الممتع الكبير في التصريف
ابن عُصْفُور
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الطبعة الثامنة: ألا لله الحمد كل الحمد، وعلى النبي الكريم وسائر الأنبياء والمرسلين أفضل الصلاة والتسليم. وبعد: فقد رأى النور كتابي هذا منذ ربع قرن، حين كانت المصادر الصرفية المحققة نادرة، فلقي الترحاب والاهتمام والتقدير في الأوساط العلمية، لما يمتاز به من أسلوب مشرق وعرض يسير ونفَس أندلسي لطيف، خلافًا لنظائره التي هي متون مكثفة معقدة، أو شروح على المتون تداخلت فيها الأحكام وتكررت بالتعبير الصلب العنيد. وتوالت الطبعات من هذا الكتاب، بعون الله تعالى، منسوخة مصورة دون أن يدخلها تعديل جوهري، وأنا أرجع إليها بالمطالعة والمتابعة، أرصد ما فيها من حاجة إلى الإصدار الجديد المتقن القويم، وأجمع الملاحظات والمعلومات اللازمة لذلك. وكان في نشر المصادر الصرفية المتوالية مورد غني، أمدني بكثير من التوجيهات والأضواء الميسرة لما أتطلع إليه. أضف إلى هذا متابعتي دراسة هذا العلم وتدريسه نظريًّا وعمليًّا في الجامعات العربية وغيرها، مما يهيئ لي منافذ للوضوح والدقة والاستيعاب. ثم جاءت البادرة الطيبة من الزملاء الكرام، المشرفين على "دار مكتبة لبنان" بالرغبة في إخراج الكتاب إخراجه لائقة به في الشكل والمضمون والتدقيق، ليصار إلى إعادة رصف حروفه وتغميره بالجودة والأناقة والغنى العلمي السديد، فكانت فرصة سائغة، يسرت لي أن أجمع شتات ما تناثر لدي من الآمال والرغبات والمراجعات، وأنصرف إلى الإخراجة القديمة المكررة، بالإغناء والتصويب والتسديد. وأول ما شغلت به هو النصوص الملحَقة بنسخة "فيض الله"، من زيادات ابن عصفور، فقد كان صنف "الممتع" للأمير عبد الله بن عبد العزيز، في إشبيلية بين عامي 625 و629، في صورة مختصرة بدائية، ثم تابع إغناءه بالمواد العلمية سنة بعد سنة، يُلحقها بحواشي نسخته بخطه، حتى وافته المنية سنة 699. وفي خلال ذلك كانت النسخ تتولد من الكتاب، وكل منها يحمل الزيادات التي سجلت آنذاك. ولذا رأينا الخلاف الكبير بين النسخ التي وصلت إلينا نماذج
منها أو من نصوصها، في الزيادة والنقص والتعديل والتصويب، فكان منها ما يحمل صور تطور الكتاب بين يدي مؤلفه وثقافته وعلمه. والواقع أن أبا حيان النحوي اطلع على الصورة الأخيرة من نسخة المؤلف نفسه، وعبر عنها بالنسخة الجديدة، وأطلق عليها اسم"الممتع الكبير". ذلك لأن ابن عصفور كان قد ألحق بها عشرات وعشرات، من الأحكام والضوابط والأمثلة والتفسير والحجاج والاستدلال، وبعض الأبواب الكاملة مما يحتاج إليه الكتاب، وأجرى تعديلات في كثير من التعبير والاقتباس والإحالات، وصوب بعض الأحكام والقيود والشواهد والأمثلة، وضرب على عدد وافر من النصوص لأنها لا تفي بالمراد. وقد وقف أبو حيان على هذا كله في "الممتع الكبير"، ورأى فيه زادًا غنيًّا تفتقر إليه نسخته التي يمتلكها ويرعاها بالتسديد والعناية، فنقل تلك الزيادات والتعديلات إلى حواشي نسخته، حتى صارت نموذجًا وافيًا بالإخراجة الأخيرة للكتاب، كما أرادها ابن عصفور. ولما حققت الكتاب في طبعاته الماضية وقفت على تلك الحواشي الغنية، وضقت بما فيها من خروم وغيمومة وتداخل، فاستقيت ما تيسر لي منها وألحقته بالنص، وأشرت إلى الباقي في التعليقات، على أمل أن أجد نسخة كاملة تحل ما في الحواشي من النقائص والصعوبات، ولكن الظروف لم تسعفني بذلك، فرجعت إلى تلك النصوص بالتتبع والتدقيق والتحليل والتركيب، مستأنسًا بالمصادر التراثية المنشورة مؤخرًا، حتى انقادت لي الجمهرة الغفيرة من الحواشي هذه، فأثبتها في مواضعها من النص، وجعلت ما تعذرت قراءته بين معقوفين للدلالة على اجتهادي، أو في عبارات مقتضبة في التعليقات. وبهذا أكون -والحمد لله- قد استوفيت الإخراجة النهائية لكتاب ابن عصفور، وأصبح النص المنشور قبل في غضون ربع قرن من الرعاية والتوجيه والتنمية قد شب عن الطوق، بعد أن كان وليدًا غرًّا، وحق لي أن أجعل اسمه في هذه الطبعة "الممتع الكبير" كما ذكر أبو حيان. ثم رجعت إلى النص مرارًا بالقراءات المختلفة، لأتلمس مواطن القصور في الطبعات الماضية، وملامح الضعف في مظاهر التحقيق والإخراج والتيسير، فتجمع لدي ألوان غفيرة من ذلك، تقتضي التبصر والتدقيق لإجراء التعديلات اللازمة. وكان عن ذلك أن أصبح للنص توزيع جديد في بعض المواطن، يناسب الملحقات وما تخلل السياق من لفظ، يملأ صحفة أو فقرات أو أسطرًا أو عبارات أو كلمات. ورصدت ما كان من تطبيعات وخلل في الإخراج، فقومت سبيله وخلصته من شوائبه، فإذا بي أعيد ضبط الكلمات في النثر والشعر بما يناسب الواقع الثقافي الآن، فتُثبَّت الحركات
اللازمة، ويُستغنى عن الفائض الذي يعرقل عمليات القراءة والإدراك والاستفادة من المضمون. وتبع ذلك اهتمام بعلامات الترقيم؛ لأنها في الحقيقة رموز لجمل تعبيرية، توجه القارئ وتساعده على الفهم الدقيق للدلالات والمقاصد، وكان من هذه العلامات تلك الآلاف من الأقواس المتلاحقة، أسقطتها من المتن مستغنيًا عنها بالإشارات البسيطة، لأزيل عن وجه الكتاب ما عقد صورته وبطأ حركة المطالعة والاستفادة، فلم أترك منها إلا النزر اليسير، مما هو ضروري لا يكون عنه عرقة ونتائج سلبية. أضف إلى هذا كله تصويب ما ند عن النساخ، من هنات وأوهام تقتضي التوجيه والتعديل والتقويم. هذا في النص المحقق. أما متممات التحقيق فقد رجعت إليها بالإغناء والتنمية أيضًا، فيما كان من تعليقات وتوجيهات، ألقت عليها المنشورات التراثية الجديدة لمسات من التصويب والتحقيق والتوضيح، واقتضت الأوضاع الثقافية الحالية نثره في طيات المتممات. ومن ذلك تفسير ما أغفلته قبل من الغريب، كان مألوفًا لدى القراء معناه، وأصبح الآن بحاجة إلى البيان والإيضاح، والأعلام من العلماء الذين تجاوزتُ الترجمة لهم صاروا مجاهيل في ميادين الدراسة والبحث، فكان واجبًا علي أن أعرف بهم أيضًا. بل إن الشواهد الشعرية خالطها بعض القصور والوهم، لندارة المصادر آنذاك، ثم قدمت المنشورات التراثية الجديدة وجوهًا من الدقة والصواب في ذلك السبيل، فعرفنا أصحاب بعض الأشعار الغفل، وصححنا ما كان قد نسب إلى غير صاحبه. وكذلك الإحالات التي نثرها ابن عصفور وجد كثيرًا منها مصدره الذي نقل عنه، وكان من قبل تائهًا مجهول القرار. وفي التعليقات أيضًا، أسقطتُ كثيرًا من العبارات التي تمثل تصحيف النساخ وأوهامهم، واكتفيت ببعض النماذج، تشير إلى ما كانت عليه النسخ، مع أنها قد عورضت وصححها علماء أعلام. ثم أضفت بقية الحواشي التي ألحقها أبو حيان وغيره، وهي كثيرة جدًّا تقدم للنص خدمة كبيرة، وتطلعنا على مصادر تراثية بعضها ما زال مجهولًا. وتزودنا بالبيان والتفسير والتوجيه والتقويم. تلك هي الصورة الجديدة لـ "الممتع الكبير" أضعها بين أيدي الدارسين والباحثين والمحققين، آملًا أن تجد لها ما يناسبها من التقدير والعناية والاهتمام، وشاكرًا للمسؤولين عن "مكتبة لبنان" هذه البادرة الطيبة، التي فتحت لي باب العودة إلى كتابي الغالي، ليكون في ثوبه التام الأنيق الرصين. والحمد لله رب العالمين. حلب في 18 من رجب سنة 1414 1 من كانون الثاني سنة 1994 الدكتور فخر الدين قباوة
تمهيد
تمهيد: وقفت، في زيارتي لإستانبول عام 1963، على نسخة مخطوطة من كتاب "الممتع" في مكتبة "مراد ملّا"، فثبت لديّ أن ما ذكره المؤرخون عن هذه النسخة صورة مصغرة بالميكروفيلم، على أمل أن أتابع النسخ الأخرى، في مكتبات أُخر. وقد تبين لي بعد المراجعات المتتابعة لهذه النسخة، أنها مخرومة ناقصة، لا يمكن الاعتماد عليها، في المعرفة التامة لهذا الكتاب. ولذلك كنت أشد حرصًا على تتبع ما يمكن أن يعثر عليه من النسخ، حتى وقفت على نسخة مخطوطة في مكتبة "فيض الله"، فكانت بحقّ الضالة التي أنشدها، لما تمتاز به من تمام وتوثيق وضبط. ثم وقفت على نسخة أبي حيان "المُبدع"، فشعرت أن أصول العمل العلمي قد توافرت، فلا بد من الشروع به، ليخرج إلى محبي العربية وخدمتها، بثوب يليق به وبمؤلفه. وهأنذا أدفع به إلى المطبعة، بعد أن حمَّلته، من الجهود والعناء والصبر، ما لا يقدّره إلا الله. فهو حسبي، ونعم الوكيل.
ابن عصفور
ابن عصفور: هو أبو الحسن علي بن مؤمن بن محمد بن علي بن أحمد بن محمد النحوي الحضرمي الإشبيلي. ولد في مدينة إشبيلية من بلاد الأندلس سنة 597هـ - 1200م، وأخذ النحو والأدب واللغة من أشهر علماء عصره هناك. ولما بلغ من العلم منزلة الأستاذية شرع يدرّس علوم العربية في إشبيلية، ثم في حواضر الأندلس مدن: شَريش ومالَقة ولُورَقة ومُرسية. وكان يملي مصنفاته من حفظه دون كتاب. وهي الشروح التي وضعها على: الجمل للزجاجي، والإيضاح لأبي علي الفارسي، والمقدمة الجُزُولية، وكتاب سيبويه ... ثم انتقل ذكره إلى المغرب، فودع الأندلس وجاز إلى مُرّاكش، يقيم في حواضرها ويملي مصنفاته، ثم انتقل إلى تونس، حيث أكرمه أمير المؤمنين المستنصر بالله محمد بن أبي زكرياء، واصطحبه في رحلاته ومجالسه، يشجعه على الإقراء والتعليم. وقد حن إلى وطنه فعاد إلى بعض مدن الأندلس، ثم عاد إلى مُرّاكش ومنها إلى تونس، حيث أقام في عاصمتها حتى توفي سنة 669هـ - 1270م، ودفن في مقبرة ابن مهنّا قرب جبانة الشيخ ابن نفيس. وقد اختُلف في سبب وفاته، والراجح ما رواه الزركشي. وهو أن ابن عصفور1 كان في مجلس السلطان آنذاك، من أحد أيام الشتاء، في رياض أبي فهر قرب الجابية الكبيرة. وهي حوض ضخم. ولما افتخر السلطان بما في مملكته من مظاهر العظمة قال ابن عصفور، يذكّره فضل العلماء في ذلك: "بنا وبأمثالنا". فغضب السلطان وأمر بعض رجاله أن يلقوه بثيابه في الجابية، ويطيلوا بقاءه فيها. وبعد خروجه منها أصابته حمى شديدة، لبث فيها ثلاثة أيام، ثم قضى نحبه. ورثاه القاضي ابن المنير ناصر الدين أحمد بن محمد المالكي المتوفى سنة 683، ببيتين زعم فيهما أن النحو انتهى بوفاته. وذكر في تاريخ حياته أنه كان حامل لواء العربية في عصره، وأصبر الناس على المطالعة، لا يملّ
من ذلك، وأنه لم يكن ذا ورع، وهو يرتاد مجالس الشراب ويصبغ لحيته ورأسه بالحناء. وزعم بعض المؤرخين أنه لم يكن عنده ما يؤخذ عنه غير النحو، ولا تأهل لغيره من علوم العربية. ولكن ما سنذكره، من شيوخه وتلاميذه ومصنفاته، يدل على علم بالأدب أيضًا والنقد ونظم الشعر. فقد لازم رئيس نحاة الأندلس أبا عليّ الشلوبين عمر بن محمد الأزدي المتوفى سنة 645، لازمه عشر سنين، وقرأ عليه كتاب سيبويه. وكان من شيوخه أيضًا المقرئ العالم باللغة والأدب أبو الحسن الدباج علي بن جابر اللخمي المتوفى سنة 646، ومن تلاميذه أبو الفضل الصفار قاسم بن علي الأنصار البطَلْيَوسي المتوفى بعد سنة 630، وأبو عثمان الطَّبيريّ سعيد بن حكم القرشي النحوي الأديب الشاعر الناثر الفقيه المحدث المتوفى سنة 680، وأبو عبد الله الشلوبين الصغير محمد بن علي الأنصاري المالَقي النحوي المقرئ الذي توفي سنة 670، وابن سعيد المدلجي أبو الحسن علي بن موسى الغرناطي الأديب المؤرخ للأدب المتوفى سنة 685، وأبو حيان محمد بن يوسف الغرناطي النفزي، العالم المشهور في القراءة والتفسير واللغة والحديث والأصول والفروع والبلاغة والتراجم المتوفى سنة 745. أما مصنفاته، فما طبع منها: 1- الممتع في التصريف: حققته على نسخ خطية، ونشر سنة 1970م، وصدر منه عدة طبعات. وقد صنف ابن عصفور هذا الكتاب مختصرًا، وقدمه إلى الأمير أبي بكر عبد الله بن أبي الأصبغ حاكم إشبيلية، ثم ألحق به زيادات كثيرة، جعلت أبا حيان يطلق عليه اسم "الممتع الكبير". وقد علق عليه ابن مالك صاحب الألفية نقودًا كثيرة، أضاف إليها أبو حيان أكثر منها، ثم اختصره في كتاب سماه "المبدع الملخص من الممتع" ونُشِرَ في الكويت سنة 1982م، بتحقيق عبد الحميد سيد طلب. 2- المقرَّب في النحو: حققه عبد الستار الجواري وعبد الله الجبوري، ونشر سنة 1971م. وقد ألفه ابن عصفور للأمير يحيى بن عبد الواحد الهنتاتي جد الحفصيين، ثم عاد إليه بالشرح والتفصيل في مؤلف آخر لم يتيسر له إنجازه، واستل من المقرب المُثُل والمسائل المشكلة، وشرحها مع إيراد الأمثلة الأخرى في كتاب سماه "مُثُل المقرب"، ألفه للخاصة من العلماء سنة 647هـ. وقد حققه عبد الرحمن بن محمد العمّار، ثم أحمد حسن كحيل. واختصر أبو حيان أصل الكتاب في مصنف اسمه "تقريب المقرب"، حققه عفيف عبد الرحمن ونشر في بيروت سنة 1982م. ولما رأى أبو حيان غموض مختصره هذا، وعسره على الطلبة، شرحه مع تعقب لابن عصفور وتفسير لدقائقه، في كتاب سماه "التدريب في تمثيل التقريب". وروى أبو حيان مقطوعة من الشعر لابن تُولُو القرشي المتوفى سنة 685هـ، يقرّظ بها
كتاب المقرب ويَمتدح ابن عصفور. وقد شرح المقرب أيضًا كل من بهاء الدين محمد بن إبراهيم النحاس المتوفى سنة 698، وتاج الدين أحمد بن عثمان التركماني المتوفى سنة 768. ولتاج الدين نفسه تعليقة لطيفة على شرح ابن عصفور لكتابه "المقرب". وفي عصرنا هذا شرحه علي محمد فاخر باسم "شرح المقرب لابن عصفور"، ونشره في القاهرة سنة 1990م. ويعمل خيري عبد الراضي عبد اللطيف في تحقيق القسم الأول من شرح ابن النحاس. وكان قد تعقب المقرب بالنقد والتجريح كل من ابن مؤنس القابسي، وابن هشام، وابن الحاج أحمد بن محمد المتوفى سنة 647 في كتابه "الإيرادات على المقرب"، وابن الضائع المتوفى سنة 680، وإبراهيم بن أحمد الأنصاري الجزري في كتابه "المنهج المعرَّب في الرد على "المقرب"، وحازم القرطاجني الخزرجي المتوفى سنة 684 في كتابه سنة 684 في كتابه "شد الزُّنَّار على جحفلة الحمار"، والمالقي أحمد بن عبد النور المتوفى سنة 702. 3- الشرح الكبير: وهو أكبر شرح لابن عصفور على كتاب "الجمل في النحو" للزجاجي، يسمى "أحكام ابن عصفور". حققه صاحب أبو جناح، ونشر في بغداد سنة 1980م. وكان أبو حيان قد اختصر هذا الكتاب. ورتبه ترتيب أبواب "المقرب" وسماه "الموفور في تحرير أحكام ابن عصفور". وقد وهم بعض المعاصرين، فظن "الموفور" اختصارًا لشرح ابن عصفور على المقرب. 4- ضرائر الشعر: حققه السيد إبراهيم محمد، ونشر في بيروت سنة 1980م أيضًا. وما لم يطبع من مصنفاته، وفي المكتبات الخطية نسخ مخطوطة، من بعضه: 1- الأزهار. 2- إنارة الدياجي. 3- البديع: وهو شرح على المقدمة الجُزُولية التي صنفها أبو موسى عيسى بن عبد العزيز الجزولي المتوفى سنة 607، وعرفت باسم "القانون". وهي مقدمة موجزة جدًّا في النحو، وصفها العلماء بالعسر والغرابة، وكان الجزولي نفسه قد شرحها أيضًا. 4- سرقات الشعراء. 5- شرح أبيات الإيضاح. 6- شرح الأشعار الستة: وهو شرح لدواوين: امرئ القيس، والنابغة الذبياني، وزهير بن أبي
سلمَى، وعلقمة الفحل، وطرفة بن العبد، وعنترة بن شداد. 7- شرح الإيضاح: والإيضاح كتاب نحوي لأبي علي الفارسي المتوفى سنة 377، عرف باسم "الإيضاح العضدي". وفي خزانة الأدب وشرح أبيات المغني للبغدادي نُقُول من شرح ابن عصفور هذا. 8- شرح الإيضاح الشعري. 9- الشرح الأوسط: وهو شرح متوسط الحجم لكتاب "الجمل في النحو" للزجاجي. 10- شرح الحماسة: وهو شرح على "ديوان الحماسة" الذي جمعه أبو تمام حبيب بن أوس الطائي المتوفى سنة 231. 11- شرح ديوان المتنبي: وهو شرح لشعر أبي الطيب أحمد بن الحسين المتوفى سنة 354. 12- الشرح الصغير: وهو شرح موجز على "الجمل في النحو" للزجاجي. 13- شرح الكتاب: وكان ابن عصفور قد لزم شيخه أبا علي الشلوبين عشر سنين، قرأ عليه فيها بعض الكتب النحوية، وكتاب سيبويه المتوفى سنة 180، ثم تصدر لتدريس هذا الكتاب وإقرائه، وعلق عليه شرحًا نقل منه البغدادي بعض النصوص في "خزانة الأدب". وكان ابن الحاج أبو العباس أحمد بن محمد الإشبيلي يقول معرضًا بابن عصفور: إذا مت فعل أبو الحسن ابن عصفور في كتاب سيبويه ما أراد، فإنه لا يجد من يرده. 14- شرح المقدمة: وهو شرح على المقدمة النحوية التي صنفها ابن عصفور نفسه. 15- مختصر الغُرّة. 16- مختصر المحتسَب: وهو اختصار لـ "المقدمة المحتسبة" في النحو، التي ألفها ابن بابشاذ طاهر بن أحمد النحوي المتوفى سنة 469. 17- مفاخرة السالف والعذار. 18- المفتاح. 19- مقدمة في النحو: وهي مصنف موجز في النحو، شرحه ابن عصفور نفسه فيما ذكرنا تحت رقم 14. 20- مقطوعات شعرية.
21- الهلال أو الهلالية. ونسب إليه في بعض كتب المعاصرين من المصنفات ما يلي: 1- إيضاح المشكل: وهو شرح لكتاب "المغرب في ترتيب المُعْرب"، لأبي الفتح المطرزي ناصر الدين ابن عبد السيد الخوارزمي الحنفي، المتوفى سنة 610. 2- السلك والعنوان ومرام اللؤلؤ والعقيان: وهو أرجوزة في النحو، مع شرح لها. 3- المقنع في النحو. 4- منظومة في النحو: شرحها صدقة بن ناصر بن راشد الحنبلي، سنة 1016. والناظر فيما نشر من مصنفات ابن عصفور، وعناوين ما صحت نسبته إليه مما لم ينشر، يجد نشاطًا واسعًا في دراسة النحو والصرف واللغة والأدب، وإنتاجًا أدبيًّا في النثر والشعر والرجز. ولهذا قيل عنه: إنه كان علمًا في اللغة ريّان في الأدب، في الطبقة الأولى من أعلام إشبيلية، وحامل لواء العربية في زمانه بالأندلس، وإمامًا في المغارب والمشارق، وحيث حل فعلمه نازل بالمحل الرفيع ومقابَل بالبر الفائق. أما أعماله النحوية فكانت تسير فيما خطَّه قدماء النحاة، من مذهب التحقيق. وهو يقوم على اتخاذ سبيل بين طريقي البصرة والكوفة، لاختيار الرأي المدعوم بالدليل. فإن كان دليل الطرفين ضعيفًا، وتبدَّى للباحث ما هو أصح، بذل في المسألة اجتهاده ووضع حكمًا جديدا بعيدًا عن المذهبين. ولذا كان ابن عصفور يختار في مصنفاته ما رجحته الأدلة، من أقوال البصريين والكوفيين والبغداديين، ويضيف أحيانًا ما انفرد به هو، من الأحكام والضوابط والتعليل والتفسير. وكان لمذهب التحقيق هذا في تاريخ النحو بذور، لدى قدماء البصريين كالمبرّد، حين تصدى للرد على مسائل من كتاب سيبويه، بما استدل به الأخفش وغيره. ثم جاء ابن كَيسانَ والزجاجي والفارسي يوسعون هذه الدائرة، عاملين بما رسمه المازني في قوله: "إذا قال العالم قولًا متقدمًا فللمتعلم الاقتداء به، والاحتجاج لقوله، والاختيار لخلافه إن وجد لذلك قياسًا". واتسعت بذلك رقعة مذهب المحقّقين في النحو لدى المتأخرين كالرضيّ وابن عصفور وابن مالك وابن هشام، حتى عبر عنه أبو حيان بوضوح في قوله: "ولسنا متعبدين باتباع مذهب البصرة، بل نتبع الدليل".
المصادر والمراجع
المصادر والمراجع: 1- ابن عصفور والتصريف لفخر الدين قباوة، بيروت 1981. 2- أخبار التراث العربي 19: 14 و28: 23. 3- اختصار القدح المُعلّى لمحمد عبد الله، القاهرة 1959 ص22 و155. 4- أسماء الكتب لعبد اللطيف بن محمد، دمشق 1983 ص289. 5- الأعلام لخير الدين الرزكلي القاهرة 1959، 5: 179. 6- إيضاح المكنون لإسماعيل باشا البغدادي طهران 1947، 1: 527. 7- بغية الوعاة لجلال الدين السيوطي القاهرة 1326 ص357. 8- تاريخ الأدب العربي لكارل بروكلمان القاهرة 1975، 5: 248 و366. 9- تتمة المختصر في أخبار البشر لابن الوردي، القاهرة 1285، 2: 220. 10- تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية لمحمد بن إبراهيم الزركشي تونس 1289 ص29، 30. 11- الجنى الداني في حروف المعاني لابن أم قاسم المرادي، بيروت 1981 ص244. 12- الذيل والتكملة لأبي عبد الله المراكشي، بيروت 5: 313، 414. 13- روضات الجنات لمحمد بن باقر الموسوي سنة 1347 ص493. 14- شذرات الذهب لابن العماد، مكتبة القدسي 1351، 5: 330، 331. 15- شرح جمل الزجاجي لابن عصفور بغداد 1980. 16- شرح المقرب لعلي محمد فاخر القاهرة 1990. 17- صلة الصلة لأبي جعفر بن الزبير بيروت ص 142. 18- ضرائر الشعر لابن عصفور بيروت 1980. 19- عنوان الدراية لأحمد بن أحمد الغبريني، الجزائر 1910 ص188، 190. 20- فهرسة المكتبة الخديوية القاهرة 4: 113. 21- فوات الوفيات لابن شاكر الكتبي القاهرة 1951، 2: 184، 185. 22- كشف الظنون للحاج خليفة طهران 1947 ص527 و603 و1041 و1621 و1801 و1805 و1822. 23- مجلة حوليات جامعة القديس يوسف بيروت 1989 ص321، 326. 24- معجم المؤلفين لعمر رضا كحَّالة، بيروت 7: 251. 25- مفتاح السعادة ومصباح السيادة لطاش كبرى زاده، حيدر آباد 1329، 1: 118. 26- المقرب في النحو لابن عصفور، بغداد 1971. 27- الممتع في التصريف لابن عصفور، بيروت 1987. 28- نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب للمقري، بيروت 1968، 2: 209 و271، 272 و701 و3: 184 و4: 148 و5: 82. 29- هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي، طهران 1947، 1: 712. 30- الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي 12: 218، 219. 31- الوفيات لابن قنفذ، بيروت 1972 ص331.
النسخ المخطوطة
النسخ المخطوطة: صنف أبو الحسن كتاب "الممتع" وقدمه إلى الأمير أبي بكر عبد الله بن أبي الأصبغ عبد العزيز بن صاحب الرد، وقد صرح بذلك في خطبة كتابه وأشاد بالأمير إشادة بالغة. والمشهور أن هذا الأمير1 شاعر أديب، ذواقة لأطراف العلوم، ولّاه ابن هود على رُندة، ثم سار إلى إشبيلية، وطرد والي ابن هود واستبد بها، واتفق وابن الأحمر على ابن هود. ولكن ابن الأحمر غدر به، وقتله عام 631. وإذا استأنسنا بحياة الأمير أبي بكر، استطعنا أن نحدد التاريخ التقريبي، لتصنيف كتاب "الممتع". فالمعروف أن ابن هود تلقب بالمتوكل على الله سنة 625، وانفصل2 عنه أبو بكر عام 629، حين ثار عليه في إشبيلية وطرد واليه. ولما كان ابن عصفور يشيد بأبي بكر3، "الذي بذل جهده في نصر هذه الدعوة النبوية، ولم يأل جهده في عضد هذه الدولة المتوكلية"، فإن من البديهي أن يكون قد صنف هذا الكتاب، خلال السنوات التي كان فيها أبو بكر مخلصًا لابن هود المتوكل على الله. وذلك بين عامي 625 و629. وقد بسط ابن عصفور مسائل التصريف، في هذا الكتاب، بسطًا مُسهَبًا مدعومًا بالتعليل والتفسير والحجاج والأدلة والشواهد، فكان من أشهر كتبه، ومن أمثل كتب الصرف المطولة،4 حتى قل أن يخلو من مسائله كتاب من كتب المتأخرين. وكان أبو حيان النحوي شديد الإعجاب به، يقدمه على ما سواه، ولا يفارقه في الحل والترحال5؛ لأنه كما يقول6: "أحسن ما وضع في هذا الفن ترتيبًا، وألخصة تهذيبًا، وأجمعه تقسيمًا، وأقربه تفهيمًا".
ومن مظاهر عناية أبي حيان به أنه علق عليه تعليقات عظيمة الأهمية، ثم لخصه في كتاب سماه "المبدع في التصريف". وكان ابن مالك، صاحب الألفية، قد علق على "الممتع" نقودًا كثيرة، وقد استوفينا أكثر تعليقات ابن مالك وأبي حيان، فأثبتناه في حواشي النص إتمامًا للفائدة. أما النسخ المخطوطة التي اعتمدتها في التحقيق فإليك وصفها1: نسخة فيض الله "ف": تحتفظ بها مكتبة "فيض الله" بإستانبول تحت رقم 2052. وهي في 73 ورقة قياس 16×21 سم، وفي كل صفحة 27 سطرًا، بخط مغربي جيد. ومنها صورتان مصغرتان على الميكروفيلم، في معهد المخطوطات بالجامعة العربية، تحت الرقمين 9 و20 من قسم الصرف. على الورقة الأولى من النسخة "تصريف الأستاذ أبي الحسن بن عصفور أكرمه الله. وهو الذي سماه بالممتع في التصريف". وقُبالة ذلك: "كتبه لنفسه حسن بن محمد ... ". ويلي هذا عدة تملُّكات، انتهت بانتقال ملكية النسخة إلى شيخ الإسلام فيض الله، الذي أثبت عليها خاتمه: "وقف شيخ الإسلام السيد فيض الله أفندي -غفر الله له ولوالديه- بشرط ألا يخرج من المدرسة التي أنشأها بقسطنطينية سنة 1112". وكان أبو حيان النحوي تملك هذه النسخة، من قبل، وحملها معه إلى القاهرة، حيث قابلها قراءة بنسخة شيخه رضي الدين محمد بن علي الأنصاري الأندلسي. وقد أثبت هذه المقابلة في ختام النسخة كما يلي: "قابلت جميع هذا الكتاب مع شيخنا الإمام اللغوي الحافظ حجة العرب أوحد العصر، رضي الدين أبي عبد الله محمد بن علي بن يوسف الأنصاري الأندلسي الشاطبي. قاله كاتبه أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن حيان النفزي الأندلسي الجياني نزيل القاهرة ... ". يضاف إلى هذا أن أبا حيان عارض قسمًا من هذا الكتاب، بنسخة بخط ابن عصفور نفسه، وصوب بعض العبارات، نقلًا من تلك النسخة. وعارض أبو حيان هذا الكتاب أيضًا بنسخ أخرى، منها:
1- نسخة ابن الزبير. 2- نسخة ابن الخفاف. 3- نسخة الخزرجي. 4- نسخة الكرماني. وبذلك أصبحت نسخة أبي حيان رفيعة القدر، ذات قيمة علمية منقطعة النظير، فهي تمثل أكثر من عشر نسخ قديمة، منها نسخة بخط المؤلف. ومما يذكر ههنا أن أبا حيان، وغيره من العلماء، حلوا هذه النسخة بتعليقات على النص، بعد أن اتخذنا هذه النسخة أصلًا للتحقيق، ورمزنا إليها بالحرف "ف". نسخة مراد ملّا "م": تحتفظ مكتبة "مراد ملّا" في إستانبول بهذه النسخة التي تضم 95 ورقة من القطع المتوسط، في كل صفحة منها 17 سطرًا. وفي الصففة الأولى منها: "ممتع في الصرف، تأليف الفقيه الأستاذ أبي الحسن بن عصفور من أهل مدينة إشبيلية، إمام علم العربية. رحمه الله وعفا عنه". وفي الصفحة الأخيرة: "كمل، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله عليه سيدنا محمد وآله، وكان الفراغ منه يوم الخميس، الخامس عشر لشهر شوال، من عام خمسة وثلاثين وسبعمائة". وقد كُتبت هذه النسخة بخط حسن، كثر فيه الخطأ والتصحيف والتحريف، ولم تُعارَض بالأصل الذي نقلت منه. ونحن نرجح أن ذلك الأصل يرجع إلى ما هو أقدم من الأصل الذي نقلت منه نسخة "فيض الله"؛ لأن الخلافات بين النسختين أثبتت أن نسخة "فيض الله" اعتمدت أصلًا، يضم زيادات وتنقيحات وتصويبات، للمؤلف، لم تصل إلى نسخة "مراد ملّا". نضيف إلى هذا أن نسخة "مراد ملّا" هذه قد اختُرمت نصوصها: في مواطن كثيرة،1 وبعض هذه الخروم طويل جدًّا. يستغرق صفحات، بل عشرات من الصفحات، وأظهرها سقوط بابين كبيرين، هما "باب أحكام حروف العلة الزوائد"، و"باب القلب والحذف على غير قياس". وتحت كل منهما بضعة أبواب فرعية2. وقد حاول أحد العلماء أو النساخ أن
يعوّض بعض هذه الخروم، فكان في النسخة عدة مواطن، كُتبت بقلم يخالف خط الأصل1. بيد أن هذه النسخة على رداءتها ونقصها، ساعدت في تحقيق الكتاب، فقومت بعض العبارات، وملأت بعض الثغرات المطموسة في نسخة "فيض الله"، وكان الرمز إليها بالحرف "م". نسخة المُبدِع: كان أبو حيان النحوي شديد الإعجاب بكتاب "الممتع" كثير الاهتمام به، حتى إنه كان لا يفارقه. وقد رأينا في وصف نسخة "فيض الله" كثرة العناية التي أولى بها أبو حيان هذا الكتاب، من مقابلته قراءة على شيخه رضي الدين الأنصاري الأندلسي، ومعارضته بالنسخ الكثيرة التي منها قطعة بخط المؤلف، وتعقبه بزيادات وشروح ونقود. وقد توّج أبو حيان عنايته هذه، بأن لخص كتاب "الممتع" بنفسه، فاختزل عباراته، وأسقط شواهده، وما فيه من احتجاج وجدل واستطراد، وقدم وأخر في بعض مقاصده، تبعًا لتنسيقه الخاص في عرض المادة، دون أن يجري في تلك المادة تنقيحًا أو تصويبًا يذكر. وقد سمى مختصره هذا "كتاب المبدع في التصريف". ولما كان في نسختي "فيض الله" و"مراد ملّا" خروم وتصحيفات وعبارات، غائمة أو مطموسة، فإنني استعنت بنسخة مخطوطة من كتاب "المبدع"، فعارضت بها وبما علق عليها من حواشٍ بعض المواطن من "الممتع"، لتصويب النص وإتمامه. والنسخة التي اعتمدتها هي بخط أبي حيان. فقد جاء في آخرها: "تم كتاب المبدع، غدوة الجمعة التاسع والعشرين لشهر ربيع الأول سنة تسع وتسعين وستمائة، على يدي ملخصه أبي حيان وبخطه". وهي بخط مغربي جميل واضح، تقع في 38 ورقة، وتضم الصفحة الواحدة 15 سطرًا. والنسخة هذه محفوظة في دار الكتب المصرية، ضمن مجموعة بخط مؤلفها، تحت الرقم 24 ش2. تستهل هذه النسخة بالخطبة التالية: "قال أبو حيان محمد بن يوسف بن حيان: حمدًا لك اللهم على ما منحتناه وشكرا، وسترًا لما اجترحناه وغفرا، وصلاتك وسلامك على من أنزلت عليه القرآن ذكرى، وبعثته هاديًا للورى سودًا وحمرًا. وبعد فإن علم التصريف يلطف إدراكه على ذوي الأفهام، ويشرف المتحلي به على سائر الأنام، إذ هو أشرف شطري اللسان
العربي، وأجمل ذخيرة الفاضل النحوي، ولغموضه قل فيه التصنيف والخلاف، ولم تتوارد عليه الأفهام فيكثر فيه الاختلاف. وليس كعلم الإعراب الذي ازدحم على منهله الوارد، وترنقت بعد صفوها منه الموارد، فلا يتميز فيه الفاضل إلا عند أفراد الرجال، ولا يظهر فيه السابق إلا عند ضيق المجال. وما أحد ممن نظر في الإعراب أدنى نظر إلا وهو مدعٍ فيه، وموهم الأغمار أنه يحسنه ويدريه. ولقد أخذنا هذا الفن، بعد أخذ علم الإعراب، عن أستاذنا أبي جعفر ابن الزبير، وتلقناه من فيه لا من كتاب، حفظًا وعرضًا ونقلناه عنه شفاهًا رطبًا غضًّا، في مدة شهور يُدِرّ بنا في مسالكه الصعاب، ويوغل بنا في أبعد المذاهب وأشغب الشعاب، إلى أن امتطيناه ذلولًا، وهبت لنا زعزعه قبولًا، وجنبناه سلس القياد، وإن كان أبيًّا، واقتدْناه طوع المراد، وإن كان عصيًّا. ولما كان كتاب "الممتع" أحسن ما وضع في هذا الفن ترتيبًا، وألخصه تهذيبًا، وأجمعه تقيسمًا، وأقربه تفهيمًا، قصدنا في هذه الأوراق ذكر ما تضمنه من الأحكام بألخص عبارة وأبدع إشارة، ليشرف الناظر فيه على معظمه في أقرب زمان، ويسرّح بصيرته في عقائل حسان. وسميته بالمبدع الملخص من الممتع، ولم أتعرض للتنبيه على ما فيه من الاعتراض، بل أبرزته بين المغضي عنه والراض. وإن فسح الله لي في العمر، وساعدني سابق القدر، وضعت في علم التصريف ما أنا له آمل، وعلى تحصيل مواده من قديم الزمان عامل. والله يبلغنا فيما أملنا من ذلك الأمنية، ويخلص لنا في العلم والعمل النية. لا مرجو إلا ثوابه، ولا محذور إلا عقابه". وإذا أردنا أن نتبين الصورة التقريبية لعمل أبي حيان في ملخصه، فحسبنا أن نعارض باب "التمثيل" في الممتع، بما يقابله في المبدع. وهو قول أبي حيان1: "التمثيل: تقابل الأصول بالفاء والعين واللام، فإن لم تفن الأصول كررت اللام حتى تفنى. والزوائد إن لم تتكرر من لفظ الأصل بقيت في المثال، أو تكررت وزنْتَها بالحرف الموزون به الأصل. وزعم الكوفيون أن نهاية الأصول ثلاثة، فما زاد من رباعي أو خماسي فزائد. وذهب الكسائي إلى أن الزائد في الرباعي ما قبل الآخر. واختلفوا؛ فمنهم من لا يزن الكلمة، ومنهم من يزن ويُبقى الزائد في المثال".
منهج التحقيق
منهج التحقيق: اعتمدت نسخة "فيض الله" من الممتع، فرمزت إليها بحرف "ف" وجعلتها أصلًا للنص، ثم عارضت النص بنسخة "مراد ملّا" التي رمزت إليها بحرف "م"، مستعينًا بنسخة أبي حيان من "المبدع"، في تصويب بعض العبارات وإتمامها. وقد ذيلت النص بما يلي: 1- إثبات الخلاف بين النسخ. 2- تفسير المفردات الغربية. 3- التعريف ببعض الأعلام. 4- ذكر أسماء المصادر التي استقى منها المؤلف في كل قسم أو باب أو مسألة. 5- إثبات أسماء المصادر التي عرضت لما بسطه ابن عصفور. 6- تخريج الشواهد القرآنية، والشعرية، والنثرية من حديث أو أثر، مع إتمام البيت الشعري بزيادة بين معقوفين. 7- إثبات ما لم يُخترم من حواشي نسخة "فيض الله" التي علقها أبو حيان النحوي أو غيره. حلب 15/ 8/ 1968م 21/ 5/ 1388هـ الدكتور فخر الدين قباوة
من نسخة فيض الله "ف"
من نسخة فيض الله "ف"
من نسخة مراد ملا "م"
من نسخة المبدع
خطبة الكتاب
خطبة الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم1 الحمد لله الذي لم يُستفتح بأفضل من اسمه كلام، ولم يُستنجح بأجمل من صنعه مَرام2، جاعل الحمد مفتتح قرآنه، وآخر دعوى أهل جنانه. أحمده -سبحانه- على أن جعلنا خير أمة3، وأنطقنا بلسان أهل الجنة؛ حمدًا يؤنس وحشي النعم من الزوال، ويحرسها من التغير والانتقال4. والصلاة على خير من افتتحت بذكره الدعوات، واستنجحت بالصلاة عليه الطلبات، محمد نبي الله5 وخيرته من خلقه، وحجته في أرضه، الصادع بالرسالة، والمبالغ في الدلالة، وعلى آله الطيبين الأخيار، الطاهرين الأبرار، الذين أذهب عنهم الأرجاس، وطهرهم من الأدناس، وجعل مودتهم أجرًا له على الناس. وبعدُ6، فإني لما رأيت النحويين قد هابوا لغموضه7 علم التصريف، فتركوا التأليف فيه والتصنيف، إلا القليل منهم فإنهم قد وضعوا فيه ما لا يُبْرِدُ غليلا، ولا يحصل لطالبه مأمولا، لاختلال ترتيبه، وتداخل تبويبه، وضعت في ذلك كتابًا رفعت فيه من علم التصريف شرائعه، وملَّكتُه عاصيَه وطائعَه، وذللته للفهم بحسن الترتيب، وكثرة التهذيب لألفاظه والتقريب، حتى صار معناه إلى القلب أسرع من لفظه إلى السمع، فلما أتيت به على القِدْح8، ممتنعًا عن القَدْح،
مُشبِهًا للروض في وشي ألوانه، وتَعمُّم أفنانه، [2أ] وإشراق أنواره، وابتهاج أنجاده وأغواره، والعقد في التئام وصوله، وانتظام فصوله، سميته بـ "الممتع"، ليكون اسمه وَفق معناه، ومترجمًا عن فحواه1، ووسمته باسم من إن ذكرت العلوم فهو مالك عنانها، وفارس ميدانها، أو ذكرت السماحة فهو تاريخها وعنوانها، وحدقتها وإنسانها، أو عُدَّ المجد الموروث والمكتسب فناهيك به شرفًا سابقًا، وبأوائله فخرًا في فلك المجد سامقًا، الذي بذل جِدَّهُ2 في نصر هذه الدعوة النبوية، ولم يألُ جهده في عضد هذه الدولة المتوكلية. أدام الله للمسلمين بركتها. فريد دهره، ووحيد عصره، أبو بكر ابن الشيخ الأكرم، العالم العلم، أبي الأصبغ بن صاحب الرد3. أدام الله علاءهم، وأنار بنجوم السعد سماءهم4. [2ب] .
المقدمة
المقدمة ذكر شرف علم التصريف وبيان مرتبته في علم العربية ... ذكر شرف علم التصريف، وبيان مرتبته في علم العربية: 1 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليمًا. لتصريف2 أشرف شطري العربية وأغمضهما: فالذي يبين شرفه احتياج جميع المشتغلين باللغة العربية، من نحوي ولغوي، إليه أيما حاجة؛ لأنه ميزان العربية؛ ألا ترى أنه قد يؤخذ جزء كبير من اللغة بالقياس، ولا يوصل إلى ذلك إلا من طريق التصريف، نحو قولهم: "كل اسم في أوله ميم زائدة مما يعمل به وينقل فهو مكسور الأول، نحو: مطرقة ومروحة، إلا ما استثني من ذلك". فهذا لا يعرفه إلا من يعلم أن الميم زائدة، ولا يعلم ذلك إلا من جهة التصريف. ونحو قولهم: "إن المصدر من الماضي3، إذا كان على وزن أفعل، يكون مفعلًا بضم الميم وفتح العين. نحو: أدخلته مدخلا"؛ ألا ترى أنك لو أردت المصدر من "أكرمته"، على هذا الحد، لقلت: "مكرمًا" قياسًا، ولم تحتج4 فيه إلى السماع، إذا علمت أن "أكرم": "أفعل"؟ ألا ترى5 أن ذلك كله لا يُعرف إلا بالتصريف؟ وأشباه ذلك كثير. ومما يبين شرفه أيضًا أنه لا يوصل إلى معرفة الاستقاق إلا به؛ ألا ترى أن جماعة من المتكلمين امتنعوا من وصف الله -سبحانه6- بـ "حنان"، أنه من الحنين، والحنة7 من صفات البشر الخاصة بهم، تعالى الله عن ذلك؟ وكذلك امتنعوا أيضًا من وصفه بـ "سخي"، لأن أصله من الأرض السخاوية وهي الرخوة. بل وصفوه بـ "جواد"؛ لأنه أوسع في معنى العطاء،
وأدخل في صفة العلاء. وامتنعوا أيضًا من وصفه ب"الدَّاري"، وإن كان من العلم، لأن أصله من الدَّرِيَّة. وهي شيء يضعه الصائد لضرب من الحِيلة والخديعة1. فكأن ما يقدمه2 الذي يريد أن يتوصل إلى علم شيء، من الأدلة بمنزلة الدرية التي يتوصل إلى ختل الصيد وخدعه. فأما قول بعضهم3: لا هُمَّ لا أدري وأنت الداري فغير معرَّج عليه ولا مأخوذ به. ووجهه أنه أجراه مجرى "عالم"، ولم يلتفت إلى أصله. ومن لا بصر له بالاشتقاق يجوّز استعمال هذه الصفات، في حق الله تعالى4. والذي يدل على غموضه كثرة ما يوجد من السقطات فيه لجلة العلماء5؛ ألا ترى ما يحكى عن أبي عبيد، من أنه قال في مندوحة من قولك6 "مالي عنه مندوحة" أي متسع: إنها مشتقة من انداح؟ وذلك فاسد لأن انداح: "انفعل" ونونه زائدة. ومندوحة: "مفعولة" ونونه أصلية؛ إذ لو كانت زائدة لكانت "منفعلة". وهو بناء لم يثبت في كلامهم. فهو، على هذا، مشتق من الندح، وهو جانب الجبل وطرفه، وهو إلى السعة. ونحو من ذلك ما يحكى عن أبي العباس ثعلب7، من أنه جعل أُسكُفَّة الباب8 من "استكف" أي: اجتمع. وذلك فاسد، لأن استكف: "استفعل" وسينه زائدة، وأسكفة: "أُفْعُلَّة" وسينه أصلية؛ إذ لو كانت زائدة لكان وزنه "أُسفُعْلَة"، وذلك بناء غير موجود في أبنية كلامهم. وكذلك أيضًا حكي عنه أنه قال في تَنُّور: إن وزنه "تَفْعُول" من النار. وذلك باطل؛ إذ لو كان كذلك لكان تَنْوُورًا. والصواب أنه "فَعُّول" من تركيب تاء ونون وراء، نحو: تَنرَ، وإن لم ينطق به. وقد حكي عن غيرهما، من رؤساء النحويين واللغويين، من السقطات نحوٌ مما ذكرنا. إلا أني قصدت إلى الاختصار، وفي "9" هذا القدر الذي أوردناه كفاية.
وقد كان ينبغي أن يقدَّم علم التصريف على غيره من علوم العربية، إذ هو معرفة ذوات الكلم في أنفسها من غير تركيب. ومعرفة الشيء في نفسه، قبل أن يتركب، ينبغي [3أ] أن تكون مقدمة على معرفة أحواله التي تكون له بعد التركيب. إلا أنه أُخِّر للطفه ودقته، فجعل ما قدم عليه من ذكر العوامل توطئة له، حتى لا يصل إليه الطالب، إلا وهو قد تدرب وارتاض للقياس.
تقسيم التصريف
[تقسيم التصريف] : والتصريف ينقسم قسمين: أحدهما جعل الكلمة على صيغ مختلفة، لضروب من المعاني، نحو: ضرَب، وضرَّب، وتضرَّب، وتضارب، واضطراب. الكلمة التي هي مركبة من ضاد وراء وباء، نحو "ضرب" قد بنيت منها هذه الأبنية المختلفة، لمعانٍ مختلفة. ومن هذا النحو هو1 اختلاف صيغة الاسم للمعاني التي تعتوره من التصغير والتكسير، نحو: زُييد، وزُيُود. وهذا النحو من التصريف جرت عادة النحويين أن يذكروه، مع ما ليس بتصريف. فلذلك لم نضمنه هذا الكتاب. إلا أن أكثره مبني على معرفة الزائد من الأصلي، فينبغي أن تبين حروف الزيادة، والأشياء التي يتوصل بها إلى معرفة زيادتها من أصالتها. والآخر من قسمي التصريف: تغيير2 الكلمة عن أصلها، من غير أن يكون ذلك التغيير3 دالًّا على معنى طارئ على الكلمة، نحو تغييرهم "قول" إلى "قال"؛ ألا ترى أنهم لم يفعلوا ذلك ليجعلوه دليلًا على معنى خلاف المعنى الذي كان يعطيه "قول"، الذي هو الأصل لو استعمل. وهذا التغيير منحصر في: النقص كـ "عِدَة" ونحوه، والقلب كـ "قال" و"باع" ونحوهما، والإبدال كـ "اتعد" و"اتزن" ونحوهما، والنقل كنقل عين "شاك" و"لاث"4 إلى محل اللام، وكنقل حركة العين إلى الفاء في نحو: قلت وبعت، على ما يبين بعد5. والفرق بين الإبدال والقلب أن القلب تصيير الشيء على نقيض ما كان عليه، من غير إزالة ولا تنحية، والبدل وضع الشيء مكان غيره، على تقدير إزالة الأول وتنحيته. فلذلك جعلنا مثل "قال" و"باع" قلبًا؛ لأن حروف العلة يقارب بعضها بعضًا؛ لأنها من جنس واحد، فسهل تقدير انقلاب بعضها إلى بعض. وجعلنا مثل "اتعد" ونحوه إبدالًا، لتباين حروف الصحة من حروف
العلة. وكلذك جعلنا قولهم: "أمواء" في أمواه من قبيل البدل، لتباين حروف الصحة بعضها من بعض. فنقول1، على هذا، في "اتعد" وأمثاله: إنه كان في الأصل "اوتعد"، فحذفت الواو وأبدل منها التاء، لا أن الواو انقلبت تاء، وأما "قام" وأمثاله فيقدر2 أنه كان في الأصل "قوم"، ثم استحالت الواو ألفًا، لا أنها حذفت وجعل مكانها الألف. وينبغي أن نبين3، في هذا القسم الآخر، حروف البدل والقلب، والأماكن التي تبدل فيها وتقلب، والحروف التي تحذف، وأين يجوز نقل الحركة إلى الحرف4؟ وأين لا يجوز ذلك؟ فإذا بينا جميع ما ذكرناه، في هذين القسمين، فقد أتينا على جملة التصريف.
باب تمييز ما يدخله التصريف مما لا يدخله
باب تمييز ما يدخله التصريف مما لا يدخله: اعلم أن التصريف لا يدخل في أربعة أشياء. وهي: الأسماء الأعجمية [التي عجمتها شخصية] 1، كـ"إسماعيل" ونحوه؛ لأنها نقلت من لغة قوم ليس حكمها كحكم هذه اللغة. والأصوات كـ"غاق"2 ونحوه؛ لأنها حكاية ما يصوت به، وليس لها أصل معلوم، والحروف. وما3 شُبِّه بها من الأسماء المتوغلة في البناء، نحو "من" و"ما"؛ لأنها لافتقارها بمنزلة جزء من الكلمة التي تدخل عليها. فكما أن جزء الكلمة، الذي هو حرف الهجاء، لا يدخله تصريف فكذلك ما هو بمنزلته. وقد جاء بعض [الكلمات] 4 المبنية مشتقًا، نحو "قَطُّ"؛ لأنها من "قططتُ" أي: قطعت؛ لأن قولك: "ما فعلته قط" معناه: "فيما انقطع من عمري. وكذلك "ذا" و"ذي" و"الذي" ونحو ذلك، مما يدخله التحقير5، ويستعمل استعمال المتصرف، وليس ذلك بالكثير، وكلما كان الاسم من شبه الحرف أقرب كان من التصريف أبعد. ومما يدلك [3ب] ، على أن الحرف لا يدخله تصريف، وجود "ما" و"لا" ونحوهما من الحروف؛ ألا ترى أن الألف لا تكون فيهما منقلبة، كالألف التي في عصا ورحى؟ لأنها لو كان أصلها واوًا أو ياء6 لظهرتا؛ لسكونهما، كما ظهرتا في نحو: كي وأي ولو. فلو كان أصل ألف "ما" واوًا7 لقلت "مَوْ" كـ"لو". ولو كان ياء لقلت "مَيْ" كـ"كي"؛ لأن حرف8 العلة إنما كان يقلب، لو كان متحركًا وقبله مفتوح.
فإن قيل: فهلا قُدرت الألف، في "ما" وأشباهها، منقلبة من حرف علة متحرك. فالجواب أن ذلك لا يمكن تقديره؛ لأن "ما" حرف مبني، والحروف لا تُبنى إلا على السكون، ولا يحرك آخرها إلا عند التقاء الساكنين نحو "ثم"، أو إذا كان على حرف واحد نحو واو العطف وفائه، وليس شيء من ذلك في "ما". ولا يمكن أن تكون "1" الألف في "ما" وأمثالها زائدة؛ لأنه إنما تعرف الزيادة من غيرها، بالاشتقاق والتصريف وسائر الأدلة التي تذكر بعد2 -إن شاء الله- ولا يوجد شيء من ذلك في الحرف. وما عدا ما ذكر، من الأسماء العربية والأفعال، يدخله التصريف.
ذكر القسم الأول من التصريف
ذكر القسم الأول من التصريف: باب: تبيين الحروف الزوائد والأدلة التي يتوصل بها إلى معرفة زيادتها من أصالتها وإنما بدأنا بهذا القسم؛ لأن يبنى عليه معرفة التصغير والتكسير اللذين جرت عادة النحويين بذكرهما، قبل الخوض في علم التصريف، ومعرفة كثير من الأسماء التي لا تنصرف أيضًا، نحو الأسماء التي امتنع صرفها؛ لكونها على وزن الفعل الغالب أو المختص، أو لزيادة الألف والنون في آخرها؛ إذ لا يوصل إلى معرفة الزيادة والوزن إلا من علم التصريف. أما الأدلة التي يعرف بها الزائد من الأصلي فهي1: الاشتقاق،2 والتصريف، والكثرة، واللزوم، ولزوم حرف الزيادة البناء وكون الزيادة لمعنى، والنظير، والخروج عن النظير، والدخول في أوسع البابين عند لزوم الخروج عن النظير. أما الاشتقاق منها فينقسم إلى قسمين: اشتقاق أصغر، واشتقاق أكبر. أما الاشتقاق الأكبر هو عقد تقاليب الكلمة كلها على المعنى واحد، نحو ما ذهب إليه [أبو الفتح] 3 بن جني من عقد تقاليب "القَول"4 الستة على منى الخِفَّة5. ولم يقل به أحد من النحويين إلا أبا الفتح. وحكى هو عن أبي علي6 أنه كان يأنس به في بعض الأماكن7. والصحيح أن هذا النحو من الاشتقاق غير مأخوذ به؛ لعدم اطراده، ولما يلحق فيه من التكلف لمن8 رامه.
وقد صرح صاحب هذا 1 المذهب –وهو أبو الفتح بن جني2- بعدم اطراد هذا القسم3 من الاشتقاق، فقال4: "على أن هذا، وإن لم يطرد وينقَد في كل أصل، فالعذر فيه على كل حال5 أبين منه في الأصل الواحد، من غير تقليب لشيء من حروفه. فإذا جاز أن يخرج بعض الأصل الواحد، من أن تنظمه6 قضية الاشتقاق، كان فيما تقلبت أصوله عينه وفاؤه7 ولامه أسهل، والمعذرة فيه أوضح". انتهى8. بل قد كان أبو بكر 9 وغيره، ممن هو في طبقته، قد استسرفوا10 أبا إسحاق11 –رحمه الله- فيما تجشمه من قوة حشده، وضمه ما انتشر من المثل المتباينة إلى أصله، وإن كان جميع ذلك راجعًا إلى تركيب واحد. ورأوا أنه لا ينبغي أن يضم من ذلك إِلَّا ما كان الجمع بينه وبين أصله واضحًا جدًّا. فإن لم يكن وجه رجوع اللفظ إلى غيره بيِّنًا، بل التكلف فيه بادٍ، [وجب أن يدَّعى أنهما أصلان، وليس أحدهما مأخوذًا من الآخر] 12 نحو الجمع بين حمار وحُمرة، بأن يُدَّعى أن أصل هذا الاسم أن يقع على الوحشية منها، وأكثرها حُمر، ثم شبهت الأهلية بها، فوقع عليها الاسم. فإذا كان الأمر عندهم على ما ذكرت لك، مع اتفاق اللفظين في تركيب واحد، فما ظنك [4أ] بهما، إذا تغايرا في التركيب؟ والاشتقاق الأصغر حده أكثر النحويين بأنه 13 "إنشاء فرع من أصل يدل عليه". نحو أحمر فإنه مُنشأ من الحمرة، وهي أصل له وفيه دلالة عليها. وهذا الحد ليس بعام للاشتقاق الأصغر؛ لأنه قد يقال: "هذا اللفظ مشتق من هذا"، من غير أن يكون أحدهما مُنشأ من الآخر. وذلك إذا
كان تركيب الكلمتين واحدًا، ومعنياهما متقاربين 1. وذلك نحو ما ذهب إليه أبو علي في "أولَق"، في أحد الوجهين، من أنه مأخوذ2 من: وَلَقَ يَلِقُ، إذا أسرع؛ وذلك لأنَّ الأولَق3: الجنون. وهي مما يوصف4 بالسرعة. فلما كانت حروف أولَق، إذا جعلتَه "أفعَل" و"وَلَقَ" واحدة، ومعنياهما متقاربين؛ لأنَّ الجنون ليست السرعةَ في الحقيقة، بل يقرب معناها من معنى السرعة، جعل الأولق مشتقًّا من "وَلَقَ"، لا بمعنى أن الأولق مأخوذ من "وَلَقَ". بل يريد أن الأولق حروفه الأصول الواو واللام والقاف، كما أن "وَلَق" كذلك. ويستدل على ذلك بأن العرب جعلت هذه الأحرف دالةً على السرعة، و "الأولق" قريب في المعنى من السرعة، فحروفه الأصول الواو واللام والقاف، وهمزته زائدة. فيجعل سبب اتفاق الأولق و"وَلَقَ" في اللفظ تقاربهما من المعنى؛ لأنَّ هذا الاتفاق بين اللفظين وقع بالعرَض، كاتفاق الأسود والأبيض في لفظ الجَون، إذ لا جامع من طريق المعنى بين الجون الذي يراد به الأبيض، والجون الذي يراد به الأسود. فإن قيل: فكيف5 يجوز أن تقول: "هذا اللفظ مشتق من هذا اللفظ"، وأحدهما ليس بمأخوذ من الآخر، وقولك: "مشتق" يعطي أخذَ أحدهما من صاحبه؟ فالجواب أن هذا على طريق المجاز، كأنهما لاتحاد لفظيهما وتقارب معنييهما قد أُخذ أحدهما من الآخر، كما تقول في الشخصين المتشابهين: "هذا أخو هذا" تشبيهًا لهما بالأخوينِ. ولما خفي هذا الوجه من الاشتقاق على بعضهم، رد قول من زعم أن اسم "الله"_تعالى_ مشتق من الوَله أو من غير ذلك؛ لأنَّ "الله" هذا اللفظ قديم؛ لأنَّ أسماء الله –تعالى- قديمة، والوله لفظ محدَث، والمشتق منه قبل المشتق، فيلزم على هذا أن يكون المحدث قبل القديم. وذلك خَلْفٌ6. ولو علم أنه قد يقال: "هذا اللفظ مشتق من هذا"، وإن لم يكن مأخوذًا منه كما قدمنا لم ينكر ذلك. والحد الجامع لهذا الضَّرب، من الاشتقاق –أعني الأصغر- هو "عقد تصاريف تركيب،
من تراكيب الكلمة، على معنًى واحدٍ، [أو معنيين متقاربين] 1". وذلك نحو ردِّك ضاربًا وضرّابًا وضروبًا ومضرابًا وأمثال ذلك إلى معنًى واحد. وهو: الضَّرب. إِلَّا أن أكثر الاشتقاق ومعظمه داخل تحت ما حدّه النحويون به، من أنه "إنشاء فرع من أصل يدل عليه". وأمَّا "المشتق" فيقال للفرع الذي صِيغ من الأصل؛ لأنك تطلب معنى الأصل في الفرع. فكأنك تشتق الفرع، لتُخرج منه الأصل، وكأن الأصل مدفون فيه. و"المشتق منه" هو الأصل. فإن قيل: فكيف2 يصح أن يقال في الفرع: "إنه مشتق من الأصل"، أي مأخوذ منه، والأصل لا ينفصل منه الفرع؟ فالجواب3 أن ذاك يصح على جهة الاستعارة والمجاز. وذلك أنه لما كان لفظ الفرع مبنينًا من حروف الأصل، وكان معنى الأصل موجودًا فيه، صار لذلك كأنه جزء من الأصل، وإن كان الأصل لم يَنقُص منه شيء. فإن قيل: إذا كانت البِنيَتان متحدتين في الأصول والمعنى، فبأي شيء يعلم الأصل من الفرع؟ فالجواب أن الأصل يستخرج4 بشيئين: باعتبار دوره في اللفظ والمعنى، وبأنه ليس هنالك ما هو به أولى. والوجوه [4ب] التي يكون بسببها أولى تسعة: أولها: أن يطرد معنيان، أحدهما أمكن من الآخر؛ لكثرة ما يشتق منه كالمصدر. وذلك كالسَّفاء5، فإنه مأخوذ من السَّفى6. والثاني: بأن يكون أحد المطَّرِدَينِ أشرف من الآخر. فإن الاشتقاق من الأشرف أولى، عند بعضهم، كـ"مالِكٍ" قيل: إنه من معنى القدرة. وقيل: إنه من معنى الشد والربط. والثاني قول ابن السَّرَّاج، والأول قول أبي بكر أحمد بن علي ابن الإخشيد7. فسئل: لم جعلته من معنى القدرة دون معنى الشد والربط؟ فقال: لأنَّ الله -تعالى- اشتق اسمه منه في صفات، فقيل: مالِك ومَلِك ومَلِيك. والثالث: كون أحد المطردين أبينَ وأظهر، فيكون الأخذ منه لذلك أولى؛ لأنَّ الأظهر طريق
إلى الأغمض، والأبينَ طريق إلى الأخفى، كالإقبال والقَبَل. والرابع: كون أحدهما أخصَّ من الآخر. فالأخص أولى من الأعم الذي هو له ولغيره، كالفضل والفضيلة. لو قال قائل: أصله الزيادة، وقال آخر: أصله المِدحة، كان قول صاحب الزيادة أولى؛ لأنَّ معنى1 المدحة في أشياء كثيرة هي أعم من الزيادة؛ ألا ترى أن معنى المدحة في العلم والقدرة والنعمة والنَّصَفَة، وفيما لا يحصى كثرةً من الأفعال الحسنة؟ والخامس: أن يكون أحدهما أحسن تصرفًا، فتجد رده إليه سهلًا قريبًا وبينًا واضحًا، كباب المعارضة والاعتراض والتعريض والعارض والعِرض. ردُّه كله إلى معنى "العَرْض" –وهو الظهور- من قولك: "عَرَضَ عَرْضًا" إذا ظهر، أولى من رده إلى العُرْض: الناحية من نواحي الشيء، وإن كان أبو إسحاق قد رده إلى الناحية، لما رآها تطّرد في الباب كله، ولم يراعِ باب الأحسن في المطّردينِ. والسادس: كون أحدهما أقرب من الآخر2، فيكون الأقرب أولى من الأبعد. وذلك أن الأبعد يرجع الفرع إليه بكثرة وسائط، والأقرب يرجع إليه بقلة وسائط. وكذلك ردك إلى الأصل الواجد قد يكون من طرق مختلفة، أحدهما أقرب من الآخر، فيكون الرد بالطريق الأقرب أولى. كردك العُقار3 إلى العَقْر، من جهة أنها تَعقِر الفهم، فإنه أحسن من ردها إليه، من جهة أن الشارب لها يَسكر، فيُفسد ويعقِر. فالأول أقرب. والسابع: أن يكون أحدهما أليق وأشد ملاءمة. وذلك كالهداية هي أليق بالدلالة، منها بمعنى "التقدم" من قولك "هوادي الوحشِ" لمتقدماتها. والثامن: أن يكون أحدهما مطلقًا والآخر مضمنًا. وذلك كالقرب والمقاربة. فالقرب أولى من المقاربة؛ لأنَّ المقاربة مضمنة، والقرب مطلَق. والتاسع: أن يكون أحدهما جوهرًا والآخر عرَضًا، فيكون الرد إلى الجوهر أولى من الرد إلى العرض، إذ كان الجوهر أسبق إلى النفس في التقديم، كقولهم: "استحجَرَ الطينُ" مأخوذ من الحجر، و"استنوَق الجمل" و"استَتْيَسَتْ الشاة" و"ترجلتِ المرأة"4. فهذه جملة الوجوه التي يكون بسببها أولى.
وينبغي أن تعلم أن قولنا: "هذا اللفظ أولى بأن يكون أصلًا من هذا الآخر"، في جميع ما تقدم، إنما نعني بذلك إذا استويا في كل شيء، إِلَّا في تلك الرتبة التي فضل بها. فأمَّا إذا عرضت عوارض توجب تغليب غيره عليه، فالحكم للأغلب. واعلم أن الاشتقاق لا يدخل في سبعة أشياءَ، وهي الأربعة التي ذكرنا1 لا يدخلها تصريف، وثلاثة من غيرها. وهي: الأسماء النادرة كـ"طُوبالة"2، فإنها لندورها لا يحفظ لها ما ترجع إليه. واللغات المتداخلة، نحو الجَوْن للأسود والأبيض؛ للتناقض الذي بينهما لا يمكن رد أحدهما إلى الآخر. والأسماء الخماسية؛ لامتناع تصرف الأفعال منها، فليس لها من أجل ذلك مصادر. وأصل الاشتقاق وجُلُّه [5أ] إنما يكون من المصادر، وأصدق ما يكون: في الأفعال المزيدة؛ لأنها ترجع بقرب إلى غير المزيدة. وفي الصفات كلها؛ لأنها جارية على الأفعال، أو في حكم الجارية. وفي3 أسماء الزمان والمكان المأخوذة من لفظ الفعل، فإنها جارية عليه أيضًا، وفي الأسماء الأعلام؛ لأنها منقولة في الأكثر، وقد تكون مشتقة قبل النقل، فتبقى على ذلك بعد النقل. وأصعب الاشتقاق وأدقه في أسماء الأجناس؛ لأنها أسماء أُوَلٌ أُوقِعت على مسمياتها4، من غير أن تكون منقولة من شيء. فإن وجد منها ما يمكن اشتقاقه حمل على أنه مشتق. إِلَّا أن ذلك قليل فيها جدًّا. بل الأكثر فيها أن تكون غير مشتقة، نحو تراب وحجر وماء، وغير ذلك من أسماء الأجناس. فممَّا5 يمكن أن يكون منها مشتقًّا غراب، فإنه يمكن أن يكون مأخوذًا من الاغتراب؛ فإن العرب تتشاءم به، وتزعم أنه دال على الفراق. وكذلك جرادة، يمكن أن تكون مشتقة من الجَرْد؛ لأنَّ الجرد واقع منها كثيرًا. وقد روي أن النابغة نظر، فإذا على ثوبه جرادة، فقال "جرادةٌ تَجرُدُ6، وذات ألوان"7. فتطيَّر ورجع عن حاجته.
فأمَّا قول أبي حَيَّةَ النُّمَيري1: وعاد لنا حلو الشباب ربيح ... وقالوا حمام قلت حُم لقاؤها وقول جِرانِ العَود2: فأمَّا العُقاب فهي يمنها عقوبة ... وأمَّا الغراب فالغريب المطوح وقول3 سَوَّارِ بن المُضَرَّب4: فكان البان أن بانت سليمى ... وفي الغرب اغتراب غير داني وقول الشَّنفَرَى5: فقال غراب لاغتراب من النوى ... وبالبان بينٌ من حبيب تعاشره وقول الآخر6: دعا صُرَدٌ يومًا على غصن شَوْحَطٍ ... فطار بذات البين مني غرابها فقلت أتصريد وشحط وغربة ... فهذا لعمري نأيها واغترابها فليس باشتقاق صحيح. بل أُخذ "حُمَّ" من الحمام على جهة التفاؤل، 7والبينونة من البان، والاغتراب من الغَرب، والتصريد والشحط من الصُّرَد والشوحط، والعقوبة من العُقاب، على جهة التطير. وإِلَّا فهذه المعاني ليست بموجودة في هذه الأشياء، كما أن الاغتراب موجود في غراب، والجرد في جرادة.
ومما يبين لك أن العرب قد توقع على الشيء لفظ غيره، إذا كان بينهما مناسبة من طريق ما، وإن لم يتحد المعنى كما ذكرنا في مسألة "أولق"1، قول بعض الفصحاء2: شهدت بأن التمر بالزبد طيب ... وأن الحبارى خالة الكروان فجعل الحبارى خالة الكروان، لما كان اللون، وعمود الصورة فيهما واحدًا، ورأى ذلك قَرابة، وإن كان الحبارى أعظم بدنًا من الكروان. ومنه قول عمرو بن معد يكرب3: وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إِلَّا الفرقدان فجعل الفرقدين أخوين، تشبيهًا لهما بالأخوين؛ لتلازمهما. ومنه قول أبي النجم فظل يوفي الأكمَ ابنُ خالها فجعل الوحشي ابن خال الأكم؛ لملازمته لها، وقال عليه السلام4: "نعم العمة لكم النخلة" فجعلها عمة للناس، حين كان بينها وبينهم تشابه من وجوه. وإنما بسطت القول في الاشتقاق؛ لغموضه، وكثرة المنفعة به في علمه، لما فيه من الاختصار والتقريب، والفهم والحفظ: أمَّا الاختصار فلأنه يُجتزأ فيه بجزء من الكلمة، ولولا مكانها لاحتيج إلى كلام كثير؛ ألا ترى كيف تدل بالتاء من "تَفعلُ" على معنى المخاطبة والاستقبال، وبالياء في "يَفعل" على الغَيبة والاستقبال؟ ولو جُعل لكل معنى لفظٌ يبين به لانتشر الكلام. ولما فيه من الاختصار عد من أكبر آلات البيان. وأمَّا الفهم فلِما فيه من المناسبة، والاقتضاء بالمشاكلة. وأمَّا الحفظ فسببه ما ذكرناه من الاختصار. قال أبو بكر: من الفائدة [5ب] في الاشتقاق أنه ربما سمع العالم الكلمة، لا يعرفها من جهة صيغتها، فيطلب لها مخرجًا منه، فكيثرًا ما يظفر. وعلى هذا أكثر العلماء في تفسير الأشعار، وكلام العرب في الأمثال والأخبار. وأمَّا التصريف فتغيير صيغة الكلمة إلى صيغة أخرى، نحو بنائك من "ضَرْب" مثل جعفر
فتقول "ضرْبب"، ومثل قِمَطْر فتقول "ضِرْبٌ"، ومثل درهم فتقول "ضِرْبَبٌ"، ونحو1 تغيير التصغير والتكسير، وأشباه ذلك مما تصرف فيه الكلمة على وجوه كثيرة. وهو شبه الاشتقاق، إِلَّا أن الفرق بينهما أن الاشتقاق مختص بما فعلت العرب من ذلك، والتصريف عام لما فعلته2 العرب، ولما نحدثه نحن بالقياس. فكل اشتقاق تصريف، وليس كل تصريف اشتقاقًا. ومما يدل على أن الاشتقاق تصريف3 قول رؤبة، يصف امرأة بكثرة الخصومة4: تشتق في الباطل منها الممتذق فإن قيل: ما نحدثه لا دليل فيه على معرفة زائد من أصلي، وإنما الدليل فيما فعلت العرب من ذلك، والذي فعلته العرب من ذلك قد زعمت أنه يسمى اشتقاقًا، فلأي شيء عددتَ، فيما يعرف به الزائد من الأصلي الاشتقاقَ والتصريف؟ وهلّا اكتفيت بأحدهما عن الآخر. فالجواب أنه إذا كان الاستدلال على الزيادة أو الأصالة، برد الفرع إلى أصله، سمي ذلك اشتقاقًا. وإذا كان الاستدلال عليهما بالفرع سمي ذلك تصريفًا. فمثال الاستدلال، برد الفرع إلى الأصل، استدلالنا على زيادة همزة أحمر مثلًا، بأنه مأخوذ من الحمرة. فالحمرة هي الأصل الذي5 أخذ منه أحمر. فهذا وأمثاله اشتقاقًا؛ لأنَّ المستدل على زيادة همزته -وهو أحمر- مأخوذ من "الحمرة". ومثال الاستدلال، على الزيادة بالفرع، استدلالنا على زيادة ياء أيصَرٍ6، بقولهم في جمعه: "إصارٌ" بحذف الياء وإثبات الهمزة. فـ"إصار" فرع عن أيصر لأنه جمعه. فهذا وأمثاله يسمى تصريفًا؛ لأنَّ المستدل على زيادة يائه -وهو أيصر- ليس بمشتق من إصار، بل إصار تصريف من تصاريفه الدالة على زيادة يائه. واعلم أنه لا يدخل التصريف ولا الاشتقاق في الأصول المختلفة، نحو لأّال7 ولؤلؤ؛ لا ينبغي أن يقال: "إن أحدهما من الآخر"؛ لأنَّ لأّإِلًا من تركيب "لءل" ولؤلؤًا من تركيب "لءلء". فلأّال ثلاثيّ الأصول ولؤلؤ رباعيّ.
وأمَّا الكثرة فأن يكون الحرف، في موضع ما، قد كثر وجوده زائدًا، فيما عرف له اشتقاق أو تصريف، ويقل وجوده أصليًّا فيه، فينبغي أن يجعل زائدًا فيما لا يعرف له اشتقاق ولا تصريف، حملًا على الأكثر. وذلك نحو الهمزة، إذا وقعت أولًا وبعدها ثلاثة أحرف، فإنها زائدة فيما عرف اشتقاقه، نحو أصفر وأحمر، إِلَّا ألفاظًا يسيرة فإن الهمزة فيها أصلية. وهي: أرطًى1 في لغة من يقول: أديم مأروط، وأيطَلٌ2 لأنهم يقولون في معناه: إِطَلٌ، وأيصر وأولق وإمعة على ما نبين بعد3. فإذا جاءت الهمزة فيما لا اشتقاق له ولا تصريف، نحو أفكَلٍ4، وجب حملها على الزيادة وإِلَّا يلتفت إلى أرطًى وأخواته؛ لقلتها وكثرة مثل أحمر. وأمَّا للزوم فأن يكون الحرف، في موضع ما، قد لزم الزيادة في كل ما عرف له اشتقاق أو تصريف. فإذا جاء ذلك الحرف في ذلك الموضع فيما لا يعرف له اشتقاق ولا تصريف جعل زائدًا، حملًا على ما ثبتت زيادته بالتصريف أو الاشتقاق. وذلك نحو النون، إذا وقعت ثالثة ساكنة وبعدها حرفان، ولم تكن مدغمة [6أ] فيما بعدها نحو عَجَنَّس5، فإنها أبدًا زائدة فيما عرف له اشتقاق أو تصريف6. نحو جَحَنْفَل7 فإنه من الجحفلة8، وحَبَنْطَى9 لأنك تقول: حَبِطَ بطنُه10، ودَلَنْظًى وهو الشديد الدفع. تقول: دَلَظَه بمنكبه، إذا دفعه. وكذلك وُجدت في كل ما عرف اشتقاقه. فإذا جاءت في مثل عَبَنْقَس11، مما لا يعرف له اشتقاق ولا تصريف، حمل على ما عرف اشتقاقه أو تصريفه، فجُعلت نونه زائدة. وأمَّا لزوم حرف الزيادةِ البناءَ فنحو حِنْطأْو12 وكِنثأْو13، وسِنْدأْو14، وزنها "فِنْعَلْوٌ" والنون
زائدة، إذ لو كانت أصلية لجاء في موضعها حرف من الحروف التي لا تحتمل الزيادة، نحو "سِِرْدأو" مثلاً. فعدم مثل ذلك من كلامهم، ولزوم هذا البناء حرف من حروف الزيادة، دليل على أن ذلك الحرف زائد1. فإن قلت2: فاحكمْ على الهمزة بالزيادة فإنها [من أحرف الزيادة. قيل: هذا فاسد؛ لأنه] قد حكي عِنْزَهْوٌ، فلم تلزم، ولأنك لو [حذفت الهمزة] والنون والواو لبقي الاسم على حرفين. وأمَّا كون الزيادة لمعنى فنحوُ حروف المضارعة، وياء التصغير، وأمثال ذلك. فإنه بمجرد وجود الحرف، يعطي معنى، ينبغي أن يجعل زائدًا؛ لأنه لم يوجد قط حرف أصلي في الكلمة يعطي معنى. على أن هذا الدليل قد يمكن أن يستغنى عنه بالاشتقاق والتصريف؛ إذ ما من كلمة فيها حرف معنى إِلَّا ولها اشتقاق أو تصريف، يُعلم به حروفها الأصول من غيرها. لكن مع ذلك قد يعلم3 كون الحرف زائدًا، بكونه لمعنى، من غير نظر إلى اشتقاقه وتصريفه، فلذلك أوردناه في الأدلة الموصلة إلى معرفة الزيادة من غيرها. وأمَّا النظير فأن يكون في اللفظ حرف، لا يمكن حمله إِلَّا على أنه زائد، ثم يسمع في ذلك اللفظ لغة أخرى، يحتمل ذلك الحرف فيها أن يحمل على الأصالة وعلى الزيادة، فيُقضى عليه بالزيادة؛ لثبوت زيادته في اللغة الأخرى التي هي نظيرة هذه. وذلك نحو تتفُلٌ4، فإن فيه لغتين5: فتحَ التاء الأولى وضم الفاء، وضمها مع الفاء. فمن فتح التاء فلا يمكن أن تكون عنده إِلَّا زائدة؛ إذ لو كانت أصلية لكان وزن الكلمة "فَعْلُلًا"، بضم اللام الأولى، ولم يرد مثل ذلك في كلامهم. ومن ضم التاء أمكن أن تكون عنده أصلية، لأنه قد وجد في كلامهم مثل "فُعْلُل"، بضم الفاء واللام، نحو بُرْثُن6. إِلَّا أنه لا يُقضى عليها إِلَّا بالزيادة؛ لثبوت زيادتها في لغة من فتح التاء.
وأمَّا الخروج عن النظير فأن يكون الحرف إن قدِّر زائدًا كان للكلمة التي يكون فيها نظير، وإن قدر أصلًا لم يكن لها نظير، أو بالعكس، فإنه -إذ ذاك- ينبغي أن يحمل على ما لا يؤدي إلى خروجها عن النظير، وذلك نحو غِزْويت1، فإنا إن جعلنا تاءه أصلية كان وزنه "فِعْوِيلًا"، وليس في كلام العرب "فِعويل"، فيكون غزويت مثله. وإن جعلناها زائدة كان وزنه "فِعْلِيْتًا"، وهو موجود في كلامهم، نحو عفريت، فقضينا من أجل ذلك على زيادة التاء. وأمَّا الدخول في أوسع البابين، عند لزوم الخروج عن النظير، فأن يكون في اللفظ حرف واحد من حروف الزيادة، إن جعلته زائدا أو أصليًّا خرجت إلى بناء لم يثبت في كلامهم، فينبغي أن يحمل ما جاء من هذا على أن ذلك الحرف فيه زائد؛ لأنَّ أبنية الأصول قليلة، وأبنية المزيد كثيرة منتشرة، فحمله على الباب الأوسع2 أولى، وذلك نحو كَنَهْبُل3؛ ألا ترى أنك إن جعلت نونه أصلية كان وزنه "فَعَلُّلًا"، وليس ذلك من أبنية كلامهم. وإن جعلتها زائدة كان وزنه "فَنَعْلُلًا"، ولم يتقرر أيضًا ذلك في أبنية كلامهم بدليل قاطع من اشتقاق أو تصريف، ولكن4 حمله على أنه "فَنَعْلُلٌ"5 أولى لما ذكرنا. فهذه جملة الأدلة الموصلة إلى معرفة الزائد من الأصلي. ولما كان النظير والخروج عنه لا يعلمان إِلَّا بعد معرفة [6ب] أبنية الأسماء والأفعال وضعت من أجل ذلك بابين، حصرت في أحدهما أبنية الأسماء، وفي الآخر أبنية الأفعال.
باب أبنية الأسماء
باب: أبنية الأسماء [الثلاثي المجرد] : أبنية الأسماء1 الأصولِ أقل ما تكون ثلاثة، وأكثر ما تكون خمسة. ولا يوجد اسم متمكن، على أقل من ثلاثة أحرف، إلا أن يكون منقوصًا، نحو: يد ودم وبابهما. فأمَّا الثلاثي من الأصول فيتصور فيه اثنا عشر بناء؛ وذلك أنه يتصور في الفاء أن تكون مفتوحة ومضمومة ومكسورة. ويتصور -مع تحريكها بالفتح- في العين أربعة أوجه: أن تكون مفتوحة ومضمومة2 ومكسورة وساكنة. وكذلك مع تحريكها بالضم والكسر. إِلَّا أنه أهمل منها بناءان –وهما "فُعِلٌ" و"فِعُلٌ"؛ لكراهية الخروج من ضم إلى كسر، أو من كسر إلى ضم. فأمَّا دُئِلٌ3 ورُئِمٌ4 فلا حجة فيهما، لاحتمال أن يكونا منقولين من "دُئِلَ" و"رُئِمَ" اللذين هما فعلأنَّ مبنيان للمفعول إلى الأسماء؛ لأنه يقال: دَأَلَ5 ورَئِمَ6. فإذا بُنيا للمفعول قيل: دُئِلَ ورُئِمَ. وقد ينقل الفعل إلى الاسم في حال التنكير؛ ألا ترى أنهم قالوا: اليَنْجَلِبُ، للخَرَز الذي يُجلَب الإنسان به إلى أمر7؟ فيكون دُئِلٌ ورُئِمٌ8 من هذا القبيل، فلم يبق للثلاثي من الأصول إِلَّا عشرة أبنية: فَعْلٌ: ويكون في الاسم والصفة. فالاسم نحو: صقْر وفهْد. والصفة نحو: ضخْم وصعْب9.
وفُعْلٌ: ويكون فيهما. فالاسم نحو: بُرْد وقُرْط1. والصفة نحو: مُرّ وحلو وعُبْر2. وفِعْلٌ: ويكون فيهما. فالاسم نحو: عِكْم3 وجذع. والصفة نحو4: نِقْض ونضو. وفَعَلٌ: ويكون فيهما. فالاسم نحو: جمل وجبل. والصفة نحو: حَدَث وبطل. وفَعِلٌ: ويكون فيهما. فالاسم نحو: كتف وكبد. والصفة نحو: حذِر ووجِع. وفَعُلٌ: ويكون فيهما. فالاسم نحو: رجل وسَبُع. والصفة نحو: حَدُث5 وخلُط6. وفُعَلٌ:7 ويكون فيهما. فالاسم نحو: صُرَد ونغر8. والصفة نحو: حُطَم ولُبَد9. وفُعُلٌ: ويكون فيهما. فالاسم نحو: طُنُب وعنق. والصفة نحو: جُنُب وأُحُد. فِعَلٌ: ويكون فيهما. فالاسم نحو: ضِلَع وعِوَض. والصفة: عِدًى10 وزِيَمٌ. ولم يجئ غيرهما11، قال الشاعر12: إذا كنت في قومٍ عِدَىً لست منهم ... فكل ما عُلفت من خبيث وطيب وقالوا13: منزل زِيَمٌ. قال14: [باتت ثلاث ليال ثم واحدة ... بذي المجاز] تراعى منزلا زِيَمًا أي: متفرق الأهل. فأمَّا "سِوًى"، من قوله تعالى15: {مَكَانًا سُوًى} ، فهو اسم في الأصل للشيء المستوي وصف به، بدليل أنه لو كان صفة أصلية لتمكن في الوصفية، فكان يذكَّر مع المذكر، ويؤنث مع المؤنث، إذ حق الصفة أن تطابق الموصوف. ومما يدلك على أنها إذا لم تطابق موصوفها
جرت مجرى الأسماء، جمعُهم رَبْعة1: "رَبَعَات" بفتح العين2 كجفنات. والصفة المحضة3 لا يكون فيها4 إِلَّا إسكان العين. وأنت لا تقول إلا: بُقعة سِوًى. فدل ذلك على أنه ليس5 بصفة في الأصل. وكذلك قوله عز وجل: {دِينًا قِيَمًا} 6 لا حجة فيه؛ لأنه مصدر في الأصل مقصور من "قيام". ولولا ذلك لكان "قِوَمًا" لأنه من ذوات الواو، ولا تقلب الواو ياء إذا كانت متحركة عينًا في مفرد لانكسار ما قبلها، إِلَّا بشرط أن يكون بعدها ألف وتكون في مصدر لفعل اعتلت عينه، نحو: قام قيامًا وعاذ عياذًا. فدل انقلاب الواو ياء، في "قِيَم"، على أنه مصدر في الأصل وُصف به، كما وصف بعد وزَوْر، وهما مصدران في الأصل. وكذلك7 قولهم: سبيٌ طِيَبَةٌ8، وماء روى، وماء صِرًى9. لا حجة في شيء من ذلك على إثبات "فِعَلٍ" في الصفات؛ لأنَّ جميع ذلك لا يطابق موصوفه: أمَّا طِيَبَةٌ فإنه مؤنث اللفظ وهو تابع لمذكر، وأمَّا رِوًى وصِرًى فيوصف بهما الجميع والمفرد على صورة واحدة، فيقال: مياه صِرًى، ومياه رِوًى. وقد تقدم أن الصفة إذا كانت كذلك كانت محكومًا لها بحكم الأسماء. وفِعِلٌ: ولم يجئ منه إِلَّا [7أ] "إِبِلٌ" خاصة، فيما زعم سيبويه10. وحكى غيره "أتان إِبِدٌ" للوحشية. فأمَّا "إِطِلٌ" فلا حجة فيه؛ لأنه المشهور فيه إِطْلٌ بسكون الطاء. فإِطِل يمكن أن يكون مما أُتبعت الطاء فيه11 الهمزة للضرورة؛ لأنه لا يُحفظ إِلَّا في الشعر، نحو قوله12: له إطلا ظبي وساقا نعامة وكذلك حِبِرة13، الأفصح والمشهور فيها إنما هو حِبْرَة، وحِبِرَة ضعيف. وكذلك بلز14 لا حجة فيه؛ لأنَّ الأشهر فيه بِلِزٌّ بالتشديد. فيمكن أن يكون بِلِزٌ مخففًا منه.
الرباعي المجرد
[الرباعي المجرد] : وأمَّا الرباعي من الأصول فله ستة أبنية: فَعْلَلٌ: ويكون فيهما. فالاسم نحو: جَعفَر وعَنبَر. والصفة نحو: شَجعَم1 وسَلهَب2. وفِعْلِل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: زِبرِج وزِئبِر3. والصفة نحو: زِهلِق وعِنفِص4. فُعْلُلٌ: ويكون فيهما. فالاسم نحو: فُلْفُل وبرثن. والصفة نحو: جُرشُع5 وكُندُر6. وفِعْلَلٌ: ويكون فيهما. فالاسم7 نحو: درهم وقلعم8. والصفة نحو: هِجرَع وهِبلَع9. وفِعَلُّ: ويكون فيهما. فالاسم نحو: فِطْحَل. والصفة نحو: هِزَبْر10. وعلى فَعْلِل: ولم يجئ منه11 إِلَّا طَحْرِبة12. أمَّا جُخْدَب وبُرْقَع وجُؤذَر 13 فلا حجة فيه؛ لأنه يقال: جُخْدُب وبُرقُع وجُؤذُر بالضم، فيمكن أن يكون الفتح تخفيفًا. فإنما يكون ثبت "فُعْلَلٍ" بأن يوجد لا يجوز معه "فُعلُل" بالضم.
فإن لم يوجد الفتح إِلَّا مع الضم دليل على أنه ليس ببناء أصلي. وأيضًا فإن جؤذَرًا أعجمي، فلا حجة فيه. وأمَّا الفُتَكْرِين1 بضم الفاء –على ما حكاه يعقوب- فلا حجة فيه على إثبات "فُعَلٍّ"2 نحو "جُعْفَرٍ"، وكأنه "فُتَكْر" ثم جمع، إِلَّا أن يحفظ بالواو والنون في الرفع، والياء والنون في النصب والجر، فيقال: الفُتَكرُون والفُتكرِين. والمسموع من هذا إنما هو بالياء، فيمكن أن يكون "فُتَكرِين" اسمًا مفردًا كقُذَعمِيل3. وكذلك عُلَبِطٌ4 وهُدَبِدٌ5 وعُكَمِس6 وعُجَلِط7 وعُكَلِطٌ8، ودُوَدِم9، ليس في شيء من ذلك دليل على إثبات "فُعَلِل" في الرباعي. يدل على ذلك أنه لا يحفظ شيء من ذلك إِلَّا والألف قد جاء فيه10، نحو: عُلابِط وهُدابد وعُكامِس ودُوادِم وعُجالِط وعكالط. فدل ذلك على أنها مخففة بحذف الألف، إذ لو لم تكن كذلك لجاءت بغير ألف البتًّة. وكذلك عَرَتُنٌ11، ليس فيه دليل على إثبات "فَعَلُل" في الرباعي؛ لأنه لم يجئ منه إلا هذا. وقد قالوا في معناه: عَرَنْتُنٌ. فيمكن أن يكون هذا مخففًا منه، كما خففوا الألف في "عُلابِط"12 ونحوه؛ لأنَّ النون لزمت13 زيادتها في مثل الموضع -أعني: ثالثة ساكنة- كما لزمت زيادة الألف، فأجروها مجراها لذلك. وكذلك جَنَدِلٌ وذَلَذِلٌ14، ليس فيه دليل على إثبات "فَعَلِل" في أبنية الرباعي؛ لأنه قد قالوا: جنادِل وذَلاذل15، في معناهما. فهما مخففان منهما. ومما16 يؤيد ذلك أنه لا يتوالى
في كلامهم أربعة أحرف بالتحريك. ولذلك سكّن آخر الفعل في "ضربتُ"؛ لأنَّ ضمير الفاعل تنزَّلَ1 من الفعل منزلة جزء من الكلمة، فكرهوا لذلك تواليَ أربعة أحرف بالتحريك. فإذا كان ممتنعًا، فيما هو كالكلمة الواحدة، فامتناعه فيما هو كلمة واحدة أحرى. وأمَّا "فِعْلُلٌ" فحُكي منه زئبُر وضِئبُل2. وذلك شاذٌّ لا يلتفت إليه؛ لقلة استعماله. والسبب3، في أن كانت أبنية الثلاثي أكثر من أبنية الرباعي، أن الثلاثي أخف؛ لكونه أقل أصول الأسماء المتمكنة، فتصرفوا فيه؛ لخفته أكثر من تصرفهم في الرباعي. ولذلك أيضًا كانت أبنية الرباعي أكثر من أبنية الخماسي؛ لأنَّ الرباعي -على كل حال- أقل حروفًا من الخماسي4، فكان أخف منه، فتصرفوا فيه لذلك أكثر من تصرفهم في الخماسي.
الخماسي المجرد
[الخماسي المجرد] : وأمَّا الخماسي فله أربعة أبنية متفق عليها: فَعَلَّلٌ: ويكون في الاسم والصفة. فالاسم نحو: سفرجل وفرزدق. والصفة نحو: [7ب] شَمردَل1 وهَمرجَل2. وفُعَلِّلٌ: ويكون فيهما. فالاسم نحو: خُزَعْبِلة3. والصفة نحو: قُذَعْمِلة4. وفَعْلَلِلٌ: ولم يجئ إلى صفة، نحو جَحْمَرِش5 وقَهْبَلِس6. وفِعْلَلٌ: ويكون فيهما. فالاسم نحو: قِرْطَعْب7. والصفة نحو: جِرْدَحْل8.
وزاد بعض النحويين في أبنية الخماسي "فعلل"1 نحو: صنبر2. والصحيح أنه لم يجئ في أبنية كلامهم إِلَّا في الشعر. نحو قوله3: [بجفان تعتري نادينا ... من سديف] حين هاج الصِّنَّبِرْ4 وهذا يجوز أن يكون لما سكَّن الراء للوقف كسر لالتقاء الساكنين5. نحو قولهم: ضَرَبَتِهْ وقَتَلَتِهْ. وزاد بعضهم أيضًا "فُعْلَلِلًا" نحو. هُندَلِع6. ولم يحفظ منه غيره. وهذا عندي إنما ينبغي أن يحمل على أنه7 "فُنْعَلِل"، والنون زائدة. ويحكم عليها بالزيادة، وإن لم تكن في موضع زيادتها؛ لأنه لم يتقرر "فُعْلَلِلٌ" في أبنية الخماسي. فيحكم من أجل ذلك على النون بالزيادة. فإن قيل: ولم يثبت أيضًا من مزيد الرباعي "فُنْعَلِل". قيل له: هو على كل حال ليس له نظير، فدخوله في الباب الأوسع أولى -وهو المزيد- لأنَّ أبنية المزيد أكثر من أبنية المجرد من الزيادة.
الثلاثي المزيد
[الثلاثي المزيد] : [المزيد فيه حرف واحد] : وأمَّا الثلاثي المزيد1 فقد تلحقه زيادة واحدة، وقد تلحقه زيادتان، وقد تلحقه ثلاث، وقد تلحقه أربع فيصير على سبعة أحرف. وهو أقصى ما ينتهي إليه المزيد. فأمَّا الذي تلحقه زيادة واحدة فلا يخلو من أن تلحقه قبل الفاء، أو بعد الفاء2 أو بعد العين، أو بعد اللام. فإذا لحقته قبل الفاء يكون: على أَفْعَل: ويكون في الاسم والصفة، فالاسم نحو: أَفكَل3 وأَيدَع4. والصفة نحو: أبيض وأسود.
وعلى إِفْعِل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا نحو: إِثْمِد1 وإِصبع. وعلى أُفْعُل: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا -وهو قليل- نحو: أُبلُم2. فأمَّا قولهم3: شحمٌ أُمهُجٌ، أي: رقيق، فيمكن أن يكون محذوفًا من أُمْهُوج كأُسكوب؛ لأنه قد سُمِع ذلك فيه، ووُجِد4 بخط أبي عليّ، عن الفرّاء5: لبنٌ أُمهوجٌ. فيكون أُمْهُجٌ مقصورًا منه للضرورة، إذ لم يُسمع إِلَّا في الشعر؛ أنشد أبو زيد6: يُطعِمُها اللَّحم وشَحمًا أُمهُجا وأيضًا فإن الأُمهُج اسم لدم القلب، فيكمن أن يكون قولهم "شُحمٌ أُمهُجٌ" مما وصف فيه بالاسم الجامد، لما فيه من معنى الصفاء والرقة، كما يوصف بالأسماء الضامنة لمعنى الأوصاف. ونحوٌ من ذلك ما أنشده أبو عثمانَ من قول الراجز7: مِئبَرة العُرقُوبِ إِشفَى الِمرفَقِ فوصف بـ"إشفى" وهو اسم، لما فيه من معنى الحِدَّة. وقول الآخر8: فلولا الله والمُهرُ المُفَدَّى ... لأُبتَ وأنتَ غِربالُ الِإهابِ كأنه قال: مُخرَّق الإهاب. وعلى إِفْعَل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: إصْبَع وإِبْرَم9.
فأمَّا قوله1: إن تَكُ ذا بَزٍّ فإن بَزِّي ... سابغةٌ فوقَ وأًى إِوَزِّ2 فيمكن أن يكون "فِعَلًّا"3، والهمزة فيه أصلية، وذلك قليل. ويمكن أن يكون "إوزٌّ" اسمًا وصف به، لما فيه من معنى الشدة4. وعلى أَفعِل: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا -وهو قليل- نحو: أَصْبع5. وعلى أَفعُل: ولا يكون في الأسماء والصفات، إِلَّا أن يُكسَّرَ عليه الواحد للجمع. فالاسم نحو: أكلُب. والصفة نحو: أعبُد. فأمَّا أَذرُح6 وأَسنُمَة7 فعَلَمَان، فلا يثبت بهما بناء؛ لأنَّ العلم أكثر ما يجيء منقولًا. بل من الناس من أنكر أن يجيء مرتجلًا. فإذا كان العَلَم كما وُصف احتَملا أن يكونا منقولين من الفعل، فيكون أذرُح فِعلًا في الأصل، ثم سمي به. وكذلك أسنُمة. كأنه "أسنُمُ" في الأصل، ثم سمي به. فإن قلتَ: لو كان منقولًا من الفعل لما دخلت عليه تاء التأنيث، لأنَّ التاء لا تدخل على الفعل المضارع8. فالجواب أنه لما انتقل من الفعلية إلى الاسمية ساغ دخول التأنيث عليه. والدليل على ذلك قولهم: اليَنْجَلِبةُ، في اسم الخَرَزَة، لأنها يُجلب بها الغائب، [8أ] وهي فعل في الأصل؛ لأنها9 على وزن الفعل المختص. ولكن لما انتقلت إلى الاسمية10 ساغ دخول التاء عليها. وحكى الزبيدي11 أصبُع وأَنْمُلَة. فإن ثبت النقل بهما لم يكن في ذلك استدراك على سيبويه؛ لأنه قد حكي فيه أُصبُع وأُنملُة، بضم الهمزة12. فيمكن أن يكون الفتح تخفيفًا،
كما قالوا في بُرقُع: "بُرقَع" بالتخفيف. وزعم الزُّبيديُّ أن1 أبا بكر ابن الأنباري حكى إِصبُعًا، بكسر الهمزة وضم الباء، على وزن "إِفعُل". لكن أكثر أهل اللغة على أنها ليست من كلام الفصحاء. قال الفَرَّاء: لا يلتفت إلى ما رواه البصريون، من قولهم "إِصبُع". فإنا بحثنا عنها فلم نجدها. وعلى تُفْعُل: ويكون فيهما قليلًا. فالاسم: تُتْفُلٌ2 وتُقدُمةٌ3. والصفة: تُحلُبةٌ4. وعلى تِفْعِل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا -وهو قليل5، قالوا "تِحْلِئ"- إِلَّا أن تلحقه التاء فلا يكون إِلَّا صفةً. وهو قليل، نحو: تِحلِبة. وعلى تَفْعَلة: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا -وهو قليل- قالوا: تَتفَلَة6. وعلى تِفْعَلة: ولم يجئ أيضًا إِلَّا صفة، نحو: تِحلَبة. وحكى الكسائي أن7 تِتْفَلًا لغة في التَّتفُل. ولا يُحفظ غيره اسمًا. وعلى تَفْعِلة: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: تَرْدِية8 وتَهْيِئَة. وعلى تُفْعَل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: تُدْرَأ9 وتُرْتَب10 والصفة نحو: تُحْلَبة وتُرتَب11. قال بعضهم: أمرٌ تُرتَب، فجعله وصفًا. وعلى تَفْعُل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: تَنْضُب12 وتَتفُل. وعلى مَفْعَل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: مَحْلَب ومَقتَل. والصفة نحو: مَثنًى ومولًى ومَقْنَع.
وعلى مِفْعِل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: مِنخِرٌ: وقد يجوز أن يكون "مِنخِرٌ" مما أُتبعَ1، والأصل فيه "مَنخِرٌ" بفتح الميم. وقد أجاز الوجهين سيبويه2. فأمَّا مِنْتِن ومِغيرة فكسرت الميم منهما، إتباعًا لما بعدها، والأصل مُنتن ومُغيرة؛ لأنهما اسما فاعل من: أنتنَ وأغارَ. وعلى مُفْعُل: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا، نحو: مُنخُل ومُسعُط3. وعلى مُفعِل: صفة، نحو: مُكرِم ومُعْطٍ. ولم يجئ اسمًا إِلَّا قولهم: مُؤْقٍ، بخلاف في ذلك سيُبين4 بعدُ، إن شاء الله. وعلى مَفْعِل: ويكون في الأسماء، نحو: مَسجِد ومَجلِس5. وهو في الصفة قليل، نحو: رجلٌ منَْكِبٌ6. وعلى مِفْعَل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: مِنْبَر ومِرْفَق. والصفة نحو: مِدْعَس ومِطْعَن7. وعلى مَفْعُل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، والهاء لازمة له، نحو: مَزْرُعَة ومَشْرُقة ومَقْبُرَة8. ولا يستعمل بغير هاء إِلَّا أن يجمع بحذف الهاء، نحو قوله9: بثينُ الزَمِي "لا" إن "لا" إن لزمتهِ ... على كثرة الواشين أيُّ معونِ فجمع 10 "معونة" بحذف التاء. وقول الآخر11: لِيَومِ رَوعٍ أو فَعالِ مَكرُمِ
فجمع "مَكرُمة" بحذف التاء. وكذلك مألُك، من قول الشاعر1: أبلِغِ النعمان عني مألُكًا ... أنه قد طال حبسي وانتظاري هو جمع مألكة أيضًا. وزعم السيرافي2 أن ذلك مما رُخِّم ضرورة، وأنه يريد معونة ومكرمة. والوجه ما ذكرناه أولًا؛ لأنه إذا أمكن إِلَّا يحمل على الضرورة كان أولى. وعلى مُفْعَل: ويكون فيها. فالاسم نحو: مُصحَف ومُخدَع3 ومُوسًى. ولم يكثر هذا في كلامهم اسمًا. وهو في الوصف كثير نحو: مُكرَم ومُدخَل. وعلى يَفْعَل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو اليَرْمَع4 واليَلْمَق5. فأمَّا قولهم: جمل يعملٌ6، وناقة يَعْمَلَةٌ، ورجل يلمعٌ7، فمن قبيل8 ما وصف فيه بالاسم. ولذلك لم يمتنع الصرف. ولو كان صفة في الأصل لوجب منع صرفه؛ لوزن الفعل والوصف. وعلى نَفْعِل: نحو نَرْجِس. ولا يحفظ غيره، وهو أعجميٌّ، فيما نظن9. فأمَّا نِفرِجٌ10 فـ"فِعْلِلٌ" وليست النون زائدة. وسيقام الدليل على ذلك بعد، إن شاء الله. وإذا لحقته بعد الفاء يكون: على فاعِل: ويكون في الاسم والصفة11. فالاسم 12 نحو: كاهِل وغارِب. والصفة [8ب] نحو: ضارِب وقاتِل. وعلى فاعَل13: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: خاتم وطابَق14. فأمَّا كابُلُ15 فأعجمي.
وعلى فَيْعَل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: غَيْلَم وزَيْنَب، والصفة نحو: ضَيغَم1 وصَيْرَف. ولم يجئ منه في المعتل إِلَّا لفظ واحد شاذ2، وهو "العَيَّنُ". قال3: ما بال عَينِك كالشَّعِيبِ العَيَّنِ وعلى فَيْعِل: ولا يكون إِلَّا في المعتل، نحو: سَيِّد، وفيه خلاف. وسيبين بعد4، إن شاء الله. ولم يجئ منه في الصحيح إِلَّا "بَيئِس"5. وكأن الذي سهل ذلك فيه شَبَهُ الهمزة بحروف العلة6. وعلى فَوعَل: ويكون أيضًا فيهما. فالاسم نحو: عوسج7 وكوكب. والصفة نحو: حومل8 وهَوْزَب9. وعلى فأعَل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو شأمَل10. وعلى فِنْعَل: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: جِندَب. وأمَّا قولهم: لِحية كِنثْأَة11 فيمكن أن تكون نونه أصلية12، إذ ليست في موضع زيادتها. وتكون من معنى: كثَّأْتْ13 لِحيته، وإن كانت أصولهما مختلفة. فتكون كِنثأَة من "كَثَّأَتْ" كسَبِط من سِبَطر. والذي حمل على ذلك أنه لا يُحفظ "فِنْعَلٌ" صفة. وعلى فَنْعَل: ولم يجئ إِلَّا صفة نحو: عَنْبَس14 وعَنسَل15.
وعلى فُنْعَل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: قُنْبَر1 وعُنظَب2 وعُنصَل3. وعلى فِيَعْل: ولم يجئ إِلَّا صفة، نحو: حِيَفْس4 وصِيَهْم5. وعلى فُعَّل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: سُلَّم. والصفة نحو: زُمَّل6. وعلى فِعَّل: ويكون أيضًا فيهما. فالاسم نحو: قِنَّب. والصفة نحو: دِنَّم7. وعلى فِعِّل: ويكون فيهما. فالصفة حِلِّزة8. ولم يجئ غيره. والاسم نحو: حِمِّص وجِلِّق9. وعلى فُعُّل: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا، وهو قليل: نحو: تُبُّع10. وإذا لحقته بعد العين كان: على فَعال: ويكون في الأسماء والصفات. فالاسم نحو: قَذال11 وغَزال. والصفة نحو: جَماد وجَبان. وعلى فِعال: ويكون فيهما. فالاسم نحو: حِمار. والصفة نحو: كِناز12 وضِناك13. وعلى فُعال: ويكون فيهما. فالاسم نحو: غُلام وغُراب. والصفة نحو: شُجاع وطُوال. وعلى فَعِيل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: بَعِير وقَضِيب. والصفة نحو: سَعِيد وشَدِيد14 وشَهِيد.
وعلى فِعْيَل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: عِثْيَر1. والصفة نحو: طِرْيَم2. وعلى فُعْيَل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا نحو: عُلْيَب3. فأمَّا ضَهْيَد4 وعَتْيَد5 فهما -فيما زعم أبو الفتح- مَصنوعان، فلا يُلتفت إليهما فيُجعلا6 دليلًا على إثبات "فَعْيَل". وعلى فَعْوَل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: جَرْوَل7 وجَدْوَل8. والصفة نحو: جَهْوَر وحَشْوَر9. وعلى فِعْوَل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا نحو: خِرْوَع وعِتْوَد10. وعلى فَعُول: ويكون فيها. فالاسم نحو: عَمُود. والصفة نحو: صَدُوق. وعلى فُعُول: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: أُتِيّ11 وسُدُوس. وهو قليل في الكلام. إِلَّا أن يكون مصدرًا، أو يُكسَّر عليه الاسم للجمع فيكثر, نحو: القُعُود والفُلُوس. وعلى فَعْأَل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: شَمْأَل12. فأمَّا ضُنْأَك13 فـ"فُنْعَل" كعُنْظَب14 وليس بـ"فُعْأَل"، وإن كان في معنى ضِناك؛ لأنَّ "فُعْأَلًا" لم يثبت في الأسماء. وقد يكون اللفظان في معنًى واحد والأصول مختلفة، نحو: سَبِط وسِبَطْر. فحمله على هذا أولى من إثبات بناء لم يستقر في كلامهم.
وعلى فُُعُنْل: ولم يجئ إِلَّا صفة، نحو: عُرُنْد1. وعلى فَعَنْلة: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: جَرَنْبة. وعلى فَعِلَّة: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا، وهو قليل، قالوا: تَئِفَّة2. وعلى فَعُلَّة: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: تَلُنَّة3. وعلى فُعَلَّة: وهو قليل، نحو: دُرَجَّة4. وعلى فَعَلّ: وهو قليل فيهما. فالاسم نحو: شَرَبَّة ومَعَدّ5. والصفة نحو: هَبَيّ6. وعلى فُعُلّ: ويكون فيهما. فالاسم [9أ] نحو جُبُنّ7. والصفة نحو: قُمُدّ وعُتُلّ8. وعلى فِعِلّ: ويكون فيهما. فالاسم نحو: فِلِزّ9 وحِبِرّ10 والصفة نحو: طِمِرّ. وعلى فِعَلّ: ويكون فيهما. فالاسم نحو: جِدَبّ11 ومِجَنّ. والصفة نحو: خِدَبّ12 وهِجَفّ13. فأمَّا قولهم قِدرٌ وِئَيَّةٌ14 فـ"فِعَلَّةٌ"، وليس بـ"فِعَيْلة"؛ لأنَّ ذلك بناء غير موجود. وعلى فُعْلُل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: شُربُب15. والصفة نحو: قُعدُد16 ودُخلُل17.
وعلى فَعْلَل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: قَردَد1 ومَهدَد2. وعلى فِعْلِل: ولم يجئ إِلَّا صفة، وهو قليل، قالوا: رَمادٌ رِمدِدٌ3. وعلى فُعْلَل: ويكون فيهما. فالاسم: عُندَد4. والصفة [نحو] : 5 قُعدَد6 ودُخلَل7. فأمَّا قولهم: رَمادٌ رِمدَدٌ، فينبغي أن يكون مما فُتح تخفيفًا؛ لأنهم قالوا: رِمدِدٌ، فيكون كبُرْقَع؛ لأنَّ الأصل بُرقُعٌ بضمّ القاف، لكنه8 فُتح تخفيفًا، وقد تقدّم ذلك9. وإنَّما لم يَثبت بهذا "فِعلَلٌ"؛ لأنه لا يُحفظ إِلَّا فيما سُمع فيه "فِعلِل" بالكسر، ولو كان بناءَ أصلٍ لجاء حيث لم يجئ معه "فِعلِل". وهو مع ذلك قليل. وإذا لحقت بعد اللام يكون: على فَعْلًى: نحو: عَلقًى10. ولم يجئ صفة إِلَّا بالهاء، نحو: ناقةٌُ حَلْباةٌ رَكْباةٌ. وعلى فِعْلًى: نحو: مِعزًى. ولم يجئ صفة إِلَّا بالهاء، نحو: امرأةٌ سِعلاةٌ11، ورَجلٌ عِزهاةٌ12. فأمَّا قولهم: رَجلٌ كِيصًى13، فهو اسم وُصِف به، وليس بجار على فعله، ولا يلزمه أن يُستعمل تابعًا، فيكون ذلك دليلًا على أنه ليس بصفة في الأصل. ومما يدلُّ على أنه ليس بصفة في الأصل14: استعمالُهم له جاريًا على المؤنث بغير هاء، فيقولون: امرأةٌ كِيصًى. وقد تَقَدَّم أنَّ الصفة إذا كانت غير مطابقة للموصوف حُكم لها بحكم الأسماء.
وعلى فَعْلَى: ويكون فيهما. فالاسم نحو: سَلمَى وعَلقَى1. والصفة نحو: سَكرَى وعَطشَى. وعلى فُعْلَى: ويكون أيضًا فيهما. فالاسم نحو: بُهمَى2. والصفة نحو: حُبلَى. وعلى فُعْلًى. ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وتلزمه التاء نحو: بُهماة. وعلى فَعَلَى: ويكون فيهما. فالاسم نحو: دَقَرَى3. والصفة نحو: جَمَزَى4 وبَشَكَى5. وبعض العرب يقول: "قَلَهَيْ"6 بالياء، وكأنه وافق من قال: "أَفعَيْ" في الوقف. وعلى فُعَلَى: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: أُرَبَى7 وأُدَمَى8. وعلى فِعْلَى: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: ذِفرَى9 وذِكرَى. وعلى فِعْلِن: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل. وذلك نحو: فِرسِن10. وعلى فَعْلَن: ولم يجئ إِلَّا صفة، نحو: رَعشَن11 وضَيفَن12. وعلى فِعَلْن: وهو قليل فيهما. فالاسم نحو: عِرَضْنَة13. والصفة نحو قولهم: رجلٌ خِلَفْنة14. وعلى فُعْلُم: ويكون أيضًا فيهما. فالاسم نحو: زُرقُم15. والصفة نحو: سُتهُم16. وعلى فِعْلِم: ولم يجئ إِلَّا صفة، نحو: دِلقِم17 ودِقعِم18.
وعلى فَعْلَم: نحو: شَدقَم وجَذعَم1. ولم يجئ إِلَّا صفة. وعلى فَعْلأ2: ولم يجئ منه إِلَّا ضَهْيأ3. وهو اسم وصفة. وعلى فِعْلِية: والهاء لازمة له، ويكون فيهما. فالاسم نحو: هِبْرِية4. والصفة نحو: زِبنيِة5. وعلى فَعْلَتَة: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو سَنبَتَة6. وعلى فَعْلُوَة: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا، نحو: تَرقُوَة وعَرقُوَة7. وعلى فُعْلُوَة: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا، نحو: عُنصُوَة8 وجُنذُوَة9. وعلى فِعْلُوَة10: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا، وهو قليل لا تفارقه الهاء، نحو: جِنذُوَة11. فأمَّا تَرقُؤَة12 فظاهرها أنها "فَعْلُؤَة" إذ قد ثَبَتَ في تَرقُوَة أنّ الأصول إنما هي التاء والراء13 والقاف. لكن قد يتخرَّج على أن يكون أصله تَرقُوَة14 بالواو، فقُدِّرتَ ضمَّة القاف على الواو؛ لأنَّ الحركة في التقدير بعد الحرف، فهُمزت الواو كما تُهمز إذا انضمَّتْ، ونظير ذلك قوله15: أَحَبُّ المُؤقِدِينَ إِليَّ مُوسَى ... [وجَعْدةُ إِذ أَضاءَهما الوَقُودُ] فهمز واو "مُوقد"؛ لأنه قَدَّر ضَمَّة الميم على الواو. وأمَّا "مُؤْقٍ"16 فظاهره [9ب] أنه "فُعْلٍ"17. إِلَّا أنَّ ذلك بناء غير موجود في أبنية
كلامهم، فإن أمكن صرفه إلى ما وُجد من 1 كلامهم كان أولى، فأمَّا أبو الفتح فزعم أنه "فُعْلِيٌّ"2 في الأصل، ثم خُفِّف، كما قالوا: "تَسمعُ بالمُعيدِي خيرٌ مِن أن تَراه"3 فخفَّفوا، والأصل "المُعَيدِيّ". وتكون الياءان للنسب على حدّهما في "كُرسيّ". ويكون هذا ممّا رُفِضَ أصله؛ لأنه لم يُسمع مُثقَّلًا قطّ. وهذا الذي ذهب إليه أبو الفتح ضعيفٌ عندي؛ لأنَّ كُرسيًّا وبُختيًّا4 بُنيا على ياءيِ النَّسَب، ولم يُستعملا دونهما. فلا يُقال: "كُرْسٍ"5 ولا "بُخْتٍ"6، فلذلك كُسِّرَ الاسم عليهما، فقالوا: كراسيُّ وبخاتيُّ. وأمَّا "مُؤقٍ"7 فإنه يُستعمل دون ياء. وكلّ ما تلحقه ياءا النسب ولا تلزمانه لا يُكَسَّر عليهما؛ إِلَّا تراهما يقولون: أَحمَرِيٌّ وحُمْرٌ وفارِسيٌّ وفُرْسٌ. فلو كان "مُؤقٍ"8 على ما زعم أبو الفتح لم يُقل في تكسيره: مآقٍ، بل "أمآقٌ"، كقُفْل وأقفال. فإذا بَطَلَ هذا فينبغي أن يكون وزنه "مُفعِلًا" فيُلحَقَ بفصل ما لحقته زيادة واحدة من أوّله من الثلاثيّ. وقد تَقَدَّم ذكره هنالك9. فإن قلتَ: فقد10 ثَبَتَتْ أصالة الميم، بدليل قولهم "مأْقٌ"11 في معناه. فالجواب أنه يكون ممّا اتَّفق معناه وتقارب لفظه، كسَبِط وسِبَطر. وكذلك "مأْقٍ" عند أبي الفتح هو مأقِيٌّ12 في الأصل، ثمّ خُفِّفَ، والياءان للنسب. وهو: عندي باطل، بدليل قولهم: مآقٍ، فكُسِّر الاسم على الياء. فالذي يجب أن يُحمل عليه عندي ما ذهب إليه الفرّاء من أنه "مَفعِل" ممّا لامه ياء، وشذُّوا فيه؛ لأنَّ "المَعفل" من المعتلّ اللام مفتوح العين. ونظيره في الشذوذ "مأوِي الإِبل" والفصيح "مأوَى". قال [الله] 13 تعالى14: {فَإِنَّ الْجَنَّة هِيَ الْمَأْوَى} . وتكون الميم زائدة كما تكون في " مُؤق ". ويكون مأقٌ ومأقٍ من باب سَبِط وسِبَطر، كما قدَّمنا.
المزيد فيه حرفان
[المزيد فيه حرفان] : وأمَّا الذين تلحقه زيادتان فلا يخلو أن تجتمعا فيه، أو تفترقا. فإن افترقتا1 فلا بُدَّ من أن تَفصِلَ بينهما الفاء، أو العين أو اللام، أو الفاء والعين، أو العين واللام، أو الفاء والعين واللام. فإذا فصلتْ بينهما الفاء كان: على أُفاعِل 2: ويكون فيهما. فالاسم نحو: أُدابِر وأُحامِر3. وهو في الصفة قليل، قالوا: رجلٌ أُباتِرٌ4. ولا يُعلم صفةً إِلَّا هذا. وأمَّا نَخْوَرِشٌ 5 فـ"فَعْلَلِلٌ" كجَحمَرِش، والواو أصليّة في بنات الخمسة. وهذا أَولى من ادّعاء بناء لم يستقرَّ في كلامهم. وعلى أَفاعِل: ولا يكون في الكلام إِلَّا إذا كُسِّرَ عليه الواحد للجمع، نحو: أَجادِل6 وأَفاكِل7. وعلى أَفَنْعَل: وهو قليل فيهما. فالاسم نحو. أَلَنجَج8. والصفة نحو: أَلَندَد9. وعلى يُفَعَّل: وهو اسم نحو: يُرَنَّأ10. وعلى يَفَعَّل بفتح الياء: وهو اسم, قالوا: يَرَنَّأ11. وعلى يَفَنْعَل: وهو قليل فيهما. فالاسم نحو: يَلَنجَج12. والصفة نحو: يَلَندَد 13.
وعلى مَفاعِل: ولا يكون في الكلام إِلَّا إذا كُسِّر عليه الواحد للجمع. فالاسم: مَنابِر. والصفة نحو: مَداعِس. وعلى يَفاعِل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: اليَرامِع1 واليَحامِد2. فأمَّا جَمَلٌ يَعْمَلٌ3 وجِمالٌ يَعامِلُ فإنه من قبيل الوصف بالاسم، بدليل انصرافه كما تَقدَّمَ، وبدليل ولايته العوامل، كما تقدَّم كثيرًا. قال الشاعر4: يا زيدُ زيدَ اليَعمَلاتِ الذُّبَّلِ ... تَطاوَل اللَّيلُ عَلَيكَ فانزِلِ وعلى تَفاعِل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: التَّناضِب5 والتّتافِل. وقد يجيء صفة بالقياس؛ لأنهم قد قالوا تُحلُبةٌ6. فإذا كسَّرتَه7 على القياس قلتَ: تَحالِب. فأمَّا قولهم: تُرامِز8 فإنه "فُعالِل" كعُلابِط9. ولا ينبغي أن يُجعل "تُفاعِلًا" من الرمز؛ لأنَّ ذلك بناء لم يثبت، ولا له اشتقاق يشهد بذلك. وأمَّا تُماضِر10 فهو اسم علم، فيمكن11 أن يكون منقولًا من الفعل المضارع. ويمكن أن تكون التاء فيه أصليّة، فيكون وزنه "فُعالِلًا". ويكون امتناعه من الصرف، في قوله12: حَيُّوا تُماضِرَ واربَعُوا صَحبِي ... [وقِفُوا فإِنَّ وُقُوفَكُم حَسْبِي] للتأنيث والتعريف. وعلى تَفَعُّل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: تَنَوُّط13 ويكثر في المصادر.
وعلى تُفُعُّل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: تُبُشُّر1. وعلى تِفِعِّل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحوك تِهِبِّط2. فأمَّا "تُنُوِّطٌ" في اسم الطائر فيمكن أن يكون3 منقولًا من الفعل، وكأنه في الأصل "تُنُوِّطَ"، فعل مبنيّ للمفعول. وإذا فَصلتْ بينهما العين كان. على فاعُول: ويكون فيهما. فالاسم نحو: نامُوس. والصفة نحو: حاطُوم وجاروفٌ. وعلى فَيعُول: ويكون فيهما أيضًا. فالاسم نحو: قَيصُوم4 وخَيشُوم. والصفة نحو: عَيثُوم5 وقَيُّوم6. وعلى فُوعال: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: طُومار7 وسُولاف8. وعلى فاعال: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا، نحو: ساباط9. وهو قليل. وعلى فَوعال: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: تَوراب10. وعلى فَيعال: ويكون فيهما. فالاسم نحو: شَيطان. والصفة نحو:11 بَيطار وغَيداق12. وعلى فِيعال: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: دِيماس13. وعلى فِنعال: ولم يجئ إِلَّا صفة، نحو: قِنعاس14.
وعلى فَوَعْلَل: ولم يجئ إلَّا صفةً نحو: كَوَأْلَل1. وهو قليل. وعلى فَعَّال: ويكون فيهما. فالاسم نحو2: كَلّاء3 وقَذّاف4. والصفة نحو: شَرّاب ولَبّاس. وعلى فُعَّال: ويكون أيضًا فيهما. فالاسم نحو: خُطَّاف وكُلّاب. والصفة نحو حُسّان وعُوَّار. وعلى فِعَّال: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا نحو: حِنَّاء وقِثّاء. فأمَّا قولهم: رَجلٌ دِنَّابةٌ5، فهو من الوصف بالاسم، إذ 6 لم يُطابق موصوفه. وعلى فُُعُّول: ولم يجئ إِلَّا صفةً، نحو: سُبُّوح وقُدُّوس. وعلى فَعُّول: ويكون فيهما. فالاسم نحو: سَفُّود وكَلُّوب7. والصفة [نحو] 8: سَبُّوح وقَدُّوس. وعلى فِعَّول: ويكون أيضًا فيهما. فالاسم نحو: عِجَّول9 وسِنَّور10. والصفة [نحو] 11: خِنَّوص12 وسِرَّوط13. وعلى فِعِّيل: ويكون أيضًا فيهما. فالاسم نحو: سِكِّين وبِطِّيخ. والصفة نحو: شِرِّيب وفِسِّيق. وعلى فُعِّيل: ولم يجئ إِلَّا صفةً، وهو قليل، نحو: مُرِّيق14 وكوكب دُرِّيء15.
وعلى فَعَّيل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: عُلَّيق1 وقُبَّيط2. والصفة نحو: زُمَّيل3 وسُكَّيت. فأمَّا قولهم: جِنْدَورةٌ، للحدقة فهو من باب قِرطَعْب، والواو أصل في بنات الأربعة4، من غير المضاعف، وإن كان ذلك قليلًا. وهذا5 أولى من جعلها زائدة، من معنى قولهم: حَدْرة، فيكون وزن الكلمة "فِنعَولة". فإِنَّ ذلك بناء لم يستقرّ في كلامهم. وكذلك حِندِيرة: "فِعلِيلٌ"6 كقِندِيل، وليست بـ"فِنعِيلَة" من لفظ حَدرة، لما في ذلك من إثبات بناء لم يوجد. وأمَّا قولهم: عُنظُوب7، فيكمن أن يكون "فُنعُولًا"8، غير بناء أصليّ، بل الواو إشباع؛ لأنَّ سيبويه9 حكى عُنظُبًا، فيمكن أن يكون عُنظُوب إِشباعًا منه. وأمَّا قولهم: رَجلٌ وَيلِمَّةٌ ووَيلُمَّةٌ10، فخارج على11 الحكاية، أي: يقال له من دهائه: وَيلِمَّه. ثم ألحقوا الهاء للمبالغة كداهية12. وإذا فَصلتْ بينهما اللام كان: على فَعَنْلًى: ويكون فيهما. فالاسم نحو: قَرَنبًى13 وعَلَندًى14 والصفة نحو: حَبَنطًى15 وسَبَندًى16.
وعلى فَعَنْلَى: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: بَلنصَى1. وعلى فُعَنْلَى: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل: نحو: جُلَندَى2. وعلى فُعَيلَى: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: قُصَيرَى3. وعلى فَعَيْلأ: نحو: حَفَيسأ4. وعلى فُعالَى: ويكون فيهما. فالاسم نحو: حُبارَى5 وسُمانَى6 ولا يكون صفة إِلَّا أن يُكسَّر عليه الاسم للجمع، نحو: عُجالَى وسُكارَى. فأمَّا قولهم: جملٌ عُلادَى، فيمكن أن يكون جمع "عَلَندًى"7 على غير قياس، ووُصف به المفرد، وإن كان جمعًا، تعظيمًا8 كما قالوا للضبع: حَضاجِر9. وعلى فُعُولَى: ولم يجئ إِلَّا اسمًا [10ب] نحو: عُشُورَى10. وعلى فَعالَى: ويكون فيهما. فالاسم نحو: صَحارَى وذَفارَى11. والصفة نحو: حَبالَى وكَسالَى. وقد يجوز أن تجيء على أصلها فتقول: ذَفارٍ وصَحارٍ، في الاسم دون الصفة. وعلى فَعالِن: ويكون فيهما. فالاسم نحو: فَراسِن12 والصفة نحو: رَعاشِن13 وعَلاجِن14.
فأمَّا عَدَولَى1 اسم وادٍ بالبحرين فليس بـ"فَعَولَى"2. وكذلك القَهَوباة3، حكاهما أبو عُبيدة4 إنما هما "فَعَولَلٌ" كفَدَوكس5، وحرف العِلَّة أصل في بنات الأربعة، نحو: وَرَنتَل6. لأنك إن لم تفعل ذلك، وجعلت الألف زائدة، أدَّى إلى بناء غير موجود. ويكون منع صرفه للتأنيث والتعريف. فأمَّا حَبَونَى في اسم المكان فيمكن أن يكون جملة، من فعل وفاعل في الأصل، فسُمِّي بها. وأمَّا تَنُوفَى7 من قول الشاعر8: [كأنّ دِثارًا حَلَّقَتْ, بِلَبُونِهِ] ... عُقابُ تَنُوفَى, لا عُقابُ القَواعلِ فالمحفوظ تَنُوف بغير ألف، فيمكن أن تكون الألف إشباعًا. وهذا أولى من جعلها من نفس الكلمة؛ لأنه لم يثبت من كلامهم "فَعُولَى". وكذلك قولهم: رَجلٌ حَبَنْطأٌ9، ليس فيه دليل على إثبات "فَعَنْلأ"؛ لاحتمال أن تكون الهمزة بدلًا من ألف "حَبَنطًى"، كما قالوا في أفعًى وبابه: "أفعأ"10 في الوقف. ثمّ أُجري الوصل مُجرى الوقف. وعلى فُعَلَّى: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: عُرَضَّى11. وعلى فِعَلَّى: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: دِفَقَّى12. وعلى فِعِلَّى: ويكون فيهما. فالاسم نحو: زِمِكَّى13 وعِبِدَّى14 والوصف نحو: كِمِرَّى15.
وعلى فُعُلَّى: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: حُذُرَّى1 وبُذُرَّى2. وعلى فُعالِيَة، والتاء3 لازمة له: ويكون فيهما. فالاسم نحو: الهُبارِيةَ4 والصُّراحِيَة5 والصفة نحو: العُفارِيَة6 والقُراسِيَة7. وعلى فَعالِيَة، والتاء8 لازمة له أيضًا: ويكون فيهما. فالاسم نحو: كَراهِيَة ورَفاهِيَة. والصفة نحو: عَباقِيَة9 وحَزابِيَة10. فأمَّا قولهم: حَزابٍ11، فيمكن أن يكون جمع حَزابِية12, ويكون من الجمع الذي بينه وبين واحده حذف الهاء13 نحو: شجرة وشجر. ووُصف به المفرد تعظيمًا له، كما قالوا: ضبعٌ حَضاجُر. وإنما تلزم الهاء المفرد. وعلى فَعَنْلُوَة: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، والهاء لازمة له، نحو: قَلَنسُوة. وعلى فُعَنْلِيَة، والهاء لازمة له أيضًا: وهو قليل، لم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو قُلَنسِيَة. وإذا فَصلتْ بينهما الفاء والعين يكون: على إفعال: ويكون فيهما. فالاسم نحو: إعطاء وإعصار. والصفة: إسكاف. ولم يجئ غيره. وعلى أَفعال: ولا يكون فيهما، إِلَّا إذا كُسِّرَ عليه الواحد للجمع. فالاسم نحو: أَجمال. والصفة نحو: أَبطال. وعلى أُفعُول: ويكون فيهما. فالاسم نحو: أُسلُوب وأُخدُود. والصفة نحو: أُملُود14.
وأُسكوب1. وعلى إفعِيل: ويكون أيضًا فيهما. فالاسم نحو: إِخرِيط2 وإِكلِيل. والصفة نحو: إِصلِيت3 وإِخلِيج4. وعلى إِفعَول: ويكون أيضًا فيهما. فالاسم نحو: إدرَون5. والصفة [نحو] : الإِسحَوف6 والإِزمَول7. وعلى مِفْعال: ويكون فيهما. فالاسم نحو: مِنقار ومِصباح. والصفة نحو: مِفساد ومِصلاح. وعلى مِفْعِيل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: مِندِيل ومِشرِيق8. والصفة نحو: مِسكِين ومِحضِير9. وأمَّا مَندِيلٌ ومَسكِينٌ بفتح الميم فـ"مَفْعِيلٌ"10. إِلَّا أنه إنَّما رواهما اللِّحيانيّ11 في "نوادره". قال أبو الفتح12: وكان إذا ذكرته لأبي عليّ قال: كُناسةٌ. وكان أبو بكر13 بن دُريد يزعم أنَّ كتاب اللِّحيانيّ لا تصله به رواية. وعلى مَفْعُول: نحو: مَضرُوب. ولم يجئ إِلَّا صفة. وعلى مُفْعُول: وهو غريبٌ شاذّ، نحو: مُغرُود14 ومُعلُوق15.
وعلى تَفْعِيل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: تَثبِيت1 وتَمتِين. وعلى تَفْعُول: ولم يجئ إِلَّا اسمًا نحو: تَذنُوب2 وتَعضُوض3. وعلى تُفْعُول: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: تُؤثُور4. وعلى تِفْعال: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا، نحو: تِمثال وتِجفاف. وقد [11أ] حُكِيَ5 صفةً بالهاء, حكى الكسائيُّ: رَجلٌ تِلقامةٌ وتِلعابةٌ وتِقوالةٌ. وحكى أبو زيد: رَجلٌ تِبذارةٌ6 وتِرعايةٌ7. وذلك قليل8. وقد يمكن أن يكون من قَبيل ما وُصِف به، وهو اسم في الأصل، نحو قولهم: نسوةٌ أربعٌ. وممّا يُبَيِّن ذلك جَريانُه على المذكَّر، وفيه تاء التأنيث؛ إِذ حقُّ الصِّفِة أن تكون مطابقة للموصوف. وكذلك أيضًا حكى الكسائيُّ: ناقةٌ تِضرابٌ9. وينبغي أن يحمل على أنه اسمٌ وُصِفَ به، لعدم مطابقته للموصوف10، إذ لفظه لفظ المذكّر، وهو صفة لمؤنّث11. وقد تقدَّم الدليل على أنَّ الصفة إذا لم تُطابق موصوفها كان محكومًا لها بحكم الأسماء12. وعلى تَفْعال: ولم يجئ إِلَّا مصدرًا، نحو: التَّسآل13 والتَّرداد. وأمَّا نِفراجٌ14 فـ"فِعْلال" كسِرداح15، وليس بـ"نِفْعال". وسيُبَيَّنُ بعدُ16.
وعلى يَفْعُول: ويكون فيهما. فالاسم نحو: يَربُوع ويَعقوب. والصفة نحو: يَحموم1 ويَخضور2. وعلى يَفْعِيل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: يَقطين3 ويَعضيد4. فأمَّا قولهم: يُسرُوع5، فضمُّ الياء إِتباع لضمَّة الراء. وعلى تَفْعِلَّة، وتلزمه الهاء: وهو قليل في الكلام. قالوا: تَرْعِيَّة6. وقد كسر بعضهم التاء فقال: تِرعِيَّة، إِتباعًا. وعلى أُفْعُلّ: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: أُترُجٌّ7. وعلى إِفْعَلّ: ويكون فيهما. فالاسم نحو: إِزفَلَّة8. والصفة نحو: إِرْزَبّ9. وعلى مِفْعِلّ: وهو قليل. قالوا: مِرعِزّ10. وعلى مَفْعَلّ: ولم يجئ منه إِلَّا مَكْوَرّ11. وأمَّا12 قولهم: حَجرٌ يَهْيَرٌ13، فيمكن أن يكون أصله "يَهْيَرٌ" خفيفًا، على وزن "يَفْعَلٍ"14 كيَرْمَع، ثم شُدِّد على حدّ قولهم في جعفر: جَعْفَرّ. وهذا أولى من إثبات بناء لم يوجد في كلامهم وهو "يَفْعَلّ".
