المعلم بفوائد مسلم

المازري

الإمَامْ أَبِو عَبْد اللهِ مُحمَّد بن علي بن عُمر المِازري 536 هـ - 1141 م المُعْلم بفوائد مسلم الجُزء الأوّل تقديم وتحقيق فضيلة الشيخ محمد الشاذلي النيفر الطبعة الثانية التونسية للنشر تونس المؤسّسة الوطنية للكتاب الجزائر المؤسّسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدّراسات بيت الحكمة

المازي (أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر) المعلم بفوائد مسلم أبو عبد الله محمد بن عمر المازري: تقديم وتحقيق محمد الشاذلي النيفر. -طـ 2. -تونس: الدار التونسية للنشر؛ 1987 (تونس: التونسية للطباعة وفنون الرسم). -592 ص.؛ 24 سم إ. ق. 407/ 87 جميع الحقوق محفوظة لدار التونسية للنشر 1988

الدراسة

بسم الله الرحمن الرحيم استهلال الحمد لله الذي شرع لنا من الدين ما به صلاح العالمين، ويسرّ لنا سُبُل المعرفة، بما بيّنه مما هو لا يحتاج إلى صفة. والصلاة والسلام على المبعوث رحمة: فإنه قد فرّج الله به كل أزمة، وعلى آله المكن لهم المودة، وأصحابه الأبرار الذين فرّج الله بهم كل شدة. هذا وإن إظهار "المعلم" ستكون له آثار في التشريع الفقهي لما له من نظرات تسمو به لأنه انبنى على إبداء أفكار اجتهادية صحيحة مبنية على الروح الإِسلامية المتماشية مع السهولة والآخذة بعين الاعتبار لكل ما يحفظ للإِنسان أن يكون في إطار من أحكم الإِطارات وفيه يتمتع المجتمع بنظام يكفل كل وسائل الإِصلاح. فـ"المعلم" في الحقيقة من هذه الناحية بهر الأنظار، واستوعب كثيرا من الأفكار، حتى أن ما كان له من إكمالات مثل إكمال القاضي عياض هي من نواح تتعلق بجوانب أخرى هي ثانوية عند الإِمام. أما الناحية الاجتهادية في التشريع المبنية على الاستخراج من الكنز الثمين

السنة النبوية التي هي المصدر المَعين الثريّ في الاستنتاج من بيان الأسوة الأولى الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - فقد صرف لها الإِمام المازري عناية بالغة لم تفتقر إلى تكميل أساسي بل إلى ما هو من الإِفاضة من نبعه ذاته. نال الحديث النبوي من الأصحاب الكرام اهتماما وتتبعا للدقيق والجيل، وهو مما امتاز به الإِسلام عن الديانات السماوية الأخرى إذ لم يحتفظ المتصلون بأصحاب الرسالات بالمحيطات النبوية حيث لم تتمكن رسالتهم حين الظهور ولم تتصل بالأنبياء المرسلين لأن رسالة موسى عليه السلام عاشت في التيه، ورسالة المسيح عليه السلام بلغت بوسائط. أما الإِسلام فإن الصحابة حافظوا على الأطوار النبوية كلّها المتعلقة بنزول التشريع فلذلك حافظ الإِسلام على التشريع الإلهى صافيا نقيّا لم تكدره الشوائب. فالأسوة النبوية لا توجد إلا في الإِسلام حيث تمتع الإِسلام بأنه الدين الوحيد الذي استطاع أن يظهر في مظهر دين ودولة، فما انتقل - صلى الله عليه وسلم - إلا والإِسلام قائم الذات متمكن في الأرض. بينما موسى عليه السلام لم يلق من بني إسرائيل الأكفاء الذين يضطلعون بالأسس الدولية حتى يقوموا بأعباء دين ودولة بينما الإِسلام قد تهيأت له الأسباب في الهجرة إذ توفرت الدواعي للاضطلاع بإبراز الدين في أكمل الصور وأتمها. فظهر الإِسلام بالمظهر الباهر الذي بوأ المسلمين مركز القيادة، وسهّل لهم أن يبلّغوا الرسالة مكتملة لأن تبقى خالدة في جدّة وحياة مستمرة. وهذا المعنى الكامن في السنة النبوية وهي الروح التشريعية التي امتاز بها الإِسلام ركز عليها الإِمام المازرى في "المعلم" لأن من سبقه من شرّاح الحديث يتعلق بالجانب اللفظي أكثر بما يتعلق بالمعاني السامية.

فلهذا سيكون "المعلم" إبداء لما اختصت به السنة من أنها مصدر فريد للاجتهاد الإِسلامي الصحيح مما يدعو الفكر إلى أن يعرف ما في الإِسلام من نظام كفيل بالحياة الاجتماعية من كل جوانبها مما يعزّ وجوده في غيره. وقد انصرف الجهد لأن يكون هذا التأليف في ثوب لائق به من حيث صحة النص، وتسهيل الوقوف على مسائله بإبرازها بصورة تتمثل فيها كل مسألة على حدة معرّفا بها مع ما يحتاجه تحقيق النصوص من عمل. ونرجو من الله أن يوفر مجهودنا المتطلباتِ بعون منه إن شاء تعالى. ونخص بالشكر الجزيل المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات "بيت الحكمة" في شخص رئيسها سعادة الأستاذ أحمد بن عبد السلام، وكافة أعضاده لتوليها طبع كتاب "المعلم". وإن الاطلاع على "المعلم" سيعزز شهرته التي أطبقت إفريقية والمغرب بقسميه الأوسط والأقصى، والأندلس، وحتى المشرق، ويتحقق ما يتمتع به هذا الفذ الشهير من أن إمامته إمامة حقة، وأن اختصاصه بها اختصاص عن جدارة وقيمة. وبذلك يصير يعيش ييننا كما عاش في عصره بالإفادة بآرائه، وتدقيقاته التي اجتذبت الأفكار إليه بحيث لا تبقى شهرته شهرة تاريخية غير معززة بآثاره، وإن كانت الكثرة من تحريراته نقلتها مصادر كثيرة من حديثية وفقهية، حتى أن كتاب "المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب" لم يخل له جزء من أجزائه الاثني عشر من نقل عنه في عدة مناسبات، وكذلك غير "المعيار" من كتب المتقدمين. لكن تلك التحريرات منقوصة، ثم إنها مفرقة ومشتتة بخلاف ما دوّن من إملائه لهذا الكتاب فإن فيه علاوة على الأمانة في النقل جمع الكثير من اجتهاداته العزيزة النظير بل عديمة المثال. ويحق لتونس أن تكون فخورة بقيام المؤسسة الوطنية بأنها أصبحت تعيد

مجدها السالف في ظل حكومة فخامة الرئيس الجليل الحبيب بو رقيبة رئيس الجمهورية التونسية ومعالي الأستاذ وزير الشؤون الثقافية زكريا بن مصطفى. ونسأله تعالى أن نكون موفقين في إبراز هذا الأثر الجليل في ثوبه الذي قمنا به بقدر المستطاع وأن يجعل عملَنا مقبولا عنده مفيدا لأربابه، معينا لطلابه إنه ولي الإِعانة جل جلاله. المحقق شكر واجب سهّل الله سبحانه إتمام الجزء الأول من المعلم طبعا والثاني قدم للمطبعة ليأخذ طريقه -إن شاء الله- إلى النشر، والثالث يتهيأ لأن يلتحق بالجزأين الأول والثاني وبه يتم الكتاب. وتقديرا للمجهودات التي بذلها بعض الإخوان في الله نشكر كل من قدّم إعانة في إبراز الجزء الأول وخاصة فضيلة الشيخ محمد البشير المجدوب في تصحيح الكتاب وكذلك السيد الفاضل يوسف الذوادي في التصحيح والمقابلة فجازهما الله خير الجزاء إنه ولي الإعانة. محمد الشاذلي النيفر

المازري

المازري عصره الدولة الصِّنهاجية بين التشيع والسنة (361 - 543) وأكبت حياة المازري الدولة الصنهاجية في أعقاب أيامها، وقد عاشت هذه الدولة في التراب الإفريقي طيلة قرنين إلا قليلاً رأت فيهما العز الباذخ، والسلطان الواسع، كما رأت فيهما أخيرا ذهاب السلطان، وذبول النفوذ، ونزو المتطلعين إلى السلطان واستبدادهم على الدولة. والدولة الصّنهاجية ذات طابع خاص عاشته في حياتها حيث إنها تفرعت من غيرها وفي نفسها الأنفة من تلك التبعية لدولة غيرها تراها قامت على جهودها، ولكنها لما أعلنت بما هو في دخيلة نفوس رجالها لاقت عنتا من ذلك. فهي الدولة الأولى المناهضة للتبعية بعد ذهاب الفدرالية الإِسلامية في ظل الخلافة، فإن كل الدول كانت تعيش في ظل الخلافة وهي أشبه شيء بالأم الجامعة لكل بنيها، وكانت الدول المتفرعة من الخلافة تتمتع باستقلال محدود، ونفوذ في مناطقها، ولكنها تخضع في أصول الروابط إلى الخلافة. وحين ضعفت الخلافة وحتى قبل ضعفها استبدت عليها دول خرجت

ميل الأفارقة إلى السنة

عن نطاقها، وهي الدولة الأموية بالأندلس، والأدارسة بالمغرب الأقصى، والدولة الفاطمية بالمغرب ومصر وما دخل تحت نفوذها، وكانت الدولة الصنهاجية جناحا غربيا للدولة الفاطمية المرتكزة بمصر والتي كانت غير مقتنعة بملك مصر، وإنما كانت تطمع في الاستيلاء على العالم الإِسلامي كله وفي نشر مذهبها حتى يعتنقه المسلمون كلهم. ميل الأفارقة إلى السنة: سارت صنهاجة بالمصور بدون ردحا من الزمن تحت ظل الفواطم، وهم عاملون للتشيع إلا أن تمسك الشعب الإِفريقي بالسنة كان تمسكا شديداً، لم تبرد حدته ولم تفتر قوته، فقد كانت المقاومة السلبية للسنة تظهر في مقاطعة أهل القيروان حضور الجمعات التي يُلعن فيها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1) فتعطلت الجمعة دهرا بالقيروان ثم جاءت المقاومة الثانية في تتبع الرافضة، واشتعلت الشرارات ضدهم فكانت حومة بالقيروان تعرف بدرب المعلى فيها قوم يتسترون بالمذهب المذكور، فانصرف إليها العامة وابتدأت المقاومة لهم في سنة (407) (¬2). ونشرح أسبابها البعيدة والقريبة لأنها مهدت لها عوامل متعددة منها ما هو من الفواطم أنفسهم، ومنها ما هو راجع إلى الصمود الإِفريقي. تستر الفاطميين: من أكبر أسباب اشتعال الفتنة مؤخراً ضد التشيع هو أن بعض رجال الدولة الفاطمية أعلنوا بمذهبهم خلاف المتقدمين منهم فقد كانوا يتسترون ولا يُظهرون مذهبهم كما هو، وإنما كانوا يظهرون بعض الشيء مخافة أن يطَّلع الناس على مذهبهم فيثوروا عليهم فلذلك كانوا في تستُّر. ¬

_ (¬1) البيان المغرب لابن عذاري المراكشي: ج1 ص 277. (¬2) البيان المغرب: ج1 ص 268.

ويرجع تستر الفاطميين إلى شدة شكيمة الأفارقة فإنهم لم يقبلوا بالسنَّة بدلاً كلّفهم ذلك ما كلّفهم، ومع أنهم لاقُوا شدة وبلاء كبيرا من الفاطميين لم تلن لهم قناة، ولا رجعوا عن السنة. ولم ينقلب على عقبيه إلا قليل القليل من الذين استهوتهم الأطماع، ومالوا إلى الرتب التي أسندتها إليهم الشيعة. ثم إن ثورة أبي يزيد مخلد بن كيداد لا تزال ماثلة أمام العيون، فهي ثورة من أكبر الثورات، وأشدها، وهي ثورة تغيير المواقف. ومما أعان على اشتعال هذه الثورة وانتشارها، والتهابها التهابا كادت الدولة تعجز عنه أن أبا يزيد مخلد بن كيداد عرف كيف يستغل الموقف، فهو وإن كان من النكّارين لكنه كان لا يظهر مذهبه، ويزعم أنه يدعو إلى الحق، فرجا الناس منه الخير، والقيام بالسنة حتى رأوه رجل الخلاص، فلذلك خرج معه الفقهاء والعبّاد، وزاد في الإِقبال عليه أنه أمر الناس بقراءة مذهب مالك فخرج الفقهاء والصلحاء في الأسواق بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلى أصحابه، وأزواجه (¬3). وقابل الذي من أبي يزيد ما أظهره أبو القاسم القائم مما هو مخالف لكتاب الله تعالى واشتداده على من وقف في وجه دعوته من الأفارقة الشديدي الشكيمة. ومن هذين العاملين كان اشتداد أمر أبي يزيد حتى كادت ثورته تقضي على ملك المهدية لولا إعانة جاءت من بعيد وهي اليد التي قدمها زيري ابن مناد الصِّنهاجي إلى القائم فإنه حمل الميرة إليه وهو محصور بالمهدية من قبل أبي يزيد. وما همدت فتنة أبي يزيد إلا بعد أن ذاق الفواطم الأمرَّين، وعلموا أن ¬

_ (¬3) البيان: ج1 ص 317.

السنة لا تغالب، وأنهم إذا أظهروا ما ينطوون عليه لم يروا إلا الحسام فضلا عن الإِصاخة لهم. فكان الموقف بإفريقية موقف الشدة المتناهي، وهو ما جعل المعز يتخوف من الظهور بمذهبه الظهور الجليّ إلا أنه لما حل بمصر، وتمكن من ناصيتها، ورأى ضعف المقاومة هناك، وأنها ليست كالتي بإفريقية، فالصرامة التي ظهرت بإفريقية هي صرامة من نوع خاص من الذب عن السنة، تغير موقفه نوعا ما. إلا أن المعز لم يعلنها دعوة صريحة كما حكاه ابن الأثير صاحب الكامل: "وكان المعز عالماً فاضلاً، جواداً، شجاعاً، جارياً على منهاج أبيه من حسن السيرة، وإنصاف الرعية، وستر ما يدعون إليه إلا عن الخاصة، ثم أظهره وأمر الدعاة بإظهاره إلا أنه لم يخرج فيه إلى حد يذم به" (¬4). والظاهر أن إبداء الدعوة الصريحة إنما كان بعد فتح مصر، والتوثق منها، والوقوف على ضعف المقاومة من جندها، عكس ما كان عليه الأمر بإفريقية من سيَلان دماء، وإزهاق أرواح، ومجادلات عنيفة. ويؤيد ما ذهبت إليه أن شاعره ابن هاني (¬5) لم يصرح في أمداحه بالغلو إلا بعد فتح مصر، وسيّر المعز إليها، فأنشده قصيدته التي كانت تمثل الغلو في شخص الأمير الفاطمي: [الكامل] مَا شِئْتَ لاَ مَا شَاءَتِ الأقدَارُ ... فَاحْكُمْ فأنت الوَاحِدُ القَهَّارُ وَكَأنَّمَا أنتَ النَّبِيءُ مُحمّدٌ ... وَكأنَّمَا أنْصَارُك الأنْصَارُ ¬

_ (¬4) كامل ابن الأثير: ج 7 ص 74. (¬5) محمد بن هانىء بن محمد بن سعدون الأندلسي ثم الإِفريقي اتصل في آخر أيامه بالمعز العبيدى، وتوفي قتيلاً ببرقة سنة (362).

موقف أهل السنة من إظهار الدعوة بجلاء

أنْتَ الذِي كانت تُبَشَّرُنَا بِهِ ... في كُتْبِهَا الأحْبَار والأخْبَارُ هَذَا إمَام المُتَّقِينَ وَمَنْ بِهِ ... قد دُوّخ الطُّغْيَان والكُفَّارُ هَذَا الَّذِي تُرْجَى النَّجَاة بِحُبِّه ... وبهِ يحط الإِصْر والأوْزَارُ هَذَا الَّذِي تُجْدِي شَفَاعَتُهُ غَدًا ... حَقًّا وَتَخْمَد أنْ تَرَاه النَّار إلى أن يقول له حين سيصير قطين مصر: أمُعِزَّ دِين الله إن زِمَامَنَا ... بك فيهِ بَأوٌ (¬6) جَلَّ واسْتِكْبَارُ ها أنَّ مصر غَدَاةَ صِرْتَ قَطِينَهَا ... أَحْرَى لتحسُدهَا بكَ الأقْطَار (¬7) موقف أهل السنة من إظهار الدعوة بجلاء: ولما تجلت الدعوة الفاطمية وأسفرت عن وجهها الحقيقي كانت بإفريقية مقاومة الفقهاء من المالكية الذين تصدَّوا لهذه الدعوة قد وقفت في وجهها، وهي مقاومة من نوع أجدى من حمل السيف وبذلك حالوا بينها وبين الشعب. فمن المقاومة الأولى حين تأسيس الدعوة ما قام به ابن خَيْرون، فإنه عُذب من أجل أنه سُعِيَ به لدى عبيد الله المهدي، فقتل رفسا بأرجل السودان. ولم يترك فقهاء القيروان أرضهم بل صمدوا عاملين للسنة بكل ما أوتوا من قوة وقد صرح بصبر أهل القيروان، وثباتهم ووقوفهم في وجه هذه الدعوة ابن ناجي في كتابه "معالم الإيمان". "وجزى الله مشيخة القيروان: هذا يموت، وهذا يُضرب، وهذا ¬

_ (¬6) البأو: العظمة والكبر. (¬7) تبيين المعاني ص 365.

يسجن، وهم صابرون لا يفرون، ولو فروا لكفرت العامة دفعة واحدة" (¬8). ولما لم يفر أهل إفريقية ظهر رجال صرفوا جهودهم لإِقامة السنة سواء بالقيروان أو بغيرها مثل الشيخ ابن أبي زيد القيرواني الذي جاهد لإِحياء السنة بدروسه، وكتبه وماله؛ فالمذهب الشيعي ممدود الأطناب، وهو يؤلف وينشر فقه مالك، "فقد كان ذابّا عن مذهبه قائما بالحجة عليه، بصيرا بالرد على أهل الأهواء" (¬9). وأعانه على قبول أقواله صلاحه وورعه وعفته، ومتانة دينه، فاستثاق الناس أقواله، وأخذوا بطريقته، لأنهم رأوها طريقة لا شائبة فيها، فقد اجتمع فيه العلم والورع، والفضل والعقل. ولإِجل المحافظة على مذهب مالك ألف رسالته الشهيرة وكان تأليفه لها بإشارة من المؤدب محرز بن خلف الصديقي (-413). ودفعه إلى تأليفها حرصه وحرص الشيخ محرز والرغبة منهما: "في تعليم الوُلدان أمور الديانة مما تنطق به الألسنة، وتعتقده القلوب، وما تعمله الجوارح: كالصلاة، وجملا من أصول الفقه وفروعه على مذهب مالك ابن أنس رحمه الله تعالى، وعلى طريقته كما يعلمون حروف القرآن، ليسبق ذلك إلى قلوبهم من فهم دين الله وشرائعه وما تُرجى لهم بركته، وتحمد لهم عاقبته" (¬10). وفعلا أجدت هذه الطريقة، فرسخت السنة في القلوب ولم تَجِدْ المذاهب الأخرى إلى إفريقية مدخلا. ¬

_ (¬8) معالم الإِيمان: ج2 ص 200. (¬9) الدِّيباج ص 137. (¬10) من مقدمة الرسالة لابن أبي زيد القيرواني التي نالت رواجا قليل النظير شرقا وغربا.

بما قدمه قلت جهود في التأليف والتدريس، فقد كان ذابّا عن مذهب مالك لا بالتأليف فيه خاصة، بل بما كان يقوم به من رد المطاعن والدفاع عن المذهب المالكي، فقد ألف كتابا خاصا في هذه الناحية وهو: كتاب "الذب عن مذهب مالك" (¬11). وأضاف إلى ذلك أنه قرر من ماله الخاص ما يستعين به الطلبة على مواصلة الدرس والتعلم بما يشبه اليوم المنح الطالبية فكان طلبته في بحبوحة من العيش الهنّي. كان رحمه الله من الأجواد وأهل الإِيثار والصدقة كثير البذل للفقراء والغرباء، وطلبة العلم: وكان ينفق عليهم، ويكسوهم، ويزورهم. فقد ذُكر: أنه وصل يحيى بن عبد الله المغربي حين قدِم القيروان بمائة وخمسين دينارا ذهبا ولم تقف إعانته عند الطلبة فحسب، بل كان يعين أهل العلم حتى لا ينشغل بالُهم بغير نشر العلم الصحيح، وبثّ السنة فقد جهز ابنة الشيخ أبي الحسن القابسي بأربعمائة دينار ذهبا (¬12)، وقال: كنت أعددتها من حين إملاكها لئلا ينشغل قلب أبيها من قبلِها. وبعث إلى الفقيه أبي القاسم بن شبلون في مرضة مَرِضهَا بخمسين دينارا ذهبا (¬13). ¬

_ (¬11) معالم الإيمان للدباغ، وابن ناجي. (¬12) أي بما يقدر اليوم بستة ملايين وأربعمائة ألف مليم. (¬13) أي بما يقدر اليوء بستة عشر من الملايين، وانظر معالم الإيمان: ج3 ص 141.

وبعث إلى القاضي أبى محمد عبد الوهاب البغدادي بألف دينار عينا (¬14) لأن القاضي كان يعيش في بغداد في ضائقة. ويقابل امتزاج أهل السنة بإفريقية تعالِي الشيعة وتكالبهم على الأموال، فقد جاء في مناقب محْرَز بن خلف ما يأتي: "وحدثني (¬15) أيضاً أن رجلاً أتى إليه (أي محرز بن خلف) قبل قتل المشارقة فذكر للمؤدب أنه يريد أن يتزوج، وليس معه شيء. قال: فمازحه المؤدب وقال له: خذ الفَرْقَ (¬16). قال: على أي شيء وأنا رجل فقير؟ قال: خذ الفَرْقَ على قمح ابن العظيم، وكان ابن العظيم هذا رجلاً من أكابر المشارقة وأعظمهم في ذلك الوقت. فخرج الرجل من عنده، فقيل: افرق كما أمرك فإن الله تعالى اكرم من أن يكذب وليه. فأخذ الفرق على القمح وتزوج، فما كان إلا قليل حتى قتل الناس المشارقة، وفتحت مطامير ابن العظيم، وكان الرجل ينقل منها، ورد الفرق كما قال رضي الله عنه، وخزن عولته" (¬17). ¬

_ (¬14) وقد شرح القاضي عبد الوهاب في رسالة الشيخ ابن أبي يزيد القيرواني، وتوجد من شرحه نسخة بليبيا. (¬15) أي حدث المؤلف للمناقب أبو محمد عبود بن غوث التاجني. (¬16) الفرق مكيال بالمدينة يسع ثلاثة آصاع وفي المصباح الفرق بفتحتين مكيال يقال أنه يسع ستة عشر رطلا، وفي مختار الصحاح الفرق بالسكون مكيال معروف بالمدينة، وقد يحرك، والجمع فرقان. (¬17) العولة المرة من العول وهو قوت العيال. وانظر كتاب المناقب تحقيق إدريس ص 124.

إنما ذهب هذا الرجل المريد للتزوج إلى المؤدب محرز لأنه يعرف أنه الوحيد الذي يمده بما يستعين به على زواجه، والمؤدب ليس من الأثرياء بخلاف ابن العظيم فإنه كان من الأثرياء ومع ذلك لم يذهب إليه لأنه لا يعينه للتكالب على جمع المال. وزيادة على شحه كان يحتكر الطعام، ولو كان الناس في حاجة إليه، وربما لم يؤد زكاته. ولهذا تعلق الناس بابن أبي زيد وأمثاله لأنهم لمسوا فيهم أنهم ليسوا دعاة لجمع المال باسم الدين، وإنما هم دعاة مخلصون. وما حصل لهم حصل من أوجه حلال لم يكن ليخصوا به أنفسهم، بل كانوا ينفقون بسخاء على الطلبة المزاولين للتعليم كما أنهم لم ينسوا الفقراء، فوجدوا فيهم الإعانة الكافية. وكادت مواقف ابن أبي زيد تجلب له النقمة من رجال الدولة الصنهاجية المتغالين في الدعوة العبيدية، لولا تضامن مشيخة رجال القيروان. ذكر القاضى عياض في مداركه في ترجمة أبى محمد عبد الله بن إسحاق المعروف بابن التبَّان (¬18): "أن عبد الله المعروف بالمحتال صاحب القيروان شدد في طلب أهل العلم ليشرقهم (¬19)، فطلب الشيخ أبا سعيد بن أخي هشام، وأبا محمد التبان، وأبا القاسم بن شَبْلُون، وأبا محمد بن أبي زيد، وأبا الحسن القابسي رضي الله عنهم، فاجتمعوا في مسجد ابن اللجّام، واتفقوا على الفرار، فقال لهم ابن التبان: أنا أمضي إليه وأكفيكم مؤونة الاجتماع، ويكون كل ¬

_ (¬18) ابن التبان كان من الراسخين في العلم والذابين عن السنة (371). (¬19) التشريق هو المذهب العبيدي الشيعي.

واحد منكم في داره، أنا أمضي إليه أبيع روحي من الله دونكم لأنكم إن أتى عليكم وقع على الإِسلام وهن" (¬20). فلما اجتمع بعبد الله المحتال عرف كيف يأخذ الرجل وكيف يستهويه أولاً، فإنه لما دخل عليه قال المحتال: أبطأت علينا، وكان عنده الداعيان أبو طالب وأبو عبد الله، فأجابه ابن التبان بأنه كان في شغل يتعلق به، وهو أنه ألّف كتابا في فضائل أهل البيت، والساعة التي جاءه فيها أتاه بالمجلد. ثم لما دخل معه في المناظرة أفحمهما، أي الداعيين، ودارت المناظرة بينهم أولاً في تفضيل أهل البيت، فكل ذكر أنه يحفظ حديثين ولحن حيث قال: أحفظ حديثان، فقال ابن التبان: أنا أحفظ تسعين حديثا. يدل بدؤه بهذين الأمرين أنه عرف كيف يأخذهما مع صاحب القيروان حيث إنه نفى عن نفسه وعن بقية أصحابه أنهم أعداء أهل البيت، ثم إنه أظهر للداعيين أنهما جاهلان لأنهما يحفظان حديثين وهو يحفظ تسعين فشتان ما بينهما، وبينه (¬21). ثم لما دخلا معه في المناظرة أفحمهما ودارت المناظرة بينهم أولاً في تفضيل عليّ على أبي بكر، فهما يريدان أن تكون الأفضلية لعليّ، وأهل السنة يفضّلون الشيخين وهما: أبو بكر وعمر، وقد أبكتهما بأن أبا بكر كان مع النبيء - صلى الله عليه وسلم - في الغار، وثالثهما الله جل جلاله، استدلالا بقوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} (¬22) وأجاب بهذا حين قال له عبد الله: كيف يكون أبو بكر أفضل من خمسة، ¬

_ (¬20) المدارك ج4 ص 521. (¬21) الظاهر أنه إنما طلب من مشيخة القيروان أن يكفيهم المؤونة لأنه كان على استعداد لمثل هذا المقام. (¬22) (40) التوبة.

وجبريل عليه السلام سادسهم، فقال ابن التبان: أنا أستدل بالقرآن وأنت تستدلّ بأخبار الآحاد. ودارت ثانيا في تفضيل عائشة على فاطمة رضي الله عنهما فأبى أولاً الدخول في ذلك، فلما قيل له لا بد استَدَلَّ على تفضيل عائشة بقوله تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} (¬23)، وبعد اليأس منه بالنيل منه وغلبته في المناظرة قال أبو عبد الله أحد الداعيين: يا أبا محمد أنت شيخ المدنيين (¬24)، وممن يوثق بك، ادخل العهد وخذ البيعة، فأجابه أبو محمد التبّان بقوله: شيخ له ستون سنة يعرف حلال الله وحرامه، ويرد على اثنتين وسبعين فرقة (¬25) يقال له هذا، لو نُشِرتُ بين اثنين ما فارقت مذهب مالك. فلم يعارضه، وقال لمن حوله: امضوا معه (¬26). وكان ابن التبان حين دخوله على صاحب القيروان أفاده أنه أضعف الجماعة إيمانا حيث بين له أن إيمان بقية المشيخة مثل الجبال. فلا تزعزع ¬

_ (¬23) (32) الأحزاب. (¬24) في المدارك المطبوعة أنت شيخ المؤمنين والصواب ما أثبتناه كما في معالم الإيمان: ج3 ص 115. (¬25) أشار ابن التبان بقوله هذا بأنه يرد على اثنتين وسبعين فرقة إلى الحديث الذي أخرجه أبو داود في سننه، والترمذي في جامعه، والنسائي في المنتقى، وابن ماجه في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه وهو أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت أمتي على ثلاث وسبعين فرقة وفي رواية أخرى أخرجها ابن ماجه، فواحدة في الجنة، واثنتان وسبعون في النار". في رواية أخرى أن الواحدة قال فيها النبيء - صلى الله عليه وسلم -: "هي ما أنا عليه اليوم وأصحابي". (¬26) المدارك ج4 ص 522.

دور المقاومة

إيمانهم الحوادث ولا يقف في وجههم شيء، وبذلك أيأسه من أن يطمع في إدخالهم في عهده، ولا أخذ البيعة منهم. فإذا كان الذي هو أضعفهم يقينا لو نُشِر بين اثنين ما فارق مذهب مالك رضي الله عنه فكيف بعد هذا يطمع في مناداتهم وعرضه عليهم ما عرضه على ابن التبان. فهذا التضامن من مشيخة القيروان في رد اليد العادية أفسح المجال لابن أبى زيد وأضرابه في إقامة الحق، وتثبيت ما غرس من مذهب مالك. وكانت وفاة ابن أبي زيد صاحب الأيادي البيضاء على السنة وبالأخص مذهب مالك سنة (386). ولولا أنه توفي قبل الثورة العارمة من أهل القيروان لناله من القتل والتعذيب ما نال غيره من الذين ساروا على غراره وتمسكوا بالمالكية ضد العُبَيْدية. دور المقاومة: إن الجو الذي خلَّفه ابن الحداد وابن أبي زيد والقابسي وأضرابهم جعل الشعب يذهب إلى تلك الثورة لأنه كان على السنة والفواطم أبدوا وجههم الحقيقي في الدعوة العُبَيْدية فانطلقت الشرارة الأولى في تلك السنة (407). وصنهاجة في تلك الفترة كانت بين عاملين عامل الولاء للدولة الأم، وهي الدولة الفاطمية، وعامل الخوف من الشعب الذي كان في غليان ضد العبيديين، ولهذا كانت صنهاجة أمام عاملين: عالم إرضاء العبيديين في مصر الذين لا يتهاونون بدعوتهم لأنها أساس ملكهم، وعامل إرضاء الشعب الإفريقي المتحمّس للسنة أشد التحمس. فلهذا لما انتفضت إفريقية انتفضت كلّها على العبيديين بسبب إعلان الحاكم عن مذهبه الذي تغالى فيه أشد التغالي فإن من كان قبله من الأمراء

العبيديين كالمعز لدين الله (341 - 365) والعزيز لدين الله أبي منصور نزار (365 - 386) كان فيهم تستر فلذلك كان الأفارقة مكتفين بالمقاومة السلبية لكن لما تولى الحاكم تغالى في كل أموره ومنها إظهار مذهب أهل بيته حتى أنه ادعى أنه روح الله بإخباره بالمغيبات، وكان ذلك بواسطة جواسيس بثّهم في البلاد ينقلون إليه الأخبار فيزفها للناس في قالب مغيبات فلذلك كان موقف صنهاجة متحرجا. وكان امتداد مدة ملك الحاكم أكثر من عشرين سنة (388 - 411) وشره مستطير، وتظاهراته بمخالفة الدّين بينة واضحة، فدعا ذلك الأفارقة أن يقوموا بثورتهم على المتمذهبين بمذهب العبيديين، وعمت الانتفاضة المدن الإِفريقية. وفي طليعة المدن الناقمة القيروان، وكان رأسَ علمائها أبو علي حسن ابن خلدون البلوي الذي كان شديدا على البدع والروافض، مغريا بهم، وكانت العامة تتبعه، ويستند منه أهل السنة إلى ملجأ ووَزَر. وضايق ذلك الرافضة فلهجوا بعدائه من قبل الشيعة: كأنَّمَا ذِكْر الهوى عنده ... ذكرى ابن خلدون لدى الشيعة (¬27) فلما انتفضت القيروان أتى عامل القيروان ومعه جماعة إلى مسجد أبى علي يوم الخميس الثاني عشر من شوال من السنة نفسها سنة (407) بعد صلاة العصر، وهو جالس، وعنده جماعة فاندفع رجال الوالي إلى أبي محمد ابن العرب فقتلوه، وهم يظنونه أبا علية، لأن هذا الأخير كان سِناطا (¬28)، ¬

_ (¬27) المدارك ج4 ص 624. (¬28) السناط بكسر السين، والسنوط والسنوطي بفتح أولهما، وبالضم في الثلاثة: الكوسج الذي لا لحية له أصلاً، أو الخفيف العارض ولم يبلغ حد الكوسج، من القاموس وشرحه.

جنوح صنهاجة إلى السنة

فلم يظنوه صاحب المجلس. وبعد قتلهم للمذكرر خرجوا، فلما عرفوا أنه ليس أبا علي رجعوا وتعاوروه بسكاكينهم وجرحوا جماعة ممن في المسجد، فحمل أبو علي إلى داره وبه حشاشة فتوفي في ليلته. وارتجت المدينة، وثارت الصيحة من نواحي القيروان، واشتغل الناس عن أبي علي بسبب النهب، واحتراق الأسواق، والاستيلاء على أموال التجار. وبسبب هذا الهيعة أراد العامل بالقيروان إرضاء الناس فجاء برجلين وقال: إنهما القاتلان لأبي علي فقتلهما. وفي مقتله يقول ابن الوارق: مُضَرَّجٌ بِدَمِ الإِسْلاَمِ مُهْجَتُه ... مِنْ بَيْنِ أحْشَاءِ دينِ الله تُنْتَزَعُ (¬29) إن الصناهجة أرادوا القضاء على الانتفاضة ولكن لما غلبهم الأمر أظهروا أن مقتل أبي علي ابن خلدون ليس من الحكومة وإنما هو افتيات من ذينك الرجلين المقتولين ظاهرا بدمه، والله أعلم هل هناك سبب موجب للقتل غير قتل ابن خلدون أو ليس هناك سبب حقيقي، والمقطوع به أنهما بريئان من دم أبي علي ابن خلدون. جنوح صنهاجة إلى السنَّة: وبهذا ندرك أن الدولة الصنهاجية أصبحت عاجزة عن تلافي الأمر وليس سبب الانتفاضة قاصرا على روح العامة، بل من رجال السلطة من كان يثير العامة فإن الانتفاضة المذكورة كان العامل بالقيروان الذي قامت في أيامه تلك الانتفاضة وهو منصور ابن رشيق يمشي كأنه يسكّن الناس، وهو يشير إلى العامة بالزيادة فلم يقدر السلطان على ضبط الأمور فولى عاملا آخر فتعذر ¬

_ (¬29) المدارك: ج4 ص 626.

