الأخيرة (لم تحل للأزواج حتى) (¬2) تغتسل، ويباح لزوجها رجعتها إن كان الطلاق رجعيًا، قال أحمد: عمر (¬3) وعلي وابن مسعود يقولون (له رجعتها (¬4)) قبل أن تغتسل من الحيضة الثالثة، وروي ذلك عن سعيد بن المسيب والثوري وإسحاق، وروي ذلك عن أبي بكر الصديق وعثمان وأبى موسى وعبادة وأبي الدرداء (¬5). قال شريك: له الرجعة وإن فرطت في الغسل عشرين (¬6) سنة (¬7). ووجه ذلك أنها ممنوعة من الصلاة بحكم حدث (¬8) الحيض فأشبهت الحائض. قال القاضي: إذا شرطنا الغسل أفاد عدمه إباحة الرجعة وتحريمها على الأزواج فأما سائر الأحكام (¬9) فإنها تنقطع (¬10): بانقطاع دمها (¬11). وقوله لأكثر الحيض: متعلق بقطع أي: ولو انقطع حيضها لأكثر ¬

_ (¬1) في د، س المعده. (¬2) ما بين القوسين سقط من ب، ج. (¬3) في د، س وعمر. (¬4) ما بين القوسين من ب. (¬5) ورجح هذا شيخ الإِسلام ابن تيمية في الفتاوى 21/ 626. (¬6) في هـ عشر. (¬7) روى ابن أبي شيبة في مصنفه 5/ 192 - 194 الآثار عن عمر وعلي وابن مسعود وأبي بكر وأبي الدرداء وعبادة بن الصامت وأبي موسى وسعيد ابن المسيب. (¬8) في أ، جـ حديث. (¬9) كوجوب النفقة واستحقاق الإرث ووقع الطلاق واللعان كل هذه تنتهي بانقطاع الدم ولا يمتد زمنها إلى الغسل من الحيضة كما يقال الذي الرجعة. انظر المغني 9/ 87. (¬10) في النجديات تقطع. (¬11) وعن أحمد له رجعتها ما لم يمض عليها وقت صلاة بعد انقطاع الدم وصححه في التصحيح وقال في الوجيز: (لا تحل حتى تغتسل أو يمضي وقت صلاة). أ. هـ .. انظر تصحيح الفروع المطبوع معها 5/ 540.

الحيض يشير به إلى خلاف أبي حنيفة حيث قال: إذا انقطع الدم لدون أكثر الحيض فكما تقدم وإن انقطع لأكثره (¬1) انقضت العدة بانقطاعه (¬2). وقوله: وعقد غير مبتدأ ومضاف (¬3) إليه أي: عقد غير الزوج وفاسد خبره وقوله: قد سمعا بألف الإطلاق أي: عمن تقدم من الصحابة. إن تستحض ناسية معتدة ... ولم تميز سنة في المدة (¬4) وعنه بل ثلاثة بالأشهر ... قدم في المقنع والمحرر يعني: أن عدة المستحاضة الناسية لعادتها ولا تمييز لها سنة كعدة (¬5) من ارتفع حيضها ولا تدري (¬6) ما رفعه اختاره القاضي وأصحابه، قاله في الفروع (¬7)؛ لأنها لم تتيقن لها حيضها (¬8) مع أنها من ذوات القروء فكانت (¬9) عدتها سنة (¬10) كالتي ارتفع حيضها (ولا تدري ما رفعه؟) (¬11). ¬

_ (¬1) في أ، جـ لأكثر. (¬2) حاشية ابن عابدين 3/ 303 وتفسير الجصاص 1/ 348 - 350. (¬3) في الأزهريات أو مضاف إيه. (¬4) في حاشية ط: كذا في نسخة الشرح الأحسائية وفي نسخة الشرح المصرية: في العدة وفي التيمورية (فالمدة).أ. هـ. وفي هـ فالمده. (¬5) في د، س لعده. (¬6) في ب، جـ تدر وسقطت واو العطف من د، س. (¬7) 5/ 544. (¬8) في ب حيض. (¬9) في النجديات وكانت. (¬10) وهذا قول الإِمام مالك -رحمه الله- قال ابن عبد البر 2/ 620: وعدة المستحاضة سنة سواء علمت دم حيضتها من دم استحاضتها وميزت ذلك أو لم تميزه عدتها في ذلك كله عند مالك في تحصيل مذهبه سنة منها تسعة أشهر استبراء وثلاثة عدة. ويظهر الفرق بين القولين في المستحاضة المميزة فإنها تعتد عند الإِمام مالك سنة وعند الإِمام أحمد تعمل بالتمييز وتعتد بثلاثة قروء وعن الإِمام مالك رواية أخرى مشهورة أنها تعمل بالتمييز فتعتد بالقروء وحينئذ فلا فرق بين هذه الرواية وبين مسألتنا: انظر شرح الزرقاني على الموطأ 3/ 212 والخرشي 4/ 138. (¬11) ما بين القوسين من ب.

وعنه: بل عدتها ثلاثة أشهر وهو الصحيح من المذهب جزم به في الوجيز والتنقيح والإقناع والمنتهى وقدمه في المغني والمقنع والمحرر والشرح والحاوي والفروع وغيرهم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أمر حمنة بنت جحش أن تجلس في كل شهر ستة أيام أو سبعة (¬1)) (¬2) فجعل لها حيضة في كل شهر، قال في الشرح (¬3): (وعلى هذه الرواية ينبغي أن يقال متى حكمنا بأن حيضها سبعة أيام من كل شهر فمضى لها شهران بالهلال وسبعة أيام من أول الثالث فقد انقضت عدتها) انتهى (¬4)، وإن علمت عادتها أو كان لها تمييز صالح عملت (¬5) به. زانية تعتدكالمطلقة ... وعنه بل بحيضة محققة يعني: أن عدة الزانية كعدة المطلقة على الصحيح من المذهب وهو قول الحسن والنخعي (¬6). وعنه: أنها تستبرئ (¬7) بحيضة وهو قول مالك (¬8)؛ لأن المقصود العلم ¬

_ (¬1) في ط سبعة أيام. (¬2) رواه أبو داود برقم 287 والترمذيُّ برقم 128: (وقال: حسنٌ صحيحٌ وحكى ذلك عن البخاري وأحمدُ بن حنبل، وفيه عبد الله بن محمَّد بن عقيل وقد ضعفه بعض العلماء) انظر: تحفة الأحوذي 1/ 299. (¬3) الشرح الكبير 9/ 116. (¬4) سقطت من أ، جـ، هـ ط. (¬5) في جـ والأزهريات، ط علمت. (¬6) وقد ذكر ابن عبد البر في الكافي 2/ 630 عن الإِمام مالك أنها تستبرئ بثلاث حيض -وهي عدة المطلقة التي تحيض عند الحنابلة- قال ابن عبد البر: (وإذا زنت حرة أو غصبت على نفسها وجب عليها الاستبراء من وطئها بثلاث حيض، فإن كانت ذات زوج وجب على زوجها الامتناع من وطئها حتى ينقضي استبراؤها، وإن لم تكن ذات زوج لم يجز لها أن تنكح إلا بعد أن تستبرئ نفسها بثلاث حيض) وذكر في حاشية الخرشي 4/ 140 أنها تمكث قدر عدتها على اختلاف أحوالها سواء كانت من ذوات الأشهر أو من ذوات القروء أو مستحاضة مرتابة. (¬7) تستبر. (¬8) هذا عند مالك في الأمة خاصة أما الحرة فقد سبق بيان مذهبه في استبرائها. انظر الكافي 2/ 631.

ببراءة رحمها من الحمل فأشبه استبراء الأمة (¬1). وروي عن أبي بكر وعمر أنه لا عدة عليها (¬2) ومعناه عن علي وهو قول الثوري وأصحاب الرأي: والشافعيُّ (¬3)؛ لأن العدة لحفظ النسب ولا يلحقه النسب. ولنا: أنه وطء يقتضي شغل الرحم فوجبت العدة منه كوطء الشبهة (¬4) وقولهم: إنما (¬5) تجب العدة لحفظ النسب ينتقض (¬6) بالملاعنة المنفي ولدها والآيسة والصغيرة. في مرض الموت إذا ما طلقا ... ثم انقضت عدتها محققًا فبعد ذا إن عد في الأموات ... تعتد أيضًا عدة الوفاة يعني إذا (¬7) طلق المريض مرض الموت المخوف امرأته ثم انقضت عدتها ثم مات لزمتها عدة الوفاة أيضًا إن ورثناها منه، لأنها ترثه بالزوجية كما لو مات بعد الدخول قبل انقضاء العدة قاله القاضي وجماعة، والصحيح أنه لا عدة عليها كما في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها لأنها أجنبية تحل للأزواج ويحل للمطلق (¬8) نكاح أختها وأربع سواها وتخالف التي مات في عدتها فإنها لا تحل لغيره، في هذه الحال، وأما توريثها منه فمعاملة له بضد قصده زجرًا له فلا يقتضي (¬9) التغليظ عليها. ¬

_ (¬1) وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية ذكره تلميذه ابن مفلح في الفروع 5/ 550. (¬2) سقطت من هـ. (¬3) حاشية ابن عابدين 3/ 527 ومختصر الطحاوي 218 والأم 5/ 10 - 11. (¬4) في د الشبه. (¬5) في النجديات، هـ إنها. (¬6) في هـ ينقنضي. (¬7) في أ، جـ أنه وفي ب أنه أن وفي هـ لو. (¬8) في هـ لمطلق. (¬9) في النجديات، هـ تقتضي.

رجعية في عدة من راجعا ... ثم أبان ولهما ما واقعا (¬1) عدتها تبني على ما سبقا ... ومن رأى استئنافها ما رفقا أي: إذا طلق زوجته رجعيًا ثم راجعها ثم طلقها قبل الدخول بها بنت (¬2) على ما سبق من عدتها من غير استئناف (¬3) في رواية اختارها القاضي وأصحابه وقدمها في الهداية والمستوعب والخلاصة (¬4)؛ لأن الرجعة لا تزيد على النكاح الجديد، ولو نكحها ثم طلقها قبل المسيس لم يلزمها لذلك (¬5) الطلاق عدة فكذلك الرجعة (¬6). وعنه: (أنها) (¬7) تستأنف وهي المذهب قطع بها في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها؛ لأن الرجعة أزالت (¬8) شعث (¬9) الطلاق الأول وردتها (¬10) إلى النكاح الأول فصار الطلاق الثاني من نكاح اتصل به المسيس (¬11). وامة معتدة بالأشهر ... شهران بل ثلاث في المحرر أي: عدة الأمة إذا طلقها زوجها شهران على الصحيح من المذهب ¬

_ (¬1) في نظ وافقًا وفي د، س مواقعًا. (¬2) في د، س بنيت. (¬3) في ب استثنافه. (¬4) وهو قديم قولي الشافعي قال النووي في المنهاج 3/ 394: ولو راجع حائلًا ثم طلق استأنفت، وفي القديم تبني إن لم يطأ، وقال الشربيني في مغني المحتاج: إن هذا القول قد نص عليه في الأم. (¬5) في د، س كذلك. (¬6) في جـ، د، ط الرجعية. (¬7) ما بين القوسين من ب. (¬8) في ط إزالة. (¬9) في ط إزالة شقص الطلاق. (¬10) في أ، جـ وردها. (¬11) ومن الصور التي لا تتأثر بهذا الخلاف صورة ما إذا طلق زوجته الحامل ثم راجعها في العدة ثم طلقها مرة أخرى فإن عدتها لا تنقضي إلا بوضع الحمل وسواء وطئها بعد الرجعة أم لا فإن ذلك لا يؤثر.

رواه عن الإِمام جماعة من أصحابه واحتج فيه بقول عمر: (عدة أم الولد حيضتان وإن (¬1) لم تحض كان عدتها شهرين) رواه الأثرم عنه بإسناده (¬2). وعنه: عدتها ثلاثة أشهر قدمه في المحرر وروي عن الحسن ومجاهد وعمر بن عبد العزيز وربيعة ومالك (¬3) لعموم قوله تعالى: {فَعِدَّتُهُنَّ (¬4) ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: 4] ولأن اعتبار (¬5) الشهور هنا للعلم (¬6) ببراءة رحمها ولا يحصل هذا بدون ثلاثة أشهر في الحرة والأمة جميعًا؛ لأن الحمل يكون نطفة أربعين ثم علقة أربعين ثم يصير مضغة ثم يتحرك ويعلو (¬7) بطن المرأة ويظهر الحمل، وهذا (¬8) لا يختلف بالحرية والرق. وعنه: عدتها شهر ونصف نقلها الميموني والأثرم واختارها أبو بكر، لأنها على النصف من الحرة وإنما كملنا لذوات (¬9) الحيض لتعذر تبعيض الحيضة، والشهر لا يتعذر تنصيفه (¬10). مبتوته الطلاق لا سكنى لها ... إلا على زوج إذا أحبلها (¬11) كذاك لا يلزم أن تعتدا ... في منزل للزوج قد أعدا يعني: أن المطلقة بائنا والمخلوعة ومن انفسخ نكاحها لا سكنى لها على من كانت زوجة له إلا أن تكون حاملًا منه ولا يلزمها أن تعتد في ¬

_ (¬1) في د، س ولو سوقطت إن من هـ. (¬2) رواه البيهقي 7/ 425 وقال الألباني في إرواء الغليل 7/ 3201: إسنادٌ صحيحٌ. (¬3) انظر المدونة 2/ 425. (¬4) في هـ فدتهن. (¬5) في هـ الاعتبار المشهور. (¬6) في أ، جـ العلم وسقطت من هـ. (¬7) في الأزهريات تعلو. (¬8) في د، س ط ولهذا. (¬9) في النجديات ذات. (¬10) والروايات الثلاث أقوال للإمام الشافعي قال النووي في المنهاج 3/ 386 - 387: (وأمة بشهر ونصف وفي قول شهران وفي قول ثلاثة). (¬11) في د، س احتلها.

منزله بل تعتد بمأمون من البلد حيث شاءت (¬1) لحديث فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو (¬2) بن حفص طلقها ألبتة وهو غائب فأرسل إليها شيئًا (¬3) فسخطته فقال: والله ما لك علينا من شيء فجاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له فقال لها: "ليس لك عليه نفقة ولا سكنى" وأمرها - صلى الله عليه وسلم - أن تعتد عند أم شريك ثم قال: "تلك امرأة يغشاها أصحابي اعتدي في بيت ابن أم مكتوم" (¬4) متفق عليه (¬5). فان كانت حاملًا فالنفقة والكسوة والسكنى (¬6) للحمل لقوله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ (¬7) حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6]، وفي بعض أخبار فاطمة بنت قيس: (لا نفقة لك إلا أن تكوني (¬8) حاملًا) (¬9)، ولأن الحمل ولد المبين (¬10) فلزمه الإنفاق عليه ولا يمكنه الإنفاق عليه إلا بالإنفاق عليها فوجب كما وجبت أجرة الرضاع. أقل ما تصدق المعتدة ... بالقرء إذ (¬11) تعني انقضاء العدة تسع من الأيام مع عشرينًا ... ولحظة يقبل (¬12) ذا يقينا ¬

_ (¬1) وممن قال بأن المطلقة البائن لا سكنى لها ولا نفقة الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح والشعبي وعمرو بن دينار وطاووس وعكرمه وإسحاق وهو مذهب الظاهرية. انظر المحلى 7/ 282 وتحفة الأحوذي 4/ 352. (¬2) في النجديات عمر. (¬3) في النجديات، ط شيئًا. (¬4) في ط والأزهريات أم كلثوم. (¬5) مسلم برقم 1480 وأبو داود برقم 228 والترمذيُّ برقم 1135 والنسائيُّ 6/ 74 والفتح الرباني 17/ 49 - 17 وروى بعضه البخاري 9/ 421 - 422. (¬6) في د السكن. (¬7) في هـ عليها. (¬8) في هـ يكون. (¬9) النسائي 6/ 74 والفتح الرباني 17/ 52. (¬10) في جـ، ط للمبين وفي هـ البنين. (¬11) في د، س أن. (¬12) في د، س تقبل.

يعني: إذا ادعت الحرة المعتدة أن عدتها انقضت (¬1) بالأقراء وهي الحيض فأقل زمن (¬2) يمكن (¬3) فيه ذلك تسع وعشرون يومًا ولحظة؛ لأن أقل الحيض يوم وليلة، وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر (¬4) يومًا، فإذا كان الطلاق في آخر طهرها ثم حاضت يومًا وليلة ثم طهرت ثلاثة عشر يومًا بلياليها ثم حاضت يومًا وليلة ثم طهرت [ثلاثة عشر) (¬5) (ثم حاضت) (¬6) يومًا وليلة ثم طهرت] لحظة فقد انقضت عدتها، [فإذا ادعت انقضاء عدتها] (¬7) في ذلك صدقت في ظاهر قول الخرقي واختاره أبو الفرج [لأنه ممكن] (¬8). والمنصوص عن أحمد لا يقبل إلا ببينة وهو المذهب الذي عليه الجمهور لقول شريح: إذا ادعت أنها حاضت ثلاث حيض في شهر وجاءت ببينة، فقد انقضت عدتها وإلا فهي كاذبة فقال له علي: قالون (¬9) ومعناه بلسان الرومية أصبت أو أحسنت، ولأنه يندر جدًا حصول ذلك في شهر (¬10) أشبه ما لو ادعت خلاف عادة (¬11) منتظمة (¬12) فلا يقبل منها (¬13) إلا ببينة. وأمة حيض بها مرتفعًا ... لاتدري (¬14) ماله يقينا رفعا ¬

_ (¬1) في هـ انقضا. (¬2) في هـ من. (¬3) في النجديات وأقل من يمكنه تسع وعشرون والصواب تسعة وعشرون يومًا. (¬4) سقطت من هـ. (¬5) ما بين القوسين سقط من ط. (¬6) ما بين القوسين سقط من ب. (¬7) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬8) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬9) انظر مختصر الخرقي المطبوع مع شرحه المغني 1/ 320 - 322 والشرح الكبير 1/ 320 - 322. (¬10) رواه البيهقي 7/ 418 ولفظ المطبوع شهرين وقد ذكر في الحاشية أن في نسخة المخطوط شهرًا ولعله الأصح ورواه ابن أبي شيبة 5/ 282. (¬11) في أأشهر. (¬12) في النجديات عادتها. (¬13) في بالمنتظمة. (¬14) في د، س فيها وسقطت إلا من جـ.

بأشهر عشرة تستبرا ... فتسعة للحمل زادت شهرًا يعني: أن الأمة التي (¬1) ارتفع حيضها ولم تدر ما رفعه تستبرئ بعشرة أشهر تسعة للحمل؛ لأنها غالبًا مدته وشهر مكان الحيضة، فإن علمت ما رفعه لم تزل في استبراء حتى يعود الحيض فتستبرئ نفسها بحيضة إلا أن تصير آيسة فتستبرئ كآيسة (¬2) (¬3). ¬

_ (¬1) في نظ لا تدر. (¬2) في النجديات، ط إذا وفي هـ يعني: أن انفع حيض الأمة. (¬3) واختار شيخ الإِسلام ابن تيمية أنها إن علمت عدم عودته اعتدت عدة الآيسة وإن لم تعلم فتعتد سنة كاملة وكذلك الاستبراء. انظر الفروع 5/ 545.

ومن باب الرضاع

ومن باب الرضاع بفتح الراء وكسرها (¬1) مصدر رضع الثدي إذا مصه، وشرعًا: مص لبن ثاب (¬2) عن حمل من ثدي امرأة أو شربه (¬3) ونحوه، ويحرم (¬4) من الرضاع ما يحرم من النسب للخبر والإجماع (¬5). بلبن ثاب لنحو البكر ... فحرمة (¬6) الرضاع ليست تسرى منصوصه هذا عليه الأكثر ... والعكس في المغني فقال: الأظهر يعني: إن ثاب أي: اجتمع لامرأة لبن من غير حمل تقدم لم (¬7) ينشر الحرمة نص عليه في لبن البكر، وعليه أكثر الأصحاب، لأنه نادر لم تجر (¬8) ¬

_ (¬1) في هـ وكسر. (¬2) في د، س أب. (¬3) في د، س وشربه. (¬4) سقطت الواو من د، س. (¬5) أما الخبر فمنه ما روته عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة" رواه البخاري 9/ 119 - 120 ومسلمٌ برقم 1444 وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب". رواه البخاري 9/ 121 ومسلمٌ برقم 1447 والنسائيُّ 1006 وأما الإجماع فقد قال الموفق في المغني 9/ 91: (وأجمع علماء الأمة على التحريم بالرضاع). (¬6) في د، س تحرمة. (¬7) سقط لفظ لم من نسخة جـ. (¬8) في ب تغذية الأطفال به.

العادة به لتغذية الأطفال (¬1). فأشبه لبن الرجال (¬2). وعنه: ينشرها ذكرها ابن أبي موسى واختارها (¬3) ابن حامد قال: إذا ثاب لامرأة لبن من غير وطء فأرضعت به طفلًا نشر (¬4) الحرمة في أظهر الروايتين وهو مذهب مالك والثوري وأصحاب الرأي: والشافعيُّ وأبي ثور وابن المنذر لقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23]، ولأنه لبن امرأة متعلق به التحريم كما لو ثاب بوطء، ولأن ألبان النساء خلقت لغذاء الأطفال، وإن كان هذا نادرًا فجنسه معتاد (¬5)، قال (¬6) في المغني (¬7): وهو الأظهر كما نقله عنه الناظم، قال في الشرح (و (¬8)) هو أصح (¬9) لكن المذهب الأول (¬10). ¬

_ (¬1) في ب تغذية الأطفال به. (¬2) وهو وجه في مذهب الشافعية قال في مغني المحتاج 3/ 415، لا يشترط الثيوبة في الأصح المنصوص، وقيل: يشترط لأن لبن البكر نادر فأشبه لبن الرجل، وقد ذكر في 3/ 414 أن لبن الرجل لا يحرم على الصحيح لأنه ليس معدًا للتغذية، وقد ذكر ابن عبد البر في الكافي 2/ 540 عن المالكية أن لبن الصغيرة التي لا يوطأ مثلها لا ينشر الحرمة كلبن الرجل. (¬3) في، ب، جـ اختاره. (¬4) في د، س ينشر. (¬5) الكافي لابن عبد البر 2/ 540 وحاشية ابن عابدين 3/ 209، والأم للشافعي 5/ 30. (¬6) في ط وقال. (¬7) المغني 9/ 206. (¬8) ما بين القوسين من ب، هـ. (¬9) الشرح الكبير 9/ 196. (¬10) في النجديات، هـ لكن الأول المذهب.

ومن أبواب النفقة والحضانة

ومن أبواب (¬1) النفقة والحضانة النفقة كفاية من يمونه خبزًا وأدمًا وكسوة ومسكنًا وتوابعها مأخوذة من النافقاء وهي: ما يعده اليربوع في آخر جحره ليخرج منها إذا أريد صيده لما فيها من الإخراج، وهي واجبة بالكتاب والسنة والإجماع في الجملة (¬2) والحضانة (¬3) من الحضن وهو الجنب؛ لأن الحاضنة تضم المحضون إلى جنبها وهي: حفظ صغير ونحوه مما (¬4) يضره وتربيته بعمل مصالحه (¬5) وهي واجبة لئلا يضيع المحضون. نفقة الزوجات قل (¬6) تعتبر ... بحالة الزوجين فيما ذكروا أي: إذا تنازع الزوجان في النفقة رجع الأمر (¬7) للحاكم فيفرض ¬

_ (¬1) في ط باب. (¬2) أما الكتاب فمنه قوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ الله لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا مَا ءاتَاهَا} [الطلاق: 7] وأما السنة فمنها قوله - صلى الله عليه وسلم -، لهند بنت ربيعة امرأة أبي سفيان: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف". متفق عليه، وأما الإجماع فقد نقل ابن المنذر: اتفاق العلماء على وجوب نفقة الزوجات على أزواجهن إذا كانوا بالغين إلا الناشز منهن. انظر المغني 9/ 229 - 230. (¬3) في هـ والحضابنه بالضاد. (¬4) في د، س عما. (¬5) في هـ مصالح. (¬6) في النجديات، ط قد. (¬7) سقطت من هـ.

لها ما يليق بحال (¬1) الزوجين (¬2) إن كانا موسرين فرض لها نفقة موسرين، وإن كانا معسرين فرض لها نفقة معسرين، وإن كان أحدهما موسرًا والآخر معسرًا أو كانا متوسطين فرض لها نفقة المتوسطين عادة أمثالهما (¬3) بذلك البلد، لقوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا ءاتَاهُ الله} [الطلاق: 7] (¬4) ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" (¬5) ومتى أنفق الموسر نفقة المعسر (¬6) فما أنفق من سعته ولا رزقها بالمعروف، ولأن النفقة للزوجة، والزوج هو المخاطب بها (¬7) فاعتبار حالهما فيه جمع (¬8) بين الحقين وكالكسوة. وقال أبو حنيفة ومالك: يعتبر حال المرأة (¬9) على قدر كفايتها (¬10) ¬

_ (¬1) في أنها. (¬2) في ب بحالة وفي جـ بحاله. (¬3) في جـ أمثالها. (¬4) كرر في جـ ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله. (¬5) رواه مسلم برقم 1218 من حديث جابر الطويل في صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - ورواه أبو داود برقم 1905 والنسائيُّ 5/ 143 - 144. (¬6) في، س العسر. (¬7) ليست في جـ. (¬8) في النجديات، ط جميعًا. (¬9) سقطت من هـ. (¬10) ما ذكره هنا عن الإِمام أبي حنيفة: من اعتبار حال المرأة في مقدار النفقة يخالف ما في البدائع 4/ 24 والهداية 3/ 322 وغيرهما من كتب الفقه الحنفي وإليك عبارة العلامة ابن عابدين في حاشيته 3/ 574 حيث نقل آراء علماء المذهب الحنفي في هذه المسألة، قال في شرح عبارة الدر المختار: (فتستحق النفقة بقدر حالهما به يفتى) كذا في الهداية وهو قول الخصاف وفي الولوالجية: هو الصحيح وعليه الفتوى وظاهر الرواية اعتبار حاله فقط وبه قال جمع كثير من المشايخ ونص عليه محمَّد وفي التحفة والبدائع أنه الصحيح) بحر. لكن المتون والشروح على الأول وفي الخانية: وقال بعض الناس: يعتبر حال المرأة). أ. هـ .. أما الإِمام مالك فقد قال ابن عبد البر في الكافي 2/ 561 في حكايه مذهبه ومقدار النفقة على مقدار حال الرجل من عسره ويسره ما كان معروفًا من مثله لمثلها.

لحديث: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" (¬1). وقال الشافعي: الاعتبار بحال (¬2) الزوج وحده (¬3) لقوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} الآية. ولنا: أن فيما قلنا الجمع بين الأدلة. وقاطع الإنفاق للاعسار ... فتجعل الزوجة بالخيار إن شاءت الفسخ ولو في الحال ... من غير تأجيل إلى مآل (¬4) يعني. إذا قطع الزوج النفقة عن زوجته لعسرته بها (¬5) ثبت للزوجة الخيار بين الصبر مع التمكين أو بدونه وبين الفسخ في الحال وهو وقول عمر وعلي وأبي هريرة واختاره الأكثر لقوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]، وليس الإمساك مع ترك الإنفاق إمساكًا بمعروف (¬6) فتعين التسريح وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "امرأتك تقول أطعمني وإلا فارقني" رواه أحمد والدارقطنيُّ والبيهقيُّ بإسنادٌ صحيحٌ، ورواه الشيخان من قول أبي هريرة (¬7) وروى الشافعي وسعيد عن سفيان عن أبي الزناد قال: سألت سعيد بن المسيب عن الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته قال: يفرق بينهما، قال أبو الزناد لسعيد: سنة قال سعيد: سنة (¬8)، ولأن هذا أولى ¬

_ (¬1) رواه البخاري 9/ 44 - 445 ومسلمٌ برقم 1714 وأبو داود برقم 3532 وأحمدُ 6/ 39، 50، 206. (¬2) في س حال. (¬3) الأم 5/ 79 ومغني المحتاج 3/ 427. (¬4) في د، س ولا إهمال. (¬5) سقطت من النجديات، ط. (¬6) سقط من أ، جـ وسقط من ب (أو تسريح بإحسان). (¬7) أحمد 2/ 480، 527 والدارقطنيُّ 3/ 296 - 297 والبيهقيُّ 7/ 470 - 471 وقد رواه البخاري موقوفًا كما ذكر المؤلف 9/ 439 - 440 ولم أجده في صحيح مسلم وقد بحثت عنه كثيرًا فيه لم يعزه ابن الأثير في جامع الأصول 6/ 460 إلى مسلم. (¬8) بدائع المنن 2/ 420 وهو أيضًا في الأم 5/ 107 وسنن سعيد بن منصور 2/ 58.

بالفسخ من العجز بالوطء (¬1) وهو على التراخي كخيار العيب (¬2). وذكر ابن البنا (¬3) وجهًا يؤجل ثلاثًا وإلى نفيه أشار بقوله من غير تأجيل، ولها المقام ولا تمكنه ولا يحبسها، فلو وجد نفقة يوم دون آخر فكذلك، ولها الفسخ للإعسار ولو رضيت بعسرته أو تزوجته عالمة بها أو شرطت أن لا ينفق عليها أو أسقطت النفقة عنه ثم بدا لها الفسخ، لأن النفقة تجدد (¬4) كل يوم فيتجدد لها الفسخ كذلك، ولا تسقط نفقة المستقبل بإسقاطها كالشفيع (¬5) يسقط شفعته قبل البيع. ولا تفسخ بالإعسار بنفقة ماضية ولا بنفقة الموسر أو المتوسط ولا بالإدام، وإذا غاب الزوج ولم يترك لزوجته نفقة ولم يقدر (¬6) له على مال ولا على استدانة عليه ولا الأخذ من وكيله إن كان فلها الفسخ ولو كان موسرًا وإن منع الموسر النفقة عن زوجته فلها أخذ ما يكفيها وولدها بالمعروف، فإن لم تقدر أجبره الحاكم فإن أبى حبسه، فإن صبر على الحبس وقدر الحاكم على ماله أنفق عليها (¬7) منه. وان كان له عرض أو عقار باعه إن (¬8) لم يجد غيره وأنفق عليها من ثمنه يومًا بيوم فإن تعذر ذلك فلها الفسخ لتعذر الإنفاق عليها. ولا يصح الفسخ في ذلك كله إلا بحاكم فيفسخه أو يرده إلى الزوجة ¬

_ (¬1) وهو قول في المذهب الشافعي قال النووي في المنهاج 3/ 442 - 444: (إذا أعسر بالنفقة، فإن صبرت صارت دينا عليه وإلا فلها الفسخ على الأظهر ثم قال بعد ذلك (ولا يفسخ حتى يثبت عند قاض إعساره فيفسخه أو يأذن لها فيه، ثم في قول ينجز الفسخ والأظهر إمهاله ثلاثة أيام). (¬2) سقطت من هـ. (¬3) بياض في جـ. (¬4) في ط تتجدد. (¬5) في أكشفيع. (¬6) في هـ تقدر. (¬7) في د، س عليه. (¬8) في أ، هـ فإن.

فتفسخ هي لأنه مختلف فيه يحتاج إلى نظر واجتهاد فافتقر (¬1) إلى الحاكم كالفسخ للعنة (¬2)، والكسوة والمسكن في جميع ما تقدم كالقوت؛ لأنه لا غنى لها (¬3) عنهما. وزوجة العبد بإذن السيد ... عليهما (¬4) ينفق في المجود يعني: يجب على السيد أن يزوج عبده إذا طلب ذلك وكذا أمته التي لا يستمتع بها. وقال أبو حنيفة ومالك: لا يجب (¬5) عليه، لأن فيه ضررًا عليه وليس مما تقوم (¬6) به البنية (¬7) فلم يلزمه كإطعام (¬8) الحلوى (¬9). ولنا قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32] والأمر يقتضي الوجوب، ولأنه مكلف محجور عليه دعا إلى تزويجه فلزمت (¬10) إجابته كالسفيه، ولأن النكاح مما تدعو إليه الحاجة غالبا ويتضرر بفواته فأجبر عليه كالنفقة، بخلاف الحلوى (¬11). ¬

_ (¬1) في النجديات، ط فيفتقر. (¬2) في ط للنفقة والعنة: العجز عن الجماع والعنين الذي لا يريد النساء. انظر الصحاح 6/ 2166. (¬3) سقطت من د، س. (¬4) في نظ، أعليه ما. (¬5) في النجديات، هـ، ط يجبر. (¬6) في جـ تقدم وسقطت به من هـ. (¬7) في ب، جـ، ط البينة. (¬8) في د، س كالطعام. (¬9) انظر تفسير آيات الأحكام للجصاص 3/ 319 والكافي لابن عبد البر 2/ 545. (¬10) في النجديات، ط فلزمته. (¬11) ما ذكره المؤلف هنا سبق أن ذكره في باب النكاح عند شرح قول الناظم: من عبده الإعفاف منه يطلب ... يعف أو يبيع جبرًا يجب وذلك موضعه، أما هنا في باب النفقات فكان الأحسن بالمؤلف -رحمه الله- أن يتناول المسألة التي نص عليها الناظم ويذكر دليلها وأقوال العلماء فيها بدلًا من إعادة ما سبق.

ولا يصح تزوج (¬1) العبد إلا بإذن سيده (فإذا زوجه أو تزوج بإذنه فنفقته ونفقة زوجته على سيده) (¬2) كالصداق والمسكن وسائر ما تدعو (¬3) ضرورته إليه (¬4) قياسًا على طعامه وكسوته (¬5). إن سلم السيد للزوج الأمة ... ليلا وفي نهارها ما سلمه فالزوج في الليل عليها ينفق ... والسيد النهار فيما (¬6) حققوا أي: إذا زوج السيد أمته وسلمها لزوجها ليلًا (¬7) فقط فنفقة الليل (¬8) من العشاء وتوابعه كالوطاء ودهن المصباح على الزوج؛ لأنه وجد في حقه التمكين (¬9) ليلًا فوجبت نفقته عليه، ونفقة النهار على سيدها، لأنها مملوكته (¬10) لم تجب نفقتها على زوجها ذلك الزمن لعدم التمكين فيه، ولا تجب على غيره لعدم المقتضي بخلاف نفقة الليل (¬11). وولده الكبار كالصغار ... وجوب إنفاق (¬12) عليهم جاري حتى أصحا أقويا لو كانوا ... لازمنا بفقرهم أبانوا ¬

_ (¬1) في النجديات، هـ تزويج. (¬2) ما بين القوسين ليس في. (¬3) في جـ يدعو. (¬4) وهو قديم قولي الشافعي قال النووي في شرح المنهاج 3/ 215: (السيد بإذنه في نكاح عبده لا يضمن مهرًا ولا نفقة في الجديد) وقال الشربيني في مغنى المحتاج: (والقديم يضمن لأن الإذن يقتضي الالتزام). (¬5) سقطت من النجديات. (¬6) في د، س فيها. (¬7) في النجديات وسلمها ليلًا لزوجها. (¬8) سقط من د، س. (¬9) في جـ التمكن. (¬10) في هـ مملوكه. (¬11) ومثله موجود في المذهب الحنفي قال ابن عابدين في حاشيته 3/ 577: (وفي الهندية في الأمة إذا سلمها السيد لزوجها ليلًا فقط فعليه نفقة النهار، وعلى الزوج نفقة الليل) وفي ص 599: (فرع لو سلمها للزوج ليلًا واستخدمها نهارًا فعلى الزوج نفقة الليل كما أفتى به والد صاحب التتمة كما في التتارخانية). (¬12) في أ، جـ إنفاذه.

أي: تجب النفقة للأولاد الكبار كالصغار ولو كانوا أصحاء أقوياء لا حرفة لهم وهم فقراء، فلا يشترط نقصهم في الخلقة ولا في الأحكام (¬1) لعموم قوله عليه (الصلاة و) (¬2) والسلام لهند (¬3): "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" ولم يستثن منهم بالغًا ولا صحيحًا، ولأنه ولد فقير فاستحق النفقة على والده (¬4) الغني كالزمن، وكذا الوالدن وسائر من تجب نفقته من الأقارب لا يعتبر فيه نقص خلقة (¬5)، ولا حكم بل فقره ويسار من تجب عليه وكونه من عمودي نسبه (¬6) مطلقًا أو وارثًا لا برحم. وجوب إنفاق على الأقارب ... غير العمودين (¬7) على المراتب مقيد بالإرث لا بالرحم ... فالنص عن أحمد فيه (¬8) قد نمي يعني: وجوب الإنفاق على أقاربه غير عمودي النسب مقيد بالإرث فيعتبر أن يرثهم بفرض أو تعصيب كأخيه وعمه لغير أم وابنهما (¬9) لا برحم كخال وخالة لقوله تعالى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] (¬10) (فأوجب (¬11) النفقة على الأب ثم عطف الوارث عليه وذلك يقتضي الاشتراك في الوجوب وعلق الحكم بالوارث (¬12) فاقتضى أن الحكم منوط ¬

_ (¬1) النقص في الخلقة كالمرض المزمن الذي يمنع التكسب، والنقص في الأحكام كالجنون والصغر. انظر مطالب أولي النهي 5/ 644. (¬2) ما بين القوسين من ب، جـ، ط. (¬3) في هـ لهندي. (¬4) في هـ ولده. (¬5) في النجديات، ط خلفته. (¬6) في د، س سنه. (¬7) في نظ العمودي. (¬8) سقطت من س. (¬9) في ط، هـ وابنها. (¬10) في هـ وارث. (¬11) ما بين القوسين من ب. (¬12) في د، س الحكم الإرث بالوارث وما أثتبناه من النجديات وهـ وط ولعل الأصوب بالإرث.

بالإرث، ولقضاء عمر على بني عم منفوس بنفقته) (¬1) احتج به أحمد، وكالعقل (¬2) فلا نفقة على موسر محجوب بمعسر (¬3) كابن أخ موسر (¬4) مع أخ معسر لأنه غير وارث إذن (¬5). وأما عمودا (¬6) النسب وهما الآباء وإن علوا والأولاد وإن سفلوا فتجب لهم النفقة حتى ذوي الأرحام منهم حجبه معسر (¬7) أو لا، فتلزم جدًا موسرًا مع أب معسر لقوة القرابة. ووارث غير أب إذا انفقوا ... كل بقدر إرثه سينفق كبنت إيسار أخوها معسر ... فثلث الإنفاق عليها قدروا يعني: إذا كان للفقير وارث فنفقته عليهم على قدر إرثهم منه، لأن الله تعالى رتب النفقة على الإرث، فوجب أن يرتب (¬8) مقدارها عليه، فأم وجد على الأم الثلث والباقي على الجد، وبنت وابن ابن (¬9) بينهما نصفين، وأم وبنت أرباعًا (¬10)، وجدة وأخ لغير أم على الجدة سدس والأخ الباقي، وعلى هذا حسابها، إلا أن يكون في الورثة أب فينفرد بالنفقة وحده، لقوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]. ¬

_ (¬1) المصنف لابن أبي شيبة 5/ 247 والمحلى 10/ 102 وتفسير الطبري 2/ 500. (¬2) أي: وقياسًا على العاقلة. (¬3) في أ، جـ، هـ بموسر. (¬4) في النجديات أو موسر. (¬5) ويرى شيخ الإِسلام أنها تجب لكل وارث ولذوي الأرحام الذين لا يرثون بفرض ولا تعصيب لأنها من صلة الرحم، ووجوبها عام كعموم الميراث في ذوي الأرحام، بل أولى وعلى هذا ما ورد من حمل الخال العقل، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ابن أخت القوم منهم". البخاري 12/ 41، ومسلمٌ 1059 وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مولى القوم منهم"، وكان مسطح ابن خالة أبي بكر فيدخلون في قوله: {وَءاتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ}. انظر الفتاوى 15/ 350 والفروع 5/ 596. (¬6) في النجديات، ط عمودي وفي هـ عمود. (¬7) في س لعسر. (¬8) في هـ يترتب. (¬9) في هـ وبنت ابن. (¬10) لأن من مسألتهما بعد الرد من أربعة.

وإذا كان بعض الورثة موسرًا دون البقية لزمه بقدر إرثه على الصحيح من المذهب (¬1) [قدمه في الفروع (¬2) وقال: هذا المذهب] (¬3) قال في الإنصاف: وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب انتهى (¬4) فبنت موسرة وأخوها معسر عليها ثلث النفقة فقط كما أشار إليه في النظم لكن (في) (¬5) عمودي النسب تجب النفقة على الموسر كاملة كما في الإقناع (¬6). إعفاف ابن لازم للوالد ... كعكسه لا تك بالمعاند أي: يجب على الابن أن يعف أباه إذا احتاج إلى الإعفاف وطلبه منه الأب (¬7) وقدر عليه كما يلزم الأب إعفاف ولده (¬8). ¬

_ (¬1) ويرى الحنفية مثل هذا للفقير المحرم فينفق عليه أقرباؤه على قدر ميراثهم منه، ويختلف المذهبان فيما لو كان في القرابة موسر ومعسر ففي المذهب الحنبلي تجب النفقة على الموسر بقدر إرثه، وفي المذهب الحنفي يعتبر المعسر كالمعدوم وتجب النفقة على الموسر كاملة. انظر حاشية ابن عابدين 3/ 629 وتفسير الجصاص 1/ 407. (¬2) الفروع 5/ 596 - 397. (¬3) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬4) الإنصاف 9/ 397. (¬5) ما بين القوسين من ط. (¬6) الإقناع مع شرحه كشاف القناع 5/ 392. (¬7) سقطت من الأزهريات. (¬8) هذا الكلام يتضمن حكمين شرعيين: الأول: أنه يجب على الابن أن يعف أباه إذا احتاج إلى الإعفاف وهو رواية عن الإِمام مالك قال في التاج والإكليل 4/ 210 وقد روى أشهب عن الإِمام مالك جبر الولد على إنكاح والده، قال ابن رشد: (لو تحققت حاجته للنكاح) وقد ذكر النووي في المنهاج 3/ 211 - 212 أن هذا هو المشهور في مذهب الشافعي قال: (فصل: يلزم الولد إعفاف الأب والأجداد على المشهور بأن يعطيه مهر حرة أو يقول: انكح وأعطيك المهر أو ينكح له بإذنه ويمهر أو يملكه أمة أو ثمنها). أ. هـ. وقد ذكر الشربيني في مغني المحتاج أن الولد يشمل الذكر والأنثى والخنثى). الثاني: أنه يجب على الأب أن يعف ابنه إذا احتاج إلى ذلك وهذا انفرد به أحمد كما أعلم، كما انفرد بوجوب النفقة للأولاد الكبار الفقراء كما سبق.

وقال أبو حنيفة: لا يلزم الرجل إعفاف أبيه، لأن ذلك من الملاذ فلا يجب كالحلوى. ولنا: أن ذلك مما تدعو حاجته (¬1) إليه ويستضر بفقده فلزم ابنه كالنفقة ولا يشبه الحلوى فإنه لا يستضر بتركها (¬2). والطرد من ألزم بالانفاق ... كذا بإعفاف على الإطلاق أي: يطرد هذا الحكم فكل من وجبت عليه نفقة غيره وجب عليه إعفافه وإن لم يكن من عمودي النسب لما (¬3) تقدم. بحرة يعف أو سرية ... من قبح أو من عجز (¬4) برية يعني: حيث وجب الإعفاف للأب أو غيره فيكون بزوجة حرة (¬5) أو سرية والخيرة لمن وجب عليه الإعفاف (¬6)، فإن شاء زوجه حرة أو ملكه أمة، وإن شاء دفع إليه ما يتزوج به حرة أو يشتري به أمة (¬7) وليس له أن يزوجه (¬8) قبيحة ولا عجوزًا (¬9) لا استمتاع فيها، ولا يملكه إياها لعدم حصول المقصود، ولا يزوجه أمة ولو رضي، لأن فيه ضررًا بإرقاق ولده، ولا رجوع له ببدل ذلك عليه إذا (¬10) أيسر كالنفقة. ¬

_ (¬1) في ط الحاجة. (¬2) يظهر من كلام الناظم -رحمه الله- أنه أراد أن يقرر إلزام الوالد بأن يزوج ابنه إذا احتاج إليه أو يمكنه من سرية، وقاس ذلك على إلزام الولد بإعفاف والده. لكن المؤلف -رحمه الله- تكلم عن المسألة التي قاس عليها الناظم ولم يعط اهتمامًا للمسألة الأولى. (¬3) في النجديات، هـ، ط كما. (¬4) في نظ أو عجز بها بريه. (¬5) سقطت من هـ. (¬6) في هـ الأعفا. (¬7) سبق مثل هذا عن الشافعية قبل قليل في الحاشية. (¬8) في أيتزوج وفي ب كأنها يتزوجه وفي هـ يزوج. (¬9) في النجديات عجوزة. (¬10) سقطت من هـ.

إنفاق معتوق فقير فعلى ... معتقه أو من يرثه بالولا أي: تجب (¬1) نفقة العتيق على معتقه، فإن مات فعلى من يرثه بالولاء من عصبات المعتق، لعموم قوله تعالى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233]، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك (¬2) ومولاك الذي يلي ذلك حقًا واجبًا ورحمًا موصولًا" رواه أبو داود (¬3)، ولأنه يرثه (¬4) بالتعصيب فكانت عليه نفقته كالأب لكن بالشروط المتقدمة. حضانة (¬5) لبنت سبع لأب ... من غير تخيير أتى في المذهب أي: إذا بلغت الجارية سبع سنين كانت عند أبيها إلى الزفاف وجوبًا ولا تمنع الأم من زيارتها وتمريضها (¬6). وقال أبو حنيفة: الأم أحق بها حتى تتزوج أو تحيض (¬7). وقال مالك: حتى تتزوج ويدخل بها (¬8) الزوج (¬9). وقال الشافعي: تخير كما تخير الغلام (¬10) (¬11). ولنا: أن الغرض بالحضانة الحظ (¬12) والحظ (¬13) للجارية بعد السبع ¬

_ (¬1) في ب، جـ يجب. (¬2) في هـ أدناك أدناك. (¬3) أبو داود برقم 5140 وفيه كليب بن منفعة لم يوثقه غير ابن حبان فهو مجهول والحديث ضعيف. انظر إرواء الغليل 7/ 230 - 231. (¬4) في النجديات، ولا يرثه. (¬5) في جـ حضابته. (¬6) في جـ تمعريضها. (¬7) حاشية ابن عابدين 3/ 566 ومختصر الطحاوي 226. (¬8) سقطت من هـ. (¬9) الفواكه الدواني 2/ 70. (¬10) في هـ الغلامة. (¬11) الأم 5/ 92 ومغني المحتاج 3/ 456 - 457. (¬12) في النجديات، هـ، ط الحفظ. (¬13) في ط الحفظ.

في الكون عند أبيها (¬1)؛ لأنها تحتاج إلى حفظ، والأب أولى بذلك، فإن الأم تحتاج إلى من يحفظها ويصونها، ولأنها إذا بلغت السبع قاربت الصلاحية للتزويج وقد تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة وهي بنت سبع (¬2)، وإنما تخطب الجارية من أبيها، لأنه وليها والمالك لتزويجها وهو الأعلم (¬3) بالأكفاء. ولا يصار (¬4) إلى تخييرها، لأن الشرع لم يرد به فيها، ولا يصح قياسها على الغلام (¬5)، لأنه لا (¬6) يحتاج إلى الحفظ والتزويج كحاجتها إليه. وأما البلوغ فيعتبر لإقرارها وتوكيلها ونحوه بخلاف مسألتنا (¬7). ¬

_ (¬1) في د، س في الكون عند السبع لأبيها. (¬2) رواه مسلم برقم 1422. (¬3) في د س أعلم. (¬4) سقطت من النجديات: هـ. (¬5) حيث ثبت تخييره بالنص فقد روى الترمذيُّ برقم 1357 أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيَّر غلامًا بين أبيه وأمه، ورواه أبو داود برقم 2277 والنسائيُّ 6/ 185 - 186 وابن ماجة برقم 2351، وألفاظهم نحوًا من هذا. (¬6) سقطت من النجديات. (¬7) وما ذهب إليه العلماء على اختلافهم من تقديم أحد الأبوين في الحضانة على الآخر إنما يكون إذا حصل به مصلحة الولد أو دفعت به عنه المفسدة فأما مع وجود فساد أمر المولود وضياع مصلحته مع الأحق بالحضانة فإن الآخر يكون أولى منه بها ويسقط حق هذا المفرط فيها. انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 625 وفتاوى ابن تيمية 34/ 130 - 131 ومغني المحتاج 3/ 454 - 457.

ومن كتاب الجنايات

ومن كتاب الجنايات جمع جناية وهي العدوان على نفس أو مال لكنها في العرف مخصوصة بما يحصل فيه التعدي على بدن بما يوجب قصاصًا أو مالًا، وسموا الجنايات (¬1) على المال غصبًا ونهبًا وسرقة وخيانة (¬2) وإتلافًا. وأجمع المسلمون على تحريم القتل بغير حق لقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إِلَّا بِالْحَقِّ} [الإسراء: 33] وقوله -عليه السلام-: "لا يحل دم امرئٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة" متفق عليه (¬3)، والآيات والأخبار به (¬4) كثيرة. وتوبة القاتل عمدًا مقبولة لقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 116] وأما (¬5) قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} الآية [النساء: 93]، فأجيب عنها بأجوبة منها: أنها (¬6) في المستحل (¬7)، أو فجزاؤه إن (¬8) جازاه الله، ¬

_ (¬1) في أ، جـ، الجناية. (¬2) في هـ جناية. (¬3) البخاري 12/ 167 أو مسلم برقم 1676 وأبو داود برقم 4352 والترمذيُّ برقم 1402. (¬4) في ط بها. (¬5) سقطت من النجديات، هـ. (¬6) في ب، جـ أنه. (¬7) الذي لم يتب كما نص عليه في الشرح الكبير 9/ 319. (¬8) في ط أن.

أو (¬1) المراد بالخلود طول المكث. من قطعت إصبعه ثم سرت ... لإصبع (¬2) أخرى بذا تآكلت ففي إصبعين يجب القصاص ... الجاني من ذا ماله خلاص (¬3) يعني: إذا قطع أصبعًا فتآكلت أصبع أخرى وسقطت ففيه القصاص وبه قال أبو حنيفة ومحمَّد بن الحسن (¬4) ذكره في الشرح (¬5). وقال أكثر الفقهاء: لا قصاص في الثانية، وتجب ديتها، لأن ما أمكن مباشرته بالجناية لا يجب القود فيه بالسراية، كما لو رمى سهمًا إلى شخص فمرق منه إلى آخر (¬6). ولنا: أن ما وجب فيه القود بالجناية وجب فيه بالسراية كالنفس، وفارق ما ذكروه فإنه فعل وليس بسراية، ولأنه لو أقصد ضرب رجل فأصاب غيره لم يجب القصاص، ولو (¬7)] قصد قطع إبهامه فقطع سبابته ¬

_ (¬1) في النجديات، هـ، ط و. (¬2) في د، س بأصبع. (¬3) في النجديات، هـ (الجار هما له من ذا خلاص). (¬4) ذكر الطحاوي في مختصره عن أبي حنيفة خلاف ما ذكره المؤلف فقد قال في 246: ومن قطع أصبع رجل فسقطت كفه فإن أبا حنيفة وأبا يوسف -رضي الله عنهما- قالا: لا قصاص عليه في ذلك، وعليه دية الكف، وقال محمَّد -رضي الله عنه- عليه القصاص في الكف كأنه قطعها. وقد رجح الطحاوي ما ذهب إليه محمَّد وقال: به نأخذ وقال الكاساني في بدائع الصنائع 7/ 307: (ولو قطع أصبعًا فسقطت إلى جنبها أخرى فلا قصاص في شيء من ذلك في قول أبي حنيفة -رضي الله عنه- وعندهما في ظاهر الرواية عنهما يجب في الأول القصاص وفي الثاني الأرش وفي رواية ابن سماعة عن محمَّد أنه يجب القصاص فيهما لأن من أصله على هذه الرواية أن الجراح التي فيها القصاص إذا تولد منها ما يمكن فيه القصاص يجب فيهما جميعًا). (¬5) الشرح الكبير 9/ 470 - 471. (¬6) انظر المنتقى شرح الموطأ 7/ 130 - 131 ومغني المحتاج 4/ 51. (¬7) ما بين القوسين سقط من د، س.