وكذلك قولهم: هو إِكْبِرّةُ قَومِهِ1. ليس فيه دليل على إثبات "إِفْعِلَّة"؛ لأنَّ الناس قد حكوا: هو إِكْبِرَةُ قومِهِ، بالتخفيف. فيمكن أن يكون مشدّدًا منه، نحو قوله2: بِبازلٍ وَجناءَ أو عَيْهَلِّ يريد: أو عيهل، خفيفًا، فشدّد وأَجرى الوصل مُجرى الوقف. وقد يُجرى الوصل مُجرى الوقف في الكلام، وبابُه الشعر، ومنه قوله تعالى3: {كِتَابِيَهْ} {إِنِّي} بإثبات هاء السكت في الوصل، لا سيّما والأشهر إِكْبِرَة. وإذا فَصلتْ بينهما العين واللام كان: على فَيْعَلَى: وهو قليل، ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو خَيزَلَى4. وعلى فَوْعَلَى: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا، نحو خَوزَلَى5. وعلى فِنْعَلْو: ولم يجئ أيضًا إِلَّا صفةً، نحو: حِنطأْو6 وسِندأْو7. وكذلك ما حُكي من قولهم: عِنزَهْوةٌ8. فهو "فِنعَلْوَةٌ"، فهو كحِنطأْو. وعلى فُعَّلَى: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو سُمَّهَى9. وإذا فصلتْ بينهما الفاء والعين واللام كان: على أَفْعَلَى: نحو: أَجْفَلَى10. ولا يُحفظ غيره. وعلى إِفْعَلَى: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: إِيْجَلَى11.
وإذا اجتمعت فيه الزيادتان فلا يخلو أن تجتمعا فيه قبل الفاء، أو بعد الفاء، أو بعد العين، أو بعد اللام. فإنِ اجتمعتا فيه قبل الفاء كان: على إِنْفَعْل: ولم يجئ إِلَّا صفةً، نحو: إِنقَحل1. وإن اجتمعتا فيه بعد الفاء كان: على فَواعِل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: حَوائط وجَوائز. والصفة نحو: حَواسِر وضَوارِب. وعلى فُواعِل ويكون فيهما. فالاسم نحو: صُواعِق2 وعُوارض3. والصفة نحو: دُواسِر4. وعلى فَياعِل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: غَيالِم5 وغَياطِل6. والصفة نحو: عيَالِم7 وصَياقِل. وعلى فَناعِل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: جَنادِب وخَنافِس. والصفة نحو: عَنابِس8 وعَناسِل9. وأمَّا كُنادِرٌ10 فـ"فُعالِلٌ" كعُذافِر. فيكون موافقًا لكُدُرّ في المعنى، مخالفًا له في الأصول، كسَبِط وسِبَطر. وهذا أولى من إثبات "فُناعِل"؛ لأنه لم يستقرَّ في كلامهم. وعلى فَعَوعَل: ولم يجئ إِلَّا صفةً، نحو: عَثَوثَل11 وغَدَودَن12. وعلى فَعَيعَل: ولم يجئ إِلَّا صفةً، نحو: خَفَيفَد13.
وعلى فَعَنعَل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: عَقَنقَل1 وعَصَنصَر2. وعلى فَعاعِل: نحو: سَلالم وفَرارِج3. ولا يستنكر أن يكون هذا في الصفة؛ لأنَّ فيها مثل: زُرَّق4 وحُوَّل5. وعلى فُعَلعَل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: ذُرَحرَح6 وجُلَعلَع7. وعلى فَعَلعَل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: حَبَربَر8 وحَوَروَر9. والصفة نحو: صَمَحْمَح10 ودَمَكْمَك11. وعلى فُعُلعُل: نحو12: كُذُبْذُب13. ولا يُعرف غيره. وعلى فِعِلعِل: قالوا عِندَ الزَّلزلة: إِزِلزِل وهو "فِعِلْعِل" من لفظ "الأَزْل"14. ولا يُجعل "إِفِعْلِل" من لفظ الزّلزلة؛ لأنَّ الزيادة لا تلحق بناتِ [11ب] الأربعة من أوّلها، إِلَّا الأسماء الجارية على أفعالها. فأمَّا عُياهِم15 فحكاية صاحب "العَين"، فلا يُلتفتُ16 إليه. وإذا اجتمعتا فيه بعد العين كان: على فُعْوال: وهو قليل، ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: عُصْواد17.
وعلى فِعْوال: ويكون فيهما. فالاسم نحو: عِصْواد. وقِرْواش1. والصفة جِلواخ2 ودِرواس3. فأمَّا سُراوِع4 اسم المكان، قال الشاعر5: عَفاسَرِفٌ مِن أَهلِه فسُراوِعُ ... [فَوادِي قُدَيدٍ فالتِّلالُ الدَّوافِعُ] فظاهره أنه "فُعاوِل". وذلك شيء لا يُحفظ في أبنية كلامهم، فينبغي أن يكون عندي "فُعالِلًا"، وتكون الواو أصلًا في بنات الأربعة. فيكون نظير "وَرَنتَل"6، ولا تجعل الواو زائدة؛ لأنَّ ذلك يؤدِّي إلى إثبات بناء لا نظير له. وعلى فَعالَّة: نحو: الزَّعارَّة7 والحَمارَّة8. ولم يجئ صفة. وعلى فِعْيال: ولم يجئ إِلَّا اسمًا نحو: جِريال9 وكِرياس10. وعلى فِعْيَول: وهو قليل فيهما. فالاسم نحو: كِدْيَون11 وذِهْيَوط12 والصفة نحو: عِذْيَوط13. وعلى فِعْنال. ولم يجئ منه إِلَّا صفة، نحو: فِرْناس14. وعلى فُعانِل: ولم يجئ إِلَّا فُرانِس15. وأمَّا فِرْنَوس16 فـ"فِعْلَول"17، وهو اسم. ولا يكون مُشتَقًّا من الفَرْس؛ لأنَّ "فِعْنَولًا"18 ليس من أبنية كلامهم.
وعلى فَعاوِل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: جَداوِل. والصفة نحو: قَساوِر1 وحَشاوِر2. وعلى فَعايِل، غَير مهموز: ولا يجيء إِلَّا اسمًا، نحو: عَثايِر3 وحَثايِل4. إِلَّا أنه قد يجيء صفة بالقياس؛ لأنَّ طِرْيَمًا5 صفة، وقياسُ جمعه طَرايِم. وعلى فَعائل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: غَرائز6 ورَسائل. والصفة نحو: طَرائف وصَحائح. فأمَّا ذُرنُوح7 فـ"فُعْلُول"، وليست النون زائدة، فيكونُ في معنى "ذُرُّوح" ومخالفًا له في الأصول، كسَبِط وسِبَطْر. وهذا أولى من إثبات بناء لم يوجد، وهو "فُعْنُول". وعلى فُعائل: وهو قليل. فالاسم نحو: جُرائض8. والصفة نحو: حُطائط9. وعلى فُعُلِيل: ولم يُحكَ منه إِلَّا الحُبُلِيل10. ولا أَتَحقَّقُ11 ثباته من كلامهم. وعلى فُعامِل: وهو قليل، ولم يجئ إِلَّا صفةً، نحو: دُلامِص12. فأمَّا قِسْيَبٌّ13 فـ"فِعْيَلٌ" مثل: طِرْيَم وحِذْيَم14، ثم شُدِّد على حدّ جَعْفَرّ15. وهذا أولى من إثبات "فِعْيَلّ"16، وهو بناء غير موجود. وكذلك قِسْيَنٌّ17 وعِظْيَمٌّ. وقد يُشَدَّد الآخِر في
الوصل، وبابه الشّعر نحو قوله1: مَحْضُ النِّجارِ، طَيِّبُ العُنْصُرِّ2 وعلى فَعَنْلَل: ولم يجئ إِلَّا صفةً، نحو ضَفَنْدَد3 وعَفَنْجَج4. وعلى فَعالِل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: قَرادِد5 والصفة نحو: رَعابِب6 وقَعادِد7. وعلى فَعَيْلَل: وهو قليل ويكون فيهما. فالاسم نحو: حَفَيلَل8. والصفة نحو: خَفَيدَد9. وعلى فَعَولَل وفِعَولَل: نحو: حَبَونَن10 وحِبَونَن. وهما اسمان قليلان. وعلى فِعْوَلّ: فالصفة نحو: عِثْوَلّ11 وعِلْوَدّ12. وقد جاء اسمًا نحو: عِسْوَدّ13. وهو قليل. وعلى فُعْلال: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: قُرْطاط14 وفُسطاط. وعلى فِعْلال: ويكون فيهما. فالاسم نحو: جِلباب وقِرطاط15 والصفة نحو: شِمْلال16 وطِمْلال17. وعلى فِعْلِيل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: حِلتيت18 وخِنذيذ19. والصفة نحو: صِهمِيم20 وصِنديد.
وعلى فُعْلُول: ويكون فيهما. فالاسم نحو: طُخرُور1 وهُذلُول2. والصفة نحو: بُهلُول3 وحُلكُوك4. وعلى فَعَلُول: ويكون فيهما. فالاسم نحو: بَلَصُوص5 وبَعَكُوك. والصفة نحو: حَلَكُوك6. وعلى فَعَلِيل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: حَمَصِيص7. والصفة نحو: صَمَكِيك8. وعلى فَعَيَّل: ولم يجئ إِلَّا صفةً، نحو: هَبَيَّغ9 وهَبَيَّخ10. وعلى فَعَوَّل: ولم يجئ أيضًا إِلَّا صفةً، نحو: عَطَوَّد11 وكَرَوَّس12. فأمَّا زَوَنَّك13 فـ"فَعَلَّل" كعَدَبَّس14، والواو أصل في بنات الأربعة، مثلها في وَرَنتَل15. وهذا أولى من [12أ] إثبات بناء لم يستقرَّ في كلامهم. وهو "فَعَنَّل"16. وإذا اجتمعتا17 فيه بعد اللام كان: على فَعْلاءَ: ويكون فيهما. فالاسم نحو: طَرفاءَ18 وحَلْفاءَ19 والصفة نحو: خَضراءَ وسَوداءَ.
وعلى فُعْلاءٍ: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: قُوْباء1. وعلى فِعْلاءٍ: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا، نحو: عِلْباء2 وخِرشاء3. وعلى فُعَلاءَ: ويكون فيهما. فالاسم نحو: قُوَباء4 ورُحَضاء5. والصفة نحو: عُشَراء ونُفَساء. وهو كثير، إذا كُسِّرَ عليه الواحد للجمع. وعلى فَعَلاءَ: ولم يجئ إِلَّا اسمًا نحو: قَرَماء6 وجَنَفاء7. وعلى فِعَلاءَ: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: سِيَراء8 وخِيَلاء. وعلى فَعْلان: ويكون فيهما. فالاسم نحو: سَعدان9 وضَمران10. والصفة نحو: رَيَّان وعَطشان وشَبعان11. وعلى فُعْلان: ويكون فيهما. فالاسم نحو: دُكَّان وعُثمان. وهو كثير، إذا كُسِّرَ عليه الواحد للجمع، نحو: جُربان12 والصفة نحو: عُريان وخُمصان. وعلى فِعْلان: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: ضِبعان13 وسِرحان، وهو كثير، إذا كُسِّرَ عليه الواحد للجمع، نحو: غِلمان. فأمَّا قولهم: رجلٌ عِليانٌ14, فمن الوصف بالأسماء؛ لأنها ليست بصفة مطابقة للموصوف؛ لأنهم قد قالوا: ناقةٌ عِليانٌ، فوصفوا به الناقة ولم يُدخلوا التاء. ومذهبنا أنَّ الصِّفة إذا كانت كذلك حُكِم لها بحكم الأسماء.
وعلى فَعَلان: ويكون فيهما. فالاسم نحو: كَرَوان ووَرَشان1. والصفة نحو: قَطَوان2 وزَفَيان3. وعلى فَعِلان: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: ظَرِبان4 وقَطِران. وعلى فَعُلان: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: سَبُعان5. وعلى فُعُلان: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: سُلُطان. وعلى فَعَلْنًى: ولم يجئ إِلَّا صفةً، وهو قليل، نحو: عَفَرنًى6. وعلى فِعَلْنَى: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل, نحو: عِرَضنَى7. فأمَّا الهَرْنَوَى اسم نبت فإنه "فَعْلَلَى" كالقَهقرَى، والواو أصل8 في بنات الأربعة، مثلها في ورَنْتَل شُذوذًا. وهو أولى من جعلها زائدة، فتكونُ الكلمة "فَعْلَوَى"؛ لأنَّ ذلك بناء لم يثبت في كلامهم. وأصالة الواو في بنات الأربعة قد وُجِدت في المضعَّف باطّراد، وفي غير المضعَّف قليلًا. فجَعْلُ الواو أصلًا أولى لذلك. وأمَّا زَيتُون فـ"فَيعُول"9 كقَيصُوم10. وليست النون زائدة بدليل قولهم: الزَّيت؛ لأنهم قد قالوا: أرضٌ زَتِنةٌ أي: فيها زيتون. فَنُونُ زَيتون على هذا أصليَّةٌ. وأيضًا فإنه لو11 جُعلت النون زائدة لكان وزن الكلمة "فَعْلُونًا"12. وذلك بناء لم يستقرَّ في 13 كلامهم. وعلى فَعَلُوت: ويكون فيهما. فالاسم نحو: رَغَبُوت14 ورَهَبُوت15. والصفة نحو: رَجُلٌ
خَلَبُوتٌ1 وناقةٌ تَرَبُوتٌ2. وعلى فَعْلُوت: نحو: خَلْبُوت3 وحَيُّوت4. وعلى فِعْليت: ولم يجئ إِلَّا صفةً، نحو: عِفرِيت وغِزوِيت5. وعلى فِعْلِين: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: غِسلِين6. وأمَّا حَوْرِيت7 وصَوْلِيت فيمكن أن يكون الأصل فيهما حِوْرِيت وصِوْلِيت8 على وزن "فِعْلِيت" كعِفرِيت، ثمّ فُتحت الفاء تخفيفًا، كما قالوا في بُرْقُع: بُرْقَع. على9 أنَّ أبا عليّ أَقلَّ الحَفْلَ بحَوْريت، إذ كان ليس من لغة ابني10 نزار. وعلى فُعَلْنِيَة، والهاء لازمة له: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: بُلَهنِيَة11. وعلى فَعَلُوَّة: ولم يجئ منه إِلَّا جَبَرُوَّة12. وكذلك قولهم: سُمْعُنَّة نُظْرُنَّة 13 وسِمْعِنَّة نِظْرِنَّة، النون زائدة في آخرهما، على حدّ زيادتها في قول الراجز14: قُطْنُنَّةٌ, مِن أكبَرِ القُطْنُنِّ وكذلك خِلَفْناة15: "فِعَلْناة". إِلَّا أنه ليس ببناء أصليّ؛ لأنهم قد قالوا: "خِلَفْنَةٌ". فيمكن أن يكون هذا مُشْبَعًا منه. وهو أولى من إثبات بناء لم يستقرَّ.
المزيد فيه ثلاثة أحرف
[المزيد فيه ثلاثة أحرف] : وأمَّا الذي تلحقه ثلاث زوائد فلا يخلو أن تجتمع فيه، أو تفترق، أو تجتمع منها اثنتان خاصة: فإن افترقت كان على: إِفْعِيلَى: ولم [12ب] يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: إهجِيرَى1 وإِجْرِيَّا2. ولا يُحفظ غيرهما. وعلى تَفاعِيل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: التَّماثيل وتَجافيف3. وعلى يَفاعِيل: ولا يكون فيهما إِلَّا إذا كُسِّرَ الواحد عليه للجمع. فالاسم4 نحو: يَرابِيع ويَعاقِيب. والصفة نحو: يَخاضِير5. وعلى مَفاعِيل: ولا يكون فيهما إِلَّا إذا كُسِّرَ عليه الواحد للجمع. فالاسم نحو: مَفاتِيح ومَخارِيق. والصفة نحو: مكاسِيب ومكارِيم. وعلى أَفاعِيل: ولا يكون أيضًا إِلَّا إذا كُسِّرَ عليه الواحد للجمع. نحو: أساليب. فأمَّا ألنَجُوج ويَلَنجُوج6 فلا دليل فيهما على إِثبات "أَفَنْعُول" ولا "يَفَنْعُول"؛ لأنه قد نُقِلَ7 أنهما أعجميَّان. وعلى فاعَولَى: ولم يجئ منه إِلَّا: بادَولَى8. وأمَّا قولهم: مُهْوأَنّ9، فزعم السِّيرافيُّ أَنه على وزن "مُطْمأَنّ". وهذا باطل؛ لأنه ليس بجار على فعل، إِذ لا يحفظ "اهْوَأنَّ". لكنّه إِن ثَبَتَ كان على وزن "مُفْوَعَلّ". وما ردّ به ابنُ جنّي10 مذهبَ السيرافيّ، من كون الواو لا تكون أصلًا في بنات الأربعة غيرَ المضَعَّف، لا يلزم إذ قد جاءت أصلًا في "وَرَنْتل" وليس بمضعَّف -فإِن قيل: إِنَّ أصالتها في غير المضعّف لا تُرتَكَبُ
إِلَّا لمُوجِبٍ. قيل: المُوجِب هنا أنه ليس من أبنية كلامهم "مُفْوَعَلّ"– لكنَّ الذي منع من ذلك ما1 ذكرناه. وهو بناء قليل، لم يحفظ منه إِلَّا هذا. وعلى فِعِّيْلَى: ولم يجئ2 إِلَّا اسمًا في المصادر، نحو: هِجِّيرَى3 وقِتِّيتَى4. فأمَّا الفِخِّيراء5 والخِصِّيصاء6 فهما بناءان ممدودان منه، وإِن كان مدُّ المقصور شاذًّا عندنا، لا ينقاس في الضرائر ولا غيرها. وعلى فُعَّالَى: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: شُقَّارَى7 وحُوَّارَى8 وخُضَّارَى9. وعلى فُعَّيلَى: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا، نحو: خُلَّيطَى10 وبُقَّيرَى11. وعلى مَفْعِلَّى: ولم يجئ إِلَّا صفةً، نحو: مَرْعِزَّى12. وعلى مَفْعَلَّى: وهو قليل، ولم يجئ إِلَّا صفةً، نحو: مَكوَرَّى13. وعلى مِفْعِلَّى: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: مِرْعِزَّى14. فأمَّا قولهم: رَجُلٌ مِرقِدَّى15، فمِن قَبيل الوصف بالأسماء؛ لأنها غيرُ مُطابِقةٍ لموصوفها؛ ألا ترى أنها جاريةٌ على مُذكَّر، وهي مؤنَّثة بالألف؟ وقد تقدّم16 الدليل على أنَّ الصفة إذا كانت كذلك جرت مجرى الأسماء، فلا يثبت بها "مِفعِلَّى" في الصفات. وعلى يَفْعَلَّى: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: يَهْيَرَّى17.
وعلى تِفِعّال: نحو: تِحِمّال1. ولم يجئ إِلَّا اسمًا. فأمَّا قولهم: رَجُلٌ تِلِِقَّامةٌ2 وتِلِعَّابةٌ3، فمن قبيل الوصف بالمصدر؛ لأنَّ تِلِقّامًا4 وتِلِعّابًا مصدارن فوُصِف بهما5، ودخلت التاء للمبالغة. وكذلك: رَجُلٌ تِلِقّاعةٌ6 وتِكِلّامةٌ7. وإِن اجتمعتْ فلا يَخلو أن تَجتمع فيه بعدَ العَينِ, أو بعد الفاءِ. أو بعد اللامِ: فإِن اجتمعتْ فيه بعد الفاء كان: على فُعُّلْعُل: نحو: كُذُّبْذُب8. وإِن9 اجتمعتْ فيه بعد العين كان: على فَعاوِيل: ولا يكون إِلَّا صفة نحو: قَراوِيح وجَلاوِيخ10 وقد يجيء اسمًا بالقياس؛ لأنَّ عِصوادًا11 اسم، وقياس تكسيره عَصاويد. وعلى فَعايِيل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: كَرايِيس12. وعلى فَعالِيل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: الظَّنابِيب والفَساطِيط. والصفة نحو: الشَّمالِيل13 والبَهالِيل14. وعلى فِعِنْلال: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: فِرِنداد15.
وإِن اجتمعتْ فيه بعد اللام كان: على فُعْلُوان: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: عُنفُوان وعُنظُوان1. وعلى فُعْلُلان: نحو: تُرجُمان2. فأمَّا3 تَرجُمان ففُتِحت التاء تخفيفًا؛ لأنه ليس في كلامهم "فَعْلُلان". وعلى فِعْلِيان: ويكون فيهما. فالاسم نحو: صِلِّيان4 وبِلِّيان5. والصفة نحو: عِنْظِيان6 وخِرِّيان7. وعلى فُعَلايا: نحو: بُرَحايا8. ولم يجئ غيره. وعلى فَعَلَيَّا: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: مَرَحَيّا وبَرَدَيّا9. وهو قليل. وعلى فِعْلِياءَ: وهو قليل فيهما. فالاسم نحو: كِبرِياء وسِيمِياء. والصفة نحو: جِربِياء10. وعلى فَعَلُوتَى: نحو: رَهَبُوتَى11 ورَغَبُوتَى12 ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل. وإن اجتمع منها ثنتان كان: [13أ] . على إِفْعِلان: ويكون فيهما قليلًا. فالاسم نحو: إِسحِمان13. والصفة نحو: ليلةٌ إِضحيانةٌ14.
وعلى أُفْعُلان: ويكون فيهما. فالاسم نحو: أُفعُوان وأُرجُوان. والصفة نحو: أُسحُلان1 وأُلعُبان2. وعلى أَفْعَلان: ولم يجئ إِلَّا صفةً، وهو قليل، قالوا: عَجينٌ أَنبَخانٌ3. وقالوا: أَرْوَنانٌ4. وعلى تَفْعَلاء: قالوا: هو يمشي التَّركَضاءَ5. ولم يُسمع غيره. وعلى أَفْعَلاءَ وأَفْعِلاءَ: نحو: أَربَعاء وأَربِعاء. ولا يُعلم6 غيرهما، إِلَّا أن يُكَسَّر عليه الواحد للجمع، فإِنه قد يجيء على "أَفعِلاء" كثيرًا، نحو: أَصدِقاء وأَرمِداء جمع رماد: وحكى أبو زيد: أَرمِداءُ كثيرةٌ. وعلى إِفْعِلاءَ: نحو إِرمِداء. فأمَّا أَربُعاء فظاهره أنه "أَفعُلاء". وقد يمكن عندي أن يكون "فَعلُلاء" كعَقْرُباء7. ولا تُجعل الهمزة زائدة، وإِن كانت في موضعٍ تكثر فيه زيادتها، لئلَّا يكون في ذلك إثبات بناء لم يوجد. وكذلك أُربُعاء كقُرفُصاء8. وعلى فُنْعُلاءَ وفُنْعَلاءَ: نحو: خُنفُساء وخُنفَساء. وأمَّا جُلَنداء9 من قول الشاعر10: وجُلَنداءَ, في عُمانَ, مُقِيمًا ... [ثُمَّ قَيسًا في حَضْرَ مَوتَ المُنِيفِ] فلا يثبت به "فُعَنْلاء"؛ لأنَّه قد حُكي مَقصورًا11, فيمكن أن يكون مَدُّه ضَرورة، ويكون من الضرائر التي لا تنقاس. وعلى فاعِلاءَ: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: قاصِعاء12 ونافِقاء13.
وعلى فَعالاءَ: نحو: ثَلاثاء وبَراكاء1. وقد جاء وصفًا، قالوا: رَجلٌ عَياياءُ طَباقاءُ2. وعلى فِعالاء: نحو: قِصاصاء3. حكاه ابن دُريد، ولا يُحفظ غيره. وعلى فَعْلُولَى4: نحو: فَوضُوضَى5. ولم يجئ غيره. وعلى فَوعَلاءَ: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: حَوصَلاء6. وعلى مَفعِلاءَ: وهو قليل، نحو: مَرْعِزاء7. وعلى فُعُولاءَ: نحو: عُشُوراء8. وعلى فَعُولاءَ: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: دَبُوقاء9 وبَرُوكاء10. وعلى فَعِيلاءَ: وهو قليل، ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: عَجِيساء11 وقَرِيثاء12. وأمَّا الدِّيكِساء13 والدَّيكَساء فـ"فِعْلِلاء" و"فَعْلَلاء"، كطِرْمِساء14 وحَرْمَلاء15. والياء أصل في بنات الأربعة، كما هي في "يَستَعُور"16 أصلًا وهو خماسيّ. ولم تجعل الياء فيهما زائدة فيكونَ وزنهما "فِيعِلاء" و"فَيعَلاء"؛ لأنهما بناءان لم يستقرّا في كلامهم. وكذلك نِفْرِجاء: 17 "فِعْلِلاء"، وليس بـ"نِفْعِلاء" على ما يُبَيَّنُ بعدُ18، إِن شاء الله.
وعلى فُعُّلان: وهو قليل. [فالاسم] نحو1: قُمُّحان2. والصفة: قُمُّدان. ولا يُعرف في الصفة غيره. وعلى فُعَلّان: ويكون فيهما. فالاسم نحو: حُوَمّان3. والصفة: عُمَدّان وجُلَبّان4. فأمَّا قولهم: هم في كَوَّفانٍ5، فليس فيه دليل على إِثبات "فَعَّلان"، لاحتمال أن يكون6 "فَوعَلان" كحَوفَزان7. وعلى فِعِلّان: ويكون فيهما. فالاسم نحو: عِرِفّان8 وفِرِكّان9. والصفة نحو: رَجلٌ كِلِمّانيّ10. وعلى فَعِلّان: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا، نحو: تَئِفّان11. وعلى فِعِلْعال: ويكون فيهما. فالاسم نحو: حِلبَلاب. والصفة نحو: سِرِطْراط12. فأمَّا عِفِرِّين13 فهو جمع في الأصل، لعِفِرّ على وزن طِِمِرّ، وسُمِّيَ بالجمع، وجعل الإعراب في النون. وهذا أولى من أن يكون اسمًا مفردًا في الأصل على وزن "فِعِلِّين"؛ لأنه بناء لم يستقرَّ في المفردات. وكذلك كِفِرِّين14. وأمَّا زَيزَفُون من قوله أميّة بن أبي عائذ15:
[مَطارِيحَ بالوَعثِ مَرَّ الحُشُو ... رِ] , هاجَرْنَ رَمَّاحةً زَيزَفُونا فظاهره أنه "فَيفَعُول" من الزَّفْن1. وعلى ذلك حمله2 أبو سعيد [السّيرافيّ] . والصحيح ما ذهب إليه أبو الفتح3، من أنه "فَيعَلول" على وزن خَيسفُوج4. فيكون قريبًا من لفظ الزَّفْن، وليست أصوله كأصوله. فيكون كسَبِط و5سِبَطر. وهذا أولى؛ لأنَّ هـ قد ثَبَتَ من كلامهم "فَيعَلول"، ولم يثبت فيه "فَيفَعول". ويكون من باب "دَدَن"، وإِن كان قليلًا، ومثله دَيدَبُون6. وعلى إِفعالّ: نحو: إسحارّ7. ولا يُحفظ غيره. وعلى أَفعالّ: نحو: أَسحارّ. وعلى فَعاعِيل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: سَلاليم وبَلاليط8. والصفة [نحو] : عَواوِير9 وجَبابِير. وعلى فُعاعِيل: ولم يجئ إِلَّا صفةً، قالوا: ماءٌ سُخاخِين10. ولا يُعلم غيره. وعلى فَعْفَعِيل: ولم يجئ [13ب] إِلَّا اسمًا، نحو: مَرمَرِيس11. وقد قالوا فيه: مَرمَرِيت. وعلى فَعالِين: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: سَراحِين12 وفَرازِين13. ولا يكون إِلَّا جَمعًا. فأمَّا قولهم: أَتيتُكَ كَراهِينَ أن تَغضبَ، فيمكن أن يكون جمع كُرْهان كغُفران، وإن لم يُنطق به. ونظيره من الجموع التي لم يُنطق لها بواحد عَبادِيد14 وشَماطِيط15.
وعلى فَعالان: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: سَلامان1 وحَماطان2. وهو قليل. وعلى فَيعُلان: ويكون فيهما. فالاسم نحو: ضَيمُران3 وأَيهُقان4. والصفة نحو: كَيذُبان وهَينُمان5. وعلى فَيعَلان: ويكون فيهما. فالاسم نحو: قَيقَبان6 وسَيسَبان7. والصفة نحو: هَيَّبان8 وتَيَّحان9. وأمَّا طَيلِسان فقد أَنكره الأصمعيُّ، وعمل الأخفش والمازنيّ10 عليه المسائل، بالرواية الضعيفة. وعلى فَوعَلان: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: حَوتنان11 وحَوفَزان12. وعلى مَفْعَلان: ولم يجئ إِلَّا صفةً13 نحو: مَكرَمان ومَلأَمان. وأمَّا مُسْحُلان14 فـ"فُعْلُلان" كعُقرُبان. وليست الميم زائدة، وإِن كانت في محلّ زيادتها؛ لأنَّ ذلك يؤدّي إلى أن يكون وزن الكلمة "مُفْعُلان"، وذلك بناء لم يستقرّ في كلامهم. فالأولى ما ذكرنا. وأمَّا قولهم: حمامةٌ ذاتُ صَوقَريرٍ15 فـ"فَعْلَلِيل" كعَرْطَلِيل16. والواو أصل في بنات
الأربعة. وهذا أولى من جعلها زائدة، فتكونُ الكلمة على وزن "فَوَعِليل"؛ لأنَّ [في] 1 ذلك إِثبات بناء لم يوجد في كلامهم. وعلى تَفْعَلُوت: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: تَرنَمُوت2. وعلى فَواعِيل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا كواحدِهِ، نحو: خَواتِيم3 وسَوابِيط4. وعلى فَياعِيل: ويكون فيهما. فالاسم [نحو] : دَيامِيس5 ودَيامِيم6. والصفة نحو: صَيارِيف7 وبَياطِير8. وعلى فَعالِيت: ولم يجئ إِلَّا صفةً، وهو قليل، نحو: عَفاريت. وقد يجيء اسمًا بالقياس، نحو: مَلاكِيت، في جمع مَلَكُوت. وعلى فَعالِيّ: ويكون فيهما. فالاسم نحو: بَخاتِيّ9 وقَمارِيّ10 ودَباسِيّ11. والصفة نحو: دَرارِيّ12 وحَوالِيّ13. وعلى فَنْعَلِيل: ولم يجئ إِلَّا صفة، وهو قليل، نحو: خَنفَقِيق14. فأمَّا قولهم: رَجلٌ مَقتَوِينٌ15، فإِنه جمع مَقْتَويٍّ على حذف ياءيِ النسب. والأصل "مَقتَوِيُّونَ"، فحُذِفَت ياءا16 النسب كما حُذفتا17 من الأعجَمِينَ18 والأشعَرِينَ19 والأشقَرِينَ20 ووُصِف
المفرد بالجمع تعظيمًا، كما قالوا: ضَبعٌ حَضاجرُ1 وثوبٌ أَكياشٌ2. وجُعل الإِعراب في النون، على حدّ قولهم: عِفِرِّينٌ 3. وقد تَفعَل العربُ ذلك4 بالجمع من غير أن تَسَمِّيَ به. وعلى ذلك قوله5: ولَقَد وَلَدتَ بَنيِنَ صِدقٍ سادةً ... ولأَنتَ بَعدَ اللهِ كُنتَ السَّيِّدا فجَعل الإِعرابَ في نون بنين وحذف التنوينَ من النون للإضافة.
المزيد فيه أربعة أحرف
[المزيد فيه أربعة أحرف] : وأمَّا الذي تلحقه أربع زوائد فإِنه يكون: على افعِيلال: ولم يجئ إِلَّا مصدرًا، نحو: اشهيباب واحميرار. وعلى فاعُولاء: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: عاشُوراء. وعلى فُعُلْعُلان: ولم يجئ منه إِلَّا كُذُبْذُبان. حكاها الثِّقاتُ. وعلى مَفْعُولاء: ويكون فيهما. فالاسم نحو: مَعيُوراء1. والصفة نحو: مَعلُوجاء2 ومَشيُوخاء3. وعلى أُفْعُلاوَى: نحو: أُربُعاوَى4. وعلى فُعَّيلاء: نحو: دُخَّيلائك. ولم يجئ غيره5. وأمَّا قولهم: هم6 في مَعْكُوكاءَ وبَعْكُوكاءَ فـ"مَفْعُولاء" لا "فَعْلُولاء". والباء في "بَعكوكاء" بدل من الميم، على لغة بني مازن. فإِنهم يبدلون من الميم باءً7، إِذا كانت أوَّلًا.
وأمَّا يَنابِعات1 فإِنما هو "يَفاعِل" كيرامِع2، ثمّ جُمع بالألف والتاء وسُمِّي به، وليس ببناء مفرد على وزن "يَفاعِلات". فإِنَّ ذلك بناءٌ لم يثبت من كلامهم.
الرباعي المزيد
[الرباعي المزيد] : [المزيد فيه حرف واحد] : وأمَّا الرُّباعيُّ المزيد فقد تلحقه زيادة، وقد تلحقه زيادتان، وقد تلحقه ثلاث، فيصير على سبعة أحرف. وهو أقصى ما ينتهي إليه المزيد. فأمَّا الزيادة الواحدة فلا تلحق بنات الأربعة فصاعدًا من أوّلها، إِلَّا أسماءَ [14أ] الفاعلين والمفعولين الجارية على أفعالها1. فإِذا لحَقَتِ الزيادةُ [اسمَ] الفاعل، من الفعل الرباعيّ، كان على مُفَعْلِل: نحو: مُدَحرِج. وإِذا لحقت اسم المفعول [منه] 2 كان على مُفَعْلَل: نحو: مُدَحرَج. وتلحق3 الزيادة، فيما عدا ذلك من الرباعيّ، بعد الفاء، وبعد العين، وبعد اللام الأولى، وبعد اللام الأخيرة. فإذا لحقَتِ الزيادة بعد الفاء يكون4: على فُنْعَلّ: وهو قليل فيهما. فالاسم نحو: خُنْبَعْثة5. والصفة نحو: قُنفَخْر6. وعلى فَنَعْلُل: وهو قليل، ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: كَنَهبُل7. وعلى فَوْعَلِل: نحو: دَودَمِس8. فأمَّا هَيدَكُر9 فهو مقصور من هَيدَكُور، وليس ببناء أصليّ. فوزنه على هذا "فَيعَلُول"
كخَيسَفُوج1. وكذلك خَنْضَرِف2 هو مثل3 جَحمَرش4 وليس "فَنْعلِلًا" لأنَّ ذلك بناء غير موجود. فيكون من معنى "خَضْرَف"، وليس5 موافقًا له في الأصول. وكذلك عجوزٌ شَنَهْبَرةٌ6 هو كسَفَرجَلة. وليس بـ"فَنَعْلَلة" لأنَّ ذلك بناء غير موجود. فيكون أيضًا من معنى شَهْبَرة، ولا تكون الأصول متَّفقة، بل هما في ذلك كسَبِط وسِبَطر. وعلى فُعَّلّ: ولم يجئ إِلَّا صفةً، نحو: شُمَّخْر7. وعلى فِعَّلّ: ولم يجئ إِلَّا صفةً، نحو: عِلَّكْد8. وإذا لحقتْه بعد العين كان: على فُعالِل: ويكون فيهما. فالاسم: جُخادِب9. والصفة نحو: عُذافِر10. وعلى فَعالِل: ويكون أيضًا فيهما. فالاسم نحو: حَبارِج11 والصفة نحو: قَراشِب12. وعلى فَعَيلَل: ولم يجئ إِلَّا صفةً، نحو: سَمَيدَع13. وعلى فَعَولَل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: فَدَوكَس14. والصفة نحو: سَرَومَط 15.
وعلى فَعَنْلُل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: قَرَنفُل. وعلى فَعَنْلَل: وهو قليل في الاسم نحو: جَحَنفَل1، كثير في الصفة نحو: حَزَنبَل2. وعلى فَعَلَّل: ويكون فيهما. فالاسم: شَفَلَّح3. والصفة: عَدَبَّس4. وعلى فُعُلُّل: وهو قليل نحو: الصُّعُرُّر5. ولم يجئ إِلَّا اسمًا. وأمَّا دِحندِح6 فصَوتانِ مُركَّبانِ. وأصلهما: دِحٍ دِح7. وليس بـ"فِعِنلِل"؛ لأنَّ ذلك لم يثبت في أبنية كلامهم. وإذا لحقتْه بعد اللام [الأُولى] 8 يكون: على فِعْلِيل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: قِندِيل. والصفة نحو: شِنظِير9. وعلى فُعْلَيل: وهو قليل. ولم يجئ إِلَّا صفةً10، نحو: غُرنَيق11. وعلى فُعْلُول: ويكون فيهما. فالاسم نحو: زُنبُور. والصفة نحو: شُنْحُوط12. وأمَّا زَرنُوق13 وبَرعُوم14 وبَرشُوم15 وصَندوق وصَعفُوق16 فإِنها مُخفَّفة من الضمّ؛ لأنَّه قد سُمع في جميعها ضمُّ الأوّلِ. إِلَّا صَعفُوقًا فإِنه لم يُسمع فيه ضمٌّ. وقد قيل: إنه
أعجميٌّ1. وعلى فِعْلَول: ويكون فيهما. فالاسم نحو: فِردَوس وبِرذَون2. والصفة نحو: عِلطَوس3. وعلى فِعْلُول: نحو: فِلطُوس4. ولم يجئ غيره. وعلى فَعَلُول: ويكون فيهما. فالاسم نحو: قَرَبُوس. والصفة نحو: قَرَقُوس5 وحَلَكُوك6. وعلى فَعَلْوَل: ولم يجئ إِلَّا صفةً، وهو قليل، نحو7: كَنَهْوَر8. وعلى فُعْلال: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: قُرطاس9. وعلى فَعْلال: ولا يكون إِلَّا في المضعَّف؛ الذي الحرفان الأخيران10 منه بمنزلة الأوَّلين -فالاسم نحو: زَلزال11. والصفة نحو: صَلصال12– إِلَّا13 حرفٍ واحدٍ شَذَّ من غير المضاعف، حكاه الفَرّاء وهو: ناقة بها خَزْعال14. فأمَّا قول أوس15: ولَنِعمَ مأوَى المُستضِيفِ, إِذا دَعا ... والخَيلُ خارِجةٌ مِنَ القَسطالِ فإِنَّما أراد القَسطَل. فاحتاج فأشبع الفتحة. وعلى فِعْلال: ويكون فيهما. فالاسم نحو: قِنطار. والصفة نحو: سِرداح16. ولم يجئ مضعَّفًا إِلَّا مصدرًا، كالزِّلزال والقِلقال.
فأمَّا الدِّئداء1 فـ"فِعْلاء" كعِلْباء2 [فيكون] 3 في معنى الدَّيداء ومخالفًا له في الأصول؛ لأنَّ الدَّيداء: "فَعْلال"، فيكون نحو سَبِط4 وسِبَطر. وهذا أولى من إِثبات "فِعْلال" مضعَّفًا غير مصدر؛ لأنه لم يستقرَّ [14ب] من كلامهم. وعلى فَعَلَّل: ولم يجئ إِلَّا صفةً، نحو: سَبَهْلَل5. وعلى فِعْلَلّ: ويكون فيهما. فالاسم نحو: عِربَدّ6. والصفة نحو: قِرشَبّ7. وعلى فُعْلُلّ: ولم يجئ إِلَّا صفةً، نحو: طُرطُبّ8. وعلى فِعْلِلّ: ولم يجئ منه إِلَّا صفةٌ [نحو "عِرْبِدّ"] 9. وإذا لحقتْه بعد اللام الأخيرة يكون: على فَعَلَّى: ولم يجئ إِلَّا صفةً، نحو: حَبَركَى10. وعلى فِعَلَّى: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: سِبَطرَى11. وعلى فَعْلَلَى: ولم يجئ إِلَّا اسمًا, نحو: جَحجَبَى12. وعلى فِعْلِلَى: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: هِرْبِذَى13. وعلى فِعْلَلَى: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا، [وهو قليل] 14، نحو: هِندَبَى15.
وعلى فُعَلِّيَة: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وتلزمه الهاء، نحو: سُلَحْفِيَة. وأمَّا سُلَحْفاة فليس فيه دليلٌ على إِثبات "فُعَلّاة". بل هو "فُعَلِّيَة"1 في الأصل، ثمّ قلبوا الكسرة فتحة والياء ألفًا، وهي لغة فاشية في طيّئ. يقولون في رُضِيَ: رُضَى، وفي بَقِيَ: بَقَى. وعلى فَعَلُّوة: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، والهاء لازمة له، نحو: قَمَحْدُوة2.
المزيد فيه حرفان
[المزيد فيه حرفان] : وأمَّا الزيادتان فقد تكونان مُفترقتين أو مجتمعتين1. فإِذا كانتا مفترقتين يكون: على فَعَوْلَلَى: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: حَبَوكَرَى2. وعلى فَيعَلُول: ويكون فيهما. فالاسم نحو: خَيتَعُور3. والصفة نحو: عَيطَمُوس4. وعلى فَنْعَلِيل: ويكون فيهما. فالاسم5 نحو: مَنجَنِيق. والصفة نحو: عَنتَرِيس6. وعلى فَعالِيل: ولا يكون فيهما إِلَّا إِذا كُسِّرَ عليه الواحد للجمع. فالاسم نحو: قَنادِيل والصفة نحو: غَرانِيق7. وعلى فُعالِيل: وهو قليل، ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: كُنابِيل8. وعلى فُعالِلَى: وهو قليل، ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: جُخادِبَى9. وعلى فِعِنْلال: ولم يجئ إِلَّا صفةً، وهو قليل، نحو: جِعِنبار10. وعلى فِعِلَّال: ويكون فيهما. فالاسم نحو: الجِنِبَّار11. والصفة نحو: الطِّرِمَّاح12.
وعلى فَعَنْلِيل: نحو: شَمَنصِير1. ولم يجئ غيره، ولا أَتَحقَّقُ أنَّهُ عربيٌّ2. فأمَّا شَفَنْتَرًى3 اسمَ رجل فـ"فَعَلَّلًى" كقَبَعثَرًى"4. وليست النون زائدة، وإن كانت في محل ّزيادتها؛ لأنَّ جعلها زائدة يؤدّي إلى إِثبات بناء لم يوجد؛ لأنه يكون وزنها إِذ ذاك "فَعَنْلَلًى". وهو بناءٌ لم يثبت في كلامهم. ويحتمل أن يكون وزنه5 "فَعَنْلَلًى" وإن كان بناء لم يستقرّ في غير هذا الموضع؛ لأنك إِن جعلت النون أصليّة أخرجتها عمّا استقرَّ فيها؛ ألا ترى أنَّ النون إِذا كانت ساكنةً ثالثةً، وبعدها حرفان [ولم تك مُدغمة] 6، لم تُلفَ إِلَّا زائدةً، فيما عُرِف اشتقاقه أو تصريفه؟ فلذلك كان القولأنَّ فيها7 سائغين عندي. وأمَّا قَرنْفُول فإِنه لم يجئ إِلَّا في الشِّعر، نحو قوله8: خَودٌ أَناةٌ, كالمَهاةِ عُطبُولْ ... كأنَّ في أَنيابِها قَرَنفُولْ فيمكن أن تكون الواو إِشباعًا مِثلَها في قوله9: وأَنَّنِي حَيثُما يَثنِى الهَوَى بَصَرِي ... مِن حَيثُما سَلَكُوا, أَدنُو فأنظُورُ يريد: فأنظُرُ. وأمَّا الماطِرونَ10 فزعم أبو الحسن11 أنَّ نونه أصليَّة، وأنَّ وزن الكلمة عنده12 "فاعِلُول". واستدلّ على ذلك بجرّ النون، قال الشاعر13:
طالَ هَمِّي, وبِتُّ كالمَحزُونِ ... واعتَرَتْنِي الهُمُومُ, بالماطِرُونِ ووجْه استدلاله بكسر النون، على أنها أصل، هو أنها لو جُعلت زائدة لكانت الكلمة جمعًا في الأصل سُمِّيَ بِه؛ لأنَّ المفردات لا يوجد في آخرها واو ونون زائدين. والجمع إِذا سُمِّيَ به فله في التسمية طريقان: أحدهما أن تحكي فيه طريقته1 وقت أن كان جمعًا، فيكون في الرفع بالواو، وفي النصب والخفض بالياء. والطريقة الأخرى أن تجعل الإِعراب في النون، وتقلب الواو ياء على كل حال، فتقول2: هذا زَيدِينٌ، ورأيت زَيدِينًا، ومررت بِزَيدِينٍ. فلمَّا لم يجئ "الماطِرُون" على وجه من هذين الوجهين قُضِي عليه بأنه مفرد، فوجب عليه جعل النون أصليَّة. وهذا لا دليل له فيه؛ لأنَّ أبا سعيد وغيره من النحويّين حكوا في التسمية وجهين غير هذين [15أ] : أحدهما جعلُ الإِعراب في النون، وإِبقاء الواو على كل حال. فيقولون: هذا ياسِمُونٌ، ورأيت ياسِمُونًا، ومررت بياسِمُونٍ. فيكون الماطِرُونُ جمعًا سُمِّيَ3 به، على هذا الوجه. والوجه الآخر: أن تكون النون مفتوحة في كلّ4 حال، وقبلها الواو، فيقال: هذا ياسِمونَ البرِّ ورأيت ياسمونَ البرِّ، ومررت بياسمونَ البرِّ. وقد جاء ذلك في الماطِرون. وعليه قوله5: ولَها بالماطِرُونَ, إذا ... أكَلَ النَّملُ الَّذِي جَمَعا وهذا ممَّا يدلّ على أنه جمعٌ، مَحكِيَّةٌ فيه حالة الرفع. إِذ لو كان مفردًا لأثَّر فيه العامل، إِذ لا موجب لبنائه. على أنَّ أبا سعيد السيرافيّ قال: أَظنُّها فارسيَّةً. فإِذا كانت فلا حُجَّة فيها. والقول في الماجِشُون6 كالقول في الماطِرون. وكذلك سِقلاطُون7 وأَطرَبُون8 وما كان نحوَ ذلك. وأمَّا خَرَنباشٌ9 من قول الشاعر10:
أَتَتْنا رِياحُ الغَورِ, مِن نَحوِ أَرضِها, ... بِرِيحِ خَرَنباشِ الصَّرائمِ والحَقلِ فيمكن أن يكون في الأصل خَرَنْبَشًا، ثمّ أُشبِعتْ1 فتحته. وإِذا كانتا مجتمعتين يكون: على فَعْلَوِيل: ولم يجئ إِلَّا اسمًا2، نحو: قَندَوِيل3 وهَندَوِيل4. وعلى فَعْلَلِيل: ولم يجئ إِلَّا صفةً، نحو: عَرطَلِيل5. وعلى فَعْلَلُوت: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: عَنكَبُوت. وعلى فَعْلَلُول: ويكون فيهما. فالاسم نحو: مَنجَنُون6. والصفة نحو: حَنْدَقُوق7. وعلى فَعْلَلان: وهو قليل فيهما. فالاسم نحو: زَعفَران. والصفة نحو: شَعشَعان8. وعلى فُعْلُلان: ويكون فيهما. فالاسم نحو: عُقرُبان9. والصفة نحو: عُرْدُمان10. وعلى فِعْلِلان: ويكون فيهما. فالاسم نحو: حِندِمان11. والصفة نحو: حِدرِجان12. وعلى فَعْلَلاءَ: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: بَرنَساء13. وعلى فُعْلُلاءَ: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: قُرفُصاء14. وعلى فِعْلِلاءَ: ولم يجئ إِلَّا صفةً، وهو قليل، نحو: طِرمِساء15.
وعلى فِعْلَلاءَ: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو: هِندَباء1. وأمَّا شِفْصِلَّى2 فإِن ثَبَتَ كان فيه دليل على إِثبات "فِعْلِلَّى" من كلامهم. وعلى فُعَلِّيل: نحو: القُشَعْرِيرة والسُّمَهْجِيج3. ولم يجئ غيرهما4.
المزيد فيه ثلاثة أحرف
[المزيد فيه ثلاثة أحرف] : وإِذا لحقتْه ثلاث زوائد كان: على فُعَيلُلان: نحو: عُرَيقُصان1. ولم يجئ إِلَّا اسمًا. وأمَّا هَزَنبَران2 وعَفَزَّران3 فإنهما تَثنية هَزنبَر كجَحَنفَل4، وعَفَزَّرٍ كعَدَبَّس5. ثم سُمِّيَ بهما. وهذا أَولى من إِثبات بناء على وزن "فَعَنْلَلان" أو "فَعَلَّلان"، ولم يثبت من كلامهم. وعلى فَعَولُلان: وهو قليل، نحو: عَبَوثُران6. وعلى فَعْلالاءَ: [ولم يجئ إِلَّا اسمًا] 7، وهو قليل، نحو8: بَرْناساء9. وعلى فُعالِلاءَ: ولم يجئ أيضًا إِلَّا اسمًا، وهو قليل، نحو: جُخادِباء10. وأمَّا مُفْيَئِنّ11 فـ"مُفْعَلِلّ" والياء أصل في بنات الأربعة. ولا يكون "مُفْيَعِلًّا"؛ لأنه ليس من أبنية كلامهم.
وأمَّا السِّلِنْطِيط1 فزعم أبو سعيد أنه جاء في الشعر. والمتوهَّم أنه ليس من كلامهم، فإِذا كان كذلك فلا يَثبُتُ به "فِعِنْلِيل"2. وأمَّا عُقْرُبَّان3 فيمكن أن يكون أصله عُقْرُبان خفيفًا كثُعْلُبان4، ثمّ ضُعّفت الباء كما تُضعَّف أَواخر الأسماء؛ لأنها آخِر لأنَّ الألف والنون تَجريان مجرى تاء التأنيث. ولذلك إِنَّما يُصَغَّر من الاسم الذي يكونان فيه الصدرُ5، كما أنه لا يُصغَّر من الاسم الذي فيه تاء التأنيث إِلَّا صدره. فإن قيل: إِنَّما تَفعل ذلك العربُ في الوقف. قيل: يكون هذا من إِجراء الوصل مُجرى الوقف.
الخماسي المزيد
[الخماسيّ المزيد] : وأمَّا الخماسيُّ فلا تلحقه إِلَّا زيادة واحدة، فيصير على ستَّة أحرف ويكون: على فَعْلَلِيل: ويكون1 فيهما. فالاسم نحو: خَندَرِيس2. والصفة نحو: دَردَبِيس3. وعلى فَعْلَلُول: ولم يجئ إِلَّا اسمًا، نحو يَستَعُور4. وعلى فِعْلَلُول: ولم يجئ إِلَّا صفةً، وهو قليل، نحو: قِرطَبُوس5. وعلى فَعَلَّلًى: ولم يجئ أيضًا إِلَّا صفةً، وهو قليل، نحو: قَبَعثَرًى6. وعلى فُعَلِّيل: ويكون فيهما. فالاسم نحو: خُزَعبِيل7. والصفة نحو: قُذَعمِيل8. وأمَّا سَمَرْطُول9 من قوله10: [15ب]
على سَمَرطُولٍ, نِيافٍ شَعشَعِ فلا يثبت به "فَعَلُّولٌ"؛ لأنه لم يُسمع قطُّ في نثر. وإِنَّما سُمع في الشعر، وهم مما يحرّفون في الشعر1، إِذا اضطُرُّوا إلى ذلك. قال2: بِسَبْحَلِ الدَّفَّينِ, عَيسَجُورِ وإِنَّما هو سِبَحْل بمنزلة قِمَطْر. فكذلك سَمَرْطُولٌ يمكن أن يكون مُحرَّفًا من سَمْرَطُول، كعَضْرَفُوط3. فأمَّا دُرْداقِس4 فلا يَتحَقَّقُ كونها من كلام العرب. قال الأصمعيُّ: أَظنُّها رُوميَّةً5. فلا يَنبغي أن يَثبُتَ بها "فُعْلالِلٌ". وكذلك خُزْرانِق6 أصله فارسيٌّ7 فلا حُجَّة فيه. وأمَّا قَرَعْبَلانةٌ8 فلم9 تُسمَع إِلَّا من كتاب "العَين"، فلا ينبغي أن10 يُلتفت إليها.
باب أبنية الأفعال
باب 1: أبنية الأفعال [الماضي الثلاثيّ] : الأفعال تنقسم قسمين: ثلاثيّ ورباعيّ. وكلاهما ينقسم قسمين: مزيدٌ وغيرُ مزيدٍ. فأمَّا الثلاثيّ غير المزيد فله ثلاثة أبنية2: فَعَلَ: كـ"ضَرَبَ". وفَعِلَ: كـ"عَلِمَ". وفَعُلَ: كـ"ظَرُفَ". وأمَّا الثلاثيُّ المزيد فينقسم ثلاثة أقسام: قسم جاء على وزن الرباعيّ وهو ملحق به، وقسم جاء على وزن الرباعيّ وليس بملحق به3، وقسم لم يجئ على وزنه. فالملحق ما جاء: على فَيْعَلَ: نحو: بَيطَرَ4. وعلى فَعْلَلَ: نحو: جَلبَبَ5 وشَملَلَ6.
وعلى فَوْعَلَ: نحو: حَوقَلَ1. وعلى فَعْوَلَ: نحو: جَهوَرَ2. وعلى فَعْنَلَ: نحو: قَلنَسَ3. وهو قليل. وعلى يَفْعَلَ: نحو: يَرنأَ لِحيتَهُ4. وعلى فَعْلَى: نحو: قَلسَى5. وهذه الأمثلة مُلحقة بـ"فَعْلَلَ" من الرباعيّ، نحو: قَرْطَسَ6. ويجيء: على تَفَعْلَى: نحو: تَقلسَى7 وتَجَعبَى8. وعلى9 تَفَعْلَتَ: نحو: تَعَفرَتَ. وعلى تَفَعْنَلَ: نحو: تَقَلنَسَ. وعلى تَفَعْلَلَ: نحو: تَجَلبَبَ. وعلى تَفَيْعَلَ: نحو: تَشَيطَنَ. وعلى تَفَوْعَلَ: نحو: تَجَورَبَ. وعلى تَفَعْوَلَ: نحو: تَرَهوَكَ10. وعلى تَفاعَلَ: نحو: تَغافَلَ. وعلى تَفَعَّلَ: نحو: تَكرَّمَ. وعلى تَمَفْعَلَ: نحو: تَمَسكَنَ. وهذه الأمثلة مُلحقة بـ"تَفَعْلَلَ" من الرباعيّ، نحو: تَدَحرَجَ.
وعلى1 افَعَنْلَلَ: نحو: اقعَنسَسَ2. وعلى3 افعَنْلَى: نحو: اسلَنقَى4. وهذان المثالان مُلحقان ببناء "افعَنْلَلَ"5 من الرباعيّ، نحو: احرَنجَمَ6. والذي يُعلَمُ به أنَّ هذه الأمثلة مُلحقةٌ، ببناء ما ذكرنا، مجيءُ مصادرها على حَسَبِ مصادر ما أُلحِقَتْ به. فتقول: جَلبَبةً وشَملَلةً وبَيطَرةً وجَهوَرةً وقَلنَسةً. وقَلساةً، كما تقول: قَرْطَسةً. وتقول: تَجَلبُبًا وتَشَيطُنًا7 وتَجَورُبًا وتَرَهوُكًا8 وتَمَسكُنًا وتَغافُلًا وتَكرُّمًا، كما تقول: تَدَحْرُجًا، وتقول: اسلِنقاءً واقعِنساسًا، كما تقول: احرِنجامًا. وغير الملحق ما جاء: على أَفْعَلَ: نحو: أَكرَمَ. وعلى فاعَلَ: نحو: ضارَبَ. وعلى فَعَّلَ: نحو: ضَرَّبَ. فهذه الأمثلة على وزن "دَحْرَجَ"، وليست ملحقةً به، بدليل أنك لا تقول "ضارَبَةً" ولا "ضَرَّبَةً" ولا "أَكرَمَةً"، كما تقول: دَحرَجةً. والذي لم يجئ على وزن الفعل9 ما كان: على انفَعَلَ: نحو: انطَلَقَ. أو10 افتَعَلَ: نحو: اقتَدَرَ.
أو استَفْعَلَ: نحو: استَخرَجَ1. أو افْعَلَّ: نحو: احمَرَّ. أو افْعالَّ: نحو: احمارَّ. أو افْعَوَّلَ: نحو: اعلَوَّطَ2. أو افعَوْعَلَ: نحو: اغدَودَنَ3. فهذه الأمثلة من مزيد الثلاثيّ، وليس لها نظير في الرباعيّ. فأمَّا هَرَقْتُ وهَرَحْتُ فأصلهما: أَرَقْتُ وأَرَحْتُ، والهاء بدل من الهمزة. وأَصله: أرَقْتُ وأرَحْتُ4. وكذلك أَهْرَقْتُ أصله: أَرَقْتُ، والهاء زائدة، وكذلك أَهْرحْتُ. وكذلك أَسطاعَ فأصله: أَطاعَ، والسين زائدة. فلا يثبتُ بشيء من ذلك وزن للفعل، على خلاف ما ذُكِر؛ لأنَّ هذه الأشياء شَذَّت ولم تطَّرد في بابها. وأمَّا "افعَوْلَل" نحو: اعثَوْجَجَ البعيرُ5، و"افوَنْعَلَ" نحو: احوَنصَلَ الطائرُ6، و"افعَيَّلَ" نحو: اهبَيَّخَ الرَّجلُ7، فلم يذكرها أحد إِلَّا صاحب "العَين"، فلا يُلتفت إِليها. وأمَّا ما حكاه8 بعض اللغويِّين، من قولهم: سَنْبَلَ الزَّرعُ وأَسْبَلَ9, ودَنْقَعَ الرَّجلُ، إِذا افتقر فكأنه لَصِقَ بالدَّقعاء, [16أ] و10 ما حكاه أبو عُبيد11 من قولهم: كَنْثَأَتْ لِحيتُهُ وكَثَّأَتْ12، فلا حجَّة في شيء من ذلك على إِثبات "فَنْعَلَ". بل تكون النون أصليَّة، وهي على13 وزن
"فَعْلَلَ" كـ"دَحْرَجَ". ويكون سَنْبَلَ من أَسْبَلَ كسَبِط من سِبَطْر. وكذلك دَنْقَعَ من الدَّقْعاء، وكَنْثأَ من كَثَّأَ. وكذلك قولهم: طَشْيأ رأيُه ورَهْيأَ إذا خَلَّط، لا حُجَّة فيه على إِثبات "فَعْيَلَ". بل يحتمل أَمرين: أحدهما أن تكون الياء أصلًا في بنات الأربعة، كما كانت في يَستَعُور1 لئلّا يؤدِّي إلى إِثبات بناء لم يستقرَّ في كلامهم، وهو "فَعْيَلَ". والآخر أن يكون أصله: رَهْيا وطَشْيا، على وزن "فَعْلَى" كـ"قَلسَى"، ثمّ أُبدِلتِ2 الهمزة من الألف. وأمَّا اكوَهَدَّ الفَرخُ3 واكوَأَلَّ الرَّجلُ4 فوزنهما "افعَلَلَّ" نحو: اقشَعَرَّ، 5 والواو أصل في بنات الأربعة، كما كانت أصلًا في وَرَنْتَل6؛ لأنَّ "افوَعَلَّ" بناء لم يستقرَّ في كلامهم.
المضارع الثلاثي
[المضارع الثلاثي] : وأمَّا المضارعات فالمَقِيس منها أن يجيء مضارعُ "فَعُلَ" أبدًا على "يَفْعُلُ"1 بضمّ العين كالماضي، نحو: ظَرُفَ يَظرُفُ وشَرُفَ يَشرُفُ. ومضارعُ "فَعِلَ" على "يَفْعَلُ" بفتح العين، نحو: شَرِبَ يشرَبُ وحَذِرَ يحذَرُ. و"فَعَلَ" لا يخلو أن يكون للمُغالَبة، أو لا يكون. فإن كان للمغالبة فإِنَّ مضارعه أبدًا على "يَفْعُلُ" بضمّ العين2، نحو: ضَارَبَنِي فضَرَبتُه أَضرُبُهُ، وكابَرَنِي فكَبَرتُه أَكبُرُهُ، وفاضَلَنِي ففَضَلتُه أَفضُلُهُ. هذا ما لم يكن معتلَّ العين أو اللام بالياء، أو معتلَّ الفاء بالواو. فإِن كان كذلك لزم المضارعُ "يَفْعِلُ" بكسر العين، نحو قولك: راماني فرَمَيتُهُ أَرمِيهِ، وسايَرَني فسِرتُه أَسِيرُهُ أي: غَلَبْتُه في السَّير، وواعَدَني فوَعَدتُه أَعِدُهُ. وزعم
الكسائيُّ أنه يجيء على "أَفْعَلُ" بفتح العين، إِذا كان عينه1 حرف حلق، نحو: فاخَرَني ففخَرتُهُ أَفخَرُهُ2. فإِن لم يكن للمغالبة فلا يخلو أن يكون مُعتلَّ الفاء بالواو، أو معتلّ العين أو اللّام بالياء أو بالواو3، أو مُضعَّفًا، أو غير ذلك: فإِن كان مُعتلَّ الفاء بالواو فإِنَّ مضارعه أبدًا على "يَفْعِلُ"4 بكسر العين، نحو: وَعَدَ يَعِدُ ووَزَنَ يَزِنُ. وتُحذف الواو لوقوعها بين ياء وكسرة في: يَعِد، ثمّ تُحمل في: أَعِدُ ونَعِدُ5 وتَعِدُ، عليه لِما يُبيَّنُ6 في التصريف، إِن شاء الله. فإِن كان مُعتلَّ العين أو اللّام7 بالواو كان المضارع أبدًا على "يَفْعُلُ" بضمّ العين، نحو: غَزا يَغزُو وقالَ يَقُولُ. وإِن كان معتلَّ العين أو اللّام بالياء فإِنَّ المضارع منه أبدًا8 على "يَفْعُلُ" بكسر العين، نحو: رَمَى يَرمِي وباعَ يَبِيعُ. وإِن كان مضعَّفًا فلا يخلو أن يكون مُتعدِّيًا أو غيرَ مُتعدّ. فإِن كان غير مُتعدّ فإِنَّ مُضارعه أبدًا يجيء على "يَفْعِلُ" بكسر العين، نحو: فَرَّ يَفِرُّ وشَذَّ الشيءُ يَشِذُّ9. وإِن كان متعدِّيًا فإِن مضارعه أبدًا يجيء10 على "يَفعُلُ" بضمّ العين، نحو: رَدَّهُ يَرُدُّهُ وشَدَّهُ يَشُدُّهُ. فإِن كان غير ذلك فلا يخلو أن تكون لامه أو عينه حرف حلق، أَو لا يكون. فإِن كان
كذلك فإِنَّ مضارعه أبدًا على "يَفْعَلُ" بفتح العين، نحو: قَرَعَ يَقرَعُ وفَغرَ يَفغَرُ وزأَرَ يَزأَرُ. وإِن لم يكن كذلك فإِنَّ مضارعه أبدًا يحيء على: "يَفْعِلُ" و"يَفْعُلُ" بكسر العين وضمّها، نحو: ضَرَبَ يَضرِبُ وقَتَلَ يَقتُلُ وجَلَسَ يَجلِسُ وقَعَدَ يَقعُدُ1. وقد يجتمعان في الفعل2 الواحد، نحو: عَكَفَ يَعكِفُ ويعَكُفُ. وهما جائزان، سُمِعا للكلمة3 أو لم يُسمع إِلَّا أحدهما. وأمَّا المزيد على ذلك فإِنك إِذا أردت المضارع فلا يخلو أن تكون في أَوَّله همزةُ وصلٍ، أو تاءٌ زائِدةٌ، أو لا يكون كذلك. فإِن كان كذلك فإِنَّ المضارع منه بمنزلة الماضي. إِلَّا أنَّك تزيد حرف المضارعة مفتوحًا وتكسِرُ ما قبل الآخر، فيما أوّله همزةُ وصلٍ، وتزيد حرف المضارعة مفتوحًا لا غيرُ، فيما أوّله التاء، فتقول: انطَلَقَ يَنطَلِقُ واستَخرَجَ يَستَخرِجُ وتَغافَل يَتغافَلُ وتَشَجَّعَ يَتَشَجَّعُ. وإِن كان غير ذلك فَعَلتَ فيه ما فعلتَ فيما في4 أوَّلِه همزةُ وصلٍ. إِلَّا أنك تضمُّ حرف المضارعة، فتقول: سَلقَى يُسَلقِي وجَلبَبَ يُجَلبِبُ وأَكرَمَ يُكرِمُ وضَرَّبَ يُضَرِّبُ وضارَبَ يُضارِبُ. وشَذَّ من "فَعِلَ" شيء، فجاء مضارعه على "يَفْعِلُ" بكسر العين، نحو: نَعِم يَنعِمُ وحَسِبَ يَحسِبُ ووَمِقَ يَمِقُ ووَرِثَ يَرِثُ ووَلِيَ يَلِي ووَرِعَ يَرِعُ ووَعِمَ يَعِمُ5 ووَغِمَ يَغِمُ6 ووَحِرَ يَحِرُ7 ووَغِرَ صدرُه يَغِرُ8 [16ب] ووَثِقَ يَثِقُ ووَفِقَ يَفِقُ ووَرِيَ الزَّندُ يَرِي ووَطِئ يَطَأُ ووَسِعَ يَسَعُ9. والدليلُ على أنَّ "يَطأُ ويَسَعُ" في الأصل إِنَّما هو "يَوْطِئُ ويَوْسِعُ"، ثمّ فُتِحت العين لكون اللّام
حرفَ حلق، حَذفُ الواو منهما. ولم يُعتَدَّ بالفتحة لكونها عارضةً. ولو كانت أَصليَّةً لم تُحذَفِ الواو، كما لم تُحذف من: يَوجَلُ ويَوحَلُ1. وشَذَّ منه أيضًا2 شيء، فجاء على "يَفْعُلُ" بضمّ العين، وهو: نَعِمَ يَنعُمُ وفَضِلَ يَفضُلُ وحَضِرَ يَحضُرُ، ومِتَّ تَمُوتُ في لغة من يَكسِرُ الميم، ودِمْتَ تَدُومُ. وشَذَّ3 أيضًا من "فَعَلَ" الذي فاؤه واو لفظة واحدة، فجاء مضارعها على "يَفْعُلُ" بضمّ العين. وهي: وَجَدَ يَجُدُ. وأصله "يَوْجُدُ"، فحُذِفت الواو لكون الضمّ هنا شاذًّا والأصل الكسر، فحُذفت الواو كما حُذفت4 مع الكسرة. و [على] 5 ذلك قوله6: لَو شِئتِ قَد نَقَعَ الفُؤادُ بِشَربةٍ ... تَدَعُ الصَّوادِيَ لا يَجُدْنَ غَلِيلا وشَذَّ أيضًا شيء من "فَعَلَ" المعتلّ اللّام، فجاء مضارعه على "يَفْعَلُ" بفتح العين، وهو: قَلَى يَقلَى7 وعَثَى يَعثَى8 وجَبَى يَجبَى وأَبَى يأبَى9. وشَذَّ أيضًا من "فَعَلَ" الصحيح اللّام شيء، فجاء مضارعه على "يَفْعَلُ" بفتح العين، وهو: قَنَطَ يَقنَطُ ورَكَنَ يَركَنُ. وشَذَّ أيضًا من "فَعَلَ" المضاعف المتعدّي شيء، فجاء مضارعه على "يَفْعِلُ" بكسر العين، وهو: هَرَّ الكأسَ يَهِرُّها10 وعَلَّه يَعِلُّه وحَبَّ الشيءَ يَحِبُّه11.
الرباعي
[الرباعيّ] : وأمَّا الرباعيُّ فغيرُ المزيد منه يجيء1: على "فَعْلَلَ": نحو: قَرطَسَ. والمزيد يجيء: على "افعَنْلَلَ": نحو: احرَنجَمَ2. وعلى "افعَلَلَّ": نحو: اطمأنَّ. وعلى "تَفَعْلَلَ": نحو: تَدَحرَجَ3. ومضارع "فَعْلَلَ": يُفَعْلِلُ، بضمِّ حرف المضارعة وكسر ما قبل الآخر. ومضارع "افعَنْلَلَ": يَفْعَنْلِلُ، بفتح حرف المضارعة وكسر ما قبل الآخر. وكذلك "افعَلَلَّ" مضارعه: يَفْعَلِلُّ، بفتح حرف المضارعة وكسر ما قبل الآخر. و"تَفَعْلَلَ"، مضارعه: يَتَفَعْلَلُ، بفتح حرف المضارعة وما قبل الآخر4.
ذكر معاني أبنية الأفعال
ذكر معاني أبنية الأفعال مجرَّدة من الزيادة وغيرَ مجرَّدة وتبيين المتعدّي منها وغير المتعدّي: فَعَلَ وفَعِلَ: يجيئان مُتعدّيَينِ وغيرَ متعدِّيَينِ. فالمتعدّي منهما: ضَرَبَ وعَلِمَ. وغيرُ المتَعدِّي: قَعَدَ وأَشِرَ1. فَعُلَ2: ولا يتعدَّى البتَّةَ، نحو: ظَرُفَ وشَرُفَ. فَعْلَلَ: ولا يكون إِلَّا متعدِّيًا، نحو: جَلبَبَهُ وشَملَلَهُ3. إِلَّا أن يكون رباعيًّا، فإِنه يكون متعدِّيًا وغير متعدّ. فالمتعدّي نحو: دَحرَجتُه وصَعررَتُه4. وغير المتعدّي نحو: قَرقَرَ5. فَيعَلَ وفَوعَلَ وفَعوَلَ وفَعلَى: تكون متعدّيةً وغيرَ متعدّية. فالمتعدّي منها: بَيطَرَ الدَّابَّةَ وصَومَعَ الثَّريدَ6 ودَهوَرَ المَتاعَ7 وقَلسَى الرَّجلَ8. وغيرُ المتعدّي: بَيقَرَ9 وحَوقَلَ10 وهَروَلَ وعَنظَى11 وخَنظَى12 وخَنذَى13.
فَعْنَلَ: يكون متعدّيًا، نحو: قَلنَسَ. يَفْعَلَ: ولا يكون إِلَّا متعدّيًا، نحو1: يَرنأَ لحيتَهُ2. تَفَعللَ وتَفَيعَلَ وتَفَعلَى وتفَعنَلَ وتَفَوعَلَ وتَمَفعَلَ وتَفَعوَلَ: أكثر ما تجيء غير متعدّية؛ لأنها مطاوِعةٌ للفعل الذي دخلت عليه التاء في الغالب. نحو: دَحرَجتُه فتَدَحرَجَ ومَدرَعتُهُ فَتَمَدرَعَ3. وكذلك باقيها. فكان الغالب عليها لذلك عدمُ التعدّي، حتى تكون كـ"انفَعَلَ". تَفَعلَتَ: ولا يكون متعدّيًا، نحو: تَعَفرَتَ. تَفاعَلَ: تكون متعدّية وغير متعدّية. فالمتعدّية4 نحو: تَقاضَيتُه وتَنازَعْنا5 الحديثَ، وتَجاوَزنا المكانَ. وغير المتعدّية: تَغافَل وتَعاقَلَ6. وإِنما يجوز أن تقول "تفاعلته" وتُعدّيه إلى مفعول، إِذا لم يكن المفعول فاعلًا، نحو: تَقاضَيتُ الدَّينَ. ولها ثلاثة معانٍ: أَحدهما أن تكون للاثنين فصاعدًا، نحو: تَشاتَما وتَقاتَلا. والثاني الرَّومُ7: كقولك: تَقارَبتُ من الشيء8، وتَراءَيتُ لزيدٍ9 أي: رُمتُ القُربَ، ورُمتُ أن يَراني. والثالث الإِيهام: وهو أن يُرِيَكَ أنه في حال ليس فيها. كقولك: تَغافَلتُ وتَعامَيتُ وتَناعَستُ وتَجاهَلتُ، أي أَظهرتُ ذلك، وإِنْ لم أكن10 في الحقيقة موصوفًا بذلك. قال11: إِذا تَخازَرتُ وما بي مِن خَزَرْ
أي: أظهرتُ ذلك. [17أ] وقوله "وما بي من خزر" يدلُّ على ما قلناه من الإِيهام. تَفَعَّلَ: تكون متعدّيةً وغير مُتعدّية. فالمتعدّية نحو: تَلَقَّفتُه، قال تعالى1: "تَلَقَّفُ ما يأفِكُونَ"، وتَخَبَّطَهُ الشَّيطانُ، قال تعالى2: {كالّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيطَانُ مِنَ المَسِّ} 3. وغير المتعدّية نحو: تَحَوَّبَ4 وتأثَّمَ5. ولها ثمانية معانٍ6: أحدها أن تكون مطاوِعة لـ"فَعَّلَ"، كقولك: كَسَّرتُه فتَكسَّرَ وقَطَّعتُه فتَقَطَّعَ. والمطاوَعة7: أن تُريدَ من الشيء أَمرًا ما فتَبلُغَه. والثاني الحِرص على الإِضافة: فإِذا أراد الرجل أن يُدخِل نفسه في الشجعان والحلماء8 قيل: تَشَجَّعَ وتَحَلَّمَ. قال حاتم الطائيّ9: تَحلَّمْ عَنِ الأَدنَينَ, واستَبقِ وُدَّهُم ... ولَن تَستَطِيعَ الوُدَّ، حَتّى تَحَلَّما ومنه: تَقَيَّسَ10 وتَنَزَّرَ11 وتَعَرَّبَ12. والثالث أخذُ جزءٍ بعد جزء: نحو: تَنَقَّصتُه وتَجَرَّعتُه وتَحَسَّيتُه أي: أخذتُ منه الشيء بعد الشيء. والرابع الخَتْلُ: كقولك: تَغَفَّلَه أي: أراد أن يَختِلَه عن أمرٍ يَعُوقُه13 عنه. وتَمَلَّقَه نحو ذلك؛ لأنه إِنما يديره عن شيء. والخامس التوقُّعُ: كقولك: تَخَوَّفَهُ؛ لأنَّ مع التخوّف14 توقُّعَ الخوف. وأمَّا "خافه" فلا تَوقُّع معه15.
والسادس الطلب كـ"استَفعَلَ": نحو: تَنَجَّزَ حَوائجَه واستَنجَزَها. والسابع التكثير: كقولك: تَعطَّينا1. والثامن التَّرك: كقولك: تَحوَّبَ وتأثَّمَ أي: تَركَ الإِثَم والحُوبَ. افعَنْلَلَ وافعَنْلَى: أمَّا "افعنللَ" فلا يكون أبدًا متعدّيًا، نحو: اقعَنسَسَ2 واحرَنجَمَ3. وأمَّا "افعَنلَيتُ"4 فزعم أبو الفتح أنه يكون متعدّيًا وغير متعدّ5. فغيرُ المتعدّي نحو: احرَنبَى الديكُ6. والمتعدّي نحو: اغرَندَى7 واسرَندَى8. قال الراجز9: قَد جَعَلَ النُّعاسُ يَغرَندِينِي ... أَدفَعُهُ عَنِّي, ويَسرَندِينِي وزعم سيبويه أنه لا يتعدَّى. والصحيحُ ما ذهب إِليه سيبويه، إِذ لم يُسمَع متعدّيًا إِلَّا في هذا الرجز، وغالبُ الظنّ فيه أنه مصنوع. قال [أبو بكر] 10 الزُّبيديُّ: أَحسِبُ البيتينِ مَصنُوعَينِ. أَفْعَلَ: يكون متعدّيًا وغيرَ متعدّ. فالمتعدّي كـ"أَكرَمَ"، وغيرُ المُتعدّي كـ"أَخطأَ"11. ولها أحدَ عشَرَ معنى12: الجَعْلُ، والهُجومُ، والضِّياءُ، ونَفيُ الغَريرة، والتَّسميةُ، والدُّعاءُ، والتعريضُ، وبمعنى "صارَ صاحِبَ كذا"، والاستحقاقُ، والوجودُ، والوصولُ. فالجَعلُ على ثلاثة أوجه: أحدها أن تجعله يَفعلُ، كقولك: أَخرَجتُه وأَدخَلتُه، أي: جعلتُه خارجًا وداخلًا13. والثاني أن تجعله على صفةٍ، كقولك: أَطردتُهُ: جَعلتُه طَريدًا. وثالث أن تجعله صاحب شيء، نحو أَقبَرتُه: جعلتُ له قَبرًا
والهجومُ: كقولك: أَطلَعتُ عليهم، أي: هَجمتُ عليهم. وأمَّا1 طَلَعتُ عليهم2 فـ"بَدَوتُ". والضِّياءُ: كقولك: أَشرَقتِ الشَّمسِ: أضاءتْ. فأمَّا شَرَقَتْ فـ"طَلَعتْ". ونَفيُ الغَريزةِ: كقولك: أَسرَعَ وأَبطأَ. كأنك قلت: عَجِلَ واحتَبَسَ. فأمَّا عَجُلَ3 وبَطُؤَ فكأنه غريزةٌ4. والتَّسميةُ: كقولك: أَكفَرتُه وأَخطأتُه أي: سَمَّيتُه كافرًا ومُخطئًا. والدُّعاءُ: كقولك: أَسقَيتُه: دَعوتُ له بالسُّقيا5. قال ذو الرُّمّة6: وأُسقِيهِ, حَتَّى كادَ مِمَّا أَبُثُّهُ ... تُكَلِّمُنِي أَحجارُهُ, ومَلاعِبُهْ أي: أدعو له بالسُّقياه. والتَّعريضُ: كقولك: أَقتَلتُه أي: عَرَّضتُه للقتل. وبمعنى صارَ صاحبَ كذا: كقولك: أَجدَبَ المكانُ أي: صار ذا جَدْبٍ. والاستحقاقُ: كقولك: أقطَعَ النَّخلُ وأَحصَدَ الزَّرعُ، أي: استحقّا أَن يُفعَل بهما ذلك. ومن ذلك: أَحمَدتُه: وجَدتُه مُستحقًّا للحمد، وأَلامَ الرَّجلُ: استحقَّ أن يُلام. والوجودُ: كقولك: أبصَرَهُ: دَلَّهُ على وُجود المُبْصَر. والوصولُ: كقولك: أَغفَلتُه أي: وَصَلَتْ غَفلتي إِليه7. فاعَلَ: وتكونُ متعدّيةً8، نحو: ضارَبتُ وشاتَمتُ. وقد تكون غيرَ متعدّية9، نحو: سافَرَ. وأكثر ما تجيء من اثنين، نحو: ضارَبتُ10 وقاتَلتُ. وقد تكون11 من واحد، نحو: سافَرَ
وعاقَبتُ1 اللّصَّ وطارَقَ النَّعلَ2. فَعَّلَ: ويكونُ متعدّيًا وغيرَ متعدّ. فالمتعدّي نحو: كَسَّرتُه وقَطَّعتُه. وغيرُ المتعدّي نحو: سَبَّحَ وهَلَّلَ. ولها ثمانيةُ معانٍ3: أحدها أن تكون [17ب] للنَّقل، فتُصَيِّرَ الفاعل مفعولًا، كقولك: فَرِحَ وفَرَّحتُه وغَرِمَ وغَرَّمتُه وفَزِعَ وفَزَّعتُه. والثاني التكثيرُ: كقولك: فَتَّحتُه وكَسَّرتُه وقَطَّعتُه وحَرَّكتُه. والثالث الجَعلُ على صفةٍ: كقولك: فَطَّرتُه فأَفطَرَ. والرابع التَّسميةُ: كقولك: خطَّأتُه وفَسَّقتُه، أي: سَمَّيتُه مُخطئًا [وفاسِقًا] 4. والخامس الدعاءُ للشيء أو عليه: كقولك: سَقَّيتُه: قلتُ له: سَقاكَ اللهُ. وجَدَّعتُه وعَقَّرتُه أي: دَعوتُ عليه بالجَدْع والعَقْر. والسادس القيامُ على الشيء: كقولك: مَرَّضتُه أي: قمتُ عليه. والسابع الإِزالةُ: كقولك: قَذَّيتُ عَينَه، أي: أزلت عنها القَذَى. والثامن أن يُراد بها رميتُه بذلك: كقولك: شَجَّعتُهُ وجَبَّنتُه، أي: رَميتُه بالشجاعة والجُبنِ. انفَعَلَ: ولا يكون متعدّيًا أبدًا. وإِنما يجيء في كلام العرب للمُطاوَعة5. وقد تقدَّم تفسيرُ المطاوعة6. والمطاوعة فيها تكون بوجهين7: إِمَّا بأن8 تُريد من الشيء أََمرًا ما، فتبلُغَه بأن يَفعل ما تُريده، إن كان ممّا يَصِحُّ منه الفعل، وإِمَّا بأن يصير إِلى مثلِ حال الفاعل الذي يَصِحُّ منه الفعلُ، وإِن كان لا يصحُّ الفعل منه. فأمَّا ما يُطاوِعُ، بأن9 يَفعل فِعلًا تُريده منه، فنحو قولك: أَطلَقتُه فانطَلَقَ وصَرَفتُه فانصرفَ؛ ألَا ترى أنه هو الذي فعلَ الانطلاقَ والانصراف بنفسه، عند إرادتك إِياهما منه، أو بَعثِك إِيّاه عليهما؟
وأمَّا ما تبلغ منه مُرادك، بأن1 يصير إلى مثل حال الفاعل الذي يصحّ منه الفعل، فنحو قولك: قَطَعتُ الحبلَ فانقطَعَ وكَسرتُ الحُبَّ2 فانكسرَ؛ ألَا ترى أنَّ الحبلَ والحُبَّ لا يَصِحُّ منهما الفعل؛ لأنه لا قُدرة لهما. فإِنما3 أردتَ ذلك منهما، فبلغتَه بما أحدثته أنت فيهما، لا أنهما4 تَوَلَّيا الفعل؛ لأنَّ الفعل لا يَصحُّ من مثلهما. ومن ذلك قوله5: [لا خُطْوتِي تَتَعاطَى غَيرَ مَوضِعِها] ... ولا يَدِي, في حَمِيتِ السَّمنِ6 تَندَخِلُ هو مطاوع "أدخَلتُه". وهو من باب: انقطَعَ الحبلُ؛ لأنَّ اليد لا تكون فاعلة، إِنما هي آلة يُفعل بها. قال المبرّد7: وقد يكونُ "انفَعَلَ" لغير مطاوعة، فيكون فِعلًا للفاعل على الحقيقة، نحو: انطلَقَ عبد الله وليس على فعلتُه. واعلم أنَّ "انفَعَلَ" إنّما أصله من الثلاثيّ، ثمّ تلحقُه الزّيادتان من أوّله، نحو: قَطَعتُه فانقطعَ وسَرَحتُه فانسَرحَ8. ولا يكاد يكون "فَعَلَ" منه9 إِلَّا متعدّيًا، حتّى تُمكِنَ المطاوعةُ والانفعال؛ ألا ترى أنَّ "قَطَعتُه" و"كَسَرتُه"10 متعدّيان. قال أبو عليّ: وقد جاء "فَعَلَ" منه غيرَ متعَدّ، قال الشاعر11: وكَم مَنزِلٍ لَولايَ طِحتَ كَما هَوَى ... بأجرامِهِ, مِن قُلَّةِ النِّيقِ, مُنهَوِي وإِنّما هو مطاوع "هَوَى" إِذا سقط، وهو12 غيرُ متعدّ كما ترى. وجاء في هذه القصيدة "مُنغوِي"13. قال أبو علي: إِنّما بَنى من "غَوَى" و"هَوَى" مُنْفَعِلًا، لضرورة الشعر. ويجوز عندي أن يكونَ "مُنغَوٍ" و"مُنهَوٍ" مطاوعين لـ"أَغوَيتُه" و"أَهوَيتُه"، فيكونَ مثل: أَدخَلتُه
فاندَخَلَ وأَطلَقتُه فانطَلَقَ. ولا يكونان على هذا شاذَّينِ. افتَعَلَ: تكون متعدّيةً وغيرَ متعدِّية. فالمتعدِّيةُ نحو: اكتَسبَ واقتَلَعَ. وغيرُ المتعدِّية نحو: افتَقَرَ واستَقَى1. ولها ستَّةُ معانٍ2: أحدها المطاوعةُ، فتكون إِذْ ذاك بمعنى "انفعلَ". وذلك قليلٌ فيها، نحو: شَوَيتُه فاشتَوَى وغَمَمتُه فاغتمَّ3. والأفصحُ: انشَوَى وانغَمَّ. وحكمها أيضًا ألَّا تُبنى إِلَّا ممّا كان ["فَعَلَ" منه] 4 مُتعدّيًا. وقد يجيء من غير المتعدّي، وذلك قليل فيها، قال الراجز5: حَتّى إِذا اشتالَ سُهَيلٌ, في السَّحَرْ ... كَشُعلةِ القابِسِ, تَرمِي بالشَّرَرْ فهذا من: شال يَشُولُ، وهو غيرُ متعدٍّ، بدلالة قول الراجز6: يَشُولُ بالمِحجَنِ كالمَحرُوقِ ولو كان مُتعدِّيًا لقال: يَشُولُ المِحجَنَ. والثاني أن يكون بمعنى "تَفاعَلَ": كقولك: اجتَوَرُوا واعتَوَنُوا أي: تجاوروا وتعاونوا. والثالث أن يكون بمعنى الاتّخاذ: كقولك: اشتَوَى القومُ: أي: اتَّخذُوا شِواءً. فأمَّا شَوَيتُ فكقولك: أَنضَجتُ. وكذلك: اختَبَزُوا واطَّبَخُوا واذَّبَحُوا، أي: اتَّخذُوا خُبزًا وطَبيخًا وذَبيحةً. فأمَّا ذَبَحَ فكقولك: قَتَل. والرابع التَّصَرُّفُ والاجتهادُ: كقولك: اكتَسَبَ، أي: تَصَرَّفَ واجتَهَدَ. فأمَّا كَسَبَ فأصابَ7 مالًا. والخامس [18أ] أن تكون بمعنى "تَفَعَّلَ": كقولك: ادَّخَلَ ادَّلَج، تريد: تَدخَّلَ وتَدَلَّجَ8. والسادس الخَطفةُ: كقولك: انتَزَعَ واستَلَبَ: أخذه بسُرعة. فأمَّا نَزَعَ فهو تحويلك إِيَّاه.
وكذلك: قَلَعَ واقتَلَعَ1، وجَذَب واجتَذَبَ. استَفْعَلَ: تكون2 متعدّيةً وغيرَ متعدّية. فالمتعدّية نحو: استَحسَنتُ الشيءَ. وغيرُ المتعدّية نحو: استَقدَمَ واستأخَرَ. وتكون مَبنيّةً من [فِعْلٍِ] 3 متعدّ وغيرِ متعدّ. فالمبنيَّةُ من متعدّ نحو: استَعصَمَ واستَعلَمَ هما مبنيَّان من: عَصَمَ وعَلِمَ. والمبنيَّةُ من غير المتعدّي نحو: استَحسَنَ واستَقبَحَ، هما مبنيَّان من: حَسُنَ وقَبُحَ. ولها خمسة معان: أحدها الإِصابةُ: كقولك: استَجَدتُه، أي: أصَبتُه جَيِّدًا. واستكرَمتُه واستَعظَمتُهُ: أَصبتُه كريمًا وعظيمًا. والثاني الطلبُ: كقولك: استَعطَيتُ العَطيَّةَ، واستَعتَبتُه أي: طلبتُ له العُتبَى، واستَفهمتُهُ أي: طلبتُ منه أن يُفهِمَني. والثالث التحوُّلُ من حال إِلى حال: نحو: استَنوَقَ الجَمَلُ واستَتيَستِ الشَّاةُ. والرابع بمعنى4 "تَفَعَّلَ": كقولك5: تَعَظَّمَ واستَعظَمَ وتَكبَّرَ واستكبَرَ. والخامس بمعنى6 "فَعَلَ": كقولك: مَرَّ واستَمَرَّ وقَرَّ واستَقَرَّ. افعالَّ: ولا يكون متعدِّيًا. وأكثرُ ما صِيغَ للألوان7، نحو قولك: اشهابَّ واسوادَّ وابياضَّ وادهامَّ. وقد قالوا: املاسَّ واضرابَّ، وليسا من اللون8. افعَلَّ: هو مقصورٌ من "افعالَّ" لطول الكلمة، ومعناها كمعناها، بدليل أنه ليس شيء من "افعَلَّ" إِلَّا يُقال فيه "افعالَّ". إِلَّا أنه قد تَقِلُّ إِحدى اللغتين في شيء، وتكثر الأُخرى؛ ألا ترى أنَّ طَرْحَ الألف من: احمَرَّ واصفَرَّ وابيَضَّ واسوَدَّ، أكثرُ، وإِثباتَها في اشهابَّ وادهامَّ [واكهابَّ] ،9
أكثر؟ وقد قالوا: ارقَدَّ1 في العَدْوِ وارعَوَى واقتَوَى2 –وكلُّه "افعَلَّ"- ولم يُسمع منهم في شيء من ذلك3 "افعالَّ". إِلَّا أنه يجوز بالقياس. وهو أيضًا لا يتعدَّى, كما لا يتعدَّى أصلُه الذي قُصِرَ منه. افعَوَّلَ: يكون متعدِّيًا وغيرَ متعدٍّ. فالمتعدِّي نحو: اعلَوَّطَ المُهرَ4. وغيرُ المتعدّي نحو: اخرَوَّطَ السَّفَرُ5 واجلَوَّذَ6. افعَوعَلَ: يكون7 متعدِّيًا وغيرَ متعدٍّ. فالمُتعدِّي نحو: احلَولَيتُ الشيءَ. قال الشاعر8: فلَمَّا أَتَى عامانِ, بَعدَ انفِصالِهِ ... عَنِ الضَّرعِ واحلَولَى دِماثًا يَروُدُها ورَوى ابنُ مِقْسَم9 عن ثعلب10: لَو كُنتَ تُعطِي، حِينَ تُسألُ, سامَحَتْ ... لَكَ النَّفسُ, واحلَولاكَ كُلُّ خَلِيلِ وكذلك: اعرَورَيتُ الفَرَسَ11. وغير المتعدِّي نحو: اغدَودَنَ12 النَّبتُ. ومعناه على كلِّ حالٍ المبالغةُ، نحو: خَشُنَ واخشَوشَنَ وأَعشَبَ واعشَوشَبَ. افعَلَلَّ: لا يكون متعدِّيًا أبدًا، نحو: اطمأنَّ واقشَعَرَّ13.
حروف الزيادة
حروف الزيادة مدخل ... حُرُوفُ الزِّيادَة: وأمَّا حروفُ1 الزيادة فعشَرةٌ، ويجمعها قولك: أَمانٌ وتَسهيلٌ. فإِن قيل: ولم سُمِّيَتْ حروفَ الزيادة، وهي قد تكون أصولًا؟ فالجواب أنَّ المراد بذلك أنها الحروف التي لا تكون الزيادةُ إِلَّا منها؛ ألا ترى أنه متى وُجِد حرفٌ في كلمة زائدًا2 لا بدَّ أن يكون أحدَ هذه الحروف. فإِن قيلَ: فهلّا زِدتُم في حروف الزيادة كافَ الخطاب، التي في "تِلك" و"ذاك"3 ونحوهما، والشينَ اللاحقة للكاف التي هي ضمير المؤنث في الوقف، نحو: أعطَيتُكِشْ وأكرمتُكِشْ. فالجواب أنه لا يُتكلَّمُ في هذا الموضع، من حروف الزيادة، إِلَّا فيما جعلتْه العرب كالجزء من الكلمة، نحو همزة أحمر وتاء تَنضُب وأشباه ذلك؛ ألا ترى أنهما من كمال الاسم، كالدال من "زيد"؟ لأنَّ هذا الضرب هو الذي يُحتاج إِلى إِقامة الدليل على زيادته، لمشاكلته الأصلَ في كونه من كمال البناء. فأمَّا ما لم تجعله كالجزء ممّا زِيد معه فزيادته بيّنة، لا يُحتاج إِلى إِقامة دليل عليها. فإِن قيل: فإِنَّ الكاف قد تُزاد على أنها من نفس الكلمة، فيقال: هِندِيّ وهِندِكيّ، في معنى واحد. وهو المنسوب4 إلى الهند. قال الشاعر5: ومَقُرونةٍ, دُهْمٍ وكُمتٍ, كأنَّها ... طَماطِمُ, يُوفُونَ الوِفارَ, هَنادِكُ أي: منسوبون إلى الهند. فالجواب أن هِندِيًّا وهِندِكيًّا6 من باب سَبِط وسِبَطْر –أعني ممّا
تقارب فيه اللفظُ، والأصلُ مختلفٌ– لأنه لم يثبت1 زيادة [18ب] الكاف في موضعٍ غيرِ هذا، فيُحملَ هذا عليه. فإِن قيل: فإِذا كان الأمرُ على ما ذكرتَ فلمَ أَوردوا في حروف الزيادة اللّامَ الزائدةَ، في مثل "ذلك", والتاءَ الزائدةَ للتأنيث، في مثل قائمة، وهما ليسا كالجزء مما زيدا فيه؟ ألا ترى أنَّ "قائمًا"2 اسمٌ كامل دون التاء, وكذلك "ذلك" اسمٌ كاملٌ دون اللّام؛ لأنك تقول: "ذاك"؟ فالجواب عن ذلك شيئان: أحدُهما: أنَّ التاء الزائدة قد تكون، في موضع، من نفس الكلمة3 نحو: عِفرِيت، وكذلك اللّام في نحو4: عَبْدلٍ5 وزَيدلٍ6. فإِن قيل: فإِنَّ اللام في عَبدلٍ ليست من كمال الاسم؛ لأنك تقول: عَبْدٌ، وكذلك زَيدلٌ لأنك تقول: زَيدٌ. فالجواب أنَّ الذي يقول عبدلًا وزيدلًا ليس "عبد" و"زيد" عنده باسمين كاملين، بل هما بعضُ اسم، بدليل جعلهما حرفي إعراب كالدال من "زيد"7. فلمَّا كانا من نفس الحرف في بعض المواضيع ذُكرا مع حروف الزيادة. والآخَرُ: أنَّ تاء التأنيث في مثل قائمة واللّام في مثل "ذلك" بمنزلة ما هو من نفس الحرف. أمَّا تاء التأنيث فلأنها قد صارت حرف إِعراب. وأيضًا فإِنك لو أسقطتها لاختلَّت دلالة الاسم؛ لأنه كان يُعطي التأنيث، فإِذا سَقطت منه لم يبقَ ما يدلُّ على التأنيث، وصار مدلول الاسم شيئًا آخَر. وقد تلزم في بعض المواضع نحو: رَفاهِيَة8 وكَراهِيَة وطَواعِيَة، لا يجوز حذفها في شيء من ذلك. وأمَّا اللّام فإِنها إِذا زيدت في اسم المشار صار اسم الإِشارة يقع على البعيد، فإِذا أسقطتها منه اختلَّت9 دلالته التي كانت له مع اللّام، وصار يعطي القريب، نحو "ذا". فإِن قيل: فلمَ أوردوا فيها الهاء، وهي لا تُزاد إِلَّا لبيانِ الحركة، فلم تتنزَّل منزلة الجزء مما زيدت فيه؟ فالجواب أنَّ المبرّد10 قد أخرجها لذلك من حروف الزيادة. وسنُبيّن كونها من
حروف الزيادة في فصل الهاء1 إِن شاء الله [تعالى] 2. فتَبَيَّنَ أنَّ حروف الزيادة3، التي يجب أن تُورَدَ هنا، إِنما هي العشَرةُ المتقدّمةُ الذّكر. وما عدا ذلك من الحروف لا يزاد4 إِلَّا في التضعيف. فإِنَّ كلَّ حرف يُضعَّفُ فإِنَّ أحدَ المُضعَّفينِ زائدٌ، ما لم تَقُم الدَّلالةُ على أصالتهما5. وذلك بأن يؤدِّي جعل أحدهما زائدًا إلى بقاء الكلمة على أقلِّ من ثلاثة أحرف، نحو: ردّ، إذ لا بدَّ من فاء وعين ولام6. وسنُفرِد لذلك7 بابًا، عقِبَ الفراغ من حروف الزيادة، وسنُبيِّن8 فيه أيُّ الحرفين هو الزائد؟ فإِنَّ في ذلك خلافًا. ولا يُزاد حرف من هذه الحروف إِلَّا: للإِلحاق: نحو واو: كَوثَر. أو لمعنى: نحو حروف المُضارَعة9. أو للإِمكان10: نحو همزة الوصل –فإِنها زيدت ليُتوصَّلَ بها إِلى النطق بالساكن- ونحو الهاء المزيدة، فيما كان من الأفعال على حرف واحد، في الوقف، نحو: فِهْ، وعِهْ. فإِنه لا يمكن النُّطق بحرف واحد، إذ لا أقلَّ من حرفٍ يُبتدأ به، وحرفٍ يوُقَفُ عليه. أو لبيان الحركة: في نحو {سُلطانِيَهْ} 11. أو للمَدّ12: نحو: كِتاب وعَجُوز13 وقَضِيب. وإِنّما زيدت هذه الحروف، ليزول معها قَلَقُ اللسان بالحَركات المجتمعة، أو ليزولَ معها اجتماع الأمثال في نحو: شَدِيد. وممّا14 يدلّ على أنهم قد يزيدون الحرف، للفصل بين المثلين، قولُهم في جمع قَردَدٍ: "قَرادِيد" في فصيح
الكلام. ولا تفعل [العربُ] ذلك فيما ليس في آخره مِثلانِ، إِلَّا في الضرورة، نحو قوله1: [تَنفِي يداها الحَصَى، في كُلِّ هاجِرةٍ] ... نَفْيَ الدّراهِمِ تَنقادُ الصَّيارِيفِ أو للعِوَض: نحو تاء التأنيث في: زنادقة. فإِنها عِوَضٌ من ياء زَناديق2. أو لتكثير الكلمة: نحو أَلف: قبَعْثرًى3، ونون "كَنَهْبُل"4؛ لأنه لا يمكن فيهما الإِلحاق، إذ ليس لهما من الأصول نظير يلحقان به. وإِذا5 أمكن أن تجعل الزيادة لفائدة كان أولى من حملها على التكثير, إِذ لا فائدة في ذلك. فلذلك جعلنا الحرف الزائد في كلمة لها نظير، قد قابل الحرفَ الزائدَ منها حرفٌ أصليٌّ من ذلك النظير للإِلحاق [19أ] ، إِلَّا أن يمنع من ذلك مانع. وقد6 تقدَّم ما يُعلم به أنَّ الحرف مُلحَق في الأفعال، عند ذكر الأفعال. وأمَّا في الأسماء فإِذا كان المزيد منها في مقابله حرف أصليّ، من بناء آخر على وَفق7 البناء الذي فيه الحرف الزائد، قضيت عليه بأنه للإِلحاق، إِلَّا أن يكون ذلك الحرف ألفًا غيرَ آخِر، أو ياء أو واوًا حركةُ ما قبلَهما من جنسهما، نحو: قَضِيب وعَجُوز، أو ميمًا أو همزة في أوّل كلمة. أمَّا الألف فإِنها لم يُلحَق بها حشوَ الكلمة؛ لأنها لو جعلت للإِلحاق لم تكن إِلَّا منقلبة، كما أنَّ ألف الأصل لا تكون إِلَّا منقلبة. فإِذا قدَّرتها منقلبة لم يخلُ من أن يكون الحرف الذي انقلبتْ عنه ساكنًا أو متحرّكًا. فلا يُتصوَّر أن يكون ساكنًا، إِذا لا موجب لإِعلاله. ولا يُتصوَّر أن يكون متحركًا؛ لأنه يؤدّي إِلى تغيّر الملحق عن بناء ما أُلحق به، وذلك لا يجوز. ولذلك احتملوا ثقل اجتماع المثلين في قَردْدَ ولم يدغموا، لئلّا يتغيَّر عن بناء ما أُلحق به، وهو جَعْفَر، فلا يحصل الغرض الذي قُصد به، من تصيير الملحق على وفق الملحق به في الحركات والسَّكنات وعدد الحروف. وأمَّا إِذا كانت طرفًا فيُتصور الإِلحاق بها؛ لأنها إِذ ذاك تُقدَّر منقلبة عن حرف متحرّك. ولا يكون ذلك تغييرًا لبناء الملحق عن أن يكون على مثال ما أُلحق به؛ لأنَّ حركة الآخر ليست من البناء. وأمَّا الياء المكسورُ ما قبلها والواو المضمومُ ما قبلها فأُجرِيا في منع الإِلحاق بهما مُجرَى
الألف، لشبههما بها في الاعتلال والمدّ. وأمَّا الهمزة والميم أوّلًا فلم يُلحق بهما؛ لأنَّ العرب قد عزمت على زيادتهما أوّلًا، إذا كان بعدهما ثلاثة أحرف أصول، إِلَّا فيما شذّ، على ما يُبيَّنُ في موضعه1. فلمّا عزموا على ألَّا يكونا أصلين لم يستعملوهما في ذينك الموضعين للإِلحاق؛ لأنَّ في ذلك تقريبًا لهما من الأصول، وتنزيلًا لهما منزلتها، فيكون ذلك نقضًا لِما اعتزموه من زيادتهما. وممّا يُبيِّنُ لك أنهما ليسا للإَلحاق وجودُ "أشدّ" و"مَفَرّ" في كلامهم، والأصل "أَشْدَد" و"مَفْرَر". فلو كانا للإِلحاق لم يُدغما كما لم يُدغم مثل قَرْدَد2. فإِن قال قائل3: ولأيّ شيء خَصُّوا هذه الأحرف العشرة بالزيادة، من بين حروف المعجم؟ فالجواب أنَّ أُمَّهاتِ هذه الزوائد، والذي4 هو زائد منها بحقّ الأصالة، الواو والياء5 والألف، لكثرة دورها في الكلام واستعمالها؛ ألا ترى أنه لا تخلو كلمة منها أو من بعضها. أعني الحركاتِ: الضَّمَّة والكسرةَ والفتحةَ؛ لأنَّ الضَّمَّة بعضُ الواو، والكسرةَ بعضُ الياء، والفتحةَ بعضُ الألف؟ ولمّا كانت أُمَّهاتِ الزوائد لذلك كانت أكثر الحروف زيادةً، على ما يُبيَّن بعدُ6، إِن شاء الله. وأمَّا الهمزة والتاء والميم7 والنون فزِيدَت لشبَهِها بحروف العِلَّة: أمَّا الهمزة فشبَهُها بحروف العِلَّة من جهة كثرة تغييرها، بالتسهيل والحَذف والبَدل. وأمَّا التَّاء فأشبهت الواو من جهة تقارب مخرجيهما. ولذلك أُبدِلَت منها في مثل: تُراث وتُكأة؛ لأنهما من: وَرِثتُ وتَوكّأتُ. وأمَّا الميم فمضارِعةٌ للواو أيضًا. من جهة تقاربهما في المخرج، ومضارعةٌ لحروف العِلَّة كلِّها، من جهة الغُنَّةِ التي فيها، الشبيهةِ باللِّين الذي في حروف العِلَّة؛ لأنَّ الغُنَّة فضلُ صوت في الحرف كما أنَّ اللِّين كذلك. وأمَّا النُّون فأشبَهتْ أيضًا حروفَ العِلَّة، من جهة الغُنَّة التي فيها.
ولمّا كانت هذه الحروف قريبة الشبه من حروف العِلَّة كانت تليها في كثرة الزيادة، على ما يُبيَّنُ بعدُ، إِن شاء الله تعالى. وأمَّا السين واللّام والهاء فإِنها زِيدت لشَبَهها بالحروف المشبَّهة بحروف العِلَّة1: أمَّا اللّام فمُشْبِهةٌ للنُّونِ، من حيثُ تَستطيلُ في مخرجها حتّى تلحقَ بمخرج النون، على ما يُبيَّنُ في الإِدغام. وأمَّا السين2 فإِنها تُشبه التاء، لهمسها [19ب] وتقارب مخرجيهما. وأمَّا الهاء فمُشْبِهةٌ للهمزة، من جهة تقارب مخرجيهما؛ لأنهما من حروف الحلق. ولمّا كانت هذه الحروف لم تُشْبِه حروف العِلَّة، بل أَشبهت المُشبَّه بها، لم تجئ مزيدةً إِلَّا في ألفاظ محفوظة، وأماكنَ مخصوصة لا تتعدّاها. فهي أقلُّ الحروف زيادة لذلك.
ذكر الأماكن التي تزاد فيها هذه الحروف
ذكر الأماكن التي تزاد فيها هذه الحروف: باب اللّام: أمَّا اللّام1 فإِنها تُزاد في: "ذلِك" و"تِلك"، بفتح التاء وكسرها، و"تالِك" و"أُولالِك" و"هُنالِك". والدليل على زيادتها في هذه الأشياء قولُهم في معناها: ذاك وتِيك وأُولاك2 وهُناك. وتُزاد أيضًا في عَبْدلٍ وفي زَيدلٍ وفي فَحْجَلٍ3. فالدليل على زيادتها في زيدل أنَّ معناه "زيد"، وكذلك أيضًا عبدل4 دليلُ زيادةِ لامِه كونُه في معنى "عَبْد". وزعم أبو الحسن5 أنَّ معنى عبدل: عبد الله. فعلى هذا تحتمل هذه اللّام أن تكون زائدة على "عبد" من "عبد الله". ويحتمل أن تكون هذه اللّام من "الله" فيكون عَبْدَلٌ على هذا اسمًا مركَّبًا من "عبد" و"الله"، كما فعلوا ذلك في عبد الدار وعبد قيس، فقالوا: عَبْدَرِيٌّ وعَبْقَسِيٌّ. فلا تكون اللّام على هذا زائدةً، بل هي بعض اسم. إِذ لو جعلناها زائدة لوجب أن تكون الراء من عَبْدَرِيّ والقاف من عَبْقَسِيّ زائدتين، والراء والقاف ليسا من حروف الزيادة. وأمَّا فَحْجَلٌ فالدليل على زيادة لامه أنه في معنى الأَفحَج.
وحكى1 عليُّ بن سليمان، عن أبي العباس المبرّد، أنه كان يقول: العَثْوَلُ2: الطويل اللحية. وهو مأخوذ من قولهم: ضِبْعانٌ أَعثَى، وضَبُعٌ [عَثواءٌ] ، إِذ كانا كثيرَيِ [الشَّعر] وكذلك يقال للرجل والمرأة. فاللّام من عَثْوَلٍ زائدة [كما] أَنها في فحجل كذلك. فأمَّا فَيشَلةٌ3 وهَيقَلٌ4 وطَيسَلٌ5 فيمكن أن تجعل اللّام فيها6 زائدةً؛ لأنه يقال "فَيْشةٌ" في معنى فَيشَلة، و"هَيقٌ" في معنى هَيقَل7، و"طَيسٌ" في معنى طَيسَل. ويمكن أيضًا أن تجعل اللّام أصليَّةً والياء زائدة؛ لأنَّ زيادة الياء أوسعُ من زيادة اللّام، فتكون هذه الألفاظ متقاربة وأُصولُها مختلفة، نحو: ضَيَّاط8 وضَيطار9، وسَبِط وسِبَطْر؛ ألا ترى أنَّ الراء لا تزاد، وأنَّ ضَيَّاطًا وضَيطارًا، وسَبِطًا10 وسِبَطْرًا، متقاربةٌ وأصولُها مختلفة؟ ولا يُحمل زيدل إِلَّا على زيادة اللّام؛ لأنَّ استعمال زيد أكثر من استعمال زيدل. فدلَّ ذلك على أنَّ زيدًا هو الأصل، وأن اللّام زائدة. وكذلك فَحْجَلٌ وعَبْدَلٌ اللّام فيهما زائدة، ولا يجعلأنَّ من ذوات الأربعة، ويجعلُ عبد وأفحج من ذوات الثلاثة، فيكونَ من باب: ضَيَّاط وضَيطار؛ لأنَّ عبدًا وأفحج هما الأصلان، لكثرة استعمالهما وقلّة عبدل وفحجل. فأمَّا فَيشةٌ وفَيْشلةٌ وهَيقٌ وهَيقَلٌ وطَيسٌ وطَيسَلٌ، فكلّ واحد من هذه الألفاظ قد كَثُرَ استعماله. فلذلك ساغ تقديرُ كلّ واحد منهما أصلًا بنفسه. وزعم محمّد بن حَبيب أنَّ اللّام من عَنْسَلٍ11 زائدة؛ لأنه في معنى عَنْس. والصحيح ما
ذهب إِليه سيبويه1، من أنَّ لامه أَصليَّةٌ، وأنه مشتقّ من العَسَلأنَّ –وهو عدو الذئب- والنون زائدة؛ لأنَّ زيادة النون أَسهلُ من زيادة اللّام، واشتقاقُهُ واضح لا تكلُّفَ فيه. وأمَّا ازلَغَبَّ2 الفَرخُ أي: زَغَّبَ3. فلامه أصليَّة؛ لأنَّ "ازلغبَّ" في معنى "زَغَّبَ"3 كثيرُ الاستعمال، فينبغي أن يُجعل أصلًا بنفسه4، ولا تُجعل اللّام زائدة، لقلّة زيادة اللّام. وبالجملة فإِنَّ "ازلغَبَّ" فِعْلٌ، ولا تُحفَظ5 زائدة في فعل. فهذه جملة6 الألفاظ التي زيدت اللّام فيها.
باب الهاء
باب الهاء: أمَّا الهاء فتُزاد لِبيان الحركة، في نحو: فِهْ، وارمِهْ1، وزعم أبو العبَّاس2 أنها لا تُزاد في غير ذلك. ولذلك لم يجعلها من الحروف الزوائد كما تقدَّم3. والصحيح أنها تُزاد في غير ذلك، إِلَّا أنَّ ذلك قليلٌ جدًّا. فالذي زِيدت فيه من غير ذلك: أُمَّهَةٌ4 وهِجْرَعٌ وهِركَولةٌ وهِبْلَعٌ5 وأَهْراقَ وأَهْراحَ الماشِيةَ. أمَّا أُمَّهة ففيها خلاف، فمنهم من جعل الهاء فيه6 زائدةًَ، ومنهم من جعلها أصليَّةً. فالذي [20أ] يجعلها7 زائدة يستدلُّ على ذلك بأنها في معنى الأُمّ. قال8: أُمَّهَتي خِندِفُ والياسُ أَبِي أي: أُمّي. إِلَّا أنَّ الفرق بين أُمَّهة وأُمّ أنَّ "أُمَّهة" إِنما تقع في الغالب على مَن يَعقل، وقد تُستعمل فيما لا يَعقل. وذلك قليل جدًّا، نحو قوله9: قَوَّالُ مَعرُوفٍ, وفَعَّالُهُ ... عَقَّارُ مَثنَى, أُمَّهاتِ الرِّباعِ
و"أُمّ" يقع في الغالب على ما لا يَعقل، وقد يقع على العاقل، نحو قوله1: لَقَد وَلَدَ الأُخَيطِلَ أُمُّ سَوءٍ ... على بابِ اسْتِها صُلُبٌ وشامُ وممّا يدلّ أيضًا، على زيادة الهاء2 في "أُمَّهَة"، قولهُم: أُمٌّ بَيِّنةُ الأُمومة، بغير هاء. ولو كانت أصليَّةً لثَبَتَتْ في المصدر. والذي يجعلها أصليَّةً يستدلّ على ذلك بما حكاه صاحب "العَين"3، من قولهم: تأمَّهْتُ أُمًّا. فتأمَّهتُ: "تَفَعَّلْتُ" بمنزلة "تَنبَّهتُ"، مع أنَّ زيادة الهاء قليلة جدًّا، فمهما أمكن جعلها أصليَّة كان ذلك أولى فيها. والصحيح أنها زائدةٌ؛ لأنَّ الأُمُومة حكاها أئمّة اللغة. وأمَّا "تأمَّهتُ" فانفرد بها صاحب العين. وكثيرًا4 ما يأتي في كتاب "العَين" ما لا يَنبغي أن يُؤخذ به، لكثرة اضطرابه وخلله. وأمَّا هِجْرَعٌ وهِبْلَعٌ وهِرْكَولةٌ فزعم أبو الحسن أنَّ الهاء فيها زائدة، واستدلّ على زيادتها بالاشتقاق. فأمَّا هِجْرَعٌ فهو الطويل، فكأنه مأخوذٌ من الجَرَع. وهو المكان السهل المنقاد. وأمَّا الهِبْلَعُ فالأَكُول، ففيه معنى البَلع. وأمَّا الهِرْكَولةُ فهي التي تَركُلُ في مِشيتها. فالهاء فيها5 زائدة. وبعض العرب يقول هِرَّكْلةٌ وهُرَكِلةٌ. وينبغي أن تجعل الهاء فيها أصليَّة6. والصحيح أنَّ الهاء في هِبْلَع زائدةٌ، لوضوح اشتقاقه من البلع. وأمَّا هِجْرَع فوجه الجمع بينه وبين الجَرَع ليس له ذلك الوضوح الذي لهِبْلَع. فينبغي أن تجعل الهاء أصليَّة، وألَّا تُجعل من لفظ الجَرَع. على أنَّ أحمد بن يحيى قد حكى: هذا أَهْجَرُ من هذا، أي: أَطوَلُ منه7. فيحتمل أن يكون من لفظ هِجْرَع، وحُذِفت لامه8. ويكون في قولهم "أَهجَرُ من كذا" دلالةٌ على أصالة الهاء. وأمَّا الهِرْكَولة فقد حكى أبو عُبيدة أنها الضَّخمةُ الأوراكِ. فعلى هذا تكون الهاء أصليَّةً، إِذ لا اشتقاق يقضي بزيادة الهاء؛ لأنه على هذا ليس مأخوذًا من "رَكَلَ". فإِذا ثَبَتَ أنَّ الهاء في هِركَولة
أصليَّة، عند من يجعله واقعًا على الضخمة1 الأوراك، فكذلك ينبغي أن يُجعل2، إِذا وقع على المرأة التي تركل في مِشيتها، وألَّا يُجعل ذلك مشتقًّا من "رَكَلَ"، بل اسم للمرأة التي تركل في مِشيتها، إِذ قد3 ثَبَتَتْ أصالتها في موضع. وكذلك هُلَقِمٌ من قول الراجز4: هُلَقِمٌ يأكُلُ أَطرافَ النُّجُدْ ينبغي أن تكون الهاء فيه زائدة؛ لأنه من اللَّقم. إِلَّا أنه لا ينبغي أن يُجعل مستدرَكًا على سيبويه؛ لأنه لا يُحفظ في نثر. وأمَّا هِبْلَعٌ فينبغي أن يُجعل من الفوائت. وأمَّا أهْراقَ، وأهْراحَ الماشيةَ، فإِنَّ الهاء فيهما5 زائدة؛ لأنهما في معنى: أَراقَ وأَراحَ. فإِن قيل: إِنَّما ينبغي أن يُجعل هذا من البدل؛ لأنَّ قياس6 قول سيبويه7 في أَسْطاعَ: "إِنَّ السين عِوَضٌ من ذَهاب حركة العين" أن يكون الأمر في "أَهْراقَ" و"أَهْراحَ" كذلك. فالجواب أنه ينبغي أن يُجعل8 ذلك في باب البدل من وجه، وفي باب الزيادة من وجه. وسنُبيِّنُ9 ذلك في فصل10 السين، إِن شاء الله تعالى.
باب السين
باب السين: وأمَّا السين فتُزاد1 في "استَفْعَلَ" وما تَصَرَّف منه2، من مضارع واسم فاعل واسم3 مفعول ومصدر. وتزاد4 أيضًا في الوقف؛ لتبيين كسرة الكاف من المؤنَّث، في لغة بعض العرب، نحو: مَرَرْتُ بِكِسْ، وأَكرَمْتُكِس5. وزيادتها في هذين المكانين بيِّنةٌ، لا يُحتاج إلى إِقامة دليل عليها. أمَّا في الوقف فلكونها لم تجعل كالجزء ممّا دخلت عليه، فبانت لذلك زيادتها. وأمَّا في "استَفعَلَ" فلكونه أبدًا مبنيًّا من فعل ثلاثيّ، فبانت لذلك زيادتها [20ب] ، لوضوح ردّها إِلى الثلاثيّ غير المزيد. وأمَّا6 "استَخَذَ فلانٌ" من قول العرب: استَخَذَ فلأنَّ أرضًا، ففي ذلك قولان: أَحدهما: أنه يجوز أن يكون في الأصل "اتَّخَذَ" وزنه "افتَعَلَ" من قوله تعالى7: "لَتَخِذْتَ8 عَلَيهِ أَجرًا"، ثمّ أَبدلوا السين من التاء الأولى التي هي فاء [الكلمة] 9، كما أَبدلوا التاء من السين في سِتّ؛ لأنَّ أصلها "سِدْسُ" بدليل قولهم: أسداس. فلمّا أبدلوا التاء من السين، فقالوا "سِدْتٌ"، أدغموا الدال في التاء. وإِنَّما جاز ذلك؛ لأنَّ السين والتاء مهموسان، فجاز إِبدال كلّ واحد منهما من الآخر، بسبب ذلك.
والآخر: أن يكون أصله "استَتْخَذَ" على وزن "استَفعَلَ" من "تَخِذَ" أيضًا، فحُذِفت التاء الثانية التي هي فاء الفعل استثقالًَا للمثلين، كما حذفوا التاء الأُولى من "اتَّقَى" كراهيةً لاجتماع المثلين أيضًا1، فقالوا: "تَقَى يَتْقِي". قال الشاعر2: تَقُوهُ, أَيُّها الفِتيانُ, إِنِّي ... رأيتُ الله قَد غَلَبَ الجُدُودا يريد: اتّقُوه. فعلى هذا تكون السين زائدة. وعلى الأول تكون بدلًا من أصل. والصحيح من هذين القولين عندي الثاني؛ لأنه قد ثَبَتَ حذف إحدى التاءين لاجتماع المثلين في "تَقَى", وباطّراد إِذا كانت المحذوفة زائدة في مثل "تَذَكَّرُ" و"تَفَكَّرُ"، تُريد:3 تَتَذكَّرُ وتَتَفكَّرُ. ولم يثبت إِبدال السين من التاء، بل ثَبَتَ عكسه. والبدل في مثل هذا ليس بقياس، فيقالَ به حيث لم يُسمع. فلذلك كان الوجه الثاني أحسن الوجهين عندي؛ لأنَّ فيه الحملَ على ما سُمع مثله. وأمَّا "أَسْطاعَ"4 فالسين عند سيبويه فيه عِوَض من ذَهاب حركة العين منها. وذلك أنَّ أصله "أَطْوَعَ"، فنُقِلتْ فتحة الواو إِلى الطاء فصار "أَطَوْعَ"، ثمّ قُلبت الواو ألفًَا لتحرّكها في الأصل وانفتاح ما قبلها في اللفظ، ثمّ زيدت السين عوضًا من ذهاب الحركة في العين –وهي الواو- بجعلها على الفاء. وقد تَعقَّبَ المبرّدُ ذلك على سيبويه، فقال: إِنَّما يُعوَّضُ من الشيء إذا فُقِدَ وذَهبَ. فأمَّا إِذا كان موجودًا في اللفظ فلا. وحركة العين التي كانت في الواو موجودة في الطاء. والذي ذهب إِليه سيبويه صحيحٌ. وذلك أنَّ العين لمّا سَكنتْ تَوهَّنتْ لسكونها، وتَهيَّأت للحذف عند سكون اللّام. وذلك في نحو: لم يُطِعْ وأَطِعْ وأَطَعْتُ. ففي هذا كلّه قد حُذِفَتِ العينُ لالتقاء الساكنين. ولو كانت العين متحرّكةً لم تُحذف5، بل كنتَ تقول: "لم يُطْوِعْ" و"أَطْوِعْ" و"أَطْوَعْتُ". فزيدت السينُ لتكونَ عوضًا من العين متى حُذِفَت. وأمَّا قبل حذف العين فليست بعِوَضٍ، بل هي زائدة. فلذلك ينبغي أن يجعل "أَسْطاعَ" من قَبيل ما زيدت فيه السين، بالنظر إِليه قبل الحذف. ومن جعل "أسْطاع" من قَبيل ما السينُ فيه عِوَضٌ فبالنظر إلى الحذف.
وكذلك الأمر في "أَهْراقَ" و"أَهْراحَ". أعني: من أنه يَسوغ أن تُورَدا1 في العِوَض بالنظر إِليهما بعد الحذف، وفي الزيادة بالنظر إِليهما2 قبل الحذف. فإِن قيل: فإِن سيبويه قد جعل السين عِوَضًا من ذهاب حركة العين، لا كما3 ذهبتَ إِليه من أنها عِوَض متى ذهبت4 العين. فالجواب عن ذلك5 شيئان: أَحدهما: أنه يمكن أن يكون أراد بقوله "مِن ذَهابِ الحركة" أي: زادوا من أجل ذهابِ حركةِ العين؛ لأنَّ زيادة السينِ لتكون مُعدَّة للعِوَضيَّة إِنّما كان من أجل ذَهابِ حركةِ العين؛ لأنَّ ذهاب حركة العين هو الذي أَوجب حذف العين عند سكون اللّام. والآخر: أن يكون جَعلَ السين عِوَضًا من ذهاب حركة العين، وإن كانت إنما هي عِوضٌ من العين في بعض المواضع6؛ لأنَّ السبب في حذف العين إِنّما هو ذَهاب الحركة. فأقام السَّببَ مَقام المُسبَّب. وإقامة السبب مَقامَ المُسبَّبِ كثيرٌ جدًّا. وقال الفرَّاء: شَبَّهُوا "أَسْطَعتُ" بـ"أَفعَلتُ". فهذا يدلّ من كلامه7 على أنَّ أصله "اِسْتَطَعتُ". فلمّا حُذِفَتِ التاء بقي على وزن "اِفعَلتُ"، ففُتِحتِ [21أ] الهمزة وقُطِعتْ. وهذا الذي ذهب إِليه غيرُ مَرضيّ؛ لأنه لو كان بقاؤه على وزن "اِفعَلتُ" بعد حذف التاء يوجب قطع همزته لما قالوا "اِسطاع" بكسر الهمزة وجعلها للوصل. واطّرادُ ذلك عندهم وكثرتُه يدلّ على فساد مذهبه. فإِن قيل: ما ذهب إليه سيبويه من8 زيادة السين لتكون مُعدّة للعِوَض، لم يثبت. فينبغي أن يحمل "أسطاعَ" على ما ذهب إِليه الفرّاء. قيل: قد ثَبَتَ أنَّ العرب تزيد غير السين لذلك في "أَهْراقَ" و"أَهْراحَ"، فيُحمل "أسْطاع" على ذلك. وأمَّا قطع همزة الوصل؛ لأنَّ اللفظ قد صار على وزن ما همزته همزةُ قَطعٍ، فلم يستقرَّ في موضع من المواضع9.
باب الهمزة
باب الهمزة: الهمزة1 لا يخلو أن تقع أوَّلًا أو غير أوّل. فإِن وقعت غيرَ أوّل قُضي عليها بالأصالة، ولا يحكم عليها بالزيادة إِلَّا أن يقوم على ذلك دليل. وذلك أنَّ الهمزة إِذا وقعت غير أوّل، فيما عُرف له اشتقاق أو تصريف، وُجِدت أصليَّة، ولم تُوجد زائدة إِلَّا في ألفاظ يسيرة. وهي: شَمْأَلٌ وشأْمَلٌ2 بدليل قولهم: شَمَلَتِ الريحُ. ولو كانت الهمزة أصليَّةً لقالوا "شَأمَلَتْ"و3 "شَمْأَلَتْ". وجُرائضٌ4؛ لأنهم قالوا5 في معناه: جِرْواضٌ. وحُطائطٌ؛ لأنه الصغير المَحطُوط عن قَدره المعتاد. وقُدائمٌ؛ لأنه في معنى: قديم. والنَّئْدُلانُ6؛ لأنهم يقولون في معناه: النَّيدُلان. قال7: نِفْرِجةُ الهَمِّ, قَلِيلُ ما النَّيلْ ... يُلقَى علَيهِ النَّيدُلانُ, باللَّيلْ8
والنَّيدلان هو الذي يُسمَّى الكابوسَ. وضَهْيأٌ؛ لأنهم يقولون في معناه: ضَهْياءُ. وحروف ضَهْياء الأصولُ إِنما هي الضاد والهاء والياء، فكذلك ضَهْيأٌ المقصور. وأيضًا فإِنَّ الضهيأ: المرأة التي لا تحيض، وقيل: التي لا ثدي لها. فهو على هذا مشتق من "ضاهيَتُ" أي: شابَهتُ1. قال تعالى2: "يُضاهُونَ قَولَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ". فالهمزة على هذا زائدة. وزعم الزَّجَّاجُ أنه يجوز أن تكون همزة ضَهيأ أيضًا أَصليَّةً، وياؤه زائدة، ويكون مشتقًّا من "ضاهأتُ" أي3: شابَهتُ؛ لأنه يقال: ضاهَيتُ وضاهأتُ4. وهو أولى به؛ لأنَّ أصالة الهمزة غيرَ أوّل أكثرُ من زيادتها. فيكون ضهياء الممدود عنده من "ضاهيَتُ" أي: شابَهتُ، وضَهيأ المقصور من "ضاهأتُ". وهذا الذي ذهب إِليه حسن من طريق الاشتقاق، إِلَّا أنه يبقى في ذلك إِثباتُ بناءٍ لم يستقرَّ في كلامهم. وذلك أنَّ الهمزة إذا جُعلت أصليَّة والياء زائدة كان وزن الكلمة "فَعْيَلًا"5. وذلك بناء غير موجود في كلامهم، إِلَّا أن يكون مكسور الفاء، نحو: طِرْيَم6 وحِذْيَم7. فإِن قلتَ: وكذلك أيضًا جَعْلُ الهمزة زائدةً يؤدّي إلى بناءٍ غير موجود، وهو "فَعْلأ"؛ ألا ترى أنه لم يجئ منه إِلَّا ضَهيأ المختلَفُ فيه، والمختلَف فيه لا يُجعل حُجَّة؟ فإِذا كان جعلها زائدة أو أصلًا يؤدّي إلى بناء غير موجود فالأصالة8 أولى؛ لأنها أكثر. فالجواب أنَّ "فَعْلأً" و"فَعْيَلًا"9، وإِن كانا بناءين معدومين. ينبغي أن يُحمل منهما على "فَعْلأ"؛ لأنَّ "فَعْيلًا" يظهر منهم اجتنابه؛ ألا ترى أنه إِذا جاء في كلامهم كسروا أوَّلَه نحو: حِذْيَم وطِرْيَم؟ ولم يظهر منهم ذلك في "فَعْلأ"؛ لأنهم لم يجتنبوا "فَعْلأً" كما فعلوا ذلك بـ"فَعْيَل". فثَبَتَ إِذًا أنَّ الذي ينبغي أن يُدَّعَى فيه أنه "فَعْلأ"10، ويكون من الأبنية التي جاءت في
كلامهم مفردة، لا ثاني لها. وأيضًا فإِنَّ الاستدلال على زيادة همزة ضهيأ بضهياء الممدودة، أو ما في معناها، أولى من الاستدلال بشيء آخر خِلافها. وهو "ضاهأتُ". فلذلك كان هذا المذهب باطلًا. فهذه جملة ما جاءت فيه الهمزة زائدةً غيرَ أوّل. فأمَّا1 العأْلَم والخأْتَم وتأبَلٌ2 وأمثالها فالهمزة فيها بدل من الألف، ولم تُزَد فيها الهمزة ابتداءً. فينبغي [21ب] أن تُذكر في باب البدل. فلمّا قلَّت زيادة الهمزة غيرَ أوّل وجب القضاء على ما لم يُعرف أصله، ممّا الهمزة فيه غيرُ أوّل، بالأصالة، نحو: السَّأسَم3 واطمأنَّ وبُرائل4، وأمثال ذلك. فإِن وقعتْ أوَّلًا فلا يخلو أن يكون بعدَها5 حرفان أو أزيَدُ. فإِن كان بعدها حرفان خاصَّةً كانت أصلًا، إِذ لا بدَّ من الفاء والعين واللام. وذلك نحو: أَخَذَ وأَكَلَ وأَمَرَ. وإِن كان بعدها أزيد من حرفين فلا يخلو أن يكون بعدها أربعة أحرف مقطوع بأصالتها فصاعدًا، أو ثلاثةٌ، أو اثنانِ مقطوعٌ بأصالتهما، وما عداهما مقطوعٌ بزيادته، أو محتمِلٌ للزيادة والأصالة. فإِن كان بعدها أربعة أحرف مقطوع بأصالتها فصاعدًا كانت أصلًا. وذلك نحو: إِصطَبل وإِبرَيْسَم6 وإِبراهيم وإِسماعيل؛ ألا ترى أنَّ الصاد والطاء والباء من "إصطبل" مقطوعٌ بأصالتها؛ لأنها ليست من حروف الزيادة؟ وكذلك اللّام لأنَّ المواضع التي تزاد فيها محصورة كما تَقَدَّم7 وليس "إِصطبل" منها. وكذلك الباء8 والراء والسين والميم من إِبريسم، والباء والراء والهاء والميم من إِبراهيم9، والسين والميم والعين واللّام من إِسماعيل. جميع ذلك أصل مقطوع بأصالته. وإِنَّما قُطِع بأصالة الهمزة في مثل هذا؛ لأنَّ بنات الأربعة فصاعدًا لا تلحقها الزيادة من أَوَّلها
أصلًا، إِلَّا الأفعالَ نحو: تَدَحرجَ، والأسماءَ الجارية عليها نحو: مُدَحرج. فلمّا كانت هذه الأسماء وأمثالُها ليست من قبيل الأسماء الجارية على الأفعال قُطِعَ بأنَّ الهمزة في أوّلها أصل. وإِن كان بعدها ثلاثة أحرف مقطوع بأصالتها قُطعَ بأنها زائدة. وذلك نحو: أفكَلٍ1، همزته زائدة. وإِنَّما قضينا عليها بالزيادة لأنَّ كلَّ ما عُرف اشتقاقه من ذلك فالهمزة فيه زائدةٌ، نحو: أَحمر وأَصفر وأَخضر2، وأمثال ذلك؛ ألا ترى أنها مشتقَّة من الحُمرة والصُّفرة والخُضرة؟ فلمّا كانت كذلك فيما عُرف اشتقاقه حُمِلَ ما جُهِلَ اشتقاقه على ما عُلم، فقُضِي بزيادة الهمزة فيه. وإِن كان بعدها حرفان مقطوع بأصالتهما، وما عداهما مقطوع بزيادته، كانت الهمزة أصلًا إذ لا بدَّ من الفاء والعين واللّام، كما تقدَّم. وذلك نحو: آخِذٍ3 وآمِرٍ4؛ ألا ترى أنَّ الألف مقطوع بزيادتها، وأنَّ الخاء والذال من آخِذٍ5، والميم والراء من آمِرٍ، مقطوع بأصالتها6؟ فلذلك كانت الهمزة أصلًا فيهما وفي أمثالهما. فإِن كان بعدها حرفان مقطوع بأصالتهما، وما عداهما محتمل للأصالة7 والزيادة، قُضي على الهمزة بالزيادة، وعلى ما عداها ممّا يحتمل الأصالة والزيادة بأنه أصليّ. وذلك نحو أءبين8 والألف من إشْفًى9 وأَفعًى. فإِنك، وإِن لم يكن معك اشتقاقٌ ولا تصريف، تقضي بزيادة الهمزة وأصالة ما عداها. وذلك [أنَّ] 10 إِشْفى11 وأَبْيَن وأَفعى وأمثال ذلك الهمزةُ في جميع ذلك زائدة، والياء من أبْيَن والألف من إِشفًَى12وأفعًى أصلان. وإِنَّما قُضِي بزيادة الهمزة في مثل هذا لأنَّ جميعَ ما ورد من ذلك ممّا له اشتقاقٌ، الهمزةُ فيه زائدة وما عداها أصلٌ، نحو قوله: هو أَغوَى منه وأَضوَأُ منه و"أَيدَعٌ"13؛ لأنَّ "أَغوَى" من الغَيّ، و"أضوأ" من الضَّوء، ويقولون: يَدَّعتُهُ14.