استضعاف المعز

سدّ الأمر واتسع الخرق، فكان شفاء الغليل مقتل أبي علي ابن خلدون الذي طمت الانتفاضة بسبب مقتله. استضعاف المُعِزّ: وكان حدوث كل هذا لما توفي باديس والد المعز الصنهاجي، وكان ذلك يوم الجمعة منتصف المحرم (407) حين قدم المعز إلى القيروان (¬30). وبهذا قابل أهل القيروان المعز بن باديس لما حلّ بها ولعل ذلك لأنهم استصغروا سنَّهُ لأنه لما وُلّي كان له من العمر ثمان سنين والمتصرفة السيدة أم ملال أخت باديس فاغتنم أهل القيروان هذه الفرصة لإِعلان غضبهم. وقد كان السرور عظيما بهذه الغضبة وارتاحت النفوس كلها لها لما اطلعوا على الكتب التي ظهرت بعد الانتفاضة، وفيها من التعطيل للشريعة وإباحة المحارم الشيء الكثير حيث علموا أنها لم تكن من العامة غير مبنية على أمر أساسي يدعو إلى مثل تلك القساوة. ولو لم يطلع المتزنون على تلك الكتب لكان لهم موقف آخر في ردع العامة ومساندة رجال المعز في إطفاء نار هذه الغضبة، لكن لما وقفوا على تلك الكتب انسرت النفوس، وعلموا أنها وإن اندفعت في أول الأمر حسب إشاعات، لكنها تحققت بعد ذلك، وتبين الصبح لذي عينين، وأن هناك تعطيلا للإِسلام. أسباب الإِعلان بالسنة: لا يتردد المطلع الباحث أن هذا الغضب الذي قابل به أهل القيروان المعز ابن بديس لما حل بين أظهرهم، وهو صغير السن، من الأسباب الأولى التي جعلت المعز الصنهاجي يتفكر في التخلص من الفاطميين أولاً من التبعية وهو ¬

_ (¬30) معالم الإيمان: ج4 ص 192.

شيء وقَرَ في نفوس صنهاجة منذ القدم. وشيء كان يجول في خاطر المعز الفاطمي ولهذا أخر رحيله إلى القاهرة المعزية التي أسسها باسمه جوهر القائد فإنه قد وقع فتح مصر (¬31) إذ سلمت الإِسكندرية سنة (358) ولم يرحل إليها. وقد بنى القاهرة والجامع الأزهر جوهر القائد في سنة (359). وكذلك بنى القصرين استعدادا لتلقيه، وهو مع ذلك لا يزال مقيما بإفريقية ولم يبارح المنصورية إلا في سنة (361). ولم يقم ثلاث سنين وثلاثة أشهر بإفريقية بعد فتح مصر إلا لأمر هام، وهو ما لم يتفطن له أكثرية المؤرخين، ورأى بعضهم من الكتّاب المتأخرين أنه إنما قدم إلى مصر بسبب ثورة القرامطة. هذا ما رآه هذا الكاتب، وما رآه بعيد جداً عن التحقيق لأنه يستفاد منه أن المعز لم تكن له نية الانتقال إلى القاهرة، فيقال: لماذا أسسها جوهر القائد، ثم إنَّ القرامطة ما كانوا بدرجة مخوفة حتى يذهب إليهم المعز الفاطمي بنفسه، ثم إنه لما انتقل إلى الشرق لم يخرج إليهم بنفسه، وإنما قاتلهم قرب القاهرة، وكفاه هزيمتهم أنه استمالهم بالمال. فالسبب غير الخوف من القرامطة فإن المعز لا يعجزه أمرهم، ولهذا بقيتُ باحثا عن السبب المؤثر لهذا التأخير حتى ظفرت به في الكامل لابن الأثير حين ذكر نجر يوسف بلكين بن زيري بن مناد، فبعد أن تحدث على جده مناد الذي كان كبيرا في قومه، وكذلك ابنه زيري فإنه أبلى النبلاء الحسن مما جعل القائم الفاطمي وابنه المنصور يعتمدان عليه، ومن أكبر ما أسداه زيري للدولة الفاطمية أنه أسس مدينة أشير، فإنه جعل صنهاجة قومه بين زناتة المفسدة في البلاد، وبين البلاد الآمنة. ولذلك كف شغب زناتة على الدولة الفاطمية، تحدث على بلكّين بن زيري وكيف كان المعز الفاطمي غير واثق به ومطمئن إليه غاية الاطمئنان. ¬

_ (¬31) المغرب ج1 ص 228.

وهذا ما أبداه ابن الأثير في الذي وقر في نفوس صنهاجة منذ التحامهم بالفاطميين فذكر: "أن بلكَّين بن زيري قصد محمد بن حسين الزناتي، وقد خرج عن طاعة المعز، وكثر جمعه وعظم شأنه فظفر به يوسف بلكين، وأكثر القتل في أصحابه، فسر المعز بذلك سرورا عظيما لأنه كان يريد أن يستخلف يوسف بلكين على الغرب لقوته وكثره أتباعه، وكان يخاف أن يتغلب على البلاد بعد مسيره عنها إلى مصر فلما استحكمت الوحشة بينه وبين زناتة أمن تغلبه على البلاد" (¬32). وكرر ابن الأثير هذا بعد ذلك: "ثم إن يوسف بلكين جمع فأكثر وقصد زناتة وأكثر القتل فيهم وسبى نساءهم وغنم أولادهم، وأمر أن تجعل القدور على رؤوس قتلاهم، ويطبخ فيها، ولما سمع المعز بذلك سره أيضاً وزاد في إقطاع بلكين المسيلة وأعمالها" (¬33). فالانتفاضة بعثت في نفس المعز الصنهاجي ما دار في خلد أجداده منذ القدم وهو الأنفة من التبعية للفاطميين وكأنهم يرونهم غير أهل للخلافة لقيام الدولة العباسية التي تمثلت فيها الخلافة منذ انقراض الدولة الأموية. وكما جعل غضب الأفارقة المعز الضنهاجي يفكر في التخلص من التبعية أولاً جعله كذلك ثانياً يرمي إلى محو دعوتهم من الديار الإِفريقية. لأنه رأى أن الفاطميين منذ تأسست دولتهم وهم في صراع مع علماء إفريقية وعامة رجالها، فقد تذرعوا بكل الوسائل حتى تتمكن دعوتهم من النفوس فتنوعوا في وسائلهم بين ترغيب وترهيب، وإقناع، فقامت المناظرات بين رجالهم الداعين لمذهبهم، وبين علماء السنة، فما أجدى شيء من ذلك. ويدل على قلة الداخلين في دعوتهم أن الانتفاضات النابعة في المدن ¬

_ (¬32) الكامل لابن الأثير عز الدين الجزري ج7 ص47. (¬33) المصدر نفسه ج7 ص47.

الإفريقية لم تجد عددا وافرا من المتمذهبين بالمذهب المذكور بل وجدت أقلية ضئيلة لا يعبأ بها ولا يحسب لها حساب فبمجرد ما نبذهم القوم، وقاموا في وجوههم تحصنوا فكانوا في متناول الأيد لقتلهم. وتحدثنا المصادر الصحيحة أن الدرب الذي لهم بالقيروان كان معروفا بأن أهله يتسترون بمذهب الشيعة من شرار الأمة، فانصرفت العامة إليهم من فورهم فقتلوا منهم خلقا رجالاً ونساءً، وانبسطت أيدي العامة على الشيعة وانتهبت دورهم وأموالهم. وكان الأمر كذلك بالمهدية حين انتهى إليهم ما حدث بالقيروان حتى أن من لجأ إلى الجامع بالمهدية لم يسلم، فقتل من اجتمعوا به عن آخرهم. وكان عددهم بالمنصورية لما رجعت إليهم العامة ألفا وخمسمائة حوصروا حتى قتل أكثرهم (¬34). يتضح مما ذكرته المصادر المعتمدة التي نقل عنها المراكشي في "المغرب" فهو خلاصتها: أن المتمذهبين ليسوا بكثرة إذ لو كانوا كذلك لقامت حرب داخلية إذ بمجرد ما امتدت إليهم أيدي العامة انقرضوا عن آخرهم أو كانوا كالمنقرضين. فكون الأمة لم تكن في صف المذهب الفاطمي أدى بالمعز الصنهاجي أن يعلنها قطيعة صريحة مع الفواطم بمصر، وكان إعلانه لذلك سنة (440) وإن كان قبل ذلك يتودّد إلى العامة بالظهور بمذهب أهل السنة، فقد كان يلعن الرافضة، وكبا به فرسه ذات مرة فنادى مستغيثا باسم أبي بكر وعمر مما أدى إلى زيادة ثورة العامة على الشيعة (¬35). ¬

_ (¬34) المغرب للمراكشي ج1 ص 268. (¬35) كتاب العبر لابن خلدون ج6 ص 325.

اضطراب الحياة في عصره

والبحث يؤكد لنا أن المعز الصنهاجي لم يكن تظاهره بالسنة سببا لانتفاضة القيروان. ويؤيد هذا: أولاً: ما في المغرب لأنه لا يمكن أن يكون سنة (407)، وهو ابن سبع سنين يتعلق بمذهب أهل السنة ويستغيث بأبي بكر وعمر، وإنما الحامل له على تعلقه بالسنة، وإعلانه الانتماء إلى الدولة العباسية هو أنه رأى أن ملكه لا يقوم إلا إذا عدل عن مذهب الفواطم، وأخذ بالسنة مذهب مالك، وقد افتتح ملكه على ظهور تمكن السنة ولا يمكن أن يكون حبه للسنة وإعلانه رفض الدعوة الفاطمية يرجع إلى خصوص تأثير أبى الحسن بن أبي الرجال كما ذكر. ثانياً: ما تظافر عليه من الأسباب، وأقواها كما أراه هو أن إفريقية لم تلتفت إلى مذهب الفاطميين وتمسكت بمذهب مالك الذي عمل رجاله بإخلاص وصدق على تمتينه والأمة على رأيهم، فبذلك انقرض هذا المذهب الانقراض الرسمي وإلا فهو في نفس الأمر والواقع قد انقرض منذ زمان بعيد، بل إنه له يتمكن من هذه الديار، ولم يحلّ في العقول، وإنما كان مذهب الخاصة من أصحاب الأطماع الذين اندمجوا فيه استدرارا لما يجدونه من منافع خاصة (¬36). وهذا ما جعل المازري يكون من أشد الناس تمسكا بالسنة، ومن زمرة الأشعرية المتمسكين بأشعريتهم وكذلك بالمالكية. اضطراب الحياة في عصره: نبغ المازري بإفريقية في عصر كانت فيه الفتن قائمة على قدم وساق، وقد لاقى الناس عن ذلك الأمرَّين، فهناك فتنة سياسية حيث انقسمت أولاً ¬

_ (¬36) المغرب ج1 ص273.

دولة صنهاجة على نفسها فقد افترق ملكها إلى دولتين (¬37): دولة منصور ابن بلكين، أصحاب القيروان، ودولة حماد بن بلكين أصحاب القلعة، وهناك غيرهما. والفتنة السياسية أول وهن في الدولة الصنهاجية التي عاش في أيامها المازري وليس هناك افتراق إلى دولتين فحسب، بل وراء ذلك ما وراءه حيث إن كل شق من الدولتين إذا أحس من نفسه القوة أراد التغلب على الشق الآخر. فالمعز بن باديس الصنهاجي لما أحس من نفسه القوة بعد الاقتسام نهض إلى حماد، وذلك سنة 432، ولكنه خاب في حملته فلم يعاود الفتنة. ومن آخر الفتن بين الشقين أن يحيى بن العزنى صاحب بجاية أرسل بأسطول لحصار المهدية وأرفق تلك الحملة البحرية بحملة بريّة لامتلاك المهدية فاستعان الحسن بأسطول رُجار صاحب صقلية فكان ذلك من أسباب سقوط هذه المدينة. ثم افترقت دولة صنهاجة بالقيروان على نفسها فكانت المدن الساحلية تستقل تارة عن العاصمة المهدية وترجع أخرى رجوعا ظاهريا تحت ضغط القوة، فكان بنو خرسان بتونس، وكان بنو جامع بقابس، وكان رافع بطرابلس، وحمّو البرغواطي بصافقس، واستقلت بنزرت وطبربة وغير ذلك من الحصون. فالتفكك قد عمّ أطراف الدولة الصنهاجية وفي هذه الفترة التي تفككت فيها البلاد عاش المازري ورأى أثرها في أمته التي أصبحت فريسة سائغة للمتغلبين من النرمان الذين تغلبوا على صقلية وداسوا بأقدامهم ترابها حتى خرجت من الإِسلام. وبجانب هذا الانقسام السياسي كان هناك انقسام آخر ¬

_ (¬37) ابن خلدون ج6 ص 324.

في العقيدة أحدثه الشيعة المتغلبون على البلاد الذين حاربوا السنة حربا شعواء في مذهب مالك الذي تقلده عامة أهل المغرب إلى أن رفع ذلك الكابوس المعز بن باديس الصنهاجي الذي قال في حقه ابن خلدون: وكان المعز منحرفا عن مذاهب الرافضة (¬38) كما تقدم. وأحفظ ذلك نفوس رجال الدولة العلوية فانتقموا منه بإرسال طوائف العرب من هلال الذين كانوا مع القرامطة فنزل هؤلاء على البلاد نزول الصاعقة وقضَوْا على حضارتها وما شيدته الدول القائمة بإفريقية. وكان ذلك السبب الأكبر في انتزاء الولاة على ما في حوزتهم أو المتغلبين على ما استطاعوا التغلب عليه. وفي هذا الجو القائم على الانقسام عاش المازري ورأى أن البلاد المنسوب إليها قد اختفت منها راية الإِسلام والبلاد التي يعيش فيها قريبة من ذلك، كما رأى احتلال نصارى جنوة للمهدية سنة ثمانين بعد الأربعمائة (480) ولم يخرجوا منها إلا بعد أن بذل لهم تميم مائة ألف دينار ومع ذلك يقلعون بما حصل في أيديهم من المسلمين ونسائهم وأبنائهم (¬39). وسبب هذا الضعف والجبن والركون إلى المذلة هو أن أهل إفريقية مالوا إلى الدعة وركنوا إلى ملاذ العيش وملاهي الحياة، ففقدوا المعرفة بفنون الحرب وهابوا الموت. وفي ذلك يقول أبو الحسن محمد بن الحداد من قصيد له: غَزَا حمَانَا العَدُوُّ في عَدِدٍ ... هُمُ الدُّبَى كَثْرةً أوِ النَّغَفُ (¬40) عِشْرُونَ ألْفًا وَنصفُهَا ائتَلَفوا ... مِنْ كُلّ أوْبِ لَبِئْسَمَا ائتَلَفُوا ¬

_ (¬38) ابن خلدون ج6 ص 325. (¬39) رحلة التجاني ص 238. (¬40) الدبى صغار الجراد، والنغف دود في أنوف الإِبل.

جَاءُوا عَلَى غِرَّةٍ إلَى نَفَرٍ ... قَدْ جَهِلُوا فِي الحَرْبِ مَا عَرفُوا وَهُمْ مِنَ العَيْشِ فِى بُلَهْنِيَةٍ ... وَلَيْسَ لِلدَّهْرِ أعين طرف وقعت هذه الواقعة وعمرُ المازرى سبع وعشرون سنة، فهو قد اكتمل شبابه وأدرك الحقائق وعرف الوضع وأدرك غاية الإِدراك ما يحف بقومه من مخاطر. وهذا الوضع الذي عاشه المازري يفتح أمامنا الكثير من غامض حياته حتى ندرك الشيء الكثير من أسرارها وما خفي على الكثير من المؤرخين الذين تعجبوا من بعض جوانب حياته، وإنما تعجبوا لأنهم لم يتصوروا الوضع الذي كان فيه المازري وما هو الموقف الذي يجب أن يقفه علمه في هذه الحياة المضطربة كما يتضح ذلك بعدُ إن شاء الله.

حياته

حياته عاش المازري محمد بن علي بن عمر التميمي عمراً مديدا فقد تجاوز الثمانين بثلاث سنين. ولم تذكر المصادر المترجمة له ولادته وإنما اكتفت بذكر عمره. وبالنسبة لذلك مع وفاته نجد أنه ولد سنة (453) وقد ذكر عمره ابن خلكان في "وفياته" (¬1)، والذهبى، وابن فرحون في "الديباج". لكن نجد الأستاذ المرحوم حسن حسني عبد الوهاب يذكر أنه ولد سنة (443). ولم أظفر إلى اليوم بمستند يدعم ما جاء به إذ لم يذكر أحد أنه عاش نيفا وتسعين حتى أن ما خالف فيه ابن القنفد غيره من أنه قارب التسعين، أي أنه توفي في حدود سبع أو ثمان وثمانين لا يوافق ما ذكره الأستاذ عبد الوهاب. فالمصادر كلها مطبقة على أنه لم يبلغ التسعين فضلا عن تجاوزها ولهذا لا يصح أنه ولد سنة 443. أما وفاته فهي محل اتفاق من أنها سنة (536) في الثامن عشر من ربيع ¬

_ (¬1) الوفيات. ونصه وتوفي في الثامن عشر ... وعمره ثلاث وثمانون سنة (ج4 ص285).

الأول سنة ست وثلاثين وخمسمائة وقيل توفي في ثاني الشهر المذكور بالمهدية، ودفن بالمنستير (¬2). بقي هل هو من مواليد إفريقية أو من مواليد مازر فالذي يفيده كلام ابن فرحون أنه ليس من مواليد المهدية، إذ يقول نزل المهدية من بلاد إفريقية أصله من مازر مدينة في جزيرة صقلية، وإليها نسب جماعة منهم عبد الله (¬3). ويؤيد ما ذهب إليه ابن فرحون ما ذكره القاضي عياض في "الغنية" من أنه استوطن المهدية، وجاء في ترجمة ابن صاف من الذيل والتكملة السفر السادس (ص 291): وأجازه من المهدية نزيلها أبو عبد الله المازري. لكن وإن لم يكن من مواليد إفريقية فهو من الدارسين بها لأن شيوخه الذين تلقى عنهم هم من إفريقية كاللخمي، وابن الصائغ، وإذ ذاك صقلية تلفظ أنفاسها، فهي خالية من العلماء. ولا يبعد أنه خرج من صقلية أثناء الفتنة التي أدت بهذه الجزيرة إلى امتلاك النرمان لها وكان امتلاكهم لها تماما سنة (464) حين خرج منها ابن الحواس بأهله صلحا قاله ابن خلدون. ¬

_ (¬2) المصدر المذكور. (¬3) الديباج ص 279. ومازر ذكر ياقوت (ج7 ص 326) أنها (بفتح الزاي وآخرها راء بدون تاء التأنيث). وجاء في لب اللّباب للسيوطى: قلت: المازري (بكسر الزاي وراء إلى مازر) انتهى، وجاء في التعليق قال في المشترك أيضاً مازر (بفتح الزاي، وبعدها راء مهملة) مدينة بجزيرة صقلية، ينسب إليها المازري شارح موطأ مالك هكذا جاء هناك. وقال ابن خلكان (ج4 ص285): والمازرى (بفتح الميم وبعدها ألف ثم زاي مفتوحة وقد تكسر أيضاً ثم راء) هذه النسبة إلى مازر ببلدة بجزيرة صقلية. وييدو لي أن اسمها عند العرب مازر، وإنما عرفت بمازرة عند استيلاء النرمان عليها كما ذكرها الإدريسي حسبما جاء في "كتاب المسلمون في صقلية" ونصه: مازرة مدينة فاضلة شامخة، انظر ص 217.

تخريجه

"وتملّكا رُجار كلها وانقطعت كلمة الإِسلام منها ودولة الكلبيين" (¬4). ولا يمكن أن يكون من مواليد المهدية لما ذكر عن ابن فرحون وعياض وغيرهما. ثم إنه ليس هناك ما يدل على أنه من مواليد إفريقية بل الذي يدل عليه كلام ابن فرحون وعياض وغيرهما أنه من مواليد مازر حيث قال: أصله من مازر ولو كان أبوه هو المهاجر لقال أصل أبيه من مازر. وكذلك لم يقل القاضى عياض وأستوطن أبوه المهدية، وهو أعرف الناس به للمعاصرة. تخريجه: تخرج المازري بعلم من أعلام الفقه، وهو أبو الحسن علي بن محمد اللخمي دفين صفاقس المتوفي سنة (478) حسبما في "شجرة النور الزكية" وهو صاحب "التبصرة". وقد اشتهر بكثرة الاختيار فأكثر الأقوال في المذهب المالكي حتى قال بعض المتقدمين: لَقَدْ هَتَكَتْ قَلْبِي سِهَامٌ جُفُونُهَا ... كَما هَتَكَ اللَّخْمِي مذْهَبَ مَالِكِ (¬5) ولهذا بدأ به خليل حين ذكر الأربعة الذين خصهم بالتعييبن لكثرة تصرفهم بالاختيار فقال: "ومشيرا بالاختيار للخمي إن كان بصيغة الفعل فذلك لاختياره هو في نفسه، وإن كان بصيغة الاسم فذلك لاختياره من الخلاف". قال الحطاب: وإنما بدأ باللخمي لأنه أجرؤهم ولذا خصه بمادة الاختيار. و"تبصرته" حاذى بها "المدونة" وهو كتاب حسن مفيد وليس تعليقا على "المدونة". وهذه المحاذاة في التراجم والمعاني، والمازري من أشهر تلاميذه، ولذلك كل عن ترجم للخمي وذكر تلاميذه يصدّر بالمازري. ¬

_ (¬4) ابن خلدون (ج4 ص450). (¬5) وقد ذيل هذه الأبيات محمد الكفيف الأنفاسي من أصحاب ابن غازي بقوله: وَقلَّدْتُ إذذَاكَ الهَوَى فِي مُرَادِهَا ... كَتَقْلِيدِ أعْلاَمِ النُّحَاةِ ابْنَ مَالِكِ

قال الحطاب: وتفقه به جماعة منهم أبو عبد الله المازري (¬6) وكذا في "ديباج" ابن فرحون. وكما تخرج باللخمي تخرج بابن الصائغ وهو أبو محمد عبد الحميد القيرواني السوسي القويّ العارضة نزيل سوسة والمتوفي بها سنة (486). له "تعليق" على "المدونة" أكمل به الكتب التي بقيت على التونسي، وقد جرت له محنة مع تميم بن المعز. وفي ابن فرحون: وبه تفقه المازري، وأصحاب ابن الصائغ، يفضلون ابن الصائغ على اللخمي. وكان المازري يعتمد آراء شيخه هذا في كتبه كما جاء في "شرح التلقين لكتاب الاستحقاق": "وكان شيخنا أبو محمد عبد الحميد يرى أن هذه المسائل يتعذر فرق واضح بين بعضها من بعض والخلاف يحسن أن يجري في جميعها". وذكر المازري ذلك حين تكلم على مسألة أن الحاكم هاهنا بما ظاهره الصواب والحق، فهل يغلب حكم الظاهر على حكم الباطن فتنفذ الأحكام، أو يغلب حكم الباطن على حكم الظاهر فترد الأحكام. وقال: هذه النكتة المتقدمة تجري في فروع كثيرة ثم أتى برأي شيخه أبي محمد عبد الحميد ابن الصائغ. ولم يذكر كل من ترجم له من الشيوخ غير هذين غير أني رأيت في ترجمة له على بعض الأجزاء من "شرحه للتلقين" في المدينة المنورة ذكر السيوري لكن أشك في ذلك لأنه توفي سنة (460). فعمر المازري سبع سنين وهي سن لا تقتضي أن يأخذ عنه. ثم إن المترجمين للسيوري لم يذكروا ¬

_ (¬6) ج1 ص 35.

تأثره بالقاضي عبد الوهاب

أن من تلاميذه المازري فلو كان من تلاميذه لذكروه لأنه من الشهرة بمكان. فهذا ابن ناجي ترجم للسيوري ترجمة مطولة وذكر جملة من تلاميذه ولم يذكر المازري (¬7). وإنما وقع الاقتصار على اللَّخمي وابن الصائغ من شيوخه لأنهما من أبرز شيوخه فلا بد أن له آخرين وإنما اقتصر على هذين فحسب لمكانتهما كما قدمنا. وهذه المدرسة المتمثلة في اللخمي وابن الصائغ كان لها تأثير محدود على المازري وهي بالنظر إلى آثارها مدرسة فقهية صرفة والمازري المتخرج عليهما لم يقتصر على الفقه كاقتصارهما عليه في التأليف بل أضاف إلى الفقه غيره مما جعله يمتاز عنهما امتيازا أدى بعلم الفقه المالكي أن كان المازري منسوبا إليه القول فيه. قال خليل: "ومشيرا بالقول للمازري كذلك"، أي يشير بصيغة الفعل فقال: لما رجحه المازري واختاره من رأيه. وإن كان قوله مختارا من أقوال أهل المذهب فيشير له بصيغة الاسم نحو القول. قال ابن غازي في "شفاء الغليل": وخص المازرى بالقول لأنه لما قويت عارضته في العلوم وتصرف فيها تصرف المجتهد وكان صاحب قول يعتمد عليه: إذا قَالَت حَذَام فَصَدِّقُوهَا ... فَإنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَتْ حَذَام (¬8) تأثره بالقاضي عبد الوهاب: اجتمع للقاضي عبد الوهاب أمران: التمكن من الفقه المالكي تمكّنا عديم ¬

_ (¬7) معالم الإيمان (ج3 ص 225). (¬8) شفاء الغليل لابن غازي ورقة 29 من نسخة كاتبه.

مدرسته

النظير مع سعة التفكير، وانضاف إلى ذلك سيلان قلمه في تحاريره فبلغ رتبة ممتازة. والقاضي عبد الوهاب هو أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي (422هـ)، وكان أبو بكر الباقلاني يعجب به لذبّه عن المذهب المالكى لقوة عارضته وتمكنه. وادى هذا الذي اجتمع للقاضي عبد الوهاب بالمازري أن يصرف عنايته الفائقة لكتابه "التلقين" لأن يشرحه شرحاً ممتازاً يظهر فيه تأثره به في الغوص الفقهي وسعة التحليل في إبداء النظر الثاقب في التحريرات الفقهية، والتدقيقات العلمية. مدرسته: تتنوع مدرسة المازري الفقهية إلى ثلاثة أصول هى: تلاميذه، وكتبه التي تعنى بالفقه، وفتاويه. أما تلاميذه، فكثرة والمعروف منهم بأكثرية هم من الوافدين على إفريقيه إذ أن هؤلاء يحرصون كل الحرص على الأخذ عنه أو يراسلونه طلباً للإِجازة، وقد عدّ بعضا منهم في "شجرة النور الزكية". وتتبعتُ ما ذكره المؤرخون في تراجمهم للذين أخذوا عن المازري. الميانشي: ومن تلاميذه الإفريقيين وأشهرهم الميانشي (¬9) ولم يذكره في "شجرة النور الزكية" وهو الذي حكى عن المازري بسملته في الفرض. وهو أبو حفص عمر بن عبد المجيد المتوفي سنة (583). ¬

_ (¬9) الميانشي نسبة إلى ميانش جاء في معجم البلدان (بالفتح وتشديد الثاني وبعد الألف نون مكسورة وشين) قرية من قرى المهدية بينها وبين المهدية نصف فرسخ.

وفي "العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين" أنه سمع من أبي عبد الله محمد بن علي بن عمر المازري كتابه "المعلم بفوائد مسلم". فالميانشي من تلاميذه الذين نشروا كتابه في المشرق لأنه لما تلقى عنه "المعلم بفوائد مسلم" عرّف به. ومن هنا نجد ابن خلكان في "الوفيات" اقتصر عليه وعلى "إيضاح المحصول". وقد تناول من الرّازي "سداسياته". وقد كنت أظن أن ما في "شذرات الذهب" تحريف عن المازري لكن تبين لي بعدُ أنه تناول الرازي منه سداسياته. والرازي هذا غير الرازي أبي عبد الله الفخر محمد بن عمر (606) صاحب التفسير الشهير، والرازي الذي أخذ عنه الميانشي هو أبو عبد الله محمَّد بن أحمد بن إبراهيم الرازي يعرف بابن الخطاب. بينما الرازي صاحب التفسير يعرف بابن الخطيب، والرازي الذي أخذ عنه الميانشي هو مسند الديار المصرية وله "السداسيات" وتوفي سنة (525). وصاحب "الشذرات" قد أغفل سماعه من الرازي، والميانشي قد هاجر من بلاده المهدية إلى الشرق واستقر بمكة المكرمة وصار خطيبا بها وكان من المحلقين بالحرم وقد ذكره الذهبي في "تاريخ الإسلام" وترجمه بشيخ الحرم. وروى عنه خلق وخاتمة أصحابه الصدر البكري. وقد ذكرنا بعضهم في ترجمته المنشورة بمجلة "المنهل" وله "المجالس المكية" و"ما لا يسع المحدث جهله"، وكتابه "الروضة في الرقائق"، هذا ما ذكره الفاسي في "العقد الثمين". ووقفت له على "اختصار فردوس الأخبار"، و"ترتيبه"، وفي خزانة كاتبه نسخة منه. وترجمته واسعة (¬10). ¬

_ (¬10) انظر شذرات الذهب (ج4 ص 282)، وفيها أنه توفي سنة 581، والعقد =

* البرجيني

* البُرْجِيني (¬11): أبو محمد عبد السلام البرجيني من أعلام عصره، وجاء في "الفارسية" وفي "المؤنس" لابن أبي دينار ما يفيد أنه من تلاميذ المازري في قصة رواها عن ابن نخيل كاتب الأمير عبد الواحد الحفصي وهي: "ودخل عليه الإِمام أبو محمد عبد السلام البرجيني من تلامذة الإِمام المازري، وكان تحت جفوة منه فقال المولى عبد الواحد: كيف حالك يا فقيه؟ فقال: في عبادة. فقال له المولى عبد الواحد: نعوّضها إن شاء الله بالشكر. قال ابن نخيل: لم نفهم ما أراد فسألت المولى عن ذلك، فقال: أراد قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "انتظار الفرج بالصبر عبادة". قال ابن أبي دينار: "هذا يدل على ذكائه رحمة الله عليه" (¬12). وفي "شجرة النور" له فتاوى مشهورة. وعنه أخذ ابن بزيزة التونسي شارح "التلقين" (¬13). ويبعد أن يكون البرجيني هو أبا محمد عبد السلام البرجيني المتوفي سنة ¬

_ = الثمين (ج6 ص 334) رقم 3077، وشفاء الغرام (ج1 ص391)، وانظر مجلة المنهل. (¬11) البرجيني نسبة إلى البرجين قرية من أعمال سوسة والبرجين (بضم الباء وإسكان الراء وكسر الجيم). (¬12) المونس 131 ط الجديدة. (¬13) ابن بزيزه أبو محمد عبد العزيز بن إبراهيم.

* ابن الحداد المهدوي

622 (¬14) لأن عبد السلام هذا البرجيني أخذ عن المازري وهو قد توفي سنة 536، فيكون قد عاش مائة وسبعا وعشرين سنة. ولم يذكر عن البرجيني أنه عُمِّر تلك المدة، وعلى هذا تكون وفاة البرجيني تلميذ المازري مجهولة. ومن القريب أنه ليس من تلاميذ المازري وإنما هو تلميذ تلميذه. * ابن الحداد المهدوي: أبو يحيى زكرياء بن الحداد المهدوي، آخر من درس على المازري، كان فقيها محدثا معدودا من العلماء المبرزين في المهدية وقد كادت تقفرّ من العلماء. وقد تولى قضاء المهدية. تلقى عن الإِمام المازري وروى عنه، وهو آخر من قرأ عليه كتاب "المعلم بشرح مسلم" كما أنه قرأ عليه غيره. وعاش في القرن السادس لأنه عاش بعد المازري المتوفي سنة (536) كما اجتمع بابن اليتيم بالمهدية سنة (566). وحسبما ذكر في مولده بعض من روى عنه يكون قد عاش إلى ما بعد سنة (580) لأنه ذكر أنه تلقى عنه الرعيني السوسي المولود سنة (567) كما سيأتي أنه من تلاميذه، فإذا كان الرعيني السوسي من تلاميذه وقد ولد سنة (567) فلا يمكن أنه تلقى عنه إلا في سن أقلها ثلاث عشرة سنة فحينئذ يكون قد تجاوز ابن الحداد المائة السادسة سنة (580)، أو يكون تجاوزها بكثير لأن الرعيني السوسي لم يكن قرأ عليه سنة واحدة، بل قرأ عليه في مدة مديدة. ¬

_ (¬14) الفارسية فقد جاء فيها؟

تلاميذ ابن الحداد

تلاميذ ابن الحداد: أصبح ابن الحداد خليفة الإِمام المازري في المهدية فنشر طريقته، وبث علمه لا في علماء تونس فحسب، فكذلك في بعض علماء الأندلس. فمن تلاميذه الأفارقة وأشهرهم: * أبو عبد الله محمد بن عبد الجباّر الرعيني ثم السوسي: وهو كما وصفه ابن القنفذ: الفقيه الفاضل العالم الكبير المقرىء الأستاذ شيخ الأشياخ طال عمره، وهو شيخ شيوخ التجاني أبي محمد عبد الله بن إبراهيم. وقد ذكره في "رحلته" ونوّه بشأنه كذلك، فقال: وممن ينسب إلى سوسة هذه شيخ شيوخنا أبو عبد الله محمد بن عبد الجبار الرعيني السوسي قديم المولد، كان يسمى ملحق الآباء بالأبناء لطول أمده، وقدم مولده. توفي بتونس في الثاني والعشرين لذي القعدة سنة اثنتين وستين وستمائة، وأنشد له ابن سعيد في "خزانة الأدب": [المتقارب] عَكَفْنَا عَلَى الكَأسِ فِي جَنَّةٍ ... نُحَاكِي بِهَا مَيْلَ أغْصَانِهَا وَرُسْلُ النَّسِيمِ بِهَا سَحرةً ... تُحرّش مِنْ بَيْنِ ريحَانِهَا أظُنُّ تَغَارِيدَ ألحَانِهَا ... زَهَتْهَا فَأصْغَتْ بِآذَانِهَا ولأبي عبد الله شعر حسن. وقد أخذ طريقة الإِمام المازري في تدريسه بما يدفع السآمة فقد كان يداعب طلبته من أهل تونس بسؤالهم عن قول الشاعر: لاَ تَلُمْنِي على الدَّنَاءة إنِّي ... تُونُسِيّ وَجُزْتُ يَوْمًا بِسُوسَة أي البندين يقتضي الشعر أن يكون أعظمَ دناءة فيقولون له: سوسة. وأبو عبد الله السوسي يعد من أكثر الأشياخ طلبة، "فإنه اشتغل بالعلم

* ومنهم أبو زكرياء يحيى البرقي

والإِقراء مدة حياته فأقرأ الحفيد والأب والجد، وكان حسن الوساطة قاضيا لحاجات الناس مقبول القول عند الملوك، ناهضا بالطلبة" كما أفاده ابن القنفد في "الفارسية" وهو من أكبر تلاميذ ابن الحداد. * ومنهم أبو زكرياء يحيى البرقي: علم من أعلام المهدية قل من لم يأخذ عنه من أعلامها مثل أبي علي الحسن بن موسى بن معمر الهواري الطرابلسي أحد أرباب الرتب، الجامعين بين رئاسة الفقه ورئاسة الأدب مع أخيه الفقيه القاضي أبي موسى فقد توجه الأخوان من طرابلس إلى المهدية للقراءة على أبي زكرياء البرقي، حتى لما وقعت المحنة على البرقي وأزعج إلى الحضرة تونس لزمه أحد الأخوين إلى منفاه بتونس. أفاده التجاني في "الرحلة". وممن أخذ عن أبي زكرياء البرقى أبو عبد الله محمد بن علي بن إبراهيم ابن الخباز اللواتي الذي تقلد قضاء الجماعة بتونس. أفاده التجاني في "الرحلة". * القاسم بن حماد بن أبي بكر اللبيدي التونسي: كان من العلماء أخذ عن أبي زكرياء البرقي البخاري ومسلمًا. وكان اللبيدي حيا سنة (688) حيث اجتمع به العبدري وأثنى عليه وقال: إن التسعين قد أنهكت قواه. وممن أخذ عن أبي زكرياء البرقي أبو محمد عبد السلام بن غالب المسراتي وهو عصريه. ومن تلاميذ ابن الحداد الأندلسيين: * أبو عبد الله محمد بن أحمد بن اليتيم: من أهل المرية. لقي بالمهدية أبا يحيى بن الحداد قاضيها.