وجب القصاص ولو ضرب إبهامه فمرق إلى سبابته لم يجب القصاص (¬1) فيها فافترقا. بقنل عمد واجب فالقود ... أو دية فواحد لا يفرد وعنه فالقصاص عينا يجب ... أئمة العلم إليه ذهبوا يعني: أن (¬2) الواجب بقتل العمد أحد أمرين القود أو الدية، وأن الخيرة في ذلك إلى الولي، وبهذا قال سعيد بن المسيب وابن سيرين وعطاء ومجاهد والشافعيُّ (¬3) وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر وهو رواية عن مالك (¬4). وعنه: الواجب القصاص عينا وبه قال النخعي وأبو حنيفة (¬5) ومالك (¬6) لقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} [البقرة: 178]، والمكتوب (¬7) لا يخير (¬8) فيه، ولقوله -عليه السلام-: "من قتل عمدًا فهو قود" (¬9) ولأنه متلف يجب به (¬10) ¬

_ (¬1) كذا في جميع النسخ والصواب وجب القصاص وهي عبارة الشرح الكبير 9/ 471 والمغني 9/ 444 وذلك أنه قصده بالضرب فالجنابة متعمدة. (¬2) سقطت من د، س. (¬3) لكن الأصح في مذهب الشافعي أن الواجب القود والدية بدل عنه قال في المنهاج 4/ 48 موجب العمد القود والدية بدل عند سقوطه وفي قول أحدهما مبهمًا وعلى القولين للولي عفو على الدية بغير رضا الجاني. وانظر أيضًا فتح الباري 12/ 184. (¬4) وقد رجحها ابن عبد البر في كتابه الكافي 2/ 1100 قال: (وروى عنه (أي: مالك) طائفة من المدنيين وذكره ابن عبد الحكم أيضًا أن أولياء المقتول مخيرون في القصاص أو أخذ الدية أي ذلك شاؤوا كان ذلك لهم وبه أقول لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل فهو بخير النظرين إن شاء اقتص وإن شاء أخذ الدية". (¬5) انظر بدائع الصنائع 7/ 241. (¬6) انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 1100. (¬7) في أ، جـ، ط المقتول. (¬8) في النجديات، هـ ط يتخير. (¬9) من حديث رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-، وقد أخرجه أبو داود برقم 4540 والنسائيُّ 8/ 40. (¬10) سقطت من د، س.

البدل فكان معينًا (¬1) كسائر المتلفات، فعلى هذا ليس للأولياء إلا القتل إلا أن يصطلحوا على الدية برضا الجابي. ولنا: قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 178] قال ابن عباس: كان في بني إسرائيل القصاص (¬2) ولم تكن فيهم الدية فأنزل الله تعالى هذه الآية: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ في الْقَتْلَى} (¬3) الآية فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف (¬4) وأداء إليه بإحسان. فالعفو أن يقبل في العمد الدية فاتباع [بالمعروف، ويتبع (¬5) الطالب بمعروف. ويؤدي إليه] (¬6) المطلوب بإحسان، ذلك تخفيف من ربكم ورحمة مما كتب على من قبلكم رواه البخاري (¬7) وعن أبي هريرة قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يودى (¬8) وإما أن يقاد" متفق عليه (¬9). ويخالف سائر المتلفات، لأن بدلها يجب من جنسها، وها هنا يجب في شبه العمد والخطأ من غير الجنس (¬10) "فإذا رضي في العمد ببدل الخطأ كان له ذلك، لأنه أسقط بعض حقه، ولأن القاتل أمكنه إحياء نفسه ببذل (¬11) الدية فلزمه. ¬

_ (¬1) في هـ معيدًا. (¬2) سقطت من أ، جـ. (¬3) في ط القتل. (¬4) في أبمعروف. (¬5) في ب، جـ، ط تتبع. (¬6) ما بين القوسين سقطت من د، س. (¬7) البخاري 8/ 133 والنسائيُّ 8/ 36 - 37. (¬8) في جـ يؤدي. (¬9) البخاري 1/ 183 - 184 ومسلمٌ برقم 1355 أبو داود برقم 4505 والترمذيُّ برقم 1405والنسائيُّ 8/ 38. (¬10) في د س من جنس. (¬11) في أ، جـ ببدل.

وأما (¬1) الخبر الذي ذكروه فالمراد به وجوب القود ونحن نقول به. قطع الولي طرفًا من قاتل ... ضمنه في الأحوال غير حائل يعني: إذا زاد (¬2) مستوفي القصاص فقطع طرفًا فأكثر من القاتل ضمن ما قطعه بديته سواء عفى عنه (¬3) بعد ذلك أو قتله (¬4). وقال مالك والشافعيُّ وأبو يوسف ومحمَّد وابن المنذر: لا ضمان عليه ولكن قد أساء ويعزر (¬5)، لأنه قطع طرفًا من جملة استحق إتلافها فلم يضمنه كما لو قطع أصبعًا من يد استحقها (¬6) (¬7). وقال أبو حنيفة: إن قطعه ثم قتله لم يضمنه، لأنه لو قطع متعديًا ثم قتله (¬8) لم يضمن الطرف فلأن لا يضمنه إذا كان القتل مستحقًا أولى (¬9). ولنا: أنه قطع طرفًا له (¬10) قيمة حال القطع بغير حق فوجب عليه ضمانه كما لو عفى عنه ثم قطعه و (¬11) كما لو قطعه أجنبي. وأما القصاص فلا يجب في الطرف في الشرح (¬12): لا نعلم فيه ¬

_ (¬1) في أ، جـ لها. (¬2) في النجديات أذن. (¬3) سقط من أ، ب، ط. (¬4) في د، س، ط أو قبله. (¬5) في ط يعذر. (¬6) في ط يستحق قطعها. (¬7) المشهور في مذهب مالك أنه مضمون قال في التاج والإكليل 6/ 335 قال ابن الحاجب: إن فقئت عين القاتل أو قطعت يده عمدًا أو خطأ فله القود أو العفو أو القتل ولا سلطان لولاة المقتول فلو كان الولي هو القاطع فكذلك أيضًا على المشهور. (¬8) في النجديات، هـ، ط قتل. (¬9) الهداية مع تكملة فتح القدير 10/ 258. (¬10) سقطت من هـ. (¬11) سقطت الواو من النجديات، هـ. (¬12) الشرح الكبير 90/ 406.

خلافًا، لأن القصاص عقوبة تدرأ بالشبهات والشبهة ها هنا متحققة (¬1)، لأنه مستحق (¬2) لإتلاف هذا الطرف ضمنًا لاستحقاقه (¬3) إتلاف الجملة، ولا يلزم من سقوط القصاص أن لا تجب الدية كما لو لم يكافئه. قبل اندمال الجرح من يقتص ... ثم سرى فهدر قد نصوا أي: إذا اقتص المجني عليه في الجرح قبل اندماله ثم سرى إلى طرفه أو نفسه فسرايته هدر، لحديث جابر أن رجلًا طعن رجلًا (¬4) بقرن في ركبته فقال: يا رسول الله اقدني، فقال (¬5): "حتى تبرأ" فأبى وعجل فاستقاد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنتنت رجل المستقيد وبرئت رجل المستقاد منه فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ليس لك شيء إنك عجلت" رواه سعيد مرسلًا (¬6)، لأنه تعجل ما لم يكن له استعجاله فبطل حقه كقاتل مورثه (¬7)، وبهذا فارق من لم يقتص. وممسك القتيل حتى قتلا ... فيحبس الدهر بما قد فعلا أي (¬8) إذا أمسك إنسانًا لآخر حتى قتله، مثل إن أمسكه (¬9) له حتى ذبحه حبس الممسك حتى يموت ولا قود عليه ولا دية (¬10)، لما روى ابن ¬

_ (¬1) في د، س محققة. (¬2) في أ، جـ قدم لفظ لأنه قبل كلمة متحققة. (¬3) في هـ الاستحقاق. (¬4) سقطت من هـ. (¬5) في د، س قال. (¬6) روى أحمد نحوه 2/ 217 والدارقطنيُّ 3/ 89 والبيهقيُّ 8/ 67 مرسلًا عن عمرو بن دينار ووصله أبو بكر بن أبي شيبة وأخوه عثمان وخطأهما الدراقطني. انظر نيل الأوطار 7/ 31. (¬7) في النجديات موروثة. (¬8) سقطت من هـ. (¬9) في أ، جـ مسكه وفي د، س أمسك. (¬10) وممن يرى أن الممسك يحبس الظاهرية والهادوية والشافعية والحنفية ورجحه الشوكاني في نيل الأوطار 7/ 26 قال: (والحق العمل بمقتضى الحديث المذكور لأن إعلاله بالإرسال غير قادح على ما ذهب إليه أئمة الأصول وجماعة من أهل الحديث وهو الراجح) ... =

عمر مرفوعًا قال: إذا أمسك الرجل وقتله (¬1) الآخر قتل القاتل ويحبس الذي أمسك رواه الدارقطني وروى الشافعي نحوه من قضاء علي (¬2) -رضي الله عنه - ولأنه حبسه إلى الموت فحبس إلى أن يموت، ومقتضى كلامه كغيره أنه يطعم ويسقى وفي المبدع (¬3) يحبس عن (¬4) الطعام (¬5) والشراب حتى يموت (¬6)، فإن كان الممسك لا يعلم أن الطالب يقتله فلا شيء عليه كما لو أمسكه للعب أو ضرب. ¬

_ = لكن يرى الجمهور أن الحبس موكول إلى اجتهاد الإِمام في طول المدة وقصرها لأن الغرض تأديبه وليس استمراره إلى الموت بمقصود. انظر الأم 6/ 26 والمحلى 10/ 551 - 514. (¬1) في الدارقطني 3/ 139 - 140 إذا أمسك الرجل الرجل وقتله الآخر. (¬2) الدارقطني 3/ 139 - 140 أما أثر علي فقد رواه عبد الرزاق 9/ 480 وقد رجح الدارقطني والبيهقيُّ أن حديث ابن عمر مرسل وقال الحافظ في بلوغ المرام: (رجاله ثقات وصححه ابن القطان). انظر نيل الأوطار 7/ 26 ونقل الصنعاني عن ابن كثير أنه على شرط مسلم. سبل السلام 3/ 463. (¬3) المبدع 8/ 295. (¬4) في ط عنه. (¬5) في هـ الإطعام. (¬6) وعن أحمد رواية أخرى أنه يقتل قصاصًا قال سليمان بن أبي موسى: الاجتماع فينا أن يقتل لأنه لو لم يمسكه ما قدر على قتله وبإمساكه تمكن من قتله فالقتل حاصل بفعلهما فيكونان شريكين فيه، فيجب عليهما القصاص كما لو جرحاه، ويظهر من كلام شيخ الإِسلام ابن تيمية ترجيح هذه الرواية فقد سئل -رحمه الله- عن رجلين قبض أحدهما آخر والآخر ضربه حتى شلت يده. فأجاب: الحمد لله هذا فيه نزاع والأظهر أنه يجب على الاثنين القود إن وجب وإلا فالدية عليهم. انظر الفتاوى 34/ 167 والمغني 9/ 47 وقال أبو حنيفة والشافعيُّ وابن المنذر: يعاقب الممسك ويأثم ولا يقتل لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أعتى الناس على الله من قتل غير قاتله". وراه أحمد 2/ 187، 22 والمسك غير قاتل. ولأن الإمساك سبب غير ملجئ، فإذا اجتمع مع المباشر كان الضمان على المباشر كما لو لم يعلم المسك أنه يقتله. انظر بدائع الصنائع 7/ 239 والأم 6/ 26.

ومن كتاب الديات

ومن كتاب الديات جمع دية: وهي المال المؤدى إلى مجني عليه أو وليه يقال وديت القتيل إذا أديت ديته، وأجمعوا على وجوب الدية (¬1) لقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} [النساء: 92] وقوله -عليه السلام- في كتابه لعمرو بن حزم إلى أهل اليمن: "وفي النفس مائة من الإبل" رواه مالك في الموطأ والنسائيُّ في سننه (¬2). وفي الديات غنم وبقر ... أصل وكل منهما مقدر قدر الشياه (¬3) فإذن (¬4) ألفان ... وبقر تعد (¬5) مائتان يعني: الغنم والبقر أصلان في الديات كالإبل والذهب والفضة، وقدر (¬6) الدية من الشياه ألفان، ومن البقر مائتان، قال القاضي: لا ¬

_ (¬1) انظر الإجماع 116 - 121. (¬2) رواه النسائي 8/ 57 - 58 وقال فيه سليمان بن أرقم: متروك ورواه الحاكم في المستدرك عن سليمان بن داود وقال: إسنادُهُ صحيحٌ وهو من قواعد الإِسلام وقال ابن الجوزي في التحقيق: قال أحمد بن حنبل -رضي الله عنهما-: كتاب عمرو بن حزم في الصدقات صحيح. انظر نصب الراية 2/ 339 - 342 ورواه ملك في الموطأ 4/ 175 - 176. (¬3) في د، س الشيا. (¬4) في نظ إذا. (¬5) في أ، جـ بقدر. (¬6) في أ، جـ، هـ قدر بدون عاطف وفي ط فقدر.

يختلف المذهب أن أصول الدية الإبل والذهب والورق والبقر والغنم، فهذه خمسة لا يختلف المذهب فيها (¬1) وهذا قول عمر وعطاء وطاووس، والفقهاء السبعة (¬2)، وبه قال الثوري وابن أبي ليلى وأبو يوسف ومحمَّد (¬3) لأن (¬4) عمرو بن حزم روى (¬5) في كتابه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كتب إلى أهل اليمن: "وأن في النفس المؤمنة مائة من الإبل، وعلى أهل الذهب ألف دينار" رواه النسائي (¬6) وروى ابن عباس أن رجلًا من بني عدي قتل فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ديته اثني (¬7) عشر ألف درهم، رواه أبو داود وابن ماجة (¬8)، وعن (¬9) عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن عمر قام خطيبًا فقال: (ألا إن الإبل قد غلت قال: فقوّم على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق اثني (¬10) عشر ألف درهم وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الغنم ألف شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة) رواه أبو (¬11) داود وكان بمحضر من الصحابة ولم ينكر فكان كالإجماع. قولان أيضًا عندنا في الحلل ... وإن تعد مائتان فانقل ¬

_ (¬1) سقطت من د، س. (¬2) في هـ والشيعة. (¬3) ويرى بعض الحنفية أن هذا رواية عن الإِمام أبي حنيفة لكن الرواية المشهورة عنه أن أصول الدية ثلاثة الإبل والذهب والفضة. انظر شرح العناية عى الهداية 10/ 275 - 276. (¬4) في النجديات وط بن .. (¬5) في هـ وروى. (¬6) سبق تخريجه قبل قليل. (¬7) في د، س اثنا. (¬8) أبو داود برقم 4546 وابن ماجة برقم 2629، 2632 وقال أبو داود بعده: رواه ابن عيينة عن عمرو عن عكرمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يذكر ابن عباس. (¬9) سقط من أ، جـ. (¬10) في د، س اثنا. (¬11) أبو داود برقم 4542 وعنه البيهقي 8/ 77.

أي: في الحلل روايتان: إحداهما: ليست أصلًا، وهي المذهب، وهو قول الجمهور لقوله عليه السلام: "ألا إن في قتيل عمد الخطأ (¬1) قتيل السوط والعصا مائة من الإبل" (¬2). والثانية: أنها أصل لما تقدم عن عمر، وعلى هذه الرواية (¬3) أنها مائتا حلة وكل حلة (¬4) بردان (¬5)، قال الخطابي: الحلة ثوبان إزار ورداء (¬6). تغلظ الديات (¬7) في الإحرام ... كحرم والأشهر (¬8) الحرام أي: تغلظ الدية بثلاثة أشياء إذا قتل في الحرم والأشهر الحرم وإذا قتل محرمًا، ونص (¬9) أحمد على التغليظ فيما إذا قتل محرمًا في الحرم وفي الشهر الحرام. وممن يروى عنه التغليظ عثمان وابن عباس والسعيدان (¬10) وعطاء وطاووس ومجاهد وسليمان بن يسار وجابر بن زيد وقتادة والأوزاعي ¬

_ (¬1) سقطت من أ، جـ. (¬2) النسائي 8/ 41 - 42 وأبو داود برقم 547. (¬3) سقطت من أ، جـ، هـ. (¬4) سقط من النجديات، هـ. (¬5) وهو قول أبي يوسف ومحمَّد من الحنفية: انظر تحفة الفقهاء 3/ 133 وتكملة فتح القدير 10/ 275. (¬6) لم أجده في مظانه من معالم السنن وهو في كتاب الدر النثير تلخيص نهاية ابن الأثير للسيوطي 1/ 254 المطبوع بهامش النهاية المطبوعة بالمطبعة العثمانية سنة 1311 هـ. (¬7) في د، س الدية. (¬8) في هـ وأشهر حرام. (¬9) في د، س والنص. (¬10) أي: سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير.

ومالك (¬1) والشافعي (¬2) وإسحاق (¬3). واختلف القائلون بالتغليظ في صفته (¬4) فقال أصحابنا: تغلظ (¬5) لكل حرمة ثلث الدية فإذا اجتمعت الحرمات الثلاث وجب ديتان، وهذا قول التابعين، القائلين (¬6) بالتغليظ. وقال أصحاب الشافعي: صفة التغليظ [إيجاب دية العمد في الخطأ] (¬7) [ولا يتصور التغليظ في] (¬8) غير الخطأ، ولا يجمع بين تغليظين (¬9)، وهذا قول مالك إلا أنه (¬10) يغلظ في العمد. وبين تغليظين فاجمع وأقسم ... كرحم محرم في الحرم (¬11) ¬

_ (¬1) المنتقى شرح الموطأ 7/ 104 - 107. (¬2) مغني المحتاج 4/ 54. (¬3) يظهر من كلام المؤلف -رحمه الله- أن هؤلاء المذكورين يقولون بالتغليظ في الأحوال الثلاثة التي ذكرها المؤلف، وليس كذلك بل هؤلاء كلهم يقولون بمبدأ التغليظ ولكنهم يختلفون في الأحوال الثلاثة التي ذكرها المؤلف هل يغلظ فيها كلها أو بعضها أو لا يغلظ في شيء منها وهو ما ذكره المؤلف عن الشافعي ومالك بعد. فقد روي عن عثمان التغليظ في القتل في الحرم. وروي عن عمر التغليظ في القتل في الحرم أو في الشهر الحرام أو من قتل ذا رحم محرم. وروي عن ابن عباس التغليظ في دية من قتل في الشهر الحرام أو البلد الحرام. انظر المغني 9/ 500. والبيهقيُّ 8/ 71. (¬4) في هـ صفة. (¬5) في ب يغلظ. (¬6) سقطت من أ، جـ، هـ. (¬7) ما بين القوسين سقط من أ، جـ، هـ. (¬8) في النجديات ولا يجتمع تغليظين. (¬9) في أ، جـ، ط أن. (¬10) في أ، جـ، ط أن. (¬11) في الأزهريات حرم.

وصفة التغليظ بالأثمان (¬1) ... ثلث يزاد الأصل بالميزان (¬2) أي: يجمع بين تغليظين (¬3) فأكثر كما تقدم و (¬4) قوله: كرحم محرم في حرم مبني على قول أبي بكر ومن تابعه أنه يغلظ بالرحم المحرم، والمذهب لا يغلظ به. وقوله: في حرم المراد به حرم مكة على المذهب، قيل وحرم المدينة أيضًا. وقوله: وصفة التغليظ إلى آخره أي: يزاد للتغليظ (¬5) على أصل الدية ثلث من الأثمان بل ومن غيرها. واحتج أصحابنا بما روى ابن أبي نجيح أن امرأة وطئت في الطواف فقضى عثمان فيها بستة آلاف وألفين تغليظًا للحرم (¬6) (¬7) وعن عمر (¬8) أنه قال: من قتل في الحرم أو في الشهر الحرام فعليه دية (¬9) وثلث (¬10)، وعن ابن عباس: أن رجلًا قتل رجلًا في الشهر الحرام وفي البلد الحرام فقال: ديته اثنا (¬11) عشر ألفًا وللشهر الحرام أربعة آلاف وللبلد الحرام أربعة ¬

_ (¬1) ذكر في هامش نسختي أ، جـ أنه في نسخة أخرى في الأثمان. (¬2) في أفي الميزان وفي ب كتب ذلك في الهامش وفي جـ كتب، وفي نسخة أخرى في الميزان. (¬3) في النجديات يجتمع التغليظين وفي هـ يجمع تغليظين. (¬4) في النجديات، ط في قوله. (¬5) في جـ، هـ التغليظ. (¬6) في النجديات للمحرم. (¬7) رواه البيهقي 8/ 71 وعبد الرزاق 9/ 298 والشافعيُّ في الأم 6/ 92 - 93 وصحح الألباني إسناده في إرواء الغليل 7/ 310. (¬8) في ط ابن عمر. (¬9) سقطت من د، س. (¬10) رواه البيهقي 8/ 71 قال الحافظ في التخليص 4/ 33: منقطع ورواية ليث بن أبي سليم ضعيف. (¬11) في النجديات، هـ، ط اثني.

آلاف (¬1)، وهذا مما يظهر وينتشر (¬2) فيثبت (¬3) إجماعًا، ولا تغليظ في العمد ولا في الأطراف على الصحيح من المذهب. ذميًا المسلم عمدًا قتلًا ... ديته تضعف فيما نقلا حيث انتفى القتل فذا (¬4) جبران ... بذاك حقًا قد قضى عثمان أي: إن قتل مسلم ذميًا عمدًا أضعفت ديته لإزالة القود كما حكم به عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، روى أحمد عن عبد الرزاق عن معمر (¬5) عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رجلًا قتل رجلًا (¬6) من أهل الذمة فرفع (¬7) إلى عثمان فلم يقتله وغلظ عليه الدية ألف دينار (¬8)، فذهب إليه أحمد وله نظائر في مذهبه فإنه أوجب على الأعور إذا قلع عين الصحيح المماثلة لعينه دية كاملة، لما (¬9) درأ عنه القصاص، وأوجب على سارق الثمر المعلق مثلي (¬10) قيمته لما درأ عنه القطع. وذهب جمهور العلماء إلى أن (¬11) دية الذمي في العمد والخطأ واحدة لعموم الأخبار فيها، وكما لو قتل حر عبدًا عمدًا (¬12) وكسائر الأبدال (¬13). ¬

_ (¬1) رواه ابن حزم وسكت عليه الحافظ في التلخيص 4/ 34. (¬2) سقطت من أ، جـ. (¬3) في ط فثبت. (¬4) في جـ قد وفي د، س فدا حيران. (¬5) في أ، هـ عمر. (¬6) سقط من أ (قتل رجلًا). (¬7) في أ، جـ رفع بدون فاء العطف. (¬8) عبد الرزاق 10/ 96 والدارقطنيُّ 3/ 145 - 146 والبيهقيُّ 8/ 33 وقال الحافظ في التلخيص 4/ 16: (قال ابن حزم: هذا في غاية الصحة). ونقل البيهقي عن الشافعي: هذا من حديث من يجهل). (¬9) في د، س كما. (¬10) في د، س مثل. (¬11) سقطت من أ، جـ. (¬12) سقطت من النجديات، ط. (¬13) بدائع الصنائع 7/ 254 - 255 ومواهب الجليل 6/ 257 والمهذب مع تكملة المجموع 19/ 51 - 53.

إن قتلت في الحكم أم الولد ... سيدها في خطأ للرشد (¬1) أو كان عمدًا فعفوا للمال ... قيمتها تلزم في المقال أو دية فأنقص الأمرين ... يلزمها إذ ذاك في الحالين يعني: إذا قتلت (¬2) أم الولد سيدها خطأ أو شبه عمد أو عمدًا واختير المال وكذا لو سقط القصاص عنها لإرث (¬3) ولدها القصاص أو شيئًا منه فالواجب عليها أقل الأمرين من قيمتها أو ديته، فيلزمها ذلك لورثته، لأنها أم ولد حين (¬4) الجناية فلم يجب بجنايتها (¬5) أكثر (¬6) مما ذكر اعتبارًا بحال (¬7) الجناية، وكما لو جنى عبد فأعتقه سيده، وإنما تعلق بها لأنها فوتت رقها بقتلها لسيدها، فأشبه ما لو فوّت المكاتب الجاني رقه بأدائه، وتعتق في الصورتين، بخلاف المدبر إذا قتل سيده، لأنها إذا لم تعتق بذلك لزم جواز نقل الملك فيها ولا سبيل إليه، ولأن الحرية لله والاستيلاد (¬8) أقوى من التدبير. وأعور (¬9) العين إذا ما قلعا ... عين صحيح قود ما شرعا بل دية في عمده بالوافي (¬10) ... وفي الخطا نصف بلا (¬11) خلاف يعني: إذا قلع الأعور عين صحيح مماثلة لعينه الصحيحة لم يجب ¬

_ (¬1) في نظ خظي المرشد. (¬2) في أقتل. (¬3) في أ، جـ الإرث. (¬4) في أ، جـ عين. (¬5) في د، س جنايتها. (¬6) سقطت من أ، جـ. (¬7) في د، س إيجاب. (¬8) في هـ الاستيلاء. (¬9) في جـ عور. (¬10) في نظ في الوافي. (¬11) في د، س فلا.

القصاص، لأنه يفضي إلى استيفاء جميع (¬1) بصر الأعور وهو إنما أذهب (¬2) بعض بصر الصحيح فيكون المستوفى أكثر من جنايته، وعلى الأعور في الحال (¬3) المذكورة دية (¬4) كاملة في قول عمر وعثمان ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة. بدلًا عن القصاص الذي أسقط عنه رفقًا به ولو اقتص منه لذهب (¬5) ما لو ذهب بالجناية لوجبت فيه دية كاملة فوجبت الدية كاملة هنا (¬6)، وهو معنى قوله بالوافي، بخلاف ما إذا (¬7) كانت الجناية خطأ فالواجب نصف الدية لا غير بغير خلاف كما لو كان الجاني ذا عينين. وديتان فقياس ماضي (¬8) ... في قلعه (¬9) عينيه قال (¬10) القاضي وإن أبى إلا قصاصًا عدلًا ... فعينه تقلع ليس إلا أي: وإن قلع الأعور عيني (¬11) صحيح عمدًا فقال القاضي: قياس المذهب يلزمه ديتان. والصحيح من المذهب أن المجني عليه يخير بين قلع عينه ولا شيء ¬

_ (¬1) سقطت من أ، وهي في جـ، هـ قبل كلمة استيفاء. (¬2) في أ، جـ ذهب. (¬3) في هـ الحالة. (¬4) في د، س ديته. (¬5) في أ، جـ ولو قتص منه الذهب. (¬6) ويرى الإِمام مالك أن الصحيح مخُير بين أن يقلع عين الأعور وبين أن يأخذ ديتها وهي الدية كاملة قال في المدونة 6/ 409 (قال: وسألنا مالكًا عن الأعور يفقأ عين الصحيح، فقال لنا: إن أحب الصحيح اقتص، وإن أحب فله دية عينه، ثم رجع بعد ذلك فقال: إن أحب أن يقتص اقتص، وإن أحب فله دية عين الأعور ألف دينار، وقوله الآخر أعجب إلي). أ. هـ .. (¬7) في النجديات، هـ ط لو. (¬8) في أ، د، س ما معنى. (¬9) في نظ، د، س في قلع عينيه. (¬10) في نظ مقال. (¬11) في أ، عين.

له غيرها، لأنه أخذ جميع بصره ببصره (¬1) فوجب الاكتفاء بذلك وبين أخذ الدية لعينيه فقط كما لو كان الجاني ذا عينين أو كانت الجناية خطأ. ثندوتا (¬2) الرجال (¬3) مثل المرأة ... ففيهما في النص (¬4) كل الدية أي: في ثندوتي الرجل وهما ثدياه الدية وبه قال إسحاق (¬5). وقال النخعي ومالك وأصحاب الرأي: وهو ظاهر مذهب الشافعي وابن المنذر: فيهما حكومة، لأنه ذهب بالجمال (¬6) من غير منفعة كالعين القائمة واليد الشلاء (¬7). ولنا: أن ما وجب فيه الدية من المرأة (¬8) وجب فيه من الرجل كسائر الأعضاء، ولأنهما عضوان في البدن يحصل بهما الجمال ليس في البدن غيرهما من (¬9) جنسهما فوجبت (¬10) فيهما الدية كاليدين. والعين (¬11) القائمة ليس فيها جمال كامل وقد ذهب منها ما تجب فيه الدية فلم تكمل ديتها كاليدين إذا شلتا بخلاف مسألتنا. وفي اليد الشلا كذاك الذكر ... والعين إن كان بها لا يبصر ¬

_ (¬1) سقطت من النجديات. (¬2) في نظ ثندوت. (¬3) في النجديات الرجل. (¬4) في د، ش النصف. (¬5) وهو قول للشافعي قال النووي في المنهاج 4/ 66: (وفي حلمتيها ديتها وحلمتيه حكومة وفي قول ديته). (¬6) في ب أذهب الجمال. (¬7) انظر تحفة الفقهاء 3/ 147 والهداية مع التكملة 10/ 282 والمدونة 6/ 314 - 316 ومغني المحتاج 4/ 66. (¬8) كرر لفظ المرأة في ب. (¬9) في جـ، هـ في. (¬10) في هـ فوجب. (¬11) في جـ والعينين.

وسنه السودا فكن موافقي ... كذا لسان (¬1) أخرس لا ناطق وذكر الخصي (¬2) والعنين ... ثلث من الديات عن يقين وأصبع زائدة كذا يد ... بمثل ذا عن الإمام أسندوا حكومة فقدم الشيخان ... ليست (¬3) كشلا فاصغ (¬4) للفرقان يعني: أنه يجب في اليد الشلاء والذكر الأشل (¬5) والعين القائمة التي لا يبصر بها والسن السوداء (¬6) ولسان الأخرس وذكر الخصي والعنين والأصبع واليد الزائدتين ثلث دياتهن نص عليه أحمد واختاره ابن منجا في شرحه في شلل اليد فقط، وذلك لما روي عن ابن عباس: (أنه قضى في العين القائمة إذا قلعت، واليد الشلاء إذا قطعت، والسن السوداء إذا كسرت، ثلث دية كل (¬7) واحدة منهن) (¬8)، وقيس الباقي، وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: (قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العين القائمة السادة لمكانها بثلث الدية، وفي اليد الشلاء، إذا قطعت ثلث ديتها، وفي السن السوداء إذا قلعت ثلث ديتها) رواه النسائي وأخرجه أبو داود (¬9) في العين وحدها (¬10). ¬

_ (¬1) في أ، جـ اللسان. (¬2) في النجديات وكذا وكتب في الهامش وفي نسخة وذكر الخصي. (¬3) في أ، جـ، ط ليس. (¬4) في النجديات فامنع. (¬5) سقطت من النجديات، هـ. (¬6) في النجديات الأسودا. (¬7) في د، س كذا. (¬8) رواه الدارقطني 3/ 214 في اليد والعين فقط، ورواه عبد الرزاق 9/ 387 عن ابن المسيب من قضاء عمر. (¬9) رواه النسائي 8/ 55 وأخرجه أبو داود برقم 4567 وقال فيه الشوكاني في نيل الأوطار 7/ 70: (سكت عنه أبو داود والنسائيُّ ورجال إسناده إلى عمرو بن شعيب ثقات). (¬10) وبهذا قالت الظاهرية في اليد الشلاء والعين العوراء والسن السوداء وقد ذكر ذلك ابن حزم في كتابه المحلى 10/ 421 - 422، 411 - 442 وانتصر له.

وعنه: الواجب في ذلك كله حكومة، وهي المذهب قدمها الشيخان وعليها أكثر الأصحاب وقطع بها في الإقناع والمنتهى وغيرهما، لأنه (¬1) لا (¬2) مقدر فيها يثبت فوجب الرجوع إلى الحكومة (¬3). في كسر ضلع واحد بعير ... كذاك في ترقوة نشير والفخذ والساق ففيه اثنان ... كذلك الزند من البعران يعني: في كسر الضلع إذا جبر مستقيمًا بعير، وفي كل من الترقوتين بعير، وفيهما بعيران (¬4)، وفي كل من الفخذ والساق والزند والذراع بعيران. وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ: في كل من ذلك حكومة (¬5). ولنا: أنه قول عمر (¬6) ولم يعرف له مخالف في الصحابة فكان إجماعًا وقوله: من البعران صفة لاثنين. وواحد الأظفار في اليدين ... فيه كذا والظفر (¬7) في الرجلين (في ذاك خمس دية الأصباع ... في المذهب الحق بلا نزل (¬8)) يعني: أن (¬9) في الظفر من اليدين أو الرجلين خمس دية الأصبع، ¬

_ (¬1) في ب ولأنه. (¬2) سقطت (لا) من هـ. (¬3) وهو مذهب الجمهور في العين القائمة والذكر الأشل والأصبع الزائدة والسن الأسود واليد الشلاء ولسان الأخرس. انظر تحفة الفقهاء 3/ 147 ومغني المحتاج 4/ 61 - 68 والكافي لابن عبد البر 2/ 1115 - 116. (¬4) وهو قول للشافعي ذكره في تكملة المجموع قال في 19/ 29: (مسألة قال الشافعي -رضي الله عنه-: وفي الترقوة جمل وفي الضلع جمل). أ. هـ. والمشهور عنه أن فيهما حكومة. (¬5) بدائع الصنائع 7/ 322 والكافي لابن عبد البر 2/ 1115 والأم للشافعي 6/ 69. (¬6) رواه ابن حزم في المحلى 10/ 453 - 452 وقال: إسناده في غاية الصحة. (¬7) في د، س فيه كذا وأظفر. (¬8) ما بين القوسين من نظ وقد شرحه المؤلف. (¬9) سقطت من النجديات هـ.

وذلك في الحر المسلم بعيران بلا نزل في المذهب. كرجل أرش جراح المرأة ... إلى فويق (¬1) ثلث من دية (¬2) ثم على النصف من الرجال ... من بعد ذا في سائر الأحوال يعني: يساوي أرش جراح (¬3) المرأة أرش جراح (¬4) الرجل إلى ثلث الدية ثم تكون على النصف من الرجل، روي هذا عن (¬5) عمر وابنه وزيد بن ثابت وبه قال سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز وعروة بن الزبير والزهري وقتادة وربيعة (¬6) ومالك (¬7). قال ابن عبد البر: وهو قول فقهاء المدينة (السبعة وجمهور أهل المدينة (¬8)). وروي عن علي أنها على النصف فيما قل أو كثر (¬9)، وروي عن ابن سيرين (¬10)، وبه قال الثوري (¬11) والليث وابن أبي ليلى وابن شبرمة وأبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور والشافعيُّ في ظاهر مذهبه (¬12)، واختاره ابن ¬

_ (¬1) في د، س فويقة. (¬2) في النجديات الدية. (¬3) في ب، جـ، هـ جراحة. (¬4) في هـ جراحة. (¬5) سقطت من هـ. (¬6) الآثار عن عمر وزيد وسعيد وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز موجودة في مصنف عبد الرزاق 9/ 394 - 397 وفي مصنف ابن أبي شيبة 9/ 300 - 303 وفي سنن البيهقي 8/ 95 - 96. (¬7) انظر المدونة 6/ 318 والكافي لابن عبد البر 2/ 110. (¬8) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬9) انظر سنن البيهقي 8/ 95 - 96 والمصنف لعبد الرزاق 9/ 397 والمصنف لابن أبي شيبة 9/ 301. (¬10) في د، س سيري. (¬11) في ب مكرر. (¬12) بدائع الصنائع 7/ 322 والأم 6/ 92.

المنذر، لأنهما شخصان تختلف (¬1) ديتهما فاختلف أرش أطرافهما كالمسلم والكافر. ولنا: ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى يبلغ الثلث من ديتها" أخرجه النسائي (¬2)، وهو نص يقدم على ما سواه قال في الشرح (¬3): ولأنه إجماع الصحابة إذ لم ينقل عنهم خلاف ذلك إلا عن علي، ولا نعلم ثبوت ذلك عنه، ولأن ما دون الثلث يستوي فيه الذكر والأنثى بدليل (الجنين فإنه يستوي فيه الذكر والأنثى (¬4)). وظاهر كلام الناظم: أنهما يستويان في الثلث، وهو رواية، والمذهب خلافه. وفي يد العبد إذا ما قطعت ... وبعد عتق مات منها إذ سرت قيمته تلزم يوم القطع ... يأخذها المولى بحكم الشرع يعني: إذا قطعت يد العبد ونحوها ثم عتق وسرت الجناية فمات منها ففيه قيمته (¬5) يوم القطع لسيده في قول أبي بكر والقاضي ومن تابعهما، وهو قول المزني, لأن الجناية يراعى فيها حال وجودها، وذكر القاضي أن أحمد نص عليه في رواية حنبل فيمن فقأ عين (¬6) عبد ثم أعتق ومات ففيه قيمته لا الدية. ومقتضى قول الخرقي أن الواجب فيه دية (¬7) حر، وهو المذهب، قطع ¬

_ (¬1) في النجديات تختلفا وفي د، س يختلف. (¬2) النسائي 8/ 55 والدارقطنيُّ 3/ 91 وقال في التعليق المغني 3/ 91 - 92: وفيه إسماعيل بن عياش وهو ضعيف في روايته عن غير الشاميين وقد روى هنا عن ابن جريج وهو حجازي. (¬3) الشرح الكبير 9/ 519. (¬4) ما بين القوسين من ب. (¬5) في جـ قيمة. (¬6) في هـ عيني. (¬7) في النجديات ديته.

بمعناه في المنتهى والإقناع وغيرهما، وهو مذهب الشافعي (¬1) , لأن اعتبار الجناية بحال الاستقرار، وقد مات حرًا، ويأخذ السيد من ديته قدر قيمته، فإن فضل شيء كان لورثته، ولو وجب بهذه الجناية قصاص فطلبه لورثته. إذا جنى المرء على أطرفه ... أو نفسه فذا من انحرافه فضمن الأطراف للعواقل ... وضمن الوارث (¬2) نفس القاتل وعنه بل يهدر والشيخان ... فقدما ذا يا ذوي العرفان يعني: جناية الإنسان على طرفه أو نفسه لانحراف طبعه هل هي مضمونه على العاقلة؟ فيها روايتان (¬3). إحداهما: على عاقلته ديته لورثته ودية طرفه لنفسه، إذا كانت الجناية خطأ أو شبه عمد، وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة، وهو قول الأوزاعي وإسحاق (¬4) لما روي أن رجلًا ساق حمارًا فضربه بعصًا فطارت (¬5) منه شظية (¬6) فأصابت عينه ففقأتها فجعل عمر بن الخطاب ديته على عاقلته وقال: هي يد (¬7) من أيدي المسلمين لم يصبها اعتداء على أحد (¬8): ولا يعرف له مخالف ولأنه (قتل (¬9)) خطأ فكانت ديته على عاقلته كغيره. والثاني: أنه هدر لا دية فيه، وهذا (¬10) المذهب وعليه الشيخان ¬

_ (¬1) وهو أيضًا مذهب مالك. انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 1229 ومغني المحتاج 4/ 24. (¬2) في هـ الوراث. (¬3) في د روايتا. (¬4) وهو قول للشافعية ومذهب الظاهرية، انظر مغني المحتاج 4/ 95 والمحلى 11/ 56. (¬5) في هـ فطار. (¬6) في د، س شطرية. (¬7) في ب، جـ، ط بيد. (¬8) رواه عبد الرزاق 9/ 330، 412، 415 وذكره ابن حزم في المحلى 11/ 56. (¬9) ما بين القوسين من ب. (¬10) في هـ وهو.

وجمهور الأصحاب وهو أصح في القياس، كما لو كانت الجناية عمدًا، ولأن عامر بن الأكوع يوم (¬1) خيبر رجع سيفه عليه فقتله، ولم ينقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى فيه بدية ولا غيرها (¬2) ولو كانت واجبة لبينها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولنقل ظاهرًا. ويفارق (¬3) ما لو كانت الجناية على غيره، فإنه لو لم تحمله العاقلة لأجحف به وليس على الجاني ها هنا شيء يخفف عنه، وهذا قول أكثر أهل العلم، منهم ربيعة وأصحاب الرأي ومالك والثوري والشافعيُّ (¬4). وقال الناظم: وضمن الوارث يعني: عاقلة القاتل، إذ الروايتان (¬5) في عاقلته لا في ورثته كما يعلم بالوقوف على كلام الأصحاب، ولو قال: وضمنهم لدية القاتل لكان أوضح (¬6) وعذره ضيق النظم. والبالغ العاقل من أفزعه ... ولو بصوت منكر روعه فمات أو منها جنى الفزعان ... في نفسه أو غيره أبانوا فالمفزع الضمان ليس يخطه ... تحمله عاقلة بشرطه يعني: من أفزع بالغًا عاقلًا ولو أنه روعه بصوت منكر فجنى بسبب ذلك على نفسه أو غيره فعلى المفزع الضمان، تحمله عاقلته بشرطه بأن يكون ثلث دية فأكثر يثبت (¬7) بالبنية دون إقراره وكذا لو أفزع صغيرًا, لأنه (¬8) تسبب في جنايته فكان ضمانه (¬9) عليه كالمكره (¬10) له على الجناية على نفسه ¬

_ (¬1) في ب عام. (¬2) رواه البخاري 7/ 356 - 358 ومسلمٌ برقم 1802 وأحمدُ برقم 4/ 46 - 47 وأبو داود برقم 2538. (¬3) في هـ ويفارقه. (¬4) انظر بدائع الصنائع 7/ 273 والموطأ مع الزرقاني 4/ 193 والكافي لابن عبد البر 2/ 1107، 1125 ومغني المحتاج 4/ 95. (¬5) في النجديات والأزهريات الروايتين وفي هـ إذا الروايتين. (¬6) ولكنه لا يستقيم به وزن البيت. (¬7) في النجديات، هـ, ط تثبت. (¬8) في هـ لأن. (¬9) في النجديات, هـ, ط ضمانها. (¬10) في أ، ب كالمكروه.

أو غيره، إذ الجاني إذن كالآلة (¬1) للمفزع، فاختص الضمان به. ووافق الشافعي في الصبي، وله في البالغ قولان (¬2). ولنا: أنه تسبب في إتلافه فضمنه كالصبي. كذاك (¬3) من تفزيع أو تبريح ... أحدث قل بغائط أو ريح في ذاك ثلث دية قد عينوا ... عاقلة الجاني لهذا يضمنوا يعني: من أفزع إنسانًا أو ضربه فأحدث بغائط أو بول أو ريح فعليه ثلث ديته إن لم يدم، لما روي أن عثمان قضى فيمن ضرب إنسانًا حتى أحدث بثلث الدية (¬4)، قال أحمد: لا أعرف شيئًا يدفعه، وقضاء الصحابي بما يخالف القياس يدل على أنه توقيف، وبه قال إسحاق، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ: لا شيء عليه (¬5)، وهو القياس لولا قضاء عثمان رضي الله عنه. فإن (¬6) دام الحدث ففيه دية كاملة، وتحمل العاقلة ما وجب بذلك من ¬

_ (¬1) في أ، جـ بالآلة. (¬2) أحدهما -وهو المشهور- لا دية على المفزع والثاني: عليه الدية وإليك عبارة المنهاج وشرحه مغني المحتاج في ذلك قال 4/ 80: (أو صاح على بالغ عاقل بطرف سطح فلا دية في الأصح المنصوص لندرة الموت بذلك. والثاني: في كل منهما الدية لأن الصياح حصل به في الصبي ونحوه الموت وفي البالغ عدم التماسك المفضي إليه). أ. هـ .. وذهب مالك وأبو حنيفة إلى أنه لا ضمان على المفزع قاله ابن عبد البر في الكافي 2/ 1127 وابن عابدين في حاشيته 6/ 560 لكن نقل ابن عابدين عن التاترخانية قوله: (صاح على آخر فجأة فمات من صيحته تجب فيه الدية). أ. هـ. وحمله على أن يكون ذلك في حال الفجأة فتجب فيه الدية دون غيره أو لاختلاف الرواية في المسألة. (¬3) في د، س كذا. (¬4) رواه عبد الرزاق 10/ 24 وابن حزم في المحلى 10/ 134 (¬5) انظر بدائع الصنائع 7/ 320 ومغني المحتاج 4/ 81 وتكملة المجموع 19/ 134. (¬6) سقطت النون من هـ.

الدية أو ثلثها حيث (¬1) كان الجناية خطأ أو شبه عمد كسائر ما يجب بالجناية. من كان مضطرًا إلى الطعام ... أبى الرفيق (¬2) البذل بالإكرام (¬3) فإن يمت يضمنه بالدية ... إلا إذا كان بذي الضرورة يعني: من اضطر إلى طعام أو شراب وطلبه من ربه فمنعه حتى مات ضمنه بالدية إن لم يكن مضطرًا إليه. وكذا من أخذ طعام إنسان أو شرابه في برية أو مكان لا يقدر فيه على (¬4) طعام وشراب فهلك بذلك أو هلكت بهيمته (¬5). فعليه ضمان ما يتلف به, لأنه سبب هلاكه، وروي عن عمر أنه قضى بنحو ذلك (¬6)، ولأنه إذا اضطر إليه صار أحق به ممّن هو في يده وله أخذه (¬7) قهرًا، فإذا منعه إياه تسبب إلى هلاكه بمنعه ما يستحقه، فلزمه ضمانه كما لو أخذ طعامه وشرابه فهلك بذلك (¬8). وظاهر كلام أحمد أن الدية في ماله, لأنه تعمد هذا الفعل الذي يقتل مثله غالبًا. وقال القاضي: يكون على عاقلته (¬9) , لأن هذا لا يوجب القصاص فيكون شبه عمد. ¬

_ (¬1) في ب بحيث. (¬2) في أالرقيق. (¬3) في هامش جـ وفي نسخة للإكرام. (¬4) محل على بياض في أ، جـ. (¬5) في النجديات بهيمة. (¬6) رواه البيهقي 10/ 4. (¬7) في هـ أخذ. (¬8) ذكر في المنتقى شرح الموطأ 6/ 36 عن ابن القاسم أن من منع فضل الماء من بئر الصدقة كبئر الماشية والسقيا حتى مات الممنوع عطشًا فإنها تجب ديته على عاقلة أهل الماء المانعين، وتجب كفارة قتل الخطأ على المانعين قال: ولو منعوهم حتى مات المسافرون عطشًا كانت لهم دياتهم على عاقلة أهل الماء والكفارة على كل رجل منهم كفارة عن كل نفس منهم مع الأدب الموجع من الإمام. (¬9) هي هـ عاقلة.

فإن لم يطلبه منه لم (¬1) يضمنه, لأنه لم يمنعه ولم يوجد منه (¬2) فعل تسبب به إلى هلاكه، وكذا من أمكنه إنجاء معصوم من هلكة فلم ينجه منها مع قدرته على ذلك لم يضمنه, لأنه لم يفعل معه شيئًا يكون سببًا لضمانه، ومثل الأولى من أخذ من إنسان ما يدفع به عن نفسه صائلًا عليه من سبع ونحوه فأهلكه فإنه يضمنه لتسببه بذلك في هلاكه. وعندنا فاللوث (¬3) في القسامة ... في نصه مجرد العداوة القسامة أيمان مكررة في دعوى قتل معصوم بينه (¬4) وبين المدعى عليه القتل لوث، وهو العداوة الظاهرة فقط (¬5) وجد معها أثر قتل أو لا نحو ما كان بين الأنصار وأهل خيبر، وما بين القبائل التي يطلب بعضها بعضًا بثأر وكل من بينه وبين المقتول ضغن يغلب على الظن أنه قتله؛ لأن اللوث إنما ثبت بالعداوة بقضية الأنصاري القتيل بخيبر (¬6)، ولا يجوز القياس عليها، لأن الحكم ثبت بالمظنة، ولا يجوز القياس في المظان، ولأن الحكم إنما ¬

_ (¬1) سقطت لم من هـ. (¬2) في د، س يأخذ منه وفي ط ولم يوجب فيه. (¬3) في نظ اللوس. (¬4) في د، س ببينة. (¬5) اللوث لغة: القوة ويطلق على الضعف يقال: لاث في كلامه إذا تكلم بكلام ضعيف وشرعًا -عند الجمهور- قرينة تدل على صدق المدعي في القسامة- وعند الحنابلة هو العداوة الظاهرة بين المقتول والمدعى عليه كما فسره المؤلف. انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 1/ 458 ومغني المحتاج 4/ 111 والمغني 10/ 7 - 8 (¬6) هو عبد الله بن سهل الأنصاري وقصة قتله رواها الجماعة عن سهل بن أبي حتمة قال: انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خيبر وهو يومئذ صلح فتفرقا فأتي محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلًا، ثم قدم المدينة فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة بنا مسعود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال - صلى الله عليه وسلم -: "كبِّر كبِّر وهو أحدث القوم". فسكت وتكلما قال: "أتحلفون وتستحقون قاتلكم أو صاحبكم"، فقالوا: وكيف نحلف ولم نشهد ولم نر؟ قال: "فتبرئكم يهود بخمسين يمينًا" فقالوا: نأخذ أيمان قوم كفار؟ فعقله النبي - صلى الله عليه وسلم - من عنده. رواه البخاري 6/ 197 ومسلم برقم 1669 وأبو داود برقم 4551 والترمذيُّ برقم 1422 والنسائيُّ 8/ 5 - 12.

يتعدى بتعدي (¬1) سببه، والقياس في المظان جمع بمجرد الحكمة وغلبة الظنون، والحكم بالظنون يختلف ولا يأتلف (¬2) ويتخبط ولا ينضبط، ويختلف باختلاف القرائن والأحوال (¬3) والأشخاص فلا يمكن ربط الحكم بها ولا تعديته بتعديتها (¬4). نساؤوهم لا يُدْخَلوا (¬5) في الحلف ... في عمد أو في خطأ ذا (¬6) قد نفي إذا وجدت شروط القسامة وتوجهت (¬7) الأيمان على ورثة المقتول وفيهم نساء لم (¬8) يدخل النساء في الحلف فلا يستحلفن، بل يحلف الذكور خاصة فإذا حلفوا كان الحق في القصاص أو (¬9) الدية لجميع الورثة حتى النساء عمدًا كان القتل أو خطأ أو شبه عمد، وبهذا قال ربيعة والثوري والليث والأوزاعي وقال مالك: لهن دخل في قسامة الخطأ دون العمد (¬10). وقال الشافعي: يقسم كل وارث بالغ, لأنها يمين في دعوى فتشرع في حق النساء كسائر الأيمان (¬11) (¬12). ¬

_ (¬1) ليست في ط. (¬2) في ب يألتلف. (¬3) في د، س في الأحوال. (¬4) في د، س بتعديها. (¬5) في النجديات يدخلون. (¬6) في هـ إذا. (¬7) في د، س ووجهت. (¬8) في النجديات، هـ فلم. (¬9) في ب، جـ (و). (¬10) المنتقى شرح الموطأ 7/ 62 - 63. (¬11) المنهاج مع شرحه مغني المحتاج 4/ 115. (¬12) أما الحنفية فإنهم يرون أن الأيمان في القسامة إنما تكون في جانب أولياء المتهم بالقتل -المدعى عليهم- فيحلفون بالله ما قتلناه وما علمنا له قاتلا، فإذا حلفوا يغرمون الدية. انظر بدائع الصنائع 7/ 286.

ولنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يقسم خمسون رجلًا منكم ويستحقون دم صاحبكم" (¬1)، ولأنها حجة يثبت (¬2) بها قتل العمد فلا تسمع من النساء كالشهادة، والخناثى كالنساء. والجاني (¬3) لا يحمل مع عاقلته ... شيئًا ولو ضاقت على (¬4) جنايته أي: لا يحمل القاتل مع عاقلته شيئًا من دية شبه العمد والخطأ بل تكون على العاقلة (¬5) وحدها، قال في الشرح (¬6): وبهذا (¬7) قال مالك والشافعيُّ (¬8). وقال أبو حنيفة: هو كواحد منهم, لأنها وجبت عليهم إعانة له فلا يزيدون عليه فيها (¬9). ولنا: ما روى أبو هريرة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بدية المرأة على عاقلتها"، متفق عليه (¬10). وهذا يقتضي أنه قضى عليهم بجميعها, ولأن الكفارة تجب على الجاني في ماله وهي تعدل (¬11) قسطه من الدية أو أكثر فلا حاجة إلى إيجاب شيء من الدية عليه. ¬

_ (¬1) هو من حديث القسامة المشهور وقد سبق تخريجه. (¬2) في هـ ثبت. (¬3) في جـ طمست الواو. (¬4) سقطت من نظ. (¬5) في ط عاقلته. (¬6) الشرح الكبير 9/ 485. (¬7) سقطت اللواو من هـ. (¬8) انظر المدونة 6/ 406 والفواكه الدواني 2/ 203 ومغني المحتاج 4/ 95. (¬9) انظر بدائع الصنائع 7/ 255 وقد ذكر في شرح العناية 10/ 40: (أن الجاني إذا كان من أهل الديوان فيحمل مع العاقلة أما إذا لم يكن فلا شيء عليه من الدية). (¬10) البخاري 12/ 218 ومسلمٌ برقم 1681 وأبو داود برقم 4576 والنسائيُّ 8/ 47 - 48 (¬11) في النجديات بعدل.