وكذلك جميع ما عُرف له اشتقاق من هذا النوع همزته زائدة، وما عداها أصليّ، إِلَّا ألفاظًا قليلة شذَّت من هذا النوع. وهي: أَولَقٌ1 وإِمَّعةٌ وأَيصَرٌ2 وأَرْطًى3 [وأَيطَل] 4. فلذلك حملنا ما ليس له اشتقاق، نحو: أَفعًى وإِشفًى وأبْيَن، على الأكثر فقضينا بزيادة الهمزة. فإِن قيل: فما الدليل على أصالة الهمزة، في هذه الألفاظ الخمسة؟ 5 فالجواب [22أ] أنَّ الذي يدلّ على أصالة الهمزة في أيصر أنهم يقولون في جمعه: إِصار، بإِثبات الهمزة وحذف الياء. فدلّ على أصالة الهمزة وزيادة الياء. ولا يمكن أن تُجعلَ هذه الهمزة بدلًا من ياء، فكيونَ أصله "يِصار"، ثمّ أُبدلت الهمزة من الياء؛ لأنَّ الياء لا تُبدل همزةً في أوَّل الكلام. والذي يدلُّ على أَصالة الهمزة في إِمَّعة أنك لو جعلتها زائدة لكان وزنها "إِفعَلة" و"إِفْعَلةٌ" لا يكون صفة أصلًا، إِنما يكون اسمًا غير صفة نحو: إِشفًى وإِنفَحة6. فدلَّ ذلك على أنَّ همزتها أصليَّةٌ، ويكون وزنها7 "فِعَّلةً"؛ لأنَّ "فِعَّلة" في الصفات موجود نحو: رَجلٌ دِنَّبةٌ8. وأيضًا فإِنك لو جعلت همزة إِمَّعة زائدة لكانت إِحدى الميمين منه فاء، والأخرى عين، فيكون من باب دَدَنٍ,9 وهو قليل جدًّا. أعني أن تكون الفاء والعين من جنس واحد. فلمّا كان جعل الهمزة زائدةً10 يؤدّي إِلى الدخول في هذا الباب القليل، وإِلى إِثبات مثال في الصفات لم يستقرَّ فيها، قُضي بأصالة الهمزة. وأمَّا أَرطًى فالدليل على أصالة الهمزة [فيه] قولهم: أَديمٌ مأروطٌ، أي: مدبوغ بالأرطى، فإِثبات الهمزة في مأروط وحذف الألف دليل11 على أصالة الهمزة وزيادة الألف. وحكى أبو عُمَرَ12 الجَرميّ: أديمٌ مَرْطِيٌّ. فالهمزة على هذا زائدة، والألف أصل. وأمَّا أَولَقٌ فالذي يدلّ على أصالة الهمزة [فيه] ، وزيادة الواو، قولهم: أُلِقَ الرَّجلُ، إذا أصابه
الأَولق. فقولهم "أُلِقَ"، بإِثبات الهمزة وحَذْفِ الواو، دليلٌ على أصالة الهمزة وزيادة الواو. فإِن قيل: فلعلّ هذه الهمزة بدل من الواو، والأصل "وُلِقَ"، نحو قولهم في "وُعِدَ الرَّجلُ": أُعِدَ. فالجواب أنه لو كان من قبيل "أُعِد" لقالوا: وُلِقَ، كما يقولون: وُعِدَ. فالتزامهم الهمزة في "أُلق" دليل على أنها أصل. وأيضًا فإنهم قالوا: رَجلٌ مألوقٌ. ولو كانت الهمزة زائدة لقالوا "مَولوقٌ" بالواو. ولا يُتصوَّرُ أن تُقدَّرَ الهمزة في مألوق بدلًا من الواو؛ لأنَّ مثل هذه الواو لا تُقلب همزة. وسيُبيَّنُ ذلك في البدل1. وزعم الفارسيُّ أنَّ أَولقًا2 يحتمل ضربين من الوزن: أحدهما ما قدَّمناه من أنه "فَوعَل" وهمزته أصل، من: تألَّقَ البَرقُ. والآخر3 أنه "أَفعَل" وهمزته زائدة. من: وَلَقَ إِذا أسرع؛ لأنَّ الأَولق: الجنون. وهي توصف بالسرعة. فإِن قيل: فكيف أجاز ذلك، مع قولهم: أُلِقَ ومألوقٌ؟ فالجواب أنه يَجعل الهمزة منهما4 بدلًا من الواو، والأصل "وَلِقَ" و"مولوقٌ"، ويَجعل هذا من قَبيل البدل اللَّازم، فتكون الواو من "وُلِقَ" لمَّا أُبدلت همزةً لانضمامها أُجريت هذه الهمزة مُجرى الأصليَّة، فقالوا: مألوقٌ. فيكون ذلك نظير قولهم: عِيدٌ وأَعيادٌ؛ ألا ترى أنَّ عِيدًا من "عادَ يَعُودُ"، وأنَّ الأصل فيه "عِوْدٌ"، فقُلبت الواو ياءً لسكونها وانكسار ما قبلها، فقيل: عِيدٌ؟ وكان يَنبغي إذا جمعنا أن نقول في جمعه "أَعواد" بالواو، لزوال الموجب لقلب الواو ياءً، كما قالوا في جمع رِيح "أَرواح" بالواو، لزوال موجب قلبها ياءً في "ريح"، وهو سكونها وانكسار ما قبلها. قال5: تَلُفُّهُ الأرواحُ, والسُّمِيُّ إِلَّا أنهم لمّا أَبدلوا الواو ياءً في "عِيد" أَجروا هذه الياء مُجرى الأصليَّة. إِلَّا أنَّ هذا النوع من البدل –أعني اللَّازم- قليلٌ، وأصالة الهمزة أيضًا إذا وقعت أوَّلًا في مثل هذا قليل، فتكافأ الأمران عنده، فلذلك أجاز الوجهين. والصحيح أنَّ الأولق6 همزته أصليَّة، ولا ينبغي أن يُحمل على باب عِيد وأعياد؛ لأنَّ مثل
هذا الباب قد سُمع فيه الأصل، فتقول: عِيدٌ وأَعوادٌ. ولم يقولوا "وُلِق"1 ولا "مَولوقٌ", في موضع من المواضع. فلذلك وَجب حمل أَولقٍ على أن همزته أصليَّة. ويجوز أيضًا في أَولقٍ أن يكون "فَوعَلًَا"، عند من يجعله مشتقًّا من "وَلَقَ". ويكون أصله "وَوْلَقًا" [22ب] ، فأُبدلت الواو الواحدة همزة، ولزم على قياس كلّ2 واوين يجتمعان في أوَّل الكلمة3. إِلَّا أنَّ الأَولى. عند من يجعله4 مشتقًّا من "وَلَق"، أن تكون الهمزة زائدة، ويكون وزنه "أَفْعَل"5؛ لأنَّ "أَفْعَل" أكثرُ من "فَوعَل". وأيضًا فإِن الهمزة ينبغي أن يُوقَفَ فيها مع الظاهر، ولا يُدَّعَى أنها مُبدلةٌ من الواو. وأمَّا6 أَيطَلٌ فالذي يدلّ على أصالة همزته، وزيادة يائه، قولهم في معناه: إطْل. فيحذفون الياء ويثبتون الهمزة. ولو كانت الهمزة هي الزائدة لقيل: يِطْلٌ، بالياء. ولا يمكن أن يُدَّعى أنَّ الهمزة بدل من الياء، لما ذكرناه من أنَّ الياء لا تُبدل همزة أوَّلًا7.
باب الميم
باب الميم: الميم1 لا تخلو أن تقع أوّلًا أو غير أوّل. فإِن وقعت غيرَ أوَّلٍ قُضِي عليها بالأصالة. وذلك أنها إِذا وقعت غير أوَّل، فيما يُعرفُ له اشتقاق، وُجِدت أصليَّةً. نحو: شأمل وكريم وأمثالهما، ممَّا لا يُحصى كثرةً؛ ألا ترى أنَّ شأمَلًا ميمُه أصليَّةٌ، بدليل قولهم: شَمَلتِ الريحُ، وأنَّ كريمًا كذلك؛ لأنه من الكَرَم؟ ولم توجد زائدة إِلَّا في أماكن محصورة، تُحفَظُ ولا يُقاس عليها، وهي: دُلامِصٌ ودُمالِصٌ بمعنى بَرَّاق. قال2 الأعشى3: إِذا جُرِّدَتْ يَومًا حَسِبتَ خَمِيصةً ... علَيها وجِريالَ النَّضِيرِ, الدُّلامِصا4 أي: البَرَّاق. وقد تُحذَف الألفُ منهما تَخفيفًا، كما تُحذف من عُلابِط5، فيقال: دُلَمِصٌ ودُمَلِصٌ. والدليل على زيادة الميم فيهما أنهما مشتقان من الدَّليِص. وهو البريق6. وقُمارِصٌ؛ لأنه يقال: لَبنٌ قُمارِصٌ، بمعنى: قارِص. وسُتْهُمٌ7 وزُرْقُمٌ8 وفُسْحُمٌ9؛ لأنها من الزُّرقة والأستَهِ والفُسحة.
وضِرْزِمٌ ودِرْدِمٌ ودِلْقِمٌ ودِقْعِمٌ وحُلْكُمٌ1 وخِضْرِمٌ؛ لأنَّ دِردِمًا2 من الأدْرَد، وهو الذي تكسَّر أسنانه. والحُلكُم: الشديدُ السوادِ. فهو من الحُلكة. وهي السواد. والدِّقعِم: الترابُ. فهو من الدَّقعاء. والدِّلقِم: الناقة التي تكسَّرت أَسنانها فاندلق لسانها ولُعابها. ولذلك قالوا: سيف دَلُوق، إِذا كان لا يثبت في غمده. والضِّرزِم بمعنى الضِّرِزّ. وهو الشديد البخيل. وخِضرِم: البحر، سُمِّي بذلك لخُضرته3. وخَدْلَمٌ4 وشَدْقَمٌ وشَجْعَمٌ؛ لأنَّ خَدلمًا بمعنى "خَدلةٍ". قال5: لَيسَتْ بِرَسحاءَ, ولكِنْ سُتهُمِ ... ولا بِكَرواءَ, ولكِنْ خَدلَمِ والشَّدْقَمُ بمنزلة الأشدقِ. وهو العظيم الشِّدق. والشَّجعَمُ لتأكيدهم به الشُّجاعَ، في مثل قوله6: الأُفعوانَ, والشُّجاعَ, الشَّجْعَما فهو من لفظه وفي معناه. وزيدت أيضًا في7 المضمرات، في: أنتما وأنتُم وقُمتما وقُمتُمُ وضَربَكما وضَربكمُ، وهما وهمُ، علامةً على تجاوز الواحد، ثمّ لحقت بعد ذلك الألفُ علامةً على التثنية، والواو علامةً على الجميع. والدليل على زيادتها في ذلك أنه8 قد تقرَّر أنَّ ما قبل الميم اسم، إِذا9 لم تُرِدِ التثنيةَ ولا الجمعَ. وزيدت، من الأفعال، في: تَمَسكَنَ وتَمَدرَعَ10 وتَمَندَلَ11 وتَمَنطَقَ12 وتَمَسلَمَ وتَمَولَى علينا ومَرْحَبَك الله ومَسَهلَكَ13 وقد حُكِي: مَخرَقَ وتَمَخرَقَ، وضعَّفهما ابن كَيسانَ14.
والصحيح أنَّهما لم يثبتا من كلام العرب1. والدليل على زيادتها في الأفعال أنَّ "تمسكنَ" من لفظ المِسكين، والميم في مِسكين زائدة. وكذلك "تمدرعَ" من لفظ المِدرعة، والميم في المِدرعة أيضًا زائدة. وأيضًا فإِنَّ أكثر كلام العرب: تَسكَّنَ وتَدَرَّعَ. و"تَمَندَلَ" من المِنديل، والميم في المِنديل زائدة. و"تَمَنطَقَ" من النِّطاق. و"تَمَسلََمَ" أي: صار يُدعَى مَسلَمة2 بعد أن كان يدعى بخلاف ذلك. فهو من لفظ مَسلَمة، والميم في مَسلمة زائدة. وكذلك "تَمَولَى علينا" أي: تَعاظَم علينا. فهو من لفظ المولَى، والميم في المولَى زائدة. و"مرحَبك الله ومَسهلَك" من الرُّحْبِ والسَّهلِ. وزعم بعض النحويِّين أنَّ الميم في هِرماس وضُبارِم وحُلقُوم وبُلعُوم وسَرْطَم وصَلْقَم [23أ] ودُخْشُم وجُلْهُمة زائدةٌ؛ لأنَّ هِرماسًا من أسماء الأسد. وهو يوصف بأنه هَرَّاس؛ لأنه يَهرس فريسته. وضُبارِم: الأسد الوثيق. فهو من الضّبْرِ. وهو شدَّة الخَلْق. والحُلقوم من الحَلق. والبُلعوم: مجرى الطعام في الحلق. فهو راجع لمعنى البَلع. والسَّرْطَم: الواسعُ السريعُ الابتلاع. فهو من السَّرْط وهو الابتلاع. والصَّلْقَم: الشديد الصُّراخ. فهو من الصَّلْق؛ لأنَّ الصَّلْق: الصِّياح. ودُخْشُم وجُلْهُمة: اسمان علَمان. فأمَّا دُخْشُم فمشتقٌّ من"دَخِش يَدخَشُ، إِذا امتلأ لحمًا3. وأمَّا جُلهُمة فمن جَلْهة4 الوادي. وهو ما استقبلك منه. وينبغي عندي أن تُجعل الميم في هذا كلِّه أصليَّةً؛ وذلك لأنَّ زيادة الميم غير أوَّلٍ قليلةٌ، فلا ينبغي أن يُذهب إِليها، إِلَّا أن يقود5 إِلى ذلك دليلٌ قاطع. وليست هذه الألفاظ كذلك. أمَّا هِرماسٌ فهو من أسماء الأسد، وليس بصفة مشتقَّة6 من الهَرْسِ. فلعلَّه اسمٌ مُرتَجلٌ، وليس مشتقًّا من شيء، إِذ قد يُوجد من الأسماء ما هو بهذه الصفة. أعني: ليس بمشتق من شيء. وكذلك الأمر في دُخشُم وجُلهُمة؛ لأنهما اسمان علَمان، والأعلام قد يكون فيها المرتجل، وإِن كان أكثرها ليس كذلك. وأمَّا ضُبارِم فقد يكون بمعنى: جَرِيء. يقال: رجلٌ ضُبارمٌ، أي: جريء على الأعداء. فلعلَّ
الأسد الوثيق وُصف بضبارم لجرأته، فلا يكون على هذا مشتقًّا من الضَّبر؛ لأنَّ الضبر لا يكون بمعنى الجرأة. وأمَّا الحُلقوم فليس أيضًا بصفة مشتقَّة من لفظ الحَلْق، فيلزم أَن تكون الميم زائدة. بل هو اسم، فيمكن أن يكون بمعنى الحلق، وتكون ذاته مخالفةً لذات حَلق، فيكون من باب سَبِط وسِبَطر، لا سيما وقد قالوا: حَلقمَهُ حَلقَمةً، إِذا قطع حُلقومَه. فأثبتوا الميم في تصريفه. وكذلك البُلعوم. أعني أنه ليس بصفة مشتقَّة من البَلْع، بل هو اسم كما ذكرنا لمجرى الطعام في الحلق. فلعله اسمٌ له، لا من حيث لُحِظَ فيه معنى البَلْع؛ ألا ترى أنَّ البياض الذي في طرف فم الحمار يُسمَّى بُلعُومًا، وإن لم يكن رُجوعه إلى معنى البَلْع؟ فكذلك ينبغي ألَّا يُجعل1 بالنظر إِلى مجرى الطعام في الحلق. وأمَّا الصَّلقَم فيمكن2 أن يكون غيرَ مشتقٍّ من الصَّلْق؛ لأنهم يقولون: جَملٌ صَلقَمٌ، أي: ضخم. فلعلَّ الشَّديدَ الصياح قيل له صَلْقَمٌ، لضخامة صوته، لا لأجل الصراخ نفسه. إذ وقع هذا اللفظ على ما ليس براجع لمعنى الصَّلْق، وهو الضخم من الإِبل. وأمَّا السَّرطَم فإِنه يحتمل3، وإِن كان واقعًا على الواسعِ الحَلقِ السريعِ الابتلاعِ، ألا يكون مشتقًّا من السَّرْط بمعنى البلع؛ لأنهم قد يوقعون السَّرطَم على القول اللَّيِّن، فيكون الرجل الواسع الحلق وُصف بسَرطَم، لسهولة الابتلاع في حلقه ولينه عليه، لا لنَفْسِ السَّرْط الذي هو الابتلاع، كما أنَّ السَّرطَم إِذا عُني به القول اللَّيِّنُ ليس براجع لمعنى السَّرط. فإِذا أمكن في هذه الألفاظ حملُها على ما ذكرتُ لك كان أَولَى من جعل الميم زائدةً غيرَ أوَّلٍ، لقِلَّة ما جاء من ذلك. وزعم أبو الحسن، وأبو عثمان المازنيّ4، أنَّ دُلامِصًا5 من ذوات6 الأربعة، وأنَّ معناه كمعنى دَلِيص7 وليس بمشتقٍّ منه، فجعلاه من باب سَبِط وسِبَطر. والذي حملهما على أن يقولا ذلك في دُلامِص، ولم يقولاه في زُرقُم وسُتهُم وأشباههما، قلَّةُ مجيء الميم زائدةً حَشوًا،
بل إذا جاءت زائدة غيرَ أوَّلٍ فإِنَّما1 تُزاد طرفًَا. وكذلك ينبغي أن يكون قُمارِص2 عندهما. وبالجملة ليس دُلامِص مع دَلِيص كسِبَطر مع سَبِط3؛ لأنَّ الذي قاد إِلى ادِّعاء أنَّ سَبِطًا وسِبَطْرًا أصلان مختلفان أنَّ الراء لا تحفظ زائدة في موضع. وأمَّا الميم فقد جاءت زائدة طرفًا غيرَ أول، فيما ذكرنا، وحشوًا في "تمسكنَ" وأخواته، وأوَّلًا فيما لا يُحصَى كثرةً. فإِذا دلَّ اشتقاقٌ على زيادتها فينبغي أن تُجعل زائدة، إذ باب سَبِط وسِبَطر قليل [23ب] جدًّا لا ينبغي أن يُرتكبَ إِلَّا إِذا دعت إِلى ذلك ضرورة. وإِن وقعت أوَّلًا فإِنها بمنزلة الهمزة, فلا يخلو أن يكون بعدها حَرفان أو أكثر. فإِن كان بعدها حرفان قُضي على الميم بالأصالة؛ إِذ لا بدَّ للكلمة من فاء وعين ولام؛ لأنَّ ذلك أقلُّ أصول الأسماء المتمكنة والأفعال. وذلك نحو: مَلْك ومَسْح وأمثالهما. وإِن4 كان بعدها أكثر فلا يخلو أن يقع بعدها أربعة أحرف5 مَقطُوع بأصالتها، أو ثلاثةٌ مقطوع بأصالتها، أو اثنان مقطوع بأصالتهما، وما عداهما مقطوع بزيادته أو محتمِلٌ للأصالة والزيادة. فإِن كان بعدها أربعةُ أحرفٍ مقطوعًا6 بأصالتها قُضِي على الميم بالأصالة، إِلَّا في الأفعال7 والأسماء الجارية عليها. وإِنَّما كان الوجه ذلك؛ لأنَّ الزيادة لا تلحق بنات الأربعة من أوَّلها، إِلَّا في النوعين المذكورين. وأمَّا بنات الخمسة فلا يلحقها من أوَّلها زيادة أصلًا8؛ لأنها لا تكون فعلًا. وذلك نحو: مَرْزَنْجُوش9، ينبغي10 أن تكون الميم فيه أصليَّة. وكذلك كلُّ ما جاء من هذا النحو11.
وإِن كان بعدها ثلاثة أحرف مقطوعًا بأصالتها قُضي عليها بالزيادة1؛ لأنَّ كلَّ ما جاء من ذلك، ممّا يُعرف له اشتقاق، توجد الميم فيه زائدة، نحو: مَلهًى ومَضرِب وأمثال ذلك، ممّا لا يُحصى كثرةً. ولم تجئ أصليَّة إِلَّا في: مُغرُودٍ2 ومُغفُورٍ3 ومَراجِل4. فالدليل على أصالتها في مَراجِل ثباتها في تصريفه، فقالوا: المُمَرجَل. قال5: بِشِيَةٍ كَشِيةِ المُمَرجَلِ وكذلك مُغفُور؛ لأنَّ الميم قد ثَبَتَتْ في تصريفه، قالوا6: ذَهَبُوا يَتمغفَرُونَ، أي: يجمعون المُغفُورَ. وهو ضرب من الكمأة7. وأمَّا مُغرود فيدلُّ على أصالة ميمه أنه ليس من كلامهم "مُفعول"، وفيه "فُعلُول". فإِذا جاء ما لا يُعرف اشتقاقه قُضي بزيادة الميم فيه، حملًا على الأكثر ممّا عُرف له اشتقاق، نحو: مأسَل8، ينبغي9 أن يُقضي بزيادة الميم فيه وفي أمثاله، وإِن لم يُعرف له اشتقاق10. وإِن كان بعدها حرفان مقطوعٌ بأصالتهما، وما عداهما مقطوع بزيادته، قضيتَ على الميم بالأصالة، إذ لا أقلَّ من ثلاثة أحرف أصول، كما تقدَّم. وذلك نحو: مالِكٍ وماسِحٍ وأمثال ذلك؛ ألا ترى أنَّ الألف مقطوع بزيادتها؟ وإِذا11كان كذلك وجب أن تكون الميم أصليَّة. وأن كان بعدها حرفان مقطوعًا بأصالتهما، وما عداهما محتمل للأصالة والزيادة، قُضي على الميم بالزيادة؛ لأنَّ كلَّ ما عُرف له اشتقاق من ذلك وُجدت الميم فيه زائدةً، ولم تُوجد أصليَّة إِلَّا في ألفاظ محفوظة. وهي: مِعْزًى ومأجَج12 ومَهْدَد13 ومَعَدّ ومَنجنيق ومَنجَنُون14. فلمَّا
كانت زائدة في الأكثر، ممّا عُرف له اشتقاق، حُمِل ما لم يُعرف له اشتقاقٌ من ذلك على ما عُرف اشتقاقه. [وذلك] 1 نحو: مِذرًى2 والمِذرَوَينِ. فإِن3 قيل: وما الدليلُ على أَصالة الميم في ستَّة الألفاظ المذكورة؟ فالجواب أنَّ الذي يدلُّ على أصالة الميم في مِعزًى أنهم يقولون4: مَعْزٌ، فيحذفون الألف. ولو كانت الميم فيه زائدة5 لقالوا "عَزْيٌ"6. فإِن قيل7: إِنَّ المِعزى أعجميٌّ، وقد تَقدَّم أنَّ الأعجميَّ لا يدخله تصريف. فالجواب أنَّ ما كان من الأعجميَّة نكرة فإِنه قد يدخله التَّصريفُ؛ لأنه محكومٌ له بحكم العربيّ، بدلالة أنَّ هذا النوع من العُجمة لا يمنع الصَّرفَ8، بخلاف العُجمة الشخصيّة. وسبب ذلك أنها أسماء نكرات –والنكرات هي الأُوَل- وإِنَّما9 تمكَّنت بدخول الألف واللَّام عليها، كما تدخل على الأسماء العربيَّة. ويدُلُّ على أنهم قد أَجروها مُجرى العربيّ أنهم قد اشتقُّوا منها، كما يَشتقُّون من العربيّ. قال رؤبة10: هَل يُنجِيَنِّي حَلِفٌ سِختِيتُ ... أو فِضَّةٌ, أو ذَهَبٌ كِبرِيتُ؟ فقال "سِختِيت" من السَّخْتِ وهو الشديد، وهو أعجميٌّ. والذي يدلُّ على أصالة الميم في مَعَدٍّ11 أنهم يقولون: تَمَعدَدَ الرَّجلُ، إِذا تكلَّم بكلام مَعَدٍّ، وقيل: إِذا كان على خُلُق معدّ. [24أ] والميم في "تمعدَد" أصليَّةٌ؛ لأنَّ "تَمَفعَلَ" قليل، نحو ما ذكرنا12 من قولهم: تَمَسكَنَ وتَمَدرَعَ، والأحسنُ: تَسَكَّنَ وتَدَرَّعَ. ومَعَدٌّ هذا –أعني اسم القبيلة-
منقول من مَعَدٍّ الذي يُراد به موضع رِجل الرَّاكب؛ لأنَّ الأعلام إِذا عُلِمَ لها أصل في النكرات فينبغي أن تُجعل منقولة منه. وإِذا ثَبَتَ النَّقلُ تَبيَّنَ أنَّ الميم [في مَعَدٍّ هذا –أعني اسم القبيلة- أصليَّة؛ لأنَّ الميم] 1 في مَعَدٍّ الذي هو2 موضع رِجل الرَّاكب أصليَّة أيضًا؛ لأنَّ 3 موضع رجل الراكب فيه شِدَّةٌ وصلابة، وقد قالوا "مَعَدَ" في معنى: اشتدّ. فالميم فيه أصل. لذلك قال4: وخارِبَيْنِ, خَرَبا فَمَعَدا ... لا يَحسِبانِ اللهَ إِلَّا رَقَدا فإِن قيل: جعلك الميم أيضًا أصليَّةً في أوَّل الكلام، وبعدها ثلاثة أحرف، قليلٌ، و"تَمَفعلَ" قليل. فهلَّا اعتدل الأمر عندك فيهما. فأجزتَ في مَعَدٍّ الوجهين. أعني زيادة الميم وأصالتها. فالجواب أنه لمّا كان جعلها أصلًا وجعلها زائدة يؤدِّيان إِلى قليل كانت الأصالة وما يعضده الاشتقاقُ أَولى. والذي يدلُّ، على أصالة الميم في مأْجَجٍ ومَهدَدٍ5، أنَّ الميم لو كانت زائدة لوجب الإِدغام، فتقول: مَهَدٌّ ومأَجٌّ، كما تقول: [مَقَرٌّ] 6 ومَكَرٌّ ومَفَرٌّ ومَرَدٌّ. فدلَّ ذلك على أنَّ الميم أصل، وأنهما ملحقان بجَعفَر نحو: قَرْدَدَ7. ولذلك لم يُدغَم. فإِن قلتَ: أَجْعلُ الميم زائدة فيهما، ويكون فكُّ الإِدغام شاذًّا. فيكون من باب: لَحِحَتْ 8 عينُه وأَلِلَ9 السِّقاءُ وضَبِبَ10 البَلَدُ، إِذ جَعلُ الميم أصليَّة أيضًا في أوَّل وبعدَها ثلاثة أحرف قليل. فالجواب ما تقدَّم في "مَعَدٍّ"، من أنه لمّا كانت الأصالة والزيادة تُفضيان إلى قليل كانت الأصالة أولى. فإِن قيل: فهلَّا جعلتم الميم أصليَّةً في مَحْبَبٍ11، بدليل فكِّ الإِدغام، كما فَعلتُم ذلك في
مَهْدَد. فالجواب أنه لمّا كان جعل الميم فيها أَصليَّة يؤدِّي إِلى الحمل على القليل، وجعلُها زائدة يؤدِّي أيضًا إِلى ذلك، كانت الأولى الزيادة هنا1؛ لأنَّ الميم إِذا كانت زائدة كانت الكلمة من تركيب "ح ب ب" وهو موجود، وإِذا كانت الميم أصليَّة كانت الكلمة من تركيب "م ح ب" وهو غير موجود. فكان الحمل على الموجود أَولى. والذي يدلُّ، على أنَّ الميم2 في مَنجَنِيق أصليَّة، أنه قد استقرَّ زيادة النون الأُولى، بدليل قولهم: مَجانِيق، بحذفها. ولو كانت أصليَّة لقلتَ "مَناجِيق". فإِذا ثَبَتَ زيادة النون ثَبَتَتْ بذلك أصالة الميم، إذ لو كانت زائدة. والنون بعدها زائدة، لأدَّى ذلك إلى اجتماع زيادتين في أوَّل كلمة. وذلك لا يوجد إِلَّا في الأفعال نحو "استَفْعَل"3، أَو في الأسماء الجارية عليها، نحو انطَلَق ومُنْطَلَق. و"منجنيق" ليس باسم جار على الفعل4. فإِذا ثَبَتَتْ أصالة الميم وزيادة النون الأُولى5 وجب أن يُقضى على النون الثانية بالأصالة؛ لأنك لو جعلتها زائدة لكان وزن الكلمة "فَنْعَنِيلًا". وذلك بناء غير موجود. وإذا جعلتها أَصليَّة كان وزن الكلمة "فَنْعَلِيلًا" نحو: عَنتَرِيس6. وأيضًا فإِنها ليست في موضع لَزِمَتْ فيه زيادتها، ولا كثُرت، فتُجعلَ زائدة. فإِن قيل: فهلَّا استدللتُم على زيادة الميم، بما حكاه أبو عثمان عن التَّوَّزيِّ7، عن أبي عُبيدة، من أنه سأل أعرابيًّا عن حروب، كانت بينهم، فقال: "كانَتْ بينَنا8 حروبٌ عُونٌ، تُفقأ فيها العُيونُ، مرَّة نُجنَقُ9، ومرَّة نُرشَقُ". فقوله "نُجنق" دليل على أنَّ الميم زائدة، إِذ لو كانت أصليَّة لوجب أن يقول "نُمَجْنَقُ". وحكى الفرَّاء10: "جَنَقُوهم بالمَجانِيق". فالجواب: أنَّ الكلمة أعجميَّة، والعرب قد تُخلّط في اشتقاقها من الأعجميِّ11؛ لأنها ليست من
كلامهم؛ ألا ترى أنَّ1 قول الراجز2: هَلْ تَعرِفُ الدَّارَ؛ لأُمِّ الخَزرَجِ ... مِنها, فظَلْتَ اليَومَ كالمُزَرَّجِ أراد: سكران كالذي يشرب3 الزَّرَجُون. وكان القياس أن يقول "كالمُزَرْجَنِ"4؛ لأنَّ نون "زَرَجون" أصليَّة. لكنه حذف النون؛ لأنَّ الكلمة5 أعجميَّة، والعرب قد تُخلّطُ في اشتقاقها من الأعجميِّ كما تقدَّم. فإِن قيل: فهلَّا قلتم [24 ب] : إنَّ6 قولهم في الجمع 7 "مَجانِيق" بحذف النون من قَبيل ما خُلِّطَ فيه. فالجواب أنَّ قولهم: مَجانِيق، يؤدِّي إِلى أن يكون وزن الكلمة "فَنْعَلِيلًا" كما تقدَّم، وهو من أبنية كلامهم. وقولهم: نُجْنَقُ وجَنَقُوهم، يؤدِّي إِلى كون الميم والنون زائدتين، فيكون وزن الكلمة "مَنْفَعِيلًا"، والزيادتان لا تَلحقان الأسماء من أوَّلها، إِلَّا أن تكون جارية على الأفعال، كما تقدَّم. والذي يدلُّ، على أصالة الميم في مَنجَنُون،8 أنه لا يخلو أن تُقَدِّر الميم والنون9 زائدتين أو أصليَّتين، أو إِحداهما زائدة والأخرى أصليَّة10 فجعلُهما زائدتين فاسد، لما تبيَّن من أنه لا يلحق الكلمة زيادتان من أوَّلها إِلَّا الأفعالَ والأسماءَ الجارية عليها، و"منجنون" ليس من قبيل الأسماء الجارية على الأفعال. وجعلُ إحداهما زائدة والأُخرى أصليَّة فاسدٌ؛ لأنَّ ك إن قدَّرت أنَّ الميم هي الزائدة11 كان وزن الكلمة "مَفْعَلُولًا". وذلك بناء غير موجود في كلامهم. وإِن12 قَدَّرتَ أنَّ النون هي الزائدة كان فاسدًا، بدليل قولهم "مَناجِين" في الجمع، بإِثبات النون الأُولى. فدلَّ ذلك على أنهما أصلان، ويكون وزن الكلمة "فَعْلَلُولًا". فيكون13 نحو: حَنْدَقُوق14.
باب النون
باب النون: النون1 تنقسم قسمين: قسم يُقضى عليه بالزيادة، وقسم يُقضى عليه بالأصالة، ولا يُقضى عليه بالزيادة إِلَّا بدليل. فالقسم الذي يُقضى عليه بالزِّيادة: النون التي هي حرف المضارعة، نحو: نَقُومُ ونَخرُجُ. والنون في "انفَعَلَ" وما تصرَّف منه، نحو: انطَلَق ومُنطلِق. ونون التثنية، وجمع السلامة من المذكَّر، نحو: الزَّيدَينِ والزَّيدِينَ. والنون التي هي علامة الرفع في الفعل: نحو: "يفعلانِ" و"تفعلونَ". والنون اللَّاحقة الفعلَ للتأكيد2، شديدةً كانت أو خفيفةً، نحو: هل تَقُومَنَّ وهل تَقُومَنْ؟ ونون الوقاية اللَّاحقة مع ياء المتكلِّم. نحو: ضَرَبَنِي. ونون التنوين في نحو: رَجُلٍ. والنون اللَّاحقة آخرَ جمع التكسير، فيما كان وزن "فُعْلان" و"فِعْلان" نحو: قُضْبان وغِرْبان؛ لأنه لا يُتصَوَّر جعلها أصليَّةً، إِذ ليس في أبنية الجموع ما هو على وزن "فعْلان" بضمِّ الفاء، ولا بكسرها. فجميع هذا لا تكون النون فيه إِلَّا زائدةً، ولا يُحتاج على ذلك إِلى إِقامة دليل، لوضوح كونها زائدةً فيه. وأمَّا النون الواقعةُ آخر الكلمة3، بعد ألف زائدة، فإِنه يُقضى عليها بالزيادة، فيما لم يُعرف له اشتقاقٌ ولا تصريفٌ، لكثرة تبيُّنها زائدةً فيما عُرف اشتقاقُه أو تصريفه، فيُحمَلُ ما لا يُعرف على الأكثر. وذلك بشرطَينِ: أَحدهما: أن يكون ما قبل الألف أكثرَ من حرفين [أصليَّين] 4. إذ لو كان قبلها حرفان
خاصَّةً لوجب القضاء بأصالة النون، إِذ لا بدَّ من الفاء والعين واللَّام. وذلك نحو: سِنان وعِنان وبَنان وقِران. وأمثال ذلك النونُ فيه أصليَّةٌ. والآخَر: ألَّا تكون الكلمة من باب "جَنجان"، فإِنه ينبغي أن تجعل النون فيه أصليَّة. إذ لو كانت نونه زائدة لكانت الكلمة ثلاثيَّةً، ويكون فاؤها جيمًا ولامها جيمًا1، فيكون من باب سَلس وقلق، أعني مما فاؤه ولامه2 من جنس واحد. وذلك قليل جدًّا. وإِن جعلت النون أصليَّةً كانت من باب الرُّباعيِّ المضعَّف، نحو: صَلصَلتُ وقَلقَلتُ. وذلك باب واسع. ومن الناس3 من اشترط أيضًا ألَّا يكونَ ما قبل الألف مضاعفًا، فيما قبلَ الألف فيه ثلاثة أحرف، نحو: مُرَّان4 ورُمَّان، لاحتمال أن تكون النون زائدة، وأن تكون أصليَّةً وأحدُ المضعَّفينِ زائدٌ، ويتساوى5 الأمران عنده، لكثرة زيادة الألف والنون في الآخر، وكثرة زيادة أحد المضعَّفين. والصحيح أنه ينبغي أن تُجعل الألف والنون زائدتين، بدليل السماع، والقياس: أمَّا القياس فأنَّ النون اختصَّتْ زيادتها في هذا الموضع، أو ثالثةً ساكنة، على ما يُبيَّنُ بعدُ، وأحد المضعَّفين6 زائد7 حيث كان. وما اختصَّتْ زيادتُه بموضع كان أولى بأن يُجعل زائدًا ممّا لم يَختصَّ؛ ألا ترى أنَّ الهمزة [25أ] في أَفعًى قضينا عليها بالزيادة وعلى الألف بالأصالة؛ لأنَّ الألف كثرت زيادتها في أماكن كثيرة، والهمزة لم تكثر زيادتها إِلَّا أوَّلًا خاصَّة؟ فكان المختصُّ يَشرَك غير المختصِّ، بكثرة8 زيادته في ذلك الموضع، ويزيد9 عليه بقوة الاختصاص. وأمَّا السَّماعُ فقوله عليه السلام، للقوم الذين قالوا له: "نحنُ بَنُو غَيَّانَ"، فقال لهم، عليه السلام10: "بَل أنتُم بَنُو رَشْدانَ". ألا تراه, عليه السلام، كيف تَكرَّه لهم هذا الاسم لأنه جعله من الغيِّ، ولم يأخذه من الغَين. وهي السحاب؟ 11 فقد دلَّ هذا على أنه إِذا جاء مضاعف، في
آخره ألف ونون مثل رُمَّان، أنه ينبغي أَن يُقضى عليه بزيادة الألف والنون، إِلَّا أن يقوم دليل على أنَّ النون أصليَّة، نحو1 مُرَّان. فإِن الخليل ذهب إِلى أنَّ نونه أصليَّة؛ لأنه مشتقٌّ من المَرانة التي هي اللِّين. ومنهم من شَرطَ ألَّا يكون ما قبل الألف مضاعفًا، ممّا قبلَ الألف منه ثلاثةُ أحرف2، وألَّا يكون3 مع ذلك مضمومَ الأوَّل اسمًا لنباتٍ، نحو رُمَّان؛ لأنَّ مثل هذا عنده ينبغي أن تكون نونه أصليَّة، ويكون وزنه "فُعَّالًا"؛ لأنه قد كثُر في أسماء النَّبات "فُعَّالٌ"، نحو: حُمّاض وعُنّاب وقُثّاء فحَمَلَه على ما كثرَ فيه. وهذا فاسد؛ لأنَّ زيادة الألف والنون في الآخر أكثرُ من مجيء اسم النبات على "فُعَّال"؛ ألا ترى أنَّ ما جاء من الأسماء –أعني4 أسماء النبات- على غير وزن "فُعَّال" لا ينضبط كثرةً, وإِن كان "فُعَّال" قد كثر واطّرد. وذهب السيرافيُّ إِلى أنَّ النون إِذا أتت في الآخر، بعد ألف زائدة، فإِنه لا يخلو أن يكون جعلها أصليَّة يؤدِّي إِلى بناء غير موجود، أو إلى بناء موجود. فإن أدَّى إلى بناء غير موجود قُضي عليها بالزيادة، نحو: كَرَوان وزَعفَران؛ ألا ترى أنَّ النون فيهما لو كانت أصليَّة لكان وزن كَروان: "فَعَلالًا"، ووزن "زَعفَران": "فَعْلَلالًا"، وهما بناءان غير موجودين. وإن أدَّى ذلك إلى بناء موجود قُضي عليها5 بالأصالة، نحو: دِهقان6 وشَيطان؛ لأنَّ نون دِهقان إذا جُعلتْ أصليَّة كان وزنه "فِعْلالًا"، ونون شَيطان إذا كانت أصليَّة كان وزنه "فَيعالًا". وهما بناءان موجودان، نحو: شِملال وبَيطار7. وهذا الذي ذهب إليه –من أصالة النون8 فيما يُؤدِّي جعلُ النون فيه أصليَّةً إلى بناء موجود –باطلٌ؛ لأنه جعل دليله على ذلك كون سيبويه قد جعل النون أصليَّة في دِهقان وشَيطان. ولم يفعل ذلك سيبويه، لِما ذكر من أنَّ جعل النون فيهما أصليَّةً يؤدِّي إلى بناء موجود، بل لقولهم: تَدَهقَنَ وتَشَيطَنَ؛ لأنه ليس في كلامهم "تَفَعْلَنَ". فدلَّ ذلك على أصالة النون. فأمَّا: تَدَهَّقَ
وتَشَيَّطَ فليس في قوَّة تَدَهقَنَ وتَشَيطَنَ1؛ لأنَّ أبا عليٍّ2 قد دفعهما من طريق الرواية3. فإذا جاءت النون بعد ألف زائدة، فيما لا تَعرف له اشتقاقًا4، بالشرطين المذكورين، فاقضِ بالزيادة حَملًا على الأكثر. وكذلك تَفعل إذا احتَملَتِ الكلمةُ اشتقاقين، تكون5 في أحدهما أصليَّة، وفي الآخر زائدة. فينبغي6 أن تحمله على الذي تكون فيه زائدة، حملًا على الأكثر، نحو: "دُكَّان"7. فإنه يحتمل أن يكون مشتقًّا من: دَكَنتُه أَدكُنُه دَكْنًا، إذا نَضَدتَ بعضَه فوق بعض، فتكون نونه أصليَّة. ويحتمل 8 أن يكون مشتقَّا9 من قولهم: أَكمةٌ دَكَّاءُ، إذا كانت مُنبسطة، وناقةٌ دَكَّاءُ إذا كان سنامها مفترِشًا في ظهرها، فتكون نونه زائدة. لكنَّ الذي ينبغي أن يُحمل عليه هذا الاشتقاقُ الآخر، لما ذكرناه من الحمل على الأكثر. وأمَّا النون إذا وقعت ثالثة ساكنة، غير مُدغَمة10، في كلمة على خمسة أحرف، نحو: جَحَنفَل وعَبَنقَس11، وأمثال ذلك، فإنه ينبغي أن تَقضي عليها12 بالزيادة، وإن لم تعرف13 للكلمة اشتقاقًا ولا تصريفًا؛ لأنَّ كلَّ ما عُرف14 له اشتقاقٌ أو تصريف من ذلك وُجدت النون فيه زائدة، فيُحملُ15 ما لم يُعرف اشتقاقه على ما عُرف اشتقاقه. فما عُرف اشتقاقه فوُجدت النون فيه زائدة: جَحَنفَل وجَرَنفَش16؛ لأنَّ الجحنفل: الكثير، والجحفل: الجيش الكثير. فهما بمعنى واحد. والجحنفل أيضًا: العظيم الجحفلة17. فهو
[25 ب] من لفظ الجحفلة1، فنونه زائدة. وقالوا: جُرافِش، في 2 "جَرَنفَش". ومثل ذلك كثير إِلَّا أني لم أُكثر من ذلك، لِما فيه من التَّطويل. فلمّا كان الأمر، فيما له اشتقاقٌ أو تصريف3، على ذلك حُمِل ما ليس له اشتقاق ولا تصريف4 نحو: عَبَنْقَس, على ذلك، فقُضي على النون بالزيادة. فإن5 كانت مدغمة فيما بعدها، نحو "عَجَنَّس"، لم يُقضَ عليها بالزيادة6 لأنه لم تكثر زيادتها فيما عرف له اشتقاق أو تصريف، إِلَّا إذا كانت غير مدغمة. وزعم ابن جنِّي7 أنه إن جاء مثل "حَزَنْزَنٍ" أو "عَصَنْصَنٍ"8 فإنه تُجعل نونه مُحتمِلةً، فلا يُقضى عليها بالأصالة ولا بالزيادة، إِلَّا بدليل. وإِنَّما احتَمَلَ هذا النحوُ أن تكون النون فيه أصليَّة وزائدة؛ لأنك إذا جعلت النون أصليَّة كان من باب: صَمَحْمَح9 ودَمَكمَك10 وإن كانت زائدةً كان من باب: عَقَنْقَل11. وبابُ صَمَحْمح أكثر وأوسع12. فإزاء كون النون ساكنةً ثالثةً كونُ باب صَمَحْمَح أوسعَ من باب عَقَنقَل. وهذا الذي ذهب إليه عندي فاسد. بل ينبغي أن يُقضى عليها بالزيادة؛ لأنَّ زيادة النون ثالثةً ساكنة لازمةٌ فيما عُرف له اشتقاق، فلا ينبغي أن يجعل بإزائه كونُ باب صَمَحْمَح أوسعَ من باب عَقَنْقَل؛ لأنَّ دليل اللزوم أقوى من دليل الكثرة13. وإنما14 لزمت زيادتها إذا كانت على ما ذُكر، لشبهها بحرف المدِّ واللين، إذا وقع في هذا الموضع. فكما أنَّ حرف المدِّ واللين إذا وقع في اسم على خمسة أحرف ثالثًا مثل جُرافِس كان
زائدًا، فكذلك ما كان بمنزلته. ولذلك حذفوا نون عَرَنقُصان1 تخفيفًا، فقالوا: عَرَقُصان، كما حذفوا الألف من عُلابِط2 وهُدابِد3 وأمثالهما، حين قالوا: عُلَبِط وهُدَبِد. ووجه الشبه بينهما أنَّ في النون غُنَّةً في الخياشيم، كما أنَّ في حروف المدِّ واللين مدًّا، والغُنَّة والمدّ كلُّ واحد منهما فضلُ صوت في الحرف. ولذلك إذا جاءت النون ثالثة ساكنة، فيما هو على خمسة أحرف، إِلَّا أنها مدغمة نحو: عَجَنَّس4، لم تكن إِلَّا أصليَّة5؛ لأنها إذ ذاك تَشَبَّثُ بالحركة، والنون إذا تحرَّكت كانت من الفم وضعفت الغُنَّة فيها. ولذلك لم تُزَد ثالثة ساكنة قبل حرف الحلق؛ لأنها إذ ذاك تكون من الفم وتضعف فيها الغُنَّة، فلا تشبه حرف العلَّة. ولو ورد في الكلام مثل "جَحَنْعَل" مثلًا لجُعلت النون فيه أصليَّة كما جُعلت في "عجنَّس" كذلك، لمفارقتها إذ ذاك الغُنَّة التي أشبهت بها حرف العلَّة. فهذه جملة الأماكن التي يُقضى على النون فيها بالزيادة. وما عدا ذلك قُضي عليه بالأصالة، ولا يقضى عليه بالزيادة إِلَّا بدليل6: فممّا زيدت فيه النون أوَّلًا لقيام الدليل على زيادتها: نَرْجِسٌ7, وزنه "نَفْعِلٌ". وإنَّما لم تكن نونه أصليَّة؛ لأنه ليس في كلامهم "فَعْلِل"8. فإن قيل: وكذلك ليس في كلامهم "نَفْعِل". فالجواب أنه قد تَقدَّم أنَّ الحرف إذا كان جعله زائدًا يؤدِّي إلى بناء غير موجود، وكذلك9 جعله أصليًّا، قُضِيَ عليه بالزيادة، للدخول في الباب الأوسع؛ لأنَّ أبنية المزيد أكثرُ من أبنية الأصول. وزعم ابن جنِّي أنَّ النون في نِبراس10 زائدة ووزنه "نِفْعال"، وجعله مشتقًّا من البِرْس وهو القطن؛ لأنَّ الفتيل يُتَّخذ في الغالب من القطن. وذلك اشتقاقٌ ضعيف جدًّا. بل لِقائل أن يقول: الغالب في الفتيل ألَّا يكون من القطن.
وكذلك قولهم1: نِفْرِجةُ القلب، وزنه عنده2 "نِفْعِلةٌ"؛ لأنَّ النِّفرِجة؛ الجبان الذي3 ليست له جلادة ولا حزم. واستدلَّ على ذلك بقول العرب: رَجُلٌ أَفرَجُ وفَرِجٌ4. إذا كان لا يكتم سِرًّا، فجعل نِفرِجة القلب مشتقًّا5 منه؛ لأنَّ إفشاء السِّرِّ من قِلَّة الحزم. وهذا الاشتقاق أيضًا ضعيفٌ؛ لأنَّ إفشاء السِّرِّ ليس بقلَّة حزم6، بل هو بعض صفات القليل الحزم. وأيضًا فإنَّ7 الأفرَج والفَرِج لا يراد بهما الجبان كما يراد بنفرجة القلب. فدلَّ ذلك على ضعف هذا الاشتقاق. فينبغي أن تجعل النون فيها أصليَّةً. وزيدت ثانيةً في: قِنعاس8 وقِنفَخر9 وعَنبَس10 وعَنْسَل11 وعَنتَرِيس12 وخَنفَقِيق13 وكَنَهبُل14 وجُندب بضمِّ الدال وفتحها وعُنصَر وقُنْبَر وكِنْثأْو15 وحِنْطأْو16 وسِنْدأْو17 وقِنْدأْو18. فأمَّا قِنعاس فنونه زائدة؛ لأنه من القَعْس، وقِنفَخر لأنه يقال في معناه [26أ] : قُفاخِرِيّ، وعَنبَس من العُبوس، وعَنسَل من العَسَلان، وعَنتَرِيس من العَتْرسة وهي الشِّدَّة، والخَنفَقِيق من الخَفْق. وأمَّا كَنَهْبُل فنونه زائدة19؛ لأنها لو جعلت أصليَّةً لكان وزن الكلمة "فَعَلُّلًا". وهو بناء غير
موجود في كلامهم. وأمَّا1 جُندَب وعُنصَر وقُنبَر فيدلُّ على زيادة النون فيها أنك لو جعلتها أصليَّةًَ لكان وزن الكلمة "فُعْلَلًا". وهو نباء غير موجود في كلامهم. فأمَّا جُؤذَر2 فأعجميّ. وبُرقَع وجُخدَب3 مخفَّفان من بُرقُع وجُخدُب بالضمِّ. وأيضًا فإنَّ هذه النون قد لزمت هذا البناء، وهي حرف زيادة، فدلَّ ذلك على زيادتها، إذ لو كانت أصلًا لجاز أن يقع موقعَها غيرُها من الأصول. وأيضًا فإنَّ ما جاء من هذا النحو, وعُلم له تصريف، وُجِدَتِ النونُ فيه زائدةً نحو: قُنبَر؛ لأنهم يقولون في معناه: قُبَّرٌ، فيحذفون النون. فيُحمَل4 ما جُهِل تصريفه على ما عُلِم. وأمَّا جِندب بكسر الجيم وجُندُب بضمِّ الجيم والدال5 فنونه زائدة؛ لأنه في معنى "جُندَب" المضموم الجيم. فينبغي أن تكون نونه زائدة كما هي في المضموم الجيم. وأمَّا كِنْثأْوٌ6 وأَخواته فنونه زائدة، بدليل أنَّ هذه الأسماء فيها ثلاثةُ أحرفٍ من حروف الزيادة: النون والهمزة والواو. فقُضِي على الهمزة بالأصالة، لقلَّة زيادتها غيرَ أَوَّل. وقُضِي على الواو بالزيادة، لملازمتها المثال7. فإن قيل: فإن الهمزة أيضًا قد لازمت المثال: فالجواب أنه لا يمكن أيضًا8 القضاء بزيادتها مع زيادة النون، لئلَّا يؤدِّي إلى بقاء الاسم على أقلِّ من ثلاثة أحرف، إذ الواو زائدة. فلمّا تعذّرت زيادتهما معًا قُضِي بزيادة النون؛ لأنَّ زيادة النون غيرَ أوَّلٍ أكثرُ من زيادة الهمزة. فإن قيل: فهلَّا جَعلتَ الواو أصليَّة وقَضيتَ على النون والهمزة بالزيادة. فالجواب أنَّ القضاء على الواو بالزيادة أَولى من القضاء على الهمزة والنون بذلك؛ لأنَّ زيادة الواو أكثر من زيادة النون والهمزة9 غيرَ أوَّل.
وممّا يدلُّ على زيادة النون في هذه الأسماء أنَّه قد تقرَّر في كِنْثأْو زيادةُ النون بالاشتقاق؛ لأنهم1 قد قالوا: كَثّأَتْ لحِيتُه، إذا كانت كنثأوًا، فحذفوا النون. قال الشاعر2: وأنتَ امرُؤٌ, قَد كَثّأَتْ لَكَ لِحْيةٌ ... كأنَّكَ, مِنها, قاعِدٌ في جُوالِقِ فينبغي أن يُحمل ما لم يُعلم له اشتقاق، من هذه الأسماء، على ما عُلِم له ذلك. وأمَّا3 خِنزِيرٌ فنونه أصليَّة. وليس في قوله4: لا تَفخَرُنَّ, فإِنَّ اللهَ أَنزَلَكُم ... خُزْرَ تَغلِبَ, دارَ الذُّلِّ والهُونِ دليل على أنَّ النون زائدة؛ لأنَّ خُزْرًا ليس بجمع خِنزير، بل هو جمع أَخْزَر؛ لأنَّ كلَّ خِنزيرٍ عندهم أخزرُ، خلافًا لأحمدَ بن يحيى، فإنه يجعل خُزْرًا جمع خِنزير. وذلك فاسد؛ لأنه ليس قياس خِنزير أن يجمع على خُزْر. فمهما أمكن أن يُحمل على المطّرِد5 كان أولى. وزيدت ثالثةً غيرَ ساكنة في نحو: فِرْناس وذُرْنُوح6. أمَّا ذُرنُوح فإنهم يقولون في معناه: ذُرُّوح فيحذفون النون. وأمَّا فِرناس الأسد فإنه مشتقٌّ من فَرَسَ يَفرِسُ؛ لأنَّ الافتراس من صفة الأسد7. وزيدت رابعةً8 في: رَعْشَنٍ9 وعَلْجَنٍ وضَيفنٍ وخِلَفْنة10 وعِرَضْنة11 فأمَّا رَعْشَنٌ فمن الارتعاش. وعَلْجَنٌ من العِلْج –وهو الغليظ- لأنَّ العَلجَن: الناقة الغليظة. ورجلٌ خِلَفْنةٌ وذو خِلَفْنة12 أي: في أخلاقه خلاف13. وعِرَضْنة14 من التعرُّض.
وأمَّا ضَيفَنٌ ففيه خلاف: منهم من جعل نونه زائدة1؛ لأنه الذي يجيء مع الضيف. فهو راجع إلى معنى الضيف. ومنهم من ذهب إلى أنَّ نونه أصليَّةٌ –وهو أبو زيد- وحكى من كلامهم: ضَفَنَ الرَّجلُ يَضفِنُ، إذا جاء ضيفًا مع الضيف. فضَيفنٌ على هذا المذهب "فَيْعَلٌ" وهذا الذي ذهب إليه أبو زيد أقوى. ويقوِّيه أيضًا2 أنَّ باب النون ألَّا تكون في مثل هذا إِلَّا أصليَّة. وأيضًا فإنَّ نونه إذا كانت زائدة كان وزنه "فَعْلَنًا"، و"فَيْعَلٌ" أكثرُ من "فَعْلَنٍ".
باب التاء
باب التاء: التاء تنقسم قسمين1: قسمٌ يُحكم عليه بالأصالة، ولا يحكم [26 ب] عليه بالزِّيادة إِلَّا بدليل، وقسم يُحكم عليه بالزِّيادة أبدًا، ولا يكون أصلًا. فالقسم2 الذي يحكم عليه بالزيادة: التاء التي في أَوائل أَفعال المُطاوَعة3، نحو قولك: كسَّرتُه فتَكسَّرَ وقطَّعتُه فتَقطَّعَ ودَحرَجتُهُ فتَدحرَج. والتاء في أول "تَفاعَلَ"، نحو: تَغافَلَ وتَجاهَل، وما تصرَّف من ذلك. والتاء التي هي من حروف المُضارَعة، نحو: تَقُومُ وتَخرُجُ. والتاء التي في "افتَعَلَ" و"استَفْعَلَ"، وما تصرَّف منهما. والتاء التي للخطاب في نحو: أنتَ وأنتِ و4 أنتما وأنتم وأنتنّ. وتاء التأنيث نحو: قامتْ وخَرَجَتْ، وقائمةٌ وخارِجةٌ، ورُبَّتَ وثُمَّتَ ولاتَ. ومع "الآن"5، في نحو قوله6: نَوِّلِي, قَبلَ نأيِ دارٍ, جُمانا ... وصِليِنا, كَما زَعَمتِ, تَلانا
أراد: الآنَ1. وحكى أبو زيد أنه سمع مَن يقول: حَسبُكَ تَلانَ، يريد: حسبُكَ الآنَ. [فزادَ التاء] 2. ومع الحين، في أحد القولين، في نحو قوله3: العاطِفُونَ تَحِينَ ما مِن عاطِفٍ ... والمُسبِغُونَ نَدًى إِذا ما أَنعَمُوا جميع هذا يُحكم على التاء فيه بالزيادة، ولا يُحتاج في ذلك إلى دليل، لوضوح كونها زائدةً فيه. وأمَّا القسم الذي يُحكم عليه بالأصالة، ولا يكون زائدًا إِلَّا بدليل، فما عدا ذلك. وإنما قضينا على التاء بالأصالة، فيما عدا ذلك، لكثرة تَبيُّن أصالة التاء فيما يُعرف له اشتقاق أو تصريف4، نحو: تَوءَم –فإنَّ تاءه أصليَّة؛ لأنك تقول في الجمع: تُؤامٌ. وتُؤامٌ: "فُعالٌ" فتاؤه أصل – وأمثالِ ذلك. ويقلُّ وجودُها زائدةً فيما عُرف له اشتقاق أو تصريف. فلمّا كان كذلك حُمل ما جُهل أصله على الكثير، فقُضي على تائه بالأصالة. فممّا جاءت فيه التاء زائدة أوَّلًا: تألَبٌ وتُرتَبٌ5 وتُدْرأٌ6 وتِجفافٌ7 وتَعضُوض8 وتِمثالٌ وتِبيانٌ وتِلقاءٌ وتِضرابٌ9 وتِهواءٌ10 من الليل وتِمساحٌ للكذَّاب وتِمْرادٌ لبيت الحمام ورَجل تِقوالةٌ. فالدليل11، على زيادتها في تَأْلَب اسم الحِمار، أنه12 مأخوذٌ من [قولك] 13: أَلَبَ الحِمارُ أُتُنَه يألِبُها، إذا طردها. وكذلك14 تُرتَبٌ: "تُفْعَلٌ" مِن الشيء الرَّاتب. وتُدرأٌ15 من:
دَرأتُ، أي: دَفَعتُ. وأيضًا فإِنه لا يمكن جعل التاء في تُرتبٍ وتُدرأ أصلًا؛ لأنه ليس في كلامهم "فُعْلَلٌ". وكذلك تَتْفُلٌ1 تاؤه زائدة؛ لأنها لو كانت أصليَّة لكان وزن الكلمة "فَعْلُلًا". وذلك بناء غير موجود في كلامهم. ومن قال: تُتْفُلٌ، بضمِّ التاء فهي عنده أيضًا زائدة، لثبوت زيادتها في لغة مَن فَتَحَ التاء. وكذلك2 تِجفاف وتَعضُوض وتِبيان وتِلقاء وتِمساح وتِقوالة وناقة تِضراب، هي3 مشتقَّة من: الجُفُوف والعَضِّ والبَيان واللّقاء والمَسحِ والضِّراب والقَول. وتِمرادٌ4؛ لأنه من ماردٍ أي: طويل. ومنه: قَصرٌ ماردٌ. وتِهواءٌ من الليل من قولهم: مَرَّ هَوِيٌّ5 من الليل. وكذلك التاء في تِنبال زائدة؛ لأنَّ التِّنبال هو القصير، والنَّبَلُ هم القِصار، فيكون التِّنبال6 منه. وقد ذهب إلى ذلك بعض أهل اللغة7. وزيدت آخِرًا8 في سَنبَتة، بدليل قولهم: مَرَّتْ عليه9 سَنبةٌ من الدهر، بمعنى سَنبتة أي: قِطعة –فيحذفون التاء- وفي رَغَبُوت ورَهَبُوت وطاغُوت10 ورَحَمُوت ومَلَكُوت وجَبَرُوت؛ لأنها بمعنى الرغبة والرهبة والرحمة والمُلك والتجبُّر والطُّغيان. [وقد] 11 قالوا: رَغَبُوتَى ورَهَبُوتَى ورَحَمُوتَى12، والتاء فيها أيضًا13 زائدة.
فأمَّا الثَّلَبُوت1 من قول لبيد2: بأحِزَّةٍ الثَّلَبُوتِ, يَربأ فَوقَها ... قَفْرَ المَراقِبِ, خَوفُها آرامُها فالتاء فيه أصل. وأجاز ابن جنِّي أن تكون التاء زائدة، حملًا على جَبَرُوت وأَخواته. قال: وليس ذلك بالقويِّ3. والصحيح أنه لا يَسوغ جعلُ التاء فيه زائدةً، لقِلَّة ما زيدت فيه التاء, ممّا هو على وزنه، إذ لا يُحفظ منه إِلَّا سِتَّةُ الألفاظ المذكورة4. وكذلك هي في عَنكَبُوت زائدة. واستدلَّ على ذلك سيبويه5، بقولهم في جمعه: عَناكِب. ووجه الدليل من ذلك أنهم كَسَّرُوا عنكبوتًا من غير استكراه. أعني: من غير أن يُكلَّفوا ذلك6. ولو كانت التاء أصليَّة لكان من بنات الخمسة. وهم لا يكسّرون بنات الخمسة إِلَّا بعد استكراه. فدلَّ ذلك على أنه ليس من بنات الخمسة، وأنَّ تاءه زائدة. وأيضًا فإنهم يقولون في معناه7. العَنكباء. وذلك قاطع [27أ] بزيادة التاء. وفي8 عِفرِيت وغِزوِيت9. أمَّا غِزوِيت فالدليل على زيادة تائه أنك لا تخلو من أن تجعل التاء والواو أصليَّتين. أو تجعل التاء أصليَّة والواو زائدة10 أو العكس. فجعلهما أصليَّتين11 يؤدِّي إلى كون الواو أصلًا12، في بنات الأربعة [من غير المضعَّفات] 13. وذلك فاسد. وجعل الواوِ زائدةً14 والتاءِ أصليَّة يؤدِّي إلى بناء غير موجود. وهو "فِعوِيل". فلم يبق إِلَّا أن تكون تاؤه زائدة وواوه أصليَّة. وأمَّا عِفريت فتاؤه زائدة، بدليل قولهم في معناه: عِفرِيةٌ.
وزيدت أيضًا في أوَّل الكلمة وآخِرها في1 تَرنَمُوتٍ، ووزنه "تَفْعَلُوتٌ". وهو: صوتُ ترنُّمِ القوسِ عند الإِنباض. قال الراجز2: تَجاوَبَ القَوسِ بِتَرنَمُوتِها أي: بِتَرنُّمِها.
باب الألف
باب الألف: الألف لا تكون أبدًا أصلًا1. بل تكون زائدة، أو منقلبةًً عن ياء أو واو –فمثال الزائدة ألف ضارِبٍ لأنه من الضَّرْب. ومثال المنقلبة عن الياء ألف "رَمَى" لأنه من الرَّمْي. ومثال المنقلبة عن الواو ألف "غَزا" لأنه من الغَزْو – إِلَّا فيما لا يدخله التصريف، نحو الحروف، والأسماء المتوغلة في البناء، فإنه ينبغي أن يُقضى على الألف فيه بأنها أصليَّة. إذ لا دليل على جعلها زائدة، ولا يُعلم لها أصلٌ في الياء ولا في الواو، فيُقضى على الألف بأنها منقلبة عن ذلك الأصل. وممّا يُبيِّن ذلك وجودُ "ما" و"لا" وأمثالهما في كلامهم. وقد تَقدَّم تَبيِينُ ذلك2. والألف لا تخلو3 أن يكون معها حرفان أو أزيد. فإِن كان معها حرفان قَضيتَ4 عليها بأنها منقلبة من أصل، إذ لا بدَّ من الفاء والعين واللَّام، ونحو: رَمَى وغَزا. وإن كان معها أزيدُ فلا يخلو أن يكون معها ثلاثة أحرف مقطوعٌ بأصالتها، فصاعدًا، أو حرفانِ مقطوع بأصالتهما وما عداهما مقطوعٌ بزيادته، أو محتَمِلٌ أن يكون أصلًا وأن يكون زائدًا. فإن كان معها حرفان مقطوعٌ بأصالتهما، وما عداهما مقطوعٌ بزيادته، كانت الألف منقلبة عن أصل، إذ لا بدَّ من ثلاثة أحرف أصول، كما تقدَّم. وذلك نحو: أَرطًى5، في لغة من يقول: أَدِيمٌ مَرْطِيٌّ؛ ألَا ترى أنَّ قوله مَرْطِيٌّ يقضي بزيادة الهمزة؟ وإذا ثَبَتَتْ زيادتها ثَبَتَ كون الألف منقلبةً عن أصل.
وإن كان ما عداهما محتملًا للأصالة والزيادة فلا يخلو أن يكون ميمًا أو همزة في أوَّل الكلمة، أو نونًا ثالثة ساكنة فيما هو على خمسة أحرف، أو غيرَ ذلك من الزوائد. فإن كان ميمًا أو همزة [أولًا] 1، أو نونًا ثالثة ساكنة، قَضيتَ على الألف بأنها منقلبةٌ من أصل، وعلى الميم أو الهمزة أو النون بالزيادة. وذلك نحو: أَفعًى ومُوسًى، ونحو عَقَنقًى إن ورد في كلامهم، إِلَّا أن يقوم دليل على أصالتها2 وزيادة الألف، وذلك قليل لا يحفظ منه إِلَّا أَرطًى، في لغة من قال: أدِيمٌ3 مأروطٌ. فإن قيل: فلأيِّ شيء قضَيتم بزيادة الميم والهمزة والنون، وقضيم على الألف أنها منقلبة عن أصل؟ فالجواب أنَّ الذي حَمل على ذلك أشياءُ. منها أنَّ ما عُرِف له اشتقاق، من ذلك, وُجد الأمر فيه على ما ذكرنا من زيادة الميم والهمزة والنون، نحو: أَعمَى وأَعشَى ومَلهًى ومَغزًى4. ومنها أنَّ الميم والهمزة5 والنون قد سبقت، فقُضِي عليها بالزيادة لسَبقها إلى موضع الزيادة. فلمّا قُضي عليها بالزيادة وَجب القضاء على الألف بانقلابها عن أصل. ومنها أنَّ الميم والهمزة والنون قد ساوت الألفَ، في كثرة الزيادة، وفَضَلَتْها بقوَّة الاختصاص؛ ألا ترى أنَّ الميم والهمزة قد كثرت زيادتهما أوَّلًا6، كما كثرت زيادة الألف، واختصَّتا7 بالزيادة أوَّلًا، وليست الألف كذلك، وأنَّ النون كثرت زيادتها، ثالثةً ساكنة، فيما هو على خمسة أحرف، وبعد الألف الزائدة قبل آخر الكلمة8، بالشرطين المتقدِّمين في فصل9 النون، واختصَّت بالزيادة في هذين الموضعين، وليست الألف كذلك؟ وإن كان غيرَ ذلك من الزوائد قَضيتَ على الألف بالزيادة, وعلى ما عداها بالأصالة، إِلَّا ما
شذَّ1، نحو: عُزَّى2، إِلَّا أن يقوم دليل على أنَّ الألف منقلبة عن [27 ب] أصل. وذلك نحو: قَطَوطًى3 وشَجَوجًى4 وذَلَولًى5. الألف في جميع ذلك أصل6. وذلك أنَّ الألف لو جُعلت زائدة لم تخلُ الواو من أن تكون أصلًا أو زائدة. فلو جعلتها زائدة لكان وزنها7 "فَعَولًى". وذلك8 بناء غير موجود. ولو جعلتَ الواو أصليَّة لم تخل من أن9 تجعل المُضعَّفين أصلين، أو أحدَهما أصلًا والآخَرَ زائدًا. فلو جعلتهما أصلين لم يجز؛ لأنَّ ذلك يؤدِّي إلى جعل الواو أصلًا، في بنات الأربعة، وذلك لا يجوز إِلَّا في باب: ضَوضَيتُ10 وقَوقَيتُ11، على ما يُبيَّنُ بعدُ، إن شاء الله. ولو جعلتَ أحدَهما أصلًا والآخَرَ زائدًا لكان وزنها "فَعَلعًى". وذلك بناء غير موجود في كلامهم. فثَبَتَ أنَّ الألف بدلٌ من أصل. وإذا ثَبَتَ ذلك احتملت هذه الأسماء أن تكون الواو فيها زائدة. من غير لفظ اللَّام، وأن تكون من لفظ اللَّام. فإن كانت من غير لفظ اللَّام كان وزن هذه الأسماء "فَعَوعَلًا" نحو: عَثَوثَلٍ12 وغَدَودَنٍ13 وإن كانت من لفظ اللَّام كان وزنها "فَعَلْعَلًا" نحو: صَمَحْمَحٍ14 ودَمَكْمَكٍ15. وحملها على أن تكون من باب صَمَحْمَحٍ أولى؛ لأنه أوسع من باب عَثَوثَل. وهو الظاهر من كلام سيبويه، أعني أنها تحتمل ضربين16 من الوزن، وباب صمحمح أولى بها.
وأمَّا مَن زعم أنَّ قَطَوطًى وذَلَولًى1 لا يكون وزنهما إِلَّا "فَعَوعَل"2، واستدلَّ على ذلك بأنَّ اقطَوطَى واذلَولَى وزنُهما "افعَوعَلَ"، وزعم أنَّ سيبويه لو حفظ3 "اقطَوطَى" لم يُجِزْ في قَطَوطًى إِلَّا أن يكون "فَعَوعَلًا"، فلا يُلتفَتُ إليه، إذ ليس قَطَوطًى باسم جارٍ على "اقطَوطَى"، فيلزمَ أن تكون الواو الزائدة فيه من غير لفظ اللَّام، كما هي في اقطَوطَى. بل لا يلزم، من كونهم قد اشتقُّوا "اقطَوطَى"، من لفظ قَطَوطًى، أكثرُ من أن تكون أصولُهما واحدةً. وذلك موجود فيهما؛ لأنَّ قَطَوطًى إذا كان وزنُه "فَعَلعَلًا" كانت إحدى العينين وإحدى اللَّامين زائدتين، فتكون حروفه الأصول: القاف والطاء والواو. وكذلك "اقطوطَى" الواو وإحدى الطائين زائدتان، وحروفه الأصول: القاف والطاء والواو التي انقلبت ألفًا. والدليل على أنَّ حروفه الأصول ما ذكرنا قولهم: قَطَوانٌ، في معناه. وإنْ كان مع الألف ثلاثةُ أحرف مقطوع بأصالتها فصاعدًا قُضي على الألف أنها زائدة، إِلَّا في مضاعف بنات الأربعة فإنَّ الألف يُقضى عليها بالأصالة؛ لأنَّ الألف لا تكون أصلًا في بنات الأربعة4 كما ذكرنا، إِلَّا منقلبة عن ياء أو واو، والياء والواو لا يكونان أصلين في بنات الخمسة إِلَّا فيما شَذَّ ممَّا يُبيَّنُ5 في بابه، ولا في بنات الأربعة إِلَّا في المضاعف نحو: قَوقَى6 وضَوضَى7. فإن قيل: وما الديل على أنَّ الألف ليس زائدة8 في: ضَوضَى وقَوقَى؟ فالجواب9 أنَّ جَعل الألف زائدة يؤدِّي إلى الدخول في باب: سَلِسَ وقَلِقَ. وذلك قليل. وأيضًا فإنهم قد قالوا:
ضَوضاءٌ وغَوغاءٌ1 كقَلقال وصَلصال. ولا نحفظ2 في بنات الثلاثة اسمًا على "فَعْلاء" نحو "سَلقاءٍ" و"ضَرباءٍ"3 منوّنًا. فدلَّ مجيء ضَوضاءٍ وغَوغاءٍ على أنَّ "ضَوضَى"4 و"قَوقَى" من بنات الأربعة كـ"صَلصَلَ"5، و"قَلقَلَ"6.
باب الياء
باب الياء: الياء1 أيضًا لا تخلو من أن يكون معها حرفان أو أزيدَ. فإن كان معها حرفان كانت أصلًا، إذ لا أقلَّ من ثلاثة أحرف، نحو: ظَبْيٍ ورَمْيٍ. وإن كان معها أزيدُ من حرفين فلا يخلو أن يكون معها ثلاثة أحرف مقطوع بأصالتها، فصاعدًا، أو حرفان مقطوع بأصالتهما وما عداهما مقطوع بزيادته، أو محتملٌ أن يكون أصلًَا وأن يكون زائدًا. فإن كان معها حرفان مقطوع بأصالتهما وما عداهما مقطوع بزيادته فالياء أصل، إذ لا أقلَّ من ثلاثة أحرف أصول2، نحو: ياسِرٍ ويافِعٍ، من اليُسرِ ومن يَفَعة. وإن كان ما عداهما محتملًا للأصالة والزيادة فلا يخلو أن تكون الميم أوّلًا أو الهمزة، أو غير ذلك من الحروف الزوائد. فإن كان الميم أو الهمزة [أوّلًا] 3 قَضيتَ على الياء بالأصالة، وعلى الميم والهمزة بالزيادة، كما فعلت بهما إذا اجتمعا مع الألف. والسبب في ذلك ما قدَّمناه في فصل4 الألف. وذلك نحو: أَيدَع5 ومِيراث. ولا يُحكم على [28أ] الهمزة ولا على الميم بالأصالة، ويُحكم 6 على الياء بالزيادة، إِلَّا أن يقوم دليل على ذلك نحو: أَيصَرٍ7. وقد تَقدَّم الدليل على أصالة همزته في فصل8 الهمزة. وإن9 كان غير ذلك من الزوائد قضيتَ على الياء بالزيادة، وعلى ما عداها بالأصالة، نحو:
يَرْمَعٍ1، إِلَّا أن يقوم دليل على خلاف ذلك، نحو: ضَهْيأ ويأجَج2. وإن كان معها ثلاثة أحرف فصاعدًا مقطوعًا بأصالتها قُضي عليها بالزيادة؛ لأنَّ الياء لا تكون أصلًا في بنات الخمسة، ولا في بنات الأربعة، إِلَّا أن يشِذَّ من ذلك شيء فلا يقاس عليه، أو في مضاعف بنات الأربعة، نحو حَيحَى3. والدليل، على أنَّ الياء في "حَيحَى" أصليَّة، أنك لو جعلتها زائدة لكان "حَيحَى" من باب دَدَنٍ. وذلك قليل جدًّا. فجعلنا الياء أصليَّة، إذ قد قام الدليل على أنَّ الواو والياء4 يكونان أصلين5 في مضاعفات بنات الأربعة، نحو: ضَوضَيتُ وقَوقَى6. والذي شَذَّ من غير المضاعف، فجاءت الياء فيه أصليَّة، نحو7: يَستَعُور8. وذلك أنَّ السين والتاء9 أصلان، إذ ليست السين في موضع زيادتها، ولم يقم دليل على زيادة التاء. فلو جعلنا10 الياء زائدة لأدَّى ذلك إلى شيئين: أحدهما أن يكون وزن الكلمة "يَفْعَلُول"11. وذلك بناء غير موجود. والآخَر لحَاق بنات الأربعة الزيادةُ من أوَّلها، في غير الأسماء الجارية على الأفعال. وذلك غير موجود في كلامهم12. فلمَّا كان جعلها زائدة يؤدِّي إلى ما ذُكِرَ جعلناها أصلًا. فإن قيل: فإنَّ في جعلها أصلًا أيضًا خروجًا عما استقرَّ في الياء، من كونها لا تكون أصلًَا في بنات الأربعة فصاعدًا إِلَّا في باب: ضَوضَيتُ13. فالجواب أنه لمَّا كان جعلُها زائدةً يؤدِّي إلى الخروج عما استقرَّ، من أن الزيادة لا تلحق بنات ألاربعة فصاعدًا من أوَّلها، وجعلُها أصليَّةً يؤدِّي [أيضًا] 14 إلى الخروج عمَّا استقرَّ للياء، من أنها لا تكون أصلًا في بنات الأربعة15 إِلَّا في
باب: ضَوضَيتُ، كان الذي يؤدِّي إلى الأصالة1 أولى. وأيضًا فإنَّ الياء قد تكون أصلًا في مضاعف بنات الأربعة، ولا تلحق بناتِ الأربعة فصاعدًا الزيادةُ من أوَّلها، في موضع من المواضع. وأيضًا فجعلها أصلًا يؤدِّي إلى بناء موجود –وهو "فَعْلَلُول"2 نحو: عَضرَفُوط3- وجعلها زائدة يؤدِّي إلى بناء غير موجود. وهو "يَفْعَلُول". وزعم أبو الحسن أيضًا أنَّ الياء في شِيراز4 أصل، وهي بدلٌ من واوٍ، بدليل قولهم في الجمع: شَوارِيز. فإن قيل: وما الذي حمله على جعلها أصليَّةً؟ فالجواب أنَّ الذي حمله على ذلك أنه إن جعل الواو، التي الياءُ5 بدلٌ منها، أصلًا أدَّى ذلك على بناء موجود. وهو "فِعْلال" نحو: سِرداحٍ6. وإن جعلها زائدة أدَّى ذلك إلى بناء غير موجود. وهو "فِوْعال". فحملَها على ما يؤدِّي إلى بناء موجود. فإن قيل: وفي جعلها أصليَّة خروج أيضًا عن المعهود فيها. فالجواب أنه لمَّا كان الوجهان كلاهما يُفضيان إلى الخروج عن المعهود كان ما يُفضي إلى الأصالة أولى؛ لأنه مهما قُدِر على أن يُجعل الحرف أصلًا لم يُجعل زائدًا. وأيضًا فإنه لم يثبتْ7 زيادة الواو في أوَّل أحوالها ساكنة بعد كسرة. فلذلك كان الأولى عنده أن تكون أصليَّة.
باب الواو
باب الواو: الواو1 أيضًا لا يخلو أن يكون معها حرفان أو أَزيدُ. فإن كان معها حرفان كانت أصلًا، إذ لا بدَّ من ثلاثة أحرف. وإن كان معها أزيدُ فلا يخلو أن يكون معها ثلاثة أحرف مقطوع بأصالتها، فصاعدًا –أي2: أزيدَ- أو حرفان مقطوع بأصالتهما، وما عداهما مقطوعٌ بزيادته أو محتمل للأصالة والزيادة. فإن كان معها حرفان مقطوعٌ بأصالتهما، وما عداهما مقطوعٌ بزيادته، كانت الواو أصلًا، إذ لا بدَّ من ثلاثة أحرف، نحو: واقِدٍ وواعِدٍ. وإن كان ما عداهما محتملًا للأصالة والزيادة فلا يخلو أن يكون3 الميم أو الهمزة أوَّلًا، أو غير ذلك من حروف الزيادة4. فإن كان الميم أو الهمزة [أوّلًا] 5 قَضيتَ عليها بالزيادة وعلى الواو بالأصالة، لِما ذكرناه في فصل6 الألف، وإن لم يُعلم الاشتقاق نحو: الأَوتَكَى. وهو ضرب من التمر. إِلَّا أن يقوم دليل على أصالة الهمزة، من اشتقاق أو تصريف أو غير ذلك كأَولَقٍ، فتَجعل الواو إذ ذاك [28 ب] زائدة. وإن كان غير ذلك من حروف الزيادة قَضيتَ على الواو بالزيادة، وعلى ذلك الغير7 بالأصالة. إِلَّا أن يقوم دليل على أصالة الواو، نحو: غِزْوِيتٍ8. فإنَّ واوه أصليَّة وتاءَه زائدة،
لِما ذُكر في فصل1 التاء. وإن كان معها ثلاثة أحرف مقطوع بأصالتها فصاعدًا قَضيتَ على الواو بالزيادة؛ لأنَّ الواو لا تكون أصلًا في بنات الخمسة، ولا في بنات الأربعة2 إِلَّا في المضعَّف3، نحو: قَوقَيتُ وضَوضَيتُ، فإنَّ الواو فيه أصل. وقد تَقَدَّم الدليل على ذلك، بقول4 العرب: ضَوضاءٌ وغَوغاءٌ، في فصل5 الألف. ولا تُجعل أصليَّةً، فيما عدا باب ضَوضَيتُ، إِلَّا أن يقوم على ذلك دليل، فيكون شاذًّا نحو وَرَنتَلٍ6. فإنَّ الواو فيه أصليَّة ووزن الكلمة "فَعَنْلَلٌ"7، ولا تُجعل زائدةً؛ لأنَّ الواو لا تُزادُ أوَّلًا أصلًا. فإن قيل: وفي جعلها أيضًا أصلًا خروجٌ عمَّا استقرَّ لها، من أنها لا تكون أصلًا إِلَّا في باب: ضَوضَيتُ. فالجواب أنه قد تَقَدَّمَ أنه متى كان في الكلمة وجهان شاذَّانِ، أحدهما يؤدِّي إلى أصالة الحرف، والآخر يؤدِّي إلى زيادته، كانت الأصالة أَولَى. وأيضًا فإن الواو قد جاءت أصلًا في ضرب8 من بنات الأربعة –وهو المضاعف- ولم تُزَد أوَّلًا9 في موضع من المواضع. وأيضًا فإنَّ جعلها زائدةً يؤدِّي إلى بناء غير موجود –وهو "وَفَنْعَلٌ"10- وجعلها أصليَّةً يؤدِّي إلى بناء موجود. وهو "فَعَنْلَلٌ" نحو: جَحَنفَل11. فإن قال قائل: إنكم استدللتم على أن "ضَوضَيتُ" وبابه من بنات الأربعة، بقولهم ضَوضاءٌ وغَوغاءٌ؛ لأنه لم يوجد مثل "فَعْلاءٍ" في كلامهم، ولا دليل في ذلك لاحتمال أن تكون الواو زائدة، ويكون وزن الكلمة "فَوعالًا" كتورابٍ12. فالجواب أنه لو كان "فَوعالًا" لكان من باب "دَدَنٍ" -أعني مما فاؤه وعينه من جنس واحد- وذلك قليل جدًّا، وباب ضَوضاء وغَوغاء وضَوضَيتُ وغَوغَيتُ كثير، ولا يُتصوَّرُ حملُ ما جاء كثيرًا على بابٍ لم يجئ منه إِلَّا اليسير.
وأيضًا فإنَّ "فَوعالًا" كتَوراب قليلٌ جدًّا1. وإذا كانت الواو أصلًا كان وزن الكلمة "فَعْلالًا" كصَلصالٍ وقَلقالٍ. وذلك بناء موجود في المضعَّف كثيرًا2. فحمله على ذلك أولى3.
باب ما يزاد من الحروف في التضعيف
باب: ما يزاد من الحروف في التضعيف اعلم أنَّ التضعيف لا يخلو أن يكون من باب إدغام المتقارِبَينِ1، أو من باب إدغام المِثلَينِ2. فإن كان من باب إدغام المتقاربين فلا يلزم أن يكون أحد الحرفين زائدًا. بل قد يمكن أن يكون زائدًا، وأن يكون أصلًا. وإذا كان الإدغام من جنس إدغام المِثلين كان أحد المثلين زائدًا، إِلَّا أن يقوم دليل على أصالتهما3، على ما يُبيَّنُ. فإن قيل: فِيمَ يَمتاز4 إدغام المتقاربَينِ من إدغام المِثلَينِ؟ فالجواب عن ذلك أن نقول: إذا وُجِد حرف مضعَّف فينبغي أن يُجعل من إدغام المِثلَينِ، ولا تجعله من إدغام المتقاربينِ إِلَّا أن يقوم على ذلك دليل؛ لأنه لا يجوز أن يُدغَم الحرف في مُقارِبه من5 كلمة واحدة، لئلَّا يلتبس بأنه من إدغام المِثلَينِ؛ ألا ترى أنك لا تقول في أَنمُلَة6: "أَمُّلة"؛ لأنَّ ذلك مُلبِس7، فلا يُدرَى: هل هو في الأصل أَنمُلَة أو "أمْمُلَة"؟ فإن كان في الكلمة بعد الإدغام ما يدلُّ على أنه من إدغام المتقاربَينِ جاز الإدغام. وذلك نحو قولك: امَّحَي الكتابُ، أصله "انْمَحَى" بدليل أنه لا يمكن أن يكون من باب8 إدغام المِثلَين. إذ لو كان كذلك لكان "افَّعَلَ", و"افَّعَلَ" ليس من أبنية كلامهم. فلمَّا لم يمكن حمله على أنَّ9 الإدغام فيه من قَبيل إدغام المِثلَينِ تبيَّن أنه في الأصل "انمَحَى"؛ لأنَّ في كلامهم "انفَعَلَ".
فأمَّا "هَمَّرِش"1 فينبغي أن يُحمل2 على أنَّ إدغامه من قَبيل إدغام المِثلَينِ، ويكون وزن الكلمة "فَعَّلِلًَا"3، فتكون ملحقة بجَحَمرِشٍ4، لمِا ذكرناه من أنَّ الأصل في كلِّ إدغام، يكون في كلمة واحدة، أن يُحمل على أنه من قَبيل إدغام المِثلَينِ، إِلَّا أن يمنع من ذلك مانع. فإذا صَغَّرتَ هَمَّرِشًا على هذا القول أو كسَّرتَه قلتَ: هُمَيرِشٌ وهَمارِشُ. فتحذف إحدى الميمين لأنها زائدة. وأمَّا أبو الحسن فزعم5 أنَّ هَمَّرِشًا حُروفُه كلُّها أُصول، وأنَّ الأصل "هَنْمَرِشٌ" بمنزلة [29 أ] جَحْمَرِش، ثمَّ أُدغمت النون في الميم. وجاز الإدغام عنده لعَدمِ اللَّبس. وذلك أنَّ هذه البِنية –أعني "فَعْلَلِلًا"- لم تُوجد في موضع من المواضع قد لحقتها زوائد6 للإلحاق. فيُعلَمُ بذلك أنَّ هَمَّرشًا في الأصل "هَنْمَرِشٌ". إذ لو لم يُحمل على ذلك، وجُعل من إدغام المِثلَين، لكان أحد المِثلَين زائدًا، فيكون ذلك كَسرًا لما ثَبَتَ في هذه البِنية واستقرَّ، من أنها لا تلحقها الزوائد للإلحاق. فتقول على هذا في تصغيرِ هَمَّرِش7 وتكسيره: هُنَيْمِرٌ وهَنامِرُ. فتردُّ النون إلى أصلها، لمَّا زال الإدغام، وتَحذف الآخِر لأنَّ حروف الكلمة كلَّها أصول. وهذا الذي ذهب إليه فاسد8؛ لأنه مبنيٌّ على أنَّ هذه البِنية لم تلحقها زيادة للإلحاق في موضع. وقد وُجِد هذا الذي أَنكر، قالوا: جِرْوٌ نَخْوَرِشٌ أي: إذا كَبِرَخَرَشَ9؛ ألا ترى أنَّ الواو زائدة10، وأنَّ الاسم ملحق بجَحمَرِش؟ فإذا تقرَّر أنَّ هذه البِنية قد لحقتها الزوائد للإلحاق وجب القضاء على إدغام هَمَّرِشٍ، بأنه11 من قَبيل إدغام المِثلَينِ.
فإذا1 كان الإدغام من جِنس إدغام المتقاربين فالذي ينبغي أن يُحكم به على الحرفين المتقاربين الأصالةُ، إِلَّا أن يقوم دليل من الأدلة المتقدِّمة على الزيادة. وإذا كان الإدغام من جنس إدغام المِثلَين فلا يخلو من أن يكون اللفظ من ذوات الثلاثة، أو من ذوات الأربعة، أو من ذوات الخمسة. فإن كان من ذوات الثلاثة قُضي على المِثلَين بالأصالة، إذ لا بدَّ من الفاء والعين واللام، نحو: رَدَّ وفَرَّ. وإن كان من ذوات الأربعة فإنه لا يخلو أن يكون المضعَّف بين الفاء واللام نحو: ضَرَّبَ، أو في الطرف بعد العين نحو: قَرْدَدٍ2 أو غير ذلك. فإن كان المضاعف على ما ذكرنا3 كان أحد المِثلَين زائدًا. وذلك أنَّ كلَّ ما له اشتقاق من ذلك يوجد أحدُ المِثلَين منه زائدًا4، نحو "ضَرَّبَ"، فإنه من الضَّرْبِ، و"قُعْدُدٍ"5 فإنه من القُعود. فحُمِل ما ليس له اشتقاق، نحو: سُلَّمٍ وقِنَّبٍ، على أنَّ أحد المِثلَينِ منه زائد. وإن لم يكن المضعَّف على ما ذُكر كان كلُّ واحد منهما أصلًا. وذلك نحو: صَلصَلٍ6 وفَرفَخٍ7 وقُربُقٍ8 ودَيدَبُونٍ9 وشَعَلَّعٍ10 والذي أوجب ذلك أنه لم يثبت زيادة أحد المِثلَين في مثل11 ما ذُكر، باشتقاق أو تصريف في موضع من المواضع, فيُحملَ ما ليس فيه اشتقاق على الزيادة. بل الواجب أن يُعتقد في المِثلَين الأصالة، إذ الزيادة لا تُعتقد12 إِلَّا بدليل. وأيضًا فإنك لو جعلت أحد المِثلَينِ في جميع ذلك زائدًا لكان13 وزن فَرفَخ: "فَعفَلًا"،
ووزن قُربُق: "فُعلُفًا"، ووزن دَيدَبُون: "فَيفَعولًا"، ووزن شَعَلَّع: فَعَلَّعًا"، وهي أبنية لم تثبت في كلامهم. وإذا جعلت المِثلَينِ أصلين كان وزن فَرفَخ1: "فَعْلَلًا"2، ووزن "قُربُق": "فُعْلُلًا"، ووزن دَيدَبون: "فَيْعَلُولًا"3، ووزن شَعَلَّع: "فَعَلَّلًا"، وهي أبنية موجودة في كلامهم. وما يؤدِّي إلى مثال موجود أولى. وأمَّا صَلصلٌ وبابه فلو جعلتَ كلَّ واحد من المِثلَين زائدًا لأدَّى ذلك إلى بقاء الكلمة على أقلَّ من ثلاثة أحرف. ولو جعلت إحدى الصادين أو اللامين من صَلصَلٍ زائدة، لا مجموعهما، لم يجز ذلك لأنه إن جُعل إحدى الصادين4 زائدة لم يخل من أن تكون الأُولى أو الثانية: فإن كانت الزائدة الأُولى كان وزن الكلمة "عَفْعَلًًا"5، وذلك بناء غير موجود. وأيضًا فإنَّ الكلمة تكون إذ ذاك من باب: سَلِسَ وقَلِقَ –أعني ممَّا لامه وفاؤه من جنس واحد- وذلك قليل. وإن كانت الثانية كان وزن الكلمة "فَعْفَلًا"6، وذلك بناء غير موجود. وأيضًا فإن الكلمة إذ ذاك تكون من باب ما ضوعفت فيه الفاء، نحو: مَرْمَرِيس؛ لأنَّ وزنه "فَعْفَعِيل". وذلك قليل جدًّا، لا يُحفظ منه إِلَّا مَرمَرِيس7، ومَرمَرِيت بمعناه. وإن جعلتَ اللام زائدة لم تخل8 من أن تكون الأُولى، أو الثانية. فإن كانت الأُولى كان وزن الكلمة "فَلْعَلًا"9، وذلك بناء غير موجود. وأيضًا فإنَّ الكلمة تكون إذ ذاك من باب دَدَن. أعني ممَّا فاؤه وعينه من جنس واحد، وإن كانت الثانية كان وزن الكلمة "فَعْلَعًا"10 وذلك بناء غير موجود. وأيضًا فإنه يكون من باب: سَلِس وقَلِق؛ لأنَّ فاء الكلمة إذ ذاك ولامها الصاد، وقد تَقَدَّم [29 ب] أنه بناء قليل. فلمَّا ثَبَتَ أنَّك كيفما فعلتَ في جعلِ أحد الحرفين زائدًا يؤدِّي إلى بناء معدوم، ودخولٍ في
باب قليل، وكان باب صَلصَلٍ كثيرًا، جُعِلَتْ حروفُه كلُّها أصولًا، وجُعِلَ صِنفًا برأسه، ولم يَدخل في باب من الأبواب المذكورة. وإن كان من ذوات الخمسة فلا يخلو من أن يكون المضعَّف منه حرفًا واحدًا أو أَزْيدَ. فإن كان المضعَّف منه حرفًا واحدًا فلا يخلو أن يفصل بينهما أصل أو لا يَفصل. فإن فَصلَ بينهما أصلٌ كان كلُّ واحد من المِثلَينِ أصلًا نحو: دَردَبِيس1 وشَفشَلِيق2؛ ألا ترى أنَّ الراء والفاء قد فصلتا3 بين المِثلَين، وليستا4 من حروف الزيادة؟ وإنما جُعل المثلان أصلين في مثل هذا؛ لأنه لم يَثبت زيادة أحد المثلين في مثل ذلك، في موضع من المواضع باشتقاق ولا تصريف، فحُملَ ما ليس له5 اشتقاق ولا تصريف على ذلك, وأيضًا فإنك لو جَعلتَ أحد المثلين زائدًا لكان وزن شَفشَلِيق::فَعْفَلِيل"، وذلك بناء غير موجود. وإن لم يَفصِل بينهما أصلٌ بل زائد، أو لم يقع بينهما فاصل، كان أحد المثلين زائدًا. وذلك نحو: شُمَّخْرٍ6 وخَنفَقِيقٍ7، إحدى القافين وإحدى الميمين زائدتان8. وذلك أنَّ كلَّ ما عُلِم له من ذلك اشتقاقٌ أو تصريف وُجد9 أحد المضعَّفَين منه زائدًا؛ ألا ترى أنَّ "اشمَخَرَّ" يدلُّ على أنَّ إحدى الميمين من شُمَّخْر زائدة؟ فحُمِل ما ليس له اشتقاقٌ على ذلك. وإن كان المضعَّفُ أزيدَ كان كلُّ واحد من المِثلين زائدًا، نحو: صَمَحْمَحٍ10 ودَمَكمَكٍ11، إحدى الميمين وإحدى الحاءين أو الكافين زائدتان12، بدليل أنَّ ما له اشتقاق أو تصريف من ذلك وُجِد13 كلُّ واحد من المِثلَين فيه زائدًا، فحمل ما ليس له اشتقاق على ذلك، نحو: مَرمَرِيس. فإنه14 من المَراسة15، فإحدى الميمين وإحدى الراءين زائدتان.
فإن قيل: فأيُّ الحرفين هو الزائد؟ فالجواب أنَّ في ذلك خلافًا1: فمذهب الخليل2 أنَّ الزائد الأوَّل، فاللام الأُولى من سُلَّمٍ هي الزائد، وكذلك الزاي الأولى من بَلِزّ3. وحُجَّتُهُ أنَّ الأَوَّلَ قد وقع موقعًا تكثر4 فيه أُمَّهات الزوائد. وهي الياء والألف والواو؛ ألا ترى أنَّ حروف العلَّة الثلاثة قد تَقع ثانيةً زائدةً نحو: حَومَلٍ5 وصَيْقَلٍ وكاهِلٍ؟ فإذا قضينا بزيادة اللام الأولى من سُلَّمٍ كانت واقعةً موقعَ هذه الزوائد وساكنةً مثلها. وكذلك أيضًا قَد تقع هذه الحروف ثالثةً نحو: كِتاب وعَجُوز وقَضِيب. فإذا جعلنا الزاي الأولى من بِلِزّ زائدة كانت واقعةً موقع هذه الزوائد وساكنةً مثلها. ومذهبُ يُونُس6 أنَّ الثاني هو الزائد. واستدلَّ على ذلك أيضًا بأنه إذا كان الأمر على ما ذُكر وقعت الزيادة موقعًا تكثر فيه أُمَّهات الزوائد؛ ألا ترى أنَّ الياء والواو قد تَقَعان زائدتين متحرِّكتين ثالثتين، نحو: جَهوَرٍ7 وعِثْيَرٍ؟ 8 فإذا جعلنا اللام الثانية من سُلَّمٍ هي الزائدة كانت واقعةً موقع الياء من عِثيَرٍ والواو من جَهوَرٍ ومتحرِّكةً مثلهما. وكذلك أيضًا تكثرُ زيادتُهما9 رابعتَينِ مُتحرِّكتين نحو: كَنَهوَرٍ10 وعِفْرِيَةٍ11. فإذا جعلنا الزاي الثانية12 من بِلِزٍّ13 زائدة كانت واقعةً موقع الواو من كَنَهوَرٍ، والياء من عِفْرِيَةٍ، ومُتحرِّكةً مثلهما. قال سيبويه: وكلا القولين صحيحٌ ومذهبٌ14. وهذا القدر الذي احتجَّ به الخليل ويونس لا حُجَّةَ لهما فيه؛ لأنه ليس فيه أكثرُ من التأنيس بالإتيان بالنظير، وليس فيه دليل قاطع15.
وزعم الفارسيُّ1 أنَّ الصحيح ما ذهب إليه يُونُس، من زيادة الثاني من المِثلَين، واستدلَّ على ذلك بوجود "اسحَنكَكَ"2 و"اقعَنسَسَ"3 وأشباههما في كلامهم. وذلك أنَّ النون في "افعَنْلَلَ" من الرباعيّ لم توجد قطُّ إِلَّا بين أصلين، نحو: احرَنجمَ4. فينبغي أن يكون ما أُلحق به من الثلاثيِّ5 بين أصلين؛ لئلَّا يُخالف الملحَقُ ما أُلحِقَ به. ولا يمكن جعل6 النون في "اسحَنكَكَ"7 و"اقعَنسَسَ" وأشباههما بين أصلين، إِلَّا بأن يكون الأوَّلُ من المثلين هو الأصل، والثاني هو الزائد. وإذا ثَبَتَ في هذا الموضع أنَّ الزائد من المثلين هو الثاني حُملت سائر المواضع عليه. وهذا الذي استدلَّ به لا حجَّة فيه؛ لأنه [30 أ] لا يَلزمُ أن يوافق الملحَقُ ما أُلحِقَ به في أكثرَ من موافقته له في الحركات والسَّكنات وعددِ الحروف؛ ألا ترى أنَّ النُّونَ في "افعَنلَلَ" من الرباعيِّ بعدها حرفانِ أصلانِ، وليس بعدها فيما أُلحِقَ به من الثلاثيِّ إِلَّا حرفان، أحدُهما أصليٌّ والآخر زائد؟ فكما خالف الملحَقُ الملحَقَ به في هذا القَدْر، فكذلك يجوز أن يُخالفه في كون النون في الملحق به واقعة بين أصلين، وفي الملحق واقعة بين أصل وزائد8. والصحيح عندي ما ذهبَ إليه الخليلُ، من أنَّ الزائد منهما هو الأوَّلُ، بدليلين: أحدهما: أنهم لمّا صَغَّروا صَمحمَحًا قالوا: صُمَيمَحٌ9، فحذفوا الحاء الأُولى: ولو كانت الأُولى هي الأصليَّة والثانية هي الزائدة لوجب حذف الثانية؛ لأنه لا يُحذف في التصغير الأصلُ ويبقى الزائد. فإن قال قائل: فلعلَّ الذي مَنعَ من حذف الحاء الأخيرة، وإن كانت هي الزائدة، ما ذكره الزَّجَّاج من أنكَ لو فَعلتَ ذلك لقلت "صُميحِمٌ"، ويكون تقديره من الفعل "فُعَيلِعٌ"، وذلك بناء غير موجود. فالجواب أنَّ هذا القدر ليس بمُسوِّغٍ حذفَ الأصليِّ، وتركَ الزائد؛ لأنَّ البناء الذي يُؤدِّي إليه التَّصغيرُ عارضٌ لا يُعتدُّ به، بدليل أنك تقول في تصغير افتِقار: فُتَيقِيرٌ10، فتحذف
همزة الوصل، وتصير كأنك صغَّرت "فَتقارًا", و"فَتْعال" ليس من أبنية كلامهم. فكذلك كان ينبغي أن يقال "صُمَيحِمٌ"، وإن أدَّى إلى بناء غير موجود. والآخرُ: أنَّ العين إذا تَضعَّفتْ، وفَصلَ بينهما حرف، فإنَّ ذلك الفاصل أبدًا لا يكون إِلَّا زائدًا نحو: عَثَوثَلٍ1 وعَقَنقَلٍ2؛ ألا ترى أنَّ الواو والنون الفاصلتين بين العينين زائدتان؟ فإذا ثَبَتَ ذلك تبيَّن أنَّ الزائد من الحاءين في صَمحمَحٍ هي الأُولى؛ لأنها فاصلة بين العينين. فلا يُتصوَّرُ أن تكون أصلًا، لئلا يكون في ذلك كسرٌ لِما استقرَّ في كلامهم، من أنه لا يجوز الفصل بين العينين إِلَّا بحرف زائد. وإذا ثَبَتَ أنَّ الزائد من المِثلين، في هذين الموضعين، هو الأوَّل حُمِلتْ سائر المواضع عليهما3. وإذ قد فرغنا من تبيين الحروف الزوائد، والأدلَّة الموصلة إلى معرفة الزائد من الأصليِّ، فينبغي أن أضع4 عَقِبَ ذلك بابًا أُبيِّنُ فيه كيفيَّة وِزان الأسماء والأفعال، والخلافَ الذي بين النحويِّين في ذلك.
باب التمثيل
باب التمثيل: اعلم أنَّك إذا أردتَ أن تُبيِّنَ وزن الكلمة من الفِعل1 عمدت إلى الكلمة، فجعلت في مقابلة الأُصول منها الفاء والعين واللام؛ فتجعل الفاء في مقابلة الأصل الأوَّل، والعينَ في مقابلة الثاني، واللامَ في مقابلة الثالث. فإن فَنِيَتِ الفاء والعين واللام ولم تفنَ الأصول كرَّرتَ اللام في الوزن، على حَسَبِ ما بقي لك من الأُصول2، حتَّى تَفنَى. وأمَّا الزوائد3 فلا يخلو أن تكون مكرَّرة من لفظ الأصل، أو لا تكون. فإن لم تكن مكرَّرة من لفظ الأصل أبقيتَها في المثال على لفظها، ولم تجعل في مقابلتها شيئًا. وإن كانت مكرَّرة من لفظ الأصل وزنتَها بالحرف الذي تَزِن به الأصلَ الذي تكرَّرتْ منه. فعلى هذا إذا قيل لك: ما وزنُ زَيد من الفِعل؟ قلتَ: "فَعْلٌ"؛ لأنَّ حروفه كلَّها أُصول، وهي ثلاثة. فتجعل في مقابلتها الفاء والعين واللام. فإن قيل لك: ما وزن جَعفَر من الفِعل؟ قلتَ: "فَعْلَلٌ"؛ لأنَّ حروفه كلَّها أُصولٌ أيضاً4. فجعلتَ في مقابلتها الفاء والعين واللام، فبقي حرفٌ من الأُصول، فكرَّرت اللام كما تَقَدَّم.
فإن قيل لك: ما وزن أحمَد؟ قلتَ: "أَفْعَلُ"؛ لأنَّ أحمد همزته زائدة، فأبقيتَها في الوزن بلفظها، وسائر حروفه كلّها أصول، فجعلتَ في مقابلتها الفاء والعين واللام. فإن قيل لك: ما وزن عَقَنقَل؟ 1 قلتَ: "فَعَنْعَلٌ"؛ لأنَّ حرفين من حروفه زائدان –وهما النون وإِحدى القافين- وسائر حروفه أصليَّة2، فجعلتَ3 في مقابلة الأصول الفاء والعين واللام. وبقَّيتَ النون في المثال بلفظها لأنها زائدة4، وجَعلتَ في مقابلة القاف الزائدة العينَ، ولم تزنها بلفظها؛ لأنها تكرَّرت من لفظ العين [30 ب] ، فكرَّرتَها5 في المثال من لفظ العين, حتَّى يوافق المثالُ الممثَّلَ. فإن قيل: وما الفائدة في وزن الكلمة بالفِعل؟ فالجواب أنَّ المراد بذلك الإعلام بمعرفة الزائد من الأصليِّ، على طريق الاختصار؛ ألا ترى أنك إذا وزنت أحمد بـ"أَفْعَل" أغنى ذلك عن قولك6: الهمزة من "أحمد" زائدة، وسائر حروفه أُصول. وكان أخصرَ منه. فإن قيل: فلمَ كَنَوا عن الأُصول بالفاء والعين واللام:؟ فالجواب أنَّ الذي حَملهم على ذلك أنَّ حروف الـ"فعل" أُصول، فجعلوها لذلك في مقابلة الأُصول. فإن قيل: فهلَّا كنَوا عن الأُصول بغير ذلك من الألفاظ التي حروفها أصول، كـ"ضرب" مثلًا؛ ألا ترى أنَّ الضاد والراء والباء أُصول؟ فالجواب أنهم لمَّا أرادوا أن يَكنوا عن الأُصول كنَوا بما مِن عادة العرب أن تَكنِيَ به، وهو "الفعل"؛ ألا ترى أنَّ القائل يقول لك: هل ضربتَ زيدًا؟ فتقول: فَعَلتُ. وتكني بقولك "فعلتُ" عن الضرب. وزعم أهل الكوفة أنَّ نهاية الأُصول ثلاثة، فجعلوا الراء من "جعفر" زائدة، والجيم واللام من "سفرجل" زائدتين، وجعلوا وزن جعفر من الفِعل "فَعْلَلًا"، ووزن سفرجل: "فَعَلَّلًا"7 كما فعلناه نحن، وأمَّا الكسائيُّ منهم فجعل الزيادة من جعفر وأشباهه ما قبلَ الآخِر. وكان الذي حملهم على ذلك أن رأَوُا المثال يلزم ذلك فيه؛ ألا ترى أنَّ إحدى اللَّامين من "فَعْلَل" زائدة؟ وكذلك "فَعَلَّل" اللَّامان من هذه الثلاثة زائدتان. هكذا قياس كل مضعَّف. أعني أن يُحكم على أحد8 المِثلَين أو الأمثال بالأصالة، وعلى ما عداه بالزيادة. فلمَّا رأى ذلك لازمًا
في المثال قضى على الممثَّل بمثل1 ما يلزم في المثال. وذلك فاسدٌ2 من وجهين: أحدهما: أنه لا يُحكم بزيادة حرف إِلَّا بدليل، من الأدلَّة المتقدِّمة الذكر3: أعني الاشتقاق والتصريف وأخواتهما4. ولا شيء من ذلك موجود في جعفر ولا سفرجل. فالقضاء بالزيادة فيهما تَحكُّمٌ محض. والآخر: أنَّ قياس المثال أن يبقى الزائد فيه بلفظه، إذا لم يكن من لفظ الأصل. فكان ينبغي أن يُجعل وزن جعفر من الفعل على هذا: "فَعْلَر"5 عند من يجعل الآخِرَ زائدًا، و6 "فَعْفَل" عند من يجعل الزائد ما قبل الآخِر، وأن يُجعل وزن سَفَرجَل: "فَعَلْجَل" [أو "فَعَرْجَل"] 7. ومن أهل الكوفة من ذهب إلى ما ذكرناه من أنَّ الأُصول ثلاثة، إِلَّا أنه وَزَن ما عدا الأصول بلفظه، فجعل8 وزن جعفر: "فَعْلَر"9، وسفرجل: "فَعَلْجَل". ومنهم من قَضى بزيادة ما عدا الثلاثة إِلَّا أنه لا يَزِنُ. فإن قيل له: ما وزن جعفر وفَرَزدَق؟ 10 قال: لا أدري. وكلُّ11 ذلك باطلٌ، لِما ذكرناه من أنه لا ينبغي أن يُقضى على حرف بزيادة، إِلَّا بدليل. فالصحيح في النظر، والجاري في تمثيل الكلمة بالفِعل، ما ذهب إليه أهل البصرة. نجز القسم الأول12.
ذكر القسم الثاني من التصريف
ذكر القسم الثاني من التصريف: الإبدال: حُرُوفُ الإبْدَال: فمن ذلك حروف البدل لغير1 إدغام، وهي الحروف التي يجمعها قولك: "أُجُدٌ طُوِيَتْ مَنهلا"2. فهذه الحروف تُبدَل من غير إدغام، على ما يُبيَّنُ3 بعدُ، إن شاء الله. فإن كان البدل لأجل إدغام لم يكن مختصًّا بهذه الحروف. بل جائزٌ في كلِّ حرف يُدغم في مُقاربه أن يُبدل حرفًا من جنس مُقاربه الذي يُدغم فيه، على ما يُبيَّنُ4 في الإدغام، إن شاء الله.
إبدال الهمزة
إبدال الهمزة: [باب إبدال الهمزة من الألف] : فأمَّا الهمزة فأُبدِلت من خمسة أحرفٍ. وهي الألف، والياء، والواو، والهاء، والعين. فأُبدلت1 من الألف على غير قياس، إذا كان بعدها ساكنٌ، فِرارًا من اجتماع الساكنين، نحو ما حُكي عن أيوبَ السِّختيانيِّ2، من أنَّه قرأ: "ولا الضَّأََلِّينَ"3 –فهَمز الألف وحرَّكها بالفتح؛ لأنَّ الفتح أخفُّ الحركات- ونحو ما حَكى أبو زيد في كتاب الهمزِ4 من قولهم: شَأَبَّةٌ ودَأَبَّةٌ. وأنشدتِ الكافَّةُ5: يا عَجَبَا, لَقَد رأَيتُ عَجَبا ... حِمارَ قَبَّانٍ, يَسُوقُ أَرنَبا خاطمها زأَمَّها، أن تَذهَبا أراد "زامَّها" فأبدل. وحكى6 المبرّد عن المازنيِّ, عن أبي زيد، قال: سمعتُ عمَرو بن عُبيد يقرأ: "فيَومَئذٍ لا يُسأَلُ عَن ذَنْبِهِ إِنسٌ ولا جأَنٌّ"7، فظننتُ أنه قد لحن، حتَّى سمعتُ العربَ تقول: دأَبَّةٌ وشَأَبَّةٌ. [31 أ] .
ومن ذلك قولُ الشاعر1: وبَعدَ انتِهاضِ الشَّيبِ, مِن كُلِّ جانِبٍ ... علَى لِمَّتِي, حَتَّى اشْعأَلَّ بَهِيمُها يريد "اشعالَّ" من قوله تعالى: {واشتَعلَ الرأسُ شَيبًا} 2. وقال دُكين3: راكِدةٌ مِخلاتُهُ, ومَحلَبُهْ ... وجُلُّهُ, حَتَّى أبيأَضَّ مَلبَبُهْ يريد: ابياضَّ. وقال كُثيّر4: ولِلأرضِ: أمَّا سُودُها فتَجَلَّلَتْ ... بَياضًا, وأمَّا بِيضُها فادهأَمَّتِ يريد: فادهامَّت. وقد كاد يتسع هذا عندهم5. إِلَّا أنه مع ذلك لم يكثر كثرة تُوجب القياس. قال أبو العبَّاس6: قلتُ لأبي عُثمانَ: أَتَقيسُ هذا النحوَ؟ قال: "لا، ولا أَقبلُه". بل ينقاس ذلك عندي، في ضرورة الشعر. ومن هذا القَبيل جَعَلَ ابنُ جنِّي7 قولَ الراجز8. من أيِّ يَومَيِّ مِنَ المَوتِ أَفِرْ ... أيَومَ لم يُقدَرَ أم يَومَ قُدِرْ؟ وذلك9 أنَّ الأصل "أيومَ لم يُقدَرْ أَم يَومَ"، فأُبدلت الهمزة ألفًا، وإن كان قبلها ساكن، على حدِّ قولهم في المَرْأة: "المَراة"، وفي مُتْأر: "مُتار"10. قال: إِذا اجتَمَعُوا علَيَّ, وأَشقَذُونِي ... فصِرتُ كأنَّنِي فَرَأٌ, مُتارُ11 وذلك بأن أَلقَوا حركة الهمزة على الساكن، ولم يحذفوا الهمزة، بل جاءت ساكنة بعد الفتحة،
فأبدلت ألفًا كما فُعل ذلك بـ"كاس"، فصار "يُقدَرَامْ", فاجتمعت الألف مع الميم الساكنة، فأبدلت همزة مفتوحة فرارًا من اجتماع الساكنين. وقد تَقَدَّمَ في "الضرائر"1 أنه ممّا حُذف2 منه النون الخفيفة، نحو قول الآخر3: اضرِبَ عَنكَ الهُمُومَ, طارِقَها ... ضَرْبَكَ بالسَّوطِ قَونَسَ الفَرَسِ وأُبدلت أيضًا من الألف، وإنْ لم يكن بعدها ساكن. وذلك قليل جدًّا لا يُقاس لقلَّته في الكلام ولا في الضرورة. فقد رُوِيَ أنَّ العجَّاج يَهمِزُ "العالَم" والخاتَم"4. قال: يا دارَ سَلمَى, يا اسلَمِي, ثُمَّ اسلَمِي ثمَّ قال5: فَخِندِفٌ6 هامةُ هذا العأْلَمِ وحُكِي عن بعضهم: تأْبَلتُ القِدرَ، إذا جعلتَ فيها التَّابَلَ7. وتكون الهمزة ساكنةً. إِلَّا أن تكون الألفُ في النِّيَّة متحرِّكةً فإنَّ الهمزة إذ ذاك تكون متحرِّكةَ بالحركة التي للألف في الأصل. فمن ذلك ما حكاه بعضهم مِن قولهم: قَوقأَتِ الدَّجاجةُ، وحَلَّأْتُ8 السَّويقَ، ورثَأَتِ المرأةُ زَوجَها، ولَبَّأَ الرَّجلُ بالحجِّ. ومنه قول ابن كَثْوة9: ولَّى نَعامُ بَنِي صَفوانَ, زَوزَأَةً ... لَمَّا رأَى أَسَدًا, في الغابِ, قَد وثَبَا ومنه ما أَنشده الفرَّاء، من قول الآخر10:
يا دارَ مَيٍّ, بِدَكادِيكِ البُرَقْ ... صَبرًا, فقَد هَيَّجتِ شَوقَ المُشتَئِقْ وحَكى أيضًا من كلامهم: رَجُلٌ مَئِلٌ1، من المال. والأصل في ذلك: قَوقَى وحَلَّى ورَثَى ولَبَّى والزَّوزاة والمُشتاق ورَجلٌ مالٌ2. وأُبدلت من الألف باطِّراد في الوقف، نحو قولك في الوقف3 على حُبلَى ومُوسَى ورأيتُ رجلًا: حُبلأْ، ومُوسأْ، ورأيتُ رَجُلأْ. وقد تَقَدَّم ذلك في باب الوقف4. وأُبدلت أيضًا باطِّراد من الألف الزائدة، إذا وقعت بعد ألف الجمع، في نحو "رسائل" في جمع رسالة, هروبًا من التقاء الساكنين: ألف الجمع وألف"رسالة", فقُلبت همزةً لأنَّ الألف لا تقبل الحركة، والهمزةُ قريبةُ المخرج5 من الألف لأنها معًا من حُروف الحلق. وحُرِّكت الهمزة بالكسر، على أَصل التقاء الساكنين. ولا يجوز في هذا وأمثاله إِلَّا البدل. ومن هذا القبيل، عندي6، إبدالُها من الياء والواو، إذا وقعتا طرفًا بعد ألف زائدة، نحو: كِساءٍ ورِداءٍ. وذلك أنَّ الأصل "كِساوٌ" و"رِدايٌ"، فتحرَّكتِ الواو والياء7 وقبلهما فتحة، وليس بينهما وبينها حاجز إِلَّا الألف، وهي حاجز غير حصين لسكونها وزيادتها، والياء والواو في محلِّ التغيير –أعني طَرَفًا- فقُلبتا8 ألفًا. فاجتمع ساكنان: الألف المبدلة من الياء أو الواو9 مع الألف الزائدة. فقُلبت همزة. ولم تُرَدَّ إلى أصلها من الواو والياء10 لئلّا يُرجع إلى ما فُرَّ منه. فإن كان بعد الياء أو الواو تاء التأنيث، أو زيادة التثنية، فلا يخلو أن تكون الكلمة قد بُنيت على التاء أو الزيادتين أو لا تُبنى. فإن بُنيت عليها بقيت الياء والواو على أصلهما ولم يُغيَّرا، نحو: رِماية وشَقاوة وعَقَلتُه بثِنايَينِ11. وإن لم تُبن عليها وجُعلت كأنها12 ليست في الكلمة قُلبت، نحو: عَظاءة13 وصَلاءة14 وكِساءانِ ورداءانِ.
وقد يُفعل ذلك بالياء والواو، وإن كانتا بعد ألف غير زائدة، نحو قولهم في آية وثاية1 وطاية2 في النسب: [31 ب] آئيّ وثائيّ وطائيّ، تشبيهًا للألف غير الزائدة بالألف الزائدة. ومن هذا القبيل أيضًا، عندي3، إبدالُهم الهمزةَ من الياء والواو، إذا وقعتا عينينِ في اسم الفاعل بعد ألف زائدة، بشرط أن يكون الفعل الذي أُخذ منه اسم الفاعل قد اعتلَّت عينه، نحو: قائم وبائع. الأصل فيهما "قاوِمٌ" و"بايِعٌ"، فتحرَّكت الواو [والياء] 4 وقبلهما فتحة، وليس بينها وبينهما حاجز إِلَّا الألف الزائدة -وهي كما تَقَدَّم حاجزٌ غيرُ حصينٍ- وقد كانت الياء والواو قد اعتلَّتا في الفعل في "قامَ" و"باعَ"، فاعتلَّتا5 في اسم الفاعل حملًا على الفعل، فقُلبتا6 ألفًا فاجتمع ساكنان، فأُبدل من الثانية همزة، وحُرِّكت 7 هروبًا من التقاء الساكنين. وكانت حركتها الكسر على أصل التقاء الساكنين. وزعم8 المبرّد أن ألف "فاعِل" أُدخلت قبل الألف المنقلبة، في "قالَ" و"باعَ" وأمثالهما، فالتقى ألفان –وهما لا يكونان إِلَّا ساكنين- فلزم الحذفُ لالتقاء الساكنين أو التحريكُ. فلو حذفتَ لالتبس9 الكلام وذهب البناء، وصار الاسم على لفظ الفعل. فتحرَّكت العين لأنَّ أصلها الحركة، والألف إذا تحرَّكت صارت همزة. فإن صحَّ حرف العِلَّة في الفعل صحَّ في اسم الفاعل، نحو: عاوِر10، المأخوذ من "عَوِرَ"11، على ما يُحكم في باب القلب12. فالهمزة في هذا الفصل والذي قبله، وإن كانت مبدلة من الياء والواو، من جنس ما أُبدلت فيه الهمزة من الألف؛ لأنهما لا تُبدل منهما همزةٌ إِلَّا بعد قَلبهما ألفًا كما تَقَدَّم، ولا يجوز اللفظ بالأصل في "قائم" وبائع" وبابهما، لا تقول "قاوِمٌ" ولا "بايِعٌ"13.
ومن قبيل ما أُبدلت الهمزة فيه من الألف باطِّراد إبدالُهم الهمزة من ألف التأنيث، في نحو: صَحراء وحَمراءَ وأشباههما. الهمزة في جميع هذا مبدلةٌ من ألف التأنيث. فإن قال قائل: وما الدليل على ذلك؟ فالجواب أن تقول1: الدليل على ذلك أنَّ الهمزة لا تخلو من أن تكون للتأنيث بنفسها، أو بدلًا من ألف التأنيث. فباطلٌ أن تكون بنفسها للتأنيث لأمرين: أحدهما: أنَّ الألف قد استقرَّت للتأنيث في "حُبلَى" وأشباهه، والهمزة لم تَستقرَّ له، إذ قد يمكن أن تجعل بدلًا من ألف. وإذا أمكن حمل الشيء على ما استقرَّ وثَبَتَ كان أَولَى من أن يُدَّعى أنه خلاف الثابت والمستقرِّ2. والآخر: أنهم قالوا في جمع صحراءَ: صَحارِيٌّ، وفي بطحاءَ: بَطاحِيٌّ. قال الوليد بن يزيد3: لَقَد أَغدُو, على أَشقَـ ... ـرَ, يَغتالُ الصَّحارِيَّا وقال غيره4: إِذا جاشَتْ حَوالِبُهُ تَرامَتْ ... ومَدَّتْهُ البَطاحِيُّ, الرِّغابُ ولو لم تكن هذه الهمزةُ مُبدلةً من ألف التأنيث لوجب، في لغة من يُحقِّقُ، أن يُقال: "بَطاحِيءُ" و"صَحارِيءُ"، كما قالوا: قُرَّاءٌ5 وقَرارِيءُ. لكن لمَّا كانت مبدلة، لأجل الألف التي قبلها، وجب رجوعها إلى أصلها لزوال مُوجب القلب في الجمع6، وهو الألف التي قبلها، فصار "صحارِيْ ا"، فوقعت الياء الساكنة قبل الألف التي للتأنيث، فقلبت الألف ياء لوقوع الياء والكسرة قبلها، ثمَّ أُدغمت الياء في الياء. فإن قال قائل: إِنَّما يدلُّ قولهم "صحاريّ" على أنَّ الهمزة مبدلةٌ من غيرها، إذ لو لم7 تكن بدلًا لقالوا "صَحارِيءُ"8. فأمَّا أنها مبدلة من الألف فليس على ذلك دليلٌ. إذ لعلَّها بدلٌ من ياء أو واو. فالجواب أنه إذا ثَبَتَ أنها بدلٌ فينبغي أن تجعل بدلًا من ألفٍ؛ لأنَّ الألف قد ثَبَتَتْ
للتأنيث، كما1 ذكرنا في "حُبلَى" وأمثاله، ولم تثبتِ الياء ولا الواو للتأنيث، في موضع من المواضع. فهذا2 جميع ما أُبدلت فيه الهمزة من الألف، مَقيسًا ذلك فيه، وغيرَ مَقيس3.
باب إبدال الهمزة من الواو
باب إبدال الهمزة من الواو: 1 الواو2 لا يخلو من أن تكون ساكنة أو متحرِّكة. فإن كانت متحرِّكة فلا يخلو من أن تكون أوَّلًا أو غير أوَّل. فإن كانت أوَّلًا فلا يخلو أن تكون وحدها، أو ينضاف إليها واو أُخرى. فإن انضاف إليها أُخرى أُبدلت الأُولى3 همزةً، هروبًا من ثقل الواوين. وذلك نحو قولهم في جمع واصِل: أَواصِلُ4. أصله "ووَاصِلُ" فقلبت الواو همزة. وكذلك أُوَلٌ أصله "وُوَلٌ"؛ لأنه "فُعَلٌ"5 من لفظ أَوَّلَ، وأَوَّل فاؤه وعينه واو. فقُلبت الواو الأُولى همزة. ولا يجوز في هذا وأمثاله إِلَّا الهمز. فإن كانت وحدها فلا يخلو6 من أن تكون مضمومة أو مكسورة أو مفتوحة. فإن كانت مكسورة أو مضمومة جاز أن تُبدِل منها همزةً، فتقول في "وُعِدَ": أُعِدَ، وفي "وُقِّتَتْ": أُقِّتَتْ، وفي "وِسادة": إِسادة، وفي "وِعاء": إِعاء. وقد [32 أ] قُرئ: "ثُمَّ استَخرَجَها مِن إِعاءِ أَخِيهِ"7. وكذلك تَفعل بكلِّ واوٍ تقع أوَّلًا مكسورةً أو مضمومة. وإنَّما فعلتَ ذلك، لثقل الضَّمَّة والكسرة في الواو. وذلك أنَّ الضَّمَّة بمنزلة الواو، والكسرة بمنزلة الياء. فإذا كانت الواو مضمومة فكأنه قد اجتمع واوان. وإذا كانت مكسورة فكأنه قد
اجتمع لك ياء وواو. فكما أنَّ اجتماع الواوين، والياء والواو1، مستثقل فكذلك اجتماع الواو والضمَّة، والواو والكسرة. وزعم المازنيُّ2 أنه لا يجوز همز الواو المكسورة بقياس، بل يُتَّبع في ذلك السماع. وهذا الذي ذهب إليه فاسد، قياسًا وسماعًا: أمَّا القِياس فلِما ذكرنا من أنَّ الواو المكسورة بمنزلة الياء والواو، فكما يكرهون اجتماع الياء والواو، حتَّى يَقلِبونَ الواو إلى الياء، تَقَدَّمتْ أو تأخَّرتْ، فيقولون: "طَوَيتُ طَيًّا" والأصل "طَوْيًا"، ويقولون: "سَيِّدٌ" والأصلُ "سَيْوِدٌ". فكذلك ينبغي أن يكون النُّطقُ بالواو المكسورة مستثقلًا3. فإن قال قائل: هلَّا قِستم "وشاحًا" وأخواتِه على وَيح ووَيس وأمثالهما. فكما أنَّ الواو والياء إذا اجتمعتا في أوَّلِ الكلمة لم يوجب ذلك قلب الواو همزة، فكذلك الواو مكسورة. فالجواب أنَّ الواو المكسورة إنَّما تُشبه الواو الساكنة إذا جاءت بعدها ياء نحو طَيّ. وذلك أنَّ الحركة في النيَّة بعد الحرف. وسيقام الدليل على ذلك في موضعه. فالكسرة إذًا من وِشاح في النيِّة بعد الواو، وهي بمنزلة الياء، وتبقى الواو ساكنة. فكما أنه إذا كانت الواو قبل الياء، وكانت ساكنة، يجب إعلالها. نحو طَيّ، فكذلك يجب إعلال ما أشبهها، نحو: وِشاح. فإن قيل: فهلَّا أُعلَّت بقلبها ياء, كما فُعل بها في طَيّ. فالجواب أنهم لم يفعلوا ذلك؛ لأنَّ المقصود بالإعلال التخفيف، والكسرة في الياء ثقيلة، فأُعلَّت بإبدال الهمزة منها4. وأمَّا السماع فلأنهم 5 قد قالوا: إسادةٌ وإشاح وإعاء وإفادة. وكثُرَ ذلك كثرةً، توجب القياس في كل واو مكسورة وقعت أوَّلًا. وإنْ كانت مفتوحةً لم تُهمز إِلَّا حيثُ سُمِعَ؛ لأنَّ الفتحة بمنزلة الألف. فكما لا تُستثقَل6 الألف والواو,7 في نحو: عاوَدَ8، وأمثاله فكذلك لا تُستثقل الواو المفتوحة. والذي سُمِع من
ذلك: أَجَمَ في "وَجَمَ"، و1 امرأة أَناةٌ وأصله "وناةٌ" من الوُنِيِّ وهو الفُتور، وأَحَدٌ في "وَحَدٍ"، وأسماءُ في "وَسماءَ". فإن وقعت غير أوَّل فلا يخلو من أن تكون مكسورة أو مفتوحة أو مضمومة. فإن كانت مضمومة جاز إبدالها همزة، بشرط أن تكون الضَّمَّة لازمة، وألَّا يمكن تخفيفها بالإسكان. قالوا2 في جمع نارٍ: "أَنْؤُرٌ"، ودارٍ: "أَدْؤُرٌ"، وثَوبٍ: "أَثْؤُبٌ". قال3. لِكُلِّ حالٍ، قَد لَبِستُ أَثؤُبا وإنَّما قُلبت همزة لِما ذكرنا من استثقال الضَّمَّة في الواو، مع أنه لا يمكن تخفيفها بالإسكان، لئلَّا يؤدِّي ذلك إلى التقاء الساكنين. ولو أمكن ذلك لم تُبدل همزةً، نحو قولهم: سُوُر4، في جمع سِوار. فإن كانت الضَّمَّة غيرَ لازمة لم تُبدل الواو همزة، لا تقول: هذا "غَزْءٌ" تريد: هذا غَزْوٌ، ولا تقول: "لَؤُ استَطَعنا" تريد: لوُ استَطَعنا؛ لأنَّ الضَّمَّة في غزو إعراب، وفي واو "لو" لالتقاء الساكنين, وحركة الإعراب وحركة التقاء الساكنين عارضتان5، فلا يُعتدُّ بهما. وزعم ابن جنِّي أنه لا يجوز قلب الواو المضمومة همزة إذا كانت زائدة، وإن اجتمع الشرطان؛ فلا يقال: "التَرَهْؤُكُ" في مصدر تَرَهوَكَ. والسبب في ذلك عنده أنها إذا كانت أصليَّة فإنَّ تصريف الكلمة، أو اشتقاقها، يدلُّ على أنَّ الهمزة مبدلة من واو، ولا يُتصوَّر ذلك فيها إذا كانت زائدة. فلو أُبدلت لأدَّى ذلك إلى الإلباس، في بعض المواضع، فلم يُدرَ: أزِيدَتِ ابتداءً، أم زِيدَتِ الواو أوَّلًا ثمَّ أُبدلت الهمزة منها؟ فلمَّا كان إبدال الزائدة يؤدِّي إلى الإلباس، في بعض المواضع، رُفض إبدالها. وممّا يقوِّي هذا المذهب أنها لا تُحفظ من واو زائدة مبدلةً6. وإن كانت مفتوحةً لم يجز قلبُها أصلًا؛ لأنَّ قلبها في أوَّل الكلمة –كما ذكرنا- لا يُقاس.
[32 ب] فإذا كانت لا تُهمز في أوَّل الكلمة إِلَّا حيث سُمِعَ، مع أنَّ أوَّلَ الكلمة طرف، فالتغيير إليه أسرع من التغيير إلى الحشو، فالأحرى ألَّا تنقلب1 حشوًا. فلا تقول في عاوَدَ: "عاءَدَ"، ولا في ضَوارِب: "ضآرِب". ولا يُحفظ من كلامهم شيء من ذلك. فإن كانت مكسورةً، أو واقعة موقعَ حرف مكسور، فلا يخلو أن تقع بعد ألف الجمع الذي لا نظير له في الآحاد أو لا تقع. فإن2 لم تقع بعدها لم تُهمز. وهي في مثل قائم بدل من ألف لا من واو. فإن وقعت بعدها فلا يخلو أن يكون قبل الألف ياء أو واو أو لا يكون. فإن كان3 قبلها واو أو ياء لزم قلب الواو همزة، إن كانت تلي الطرف. فتقول في جمع أوَّل: أَوائلُ، وفي جمع سَيِّد: سَيائدُ. والأصل "أَواوِل" و"سَياوِد"، فقُلبت الواو همزة لاستثقال الواوين والألف، أو الياء والواو والألف، وبناء الجمع الذي لا نظير له في الآحاد. هذا مذهب جمهور النحويين، إِلَّا أبا الحسن الأخفش، فإنه كان لا يهمز من ذلك إِلَّا ما كانت الألف منه بين واوين، ويجعل ذلك نظيرًا للواوين إذا اجتمعا في أوَّل الكلمة. فكما أنك تهمز الأُولى منهما للعِلَّة التي تقدَّم ذكرها. فكذلك تهمز الواو الآخرة في أوائل وأمثاله. ولا يرى مثل ذلك، إذا اجتمعت ياءان أو واو وياء. ويقول: لأنه إذا التقى الياءان أو الياء والواو أوَّلًا، نحو بَيْن اسم موضع، ووَيل ويَوم، لم يلزم الهمز. فكذلك لا يُهمز عنده مثل: سَيائق4 وسَيائد5. ما لم تَصِحَّ الواو في المفرد، في موضع ينبغي أن تعتلَّ6 فيه، أو تكونُ الواو في نيَّة ألَّا تَلِيَ الطرف، فإنها تصحُّ إذ ذاك ولا يجوز أن تُبدل منها الهمزة. فتقول7 في جمع ضَيْوَنٍ8: ضَياوِنُ. ولا تقلب الواو همزةً لصحَّة الواو في ضَيْوَن، إذ قد9 كان ينبغي أن يكون ضَيَّنًا وتقول10 في جمع عُوَّارٍ11، إذا قَصرته للضرورة: عَواوِرُ؛ لأنَّ الأصل فيه "عَواوِير"، فلا تكون
الواو تلي الطرف في التقدير. قال1: وكَحَّلَ العَينَينِ, بالعَواوِرِ2. فلم تُهمز لأنَّ الأصل "العواوير". وإن كانت الواو لا تَلي الطرف لم تهمز أصلًا نحو: عواوير في جمع عُوَّار، وطَواوِيس في جمع طاووس؛ لأنها قد قَويت ببُعدها عن محلِّ التغيير. وهو الطَّرفُ. إِلَّا أن تكون في نيَّة أن تَلِيَ الطَّرف، فإنه يلزمُ همزُها. وذلك نحو: أوائيل3 في جمع أوَّل، إذا اضطُررت إلى زيادة هذه الياء قبل الآخِر في الشعر؛ لأنَّ هذه الياء زِيدت للضَّرورة فلم يُعتدَّ بها. فإن لم يكن قبل الألف واو، ولا ياء، فلا يخلو من أن تكون الواو في المفرد زائدة للمدِّ أو لا تكون. فإن كانت زائدة للمدِّ قُلبتْ همزة، نحو: حَلُوبة4 وحَلائب. وسبب ذلك أنها اجتمعت ساكنةً مع ألف الجمع، ولا أصل لها في الحركة فتُحَرَّكَ، فأُبدلت همزةً؛ لأنَّ الهمزة تَقبلُ الحركة. وإن لم تكن زائدةً للمدِّ لم تُقلب همزةً أصلًا، إِلَّا حيث سُمع شاذًّا. والذي سُمع من ذلك: أَقائيمُ5 في جمع أَقوام. وأصله "أَقاويم"، فأُبدل من الواو المكسورة همزة، وإن كانت غير أوَّل، تشبيهًا لها بالواو المكسورة إذا وقعت أوَّلًا. وأمَّا مَصائبُ في جمع مُصِيبة فكان القياس فيها "مَصاوِب"، على ما يُبيَّن في باب القلب6. فإمَّا أن يكونوا همزوا الواو المكسورة غير أوَّلٍ شذوذًا، فتكون مثل أقائيم في جمع أقوام –وهو مذهب الزَّجَّاج- وإمَّا أن يكونوا غَلِطوا فشبَّهوا ياء مُصيبة، وإن كانت عينًا، بالياء الزائدة في نحو صحيفة، فقالوا: مَصائب، كما قالوا: صَحائف. وهو مذهب سيبويه7. والأوَّلُ أَقيسُ عندي؛ لأنَّه قد ثَبَت له نظيرٌ. وهو أَقائيم8. فإن9 لم تقع بعد ألف الجمع الذي لا نظير له في الآحاد، أو وقعت بعدها في غير الأماكن.