وفاة ابن الحداد

وفاة ابن الحداد: لم يوقف على وفاته، والظاهر أنه لم يبلغ المائة السابعة (¬15). أدى كل عن تلميذي المازري الميانشي وابن الحداد حق إبلاغ علم أستاذهما، فأحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب، فالأول فارق المهدية وروى عنه واستوطن مكة، بينما الثاني لازم المهدية وقام مقام شيخه بها كما ذكرنا. ومن تلاميذ المازري الذين استفدنا أنهما من تلاميذه الإفريقيين من تراجم من رووا عنهم. * ابن الجواد: أبو يحيى أبو بكر بن الجواد المهدوي، من أصحاب المازري. روى عنه ابن الصفار وهو من أصحاب الإِمام المازري كما جاء في "الذيل والتكمله" للمراكشي: "وروى عنه ابن الصفار" (¬16) وبالطبع أنه روى له ما أخذه عن المازري. * ابن الدمنة: أبو الطاهر بن الدمنة التونسي. ذكر في "الشجرة" أنه ممن تلقى عن المازري. * أبو الحسن السوسي (¬17): أبو الحسن طاهر بن علي، من أهل سوسة القيروان. ¬

_ (¬15) التكملة لابن الأبار (ج2 ص613)؛ الفارسية لابن القنفذ (ص 126)؛ رحلة التجاني (ص 87)؛ الشجرة (ص 178). (¬16) الذيل والتكملة للمراكشي (السفر السادس ص 289). (¬17) التكملة لكتاب الصلة (ج1 ص 342)، الشجرة (ج1 ص144).

تلقيه

تلقيه: حفظ لنا ابن الأبَّار في "التكملة لكتاب الصلة " ما يتعلق بأبي الحسن السوسي فذكر أنه صحب أبا عبد الله المازري بالمهدية. فهو من الملازمين له فقد انتقل إليه من سوسة إلى المهدية ليصاحبه، فلم يقتصر على التلقي منه إذ أضاف إلى ذلك ملازمته لتأثير المازري عليه. ومن أجل هذه الملازمة جمع عن تاريخ المازري الكثير فدعا ذلك المعتنين بالمازري أن يتلقوا منه حكايات جاء فى "التكملة": أن عبد الله بن حميد الأندلسي كتب عنه حكايات عن المازري وقف عليها صاحب "التكملة" بخطه. خططه: تولى الصلاة والخطبة بسوسة، كما تولى قضاءها، فهو من وجوه سوسة وعلمائها وهجرته إلى الأندلس لِمَا أصاب إفريقية من التفكك. رحلته: رحل إلى الأندلس بين بلدانها، وبشرقيها لقيه القاضي ابن حميد المتقدم. وفاته: أفاد في "الشجرة" أنه توفي بها، وهذا يستفاد من كلام ابن الأبار حيث لم يذكر رجوعه إلى وطنه. ذكره ابن الأبّار في "التكملة" من الغرباء الوافدين على الأندلس. والظاهر أن ابن الأبّار لم يطلّع على شيء من حياته إلا ما نقلناه عنه، وأنه اعتمد في التعريف به على ما كتبه القاضي أبو عبد الله بن حميد، فإنه كتب عنه حكايات عن المازري، وابن الأبّار وقف على ذلك بخطه. يفيدنا اعتناء ابن حميد بحكايات المازري التي تلقاها عن أبي الحسن السوسي أن علماء الأندلس بلغت، عنايتهم بالمازري حداً بعيداً إذ أنهم كلما تلقفوا شيئا عن المازري بادروا إلى أخذه وتدوينه إعجابا به. ونعلم مما تقدم أن أبا الحسن السوسي لم يرو عنه علماء الأندلس "المعلم" ورواياته، إذ اقتصر ابن حميد على تدوين ما تلقاه منه من حكايات.

* ابن مجكان

* ابن مَجَّكَان (¬18): يعد أبو القاسم ابن مجّكان من أصحاب المازري المتلقّين عنه، وهو من أهل قابس ويستفاد من "التكملة" أنه عاش إلى أواخر القرن السادس، أو أوائل السابع حسبما يستفاد من رحلة الذي روى عنه. والمعلومات عنه تكاد تكون معدومة، وإنما حفظ لنا ابن الأبّار في "التكملة لكتاب الصلة" أنه روى عنه أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عمر الأنصاري الأوسي الضرير من أهل قرطبة الذي سمع من أبى القاسم ابن بشكوال، وأبي بكر بن الجد، وأبي محمد بن الفرس، وأبي ذرّ الخشني وغيرهم. وكتب إليه أبو بكر بن خَيْر، وأبو زيد السهيلى، وابن أبي جَمْرة وغيرهم. وحدث عن أبي طاهر السلفي. ثم قال ابن الأبّار: وكانت له -أي الأوسي الضرير- رحلة إلى المشرق ولقي فيها أبا يحيى بن الحداد المهدوي وقفل إلى المغرب واستقرّ أخيراً بتونس، ولقيه ابن الأبّار بها وصحبه طويلاً وأجاز له بلفظه. ولقي بقابس أبا القاسم ابن مَجَّكان، وكان من أصحاب أبي عبد الله المازري. هذا ما وصل عن ابن مجَّكان وتوفي ابن الصفار الذي روى عنه ابن مجَّكان بتونس سنة (639) ودفن بالمصلى (باب القرجاني). ووقع ضبط ابن مجَّكان في "الذيل والتكملة" بفتح الميم والجيم، وفي "التكملة" بضبط الجيم مشددة. ¬

_ (¬18) التكملة (ج2 ص 647)؛ الذيل والتكملة (السفر6 ص 289).

تلاميذه غير الأفارقة

تلاميذه غير الأفارقة: * الأوجقي: أبو الحسن المعروف بابن الأوجقي. ذكر في "الشجرة" أنه ممن أخذ عن المازري. * ابن تومرت: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن تومرت الهرغي. قال ابن خلكان: نسبة إلى هرغة قبيلة كبيرة من المصامدة في جبل السوس (¬19)، تنسب إلى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما يقال: إنها نزلت في ذلك المكان عندما فتح المسلمون البلاد على يد موسى بن نصير (¬20). جاء في "شجرة النور" أنه تلقى عن الإِمام المازري، لكن ترجمته التي احتفل لها ابن خلكان واعتمد فيها على مصادر معتنية بترجمة المهدي لم يذكر أخذه عن المازري، فقد نقل ابن خلكان نسبه من "كتاب النسب الشريف" الذي هو بخط بعض أدباء عصره، واعتمد مصادر متعددة فذكر أن دخوله إلى المهدية سنة خمس وخمسمائة (505). وحرر سنة دخوله ذاكراً أنها في مدة ملكها الأمير يحيى بن تميم بن المعز. وهذا عن تاريخ القيروان. ثم ذكر أنه تقدم في ترجمة الأمير تميم والد يحيى أن محمد ابن تومرت اجتاز في ولايته المهدية كما وجده أيضاً ثابتا. وهذا تناقض لأن تميم بن المعز مات سنة 501، ثم ذكر ما أرخ به ابن القفطي من أن المهدي ¬

_ (¬19) الوفيات (ج2 ص 41). (¬20) هو فاتح الأندلس مع طارق (99هـ) أبو عبد الله موسى بن نصير اللخمي كان من التابعين. روى عن تميم الداري. وكان عاقلاً كريماً شجاعاً ورعاً تقياً لله لم يهزم له جيش قط. الوفيات (ج5 ص 318).

* أبو الحسن بن عامر

خرج من مصر سنة 511 في زي الفقهاء بعد الطلب بها وبغيرها ووصل بجاية. ومن هذه المصادر التي اعتمدها في دخول المهدي المهدية "تاريخ القيروان" (¬21) كما اعتمد ابن خلكان كتاب "المغرب، عن سيرة ملوك المغرب" فنقل عنه أن المهدي اطلع على جفر من علوم أهل البيت فوقف على أنه المهدي كما نقل عنه ثانيا ترجمة في المهدي. ويدل هذا الاعتناء أنه ملم بترجمته، مستقص لأخباره، فلو أنه حين دخل المهدية أخذ عن إمامها الإِمام المازري لذكر ذلك كما ذكر شيوخه بالشرق، فقد اجتمع بالغزالي سنة (505). واجتماعه به محل نظر. كما ذكر أخذه عن الكِيَا الهرَّاسي. والطرطوشي، وهو محمد بن الوليد ابن خلف القرشي الأندلسي أبو بكر، ويقال له: ابن رندقة. له كتب متعددة من أشهرها "سراج الملوك"، وكتاب "الحوادث والبدع" (520) إلا أنه بعد ما ذكر من أخذ عنهم المهدي وهم المتقدمون ذكر أنه أخذ عن غيرهم فلعله يقصد المازري وغيره. * أبو الحسن بن عامر: أبو الحسن صالح بن أبي صالح بن خلف بن عامر الأنصاري الأوسي. قال ابن الأبّار: هو من أهل مالقة. شيوخه: أبو علي منصور بن الخير (¬22) وهو غير ابن خير صاحب ¬

_ (¬21) الوفيات (ج5 ص 45). (¬22) جاء في الشجرة عن ابن خير والصواب ما أثبتناه لأن ابن خير هو صاحب الفهرست وهو أبو بكر محمد بن خير بن عمر بن خليفة (575).

تلاميذه: منهم أبو محمد بن حوط الله وأخوه أبو سليمان

"الفهرست" وأبو الحسين (¬23) بن الطراوة، وأبو الحسن بن عمار، وأبو بكر محمد بن حبيب الخطيب، وأبو مروان بن مجبر. ورحل المترجم فلقي بتلمسان أبا جعفر بن باق وأخذ عنه علم الكلام. وامتدت رحلته إلى تونس ولقي بها أبا محمد عبد الرزاق الفقيه. ثم وصل المهدية ولقي بها أبا عبد الله المازري فحمل عنه "المعلم" عن تآليفه سماعاً لبعضه وإجازة لباقيه، وسمع عليه وكان المترجم فقيها متقدما في علم الكلام. تلاميذه: منهم أبو محمد بن حوط الله وأخوه أبو سليمان: عرف ابنا حوط الله بأنهما من أشهر رجال الرواية وقد ترجم لهما الرعيني علي بن محمد (سنة 666) في "برنامجه"، وقال عنهما: "هذان الأخوان شهرتهما باتساع الرواية، والتقدم بها، والعناية مغنية عن الإِطناب في ذكرهما، ومجزية في الإِشادة بعلو قدرهما" (¬24). وتوفي الأول أبو محمد عبد الله بن أبي داود سليمان الأنصاري الحارثي سنة (612)، وتوفي الثاني أبو سليمان داود سنة (621). ولما أخذ الأخوان المذكوران عن أبي الحسن بن عامر أخذا عنه كما يبدو "المعلم" لكن لم نقف في ترجمتهما على أخذهما عن المذكور. ولعل سعة التتبع نقف بها على روايتهما لـ "المعلم"، وبذلك نعلم أنه أخذ طريق الشهرة في الأندلس لأن الأخوين في اتساع في التلقّي، وفي الإِسماع بلغَا الغاية. ¬

_ (¬23) جاء في شجرة النور أبو الحسن. (¬24) التكملة (ج2 ص 764)؛ الشجرة (ج1 ص 157).

* ابن زعوقة

توفي ابن عامر في رمضان سنة (586) (¬25). * ابن زَعُوقة: أبو عبد الرحمان مساعد بن أحمد بن مساعد، يعرف بابن زعوقة (جاء هكذا بضم الزاي والعين) من أهل أريولة (¬26). شيوخه: منهم من روى عنه، ومنهم من كتب إليه. ومن الذين روى عنهم: أبو عمران ابن أبي تليد، وأبو جعفر بن جحدر، وأبو علي الصدفي، وأبو بكر بن العربي. وممن كتب إليه: أبو بكر غالب بن عطية. هؤلاء هم الذين أخذ عنهم بالأندلس. ثم رحل وتلقى عن غيرهم، وكانت رحلته سنة (494) ولقي بمكة: أبا عبد الله الطبري فسمع منه "صحيح مسلم"، وأبا محمد بن العرجاء، وأبا بكر بن الوليد الطرطوشي، وأصحاب أبي حامد الغزالي. ولقى بالمهدية أبا عبد الله المازرية، لأن الراحلين من الأندلس كانوا يختمون رحلتهم بالمهدية وهناك يجتمعون بالإِمام المازري. وأخذ عنه الجم الغفير منهم: أبو القاسم بن بشكوال، صاحب "الصلة"، ولكنه أغفله ولم يترجم له، وأبو الحجاج الثغري الغرناطي، وأبو محمد عبد المنعم بن الفرس. وذكر ابن الأبّار أنه قرأ بخط أبي الحجاج الثغري الغرناطي عن أبي سليمان ابن حوط الله عن ابن زعوقة: أنه لقي بالمشرق امرأة تعرف بصُباح (هكذا ¬

_ (¬25) في شجرة النور (581) والصواب ما في التكملة. (¬26) التكملة لكتاب الصلة (ج2 ص 736)، الشجرة (ج1 ص 141).

* ابن سعادة

جاء ضم الصاد مشكولاً) عند باب الصفا. وكان يقرأ عليها بعض التقاسيم فجاء بيت شعر شاهد، فسألت: هل له صاحب؟ أي بيت آخر، سلوا الشيخ أبا محمد ابن العرجاء. فقال الشيخ: لا أذكر له صاحبا فأنشدت: طَلَعَتْ شَمْسُ مَن أحَبَّكَ لَيْلاً ... وَاسْتَضَاءَتْ فَمَا لَهَا مِنْ مَغِيب إنَّ شَمْسَ النَّهَارِ تَغربُ بِاللَّيْلِ ... وشَمْسَ القُلُوبِ دُونَ غُرُوب * ابن سعادة: أبو عبد الله محمد بن يوسف بن سعادة من أهل مرسية وسكن شاطبة. وابن سعادة من أوسع العلماء رواية. وسرى إليه ذلك من شيخه أبي عليّ الصدفى فقد اختص به وأكثر عنه وإليه صارت دواوينه وأصوله العتاق وأمهات كتبه الصحاح. قال ابن الأبّار في "التكملة " لصهر كان بينهما: وممن لازمه في حضور مجلسه للتفقه به وحمل عنه ما كان يرويه محمد ابن أبي جعفر. ورحل إلى غريب الأندلس، وسمع أبا محمد بن عتاب، وأبا بحر الأسدي، وأبا الوليد بن رشد، وأبا عبد الله بن الحاج. ولم يكتف بما تلقاه في الأندلس فرحل إلى المشرق في سنة (520) فلقى بالإِسكندرية أبا حجاج بن نادر الميورقي. وأدى فريضة الحج سنة (621) ولقي بمكة رزين بن معاوية العبدري إمام المالكية بها (¬27)، وأبا محمد بن صدقة، المعروف بابن غزال من أصحاب كريمة المروزية. وروى عن أبي الحسن علي بن سند بن عباش الغَسَّاني ما حمل عن أبي حامد الغزالي من تصنيفه. ¬

_ (¬27) وهو صاحب الصحاح والسنن التي وضع ابن الأثير كتابه جامع الأصول من أحاديث الرسول على وضعها. وتوفي رزين سنة (535).

وفي أثناء عودته من رحلته صحب ابن نادر إلى وفاته بالإِسكندرية، ولقي أبا طاهر بن عوف، وأبا عبد الله بن مسلم القرشي، وأبا طاهر السّلَفِي، وأبا زكرياء الزِّناتي، وغيرهم. وكتب إليه أبو بكر الطرطوشي، وأبو الحسن بن مشرف الأنماطي. روايته عن المازري: وحين صدوره من رحلته قصد المهدية ولقي أبا عبد الله المازري فسمع منه بعض كتاب "المعلم"، وأجاز له باقيه. أفاده ابن الأبَّار في ترجمة ابن سعادة. وسَعيُ ابن سعادة للقاء المازري، مع أنه ملأ وطابه من المشرق وسمع من أولئك الجِلَّة، يدل على أن سمعة المازرى جعلته لا يكتفي بمن سمع منهم فقصده في صدوره بالمهدية كما أن إكتفاءه بالرواية عن المازري دون قصد غيره يدل على اقتناع، لأن المهدية وإن كان بها فحول العلماء غير أنهم لم يتعاطوا علم الحديث، بخلاف المازري فإنه شق طريقه لعلم الحديث بشرح "مسلم". وشرحه "لمسلم" انتشرت روايته عنه فهذا محمد بن يوسف بن سعادة لم يغفل رواية "المعلم" فأخذها مقسمة بين السماع والإِجازة. والظاهر أنه إنما أخذ قسما منه إجازة بعد أخذه لقسم بالسماع لأن إقامته بالمهدية لم تطل فلذلك اكتفى بالإِجازة. وله "فهرست" حافلة. وقال ابن الأبّار في "تكملة الصلة": روى عنه لنا أكابر شيوخنا (¬28). وتوفي ابن سعادة أول يوم من المحرم سنة (566) ومولده سنة (496). ¬

_ (¬28) التكملة ج2 ص 505).

* الشلبي: (484 - 551).

* الشِّلْبِي: (484 - 551). أبو عبد الله محمد بن عيسى الشِّلْبِي (¬29). وبيته بيت علم وشرف وجاه. كان من رجال الحديث حفظا ودراية، كما كان حافظاً لرجال الحديث. وينضاف إلى ذلك أنه جمع في الفقه بين الأصول والفروع، ومسائل الخلاف. وتولّى قضاء بلده شلب. شيوخه: من شيوخه أبو علي حسين بن محمد الصدفي الإِمام الراوية الشهير، سمع منه، وكذا من غيره. رحلته: ابتدأ رحلته بالمهدية وطاب له فيها المقام للأخذ عن الإِمام المازري وصحبه صحبة ملازمة قرابة ثلاثة أعوام، وهذا الذي يتولى القضاء ويتركه حين يرحل للحج ويقيم تلك المدة، ما صنع ذلك إلا لما استفاده من المازري. ثم انتقل إلى مصر وحج وجاور ودخل العراق وخراسان وبها طار صيته. * ابن صاعد: أبو الحسين محمد بن خلف بن صاعد الغسَّانى. أصله من لبلة. سكن شلب، ولأن أصله من لبلة صار يعرف باللبلي. شيوخه من الأندلس: أبو القاسم بن الحصار، وأبو الوليد إسماعيل بن غالب اللّخمي، وأبو الحسين العبسي، وأبو عبد الله بن الحجاج ولازمه كثيراً، وأبو عبد الله بن شيرين، وأبو القاسم بن رزق، وأبو محمد بن عتاب، وأبو الوليد بن رشد. قرأ عليهم وسمع منهم وأجازوا له. ¬

_ (¬29) الشجرة (ج1 ص 143)، شلب بالكسر بلد غربي الأندلس، في القاموس.

ومن شيوخه بالإجازة: أبو علي الصدفي.

ومن شيوخه بالإجازة: أبو علي الصدفي. رحلته وتلقيه فيها: رحل إلى الشرق وأدى فريضة الحج، فلقي بمكة أبا الحسن رزين بن معاوية. وروى عنه سماعا. ولقى بالإِسكندرية: أبا الحجاج الميُّورقي وأكثر عنه، وأبا طاهر السلفي، وأبا عبد الله بن مسلم القرشي المازري (¬30)، وأبا محمد الديباجي. ولقى بالمهدية أبا عبد الله التميمي المازري. وروى عنه هكذا: أجمل ابن عبد الملك المراكشي في روايته عنه، وفصل روايته عنه ابن الأبار في "التكملة" فذكر أنه أجاز له ما ألفه وما رواه، فقد عمّم في روايته. تلاميذه: كان ابن صاعد هذا من رجال الرواية فقد روى عنه أبو بكر ابن خَيْر صاحب "الفهرست"، وأبو القاسم القَنْطري. منزلته: كان ابن صاعد فقيها حافظاً عارفاً بعقد الشروط بصيرا بعللها، نافذا في ضبطها، مستقلاً بما قلد مق الشورى ثم القضاء بشلب، معروفاً بالعدالة. وفاته: توفي في جمادى الآخرة سنة (547) (¬31). ¬

_ (¬30) اشتهر بالمازري ثلاثة: - المترجم أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر المازري (536). - أبو عبد الله محمد بن مسلم القرشي المازري هذا (530). - أبو عبد الله محمد بن أبي الفرج المازري ويعرف بالذكي (516). وإلى التفرقة بين أبي عبد الله بن مسلم المازري وبين الإِمام أشار ابن فرحون في الديباج (ج1 ص250). (¬31) الذيل والتكملة (السفر6 ص 185)؛ التكملة لكتاب الصلة (ج2 ص 477). نجد تقاربا بين وفاة الإِمام المازري ووفاة ابن صاعد. وفيه دلالة على أن علماء الأندلس عنايتهم بالإمام عناية فائقة حتى أن الذين كانت طبقتهم قريبة منه =

* ابن الضَّحَّاك (¬32): أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن الضحاك الفزاري. من أهل غرناطة. وابن الضحاك هذا جاء في "الذيل والتكملة" أنه يعرف بابن البَقَري وهو الموجود في "تكملة" ابن الأبّار، وفي نسخة من "الديباج": ابن النفزي، وفي المطبوعة منه: ابن المقري، وهو ما اعتمده صاحب "الشجرة". وقد ترجم له ترجمة مطوله المراكشي في كتابه "الذيل والتكملة" لكتابي "الموصول" و"الصلة" وذكر جملة وفيرة من شيوخه نقلهم عن "برنامجه". وأكثر القراءة على ابن أبي تمام، وابن بشر، وابن الخلوف، وابن طاهر، وابن العربي، وأبي جعفر البطروجي، وابن الحجاج الأُندي، وأبي شريح، وابن موهب، وابن خلف، وابن عبد الرزاق، وأبي الفضل عياض. وأجازوا له. ثم ذكر من روى عنهم سماعاً وقراءةً ولم يذكر فيهم الإِمام المازري، لكنه ذكر أنهم بعض شيوخه الذين ذكرهم في "برنامجه". فهو لم يذكرهم كلهم ولعله كان منهم في "برنامجه". ¬

_ = يسعون في الأخذ منه عملا بما سنه السلف الصالح الذين لا يقتصرون على الاخذ عمن هم من طبقة شيوخهم، بل يأخذون عمن هم من طبقتهم كما قال الإِمام البخاري: لا يكون الرجل محدثا حتى يعمم في الأخذ حتى أنه أخذ عمن هم في منزلة تلاميذه. ويؤكد هذا المعنى إذا كان الذي يروون عنه في منزلة ممتازة مثل الإِمام المازرى. (¬32) التكملة (ج2 ص 665)، الذيل والتكملة (س5 ص 282)، الديباج (ج2 ص 115).

* ابن طاهر الأنصاري

والذي ذكر المازري من شيوخه هو ابن فرحون في "الديباج" فيما يأتي. أخذ عن أبي الحسن شريح، وعن الإِمام أبي الحسن علي بن الباذش، وعن أبي القاسم بن ورد، وعن القاضي أبي الفضل عياض بن موسى، وعن الإِمام أبي عبد الله المازري، وعن أبي طاهر السلفي، وعن أبي مروان ابن مسرة، وعن أبي محمد بن سماك القاضي، وعن القاضي أبي محمد ابن عطية، وغيرهم ممن يطول ذكرهم. ويبدو من نص ابن فرحون أنه أخذ عنه لا بطريق الإِجازة وإنما بطريق السماع حيث عبّر بالأخذ ولم يعبر بالإِجازة، والأخذ يفيد السماع. وقد اعتمد ابن فرحون غير المراكشي في "الذيل والتكملة " والظاهر أنه اعتمد "صلة التكملة" لابن الأبّار (¬33). * ابن طاهر الأنصاري (¬34): أبو العباس أحمد بن طاهر بن عيسى، أنهى نسبه ابن عبد الملك المراكشي في "الذيل والتكملة" إلى سعد بن عبادة الأنصاري. أصل سلفه من شارقة بلنسية وهي قلعة الأشراف، وانتقل جده إلى دانية، وبها ولد أبو العباس الأنصاري. ¬

_ (¬33) وهذه الترجمة لابن فرحون قريبة من ترجمة التكملة لابى الأبار. ويبدو أن ما في التكملة مختصر. وهذا يحقق أن المطبوع في مجريط هو مختصر التكملة لا التكملة بنصها. (¬34) التكملة لكتاب الصلة (ج1 ص 44)؛ الذيل والتكملة (ج1 ص 129)؛ الغنية (ص 184).

رحلته إلى المهدية

قال ابن الأبار: ونشأ وكتب الحديث وتفقه في المسائل، ثم تجول في العناية بالرواية، فسمع بدانية أبا داود المُقْري. وبمرسية أبا علي الصَّدَفِي. وبالمرية أبا علي الغساني، وآبا الحسن بن شفيع، وأبا عبد الله بن الفَّراء، وأبا محمد العسّال، وأبا محمد عبد القادر بن الحنّاط. وسمع بأريولة أبا القاسم خلف بن فتحون، وسمع من أبي القاسم خلف ابن محمد الغرناطي. رحلاته وتلقيه: رحل إلى العدوة فلقي بقلعة حماد أبا مروان الحمداني. وبمدينة بجاية أبا محمد المَقْرِي. قال في "الذيل والتكملة" المقري (بفتح وسكون القاف وراء) منسوبا. قلت: أي لعله منسوب إلى مقرة التي منها المَقَّري الجَدّ والحَفيد، لكن جاء ضبط المقري (بفتح الميم والقاف المفتوحة المشددة) إذ في مقرة ضبطان. رحلته إلى المهدية: ذكر ابن عبد الملك أنه له رواية عن أبي عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي المازري نزيل المهدية، وكذلك ابن الأبّار لكن كلا منهما شك في روايته هل لقيه أو بالمكاتبة. ومن القريب أنه لقيه لأنه لما وصل إلى بجاية وصل إلى المهدية وسمع منه إذ شهرة المازري تدعو إلى الاجتماع به. تلاميذه: ابنه أبو عبد الله بن محمد، وأبو العباس الأقليشي، وأبو عبد الله المِكناسي، وأبو العباس بن أبي قُرة. وحدث عنه: أبو محمد بن علي الرُّشاطي. وأخذ عنه أبو الفضل عياض وترجم له في "الغنية" ذاكرا قوله: "من

تآليفه

كبراء أصحابنا، وممن عني بالحديث والرواية، ورحل من أجل ذلك، وفهم الطريقة وأتقن الضبط، واتسع في الأخذ والسماع". وذكر أخذه عن أبي عبد الله المازري ... من مشائخ إفريقية. وكان علم الحديث أغلب عليه، ويميل في فقهه إلى الظاهر. ومن تلاميذه أبو الوليد بن الدَّبّاغ. تآليفه: 1) " الإِيماء" كتاب ضاهى به كتاب "أطراف الصحيحين" لأبي مسعود الدمشقي، وعرضه على شيخه أبى علي الصدفي فاستحسنه وأمره ببسطه فزاد فيه. 2) "مجموع" في رجال مسلم بن الحجاج. وفاته: توفي في جمادى الأولى سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة (532). وغلط في وفاته ابن بشكوال فذكر أنها في نحو العشرين وخمسمائة وتبع في ذلك أبا الفضل عياضا. * ابن عظيمة (¬35): أبو الحسن محمد بن أبي عمرو عبد الرحمن العبدي. تلقى عن الكثير حتى أصبح صدرا في أهل التجويد للقرآن العظيم، مشاراً إليه بإتقان الأداء، وجودة الأخذ عن القراء. ¬

_ (¬35) الذيل والتكملة (السفر السادس ص 359)؛ غاية النهاية في طبقات القراء (ج2 ص 166).

من مؤلفاته

وهو ذو حظ وافر في الحديث معرفته، كما أنه حافظ للتواريخ والآداب. وحين رحل للمشرق للحج لقي في وجهته أبا عبد الله المازري بالمهدية كما لقي بها أبا القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي سعيد ابن الفَحَّام. من مؤلفاته: له مؤلفات في القراءات نافعة، منها: "منح الفريدة الحمصية، في شرح القصيدة الحصرية"، "وشرح قصيدة أبي محمد الشقراطسي". وفاته: توفي سنة (543). * أبو مروان بن عيشون: عبيد الله بن عبد الله بن عبد الرحمن بن مسعود بن عيشون المعافري من أهل بلنسية يكنى أبا مروان. تلقى عن كثير من الشيوخ في بلده وفي رحلته. فمن شيوخه من الأندلس أبو الوليد ابن الدباغ. وأخذ في رحلته بمكة عن أبي علي بن العرجاء، وبالإِسكندرية عن أبي طاهر السلفي. ولقى بالمهدية أبا عبد الله المازري، وذكر عنه ما يفيد أن المازري لم يؤلف "المعلم"، وإنما هو من جمع أصحابه. وأخذ عنه شيخ ابن الأبّار أبو عبد الله بن نُوح كتاب شيخه ابن الدباغ وهو كتاب "الخصائص". ولابن عيشون مكتبة ثرية كما أفاده ابن الأبّار، كما له ثروة، وقد بني مسجداً ببلنسية يعرف باسمه.

تلاميذه بالإجازة

وتوفى سنة 573، أو سنة 574) (¬36). والتحقيق أن أبا مروان بن عيشون اسمه عبيد الله كما أثبتنا لأنه هو الذي ذكره ابن الأبار الإِمام في "تكمله الصلة" البشكوالية خلافاً لما جاء في "شجرة النور الزكية" (ج1 ص 152) من أن اسمه عبد الملك لأن ابن الأبار ذكر أن شيخه أبا عبد الله بن نوح أخذ عنه، وبالطبع أن يكون نقل له اسمه، ولعل ما في "شجرة النور" سهو من المؤلف اعتمادا على أن من تكون كنيته أبا مروان يكون اسمه عبد الملك، فاعتمادا على ذلك سماه عبد الملك مع أن اسمه عُبَيْد الله. تلاميذه بالإِجازة * أبو إسحاق الأنصاري (¬37): أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن الأنصاري الغرناطي، من محققي علم القراءات، مع مشاركة في علم الحديث. وله معرفة بمسائل الفقه والشروط. شيوخه: تلقّى عن أبي بكر غالب بن عطية، وأبي الحسن بن الباذش، وابن عتاب، وابن رشد، وغيرهم. وأجازه جماعة منهم: أبو محمد بن السِّيد، وشريح بن محمد أبو الحسن الرعيني من أئمة علم القراءات، وأبو بكر الطرطوشي، والإِمام أبو عبد الله محمد بن عمر المازري كتب له من المهدية. ولايته القضاء: تولى القضاء بجهات. مؤلفاته: له "مختصر" في التوثيق. ¬

_ (¬36) تكملة الصلة (ج2 ص 996). (¬37) التكملة ج1 ص 155)؛ الشجرة (ج1 ص 155).

ومن مجيزيه

أبو بكر بن أبي جمرة (¬38) (518 - 599): أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الملك بن موسى بن أبي جمرة من أهل مرسية، الفقيه الحافظ المتمكن من الفقه المالكي الذي اعتكف على تدريسه، وتولى المشورة والقضاء علاوة على اشتغاله بالتدريس، وأخذ عن الكثير من فحول الأندلس وغيرهم تلقيا وإجازة. ومن مجيزيه: ابن الورد، وابن العربي، وابن شريح، والرشاطي، والقاضي عياض. وكما استجاز علماء الأندلس استجاز غيرهم: الإِمام المازري، وأبا طاهر السلفي. وروى عنه الجلة: وهو ممن أجاز لابن الأبّار. ومن تصانيفه: " نتائج الأفكار ومناهج النظار في معاني الآثار"، وكتاب "إقليد التقليد المؤدي إلى النظر السديد"، و"برنامجه". * ابن الحاج (¬39): أبو القاسم محمد بن محمد بن أحمد بن لب يعرف بابن الحاج. تمرس بعلم القضاء فهو من الحفاظ للمسائل وبوّأه ذلك لخطة القضاء فتولى قضاء قرطبة. مشيخته: أخذ عن أبيه القاضي محمد بن أحمد المعروف بابن الحاج أيضاً، وأبي الوليد بن رشد، وأبي علي بن سُكَّرة، وابن العربي، وغيرهم. ¬

_ (¬38) التكملة (ج2 ص 561)؛ الشجرة (ج1 ص 162). (¬39) الشجرة (ج1 ص152).