وقوله: ولو ضاقت على جنايته، أي: ضاقت أموال العاقلة عن حمل ما وجب بسبب (¬1) جنايته فلا يشاركهم أيضًا لما تقدم. حديث (¬2) من لزبية (¬3) قد حضروا ... لأجل صيد أسد قد أضمروا أي: هذا حديث جماعة حضروا ليصيدوا أسدًا من زبيته وهي (¬4) بضم الزاي حفرة (¬5) تحفر للأسد شبه البئر في مكان عالٍ. تزاحموا لينظروا إليه ... فمنهم من ارتمى عليه (¬6) لكنه بواحد تعلقا ... ورام أن ينجو فما تعوقا وهكذا الثاني لثالث جذب ... وثالث لرابع قضى العجب وقتل (¬7) المجموع ذاك الأسد ... والرهط من فوقهم يعددوا (¬8) يقول بعض منهم لبعض ... صاحبكم قاتلهم لا يغضي (¬9) أي: تزاحم أولئك الجماعة الذين حضروا لصيد الأسد فوقع عليه (¬10) واحد منهم فتعلق بواحد لينجو فلم يقدر فجذب الثاني ثالثًا وجذب الثالث رابعًا وقتل الأسد الأربعة. والرهط: القوم والقبيلة و (¬11) ما دون العشرة من الرجال لا يكون (¬12) ¬

_ (¬1) في د، س بتسبب. (¬2) في د، س حيث. (¬3) في نظ لرتبه. (¬4) سقطت من د، س. (¬5) سقطت من النجديات. (¬6) في هـ إليه. (¬7) في جـ قيل. (¬8) في د، س يعدوا وفي هـ معدوا. (¬9) في أ، هـ نفضي وفي د، س نقضي. (¬10) في جـ عليهم. (¬11) سقطت الواو من النجديات. (¬12) في د، س يكونون.

منهم امرأة، وليس له واحد (¬1) من لفظه قاله (¬2) في الصحاح (¬3). وقوله: يعددوا (¬4) من العديد وهو النوح. وقوله: لا يغضي (¬5) أي (¬6) لا يضم جفنه أي: لا يستحي. وملخص الأبيات: أن أربعة سقطوا في زبية أسد جذب الأول الثاني والثاني الثالث والثالث الرابع فقتلهم الأسد. قضى علي بينهم للأول ... ربع وللثاني (¬7) فثلث ينجلي والنصف للثالث في المسألة ... ورابع له تمام الدية وكلل ذا على الذين ازدحموا ... عواقل القوم بها يلتزموا ثم أقر المصطفى هذا القضا ... لما إليه رفعوه وارتضى فهكذا رواه حقًا أحمد ... وقال: لا يدفع (¬8) هذا المسند يشير بذلك إلى ما روى حنش (¬9) الصنعاني أن قومًا من أهل اليمن حضروا زبية الأسد فاجتمع الناس على رأسها فهوى فيها واحد فجذب ثانيًا وجذب الثاني ثالثًا ثم جذب الثالث رابعًا فقتلهم الأسد فرفع ذلك إلى علي (¬10) -رضي الله عنه-، فقال للأول: ربع الدية, لأنه هلك فوقه ثلاثه (¬11)، ¬

_ (¬1) في أ، جـ وليس له واحد فقط من لفظه. (¬2) في هـ قال. (¬3) الصحاح 3/ 1128. (¬4) في د، س يعدوا. (¬5) في أ، جـ نغضي وفي د، س تعطي. (¬6) سقطت من د، س. (¬7) في أ، ب، ط الثاني. (¬8) في أ, جـ لا أدفع يدفع وفي هامشيهما وفي نسخة لا أدفع. (¬9) في أ، ب والأزهريات حلس. (¬10) بياض في د، س مكان كلمة علي. (¬11) في النجديات ثلاث.

وللثاني: ثلث الدية, لأنه هلك فوقه اثنان، وللثالث: نصف الدية (¬1) , لأنه هلك (¬2) فوقه واحد، وللرابع كمال الدية، وقال: إني أجعل الدية على من حضر رأس البئر فرفع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "هو كما قال" رواه سعيد بن منصور (¬3)، قال أبو الخطاب: فذهب أحمد إلى ذلك توقيفًا (¬4) على خلاف القياس قال في الشرح (¬5): (وقد (¬6) ذكر بعض أهل العلم أن هذا الحديث لا يثبته أهل النقل وأنه ضعيف، والقياس ما قلنا فلا (¬7) ننتقل (¬8) عنه إلى (¬9) ما لا ندري (¬10) ثبوته ولا معناه) انتهى، والذي أشار إليه أنه القياس هو أن دم الأول هدر وعلى عاقلته دية الثاني وعلى عاقلة الثاني دية الثالث وعلى عاقلة الثالث دية الرابع (¬11). ¬

_ (¬1) في جـ النصف. (¬2) سقطت من هـ. (¬3) ذكر ابن القيم في إعلام الموقعين 2/ 20 إسناد هذا الأثر عند سعيد بن منصور فقال: رواه سعيد بن منصور في سنته، ثنا أبو عوانة، وأبو الأحوص عن سماك بن حرب عن حنش الصنعاني عن علي. وقد سكت عليه ابن القيم بل وأيد مقتضاه وقال الحافظ في التلخيص 4/ 30: رواه أحمد والبزار والبيهقيُّ من حديث حنش بن المعتمر عن علي قال البزار: لا نعلمه يروى إلا عن علي ولا نعلم له إلا هذا الطريق وحنش ضعيف. أ. هـ. (¬4) في أ، كل توفيقًا. (¬5) الشرح الكبير 9/ 501. (¬6) سقطت الواو من هـ. (¬7) كررت في هـ. (¬8) في د، س ينتقل. (¬9) في ط إلا. (¬10) في د، س ماندي. (¬11) وقد أطال ابن القيم في إعلام الموقعين 2/ 23 في ترجيح ما قضى به علي -رضي الله عنه - قال: (فالصواب ما قضى به أمير المؤمنين -رضي الله عنه-, وهو أيضًا أحسن من تحميل دية الرابع لعاقلة الثالث، وتحميل دية الثالث لعاقلة الثاني، وتحميل دية الثاني لعاقلة الأول وإهدار دية الأول بالكلية فإن هذا القول وإن كان له حظ من القياس .... إلا أن ما قضى به علي أفقه فإن الحاضرين ألجؤوا الواقفين بمزاحمتهم لهم فعواقلهم أولى بحمل الدية من عواقل الهالكين وأقرب إلى العدل من أن يجمع =

وقوله: وكل ذا على الذين ازدحموا عواقل القوم، يعني: أن ما وجب مما تقدم على من حضر رأس الزبية ويكونون بمنزلة عواقل الساقطين فيها كما تقدم في الخبر وقد علمت ما فيه (¬1). ¬

_ = عليهم بين هلاك أوليائهم وحمل دياتهم فتتضاعف عليهم المصيبة ويكسروا من حيث ينبغي جبرهم، ومحاسن الشريعة تأبى ذلك، وقد جعل الله لكل مصاب حظًا من الجبر، وهذا أصل شرع حمل العاقلة الدية جبرًا للمصاب وإعانة له وأيضًا فالثاني والثالث كما هما مجني عليهما فهما جانيان على أنفسهما وعلى من جذباه فحصل هلاكهم كلهم بفعل بعضهم ببعض فألغي ما قابل فعل كل واحد بنفسه واعتبر جناية الغير عليه). (¬1) المنصوص هنا ليس المعتمد في المذهب بل المعتمد في المذهب ما ذكر هنا بأنه القياس. انظر الشرح الكبير 9/ 501.

ومن كتاب الحدود

ومن كتاب الحدود جمع حد وهو لغةً المنع، وشرعًا: عقوبة مقدرة في معصية لتمنع من الوقوع في مثلها. ومشروعيتها بالكتاب والسنة والإجماع. من جمع الإحصان والزنا معًا ... فالجلد (¬1) والرجم له يجتمعا أي (¬2): إذا زنا المحصن جلد مائة ثم رجم في رواية اختارها الخرقي وأبو بكر عبد (¬3) العزيز والقاضي ونصرها الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما وصححها الشيرازي قال أبو يعلى الصغير: اختارها شيوخ المذهب وجزم بها ابن عقيل في التذكرة (¬4) وصاحب الوجيز وقدمها في تجريد العناية وشرح ابن رزين ونهايته وفعله علي -رضي الله عنه- (¬5) وبه قال ابن عباس وأبي بن كعب وأبو ذر -رضي الله عنه- وبه قال الحسن وداود وابن المنذر (¬6) ¬

_ (¬1) في هـ الحد. (¬2) في هـ يعني. (¬3) في د، س ط وعبد العزيز. (¬4) في د، س التذكر. (¬5) فتح الباري 12/ 105 وقد ساق الآثار الواردة عن علي في هذا وفيها أن عليًا -رضي الله عنه-. جلد شراحة ثم رجمها. (¬6) ونسبه الشوكاني في النيل إلى إسحاق والعترة وأيده وناقش الجمهور في رد حديث عباده بأنه منسوخ بأنه ليس عندهم ما يدل على ذلك وأن الجلد قد ثبت بالكتاب لأن آية: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2]، عامة تشمل الزاني البكر والمحصن وأما الرجم فقد ثبت بالسنة.=

لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عبادة: "والثيب بالثيب الجلد والرجم" رواه مسلم (¬1)؛ وعنه يرجم ولا يجلد وهي المذهب وبهذا قال النخعي والأوزاعي والزهري ومالك (¬2) والشافعيُّ (¬3) وأبو ثور وأصحاب الرأي (¬4) واختاره أبو إسحاق الجوزجاني وأبو بكر الأثرم ونصراه في سننهما, لأن جابرًا روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجم ماعزًا ولم يجلده (¬5) ورجم الغامدية ولم يجلدها (¬6)، وقال: "واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها" متفق عليه (¬7)، ولم يأمره بجلدها قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يقول في حديث عبادة: إنه أول حد نزل، وإن حديث ماعز بعده رجمه - صلى الله عليه وسلم - ولم يجلده وعمر -رضي الله عنه- رجم (¬8) ولم يجلد (¬9) ونقل عنه (¬10) إسماعيل بن سعيد نحو هذا, ولأنه حد فيه قتل فلم يجتمع معه جلد (¬11) كالردة. ¬

_ = وترك الصحابة ذكر الجلد لأنه معلوم من الكتاب والسنة وأيضًا فأحاديث عدم جلده للزاني المحصن نافية وحديث عبادة مثبت والمثبت مقدم على النافي. انظر نيل الأوطار 7/ 102 - 103. (¬1) مسلم برقم 1690. (¬2) الكافي لابن عبد البر 2/ 1069 - 1070. (¬3) مغني المحتاج 4/ 146. (¬4) المبسوط 9/ 37. (¬5) رواه أحمد عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجم ماعز بن مالك ولم يذكر جلدًا، وقال فيه الشوكاني في نيل الأوطار7/ 98: (وحديث جابر أيضًا أخرجه البيهقيُّ وأورده الحافظ في التلخيص ولم يتكلم عليه وقد أخرجه أيضًا البزار قال في مجمع الزوائد: في إسناده صفوان بن المفلس لم أعرفه وبقية إسناده ثقات). (¬6) حديث الغامدية رواه مسلم برقم 1695 وأبو داود برقم 4434. (¬7) البخاري 12/ 121 ومسلمٌ برقم 1697 - 1698 وأبو داود برقم 4445 والترمذيُّ برقم 1433 والنسائيُّ 8/ 240، 241. (¬8) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬9) رواه مالك في الموطأ 4/ 144 وهو في الاعتبار 202 والمحلى 11/ 233. (¬10) أي: عن أحمد وكلامه يوهم أنه عن عمر وليس كذلك فإن إسماعيل ابن سعيد أحد تلاميذ الإمام أحمد. (¬11) في هـ جلدة.

ووطؤه ذا رحم محرم ... ولو بعقد قتله (¬1) حتما نمي أي: إذا وطيء امرأة من محارمه المحرمات عليه أمه واخته بعقد نكاح أو غيره فعليه الحد في قول أكثر أهل العلم خلافًا لأبي حنيفة (¬2) والثوري إذا كان بعقد. وحده القتل بكل حال فيه رواية وبهذا قال جابر بن زيد وإسحاق وأبو أيوب وابن أبي خيثمه لحديث البراء قال: "لقيت عمي (¬3) ومعه الراية فقلت: إلى أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رجل نكح امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه وآخذ ماله" رواه أبو داود والجوزجاني والترمذيُّ وقال: حديثٌ حسنٌ (¬4). وعنه: حده (¬5) حد الزاني وهو المذهب وبه قال الحسن ومالك والشافعيُّ (¬6) لعموم الآية والخبر، وخبر البراء نقل صالح وعبد الله أنه على المستحل. أخت الرضاع من أتى (¬7) بالملك ... أو (¬8) نحوها في ذاك حد منكي أي (¬9): إذا ملك أخته من الرضاع أو عمته منه ونحوها فوطئها ¬

_ (¬1) في حاشية ط في نسخة المتن التيمورية (رجمه). (¬2) تحفة الفقهار 3/ 184 وبدائع الصنائع 7/ 35. (¬3) في أد، جـ, هـ والنسخة الأحسائية عمر وفي ب خالي. (¬4) أبو داود برقم 4456 والترمذيُّ برقم 1362 والحديث في سنده اختلاف كثير كما قال المنذري: وله شاهد من طريق معاوية بن قُرَّة عن أبيه أخرجه ابن ماجة برقم 2608 والدارقطنيُّ 1963 وقال الشوكاني في النيل 7/ 131: وللحديث أسانيد كثيرة منها ما رجاله رجال الصحيح. (¬5) سقطت من النجديات، هـ في ط وحده. (¬6) الكافي لابن عبد البر 2/ 174 ومغني المحتاج 4/ 146. (¬7) في نظ أبي. (¬8) في د، س و. (¬9) في هـ يعني.

لزمه الحد قال القاضي: قال أصحابنا عليه الحد، قال فيه الفروع: وهو أظهر (¬1) واختاره جماعة منهم الناظم وجزم به في المنور ومنتخب الآدمي وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة الكافية وإدراك الغاية, لأنه فرج لا يستباح بحال فوجب الحد بالوطء فيه كفرج الغلام. والصحيح من المذهب أنه لا حد فيه وجزم به في المنتهى والإقناع وغيرهما وهو قول أصحاب الرأي (¬2) والشافعيُّ (¬3)؛ لأنه وطء في فرج مملوك له يملك المعاوضة عنه وأخذ صداقه فلم يجب به الحد كالوطء في الجارية المشتركة. فأما إن اشترى ذات محرمه بالنسب ممّن تعتق (¬4) عليه ووطئها فعليه الحد لا نعلم فيه خلافًا, لأن الملك لا يثبت فيها فلم توجد الشبهة. ووطئه جارية للزوجة (¬5) ... بإذنها مع علمه (¬6) بالحرمة فالرجم منفي ولكن يجلد ... مائة سوط جا حديث مسند أي: إذا وطئ جارية زوجته بإذنها عالمًا تحريمها فإنه يجلد مائة ولا يرجم إن كان ثيبًا، وإن كان بكرًا لم يغرب (¬7)، وإن لم تكن أحلتها له فهو زان حكمه (¬8) حكم الزاني بجارية أجنبي. ¬

_ (¬1) الفروع 6/ 74. (¬2) بدائع الصنائع 7/ 144. (¬3) مغني المحتاج 4/ 144. (¬4) في د، س يعتق. (¬5) في جـ جارية الزوجة. (¬6) في د، س علمها. (¬7) في ط لم يضرب. (¬8) في د، س حكم.

وعن عمر وعلي (¬1) وعطاء وقتادة ومالك (¬2) والشافعيُّ (¬3) أنه كوطء الأجنبية سواء أحلتها له أو لم تحلها, لأنه لا شبهة له فيها فأشبهت (¬4) جارية أخته ولأنه (¬5) إباحة لوطء محرمة عليه فلم تكن شبهة (¬6) كإباحة سائر الملاك. ولنا: ما رواه أبو داود بإسناده عن حبيب بن سالم "أن رجلًا يقال له (¬7): عبد الرحمن بن حسن (¬8) وقع على جارية امرأته فرفع إلى النعمان بن بشير وهو أمير على الكوفة فقال: لأقضين فيك بقضية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن كانت أحلتها لك جلدتك مائة، وإن لم تكن أحلتها لك رجمتك بالحجارة، فوجدوها أحلتها له، فجلده مائة" (¬9). ويلحقه نسب الولد للشبهة التي درأت الحد، ولا يسقط الحد (¬10) بالإباحة في غير هذا الموضع لعموم النصوص الدالة على وجوب الحد على الزاني، وإنما يسقط (¬11) هنا لحديث النعمان (¬12). ومن أتى بهيمة يحد ... وذاك في المنصوص قوم عدوا ومنهم القاضي وينصروه ... وغيرهم يقول عزروه ¬

_ (¬1) الأثران عن عمر وعلي في إيجاب حد الزنى على واطئ جارية امرأته رواهما ابن أبي شيبة في مصنفه 10/ 13 - 15. (¬2) الكافي لابن عبد البر 2/ 74. (¬3) مغني المحتاج 4/ 146. (¬4) في أ، فأشبه وفي حـ فأشبهه. (¬5) في النجديات، هـ، ط ولأن إباحة الوط. (¬6) سقط من النجديات (فلم تكن شبهه). (¬7) سقط من أ، جـ. (¬8) وفي أ، جـ حسين وفي هـ جبيرا والكل تصحيف والصواب حنين كما في سنن أبي داود برقم 4458، 4459، والترمذيُّ برقم 1451. (¬9) أبو داود برقم 4458، 4459 والترمذيُّ برقم 1451 والنسائيُّ 6/ 124، وقال الترمذيُّ: (في إسناده أضطراب، وقال الخطابي: هذا الحديث غير متصل وليس العمل عليه). (¬10) في ط الجلد. (¬11) في أ، ط تسقط. (¬12) ورجح هذا الشوكاني في نيل الأوطار 7/ 136 قال: وهذا هو الراجح لأن الحديث وإن كان فيه مقال فأقل أحواله أن يكون شبهة يدرأ بها الحد.

أي: ومن أتى بهيمة فعليه حد اللوطي (¬1)، وهو رواية منصوصة عن الإمام أحمد وقدمه في الهداية والخلاصة والرعايتين واختاره الشيرازي والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما (¬2). وقال الحسن حده: حد الزاني (¬3). وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن يقتل هو والبهيمة لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها" رواه أبو داود (¬4). واختار الخرقي وأبو بكر: أنه يعزر فقط وهو المذهب، وروي ذلك عن عباس وعطاء والشعبي والنخعي والحكم ومالك (¬5) والثوري وأصحاب الرأي (¬6) وإسحاق والشافعيُّ (¬7) في أحد قوليه, لأنه لم يصح فيه نص، ولا يصح قياسه على الوطء في فرج الآدمي لأنه لا حرمة لها, وليس بمقصود يحتاج في الزجر عنه إلى الحد فإن النفوس تعافه وعامتها تنفر منه فيبقى على الأصل في انتفاء الحد، والحديث لم يثبته أحمد (¬8). ¬

_ (¬1) في ط اللواط. (¬2) وهو كحد الزاني سواء بسواء وهو المذهب وقيل: بل حده الرجم مطلقًا، وهو اختيار ابن القيم. انظر حاشية المقنع 3/ 456. (¬3) في د، س الزاني. (¬4) أبو داود برقم 4464 والترمذيُّ برقم 1454 وأحمدُ 1/ 269 والبيهقيُّ 8/ 233 وقال فيه الترمذيُّ: لا نعرفه إلا من حديث عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ومال البيهقي إلى تصحيحه وقال: رويناه عن عكرمة من أوجه ورجح ذلك الشوكاني في نيل الأوطار 7/ 134 وقال الحافظ في بلوغ المرام: رواه أحمد وأصحاب السنن ورجاله موثوقون إلا أن فيه اختلافًا. سبل السلام 4/ 27. (¬5) الكافي لابن عبد البر 2/ 1075. (¬6) بدائع الصنائع 7/ 34. (¬7) مغني المحتاج 4/ 145. (¬8) حيث توقف فيه كما نقل ذلك عنه الموفق في المغني 10/ 163: (قال إسماعيل بن سعيد: سألت أحمد عن الرجل يأتي البهيمة فوقف ولم يثبت حديث عمرو بن أبي عمرو).

وتقتل البهيمة ولا تؤكل فيغرم قيمتها إن كانت لغيره, لأنه فوتها عليه. ورجل أكرهه (¬1) على الزنا ... فذاك لا يسقط حدًا (¬2) عندنا لا فرق إن أكرهه السلطان ... أو غيره من عصبة قد كانوا أي (¬3) إذا أكره الرجل على الزنا (سواء كان الإكراه) (¬4) من السلطان أو غيره لم يسقط عنه الحد وبه قال محمد بن (¬5) الحسن وأبو ثور, لأن الوطء لا يكون إلا بالانتشار والإكراه ينافيه، فإذا وجد الانتشار انتفى الإكراه فيلزمه (¬6) الحد كما لو أُكْرِهَ على غير (¬7) الزنا فزنا (¬8). وقال أبو حنيفة: إن أكرهه السلطان فلا حد عليه، وإن أكرهه غيره حد استحسانًا (¬9). وقال الشافعي: لا حد عليه لعموم الخبر، ولأن الحدود تدرأ بالشبهات، والإكراه شبهة فيمنع الحد، وكما لو كانت امرأة فإنه لا حد ¬

_ (¬1) في د، س إكراهه. (¬2) سقطت من جـ. (¬3) في هـ يعني: إذا. (¬4) ما بين القوسين من ب. (¬5) في النجديات، هـ أحمد وقد ذكر في فتح القدير عن محمد بن الحسن أن المكره لا يحد سواء كان الإكراه من السلطان أو غيره قال في 5/ 273: (وقال أبو يوسف ومحمَّد: لا يحد لتحقق الإكراه من غير السلطان والانتشار لا يستلزم الطواعية). (¬6) في د، س فيلزم. (¬7) في النجديات غيره. (¬8) وهو قول للشافعي قال في مغني المحتاج 4/ 145 وهو يشرح قول النووي في المنهاج: (ومكره في الأظهر) قال: والثاني يحد .... لأن انتشار الآلة لا يكون إلا لشهوة واختيار). (¬9) الفتاوى الأنقروية /145.

عليها في (¬1) قول عامة أهل العلم (¬2) قال فيه الشرح (¬3): ولا نعلم فيه مخالفًا (¬4). لمرض فالحد (¬5) لا يؤخر ... ولو ترجى (¬6) البرء لا ينتظر (¬7) في حالة شقت (¬8) به الأسقام ... وفي النفاس هكذا يقام أي: لا يؤخر (¬9) الحد لمرض ولو رجي زواله ولا لنفاس إذا كان جلدًا وبه قال إسحاق وأبو ثور, لأن عمر أقام الحد على قدامة بن مظعون في مرضه ولم يؤخره وانتشر ذلك في الصحابة ولم ينكروه (¬10) فكان إجماعًا، ولأن الحد واجب على الفور فلا يؤخر ما أوجبه الله تعالى بغير حجة فعلى هذا إن خشي من السقوط ضرب بسوط (¬11) يؤمن معه التلف فإن خيف من السوط (¬12) أقيم بالعثكول (¬13). وقال أبو حنيفة ومالك والشافعيُّ: يؤخر لحديث علي في التي هي حديثة عهد بنفاس وخشى إن جلدها قتلها وذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ¬

_ (¬1) سقطت من س. (¬2) مغني المحتاج 4/ 145. (¬3) 10/ 184. (¬4) في جـ، ط خلافا. (¬5) في ب فأحمد، (¬6) في د، س يرجى. (¬7) في النجديات ينظلأ. (¬8) في النجديات شفيت في ط شفت وفي د، س شفة. (¬9) في جـ نؤخر. (¬10) رواه عبد الرزاق 9/ 240 - 243 وعنه الحافظ ابن حجر في الإصابة 5/ 233 في ترجمة قدامة -رضي الله عنه-. (¬11) في ب، د، س، ط السوط. (¬12) في هـ السقوط. (¬13) العثكول والعثكال: عذق النخل الذي يكون فيه الشماريخ الكثيرة ويقال له: إثكال وإثكول. انظر النهاية 3/ 183.

"أحسنت" رواه مسلم وأبو داود (¬1)، ولأن في تأخيره إقامة الحد على الكمال من غير إتلاف فكان أولى (¬2) وإن كان رجمًا لم يؤخر (¬3). من (¬4) وجب الحد عليه فلجا ... للحرم الشريف نعم الملتجا (¬5) ولم (¬6) يقم عليه لكن يخرج بترك ... بيع والشرا كي يخرج على السواء كل الحدود لا شطط ... ووافق النعمان في القتل فقط ومالك والشافعيُّ تقام (¬7) ... جميعها إذ ينتفي الملام يعني: أن من قتل خارج (¬8) حرم مكة ثم لجأ (¬9) إليه لم يستوف (¬10) منه فيه هذا قول ابن عباس وعطاء وعبيد بن عمير (¬11) والزهري ومجاهد وإسحاق والشعبي وأبي حنيفة وأصحابه (¬12). وكذا غير القتل من الحدود عندنا فلا تقام عليه حتى يخرج منه، ¬

_ (¬1) مسلم برقم 1705 وأبو داود برقم 4472 والترمذيُّ برقم 1441. (¬2) وقد رجح هذا ابن قدامة في المغني 10/ 141 قال -رحمه الله-: (وأما حديث عمر في جلد قدامة فإنه يحتمل أنه كان مرضًا خفيفًا لا يمنع من إقامة الحد على الكمال، ولهذا لم ينقل عنه أنه خفف عنه في المسوط، وإنما اختار له سوطًا وسطًا كالذي يضرب به الصحيح، ثم إن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقدم على فعل عمر مع أنه اختيار علي وفعله). (¬3) انظر بدائع الصنائع 7/ 59 والكافي لابن عبد البر 2/ 1073 ومغني المحتاج 4/ 154. (¬4) في د، س ومن. (¬5) في د، س المنجا. (¬6) في أ، وإن يقم. (¬7) في نظ يقام. (¬8) في أ، جـ في. (¬9) في جـ الجا. (¬10) في أ، ب يستوفي. (¬11) في د، س عمر. (¬12) ويرى الحنفية أن ذلك في مباح الدم بقتل أو زنا أو ردة أو حرابة وليس خاصًا في القصاص. انظر حاشية ابن عابدين 6/ 547 وكشف الأسرار 1/ 296.

ولكن لا يبايع ولا يشارى (¬1) حتى يخرج فيقام عليه (¬2). و (¬3) قال مالك والشافعيُّ وابن المنذر: تستوفي (¬4) منه كلها لعموم الأمر بالقتل بالنفس وجلد الزاني وقطع السارق من غير تخصيص بمكان في دون مكان وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة حديث حسنٌ صحيحٌ (¬5)، ولأنه حيوان أبيح قتله لعصيانه فأشبه الكلب العقور (¬6). ولنا: قول الله تعالى (¬7): {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] يعني: الحرم بدليل فيه آيات بينات مقام إبراهيم (¬8) وهو خبر أريد به الأمر, لأنه لو أريد الخبر لأفضى إلى وقوع الخبر خلاف المخبر عنه (¬9)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ (¬1) في جـ وكاشاري. (¬2) ورجح هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاواه 18/ 343، 14/ 201 - 202 والشوكاني في نيل الأوطار 7/ 8 وقال: وهو الحكم الثابت قبل الإسلام وبعده فإن أهل الجاهلية كان يرى أحدهم قاتل أبيه فلا يهيجه، وكذلك في الإسلام كما قاله ابن عمر كما روى الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب أنه قال: لو وجدت فيه قاتل الخطاب ما مسسته حتى يخرج منه، وهكذا روي عن ابن عباس أنه قال: لو وجدت قاتل أبي في الحرم ما هيجته، وأما الاستدلال بحديث أنس فوهم, لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل ابن خطل في الساعة التي أحل الله له فيها القتال بمكة، وقد أخبرنا بأنها لم تحل لأحد قبله ولا لأحد بعده، وأخبرنا أن حرمتها قد عادت بعد تلك الساعة كما كانت. وأما الاستدلال بعموم الأدلة القاضية باستيفاء الحدود فيجاب أولا بمنع عمومها لكل مكان وكل زمان لعدم التصريح بهما، وعلى تسليم العموم فهو مخصص بأحاديث الباب لأنها قاضية بمنع ذلك في مكان خاص وهي متأخرة فإنها في حجة الوداع بعد شرعية الحدود. (¬3) الواو ليست في ب. (¬4) في ب يستوفي. (¬5) في النجديات حديث صحيح. وقد رواه مسلم برقم 1357. (¬6) شرح النووي على مسلم 9/ 132 وتكملة المجموع 17/ 313 والقوانين الفقهية 341. (¬7) في النجديات، هـ، ط قوله تعالى. (¬8) من الآية السابقة. (¬9) سقطت من الأزهريات.

إن الله حرّم (¬1) مكة ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها (¬2) دمًا ولا يعضد فيها شجرة" فإن أحدًا ترخص بقتال (¬3) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقولوا: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد الغائب (¬4). وهذا يدفع الاستدلال بقتل ابن خطل، والآية مخصصة (¬5) لأخبار العموم، والقياس على الكلب العقور لا يصح فإن (¬6) طبعه الأذى فلم (¬7) يحرمه الحرم، والآدمي الأصل فيه الحرمة وحرمته عظيمة وإنما أبيح لعارض. وإن فعل ذلك في الحرم استوفي منه فيه (¬8) كما روي عن ابن عباس (¬9) لئلا تتعطل حدود الله تعالى في حق أهل الحرم. وأما حرم المدينة فلا يمنع إقامة (¬10) حد ولا قصاص, لأن النص إنما ورد في حرم مكة، وحرم المدينة دونه فلا يصح قياسه عليه وكذا (¬11) سائر البقاع. وهكذا في بلد الغزاة ... إقامة الحد فلا تواتي ¬

_ (¬1) في أ، جـ جررت كلمة (حرم). (¬2) في ب، جـ بها. (¬3) في أ، جـ فقتال. (¬4) رواه البخاري 1/ 176 - 177 ومسلمٌ برقم 1354 والترمذيُّ برقم 809، 1406 والنسائيُّ 5/ 205 - 206. (¬5) في د، س مخصوصة. (¬6) في د، س فإنه. (¬7) في هـ فلا. (¬8) سقطت من أ، جـ. (¬9) يشير إلى ما رواه أحمد عن ابن عباس أنه قال: (من سرق أو قتل في الحرم أقيم عليه في الحرم). انظر نيل الأوطار 7/ 49. (¬10) في جـ إقامته. (¬11) في هـ وكذلك.

بل يضبط الحد إلى ما يرجعوا (¬1) ... لدار الإسلام به فيوقعوا أي: من أتى (¬2) حدًا من الغزاة أو ما يوجب قصاصًا في أرض الحرب لم يقم (¬3) عليه الحد حتى يرجع لدار الإسلام فيقام عليه حده وبهذا قال الأوزاعي وإسحاق (¬4)، وقال مالك والشافعيُّ وأبو ثور وابن المنذر (¬5): يقام الحد في كل موضع لإطلاق الأوامر إلا أن الشافعي قال: إذا لم يكن أمير الجيش الإمام أو أمير إقليم فليس له إقامته يؤخر حتى يأتي الإمام, لأن إقامة الحدود إليه، وكذلك إن كان بالمسلمين حاجة إلى المحدود أو قوة به أو شغل عنه آخر (¬6). وقال أبو حنيفة: لا حد ولا قصاص في دار الحرب ولا إذا رجع (¬7). ولنا: على وجوب الحد أمر الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - به وعلى تأخيره ما روى بشير (¬8) بن أرطاة أنه أتي برجل في الغزاة قد سرق ¬

_ (¬1) في نظ يرجع. (¬2) أفي النجديات، هـ، ط أصاب. (¬3) في د، س يقع. (¬4) ورجح ذلك ابن القيم في إعلام الموقعين 3/ 8 - 9 لأن فيه تأخير الحد لمصلحة راجحة إما من حاجة المسلمين إليه أو من خوف ارتداده ولحوقه بالكفار وتأخير الحد لأمر عارض أمر وردت به الشريعة كما يؤخر عن الحامل والمرضع وعن وقت الحر والبرد والمرض فهذا تأخير لمصلحة المحدود فتأخيره لمصلحة الإسلام أولى. (¬5) انظر المدونة 4/ 425 وعارضة الأحوذي 6/ 231 - 232 والأم 322 - 323. (¬6) سقطت من د، س. (¬7) هذا الإطلاق يخالف ما في كتب الحنفية فإنهم قيدوا سقوط الحد بما إذا لم يكن معهم الخليفة في دار الحرب، أما إذا كان معهم فيجب إقامة الحدود على من تلبس بها ولا تؤخر إلى القفول. انظر فتح القدير 4/ 153 - 154 وبدائع الصنائع 7/ 34. (¬8) كذا في النجديات والأزهريات وفي ط بشر والصواب بسر بالسين المهملة وهو في كتب الحديث التي ورد فيها الحديث وستأتي قريبًا قال الذهبي في ميزان الاعتدال 1/ 309: بسر بن أبي أوطأة قال في الواقدي: قبض النبي - صلى الله عليه وسلم -وهو صغير لم يسمع منه، وقال ابن معين: كان رجل سوء أهل المدينة ينكرون أن يكون له صحبه.

بختية (¬1) فقال: لولا أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تقطع الأيدي في الغزاة لقطعتك" أخرجه أبو داود وغيره (¬2)، وروى سعيد (¬3) أن عمر كتب إلى الناس أن لا يجلدن أمير جيش (¬4) ولا سرية (¬5) رجلًا من المسلمين حدًا وهو غاز حتى يقطع الدرب قافلًا لئلا تلحقه (¬6) حمية الشيطان فيلحق بالكفار، وعن أبي الدرداء (¬7) مثل ذلك (¬8). بتوبة يسقط حد الشرب ... والزاني والسارق من ذا الضرب أي (¬9): من وجب عليه حد لله تعالى كحد الشرب والزنا والسرقة وتاب منه قبل ثبوته عليه عند الحاكم سقط عنه بمجرد التوبة قبل إصلاح العمل لقوله تعالى: {فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} [النساء: 16]، وقوله تعالى: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ} [المائدة: 39] وفي الحديث: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" (¬10)، ولأنه خالص حق الله تعالى فسقط بالتوبة كحد المحارب (¬11). ¬

_ (¬1) البختية: الأنثى من الجمال البخت وهي طوال الأعناق. النهاية 1/ 101. (¬2) أبو داود برقم 4408 والترمذيُّ برقم 1453 والنسائيُّ 8/ 91 وفي ثبوت صحبة بسر خلاف وكان يحيى بن معين لا يحسن الثناء عليه وقد غمزه الدارقطني وفي سند الترمذيُّ ابن لهيعة وفي سند النسائي بقية بن الوليد وهما ضعيفان. انظر نيل الأوطار 7/ 155. (¬3) سنن سعيد بن منصور 2/ 211. (¬4) في أ، جـ والأزهريات، ط الجيش وما ذكرناه لفظ سنن سعيد بن منصور. (¬5) في أ، جـ سرقه. (¬6) في د، س يلحقه. (¬7) سنن سعيد بن منصور 2/ 210. (¬8) في د، س مثله. (¬9) سقطت من أ، جـ, هـ وفي ب يعني. (¬10) رواه ابن ماجة برقم 4250 وإسناده حسن. (¬11) وهو قول للإمام الشافعي قال في مغني المحتاج 4/ 184 ولا تسقط سائر الحدود المختصة بالله تعالى كالزنا والسرقة وشرب الخمر بالتوبة في الأظهر, لأنه - صلى الله عليه وسلم - لما =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = جاءه ماعز وأقر بالزنا حده ولا شك أنه لم يأته إلا وهو تائب فلما أقام عليه الحد دل على أن الاستثناء في المحارب وحده. والثاني: تسقط بها قياسًا على حد قاطع الطريق وصححه البلقيني. أ، هـ ورجحه ابن تيمية في فتاواه 34/ 180 قال: (إن تاب من الزنا والسرقة أو شرب الخمر قبل أن يرفع إلى الإمام فالصحيح أن الحد يسقط عنه كما يسقط عن المحاربين بالإجماع إذا تابوا قبل القدرة). أ. هـ. وانتصر له ابن القيم في إعلام الموقعين 2/ 64 وقاس بقية الحدود على حد الحرابة فقال: فإذا دفعت التوبة عن المحارب الحد مع شدة ضرر المحارب وتعديه فلأن تدفع التوية ما دون حد الحرابة بطريق الأولى والأحرى. والله جعل الحدود عقوبة عن الجرائم، ورفع العقوبة عن التائب شرعًا وقدرًا فليس في شرع الله ولا قدره عقوبة تائب البتة، وعن أنس -رضي الله عنه- قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء رجل فقال: يا رسول الله، إني أصبت حدًا فأقمه علي، ولم يسأله عنه فحضرت الصلاة فصلى مع النبي فلما قضى النبي الصلاة قام إليه الرجل فأعاد قوله، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أليس قد صليت معنا؟ " قال: نعم قال: "فإن الله عزَّ وجلَّ قد غفر لك ذنبك". رواه البخاري 12/ 118 - 119 ومسلم برقم 2764.

ومن باب القطع في السرقة

ومن باب القطع في السرقة وهي أخذ مال الغير من حرزه على وجه الاختفاء، وهو ثابت بالإجماع (¬1) لقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ (¬2) فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وحديث عائشة قال -عليه السلام-: "تقطع اليد في ربع دينار" (¬3) إلى غير ذلك (¬4) من النصوص. ومرتان عندنا الإقرار ... من سارق النصاب الاعتبار يعني: يعتبر لثبوت (¬5) السرقة بالإقرار أن يقر بالسرقة مرتين فلا تثبت بمرة روي عن علي وبه قال ابن أبي ليلى وأبو يوسف وزفر وابن (¬6) شبرمة (¬7). وقال (¬8) عطاء والثوري وأبو حنيفة والشافعيُّ ومحمَّد بن الحسن: يقطع ¬

_ (¬1) الإجماع 110. (¬2) في ب ولسارقه. (¬3) رواه البخاري 12/ 89 ومسلم برقم 1684 وأبو داود برقم 4384 والنسائيُّ 8/ 78 والترمذيُّ برقم 1445 وابن ماجة برقم 2585 وأحمدُ 6/ 36. (¬4) في د، س إلى غيره. (¬5) في د، س بثبوت. (¬6) تحفة الفقهاء3/ 272 وفتح القدير 5/ 360. (¬7) في س شرمه. (¬8) في ط وبه قال عطاء.

باعترافه (¬1) مرة كحق (¬2) الآدمي (¬3). ولنا ما روي عن أبي أمية المخزومي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بلص (¬4) قد اعترف قال: "ما إخالك (¬5) سرقت؟ " قال: بلى، قال: فأعاد عليه مرتين قال: بلى، فأمر به فقطع رواه أبو داود (¬6)، وعن علي أنه قال لسارق: "سرقت؟ (قال نعم) (¬7) قال: فشهد على نفسه (مرتين) (¬8) فقطع"، رواه الجوزجاني (¬9) ولأنه (¬10) يتضمن اتلافًا فكان من شرطه (¬11) التكرار (¬12) كحد الزاني، ويعتبر أيضًا أن يذكر في إقراره شروط (¬13) السرقة (¬14) من النصاب والحرز (¬15) وغير ذلك (¬16). تتمة: قطع الطريق كالسرقة فلا يثبت بالإقرار إلا إذا أقر به مرتين: ¬

_ (¬1) في د، س باعتراف. (¬2) في د، س ط لحق. (¬3) انظر بدائع الصنائع 7/ 81 - 82 ومغني المحتاج 4/ 175. (¬4) في النجديات، ط برجل. (¬5) في أ، جـ ما أنا لك سرقة. (¬6) أبو داود برقم 4380 والنسائيُّ 8/ 67 وأحمدُ 5/ 293 وابن ماجة برقم 2597 قال الحافظ في بلوغ المرام: (رجاله ثقات وأعله الخطابي بأن فيه راويًا مجهولًا). انظر نيل الأوطار 7/ 151. (¬7) ما بين القوسين من ب. (¬8) سقطت من أ، جـ، هـ، ط. (¬9) هذا الأثر ذكره المجد في المنتقى بغير هذه الصيغة ولفظه: (عن القاسم ابن عبد الرحمن عن أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- قال: لا يقطع السارق حتى يشهد على نفسه مرتين، حكاه أحمد في رواية مهنا واحتج به). انظر نيل الأوطار 7/ 151. (¬10) في أ، جـ، ط ولا يتضمن. (¬11) في س شروطه. (¬12) في أ، جـ, هـ, ط التكرر وفي د، س التكدر. (¬13) في ب شروطه. (¬14) سقطت من النجديات، هـ. (¬15) في جـ، ط الحوز. (¬16) سقطت من النجديات، هـ.

والقوم (¬1) في النصاب حيث اجتمعوا ... وسرقوه حدهم أن يقطعوا إن جمعوا في الأخذ أو تفرقوا ... أصحابنا في ذاك لم يفرقوا يعني: إذا اشترك جماعة في سرقة نصاب قطعوا سواء أخرجوه جملة أو أخرج كل واحد جزءًا وبه قال أبو ثور. وقال الثوري وأبو حنيفة والشافعيُّ وإسحاق (¬2): لا قطع عليهم إلا أن تبلغ حصة كل واحد منهم نصابًا, لأن كل واحد لم يسرق نصابًا فلم يجب عليهم قطع كما لو انفرد بدون النصاب (¬3). وقال مالك: إن انفرد كل واحد منهم بجزء لم يقطع واحد منهم كما لو انفرد كل واحد من قاطعي اليد بقطع جزء منها لم يجب القصاص (¬4). ولنا: أنهم اشتركوا في هتك الحرز وإخراج النصاب فلزمهم القطع كما لو كان ثقيلًا فحملوه، وفارق القصاص فإنه يعتمد المماثله (ولا توجد المماثلة) (¬5) إلا أن توجد أفعال لهم (¬6) في جميع أجزاء اليد، وفي مسألتنا القصد الزجر (¬7) من غير اعتبار مماثلته (¬8)، والحاجة إلى الزجر عن سرقة المال موجودة فوجب القطع، ونصاب السرقة ربع دينار أو ثلاثة دراهم فضة خالصة أو ما يبلغ (¬9) قيمة ذلك. ¬

_ (¬1) في أ، جـ القول. (¬2) سقطت من النجديات، هـ. (¬3) انظر تحفة الفقهاء 3/ 203 ومغني المحتاج 4/ 160. (¬4) الذي في المنتقى شرح الموطأ 7/ 178 أنه إذا انفرد كل واحد منهم بما مقداره نصابًا فإنه يقطع، وفي الكافي لابن عبد البر 2/ 1084 أنهم إذا اجتمعوا فيما لا تتم سرقته إلا بالتعاون كالخشبة قطعوا إذا بلغت قيمتها نصابًا، أما ما لا يحتاج إلى التعاون فيقطع آخذه وحده أما إذا تعاونا على إخراج الشيء من حرزه بالرمي والتناول فإنهما يقطعان جميعًا، وقيل: لا قطع إلا أن يكون كل واحد منهما سرق نصابًا. (¬5) ما بين القوسين من ب. (¬6) في د، س أفعالهم. (¬7) في د، س عن. (¬8) في ب المماثلة وفي ط مماثلة. (¬9) في أ، جـ تبلغ.

وعندنا فجاحد العارية ... يقطع كالسارق بالسوية بنصه (¬1) جزمًا فقوم (¬2) صرحوا ... والشيخ في جمع فلا قد صححوا أي: يقطع جاحد العارية كالسارق، جزم (¬3) به جماعة من الأصحاب وهو المذهب قطع به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها وهو قول إسحاق (¬4). وصحح الشيخ الموفق والشارح وجماعة لا قطع عليه وهو قول الخرقي وأبي إسحاق بن شاقلا وأبي الخطاب وسائر الفقهاء لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا قطع على الخائن" (¬5)، ولأن الواجب قطع السارق، والخائن ليس بسارق فأشبه جاحد الوديعة وغيرها من الأمانات. ولنا حديث عائشة: كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطع يدها، فأتى أهلها أسامة فكلموه فكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا (¬6) أراك تكلمني في حد من حدود الله"، ثم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - خطيبًا فقال: "إنما هلك (¬7) من كان قبلكم بأنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها"، قالت: فقطع يدها متفق (¬8) عليه، قال أحمد: لا أعرف شيئًا يدفعه. ¬

_ (¬1) في جـ بنصبه. (¬2) في النجديات فقومًا. (¬3) في ط وجزم. (¬4) وهو قول زفر من الحنفية ومذهب الظاهرية قال ابن حزم في المحلى 11/ 362: فتقطع يد المستعير الجاحد كما تقطع من السارق سواء بسواء ورجحه ابن القيم في زاد المعاد 3/ 254 وإعلام الموقعين 2/ 46 والشوكاني في نيل الأوطار 7/ 150. (¬5) رواه أبو داود برقم 4392 والترمذيُّ برقم 1448 أو عبد الرزاق 10/ 215 وقال فيه الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. (¬6) في د، س ألا. (¬7) في ب أهلك. (¬8) ليس من لفظ البخاري تستعير المتاع وتجحده، بل هو من لفظ مسلم برقم 1688 وأحمدُ 2/ 151 وأبي داود 4395 والنسائيُّ 8/ 70 وأصل الحديث في البخاري 12/ 76.

والجواب عنه: بأنها قطعت بسرقتها لا بجحدها لا يلائم (¬1) سياق الخبر، وأما قوله: إذا سرق فيهم الشريف إلخ .. فلأنه أجرى فعلها مجرى السرقة. وسارق الثمار من أشجار ... ضمانها بالقيمتين (¬2) جاري كذلك النص أتى في الزرع ... مأخذ هذا فانتفاء القطع (¬3) كذاك في الماشية (¬4) الضمان ... من كير حرز أخذها عدوان (¬5) يعني: من سرق ثمرًا من رؤوس شجره (¬6) لم يقطع ولو كان عليه حائط وحافظ وهذا قول أكثر الفقهاء، ويضمن عوضه مرتين، وكذا (¬7) الكثر وهو الجمار، وبه قال إسحاق لحديث رافع بن خديج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا قطع في ثمر ولا كثر" ورواه أحمد وأبو داود والترمذيُّ (¬8). وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سئل النبي عن الثمر المعلق فقال (¬9): "من أصاب منه بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة (¬10) فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء فعليه غرامة مثليه" (¬11) ولأن الثمار في العادة تسبق اليد إليها فجاز أن تغلظ (¬12) قيمتها على سارقها ردعًا له وزجرًا حيث فاته القطع كما أشار إليه في النظم. ¬

_ (¬1) في د، س يلام. (¬2) في د، س بالقيمتان. (¬3) في نظ مأخذ هذا فانتفى للقطع. (¬4) في نظ، د، س كذلك الماشية. (¬5) في نظ، د، س العدوان. (¬6) في النجديات، ط الشجر. (¬7) في د، س ولذا. (¬8) أحمد 3/ 463 - 464 وأبو داود برقم 4388 والترمذيُّ برقم1449 والنسائي 8/ 87. (¬9) في النجديات، ط قال. (¬10) في د، س جنينة. (¬11) أبو داود برقم 4390 والنسائيُّ 8/ 84 - 86. (¬12) في د، س تلفظ.

وقوله في الحديث: "غير متخذٍ خبنة" بالخاء المعجمة ثم باء موحدة ثم نون أي: غير متخذ في حجره (¬1). وكذا الماشية تسرق من المرعى من غير أن تكون محرزة تضمن بمثلي (¬2) قيمتها ولا قطع نص عليه، واحتج بأن عمر أغرم حاطب بن أبي بلتعة (¬3) حين نحر غلمانه ناقة رجل من مزينة مثلي قيمتها رواه الأثرم (¬4)، وكذا الزرع إذا سرق قبل حصاده فيضمن بعوضه مرتين ولا قطع قياسًا على الثمر والماشية (¬5). والصحيح من المذهب أن (¬6) غير (¬7) الشجر والنخل والماشية إذا سرقه (¬8) من غير حرزه فلا يضمن عوضه إلا مرة واحدة, لأن التضعيف فيها على خلاف القياس للنص (¬9). فلا يتجاوز به محل (¬10) النص، ومن سرق نصابًا من الثمر بعد إيوائه الحرز كجرين (¬11) ونحوه أو سرق من شجرة في دار محرزة (¬12) قطع ولا تضعيف. ¬

_ (¬1) في الأزهريات حجرته. (¬2) في أ، جـ بمثل. (¬3) في أ، جـ والأزهريات ابن بلتعة. (¬4) رواه ابن حزم في المحلى 11/ 324 - 325 وصحح إسناده ورواه البيهقي 8/ 278. (¬5) وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية قال في الاختيارات 296: (ومن سرق ثمرًا أو كثرًا أو ماشية من غير حرز أضعفت عليه القيمة وهو مذهب أحمد وكذا غيرها وهو رواية عنه).أ. هـ. واختار هذا ابن القيم في زاد المعاد 3/ 211 وذكر -رحمه الله- أنها عقوبة تعزيرية يرجع فيها إلى اجتهاد الإمام في كل زمان ومكان. وانظر إعلام الموقعين 2/ 597. (¬6) في النجديات، هـ أنه. (¬7) كررت في أ. (¬8) في النجديات سرقت. (¬9) في أ، جـ، ط وللنص. (¬10) في النجديات محصل. (¬11) الجرين: هو الموضع الذي يجفف فيه التمر ويسمى الجرن. الصحاح 5/ 2091. (¬12) في أ، جـ محرز.

وقال أكثر الفقهاء: الواجب عوضه مرة في الجميع (¬1) مطلقًا (¬2)، واعتذر بعض الشافعية عن الخبر بأنه كان حين كانت العقوبة بالأموال ثم نسخ (¬3) وهذه دعوى لا دليل عليها ينهض. وفرقه من صحبنا (¬4) قد ألحقوا ... جميع ما من غير حرز يسرق أي: ألحق جماعة من أصحابنا بالثمر والماشية جميع ما سرق من غير حرزه في أنه يضمن بقيمته مرتين، اختاره أبو بكر والشيخ تقي الدين (¬5)، وجزم (¬6) به في الحاوي الصغير وقدمه في المحرر والنظم والقواعد الفقهية، وقالوا (¬7) نص عليه قياسًا على الثمر والماشية وتقدم الجواب عنه. ¬

_ (¬1) في أ، جـ الجمع. (¬2) نيل الأوطار 7/ 144 وسبل السلام 4/ 24 - 25 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 6/ 162. (¬3) نقل النووي ذلك في المجموع 5/ 304 عن بعض علماء الشافعية في مسألة تعزير تارك الزكاة بأخذ شطر ماله مع الزكاة. (¬4) في أ، ب، ط أصحابنا. (¬5) الفتاوى 28/ 231 - 332. (¬6) في ب ويجزم. (¬7) في ب، ط فقالوا.

ومن باب التعزير والمرتد والمحاربين

ومن باب التعزير والمرتد والمحاربين التعزير لغة: المنع ومنه التعزير بمعنى النصرة, لأنه منع لعدوه من أذاه، وشرعًا: التأديب (¬1) سمي تعزيرًا, لأنه منع (¬2) من الجناية. والمرتد: اسم فاعل من الردة وهي لغة: الرجوع، واصطلاحًا: الكفر بعد الإسلام. المحاربون: جمع محارب والمراد به قاطع الطريق. بالضرب فالتعزير (¬3) حيث يشرع ... فواجب إيقاعه لا يدفع معنى البيت: أنه حيث جاء الشرع بالتعزير بالضرب وجب أن (¬4) يكون بالضرب وذلك كوطء جارية زوجته حيث أحلتها له كما تقدم، ومن شرب ¬

_ (¬1) قال الموفق في المغني 10/ 347: التعزير: هو العقوبة المشروعة على جناية لا حد فيها. وقال الشربيني في مغني المحتاج 4/ 191: التعزير شرعًا تأديب على ذنب لا حد فيه ولا كفارة. وعرفه في اللغة بأنه التأديب وبهذا يتبين أن التعريف الشرعي الذي ذكره المؤلف غير مانع فإنه تدخل فيه الحدود التي تكون بالجلد كحد السكر والقذف والزاني بالبكر فإنها تأديب لكنها عقوبة مقدرة شرعًا. (¬2) في ب يمنع. (¬3) في جـ والتعزير. (¬4) في د، س بأن.