المذكورة، لم تُهمز أصلًا، بلا خلاف في شيء من ذلك. إِلَّا أن تقع بعد ألف زائدة، في اسم مفرد يوافق الجمع الذي لا نظير له في الآحاد، في الحركات وعدد الحروف، وقد تقدَّم الألفَ ياءٌ أو واو، فإنَّ في ذلك خلافًا. فمذهب سيبويه إجراء ذلك مُجرى الجمع لقربه منه، فتُبدل الواو همزة. ومذهب الزَّجَّاج أنه لا يجوز إبدالها لأنَّ الاسم مفرد، وإنَّما ثَبَتَ إبدالها في المجموع. فتقول في "فُواعِل" من القوَّة، على مذهب سيبويه:" قُواءٍ". وعلى مذهب الزَّجَّاج: "قُواوٍ". وهذا النوع لم يَرِد به سماع، لكنَّ القياس يقتضي ما ذهب إليه سيبويه. أعني من1 أنه إذا قوي الشبه بين شيئين حُكِم لكلِّ واحد منهما بحكم الآخر. فأمَّا قائم وأمثاله فمن قَبيل ما أُبدلت فيه الهمزة من الألف، وقد تقدَّم ذلك في فصل2 إبدال الهمزة من الألف. فإن كانت الواو ساكنةً لم تُهمز إِلَّا في ضرورة، بشرط أن يكونَ ما قبلها حرفًا مضمومًا، فتُقدَّر الضَّمَّة على الواو، فتُهمز كما تُهمز الواو المضمومة. فتقول [33 أ] في الشعر في3 مثل مُوعِد: مُؤعِدٌ. قال4: أَحَبُّ المُؤقِدِينَ إليَّ مُؤسَى ... [وجَعْدةُ, إِذ أضاءهُما الوَقُودُ]
باب إبدال الهمزة من الياء
باب إبدال الهمزة من الياء: الياء1 تُبدل همزةً باطِّراد، إذا وقعت بعد الألف التي في الجمع الذي لا نظير له في الآحاد, في مذهب سيبويه2، بشرط أن تكون قد زيدت في المفرد للمدِّ، نحو: صَحِيفة وصَحائف وكَتِيبة وكَتائب. فإن لم تكن الياء زيدت3 في المفرد للمدِّ لم تُهمز، إِلَّا بشرط أن تكون تلي الطرف لفظًا أو نيَّة، وبشرط أن يكون ألف الجمع يلي واوًا أو ياءً. فتقول4 في جمع عَيِّلٍ5: عَيائل، فتهمز لثقل البناء مع ثقل اجتماع حروف العلَّة –وهي الياءان6 والألف– مع قرب الياء من محلِّ التغيير. وهو الطرف. وكذلك لو اضطُرِرتَ فقلتَ في جمعه7: عَيائيل، فزدت ياءً لَهمزتَ؛ لأنَّ الياء في النِّيَّة تلي للطرف، ولا يُعتدُّ بالياء المزيدة لأنها عارضة في الجمع، إنَّما أُتي بها للضرورة. فإذا زالت من محلِّ الضرورة حذفتَ الياء. قال الشاعر8: فِيها عَيائيلُ أُسُودٍ, ونُمُرْ فهمز. وكذلك لو بنَيتَ9 "فَوعَلًا" من البَيع لقلت: بَيَّعٌ. أصله "بَويَعٌ"، فقلبتَ الواو ياء لأجل الإدغام. فإذا جمعته قلت: بَوائعُ، فتهمز الياء لما ذكرنا من ثقل البناء، وثقل اجتماع حروف
العلَّة –وهي الياء والواو والألف- مع القرب من محل التغيير. وهو الطرف. وكذلك لو اضطررت فزدت ياء قبل الآخر، فقلتَ: بَوائيعُ، لهمزت لأنَّ الياء عارضة كما تَقَدَّم. ولو جمعتَ مثل "بَيَّاع" لقلت "بَيايِيعُ"1، ولم تهمز. وإن قدَّرتَ بَيَّاعًا: "فَوعالًا" قلت: بَوايِيعُ، ولم2 تهمز أيضًا لبعد الياء من الطرف لفظًا ونيَّةً. وزعم 3 أبو الحسن الأخفش أنه لا يجوز قلب الواو همزة، إِلَّا إذا اكتنف ألفَ الجمع واوان4، نحو أوَّل وأوائل. فأمَّا إن اكتنفها ياءان، أو واو وياء، فلا يحوز عنده قلب حرف العلَّة الذي بعد الألف. بل يقول في جمع "فَوعَل" من البيع: بَوايِعُ، وفي جمع بَيَّن: بَيايِنُ، وفي جمع سيِّد المتقدِّم في فصل5 الواو: سَياوِدُ. وحجَّته على ذلك أنَّ الواوين أثقل من الياءين، ومن الواو والياء، والقلبُ لم يُسمع إِلَّا في الواوين، نحو قولهم في جمع أوَّل: أوائلُ. فلا يقاس عليه ما ليس من رتبته من الثقل. وهذا الذي ذهب إليه فاسد، بدليل ما حكاه المازنيُّ عن الأصمعيِّ. من قولهم في جمع عَيِّل: عَيائلُ بالهمزة، ولم تكتنف ألفَ الجمع واوان. فدلَّ ذلك على أنَّ العرب استثقلت في هذا وأمثاله اكتناف ألف الجمع حرفا علَّة. فإن قال قائل: فلعلَّ قولهم في [جمع] عَيِّل: "عَيائلُ" شاذّ. لذلك لم يُسمع من ذلك إِلَّا هذه اللفظة، فلا ينبغي أن يقاس عليه. فالجواب أنه، وإن لم يُسمع منه إِلَّا هذه اللفظة، لا ينبغي أن يُعتقد فيه الشذوذ؛ لأنه لم يرد له نظير غير مهموز،6 فيُجعلَ الهمز في هذا شذوذًا. بل جميع ما أتى من هذا النوع هذا اللفظُ –وهو مهموز- فكان جميع ما أتى من هذا الباب مهموزًا. إذ هذا اللفظ هو جميع ما أتى من هذا الباب. وقد جعل أبو الحسن مثل هذ أصلًا يقاس عليه. وذلك أنه قال في النسب إلى فَعُولة: "فَعَلِيّ"7، نحو: رَكَبِيّ في النسب إلى رَكُوبة، قياسًا على قولهم في النسب إلى شَنُوءة: شَنَئيَ. ثم أورد اعتراضًا على نفسه فقال: فإن قال قائل: فإنَّ قولهم [شَنَئيّ] شاذّ، فلا ينبغي أن
يقاس عليه إذ لم يجئ غيره. فالجواب أنه جميع ما أتى من هذا النوع. فجعله، لمّا لم يأت غيره مخالفًا له ولا موافقًا، أصلًا يقاس عليه. فهذا جميع ما تُبدل فيه الياء همزة باطِّراد. فأمَّا مثل بائع ورِداء فإنَّ الهمزة فيهما1 وأمثالهما بدل من ألف، وإن كان الأصل "بايِع" و"رِداي" كما تَقَدَّمَ. وأُبدلت منها، من غير اطِّراد، في: أَدْيٌ. وأصله "يَدْيٌ"، فردَّ اللَّام، ثمَّ أُبدلت الياء همزةً. حُكي من كلامهم: قَطَع الله أَدْيَه. وقالوا: في أسنانِه ألَلٌ. وأصله يَلَلٌ2، فأبدلوا الياء همزة. وقالوا: رِئبال. وأصله رِيبال3، فأُبدلت الياء همزة. وكذلك قالوا: الشِّئمة، يريدون4 الشِّيمة -ومعناها الخليقة- فأبدلوا أيضًا الياء همزة. وإنَّما جعلنا الهمزة في أَلَل ورِئبال والشِّئمة5 [23 ب] بدلًا من الياء، ولم تُجعل أصلًا بنفسها؛ لأنَّ الأكثر في كلامهم: يَلَلٌ ورِيبال وشِيمة6 بالياء، واستعمال هذه الأسماء بالهمزة قليل. فدلَّ ذلك على أنَّ الهمزة بدل، وأنَّ الياء هي الأصل. فهذا [أيضًا] 7 جميعُ ما جاءت فيه الهمزة بدلًا من الياء، على غير اطِّراد.
باب إبدال الهمزة من الهاء
باب إبدال الهمزة من الهاء: أُبدلت الهمزة من الهاء1 في ماء. وأصله "مَوَهٌ"، فقلبت الواو ألفًا والهاء همزة. والدليل على ذلك قولهم في الجمع: أَمواهٌ. وقد أُبدلت الهاء أيضًا2 همزة في جمع ماء3، فقالوا: أَمواءٌ. قال4: وبَلدةٍ, قالِصَةٍ أَمواؤُها ... تَستَنُّ, في رأْدِ الضُّحَى, أَفياؤُها وإنَّما جُعلت الهاء هي الأصل؛ لأنَّ أكثر تصريفِ الكلمة عليها. قالوا: أَمواهٌ ومِياهٌ، وماهَتِ5 الرَّكِيَّةُ. إلى غير ذلك من تصاريفها. وأُبدلتْ أيضًا منها في آل. أصله أَهْل، فأبدلت الهاء همزة فقِيل "أَأْل"، ثمَّ أُبدلت الهمزة ألفًا فقيل: آلٌ. فإن قيل: فهلَّا جعلتَ الألف بدلًا من الهاء أوَّلًا. فالجواب أنه لم يَثبت إبدال الألف من الهاء في غير هذا الموضع، فيُحملَ هذا عليه. وقد ثَبَتَ إبدال الهمزة من الهاء في ماء، فلذلك حُمل آلٌ على أنَّ الأصل فيه أهل، ثمَّ "أأْل" فأبدلت الهاء همزة. فإن قيل: وما الذي يدلُّ على أنَّ الأصل أهل، وهلَّا جعلتَ الألف منقلبة عن واو. فالجواب أنَّ الذي يدلُّ على ذلك قولُهم في التصغير: أُهَيلٌ. ولو كانت الألف منقلبة عن واو لقيل في تصغيره6 "أُوَيلٌ". وممَّا يؤيِّد7 أنَّ الأصل أَهلٌ أنهم إذا أضافوا إلى المضمر قالوا: أَهلُكَ وأَهلُهُ.
لأنَّ المضمر يردُّ الأشياء 1 إلى أصولها. ولا يقال: آلُكَ وآلُه، إِلَّا قليلًا جدًّا، نحو قوله2: وانصُرْ, عَلى دِينِ الصَّلِيـ ... ـبِ, وعابِدِيهِ, اليَومَ, آلَكْ وقول الآخر 3: أنا الرَّجُلُ الحامِي حَقِيقةَ والِدِي ... وآلِي، كَما تَحمِي حَقِيقةَ آلِكا ونحو قول الكِنانِيِّ: رَجلٌ من آلِكَ وليس منك. وممّا 4 يدلُّ، على أنَّ الألف في آل بدل من الهمزة المبدلة من الهاء، أنَّ العرب تجعل اللفظ فيه بدل من بدل مختصًّا بشيء بعينه؛ ألا ترى أنَّ تاء القَسَم لمّا كانت بدلًا من الواو المبدلة من باء القسم لم تدخل إِلَّا على اسم "الله" –تعالى- ولم تدخل على غيره من الأسماء الظاهرة، ولا دخلت أيضًا على مضمر؟ وكذلك: أَسنَتَ الرَّجلُ. لمّا كانت التاء فيه بدلًا من الياء المبدلة من الواو؛ لأنَّ "أسنَتَ" من الفظ السَّنة، ولام سنة واو5 بدليل قولهم في جمعها: سنوات، جعلوها مختصَّة بالدخول في السنة الجدبة، وقد كان "أسنَى" قبل ذلك عامَّة، فيقال: أسنَى الرَّجلُ، إذا دخل في السنة، جدبة أو غير جدبة. فكذلك آل. لمّا لم يُضف إِلَّا إلى الشريف، فيقال: آل اللهِ وآلُ السلطانِ، بخلاف "الأهل" الذي يُضاف إلى الشريف وغيره، دلَّ ذلك [على] أنَّ الألف فيه بدل من الهمزة المبدلة من الهاء، كما تَقَدَّمَ. وإنَّما خصَّت العرب ما فيه بدل من بدل بشيء؛ لأنه فرعُ فرعٍ، والفروع لا يُتصرَّف فيها تصرُّف الأصل، فكيف فرعُ الفرع؟ وأُبدلت أيضًا من الهاء في "هَلْ"، فقالوا: أَلْ فَعلتَ كذا؟ [يريدون: هل فعلتَ كذا] ؟ 6 حكى ذلك قُُطربٌ7 عن أبي عُبيدة. والأصل "هل" لأنه الأكثر.
وأُبدلت أيضًا من الهاء في "هذا"، فقالوا: آذا. قال1: فقالَ فَرِيقٌ: آأَذا، إِذ نَحَوتُهم, ... نَعَم, وفَرِيقٌ: لَيمُنُ اللهِ ما نَدرِي أراد "أهذا" فقلب الهاء همزة، ثمَّ فصل بين الهمزتين بألف. فأمَّا قولهم: تُدْرأٌٌ وتُدْرَةٌ، للدَّافع عن قومه فليس أحدُ الحرفين فيهما بدلًا من الآخر، بل هما أصلان بدليل مجيء تصاريف الكلمة عليهما. فقالوا: دَرأهُ ودَرَهَهُ ومِدْرأٌ2 ومدْرَهٌ.
باب إبدال الهمزة من العين
باب إبدال الهمزة من العين: لم يجئ من ذلك إِلَّا قولُهم:1 أُبابٌ، في قولهم: عُباب. والأصل العين لأنَّ عُبابًا أكثر استعمالًا من أُباب. قال2: أُبابُ بَحْرٍ، ضاحِكٍ زَهُوقِ
باب الجيم
باب الجيم: وأمَّا الجيم1 فأُبدلت من الياء لا غيرُ، مُشدَّدةً ومُخفَّفةً. فيُبدلون من الياء المشدَّدة جيمًا مشدَّدة، ومن الياء المخفَّفة [34 أ] جيمًا مخفَّفة. فمن البدل من الياء المشدَّدة ما أنشده الأصمعيُّ عن خَلَفٍ2, قال: أَنشدني رجلٌ من أهل البادية3: خالِي عُوَيفٌ, وأبُو عَلِجِّ ... المُطعِمانِ اللَّحمِ, بالعَشِجِّ وبالغَداةِ, فِلَقَ البَرنِجِّ4 يريد: وأبو عليٍّ، وبالعَشِيِّ وفِلَقَ البَرنِيِّ ومنه أيضًا ما حكاه5 أبو عمرِو بنُ العلاء من أنه لقي أعرابيًّا [كان حنظليًّا] 6، فقال له: ممَّن أنتَ؟ فقال: فُقَيمِجّ. فقال له: مِن أيِّهم؟ فقال: مُرِّجّ. يريد: فُقَيمِيّ، ومُرِّيّ. وهو مطَّرد في الياء7 المشدَّدة. قال يعقوب8 "وبعض العرب إذا شَدَّد الياء صَيَّرَها جيمًا. وأنشد
ابن الأعرابيِّ1: كأنَّ في أذنابِهِنَّ الشُّوَّلِ ... مِن عَبَسِ الصَّيفِ, قُرُونَ الأُجَّلِ يريد: الأُيَّل. ومن إبدال الجيم من الياء المخفَّفة2 ما أنشده أبو عمرِو بنُ العلاء، لهِميان بن قُحافة من قوله3: يُطِيرُ عَنها الوَبَرَ, الصُّهابِجا يريد: الصُّهابِيَ، من الصُّهبة. وأصلُه الصُّهابِيَّ, فحذف4 إحدى الياءين. ومن ذلك ما أنشده الفرَّاءُ من قول الشاعر5: لاهُمَّ, إِن كُنتَ قَبِلتَ حَجَّتِجْ ... فلا يَزالُ شاحِجٌ يأتِيكَ بِجْ أَقمَرُ, نَهَّاتٌ, يُنَزِّي وَفرَتِجْ يريد: حَجَّتي، ويأتيكَ بِي، ويُنَزِّي وَفرَتِي. ومن ذلك أيضًا قولُهُ6: حَتَّى إِذا ما أَمسَجَتْ, وأَمسَجا يريد: "أَمسَيَتْ وأَمسَيا"7، فأبدل من الياء جيمًا ولم يُبدلها ألفًا. وهو غيرُ مطَّرد في الياء الخفيفة، بل يوقف في ذلك عند السماع8.
باب الدال
باب الدال: وأمَّا الدال1 فأُبدلت من التاء والذال. فأُبدلت من تاء "افتَعَلَ" باطِّراد، إذا كانت الفاء زايًا. فتقول في "افتَعَلَ" من الزَّينِ: ازدانَ، ومن الزُّلفَى: ازدَلَفَ، ومن الزَّجرِ: ازدجَرَ، ومن الزِّيارة: ازدارَ. والأصل "ازتانَ" و"ازتَجَرَ" و"ازتَلََفَ" و"ازتارَ"، فرفضوا الأصل وأبدلوا من التاء دالًا. والسبب في ذلك أنَّ الزاي مهجورةٌ والتاء مهموسة، والتاء شديدة والزاي رخوة، فتباعد ما بين الزاي والتاء, فقرَّبوا أحد الحرفين من الآخر ليقرب النطق بهما، فأبدلوا الدال من التاء؛ لأنها2 أخت التاء في المخرج [والشِّدَّة] 3، وأختُ الزاي في الجَهر. وكذلك تُبدل فيما تَصرَّف من "افتَعَلَ". فتقول: مُزدَلِفٌ ومُزدَجِرٌ ومُزدانٌ ومُزدارٌ، وازدِجارٌ وازدِيانٌ وازدِيارٌ وازدِلافٌ. ومن كلام ذي الرُّمَّة في بعض أخباره4. هل عِندَكَ مِن ناقةٍ فتَزدار عليها مَيًّا؟ وكذلك5 أيضًا تبُدل منها، إذا كانت الفاء دالًا. إِلَّا أنَّ ذلك من قَبيل البدل الذي يكون للإدغام. فتقول في "افتَعَلَ" من الدَّين: ادّانَ. وقد قُلبتْ تاء "افتَعَلَ" دالًا، بغير اطِّراد، مع الجيم في: اجتمعُوا واجتَزَّ6، فقالوا: اجدَمَعُوا واجدَزَّ7. والأكثر التاء. قال8:
فقُلتُ لِصاحِبِي: لا تَحبِسَنَّا ... بِنَزعِ أُصولِهِ, واجدَزَّ شِيحا يريد "واجتزَّ". ولا يُقاس ذلك، فلا يقال في "اجتَرأ": اجدَرأ،1 ولا في "اجترَحَ": اجدَرَحَ. وأُبدلت أيضًا من تاء "افتَعَلَ"، إذا كانت الفاء ذالًا، من غير إدغام. فقالوا: اذْدَكَرَ ومُذْدَكِرٌ2. حكى ذلك أبو عمرو. وقال أبو حِكاك3: تُنحِي علَى الشَّوكِ جُرازًا مِقضَبا ... والهَرْمَ تُذْرِيهِ, اذدِراءً عَجَبا يريد: "اذتراءً"، وهو "افتِعال" من: ذراه يَذريه. فأمَّا "ادَّكَرَ" فالدال فيه مبدلة من الذال لأنه إبدالُ إدغامٍ4، فلا يُذكرُ5 هنا. وأُبدلتْ من التاء في غير "افتَعَلَ" بغير اطِّراد في تَولَجٍ6، فقالوا: دَولَجٌ، فأبدلوا الدال من التاء المبدلة من الواو؛ لأنَّ الأصل "وَوْلَج"؛ لأنه من الوُلُوج. ولا تُجعلُ الدال بدلًا من الواو؛ لأنه قد ثَبَتَ إبدال الدال من التاء في "افتَعَلَ"، كما تَقَدَّمَ، ولم يثبت إبدالها من الواو في موضع من المواضع. فهذا جميع ما أُبدلت فيه الدال من التاء. وأُبدلتْ من الذال في ذِكَرٍ جمع ذِكْرةٍ، فقالوا: دِكَرٌ.7 قال ابن مقبل8: يا لَيتَ لِي سَلوةً, تُشفَي النُّفُوسُ بِها ... مِن بَعضِ ما يَعتَرِي قَلبِي, مِنَ الدِّكَرِ بالدال9. كذا رواه أبو عليٍّ. وكأنَّ الذي سَهَّلَ ذلك قلبهم لها في "ادَّكَرَ" و"مُدَّكِر"، فأُلِفَ فيها القلب10 فَقَلبها دالًا، وإن كان مُوجِبُ القلب قد زال. وهو الإدغام11.
باب الطاء
باب الطاء: وأمَّا الطاء1 فأُبدلتْ من التاء لا غيرُ. أُبدلت2 باطِّرادٍ البتَّةَ، ولا يجوز غير ذلك، من تاء "افتَعَلَ" إذا كانت الفاء صادًا أو ضادًا أو طاء أو ظاء. فتقول في "افتَعَلَ" من الصَّبر: اصطَبَرَ، ومن الضَّرب: اضطَرَبَ، ومن الظَّهرِ اظطَهرَ،3 و4 من الطَّرْدِ: اطَّرَدَ، [34 ب] فتُدغِم لأنك لمّا أبدلتَ التاء طاء اجتمع لك مِثلان، الأوَّلُ منهما ساكنٌ، فأدغمت. ولم تُبدِلِ التاءَ لأجل الإدغام، بل للتباعد الذي بين الطاء والتاء، كما فعلتَ ذلك مع الضاد والظاء والصاد؛ ألا ترى أنك أبدلت من التاء طاء ولم تُدغِم، لمَّا لم يجتمع لك مثلان؟ والتباعدُ الذي بين التاء وبين هذه الحروف أنَّ التاء منفتحةٌ مُنسفلةٌ، وهذه الحروف مُطبَقةٌ5 مُستعلِيةٌ. فأبدلوا من التاء6 أُختَها في المخرج، وأختَ هذه الحروف في الاستعلاء والإطباق وهي الطاء. وأُبدلتْ بغير اطِّراد، من تاء الضمير بعد الطاء والصاد، 7 فقالوا: فَحَصْطُ وخَبَطُّ وحَفِظْطُ وحِضْطُ8، يريدون: فَحَصتُ وخَبَطتُ وحَفِظتُ وحِضتُ9. والأكثر التاء. والعِلَّة في الإبدال كالعِلَّة في "افتَعَلَ" من التباعد الذي ذكرنا بين التاء وبين الصاد والطاء، فقرَّبوا ليسهل النُّطقُ.
ومن ذلك قوله1: وفي كُلِّ حَيٍّ, قَد خَبَطَّ بِنِعمةٍ ... فحُقَّ لِشأسٍ، مِن نَداكَ, ذَنُوبُ رواه أبو عليٍّ عن أبي بكر عن أبي العبَّاس: "خَبَطَّ"، على إبدال الطاء من التاء.
باب الواو
باب الواو: وأمَّا الواو فأُبدلت من ثلاثة أحرف. وهي الهمزة والألف والياء. إِلَّا أنَّ الذي يُذكر هنا إبدالها من الهمزة؛ لأنَّ إبدالها من الياء والألف1 يذكر في باب القلب. فتُبدل من الهمزة باطِّراد، إذا كانت مفتوحةً وقبلَها حرفٌ مضمومٌ، نحو: جُؤَن2 وسُؤَلة3, تقول في تخفيفهما4: جُوَن وسُوَلة. ولا يلزم ذاك. وتُبدل أيضًا باطِّراد، إذا كانت ساكنةً وقبلها ضَمَّةٌ، ولا يلزم ذلك أيضًا. نحو بُؤْس ونُؤْي5، تقول فيهما إذا أردت التخفيف: بُوسٌ ونُويٌ. وتُبدل أيضًا باطِّراد، إذا كانت قبل الألف في الجمع الذي لا نظير له في الآحاد، بشرط أن يكتنف ألفَ الجمع همزتان، نحو: ذَوائب، في جمع ذُؤابة. أصله "ذآئب"، فأُبدلت الهمزة واوًا هروبًا من ثِقل البناء، مع ثقل اجتماع الهمزتين والألف؛ لأنَّ الألف قريبة من الهمزة لأنها من الحلق، كما أنَّ الهمزة كذلك. فكأنه قد اجتمع في الكلمة ثلاثُ هَمَزات، فالتزموا لذلك إبدال الهمزة واوًا. وأُبدلت أيضًا باطِّراد على اللزوم، إذا كانت للتأنيث في ثلاثة مواضع: التثنية، والجمع بالألف والتاء، والنسب. نحو: صَحراوَينِ وصَحراوات وصَحراويّ6. وباطِّراد من غير لزوم، في الهمزة المبدلة من أصل، أو من حرف زائد مُلحِق بالأصل، إذا كانت طرفًا بعد ألف زائدة، نحو: كِساء ورِداء وعِلباء ودِرحاء7, حيث قُلبت همزة التأنيث8، نحو: عِلباوَينِ
وكِساوَينِ ورِداوَينِ ودِرحاوَينِ، وعِلباوِيٌّ وكِساوِيٌّ ورِداويٌّ، ودِرحاوات في جمع دِرحاءة. ومن الهمزة الأصليَّة إذا وقعت طرفًا بعد ألف زائدة –وذلك قليل1- حيث قُلبت همزة التأنيث أيضًا، نحو: قُرَّاءٍ2, لأنه من "قَرَأَ". فإنه قد حُكي: قُرَّاوِيٌّ، وفي التثنية: قُرَّاوانِ. وأُبدلت من غير اطِّراد، في: واخَيتُ. أصلُه: آخَيتُ، فأُبدلت الهمزة واوًا. ولا يمكن أن يُدَّعى أنَّ الواو في "واخيتُ" أصلٌ، وليست3 ببدل من الهمزة؛ لأنَّ اللام من "واخَيتُ" واو؛ لأنه من الأُخُوَّة، وإنَّما قُلبت ياء4 في واخَيتُ لوقوعها رابعةً، كما قُلبتْ في "غازيت"، على ما يُبيَّنُ في بابه5. فإذا تَبيَّنَ أنَّ اللَّام واو لم يمكن أن تكون الفاء واوًا؛ لأنه لم يجئ في كلامهم مثل "وَعَوتُ". وتُبدل 6 أيضًا واوًا على غير اللزوم، إذا وقعت بعد الواو الزائدة للمدِّ، فتقول في مَقرُوء: مَقرُوّ. وتُبدل أيضًا إذا وقعت بعد الواو، ,وإن لم تكن زائدة للمدِّ، فتقول في سَوْءة: سَوَّة. إِلَّا أنَّ ذلك قليل جدًّا. فهذا جميع ما أُبدلت فيه الهمزة واوًا، إذا لم تنضمَّ إليها همزة أُخرى. فإن انضمَّ إليها همزة أُخرى فلا يخلو أن تكون الثانية ساكنة أو متحرِّكة. فإن كانت ساكنة فإنه يلزم إبدالها واوًا، إذا كانت الهمزة الأُولى مضمومة. فتقول في "أُفْعِلَ" من "أَتى": أُوتِيَ7. وأصله "أُؤْتِيَ". إِلَّا أنه رُفض الأصل، هروبًا من اجتماع الهمزتين، فلزم البدل. فإذا كانت الثانية متحرِّكةً فإنها تُبدل واوًا، إذا كانت [35 أ] متحرِّكة بالضمِّ أو بالفتح. فتقول في مثل أُبْلُم8 من "أَمَمْتُ": أُوُمٌّ9. أصله "أُؤْمُمٌ"، فنَقلتَ ضمَّة الميم إلى الهمزة، وأدغمتَ فقلتَ: "أُؤُمٌّ". ثمَّ أَبدلت الهمزة واوًا لانضمامها، فقلت: أُوُمٌّ. ولزم ذلك. وتقول10 في "أَفْعَل"11 من "أَمَمْتُ": أَوَمُّ. وأصله "أَأْمَمُ"، ثمَّ نَقلتَ فتحة الميم إلى الهمزة، [وأدغمتَ] فقلتَ:12 "أَأَمُّ"13. ثمَّ أبدلتَ الهمزة واوًا، فقلت: أَوَمُّ. كما أنهم لمَّا اضطُرُّوا إلى
ذلك، في جمع آدَمَ، قالوا: أَوادِمُ، فأبدلوا الهمزة واوًا. وسواء كان ما قبل هذه الهمزة المفتوحة مفتوحًا أو مضمومًا،1 في التزام إبدالها واوًا2. فمثال انضمام ما قبلها: "أُواتِي" في مضارع "آتَى": "فاعَلَ" من الإتيان. أصله "أؤاتِي"، ثمَّ التزموا البدل هروبًا من اجتماع الهمزتين. ثمَّ حملوا "يُواتِي" و"نُواتِي" [وتُواتِي] 3 و"مُواتٍ"، على أُواتِي في التزام البدل4. وزعم المازنيُّ5 أنَّ الهمزة إذا كانت مفتوحة، وقبلها فتحة، أنها تُبدل ياءً. فقال في"أَفْعَل" من "أَمَمْتُ": أَيَمُّ، كما تُبدَلُ إذا كانت مكسورة، نحو أَيِمَّة جمع إمام؛ لأنَّ الفتحة أختُ الكسرة، فالأقيسُ أن يكون حكم الهمزة المفتوحة كحكم المكسورة في الإبدال، لا كالمضمومة في إبدالها واوًا. ورأى أنه لا حُجَّة في "أَوادِم"؛ لأنهم لمَّا قالوا في المفرد "آدَمُ" صار بمنزلة تابَل، فأجرَوُا الألفَ المبدلة مُجرى الزائدة. فكما قالوا: تَوابِلُ6 فكذلك قالوا: أَوادِمُ. فالواو عنده بدلٌ من الألف لا من الهمزة. وهذا الذي ذهب إليه فاسد؛ لأنَّ الألف المبدلة لو كانت تجري مجرى الألف الزائدة لجاز أن يُجمع بينها وبين الساكن المُشَدَّد، فكنتَ تقول في جمع إمام: "آمَّة"، فيكون أصله "أَأْمِمَة"، فتُبدل الهمزة ألفًَا فيصير "آمِمَة"، ثمَّ تُدغِمُ الميمَ في الميم فتَسكنُ الأُولى7 لأجل الإدغام، فتقول "آمَّة"، وتجمع بين الألف والساكن المُشَدَّد، كما جاز ذلك في دابَّة8. فقول العرب: أيِمَّةٌ، ونقلهم الحركة إلى ما قبلُ، دليلٌ على أنها لم تُجرَ مُجرى الألف الزائدة9.
فكذلك أيضًا آدَمُ، لا ينبغي أن تُجرى هذه الألف مُجرى الألف الزائدة. فينبغي أن يُعتقد أنها تُرَدُّ إلى أصلها من الهمزة، إذا جَمَعْتَ لزوال موجب إبدالها ألفًا. وهو سكونها وانفتاح ما قبلها. فإذا رُدَّتْ إلى أصلها قالوا "أآدِمُ"، فاستثقلوا الهمزتين فأبدلوا الثانيةَ واوًا. فإذا تَبَيَّنَ أنهم أبدلوا من الهمزة المفتوحة واوًا في أَوادِم وجب أن يقال في "أَفْعَلَ" من "أَمَمْتُ": "أَوَمُّ". وهو مذهب الأخفش.1 وهذا 2: أيضًا جميع ما أُبدلت فيه الهمزة واوًا، إذا التقت مع همزة أُخرى.
باب الياء
باب الياء: وأمَّا الياء فتُبدل من ثمانيةَ عشرَ حرفًا. وهي: الألف، والواو، والسين، والباء، والراء والنون، واللام، والصاد، والضاد، والميم، والدال، والعين، والكاف، والتاء، والثاء، والجيم، والهاء، والهمزة. إِلَّا أنه لا يذكر هنا إبدالها من الألف1 والواو؛ لأنَّ ذلك من باب القلب. فأُبدلت من السين من غير لزوم2، في سادِس وخامِس. فقالوا: "سادِي" و"خامِي". قال الشاعر3: إِذا ما عُدَّ أربَعةٌ, فِسالٌ ... فزَوجُكِ خامِسٌ, وحَمُوكِ سادِي أي: سادسٌ. وقال الآخر4: مَضَى ثَلاثُ سِنينَ, مُنذُ حُلَّ بِها ... وعامُ حُلَّتْ, وهذا التَّابِعُ الخامِي أي: الخامسُ.
وأُبدِلت من الباء1 على غير لزوم، في جمع ثَعْلَبٍ وأَرنَبٍ، في الضرورة. أنشد سيبويه2: لَها أَشارِيرُ، مِن لَحمٍ، تُتمِّرُهُ ... مِنَ الثَّعالِي, ووَخْزٌ مِن أَرانِيها أراد الثعالب3 وأرانب،4 فلم يمكنه5 أن يُسكِّن الباء فأبدل منها ياء. وأُبدلت أيضًا من الباء على اللزوم، في دِيباج. وأصله "دِبّاجٌ"، فأبدلوا الباء الساكنة ياءً هروبًا من اجتماع المِثلين. والدليل على ذلك قولهم في الجمع: دَبابيج،6 فرَدُّوا الباء لمَّا فَرَّقتِ الألف بين المِثلين. وأُبدِلت أيضًا من الباء الثانية هروبًا من التضعيف، وفي "لا وَرَبِّكَ"، فقالوا: لا وَرَبْيِكَ. حكى ذلك أحمد بن يحيى7. وأُبدِلت من الراء على اللزوم، في قِيراطِ وشِيراز8 والأصل "قِرّاط" و"شِرّاز" [فأبدلوا الياء من الراء الأولى هروبًا من التضعيف] 9. والدليل على أنَّ الأصل "قِرّاط" و"شِرّاز"10 قولُهم قَرارِيط وشَرارِيز، [35 ب] فردُّوا الراء لمَّا فَصلت الألف بين المِثلين11. وأُبدلت أيضًا في: تَسرَّيتُ وأصله "تَسَرَّرتُ"12 لأنه "تَفعَّلْتُ" من السُّرِّيَّة. والسُّرِّيَّة "فُعْلِيَّة".
من السرور لأنَّ صاحبها يُسَرُّ بها، أو من السِّرِّ لأنَّ صاحبها يُسِرُّ أمرها عن حُرَّتِه1 وربَّة منزله. ومن جعل سُرِّيَّة "فُعيِّلة"2 من سَراة الشيء –وهو أعلاه- كانت اللام من "تَسَرَّيتُ" واوًا أُبدلت ياء، لوقوعها خامسة؛ لأنَّ السَّراة3 من الواو بدليل قولهم في جمعه: سَرَوات. قال4: وأَصبَحَ مُبيَضُّ الصَّقِيعِ كأنَّهُ ... علَى سَرَواتِ البَيتِ,5 قُطنٌ مُنَدَّفُ والذي ينبغي أن يُحمل عليه سُرِّيَّة أنه "فُعلِيَّةٌ" من السِّرِّ، أو من السُّرور. فقد دفع أبو الحسن اشتقاقَها من سَراة الشيء -وهو أعلاه- بأن قال: إنَّ الموضع الذي تُؤتَى6 منه المرأة ليس أَعلاها وسَراتها. وهذا الدفع صحيح، واشتقاقه من السِّرِّ أو السرور واضح, فلذلك كان أَولى. فهذا جميع ما أُبدلت فيه الياء من الراء. وأُبدلت من النون على اللزوم7، في دِينار. أصلُهُ "دِنّارٌ" فأُبدلت الياء من النون الأُولى هروبًا من ثِقل التضعيف، بدليل قولهم: دنَانيرُ في الجميع8 ودُنَِنيرٌ في التحقير. وأُبدلت أيضًا من نُون إنسان الأُولى9، على غير اللزوم10، فقالوا: إِيسانٌ11. قال عامر بن جُؤين12: فيا لَيتَني, مِن بَعدِ ما طافَ أَهلُها ... هَلَكتُ, ولَم أَسمَعْ بِها صَوتَ إِيسانِ
وقالوا في الجميع1: أَياسِينُ2، بالياء. والأصل النون لأنَّ إنسانًا وأَناسيَّ بالنون أكثر منه بالياء. وأُبدلت أيضًا على اللزوم من نون ظَرِبان3 ونون إنسان التي بعد الألف، في الجمع فقالوا: أَناسِيُّ وظَرابِيُّ، فعاملوا النون معاملة همزة التأنيث لشبهها بها. فكما يُبدِلون من همزة التأنيث ياءً، فيقولون في صَحراء: "صَحارِيُّ"، كذلك فعلوا بنون إنسان وظَرِبان، في الجمع. وأُبدلت أيضًا من النون في: تَظَنَّيتُ4؛ لأنه "تَفَعَّلْتُ" من الظَّنِّ. فأصله "تَظَنَّنتُ"، فأُبدلت النون ياءً هروبًا من اجتماع الأمثال. وأُبدلت أيضًا على اللزوم من النون في: تَسنَّى، بمعنى: تَغيَّرَ. ومن ذلك قوله تعالى: {لَم يَتَسَنَّ} 5، فحُذفت6 الألف المبدلة من الياء للجزم. والأصل "يَتَسَنَّنْ"، فأُبدلت النون [ياء] 7 هروبًا أيضًا من اجتماع الأمثال. والدليل على ذلك قوله تعالى: {مِن حَمَأٍ مَسْنُونٍ} 8 أي: مُتغيِّر. فقوله تعالى: {مَسْنُون} يدلُّ على أنَّ "يَتَسَنَّ"9 في الأصل من المُضَعَّف كمَسنُون، وليس من قَبيل المُعتلِّ. فهذا جميع ما أُبدلت فيه الياء من النون. وأُبدلت من اللام في: أَملَيتُ الكِتابَ10 إنَّما أصله "أَملَلتُ"، فأُبدلت اللام الأخيرة ياءً هروبًا11 من التضعيف. وقد جاء القرآن باللغتين جميعًا. قال تعالى: {فهِيَ 12 تُملَى عَليهِ بُكْرةً وأَصيلًا} . وقال عزَّ وجلَّ: {ولْيُمْلِل ِ13 الَّذِي عَليهِ الحَقُّ} 14. وإنَّما جعلنا اللام هي الأصل لأنَّ "أَملَلتُ" أكثرُ من "أَملَيتُ".
وأُبدلت من الصاد على غير اللزوم، في: قَصَّيتُ أَظفاري1: بمعنى: قَصَّصت. فأبدلوا من الصاد الأخيرة ياء هروبًا من اجتماع الأمثال. حكى ذلك اللِّحيانيُّ. وأُبدلت من الضاد، في قول العجَّاج2: تَقَضِّيَ البازِي, إِذا البازِي كَسَرْ إنَّما هو "تَفَعُّل" من الانقضاض. وأصله "تقَضُّض"، فأُبدلت الضاد الأخيرة ياء. وقالوا أيضًا: تَفضَّيتُ، من الفِضَّة. وهو مثل: تَقضَّيت. وأُبدلت من الميم في: يأتَمي3, على غير اللزوم4 في الشعر. قال5: تَزُورُ امرَأً أمَّا الإله فيَتَّقِي ... وأمَّا, بِفِعلِ الصَّالِحِينَ, فيأتَمِي أصله "يأتَمُّ" فأُبدل من الميم الثانية ياء هروبًا من التضعيف. وأُبدلت أيضًا ف6: تُكُمُّوا؛ لأنه "تُفُعِّلُوا" من: كممْتُ الشيءَ إذا سترتَه. فأصله "تُكُمِّمُوا"، فأبدلوا من الميم الأخيرة ياءً فقالوا "تُكُمِّيُوا"، فاستُثقلت الضَّمَّة في الياء فحُذِفَت، فبقيت الياء ساكنةًَ، فحُذِفَت لالتقائها مع واو الضمير الساكنة، فصار: تُكُمُّوا7. قال الراجز8: بَل لَو شَهِدْتَ النَّاسَ, إِذ تُكُمُّوا ... بقَدَرٍ, حُمَّ لَهُم, وحُمُّوا وأُبدلت أيضًا من الميم الأولى في: أمَّا،9 فقالوا "أَيْما" هروبًا من التضعيف. وقد رُوِي بيتُ ابن أبي ربيعة10 [36 أ] : رأتْ رَجُلًَا, أيما إِذا الشَّمسُ عارَضَتْ ... فيَضحَى, وأيما بالعَشِيِّ فيَخصَرُ11
وأُبدلت أيضًا من الميم الأولى في ديماس، هروبًا1 من التضعيف. وأصله دِمَّاس، بدليل قولهم في الجمع: دَمامِيس. وأُبدلت من الدَّال2 في قوله تعالى3: {إِلّا مُكاءً وتَصْدِيَةً} , والتصدية: التصفيق والصوت. و"فَعَلتُ" منه: صَدَدْتُ أصِدُّ4. ومنه قوله تعالى5: {إِذا قَومُكَ منهُ يَصِدُّونَ} أي: يَعِجُّون ويَضِجُّون. فأصله "تَصْدِدَة"، فحُوِّلت إحدى الدالين ياء هروبًا من اجتماع المثلين. وليس قول من قال إنَّ الياء غير مبدلة من دال، وجعله من الصَّدَى الذي هو الصوت، بشيء، وإن كان أبو جعفر الرّستَمِيُّ6 قد ذهب إليه؛ لأنَّ الصَّدَى لم يُستعمل منه فِعْل. فحمله على أنه من هذا الفعل المستعمل أولى. وأُبدلت من العين فيما أنشده سيبويه، من قوله7: ومَنهلٍ لَيسَ لَهُ حَوازِقُ ... ولِضَفادِي جَمَّهِ نَقانِقُ يريد: ولِضفادِع، فَكرِهَ أن يُسكِّن العينَ في موضع الحركة، فأبدل منها ما يكون ساكنًا في حال الجرِّ. وهو الياء. وأُبدلت أيضًا من العين في8 "تَلَعَّيتُ"9 من اللُّعاعة10 تَلعِيةً. والأصل11 "تَلعَّعتُ تَلِععَةً"، فأُبدلت العين الأخيرة ياءً هروبًا 12 من اجتماع الأمثال.
فإن1 قال قائل: فلعلَّ "تَلَعَّيتُ": "تَفَعلَيتُ" والياء زائدة مثلها في "تَجَعبَيتُ"، فلا تكون إذ ذاك بدلًا. فالجواب أنَّ التاء إنَّما دخلت على "لعَّيتُ"، ولَعَّيتُ: "فَعَّلتُ"، بدليل قولهم "تَلعِيَة"، إذ لا يجيء المصدر على "تَفْعِلة" إِلَّا إذا كان الفعل على وزن "فَعَّلَ". فإذا تبيَّن أنَّ التاء دخلت على "فَعَّلتُ" ثَبَتَ أنَّ تَلَعَّيتُ: "تَفعَّلتُ"، وأنَّ الياء بدل من العين. وأُبدلت من الكاف فيما حكاه أبو زيد، من قولهم: مَكُّوكٌ2 ومَكاكِيُّ. وأصله "مَكاكِيكُ"، فأُبدلت الياء من الكاف الأخيرة هروبًا أيضًا من ثقل التضعيف3. وأُبدلت من التاء. أَنشد بعضهم4: قامَتْ بِها, تُنشِدُ كُلَّ مُنشَدِ ... فايتَصلَتْ, بِمثلِ ضَوءِ الفَرقَدِ. يريد: فاتَّصلَتْ، فأبدل من التاء الأولى ياء كراهيةَ التَّشديد. وأُبدلت من الثاء في ثالث5، فقالوا: الثالي. قال الراجز6: يَفدِيكَ, يا زُرْعَ, أبِي وخالِي ... قَد مرَّ يَومانِ, وهذا الثّالِي وأنتَ, بالهِجرانِ, لا تُبالِي أراد: وهذا الثالث. وأُبدلت من الجيم في جمع دَيجُوج7 فقالوا: الدَّياجِي. وأصله "دياجِيجُ", فأُبدلت الجيم الأخيرة ياء، وحذفت الياء قبلها تخفيفًا. وأُبدلت من الهاء في8: دَهدَيتُ الحَجَرَ أي: دَحرجتُه. وأصله "دَهدَهتُهُ"؛ ألا تراهم قالوا:
دُهدُوهَةُ الجُعَلِ، لما يُدَحرجُه؟ قال أبو النَّجم1: كأنَّ صَوتَ جَرْعِها المُستَعجَلِ ... جَندَلةٌ, دَهدَيتَها بِجَندَلِ وقالوا في "صَهصَهتُ بالرَّجلِ" إذا قلتَ له "صَهْ صَهْ": صَهصَهيتُ، فأبدلوا من الهاء ياء وأُبدلت من الهمزة باطِّراد، إذا كانت ساكنة وقبلها كسرة. فتقول في ذِئب وبِئر ومِئرة2 ذِيبٌ وبِيرٌ ومِيرةٌ, ولا يلزم ذلك، إِلَّا أن يكون3 الحرف المكسور الذي قبل الهمزة الساكنة همزةً أُخرى4، نحو: إيمان وإيتاء في مصدر: آمَنَ وآتَى. وأصلُهما "إئمان" و"إئتاء". وأُبدلت من الهمزة المفتوحة المكسورِ ما قبلها، نحو: مِيَر وأُريدُ أن أُقرِيَكَ5، على غير لزوم. وقد مضى السبب في ذلك في باب تخفيف الهمز6. وكذلك أيضًا تُبدل7 من الهمزة المضمومة المكسورِ ما قبلها، عند الأخفش، نحو: هو يُقرِيكَ8، [في "يُقرِئُكَ"] 9 على غير لزوم أصلًا. وقد تَقَدَّمَ الدليل على بطلان هذا المذهب, في باب تخفيف الهمز10 أيضًا. وتُبدل منها أيضًا إذا وقعت بعد ياء "فَعِيلٍ" ونحوه، ممّا زِيدت فيه لمدٍّ، وبعد ياء التحقير، على غير لزوم، فيقولون في خَطِيئة: خَطِيَّةٌ، وفي نَسِيء: نَسِيٌّ، وفي تحقير أَفؤُس: أُفَيِّسٌ11. وإذا التقت همزتان، وكانت الثانية متحرِّكة بالكسر، قُلبت الثانية ياءً على اللزوم12، نحو قولهم: أيِمّةٌ في جمع "إمام". أصله "أَأْمِمَةٌ"، ثمَّ أَدغمتَ فقلتَ: أَئِمَّةٌ، ثمَّ أَبدلتَ من الهمزة المكسورة ياء.
وتُبدل أيضًا من الهمزة الواقعة طرفًا بعد ألف زائدة، في التثنية، في لغة لبعض بني فَزارة، فيقولون في تثنية كِساء [36 ب] ورِداء: كِسايانِ ورِدايانِ. حكى ذلك أبو زيد عنهم. وأُبدلت بغير اطِّراد في: قَرأتُ وبَدأتُ وتَوضَّأتُ، فقالوا: قََرَيتُ وتَوضَّيتُ وبَدَيتُ. وعلى "بَدَيتُ" جاء قول زهير1: جَرِيءٍ, مَتَى يُظلَمْ يُعاقِبْ بِظُلمِهِ ... سَرِيعًا, وإِلَّا يُبْدَ بالظُّلمِ يَظلِمِ فحَذَفَ الألف المنقلبة عن الياءِ المبدلةِ من الهمزة، للجزم في "يُبْدَي". وقالوا في واجِئ2: واجٍ، فأبدلَ3 الهمزة ياء، وأجراها مُجرى الياء الأصليَّة. الدليل على ذلك أنه جعلها وصلًا لحركة الجيم، في قوله4: وكُنتَ أَذلَّ مِن وَتِدٍ بِقاعٍ ... يُشَجِّجُ رأسَهُ, بالفِهرِ, واجِي وأجراها مُجرى الياء الأصليَّة في قوله قبلُ5 ولَولاهُم لكُنتَ كَحُوتِ بَحرٍ ... هَوَى, في مُظلِمِ الغَمَراتِ, داجِي ولو كانت الهمزة منويَّة عنده لم يجز أن تكون الياء6 وصلًا كما لا يجوز ذلك في الهمزة. ونحو من ذلك قول ابن هرمة7: إِنَّ السِّباعَ لَتَهدَى في مَرابِضِها ... والنَّاسُ لَيس بِهادٍ شَرُّهُم أَبَدا فأبدل الهمزة من "هادئ" ياءً ضرورة. وجميعُ هذا لا يقاس عليه إِلَّا في ضرورة شعر. وأُبدلت أيضًا من الهمزة في أَعْصُر اسم رجل8، فقالوا: يَعْصُر. قال أبو عليٍّ: إنَّما سُمِّيَ
أَعصُرًا لقوله1: أَبُنَيَّ, إِنَّ أباكَ شَيَّبَ رأسَهُ ... كَرُّ اللَّيالِي, واختِلافُ الأعصُرِ2
باب التاء
باب التاء: وأمَّا التاء1 فأُبدلت من ستَّة أحرف. وهي: الواو، والياء، والسين، والصاد، والطاء، والدال. فأُبدلت من الواو2 على غير اطِّراد3، في تُجاهٍ وهو "فُعال" من الوجه، وتُراثٍ: "فُعال" من وَرِثَ، وتَقِيَّةٍ: "فَعِيلَة" من وَقَيتُ، والتَّقوَى: "فَعلَى" منه، وتُقاةٍ: "فُعَلَة" منه. وتَوراةٌ4 عندنا "فَوعَلَةٌ" من وَرِيَ الزندُ يَرِى. وأصله "وَوْراةٌ" فأبدلوا الواو الأُولى تاء؛ لأنهم لو لم يفعلوا ذلك لأبدلوا منها همزة هروبًا من اجتماع الواوين في أوَّل الكلمة. وكذلك تَولَجٌ5: "فَوعَلٌ" من الوُلوج أصله "وَوْلَجٌ". وهو عند البغداذيِّين "تَفْعَل"، والتاء زائدة وحملها6 على "فَوعَلٍ" أَولى، لقِلَّة "تَفْعَل" في الكلام [وكثرة "فَوعَل"] 7. وكذلك تَوراة8. وكذلك تُخَمةٌ لأنها من الوَخامة، وتُكَأةٌ لأنها من: تَوكَّأتُ، وتُكْلانٌ لأنه من: تَوكَّلتُ، وتَيقُورٌ9 "فَيعُولٌ" من الوَقار، أصله "وَيقُورٌ". ومن أبيات الكتاب10. فإِن يَكُنْ أَمسَى البِلَى تَيقُورِي يريد: وقاري. ورجلٌ تُكَلةٌ من: وَكَلَ يَكِلُ.
وقالوا: أَتلَجَهُ أي1 أَولَجَهُ. وكذلك ما تصرَّف, نحو: مُتْلِج، و"أَتكأَهُ" وما تصرَّف منه لأنه من: تَوكَّأتُ، أيضًا. وأُبدلت2 من واو القسم في نحو: تاللهِ؛ لأنَّ3 الأصل الباء، بدليل أنك إذا جررتَ المضمر أتيتَ بالباء فقلت: به وبك؛ لأنَّ المضمرات تردُّ الأشياء إلى أصولها، ثمَّ أُبدلت الواو من الباء4, ثمَّ أُبدلت التاء من الواو. فإن قال قائل: ولعلَّها أُبدلت من الباء. فالجواب أنَّ إبدال التاء من الواو قد ثَبَتَ. ولم يثبت إبدالها من الباء، فكان الحمل على ما له نظير أولى. وأيضًا فإن العرب لمَّا لم تَجُرَّ بها إلَّا اسم الله –تعالى- دلَّ ذلك على أنها بدلٌ من بدل؛ لأنَّ العرب تخصُّ البدلَ من البدل بشيء بعينه. وقد تَقَدَّمَ تبيين ذلك5. وكذلك التَّلِيدُ والتَّلادُ من: وَلَدَ وتَتْرَى: "فَعْلَى" من المُواتَرة وأصلها "وَتْرَى"، وأُختٌ لأنه من الأُخُوَّة، وبِنْتٌ لأنه من البُنُوَّة، وهَنْتٌ لقولهم في الجمع: هَنَوات، و"كِلتا" لأنه لا يُتصوَّر أن تكون أصلًا لحذفها في "كِلا"6، ولا زائدةً للتأنيث لسكون ما قبلها وهو حرف صحيح، ولكونها حشوًا، ولا زائدةً لغير تأنيث لأنَّ التاء لا تُزاد حشوًا7. فلم يبق إِلَّا أن تكون ممّا انقلبت عنه ألف "كِلا" –وهو الواو- لأنَّ الألف إِذا جُهِل أصلها حُملت على الواو؛ لأنه الأكثر. وأيضًا فإنَّ إبدال التاء من الواو أكثر من إبدالها من الياء. وأُبدلت باطِّراد من الواو في "افتَعَلَ" وما تَصرَّف منه، إذا كانت فاؤه واوًا، نحو: اتَّعَدَ واتَّزَنَ واتَّلَجَ، فهو مُتَّعِدٌ ومُتَّزِنٌ ومُتَّلِجٌ، ويَتَّعِدُ ويَتَّزِنُ ويَتَّلِجُ، واتِّعادٌ واتِّزانٌ واتِّلاجٌ. قال8: فإِن تَتَّعِدْنِي أَتَّعِدْكَ مَواعِدًا9 ... وسَوفَ أَزِيدُ الباقياتِ القَوارِصا وقال طرفة10:
فإِنَّ القَوافِيْ يَتَّلِجْنَ مَوالجًِا ... تَضايَقُ, عَنها, أن تَوَلَّجَها الإِبَرْ وقال سُحيمٌ1: وما دُمْيةٌ, مِن دُمَى مَيْسَنا ... نَ, مُعْجِبةٌ نَظَرًا واتِّصافا [37 أ] . والسبب في قلب الواو في ذلك تاءً أنهم لو لم يفعلوا ذلك لوجب أن يقلبوها ياءً، إذا انكسر ما قبلها، فيقولوا:2 ايْتَعدَ3 وايْتَزنَ وايْتَلَجَ، وإذا انضمَّ ما قبلها رُدَّت للواو فيقولون: مُوتَعِدٌ ومُوتَزِنٌ ومُوتَلِجٌ، وإذا انفتح ما قبلها قُلبت ألفًا فيقولون: ياتَعِدُ وياتَزِنُ وياتَلِجُ. فأبدلوا منها التاء؛ لأنها حرف جلدٌ لا يَتغيَّرُ لِما قبله، وهي مع ذلك4 قريبةُ المخرجِ من الواو؛ لأنَّها من أصول الثنايا والواو من الشفة. فإن5 قلت: إنَّ التاء بدل من ... 6 وهي قريبة منها. فالجواب أنها ليست من حروف البدل. فلذلك لم تدل منها. ومن العرب من يجريها على القلب ولا يُبدِلها تاء7. فهذا جميع ما أُبدلت فيه الواو تاء. وأُبدلت من الياء على قياس، في "افتَعَلَ"، إذا كانت فاؤه ياءً، وفيما تَصَرَّف منه. فقالوا في "افتَعَلَ" من اليُسرِ: اتَّسَرَ، ومن اليُبس: اتَّبَسَ8. والعِلَّة في ذلك ما ذكرناه في الواو، من عدم استقرار الفاء على صورة واحدة؛ لأنك تقلبها واوًا إذا انضمَّ ما قبلها نحو: مُوتَسِر ومُوتَبِس، وألفًا9 متى انفتحَ ما قبلها في نحو: ياتَسِرُ وياتبِسُ. فأبدلوها تاء لذلك، وأَجروها مُجرى الواو. ومن العرب من لا يُبدِلها تاء، بل يُجريها على القلب. فإن10 قال قائل: فلأيِّ شيء قُلبت الياء في مثل "ياتَسِرُ" إذا انفتح ما قبلها؟ فالجواب أنه
لمَّا وجب في حرف العِلَّة أن يكون على حسب ما قبله إذا انكسر أو انضمَّ، فتقول: ايتَبَسَ ومُوتَبِسٌ، حملوا الفتح على الكسر والضمِّ، فجعلوا حرف العِلَّة إذا كان ما قبله مفتوحًا ألفًا. فيكون موافقًا للحركة التي تقدَّمته، كما كان ذلك في حين انكسار ما قبله وانضمامه. ولهذه العِلَّة بنفسها قُلبت الواو ألفًا في مثل "ياتَعِدُ" من الوعد. أعني أنه حُملَ الفتح على الكسر والضمِّ في مثل: ايتَعَدَ ومُوتَعِد. وأُبدلت من الياء1 على غير اطِّراد، في قولهم: ثِنتانِ. ويَدلُّ على أنها من الياء أنها من "ثَنَيتُ"؛ لأنَّ الاثنين قد ثُنِيَ أحدهما إلى صاحبه. وأصله "ثَنَيٌ". يدلُّ على ذلك جمعُهم إيَّاه على أثناء بمنزلة أبناء وآخاء. فنقلوه من "فَعَلٍ" إلى "فِعْلٍ"، كما فعلوا ذلك2 في بِنْتٍ. وأَبدلوا من الياء في: كَيْتَ وكَيْتَ وذَيْتَ وذَيْتَ، وأصلهما: كَيَّة وكَيَّة وذَيَّة وذَيَّة. ثمَّ إنَّهم حذفوا التاء3 وأبدلوا من الياء التي هي لامٌ تاءً. وأُبدلت من السين على غير اطِّراد في سِتٍّ [في العدد] 4. وأصله "سِدْسٌ"، بدليل قولهم في الجمع: أَسداس، وفي التصغير: سُدَيسَةٌ5. وسيُذكر السبب في ذلك في الإدغام6. وقد أَبدلوها أيضًا من السين في الناس وأكياس. أنشد أحمد بن يحيى7: يا قاتَلَ اللهُ بَنِي السِّعلاةِ ... عَمرِو بنِ يَربُوعٍ شِرارِ النَّاتِ غَيرِ أَعفَّاءَ ولا أَكياتِ وإنَّما أُبدِلت من السين لموافقتها إيَّاها في الهمس8، والزيادة وتجاور المخرج. وأُبدِلت أيضًا منها في طَسٍّ فقالوا: طَسْتٌ. وإنَّما جُعلت التاء في طَسْت بدلًا [من السين] 9.
ولم تُجعل أصلًا؛ لأنَّ طَسًّا أكثرُ استعمالًا من طَسْت. وأُبدلت من الصَّاد في لِصْتٍ1 ولُصُوتٍ –والأصل لِصٌّ ولُصُوصٌ- لأنهما أكثر استعمالًَا بالصاد من التاء. وأُبدلت من الطاء في فُستاط –والأصل فُسطاط- بدليل قولهم: فَساطِيطُ، ولا يقولون "فَساتيطُ"2، وفي "أَسْتاعَ يُستِيعُ" والأصل: أَسْطاعَ يُسْطِيعُ. وأُبدلت من الدَّال في قولهم: ناقةٌ تَرَبُوتٌ، والأصل دَرَبُوتٌ أي: مُذلّلةٌ3؛ لأنه من الدُّرْبة.
باب الميم
باب الميم: وأمَّا الميم فأُبدلت من أَربعة أحرف وهي: الواو، والنون، والياء، واللَّام. فأُبدلت من الواو1 في قولهم: فَمٌ. والأصل "فَوْهٌ"، فحُذِفَت الهاء تخفيفًا. فلمَّا صار الاسم على حرفين، الثاني منهما حرف لين، كرهوا حذفه للتنوين فيجحفوا به2، فأبدلوا من الواو ميمًا لقُرب الميم من الواو، وقد تُشَدَّدُ الميم في ضرورة الشعر، نحو قوله3: يا لَيتَها قَد خَرَجَتْ, مِن فَمِّهِ ... حَتَّى يَعُودَ البَحرُ في أُسْطُمِّهِ رُوي بفتح الفاء من فمِّهِ وضمِّها. والدليل على أنَّ الأصل فيه5 "فَوْهٌ" قولهم: أَفواهٌ وفَوهاءُ6 وأَفوَهُ ومُفَوَّهٌ. وأُبدلت باطِّراد7 من النون الساكنة عند الباء في نحو: عَمْبَرٍ وشَمْباءَ8. وذلك لأنَّ النون أُخت الميم وقد أُدغِمَت في الميم, فأرادوا إعلالها أيضًا مع الباء كما أعلُّوها مع الميم بالإدغام. وسنُبيِّن ذلك بأكثر من هذا في [37 ب] الإدغام9, إن شاء الله تعالى.
وقد أُبدلت من نون البَنان، فقالوا: البَنامُ. قال1: يا هالَ ذاتَ المَنطِقِ التَّمتامِ ... وكَفِّكِ, المُخَضَّبِ البَنامِ يريد البَنان. وأُبدلت أيضًا من الباء في قولهم2: بَناتُ بَخْرٍ وبَناتُ مَخْرٍ. وهنَّ سحائب يأتين قُبُلَ الصَّيفِ3، بيضٌ مُنتصباتٌ في السَّماء. قال طرفة4: كَبَناتِ المَخْرِ, يَمأَدْنَ كَما ... أَنبَتَ الصَّيفُ عَسالِيجَ الخَضِرْ وإنَّما جُعلت الباء الأصل؛ لأنَّ البَخْر مشتقٌّ من البُخار؛ لأنَّ السحاب إنَّما ينشأ عن بُخار البحر. وأُبدلت أيضًا من الباء فيما حكاه أبو عمرو الشيبانيُّ, من قولهم5: ما زالَ راتِمًا على كذا، وراتِبًا أي: مُقيمًا، من الرُّتبة. وأُبدلت أيضًا من الباء، في قولهم6: رأيتُه مِن كَثَبٍ، ومن كَثَم أي: من قُرب. ثمَّ قالوا: قد أَكثَبَ هذا الأمرُ أي قَرُبَ، ولم يقولوا: "أَكثَمَ". فدلَّ ذلك على أنَّ الباء هي الأصل. وأُبدلت أيضًا من الباء، في نُغَب جمع نُغْبة7، فقالوا: نُغَمٌ. قال الشاعر8: فبادَرَتْ شِربَها, عَجلَى مُثابِرةً ... حَتَّى استَقَتْ, دُونَ مَحنَى جِيدِها, نُغَما وأُبدلت من النون9 فيما حكاه يعقوب عن الأحمر10 من قولهم: طانَهُ اللهُ على الخَيرِ,
وطامَهُ أي: جَبَلَه1، وهو يَطينُه. ولا يقال "يَطِيمُه". فَدَلَّ ذلك على أنَّ النون هي الأصل. وأنشد2: [لَقَد كانَ حُرًّا, يَستَحِي أن تَضُمَّهُ] ... ألا تِلكَ نَفْسٌ, طِينَ مِنها حَياؤُها وأُبدلت3 من لام التعريف. ومنه قوله، عليه السلام: "لَيسَ مِنَ امْبَرِّ امْصِيامُ في امْسَفَرِ"4.
باب النون
باب النون: وأمَّا النُّونُ فأُبدلت من اللَّام في1 "لعلَّ"، فقالوا: لَعَنّ. قال أبو النجم2: اغْدُ لَعَنَّا3 في الرِّهانِ نُرسِلُهْ وإنَّما جُعِل الأصل "لعلَّ" لأنه أكثر استعمالًا. وأُبدلت من الهمزة، في النسب إلى4 صَنعاء وبَهراء، فقالوا: صَنعانِيٌّ وبَهرانِيٌّ. وزعم بعض النحويِّين أنَّ النون في "فَعْلان" الذي مؤنَّثه "فَعْلَى" بدل من الهمزة5، واستدلُّوا على ذلك بأنهما قد تشابها -أعني فَعلان وفعلاء6- في العدد والتوافق في الحركات والسَّكَنات والزيادتين في الآخِر، وأنَّ7 المذكَّر [في البابين] 8 بخلاف المؤنَّث، وأنَّكَ تقول في جمع سَكران: سَكارَى، كما تقول في جمع صَحراء: صَحارَي. والصحيح أنها ليست ببدل؛ إذ لم يَدْعُ إلى الخروج عن الظاهر داعٍ؛ لأنه لا يلزم من توافقهما في الوزن, ومخالفة المذكَّر للمؤنَّث9، أن يشتبها في أن يكون كلُّ واحد منهما مؤنَّثًا بالهمزة. وأمَّا جمعهم "فَعْلان" على "فَعالَى" فللشَّبه الذي بينه وبين "فَعْلاء"10 فيما ذُكر،
لا أنه في الأصل "فَعْلاء". وأيضًا فإنَّ النون لا تُبدل من الهمزة إِلَّا شذوذًا، نحو: بَهرانِيّ1 وصَنعانِيّ2 لا يُحفظ غيرهما3.
باب الهاء
باب الهاء: وأمَّا1 الهاء فأُبدلت من خمسة أحرف. وهي: الهمزة، والألف، والياء، والواو، والتاء. فأُبدلت من الهمزة، في2 "إِيَّاكَ"، فقالوا: هِيَّاكَ. أنشد أبو الحسن3: فهِيَّاكَ والأَمرَ الَّذِي إِن تَوَسَّعَتَ ... مَوارِدُهُ ضاقَتْ, علَيكَ, مَصادِرُهْ ويقال أيضًا: أَيَّاكَ وهَيَّاكَ، بالفتح. وطَيِّئ تُبدِل همزة4 "إن" الشرطيَّة هاء، فتقول: هِنْ فَعَلتَ فَعَلتُ، تُريد5 "إنْ". وأُبدلت أيضًا من الهمزة في6 "إنَّ" مع اللام، على اللزوم، فقالوا: لَهِنَّكَ7. قال الشاعر8: ألا يا سَنا بَرقٍ، علَى قُلَلِ الحِمَى ... لَهِنَّكَ, مِن برقٍ, عَلىَّ كَرِيمُ وقرأ بعضهم9: "طَهْ، ما أَنزَلْنا علَيكَ القُرآنَ لِتَشقَى"، وقالوا: أَراد "طَأِ الأرضَ بقدمَيك
جميعًا"؛ لأنَّ النبيَّ -عليه السَّلام- كان يَرفع إحدى رجليه في صلاته. وقالوا: أَيا وهَيا، في النداء1. والهاء بَدَلٌ من الهمزة؛ لأنَّ "أَيا" أكثرُ من "هيا". قال2: وانصَرَفَتْ, وهْيَ حَصانٌ مُغضَبَهْ ... ورَفَعَتْ, بِصَوتِها: هَيا أَبَهْ يريد: أَيا أَبَهْ. وقالوا: هَمَا واللهِ لقد كان كذا، يريدون: أَما واللهِ لقد كان كذا. وأُبدلت أيضًا من الهمزة، في:3 أَثَرتُ التُّرابَ4 وأَرَحتُ الماشيةَ، وأَرَقتُ الماءَ وأَرَدتُ الشَّيء، وفيما يتصرَّف منها، فقالوا: هَثَرتُ وهَرَحتُ وهَرَقتُ وهَرَدتُ، وأُهَثِيرُ وأُهَرِيحُ وأُهَرِيقُ وأُهَرِيدُ، ومُهَثِيرٌ ومُهَرِيحٌ ومُهَرِيقٌ ومُهَرِيدٌ. وتُبدل أيضًا من همزة الاستفهام، فيقولون5: هَزَيدٌ مُنطلِقٌ؟ يريدون: أزيد منطلق؟ وأَنشد الفرَّاء6: وأَتَى صَواحِبُها فقُلنَ: هَذا الَّذِي ... مَنَحَ المَوَدَّة غيرَنا, وجَفانا؟ يريد: أذا الذي. وأُبدلت من الألف في "هُنا" في الوقف، فقالوا: هُنَهْ. قال الراجز7: قَد وَرَدَتْ, مِن أَمكِنَهْ ... مِن ههُنا, ومِن هُنَهْ وأُبدلت من الياء في 8 "هذِي"، فقالوا: هذِهْ، [38 أ] في الوقف. وقد تُبدل أيضًا منها في
الوصل. والدليل على أنَّ الياء هي الأصل قولهم في تحقير ذا: "ذَيَّا" [وفي تحقير ذِي: تَيَّا] 1. و"ذي" إِنَّما هو تأنيث "ذا"، فكما لا تجد الهاء في المذكَّر أصلًا فكذلك المؤنَّث. وأُبدلت أيضًا من الياء في تصغير هَنَة2: هُنَيهة. والأصل "هُنَيْوةٌ" لقولهم في الجمع: هَنَواتٌ، ثمَّ "هُيَنَّةٌ" لأجل الإدغام، ثمَّ أبدلوا من الياء الثانية هاء فقالوا: هُنَيهةٌ. وأُبدلت من الواو في هَناه3. والأصل "هَناو"4، فأُبدلت الواو هاء، وهو من لفظ "هَنٍ". ولا تُجعل الهاء التي بعد الألف أصلًا؛ لأنه لا يُحفظ تركيب "هَنَهَ". وأيضًا فإنه لو كان كذلك لكان من باب: سَلِسَ وقَلِقَ. وذلك قليل. وذهب أبو زيد5 إلى أنَّ الهاء إنَّما لَحِقتْ في الوقف لخفاء الألف، كما لحقت في الندبة في "زَيداهْ"، ثمَّ شُبِّهت بالهاء الأصليَّة فحُرِّكت. فيكون ذلك نظير قوله6: يا مَرحَباهُ, بِحِمارِ ناجِيَهْ ... إِذا أَتَى قَرَّبتُهُ, لِلسَّانِيَهْ فيكون ذلك من باب إجراءِ الوصل مُجرى الوقف المختصِّ بالضَّرائر. ويكون، على القول الأوَّل، قد أُبدلت فيه الواو هاء. وذلك أيضًا شاذٌّ لا يُحفظ له نظير. والوجه عندي أنها زائدة للوقف؛ لأنَّ ذلك قد سُمِع له نظير في الشعر، كما ذكرتُ لك. وأيضًا فإنَّ ابن كَيسان -رحمه الله- قد حكى في "المختار"7 له أنَّ العرب تقول "يا هناه"8 بفتح الهاء الواقعة بعد الألف، وكسرها وضمِّها. فمن كسرها فلأنها9 هاء السَّكت، فهي في الأصل ساكنة، فالتقت مع الألف، فحرّكت بالكسر، على أصل التقاء الساكنين. ومَن حرَّكها10 بالفتح فإنه أَتبعَ حركتَها حركةَ ما قبلها. ومن ضمَّ فإنه11 أجراها مُجرى حرف
من الأصل، فضمَّها1 كما يُضَمُّ آخرُ المنادى. ولو كانت الهاء بدلًا من الواو لم يكن للكسر والفتح وجه، ولوجبَ2 الضمُّ كسائر المنادَيات. وأُبدلت من تاء التأنيث في الاسم، في حال الإفراد في الوقف، نحو: طَلحهْ وفاطمهْ3. وحكى قُطرب عن طَيِّئ أنهم يفعلون ذلك بالتاء من جمع المؤنث السالم، فيقولون: "كيف الإِخْوةُ والخَواهْ؟ وكيف البَنُونَ والبَناهْ"؟
باب اللام
باب 1 اللَّام: وأمَّا اللَّام فأُبدلت من الضاد2 في "اضطجعَ". قال الراجز3. لَمَّا رأَى أنْ لا دَعَهْ، ولا شِبَعْ ... مالَ إِلى أرطاةِ حِقفٍ, فالطَجَعْ [يريد: فاضطَجع] 4. وأَبدلوا اللَّام من النون، في5 أُصَيلان تَصغير أُصْلان، فقالوا: أُصَيلانًا وأُصَيلالًا.
باب الألف
باب 1 الألف: وأمَّا الألف فأُبدلت من أربعة أَحرف. وهي: الهمزة، والياء, والواو، والنون الخفيفة. إِلَّا أنَّ الذي يُذكر هنا إبدالها من الهمزة والنون؛ لأنَّ إبدالها من الياء والواو من باب القلب. فأُبدلت من الهمزة2 باطِّراد، إذا كانت ساكنة وقبلها فتحة، نحو: رأس وكأس، تقول فيهما [إِذا خَفَّفتَهما] 3: كاسٌ وراسٌ. إِلَّا أنه إذا كان الحرف المفتوح الذي تليه الهمزة الساكنة همزةً التُزم قلب الهمزة الساكنة ألفًا، نحو: آدَم وآمَنَ. أصلهما "أَأْدَم"4 و"أَأْمَن". إِلَّا أنه لا يُنطق بالأصل، استثقالًا للهمزتين في كلمة واحدة. وأُبدلت، على غير قياس، من الهمزة المفتوحةِ المفتوحِ ما قبلها. وإنَّما يُحفظ حفظًا، نحو قوله5: إِذا مَلا بَطنَهُ ألبانُها حَلَبًا ... باتَتُ تُغَنِّيهِ وَضرَى ذاتُ أَجراسِ يريد: مَلأَ، فأَبدل من الهمزة ألفًا6. ومن أبيات الكتاب7. راحَتْ، بِمَسلَمةَ، البِغالُ عَشِيَّةً ... فارعَيْ, فَزارةُ, لا هَناكِ المَرتَعُ يريد: لا هَنَأَكِ, فأبدل الهمزة ألفًا. ومن أبيات الكتاب أيضًا8.
سالَتْ هُذَيلٌ رَسُولَ اللهِ فاحِشةً ... ضَلَّتْ هُذَيلٌ بِما قالَت, ولَم تُصِبِ يريد: سأَلَتْ، فأبدل. وأُبدلت أيضًا من الهمزة المفتوحة الساكنِ ما قبلها، إذا كان الساكن ممّا يمكن نقل الحركة إليه1، نحو "المرَاة" في المرأَة، و"الكمَاة" في الكَمْأَة. وذلك أنهم نقلوا الفتحة إلى الساكن قبلها، ولم يحذفوا الهمزة، بل أبقوها ساكنة، فجاءت ساكنة بعد فتحة فقلبت ألفًا. وأُبدلت من النون الخفيفة، في ثلاثة مواضع: أحدها: في الوقف على المنصوب2 المنوَّنِ [38 ب] غيرِ المقصور3، نحو: رأيتُ زيدًا، وأَكرمتُ عَمْرًا. وقد بُيِّنَ في الوقف لِمَ4 كان ذلك، وأنهم قَصدوا بذلك5 التَّفرقةَ بين النونِ الزائدة على الاسم بعد كماله، والنونِ التي هي من كمال الاسم. فإن كان الاسم مقصورًا فإنك تقفُ عليه بالألف نحو6: عَصا، ورَحَى. لكن اختلفوا في الألف: فمنهم من ذهب إلى أنَّها بدلٌ من التنوين، في الرفع والنصب والخفض. وهو مذهب المازنيِّ، وحُجَّتُه أنَّ الذي مَنعَ7 أنْ يُبدل من التنوين في الرفع والخفض إنَّما هو الاستثقال؛ لأنه إنَّما ينبغي أن تُبدِل من التنوين حرفًا من جنس الحركة التي قبله. فلو أَبدلتَ في الرفع لقلت8 "زَيدُو", وفي الخفض لقلت9 "زَيدِي", والياء والواو ثقيلتان. وأمَّا في النصب فتُبدِل لأنَّ الذي قَبلَ التنوين فتحة. فإذا أَبدلت فإنَّما تُبدِل الألف -وهي خفيفة- نحو: رأيتُ زيدًا. فلمَّا كان ما قبلَ التنوين في المنقوص10 فتحةً في جميع الأحوال ساوى الرفعُ والخفضُ النصبَ، فوجب الوقف عنده في الأحوال الثلاثة بالألف. وهذا الذي ذَهب إليه باطلٌ، إذ لو كان الأمر على ما زَعمَ لم تَقعِ الألف من المقصور قافيةً؛ لأنَّ مجيء الألف المبُدلة من التنوين قافيةً لا يجوزُ.
ومنهم من ذهب إلى أنَّ الألف هي1 الأصل، والمبدلة من التنوين محذوفة في جميع الأحوال. وهو الكسائيُّ، وحجَّتُه2 أنَّ حذفَ الألف الزائدة أَولى من حذف الأصليَّة. وذلك باطل؛ لأنَّ الزيادة لمعنى، فإبقاؤها أَولى من إبقاء الأصل. وممّا يدلُّ على ذلك أنهم إذا وصلوا قالوا: هذه عَصًا مُعْوجَّةٌ، فحذفوا الألف الأصليَّةَ وأَبقَوْا التنوينَ، فكذلك يجب في الوقف أن يكون المحذوف الألفَ الأصليَّةَ، ويكون الثابت3 ما هو عوضٌ من التنوين. ومنهم من ذهب إلى أنَّ الألف في حال الرفع والخفض هي الألفُ الأصليَّةُ والتنوينُ محذوفٌ، وفي النصب هي الألف المبدلةُ من التنوين والألفُ الأصليَّةُ محذوفةٌ، قياسًا للمعتلِّ على الصحيح. وهو مذهبُ سيبويه4، وهو الصحيح. وممّا يؤيِّد ذلك كونُ المنقوص5 يُمال في حال الرفع والخفضِ، ولا يُمال في حال النصب، ومجيءُ الألف قافيةً في الرفع والخفض، ولا تكون قافية في حال النصبِ إِلَّا قليلًا جِدًّا، على لغة من قال: رأيتُ زَيدْ. قال العجَّاج: خالَطَ, مِن سَلمَى, خَياشِيمَ وفَا والثاني: الوقف على النون الخفيفة7 اللَّاحقة للأفعال المضارعة [للتأكيد] 8، نحو: هل تَضرِبَنْ؟ فإنك إذا وقفتَ عليه قلت: هل تَضرِبا؟ والسببُ في ذلك أيضًا ما ذكرناه في التنوين، من قصدِ التفرقةِ بين النون التي هي من نفس الكلمة، والنون التي تلحق الكلمةَ بعد كمالها، نحو قوله:9 فإيَّاكَ والمَيْتاتِ، لا تَقرَبَنَّها ... ولا تَعبُدِ الشَّيطانَ, واللهَ فاعبُدا يريد: فاعبُدَنْ.
والثالث: الوقفُ على نون1 "إِذنْ". تقولُ "أَزُورُكَ إِذا" تُريد: إِذن2. وإنَّما جاز ذلك في "إِذن"، وإن كانت النون من نفس الكلمة، لمضارعتها نون الصَّرفِ ونونَ التأكيد في السكون، وانفتاحِ ما قبلها، وكونها قد جاءت بعد حرفين. وهما أقلُّ ما يكون عليه الاسم المتمكِّن نحو: يَد ودَم. وليست كذلك [في] : أنْ ولنْ [وعنْ] 3. لمجيئها بعد [حرف] 4 واحد، فلم تُشْبِه5 لذلك التنوينَ. فهذه جملة النونات التي أُبدلت منها الألف6.
ما لم يذكره سيبويه من حروف الإبدال
[ما لم يذكره سيبويه من حروف الإبدال] : وزاد1 بعض النَّحويِّين في حروف البدل: السين، والصاد، والزاي، والعين، والكاف، والفاء، والشين. فأمَّا السين2 فأُبدلت من الشين في الشَّدَهِ ومَشدُوه، فقال: السَّدَه ومَسدُوه3. فأمَّا قول نُصيب4: فلَو كُنتُ وَردًا لَونُهُ لَعَسِقْتِنِي ... ولكِنَّ رَبِّي سانَنِي، بِسَوادِيا فلم يُبدِلِ السينَ من الشين في "عشقتني" ولا في "شانني"، بل كان له لَثَغٌ في الشين، فكان يَتعذَّرُ عليه النُّطقُ بها حتَّى يجعلها سينًا5. وأمَّا الصاد فتبدل من السين6 إذا كان بعدها قاف أو خاء أو طاء أو غين. فتقول في سَقَر وسِراط وسَخِرَ وأَسبَغَ: صَقَرٌ وصِراطٌ وصَخِرَ وأَصبَغَ؛ والسبب في ذلك أنَّ القاف والطاء والخاء والغين7 حروفُ استعلاء، والسين حرف مُنسفِل، فكرهوا الخروج من تَسفُّل إلى تَصعُّد، فأبدلوا من السين صادًا ليتجانس الحرفان. وأمَّا الشين8 فأُبدلت [39 أ] من كاف المؤنث في [نحو] "ضَربتُكِ"، فقالوا: ضَرَبتُشِ. ومنه
قوله1: فعَيناشِ عَيناها، وجِيدُشِ جِيدُها ... خَلا أنَّ عَظمَ السَّاقِ مِنشِ، دَقِيقُ2 وأُبدلت3 من الجيم في مُدْمج فقالوا: مُدْمَشٌ. وذلك في الشعر ضرورة. قال4: إِذْ ذاكَ, إِذ حَبلُ الوِصالِ مُدْمَشُ يريد: مُدْمَجُ. وقالوا: جُعشُوشٌ وجُعسُوسٌ، أي: صغير ذليل. والأصل السينُ بدليل قولهم في الجمع: جَعاسِيسُ. فلا يأتون بالشين. وأمَّا الزاي5 فأُبدلت من الصاد، إذا كان بعدها قاف أو دال6، فقالوا في مَصْدَق ومَصدُوقة: مَزْدَقٌ ومَزدُوقةٌ. وإنَّما تَفعَلُ ذلك كَلْبٌ. قال7: يَزِيدُ, زادَ اللهُ في خَيراتِهِ ... حامِي نِزارٍ, عِندَ مَزدُوقاتِهِ وقال الآخَر8: ودَعْ ذا الهَوَى قَبلَ القِلَى، تَركُ ذِي الهَوَى ... مَتِينَ القُوَى, خَيرٌ مِنَ الصَّرْمِ مَزدَرا وأمَّا العين9 فأُبدلت من همزة "أنْ" فقالوا: عَنْ. قال الشاعر10: أَعَن تَوَسَّمتَ، مِن خَرقاءَ, مَنزِلةً ... ماءُ الصَّبابةِ، مِن عَينَيكَ, مَسجُومُ؟
يريد: أََأَن [توسَّمتَ] ؟ 1 وقال آخَر2: أعَن تَغَنَّتْ, علَى ساقٍ, مُطَوَّقةٌ ... وَرقاءُ, تَدعُو هَدِيلًا فَوقَ أَعوادِ؟ [يريد: أَأَنْ تَغنَّتْ] ؟ 3. وقد أُبدلت من همزة "أنَّ"، فقالوا: يُعجِبُني عَنَّ عَبدَ اللهِ قائمٌ، [يريدون: "أنَّ عبدَ اللهِ قائمٌ] 4. وأُبدلت من الهمزة في "مُؤتلِي"، فقالوا: "مُعتلي". قال الشاعر5: فنَحنُ مَنَعْنا، يَومَ حَرْسٍ, نِساءكُم ... غَداةَ دَعانا عامِرٌ, غَيرَ مُعتَلِي6 يُريدُ: غيرَ مُؤتلي. وأُبدلت الفاء من الثاء7 في "ثُمَّ" و"جَدَثٍ"8. فقالوا: قامَ زيدٌ فُمَّ عَمرٌو. والأصل الثاء لأنَّ "ثُمَّ" أكثر استعمالًا من "فُمَّ". وقالوا: "جَدَفٌ" في جَدَث. والأصل الثاء لقولهم في الجمع: أَجداث، ولم يقولوا: أجداف9. وأُبدلت الكاف10 من تاء ضمير المخاطب في "فَعلْتَ" فقالوا: فَعَلْكَ. وأُنشِدَ سُحيمٌ قصيدةً فقال: أَحسنْكَ واللهِ، يريد: أَحسنَتَ واللهِ. وأَنشد أبو الحسن لبعضهم11: ديا بنَ الزُّبَيرِ، طالَما عَصَيكا ... وطالَما عَنَّيْتَنا, إِلَيكا لَنَضرِبَنْ, بِسَيفِنا, قَفَيكا والسبب في أنْ لم يذكر سيبويه -رحمه الله- هذه الحروفَ السبعة في حروف البدل
أنها تنقسم قسمين: قسمٌ: الإبدالُ فيه2 مرادٌ3 به تقريبُ الحرف من غيره، فبابه أن يُذكر في البدل الذي يكون بسبب الإدغام لأنه يشبهه. وهو إبدال الصاد من السين، إذا كان بعدها طاء أو خاء أو غين أو قاف. وقد تَقَدَّمَ تبيين ذلك. وقسم: الإبدال فيه قليلٌ جدًّا أو في لغة بعض العرب، فلم يعتبره. وهو ما بقي من سبعة الأحرف. فأمَّا الكاف والسين والشين والفاء فإبدالها قليل جدًّا. وأمَّا العين فإبدالها من الهمزة قليل، ولا يفعل ذلك إِلَّا بنو تميم4. وكذلك إبدال الزاي من الصاد إنَّما تفعله كَلْبٌ5.
القلب والحذف والنقل
القلب والحذف والنقل مدخل ... باب 1: القَلْب وَالحَذْف وَالنَّقْل وإنما أَفردتُ لذلك بابًا واحدًا؛ لأنَّ جميع ذلك إنما يُتَصوَّر باطِّراد في حروف العلَّة. فإنْ جاء شيء من الحذف أو القلب، في غير حروف العلَّة، أو في حروف العلَّة في خلافِ ما يتضمَّنه هذا الباب، فيُحفَظ ولا يُقاس عليه، وسيُذكر من ذلك شيء عند الفراغ من هذا الباب. فحُروف العلَّة هي الواو والياء والألف. وهذا الحروف تكون أُصولًَا وزوائدَ، فليُقدَّمِ الآن الكلامُ على الأصول. وقد بُيِّنَ، فيما تَقَدَّم2، أنََّ الألف لا تكون أصلًا بنفسها، بل تكون منقلبةً عن ياء أو واو. فعلى هذا لا يخلو أن تقع الياء والواو فاءينِ أو عَينينِ أو لامينِ.
المعتل الفاء
[المعتلّ الفاء] : فإن وقعت الواو فاءً فلا يخلو من أن تقع فاء في فعل على وزن "فَعَلَ"، أو "فَعِلَ"، أو "فَعُلَ"، أو لا تَقَع. فإن وقعت فاءً في فعل على وزن "فَعَل" فإنها تُحذَف في المضارع1. فتقول في مضارع "وَعَدَ": يَعِدُ، وفي مضارع "وَزَنَ": يَزِنُ. وإنَّما حُذفتِ الواو لوقوعها بين ياءٍ وكسرة، وهما ثقيلتان. فلمَّا انضاف ذلك إلى ثِقَل الواو وَجب الحذف. وحَذفوا مع الهمزة والنون والتاء، فقالوا: تَعِدُ وأَعِدُ ونَعِدُ، حملًا2 على الياء، كما أنهم قالوا: أُكرِمُ، وأصله "أُؤَكْرِمُ" فحذفوا الهمزة الثانية استثقالًا لاجتماع الهمزتين، ثم حملوا يُكرِمُ وتُكرِمُ ونُكرِمُ على "أُكرِمُ". فإن قيل: فلأيِّ شيء حُذفتِ الواو في "يَضَعُ" مضارع "وَضَعَ"، ولم تقعْ [39 ب] بين ياءٍ وكسرة؟ فالجواب أنها في الأصل وقعتْ بين ياء وكسرة؛ لأنَّ الأصل "يَوْضِعُ". لكن فُتحتِ العينُ3 لأجل حرف الحلق. ولولا ذلك لم يجئ مضارع "فَعَلَ" على "يَفعَلُ" بفتح العين. فلمَّا كان الفتحُ عارضًا لم يُعتدَّ به، وحُذفتِ الواو رَعيًا للأصل. فإن قيل: لو كان وقوع الواو بين ياء وكسرة يُوجِب حذف الواو لوجب حذفُها في "يُوعِدُ" مضارع "أَوعَدَ"؛ فالجواب4 أنَّ الأصل في يُوعِدُ: "يُؤَوْعِدُ"5 فالواو إنَّما6 وقعت في التقدير بين همزة وكسرة, فثَبَتتْ لذلك، ولم يُلتفَت إلى ما اللفظ الآن عليه، كما لم يُلتفَت إلى اللفظ في "يَضَعُ".
فإن قيل: فلأيِّ شيء التزموا1 في مضارع "فَعَلَ" الذي فاؤه واو "يَفْعِل" بكسر العين، وقد كان نظيره من الصحيح يجوز فيه "يَفعُل" و"يَفعِل"، بضمِّ العين وكسرها؟ فالجواب2 أنهم التزموا "يَفعِل" لأنَّه يؤدِّي إلى حذف الواو، فيَخِفُّ اللفظ. فإن قيل: لو ضمُّوا العين في "يَفْعلُ"، فقالوا "يَوعُدُ"، لوجب حذفُ الواو لوقوعها بين ياء3 وضمَّة، وهما ثقيلان؛ ألا ترى أنهم لمَّا شَذُّوا من ذلك في حرف واحد، فجاءوا به على "يَفعُلُ"، حذفوا الواو فقالوا: وَجَدَ يَجُدُ؟ 4 قال الشاعر5: لَو شِئتِ قَد نَقَعَ الفُؤادُ بِشَربةٍ ... تَدَعُ الصَّوادِيَ لا يَجُدْنَ غَلِيلًا. فالجواب أنَّ وقوع الواو بين ياء وضمَّة لا يُوجِبُ الحذف، بدليل قولهم في مضارع "وَطُؤَ" و"وَضُؤَ": يَوطُؤ ويَوضُؤ6، فلا يحذفون. فأمَّا حذفُهم في "يَجُدُ" فلأنَّ "يَجُدُ" شاذٌّ، فالضمُّ فيه عارض7، فحُذفَت فيه8 الواو، كما حُذفتْ في "يَضَعُ". فإن قال قائل: فلعلَّ9 الواو في "يَجُدُ" حُذفت للثقل، ولم تُحذف في "يَوضُؤ" و"يَوطُؤ" مضارع "وَطُؤ" و"وَضُؤ" لأنهم التزموا في مضارع "فَعُلَ" طريقةً واحدةً10 ألا ترى أنه إنَّما يجيء على "يَفعُلُ" بضمِّ العين خاصَّةً؟ فكرهوا الحذفَ لئلَّا يتَغيَّر المضارِع عن أصله، كما التُزمَ الضمُّ في غير المضارع لذلك. فالجواب أنَّ الحذف ليس بمُغيِّر لمضارع "فَعُلَ" عن أصله. ألا ترى أنك إذا خفَّفتَ "يَوضُؤ"، ثمَّ أَدخلت الجازم، حذفتَ الواو للجزم في11 أحد الوجهين، على حدِّ قوله12: [جَرِيءٍ مَتَى يُظلَمْ يُعاقِبْ بِظُلمِهِ ... سَرِيعًا] وإِلَّا يُبْدَ بالظُّلمِ يَظلِمِ فخفَّف همزة "يُبدأ"، ثمَّ أجراها مُجرى حروف العلَّة، فحذفها للجازم. فكما أنَّ هذا القدر غير مُعتدٍّ به، فكذلك حذفُ الواو في مثل "يَوضُؤ" و"يَوطُؤ" لا يكون تغييرًا. فدلَّ ذلك على أنَّ الواو
لا تُستثقل بين الياء والضمَّة، وأنها إنَّما حُذفت في "يَجُدُ" لِما ذكرناه. وإنَّما لم يكن ثقل الواو بين الياء والضمَّة كثقلها بين الياء والكسرة؛ لأنَّ الكسرة والياء مُنافِرتان للواو -ولذلك إذا اجتمعت الواو والياء وسَبقت إحداهما بالسُّكون قُلبت الواو ياءً وصُيِّرَ اللفظُ بهما واحدًا- فإذا وقعت الواو بينهما كانت واقعةً بين شيئين ينافرانها، وإذا وقعت بين ياء وضمَّة كانت واقعة بين مُجانس ومُنافر. فلذلك كان وقوعها بين ياء وضمَّة أخفُّ من وقوعها بين ياء وكسرة. فإذا رددتَ الفعل إلى ما لم يُسمَّ فاعله لم تَحذفِ الواو، فقلتَ: يُوعَد1. فإن قيل: ولِمَ لمْ تحذف الواو، وأنتم تزعمون أنَّ الفعل المبنيَّ للمفعول مغيَّرٌ من فِعل الفاعل، ولذلك لم تُدغم العرب الواو في الياء في "بُويِعَ" و"سُويِرَ" وأمثالهما2؛ لأنَّ الأصل "بايعَ" و"سايَر". فكذلك كان يَنبغي أن يقال "يُعَدُ" و"يُزَنُ"؛ لأنَّ الأصل "يَعِدُ" و"يَزِنُ"؟ فالجواب أنَّ كلَّ فعلٍ مضارع ثلاثيٍّ مبنيٌّ للمفعول يأتي أبدًا على وزن "يُفعَلُ"، بضمِّ حرف المضارعة وفتح العين، ولا يَنكسر ذلك في شيء منه، فأشبهَ مضارعَ "فَعُلَ" في أنه يُلزَمُ [فيه] 3 طريقةٌ واحدةٌ. ألا ترى أنَّ مضارع "فَعُلَ" إنَّما يأتي أبدًا على "يَفعُلُ"، بفتح حرف المضارعة وضمِّ العين، فحُمل4 عليه لذلك. وأيضًا فإنَّ العرب قد تَعتدُّ بالعارض، ولا تلفت إلى الأصل، فيكون قول العرب "يُوعَدُ" من قبيل الاعتداد بالعارض، فلذلك لم يُحمل على فِعل الفاعل. ويكون "سُويِرَ" من قبيل ترك الاعتداد بالعارض، فلذلك حُمل على "سايَر"، فلم تُحذف5 الواو منه6 كما لم تُحذف من مضارع7 "فَعُلَ". ويأتي مصدر "فَعَلَ" الذي فاؤه واو أبدًا8 على وزن "فِعْلَة"، أو "فَعْل" في الغالب9، نحو: وَعْد [40أ] ووِعْدَة، ووَزْن ووِزْنة. وقد 10 يأتي على خلاف هذين البناءيَن، ممّا يَرِد عليه الصحيح، نحو: وَرَدَ الماءَ وُرودًا.
فأمَّا "فَعْلٌ" فلم تُحذف الواو منه لخِفَّة الفتحة. وأمَّا "فِعْلَةٌ" فحُذفت الواو منه لثقل الكسرة في الواو، مع أنَّ المصدر لفعل قد1 حُذفت منه الواو، فقالوا في "وِعْدة": عِدة، فألقوا كسرة الواو على ما بعدها وحذفوها. فإن قيل: وهلَّا حَذفوا الواو بكسرتها. فالجواب أنهم لو فعلوا ذلك لاحتاجوا إلى تكلُّفِ وصلٍ؛ لأنَّ ما بعد الواو ساكن. ولزمت التاء لأنها جُعلت كالعوض من الواو. فإن قيل: ولأيِّ شيء التُزمَ في المصدر هذان البناءان. وقد كان الصحيح يجيء على غير ذلك من الأبنية؟ فالجواب أنهم التزموهما لخفَّتهما؛ ألا ترى أنَّ "فَعْلًا" على ثلاثة أحرف، وهو أخفُّ أبنية الأسماء الثلاثيَّة2، وأكثرها وُجودًا؟ وأمَّا "فِعْلَةٌ" فلأنه يؤدِّي إلى حذف الواو، وهو حرف مستثقَل، كما أنهم التزموا في المضارع "يَفْعِل" بكسر العين؛ لأنَّه يؤدِّي إلى التخفيف، ولو جاء على غير ذلك، من الأوزان التي يجيء عليها مصدرُ الفعل الثلاثيِّ الصحيح3، لم يكن في خفَّة ذلك. وإن4 وقعت [الواو فاء] 5 في فِعل على وزن6 "فَعِلَ" بكسر العين فإنَّ مضارعه يجيء على قياسه من الصحيح، وهو "يَفعَلُ"، ولا تُحذف الواو لأنها لم تقع بين ياء وكسرة، نحو: وَجِلَ يَوجَلُ. فإن قيل: فلأيِّ شيء لم يجيئوا بمضارعه على "يَفعِلُ" بكسر العين، فيكونَ ذلك سببًا للتخفيف بحذف الواو؟ فالجواب: أنهم لو فعلوا ذلك لخرجوا عن قياس مضارع "فَعِلَ"؛ ألا ترى أنه لا يجيء على "يَفعِلُ" إِلَّا شاذًّا، نحو: حَسِبَ يَحسِبُ؟ وليس كذلك "فَعَلَ"؛ لأنَّ "يَفعِل" مَقيسٌ فيه. ومن العرب من يقلب هذه الواو طلبًا للتخفيف، فيقول7: ياجَلُ وياحَلُ8. وأيضًا فإنه أراد أن يُغيِّرَ الواو في مضارع "فَعِلَ"، كما غيَّرَها في مضارع "فَعَلَ"، فأبدل منها أخفَّ حروف العلَّة، وهو الألف.
ومنهم من يُبدل الواو ياءً، فيقول1: يَيجَلُ ويَيحَلُ. وذلك أنه قد اجتمع له واو وياء، وإحداهما ساكنة، فأشبه "يَوجَلُ" وبابُه لذلك طَيًّا مصدر "طَويتُ". فكما قَلب الواو ياءً في طيّ، وأصله "طَوْيٌ"، فكذلك2 فعل في "يَوجَلُ". ثمَّ حمل "تَفعَلُ" و"نَفعَلُ" و"أفعَلُ" على "يَفعَلُ". ومنهم من أراد أن يجعل قلب الواو لمُوجِب3 على كلِّ حال، فاستعمل لغة من يكسر حرف المضارعة من "فَعِلَ" فيقول "تِعْلَمُ"4، فقال: تِيجَلُ ونِيجَلُ [وإِيجَلُ] 5 ويِيجَلُ، فكَسرَ حرفَ المضارعة إذا كان ياء استثقالًَا للفتحة6 في الياء، فجاءت الواو بعد كسرة فقُلبتْ ياء. فإن قيل: فإنهم لا يقولون "يِعلَمُ"، فيكسرون7 حرف المضارعة إذا كان ياء, استثقالًا للكسرة في الياء. فالجواب أنهم احتَملوا هذا القَدْر من الثقل؛ لأنه يؤدِّي إلى التخفيف بقلب8 الواو ياء. إِلَّا أن يكون9 مضاعفًا فإنه لا تُغيَّرُ10 الواو فيه، نحو: وَدِدْتُ أَوَدُّ. ولا تقول "آدُّ" ولا "أَيَدُّ: ولا "إِيَدُّ" لقوَّة الواو بالحركة. وقد شذَّت ألفاظ، فجاء المضارع منها على11 "يَفعِل"، فحُذفَت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة. وهي: وَرِث يَرِثُ ووَرِيَ الزَّندُ يَرِي ووَفِقَ يَفِقُ ووَغِمَ يَغِمُ 12 ووَمِقَ يَمِقُ ووَثِقَ يَثِقُ ووَحِرَ صَدرُه يَحِرُ ووَغِرَ يَغِرُ13 ووَعِمَ يَعِمُ ووَسِعَ يَسَعُ ووَطِئَ يَطَأُ14.
فإن قيل: وما الدليل على أنَّ يَسَعُ ويَطَأُ: "يَفعِلُ" بكسر العين؟ وهلَّا وُقف فيهما مع الظاهر وهو "يَفعَلُ" لأنَّ العين مفتوحة، وأيضًا فإنَّ قياس مضارع "فَعِلَ": "يَفعَلُ"، فما الذي دعا إلى جعل "يَسَعُ" و"يَطَأُ" شاذَّين؟ فالجواب1 أنَّ الذي حمل على ذلك إنَّما هو حذف الواو، إذ لو كانا "يَفعَلُ" لكانا2 "يَوطَأُ" و"يَوسَعُ". فدلَّ حذفُ الواو على أنهما في الأصل "يَوطِئُ" و"يَوسِعُ" فحُذفتِ الواو لوقوعها بين ياء وكسرة، ثمَّ فُتحتِ العين لأجل حرف الحلق، ولم يُعتدَّ بالفتح لأنه عارض. وإنَّما كان الشاذُّ من "فَعِل يَفعِلُ" فيما فاؤه واو أكثرَ من الشاذِّ منه في الصحيح؛ لأنَّه شذوذ يؤدِّي إلى تخفيف اللفظ بالحذف. وزعم الفرَّاءُ أنَّ موجِبَ الحذف إنَّما هو التَّعدِّي3 نحو: يَعِدُ ويَزِنُ، وموجبَ الإثبات إنَّما هو عدمُ التَّعدِّي نحو: يَوجَلُ ويَوحَلُ4. وهذا [40ب] الذي ذهب إليه فاسدٌ5؛ لأنه خارج عن القياس؛ ألا ترى أنَّ الحذف إنَّما القياس فيه أن يكون لأجل الثقل؟ وأيضًا فإنهم قالوا: وَأَلَ زيدٌ ممّا كان يَحذرُه يَئِلُ ووَبَلَ المطرُ يَبِلُ ووَقَدَتِ النَّارُ تَقِدُ ووَحِرَ صَدرُه يَحِرُ ووَغِرَ يَغِرُ. فحذفوا الواو في جميع ذلك، وإن كان غيرَ متعدٍّ، لمَّا وقعت بين ياء وكسرة6. وإن وقعت [الواو فاء] 7 في فعل على وزن "فَعُلَ" فإن مضارعه لا تحذف8 منه الواو، نحو:9 يَوضُؤ ويَوطُؤ، لِما ذكرنا10 من أنَّ الواو بين الياء والضَّمَّة أخفُّ منها بينَ الياء والكسرة. وما عدا ذلك، ممّا تقع الواو فيه فاء، من اسم أو فعل على ثلاثة أحرف أو أزيد، فإنها لا تُقلب ولا تُحذف، إِلَّا أن تَقَعَ: ساكنةً بعد كسرةٍ، فإنها تُقلب ياء، نحو: ميزان ومِيعاد. الأصل فيهما "مِوْزان" و"مِوْعاد"؛ لأنهما من الوزن والوعد، فقلبت الواو ياء لسكونها، وانكسار ما قبلها.
أو ساكنةً بعد فتحة في مضارع1 "افتَعَلَ"، فإنها تُقلب ألفًا نحو: يا تَعِدُ. أصله "يَوْتَعِد"؛ لأنَّه من الوعد، فقُلبت الواو ألفًا لأنها تُقلب ياءً بعد الكسرة في ايتَعَدَ، وتَثبتُ بعد الضَّمَّة2 في مُوتَعِد. فلمَّا كانت بعد الكسرةِ والضَّمَّةِ على حَسَبهما3 كانت بعد الفتحة على حسَبها، فقُلبت ألفًا بالحمل. وأمَّا الياءُ إذا وقعت4 فاء فلا تُقلب، إِلَّا أن تقع ساكنةً بعد ضمَّة فإنها تقلب واوًا، نحو: مُوقِن. أصله "مُيْقِنٌ"؛ لأنه من اليقين، فقُلبتْ واوًا لسكونها وانضمام ما قبلها. أو تقعَ ساكنةً بعد فتحة في مضارع "افتعَلَ" نحو: يا تَئِسُ، من اليأس. أصله "يَيتَئِسُ"، فقُلبت الياءُ5 ألفًا، للعلَّة التي قلبت الواو في "ياتَعِدُ" ألفًا. أعني: الحملَ على: ايتأسَ ومُوتَئس6. ولا تُحذف أصلًا إِلَّا في لفظتين شَذَّتا وهما: يَبِسُ7 ويَئِسُ، في مضارع يَبِسَ ويَئِسَ. وأصلهما "يَيبِسُ" و"يَيئِسُ"8، فحُذفت الياء لوقوعها بين ياء وكسرة، كما حذفت الواو من "يَعِدُ"، تشبيهًا بها في أنهما حرفا علَّة، وقد وقعا بين ياء وكسرةٍ9. وإنَّما لم تحذف الياء باطِّراد، إذا وقعت بين ياء وكسرة؛ لأنها أخفُّ من الواو. وكذلك جاء المصدر على قياسه من الصحيح، فجاء على "فُعْلٍ" نحو: يُنْع10, وعلى "فُعال" نحو: يُعار11, وعلى 12 "فُعُول" نحو: يُنُوع13.
المعتل العين
[المعتل العين] : فإن وقعتِ الواو والياء عينين فلا يخلو من أن يكونا عينين، في كلمة على ثلاثة أحرف، أو على أزيدَ. فإن كانت الكلمة على ثلاثة أحرف فلا يخلو أن تكون اسمًا أو فعلًا. فإن كانت الكلمة فِعلًا فإنَّ الفعل لا يخلو من أن يكون مبنيًّا للفاعل، أو مبنيًّا للمفعول. فإن كان مبنيًّا للفاعل1 فإنَّ الفعل من ذوات الواو يكون على "فَعَلَ" و"فَعِلَ" و"فَعُلَ"، بضمِّ العين وفتحها وكسرها. فـ"فَعَلَ": قامَ، و"فَعُل": طالَ، و"فَعِلَ": خافَ. ومن ذوات الياء على "فَعَلَ" و"فَعِل"، بفتح العين وكسرها. ولا يجوز الضمُّ استثقالًَا له في الياء. فـ"فَعَلَ": باع. َ و"فَعِلَ": كادَ. فإن قيل: فلأيِّ شيء اعتلَّت هذه الأفعال؟ وهلَّا بقيت على أُصولها، فكنتَ تقول "قَوَمَ" و"طَوُلَ" و"خَوِفَ" و"بَيَع" و"كَيِد". فالجواب أنَّ "فَعُل" و"فعِل" قُلِبت فيهما الواو والياء استثقالًا للضَّمَّةِ في الواو، والكسرةِ في الواو والياء، فقُلِبت الواو والياء إلى أخفَّ حروف العلَّة وهو الألف، ولتكون العَينات من جنس حركة الفاء وتابعةً لها. وأمَّا "فَعَلَ" فقُلِبت الواو والياء فيها2 ألفًا لاستثقال حرف العلَّة، مع استثقال اجتماع المِثلَينِ -أعني: فتحةَ الفاء وفتحةَ العين- فقالوا في "قوَمَ" و"بَيَع": قامَ وباعَ، فقلبوا الواو والياء ألفًا لخفَّة الألف، ولتكون العين حرفًا3 من جنس حركة الفاء. هذا حكم هذه الأفعال، إذا أُسندت إلى ضمير غَيبة، نحو: زيد4 قامَ وعمرٌو باعَ، أو إلى ظاهر نحو: قامَ زيدٌ وباعَ عمرٌو الطعامَ. إِلَّا فعلَينِ شذَّت العرب5 فيهما -وهما كادَ وزالَ-
فأعلُّوها بنقل حركة الكسرة من العين إلى الفاءِ، فقالوا: كِيْدَ ومازِيْلَ. قال1: وكِيدَ ضِباعُ القُفِّ يأكُلْنَ جُثَّتِي ... وكِيدَ خِراشٌ, يومَ ذلِكَ, يَيتَمُ فأجرَوهما على ما يُجرَيان عليه، إذا أُسند الفعل إلى ضمير المتكلِّم أو المخاطب. وسنبيِّن حكم هذه الأفعال، إذا أُسنِدت إلى ضمير المتكلِّم أو المخاطب. فإن أُسند الفعل [41أ] إلى ضمير متكلِّم أو مخاطَب2 فإنه لا يخلو أن يكون على "فَعِلَ" أو "فَعُلَ" أو "فَعَلَ". فإن كان على "فَعِل" أو "فَعُلَ"، بضمِّ العين وكسرها، فإنك تنقل حركة العين إلى الفاء قبلها، وتحذف العين لالتقاء الساكنين، أعني: حرف العلَّة مع ما بعده. فتقول: خِفتُ وكِدْتُ وطُلتُ، فتكسر الفاء من "فَعِل"، وتضمُّ الفاء من "فَعُل". فإن قيل: فلأيِّ شيء، لمَّا حذفوا العين، نَقلوا حركتها إلى الفاء؟ فالجواب أنهم لمَّا اضطُرُّوا إلى الحذف كان الأسهل عندهم ألَّا يحذفوا الحرف بحركته، وأن يُبقوا الحركة التي كانت في العين، فنقلوها إلى الفاء لذلك. وأيضًا فإنهم أرادوا أن يفرِّقوا بين حذف عين الفعل المتصرِّف3، وغير المتصرِّف. فلمَّا كانوا لا ينقلون في غير المتصرِّف4، فيقولون "لَستُ" في "لَيسَ"، نقلوا في المتصرِّف. فإن قيل: ليست5 عين "ليس" متحرِّكة، فلم يكن فيها ما يُنقل. فالجواب أنَّ أصلها6 "لَيِسَ" نحو "صَيِدَ" ثمَّ خُفِّفتْ، والتُزم فيها التخفيفُ لثقل الكسرة في الياء. فإن قيل: وما الدليل على ذلك؟ فالجواب أنه قد ثبَتَ أنها7 فِعل، والأفعال الثلاثيَّة لا تخلو من أن تكون على وزن "فَعَلَ" أو "فَعِلَ" أو "فَعُلَ". فلا بدَّ لها من أن تكون على وزن من هذه الأوزان. وباطلٌ أن تكون مفتوحة العين في الأصل؛ لأنَّ الفتحة لا تُخفَّف8. وباطل أن تكون
مضمومة العين؛ لأنَّ "فَعُلَ" ممّا عينه ياء لم يُوجد1، فلم يبق إِلَّا أن تكون في الأصل مكسورة العين. فإن كان الفعل على "فَعَلَ" فإنه لا يخلو أن يكون من ذوات الياء أو من ذوات الواو. فإن كان من ذوات الواو حوَّلتَه إلى "فَعُل"2، بضمِّ العينِ، ثمَّ نقلتَ حركة العين إلى الفاء. فتقول: قُلتُ وقُلتَ. وإن كان من ذوات الياء حوَّلتَه إلى "فَعِلَ"3، بكسر العين، ثمَّ نقلتَ حركة العين إلى الفاء. فتقول: بِعتُ وبِعتَ. فإن قيل: ولأيِّ شيءٍ حوَّلتَ "فَعَل" إلى "فَعُلَ" في ذوات الواو، وإلى "فَعِلَ" في ذوات الياء؟ فالجواب أنه لو نَقلنا الفتحة من العين إلى الفاء، ولم نُحوِّلها كسرة ولا ضمَّة، لم يُدْرَ: هل الفتحة التي في الفاء هي الفتحة الأصليَّة التي كانت قبل النقل أو فتحة العين؟ بخلاف "فَعِلَ" و"فَعُلَ"؛ لأنَّه إذا انضمَّت الفاء أو انكسرت، بعد أن كانت مفتوحة، عُلم أنَّ الحركة التي في الفاء حركة العين نُقلت. فلذلك حُوِّلت الفتحة إلى غيرها, ليُعلم أنَّ الحركة التي في الفاء هي حركة العين, وحُوِّلت حركة العين4 في ذوات الواو إلى الضَّمَّة وفي ذوات الياء إلى الكسرة، ليحصل بذلك الفرقُ بين ذوات الواو وذوات الياء؛ لأنَّ الضَّمَّة تدلُّ على الواو لأنها منها، والكسرةَ تدلُّ على الياء لأنها أيضًا منها. فإن قيل: فما الدليل على أنَّ قال:5 "فَعَلَ" في الأصل، ثمَّ نُقل6 إلى "فَعُلَ"؟ وهلَّا ادُّعي أنه "فَعُل" في الأصل. فالجواب7 أنَّ الذي يدلُّ على أنه ليس بـ"فَعُل" في الأصل تَعَدِّيه نحو قُلتُه -و"فَعُلَ" لا يتعدَّى- ومجيءُ اسم الفاعل منه على "فاعِل" إِلَّا شاذًّا8 نحو: حَمُضَ فهو حامِضٌ9. فأمَّا "قام" وأمثالُه، ممّا هو غير متعدٍّ، فالذي يدلُّ على أنه "فَعَلَ" بفتح العين مجيءُ اسم الفاعل منه على "فاعِل" نحو: قائم. فإن قيل: وما الدَّليل على أنَّ باعَ: "فَعَلَ" في الأصل؟ وهلَّا ادَّعيتُم أنه "فَعِلَ" بكسر العين في
الأصل، ولم تدَّعوا أنَّ هذا الكسرة في "بِعتُ"1 أُبدلت من الفتحة. فالجواب2 أنَّ الذي يدلُّ عل ذلك أنَّ المضارع "يَفعِلُ" نحو: يَبِيعُ، و"يَفعِلُ" لا يكون مضارعَ "فَعِلَ" إِلَّا شاذًّا. وأمَّا "خافَ" و"كادَ" فالذي يدلُّ على أنهما "فَعِلَ" مجيءُ مضارعهما على "يَفعَلُ" بفتح العين، نحو: يَكادُ ويَخافُ. وأمَّا "طالَ"3 فالذي يدلُّ على أنه "فَعُلَ" في الأصل مجيءُ اسم الفاعل منه على "فَعِيل". فتقول: طَويل. فأمَّا مضارعُ "فَعُلَ" المضمومة العين فعلى "يَفعُلُ" بضمِّ العين، على قياس نظيرها من الصحيح. لم يشذَّ من ذلك شيء. وأمَّا "فَعِلَ" المكسورةُ العين فيجيء مضارعها أبدًا على "يَفعَلُ" بفتح العين، نحو: كِدتَ تَكادُ وزِلتَ تَزالُ. ولم يشذَّ من ذلك شيء إِلَّا لفظتان، وهما: مِتَّ تَمُوتُ ودِمتَ تَدُومُ، فجاء مضارعهما على "يَفعُلُ" بضمِّ العين. على أنه يمكن4 أن يكون هذا من تداخل اللُّغات5 وذلك أنهم قد قالوا: مُتَّ [41ب] ودُمتَ كـ"عُدتَ"6، فيكون "تدوم" و"تموت"7 مضارعين لـ"دُمتَ" و"مُتَّ". ومن قال8 "مِتَّ" بالكسر و"دِمتَ" لم يستعمل لهما مضارعًا9، بل اجترأ بمضارع "مُتَّ" و"دُمتَ" عنه. وأمَّا "فَعَلَ" من ذوات الياء فمضارعها أبدًا على "يَفعِلُ" بكسر العين، نحو: باعَ يَبِيعُ. ولم يشذَّ من ذلك شيء. وأمَّا "فَعَلَ" من ذوات الواو فمضارعها أبدًا على "يَفعُل" بضمِّ العين، نحو: قالَ يَقُولُ. ولم
يشذَّ من ذلك شيء إِلَّا لفظتان، وهما1: طاحَ يَطِيحُ وتاهَ يَتِيهُ، في لغة من قال: ما أَطوَحَهُ وما أَتوَهَهُ! 2 ولا يمكن أن يكونا3 على هذا "فَعِلَ"4 بكسر العين؛ لأنَّ "فَعِل يَفعِلُ" شاذٌّ من الصحيح والمعتلِّ، و"فَعَلَ يَفعِلُ" وإن كان شاذًّا فيما عينُه واو فليس بشاذٍّ في الصحيح. فحملُهما على ما يكون مَقيسًا في حالٍ أَولَى. فأمَّا من قال "ما أَتيَهَهُ"! فقوله "يَتِيهُ" على القياس. والدليل أيضًا على أنَّ "تاهَ" قد يكون من ذوات الياءِ قولهم5: وَقَعَ في التُّوهِ والتِّيه. فقولهم "في التِّيه" دليلٌ على أنه من ذوات الياء، بقاءً مع الظاهر. وكذلك أيضًا "تَيَّهَ" يدلُّ على أنَّ "تاهَ" من ذوات الياء. فإن قيل: فلعلَّ تَيَّهَ: "فَيعَلَ"6، وهي7 من ذوات الواو، والأصل "تَيْوَهَ" فقُلبت الواو ياءًَ وأُدغمت الياء في الياء. فالجواب8 أنَّ "فَعَّل" أكثرُ من "فَيعَلَ"، فيجبُ أن يُحمل "تَيَّهَ" على "فَعَّل" لذلك. وأيضًا فإنَّ "تَيَّه" للتكثير، فينبغي أن يكون على "فَعَّل"؛ لأنَّ "فَعَّلَ" من الأبنية التي وضعتها العربُ للتكثير، نحو: قَطَّعَ وكَسَّرَ. وأيضًا فإنهم يقولون فيه إذا ردُّوه لِما لم يُسمَّ فاعلُه: تُيِّهَ9. ولو كان "فَيعَلَ" لقالوا10 "تُوْيِهَ" إن كان من ذوات الياء، و"تُوْوِهَ" إن كان من ذوات الواو11 كـ"بُوْطِرَ". ولم يجز الإدغام كما لم يُدغم مثل "سُوْيِرَ"؛ لأنَّ الواو مَدَّة. وسيُبيَّن ذلك في بابه، إن شاء الله تعالى12. فإن قيل: فلأيِّ شيء قالوا في مضارع "فَعَلَ" من ذوات الواو: "يَفعُلُ"، ومن ذوات الياء: "يَفعِلُ"، وقد كان "فَعَلَ" من الصحيح يجوز في مضارعه "يَفعُلُ" و"يَفعِل"، نحو: يَضرِبُ ويَقتُلُ؟ فالجواب عن ذلك شيئان:
أحدهما: أنه لمَّا حُوِّلَ "فَعَلَ" من ذوات الواو إلى "فَعُلَ"1 جاء مضارعه كمضارع "فَعُل"، فالتزموا فيه "يَفعُلُ" بضمِّ العين. وأمَّا "فَعَلَ" من ذوات الياء فلمَّا حُوِّلَ إلى "فَعِل" أشبَهَ "فَعُلَ" من ذوات الواو, في أنَّ بناءهما في الأصل "فَعَلَ" مفتوح العين، وأنَّ كلَّ2 واحدٍ منهما حُوِّلت3 حركة عينه الأصليَّة إلى حركة من جنس العين. فكما التزموا في مضارع "فَعَلَ" من ذوات الواو أن تكون حركة العين من جنسها، كذلك التزموا في مضارع "فَعَلَ" من ذوات الياء أن تكون حركة العين من جنسها. فإن قيل: فهلَّا لمَّا حوَّلوا "فَعَلَ" من ذوات الياء إلى "فَعِلَ" جعلوا مضارعه "يَفعَلَ" بفتح العين، كمضارع "فَعِلَ"، ثمَّ حملوا "فَعَل"4 من ذوات الواو على "فَعَل" من ذوات الياء. فالجواب أنَّ "فَعِل" المكسورَ العين قد شذُّوا في مضارعه. فجاء على "يَفعِلُ" نحو: حَسِب يَحسِبُ ونَعِمَ يَنعِمُ, وعلى "يَفعُلُ" بضمِّ العين نحو: فَضِلَ يَفضُلُ. فإذا فعلوا ذلك فيما عينه مكسورة في الأصل فالأحرى أن يجيء ذلك فيما عينه في الأصل مفتوحة. وأمَّا "فَعُل" فلم يشِذُّوا في شيء من مضارعه. فلذلك لمَّا حُوِّلتْ "فَعَلَ" إليها التزموا في المضارع "يَفعُل" بضمِّ العين. وأيضًا فإنهم إذا جعلوا مضارع "فَعَلَ"5 من ذوات الواو "يَفعُلُ" بضمِّ العين لم يُخرجوه عمَّا كان يجوز فيه قبل نقله6 إلى "فَعُلَ"؛ لأنَّ "يَفعُلُ" مضارعُ "فَعَلَ" في فصيحِ الكلامِ. بل يكون قد التُزم فيه أحد البناءين اللذين كانا له في نظيره من الصحيح. ولو جعلتَ مضارع "فَعَلَ" ممّا عينه ياء على "يَفعَلُ" بفتح العين7 لكنتَ قد جعلت مضارعه بعد النقل خارجًا عن قياس ما كان عليه قبل النقل. والآخر8: أنهم أَرادوا التفرقة بين ذوات الواو وذوات الياء، فالتزموا في ذوات الواو "يَفعُلُ" بضمِّ العين؛ لأنَّ الضَّمَّة9 من جنس الواو، وفي "فَعَلَ" من ذوات الياء "يَفعِلُ" بكسر العين؛ لأنَّ الكسرة من جنس الياء.
وهذا الوجه الآخر أَولى؛ لأنهم قد فعلوا مثل ذلك في المعتلِّ اللام1: التزموا في "فَعَلَ" من ذوات الواو "يَفعُلُ" بضمِّ العين نحو: يَغزُو، وفي مضارع "فَعَلَ" من ذوات الياء "يفعِلُ" بكسر العين نحو: يَرمِي، تفرقةً بين الياء والواو. وسنبيِّنُ ذلك بعدُ2، إن شاء الله. فإن قيل: فهلَّا فرَّقوا في مضارع [42أ] "فَعِلَ" المكسورةِ العين، بين ذوات الياء والواو، فالتزموا في مضارع ذوات الواو "يَفعُلُ" بضمِّ العين، وفي مضارع "فَعِلَ" من ذوات الياء "يَفعِلُ" بكسر العين، كما فعلوا3 في "فَعَلَ". فالجواب أنهم لو فعلوا ذلك لأخرجوا مضارع "فَعِلَ" المكسورِ العين عن قياسِهِ؛ لأنَّ المضارع منه إنَّما يأتي على "يَفعَلُ" بفتح العين. وليس كذلك "فَعَلَ"، بل مضارعه يأتي على "يَفعُلُ" و"يَفعِلُ". فالتزمنا في ذات الواو أحد الجائزين، وهو "يَفعُلُ" المضموم4 العين، وفي ذوات الياء أيضًا أحد الجائزين، وهو "يَفعِلُ" المكسور العين. فإن قيل: فإنَّ5 الأصل "يَقْوُمُ و"يَصْوُلُ" و"يَبْيِعُ" و"يَكْيَدُ" و"يَخْوَفُ". فحرفا العلَّة -وهما الواو والياء- قد أُسكن6 ما قبلهما، وإذا أُسكن 7 ما قبلَ حرف العلَّة صَحَّ نحو: ظبْي وغزْو. وهذا في المعتلِّ اللام، فالأحرى أن يكون ذلك في المعتلِّ8 العين؛ لأنَّ العين أقوى من اللام وأقربُ إلى أن تَصِحَّ. فالجواب9 أنهم أَعلُّوا المضارع حملًا على الماضي، فلم يمكنهم أن يُعِلُّوا بقلب حرف العلَّة ألفًا، مع إبقاء سكون ما قبل حرف العلَّة، فأعلّوا بالنقل، فنقلوا حركة العين10 إلى الفاء، كما نقلوها في إسناد الفعل إلى ضمير المتكلم والمخاطب11. فلمَّا نقلوا في "يَقْوُلُ" و"يَطْوُلُ" صارا: يَقُولُ ويطُولُ. ولمَّا نقلوا في "يَبْيِعُ"12 صار: يَبِيعُ. ولمَّا نقلوا في "يَكْيَدُ" و"يَخْوَفُ" صارا "يَكَيْدُ" و"يَخَوْفُ". ثمَّ قلبوا الواو والياء ألفًا، لتحرّكهما13 في الأصل قبل النقل، وانفتاحِ ما قبلَهما في اللفظ، ولم يعتدُّوا بالسكون؛ لأنَّه
عارض بسبب النقل، والعارضُ الغالبُ فيه ألَّا يُعتدَّ به. وكذلك: قُمْ وبِعْ، وأصلُهما "اقْوُمْ" و"ابْيعْ"، ثمَّ نقلت حركة العين إلى ما قبلها، فتحرَّك1 فذهبت همزة الوصل؛ لأنها إنَّما أُتي بها لأجل الساكن، فزالت بزواله، ثمَّ سكَّنوا الآخِر، وحذفوا حرفَ العلَّة لالتقاء الساكنين. ويُحكى2 أنَّ أبا عُمرَ3 الجَرميَّ -رحمه الله- دخل بغداذ، وكان بعض كبار الكوفيِّين يغشاه ويكثر عليه المسائل - ويقال هو الفرَّاء4- وهو يجيبه. فقال له بعض أصحابه: إنَّ هذا الرجل قد ألحَّ عليك بكثرة المسائل فلمَ لا تسأله؟ فلمَّا جاءه قال له: يا أبا فلان، ما الأصل في "قُمْ"؟ فقال له: "اقْوُمْ". فقال له: فما الذي عملوا به؟ فقال: استثقلوا الضَّمَّة على الواو، فأسكنوها. فقال له: أخطأت لأنَّ القاف قبلها ساكنة. فلم يَعُدْ إليه الرجل بعدها. فأمَّا اسم الفاعل من "فَعَلَ" فـ"فاعِلٌ" نحو: قائم وبائع. وقد ذكرنا من أيِّ شيء أُبدلت الهمزة5، في باب البدل. وأمَّا من "فَعُلَ" المضمومة العين فعلى قياس الصحيح. فتقول: طَويل، كما تقول: ظَريف. وأمَّا مِن "فَعِل"، إن جاء على "فاعِل"، فإنك تُبدل الهمزة من العين نحو "خائف"، وقد ذكر في البدل6، وإن جاء على "فَعِل" فإن حرف العلَّة ينقلب ألفًَا لتحرُّكه وانفتاح ما قبله، كما فُعِل بالفعل7، نحو: خافٍ8 ومالٍ، اسما فاعل من "خافَ9 الرجلُ"، و"مالَ" إذا كثر ماله. جاء على "فَعِل" على حدِّ قولهم: حَذِرَ يَحذَرُ فهو حذِرٌ، في الصحيح10. فإن كان الفعل مبنيًّا للمفعول11 صيَّرتَه على "فُعِلَ"، فتضمُّ فاءه وتكسر عينه، فتقول "قُوِلَ"
و"بُيِع". فتُستثقل الكسرة في الياء والواو: فمنهم من يحذفها فيُسْكن الواو فتصيرُ: قُوْلَ، ويُسْكن الياء، فتصير ساكنة بعد ضمَّة فتُقلب واوًا، فيقول1: بُوْعَ. وجُعلت العين في هذا الوجه تابعة لحركة الفاء، كما كانت في فعل الفاعل. ومنهم من ينقل الكسرة من العين إلى الفاء، فيقول: بِيْعَ. وأمَّا "قُوْلَ" فينقل2 الكسرة من العين إلى الفاء فتصير الواو ساكنة بعد كسرة فتَنقلب ياءً، فيقول3: قِيْلَ. وإنَّما جاز نقل حركة العين إلى الفاء، في فعل المفعول، من غير أن يُسند إلى ضمير المتكلِّم أو المخاطَب4، ولم يجز ذلك في فعل الفاعل إِلَّا في "كاد" و"زال" كما تقدَّم -تشبيهًا5 للكسرة التي في عين "فُعِل" بالكسرة التي في عين "فَعِل" من ذوات الياء إذا حُوِّلت، من جهةِ أنَّ كلَّ واحدة من الكسرتين أصلها الفتح؛ ولأنَّ في نقل حركة العين إلى الفاء تخفيفًا بقلب الواو ياءً، والياءُ أخفُّ من الواو، فتصير ذوات الواو والياء بلفظ واحد. وفي نقل حركة العين إلى الفاء في فِعل الفاعل تثقيلٌ؛ لأنك تقول: كِيْدَ وزِيلَ، و"كادَ" و"زالَ" أخفُّ؛ لأنَّ الألف أخفُّ من الياء. ولذلك كان النقل في "فُعِلَ"6 أحسنَ من حذف الكسرة [42ب] من العين؛ لأنَّ ذلك يؤدِّي إلى قلب الياء واوًا، فتقول "بُوْعَ"، فتُخرِجُ الأخفَّ إلى الأثقل. ومن العرب7 من إذا نقل الكسرة من العين إلى الفاء أشمَّ الفاءَ الضَّمَّةَ، دليلًا على أنَّ8 الفاء مضمومة في الأصل. وذلك بأن تضُمَّ شفتيك ثمَّ تَنطق بالفعل، ولا تلفظَ بشيء من الضَّمَّة. ولو لفظتَ بشيء من الضَّمَّة لكان رَومًا لا إشمامًا. قال الزَّجاجيُّ: "وذلك لا يُضبَطُ إِلَّا بالمُشافهة"9. إشارةً إلى أنه لا يُسمَعُ بل يُرى. وأمَّا بعضُ النَّحويِّين. وكافَّةُ القُرَّاء فإنهم يجعلون الكسرةَ بينَ الضَّمَّة والكسرة. والذي عليه المُحقِّقون من النحويِّينَ ما ذكرتُ لك. ولذلك سَمَّوه إشمامًا.
هذا ما لم تُسنِدِ الفعلَ إلى ضمير المتكلِّم أو المخاطَب 1. فإن أَسندته إليهما2 فإنَّ الذي يُخلِصُ الضمَّ، فيقول: بُوعُ وكُولَ3 زيدٌ الطعامَ. يقول: بُعتُ وكُلتُ الطعامَ، فيُخلِص الضمَّ4 أيضًا. والذي يقول: بِيعَ وكِيلَ، فيُشِمُّ يَقُول: بِعتُ وكِلتُ فيُشِمُّ. والذي يقول: بِيعَ وكِيلَ، فيُخلص الكسر يقول: بِعتُ وكِلتُ، فيُشمُّ، تَفرقةً بين فعل الفاعل وفعل المفعول. ومنهم من يُخلص الكسر -وذلك قليل- ويَتَّكلُ في التَّفرقة على القرائن وما يَتَّصل بالفعل، من قبلُ أو بعدُ. فإذا بَنَيتَ منه المضارع ضممتَ أَوَّلَه وفتحتَ ما قبلَ آخِره، فقلت "يُقْوَلُ" و"يُبْيَعُ". ثمَّ تُعِلُّه حملًا على الماضي، كما كان ذلك في مضارع فعل الفاعل، فتنقل فتحة العين إلى الفاء، فيصير "يُقَوْلُ" و"يُبَيْعُ". فتُقلَب الواو والياء ألفًا، لانفتاح ما قبلهما ولتحرُّكهما5 في الأصل؛ لأنَّ السكون عارض بسبب النقل، والأحسن في العارض ألَّا يُعتدّ به، فيقال: يُقالُ ويُباع. وأمَّا اسم المفعول 6 فإنَّه يأتي على وزن "مَفعُول" على قياس الصحيح، نحو "مَبْيُوع" و"مَقْوُول". فيُعلُّ حملًا على فعله، فتُنقَل حركة العين إلى الساكن قبل، فيصير "مقُوْوْل" و"مَبُيْوْع" فيجتمع ساكنان: واو "مَفعول" والعينُ، فتُحذَف واو "مَفعول"، فيُقال: مَقُولٌ، في ذوات الواو. وأمَّا "مَبُيْوْعٌ" فإنه إذا حُذِفت واو "مَفعول" قُلبت الضَّمَّة التي قبل العين كسرةً، لتصِحَّ الياء، فتقول: مَبِيعٌ. هذا مذهب الخليل وسيبويه7. وأمَّا أبو الحسن 8 فإنه ينقل9 الحركة من العين إلى الفاء، في ذوات الواو، فيلتقي له ساكنان، فيحذف العين فيقول: مَقُول. وفي ذوات الياء نحو "مَبْيُوع" ينقل10 الضَّمَّة من الياء
إلى ما قبلها، ثمَّ يقلب1 الضَّمَّة كسرة لتصحَّ الياء فيلتقي الساكنان2: الياء وواو "مفعول"، فتُحذف الياء، فتجيء الواو ساكنة بعد كسرة، فتقلب الواو ياء، فيقول3 مَبِيعٌ. فممَّا يُحتَجُّ4 به للخليل أنَّ الساكنين، إذا اجتمعا في كلمة، حُرِّك الثاني منهما دون الأول5، فكما يُوصل إلى إزالة التقائهما بتحريك الثاني منهما، كذلك يوصل إلى إزالة التقائهما بحذف الثاني منهما. وأيضًا فإنَّ حذف الزائد أسهل من حذف الأصل. فلذلك كان حذف واو "مفعُول" أسهلَ من حذف العين. وأيضًا فإنهم [قد] 6 قالوا7: "مَشِيبٌ" في مَشُوب، و"غارٌ مَنِيلٌ"8 في مَنُول، و"أرضٌ مَمِيتٌ عليها" في مَمُوت، و"مَرِيحٌ"9 في مَرُوح. فقلبوا الواو ياء شذوذًا. فدلَّ ذلك على أنَّ الواو المُبقاةَ هي العين، وأن المحذوفة واوُ "مفعول"؛ لأنهم قد قلبوا الواو التي هي عين ياءً، فقالوا "حِيرٌٌ" في حُور. أنشدَ أبو زيدٍ10. عَيناءُ حَوراءُ, مِن العِينِ الحِيْرْ ولا يُحفَظ قلب واو "مَفعول" ياءً، إِلَّا أن يُدغَم11 نحو: مَرمِيّ. وأيضًا فإن واو "مَفعُول" أقرب إلى الطَّرَف فحَذفُها أَسهلُ. وأمَّا أبو الحسن فيستدلُّ12، على أنَّ المحذوف هو العين، بأنها لغَيرِ معنًى، وواوُ "مَفعولٍ" حرفُ معنًى13 يدلُّ على المفعوليَّة. فحَذفُ ما لا معنى له أسهلُ، كما أنَّه لمَّا اجتمعت التاءان
في "تَذَكَّرُونَ" ونحوه حُذفتِ الثانية، ولم تُحذف الأولى حيث كانت لمعنًى. وللخليل أن يَفرق بينهما فيقول:1 إنَّ التَّاء الأولى في "تَذَكَّرُونَ" وأمثاله حرف منفرد, فلو حُذفتْ لم يبق ما يدلُّ على المعنى الذي كانت التاء تعطيه. وأنت إذا حذفت واو "مَفعُول" أبقَيتَ الميم تدلُّ على معنى المفعوليَّة. فإن قال2: إنَّ الزِّيادة التي لمعنى إذا كانت معها زيادة أُخرى فإنهما يجريان مجرى الزِّيادة الواحدة؛ ألا ترى أنَّ المعنى يقع بمجموعهما؟ فإذا وقع3 بمجموعهما لم يَجُز أن تُحذف واحدة منهما، كما لم يجز أن تُحذف [43أ] الزيادة الواحدة؛ ألا ترى أنَّ الزيادتين إذا لحَقتا لمعنًى فحُذفت إحداهما حُذفت الأُخرى، نحو زيادتي "سَكران" إذا رخَّمته اسم رجل؟ وكذلك الزيادتان في "مَفعُول"، لو حذفتَ واحدة منهما للزمكَ حذفُ الأخرى. فللخليل أن يقول4: لا تجري الزِّيادتان مجرى الزيادة الواحدة. بل يجوز حذف إحداهما وإبقاءُ الأُخرى، لتدلَّ على الأُخرى المحذوفة؛ ألا ترى أنهم قالوا: اسطاعَ يَسطِيعُ5، فحذفوا إحدى الزيادتين -وهي التاء6- وأبقوا السين، وهما جميعًا زِيدا لمعنًى، كما أنَّ الميم والواو في "مَفعول" كذلك؟ فأمَّا "سكران" وبابُه فإنَّما حُذفتا فيه معًا، لوقوعهما طرفًا غير مُفترقتينِ. فكان الحذف أغلب عليهما، إذ كان الطرف موضعًا تُحذف7 فيه الأصول في الترخيم والتكسير8. فالزِّيادتان في "مَفعول" أشبه بالزِّيادتين في "اسطاعَ" من زيادتي سَكران، لكونهما حشوًا في "مَفعول" كما أنهما في "اسطاع" كذلك. فإن قيل: فقد9 وجدناهم حذفوا الأصل وأَبقَوُا الزيادة، لمَّا كانت لمعنًى، فقالوا "تَقَى" في اتَّقَى، فحذفوا التاء الأصليَّة وأبقوا تاء "افتعل". فالجواب أنَّ الذي حَمل على ذلك كونُ الزيادة مُنفَردةً. وممَّا يدلُّ على صحَّةِ مذهب سيبويه والخليل، وفسادِ مذهب الأخفش، أنَّك إذا نقلتَ الضَّمَّة من العين إلى الفاء، في "مَفُعول" من ذوات الياء, اجتمع لك ساكنان: واو "مفعول"
والياءُ، فتحذف واو "مفعول" فتجيء1 الياء ساكنة بعد ضمَّة, قريبةً من الطرف، فتقلبُ الضَّمَّة كسرة، على مذهب سيبويه في الياء الساكنة بعد الضَّمَّة إذا كانت تَلي الطرف، فإنه تُقلب الضَّمَّة كسرة، مفردًا كان الاسم أو جميعًا، نحو "بِيض" جمع أبيضَ. أصلُه "بُيْضٌ" نحو حُمْر، ثمَّ قُلبتِ الضَّمَّة كسرة. وكذلك لو بَنيتَ من البياض2 اسمًا على "فُعْلٍ" لقلت: بِيضٌ. فالأصل في مَبِيع على أصله:3 "مَبْيُوْعٌ" ثمَّ "مَبُيْوعٌ" ثمَّ "مَبُيْعٌ" ثمَّ مَبِيْعٌ. وأمَّا أبو الحسن الأخفش فيلزمه4، على مذهبه، أن يقول: مَبُوعٌ. وذلك أنَّ الأصل "مَبْيُوعٌ". فإذا نُقلت الضَّمَّة اجتمع له5 ساكنان، فيحذف الياء، فيلزمه أن يقول6: مَبُوعٌ. فإن قال: لا أحذف إِلَّا بعد قلب الضَّمَّة كسرة. فالجواب أن يقال له: لِمَ تَقلبُ الضَّمَّة كسرة, وأنت تزعم أنَّ الياء إذا جاءت ساكنة بعد ضمَّة في مُفرد فإنَّ الياء هي التي تُقلب واوًا، بشرط القرب من الطرف؟ فأمَّا مع البُعد فلا يجوز قلب الضَّمَّة كسرة، في مذهب أحد من النحويِّين. فإن قلتَ7: فإنَّما قَلبتُ الضَّمَّة كسرة لتصحَّ الياء؛ لأنِّي لو لم أفعل ذلك، فقلت "مَبُوعٌ"، لالتبستْ ذوات الياء بذوات الواو. فالجواب أنَّ هذا القَدْر لو كان لازمًا لوجب أن تقول8 "مِيقنٌ" في مُوقِن, لئلَّا يلتبس بذوات الواو. فكما أنَّ العرب لم تفعل ذلك في مُوقِن، فكذلك لا تفعله في مَبِيع وأمثاله. وثمرة9 الخلاف بين سيبويه وأبي الحسن تظهر في تخفيف مَسُوء وأمثاله. قال أبو الفتح في "القدّ"10 له: سألني أبو عليٍّ عن تخفيف مَسُوء. فقلت: أمَّا على قول أبي الحسن فأقول: رأيتُ مَسُوًّا11؛ لأنها عنده واو "مَفعول". وأمَّا على مذهب سيبويه فأقول: رأيت مَسُوًا، بتحريك الواو لأنها عنده العين. فقال لي أبو عليٍّ: كذلك هو، اللهمَّ إِلَّا أن تقول: إنهم حملوا الماضي على المضارع. وإذا كانت العرب قد حملت المضارع في الإعلال على
الماضي، مع أنَّ الأكثر على أنَّ المضارع ... 1 فالأحرى أن يُحمل الماضي على المضارع في ثبات الواو. ويجوز الإتمام2 في "مَفعُول" من ذوات الياء، وهي لغة بني تميم. قال3: وكأنَّها تُفَّاحةٌ, مَطْيُوبةٌ وقال علقمة4: [حَتَّى تَذكَّرَ بَيضاتٍ, وهَيَّجَهُ] ... يَومُ رَذاذٍ, علَيهِ الرِّيحُ, مَغْيُومُ. والإِعلالُ أَفصحُ. ولا يجوز الإتمام5 في ذوات الواو إِلَّا فيما سُمع. والذي سُمع من ذلك6: مِسكٌ مَدْوُوفٌ، قال الراجز7. والمِسكُ في عَنبَرِه المَدْوُوفُ والأشهر: مَدُوف. وقالوا: رَجلٌ مَعْوُودٌ وفَرَسُ مَقْوُودٌ وثَوبٌ مَصْوُونٌ وقولٌ مَقْوُولٌ. وإنَّما لم يَجزِ الإتمامُ8 في "مُفْعُول" من ذوات الواو، إِلَّا فيما شذَّ؛ لأنَّ الواو أثقل من الياء. وخالفَ المبرّد9 كافَّة النَّحويِّين10، فأجاز الإتمام11 في ذوات الواو قياسًا على ما ورد.