* ابن خلصة

وله مشيخة بالإِجازة: وأجازه أبو بكر بن عطية، وابنه عبد الحق صاحب التفسير الشهير. وكتب له الإِمام المازري من المهدية مرتين وأظن أنه كتب له مرتين إحداهما إجازة بـ "المعلم" والأخرى إجازة عامة. * ابن خلصة: آخر الرواة بالأندلس عن المازري، أبو جعفر، وأبو العباس أحمد بن محمد ابن إبراهيم ... بن خلصة الحميري الكتامي من أهل قرطبة واشتهر بالوزغي وكان يكرهها. شيوخه: وقد أطال في ذكر شيوخه ابن عبد الملك المراكشي في "الذيل والتكملة". فمن شيوخه في القراءات: أبو بكر بن عياش، تلا عليه بالسبع، وأكثر عنه، وأبو عبد الله بن نجاح، وأبو مروان بن مسرة ولازمه نحو عشرة أعوام. وتأدب في النحو واللغة والأدب بأبي بكر بن سمحون، وأبي الحجاج ابن إسماعيل المرادي وأطال ملازمته، وغيرهما. شيوخه بالإجازة: أكثر من استجازة الشيوخ فأجازه الكثير منهم: أبو القاسم بن بشكوال، وأبو عبد الله بن أبي الحجاج القضاعي. إجازة المازري له: ذكر المراكشي: "أنه أجاز له من نزلاء المهدية أبو عبد الله المازري. وأرى أن أبا جعفر هذا آخر الرواة بالأندلس عنه" (¬40). وإنما كان آخر الرواة عنه لتأخر وفاته حيث توفي سنة ¬

_ (¬40) الذيل والتكملة (السفر1 ص 394).

منزلته

(610). ولا شك في إجازته لأنه من مواليد سنة (524) والمازري توفي سنة (536) فقد توفي المازري وعمر ابن خلصة اثنتي عشرة سنة. ومن القريب أنه استجيز له من المازري اغتناما لأن يكون من شيوخه بالإِجازة تعلقاً بالانتساب للإِمام. منزلته: وصفه المراكشي في "الذيل والتكملة " بما نسوقه: "وكان مقدما في تجويد القرآن العظيم، مبرزاً في علم العربية والأدب، مشاركاً في غير ذلك، راوية مكثراً، ثقة، ذا حظ من قرض الشعر، نبيل الخط كتب الكثير وأحكم تقييده، وأقرأ القرآن، وروى الحديث وغيره، ودرّس علوم اللسان بجامع قرطبة". الخطابة بجامع قرطبة: وخطب بجامع قرطبة نحو ثلاثة أعوام، وكان جهير الصوت فصيحا، يُسمع على شيخوخته من في أخريات الجامع على بعد مسافة ما بينهما. المتخرجون به: " وبين يديه تخرج النبهاء من طلبة العلم بقرطبة وبه انتفعوا، ومنه استفادوا ورحل الناس إليه من الأقطار للأخذ عنه لما طال عمره (86) سنة وعلت روايته". ولا شك في انتشار "المعلم" والرواية عن المازري في القرن السابع بواسطة تلاميذه العد سواء من قرطبة أو من المدن الأندلسية. وعلماء الأندلس تفرقوا في الأقطار شرقا وغربا وهم ينشرون علم المازري وكتابه "المعلم"، ومن أجل ذلك حفظت نسخ متعددة من كتابه. مولده ووفاته: مولده فيما بين سنتي أربع وثمان وعشرين وخمسمائة، ووفاته من صفر عشر وستمائة (610) بقرطبة.

* ابن خير

* ابن خَيْر (¬41): أبو بكر محمد بن خير بن عمر بن خليفة اللمتوني الأموي. من العلماء الجلة الرواة، فقد بذل جهداً وافراً في الإِكثار من تقييد الآثار وصرف عمره في الرواية فبلغ فيها مبلغاً عزّ مثيله، ولم تقتصر روايته على الحديث إذ اعتنى اعتناءً زائداً بكتاب الله جل وعلا فكان مقرئاً محدثاً. وبلغت شيوخه عدداً ضخماً فقد تجاوزوا المائة. وألَّف في ذلك فهرسته الحافلة المعروفة بفهرست ابن خير، وسلمت من غوائل الدهر وطبعت في إسبانيا ثم طبعت في الشرق. وهي من أحفل الفهارس وأصبحت صورة ناطقة بما لأهل الأندلس من عناية في توسعة الرواية. وكما سلمت من غوائل الدهر فهرسته كذلك سلمت نسخته من "صحيح مسلم" المحفوظة في خزانة القرويين بفاس كما أفاده الشيخ الكتاني في " فهرس الفهارس". ولا سبيل إلى ذكر مروياته لكثرتها وإنما نكتفي بأن الإِمام المازري أجازه، وهي إجازة كتابية. * ابن رشد الحفيد (¬42): تأثر المترجم بالمازري أيما تأثر في ناحيتين كما يتضح بعد، وهو محمد ابن أحمد بن محمد بن رشد وللتمييز بين الجد والحفيد اشتهر الجد بابن رشد الجد، كما اشتهر حفيده بابن رشد الحفيد. وابن رشد الحفيد يعد من النوابغ فقد بلغ درجة ممتازة، فكما نبغ في الطب والفلسفة نبغ في الفقه، وله في كل علم منها مؤلفات. ¬

_ (¬41) بفتح الخاء وإسكان الياء. (¬42) التكملة (ج2 ص 55)؛ الشجرة (ج1 ص 146)، الأعلام (ج5 ص 318).

إجازة المازري له

فله في الطب "الكليات" وهو كتاب اشتهر وترجم، وانتفع به الغرب، وبراعته في الطب قلد فيها الإِمام المازري فإن المازري كان فقيها من أئمة الفقهاء المشار إليهم بالتقدم والتحرير فيه فكذلك ابن رشد الحفيد جمع بين الفقه والطبّ وبرع فيهما وهذه هي الناحية الأولى. وله في الفلسفة مؤلفات فقد عني بكلام أرسطو وترجمه للعربية، ولم يكتف بالترجمة فتوسع في فلسفته. وله تقريب بين الشريعة والفلسفة في كتابه "فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال". وله في الفقه والأصول باع سجله في كتبه. من ذلك في الأصول "منهاج الأدلة". وله في الفقه "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" في الخلاف العالي. ويظهر في هذا الكتاب تأثره بالإِمام المازري حيث كان مقتفيا أثر القاضي عبد الوهاب البغدادي في كتابه "الإِشراف" كما أن المازري تأثر به حيث شرح كتاب "التلقين". وهذه هي الناحية الثانية. إجازة المازري له: وأجاز له المازري وهو في سن الشباب، وما ذاك إلا لأن أهل الأندلس عمت عندهم شهرة المازري فطلبوها لشبانهم، ومن القريب أنه استجاز له أبوه، لكن إذا رجعنا إلى ترجمة أبيه لم نجد أنه أجاز له المازري فمن البعيد أن يكون استجاز لابنه ولم يستجز لنفسه. وإذا استجاز الحفيد بنفسه من الإِمام المازري كان استجاز وهو صغير السنن لأنه ولد سنة (520) والمازري توفي سنة (536) فيكون عمره حين استجازه (16) سنة فهو في سن عند غيره لا يتطلب الاستجازة وإنما يتلقى فحسب، لكن شهرة المازري وحرص ابن رشد الحفيد ورغبته الطامحة لأن يكون من تلاميذ المازري تجعله وهو في تلك السنن يكاتب المازري، ويتأكد أنه استجاز لنفسه بما رواه ابن الأبّار أنه عني بالعلم من صغره إلى كبره. وتدل إجابة المازري للحفيد على أنه كان من خلقه سعة حيث يجيب من كانت سنه ست عشرة سنة.

ميلاده ووفاته

ميلاده ووفاته: ولد سنة (520) وتوفي سنة (595). * ابن صاف (¬43): أبو عبد الله محمد بن صاف بن خلف بن سعيد بن مسعود الأنصاري من أهل أريولة. شيوخه: والده، أبو بكر بن العربي، وأبو علي الصدفي وغيرهم. شيوخه بالإِجازة: أبو الوليد بن رشد أجازه بـ "المدونه" و"المقدمات". وأجاز له من المهدية نزيلها أبو عبد الله المازري. من تلاميذه: أبو عمر يوسف بن عيّاد. منزلته: كان فقيها حافظاً. استقضي ببلده بعد أبي القاسم بن فتحون. وفاته: توفي سنة (552). * صالح الأوسي (¬44): أبو الحسن صالح عبد الملك الأوسي من ساكني مالقة. شيوخه: تلقى عن الكثير من علماء الأندلس الذين تزخر بهم البلدان الأندلسية. تَلاَ بحرف نافع على أبيه وغيره، وبالسبع على أبي زيد السرقسطي الورّاق وغيره، كما روى السنة عن العديد من الشيوخ كما أجازه الكثير. مجيزاه الإِفريقيان: أجازه المازري مقيم المهدية، وأبو محمد عبد الرزاق الفقيه بتونس. ¬

_ (¬43) الذيل والتكملة (السفر6 ص 230)؛ التكملة (ج2 ص 486). (¬44) التكملة (ج2 ص 762)؛ الذيل والتكملة (ج4 ص 133).

من تلاميذه

من تلاميذه: أجاز للقاضي عياض بن موسى، قال ابن عبد الملك المراكشي: إن لم يكن سمع عليه. مولده ووفاته: ولد سنة خمسمائة (500) وتوفي سنة من وثمانين وخمسمائة (586). * ابن الصفار البرنامج (¬45): أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأنصاري الأوسي، ويعرف بالبرنامج، وعلل المراكشي في "الذيل والتكملة" تلقيبه بالبرنامج: إّما لما جمع من فنون المعارف، وإما لما استولى على أعضائه من الآفات، فقل عضو من أعضائه سلم من آفة. والأخير هو الأقرب لما حكاه ابن سعيد في "المغرب" وقد اجتمع به في تونس فوصفه بما يأتي: ولم أر أعجب من شأنه فإنه كان أعمى، معطل اليدين والرجلين، شنيع الخلقة لا يزال لعابه يسيل ووجهه يهتز. وانضاف إلى شناعة الخلقة أنه كان باقعة في أعراض الناس. ومع هذه المعائب اعتنى بكتاب الله، فتلا على أبي القاسم ابن الشرّاط وسمع من خلق لا يحصون الحديث. الإِقامة بالمهدية: ورحل إلى المشرق وأقام بالمهدية، وهناك تلقى على صاحبي الإِمام المازرى من طلبته بالمهدية وهما: أبو القاسم بن مجكان، وأبو يحيى أبو بكر بن الجواد، وأجازه كل منهما. فهو من تلاميذ المازرى بواسطتهما. إقامته بتونس: وحين فرّ من حكم الموحدين ألقى عصا الترحال بتونس ¬

_ (¬45) الذيل والتكملة (السفر6 ص 288).

* ابن عبيد الله

وأكرمه أبو زكرياء الأول إلى أن توفي بها سنة (639). وصلي عليه بجامع الزيتونة. * ابن عبيد الله (¬46): أبو محمد عبيد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن ذي النون. من أهل الإِسناد من أئمة العلم. وله السند العالي عن أبي ذر الهروي في "صحيح البخاري" بواسطة، ويعرف بابن عبيد الله وهو من تلاميذ ابن العربي. شيوخه: كثرة سواء بالتلقي أو بالإِجازة. وممن أجازه: أبو طاهر السلفي، والإِمام المازري. بلغت منزلة الإِمام المازري في الرواية عنده منزلة أبي طاهر السلفي فالأخير بالمشرق، والمازري بالمغرب. وقد أصبح مقصد الراحلين للسماع لعلو سنده إذ أنه علاوة على كثرة تلقيه سماعا وإجازة طول عمره فقد بلغ ستاً وثمانين سنة. ومن أبرز تلاميذه أبو سليمان بن حوط الله، وأبو القاسم بن حبيش، وأبو الربيع بن سالم، وله "برنامج". * القاضي عياض (¬47): تعلَّق القاضي عياض بالمازري تعلقاً شديداً بالغاً، فهو في تعلقه -وهو من شيوخه بالإِجازة- أشد من تعلق تلاميذه الذي جلسوا في حلقات دروسه ويبدو ذلك في ترجمته له، وفيما صنعه في كتابه "المعلم". ثم ترجمة القاضي عياض من أوسع التراجم حتى أنه خصه المقَّري بكتاب خاص وهو "أزهار الرياض في أخبار عياض" ونقتطف حياته زهرة ¬

_ (¬46) الشجرة (ج1 ص 159). (¬47) ذكر المقري أن ما جاء في سرد نسبه في الوفيات هو تحريف.

مكانته وفضله

وخاصة ما يتعلق بالمازري: هو أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمران اليحصبي السبتي. وقال ابنه القاضي أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل عياض: "استقر أجدادنا في القديم بجهة بسطة من بلاد الأندلس ثم انتقلوا إلى مدينة فاس، وكان لهم استقرار بالقيروان، فلا أدري أكان قبل استقرارهم بالأندلس أم بعد؟ ". ولذلك يقول عبد الله بن حكيم: وَكَانَتْ لَهُمْ بِالقَيْرَوَانِ مَآَثِرٌ ... عَلَيْهَا لِمَحْضِ الحَقِّ أوَضح بُرْهَانِ مكانته وفضله: وصفه ابنه القاضي أبو عبد الله بعد تردده بين أن يذكر مكانته وبين أن يترك ذكرها، فقال: "نشأ أبي على عفة وصيانة، مرضي الحال، محمود الأقوال والأفعال، موصوفاً بالنبل والفهم والحذق، طالباً للعلم، حريصاً عليه، مجتهداً فيه، معظماً عند الأشياخ من أهل العلم كثيراً بمجالسته لهم، والاختلاف إليهم، إلى أن برع أهل زمانه، وساد جملة أقرانه، فكان من حفاظ كتاب الله تعالى، مع القراءة الحسنة، والنغمة العذبة، والصوت الجهير، والحظ الوافر من تفسيره وجميع علومه، وكان من أئمة الحديث في وقته، أصوليا متكلما، فقيها، حافظاً للمسائل، عاقداً للشروط، بصيراً بالأحكام، نحوياً، ريّان من الأدب، شاعراً مجيداً، كاتباً بليغاً، خطيباً، حافظاً للغة والأخبار والتواريخ، حسن المجلس، نبيل النادرة، حلو الدعابة، صبوراً حليماً، جميل العشرة، جواداً سمحاً، كثير الصدقة، دؤوباً على العمل، صليباً في الحق، وبلغ في التفنن في العلوم ما هو مشهور، وفي العالم معلوم". شيوخه: له شيوخ عدة من جملتهم: - القاضي أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد قاضي الجماعة بقرطبة. صاحب المؤلفات القيمة ومنها: "البيان والتحصيل لما في المستخرجة من التوجيه والتعليل"، "المقدمات لأوائل المدونة"، "فتاويه". - أبو عبد الله التجيبي القرطبي من المحدثين والأدباء.

شيوخه بالإجازة منهم

- أبو بكر بن العربي الحافظ المستبحر أحد الأئمة صاحب "العارضة" و"العواصم من القواصم". - وأبو عبد الله بن حمدين التغلبي. - أبو علي الغسَّاني صاحب "تقييد المهمل". - أبو علي الصدفي وهو الذي أُلّف في شيوخه معجم القاضي عياض، أولاً ثم ابن الأبّار. وغيرهما. شيوخه بالإِجازة منهم: أبو بكر الطرطوشي صاحب كتاب "سراج الملوك"، وأبو طاهر السلفي، وأبو عبد الله الرازي. قال المقري: وممن أجاز القاضي عياضا ولها يلقه الشيخ الإِمام المجتهد أبو عبد الله المازري. واختصر ترجمته وذكر كتبه كما سيأتي. وذكر عمره وأنه ثلاث وثمانون سنة. تآليفه: للقاضي عياض تآليف عدة كلها فائقة في بابها، وواسطة عقدها "الشفا"، وفيه يقول سعيد بن أحمد المقري: ما ألف في الملة المحمدية مثل كتاب "الشفا". وقال ابن الغَمَّاز قاضي تونس: إنَّ الشًفَاءَ شِفَاءٌ لِلنُّفُوسِ غَدَتْ ... هُدَى الأنَام وَخُصَّ باْلآياتِ وعناية العلماء بـ "الشفا" فائقة بين شارح ومادح. - "مشارق الأنوار على صحيح الآثار" طبع في جزأين. - " كتاب المستنبطة في شرح كلمات مشكلة وألفاظ مغلطة" في عشرة أجزاء، وهو الذي اشتهر "بالتبيهات".

وظائفه

- "الإِلماع في ضبط الرواية وتقييد السماع"، طبع. - "الغنية" في أسماء شيوخه، طبعت. - "ترتيب المدارك، وتقريب المسالك، لمعرفة أعلام مذهب مالك"، طبع مرتين. - "الإِعلام بحدود قواعد الإِسلام"، طبع. - "بغية الرائد، لما تضمنه حديث أم زرع من الفوائد"، طبع. - "المعجم" في شيوخ الصدفي. - "إكمال المعلم، في شرح مسلم" قال المقري: تسعة وعشرون جزءاً. وهو تكميل لهذا الكتاب الذي قمت بتحقيقه. وفيه قال أبو الحكم بن المرحل: مَنْ قَرَأ الإِكْمَالَ كَانَ كَامِلاً ... فِي عِلْمِهِ فزّين المَحَافِلاَ وكَتَبَ العِلْمَ كُنُوزًا إنَّهَا ... تُفِيدُ عَاجِلاً وَآجِلاً وَلَيْسَ مِنْ كُتْبِ عِيَاضٍ عِوَضٌ ... فَإنَّهُ كَانَ إمَاماً فَاضِلاً وظائفه: ولى قضاء سبتة التي ولد بها، ثم قضاء غرناطة. ميلاده ووفاته: ولد سنة (476) وتوفي سنة (544) وكانت وفاته بمراكش، وقبره بها مشهور، وهو أحد الرجال السبعة بها الذين يعرفون "بسبعة رجال" (¬48). ¬

_ (¬48) الوفيات (ج3 ص 383)؛ أزهار الرياض خمسة أجزاء.

* ابن أبي العيش

* ابن أبي العيش (¬49): أبو بكر عبد الرحيم بن محمد بن أبي العيش، كان من الفقهاء والمحدثين. وأخذ عن أبي علي الصدفي إمام الرواية النظّار الممتاز بمعرفة الحديث، وطرقه وعلله وأسماء رجاله. اعتنى بعلم الحديث فأخذه عن فحول رجاله مثل الباجي وابن عبد البر. وثاني من انتسب إليه ابن أبي العيش إمام الدراية الإِمام المازري. فجمع ابن أبي العيش في أخذه وإجازته بين إمامين: أحدهما إمام الرواية وهو الصدفي وثانيهما إمام الدراية المازري وأكثر ما يؤخذ عنه كتاب "المعلم"، فمن درسه درس بحق علم دراية الحديث، وأجازه المازري كتابة من المهدية. وبجمعه بين الرواية والدراية استوطن عاصمة الموحدين مراكش وحدّث بها. وأخذ عنه جماعة منهم أبو الحسن الزهري الذي أسمعه "الموطأ". وتوفي نحو سنة (570). * ابن الفرس صاحب الأحكام (525 - 599) (¬50): أبو محمد عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم واشتهر كأبيه بابن الفرس. وجمع بين الفقه والحديث والتفسير، وبيت ابن الفرس من البيوتات العلمية بالأندلس. وتفقهه متين جمع فيه بين الفروع والأصول والحديث حيث تمكن من كل غاية التمكن. ¬

_ (¬49) التكملة (ج2 ص 597) ط. مجربط؛ الشجرة (ج1 ص 151). (¬50) التكملة (ج2 ص 652)؛ الديباج (ج2 ص 133)؛ الشجرة (ج1 ص 150).

وفاته

وأخذ عن والده وجده، وسمع من أبي الوليد الدبّاغ، وأبي الحسن ابن هذيل واعتنى بالإِجازة، فأجاز له فحول في طالعتهم أبو بكر بن العربي والإِمام المازري، ورغم أن الأندلس تزخر بالعلماء الذين أجاز له جمع منهم مثل أبي الحجاج القُضَاعي، والرّشاطي لم يكتف بهم ورغب في إجازة المازري. ألف في أحكام القرآن كتاباً في جزأين من أحفل ما كتب في أحكام القرآن، واشتهر كتابه هذا وطار صيته حتى في الشرق فذكره صاحب "الكشف": "وللشيخ عبد المنعم بن محمد بن فرس" هكذا بالتنكير، والمشتهرة به عائلته ابن الفرس بالتعريف. وهو من أدق الكتب في تحرير الأحكام من كتاب الله سبحانه وتعالى. وفاته: ذكر ابن الأبّار أن وفاته سنة (597). والذي في "الديباج" سنة (599) وتبعه صاحب "الشجرة". * ابن الفرس (أبو المتقدم) (-567) (¬51): أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن محمد الأنصاري الخزرجي من ولد سعد بن عبادة رضي الله عنه. يكنى أبا عباس الله ويعرف بابن الفرس. من أهل غرناطة وكان جدهم الداخل إلى الأندلس قد نزل سرقوسة على ما ذكره الرازي في "تاريخه". سمع الكثير من الشيوخ الذين بلغ عددهم خمسة وثمانين شيخا. وفي طالعتهم والده أبو القاسم عبد الرحيم. أخذ عنه القراءات ودرس عليه الفقه. ¬

_ (¬51) التكملة (ج2 ص 508)، وقد أطال ابن الأبار في ترجمته لأنه من رجال الإِسناد الذين اعتمدوا في الأندلس، قال ابن الأبار: وحدثنا عنه جماعة من شيوخنا.

* ابن قرقول

وسمع أبا بكر بن عطية، وأبا الحسن بن الباذش، وأبا القاسم بن ورد. ورحل إلى قرطبة في سنة (519) فلقي بها أبا محمد بن عَتَّابٍ، وابن رشد، وأبا بحر الأسدي، وابن الورّاق، وابن طريف، وأبا القاسم بن بَقِيّ، وابن مغيث، وابن الحاج، وابن عفيف. ولقي بمالقة منصور بن الخير، وابن أخت غانم. وغيرهم فسمع من جميعهم، وتفقه ببعضهم. وكتب له جماعة من أعلام الأندلس منهم: أبو عمران بن أبي تليد، وأبو علي الصدفي، وأبو محمد البطليوسي، وأبو الحسن شريح، وأبو الحجاج القضاعي، وأبو محمد اللخمي سبط أبي عمر بن عبد البر، والرشاطي. وكتب له من أهل المشرق: السلفي، وأبو علي بن العرجاء. ومن المهدية أبو عبد الله المازري، وسواهم. ولي الشورى بمرسية والقضاء ببلنسية سار إليه التجيبي قال: ولقيت منه عالماً كبيراً. * ابن قُرْقُول (¬52): أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف بن أدهم الوهراني الحمزي، يعرف بابن قُرْقُول. من مواليد المرية، ونشأ بها. ويقال له: الحمزي، نسبة إلى حمزة لأن أصله منها وهي موضع بناحية المسيلة عمل بجاية. وذكر ابن الأبار في "التكملة" أنه روى عن جماعة كبيرة وطائفة جليلة ¬

_ (¬52) ابن الأبار (ج1 ص151)؛ الوفيات (ج1 ص62)؛ هدية العارفين (ج1 ص9).

مصنفاته

وعد منهم عدداً وافراً، ومن أبرز هؤلاء الشيوخ: أبو محمد الرُّشاطي، وأبو الحجاج القُضاعي، وأبو عبد الله بن وَضَّاح، وأبو بكر بن العربي، وأبو محمد بن السيِّد البطليوسي. وكتب إليه السِّلَفِي، وكتب إليه من المهدية المازري. وله رواية عن أبي الفضل عياض، قال ابن الأبّار: كان فقيها نظاراً أديباً حافظاً يبصر الحديث ورجاله. مصنفاته: يقول ابن الأبّار في "التكملة": "وقد صنّف وألف مع براعة الخط وحسن الوِراقة". والمعروف من مصنفاته: "مطالع الأنوار على صحاح الآثار" وهو كتاب على غرار "مشارق الأنوار" للقاضي عياض كما أفاده في الوفيات. وقد غلط في التعريف بكتابه إسماعيل باشا البغدادي في "هديه العارفين" حيث جعله كتابين الأول "مطالع الأسرار في شرح مشارق الأنوار" و"مطالع الأنوار على صحاح الآثار" إذ لم نر من ذكر أنه شرح "مشارق الأنوار" للقاضي عياض. وإنما في "جذوة الاقتباس" أنه أغار على "المشارق" حيث كان مسوّدة فجرد ما فيه ونسبه لنفسه (¬53). ميلاده ووفاته: ولد سنة خمس وخمسمائة (505). وتوفي بفاس سنة (569). وقُرْقُول (بضم القافين وسكون الراء بينهما وبعد الواو لام). ¬

_ (¬53) والصحيح أنه اختصر مشارق الأنوار للقاضي عياض واستدرك عليه وأصلح فيه أوهاما؛ وكشف الظنون

* كوزان

* كُوزَان (¬54): أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد بن المخزومي الشاهد يعرف بكوزان. لم يتحدث عنه ابن الأبّار إلّا عن "رحلته". فإنه رحل حاجا فسمع بالإِسكندرية من أبي عبد الله الرازي وأبي طاهر السِّلفى. رحلته إلى المهدية: ذكر ابن الآبّار دخوله المهدية، لكن لم يبين دخوله إليها في ذهابه أو إيابه، وإنما اكتفى بأنه لقي بالمهدية أبا عبد الله المازري فحمل عنه تأليفه المترجم بـ "المعلم" من إملائه (¬55) على "صحيح مسلم". والظاهر أن ابن الأبّار تلقى خبر دخوله المهدية من شيخه ابن حوط الله. وقد أجاز أبو إسحاق كوزان أبا سليمان بن حوط الله المذكور وكانت إجازته له سنة (576). واستفاد مترجمه ابن الأبّار أنه كان حيا في تلك السنة. فلما لم يقف على وفاته ذكر إجازته تلك التي يستفاد منها حياته في حدود تلك السنة إذ لم يعرف له خبرٌ بعدها. فكوزان من شيوخ ابن الأبّار بواسطة شيخه أبي سليمان ابن حوط الله. نقف هنا وقفة استفسار لماذا لم يكن للمازري طلبة مثل سحنون من قبله وابن عرفة من بعده، فقد أحيا هذين الإِمامين تلاميذهما فأصبح لكل منهما مدرسة شهيرة والمازري لا يقلّ عن سحنون. ثم إن منزلته في توسعه العلمي تفوق منزلة ابن عرفة رحم الله الجميع. ¬

_ (¬54) التكملة لابن الأبّار (ج1 ص 154). (¬55) والظاهر أن الإِمام نفسه أخبره أنه من إملائه لا من تأليفه.

في ظني أن تلاميذه كثيرون وتأثرهم به تأثر بالغ، لا يقل عمن تقدمه أو تأخر عنه، وإنما لم يتمكنوا من نشر علمه في الناس بسبب ما وقع من سقوط المهدية العاصمة وغيرها من البلدان الساحلية في يد النرمان ومن أحداث أخرى بلبلت الأفكار فإنهم لا شك قد تفرقوا شذر مذر لقرب ما بين وفاته وسقوط المهدية وغيرها، فوفاته سنة 36، في القرن السادس وسقوط المهدية سنة 43 في القرن نفسه. ثم إن الفوضى التي كانت عليها البلاد لا تدع وقتا لطلبته أن يبثوا علمه حتى يشار إليهم بأنهم تلاميذ المازري الذين يحملون فكرته كما هو الأمر مع سحنون وابن عرفة فإن تلاميذهما كانوا تعريفا بالغا بهما. وهناك أمر آخر لا شك أن له تأثيره، وهو أن إفريقية انضوت تحت لواء الموحدين وهم محاربون لمذهب مالك وداعون الناس للعمل بالحديث، وكان اعتمادهم على "سنن أبي داود"، ففي هذا الجو المعاكس تضاءل المذهب المالكي فلم يستطع رجاله أن يشتهروا كما اشتهر غيرهم في الأزمنة السابقة واللاحقة. تفوّق المازري تفوقاً لا ارتياب فيه، وإنما هناك أمر آخر غير ما تقدم يدعو إلى قلة تلاميذه عن الإِمامين سحنون وابن عرفة، وهو أن المهدية التي عاش فيها لم تصل في اتساع العمران مثل القيروان وتونس في عصرهما. وترجع قلة تلاميذه إلى أمر آخر، وهو أنه عاش في ضعف الدولة، بخلافهما فإنهما عاش كل منهما في دولة قوية خاصة سحنون فإنه عاش في عصر الدولة الأغلبية وهي لم تفقد شبابها حتى قرب عصر انقراضها، بخلاف الدولة الصنهاجية فإنها توالت عليها المحن من الزحف المتدفق من الأعراب، ومن انقسام الدولة، ومن التفكك المريع نتيجة الوثوب على السلطان. يدعو كل من الأمرين أن دروسه لا تزخر بالطلبة كما زخرت دروس سحنون وابن عرفة، والكثرة لا تخلو من نبغاء بخلاف القلة فإنها مظنة عدم وجود النبغاء إلا في القليل النادر.

وإلى وجود النبغاء في تلاميذ الإِمامين المتقدمين أشار المقري في "أزهار الرياض": "والإِمام ابن عرفة انتفع به جماعة فكان أصحابه كأصحاب سحنون أئمة في كل بلد. فمنهم أيضاً من بلغ درجة التأليف ووقع الاتفاق على إمامته وتقدمه وسمو رتبته. كشيخنا الإِمام الحافظ المحصل أبي القاسم ابن أحمد البرزلي مفتي البلاد الإِفريقية ومؤلف كتاب الأسئلة "الحاوي للنوازل والفتاوي" (¬56). ومنهم شيخنا الإِمام الحافظ المجتهد، صاحب التصانيف المفيدة أبو عبد الله محمد بن مرزوق، له "المنزع النبيل في شرح مختصر خليل" و"شرح التهذيب" وغير ذلك من المسائل العلميّة". وإذا نظرنا إلى تلاميذ كل منهما نجدهم لا يقتصرون على بلد واحد بل هم من بلدان عدة بخلاف المازري فإنه أصبح في دائرة ضيقة. وهو وإن قلّت تلاميذه الأفارقة فإنه رزق البخت في الأندلسيين الوافدين على المهدية، ولكن شتان بين التلاميذ النابتين في بلد الشيخ وبين الغرباء الوافدين. ومع هذا منحه الله إماما من طلبته بالإِجازة الذي نشر علمه وهو القاضي عياض. ¬

_ (¬56) أزهار الرياض (ج3 ص 25).

طريقة المازري في التدريس والتأليف

طريقة المازري في التدريس والتأليف اتحدت طريقته في التدريس والتأليف لأن تآليفه كلها مأخوذة من إملائه يتلقى أصحابه الآخذون عنه ما يدرسه فيدونونه، وبذلك تألف "المعلم بفوائد مسلم" و"شرح التلقين" و"شرح الجوزقية"، وحينئذ لا يمكن الفصل بين الطريقتين. وإنما ذكر مترجموه أن قلمه كان فيه أبلغ من لسانه، وفي ذلك ما يشير إلى أن بين طريقتيه في التدريس والتأليف بعض مميزات لكن عند التحقيق أبلغية قلمه على لسانه إنما هي في الإِفصاح، أما نفس الطريقة فهى هي. وإذا بحثنا في طريقة المازري نجدها متمثلة غاية التمثيل في كتابيه "المعلم" و"شرح التلقين". ففي "شرح التلقين" سبق ما تقدم في بيان طريقة الكتاب من انبناء "شرح التلقين" على إثارة أسئلة ثم الإِجابة عنها. وأما "المعلم" لما كان مؤسسا على الأحاديث النبوية فهو قد تركز

حكم التطلعات الجوية

على فقه الحديث بطريقة اجتهادية في فنون الفقه كما عبر عنه ابن خلدون: "وأملى عليه (أي "الجامع الصحيح لمسلم") الإِمام المازري من فقهاء المالكية شرحاً، وسماه "المعلم، بفوائد مسلم" اشتمل على عيون من علم الحديث، وفنون من الفقه" (¬57). امتاز المازري بكونه يعمد أساسا إلى عيون المسائل ولبّها دون الاشتغال بقشورها شأن الجلة من العلماء المجتهدين، وهذا ما عبر عنه القاضي عياض في "الغنيه" ونقله ابن فرحون في "الديباج": "وكان آخر المشتغلين من شيوخ إفريقية بتحقيق الفقه ورتبة الاجتهاد، ودقة النظر" (¬58). حكم التطلعات الجوية: وله تفوق في المواطن الدقيقة حيث تجده يأتي بتحريرات بارعة تكشف ما هو الصواب وعين الحقيقة مما لا تجده عند غيره، وهي المواطن التي تزل فيها الأفكار، مبرزاً من فن الاجتهاد الفكري ما يعزّ، مثل شرحه لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في الحديث القدسى: " قال ربّكم: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر الحديث" (¬59). قال الشيخ وفقه الله: هذا يحمل على أن المراد به تكفير من اعتقد أن المطر من فعل الكوكب وخلقه دون أن يكون خلق الله سبحانه، كما يقول بعض الفلاسفة من أن الله سبحانه لم يخلق إلا شيئاً واحدا وهو العقل الأوّل عندهم وكان عن العقل الأول غيره. وهكذا عن واحد آخر إلى أن كان ¬

_ (¬57) المقدمة (ج1 ص 801). (¬58) الديباج (ج2 ص 281). (¬59) الفقرة (45).

تحريره الاجتهادي لمواطن الخلاف

عن كل فلك ما تحته حتى ينتهي الأمر إلى الإِمطار وإلينا في تخليط طويل ليس هذا موضع ذكره. وأما من اعتقد أن لا خالق إلا الله سبحانه ولكن جعل في بعض الاتصالات من الكواكب دلالة على وقوع المطر من خلقه تعالى عادة جرت في ذلك، فلا يكفر بهذا إذا عبَّر عنه بعبارة لا يمنع الشرع منها والظن بمن قال من العوام: هذا نوء الثُّريّا ونوء الراعي، أنه إنما يريد هذا المعنى، وقد أشار مالك رحمه الله في "موطئه" (ج1 ص192) إلى هذين المعنيين، وأوردهما في بابين فأورد في المعنى الأول الحديث الذي نحن فيه، وأورد في المعنى الثاني "إذا أنْشَأتْ بَحْرِيَّة ثُمَّ تَشَاءَمَتْ فَتِلْكَ عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ" (59 مكرر). حيث وضح مذهب الفلاسفة القائلين بخلق العقل الأول وهو ما لا يقبله الدين الصحيح، ولا العقل الرجيح. ثم لم يقف موقف الجمود فيمنع ما يفيده علم الأنواء من ارتباطات بين ظواهر منبئة عن حدوث الأمطار مثلا. واستدل على عدم منع التطلعات الجوية بما ثبت في حديث آخر وهو: "إذاً أنشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة". واستخرج هذا الارتباط من صنيع مالك رضي الله عنه في "الموطأ" إذ جمع بين الحديثين، وهو وقوف منه على معرفة أسرار جمع الأحاديث في "الموطأ"، وهو من خصائص الإِمام في الربط بين الأحاديث سواء في العقيدة أو الفقه. تحريره الاجتهادي لمواطن الخلاف: يظهر امتياز المازري الاجتهادي الذي أعجب به العلماء في مواطن الخلاف. وامتيازه هذا موزع بكثرة في "المعلم". ونذكر نموذجا من ¬

_ (59 مكرر) الموطأ (ج1 ص192).