مسكرًا (¬1)، في نهار رمضان فإنه يعزر بعشرين سوطًا مع الحد كما روي عن علي (¬2)، ومن وطئ أمة مشتركة بينه وبين غيره فإنه يعزر بمائة إلا واحدة (¬3)، فيكون التعزير في هذه كما ورد للأخبار (¬4). وأما ما عداها فقال في الشرح وغيره (¬5): والتعزير يكون بالضرب (¬6) والحبس والتوبيخ، ولا يجوز قطع شيء منه ولا جرحه ولا أخذ شيء من ماله، لأن الشرع لم يرد بشيء من ذلك عن أحد يقتدى به، ولأن الواجب أدبه (¬7) والتأديب لا يكون بالإتلاف؛ وإن رأى الإمام العفو عنه جاز. ما ولد المرتد في ردته ... يرق للقبيح من فعلته في دار حرب كان أو إسلام ... فالنص فيه عدم الملام يعني: يجوز استرقاق من ولد بين الزوجين المرتدين سواء كان في دار الإسلام أو الحرب، ويجوز أيضًا إبقاؤه (¬8) بجزية (¬9) , لأنه تولد بين أبوين كافرين وليس مرتدًا (¬10). ¬

_ (¬1) في د، س منكرًا. (¬2) رواه عبد الرزاق 9/ 231 والطحاوي 2/ 88 ورجاله موثوقون غير أبي مروان وقد وثقه ابن حبان والعجلي وقال النسائي: (غير معروف)، انظر إرواء الغليل 8/ 57. (¬3) رواه عبد الرزاق 7/ 355، 358 من فعل عمر -رضي الله عنه- ومن قضاء ابن المسيب وبعض فقهاء المدينة. (¬4) وذكر الكمال بن الهمام في فتح القدير 5/ 346: أن ما كان منصوصًا عليه من التعزير كما في وطء جارية امرأته أو جارية مشتركة يجب امتثال الأمر فيه. (¬5) الشرح الكبير 10/ 361 والمغني 10/ 348. (¬6) في هـ بالضربه. (¬7) في د، س أدب. (¬8) في أ، جـ، ط يقاؤه. (¬9) في النجديات بجزيته وفي ط بحريته. (¬10) وهو قول في مذهب الشافعي قال النووي في المنهاج 4/ 142: وولد المرتد إن انعقد قبلها أو بعدها وأحد أبويه مسلم فمسلم، أو مرتدان فمسلم، وفي قول كافر أصلي قلت: الأظهر مرتد، ونقل العراقيون الاتفاق على كفره، وقد ذكر حكم الكافر الأصلي في 4/ 277 - 228 فقال: ونساء الكفار وصبيانهم إذا أسروا رقوا، وكذا العبيد، ويجتهد الإمام في الأحرار الكاملين ويفعل الأحظ للمسلمين من قتل ومن وفداء بأسرى أو مال واسترقاق.

وقال الشافعي: لا يجوز استرقاقهم كآبائهم. وقال أبو حنيفة: إن ولدوا (¬1) في "دار الإسلام لم يجز استرقاقهم وفي دار الحرب يجوز (¬2). ولنا: أنه لم يثبت لهم حكم الإسلام فجاز استرقاقهم كولد الحربيين بخلاف آبائهم. (تنبيه) ظاهر النظم أنه لو كان قبل الردة حملا أن (¬3) حكمه حكم ما لو حملت به بعد الردة وهو أحد وجهين (¬4)، وظاهر كلام الخرقي واختاره في المغني والشرح وجزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الرعايتين والحاوي الصغير. والصحيح من المذهب: أنه لا يسترق من كان قبل الرده حملًا، لأنه (¬5) محكوم بإسلامه تبعًا لأبويه (¬6) ولا يتبعهما في الرده, لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه وجزم به في الكافي وقدمه في الفروع وهو ظاهر ما جزم به في المحرر. نفي المحاربين حيث يشرع ... في بلد إذا أقاموا يمنعوا تشريدهم (¬7) في سائر البلاد ... والحبس لا يفيء بالمراد يعني: أن المحارب إن لم يقتل ولم يأخذ مالًا نُفي وشرد ولو قِنًا فلا يترك يأوي إلى بلد حتى تظهر توبته ولا يكفي حبسه وتنفى (¬8) الجماعة متفرقين (¬9) وهو قول النخعي وقتادة وعطاء الخراساني. ¬

_ (¬1) في أ، جـ ولد. (¬2) في ب يجوز استرقاقهم. (¬3) في أ، جـ، ط على حكمه. وانظر فتح القدير 4/ 403 وحاشية ابن عابدين 4/ 256 - 257. (¬4) في ب الوجهين. (¬5) في أد، جـ هـ, على أنه محكوم بإسلامه. (¬6) في هـ لأبوين. (¬7) في د، س شرندهم. (¬8) في أتنتقي وفي جـ ينتقي. (¬9) في ط المتفرقين.

وقال مالك: يحبس في البلد الذي نفي إليه كقوله في الزاني. وقال أبو حنيفة: نفيه حبسه حتى يحدث توبة (¬1). وقال الشافعي (¬2): يعزرهم الإمام وإن رأى أن يحبسهم حبسهم (¬3) (¬4). ولنا: قوله تعالى: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: 33] والنفي هو التشريد (¬5). ¬

_ (¬1) في أ، ب، جـ توبته. (¬2) في جـ الشافعي. (¬3) سقطت من أ، جـ، هـ. (¬4) انظر الكافي لابن عبد البر 2/ 1087 وأحكام القرآن للجصاص 2/ 412 ومغني المحتاج 4/ 181. (¬5) وقد رجح محققو الحنابلة أن المراد بالنفي حبس المحارب في غير بلده كما ذهب إليه الإمام مالك وابن سريج قال الموفق في المغني 10/ 314: وقال ابن سريج يحبسهم في غير بلدهم، وهذا مثل قول مالك، وهذا أولى لأن تشريدهم إخراج لهم إلى مكان يقطعون فيه الطريق ويؤذون به الناس فكان حبسهم أولى ورجحه الطبري في تفسيره 6/ 218 - 219 ورجحه القرطبي 6/ 153 في من يظن عوده إلى الحرابة.

من باب الأشربة والأطعمة

من باب الأشربة والأطعمة الأشربه: جمع شراب واشتهر إطلاقه على ما يحرم منه والأطعمة: جمع طعام وهو ما يؤكل ويشرب، والأصل فيها الحل لقوله تعالى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] وقوله تعالى (¬1): {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ} [الأعراف: 157]. على العصير إن مضت أيام ... ثلاثة فشربه (¬2) حرام لو لم يكن يسكر أو لم يغل ... كذا النبيذ مثله في النقل إذا غلى العصير كغليان القدر وقذف (¬3) بزبده (¬4) فلا خلاف في تحريمه وإن لم تأت (¬5) عليه ثلاثة أيام، وإن لم يغل وأتت عليه ثلاثة أيام بلياليهن (¬6) فهو حرام، قال أحمد: اشربه ثلاثة (¬7) ما لم يغل فإذا (¬8) أتت عليه أكثر من ثلاثة أيام فلا تشربه. ¬

_ (¬1) ليست في د، س. (¬2) في جـ عشر به. (¬3) في أ، جـ وقذفه. (¬4) في د، س بزبديه. (¬5) في جـ، ط يأت. (¬6) في النجديات، هـ, ط بالياليها. (¬7) في الأزهريات ثلاثًا. (¬8) في د، س وإذا.

وأكثر أهل العلم يقولون: إنه مباح ما لم يغل ويسكر لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"اشربوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكرًا" رواه أبو داود (¬1)، ولأن علة تحريمه الشدة المطربة وإنما هي في المسكر (¬2) خاصة. ولنا: ما روى الشالنجي (¬3) بإسناده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "اشربوا العصير ثلاثًا ما لم يغل" (¬4) وقال ابن عمر: اشربه ما لم يأخذه شيطانه قيل: وفي كم يأخذه شيطانه؟ قال في ثلاث: (¬5) ولأن الشدة تحصل في الثلاث (¬6) غالبًا وهي خفية (¬7) تحتاج إلى ضابط فجاز جعل الثلاث ضابطًا لها. والنبيذ:- ماء يلقى فيه تمر أو زبيب أو نحوهما ليحلو به الماء وتذهب ملوحته كالعصير فلا بأس به ما لم يغل أو (¬8) تأت عليه ثلاثة أيام لما روي عن ابن عباس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينبذ الزبيب فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة ثم يأمر به فيسقى الخدم أو يهراق"، رواه أبو داود (¬9) ¬

_ (¬1) أبو داود برقم 3698 والنسائيُّ 8/ 311 وأخرج نحوه الترمذيُّ برقم 1869 عن بريدة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني كنت نهينكم عن الظروف وإن ظرفًا لا يحل شيئًا ولا يحرمه وكل مسكر حرام". وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. (¬2) في النجديات. (¬3) في أ، والأزهريات السالنجي. (¬4) رواه النسائي عن الشعبي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -8/ 332. (¬5) عبد الرزاق 9/ 217. (¬6) في النجديات، ط ثلاث. (¬7) في أ، ب، جـ حقيقة. (¬8) في أ، جـ وربدل أو. (¬9) الحديث رواه أحمد 1/ 232، 240 ومسلمٌ برقم 2004 وأبو داود برقم 2713 والنسائيُّ 8/ 333 والبيهقي 8/ 300. وقد أجاب النووي في شرح مسلم 13/ 174 عن هذا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان يترك شربه بعد الثلاث تنزهًا لأنه لا يؤمن تغيره حينئذ. وما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث بأنه بعد الثلاث يسقيه الخادم أو يريقه محمول على اختلاف حال النبيذ فإن كان لم يظهر فيه تغير ونحوه من مبادئ الإسكار سقاه الخادم ولم يرقه لأنه مال تحرم إضاعته. وإن كان قد ظهر فيه شيء من مبادئ الإسكار أراقه لأنه إذا أسكر صار حرامًا نجسًا.

فإن غلا أو أتى عليه ثلاثة أيام بلياليهن (¬1) حرم لما تقدم. وشرب خمر مطلقًا محرم ... لا لدوا أو عطش (¬2) ما سلموا أي: لا يجوز شرب الخمر للذة ولا لتداو ولا لعطش (¬3) ولا لغيره إلا أن يضطر إليه لدفع لقمة غص بها فيجوز إن لم يجد غيره (¬4). وقال أبو حنيفة: يباح شربها للتداوي والعطش (¬5). وللشافعي فيه (¬6) وجهان كالمذهبين، وله وجه ثالث تباح (¬7) للتداوي دون العطش (¬8) , لأنها حال ضرورة فأبيح فيها كدفع الغصة (¬9). ولنا: ما روى أحمد بإسناده عن طارق بن سويد أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: إنما أصنعها (¬10) للدواء (¬11)، فقال: "إنه ليس بدواء ولكنه داء" (¬12)، وبإسناده إلى أم سلمة أنه -عليه السلام- قال: "إن الله لم يجعل فيما حرم عليكم شفاء" (¬13)، ولأنه ¬

_ (¬1) في النجديات بليالها وفي هـ, ط بلياليها. (¬2) في د، س ألا لدو أو عطش. (¬3) في ط للتداوي ولا للعطش. (¬4) يروى مثل هذا عن مالك قال القرطبي في تفسيره 2/ 228: (فمن اضطر إلى خمر فإن كان بإكراه شرب بلا خلاف، وإن كان بجوع أو عطش فلا يشرب وبه قال مالك في العتبية). (¬5) الذي في بدائع الصنائع 5/ 113 عن الحنفية: أنه يجوز شرب الخمر لضرورة العطش أو الإكراه قدر ما تندفع به الضرورة، أما التداوي فلا يجوز الانتفاع بها فيه لأن الله تعالى لم يجعل شفاءنا فيما حرم علينا. (¬6) سقطت من د، س. (¬7) في النجديات، هـ، ط يباح. (¬8) مغني المحتاج 4/ 188. (¬9) في أ، جـ لغصه. (¬10) في أ، جـ صنعها وفي ط نصنعها. (¬11) في هـ التدوا. (¬12) أحمد 4/ 311 وأبو داود برقم 3873. (¬13) قال الحافظ في بلوغ المرام 4/ 76 أخرجه البيهقيُّ وصححه ابن حبان وقال الصنعاني في سبل السلام: أخرجه أحمد وذكره البخاري تعليقًا عن ابن مسعود.

محرم لعينه فلم يبح للتداوي كلحم (¬1) الخنزير، والعطش لا يندفع به فلم يبح بخلاف ماء نجس (¬2) فإن فيه رطوبة تدفعه. جلالة من سائر الأجناس (¬3) ... تنجس أو تصد (¬4) بالأحباس ولحمها يحرم شرب (¬5) اللبن ... كذاك والبيض فأيضًا قد عني أي: تحرم الجلالة وهي التي أكثر علفها النجاسة وكذا لبنها وبيضها ما لم تحبس ثلاثًا وتطعم الطاهر وتمنع من النجاسة طائرًا كانت أو بهيمة (¬6) (¬7). وقال الشافعي: هي مكروهة غير محرمة. وكره أبو حنيفة لحومها والعمل (¬8) عليها حتى تحبس (¬9). ورخص الحسن في لحومها وألبانها, لأن الحيوان لا ينجس بأكل النجاسات بدليل أن شارب الخمر لا نحكم (¬10) بتنجس (¬11) أعضائه، والكافر ¬

_ (¬1) في د، س لتداوي كلحم. (¬2) في ط الماء النجس. (¬3) في النجديات الأنجاس. (¬4) في ب بضد وفي جـ تصيد. (¬5) في جـ وشرب. (¬6) في هـ بهمة. (¬7) وهو قول في مذهب الشافعي قال النووي في المنهاج 4/ 304: (وإذا تغير لحم جلالة حرم أكله، وقيل يكره قلت الأصح يكره). أ. هـ. لكن متى تكون البهيمة جلالة يحرم لحمها أو يكره؟ للشافعية رأيان في ذلك الأول: ذكره النووي في قوله السابق وهو أن يتغير لحمها. والثاني: أن يكون أكثر علفها النجاسة ولو لم يتغير لحمها، وقد ذكر الشربيني في مغني المحتاج أنه لا فرق بين لحمها ولبنها وبيضها في النجاسة والطهارة والتحليل والتحريم عند من قال بذلك، واختار تحريم لحم الجلالة ولبنها وبيضها شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى 21/ 285. (¬8) في النجديات، ط الحمل. (¬9) تحفة الفقهاء 3/ 76. (¬10) في ب يحكم. (¬11) في أ, جـ بتنجيس.

الذي يأكل الخنزير والمحرمات لا يكون ظاهره نجسًا. ولنا: ما روي أن عمر قال: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل الجلالة وألبانها) رواه أبو داود (¬1)، وروى عبد الله بن عمرو بن العاص (¬2) قال (¬3): (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الإبل الجلالة أن يؤكل لحمها ولا يحمل عليها إلا الأدم (¬4)، ولا يركبها الناس حتى تعلف (¬5) أربعين ليلة) رواه الخلال بإسناده (¬6)، ولأن لحمها متولد من النجاسة فيكون نجسًا كرماد النجاسة، وأما شارب الخمر فليس ذلك أكثر غذائه، وإنما (¬7) يتغذى الطاهرات (¬8)، وكذا الكافر في الغالب، وكان ابن عمر إذا أراد أكلها حبسها ثلاثًا (¬9)، ويكره ركوب الجلالة أيضًا وهو قول عمر وابنه وأصحاب الرأي: لحديث عبد الله بن عمرو ولأنها ربما عرقت فتلوث بعرقها. وهكذا (¬10) فالزرع والثمار ... بنجس (¬11) إن تسق لا تماروا أي: مثل الجلالة في التحريم والنجاسة ما سقي النجس (¬12) من زرع ¬

_ (¬1) أبو داود برقم 3785 والترمذيُّ برقم 1824 وابن ماجة برقم 3189 وهو عندهم من حديث عبد الله بن عمر وقد ذكره المؤلف هنا عن عمر وهو وهم منه -رحمه الله- والحديث قال فيه الترمذيُّ: حسن غريب. (¬2) في النجديات عبد الله عن ابن عبد عمرو بن العاص. (¬3) في ب، جـ قد. (¬4) في النجديات وط الدم. (¬5) في د، س تعلق. (¬6) رواه الدارقطني 4/ 283 والبيهقيُّ 9/ 333 وفي سنده إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن أبيه وهو ضعيف وكذا أبوه ولكنه أحسن حالًا من ابنه. انظر ميزان الاعتدال 1/ 212 - 213. (¬7) في أوأما. (¬8) في ط بالطاهرات. (¬9) رواه ابن أبي شيبة 8/ 335 وصحح الحافظ ابن حجر إسناده في فتح الباري 9/ 558 ورواه أيضًا عبد الرزاق 4/ 522. (¬10) في أكذ وفي ب، جـ وكذا. (¬11) في النجديات، د، س ينحس إن تسقى وفي ط تنجس. (¬12) في ب، ط بالنجس.

وثمر لما روى ابن عباس قال: (كنا نكري أراضي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونشترط (¬1) عليهم أن لا يدملوهما بعذرة: الناس) (¬2) فلولا أن ما فيها يحرم بذلك لم يكن في اشتراط ذلك فائدة، ولأنه يتربى (¬3) بالنجاسة أجزاؤه، والاستحالة لا تطهر عندنا، فإن سقي الثمر أو الزرع بعد ذلك طاهرًا (¬4) يستهلك عين النجاسة به طهر وحل (¬5) , لأن الماء الطهور يطهر النجاسات، كالجلالة إذا حبست وأطعمت الطاهرات. (تنبيه) قال في القاموس (¬6): ودمل الأرض دَمْلًا وَدَمْلانًا أصلحها (¬7) أو سرقنها (¬8) فَتَدَّمَلت (¬9) صلحت به. وإن يمر المرء بالبستان ... خال من الناطور والحيطان يجوز أكل الرطب من ثماره ... حتى بلا إذن ولا اضطراره من غير تضمين كذا في الزرع ... في أشهر كذاك حلب الضرع يعني: أنه يجوز لمن مرّ بثمر (¬10) على شجر أو ساقط (¬11) تحته ولا حائط عليه ولا ناطور أي: حافظ أن يأكل منه ولو من غصونه من غير رميه بشيء ولا ضربه ولا صعود على (¬12) شجره، ولو غير مسافر ولا مضطر، ولا ضمان عليه فيما يأكله كذلك، وهو قول عمر وابن عباس وأبي برزه ¬

_ (¬1) في جـ ويشترط. (¬2) رواه البيهقي 6/ 139. (¬3) في جـ، ط تتربى. (¬4) في ب، ط بطاهر. (¬5) سقطت من د، س. (¬6) القاموس المحيط 3/ 377. (¬7) في ب، جـ وأصلحها. (¬8) في النجديات، هـ أسرقها. (¬9) في هـ فقد مكث. (¬10) في النجديات بثمرة. (¬11) في النجديات ساقطة. (¬12) سقطت من النجديات، هـ، ط.

وأنس بن مالك وعبد الرحمن بن سمرة (¬1). وقال أكثر الفقهاء: لا يباح إلا في الضرورة (¬2) لحديث: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا ... "إلخ (¬3) متفق عليه (¬4). ولنا: ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن الثمر المعلق فقال: "من (¬5) أصاب منه من ذي (¬6) حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه، ومن أخرج منه شيئًا فعليه كرامة مثليه والعقوبة". قال الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ (¬7)، وروى أبو سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا أتيت على حائط بستان فناد: يا صاحب البستان ثلاثًا فإن أجابك وإلا فكل من غير أن تفسد" (¬8). وروى سعيد بإسناده عن الحسن عن سمرة (¬9) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله، ولأنه قول من سمينا من الصحابة من غير مخالف فكان إجماعًا. وأحاديث المخالف مخصوصة بما روينا، وكذلك (¬10) حكم الزرع ¬

_ (¬1) انظر المغني 11/ 76. (¬2) سبل السلام 4/ 53 وتفسير القرطبي 2/ 225 - 228. (¬3) ما بين القوسين من ط. (¬4) البخاري 1/ 145 - 146 ومسلم برقم 1679. (¬5) في د، س ما. (¬6) في د، س ذوي. (¬7) الترمذيُّ برقم 1389 وأبو داود برقم 4390 والنسائيُّ 8/ 84 - 86 وليس عند الترمذيُّ "ومن أخرج" الحديث. (¬8) رواه ابن ماجة برقم 2300 والبيهقيُّ 9/ 359 - 360 وقال: تفرد به سعيد بن إياس الجريري وهو من الثقات إلا أنه اختلط في آخر عمره، وقد رواه عنه يزيد بن هارون وسماعه عنه بعد اختلاطه، ورواه أيضًا حماد بن سلمة عن الجريري وليس بالقوي. (¬9) في النجديات، ط بسره وفي بقية النسخ عن الحسن بن سمرة وفي سماعه منه خلاف بين المحدثين، وقد روى هذا الحديث أبو داود برقم 2619 والترمذيُّ برقم 1296 وصححه. (¬10) في د، س وكذا.

فيجوز أن يأكل من الفريك (¬1) , لأن العادة جارية بأكله رطبًا أشبه الثمر، وكذلك في الباقلاء والحمص وشبهه مما جرت العادة بأكله رطبًا دون الشعير ونحوه، وكذا لبن الماشية يجوز أن يحلب ويشرب ولا يحمل، لما روى الحسن (¬2) عن سمره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أتى أحدكم على (¬3) ماشية فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه وإن لم يجد أحدًا (¬4) فليحلب وليشرب (¬5) ولا يحمل" رواه الترمذيُّ وقال: حسنٌ صحيحٌ، والعمل عليه عند بعض أهل العلم، هذا قول إسحاق" (¬6) والأولى في ذلك كله أن لا يفعله (¬7) إلا بإذن المالك خروجًا من الخلاف والأخبار الدالة على التحريم (¬8). وإن يمر مسلم مسافر ... بمسلم آخر وهو حاضر فليلة الضيف فحق (¬9) واجب ... وإن أبى بدينها يطالب يعني: إذا مر مسلم بمسلم آخر في قرية لا مصر وجبت عليه ضيافته يومًا وليلة فإن أبى ضيافته فللضيف مطالبته (¬10) بها عند الحاكم (¬11). وقال الأكثرون: هي سنة كصدقة التطوع. ¬

_ (¬1) الحب المفروك باليد وذلك إنما يكون بعد اشتداده. النهاية 3/ 440. (¬2) سقطت من النجديات. (¬3) سقطت من النجديات، ط. (¬4) سقطت من النجديات، ط. (¬5) في ب، جـ واليشرب. (¬6) وقد سقط من عبارة الترمذيُّ برقم 1314 كلمة غريب فإنه -رحمه الله- قال: حسن صحيح غريب. (¬7) في ب يغلفه وفي جـ يقلفه. (¬8) وهي التي استدل بها المانعون وقد ذكر المؤلف منها حديثًا واحدًا. (¬9) في أ. جـ حق وفي ب فليلة المضيف حق. (¬10) في د، س طلبه. (¬11) وهو مذهب الليث بن سعد، واختار ابن حزم والشوكاني وجوبها ثلاثة أيام لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "والضيافة ثلاثة أيام فما كان وراء ذلك فهو صدقة" رواه البخاري 10/ 441 ومسلمٌ برقم 48.

ولنا: حديث المقداد بن أبي كريمة (¬1) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليلة الضيف واجبة (¬2) على كل مسلم، فإن أصبح بفنائه (¬3) محرومًا كان دينًا عليه إن شاء اقتضاه وإن شاء تركه" رواه سعيد وأبو داود، وإسناده ثقات (¬4) وصححه في الشرح (¬5)، وروى أحمد وأبو داود (¬6): (وإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه) (¬7). وفي حديث عقبة: "فإن (¬8) لم يفعلوا فخذوا منهم (¬9) حق الضيف الذي ينبغي لهم" متفق عليه (¬10). ولم تجب في الأمصار, لأن فيها السوق والمساجد فلا يحتاج مع ذلك إلى الضيافة بخلاف القرى، فإن تعذر على الضيف محاكمة المضيف جاز له الأخذ من ماله بقدر ضيافته بغير إذنه. وتمام الضيافة ثلاث أيام، وما زاد فصدقة للخبر (¬11) ولا يجب عليه إنزاله في بيته إلا أن لا يجد مسجدًا أو نحوه. ¬

_ (¬1) كذا ورد في جميع النسخ وفي الشرح الكبير 11/ 119 المقدام بن أبي كريمة والصواب وعن أبي كريمة المقدام بن معد يكرب، انظر المسند 4/ 121 وأبي داود رقم 3750. (¬2) في النجديات واجب. (¬3) في د، س فبغنائه. (¬4) أبو داود برقم 3750 وأحمدُ 4/ 130 وقال الحافظ في التلخيص 4/ 159 إسناده على شرط الصحيح. (¬5) الشرح الكبير 11/ 119. (¬6) أحمد 4/ 131 وأبو داود برقم 3751. (¬7) في د، س بمل قراه وفي النجديات بمثل قرأؤه وهي في المسند 4/ 131، فإن لم يقروهم فلهم أن يعقبوهم بمثل قراهم، ولفظ أبي داود: أيما رجل أضاف قومًا فأصبح الضيف محرومًا فإن نصره حق على كل مسلم حتى يأخذ بقري ليلته من زرعه وماله. وهذا أيضًا من ألفاظ الحديث في مسند أحمد 4/ 131. (¬8) سقطت "لم" من د، س. (¬9) في أ، ط فعليهم وفي جـ، د س فلهم. (¬10) البخاري 10/ 442 ومسلمٌ برقم 1727 وأبو داود برقم 3752 وأحمدُ 4/ 149 وابن ماجة برقم 3776. (¬11) وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي شريح الخزاعي: "والضيافة ثلاثة أيام، وما زاد على ذلك فهو صدقة". رواه البخاري. 10/ 441 ومسلمٌ برقم 48.

وبذل فضل الماء جا في الشرع ... لزومه حتى لسقي الزرع هذا ولو منبعه مملوك ... غني الطالب أو صعلوك أي (¬1): يجب بذل ما فضل من الماء عن الحاجة ولو كان منبعه مملوكًا لبهائم غيره وزرعه غنيًا كان الطالب أو فقيرًا (¬2) لحديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من منع فضل الماء [ليمنع به فضل الكلأ] (¬3) منعه الله فضل رحمته" (¬4). وعن إياس بن عبد (¬5) "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع فضل الماء" (¬6). وعن مهيسة (¬7) عن أبيها أنه قال: يا نبي الله، ما الشيء الذي لا يحل (¬8) منعه (¬9)؟ قال: "الماء" رواه أبو داود (¬10). ¬

_ (¬1) في النجديات، ط يعني. (¬2) وأيد هذا ابن القيم في زاد المعاد 4/ 259، والصنعاني في سبل السلام 2/ 471، وذكره في كفاية الطالب الرباني 7/ 287 المطبوع مع حاشية العدوي عليه عن مالك في بئر الزرع بشروط ثلاثة: 1 - أن يكون الجار زرع على أصل ماء فانهارت بئره. 2 - أن يخاف على زرعه التلف. 3 - أن يشرع في إصلاح بئره ولا يتأخر. وهو مذهب الظاهرية قال ابن حزم في المحلى 9/ 6 - 7: مسألة ولا يحل بيع الماء بوجه من الوجوه لا في ساقية ولا من نهر أو من عين ولا بئر ولا في صهريج ولا مجموعًا في قرية ولا في إنا ..... ومن ملك بئرًا بحفر فهو أحق بمائها ما دام محتاجًا إليه، فإن فضل عنه ما لا يحتاج إليه لم يحل له منعه عمن يحتاجه، وكذلك فضل النهر والساقية. أ. هـ. (¬3) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬4) رواه أبو عبيد في الأموال 296 بإسناد منقطع. (¬5) في هـ عبد الله. (¬6) أبو داود برقم 3478 والترمذيُّ برقم 1271، والنسائيُّ 7/ 307، وابن ماجة برقم 2476. (¬7) كذا في جميع النسخ والصواب بهية بالباء. (¬8) في أ، جـ والأزهريات، ط يحل. (¬9) في جميع النسخ منه والتصويب من سنن أبي داود برقم 3476. (¬10) أبو داود برقم 3476، وأحمدُ 3/ 480، وفي إسناده من لا يعرف.

ومن باب الصيد والذبائح

ومن باب الصيد والذبائح (¬1) الصيد: مصدر صاد يصيد فهو صائد وهو: اقتناص حيوان حلال متوحش طبعًا غير مملوك ولا مقدور عليه ويطلق (على المصيد (¬2)) بمعنى المفعول. والأصل في حله الإجماع لقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] (¬3)، وقوله: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4] الآية، والسنة شهيرة به (¬4) فمنها حديث أبي ثعلبة وعدي بن حاتم متفق عليهما (¬5). ¬

_ (¬1) في هـ مستوحش. (¬2) ما بين القوسين من ب. (¬3) وليس في الآية واوًا قبل كلمة أحل كما هو موجود. (¬4) في ط بذلك. (¬5) أما حديث أبي ثعلبة فقد رواه البخاري 9/ 523 - 524 ومسلمٌ برقم 1932 وأبو داود برقم 2850 - 2855 - 257 والترمذيُّ برقم 1464 والنسائيُّ 7/ 181 ونصه في رواية البخاري عن أبي ثعلبة الخشني -رضي الله عنه- قال: قلت: يا نبي الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم؟ وبأرض صيد أصيد بقوسي وبكلبي الذي ليس بمعلم وبكلبي المعلم فما يصلح لي؟ قال: "أما ما ذكرت من آنية أهل الكتاب فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها فإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها، وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل". وأما حديث عدي فقد أخرجه البخاريُّ 9/ 518 - 819 ومسلمٌ برقم 1929 وأبو داود برقم 2847 - 2851 والترمذيُّ برقم 1465، 1467 - 1471 والنسائي 7/ 179 - 184 ونصه عند البخاري ومسلمٌ عن عدي -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم =

والذبائح جمع ذبيحة بمعنى مذبوحة والأصل فيها قوله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3]. بآلة غصب فمن يصيد ... فالصيد للمالك إذ يريد يعني: لو غصب آلة صيد كشبكة وفخ وشرك ونحوها وصاد بها فالصيد لربها, لأنه حصل بها فأشبه نماء ملكه وكسب عبده، ولا أجرة له في مدة اصطياده وكذا لو غصب قوسًا فصاد به أو غنم، أو عبدًا فصاد أو اكتسب. كلب بهيم (¬1) صيده قد نقلوا ... محرم قتيله لا يؤكل (¬2) أي: يحرم صيد الكلب الأسود البهيم ولا يباح أكله، ويحرم اقتناؤه وتعليمه (¬3)، وقال الجمهور: هو كغيره لعموم الأخبار (¬4). ولنا: أنه عليه الصلاة والسلام أمر بقتله وقال: "إنه شيطان" رواه مسلم (¬5)، وصيد الشيطان لا يحل وأنه حصل بسبب (¬6) محرم. والبهيم: كل لون لم يخالطه لون آخر، قاله ثعلب وإبراهيم ¬

_ = عن صيد المعراض فقال: "ما أصاب بعده فكل وما أصاب بعرضه فهو وقيذ"، وسألته عن صيد الكلب فقال: "ما أمسك عليك فكل فإن أخذ الكلب ذكاة، فإن وجدت مع كلبك أو كلابك كلبًا غيره فخشيت أن يكون أخذه معه وقد قتله فلا تأكل فإنما ذكرت اسم الله على كلبك ولم تذكره على غيره". (¬1) في جـ بهيمة. (¬2) في جـ يؤكلوا. (¬3) وبه قال الحسن البصري والنخعي وقتادة وإسحاق نقل ذلك النووي في شرح مسلم 13/ 74. (¬4) انظر بدائع الصنائع 5/ 52 والكافي لابن عبد البر 1/ 431 وشرح النووي على مسلم 13/ 74. (¬5) مسلم برقم 1572 وأحمدُ 3/ 333 وهو حديث جابر الآتي بعد أسطر. (¬6) في النجديات بسببه.

الحربيّ قيل لهما: من كلّ لون؟ قالا: نعم، وفي حديث جابر يرفعه: "عليكم بالأسود البهيم ذي الطفيتين (¬1) فإنّه شيطان" رواه مسلم والطفية: خوص (¬2) المقل شبه الخطين الأبيضين يكونان (¬3) بين عينيه (¬4) بالخوصتين (¬5). ويجب قتل كلب عقور ولو معلمًا ويحرم اقتناؤه ويباح قتل الأسود البهيم ويحرم قتل ما عداهما من الكلاب. وآلة الصَّيد فمن أرسلها ... ولم يسم قل ولو أغفلها فصيده محرم لا يؤكل ... والذبح ليس هكذا قد جعلوا أي: يشترط التّسمية عند إرسال آلة الصَّيد من سهم أو جارح أو (¬6) (شرك (¬7)) (أو) (¬8) منجل ونحوه، فلو ترك التّسمية ولو سهوًا فصيده محرم لا يباح أكله بخلاف التّسمية في الذّكاة فتسقط سهوًا (¬9) وبهذا قال الشّعبيّ وأبو ثور وداود. وقال أبو حنيفة ومالك: يباح متروك التّسمية سهوًا لا عمدًا (¬10) ¬

_ (¬1) كذا وردت في جميع النسخ الطفيتين والصواب النقطتين كما في الحديث، وقال الإمام النووي في شرح مسلم. 10/ 237: (وأمّا النقطتان فهما نقطتان معروفتان بيضاوان فوق عينيه وهذا مشاهد معروف). أ. هـ. وأمّا وصف ذي الطفيتين فقد ورد في وصف نوع من الحيات أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتل ذي الطفيتين فإنّه يلتمس البصر ويصيب الحمل) رواه مسلم برقم 3222. (¬2) في أخرص. (¬3) من النجديات. هـ يكونا. (¬4) في النهاية 3/ 130 على ظهر الحية. (¬5) في أ، جـ الخصوتين وفي هامش جـ وفي نسخة الخوصتين. (¬6) في أ، ج، هـ، ط و. (¬7) سقطت من الأزهريات. (¬8) ما بين القوسين من ب. (¬9) سقطت من ب، جـ، هـ. (¬10) انظر بدائع الصنائع 5/ 46 والكافي لابن عبد البرّ 1/ 428، 432.

لحديث عفي لأمتي عن الخطأ والنِّسيان (¬1) وقال الشّافعيّ: يباح متروك التّسمية عمدًا وسهوًا (¬2)؛ لأنّ البراء روى أن (¬3) النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المسلم يذبح على اسم الله سمى (¬4) أو لم يسم" (¬5). وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل فقال: "أرأيت الرَّجل منا يذبح وينسى أن يسمي الله فقال اسم الله في قلب كلّ مسلم" (¬6) وقد روي عن أحمد مثل ذلك. ولنا: قول الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أرسلت كلبك وسميت فكل"، قلت (¬7): أرسل كلبي فأجد (¬8) معه كلبًا آخر؟ " قال: "لا تأكل فإنّما سميت على كلبك ولم تسم على الآخر" متفق عليه. وفي لفط: "إذا خالط (¬9) كلابًا لم يذكر اسم الله عليها فأمسكن وقتلن (¬10) فلا تأكل"، وفي حديث أبي ثعلبة: (وما صدت بقوسك ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) انظر مغني المحتاج 4/ 272. (¬3) في هـ عن. (¬4) سقطت من هـ. (¬5) قال الصنعاني في سبل السّلام 4/ 174 - 175 وأمّا ما اشتهر من حديث: "المؤمّن يذبح على اسم الله سمى أم لم يسم"، وإن قال الغزالي في الإحياء صحيح فقد قال النووي: إنّه مجمع على ضعفه وقد أخرجه البيهقيُّ من حديث أبي هريرة وقال: إنّه منكر لا يحتج به. (¬6) رواه الدارقطني 4/ 295 وقال: فيه مروان بن سالم ضعيف. (¬7) القائل راوي الحديث الّذي سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -وهو عدي بن حاتم الطائي وقد سبق تخريج حديثه أول الباب. (¬8) في هـ وأجد. (¬9) في ط إذا خالط كلب كلابًا. (¬10) في د، س فأمسكت وقتلت.

وذكرت (¬1) اسم الله عليه فكل" وهذه نصوص صحيحة لا يعرج على ما خالفها وحديث (¬2): "عفي لأمتي عن الخطأ والنِّسيان" يقتضي نفي الإثم (¬3) لا جعل (¬4) الشرط المعدوم كالموجود بدليل ما لو نسي شرط الصّلاة والفرق بين الصَّيد والذبيحة أن الذَّبح وقع في محله فجاز أن يتسامح فيه بخلاف الصَّيد، وأحاديث أصحاب الشّافعيّ لم يذكرها أصحاب السنن المشهورة، وإن صحت فهي في الذبيحة وقد علم الفرق بينهما فلا يصح قياسه عليها. والصَّيد إن أثخن بالجراحة ... مع فاقد لآلة (¬5) الذباحة أشلى عليه الكلب حتَّى يقتل ... وحله فالخرقي ينقل أي: إذا أثخن الصائد الصَّيد وأدركه وفيه حياة مستقرة ولم يكن معه آلة يذكيه بها أرسل عليه (¬6) الجارح فإذا قتله حل فيما نقله (¬7) الخرقي وهو قول الحسن وإبراهيم؛ لأنَّه صيد قتله الجارح من غير إمكان ذكاته فأبيح كما لو أدركه ميتًا، ولأنَّها حال يتعذر فيه الذَّكاة في الحلق واللبة (¬8) غالبًا فجاز أن تكون (¬9) ذكاته على حسب الإمكان كالمتردي في بئر. والمذهب أنَّه لا يباح إِلَّا بالذَّكاة وهو قول أكثر أهل العلم؛ لأنّه مقدور عليه فلم يبح بقتل الجارح كالأنعام وكما لو أدركه سليمًا (¬10). ¬

_ (¬1) في جـ وما ذكرت. (¬2) سقطت الواو من أ، هـ. (¬3) في هـ، ط الأمر. (¬4) في ط لأجل. (¬5) في النجديات الآلة. (¬6) في جـ، ط عليها. (¬7) سقطت من هـ. (¬8) في أ، جـ، هـ، في اللبة. (¬9) في النجديات يكون. (¬10) حكى النووي في شرح مسلم 13/ 78: الإجماع على أنَّه لا يحل إِلَّا بالذَّكاة قال: (إذا أدرك ذكاته وجب ذبحه ولم يحل إِلَّا بالذَّكاة وهو مجمع عليه وما نقل عن الحسن والنخعي خلافه فباطل لا أظنه يصح عنهما).

دواب (¬1) بحر شرطها في الحل ... فالذبح إِلَّا ما أن في النقل أي: شرط الحل في دواب البحر الذَّبح فلا تحل (¬2) ميتتها إِلَّا ما أتى فيه النقل وهو السمك هذا (¬3) رواية (¬4)، والمذهب حله من غير ذكاة لحديث "هو الطّهور ماؤه الحل ميتته" (¬5) لكن يحرم الضفدع والتمساح والحية، وكذا ما يعيش في البرّ والبحر (¬6) كالسرطان (¬7) والسلحفاة (¬8) لا يحل إِلَّا بالذَّكاة كطير الماء. إذا تردى صيد (¬9) أو مذبوح ... فمات أو في الماء لا تبيحوا كذاك دوس (¬10) صيد أو مذبوح ... وطئا يكون مخرجًا للروح أي: إذا تردى الصَّيد أو المذبوح من علو فمات أو وقع في ماء يقتله ¬

_ (¬1) في هـ ودواب. (¬2) في النجديات يحل ميتها وفي هـ يحل ميتتها. (¬3) في ط هذه. (¬4) هذه الرواية ضعيفة جدًا فإنها تخص السمك من دواب البحر بجواز أكله من غير ذكاة وقد ذكر ابن قدامة في المغني 11/ 84 أنَّه لا يعلم خلافًا في حل السمك وشبهه ممّا لا يعيش إِلَّا في الماء بغير ذكاة قال -رحمه الله-: فأمّا ما لا يعيش إِلَّا في الماء كالسمك وشبهه فإنّه يباح بغير ذكاة لا نعلم في هذا خلافًا .... وقد صح أن أبا عبيدة وأصحابه وجدوا على ساحل البحر دابة يقال لها العنبر ميتة فأكلوا منها شهرًا حتّى سمنوا وادهنوا فلما قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبروه فقال: "هو رزق أخرجه الله لكم فهل معكم من لحمه شيء تطعمونا" رواه البخاريّ 9/ 531 ومسلم برقم 1935. (¬5) أبو داود 83 والترمذيُّ 69 والنسائيُّ 1/ 176. (¬6) سقطت من النجديات، ط. (¬7) السرطان: حيوان من القشريات عشاري الأقدام قصير الذيل يوجد منه أنواع عديدة يعيش أغلبها على شواطىء البحر وبعضها في المياه العذبة تسميه العامة السلطعون وتسميه العرب أبا بحر، انظر دائرة معارف القرن العشرين 5/ 104 - 105 والمنجد 330. (¬8) في أ، جـ السلفحاة. (¬9) في النجديات الصَّيد. (¬10) في هامش أ، جـ وفي نسخه أو وطء.

مثله فمات أو وطئ عليه شيء (¬1) يقتله مثله لم يبح أكله ويكون ميتة (¬2). وقال أكثر الفقهاء: لا يحرم لأنّه إذا ذبح صار في حكم الميِّت كما لو قطع رأسه (¬3). ولنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث عدي بن حاتم في الصَّيد (¬4): "وإن وقعت في الماء فلا تأكل" (¬5): وقال ابن مسعود (¬6): من رمى طائرًا فوقع في ماء فغرق فيه فلا يأكله (¬7)، ولأن ذلك سبب يقتل فإذا اجتمع مع الذَّبح فقد اجتمع ما يبيح ويحرم فيغلب الحظر، ولأنّه لا يؤمن أن يعين (¬8) على خروج الرُّوح فيغلب التّحريم (¬9). أم أب من كان للكتابي ... من غير أهل الذَّبح في الأحزاب (¬10) ¬

_ (¬1) سقطت من أ، جـ، وفي نسخه أو وطء. سقطت من أ، جـ، هـ، وفي ب ماء. (¬2) وهو مذهب الحنفية في الصَّيد قال الكاساني في بدائع الصنائع 5/ 58: وإذا رمى صيدًا وهو يطير فأصابه فسقط على جبل ثمّ سقط منه على الأرض فمات لا يؤكل وهو تفسير المتردي لأنّه يحتمل أنَّه مات من الرمي ويحتمل أنَّه مات بسقوطه من الجبل وكذلك لو كان على جبل فأصابه فسقط منه شيء على الجبل ثمّ سقط على الأرض فمات أو كان على سطح فأصابه فهوى فأصاب حائط السطح ثمّ سقط على الأرض فمات ... أو أصاب سهمه صيدًا فوقع في الماء فمات فيه لا يحل لأنّه يحتمل أنَّه مات بالرمي ويحتمل أنَّه مات بهذه الأسباب الموجودة بعده. وانظر أيضًا في هذا الهداية 10/ 129. (¬3) الكافي لابن عبد البرّ 1/ 3332 ومغني المحتاج 4/ 274. (¬4) سبق تخريجه أول الباب. (¬5) في ط تؤكل. (¬6) البيهقي 9/ 248. (¬7) في النجديات تأكل وفي الأزهريات تأكله. (¬8) سقط من هـ أن يعين. (¬9) لا يستقيم هذا التعليل متى تم الذَّبح الشرعي وقطع المريء والودجين ومتى أصيب الصَّيد الإصابة الموجبة التي تنهيه إلى حركة المذبوح لأنّه قد صار في حكم الميِّت. (¬10) في أ، د، س الاضراب وفي جـ الاضطراب وفي هامش أوفي نسخة الأحزاب وفي هامش جـ وفي نسخة للأحزاب.

فصيده وذبحه حرام ... آكله يلحقه (¬1) الآثام يعني: لا تحل ذبيحة من أحد أبويه غير كتابي كولد كتابي من مجوسية وعكسه (¬2). وقال أبو حنيفة: تباح مطلقًا لعموم النص، ولأنّه كتابي يقر على دينه فتحل ذبيحته كما لو كان ابن كتابيين (¬3). وقال مالك: تباح إن كان أبوه كتابيًا (¬4). ولنا: أنَّه وجد ما يقتضي الإباحة والتحريم فغلب التّحريم وبيان وجود ما يقتضي التّحريم أن كونه ولد مجوسي أو وثني ونحوه يقتضي تحريم ذبيحته. ذبيحة الأخرس بالإجماع ... تباح قد قالوا بلا نزاع وإنّما أصحابنا يشيروا ... بأنّه إلى السما يشير قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إباحة ذبيحة الأخرس (¬5) منهم اللَّيث والشّافعيّ (¬6)، وإسحاق وأبو ثور وهو قول الشّعبيّ وقتادة والحسن بن صالح. قال أصحابنا: ويشير الأخرس إلى السَّماء بالتسمية؛ لأنّ إشارته تقوم مقام نطق الناطق، وإشارته إلى السَّماء تدل على تسميته (¬7)، ونحو هذا قال ¬

_ (¬1) في أتلحقه وفي د، س يلحه. (¬2) وهو ما دلت عليه عبارة الإمام النووي في تقرير المذهب الشّافعيّ وذلك في كتابه المنهاج فإنّه قال في 4/ 266: وشرط ذابح وصائد حل مناكحته وكان قد قال قبل ذلك في محرمات النِّكاح 3/ 189: وتحرم متولدة من وثني وكتابية وكذا عكسه في الأظهر فإذا حرم نكاح المتولدة حرمت دبيحتها بناء على الشرط السابق والله أعلم. (¬3) بدائع الصنائع 5/ 46. (¬4) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 6/ 78. (¬5) الإجماع 57. (¬6) انظر مغني المحتاج 4/ 267. (¬7) في هـ التّسمية.

الشّعبيّ، وقد دل عليه حديث أبي هريرة: أن رجلًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بجارية أعجمية فقال: يا رسول الله، إنَّ عليَّ رقبة مؤمنة أفأعتق (¬1) هذه؟ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أين الله؟ " فأشارت إلى السَّماء، فقال: "من أنا؟ " فأشارت بأصبعها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى السَّماء أي: أنت رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعتقها فإنها مؤمنة" رواه أحمد (¬2) والقاضي (¬3) في مسنديهما. ¬

_ (¬1) في ب، ط فأعتق. (¬2) الفتح الرباني 13/ 143 وأبو داود 3284. (¬3) قد يفهم من هذا الإطلاق أنَّه القاضي أبو يعلي بن الفراء وليس كذلك بل هو القاضي البرتي أحمد بن محمَّد بن عيسى كما في المغني 11/ 60 والشرح الكبير 11/ 57 ولد قبل المائتين وسمع أبا نعيم وأبا الوليد الطيالسي وطبقتهم ولي قضاء بغداد وحدث عنه ابن صاعد وإسماعيل الصفار وأبو بكر النجاد وطائفة وكان ثقة، ثبتًا، حجة، ومات في ذي الحجة سنة ثمانين ومائتين. انظر طبقات الحفاظ 2/ 596 - 597.

ومن كتاب الأيمان

ومن كتاب الأيمان جمع يمين أجمع العلماء على مشروعيتها (¬1) للكتاب والسُّنَّة (¬2)، وكان أكثر قسم (¬3) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (¬4)، ومصرف القلوب (¬5)، ومقلب القلوب (¬6)، ووضعها في الأصل لتوكيد المحلوف (¬7) عليه. واليمين: القسم والإيلاء و (¬8) الحلف (¬9) بألفاظ مخصوصة على وجه مخصوص. ¬

_ (¬1) في ب مشروعيته. (¬2) المشروعية هنا بمعنى الجواز فإنّه ورد الشّرع بجوازها وثبوت أحكامها. انظر الإجماع ص 108 - 109. (¬3) في هـ دعاء. (¬4) ما بين القوسين من ب. (¬5) رواه النسائي 7/ 2، 3 وابن ماجة برقم 2092. (¬6) رواه الإمام مالك في الموطأ 3/ 68 بلاغًا، ووصله البخاريّ 11/ 452 وأبو داود برقم 3263 والترمذيُّ برقم 1540. (¬7) في د، س التوكيد المخالف. (¬8) سقطت الواو من هـ، ط. (¬9) سقطت من د، س.

تنعقد (¬1) اليمين بالرسول ... ...................... أي: بمحمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتجب الكفارة إذا حنث فيها، روى (¬2) عن أحمد أنَّه قال (¬3): إذا حلف بحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحنث فعليه الكفارة وقاله (¬4) أكثر الأصحاب؛ لأنّه أحد شرطي الشّهادة فالحلف به كالحلف بالله تعالى. والصّحيح من المذهب لا تنعقد اليمين بغير الله تعالى قدمه في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها وهو قول جمهور الفقهاء (¬5) لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت" (¬6)، ولأنّه حلف بغير الله فلم تجب الكفارة بالحنث فيه كسائر الأنبياء عليهم السّلام (¬7). ...................... ... وباليمين مانع الدخول بيتًا فبالمسجد والحمام ... يحنث والكعبة عن إمامي يعني: من حلف لا يدخل بيتًا ولا نيّة ولا سبب حنث بدخول المسجد والحمام والكعبة وكذا بيت شعر وأدم (¬8) وكذا من حلف لا يركب فركب سفينة حنث (¬9). وقال أكثر الفقهاء: لا يحنث، لأنّه لا يسمى بيتًا في ¬

_ (¬1) في جـ ينعقد. (¬2) في ط لما روى. (¬3) سقطت من النجديات، ط. (¬4) في أوقال وفي جـ، ط وبه قال. (¬5) في النجديات، هـ، ط العلماء. (¬6) رواه البخاريّ 11/ 461 - 462 ومسلمٌ برقم 1646 وأبو داود برقم 3249 والترمذيُّ برقم 1534 وأحمدُ 2/ 11، 17، 142. (¬7) انظر بدائع الصنائع 3/ 21 وعارضة الأحوذي 7/ 18 والأم 7/ 55 ومغني المحتاج 4/ 320. (¬8) في ط الشعر والأدم. (¬9) ذكر المواق في التاج والإكليل 3/ 297 عن الإمام مالك قال: (من حلف لا يسكن بيتًا =

العرف (¬1). ولنا: أنّها بيوت حقيقة أمّا المساجد فقال الله تعالى: {في بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَنْ تُرْفَعَ} [النور: 36]، (¬2)، وأمّا الكعبة فقال الله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} [آل عمران: 96]، (¬3)، وأمّا الحمام فلقوله عليه السّلام: "بئس البيت الحمام" (¬4) وإذا كان البيت (¬5) في (¬6) الحقيقة بيتًا وفي عرف الشّرع بيتًا حنث بدخوله كبيت الإنسان. واسم البيت أيضًا يقع على بيت الشعر والأدم قال تعالى: {وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ} [النحل: 80]، وهذا بخلاف الخيمة فإنها في العرف لا تسمى بيتًا فلا يحنث بدخولها، وكذا ركوب ¬

_ = فسكن بيت شعر وهو بادٍ أو حضري ولا نيّة له حنث لأنّ الله تعالى قال: {بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا} [النحل: 80]). وذكر عن ابن القاسم أنَّه يحنث أيضًا بدخول الحمام وكذلك قالت الحنفية فيمن حلف لا يركب ولم ينو شيئًا فركب سفينة فإنّه يحنث قال الكاساني في بدائع الصنائع 3/ 71: ولو حلف لا يركب مركبًا ولا نوى شيئًا فركب سفينة أو محملًا أو دابة بإكاف أو سرج حنث لوجود الرُّكوب. وذكر النووي من الشّافعيّة في كتابه المنهاج 4/ 334: أن من حلف لا يدخل بيتًا حنث بكل بيت من طين أو حجر أو آجر أو خشب أو خيمة ولا يحنث بمسجد وحمام وكنيسة وغار جبل. (¬1) انظر بدائع الصنائع 3/ 38 والكافي لابن عبد البرّ 1/ 451 ومغني المحتاج 4/ 334. (¬2) في أكتابة الآية غير واضح أغلبها. (¬3) سقطت من الأزهريات. (¬4) عزاه الألباني في إرواء الغليل 8/ 205 إلى الطبراني وأبو حفص الكتاني ويحيى بن منده وضعفه، وذكره المنذري في الترغيب والترهيب 1/ 144 ولفظه: "احذروا بيتًا يقال له الحمام" الحديث. وقال: "رواه البزار وقال رواه النَّاس عن طاووس مرسلًا قال الحافظ ورواته كلهم محتج بهم في الصّحيح ورواه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ولفظه: "اتقوا بيتًا يقال له الحمام". الحديث ورواه الطبراني في الكبير بنحو الحاكم وقال في أوله: "شر البيوت الحمام ترفع فيه الأصوات وتكشف فيه العورات". أ. هـ. (¬5) سقط من د، س. (¬6) سقطت من النجديات، هـ.