منه، وقال: ليس بأثقلَ من: سُرتُ سُوُورًا1 وغارتْ عَينُه غُوُورُا؛ لأنَّ في "سُوُور" و"غُوُور" واوين وضمَّتين، وليس في "مَعْوُود"2 مع الواوين إِلَّا ضمَّة واحدة. وهذا الذي ذهب إليه باطل3؛ لأنَّ ما ورد من الإتمام4 في ذوات الواو من القلَّة بحيث لا يُقاس عليه. وأمَّا احتجاجه بـ"سُوُور" و"غُوُور" فباطل؛ لأنَّ مثل "سُوُور" شاذٌّ، ولو لم يُسمع لما قيل. وأيضًا فإنَّ الضَّرورة دعت إلى ذلك في مثل "سُوُور"؛ لأنهم لو أَعلُّوا فأسكنوا الواو الأُولى، وبعدها واو ساكنة، لوجب حذف إحداهما، فيصير لفظ "فُعُول" و"فُعْل" واحدًا، فيقع اللَّبس. وكذلك أيضًا لو أَعلُّوا الواو في مثل "قَوُول" فقلبوها [43ب] ألفًا لالتقى ساكنان: الألف والواو، فيجب حذف أحد الساكنين، فيصير "فَعُول" و"فَعْل"5 في اللفظ واحدًا. فيقع اللَّبس؛ لأنَّ المصدر قد يأتي على "فُعْل" كظُلْم، وكذلك الصفة قد تأتي على "فَعْل" كضَخْم. ولا يلزم شيء من ذلك في إعلال "مفعول"؛ لأنَّ اسم المفعول لا يأتي أبدًا من الفعل الثلاثي إِلَّا على وزن "مفعول". فإذا أعللته عُلم أنه مُغيَّر من ذلك6. فإن وقعت الواو والياء عينين، في اسم على ثلاثة أحرف، فإنه لا يخلو من أن يكون على وزن من أوزان الأفعال، أو لا يكون. فإن كان على وزن7 من أوزان الأفعال أُعلَّ الفعل، فقلبت الواو والياء ألفًا نحو: باب ودار وساق. فإنها في الأصل "بَوَبٌ" و"دَوَرٌ" و"سَوَقٌ"8، على وزن "فَعِلٍ"، فاستُثقل حرف العلَّة واجتماعُ المِثلَينِ -أعني الفتحتين- فقُلب حرف العلَّة ألفًا، كما فُعِل بـ"قالَ" و"باعَ". وكذلك: رجلٌ خافٌ ومالٌ، وكبشٌ صافٌ. الأصل فيها "خَوِفٌ" و"مَوِلٌ" و"صَوِِفٌ"، فاستُثقلت الكسرة في حرف العلَّة، فقُلب حرف العلَّة ألفًا، كما فَعلوا في الفعل نحو: خافَ وهابَ. وكذلك لو أردت بناء اسم على "فَعِل" من البيع أو القول، لقلت: باعٌ وقالٌ، على قياس9: خافٍ وصافٍ. وكذلك لو جاء10 من المعتلِّ العين شيء على وزن "فَعُل"، بضمِّ العين،
لوجب قلب حرف العلَّة ألفًا، كما وجب ذلك في "فَعَلٍ" و"فَعِلٍ" بفتح العين وكسرها، وإن لم يُحفظ1 شيء من ذلك في كلامهم. فإن قيل: وما الدليل على أنَّ بابًا ودارًا وساقًا وأمثالها على "فَعَلٍ" بفتح العين، في الأصل، ولعلَّها مضمومة في الأصل أو مكسورة؟ فالجواب أنه لا بدَّ من ادِّعاء أنَّ العين متحرِّكة في الأصل؛ لأنَّ الألف لا تكون أبدًا أصلًا، إلَّا مُنقلبةً عن ياء أو واو، ولا يُمكن أن يُدَّعى قلبُ الألف في باب ودار وساق إِلَّا عن حرف علَّة متحرِّك، إذ لو كان ساكنًا في الأصل لصحَّ كما صحَّ قَوْلٌ وبَيْنٌ. فإذا ثَبَت أنه متحرِّك2 في الأصل فأولى ما يُدَّعى من الحركات الفتحةُ؛ لأنها أخفُّها؛ ولأنَّ "فَعَلًا"3 المفتوحَ العين أكثرُ من "فَعُلٍ" و"فَعِلٍ"، بضمِّ العين وكسرها. وأمَّا4 خافٌ ومالٌ وصافٌ فالذي يدلُّ على أنَّها "فَعِلٌ"، في الأصل, أنَّها أَسماءُ فاعلِينَ، من "فَعِلَ" نحو: خافَ يَخافُ وصافَ يَصافُ ومالَ يَمالُ. فمجيء المضارع على "يَفعَلُ" دليلٌ على أنَّ الماضي على "فَعِلَ". واسم الفاعل من "فَعِلَ" يأتي على "فَعِلٍ" بكسر العين، نحو: فَرِقَ فهو فَرِقٌ وحَذِرَ فهو حَذِرٌ. ولا يأتي على "فَعَلٍ" ولا "فَعُلٍ" بضمِّ العين أو فتحها. ولا تصحُّ العين في شيء، مما جاء على وزن الفعل، إِلَّا فيما5 كان مصدرًا لفعل لا يعتلُّ، نحو: العَوَرِ والصَّيَدِ؛ لأنهما مصدران لـ"عَوِرَ" وصَيِدَ"، فصَحَّا كما صحَّ فعلُهما. أو ما جاء شاذًّا6 -نحو: القَوَدِ والحَوَكةِ ورَوِعٍ وحَوِلٍ- فإنَّ العين صحَّت فيها7، وكان القياس إعلالها كما تَقَدَّمَ. وفي ذلك مَنْبَهة على ما ادَّعينا من أنَّ الأصل في باب: "بَوَبٌ"، وفي مال: "مَوَلٌ"، وأمثالهما. فإن8 قال قائل: لأيِّ شيء لم تَجرِ هذه الأسماء التي هي على وزن الفعل، على أصلها فتصحَّ، ليكون ذلك فرقًا بينها وبين الفعل، كما فعلوا ذلك فيما لحقته الزوائد، فقالوا "هو أطوَلُ منه" فصحَّحوا، فرقًا بينه وبين "أطالَ" على ما تبيَّن في موضعه؟ 9 فالجواب أنَّ ما لحقته زيادة.
من الأسماء تبلغ به زِنةَ الأفعال لا ينصرف، فلو أعللته لالتبس بالفعل؛ لأنه لا يدخله خفض ولا تنوين كما أنَّ الفعل كذلك، وما كان على ثلاثة أحرف فالتنوين والخفض يفصلانَ بينه وبين الفعل، فأُمِنَ اللَّبس. فإن لم يكن على وزن فعل من الأفعال فإنه لا يعتلُّ، ولا يُغيَّر عن بنائه الأصليِّ1 بل يجري مجرى الصحيح نحو: سُوَلةٍ2 وعُيَبةٍ3 وحِوَلٍ4 وصِيَرٍ5، وكذلك إذا بنيت6 من القول أو البيع مثل "إِبِل" قلتَ7: قِوِلٌ وبِيِعٌ. إِلَّا أن يكون الاسم على "فُعُل" بضمِّ العين والفاء من الواو، أو "فُعْلٍ" من الياء بضمِّ الفاء وإسكان العين، أو "فِعَلٍ" من الواو بكسر الفاء وفتح العين، جمعًا لاسم قد اعتلَّت عينه فقُلبت الواو فيه ألفًا وياء، أو "فِعْلٍ" من الواو بإسكان العين وكسر الفاء. فإن كان على "فُعُلٍ" من الواو فإنه يخالف الصحيح، في التزام إسكان عينه8. فتقول في جمع نَوارٍ: "نُوْرٌ"، وعَوانٍ: "عُوْنٌ"، وسِوارٍ: "سُوْرٌ"، بالإسكان ليس إلَّا. وليس كذلك الصحيح، بل يجوز فيه التحريك والإسكان نحو: رُسْل ورُسُل. وذلك أنه لمَّا انضاف إلى ثقل الضَّمَّة ثقلُ الواو لم يجزْ إِلَّا السكونُ؛ لأنَّه كلَّما كثر الثقل كان أدعى للتخفيف. ولا يجوز تحريك العين من "فُعُلٍ" المعتلِّ العين، إِلَّا في ضرورة، نحو، قوله9: عَن مُبْرِقاتٍ بالبُرِينَ, وتَبـ ... ـدُو في, الأكُفِّ اللَّامِعاتِ, سُوُرْ10 وقولِ الآخر11: أَغَرُّ الثَّنايا, أحَمُّ اللِّثا ... تِ, تَمنَحُهُ سُوُكَ الإِسحِلِ
وليس الأمر كذلك1 في "فُعُلٍ" الذي عينه ياء. بل يجوز [فيه] 2 التحريك والتسكين، نحو: عِيَان3 وعُيُن. وقالوا: بَيُوضٌ4 وبُيُضٌ. فإذا سَكَّنتَ الياء [44أ] كان حكمه حكم "فُعْلٍ" بسكون العين، ممّا عينه ياء، وسيُبيَّنُ حكمه. فإن قيل: ولأيِّ شيء لم يَفِرُّوا من الواو المضمومة في [مثل] 5 سُوُك إلى الهمزة، كما قالوا: أدْؤُرٌ وأَنْؤُرٌ، في جمع دار ونار؟ فالجواب6 أنه لا يُبدل من الواو المضمومة همزة، إِلَّا حيث لا يمكن تخفيفها بالإسكان نحو أَدْوُر؛ لأنَّك لو سكَّنت7 الواو لالتقى ساكنان. وليس كذلك سُوُر وعُوُن. وقد يجوز أن تُبدل الواو همزة، وإن أمكن التسكين. فقد حُكي: جَوادٌ وجُؤُدٌ وجُوْدٌ، بالهمزة وبإسكان الواو. فإن كان على "فُعْلٍ" وعينه ياءٌ فلا يخلو من أن يكون مفردًا أو جمعًا. فإن كان جمعًا قُلبتِ الضَّمَّة كسرة، لتصحَّ الياء، نحو: أَبيَض وبِيض. أصله "بُيْضٌ" كحُمْر، فقُلبت الضَّمَّة كسرة. وذلك أنَّ الياء8 لمَّا كانت تلي الطَّرف عُوملت معاملة الطرف. فكما أنَّ الياء إذا كانت طرفًا وقبلها ضمَّة تُقلب9 الضَّمَّة كسرة نحو "أَظْبٍ" في جمع ظَبْيٍ، أصله "أَظْبُيٌ" نحو "أَفْلُس"، فكذلك إذا كانت تلي الطرف، لا خلاف بين النَّحويِّين في ذلك. وإن كان مفردًا فحكمه عند سيبويه والخليل كحكم الجمع. فإذا بنيتَ من البياض اسمًا على "فُعْل" قلتَ: بِيضٌ. فـ"ديكٌ"، على مذهب سيبويه، يحتمل أن يكون "فُعْلًا" و"فِعْلًا". وأبو الحسن يَقلب الياء واوًا، ويقرّ الضَّمَّة، فيقول: بُوضٌ. ولا يكون "دِيك" عنده إِلَّا "فِعْل". وحجَّته أنَّ قلب الضَّمَّة كسرة قد استقرَّ في الجمع, نحو "بِيض" في جمع أَبيَض, ولم يستقرَّ في المفرد, والقياس10 يقتضي التفرقة؛ لأنَّ الجمع أثقل من الواحد, فهو أدعى للتخفيف. فلذلك قُلبت الضَّمَّة كسرة في الجمع لتصحَّ الياء، ولم تُقلب الياء واوًا؛ لأنَّ الياء أخفُّ من الواو. وأمَّا المفرد فلِكونه أخفَّ من الجمع يُحتمل فيه الواو.
والصحيح ما ذهب إليه سيبويه، بدليل ما ذكرناه1 في مَبِيع وأمثاله, من أنه لمَّا اجتمع ساكنان وحُذفت الواو -على مذهب سيبويه- جاءت الياء ساكنةً، وقبلها ضمَّة تلي الطَّرف، فقُلبت الضَّمَّة كسرة لتصِحَّ الياء. وقد تَقَدَّمَ الديل على صحَّةِ ذلك. فكذلك في "فُعْل" من الياء, ينبغي أن تُقلب الضَّمَّة كسرة لتصحَّ الياء. فأمَّا2 قوله3. وكُنتُ, إِذا جارِي دَعا لِمَضُوفةٍ, ... أُشَمِّرُ, حَتَّى يَنصِفَ السَّاقَ مِئزَرِي فقَلبَ الياء من مَصُوفة واوًا، وأَقَرَّ الضَّمَّة مع كون الياء تلي الطَّرف؛ لأنَّ الأصل "مَضْيُفةٌ" لأنَّه من "ضافَ يَضِيفُ"، ثمَّ نُقلت الضَّمَّة إلى الساكن قبلها4، فصار "مَضُيْفة" فجاءت الياء ساكنة بعد ضمَّة5، ثمَّ قُلبت الياء واوًا، فشاذٌّ لا يُعرَّج عليه. بل ينبغي أن يُعوَّل على باب: مَبِيع ومَكِيل؛ لأنَّه مطَّرد. وكذلك ما حكاه6 الأصمعيُّ، من أنهم يقولون للريح الحارَّة: هَيْفٌ وهُوْفٌ. فلا حجَّةَ فيه لأبي الحسن، في قوله في "فُعْل" من البيع: "بُوْعٌ"، فيَقلبَ الياء واوًا [ويُقرَّ الضَّمَّة] 7، لاحتمال أن يكونا لغتين، فيكون هَيْفٌ من ذوات الياء، وهُوْفٌ من ذوات الواو، نحو:8 التِّيهِ والتُّوهِ. ويحتمل أن يكون الهَيفُ والهُوفُ معًا من ذوات الواو، فيكون أصل هَيْف: "هَيْوِف" مثل مَيّت, ثمَّ أُدغمت الياء في الواو فقُلبت الواو ياء فصار "هَيِّف" وحُذفتْ، فقالوا9: هَيْف، كما قالوا: مَيْت. وإن كان10 على "فِعَل" من الواو، بكسر الفاء وفتح العين، جَمعًا لِما قُلبت فيه الواو ياءً أو ألفًا، فإنَّ الواو تَنقلب فيه ياءً لانكسار ما قبلها، مع أنهم أرادوا أن تعتلَّ في الجمع كما اعتلَّت في المفرد. وذلك [نحو] 11: قامَة وقِيَم ودِيمَة ودِيَم وقِيمَة وقِيَم. والأصل "قِوَمٌ" و"دِوَمٌ"؛ لأنهما من: قامَ يَقُومُ ودامَ يَدُومُ.
فإن كانت الواو لم تعتلَّ في المفرد لم تعتلَّ في الجمع1، نحو: زَوج وزِوَجة وعُود وعِوَدة، إِلَّا لفظةً واحدةً شَذَّتْ وهي: ثَورٌ وثِيَرةٌ. فذهب2 أبو بكر إلى أنَّ الذي أوجب قلبَ الواو ياءً أنَّ الأصل "ثِيارَةٌ" كحِجارة وذِكارة3، فقلبت الواو ياء لأجل الألف التي بعدها. كما قلبت4 في سياط جمع سوط، على ما يُبيَّن بعدُ5. فلمَّا قَصَره منه6 بقيت الياء، تنبيهًا على أنَّه مقصور من ثِيارة7, كما صَحَّ "عَوِرَ"8 حملًا على "اعْوَرَّ". وذهب9 المبرّد إلى أنهم أرادوا أن يفرِّقوا بين جمع "ثَور" الذي هو الحيوان، والثَّور الذي يراد به القطعة من الأَقِط10، فقالوا في الحيوان: ثِيَرة، وفي الأقط: ثِوَرة، كما قالوا: نَشيانُ للخَبَرِ11، وأصله نَشْوان، فرقًا بينه وبين نَشوانَ بمعنى سكران. ومنهم من 12 ذهب إلى أنَّ الأصل "ثِوْرة" بالإسكان، فقُلبت الواو ياء لوقوعها ساكنة بعد كسرة، ثمَّ حرّك بالفتح [44ب] ، وأُبقي13 الياء؛ لأنَّ الأصل الإسكان. ومنهم من علَّل ذلك بأنهم قد قالوا ثِيْرة وثِيرانٌ فقلبوا الواو ياء، فأحبُّوا أن يُجروا جمعه كلَّه على الياء، فقالوا: ثِيَرة، كما قالوا: ثِيْرة14 وثِيران، كما حملوا: أَعِدُ وتَعِدُ ونَعِدُ، على "يَعِدُ". وكلُّ ذلك توجيهُ شذوذٍ. وكذلك لو كان "فِعَلٌ" من ذوات الواو مفردًا لم تقلب واوه ياء، نحو: طِوَل15. فإن كان الاسم على "فِعْلٍ" من الواو، بكسر الفاء وإسكان العين، قُلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، نحو: قِيْلٍ. أصله "قِوْلٌ" لأنَّه من القول.
فإن وقعت الواو أو الياء1 عينًا في فعل، على أزيدَ من ثلاثة أحرف، فإنه لا يخلو أن يكون ما قبل حرف العلَّة ساكنًا أو متحرِّكًا. فإن كان متحرِّكًا -وذلك في "انفَعَلَ" و"افتَعَلَ" نحو: انقادَ واقتادَ واختارَ- فإنك2 تُعامل ما بعد الساكن معاملةَ فعل، على ثلاثة أحرف. وذلك أنَّ الأصل "انقَوَدَ" و"اقتَوَد" و"اختَيَرَ"، فعاملتَ "قادَ" مِن "انقاد"، و"تادَ" مِن" اقتاد"، و"تارَ" مِن "اختار"، معاملة: قالَ وباعَ، فأعللتَ كما أعللتهما. ولا يصحُّ شيءٌ من ذلك، إِلَّا أن يكون في معنى ما لا يعتلُّ، نحو3: اجتَوَرُوا واهتَوَشُوا واعتَوَنُوا؛ لأنها في [معنى] 4: تَجاوَرُوا وتَعاوَنُوا وتَهاوَشُوا؛ ألا ترى أنَّ الفعل فيه ليس فعلَ واحدٍ؟ فبابُه أن يكون على وزن "تَفاعَلَ". وكذلك جميع ما يأتي على معنى "تَفاعَلَ" لا يُعلُّ شيء منه كما لم يعلَّ: عَوِرَ وصَيِدَ؛ لأنهما في معنى5: اعوَرَّ واصيَدَّ. إِلَّا أنك إذا أسندتَهما6 إلى ضمير متكلِّم أو مخاطَب7 لم تُحوِّل الفتحة التي في العين إذا كانت واوًا ضمَّة، أو ياءً كسرةً، كما فعلتَ ذلك في "قُلتُ" و"بِعتُ" بل تقول: انقَدْتُ واختَرْتُ8، فتُسكِّن آخر الفعل للضمير، وما قبلَه ساكن فتحذفُه لالتقاء الساكنين من غير تحويل. وإنَّما لم تُحوِّل لأنك لو حوَّلتَ في ذوات الواو حركة العين ضمَّةً لنقلتَ "انفَعَلتُ" و"افتَعَلتُ" إلى "انفَعُلَ" و"افتَعُلَ"، وهما بناءان غير موجودين. وكذلك لو حوَّلتَ في ذوات الياء حركة العين كسرةً لنقلتَهما إلى "انفَعِل" و"افتَعِل"9، وهما بناءان غير موجودين. فلمَّا كان النقل يؤدِّي إلى بناء غير موجود لم يجُز. وليس10 كذلك "فَعَلَ"؛ لأنَّه إذا حُوِّل إلى "فَعُلَ" بضمِّ العين، أو "فَعِلَ" بكسرها، كان محوَّلًا إلى بناءٍ موجودٍ.
وإذا بَنيتَه للمفعول1 عاملت ما بعد الساكن معاملة الفعل على ثلاثة أحرف. فمن قال في "قال" و"باع". قِيلَ وبِيعَ، قال: انقِيْدَ اختِيْرَ واقتِيْدَ. ومن أشار إلى الضَّمَّة هنالك فأشَمَّ أَشَمَّ هنا. ومن قال: قُوْلَ وبُوْعَ، قال: انقُوْدَ واختُوْرَ واقتُوْدَ2. وكذلك إذا أسندته إلى ضمير المفعول المتكلِّم أو المخاطَب3 قلت: "اختُرْتُ"، على لغة من قال: اختُوْرَ. ومن أَشَمَّ فقال: اختِيْرَ، قال "اختِرْتُ" فأشَمَّ. ومن تَرك الإشمام فقال: اختِيْرَ، تركَ الإشمام فقال: "اختِرْتُ"؛ لأنَّه لا يدخله لبس كالذي يدخل في "بِعْتُ". والعمل في إعلال ذلك كلِّه كالعمل في إعلال: قِيلَ وبيعَ، وقد تَقَدَّمَ4. وكذلك المستقبلُ5 مبنيًّا كان للفاعل أو المفعول واسمُ الفاعل والمفعولِ، يجري ما بعد الساكن في جميع ذلك مجرى الفعل على ثلاثة أحرف، فتقول: يَنقادُ ويُنقادُ ويَقتادُ ويُقتادُ6 ومُقتادٌ ومُنقادٌ. فتُجري7 "قادَ" و"تادَ" في جميع ذلك مُجرى: قالَ وباعَ. وإن كان ما قبل حرف العلَّة ساكنًا فلا يخلو أن يكون الساكن حرف علَّة، أو حرفًا صحيحًا. فإن كان حرفَ علَّةٍ فإن العين لا تعتلُّ أصلًا. وذلك نحو8 "فاعَلتُ" و"تَفاعَلتُ"9 و"فَعَّلتُ"10 و"فَيعَلتُ"، جميعُ ذلك لا تعتلُّ11 فيه العين, وذلك نحو: سايَرتُ وتَسايَرَ وعاوَنتُ وتَعاوَنَ وقَوَّمتُه ومَيَّزتُه12. وإنَّما لم تَعتلَّ العين؛ لأنَّ ما قبلها ساكن. فلو أسكنتها لالتقى ساكنان فيجب الحذف، فيصير لفظ "فاعَلَ" كـ"فَعَلَ"، نحو: سايَرَ لو قلبتَ الياء ألفًا ثمَّ حَذفتَها لالتقاء الساكنين لقلتَ "سارَ". وكذلك "فَعَّل" و"فَيعَلَ" لو أعللتَ العين، فقلبتها ألفًا ثمَّ حَذفتَها، أو الساكنَ قبلها، لصار اللفظ بهما كاللفظ بـ"فَعَل" أو بـ"فَعْلَ". فكنت
تقول في: مَيَّزَ1 وقَوَّمَ، لو حذفت الساكن الأوَّل بعد إعلال العين2: "مازَ"3 و"قامَ". ولو حذفت العين لقلت: "مَيْزَ"4 و"قَوْمَ". فلمَّا كان الإعلال يؤدِّي إلى لحذف والإلباس لم تُعِلَّ شيئًا5 من ذلك. إِلَّا أنك تقلب الواو ياء في "فَيْعَلَ" ممّا عينه واو، لاجتماع الياء والواو وسبقِ الياء بالسكون، فتقول في "فَيْعَلَ" من القَول: قَيَّلَ. وكذلك [45أ] تصحُّ6 في المضارع، وفي الفعل المبنيِّ للمفعول، واسم الفاعل والمفعول، كما صحَّت في الفعل [الماضي المبنيِّ للفاعل] 7، فتقول8 في الماضي المبنِيِّ للمفعول: سُوْيِرَ وعُوْوِنَ9، وتُسُوْيِرَ وتُعُوْوِنَ، وقُوِّمَ ومُيِّزَ. وفي "فُيْعِلَ"10 من القول: قُوْوِلَ، فتقلب ياءَ "فُيْعِل" واوًا لسكونها وانضمام ما قبلها11، كما فعلت ذلك في بُوطِرَ. ولا تُدغِم الواو من: سُوْيِرَ وعُوْوِنَ وتُسُوْيِرَ وتُعُوْوِنَ؛ لأنها بَدَلٌ من الألف في "سايَرَ" و"تَسايَرَ" و"عاوَنَ" و"تَعاوَنَ". فكما لا تُدغم الألف في الياءِ [أو الواو] 12 فكذلك ما هو بدل منها، وكذلك [أيضًا] 13 لا تدغم الواو من "قُوْوِلَ" في الواو التي بعدها؛ لأنها لمَّا صارت مَدَّة أَشبهتِ الواو المنقلبة من الألف في "سُوْيِرَ" وأمثالِه، فلم تُدغِم كما لم تُدغِم 14 واو "سُوْيِرَ" فيما بعدها. وكذلك حكم كلِّ حرف قد كان لغير المدِّ ثمَّ صار في بعض المواضع مدَّة، لا يُدغَم لشَبَهِه بالألف في "فاعَلَ"، من حيث هو للمدِّ ولا يلزم كما لم تلزم الألف. فإن كان حرف المدِّ لازمًا أُدغم نحو: مَغْزُوّ، أُدغِمت واو "مفعول" في الواو التي بعدها، لمَّا كانت لازمة لكونها في لفظ لا يتصرَّف. [وتقول] ، في المضارع واسم الفاعل والمفعول: يُسايِرُ15 ويُسايَرُ ويُعاوِنُ ويُعاوَنُ,
[ويَتسايَرُ] 1 ويُتسايَرُ، ويَتعاوَنُ ويُتعاوَنُ، ويُقَوِّمُ ويُقَوَّمُ، ويُمَيِّزُ ويُمَيَّزُ، ومُسايِرٌ ومُسايَرٌ2، ومُعاوِنٌ ومُعاوَنٌ، ومُتسايِرٌ ومُتسايَرٌ، ومُتعاوِنٌ ومُتعاوَنٌ عليه، ومُقَوِّمٌ ومُقَوَّمٌ3، ومُميِّزٌ ومُميَّزٌ. فلا تعتلُّ العين في شيء من ذلك. وتقول في المضارع من "فَيعَلَ" واسم الفاعل واسم المفعول: يُقَيِّلُ ويُقَيَّلُ ومُقَيِّلُ ومُقَيَّل. فتُدغم ياء "فَيْعَلَ": في الواو فتقلبها ياءً، ولا تُعِلّ4 العينَ بأكثرَ من قلبها ياءً، كما كان ذلك في الماضي المبنِيِّ للفاعل. وإن كان الساكن حرفًا صحيحًا فلا يخلو أن يكون الفعل على وزن "افعَلَّ" أو "افعالَّ"، أو على غير ذلك من الأوزان. فإن كان على غير ذلك من الأوزان -وذلك "أَفْعَلَ" و"استَفْعَلَ"- فإنك تنقل الفتحة من حرف العلَّة إلى الساكن قبله، وتقلب حرف العلَّة ألفًا. وذلك نحو: أقامَ واستَقامَ وأبانَ واستَبانَ. الأصل "أَقْوَمَ" و"استَقْوَمَ" و"أَبْيَنَ" و"استَبْيَنَ". فنقلتَ الفتحة من حرف العلَّة إلى الساكن قبله، فصار "أَقَوْمَ" و"استَقَوْمَ" و"أَبَيْنَ" و"استَبَيْنَ". فانْفَتحَ ما قبل الواو والياء في اللفظ، وهما متحرِّكان في الأصل, والسكونُ عارضٌ، فقَلبتَ حرف العلَّة ألفًا، لانفتاح ما قبله في اللفظ وتحرُّكه في الأصل. فإن قيل: ولأيِّ شيءٍ أُعِلَّ حرف العلَّة وما قبله ساكن؟ فالجواب أنَّه حُمِلَ عليه قبل لحاقِ الزِّيادة له؛ لأنَّ الزِّيادة في "أَقامَ" و"استَقامَ" لحقَتْ "قامَ". وكذلك ما كان نحوَهما. وكذلك أيضًا تفعل بالمضارع، فتقول: يُقِيمُ ويُقامُ، ويَستَقِيمُ ويُستَقامُ. والأصل "يُقْوِمُ" و"يُقْوَمُ"، و"يَستَقْوِمُ" و"يُستَقْوَمُ". فنقلتَ حركةَ حرف العلَّة إلى الساكن قبله، حملًا على مضارع الثلاثيِّ غير المزيد نحو: يَقُومُ ويَخافُ. فإن جاءت الواو ساكنة بعد كسرة قُلبت ياء، نحو: يُقِيمُ ويَستَقِيمُ. وإن جاءت الياء5 ساكنة بعد كسرة ثَبَتَتْ، نحو: يُبِينُ ويَستَبِينُ. وإنْ جاءت الياء أو الواو بعد فتحة قُلبت6 ألفًا، لانفتاح ما قبلها في اللفظ وتحرُّكها7 في
الأصل، نحو: يُقامُ ويُستَقامُ، ويُبانُ ويُستَبانُ. وكذلك اسم الفاعل واسم المفعول، تُعِلُّهما حملًا على الفعل. وذلك نحو: مُستَبِين ومُستَبان، ومُستَقِيم ومُستَقام، ومُقِيم ومُقام، ومُبِين ومُبان, الأصل "مُستَقْوِمٌ" و"مُستَقْوَمٌ"1، و"مُستَبْيِنٌ" و"مُستَبْيَنٌ"، و"مُقْوِمٌ" و"مُقْوَمٌ"، و"مُبْيِنٌ" و"مُبْيَنٌ". فعَمِلتَ بهما ما عملت بالمضارع. ولا يصحُّ شيء من ذلك، إِلَّا أن يكون فعلَ تعجُّب2، نحو: ما أَقْوَلَهُ وما أَطْوَلَهُ! وأَقْوِلْ به وأطْوِلْ بِهِ! فإنه يصحُّ لشَبَهِه بـ"أَفْعَلَ" التي للمفاضلة، نحو: هو أَقوَلُ منه وأَطوَلُ. ووجه الشَّبه بينهما أنهما لا يُبنيان إِلَّا من شيء واحد، وأنَّ فعلَ التعجُّب فيه تفضيل للمتعجَّب منه على غيره3، كما أنَّ "أَفعَلَ" يقتضي التفضيل، وأنَّ فعل التعجُّب لا مصدر له ولا يتصرَّف، فصار بمنزلة الاسم4 لذلك. وما عدا فِعلَ التعجُّب لا يصحُّ إِلَّا فيما شذَّ. والذي شذَّ من5 ذلك: استَنْوَقَ الجَمَلُ واستَصْوَبتُ6 رأيَهُ -حكاهما ابنُ مِقسَم عن ثعلب7- واستَتيَسَتِ الشَّاةُ واستَرْوَحَ8 واستَحْوَذَ. ولا يُحفَظُ في شيء من ذلك [45ب] المجيءُ على الأصل. وشذَّ من "أَفْعَلَ": أَطْيَبَ وأَجْودَ وأَغْيَلَتِ المَرأة وأَطْوَلْتَ. قال9: صَدَدْتَ, فأطْوَلتَ الصُّدُودَ, وقَلَّما ... وِصالٌ, علَى طُولِ الصُّدُودِ, يَدُومُ وقد سُمِعَ: أَطالَ وأَجادَ وأَطابَ. وأمَّا "أَغْيَلَ" فلا يحفظُ فيه كافَّةُ النَّحويِّين إِلَّا التَّصحيحَ، إِلَّا أبا زيد الأنصاري فإنه حكى: أغْيَلَتِ المرأةُ وأَغالَتْ بالتَّصحيح والإعلال. وجميع هذه الشواذِّ مَنْبَهةٌ على ما ادَّعيناه، من أنَّ أصل10 أَقامَ: "أَقْوَمَ"، واستقامَ: "استَقْوَمَ".
وإن كانَ على وزن "افعَلَّ" أو "افعالَّ"، نحو: ابيَضَّ وابياضَّ، واعوَرَّ واعوارَّ، فإنَّ العين تصحُّ ولا تَعتلُّ1. وإنَّما لم تعتلَّ؛ لأنَّك لو أعللتَ "ابيَضَّ" و2 "اعوَرَّ" لقلتَ "باضَّ" و"عارَّ"، فيلتبس بـ"فاعَلَ". وذلك أنك كنت تنقل الفتحة من الياء والواو إلى الساكن قبلهما، وتحذف ألف الوصل لزوال الساكن، وتقلب الواو والياء ألفًا، لتحرُّكهما في الأصل وانفتاح ما قبلهما في اللفظ. وكذلك لو أَعللَت "ابياضَّ" واعوارَّ" لَلِزمك أن تقول "باضَّ" و"عارَّ" فيلتبس بـ"فاعَلَ". وذلك أنك إذا فعلت بهما3 ما فعلتَ بـ"افعَلَّ" التقى ساكنان: ألف "افعالَّ" والألفُ المبدلة، فتحذف إحداهما، فيصير اللفظ "باضَّ" و"عارَّ". وممّا يوجب أيضًا تصحيحَ "افعلَّ" و"افعالَّ" أنَّ المزيد إنَّما اعتلَّ بالحمل على غير المزيد، [وغيرُ المزيد] 4 ممّا هو في معنى "افعَلَّ" و"افعالَّ" لا يعتلُّ5 نحو: عَوِرَ وصَيِدَ. فليس لـ"افعَلَّ" و"افعالَّ" ما يُحملان عليه في الإعلال. فإن كان الاسم على أزيدَ من ثلاثة أحرف فلا يخلو من أن يكون موافقًا للفعل في وزنه، أو لا يكون. فإن كان موافقًا للفعل في وزنه6 -وأعني بذلك أن يكون عدد حروفه موافقًا لعدد حروف الفعل، وحركاتُه كحركاته وسكناتُه كسكناته– فلا يخلو من أن يكون موافقًا للفعل في جنس الزيادة فلا7 يخلو من أن يكون إعلاله إعلالَ الفعل مصيِّرًا له على لفظ الفعل، أو لا يكون. فإن لم يكن مصيِّرًا له على لفظه أعللته لأمن اللَّبس. وذلك نحو أن تبني من القول اسمًا على "يُفْعُلٍ" بضمِّ الياء والعين، فإنك تقول "يُقْوُلٌ". وكذلك إن بنيته من البيع قلتَ "يُبِيْعٌ". والأصل "يُبْيُعٌ"، فنقلت الضَّمَّة من الياء إلى الباء، فصارت الياء ساكنة بعد ضمَّةٍ، فقلبت الضَّمَّة كسرة لتصحَّ الياء، كما فعلوا في بِيْض ومَبِيع، في مذهب8 [سيبويه في إعلالهما. هذا مذهب جماعة
النحويِّينَ ... لكونه] 1 ليس مبنيًّا على فعل. والصحيح ما ذهب إليه من أنك تُعلُّ، لموافقته "يُفعلُ" في الوزن، وإن لم يكن مبنيًّا على الفعل. وسيقام الدليل على صحَّة ذلك، فيما زيادته مخالفة لزيادة الفعل. وإن كان الإعلال مصيِّرًا له على لفظ الفعل لم يُعلَّ، لئلَّا يلتبس الاسم بالفعل. وذلك نحو قولك:2 هذا أطوَلُ منك؛ ألا ترى أنك لو أعللتَ فقلت "أطالَ" لالتبس بلفظ الفعل؟ وكذلك3 لو بَنَيتَ مثل "يَفْعَلٍ"4 و"تَفعَلٍ"، من القول والبيع، لقلت "يَقْوَلٌ"5 و"يَبْيَعٌ"6، و"تَقْوَلٌ" و"تَبْيَعٌ". وكذلك أيضًا لو ألحقتَ التاء لم تَعتدَّ بها، وصَحَّحتَ الاسم، فكنت تقول "يَقْوَلةٌ"7 و"يَبْيَعةٌ"8، و"تَقْوَلَةٌ" و"تَبْيَعةٌ". أو9 أَلِفَيِ التأنيث أو الألف والنون الزائدتين المشبهتين لهما أو ياءي النسب أو علامة التثنية [والجمع السالم] ، لم تعتدَّ بهما وصححت الاسم. قالوا: تَدوِرةٌ، في اسم مكان. وقالوا أخيَليٌّ، في النسب إلى أخيل، وأبيضِيٌّ، ويومٌ أروَنانٌ وهَيّنٌ وأهوِناءُ. وقالوا في اسم موضع: [أبْيَنُ، وفي جمع بَيِّن] : أبْيِناءُ. وقال بعضهم أبِيْناءُ، فأعلّ وهو شاذٌّ، ووجهه أنه أعلّه لكونه على وزن الفعل، واعتدَّ بأَلِفَي التأنيث في رفع العلَّة الموجبة للتصحيح قبل لحاقها. وهو خوف اللبس بالفعل؛ ألا ترى أنه لا يمكن التباسه بالفعل بعد لحاقهما؟ وكذلك حكم ما لفظه لفظ الفعل10، وزيادتُه كزيادة الفعل. قال الشاعر11: جاءُوا بِتَدْوِرةٍ، يُضيءُ وُجُوهَنا ... دَسَمُ السَّلِيطِ، علَى فَتِيلِ ذُبالِ فأمَّا12 "يَزِيدُ" اسمَ رجلٍ فإنَّما اعتلَّ من قِبَل أنه كان فِعلًا لَزِمَه الإعلال، ثمَّ نُقِلَ من الفعل فسُمِّي به. فهو في المعتلِّ نظيرُ "يَشكُرَ" في الصحيح. وكذلك "تَزِيدُ" بالتاء.
قال أبو ذؤيب1: يَعثُرْنَ في حَدِّ الظُّباتِ, كأنَّما ... كُسِيَتْ بُرُودَ بَنِي تَزِيدَ الأذرُعُ وإن كان مخالفًا له في جنس الزيادة فإنه يُعَلُّ إعلال الفعل الذي يكون على وَفقه، في الحركات وعدد الحروف؛ لأنه قد أُمن التباسه بالفعل. فتقول في "مَفْعَلٍ" من القول والقيام: مَقالٌ ومَقامٌ. والأصل "مَقْوَلٌ" و"مَقْوَمٌ"، فأعللتَهما كما أَعللت "يَخافُ". وكذلك "مَفْعِلَةٌ"2 من البَيع تقول فيها: مَبِيْعةٌ3. فتنقل الكسرة من حرف العلَّة إلى الساكن قبله، كما فعلتَ ذلك في نظيره من الفعل وهو "يَبِيعُ". وكذلك تقول في "مَفْعُلَةٍ" من البيع، على مذهب سيبويه4؛ لأنك إذا نقلت الضَّمَّة من الياء5 إلى الساكن قبلها جاءت الياء ساكنة بعد ضمَّةٍ قريبةٍ من الطرف. فعلى مذهب سيبويه تُقلب الضَّمَّة كسرة لتصحَّ الياء، وعلى مذهب الأخفش تُقلب الياء واوًا؛ لأنه مفرد. ولا تُقلب الضَّمَّة عنده كسرة لتصحَّ الياء، إِلَّا في الجمع. فتقول على مذهبه: مَبُوعةٌ. وتقول في "مَفْعُلَةٍ" من القول: مَقُولةٌ، فتُعِلُّها كما تُعِلُّ "يَقُولُ". وكذلك تفعل بما خالفت زيادتُه زيادةَ الفعل، أو كان6 فيه ما يقوم مقام الانفراد بالزيادة، نحو بنائك من القول والبيع مثل تِحْلِئ7، إِلَّا "مِفْعَلًا"8 فإنك لا تُعلُّه. وذلك نحو: مِقْوَل ومِتْيَح9. وذلك لأنه مقصورٌ من "مِفْعالٍ". فلم يَعَلَّ كما لا يُعَلُّ "مِفْعالٌ" نحو: مِقْوال, كما لم يُعَلَّ "عَوِرَ" لأنَّه في معنى "اعوَرَّ".وممّا يُبيِّن أنَّ "مِفْعَلًا" يمكن أن يكون مقصورًا من "مِفْعال" كونُهما في معنًى واحد من المبالغة -تقول: رَجلٌ مِطْعَنٌ ومِطعانٌ، إذا وصفته بكثرة الطعن- وكونُهما قد يتعاقبان على معنًى واحد نحو: مِفتَح ومِفتاح. وقد شذَّتْ [46أ] ألفاظ فجاءت مصحَّحة، وبابُها أن تعتلَّ10 وهي: مَزْيَدٌ ومَرْيَمُ ومَكْوَزةُ ومَقْوَدةٌ. وحكى أبو زيد: وقَعَ الصَّيدُ في مَصْيَدَتِنا، وشَرابٌ مَبْوَلةٌ، وهي مَطْيَبةٌ للنفس. وقرأ بعض
القُرَّاءِ1: "لَمَثْوَبةٌ مِن عِندِ اللهِ خَيرٌ". وذهب أبو العبَّاس2 إلى أنَّ نحو: مَقام ومَباع، إنَّما اعتلَّ لأنه مصدرٌ للفعل أو اسم مكان، لا لأنه على وزن الفعل. وجعل "مَزْيَد" و"مَرْيَم" و"مَكْوَزة" على القياس؛ لأنها ليس لها أفعالٌ فتُحملَ في الإعلال عليها، إنَّما هي أسماءٌ أعلامٌ. وهذا الذي ذهب إليه فاسد؛ لأنَّه إن زعم أنه3 لا يُعَلُّ إِلَّا أسماء المصادر، وأسماء الأزمنة والأمكنة، فقد أعلَّت العرب "مَعِيْشة" وهو اسم ما يعاش به، وليس باسم مصدر، ولا زمان ولا مكان. وكذلك "المَثُوبة" وهو اسم ما يُثاب به من خير أو شرٍّ، وإن زعم أنَّ الذي يُعَلُّ ما هو جارٍ على الفعل -أعني مشتقًّا منه4 بقياس مطَّرد- فباطلٌ؛ لأنهم قد أعلُّوا مثل "مَعِيْشة"5، وليس "مَفِعْلةٌ" ممّا عينه ياء ممّا يُقال باطِّراد. وإن زَعَم أنَّ الذي يُعَلُّ ما هو بالجملة مأخوذ من الفعل فهذه الأسماء، وإن كانت أعلامًا، فإنها منقولة في الأصل ممّا أُخِذ من الفعل. فمَزْيَدٌ في الأصل مصدَرٌ قد شُذَّ في تصحيحه، وحينئذ سُمِّي به. وكذلك مَرْيَمُ ومَكْوَزةُ. هذا هو المذهب الصحيح في الأعلام، أعني أنها كلَّّها منقولة، سواء عُلِم لها أصلٌ نُقِلت منه أو لم يُعلم؛ لأنَّ الأسماء الأعلام كلَّها يُحفظ لها في النكرات أصولٌ نُقِلت منها، وما لا يُحفظ له أصلٌ منها يُحمل على الأكثر فيُقضى بأنَّ له أصلًا، وإن لم يحفظ. قال أبو عليٍّ: وممّا يُبيِّن أنَّ الإعلال قد يكون في الاسم، بمجرَّد كونه على وزن الفعل، إعلالُهم نحو باب ودار، ولا مناسبة بينه وبين الفعل أكثرَ من الوزن. فإذا تَبيَّن أنَّ الوزن موجِب للإعلال وجب أن يُحملَ مَزْيَدٌ وأخواته على الشذوذ، لكونها لم تَعتلَّ، وهي على وزن الفعل. فإن6 قال قائل: لعلَّ إعلال دار وأمثاله ليس بالحمل على الفعل، بل الموجب له في الموضعين استثقال حرف العلة مع المثلين -أعني الفتحتين- وليس كذلك في مقام وأمثاله؛ لأنَّ حرف العلَّة إذا سكن ما قبله في الاسم حكمه أن يصحَّح نحو: عِثْيَر وحِذْيَم. فقد كان الواجب على هذا تصحيح مَقام وأمثاله، لولا حمله على أقامَ. فالجواب أنَّ الذي يدلُّ على إعلال دار وأمثاله بالحمل على الفعل شيئان: أحدهما أنَّ الثلاثيَّ المجرَّد من الزيادة إذا لم يكن على وزن الفعل لا يُعلُّ باتفاق. وأبو العبَّاس ممن يوافق على ذلك، نحو: حِوَل وبِيَع
وصُوَر. وكذلك لو بنيتَ من القول مثل إبِل لقلتَ: قِوِلٌ، فصحَّحتَ. فلمَّا وجدناهم يعلُّونه إذا كان على وزن الفعل، ويمتنعون من إعلاله إذا لم يكن على وزنه، دلَّ ذلك على أنَّ إعلاله بالحمل عليه. والآخر تصحيحهم مثل: صَوَرَى وحَيَدَى وأشباههما، بزوال الشبه الذي بين الاسم والفعل، لمَّا لحقت ألف التأنيث الخاصَّة بالأسماء. وإن كان الاسم على غير وزن الفعل فلا يخلو من أن يكون جاريًا على الفعل، أو لا يكون، ونعني بالجاري: ما يكون للفعل من الأسماء باطِّراد. فإن كان جاريًا أُعلَّ بالحمل على الفعل. وذلك نحو "إِفعال"1 مصدر "أُفْعَلَ"، و"استِفعال"2 مصدر "استَفْعَلَ". فإنك تنقل الفتحة من العين إلى الفاء الساكنة قبلُ، ثمَّ تَقلب3 حرف العلَّة، لتحرُّكه في الأصل وانفتاح ما قبله في اللفظ، فيلتقي ألفان: الأف المبدلة من حرف العلَّة والألف الزائدة قبل الآخر، فتحذف الواحدة لالتقاء الساكنين. فمذهب الخليل وسيبويه أنَّ المحذوفة الزائدة، ومذهب الأخفش أنَّ المحذوفة الأصليَّة4. وقد تَقَدَّمَ:5 أيُّ المذهبين أحسنُ في مسألة "مَفْعول" ممّا عينه حرف علَّة، إذ الأمر فيهما واحد. فإذا حُذفتْ عُوِّض منها تاء التأنيث، إذ كانت التاء ممَّا يُعوَّض من المحذوف نحو: زنادقة، وكانت أيضًا ممَّا لا يمتنع منها6 المصادر إذا أردت المرَّة الواحدة، نحو "ضَرْبة" لفظه لفظ الضرب وزيادته كزيادة الفعل. وذلك [نحو] 7: إقامة مصدر "أَقامَ"، واستِقامة مصدر "استَقامَ". وكذلك "انفِعالٌ" مصدر "انفَعَلَ"8 المعتلِّ العين، إن كان من ذوات الواو قُلِبت الواو ياء، وذلك نحو: انقِياد مصدر "انقادَ". أصله "انقِواد"، فجعلت "قِواد" من "انقِواد" بمنزلة قِيام، فقَلبت الواو ياء كما فعلتَ ذلك في قِيام. وسيُبيَّنُ لِمَ قُلبتِ الواو ياء في "قيام" وأمثاله9.
فإن كانت هذه المصادر لفعل لم تَعتلَّ عينه صحَّت كما يصحُّ فعلها. وذلك نحو: استِحْواذ وإغيال مصدر: استحْوَذَ وأَغيَلَتْ. وإن كان غيرَ جار فلا يخلو من أن يسكن ما قبل حرف العلَّة، أو ما بعده، أو ما قبله وما بعده، أو يتحرَّكَ ما قبله وما بعده. فإن تحرَّك ما قبله وما بعده فلا يخلو من أن تكون العين ياءً ساكنة وقبلها ضمَّة أو واوًا ساكنة وقبلها كسرة، أو لا تكون. فإن لم تكن كذلك صحَّت، وذلك نحو: صَوَرَى1 وحَيَدان2 ومَيَلان3. وذلك أنَّ ألف التأنيث لمَّا لَحِقَت "صَوَرَ"، والألف والنون لمَّا لَحِقَتا "حَيَدَ و"مَيَلَ" -وهي من خواصِّ الأسماء- أزالَتِ الشَّبَهَ الذي بين هذه الأسماء في الوزن وبين الفعل، فلم تعتلَّ4. إِلَّا ألفاظ شذَّت تُحفَظ، ولا يقاس عليها. وهي: دارانُ5 وهامانُ6 وحادانُ7. وذلك أنهم شَبَّهوا في هذه الأسماء الألفَ والنون بتاء التأنيث8. فكما أنَّ تاء التأنيث لا تَمنع الإعلال في مثل: دارة ولابة وقارة، فكذلك الأف والنون. ووجهُ الشَّبه بينهما أنك تحذفهما في الترخيم كما تحذف التاء. وكذلك أيضًا تُحقِّر الاسم ولا تَعتدُّ بالألف والنون، كما تفعل بالاسم الذي فيه تاء التأنيث [46ب] . فإن قيل: وما الدليل على أنَّ دارانَ وهامانَ وحادانَ: "فَعَلان"؟ وهلَّا جعلتها9 "فاعلًا" نحو: ساباط. فالجواب أنَّ حمله على "فَعَلان" أولى، لكثرته وقلَّة "فاعال". وأيضًا فإِن مَنْعَ صرفها يدلُّ على أنها "فَعَلان". فإن10 كانت الواو ساكنة بعد كسرة فإنها تقلب ياء نحو: ثِيران جمع ثَور. أصله "ثِوْران" فقلبت الواو ياء. وإن كانت الياء ساكنة بعد ضمَّة فإنها تقلب واوًا، وإن كانت بعيدة من الطرف.
نحو: عُوْطَط1. أصله "عُيْطَط"؛ لأنهم يقولون: عاطَ يَعِيطُ وعَيَّطتُه، فقلبت الياء واوًا. إِلَّا "فُعْلَى" ممَّا عينه ياء فإنه لا يخلو أن يكون اسمًا أو صفة. فإن كان اسمًا قلبت الياء واوًا نحو: طُوبَى وكُوهَى2، على القياس؛ لأنها بعيدة من الطرف. وإن كانت صفة قلبت الضَّمَّة كسرة لتصحَّ الياء قالوا: قِسمةٌ ضِيزَى3. وأصله "ضُيْزَى"، على وزن "فُعْلَى" بضمِّ الفاء، والدليل على ذلك أنه لا يحفظ في الصفات "فِعْلَى" بكسر الفاء، بل بضمِّها نحو: حُبلَى. وإنَّما قُلبت الضَّمَّة كسرة؛ لأنهم لم يعتدُّوا بألف التأنيث، فجرت لذلك مُجرى القريبة من الطرف، واعتدُّوا بها في الاسم كما اعتدُّوا بها في: صَوَرَى وحَيَدَى، فلم ينقلب حرف العلَّة ألفًا، وكأنَّ الذي سنَّ ذلك فيهما كون الصفة أثقلَ من الاسم، إذ الصفة من العلل الموانع للصرف، فهي أدعى للتخفيف، والياء أخفُّ من الواو، فقلبت الضَّمَّة كسرة لتصحَّ الياء. فإن سَكنَ ما قبله أو ما بعده، أو ما قبله وما بعده، صَحَّ4 إِلَّا ما يُستثنى بعدُ. وذلك نحو: خِوان5 وصِوان6 وقَوام وحُوَّل7 ومِقْوال ومِشْوار8 والتَّجْوال وأَقوال وأَدواء. وكذلك أَهْوِناءُ9, إنَّما صحَّ لسكون ما قبله، لا لأنَّ زيادته كزيادة الفعل؛ لأنَّ ألف التأنيث أزالت عنه الالتباس الذي كان يكون فيه بالفعل، لو أُعلَّ قبل لحاقها. وإنَّما صحَّت العين في مثل هذه الأسماء؛ لأنها لو قُلبتْ ألفًا لالتقى ساكنان، فتحذف الألف، فكان ذلك تغييرًا كثيرًا10، وكان مؤدِّيًا في بعض المواضع11 إلى الإلباس؛ ألا ترى أنَّك لو أَعللتَ قَوُولًا فقلبت واوه ألفًا ثمَّ حذفتها لصار اللفظ قَوْلًا على وزن "فَعْل"، ولم يُعلَم: هل هو "فَعُول" في الأصل؟ وأيضًا فإنه ليس لها ما يُوجب إعلالها، إذ ليست على وزن الفعل ولا جاريةً عليه.
وقد أُعلَّ من هذا الفصل أشياءُ1 لأسباب أَوجبتْ ذلك فيها، وأنا أذكرها لك, إن شاء الله. فمن ذلك "فِعالٌ"2 إذا كان مصدرًا لفعل معتلِّ العين بالواو، أو جمعًا لمفرد عينُه واوٌ، وقد سَكَنَتْ الواو في مفرده، أو اعتلَّت بقلبها ألفًا، فإنك تقلب الواو ياءً. وذلك نحو: قامَ قِيامًا وسَوط وسِياط ودار ودِيار. والأصل "قِوامٌ" و"سِواطٌ" و"دِوارٌ": فقُلبت الواو في "قِوام" ياءً، لانكسار ما قبلها، مع الحمل على الفعل في الاعتلال، مع أنَّ الواو بعدها ألفٌ وهي قريبة الشَّبه من الياء. فلمَّا اجتمعت هذه الأسباب خُفِّف اللفظ بقلب الواو ياء. ولو نقص شيء من هذه الأسباب لم تُقلب الواو ألفًا؛ ألا ترى أنَّ لِواذًا3 صحَّت واوه لصحَّتها في "لاوَذَ"، وحِوَل4 صَحَّت واوه لكونها ليس بعدها ألف، والقَوام صحَّت واوه؛ لأنها ليس قبلها كسرة؟ وقُلبت الواو في سِياط ودِيار لانكسار ما قبلها، وكونِ الألف بعدها وهي تشبه الياء, وكون الواو قد توهَّنتْ في مفرد سِياط بالسكون، وفي مفرد دِيار بقلبها ألفًا، وكون الكلمة جمعًا والجمعُ ثقيل. ولو نقص شيء من هذه الأسباب لم تُقلب الواو ياء؛ ألا ترى أنَّ زِوَجة 5: صحَّت واوه؛ لأنها ليس بعدها ألف، وطِوال صَحَّت واوه؛ لأنها متحرِّكة في المفرد، وجَوارِب6 جَمع جَوربٍ صَحَّت واوه؛ لأنها ليس قبلها كسرة؟ وزاد أبو الفتح في الشروط ألَّا تكون العين في المفرد مُضعَّفة. فإن كانت مضاعفة لم تنقلب الواو في الجمع ياء نحو: رِواء في جمع رَيَّانَ. وإنَّما 7 صَحَّت لاعتلال اللام بانقلابها همزة، فكرهو إعلالها، لِما يلزم عن ذلك من توالي إعلالين. ويجوز عندي أن يكون رِواءٌ جمعَ رَوِيٍّ لا جمع رَيَّانَ، فتكون صِحَّة الواو في الجمع لمِا ذكرناه8، ولتحرُّكها في المفرد. وقد قُلبت الواو في جمع طَويل، فقالوا: طِيالٌ. وذلك في الشعر ولا يُقاس عليه. قال الشاعر9:
تَبَيَّنَ لِي أنَّ القَماءَةَ ذِلَّةٌ ... وأنَّ أَشدَّاءَ الرِّجالِ طِيالُها ومن ذلك "فُعَّلٌ"1 إذا كان جمعًا، ولم يكن معتلَّ اللام، فإنه يجوز قلب الواو الأخيرة ياء، ثمَّ تُقلب [47أ] الواو الأولى ياء، وتدغم الياء في الياء حملًا للعين على اللام. وذلك نحو: صائم وصُيَّم وصُوَّم، وجائع وجُيَّع وجُوَّع. قال الشاعر2: ومُغَرَّضٍ, تَغلي المَراجلُ تَحتَهُ, ... عَجَّلتُ طَبختَهُ, لرَهطٍ جُيَّعِ يريد "جُوَّعًا". والوجه ألَّا تُقلب. وذلك أنك كنت تقول في جمع عات: عُتِيّ، فتقلب في الجمع لا غير، للعلَّة التي تذكر في موضعها3. فلمَّا كانت قريبة من الطرف شُبِّهت باللام. ولك أيضًا أن تقلب الضَّمَّة كسرة، إذا قلبت الواو ياء، فتقول: صِيَّمٌ، كما فعلتَ ذلك في عُصِيٍّ4. ولا يلزم ذلك5، كما لَزمَ في عُصِيٍّ لبعد العين6 من الطَّرف. فإن كان مفردًا7 لم يجز القلب. وذلك نحو قولك: رجلٌ حُوَّلٌ. وإنَّما لم يجز القلب؛ لأنَّ الوجه فيما اعتلَّت لامه فكانت واوًا أن تثبت في المفرد، نحو قولك: عَتا يَعتُو عُتُوًّا. قال تعالى: {وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا} 8. وإذا كان الوجه في اللام، أن تثبت لم يجز في العين إِلَّا الثبات؛ لأنَّ العين أقوى من اللام. وكذلك أيضًا لا يجوز قلب الواو الواقعة عنها في الجمع، إذا كانت اللام معتلَّة، كراهيةَ توالي الإعلال من جهة واحدة. وذلك نحو: شاوٍ وشُوًّى. فأمَّا "فُعَّالٌ"9، نحو: صُوَّام، فلا تُقلبُ الواو فيه ياء لبعدها من الطَّرف. وقد جاء حرفان شاذَّان وهما10 قولُهم: فلان في صُيَّابةِ قومِه, يريدون "صُوَّابة"، أي: صَميمهم وخالصهم. وهو من: صابَ يَصُوبُ، إِذا نَزَل. كأنَّ عِرقَهُ فيهم قد شاع وتمكَّن، وقولُهم11: نُيَّام، بمعنى نُوَّام
جمع نائم. أنشد ابن الأعرابيِّ1: ألَا طَرَقَتْنا مَيَّةُ بنةُ مُنذِرٍ ... فما أرَّقَ النُّيَّامَ إِلَّا سَلامُها ومن ذلك "فَيْعِل"، نحو: سَيِّد ومَيِّت ولَيِّن. فإنَّه إن كان من ذوات الياء أُدغمت الياء في الياء من غير تغيير. وإن كان من ذوات الواو قُلبت الواو ياءً وأُدغمت الياء في الياء. فمن ذوات الياء: لَيِّنٌ، ومن ذوات الواو: سَيِّدٌ ومَيِّتٌ. وإن شئت حذفت الياء المتحرِّكة تخفيفًا فقلت: سَيْدٌ ومَيْتٌ ولَيْنٌ، لاستثقال ياءين وكسرة. والفارسيُّ لا يرى التخفيف في ذوات الياء2 قياسًا، فلا تقول في بَيِّنٍ: "بَيْنٌ"، قياسًا على لَيْنٍ، ويقيس ذلك في ذوات الواو. وحجَّته أنَّ ذوات الواو قد كانت الواو فيها قد قلبت ياء فخُفِّفت بحذف إحدى الياءين منها؛ لأنَّ التغيير يأنَس بالتغيير؛ ألا ترى أنهم يقولون في النسب إلى "فَعِيل": "فَعِيلىّ" فلا يحذفون الياء، ويقولون في النسب إلى "فَعِيلة": "فَعَلِيّ" فيحذفون الياء، لحذفهم3 التاء. وزعم البغداذيون4 أنَّ سَيِّدًا ومَيِّتًا وأمثالهما في الأصل على وزن "فَيْعَلٍ" بفتح العين، والأصل "سَيَّدٌ و"مَيَّتٌ"، ثمَّ غُيِّرَ على غير قياس، كما قالوا في النَّسبِ إلى بَصرة: "بِصرِيّ"، فكسروا الباء. والذي حملهم على ذلك أنه لم يوجد "فَيْعِلٌ" في الصحيح مكسورَ العين، بل يكون مفتوحَها5، نحو: صَيرَف وصَيقَل. وهذا الذي ذهبوا إليه فاسدٌ؛ لأنه لا ينبغي أن يُحمل على الشذوذ ما أمكن. وأيضًا فإنه لو كان كتغيير "بِصريّ" لم يطَّرد. فاطِّرادُه6، في مثل سَيِّد ومَيِّت ولَيِّن وهَيِّن وبَيِّن، دليلٌ على بطلان ما ذهبوا إليه. فأمَّا مجيئُه على "فيعِلٍ" مع أنَّ الصحيح لم يجئ على ذلك فليس بموجبٍ لادِّعاءِ7 أنه في الأصل مفتوحُ العين؛ لأنَّ المعتلَّ قد ينفرد في كلامهم ببناء لا يوجد في الصحيح8.
وذلك نحو قَرْية قالوا في جمعه: قُرًى، ولا يُجمع "فَعْلٌ" من الصحيح على "فُعَلٍ" بضمِّ الفاء1 أصلًا. وكذلك قاضٍ وغازٍ قالوا في جمعهما: قُضاةٌ وغُزاةٌ، فجمعوهما على "فُعَلَة" بضمِّ الفاء، ولا يجمع الصحيح اللام2 إِلَّا بفتح الفاء، نحو: ظالم وظَلَمة وكافِرٍ وكَفَرة. فإن قيل: إنَّ قُضاة على ما ذهب إليه الفرَّاءُ3، من أنها "قُضًّى" في الأصل نحو: ضارِب وضُرَّب، ثمَّ أَبدلوا من أحد المضعّفين ألفًا4 فقالوا "قُضاا"5، فالتقى ألفان: الألف التي هي لام، والألف المبدلة من أحد المضعّفين، فحذفوا إحداهما ثمَّ أبدلوا منها التاء. فالجواب أن يقال: إنَّ6 إبدال الألف من أحد7 المضعّفين ليس بقياس. واطِّراد قُضاة وغُزاة ورُماة يدلُّ على بُطلان ما ذهب إليه، إذ لو كان كما ذهب إليه لم يطَّرد. وذهب الفرَّاء8 إلى أنَّ الأصل في سَيِّد: "سَوِيْدٌ" على وزن "فَعِيْل"، ثمَّ قُلِب فأُدغم9. وكذلك ما كان نحوه. وحَمَلَه على ذلك عدمُ "فَيْعِلٍ" بكسر العين في الصحيح. وهذا الذي ذهب إليه فاسدٌ؛ لأنَّ القلب ليس بقياس، وأيضًا فإنه لم يجئ على الأصل في موضع. ولو كان الأمر كما ذكر لسُمعَ "سَوِيدٌ" و"مَوِيتٌ". وأيضًا فإنَّ "فَعِيلًا" لا يحفظ ممّا عينه ياء ولامه حرفُ صحَّة؛ ليس في كلام العرب مثل "كَيِيل". فإذا حَمَلَ بَيِّنًا ولَيِّنًا على أنَّ الأصل فيهما "لَيِيْنٌ" و"بَيِيْنٌ" فقد ادَّعى شيئًا لا يُحفظ في كلام العرب مثله. وقد بيَّنَّا أنَّ المعتلَّ ينفرد بالبناء لا يكون للصحيح10، فينبغي أن يُبقَى في11 سَيِّد وبابه على الظاهر من أنَّه "فَيْعِلٌ". وأيضًا فإنَّ الفرَّاء والغداذيِّين إنَّما رامُوا أن يجعلوا المعتلَّ على قياس [47ب] الصحيح، ولا يُفردَ المعتلُّ بما لا يكون في الصحيح، ثمَّ حَملواه على ما لم يثبت في الصحيح؛ ألا ترى أنَّ "فَيْعَلًا" في الصحيح لا تُكسر عينه، وكذلك [عين] 12 "فَعِيلٍ" في
الصحيح لا تقلبُ. فدلَّ ذلك على فسادِ مذهبهم. ومن ذلك "فَيْعَلُولةٌ"1 فإنه إن كان من ذوات الياء أُدغمت الياء في الياء، ثمَّ حُذفت الياء المتحرِّكة، استثقالًا للياءين مع طول البناء. وإن كان من ذوات الواو قُلبت الواو ياء، ثمَّ أُدغمت الياء في الياء، ثمَّ حُذفت الياء المتحرِّكة. وإنَّما التُزم في "فَيعَلُولة" الحذفُ؛ لأنه قد بلغ الغاية في العدد إِلَّا حرفًا واحدًا؛ ألا ترى أنَّه على ستَّة أحرفٍ2، وغايةُ الأسماء أن تنتهي بالزيادة إلى سبعة أحرف. فلمَّا كان الحذف في "فَيْعِل" جائزًا3 لم يكن في هذا الذي قد زاد ثِقلًا، بالطول، إِلَّا الحذفُ. وذلك نحو: كَيَّنُونة وقَيَّدُودة4. فإن قيل: وما الذي يدلُّ على [أنَّ] 5 كَيْنُونة6 وقَيْدُودة7 وأمثالهما في الأصل "فَيْعَلُولةٌ"؟ فالجواب أنَّ الذي يدلُّ على ذلك شيئان: أحدهما أنهما من ذوات الواو، فلولا أنَّ الأصل ذلك لقيل "قَودُودةٌ" وكَونُونةٌ"، إذ لا مُوجِب لقلب الواو ياء. والآخر أنَّه ليس في كلام العرب "فَعْلُولةٌ"، على ما تَقَدَّمَ في الأبنية. فإن قيل: فإنهما مصدران، وليس في المصادر ما هو على وزن "فَيْعَلُولة". فالجواب أنَّ "فَيعَلُولة" قد ثَبَتَ في غير المصادر، نحو: خَيسَفُوجة8، ولم يثبت "فَعْلُولة" في موضع من المواضع. فحملُه على ما ثَبَتَ في بعض المواضع أحسن، إن أَمكن. وإِلَّا فقد يجيء المعتلُّ على بناء لا يكون للصحيح كما قَدَّمنا9. وزعم الفرَّاء10 أنهما في الأصل "كُونُونَةٌ" و"قُودُودةٌ" [بضمِّ الفاء] 11، وكذلك "صُيرُورةٌ" وطارَ "طُيرُورةً"، ثمَّ قُلبت الضَّمَّة فتحة في صَيرورة وطَيرورة، لتصحَّ الياء. ثمَّ حُملت ذوات الواو على ذوات الياء، ففتحوا الفاء وقلبوا الواو ياء؛ لأنَّ مجيء المصدر على "فَعْلُولة"12 أكثرُ [ما
يكون] 1 في ذوات الياء2، نحو: صَيرُورة وسَيرُورة وطَيرُورة وبَينُونة. وهذا الذي ذهب إليه فاسدٌ من جهات: منها أنَّ ادِّعاء قلب الضَّمَّة فتحة لتصحَّ الياءُ مخالفٌ لكلام العرب. بل الذي اطَّرد في كلامهم أنه3 إذا جاءت الياء ساكنة بعد ضمَّة قُلبتْ واوًا، نحو قولهم: مُوقِنٌ وعُوطَطٌ4، وهما من اليقين والتَّعيُّط. ومنها أنَّ الضَّمَّة إذا قُلبتْ لتصحَّ الياء فإنَّما تُقلب كسرة، كما فعلوا في بِيضٍ، لا فتحةً. فإن قيل5: لم يقلبوها كسرة، استثقالًا للخُروج من كسر إلى ضَمٍّ. فالجواب أنَّ الكسر إذا كان عارضًا فلا يكرهون الخروج منه إلى ضمٍّ، نحو: بِيُوت وشِيُوخ. ومنها أنَّ حمله ذواتِ الواو على ذوات الياء ليس بقياس مطَّرد. أعني أنَّه إذا كثُر أمر ما في ذوات الياء، ثمَّ جاء منه في ذوات الواو شيء، لم يُوجِبْ ذلك حملَ ذوات الواو على الياء، وإنْ فُعِلَ ذلك فشذوذًا6؛ ألا ترى أنَّ كثرة 7 "فِعالة" في المصادر من ذوات الياء نحو: السِّقاية8 والرِّماية والنِّكاية9, وقلَّتَها من ذوات الواو10، لم تُخرِج "جِباوة" عن الشذوذ؟ ومنها أنَّ ما ادَّعاه, من أنَّ "فَعْلُولة" في ذوات الياء قد كثر، غيرُ مُسَلَّم. بل هذا الوزن في المصادر قليل في ذوات الياء والواو، وما جاء11 منه في ذوات الواو كالمُعادِلِ لما جاء منه في ذوات الياء. وممّا يدلُّ على صحَّة مذهب سيبويه12 ما حُكِي من مجيء "كَيَّنُونة" على الأصل. أَنشدَ المبرّد13.
قَد فارَقَتْ قَرِينَها القَرِينَهْ ... وشَحَطَتْ, عَن دارِها الظَّعِينَهْ يا لَيتَ أنَّا ضَمَّنا سَفِينَهْ ... حَتَّى يَعُودَ الوَصلُ كَيَّنُونَهْ وما عدا هذا المستثنياتِ1 ممَّا سَكَن ما قبلَه، أو ما بعدَه، أو ما قبلَه وما بعدَه، فلا يُعلُّ أَصلًا بأكثرَ من أن تُقلب الواو فيه ياء، إِذا اجتمعت مع الياء وقد2 تَقَدَّمَ أَحدُهما بالسكون. فإذا قَلبتَ الواو ياء أدغمتَ الياء في الياء. وذلك نحو "فَيْعُول"3 من القيام، تقول فيه: قَيُّومٌ. وكذلك "فَيْعال"4 نحو: قَيَّام5. الأصلُ فيهما "قَيْوُوْمٌ" و"قَيْوامٌ"، فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء. وكذلك تَفعل في كلِّ عينٍ، تكون واوًا فتجتمع مع ياء، ويَسبِقُ أحدُهما بالسكون، إِلَّا أن يَشِذَّ من ذلك شيء نحو6 ضَيْوَنٍ7، أو يكون أحدُهما مَدَّةً فإنك لا تُدغم. فلو بَنَيتَ مثل "فُوعَل"8 من القول لقلت "قُوْوَلٌ"9 ولم [48أ] تُدغم؛ لأنَّ الواو مدَّة، وقد تَقَدَّمَ السبب في ذلك في الفعل. فإن جمعتَ اسمًا معتلَّ العين10 على وزن "مَفاعِلَ" أو "مَفاعِيلَ" فإنك تُبقي العين على أَصلها، من ياء أو واو، ولا تُعِلُّ. إِلَّا أن تَقَعَ في الجمع على حَسَبِ ما كانت عليه في المفرد معتلَّة -نحو قولك في قائم: "قَوائم"، فتَقلِب العينَ همزةً كما قلبتَ في "قائم"؛ لأنها بعد ألف زائدة في الجمع كما كانت في المفرد- أو يكتنفَ ألفَ الجمع واوان أو ياءان أو واو وياء، بشرط القرب من الطَّرَف. وقد تَقَدَّمَ إحكام ذلك في البدل.11 وذلك نحو قولك في جمع "فُعَّل"12 من القول نحو قُوَّل: "قَوائل"، وفي [جمع] 13، "فَيْعَل" نحو قَيَّل: "قَيائل"، وفي
[جمع] 1 "فُعَّل"2 من البيع: "بَيائع". فإن لم تقع في الجمع على حَسَب ما اعتلَّت عليه في المفرد، ولا اكتنفَ ألفَ الجمع حرفا علَّة، فإنك تُبقي العين على أصلها من واو أو ياء. فتقول في جمع مِقْوَل: "مَقاوِلُ"، وفي جمع مَقام: "مَقاوِمُ"، وفي جمع مَعِيشة: "مَعايش"، إِلَّا لفظةً واحدةً شَذَّت فيها العرب -وهي3 مُصيبة- قالوا في جمعها: "مَصائِبُ" فهمزوا العين، وكان ينبغي أن يقال في جمعها "مَصاوِبُ"؛ لأنها من ذوات الواو. ووجه إبدالهم من العين همزةً أنهم شَبَّهوا الياء في "مُصِيبة" لسكونها وانكسار ما قبلها، بالياء الزائدة في مثل صَحِيفة. فكما قالوا في صَحيفة: صَحائفُ، فكذلك قالوا في مُصِيبة: مَصائبُ. هذا مذهب سيبوبه، ومذهب الزَّجَّاج أنهم قالوا "مَصاوِبُ"، ثمَّ أبدلوا من الواو المكسورة همزة تشبيهًا لها، حشوًا، بها في أوَّل الكلام. وقد تَقَدَّمَ في البدل4 ترجيحُ مذهب الزَّجَّاج على مذهب سيبويه. هذا حكم العين المعتلَّة، إذا كانت اللام حرفًا صحيحًا ليس الهمزة. فإن كانت اللام همزة5 فلا تخلو الفاء، إذ ذاك من أن تكون همزة أو لا تكون. فإن كانت همزة فإنه لا يجيء6 منه شيء في الأفعال؛ لأنَّ حروفه كلَّها تعتلُّ؛ ألا ترى أنَّ الألف من حروف العلَّة، وكذلك الهمزتان7. فكما لا تكون حروف الفعل كلُّها معتلَّة، فكذلك لا تكون عينه حرف علَّة وفاؤه ولامه همزتان. وإنَّما يجيء في الأسماء؛ قالوا "آءُ" وهو شجر. ونظيره من الأسماء في اعتلال جميع حروفه "واو". وإن لم تكن الفاء همزة فحكمه حكم ما لامُه غير همزة، إِلَّا فيما أَستثنيه لك: من ذلك8 اسم الفاعل في نحو "جاءَ"، فإنه يُخالف اسم الفاعل من "قامَ" وأمثاله، في أنَّك إذا أَبدلتَ من العين همزة كما فعلتَ ذلك في قائم وأمثاله، اجتمع لك همزتان: الهمزة التي هي لام والهمزة المبدلة من العين، فتُبِدل من الهمزة الثانية ياء، لانكسار ما قبلها. هذا مذهب
سيبويه. ومذهب الخليل1 أنهم قَلبوا اللَّام في موضع العين، فلم تَلتق همزتان. فإن قيل: وما الذي حَمل الخليل على ادِّعاءِ القلب؟ فالجواب أنَّ الذي حمله على ذلك كثرةُ العمل الذي في مذهب سيبويه؛ ألا ترى أنَّ جائيًا في مذهب سيبويه أصله "جايِئٌ" ثمَّ2 "جائئٌ" ثمَّ "جائِيٌ" ثمَّ "جاءٍ"3، وفي مذهب4 الخليل أصله "جايِئٌ"، فقُلب فصار "جائِيٌ" ثمَّ "جاءٍ"؟ فمذهب سيبويه فيه زيادٌ [عملٍ] 5 على مذهب الخليل. فلذلك تكلَّف القلب، إذ كانوا يقلبون فيما لا يؤدِّي فيه عدم القلب إلى اجتماع همزتين، نحو قولهم: شاكٍ ولاثٍ. والأصل فيهما: شائكٌ ولائثٌ. وكلا المذهبين عند سيبويه حسن. ورَجَّحَ الفارسيُّ6 مذهب الخليل على المذهب الأوَّل، بأنه يلزم في مذهب سيبويه توالي إعلالين على الكلمة من جهة واحدة. وهما قلب العين همزةً، وقلب الهمزة التي هي لام ياءً. وتوالي إعلالين على الكلمة، من جهة واحدة، لا يوجد في كلام العرب إِلَّا نادرًا أو في ضرورة الشعر7، نحو قوله8: وإِنِّي لأَستَحْيي,9 وفي الحَقِّ مُستَحًى, ... إِذا جاءَ باغِي العُرفِ, أن أَتَنَكَّرا أصل مُستَحًى: "مُستَحْيَيٌ" فتحرَّكت الياء الأخيرة وما قبلها مفتوح، فقلبت10 ألفًا فصار "مُستَحْيًا". ثمَّ أَعلُّوا الياء التي هي عين، بنقل حركتها إلى الساكن قبلها وقَلبِها ألفًا، فالتقَى ساكنان فحذف أحدهما. ولا يلزم في مذهب الخليل إِلَّا القلب، والقلب أكثر في كلام العرب من توالي الإعلالين على الكلمة، حتى إنَّ يعقوب قد وضع كتابًا في "القلب والإبدال"11. وهذا الترجيح حسن. إِلَّا أنَّ السماع يشهد للمذهب الأوَّل. وذلك أنَّ من العرب من يقول12: شاكٌ ولاثٌ، فيحذف العين من شائك ولائث. ومنهم من يقول: شاكٍ ولاثٍ، كما تَقَدَّمَ فيقلب13. والذي من لغته القلب ليس من لغته الحذف، وكلّهم يقول: شائكٌ
ولائثٌ. فلمَّا وَجدنا العرب كلَّها تقول: جاءٍ، ولا تَحذف1، علمنا أنه في لغة الحاذفين على أصله. إذ ليس من لغتهم القلب، ومن لغتهم البقاء على الأصل. وأمَّا في لغة القالِبينَ في: شاكٍ ولاثٍ فيحتمل أن يكون مقلوبًا، ويحتمل [48ب] أن يكون باقيًا على أصله. فقد حصل إِذًا ما ذهب إليه سيبويه سماعًا. وما ذهب إليه الخليل ليس له من السماع ما يقطع به، فهو محتمل. ومن ذلك الجمعُ، فإنه يوافق جمع ما لامه غير همزة، في جميع ما ذُكر. فتقول في جمع جاءٍ: "جَواءٍ"، كما تقول في جمع قائم:"قَوائم". والأصل "جَوائِئٌ"2، فقُلبت الهمزة الثانية ياءً لاجتماع الهمزتين. وعلى مذهب الخليل: "جَوايِئُ" فقُلبت الهمزة3. وتقول في جمع مَجِيء: "مَجايِئُ"4 كما تقول في جمع مَبِيع: "مَبايِع". إلا5 أن يؤدِّي الجمع إلى وقوع همزة عارضة بعد ألف الجمع -أعني لم تكن6 في حال الإفراد- فإنك إذا قلبتَ الهمزة الثانية ياء فإنك تُحوِّل كسرة الهمزة التي هي عين7 فتحةً، فتجيء8 الياء متحرِّكة وما قبلها مفتوح فتُقلب9 ألفًا، فتجيء الهمزة متوسِّطة بين ألفين، والهمزة قريبة الشَّبَه من الألف، فتجيء الكلمة كأنها اجتمع فيها ثلاثةُ أمثال، فتقلب الهمزة ياءً فرارًا من اجتماع الأمثال. وذلك نحو10 "فُعَّل"11 من المجيء نحو: جُيَّأ12. فإنك تقول في جمعه: جَيايا. والأصلُ "جَيايِئُ"، فاكتنف ألفَ الجمع ياءان، فقلبت الثانية همزة فقالوا "جَيائِئُ"، فقلبت13 [الهمزة] الثانية ياء لاجتماع الهمزتين وانكسار ما قبل الثانية فقالوا "جَيائِيُ"، ثمَّ حوَّلوه إلى "جَياءَيُ"، فتحرَّكت الياء وما قبلها مفتوح فقلبت ألفًا، فصار "جَياءَى" -وكان هذا التحويل لازمًا إذ كانوا قد يحوِّلون في مثل "صحارَى" مع أنه أخفُّ من "جياءَى"؛ لأنه لم تَعرِض فيه همزة كما عرضت في "جياءَى". وإنَّما لَزمَ تحويله، لمَّا عرضت فيه الهمزة؛ لأنَّ
عُروضها تغيير، والتغير يأنس بالتغيير– ثمَّ قُلبت الهمزة ياء لوقوعها بين ألفين فصار جَيايا. وإنَّما لزم قلب الهمزة ياء لمَّا وقعت بين ألفين؛ لأنَّ مخرج الهمزة يقرب من مخرج الألف، فكان كالتقاء ثلاث ألفات. وكذلك تَفعل بكلِّ ما تَعرِضُ فيه الهمزة من الجمع. فأمَّا قوله1: سَماءُ الإلهِ فَوقَ سَبعِ سَمائيا. فإنه ردَّه إلى أصله، لمَّا اضطرَّ، كما تُرَدُّ جميع الأشياء إلى أصلها عند الضرورة. ومن ذلك "أشياءُ"2. فمذهب سيبويه والخليل3 أنَّها "لَفْعاءُ" مقلوبة من "فَعْلاء"، والأصل "شَيْئاء" من لفظ شيء، وهو اسم جمع كقَصْباء4 وطَرْفاء5 ومذهب الكسائيِّ أنها "أَفعال" جمع شيء. ومذهب الفرَّاء والأخفش أنها "أَفعِلاء"6، والأصل "أَشيِئاء"، فحذفت الهمزة التي هي لام وانفتحت الياء لأجل الألف. ويخالف الفرَّاءُ أبا الحسن في "شيء" الذي هو مفرد أشياء. فمذهب أبي الحسن أنه "فَعْل" كبَيت، ومذهب الفرَّاء أنه مخفَّف من "فَيْعِل"، والأصل "شَيِّئٌ" فخُفِّف كما خفَّف هَيِّنٌ ومَيِّتٌ فقالوا: هَيْنٌ ومَيْتٌ. فالذي يُردُّ به على الكسائيِّ أنه لو كان "أَفعالًا" لكان مصروفًا، كأبيات وأجمال وأعباءٍ، إذ لا موجب لمنع الصرف. فإنه احتَجَّ بأنهم لمَّا جمعوه بالألف والتاء، فقالوا: أشياوات، أَشبَه "فَعْلاءَ" فمُنع الصرف. فالجواب أنَّ "أَفعالًا" لا يُجمع بالألف والتاء. فإِذ قد7 جَمعوا أشياء بالألف والتاء فذلك دليل على ما ادَّعى الخليل من أنها "فَعلاء". وبتقدير أنها "أفعال" جُمعت بالألف والتاء فإنَّ هذا القَدر لا يُوجب منع الصرف8؛ لأنَّ ذلك لم يستقرَّ في العلل المانعة للصرف. وأمَّا الفرَّاء والأخفش فالذي يَدلُّ على فساد مذهبيهما أنَّ حذف اللام لم يجئ منه
إِلَّا "سُؤتُه1 سَوايةً". والأصل سَوائِيَة كرَفاهية2. وحكى الفرَّاءُ "بُراءُ" ممنوعَ الصرف3، والأصل بُرَآءُ فحُذفت الهمزة التي هي لام. وذلك من القلَّة بحيث لا يقاس عليه، والقلب4 أوسع منه. وأيضًا فإنه لو كان الأصل "أَفعِلاء" لكان من أبنية جموع الكثرة، وجموعُ الكثرة لا تُصغَّر على لفظها، بل تُردُّ إلى جموع القِلَّةِ إن كان للاسم جمع قلَّة. وإلَّا تُردُّ على المفرد، ثمَّ يُصغَّر المفرد ويجمع بالواو والنون إن كان مذكَّرًا، وبالألف والتاء إن كان مؤنثًا. فتقول في تصغير فُلُوس: أُفَيلِسٌ، وفي تصغير رجال: رُجَيلُون، وفي تصغير دَراهم: دُرَيهِمات. وهم قد قالوا في تصغير أشياء: أُشَيَّاء فصغَّروها على لفظها. فدلَّ ذلك على فساد مذهبيهما. ولا يُردُّ بالتصغير على الكسائيِّ؛ لأنَّ "أَفعالًا" من أبنية جموع القلَّة، وجموع القلَّة تصغَّر على ألفاظها. وكذلك لا يُردُّ على الخليل بذلك؛ لأنَّ أسماء الجموع تُصغَّر على لفظها. وأيضًا فإنَّ "أَفعِلاء" لا يكون جمعًا لـ"فَعْل"5 ولا لـ"فَيْعِل". فأمَّا قولهم: هَيِّنٌ وأَهوِناءُ، فشاذٌّ لا يقاس عليه. ولا حجَّة للأخفش فيما ذَكَر، من أنَّ "أَفعِلاء" أختُ "فُعَلاء". يعني أنهما يشتركان في كونهما جمعين لـ"فَعِيل"، فكما جمعوا سَمْحًا، وهو "فَعْلٌ"، على سُمَحاء، فكذلك جمعوا شَيئًا، وهو "فَعْلٌ"، على "أَفعِلاء". وذلك أنَّ جمع سَمْح على سُمْحاء شاذٌّ، لا يقاس عليه مثلُه، فكيف نظيره. فإن قيل: فإنَّ الفرَّاء قد ذهب [49أ] إلى أنَّ "فَيْعِلًَا" في الأصل "فَعِيْل" فقُلب. فإذا كان كذلك فبابه أن يُجمع على "أَفعِلاء". فاجواب أنه تَقَدَّمَ الدليل6 على فساد مذهبه في ذلك. وممّا يدلُّ أيضًا على فساد مذهب الفرَّاء أنَّه ادَّعى أنَّ الأصل في شيء: "شيِّئ". وذلك لم يُنطق به في موضع من المواضع. ولو كان شَيء كمَيْتٍ وهَيْنٍ لجاء على أصله، في موضع من المواضع. فثَبَتَ إذًا أنَّ الأحسن مذهب الخليل، إِذ ليس فيه أكثر من القلب، والقلب كثير في كلامهم.
ومن ذلك1 "أَشاوَى" في معنى أشياءَ. حُكي من كلامهم: إنَّ لكَ عِندي لأشاوَى. وفيها خلاف أيضًا. فمذهب المازنِيِّ2 أنها جمع أشياءَ. وكان الأصل أن يقال "أشايا"3، فأُبدلت الياء واوًا4 شذُوذًا, كما قالوا: جَبَيتُ الخَراجَ جِباوةً. ففيها على هذا شذوذان: قلب اللام إلى أوَّل الكلمة، وقلب الياء واوًا. ومذهب سيبويه5 أنها جمع "إشاوة"، وإن لم يُنطق بها. وتكون "إِشاوة" المتوهَّمة كأنها في الأصل "شِياءَة" فقلبت اللام إلى أوَّل الكلمة، [وأُخِّرت العين إلى موضع اللام] 6، وأُبدِلت الياء واوًا. فلمَّا جمعوا فعلوا به ما يُفعل بـ "عِلاوة"7 -وسيُذكر ذلك في المعتلِّ اللَّام- فقالوا: أَشاوَى، كما قالوا: عَلاوَى. ورأى سيبويه أنَّ هذا أَوْلى، ليكونَ الشُّذوذ في المُتوهَّم -وهو المفرد الذي لم يُنطق به- ثمَّ يجيء الجمع على قياس المفرد. وإذا جعلنا أَشاوَى جمع أشياءَ كان الشُّذوذُ في الملفوظ به. وأيضًا8 فإنَّ أبا الحسن الأخفش حكى أنَّ العرب التزمت فيه الفتح9، فلم يقولوا "أشاوٍ" كصحارٍ، فدلَّ ذلك على أنَّه ليس جمع أشياء بل جمع إِشاوة. ولذلك التزم فيه الفتح كما التزم في جمع إِداوة وهِراوة وأمثالهما. وذهب بعض النَّحويِّين10 إلى أنَّ أَشاوَى غير مقلوب، وأنَّ الواو غير مبدلة [من ياء] 11، وجعله من تركيب "أش و". وقد جاء12 ذلك في قول الشاعر13: وحَبَّذا, حِينَ تُمسِي الرِّيحُ بارِدةً, ... وادِي أُشَيٍّ, وفِتيانٌ بِهِ, هُضُمُ
فأُشَيٌّ في الأصل "أُشَيْوٌ"؛ لأنَّ اللام الغالبُ عليها إذا كانت حرف علَّة أن تكون واوًا. فتكون على هذا موافقة لأَشياء في المعنى، ومخالفة لها في الأصل، فيكون ذلك من باب لؤلؤ ولأال، وسَبِط وسِبَطر. وذلك قليل جِدًّا. ومن ذلك1 سَوايَةٌ. أعني أنه شَذَّ عن القياس، بحذف الهمزة منه التي هي لام. والأصل "سَوائِيَةٌ". وقد تَقَدَّمَ2. ومن ذلك ما حكاه أبو زيد3 من قولهم: غَفَر الله مسائِيَتَكَ، جمع مَساءَة. والأصل "مساوِئتَكَ"، فقُلب فصار "مَسائِوتَك"، فجاءت الواو طرفًا بعد كسرة فقُلبت ياءً، وأُلحقت التاء التي تلحق لتأنيث الجمع، فصار مسائيتك. فهذه المستثنيات لا يقاس على شيء منها.
المعتل اللام
[المعتلُّ اللام] : فأمَّا المعتلُّ اللام فلا يخلو أن يكون اسمًا أو فعلًا. فإن كان فعلًا فلا يخلو من أن يكون على ثلاثة أحرف، أو على أزيد. فإن كان على ثلاثة أحرف فإنَّه يكون على "فَعَلَ" و"فَعُلَ" و"فَعِلَ" بفتح العين وضمِّها وكسرها: أمَّا المفتوحة العين والمكسورتها فإنها تكون في ذوات الواو والياء. فمثال "فَعَلَ"1 من الياء: رَمَى، ومن الواو: غَزا. ومثال "فَعِلَ"2 من الواو: شَقِيَ،3 ومثاله من الياء: عَمِيَ. وأمَّا المضمومةُ4 العين فلا توجد إِلَّا في الواو نحو: سَرُوَ. ولا تُوجد في الياء5 إِلَّا في التعجُّب نحو: لَقَضُوَ الرَّجُلُ! 6 أصله "لقَضُيَ"، فقُلبت الياء واوًا لانضمام ما قبلها؛ لأنَّ الياء وقبلها الضَّمَّة بمنزلة الياء والواو. فكما أنَّ اجتماع الياء والواو ثقيل فكذلك الياء إذا كان قبلها ضمَّة، لا سيَّما والياء في محل التغيير. وهو الطَّرف. فلم يكن بدٌّ من قلب الياء حرفًا من جنس الضَّمَّة وهو الواو، أو قلب الضَّمَّة كسرة لتصحَّ الياء، فلم يمكن قلبُ7 الضَّمَّةِ كسرة كراهيةَ أن يلتبس "فَعُلَ" بـ"فَعِلَ"، فقُلبت الياء واوًا. فإن قيل: ولأيِّ شيء امتنع بناءُ "فَعُلَ" من ذوات الياء؟ فالجواب8 أنَّ الذي مَنَعَ من ذلك أنهم لو فعلوا ذلك لأدَّى9 إلى الخروج من الخفيف إلى الثقيل؛ لأنه يلزم فيه كما ذكرنا قلبُ.
الياء واوًا، والياء أخفُّ من الواو، مع أنَّه يلزم أن يكون المضارع على "يَفعُلُ". فكنت تقول "رَمُوَ يَرْمُو"، فيجتمع لك في الماضي والمضارع ضمَّةٌ وواو وذلك ثقيل. وليس كذلك ذوات الواو؛ لأنَّه لا يلزم فيها1 أكثر من ثقل الواو والضَّمَّة نحو: "سَرُوَ يَسْرُو"، إذ ليس يلزم فيها خروج من خفيف إلى ثقيل. وإنَّما ساغ ذلك في فعل التعجُّب؛ لأنَّه لا مضارع له، فقَلَّ فيه الثقل لذلك. وأيضًا فإنه يشبه الأسماء، ولذلك صَحَّحوا الفعل في نحو: ما أَطوَلَهُ! تشبيهًا له بـ"أطوَلَ منه". فكذلك أيضًا قَلَبوا الياء في مثل "رَمُوَ"2، إذا أرادوا التعجُّب، واوًا تشبيهًا له [49ب] بـ"فَعُلَة"3، ممّا لامه ياء، إذا بُنيَتْ على التأنيث، نحو "رَمُوة"4 من الرمي. فإن قيل: وكيف شُبِّهت الياء المُتطرِّفة في الفعل بالياء غير المتطرِّفة في الاسم؟ بل كان يجب أن تُشبَّه5 بالياء المتطرِّفة. فكما أنَّ الياء المضموم ما قبلها، إذا كانت في آخر الاسم6، تُقلب الضَّمَّة كسرة نحو: أظْبٍ جمع ظَبْيٍ، فكذلك كان يجب فيما أشبهه من الفعل. فالجواب7: أنَّ الذي مَنَعَ من قلب الياء المضموم ما قبلها واوًا في آخر الاسم [أنَّ الواو المضموم ما قبلها في آخر الاسم] 8 مستثقلة، وهي مع ذلك معرَّضة لأن تليها ياء النسب وياء الإضافة، نحو "أَدْلُوِيّ" و"أَدْلُوِيْ"9 لو ثَبَتَتِ الواو. والفعل ليس بمعرَّض لذلك، فلم يُستثقل أن يكون آخره واوًا مضمومًا ما قبلها، كما استُثقل10 ذلك في الاسم. فلذلك شُبّه "رَمُوَ" في التعجُّب بـ"فَعُلَة" من الرَّمي نحو "رَمُوَة"؛ لأنَّ الواو إذ ذاك لا تليها ياءُ الإضافة كما أنَّ الفعل كذلك. فإن كان الفعل على "فَعُلَ" بضمِّ العين فإنَّ لامه تصحُّ نحو "سَرُوَ"، إذ لا موجب للإعلال فيه؛ لأنَّ الضَّمَّة مع الواو بمنزلة واوين. فكما تصحُّ الواوان في مثل عدوّ، فكذلك تصحُّ الواو المضموم ما قبلها في آخر الفعل11. إِلَّا أن يكون من ذوات الياء فإنه يُصنع به ما ذكرنا من
قلب الياء واوًا، لِما تَقَدَّمَ من ثقل الياء وقبلها الضَّمَّة، نحو: لَقَضُوَ الرَّجُلُ! فإن خَفَّفتَ1 العين فقلتَ: لقَضْوَ الرَّجلُ! أَبقيتَ الواو على أصلها؛ لأنَّ التسكين عارض. وأيضًا فإنَّ الفعل إذا لَزم فيه الإعلال في بعض المواضع حُملت سائر المواضع على ذلك، وإن لم يكن فيها موجب، نحو: أَغزَيتُ2، قُلبت فيه الواو ياء حملًا على: يُغْزِي، وإن لم يكن في "أغزَيتُ" ما في "يُغزِي" من انكسار ما قبل الواو المتطرِّفة. فكذلك قُلبت الياء في "لَقَضْوَ" [واوًا] 3 حملًا على "لَقَضُوَ"، وإن لم يكن في لغة المخفِّف ما قبل الياء مضمومًا. فإن كان الفعل على "فَعِلَ" بكسر العين فلا يخلو من أن يكون من ذوات الياء، أو من ذوات الواو: فإن كان من ذوات الياء بقي على أصله ولم يعتلَّ، نحو: غَنِيتُ" في الغُنية، كما لم يعتلَّ ما في آخره واو قبلها ضمَّة. بل إذا صحَّت الواو في مثل: سَرُوَ، فالأحرى أن تصحَّ الياء في مثل: غَنِيَ؛ لأنَّ الياءَ وقبلها الكسرة أخفُّ من الواو وقبلها الضَّمَّة. وإن كان من ذوات الواو قُلبت الواو ياء، نحو: شَقِيَ ورَضِيَ4؛ لأنَّ الواو وقبلها الكسرة بمنزلة الياء والواو؛ لأنَّ الكسرة بعضُ الياء. فكما أنَّ الياء والواو إذا اجتمعتا5 في مثل سيِّد ومَيِّت قلبت الواو ياء، والأصلُ "سَيْوِدٌ" و"مَيْوِتٌ"، فكذلك يُفعل بالكسرة مع الواو. فإن سكَّنتَ العينَ6 قلتُ: شَقْيَ7 ورَضْيَ، ولم تَردَّ الواو؛ لأنَّ الإسكان عارضٌ. وأيضًا فإنك تَحمِل التخفيف على التحريك، كما فعلتَ ذلك في "لَقَضْوَ" للعلَّة التي ذكرنا. وإن كان الفعل على وزن "فَعَلَ" بفتح العين فإنك تقلب حرف العلَّة ألفًا، ياءً كان أو واوًا، نحو: غَزا ورَمَى، من الغَزْو والرَّمْي. والسبب8 في ذلك اجتماع ثقل المِثلَينِِ -أعني فتحة العين واللام- مع ثقل الياءِ أو الواو9، فقلبت الياء والواو ألفين10 لخفَّة الألف؛ ولأنها لا تتحرَّك فيزولُ اجتماع المِثلَينِ؛ ولأنَّه ليس للياء والواو ما يقلبان إليه، أقربُ من الألف.
لاجتماعهما معها1 في أنَّ الجميع حروف علَّة ولِين. وأيضًا فإنَّه لَمَّا قُلبت الواو، إذا كان قبلها كسرةٌ، حرفًا من جنس الحركة التي قبلها -وهو الياء في نحو: رَضِيَ- والياءُ المضمومُ ما قبلها حرفًا2 أيضًا من جنس الحركة التي قبلها -وهو الواو في نحو: لَقَضُوَ- كذلك قُلبت الياء والواو، إذا انفتح ما قبلهما، حرفًا من جنس الحركة التي قبلهما. وهو الألف. فإن3 بُنِي شيءٌ، من هذه الأوزان الثلاثة، للمفعول4 صُيّر الفعلُ على وزن "فُعِلَ" بضمِّ أوَّله وكسر ثانيه. فإن كان من ذواتِ الياء لم يَعتلَّ، كما لم يَعتلَّ "فَعِلَ"، نحو: عُنِيَ بزيدٍ ورُمِيَ السَّهمُ. وإن كان من ذوات الواو قُلبت الواو ياء، لانكسار ما قبلها، نحو: شُقِيَ به وغُزِيَ العدُوُّ، كما قُلبت في "فَعِلَ" نحو: شَقِيَ. فإن خُفِّفَتِ5 العينُ بقيت الياء ولم ترجع الواو، نحو: غُزْيَ، كما لم تَرجع في "رَضِيَ" إذا خُفِّفَتْ. والدليل، على أنَّ الفعل بعد التخفيف يبقى على حكمه قبل التخفيف، قوله6: تَهزأُ مِنِّي أُختُ آلِ طَيسَلَهْ ... قالَتْ: أَراهُ دالِفًا, قَد دُنْيَ لَهْ يريد: قد7 دُنِيَ له -وهو من "دَنوتُ"- فأسكن [50أ] النون وأَقرَّ الياء بحالها. فإن اتَّصل بشيء من هذه الأفعال علامةُ تأنيث فإنه يبقى على ما كان عليه، إن كان لامه في اللفظ ياءً أو واوًا -نحو: سَرُوَ ورَضِيَ وغُزِيَ- نحو: سَرُوَتِ المرأةُ ورَضِيَتْ هِندٌ وغُزِيَتِ الأعداءُ. وإن كان لامه ألفًا حُذفت لالتقاء الساكنين، نحو: رَمَتْ هِندٌ. وإن تحرَّكت التاء
لالتقاء الساكنين لم ترجع الألف؛ لأنَّ التحريك عارض، نحو: رَمَتِ المرأةُ والهِندانِ رَمَتا. ومن العرب من يَعتدُّ بالحركة في "رَمَتا"، وإن كانت عارضةً, لشدَّة اتِّصال الضمير بما قبله حتَّى كأنَّه بعضه، فيردُّ الألف فيقول: رَماتا. وذلك ضرورة, لا يجيء إِلَّا في الشعر. وعليه قوله1: لَها مَتنَتانِ, خَظاتَا, كَما ... أَكَبَّ, علَى ساعِدَيهِ, النَّمِرْ أراد: خَظَتا. وقد يجوز أن يكون تثنية خَظاة2، كأنَّه قال: خظاتانِ. ولكنه حذف النون ضرورة، فيكون كقوله3: ومَتْنانِ, خَظاتانِ ... كَزُحلُوقٍ, مِنَ الهَضْبِ ومِن حذف نون الاثنين ضرورةً قولُه4: هُما خُطَّتَا: إِمَّا إِسارٌ ومِنَّةٌ ... وإِمَّا دَمٌ, والقَتلُ بالحُرِّ أَجدَرُ أراد: هما خُطَّتانِ -وممّا يُعزَى إلى كلام البهائم قولُ الحَجَلةِ للقطا: "قَطا قَطا، بَيضُك ثِنتا، وَبيضِي مِائتا" أي: ثِنتانِ5 ومِائتانِ- وقولُ الآخر6: لَنا أَعنُزٌ, لُبْنٌ ثَلاثٌ,7 فبَعضُها ... لأولادِ ها ثِنتا, وما بَينَنا عَنْزُ والأوَّل8 أَولى؛ لأنَّ له نظائر كثيرة من الاعتداد بالعارض، في الكلام وحذف نون الاثنين للضرورة قليل جدًّا. فإن أُسند شيء من هذه الأفعال إلى ضمير رفع فلا يخلو أن يكون المسند ما في آخره ألف، أو ما في آخره ياء أو واو:
فإن كان ما في آخره ألف فإنه إن أُسند إلى ضمير غائب مفرد بقي على ما كان عليه قبل الإسناد، نحو: زيدٌ غَزا وعمرٌو رَمَى. وإنْْ أُسند إلى ضمير غائبَينِ رُدَّت الألف إلى أصلها، نحو: غَزَوَا ورَمَيا، ولم تُحذف لالتقاء الساكنين1، لئلَّا يلتبس فعل الاثنين بفعل الواحد. وإن أُسند إلى ضمير غائبِينَ حُذفت لالتقاء الساكنين وعدم اللَّبس، نحو: غَزَوْا ورَمَوْا. وإن أُسند إلى ضمير غائبات رُدَّتِ2 الألف إلى أصلها، ولم تعتلَّ، نحو: غَزَوْنَ ورَمَيْنَ؛ لأنَّ ما قبل نون3 جماعة المؤنَّث ساكنٌ أبدًا، وحرف العلَّة إذا سكن وانفتح4 ما قبله5 لم يعتلَّ إِلَّا في "يَوْجَلُ" خاصَّة6. وإن أُسند إلى ضمير متكلِّم أو مخاطَب، كائنًا ما كان، رددتَ 7 الألف إلى أصلها من الياء أو الواو، نحو: رَمَيتُ وغَزَوتَ، ورَمَيتُما وغَزَوتُما، ورَمَيتُم وغَزَوتُم، وَرَمَيْتُنَّ وغَزَوتُنَّ، ورَمَينا وغَزَونا؛ لأنَّ ما قبل ضمير المتكلِّم أو المخاطَب أبدًا ساكن أيضًا. وإن كان8 ما في آخره ياء أو واو فإنه إن أُسند إلى ضمير غائب9 أو مخاطَب أو متكلِّم بقي10 على حاله لا يتغيَّر، نحو: رَضِيَ وسَرُوَ، ورَضِيا وسَرُوَا، ورَضِيْنَ وسَرُوْنَ، ورَضِيْتَ ُِوسَرُوتَ ُِ, ورَضِيتُما11 وسَرُوتُما، ورَضِيتُم وسَرُوتُم، ورَضِيتُنَّ وسَرُوتُنَّ ورَضِينا وسَرُونا. إذ لا موجب لتغييرها عن حالها، إِلَّا أن يكون الضمير ضمير جماعة مذكَّرينَ غائبين12 فإنك تحذف الواو والياء، وتضمُّ ما قبل واو الجمع13 نحو: رَضُوْا وسَرُوْا. وسبب ذلك أنَّ الواو يتحرَّك ما قبلَها أبدًا بالضمِّ14 نحو: ضَرَبُوا. فلو قلتَ "رَضِيُوا"15 و"سَرُوُوا"16 لاستَثقلتَ الضَّمَّة في الياء والواو لتحرُّك ما قبلهما، فيجب حذفُها فيجتمع.
ساكنان: واو الضمير والياء والواو اللتان قبلها1. فتَحذف ما قبل واو الضمير؛ لأنَّ حذف الحرف أسهل من حذف الاسم، فتقول: "سَرُوا". وتَضمُّ بعد الحذف ما قبل الواو في مثل "رَضِيَ" فتقول رَضُوا، لتسلم واو الضمير؛ لأنك لو أَبقيتَ الكسرة لانقلبتْ واو الضمير ياء, لسكونها وانكسار ما قبلها، فكنتَ تقول "رَضِي", فيلتبس الجمع بالمفرد. هذا ما لم يكن ما قبل الياء والواو ساكنًا. فإن كان ما قبلهما ساكنًا نحو: رَضْيَ وسَرْوَ، فإنَّ الياء والواو يجريان مجرى الحرف الصحيح، فلا يحذفان أصلًا، نحو: رَضْيُوا وسَرْوُوا2. ولا تُردُّ [الياءُ] 3 إلى أصلها من الواو في "رَضْيُوا" كما لم تُردَّ4 في المفرد. وأمَّا حكم المضارع من هذه الأفعال فإنَّ الماضي إن كان على "فَعُلَ" أتى مضارعه أبدًا على "يَفْعُلُ"، كما كان ذلك في الصحيح، فتقول: يَسْرُو. وإن كان على "فَعِل" فإنَّه يأتي مضارعه على "يَفْعَلُ"، فيتحرَّك حرف العِلَّة، وما قبلَه مفتوحٌ, فينقلب ألفًا5. [50ب] نحو: يَرْضَى، على قياس الصحيح. فإن كان على "فَعَلَ" فإنَّ مضارعه، إنْ كان من ذوات الياء، على "يَفْعِلُ" بكسر العين6 نحو: يَرْمِي، وإن كان من ذوات الواو، على "يَفْعُلُ" نحو: يَغزُو. فإن قيل: فلأيِّ شيء لم يجئ مضارع "فَعَلَ" على قياس الصحيح، كما جاء ذلك في "فَعِلَ" و"فَعُلَ"، فيكونَ تارة على "يَفْعِلُ" وتارةً على "يَفْعُلُ" بالضمِّ والكسر، في ذوات الياء وذوات الواو؟ فالجواب أنهم لو فعلوا ذلك لالتبست ذوات الياء بذوات الواو؛ ألا ترى أنَّ مضارع "غَزا" لو جاء على "يَفْعِلُ" لكان "يَغزِي"، فيصير كـ"يرمي". وكذلك مضارع "رَمَى"، لو جاء على "يَعفُلُ" لقلتَ "يَرمُو" كـ"يَدعُو".فالتزموا في مضارع ذوات الواو "يَفْعُلُ"، وفي مضارع ذوات الياء "يَفْعِلُ"، لئلَّا تختلط ذوات الياء بذوات الواو. فإن قيل: فهلَّا فَعلوا ذلك في مضارع "فَعِلَ" و"فَعُلَ". أَعني يلتزمون "يَفْعُلُ" في ذوات الواو7، و"يَفْعِلُ" في ذوات الياء، خوفَ الالتباس. فالجواب أنهم لو فعلوا ذلك لأخرجوا مضارعهما عن قياس نظائرهما من الصحيح؛ لأنَّ "يَفْعلُ" من "فَعُلَ" المضمومِ العين في
الصحيح إنَّما يأتي مضموم العين، و"يَفْعلُ" من "فَعِلَ" المكسور العين إنَّما يأتي على "يَفْعَلُ" بفتح العين، إِلَّا ما شذَّ نحو: حَسِبَ يَحسِبُ. وليس كذلك "فَعَلَ"، بل يأتي على "يَفْعِلُ" و"يَفْعُلُ"، بضمِّ العين وكسرها. فإذا التزموا في ذوات الياء "يَفْعِلُ" وفي ذوات الواو "يَفْعُلُ"، لم يخرجوا عن قياس المضارع، بل أَتَوا بأحد الجائزين. وأيضًا فإنَّ المعتلَّ اللام أُجري مُجرى المعتلِّ العين. فكما أنَّ "فَعَلَ" المعتلَّ العين يُلتَزَمُ1 في ذوات الواو منه "يَفْعُلُ" بضمِّ العين، وفي ذوات الياء "يَفْعِلُ" بكسرها، فكذلك المعتلُّ اللام. إِلَّا ما شذَّ من ذلك فجاء على "يَفْعَلُ" بفتح العين نحو: أَبَى يأبَى، أو ما كان عينه حرف حلق نحو: نأَى يَنأَى، فإنَّ المضارع يأتي أبدًا على "يَفْعَلُ" بفتح العين، كما كان ذلك في الصحيح. ووجه مجيء2 مضارع" أبَى" على "يَفْعَلُ" تشبيه الألف بالهمزة، لقربها منها في المخرج. فكما أنَّ ما لامه حرف حلق من "فَعَلَ" يأتي مضارعه على "يَفْعَلُ"، نحو: يقرأُ، فكذلك3 ما لامه ألفٌ. وما كان من ذلك لِما لم يُسمَّ فاعله فإن مضارعه أبدًا يأتي على "يُفْعَلُ" بفتح العين وضمِّ أوَّل الفعل، نحو: يُرْضَي ويُغْزَى، على قياس الصحيح، ثمَّ يُقلب حرف العلَّة ألفًا4، لتحرُّكه وانفتاح ما قبله. وحكمُه5 أبدًا إذا أُسند إلى الألفِ التي هي ضمير المثنَّى، أو الواو التي هي ضمير جماعة المذكَّرِينَ، أو النونِ التي هي ضمير جماعة المؤنَّثات، حكمُ الماضي المعتلّ اللام إذا أُسند إلى شيء من ذلك. وقد تَقَدَّمَ إِلَّا أنَّك إذا قلبتَ الألف في الماضي رددتها إلى أصلها من ياء أو واو نحو: غَزَوَا ورَمَيا، وإذا قلبتَ الألف في المضارع رددتَها أيضًا إلى أصلها، من ياء أو واو، نحو: "يَخشَى" تقول: يَخشَيانِ، وفي 6 "يَبْأى" من البأْو: 7 يَبْأَوانِ. إِلَّا أن تكون الواو قد قُلبت ياء في الماضي، فإنَّ المضارع يَجري على قياس الماضي، فتُردُّ الألف إلى الياء فتقول في "يَرضَى": يَرضَيانِ، وفي "يَشقَى": يَشقَيانِ، كما قالوا: رَضِيَ وشَقِيَ.
فحَملوا المضارع على الماضي في الإعلال، وإن لم يكن في المضارع كسرةٌ قبل الواو تُوجب قلبها ياء، كما كان ذلك في الماضي. وإذا حملوا اسم الفاعل والمفعول على الفعل في الإعلال، في نحو: قائل وبائع ومَقُول ومَبِيع، فحملُ الفعلِ أَوْلى. إِلَّا لفظةً واحدةً شذَّت فقُلبت الألف فيها ياء وأصلها الواو، ولم تُقلب في الماضي ياء، وهي1: شأَى2 يَشْأَى، من الشَّأو3, فإنهم قالوا: يَشْأَيانِ، وكان القياسُ "يَشْأَوانِ". لكنَّهم شذُّوا فيه فقلبوا الألف ياء لغير مُوجِب. وعلَّل ذلك أبو الحسن بأن قال: لمَّا كان "شأَى": "فَعَلَ"، وجاء مضارعه على "يَفعَلُ" نحو: "يَشأَى" -و"يَفعَلُ" إنَّما هو مضارع "فَعِلَ" المكسور العين- عاملوه معاملة مضارع "فَعِلَ" من ذوات الواو، نحو: رَضِيَ4 يَرضَى. فكما قالوا: "يَرضَيانِ" قالوا: يَشْأَيانِ. وهذا الذي علَّل به أبو الحسن باطلٌ؛ لأنَّ "شأَى" عينه5 حرف حلقٍ، وما عينه حرف حلق فإنَّ قياس مضارعه أن يجيء على "يَفْعَلُ" بفتح العين، نحو: جأرَ يَجأرُ. ولو كان هذا القَدْر يوجب قلب الألف ياء لوجب أن تَثبُت الواو في مثل: يَطأُ ويَسَعُ، كما يُفعَلُ6 ذلك في [51أ] مضارع "فَعِلَ" الذي فاؤه7 واو، نحو وَجِلَ يَوْجَلُ. فكما لم يُرْع هنا شَبَهُه بـ"فَعِلَ"، فكذلك ينبغي أن يُفعل في "يَشأَى". وكأنَّ أبا الحسن أخذ هذا التعليل من سيبويه، حيث علَّل كسرَ أوَّل "تِئبَى"، وإن8 كان الماضي على "فَعَلَ"، وإنَّما يُكسر أوَّل المضارع من "فَعِلَ"، بكون المضارع جاءَ على "يَفْعَلُ"9. فلمَّا جاء مضارعُه كمضارعِ "فَعِلَ" المكسور العين كُسر أوَّل المضارع، كما يُكسر أَوَّل المضارع من "فَعِلَ". وليس ما ذهب إليه أبو الحسن مثل ما ذكر سيبويه؛ لأنَّ "أَبَى" ليس لامه10 حرفَ حلق، فكان قياس مضارعه أن يجيء على "يَفعِلُ" بكسر العين، فجاء مضارعه مفتوح العين كمضارع "فَعِل". فتوهُّمُ ماضي "يأبَى" على "فَعِل" توهُّمٌ صحيح.
وما كان من هذه الأفعال المضارَعة في آخره واو أو ياء فإنه يكون في موضع الرفع1 ساكنَ الآخر نحو: يَغزُو ويَرمِي. فتُحذف الضَّمَّة لاستثقالها في الياء والواو؛ لأنها مع الواو بمنزلة واوين، ومع الياء بمنزلة ياء وواو. وذلك ثقيل. ويكون2 في موضع الجزم محذوف الآخِر، نحو: لم يَرمِ ولم يَغْزُ. وإنَّما حُذفت الياء والواو في الجزم، لئلَّا يكون لفظ المرفوع كلفظ المجزوم لو أُبقيَت الياء والواو. وأيضًا فإنَّ الياء والواو لمَّا عاقبَتا الضَّمَّة فلم تظهر معهما، أُجريَتا مُجرى الضَّمَّة، فحُذفتا للجزم كما تُحذف الضَّمَّة. ويكون3 في موضع النَّصب4 مفتوح الآخِر، نحو: لن يَغزُوَ ولن يَرمِيَ؛ لأنَّ الفتحة خفيفة. وقد تُسْكِن الياء والواو في موضع النصب ضرورةً5، تشبيهًا لها بالضَّمَّة أو للياءِ والواوِ بالألف, فتقول: لن يَغزُوْ ولن يَرمِيْ. ومن ذلك قولُه6: وأَن يَعرَيْنَ, إِن كُسِيَ الجَوارِي ... فتَنبُوْ العَينُ, عن كَرَمٍ, عِجافِ. يريد: فتَنبُوَ العينُ. وقولُ7 الأخطل8: إِذا شئتَ أن تَلهُوْ, بِبَعضِ حَدِيثِها, ... رَفَعْنَ, وأَنزَلْنَ القَطِينَ, المُوَلَّدا كما أنهما قد تُثبِتُ فيهما الضَّمَّة، ولا تَحذف في الجزم آخرَ المعتلِّ، وتجريه مُجرى الصحيح9 -وذلك في الضرورة أيضًا- نحو: يَغزُوُ ويَرمِيُ. وعلى ذلك قوله10. ألَم يأتِيكَ, والأنباءُ تَنمِي ... بِما لاقَتْ لَبُونُ بَنِي زِيادِ؟
وقولُ الآخر1: هَجَوتَ زَبَّانَ, ثُمَّ جِئتَ مُعتَذِرًا ... مِن هَجْوِ زَبَّانَ, لَم تَهجُو, ولَم تَدَعِ فكأنهما قبلَ دخول الجازم عليهما كانا "يأتيُكَ" و"تَهجُوُ"2، فدخل الجازم فحذف الحركة. ومنهم من حمل "ألم يأتيك" و"لم تهجو" على حذف الضَّمَّة المقدَّرة. وما قَدَّمناه أَولى، لئلَّا يؤدِّي ذلك إلى كون المجزوم والمرفوع على صورة واحدة. وما كان منها في آخره ألف فإنَّه يكون في موضع الرفع والنصب ساكنَ الآخر، لتعذُّر الحركة في الألف، وفي موضع الجزم محذوفَ الألف، لمعاقبتها الحركةَ. فكما أنَّ الجازم يَحذف الحركة فكذلك ما عاقبها. وزعم بعض النحويِّينَ3 أنَّ العرب قد تُثبِتُ الألف في الجزم ضرورةً، فتَحذف الحركة المقدَّرة، وتُجريها في الإثبات مُجرى الياء والواو، وإن لم يكن تحريكها كتحريكهما. واستدلَّ على ذلك بما أنشده أبو زيد من قوله4: إِذا العَجوزُ غَضِبَتْ فطَلِّقِ ... ولا تَرضَّاها, ولا تَمَلَّقِ وبقراءة حمزةَ: "لا تَخَفْ دَرَكًا ولا تَخشَى"5، بجزم "تَخَفْ" وإثبات الألف في "تَخشَى"؛ ألا ترى أنَّ "تَخشَى" معطوف على "لا تخفْ" وهو مجزوم؟ وكذلك أيضًا "تَرضَّاها" في موضع جزم بـ"لا"؛ ألا ترى أنَّه قد عُطِفَ عليه "ولا تملَّقِ" وهو مجزوم؟. ولا حجَّة عندي في شيء من ذلك: أمَّا قوله تعالى "ولا تَخشَى" فيحتمل أن يكون خبرًا مقطوعًا، كأنَّه قال: وأنت لا تَخشَى، امتثالًا لنهينا لك. وكذلك "ولا تَرضَّاها" يحتمل أن يكون جملة خبريَّة، في موضع الحال، كأنه قال: فطَلِّقْ وأنت لا تَرضَّاها. ويكون "ولا تَمَلَّقِ" نهيًا معطوفًا على جملة الأمر التي هي: فطلِّقِ.
فإن كان الفعل على أزيد من ثلاثة أحرف فلا يخلو من أن يكون الفعل مبنيًّا للفاعل أو للمفعول. فإن كان مبنيًّا للفاعل فإنَّ حرف العلَّة1 ينقلب ألفًا. لتحرُّكه وانفتاح ما قبله، إن كان ياء نحو: استَرمَى ورامَى ووَلَّى. وإن كان حرف العلَّة واوًا قُلب ياء، ثمَّ قُلبت الياء ألفًا لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها، نحو: أَغزاه واستَدعاه واستَدناه. أصلها "أَغْزَوَ" و"استَدْعَوَ" و"استَدْنَوَ". ثمَّ قلبت الواو ياء فصار "أَغزَيَ" و"استَدْعَيَ" و"استَدْنَيَ". ثمَّ قلبت الياء [51ب] ألفًا، لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها، كما كان ذلك فيما كان على ثلاثة أحرف إذا انفتح ما قبلَ حرف العلَّة. فإن قيل: ولأيِّ شيء قُلبت الواو في الفعل ياء، إذا وقعت طرفًا رابعة فصاعدًا، وليس معها ما يوجب قلبها ياء؟ فالجواب أنها في ذلك محمولة على المضارع، نحو: يُغزي ويَستَدنِي ويَستَدعِي. وقُلبت في المضارع ياء لانكسار ما قبلها، كما قلبت في مثل: شَقِيَ2 ورَضِيَ. فإن قيل: فلأيِّ شيء انقلبت الواو ياء في مثل "تَفاعَلَ" و"تَفَعَّلَ"، نحو: تَرَجَّى وتَغازَى، وليس لها ما يوجب قلبها في الماضي ولا في المضارع؟ ألا ترى أنَّ ما قبل الآخِر3 في المضارع مفتوح، كما أنَّ الماضي كذلك، نحو: يَتغازَى ويَتَرجَّى؟ فالجواب أنَّ التاء في "تَرجَّى" و"تَغازَى" وأمثالهما إنَّما دخلت على "رَجَّى" و"غازَى". وقد كان وجبَ قلبُ الواو ياء في "غازَى" و"رَجَّى"، حملًا على: يُرَجِّى ويُغازِى4. فلمَّا دخلت التاء5 بقي على ما كان عليه. فإن رددتَ شيئًا من ذلك إلى ما لم يُسمَّ فاعله ضممتَ الأوَّل وكسرت ما قبل الآخِر، وصارت الألف التي كانت في الآخِر ياء، نحو: أُغْزِيَ واستُرْمِيَ واستُدْعِي واستُدْنِيَ، من ذوات الواو6 كان الفعل أو من ذوات الياء7 وإنَّما قُلبت الواو ياء إمَّا بالحمل على فِعل الفاعل، أو لأجل انكسار ما قبلها كما قلبت في مثل: شَقِيَ8. وأمَّا المستقبل9 فيجيء أبدًا على قياس نظيره من الصحيح. فإن كان ما قبل حرف العلَّة فتحةً قُلب ألفًا10، نحو: يَتغازَى ويَتَرَجَّى، ويُغزَى ويُستَدعَى ويُستَرمَى. وإن كان ما قبله كسرةً
ثَبَتَ، إن كان ياء نحو: أَستَرمِي، وإن كان واوًا قُلبت ياء نحو: يُغزِي ويَستَدعِي ويَستَدنِي. ويكون حكم ما في آخره ألف، من الماضي أو المضارع المزيد، في الإسنادِ إلى الضمير المرفوع، أو اتصالِ تاء التأنيث بالماضي، كحكم غير المزيد في القلب والحذف والإثبات، وحكم ما في آخره ياء قبلها كسرة كحكم الماضي غير المزيد في الإثبات والحذف. إِلَّا أنك إذا قلبت الألف لم تَرُدَّها في المزيد إلى أصلها، بل تَردُّها إلى الياء، من ذوات الياء كان الفعل أو من ذوات الواو، نحو: أَغزَينا واستَدنَينا واستَدعَينا، للعِلَّة التي ذكرنا من الحمل على المضارع. وإن كان المعتلُّ اسمًا فلا يخلو من أن يكون على ثلاثة أحرف أو على أزيدَ. وكيفما كان فإنه لا يخلو من أن يكون ما قبل حرف العلَّة، ياء كان أو واوًا، ساكنًا أو متحرِّكًا. فإن كان ساكنًا فلا يخلو أن يكون الساكن حرف علَّة أو حرفًا صحيحًا. فإن كان الساكن حرفًا صحيحًا1 جرت الياء والواو مجرى حرف2 الصِّحَّة، ولم تَتغيَّرا3، نحو: غَزْوٍ وظَبْيٍ. إِلَّا أن يكون [الاسم] 4 على [وزن] 5 "فَعْلَى"6 ممّا لامه ياء. وذلك قولهم: شَرْوَى وتَقْوَى7 وفَتْوَى. فإنَّ العرب تُبدل من الياء واوًا في الاسم، والصفةُ تُتركُ على حالها نحو: خَزْيا وصَدْيا ورَيّا8. وإنَّما فعلوا ذلك تفرقةً بين الاسم والصفة. وقلبوا الياء واوًا في الاسم دون الصفة؛ لأنَّ الاسم أخفُّ من الصفة؛ لأنَّ الصفة تُشبه الفعل، والواو أثقل من الياء. فلمَّا عزموا9 على إبدال الياء واوًا جعلوا ذلك في الاسم لخِفَّته، فكان عندهم من أجل ذلك أَحمل للثقل وكأنَّ العرب جَعلَت قلب الياء واوًا في هذا عِوضًا من غلبة الياء على الواو؛ ألا ترى أنَّ انقلاب الواو إلى الياء أكثر من انقلاب الياء إلى الواو؟ , وإِلَّا فليس ذلك بقياس. أعني قلب الأخفّ
-وهو الياء- إِلى الأثقل. وهو الواو. ولولا ما ورد1 السماع به لم يُقَل. لكنَّ الذي لحظت2 العرب في ذلك -والله أعلم- ما ذكرنا. وإنَّما خصُّوا بها الفعل المعتلَّ اللام دون المعتلِّ العين أو الفاء؛ لأنها أَقبَلُ للتغيير لتأخُّرها وضعفها. والشَّرْوَى3 من [شَرَيتُ] 4، والتَّقْوَى من "وَقَيتُ"، والفَتْوَى من ذوات الياء بدليل قولهم: الفُتْيا5، بالياء، ولا تحمل6 الفُتْيا على القُصْيا -أعني ممّا قُلبت فيه الواو ياء- لأنه7 لا نعلم8 لها أصلًا في الواو. ومع هذا فإنَّ الفُتْيا تقوية9 لنفس المستفتي، فهو من معنى الفتَى10 والفَتاء11. أو يكونَ12 الاسم على وزن13 "فُعْلَى" وتكونَ لامه واوًا. فإنَّ العرب تبدل من الواو ياء في الاسم. وذلك نحو: العُلْيا والدُّنْيا والقُصْيا. الأصل فيها "الدُّنْوَى" و"العُلْوَى" و"القُصْوَى". فقُلبت الواو ياء. والدليل على ذلك14 أنَّ الدُّينا من الدنوِّ، والعُليا من "عَلوتُ"، وأنهم قد قالوا في القُصيا: "القُصْوَى"، فأظهروا الواو. فإن قال قائل: فإنَّ القُصيا والعُليا والدُّنيا صفات. فالجواب أنها قد استُعملت استعمال الأسماء [52أ] في وِلايتِها العواملَ وتركِ إجرائها تابعةً15. فلذلك قُلبت فيها16 الواو ياء.
فإن كانت صفة بقيت على لفظها ولم تُقلب الواو ياء، نحو:1 خُذِ الحُلْوَى وأَعطِه المُرَّى. وقد شَذَّ من "فُعْلَى" الاسم شيءٌ، فلم تُقلب فيه الواو ياء. وذلك: القُصْوَى2 وحُزْوَى اسمَ موضع. وكأنَّ القُصْوَى -والله أعلم- إنَّما صَحَّت فيه الواو تنبيهًا على أنَّه في الأصل صفة. وإنَّما قُلبت الواو ياء في الاسم دون الصفة، فرقًا بين الاسم والصفة. وكان التغيير هنا3 في الاسم دون الصفة4، كما5 كان التغيير في "فَعْلَى" من الياء في الاسم دون الصفة6، ليكون قلب الواو هنا ياء كالعِوَض من قلب الياء [هنالك] 7 واوًا. وهذا أحسن -أعني قلب الواو إلى الياء- لأنَّ في ذلك تخفيفًا للثقل؛ لأنَّ الياء أخفُّ من الواو. وهو مع ذلك على غير قياس؛ لأنَّه قلب لغير موجِب. ولولا وُرود السماع بذلك لما قيل. فأمَّا "فُعْلَى"8 من الياء، اسمًا كانت أو صفة، فإنها لا تُغيَّر عما تكون عليه؛ لأنهم إذا كانوا يفِرُّون فيها من الواو إلى الياء فإذا وجدوا الياء فينبغي ألَّا يُجاوزوها، كما أنَّ "فَعْلَى" من الواو لا تُغيَّر عمَّا تكون عليه، اسمًا أو صفةً، لكونهم يفِرُّون فيها من الياء إلى الواو. فإذا وجدوا الواو فينبغي ألَّا يُعدَل عنها. وأمَّا "فِعْلَى"9 فينبغي أن يَبقَى10 على الأصل ولا يُغيَّر11, من الياء كان أو من الواو؛ لأنَّ التغيير في "فَعْلَى" و"فُعْلَى" على غير قياس، ولولا السماع لما قيل به، ولم يرد سماع بتغيير في "فِعْلَى". فينبغي أن يبقى على الأصل. وأيضًا فإنَّ التغيير إنَّما وقع في هذا الباب فرقًا بين الاسم والصفة، و"فِعْلَى" لا يكون12 صفة13. فلا ينبغي أن يُغيَّر؛ لأنَّه لا يحصل بتغييره فرق بين شيئين.
وإن كان الساكن حرف علَّة فلا يخلو أن يكون ياء أو واوًا أو ألفًا. فإن كان ألفًا فإنَّ الياء والواو يُقلبان بعدها همزة، إذا وقعتا1 طرفًا نحو: كِساء وسِقاء؛ لأنهما من "كَسَوتُ" و"سَقَيتُ". وإنَّما فُعل ذلك بهما لوقوعهما في محلِّ التغيير -وهو الآخر- مع أنَّ ما قبلهما مفتوح، وليس بين الفتحة وبينهما إِلَّا حرف ساكن زائد من جنس الفتحة. فكأنه لم يقع بينهما وبين الفتحة حاجز. فكما أنَّ الياء والواو يُقلبان إلى الألف، إذا انفتح ما قبلهما وكانا2 في الطرف، فكذلك قلبا في هذا الموضع. فلمَّا قُلبت الياء والواو ألفًا التقى ساكنان: الألف المبدلة والألف الزائدة قبلها، فقُلبت الثانية همزة لالتقاء الساكنين؛ إذ لا بدَّ من التحريك، وتحريكُ الألف لا يمكن3. فقُلبت إلى أقرب الحروف لها، ممّا يقبل الحركة. وهو الهمزة4. وكذلك تفعل أيضًا, إذا دخل على الكلمة تاءُ التأنيث، أو علامة التثنية، أو ياءا النسب، نحو [كِساءة] 5 وسِقاءة6, وكِساءانِ وسِقاءانِ، وكِسائي ّ وسِقائيّ. إِلَّا أنه يجوز مع علامة التثنية وياءيِ النسب أن تُبدِل من الهمزة واوًا، فتقول: كِساوانِ وكِساويّ، على ما تَقَدَّمَ7 في النسب8. إِلَّا أن يُبنى9 الاسم على التاء أو علامة التثنية، فإنَّ حرف العلَّة لا يُبدل إذ ذاك منه همزة، نحو: عِلاوة ونِهاية وإداوة10؛ ألا ترى أنَّ الكلمة هنا مبنيَّة على التاء11، [وأنه لا يجوز12 أن تُحذف هذه التاء] ، فتقولَ: "عِلاء" و"نِهاء" و"إِداء"13. وكذلك [قول العرب] 14 "عَقَلتُه بِثِنايَينِ". كأنه15 تَثنيةُ "ثِناء" وإن لم يُنطق به، بل الواحد في هذا لم يُسمع إِلَّا مثنًّى.