ذلك في شرحه لما جاء في حديث بشير بن أبي مسعود: "أمَا عَلِمْتَ أنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ نَزَل فَصَلَّى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -" الحديث (¬60). علق الإِمام المازري على أن هذا الحديث احتج به من يقول بجواز صلاة المفترض خلف المتنفل فذكر ما يأتي: "واحتج بهذا الحديث من يقول بجواز صلاة المفترض خلف المتنفل فقال: صلاة جريل كانت نافلة. واعتضدوا برواية من روى في حديث جبريل: "بهذا أمرتَ" بالنصب؟ والجواب عن ذلك أن نقول: إن كنتم أخذتم ذلك من مقتضى الحديث لأجل إخباره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مأمور بذلك فلا حجة فيه، إذ ليس في إخباره له أنه أمر بذلك، دليل على أن جبريل لم يؤمر بذلك بل يصح أن يكون أمر أيضاً، وإن كنتم أخذتم ذلك من أن جبريل لا يكلف ما كلفناه من شريعتنا. قيل: ولا يتعبد أيضاً على جهة التنفل فتكون في حقه نافلة، ويصح أن يقال أيضاً: إنما يتم لكم ما احتججتم به إذا سلم لكم أن تلك الصلاة كانت واجبة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلو قيل إنما استقر عليه وجوبها بعد بيان جبريل له في اليومين جميعاً، فلا تكون واجبة في حقه حين صلاها مع جبريل بل لم يكن في الحديث تعلق في هذا. وأما رواية من روى: "بهذا أمرتُ" بالرفع فهي حجة على رأي من يرى أن المأمور به هو الواجب، فيقول: لا يخلو أن يكون جبريل عليه السلام أمر أن يبلغ ذلك قولاً أو فعلاً، أو خير فيما شاء منهما، فلا يقال: إنه أمر أن يبلغ قولاً فخالف إذ لا يليق به ذلك. فإذا كان أمر أن يبلغه فعلاً أو خيّر فاختار الفعل صار بيانه واجباً وكأن المؤتمّ به ائتمّ بمن وجب عليه الصلاة. ¬

_ (¬60) الفقرة (256).

الإشادة بطريقة المازري

وأما على رأي من يرى أن المأمور به ينطلق على غير الواجب فيكون الجواب على ما قدمناه قبل هذا. لم يترك المازري نقطة يتعلق بها المخالف للمذهب المالكي القائل بجواز صلاة المفترض وراء المتنفل إذ استخرج الاحتمالات كلها فنوّعها أولاً على الروايتين: الأولى: رواية "بهذا أمرتَ" (بتاء الخطاب) في "أمرتَ" لأن هذه الرواية تقتضي أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - هو المأمور بالصلاة فهي واجبة عليه دون جبريل إذ لم يؤمر. وحين نزول تعليم الصلاة أمَّ جبريل النبيء - صلى الله عليه وسلم - وهو متنفل لأنه لم يؤمر بها وإنما المأمور بها النبيء - صلى الله عليه وسلم - فهي واجبة عليه، وبهذا تكون صلاة المفترض وراء المتنفل، ويؤخذ من ذلك الجواز. وأجاب المازري عن هذه الرواية بأنها لا تفيد المتعلق بها بأجوبة تطرق فيها لكل الاحتمالات. وكذلك تطرق لاحتمالات الرواية الثانية وهي التي جاء فيها قوله: "وبذلك أمرتُ" (بضم تاء المتكلم) فيكون جبريل مأموراً أيضاً. الإِشادة بطريقة المازري: تمثل طريقة المازري الفقهية الطريقة القيروانية الأصيلة وإلى هذه الطريقة أشار في "أزهار الرياض". والعلة في ذلك -أي في التمكّن من ملكة التصرف- كون صناعة التعليم وملكة التلقي لم تبلغ فاسا كما هي بمدينة تونس، اتصلت إليهم من الإِمام المازري، كما تلقاها عن الشيخ اللخمي عن حذاق القيروانيين، وانتقلت ملكة التعليم إلى الشيخ ابن عبد السلام مفتي

البلاد الإِفريقية وأصقاعها، المشهود له برتب التبريز والإِمامة، واستقرت تلك الملكة في تلميذه ابن عرفة رحمه الله تعالى (¬61). نقل صاحب "الأزهار": هذا من تعليق لبعضهما أشاد فيه بالطريقة التونسية التي واسطة عقدها الإِمام المازري، فهو الإِمام المتسلسلة منه إلى تلاميذه. ونشير إلى الفرق بين الاصطلاح العراقي والاصطلاح القروي، وإلى ذلك أشار في "أزهار الرياض": "وقد كان للقدماء، رضي الله عنهم، في تدريس "المدونة" اصطلاحان: اصطلاح عراقي، واصطلاح قَرَوي. فأهل العراق جعلوا في مصطلحهم مسائل "للمدونة" كالأساس، وبنوا عليها فصول المذهب بالأدلة والقياس، ولم يعرجوا على الكتاب بتصحيح الروايات، ومناقشة الألفاظ، ودأبهم القصد إلى أفراد المسائل، وتحرير الدلائل، على رسم الجدليين، وأهل النظر ميت الأصوليين. وأما الاصطلاح القَرَوي فهو البحث عن ألفاظ الكتاب، وتحقيق ما احتوت عليه بواطن الأبواب، وتصحيح الروايات، وبيان وجوه الاحتمالات، والتنبيه على ما في الكلام من اضطراب الجواب، واختلاف المقالات، مع ما انضاف إلى ذلك من تتبع الآثار، وترتيب أساليب الأخبار، وضبط الحروف، على حسب ما وقع في السماع، وافق ذلك عوامل الإِعراب أو خالفها. فهذه كانت سيرة القوم رضوان الله عليهم، إلى أن عمّ التكاسل، وصار رسم العلم كالماحل، ويحقق ما قلناه تصرف التونسي في تعاليقه اللّطيفة ¬

_ (¬61) أزهار الرياض (ج3 ص 24).

الاستجمام في دروسه

المنزع، واللخمي. في "تبصرته" البارعة الختام والمطلع، إلى غير ذلك من تآليف القرويين وتعاليق المحققين، من شيوخ الإِقريقيين. وقد سلك القاضي عياض في "تنبيهاته" مسلكاً جمع فيه بين الطريقتين والمذهبين، وذلك لقوة عارضته، نفعه الله بذلك، وأعاد علينا من بركاته" (¬62). لا يتطرق الشك في أن القاضي عياضاً سلك مسلكاً جمع فيه بين الطريقتين لكن سبقه إلى ذلك المازري ومع كون المازري كان سابقاً للجمع بين الطريقتين له منزع خاص اجتهادي ذكره له القاضي عياض نفسه، ومنزعه الاجتهادي مستقى من الإِمام مالك رضي الله عنه. الاستجمام في دروسه: أخذ الإِمام المازري في دروسه بالطريقة النبوية بالاستجمام حيث يأتي بحكايات قصد الترفيه على طلبته حتى لا يكلوا من تتابع المسائل مما يؤدي بهم إلى الملل، وقد ذَكر له طريقة دروسه المتخللة بالاستجمام من ترجم له. واعتنى أحد طلبته وهو أبو الحسن طاهر بن علي من أهل سوسة الذي صاحب أبا عبد الله المازري بالمهدية فجمع من حكاياته ما التأم منه جملة تلقاها القاضي أبو عبد الله ابن حميد، وهي التي قرأها ابن الأبّار بخطه، وبذلك تعرف على أبي الحسن طاهر بن علي السوسي حتى ترجم له. ومن لطائف دروسه أن بعض طلبة الأندلس ورد على المهدية وكان يحضر مجلس المازري، ودخل شعاع الشمس من كوُّة فوقع على رجل الشيخ المازرى فقال الشيخ: هَذَا شُعَاعٌ مُنْعَكِسْ ¬

_ (¬62) الأزهار (ج3 ص22).

تآليفه

فذيله الطالب المذكور حين رآه متزنا، فقال: هذَا شُعَاعٌ مُنْعَكِسْ ... لِعِلَّةٍ لاَ تَلْتَبِسْ لَمَّا رَآكَ عُنْصُرًا ... مِن كُلّ عِلْمِ يَنْجَبِسْ أتَى يَمُدُّ سَاعِدًا ... مِنْ نُورِ علْم يَقتَبِسْ ذكر هذه القصة التي حكاها الطالب الأندلسي المقري في "أزهار الرياض" (ج3 ص 166). تآليفه: وأما كتبه فقد ذكرها المقري في "أزهار الرياض" في أخبار القاضي عياض ونسوقها مرتبة حسب ترتيبه: ا) المُعلم بفوائد مسلم. 2) كتاب التَّعليقة على المدونة. 3) كتاب شرح التَّلْقين. 4) كتاب الرد على الإِحياء للغزالي المسمى بكتاب الكشف والإِنباء عن المترجم بالإِحياء. 5) كشف الغطاء عن لمس الخطا. 6) كتاب إيضاح المحصول من برهان الأصول. 7) تعليقة على أحاديث الجَوْزَقي. 8) إملاء على شيء من رسائل إخوان الصفا، سأله السلطان تميم عنه.

9) كتاب النكت (¬63) القَطْعِيّة في الرد على الحَشْوية والذين يقولون بقدم الأصوات والحروف. 10) فتاوى (¬64). نجد المقري أوفى المترجمين للمازري إذ يذكر كتبه. ويأتي بعد المقري ابن فرحون فيذكر له أربعة تآليف لكنه زادنا كتابا آخر على هذه القائمة وهو: 11) نظم الفرائد في علم العقائد: قال: نسب له هذه العقيدة أبو العباس أحمد بن يوسف اللِّبلي في "مشيخة" التجيبي فذكر أن من شيوخه المازري وأن من تآليفه العقيدة المذكورة (¬65) وكتبه المتصلة بالفقه أشد اتصال والمتعلقة به وهي من الأصول دون الرسائل أربعة. 1) تعليقه على المدونة: وكنت غير مطمئن لما ذكره المقرى من نسبة هذه التعليقة على المدونة إليه لانفراده بذكرها دون غيره وبالأخص ابن فرحون الذي يعني "بكتب المالكية التي يوليها عناية أكثر لم يذكرها لكن اطمأنَّت نفسي حين وقفتُ في "معالم الإِيمان" لابن ناجي على ما يدل على أنه اطلع عليها. وهذا نص ما جاء في "المعلم" في ترجمة السيوري: (قلت): قال عياض: وله أي السيوري تعليق على نكت المدونة أخذه عنه أصحابه (¬66). ويريد -والله أعلم- أنه لم يؤلفه وإنما أصحابه قيدوا عنه ذلك مما يسمعونه منه في درسه لقول المازري في تعليقه على المدونة ¬

_ (¬63) في رسالة الإِمام المازري لعبد الوهاب كتاب النقط وأظنه تحريفا. (¬64) أزهار الرياض (ج3 ص 166). (¬65) الديباج (ص 280). (¬66) أخذه ابن ناجي من ترتيب المدارك (ج4 ص770).

لم يؤلف السيوري إلا كراسة وليس له تأليف وسببها أنه بلغ من ورعه ما تقدم (¬67). يفيد كلام (ابن ناجي) هنا أنه اطلع على تعليق المازري الذي نقل منه ما نقل. 2) شرح التلقين: والتلقين للقاضي عبد الوهاب بن علي البغدادي المالكي (422). ومن التلقين نسخة كاملة في خزانة كاتبه عدد صفحاتها (174). وبواسطة هذه النسخة من التلقين يمكن معرفة ما شرحه المازري وبذلك نعرف النقص من كتاب شرح التلقين هذا. وطريقة الإِمام المازري في شرح التلقين طريقة مبتكرة وهي أنه يذكر ما ذكره القاضي عبد الوهاب في كتابه التلقين ثم يعقب ذلك بأسئلة، ثم يجيب بإطناب على كل سؤال في المسألة. وذلك مثل غسل الوجه في الوضوء يورد عليه خمسة أسئلة وهي: 1) هل حد الوجه الذي ذكره القاضي في التلقين صحيح؟ 2) هل اللحية من الوجه أم لا؟ 3) هل يجب تخليلها؟ 4) هل البياض الذي بين الوجه والصدغ من الوجه أم لا؟ 5) ثم نبه عن العنفقة والحاجب. وقد تبلغ هذه الأسئلة على المسألة الواحدة نيفا وعشرين سؤالا. وفي جواب كل سؤال يطيل المازري حتى أن الجواب الواحد يستغرق صفحات قد تصل إلى سبع. ¬

_ (¬67) معالم الإِيمان لابن ناجي (ج3 ص 226).

فالإطناب في المسائل عادة هذا الشرح فهذا كتاب الحجر والتفليس بلغت صفحاته قرابة مائة وخمسين من القالب الكبير بالخط الدقيق وهي بحسب الطبع تزيد على 300 صفحة. والكثير من أجزاء الكتاب يوجد بالمدينة المنورة بمكتبة الحرم من أوقاف المرحوم الشيخ محمد العزيز الوزير المهاجر التونسي وقد تمكنت من معرفة اتصال بعضها ببعض فيمكن أن نستخرج نسخة لكنها غير تامة لأن الجزء الثاني على حسب ما وقفت عليه مفقود وقد اسخرجت له فهرسا، وبالمكتبة الوطنية مثل ذلك ثم إن هذا الكتاب هل أتمه المازري أم لم يتمه؟ الذي في الديباج المُذْهَب، في معرفة أعيان علماء المذهب أنه لم يتمة حيث يقول: لم يبلغنا أنه أكمله (¬68). وما قاله ابن فرحون صحيح حيث إني وقفت على نسختين من الجزء الأخير وكلتاهما تبتدئان بالحجر والتفليس وتنتهيان بكتاب الرهن وجاء في النسخة المدنية: نجز ما وجد من كتابة الإِمام الشيخ المازري بحمد الله وحسن عونه وتوفيقه. وبالرجوع إلى متن التلقين نجد أن هناك الشيء الكثير مما لم يشرحه المازري، أي ما يقارب ثلث الكتاب. ولا بد هاهنا من التعرض إلى عدم إقبال الكثير على هذا الكتاب بالخصوص حتى يكون مثل الأمهات المتعبرة في الفقه المالكي مثل تهذيب البراذعي حتى يكون من الكتب المدروسة لا الكتب المرجوع إليها عند الخاصة ويرجع ذلك لأمور: أولاً وأساسا: أنه لم يجعل كتابه أصلاً بل جعله فرعاً لما كتبه القاضي عبد الوهاب، فلذلك لم يكن مثل تهذيب البراذعي أو الجواهر لابن شاس، ¬

_ (¬68) الديباج المذهب (ص 280).

مؤلفاته

أو مختصر ابن الحاجب، فطول مباحثه وكونه شرحاً لغيره جعلا الهمم تتقاصر عنه. ثانيا: أنه لم يكن كتابه على طريقة الكتب التي جاءت مبنية على الطريقة القيروانية لأخذه أساسا طريقة العراقيين التي من أشهر أئمتها القاضي عبد الوهاب، وهذه الطريقة وإن لم تُهجر لكنها في التدريس لم تُتخذ أساسا مثل ما كتب على الطريقة القيروانية. ثالثاً: أنه اعتمد الأدلة كثيرا والطلبة في العصور بعده أعرضوا عن الأدلة اكتفاء بنصوص المذهب، إذ كانوا يميلون إلى الفقه المجرد المختصر كما يتضح ذلك بالإِقبال على المختصر الخليلي فلا يميلون إلى معرفة الخلاف في المذهب فضلا عن الخلاف خارج المذهب الذي اعتنى به المازري، وذلك أنه لما ظهر مختصر خليل المقتصر على ما به الفتوى أعرض الناس عن مختصر ابن الحاجب لذكره للخلاف. رابعاً: أن طريقة ابن شاس وابن الحاجب وهي طريقة المدرسة المصرية التي اتبعت طريقة الغزالي في وجيزه، قد طغت على غيرها فتناسى الناس طريقة المازري وحتى طريقة التهذيب التي اتبعها المالكيون مدة ليست بالقصيرة كما يدل لذلك الكتابات المتعددة على التهذيب. 3) تعليقه على أحاديث الجوزقي: وهو الحافظ أبو بكر محمد ابن عبد الله بن محمد بن زكرياء النيسابوري، محدث نيسابور، وجوزق (بفتح الجيم) ناحية من نيسابور، توفي سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة (388) هـ. مؤلفاته: الأربعون في الحديث، الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم، الصحيح المخرَّج على مسند مسلم، كتاب المتفق الكبير في ثلائمائة جزء، المتفق في الفروع (¬69). ¬

_ (¬69) هدية العارفين (ج2 ص 56).

قراءة المازري كتاب الجوزقي

قراءة المازري كتاب الجوزقي: حكى ابن غازي في تعليقه على البخاري عن المازري أنه قرأ كتاب الجوزقي على ابن المنيصر فقد حكى عنه أنه اجتمع في داره أبو إسحاق التونسي، وأبو القاسم السيوري. تعليقه على الكتاب: علق المازري على كتاب الجوزقي تعليقا، وليس شرحاً لأن الشرح فيه استيعاب بخلاف التعليقة فإنها تتناول مواضع خاصة. ثم إن تعليقته هذه لم يكتبها بقلمه وإنما علقها بعض تلاميذه كما أفاده ابن غازي حيث قال: فيما عُلق عنه على كتاب الجوزقي. ولم نقف على ما يفيد الكتاب الذي علق عليه المازري من كتب الجوزقي ما هو، لأن للجوزقي كتباً متعددة كما تقدم. ومن الأقرب حسبما يبدو أنه الجمع بين الصحيحين له لأن المازري شرح مسلماً بعد ذلك فليس هو كتابه الصحيح المخرج على مسند مسلم لأنه إذا كان هو الصحيح المخرج يكون هناك تكراراً في خدمته لمسلم. لكن لا يبعد أن يكون علّق على الصحيح المخرج حين إقرائه له بعد قراءته على بعض شيوخه. ثم لما طلب منه قراءة صحيح مسلم في رمضان شرحه بعد أن علق تعليقا غير شامل على الصحيح المخرج للجوزقي وإنما لم نستبعد أن يكون الصحيح المخرج لأن عناية أهل المغرب بمسلم عناية فائقة، دون بقية كتب الحديث. ولا نشك أن كتاب الجوزقي الكبير الذي في ثلثمائة جزء لم يعلق عليه المازري لأنه كتاب ربما لم يصل إلى إِفريقية، ثم إنه كتاب كبير جداً لا يمكن أن يدرس. وعندما يقع الظفر بهذه التعليقة يتضح اليقين ما هو الكتاب الذي علق عليه.

اعتناء أهل المغرب بكتب المازري

اعتماد هذه التعليقة: اعتمد هذه التعليقة ابن غازي في تعليقه على صحيح البخاري فذكر أنه يشير بحرف (ز) إلى هذه التعليقة. نموذج من تعليقته: نقل ابن غازي فيما كتبه على قوله: "باب الوضوء ثلاثاً" (ز) ثم قال الباجي: لا ينوي بالثانية إكمال فرض الأولى. وأبو إسحاق التونسي ينوي إن بقي شيء من الفرض فهذا له. وعابه أبو القاسم السيوري، وذلك أنه قال لتلامذته: لما مات شيوخنا وبقينا بلا مذاكرة قلت لصاحبي أبى إسحاق: عسى أن نجتمع للمذاكرة في موضح يكون منتصفا بين دارينا ففعلنا (ز). فحكى لي ابن المنيصر الذي قرأت عليه الجوزقي أنهما اجتمعا بداره حتى أكملا قراءة الموازية، قال السيوري: فلما شاركني في الكلام على الموازية سبقني للتأليف عليها فلذلك كان تعليقه عليها خيراً من تعليقه على المدونة. ثم قال لتلامذته: اقرأوا عليَّ تعليقه على المدونة فابتدروا بهذه المسألة فبين لهم وجه نقصها فأرادوا أن يزيدوا فأبى وقال: الرجل ميت (¬70). اعتناء أهل المغرب بكتب المازري: بلغت هذه التعليقة إلى المغرب حتى اعتمدها ابن غازي حين علّق على البخاري فنقل منها ما أبقى شيئاً من هذه التعليقة التي أفادتنا طريقة المازري فيها بأنها غير طريقته في المعلم إذ يظهر منها أنه اعتمد فيها على شيوخه. 4) شرح البرهان: اعتنى الإِمام المازوي بكتاب هامّ من كتب أصول الفقه، وأظهر قيمته وهو كتاب البرهان الذي يصفه ابن السبكي: "وأنا أسميه لغز الأمة لما فيه من مصاعب الأمور، وإنه لا يُخْلي مسألة عن ¬

_ (¬70) لأن أبا إسحاق التونسي توفي سنة (443)، وتوفي أبو القاسم السيوري سنة (462).

صاحب البرهان

إشكال، ولا يخرج إلا عن اختبار يخترعه لنفسه وتحقيقات يستبدُّ بها" (¬71). صاحب البرهان: هو أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف ابن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيويه السَّنْبِسِي المشتهر بإِمام الحرمين. تلقيه: تلقى أولاً على والده أبي محمد عبد الله العلامة. ومن شيوخه غير أبيه أبو القاسم الإِسفراييني. وسمع الحديث من أبى بكر الأصبهاني، ومن أبي سعيد النَّضروي وغيرهما. وأجاز له أبو نعيم الأصبهاني صاحب الحلية. رحلاته: رحل إمام الحرمين قبل أن يرحل إلى الحرمين رحلات، ثم رحل إلى الحجاز وهناك جاور بمكة أربع سنين يدرس ويفتي. ثم جاور بالمدينة، وبمجاورته بالحرمين لقب بإمام الحرمين. منزلته: وقف إمام الحرمين مواقف لنصرة السنة أظهرت منزلته العالية. وأضاف إلى دروسه ومناظراته، وخطبه التأليفَ. ألّف مؤلفات عدة تزيد على الأربعين نقتصر على البعض منها في أصول الفقه الكتابان المشهوران البرهان، (¬72) والورقات وطبع بعض شروحها. وفي علم الكلام الإِرشاد. ميلاده ووفاته: ولد سنة (419) وتوفي سنة (478). ¬

_ (¬71) الطبقات (ج5 ص 192) ط. الثانية. (¬72) طبع البرهان في قطر على نفقة صاحب السمو أمير دولة قطر.

البرهان وشرحه للمازري

البرهان وشرحه للمازري: يعد البرهان لإِمام الحرمين من العمد في كتب أصول الفقه وقد سلك فيه صاحبه مسلكاً اخترعه لنفسه وحرر فيه تحريرات نفيسة؛ إلا أنه صعْب في استخراج مسائله فهو كما قدمنا عن السبكي لغز من الألغاز، وهذا اللغز تصدى له الإمام المازري، وأظهر فيه إشكالات. ودعا الإِمام المازري أن يتولى ذلك أنه انتقد الإِمام مالكاً رضي الله عنه وحمل عليه في مسألة القول بالمصلحة المرسلة، كما في طبقات ابن السبكي. ويشرح ما بيناه تعجب ابن السبكي لمَّا شرحه المازري ومن سلك مسلكه ولم يشرحه علماء الشافعية حيث قال: "وهذا الكتاب من مفتخرات الشافعية، وأنا أعجب لهم فليس منهم من انتدب لشرحه، ولا لكلام عليه إلا مواضع يسيرة تكلم عليها أبو المظفر بن السمعاني في كتاب القواطع وردها على الإِمام. وإنما انتدب له المالكية فشرحه الإِمام أبو عبد الله المازري شرحاً لم يتمه، وعمل عليه أيضاً مشكلات. ثم شرحه أيضاً أبو الحسن الأبياري من المالكية (¬73). ثم جاء شخص مغربي يقال له الشريف أبو يحيى جمع بين الشرحين، وهؤلاء كلهم عندهم بعض تحامل على الإِمام من جهتين: ¬

_ (¬73) أبو الحسن الأبياري ترجم له ابن فرحون في الديباج: أبو الحسن على بن إسماعيل بن علي الملقب شمس الدين وشهرته بأبي الحسن الأبياري: كان من العلماء الأعلام، بارعاً في علوم شتى: الفقه وأصوله وعلم الكلام، درس بالإِسكندرية. له تصانيف منها كتاب شرح البرهان لأبي المعالي الجويني، وله سفينة النجاة على طريقة الإِحياء للإِمام الغزالي (551 - 616) الديباج (ج2 ص 121).

إحداهما: أنهم (أي المغاربة) يستصعبون مخالفة الإِمام أبي الحسن الأشعري ويرونها هجنة عظيمة، والإِمام (أي أبو المعالي الجويني) لا يتقيد بالأشعري، ولا بالشافعي لاسيما في البرهان، وإنما يتكلم على حسب تأدية نظره واجتهاده، وربما خالف الأشعري وأتى بعبارة عالية على عادة فصاحته فلا تحمل المغاربة أن يقال مثلها في حق الأشعري. والثانية: "أنه ربما ينال من الإِمام مالك رضي الله تعالى عنه كما فعل في مسألة الاستصلاح والمصالح المرسلة، وغيرها" (¬74). وما ذهب إليه ابن السبكي في الطبقات محل نظر، وذلك لأن. المازري في مسألة المصالح المرسلة قد أغمض الجفن عما قاله أبو المعالي الجويني كما وضحناه في بحث لنا نشر مع المحاضرات التي ألقيت في ملتقى ابن عرفة (¬75). وإنما الداعي إلى الإِمام المازري لشرح (البرهان) لإِمام الحرمين الجويني هو أنه درَّسه على عادته في تدريس الكتب المعتمدة، والبرهان كتاب معتمد في أصول الفقه اجتهد فيه صاحبه حتى انه لم يتبع الشافعي في أصول الفقه ولا أبا الحسن الأشعري، فيما يتصل بأصول الدين والمازري ميال إلى الاجتهاد فلذلك في درّس هذا الكتاب ولما وجد فيه إشكالات أثارها كما أشار إليه ابن السبكي كما قدمنا من قوله: "وعمل عليه إشكالات". وأثار المازري الإِشكالات لا من باب التحامل كما يقول ابن السبكي، وإنما لما درس الكتاب وقف على تلك الإِشكالات فأبداها في درسه. أليس يحق له أن يُبدي الإِشكالات حين يرى أن إمام الحرمين يبدو من كلامه إنكار علم الله تعالى بالجزئيات مثلا؟ ¬

_ (¬74) طبقات الشافعية الكبرى (ج5 ص 192). (¬75) ص 259.

اقتفاء الأبياري وغيره للمازري

وهو إشكال أثاره الإِمام المازري وإن أجاب عنه ابن السبكي بجواب مطول فيه شيء من التحامل على الإِمام المازري ومن اقتفى وأخذ برأيه لا يمكن إغفاله. اقتفاء الأبياري وغيره للمازري: اقتفى أبو الحسن الأبياري كما قدمناه آثار المازري في شرحه للبرهان، واتبعه في إثارة إشكالات عليه. وهذا الشرح الأبياري يوجد منه الجزء الأول الذي نسخ في عصر مؤلفه سنة (614) والمؤلف كما قدمنا توفي سنة (616)، وهي نسخة محفوظة بمكتبة مراد ملا، ويسمى هذا الشرح باسم "التحقيق والبيان، في شرح البرهان". ولا يخرج هذا الشرح عن طريقة الإِمام المازري في تعقب كلام إمام الحرمين لرد آرائه. ولم يقف على ترجمته الدكتور عبد العظيم الديب محقق كتاب البرهان مع أن ترجمته في الديباج المُذْهب، في معرفة أعيان علماء المذهب لابن فرحون المدني كما قدمنا، ولم يقف عليها لأن الأبياري من علماء المالكية، ثم أنه ضبط الإِبياري (بكسر الهمزة) مع أن الأبياري (بفتح الهمزة) كما نص على ذلك ابن فرحون، وأصله من أبيار مدينة من بلاد مصر على شاطئ النيل بينها وبين الإِسكندرية أقل من يومين، وهي بفتح الهمزة. أتى أبو يحيى الشريف الحسني وجمع بين شرح الإِمام المازري وشرح أبي الحسن الأبياري كما أفاده ابن السبكي في الطبقات حيث قال: "ثم جاء شخص مغربي يقال له الشريف أبو يحيى جمع بين الشرحين" (¬76). هكذا عبر ابن السبكي عن أبي يحيى الشريف الحسني بأنه شخص ¬

_ (¬76) الطبقات (ج5 ص 192).

فتاوى المازري

مغربي، وقوله هذا تحقير من ناحيتين للشريف نفسه ولمن ينسب للمغرب، وهذه عادة في البعض نرجو أنها اليوم زالت من العقول والألسنة. ولم يصنع هذا الصنيع مع المازري لأنه أقر له بالتقدم والمكانة والإِمامة لأنه من فحول العلماء. ويوجد شرح أبى يحيى الشريف الحسني في مكتبة جامع القرويين كما أفاده الدكتور الديب في مقدمة البرهان الذي حققه، وهو مبتور من الأول كما يقول فهرس جامع القرويين وهذا الشرح يسمى كفايه طالب البيان في شرح البرهان وهو لا شك أنه شرح لبرهان أبي المعالي الجُويني. وتردد الدكتور الديب في غير محله لأن ابن السبكي في طبقاته صرح بأن الشريف أبا يحيى جمع بين الشرحين وزيادة على ذلك نقل عنه، فهو قد اطلع عليه. وشرح المازري لم أقف إلى الآن على وجود نسخة منه فلذلك يعد مفقوداً حتى نظفر بنسخة منه، والذي يعوضه ويقوم مقامه شرح الشريف أبى يحيى حيث يوجد في مكتبة القرويين بفاس، وأفادنا أنه جمع بين الشرحين ابن السبكي وهو وإن كانت له إضافات فهو لا يخلّ بما في كل شرح، والجمع بين كتابين فأكثر طريقة أقبل عليها المؤلفون في القرن السابع وولعوا بها أيما ولوع. فتاوى المازري يتجلى فقهه في فتاويه وهذه ناحية هامة من المازري تحتاج إلى بحث خاص. ولي في ذلك بسطة تتعلق بفتاويه وبيان مميزاتها وإنما نشير بإيجاز إلى إحداها، وهي التي أجاب بها لمّا سئل عن أحكام تأتي في زمانه من صقلية من عند قاضيها أو شهود عدولها هل يقبل ذلك منهم أم لا مع أنها ضرورة ولا تُدرى إقامتهم هناك تحت أهل الكفر هل هي اضطرار أو اختيار؟

وقد أجاب المازري عن هذا بجواب يدل على تقديره للظروف دون تسرع إلى القدح في أولئك الحكام الذين أولاهم أهل الكفر. ومن أحسن ما علل به هو أن أولئك الباقين في دار الكفر قد يكون بقاؤهم هنالك لغاية شريفة وهي: أنهم أقاموا بدار الحرب اضطراراً، وإقامتهما هذه لا إشكال أنها لا تقدح في عدالتهم. والمهم الأمر الثاني الذي يدعو إلى عدم نفي العدالة عن المقيمين بدار الحرب وهو أنهم إذا كان لهما تأويل صحيح وهو أن إقامتهم بدار الحرب برجاء هداية أهل الحرب ونقلهم عن ضلالتهم وبذلك لا تنفى عنهم العدالة. واستدل على صحة ما ذهب إليه بما أشار إليه الباقلاني من أيمة المالكية وبما أشار إليه أصحاب مالك في تجويز الدخول لدار الحرب لفكاك الأسير. فأنت ترى في هذا الجواب ما يدل على أن المازري يعرف كيف يطبق الأحكام في الظروف الحرجة التي تنتاب المسلمين حتى يخفف من المصيبة الحالة بهم، فهو إذ لما يفت بعدم عدالة قضاة دار الحرب كان قد حافظ على الإِسلام في تلك الديار. ولنفاسة هذه الفتوى نأتي بها بنصها. "القادح في هذا وجهان: الأول يشتمل على القاضي وبيّناته من ناحية العدالة، فلا يباح المقام في دار الحرب في قياد أهل الكفر، والثاني من ناحية الولاية إذ القاضي مولّى من قبل أهل الكفر. والأول له قاعدة يعتمد عليها في هذه المسألة وشبهها وهي تحسين الظن بالمسلمين ومباعدة المعاصي عنهم فلا يعدل عنها لظنون كاذبة وتوهمات واهية كتجويز من ظاهره العدالة، وقد يجوز في الخفاء وفي نفس الأمر أن يكون ارتكب كبيرة إلا من قام الدليل على عصمته. وهذا التجويز مطرح، والحكم للظاهر إذ هو الراجح، إلا أن يظهر من المخايل ما يوجب الخروج عن العدالة، فيجب التوقف حينئذ حتى يظهر ما يوجب زوال موجب راجحية العدالة، ويبقى

الحكم لغلبة الظن بعد ذلك. والحكم هو مستفاد من قرائن محصورة فيعمل عليها، وقرائن العدالة مأخوذة من أمر مطلق فتلغى، وقد أمليتُ من هذا طرفاً في شرح البرهان، وذكرت طريقة أبي المعالي، وطريقي لما تكلمنا فيما جرى بين الصحابة من الوقائع والفتن رضي الله عنهم أجمعين. وهذا المقيم ببلد الحرب إن كان اضطراراً فلا شك أنه لا يقدح في عدالته، وكذا إن كان تأويله صحيحا مثل إقامته ببلد أهل الحرب لرجاء هداية أهل الحرب أو نقلهم عن ضلالة ما وأشار إليه الباقلاني، وكما أشار أصحاب مالك في جواز الدخول لفكاك الأسير، أما لو أقام بحكم الجاهلية والإِعراض عن التأويل اختيارا فهذا يقدح في عدالته. واختلف المذهب في رد شهادة الداخل اختيارا لتجارة، واختلف في تأويل المدونة فيها أشد، فمن ظهرت عدالته منهم وشك في إقامته على أي وجه، فالأصل عذره لأن جل الاحتمالات السابقة تشهد لعذره، فلا ترد لاحتمال واحد إلا أن تكون قرائن تشهد أن إقامته كانت اختياراً لا لوجه. وأما الثاني وهو تولية الكافر للقضاة والأمناء وغيرهم لحجز الناس بعضهم عن بعض فواجب، حتى ادّعى بعض أهل المذهب أنه واجب عقلاً، وإن كان باطلاً تولية الكافر لهذا القاضي؛ إما بطلب الرعية له وإقامته لهم للضرورة، لذلك فلا يقدح في حكمه وتنفيذ أحكامه، كما لو كان ولاه سلطان مسلم، وفي كتاب الأمان (¬77) في مسألة: الحالف ليقضينّك حقك إلى أجل، أقام شيوخ المكان مقام السلطان عند فقده لما يخاف من فوات القضية، وعن مطرف وابن الماجشون فيمن خرج على الإِمام وغلب على بلد فولى قاضياً عدلاً فأحكامه نافذة" انتهى (¬78). ¬

_ (¬77) هكذا في المعيار في طبعته الجديدة. ولعل الصواب وفي كتاب الأيمان. (¬78) المعيار (ج2 ص 133).