السفينة يسمى ركوبًا لقوله تعالى: {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللهِ} الآية (¬1) (و) {فَإِذَا رَكِبُوا في الْفُلْكِ} [العنكبوت: 65] (¬2). وحالف عبدي لأضربنه ... غدًا وذا (¬3) الشيء لآكلنه فمات أو قد تلف المأكول ... في يومه بحنثه نقول (¬4) أي: إذا حلف ليضربنّ عبده ونحوه غدًا أو ليأكلن كذا غدًا (¬5) ونحوه فمات العبد أو تلف المحلوف عليه قبل الغد أو قبل التمكن من فعله حنث حال تلفه وهو أحد قولي الشّافعيّ (¬6). وقال أبو حنيفة ومالك والشّافعيّ في قوله الآخر: لا يحنث، لأنّ فوات المحلوف عليه بغير اختياره فأشبه المكره والناسي (¬7). ولنا: أنَّه لم يفعل ما حلف عليه في وقته من غير إكراه ولا نسيان وهو من أهل الحنث فحنث كما لو أتلفه باختياره وكما لو حلف ليحجن العام فعجز عنه لمرض أو فقد نفقة. وفارق الإكراه والنِّسيان فإن الامتناع لمعنى في الحالف وها هنا الامتناع لمعنى في المحل فأشبه ما لو ترك ضربه أو أكله لصعوبته. ومانع الكلام من فلان ... يحنث بالإرسال في الأيمان ¬

_ (¬1) وما بين القوسين من ط. (¬2) ليست هذه الآية في النجديات، هـ، ط. (¬3) في النجديات ذاك. (¬4) في نظ تقول. (¬5) في د، س كذا أو عدًا. (¬6) وهو قول أبي يوسف قال في الهداية 5/ 139: (ومن قال إنَّ لم أشرب الماء الّذي في هذا الكوز اليوم فامرأتي طالق وليس في الكوز ماء لم يحنث، فإن كان فيه ماء فأهريق قبل اللّيل لم يحنث، وهذا عند أبي حنيفة ومحمَّد، وقال أبو يوسف يحنث في ذلك كله). أ. هـ. وعلى هذا الخلاف إذا كان اليمين بالله تعالى. (¬7) انظر فتح القدير 5/ 139 والفروق للقرافي 3/ 85 - 86 ومغني المحتاج 4/ 344.

أي: لو حلف لا يكلم فلانًا فراسله حنث إِلَّا أن يريد عدم مشافهته (¬1). وقال أبو حنيفة والثوري وابن المنذر والشّافعيّ في الجديد: لا يحنث؛ لأنّه ليس بتكليم في الحقيقة، ولهذا يصح نفيه فيقال ما كلمته وإنّما راسلته (¬2) (¬3). ولنا: قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ الله إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشورى: 51]، (¬4) فاستثنى الرسول من التكلم (¬5) والأصل أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه، ولأنّه وضع لإفهام الآدميين أشبه الخطاب، لكن لو حلف لا يكلم زيدًا فأرسل رسولًا لأهل العلم يسأل (¬6) عن حكم فسأله الرسول (¬7) لم يحنث المرسل؛ لأنّه لم يقصده بالمراسلة. وهكذا يحنث إنَّ أشارا ... إليه كالكتب فلا يماري أي: وكذا يحنث من حلف لا يكلم إنسانًا إن (¬8) أشار إليه أو كاتبة كما يحنث بمراسلته لما تقدّم وهذا في الإشارة اختيار القاضي واقتصر عليه في الإقناع في الأيمان (¬9)، ولكن جزم هو وصاحب المنتهى في الطّلاق بقول ¬

_ (¬1) وهو رواية عن الإمام مالك ذكرها القرطبي في تفسيره 16/ 54 وقال المواق في التاج والإكليل 3/ 300: قال مالك: من حلف ألَّا يكلم فلانًا فأرسل إليه رسولًا أو كتب إليه كتابًا حنث إِلَّا أن ينوي مشافهته والكتاب أشد وهذا في أيمان الطّلاق والعتاق ثمّ رجع مالك فقال: لا ينوي في الكتاب ويحنث بمجرد وصوله. (¬2) في هـ أرسلته. (¬3) انظر بدائع الصنائع 3/ 48 والمنهاج 4/ 345. (¬4) ما بين القوسين ليس في الأزهريات. (¬5) في هـ التكليم. (¬6) في د، س سأل. (¬7) سقطت من النجديات، هـ. (¬8) في ب فأشار وسقطت إن من هـ. (¬9) وهو قديم قولي الشّافعيّ ودليله قوله تعالى: {آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا} [آل عمران: 41]. فقد استثنى الرمز من الكلام فدل على أنَّه منه، وقد أجيب عنه بما ذكره المؤلِّف بعد، انظر مغني المحتاج 4/ 345 - 346 وذكره بعض المالكية رواية عن مالك. انظر مواهب الجليل 3/ 300.

أبي الخطاب أنَّه لا يحنث بالإشارة إليه؛ لأنّها ليست بكلام (¬1)، قال (¬2) الله تعالى: خطابًا لمريم عليها السّلام: {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} (¬3) إلى قوله تعالى {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} [مريم: 26 - 29] وأمّا قوله تعالى: {آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا} [آل عمران: 41] فهو استثناء منقطع. بلفظة اليمين من (¬4) كررها ... حتّى لأفعال بذا حررها كفارة واحدة في الأشهر ... لحنثه كاف فلا تكرر أي: إذا حلف أيمانًا ولو على أفعال مختلفة كإن حلف لا يأكل وحلف (¬5) لا يشرب وحلف لا يذهب لموضع كذا وكذا وحنث في الجميع قبل أن يكفر كفته كفارة واحدة عن الجميع على الأشهر الصّحيح من المذهب وهو قول إسحاق. وقال أكثر أهل العلم: عليه لكل (¬6) يمين كفارة، لأنّها (¬7) أيمان لا يحنث في إحداهن بالحنث (¬8) في الأخرى فلا (¬9) تتكفر إحداهن (¬10) بكفارة الأخرى كالإيمان المختلفة الكفارة (¬11). ¬

_ (¬1) الإقناع مع شرحه كشاف القناع 5/ 306 و 6/ 260 والمنتهى مع شرحه للمؤلف 3/ 169 والهداية 2/ 52 ولم يجزم به. (¬2) في هـ وقال. (¬3) ما بين القوسين من ط. (¬4) في ب من إن وفي جـ لمن. (¬5) سقطت من النجديات. (¬6) في د، س بكل. (¬7) في ط ولأنّها. (¬8) في جـ من الحنث. (¬9) في ط فلا. (¬10) في النجديات إحداهما. (¬11) وهي رواية عن الإمام أحمد رجحها الموفق في المغني 11/ 212 واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية. انظر الاختيارات 328 وانظر حاشية الدسوقي 2/ 135 - 136.

ولنا: أنّها كفارات (¬1) من جنس واحد فتداخلت كالحدود من جنس وإن اختلفت محالها كالسرقات من جماعة (¬2) والزنا بنساء. وعندنا الحقب ثمانون سنة ... والقاضي فاختار (¬3) أقل الأزمنة الحقب (¬4): ثمانون سنة، وقال مالك: أربعون، لأنّه يروى عن ابن عبّاس (¬5)، وقال القاضي وأصحاب الشّافعيّ: هو أدنى زمان لأنّه لم ينقل فيه عن أهل اللُّغة تقدير (¬6). ولنا: ما روي عن ابن عبّاس في تفسير قوله تعالى: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23)} [النبأ: 23]، الحقب ثمانون سنة (¬7)، وما ذكره القاضي وأصحاب الشّافعيّ لا يصح؛ لأنّ قول ابن عبّاس حجة ولأن ما ذكروه (¬8) يفضي إلى حمل كلام الله تعالى في قوله: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23)}، وقول موسى: {أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} [الكهف: 60]، إلى اللكنة (¬9)؛ لأنّه أخرج ذلك مخرج الكثير، فهذا صار معنى ذلك لابثين فيها ساعات أو لحظات أو أمضى (¬10) ساعات ولحظات كان (¬11) معناه التقليل وهو ضد المفهوم منه، ولم يذكره أحد من المفسرين فيما نعلم فلا يجوز تفسير الحقب به قاله في الشرح (¬12). ¬

_ (¬1) في النجديات كفارة. (¬2) سقطت من النجديات. (¬3) سقطت من نظ. (¬4) في أ، جـ بالحقب. (¬5) لم أجده وهو في المغني 11/ 302، والشرح الكبير 11/ 252. (¬6) انظر المهذب مع التكلمة 18/ 100. (¬7) رواه ابن جرير قال: حدّثنا ابن حميد قال: حدّثنا مهران عن أبي سنان عن ابن عبّاس، وقد روى مثله عن علي وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو وسعيد بن جبير وقتادة: انظر تفسير الطّبريّ 15/ 272، 30/ 11. (¬8) في النجديات ذكره. (¬9) في د، س الكنة وفي هـ اللكنة. (¬10) في ب أمضي فيها. (¬11) في ط كما. (¬12) الشرح الكبير 11/ 252.

ومن باب النذور

ومن باب النذور النَّذْر لغة: الإيجاب يقال نذر دم فلان بمعنى أوجبه (¬1). وشرعًا: إلزام مكلف مختار ولو كافرًا بعبادة (¬2) نفسه لله تعالى (¬3) شيئًا غير لازم بأصل الشّرع ولا محال. وينعقد بكل قول يدلُّ عليه، وأجمع المسلمون على صحة النَّذْر في الجملة ووجوب الوفاء به، قال تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: 7]، وقال (¬4): {وَلْيُوفُوا (¬5) نُذُورَهُمْ} [الحجِّ: 29]. وعن عائشة (رضي الله عنها (¬6)) قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من نذر أن يطيع (¬7) الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي (¬8) الله فلا يعصه" رواه الجماعة إِلَّا مسلمًا (¬9)، والنذر مكروه لا يأتي بخير ولا يردّ قضاء وإنّما يستخرج (¬10) به من البخيل. ¬

_ (¬1) أي: أوجب قتله على نفسه. (¬2) معنى قوله: (ولو كافرًا بعبادة أي ولو كان الملزم نفسه كافرًا وكان ما ألزم نفسه عبادة فإنّه يصح). (¬3) ليست في د، س. (¬4) سقطت من هـ. (¬5) في النجديات واليوفوا. (¬6) ما بين القوسين من ط. (¬7) في ب، جـ يطع. (¬8) في ب يعص. (¬9) البخاريّ 11/ 508 وأبو داود برقم 3289 والترمذيُّ برقم 1526 والنسائيُّ 7/ 17. (¬10) في د، س يستحر.

وناذر العصيان في التقدير ... فعقده يحل بالتكفير أي: ينعقد نذر المعصية ويحرم الوفاء به لما تقدّم من حديث عائشة ويكفر كفارة يمين ولو أنَّه نذر ذبح ولده. وقال أبو حنيفة: فيما إذا نذر ذبح ولده كفارته (¬1) ذبح كبش ويطعمه المساكين (¬2). وقال الشّافعيّ: لا يجب به شيء (¬3) لقوله -عليه السّلام-: "لا نذر في معصية ولا فيما لا يملك (¬4) ابن آدم" (¬5). ولنا: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين" رواه سعيد (¬6) ولأن النَّذْر حكمه حكم اليمين بدليل قوله -عليه السّلام-: "النَّذْر حلفة وكفارت كفارة يمين" (¬7) فيكون بمنزلة من حلف ليذبحن ولده، وإذا (¬8) نذر صوم يوم عيد أو حيض أو أيّام تشرين لم يف به وعليه كفارة يمين وقضاء يوم غير حيض؛ لأنّه مناف للصوم لمعنى فيه كمن (¬9) نذر صوم يوم أكل فيه فإنّه لا ينعقد بخلاف يوم العيد؛ لأنّه (¬10) لمعنى في غيره وهو كونه في ¬

_ (¬1) سقطت من هـ. (¬2) انظر بدائع الصنائع 5/ 85 والمبسوط 8/ 139، 142. (¬3) مغني المحتاج 4/ 325. (¬4) في هـ فيما يهلك. (¬5) رواه مسلم برقم 1641 وأبو داود برقم 3316 والنسائيُّ 7/ 28. (¬6) رواه مسلم 1641 وأبو داود برقم 3316 والنسائيُّ 7/ 28. (¬7) رواه أبو داود برقم 3292 والترمذيُّ برقم 1525 والنسائيُّ 7/ 26 قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 11/ 509: رواه أصحاب السنن ورواته ثقات لكنه معلول فإن الزّهريُّ رواه عن أبي سلمة ثمّ بين أنَّه حمله عن سليمان بن أرقم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة فدلسه بإسقاط اثنين وحسن الظن بسليمان وهو عند غيره ضعيف باتفاقهم وحكى التّرمذيّ عن البخاريّ أنَّه قال: لا يصح ولكن له شواهد. (¬8) في النجديات، هـ، ط وإن. (¬9) في هـ لمن. (¬10) في ب في بدل لأنّه.

ضيافة الله عَزَّ وجَلَّ، أشار إلى الفرق في القواعد الأصولية (¬1). وفي المباح ناذر يخير ... إنَّ لم يف يلزمه يكفر أي: من نذر مباحًا كلّله عليّ أن ألبس ثوبي ونحوه (¬2) خير بين فعله ولا شيء عليه أو تركه (¬3) وعليه كفارة يمين (¬4). وقال مالك والشّافعيّ: لا ينعقد نذره لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا نذر إِلَّا فيما ابتغي به (¬5) وجه الله تعالى" (¬6)، ولحديث ابن عبّاس قال: بينما (¬7) النبي يخطب إذا (¬8) هو برجل قائم، فسأل عنه، فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشّمس ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مروه فليجلس (¬9) وليستظل (¬10) وليتكلم وليتم صومه" رواه البخاريّ (¬11)، ولم يأمره بكفارة (¬12). ولنا: ما تقدّم من قوله -عليه السّلام-: "النَّذْر حلفة وكفارته كفارة يمين" وروى عقبة ابن عامر أن أخته نذرت المشي إلى بيت الله الحرام فسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: "مروها فلتركب ولتكفر عن يمينها" رواه أبو ¬

_ (¬1) القواعد الأصولية 278 - 279. (¬2) ليس في ب ونحوه. (¬3) في جـ و. (¬4) وهو قول في مذهب الشّافعيّة ورجحه النووي في المنهاج 4/ 357 قال -رحمه الله-: (ولو نذر فعل مباح أو تركه لم يلزمه لكن إنَّ خالف لزمه كفارة يمين على المرجح). (¬5) في النجديات، هـ فيه. (¬6) رواه أبو داود برقم 3273، 3274. (¬7) في النجديات، ط بينما. (¬8) في أ، ب إذ. (¬9) في النجديات والأزهريات فيجلس. (¬10) في أ، جـ، هـ ويستظل. (¬11) البخاريّ 11/ 512 أبو داود برقم 3300. (¬12) انظر الكافي لابن عبد البرّ 1/ 457 ومغني المحتاج 4/ 357.

داود (¬1)، وهذه زيادة يجب الأخذ بها، ويجوز أن يكون الراوي للحديث ذكر البعض وترك البعض. من نذر الطّواف بالبيت (¬2) على ... أربع منهي بأن (¬3) لا يفعلا لكن طوافان عليه عندنا ... والنص من (¬4) دقيق فقه انبنا (¬5) يعني (¬6) لو نذر أن يطوف على رجليه ويديه لم يف (¬7) به ويطوف أسبوعين (¬8)، وكذا لو نذر أن يسعى على أربع إقامة (¬9) للطواف الثّاني مقام طوافه على يديه، وذلك لما روى معاوية بن خديج الكندي أنَّه قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه أمه (¬10) كبشة بنت معدي كرب عمة الأشعث بن قيس (¬11) فقالت: يا رسول الله إنِّي آليت أن أطوف بالبيت حبوًا، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "طوفي على رجليك سبعَيْن سبعًا عن يديك وسبعًا عن رجليك" رواه الدارقطني (¬12)، وقال ابن عبّاس في امرأة نذرت أن تطوف بالبيت على أربع قال: (تطوف عن يديها سبعًا وعن رجليها سبعًا) رواه (¬13) سعيد. ¬

_ (¬1) أبو داود برقم 3299. (¬2) في نظ، أ، جـ، د، س في. (¬3) في نظ فإن لا يفعلا. (¬4) في ب، جـ، ط. (¬5) في ب، والأزهريات، ط أتقنا وفي نظ والنص في دقيق فقه اتقنا. (¬6) سقطت من جـ، ط. (¬7) في النجديات يوف. (¬8) أي: أربعة عشر شوطًا فكل سبعة أشواط تسمى أسبوعًا. (¬9) في جـ، ط أقام. (¬10) سقطت من ب، جـ. (¬11) بياض في أ. (¬12) الدارقطني 2/ 273. (¬13) ورواه عبد الرزّاق 8/ 457 وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية قال في الاختيارات 331: ولو نذر الطّواف على أربع طاف طوافين وهو المنصوص عن أحمد ونقل عن ابن عبّاس.

لمكة ناذر مشي ركبًا (¬1) ... مع عجزه التكفير أيضًا وجبا (¬2) يعني: إذا نذر المشي لمكة المشرفة أو بيت الله الحرام أو موضع من الحرم لزمه المشي في حج أو عمرة، لأنّه هو المشي إليه في الشّرع فإن عجز عن المشي فركب فعليه كفارة يمين. وقال أبو حنيفة: هدي، وأقله شاة سواء عجز عن المشي أو قدر عليه (¬3) وقال الشّافعيّ: يلزمه دم (¬4)، وأفتى به عطاء لما روى ابن عبّاس أن أخت عقبة بن عامر نذرت المشي إلى بيت الله الحرام فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أن تركب وتهدي هديًا" رواه أبو داود وفيه ضعف (¬5). وقال مالك: يحج من قابل ويركب ما مشى ويمشي ما ركب ويهدي (¬6). ولنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كفارة النَّذْر كفارة اليمين (¬7) " (¬8)، ولأن المشي ممّا لا يوجبه (¬9) الإحرام فلم يجب الهدي بتركه (¬10) كما لو نذر صلاة ركعتين فتركهما وحديث الهدي ضعيف (¬11) (¬12). ¬

_ (¬1) في د، س راكبًا. (¬2) في د، س واحبا. (¬3) فتح القدير 5/ 181. (¬4) المنهاج 4/ 364. (¬5) أبو داود رقم 3296 وقد سكت عنه المنذري، انظر عون المعبود 9/ 127. (¬6) الكافي لابن عبد البرّ 1/ 458 وقد ذكر أن ذلك فيما إذا ركب مسافة كبيرة، أما إذا ركب مسافة قصيرة فعليه هدي وليس عليه عود. (¬7) في د، س يمين. (¬8) مسلم برقم 1645 وأبو داود برقم 3323 والنسائيُّ 7/ 26. (¬9) في د، س يحبه. (¬10) في النجديات، ط لتركه. (¬11) في هـ ضعف. (¬12) قال الصنعاني في سبل السّلام 8/ 229: (قال البخاريّ: لا يصح في حديث عقبة بن عامر الأمر بالإهداء فإن صح فكأنه أمر ندب وفي وجهه خفاء ولكن قد ثبت من حديث ابن عبّاس لتركب ولتهد بدنه وقيل: هو على شرط الشيخين). أ. هـ بتصرف ..

من نذر الصِّيام يوم العيد ... أفطره حتمًا (¬1) بلا ترديد لكنما (¬2) كفارة اليمين ... مع القضا تلزم باليقين أي: إذا نذر أن يصوم يوم عيد فطر أو أضحى (¬3) أفطره وجوبًا لتحريم صومه، وعليه كفارة يمين لعدم وفائه بنذره، وعليه أيضًا قضاؤه (¬4)، وهذا مبني على انعقاد نذر المعصية، وتقدم بيان الخلاف فيه. واختار القاضي وغيره يلزمه كفارة يمين فقط، وتقدمت الإشارة إلى الفرق بينه وبين نذر صوم يوم حيض (¬5). يوم قدوم الحب من قد نذرا ... صومًا وكان قافلًا قد هجرا وافقه في الطالع السعيد (¬6) ... يوم الوصال كان يوم عيد (¬7) فعنه لا يصوم يقضي وطرًا (¬8) ... وعينوه قاضيًا مكفرًا الحب: بكسر الحاء: المحبوب، والقافل: الراجع من سفر، والمعنى أنَّه إذا نذر صوم يوم يقدم فلان فقدم يوم العيد فعن أحمد لا يصومه بل يقضي ويكفر كفارة يمين وهو قول أكثر أصحابنا والحاكم وحماد. وعنه: يقضي ولا كفارة، وهو قول الحسن والأوزاعي وأبي عبيد وأحد قولي الشّافعيّ؛ لأنّه فاته (¬9) الصوم الواجب بالنذر فلزمه قضاؤه كما لو ¬

_ (¬1) في هامش أ، جـ (وفي نسخة جزمًا). (¬2) في نظ والأزهريات لكنها. (¬3) في أ، جـ ضعيف. (¬4) مذهب الحنفية يصح النَّذْر ويجب فطرها ويقضي، ولكن هل يكفر لم يذكر في بدائع الصنائع 5/ 83 أن عليه شيئًا. (¬5) في النجديات، هـ، ط الحيض. (¬6) في أ، حـ الصّعيد. (¬7) في د، س العيد. (¬8) في نظ فطر. (¬9) في النجديات، هـ فات.

تركه نسيانًا، ولم تلزمه كفارة؛ لأنّ الشّرع منعه من صومه فهو كالمكره (¬1). وعنه: إنَّ صامه صح؛ لأنّه وفى بنذره وهو مذهب أبي حنيفة (¬2). وقال مالك والشّافعيّ في أحد قوليه: لا يلزمه قضاء ولا كفارة (¬3)، بناء على أن نذر المعصية غير منعقد، وتقدم جوابه. لصوم شهر ناذر إذ (¬4) يطلق (¬5) ... تتابع يلزم (¬6) لا يفرق أي: إذا نذر صوم شهر وأطلق لزمه صومه متتابعًا فلا يفرقه (¬7) وهذا قول أبي ثور؛ لأنّ إطلاق الشهر يقتضي التتابع. وقال الشّافعيّ ومحمَّد بن الحسن: لا يلزمه التتابع، لأنّ الشهر يقع على ما بين الهلالين وعلى الثلاثين يومًا، ولا خلاف في أنَّه يجزيه ثلاثون يومًا فلم يلزمه التتابع كما لو نذر ثلاثين يومًا (¬8)، والفرق ظاهر (¬9). مع قدرة أفطر صومًا (¬10) عينًا ... تكفيره مع القضا تبينًا أي: لو نذر صوم زمن معين كشهر رجب فأفطر منه يوم مثلًا مع ¬

_ (¬1) انظر حواشي الشرواني وابن قاسم العبادي على تحفة المحتاج 10/ 83 - 84. انظر بدائع الصنائع 5/ 83. (¬2) انظر مغني المحتاج 4/ 361 والكافي لابن عبد البرّ 1/ 460. (¬3) في نظ إن يطلق. (¬4) في أ، جـ هـ إذ قد يطلقوا. (¬5) في نظ والنجديات، ط يلزمه. (¬6) في هامش نسختي أ، جـ ومنذر الصِّيام شهرًا مطلقًا تتابعا يلزم لا مفرقا وهو كذا في جـ ولكنه مخروم. (¬7) هي هـ يفرق. (¬8) انظر مغني المحتاج 4/ 359 وبدائع الصنائع 5/ 94 - 95 ولم يذكر الكاساني فيه خلافًا في مذهب الحنفية. (¬9) وذلك أن الثلاثين يومًا شهر فإذا عبر بثلاثين كان عدوله إليها دليلًا على إرادة التفريق بخلاف التعبير بالشهر لإنه يدلُّ على إرادة التتابع كذا قال بعض الحنابلة. انظر المغني 11/ 366. (¬10) في د، س يومًا.

القدرة لزمه استئنافه ولزمته أيضًا كفارة يمين (¬1) لفوات محل المنذور. وقال الشّافعيّ: لا يلزمه الاستئناف إِلَّا أن يكون قد شرط التتابع؛ لأنّ وجوب التتابع ضرورة التعيين (¬2) إِلَّا (¬3) بالشرط فلم يبطله الفطر في أثنائه كشهر رمضان (¬4). ولنا: أنَّه صوم يجب متتابعًا بالنذر فأبطله الفطر لغير عذر كما لو شرط التتابع، ويفارق رمضان فإن تتابعه بالشرع لا بالنذر، وإن كان الفطر لعذر بني (¬5) على ما مضى من صيامه و (¬6) قضى وكفر. وقال مالك (¬7) والشّافعيّ وأبو ثور وابن المنذر: لا كفارة؛ لأنّ النَّذْر محمول على المشروع، ولو أفطر رمضان لعذر ما يلزمه شيء (¬8). ولنا: أنَّه فاته ما نذره فلزمته الكفارة لما تقدّم في حديث (¬9) أخت عقبة بن عامر، وفارق رمضان فإنّه لو أفطر لغير عذر لم يلزمه كفارة إِلَّا في الجماع بخلاف هذا. ¬

_ (¬1) في النجديات، ط اليمين. (¬2) في أ، جـ اليقين وفي ب التعين ولعلّ الصواب لا تتعين. (¬3) في أ، جـ والأزهريات، ط لا. (¬4) الشرقاوي على التحرير 2/ 489. (¬5) في أ، جـ مبني. (¬6) سقطت الواو من أ، جـ. (¬7) سقطت من نسخة جـ. (¬8) انظر الكافي لابن عبد البرّ 1/ 348 - 349 والشرقاوي على التحرير 2/ 489. (¬9) في هـ لما تقدّم في تقدّم في حديث.

ومن كتاب القضاء والدعاوى

ومن كتاب القضاء (¬1) والدعاوى القضاء في الأصل: إحكام الشيء والفراغ منه، ويكون بمعنى إمضاء الحكم وسمي الحاكم قاضيًا، لأنّه يحكم الأشياء ويفصلها. والدعاوى: جمع دعوى وهي إضافة الإنسان إلى نفسه استحقاق شيء في يد غيره أو ذمته. وأجمع المسلمون على مشروعية (¬2) نصب القضاة والحكم بين النَّاس لقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله} [المائدة: 49]، وقوله: {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [هـ: 26]، وللأخبار (¬3) ويأتي بعضها. ونصب قاض عندنا ما فرضا ... وعكس الشيخان ذا ونقضا أي: نصب القاضي سنة (¬4) نصر القاضي وأصحابه (¬5)، وقال الشيخان: فرض كفاية وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب وقطع به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها؛ لأنّ (¬6) أمر النَّاس لا يستقيم (¬7) بدونه فكان واجبًا ¬

_ (¬1) سقطت من هـ. (¬2) في هـ مشروعيته. (¬3) في هـ والأخبار. (¬4) سقطت من أ، جـ، هـ. (¬5) وقال به القاضي أبو الطيب من الشّافعيّة قال في مغني المحتاج 4/ 372: (وعن القاضي أبي الطيب استحباب نصب القضاة في البلدان قال ابن الرفعة: ولم أره لغيره). (¬6) في هـ لأنّه. (¬7) في د، س لا يستقم.

عليهم كالجهاد والإمامة قال أحمد: لا بد للناس من حاكم: أتذهب (¬1) حقوق النَّاس (¬2)؟. يقبل بعد العزل قول القاضي ... كنت حكمت مطلقًا في الماضي أي: يقبل قول القاضي بعد عزله إذا كان عدلًا لا يتهم كنت حكمت لفلان على فلان بكذا حيث كان ممّن (¬3) يسوغ حكمه له به قال إسحاق. وقال أكثر الفقهاء: لا يقبل قوله، لأن (¬4) من لا يملك الحكم لا من يملك الإقرار به كمن أقر بعتق عبده بعد بيعه (¬5). ولنا: أنَّه لو كتب إلى غيره ثمّ عزل ووصل الكتاب بعد عزله لزم المكتوب إليه قبوله بعد عزل كاتبه فكذلك هذا، ولأنّه أخبر بما حكم به وهو غير متهم فيجب قبوله كحال ولايته، وسواء ذكر سنده (¬6) أو لا ولو أن العادة تسجيل (¬7) أحكامه وضبطها بشهود قال القاضي مجد الدين: ما لم يشتمل على إبطال حكم حاكم (¬8) وحسنه القاضي مجد الدين (¬9) بن نصر الله. ¬

_ (¬1) في د، س لتذهب. (¬2) وهو مذهب جمهور العلماء لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} [النِّساء: 135]، ولأن طباع البشر مجبولة على التظالم ومنه الحقوق وقيل من ينصف من نفسه ولا يقدر الإمام على الفصل في الخصومات كلها بنفسه فدعت الحاجة إلى توليه القضاء وهو أمر بمعروف ونهي عن منكر إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين. انظر مغني المحتاج 4/ 372 وحاشية ابن عابدين 5/ 368. (¬3) في هـ من. (¬4) في هـ لأنّه. (¬5) انظر المبسوط 16/ 107 - 108 والمدوّنة 6/ 146 والتاج والإكليل 6/ 110 ومغني المحتاج 4/ 383. (¬6) في الأزهريات مسندة. (¬7) في جـ تستحيل وفي هـ يتستجيل. (¬8) في هـ الحاكم. (¬9) سقط من د، س، ط.

ومثبت الحق على الغياب ... أو طفل أو غير ذوي الألباب فحقه يعطى بلا استحلاف ... مع الشهود ذا من الإنصاف يعني: إذا أدعى على غائب مسافة قصر أو على طفل أو مجنون أو ميت وأقام (¬1) بينة تامة أعطي حقه ولم يحلف مع بينته (¬2) يمين الاستظهار (¬3) على الصّحيح من المذهب. وقال الشّافعيّ وغيره: يحلف، لأنّه يجوز أن يكون استوفى ما قامت به البينة أو ملكه العين الّتي قامت بها البينة، ولأن الحاكم مأمور بالاحتياط (¬4). ولنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه" (¬5)، ولأنّها بينة عادلة فلم يجب اليمين معها كما لو كانت على حاضر مكلف. عين بيد الغير مذ تداعيا (¬6) ... أقر لكن قال: لست واعيًا من منهما؟ بلا شهود يقرع ... وحلف القارع أيضًا يشرع يعني: إذا ادعى اثنان عينا بيد غيرهما فقال: لا أعرف صاحبها، أو قال: هي لأحدهما ولا أعرف عينه، ولا بينة أقرع بينهما، فمن خرجت له ¬

_ (¬1) في هـ وقام. (¬2) في أ، بينه. (¬3) في ب شطب على كلمة الاستظهار وكتب في الهامش (أنَّه لم يبرأ إليه منه). (¬4) انظر مغني المحتاج 4/ 407/ 467 وحاشية ابن عابدين 5/ 587. (¬5) رواه التّرمذيّ برقم 1314 وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وضعف الحافظ في التلخيص 4/ 208 إسناده لكن له شاهد من حديث ابن عبّاس بإسناد صحيح، وآخر من حديث ابن عمر بسند جيد. انظر إرواء الغليل 8/ 379. (¬6) في أ، جـ من إذا تداعيا.

القرعة حلف أن العين له وأخذها، لما روى أبو هريرة: "أن رجلين تداعيا عينا لم يكن لواحد منهما بيِّنة فأمرهما النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يستهما (¬1) على اليمين أحبا أو كرها" (¬2)، رواه أبو داود (¬3)، ولأنّهما تساويا في الدعوى ولا بينة لواحد منهما ولا يد، والقرعة يتميز (¬4) عند التساوي، كما لو أعتق عبيدًا لا مال له (¬5) غيرهم في مرض موته (¬6). وإن يكونا قد أقاما بينة ... تعارضا والقرعة المبينة يعني: إذا ادعيا عينا ليس (¬7) بيديهما وهي بيد غيرهما كما تقدّم (¬8) وأقام كلّ منهما بينة (¬9) بها تعارضت بينتاهما وتساقطتا وأقرع بينهما فمن خرجت له القرعة حلف وأخذها روي (¬10) عن ابن (¬11) عمر وابن الزبير، وبه قال إسحاق وأبو عبيد، وهو (¬12) رواية عن مالك وقديم قول (¬13) الشّافعيّ لما روى ابن المسيّب أن رجلين اختصما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمر وجاء كلّ منهما بشهود عدول على عدة واحدة فأسهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما رواه الشّافعيّ في مسنده (¬14)، ولعدم المرجح. ¬

_ (¬1) في أيتهما. (¬2) في هـ أكرها. (¬3) أبو داود برقم 3616 - 3618. (¬4) في هـ تمييز. (¬5) سقطت من هـ. (¬6) وبهذا قال ابن حزم في المحلى 9/ 436 واستدل بالحديث المذكور هنا وسكت عليه. (¬7) في النجديات، هـ، ط في يد غيرهما. (¬8) في هـ كما لو تقدّم. (¬9) في أ، جـ بينتهما. (¬10) في هـ وروى. (¬11) في ب علي بن عمر. (¬12) في أ، جـ هـ وفي، وفي ب، ط وهي. (¬13) في ب، ط قولي. (¬14) لم أجده في مظانه من مسند الإمام الشّافعيّ وقد رواه البيهقي 10/ 259 وهو مرسل صحيح الإسناد. انظر إرواء الغليل 8/ 278.

وقال أبو حنيفة: تقسم العين بينهما، وهو قول الشّافعيّ: (لما روى أبو موسى: "أن رجلين اختصما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعير فأقام كلّ واحد منهما شاهدين فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبعير بينهما (¬1) " (¬2) وله قول آخر: تقدّم إحدى البينتين بقرعة (¬3)، وله قول آخر: يوقف الأمر حتّى يتبين وهو قول أبي (¬4) ثور (¬5). ولنا: خبر أبي موسى (¬6) وابن المسيّب، ولأن تعارض الحجتين لا يوجب التوقف كالخبرين، بل إذا تعذر الترجيح أسقطناهما ورجعنا إلى دليل غيرهما فتُسْقَط (¬7) البينتين ويقرع (¬8) بينهما فمن خرجت له القرعة حلف وأخذها كما لو لم يكن (¬9) لهما (¬10) بينة. ¬

_ (¬1) رواه أبو داود برقم 3613. قال الشوكاني في نيل الأوطار 8/ 339: (حديث أبي موسى أخرجه أيضًا الحاكم والبيهقيُّ وذكر الاختلاف فيه على قتادة وقال: هو معلول، وذكر عن المنذري أن أبا داود خرج هذا الحديث بأسانيد كلهم ثقات). (¬2) ما بين القوسين من ب. (¬3) الفرق بين هذا القول والقول الأوّل الّذي هو قديم قول الشّافعيّ أننا، إذا قلنا: إنَّ البينتين تسقطان أقرع بينهما فمن خرجت له القرعة حلف وأخذها كما لو لم تكن لهما بينة. وإن قلنا: يعمل بالبينتين ويقرع بينهما فإن من خرجت له القرعة يأخذها من غير يمين. (¬4) في ب أبو ثور. (¬5) انظر حاشية ابن عابدين 5/ 571 والمدوّنة 6/ 187، 190 ومغني المحتاج 4/ 480. (¬6) حديث أبي موسى لا يدلّ على استعمال القرعة عند تعارض البينتين. بل هو دليل لأبي حنيفة -رحمه الله- فلعلّه سبق قلم والصواب ولنا خبر أبي هريرة وابن المسيّب والمراد حديث أبي هريرة الّذي ساقه المؤلِّف في المسألة السابقة وفيه الاستهام على اليمين حيث لا بينة لأحد الخصمين. (¬7) في ط فنسقط. (¬8) في هـ يقرع وفي ط نقرع. (¬9) سقطت من د، س. (¬10) في هـ لهم.

بينة الخارج قدمها على ... بينة الداخل والغ الجدلا حتّى (¬1) ولو تشهد بالنتاج ... بينة الداخل والنساج أيضًا ولو كانت بسبق الملك ... تشهد عن إمامنا ذا محكي يعني: إذا كان العين بيد إنسان فادعاها آخر وأقام كلّ منهما بينة (¬2) بدعواه قدمت بينة المدعي، وتسمى (بينة المدعي) (¬3) بينة الخارج، وتسمى بينة المدعى عليه بينة الداخل، وهو قول إسحاق، وسواء شهدت بينة الداخل بالملك فقط أو بالنتاج بأن تشهد (¬4) بأنّها نتجت في ملكه أو بالنساج بأن تشهد أنَّه نسجها (¬5) أو بسبق الملك (¬6) بأن تشهد أنّها في ملكه منذ سنتين (¬7) وبينة الخارج منذ سنة أولًا فتقدم بينة الخارج بكل حال. وقال أكثر أهل العلم: تقدّم بينة المدعى عليه (¬8) بكل حال؛ لأنّ جنبته أقوى، لأنّ الأصل معه ويمينه تقدّم على يمين المدعي (¬9). وقال بعضهم: إنَّ شهدت بالنتاج أو النسج فيما لا يتكرر نسجه قدمت، لأنّها إذا شهدت بالسبب فقد أفادت ما لا تفيده اليد (¬10). ¬

_ (¬1) سقطت من هـ. (¬2) في هـ بينته. (¬3) ما بين القوسين من ب، جـ، ط. (¬4) في أ، جـ، ط بها بأنّها. (¬5) في أ، ج أنسجها. (¬6) في ب، جـ سبق بدون حرف الجر وسقط من ب لفظ الملك أيضًا. (¬7) في هـ سنين. (¬8) سقطت من أ، هـ. (¬9) انظر المدوّنة 6/ 186، 189 والمنهاج 4/ 480. (¬10) وبهذا قالت الحنفية. انظر تحفة الفقهاء 3/ 251 - 253، 257 وشرح العناية 8/ 173 وبمثله قالت الظاهرية قال ابن حزم في المحلى 9/ 436: (ومن ادعى شيئًا في يد غيره فإن أقام فيه البينة أو أقام كلاهما البينة قضي به للذي ليس الشيء في يده إِلَّا أن يكون في بينة من الشيء في يده بيان زائد بانتقال ذلك الشيء إليه أو يلوح بتكذيب بينة الآخر).

ولنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "البيِّنة على المدعي واليمين على المدعى عليه" فجعل جنس البينة في جنبة المدعي فلا يبقى في جنبة المدعى عليه بينة، ولأن بينة المدعي أكثر فائدة فوجب تقديمها كتقديم (¬1) بينة الجرح على (بينة) (¬2) التعديل، ودليل كثرة فائدتها أنّها تثبت شيئًا (لم يكن، وبينة المنكر إنّما تثبت) (¬3) شيئًا ظاهرًا تدل اليد عليه فلم تكن مفيدة، لأنّ الشّهادة بالملك يجوز أن يكون مستندها (¬4) رؤية اليد والتصرف، فإن ذلك (¬5) جائز عند كثير من أهل العلم (¬6) فصارت البينة بمنزلة اليد المفردة فتقدم عليها بينة المدعي (¬7) كما تقدّم على اليد، وحيث قلنا تقدّم بينة الخارج فلا فرق بين الرجلين والرجل والمرأتين والرجل (¬8) واليمين فيما يكفي فيه ذلك، ولا ترجيح بكثرة عدد، أو (¬9) اشتهار عدالة. عن ولدين كافر ومسلمٌ ... مات أب بأصل دين مبهم فالقول للكافر مع يمينه ... أن أباه مات وفق (¬10) دينه وعنه بل يقتسما (¬11) ما ورثا ... والقاضيان فبذاك اكترثا يعني: إذا مات من لا يعرف دينه وخلف تركة وابنين يعترفان أنَّه أبوهما أحدهما مسلم والآخر كافر وادعى كلّ منهما أنَّه مات على دينه فإن ¬

_ (¬1) في ب كما تتقدم. (¬2) ما بين القوسين من ب. (¬3) ما بين القوسين سقط من س. (¬4) في د، س مسندها. (¬5) في النجديات، هـ ط (في ذلك) وفي حاشية ط كذا في النسخة الإحسائية وفي النسخة المصرية: (فإن ذلك). (¬6) انظر المغني 12/ 25. (¬7) سقطت من د، س. (¬8) في النجديات، هـ المرأة. (¬9) في النجديات و. (¬10) في د، س واقف. (¬11) في جـ يقسما.

عرف أصل دينه فالقول قول من يدعيه، لأنّ الأصل بقاؤه عليه، وإن لم يعرف أصل دينه فالميراث للكافر (¬1). وقال أبو حنيفة: هو للمسلم منهما، لأنّ الدَّار دار إسلام (¬2) يحكم بإسلام لقيطها ولذلك يغسل ويكفن ويصلّى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، وقال الشّافعيّ: يقف (¬3) الأمر حتّى يعرف أصل دينه أو يصطلحا (¬4). ولنا: أن دعوى المسلم لا تخلو من أن يدعي كون الميِّت مسلمًا أصلِّيًا فيجب كون أولاده مسلمين (¬5)، فيكون أخوه الكافر مرتدًا وهذا خلاف الظّاهر، فإن المرتد لا يقر على ردته في دار الإسلام، أو (¬6) يقول إنَّ أباه كان كافرًا وأسلم قبل موته فهو معترف بأن الأصل ما قاله أخوه مدع زواله وانتقاله والأصل بقاء ما كان على ما كان عليه (¬7) حتّى يثبت زواله. وعن أحمد رواية أخرى ذكرها ابن أبي موسى وغيره: أنّهما يقتسمان ¬

_ (¬1) أي: مع يمينه وذلك عند عدم البينة، ومن أقام منهما البينة حكم له فإن أقام المسلم البينة على أنَّه مات مسلمًا وأقام النصراني البينة على أنَّه مات نصرانيًا أسقطت البينتان لتعارضهما وكانا كمن لا بينة لهما، وإن قال شاهدان: نعرفه كافرًا، وقال شاهدان: نعرفه مسلمًا فالميراث للمسلم إذا لم يؤرخ الشهود معرفتهم؛ لأنّ الإسلام يطرأ على الكفر وإن كانت الشّهادة مؤرخة عمل بالآخرة منهما، انظر المغني 12/ 216 - 217. (¬2) في النجديات، ط الإسلام. (¬3) في ط يوقف. (¬4) الّذي في كتب الشّافعيّة كمغني المحتاج 4/ 486 ولو مات عن ابنين مسلم ونصراني فقال كلّ واحد منهما: مات على ديني ... فإن لم يعرف دينه وأقام كلّ منهما بينة أنَّه مات على دينه تعارضتا وحينئذ فينظر إن كان المال في يد غيرهما فالقول قوله، وإن كان في يدهما فيحلف كلّ منهما لصاحبه ويجعل بينهما وكذا إنَّ كان في يد أحدهما على الأصح. وذكر في المهذب 2/ 403 قولًا آخر أنّهما تستعملان -أي: البينتين- وحينئذ ففيه ثلاثة أقوال قول يقرع بينهما، وقول يوقف حتّى ينكشف وقول: يقسم بينهما. (¬5) في ب، هـ فيجب أورده كون مسلمين وفي أ، جـ فيجب أن يكون. (¬6) في د، س و. (¬7) سقطت من أ، ب، هـ.

التركة بينهما نصفين؛ لأنهما في الدعوى سواء كما لو تنازعا عينا في يديهما (¬1) والقاضيان هما أبو يعلى ويعقوب بن إبراهيم (¬2). ومع جحود الدِّين لا بالظفر ... يؤخذ (¬3) لو (¬4) من جنسه في الأشهر يعني: إذا كان لرجل عند غيره حق وجحده ولا بينة له به أو لم يجبه إلى المحاكمة (¬5)، ولم يمكنه إجباره عليها ونحو هذا فالمشهور في المذهب أنَّه ليس له أخذ قدر حقه (¬6)، ولو من جنس دينه (¬7). وقال الشّافعيّ: إنَّ لم يقدر على استخلاص حقه ببينة فله أخذ قدر حقه من جنسه أو غير جنسه، فإن كان (¬8) له بينة وقدر على استخلاصه ففيه وجهان (¬9). والمشهور من مذهب مالك: إنَّ لم (¬10) يكن لغيره عليه دين فله أن يأخذ بقدر حقه وإن كان عليه دين لم يجز لأنّهما يتحاصان (¬11). وإن كان المال عرضًا لم يجز، لأنّه اعتياض (¬12)، واحتج من أجاز ¬

_ (¬1) وهذا مذهب مالك فإنّه يرى أنّهما يتحالفان ويكون الميراث بينهما نصفين. انظر المدوّنة 6/ 191 والكافي لابن عبد البرّ 2/ 929. (¬2) البرزبيني نسبة إلى برزبين قرية بين بغداد وأوانا تولى قضاء باب الأزج وهو من تلاميذ القاضي أبي يعلى توفي سنة ثمان وثمانين وأربعمائة ودفن بباب الأزج. (¬3) في نظ يواخذ. (¬4) في د، س لا. (¬5) في النجديات الحاكم. (¬6) في أولهو. (¬7) واختار هذا طائفة من المالكية كما نقله القرطبي في كتابه الجامع لأحكام القرآن 2/ 355. (¬8) في النجديات، هـ ط كانت. (¬9) انظر مغني المحتاج 4/ 162. (¬10) سقطت لم من هـ. (¬11) انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 2/ 355 - 356. (¬12) هذا الكلام ذكر في المغني 12/ 230 عن الإمام أبي حنيفة وليس من تفريعات المذهب المالكي ويبدو أن هناك سقطًا في عرض المذهب الحنفي وإليك عبارة ابن قدامة في المغني: (وقال أبو حنيفة له أن يأخذ بقدر حقه إن كان عينًا أو ورقا أو من جنس حقه، وإن كان المال عرضًا لم يجز لأن أخذ العوض عن حقه اعتياض).

الأخذ بقوله - صلى الله عليه وسلم - لهند: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" متفق عليه. ولنا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك" رواه التّرمذيّ وحسنه (¬1)، ومتى أخذ من ماله قدر حقه بغير إذنه فقد خانه، وقال -عليه السّلام-: "لا يحل مال امرئ مسلم إِلَّا عن (¬2) طيب نفس منه" (¬3). ولأنّه إن أخذ من غير جنسه كان معاوضة بغير تراض، وإن أخذ من جنس حقه فليس له تعيين الحق بغير رضا صاحبه، فأمَّا حديث هند فإن أحمد اعتذر عنه بأن حقها واجب عليه في كلّ وقت، وهذا إشارة منه إلى الفرق بالمشقة في المحاكمة في كلّ وقت والمخاصمة كلّ يوم تجب فيه النفقة بخلاف الدِّين، وبينهما فروق أخر ذكرها في الشرح (¬4) وغيره. ¬

_ (¬1) التّرمذيّ رقم 1264 والدارقطنيُّ 3/ 35. (¬2) في هـ من. (¬3) رواه الدارقطني 3/ 26 عن أنس بن مالك وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف وليس عنده لفظ (منه) وللحديث أسانيد أخر عند الدارقطني والإمام أحمد كلها لا تخلو من ضعف. انظر نيل الأوطار 5/ 356. (¬4) الشرح الكبير 11/ 464 وقد ذكر ثلاثة فروق: أوَّلًا: أن قيام الزوجية كقيام البينة فكان الحق صار معلومًا بعلم قيام مقتضيه. ثانيًا: أن للمرأة من البسط في مال زوجها بحكم العادة ما يؤثر في إباحة أخذ الحق وبذل اليد فيه بالمعروف بخلاف الأجنبي. ثالثًا: أن النفقة تراد لإحياء النفس وإبقاء المهجة وهذا ممّا لا يصبر عنه ولا سبيل إلى تركه فجاز أخذ ما تندفع به هذه الحاجة بخلاف الدِّين لكن إنَّ كانت النفقة ماضية لم يكن لها أخذها ولو وجب عليه لها دين آخر لم يكن لها أخذه.

ومن كتاب الشهادات

ومن كتاب الشهادات جمع شهادة وهي حجة شرعية تظهر الحق ولا توجبه مأخوذة من المشاهدة، لأنّ الشّاهد لا يشهد إِلَّا بما يعلمه كأنّه معاين له والأصل فيها قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282]، وقوله عليه السّلام: "شاهداك أو يمينه" (¬1)، والسُّنَّة شهيرة بذلك. مقبولة شهادة العبيد ... في كلّ شيء ما خلا الحدود قولان في الحدّ كذا الأعراب ... لو في الجراح شهدوا ما ارتابوا على أهل مصر أو قرى (¬2) لا تقبل (¬3) ... والشيخ في القبول (¬4) قال: أجمل أي: تقبل شهادة العبيد فيما عدا الحدود والقصاص وكذا شهادة الأُمَّة فيما تقبل فيه (شهادة) (¬5) الحرة وبه. قال عروة وشريح وإياس وابن سيرين والبتي (¬6) وأبو ثور وداود وابن المنذر (¬7). ¬

_ (¬1) البخاريّ 11/ 484 - 485 ومسلمٌ برقم 138 وأبو داود برقم 3243 والترمذيُّ برقم 2999 وأحمدُ 5/ 211 والبيهقي 10/ 261. (¬2) في النجديات، هـ و. (¬3) في ب، جـ، هـ يقبل. (¬4) في النجديات، هـ ط والشيخ فالقبول. (¬5) ما بين القوسين من ب. (¬6) في أالبني وفي جـ، ط البستي. (¬7) واختاره البخاريّ ورجحه ابن حزم. والكمال بن الهمام وابن القيم وقال ابن القيم في =

وقال مجاهد والحسن وعطاء والثوري وأبو حنيفة ومالك (¬1) والأوزاعي والشّافعيّ وأبو عبيد لا تقبل، لأنّهم غير ذوي (¬2) مروءة ولأنّها مبنية (¬3) على الكمال لا تتبعض فلم يدخل فيها العبد كالميراث (¬4). ولنا: عموم آيات الشّهادة وهو داخل فيها فإنّه من رجالنا وهو عدل تقبل روايته (¬5) وفتياه وأخباره الدينية. وقولهم: ليس له مروءة ممنوع بل هو كالحر ينقسم إلى من له مروءة ومن لا مروءة له. وقد يكون منهم العلماء والأمراء والصالحون والأتقياء، ولا يصح قياس الشّهادة على الميراث؛ لأنّه خلافة (¬6) للموروث (¬7) في ماله وحقوقه والعبد ما يصير إليه يملكه سيده فلا يمكن أن يخلف (¬8) فيه (¬9). ¬

_ = إعلام الموقعين 2/ 65 - 66: (لم يأت عن الشارع حرف واحد أنَّه قال لا تقبلوا شهادة العبيد بل ردوها ولو كان عالمًا فقيهًا من أولياء الله ومن أصدق النَّاس لهجة. بل الّذي دل عليه كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإجماع الصّحابة والميزان العادل قبول شهادة العبد فيما يقبل فيه شهادة الحر فإنّه من رجال المؤمنين فيدخل في قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282]. كما دخل في قوله: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: 40]، وهو عدل بالنص والإجماع فيدخل في قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطّلاق: 2] كما دخل في قوله - صلى الله عليه وسلم - يحمل هذا العلم من كلّ خلف عدوله ويدخل في قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [الطّلاق: 2]، وفي قوله تعالى: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: 283]، وفي قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ} [النِّساء: 135]. أ. هـ. انظر أيضًا صحيح البخاريّ 5/ 196 - 197 والمحلى 9/ 412 - 415 وفتح القدير 7/ 399 - 400. (¬1) في النجديات - رضي الله عنه. (¬2) في الأزهريات ذي. (¬3) في النجديات هـ مكينة. (¬4) انظر فتح القدير 7/ 399 والكافي لابن عبد البرّ 2/ 894. (¬5) في د، س شهادته. (¬6) في ط خلاف. (¬7) في هـ للموروة. (¬8) في أ، جـ، هـ يحلف. (¬9) سقط من ب، جـ.