فأمَّا قوله1: إِذا ما المَرْءُ صَمَّ, ولَم يُكَلَّمْ, ... ولَم يَكُ سَمعُهُ إِلَّا دُعايا2 وسائر أبيات [هذه] 3 القصيدة4 فضرورة، ولم يُسمع مثله في غير هذا الموضع. ووجهه أنه أجرى ألف الإطلاق مُجرى تاء التأنيث التي بُنيت عليها الكلمة. فكما لم تُقلب الواو ولا الياء, في مثل: إِداوة ونِهاية، همزة فكذلك لم تُقلب في "دُعايا" وأخواته5. فإن كان الساكن ياء أو واوًا أدغمتَ6 فيما بعده. فإن كان الساكن مخالفًا للام -أعني بأن يكون أحدهما واوًا والآخر ياء- قُلبت الواو ياء تَقدَّمتْ أو تأخَّرتْ، وأُدغمت الياء في الياء نحو: بَغِيّ وسَرِيّ. أصلهما "بَغُوْيٌ" و"سَرِيْوٌ"7، فقُلبت الواو ياء وأُدغمت الياء8 في الياء, ثمَّ قُلبت الضَّمَّة التي في العين من "بَغيّ" كسرة، لتصحَّ الياء. والدليل على أنَّ بَغِيًّا: "فَعُول" كونه للمؤنَّث بغير تاء. قال الله تعالى9: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} . ولو كان بَغِيّ10: "فَعِيل" لكان بالتاء كظريفة. فإن كان الساكن موافقًا للام أدغمتَ من غير قلب. وذلك نحو: عَدُوّ ووَلِيّ. وقد حُكي القلب في الواو -وهو قليل- قالوا11: أَرضٌ مَسنِيَّةٌ، من "يَسنُوها [52ب] المطَرُ"12 وقالوا: مَعْدِيٌّ، من "عَدَوتُ". قال13:
وقَد عَلِمتْ عِرسِي مُلَيكةُ أنَّنِي ... أنا اللَّيثُ, مَعْدِيًّا علَيهِ, وعادِيا وإنَّما جاز القلب، على قلَّته، لكون1 الواو متطرِّفةً لم يَفصِل بينها2 وبين الضَّمَّة إِلَّا حاجز غير حصين. وهو الواو الساكنة الزائدة الخفيَّة3 بالإدغام. فكما قُلبت الواو ياء إذا تَطرَّفت وقبلها الضَّمَّة، وتُقلب الضَّمَّة التي قبلها كسرة، فكذلك تُقلب هنا. وزعم الفرَّاء أنه إنَّما جاز في مَسنِيَّة ومَعدِيّ؛ لأنهما مبنيَّان على "سُنِيَ"4 و"عُدِي"5. فكما قُلبت الواو ياء في الفعل فكذلك فيما بُني عليه. وهذا باطل؛ لأنهم قد فعلوا ذلك في غير اسم المفعول، فقالوا: عَتا عُتِيًّا. قال الله تعالى6: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} .والمصدر ليس مبنيًّا7 على فعل المفعول. فدلَّ ذلك على أنَّ العِلَّة فيه ما ذكرنا. إِلَّا في "فُعُول"8 جمعًا فإنه يلزم قلب الواو الثانية ياء، ثمَّ تُقلب الواو الأولى ياء لإدغامها9 في الياء، ثمَّ تُقلب الضَّمَّة كسرة لتصحَّ الياء، وذلك: عُصِيّ ودُلِيّ. والسبب في ذلك ثقل الجمعيَّة, مع شبهه بأجْرٍ وأَدْلٍ, كما تَقَدَّمَ.10 ومن العرب من يكسر حركة الفاء11 إِتباعًا لحركة العين، فيقول: عِصِيٌّ. وضمُّها أفصح وأَكثر. وقد شذَّ من ذلك جمعان12، فجاءا على الأصل. وهما نُحُوٌّ13 وفُتُوٌّ جمع فَتًى ونَحْوٍ. حُكي عن بعض العرب أنه قال: إِنكم لتَنظُرونَ في نُحُوٍّ كثيرةٍ. وقال الشاعر14:
في فُتُوٍّ، أنا رابِئُهُم ... مِن كَلالِ غَزْوةٍ, ماتُوا فإن كان ما قبل حرف العلَّة حركة فلا يخلو أن تكون الحركة فتحة أو ضمَّة أو كسرة. فإن كانت فتحة قلبتَ1 حرف العلَّة ألفًا، لتحرُّكه وانفتاح ما قبله، كما فعلت ذلك في الفعل، تَطرَّفَ حرف العِلَّة نحو: عَصًا [ورَحًى] 2 وفَتًى، أو لم يتطرَّف نحو: قَطاة. إِلَّا أن يؤدِّي الإعلال إلى الإلباس فإنك تُصحِّح. وذلك3 نحو: قَطَوانٍ ونزوانٍ. فإنك تُصحِّح الواو؛ لأنك لو أعللتها4 فقلبتها ألفًا لالتقى ساكنان -الألف المبدلة من حرف العِلَّة، والألف التي من "فَعَلان"5 -فيجب حذف أحدهما لالتقاء الساكنين، فتقول: "نَزانٌ" و"قَطانٌ"، فيلتبس "فَعَلانٌ" بـ"فَعال". ومثل ذلك6: رَحَيانِ وعَصَوانِ. صحَّحتَ لأنك لو أعللت لحذفتَ لالتقاء الساكنين، فكان يلتبس تثنية المقصور بتثنية المنقوص، فيصير "رَحانِ" و"عَصانِ"، كيَدَين ودَمَين. فإن كانت الحركة كسرة قلبتَ الواو ياء، تطرَّفت نحو: غازٍ وداعٍ من الغزو والدَّعوة، أو لم تتطرَّف نحو: مَحْنِيَة من: حَنا يَحنُو، للعِلَّة التي ذُكرت في الفعل. بل إذا كانوا قد قلبوا الواو في المعتلِّ العين نحو: ثِيَرة وسِياط، مع أنَّ العين أقوى من اللام، فالأحرى أن يقلبوها إذا كانت لامًا. فأمَّا قولهم: مَقاتِوَةٌ7، فشاذٌّ. وإن كان حرف العِلَّة ياء لم يُغيَّر8 نحو: رامٍ وقاضٍ ومَعْصِية ومَحْمِية. إِلَّا أنَّ الياء المكسور ما قبلها إذا كانت حرف إعراب فإنه لا يظهر الإعراب فيها إلَّا في النصب, نحو: رأيتُ قاضيًا وغازيًا. وأمَّا في حال الرفع والخفض فيكون الإعراب مقدَّرًا فيها، استثقالًا للرفع والخفض [في الياء] 9، فتسكن الياء لذلك. فإن لقيها ساكن حُذفت، وإن لم يلقها ساكن ثَبَتَتْ. وذلك نحو: هذا قاضٍ ومررت بقاضٍ -حُذفتِ الياء، لمَّا اجتمعت ساكنة مع التنوين- وهذا القاضي ومررت بالقاضي. أُثبتت10 الياءُ، لمَّا لم يلها ساكن تُحذف من أجله.
هذا إن كان الاسم منصرفًا. فإن كان الاسم الذي في آخره ياء قبلها كسرة غيرَ منصرف فإنَّ الفتحة تظهر، في الياء في حال النصب لخفَّتها، نحو: رأيتُ جَواريَ وأُعَيمِيَ1. وأمَّا في حال الرفع والخفض فإنَّ العرب تستثقل الرفع والخفض فيها2، مع ثقل الاسم الذي لا ينصرف، فتحذف الياء بحركتها3 فينقص البناء, فيدخل التنوين فيصير التنوين عوضًا4 من الياء المحذوفة، فتقول: هذه جَوارٍ، ومررت بجوارٍ، وهذا أُعَيمٍ5 ومررت بأُعيمٍ. هذا مذهب سيبويه، ومذهب أبي إسحاق أنَّ6 المحذوف أوَّلًا إنَّما هو الحركة في الرفع والخفض استثقالًا، فلمَّا حُذفت الحركة عُوِّض منها التنوين، فالتقى ساكنان -الياء والتنوين- فحذفت الياء لالتقاء الساكنين. والصحيح7، ما ذهب إليه سيبويه؛ لأنَّ تعويض الحرف8 من الحرف أكثر في كلامهم9 من تعويض الحرف من الحركة. وأيضًا فإنه كان يجب10 أن يُعوَّض التنوين من الحركة التي [قد] 11 حذفت في الفعل نحو [53أ] : يَقضِي ويَرمِي. فإن قيل: إنَّما منع من ذلك أنَّ12 التنوين لا يدخل الفعل. قيل له: وكذلك التنوين لا يدخل الأسماء التي لا تنصرف. وأيضًا فإنه كان يجب13 أن يُعوَّض من الحركة المحذوفة التنوينُ14 في مثل حُبلَى. بل كان يجب أن يكون العِوَض في حُبلَى أَلزم؛ لأنه لا تظهر الحركة في حُبلَى في حال، وقد تظهر في "جَوارٍ وأُعيمٍ وأمثالهما15 في حال النصب. فإنْ لم يفعلوا ذلك دليل على فساد مذهب أبي إِسحاق.
وممّا يدلُّ، على أنَّ التنوين في جَوارٍ وغَواشٍ1 وأمثالهما عِوَضٌ من الحرف المحذوف، أنهم لا يحذفون في مثل الجواري والأُعَيمِي وجَوارِيك وأُعَيمِيك؛ لأنهم لو حذفوا لم يكن لهم سبيل إلى العوض؛ لأنَّ التنوين لا يمكن اجتماعه مع الإضافة، ولا مع الألف واللام. وهم قد عزموا على ألَّا يحذفوا إِلَّا بشرط العِوَض، فامتنع الحذف لذلك. وقد تُجري العرب الاسمَ الذي في آخره ياء مكسور ما قبلها مُجرى الصحيح الآخِر، في الأحوال كلِّها، فتُظهر الإعراب. وذلك في ضرورة الشعر، نحو قوله2. فيَومًا يُوافِينَ الهَوَى, غَيرَ ماضِيٍ ... ويَومًا تَرَى, مِنهُنَّ, غُولًا تَغَوَّلُ فجرَّ الياء من "ماضي". وقال الآخر3: تَراهُ, وقَد فاتَ الرُّماةَ, كأنَّهُ ... أَمامَ الكِلاب مُصْغِيُ الخَدِّ أَصلَمُ فرفع الياء من "مُصغي". وقال الآخر4: خَرِيعُ دَوادِيَ, في مَلعَبٍ ... تأزَّرُ طَورًا, وتُرخِي الإِزارا ففتح "دوادي" في موضع الخفض. وكذلك قول الآخر5: قَد عَجِبَتْ مِنِّي, ومِن يُعَيلِيا ... لَمَّا رأتْنِي خَلَقًا, مُقلَولِيا بفتح الياء من "يُعَيلي"6 في موضع الخفض7. وكذلك أيضًا قد يُجرون المنصوب من ذلك مُجرى المرفوع والمخفوض، فيُسْكِنون في
الشعر، نحو قوله1: وكَسَوتُ عارٍ لَحمُهُ، فتَرَكتُهُ ... جَذلانَ، يَسحَبُ ذَيلَهُ. ورِداءهُ يريد: عارِيًا لحمُه. ويجوز2 في لغة طيِّئ أن تُحوَّل الكسرة التي قبل الياء فتحة، فتنقلب الياء ألفًا لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها، فيقال في باقية وناصية: "باقاةٌ" و"ناصاةٌ". وأمَّا غيرهم من العرب فلا يُجيز ذلك إِلَّا فيما كان من الجموع على مثال "مَفاعِل"، نحو قولك في مَعايٍ جمع مُعْيِية: "مَعايا"، وفي مَدارٍ جمع مِدْرًى:"مَدارَى". وإنَّما لم يجيزوا ذلك إِلَّا فيما ذكرنا، لثقل الكسرة قبل الياء وثقل البناء، مع أمنهم اللَّبس إذا خفَّفوا بقلب الكسرة فتحة والياء ألفًا؛ لأنه لا يكون [شيء] من الجموع التي هي على مثال "مَفاعِل" أصلُ بنائه فتح ما قبل آخره، وليس كذلك رامٍ وغازٍ؛ لأنهما إذا فُعِل [بهما ذلك] التبسا في [اللفظ] بـ"رامَى" و"غازَى". وإن كانت الحركة ضمَّة، وكان حرف العلَّة متطرِّفًا، قلبتَها كسرة وقلبتَ حرف العِلَّة، إن كان واوًا، ياءً3. ثمَّ يصير حكمه في الإعراب حكم الاسم الذي في آخره ياء قبلها كسرة. وذلك نحو: أَظْبٍ جمع ظَبْي، وأَحْقٍ جمع حَقْو، أصلهما "أَظبُيٌ" و"أَحقُوٌ". فأمَّا4 أَظبٍ فاستُثقلت فيه الضَّمَّة قبل الياء، كما تُستثقل الواو قبل الياء في مثل طَيّ أصله "طَوْيٌ"، فقُلبت الواو ياء وأُدغمت الياء في الياء. وأمَّا أَحقٍ فاستثقلوا فيه الواو المتطرِّفة المضموم ما قبلها، وإن لم تُستثقل في الفعل؛ لأنَّ الاسم تلحقه ياءا النسب، ويضاف إلي ياء المتكلِّم. فلو أُقِرَّت فيه الواو لكان داعيًا إلى اجتماع واو وضمَّة قبلها5 مع ياءيِ النسب أو ياء المتكلِّم والكسرة التي قبلهما6. وذلك ثقيل. فقُلبت الواو ياء، والضَّمَّة كسرة. وإن كان حرف العِلَّة غير متطرِّف فإنَّ الواو تثبت. وذلك نحو: أُفعُوان. وذلك أنَّ الموجب لقلبها قد زال، وهو كونها معرَّضة للحاق ياءيِ النسب وياء المتكلِّم. وأمَّا الياء فإنها تقلب واوًا للضَّمَّة التي قبلها، كما فُعل ذلك في الفعل في نحو: لقَضُوَ الرَّجلُ! فتقول في جمع كُلْية، على7
قياس من قال: "رُكُبات": كُلُوات. إِلَّا أنَّ العرب التزمت التسكين أو الفتح1 في لام "كلية" لئلَّا يخرجوا من الأخفِّ -وهو الياء- إلى الأثقل وهو الواو. وإنَّما قلبت هنا، ولم تقلب في مثل عُيَبة2؛ لأنها في عُيَبة عين، والعين أقوى من اللام. وحكم الاسم في جميع ما ذُكر، على ثلاثة أحرف كان أو على أزيد، حكمٌ واحدٌ. إِلَّا أنَّ الواو إذا وقعت متطرِّفة رابعة فصاعدًا، في اسم يمكن أن تصوغ منه لفظ فعل، فإنها تُقلب ياء. وذلك نحو: مَلهًى ومَغزًى. تقول في تثنيتهما: مَلهَيان ومَغزَيان، فتقلب الألف ياء، وإن كانا3 من اللهو والغزو؛ لأنك لو صغت منهما فعلًا فقلت "مَلهَيت" و"مَغزيتَ" على حدِّ "مَرْحَبَكَ ومَسْهَلَك"لأمكن. فكما تقلب الواو رابعة فصاعدًا في الفعل ياء فكذلك في الاسم حملًا على الفعل. وقد تَقَدَّمَ4 السبب في ذلك في الفعل. فإن لم يمكن أن يُصاغ من الاسم فعل لم تقلب الواو ياء5 نحو: مَغزُوّ؛ ألا ترى أنَّ الفعل لا يكون قبل آخره حرف مدٍّ ولين زائدًا. وكذلك أيضًا لو لم تقع طرفًا لم تُقلب ياء، لامتناع بناء فعل إِذ ذاك ممّا تكون6 فيه، نحو: أُفعُوان7 وأُرجُوان. انتهى حكم الاسم والفعل الذي أحد أصوله حرف عِلَّة.
ما اعتل منه أكثر من أصل واحد
ما أعتل منه أكثر من أصل واحد: [ما اعتلَّت جميع أُصوله] : فإن كان المعتلُّ منه أكثرَ من أصل واحد فإنه لا يخلو من أن يكون معتلَّ الفاء1 والعين صحيحَ اللام، أو معتلَّ اللام والعين صحيح الفاءِ، أو معتلَّ [53ب] الفاء واللام صحيح العين2، أو معتلَّ الجميع. فأمَّا اعتلال الجميع فلم يوجد منه إِلَّا كلمة واحدة، وهي3 "واو"4. وفيما انقلبت عنه5 هذه الألف خلاف: فمنهم من ذهب إلى أنها منقلبة عن الواو؛ لأنَّ ما عُرف أصله من المعتلِّ العين أكثر ما تكون الألف فيه منقلبة عن الواو6. فحمل المجهول الأصل على الأكثر. ومنهم من ذهب إلى أنها منقلبة عن ياء. وإلى هذا القول كان يذهب أبو عليٍّ، ويعتمد في ذلك على أنه لا ينبغي أن تكون حروف الكلمة كلُّها من موضع واحد، إذ ذلك مفقود في الصحيح. فأمَّا بَبَّة فقليل جِدًّا، وهو7 أيضًا ممّا يجري مجرى حكاية الصوت8. وكذلك دَدَدٌ؛ لأنه مستعمل في ضرب من اللَّعِب، فهو حكاية صوت عندهم9. وإذا كانت الألف منقلبة عن ياء كان ممّا فاؤه ولامه من جنس واحد، وقد جاء ذلك في الصحيح قليلًا. نحو: سَلِس وقَلِق. فحمله على ما جاء مثله في الصحيح أَولى.
وله [أيضًا] 1 أن يستدلَّ، بأن يقول: قد جاءت الياء فاء ولامًا في قولهم: يَدَيْتُ إليه يدًا. والياء أُخت الواو؛ فينبغي أن تحمل عليها في ذلك. والصحيح عندي الأوَّل. وذلك أنه إذا جعلت فيه الألف منقلبة عن ياء اجتمع فيه حمل الألف على الأقل2 فيها، من كونها منقلبةً عن ياء، مع حمل الكلمة على باب "وَعَوتُ" -أعني ممّا3 لامه وفاؤه واو، وذلك معدوم في كلامهم- ومع حمل الكلمة على باب "حَيَوتُ" -أعني أن يكون عينها ياء ولامها واوًا- وذلك أيضًا لم يجئ في كلامهم. وإذا جعلت الألف منقلبة عن الواو كان حملًا على الأكثر فيها، ويكون في ذلك دخول في باب واحد معدوم، وهو كون أصول الكلمة كلِّها واوات.
المعتل الفاء واللام
[المعتلُّ الفاء واللام] : فأمَّا اعتلال الفاء واللام وصِحَّة العين فالذي يتصوَّر في ذلك أن تكون الفاء واللام واوين، أو ياءين، أو واوًا1 وياء: وأمَّا أن تكون الفاء والواو واللام ياء أو العكس. فأمَّا كون الفاء واللام واوين فلم يجئ من ذلك شيء. وأمَّا كونهما2 ياءين فلم يجئ من ذلك إلَّا: يَدَيتُ إليه يدًا. وأمَّا كون الفاء واوًا واللام ياء فكثير في كلامهم، نحو: وَقَيتُ3 ووَشَيتُ ووِليتُ. وأمَّا عكسه فلم يجيء. وجميع ما جاء من المعتلِّ اللام والفاء فيحمل4 أوله على باب "وَعَدَ"، وآخره على باب "رَمَى"، في جميع أحكامهما5.
المعتل الفاء والعين
[المعتلُّ الفاء والعين] : وأمَّا [اعتلال] الفاء والعين فإنه لا يخلو من أن يكون حرفا العِلَّة واوين، أو ياءين، أو الفاء واوًا1 والعين ياء أو العكس. فأمَّا كون الفاء والعين واوين فلم يجئ منه فِعل، لمَّا يلزم فيه من الاعتلال، ولم يجئ منه اسم2 إِلَّا "أوَّل"3. وسبب قلَّته أنَّ باب "سَلِس" أكثر من باب "دَدَن". فإذا لم يجئ في
كلامهم مثل "وَعَوتُ"1 فالأحرى ألَّا يجيء مثل أوَّل؛ لأنَّ "وَعَوتُ" مثل "سَلِس"2، وأوَّل مثل دَدن. فإن قال قائل: إنَّما يكون ما ادَّعيته في "أوَّل" صحيحًا, من أنَّ فاءه وعينه واوان، إذا كان وزنها "أفعَل". فما تُنكر أن يكونَ وزنها "فَعَّل"، فتكونَ الواو عينًا مضعَّفة؟ فالجواب أنَّ الذي يدلُّ على أنها "أفعَل" لزوم "مِن" لها، فتقول: لقيتُه أوَّلَ مِن أمسِ، كما تقول: زيدٌ أفضلُ مِن عمرو3، مع منع الصرف. فإن قيل: وما تُنكر أن4 يكون "أَفعَل" من "وأَلتُ" أو مِن "أُلْتُ"5 كما ذهب إليه الفرَّاءُ، فيما حكاه ثعلب عنه، والأصل "أَوْأَل" إن كان من "وألتُ"، أو "أَأْوَل" إن كان من "أُلتُ"، ثمَّ أُبدل من الهمزة واو6 وأُدغمتِ الواو في الواو؟ فالجواب أنه لو كان في الأصل "أوْ أل" لجاز أن يجيء على أصله، في موضع من المواضع، ولم نسمعهم نطقوا به هكذا. فإن قلت: فلعلَّه التُزم التخفيف فيه7، كما فُعل في النبيِّ والبريَّة. قيل: ذلك قليل، مع أنَّ قياس تخفيف "أَوْأَل": "أَوَل"8 بإلقاء حركة الهمزة على الواو، وحذف الهمزة. فإن قيل: فلعلَّهم خفَّفوه على قياس: شَيّ وضَوّ. فالجواب أنَّ ذلك أيضًا لا يُقاس، وإنَّما القياس: شَيٌ وضَوٌ. وأيضًا فإنَّا إنَّما قلنا: "إنَّ النبيَّ والبريَّة ممّا أُلزِم التخفيف البتة" لقِيام الدليل على ذلك، لكونهما من النبأ ومن "برأ اللهُ الخلقَ"، ولم يقم دليل على أنَّ أوَّل من "وألَ"، فتزعمَ أنه أُلزم9 التخفيف. فإن قيل: الذي يدلُّ على أنَّ العين من أوَّل همزة قراءةُ من قرأ "وأَنَّهُ أَهلَكَ عادًا الُّؤْلَى"10، فتكون همزة العين دالَّة على أنَّ الأصل الهمزة. قيل: القراءة شاذَّةٌ، وإِذا ثَبَتَ بها رواية فقياسها أن تُحمل على قول الشاعر11: أحَبُّ المُؤقِدِينَ إِلىَّ مُوسَى ... وجَعْدةُ, إِذ أَضاءَهُما الوَقُودُ
وذلك أنه أبدل [54أ] الواو الساكنة المضموم ما قبلها همزة؛ لأنَّ الحركة في النيَّة بعد الحرف، فكأنَّ الضَّمَّة في الواو. فثَبَت أنه لا يمكن أن يكون من "وألتُ". ولا يمكن أيضًا أن يكون من "أُلتُ"1؛ لأنه لو كان منه لكان "أَأْوَل"2، فأمَّا أن تُبدل الهمزة، أو الألف المنقلبة عن الهمزة، واوًا فغير معروف. والقول الأوَّل كأنَّه أشبَهُ3 فأمَّا همز "أوائل"4 فقد ذكرتُ العِلَّة فيه، فلا حجَّةَ فيه. ولم يستعملوا منه5 فعلًا؛ لأنه لو كان الفعل على وزن "فَعَلَ" بفتح العين لوجب، من حيث عينه واو، أن يكون مضارعه "يَفعُل" بضمِّ العين كـ"قالَ يقُولُ". وكون فائه واوًا يلزم مجيئَه على "يَفعِل" بكسر العين، حتَّى تُحذف6 الواو كـ"يَعِدُ". فلمَّا كان ذلك يؤدِّي إلى التدافع رُفض، مع ما فيه من ثقل الواوين. ولو كان على وزن "فَعُلَ" بضمِّ العين لكان المضارع بضمِّ العين, فكنت تقول: والَ يَوُوْلُ7, فيؤدِّي ذلك إلى اجتماع واوين وضمَّة، مع ياء المضارعة أيضًا في حال الغَيبة. فرُفض ذلك لثقله. فلمَّا امتنع "فَعَلَ" و"فَعُلَ" رُفض أيضًا "فَعِلَ" بالحمل عليهما. وأمَّا كون الفاء والعين ياءين فلم يجئ منه فعل أصلًا، لِما يلزم في ذلك من توالي الإعلال، ولم يجئ منه اسم إِلَّا "يَيْن" اسم موضع8. وأمَّا كون الفاء واوًا والعين ياء نحو: وَيل ووَيح ووَيب ووَيس، أو بالعكس نحو: يَوم، فإنَّ ذلك قليل جِدًّا، ولم يجئ منه فعل أصلًا؛ لأنَّ ذلك يؤدِّي إلى ما يُستثقل من توالي الإعلال. وذلك أنك لو بنيتَ من مثل وَيل فعلًا على وزن "فَعَلَ" مفتوح العين لكان المضارع على وزن "يَفعِلُ" بكسر العين، فيجب حذف الواو كما تحذف في باب "وَعَدَ يَعِدُ"، ويجب إعلال العين كما تُعلّ 9 في باب "يَبِيعُ". ولا يُتصوَّر بناؤه على "فَعُلَ" مضموم العين؛ لأنَّ "فَعُلَ" لا يجيء
فيما عينه ياء1. فلمَّا تَعذَّرَ "فَعَلَ" و"فَعُلَ" رُفِض "فَعِلَ"2 بالحمل عليهما. وكذلك أيضًا "يَوم" لو بُني منه فعل على "فَعَلَ" أو "فَعُلَ" بفتح العين أو ضمِّها لكان المضارع على "يَفعُلُ"، فكنت تقول "بَيُوْمُ"3، فتجتمع ياءان في إحداهما ضمَّة وواو. وذلك ثقيل. فلمَّا تعذَّر "فَعَلَ" و"فَعُلَ" رُفِضَ أيضًا "فَعِلَ" بالحمل عليهما. فأمَّا ما أنشدوا4 من قوله5: فما والَ، ولا واحَ ... ولا واسَ أبُو هِندِ فمصنوع صَنعه النحويُّون. وأنشدوا بيتًا آخر، وهو قوله6: تُوَيِّلُ, إِذ مَلأتُ يَدِي وكَفِّي ... وكانَتْ لا تُعَلَّلُ, بالقَلِيلِ7. وهذا كأنه أشبَهُ؛ لأنه جاء على "فَعَّلَ8، فأُمِن فيه الحذف والقلب. فأمَّا قول رؤبة9: عَولةُ ثَكلَى، ولَوَلَتْ بَعدَ المأَقْ فمعنى ولولت: دَعَت بالويل. وليس من لفظ الويل، بل قريبٌ منه كلأّال10 من لؤلؤ. ولو كان منه لكان "وَيْلَلَتْ" لأنه "فَعْلَلَتْ"11.
المعتل العين واللام
[المعتلُّ العين واللام] : وأمَّا إذا كانت العين واللام معتلَّتين فإنه لا يخلو من أن يكونا واوين، أو ياءين، أو يكون العين واوًا واللام ياء، أو العكس. فأمَّا أن يكون العين ياء واللام واوًا نحو "حَيَوتُ" فلا يُحفظ في كلامهم في اسم ولا فعل. فأمَّا الحيوانُ وحَيْوَة فشاذَّان، والأصل فيهما "حَيَيَان" و"حَيَّة"، فأبدلوا من إحدى الياءين واوًا. وزعم المازنيُّ أنَّ هذا ممّا جاءت عينه ياء ولامه واو، وأنه اسم لم يُستعمل منه فعل، كما قالوا:
فاظ1 الميِّتُ يَفِيظُ فَيظًا وفَوظًا، فاستعملوا الفعل ممّا عينه ياء، ولم يستعملوه ممّا عينه واو. وهذا الذي ذهب إليه فاسد؛ لأنه قد ثَبَتَ إبدالهم الياء واوًا2 شذوذًا، ولم يثبت من كلامهم ما عينه ياء ولامه واو3. وأيضًا فإنَّ الحيوان من الحياة، ومعنى الحياة موجود في الحَيا المطر4؛ ألا ترى أنه يُحيي الأرض والنبات، كما قال تعالى5: {وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} ؟ وهذا كثير في القرآن والشعر. وهم يقولون في تثنيته "حَيَيانِ"6 [بالياء] 7 لا غيرُ. فثَبَتَ بذلك8 أنَّ الواو في حيوان بدل من ياء، وأنَّ ما ذهب إليه المازنيُّ فاسد. وأمَّا ما عينه واو ولامه ياء فكثير، نحو: شَوَيتُ وطَوَيتُ، وحكمُ اللام فيه حكمها في باب "رَمَيتُ"، في جميع الأحكام. وأمَّا العين فصحيحة ولا يجوز إعلالها. إِلَّا أن يؤدِّي تصريف إلى وقوع واو ساكنة قبل الياء فإنَّ الواو تُقلب ياء، وتُدغم الياء في الياء، نحو: شَوَيتُ9 شَيًّا وطَوَيتُ طَيًّا. إلا10 أن يكون اسمًا على وزن "فَعْلَى" فإن الياء تقلب فيه واوًا. فمن ذلك العَوَّى11 اسم النجم، هو في الأصل12 "عَوْيا"، فقُلبت الياء واوًا كما فُعل ذلك بالمعتلِّ اللام خاصَّة نحو: شَرْوَى -وقد تَقَدَّمَ السبب في ذلك- ثمَّ أُدغمت الواو في الواو. واشتقاقها من "عَوَيتُ يَدَه" أي: لَويتُها؛ لأنها [54ب] كواكب ملتوية. فإن قيل: فهلَّا كانت العَوَّى: "فَعَّلًا" من "عَوَيتُ"، فلا يكون على ذلك ممّا قلبت فيه الياء13 واوًا. فالجواب أنَّ الذي منع من ذلك أنه ليس من أبنية كلامهم ["فَعَّلٌ"] 14. فأمَّا
شَلَّمُ1 وبَذَّرُ2 وبَقَّمٌ فأعجميَّات3. وقد مدَّ بعضهم فقال: العَوَّاءُ. وهو قليل، ويحتمل ذلك ضربين من الوزن: أحدهما: أن يكون "فَعْلاء"، والأصل "عَوْياء" فقُلبت الياء واوًا وأُدغمت الواو في الواو. وإنَّما قلبوا الياء واوًا في "فَعْلاء" الممدودة، وليس قياسها ذلك؛ لأنَّ الأصل والأكثر فيه4 القصر. وكأنهم لمَّا مدُّوه من قصر أبقَوُا الواو فيه المنقلبة5 عن الياء، تنبيهًا على أنَّ المدَّ فيه عارض، كما صحَّ "عَوِرَ" لأنه في معنى: اعْوَرَّ. ويكون قلبهم الياء واوًا فيه شذوذًا، كما قالوا: عَوَى الكلبُ عَوَّةً، والأصل "عَوْيَة" فقلبت الياء واوًا. حكى ذلك ابن مِقسمٍ عن ثعلب6. والآخر: أن يكون "فَعَّالًَا"، وكأنه في الأصل "عَوَّاي"، ثمَّ قلبت الياء همزة لتطرُّفها ووقوعها بعد ألف زائدة، فصار "عَوَّاء". وكأنه ذُهِب به7 إلى معنى المنزل ولذلك ذُكِّرَ، وذُهِب بـ"عَوَّى" المقصورة إلى معنى المنزلة ولذلك أُنِّثت. وأمَّا "رَيّا" التي يُراد بها الرائحة، من قوله8: [إِذا التَفَتَتْ نَحْوِي تَضَوَّعَ رِيحُها, ... نَسِيمَ الصَّبا] , جاءتْ بِرَيّا القَرَنفُلِ فصفة من معنى: رَوِيَتْ. وكان الأصل فيه "رائحة رَيَّا"9 أي: ممتلئة طيبًا. ولو كانت اسمًا لكانت "رَوَّى"10؛ لأنَّ أصلها "رَوْيا"، فكنتَ11 تُبدل الياء واوًا كما فعلتَ ذلك في "عَوَّى"12 ثمَّ تُدغم الواو في الواو. فلمَّا لم يقولوا ذلك علمنا أنها صفة أصلها "رَوْيا"، فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون، فقُلبت الواو ياء وأُدغمت الياء في الياء. فإن قيل13: فهلَّا ادُّعِيَ أنَّ "رَيَّا" اسم وأنها في الأصل "رَيْيا" فيكون 14 من باب ما عينه
ولامه ياء، ثمَّ قُلبت اللام واوًا فصار "رَيْوَى"، ثمَّ اجتمع ياء وواو وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء، فالجواب أنَّ الذي منع من ذلك أنه لا يُحفظ من كلامهم تركيب1 "ري ي"،2 ومن كلامهم تركيب "روي"3 نحو: رَوِيتُ؛ ألا ترى أنَّ قوله4 "ريّا المُخَلخَلِ" معناه: ممتلئةَ المخلخلِ؟ فهو من معنى "رَوِيَتْ"5. والسبب، في أن اعتلَّت اللام في هذا الباب6 وصحَّت العين7، أنك لو أعللتَهما جميعًا لأدَّى ذلك إلى الإعلال بعد الإعلال والحذف؛ ألا ترى أنَّك لو قلبتَ الواو من "طَوَيتُ" ألفًا، والياء ألفٌ8، لتوالى الإعلال. ثمَّ يلتقي الألفان وهما ساكنان، فيؤدِّي ذلك على الحذف. فلمَّا لم يمكن إعلالهما معًا أعللتَ إحداهما، وكانت الأَوْلى بالإعلال9 اللام؛ لأنها طرف. وأيضًا فإنك لو أعللتَ العين وصحَّحتَ اللام لكنتَ تقول: شايَ يَشِيُّ وطايَ يَطِيُّ10 فتقلب الواو التي هي عين ياء وتُدغمها في الياء، وتدخل اللام الضَّمَّة؛ لأنها تجري مُجرى الصحيح، فكان يلزم في ذلك تغيير وتبديل كثير. فرُفِض لذلك. وقد شذَّ من ذلك شيء، فأُعِلَّت عينه وصُحِّحت لامه، وجاء 11 ذلك في الاسم لقوَّته وتمكُّنه12. وذلك نحو: طاية13 وثاية14؛ لأنهما 15 من: طَوَيتُ وثَوَيتُ. وأمَّا ما عينه ولامه واوان16 فإنَّ العين منه تجري مَجرى [الحرف] 17 الصحيح أبدًا. وأمَّ
اللام فتجري مَجرى اللام في باب "غَزَوتُ"، في جميع ما ذُكر، مزيدًا كان الاسم أو الفِعل أو غيرَ مزيد. إِلَّا أنَّ الفِعل إذا كان على ثلاثة أحرف لم يُبنَ إِلَّا على "فَعِلَ"، بكسر العين، بخلاف باب "غَزَوتُ". والسبب في ذلك أنَّك لو بَنَيتَ الفِعل على "فَعَلَ" أو "فَعُلَ"، بضمِّ العين أو فتحها، لكنتَ تقول: "قَوَوتُ" و"قَوُوتُ"1، فتجمع بين واوين إذا رددتَ الفعل إلى نفسك. وكذلك المضارع كنت تقول فيه: "يَقْوُو"، فتجمع أيضًا بين واوين. فلمَّا تَعذَّرا عُدِل إلى "فَعِلَ"؛ لأنَّ الواو تنقلب ياء لتطرُّفها ووقوع الكسرة قبلها نحو: قَوِيَ، ويجيء المضارع على "يَفعَلَ" نحو: يَقْوَى، فيَخِفُّ اللفظ. فأمَّا الاسم فلا يلزم2 "فَعِل" بكسر العين. بل قد تكون العين مفتوحة، فلا يلزم قلبُ اللام ياء نحو التَّوَى3. وهو الهلاك، وهو مصدر: تَوِيَ يَتْوَى4 كـ"قَوِيَ يَقْوَى". وهو من مضعَّف الواو، يدلُّك على ذلك قولهم: التَّوّ للمفرد، والمعنى واحد لأنَّ الهلاك أكثر ما يكون مع الوحدة والانفراد. هكذا قال أبو علي. وإنَّما لم يُستنكر مجيء الاسم على "فَعَلٍ"، وإن كان يلزم في التثنية [55أ] اجتماع الواوين نحو "تَوَوَين"5، كما يلزم ذلك في الفِعل إذًا رددتَه إلى نفسك -لأنَّ الفعل أثقل, فاستُخفَّ في الاسم لخِفَّته ما لم يُستخفَّ في الفعل لثِقَله. وأيضًا فإنَّ الفِعل يَتصرَّف فيلزم فيه الثقل في مضارعه, وإذا رددتَ الفعل إلى نفسك. ولا يلزم في الاسم إِلَّا في حال التثنية. وصحَّت العين في نحو "قَوِيَ" للعِلَّة التي تَقَدَّمت6 في نحو: طَوَيتُ وشَوَيتُ. وأمَّا ما عينه ولامه ياءان فإنَّ العين منه تجري مَجرى حرف صحيح، للعِلَّة التي تَقَدَّمت أيضًا في باب: طَوَيتُ. وأمَّا الياء التي هي لام فتجري مَجرى الياء فيما عينه صحيحة نحو: "رَمَى"، في جميع الأحكام، سواء كان الاسم أو الفعل7 مزيدًا أو غير مزيد. إِلَّا ما يَعرِض في هذا الباب من الإدغام, بسبب اجتماع المِثلَين، على ما يُبيَّن: وذلك أنَّ المِثلَين إذا اجتمعا في هذا النوع فلا يخلو من أن يكون الثاني ساكنًا أو متحرِّكًا. فإن كان ساكنًا لم يجز الإدغام؛ لأنه لا يجوز الإدغام في ساكن، لما يُذكر8 في باب الإدغام.
وذلك نحو: حَيِيتُ وأَحيَيتُ، وأشباه ذلك. وإن كان الثاني متحرِّكًا فلا يخلو من أن يكون ما قبله مفتوحًا أو غير مفتوح. فإن كان مفتوحًا قلبت الياء الثانية ألفًا، لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها، وزال الإدغام لاختلاف الحرفين، نحو: أَحيا واستَحيا. فإن كان ما قبله غير مفتوح فلا تخلو الياء الثانية من أن تكون حركتها إعرابًا1 أو بناء. فإن كانت الحركة إعرابًا لم تُدغَم2؛ لأنَّ الإعراب عارض، يزول في حال3 الرفع والخفض فيَسكن الحرف، فلا يمكن الإدغام فيه، فيُحمل النصب في امتناع الإدغام على الرفع والخفض. وذلك [نحو] : لن4 يُحْيِيَ ورأيتُ مُحْيِيًا. فلا تُدغِم كما لا تُدغِم في: هو يُحيِي، ولا في: هو مَحْيِيك. وإن5 كانت الحركة بناء فلا يخلو من أن تكون متطرِّفة أو غير متطرِّفة. فإن كان متطرِّفة جاز الإظهار والإدغام6 نحو: أُحْيِيَ وأُحِيَّ، وحَيِيَ وحَيَّ، وحُيِيَ وحُيَّ7. ومن قال: "بِيعَ"، قال: "حِيَّ". وهو الأكثر لأنه أخفُّ. وقد قرأ بعض القراء "ويَحْيا مَن حَيِيَ عَن بَيِّنةٍ"8. وبعضهم: {ويَحْيا مَن حَيَّ} 9 بالإدغام. فمن أدغم فلأنَّ الحركة لازمة، ومن أظهر فلأنَّ هذه الياء من "حَيِيَ" هي الياء الساكنة في "يَحْيا" التي قُلبت ألفًا. وكذلك الياء في "أُحْيِيَ" هي الياء في "يُحْيا" التي قُلبت ألفًا. فلمَّا كانت هذه الياء في موضع قد تَسكن لم يُعتدَّ بحركتها. ومن قال: حَيَّ وعَيَّ، أجراهما مُجرى "ردَّ"10، فكما تقول: "رَدُّوا"، كذلك تقول: حَيُّوا.
وعَيُّوا. قال1 عَيُّوا, بأمرِهِمُ, كَما ... عَيَّتْ, بِبَيضتِها, الحَمامَهْ ومن قال: حَيِيَ، أجراه مُجرى: رَضِيَ. فكما تقول: رَضُوا، تقول: حَيُوا. قال2: وكُنَّا حَسِبناهُم فَوارِسَ كَهمَسٍ ... حَيُوا, بَعدَ ما ماتُوا مِنَ الدَّهرِ أَعصُرا فإن لم تكن متطرِّفة فلا يخلو أن يكون بعدها علامتا التثنية، أو علامتا الجمع، أو تاء التأنيث. فإن كان بعدها3 علامتا التثنية أو علامتا الجمع لم يجز إِلَّا الإظهار. وذلك نحو4: مُحْيِيانِ وحَيِيانِ5 ومُحْيِيات. والسبب في ذلك أنَّ زيادتي الجمع إنَّما دخلت على الإفراد. فلمَّا كان المفرد لو لم يلحقه شيء لا يجوز فيه الإدغام؛ لأنَّ الحركة إعراب، حُملت التثنية والجمع عليه. فإن كان بعدها6 تاء التأنيث فلا يخلو أن تلحق التاء لفظ المفرد أو بناء الجمع. فإن لحقت بناء الجمع، نحو7: حَياء وأَحيِية وعَيِيّ وأَعيِية، جاز الإظهار8 والإدغام نحو: أَحِيَّة وأَعِيَّة فمن أدغم فلأنَّ الحركة بناء، ولم تدخل على بناء قد امتنع فيه الإدغام قبل لحاقها. ومن أظهر فلأنَّ هذه الياء هي التي تَسكن في: يَعيا ويَحيا. والإدغام في أَعِيَّة أقوى منه في أَحِيَّة؛ لأنَّ الياء9 في أَعيية تلزمها الحركة في الجمع والمفرد نحو: عَيِيّ. وأمَّا أَحيِية10 فالحركة تلزم في الجمع. وأمَّا في المفرد فلا تثبت الياء، بل تقول: حياء، فتنقلب الياء همزة لتطرُّفها بعد ألف زائدة.
فإن لحقت المفردَ فلا يخلو من أن تكون عِوضًا من محذوف أو غير عِوَض. فإن لم تكن عِوَضًا لم يجز إِلَّا الإظهار، نحو1: مُحْيِية ومُعْيِية. والعِلَّة في ذلك كالعِلَّة في: مُحْيِيات ومُحْيِيَينِ، من أنَّ العلامة دخلت على بناء لا يجوز فيه الإدغام، وهو: مُحْيٍ ومُعْيٍ. فإن كانت التاء عِوَضًا فإنه لا يجوز إِلَّا الإغام، نحو2: تَحِيَّة مصدر "حَيَّا". الأصل [55ب] "تَحْيِيْيًا"3، فحُذفت ياء4 "تَفعِيل"، وعُوِّضت التاء منها على حدِّ تَكرِمة فصار "تَحْيِية"5 فصارت هذه التاء لأجل العِوَضيَّة كأنها جزء من الكلمة فلزمت، فصارت الحركة لازمة لذلك، فلزم الإدغام. وزعم المازنيُّ6 أنه يجوز الإظهار، واستدلَّ على ذلك بجواز الإظهار في أَحْيِية7، مع أنَّ الهاء من أَحْيِية لازمة لـ" أَفْعِلة"؛ لأنها لم تدخل على "أَحِيّ"8، كما أنها في تَحِيَّة كذلك إذ لم تدخل على "تَحِيّ". وهذا الذي ذهب إليه ضعيف9؛ لأنَّ الفرق بين تَحِيَّة10 وأَحْيِية بيِّنٌ. وذلك أنَّ التاء 11 من تَحيَّة صارت عِوَضًا من حرف من نفس الكلمة12، فصارت كأنها حرف من نفس الكلمة لذلك. وأيضًا فإنَّ أَحْيِية جمع، والجمع فرع على الواحد، والفروع قد لا تُلحظ وقد تُلحظ. وأمَّا تَحِيَّة فمصدر، والمصدر أصل، فينبغي أن يُلحظ في نفسه. وإذا أَظهرتَ الياءين ولم تُدغِم، كان الإدغام جائزًا مع الإظهار أو لم يكن، فإنَّ إخفاء الحركة من الياء الأُولى13 أفصح من الإظهار14؛ لأنه وسيطة بين الإظهار15 والإدغام، فكان أعدل لذلك.
والإخفاء فيما حركة الياء الأُولى منه كسرةٌ أحسنُ1 من الإخفاء فيما2 حركتها منه فتحة. فالإخفاء في مُحيِيَينِ أحسن من الإخفاء في مُحيَيَينِ؛ لأنَّ الكسرة في الياء أثقل من الفتحة، فتكون الداعية إلى التخفيف مع الكسرة أشدَّ. وقد شذَّ أُليفاظ3 في هذا الفصل، فاعتلَّت فيها العين. منها: آية وراية وثاية وغاية وطاية. وكان حقُّها أن يعتلَّ منها اللام ويصحَّ العين4. والذي سَهَّل ذلك كونُ هذه الأُلفاظ5 أسماءً، فلا تتصرَّف فيلزمَ فيها من الإعلال والتغيير ما يلزم في الفعل. وفي "آية" ثلاثة أقوال للنحويِّينَ6: فمذهب الخليل7 ما ذكرناه، من اعتلال العين وصحَّة اللام شذوذًا. ومذهب الفرَّاء أنَّ وزنها "فَعْلة"، وأنَّ الأصل "أيَّة"، فاستثقلوا اجتماع ياءين، فأبدلوا من الساكنة ألفًا تخفيفًا. قال: وإذا كانوا يفعلون ذلك بالياء الساكنة وحدها، في نحو: عَيبٌ وعابٌ وذَيمٌ وذامٌ8, فالأحرى أن يفعلوا ذلك إذا انضاف إليها ياء أُخرى. وهذا الذي ذهب إليه فاسد؛ لأنَّ فيه إعلال العين، مع أنَّ العين9 معتلَّة كما في مذهب الخليل، مع أنَّ إبدال الياء الساكنة ألفًا ليس بمستمرٍّ. وأمَّا العاب والعَيب والذام والذَّيم10 فهما ممّا جاء على "فَعْلٍ" تارة، وعلى "فَعَلٍ" أُخرى. ومذهب الكسائيِّ أنَّ وزنها "فاعِلة" والأصل "آيِيَة"، فحُذفَتِ استثقالًَا لاجتماع الياءين، إذ حذفوها وحدها في "بالَة"11 وقد تَقَدَّمَ. وهذا الذي ذهب إليه فاسد؛ لأنَّ فيه أيضًا ما في
مذهب الخليل من إعلال العين؛ لأنَّ الحذف إعلال، مع أنَّ حذف الياء التي هي عين ليس بمطَّرد، مع أنَّه ادَّعى أصلًا لم يُلفظ به، ولا مانع يمنع لو كان ذلك1. فتَبيَّن أنَّ الأَولى ما ذَهَب إليه الخليل. وهذه المذاهب إنَّما تجري في آية؛ لأنها من ذوات الياء بدليل قوله2: قِفْ, بالدِّيارِ, وُقوفَ زائرْ ... وتَأَيَّ, إِنَّكَ غَيرُ صاغِرْ فمعنى تأيَّ: انظُرْ آياتِها. فلو كانت عينها واوًا لقال "وتَأوَّ" كما تقول: تَلوَّ وتَسَوَّ3. وكذلك غاية في أحد القولين؛ لأنَّ أبا زيد حكى: غَيَّيتُ الغايةَ وأَغيَيتُها. فهذه دلالة قاطعة على أنها من الياء4. فعلى هذا تجري فيها5 المذاهب الثلاثة التي في آية. وشذَّ من ذلك الفعل6 "استَحَى"، وكان القياس "استَحْيا"، لكن شذُّوا فيه، فأجرَوه مُجرى: استَبانَ، فنقلوا حركة الياء التي هي عين إلى الساكن قبلها، وقلبوا الياء ألفًا، فصار: استَحَى. فأمَّا المازنيُّ فيزعم أنَّ الألف حُذفت تخفيفًَا7، كما حذفت من عُلَبِط8 وهُدَبِد9. وأمَّا الخليل فيزعم أنه لما اعتلَّت العين سُكِّنت، وسُكِّنت اللام أيضًا كذلك بعدها بالإعلال، فالتقى ساكنان فحذفت الألف لالتقاء الساكنين. فإن قيل: فلأيِّ شيء لم يردُّوا المحذوف في المضارع، فيقولون10: "يَستَحِيُّ"، ويرفعون الياء التي هي لام، ويُدغمون فيها العين؟ فالجواب أنَّ الذي منع من ذلك أنهم لو فعلوه11 لرفعوا ما لا يرتفع مثله في كلامهم؛ لأنَّ الأفعال المضارعة إذا كان آخرها معتلًّا لم يدخلها الرفع في شيء من الكلام12. [فأمَّا قول الشاعر13:
وكأنَّها، بَينَ النِّساءِ، سَبِيكةٌ, ... تَمشِي1, بِسُدَّةِ بَيتِها, فتُعِيُّ فبيت شاذٌّ وقد طُعن على قائله] . وردَّ المازنِيُّ2، مذهب الخليل، بقول العرب في التثنية: استَحَيا. قال: فلو كان الحذف لالتقاء الساكنين لوجب الردُّ هنا؛ لأنَّ اللام قد تحرَّكت لأجل ألف التثنية، فكانوا يقولون: "استَحايا". فلمَّا لم يقولوا ذلك دلَّ على أنَّ الحذف تخفيفٌ3. ولقائل [56أ] أن يقول4: لَمَّا حُذف عين "استَحَى"5 أَشبَهَ "افتَعَلَ"، فصُرِّفَ كتصريف ما أشبهه. ومذهب المازنِيِّ أقوى. وجميع ما يجري على "استَحَى" مثلُه في اعتلال عينه، من اسم فاعل واسم مفعول ومضارع، [نحو] 6: استَحَى يَستَحِي فهو مُستَحٍ ومُستَحًى منه. قال7 الشاعر: وإِنِّي لأستَحيِي, وفي الحَقِّ مُستَحًى, ... إِذا جاءَ باغِي العُرفِ, أن أَتَنكَّرا ولم يستعملوا الفعل8 معتلَّ العين إِلَّا بالزيادة، فلا يقال "حايَ" ولا "يَحَيُّ". فأمَّا9 قول الشاعر: وكأَنَّها, بَينَ النِّساءِ, سَبِيكةٌ ... تَمشِي, بِسُدَّةِ بَيتِها, فتَعَيّ10 فبيتٌ شاذٌّ، وقد طُعن على قائله. وأمَّا11 اللام فتجري في اعتلالها مَجرى لام "رَمَى"، فلا تصحُّ إِلَّا أن تضعِّفها. فإنك إذ ذاك
تُصحِّح الأُولى منهما، وتُعِلّ الثانية منهما؛ لأنَّ نسبتها إذ ذاك من الثانية نسبة العين من اللام في "شَوَى" وأمثاله. فلو1 بَنَيتَ من الرمي مثل "احمرَّ" لقلت: "ارْمَيَا". والأصل "ارْمَيَيَ"، فصحَّتِ اللام الأُولى وقلبت الثانية ألفًا. وتقول في المضارع: "يَرْمَيِي"، فتصحّ اللام الأولى كما تصحّ العين في: يُحْيِي. وتقول في مثل2 "احمارَّ" من الحُوَّة: احْواوَى الفرسُ واحْواوَتِ الشَّاةُ. تَرجِعُ الواوَ إلى أصلها؛ لأنه لا مانع من ذلك. واحتُملت الواوان لوقوعهما منفصلتين. فإن بنيتَ مثل "احمَرَرْتُ" قلت: "احْوَوَيْتُ". واحتُملت الواوان، وإن كانتا متصلتين؛ لأنهما في تقدير الانفصال؛ لأنَّ كلَّ "افعَلَّ" مقصورةٌ من "افعالَّ". وتقول في اسم الفاعل من "احواوَى": مُحْواوٍ، ومن "احوَوَى": مُحْوَوٍ. ومصدر "احواوى": احْوِيواءٌ، من غير إدغام؛ لأنَّ الياء مدّة منقلبة عن ألف "احواوَى". هكذا حكى أهل اللغة عن العرب. وزعم المبرّد3 أنك تقول: احْوِيّاءٌ، من قِبَل أنَّ المصدر اسم. فبناؤه على حالة واحدة، فلا تكون الألف عارضة. والسماعُ يبطل ما قال. ومصدر "احووَى": احْوِواءٌ. ومن قال في مصدر "اقتَتلَ": قِتّالًا، قال في مصدر "احووَى": حِوَّاءٌ. هذا قول أبي الحسن4. وغيره يقول: "حِيَّاءٌ"، فيقلب الواو الساكنة ياء لانكسار ما قبلها، ثمَّ تُقلب الثانية ياء، وتُدغم الياء في الياء. والصحيح قول أبي الحسن؛ لأنَّ الواو بالإدغام قد زال عنها المدُّ، فصارت [بمنزلة الحروف] الصحيحة. ولذلك وقع "لُيّ" في القافية مع "ظَبْي". وأَدْلٍ كان كذلك [لو] لم تقوَ الكسرة على قلبها. ويقوِّي ذلك قولهم: قُرونٌ لُيٌّ. فلم يقلبوا من الضَّمَّة كسرة، لَمَّا أمنوا قلب الياء واوًا للإدغام كما قلبوها [في أدْلٍ] . فإن قلتَ: إنَّ القلب في حِيَّاء محمول على قول من قال: لِيٌّ، بكسر اللام. فالجواب أنَّ ذلك بعيد؛ ألا ترى أنك لا تجد كلمة من الواو المدغمة قَلَبتْها الكسرةُ إلى الياء، لزوال المدّ عنها بالإدغام؟ 5
الرباعي المعتل
[الرباعيُّ المعتلُّ] : فإن كان أصول المعتلِّ على أزيد من ثلاثة فإنَّ نهاية ما يوجد عليه أربعة أحرف، بشرط أن يكون مصعَّفًا. أعني: تكون لامه الأولى من جنس فائه، ولامه الثانية من جنس عينه، كما جاءت1 لام "رَددتُ" من جنس عينه. فهو في الأربعة نظير "رَدَدتُ" في الثلاثة2. وذلك نحو: قَوقَيتُ3 وضَوضَيتُ4 في بنات الواو، وحاحَيتُ وعاعَيتُ وهاهَيتُ5 في بنات الياء. والأصل "ضَوضَوتُ" و"قَوقَوتُ" -فأبدلوا الواو الأخيرة ياء، لوقوعها طرفًا رابعة، للعِلَّة التي ذكرنا في "أغزَيتُ"6- وحَيحَيتُ وعَيعَيتُ وهَيهَيتُ، فأبدلوا من الياء ألفًا، كراهية اجتماع الأمثال. فإن قيل: وما الذي يدلُّ7 على أنَّ قَوقَيتُ: "فَعْلَلتُ"؟ ولعلَّها "فَعْلَيْتُ" أو "فَوْعَلتُ". وكذلك أيضًا حاحيتُ، ما الذي يدلُّ على أنه "فَعْلَلتُ"؟ ولعلَّه "فاعَلتُ". فالجواب أنَّ الذي يدلُّ على أنَّ قَوقَيتُ: "فَعْلَلتُ" أنه لو كان "فَوْعَلتُ" لكان من باب دَدَن8، ولو كان "فَعْلَيتُ" لكان من باب سَلِسَ وقَلِقَ. وهما بابان9 قليلان، "وقَوقَيتُ" وأمثاله كثير. فدلَّ ذلك على أنَّه ليس بـ"فَوْعَلتُ"، ولا بـ"فَعْلَيتُ". وأمَّا حاحَيتُ وأمثاله فالذي يدلُّ10 على أنها "فَعْلَلتُ" لا "فاعَلتُ" المصدرُ؛ ألا تراهم قالوا: الحِيحاءُ والعِيعاءُ، فيجيء بمنزلة السِّرهاف؟ 11 ولو كان "فاعَلَ" لكان مصدره "فِعالًا" نحو: قاتلَ قِتالًا.
فإن قيل: وقد1 يجيء "الفِيعال"2 مصدرًا لـ"فاعَلَ"، قالوا: "قاتَله قِيتالًا". فالجواب أنَّ ذلك قليل، فلا ينبغي أن يحمل عليه الحِيحاء والعِيعاء. والذي يدلُّ3 أيضًا على أنَّ حاحَيتُ وعاعَيتْ: "فَعلَلتُ" قولُهم: الحاحاةُ والعاعاةُ، بمنزلة الدَّحرَجة والقَلقَلة والزَّلزَلة. ولو كانتا "فاعَلتُ" لما جاز ذلك؛ ألا ترى أنَّه لا يقال: قاتَلَ قاتَلةً، ولا ضارَبَ ضارَبةً؟ وأيضًا فإنَّ جعل الألف زائدة يؤدِّي إلى دخولهما في الباب القليل -أعني باب: دَدَن- وهو كون الفاء والعين4 من جنس واحد. فإن قيل: وما الذي يدلُّ على أنَّ الألف منقلبة عن5 الياء فيهما؟ فالجواب6 أنَّ الذي يدلُّ على ذلك أنه لم يجئ قطُّ على أصله. فلو كان من ذوات الواو لجاء على أصله، كـ"قَوقَيتُ". فإن قيل: ولأيِّ شيء لم تُبدَل من الواو ألف، في مثل قَوقَيتُ؟ فالجواب أنهم فرَّقوا بذلك بين ذوات الياء وذوات الواو، وكان إبدال الألف من الياء أَوْلى، لقرب الألف من الياء، ولما في إظهار الياء7 من اجتماع الأمثال. وممّا يدلُّ على أنهم يُبدلون كراهية اجتماع الأمثال: دَهدَيتُ8، وأصله9 "دَهْدَهتُ"، فأُبدِلَتِ الهاء ياء. وزعم المازنِيُّ10 أنَّ الألف منقلبة عن واو. وحجَّتُه أنَّ الألف لَمَّا لم يُنطق لها بأصل، لا من ياء ولا من واو، حَمَلَها على ما نُطق له بأصل. وهو: قَوقَيتُ. والأو َّل أَقيس وأحسن؛ لأنَّ فيه مُحسِّنًا لقلب الياء ألفًا. وليس في مذهب المازنِيِّ ما يُحسِّن القلب. وجاء من ذلك في الأسماء 11: غَوغاء، فيمن صرف فقال: غَوغاءٌ أو مَن ألحق التاء فقال: غَوغاءةٌ. والأصل "غَوغاوٌ" و"غَوغاوةٌ". فقُلبت الواو همزة 12 لتطرُّفها بعد ألف زائدة.
فإن قيل: ولعلَّ الهمزة منقلبة عن حرف عِلَّة مُلحَق بالأصل. فالجواب أنَّ حمل الكلمة على ذلك يؤدِّي إلى كون الكلمة من باب: سَلِسَ وقَلِقَ. وذلك قليل جِدًّا. فحُملت على الباب الأوسع. وأيضًا فإنَّ العرب لم تُلحِق من بنات الثلاثة ببنات الأربعة شيئًا على وزن "فَعْلاء"، لم يوجد من كلامها مثل حمراء [56ب] منوَّنًا1. فإن2 قيل: ولعلَّ الواو زائدة، ووزن الكلمة "فَوعالٌ" نحو: تَوراب3. فالجواب أنَّ هذا البناء قليل، فلا ينبغي أن يُحمل عليه. وأيضًا فإنَّه يؤدِّي إلى الدخول في باب: دَدَن، وهو أقلُّ من باب: سَلِسَ. فأمَّا4 من منع الصرف فالهمزة عنده زائدة، والكلمة من باب: سَلِسَ. وكذلك5 الصِّيصِيةُ والدَّوداةُ والشَّوشاةُ. فأمَّا الصِّيصِية6 فمن مضعَّف الياء. وأمَّا الدَّوداة7 والشَّوشاة8 فمن مضعَّف الواو. ولا ينبغي أن يُدَّعى في صِيصية9 أنها في الأصل "صِوْصِيةٌ"، فقلبت الواو ياء للكسرة قبلها، لأنَّه خروج عن الظاهر بغير دليل. وأيضًا فإنها لو كانت من ذوات الواو لقالوا في الجمع "صَواصٍ"، لتحرُّك الواو وزوال الكسرة. فلمَّا قالوا: صَياصٍ، علمنا أنها من ذوات الياء. قال تعالى10: {مِنْ صَيَاصِيهِمْ} . ولا تُجعل الياء الثانية زائدة ويكون وزن الكلمة "فِعْلِية" نحو عِفرِية11؛ لأنَّ في ذلك دخولًا12 في باب: قَلِقَ. وهو قليل. وكذلك الدَّوداة والشَّوشاة13 لو جُعلت الواو فيهما زائدة14 لكانا15 من باب: دَدَن.
وهو1 قليل. ولو كانت الألف زائدة لكانا2 من باب: سَلِسَ. وهو قليلٌ أيضًا. فأمَّا الفَيفاء3 فالألف والهمزة زائدتان؛ لأنهم [قد] 4 يحذفونهما، فيقولون5: الفَيْفُ. وكذلك القِيقاء6 والزِّيزاء7 بمنزلة عِلباء8 ولا يكونان من باب المضعَّف؛ لأنهما ليسا بمصدرين، و"فِعلال"9 لا يوجد إِلَّا في المصادر. وحكم اللام المعتلَّة، في جميع الأحوال، حكمها في مزيد الثلاثيِّ. وحكم العين حكمها في الثلاثيِّ. ولم تجئ الواو أصلًا في بنات الأربعة غيرَ المضعَّف إِلَّا في وَرَنْتَلٍ10 -وهو شاذٌّ- وفي أسماء قليلة11 قد نبَّهنا عليها في الأبنية. وكذلك الياء لم تجئ أصلًا فيما زادت أصوله على ثلاثة أحرفٍ إِلَّا في يَسْتَعُورٍ12، وفي ألفاظ قليلة نبَّهنا13 أيضًا عليها في الأبنية. وقد تَقَدَّمَ الكلام فيها14.
أحكام حروف العلة والزوائد
أحكام حروف العلة والزوائد باب الياء ... باب 1: أحْكام حُروف العِلَّة وَالزَّوائِد وهي ثلاثة الياء والواو والألف باب الياء: أمَّا الياء منها فلا تخلو من أن تكون ساكنة أو متحرِّكة. فإن كانت ساكنة فلا يخلو2 من أن تقع بعد ساكن أو متحرِّك. فإن وقعت بعد ساكن فإن كان الساكن حرف عِلَّة [حذف، فتقول] 3 في مُصطفى: "مُصطَفَينَ" في النصب والخفض. إِلَّا أن تكون الياء علامة تثنية فإنَّك تحرِّك الساكن [الذي قبلها] 4 وتقلبه ياء إن كان ألفًا، فتقول: "مُصطَفَيَينِ" في النصب والخفض، أو تكون الألف ألف الجمع [الذي لا نظير له في الآحاد] 5، فإنَّك [تبدل الياء همزة] 6، وتحرَّك بالكسر لالتقاء الساكنين، نحو: صَحائف. وقد تَقَدَّمَ ذكر السبب في ذلك في باب البدل. فإن كان حرفًا صحيحًا كسرته وثَبَتَتِ الياء، نحو قولك في التذكّر: [قَدِيْ] 7، والإِنكار: أزَيدُنِيهْ8؟ وإن وقعت بد متحرِّك فلا يخلو من أن تكون بعد حرف مفتوح، أو حرف مكسور، أو حرف مضموم. فإن كانت بعد حرف مفتوح نحو: بَيطَرَ، لم تعتلَّ. إِلَّا أن ينضاف إليها ثلاث
ياءات فإنه يجوز حذفها استثقالًا. وذلك نحو أُمَيَّة إذا نَسبتَ إليه فإنَّ من العرب من يقول: "أُمَوِيّ"، فيحذف ياء أُميَّة الزائدة، فيكون كأنه قد نسب إلى "أُمًى" كهُدًى، فيقول: أُمَوِيّ كهُدَوِيّ. وإن كانت بعد حرف مكسور فهي على حالها أيضًا، نحو: قَضِيب. وإن كانت بعد حرف مضموم قلبت واوًا، نحو: "بَيطَر" إذا بنيته للمفعول فإنك تقول: بُوْطِرَ. وإن كانت متحرِّكة فلا يخلوم من أن تكون أوَّلًا، أو بعد حرف. فإن كانت أوَّلًا لم تُغيَّر عن حالها التي تكون عليها في الأصل نحو: يَركَبُ. إِلَّا في "يَفعَلُ" مضارع "فَعِل" المكسور العين الذي فاؤه واو، فإنه يجوز كسرها، وذلك نحو: يِيْجَلُ، في بعض اللغات. وإن كانت بعد حرف فلا يخلو من أن تكون طرفًا، أو غير طرف. فإن كانت طرفًا فلا يخلو من أن يكون ما قبلها ساكنًا أو متحرِّكًا. فإن كان ما قبلها ساكنًا فإنه لا يكون إِلَّا الألف الزائدة، أو الياء الأُولى من ياءيِ النسب أو ما جرى مجراهما، نحو: قُرَشِيّ وكُرسِيّ. ولا يُحفظ غير ذلك. وتقلب بعد الألف همزة. وذلك نحو: دِرْحاء أصله "دِرحايٌ"، بدليل قولهم في معناه: دِرحاية. لكنها قُلبت همزة لما ذكر في باب البدل. وتصحّ1 بعد الياء. وإن كان ما قبلها متحرِّكًا فإنه لا يخلو أن تكون الحركة فتحة أو ضمَّة أو كسرة2 فإن كانت كسرة لم تُغيَّر نحو: عِفرِيَة؛ لأنَّ3 تاء التأنيث لا يُعتدُّ بها. وإن كانت ضمَّة [قُلبت] الضَّمَّة كسرة و [ثَبَتَت] الياء. نحو: تَقَلْسٍ4 [مصدر] : تَقلسَى. أصله "تَقَلسُيٌ" فقلبت الضَّمَّة كسرة. وإن كانت فتحة قلبت ألفًا، نحو: عَلقًى5 وقَلسَى6. والأصل "عَلقَيٌ" و"قَلَسيَ"7، بدليل قولك: علقيانِ وقلسيتُ، لكن لَمَّا تحرَّكت الياء وقبلها فتحة قلبت ألفًا. ما لم يمنع من ذلك الألفُ التي هي علامة الاثنين أو ضميرهما، نحو: قَلسَيا وعَلقَيان، فإنها تثبت ولا تقلب، لئلَّا يؤدِّي ذلك إلى اجتماع ساكنين -الألف المبدلة من الياء والألف التي بعدها- فيلزمَ الحذف
فتقولَ: "قلسَى" فيلتبس بفعل الواحد، و"عَلقانِ" فيلتبس بتثنية غير المقصور. [57أ] إِذ قد يُتوهَّم أنه تثنية "عَلْق" مثلًا. وإن كانت غير طرف فلا يخلو من أن تكون بين ساكنين، أو بين متحرِّكتين، أو بين متحرِّك وساكن1. فإن كانت بين ساكنينِ لم تُغيَّر نحو: قِشْيَبّ وكَرايِيس، أو متحرِّكين2 نحو: قَيُّوم, ثبتت ولم تُغَيَّر بأكثر من إدغامها فيما بعدها، كما فُعل في قيُّوم. أصله "قَيْوُوم" فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء. وإن كانت بين متحرِّك وساكن ثَبَتَتْ ولم تُغيَّر، نحو: حِذْيَم3 وحِيَفْس4، ما لم يكن الساكن ألف الجمع الذي لا نظير له في الآحاد، وتكونَ الياء ساكنة في المفرد، فإنها تقلب همزة نحو: صَحائف جمع صَحِيفة، أو تكونَ بعد الألف وقد تقدَّمها ياء أُخرى أو واو، بشرط القرب من الطرف نحو بَيِّن، وقِيَّم اسم رجل على وزن "فِعْيَل" نحو: حِذْيَم، تقول في تكسيرهما: بَيائنُ وقَوائمُ. وقد تَقَدَّمَ ذكر السبب في ذلك في باب البدل5. ما لم يؤدِّ ذلك إلى وقوع الهمزة بين ألفين. فإن أدَّى إلى ذلك أُبدلت من الهمزة ياء، هربًا من اجتماع ألفين مع ما يقاربهما. وهو الهمزة. فكأنه قد اجتمع في الكلمة ثلاث ألفات. وإنَّما أُبدلت منها الياء؛ لأنها أخفُّ من الواو. وذلك نحو: مَطِيَّة ومَطايا. أصله6 "مَطائِوُ" ثمَّ قُلبت لتطرُّفها وانكسار ما قبلها فصار "مَطائِيُ"، ثمَّ قُلبت الكسرة فتحة تخفيفًا فصار "مَطاءَيُ"، ثمَّ قُلبت الياء ألفًا لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها فصار "مطاءَى"، ثمَّ أُبدلت الهمزة ياء لِما قدَّمنا. وكذلك تفعل بالهمزة المبدلة من الألف، إذا أدَّى ذلك فيها إلى وقوع الهمزة بين ألفين، نحو: صَلاءة وصَلايا7، كما لم تكن الواو من المفرد واوًا ملفوظًا بها، فإنَّ الهمزة إذ ذاك تبدل واوًا، لتكون الواو ظاهرة في الجمع كما كانت في المفرد. نحو: عِلاوة وعَلاوَى8، وإِداوة وأَداوَى9.
وقد يُبدلون الهمزة واوًا، وإن لم تكن ظاهرة في المفرد، إذا كانت اللام واوًا في الأصل، نحو: مَطِيَّة ومَطاوَى وشَهِيَّة وشَهاوَى. على أنه قد يجوز أن تكون شهاوَى جمع شَهْوَى، استُغني به عن جمع شَهِيَّة، لكونهما في معنًى واحدٍ. قال1: فَهْيَ شَهاوَى, وهْوَ شَهْوانِيُّ
باب الواو
باب الواو 1: أمَّا الواو فلا يخلو أيضًا من أن تكون ساكنة أو متحرِّكة. فإن كانت ساكنة فلا يكون ما قبلها أبدًا إِلَّا متحرِّكًا -ولا يكون2 ساكنًا إِلَّا أن يكون الساكن ألفًا، فإنك تحذفها فتقول في مُصطَفى: مُصطَفَونَ. ما لم تكن الألف للجمع الذي لا نظير له في الآحاد فإنها تقلب همزة، نحو: عَجائز- ولا تخلو الحركة من أن تكون فتحة أو ضمَّة أو كسرة. فإن كانت فتحة ثَبَتَتِ الواو ولم تُغيَّر، نحو: حَوقَلَ، إلا3 أن تُدغَم في ياء، فإنها تُقلب ياء نحو: قولك: "هؤلاء مُصطفىَّ". وإن كانت ضمَّة ثَبَتَتْ أيضًا ولم تُغيَّر، نحو: "طُومار"4، إِلَّا أن تُدغم في ياء مبدلة من واو، أو غير مبدلة، فإنها تُقلب ياء نحو بِيَّاع "فُوْعال" من البيع. وإن كان قبلها ضمَّة5 قُلبت ياءً، والضَّمَّةُ التي قبلها كسرة، نحو: مَرْمِيّ وعُصِيّ. وقد تَقَدَّمَ ذكر ذلك6. وإن كانت كسرة فإنها تقلب ياء نحو: بَهالِيلَ، ما لم تكن الواو ضمير جماعة أو علامة جمع، فإنك تبدل الكسرة ضمَّة كي تصحَّ الواو، فلا يتغيَّر الضمير ولا العلامة، نحو قولك: هؤلاء قاضُونَ وهؤلاء يقضُونَ. الأصل "قاضِيُونَ" و"يَقضِيُونَ". فاستُثقلت الضَّمَّة في الياء فحُذفت، فالتقى ساكنان -الواو والياء- فحذفت الياء، وبقيت الواو ساكنة بعد كسرة، فحوِّلت الكسرة ضمَّة لتصحَّ الواو، و [ما] لم تكن مدغمة فيما بعدها، فإنها إذا كانت كذلك ثَبَتَت ولا تُغيَّر لتشبُّثها بالحكرة نحو: اعلِوَّاط، مصدر اعلَوَّطَ؛ ألا ترى أنَّ الواو التي بعد الكسرة زائدة ساكنة، ولم تنقلب ياء؟
وقد جاء من ذلك شيء مقلوبًا. إِلَّا أنه يُحفظ ولا يقاس عليه، نحو: ديوان. أصله "دِوَّان" بدليل قولهم في الجمع: دَواوِينُ1. والواو الأُولى من "دِوَّان" ساكنة زائدة؛ لأنَّه قد تَقَدَّمَ الدليل على أنَّ الأوَّل من المضعَّفين زائد. وإن كانت متحرِّكة فلا يخلو من أن تكون طرفًا أو غير طرف. فإن كانت طرفًا فلا تخلو أن يكون ما قبلها ساكنًا أو متحرِّكًا. فإن كان ساكنًا ثَبَتَت ولم تُغيَّر نحو: حِنْطأْو2. وإن كان متحر ِّكًا فلا يخلوأن تكون الحركة فتحة أو كسرة أو ضمَّة. فإن كانت فتحة ثَبَتَت نحو الواو المبدلة من ألف حُبْلَى، إذا وقفت فقلت: حُبْلَوْ3 وإن كانت كسرة قُلبت ياء نحو: قُلَيْسِيَة، في تصغير قَلَنْسُوة على أحد الوجهين، وتاء4 التأنيث هنا غيرُ مُعتدٍّ بها. وإن كانت ضمَّة قُلبت الواو ياء والضَّمَّة كسرة، نحو قولك: يا قَمَحْدِي، في ترخيم قَمَحدُوَة على لغة من لا ينوي ردَّ المحذوف. إِلَّا أن تكون الكلمة مبنيَّة على تاء التأنيث، فإنَّ الواو لا تُغيَّر نحو: قَلَنسُوة -ولو لم تُبْنَ الكلمة على التاء هنا، ولم يُعتدَّ بها، لقيل: قَلنْسِيَة- أو تكونَ الواو [57ب] علامة جماعة أو ضميرها، فإنها تثبت ولا تُغيَّر، محافظة على الواو؛ لأنها لمعنى، نحو قولك: زيدُونَ ويَضرِبُونَ. وإن كانت الواو غير طرف فلا يخلو من أن تكون بين ساكنين5، أو بين متحرِّك وساكن6. فإن كانت بين ساكنين ثَبَتَت ولم تُغيَّر، نحو: عِثْوَلّ7. إِلَّا أن يُدغم فيها ياء فإنها تُقلب ياء8 نحو: بِيَّاع على وزن "فِعْوال" من البيع. وإن كانت بين ساكن ومتحرِّك ثَبَتَت أيضًا. ولم تُغيَّر، نحو: جَهْوَر. إِلَّا أن تكونَ مضمومة نحو: تَجَهْوُر، فإنه يجوز همزها في أحد الوجهين9، أو تُدغمَ فيها الياء فإنه يلزم قلبها ياء نحو: "فَعْوَل" من البيع، تقول فيه: بَيَّع، والأصل "بَيْوَع"، أو تقعَ بعد ألف الجمع الذي لا نظير له في الآحاد، وقد كانت ساكنة في المفرد للمدِّ، فإنه يلزم قلبها همزة
نحو: عَجائز، أو تقعَ بعد ألف الجمع الذي لا نظير له في الآحاد أيضًا، وقد تَقَدَّمَ الألفَ ياء أو واو، فإنه يلزم قلبها همزة نحو: سَوائد وبَيائع، جمع سَوَّد وبَيَّع، على وزن "فَعْول" من السُّودَد والبيع. ما لم تصِحَّ1 في المفرد في موضع يجب إعلالها فيه، أو لم تكن قريبة من الطرف، فإنه لا يجوز همزها، نحو: ضَياوِن جمع ضَيْوَن2, وبَياوِيع جمع بِيَّاع على وزن "فِعْوال"3. وقد تَقَدَّمَ ذكر ذلك في باب البدل4.
باب الألف
باب الألف 1: وأمَّا الألف فإنها أبدًا ساكنة، ولا يخلو أن تجتمع مع ساكن غيرها أو لا تجتمع. فإن اجتمعت مع ساكن حُذفت نحو: حُبْلَى القوم2. إِلَّا أن يكونَ الساكن ألف التثنية فإنها تقلب ياء ولا تحذف، فتقول في تثنية حُبلَى: حُبْلَيانِ. ولا يجوز أن تقول "حُبْلانِ" لئلَّا يُتوهَّم أنه تثنية "حُبْل" خلافًا لأهل الكوفة فإنهم يجيزون حذفها فيما زاد على أربعة أحرف، نحو: جُمادَى، فيقولون في تثنيته: جُمادانِ. والصحيح عندنا أنه لا يجوز إِلَّا جُمادَيانِ، وبه وَرَدَ السماعُ. قال3: شَهرَيْ رَبِيعٍ, وجُمادَيَينَهْ وقد حُذفت في لفظتين شذَّتا -وهما: ضَبَغْطَرًى4 وقَبَعْثَرًى5- قالوا في تثنيتهما: ضَبَغْطَرانِ وقَبَعْثَرانِ. أو يكونَ الساكن الياء الأُولى من ياءيِ النسب، فإنها تُقلب معها واوًا، فيما هو على أربعة أحرف، ولم6 تتوال فيه الحركات، ويجوز فيه الحذف. فيقال في النسب إلى حُبْلَى. حُبْلِيٌّ وحُبْلَوِيٌّ7. وأمَّا ما زاد على أربعة أحرف فلا يجوز فيه إِلَّا الحذف. أو يكونَ الساكن ألف الجمع الذي لا نظير له في الآحاد، فإنها تُقلب همزة ولا تُحذف نحو: رَسائل، في جمع رِسالة. وقد تَقَدَّمَ ذكر السبب في ذلك في باب البدل. وقد تُقلب الهمزة
ياء، إذا وقعت بين ألفين، للعِلَّة التي تَقَدَّمَ ذكرها في فصل1 الياء. وإن لم تجتمع مع ساكن فلا يخلو من أن تكون الحركة التي قبلها فتحة أو ضمَّة أو كسرة2. فإن كانت فتحةً ثَبَتَت ولم تغيَّر نحو: رِسالة. إلَّا3 أنه يجوز فيها إذا كانت طرفًا في الوقف أن تُبدل ياء أو واوًا أو همزة، فتقول: حُبلأْ، وحُبلَوْ، وحُبلَيْ. إِلَّا ما جاء من ذلك شاذًّا، قد حُذفت فيه الألف واجتزئ بالفتحة عنها، فإنه يُحفظ ولا يقاس عليه، نحو: عُلَبِط4 وعُكَمِس5 وأمثال ذلك، أو في ضرورة شعر نحو قوله6: ألا, لا بارَكَ اللهُ, في سُهَيلٍ ... إِذا ما اللهُ بارَكَ, في الرِّجالِ فحذف الألف من "الله" لإقامة الوزن. وإن كانت ضمَّةً قُلبت واوًا نحو: ضارَبَ، إذا بنيتَه للمفعول فإنك تقول فيه: ضُورِبَ. وإن كانت كسرةً قُلبت ياء، نحو: شَمالِيل في جمع شِملال7.
القلب والحذف على غير قياس
القلب والحذف على غير قياس: [القلب على غير قياس] : باب: 1 القلب والحذف في غير حروف العِلَّة، أو في حروف العِلَّة في خلاف ما تضمَّنه الباب المتقدِّم، ممّا يُحفظ ولا يُقاس عليه. فالمقلوب على قسمين: قسم قُلب للضرورة، نحو قولهم: "شواعي"، في شوائع في الشعر. قال2: وكأَنَّ أُولاها كِعابُ مُقامِرٍ ... ضُرِبَت علَى شُزُنٍ, فهُنَّ شَواعِي يريد: "شوائع" أي: متفرِّقات. ونحو قول الآخر3: مَروانُ مَروانُ أَخُو اليَومِ اليَمِي يريد: "اليَوِم" أي الشديد؛ لأنه مشتقٌّ من اليوم، لكنه قَلَب4. وقسم قُلب توسُّعًا، من غير ضرورة تدعو إليه، لكنه لم يطَّرد عليه فيُقاسَ. وذلك نحو قولهم5: لاثٍ وشاكٍ -والأصل: شائكٌ ولائثٌ؛ لأنَّ لائثًا من: لاثَ يَلُوثُ، وشائك مأخوذ من شَوكة السِّلاح- ونحو قولهم: قِسِيٌّ، في جمع قَوس -وقياس جمعها قُئوس، نحو قولهم:
فَوج وفُئوج- ونحو قولهم: رَعَمْلِي لقد كان كذا، يريدون: لَعَمْرِي. ولا يمكننا استيعاب ما جاء من ذلك هنا لسَعته. حتَّى إنَّ يعقوب [58أ] قد أفرد كتابًا في "القلب والإبدال"1. فإن قيل: إذا كان، من السَّعَة والكثرة، بحيث يتعذَّر ضبطه فينبغي أن يكون مقيسًا. فالجواب أنه، مع كثرته، من أبواب مختلفة لم يجئ منه في باب ما شيء يصلح أن يقاس عليه، بل لفظ أو لفظان أو نحو ذلك. فإن قال قائل: إذا جاءت الكلمة في موضع على نظمٍ ما، ثمَّ جاءت في موضع آخر على نظمٍ آخر، فبِمَ يُعلم أنَّ أحد النظمين أصل والآخر مقلوب منه؟ بل لقائل أن يقول: لعلَّهما أصلان، وليس أحد النظمين مقلوبًا من صاحبه. فالجواب أنَّ الذي يُعلم به ذلك أربعة أشياء: أحدها: أن يكونَ أحد النظمين أكثر استعمالًَا من الآخر، فيكونَ الأكثر استعمالًا هو الأصل، والآخر مقلوبًا منه، نحو لَعَمْرِي ورَعَمْلي. فإنَّ "لعمري" أكثر استعمالًا. فلذلك ادَّعينا أنه الأصل. والثاني: أن يكونَ أكثر التصريف على النظم الواحد. ويكونَ النظم الآخر أقلَّ تصرُّفًا، فيُعلَمَ أنَّ الأصل هو الأكثر تصرُّفًا، والآخر مقلوب منه. وذلك نحو: شوائع، فإنه أكثر تصرُّفًا من "شواعي"؛ لأنه يقال: شاعَ يَشِيعُ فهو شائع، ولا يقال: شَعَى يَشعى فهو شاعٍ. فلذلك كان شوائع الأصل. والثالث: أن يكونَ أحد النظمين لا يوجد إِلَّا مع حروف زوائد تكون في الكلمة، والآخر يوجد للكلمة مجرَّدًا من الزوائد. فإنَّ سيبويه جعل الأصل النظم الذي يكون للكلمة عند تجرُّدها من الزوائد، وجعل الآخر مغيَّرًا منه؛ لأنَّ دخول الكلمة الزوائدُ تغيير لها، كما أنَّ القلب تغيير، والتغيير يأنس بالتغيير. وذلك نحو: اطمأنَّ وطأمَنَ. فالأصل عند سيبويه2 أن تكون الهمزة قبل الميم، و"اطمأنَّ" مقلوبًا منه لما ذكرنا. وخالف الجرميُّ في ذلك، فزعم أنَّ الأصل "اطمأنَّ" بتقديم الميم على الهمزة. وهو الصحيح عندي لأنَّ أكثر تصريف الكلمة أتى عليه. فقالوا: اطمأنَّ ويَطمئِنُّ ومُطمئنٌّ. كما قالوا: طأمَن يُطأمِنُ فهو مُطأمِنٌ، وقالوا: طُمأنِينة، ولم يقولوا "طُؤَمنِينة". والرابع: أن يكونَ في أحد النظمين ما يَشهد له أنه مقلوب من الآخر، نحو: أيِسَ ويَئِسَ. الأصل عندنا "يَئسَ"، و"أيِسَ" مقلوبٌ منه، إذ لو لم يكن مقلوبًا لوجب إعلاله، وأن يقال: "آسَ". فقولهم: "أَيِسَ" دليل على أنه مقلوب من "يَئسَ". ولذلك لم يُعلَّ كما لم يعلَّ "يَئسَ". ولا ينبغي أن يُجعل "أيِسَ" أصلًا ويُجعل تصحيحه شاذًّا؛ لأنَّ القلب أوسع من تصحيح المعتلِّ وأكثر.
فهذه جملة الأشياء التي يُتوصَّل بها إلى معرفة القلب. فأمَّا إذا كان للكلمة نظمان، وقد تصرَّف كلُّ واحد منهما على حد تصرُّف الآخر، ولم يكن أحدهما مجرَّدًا من الزوائد والآخر مقترنًا بها، ولم يكن في أحد النظمين ما يشهد له بأنه مقلوب من الآخر، فإنَّ كلَّ واحد منهما أصل بنفسه. وذلك: جَذَبَ وجَبَذَ؛ لأنه يقال: يَجذِبُ ويَجبِذُ، وجاذِبٌ وجابِذٌ, ومَجذُوبٌ ومَجبُوذٌ، وجَذْبٌ وجَبْذٌ.
الحذف على غير قياس
[الحذف على غير قياس] : والحذف على غير قياس يكون في: الهمزة، والألف، والواو، والياء، والهاء، والنون، والباء، والحاء، والخاء، والفاء، والطاء. حذف الهمزة: حُذفت الهمزة من قولنا: الله. أصله في أحد قولي سيبويه إِلهٌ، فحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال، وصارت الألف واللام عوضًا منها. وحذفت من أُناس فقالوا: ناسٌ1. وحُذفت من "خُذْ" و"كُلْ" و"مُرْ". والأصل "اؤْخُذْ، اؤْكُلْ، اؤْمُرْ"؛ لأنها من الأخْذ والأكْل والأمْر. فلمَّا حُذفت الهمزة استُغني عن همزة الوصل، لزوال الهمزة الساكنة. وحُذفت من "سَلْ"2. والأصل "اسأل"؛ لأنه من السؤال.
وحُذفت من أب، فقالوا: يابَا فُلانٍ. قال أبو الأسود الدؤليّ1: يابا المُغِيرةِ, رُبَّ أمرٍ مُعضِلٍ ... فَرَّجتُهُ بالمَكرِ مِنِّي, والدَّها وحكى أبو زيد: لا با لكَ، يريدون: لا أبا لكَ. وحُذفت أيضًا من مضارع "رأيتُ" فقالوا: يرَى وترَى. فألزموها التخفيف. وربَّما أجرَوها على الأصل عند الضرورة2 قال سُراقة الهذّليّ3: أُرِي عَينَيَّ ما لَم تَرْأَياهُ ... كِلانا عالِمٌ, بالتُّرَّاهاتِ وحكى أبو زيد: سُؤته سَوايَةً. والأصل سَوائِيَة كرفاهية. فحُذفت الهمزة. وحُذفت أيضًا من بُراءَ. والأصل بُرَآءُ. وحُذفت أيضًا من أَشياء على مذهب الأخفش والفرَّاء؛ لأنَّ أصلها عندهما "أَشيِئاء". [58ب] وقد تَقَدَّمَ إِبطال مذهبيهما4. حذف الألف: حذفت الألف في: أمَ واللهِ لأفعلنَّ، يريدون: أما والله. وربَّما حُذفت في الوقف تخفيفًا. قال لبيد5: وقَبِيلٌ, مِن لُكَيزٍ, حاضِرٌ ... رَهطِ مَرجُومٍ, ورَهطِ ابنِ المُعَلْ يريد: ابن المُعَلَّى وقال أبو عثمان المازنيُّ, في قول الله تبارك وتعالى: "يا أَبتَ"6: يريد: يا أَبتاه. وأنشد أبو الحسن وابن الأعرابيِّ وغيرهما7: فلَستُ بِمُدْرِكٍ ما فاتَ مِنِّي ... بِلَهْفَ, ولا بِلَيتَ, ولا لَوَ انِّي
أراد "بلهفا" ثمَّ حُذفت الألف. وحذف الألف على الجملة قليل. حذف الواو: حُذفت الواو لامًا في أشياءَ صالحةٍ: فحُذفت في غد. والأصل "غَدْوٌ". قال الراجز، فاستعمله على الأصل1: لا تَقلُواها, وادلُواها دَلْوا ... إِنَّ مَعَ اليَومِ أَخاهُ, غَدْوا وقالوا: حَمٌ. وأصله "حَمَوٌ" بدليل قولك: حَمُوك2. فحُذفت الواو، وحُذفت أيضًا من أب وأخ؛ لأنهما من الواو، لقولهم: أَبَوانِ وأخَوانِ. وحُذفت من هَنٍ. وهو من الواو, لقولهم: هَنَواتٌ. وحُذفت من ابن؛ لأنه من البُنُوَّة. وحذفت من اسم3؛ لأنَّه من السموِّ عندنا. وحُذفت في كُرة، لقولهم: كَرَوتُ بالكُرة. وحُذفت من قُلَة. وهو أيضًا من الواو، لقولهم: قَلَوتُ بالقُلَة. وحُذفت من ثُبَة اسم الجماعة من الناس4 وغيرهم، ومن ظُبَة طرف السيف، وهما من الواو حملًا على الأكثر. بذلك وصَّى أبو الحسن الأخفش. وكذلك بُرَة5 وكِفَة6. حذف الياء: حُذفت الياء من يد. وأصله "يَدْيٌ" لقولك: يَدَيتُ إلى فُلان يدًا أي: أَهدَيتُ إِليه معروفًا. ومن ذلك مِائة، أصلها "مِئْيَةٌ" فحُذفت الياء. يدلُّ على ذلك ما حكاه أبو الحسن من قولهم: أَخذتُ مَأيًا، يريدون مائة. وهذه دلالة قاطعة. وحُذفت من دم. والأصل "دَمَيٌ" لقولهم: دَمَيانِ. قال الشاعر7: فلَو أنَّا، علَى حَجَرٍ، ذُبِحْنا ... جَرَى الدَّمَيَان, بالخَبَرِ اليَقِينِ
ومنهم من يقول: دَمَوانِ. وهو قليل، وهو على هذه اللغة من باب ما حُذف منه الواو، وقال بعضهم: دَمانِ1: حذف الهاء: حُذفت2 الهاء من شَفَة. وأصلها "شَفَهةٌ". ولذلك قيل في التحقير: شُفَيهة، وفي التكسير: شِفاه، وفي الفعل: شافَهتُ فُلانًا، وفي المصدر: المُشافَهة. وحُذفت من عِضَة في إحدى اللغتين. وأصلها "عِضَهةٌ" لقولهم: جَمَلٌ عاضِهٌ3، إذا أكل العِضَةَ. ومَن قال4: هذا طَرِيقٌ، يأزِمُ المَآزِما ... وعِضَواتٌ, تَقطَعُ اللَّهازما فأصلها عنده "عِضَوةٌ". وقالوا: فَمٌ. وأصله "فَوْهٌ". وقد تَقَدَّمَ ذكره5. ومن ذلك شاةٌ. وأصلها "شَوْهَةٌ"6 فحذفت
الهاء، لقولهم في تحقيرها: شُوَيهة1، وفي تكسيرها: شِياهٌ، وبدليل ما حكاه أبو زيد من قولهم: شَوَّهتُ شاةً، أي: اصطَدتُها. حذف النون: حذفت النون من "مُذْ" بدليل قولهم في اللغة الأُخرى: مُنْذُ. وقالوا: "دَدٌ". وأصله على قولٍ دَدَنٌ. وقالوا: "فُلٌ". وأصله فُلان2. حذف الباء: حذفت من "رُبَّ" فقالوا: "رُبَ"3 في معناها. قال الشاعر4: أزُهيرُ, إِنْ يَشِبِ القَذالُ فإِنَّهُ ... رُبَ هَيضَلٍ لَجِبٍ لَفَفتُ بِهَيضَلِ حذف الحاء: حُذفت من حِرٍ. وأصله "حِرْحٌ" بدليل قولهم في تحقيره: حُرَيحٌ، وفي تكسيره: أَحراح. قال الراجز5: إِنَّي أَقُودُ جَمَلاً, مِمْراحا ... ذا قُبَّةٍ, مَملُوءةٍ أَحراحا حذف الخاء: حذفت الخاء من "بَخٍ"6. والأصل "بَخّ". قال الشاعر7: بَينَ الأشَجِّ وبَينَ قَيسٍ باذِخٌ ... بَخْ بَخْ, لِوالِدِهِ, ولِلمَولُودِ! ويدلُّ على أنَّ أصله التثقيلُ قولُ العجَّاج8:
في حَسَبٍ بَخٍّ, وعِزٍّ أَقعَسا حذف الفاء: قالوا في التضجُّرِ: "أُفْ" خفيفًا. وأصله التشديد؛ لأنهم يقولون في معناها: "أُفّ"، بالتشديد. وحُذفت من "سَوف" فقالوا: سَوْ أَفعلُ. روى ذلك أحمد بن يحيى1 عن البغداذيِّينَ2. حذف الطاء: حذفت الطاء في "قَطْ"3؛ لأنه من قَططتُ أي قطعتُ؛ لأنَّ معنى قولك: ما فعلتُه قَطْ أي: فيما انقطع من عمري. فهذه جملة كافية من المحذوف على غير قياس4.
الإدغام
الإدغام مدخل ... باب الإدغام: الإدغام هو: رفعُكَ اللسانَ بالحرفين رفعةً واحدة، ووضعُكَ إِيَّاه بهما موضعًا1 واحدًا. وهو لا يكون إِلَّا في المِثلَينِ أو المُتقارِبَينِ2. والسبب في ذلك أنَّ النطق بالمِثلين ثقيلٌ؛ لأنك تحتاج فيهما إلى إِعمال العضو الذي يخرج منه الحرفُ المضعَّفُ مرَّتين، فيكثر العمل [59أ] على العضو الواحد. وإذا كان الحرفان غَيرَينِ3 لم يكن الأمر كذلك؛ لأنَّ الذي يعمل في أحدهما لا يعمل في الآخر. وأيضًا فإنَّ الحرفين إذا كانا مِثلين فإنَّ اللسان يرجِعُ في النطق بالحرف الثاني إلى موضعه الأوَّل، فلا يَتسرَّحُ اللسان بالنطق كما يَتسرَّحُ في الغَيرَينِ4، بل يكون في ذلك شَبيهًا بمشي المقيَّد. فلمَّا كان فيه من الثقل ما ذكرتُ لك رُفِعَ اللسان بهما رفعةً واحدةً، ليقلَّ العمل ويخفَّ النطق بهما على اللسان. وأمَّا المتقاربان فلتقاربهما أُجْرِيا مُجرى المِثلينِ؛ لأنَّ فيهما بعض الثقل؛ ألا ترى أنك تُعمل العضو وما يليه كما كنت في المِثلين تُعمل العضو الواحد مرَّتين. فكأنَّ العمل باقٍ في العضو لم ينتقل. وأيضًا فإنك تردُّ اللسان إلى ما يَقربُ من مَخرج الحرف الأوَّل. فيكون في ذلك عُقلة للِّسان5, وعدم تسريح له في وقت النطق بهما. فلمَّا كان فيهما من الثقل هذا القدر فُعِلَ بهما ما فُعِل بالمِثلينِ، من رفع اللسان بالحرفين رفعةً واحدةً، ليخفَّ النطق بهما. فهذا الباب إذًا ينقسم قسمين: إِدغام المِثلين، وإِدغام المتقاربين.
ذكر إدغام المثلين
ذكر إدغام المثلين 1: اعلم أنَّ كلَّ مِثلين قد يُدغمان إِلَّا الألفينِ والهمزتينِ. أمَّا الألف فلم يمكن الإدغام فيها2؛ لأنه لا يُدغَم إِلَّا في متحرِّك، والألف لا تتحرَّك. وأمَّا الهمزة فثقيلة جدًّا، ولذلك يُخفِّفها أهل التخفيف منفردةً. فإذا انضمَّ إليها غيرها ازداد الثقل، فأُلزمت3 إحداهما البدل، على حسب ما ذُكر في باب4 تسهيل الهمز5، فيزول اجتماع المِثلين. فلا يُدغَم إِلَّا أن تكونا6 عينَينِ نحو: سأّال ورأّاس. فإنك تُدغِم ولا تُبدِل، لما ذكرناه من أنك لو أَبدلت إحداهما لاختلفت7 العينان. والعينان أبدًا في كلام العرب لا يكونان إِلَّا مِثلينِ. وقد يجوز الإدغام في الهمزتين [غيرَ عَينينِ] 8، على ما حُكي عن ابن أبي إِسحاقَ9 وناس معه، من أنهم كانوا يُحقِّقون الهمزتين، إذا كانتَا في كلمتين نحو: قَرأَ أّبوك10؛ لأنه يجتمع لهم مِثلان. وقد11 تكلَّمت العرب بذلك وهو رديء. فعلى هذا إذا اجتمع لك مِثلان، وكان المِثلان ممَّا يمكن الإدغام فيهما، فلا يخلو من أن يكون الثاني منهما متحرِّكًا أو ساكنًا. فإن كان الثاني متحرِّكًا فلا يخلو من أن يجتمعا في كلمة واحدة أو في كلمتين. فإن اجتمعا في كلمة واحدة فلا يخلو12 من أن يكونا حرفَي علَّة أو
حرفين صحيحين، فإن كانا حرفَي علَّة فقد تَقَدَّمَ حكمهما في باب القلب. وإن كانا حرفين صحيحين فلا يخلو من أن يجتمعا في اسم أو في فعل. فإن اجتمعا في فعل1 فالإدغام ليس إلَّا. فإن كان الأوَّل من المِثلين ساكنًا أَدغمتَه في الثاني من غير تغيير، نحو: ضَرَّبَ وقَطَّعَ. وإن كان الأوَّل منهما متحرِّكًا فإمَّا2 أن يكون أوَّلًا في الكلمة أو غير أوَّل. فإن كان غير أوَّل سكَّنته بحذف الحركة منه -إن كان ما قبله متحرِّكًا أو ساكنًا3 هو حرف مدٍّ ولين- أو بنقلها إلى ما قبله، إن كان ساكنًا غير حرف مدٍّ ولين4. وحينئذ تدغم، نحو: رَدَّ واحمَرَّ واستَقَرَّ واحمارَّ. الأوَّل من المثلين في الأصل متحرِّك؛ ألا ترى أنك إذا رددت الفعل إلى نفسك تقول: رَدَدْتُ وشَمِمْتُ ولَبُبْتُ5 واستَقرَرْتُ واحمرَرْتُ واحمارَرْتُ6، فتُحرِّك لمّا زال الإدغام؟ وإنَّما سكَّنته؛ لأنَّ النيَّة بالحركة أن تكونَ بعد الحرف، فتجيءَ فاصلة بين المِثلين، ولا يمكن الإدغام في المِثلين مع الفصل. هذا ما لم تكن الكلمة مُلحَقة، ويكونَ الإدغام مُغيّرًا لها، ومانعًا من أن تكون على مثل ما أُلحقت به. فإنك حينئذ لا تُدغم، نحو: جَلبَبَ واسحَنكَكَ7؛ لأنهما ملحقان بـ"قَرْطَسَ" و"احرَنْجَمَ"8. فلو أدغمتَ، فقلت: "جَلَبَّ" و"اسحَنَكَّ"، لكنت قد حرَّكت ما في مقابلته من بناء الملحق به ساكنٌ، وسكَّنتَ ما في مقابلته متحرِّكٌ؛ ألا ترى أنك كنت تُحرِّك العين من "جَلْبَبَ" وهي في مقابلة الراء من "قَرْطَسَ"، وتسكّن الباء9 الأُولى وهي في مقابلة طاء "قَرْطَسَ"، وتُحرّك النون من "اسحَنْكَكَ" وهي في مقابلة نون "احرَنْجَمَ"، وتُسكّن الكاف الأُولى منها وهي في مقابلة الجيم من "احرَنْجَمَ"؟
أو يكن1 أحد المِثلين في أوَّل الكلمة2 أو تاءَ "افتَعَلَ". فإن كان أحد المثلين في أوَّل الكلمة فإنه لا يخلو [59ب] من أن يكون الثاني إذ ذاك زائدًا، أو غير زائد. فإن كان زائدًا لم تُدغِم، نحو: تَتَذكَّرُ؛ لأنك إذا استثقلت اجتماع المثلين حذفت الثاني فقلت تَذكَّرُ؛ لأنه زائد وليس في حذفه لَبس. وإن كان الثاني أصليًّا فإن شئت أدغمت -وذلك بتسكين الأوَّل، وتحتاج إذ ذاك إلى الإتيان بهمزة الوصل؛ إذ لا يُبتدأ بساكن- وإن شئت أَظهرت. وذلك نحو: تَتابَعَ واتَّابَعَ. فإن قيل: ولأيِّ شيء لم تَحذِف إحدى التاءين3 كما فعلت ذلك في: تَذكَّرُ؟ فالجواب أنَّ التاء4 هنا أصلٌ، فلا يسهل حذفها. وأيضًا فإنَّ حذفها يؤدِّي إلى الالتباس5؛ ألا ترى أنك لو قلت: "تابَعَ"6، لم يُدْرَ: أهو "فاعَلَ" في الأصل أو "تَفاعَلَ"؟. فإن قال قائل: فلأيِّ شيء لم يُدغَم في "تَتَذكَّرُ" وأمثاله؟ فالجواب أنَّ الذي منع من ذلك شيئان: أحدهما: أنَّ الفعل ثقيل. فإذا7 أَمكن تخفيفه كان أَولى. وقد8 أمكن تخفيفه بحذف أحد9 المثلين، فكان ذلك أَولى من الإدغام الذي يؤدِّي إلى جلب زيادة. والآخر: أنك لو أَدغمت لاحتجت إلى الإِتيان بهمزة الوصل، وهمزة الوصل لا تدخل على الفعل المضارع لاسم الفاعل أصلًا، كما لا تدخل على اسم الفاعل10. وليس كذلك "تَتابَعَ" لأنه ماض، والماضي قد تكون في أوَّله همزة الوصل، نحو: انطلَقَ واستَخرَجَ واحمَرَّ. فإن قال قائل: فلأيِّ شيء لم يُلزَم11 "تَتابَعَ" الإدغامَ و"تَتَذكَّرُ" الحذفَ، ويُرفَضِ12 اجتماع المثلين كما رُفض ذلك في: رَدَّ؟ 13 فالجواب أنَّ التاء في مثل "تَفاعَلَ" و"تَفَعَّلَ" لا
تَلزَم؛ لأنها دخلت على "فاعَلَ" و"فَعَّلَ"؛ ألا ترى أنَّ الأصل في "تَتابَعَ": "تابَعَ"، وفي "تَذَكَّرَ": "ذَكَّرَ"؟ 1 فلمَّا لم يلزم صار اجتماع المثلين غير لازم. وما لا يلزم، وإن كان ثقيلًا، قد يُحتمل لعدم لزومه؛ ألا ترى أنَّ جَيَلًا لم يُعلَّ؛ لأنَّ الأصل "جَيْئَلٌ"2، والتخفيف المؤدِّي إلى النقل عارض فلذلك لم يُلحظ؟ ومن أَدغم في "اتَّابَعَ" وحذفَ في "تَذَكَّرُ" اعتدَّ باجتماع المِثلين، وإن كان ذلك غير لازم؛ لأنَّ العرب قد تَعتدُّ بغير اللَّازم؛ ألا ترى أنَّ الذي قال "لَحْمَرُ جاءني"، فحذف همزة الوصل اعتدَّ بالحركة التي في اللام، وإن كان التخفيف عارضًا والأصل "الأحمرُ"؟ وإن3 كان أحد المِثلين تاء "افتَعَلَ"، نحو: اقتَتَلَ، فإنه يجوز4 فيه الإظهار5 والإدغام. أمَّا الإظهار؛ فلأنه يُشبه اجتماع المِثلين من كلمتين، في أنه لا يلزم تاءَ "افتَعَلَ" أن يكون ما بعدها مثلها كما لا يلزم ذلك في الكلمتين؛ لأنك تقول: اكتَسَبَ، فلا يجتمع لك مِثلان. وإنَّما يجتمع المِثلان في "افتَعَلَ" إذا بُنيت من كلمة عينها تاء، نحو: اقتَتَلَ وافتَتَحَ. فكما لا تُدغِم إذا كان ما قبل الأوَّل من المِثلين المنفصلين ساكنًا صحيحًا، فكذلك لا تُدغِم في "افتَعَلَ". وأمَّا الإدغام فلأنَّ المِثلين، على كلِّ حال، في كلمة واحدة. فتُدغِم كما تُدغِم في الكلمة الواحدة. فإن أظهرتَ جاز لك في الأوَّل من المِثلين البيانُ، والإخفاءُ؛ لأنه وسيطة بين الإظهار والإدغام. وإذا أدغمتَ جاز لك ثلاثة أوجه: أحدها أن تنقل الفتحة إلى فاء "افتَعَلَ"، فتُحرّك الفاء وتُسقط ألف الوصل ثمَّ تُدغِم، فتقول "قَتَّلَ" بفتح القاف. والثاني أن تحذف الفتحة من تاء "افتَعَلَ" فتلتقي ساكنة مع فاء الكلمة، فتُحرّك الفاء بالكسر على أصل التقاء الساكنين، فتَذهب همزة الوصل لتحرّك الساكن، ثمَّ تُدغِم فتقول: "قِتَّلُوا". بكسر القاف وفتح التاء. والثالث -وهو أقلُّها- أن تكسر التاء في هذه اللغة الثانية إتباعًا للكسرة التي قبلها، فتقول: "قِتِّلُوا" بكسر القاف والتاء، وقد حُكي عنهم: فِتِّحُوا، في "افتَتَحُوا".
فإن قال قائل: فلأيِّ شيء لمَّا تحرَّكت فاء الكلمة ذهبت همزة الوصل؟ وهلَّا جاز فيها الأمران من: الحذف لأجل تحريك الساكن، والإثبات رعيًا للأصل؛ لأنَّ الحركة عارضة كما قالوا "الَحْمَرُ" تارة، و"لَحْمَرُ" بإذهاب الهمزة أُخرى. فالجواب أنَّ الذي سهَّل إثبات الهمزة في مثل "الَحمر" أنها مفتوحة فأشبهت همزة القطع؛ لأنَّ همزة الوصل بابها أن تكون مكسورة أو مضمومة إن تَعذَّر كسرها. فمن فتح التاء والقاف قال في المضارع: يَقَتِّلُ، بفتح القاف وكسر التاء؛ لأنَّ الأصل "يَقْتَتِلُ" فنقل الفتحة في المضارع كما نقلها في الماضي. ويقول في اسم الفاعل: مُقَتِّل؛ بفتح القاف وكسر التاء، [60أ] وفي اسم المفعول: مُقَتَّل، بفتحهما؛ لأنَّ الأصل مُقْتَتِل ومُقْتَتَل، فنُقلت الفتحة إلى الساكن قبلها كما نُقلت في الفعل. ومن قال "قِتَّلَ" بكسر القاف وفتح التاء قال في المضارع: يَقِتِّلُ، بكسر القاف والتاء؛ لأنَّ الأصل "يَقْتَتِلُ" فسكَّن التاء الأُولى وكسر القاف لالتقاء الساكنين، كما فعل ذلك في الماضي، ومنهم من يكسر حرف المضارعة إتباعًا للقاف، أو على لغة من يقول في مضارع "افتعَلَ": "يِفْتَعِلُ" فيكسر حرف المضارعة. ومنه قول أبي النجم1: تَدافُعَ الشِّيبِ, ولم تِقِتِّلِ ويقول في اسم الفاعل: مُقِتِّل، بكسر القاف والتاء. والأصل مُقْتَتِل فكسر القاف، بعد تسكين التاء الأُولى، لالتقاء الساكنين. ومنهم من يستثقل الخروج من ضمٍّ إلى كسر، فيضمُّ القاف إتباعًا للميم فيقول: مُقُتِّل ولا يستثقل الخروج من ضمَّة القاف إلى كسرة التاء؛ لأنَّ بينهما حاجزًا. وهو التاء الساكنة. و [يقول] في اسم المفعول: مُقِتَّلٌ، بكسر القاف وفتح التاء؛ لأنَّ الأصل مُقْتَتَلٌ، فسكَّن التاء الأُولى، وحرَّك القاف بالكسر على أصل التقاء الساكنين. ومنهم أيضًا من يستثقل الخروج من ضمٍّ إلى كسر فيضمُّ القاف إتباعًا للميم، فيقول:2 مُقُتَّلٌ، بضمِّ القاف وفتح التاء. ومن قال: "قِتِّلَ" بكسر القاف والتاء فإنَّ قياس المضارع منه واسم الفاعل واحد، وإنَّما يخالفه في اسم المفعول. فتقول في المضارع: يَقِتِّلُ، بكسر القاف والتاء؛ لأنَّ الأصل: يَقْتَتِلُ، فتُسكَّّن التاء الأُولى، وتُحرَّك القاف بالكسر على أصل التقاء الساكنين. ولا تحتاج إلى إتباع حركة ما بعد3 القافِ؛ لأنها مكسورة مثلها. وإن شئتَ أيضًا كسرتَ حرف المضارعة إِتباعًا، أو على لغة
من يكسر حرف المضارعة من "افتَعَلَ"، فتقول1: يِقِتِّلُ، بكسر القافِ والتاءِ التي بعدها2 وحرفِ المضارعة. وتقول في اسم الفاعل: مُقِتِّلٌ، بكسر القافِ والتاءِ. والأصل مُقْتَتِلٌ، فسكَّنت التاء الأُولى وكسرت القاف لالتقاء الساكنين ثمَّ أدغمت. ولم تحتج إلى إتباع التاء؛ لأنَّ حركتها من جنس حركة القاف. وإن شئتَ ضممت القاف إتباعًا لحركة الميم، كراهية الخروج من ضمٍّ إلى كسرة، فتقول: مُقُتِّلٌ. و [تقول] في اسم المفعول: مُقِتِّلٌ، كما تقول في اسم الفاعل؛ لأنَّ الأصل مُقْتَتَلٌ، فسكَّنتَ التاء الأُولى وكسرتَ القاف لالتقاء الساكنين وأدغمت، ثمَّ كسرت التاء الثانية إتباعًا لحركة القاف. فلا يقع فرق بين اسم الفاعل على هذه اللغة واسم المفعول إِلَّا بالقرائن. فيكون نظير "مُختار"، في أنه يحتمل أن يكون اسم فاعل واسم مفعول، حتَّى يتبيَّن بقرينة تقترن به. ومن استثقل الخروج من ضمٍّ إلى كسر، من غير حاجز، ضمَّ القاف فقال: مُقُتِّلٌ. وقياس3 المصدر في اللغات الثلاث "قِتَّالًا" بفتح التاء وكسر القاف، والأصل اقْتِتال. فمن فتح القاف4 نقل كسرة التاء إليها. ومن كسرها سكَّن التاء الأُولى وكسر القاف لالتقاء الساكنين. ومن كسر التاء إتباعًا للقاف فقال: قِتِّلَ، ينبغي له أن يقول في المصدر: قِتِّيلًا، فيكسر التاء5 إتباعًا للقاف، فتنقلب الألف لانكسار ما قبلها. وإن اجتمعا في اسم فلا يخلو من أن يكون على ثلاثة أحرف أو على أزيدَ6. فإن كان على ثلاثة أحرف فلا يخلو من أن يكون الأوَّل ساكنًا أو متحرِّكًا. فإن كان ساكنًا فالإدغام ليس إلَّا، نحو7: رَدٍّ
ووُدٍّ وأمثالهما. إِلَّا أن يُضطرَّ شاعر فيفكّ ويحرِّك الأوَّل، نحو قوله1: [ثمَّ استَمَرُّوا, وقالُوا إِنَّ مَوعِدَكُم ... ماءٌ بِشَرقِيِّ سَلمَى] , فَيدُ أو رَكَكُ يريد: ركًّا. وإن كان متحرِّكًا فلا يخلو من أن يكون على وزن من أوزان الفعل، أو لا يكون. فإن لم يكن على وزن من أوزانها فلا يُدغَم نحو: سُرُرٍ2 ودُرَرٍ3؛ لأنَّ الأسماء بابها ألَّا تعتلَّ، لخفَّتها بكثرة دورها في الكلام, وأخفُّها ما كان على ثلاثة أحرف لأنَّه أقلُّ أصول الكلمة عددًا. ولهذه4 [الخفّة لم يُعَلَّ مِثل] : ثِوَرة وبِيَع وصِيَر، وأشباهُ ذلك. فلو بنيتَ من "ردّ" مثلَ "إِبِل" صحَّحته؛ تقول فيه: رِدِدٌ. فإن كان على وزن من أوزان الأفعال5 فلا يخلو من أن يكون على "فَعَلٍ" أو "فَعُلٍ" أو "فَعِلٍ". فإن كان على وزن "فَعَلٍ" لم تُدغِم لخفّة6 البناءِ [60ب] نحو: طَلَلٍ وشَرَرٍ. فإن كان على وزن "فَعِلٍ" أو "فَعُلٍ"أدغمتَ لشَبَه الفعل في البناء مع ثقل البناء. فتقول في "فَعُلٍ" و"فَعِلٍ" من "رَدَدْت": رَدٌّ. والدليل، على أنَّ "فَعِلًا" يُدغَم، قولُهم: طَبٌّ7 وصَبٌّ. والأصل "طَبِبٌ"8 و"صَبِبٌ"9،
لأنَّ الفعل منهما على وزن "فَعِلَ". تقول: صَبِبتُ وطَبِبتُ، واسم الفاعل من "فَعِلَ"، إذا كان على ثلاثة أحرف، إنَّما يكون على وزن "فَعِلٍ" نحو: حَذِرٍ1 وأَشِرٍ2. والدليل، على أنَّ "فَعُلًا" [أيضًا] 3 يُدغَم، أنه لم يجئ مُظهَرًا في موضع من كلامهم؛ لا يُحفظ من4 كلامهم مثل: رَدُدٍ. فإمَّا أن تقول: إنَّ "فَعُلًا" لم يأت في المضعَّف، وإمَّا أن تقول: إنه موجود في المضعَّف، إِلَّا أنه لزمه الإدغام. فالأَولى أن يُدَّعى أنه يلزمه الإدغام؛ لأنَّ المعتلَّ والمضعَّف الغالبُ فيهما أن يجيء فيهما من الأوزان ما يجيء في الصحيح. وأيضًا فإنَّ "فَعُلًا" مثلُ "فَعِلٍ"، في أنه5 على بناء الفعل الثقيل، وقد قام الدليل على أنهم يُدغمون "فَعِلًا" لقولهم: صَبٌّ وطَبٌّ، فكذلك "فَعُلٌ". وزعم6 أبو الحسن بن كَيسانَ أنَّ ما كان على وزن "فَعِلٍ" أو "فَعُلٍ" لا يُدغَم. واستدلَّ على ذلك بأنك لو أدغمت لأدَّى ذلك إلى الإلباس؛ لأنه لا يُعلم هل هو في الأصل متحرِّك العين أو ساكنه. وهذا الذي ذهب إليه فاسد؛ لأنه إذا أدَّى القياس إلى ضرب ما من الإعلال استُعمل، ولم يُلتفت إلى التباس إحدى البِنيتين بالأُخرى؛ ألا ترى أنَّ العرب قد قالت: مُختار، في اسم الفاعل واسم المفعول، ولم يُلتفت إلى اللَّبس. وأيضًا فإنه قد قام الدليل على أنَّ صَبًّا وطَبًّا: "فَعِلٌ" في الأصل، وقد أُدغم. فدلَّ ذلك على فساد مذهبه. فإن7 كان الاسم على أزيدَ من ثلاثة أحرف فلا يخلو من أن يكون الذي زاد به على ثلاثة أحرف: تاءَ التأنيث، أو علامتي التثنية أو جمع السلامة، أو ياءيِ النسب، أو الألفَ والنون الزائدتين، أو ألفيِ التأنيث, أو غيرَ ذلك. فإن كان شيئًا ممّا ذُكر أُجري مُجراه قبل لحاقه إِيَّاه. فتقول: شَرَرةٌ وشَرَرانِ وطَلَلانِ ومَلَليّ، فلا تدغم كما لا تدغم في شَرَر وطَلَل ومَلَل. وقالوا: الدَّجَجانُ، من الدَّجيج فلم يدغموا. أنشد القاليُّ8: تَدعُو بذاكَ الدَّجَجانَ الدَّارِجا
ولو بنيتَ "فَعُلان" من "رَدَدت" لقلت: رَدَّانٌ، فأدغمتَ ولو بنيتَ "فَعَلًا" من "ردَّ" لقلت "رَدَدًا"، فلم تدغم كما تُدغِم في "فَعِل". وقالوا: خُشَشاءُ1, فلم يُدغموا؛ لأنه لا يدغم "فُعَلٌ" نحو: غُرَر. فإن كان الذي زاد به على ثلاثة غيرَ ذلك أدغمت، كان الاسم على وزن من أوزان الفعل أو لم يكن، وسواء كان الأوَّل ساكنًا أو متحرِّكًا. إِلَّا أنك تسكِّن المتحرِّك، لما ذكرنا في الفعل، بنقل حركته لما2 قبله إن كان ساكنًا غيرَ حرف مدٍّ ولين، أو بحذفها إن كان ما قبله متحرِّكًا أو حرفَ مدٍّ ولين. نحو: خِدََبَّ ومَكَرّ ومُستقَرّ وفارّ وضارّ3. فأمَّا خِدَبٌّ فالأوَّل من المثلين ساكن في الأصل. والأصل في مَكَرّ ومُستَقَرّ: "مَكْرَرٌ" و"مُستَقْرَرٌ"، فنقلتَ الحركة إلى ما قبله؛ لأنه ساكن غيرُ حرف مدٍّ ولين. والأصل في فارّ وضارّ: "فارِرٌ" و"ضارِرٌ", فسَكَّنتَ ولم تَنقل الحركة؛ لأنَّ الساكنَ حرف مدٍّ ولين. ولو4 بنيتَ مثل "فَعِلانٍ"5 من "رَدَدتُ" لقلتَ "رَدَّانٌ" فأدغمت، ولم تنقل الحركة إلى ما قبلها؛ لأنه متحرِّك. هذا ما لم يمنع من الإدغام أن يكون الأوَّل6 مدغمًا فيه [ما قبله نحو مُرَدِّد] ؛ لأنهم لو أدغموا وجعلوا الحركة على الساكن الذي هو العين لم يخرجه ذلك في إدغامه وتضعيف آخره. فلمَّا كان الأمر [كذلك] امتنعوا من تحريك العين التي لم تكن في الكلام قطّ إِلَّا ساكنة، أو يمنع منه أن يكونَ الإدغام7 مؤدِّيًا إلى تغيير بناء8 الملحَق عمَّا أُلحِقَ به، نحو: قَرْدَدٍ9. فإنه ملحق بجَعْفَر، ولو أدغمت فقلت "قَرَدٌّ" لحرَّكت الراء وهي في مقابلة العين من جَعْفَر، وسَكَّنتَ
الدال الأُولى وهي في مقابلة الفاء من جَعْفَر. فكنتَ تضع متحرِّكًا في مقابلة ساكن، وساكنًا في مقابلة متحرِّك. أو يكونَ أحد1 المثلين التاء من اسم جار على "افتَعَلَ" فإنه لا يلزم [فيه] الإدغام، بل يجوز في الاسم من الأوجه ما تقدَّمَ ذكره. أو يكونَ أيضًا أحد المثلين من اسم جار على "تفاعَلَ" نحو: "تَتَابَعَ"، فإنه لا يلزم أيضًا فيه الإدغام، بل يجوز فيه الفكُّ والإدغام كما جاز في فعله. فتقول. مُتَتابِعٌ ومُتَّابِعٌ، وتَتابُعًا واتَّابُعًا، كما يجوز: تَتابَعَ واتّابَعَ. أو يَشِذَّ شيء، فيُحفظَ ولا يقاسَ عليه، نحو: مَحْبَبٍ وتَهْلَلٍ2، أو تدعوَ إلى ذلك ضرورةٌ، نحو قوله3: الحَمدُ للهِ, العَلِيِّ, الأجلَلِ وقوله4: تَشكُو الوَجَى, مِن أَظلَلٍ, وأَظلَلِ فإن التقيا في كلمتين فلا يخلو من أن يكونا مُعتلَّين أو صحيحين. فإن كانا صحيحين فلا يخلو من أن يكون الأوَّل منهما ساكنًا أو متحرِّكًا. فإن كان ساكنًا فالإدغام ليس إلَّا نحو: اضرِب بَّكرًا؛ لأنَّه لا فاصل بين المثلين, فهو5 أثقل من أن لو فَصَلتْ بينهما حركة. وأيضًا فإنَّ الإدغام لايؤدِّي إلى تغيير شيء. وإن كان الأوَّل متحرِّكًا فإنه لا يخلو من أن يكون ما قبله ساكنًا أو متحرِّكًا6 فإن كان ما قبله متحرِّكًا جاز الإدغام والإظهار. وإذا أدغمتَ فلا بدَّ من حذف الحركة، لِما ذكرناه قبل.
وكلاهما حسن، والبيان لغة أهل الحجاز. وإنَّما لم يُلتزم الإدغام [61أ] هنا؛ لأنَّ الأوَّل من المِثلين لا يلزم أن يكون ما بعده من جنسه، ويلزم ذلك في الكلمة الواحدة. فكأنَّ1 اجتماع المِثلين [فيهما] 2 عارض، فلذلك اعتُدَّ به مرَّة3، ولم يُعتدَّ به أُخرى. وذلك نحو: "يُكَذِّب بّالدِّينِ"4 و"جَعَل لَّكَ"5 ويَد دَّاودَ، وخاتَم مُّوسَى. وأقوى ما يكون الإدغام وأحسنه إذا أدَّى الإظهار إلى اجتماع خمسة أحرف بالتحريك فأكثرَ، نحو: جَعَل لَّكَ، وفَعَل لَّبيدٌ، لثقل6 توالي الحركات. وكلَّما كان توالي الحركات أكثر كان الإدغام أحسن. وإن كان ما قبله ساكنًا -أعني ما قبل الأوَّل من المِثلين- فلا يخلو من أن يكون الساكن حرف علَّة، أو لا يكون. فإن كان الساكن حرف عِلَّة حذفتَ الحركة من المِثلين وأدغمته في الثاني، وإن شئتَ أظهرت. وذلك نحو: دار رَّاشدٍ، وثَوب بَّكرٍ، وجَيب بَّشيرٍ، ويَظلِمونِّي7. وإنَّما جاز الجمع بين ساكنين8 لِما في الساكن الأوَّل من اللِّين9 ولِما في الحرف المشدَّد من التشبُّث بالحركة؛ ولأنَّ التقاء الساكنين فيها غير لازم إذ قد يزول بالإظهار. والبيان هنا أحسن من البيان في مثل "جَعَل لَّك"، لسكون ما قبله، فلم يتوالَ10 فيه من الحركات ما توالى في "جَعَل لَّك". وأيضًا فإنَّ الإدغام يؤدِّي إلى اجتماع ساكنين. فإن كان الساكن حرفًَا صحيحًا لم يجز الإدغام، نحو: اسمُ مُوسَى، وابنُ نُوح. وإنَّما لم يجز الإدغام فيه؛ لأنَّ الإدغام في الكلمتين أضعف منه في الكلمة الواحدة؛ ألا ترى أنه يلزم في الكلمة الواحدة ولا يلزم في الكلمتين. فلمَّا كان أضعفَ لم يقوَ لعى أن يُغيَّر له الحرف الساكن بالتحريك. إذ لو أَدغمتَ لم يكن بدٌّ من تحريك سين11 "اسم" وباء "ابن"12. ولكنَّك تُخفي إن شئت، وتُحقِّق إن شئت. والمُخفَى بزِنة المحقَّق، إِلَّا أنك تختلس الحركة اختلاسًا.
فأمَّا قول بعضهم [في القراءة] {نِعِمَّا} 1: [فحَرَّكَ] ، فلم يُحرِّكِ2 العينَ للإدغام. بل جاء على لغة من يقول "نِعِمَ"، فيُحرِّك العين، وهي لغة هذيل. فإن كانا معتلَّين فإنه لا يخلو من أن يكون الأوَّل منهما ساكنًا، أو متحرِّكًا. فإن كان ساكنًا فلا يخلو من أن يكون حرف لين، أو حرف مدٍّ ولين: فإن كان حرف لين أَدغمتَ، إذ لا مانع من الإدغام، نحو: اخشَي يَّاسرًا، واخشَوا وَّاقدًا. وإن كان حرف مدٍّ ولين لم تدغِم، نحو: يَغزو واقدٌ3، واضرِبِي ياسِرًا، لئلَّا يذهب المدّ بالإدغام، مع ضعف الإدغام في الكلمتين -فأمَّا مثل "مَغْزُوّ" فاحتملوا فيه ذهاب المدِّ لقوَّة الإدغام- وأيضًا فإنه يُشبه "قُوْوِلَ"4، في أنَّ الأوَّل حرف مدٍّ ولين، ولا يلزم المِثلانَ [فيهما] كما لا يلزمان في "قُوْوِلَ"، إذ قد يزول المِثلان في "قُوْوِلَ" إذا أسندتَه5 إلى الفاعل6، كما يزول المِثلان في "يغزو واقدٌ" إذا لم تأت بعد "يغزو" بكلمة أوَّلها واو، نحو: يغزو راشدٌ. وإن 7 كان الأوَّل متحرِّكًا فلا يخلو من أن يكون ما قبله ساكنًا أو متحرِّكًا: فإن كان ما قبله متحرِّكًا جاز الإدغام والإظهار، على حسب ما ذُكر في مثله من الصحيح، نحو: وَلِي يَّزيدُ، ولَقَضُو وَّاقدٌ! وإن كان ما قبله ساكنًا فلا يخلو من أن يكون حرف عِلَّة، أو حرفًا صحيحًا: فإن كان حرفًا صحيحًا8 لم تُدغِم، كما فعلتَ في مثله من الصحيح، نحو: ظَبْيُ ياسرٍ, وغَزْوُ واقدٍ. وإن كان حرفَ عِلَّة فلا يخلو [من] 9 أن يكون مدغمًا, أو غير مدغم: فإن كان غير مدغم جاز الإظهار والإدغام, كما جاز في نظيره من الصحيح, نحو: واوُ وَّاقدٍ، وآيُ يّاسِين10. وإن كان مدغمًا لم يجز الإدغام،؛ لأنَّ المدَّ الذي كان فيه قد زال بالإدغام، فصار بمنزلة
الساكن الصحيح. فكما لا تُدغِم1 إذا كان الساكن صحيحًا فكذلك لا تدغم2 إذا كان معتلًّا. وذلك نحو: وَلِيُّ يَزيدَ، وعدُوُّ واقدٍ. والدليل على أنَّ المدَّ قد زال بالإدغام وقوعُ "لَيّ" و"قَوّ" في القوافي مع ظَبْي وغَزْو. ولو كانت غير مدغمة3 لم يجز ذلك، كما لا يجوز4 وقوع "عَيْن" في قافية مع "جَوْن"5. فدلَّ ذلك على أنَّ الإدغام يُصيِّرها بمنزلة الحرف الصحيح. فإن6 كان الثاني ساكنًا فلا يخلو من أن يجتمعا في كلمتين، أو في كلمة واحدة. فإن اجتمعا في كلمتين لم يجز الإدغام أصلًا، نحو: اضربِ ابْنَ زيدٍ؛ لأنَّ سكون الحرف الثاني من المِثلين إذ ذاك لا تصل إليه الحركة، فلا يُتصوَّر فيه الإدغام، بل7 يكونان مفكوكين. وقد شذَّ العرب في "عَلْماءِ بَنُو فُلانٍ"8، فحُذفت الألف لالتقاء الساكنين9, فاجتمعت اللَّامان: لام "على" مع لام التعريف. واستثقل ذلك، مع أنه قد كثر استعمالهم [61ب] له في الكلام -وما كثر استعماله فهو أدعى للتخفيف ممّا ليس كذلك- فحُذفت لام "على" تخفيفًا، لمَّا تعذَّر التخفيف بالإدغام. وإن اجتمعا في كلمة واحدة فلا يخلو الثاني من أن يكون حرف عِلَّة، أو حرفًا صحيحًا. فإن كان حرف عِلَّة فقد تَقدَّمَ حكمه في باب القلب، فأغنى ذلك عن إعادته. وإن كان حرفًا صحيحًا فلا يخلو من أن يكون تصل إليه الحركة في حال، أو لا تصل: فإن وصلت إليه الحركة فإنَّ أهل الحجاز لا يُدغمون؛ لأنَّ الإدغام يؤدِّي إلى التقاء الساكنين؛ لأنك لا تدغم الأوَّل في الثاني حتَّى تسكِّنه، لئلَّا تكون الحركة فاصلةً بين المِثلين كما تَقَدَّمَ، والثاني ساكن فيجتمع ساكنان. فلمَّا كان الإدغام يؤدِّي إلى ذلك رفضوه. وذلك نحو: إن تَردُدْ أَردُدْ. ولا تُضارَرْ، واشدُدْ.