فقه الإمام المازري

فقه الإِمام المازري يمتاز المازري عن غيره من الفقهاء، بأن له طريقة خاصة في الفقه لها طابع خاص لم يشاركه فيه غيره. وقد استفاد من هذه الطريقة فحول الفقهاء مثل ابن عبد السلام وابن عرفة وخليل، ففحول والفقه وأيمته اعتمدوا كثيرا على ما حرره المازري. 1 - يمتاز فقه المازري بدقة التحرير. فمثلا الفقهاء يذكرون في حد غسل الوجه: أنه ما انحدر من منابت الشعر إلى الذقن بينما نجد المازري حين يتناول ذلك يتناوله تناولاً غير تناول الفقهاء حتى أهل التحرير منهم والضبط مثل القاضى عبد الوهاب. نجد المازري ينتقد هذا بكل تواضع ويرى إنْ أخذ ذلك حدّا في غسل الوجه يؤدي إلى أن الأصلع يغسل جميع رأسه إذا لم ينبت به شعر أصلاً وأن الأغم (وهو الذي تضيق جبهته بشعر رأسه) يغسل بعض وجهه ويترك بقيته وذلك لا يصح، فلذلك يرى أن الأجدر أن يقال: إنَّ مبدأ حده من الوجه من منبت الشعر المعتاد. وبذلك تصح المسألة ويسلم كلام الفقهاء. وهذا ما أطبق عليه الفقهاء بعدُ إذ يذكرون أن مبدأ حده من منبت الشعر المعتاد. ولكن رغم هذه الدقة والتحرير فإن المازري يعتذر للقاضي عبد الوهاب بأن هذا هو مراده ولكنه حذفه ظنا منه أنه يفهم. 2 - يمتاز فقهه أيضاً بأنه لا يقتصر في التحرير على مجرد النقل للنصوص بل يذكر مع ذلك الأدلة من الكتاب والسنة. فها هو حين تكلم على إدخال المرفقين في الوضوء يذكر أن في إيجاب غسلهما (أي المرفقين) خلافاً فيذكر دليل المثبت لغسلهما بأن أبا هريرة توضأ وأدار الماء عليهما. ثم قال: هكذا توضأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

ولا يكتفي بالدليل الواحد، بل يعدد الأدلة فبعد أن ذكر الدليل الأول المتقدم ذكر دليلاً ثانيا وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "تأتوني يوم القيامة غراً محجلين من أثر الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل". وحلل هذا الدليل بأنه من مليح استعارته - صلى الله عليه وسلم - وبليغ اختصاراته لأن الغرة في الوجه والرأس، أي لأن الغرة بياض في جبهة الفرس وبالطبع أن تتصل بالرأس. والتحجيل (بياض يكون في قوائم الفرس) أي في اليدين والرجلين فقد استوفى - صلى الله عليه وسلم - الأربعة الأعضاء المذكورة في القرآن التي هي جملة الوضوء المفروض بذكر الغرة والتحجيل. وفي أمره بإطالة الغرة ما يقتضي الأمر بدخول المرفقين فى الغسل. ثم يستدل للنافي لدخولهما بأنه تعالى قال: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} (6) المائدة. وأصل (إلى) في اللغة الغاية. وإذا كان المرفقان نهاية الذراعين لم يكونا منه لأنهما لو كانتا منه لكانت الغاية غيرهما. وهذا خلاف في الظواهر. 3) يمتاز فقهه باعتماده على العلوم الطبية وغيرها فنراه في الجزء الأخير من شرح التلقين حين تكلم على البلوغ قال بأنه كالمشعر بالكمال العقلي الطبيعي وإنما يطلب بعده عقل مكتسب من التجارب. ثم حين يتبسط في الكلام على علامات البلوغ يذكر قوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} (59) النور. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "رفع القلم عن ثلاث" ويذكر الصبي. ويذكر أن الاحتلام وإنزال الماء علامتان قاطعتان على البلوغ لكن هناك علامات أخرى مختلف فيها منها الإِنبات والسن. ويذكر أن الإِنبات لا يراه أبو حنيفة، ثم يقول: والمشهور من مذهبنا كونه علَما. واستدل على ذلك بحكم سعد في بني قريظة، ولكنه تغلب عليه الناحية الطبية فيستدل للحنفية باختلاف الأمزجة ويتبسط في ذلك.

اجتهاد الإمام المازري

اجتهاد الإِمام المازري أجمعت الكلمة على أنه من المجتهدين إلا ما ذكره ابن عرفة كما سيأتي، وإنما أجمعت كلمتهم على اجتهاده لما أبداه من آراء في الفقه مستندة إلى أصول الاستنباط للأحكام مع تدقيق في المأخذ، وكتبه شاهدة بذلك وناطقة برسوخ قدمه فاستحق من أجل ذلك الإِمامة. قال المؤرخ النقادة ابن خالكان في وفياته: هو أحد الأعلام المشار إليهم (¬79) إنما خص ابن خلكان كونه علماً من أعلام الحديث والكلام لأنه لم يقف كما يبدو من ترجمته للمازري إلا على كتابيه المعلم وإيضاح المحصول. قال ابن فرحون: وكان آخر المشتغلين من شيوخ إفريقية بتحقيق الفقه ورتبة الاجتهاد ودقة النظر (¬80). وما ذكره ابن فرحون نقله عن القاضي عياض في الغنية ونصه: هو إمام بلاد إفريقية وما وراءها من المغرب، وآخر المشتغلين من شيوخ إفريقية بتحقيق الفقه وممن بلغ فيه رتبة الاجتهاد ودقة النظر (¬81). وأثار الصفدي تساؤلا حول عدم ادعاء المازري الاجتهاد مع أنه بلغ رتبة الاجتهاد قطعاً حيث ذكر في الوافي بالوفيات له: "أخبرنى من أنسيته عن الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد أنه كان يقول: ما رأيت أعجب من هذا (يعني المازري) لأي شيء ما ادعى الاجتهاد" (¬82). ¬

_ (¬79) الوفيات (ج4 ص285). (¬80) الديباج (ص 280). (¬81) من الغنية وبمكتبة الوالد محمد الصادق النيفر رحمه الله تعالى (1356) نسختان إحداهما جيدة. (¬82) الوافي بالوفيات (ج4 ص 151).

إن منزلة ابن دقيق العيد هي هي، وهو أحد أعلام المالكية الذين زحفوا لرتبة الاجتهاد، يتعجب من المازري كيف لم يدَّع الاجتهاد وهو مجتهد. ونزيد هذا التعجب تعجباً آخر -قبل أن نجيب عن هذا التساؤل- وهو أن المازري كان يرى أن القاضي يتعين عليه أن يحكم بمذهب معين وإن كان من أهل الاجتهاد، وهذا ما ذكره ابن عرفة في مختصره: "وفي اشتراط الإِمام على القاضي بمذهب معين ثلاثة أقوال: الأول الصحة واستدل ابن عرفة على ذلك بثلاثة أمور: أ - أن الباجي يقول بصحة ذلك. ب - أنه عمل أهل قرطبة فإنهم حين يولون القاضي يشترطون عليه أن يحكم بمذهب مالك. ج - عمل سحنون الذي يشترط على من يوليه الحكم أن يعمل بعمل أهل المدينة، وقال المازري: مع احتمال كون الرجل مجتهدا. ثاني الأقوال: بطلان التولية. ونسب ابن عرفة هذا القول للطُرْطوشي، وذكر عنه أنه قال في شرط أهل قرطبة: هذا جهل عظيم. وثالث الأقوال: التفصيل فتَصحُّ التولية ويبطل الشرط. وهذا على ما ذكره المازري في الشرط الفاسد مع البيع. ومحل زيادة التعجب في هذه المسألة هو أن ابن عرفة ذكر أن المازري يرى صحة التولية، والشرط بالحكم بمذهب معين الذي هو المذهب المقرر ولو كان المشروط عليه ذلك مجتهداً، فالمازري قد منع المجتهد أن يجتهد في أحكامه إذا وليّ القضاء وألزمه بالشرط الذي اشترطه الإِمام من أنه يحكم بمذهب معين فهذا توسع منه في عمل أهل قرطبة. ودعا العملُ القرطبي المقريَّ الجدَّ في كتابه القواعد الكتاب الفريد في

بابه (¬83): "أن يقول حاملاً على أهل قرطبة وبالطبع في ضمنهم المازري المتوسع في ذلك. وعلى هذا الشرط ترتب إيجاب عمل القضاة بالأندلس ثم انتقل إلى المغرب، قلت: وانتقل إلى تونس، فبينما نحن ننازع الناس في عمل المدينة ونصيح بأهل الكوفة سنح لنا بعض الجمود ومعدن التقليد. الله أخَّرَ مُدَّتِي فَتَأخَّرَتْ ... حَتَّى رأيْتُ مِنَ الزَّمَانِ عَجَائِبًا يا لله للمسلمين ذهبت قرطبة وأهلها ولم يبرح من الناس جهلها". ونحن يتحتم علينا أن نقف هنا لنحرر الموقف ونجيب عن تساؤل ابن دقيق العيد وندفع عن المازري اتباعه لوصمة الجهل مبينين للأمور الحاملة له على ذلك: الأمر الأول: أن المازري عاش تلك الفترة التي أسلفنا إجمال الحديث عنها في صدر هذه الكلمة وهي فترة الانقسام السياسي والانقسام العقائدي وما جره كلاهما من ويلات قاسى منها الشعب الصقلي والشعب الإِفريقي ما قاسيا حتى أدَّى بهما آخر الأمر إلى ضياع صقلية وإشراف السواحل الإِفريقية على الضياع لولا دولة المرابطين ثم الدولة الموحدية التي أنقذت بالفعل هذه البلاد من ذهاب الإِسلام. وإني أعتقد اعتقاداً جازما أن المازري ما صده عن ادعاء الاجتهاد إلا أنه لم يرد أن يزيد الطين بلة ويوسع شقة الخلاف بين أمة توزعها المنتزون في الأطراف وحتى في قلب البلاد وقاست من الانقسام بين سنة وشيعة ما قاست مما أدى إلى نزوح الهلاليين الذين كانوا نكبة عظمى على البلاد. وهذا من المازري يدل على رجاحة عقل وبعد نظر لجمع الكلمة فأيهما ¬

_ (¬83) ومن هذا الكتاب نسخة في مكتبة الوالد المرحوم.

خير أمة مجتمعة على مذهب مالك أم أمة قد زيد في تفريقها، حتى ضلت مستقيم طريقها. والحامل الثاني على عدم ادعائه الاجتهاد هو أنه يرى أن أهل إفريقية لا ينزعون عن مذهب مالك كلفهم ذلك ما كلفهم، فقد رأى رأي العين ما بذلته الدولة الفاطمة من جهود وما قامت به من حملات إرهاب قصد تحويل الأفارقة عن السنة واتباع مذهب مالك فلم يجْدِ ذلك نفعاً، فبعد حملة دامت قرابة قرن ونصف تبخرت أعمال الفاطميين وآمالهم على يد المعز بن باديس الصنهاجي بمجرد رفضه لتعاليم الشيعة. وهذا من المازري يدل على أنه من ذوي الخبرة بالدراسة النفسية حيث إنه لم يقدم على عمل يعلم سلفاً أنه لا ينجح. وما ظهر في زمن المازري ظهر في زمن غيره إذ أن الدولة الموحدية أرادت صرف الناس عن المذهب المالكي وصدهم عنه، حتى أنها أحرقت كتبه ولكن بآخرة رجع الأفارقة والمغاربة إلى مذهب مالك وكانت تلك المدرسة الفقهية المالكية الشهيرة التي يتزعمها ابن عبد السلام وابن عرفة. والحامل الثالث على عدم ادعاء المازري الاجتهاد هو أنه وجد في المذهب المالكي ما تمكن به من إبداء الكثير من آرائه في هذا المذهب حتى عدّ مجتهداً فيه، ولذلك خصه خليل بالقول فيه كما تقدم نقله عن مختصره، فهو أحد الأركان الذين هذبوا المذهب المالكي في نطاق أصوله في دون خروج عن أصول المذهب مما جعل قلوب المؤلفين في المذهب المالكي تتقبل بصدر رحب آراءه وتدونها ضمن المذهب. وهذا من حنكته وبعد نظره إذ استطاع أن يبث أفكاره دون جلبة، وادعاءات كما هو شأن الكثير. واسمحوا لي أن أنتقد المقري الجد فأقول: ماذا صنع هذا المنتقد بالنسبة للمازري في الفقه مع تلك الحملة على أهل قرطبة ومن لف لفهم،

فهذا المازري وقف في حدود المذهب ومع ذلك استطاع أن يكون كما قال ابن غازي: إذا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا. والجانب هذا من المازري أغفله الكاتبون وهو جانب حري بالبحث والاتباع لأنه جانب مبني على دراسة نفسية للشعوب حتى تتقبل الإِصلاح بدون إرغام وإِكراه، فلله دره في هذا الموقف المتزن المرن. ثم هو فقيه مالكي متحرر في آرائه واستنباطه ومراعاته للمذاهب الأخرى. ونؤيد هذا إرساخاً لما قلناه في النفوس بما ذكره أحمد بن يحيى الونشريسي (914) الفقيه المالكي صاحب المعيار في كتابه إيضاح المسالك إلى قواعد الإِمام مالك (¬84) في قاعدة: كل مجتهد في الفروع الظنية مصيب أو المصيب واحد لا بعينه، اختلفوا فيه. وبنى على هذه القاعدة صحة الصلاة وراء الإِمام المخالف ثم ذكر فائدة عن العلامة ابن رشَيْد صاحب الرحلة المشهورة قال: "رأيت الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد أول ما رأيته بالمدرسة الصالحية دخلها لحاجة عرضت له فسلمت عليه، وهو قائم وقد حف به جمع من الطلبة وعُرضت عليه ورقة سئل فيها عن البسملة في قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة وكان السائل فيما ظننته مالكياً فمال الشيخ في جوابه إلى قرءتها للمالكي خروجاً من الخلاف في إبطال الصلاة بتركها، وصحتها مع قراءتها، فقلت: يا سيدي أذكر في المسألة ما يشهد لاختياركم. قال: ما هو؟ فقلت: ذكر أبو حفص (وأردت أن أقول: الميانشي)، فغلطت وقلت: ¬

_ (¬84) ومن هذا الكتاب نسختان في مكتبة كاتبه، ونسخة ثالثة في مكتبة الوالد المرحوم محمد الصادق النيفر.

إن ابن شاهين ذكر أنه قال: صليت خلف الإِمام أبي عبد الله المازري فسمعته يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. ولما خلوت به قلت: يا سيدي سمعتك تقرأ في صلاة الفريضة كذا. فقال: أوَ قد تفطنت لذالك، فقلت: يا سيدي أنت اليوم إمام في مذهب مالك، ولا بد أن تخبرني. فقال: أسمع يا عمر قول واحد في مذهب مالك أنه من قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، في الفريضة لا تبطل صلاته، وقول واحد في مذهب الشافعي: أن من لم يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، بطلت صلاته فأنا أفعل ما لا تبطل به صلاتي في مذهب إمامي ولا تبطل في مذهب غيره لكي أخرج من الخلاف. فتركني شيخناً ابن دقيق العيد رضي الله عنه حتى استوفيت الحكاية وهو مصغ لذلك: فلما قطعت كلامي قال: هذا حسن إلا أن التاريخ يأبى ما ذكرت فإن ابن شاهين لم يلق المازري. فقلت: إنما أردت الميانشي، فقال: الآن صح ما ذكرته" (¬85). والميانشي أحد تلاميذ المازري وقد تقدمت ترجمته، وهو من الذين طواهم النسيان، وقد ترجمتُ له ترجمة مطولة في مجلة المنهل الحجازية نشرت منذ سنوات (¬86). وهذه المسألة ذات بحث طويل أدت إلى البلبلة في الأذهان وما ذكره المازري من رعي الخلاف قد ذكر القرافي في فروقه خلافه حيث ذكر أن التقليد يرفع الخلاف. وإلى خلاف ما ذهب إليه المازري ذهب إليه شيخه اللخمي وكذا القاضي عياض الذي يقول: القول بمراعاة الخلاف لا يعضده القياس. والذي يهمنا ليس تحرير الفقه في هذه المسألة وإنما ما نستنتجه مما ¬

_ (¬85) إيضاح المسالك (ص 5). (¬86) انظر مجلة المنهل (م 25 ج 9 ص 619).

مواقف الفقهاء من المازري

ذكره ابن رُشيد عن الميانشي عن المازري من أنه كان متحرراً في آرائه فهو يجمع بين الآراء ويتتبع ما يراه صالحاً. وهذا يدل على أنه لم يكن مقلداً صرفاً كالكثير من الذين لا ينظرون نظرة بعيدة تقارن بين المذاهب وتجمع بين الآراء. مواقف الفقهاء من المازري: يقول ابن عرفة: وفي المازري نظر، هل يستحق الاجتهاد أم لا؟ وتعقب هذا بأن ابن دقيق العيد (¬87) وابن عبد السلام (¬88) لا يبلغان درجة ¬

_ (¬87) ابن دقيق العيد محمد بن وهب القشيري أبو الفتح تقي الدين (625 - 702) قال ابن السبكي: المجتهد المطلق ذو الخبرة التامة بعلوم الشريعة قال أبو الفتح ابن سيد الناس: كان حسن الاستنباط للاحكام والمعاني من السنة والكتاب. ومع هذا الاجتهاد كان يدعيه المالكية والشافعية كما قال محمد بن محمد المعروف بابن القُوبع التونسي فيه لأنه أتقن أدلتهم: صَبَا فِي العِلْمِ صَبًّا فِي صِبَاهُ ... فَأعلِ بِهِمَّةِ الصَبِّ الصَّبِيّ وَأتقَنَ وَالشَّبَابُ لَهُ لِبَاسٌ ... أدِلَّةَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيّ وما ذكره السبكي وابن سيد الناس يشهد لاجتهاده؛ لكن يبقى النظر في المفاضلة بينه وبين المازري، لكن هناك ما يشهد بتفضيل المازري عليه وهو ما قدمته في البحث في اجتهاده لأن تعجبه من عدم ادعاء المازري الاجتهاد دليل على أنه يرى أن منزلة المازري كبيرة فإن لم تكن أعلى من منزلته فهي لا تقل عنه. انظر ترجمة ابن دقيق العيد ابن السبكي (ج 6 ص 2 - 31). (¬88) ابن عبد السلام هو محمد بن عبد السلام بن يوسف الهواري التونسي، قال ابن فرحون: كان عالماً بالحديث له أهلية الترجيح بين الأقوال (- 749). وشرحه لابن الحاجب دليل على تفقهه واجتهاده المذهبي لكن إذا نظرنا في كتابه هذا وما ذكره المازري في شرح التلقين نرى البون شاسعاً بين تمكن المازري من الاستنباط وتمكن ابن عبد السلام. =

المازري، ومع ذلك يثبت ابن عرفة الاجتهاد لابن دقيق العيد ونظرائه. وفي نيل الابتهاج قال بعض شيوخ العصر من الأدلة القطعية عندي أن ابن دقيق العيد والسبكي ما بلغوا رتبة الاجتهاد المطلق فأحرى السيوطي وأضرابه الذين ادعوا هذه المرتبة، وأين مرتبتهم من مرتبة الغزالي وإمام الحرمين في الفقه والإِمامة وقوة الذهن، تالله لا نسبة بينهم في شيء من ذلك (¬89). هناك موقفان للفقهاء مع المازري فابن عرفة يثبت الاجتهاد لابن دقيق العيد ومن كان على درجته كابن عبد السلام ومع ذلك يتردد في المازرى فموقف ابن عرفة هذا حط من منزلة المازري. وبإزاء هذا الموقف موقف آخر يحمل على ابن عرفة كيف يرى الاجتهاد لابن دقيق العيد ولا يراه للمازرى. ومن هذين الموقفين يستخلص أن من حقُّه الاجتهاد كالمازري لم يدع الاجتهاد ومثله الغزالي وإمام الحرمين، فهؤلاء الثلاثة منزلتهم في العلم ¬

_ = لكن هذا لا يمنع من إكبار منزلة ابن عبد السلام وأنه حرى بأن يكون من فقهاء المالكية المجتهدين انظر في ترجمته ابن فرحون (ج 2 ص 329). (¬89) أدى إلى إثارة هذه المسألة ما دار من مناظرة بين يدي السلطان ابن تاشفين صاحب تلمسان (- 737) من أن ابن القاسم مجتهد أو غير مجتهد ودارت هذه المناظرة بين إمامين من أيمة المالكية، وهما: أبو زيد بن الإِمام (- 743)، وأبو موسى المِشِذَّالي (- 745). ثم إن ابن عرفة قال في حق ابن القاسم: إنه مزجي البضاعة في الحديث. وتوقف في المازري فتعقب عليه ما تقدم. وقد ذكر الونشريسي في المعيار بحثاً نفيساً لأخي أبى زيد ابن الإِمام (- 749)، خلاصته: أنه سئل عن ابن القاسم هل هو مجتهد مطلق أو مقلد لمالك؟ فأجاب: هو مقلد لمالك رضي الله عنهما لا مجتهد مطلق، بل مجتهد في مذهبه متمكن من الاستنباط على أصوله وقواعده المعتبرة عنده في تحصيل أحكام الله تعالى، وقد شفى الغليل في جوابه هذا. انظر المعيار (ج 6 ص 247).

وقوة معرفتهم وإمامتهم أعلى منزلة ولم يدعوا الاجتهاد، ومن دونهم يدعون الاجتهاد وينسب لهم ابن عرفة الاجتهاد وينفيه عمن هو أعظم منهم وهو المازري. وما تعقب به على ابن عرفة حق. والغريب من ابن عرفة ومكانته العلمية واطلاعه كيف يقف هذا الموقف من المازري، لكن إن التمسنا لابن عرفة عذراً نقول: إنه لما لم ير للمازري آراء فقهية خاصة به تردد في إثبات الاجتهاد له مع أنه يرى لابن عبد السلام الهواري التونسي نظرات تحكم له بالاجتهاد. وهذا موقف يحتاج إلى تحرير لأننا إذا نظرنا ما للمازري من آراء لا نتردد في بلوغه درجة الاجتهاد ويكفي تدليلا على هذا أنه أحد الأربعة عند خليل الذين أكثروا التصرف بالاختيار. ثم هو مميز على بقية الأربعة كما تقدم.

المازري الأشعري

المازري الأشعري نجد المازري في شرحه للمعلم أشعرياً يتقلد قول الأشعري، وقول أصحابه، ويذبّ عما رأوه من آراء فهو خالص في أشعريته. وقد انتهج المنهج الذي سنه مقلَّده (بفتح اللام) وهو منهج أهل السنة والاستقامة (¬90). وإنما مال المازري إلى الأشعرية لما نذكره بعد أن نعرّف بالأشعري وأين منبته. ولد الأشعري أبو الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بكر الأشعري بالبصرة سنة (260). وتلقى معارفه بالبصرة ودرس مذهب الاعتزال على أبي علي الجُبَّائي رئيس معتزلة البصرة. وعاش مدة من الزمن وهو معتزلي يدرس ويؤلف. وليس من غرضنا أن نحقق السبب الأصلي الذي من أجله اعتزل مذهبه القديم وسلك مسلكاً آخر بذكر ما رواه المؤرخون من سبب مقتصرين على ¬

_ (¬90) مقالات الاسلاميين (ج 2 ص 129).

أنه هو المحرك لهذا الانتقال، وإنما نذكر ما بنى عليه مذهبه فإنه يوضح لنا غاية الوضوح سبب الانتقال. وقبل ذكر هذا نبين أنه لماذا فارق الاعتزال ولم يعد إليه وشمّر عن ساعد الجد لنصرد السنة والذبّ عنها، ومقاومة الاعتزال إلى أن لقي ربه في سنة (324). فالأشعري حين تمسك بالسنة تمسك بها بعد أن تَاهَ طيلة ثلاثين سنة في الاعتزال، وعرف دخائله فحين فارقه، فارقه وهو مطلع على دقائقه، خبير بأدلته، فكانت مفارقته مفارقة من لم يقتنع بما جاء فيه. وما يذكر مما دار بينه وبين شيخه أبي علي الجُبَّائي نراه حادثة تنبىء عن آخر المطاف الفكري له، وهو معتزلي قد ملكت على نفسه الطريقة السنية. وبعد هذه الجولة الفكرية والتراجع عما كان عليه قد اتخذ مذهباً جديداً في العقيدة لم يقف من الأدلة موقفا سلبياً يمرّ بهَا على الأفكار دون بحث فيها، بل كان له موقف خاص، وهو الموقف الفكري الذي يغوص في الأدلة ليستخرج منها النظرة الملائمة للعقل الصحيح المقنعة للنفوس المتشبعة بالمبادىء النظرية العميقة. وهو في أنظاره لا يبعد عن الأدلة الشرعية الثابتة بل يأخذ بها ويطبقها تطبيق حكيم دارس، فلم تمر بذهنه دون أن يكون لها وزنها. ولم يجعل هذه الأدلة القاطعة خاضعة لما رآه بل أخضع ما رآه للأدلة بلباقة نادرة، وفكرة نيرة. وهذا ما جعل المفكرين المتشبعين بالأدلة القرآنية والحديثية يقبلون على مذهبه، وينتصرون له في كل ما يكتبون على اختلاف أقطار ومذاهب فقهية، وهو ما دعا الكثير من أهل المذاهب أن يركزوا أنه من أهل مذهبهم، فالشافعية يدّعونه لأنفسهم ويرون أنه كان شافعياً، والمالكية يدّعونه لأنفسهم.

وبهذا أدخله إبراهيم بن فرحون في كتابه الذي خصه بعلماء المذهب المالكي، وهو "الديباج المُذْهب، في معرفة أعيان علماء المذهب". فذكر أنه من الطبقة الرابعة ممن لم ير مالكاً، والتزم مذهبه من العراق من غير آل حماد بن زيد، قال: "علي أبو الحسن الأشعري بن إسماعيل كان مالكياً، صنف لأهل السنة التصانيف، وأقام الحجج على إثبات السنن وما نفاه أهل البدع" (¬91). فابن فرحون يجزم بأنه مالكي من أهل العراق، ولم يذكر الخلاف في مذهبه، ولم يذكر دليلاً على ذلك. أما من جهة الشافعية فقد ذكر ابن خلِّكان في الوفيات أنه كان يجلس أيام الجُمع في حلقة أبي إسحاق المروزي الفقيه الشافعي في جامع المنصور ببغداد (¬92). وما ذكره ابن خلكان في وفياته ذكره السمعاني في كتاب الأنساب فأفاد أنّه كان يجلس أيام الجمعات في حلقة أبي إسحاق المرزوني (¬93). ثم إن جلوسه في حلقة أبي إسحاق المروزي ببغداد ليس فيه دلالة على أنه كان شافعياً. لكن تمسك بهذا تاج الدين عبد الوهاب السبكي في طبقات الشافعية فذكر ما يأتي: "وقد زعم بعض الناس أن الشيخ كان مالكيَ المذهب، وليس ذلك بصحيح: وإنما كان شافعياً تفقه على أبى إسحاق المروزي" نص على ذلك الأستاذ أبو بكر بن فورك في طبقات المتكلمين والأستاذ ¬

_ (¬91) الديباج (ج 2 ص 94). (¬92) الوفيات (ج 3 ص 284). (¬93) الأنساب (ج 1 ص 267).

لماذا كان المازري أشعريا

أبو إسحاق الإسفراييني فيما نقله عنه الشيخ أبو محمد الجويني في شرح الرساله (¬94). ويجعل التاج السبكي ادعاء كون الأشعري مالكياً إلى الاشتباه التاريخي وذلك أن المالكي هو القاضي أبو بكر بن الباقلاني، وهو شيخ الأشاعرة (¬95). فعند السبكي أن هذا القائل لما رأى أن شيخ الأشعرية كان مالكياً ظنه أبا الحسن الأشعري وهو في ذلك لم يميز بين الرجلين أبي الحسن الأشعري وأبي بكر الأشعري تقليداً. والقريب أنه في الفقه ربما كان من المجتهدين الذين كانوا من ذوي الوقوف على أصول الشريعة، فكوَّنوا لأنفسهم شخصية فقهية مع انبناء هذه الشخصية على قواعد المذهبين المالكي والشافعي. ومن أجل هذا لم يعدّه القاضي عياض في المدارك من رجال الطبقة الرابعة من أهل العراق، فقد عد القاضي أبا الحسن من آل حمَّاد بن زيد وابنيه وأبا الطاهر الذهلي والتستري وبكر بن العلاء القشيري، ولم يعدّه لأنه وإن أخذ بشيء من مذهب مالك إلا أنه لا يعدّ متقلداً لمذهب مالك، والظاهر أنه كذلك بالنسبة للمذهب الشافعب كما قدمنا. لماذا كان المازري أشعرياً: نتساءل عن أشعرية المازري أهي نتيجة تقليد علماء عصره من أهل السنة الذين كانوا متقلدين في العقيدة طريقة الأشعري، أم ذلك لسبب خاص جعله يميل إلى الأشعرية دون غيرها، من المذاهب الكلامية كالمعتزلة أو غيرهم؟ ¬

_ (¬94) طبقات الشافعية (ج 2 ص 248). (¬95) طبقات الشافعية (ج 2 ص 248).

هذا التساؤل نجزم بأنه ليس له جواب في تراجم المازري لأنه من الأمور التي لا يهتبل لها الكاتبون، ولعلهم لا يجدون لها حلاّ لأن المترجم نفسه لم يكتب عن نفسه، وعن الأسباب التي دعته إلى ذلك، وربما نظفر بذلك تلميحاً في بعض كتبه حين نتعمق في الدراسة وهذه جهة يفترق فيها المازري عن الغزالي فإن هذا الأخير كتب عن نفسه وفكرته، وكيف حصلت له المعرفة التي لم تلتق بقلبه دفعة واحدة، بل تدرجت نفسه في المعرفة تدريجا وصل به إلى نقطة النهاية حتى أصبح الغزالي يسبح في بحار المعرفة الحقة دون أن يخاف من هذه السباحة أو يخشى الغرق كما يحصل للجاهلين الذين يخوضون في بحار المعرفة دون أن تكون لهم براعة في السباحة فيضِلوا في تلك البحار فيصبحوا من الغرقى. وقد حدثنا الغزالي عن نفسه في كتابه المنقذ من الضلال فإنه شفى الغلة، وأبرد تعطش الباحث حين أخبرنا عن نفسه: "ولم أزل في عنفوان شبابي منذ راهقتُ البلوغ قبل بلوغ العشرين إلى الآن، وقد أناف السن على الخمسين أقتحم لجة هذا البحر العميق، وأخوض غمرته خوض الجسور، لا خوض الجبان الحذور، أتوغل في كل مظلمة، وأتهجَّم على كل مشكلة، وأقتحم كل ورطة، وأتفحص عن عقيدة كل فرقة، واستكشف أسرار كل طائفة، لأميز بين محق ومبطل، ومستنن ومبتدع"، إلى أن يقول: "وقد كان التعطش إلى درك حقائق الأمور دَأبي، وديدني من أول أمري وريعان عمري غريزة وفطرة من الله وُضِعَتَا في جبلتي، لا باختياري وحيلتي حتى انحلت عني رابطة التقليد، وانكسرت على العقائد الموروثة على قرب عهد سن الصبا" (¬96). لكن وإن لم نظفر بمثل هذا النص الفريد الذي كتبه الغزالي عند المازري ¬

_ (¬96) المنقذ من الضلال (ص 70 - 71).

لم يمنعنا ذلك من النظر في المازري تصيدا من خلال كتابته هنا في المعلم في شرح كتاب الإِيمان، أو من غيره. وإن كان هذا النص لا يعطينا الفكرة الأخيرة التي استقر عليها المازري لأنه كان في أواسط حياته فلم يكن نصاً أخيراً مما كتبه، حتى نجد فيه ما استقر عليه رأيه سواء في العقائد أو الفقه ولكنه مع ذلك لا نَعْدم الفائدة منه لأنه وثيقة من وثائق حياته. وإذا كان الغزالي قد جال جولته في المذاهب المختلفة حتى ظَفِر بالحقيقة المرجاة؛ فإن المازري لم يكن مثله، بل له اتجاه خاص، التقى فيه مع الأشعري. وهو أن الأشعري كان في ذبه عن السنة يجمع بين النصوص ويعرضها عرضا يتماشى هو والعقل، وذلك ما نراه من المازري في جولته التي تصدى فيها للتوفيق بين المبادىء التي نادى بها الأشعري وبين ما جاء في الحديث وإن لم يبد تطابقه مع تلك المبادىء ظاهراً، وأما في نفس الأمر فإنه لا تخالف بينها. فالظاهرة الأولى في الأشعري هي التوفيق بين مقتضيات العقل، ومقتضيات السمع هي بعينها التي وافقت هوى المازري، فهو قبل كل شيء عقلي متشبع بما يدركه العقل ولا يحب أن يكون العقل مكبوتا، بل يريد من العقل الإنساني أن يكون منطلقاً يجري مع الواقع كما هو شأن العقل في استنتاجه. فالمازري يحب العقل الواقعي ويجري وراءه سواء في الفقه أو علم الكلام فحين يجعل بعض الفقهاء الحامل المُقرب (¬97) ملحقة بالمريض المرض المخوف الذي يمنع من النكاح، فإن المازري لا يرتضي منهم ما ذهبوا ¬

_ (¬97) المقرب من الحوامل هي التي قرب ولادها.