وأمّا شهادة العبيد في الحدود والقصاص ففيها روايتان والصّحيح قبولها أيضًا كما قطع به في التنقيح والإقناع والمنتهى وغيرها لما ذكرنا، ولأنّهم رجال (¬1) عدول فقبلت شهادتهم فيها كالحر (¬2). وقوله كذا الأعراب إلى آخره أي: لا تقبل شهادة البدوي على القروي (¬3) عند جماعة من أصحابنا وهو مذهب أبي (¬4) عبيد (¬5). وقال ابن سيرين وأبو حنيفة والشّافعيّ وأبو ثور: تقبل واختاره أبو الخطّاب والموفق وغيرهما وهو المذهب؛ لأنّ من قبلت شهادته على أهل البدو قبلت على أهل القرى ويحمل حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تجوز (¬6) شهادة بدوي على صاحب قرية" رواه أبو داود (¬7) على من لم (¬8) تعرف عدالته من أهل البدو؛ لأنّ الغالب عليهم الجفاء لحقوق الله والجفاء في الدِّين، وقال مالك: تقبل فيما عدا الجراح احتياطًا للدماء. موحد مع رفقة كفار ... وعدم المسلم في الأسفار إنَّ شهدوا وحلفوا ما بدلوا ... تقبل (¬9) في الإيصاء نصًا نقلوا ¬

_ (¬1) في ط رجل. (¬2) في جـ كالحرة وفي ط كالأحرار. (¬3) في هـ القرى. (¬4) في النجديات أبو. (¬5) وهو رواية عن مالك في الأموال خاصّة لما فيها من الاستبعاد المخالف للعادة حيث عدل صاحب الحق عن طلب الشهود في الحاضرة إلى البادية وقيدها المالكية بأن لا يثبت له رؤية ما يشهد به أو سماعه وقد قبل المالكية شهادة البدوي على القروي في الحرابة والقتل والقذف والجرح ونحوه. انظر الخرشي 7/ 188. (¬6) في أ، حـ، هـ، ط يجوز. (¬7) أبو داود برقم 3602 وابن ماجة برقم 2367 والحاكم 4/ 99 والدارقطنيُّ 4/ 219 والبيهقيُّ 10/ 250 وقال: هذا الحديث ممّا تفرد به محمَّد بن عمرو بن عطاء عن عطاء بن يسار، وقال المنذري: رجال إسناده احتج بهم مسلم في صحيحه، وقال الذهبي: حديث منكر على نظافة سنده. انظر نيل الأوطار 8/ 329 وإرواء الغليل 8/ 290. (¬8) في د، س لا. (¬9) في أ، ب، هـ يقبل.

أي: إذا كان مسلم مع رفقة كفار مسافرين ولم يوجد غيرهم من المسلمين فوصى وشهد بوصيته اثنان منهم قبلت شهادتهما ويستحلفان بعد العصر لا نشتري به ثمنًا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله وإنّها لوصية الرَّجل بعينه، فإن عثر على أنّهما استحقا إثما قام آخران من أولياء الموصي فحلفا (¬1) بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما ولقد خانا وكتما ويقضى لهم (¬2)، قال ابن المنذر: وبهذا (¬3) قال أكابر الماضين (¬4)، وممن قاله شريح والنخعي والأوزاعي ويحيى بن حمزة وقضى بذلك عبد الله بن مسعود في زمن عثمان رواه أبو عبيد (¬5)، وقضى به أبو موسى الأشعري رواه أبو داود والخلال (¬6). وقال أبو حنيفة ومالك والشّافعيّ: لا تقبل؛ لأنّ من لا تقبل شهادته على غير الوصيَّة لا تقبل في الوصيَّة كالفاسق وأولى: واختلفوا في تأويل الآية على أنحاء لا تليق بهذا المختصر (¬7). ولنا: قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ (¬8) حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] الآية، وهذا نصّ الكتاب، وقد قضى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث ابن عبّاس رواه أبو داود (¬9)، وقضى به بعده أبو موسى وابن مسعود كما تقدّم، وحمل الآية على أنَّه أراد من غير عشيرتكم لا يصح؛ لأنّ الآية نزلت في ¬

_ (¬1) في أ، جـ الموصى إليه. (¬2) وقد اختار هذا القول القرطبي في كتابة الجامع لأحكام القرآن 6/ 350. (¬3) سقطت الواو من هـ. (¬4) في أ، جـ العلماء وفي ب الصّحابة. (¬5) في كتاب الناسخ والمنسوخ ص 156 برقم 289. (¬6) أبو داود برقم 3605 والبيهقيُّ 10/ 165 والدارقطنيُّ 4/ 166 وقال في التعليق المغني: (سكت عنه أبو داود ثمّ المنذري). (¬7) انظر أحكام القرآن للجصاص 2/ 489 - 491 والمدوّنة 6/ 156 وأحكام القرآن للكيا الهراس الشّافعيّ 3/ 311 - 313 نشر دار الكتب الحديثة ط مطبعة حسان. (¬8) سقطت من هـ. (¬9) رقم 3606 ورواه البخاريّ 5/ 308 والترمذيُّ برقم 3062 والدارقطنيُّ 4/ 168 - 169.

قصة عدي وتميم بلا خلاف بين المفسرين (¬1)، ودلت عليه الأحاديث، ولأنّه لو صح ما ذكروه لم تجب الأيمان؛ لأنّ الشّاهدين من المسلمين لا قسامة عليهما، وكذا حملها (¬2) على التحمل (¬3). واحدة النسا (¬4) بالاستهلال ... مذ (¬5) شهدت مقبولة المقال كذاك (¬6) في منصوصه (¬7) الرضاع ... وعنه في استحلافها نزاع أي: تقبل شهادة امرأة واحدة فيما لا يطلع عليه الرجال غالبًا كعيوب النِّساء تحت الثِّياب والرضاع والاستهلال والبكارة والثيوبة والحيض ونحوه (¬8)، وكذا جراحة ونحوها بحمام أو عرس. وعن أبي حنيفة لا تقبل شهادتهن منفردات في الرضاع؛ لأنّه يجوز أن يطلع عليه محارم المرأة من الرجال فلم يثبت بالنساء منفردات كالرجال ¬

_ (¬1) يشير إلى ما رواه البخاريّ وأبو داود والترمذيُّ والدارقطنيُّ عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما- وقد سبق تخريجه في هذه المفردة- ونصه عند البخاريّ قال: خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم فلما قدما بتركته فقدوا جامًا -أي: إناء- من فضة مخوصًا من ذهب، فأحلفهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمّ وجدوا الجام بمكة، فقالوا: ابتعناه من تميم وعدي فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا لشهادتنا أحق من شاهدتهما، وأن الجام لصاحبهم. قال: وفيهم نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ}. (¬2) في د، س حملهما. (¬3) وقد أيد ذلك ابن حزم في المحلى 9/ 405 واختاره ابن تيمية. انظر الاختيارات 358 ورجحه ابن القيم في الطرق الحكمية 212 - 213 وذكر أنَّه صريح القرآن وقد عمل به الصّحابة وذهب إليه فقهاء الحديث. (¬4) في أ، ب، النِّساء. (¬5) في نظ من شهدت. (¬6) في د، س كذا. (¬7) في نظ مقبوضة. (¬8) وبه قال أبو يوسف ومحمَّد بن الحسن ورجحه الكمال بن الهمام وغيره من علماء الحنفية. انظر البحر الرائق 7/ 67 وحاشية ابن عابدين 5/ 464 - 465 وفتح القدير 7/ 372 - 374.

وحكي عن ذلك (¬1) أيضًا في الاستهلال وخالفه صاحباه (¬2) وأكثر أهل العلم (¬3). وقال الحاكم وابن أبي ليلى وابن شبرمة ومالك والثوري لا يقبل فيه إِلَّا امرأتان (¬4). وقال أبو حنيفة: تقبل شهادة الواحدة (¬5) في ولادة الزوجات لا (¬6) المطلقات وقال عطاء والشعبي وقتادة والشّافعيّ: لا يقبل فيه إِلَّا أربع (¬7) لقوله -عليه السّلام-: "شهادة امرأتين بشهادة رجل" (¬8). ولنا: ما روى عقبة بن الحارث قال: تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب فأتت أمة سوداء فقالت: قد (¬9) أرضعتكما فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له فأعرض عني، ثمّ أتيته فقلت: يا رسول الله إنها كاذبة، فقال (¬10): "كيف وقد زعمت ذلك" متفق عليه (¬11) وروى حذيفة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أجاز شهادة القابلة (¬12)، ذكره الفقهاء في كتبهم، وروى أبو الخطّاب عن ابن عمر عن ¬

_ (¬1) سقطت من د، س. (¬2) في د، س صاحبها. (¬3) فتح القدير 7/ 372 - 374. (¬4) انظر المدوّنة 6/ 157 - 158. (¬5) في هـ الواحد. (¬6) لفظ لا غير موجود في د، س، ط. (¬7) الأم 5/ 35 وتكملة المجموع 20/ 260. (¬8) رواه برقم 79 وأبو داود برقم 4679 من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. (¬9) سقطت من ب، جـ، هـ. (¬10) في النجديات، هـ، ط قال. (¬11) البخاريّ 5/ 197 - 198 والترمذيُّ برقم 1151 وأبو داود برقم 3603، 3604 والنسائيُّ 6/ 109 ولم أجده في مسلم ولم يعزه إليه ابن حجر في بلوغ المرام 3/ 410 ولا ابن الأثير في جامع الأصول 00/ 490. (¬12) الدارقطني 4/ 233 والبيهقيُّ 10/ 151 وفيه محمَّد بن عبد الملك لم يسمعه من الأعمش وبينهما رجل مجهول وقال في التنقيح: حديث باطل لا أصل له. التعليق المغني 4/ 233.

النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يجزئ في الرضاع شهادة امرأة واحدة" (¬1)، ولأنّه معنى يثبت بقول النِّساء المنفردات فلا يشترط فيه العدد كالرواية وأخبار الديانات (¬2)، وقوله -عليه السّلام-: "شهادة امرأتين بشهادة رجل" أي: في الموضع الّذي تشهد فيه مع الرَّجل (¬3) بدليل الآية وجمعًا بين الأخبار. وقوله: وعنه في استحلافها (¬4) نزل الصّحيح من المذهب لا تحلف لظاهر الأخبار وكسائر الشهود. من ادعى حقًا وقال مالي ... بينة تظهر شرح حالي ثمّ أقام بعد ذا لا تسمع ... ليس كنفي العلم إذ قد أجمعوا أي: لو (¬5) ادعى حقًا وقال: ما لي بينة أو لا بينة لي ثمّ أقام بينة بعد ذلك لا (¬6) تسمع بينته (¬7). ¬

_ (¬1) لم أجده وهو في المغني 12/ 17. (¬2) ورجح هذا الشوكاني في نيل الأوطار 6/ 359 قال: (فالحق وجوب العمل بقول المرأة المرضعة حرة كانت أو أمة حصل الظن بقولها أو لم يحصل لما ثبت في رواية أن السائل قال: وأظنها كاذبة، فيكون هذا الحديث هادمًا لتلك القاعدةُ المبنية على غير أساس، أعني قولهم: إنها لا تقبل شهادة فيها تقرير لفعل الشّاهد، ومخصصًا لعمومات الأدلة كما خصصها دليل كفاية العدالة في عورات النِّساء عند أكثر المخالفين). (¬3) في النجديات تشهد فيه الرجال. (¬4) في د، س (استخلافها) بالخاء المعجمة. (¬5) في النجديات، هـ، ط إذ. (¬6) في النجديات، هـ ط لم. (¬7) وهو وجه في المذهب الشّافعيّ قال في المهذب 20/ 161: وإن قال: ليس لي بينة حاضرة ولا غائبة أو قال: كلّ بينة تشهد لي فهي كاذبة، وطلب إحلافه فحلف ثمّ أقام البينة على الحق ففيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنّها لا تسمع لأنّه كذبها بقوله. والثّاني: أنَّه إنَّ كان هو الّذي استوثق بالبينة لم تسمع لأنّه كذبها وأن كان غيره المستوثق بالبينة سمعت لأنّه لم يعلم بالبينة فرجع قوله: لا بينة لي إلى ما عنده. والثّالث: أنّها تسمع بكل حال وهو الصّحيح. =

وقال الأكثر: تسمع، لأنّه يجوز أن ينسى أو يكون الشّاهدان سمعا (¬1) منه وصاحب الحق لا يعلم فلا يثبت بذلك أنَّه كذب نفسه (¬2). ولنا: أنَّه كذَّب (¬3) بينته؛ لأنّه أقر أنَّه لا يشهد له أحد فإذا شهد له إنسان كان تكذيبا له بخلاف قوله: لا (¬4) أعلم لي (¬5) بينة فإنّه إذا جاء ببينة (¬6) تقبل لأنّه يجوز أن تكون (¬7) له بينة لم يعلمها ثمّ علمها، وهذا معنى قوله: ليس كنفي العلم أي: ليس قوله لا بينة (¬8) لي كقوله: لا أعلم لي بينة في عدم القبول؛ لأنّهم أجمعوا على القبول في قوله: لا أعلم لما تقدّم (¬9). من الشهود ثالث إن رجعا (¬10) ... بعد القضا يضمن ثلثًا سمعًا أي: إذا شهد ثلاثة رجال بمال ثمّ رجع واحد منهم بعد القضاء على المشهود عليه (¬11) بما شهدوا به عليه ضمن الراجع ثلث المشهود به، لأنّه أحد من حصل الإتلاف بشهادتهم فلزمه (¬12) من الضمان بقسطه كما لو رجع الجميع (¬13). ¬

_ = وهو قول محمَّد بن الحسن قال الكاساني في البدائع 6/ 224: (ولو قال لا بينة لي ثمّ جاء بالبينة هل تقبل روى الحسن عن أبي حنيفة -رحمه الله- تعالى أنّها تقبل، وعن محمَّد أنّها لا تقبل). (¬1) في ب، جـ سمعوا. (¬2) المهذب مع التكملة 20/ 161 وبدائع الصنائع 6/ 224. (¬3) في د، س أكذب. (¬4) في هـ قول. (¬5) في جـ، ط ما. (¬6) سقطت من د، س. (¬7) في جـ، د، س بينة. (¬8) في النجديات، ط يكون. (¬9) سقط من النجديات ولا بينة. (¬10) في جـ حزم. (¬11) في أ، جـ هـ، ط قضاء المشهود عليه وفي د، س بعد قضاء ما شهدوا به عليه. (¬12) في د، س فلزمت. (¬13) وهو وجه في مذهب الشّافعيّة قال في المهذب 20/ 282: (وإن شهد ثلاثة رجال ثمّ رجعوا وجب على كلّ واحد منهم الثلث فإن رجع واحد وبقي اثنان ففيه وجهان: =

ونحو ذاك (¬1) في الزِّنا من خمسة ... واحد المضمون (¬2) خمس الدية يعني: إذا شهد (¬3) خمسة رجال بالزنا ثمّ رجع واحد فعليه القصاص أو خمس الدية. وقال أبو حنيفة: لا شيء عليه (¬4)، لأن بينة الزِّنا قائمة فدمه غير محقون (¬5). ولنا: أن الإتلاف حصل بشهادتهم فالراجع مقر بالمشاركة فيه عمدًا عدوانًا لمن هو مثله في ذلك فلزمه (¬6) القصاص أو حصته (¬7) من الدية كما لو أقر بمشاركتهم في مباشرة قتله، ولأنّه أحد من قتل المشهود عليه بشهادته فأشبه الثّاني من شهود القصاص والرّابع من شهود الزِّنا. وقولهم: إنَّ دمه غير محقون غير صحيح فإن الكلام فيما إذا قتل (¬8) ولم يبق له دم يوصف بحقن ولا عدمه، وقيام الشّهادة لا يمنع وجوب القصاص كما لو شهدت لرجل باستحقاق القصاص فاستوفاه ثمّ أقر أنَّه قتله ظلمًا. وفي رجوع شاهد اليمين ... يضمن كلّ المال عن يقين يعني: إذا شهد شاهد بمال وحلف معه المدعي وحكم القاضي ثمّ رجع الشّاهد بعد الغرم غرم كلّ المال (¬9). ¬

_ = أحدهما: أنَّه يلزمه ضمان الثّالث لأنّ المال ثبت بشهادة الجميع. والثّاني: هو المذهب أنَّه لا شيء علية لأنّه بقيت بينة يثبت بها المال). (¬1) في أ، ب، ط ذا كفي وفي جـ ذا ثمّ خرم. (¬2) في نظ أمّا القصاص أو فخمس الدية وفي د، س خمسة الدية. (¬3) في د، س شهدت. (¬4) وهو مذهب الشّافعيّة. انظر المهذب 20/ 278. (¬5) فتح القدير 5/ 294 - 295. (¬6) في ط فيلزمه. (¬7) في أ، ط حصة. (¬8) في أ، جـ قل. (¬9) وهو المذهب الشّافعيّ كما حكاه في تكملة المجموع 20/ 271 قال: (وإن حكم القاضي بشاهد ويمين ثمّ رجع الشّاهد غرم الشّاهد المال كله؛ لأنّ الشّاهد حجة الدعوى، ولأن اليمين قول الخصم) وبه قال بعض المالكية. انظر مواهب الجليل 6/ 206.

وقال مالك والشّافعيّ: يضمن النّصف؛ لأنّه أحد حجتي الدعوى (فكان عليه النّصف كما لو كانا شاهدين) (¬1). ولنا: أن الشّاهد حجة الدعوى (¬2) فكان الضمان عليه كالشّاهدين (¬3) يحققه أن اليمين قول الخصم وقول الخصم (¬4) ليس بحجة على خصمه وإنّما هو شرط الحكم (¬5) فجرى مجرى مطالبته للحاكم (¬6) بالحكم وبهذا ينفصل (¬7) عما ذكروه وإن سلمنا أنّها حجة، فإنّما جعلها حجة شهادة الشّاهد ولهذا لم يجز تقديمها على شهادته. شاهد الفرع على ما أصلًا ... فواحد لواحد ذا قبلا أي: تثبت (¬8) شهادة شاهدي الأصل بشهادة شاهدين يشهدان (¬9) عليهما حيث تجوز الشّهادة على الشّهادة سواء شهدا على كلّ واحد منهما أو شهد على كلّ واحد منهما شاهد من شهود الفرع. قال القاضي: لا يختلف كلام أحمد في هذا، وهو قول الزّهريّ (¬10) وشريح والشعبي والحسن وابن شبرمة وابن أبي ليلى والثوري وإسحاق والبتي (¬11) والعنبري، قال إسحاق: لم يزل أهل العلم على هذا حتّى جاء هؤلاء. وقال أبو حنيفة ومالك والشّافعيّ: لا يقبل على كلّ شاهد أصل إِلَّا ¬

_ (¬1) مواهب الجليل 6/ 206. (¬2) ما بين القوسين سقط من أ، جـ. (¬3) سقط من أ، جـ هـ وفي ب، ط كالشّاهدين عليه. (¬4) سقط من أ، جـ (وقول الخصم). (¬5) في النجديات، ط للحكم. (¬6) في هـ مطالبة المحاكم. (¬7) في النجديات، هـ، ط انفصل. (¬8) في أثبتت. (¬9) سقطت من د، س. (¬10) في النجديات الأزهريات وسقطت من الأزهريات. (¬11) في أالبني.

شاهدا فرع، لأنّ شاهدي الفرع يثبتان شهادة شاهدي الأصل، فلا تثبت شهادة كلّ واحد منهما بأقل من شاهدين (¬1) (¬2). ولنا: أن هذا يثبت بشهادة اثنين وقد شهد اثنان بما يثبته فثبت (¬3) كما لو شهدا بنفس (¬4) الحق، ولأن شاهدي الفرع بدل من شهود الأصل فيكفي (¬5) في عددهما ما يكفي في شهادة الأصل، ولأن شاهدي الفرع لا ينقلان عن شاهدي الأصل حقًا عليهما فوجب أن يقبل فيه قول كلّ (¬6) واحد كأخبار الديانات (¬7). وفي شهود الأصل أو في الفرع ... لا تدخل (¬8) النِّساء قل بالمنع وعنه نصّ يقبلوا في الأصل ... حققه الشّيخ بجزم النقل أي: لا مدخل للنساء في الشّهادة على الشّهادة فلا يكن أصولًا ولا فروعًا، لأنّ في (¬9) الشّهادة على الشّهادة ضعفًا فيزداد بشهادتهن ضعفًا فاعتبر تقويتها باعتبار المذكورة (¬10) فيها، وهذه رواية ذكرها أبو الخطّاب (¬11). ¬

_ (¬1) ورجحه ابن حزم في المحلى 9/ 438 - 439. (¬2) سقطت من النجديات، هـ، ط. (¬3) في النجديات، هـ فيثبت. (¬4) في د، س بنفسه الحق. (¬5) في د، س فيكون. (¬6) كذا في جميع النسخ ولا معنى لكلمة كلّ فلعلّ الصواب فوجب أن يقبل فيه ... واحد كأخبار الديانات وهو نصّ عبارة المغني 12/ 95 والشرح الكبير 12/ 109. (¬7) لم يحرر المؤلِّف -رحمه الله- ما انفرد به أحمد في هذه المسألة لأنّ لها صورتين: الأولى: أن يتحمل كلّ واحد من شاهدي الفرع شهادة شاهدي الأصل وهذه لم يخالف أحمد في جوازها أحد من الأئمة الثّلاثة. الثّانية: أن يشهد كلّ واحد من شاهدي الفرع على شهادة واحد من شاهدي الأصل وهذه هي الّتي انفرد بها أحمد. انظر فتح القدير 7/ 463 - 464 والمدونة 6/ 159 - 160 وتكملة المجموع 20/ 131. (¬8) في النجديات، ط يدخل. (¬9) سقطت من هـ. (¬10) في جـ، ط المذكور. (¬11) انظر الهداية 2/ 153.

وعنه: لهن مدخل فيها (¬1) كالشهادة بنفس الحق قال حرب: قيل لأحمد: فشهادة امرأتين على شهادة امرأتين تجوز؟ قال: نعم أي: إذا كان معهما رجل، وذكر الأوزاعي قال: سمعت نمير بن (¬2) أوس يجيز شهادة المرأة على شهادة المرأة، وهذا قول أكثر أهل العلم (¬3)، وهو الصّحيح من المذهب، وجزم به في الإقناع والمنتهى (¬4) وغيرهما. ووجهه (¬5): أن المقصود بشهادتهن (¬6) إثبات الحق الذي يشهد به شهود الأصل فيدخل النِّساء فيه، فيجوز أن يشهد رجلان على رجل وامرأتين (¬7) في كلّ حق يثبت بشهادتهن مع الرجال، وأن يشهد رجل (¬8) وامرأتان (¬9) على رجل وامرأتين، وأن تشهد (¬10) امرأة على شهادة امرأة في (¬11) نحو (ما يخفي على الرجال غالبًا كالرضاع) (¬12) (¬13). ¬

_ (¬1) في هـ فيه. (¬2) في أ، جـ عن وهو تصحيف. (¬3) البحر الرائق 7/ 131 والمغني 12/ 93 - 94. (¬4) سقطت من هـ. (¬5) في أ، هـ ووجه. (¬6) في أ، ط بشهادتين. (¬7) في د، س وامرأتان. (¬8) في النجديات الرَّجل. (¬9) في هـ وامرأتين. (¬10) في ب يشهد وفي جـ شهد. (¬11) في هـ من. (¬12) ما بين القوسين سقط من ب والأزهريات. (¬13) لم يذكر المؤلِّف -رحمه الله- الرِّواية الثّالثة عن أحمد وقد ذكرها الناظم في البيت الثّاني وهي قبول شهادة النِّساء في باب الشّهادة على الشّهادة إذا كن أصولًا وشهد على شهادتهن رجال. انظر المغني 12/ 94.

ومن باب الإقرار

ومن باب الإقرار وهو الاعتراف: مأخوذ من المقر (¬1) كأن المقر باعترافه جعل الحق في محله ومكانه. والأصل فيه: الإجماع لقوله تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} [التوبة: 102]، ولأنّه -عليه السّلام- رجم ماعزًا حين (¬2) أقر بالزنا (¬3) وكذا الغامدية (¬4) والأخبار به شهيرة. لا يقبل إقرار (¬5) بفتل العمد (¬6) ... كخطأ إن كان ذا من عبد ما دام قنا جاريًا في الرق ... بعمده يتبع بعد العتق أي: لا يقبل إقرار العبد بأنّه قتل عمدًا (¬7) عدوانًا ما دام قنًا ويتبع به بعد العتق نصّ عليه وبه قال زفر والمزني وداود وابن (¬8) جرير الطّبريّ. ¬

_ (¬1) سقط من ب، جـ كأن المقر. (¬2) في د، س حيث. (¬3) حديث ماعز رواه البخاريّ 12/ 191 - 120 ومسلمٌ برقم 1693 وأبو داود برقم 4421 والتّرمذيّ برقم 427. (¬4) حديث الغامدية رواه مسلم برقم 1695 وأبو داود برقم 4434. (¬5) في نظ الإقرار. (¬6) في جـ خرم مكان بقتل العمد. (¬7) سقطت من هـ. (¬8) سقطت الواو من هـ.

وقال أبو حنيفة ومالك والشّافعيّ: يصح إقراره (¬1)؛ لأنّه أحد نوعي القصاص فصح إقراره به (¬2) كما دون النفس (¬3). ولنا: أن إقراره يسقط (¬4) حق سيده فأشبه الإقرار بقتل الخطأ، ولأنّه متهم في أن (¬5) يقر لرجل ليعفو عنه ويستحق أخذه فيتخلص بذلك من سيده. ولا يقبل إقرار العبد بجناية خطأ أو شبه عمد أو ما يوجب مالًا كالجائفة (¬6) والمأمومة (¬7)؛ لأنّه إيجاب مال في رقبته يفوت حق سيده. لا يمض الاستثناء في الإقرار ... أكثر من نصف فلا تمار أي: لا يصح استثناء كثر من النّصف ويحكى ذلك عن ابن درستويه (¬8) النحوي (¬9)، وقال أبو حنيفة ومالك والشّافعيّ (¬10) وأصحابهم: يصح ما لم يستثن الكل، فلو (¬11) قال له علي مائة إِلَّا تسعة وتسعين لم يلزمه إِلَّا واحدًا (¬12)، بدليل (¬13) قوله تعالى: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا ¬

_ (¬1) في هـ الإقرار. (¬2) سقطت من د، س كلمة (به). (¬3) الهداية مع فتح القدير 10/ 247 والتاج والإكليل 5/ 219 والمهذب مع التكملة 20/ 290. (¬4) في هـ يبسط. (¬5) في النجديات، هـ، ط أنَّه. (¬6) الجائفة: الطعنة الّتي تصل إلى باطن الجوف من بطن أو ظهر أو صدر أو نحر وفيها ثلث الدية. انظر المقنع 3/ 417. (¬7) المأمومة هي الشجة الّتي تصل إلى جلدة الدماغ وتسمى آمَّة وأُمُّ الدماغ وفيها ثلث الدية. انظر المقنع 3/ 417. (¬8) في أ، ص درستورية. (¬9) ذكر في تكملة فتح القدير 8/ 352 أن استثناء أكثر لا يجوز عند أبي يوسف ومالك والفراء. (¬10) سقطت من د، س. (¬11) في هـ ولو. (¬12) فتح القدير 8/ 342 والتاج والإكليل 5/ 231 أو مغني المحتاج 3/ 300. (¬13) سقطت من د، س.

عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83)} [ص:82 - 83]، وقوله: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42)} [الحجر: 42]، (¬1) وأيهما (¬2) كان الأكثر فقد دل على استثناء الأكثر، ولأنّه استثناء البعض فجاز كاستثناء (¬3) الأقل. ولنا: أنَّه لم يرد في لسان العرب الاستثناء إِلَّا في الأقل وقد أنكروا استثناء الأكثر فقال (¬4) أبو إسحاق الزجاج: لم يأت الاستثناء إِلَّا في القليل من الكثير، ولو قال قائل: مائة إِلَّا تسعة وتسعين لم يكن متكلمًا بالعربيّة وكان عيّا من الكلام ولكنة، وقال القتيبي (¬5). يقال: صمت الشهر إِلَّا يومًا، ولا يقال صمت الشهر إِلَّا تسعة وعشرين (¬6) يومًا، ويقال لقيت القوم جميعهم إِلَّا واحد أو اثنين ولا يجوز أن يقال لقيت القوم (¬7) إِلَّا أكثرهم، وإذا لم يكن صحيحًا في الكلام لم يرتفع به (¬8) ما أقر به كاستثناء الكل. وأمّا ما احتجوا به من التنزيل (¬9) ففي الآية الأولى استثنى المخلصين من بني آدم وهم الأقل لقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص: 24]، وفي الآية (¬10) الأخرى استثنى (¬11) الغاوين من العباد وهم الأقل فإن الملائكة من العباد وهم غير غاوين قال تعالى: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء: 26]. ¬

_ (¬1) سقطت من هـ. (¬2) في د، س وأيهما. (¬3) في د، س كما. (¬4) في النجديات، هـ ط وقال. (¬5) في أ، جـ، والأزهريات، ط القتي وهي كما أثبتناها في المغني والشرح الكبير 5/ 303. (¬6) في جـ ثلاثين وفي هـ وتسعين. (¬7) سقط من ب. (¬8) سقطت من هـ. سقطت من هـ. (¬9) في هـ ما احتج التنزيل. (¬10) سقطت من ب. (¬11) سقط من هـ.

ويصح استثناء النّصف فأقل، ويصح أيضًا قوله له الدَّار ثلثاها (¬1) ونحوه، لأنّ بدل البعض مخصص (¬2) ويجوز في أكثر من النّصف. من غير جنس ما أقر استثنى ... أيضًا فلا يصح هذا المعنى لا فرق إنَّ كان الّذي استثناه ... في ذمة يثبت أو يأباه (¬3) كذاك في استثنائه للذهب ... من فضة وعكسه في المطلب (¬4) عبد العزيز ليس بالمفرق (¬5) ... وإنّما يصح قول الخرقي يعني: إذا أقر بشيء واستثنى منه (¬6) غير جنسه لم يصح الاستثناء سواء كان ما استثناه يثبت في الذِّمَّة كالمستثنى (¬7) أوَّلًا، وسواء كان المستثنى (¬8) ذهبًا من فضة أو بالعكس (¬9) عند أبي بكر عبد العزيز، وهو المذهب خلافًا للخرقي حيث صحح استثناء الذهب من الفضة وعكسه (¬10)، وبالأول قال (¬11) زفر ومحمَّد بن الحسن. وقال أبو حنيفة: إذا استثنى مكيلًا أو موزونًا جاز وإن استثنى عبدًا أو ثوبًا من مكيل أو موزون لم يجز (¬12). وقال مالك والشّافعيّ: يصح الاستثناء من غير الجنس مطلقًا (¬13)، لأنّه ¬

_ (¬1) من أ، إِلَّا ثلثاها. (¬2) في د، س مخصوص. (¬3) في هـ تأباه. (¬4) في د، س الطلب. (¬5) في د، س بالمقرر. (¬6) في الأزهريات من غير. (¬7) في د، س كالمثلي ولعلّ الصواب كالمستثنى منه. (¬8) سقطت من هـ. (¬9) في النجديات، ط أو عكسه. (¬10) انظر مختصر الخرقي مع شرحه المغني 5/ 277. (¬11) سقطت من هـ. (¬12) فتح القدير 8/ 354 - 356. (¬13) التاج والإكليل 5/ 231.

ورد في الكتاب العزيز ولغة العرب قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} [الكهف: 50]، وقال تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْ وَا إِلَّا سَلَامًا} [مريم: 62]. قال الشاعر: وبلدة ليس بها (¬1) أنيس ... إِلَّا اليعافير وإلا العيس (¬2) وقال آخر: أعيت جوابًا وما بالربع [من أحد ... إِلَّا أوارى لأيا (¬3) ما (¬4) أبينها (¬5)] (¬6) ولنا: أن الاستثناء صرف اللّفظ بحرف الاستثناء عما كان يقتضيه لولاه، وقيل: إخراج بعض ما تناوله المستثنى منه مشتق من قولك ثنيت فلانًا عن رأية إذا صرفته عن رأي: كان عازمًا عليه وثنيت عنان دابتي إذا صرفتها به عن وجهتها (¬7) الّتي كانت تذهب إليها، وغير الجنس المذكور ¬

_ (¬1) في هـ فيها. (¬2) هذا البيت لعامر بن الحارث المعروف بجران العود، واليعافير: جمع يعفور وهو ولد البقرة الوحشية، والعيس جمع أعيس أو عيساء، وهي الإبل البيض يخالط بياضها شيء من الشقرة. انظر إرشاد المسالك إلى تحقيق أوضح المسالك ص 309 والصحاح 2/ 752، 3/ 954. (¬3) في ط الأياما. (¬4) في هـ انتها وفي ط أبنيها. (¬5) جزءين من بيتين من معلقة النابغة الذبياني وهما كاملان: وقفت فيها أصيلا كي أسائلها ... أعيت جوابًا وما بالربع من أحد إِلَّا أواري لأيامًا أبينها ... والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد والأواري جمع آري وهي ما يحبس بها الخيل من وتد أو حبل. انظر شرح القصائد التسع 2/ 734 - 736 المطبعة الحكومية في بغداد سنة 1392 - 1973. (¬6) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬7) في ب، جـ، هـ وجهها.

ليس بداخل في الكلام فإذا ذكره فما صرف (¬1) الكلام عن صورته ولا ثناه (¬2) عن وجهة (¬3) استرساله فلا يكون استثناءً وإنّما هو استدراك حقيقة وتسميته استثناءً تجوزًا، وإلا هاهنا بمعنى لكن، هكذا قال أهل العربيّة منهم ابن قتيبة وحكاه عن سيبويه، والاستدراك لا يأتي إِلَّا بعد الجحد، ولذلك لم يأت [الاستثناء في الكتاب العزيز من غير الجنس إِلَّا بعد النفي، ولم يأت (¬4) بعد الإثبات إِلَّا أن يكون بعده (¬5) جملة. إذا تقرر هذا فلا مدخل للاستدراك في الإقرار؛ لأنّه إثبات للمقر له (¬6) فإذا ذكر الاستدراك بعد كان باطلًا وإن ذكر بعده جملة كأن قال له عندي مائة درهم إِلَّا ثوبًا لي (¬7) عليه، كان مقرًا بشيء مدعيًا (بشيء) (¬8) سواه فيصح إقراره وتبطل دعواه كما لو (¬9) صرح بذلك بغير الاستثناء. وأمّا إبليس فإما أن يكون من الملائكة لدخوله في الأمر بالسجود ولم يؤمر بالسجود غيرهم، أو لا يكون منهم لكن تناوله الأمر لكونه كان معهم فقد دخل في المستثنى [منه على كلّ حال فسقط الاستدلال (¬10) به للاستثناء] (¬11) من غير الجنس. أيضًا ولا يصح ما استثناه ... بقول (¬12) إِلَّا أن يشاء الله ¬

_ (¬1) في هـ صرفه. (¬2) في هـ بناه. (¬3) في ب، جـ وجه. (¬4) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬5) في ب بعد. (¬6) في د، س للمقولة وفي ب للمقربة. (¬7) في ط، د، س بما لي عليه. (¬8) ما بين القوسين من ب. (¬9) سقط من النجديات، هـ (الو). (¬10) في النجديات، ط الاستدراك. (¬11) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬12) في هـ بقوله.

أي: إذا قال: له علي ألف دينار إن شاء الله [تعالى كان] (¬1) مقرًا بها نص عليه ولم يصح الاستثناء (¬2). وقال أصحاب الشافعي وغيرهم: ليس بإقرار؛ لأنه علق إقراره على شرط فلم يصح كما لو علقه على مشيئة زيد، ولأن ما علقه على مشيئة الله لا سبيل إلى معرفته (¬3). ولنا: أنه وصل بإقراره ما يرفعه كله ويصرفه إلى غير الإقرار فلزمه ما أقر به وبطل ما وصل به، كما لو قال له علي ألف إلا ألفًا، ولأنه عقب الإقرار بما لا يفيد حكما آخر ولا يقتضي رفع الحكم أشبه (¬4) ما لو قال له علي ألف في مشيئة الله، وإن قال له علي ألف إلا أن يشاء الله صح الإقرار، لأنه (¬5) أقر ثم علق رفعه على أمر (¬6) لا يعلم فلم يرتفع، وإن قال له علي ألف إن شئت أو شاء فلان لم يصح (¬7) عند القاضي ومن تابعه خلافًا للموفق ومن تبعه. لزيد الإقرار بل لحاتم ... بالعبد أو بالدار أو بالخاتم فهو لزيد يغرم المقر ... قيمته لحاتم تقر (¬8) يعني: إذا قال: هذا العبد أو الخاتم أو هذه الدار لزيد لا بل لحاتم فالمقر به (¬9) لزيد ويغرم المقر قيمته لحاتم وهذا ظاهر (¬10) أحد قولي ¬

_ (¬1) ما بين القوسين سقط من د، س. (¬2) ليس فيما ذكره المؤلف استثناء بل تعليق على شرط وكان الأولى بالمؤلف أن يعبر بعبارة الناظم إلا أن يشاء الله. (¬3) مغني المحتاج 2/ 255 وتكملة فتح القدير 8/ 357. (¬4) في د، س شبه. (¬5) سقط من د، س لأنه أقر. (¬6) في أ، الأمر. (¬7) الصواب صح عند القاضي ومن تابعه .. إلخ. انظر المغني 5/ 349 والشرح الكبير 5/ 295. (¬8) في هـ يقر. (¬9) سقطت من أ، جـ. (¬10) سقط من هـ.

الشافعي، وقال في الآخر: لا يغرم لحاتم (¬1) شيئًا (¬2)، وهو قول أبي حنيفة، لأنه أقر له بما عليه الإقرار به وإنما منعه الحاكم (¬3) من قبوله وذلك لا يوجب الضمان (¬4). ولنا: أنه حال بين حاتم وبين ملكه الذي أقر له به بإقراره لغيره (¬5) فلزمه غرمه كما لو شهد رجلان على آخر أنه أعتق عبده ثم رجعا (¬6) بعد الحكم أو (¬7) كما لو رمى به في البحر ثم أقر به له وسواء كان إقراره بكلام متصل أو منفصل، وإن قال: غصبت هذه الدار من زيد وملكها لعمر لزمه دفعها لزيد (¬8) لإقراره (¬9) له باليد، وهو يقتضي كونها بيده بحق، وملكها لعمرو لا ينافي ذلك لجواز (¬10) أن تكون بيد (¬11) زيد بإجارة أو وصية أو عارية، ولا يغرم لعمرو شيئًا، لأنه لم يكن (¬12) منه تفريط، بخلاف التي قبلها، لأنه أقر للثاني بما أقر به للأول فكان الثاني (¬13) رجوعًا عن الأول لتعارضهما، وفي البيت الجناس التام الخطي (¬14). ¬

_ (¬1) سقطت من النجديات. (¬2) مغني المحتاج 2/ 257. (¬3) في الأزهريات، ط الحكم. (¬4) وبه قالت المالكية في الإقرار بالغضب قال في الخرشي على مختصر خليل 6/ 98: (إذ قال: غصبت الشيء الفلاني من زيد ثم قال: لا بل من عمرو فهو أي الشيء المقر به لزيد، لأنه لما أقر به أولًا اتهم في إخراجه ثانيًا ويقضى للثاني وهو عمرو بقيمته يوم الغصب إن كان مقومًا ومثله إن كان مثليًا ولا يمين عليهما على قول ابن القاسم). (¬5) في هـ غيره. (¬6) في ط رجع. (¬7) سقط من جـ (أو). (¬8) في هـ إلى زيد. (¬9) في هـ لا قرار له. (¬10) في د، س الجواز. (¬11) في جـ ط (أن يكون ذلك بيد زيد) وسقط من هـ أن تكون. (¬12) في النجديات تكن. (¬13) في ط للثاني. (¬14) وذلك بين كلمتي حاتم وخاتم في كليهما يجوز فتح التاء وكسرها. انظر الصحاح 5/ 1893، 1908.

وحيث إقرار أتى (¬1) بألف ... ودرهم ونحوه (¬2) هذا الوصف فالألف (¬3) كالمعطوف في الإطلاق ... في كل إقرار على الإطلاق يعني: إذا قال له ألف ودرهم أو ألف وثوب (¬4) أو وقفير (¬5) حنطة ونحوه فالمجمل (¬6) من جنس المفسر، وكذلك إن قال له ألف درهم وعشرة أو ألف ثوب وعشرون وهذا قول أبي ثور، كما لو قال: له مائة وخمسون درهمًا أو ثلاثمائة وثلاثة عشر غلامًا أو تسعة وتسعون درهمًا. ووافق النعمان في المكيل ... يعطف والموزون في التمثيل وقال في المعدود: ذا (¬7) لا يقبل ... كالعبد والدار بهذا فصلوا أي: وافق أبو حنيفة النعمان في المكيل والموزون يعطف على المجمل في أنه يكون تفسيرًا له كأن يقول له ألف وقفيز بر أو ألف ورطل حديد ونحوه وقال في المعدود والمذروع (¬8) كالعبد والدار والثوب (¬9): إذا عطف على المجمل لا يكون تفسيرًا له، لأنّ على للإيجاب (¬10) في الذمة فإذا عطف عليه ما يثبت في الذمة بنفسه كان تفسيرًا له كقوله له مائة وخمسون درهمًا بخلاف المعدود والمذروع (¬11) فإنهما لا يثبتان في الذمة بأنفسهما (¬12). ¬

_ (¬1) سقط من جـ (أتى). (¬2) في جـ، ط (أو). (¬3) في جـ غير واضح. (¬4) في جـ (له ألف درهم أو ألف أو قفيز) وفي هـ ألف درهم أو ألف ثوب أو وقفيز. (¬5) في د، س، ط أو قفيز. (¬6) في ب فالجمل. (¬7) سقط من نظ. (¬8) في د، س المزروع. (¬9) في د، س والثور. (¬10) في جـ لا يجاب. (¬11) في د، س المزروع. (¬12) انظر تكملة فتح القدير 8/ 338 - 339.

وقيل بل مرد (¬1) ذا عليه ... يرجع في تفسيره إليه وذاك قول الشافعي ومالك ... فاختر وخذ بأحسن المسالك يعني: وقال (¬2) التميمي وأبو (¬3) الخطاب في نحو له ألف ودرهم: إن الألف مجمل يرجع في تفسيره إلى المُقر وهذا قول مالك والشافعيُّ؛ لأنّ الشيء يعطف على غير جنسه قال تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]، ولأن الألف مبهم فرجع في تفسيره إلى المقر كما لو لم يعطف عليه (¬4). ولنا: أن العرب تكتفي بتفسير إحدى (¬5) الجملتين عن (¬6) الأخرى قال تعالى: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} [الكهف: 25]. وقال: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق: 17]، ولأنه ذكر مبهمًا مع مفسر ولم (¬7) يقم الدليل على أنه من غير جنسه فكان المبهم من (¬8) جنس المفسر (¬9) كما لو قال: مائة وخمسون درهمًا يحققه أن المبهم يحتاج إلى التفسير، وذكر التفسير في الجملة المقارنة له يصلح (¬10) أن تفسره (¬11) فوجب حمل الأمر على ذلك. (و) (¬12) أما قوله: أربعة أشهر وعشرا فامتناع (¬13) كون العشر أشهرًا ¬

_ (¬1) في النجديات، د، س يرد. (¬2) في ج (عني لو قال) وفي هـ ولو قال. (¬3) سقط من ب، جـ، هـ (أبو). (¬4) انظر التاج والإكليل 5/ 227 - 228 ومغني المحتاج 2/ 249. (¬5) في جـ والأزهريات. (¬6) في أ، جـ هـ على. (¬7) سقط من جـ، هـ (و). (¬8) في أ، د، س ط من غير جنس المفسر. (¬9) في هـ المقر. (¬10) في جـ يصح. (¬11) في ب، جـ، هـ يفسره. (¬12) ما بين القوسين من ب. (¬13) في ب فمتنع.

للقرينة (¬1)، إذا لو كانت أشهرًا لأنث الشعرة ولقال أربعة عشر شهرًا بالتركيب (¬2) لا بالعطف كما لو (¬3) قال تسعة عشر. وقولهم: إن الألف مبهم، قلنا: قد قرن به (¬4) ما يدل على تفسيره، فأشبه ما لو قال: مائة وخمسون درهمًا أو مائة درهم عند أبي حنيفة. (تنبيه) في قوله فاختر (¬5) وخذ بأحسن المسالك إشارة إلى أنه لا يلزم التمذهب (¬6) بمذهب ويمتنع الانتقال إلى غيره، قال الشيخ تقي الدين (¬7): العامي هل عليه أن يلتزم (¬8) مذهبًا معينًا يأخذ بعزائمه ورخصه؟ فيه وجهان لأصحاب أحمد (¬9)، وهما وجهان لأصحاب الشافعي، والجمهور من هؤلاء وهؤلاء (¬10) لا يوجبون ذلك، والذين يوجبون يقولون: إذا التزمه لم يكن له أن يخرج عنه ما دام ملتزمًا له أو ما لم (¬11) يتبين له أن غيره أولى بالالتزام منه، ولا ريب أن التزام المذاهب والخروج عنها إن كان لغير أمر ديني (¬12)، مثل أن يلتمس مذهبًا لحصول غرض دنيوي من مال أو جاه (¬13) أو نحو ذلك فهذا مما (¬14) لا يحمد عليه بل يذم عليه في نفس الأمر، ولو كان ما انتقل إليه خيرًا مما انتقل عنه، وهو بمنزلة من يسلم لا يسلم إلا لغرض ¬

_ (¬1) في د، س القرينة. (¬2) في د، س فالتركيب. (¬3) سقطت (لو) من هـ. (¬4) من جـ بها. (¬5) في هـ واختر. (¬6) في هـ المتذهب. (¬7) الفتاوى 20/ 222 - 223. (¬8) في النجديات يلزم. (¬9) في ب كرر (أحمد). (¬10) سقطت من د، س. (¬11) في النجديات، هـ أو لم يتبين. (¬12) في النجديات دين. (¬13) في د، س وجاء. (¬14) سقطت (مما) من هـ.

دنيوي أو يهاجر من مكة إلى المدينة لامرأة يتزوجها أو دنيا يصيبها. قال: وأما إن كان انتقاله من مذهب إلى مذهب لأمر ديني فهو مثاب على ذلك بل واجب على كل أحد إذا تبيّن له حكم الله ورسوله في أمر أن لا (¬1) يعدل عنه ولا يتبع أحدًا في مخالفة (¬2) الله ورسوله، فإن الله فرض (طاعته (¬3) و) طاعة رسوله على كل أحد في كل (¬4) حال) أ. هـ. وقال في الرعاية: من التزم مذهبًا أنكر عليه مخالفته بلا دليل ولا تقليد سائغ (¬5) ولا عذر. وقال في موضع آخر: (و) (¬6) يلزم كل مقلد أن يلتزم بمذهب معين في الأشهر، ولا يقلد غيره (¬7)، وقيل (¬8) بلى (¬9)، وقيل ضرورة. هذا تمام الرجز الوجيز ... يحكي ابتهاج الذهب الإبريز الرجز: بفتحتين ضرب من الشعر وقد رجز الشاعر من باب نصر (¬10) وارتجز أيضًا. والوجيز: المختصر يقال أوجز الكلام قصره، وكلام موجز بفتح الجيم وكسرها، ووجز بوزن فلس ووجيز. والابتهاج: السرور والبهجة الحسن، والإبريز الفائق غيره. ¬

_ (¬1) سقطت (لا) من د، س. (¬2) في هـ مخالفته. (¬3) ما بين القوسين من جـ، ط. (¬4) سقط من ب، جـ (في كل حال). (¬5) في هـ بسائغ. (¬6) ما بين القوسين من ب، ط. (¬7) في د، س غير. (¬8) سقط من د، س، ط قيل. (¬9) في د، س، ط بل. (¬10) في النجديات قصر.

والمعنى هذا تمام النظم من بحر الرجز القصير يشبه (¬1) الذهب (¬2) الخالص الفائق (¬3) في معدنه وأنواعه (¬4) غيره. كم قد حوى من درة يتيمة ... في حسنها فما لها من قيمة الدرة: اللؤلؤة، والدرة اليتيمة التي لا نظير لها، وكم للتكثير أي: قد حوى هذا الرجز مسائل كثيرة تشابه الواحدة منها الدرة اليتيمة في حسنها فلا تعادل بقيمة لعظمها (¬5). فجاء عقدًا (¬6) نظمه اللآلي ... والجوهر الفرد بلا مثال العقد بكسر (¬7) العين: القلادة، واللآلي: جمع لؤلؤة، والجوهر: معرب واحدته (¬8) جوهرة، والفرد (¬9): الوتر. أي: جاء هذا النظم كالعقد (¬10) المنظم باللآلي والجواهر المفردة التي لا مثال لها لبلوغه الغاية في الحسن. مستخرجًا من كنز بحر العلم ... ملتقطًا بغوص فكر القبح الغوص: النزول تحت الماء والغواص: الذي يغوص في البحر على اللؤلؤ. والفكر: التفكر والتأمل، والفهم: الإدراك، والكنز من المال: المدفون. ¬

_ (¬1) في النجديات، ط شبه. (¬2) في الأزهريات سرور الذهب. (¬3) في جـ الفايف. (¬4) في أ، جـ (الفائف في معده وأنواع غيره) وفي ب (الفائق في معدنه أنواع غيره). (¬5) في هـ لفظها. (¬6) في ب ونظ عقد. (¬7) في د، س بالكسر. (¬8) في جـ والأزهريات. (¬9) في هـ الوتر. (¬10) سقط (كالعقد المنظم) من هـ.

يقول: إنه استخرج هذا النظم من مدفون البحر العلمي والتقطه (¬1) بغوص فكره وفهمه غير مسبوق به. يكون تقليدًا لذي التقليد ... يسمو بذاك حلية في الجيد التقليد الأوّل: جعل القلادة في العنق، والثانى: الأخذ بقول المجتهد من غير نظر في دليله، والسمو: العلو، والحلية: ما يتحلى به، والجيد: العنق وجمعه أجياد. يقول: إن هذا النظم يكون (¬2) كجعل القلادة في عنق المقلد يعلو (¬3) به كالحلية في العنق. لا سيما إن كان لابن حنبل ... متبعًا لقوله المبجل فهو به أليق إذ لا يحسن ... جهلًا بقول عنه فردًا (¬4) عنعنوا المبجل: المعظم، والجهل: خلاف العلم، والعنعنة: نقل الخبر بعن مع اتصال سنده. والمعنى لا سيما إن كان المقلد للإمام أحمد بن محمَّد بن حنبل متبعًا لقوله المعظم فإن هذا العقد أليق به من غيره، إذ لا يحسن جهله (¬5) بقول انفرد به إمامه، ونقله (¬6) عنه أصحابه فالجهل كله قبيح وهذا من أقبحه. ومبلغ العلم لما قد ذكروا ... هذا وما (¬7) فات لعل أكثر ¬

_ (¬1) في هـ واليقظة. (¬2) سقطت من د، س. (¬3) في د، س يقلد وفي ط يعلق. (¬4) في ب فرد. (¬5) في أ، جـ، هـ جهل. (¬6) في هـ نقل. (¬7) في نظ ومن.

أي: هذا ما وصل إلى (¬1) الناظم علمه مما (¬2) ذكره الأصحاب ولعل ما فاته أكثر منه إذ العلم بحر لا قرار له خصوصًا الفقه وهذا من حسن (¬3) كماله اعترافًا بالعجز قال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]. والحمد للكريم ذي الإنعام (¬4) ... والمن بالإلهام والإتمام أي: الوصف بالجميل ثابت للكريم صاحب الإنعام المان بالإلهام لهذه الفوائد (¬5) وإتمام هذا الرجز على الوجه المحكم البليغ (¬6) وتقدم (¬7) في أول (¬8) الخطبة شرح الحمد وما يتعلق به. وأفضل الصلاة والتسليم .... على النبي الرؤوف الرحيم (¬9) محمَّد الداعي إلى الرشاد ... والساعي في النصح وفي (¬10) الإرشاد الصلاة من الله الرحمة المقرونة بالتعظيم، والتسليم من السلام بمعنى التحية أو الأمان (¬11) أو السلامة من النقائص. والنبي: إنسان أوحي إليه بشرع وإن لم يؤمر (¬12) بتبليغه، فإن أمر به فرسول أيضًا، والرأفة: شدة الرحمة، والرحمة: رقة (¬13) القلب وميله وانعطافه. ¬

_ (¬1) في أ، هـ إليه. (¬2) في هـ بما. (¬3) في هـ أحسن. (¬4) في نظ أ، جـ (والحمد لله الكريم ذي الإنعام). (¬5) في النجديات، ط الفرائد. (¬6) في جـ التبليغ. (¬7) في هـ وقدم. (¬8) سقط من جـ (أول). (¬9) في ب، ط الرؤوف والرحيم. (¬10) في جـ (في النصح والإرشاد). (¬11) في أ، جـ والأمان والسلامة وفي والأمان أو السلامة. (¬12) في أ، جـ يوص. (¬13) في جبر رأفة.