فإن قلت: فهلَّا حرَّكوا الثاني من الساكنين إذا التقيا، ثمَّ أدغموا الأوَّل فيه. فالجواب أنَّ حركة التقاء الساكنين عارضة فلم يُعتدَّ بها، كما لم يُعتدَّ بها في نحو1: {قُمِ اللَّيْلَ} ؛ ألا ترى أنهم لا يردُّون الواو المحذوفة من "قُم"2 لالتقاء الساكنين، وإن كانت الميم قد تحرَّكت؛ لأنَّ الحركة عارضة؟ وأمَّا غيرهم من العرب فيُدغم ويَعتدُّ بالعارض؛ لأنَّ العرب قد تعتدّ بالعارض في بعض الأماكن. وأيضًا فإنَّ3 الثاني أصله الحركة وليس السكون، [ويحرك إذا اتصل بالضمائر نحو: رُدّا وردُّوا] وردِّي. ولذلك لم يدغموا في: أشدِدْ بحمرة ثوبه! لأنَّ تلك الضمائر لا تلحقه أصلًا. [وأيضًا] فإنه حَملَ ما سكونُه جزمٌ على المُعرَب بالحركة؛ لأنه مُعرَب مثله. فكما أنَّ المُعرَب بالحركة تدغمه نحو: يَفِرُّ4, فكذلك المُعرَب بالسكون. وحَملَ ما سكونُه بناء على ما سكونُه جزم؛ لأنه يُشبهه؛ ألا ترى أنَّ العرب قد تحذف له5 آخر الفعل في المعتلِّ كما تحذفه للجزم، فتقول: "اغزُ" كما تقول: لم يَغزُ؟ وأيضًا فإنك6 قد تُحرِّك لالتقاء الساكنين فتقول: اردُدِ القومَ. فصار بذلك يُشبه المُعرَبَ بتعاقب الحركة والسكون على آخره، كما أنّ المُعرَب كذلك في نحو: يَضرِبُ ولم يَضرِبْ. فلمَّا أشبه المُعرَبَ في ذلك حُمِل في الإدغام عليه. والذين من لغتهم الإدغام7 يختلفون في تحريك الثاني: فمنهم من يُحرِّكه أبدًا بحركة ما قبله إِتباعًا، فيقول: رُدُّ وفِرِّ وعَضَّ، ما لم تتَّصل به الهاءُ والألف التي للمؤنث فإنه يَفتح على كلِّ حالٍ نحو: رُدَّها وعَضَّها وفِرَّها8، أو الهاءُ التي هي للمذكَّر فإنه يَضمُّه نحو9: رُدُّهُ وفِرُّهُ وعَضُّهُ -وذلك؛ لأنَّ10 الهاء خفيَّة فكأنك قلت: رُدَّا أو رُدُّوا. فكما أنك تفتح مع الألف وتضمُّ مع الواو فكذلك تفعل هنا؛ لأنَّ الهاء خفيَّة- أو لم
تجئ1 بعد الفعل بكلمة أوَّلها ساكن2 فإنه يَكسر أبدًا نحو: رُدِّ ابنَكَ، ورُدِّ القَومَ. وذلك؛ لأنك قد كنت تُحرِّك الآخِر قبل الإدغام بالكسر على أصل التقاء الساكنين نحو: "اردُدِ القومَ". فلمَّا أَدغمتَ في هذا الموضع حرَّكت بالحركة التي كانت له قبل الإدغام, كما أنهم لمَّا حرَّكوا "مُذ" لالتقاء الساكنين فقالوا: مُذُ اليوم، ضمُّوا؛ لأنَّ الأصل فيه "مُنْذُ". فلمَّا حرَّكوا أتَوا بالحركة التي [كانت] 3 له في الأصل. ومنهم من يفتح على كلِّ حال، إِلَّا إذا كان بعده ساكن -وذلك لأنه آثر التخفيفَ- واعتدَّ بالهاء في مثل: رُدَّهُ، ولم يلتفت إلى خفائها، إِلَّا إذا كان بعده4 ساكن؛ لأنه آثر حركة الأصل على التخفيف. ومنهم من يفتح على كلِّ حال، كان بعده5 ساكن أو لم يكن. وذلك لأنه آثر التخفيف في جميع الأحوال. ومنهم من يكسر ذلك أجمعَ على كلِّ حال. وهؤلاء حرَّكوا بالحركة التي هي لالتقاء الساكنين في الأصل. هذا ما لم يتَّصل بشيء من ذلك ألفٌ أو واو أو ياء6. فإنَّ الحركة إذ ذاك تكون من جنس الحرف المتَّصل به، لا خلافَ بينهم في شيء من ذلك، نحو: رُدَّا7 ورُدِّي ورُدُّوا. فأمَّا "هَلُمَّ" فللتركيب8 الذي دخلها التزمت العرب فيها التخفيفَ لذلك، فحرَّكوها بالفتح على كلِّ حال، إِلَّا مع الألف9 والواو والياء، نحو: هلُمَّا وهلُمُّوا وهلُمِّي. وإن لم تصل الحركة إلى الساكن الثاني فإنَّ العرب الحجازيين وغيرهم لا يدغمون ذلك10, نحو: رَدَدْتُ، وكذلك: اردُدْنَ؛ لأنَّ سكون الدال هنا لا يُشبه سكون الجزم، ولا11 سكون الأمر والنهي، وإن كان "اردُدْنَ" أمرًا؛ لأنها إنَّما سُكِّنت من أجل النون كما سُكِّنت من أجل التاء في "رَدَدْتُ. والسبب في أنْ لم يُدغَم مثل هذا كما أُدغم "رُدَّ" أنَّ السكون في "اردُدْ"، وإن كان بناءً،
أَشبهَ المُعرَبَ من الوجهين المتقدِّمَين، فحُمل عليه في الإدغام. وليس بين سكون الدال في "رَدَدْتُ" وأمثاله وبين [62أ] المُعرَب شَبَه، فلم يكن له ما يُحمل عليه. إِلَّا ناسًا من بكر بن وائل فإنهم يُدغمون في مثل هذا, فيقولون: رَدَّتُ ورُدَّنَ. كأنهم قدَّروا الإدغام قبل دخول النون والتاء. فلمَّا دخلتا أبقوا اللفظ على ما كان عليه قبل دخولهما1. فإن2 كان الثاني من المِثلين ساكنًا فالإظهار. ولا يجوز الإدغام؛ لأنَّ ذلك يؤدِّي إلى اجتماع الساكنين. وقد شذَّ العرب في شيء من ذلك، فحذفوا أحد المِثلين تخفيفًا، لمَّا تعذَّرَ التخفيف بالإدغام. والذي يُحفظ من ذلك: أَحَسْتُ وظَلْتُ3 ومَسْتُ4. وسبب ذلك أنه لمَّا كُره اجتماع المِثلين فيها حُذف الأوَّل منها تشبيهًا بالمعتلِّ العين. وذلك أنك قد كنت تُدغم قبل الإسناد للضمير، فتقول: أَحَسَّ5 ومَسَّ وظَلَّ. والإدغام ضرب من الاعتلال؛ ألا ترى أنك تُغيِّر العين من أجل الإدغام بالإسكان، كما تغيِّرها إذا كانت حرف عِلَّة. فكما تُحذف العين إذا كانت حرف عِلَّة، في نحو: قُمتُ وخِفتُ وبِعتُ، كذلك حُذفت في هذه الألفاظ تشبيهًا بذلك. وممَّا يُبيِّن ذلك أنَّ العرب قد راعت هذا القَدْر من الشَّبه؛ لأنهم يقولون: مِسْتُ، بكسر الميم، فينقلون حركة السين المحذوفة إلى ما قبلها كما يفعلون ذلك في: خِفتُ؛ ألا ترى أنَّ الأصل "خَوِفْتُ"، فنقلوا حركة الواو إلى الخاء، وحذفوها لالتقاء الساكنين، على حسب ما أُحكم في بابه؟ وأمَّا "ظَلْت6، و"مَسْتُ" في لغة من فتح الميم فحذفوا، ولم ينقلوا فيهما7 الحركة، تشبيهًا لهما بـ"لَسْتُ", لمَّا كان لا يُستعمل لهما مضارع إذا حُذفا كما لا يستعمل لـ"لَيسَ"
مضارع؛ ولأنَّ المشبَّهَ بالشيء لا يقوى قوَّة ما يُشبَّه به. وأمَّا1 "عَلماءِ بَنُو فُلانٍ" فأصله "على الماء" فحُذفت الألف لالتقاء الساكنين2، فاجتمع اللَّامان: لام "على" مع لام التعريف، فاستُثقل ذلك، مع أنَّ ذلك قد كَثُرَ استعمالهم له في الكلام -وما يكثر استعماله فهو أدعى للتخفيف ممّا ليس كذلك- فحُذفت لام "على" تخفيفًا لمَّا تعذَّر التخفيف بالإدغام. فهذا وجه هذه الأسماء 3 التي شذَّت.
ذكر إدغام المتقاربين
ذكر إدغام المتقاربين: اعلم أنَّ التقارب الذي يقع الإدغام بسببه قد يكون في المخرج خاصَّةً، أو في الصِّفة خاصَّةً، أو في مجموعهما1. فلا بُدَّ إذًا، قبل الخوض في هذا الفصل، من ذكر مقدِّمة في مخارج الحروف وصفاتها. فحروف2 المعجم الأصول تسعةٌ وعشرون3, أوَّلها الألف4 وآخرها الياء، على المشهور من ترتيب حروف المعجم. لا خلاف في ذلك بين أحد من العلماء، إِلَّا أبا العباس المبرّد فإنها عنده ثمانية وعشرون، أوَّلها الباء وآخرها الياء، ويُخرِجُ الهمزة من حروف المعجم، ويستدلُّ على ذلك بأنها لا تثبت على صورة واحدة. فكأنَّها عنده من قبيل الضبط، إذ لو كانت حرفًا من حروف المعجم لكان لها شكل واحد، لا تنتقل عنه كسائر حروف المعجم. وهذا الذي ذهب إليه أبو العباس فاسد؛ لأنَّ الهمزة لو لم تكن حرفًا لكان "أَخَذَ" و"أَكَلَ" وأمثالهما5 على حرفين خاصَّةً؛ لأنَّ الهمزة ليست عنده حرفًا6. وذلك باطل؛ لأنه أقلُّ أصول الكلمة ثلاثة أحرف: فاء وعين ولام. فأمَّا عدم استقرار صورتها على حال واحدة فسبب ذلك أنها كُتبت على حسب تسهيلها. ولولا ذلك لكانت على صورة واحدة وهي الألف. وممّا يدلُّ على ذلك أنَّ الموضع الذي لا تُسهَّل فيه تُكتب فيه ألفًا، بأيِّ حركة تحرَّكت؟ وذلك إذا كانت أوَّلًا, نحو: أَحمد وأُبلُم وإِثمد. وممّا يُبيِّن أيضًا أنَّها حرف أنَّ واضع أسماء حروف المعجم وضعها على أن يكون في أوَّل
الاسم1 لفظ الحرف المُسمَّى بذلك الاسم، نحو: جيم ودال وياء وأمثال ذلك. فـ"الألف" اسم للهمزة، لوجود الهمزة في أوَّله. فأمَّا الألف التي هي مدَّة فلم يتمكَّن ذلك في اسمها؛ لأنها ساكنة ولا يُبتدأ بساكن، فسُمِّيت ألفًا باسم أقرب الحروف إليها في المخرج، وهو الهمزة. وممّا يُبيِّن أيضًا أنَّها حرف، وليست من قبيل الضبط، أنَّ الضبط لا يُتصوَّر النطقُ به إِلَّا في حرف، والهمزة يُتصوَّر النطق بها وحدها كسائر الحروف. فدلَّ ذلك على أنها حرف. وقد تبلغ الحروف خمسةً وثلاثين حرفًا بفروع حسنة تلحقها، يؤخذ بها في القرآن وفصيح الكلام. وهي: النون الخفيفة2 -وهي النون [62ب] الساكنة إذا كان بعدها حرف من الحروف التي تخفى معه- والهمزة المخفَّفة، وألف التفخيم، وألف الإمالة، والشين التي كالجيم نحو: أَجْدَق في أشْدَق، والصاد التي كالزاي في نحو مَصْدر. وسيُبيَّن بعدُ، إن شاء الله [تعالى] 3. وقد تبلغ ثلاثة وأربعين حرفًا بفروع غيرِ مُستحسنة، ولا مأخوذٍ بها في القرآن ولا في الشعر، ولا تكاد4 توجد إِلَّا في لغة ضعيفة مرذولة. وهي: الكاف التي كالجيم: وقد أخبر أبو بكر بن دريد5 أنها لغة في اليمن، يقولون في كَمَل: جَمَل6. وهي كثيرة في عوامِّ أهل بغداد. والجيم التي كالكاف: وهي بمنزلة ذلك، فيقولون في "رَجُل": رَكُل، فيُقرِّبونها من الكاف. والجيم [التي] 7 كالشين: نحو: اشتَمَعوا وأَشدَر، يريدون8: اجتَمَعُوا وأَجدَرُ. والطاء التي كالتاء: نحو: "تالَ" تريد9: طالَ. وهي تسمع من عجم أهل المشرق كثيرًا؛ لأن10 الطاء في أصل لغتهم معدومة. فإذا احتاجوا إلى النطق بها ضعف نطقهم بها.
والضاد الضعيفة: يقولون في "اثْرُدْ لَهُ": اضْرُدْ لَهُ1. يُقرِّبون الثاء من الضاد. وكأنَّ ذلك في لغة قوم ليس في أصل حروفهم الضاد. فإذا تكلَّفوها ضعف نطقهم بها لذلك. والصاد التي كالسين: نحو: "سائر" في صائر. قُرِّبت منها؛ لأنَّ الصاد والسين من مخرج واحد. والباء التي كالفاء: وهي كثيرة في لغة الفُرس2 وغيرهم من العجم. وهي على لفظين: أحدهما لفظ الباء أغلب عليه من لفظ الفاء، والآخر بالعكس نحو: بَلَح وبِرطِيل. والظاء التي كالثاء: يقولون في "ظالم": ثالم. وكأنَّ الذين تكلَّموا بهذه الحروف المسترذلة خالطوا العجمَ، فأخذوا من لغتهم3.
تبيين مخارج حروف العربية الأصول
تبيين مخارج حروف العربية الأصول مدخل ... تبيين مخارج حروف العربيَّة الأُصول: وهي ستَّةَ عَشَرَ مخرجًا1: فللحلق منها ثلاثة: فأقصاها مخرجًا: الهمزة والألف والهاء. هكذا2 هي هذه الثلاثة عند سيبويه. وزعم أبو الحسن3 أنَّ الهمزة أوَّلًا، وأنَّ الهاء والألف بعدها، وليست واحدة عنده أسبقَ من الأخرى. ويدلُّ على فساد مذهبه، وصِحَّة ما ذهب إليه سيبويه، أنه متى احتيج إلى تحريك الألف اعتُمِد بها على أقرب الحروف إليها4 إلى أسفل الفم، فقُلبت همزةً نحو: رِسالة ورَسائل. فلو كانت الهاء معها من مخرج واحد لقلبت هاء؛ لأنها إذ ذاك أقرب إليها من الهمزة. ومن وسط الحلق مخرج: العين والحاء. وأدنى مخارج الحلق إلى اللسان مخرج: الغين والخاء. ومن أقصى اللسان وما فوقه من الحنك الأعلى مخرج: القاف. ومن أسفلَ من موضع القاف [من اللسان] 5 قليلًا، وممّا يليه من الحنك الأعلى، مخرج: الكاف. ومن وسط اللسان، بينه وبين وسط الحنك الأعلى، مخرج: الجيم والشين والياء6.
ومن بين أوَّل حافَّة اللسان وما يليها1 من الأضراس مخرج: الضاد، إِلَّا أنك إن شئتَ تكلَّفتها من الجانب الأيمن، وإن شئتَ من الأيسر. ومن أوَّل حافَّة اللسان2، من أدناها إلى منتهى طرف اللسان، [ما] 3 بينها وبين ما يليها من الحنك الأعلى، ممّا فُويق4 الضاحك والناب والرَّباعِيَة والثنيَّة، مخرج: اللام. ومن طرف اللسان، بينه وبين ما فُويق الثنايا، مخرج: النون. ومن مخرج النون؛ غير أنه أدخل في ظهر اللسان قليلًا، لانحرافه إلى اللام، مخرج: الراء. ومن5 بين طرف اللسان وأُصول الثنايا مخرج: الطاء والدال والتاء. ومن6 بين طرف اللسان وفُويق الثنايا مخرج: الصاد والزاي والسين7. ومن 8 بين طرف اللسان وأطراف الثنايا مخرج: الظاء والثاء والذال9. ومن باطن الشفة وأطراف الثنايا العُلى10 مخرج: الفاء. ومن11 بين الشفتين مخرج: الباء والميم والواو. ومن الخياشيم مخرج: النون الخفيفة12.
ذكر تقسيمها بالنظر إلى صفاتها
ذكر تقسيمها بالنظر إلى صفاتها 1: فمن ذلك انقسامها إلى مجهور ومهموس: فالمهموسة عشرة أحرف يجمعها "ستَشحَثُكَ
خَصَفَهْ"1 وباقي الحروف مجهورة. والمجهور: حرف أُشبع الاعتماد2 عليه في موضعه، فمنَع النَّفَس أن يجري معه حتَّى ينقضي الاعتماد3. غير أنَّ الميم [63أ] والنون، من جملة المجهورة، قد يُعتمد لهما في الفم والخياشيم، فتصير فيهما غُنَّةٌ. والمهموس4: حرف أُضعف الاعتماد عليه في موضعه، حتَّى جرى معه النَّفَسُ. واعتبار ذلك بأن تكرَّر الحرف وحده، أو بحرف اللِّين معه، نحو: سَسَس كَكَكَكَ سِيسِيسِي كِيكِيكِيكِي5، فتجد النَّفَس يجري مع الحرف. ولو رُمتَ في المجهور لَما أمكنك. وتنقسم أيضًا إلى شديد، ورِخْو، وبين الشِّدَّة والرَّخاوة. فالشديد ثمانية أحرف يجمعها "أَجِدُك قَطَبْتَ". والتي بين الشديدة والرِّخوة أيضًا ثمانية أحرف يجمعها "لم يَروِعَنَّا"6. وباقي الحروف رِخو. والشديد: حرف يمتنع7 الصوت أن يجري فيه لانحصار الصوت؛ ألا ترى أنك لو قلت: الحقّْ والشطّ ْ8، ثمَّ رُمت مدّ الصوت في القاف والطاء، لكان ممتنعًا؟ والرِّخو9: هو الذي يجري فيه الصوت من غير ترديد10، لتجافي اللسان عن موضع الحرف؛ ألا ترى أنك تقول: المَسّْ والرَّشّْ والشُّحّْ ونحوَ ذلك، فتجد الصوت جاريًا مع السين والشين والحاء؟ والذي بين الشديدة والرِّخوة11. هو الذي لا يجري الصوت في موضعه عند الوقف،
ولكن يعرض له أعراض توجب خروج الصوت، باتِّصاله بغير مواضعها1: فأمَّا العين فإنك قد تصل إلى الترديد فيها كما2 تصل إلى ذلك في الرِّخوة، لشبهها بالحاء كأنَّ صوتَها يَنسلُّ عند الوقف إلى الحاء، فليس لصوتها الانحصار التامُّ، ولا جريُ الرِّخو. وأمَّا اللام فإنَّ الصوت قد يَمتدُّ فيها؛ لأنَّ ناحيتي مُستدَقِّ اللسان تتجافيان3، فيخرج الصوت منهما، وليس [يخرج] 4 الصوت من موضع اللام؛ لأنَّ طرف اللسان لا يتجافى فليس للصوت جري تامٌّ5. وبيان ذلك أنك لو شَددْتَ جانبي موضع اللَّام لانحصر الصوت، ولم يجر البتَّة. وأمَّا النون والميم فيجري معهما الصوت في الأنف6؛ لأنَّ الغُنَّة صوت، ولا يجري في الفم؛ لأنَّ اللسان لازم لموضع الحرف من الفم. وأمَّا الراء فللتكرار الذي فيها قد يتجافى اللسان بعض تجافٍ، فيجري معه الصوت إذ ذاك. وأمَّا الياء والواو فلأنَّ مخرجهما اتَّسع لهواء الصوت، فجرى لذلك الصوتُ بعضَ جري، وأمَّا الألف فلأنَّ مخرجها اتَّسع لهواء الصوت أشدَّ من اتِّساع مخرج الياء والواو؛ لأنك تضمُّ شفتيك في الواو وترفع في الياء لسانك قِبَلَ الحنك، وليس في الألف شيء من ذلك. فهذه الأحرف الثلاثة لها أصوات في غير موضعها من الفم. فصارت بذلك مُشبِهة للرِّخوة، وهي تشبه الشديدة للزومها مواضعها، وليس للصوت جري في مواضعها كالرِّخوة. وتنقسم أيضًا إلى مُطْبَق ومُنفتِح. فالمطبَقة أربعة أحرف: الطاء والظاء والصاد والضاد. وباقي الحروف منفتح. والإطباق: أن تَرفعَ ظهر لسانك إلى الحنك الأعلى مُطْبِقًا له. ولولا الإطباق لصارت الطاء دالًا والصاد سينًا والظاء ذالًا؛ لأنَّ الفارق بينها إنَّما هو الإطباق، ولخرجت الضاد من الكلام؛ لأنه ليس من موضعها حرف غيرُها، فترجعَ الضاد إليه إذا زال الإطباق. والانفتاح ضدُّ ذلك. وتنقسم الحروف أيضًا إلى مُستَعْل ومُنخفِضٍ. فالمستعلية سبعة: الأربعة المطبقة، وثلاثة
من غيرها وهي الخاء والغين1 والقاف. والمنخفض ما عدا ذلك. والاستعلاء: أن يَتصعَّد اللسان2 إلى الحنك الأعلى، انطبق اللسان أو لم ينطبق، والانخفاض ضدُّ ذلك. وتنقسم إلى مكرَّر وغير مكرَّر. فالمكرَّر: الراء. وما عداها غير مكرَّر. وأعني بالتكرار: أنك إذا وقفت عليها رأيتَ طرف اللسان يَتعثَّرُ فيها. ولذلك احتُسبت في الإمالة بحرفين على ما ذُكر3 في باب الإمالة4، وتنقسم أيضًا إلى مُتقَلقِل، ومُشْرَب، وما ليس فيه قلقلة ولا إشراب. فالمتقلقلة: القاف والجيم والطاء والدال والباء. وذلك أنها تُضغَط عن مواضعها، وتُحفَز5 في الوقف، فلا تستطيع6 الوقف عليها إِلَّا بصوت. نحو: الحقْ واخرجْ واهبطْ واذهبْ وامدُدْ7. والمُشْرَبة: الزاي والظاء والذال والضاد8 والراء. والمُشْرَب: حرف يخرج معه عند الوقف عليه نحو النفخ. إِلَّا أنه لم يُضغط ضغط المقلقل. ومن المُشْرَب9 ما لا يخرج بعده شيء من ذلك [63ب] نحو الهمزة، والعين، والغين، واللام، والنون، والميم. وجميع الحروف التي تَسمع معها في الوقف صوتًا متى أدرجتها ووصلتها زال ذلك الصوت؛ لأنَّ أخذك في صوت آخر وحرف سوى الأوَّل يشغلك عن إتباع الحرف الأوَّل صوتًا، نحو10: خُذْهُ واخفِضْهُ واحفظْهُ. وتنقسم11 إلى مهتوت وغير مهتوت. فالمهتوت الهاء12, وذلك لما فيها من الضعف
والخفاء. وما عداها فليس بمهتوت. وتنقسم1 أيضًا على ذَلْقِيَّة2 وغير ذَلْقِيَّة. فالذَّلْقِيَّة ستَّة، وهي اللام والراء والنون والفاء والباء3 والميم. وما عداها فهو المُصْمَت. وسُمِّيت ذَلْقِيَّةً؛ لأنها يُعتمد عليها بذَلْق اللسان4، وهو صدره وطرَفه. وفي الحروف الذَّلْقِيَّة سِرٌّ طريفٌ5 يُنتفع به في اللغة؛ وذلك أنك6 متى رأيت اسمًا رباعيًّا أو خماسيًّا غير ذي زوائد فلا بُدَّ فيه من حرف منها أو حرفين أو ثلاثة، نحو: جَعفَر وقَعضَب7 وسَلهَب8 وفَرَزدَق وسَفَرجَل9 وقِرطَعْب10. فمتى وَجدتَ كلمة رباعيَّة أو خماسيَّة معرَّاة من حروف الذَّلاقة فاقضِ بأنَّه دخيل في كلام العرب وليس منه. ولذلك سُمِّي ما عدا هذه الحروف مُصْمَتًا أي: صُمِتَ عن أن تبنى منه11 كلمة رباعيَّة أو خماسيَّة. وربَّما جاء بعض ذوات الأربعة مُعرًّى من حروف الذَّلاقة، وذلك قليل جدًّا، نحو: العَسجَد والعَسَطُوس12 والدَّهدَقة13 [والزَّهزقة] 14. وتنقسم أيضًا على مُستطيل وما ليس15 كذلك. فالمستطيل الضاد؛ لأنها استطالت في مخرجها على حسب ما ذُكر في المخارج. وغير المُستطيل ما عداها. وتنقسم أيضًا إلى مُنحرف وغير مُنحرف. فالمُنحرف اللام، وما عداها ليس بمنحرف. وتنقسم16 أيضًا إلى أَغَنَّ وغير أغنّ. فالأغنُّ الميم والنون. والغُنَّة: صوت في الخياشيم.
وما عدا ذلك فليس بأغنَّ. وإنَّما ذكرتُ صفات الحروف؛ لأنَّ إدغام المتقاربَينِ يُبنَى1 عليها أو على أكثرها، على ما يُبيَّن بعدُ، إن شاء الله عزَّ وجلَّ2 وإذ قد3 فرغنا من المقدِّمة، فينبغي أن نرجع إلى تبيين حكم إدغام المتقاربات في المخارج أو في الصفات4.
ذكر أحكام حروف الحلق في الإدغام
ذكر أحكام حروف الحلق في الإدغام 1: قد تَقَدَّمَ أنَّ للحق ثلاثة مخارج: فمن أقصاه الألف والهمزة والهاء، ومن وسطه العين والحاء، ومن أدنى مخارج الحلق إلى اللسان مخرج الغين والخاء. أمَّا الألف والهمزة فلا يدغمان في شيء، ولا يدغم فيهما شيء، والسبب في ذلك أنَّ إدغام المتقارِبَينِ محمول على إدغام المِثلين. فلمَّا امتنع فيهما إدغام المِثلين، كما ذكرنا في فصل إدغام المِثلين، امتنع فيهما إدغام المتقارِبَينِ. وأمَّا الهاء فليس لها من مخرجها ما يُدغم [فيها] 2 أو تُدغم فيه؛ لأنها من مخرج الألف والهمزة، فلم يبق لها ما تُدغم فيه إِلَّا ما هو من المخرج الذي يلي مخرجها. فإذا اجتمعت مع الحاء فلا يخلو أن تتَقَدَّمَ3 الحاءَ أو تتقَدَّمَها الحاءُ. فإن تقَدَّمَت على الحاء جاز الإدغام والبيان نحو: اجبَهْ حاتِمًا4. إن شئت لم تدغم، وإن شئت قلبت الهاء حاء وأدغمت الحاء في الحاء فقلت: اجبَحَّاتمًا؛ لأنهما5 متقاربان ليس بينهما شيء، إِلَّا أنَّ الحاء من وسط الحلق، وهما مهموسان. وإنَّما قَلبتَ الأوَّل إلى جنس الثاني ولم تقلب الثاني إلى جنس الأوَّل؛ لأنَّ الذي ينبغي أن يُغيَّر بالقلب الأوَّل كما غُيِّر بالإسكان؛ ألا ترى أنَّ الذي يُسكَن لأجل الإدغام إنَّما هو الأوَّل؟ فإن قُلِب الثاني إلى جنس الأوَّل في موضعٍ ما فلِعِلَّةٍ، وسيُبيَّن ما جاء من ذلك في موضعه. والبيان وتركُ الإدغام أحسن لاختلاف المخرجين؛ ولأنَّ حروف الحلق ليست بأصل للإدغام لقِلَّتها، والتصرُّفُ بابه أن يكون فيما يكثر.
وإن تَقَدَّمتها الحاء نحو: امدَحْ هِلالًا؛ فالبيانُ ولا يجوز الإدغام. والعِلَّة في ذلك أنَّ المخرجين، كما تقَدَّمَ، قد اختلفا مع أنَّ الإدغام1 في حروف الحلق ليس بأصل. وأيضًا فإنك لو أدغمت لوجب أن تقلب الأوَّل إلى الثاني على أصل الإدغام، فكنت تقلب الحاء هاء. وذلك لا يجوز؛ لأنَّ الهاء أدخل في الحلق من الحاء، ولا يُقلَب الأخرجُ إلى الفم إلى جنس الأدخل في الحلق. والسبب في ذلك أنَّ حروف الفم أخفُّ من حروف الحلق. ولذلك يقلُّ اجتماع الأمثال في حروف الحلق. وما قرب من حروف الحلق إلى الفم كان أخفَّ من الذي هو أدخل منه في الحلق. فكرهوا لذلك [64أ] تحويل الأخرج إلى جنس الأدخل؛ لأنَّ في ذلك تثقيلًا. فإن أردت الإدغام قلبت الهاء حاء وأدغمت، فقلت: امدَ حِّلالًا2. وجاز قلب الثاني لمَّا تعذَّر قلب الأوَّل، وليكون الإدغام فيما هو أقرب إلى حروف الفم التي هي أصل للإدغام. والإدغام في مثل هذا أقلُّ من الإدغام في مثل "اجبَهْ حاتمًا"3؛ لأنَّ الباب -كما تقَدَّمَ- أن يُحوَّل الأوَّل إلى الثاني. فإن اجتمعت مع العين فالبيانُ، تقَدَّمتِ العينُ أو تأخَّرتْ، ولا يجوز الإدغام إِلَّا أن تَقلِب العين والهاء حاء، ثمَّ تُدغِم الحاء في الحاء. وذلك نحو [قولك] 4: اجبَجُّتْبةَ واقطَحَّاذا وذَهَبَ مَحُّمْ5، تريد: اجبَهْ عُتْبةَ6 واقطَعْ هذا وذَهَبَ مَعْهُم. وهي كثيرة في كلام بني تميم7. وإنَّما لم تُدغِم إِلَّا بتحويل الحرفين؛ لأنك لو قلبت العين إلى الهاء كنت قد قلبت الأخرج إلى جنس الأدخل. وقد تَقَدَّمَ ذلك, ولو قلبت الهاء إلى العين لاجتمع لك عينان. وذلك ثقيل؛ لأنَّ العين قريبة من الهمزة. فكما أنَّ اجتماع الهمزتين ثقيل8، فكذلك اجتماع العينين. وأيضًا فإنها بعيدة من الهاء؛ لأنها ليست من مخرجها، وتُباينُها9 في الصفة؛ لأنَّ العين مجهورة والهاء مهموسة، والعين بين الشِّدَّة والرَّخاوة والهاء رِخوة. فكرهوا أن يقلبوا واحدة.
منهما إلى الأُخرى، للتباعد الذي بينهما. فلذلك أبدلوا منهما الحاء؛ لأنَّ الحاء من مخرج العين, وتُقارب الهاء في الهمس والرَّخاوة. وأمَّا العين إذا اجتمعت مع الحاء فلا يخلو أن تتقَدَّمَ أو تَتَقدَّمَ الحاءُ. فإن تَقَدَّمتْ كنتَ بالخِيار: إن شئتَ أدغمتَ فقلبتَ العينَ حاء، وإن شئتَ لم تُدغِم، نحو: اقطَعْ حَّبلًا1. وحَسَّنَ الإدغام هنا كونُهما من مخرج واحد. وإن تقَدَّمتِ الحاءُ بَيَّنتَ ولم تدغمها في العين؛ لأنَّ العين أدخلُ في الحلق، ولا يُقلَب2 الأخرج إلى الأدخل لِما تَقدَّم. وأيضًا فإنَّ اجتماع العينين ثقيل كما تَقَدَّم. فإن أردتَ الإدغام قلبت العين حاء، وأدغمت الحاء في الحاء؛ لأنه قد تقدَّمَ أنَّ الثاني قد يُقلب إذا تعذَّر قلب الأوَّل. وأمَّا الغين مع الخاء فإنه يجوز فيهما البيان والإدغام، وكلاهما حَسَنٌ؛ لأنهما من مخرج واحد. وإذا أَدغمتَ قلبتَ الأوَّل منهما إلى الثاني، كائنًا ما كان، نحو: اسلِخْ غَّنمَكَ وادمَغْ خَّلَفًا. وإنَّما جاز قلب الخاء غينًا، وإن كانت أخرج إلى الفم منها؛ لأنَّ الغين والخاء لقرب3 مخرجهما من الفم أُجريا مُجرى حروف الفم. وحروفُ الفم يجوز فيها قلب الأخرج إلى الأدخل. وممّا يُبيّن أنهما يُجرَيان مُجرى حروف الفم أنَّ العرب قد تُخفي معهما النون، كما تفعل بها مع4 حروف الفم، على ما يُبيَّن بعدُ5. ولهذه العِلَّة بنفسها لم يجز إدغام واحد من الحاء والعين6 والهاء في الغين والخاء أعني: لكونهما قد أُجريا مُجرى حروف الفم. فكما أنَّ حروف7 الحلق لا تُدغَم في حروف الفم، فكذلك لا تُدغَم الهاء ولا الحاء ولا العين8 فيهما. هذا9: مذهب سيبويه. وحكى المبرّد أنَّ من النحويِّين من أجاز إدغام العين والحاء في
الغين والخاء، نحو قولك: امدَ غّالبًا وامدَ خَّلَفًا واسمَغَّالبًا واسمَخَّلَفًا. تريد: امدحْ غالبًا وامدحْ خلفًا واسمعْ غالبًا واسمعْ خلفًا. وزعم أنَّ ذلك مستقيم في اللغة معروف، جائز في القياس؛ لأنَّ الخاء والغين أدنى حروف الحلق إلى الفم. فإذا كانت الهاء تدغم في الحاء، والهاء من المخرج الأوَّل من الحلق، والحاء من الثاني، وليست حروف الحلق بأصل للإدغام، فالمخرج الثالث أَوْلى أن يدغم فيما كان بعده؛ لأنَّ ما بعده متصل بحروف الفم، التي هي أصل للإدغام؛ ألا ترى أنهم أدغموا الباء في الفاء -والباءُ من الشفة محضة، والفاءُ من الشفة السفلى وأطراف الثنايا العُلى- فقالوا: اذْهَفِّي ذلك واضرِ فَّرَجًا، لقرب الفاء من حروف الفم؟ وسيبويه يأبى ذلك، لِما ذكر من أنَّ العرب كما لا تُدغِم حروف الحلق في حروف اللسان, ولا حروف اللسان في حروف الحلق ... ولا إدغامهما فيها للتراخي الذي بينها؛ ألا ترى أنَّ الهاء من المخرج الأوَّل، وهما من المخرج الثالث؟ [وكذلك لا يجوز] إدغام الخاء والغين في الحاء والعين، لما يلزم ذلك من قلب الأخرج إلى الفم إلى جنس الأدخل في الحلق. وذلك لا يجوز ...
ذكر حكم حروف الفم في الإدغام
ذكر حكم حروف الفم 1 في الإدغام: فأوَّلها ممّا يلي [حُروف] 2 الحَلق، كما تَقَدَّم، القاف والكاف. وكلّ واحد منهما يُدغَم في صاحبه فتقول: الحَق كَّلَدَةَ3 وانهَك قَّطَنًا، تَرفع4 اللسان بهما رفعة واحدة. والبيانُ والإدغامُ في "الحقْ كَّلَدَة"5 حسنانِ؛ فالبيان حسن والإدغام أحسن6. والبيانُ في "انهكْ قطَنًا" أحسن من الإدغام، لقُرب القاف والكاف من حُروف الحلق7، وحُروف الحلق كما تقَدَّمَ لا يجوز إدغام الأخرج منها في الأدخل. فلذلك ضعف إدغام الكاف التي هي الأخرج، في القاف التي هي أدخل، كما شُبّه أقرب حروف الحلق إلى اللسان -وهما الغين والخاء- بحروف اللسان، كذلك شُبّه أقرب حروف الفم بحروف الحلق، ولا يجوز البيان8، فأخفيت النون الساكنة عندهما كما تقَدَّم9. ولا يجوز إدغام كلِّ واحد من10 القاف والكاف في غيرهما، ولا غيرهما فيهما. ثمَّ الجيم والشين والياء: أمَّا الجيم فإنها تُدغم في الشين خاصَّة، كقولك: ابعَج شَّبثًا11. ويجوز البيان، وكلاهما
حسن. وإنَّما جاز إدغامها1 فيها لكونهما من حروف وسط اللسان. ولم يجز إدغامها2 في الياء، وإن كانت3 من مخرجها؛ لأنَّ الياء حرف عِلَّة. وحروف العِلَّة4 بائنة من جميع الحروف، بأنها لا يُمدّ صوت إِلَّا بها؛ ولأنَّ الحركاتِ بعضُها، ولذا كانت منفردة بأحكام لا توجد لغيرها؛ ألا ترى أنك تقول: عَمْرُو وبكْرُ ونصْرُ، وما أشبه ذلك في القوافي، فيعادِل الحروفُ بعضُها بعضًا، ولو وقعت ياء أو واو بحذاء حرف من هذه الحروف نحو: "جَوْر" و"خَيْر" لم يجز؟ وكذلك تكون القافية مثل سَعِيد وقُعُود، ولو وقع مكان الياء والواو غيرُهما لم يصلح. وتحذف لالتقاء الساكنين في الموضع الذي يحرّك فيه غيرها، نحو: يَغزو القومُ ويرمي الرجلُ ومَثنَى القومِ. فصارت لذلك قِسمًا برأسه5. فلذلك لم تدغم في غيرها، ولا أُدغم غيرها فيها، ما عدا النون فإنها أُدغمت فيها، لعِلّة تُذكر في موضعها6. ولا يدغم في الجيم من مخرجها شيء: أمَّا الشين فلم تدغم فيها [64ب] لأن7 فيها تفشِّيًا، فكرهوا إذهابه بالإدغام. وأيضًا فإنَّ الشين8 بتفشِّيها لحقت بمخرج الطاء والدال، فبعُدت عن الجيم. وأمَّا الياء فلم تدغم لِما تقَدَّم. من ذكر9 العِلَّة المانعة من إدغام الياء والواو في حروف الصحَّة. ويدغم فيها من غير مخرجها ستَّة أحرف. وهي: الطاء والدال والتاء والظاء والذال والثاء، نحو: لم يربِط جَّملًا وقد جَّعَلَ و"وَجَبَت جُّنُوبُها"10 واحفظ جّابرًا وانبِذ جَّعفرًا وابَعث جَّامعًا. وإنَّما جاز إدغام هذه الأحرف في الجيم، وإن لم تكن من مخرجها؛ لأنها أخت الشين وهي معها من مخرج واحد. فكما أنَّ هذه الأحرف تدغم في الشين، فكذلك أدغمت في أختها -وهي الجيم- حملًَا عليها.
والبيانُ في جميع ذلك أحسن للبعد الذي بينها1 [وبينهنّ] . وإذا أدغمتَ الطاء والظاء في الجيم فالأحسن أن تُبقي الإطباق الذي فيهما، لئلَّا تُخِلَّ2 بهما وتُضعِفَهما، بزوال الإطباق منهما. وقد يجوز أن تُذهب الإطباق جملةً. وأمَّا الشين فإنها لا تُدغَم في شيء3. وسبب ذلك أنها متفشِّية، كما تقَدَّم. والإدغام في مقاربها يُذهبه، فيكون ذلك إخلالًَا بها. وتُدغَم4 فيها الجيمُ -وقد تقَدَّم ذكر ذلك- والطاءُ والدال والتاء والظاء والذال والثاء واللام. أمَّا إدغام الجيم فيها فلكونهما من مخرج واحد. وأمَّا إدغام سائر الحروف فيها؛ فلأنها استطالت بالتفشِّي الذي5 فيها، حتَّى اتَّصلت بمخرجها، فجرت لذلك مجرى ما هو من مخرج واحد. والبيان عربيُّ جيِّد، لِبُعد ما بينه وبينهنّ. وأمَّا الياء فلا تُدغَم في حرف صحيح [أصلًَا] 6. وقد تقَدَّم سبب ذلك, وتُدغَم في الواو؛ لأنها شابهتها في اللِّين والاعتلال. إِلَّا أنَّ الواو هي التي تُقلب لجنس الياء، تقدَّمت أو تأخَّرت؛ لأنَّ القصد بالإدغام التخفيف، والياء أخفُّ من الواو، فقلبوا الواو ياء على كلِّ حال -وأيضًا فإنَّ الواو من الشِّفة، والياء من حروف الفم، وأصل الإدغام أن يكون في حروف الفم7- نحو: سَيِّد ومَيِّت -الأصل فيهما "سَيْوِدٌ" و"مَيْوِتٌ"8- وطَيّ ولَيّ. الأصل فيهما "طَوْيٌ" و"لَوْيٌ". ولا يُدغَم فيها حرف صحيح أصلًا، إِلَّا النون نحو: مَن يُّوقِنُ -والسبب في أن أُدغمت9 النون وحدها, من بين سائر الحروف الصحاح، في الياء أنَّ النون غَنَّاءُ فأشبهت بالغُنَّة التي فيها الياءَ10؛ لأنَّ الغُنَّة فَضْلُ صوتٍ في الحرف، كما أنَّ اللِّين فضل صوت في حروف11 العِلَّة. وأيضًا فإنَّ النون قريبة في المخرج من الواو التي هي أخت الياء- ويُدغَم فيها الواو لتشاركهما في الاعتلال واللِّين، كما تقَدَّم. وذلك نحو: طَوَيتُ طَيًّا ولَوَيتُ لَيًّا.
ثمَّ1 الضاد، ولا تُدغَم في شيء من مقارباتها2. وسبب ذلك أنَّ فيها استطالة وإطباقًا واستعلاء، وليس في مقارباتها ما يَشركها في ذلك كُلِّه. فلو أُدغمت لأدَّى ذلك إلى الإخلال بها، لذهاب هذا الفضل الذي فيها. فأمَّا إدغام بعضهم لها في الطاء بقوله: مُطَّجِع، يريد: مُضطجِعًا3، فقليل جِدًّا ولا ينبغي أن يقاس. والذي شجَّعه على ذلك أشياء، منها: موافقةُ الضاد للطاء في الإطباق الذي فيها4 والاستعلاءِ، وقربُها5 منها في المخرج، ووقوعُها معها في الكلمة الواحدة أكثر من وقوعها في الانفصال؛ لأنَّ الضاد التي تكون آخر كلمة6 لا يلزمها أن يكون أوَّل الكلمة التي تليها طاء، ولا يكثر ذلك فيها بخلاف مضطجع. فلمَّا اجتمعت هذه الأسباب أدغموا، واغتفروا لها ذهاب الاستطالة التي في الضاد. وتُدغَم فيها الطاء والدال والتاء والظاء7 والذال والثاء واللام. وذلك نحو: هل ضَّلَّ زيدٌ؟ وابَعث ضَّرمَةَ -قال سيبويه8: "وسَمِعنا من يُوثَق بعربيَّته قال9: ثارَ, فضَجَّت ضَّجَّةً رَكائبُهْ فأدغم التاء في الضاد" -واضبِط ضَّرَمةَ واحفَظ ضَّرمَةَ10 وخُذ ضَّرمَةَ وقَد ضَّعُفَ11. أمَّا اللام فأدغمت فيها، لقربها منها في المخرج. وأمَّا سائر الحروف فإنَّ الضاد، بالاستطالة التي فيها، لحقت مخرج الطاء والدال والتاء؛ لأنها اتَّصلت بمخرج اللام، وتطأطأت عن اللام حتى خالطت أصولَ ما اللامُ فوقه، إِلَّا أنها لم تقع من الثنيَّة موقع12 الطاء13 لانحرافها؛ لأنك
تضع [لسانك] 1 للطاء2 بين الثَّنيَّتَين. وقرُبت بسبب ذلك من الظاء والذال والثاء؛ لأنهنّ من حروف طرف اللسان والثنايا، كالطاء وأختيها. والبيان عربيّ جيّد، لتباعُد ما بينها [وبينهنّ] . ثمَّ اللام والنون والراء. أمَّا اللام فإنها تدغم في ثلاثةَ [65أ] عَشَرَ حرفًَا3. وهي: التاء والثاء والدال والذال والراء والزاي والسين والشين والصاد والضاد والطاء والظاء والنون. وإنَّما أُدغمت في هذه الحروف لموافقتها لها. وذلك أنَّ اللام من طرف اللسان. وهذه الحروف: أحدَ عَشَرَ حرفًا منها حروفُ طرفِ اللسان. وحرفان منها -وهما الضاد والسين- يخالطان طرف اللسان. وذلك أنَّ الضاد لاستطالتها اتَّصلت بمخرج اللام، وكذلك الشين بالتَّفشِّي الذي فيها لحقت أَيضًا مخرجها. فإن كانت اللام للتعريف التُزم الإدغام ولم يجز البيان4. والسبب في ذلك أنه انضاف إلى ما ذكرناه من الموافقة كثرةُ لام المعرفة في الكلام؛ ألا ترى أنَّ كُلَّ نكرةٍ أردتَ تعريفها أدخلت عليها اللام التي للتعريف إِلَّا القليلَ منها. وكثرة دور5 اللفظ في الكلام تستدعي التخفيف. وأيضًا فإنَّ لام المعرفة قد تَنزَّلت منزلةَ الجزء ممّا6 تدخل عليه، وعاقبها7 التنوين، واجتماع المتقاربين فيما هو كالكلمة الواحدة أثقل من اجتماعهما فيما ليس كذلك. فلمَّا كان فيها ثلاث مُوجبات للتخفيف -وهي: ثِقلُ اجتماع المتقاربات، وكثرة التكلُّم بها، وأنها مع ما بعدها كالكلمة الواحدة- التُزم فيها الإدغام. وإن كانت لغير تعريف أُدغمت لأجل المقاربة، وجاز البيان؛ لأنها لم يكثر استعمالها ككثرة لام التعريف، ولا هي مع ما بعدها بمنزلة كلمة واحدة كما أنَّ لام التعريف كذلك. والإدغام8 إذا كانت اللام ساكنة أحسن منه، إذا كانت متحرِّكة نحو: جَعَل رَّاشدٌ. وإدغامها في بعض هذه الحروف9 أحسنُ منها في بعض:
فإدغامها في الراء نحو: هل رَّأيتَ؟ أحسنُ من إدغامها في سائرها؛ لأنها أقرب الحروف إليها وأشبهها1 بها، حتَّى إنَّ بعض من يصعب عليه إخراج الراء يجعلها2 لامًا. وإدغامها في الطاء والتاء والدال والصاد والسين والزاي يلي في الجودة إدغامَها في الراء؛ لأنها أقرب [الحروف] 3 إليها بعد الراء. وإدغامها في الثاءِ -نحو:4 "هَل ثُّوِّبَ" وقد قرأ به أبو عمرو- والذالِ والظاءِ يلي5 ذلك؛ لأنَّ هذه الثلاثة من أطراف الثنايا، و [قد] 6 قاربن مخرج ما يجوز إدغام اللام فيه. وهو الفاء. وإدغامها في الضاد والشين يلي ذلك؛ لأنهما ليسا من حروف طرف اللسان كاللام، وإنَّما اتصلتا7 بحروف طرف اللسان، بالاستطالة التي في الضاد، والتَّفشِّي الذي في الشين، كما قدَّمنا. ومن إدغامها في الشين قول طريف بن تميم8: تَقُولُ، إِذا استَهلكتُ مالًَا لِلَذَّةٍ, ... فُكَيهةُ: هَشَّيءُ بِكَفَّيكَ لائقُ؟ يريد: هل شَيءٌ؟ وإدغامها في النون دون ذلك كلِّه، والبيانُ أحسنُ منه. وإنَّما قَبُحَ إدغامها في النون، وإن كانت أقرب إلى اللام من غيرها من الحروف التي تقَدَّمَ ذكرها؛ لأنه قد امتنع أن يُدغم في النون من الحروف التي أُدغمت هي فيها إِلَّا اللام. فكأنهم استوحشوا الإدغام فيها وأرادوا أن يُجروا اللام مُجرى أخواتها من الحروف التي يجوز إدغام النون فيها9. فكما أنه لا يجوز إدغام شيء منها في النون، كذلك10 ضعف إدغام اللام فيها. ولا يُدغم فيها إِلَّا النون، على ما يُبَيَّنُ في فصل النون. وأمَّا النون فلها خمسة مواضع: موضع تُظهر فيه، وموضع تُدغم فيه، وموضع تَخفى فيه11، وموضع تُقلب فيه ميمًا، وموضع تُظهر فيه وتَخفى:
فالموضع الذي تُظهر فيه خاصَّةً إذا كان بعدها هاء أو همزة أو حاء أو عين1، نحو: مِنها ويَنأى ومِنحار ومِنْعَب2. والموضع الذي تُظهر فيه وتَخفى إِذا وقعت بعدها الغين أو الخاء، نحو: مُنْغَلّ3 ومَنْخُل. والموضع الذي تُدغم فيه إذا كان بعدها حرف من حروف "ويرمل". والموضع الذي تُقلب فيه إذا كان بعدها باء. والموضع الذي تَخفى فيه إذا كان بعدها حرف من سائر حروف الفم الخمسةَ عَشَرَ. فأُدغمت في خمسة الأحرف المتقدِّمَة الذكر لمقاربتها لها: أمَّا مقاربتها للرَّاء واللام ففي المخرج4. وأمَّا مقاربتها للميم ففي الغُنَّة، ليس حرف من الحروف له غُنَّة إِلَّا النون والميم. ولذلك5 تُسمع النون كالميم، ويقعان في القوافي المُكْفأة فلا يكون ذلك عيبًا، نحو قوله6: ما تَنقِمُ الحَربُ العَوانُ مِنِّي؟ ... بازِلُ عامَينِ, حَدِيثٌ سِنِّي لِمِثل هذا, وَلَدتْنِي أُمِّي وأمَّا مقاربتها للياء والواو؛ فلأنَّ في النون غُنَّة تُشبِه7 اللِّين في الياء والواو؛ لأنَّ الغُنَّة فضلُ صوت في الحرف كما أنَّ اللِّين كذلك. وهي8 من حروف الزيادة كما أنَّ الياء والواو كذلك, وتزاد في موضع زيادتهما. تقول: عَنسَل وجَحَنفَل ورَعْشَن، كما تقول: كَوثَر وصَيقَل وجَدوَل وعِثْيَر وتَرقُوة وعِفْرِية. وأيضًا فإنها قد أُدغمت فيما قارب الواو في المخرج -وهو الميم- وفيما هو على طريق الياء. وهو الراء؛ ألا ترى أنَّ الألثغ بالراء يجعلها ياء؟ فأُدغمت [النون] في الياء
والواو كما أُدغمت في الميم والراء. فلمَّا قاربتِ النونُ هذه الحروف الخمسة أُدغمت فيها [65ب] . ولا يجوز البيان1 إن كانت النون ساكنة. فإن كانت مُتحرِّكة جاز، لفصل الحركة بين المتقاربين؛ لأنَّ النيَّة بالحركة أن تكون بعد الحرف. وذلك نحو: خَتَنُ مُّوسَى. وإذا أُدغمت2 في الراء واللام والواو والياء كان إدغامها بغُنَّة، وبغير غُنَّة. أمَّا إدغامها بغير غُنَّة فعلى أصل الإدغام؛ لأنك إذا أدغمتها صار اللفظ بها من جنس ما تُدغَم فيه. فإذا كان ما بعدها غيرَ3 أغنّ ذهبت الغُنَّة، لكونها تصير مثله. ومن أَبقى الغُنَّة؛ فلأنها فصلُ صوتٍ فكرهَ إبطالها، فحافظَ عليها بأن أدغم، وأبقى بعضًا من النون وهو الغُنَّة، وإبقاؤها عندي أجود، لما في ذلك من البيان للأصل والمحافظة على الغُنَّة. وإذا أُدغمت في الميم قُلبت إلى جنسه، ولم يبق لها أثر، ولستَ بمحتاج4 إلى غُنَّة النون؛ لأنَّ الميم فيها غُنَّة. فإذا قلبتها ميمًا محضة لم تُبطِلِ الغُنَّة. وزعم5 سيبويه أنها مع ما تُدغَم فيه مخرجُها من الفم لا من الخياشيم؛ لأنها لو كانت تدغم في حروف الفم، وهي من الخياشيم، لتفاوتَ6 ما بينها، ولا يُدغم الأبعد في الأبعد. ووافقه المبرّد في جميع ذلك، إِلَّا الميمَ؛ لأنها من الشفة. فلو كانت النون المدغمة فيها من الفم لبعدت من الميم. قال: ولكن مخرجها مع الميم7 من الخياشيم؛ لأنَّ الميم تخرج8 من الشفة، وتصير إلى الخياشيم للغُنَّة التي فيها، فأُدغمت فيها النون لتلك المجاورة. ومذهب سيبويه عندي أَوْلى؛ لأنَّ النون التي في الفم تصير أيضًا إلى الخياشيم، للغُنَّة التي فيها، كما كان ذلك في الميم9 ... وما أخلَّت به. وقُلِبت مع الباء ميمًا ولم تدغم فيها؛ لأنَّ الباء لا تقارب النون في المخرج كما قاربتها الراء
واللام1، ولا فيما يُشبِه الغُنَّة وهو اللِّين، ولا في الغُنَّة كما قاربتها الميم. فلمَّا تعذَّر إدغامها في الباء قُلبت معها ميمًا؛ لأنَّ الباء من مخرج الميم فعوملت معاملتها. فلمَّا قُلبت النون مع الميم ميمًا قلبت ميمًا أيضًا مع الباء. وأُمِنَ2 الالتباس؛ لأنه ليس في الكلام ميم ساكنة قبل باء. وأُظهرت مع الهمزة والهاء والعين والحاء، لبعد ما بينها وبينهنَّ، فلم3 تُغيَّرِ النونُ بإدغام، ولا بشِبهه الذي هو الإخفاء. وأيضًا فإنَّ حروف الحلق أَشدُّ علاجًا وأصعبُ إخراجًا، وأحوج إلى تمكين آلة الصوت من غيرها. فإخراجها4 لذلك يحتاج5 إلى اعتمادات تكون في اللسان، والنونُ الساكنة الخفيَّة مخرجها من الخيشوم. فلا علاج في إخراجها ولا اعتماد، فإذا كانت قبل حروف الحلق تعذَّر النُّطق بحروف الحلق؛ لأنَّ النون تستدعي ترك الاعتماد, وحروف الحلق تطلب6 الاعتماد. فإذا بيَّنتَ النون قبلها أمكن إخراجها؛ لأنَّ النون البيِّنة مخرجها من اللسان. فهي أيضًا تطلب الاعتماد7 كسائر حروف اللسان. وأمَّا جواز خفائها وإظهارها مع الخاء والغين؛ فلأنهما من أقرب حروف الحلق إلى الفم. فمن أجراهما8 مُجرى ما تقدَّمهما9 من حروف الحلق أظهر النون معهما. ومن أجراهما مُجرى ما يليهما10 من حروف الفم -وهو القاف والكاف- أخفى النون معهما كما يخفيها مع القاف والكاف. وأمَّا إخفاؤها مع الخمسةَ عَشَرَ حرفًا من حروف الفم الباقية؛ فلأنها11 اشتركت معها، في كونها من [حروف] الفم. وأيضًا فإنها، وإن كانت من حروف اللسان، فبالغُنَّة التي فيها التي خالطت الخياشيم اتَّصلت بجميع حروف الفم. فلمَّا12 أشبهتها فيما ذكرنا، وكانت قد أُدغمت في بعض حروف الفم. غيَّروها بالإخفاء معها كما غيَّروها بالإدغام والقلب مع
حروف "ويرمل" من حروف الفم؛ لأنَّ الإخفاء شبيه بالإدغام، ولم يغيِّروها بالإدغام؛ لأنهم أرادوا أن يفرِّقوا بين ما يقاربها من حروف الفم في المخرج كاللام والراء، وفي الصفة كالميم والياء والواو، وبين ما ليس كذلك. فجعلوا الغييرَ الأكثر1 للأقرب، والتغييرَ الأقلَّ للأبعد. ولم يُسمع من كلامهم تسكين النون المتحرِّكة، إذا جاءت قبل الحروف التي تَخفى معها، كما تُسكَّن مع الحروف التي تُدغَم معها. فلم يقولوا: خَتَنْ2 سُليمان، كما قالوا: خَتَنْ مُّوسى، لكن إن جاء ذلك لم يُستنكر؛ لأنَّ الإخفاء نوع من الإدغام. ولا يُدغم في الون شيء إِلَّا اللام. وقد تَقَدَّمَ ذلك في فصل اللام. وأمَّا الراء فلا تُدغَم في شيء؛ لأنَّ فيها تكريرًا؛ ألا ترى أنك إذا نطقت بها تكرَّرت في النطق؟ فلو أدغمتها فيما يقرب منها -وهو اللام والنون- لأذهب الإدغام ذلك الفضل الذي فيها من التكرير3؛ لأنها تصير من جنس ما تُدغَم فيه، وما تُدغَم فيه ليس فيه تكرير. فلمَّا كان الإدغام يُفضي إلى انتهاكها بإذهاب ما فيها من التكرار لم يجز. وقد رُوي إدغامها في اللام، وسأذكر وجه ذلك في إدغام القرآن4، إن شاء الله تعالى. ولا يُدغَم فيها إِلَّا اللام والنون، وقد تَقَدَّمَ ذكر ذلك في فصليهما. ثمَّ الطاء والدال والتاء والظاء والذال والثاء، كلُّ واحد5 منهنّ يُدغَم في الخمسة الباقية، وتُدغَم الخمسة الباقية فيه. وتُدغَم أيضًا هذه الستَّة في الضاد والجيم والشين والصاد والزاي والسين. ولم يحفظ سيبويه إدغامها [66أ] في الجيم. ولا يُدغَم فيهنّ من غيرهنّ إِلَّا اللام. وسواء كان الأوَّل منهما6 متحرِّكًا أو ساكنًا. إِلَّا أنَّ الإدغام إذا كان الأوَّل [منهما] 7 ساكنًا أحسن منه إذا كان الأوَّل متحرِّكًا؛ لأنه يلزم فيه تغييران: أحدهما تغيير الإدغام، والآخر تغيير بإسكان الأوَّل8. وإنَّما جاز إدغامها فيما ذُكر لتقاربها في المخرج بعضها من بعض، ولمقاربتها حروفَ الصفير في المخرج أيضًا، كما بُيِّن في مخارج الحروف.
وأمَّا الضاد والشين فإنهما، وإن لم تقاربهما في المخرج، فإنَّ التقارب بينهما وبينها من حيث لحقت الضادُ باستطالتها، والشينُ بتفشِّيها، مخرجَها. والضاد أشبه بها من الشين؛ لأنَّ الضاد قد أشبهتها1 من وجه آخر. وهو أنها مُطبقة كما أنَّ الطاء والظاء كذلك. وأمَّا إدغامها في الجيم فحملًا على الشين؛ لأنهما من مخرج واحد. والإدغام في جميع ما ذُكر أحسنُ من البيان. والسبب في ذلك أنَّ أصل الإدغام لحروف طرف اللسان والفم، بدليل أنَّ حروف الحلق يُدغَم منها الأدخل في الأخرج؛ لأنه يَقرب بذلك من حروف الفم، ولا يُدغَم الأخرج في الأدخل؛ لأنه يبعد بذلك من حروف الفم، ويتمكَّن في الحلق. وإنَّما كان الإدغام في حروف الفم و [طرف] اللسان أولى لكثرتها. وما كَثُرَ استدعى التخفيف. وأكثر حروف الفم من طرف اللسان؛ لأنَّ حروف الفم تسعةَ عَشَرَ، منها اثنا عَشَرَ حرفًا من طرف اللسان. فلذلك حسن الإدغام في هذه الحروف. والبيان في بعضها أحسن منه في بعض، وذلك مبنيٌّ على القرب بين الحرفين. فما كان أقرب إلى ما بعده كان إدغامه أحسن2. وذلك أنَّ الإدغام إنَّما كان بسبب التقارب. فإذا قوي التقارب قوي الإدغام3، وإذا ضعف ضعف.الإدغام: فتبيين هذه الستة الأحرف إذا وقعت قبل الجيم أحسنُ من بيانها4 إذا وقعت قبل الشين؛ لأنَّ إدغامها في الجيم بالحمل على إدغامها في الشين. بل لم يحفظ سيبويه إدغامها في الجيم كما تَقَدَّمَ. وتبيينها إذا وقعت قبل الشين5 أحسنُ من تبيينها إذا وقعت قبل الضاد؛ لأنَّ الشين أبعد منها من الضاد؛ لأنَّ الشين6 أشبهتها من جهة واحدة -وهو اتصالها بمخرجها بالتفشِّي الذي فيها، كما7 تَقَدَّمَ- والضاد أشبهتها من وجهين. وهما8: اتصالها بها بسبب الاستطالة، والآخر9
شبهها بالطاء والظاء بسبب الإطباق، كما ذُكر. وتبيينها قبل الضاد أحسنُ من تبيينها قبل الصاد والسين والزاي؛ لأنَّ الضاد أبعد منها؛ لأنها لا تقاربها في المخرج، وحروف الصفير تقاربها في المخرج. وتبيينها قبل حروف الصفير أحسنُ من تبيين بعضها قبل بعض؛ لأنَّ بعضها أقربُ إلى بعض في المخرج من حروف الصفير إليها. وتبيين الطاء والدال والتاء، إذا وقعت قبل الظاء والثاء والذال، أو وقعت الظاء والثاء والذال قبلها، أحسنُ من تبيين الطاءِ والدالِ والتاءِ إذا وقع بعضها قبل بعض، و1 الظاءِ والثاء والذال إذا وقع بعضها قبل بعض؛ لأنَّ الظاء2 وأُختيها بعضُها أقربُ إلى بعض منها إلى الطاء3 وأُختيها، وكذلك الطاء4 وأختاها بعضها أقرب إلى بعض منها إلى الظاء5 وأختيها. وتبيين الظاء وأُختيها6، إذا وقع بعض منها قبل بعض، أحسن7 من تبيين الطاء وأُختيها إذا وقع بعض منها قبل بعض؛ لأنَّ في الظاء وأُختيها رخاوة, فاللسان يتجافى عنهنّ؛ ألا ترى أنك إذا وقفت عليهنّ رأيت طرف اللسان خارجًا عن أطراف الثنايا، فكأنها خرجت عن حروف الفم إذ قاربت الشفتين؟ 8 والطاء وأُختاها ليست كذلك؛ ألا ترى أنَّ الأسنان العليا منطبقة على الأسنان السفلى، واللسانُ من وراء ذلك9 فلم يتجاوز الفم؟ والإدغام، كما تَقَدَّمَ، أصله أن يكون في حروف الفم. وإذا أُدغمت التاء والدال والثاء والذال10 في شيء، ممّا تَقَدَّمَ أنهنَّ11 يدغمن فيه, قُلبت إلى جنسه. قال12: ثارَ, فَضَجَّت ضَّجَّةً رَكائبُهْ
فقلب1 التاء ضادًا. وقال ابن مُقبل: وكأنَّما اغتَبَقَت صَّبيرَ غَمامةٍ ... بِعَرًا, تُصَفِّفُه الرِّياحُ, زُلالا2 فقلب التاء صادًا3. وإذا أُدغمت الطاء والظاء في مُطبَق، مِثلَ أن يُدغما في الصاد والضاد4، أو يُدغم5 أحدهما في الآخر، قُلب المدغم إلى جنس ما يدغم فيه. وإذا أُدغما في غير [66ب] مُطبَق، مِثلَ6 أن يُدغما في الدال والتاء, فالأفصح ألَّا يُقلبا إلى جنس ما يُدغمان فيه بالجملة، بل يبقى الإطباق. وبعض العرب يُذهب الإطباق. وإذهاب الإطباق7 منهما، مع ما كان من غير المطبقات أَشبَهَ بهما، أحسنُ من إذهابه مع ما لم يكن كذلك. فإذهاب الإطباق8 من الطاء مع الدال؛ لأنهما قد اجتمعا في الشِّدَّة، أحسن من إذهابه مع التاء9؛ لأنها مهموسة. وإذهاب الإطباق من الظاء10 مع الزاي؛ لأنهما مجهوران، أحسنُ من إذهابه مع الثاء؛ لأنها مهموسة، وتمثيل الإدغام في ذلك بيِّن لا يُحتاج إليه. ولا يُدغم11 في الحروف المذكورة من غيرها إِلَّا اللام. وقد تبيَّن ذلك في فصل اللام. ثمَّ الصاد والسين والزاي: كلّ واحدة12 منهنّ تُدغم في الأُخرى، لتقاربهنَّ في
المخرج، واجتماعهنّ1 في الصَّفير. فإذا قَلبتَ الأوَّل منهما إلى جنس الثاني قلبته إلى مقاربه2 في المخرج وصفيريّ مثله، فلم يكن في الإدغام إخلال به. وسواء كان الأوَّل متحرِّكًا أو ساكنًا. إِلَّا أنَّ الإدغام إذا كان الأوَّل ساكنًا أحسنُ منه إذا كان الأوَّل متحرِّكًا؛ لأنه يلزم فيه تغييران: أحدهما تغيير الحرف بقلبه إلى جنس ما يدغم فيه، والآخر تغييره بالإسكان. وإذا كان الأوَّل ساكنًا لا يلزم فيه إِلَّا تغيير واحد. وهو قلب الأوَّل حرفًا من جنس ما يُدغم فيه. والإدغام أحسن فيهنّ3 من الإظهار؛ لأنهنّ4 من حروف طرف اللسان والفم. والإدغام، كما تَقَدَّمَ, أصله أن يكون في حروف الفم و [طرف] اللسان. وذلك نحو قولك: احبِس صّابرًا وحَبَس صّابرٌ، واحبِس زَّيدًا وحَبَس زَّيدٌ5، وأَوجِز صّابرًا وأَوجَز صّابرٌ، وأوجِز سَّلمةَ [وأوجَز سَّلمةُ] 6، وافحَص زَّردةَ وفَحَص زَّردةُ، وافحَص سَّالِمًا وفَحَص سَّالِمٌ. وإذا أَدغمتَ الصاد في الزاي أو في السين قلبتها حرفًا من جنس ما أَدغمتها فيه، فتقلبها مع السين سينًا، ومع الزاي زايًا7. إِلَّا أنك تُبقي الإطباق الذي8 في الصاد محافظة عليه. وقد يجوز ترك الإطباق، حملًا على الأصل في الإدغام، من أن تَقلِب9 الحرفَ إلى جنس ما يُدغم فيه البتَّة. وإذهاب10 الإطباق منها مع السين أحسنُ من إذهابه مع الزاي؛ لأنَّ السين تُشاركها في الهمس، ولا11 تُخالفها الصاد بأكثر من الإطباق. وإذا أَدغمتها في الصاد قَلبتهما صادين12 البتَّة؛ لأنه ليس في ذلك إخلال بهما. وكذلك إذا أَدغمتَ السينَ في الزاي، والزايَ13 في السين, قلبتَ كلَّ واحدة منهما إلى جنس ما يُدغم فيه البتَّة؛ لأنه ليس في ذلك إخلال. ولا يُدغم شيء من هذه الصفيريَّات في شيء ممّا يقاربها من الحروف؛ لأنَّ في ذلك إخلالًا
بها؛ لأنها لو أُدغمت لقُلبت من جنس ما تدغم1 فيه فيذهب الصفير. وهو فضلُ2 صوت في الحرف. ويُدغم فيها من3 غيرها اللامُ -وقد تَقَدَّمَ ذلك في فصل اللام- والطاء والدال والتاء والظاء والذال والثاء. وقد تَقَدَّمَ ذلك4 في فصل الطاء وأخواتها. ثمَّ الفاء: ولا تُدغم في مُقاربها؛ لأنَّ فيها تفشِّيًا. فلو أدغمتها لذهب ذلك التفشِّي. ويُدغم فيها ممّا يُقاربها5 الباءُ, فتقول: اذهَب فّي ذلك؛ لأنه ليس في ذلك إخلال بالباء6, بل تقوية بقلبها حرفًا متفشِّيًا. فأمَّا الميم7 والواو، وإن كانتا تقاربان الفاء8 في المخرج؛ لأنهما من الشَّفتَين كالفاء، فلم تُدغما في الفاء9؛ لأنَّ الميم فيها غُنَّة والواو فيها10 لِينٌ. والغُنَّة واللِّين فضلُ صوت في الحرف. فلو أَدغمتَهما11 فيها لقلبتهما12 فاء، فتذهب الغُنَّةُ واللِّينُ، فيكون ذلك إخلالًا بهما13. ثمَّ الباء: وهي تُدغم في الفاء والميم14، لقربهما منها في المخرج -وذلك نحو: اذهَب فّي ذلك واصحَب مَّطرًا- ولا يُدغم15 فيها شيء، وسبب ذلك أنَّ الذي يُقاربها في المخرج إنَّما هو الفاء والميم والواو: فأمَّا الفاء فلم تُدغم فيها للعِلَّة التي تَقَدَّمَ ذكرها في فصل الفاء. وأمَّا الميم والواو فلم تُدغما في الباء16 للعِلَّة التي مَنعتْ من إدْغامِهما17 في الفاء. وأيضًا فإنِّ النون
الساكنة تُقلب قبل الباء ميمًا. فإذا كانوا يفرُّون من النون الساكنة إلى الميم قبل الباء1 فالأحرى أن يُقِرُّوها إذا وجدوها. ثمَّ الميم: ولا تُدغم في شيء ممّا يقاربها؛ لأنها إنَّما يُقاربها في المخرج الفاء والباء والواو. وقد تَقَدَّمَ ذكر السبب المانع من إدغام الميم في هذه الأحرف الثلاثة. ولا يُدغم2 فيها إِلَّا النونُ -وقد تَقَدَّمَ ذلك في فصل النون وأخواتها- والياء. وقد تَقَدَّمَ ذلك في فصل الياء وأخواتها3. ثمَّ الواو: وهي لا تُدغم [67أ] إِلَّا في الياء، لاجتماعها معها في الإعلال واللِّين، ولا تُدغم4 في شيء ممّا يُقاربها؛ لأنها5 حرف عِلَّة والمقارب لها حروف صحَّة. وهي6 الميم والباء والفاء. وقد تَقَدَّمَ أنَّ حروف العِلَّة لا تُدغم في حروف الصحَّة، وإعطاءُ السبب في ذلك7. ولا يُدغم فيها من غيرها إِلَّا النون. وقد تقَدَّمَ ذلك في فصلها8. واعلم أنَّ الإدغام في المتقاربَينِ9 إنَّما يجوز إذا كانا من كلمتين؛ لأنه لا يلتبس إذ ذاك بإدغام المِثلين؛ لأنَّ الإدغام فيما هو من كلمتين لا يلزم، بل يجوز الإظهار فيكون في ذلك بيانٌ للأصل. فإن اجتمع المتقاربان في كلمة واحدة لم يجز الإدغام10 لِما في ذلك من اللَّبس بإدغام المِثلين؛ لأنَّ الإدغام في الكلمة الواحدة لازم. فإذا أدغمتَ لم يبق ما يُستدلُّ به على الأصل؛ ألا ترى أنك لو أَدغمتَ النون من أَنمُلَة في الميم11, فقلت "أَمُّلَة"، لم يُدرَ: هل الأصل أنْمُلة أو12 "أمْمُلة"؟ ولأجل اللَّبس، الذي في إدغام المتقاربين من كلمة واحدة، بيَّنتِ العربُ النونَ الساكنة، إذا
وقعت قبل الميم أو الواو أو الياء1 في كلمة، نحو: زُنْم2 [وأَنْمُلة] 3 وقَنْواء4 وكُنْية5. ولم تُخفِها كما6 تفعل بها مع سائر حروف الفم؛ لأنَّ الإخفاء يُقرِّبها من الإدغام، فخافوا أن يلتبس الإخفاء بالإدغام، فقلبوا لذلك. ولذلك7 أيضًا لم يوجد في كلامهم نون ساكنة قبل راء أو لام نحو: "عَنْل" و"قنْر", في كلمة واحدة8؛ لأنَّك إن بَيَّنت ثَقُل لقرب النون من الراء واللام9, وإن أَدغمت التبس بإدغام المِثلين. إِلَّا أن يجتمع المتقاربان في "افتَعَلَ" أو "تَفَاعَلَ" أو "تَفَعَّلَ"، نحو: اختَصَمَ وتَطَيَّرَ وتَطايَرَ، فإنه يجوز الإدغام فيها10.والسبب في ذلك ما ذكرناه في إدغام المِثلين11، من أنَّ التاء من هذه الأبنية الثلاثة تَنزَّلت ممّا بعدها منزلةَ المنفصل؛ لأنه لا يلزم أن يكون بعدها مثلها. وكذلك أيضًا لا يلزم أن يكون بعدها مقاربها كما لا يلزم ذلك في الكلمتين. فلمَّا أشبهَ اجتماع المُتقاربين فيها12 اجتماعهما في الكلمتين لم يلزم الإدغام كما لا يلزم13 ذلك في الكلمتين، فأُمنَ التباس إدغام المتقاربين في هذه الأبنية14 بإدغام المِثلين؛ لأنَّ الإظهار يُبيِّنُ الأصل، كما كان ذلك في الكلمتين. فإذا أردتَ الإدغام قلبتَ أحد المتقاربين إلى جنس الآخر، على15 حسب ما أحكم في الفصول المتقدِّمة، ثمَّ أَدغمت. فتقول في "تَطيَّرَ" و"تَدارأَ"16 إذا أردت الإدغام: اطَّيَّرَ
وادَّارأَ1، فتَقلِبُ التاء2 حرفًا من جنس ما بعدها وتسكِّنه بسبب الإدغام، ثمَّ تُدغم وتجتلب همزة الوصل، إذ لا يمكن الابتداء بالساكن3. وتقول في "اختَصمَ" إذا أردت الإدغام: خَصَّمَ، فتقلب التاء صادًا وتسكِّنها بنقل حركتها إلى ما قبلَها ثمَّ تُدغم. هذا في لغة من قال "قَتَّلَ" بفتح القاف والتاء. ومن قال "قِتَّلَ" بفتح التاء4 وكسر القاف قال: خِصَّمَ, بكسر الخاء وفتح5 الصاد. ومن6 قال: "قِتِّلَ" بكسرهما قال: خِصِّمَ، بكسر الخاء والصاد, والعِلَّة في ذلك كالعِلَّة في "قتَّل" وأمثاله. وحكم اسم الفاعل والمفعول والمصدر والمضارع أن يكون مثلَه7 من "قتَّل" وأمثاله -وقد تقَدَّمَ- إذ ليس بين إدغام التاء8 من هذه الأمثلة فيما بعدها، إذا9 كان مماثلًا لها، وبين إدغامها فيه إذا كان مقاربًا لها فرق أكثر من أنك تقلب التاء إلى10 جنس ما يقاربها، ولا تحتاج إلى ذلك إذا أدغمتها في مثلها. فإن قال قائل: فهلَّا أُجريت التاء من "استَفعَلَ" مُجرى التاء من "افتَعَلَ" فأدغموها فيما يقاربها، كما فعلوا بتاء "افتَعَلَ"؛ لأنها لا يلزمها أن تكون بعدها ما يُماثلها11 ولا ما يُقاربها، كما لا يلزم ذلك بتاء "افتَعَلَ". فالجواب أنَّ الذي منع من ذلك أنَّهم12 لو أدغموا لاحتاجوا إلى تحريك السين كما احتاجوا إلى تحريك فاء "افتَعَلَ". فكرهوا أن يحرِّكوا حرفًا لم تدخله الحركة في موضع؛ لأنَّ السين لا تُزاد في الفعل إِلَّا ساكنة. وأمَّا فاء "افتَعَلَ" فإنها قد كانت واسع".
متحرِّكة قبل لحاق الفعل الزيادة، فلم تُكره الحركة فيها لذلك؛ ألا ترى أنَّ الخاءَ من "اختَصَمَ" متحرِّكة في "خَصِمَ". ولأجل1 تعذّر الإدغام شَذَّ بعضهم، فحذف التاء من "يَستَطِيعُ" لمَّا استثقل اجتماع المتقاربين، فقال: يَسطِيعُ. وكذلك أيضًا يجوز الإدغام في المتقاربين، وإن كانا في كلمة واحدة، إذا كان بناء الكلمة مبيِّنًا أنَّ الإدغام لا يمكن أن يكون من قَبيل إدغام المِثلين. وذلك نحو: "انفَعَلَ" من المحو. فإنك تقول فيه: امَّحَى؛ لأنه لا يمكن أن يكون من قبيل إدغام المِثلين؛ لأنه [67ب] ليس في الكلام "افَّعَلَ"، فعُلم أنه "انمَحَى" في الأصل. فهذا جميع ما يجوز فيه إدغام المتقاربين، ممّا هو في كلمة واحدة، إِلَّا ما شَذَّ من خلاف ذلك، فيُحفظ ولا يقاس عليه. فمن ذلك2: سِتٌّ ووَدٌّ وعِدَّانٌ. أمَّا سِتٌّ فأصلها "سِدْسٌ"، بدليل قولهم في الجمع: أَسداسٌ، فأبدلوا من السين تاء؛ لأنَّ السين مضعَّفة وليس بينهما حاجز إِلَّا الدال، وهي ليست بحاجز قويٍّ لسكونها. وأيضًا فإنَّ مخرجها من أقرب المخارج إلى مخرج السين، فكأنه قد اجتمع فيه ثلاث سينات. وكرهوا إدغام الدال في السين؛ لأنهم لو فعلوا ذلك لقالوا: "سِسٌّ"، فيزداد اللفظ سينًا. فأبدلوا من السين حرفًا يقرب منها ومن الدال -وهو التاء- لأنَّ التاء تقارب الدالَ في المخرج والسينَ في الهمس، فقالوا: "سِدْتٌ". فكرهوا أيضًا اجتماع الدال ساكنة مع التاء، لِما بينهما من التقارب [حتَّى] كأنهما مِثلان، مع أنَّ الكلمة قد كثُرَ استعمالها، فيه مستدعية للتخفيف من أجل ذلك. فأدغموا الدال في التاء، ليخفَّ اللفظ، فقالوا: سِتٌّ. وأمَّا3 وَدٌّ وعِدَّانٌ فأصلهما: وَتِدٌ وعِتْدانٌ جمع عَتُود4. فاستثقلوا في عِتدان اجتماع التاء الساكنة مع الدال، للتقارب الذي بينهما حتَّى كأنهما مِثلان، ليس بينهما حاجز كما تقَدَّمَ. وكذلك أيضًا وَتِدٌ لَمَّا سكنت التاء في لغة بني تميم، كما يقولون في فَخِذ: فَخْذ، اجتمعت التاء ساكنة مع الدال، فاستثقلوا ذلك كما استثقلوا في عِتْدانٍ البيان5 حين أدغموا فقالوا: عِدَّانٌ، والبيانُ فيه جائز. ولو كانت التاء متحرِّكة لم تُدغَم؛ لأنَّ الحركة في النيَّة بعد الحرف, فتجيء
فاصلة بينهما. وممّا يبيِّن استثقالهم التاء ساكنة قبل الدال اجتنابُهم1 وَتْدًا ووَطْدًا في مصدر: وَتَدَ ووَطَدَ، وعُدُولُهم عن ذلك إلى تِدَة وطِدَة، كعِدَة. فإن كان الثاني من المتقاربين2 ساكنًا بُيِّنا ولم يجزِ الإدغام. وقد شذَّت العرب في شيء من ذلك، فحذفوا أحد المتقاربين، لَمَّا تعذَّر التخفيف بالإدغام؛ لأنه يؤدِّي إلى اجتماع ساكنين؛ لأنه لا يُدغم الأوَّل في الثاني حتَّى يسكن كما تَقَدَّمَ، فقالوا: بَلْحارِثِ3 وبَلْعَنبَرِ وبَلْهُجَيمِ4، في بني الحارثِ وبني العنبر وبني الهُجَيمِ5. وكذلك يفعلون في كلِّ قبيلة ظهر فيها لام المعرفة نحو: بَلْهُجَيمِ6 وبَلْقَينِ، في بني الهُجَيمِ6 وبني القَينِ. فإن لم تظهر فيها لام المعرفة لم يحذفوا، نحو: بني النَّجَّار وبني النَّمِر وبني التَّيم، لئلَّا يجتمع عليه علَّتانِ: الإدغام والحذف. وذلك أنه لَمَّا حُذفت الياء من "بني" لالتقائها ساكنة مع لام التعريف اجتمعت النون مع اللام -وهما متقاربان- فكُره اجتماعهما لِما في ذلك من الثقل، مع أنه قد كثر استعمالهم لذلك -وكثرة الاستعمال مدعاة للتخفيف- فخفَّفوا بالحذف، إذ لا يمكن التخفيف بالإدغام.
ما أدغمته القراء على غير قياس
ما أدغمته القراء على غير قياس: يُذكر فيه ما أدغمتْه القُرَّاءُ، ممّا ذُكر أنه لا يجوز1 إدغامه. فمن ذلك قراءة أبي عمرو: "الرُّعْب بِّما"2 بإدغام باء "الرُّعب" في الباء التي بعدها، مع أنَّ قبل الباء حرفًا ساكنًا صحيحًا، وقد تقَدَّمَ أنه لا يجوز عند البصريِّين3، وحملوا قراءة أبي عمرو على الإخفاء. وقد تقَدَّمَ أنَّ الإخفاء4 يُسمَّى إدغامًا. ومن ذلك قراءته: "مَريَم بُّهتانًا"5 و"بأعلَم بِّالشَّاكِرِينَ"6 و"لِكَيلا يَعلَم بَّعدَ عِلمٍ شَيئًا"7 وأمثالَ ذلك، بإدغام الميم في الباء. وقد تَقَدَّمَ أنَّ الميم من الحروف التي لا تدغم في مقاربها. وينبغي8 أن يُحمل ذلك على الإخفاء. وعلى ذلك كان يتأوَّله أبو بكر بن مجاهد, رحمه الله9. وينبغي أن يكون الإدغام في ذلك محفوظًا عن أبي عمرو. ويُحكى عن البصريِّين أنَّ أبا عمرو كان يختلس الحركة في ذلك، فيرى من يسمعه ممَّن لا يضبط سمعُه أنه أسكن الحرف الأوَّل، وإن كان لم يُسكِن. ومن ذلك إدغام الكسائيِّ وحده الفاء من: "نَخْسِف بِّهِم"10 في الباء. وقد تَقَدَّمَ أنها من الحروف التي لا تُدغَم في مقاربها، ولا يُحفظ ذلك من كلامهم. وهو مع ذلك ضعيف في
القياس، لِما فيه من إذهاب التفشِّي الذي في الفاء. ومن ذلك ما1 رُوي عن ابن كَثير من إدغام التاء التي في أوَّل [الفعل] 2 المستقبل في تاء بعدها في أحرف كثيرة، منها ما فيه3 قبلها متحرِّك، ومنها ما فيه4 قبلها ساكن من حروف المدِّ واللِّين ومن5 غيرها. فأمَّا ما قبله متحرِّك فنحو قوله: "فتَّفَرَّقَ بِكُم"6 و"هِيَ تَّلَقَّفُ"7. وأمَّا ما كان قبله ساكن من حروف المدِّ واللِّين فقوله تعالى8: "ولا تَّيَمَّمُوا9 الخَبِيثَ"10 و"لا تَّفَرَّقُوا"11 و"لا تَّنازَعُوا"12. وأمَّا ما كان قبله ساكن من غير حروف المدِّ واللِّين فقوله تعالى: "فإِن تَّوَلَّوا"13 و"إذ تَّلَقَّونَهُ"14. وقد تقَدَّمَ أنَّ سيبويه15 لا يجيز إسكان هذه التاء في "تَتَكلَّمون" ونحوه؛ لأنها إذا سُكِّنت احتيج لها ألف [68أ] وصل، وألفُ الوصل لا تَلحق الفعل المضارع. فإذا اتَّصلت بما قبلها جاز؛ لأنه لا يُحتاج إلى همزة وصل. إِلَّا أنَّ مثل "فإِن16 تَّوَلَّوا" و"إذ تَّلَقَّونَهُ" لا يجوز عند البصريِّين، على حال، لِما في ذلك من الجمع بين الساكنين، وليس الساكن الأوَّل حرفَ مدٍّ ولِين. ومن ذلك قراءة أبي عمرو: "والحَرْث ذّلِكَ"17 بإدغام الثاء18 في الذال وما قبلها ساكنٌ صحيح. ولكن يَتخرَّج على مثل ما تَقَدَّمَ من الإخفاء.
ومن ذلك ما رَوى اليزيديُّ عن أبي عمرو، من إدغام الجيم في التاء في مثل1: "ذِي المَعارِج تَّعرُجُ"، وسيبويه2 لم يذكر إدغامها إِلَّا في الشين خاصَّة. فينبغي أن يُحمل ذلك على إِخفاء الحركة أيضًا. ومن ذلك إدغام أبي عمرو الحاء في العين من قوله تعالى3: "فمَن زُحْزِح عَّنِ النَّارِ" في إحدى الروايتين. وذلك أنَّ اليزيديُّ روى عنه أنه لم يكن يدغم الحاء في العين إِلَّا في قوله تعالى: "فَمن زُحْزِح عَّنِ النّارِ". وروَى عنه أنه قال: مِن العرب مَن يُدغِم الحاء في العين, كقوله تعالى: "فمَن زُحزِح عَّنِ النَّارِ". قال: وكان أبو عمرو لا يرى ذلك. والصحيح أنَّ إِدغام الحاء في العين لم يثبت. وإن جاء من ذلك ما يوهم أنه إدغام فإنَّما يُحمل على الإخفاء. ومن ذلك قراءة أبي عمرو: "ولا تَنقُضُوا الأيمانَ بَعْد تَّوكِيدِها"4 بإدغام الدال في التاء، فينبغي أن يُحمل ذلك أيضًا على الإخفاء. وعلى ذلك أيضًا ينبغي أن تُحمل قراءته: "مِن بَعْد ضَّرَّاءَ مَسَّتْهُ"5 و"مِن بَعْد ضَّعفٍ"6 و"المَهْد صَّبيًّا"7، على أنه أخفى8 حركة الدال في جميع ذلك ولم يُدغِم. ومثل ذلك أيضًا قراءته: "شَهْر رَّمَضانَ"9 و"عَتَوا عَن أَمْر رَّبِّهِم"10 و"ذِكْر رَّحْمَةِ"11 و"البَحْر رَّهْوًا"12، أَخفى13 حركة الراء الأولى في جميع ذلك ولم يُدغِم. ومن ذلك ما رُوي عن يعقوب الحضرميِّ من إدغام الراء14 في اللام15. وكذلك أيضًا
روى أبو بكر1 بنُ مجاهدٍ عن أبي عمرو أنه كان يُدغِم الراء2 في اللام، متحرِّكةً كانت الراء أو ساكنة، نحو: "فاغفِر لَّنا"3 و"استَغفِر لَّهُم"4 و"يَغْفِر لَّكُم". فإن سَكَنَ ما قبل الراء أدغمها في اللام في موضع الرفع والخفض نحو: "حِينٌ مِنَ الدَّهْر لَّم يَكُنْ"5. ولا يُدغِم إذا كانت الراء مفتوحة كقوله: {مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ} 6 و {الذِّكْرَ لِتُبَيِّن} 7 وأمثال ذلك. وفصلُه بين الراء المفتوحة وغيرها إذا سكن ما قبلها دليل على أنَّ ذلك ليس بإدغام، وإنَّما هو رَومٌ لا إِدغام، والرَّوم لا يُتصوَّرُ في المفتوح8 وهذا مخالف لما ذكره سيبويه9 من أنَّ الراء لا تُدغَم في مقاربها لما فيها من التكرار. وهو القياس. ولم يحفظ سيبويه الإدغام في ذلك. وروى أبو بكر بن مجاهد عن أحمد بن يحيى عن أصحابه عن الفرَّاء أنه قال: كان أبو عمرو يروي عن العرب إدغام الراء في اللام. وقد أجازه الكسائيُّ أيضًا، وله وُجَيه من القياس. وهو أنَّ الراء إذا أُدغمَت في اللام صارت لامًا, ولفظُ اللام أسهل من الراء لعدم التكرار10 فيها، وإذا لم تُدغَم الراءُ كان في ذلك ثقل؛ لأنَّ الراء فيها تكرار فكأنها راءانِ، واللامُ قريبة من الراء، فتصير كأنك قد أتيت بثلاثة أحرف من جنس واحد. ومن ذلك قراءة أبي عمرو: "الشَّمْس11 سَّراجًا"12 بإدغام السين في السين، و"لِبَعْض شَّأنِهِم"13 بإدغام الضاد في الشين، و"نَحْن لَّهُ مُسلِمُونَ"14 بإدغام النون في اللام، و"مِن
خِزْي يَّومَئذٍ"1 و"فهْي يَّومَئذٍ"2 بإدغام الياء في الياء. جميع ذلك ينبغي أن يحمل على الإخفاء، لِما في الإدغام من الجمع بين ساكنين، وليس الأوَّل3 حرف مدٍّ ولِين. وأيضًا فإنَّ الضاد لا تُدغَم في الشين. وأمَّا "واشتَعَلَ الرَّأْس شَّيبًا"4، بإدغام السين في الشين5، فإنَّ الرواية عن أبي عمرو اختلفت في ذلك: فمنهم من روى أنه أَدغم، ومنهم من روى أنه منع. والذي عليه البصريُّون أنَّ إدغام السين في الشين لا يجوز. وأيضًا فإنَّ الإدغام يؤدِّي إلى الجمع بين ساكنين، وليس [قبل] الأوَّل حرف مدٍّ ولِينٍ. ومن ذلك ما رُوي عنه من أنه قرأ: "إِلهَه هَّواهُ"6 وأمثالَه بإدغام الهاء في الهاء، وبين الهاءين7 فاصل -وهو8 الواو التي هي صلة الضمير- فحَذفَ الصِّلَة وأَدغم. وإدغام9 هذا مخالف للقياس؛ لأنَّ هذه الواو إنَّما تُحذف في الوقف، وأمَّا في الوصل فتثبت. وأنت10 إذا أَدغمتَ في حال وصل فينبغي ألَّا تَحذفها. وإذا لم تَحذفها لم يمكن الإدغام. لكن وجه ذلك أمران: أحدهما11: تشبيه الإدغام بالوقف، في أنَّ الإدغام يوجب التسكين للأوَّل كما أنَّ الوقف يوجب له ذلك. فحَذَف الواو12 في الإدغام على حدِّ حذفها في الوقف، فساغ الإدغام. والآخر: أن يكون حذف الواو في الوصل كما حذفها [68ب] الشاعر في قوله، أنشده الفرَّاء13:
أنا ابنُ كِلابٍ وابنُ أوسٍ, فمَن يَكُنْ ... قِناعُهُ مَغْطِيًّا فإِنِّي لَمُجتَلِي فلمَّا حذف الواو أدغم. والأوَّل أحسن؛ لأنَّ حذف الواو وصلًا في مثل هذا ضرورة.
مسائل التمرين
مسائل التمرين ما قيس من الصحيح على صحيح مثله وما قيس من المعتل على نظيره من الصحيح ... بَاب: مَا قِيسَ مِنَ الصَّحيح عَلىَ صَحيح مِثْله وَمَا قِيسَ مِنَ المُعتَلِّ عَلىَ نظيرهِ مِنَ الصَّحيح هذا الباب نُبيِّن1 فيه كيفيَّة بنائك من الكلمة مثلَ نظائرها2. فإذا قيل لك: ابنِ من كذا مثلَ كذا، فإنَّما معناه: فُكَّ صيغةَ هذه3 الكلمة، وصُغ4 من حروفها الأمثلة التي قد سئلت أن تبني مثلها, بأن تضعَ الأصلَ في مقابلة الأصل، والزائدَ في مقابلة الزائد إن كان في الكلمة التي تَبني5 مثلَها زوائدُ، والمتحرِّكَ في مقابلة المتحرِّك، والساكنَ في مقابلة الساكن، وتجعلَ حركاتِ المبنيِّ على حَسَب حركات المبنيّ مثلُه الذي صيغ عليه، مِن ضمٍّ أو فتح أو كسر، على ما يُبيَّن بعدُ6، إن شاء الله تعالى. وللنحويِّين في هذا الباب ثلاثة مذاهب: منهم من ذهب إلى أنه لا يجوز شيء من7 ذلك، وأنَّ ما يصنع8 من ذلك فإنَّما القصد به أن يُبيَّن أنه لو كان من كلام العرب، كيف كان يكون حكمه. ومنهم من ذهب إلى أنَّ ذلك جائز9 على كلِّ حال. ومنهم من فصَّل فقال: إن كانت العرب10 قد فعلتْ مثل ما فعلتَه من البناء، وكثُرَ ذلك في كلامها واطَّردَ، جاز لك ذلك. وإِلَّا لم يجز. فالذي مَنع من ذلك جملةً حجَّتُه أنَّ في ذلك ارتجالًا11 للُّغة؛ ألا ترى أنه، إذا بَنى من
الضَّرْب مثل جَعفَر، فقال: "ضَرْبَبٌ"، قد أحدث لفظًا ليس من كلام العرب؟ والذي يجيز ذلك1 حجَّتُه أنَّ العرب قد أدخلت2 في كلامها الألفاظ الأعجميَّة كثيرًا، ولم تمتنع من شيء من ذلك. وسواء كان بناء اللفظ الأعجميِّ3 مثل بناءٍ من أبنية كلامهم، أو لم يكن نحو: إِبراهيم ومَرْزَنجُوش4 وأشباه ذلك. فقاس على ذلك إِدخال هذه الأبنية المصنوعة في كلامهم، وإن5 لم تكن منه. وذلك باطل؛ لأنَّ العرب إذا أدخلت اللفظ العجميَّ في كلامها6 لم يرجع بذلك عربيًّا، بل تكون قد تكلَّمت بلغة غيرها. وإذا تكلَّمنا نحن بهذه الألفاظ المصنوعة كان تكلُّمنا بما لا يرجع إلى لغة من اللغات7. والذي فصَّل حجَّتُه أنَّ العرب إذا فعلت مثل ذلك باطِّراد كان هذا الذي صنعناه نحن لاحقًا به، ومحكومًا له بأنه عربيٌّ؛ لأنه على قياس كلام العرب8. فإن لم تفعلِ العرب مثله، أو فعلته بغير اطِّراد، لم يجز لأنه ليس له ما يقاس عليه. فإذا بنينا9 من الضرب مثل جَعْفَر فقلنا: "ضَرْبَبٌ"، كان "ضَرْبَبٌ" عربيًّا. وجاز لنا التكلُّم به في النظم والنثر؛ لأنَّ العرب قد ألحقتِ الثُّلاثيَّ بالرباعيِّ بالتضعيف كثيرًا، نحو: قَرْدَد10 ومَهْدَد11 ومَحْبَب12 وعُنْدَد13 ورِمْدِد14 وأمثال ذلك. إذ لا فرق بين قياس الألفاظ على الألفاظ وبين قياس الأحكام على الأحكام. ألا ترى أنك تقول: طابَ الخُشكُنانُ15، فترفعه إذا كان فاعلا16 وإن لم تَسمَعِ العربَ
رَفعتْه، بل لم نسمع1 العرب تكلَّمت به أصلًا. لكن لَمَّا رفعَتْ نظائره من الفاعلينَ قستَه عليها فرفعتَه؟ فكما لا شكَّ في جواز ذلك، فكذلك لا ينبغي أن يُشكَّ في بناء مثل "جَعْفَر" من "الضَّرب" أو غيره، ممّا له في كلامهم نظير باطِّراد. وينبغي أن تعلم أنه لا يجوز إِلَّا أن تكون الأُصول من حروف الكلمة، التي يُبنى منها مثلُ غيرها، مساويةً لأُصول2 المبنيِّ مثلُه أو أقلَّ. وأمَّا أن تكون أكثر فلا. فيجوز3 أن تبني من سَفَرجَل مثل: عَضْرَفُوط4، فتقول5: "سَفْرَجُولٌ"؛ لأنَّ الأُصول منهما متَّفقة؛ ألا ترى أنَّ كلَّ واحدٍ منهما أُصوله6 خمسة؟ وتقول في مثل جَعْفَر من الضَّرْب: "ضَرْبَبٌ"؛ لأنَّ أُصول الضرب أقلُّ من أُصول "جَعفر". ولا يجوز أن تَبني من سَفَرْجَل مثل عَنكبوت؛ لأنَّ الأُصول من عنكبوت أربعة ومن سفرجل خمسة، فأنت إذا بنيتَ منه مثل عنكبوت احتجتَ إلى7 حذفِ حرف من الأصل، فلا يصل8 إلى أن يكون مثله إِلَّا بحذف حرف، وحذفُ حرف من الأصل لا يجوز بقياس. وأيضًا فإنه، وإن كان محذوفًا، منويّ9 مراد. وإذا كان كذلك كان بالضرورة أكثر أُصولًا من الذي يُبنى عليه، فلا يحصل التوافق. وينبغي أن تعلم10 أنه لا يجوز أن يدخل البناء إِلَّا فيما يدخله الاشتقاق والتصريف. فإن بنيتَ مِمَّا لا يدخله اشتقاق ولا تصريف، مثلَ أن تبني من الهمزة مثلًَا مثل: سَفرجل أو غير ذلك، فإنَّما ذلك على طريق أنْ، لو جاء، كيف11 يكون حكمه، لا لأنَّ [69أ] تُلحقه بكلام العرب؛ لأنَّ العرب لا تتصرَّف في مثل الهمزة. فينبغي أن تُجعل مسائل هذا الباب على قسمين: قسم يُبنى مِمَّا يجوز التصرُّف فيه.
وقسم يُبنى مِمَّا لا يجوز ذلك فيه. فالذي يُبنى مِمَّا يجوز التصرُّف فيه لا يخلو من أن يُبنى مِمَّا أُصوله كلُّها صحاح، أو مِمَّا هو معتلُّ اللام خاصَّةً، أو العينِ خاصَّةً، أو الفاءِ خاصَّةًَ، أو العينِ واللامِ، أو الفاءِ واللامِ، أو من مهموز، أو مضعَّف. فأمَّا ما أُصوله كلُّها معتلَّة فلم يجئ منه إِلَّا "واو" خاصَّةً. وما اعتلَّت عينه وفاؤه لم يجئ منه فِعل، بل جاء في أسماء قليلة نحو: وَيل ويَوم وأَوَّل. فلمَّا لم تتصرَّف فيها العرب لذلك لم يحسن لنا أن نبني منها، ونتصرَّفَ فيها. وأمَّا المعتلُّ الفاء واللام فلم يكثر منه إِلَّا ما فاؤه واو ولامه ياء، نحو: وَقَيتُ1. فإذا بُني من2 مثل هذا شيء جاز، لتصرُّف العرب فيه.
مسائل من الصحيح
مسائل من الصحيح: فإذا قيل لك: ابنِ من الضَّربِ مثل دِرهَم قلتَ: "ضِرْبَتٌ". فتجعل الأصل في مقابلة الأصل، فإذا فَنِيَت1 أُصولُ الضرب كرَّرتَ اللام. وكذلك إن قيل لك: ابنِ منه مثل: فُلْفُل قلت: "ضُرْبُبٌ". ومثال فِطَحْل2: "ضِرَبٌّ"3، فتُدغِم الباء الأُولى في الثانية لسكونها. ولا تُدغِم في شيء4 مِمَّا تَقَدَّمَ؛ لأنك لو أدغمت لاحتجت إلى تسكين الأوَّل فيتغيَّر البناء عمَّا أُلحق به، وهذا مَقيس5؛ لأنه قد كثر وجوده في كلامهم. فإن قيل لك: ابنِ من الضَّرْب مثل جَعْفَر بالياء أو بالواو، قلت: "ضَيْرَبٌ"6 و"ضَوْرَبٌ". ولا يجوز إلحاق مثل هذا7 بكلام العرب، لقلَّة مثل صَيرَف وكَوثَر في كلامهم، وإنَّما تَبني من ذلك ما تبنيه لتُرِيَ حكمه كيف كان يكون، لو جاء. وكذلك لو قيل لك: ابنِ من الضَّرب مثل "سَفَرْجَل" قلت: "ضَرَبَّبٌ"، على نحو ما ذكرت لك. إِلَّا أنَّ هذا لا يجوز إلحاقه بكلام العرب؛ لأنه لم يجئ في كلامهم نظيره، أعني: خماسيًّا لاماته الثلاثة من جنس واحد، وإنَّما بنيتَه لتُبيِّن وجه الصِّيغة8 فيه. وينبغي أن تعلم أنه لا يتعذَّر بناء شيء من الصحيح، إِلَّا أن يؤدِّي ذلك إلى وقوع نون [ساكنة] قبل راء أو لام. فإنَّ ذلك لا يجوز، نحو بنائك من الضَّرْبِ أو الجلوس مثل عَنْسَل9.فإنه يجب أن تَقول: "جَنْلَسٌ" أو "ضَنْرَبٌ". وذلك ليس من10 كلامهم. أعني:
وقوع النون [ساكنة] قبل الراء أو اللام1، في كلمة واحدة. والسبب في أنْ لم يوجد في كلامهم أنَّهُ إذا وجد لم يخلُ من أن يُدغَم أو لا يُدغَم. فالإدغام يُفضي إلى اللَّبس بأن يكون من قَبيل إدغام المِثلين، والفكُّ يُفضي إلى الاستثقال؛ لأنَّ النون كثيرةُ الشَّبه بالراء واللام فيصعب إظهارها2. أو3 يؤدِّي إلى وقوع النون الثالثة الساكنة الزائدة التي بعدها حرفان مدغمةً في نون تليها، أو مقرونةً بحرف حلق من بعدها. والسبب في ذلك أنَّ النون إذا كانت على ما وصفْنا كانت زائدة أبدًا. والعِلَّة في أن كانت زائدة أنها وقعت موقع حروف العِلَّة الثلاثة الزوائد, نحو واو فَدَوكَس وياء سمَيدَع وألف عُذافِر, وأشبَهَتْها في أنها زائدة كما أنَّ هذه الحروف كذلك، وفيها غُنَّة كما أنَّ هذه الأحرف فيها لِين. والغُنَّة واللِّين فضلُ صوت في الحرف، كما تَقَدَّمَ. ولذلك تُبدل النون ألفًا في نحو: رأيت زيدًا، في الوقف، وياءً وواوًا إذا أُدغمت فيهما4 نحو: "مَن يُّؤمِن" و"مِن وّالٍ"5. فلمَّا كانت من جملة ما أشبهَتِ النونُ به حروفَ العِلَّة الغُنَّة لم يجز أن يقع بعدها حرف حلق؛ لأنها تُبيِّن عند حروف الحلق فتصير من الفم وتذهب الغُنَّة، ولا أن تكون مدغمة في نون بعدها؛ لأنها تُقلب إذ ذاك إلى جنس النون المتحرِّكة التي أُدغمت فيها -والنون المتحرِّكة من الفم- فتذهب الغُنَّة. ولذلك ما جُعلت النون من6 عَجَنَّس وهَجَنَّع7 كباء عَدَبَّس8،ولم تُجعل منهما9 كنون جَحَنْفَل10.
مسائل من المعتل اللام
مسائل من المعتلِّ اللام 1: إذا قيل لك: ابنِ من الرَّمي مثل2 "اغدَوْدَنَ" قلت: "ارْمَومَى". فتجعل الأصل في مقابلة الأصل، فتكون الراء في مقابلة الغين، والميم التي تليها في مقابلة الدال، والواو زائدة3 في مقابلة الواو من "اغدَوْدَنَ"، ثمَّ تُكرّر الميم كما كُرِّرتْ في "اغدَوْدَنَ" الدالُ التي هي في مقابلتها، ثمَّ تأتي بعد ذلك بالياء وتقلبها ألفًا لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها4. وإذا قيل لك: ابنِ من الرَّمي مثل حَمَصِيصة قلت: "رَمَوِيَّةٌ". والأصل "رَمَيِيْيَةٌ"5، [69ب] فأدغمتَ الياء الثانية في الياء التي بعدها، فصار "رَمَيِيَّة" فاجتمع ثلاث ياءات ما قبل6 الأُولى متحرِّك، فقُلبت واوًا استثقالًا، كما فعلتَ ذلك في النسب إلى رَحًى حين قلت: رَحَوِيٌّ. فإذا قيل لك: ابنِ من الرَّمْي مثل7 عَنكَبُوت قلت: "رَمْيَوْتٌ"8. تُكرِّر اللام فتقول: "رَمْيَيُوتٌ"، ثمَّ تقلب الياء الثانية ألفًا لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها، ثمَّ تحذف الألف لالتقائها ساكنةً مع الواو، وتدع الياء الباقية9 على فتحها فتصير بمنزلة "مُصطَفَونَ". فإذا قيل [لك] 10: ابنِ من الرَّمْي مثل11 بُهْلُول قلت: "رُمْيِيٌّ". والأصل "رُمْيُوْيٌ"، فقلبتَ
الواو ياء لوقوع الياء بعدها وهي ساكنة، وأَبدلتَ الضَّمَّةَ قبلها كسرة لتصحَّ الياء، ثمَّ أدغمتَ الياء في الياء. ولا يُستثقل هنا اجتماع ثلاث ياءات كما استُثقل في مثل حَمَصِيصة من الرَّمْيِ؛ لسكون1 ما قبل الياء الأُولى. وتقول في2 "مَفْعُلَة" من الرَّمْي: "مَرْمُوَةٌ" إن بَنيتَها على التأنيث، وإن بنيتَها على التذكير قلتَ: "مَرْمِيَةٌ"3. وذلك أنَّ الأصل "مَرْمُيَةٌ"4, فوقعت الياء بعد ضمَّةٍ غيرَ متطرِّفة لأجل التاء، فقُلبت واوًا استثقالًا لها بعد الضَّمَّة، كما قالوا: "لقَضُوَ"5 فأبدلوا الياء واوًا. هذا إذا اعتَدَدْتَ بالتاء6. فإن لم تَعتدَّ بها، وجعلت7 التاء كأنها لحقت البناء بعد كمال المذكَّر8، قلبتَ الضَّمَّةَ كسرةً؛ لأنَّ الياء إذا وقعت طرفًا وقبلها ضمَّة قلبت الضَّمَّة كسرة، ثمَّ أَلحقتَ بعد ذلك التاء. وتقول في مثل9 قَمَحْدُوَة10 من الرِّمي: "رَمَيُّوةٌ"، إن بنيتَ الكلمة على التأنيث. وإن بنيتَها على التذكير قلت: "رَمَيِّيَةٌ". وذلك أنَّ الأصل "رَمَيْيُوَةٌ"، فصحَّت الواو كما صحَّت في قَمحدُوة؛ لأنها غيرُ متطرِّفة، وأدغمتَ الياء في الياء. فإن قدَّرتَ التاء11 لحقتْ بعد استعمال اللفظ بغير تاء، كأنه12 قبل لحاق التاء "رمَيُّوٌ"، قلبتَ13 الواو ياء لتطرُّفها، والضَّمَّةَ قبلها كسرةً، كما فُعِل ذلك بـ"أَدْلٍ"، ثمَّ أَلحقتَ التاء14 بعد ذلك فصار "رَمَيِّيَة". ولا تحذف هنا إحدى الياءات15؛ لأنهم إنَّما يفعلون ذلك إذا كانت الأُولى زائدة. وتقول في مثل16 "اطمأنَنْتُ" من رَمَيتُ:17 "ارمَيَّيْتُ" و"ارمَيَّا". والأصل "ارمَيَّيَ"18،
فتَقلب المتطرِّفة ألفًا لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها. ولم تَنقل الحركة من الياء المتوسِّطة إلى الساكن قبلها، ثمَّ تدغم إِحدى الياءين في الأُخرى، فتقولَ "ارمَيَيَّ"، على قياس "اطمأَنَّ"؛ لأنَّ الياء المتوسطة لمَّا سكن ما قبلها لم تُعلَّ1 بنقل حركتها، كما لم تُعلَّ2 في: ابيَضَّ. وتقول في مثل3 "اغدَودنَ" من الغَزْو: "اغزَوْزَيْتُ" و"اغزَوْزَى". والأصل "اغزَوْزَوْتُ"، فقلبتَ الواو ياء كما قلبت في: أَغزَيْتُ وغازَيتُ4. أعني: حملًا على المضارع في القلب الذي هو "يَغزَوزِي"، كما قُلبت في: أَغزَيْتُ وغازَيْتُ، حملًا على: يُغْزِي ويُغازِي. وتقول في مثل5 عَنكبوت من الغزو: "غَزْوَوْتٌ"6. والأصل "غَزْوَوُوْتٌ"، فقلبتَ الواو المتوسِّطة7 ألفًا لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها، ثمَّ حذفت الألف لالتقائها ساكنة مع الواو. وكانت المحذوفة الألفَ، ولم تكن واو "فَعْلَلُوت"؛ لأنَّ الواو زيدت مع التاء، فلم يجز أن تُحذف إحداهما وتبقى الأُخرى؛ ألا ترى أنَّ كلَّ زيادتين زيدتا معًا فإنهما تحذفان معًا، في الترخيم والتصغير؟ وتقول في مثل قَرَبُوس مِن الغَزْو8: "غَزَوِيٌّ". والأصل "غَزَوُوْوٌ"، فاجتمعت9 ثلاث واوات في الطرف مع الضَّمَّة10، فاستُثقل ذلك -بل إذا كانوا يستثقلون الواوين11 في الطرف في مثل: عَتا عُتِيًّا، فالأحرى أن يستثقلوا الثلاثَ- فقَلبتَ الواو الأخيرة ياء؛ لأنها أَوْلى بالإعلال12، ثمَّ قَلبتَ المتوسِّطة ياء لسكونها وبعدَها الياء، وقَلبتَ الضَّمَّة قبلها كسرة لتصحَّ
الياء، ثمَّ أدغمتَ الياء في الياء1. وتقول في مثل2 بُهْلُول من الغَزْو: "غُزْوِيٌّ". والأصل "غُزْوُوْوٌ"، فاستثقلت الواوات كما استثقلت في المسألة التي قبلها، فقلبتَ المتطرِّفة منها ياء، ثمَّ قلبتَ الواو المتوسِّطة ياء لسكونها وبعدها الياء، وقلبتَ الضَّمَّة قبلها كسرة لتصحَّ الياء، ثمَّ أدغمت الياء في الياء. وتقول في مثل3 قَمَحْدُوة من الغَزْو: "غَزَوِّيَةٌ"4. والأصل "غَزَوْوُوَة"، فاجتمع ثلاث واوات الوسطى مضمومة، فقَلبتَ المتطرِّفة ياء، كما فعلت أيضًا في المسألتين المتقدِّمتين قبلها، ثمَّ قَلبتَ الضَّمَّة التي في الواو التي قبلها كسرةً لتصحَّ الياء، ثمَّ أدغمت الواو الأُولى في [70أ] الواو الثانية. وتقول في مثل5 تَرْقُوَة من الغَزْو: "غَزْوِيَةٌ"، سواء بنيتَ على التذكير أو على التأنيث. وأصل هذه المسألة "غَزْوُوَة"، فاجتمع واوان6 في الطرف وضمَّة، فصار ذلك كثلاث واوات، فقلبتَ المتطرِّفة ياء، والضَّمَّة [قبلها] 7 كسرة لتصحَّ الياء8, فصار "غَزْوِيَة". وإنَّما استوى البناءُ على التذكير والتأنيث9، لوجود الاستثقال في الحالتين.
مسائل من المعتل العين
مسائل من المعتلِّ العين: تقول في مثل1 "افعَوْعَلَ" من البَيع "ابيَيَّعَ". والأصل "ابيَوْيَعَ"، فقَلبتَ الواو المتوسِّطة بين الياءين ياء، لسكونها ووقوع الياء بعدها، وأدغمتَ في الياء. وإذا بنيتَه للمفعول قلت2: "ابيُوْيِعَ" على الأصل. وإنَّما لم تُدغِم؛ لأنَّ الواو مدَّة تشبه3 الألف؛ لأنها في فِعلٍ متصرِّف. فكما لا تُدغِم الألف في الياء التي بعدها [في] 4 نحو "بايَعَ"، فكذلك ما أَشبهتها5. وتقول في مثل6 "افعَوْعَلَ" من القول: "اقوَوَّلَ". هذا مذهب سيبويه. وأمَّا أبو الحسن فيقول: "اقوَيَّل"؛ لأنه يَستثقل ثلاث واوات. وإلى ذلك ذهب أبو بكر، واحتجَّ بأنهم إذا كانوا يستثقلون الواوين والضَّمَّة في مثل مَصُوغ7، فلا يكمِّلون البناء إِلَّا فيما شَذَّ، فالأحرى فيما اجتمع فيه ثلاث واوات. وهذا الذي احتجَّ به لا يلزم؛ لأنَّ مَصُوغًا8 وأمثاله إنَّما استثقل فيه الواوان والضَّمَّة، لجريانه على الفعل المعتلِّ. وإِلَّا فإنهم يُتِمُّون في مثل "قَوُوْل"9 في فصيح الكلام؛ لأنه غيرُ جار على معتلٍّ.
فإن قيل: فإنكم تقولون في عَرْقُوة من الغزو: "غَزْوِيَةٌ"، كما تَقَدَّمَ1 استثقالًا للواوين والضَّمَّة، مع أنه ليس بجار [على مُعْتلٍّ] . فالجواب أنَّ الطَّرَف يُستثقل فيه ما لا يُستثقل في الوسط؛ لأنه مَحلُّ التغيير؛ ألا ترى أنهم يقلبون مثل عصِيّ، ولا يلزم ذلك في مثل صُوَّم. فإن قيل: فأين وَجدتم ثلاث واوات مُحتمَلة في كلام العرب؟ فالجواب أنه لا يُعلم من كلامهم ما اجتمع فيه ثلاث واوات حَشوًا، لا مصحَّحًا ولا مُعلًّا2، فيحملَ هذا عليه، والتصحيح هو الأصل فالتزم هذا، مع أنَّ ما يقرب منه موجود في كلامهم وهو مثل: "قَوُوْل"؛ ألا ترى أنَّ فيه واوين وضمَّة، والضَّمَّة بمنزلة الواو، ولم يُغيَّر شيء من ذلك؟ وأمَّا ما ذهب إليه ابن جنِّي3 من أنه لقائل أن يفرق بين "غَزْوِيَة" و"اقوَوَّلَ" بأن يقول: قد يُستثقل في الاسم فيُعلُّ4 ما يصحّ في الفعل، واستدلالُه بصحَّة "يُغْزو" وأمثاله واعتلال "أَدْلٍ" وأمثاله، ففي نهاية الفساد؛ لأنَّ الفعل أثقلُ من الاسم بلا خلاف، وأكثرُ إعلالًا. فكيف يصحُّ فيه ما يعتلُّ في الاسم الذي هو أخفُّ. وأمَّا صحَّةُ "يغزو"5 وإعلال "أَدلٍ" فلأمرٍ عَرَض6 قد بُيِّنَ في موضعه. فالصحيح عندي ما ذهب إليه سيبويه. فإن بنيته للمفعول قلت7: "اقوُوْوِلَ"، على القولين جميعًا. فلا تُدغِم ولا تَستثقل اجتماع الواوات؛ لأنَّ الواو المتوسِّطة مدَّة محكوم لها بالألف. فكأنَّه ليس في الكلمة إِلَّا واوان بينهما ألف. وقد حُكي عن الأخفش أنه قلب الأخيرة ياء فقال: "اقوُوْيِلَ"8. والأوَّل أشهر عنه وهو
الصحيح1. وتقول في مثل2: "فَعْلَلُوت" من البَيع والقَول: "بَيْعَعُوتٌ" و"قَوْلَلُوتٌ". وفي الجمع: "بَياعِعُ" و"قَوالِلُ". وإن عَوَّضتَ قلت: "بَياعِيعُ" و"قَوالِيلُ". ولا تُدغم في شيء من ذلك, لئلَّا يبطل الإلحاق؛ لأنَّ "بَيعَعُوت" و"قَولَلُوت" ملحقان بعَنكبُوت، و"بَياعِعُ" و"قَوالِلُ" ملحقان بعَنَاكِب.
مسائل من المعتل الفاء
مسائل من المعتلِّ الفاء 1: تقول في مثل: "فُعْلُول" من الوَعْد: "وُعدُودٌ"، وإن شئت "أُعْدُودٌ"، فتهمز الواو لانضمامها. وتقول في مثل طُومار2 منه: "أُوْعادٌ". ولا يجوز غير ذلك3 لاجتماع واوين في أوَّل الكلمة. وتقول في مثل إِخرِيط4 من الوعَد: "إِيعِيدٌ". والأصل "إِوعِيدٌ"، فقَلبتَ الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، كما فُعِل ذلك بمِيعاد. وتقول في مثل بُهلُول من اليُمْن: "يُمنُونٌ"، ولا تَهمِز كما هَمزتَ الواو؛ لأنَّ الضَّمَّة في الواو أثقلُ منها في الياء. وتقول في مثل "أُفعُول" منه: "أُوْمُونٌ".والأصل "أُيْمُونٌ"، فقَلبتَ الياء واوًا5 لسكونها وانضمام ما قبلها.
مسائل من المعتل العين مع اللام
مسائل من المعتلِّ العين مع اللام 1: تقول في "فَيعُول" من "حَيِيتُ"2: "حَيَوِيٌّ". والأصل "حَيْيُوْيٌ"3، فقَلبتَ الواو [70ب] ياء لسكونها وبعدَها الياء، ثمَّ قلبتَ الضَّمَّة التي قبلها4 كسرةً لتصحَّ الياء، ثمَّ أَدغمتَ الياء في الياء، فصار كالنسب إلى حَيَّة، فكُرِه اجتماع أربع ياءات ففُعل به ما فُعل بحَيَّة، ففَتحتَ الياء الأُولى الساكنة، وقَلبتَ الياء التي بعدها ألفًا, ثمَّ قلبتَ الألف واوًا. ومن احتمل أربع ياءات في النسب إلى حَيَّة احتملها هنا فقال: "حَيِّيٌّ". وتقول في "فَيْعَلٍ" من "حَيِيتُ"5: "حَيًّا", والأصل "حَيْيَيٌ"6، فأدغمتَ الياء الأُولى في الثانية، وقلبتَ الياء المتطرِّفة ألفًا لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها7. وكان ينبغي أن يُبنى هذا على "فَيْعِل" بكسر العين؛ لأنه معتلُّ العين، ولم يجئ "فَيْعلٌ" من المعتلِّ العين إِلَّا بالكسر، إِلَّا لفظة واحدة وهي العَيَّنُ، فبنيتَ هذا على قياس العَيَّن8. وتقول في9 "فَيْعِل" المكسور10 العين منها: "حَيٌّ". والأصل "حَيِّيٌ"11، فكرهوا اجتماع ثلاث ياءات في الطرف، الأُولى زائدة، فحذفوا كما قالوا في تصغير أَحوَى: أُحَيٌّ. ومن لم يحذف في "أُحَيّ" إِلَّا في الرفع والخفض وأَثبتَ الياء في النصب فَعَل ذلك هنا، فقال: هذا حَيٍّ12 ومَررَرْتُ بِحَيٍّ ورأيتُ حَيِّيًا.
وتقول1 في "فَعُلان" من "حَيِيتُ": "حَيُوانٌ2". والأصل "حَيُيَان"، فتَقلبُ الياء التي هي لام واوًا لانضمام ما قبلها. فإن قيل: فإنَّ الضَّمَّة لا تُوجب قلب الياء المتحرِّكة واوًا؛ ألا تراهم قالوا: عُيَبَةٌ3، فأثبتوا الياء؟ فالحواب أنَّ الياء التي هي عين إذا كانت متحرِّكة مضمومًا ما قبلها لا تُقلب لقوَّة العين، أمَّا اللام إذا كانت ياء على هذه الصورة فإنها تُقلب؛ ألَا تراهم قالوا: لَقَضُوَ الرَّجلُ! والأصل "لَقَضُيَ"، فأبدلوا الياء واوًا؟ ومن سكَّن الضَّمَّة تخفيفًا قال: "حَيْوانٌ"، فأبقى الواو ولم يردَّ الكلمة إلى أصلها من الياء.
ولم يُدغِم1؛ لأنَّ التخفيف عارض والأصل الحركة. وتقول في2 "فَعِلان" من "حَيِيتُ": "حَيِيانٌ". ولم تُدغِم؛ لأنه لا يخلو أن تَعتدَّ بالألف والنون أو لا تَعتدَّ. فإن اعتددتَ3 لم تُدغِم لخروج البناء بهما4 عن شَبه الفعل. وإن لم تعتدَّ لم تُدغِم أيضًا، كما كان لا يُدغَم لو ذَهبتِ الألف والنون5. وزعم ابن جنِّي6 أنَّ الإدغام هو الوجه، قياسًا على "فَعِلان" من "رَدَدْتُ". ولا حُجَّة فيه؛ لأنَّ "رَدَّان" إذا لم يُعتدَّ فيه بالألف والنون جاز الإدغام بخلاف7 "حَيِيان"، فبُنِي الإدغام على ترك الاعتداد. فإن سَكَّنتَ تخفيفًا أَدغمتَ فقلت: "حَيَّان". وذلك أنَّ المِثلين إذا التقيا، وكان الأوَّلُ منهما ساكنًا، لزم إدغام الأوَّل في الثاني، كانت الكلمة على وزن الفعل أو لم تكن، وكان المثالان حرفي عِلَّة8 أو لم يكونا. وتقول في "فَيعِلان" منه9: "حَيَّانٌ. والأصل "حَيْيِيانٌ"، فحذفتَ المتطرِّفة لاستثقال ثلاث ياءات في الطرف؛ لأنَّ الألف والنون لا يُعتدُّ بهما10، كما لا يُعتدُّ بتاء التأنيث. فكما أنك لو بنيتَ مثل "فَيْعِلة" من "حَيِيتُ" لقلت: "حَيَّةٌ"، فتحذف فكذلك هذا.
وتقول في 1 "فَيْعَل" من "القُوَّة": "قَيًّا". والأصل "قَيْوَوٌ"، فقلبتَ الواو ياء لسكون الياء قبلها، وأدغمتَ الياء في الياء، وقلبت الواو المتطرِّفة ألفًا لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها2. وبنيتَ "فَيْعَل" من المعتلِّ العين على حدِّ العَيَّن، وإن كان ذلك قبيحًا. وتقول في3 "فَيعِلٍ"4 منها: "قَيٌّ". والأصل "قَيْوِوٌ"، فقلبتَ الواو الأُولى ياء لسكون الياء قبلها، وأدغمتَ الياء في الياء، وقلبتَ الواو المتطرِّفة ياء لانكسار ما قبلها، فاجتمع ثلاث ياءات فحَذفتَ المتطرِّفة استثقالًا. ومن لم يحذف في تصغير أَحوَى إِلَّا في حال الرفع والخفض خاصَّةً فكذلك هنا. وتقول في5 "فَعُلان" منها: "قَوُوانٌ". وإن شئت أسكنتَ الواو الأولى6 تخفيفًا وأدغمت، فقلت: "قَوَّانٌ". هذا مذهب سيبويه. وقال أبو العبَّاس: يَنبغي لمن لا يدغم أن يقول "قَوِيَانٌ"،فيقلب الواو الثانية ياء، والضَّمَّة التي قبلها كسرةً، لئلَّا تجتمع واوان في إحداهما ضمَّةٌ والأُخرى متحرِّكة. قال: وهذا قول أبي عُمَر7 وجميعِ أهل العلم. وقال أبو الفتح: الوجه عندي إدغامه، ليسلم8 من ظهور الواوين مضمومة إحداهما؛ لأنه إذا قال: "قَوِيَانٌ"9 التبس بـ"فَعِلان". فمن هنا قوي الإدغام. ثمَّ اعترض نفسه بأن قال: فإن قيل: إذا أُدغم لم يُعلم: أ "فَعُلان" هو أم "فَعِلان" مكسور العين؟ قيل: هذا محال10؛ لأنك لو أردتَ بناء "فَعِلان" لقلبتَ الواو الأخيرة ياء11 لانكسار ما قبلها، فيختلف الحرفان، [71أ] فتقول:
"قَوِيَان"، فلا تُدغِم1. والصحيح ما ذهب إليه سيبويه. أمَّا ما ذهب إليه ابن جنِّي، من أنَّ قلب الضَّمَّة كسرةً، والواو ياء، يؤدِّي إلى الإلباس فالإلباس غير محفول به؛ ألا ترى أنَّ كلامهم يجيء فيه البناء المُحتمِل لوزنين كثيرًا، كمُختار فإنه متردِّد بينَ "مُفتَعِل" و"مُفتَعَل"، وكدِيك على مذهبنا فإنه متردِّد بين "فِعْل" و"فُعْل"، إلى غير ذلك ممَّا لا يحصى كثرة؟ 2 وأيضًا فإنه إذا أُدغم لم يُدرَ: هل البناء "فعُلانٌ" في الأصل، أو "فَعْلانٌ" بسكون العين؟ وأمَّا ما ذهب إليه أبو العبَّاس من أنَّ اجتماع واوين، الأُولى منهما مضمومة والثانية متحرِّكة، لا يجوز لثقله، فباطل؛ لأنه قد وُجد في كلامهم نظيره؛ ألا ترى أنك إذا نسبتَ إلى صُوًى3 بعد التسمية به قلتَ: صُوَوِيٌّ؟ لا خلاف في ذلك، مع أنه قد اجتمع لك واوان الثانية متحرِّكة وقبل الأُولى ضمَّة، والحركةُ بعد الحرف في التقدير فكأنها في الواو4، فكذلك "قَوُوانٌ". فهذا الذي ذهب إليه سيبويه هو الصحيح؛ لأنَّ مثل "قَوُوان" لم يجئ في كلامهم مصحَّحًا ولا معلَّلًا. فإذا بنيته فالقياس أن تحمله على أشبه الأشياء به، وأشبه الأشياء به صُوَوِيٌّ5. وتقول في6 "فَعَلانٍ" منها: "قَوَوانٌ". صحَّت العين كما صحَّت في جَوَلان, وصحَّت اللام كما صحَّت في نَزَوان. وتقول في7 "مَفعُول" منها: مكانٌ مَقْوِيٌّ فيه8. والأصل "مَقْوُوْوٌ"9، فقلبتَ الواو المتطرِّفة ياء، لاستثقال اجتماع ثلاث واوات وضمَّة في الطرف، ثمَّ قلبتَ الواو التي قبلها ياء لسكونها وبعدَها الياء، وقلبتَ الضَّمَّة قبلها كسرة لتصحَّ الياء، ثمَّ أدغمت الياء في الياء. ومن قال: مَغْزُوٌّ، ولم يَقلب لم يُجز هنا إِلَّا القلب10؛ لأنه أثقل11.
وتقول في1 "فُعْلُول" من "طَوَيتُ": "طُوَوِيٌّ". والأصل "طُوْيُوْيٌ"، فقُلبت الواوان2 ياءين لسكونهما وبعدهما الياء، وقُلبت الضَّمَّةُ التي كانت قبل الواو الأخيرة كسرةً لتصحَّ الياء، ولم تُقلب الضَّمَّةُ التي قبل الأُولى، لبُعدها عن الطَّرف؛ ألا ترى أنهم يقولون: عُصِيٌّ، فيقلبون ضمَّة الصاد كسرة؛ لأنها عين فهي تلي اللام فقربت بذلك من الطرف، ويقولون: لُيٌّ، في جمع أَلوَى، فلا يقلبون الضَّمَّة التي في اللام كسرةً؛ لأنها في فاء الكلمة فبعدت من3 الطرف؟ ثمَّ أُدغمت الياء في الياء فصار "طُيِّيّ"4 فاجتمع أربع ياءات، ففُعل به ما فُعل بـ"أُمَيِّيّ" حتى قلتَ "أُمَوِيٌّ"، من تحريك5 الياء الساكنة الأُولى. فلمَّا6 حُرِّكت عادت إلى أصلها وهو الواو؛ لأنها إنَّما كانت قُلبت لأجل الإدغام. فلمَّا زال الإدغام رجعت، وقُلبت الياء التي بعدها ألفًا، ثمَّ قُلبت واوًا على قياس النسب.
مسائل من المعتل الفاء بالواو واللام بالياء
مسائل من المعتلِّ الفاء بالواو واللام بالياء: تقول في مثل: "فُعْلُول" من "وَقَيتُ": "وُقْيِيٌّ"، و"أُقْيِيٌّ" إن شئت. وذلك أنَّ الأصل "وُقْيُوْيٌ"، فقلبتَ الواو ياء لسكونها والياءُ بعدها، ثمَّ قلبتَ الضَّمَّة التي قبلها كسرة لتصحَّ الياء، ثمَّ أدغمتَ الياء في الياء فصار "وُقْيِيٌّ". فجاءت الواو المضمومة في أوَّل الكلمة، فكنت في همزها بالخيار. وتقول في مثل إِخرِيط من "وَقَيتُ": "إِيْقِيٌّ". والأصل "إِوْقِيْيٌ"، فأدغمتَ الياء في الياء، وقلبتَ الواو الأُولى1 ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. وتقول في مثل طُومار من "وَقَيتُ": "أُوْقاءٌ". والأصل "وُوْقايٌ"، فقلبتَ الواو الأُولى همزة على اللزوم2، لاجتماعها مع واو "فُوعال" في أوَّل الكلمة، وقلبتَ الياء همزة3 لوقوعها متطرِّفة بعد ألف زائدة.
مسائل من المعتل الفاء بالياء والعين بالواو
مسائل من المعتلِّ الفاء بالياء والعين بالواو 1: لو بنيت من اليوم "أُفْعِلَ"2 لقلتَ: "أُيِّمَ". والأصل "أُيْوِمَ"، قلبتَ الواو ياء فأدغمتَ الياء في الياء. هذا قول النحويِّين أجمعين، إِلَّا الخليلَ فإنه يقول: "أُوْوِمَ" كـ"سُوْيِرَ"؛ لأنَّ حرف المدِّ ... 3 جرى عنده وإن كان منقلبًا عن أصل مجرى حرف المدِّ الزائد ... 4.
مسائل من المهموز
مسائل من المهموز: لو بَنيتَ من1 "قَرأَ" مثل: "دَحرَجتُ" لقلت: "قَرْأَيتُ". والأصل "قَرأَأْتُ"، فلزم الثانيةَ البدلُ2 لئلَّا تجتمع همزتان في كلمة. وكانت الثانية أحقَّ بالتغيير؛ لأنها طَرَفٌ. وتقول في مثل3 قِمَطْرٍ من "قَرأتُ": "قِرَأْيٌ". والأصل "قِرَأْأٌ"، فأبدلتَ الثانية ياء -فإن قيل: هلَّا أدغَمتَ فقلتَ: "قِرَأٌّ"، ورفعتَ لسانك بالهمزتين رفعة واحدة, كما فعلت العرب في سأّال ورأّاس. فالجواب أنَّ الهمزتين ثقيلتان4، فمهما أدَّى قياسٌ إلى اجتماعهما في كلمة واحدة فلا بُدَّ من إبدال إحداهما؛ إلا أن يمنع من ذلك مانع، إذ قد كانوا يستثقلونها وحدها، فلمَّا لم يكن مانع من إبدال إحدى5 الهمزتين ياء أُبدلت. وكذلك كان قياس سأّال ورأّاس، لولا ما منع من إبدالها. [وهو] كونُ عينيِ الكلمة لا يختلفان أبدًا نحو: ضَرَّبَ وقَتَّلَ، واللامان قد يكونان مختلفين نحو: هِدَمْلَة6 وسِبَطْر- وكان إبدال الأخيرة أَولى؛ لأنها متطرِّفة كما تَقَدَّمَ. وتقول7 في مثل "مِفعَل" من "وألتُ": مِيئلٌ. فتقلب الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. فإن خفّفَت الهمزة قلتَ: مِوَلٌ. فتردّها واوًا لمَّا تحرَّكت. هذا قول جميع النحويِّينَ، إِلَّا [الخليلَ] فإنه [يجعل الهمزة بينَ بينَ8؛ لأن مذهبه أنَّ حرف المدِّ] واللِّين إذا كان منقلبًا جرى، وإن كان
منقلبًا عن أصل، مجرى حرف المدِّ واللِّين الزائد. [فيرى] تليين الهمزة [بعد الياء] وجعلها بينَ بينَ ... ويقول في تخفيف مُوئس1 بجعل الهمزة بينَ بينَ. والنحويُّون أجمعون يقولون: مُيِسٌ. فيطرحون حركة الهمزة على حرف الواو، ويردُّونه لمَّا تحرَّك إلى أصله. وهو الياء. وتقول2 في مثل [71ب] "اغدَودَنَ" من "وَأَيتُ": "ايْئَوءَى". والأصل "اوْءَوْءَيَ"، فقلبتَ الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. فإن خفَّفتَ الهمزة الثانية قلتَ: "ايْئَوَى". ألقيتَ حركتها على3 الساكن قبلها وحذفتَ الهمزة. وإن خفَّفت الأُولى وتركتَ الثانية قلتَ: "أَوْءَى". أَلقيتَ حركة الهمزة التي في العين على الفاء، وكانت واوًا في الأصل، فرجعت إلى أصلها، وحذفتَ ألف الوصل لَمَّا تحرَّك ما بعدها. فلمَّا رجعت واوًا، وبعدها الواو الزائدة، لزم همز4 الأُولى لئلَّا تجتمع واوان في أوَّل الكلمة. فإن خَفَّفتهما جميعًا قلت: "أَوَى"؛ لأنه لَمَّا صار بتخفيف5 الأُولى "أَوْءَى" أَلقيتَ حركة الهمزة الثانية على الواو قبلها وحذفتَها. وقد أجاز أبو عليٍّ6، إذا سَهَّلتَ الهمزة الأُولى وأَبقيتَ الثانية، أن تقول: "وَوْءَى"، وإذا سَهَّلتهما معًا أن تقول: "وَوَى"، ولا تَقلب الواو همزة؛ لأنَّ نِيَّة الهمز [فاصلة] بين الواوين7. فجُعل ترك الهمز هنا نظيرَ تصحيح الواو في رُوْيا وأمثالها فلم تُقلب, وإن كانت ساكنة وبعدها الياء. وتقول فيها8 من "أَوَيتُ"9: "ايوَوَّى". والأصل "ائْوَوْوَيَ"، فقلبتَ الهمزة الثانية ياء لانكسار 10 ما قبلها، وأدغمتَ الواو الساكنة في الواو المتحرِّكة، وقلبتَ الياء ألفًا لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها. ولم تُدغِم الياءَ في الواو؛ لأنَّ همزة الوصل إذا زالت رجعت الياء إلى أصلها من الهمز نحو: قام فائْوَوَّى11، فصارت نيَّة الهمزة مانعةً من القلب. ومن رأى التغيير في "اقوَوَّل".
رآه هنا فقال: "ايْوَيّا". وتقول في مثل إِوَزَّة من "وَأَيتُ": "إِيْئاةٌ"؛ لأنَّ إِزَوَّة: "إِفْعَلَةٌ"1 بدليل قولهم: وَزٌّ. والأصل "إِوْءَيَةٌ"، فقلبتَ الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، وقلبتَ الياء ألفًا لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها2. وتقول في مثل3 إِجْرِد4 من "وَأَيتُ": "إِيْءٍ". والأصل "إِوْئِيٌ"، ثمَّ5 أبدلتَ الواو لسكونها وانكسار ما قبلها6.
مسائل من المضعف
مسائل من المضعَّف 1: تقول في مثل "اغدَودَنَ" من "رَدَدتُ": "ارْدَوَدَّ". والأصل "ارْدَوْدَدَ"، فنقلتَ حركة الدال الأُولى2 إلى الساكن قبلها وأدغمت. ولم يمتنع الإدغام؛ لأنه ليس بملحق؛ ليس في كلامهم مثل: "احْرَوْجَمَ"، فيكونَ هذا ملحقًا به. وتقول فيه من "وَدِدْتُ": "ايْدَوَدَّ". والأصل "اوِدَوْدَدَ"، فقلبتَ الواو الأُولى ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، ثمَّ فعلتَ3 به ما فعلتَ بـ"ارْدَوَدَّ". وتقول في مضارع "ايدَوَدَّ": "يَوْدَوِدُّ"، فتردُّ الواو لزوال الكسرة قبلها. وتقول في المصدر: "ايْدِيدادًا"، فتَقلبُ الواو الأُولى ياء لانكسار الهمزة قبلها، وتَقلبُ الواو "افعَوْعَلَ"4 ياءً لانكسار الدال قبلها.