إليه مبينا أن ذلك غير معقول فيعرض مذهبهم على الواقع محكماً له، حتى يتضح أن الواقع ليس في جانبهم. وذلك أن السيوري (¬98) ذكر في المطلقة طلاق الخلع (¬99) وهي قد جاوزت ستة أشهر: لا يراجعها زوجها لأنها كالمريضة، ورأى غيره أن هذا ليس بصحيح فقال المازري وهذا هو الذي نختاره لأن مستند هذه المسألة العوائد. والهالك من الحمل قليل من كثير، وأنت إذا بحثت عن مدينة من المدائن لوجدت أمهات أهلها أحياء، أو موتى من غير نفاس ومن مات منهن في غاية من الندور (¬100). نستنتج من كلام المازري هذا أنه يعتمد على البحث لإِظهار الحقيقة فهو يراها مجنية منه دون أن يراها كما يراها الغزالي في الإِلهام أو البصيرة حيث وجد العقل يخطىء، وكذلك الحواس تخطىء. وهذا هو ما عند صاحبنا في الوصول إلى الصواب والحكم الحق؛ وإن كنا غير جازمين بذلك لأن ما رآه الغزالي موصلاً هو في العقيدة، وما رآه المازري هو في الأحكام الفرعية، وشتان ما بين العقيدة والحكم الفرعي، لكن مسلك الرجل لا يختلف في منهجه حيث إنه إذا أجرى ذلك في الأحكام، فهو يرتضي ما أجراه فيها في غيرها لأن الأحكام الفقهية وإن لم تكن من الأمور العقائدية إلا أنها أحكام متبعة أدى إليها الاجتهاد فلا بد فيها من التحري حتى لا تخرج عن منهج الشرع الحنيف لأن الناس تتقلدها على أنها أحكام شرعية مستنبطة مما سنّه الإِسلام من مبادىء قائمة ممتدة غاية الامتداد بسبب أنها أصول جامعة تحتوي على ما وراءها. ¬

_ (¬98) السيوري هو أبو القاسم عبد الحق بن عبد الوارث المعروف بالسيورى. (¬99) طلاق الخلع هو الطلاق بعوض وهو من الطلاق البائن. (¬100) شرح المواق (ج 3 ص 482).

فالجمع بين أمرين قد يبدو أنهما متناقضان حسب النظرة العجلى غير المثبتة، وهما العقل والنصوص الواردة فيما تنبني عليه العقيدة هو الذي جعل هذا الرجل المتزن في عقله وسلوكه وتواضعه يمشي مع الأشعرية حيث الدين والعقل يسلكان بالإِنسان إلى ما يجعل إيمانه راسخاً في نفسه رسوخاً لا يتزلزل لأن الإِيمان إذا لم يصادمه العقل كان إِيمانا يجد المستقر الدائم في قرارة النفوس. فلهذا تجنب المازري الاعتزال لأنه لم يتأت له هذا التوفيق الذي وجده في غيره. فمثل من كان مستجمعاً لهذه القيم لا يكون في اعتقاده الذي أملاه في دروسه وكتاباته إلا مطمئناً لما بين جنبيه، ولما يجري على لسانه، ولما يخطه قلمه. فليس هناك عامل دافع للآراء المتزنة المتمثلة في هذا الأشعري الرصين غير الدافع الفكري الذي يزن بين الأشياء بميزان العدل الصحيح المظهر للأشياء على وجهها الحقيقي. والكثير يتهاون بأمر هذا الجمع الذي هو التوسط بين أصحاب السنة والمعتزلة في النظر في العقيدة وأصول الدين ويرونه أمراً ليس له كبير أثر في عقائد الناس مع أنه لولا هذا الجمع بين التسليم بعقيدة أهل السنة مع التدليل عليها والنظر فيها نظر المتكلمين باستعمال أدلتهم لا في تحريف السنة، بل في شرح السنة لكان الأمر ضد السنة. وسندرك الإِدراك البين كيف أن هذه الطريقة دافعت عن العقيدة الإِسلامية الغوائل الكثيرة، وكيف أنها حافظت على عقيدة الجماهير بما نأَتي به من مناظرة الإِمام أبي بكر الباقلاني الأشعري. اعتنى الملك عضد الدولة فناخسرو بن بويه الديلمي (¬101) بأن يكون ¬

_ (¬101) عضد الدولة أبو شجاع فنا خسرو بن ركن الدولة بن بويه الديلمي كان من الملوك العظام، وكان فاضلاً محباً للفضلاء مشاركاً في عدة فنون، توفي سنة (372)

مجلسه مجمعاً علمياً، وكان مجلسه يحتوي على عدد عظيم في كل فن، واجتمع عنده الكثير من الفقهاء والمتكلمين، وكان قاضي قضاته بشر بن الحسين معتزلياً، وأحب عضد الدولة أن يرى مناظرة بين يديه تقع بين أشهر المعتزلة في عصره وهو قاضي قضاته، وبين الأشعرية أهل الحديث، فتلكّأ قاضيه المذكور في تحقيق تلك الرغبة ولكنه أمام إلحاح عضد الدولة لم يسعه إلا أن يذكر له أشهر رجال السنة، فذكر له أبا الحسن الباهلي وهو شيخ، وأبا بكر الباقلاني وهو شاب، فامتنع الباهلي، فرد عليه الباقلاني بأن امتناع المحاسبي في عصر المأمون من الحضور للمناظرة مما أدى إلى محنة ابن حنبل، فلو أن المحاسبي وغيره ناظروا بين يديه لكفُّوه عن هذا الأمر. وكان مما اعتذر به قاضي عضد الدولة لما تلكأ عن أن يخبره عن أبرز أهل السنة: أنهم ليسوا أهلا للمناظرة لأنهم أصحاب تقليد ورواية، ويروون الخبر وضده ويعتقدونه جميعاً، ولا أعرف أحداً منهم يقوم بهذا الأمر (¬102). وأراد قاضي عضد الدولة المعتزلي ذم أهل السنة ورميهم بالعجز عن التوفيق بين الأخبار الواردة، ولكنه انكشف الواقع عن أن الاستدلال على السنة وشرحها الشرح الملائم لها أبكت المعتزلة ورفع منار السنة. وفعلا لما ذهب الباقلاني وتصدى للمعتزلة أمام عضد الدولة تحولت فكرة عضد الدولة فبعد أن كان ناقماً على الباقلاني حيث لم يلتزم التشريفات أصبح مكبراً له حتى قال: إنه الأحق بمكاني لأنه لم يزل يحلو له كلام الباقلاني حيث رأى علاوة على فصاحته وقدرته أن الأشعرية لا تترك لقائل مقالاً في الانتقاد عليها حيث لم تهمل العنصرين الأساسيين: النص والعقل، وهما الرائدان إلى الخير، وبهما تنفتح المغلقات، وتُزال المشكلات. فالمازري حين أخذ بالأشعرية كان على بينة، وكان على شريعة من الأمر لا التواء فيها، ولا تنالها المطاعن، ولا تؤثر فيها الانتقادات. ¬

_ (¬102) المدارك (ج 4 ص590).

الأشعرية الإفريقية

الأشعرية الإِفريقية: وما ذهب إليه هذا الرجل قد كان محل اتفاق بينه وبين من سلف من العلماء الأفارقة، وبالأخص القابسي (¬103) الذي كان من رجالات القيروان الأفذاذ في نقلهم وأفكارهم ونظرهم الشامل المتكامل، فقد كان ناشراً للأشعرية مبينا منهجها الواضح، وأنها مبنية على السنة الصحيحة بناء متيناً حيث كان الأشعري متثبتاً في كل آرائه وازنا لها مدققا في وزنه حتى لا تخرج عن المراد من السنة على الوجه الظاهر دون الالتواء في تلك البُنَيَّات التي تاه فيها الكثير، فأصبحوا ضالين مضلين يتيهون في الدين حتى يخرجوا بآراء لا يمت لها الدين بسبب. وقد احتفظ لنا التاريخ بسبب ما كتبه الميورقي (¬104) عن الأشعرية، احتفظ برسالة من القابسي يوضح فيها مذهب الأشعري، وأنه المذهب الذي يجب تقلده، وقد نقل بعضها أبو نصر عبد الوهاب السبكي ومما جاء فيها: "اعلموا أن أبا الحسن الأشعري لم يأت عن علم الكلام إلا ما أراد به إيضاح السنن والتثبت عليها". ثم يقول: "وما أبو الحسن إلا واحد من جملة القائمين في نصرة الحق ما سمعنا من أهل الإِنصاف من يؤخره عن رتبة ذلك، ولا من يؤثر عليه في عصره غيره، ومن بعده من أهل الحق سلكوا سبيله". ثم يقول: "لقد مات الأشعري يوم مات، وأهل السنة باكون عليه، وأهل البدع مستريحون منه". فالقابسي يرى الأشعري شارحاً للسنة العقائدية، فهو لم يخرج عنها، وإنما هو موضح لها لم يقف عند النصوص وقفة غيره إما مجرد النظر وإما ¬

_ (¬103) القابسي علي بن محمد بن خلف عالم المالكية بإفريقية (403). (¬104) الميورقي من رجال القرن الخامس وسننشر له قريباً نصيحة ولده.

التلاعب بل توسط في نظرته وشرحها الشرح الذي لا يخرج بها عن معناها ولا يذهب بها كل مذهب. ومثله في هذا الشيخ أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني الذي يقول: "ما الأشعري إلا رجل مشهور بالرد على أهل البدع وعلى القدرية، وعلى الجهمية متمسك بالسنن". وليس ببعيد أن المازري حبب إليه الأشعرية ما وجده فيها من شرح السنة كما رآه ابن أبي زيد والقابسي، فإن الأفارقة لما تقلدوا مذهب مالك في الفقه، وهو مذهب أهل السنة، مالوا إلى الأشعري لأنه كالمذهب المالكي في العقائد حيث إن كليهما مبني على السنة الصحيحة مع الملاءمة بين الأحاديث العديدة، وهي المزية التي امتاز بها المذهب المالكي حيث إنه وفق ما بين ما يبدو أنه معارض بعضه لبعض. والأمثلة على ذلك في الفقه المالكي كثيرة مثل البيع والشرط حيث وفق مالك بين الأحاديث الواردة، ولم يلغ منها حديثاً واحداً كما أشار إليه ابن غازي في بيتيه: بيع الشُّرُوطُ الحنفيُّ حرَّمهْ ... وجَابِرٌ سوَّغَ لابن شُبُرْمَهْ وَفَصَّلَتْ لابن أبِي لَيْلَى الأمَه ... ومالكٌ إلَى الثلاث قَسَّمَه (¬105) وهذه الظاهرة الجامعة تجعل العقيدة والفقه سائرين في مسلك واحد لا يفرق بينهما فارق، والتلاؤم بين أصول العقيدة وأصول العمل محبب إلى النفوس لأن العقيدة هي المحرك للعمل. ولم يلتق في هذا الجامع خصوص الأئمة الثلاثة: ابن أبي زيد والقابسي والمازري بل غيرهم من أئمة المالكية كلهم على هذا المنهاج سواء في الشرق أو الغرب فهذا الإِمام أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني مثلهم كما ¬

_ (¬105) حلي المعاصم، بفكر بنت ابن عاصم (ج 2 ص 8).

الذب عن الأشعرية

يقول فيه القاضي عياض في المدارك: "هو الملقب بسيف السنة، ولسان الأمة، المتكلم على لسان أهل الحديث، وطريق أبي الحسن الأشعري، وإليه انتهت رئاسة المالكيين في وقته. وكان حسن الفقه عظيم الجدل، وكانت له بجامع المنصور ببغداد حلقة عظيمة" (¬106). الذب عن الأشعرية: اشتمل المعلم على جملة صالحة من المسائل التي اختلفت فيها الأشعرية مع المعتزلة وانتصر فيها المازري لمذهبه العقائدي، ولكنه في انتصاره كان معتدلاً حتى أنك لا تشعر بأنه مائل إلى مذهب دون آخر، فحين يضع لديك مذهب المعتزلة الذين هم خصومه لا تدري أنهم خصومه حيث يأتي بمذهبهم دون تحامل عليهم؛ فها هو في طالعة كتابه يتعرَّض لمذهب الأشاعرة والمعتزلة في الكذب فيأتي أولاً بمذهب الأشاعرة، ثم يأتي بعد ذلك بمذهب المعتزلة فلو أنك تقتصر على بعض كلامه لا تدري أهو أشعري أم معتزلي لأنه لم يزلق قلمه في شتمهم ولا في النيل منهم. وحين ينتقدهم كذلك ينتقدهم بدون أن يكون هناك تحامل أو إظهار ميل فكان رصيناً في عرضه للمذهبين كما كان رصيناً في انتقاده على المعتزلة. فدونك شاهداً على ما نقول: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَليَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". قال الشيخ أيده الله: "الكذب عند الأشعرية الإِخبار عن الأمر على ما ليس هو به، هذا حد الكذب عندهم ولا يشترطون في كونه كذباً العَمد والقصد إليه خلافاً للمعتزلة في اشتراطهم ذلك. ودليل هذا الخطاب يرد عليهم لأنه يدل على أن ما لم يتعمد يقع عليه اسم الكذب". ¬

_ (¬106) المدارك في ترجمة الباقلاني.

المذهب الأول

مال في شرحه هذا إلى مسألة خلافية بين الأشاعرة والمعتزلة، وهي مسألة حقيقة الكذب فقد اختلف فيها الطرفان في اشتراط العمد وعدمه فإلى الأول ذهب المعتزلة وإلى الثاني ذهب الأشاعرة. هكذا ذكر مذهب المعتزلة في الكذب بأنهم يشترطون العمد والقصد إلى جانب مخالفة الواقع وهو ما عبر عنه بالإِخبار عن الأمر على ما ليس هو به. ولإِيضاح ما يقصده من المعتزلة نذكر المذاهب في الصدق والكذب حتى يتبيَّنَ لنا من هم المعتزلة الذين يرد عليهم. المذهب الأول: مذهب أهل السنة الذي يرى أن النسبة الذهنية المفهومة من الكلام في الكلام الخبري إذا كانت متطابقة مع النسبة الخارجية بأن تكون النسبتان ثبوتيتين أو سلبيتين فذلك الصدق وإن اختلفتا في الثبوت والسلب بأن كانت إحداهما ثبوتية والأخرى سلبية فذلك الكذب فلا نظر عند الأشاعرة في الصدق والكذب إلا إلى التطابق بين الكلام ونسبته الخارجية، وهذا ما أشار إليه في المعلم بإجمال. المذهب الثاني: مذهب النظّام (¬107) ومن تابعه: أن الصدق مطابقة الكلام لاعتقاد المخبر ولو كان الاعتقاد خطأ، بمعنى أنه غير مطابق للواقع، والكذب عدم مطابقته لاعتقاد المخبر. والمراد بالاعتقاد ما يشمل الظن، فلو قال قائل: السماء تحتنا، وهو يعتقد ذلك كان صدقاً، ولو قال: السماء فوقنا، وهو لا يعتقد ذلك كان خبره كذباً. واحتج النظّام لمذهبه بقوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} (المنافقون: 1). ¬

_ (¬107) النظّام إبراهيم بن سيار كان من أئمة المعتزلة (231).

وأجاب الأشاعرة عن استدلال النظّام على مذهبه بهذه الآية الكريمة بثلاثة أوجه (¬108): الوجه الأول: أن التكذيب راجع إلى الشهادة لأنهم كأنهم قالوا إن شهادتنا وَاطَأتْ فيها قلوبناً ألسنتناً، وهذا كذب لأن المنافقين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، فتكذيبهم راجع إلى ادعاء المواطأة لا إلى المشهود به الذي هو {إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} كما يدعي النظّام فإنه وإن كان مطابقاً للواقع إلا أنه غير مطابق لاعتقادهم، وإذا كان غير راجع للمشهود به كما يدعي النظام بل هو راجع للمواطأة سقط استدلاله. والعجب من النظّام كيف يستدل بهذه الآية مع أنّها لا تحتمل إلا الوجه الذي حملها عليه الأشاعرة، وها أن الزمخشري وهو من الاعتزال بمكان ومع ذلك يقول: والله يشهد إنهم لكاذبون في قولهم {نَشْهَدُ} وادعائهم فيه المواطأة (¬109). وكأنَّ صاحب المعلم عدل إلى ما عدل إليه كما سيأتي ولم يعرج على رد استدلال النظّام لأنه رآه كما بيّنا لا يستحق أن يرد عنه، وقد أوضحنا بُعْدَهُ وأنه لا سبيل إلى القول الذي ذهب إليه النظّام. وهذا منه ترفعاً عن رد الأقوال المردودة في ذاتها حيث لا يلتفت إليها اشتغالاً بغيرها. وإنما وضحناً رد قول النظّام بعد شرحه حتى لا يعتقد أنه أغفل الكلام عليه واعتنى بغيره إذ بان أن هذا القول في عداد المهملات وإنما العناية بغيره. الوجه الثاني: من أوجه الرد على النظّام أن تكذيبهم راجع إلى تسمية إخبارهم (بكسر الهمزة) شهادة إذ هي ما تكون على وفق الاعتقاد. ¬

_ (¬108) انظر في هذه الأوجه التلخيص للقزويني وشرح السعد له. (¬109) الكشاف (ج 4 ص 538).

المذهب الثالث

الوجه الثالث: أنه على فرض التنزل مع النظّام بأن يكون التكذيب من الله تعالى راجعاً للمشهود به وهو {إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ} لكن ليس على ما ذهب إليه، بل إظهار لما هو في قرارة نفوسهم من زعمهم الكاذب في عدم الإِقرار بالنبوة فيكون المعنى أنهم يزعمون أنهم كاذبون في هذا الخبر الصادق. المذهب الثالث: مذهب الجاحظ (¬110) وهو محط النظر لأنه هو الذي تناوله في المعلم، وإنما بإجمال، وهذا تفصيله مع دليله. ينكر الجاحظ انحصار الخبر في الصدق والكذب كما هو مذهب أهل السنة وكما هو مذهب سلفه النظّام الذي لا مخالفة بينه وبين أهل السنة في الانحصار، وإنما مخالفته فيما هو المراد بالتطابق، وأمّا الجاحظ فيرى أن هناك واسطة بين الصدق والكذب لأنه يرى أن الصدق يتوقف على مطابقة أمرين، وهما الواقع واعتقاد المتكلم، والكذب هو عدم المطابقة فيهما فكأنه أراد التوفيق بين سلفه النظّام، وما عليه غيره (¬111) أو هو رأي ذهب إليه دون قصد التوفيق وهو الأقرب. وبناء على رأي الجاحظ فإنه يلزم عليه أن تكون هناك أخبار لا توصف بصدق ولا كذب، وهي الأخبار التي تكون مطابقة للواقع لكن يعتقد المتكلم أنها غير مطابقة، أو يكون غير معتقد شيئاً، وكذلك في عدم المطابقة للواقع والمتكلم يعتقد المطابقة، أو ينتفي اعتقاده بأن لا يكون له اعتقاد أصلاً. وذهب الجاحظ إلى ما ذهب إليه إعتماداً على ما استنتجه من قوله تعالى: {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ} سبأ (8)، من أن هناك تلك الواسطة لترديد المناوين للنبيء - صلى الله عليه وسلم - إخباره بالحشر والنشر كما جاء في قوله تعالى: ¬

_ (¬110) الجاحظ أبو عثمان عمر بن بحر الأديب العالم الشهير (250). (¬111) المراد بالغير غير الأشعرية لأن ظهور الأشعرية بعد الجاحظ.

{إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} سبأ (7)، بين الافتراء والإِخبار حال الجنة أي حال الجنون، وذلك لأن المراد بالثاني وهو الإِخبار حال الجنة غير الكذب لأنه قسيمه، وغير الصدق لأنهم لم يعتقدوه لأنهم منازعون في الرسالة فكيف يعتقدون مقاله فإذا خرج عن كونه صدقاً لما ذكر، وعن كونه كذباً لأنه في مقابلته، فلم يبق حينئذ إلا أنه قسم برأسه فلا يكون صدقاً ولا كذباً، وبذلك تثبت الواسطة بين الطرفين المتضادين وهما الصدق والكذب. والمذهب الجاحظي هذا قد رده المفسرون واقتصروا في ردهم على إبطال دليله وذلك بأن المقصود: أم لم يفتر، لأن الافتراء أخص من الكذب إذ هو الكذب عن عمد فحينئذ يكون القسيمان مندرجين تحت أعم وهو مطلق الكذب. وهذا تحليل ما أجاب به البيضاوي في تفسيره، والخطيب في تلخيصه للمفتاح وعند هذه الردود يقف الكاتبون من المتأخرين حتى أن بعضهم وهو الشيخ ياسين يتساءل لماذا لم يدعم مذهب الأشاعرة بدليل بخلاف مذهب النظّام فقد ذكر دليله ورده، ومذهب الجاحظ كذلك وأجاب جواباً لا يقنع وهو أن مذهب أهل السنة له أدلة كثيرة حتى أصبح لا يحتاج إلى دليل وهو كما ترى غير مقنع لأنه وإن كثرت أدلته إذ يمكن أن يقتصر على ما هو منها أهم حتى لا تميل النفوس مع المذهب المستدل عليه. وفي الحقيقة أنه أجاب جواب التخلص هذا حيث لم يقف على دليل يؤيد مذهب الأشاعرة. في هذه النقطة الهامة بالذات نجد المازري قد كفى المؤونة ولم يلتفت إلى رد أدلة الخصم، بل أثبت دليلاً قاطعاً على صحة ما قاله الأشاعرة، وهو الحديث الذي هو بصدد شرحه. وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن كذَب عليّ متعمداً فليتبوأ مَقْعَدَهُ من النار".

استخرج من قوله عليه الصلاة والسلام أن الكذب يكون تارة عن عمد وتارة عن غير عمد، فأتى بجملة غاية في الاختصار وهي قوله: "ودليل هذا الخطاب يرد عليهم لأنه يدل على أن ما لم يتعمد يقع عليه اسم الكذب". فاستنتاجه على اختصاره محكم الرد مقنع غاية الإِقناع لمن تأمله وتدبر فيه. وتحليل جوابه: أنه عليه الصلاة والسلام أفصح العرب أخبر أن الكاذب عليه إن تعمد الكذب، فليتبوأ مقعده من النار. ومن كذب ولم يتعمد فحكمه غير حكم الكاذب المتعمد، فهو قد أطلق اسم الكاذب على المتعمد وغيره، وهو إطلاق واضح لا يحتمل وجهاً آخر ولو مع التكلف. وإذا أخذنا هذا في جانب الكذب فالصدق لا يخرج عنه إذ أنهما من واد واحد. فما ادعاه الجاحظ من أن الكذب لا يكون كذباً وكذلك الصدق إلا إذا طابق الكلام الواقع والاعتقاد أو خالفهما ليس بشيء حيث أطلق - صلى الله عليه وسلم - اسم الكذب على الكلام المخالف للواقع وإن لم يطابق الاعتقاد. وبهذا يظهر أن لا مدخل لمطابقة الاعتقاد في إطلاق الكذب إذ هذا الاسم يطلق على ما طابق الاعتقاد وما خالفه، وإنما المراعى مطابقة الواقع. وقد ذكرنا هذه المسألة مسألة الكذب التي ناصر فيها المازري الأشْعرية الطريقة التي سلكها من كتب من الأشاعرة وما هو أسلوبهم فيها، وما ذكرة المازري ليظهر الفرق بين الأسلوبين بينما غيره يطيل في الردود، ويظهر جوانب متعددة حتى يرد على كل جانب جانب منها، نرى المازري لا يسلك تلك الطريقة وإنما يعمد إلى أقرب الأبواب في تثبيت ما يراه دون إطالة مع إحكام الرد كما وضحناه بحيث لا يبقى للخصم مقال، فإنه يهجم من أول وهلة إلى الغاية المرادة دون تضييع الفرصة السانحة في إبكات خصمه إذ

القضاء والقدر

نرى غيره رغم إطالته في الرد لم يأت بدليل محكم كالدليل الذي يأتي به صاحب المعلم. ولو سلك علماء الكلام ما سلكه المازري لكَفْوا المطلع تلك الإِفاضة التي ربما يتيه فيها النظر ولا يقف على الغاية إلا بعد الجهد المضني والانتقال في شتى الأدلة التي لا يمكن أن يستقل دليل منها بالإِقناع بخلاف ما ذهب إليه فإنه يرمى إلى روح المسألة ويكتفي بما هو مقنع بنفسه دون احتياج إلى ضميمة أمر آخر إليه. وفي هذا ضمان لتنقية العقيدة بأبسط الطرق وأمتنها وأقربها إلى عقل الباحث. القضاء والقدر من المباحث التي هي محل خلاف بين الأشعرية والمعتزلة مسألة القضاء والقدر، وهي من الأهمية بمكان فقد شغلت أقلام الكثير من الكاتبين في الأعصر السالفة والأعصر الحاضرة مما يدل على أنها لا تزال تشغل أفكار الكثير من الباحثين وهي مما يحق أن يتناولها قلم صاحب المعلم لأنها من أهم ما هو حقيق بالتصدي للذب عن الأشعرية فيه. وسنرى ما هو موقف المازري من هذه القضية الشائكة التي لا بد فيها من قول فصل، في رد شبهات المتسورين على القضاء والقدر، فإن هناك رمياً للقول على عواهنه، وزجاً بالأفكار في مزالق قد تفضي إلى زيغ القلوب وحيرة الأفكار. ولأهمية هذه القضية سلك مسلم في صحيحه وهو الكتاب المعلق عليه بالمعلم مسلكاً رضياً نقياً، وفي الآن نفسه كان حكيماً حيث بادر بحديث ابن عمر الذي جر إليه أن يحيى بن يعمر (¬112) الذي تحير في الموقف حين ¬

_ (¬112) يحيى بن يعمر التابعي، توفي قبل التسعين.

انطلق القائلون بالقدر في البصرة، وكان رأسهم معبد الجهني، إذ في مبادرة مسلم بتصدير كتابه بهذا الحديث أنه عنده الأحق بأن يتوج به كتابه لضرورة هذه المسألة في الإِيمان، إذ كيف يصح الإِيمان وأهم ركن فيه بين الأخذ والرد، واليقين والشك، والاطمئنان والتحيّر. ولكن المازري في تعليقه على هذا الحديث تكلم عليه من جوانب خاصة تتناول بعض جهاته الداعية للكلام عليها وهي الناحية اللغوية مثل: يتقفرون العلم، وأن الأمر أنف، وأشبع في ذلك القول تبعاً للهروي. ثم تعرض لمسألة كفر المعتزلة على عادته في الاختصار بأن نفَى عنهم الكفر على قول ابن عمر كما سيتضح. ولا يدرى الباحث لماذا أغفل الكلام على هذه المسألة الهامة الحرية بأن يخوض فيها قلمه، ولعل ذلك لأسباب نتصيدها من هناك وهناك من غير أن نعتمد فيها على شيء ثابت إذ لم نقف لحد الآن على ما هو شبيه بكلام الغزالي عن نفسه حتى نستطيع أن نستخلص منه ما هي الدواعي الباعثة لإِغفال هذه المسألة الهامة مع أن مباحث لها قيمتها تطرق إليها الحديث الذي ذكره مسلم: مثل أول من أحدث القدرية في الإِسلام، ومثل ما هو القدر الذي قالوا به. والظاهر أن طي البحث في القدر يرجع إلى أن المازري يذهب إلى عدم الخوض فيه ويرى أن الأجدى في إرساخ الإِيمان الرجوع إلى القرآن بالتلاوة والتفهم ودراسة الأحاديث فإن في ذلك مقنعاً لمن يريد أن يتشبع بالإِيمان الصحيح الخالي من الشوائب حيث إن السلف لما ساروا على ذلك استقامت عقائدهم، وانسجمت العقائد مع الأعمال. ويتضح من استدلالاته في هذا الكتاب أنه لا يميل إلى ما يميل إليه المجادلون من أرباب الكلام وأنه يأخذ بالأحوط لحفظ عقيدة المسلم لأن ضرر الجدل أكثر من نفعه، وبالأخص مع كافة الطبقات لأن المجادلين

كثيراً ما تزل بهم القدم، وكثيراً ما تعلق بنفوسهم ما يخوضون فيه من بحوث يثيرها المخالفون بقصد إيقاع الشك وزلزلة الإِيمان ذهاباً منهم إلى التعمق فى الذي يثيرونه وإن كانوا عالمين بأنهم لا تقوم لهم حجة أمام الحق الساطع، والبراهين القوية. ولهذا ذهب إلى تحريم الخوض في الكلام مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وسفيان، وجماعة من أهل الحديث وحكى الغزالي أن الشافعي سئل عن شيء من الكلام فغضب وقال: سل عن هذا حفصا الفرد وأصحابه (¬113). وإنما كانت النظرة إلى أهل الكلام بهذه الشدة لأن الاشتغال بذلك يؤدي إلى ترك الكتاب والسنة وهما العمودان الأصليان في إقامة دعائم الدين. ومن الأقرب أنه تأثر بما جاء عن مالك -رضي الله عنه- فإنه قال: أرأيت إن جاءه من هو أجدل منه أيدَعُ دينه كل يوم إلى الدين الجديد؟ وصدر هذا عن مالك لأن المتجادلين تتفاوت أقوالهم (¬114) وتختلف أيضاً قوتهم على الجدل فربما يفحم من هو على حق فتميل به الأهواء فيترك ما عليه ثم يبدو له وجه الحقيقة فينزع ما لبسه من الضلال للرجوع إلى ما هو صحيح. ثم إن الحديث ينهى عن التنطع كما جاء من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال: "هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ، هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ، هَلَكَ المُتَنَطعُونَ". والمراد بالمُتَنَطِّعين المتعمقون فيما لا ينفع فيه التعمق وإن كان التعمق له مكانه، وله مجالاته، ولكن إن كان في الحقائق الناصعة فإنه يؤدي إلى خلاف المقصود. ¬

_ (¬113) الإِحياء (ج 1 ص 100). (¬114) الإِحياء (ج 1 ص 101).

ولكي لا تذهب بنا الظنون إلى أن المازري ليس مستبحراً في أصول الدين بل الأمر بالعكس فإنه من الغواصين ولكنه كان يرى أن الاشتغال بجلب حجج الخصم وتفصيل الكلام بدقة ربما لا يتفطن لها أربابها. ثم بعد ذلك يأتي في دور الرد عليها وفيه ما يضر أكثر مما ينفع فإن تلك الحجج التي للخصم حين توضع في صدر الكلام تصادف قلباً خالياً فتتمكن منه فإذا ما أتى الرد ربما لا يجد مساغاً في النفس وإن كان قوياً ثابتاً مقنعاً. فلذلك نراه يعمد إلى الرد من أول وهلة سالكاً مسلكاً خاصاً في الرد مخالفاً فيه لمذاهب غيره، وهو ما أداه إلى انتقاد سلوك بعض المؤلفين الذين يريدون إظهار اطلاعهم على مذاهب غيرهم ليظهروا بذلك أنهم لا يجهلون مذاهب الخصم فإذا ماكرّوا عليها بالانتقاد كان ذلك عن بينة وهو ما صنعه الكثير وبالأخص الغزالي لكن وراء ذلك ما وراءه. فهذه طريقة خاصة في تدعيم آرائه وهي الطريقة التي تقلدها وهي عند تدقيق النظر وصل إليها بالاجتهاد وإنما كان في اجتهاده مسايراً لما هو المذهب الحق. وهذه الطريقة إنما هي للمتشبع الممتلىء من النظر المتمكن من بحثه إذ تكفيه لأنه يكتفي بالإِيجاز ويقنع بدون ذلك حتى بالإِشارة. وذهب صاحب المعلم إلى ما ذهب إليه قياساً على ذكائه وسعة اطلاعه فإنه غواص نبيه يقع على مراده من أقرب السبل وأسهلها فلذلك اكتفى في الكثير من ردوده ومسائله بالإِيجاز لا الإِيجاز المعقّد وإنما الإِيجاز في الاقتصار على عين المقصود دون بسط أو تمهيد ينسى الغرض منه، فهو لم يكن كأصحاب الكتب المؤلفة على طريقة أشبه بالإِلغاز منها بالكلام المقصود منه البيان ومسلكه هذا خاص بالمعلم دون بقية كتبه. ومن أجل هذه الطريقة الخاصة وضع القاضي عياض كتابه إكمال المعلم حتى يلتقي معه في آرائه وبذلك يكتمل هذا الكتاب. وسنوضح المسلكين

بين المازري وعياض

المتكاملين بين المازري وعياض في المعلم وإكماله مخصصين ذلك بناحية خاصة وهي ناحية في علم الكلام. وسيتضح للناظر حين نبرز تجاذب الرجلين للمسائل العامة وفي طالعتها مسألة القضاء والقدر. بين المازري وعياض لم يتعرض الأول لهذه المسألة إلا من ناحية خاصه وهي ناحية تكفير المعتزلة فذكر: "وأما قوله: لا قدر فلا تقول به المعتزلة على الإِطلاق وإنما يقولون: إن الشر والمعاصي تكون بغير قدر الله تعالى لكن من لم يتشرع من الفلاسفة ينكر القدر جملة". وأما ما ذكر من تبري ابن عمر منهم وقوله: "لا يقبل من أحدهم ما أنفق، فلعله فيمن ذكرنا من الفلاسفة، أو على وجه التكفير للقدرية على أحد القولين في تكفيرهم عندنا إذ كان أراد بهذا الكلام تكفير من ذكر" (¬115). هكذا يقف في الفقرة المتقدمة موقفاً من المعتزلة لا يذهب فيه إلى الغلو في الرد عليهم إلى حد التكفير، ويحيل ما صدر من ابن عمر -رضي الله عنهما- وناهيك به إلى أنه لا يقصدهم بالذات وإنما يقصد من لم يتشرع من الفلاسفة أي من لم لم يكن متبعاً للشريعة من الفلاسفة فيقصي كلامه عن المعتزلة إلى غيرهم. ولم يصنع هذا الصنيع في كلام ابن عمر - رضي الله عنهما - إلا لأنه يرى أنهم لم يبلغوا إلى درجة تؤدي إلى كفرهم فهو يعذرهم وإن كان لا يوافقهم ولا يجاريهم، وإنما لصعوبة المسلك تاهوا لا عن قصد إلى الضلال ¬

_ (¬115) انظر النص، الفقرة (9).