ومحمَّد: اسم من أسمائه -عليه السلام-، والرشاد: ضد الغي، والإرشاد، الهداية الدلالة للطريق الأرشد، والنصح: بضم النون مصدر نصح كالنصاحة بفتحها، وختم كتابه بالحمد لله والصلاة والسلام (¬1) على رسوله (¬2) محمَّد - صلى الله عليه وسلم - كما ابتدأه بذلك رجاء قبول ما (¬3) بينهما. ما طابت الأذكار في الأسحار ... أو غردت ورق على الأشجار (¬4) ما: مصدرية ظرفية، والأسحار: جمع سحر وهو آخر الليل، والتغريد: التطريب بالصوت والغناء يقال غرد الطائر من باب طرب فهو غرد وغرّد تغريدًا وتغرد (¬5) تغردًا، والورق: بضم الواو جمع ورقاء وهي الحمامة في لونها بياض إلى سواد. والأشجار: جمع شجرة (¬6)، وهو معلوم، وفي البيت الجناس المصحف (¬7). والمراد إطالة (¬8) الصلاة والتسليم على محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه بمعنى أنه يطلب من الله تعالى أن (¬9) يصلي ويسلم عليه صلاة وسلامًا لا نهاية لهما أو دوام ثمرتهما (¬10) وأجرهم (¬11) وثوابهما. ناظمها (¬12) محمد بن علي ... المقدسي الصالحي الحنبلي أي: ناظم هذه المفردات الإمام الأمجد الفاضل الأوحد العلامة قال ¬

_ (¬1) سقطت من أ، جـ. (¬2) في هـ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) في النجديات، هـ قبوله وسقطت (ما). من أ، جـ، هـ. (¬4) في جـ الأشجار جمع شجر. (¬5) في النجديات، ط أو تغرد. (¬6) في هـ شجر. (¬7) وذلك بين كلمتي الأسحار والأشجار. (¬8) في أ، الملاة وفي جـ إطلاق. (¬9) في هـ أنه. (¬10) في ب، ط ثمرتها وفي هـ عشرتهما. (¬11) في د، س أو أجرهما. (¬12) في جـ ناضمها.

ابن عبد الهادي في ذيل طبقات ابن رجب: محمَّد بن علي بن عبد الرحمن بن محمَّد بن سليمان بن حمزة بن أحمد (¬1) بن عمر بن الشيخ أبي عمر الشيخ الإمام العلامة شيخ الإِسلام وعلم الأعلام قاضي القضاة عز الدين المقدسي الأصل الصالحي الحنبلي كان فقيها عالمًا صالحًا زاهدًا ورعًا، أخذ (¬2) عن ابن رجب وابن المحب وغيرهما، وتفقه بابن رجب وغيره، له يد في الفقه والنحو والأصول والحديث وغير ذلك، وولي قضاء دمشق ووجدت غالب كتب ابن رجب (¬3) بخطه، ونظم مفردات الإمام أحمد بن حنبل، ودرس ورأس ومُدِحَ بالعلم، توفي سنة عشرين وثمانمائة بالصالحية، ودفن بمقبرة شيخ الإسلام أبي عمر، ورثاه شعبان ناظم الألفية بقصيدة طويلة مذكورة في الطبقات المذكورة. يسأل من (¬4) مولاه غفر الزلل ... وأن يوفقه لأرجى العمل السؤال: الطلب، والمولى: السيد، ويطلق أيضًا على الناصر وغيره. والغفر: الستر، والزلل: الخطأ، والتوفيق: خلق قدرة الطاعة في العبد والداعية إليها، وأرجى: أفعل تفضيل من (¬5) الرجاء. أي: يطلب من الله غفر زلله وتوفيقه لأرجى عمل تكون به (¬6) نجاته لديه وفوزه بجنات النعيم المقيم. وهذا آخر ما تيسر به شرح هذا الرجز والله أسأل أن ينفع به وأن يجعله (¬7) خالصًا لوجهه الكريم وسببًا للفوز لديه (¬8) في جنات النعيم. ¬

_ (¬1) سقطت من أ، جـ. (¬2) سقط من أ، هـ. (¬3) في أ، غالب كتبه بخطه. (¬4) سقط من نظ. (¬5) في أفي. (¬6) سقطت (به) من هـ. (¬7) في هـ وأن يجعله صالحًا خالصًا. (¬8) سقطت (لديه) من هـ.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلم ما دامت الأرض والسموات، قال ذلك وكتبه (¬1) جامعه ومؤلفه فقير رحمة ربه العلي. منصور بن يونس بن صلاح الدين ابن حسن بن أحمد بن علي بن إدريس البهوتي الحنبلي، غفر الله له ولوالديه ومشايخه وإخوانه وأحبابه ولجميع المسلمين إنه سميع عليم جواد كريم، [وكان الفراغ من تأليفه في (¬2) يوم الأربعاء غرة جمادى الآخرة من شهور سنة سبع وأربعين بعد الألف، وصلى الله على سيدنا محمَّد وآله وصحبه (¬3) وسلم] (¬4). ¬

_ (¬1) سقط من أ، هـ وسقط من هـ لفظ (ذلك أيضًا). (¬2) الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - من نسخة أفقط. (¬3) سقط من ب، حـ، ط (في). (¬4) ما بين القوسين سقطت من د، س.

تراجم موجزة للعلماء المذكورين في الكتاب

تراجم موجزة للعلماء المذكورين في الكتاب 1 - الآدمي: هو الشيخ تقي الدين أحمد بن محمَّد الآدمي البغدادي ذكره صاحب الدر المنضد في آخر الطبقة الحادية عشرة التي تنتهي سنة 740 هـ ولم يذكر سنة وفاته (¬1). 2 - الآجري: محمَّد بن الحسين بن عبد الله الآجري له كتاب النصيحة في الفقه كتاب الشريعة في العقائد وكتاب الأربعين حديثًا توفي سنة 360 هـ (¬2). 3 - إبراهيم الحربي: هو إبراهيم بن إسحاق الحربي، أحد تلاميذ أحمد البارزين وكان إمامًا في العلم رأسًا في الزهد عارفًا بالفقه حافظًا للحديث. توفي سنة 285 هـ (¬3). 4 - إبراهيم النخعي: هو إبراهيم بن يزيد بن الأسود النخعي الفقيه الكوفي أحد الأئمة المشاهير، رأى عائشة أم المؤمنين ودخل عليها ولم يثبت له منها سماع، وتوفي سنة 96 هـ وله تسع وأربعون سنة (¬4). ¬

_ (¬1) الدر المنضد مخطوط لوحه 648. (¬2) المنهج الأحمد 2/ 54. (¬3) طبقات الحنابلة 1/ 86 والمنهج الأحمد 1/ 196. (¬4) وفيات الأعيان 1/ 25.

5 - أحمد بن الحسن: هو أبو عبد الله الصوفي أحمد بن الحسن أخذ عن الإمام أحمد ويحيى بن معين وعلي بن الجعد وغيرهم روى عن الإمام أحمد مسائل، توفي سنة 306 هـ (¬1). 6 - أحمد بن أبي عبده: هو أبو جعفر أحمد بن أبي عبده الهمداني أحد نقلة علم أحمد بن حنبل كان ورعًا جليل القدر كان أحمد يكرمه وتوفي قبل وفاة أحمد (¬2). 7 - الأزجي: يحيى بن يحيى الأزجي الفقيه مؤلف كتاب نهاية المطلب في علم المذهب حذا فيه حذو إمام الحرمين الجويني في كتابه نهاية المطلب ونقل فيه من الفصول والمجرد لابن عقيل وفيه تهافت كبير (¬3). 8 - الأزهري: أبو منصور محمَّد بن أحمد بن الأزهر الأزهري الإمام المشهور في اللغة كان فقيهًا شافعي المذهب ولكن غلبت عليه اللغة فاشتهر بها له كتاب تهذيب اللغة وكتاب في غريب الألفاظ التي استعملها الفقهاء، توفي سنة 371 هـ (¬4). 9 - إسحاق بن إبراهيم: هو إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري ولد سنة 218 هـ وخدم الإمام أحمد منذ أن كان عمره سبع سنين وكان أخا دين وورع نقل عن الإمام مسائل كثيرة مطبوعة في مجلدين صغيرين، توفي سنة 275هـ (¬5). 10 - إسحاق بن راهويه، ترجم له المؤلف ص 343. 11 - أبو إسحاق الزجاج: هو إبراهيم بن محمَّد الزجاج النحوي كان يخرط الزجاج ثم تركه واشتغل بالأدب وأخذ عن المبرد وثعلب له كتب كثيرة في النحو والأدب توفي ببغداد سنة 310هـ (¬6). ¬

_ (¬1) المنهج الأحمد 1/ 224. (¬2) طبقات الحنابلة 1/ 84 والمنهج الأحمد 1/ 267. (¬3) المنهج الأحمد 2/ 120. (¬4) وفيات الأعيان 4/ 334. (¬5) المنهج الأحمد 1/ 174. (¬6) وفيات الأعيان 1/ 49.

12 - أبو إسحاق بن شاقلا: هو إبراهيم بن أحمد بن عمر بن حمدان بن شاقلا البزار كان جليل القدر حسن الكلام في الأصول والفروع كثير الرواية توفي سنة 369هـ (¬1). 13 - أبو إسحاق الشالنجي: هو إسماعيل بن سعيد الشالنجي روى عن الإمام أحمد مسائل كثيرة، وكان عالمًا بالرأي: كبير القدر معروفًا بالعلم والصلاح (¬2). 14 - الأسود بن يزيد: هو الأسود بن يزيد النخعي الفقيه الزاهد العابد عالم الكوفة وابن أخي عالمها علقمة بن قيس النخعي وخال إبراهيم النخعي سافر إلى مكة ثمانين مرة ما بين حج وعمرة، مات سنة 75 هـ أو قريبًا منه (¬3). 15 - الأصمعي: عبد الملك بن قريب الباهلي -أبو سعيد- راوية العرب وأحد أئمة العلم بالشعر واللغة والبلدان ولد بالبصرة وكان كثير الرحلات بين البلدان للعلم، مات سنة 216 هـ (¬4). 16 - ابن الأعرابي: أبو عبد الله محمَّد بن زياد ربيب المفضل الضبي، صاحب المفضليات كان إمامًا في اللغة راوية لأشعار القبائل نسابًا ألف كتاب النوادر وكتاب الأنواء وكتاب الألفاظ، وغيرها مات بسر من رأى سنة 231 هـ (¬5). 17 - الأعمش: أبو محمَّد سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي ولاء أصله من بلاد الري قال فيه يحيى القطان: الأعمش علامة الإسلام وكان رأسًا في العلم النافع والعمل الصالح مات سنة 148 هـ (¬6). ¬

_ (¬1) المنهج الأحمد 2/ 63. (¬2) المرجع السابق 1/ 272. (¬3) تذكرة الحفاظ 1/ 50. (¬4) وفيات الأعيان 3/ 170. (¬5) وفيات الأعيان 4/ 306. (¬6) تذكرة الحفاظ 1/ 154.

18 - الأوزاعي: أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي إمام أهل الشام انتشر مذهبه في الأندلس قبل المذهب المالكي ثم اختفى بعد انتشار المذهب المالكي كان يسكن بيروت توفي سنة 157هـ (¬1). 19 - إياس بن عبد المزني: أبو عوف وقيل: أبو الفرات صحابي. روى حديثًا واحدًا في بيع الماء نزل الكوفة ولم يذكر ابن حجر في الإصابة سنة وفاته (¬2). 20 - إياس بن معاوية بن قرة المزني: -أبو وائلة- القاضي البليغ الذكي به يضرب المثل في الذكاء، تولى قضاء البصرة لعمر بن عبد العزيز توفي سنة 122 هـ عن عمر ناهز السادسة والسبعين (¬3). 21 - بكر بن عبد الله المزني الإمام القدوة الواعظ الحجة أحد الأعلام كان مجاب الدعوة وكان يسكن البصرة، مات سنة 106هـ (¬4). 22 - أبو بكر عبد العزيز: هو عبد العزيز بن جعفر بن أحمد المعروف بغلام الخلال أحد فقهاء الحنابلة المحدثين له مصنفات كثيرة في علوم مختلفة منها الشافي، في الحديث و"المقنع" في الفقه وتفسير القرآن وغيرها، توفي سنة 363هـ. (¬5). 23 - ابن البنا: الحسن بن أحمد بن عبد الله ابن البنا البغدادي -المعروف بابن البنا كان -رحمه الله- مقرئًا محدثًا فقيهًا واعظًا له مؤلفات كثيرة في فنون مختلفة، توفي سنة 471هـ. (¬6). ¬

_ (¬1) وفيات الأعيان 4/ 127. (¬2) الإصابة 1/ 90. (¬3) وفيات الأعيان 1/ 247. (¬4) تذكرة الحفاظ 1/ 102 وسير أعلام النبلاء 4/ 532. (¬5) المنهج الأحمد 2/ 56. (¬6) المنهج الأحمد 2/ 138.

24 - تقي الدين ابن تيمية: هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن تيمية الحراني ثم الدمشقي أبو العباس شيخ الإسلام الإمام الفقيه المحدث المفسر الأصولي الزاهد المشهور له مؤلفات كثيرة في الأصول والفروع توفي سنة 728 هـ محبوسًا في قلعة دمشق -رحمه الله- (¬1). 25 - ابن تميم: هو محمَّد بن تميم الحراني الفقيه أبو عبد الله صاحب المختصر المشهور في الفقه وصل فيه إلى أثناء الزكاة تفقه على المجد ابن تيمية (¬2). 26 - الثوري: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الإمام الفقيه الكوفي سيد الحفاظ قال شعبة ويحيى بن معين وجماعة: سفيان أمير المؤمنين في الحديث مات سنة 261 بالبصرة (¬3). 27 - أبو ثور: إبراهيم بن خالد الكلبي الإمام المجتهد الحافظ قال ابن حبّان: أبو ثور أحد أئمة الدنيا فقهًا وعلمًا وورعًا، صنف الكتب وفرع على السنن وذَبَّ عنها، مات سنة 240 هـ (¬4). 28 - جابر بن زيد الأزدي البصري أبو الشعثاء أحد الأعلام المشهورين صاحب ابن عباس، أثنى عليه ابن عباس وابن عمر، مات سنة 93 هـ (¬5). 29 - ابن جرير: هو محمَّد بن جرير الطبري صاحب التفسير المشهور والتاريخ الكبير كان إمامًا في فنون كثيرة منها التفسير والحديث والفقه والتاريخ وغير ذلك، كانت ولادته سنة 224 هـ وتوفي ببغداد سنة 310 هـ (¬6). ¬

_ (¬1) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 387. (¬2) المرجع السابق 2/ 290. (¬3) تذكرة الحفاظ 1/ 154. (¬4) المرجع السابق 2/ 513. (¬5) المرجع السابق 1/ 72. (¬6) وفيات الأعيان 4/ 191 وشذرات الذهب 2/ 260.

30 - جعفر بن محمَّد: ذكره المؤلف في باب العتق -ص 394 - وقد حدث عن الإمام أحمد تلاميذ كثيرون كل واحد منهم اسمه جعفر بن محمَّد وإليك المذكور منهم في طبقات الحنابلة: أ- جعفر بن محمَّد بن معبد المؤدب، الطبقات 1/ 123. ب- جعفر بن محمَّد بن هاشم أبو الفضل المؤدب، الطبقات 1/ 123. جـ- جعفر بن محمَّد بن أبي عثمان أبو الفضل الطيالسي، الطبقات 1/ 123. د- جعفر بن محمَّد النسائيُّ الشقراني الشعراني أبو محمَّد، الطبقات 1/ 124. هـ - جعفر بن محمَّد بن شاكر أبو محمَّد الصائغ، الطبقات 1/ 124. و- جعفر بن محمَّد بن عبد الله المنادي، الطبقات 1/ 126. ز- جعفر بن محمَّد بن علي الوراق أبو القاسم، الطبقات 1/ 126. ح- جعفر بن محمَّد بن هذيل بن بنت أبي شامة، الطبقات 1/ 126. ط- جعفر بن محمَّد بن معبد، الطبقات 1/ 127. 31 - ابن الجوزي، ترجم له المؤلف ص 128. 32 - أبو حاتم: هو محمَّد بن إدريس بن المنذر الحنظلي، أحد الأعلام الحافظ المحدث ولد سنة 195 هـ وتوفي سنة 277 هـ (¬1). 33 - أبو الحارث: هو أحمد بن محمَّد الصائغ كان الإمام أحمد يأنس به ويكرمه روى عن أبي عبد الله مسائل كثيرة دَوَّنَها في بضعة عشر جزءًا (¬2). 34 - ابن حامد: هو الحسن بن حامد بن علي بن مروان إمام الحنابلة في وقته وأستاذ القاضي أبي يعلى له كتاب الجامع في المذهب أربعمائة جزء في اختلاف الفقهاء وكتاب شرح الخرقي وكتاب تهذيب الأجوبة وغيرها، مات سنة 403 هـ (¬3). ¬

_ (¬1) تذكرة الحفاظ 2/ 567. (¬2) طبقات الحنابلة 1/ 74 والمنهج الأحمد 1/ 263. (¬3) طبقات الحنابلة 2/ 153 والمنهج الأحمد 2/ 73.

35 - حرب: ترجم له المؤلف في ص 176. 36 - الحسن البصري: ترجم له المؤلف في ص 31. 37 - أبو الحسن بن بكروس: علي بن محمَّد بن المبارك بن أحمد بن بكروس البغدادي الفقيه، ولد سنة 504 هـ وتفقه في المذهب وبرع وأفتى وناظر ودرس وصنف، له كتاب رؤوس المسائل وكتاب الأعلام وتوفي سنة 576هـ (¬1). 38 - الحسن بن زيادة هو الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي تلميذ أبي حنيفة -رحمه الله- كان رأسًا في الفقه الحنفي، تولى القضاء ثم طلب الإعفاء منه فأعفي وكان يختلف إلى أبي يوسف وزفر وصنف كتاب المقالات، توفي سنة 204 هـ (¬2). 39 - الحسن بن صالح: هو الحسن بن صالح بن حي الإمام أبو عبد الله الهمداني الفقيه العابد فيه ميل إلى بعض أفكار الخوارج، توفي سنة 167هـ (¬3). 40 - أبو حفص المغازلي: هو عمر بن بدر بن عبد الله سمع من ابن بشار مسائل صالح ومن القاقلاني مسائل إبراهيم بن هانئ، له تصانيف في المذهب واختيارات (¬4). 41 - الحكم: هو الحكم بن عتيبة الكندي ولاءً الحافظ الفقيه شيخ الإسلام، قال ابن عيينة: ما كان بالكوفة مثل الحكم وحماد، مات سنة 115هـ (¬5). ¬

_ (¬1) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 348. (¬2) تاج التراجم في طبقات الحنفية 22. (¬3) تذكرة الحفاظ 1/ 216. (¬4) المنهج الأحمد 2/ 91. (¬5) تذكرة الحفاظ 1/ 117.

42 - ابن الحكم: محمَّد بن الحكم أبو بكر الأحول كان من خواص أبي عبد الله وكان له فهم سديد وعلم كثير، توفي سنة 223هـ (¬1). 43 - الحلواني: أبو محمَّد الحسن بن علي الخلال الحلواني محدث مكة حدث عن أبي معاوية ووكيع ورحل إلى عبد الرزاق. مات سنة 242هـ (¬2). 44 - حمزة الزيات: هو حمزة بن حبيب الزيات مقرئ الكوفة أبو عمارة شيخ القراء وأحد السبعة الأئمة، إليه المنتهى في الصدق والورع مات سنة 158هـ (¬3). 45 - حماد بن سلمة: هو حماد بن سلمة بن دينار -أبو سلمة البصري- الإمام العلم قال فيه عبد الله بن المبارك: ما رأيت أحدًا كان أشبه بمسالك الأوّل من حماد، وكان خزازًا عابدًا مجاب الدعوة وكان مفتي أهل البصرة مع سعيد بن أبي عروبة، مات سنة 167هـ (¬4). 46 - حماد بن أبي سليمان: هو حماد بن أبي سليمان الأشعري الكوفي أحد أئمة الفقهاء سمع أنس بن مالك وتفقه بإبراهيم النخعي وهو شيخ أبي حنيفة وقد تكلم فيه للإرجاء توفي سنة 120 هـ (¬5). 47 - حميد بن عبد الرحمن: هو حميد بن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن الرواسي الإمام الحافظ المتقن أثنى عليه أحمد ويحيى بن معين وأبو بكر بن أبي شيبة وغيرهم، مات سنة 190 هـ (¬6). ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 295 (¬2) تذكرة الحفاظ 2/ 522. (¬3) ميزان الاعتدال 1/ 605. (¬4) المرجع السابق 1/ 590. (¬5) المرجع السابق 1/ 595. (¬6) تذكرة الحفاظ 1/ 288.

48 - خارجة بن زيد: هو خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري المدني أحد الفقهاء السبعة بالمدينة تابعي جليل القدر أدرك زمان عثمان رضي الله عنه، مات سنة 99 هـ بالمدينة (¬1). 49 - الخطابي: هو أبو سليمان حمد بن محمَّد بن إبراهيم البستي الخطابي كان فقيهًا أديبًا محدثًا، له تصانيف بديعة منها "معالم السنن في شرح سنن أبي داود" وكتاب "غريب الحديث" وكتاب "أعلام السنن في شرح البخاري" وكانت وفاته سنة 388 هـ بمدينة بست (¬2). 50 - أبو الخطاب: ترجم له المؤلف ص 142. 51 - الخلال: ترجم له المؤلف ص 145. 52 - أبو خيثمة: هو زهير بن حرب النسائيُّ الحافظ الكبير محدث بغداد سمع هشيمًا وابن عيينة وجريرًا وابن إدريس وأممًا، وأخذ عنه البخاري ومسلمٌ وأبو داود وأبو يعلى والبغويُّ وغيرهم، مات سنة 234هـ (¬3). 53 - ابن أبي خيثمة: هو أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب أبو عبد الله، النسائيُّ ثم البغدادي الحافظ الحجة الإمام المتقن كان بصيرًا بأيام العرب راوية للأدب عالمًا بالأنساب، ألف كتاب التاريخ الكبير، مات سنة 279هـ (¬4). 54 - داود بن علي الأصبهاني الفقيه الظاهري -أبو سليمان- ولد سنة 200 هـ وكان إمامًا ورعًا زاهدًا وكان مع ظاهريته من المتعصبين للشافعي مات سنة 270هـ (¬5). ¬

_ (¬1) وفيات الأعيان 2/ 223. (¬2) المرجع السابق 2/ 214. (¬3) تذكرة الحفاظ 2/ 437. (¬4) تذكرة الحفاظ 2/ 596. (¬5) ميزان الاعتدال 2/ 14.

55 - ابن درستويه: أبو محمَّد عبد الله بن جعفر بن درستويه بن المرزبان الفارسي النحوي له مصنفات كثيرة منها كتاب غريب الحديث وكتاب الإرشاد في النحو وكتاب المقصور والممدود توفي سنة 347 هـ ببغداد (¬1). 56 - الربيع بن خيثم: هو الربيع بن خيثم أبو يزيد الثوري الكوفي الإمام القدوة أثنى عليه عبد الله بن مسعود وكبار التابعين مات في خلافة يزيد بن معاوية (¬2). 57 - الربيع بن سليمان: هو الربيع بن سليمان المرادي الحافظ الإمام محدث الديار المصرية وصاحب الإمام الشافعي الذي نقل علمه كان مولده سنة 174هـ وتوفي سنة 270هـ (¬3). 58 - ربيعة بن أبي عبد الرحمن: هو ربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ مولى آل المنكدر فقيه مدني ومحدث مكثر وكان صاحب الفتوى في المدينة مات سنة 136هـ (¬4). 59 - ابن رجب: هو عبد الرحمن بن أحمد بن رجب جمال الدين أبو الفرج الحافظ المحدث صاحب التصانيف الكثيرة منها القواعد الفقهية وذيل طبقات الحنابلة وتهذيب الأجوبة وغيرها، مات سنة 795هـ (¬5). 60 - ابن رزين: هو عبد الرحمن بن رزين بن عبد العزيز الغساني الدمشقي الفقيه الفاضل اختصر المغني في مجلدين وسماه التهذيب واختصر الهداية لأبي الخطاب، قتل شهيدًا بسيف التتار سنة 656هـ (¬6). 61 - الزاغوني أو ابن الزاغوني: ترجم له المؤلف ص 128. ¬

_ (¬1) وفيات الأعيان 3/ 44. (¬2) تذكرة الحفاظ 1/ 57. (¬3) تذكرة الحفاظ 1/ 586. (¬4) المرجع السابق 1/ 157. (¬5) شذرات الذهب 6/ 339. (¬6) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 264.

62 - الزبير بن بكار: الزبير بن بكار القرشي الأسدي المكي من أحفاد الزبير بن العوام كان راوية عالمًا بالأنساب وأخبار العرب ولي قضاء مكة وتوفي فيها له كتاب الموفقيات وكتاب قريش وأخبارها وكتاب أخبار العرب وأيامها (¬1). 63، 64 - أبو زرعة تطلق هذه الكنية على عالمين جليلين أحدهما دمشقي والثاني رازي. 65 - أما الأوّل: فهو عبد الرحمن بن عمرو بن صفوان البصري قال الخلال: إمام في زمانه رفيع القدر حافظ عالم بالحديث والرجال وصنف من حديث الشام ما لم يصنفه أحد .. وسمع من أبي عبد الله مسائل مشبعة محكمة توفي سنة 280هـ (¬2). 66 - وأما الثاني: فهو عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد القرشي ولاءً الرازي طلب الحديث بالحرمين والعراق والشام والجزيرة وخراسان ومصر وكان من أفراد الدهر حفظًا وذكاء ودينًا، مات سنة 264هـ (¬3). 67 - الزركشي: محمَّد بن عبد الله بن محمَّد الزركشي الإمام العلامة شمس الدين ابن جمال الدين الزركشي المصري شرح مختصر الخرقي وشرح قطعة من المحرر وشرح قطعة من الوجيز توفي سنة 772 هـ (¬4). 68 - زفر: هو أبو الهذيل زفر بن الهذيل العنبري تلميذ أبي حنيفة كان أبو حنيفة يفضله ويقول: هو أقيس أصحابي وكان فقيهًا حافظًا قليل الخطأ ولي قضاء البصرة وكان شديد الورع، مات سنة 158 هـ (¬5). ¬

_ (¬1) الأعلام 3/ 74. (¬2) طبقات الحنابلة 1/ 205. (¬3) تذكرة الحفاظ 2/ 557. (¬4) المدخل لابن بدران ص 211. (¬5) تاج التراجم في طبقات الحنفية ص 28 وأخبار أبي حنيفة وأصحابه ص 103.

69 - أبو الزناد: عبد الله بن ذكوان المدني فقيه المدينة سمع سفيان وسعيد بن المسيّب وغيرهم وعنه مالك وشعيب بن أبي حمزة والليث والسفيانان توفي سنة 131هـ (¬1). 70 - الزهري: محمَّد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري المحدث الفقيه أول من دون الحديث قال فيه عمر بن عبد العزيز: عليكم بابن شهاب فإنكم لا تجدون أعلم بالسنة الماضية منه، توفي سنة 124هـ (¬2). 71 - زيد بن أسلم العمري المدني الفقيه روى عن مولاه عبد الله بن عمر وسلمة بن الأكوع وجابر وأنس وغيرهم وعنه مالك وهشام بن سعد والسفيانان وغيرهم وكانت له حلقة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3). 72 - سالم بن عبد الله بن عمر: هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي -أبو عبد الله- الفقيه الحجة جمع بين العلم والعمل والزهد والشرف وكان على سنة أبيه وعدم رفاهيته يشتري في السوق ويتجر، مات سنة 106هـ (¬4). 73 - سعيد بن جبير: هو سعيد بن جبير الوالبي ولاءً الكوفي المقرئ الفقيه أحد الأعلام أخذ عن ابن عباس وعدي بن حاتم وغيرهما قتله الحجاج سنة 95 هـ، لأنه خرج عليه مع ابن الأشعت (¬5). 74 - سعيد بن عبد الملك: هو سعيد بن عبد الملك بن مروان ولي الغزو في ولاية أخيه هشام وولي فلسطين للوليد وتولى إمارة الموصل زمنًا وكان حسن السيرة متعبدًا يقال له: سعيد الخير قتله السفاح بفلسطين (¬6). ¬

_ (¬1) تذكرة الحفاظ 1/ 134. (¬2) وفيات الأعيان 4/ 177 وشذرات الذهب 1/ 162. (¬3) تذكرة الحفاظ 1/ 132. (¬4) المرجع السابق 1/ 88 - 89. (¬5) المرجع السابق 1/ 76. (¬6) الأعلام 3/ 151 والكامل 5/ 161.

75 - سعيد بن المسيّب: هو أبو محمَّد سعيد بن المسيّب المخزومي فقيه المدينة وأجل التابعين ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر وكان واسع العلم وافر الحرمة متين الديانة قوالًا بالحق توفي سنة 94 هـ (¬1). 76 - سفيان الثوري: انظر الثوري. 77 - سفيان بن عيينة: هو سفيان بن عيينة بن ميمون الهلالي الكوفي شيخ الإسلام العلامة الحافظ محدث الحرم كانت ولادته سنة 107 هـ وطلب العلم في صغره وكان إمامًا حجة حافظًا واسع العلم كبير القدر قال الشافعي: لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز، توفي سنة 198هـ (¬2). 78 - سلمة بن شبيب: هو أبو عبد الرحمن سلمة بن شبيب النسائيُّ النيسابوري نزيل مكة الحافظ الجوال سمع يزيد بن هارون وأبا داود والجارود وآخرين وروى عنه الستة سوى البخاري، مات سنة 294 هـ (¬3). 79 - أبو سلمة بن عبد الرحمن: هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني الحافظ اسمه كنيته قاله مالك وقيل اسمه عبد الله وكان من كبار التابعين غزير العلم ثقة عالمًا، توفي سنة 94 هـ وقيل 104 هـ (¬4). 80 - سليمان بن موسى: هو سليمان بن موسى الأسدي الأشدق فقيه الشام قبل الأوزاعي كان مقدمًا على أصحاب مكحول (¬5). 81 - سليمان بن يسار المدني الإمام الفقيه روى عن عائشة وأبي هريرة وزيد بن ثابت وابن عباس وميمونة وطائفة وعنه عمرو بن دينار والزهرى وسالم أبو النضر، مات سنة 107 هـ (¬6). ¬

_ (¬1) تذكرة الحفاظ 1/ 54. (¬2) وفيات الأعيان 2/ 391 وتذكرة الحفاظ 1/ 262. (¬3) تذكرة الحفاظ 2/ 543. (¬4) ميزان الاعتدال 2/ 225. (¬5) تذكرة الحفاظ 1/ 63. (¬6) تذكرة الحفاظ 1/ 91.

82 - سليمان بن ربيعة: هو سليمان بن ربيعة بن يزيد الباهلي ولي لعمر الجبل والكوفة ثم وليها لعثمان وولي غزو أرمينية فقتل ببلنجر بلد بالخرز، سنة 25هـ وثقه العجلي وابن سعد (¬1). 83 - سيبويه: هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر أعلم المتقدمين والمتأخرين بالنحو ولم يؤلف فيه مثل كتابه، أخذ النحو عن الخليل بن أحمد وعن عيسى بن عمرو ويونس بن حبيب وغيرهم وأخذ اللغة عن أبي الخطاب المعروف بالأخفش الأكبر، توفي سنة 180هـ (¬2). 84 - سندي: هو سندي أبو بكر الخواتيمي البغدادي أحد تلاميذ أحمد له مسائل عنه صالحة لم يذكر في الطبقات سنة وفاته -رحمه الله - (¬3). 85 - سوار: هو سوار بن عبد الله بن قدامة من بني العنبر بن عمر بن تميم كان قاضيًا عادلًا تولى قضاء البصرة لأبي جعفر المنصور وكانت وفاته بها سنة 104هـ (¬4). 86 - ابن سيرين: هو أبو بكر محمَّد بن سيرين البصري كان أبوه عبدًا لأنس بن مالك -رضي الله عنه- ومحمَّد من أجلاء علماء التابعين واشتهر بتعبير الرؤيا وكان يعمل بزازًا وحبس في دين عليه توفي سنة 110هـ، بالبصرة (¬5). 87 - الشالنجي: انظر ترجمة أبي إسحاق الشالنجي. 88 - ابن شبرمة: هو عبد الله بن شبرمة بن الطفيل الكوفي من علماء التابعين واحد قضاة الكوفة، توفي سنة 144 هـ (¬6). ¬

_ (¬1) خلاصة تذهب تهذيب الكمال ص 147. (¬2) وفيات الأعيان 3/ 463. (¬3) طبقات الحنابلة 1/ 170 والمنهج الأحمد 1/ 296. (¬4) أخبار القضاة 2/ 57 الطبعة الأولى سنة 1366هـ. (¬5) وفيات الأعيان 4/ 161 وشذرات الذهب 1/ 138. (¬6) ميزان الاعتدال 2/ 429.

89 - الشريف أبو جعفر: هو عبد الخالق بن عيسى بن أحمد ينتهي نسبه إلى العباس بن عبد المطلب ولد سنة 411 هـ صنف رؤوس المسائل وتوفي سنة 470هـ (¬1). 90 - شريح: هو شريح بن الحارث بن قيس الكندي أبو أمية الكوفي الفقيه القاضي استقضاه عمر على الكوفة ثم علي فمن بعده عاش مائة وعشرين سنة وكان فقيهًا شاعرًا فيه دعابة مات سنة 78هـ (¬2). 91 - شريك بن عبد الله النخعي الكوفي -أبو عبد الله- القاضي أحد الأئمة الأعلام قال الذهبي: كان شريك حسن الحديث؛ إمامًا فقيهًا ومحدثًا مكثرًا ليس هو في الإتقان كحماد بن زيد. مات سنة 177 هـ (¬3). 92 - شعبة: هو شعبة بن الحجاج بن الورد الأزدي ولاءً -أبو بسطام- الحجة الحافظ قال الثوري: شعبة أمير المؤمنين في الحديث مات سنة 160هـ (¬4). 93 - الشعبي هو أبو عمرو عامر بن شراحيل بن عبد بن ذي كبار الشعبي الحميري كوفي تابعي جليل القدر وافر العلم، قيل إنه أدرك خمسمائة من الصحابة وكان ضئيلًا نحيفًا مزاحًا، توفي سنة 104هـ (¬5). 94 - ابن شهاب العكبري: هو الحسن بن شهاب بن الحسن العكبري المحدث الفقيه الأديب الشاعر، ولد بعكبرا سنة 335 هـ له مصنفات في الفقه والفرائض والنحو، مات سنة 428 هـ (¬6). ¬

_ (¬1) طبقات الحنابلة 2/ 237. (¬2) وفيات الأعيان 2/ 460 وتذكرة الحفاظ 1/ 59. (¬3) تذكرة الحفاظ 1/ 232. (¬4) تذكرة الحفاظ 1/ 196. (¬5) وفيات الأعيان 3/ 12. (¬6) طبقات الحنابلة 2/ 186.

95 - الشيرازي: هو أبو الفرج عبد الواحد بن محمَّد الشيرازي المعروف بالمقدسي من تلاميذ أبي يعلى شيخ الشام في وقته له تصانيف في الفقه والأصول والوعظ، ألف كتاب المبهج وكتاب الإيضاح مختصر في أصول الفقه، توفي سنة 406 هـ بدمشق (¬1). 96 - صاحب الفائق هو أحمد بن الحسين بن عبد الله بن الشيخ أبي عمر المقدسي المعروف بابن قاضي الجبل تلميذ شيخ الإِسلام ابن تيمية كان فقيهًا متقنًا عالمًا بالحديث وعلله وله باع طويل في التفسير، له كتاب الفائق وكتاب الرد على الكيا الهراسي وكتاب في أصول الفقه لم يتمه، مات سنة 771 هـ (¬2). 97 - صاحب المذهب الأحمد: هو يوسف بن عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي القرشي التيمي البكري البغدادي كنيته أبو محمَّد الفقيه الأصولي الواعظ، قتل صبرًا بسيف التتار هو وأولاده الثلاثة عندما دخل هولاكو بغداد وقتل الخليفة وأعيان الدولة سنة 656 هـ (¬3). 98 - صاحب الوجيز: هو الحسين بن يوسف بن محمَّد بن أبي السري الدجيلي سراج الدين أبو عبد الله الفقيه الفرضي ولد سنة 664 هـ وتوفي سنة 732 هـ (¬4). 99 - الصاغاني: هو أبو بكر محمَّد بن إسحاق الصاغاني الحافظ الحجة محدث بغداد كان أحد الأثبات المتقنين مع صلابة في الدين واشتهار بالسنة واتساع في الرواية مات سنة 207 هـ (¬5). 100 - صالح: هو ابن الإمام أحمد بن حنبل وهو أكبر أولاد الإمام وقد سمع من أبيه مسائل كثيرة ولي القضاء بطرسوس ثم بأصبهان .. ومات بأصبهان سنة 266 هـ (¬6). ¬

_ (¬1) طبقات الحنابلة 2/ 248 وذيل طبقات الحنابلة 1/ 68 - 71. (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 453 والدرر الكامنة 1/ 129. (¬3) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 258. (¬4) المرجع السابق 2/ 417. (¬5) تذكرة الحفاظ 2/ 573. (¬6) طبقات الحنابلة 1/ 173.

101 - أبو طالب: هو أحمد بن حميد المشكاني كان خصيصًا بصحبة أحمد وروى عنه مسائل كثيرة كان أحمد يكرمه ويعظمه، وكان رجلًا صالحًا فقيرًا قنوعًا توفي سنة 244هـ (¬1). 102 - طاووس: انظر الحاشية ص 427. 103 - أبو العالية: هو رفيع بن مهران البصري الفقيه المقرئ قال أبو بكر بن أبي داود: ليس أحد أعلم بالقرآن بعد الصحابة من أبي العالية ثم سعيد بن جبير، مات سنة 93هـ (¬2). 104 - أبو العباس بن سريج: أحمد بن عمر بن سريج الفقيه الشافعي ولي قضاء شيراز وهو الذي نشر مذهب الشافعي في الآفاق، له مصنفات كثيرة بلغت أربعمائة مصنف، توفي في سنة 306هـ ببغداد (¬3). 105 - ابن عبد البر: انظر الحاشية ص 248. 106 - عبد الرحمن بن أبي ليلى: هو أبو عيسى عبد الرحمن بن أبي ليلى يسار وقيل داود بن بلال بن أحيحة الأنصاري من أكابر التابعين ولد لست سنين بقين من خلافة عمر وتوفي سنة 82 هـ (¬4). 107 - ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى: هو محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى تولى القضاء بالكوفة ثلاثًا وثلاثين سنة في دولتي بني أمية وبني العباس، وكان فقيهًا متقنًا من أهل الرأي وبينه وبين أبي حنيفة وحشة يسيرة، توفي -رحمه الله- بالكوفة سنة 148هـ (¬5). ¬

_ (¬1) طبقات الحنابلة 1/ 39. (¬2) تذكرة الحفاظ 1/ 62. (¬3) وفيات الأعيان 1/ 66 وطبقات الشافعية للسبكي 2/ 87. (¬4) وفيات الأعيان 3/ 126 وشذرات الذهب 1/ 92. (¬5) وفيات الأعيان 4/ 179 وشذرات الذهب 1/ 224.

108 - عبد الرحمن بن الأسود: هو أبو حفص عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي أدرك عمر وروى عن أبيه وعم أبيه علقمة بن قيس وعائشة وأنس وغيرهم وعنه أبو إسحاق السبيعي والأعمش ومحمَّد بن إسحاق بن يسار وكان ثقة من خيار الناس، مات قبل المائة (¬1). 109 - عبد الرحمن بن غنم الأشعري شيخ أهل فلسطين وفقيه الشام، بعثه عمر إلى الشام ليفقه الناس وكان مولده في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولأبيه غنم صحبه وقيل لعبد الرحمن رؤية وقد تفقه عليه التابعون في الشام وكان كبير القدر فاضلًا صادقًا مات سنة 78هـ (¬2). 110 - عبد الرحمن بن مهدي: هو أبو سعيد عبد الرحمن بن مهدي اللؤلؤي الحافظ الكبير ولد سنة 135 هـ وكانت له يد طولى في حفظ الحديث ومعرفة الرجال والفقه، مات سنة 198هـ (¬3). 111 - عبد الرحمن بن يزيد: هو الإمام الفقيه أبو عتبة عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي الداراني الدمشقي أحد العلماء الثقات وكان كبير القدر من أئمة الشاميين، مات سنة 153هـ (¬4). 112 - عبد الرزاق: هو أبو بكر عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري ولاءً الصنعاني الحافظ الكبير صاحب المصنف، كان من أوعية العلم وقد نقم عليه التشيع وما كان يغلو فيه. مات سنة 211هـ (¬5). 113 - عبد الله بن أحمد: هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل ولد سنة 213 أخذ العلم عن أبيه وغيره وروى عن أبيه مسائل جيادًا كثيرة ولي القضاء بطريق خراسان في خلافة المكتفى وروى المسند عن أبيه وله فيه زيادة، توفي سنة 290 هـ (¬6). ¬

_ (¬1) تهذيب التهذيب 6/ 140. (¬2) تذكرة الحفاظ 1/ 51. (¬3) تذكرة الحفاظ 1/ 299. (¬4) المرجع السابق 1/ 183. (¬5) المرجع السابق 1/ 364. (¬6) طبقات الحنابلة 1/ 180.

114 - أبو عبد الله بن بطة: هو عبيد الله بن محمَّد العكبري المعروف بابن بطة ولد سنة 304 هـ، وكان شيخًا صالحًا مستجاب الدعوة ألف أكثر من مائة مصنف وتوفي سنة 387هـ (¬1). 115 - عبد الله بن حميد بن عبد الرحمن: هو عبد الله بن حميد بن عبد الرحمن الحميري البصري روى عن أبيه والشعبى وروى عنه حماد بن سلمة ومنصور بن زاذان وهشام وأبان العطار (¬2). 116 - عبد الله بن الصامت: عبد الله بن الصامت الغفاري ابن أخي أبي ذر الغفاري روى عن عمه أبي ذر، صدوق احتج به مسلم ووثقه النسائيّ وقال بعضهم: ليس بحجة (¬3). 117 - عبد الله بن المبارك: هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي جمع بين العلم والزهد وكان عالمًا مجاهدًا تفقه على سفيان الثوري ومالك بن أنس وتوفي سنة 182 هـ في قرية هيت قرب الأنبار (¬4). 118 - عبد الملك الماجشون: هو أبو مروان عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الفقيه المالكي كان رأسًا في الفقه فصيح اللسان وعمي في آخر عمره، ومعنى الماجشون الأبيض المشرب بحمرة وهو لقب عم والد عبد الملك ثم جرى على أهل بيته من بنيه وبني أخيه، توفي سنة 214هـ (¬5). 119 - ابن عبدوس: هو أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد المعروف بابن عبدوس الحراني الفقيه الواعظ له كتاب المذهب في المذهب وله تفسير كبير، توفي سنة 559 هـ بحرّان (¬6). ¬

_ (¬1) شذرات الذهب 3/ 122 والمنتظم 7/ 193 والمنهج الأحمد 2/ 69. (¬2) الجرح والتعديل 5/ 311. (¬3) ميزان الاعتدال 2/ 447. (¬4) وفيات الأعيان 3/ 32 وشذرات الذهب 1/ 295. (¬5) شذرات الذهب 2/ 28. (¬6) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 241.

120 - عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: هو أبو عبد الله عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي أحد الفقهاء السبعة وأحد أعلام التابعين وكان عالمًا ناسكًا توفي سنة 102 هـ (¬1). 121 - أبو عبيد: هو أبو عبيد القاسم بن سلام أحد الأئمة الكبار في الحديث وصنف كتاب الأموال وكتاب الأمثال وكتاب معاني الشعر وكتاب الأيمان والنذور توفي سنة 224هـ (¬2). 122 - ابن عبيدان: هو عبد الرحمن بن محمود بن عبيد البعلي الفقيه الزاهد زين الدين أبو الفرج ولد سنة 675 هـ وتتلمذ على الشيخ تقي الدين ابن تيمية وغيره مات سنة 734هـ ببعلبك (¬3). 123 - عبيد بن عمير: هو عبيد بن عمير بن قتادة الليثي كان عالمًا واعظًا جليل القدر مات قبل ابن عمر سنة 74 هـ (¬4). 124 - عثمان البتي: هو عثمان بن مسلم وقيل: ابن أسلم، وقيل: ابن سليمان الإمام الفقيه الكوفي أحد أئمة التابعين وهو كوفي استوطن البصرة (¬5). 125 - عثمان بن حنيف: هو عثمان بن حنيف الأنصاري شهد أحدًا وما بعدها استعمله عمر على أرض السواد واستعمله علي على البصرة قبل موقعة الجمل، سكن الكوفة ومات بها في خلافة معاوية (¬6). ¬

_ (¬1) وفيات الأعيان 3/ 166 وشذرات الذهب 1/ 114. (¬2) طبقات الحنابلة 1/ 259 وفيات الأعيان 4/ 60. (¬3) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 423. (¬4) تذكرة الحفاظ 1/ 50. (¬5) ميزان الاعتدال 3/ 59. (¬6) الإصابة 2/ 459.

126 - أبو عثمان النهدي: هو عبد الرحمن بن مُلّ البصري أدرك زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وارتحل إلى المدينة زمن عمر فسمع منه ومن ابن مسعود وحذيفة بن اليمان وأسامة بن زيد وغيرهم وكان عالمًا صوامًا قوامًا يصلي حتى يغشى عليه مات سنة مائة أو بعدها بقليل (¬1). 127 - عروة: هو أبو عبد الله عروة بن الزبير بن العوام القرشي أحد الفقهاء السبعة بالمدينة أمه أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين كان عالمًا صالحًا أصابت رجله الأكله فقطعت وعاش بعدها ثمان سنوات (¬2). 128 - عطاء بن أبي رباح: هو عطاء بن أبي رباح بن صفوان المكي من مولدي الجند كان من أجلاء الفقهاء وتابعي مكة وزهادها وإليه وإلى مجاهد انتهت الفتوى فيها مات سنة 114 هـ (¬3). 129 - عطاء الخراساني: هو عطاء بن أبي مسلم عبد الله الخراساني وقيل اسم أبيه ميسرة وقيل أيوب ويكنى أبا أيوب وأبا عثمان من كبار العلماء رحل في طلب العلم ثم سكن الشام مات بأريحا سنة 135 هـ (¬4). 130 - عطاء بن يسار: هو أبو محمَّد عطاء بن يسار المدني مولى أم المؤمنين ميمونة الإمام الفقيه الواعظ كان ثقة جليلًا من أوعية العلم، مات سنة 103هـ (¬5). 131 - عكرمة: هو أبو عبد الله عكرمة بن عبد الله مولى ابن عباس أصله من البربر أهل المغرب اجتهد ابن عباس في تعليمه القرآن والسنن قيل لسعيد بن جبير: هل تعرف أحدًا أعلم منك؟ قال: نعم عكرمة. مات سنة 115هـ (¬6). ¬

_ (¬1) تذكرة الحفاظ 1/ 65. (¬2) وفيات الأعيان 3/ 255 وشذرات الذهب 1/ 103. (¬3) وفيات الأعيان 3/ 261. (¬4) ميزان الاعتدال 3/ 73. (¬5) تذكرة الحفاظ 1/ 90. (¬6) وفيات الأعيان 3/ 256 وشذرات الذهب 1/ 130.

132 - علقمة: هو علقمة بن قيس النخعي الكوفي فقيه العراق خال إبراهيم النخعي وعم الأسود بن يزيد ولد في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وجود القرآن على ابن مسعود وتفقه به وكان من أنبل أصحابه توفي سنة 62هـ (¬1). 133 - علي بن المديني: هو علي بن عبد الله بن عفر السعدي ولاءً المديني صاحب التصانيف ولد سنة 161 هـ وأقبل على حفظ الحديث حتى كان حافظة عصره وقدوة أرباب الحديث فيه، مات بسامرا سنة 234هـ (¬2). 134 - أبو علي الهاشمي: هو محمَّد بن أحمد بن أبي موسى الهاشمي ولد سنة 345 هـ وتضلع في الفقه الحنبلي وألف كتاب الإرشاد في المذهب وكانت له منزلة رفيعة عند الخليفتين القادر بالله والقائم بأمر الله توفي سنة 428هـ (¬3). 135 - عمر بن شبة: هو أبو زيد عمر بن شبة النميري البصري وشُبِّه لقب والده واسمه زيد ولد سنة 173 هـ وكان صاحب أخبار ونوادر ورواية واطلاع كثير صنف تاريخ البصرة وكانت وفاته بسر من رأى سنة 263 هـ (¬4). 136 - عمر بن عبد العزيز: هو أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان أمير المؤمنين ولد بالمدينة في خلافة يزيد ونشأ في مصر في ولاية أبيه عليها وكان إماما فقيهًا مجتهدًا عارفًا بالسنن ثبتًا حجة حافظًا مات سنة 101 هـ (¬5). 137 - عمرو بن دينار: هو أبو محمَّد عمرو بن دينار الجمحي مولاهم المكي الأثرم عالم الحرم الحافظ الإمام ولد سنة 46 هـ أو نحوها وسمع من ابن عباس وابن عمر وجابر وغيرهم من الصحابة وعنه شعبة وابن جريج والحمادان والسفيانان وغيرهم، توفي سنة 126هـ (¬6). ¬

_ (¬1) تذكرة الحفاظ 1/ 48. (¬2) تذكرة الحفاظ 428. (¬3) المنهج الأحمد 2/ 95. (¬4) وفيات الأعيان 3/ 441. (¬5) تذكرة الحفاظ 1/ 121. (¬6) المرجع السابق 1/ 113.

138 - عمرو بن شرحبيل: هو أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل الهمداني أدرك الجاهلية وهو من التابعين من أكابر تلاميذ ابن مسعود وكان من العبَّاد المشهورين، مات سنة 63هـ (¬1). 139 - العنبري: هو عبيد الله بن الحسن العنبري له قدر وشرف وفقه كثير مأثور ولاه أبو جعفر المنصور قضاء البصرة سنة 156 هـ وعزله المهدي سنة 166 مات سنة 168 هـ (¬2). 140 - عياض: هو أبو الفضل عياض بن موسى اليحصبي القاضي إمام عصره في الحديث والنحو واللغة وأيام العرب وأنسابها وهو مع ذلك فقيه مالكي ألف كتاب الإكمال في شرح صحيح مسلم أتم به كتاب المعلم للمازري، وله أيضًا كتاب الشفا في تعريف حقوق المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، مات سنة 544 هـ بمراكش (¬3). 141 - فضالة بن عبيد: هو أبو محمَّد فضالة بن عبيد الأوسي الأنصاري أسلم قديمًا ولم يشهد بدرًا وشهد أحدًا فما بعدها وشهد فتح الشام ومصر ثم سكن الشام وولي الغزو ثم ولاه معاوية قضاء دمشق بعد أبي الدرداء مات بدمشق سنة 53هـ (¬4). 142 - الفضل: ذكر المؤلف عن أحمد في الحكم بإسلام لقيط دار الحرب إذا التقطه مسلم أنه قد روى ذلك عنه عبد الله والفضل ولم يذكر من هو الفضل وقد ذكر مؤلف الطبقات أنه قد روى عن أحمد ثمانية من الرجال كل واحد منهم اسمه الفضل وإليك هم: 1 - الفضل بن زياد القطان البغدادي من أجل تلاميذ أبي عبد الله وكان يصلي بأبي عبد الله وقد روى عنه مسائل كثيرة. ¬

_ (¬1) الإصابة 3/ 114. (¬2) تاريخ القضاة 2/ 88 - 113. (¬3) وفيات الأعيان 3/ 483. (¬4) الإصابة 3/ 206.