ذكر المسائل المبنية مما لا يجوز التصرف فيه
ذكر المسائل المبنية مما لا يجوز التصرُّف فيه: تقول في مثل1 أُترُجَّة2, إذا بنيتَه من الهمزة3: "أُوْءُوْءَةٌ"4. والأصل "أُؤْأُؤْأَةٌ"، فاجتمعت خمس هَمَزات، فقَلبتَ الثانية واوًا لسكونها وانضمام ما قبلها، فحجزتْ بين الأُولى والثالثة5, وقَلبتَ الرابعة أيضًا واوًا لسكونها وانضمام ما قبلها، فحجزتْ بين الثالثة والخامسة. فإن خفَّفتَ الهمزة الثالثة6 قلتَ "أُوُوْءَةٌ"، ألقيتَ حركتها على الساكن قبلها وحذفتها7. فإن قيل: فهلَّا أَبدلت الهمزتين واوين، وأَدغمت الواوين اللتين قبلهما فيهما كما تقول في مَقْرُوءَة: مَقْرُوَّةٌ، فكنتَ تقول فيها: "أُوُّوَّةٌ". فالجواب أنَّ الواو في مَقْروءة إنَّما زيدت للمدِّ، وليست منقلبة عن8 حرف أصليٍّ ولا غير أصليٍّ، فلا يمكن تحريكها لئلَّا تخرج من المدِّ الذي جيء بها من أجله، والواوان في "أُوْءُوْءَة" لم تزادا9 للمدِّ، بل هما بدل من حرفين أصليَّين وهما الهمزتان، فاحتملتا الحركة لذلك ولم تجريا مَجرى ما زِيد للمدِّ، كما تحرَّكت الواو10 في: هذا أَوَمُّ منك، ولم تقل: هذا آمُّ منك11، فتُجرَى مُجرى ألف "فاعَلَ"، بل حَملتِ الحركة؛ لأنها بدل من حرف أصليٍّ.
وتقول في مثل مُحْمَرّ1 من الواو: "مُوَّوٍ"2. وأصله "مُوْوَوِوٌ"، فأدغمتَ الواو الأُولى في الثانية، وقلبت الرابعة ياء لتطرُّفها وانكسار ما قبلها فصار "مُوَّوِيًا"3. فإن قال قائل: فهلَّا قلبتَ الواو الثالثة ألفًا لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها. فالجواب أنَّ الذي منع من ذلك ما تَقَدَّمَ ذكره في التصريف، من أنَّ حرفَ العِلَّة إذا كان لامًَا ثمَّ ضُعِّف فإنَّ اللام الأُولى تجري مَجرى العين، والثانية مَجرى اللام. فكما أنَّ العين إذا كانت معتلَّة، [72أ] واللامُ كذلك، جرت العين مَجرى الحرف الصحيح فلم تعتلَّ4 فكذلك اللام الأُولى. ومن كره اجتماع ثلاث واوات أبدل الواو الثالثة5 ياءً؛ لأنها أقرب إلى الطرف، فسَهُل تغييرها لذلك أكثرَ من تغيير غيرها، فيقول: "مُوَّيٍ"6.ولا تُقلب الياء أيضًا ألفًا، لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها، للعِلَّة التي تَقَدَّمَ ذكرها في الواو. وتقول في مثل7 جالَينُوس من أَيُّوب: "آوَيْبُوب". فأظهرت العين؛ لأنها في القياس واو؛ لأنَّ أيُّوب إذا8 حُمِل على كلام العرب أشبه العَيُّوق فمثاله على هذا "فَيْعُول"، وهمزته9 أصل من: آبَ يَؤوبُ. فلذلك لَمَّا بنيتَ منه مثل: جالينُوس أَظهرتَ الواو، لزوال موجب قلبها ياء10. وهو إدغام ياء "فَيعُول" الساكنة فيها. قال أبو عليٍّ11: ويجوز أن تكون العين ياء ساكنة كأنه من "أَيْب"، وإن لم تكن في كلام العرب كلمة من همزة وياء وباء؛ لأنه لا يُنكَر أن تأتي في كلام العجم لفظة12، ليس مثلها في اللغة العربيَّة. فإذا بنيتَ مثل: جالَينوس، على هذا، قلت: "آيَيْبُوب"13.
فهذه جملة من المسائل يتدرَّب بها المتعلِّم1، وله فيها غُنيةٌ وكفاية. كمل كتاب التصريف، والحمد لله حقَّ حمده، وصلَّى الله على محمَّد نبيِّه وعبده، وعلى عباده الذين اصطفى2.
الفهارس الفنية
الفهارس الفنية فهرس الأعلام الأفراد والقبائل والأمكنة ... 1- فهْرسُ الأعْلَام الأفَرادُ وَالقبائِل والأمْكِنَة: أ آدم 242، 243 ابن أبي إسحاق 404. أبين 157، 158. الأجدع بن مالك 391. أحامر 71. الأحمر علي بن المبارك 260. الأحوص 110. أبو الأخزر الحمَّاني 61، 391. ابن الإخشيذ42. الأخطل 110، 149، 342 الأخفش الأوسط 54، 100، 109، 145،149، 164، 193، 198، 224، 228، 242، 243، 246، 251، 264، 275، 296، 297، 298، 299، 304، 305، 314، 316، 329، 330، 331، 341، 371، 395، 396، 412، 424، 473، 474 أدمي 68. أذرح 59 أرطاة بن سهية 125. أسد 234. أسنمة 59. أبو الأسود الدؤلي 395. الأشج 398. أشيّ 331. الأصمعي 64، 100، 114، 228، 234، 305، 336، 410. ابن الأعرابي 235، 274، 321، 395. الأعشى 96، 161، 255، 271 أعشى همدان 398. أعصر 253، 349. الأغلب العجلي 265. امرؤ القيس 53، 77، 244، 247، 337, 362. أمية 380. أمية بن أبي الصلت 329. أميّة بن أبي عائذ 98. ابن الأنباري 60، 419، 426. أنيف بن زبان 319. أوس بن حجر 106. أوس 460. إيجلى 82. أيوب 490. أيوب السختياني 214.
ب ابن بابشاذ 343. بادولى 92. بثينة 61. البحرين 77، 188. بدر بن سعيد 331. بذّر 362. برحايا 95. ابن برّي 63، 261، 413. البصرة 207 و321. بغداد 294 و422. بكر بن وائل 419. أبو بكر بن مجاهد 455، 458. بهراء 262. ت تأبَّط شرًّا 337. التبريزي 413. تزيد 314. تميم 276، 300، 419، 432، 453. التوزي 169. تنوفى 77. التيم 454. ث ثعلب 32، 69، 133، 149، 179، 245، 257، 274، 311، 358، 362، 399، 458. ثلبوت 184. الثمانيني 284. ج جالينوس 490. جحجبى 107. جحدر العكلي 45. جذيمة الأبرش 350. جران العود 45. الجرمي 158، 222، 294، 392, 480. جرير 69، 122، 149، 226، 281، 353، 358. جعدة 69، 226، 358. أبو جعفر 28. أبو جعفر الرستمي 249. جلندي 76، 96. جلهمة 163. جمانة 181. جميل بثينة 61، 181، 265، 350. أبو جندب الهذلي 305. جندل الطهوي 91, 225. جنفاء 89. ابن جنِّي 39، 40، 56، 58، 59، 70، 79، 92، 99، 127، 175، 176، 184، 215، 223، 242، 254، 284، 299، 300، 319، 419، 429، 474، 479، 480، 481 أبو جهل 441. الجوهري 47، 54، 60، 63، 64، 66، 261، 391. ح حاتم 126. ابن الحاجب 57. حادان 317. الحادرة 244، 320. الحارث 454. الحازمي 275. حبونى 77.
حبونن 87. الحجاز 414، 416، 419. حرس 275. حر ملاء 97. حريث بن زيد 154. أبو حزابة الحنظلي 366. حزوى 347. حسان بن ثابت 58، 269. الحطيئة 369، 370 حضرموت 96. أبو حكاك 237. حكيم بن معية 227. حماطان 100. حمزة 343. حميد بن ثور 133. حِمْيَر 261. حوتنان 100. حوريت 91. الحوفزان 98, 100. حومل 202. حيوة 360. أبو حية 45. خ أبو خالد القناني 342، 438، 446. خداش بن زهير 152. خراش 288. أبو خراش 288، 353. خرقاء 274. أم الخزرج 170. ابن الخشاب 223, 256. خفاف بن ندبة 231. ابن الخفاف 81. خلف الأحمر 234، 249، 336. الخليل بن أحمد 84، 118، 146، 149، 173، 180، 202، 203، 296، 297، 298، 304، 316، 327، 328، 329، 330، 368، 369، 370، 458، 484. خندف 148، 216. الخنساء 72. د داران 317. دخشم 163. ابن دريد 79، 97، 422. دريد بن الصمة 72. دكين 215. أبو دهبل الجحمي 109. دهلب بن قريع 91. أبو دؤاد 337. دئل 51. ديماس 73. ذ ابن ذريح 85. ذهيوط 85. ذو الرُّمَّة 128، 236، 274، 321. ذو المجاز 52. أبو ذؤيب 313. ر ربيع 276. رشدان 172. الرضي 77، 81، 82، 234، 245، 413. ركك 410. أبو رُمَيض 397. الرؤاسي 458.
رؤبة 47، 63, 167، 216، 260، 291، 343، 360، 396. ز الزُّبيدي 57، 59، 60، 127. الزَّجَّاج 40، 43، 155، 225، 226، 326، 352، 397، 472، 478. الزجاجي 295. زرافة بن سبيع 52. زهير بن أبي سلمى 252, 281, 410. زياد 342. زياد بن حمل 331. زياد بن منقذ 331. أبو زيد 58، 80، 96، 180، 182، 214، 250، 252، 266، 297، 311، 314، 332، 343، 369، 395، 398، 464. زيد بن أرقم 72. س ساباط 73، 317. سبعان 90. سحيم 256، 273، 275. ابن السراج 40، 42، 46، 57، 239، 306، 473. سراقة بن مرداس 395. سراوع 85. سردد 66، 67. سرف 85. سعيد بن مسحوج 342. السفاح بن بكير 148. ابن السِّكَِّيت 234، 260، 261، 392. سلامان 100. سلمى 216، 271. سلمى "جبل" 410. سليمى 45. سهيل 387. سوار بن المضرب 45. سيبويه 53، 54، 59، 61، 64، 75، 86، 126، 147، 150، 152، 153، 161، 173، 178، 181، 184، 188، 189، 202، 225، 226، 227، 245، 249، 271، 276، 296، 298، 299، 303، 304، 305، 312، 314، 316، 324، 326، 327، 328، 329، 331، 332، 341، 352، 392، 394، 424، 433، 434، 438، 439، 442، 444، 445، 456، 457، 458، 472، 473، 474، 478، 479، 480، 481، 482. ابن السِّيد 129، 244, 247، 248، 249 ابن سيده 56، 86، 122، 178، 413. السيرافي 62، 92، 99، 110، 113، 122، 173، 189، 439. ش شأس بن عبدة 239. الشاطبي 391، 491. شربة 66. شلّم 362. الشماخ 276. شمنصير 109. الشنفرى 45. ص صاحب الردّ 28. صخير بن عمير 336. صعفوق 105.
صنعاء 262. صواعق 83. صورى 316، 317، 318. ط طرفة 57، 216، 255، 260. الطرماح 63. طريف بن تميم 440. طفيل الغنوي 125، 264، 275. طوبى 318. الطوسي 394. طيسلة 336. طيِّئ 108، 244، 264، 267، 354. أبو الطيب اللغوي 56، 258، 261، 263، 273، 276. ع عامر 275. عامر بن جؤين 246. عامر بن كثير المحاربي 215. عبد الدار 145. عبد الرحمن بن حسان 109، 252، 303. عبد العزيز بن صاحب الردّ 28. عبد القيس 145، 417. عبد الله بن الأصبغ 28. عبد الله بن رواحة 72. عبد الله بن الزبير 275. عبد المطلب 231. عبد يغوث 349. أبو عبيد 32، 54، 118، 122. أبو عبيد البكري 65، 68، 275. عبيد بن الأبرص 366. أبو عبيدة 77، 146، 149، 169، 198، 231، 249. عتيد 65. العجاج 32، 63، 114، 159، 166، 216، 235، 248، 254، 271، 382، 398، 413. عدولى 77، 188. عدي بن زيد 62، 303. العزّى 188. عشوراء 97. عشورى 76. عصنصر 84. عِفِرّين 98، 102. عفزران 112. عقبة بن سابق 337. بنو عقيل 275. ابن العلاء 198. علباء بن أرقم 257. علقمة الفحل 239، 300. علي بن أبي طالب 161، 215، 441. علي بن بدال 396. علي بن سليمان 146. أبو علي الشلوبين 189. أبو علي الفارسي 39، 41، 58، 79، 91، 130، 159، 161، 174، 189، 203، 237، 242، 252، 299، 315، 321، 327، 356، 364، 478، 386، 490. عليب 65. عُمان 96. عمران بن حطان 342. عمر بن أبي ربيعة 248، 311. عمرو 244. عمرو بن أحمر 181. عمرو بن العاص 125. عمرو بن عبيد 214.
عمرو بن لجأ 72. عمرو بن معد يكرب 46، 128. أبو عمرو الشيباني 260. أبو عمرو الكلابي 321. أبو عمرو بن العلاء 50، 81، 198، 234، 235، 237، 343، 440، 455, 456، 457، 458، 459. عمرو بن يربوع 257. العنبر 454. عوارض 83. العوّى 361، 362. عويف 234. عيسى بن فاتك 342. غ غيّان 172. ف الفرّاء 58، 60، 70، 153، 169، 216، 234، 263، 265، 285، 294، 322، 323، 329، 330، 350، 358، 368، 395، 439، 458، 459. الفرزدق 140، 246، 269، 353، 398. فركان 98. فزارة 244، 252. فكيهة 440. فيد 410. ق قارب بن سالم 91. القاسم بن سلام 161. القالي 411. قديد 85. قرماء 89. قصي بن كلاب 148. ابن القطاع 49، 50، 62، 69، 79، 86، 98، 102، 240، 244، 245، 252. قطرب 146، 231، 255، 259، 267. قلهى 68. القناني 350. القواعل 77. ابن القوطية 68، 77، 82، 188. القين 454. قيس 96، 398. قيس "قبيلة" 244. قيس بن زهير 342. ك كابل 62. أبو كاهل 245. أبو كبير 398. أبو كثوة 216. كثير عزَّة 45، 137، 215، 248، 330. ابن كثير 456. كراع 78. الكرماني 409، 419. الكسائي 60، 80، 120، 206، 271، 300، 329، 330، 368، 417، 439، 458. كلاب 460. الكلابي 214. كلب 274، 276. الكميت 130، 353، 369. كنابيل 108. الكناني 231. كهمس 366. الكوفة 206، 207، 386. ابن كيسان 162، 266، 411.
ل لبيد 122، 184، 395. اللحياني 79، 248. لكيز 395. م مازن 102. المازني 58، 100، 164، 214، 215، 222، 228، 242، 270، 331, 360، 361. 367، 369، 370، 373، 395، 410. المعلوط 45. مأجج 166, 168. مأسل 166. الماطرون 109، 110. ابن مالك 51، 54، 122، 129، 180، 221، 228، 233، 302، 311، 405، 412، 452، 454، 458، 459، 468، 471، منظور بن حبة 268. 474، 476، 478، 484، 485، 487، 490. المبرد 138، 146، 148، 152، 214، 215،218، 239، 300، 306، 315، 324، 371، 421، 424، 433، 442، 478، 480، 481. مجنون ليلى 274. محبب 168، 464. محمَّد صلَّى الله عليه وسلم 27، 31، 46، 172، 265، 270، 491. محمَّد بن حبيب 146. أبو محمَّد الحذلمي 131. محمَّد بن ذؤيب 259. محمَّد بن يزيد 264. المرار الفقعسي 311. المرار بن منقذ 331. مرجوم 395. مروان 391. مريم 314, 315، 455. مزيد 314، 315. مسحلان 100. مسلمة بن عبد الملك 269. المستوغر بن ربيعة 349. مضرس بن ربعي 236، 264. معدّ 66، 167, 168. معروف بن عبد الرحمن 223. ابن المعلَّى 395. المعيدي 70. أبو المغيرة 395. ابن مقبل 237، 313، 447. ابن مقسم 133، 311, 362. مكوزة 314، 315. مليكة 350. منظور بن مرثد 82، 297. المهاباذي 396، 397. مهدد 166، 168، 169، 464. أبو مهدية 397. مودود العنبري 366. موسى 69، 226، 358. ميسنان 256. ميّ 217، 236، 321. ن النابغة 44، 52. النابغة الجعدي 244. ناجية 266. النجار 454. أبو النجم 46، 235، 251، 262، 408، 413.
نزار 91، 274. نصيب 231، 273. النعمان 62. النمر 454. النمر بن تولب 245. هـ هالة 260. هامان 317. الهجيم 454. هذلول 88. هذيل 221، 270، 394، 415. ابن هرمة 252, 275. هميان بن قحافة 58، 235، 411. الهند 137. أبو هند 360. وأبو وجزة السعدي 182. الوليد بن حنيفة 366. الوليد بن يزيد 219. ي يأجج 192. الياس 148. يزيد 274. يزيد بن الحكم 130. يزيد بن الطثرية 236. يريد بن معاوية 110. اليزيدي 457. يشكر 313. يعقوب الحضرمي 457، 458. يعلى 353. ينابعات 103. اليمن 422. يونس بن حبيب 202، 203. يين 224، 359.
فهرس الآيات
2- فهْرسُ الآيَات: السورة الرقم الصفحة مكانًا سِوًى. طه 58 52 دينَا قِيَمًا. الأنعام 161 53 فإنَّ الجنَّة هي المأوَى. النازعات 41 70 كتابيهْ إنِّي. الحاقة 20 82 تلقَّفُ ما يأفكون. الأعراف 117 126، 456 كالذي يتخبّطه الشيطان من المسّ. البقرة 257 126 سلطانيه. الحاقة 29 139 لتَخِذْتَ عليه أجرًا. الكهف 78 151 يضَاهُئون قول الذين كفروا. التوبة 30 155 ولا الضالِّين. الفاتحة 7 214 فيومئذ لا يُسأل عن ذنبه إنس ولا جانّ. الرحمن 39 214 اشتعل الرأس شيبًا. مريم 4 215، 459 ثمَّ استخرجها من إعاءِ أخيه. يوسف 76 221 دسّاها الشمس 10 244 وقَد خابَ مَن دَسّاها. الشمس 10 244 لم يتسنَّ. البقرة 259 247 من حمأ مسنون. الحجر 26، 33، 38 247 فهي تملى عليه بكرةً وأصيلًا. الفرقان 5 247 ولْيُمللِ الذي عليه الحقّ. البقرة 282 247 إِلَّا مُكاءً وتصديةً. الأنفال 45 249 إذا قومك منه يَصِدّون. الزخرف 57 249 طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. طه 1، 2 264
فَشَرِّذْ بِهِم. الأنفال 57 273 لَمَثْوَبةٌ مِن عِندِ اللهِ خَيرٌ. البقرة 103 315 عتَوا عتوًّا كبيرًا الفرقان 21 320 لا تخف درَكًا ولا تخشى. طه 77 343 وما كانت أمُّكِ بغيًّا. مريم 28 349 وقد بلغتُ من الكبر عِتيًّا. مريم 8 350 وأنَّهُ أهلَكَ عادًا الُّؤلَى. النجم 50 358 وأحيَينا بِه بلدَةً ميتًا. ق 11 361 ويَحْيا من حَيّ عن بَيِّنة. الأنفال 42 365 مِن صَياصِيهِمْ. الأحزاب 26 374 يا أبتَ. يوسف 4 395 ربّما الحجر 9 398 يكذّب بِّالدِّين. الماعون 1 414 جَعَل لَّكَ. الفرقان 10 414 نِعِمّا. النساء 58 415 قُم اللَّيل. المزمل 2 417 وَجَبَت جُّنُوبُها. الحج 36 436 هل ثُّوِّبَ. المطفّفين 36 440 الرُّعب بِّما. آل عمران 151 455 مريم بُّهتانًا. النساء 156 455 بأعلم بَّالشَّاكرين. الأنعام 53 455 لكيلا يَعلم بَّعد علمٍ شَيئًا. النحل 70 455 نخسف بِّهم. سبأ 9 455 فتَّفرّق بكم. الأنعام 153 456 هي تَّلَقَّفُ. الأعراف 117 456 ولا تَّيمَّموا الخبيث. البقرة 267 456 لا تَّفرّقوا. آل عمران 103 456 لا تَّنازعوا. الأنفال 46 456 فإن تَّولّوا آل عمران 32 456 إذ تَّلقّونه. النور 5 456 والحرث ذّلك. الأنعام 14 456 ذي المعارج تَّعرج. المعارج 3، 4 457 فمن زحزح عَّن النار. آل عمران 85 457 ولا تنقُضوا الأيمان بعد تَّوكيدها. النحل 91 457
من بعد ضَّرّاء مسّته. فصلت 50 457 من بعد ضَّعف. الروم 54 457 المهد صَّبِيًّا. مريم 29 457 شهر رَّمضان. البقرة 158 457 عتوا عن أمر رَّبّهم. الأعراف 77 457 ذكر رَّحمة. مريم 2 457 البحر رَّهوًا. الدخان 24 457 فاغفر لَّنا. آل عمران 147 458 استغفر لَّهم. التوبة 80 458 يغفر لَّكم. 458 حينٌ من الدَّهر لَّم يكن. الإنسان 1 458 من مصر لامرأتِه. يوسف 21 458 الذكر لِتُبَيّن. النَّحل 44 458 الشمس سِّراجًا. نوح 16 458 لبعض شّأنهم. النور 62 458 نحن لَّه مسلمون. البقرة 133 458 من خزي يَّومئذ. هود 66 459 فهي يَّومئذ. الحاقة 16 459 إلهه هَّواه. الفرقان 43 459 من يُّؤمن. 468 من وّال. الرعد 11 468
فهرس الشواهد
3- فهْرسُ الشَّواهِد النَّثريَّة: هذا أخو هذا. 41 جرادة تجرُدُ وذات ألوان. 44 نعم العمّة لكم النخلة. 46 تسمع بالمُعَيدِي خير من أن تراه. 70 جنقوهم بالمجانيق. 169 بل أنتم بنو رشدان. 172 فقد ذهبت أَبَلَتُه. 223 رَجُلٌ من آلك وليس منك. 231 هل عندك من ناقة فتزدار عليها ميّا 236 ليس من امْبِرِّ امصيامُ في امسفرِ. 261
فهرس القوافي
4- فهْرسُ القَوَافي: ورداءهُ 354 أمواؤُها 230 أفياؤُها 230 حَياؤُها 261 ب عَجَبا 214 أرنَبا 214 تَذهبَا 214 وَثَبا ابن كثوة 216 أثؤُبا معروف 223 مِقْضَبا أبو حكاك 237 عَجَبا أبو حكاك 237 مُغْضَبَه الأغلب 265 أبَهْ الأغلب 265 الرِّغابُ 219 ذَنوبُ علقمة 239 أقاربُهْ 171 ومَلاعِبُهْ ذو الرُّمَّة 128 ومَحْلَبُهْ دكين 215 مَلْبَبُهْ دكين 215 ركائبُهْ أبو خالد القناني 438، 446 غُرابُها 45 واغترابُها 45 قَرِيبُها كثير 330 وطيِّبِ زرافة 52 الإهابِ حسَّان 58 حَسْبِي دريد بن الصمه 72، 394 أبي قصيّ 148 لم تُصِبِ حسان 270 الهَضْبِ أبو داود 337 ت سِخْتِيتُ رؤبة 167 كِبرِيتُ رؤبة 167 ماتُوا جذيمة 351 فادهأمَّتِ كثير 215 السِّعلاتِ علباء بن أرقم 257 النَّاتِ علباء بن أرقم 257 أَكياتِ علباء بن أرقم 257 بالتُّرْهاتِ سراقة 395 بترنمُوتِها 185 خيراتِهِ 274 مزدُوقاتِهِ 274
ج حَجَّتِجْ رجل من اليمن 235 بِجْ رجل من اليمن 235 وَفرَتِجْ رجل من اليمن 235 أُمْهُجا 58 ماهِجا هميان بن قحافة 58 الصُّهابِجا هميان بن قحافة 235 وأمسجا العجاج 235 الدّارِجا هميان بن قحافة 411 الخَزْرجِ 170 كالمُزَرّجِ 170 عَلِجِّ 234 بالعشِجِّ 234 البرْنِجِّ 234 واجي عبد الرحمنِ بن حسّان 252 داجي عبد الرحمن بن حسّان 252 ح شِيحا مضرس بن ربعي 237 مِمراحا الفرزدق 398 أحراحا الفرزدق 398 رَبيحُ أبو حيَّة 45 المطوَّحُ جران العود 45 د النُّجُدْ 150 السَّيِّدا 102 الجُدُودا خداش بن زهير 152 فمَعَدا 168 رَقَدا 168 أبَدا ابن هرمة 252 فاعبُدا الأعشى 271 المُوَلَّدا الأخطل 342 الوَقُودُ جرير 69، 226 يرُودُها حميد بن ثور 133 سادِي النابغة الجعدي 244 منْشدِ 250 الفَرْقدِ 250 أَعوادِ ابن هرمة 275 الجيدِ الشماخ 276 زِيادِ قيس بن زهير 342 هِندِ 360 وللمولودِ أعشى همدان 398 ر الصَّنَّبِرْ طرفة 57 خَزَرْ أرطاة 125 السَّحَرْ 130 بالشَّرَرْ 131 أَفِرْ علي بن أبي طالب 215 قُدِرْ علي بن أبي طالب 215 ونُمُرْ حكيم بن معيّة 227 كَسَرْ العجاج 248 الإِبَرْ طرفة 256 الخَضِرْ طرفة 260 الحِيْرْ منظور بن مرثد 297 سُوُرْ عديد بن زيد 303 النَّمِرْ امرؤ القيس 337 صاغِرْ الكميت 369 مَزْدَرا 274 أتَنكرا 327، 370 الإزارا الكميت 353 أَعصُرا الوليد بن حنيفة 366 فأنظورُ ابن هرمة 109 مُتارُ عامر بن كثير 215 فيَخصَرُ عمر بن أبي ربيعة 248 أجدَرُ تأبَّط شرًّا 337
نَصْرُ 397 تُعاشِرُهْ الشَّنفَرى 45 مَصادِرُهْ طفيل الغنوي 264 الدَّارِي العجاج 32 وانتظاري عدي بن زيد 62 العُنْصُرِّ 87 عَيسَجُورِ العجاج 114 بالعَواورِ جندل بن مثنى 225 نَدرِي نصيب 232 الدَّكَرِ ابن مقبل 237 الأعصُرِ أعصر 253 تَيقُورِي العجاج 254 مِئزَرِي أبو جندب 305 ز عَنْزُ 337 بَزِّي 59 إوَزٍّ 59 س أقعَسا العجاج 399 الفَرَسِ طرفة 216 أجراسِ 269 ش مُدمَشُ 274 ص الدُّلامِصا الأعشى 161 القوارِصا الأعشى 255 ع الرَّباعْ السّفاح بن بكير 148 ولا شِبَعْ منظور بن حبة 268 فالطَجَعْ منظور بن حبة 268 جَمَعَا الأخطل 110 جُوّعا 244 الدَّوافعُ ابن ذريح 85 المرْتَعُ الفرزدق 269 الأذرُعُ أبو ذؤيب 314 شَعْشَعِ 114 جُيَّعِ الحادرة 320 تَدعِ أبو عمرو بن العلاء 343 شَواعي الأجدع بن مالك 391 ف واتِّصافا سحيم 256 وفَا العجاج 271 مُنَدَّفُ الفرزدق 246 المدْووفِ 300 المُنيفِ الأعشى 96 الصَّياريفِ الفرزدق 140 عِجافِ عيسى بن فاتك 342 ق المُمتذَقْ رؤبة 47 البُرَقْ رؤبة 217 المُشتَئقْ رؤبة 217 المأَقْ رؤبة 360 حَوازِقُ 249 نَقانِقُ 249 دَقيقُ المجنون 274 لائِقُ طريف بن تميم 440 المِرفَقِ 58 كالمحرُوقِ الحذلمي 131 جُوالقِ 179
زَهُوقِ 233 فطلِّقِ رؤبة 343 ولا تَمَلَّقَ رؤبة 343 ك آلَكْ عبد المطلب 231 ألِكا خفاف بن ندبة 231 عَصَيْكا 275 إليكا 275 قفَيْكا 275 هنادكُ كثير 137 ناسكُ أبو رميض 397 أورَككُ زهير 410 ل عُطْبُولْ 109 قَرَنْفُولْ 109 ما النَّيْلْ حريث بن زيد 154 باللَّيْلْ حريث بن زيد 154 المُعَلّ لبيد 395 غَليلا جرير 122، 281 زُلالا ابن مقبل 447 طيسَلَهْ صخير بن عمير 336 دُنْيِ لَهْ صخير بن عمير 336 تَنْدَخِلُ الكميت 130 تَغَوَّلُ جرير 353 نُرْسِلُهْ أبو النجم 262 طِيالُها أنيف بن زبان 320 تَتْفُلِ امرؤ القيس 35 المُخَلخَلِ امرؤ القيس 363 الذُّبَّلِ عبد الله بن رواحة 72 فانزلِ عبد الله بن رواحة 72 القَواعلِ امرؤ القيس 77 عَيْهلِّ منظور بن مرثد 82 القَسطالِ أوس بن حجر 106 والحقلِ 111 خليلِ 133 المُمرْجَلِ العجاج 166 الشوَّلِ أبو النجم 235 الأُجَّلِ أبو النجم 235 وخالي 250 الثَّالي 250 تُبالي 250 المستعجلِ أبو النجم 251 بجَنْدَلِ أبو النجم 251 مُعْتلي طفيل الغنوي 275 الإسحِلِ عبد الرحمن بن حسان 303 ذُبالِ ابن مقبل 313 بالقليل 360 القَرَنْفُلِ امرؤ القيس 362 الرِّجالِ 387 بهَيضلِ أبو كبير 398 تِقِتِّلِ أبو النجم 408 الأَجلَلِ أبو النجم 413 وأظلَلِ العجاج 413 لَمُجتلي 460 خالِها أبو النجم 46 م زِيَما النابغة الذبياني 52 تَحَلَّما حاتم 126 الشجْعَما العجاج 162 المَآزِما أبو مهدية 397 اللَّهازِما أبو مهدية 397 نُغَما 260 الحمامَهْ عبيد بن الأبرص 366 وشامُ جرير 149
أَنعموا أبو وجزة 182 تُكُمُّوا العجاج 248 وحُمُّوا العجاج 248 كريمُ محمد بن مسلمة 264 مَسجومُ ذو الرمة 275 يَيتمُ أبو خراش 288 مَغْيومُ علقمة 300 يَدُومُ المرار الفقعسي 311 هُضُمُ زياد بن منقذ 331 أصلَمُ أبو خراش 353 آرامُها لبيد 184 بَهيمُها 215 سَلامُها ذو الرمة 321 مَكرُمِ أبو الأخزر 61 سُتْهُمِ 162 خَدْلَمِ 162 اسلمي العجاج 216 العألَمِ العجاج 216 الخامي الحادرة 244 فيأتمي كثير 248 يَظلِمِ زهير 252، 281 التَّمتامِ رؤبة 260 البنامِ رؤبة 260 اليمي أبو الأخزر 391 فَمِّهِ العماني 259 أُسطُمِّهِ العماني 259 ن المتَّهينْ رؤبة 291 زَيزفُونا أمية بن أبي عائذ 99 تَلانا جميل 181 وجَفانا جميل 265 أمْكِنَهْ 265 هُنَهْ 265 القَرينَهْ 325 الظعينهْ 325 سَفِينهْ 325 كَيَّنُونهْ 325 جُمادَيَيْنَهْ 386 داني سوار بن المضرب 45 الكروانِ 46 الفرقدانِ عمرو بن معد يكرب 46 مَعونِ جميل 61 العَيَّنِ رؤبة 63 القُطْنُنِّ قارب بن سالم 91 بالماطِرونِ أبو دهبل 110 يَغرَندِيني 126 ويَسرَندِيني 127 والهونِ 179 إيسانِ عامر بن جؤين 246 لوَ انّي 395 اليقينِ علي بن بدال 396 منّي أبو جهل 441 سنّي أبو جهل 441 أبو جهل 441 ودَلْوا رؤبة 396 غَدوا رؤبة 396 مُنَهوِي يزيد بن الحكم 130 ا والدَّها أبو الأسود الدؤلي 395 ي أرانيها أبو كاهل 245 الصَّحارِيّا الوليد بن يزيد 219
بِسَواديا نصيب 273 سَمائيا أمية بن أبي الصلت 329 دُعايا أعصر بن سعد 349 وعاديا عبد يغوث 350 يُعَيلِيا الفرزدق 353 مُقلَوليا الفرزدق 353 ناجِيَهْ 266 للسَّانِيَهْ 266 والسُّميُّ العجاج 159 فَتُعِيُّ الحطيئة 370 شَهْوَانِيُّ العجاج 382 مصراع مفرد: وكأنَّها تُفّاحةٌ مَطْيُوبَةٌ 300
فهرس الأمثلة
5- فهْرسُ الأمثلة: أ آءٌ 326 آتَى 242، 251 آخاء 257 آخِذ 157 آخَيتُ 241 آدُّ 284 آدر 205 آدم 242، 243، 269 آذا 232 آل 230، 231 آل السلطان 231 آل الله 231 آمِر 157 آمّة 242 آمَنَ 251، 269 آية 218، 368، 369 آيُ يّاسين 415 آئيّ 218 أبٌ 359، 396 أبَى 122، 340، 341 أُباب 233 أُباتِر 71 أُبارية 78 أبان 310 إبِدٌ 53 إبراهيم 156، 464 إبرَم 58 إِبرِية 78 إِبرَيسَم 156 أَبزِن 59 أَبصَرَهُ 128 أبطأ 128 أبطال 78 ابعث جّامعًا 436 ابعث ضّرمة 438 ابعج شَّبثًا 435 إِبل 53، 303 أبَلةً 223 أُبلُمُ 58، 241، 421 ابن 396، 397 أبناء 257 ابن نُّوح 414 أُبُوّ 350 أبيات 329 ابياضّ 132، 215، 312 أُبَيْرِه 156 أبيض 41، 57، 299، 304 ابيضَّ 132، 312، 471 أبيضيّ 313 أَبْيَن 157، 158،313 أَبيناء 313 أتَى 241 أتانٌ إبِدٌ 53 اتَّابُع 413 اتّابَعَ 406، 407، 413 اتّبسَ 256 اتّخذَ 151 اتّزان 255 اتّزنَ 33، 255 اتّسرَ 256 اتّصلتْ 250 اتّعاد 255 اتّعدَ 33، 34، 255 اتّقَى 152، 298، 409 اتّلاج 255 اتّلجَ 255 أُترُجّ81 أُترُجَّة 489
أَتكأهُ 255 أَتلجهُ 255 أتوَهَهُ 291 إِتيان 242 أتْيَهَهُ 291 أُتِيّ 65 أَثرتُ 265 اثرُدْ لهُ 423 أثر ذلك 423 إثمد 58، 421 أثناء 257 اثنان 397 أثؤب 223 أجادَ 311 أجادل 71 اجبحُّتبةَ 432 اجبهْ حاتمًا 431، 432 اجَبَحّاتِمًا 431 اجتذبَ 132 اجترأَ 237 اجترحَ 237 اجتزّ 236، 237 اجتمعوا 236, 422 اجتوروا 131، 307 أُجَّل 235 أجداث 275 أجداف 275 أجدب 128 أَجَدْتُ 236 أَجَدُّ 236 أجدر 422 أجدرأ 237 أجدرح 237 اجدزّ 236 أَجدقُ 422 اجدمعوا 236 أجرٍ 350 إجرِد 487 إجرِيّا 92 اجفاظت 165 أجْفَلَى 82 إجْفَلَى 82 اجلوّذَ 133 أَجَمَ 223 أجمال 78، 329 أجوَدَ 311 أحامِر 71 احبس زّيدًا 448 احبس صّابرًا 448 اِحبنطأ 155 احتبسَ 128 أَحَدٌ 222, 223 أُحُد 52 احرنبَى 127 احرنجام 117 احرنجمَ 117، 123،127، 203، 405 أَحَسْتُ 419 أحسنْتَ 275 أحسَنْكَ 275 أحصدَ الزرعُ 128 احفظْه 428 احفظ جّابرًا 436 احفظ ضّرمة 438 أحْقٍ 354 احلولَى 133 احمارَّ 118، 405 أحمدَ 206، 421 أحمدتُهُ 128 أحمر 40، 47، 48، 137، 157، 407 احمرَّ 118، 132، 205، 405، 406 أحمريّ 70 احميرار 102 احوالَّ 132 احواوى 371 احونصَلَ 118 احوُوْوِيَ 474 أحيا 365 أحييتُ 365 أحيّة 366 أَحيية 366، 367 أخ 396، 397 أُخايِل 71 أخت 255 اختارَ 307 اختبزوا 131 اخترت 307، 308 اختصم 451، 452، 453 اختُور 308 اختير 307، 308 أُخدود 78 أخَذَ 156، 421 أَخَذْتُ 236 أخذْدُ 236 اخرجْ 428 أخرجتُهُ 127 اخروّطَ 133 إخريطٌ 79، 476، 483 أخزر 179 اخشوشَنَ 133
اخشوا وّاقدًا 415 اخشي يّاسرًا 415 أخضر 157 أخطأَ 127 أخطأتُهُ 128 اخفِضْه 428 إخليج 79 إخوة 267 أُخُوّ 350 أُخوّة 241، 255 أَخيليّ 313 أُدابر 71 إداوة 331، 348، 349، 381 أداوى 381 أدخلتُهُ 31، 127، 130 ادّارأّ 452 ادّانَ 236 أدخل 31 ادّخلَ 131 ادّكرَ 237 أَدْكُنُ 174 ادّلجَ 131 أَدْرد 162 إدْرَون 79 أدلٍ 350 ادلهمَّ 145 ادمغ خَّلَفًا 433 أُدَمَى 68 ادهامَّ 132، 215 أدواء 318 أدؤرٌ 223، 304 أدْيٌ 229 أديم 48، 158، 186، 187 أدْيُهُ 187 إذا 272 أذا 265 اذتراء 237 اذدراء 237 اذدكرَ 237 اذّبحوا 131 أذرُح 59 اذلولى 189 إذنْ 272 اذهبْ 428 اذهب فّي ذلك 449 اذْهَفِّي ذلك 434 أراحَ 150 أراقَ 150 أرانب 245 أربع 80 أَربِعاء 96 أربَعاء 96 أربُعاء 96 أُربُعاء 96 أُربُعاوَى 102 أُرَبَى 68 ارتعاش 179 أُرجُوان 96، 355 أَرحْتُ 118، 265 أَردتُ 265 اُردُدْ 417 أَردُدْ 416 اردُدْنَ 418 إرْزَبٌّ 81 أرطى 48، 158، 186 ارعوَى 133 أرقتُ 118، 265 ارقدَّ 133 أَرمداء 96 إرمداء 96 ارْمِهْ 148 أَرميهِ 119 أرنب 245 أَرواح 159 أروَنانٌ 96، 313 ازتار 236 ازتان 236 ازتجر 236 ازتلف 236 ازدار 236 ازدانَ 236 ازدجار 236 ازدجرَ 205، 236 ازدلاف 236 ازدلفَ 236 ازديار 236 ازديان 236 أزعج 129 إِزفَلّة 81 أَزْلٌ 84 إزِلزِل 84 ازلغبَّ 146، 147 إزمَوْل 79 ازوارّ 132 ازورّ 132 أزيدٌ منطلق 265 أزيدُنِيْهْ 379 إسادة 221، 222 أساليب 92 أسبَغَ 273 أسبلَ 118، 119، 179
است 397، 398 استأخرَ 132 أستاعَ 258 استبانَ 310 استتبّ 452 استَتْخذَ 152 استتيستْ 43، 132، 311 استثنى 452 استجدتُهُ 132 استحَى 369، 370 استحجرَ 43 استحسَنَ 132 استحواذ 317 استحوذَ 311، 317، 412 استحيا 365 استخذَ 151 استخرجَ 118، 121، 406 استدعَى 344، 345 استُدعِيَ 244 استدنَى 345 استُدنِيَ 344 استرمَى 344 استُرمِيَ 344 أَسترمي 345 استروح َ311 استصلح 452 استصوبَ 311 استطار 452 استطعت 153 استعتبتُهُ 132 استعدّ 412 استعصمَ 132 استعطَيتُ 132 استعظمتُهُ 132 استعظمَ 132 استعلمَ 132 استفهمتهُ 132 استقَى 131 استقامَ 310، 311، 316 استِقامة 316 استقبحَ 132 استقدمَ 132 استقرّ 132، 405 استكبرَ 132 استكرمتُهُ 132 استكفّ 32 استلَبَ 131 استمرّ 132 استنجزَ 127 استنوقَ 43، 132، 311 أَستَهُ 161 استوبلَ 223 أَسحارّ 99 إسحارّ 99 أُسحُلان 96 إسحِمان 95 اسحنككَ 203، 405 إسحَوْف 79 أسداس 151, 257 أَسرَع 128 اسرندَى 127 اِسطاعَ 153 أسطاعَ 118، 150، 152، 153، 258، 296 أَسْطَعتُ 153 أسقيتُهُ 128 إسكاف 78 أُسكُفَّة 32 أُسكوب 58، 79 اسلخ غّنمك 433 اسلنقى 117 اسلنقاء 117 أُسلوب 78 اسم 396 اسم موسى 414 أسماء 223 إسماعيل 35، 156 اسمخّلفًا 434 اسمغّالبًا 434 أسنَى 231 أَسنَتَ 231 أسنُم 59 أَسنُمة 59 اسوادّ 132 أسودُ 41, 57 اسودّ 132 أَسيرُهُ 119 إشاح 222 إِشاوة 331 أَشاوَى 330، 331 أَشاوِىّ 331 اشتمعوا 422 اشتوَى 131، 131 أشدّ 141، 412 أَشدِدْ 417 اشدُدْ 416 أشدرُ 422 أشدقُ 162، 422 أشِر 124، 411 أشرقتْ 128 اشعالّ 215 اشعانّ 133
إشفًى 58، 157، 158 أشعرونَ 101 أشقرونَ 101 أشكيته 128 اشمخَرَّ 201 اشهابّ 132، 132 اشهيباب 102 أشياء 329، 330، 395 أُشيٌّ 331، 332 أُشَيّاء 330 إصار 47، 158 أصبُع 59 إصبُع 60 أُصبُع 59 أَصبِع 59 إصبِع 58 إِصبَع 58، 59 أَصبغَ 273 اصحب مّطرًا 449 أصُدُّ 249 أصدقاء 96 اصطبرَ 238 إصطبل 156 أصفرُ 48، 157 اصفرّ 132 أصفق 129 أُصلان 268 إصليت 79 اصيادَّ 132 اصيدّ 307 أُصيلال 268 أصيلان 268 اضبط ضّرمة 438 إضحيانة 95 اضرابّ 132 اضرب 216 اضرِب ابن زيد 416 اضرِب بّكرًا 413 أضرُبُه 119 اضْربي ياسرًا 415 اضْرُدْ لَهُ 423 اعتراض 43 اضرِ فَّرَجًا 434 اضطجعَ 268 اضطربَ 33، 205، 238 أضوأُ 157 أطابَ 311 أطاعَ 118 أطال 302، 311 أَطرَبون 110 أَطردتُهُ 127 اطَّبخوا 131 اطَّردَ 238 اطَّيَّرَ 451 أَطِعْ152 أطعتُ 152 إطِل 48، 53، 160 أَطْلَعْتُ عليهم 128 أطلقتُهُ 129، 131 اطمأنّ 123، 133، 156، 392، 470 أطوحه 291 أطوع 152 أطوعت 152 أطولُ 302، 311، 313، 412 أَطوِلْ به 311 أطولت 311 أطيب 311 أَظبٍ 304، 334، 354 اظطهر 238 إعاء 221، 222 أعباء 329 أعْبُدٌ 59 اعبُدَن 271 أضر ذلك 423 اعتونوا 131، 307 أعثى 146 اعثوججَ 118 أعجمونَ 101 أُعِدَ 159، 221 أعِدُ 120 أعدّ 412 أعِدُهُ 119 أُعدُودٌ 476 اعروريتُ 133 أعشى 187 أعشبَ 133 اعشوشبَ 133 إعصار 78 أعصُرٌ 252، 253 إعطاء 78 أعطش مّجدرًا 437 أعطيتكش 137 اعلوّاط 383 اعلوّط 118، 133، 383 أعمى 187 أعواد 159، 160 اعوارّ 132، 312 اعورّ 306، 307، 312، 314 أعياد 159
أُعَيم 352 أُعَيمي 353 أُعَيميك 353 أعيّة 366 أَعيية 366 أغار 61 أغالت 311 أغتبقت صَّبيرَ 447 اغترابَ 44، 45 اغتمّ 131 اغدودن 118، 133، 469، 471، 486، 488 اغرندَى 127 اغزُ 417 أغزَى 344، 345 أُغزِيَ 344 أغزيت 335 أغفلتُهُ 128 أغلق 129 أغوى 157 أغويته 130 إغيال 317 أغيلَتْ 311، 317، 412 أُفْ 399 إفادة 222 أفاكل 71 أَفْتٌ 223 افتتح 407 افتقار 203 افتقر 131 أفحجُ 146 أفخَرُهُ 120 افحص زّردة 448 افحص سّالمًا 448 أَفْرَج 177 أفضلُهُ 119 أَفطرَ 129 أفعًى 77، 157، 158، 172، 187 أفعَوْ 240 أُفعوان 96، 354، 355، 479 أفعيْ 68 أُفّ 399 أَفكل 48، 57، 157 أفلس 304 أفواه 259 أفؤس 251 أَفوَهُ 259 أُفَيّس 251 أفيلس 330 أقامَ 310، 311، 315، 316 إقامة 316 أقاويم 225 أقائيم 225 إقبال 43 أقبرتُهُ 127 اقتادَ 307 اقتتلَ 407 اقتدرَ 117 أَقتلتُهُ 128 اقتلعَ 131، 132 اقتوَى 133 اقتود 307، 308 اقتيد 308 أقحم 129 أقريك 251 اقشعرّ 119، 133 اقطحّاذا 432 اقطع حَّبلًا 433 أقطعَ النخلُ 128 اقطوطَى 189 اقعنساس 117 اقعنسسَ 117، 127، 203 أقفال 70 أُقِّتتْ 221 أقلتُه 128 أقوال 318 أقوام 225 أَقوَل 311 أَقوِلْ به311 أَكبُرُهُ 119 إكبِرَّة 82 إكبِرَة 82 اكتسبَ 131، 407 أكثب 260 أُكرمُ 280 أكرمَ 31، 117، 121، 127 أكرمت عمرا 270 أكرمتكِسْ151 أكرمتكِشْ 137 أكفَرْتُهُ 128 أكلَ 156، 421 أكلُب 59 إكليل 79 أكم 46 اكهابّ 132 اكوألّ 119 اكوهدّ 119 أكياتٌ 257 أكياس 257 أكياش102
أل فَعلْتَ؟ 231 ألامَ الرجلُ 128 الآن 181 ألَبَ 182 أَلبَبَ 405 أُلتُ 358، 359 الحق 428 الحق كّلدة 435 الَحْمَر 408 الطجعَ 268 أُلعُبان 96 أُلِقَ 158، 159 ألَلٌ 229 أَللَ 168، 405 الله 41، 231، 387، 394 الذي 35 ألنجج 71 ألنجوج 92 ألندد 71، 175 إله 394 أَمَ واللهِ 395 أما 265، 395 أمآق 70 إمام 242، 251 امْبرّ 261 امتعَدَ 167 امدحِّلالًا 432 امدح هلالًا 432 امد خَّلفًا 434 امد غَّالبًا 434 امدُدْ 428 أَمَرَ 156 أَمسجا 235 أَمسجَتْ 235 امْسفر 261 أمسيَا 235 امسيت 235 امْصيام 261 املاسّ 132 أمللت 247 أُملود 78 أمليتُ 247 أُمّ 148، 149 أمّا 248 أممتُ 241، 242، 243, 0، 131، 169، 171 امّحى 197، 453 إمّعة 48، 158 أُمّهة 148، 149 أُمهج 58 أُمهوج 58 أمواء 33، 230 أَمواه 33، 230 أمومة 149 أميّة 380 أنْ 272، 274، 275، 276، 398 إنْ 264، 398 أنْ أقْريك 251 أناة 222، 223 أناس 394 أناسيّ 247 أنْبخان 96 انبذ جَّعفرا 436 أنتّ 181 أنتِ 181 انتزعَ 131 أنتم 162، 181 أنتما 162، 181 أنتنّ 181 أنتن 61 انداحَ 32 اندخَل 131 إنسان 246، 247 انسرحَ 130 انشوَى 131 انصرفَ 129 أنضجتُ 131 انطلقَ 117، 121، 129، 406 أنظور 109 انغمّ 131 إنفحة 158 انقادَ 307، 316 انقحل 83 انقدت 307 انقضاض 248 انقطع 130 انقود 307، 308 انقيادٌ 316 انقِيدَ 308 انكسرَ 130 انمحَى 197، 453 أنملة 59، 197، 450، 451 أُنملة 59 أنّ 275، 398 إنَّ 264، 398 انهك قّطنًا 435 أنؤرٌ 223، 304 إهاب 58 اهبطْ 428 اهبيَّخ 118
اهتوَشوا 307 أُهَثِيرُ 265 أَهجرُ 149 إهجيرَى 92 أهْراح 148، 150، 152 أهْراقَ 148، 150، 152 أهرحت 118 أهرقت 118 أُهَرِيحُ 265 أُهَريدُ 265 أُهَريقُ 265 اهوأنّ 92 أهوِناء 313، 318، 330 أهويتُه 130 أهل 230، 231 أُهَيل 230 إواة 487 أُواتي 242 أَوادم 242، 243 أَواصلُ 221 أوائل 224، 228 أوائيل 225 أواوِل 224 أَوْتكَى 194 أَؤتَلى 82 أُوْتيَ 241 أوجز سّلمة 448 أوجز صّابرٌ 448 أوجز صّابرًا 448 أَوجَلَى 82 أودّ 284 إوَزّ 59، 487 إوَزّة 487 أُوعد 280 أوَل 221 أَوْلٍ 371 أولاك 145 أولالك 145 أولجَهُ 255 أولق 41، 46، 48، 158، 159، 160، 194 أُوُمّ 241 أوَمّ 242، 243 أوَّل 221، 224، 225، 228، 357، 358، 466 أوّلين 106 أُومُون 476 أوَيتُ 486 أُوَيْصِل 221 أيّ 35 أيا 265 إِياة 487 أياسين 247 أيايل 228 أيايم 228 إيتاء 251 ايتأس 286 ايتبس 257 ايتزنَ 256 ايتصلَتْ 250 ايتعدَ 256، 257، 286 ايتلجَ 256 إيجل 284 إيجلَى 82 إِيَدُّ 284 أيَدّ 284 أيدع 57، 157، 191 أيسَ 205، 342، 392 إيسان 246 أيصرٌ 47، 48، 158، 191 أيطلٌ 48، 158، 160 أَيْما 248 إيمان 251 أَيَمُّ 242 أيمَّة 242، 251 أَيهُقان 100 إِيّاك 264 أيّاك 264 أُيّلٌ 235 أَيِّل 228 أُيِّم 484 أَيِّم 228 أيّوب 490 ب با اسمك 273 باب 310، 302، 315 بادَولى 92 باع 33، 120، 218، 287، 289، 290، 301، 307، 308 باقاة 354 باقية 354 بالة 368 بان 45 بائع 218، 229، 294، 341 بايَعَ 282 بَبّة 356 بِجْ 235 بخ 398 بخاتيّ 70، 101 بختيّ 70
بَخْر 260 بدأتُ 252 بدوتُ 128 بديتُ 252 بَذّر 362 بُذُرَّى 78 براء 329، 330، 395 بَراكاء 97 بُرائل 156 بِربِيطياء 200 بُرة 396، 397 بُرثن 49، 54 بُرحايا 95 بُرد 52 بَرَدَيّا 95 بِرذَون 106 بِرْس 176 بُرشوم 105 بِرطيل 423 بِرعُم 56 بَرعوم 105 بُرقُع 54، 60، 67، 79، 91، 178 بُرْقَع 67، 79، 91، 178 بَرناساء 112 برنجّ 234 بَرنَساء 111 برنيّ 234 بَرُوكاء 97 بريّة 358 بَشكَى 68 بَصرة 321 بِصريّ 221 بطاحيّ 219 بطحاء 219 بطل 52 بطؤ 128 بِطِّيخ 74 بعْ 294 بعتُ 33، 289، 290، 296، 307، 308، 419 بعكوك 88 بَعكوكاء 102 بعير 64 بغيّ 349 بقعةٌ سِوًى 53 بقى 108 بقي 108 بَقّم 362 بُقِّيرَى 93 بك 255 بكر 436 بكِسْ 151 بَلَى 186 بلاليط 99 بلح 423 بَلْحارثِ 454 بلزّ 54، 202 بَلصوص 88 بَلْع 149، 163، 164 بلعنبرِ 454 بُلعوم 163، 164 بَلقينِ 454 بِلِّيان 95 بَلَنصَى 76 بَلهُجيمِ 454 بُلَهْنية 91 بنات بخرٍ 260 بنات مخرٍ 260 بنام 260 بنان 172، 260 بَناهْ 267 بنت 255، 257 بنون 267 بُنُوّ 350 بنوّة 255 بنو التيم 454 بنو النجار 454 بنو النمر 454 بنين 102 به 255 بهاليل 94، 383 بهراء 262 بهرانيّ 262، 263 بُهلول 88، 469، 472، 476 بُهماة 68 بُهمى 68 بُهُوّ 350 بُهِيّ 350 بوائع 227 بوائيع 228 بواييع 228 بوايع 228 بؤس، بوس 240 بُوضٌ 304 بُوطِرَ 291، 309، 380 بوع 295، 296، 305، 308 بويع 227، 282 بي 235 بياطير 101
بَيان 183 بياين 228 بياييع 228 بَيئسٌ 63 بيحل 284 بِيض 299، 304، 312، 324 بير، بئر 251 بَيْطار 73، 173 بيطرَ 115، 124، 380 بيطرة 117 بيطر الدابة 124 بيائع 326، 385 بَياوِيع 385 بيع 295، 296، 303، 305، 308، 315، 383، 410 بِيّاع 383، 384، 385 بَيّاع 228 بِيَّع 384 بَيّع 227، 384 بَيقرَ 124 بَيْنٌ 302 بَينونة 45، 324 بِيوت 324 بَيوض، بُيُض 304، 481 بَيوع 481 بيِّن 228، 321، 322، 381 ت تأبلتُ القِدر 216 تأبلٌ 156 تابَل 242 تأثّمَ 126، 127 تَئفَّان 98 تئفّة 66 تال 422 تألبٌ 49، 182 تألَّقِ 159 تالكَ 145 تالله 255 تأمَّهت149 تاهَ 291 تأيَّ 369 تِبْذارة 80 تُبُشُّر 73 تُبُّعٌ 64 تِبيان 182، 183 تَبْيَعَة 313 تتابُع 413 تتابَع 406، 407، 413 تَتافِلُ 72 تتذكّرُ 152، 406 تَتْرَى 255 تتفكر 152 تَتْفُل 49، 60، 183 تُتْفُل 60، 183 تِتْفَل 60 تَتْفَلة 60 تَثْبيت 80 تجافيف 92 تُجاه 254 تجاهلتُ 125، 181 تجاوروا 131، 307 تَجاوَزْنا المكان 125 تجرّعتُهُ 126 تَجعبَى 116 تَجعبيتُ 250 تِجفاف 80، 182، 183 تَجلببَ 116 تجلببٌ 117 تَجَهْوُر 384 تجوربَ 116 تجوربٌ 117 تجوال 318 تحالِبُ 72 تحسّيتُهُ 126 تُحلُبة 60، 72 تِحلَبة 60 تِحْلِبة 60 تُحلَبة 60 تحلّمَ 126 تِحلِئ 60، 314 تِحِمّال 94 تحوّبَ 126، 127 تَحِين 182 تحيّة 367 تخازرَ 125 تخبّطه 126 تَخِذَ 151، 152 تَخرُجُ 181 تخشَى 343 تُخَمَة 254 تَخوّفَهُ 126 تَدارأ 451 تدة 454 تَدحرجَ 116، 123، 125، 157، 181 تدحرجٌ 117 تُدْرَأ 60، 182، 183، 232 تَدَرَّعَ 163، 167 تُدْرَه 232
تدَهقنَ 173، 174 تدهَّق 173 تَدوِرة 313 تَدُوم 122، 290 تَذَكّرُ 152، 407 تَذَكَّرَ 407 تذكَّرون 297، 298 تَذنُوب 80 تراءيتُ 125 تراب 44 تراث 141، 254 تُرامِز 72 تَربوت 91، 181، 183، 258 تُرتَب 60، 182، 183 ترجَّى 344 ترجّلت المرأة 43 تُرجُمان 95، 479 ترداد 80 تردُدْ 416 تردية 60 تِرعاية 80 تِرعِيَّة 81 تَرعِيَّة 81 تَرقُوة 69، 441، 472 ترقؤة 69 تَركَضاء 96 ترنموت 101، 184 ترهوكَ 116، 223 ترهؤكٌ، ترهوكٌ 117، 223 ترى 395 تزال 290 تزيد 313 تسآل 80 تساير 308، 309 تسَرّرتُ 245 تَسرّيتُ 245، 246 تَسَكَّنَ 163، 167 تسنَّى 247 تسهيل 137 تسوير 309 تشاتما 125 تشجّعَ 121، 126 تشيطنَ 116، 173، 174 تشيطنٌ 117 تشيّط 174 تصدية 249 تصريد 45 تَضارَبَ 33 تضارَرْ 416 تِضراب 80، 182، 183 تَضربَا 271 تَضرَّبَ 33 تضربَنْ 271 تَطايَر 451 تطيّرَ 451 تظنّنتُ 247 تظنَّيت 247 تعاقلَ 125 تعاميتُ 125 تعاون 308، 309 تعاونوا 131، 307 تَعِدُ 120، 280، 306 تعَرّبَ 126 تَعَرُّض 179 تَعرِيض 43 تَعضوض 80، 182، 183 تَعطَّينا 127 تعظّمَ 132 تعفرتَ 116، 125 تِعلَمُ 284 تُعوون 309 تغازَى 344 تغافَلَ 116، 121، 125,181 تغافلتُ 125 تغافلٌ 117 تغفّلهُ 126 تِفرجة 154، 177 تفكّرُ 152 تفضّيت 248 تفعل 46 تُقاة 254 تقاتلا 125 تقاربتُ 125 تقاضيتُهُ 125 تقاضيتُ الدين 125 تَقِدِ 285 تُقدُمة 60 تقضَّضَ 248 تقضّيت 248 تقطّع 126، 181 تكسّر 126، 181 تقلسَى 116، 380 تقلسٍ 380 تقلنسَ 116 تَقوَى 254، 345، 346 تِقوالة 80، 182، 183 تَقوَلة 313 تَقُومُ 181 تقُومَنَّ 171 تقُومَن 171
تَقَى 152، 298، 409 تَقَيّسَ 126 تقيّة 254 تُكَأة 141، 254 تكاد 290 تكبّرَ 132 تكرّمَ 116 تكرُّم 117 تُكرمُ 280 تكَسَّرَ 126، 181 تُكلان 254 تُكلة 254 تِكِلّامة 94 تُكُمِّمَ 248 تُكُمُّوا 248 تِلاد 255 تَلانَ 182 تِلعابة 80 تِلِعّابا 94 تِلِعّابة 94 تَلَعَّعْتُ 249 تلعِعة 249 تلعَّيتُ 249، 250 تلعية 249، 250 تِلقاء 182، 183 تِلِقّام 94 تِلقّامةٌ 94 تِلقامة 80 تِلقَّاعة 94 تلقّفتهُ 126 تلقّفُ 126 تلك 137، 145 تلُنّة 66 تليد 255 تُماضِر 72 تماثيل 92 تمتين 80 تمثال 80، 182 تمخرقَ 162 تمدرعَ 125، 162، 163، 167 تِمراد 182، 183 تِمساح 182، 183 تمسكنَ 116، 162، 163، 165، 167 تمسكنٌ 117 تَمعدَدَ 167 تملّقه 126 تمسلمَ 162، 163 تمندلَ 162، 163 تمنطق 162، 163 تَمُوتُ 122، 290 تَمَوْلَى 162، 163 تنازعنا الحديث 125 تناعستُ 125 تناضب 72 تِنبال 181، 183 تنبّهتُ 149 تَنبُو 342 تنجّزَ 127 تندَّل 162 تنر 32 تنزّرَ 126 تنسلي 247 تَنضُب 49، 60، 137 تنقّصتُهُ 126 تَنُّور 32 تَنهية 60 تَنوُّط 72 تُنُوِّط 73 تنوفَى 77 تهاوشوا 307 تهبّط 73 تهجو 343 تهلل 413 تهنئة 60 تِهواء 182، 183 توابل 242 تُواتي 242 تولج 237، 254 توَى 364 تَوءم، تُؤام 182 تُؤثور 80 تَودية 60 تَوراب 73، 195، 196، 374 توراة 254 توطّأتُ 252 تَوضّيتُ 252 توكّأت 141، 254، 255 توكّلتُ 254 تَولَج 237 توه 291، 305 تِئبَى 341 تِيجل 284 تَئِفّان 98 تئِفَّة 66 تَيقور 254 تِيكَ 145 تِيْهٌ 291، 305 تَيَّا 266 تَيَّحان 100
تُيِّهَ291 تيَّه291 ث ثالثٌ، ثالٍ 250 ثالمٌ 423 ثاية 218، 363، 368 ثائيّ 218 ثُبَة 396 ثَعالٍ 245 ثعالب 245 ثعلب 245 ثُعلُبان 113 ثَلاثاء 97 ثَلَبوت 184 ثُمَّ 36، 275 ثُمَّتَ 181 ثِناء 348 ثِنايَينِ 217، 348 ثِنتان 257، 337 ثُندُوة 69 ثَنيتُ 257 ثوب 223 ثوب بّكرِ 414 ثور 306، 317 ثورة 306، 410 ثِيارة 306 ثيران 306، 317 ثيرة 306، 351 ج جأر 341 جاء 326 جاءٍ 327، 328 جاروف 73 جالَينوس 490 جاه 205 جَأَنٌّ 214 جائع 320 جَبَى 122 جبابير 99 جبان 64 جِبَاوة 224، 331 جَبذَ 393 جَبَروت 183، 184 جَبَرُوّة 91 جبل 52 جَبَّنْتُهُ 129 جُبُنّ 66 جَبَيتُ 331 جَحْجَبى 107 جحفل 145، 174 جحفلة 174، 175 جحمرش 56، 71، 104، 198 جحنفل 48، 105، 112، 174، 195، 441، 468 جُخادِب 104 جُخادِبَى 108 جُخادباء 112 جُخْدُب 178 جُخْدَب 54، 178 جَداول 86 جِدَبّ 66 جَدَثٌ 275 جَدَّعتُهُ 129 جَدَفٌ 275 جدول 65، 441 جَذبَ 132، 393 جِذْع 52 جَذعَم 69 جذعمة 161 جَرادة 44، 45 جُرافِس 175 جُرافِش 175 جُرائض 86، 154 جُرْبان 89 جِرْبِياء 95 جَرْد 44، 45 جِرْدَحل 56 جُرشُع 54 جَرَعٌ 149 جَرَنْبة 66 جَرَنْفَش 174، 175 جِرواض 154 جَرْول 65 جِريال 85 جَعاسيس 274 جُعسُوس 274 جُعشوش 274 جَعفر 46، 54، 55، 81، 86، 140، 168، 205، 206، 207، 429 جعل رّاشدٌ 439 جعل لّكَ 414 جِعِنْبار 108 جَفَنات 53 جُفُوف 183 جَلاويخ 94 جِلباب 87 جُلَبّان 98
جَلْبَبَ 115، 121، 124، 205، 405 جلببة 117 جَلَسَ 121 جُلَعْلَع 84 جِلِّق 64 جُلَندَى 76 جُلنداء 96 جَلْهَة 163 جُلْهُمة 163 جِلْواخ 85 جَماد 64 جُمادى 386 جَمَزَى 68 جَمَل 52، 422 جَنادب 83 جَنادِل 55 جُنُب 52 جِنِبّار 108 جَنجان 172 جَنَدِل 55 جُندُب 177، 178 جِنْدَب 63، 178 جُنْدَب 177، 178 جُنذُوة 69 جِنذُوة 69 جَنَفاء 89 جَنَقَ 170 جنقوهم 170 جَنْلَس 467 جَهَنَّم 88 جَهْوَر 65، 116، 202، 384 جَهْوَرة 117 جَواءٍ 328 جَواد 31، 304 جَوارٍ 352، 353 جَوارب 319 جَواريك 353 جوائز 83 جُوْد 304 جُؤُد 304 جُؤذر 54، 55، 178 جَوْر 436 جَوْن 41، 44، 416 جُؤَن 240 جُوَن 240 جوّع 320 جَيايا 328، 329 جيب بَّشيرٍ 414 جَيْئل 352، 407، 452 جَيَل 352, 407, 452 جيّأ 328 جيّع 320 ح حاحَيتُ 372 حادان 317 حادي 205 حاطوم 73 حامض 289 حُبارَى 46، 76 حَبارِج 104 حَبالَى 76 حَبَّ 122 حَبَرْبَر 84 حِبرْة حِبِرّ 66 حَبَرْكَى 107 حَبس زّيدٌ 448 حَبس صّابرٌ 448 حبط 155 حُبْلَى 68، 217، 219، 220، 318، 352، 384، 386 حُبلأْ 217، 387 حُبْلَوْ 240، 387 حُبْلَيْ 387 حُبُلِيل 86 حَبَنْطأ 77 حَبنطًى 48، 75، 77 حِبَونن 87 حَبَو كرَى 108 حَبونَى 77 حثَايل 86 حِجارة 306 حَجَّتي 235 حجتج 235 حجر 44 حَدَثٌ 52 حَدُثٌ 52 حَدْرة 75 حِدْرِجان 111 حَذِرَ 119، 294، 302 حَذِرٌ 52، 294، 302، 411 حُذُرَّى 78 حِذْيم 86، 155، 315، 381 حِرٌ 398 حَرّكتُهُ 129 حَرملاء 97 حزابٍ 78
حَزابية 78 حَزَنبل 105 حزنزن 175 حُزْوَى 347 حَسِبَ 121، 283، 292، 340 حُسّان 74 حَسُنَ 132 حَشاوِر 86 حَشْوَرٌ 65 حَضاجِر 76، 78، 102 حضت 238 حَضرَ 122 حِضْطُ 238 حُطائط 86، 154 حُطم 52 حَظِل 179 حفظت 238 حَفِظْطُ 236، 238 حَفَيسأ 76 حَفَيلل 87 حقّ 426 حَلائب 225 حَلْباة 67 حِلِبلاب 98 حِلْتِيت 87 حَلْفاء 88 حَلْقٌ 163، 164 حلقم 164 حَلقَمة 164 حُلقُوم 163، 164 حلكة 162 حُلكُم 162 حَلَكوك 88، 106 حُلْكوك 88 حَلّأت 216 حلَّى 217 حِِّزة 64 حلو 52 حلوى 347 حلوبة 225 حم 296 حمار 40، 64 حمارة 85 حماطان 100 حمام 45 حمر 70، 299، 304 حمر 40 حمر 452 حمراء 219 حمرة 40، 47، 157 حمصيص 88 حمصيصة 469 حمض 289 حم 45 حماض 173 حمص 64 حندقوق 111، 170 حندمان 111 حندورة 75 حنديرة 75 حنطأو 48، 82، 177، 384 حنظلة 179، 183 حنظلة 179، 183 حناء 74، 263 حنة 31 حنان 263 حنان 31 حنين 31 حواسير 83 حوائط 83 حوالي 101 حوتنان 100 حور 297 حورور 84 حوريت 79، 91 حوريت 79، 91 حوصلاء 97 حوفزان 98، 100 حوقل 116، 124، 202، 383 حوكة 302، 410 حول 302، 303، 315، 319 حومل 63، 202 حومان 98 حوارى 93 حوة 371 حول 84، 318، 320 حيا 361 حياء 366 حيحى192 حيدى 316، 318 حيدان 317 حير 297 حيفس 64، 381 حيوان 360، 361، 478 حيوة 360 حيوة 360 حي 365، 477، 479 حياء 371 حيان 478 حييان 478 حييان360، 361، 366،
478 حييت 365، 477 حية 360، 477 حيوت 91 خ خاتم 62، 216 خاتم موسى 414 خأتم 156 خارب 168 خارجة 181 خاصمت 119 خائف 294 خاف 126، 287، 290، 294، 301، 302 خاف 294، 301، 302 خامس 244 خامي 244 ختبطت 238 خبط 238، 239 ختن سليمان 444 ختن موسى 442، 444 خدب 66، 412 خدلة 162 خدلم 162 خذ 394 خذه 428 خذ ضرمة 438 خرجت 181 خرزه 59 خريان 95 خرشاء 89 خرفع 56 خرنباش 110 خرنبش 111 خروع 65 خزر 179 خزرانق 114 خزعال 106 خزعبلة 56 خزعبيل 113 خزايا 345 خششاء 412 خشكنان 464 خشن 133 خصم 452 خصم 453 خصيصى 93 خصيصاء 93 خضراء 88 خضرة 157 خضرف 104 خضر م 162 خضارى 93 خطاف 74 خطأته 129 خطيئة 251 خطية 251 خظاة 337 خظتا 337 خظرف 104 خفت 288، 419 خفق 177 خفنجل 145 خفيدد 87 خفيفد 83 خلبوت 91 خلط 52 خلفناة 91 خفنة 68، 91، 179 خليطى 93 خمصان 89 خنافس 83 خنبعثه 103 خندريس 113 خندى 124 خنذيذ 87 خنزير 179 خنضرف 104، 177 خنظرف 104 خنظى 124 خنفساء 96 خنفساء 96 خنفقيق 101، 177، 201 خنوص 74 خواتيم 101 خوان 318 خواه 267 خوزلى 82 خونة 410 خيتعور 108 خير 436 خيزلى 82 خيسفوج 99، 104 خيسفوجة 323 خيشوم 73 خيلاء 89 د دأبة 214، 215، 242 دار 223، 301، 3021، 304، 315
داران 317 دار راشد 414 دار 32، 319 داع 351 دام 305 داهية 75 داود 414 دبابيج 245 دباسي 101 دبب 405 دباج 245 دباج 245 دججان 411 دح دح 105 دحرج 117، 119، 124، 125، 181، 250 دحرجة 117 دحرجت 485 دحندح 105 دخش 163 دخشم 163 دخلل 67 دخلل 67 دخيلاء 102 دد 398 ددد 356 ددن 99، 158، 192، 195، 200، 357، 358، 373 درأ 183، 232 دراري 101 دراهم 330 دربة 258 دربوت 183، 258 درجة 66 درحاء 240، 380 درحاءة 241 درحاوت 241 درداقس 114، دردبيس 113، 201 دردم 162 درر 410 دريء 74 دره 232 درهم 47، 54، 47 درواس 85 دريهمات 330 درية 32 دساها 244 دعايا 349 دعبب 66 دفقى 77 دقرى 67 دقعم 68، 162 دقعاء 118، 119، 162 دكر 237 دكاء 174 دان 89، 174 دكن 174 دكنته 174 دلالة 43 دلامص 86، 161، 164، 165 دلظ 175 دلقم 67، 162 دلمص 161 دلنظى 48، 175 دلوق 162 دليص 161، 164، 165 دلي 350 دم 51، 272، 396 دماميس 249 دمت 122، 290 دمت 290 دمكمك 84، 175، 188، 201 دملص 161 دماس 249 دمين 351 دنانير 236 دنقع 118، 119 دنابة 74 دنار 246 دنب 64 دنبة 158 دنم 64 دني له 336 دنيا 346 دنينير 246 دهدى 250، 373 دهديت 373 دهدقة 429 دهدة 250 دهدوهة 251 دهديت 250 دهقان 173 دهور 124 دهور 124 دوادي 353 دواسر 83
دوداة 374 دودم 55 دودمس 103 دولج 237 دياج 350 دياجيج 250 ديار 391 دياميم 101 دياميس 101 ديباج 245 ديجوج 250 دئداء 107 ديداء 107 ديدبون 99، 199، 200 ديك 304، 481 ديكساء 97 ديكساء 97 دئل 51 ديم 303، 305 ديماس 73، 249 ديمة 305 دينار 246 دين 236 ديوان 384 ذ ذا 35، 138، 266 ذاك 138، 266 ذبب 405 ذبح 131 ذلك 138، 145 ذرحرح 84 ذرنوح 86، 179 ذروح 86، 189 ذفارى 76 ذفار 76 ذفرى 67 ذكارة 306 ذكر 237 ذكرى 68 ذلاذل 55 ذلذل 55 ذلولى 188، 189 ذهب محم 432 ذهبوط 85 ذؤابة 240 ذوائب 240 ذي 35، 266 ذئب، ذيب 251 ذيت وذيت 257 ذيا 266 ذية وذية 257 ر رأاس 404 راتب 182، 260 راتم 260 رأس راس 269 رام 351، 354 رامى 344، 345 راماني 119 راية 368 رأيت رجلأ 217 رأيت زيدا 270ن 468 رأيت زيد 271 رب 398 ربت 181 ربعة 53 رثات 216 رثى 217 رجال 330 رجل 52، 171، 422 رجلا 217 رجلأ 217 رجيلون 330 رحب 1124 رحب 163 رحضاء 89 رحموت 183 رحموتى 183 رحى 35، 270، 351، 469 رحيان 351 ردان 412 رجاء 217، 229، 240، 252 رداءان 217، 241 رداوي 241 رداي 217، 229 ردايان 252 رد417 رد 120، 139، 199، 405، 406، 410 رد 405، 409 رددت 372 ردي 417، 418 ردوا 417، 418 ردا 417، 418 ردد 412 رددت 418 رر 356 رسالة 217، 387، 424 رسائل 86، 217، 386،
424 رسل 303 رشدان 172 رش 426 رضى 108 رضوا 338 رضي 108، 335، 336، 339، 340، 341، 344 رضيا 338 رضيت 338 رضيتم 338 رضيتما 338 رضيتن 338 رضين 338 رضينا 338 رعابب 87 رعاشن 68، 179، 441 رعملي 392 رغبوت 90، 183 رغبوتى 95، 183 رفاهية 87، 138، 329 ركبات 355 ركباة 67 ركبي 228 رك410 ركل 149، 150 ركل 422 ركن 122 ركوبة 228 رماة 322 رماة 322 رماتا 336 رماد 67، 96 رماية 217، 324 رمت 336، 337 رمتا 337 رموا 338، 471 رميا 338، 340 رميتم 338 رميتما 338 رميتن 338 رمين 338 رمينا 338 رمدد 67، 464 رمدد 67 رمان 172، 173 رمو 334 رموة 334 رمى 120، 186، 333، 335، 338 رمي 336 رمي 186، 1912 رميته 119 رهبوت 90، 183 رهبوتى 95، 183 رهيا 119 روى 53 رواء 319 روع 302 ريح 159 رئبال 154، 229 ريبال 229 رئم 51 ريا 482 ريا 345، 362، 363 رية 482 ريان 89، 319 ز زأر 121 زال 287، 295 زأم 214 زام 214 زبرج 54 زبينة 69 زتنة 90 زجر 236 زرجون 170 زرق 84 زرقة 161 رزقم 68، 161، 164 زرنوق 105 زعارة 85 زعبر 56 زعفران 111، 173 زعب 146 زفن 99 زفيان 90 زلت 290 زلزال 106 زلزال 106 زلزلة 84 زلفى 236 زمكى 77 زمل 64 زميل 75 زنادقة 140، 316 زنايدق 140 زنبور 105 زنم 451
زهزقة 429 زهلق 54 زوج 306 زوجة 306، 319 زور 53 زوزأة 217 زوزاة 217 زونك 88 زيارة 236 زئبر 54 زئبر 56 زيت 90 زيتون 90 زيد 173، 138، 145، 205 زيداه 266 زيدل 183، 145، 146 زيدون 384 زيدين 171 زيدين 110، 171 زيزاء 375 زيزفون 98 زيل 288 زينب 63 زيم 52 زين 236 زيود 33 زييد 33 س سأال 404، 485 ساباط 37، 317 سادس 244 سادي 244 سأسم 156 سافر 128 ساق 301، 302 سألت 270 سالت 270 ساير 119، 272ن 308 309 سائر 432 سبح 129 سبوح 74 سبوح 74 سبت 183 سبحل 114 سبر 183 سبروت 183 سبط وسبطر 63، 56 70، 71، 83، 86، 99، 104، 107، 119، 137، 146، 164، 165، 332، 485 سبطرى 107 سبع 52 سبعان 90، 480 سبهلل 107 سبندى 75 سبي طيبة 53 سبت 151، 257، 453 ستهم 68، 161، 164 سحق 179 سحفينة 179 سخاخين 99 سخاوية 31 سخت 167 سختيت 167 سخر 273 سخي 31 سدت 151 سدس 151، 257 سدة 273 سدوس65 سديسة 257 سراط 273 سرة 246 سراحين 99 سراوع 85 سرته 119 سرت 301 سرحان 89 سرحت 130 سراح 80، 106، 193 سردأو 49 سردد 66، 67 سرر 410 سر 246 سروط 74 سرية 245، 246 سرط 163، 164 سرطراط 89 سرطم 163، 164 سرو 333، 334، 335، 336 سروا 338 سروا 338 سورات 246 سرواع 85 سروت 338 سروتم 338 سروتما 338 سروتن 338 سرور 246
سرومط104 سرون 338 سرونا 338 سري 349 سعدان 89 سعلاة 67 سعيد 64، 436 سفاء 42 سفرجل 56، 206، 207،429، 465 سفرجلة 104 سفرجول 465 سفود 74 سفنج 88 سفى 42 سقاء 348 سقاءان 348 سقاءة 348 سقائي 348 سقاية 324 سقر 273 سقيته 129 سقلاطون 110 سكارى 76، 262 سكران 262، 298 سكرى 67 سكيت 75 سكين 74 سل 394 سلالم 84 سلاليم 99 سلامان 100 سحلفاة 108 سلحفية 108 سلس 172، 189، 200، 266، 356، 357، 358، 372، 374 سلسبيل 200 سلطان 90 سلطانيه 139 سلقاء 190 سلقى 121 سل 247 سلم 64، 199، 202 سلمى 68 سلنحفاء 177 سلنطيط 113 سلهب 54، 148، 429 سماني 76 سمح 330 سمحاء 330 سمعنة 91 سمعنة 91 سمهى 82 سمهجيج 112 سمرطول 113، 114 سمرطول 114 سميدع 104، 468 سنان 176 سنبة 183 سنبتة 96، 183 سنبل 118، 119، 179 سنة 231، 397، 398 سندأو 48، 82، 177 سنوات 231 سنور 74 سه 397 سهل 163 سو 399 سوى 52، 53 سوابيط 101 سوار 223، 303 سوائد 385 سوائية 329 سواية 329، 332، 395 سوءة 241 سؤتة 329، 395 سوداء 88 سور 223، 304 سور 303 سوط 306، 319 سوف 399 سوك 303 سولاف 73 سؤلة 240 سولة 240، 303 سوة 241 سوور 300، 301 سوير 282، 291، 309 سؤيل 394 سياط 306، 319، 351 سياود 224، 228 سيائد 224 سيائق 224 سيد 321 سيراء 89 سيرورة 324 سيسبان 100 سيمياء 95 سيد 63، 222، 224، 228، 319، 321، 322، 335، 437
ش شأي 341 شأبة 214 شاة 397 شاتمت 128 شاك 33، 327، 328، 391 شال 131 شأمل 63، 154، 161 شانني 273 شاو 320 شاي 363 شبعان 89 شجاع 64، 162 شجعته 129 شجر 78 شجرة 78 شجعم 54، 162 شجوجى 188 شح 426 شحط 45 شد 120 شدقم 69، 162 شدة 273 شديد 64، 139 شذ 120 شراحيل 145 شراريز 245 شرب 119 شربب 66 شربة 66 شرر 410 شراب 74 شراز 245 شرران 411 شريب 74 شرف 119، 124 شرقت 128 شروى 345، 346، 361 شط 426 شطوطى 188 شعر 410 شعشعان 111 شعلع 199، 200 شفة 398 سفشليق 200، 201 شفصلى 112 شفلح 105 شفنترى 109، 177 شقاوة 217 شقرى 93 شقي 333، 335، 336، 340، 344 شلم 362 شماميط 99 شمأل 65، 154 شماليل 94، 387 شمباء 259 شمردل 56 شملال 87، 173، 387 شملت 154، 161 شملل 115، 124 شمللة 117 شممت 405 شمخر 104، 201 شمنصير 109، 177 شنحوط 105 شنذارة 161 شنظير 105 شنهبرة 104 شنوؤة 228 شنئي 228 شهبرة 104 شهواني 382 شهبرة 104 شهواني 382 شهيد 64 شهية 382 شواريز 193 شواع 391 شوائع 391، 392 شوحط 45 شوشاة 374 شوى320 شويت 131، 361، 364 شئذارة161 شيراز 193، 245 شيطان 73، 173 شئمة 229 شيمة 229 شيوخ 324 شيء 329، 330 شيئاء 329 شي 358 شيء 329 ص صاف 302 صاف 301، 302 صاديدة 228 صائر 423 صائم 320 صب 410، 411
صبر 238 صحارى 76، 262، 328 صحار 67، 219، 331 صحاري 247 صحائح 86 صحائف 225، 227، 326، 379، 381 صحراء 219، 247، 262 صحراوات 240 صحراوان 240 صحراوي 240 صحيفة 225، 227، 326 صخر 273 صددت 249 صدى 249 صدوق 65 صديا 345 صرى 53 صراحية 78 صراط 273 صرد 45، 52 صرفت 129 صصى 356 صعب 51 صعررت 124 صعرر 105 صعفوق 105 صفرة 157 صفصلى 200 صقر 51، 273 صكك 405 صلاءة 217، 381 صلايا 381 صلصال 106، 190، 196 صلصل 190، 199، 200، 201 صلصلت 172 صلق 163، 164 صلقم 163، 164 صليان 95 صمحمح 84، 175، 188، 201، 203، 204 صميحم 203، 204 صميمح 203 صمكيك 88 صندوق 105 صنديد 87 صنعاء 262 صنعاني 262، 263 صنبر 57 صهابج 235 صهابي 235 صهصلق 200 صه صه 251 صهصهت 251 صهصيت 251 صهميم 87 صوى 481 صواعق 83 صوان 318 صوايد 228 صور 316 صورى 316، 317، 318 صوقرير 100 صوليت 91 صوليت 91 صومع 124 صوابة 320 صوام 230 صوم 320، 474 صياريف 101 صياص 374 صياقل 83 صيد 302 صيد 288، 302، 307، 312 صير 303، 410 صيرف 63، 321، 467 صيرورة 323، 324 صيصرة 374 صيقل 202، 321، 441 صيهم 64 صيابة 320 صيم 319، 320 ض ضارب 62، 117، 119، 121، 128، 186، 387 ضارب 42، 62، 322 ضار 412 ضاف 305 ضألون 214 ضاهأت 155، 156 ضاهيت 155 ضبارم 163، 164 ضبب 405 ضبب البلد 167 ضبر 163، 164 ضبع 78 ضبعان 412 ضبعان 89 ضبغطرى 386
ضجت 446 ضجة 446 ضخم 51، 301 ضراب 183 ضرب 33، 115، 121، 124، 206 ضرب 33، 42، 46، 186، 199، 238، 465 ضرباء 190 ضربب 47، 464، 465 ضربب 467 ضربب 47، 467 ضرب 47، 467 ضربب 467 ضربة 316 ضربت 56 ضربتش 273 ضربتك 273 ضربته 57 ضربته 119 ضربكم 162 ضربكما 162 ضربني 171 ضراب 42 ضرب 33، 117، 121، 199، 405، 485 ضرب 322 ضرز 162 ضرزم 162 ضروب 42 ضغبت 153 ضغبوس 153 ضفادع 249 ضفاد 249 ضفف 410 ضفن 180 ضفندد 87 ضفنك 88 ضلضلة 55 ضلع 52 ضمران 89 ضناك 64، 65 ضنأك 65 ضنرب 468 ضهيأ 69، 155، 156، 192 ضهياء 155، 156 ضهيد 65 ضو 452 ضوراب 83، 224 ضوضى 189، 190 ضوضاء 190، 195 ضوضيت 188، 192، 193،195، 372 ضوء 157 ضو 358 ضياون 224، 358 ضئبل 55 ضئزى 229 ضيزى 229، 318 ضيطار 146 ضيغم 63 ضيغفن 68، 179، 180 ضيمران 100، 479 ضيون 224، 325، 385 ضياط 146 ط طأ 264 طاب 464 طابق 62 طاح 291 طارق النعل 129 طاغوت 183 طال 287، 290، 422 طامه 261 طأ من 392 طانه 260 طاووس 225 طاي 363 طاية 218، 363، 368 طائي 218 طباقاء 97 طب 410، 411 طحربة 54 طخرور 88 طدة 454 طرائف 86 طرايم 86 طرد 238 طردته 129 طرطب 107 طرفاء 88، 329 طرمساء 97، 111، 166 طرماح 108 طريم 65، 86، 155 طست 257، 258 طس 257، 258 طشيأ 119 طشيا 119 طلت 288 طلحة 267 طلع 124
طلعت عليهم 128 طلل 410 طللأنَّ 411 طمر 11، 66، 98 طملال 87 طنب 52 طه 264 طواعية 138 طوال 319 طوال 64 طواويس 225 طوبى 318 طوبالة 44 طول 44 طول 306 طومار 73، 373، 476، 483 طويت 222، 284، 476، 364 طويل 290، 294، 391 طيال 319 طيبة 53 طيرورة 323، 324 طيس 146 طيسل 146 طيلسان 100، 479 طي 222، 284، 354، 437 طيارة 218 طيي 482 ظ ظالم 322، 423 ظبة 396 طبي 191، 293، 304، 334، 345، 371، 416 ظبي ياسر 415 طرابي 247 طربان 90، 247، 412 ظرف 115، 119، 124 ظريف 289، 294 ظريفة 349 ظلت 419 ظلم 301 ظلمة 322 ظنابيب 94 ظن 247 ظهر 238 ع عات 320 عاد 159 عاذ 53 عار 354 عارض 43 عاشوراء 102 عاط 218 عاعيت 372 عاقبت 129 عالم 32 عالم 216 عألم 156 عاود 222، 224 عاور 218 عاون 309 عاونت 308 عباب 233 عباديد 99 عباقية 78 عبد 138، 145، 146 عبدى 77 عبد الدار 145 عبدري 145 عبد قيس 145 عبدل 138، 145، 146 عبر 52 عبقر 55 عبقسي 145 عبنقس 48، 174، 175 عبوثران 112 عبوس 177 عتا 320، 350، 471 عترسة 177 عتل 66 عتود 65 عتو 320 عتيد 65 عتي 320، 350 482 عثى 122 عثاير 86 عثمان 89 عثواء 146 عثوثل 83، 188، 204 عثول 87، 146، 384 عثيرة 65، 202، 315، 441 عجالى 76 عجالط 55 عجائز 383، 385 عجل 128 عجل 128 عجلط 55 عجنس 48، 175، 176، 468 عجوز 139، 140، 202
عجول 74 عجيساء 97 عجى 52 عدبس 88، 105، 112، 468 عدت 290 عدة 33، 273، 454 عدان 453 عدل 53 عدولى 77، 188 عدو 394 عدو واقد 416 عذافر 83، 104، 468 عذيوط 85 عربد 107 عرتن 55 عردمان 111 عرض 43 عرض 43 عرض 43 عرضى 77 عرضنى 90 رضنة 67، 179 عرطليل 100، 111 عرفان 98 عرقصان 176 عرقوة 69، 474 عرنتن 55 عرند 66 عرنقصان 176 عريان 89 عريقصان 112 عزز 405 عزى 188 عزهاة 67، 347 عزويت 50 عسجد 429 عسطوس 429 سلأنَّ 146، 177 عسود 87 عشج 234 عشراء 89 عشقنني 273 عشورى 76 عشوراء 97 عشي 324 عصا 35، 270، 271، 351 عصاويد 94 عصم 132 عصنصر 84 عصنصن 175 عصواد 85، 94 صواد 84 عصوان 351 عصي 320، 350، 383، 474، 482 عضة 397 عضرفوط 114، 193، 465 عض 183، 417 عطشان 89 عطشى 68 عطود 88 عظاءة 217 عظيم 86 عفاريت 101 عفارية 78 عفج 175 عفر 98 عفرين 98، 102 عفرنى 90 عفريت 50، 91، 138، 184 عفرية 184، 202، 374،380، 441 عفزر 112 عفزران 112 عفنجج 87، 175 عقاب 45 عقار 43 عقر 43 عقرباء 96 عقربان 100، 111 عقربان 113 عقرته 129 عقنقى 187 عقنقل 84، 175، 204، 206 عقوبة 45 عكالط 55 عكامس 55 عكف 121 عكلط 55 عكم 52 عكمس 55، 387 علابط 55، 72، 161، 176 علاجن 76 علادى 76 علاوة 331، 348، 381 علاوى 330، 381 علباء 89، 107، 240 علباوان 240 علباوي 241 علبط 55، 176، 369، 387
علج 179 علج 234 علجن 179 علطوس 106 علقى 67، 68 علقى 68، 380 علقان 381 علكد 104 علم 205 عله 122 عليق 57 علماء 416، 419 علم 115ن 124، 132 علندى 75، 76 علود 87 عليا 346 عليب 65 عليان 89 علي 234 عمبر 259 عمدان 436 عمرو 436 عمود 65 عمي 333 عن 272، 274، 275، 276 عن رعى 276 عنابس 83 عناسل 83 عناكب 184 عنان 172 عنباء 89 عنبب 67 عنبر 54 عنبس 63، 17 عنتريس108، 169، 177 عنزهو 49، 82 عندد 54، 67، 464 عنس 146 عنسل 63، 146، 177، 441 عنصر 177، 178 عنصل 64 عنصوة 69 عنظى 124 عنظب 64 عنظب 64، 65 عنظب 75 عنظوان 95 عنظوب 75 عنظيان 95 عنفص 54 عنفوان 95، 479 عنق 52 عنكباء 184 عنكبوت 111، 184، 465، 469، 471 عنل 451 عن 257 عناب 173 عني 336 عه 139 عوارض 83، 228 عوان 303 عواور 224 عواوير 99، 224، 225 عود 306 عودة 306 عور 302 عور 218، 302، 306، 307، 312، 314، 362 عوسج 63 عوض 52 عوطط 318، 324 عون 303، 304 عوى 361، 362 عواء 362 عوار 74، 224، 225 عوة 362 عوون 309 عوى 362 عي 479 عياذ 53 عيالم 83 عيان 304 عياياء 97 عيائل 227، 228 عيائيل 227 عياهم 84 عيايل 228 عيبة 303، 355، 478 عيثوم 73 عيد 159، 160 عيطموس 108 عيهل 82 عيهل 82 عين 304 عين 416 عي 365، 479 عيطته 318 عييطط 318 عيل 227، 228 عين 63
عيوا 366 عيي 366 غ غارب 62 غارت 301 غاز 322، 351، 354 غازى 354 غازيت 241 غافل 128 غاق 35 غاية 367، 369 غد 396 غدودن 83، 188 غراب 44، 45، 64 غرانيق 108 غرائز 108 غرائز 86 غرب 45 غربان 171 غرر 412 غرم 129 غرنيق 105 غزء 223 غزا 120، 186، 333 335، 338 غزاة 322 غزال 64 غزو 186، 223، 393، 345، 416 غزوا 338، 340 غزوا 338 غزوتم 338 غزوتما 338 غزوتن 338 غزون 338 غزونا 338 غزووة 472 غزوووت 471 غزويت 50، 91، 184، 194 غزو واقد 415 غزي 336 غسلين 91 غضفر 175 غفران 99 غلام 64 غلمان 89 غليان 471 غممته 131 غميضاء 102 غنيت 335 غوى 130 غواش 353 غوغاء 190، 195، 373 غوغيت 195 غوور 301 غياطل 83 غيالم 83 غيداق 73 غيلم 63 غي 185 غيان 172 ف فاخرني 120 فار 412 فارسي 70 فاضلني 119 فاطمه 267 فاظ 361 فتى 350، 351 فتحته 129 فتحوا 407 فتكر 55 فتكرون 54 فتكرين 55 فتوى 345، 1446 فتو 350 فتيقير 203 فحجل 145، 146 فحصت 236 فحص زردة 448 فحص سالم 448 فحصط 238 فخذ 435 فخرته 120 فخيراء 93 فدوكس 77، 104، 468 فرارج 84 فرازين 99 فراسن 76 فرانس 85 فرج 177 فرح 129 فردوس 106 فر 417 فر 120، 199 فرحته 129 فرزدق 65، 207، 429 فرس 85 فرس 179
فرس 70 فرسن 68 فرفخ 199، 200 فرق 302 فرق 302 فرقدين 46 فركان 98 فرناس 85، 179 فرنداد 94 فرنوس 85 فزت 236 فزد 236 فزعته 129 فزع 129 فساتيط 258 فساطيط 94، 3258 فستاط 258 فسحم 161 فسحة 161 فسيق 74 فسطاط 87، 258 فسقته 129 فشفارج 200 فضة 248 فضل 43 فضل 122، 292 فضلته 119 فضيلة 43 فطحل 54، 467 فطرته 129 فعلت 206، 275 فعلك 275 فعل لبيد 414 فعر 121 فقيمج 234 فقيمي 234 فل 398 فل 398 فلز 66 فلطوس 106 فلفل 54، 468 فلوس 65، 330 فم 259، 397 فم 275 فنن 173 فه 139، 148 فهد 51 فوج 392 فوضوضى 97 فوه 259 فوهاء 259 فؤوج 392 فيشلة 146 فيشلة 146 فيفاء 375 فيناء 173 ق فغاتل 62، 128 قاد 307، 308 قارة 317 قصعاء 96 قاض 322، 351 قاضون 383 قال 33، 120، 218، 290، 301، 307، 308 قام 34، 53، 181، 218، 219، 287، 289، 305، 310 قامة 305 قائل 289، 341 قائم 138، 218، 224، 226، 289، 294، 325، 326، 328 قائمة 138، 181 قبر 178 قبيط 75 قبح 132 قبعثرى 109، 113، 140، 386 قبل 43 قتإِلَّا 409 قتل 408، 409، 452 قتل 408، 452 قتل 407، 452، 485 قتيتى 93 قتيل 409 قتل 121، 131 قتلبه 57 قثاء 74، 173 قدائم 154 قد جعل 436 قط ضعف 428 قدوس 74 قدوس 74 قدموس 153 قدي 379 قديم 154 قذال 64 قذاف 74 قذيت 129 قذعملة 56 قذعميل 55، 113
قرى 322 قرأأبوك 404 قرأت 252 قرادد 87 قراديد 139 قراريط 245 قراسية 78 قراشب 104 قران 172 قراويح 94 قرب 43 قربق 199، 200 قربوس 106، 471 قردد 67، 139، 140، 141، 168، 199، 412، 464 قر 132 قراء 219، 241 قراط 245 قراوان 241 قراوي 241 قرشب 107 قرشي 380 قرط 52 قرطاش 106 قرطاط 87 قرطاط 78 قرطبوس 113 قرطس 116، 123، 405 قرطسة 117 قرطعب 56، 57، 429 قرع 121 قرعبلانة 114 قرفصاء 96، 111 قرقر 124 قر قوس 106 قرقيسياء 200 قرماء 89 قرنبى 75 فرنفل 105 قرنفول 109 قرواش 85 قريت 252 قرية 122 قريثاء 97 قساور 86 قسطل 106 قسطال 106 قسيب 86 قسين 86 قسي 205، 391 قشعريرة 112 قضيب 381 قصباء 329 قصاصاء 79 قص 409، 440 قصصى 409، 410 قصصت 248 قصيت 248 قصوى 347 قصيا 346 قصيرى 76 قضاة 322 قضبان 171 قضيب 64، 139، 140، 202، 380 قط 399 قطاة 351 قطرتان 90 قط 35 قطط 405 قططت 35 قطع 126، 129، 181، 291، 405 قطعت 130 قطوان 90، 189، 351 قطوطى 188، 189 قعادد 87 قعد 121، 124 قعدد 66، 199 قعدد 67 قعس 177 قعضب 429 قعود 65، 199، 436 قفاخري 177 قفل 70 قق 356 قلى 122 قلة 396 قلت 33، 289، 307 قلته 128 قلسى 116، 119، 124، 380، 381 قلساة 117 قلع 132 قلعم 145 قلفع 145 قلق 172، 189، 200، 266، 356، 372، 374 قلقال 190، 196 قلقتل 106 قلقل 172، 190 قلنس 116، 124
قلنسة 117 قلنسوة 78، 384 قلنيسة 78 قلهي 68 قليسية 384 قماري 101 قم 294 قمارص 161، 165 قمت 419 قمتم 162 قمتما 162 قمحدوة 108، 384، 470، 472 قمحدي 384 قمطر 47، 114، 485 قمد 66 قمحان 98 قمدان 98 قناديل 108 قنبر 64، 177، 178 قندأو 177 قندويل 111 قنديل 75، 105 قنر 451 قنط 122 قنطار 106 قنعاس 73، 177 قنفخر 103 قنفخر 177 قنب 64، 199 قنواء 451 قهبلس 56 قهقرى 90 قهوباة 77 قواء 226 قوائل 325 قوائم 328 قواعل 77 قوام 318 قواول 228 قواو 226 قوباء 89 قوباء 89 قود 302، 410 قوقى 189، 190، 192، 217 قوقأت 216 قوقيت 188، 195، 372 قول 33، 183، 294، 295، 302، 303، 306، 308، 316 قوم 53، 305 قو 416 قوان 478 قووان 472، 478، 480 قوة 226، 480 قوول 415 قوول 301، 309، 325، 473 قول 325 قوم 309 قومته 308 قوي 364 قويان 480 قيام 53، 316، 319 قيائل 325 قيدودة 323 قيارط 245 قيصوم 73،90 قيقاء 375 قيقبان 100 قيل 259، 306، 308 قيم 53، 305 قكيو 305 قيام 325 قيل 309 قيم 381 قيوم 73، 325، 381 ك كابرني 119 كابل 62 كاد 287، 290، 295 كأس 269 كاس 216، 269 كافر 322 كاهل 62، 202 كبد 52 كبرته 119 كبر خرش 198 كبرياء 95 كبش 301 كتاب 139، 202 كتائب 227 كتيبة 227 كتف 52 كثب 260 كثأت 63، 118، 119، 179 كثم 260 كدت 288، 290 كدر 83
كدبون 85 كذبذب 84 كذبذب 94 كذبذبان 102 كراسي 70 كراهية 78، 138 كراهين 99 كراييس 94، 381 كرة 396 كرسي 70، 380 كرم 161 كرهان 99 كروان 46، 90، 173 كروس 88 كرياس 85 كريم 161 كساء 217، 240، 252، 348 كساءان 217، 348 كساءة 384 كسائي 384 كسالى 76 كساو 217 كساوان 241، 348 كساوي 241، 384 كسايان 252 كسب 131 كسر 130 كسر 126، 129، 181، 291 كفة 396 كفرة 322 كفرين 98 كلا 255 كلت 296 كلتا 255 كل 394 كلاء 74 كلاب 74 كلوب 74 كلماني 98 كلوات 355 كلية 354، 355 كمأة 270 كماة 170 كمرى 77 كمل 42 كممت 248 كميهء 102 كنابيل 108 كنادر 83 كناز 118، 119 كنثأ 118،119 كنثأة 54 كنثأو 48، 177، 187، 179 كندر 54 كنهبل 50، 103، 140، 177 كنهور 106، 202 كنية 451 كوألل 774 كوثر 139، 441، 467 كوكب 63 كول 296 كوهى 318 كوفان 98 كي 35 كيصى 67 كيث وكيث 257 كيد 288 كيذبان 100 كيل 296 كينونة 323 كية وكية 257 كييل 322 كينونة 319، 323، 324 ل لأال 47، 332، 324 لا 35، 186 لابة 317 لا بالك 395 لات 181 لاث 391 لاث 33، 327، 328، 391 لا وربك 245 لا وربيك 245 لببت 217 لبأ 216 لبى 217 لباس 74 لبد 52 لحح 405 لححت عينه 168 لحمر 408 لحمر جاءني 407 لخخ 405 لدد 175 لست 288، 219 لصت 258 لص 258 لصوت 258
لصوص 258 لعاع 249 لعاعة 262 لعل 262 لعمري 392 لعن 262 لعيت 250 لقاء 283 لقم 150 لقضو 333، 335، 336، 354، 378 لقطو واقد 415 لم يربط جملا 436 لم يقدر أم 215 لن 272 لفها 396 لهنك 264 لو 35، 223 لواذ 319 لو استطعنا 223 لؤلؤ 47، 332 لون الصامت 439 ليس 288 لين 321 لي 482 لي 371، 482 لي 437،416 لين 321، 322 م ما 35، 36، 186 ماء 44، 230 ما اسمك 273 ما أشده 412 ما أطوله 311، 334، 412 ما أقوله 311 مأجج 166، 168 مأج 168 ماجشون 110 مارد 183 مأروط 48، 158، 187 ماسح 166 مأسل 166 ماضي353 ماطرون 109، 110 مأق 70،71 مال 217، 294، 301، 302 مال 294، 302 مالك 42، 166 مألك 62 مألكة 62 مألوق159 ماهت 230 مأوى 70 مأوي 70 مائة 396 مائتان 338 مباع 315 مبايع 328 مبوع 299 مبوعة 314 مبولة 314 مبيع 328 مبيعة 314 مبيوع 296، 299، 473 مبيع 296، 297، 299، 300، 305، 312، 341 متار 215 متأر 215 مت 122، 290 مت 290 متابع، متتابع 314 متزن 255 متساير 310 متعاون 310 متعد 255 متلج 255 متلج 254 متيح 314 مثنى 60، 436 مثوبة 315 مجانيق 169، 170 مجايئ 328 مجفئظ 165 مجلس 61 مجن 66، 166 مجيء 328 محبب 168، 413، 464 محضير 79 محلب 60 محمر 490 محمية 351 محنية 351 محي 366 محيي 365 محييات 366 محيية 367 محييان 367 محيين 368 مخاريق 92 مختار 409، 411، 481 مخدع 62
مخر 260 مخرق 162 مخيوط 473 مدارى 354 مدار 354 مداعس 72 مدحة 43 مدحرج 103 مدحرج 103، 157 مدخل 31، 62 مدكر 237 مدرأ 232 مدرع 125 مدرعة 163 مدره 232 مدعس 61 مدمج 274 مدمش 274 مدووف 300 مذ 398، 418 مذدكر 237 مذرى 167 مذروين 167 مر 394 مرأة 215، 270 مراة 215، 270 مراجل 166 مراسة 201 مرحبك 162، 163، 355 مرحيا 95 مرد 168 مردد 412 مر 52 مر 120، 132 مرى 347 مران 172 مرج 234 مرض 129 مريق 74 مري 234 مرزنجوش 165، 464 مرطي 158، 186 مرعز 81 مرعزى 93 مرعزى 93، 166 مرعزاء 97، 166 مرفق 61 مرقدى 93 مرمي 279، 383 مرمريت 99، 200 مرمريس 99، 200، 201 مروح 279 مروحة 31 مريح 297 مريم 314، 315 مزدار 236 مزدان 236 مزدجر 236 مزدلف 236 مزدق 274 مزدوقة 274 مزرجن 170 مزرج 170 مزرعة 61 مزيد 314، 315 مساءة 270، 332 مساير 310 مست 419 مستابن 311 مستبين 311 مستحى 327، 370 مستقر 412 مستقام 311 مستقيم 311 مسجد 61 مسح 165، 183 مسحلأنَّ 100 مسدوه 273 مس 426 مسعط 61 مسكين 79، 163 مسكين 79 مسملة 163 مسهلك 162، 163، 355 مسنون 247 مسنية 349 مسوء 299 مسيد 234 مشتاق 217 مشتئق 217 مشدوه 237 مشرقة 61 مشريق 79 مشش 405 مشوار 318 مشوب 297 مشيب 279 مشيوخاء 102 مصاوب 225 مصائب 225، 326 مصباح 79 مصحف 62
مصدق 274 مصدوقة 274 مصطفى 379 مصطفي 353 مصفي 353 مصلاح 79 مصوغ 473 مصوون 300 مصيبة 225، 326 مصيدة 314 مضراب 421 مضرب 166 مضروب 79 مضوفة 305 مضيفة 305 مطاوى 382 مطايا 381 مطرقة 31 مطجع 483 مطعان 314 مطعن 61، 314 مطمأن 92 مطيبة 314 مطية 381، 382 معارضة 43 معاون 310 معايا 354 معايش 326 معاي 354 معتل 275 معد 168 معدي 349 معد 66، 166، 167، 168 معد 168 معز 167 معزى 67، 166، 167 معصية 351 معط 61 معكوكاء 102 معلى 395 معلندد 464 معلوجاء 102 معلوق 79 معونة 61، 62 معوود 300، 301 معي 367 معيدي 70 معيشة 315ن 326 معيوارء 102 معيية 362 مغثور 79 مغرود 79، 166 مغزى 187، 355 مغزو 309، 355، 415 مغزيت 355 مغفور 79، 166 مغيرة 61 مغيرة 61 مفاتيح 92 مفتاح 314 مفتح 314 مفر 141، 168 مفساد 79 مفوه 259 مفيئن 112 مقاتوة 351 مقاربة 41 ماقل 314 معقام 311 معقانم 314، 315، 326 مقاول 326 ماقوم 326 مقبرة 61 مقتاجد 308 مقتوي 101 مقتوين 101 مقتويون 101 مقتل 60 مقتل 408 مقتل 408 مقتل 409 مقتل 408 مقتل 409 مقر 168 مقروء 241، 299 مقروءة 489 مقرو 241، 299 مقروة 489 مقنع 60 مقوال 314، 318 مقول 314، 326 مقول 314، 326 مقولة 314 مقودة 314 مقودة 314 مقوم 300 مقوول 296، 300 مقيم 311 مقيل 310 مكاء 249 مكاريم 92 مكاسيب 92
مكاكيك 250 مكاكي 250 مكر 168، 412 مكرم 61 مكرم 31، 62 مكرمان 100 مكرمة 62 مكيثي 93 مكيثاء 93 مكوك 250 مكور 81 مكورى 39 مكوزة 314، 315 مكيل 305 ملأ 269 ملاكيت 101 ملأمان 100 ملك 42 ملك 165 ملكوت 101، 183 مللي 411 م ملهى 166، 178، 355 ملهيت 355 مليك 42 ممرجل 166 مموت 297 مميت 297 مميز 310 من 35 مناجين 170 منبر 61 منتن 61 منتن 61 منجنون 111، 166، 170 منجنيق 108، 166، 169 منحار 441 منخر 61 منخر 61 منهل 61، 441 منخور 79 منخول 79 مندوحة 32 منديل 79، 163 منديل 79 منطلق 169، 171 منعب 441 منغل 130 منغوي 130 منقاد 308 منقار 79 منكب 61 منها 441 منهو 130 منول 297 منيل 297 من يوقن 437 مهثير 265 مهدد 67، 166، 167، 169، 464 مهد 167 مهريح 256 مهريق 265 مهوأن 92 مو 35 مواترة 255 موات 242 موتئس 286 موتبس 256، 257 موتزن 256 موتسر 256 موعتعد 256، 257، 286 موتلج 256 موتل 275 موسر 481 موسى 62، 187، 217، 414 موسأ 217 موعد 226 مؤق 61، 69، 70، 71 مؤقد 69 موقن 286، 299، 324 مولى 60، 163 مولوق 159، 160 موه 230 مي 35 مياه 230 ميت 305، 321، 329، 330 مير 251 ميراث 191 ميرة مئرة 251 ميزان 258 ميقين 286، 299 مثل 217 ميلأنَّ 317 ميت 035، 321، 329،
335، 437 مير 309 ميرته 308 ميل 325 ن نأى 340 ناء 205 نات 205 نار 223، 304 ناس 257، 258، 394 ناصاة 354 ناصية 354 نافقهاء 96 ناموس 73 نبراس 176 نبل 183 نبي 358 نتلعى 249 نجنق 169، 170 نجو 350 نحو 350 نخرج 171 نخلة 46 نخورش 71، 198 ندح 32 نرجس 62، 176 نزع 131 نزوان 351، 471، 481 نسيء 251 نسي 251 نشوان 306 نشيان 306 نصر 436 نضو 52 نطاق 163 نظرنة 91 نظرنة 91 نعد 120، 280، 306 نعم 121، 122، 292 نعما 415 نغب 260 نغبة 260 نغر 52 نغم 260 نفراج 80 نفرج 49، 62، 154 نفرجاء 97 نفرجة 177 نفساء 89 نقض 52 نقوم 171 نكرم 280 نكاية 324 نهابر 176 نهاوش 176 نهاية 348، 349 نهشل 145 نوار 303 نواتي 242 نور 303 نوام 320 نوور 300 نؤي 240 نويس 394 نئبل 56 نيجل 284 نئدلأنَّ 154 نيدلأنَّ 154، 155 نيام 320 هـ هاب 301 هادئ 252 هاد 252 هذا 232 هذه 265 هذي 265 هامان 317 هاهيت 372 هبارية 78 هبر 176 هبرية 69، 78 هبلع 54، 148، 149 هبي 66 هبيخ 88 هبيغ 88 هجرع 54، 148، 149 هجف 66 هجنع 88 هجنف 88 هجيرى 93 هدى 380 هدابد 55، 176 هداية 43 هدبد 55، 176، 369 هدمل 145 هدملة 485 هذا 265
هذلول 88 هراكل 149 هراوة 331 هربذى 107 هرحت 118، 265 هردت 265 هر 122 هراس 163 هرس 163 هرقت 118، 265 هركلة 149 هركلة 149 هركولة 148، 265 هرماس 163 هرنوى 90 هرول 124 هزبر 54 هزنبر 112، 150 هزنبران 112 هزيد منطلق 265 هشيء 440 هل 231، 271 هل ثوب 440 هل رأيت 440 هل ضربت زيدا 206 هل ضل زيد 438 هلقام 150 هلقم 150 هلل 129 هلم 418 هما 162 هما والله 265 همارش 198 همت 419 همتع 150 همرجل 56 همرش 198 هملع 145 هميرش 198 هن 266، 396 هين فعلت فعلت 264 هنا 265 هناءة 270 هناك 145 هناك 269 هنأك 269 هنالك 145 هنامر 198 هناه 266 هناو 266 هنة 266 هنت 255 ندبى 107 هندباء 112 هندكي 137 هندلع 75، 177 هندويل 111 هني 137 هنمرش 198 هنه 265 هنموات 255، 266 هنيمر 198 هنيهة 266 هه 365 هوى 130 هواد 43 هوزب 63 هوش 176 هوف 305 هوي 183 هيا 265 هيدكر 103 هيدكور 101 هيف 305 هيق 146 هيقل 146 هين 329، 330 هينمان 100 هيؤ 302، 360 هياك 264 هياك 264 هيبان 100 هين 313، 318، 321 329، 330 هيئ 302 ووأبيك 255 واجيء 252 واج 252 واخيت 241 واصل 221 واعد 194 واعدني 119 واقد 194 وال 359 وألت 359 واو 326 واووقد 415
وبل 285 وتد 454 وترى 255 وثق 121، 284 وجد 120، 122، 281 وجع 52 وجل 283، 341 وجم 223 وجه 254 وحد 223 وحر 121، 284ن 285 وحشي 46 وخامة 254 ود 453 ود 310 وددت 284 وربك 245 وربيك 245 ورث 121ن 141ن 254، 284 ورد 282 ورشان 90 ورع 121 ورم 284 ورنتل 77ن 85، 88، 90، 92، 119ن 195، 375 ورود 282 وري 121، 254، 284 وز 487 وزن 120، 280 وزن 282 زونة 282 وسادة 221 وسع 121، 284 وشماء 223 وشاح 222 وشيت 357 وضع 280 وضؤ 281 وطد 454 وطئ 121، 284 وطؤ 281 وعاء 221 وعد 120، 280، 358 وعد 159، 221 وعد 476 وعد 257، 282، 286 وعدته 119 وعدة 282، 283 وعدود 476 وعل 51 وعم 121، 284 وعوت 241، 357، 358 وغر 121، 284، 285 وغم 121، 284 وفرتج 235 وفرتي 235 وفق 121، 284 وقار 254 وقد 285 وقتت 221 وقى 254 وقيت 357، 466ن 483 وكل 254 ولاهم 235 ولد 255 ولق 41، 159، 160 ولق 159، 160 ولى 344 وله 41 وله 121، 284 ولوج 237، 254 ولول 360 ولي 121 وليت 357 ولي 349 ولي يزيد 416 ولي يزيد 415 ومق 121، 284 وناة 223 وني 232 ووراة 254 وولج 237، 254 ويب 359 ويح 222، 359 ويس 222، 359 ويقور 254 ويل 224، 359، 360، 466 ويلمة 75 ويلمة 75 وئية 66 ي يئل 285 يابا 395 يأبى 122 ياتبس 256 ياتزن 256 ياتسر 256 ياتعد 256، 257، 286 ياتلج 256
يأتم 248 يأتمي 248 يأتيك 343 ياتئس 286 يأجج 192 ياجل 283 ياحل 283 يأس 286 ياسر 191 ياسمون 110 يافع 191 ياهناه 266 يباع 296 يبان 311 يبأى 340 يبأوان 340 يبدأ 281 يبدى 252 يبس 286 يبس 286 يبس 256 يبل 285 يبيع 120، 290، 293، 314 يبيعة 313 يتزن 255 يتعد 255 يتقي 409 يتلج 255 يترجى 344 يتساير 310 يتسنن 247 يتشجع 121 يتعاون 310 يتغازى 344 يتغافل 121 يتقي 152، 409 يتمغفرون 166 يتيه 291 يثق 121، 284 يجأر 341 يجبى 122 يجد 120، 122، 281، 282 يجلبب 121 يجلس 121 يحامد 72 يحبه 122 يحذر 119، 294 يحر 121، 284، 285 يحسب 121، 283، 292، 340 يحضر 122 يحموم 81 يحيا 366 يحيي 365 يخاضير 92 يخاف 290، 302، 310، 314 يخشيان 340 يخصمون 119 يخضور 81 يد 51، 272، 356، 396 يدان 351 يد دواد 414 يدعته 157 يدوم 305 يدي 229 يديت 356، 357 يرى 395 يرابيع 92 يرامع 72، 103 يربوع 81 يرث 121، 284 يرد 120 يرضى 340 يرضي 339، 341، يرضون 471 يرضيان 340 يرع 121 يركب 380 يركن 122 يرم 284، 342 يرمع 62، 81، 192 يرمو 334 يرمي 120، 293، 339، 342، 352، 436 يرنأ 116ن 124 يرنأ 71 يرنأ 71 يري 121، 254، 284 يزار 121 يزن 120، 280، 282، 285 يزيد 313 يساير 309 يستبان 311 يستخرج 121 يستدعي 344، 345 يستدعى 344 يستدني 344، 345 يسترقى 344 يستطيع 453 يستعور 97، 113، 119،
192، 357 يستقام 310، 311 يستقيم 310 يستيع 285 يسرو 191، 256 يسروع 81 يسطيع 258، 298، 435 يسع 121، 284، 285، 341 يسلقي 121 يسل 247 يشأى 341 يشأيان 341 يشد 120 يشذ 120 يشرب 119 يشرف 119 يشقيان 340 يشكر 313 يشم 296 يشول 131 يصاف 302 يصار 158 يضارب 121 يضاهون 155 يضرب 121، 291 يضربون 384 يضرب 121 يضع 280، 281 يضفن 180 يضيف 305 يطأ 121، 284، 285، 341 يطع 152 يطل 160 يطوع 152 يطول 293 يطيح 291 يظلموني 414 يعار 286 يعاقيب 92 يعامل 72 يعاون 309 يعتو 320 يعثى 122 يعد 120، 280، 282، 285، 286، 306 يعصر 252، 253 يعضيد 81 يعقوب 81 يعكف 121 يعكف 121 يعلم 284 يعله 122 عيم 121، 284 يعمل 62، 72 يعملة 62 يعود 159 يعيا 366 يعيط 381 يعيلي 353 يغر 121، 284، 285 يغزى 340، 344 يغز 342 يغزو 120، 293، 339، 342، 436 يغزو راشد 415 يغزو واقد 415 يغزي 344، 345 يغم 121، 284 يفر 120، 417 يفضل 122، 292 يفعة 191 يفعل 46 يفغر 121 يفق 121، 284 يقال 296 يقام 310، 311 يقتاد 308 يقتل 121، 291 يقتل 408 يقتل 408 يقتل 408، 409 يقدرام 216 يقرع 121 يقريك 251 يقضي 352 يقضون 383 يقطين 81 يقعد 121 يقلى 122 يقنط 122 يقول 120، 290، 293 يقولة 313 يقوم 305، 310 يقوم 310 يقيم 310 يقين 286، 324 يقيل 310 يكاد 290
يكرم 121، 280 يكل 254 يلق 41 يلل 229 يلمع 62 يلمق 62 يلنجج 71 يلنجوج 92 يلندد 71 يله 284 يلي 121 يمال 302 يمق 121، 284 يمنون 476 يناء 205 ينابعات 103 ينأى 340، 441 ينجلب 51 ينجلبة 59 ينسى 122 ينطلق 121 ينع 286 ينعم 121، 292 ينعم 122 ينقاد 308 ينوع 286 يهر 122 يهير 81 يهير 81، 82 يهيرى 93 يهيؤ 360 يوتعد 286 يوجل 122، 283، 284، 285، 338، 341 يوحل 122، 285 يوضع 280 يوضؤ 281، 285 يوطؤ 281، 285 يوعد 280، 281، 282 يوم 224، 359، 360 391، 466 ييجل 284، 380 ييحل 284 ييتئس 286 يئس 121، 286، 392 يئس 286 يئل 285 يين 224، 359 ييئس 286
فهرس الكتب التي ذكرها المؤلف في الممتع
6- فهرس الكتب التي ذكرها المؤلف في الممتع: الصفحة الضرائر لأنَّ عصفور 216 العين للخليل بن أحمد 84، 114، 118، 149 القد لابن جني 299 القلب والإبدال لابن السكيت 392 الكتاب لسيبويه 269 المختار لابن كيسان 266 النوادر للحايني 79 الهمز لأبي زيد الأنصاري 214
فهرس المصادر والمراجع
7- فهرس المصادر والمراجع: الإبدال أبو الطيب اللغوي دمشق 1960 إتحاف فضلاء البشر البناء الدمياطي القاهرة 1359 اختصار القدح المعلى أبو علد الله محمد بن عبد الله القاهرة 1959 الاختيارين الأخفش الأصغر القاهرة 1974 أدب الكاتب ابن قتيبة القاهرة 1963 أراجيز العرب توفيق البكري القاهرة 1346 ارتشاف الضرب أبو حيان النحوي القاهرة 1984 إرشاد الأريب ياقوت الحموي القاهرة 1923 الاستدراك على كتاب سيبويه أبو بكر الزبيدي روما 1890 الإصابة ابن حجر العسقلاني القاهرة 1939 إصلاح المنطق ابن السكيت القاهرة 1956 الأصماعيات الأصمعي القاهرة 1955 الأضداد ابن الأنباري الكويت 1960 الأغاني أبو الفرج مطبعة التقدم بالقاهرة الاقتضاب البطليوسي بيروت 1901 ألف ياء البلوي القاهرة 1287 الأمالي الزجاجي القاهرة 1963 الأمالي ابن الشجري حيدر آباد 1349 الأمالي القالي القاهرة 1953 إنباء الرواة القفطي القاهرة 1950 أنساب الأشراف البلاذري القدس 1936 الإنصاف ابن الأنباري القاهرة 1961 البحر المحيط أبو حيان الأندلسي القاهرة 1328
بغية الواعة السيوطي القاهرة 1326 البيان والتبيين الجاحظ لجنة التأليف والترجمة والنشر تاج العروس الزبيدي تاريخ بغداد الخطيب البغدادي القاهرة 1349 التبين في تفسير القرآن أبو جعفر الطوسي النجف 1935 تحذير المسلمين من الأحاديث الموضوعة محمد ظافر الأزهر مطبعة الرواي 1904 تذكرة النحاة أبو حيان النحوي بيروت 1986 تزيين الأسواق داود الأنطاكي القاهرة 1302 التشبيهات ابن أبي عون كمبردج 1950 تصريف الأسماء والأفعال فخر الدين قباوة بيروت 1988 تفسير الطبري الطبري المطبعة الكبرى الأميرية التمام في تفسير أشعار هذيل ابن جني بغداد 1962 تهذيب إصلاح المنطق التبريزي القاهرة 1335 تهذيب الألفاظ التبريزي بيروت 1895 تهذيب الإيضاح عز الدين التنوخي دمشق 1948 الجمل في النحو الزجاجي بيروت 1984 جمهرة اللغة ابن دريد حيدر آباد 1345 حاشية الأمير علي المغنى محمد الأمير مطبعة حجازي 1372 حاشية الدسوقي على المغني مصطفى الدسوقي القاهرة 1358 حاشية الصبان على الأشموني محمد بن علي الصبان القاهرة المحاسة البحتري بيروت الحماسة البصرية صدر الجين البصري حيدر آباد 1964 الحيوان الجاحظ مكتبة البابي الحلبي خزانة الأدب البغدادي القاهرة 1299 الخصائص ابن جني القاهرة 1956 الخيل أبو عبيدة حيدر آباد 1352 الدرر اللوامع الشنقيطي مطبعة كردستان 1328 ديوان ابن مقبل دمشق 1962 ديوان ابي الأسود الدؤلي بغداد 1965 ديوان الأخطل بيروت 1891 ديوان الأعشى فينا 1927 ديون امرئ القيس القاهرة 1958 ديوان أوس بن حجر بيروت 1960
ديوان جران العود القاهرة 1350 ديوان جرير مطبعة الصاوب بالقاهرة ديوان جميل بثينة دار مصر للطباعة بالقاهرة ديوان حاتم الطائي بيروت 1953 ديوان حسان بيروت 1961 ديوان حميد بن ثور القاهرة 1951 ديوان ذي الرمة كمبردج 1919 ديوان رؤبة ليبسيغ 1903 ديوان زهير بن أبي سلمى ثعلب القاهرة 1944 ديوان سحيم القاهرة 1950 ديوان سراقة البراقي القاهرة ديوان سلامة بن جندل حلب 1968 ديوان طرفة بن العبد القاهرة 1958 ديوان طفيل الغنوي ليدن 1927 ديوان عبيد بن الأبرص القاهرة 1957 ديوان العجاج ليبسيغ 1902 ديوان عدي بن زيد بغداد 1965 ديوان علقمة الفحل الأعلم الشنتمري الجزائر 1952 ديوان عمر بن أبي ربيعة القاهرة 1960 ديوان الفرزدق القاهرة 1354 ديوان كثير عزة الجزائر 1928 ديوان لبيد الكويت 1962 ديوان مجنون ليلى القاهرة ديوان المعاني العسكري القاهرة 1352 ديوان المفضليات الأنباري بيروت 1920 ديوان النابغة الذبياني بيروت 1929 ديوان النابغة الجعدي دمشق 1964 ديوان الهذليين القاهرة 1369 ديوان الوليد بن يزيد دمشق 1937 ذيل الأمالي القالي القاهرة 1927 رسالة الغفران المعري القاهرة 1950 زهر الآداب الحصري القاهرة 1925 سر صناعة الإعراب ابن جني القاهرة 1954 سمط الآلي ابو عبيد البكري القاهرة 1936
سيرة النبي ابن هشام مطبعة حجازي بالقاهرة شذرات الذهب ابن العماد مكتبة القدسي 1351 شرح أبيات سيبويه ابن السيرافي دمشق 1979 شرح أبيات المغني البغدادي دمشق 1973 شرح أدب الكاتب الجواليقي مكتبة القدسي 1350 شرح بانت سعاد ابن هشام ليبسيغ 1871 شرح اختيارات المفضل التبريزي دمشق 1971 شرحأشعار الهذليين السكري القاهرة 1963 شرح التسهيل ابن مالك القاهرة 1990 شرح التفتازاني على العزي سعد الدين التفتازاني القاهرة شرح الحماسة التبريزي مطبعة حجازي بالقاهرة شرح الحماسة المرزوقي القاهرة 1372 شرح الشافية الرضي مطبعة حجازي بالقاهرة شرح شواهد إصلاح المنطق ابن السيرافي نسخة مخطوطة شرح شواهد شرح الشافية البغدادي مطبعة حجازي بالقاهرة شرح الشواهد الكبرى العيني القاهرة 1299 شرح شواهد المغني السيوطي القاهرة 1322 شرح القصائد العشر التبريزي القاهرة 1962 شرح الكافية الشافية ابن مالك دمشق 1988 شرح قواعد الإعراب الكافيجي دمشق 1989 شرح الملوكي ابن يعيش بيروت 1988 شرح نهج البلاغة ابن أبي حديد دار إحياء الكتاب العربي شعر أبي دواد الإيادي بيروت 1959 الشعر والشعراء ابن قتيية القاهرة 1364 شمس العلوم نشوان الحميري مطبعة بريل 1951 شواهد التوضيح الصحيح ابن مالك دار العروبة بالقاهرة الصحاح الجوهري دار الكتاب 1377 الصناعتين العسكري دار إحياء الكتاب 1952 الضرائر محمود شكري الآلوسي المطبعة السلفية 1341 ضرائر الشعر ابن عصفور بيروت 1980 طبقات فحول الشعراء ابن سلام القاهرة 1953 الطرائف الأدبية عبد العزيز الميمني القاهرة 1973 العبر ابن خلدون بيروت 1956 العقد الفريد ابن عبد ربه مطبعة الاستقامة بالقاهرة
العين الخليل بن أحمد عمان 1982 عيون الأخبار ابن قتيبة القاهرة 1930 فهرسة ابن خير ابن خير الإشبيلي مكتبة المثنى القلب والإبدال ابن السكيت ليبسيغ 1905 الكامل ابن الأثير القاهرة 1901 الكامل المبرد القاهرة 1936 الكتاب سيبويه القاهرة 1317 كشف الظنون الحاجي خليفة لسان العرب ابن منظور لسان الميزان ابن حجر العسقلاني حيدر آباد 1329 مجاز القرآن أبو عبيدة القاهرة 1954 مجالس ثعلب ثعلب القاهرة 1948 المحاسن والمساوئ البيهقي القاهرة 1962 محاضرات الأدباء الراغب الأصفهاني بيروت 1961 المحتسب ابن جني القاهرة 1986 المحكم ابن سيده القاهرة 1958 مختصر شرح أمثلة سيبويه الجواليقي الرياض 1410 المخصص ابن سيده القاهرة 1316 المزهر السيوطي مطبعة صبيح بالقاهرة المستطرف في كل فن مستظرف الأبشيهي القاهرة 1379 مصارع العشاق أبو محمد جعفر بيروت 1958 معاني القرآن الفراء القاهرة 1955 المعاني الكبير ابن قتيبة حيدر آباد 1949 معجم الأدباء ياقوت الحموي القاهرة 1936 معجم البلدان ياقوت الحموي القاهرة 1906 معجم الشعراء المرزباني القاهرة 1960 معجم ما استعجم أبو عبيد البكري القاهرة 1945 المعرب الجواليقي القاهرة 1316 مغني اللبيب ابن هشام القاهرة مفتاح السعادة طاش كبري زاده حيدر آباد 1329 المفضليات المفضل القاهرة 1952 المقتضب ابن جني ليبسيغ 1403 المقتضب المبرد القاهرة 1385 المنصف ابن جني القاهرة 1954
نثار الأزهار ابن منظور الأستانة 1298 النشر في القراءات العشر ابن الجزري دمشق 1345 نقائض جرير والأخطل أبو تمام بيروت 1922 نقد الشعر قدامة بن جعفر القاهرة 1963 النهاية ابن الأثير القاهرة 1322 النوادر أبو زيد بيروت 1894 همع الهوامع السيوطي القاهرة 1372 الوحشيات أبو تمام القاهرة 1963 وفيات الأعيان ابن خلكان القاهرة 1948 وقعة صفين نصر بن مزاحم القاهرة 1365
فهرس المواد
8- فهرس المواد: مقدمة الطبعة الثامنة 5 التمهيد 8 ابن عصفور 9 المصادر والمراجع 14 النسخ المخطوطة 15 منهج التحقيق 20 خطبة الكتاب 25 المقدمة 29 ذكر شرف علم التصريف 31 تقسيم التصريف 33 تمييز ما يدخله التصريف مما لا يدخله 35 القسم الأول من التصريف 37 باب تبيين الحروف الزوائد 39 باب أبنية الأسماء: 51 الثلاثي المجرد 51 الرباعي المجرد 54 الخماسي المجرد 56 الثلاثي المزيد: 57 المزيد فيه حرف واحد 57 المزيد فيه حرفان 71 المزيد فيه ثلاثة أحرف 92 المزيد فيه أربعة أحرف 102 الرباعي المزيد: 103
المزيد فيه حرف واحد 103 المزيد فيه حرفان 108 المزيد فيه ثلاثة أحرف 112 الخماسي المزيد 113 باب أبنية الأفعال 115 الماضي الثلاثي 115 المضارع الثلاثي 119 الرباعي 123 ذكر معاني أبنية الأفعال 124 حروف الزيادة 135 ذكر الأماكن التي تزاد فيها هذه الحروف: 143 باب اللام 145 باب الهاء 148 باب السين 151 باب الهمزة 154 باب الميم 161 باب النون 171 باب التاء 181 باب الألف 186 باب الياء 191 باب الواو 194 باب ما يزاد من الحروف في التضعيف 197 باب التمثيل 205 القسم الثاني من التصريف 209 الإبدال 211 حروف الإبدال 213 إبدال الهمة 214 باب إبدال الهمزة من الألف 214 باب إبدال الهمزة من الواو 221 باب إبدال الهمزة من الياء 227 باب إبدال الهمزة من الهاء 230 باب إبدال الهمزة من العين 233 باب الجيم 234 باب الدال 236
باب الطاء 238 باب الواو 240 باب الياء 244 باب التاء 245 باب الميم 259 باب النون 262 باب الهاء 264 باب اللام 268 باب الألف 269 ما لم يذكره سيبويه من حروف الإبدال 273 القلب والحذف والنقل 277 المعتل الفاء 280 المعتل العين 287 المعتل اللام 333 ما اعتل منه أكثر من أصل واجد: 356 ما اعتلت جميع أصوله 356 المعتل الفاء واللام 357 المعتل الفاء والعين 357 المعتل العين واللام 360 الرباعي المعتل 372 أحكام حروف العلة الزوائد 377 باب الياء 379 باب الواو 383 باب الألف 386 القلب والحذف على غير قياس 389 القلب على غير قياس 391 الحذف على غير قياس 394 حذف الهمزة 394 حذف الألف 395 حذف الواو 396 حذف الياء 396 حذف الهاء 397 حذف النون 397 حذف الباء 398
حذف الحاء 398 حذف الخاء 398 حذف الفاء 399 حذف الطاء 399 الإدغام: 401 ذكر إدغام المثلين 404 كر إدغام المتقاربين 421 تبيين مخارج حروف العربية الأصول 424 ذكر تقسيمها بالنظر إلى صفاتها 425 ذكر أحكام حروف الحلق في الإدغام 431 ذكر أحكام حروف الفم في الإدغام 435 باب ما أدغمته القراء على غير قياس 455 مسائل التمرين: 461 ما قيس من الصحيح على صحيح مثله وما قيس من المعتل على نظيره من الصحيح 463 مسائل من الصحيح 467 مسائل من المعتل اللام 469 مسائل من المعتل العين 473 مسائل من المعتل الفاء 476 مسائل من المعتل العين مع اللام 477 مسائل من المعتل الفاء بالواو واللام بالياء 483 مسائل من المعتل الفاء بالياء والعين بالواو 484 مسائل من المهموز 485 مسائل من المضعف 488 ذكر المسائل المبنية مما لا يجوز التصرف فيه 489 الفهارس الفنية: 493 1- فهرس الأعلام 495 2- فهرس الآيات 503 3- فهرس الشواهد النثرية 506 4- فهرس القوافي 507 5- فهرس الأمثلة 513 6- فهرسالكتب التي ذكرها المؤلف في الممتع 555 7- فهرس المصادر والمراجع 556 فهرس المواد 562