2 - الفضل بن سهل الأعرج نقل عن الإمام أشياء وحدّث عنه البخاري ومسلمٌ. 3 - الفضل بن أحمد بن منصور الذيال الزبيدي المقرئ وقد نقل عن الإمام أحمد مسائل. 4 - الفضل بن عبد الله الحميري وقد نقل عن أحمد أشياء. 5 - الفضل بن عبد الصمد الأصفهاني لزم طرسوس إلى أن مات في الأسر وله جزء فيه مسائل أحمد. 6 - الفضل بن مضر نقل عن أحمد أشياء. 7 - الفضل بن مهران نقل عن أحمد مسائل. 8 - الفضل بن نوح نقل عن أحمد أشياء (¬1). 143 - القاسم بن محمَّد: هو القاسم بن محمَّد بن أبي بكر الصدِّيق من سادات التابعين وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة وكان من أفضل أهل زمانه والدته ابنة يزدجرد آخر ملوك الفرس توفي سنة 112 هـ بقديد (¬2). 144 - ابن قاسم: لم يذكر المؤلف ما يحدد المراد به فلعله أحمد ابن القاسم الطوسي أحد تلاميذ الإمام أحمد حكى عنه مسائل لم يذكر في الطبقات سنة وفاته (¬3). 145 - ابن القاسم صاحب مالك: هو أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم الحافظ الفقيه أثبت الناس في مالك وأعلمهم بأقواله صحبه عشرين سنة وتفقه به كانت ولادته سنة 128 هـ وتوفي بمصر سنة 191 هـ (¬4). ¬

_ (¬1) انظر طبقات الحنابلة 1/ 251 - 255 والمنهج الأحمد1/ 322 - 325. (¬2) وفيات الأعيان 4/ 59 وشذرات الذهب 1/ 135. (¬3) طبقات الحنابلة 1/ 55 - 56. (¬4) وفيات الأعيان 3/ 129.

146 - قتادة: هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري الأكمه أحد علماء التابعين الكبار كان عالمًا بأشعار العرب وأخبارها وأنسابها عالمًا بتفسير القرآن الكريم كانت ولادته سنة ستين من الهجرة وتوفي سنة 117 هـ بمدينة واسط (¬1). 147 - ابن قتيبة: هو أبو محمَّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري صاحب كتاب المعارف وكتاب أدب الكاتب وكتاب غريب الحديث وكتاب تأويل مختلف الحديث لغوي فاضل ونحوي مشهور ومحدث ثقة كانت ولادته سنة 213 هـ وتوفي سنة 276 هـ (¬2). 148 - أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي البصري أحد الأعلام روى عن عائشة وسمرة بن جندب وثابت بن الضحاك وغيرهم وعنه أيوب وحميد ويحيى بن أبي كثير طلب للقضاء فتغيب وتغرب عن وطنه فقدم الشام ونزل داريّا وكان عظيم القدر، مات سنة 104 هـ (¬3). 149 - ابن كثير: هو إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي أبو الفداء عماد الدين الحافظ الفقيه المؤرخ من مصنفاته تفسير القرآن العظيم وكتاب البداية والنهاية في التاريخ وكتاب الباعث الحثيث إلى معرفة علوم الحديث وكلها مطبوعة، توفي سنة 774 هـ (¬4). 150 - الكسائي: أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد الله الكسائي أحد القراء السبعة كان إمامًا في النحو واللغة والقراءات ولم تكن له معرفة بالشعر حتى قيل: ليس في علماء العربية أجهل بالشعر من الكسائي توفي في الري سنة 189 هـ (¬5). ¬

_ (¬1) وفيات الأعيان 4/ 85. (¬2) المرجع السابق 3/ 42. (¬3) تذكرة الحفاظ 1/ 94. (¬4) الدرر الكامنة 1/ 373. (¬5) وفيات الأعيان 3/ 295.

151 - كعب بن سور: هو كعب بن سور الأزدي ولاه عمر قضاء البصرة بعد ابن أبي مريم وهو معدود في كبار التابعين فقد أسلم في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يره، مات سنة 36 هـ في وقعة الجمل (¬1). 152 - الكوسج: هو إسحاق بن منصور بن بهرام المروزي -أبو يعقوب- الفقيه أحد أئمة الحديث المتمسكين بالسنة روى عن أحمد مسائل كثيرة مات سنة 251 هـ (¬2). 153 - لاحق بن حميد: هو أبو مجلز لاحق بن حميد من ثقات التابعين لكنه يدلس، مات بعد المائة (¬3). 154 - الليث: هو أبو الحارث الليث بن سعد إمام أهل مصر في الفقه والحديث سمع علماء مصر والحجاز وأخذ عن كبار التابعين وكان ثريًا سخيًا قال فيه الشافعي: الليث أفقه من مالك، توفي سنة 175 هـ (¬4). 155 - الماجشون: هو أبو يوسف يعقوب بن أبي سلمة دينار وقيل: ميمون القرشي التيمي من موالي آل المنكدر من أهل المدينة أحد فقهاء المدينة وهو عم عبد الملك بن الماجشون توفي سنة 124 هـ (¬5). 156 - مجاهد: هو أبو الحجاج مجاهد بن جبر المخزومي ولاءً المكي المقرئ المفسر الحافظ مولى السائب بن أبي السائبي المخزومي أحد أوعية العلم قال قتاده: أعلم من بقي بالتفسير مجاهد توفي سنة 103 هـ (¬6). 157 - المجد أو مجد الدين بن تيمية: ترجم له المؤلف ص 132. 158 - أبي مجلز. انظر لاحق بن حميد. ¬

_ (¬1) الإصابة 3/ 314. (¬2) طبقات الحنابلة 1/ 113. (¬3) ميزان الاعتدال 4/ 356. (¬4) وفيات الأعيان 4/ 127 وشذرات الذهب 1/ 285. (¬5) وفيات الأعيان 6/ 376 وتهذيب التهذيب 11/ 388. (¬6) تذكرة الحفاظ 1/ 92.

159 - محب الدين ابن نصر الله: هو أحمد بن نصر الله البغدادي قاضي القضاة نزيل القاهرة سبط المحدث أبي حفص عمر بن علي البزار انتهت إليه مشيخة الحنابلة ورئاسة مذهب أحمد بالقاهرة له تصانيف منها حواشيه على الفروع وعلى المغني وعلى الكافي وعلى قواعد ابن رجب توفي سنة 844هـ (¬1). 160 - محمَّد بن إسحاق بن خزيمة: هو محمَّد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري الحافظ الكبير إمام الأئمة ولد سنة 223هـ وعني بالحديث وهو صغير وكان فريد عصره له مؤلفات كثيرة منها الصحيح المعروف بصحيح ابن خزيمة مات سنة 311 هـ (¬2). محمَّد بن جرير الطبري: انظر ابن جرير الطبري. 161 - محمَّد بن الحسن: هو أبو عبد الله محمَّد بن الحسن الشيباني ولاءً الفقيه الحنفي نشأ بالكوفة وطلب الحديث ولقي طائفة من أعلام الأمة، تفقه على أبي حنيفة وأبي يوسف وكان من أفصح الناس من مؤلفاته الجامع الكبير والجامع الصغير مات سنة 189 هـ برنبويه إحدى قرى الري (¬3). محمَّد بن الحكم: انظر ابن الحكم. محمَّد بن سيرين: انظر ابن سيرين. 162 - المروذي: هو أحمد بن محمَّد بن الحجاج المروذي أحد تلاميذ أحمد المقربين إليه روى عنه مسائل كثيرة وكان أحمد يجله ويحترمه، مات سنة 275 هـ (¬4). ¬

_ (¬1) شذرات الذهب 7/ 250 ومفاتيح الفقه الحنبلي 2/ 173. (¬2) تذكرة الحفاظ 2/ 720. (¬3) وفيات الأعيان 4/ 184 وشذرات الذهب 1/ 321. (¬4) المنهج الأحمد 1/ 172.

163 - المزني: هو أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل المزني ولد سنة 175هـ تلميذ الشافعي وناصر مذهبه كان زاهدًا عالمًا مجاب الدعوة صنف كتبًا كثيرة منها الجامع الكبير والجامع الصغير والمختصر، توفي سنة 264هـ (¬1). 164 - مسروق: هو أبو عائشة مسروق بن الأجدع الهمداني خاله عمرو بن معدي كرب الشجاع المشهور وأبوه فارس أهل اليمن في زمانه ومسروق أحد أعلام الفقه المشهورين في الكوفة، توفي سنة 63 هـ (¬2). 165 - المسور بن مخرمة: هو المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري القرشي ولد بعد الهجرة بسنتين حفظ من النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث وكان مع خاله عبد الرحمن بن عوف ليالي الشورى أصابه حجر من المنجنيق في حصار مكة الأول في خلافه يزيد بن معاوية فمات سنة 64هـ (¬3). 166 - مطرف: هو أبو عبد الله مطرف بن عبد الله الشخير العامري البصري الإمام من سادات التابعين كان سيدًا كبير القدر رأسًا في العلم والعمل له جلالة ووقع في النفوس مات سنة 95 هـ (¬4). 167 - أبو المعالي ابن المنجا: هو وجيه الدين أبو المعالي أسعد وقيل: محمَّد بن المنجا التنوخي الفقيه الحنبلي له مصنفات منها: كتاب الخلاصة، وكتاب العمدة وكتاب النهاية في شرح الهداية توفي سنة 606 هـ (¬5). 168 - مقاتل بن سليمان: هو مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي ولاءً المفسر المشهور أحد العلماء الأجلاء قال الإمام الشافعي: الناس عيال على ثلاثة على مقاتل بن سليمان في التفسير وعلى زهير بن أبي سلمى في الشعر وعلى أبي حنيفة في الفقه، توفي سنة 150 هـ بالبصرة (¬6). ¬

_ (¬1) طبقات الشافعية للسبكي 2/ 93. (¬2) تذكرة الحفاظ 1/ 49. (¬3) الإصابة 3/ 419. (¬4) تذكرة الحفاظ 1/ 64. (¬5) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 49. (¬6) وفيات الأعيان 5/ 255.

169 - مكحول: هو أبو عبد الله مكحول بن عبد الله الشامي إمام أهل الشام ومعلم الأوزاعي لم يكن في زمنه أبصر منه بالفتيا وكان في لسانه عجمة، توفي سنة 114 هـ (¬1). 170 - ابن المنجا: أبو البركات المنجا بن عثمان بن أسعد أبو المعالي يلقب بزين الدين الفقيه المفسر الأصولي ألف شرح المقنع في أربع مجلدات توفي سنة 695 هـ بدمشق (¬2). 171 - ابن المنذر هو أبو بكر محمَّد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري الفقيه العالم المطلع صنف كتابًا في اختلاف العلماء لم يصنف مثله وله كتاب الإجماع وكتاب الإشراف وكتاب المبسوط ويحتاج إلى كتبه الموافق والمخالف، مات سنة 310 هـ بمكة (¬3). ابن منصور: انظر الكوسج. 172 - ابن المني: هو أبو الفتح نصر بن فتيان بن مطر النهرواني البغدادي الفقيه الزاهد المعروف بابن المني فقيه العراق على الإطلاق ولد سنة 501 هـ واشتغل بالفقه حتى صار علمًا فيه وطال عمره وتخرج به كثيرون، وكانت وفاته سنة 583 هـ (¬4). 173 - مهنا: هو أبو عبد الله مهنا بن يحيى الشامي السلمي من كبار أصحاب أحمد وروى عن الإمام مسائل كثيرة وكان أحمد يجله ويكرمه ويعرف له حق الصحبة وكان رفيق أحمد في رحلته إلى عبد الرزاق في اليمن لزم أحمد ثلاثًا وأربعين سنة ولم يفارقه حتى مات (¬5). ¬

_ (¬1) المرجع السابق 5/ 280. (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 332. (¬3) وفيات الأعيان 4/ 207. (¬4) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 358. (¬5) طبقات الحنابلة 1/ 345 والمنهج الأحمد 1/ 331.

174 - موسى بن طلحة: هو أبو عيسى موسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي القرشي أبوه أحد العشرة المبشرين بالجنة وأمه خولة بنت القعقاع بن سعيد ولد في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان من وجوه آل طلحة ثقة كثير الحديث وكان من أفصح الناس، استوطن الكوفة ومات سنة 103 (¬1). ابن أبي موسى: انظر ترجمة أبي علي الهاشمي. 175 - ميمون بن مهران: هو أبو أيوب الرقي عالم أهل الجزيرة أعتقته امرأة بالكوفة واستوطن الجزيرة فاستعمله عمر بن عبد العزيز على خراجها وقضائها توفي سنة 117 هـ (¬2). 176 - الميموني: هو أبو الحسن عبد الملك بن عبد الحميد بن مهران الميموني الرقي أحد تلاميذ أحمد المقربين، فقيه جليل القدر له مسائل تفرد بها عن أحمد توفي سنة 274هـ (¬3). 177 - الناظم: هو أبو عبد الله شمس الدين محمَّد بن عبد القوي ابن بدران المقدسي المرداوي الفقيه المحدث النحوي ولد سنة 603 هـ له مؤلفات منها كتاب مجمع البحرين في الفقه ولم يتمه وله منظومة دالية طويلة في الفقه توفي سنة 699 هـ (¬4). 178 - نافع: هو أبو عبد الله نافع مولى عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - من كبار التابعين ومن المشهورين بالحديث روى عن مولاه وعن غيره من الصحابه وروى عنه مالك والزهري وغيرهم، مات سنة 120 هـ (¬5). النخعي: انظر إبراهيم النخعي. ابن نصر الله: انظر محب الدين ابن نصر الله. ابن نصر أبو الحسن الزاغوني: انظر الزاغوني. ¬

_ (¬1) تهذيب التهذيب 10/ 350. (¬2) تذكرة الحفاظ 1/ 98. (¬3) المنهج الأحمد 1/ 170. (¬4) ذيل طبقات الحنابلة 2/ 342. (¬5) وفيات الأعيان 5/ 367.

179 - نمير بن أوس: هو نمير بن أوس الأشعري قاضي دمشق روى عن أم الدرداء ومالك بن مسروح وروى عنه إبراهيم بن سليمان الأفطس وعبد الله بن ملاذ وابنه (¬1). 180 - ابن هبيرة: هو الوزير عون الدين أبو المظفر يحيى بن محمَّد بن هبيرة الشيباني الدوري ثم البغدادي ولد سنة 499 هـ ألف مصنفات كثيرة من أشهرها كتاب الإفصاح توفي ببغداد سنة 560 هـ (¬2). 181 - هشام بن عروة: هو أبو المنذر هشام بن عروة بن الزبير بن العوام أحد علماء المدينة المشهورين المكثرين في الحديث المعدودين من أجلاء التابعين كانت ولادته سنة 61هـ وتوفي ببغداد سنة 146 هـ (¬3). 182 - الوليد بن هشام: وهو أبو يعيش الوليد بن هشام بن معاوية بن هشام بن عقبة بن أبي معيط الأموي، ولي لعمر بن عبد العزيز قنسرين وكان ثقة عدلًا عاش إلى دولة مروان بن محمَّد (¬4). 183 - يحيى بن آدم: هو الإمام العلامة أبو زكريا يحيى بن آدم القرشي ولاءً الكوفي الأحول أحد حفاظ الحديث صاحب التصانيف منها: كتاب الخراج -مطبوع- توفي سنة 203 هـ (¬5). 184 - يحيى الأنصاري: هو أبو سعيد يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري الحافظ شيخ الإسلام قاضي المدينة ثم رئيس القضاة في خلافة المنصور العباسي حدث عن أنس والسائب بن يزيد وسعيد ابن المسيّب وعنه مالك والسفيانان وغيرهم، مات بالهاشمية سنة 143 هـ (¬6). ¬

_ (¬1) الجرح والتعديل 8/ 98. (¬2) المنهج الأحمد 2/ 286. (¬3) وفيات الأعيان 6/ 80 وتذكرة الحفاظ 1/ 144. (¬4) تهذيب التهذيب 11/ 156. (¬5) تذكرة الحفاظ 1/ 359. (¬6) تذكرة الحفاظ 1/ 137.

185 - يحيى بن حمزة: هو أبو عبد الرحمن يحيى بن حمزة الحضرمي البتلهي الدمشقي قاضي دمشق وعالمها بقي في القضاء نحوًا من ثلاثين سنة وحديثه في كتب الإسلام الستة، توفي سنة 183 هـ (¬1). 186 - يحيى بن سعيد القطان: هو أبو سعيد يحيى بن سعيد بن فروخ التميمي ولاءً الإمام العالم سيد الحفاظ ولد سنة 120 هـ قال فيه أحمد: يحيى القطان أثبت الناس وما كتبت عن أحد مثله، توفي سنة 198هـ (¬2). 187 - يحيى بن يحيى: هو أبو زكريا يحيى بن يحيى التميمي المنقري الإمام الحافظ شيخ خراسان ولد سنة 142 أثنى عليه أئمة الحديث قال فيه الحاكم: هو إمام عصره بلا مدافعة مات سنة 226 هـ (¬3). 188 - يزيد بن سنان البصري: هو يزيد بن سنان الأموي ولاءً البصري نزيل مصر قدمها تاجرًا وكتب بها الأحاديث وحدث وأفاد مات بمصر سنة 264 هـ (¬4). 189 - يزيد بن يزيد بن جابر تلميذ مكحول وعالم أهل دمشق في وقته وثقه غير واحد من علماء الحديث ولَيَّنه ابن قانع مات سنة 134هـ (¬5). 190 - يعقوب بن إبراهيم القاضي: هو أبو علي يعقوب بن إبراهيم ابن سطور البرزيني فقيه حنبلي تتلمذ على القاضي أبي يعلى وصنف كتبًا في الأصول والفروع وولي القضاء بباب الأزج، توفي سنة 486 هـ (¬6). أبو يعلى: ترجم له المؤلف ص 127. ¬

_ (¬1) تذكرة الحفاظ 1/ 286. (¬2) المرجع السابق 1/ 298. (¬3) تذكرة الحفاظ 2/ 415. (¬4) تهذيب التهذيب 11/ 335. (¬5) ميزان الاعتدال 1/ 442. (¬6) طبقات الحنابلة 2/ 445.

أبو يعلى الصغير: ترجم له المؤلف ص 127. 191 - أبو يوسف: يعقوب بن إبراهيم الأنصاري تلميذ أبي حنيفة ولد بالكوفة سنة 113 هـ. ونشأ فقيرًا فكان أبو حنيفة يواسيه، ولي القضاء للمهدي والهادي والرشيد، صنف كتاب الخراج وكانت وفاته سنة 182 هـ (¬1). ¬

_ (¬1) وفيات الأعيان 3/ 387 وتذكرة الحفاظ 1/ 292، 3/ 387.

فهرس مراجع التحقيق والدراسة

فهرس مراجع التحقيق والدراسة أ - التفسير: 1 - أحكام القرآن: تأليف العلَّامة أبي بكر أحمد بن علي الرازي الحنفي المشهور بالجصاص المتوفى سنة 370 هـ تصوير الطبعة الأولى بمطبعة الأوقاف الإسلامية في دار الخلافة العمانية سنة 1335 هـ. 2 - أحكام القرآن: تأليف الشيخ أبي الحسن علي بن محمَّد بن علي الطبري الهراس المشهور بإلكيا الهراسي المتوفى سنة 504 هـ تحقيق موسى محمَّد علي والدكتور عزت علي عيد عطية طبع مطبعة حسان: بالقاهرة. 3 - الجامع لأحكام القرآن: تأليف العلامة أبي عبد الله محمَّد بن أحمد الأنصاري القرطبي المتوفى سنة 671 هـ الطبعة الثالثة سنة 1386هـ. 4 - تفسير أبي السعود: تأليف العلامة أبي السعود محمَّد بن مصطفى العمادي الحنفي المتوفى سنة 982هـ تحقيق عبد القادر أحمد شطا طبع مطبعة السعادة بمصر نشر مكتبة الرياض الحديثة بالرياض. 5 - تفسير الطبري (ابن جرير): تأليف الإمام أبي جعفر محمَّد بن جرير الطبري المتوفى سنة 310 هـ الطبعة الثانية سنة 1313 هـ. بمطبعة شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر. 6 - تفسير ابن كثير: تأليف الحافظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل ابن كثير القرشي الدمشقي المتوفى سنة 774هـ دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت لبنان سنة 1388 هـ.

ب- الحديث

7 - الناسخ والمنسوخ: من القرآن العزيز وما فيه من الفرائض والسنن لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي المتوفى 224 هـ دراسة وتحقيق محمَّد بن صالح المديغر الطبعة الأولى سنة 1411 هـ مكتبة الرشد بالرياض الممكة العربية السعودية. 8 - الدر المنثور: تأليف العلامة، جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911 هـ طبع المطبعة الميمنية لأحمد البابي الحلبي سنة 1314 هـ. ب- الحديث: 9 - الآثار: تأليف الإمام أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري المتوفى سنة 182 هـ الطبعة الأولى تصحيح وتعليق أبي الوفا نشر لجنة إحياء المعارف النعمانية بحيدر آباد الدكن بالهند. 10 - إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل: تأليف الشيخ محمَّد ناصر الدين الألباني الطبعة الأولى سنة 1399 هـ. 11 - بدائع المنن جمع وترتيب مسند الشافعي والسنن: تأليف الشيخ أحمد بن عبد الرحمن بن محمَّد البنا الشهير بالساعاتي الطبعة الأولى سنة 1369 هـ بمطبعة دار الأنوار للطباعة والنشر بمصر. 12 - بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني: تأليف الشيخ أحمد بن عبد الرحمن الساعاتي شرح فيه الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني طبع دار الشهاب، بالقاهرة. 13 - بلوغ المرام: تأليف الحافظ أحمد بن علي الكناني الشافعي المعروف بابن حجر العسقلاني وهو مطبوع مع شرحه سبل السلام سنة 1397 هـ بمطابع جامعة الإمام محمَّد بن سعود الإسلامية. 14 - تحفة الأحوذي: شرح جامع الترمذيُّ: تأليف العلامة محمَّد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري الطبعة الثالثة سنة 1399 هـ. 15 - الترغيب والترهيب: تأليف الحافظ أبي محمَّد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري المتوفى سنة 656هـ الطبعة الثالثة سنة 1388 هـ. 16 - التعليق المغني على سنن الدارقطني: تأليف العلامة أبي الطيب محمَّد شمس الحق العظيم آبادي تحقيق عبد الله هاشم اليماني المدني طبع دار المحاسن للطباعة بالقاهرة سنة 1386هـ.

17 - التلخيص أو تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير: تأليف الحافظ أحمد بن علي العسقلاني المعروف بابن حجر مطبوع سنة 1384 هـ. بتصحيح وتعليق السيد عبد الله هاشم اليماني المدني. 18 - التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد: تأليف العلامة أبي عمر يوسف بن عبد الله النمري المعروف بابن عبد البر تحقيق مصطفى محمَّد العلوي ومحمَّد عبد الكبير البكري طبع المطبعة الملكية، الرباط المغرب سنة 1387 هـ. 19 - تهذيب السنن هو تهذيب مختصر سنن أبي داود: تأليف العلَّامة أبي عبد الله محمَّد بن أبي بكر الزرعي المعروف بابن قيم الجوزية المتوفى سنة 751 هـ طبع مطبعة أنصار السنة المحمدية في مصر سنة 1368 هـ، بتحقيق الشيخين محمَّد حامد الفقي وأحمدُ شاكر. 20 - جامع الأصول في أحاديث الرسول: تأليف العلامة مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمَّد بن الأثير الجزري المتوفى سنة 606 هـ تحقيق وتخريج عبد القادر الأرناؤوط مطبوع سنة 1393 هـ. 21 - الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير: تأليف جمال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة 911 هـ الطبعة الرابعة سنة 1373 هـ. 22 - الجوهر النقي شرح سنن البيهقي: للعلامة علاء الدين بن علي بن عثمان المارديني الشهير بابن التركماني المتوفى سنة 745 هـ الطبعة الأولى مع السنن الكبرى للبيهقي بمطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية الكائنة بالهند ببلدة حيدر آباد الدكن وذلك سنة 1344هـ. 23 - سبل السلام شرح بلوغ المرام: تأليف الشيخ محمَّد بن إسماعيل بن صلاح الأمير الصنعاني المتوفى سنة 1182 هـ طبعة جامعة الإمام محمَّد بن سعود الإسلامية سنة 1397 هـ. 24 - السلسبيل في معرفة الدليل: تأليف الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي الطبعة الثانية 1396 هـ. 25 - سنن أبي داود: تأليف الإمام الحافظ أبي داود سليمان بن الأشعت المتوفى سنة 275 هـ تعليق عزت عبيد الدعاس الطبعة الأولى سنة 1388 هـ. 26 - سنن الترمذيُّ: تأليف الحافظ أبي عيسى محمَّد بن عيسى بن الترمذيّ المتوفى سنة 279 هـ تعليق عزت عبيد الدعاس الطبعة الأولى 1386 هـ بمطبعة الأندلس، حمص.

27 - سنن النسائيّ: تأليف الحافظ أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائيّ المتوفى سنة 303 هـ طبع المطبعة المصرية بالأزهر. 28 - سنن ابن ماجة: تأليف الحافظ أبي عبد الله محمَّد بن يزيد القزويني المتوفى سنة 275 هـ تعليق محمَّد فؤاد عبد الباقي طبع مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه. 29 - سنن الدارقطني: تأليف الإمام أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني المتوفى سنة 385 هـ مطبوع مع شرحه التعليق المغني وقد سبق. 30 - السنن الكبرى: تأليف الحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي المتوفى سنة 458 هـ مطبوع مع الجوهر النقي الطبعة الأولى سنة 1344 هـ بمطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية بحيدر آباد بالهند. 31 - سنن سعيد بن مصنور: وقد طبع منها جزءان بتحقيق الشيخ المحدث حبيب الرحمن الأعظمي سنة 1388 هـ. 32 - شرح الزرقاني على الموطأ: تأليف الشيخ محمَّد الزرقاني المطبوع سنة 1355 هـ نشر المكتبة التجارية الكبرى توزيع دار الفكر. 33 - شرح النوويّ على مسلم: تأليف الإمام محي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف النووي الشافعي المتوفى سنة 676 هـ طبع المطبعة المصرية. 34 - صحيح البخاري: تأليف الإمام محمَّد بن إسماعيل البخاري انظر فتح الباري. 35 - صحيح مسلم: تحقيق محمَّد فؤاد عبد الباقي نشر دار الإفتاء بالمملكة سنة 1400 هـ. 36 - عارضه الأحوذي: بشرح صحيح الترمذيُّ تأليف الإمام الحافظ أبي بكر محمَّد بن عبد الله المعروف بابن العربي المالكي المتوفى سنة 543 هـ طبع المطبعة المصرية بالأزهر ومطبعة الصاوي بالقاهرة. 37 - عمدة القارئ: شرح صحيح البخاري تأليف العلامة أبي محمَّد محمود بن أحمد المعروف بالبدر العيني المتوفى سنة 855 هـ طبع المطبعة المنيرية نشر محمَّد أمين دمج بيروت. 38 - عون المعبود: شرح سنن أبي داود تأليف الشيخ أبي الطيب محمَّد شمس الحق العظيم آبادي تحقيق عبد الرحمن محمَّد عثمان الطبعة الثانية سنة 1388هـ.

39 - فتح الباري: بشرح صحيح البخاري تأليف العلامة الحافظ أبي الفضل شهاب الدين أحمد بن علي الشهير بابن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ الطبعة الثانية أعيد طبعه بالأوفست وكانت الطبعة الأولى بمطبعة بولاق سنة 1300هـ. 40 - الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني: تأليف الشيخ أحمد بن عبد الرحمن الساعاتي طبع دار الشهاب بالقاهرة. 41 - فيض القدير شرح الجامع الصغير: تأليف محمَّد المدعو بعبد الرؤوف المناوي الطبعة الأولى سنة 1356 هـ بمطبعة مصطفى محمَّد صاحب المكتبة التجارية الكبرى بمصر. 42 - كشف الأستار عن زوائد البزار: تأليف الحافظ علي بن أبي بكر الهيثمي المتوفى سنة 807 هـ تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي الطبعة الثانية سنة 1399 هـ. 43 - كشف الخفا ومزيل الألباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس: تأليف الشيخ المحدث إسماعيل بن محمَّد العجلوني المتوفى سنة 1162 هـ طبع مؤسسة الرسالة. ببيروت. 44 - كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال: تأليف علي بن حسام الدين الشهير بالمتقي الهندي البرهان فوري المتوفى سنة 975 هـ الطبعة الثانية سنة 1374 هـ بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد بالهند. 45 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: تأليف الحافظ علي بن أبي بكر الهيتمي المتوفى سنة 807 هـ الطبعة الثانية سنة 1967 م نشر دار الكتاب -بيروت- لبنان. 46 - المحرر في الحديث في بيان الأحكام الشرعية: تأليف العلامة محمَّد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي طبع مطبعة مصطفى محمَّد بمصر نشر محمَّد سعيد فد. 47 - المستدرك على الصحيحين: للإمام الحافظ أبي عبد الله الحاكم النيسابوري المتوفى سنة 405 هـ الطبعة الأولى سنة 1335 هـ بمطبعة دائرة المعارف النظامية بالهند ونشر مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب. 48 - المسند: تأليف الإمام أحمد بن حنبل الشيباني نشر المكتب الإِسلامي ودار صادر في لبنان طبعة أحمد البابي الحلبي سنة 1313هـ بمصر.

جـ- الفقه

49 - المصنف: تأليف الحافظ الكبير عبد الرزاق بن همام الصنعاني المتوفى سنة 211هـ الطبعة الأولى 1390 هـ نشر المجلس العلمي تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي. 50 - المصنف: تأليف أبي بكر عبد الله بن محمَّد الشهير بابن أبي شيبة المتوفى سنة 235 هـ الطبعة الثانية 1399 هـ-1401 هـ بالمطبعة السلفية بالهند. 51 - معالم السنن: تأليف الإمام أبي سليمان حمد بن محمَّد الخطابي المتوفى سنة 388 الطبعة الأولى سنة 1351 المطبعة العلمية بحلب. 52 - المنتقى شرح الموطأ: تأليف القاضي أبي الوليد سليمان بن خلف الباجي الأندلسي المالكي المتوفى سنة 494 هـ الطبعة الأولى سنة 1331 هـ. بمطبعة الاستقامة. 53 - الموطأ: تأليف إمام دار الهجرة مالك بن أنس المتوفى سنة 179 هـ وقد رجعت إليه مطبوعًا مع شرح الزرقاني عليه وقد سبق. 54 - نصب الراية لأحاديث الهداية: تأليف الإمام الحافظ جمال الدين أبي محمَّد عبد الله بن يوسف الحنفي الزيلعيّ الطبعة الأولى سنة 1357 هـ. 55 - نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار: تأليف العلامه محمَّد بن علي الشوكاني ت 1250 هـ طبع مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر محمود نصار الحلبي وشركاه خلفاه/ الطبعة الأخيرة. جـ- الفقه: 56 - الإجماع: تأليف الإمام أبي بكر محمَّد بن إبراهيم بن المنذر المتوفى سنة 318 هـ تحقيق ودراسة فؤاد عبد المنعم أحمد الطبعة الأولى سنة 1401 هـ بمطابع الدوحة الحديثة بقطر. 57 - الأحكام السلطانية: تأليف القاضي أبي يعلى محمَّد بن الحسين الفراء الحنبلي المتوفى سنة 458 هـ الطبعة الثانية 1386 هـ. 58 - الاختيار لتلعيل المختار: تأليف عبد الله بن محمود بن مودود الحنفي المتوفى سنة 683 تعليق الشيخ محمود أبي دقيقة مطبوع سنة 1371 هـ بالقاهرة. 59 - الاختيارات وعنوانها الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: تأليف العلامة علاء الدين أبي الحسن علي بن محمَّد البعلي المتوفى سنة 803 هـ بمطبعة السنة المحمدية سنة 1369.

60 - أسهل المدارك شرح إرشاد المسالك في فقه الإمام مالك: تأليف الشيخ أبي بكر بن حسن الكشناوى الطبعة الأولى بمطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه بمصر. 61 - الإسعاف في أحكام الأوقاف: تأليف الشيخ برهان الدين إبراهيم بن موسى الطرابلسي الحنفي -طبع دار الرائد العربي- بيروت سنة 1401 هـ. 62 - إعلام الموقعين عن رب العالمين: تأليف العلامة محمَّد بن أبي بكر الشهير بابن قيم الجوزية المتوفى سنة 751 هـ تحقيق عبد الرحمن الوكيل نشر دار الكتب الحديثة طبعة سنة 1389هـ. 63 - الإقناع: تأليف الشيخ شرف الدين أبي النجا موس بن أحمد المقدسي الحجاوي وهو مطبوع مع شرحه كشاف القناع تأليف الشيخ منصور البهوتي فراجعه. 64 - الأم: تأليف الإمام أبي عبد الله محمَّد بن إدريس الشافعي المتوفى سنة 204هـ نشر دار الشعب طبعة مصورة عن طبعة بولاق عام 1321 هـ. 65 - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف: تأليف العلامة علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي المتوفى سنة 885 هـ الطبعة الأولى سنة 1374 هـ. 66 - البحر الرائق: شرح كنز الدقائق تأليف العلامة زين الدين ابن نجيم الحنفي المتوفى سنة 970 هـ الطبعة الثانية أعيد طبعه بالأوفست نشر دار المعرفة -بيروت- لبنان. 67 - بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: تأليف الإمام علاء الدين أبي بكر ابن مسعود الإمام الكاساني الحنفي المتوفى سنة 586 هـ الطبعة الثانية 1394هـ. 68 - بدائع الفوائد: تأليف الشيخ أبي عبد الله محمَّد بن أبي بكر المشهور بابن قيم الجوزية المتوفى سنة 751 هـ طبع إدارة الطباعة المنيرية. 69 - بداية المبتدى: تأليف الإمام برهان الدين علي بن أبي بكر المرغيناني المتوفى سنة 593 هـ مطبوع مع فتح القدير. 70 - بداية المجتهد ونهاية المقتصد: تأليف الشيخ أبي الوليد محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن أحمد بن رشد القرطبي المتوفى سنة 595 هـ طبعة سنة 1379 هـ شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، محمود الحلبي وشركاه خلفاؤه.

71 - التاج والإكليل لمختصر خليل: تأليف العلامة أبي عبد الله بن يوسف العبدري الشهير بالمواق المتوفى سنة 897 هـ ملتزم الطبع والنشر مكتبة النجاح طرابلس، ليبيا. 72 - تحفة الفقهاء: تأليف الشيخ محمَّد بن أحمد السمرقندي المتوفى سنة540هـ. 73 - تكملة المجموع وهي لثلاثة علماء أما الأوّل فهو تقي الدين السبكي: المتوفى سنة 756 هـ وله الأجزاء من 10 - 12 وأما الثاني فهو الشيخ محمَّد نجيب المطيعي وله الأجزاء من 13 - 17 وأما الثالث فهو الشيخ محمَّد حسين العقبي وله آخر الكتاب وهو نشر المكتبة السلفية بالمدينة المنورة. 74 - التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع: تأليف العلامة علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي المتوفى سنة 885 هـ طبع المطبعة السلفية ومكتبتها. 75 - حاشية الباجوري على شرح الشنشوري على متن الرحبية في الفرائض: تأليف الشيخ إبراهيم الباجوري طبع مطبعة دار إحياء الكتب العربية لأصحابها عيسى البابي الحلبي وشركاه. 76 - حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: تأليف العلامة محمَّد بن عرفة الدسوقي المالكي المتوفى سنة 1230 هـ نشر المكتبة التجارية الكبرى توزيع دار الفكر بيروت. 77 - حواشي الشرواني وابن قاسم العبادي على تحفة المحتاج بشرح المنهاج: طبع المطبعة اليمينية بمصر سنة 1315 هـ. 78 - حاشية ابن عابدين: تأليف العلامة محمَّد أمين الشهير بابن عابدين المتوفى سنة 1252 هـ الطبعة الثانية 1386هـ. 79 - حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني: تأليف علي الصعيدي العدوي المالكي المتوفى سنة 1189 هـ طبع مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر سنة 1357 هـ. 80 - حاشية العنقري على الروض المربع: تأليف الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري المتوفى سنة 1373 هـ طبع مطبعة السعادة بمصر سنة 1390 هـ. 81 - حاشية ابن قاسم على الروض المربع: تأليف الشيخ عبد الرحمن بن محمَّد بن قاسم العاصمي المتوفى سنة 1392 هـ الطبعة الأولى سنة 1397 هـ.

82 - حاشية المقنع: تأليف الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمَّد بن عبد الوهاب المقتول سنة 1233 هـ الطبعة الثالثة 1393هـ. 83 - حلي المعاصم لبنت فكر ابن عاصم: تأليف الإمام أبي عبد الله محمَّد التاودي 1209 هـ المطبوع مع البهجة الطبعة الثانية 1370هـ. 84 - الخرشى على مختصر خليل: تأليف العلامة محمَّد بن عبد الله الخرشي المالكي المتوفى سنة 1101 هـ طبع مطبعة بولاق سنة 1318هـ. 85 - الدرر السنية في الأجوبة النجدية: جمع الشيخ عبد الرحمن بن محمَّد بن قاسم العاصمي النجدي المتوفى سنة 1392هـ طبع دار الإفتاء بالمملكة العربية السعودية الطبعة الثانية سنة 1385هـ. 86 - الدر المختار شرح تنوير الأبصار: تأليف العلامة محمَّد بن علي الحصكفي المتوفى سنة 1088هـ مطبوع مع حاشية ابن عابدين عليه. 87 - زاد المعاد في هدي خير العباد: تأليف أبي عبد الله محمَّد بن أبي بكر الزرعي الشهير بابن القيم المتوفى سنة 751 هـ الطبعة الثالثة سنة 1392 هـ. 88 - شرح الدردير على مختصر خليل: تأليف العلامة المالكي أبي البركات سيدي أحمد الدردير وقد طبع مع حاشية الدسوقي عليه انظر حاشية الدسوقي. 89 - شرح العناية على الهداية: تأليف الإمام أكمل الدين محمَّد بن محمود البابرتي المتوفى سنة 796 هـ مطبوع مع فتح القدير وتكملته المسماه نتائج الأفكار. 90 - الشرح الكبير: تأليف الشيخ شمس الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر بن قدامة المقدسي المتوفى سنة 682 هـ طبع مع المغني بمطبعة المنار بمصر وصورته دار الكتاب العربي ببيروت على الأوفست سنة 1392هـ. 91 - شرح المهذب: انظر المجموع. 92 - شرح الهدايه: انظر فتح القدير. 93 - الشرقاوي على التحرير: تأليف الشيخ عبد الله بن حجازي الشرقاوي طبع مطبعة دار إحياء الكتب العربية لأصحابها عيسى البابي الحلبي وشركاه. 94 - الطرق الحكمية في السياسة الشرعية: تأليف الإمام محمَّد بن أبي بكر الزرعي الشهير بابن القيم طبع مطبعة مصر سنة 1380هـ. 95 - العذب الزلال في مباحث روية الهلال: تأليف الشيخ محمَّد بن عبد الوهاب بن عبد الرزاق المراكشي طبع مطابع قطر الوطنية.

96 - الفتاوري الكبرى (المصرية): لأبى العباس شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية طبع مطبعة دار الجهاد/ القاهرة 1385هـ. 97 - الفتاوى: أو مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية جمع عبد الرحمن بن محمَّد بن قاسم العاصمي المتوفى سنة 1392هـ الطبعة الأولى 1383هـ. 98 - الفتاوي الأنقروية: تأليف محمَّد بن الحسين الأنقروي المتوفى سنة 1098 هـ طبع مطبعة بولاق بمصر سنة 1281 هـ. 99 - فتح القدير: تأليف الإمام كمال الدين محمَّد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام الحنفي المتوفى سنة 681 هـ الطبعة الأولى سنة 1389 هـ. وفتح القدير شرح كتاب الهداية الذي هو شرح لكتاب بداية المبتدي. 100 - الفروع: تأليف الشيخ شمس الدين أبي عبد الله محمَّد بن مفلح المتوفى سنة 783 هـ الطبعة الثانية سنة 1381 هـ. 101 - الفروق: تأليف العلامة شهاب الدين أبي العباس الصنهاجي المشهور بالقرافي المتوفى سنة 684 هـ طبعة دار إحياء الكتب العربية بمصر سنة 1347هـ. 102 - الفواكه العديدة: في المسائل المفيدة (مجموع ابن منقور) جمع الشيخ أحمد بن محمَّد المنقور الطبعة الثانية 1399 هـ نشر المكتب الإسلامي بدمشق. 103 - القواعد الأصولية: واسمها القواعد والفوائد الأصولية وما يتعلق بها من الأحكام الشرعية تأليف أبي الحسن علاء الدين علي بن عباس البعلي الشهير بابن اللحام المتوفى سنة 803 هـ تحقيق محمَّد حامد الفقي طبع مطبعة السنة المحمدية بمصر سنة 1375 هـ. 104 - القواعد الفقهية: تأليف الحافظ أبي الفرج عبد الرحمن بن رجب الحنبلي المتوفى سنة 795 هـ الطبعة الأولى سنة 1352 هـ بمطبعة الصدق الخيرية بمصر. 105 - الكافي: تأليف أبي محمَّد موفق الدين عبد الله بن قدامة المقدسي المتوفى سنة 620 هـ الطبعة الثانية 1399هـ نشر المكتب الإسلامي. 106 - الكافي: تأليف أبي عمر يوسف بن عبد الله النمري الشهير بابن عبد البر تحقيق الدكتور محمَّد محمَّد أحيد ولد مالديك الموريتاني الطبعة الأولى 1398هـ.

107 - كشاف القناع عن متن الاقناع: تأليف الشيخ منصور البهوتي تعليق الشيخ هلال مصيلحي نشر مكتبة النصر الحديثة. 108 - كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي: تأليف الشيخ علاء الدين عبد العزيز بن أحمد البخاري المتوفى سنة 730 هـ طبعة سنة 1308 هـ وصور بالأوفست سنة 1394 هـ. 109 - كفاية الطالب الرباني: تأليف أبي الحسن علي بن محمَّد المالكي المتوفى سنة 939 هـ مطبوع مع حاشية العدوي عليه بدار إحياء الكتب العربية بالقاهرة. 110 - كنز الدقائق: تأليف أبي البركات عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي مطبوع مع شرحه البحر الرائق. 111 - المبدع في شرح المقنع: تأليف العلامة برهان الدين إبراهيم بن محمَّد بن مفلح الحنبلي المتوفى سنة 884 هـ طبع المكتب الإسلامي سنة 1394 هـ. 112 - المبسوط: تأليف العلامة شمس الدين أبي بكر محمَّد بن أحمد ابن أبي سهل السرخسي المتوفى سنة 483 هـ الطبعة الثانية نشر دار المعرفة بيروت لبنان. 113 - المجموع: تأليف العلامة الحافظ الفقيه أبي زكريا محي الدين ابن شرف النووي المتوفى سنة 676 هـ طبع مطبعة الإمام بمصر نشر زكريا علي يوسف وذلك في المجلدات من 1 - 12. 114 - المحرر في الفقه: تأليف الإمام مجد الدين أبي البركات ابن تيمية المتوفى سنة 652 هـ طبع مطبعة السنة المحمدية سنة 1369هـ. 115 - المحلى: تأليف الإمام أبي محمَّد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم المتوفى سنة 456هـ نشر المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت. 116 - مختصر الخرقي: تأليف أبي القاسم عمر بن الحسين الخرقي مطبوع مع شرحه المغني. 117 - مختصر خليل: تأليف العلامة خليل بن إسحاق المالكي المتوفى سنة 749 هـ تحقيق الشيخ طاهر الزاوي طبع دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي وشركاه. 118 - مختصر الطحاوي: تأليف المحدث الفقيه أبي جعفر أحمد بن محمَّد بن سلامة الأزدي الطحاوي الحنفي المتوفى سنة 321 هـ تحقيق أبي الوفا الأفغاني مطبعة دار الكتاب، القاهرة 1370 هـ.

119 - مختصر المزني: تأليف الإمام أبي إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني المتوفى سنة 264هـ مطبوع مع الأم. 120 - المدونة الكبرى للإمام مالك: رواية سحنون بن سعيد التنوخي عن عبد الرحمن بن القاسم الطبعة الأولى طبع دار السعادة بمصر. 121 - مسائل الإمام أحمد بن حنبل: رواية إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري المتوفى سنة 275 هـ تحقيق زهير الشاويش طبع المكتب الإسلامي في بيروت. 122 - مسائل الإمام أحمد: رواية الإمام أبي داود سليمان بن الأشعت المتوفى سنة 275هـ طبع مطبعة المنار سنة 1353هـ. 123 - مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: تأليف الشيخ مصطفى السيوطي الرحيباني المتوفى سنة 1243 هـ الطبعة الأولى سنة 1380 هـ. 124 - المغني: تأليف العلامة موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة مطبعة المنار بمصر. 125 - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج: تأليف الشيخ محمَّد الشربيني الخطيب المتوفى سنة 977هـ طبع مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر سنة 1377هـ. 126 - المقدمات والمهدات: تأليف الإمام أبي الوليد محمَّد بن أحمد بن رشد المتوفى سنة 520 هـ الطبعة الأولى بمطبعة دار السعادة بمصر. 127 - المقنع: تأليف الشيخ أبي محمَّد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي الشهير بموفق الدين الطبعة الثالثة 1393 هـ مطابع قطر الوطنية. 128 - المنتهى: تأليف محمَّد تقي الدين بن أحمد بن النجار الفتوحي مطبوع مع شرحه للشيخ منصور البهوتي نشر دار الفكر. 129 - المنهاج مع شرحه السراج الوهاج: تأليف الإمام شرف الدين يحيى النوويّ طبع شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر سنة 1352هـ. 130 - المهذب: تأليف الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي المتوفى سنة 476 هـ مطبوع مع المجموع والتكملة. 131 - مواهب الجليل لشرح مختصر خليل: تأليف العلامة أبي عبد الله محمَّد بن محمَّد بن عبد الرحمن المغربي المعروف بالحطاب المتوفى سنة 954 هـ طبع ونشر مكتبة النجاح طرابلس، ليبيا.

د- كتب اللغة

132 - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج: تأليف شمس الدين محمَّد بن أبي العباس أحمد بن حمزة الرملي الشهير بالشافعي الصغير المتوفى سنة 1004 هـ نشر المكتبة الإسلامية لصاحبها الحاج رياض الشيخ سنة 1358 هـ. 133 - الهداية: شرح بداية المبتدى: تأليف العلامة برهان الدين أبي الحسن علي بن أبي بكر الفرغاني المرغيناني المتوفى سنة 593 هـ مطبوع مع شرحه فتح القدير. 134 - الهداية: تأليف العلامة أبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذانى المتوفى سنة 510 هـ الطبعة الأولى سنة 1390هـ،1391 هـ طبع مطابع القصيم، الرياض. د- كتب اللغة: 135 - تهذيب اللغة: تأليف أبي منصور محمَّد بن أحمد الأزهري المتوفى سنة 370 هـ تحقيق الأستاذ محمَّد أبي الفضل إبراهيم طبع مطابع سجل العرب، القاهرة. 136 - الصحاح: تأليف إسماعيل بن حماد الجوهري المتوفى سنة 393 هـ تحقيق أحمد عبد الغفور عطار الطبعة الثانية سنة 1399هـ. 137 - المفردات في غريب القرآن: تأليف أبي القاسم الحسين بن محمَّد المعروف بالراغب الأصفهاني المتوفى سنة 502 هـ الطبعة الأخيرة سنة 1381هـ طبع مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر -ومحمود نصر الحلبي وشركاه- خلفاه. 138 - القاموس المحيط: تأليف الشيخ مجد الدين محمَّد بن يعقوب الفيروزآبادي الشيرازي نشر دار الفكر، بيروت. هـ - التاريخ والتراجم: 139 - الاستيعاب في أسماء الأصحاب: تأليف العلامة أبي عمر يوسف بن عبد الله النمري الشهير بابن عبد البر المتوفى سنة 463هـ مطبوع مع الإصابة. 140 - الإصابة في تمييز الصحابة: تأليف الإمام الحافظ أحمد بن علي العسقلاني الشهير بابن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852 هـ طبع مطبعة مصطفى محمَّد بمصر سنة 1358 هـ. 141 - البداية والنهاية: تأليف الحافظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن عمر ابن كثير القرشي المتوفى سنة 774 هـ الطبعة الثانية سنة 1974 م.

142 - التاريخ الكبير: تأليف الإمام أبي عبد الله إسماعيل بن إبراهيم البخاري المتوفى سنة 256 هـ الطبعة الأولى بالهند سنة 1361 هـ. 143 - تذكرة الحفاظ: تأليف الحافظ أبي عبد الله محمَّد الذهبي المتوفى سنة 748 هـ طبع دائرة المعارف العثمانية بالهند. 144 - الجرح والتعديل: تأليف الحافظ أبي حمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمَّد بن إدريس الرازي المتوفى سنة 328 هـ الطبعة الأولى سنة 1372 هـ. 145 - خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر: تأليف الشيخ محمَّد بن فضل الله المحبي المتوفى سنة 1111 هـ طبع المطبعة الوهبية بمصر سنة 1284 هـ. 146 - الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة: تأليف الحافظ شهاب الدين أحمد بن علي الشهير بابن حجر المتوفى سنة 852 هـ، طبع مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بالهند سنة 1348 هـ. 147 - الذيل على طبقات الحنابلة: تأليف زين الدين عبد الرحمن بن رجب البغدادي المتوفى سنة 795 هـ مطبعة السنة المحمدية بمصر سنة 1372 هـ. 148 - السيرة لابن هشام: أي سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -: تأليف أبي محمَّد عبد الملك بن هشام المعافري المتوفى سنة 213 هـ، تعليق طه عبد الرؤوف سعد طبع دار الجيل، بيروت سنة 1975 م. 149 - شذرات الذهب في أخبار من ذهب: تأليف المؤرخ أبي الفلاح عبد الحي ابن العماد الحنبلي المتوفى سنة 1089 هـ الطبعة الثانية سنة 1399هـ. 150 - طبقات الحنابلة: تأليف القاضي أبي الحسين بن أبي يعلى طبع مطبعة السنة المحمدية سنة 1371 هـ. 151 - علماء نجد خلال ستة قرون: تأليف الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام الطبعة الأولى سنة 1398 هـ. 152 - عنوان المجد في تاريخ نجد: تأليف عثمان بن بشر النجدي المتوفى سنة 1288 هـ نشر مكتبة الرياض الحديثة. 153 - الكامل في التاريخ: تأليف العلامة عز الدين أبي الحسن علي بن محمَّد المعروف بابن الأثير المتوفى سنة 630 هـ نشر دار صادر ودار بيروت سنة 1385 هـ. 154 - مختصر طبقات الحنابلة: تأليف جميل أفندي الشطي طبع مطبعة الترقي بدمشق سنة 1339هـ.

و- كتب أخرى

155 - المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد: تأليف أبي اليمن عبد الرحمن بن محمَّد العليمي المتوفى سنة 928 هـ طبع مطبعة المدني، الطبعة الأولى سنة 1383 هـ. 156 - ميزان الاعتدال في نقد الرجال: تأليف الحافظ أبي عبد الله محمَّد بن أحمد الذهبي المتوفى سنة 748 هـ تحقيق علي محمَّد البجادي الطبعة الأولى سنة 1382هـ. 157 - وفيات الأعيان: تأليف أحمد بن محمَّد بن خلكان المتوفى سنة 681هـ تحقيق د/ إحسان عباس نشر دار الثقافة، بيروت. و- كتب أخرى: 158 - أصول مذهب الإمام أحمد: تأليف الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي الطبعة الثانية سنة 1397 هـ. 159 - أصول الفقه الإسلامي: تأليف الدكتور بدران أبو العينين بدران توزيع مؤسسة شباب الجامعة بالأسكندرية. 160 - دائرة معارف القرن العشرين: تأليف الأستاذ محمَّد فريد وجدي الطبعة الثالثة سنة 1971 م. 161 - المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل: تأليف الشيخ عبد القادر بن أحمد الشهير بابن بدران، طبع إدارة الطباعة المنيرية بمصر. 162 - المسودة في أصول الفقه: تأليف المجد ابن تيمية وابنه عبد الحليم وحفيده شيخ الإسلام مطبعة المدني بالقاهرة سنة 1384 هـ. 163 - المطلع على أبواب المقنع: تأليف أبي عبد الله شمس الدين محمَّد بن أبي الفتح البعلي الحنبلي المتوفى سنة 709 هـ الطبعة الأولى سنة 1385 هـ بمطبعة المكتب الإسلامي. 164 - معجم البلدان: تأليف الشيخ شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي المتوفى سنة 626 هـ نشر دار صادر ودار بيروت سنة 1376هـ. 165 - معجم معالم الحجاز: تأليف المقدم عاتق بن غيث البلادي، الطبعة الأولى سنة 1398 هـ من مطبوعات نادي الطائف الأدبي. 166 - مفاتيح الفقه الحنبلي: تأليف الدكتور سالم بن علي الثقفي الطبعة الأولى سنة 1398 هـ.

§1/1