وإنما عن اجتهاد خاطىء وإن كان الخطأ في الاجتهاد في العقائد لا يغتفر لأنه ليس كالخطإ في الاجتهاد في استخراج الأحكام وإنما دقة المسألة تهون الحكم عليهم. وبجانب موقف صاحب المعلم موقف القاضي عياض، وهو موقف دقق فيه البحث مع صاحبنا فذكر أن ما جاء في مسلم من نفي القدر جملة، بمعنى أن الله تعالى لا يعلم الأشياء قبل وجودها وإنما يعلمها بعد أن تقع، هو الذي فسر به مالك مذهب القدرية فيما رواه بعضُ أصحابه. فالقاضي يريد إثبات ما نفاه المازري عن المعتزلة فنفي القدر جملة هو من مذهب المعتزلة وهم قائلون به وبذلك فسر مذهبهم مالك. وقصد بنقل تفسير مالك مذهبهم توضيح أن ما جاء في كلام المازري ليس بالأمر الصحيح. ثم وضح القاضي أن نفى القدر جملة قالت به الجهمية وقوم من الرافضة وطائفة من المعتزلة. ثم إن القاضي عياضا نقل عن البلخي أن القائلين بنفي القدر جملة كما تقدم قد انقرضوا جميعاً. ثم بين أن مذهب معبد الجهني الذي حكى عنه يحيى بن يعمر ما جاء في مسلم هو مذهب المعتزلة في القديم، أخذوه من الفلاسفة كعادتهم في بنائهم أكثر مذاهبهم على منزع الفلاسفة في الإِلهيات، لكن لقبحه رجعت جميع طوائفهم عنه مع بقائهم على أصل الاعتزال من إثبات منزلة بين المنزلتين ويسمونه عدلاً، ونفي الصفات التي أطبقت طوائفهم عليه وأخذوه أيضاً من الفلاسفة ويسمُّونه توحيداً ليدرؤوا عن أنفسهم اسم المجوسية التي سماهم بها صاحب الشرع في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "القَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هذِهِ

الأمَّةِ" (¬116). وزعموا أن القدر المذموم المعني في الحديث إنما هو القدر الأول، وليس المعني في الحقيقة الأهم لأنهم شاركوا المجوس والثنوية (¬117) في إثبات فاعل غير الله تعالى حيث قالوا: العبد يخلق أفعاله، والخير من الله والشر من غيره، والقدرية الأول داخلون في هذه الرذيلة، ويختصون بتلك الأشنوعة، فالقدر الأول والاعتزال أصلان مفترقان، وكا هوى بنفسه. ويظهر من هذا أن القاضي يحقق أن القدرية طائفتان: القدرية الأولى والقدرية الثانية، وأن المعتزلة القُدامى أخذوا بقول القدرية الأولى واقتدوا في ذلك بالفلاسفة، وهو منه رد لطيف على المازري إذ ينفي عن المعتزلة القول بقول معبد موضحاً له أنهم تدرجوا في نفي القدر، فأولا: نفوه جملة كما يقول معبد، وهو قول الفلاسفة، ثم أدركوا شناعته فذهبوا إلى نفي البعض من القدر وهو الشر. وأثبتوا لله الخير ونفوا عنه الشر وقالوا: إن العبد يخلق أفعاله. ومع كونهم لم يبقوا على مقالتهم الأولى وانتقلوا إلى ما انتقلوا إليه لم يخرجوا عن كونهم مجوس هذه الأمة كما جاء به الحديث لأنهم شاركوا الثنوية في إثبات فاعل غير الله سبحانه وتعالى. ويأتي الأبِّي الذي ذيل إكمال القاضي عياض في إِكمال الإِكمال، ويريد أن يقف موقفاً يؤيد به ما ذهب إليه المازري بأن القدر الأول يقول به معبد، والقدر الثاني وهو عبارة عن تأثير قدرة العبد والقائل به المعتزلة. ¬

_ (¬116) هذا الحديث أخرجه أبو داود في سننه والحاكم في مستدركه، عن ابن عمر رضي الله عنه وهو عند السيوطي صحيح، وتمامه: " ... إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم". (¬117) الثنوية هم أصحاب الاثنين الأزليين يزعمون أن النور والظلمة أزليان قديمان، ونسبوا إلى النور الخير ونسبوا إلى الظلمة الشر، فالنفع والصلاح والسرور والنظام والاتفاق من النور وأضدادها من الظلمة إلى غير ذلك من التقابل بين الخير والشر، انظر تفصيل ذلك في الملل (ج 2 ص 72).

لكل وجهة

لكل وجهة: والتحقيق أن صاحب المعلم نظر إلى المعتزلة الذين هم معتزلة اليوم -أي في عصره- وصاحب الإِكمال لم يقصر نظره على المعتزلة المتأخرين بل عمَّم النظر وقسمهم على حسب عصورهم وذلك هو المعروف كما حققه أحد المتأخرين من الكاتبين في علم الكلام فذكر: أن المعتزلة هم القدرية، وهم قدريتان: الأولى: وهي التي تنكر سبق علمه تعالى بالأشياء قبل وجودها وتزعم أن الله تعالى لم يقدر الأمور أزلاً، ولم يتقدم علمه تعالى بها، وإنما يأتنفها علماً حال وقوعها، وهؤلاء انقرضوا قبل ظهور الشافعي (¬118). فهؤلاء هم الذين يقولون: إن الأمر أنف، يستأنف الله علمه حال وقوعه وهم الذين يسمون بالقدرية. وتسميتهم بالقدرية قد سبق إليها الحديث النبوي وقد طبّقه عليهم أهل السنة. وإنما سموا قدرية أنهم بالغوا في نفيه، وجعلوا ذلك ديدنهم وهم الذين أثاروا هذه البدعة، فهم حريون بأنهم هم القدريون وإن كانوا لا يثبتونه لله سبحانه وتعالى وينفونه ولا يقولون به، ثم إن هناك وجهاً آخر في تسميتهم بذلك، وهو أنهم يثبتون القدر لأنفسهم فهم أحق بهذه التسمية. وأطلق عليهم اسم "القدرية الأولى" تمييزاً لهم عن الطائفة الأخرى من المعتزلة الذين لم يشاركوهم في قولهم إن الأمر أنف. والطائفة الأخرى من المعتزلة: هم الذين أطلقوا على أن الله تعالى عالم بأفعال العباد قبل وقوعها ولكنهم خالفوا السلف فزعموا أن أفعال العباد ¬

_ (¬118) إتحاف المزيد لعبد السلام بن إبراهيم اللقاني (ص 166).

توقف في كلام المازري

مقدورة لهم، وواقعة منهم على جهة الاستقلال بواسطة الإِقدار والتمكين وهو مع كونه مذهباً باطلاً أخف من المذهب الأول (¬119). وهذه الطائفة هى القدرية الثانية. فصاحب المعلم أراد أن يكون واقعياً فتعرض للمعتزلة الذين لم ينقرضوا فلذلك تحدث عنهم بخصوصهم دون المعتزلة الأولى وهذا إذا أردنا أن يكون كلامه مطابقاً لما ثبت عن المعتزلة من كونهم طائفتين طائفة غالت، وطائفة سلكت مسلكاً آخر. توقف في كلام المازري: غير أن النظرة المدققة تحتار في كلام المازري حيث أراد أن يحمل كلام ابن عمر على الفلاسفة الذين لم يتشرعوا لأنه من أين له هذا حيث إن ابن عمر إنما يتحدث عن معبد، فكيف تصح عبارته وهي: "وقوله لا يُقبل من أحدهم ما أنفق، فلعله فيمن ذكرنا من الفلاسفة" فلا سبيل أن نحملها على الفلاسفة لأنهم لا مدخل لهم في هذا الحديث لأن يحيى بن يعمر لم يجر على لسانه حديث عنهم حين حدث ابن عمر، وهاك ما جاء في صحيح مسلم عن يحيى بن يعمر قال: " أوَّلُ مَنْ قَال بِالقَدَرِ بالبَصَرةِ مَعْبَدُ الجُهَنِيُ". ثما قال محدثا لابن عمر: "أبا عبدِ الرحمن قد ظهر قِبَلنا ناس يقرؤون القرآن ويَتَقَفَّرُونَ العِلْمَ وَذَكَرَ مِنْ شَأنِهِمْ وأنهُمْ يَزْعَمُونَ أن لاَ قَدَرَ، وأنَّ الأمرَ أُنُفُ". فأجابه أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر: "فإذَا لَقِيتَ أولَئِكَ فَأخْبِرهُمْ ¬

_ (¬119) المصدر نفسه.

تكفير المعتزلة

أنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ وأنَّهُمْ بُرَاءُ مِنِّي وَالِّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ لَوْ أنَّ لأحَدِهِمْ مِثْلُ أُحْدٍ ذَهَبًا فَأنْفَقَهُ مَا قبِلَ الله مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ" (¬120). لا تشم رائحة التعرض للفلاسفة غير المتشرعين في هذا النص، فكيف يمكن أن نجعلهم هم المقصودين دون غيرهم، كذلك لا يمكن أن نجعل معبدا منهم لأن يحيى بن يعمر جعله من أهلِ القبلة لأنه ذكر أنه وجماعته يقرؤون القرآن ولم يكتف بذلك بل عظم من شأنهم ووصفهم بالفضيلة في العلم والاجتهاد فيه. ثم إن معبدا كان من التابعين كما يقول الذهبي في الميزان، ثم إنَّه مع ذلك صدوق، وقد روى عنه ابن ماجه في سننه (¬121). وعندي: أن المتلقي عن المازري لم يفهم كلامه فذكر ما ذكر إذ لا يجوز أن نصرف كلام ابن عمر عن غير ظاهره، وندعيه للفلاسفة، وربما يكون المازري قال: إن هذا التكفير إنما ينطبق على الفلاسفة غير المتشرعين لأنهم هم الذين ينفون القدر جملة أما معتزلة زماننا فليسوا كذلك. هذا ما يمكن أن نقيم به عبارة المعلم حتى تكون متفقة مع النص المعلق عليه وهو صحيح مسلم، وإلا كان هناك فرق بين ما في التعليق، وما في النص المعلق عليه. تكفير المعتزلة: دعا إلى حمل كلام ابن عمر على الفلاسفة غير المتشرعين أن صاحب المعلم لم يكن بالقاسي على مخالفيه فهو لا يذهب إلى أن هؤلاء الذين ذهبوا إلى ما ذهبوا إليه عن مروق من الدين، وإنما هي أفكار لم يوفّقوا فيها إلى ما طلبوه. ¬

_ (¬120) مسلم (ج 1 ص 36 - 37). (¬121) الميزان (ج 3 ص 183).

وقد وضع المعتزلة في الميزان اللائق حيث إنه ردد كلام ابن عمر بين كونه يحمل على التكفير أو لا يحمل عليه، وعلى فرض أنه يدل على تكفيرهم فهذا على أحد القولين في القدرية فيجعل تكفيرهم افتراضاً لأنه افترض أنه يدل على التكفير كما افترض أنه لا يدل عليه حين قال: "إن كان أراد بهذا الكلام تكفير من ذكر". ويقصد "بمن ذكر" القدرية. ولم يبين كيف يمكن حمله على التكفير وغيره اكتفاء منه بنباهة المستمع والقارىء، وما قاله يتضح بالتدبر في كلام ابن عمر -رضي الله عنه-. ويدل موقفه المتقدم من المعتزلة أنه له ميل شديد إلى كونهم لم يمرقوا من الإِسلام كغير المتشرعين من الفلاسفة إذ هؤلاء وضعوا لأنفسهم خطة خاصة بهم، وهي أنهم لم ينهجوا منهجاً دينياً. وأما المعتزلة فإنهم كانوا في آرائهم متصيدين لها من القرآن والسنة غير أنهم التوت عليهم الطرق فتاهوا فهم لم ينبذوا الدين جملة، وإنما حرَّفوا في بعض أفهام لهم خاصة، فشتَّان بين الفريقين. وكما تناول هذه المسألة صاحب المعلم تناولها مثله القاضي عياض في إكماله لهذا الكتاب وكان في تناولها باحثا مع أصله ولم يخرج في مناقشاته عن الإكبار له. فناقشه أولاً في أن قول ابن عمر: إن القدرية لا تقبل نفقاتهم يدل على أنهم كفار عنده، لأن الأعمال إنما يحبطها الكفر. وناقشه ثانياً: أن القدرية الأولى لا خلاف في كفرهم، وإنما الخلاف في قدرية اليوم. فالقاضي يجنح إلى أن القدرية الأولى ليست محل خلاف بين المتكلمين لأنهم نفوا القدر جملة، ومن نفاه جملة لا يشك في مروقه من الدين. ثم إن ابن عمر وإن لم يصرح بالتكفير فعبارته كالصريحة في ذلك لأن

الأعمال لا يحبطها شيء غير الكفر، وأما مع وجود الإِيمان فالأعمال متقبلة وإنما تختلف باختلاف الإِخلاص، والقيام بالصالحات على الوجه الأتم. ولأهمية هذه المسألة التي ينبني عليها أمر جليل وهو أن هؤلاء المعتزلة من المسلمين أو غيرهم شارك فيها علم تونس وهو الأبي في إكمال الإِكمال معلقاً على كلام القاضي ومؤيداً للإِمام في رأيه وفي تعليقه ويبدو أنه يقتبس من سعة صدر صاحب المعلم في عدم التغالي في الرد على المخالفين. وكان الأُبي في تعليقه على النقاشين من القاضي مركزاً بحثه على أصول مسلّمة بين فكرية ونقلية. أما تعليقه علي النقاش الأول فهو أن كلام ابن عمر لا يدل على تكفير القدرية لأنه لم يحكم عليهم بإحباط أعمالهم، وإنما قصارى ما أخبر به أنهم لا تقبل أعمالهم وفرق بين عدم قبول العمل، وإحباط العمل، لأن القبول أخص من الصحة فإذا لم يكن هناك قبول للعمل فقد يصح فإذا كان كذلك لم يصر عدم القبول إحباطاً. ومعنى كون القبول أخص أنه عبارة عن حصول الثواب على الفعل، والصحة عبارة عن سقوط القضاء. وتعمق الأُبي في بحثه هذا فأشار إلى أنّ تعليقه هذا لا ترد عليه الآية الكريمة وهي: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ} التوبة (54)، لأنها إنما تدل على أن الكفر دليل على عدم قبول العمل من صاحبه. وهذا ليس محل النزاع، وإنما النزاع في كون عدم القبول دليلاً على الكفر، وهذا هو محل النزاع، والآية لا تدل عليه. وأما تعليقه على النقاش الثاني وهو أن الخلاف في تكفير المعتزلة إنما بالنسبة لمعتزلة اليوم لا القدرية الأولى منهم، فإنه رد عليه بكلام الآمدي وهو من عُمد علم الكلام بأن الخلاف في أهل الأهواء مطلقاً دون تخصيص بأولى وثانية.

رأينا كيف اختلفت أنظار هؤلاء العلماء الثلاثة في المعتزلة، وما ذاك إلا لشدة اختلاف آراء المعتزلة أنفسهم، وأنهم لم يكونوا على وتيرة واحدة في آرائهم ونظراتهم، واختلافهم مما يصعب معه الحكم عليهم فالموضوع يحتاج إلى بحث خاص تحرر فيه آراء المعتزلة المختلفة، وتعرض هذه الآراء على محك النظر حتى يتبين ما هو مخالف تمام المخالفة لقواعد الإِسلام العقائدية وما هو لا يلتقي معها في بعض النقط مما لا يصطدم معها الاصطدام المنافي.

بين الغزالي والمازري مفكري الإسلام

بين الغزالي والمازري مفكري الإِسلام سئل المازري عن حال كتاب إحياء علوم الدين للغزالي فتكلم فيه تكلم منصف دون أن يموه أو يذكر ما ليس واقعاً. فذكر لنا الغزالي وكيف تقلب بين أحوال مختلفة ... وهاهنا نقطة هامة وهي أن هذا التقلب ذكره الغزالي ونسبه لنفسه على جهة اطلاعه بحيث لم يعلق بأفكاره شيء من ذلك بل مرت عليه هذه الأحوال مرًّا خفيفاً بحيث لم تترك أثرا في نفسه كما وضحه في كتابه المنقذ من الضلال. ووقف عند هذه النقطة المازري، وجعله متأثراً بذلك تأثراً عميقاً، ونضع أيدينا على كلام المازري حتى نعرف مدى هذا التأثر الذي وقع فيه الغزالي، ولم يتفطن له نفسه بل ظن كما ذكرنا أنه استطاع أن يخلّص نفسه من مطالعاته وجولاته المتعددة في ميادين شتى وعلوم مختلفة. فهذا ما يذكره المازري عنه: "وأما علم الكلام الذي هو أصول الدين فإنه صنّف فيه أيضاً وليس بالمستبحر، ولقد فطنت لسبب عدم استبحاره وذلك أنه قرأ علم الفلسفة قبل استبحاره في فن أصول الدين فأكسبته قراءة

الفلسفة جراءة على المعاني وتسهيلاً للهجوم على الحقائق لأن الفلاسفة تمر مع خواطرها وليس لها حكم شرعي ترعاه ولا تخاف من مخالفة أئمة تتبعها" (¬122). ينبغي أن نقف عند التصوير الدقيق الذي صوره لنا المازري وأبرز فيه نفسية الغزالي، وكيف أنها لها جرأة تامة على الحقائق دون تثبت في الخطى. ونستطيع من هاهنا أن ننبعث ونتعرف على نفسية الرجلين وتكييف انطلاقهما في الميادين العلمية: فالغزالي صاحب جرأة في إبداء آرائه بدون أن يقيسها على خطوات الأئمة المتقدمين القيس الذي يراه صاحبنا فهو متحرر في ذلك لا يرى لأية سلطة نفوذاً على نفسه، فهو في أجواء واسعة يصنعها لنفسه كيف يشاء بينما المازري قد قيّد نفسه بالخوف من مخالفة الأئمة الذين يتبعهم. ولا يُظن أن المازري يسوّي بين الغزالي الفلاسفة في عدم مراعاة الأحكام الشرعية والتقيّد بها حيث يقول: "فأكسبته قراءة الفلسفة جراءة على المعاني وتسهيلاً للهجوم على الحقائق لأن الفلاسفة تمر مع خواطرها وليس لها حكم شرعي ترعاه، ولا تخاف من مخالفة أئمة تتبعها". وإنما يقصد أنه اكتسب منهم الجرأة على التكلم في الحقائق بدون مراعاة الظروف المحيطة. وندرك من هذه الانطلاقة لماذا لم يجتهد صاحبناً ولم يكوّن لنفسه مذهباً خاصاً به وإن كانت أسباب الاجتهاد متوفرة عنده ووسائل الاستنباط والاستخراج لا تنقصه فهو مجتهد لا يرى لنفسه حق الاجتهاد لأن أقواله ¬

_ (¬122) طبقات الشافعية لابن السبكي (ج 4 ص123).

مغالاة الغزالي وتواضع المازري

وأفكاره كلها تدل على ما له من قوة الاجتهاد لكنه وقف عند مدرسة إمامه مخافة أن يخالفها. والغزالي وإن لم يجتهد ويخالف مذهب إمامه الشافعي إذ كان من رجال المذهب الشافعي حتى ألّف فيه كتبه الشهيرة التي من أشهرها الوجيز الذي هو عمدة المذهب الشافعي (¬123) لكنه اجتهد من ناحية أخرى، وأحدث طريقة جديدة في الاعتقاد والأحكام. مغالاة الغزالي وتواضع المازري: ونلمس ما جاء في حق الغزالي من التغالي والاعتداد بالنفس في تسمية كتبه مثل كيمياء السعادة حيث إن فيه جرأة وادعاء لأنه خص هذا الكتاب بأنه السر المكتوم لمن يريد السعادة. وكأنّه يقصد به أن قارئه يحصل به ما يحصّله علم الكيمياء من سلب الخاصية المعدنية وجلب خاصية جديدة حتى تنقلب الأعيان ويصير النحاس ذهبا والرصاص فضة، فكذلك قارئه ينقلب من إنسانية إلى أخرى فيصير إنساناً عارفاً بما جهله العالم كله فيعرف نفسه وربه، ودنياه وعقباه. فالغزالي يرى من نفسه أنه يستطيع أن يخطو بالإِنسان هذه الخطوة الشاسعة ويصير إلى حيث يلتقي مع سعادته بانقلاب عينه كما تنقلب المعادن الرخيصة إلى جواهر ثمينة، وهو أمر عجيب في تكوين البشرية تعجز عنه العوامل الكثيرة فضلاً عن غيرها. ثم إنه لم يتحقق هذا الأمر إلا لكتاب الله تعالى الذي أخرج الناس من الظلمات إلى النور: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي ¬

_ (¬123) الوجيز من أمهات كتب الشافعية.

واقعية وخيالية

بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} المائدة (16). لم نعرف شيئاً سلب خاصية الإِنسان وأعطاه خاصية أخرى إلا كتاب الله الكريم وسنة رسوله عليه أفضل الصلاة والتسليم، فهما المصدران اللذان حققا للإِنسان أن يعرف ما كان يجهله، وأن يحيط بنفسه علماً. أما كيمياء السعادة فلم نعرف له من التأثير شيئاً مذكرراً خرج بإنسان عصره إلى حياة أخرى كما صنع القرآن بالأمم التي اعتنقت الإِسلام واقتدت به. فلم يكن المازري مخطئاً فيما عرف به الغزالي فإنه كان ينظر إلى مجتمعه نظرة غير النظرة التي ينظر بها غيره إلى مجتمعاتهم فهو يرى كلَّ الأصناف مخطئة محتالة كما عبر عنه في أول الإِحياء. بينما صاحب المعلم يتواضع ولا يَجْري وراء التعالى والتعاظم ويبدو هذا في كتاباته وعناوين تآليفه نرى صاحبه يعنون بمثل إحياء علوم الدين وهو نجده يعنون بما يدل على التواضع في كتابه هذا حيث سماه بالمعلم بفوائد مسلم. وشتان بين التسميتين فذاك يرى أن تأليفه إحياء لعلوم الدين التي أماتها الأصناف الثلاثة: وهم العلماء المترسمون الذين استحوذ عليهم الشيطان فحصروا العلم في الفتاوى بفصل الخصام والانصراف للجدل، وزخرفة السجع في الوعظ لاستدراج العامة، وهذا يتصاغر وَيرى أنه مجرد معْلِم بالفوائد وحتى إذا احتاج إلى الرد على مخالفيه رد عليهم بلطف ولين فلا يهاجم مهاجمة صاحب الإِحياء. واقعية وخيالية: يقف الرجلان من الشريعة الإِسلامية موقفين متباينين فالغزالي يذكر في

الإِحياء شيئاً نذكره على سبيل المثال، وهو ما ذكره من الكيفية الخاصة في قص الأظفار: "ولكن سمعت أنه - صلى الله عليه وسلم - بدأ بمسبحته اليمنى، وختم بإبهامه اليمنى. وابتدأ في اليسرى بالخنصر إلى الإِبهام". "ولما تأملت في هذا خطر لي من المعنى ما يدل على أن الرواية فيه صحيحة إذ مثل هذا المعنى لا ينكشف ابتداء إلا بنور النبوة. وأما العالم فغايته أن يستنبطه من العقل بعد نقل الفعل إليه. فالذي لاح لي فيه، والعلم عند الله سبحانه، أنه لا بد من قلم أظفار اليد والرجل، واليد أشرف من الرجل فيبدأ بها ثم اليمنى أشرف من اليسرى فيبدأ بها ثم على اليمنى خمسة أصابع والمسبحة أشرفها إذ هي المشيرة في كلمة الشهادة من جملة الأصابع ثم بعدها ينبغي أن يبتدىء بما على يمينها إذ الشرع يستحب إدارة الطهور وغيره على اليمنى وإن وضعت ظهر الكف على الأرض فالإِبهام هو اليمين وأن وضعت بطن الكف فالوسطى هى اليمنى واليد اذا تركت بطبعها كان الكف مائلاً إلى جهة الأرض إذ جهة حركة اليمين إلى اليسار واستتمام الحركة إلى اليسار يجعل ظهر الكف عالياً فما يقتضيه الطبع أولى. ثم إذا وضعت الكف على الكف صارت الأصابع في حكم حلقة دائرة فيقتضي ترتيب الدور الذهاب عن يمين المسبحة إلى أن يعود إلى المسبحة فتقع البداءة بخنصر اليسرى والختم بإبهامها ويبقى إبهام اليمنى فيختم به ترتيبها وتقدير ذلك أولى من تقدير وضع الكف على ظهر الكف أو وضع ظهر الكف على ظهر الكف فإن ذلك لا يقتضيه الطبع" (¬124). هذا الذي ذكره في الإِحياء انتقده المازري ورده بأنه "يستحسن أشياء مبناها على ما لا حقيقة له مثل قوله في قص الأظفار أن تعبدأ بالسبّابة لأن لها الفضل على بقية الأصابع لكونها المسبحة إلى آخر ما ذكر من الكيفية وذكر فيه أثرا" (¬125). ¬

_ (¬124) الإِحياء (ج 1 ص 146 - 147). (¬125) طبقات الشافعية (ج 4 ص 123) هذا ما لخصه صاحب الطبقات وهو على اختصاره يوضح أن الغزالي يستحسن ما لا حقيقة له.

والمنصف الذي يقف على كلام صاحب الإِحياء وما ذكره من تطويل في كيفية قص الأظفار وما صوره من صور هندسية في قلم الأظفار وقصها بصور متنوعة لا تفهم إلا بصعوبة يحكم أن ما رماه به صاحبنا وشنع عليه به هو عين الإِنصاف إذ أن ذلك ليس له مستند شرعي وحاشا الشرع الحكيم أن يذهب إلى ما ذهب إليه صاحب الإِحياء من تلك الصور الغريبة المترتبة على أمر من البساطة بمكان وهو إزالة أوساخ الأظفار. وليس هو أمرا عظيماً حتى تكون له هذه العناية البالغة المذكور في الإِحياء من البدء بالسبابة ثم الرجوع إلى إصبع أخرى ثم الانتقال إلى جهة أخرى مما هو من التفاهات. وما نفاه المازرى من أن ما ذكره الغزالي لا مستند له قد أيده الحافظ العراقي في كتابه المغني عن الأسفار في الأسفار، في تخريج ما في الإِحياء من الأخبار: "حديث البداءة في قلم الأظفار بمسبحة اليمنى والختم بإبهامها وفي اليسرى بالخنصر إلى الإِبهام لم أجد له أصلاً". وقد أنكره أبو عبد الله المازري في الردّ على الغزالي وشنع عليه (¬126). ثم إن انتقاده على الغزالي في اعتماد الأحاديث الضعيفة أو الأحاديث التي لا أصل لها ليس مقصوراً على قلم الأظفار بل كان انتقاده عاماً حسبماً نقله عنه ابن السبكي في الطبقات. ثم ذكر توهينه ما في الإِحياء من الأحاديث. وقال: عادة المتورعين أن لا يقولوا: قال مالك، قال الشافعي، فيما لم يثبت عندهم. إن انتقاده هذا وجيه حيث إنه أورد أحاديث واهية مع أن المتورع يتحرج من إيراد أقوال الأئمة مثل مالك والشافعي إذ لم يثبت شيء منها عنده فما بالك بحديث النبيء - صلى الله عليه وسلم - فالتورع عن إيرادها أشد من غيرها. ¬

_ (¬126) المغنى بذيل الإِحياء (ج 1 ص 146).

وما انتقده المازري انتقده كذلك الحافظ ابن الجوزي في منهاج القاصدين: "فاعلم أن في كتاب الإِحياء آفات لا يعلمها إلا العلماء وأقلها الأحاديث الباطلة الموضوعة، والموقوفة وقد جعلها مرفوعة وإنما نقلها كما اقتراها (¬127). لا أنه افتراها، ولا ينبغي التعبد بحديث موضوع والاغترار بلفظ مصنوع". وكيف أرتضى لك أن تصلي صلوات الأيام ولياليها، وليس فيها كلمة قالها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وكيف تؤثر أن يطرق سمعك من كلام المتصوفة الذي جمعه وندب إلى العمل به ما لا حاصل له: من الكلام في الفناء والبقاء، والأمر بشدة الجوع والخروج إلى السياحة في غير حاجة، والدخول في الفلاة بغير زاد، إلى غير ذلك مما قد كشفت عن عواره في كتابي المسمى تلبيس إبليس (¬128). وإذا نظرنا إلى الانتقادين الموجهين إلى الإِحياء نرى أن صاحبنا عبر بعبارة لطيفة وهي أن التورع يمنع صاحبه عن أن يعزو إلى الأمة ما لم يقولوه فضلاً عن إيراد الأحاديث الواهية. والتورع معناه: التحرج وليس هناك لفظة ألطف في الانتقاد من هذه لأنه لم يهجم عليه الهجوم العنيف في إيراد الأحاديث الموضوعة أو الموقوفة مع أنه يرويها مرفوعة وإنما قصارى ما عبر به أنه كان الحري به أن يتحرج من إيراد تلك الأحاديث حتى لا يدخل في زمرة الذين ورد فيهم تشديد الوعيد. وإذا نظرنا إلى ابن الجوزي نراه لم يترك في كنانته سهماً انتقادياً إلا رماه به إذ يقول: "في كتاب الإِحياء آفات لا يعلمها إلا العلماء وأقلها الأحاديث الباطلة الموضوعة". فقد جرد كتاب الإِحياء من كل فضيلة إذ نسب إليه ¬

_ (¬127) اقتراها: جمعها، وأصل معنى اقترى: تتبع. (¬128) منهاج القاصدين (ص 3).

الآفات ولم يقتصر على آفة واحدة وإنما جعله مصدر الآفات ثم إنه جعل أقل الآفات الأحاديث الباطلة. وإذا كانت الأحاديث الباطلة أقلها فما هي البقية وما عظمتها. وهذا تهويل من ابن الجوزي وحط من الإِحياء حيث إنه لم يكن بالدرجة التي وصفه بها بل هو كتاب له قيمته وله تأثيره وله إصلاحه وإنما لم يسلم من انتقادات في طالعتها ما رواه من الأحاديث الواهية كما عبر عنها المازري. ثم إن هناك أشياء ليست بالدرجة التي تدعو إلى الإِعراض عن الكتاب ونبذه نبذا كلياً، فإن الإِلقاء به في سلة المهملات كما يرى ابن الجوزي خسارة عظمى. هذا الموقف الذي وقفه الرجل الأول وهو الغزالي في أشياء لا حقيقة لها في الشريعة الحكيمة ولا في الواقع. وبجانبه موقف آخر للمازري بعيد كل البعد عن هذا الموقف يتجلى فيه أن هذا الأخير يريد أن يبني الفقه على الواقعية دون الفروض التي هى خارجة عن ذلك. وها أنه لما صور بعض الفقهاء اجتماع صلوات مختلفة في وقت واحد أو أوقات متقاربة ذكروا ما يقدم منها على الصورة الآتية: 1) الفرض الذي خيف فواته. 2) صلاة كسوف الشمس. 3) صلاة العيد. 4) الاستسقاء ويؤخر إلى يوم بعد يوم العيد. فأثار المازري حول هذا الترتيب إشكالاً، وهو أنه لا يصح اجتماع عيد وكسوف لأن الكسوف لا يكون إلا في آخر الشهر في التاسع والعشرين

منه. والعيد إما أن يكون في أول الشهر وهو عيد الفطر وإما أن يكون في العاشر منه وهو عيد الأضحى معللاً ذلك بما يذكره علماء الهيأة. والكسوف كما يعرفه علماء الفلك حجب جرم سماوي لآخر فيحدث كسوف الشمس حين مرور الأرض في الظل الذي يحدثه القمر باعتراضه بينها وبين الشمس ولا يستمر الكسوف وقتاً طويلاً وإنما يستمر وقتاً قصيراً ويكون في العادة الكسوف جزئياً وقد أحال علماء الهيأة اجتماعهما عقلاً لاختلاف وقتيهما كما اتضح. ومن أجل هذه الاستحالة التي قررها علماء الهيأة قال المازري: "لا يتفق هذا عادة ولا معنى لتصوير خوارق العادة إلا أن يراد معرفة فقه المسألة" (¬129). هكذا أراد إرجاع من يقول بذلك إلى الجادة. ثم إنه على عادته من التلطف لم ينكر الإِنكار البات فلذلك اعتذر لهم بأن يجوز في صورة معرفة فقه المسألة. وقد انقسم الفقهاء قسمين منهم من يناصر ما نادى به المازري وغيره، وهو القرافي فإنه بين وشرح ما ذهب عليه صاحب المعلم وغيره. وكذلك ابن عرفة حيث عبر عما لابن العربي في خلاف هذه المسألة بالزعم: "زعم ابن العربي بطلان كسوف الشمس بحيلولة القمر وكون خسوفه بدخوله في ظل القمر خلاف قول المازري والجماعة" (¬130). وأيد ما ذهب عليه المترجم ابن تيمية وقواه بأن ذلك مما اعتيد بخلق ¬

_ (¬129) المواق بهامش شرح الحطاب (ج 2 ص 204). (¬130) عن مختصر ابن عرفة بنقل الرهوني في حواشيه على الزرقاني وانظر عارضة الأحوذي (ج 3 ص 37).

إنصاف وتحليل

الله تعالى ككون الشهر ثلاثين أو تسعاً وعشرين، بمعنى أنه لا منافاة بين ما وضعه علماء الهيأة وما جاءت به الشريعة الحكيمة لأن الله خلق أشياء وخلق لها نظامها فهي تسير على وفق ذلك النظام وطبقه فلا مدعاة لأن تهمل لأنه سبحانه أجرى العالم على نظام محكم لا خلل فيه. والقسم الآخر لا يرى رأيه وهو ما ذهب إليه ابن العربي وذلك أنه لما تكلم على كسوف الشمس تعرض لرد قول علماء الهيأة غير متعرض للمسألة الفقهية وهي الترتيب بين العيد والكسوف الشمسي. فبعد أن ذكر قول من يقول: إن الكسوف أمر معقول رد عليهم وافتتح رده بقول الشاعر: كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ الله لاَ تَعْرِفُونَهَا ... مَتَى حَاضَ حُجْرَاهَا وَضَلَّ فُؤَادُهَا ثم رد قول علماء الهيأة بسبعة أجوبة. ومنها: أن لكل واحد مجرى فلا يعدو مجراه. ولم يقبل ابن عرفة ما ذهب إليه ابن العربي ورد عليه بكلام المازري المتقدم. فقد رأينا أن بين الموقفين للغزالي والمازري متباينا وإن كان كل منهما تكلم في مسألة غير مسألة الآخر إلا أن هذا أنموذج ندرك به الاختلاف والتباين بين موقفيهما في النظرة الشرعية. إنصاف وتحليل: لم ينتقد المازري الغزالي دون أن يتعرف عليه معرفة صحيحة بل بحث عنه بحث فاحص باحث فسأل عنه الكثير من تلاميذه كما قال: "فقد رأيت تلامذته وأصحابه فكل منهم يحكي لي نوعاً من حاله وطريقته فأتلوح

بها مذهبه وسيرته ما قام لي مقام العيان، فأنا أقتصر على ذكر حال الرجل وحال كتابه" (¬131). ودعاه إلى التعرف على تلاميذه وأصحابه أنه لم يطلع إلا على كتاب الإِحياء خاصة دون غيره من كتبه وقد صرح بهذا فيما جاء عنه: "ومصنف الإِحياء هذا الرجل (أي الغزالي) وإن لم أكن قرأت إلا كتابه فقد رأيت إلخ ... " (¬132). فإنه لم يكتف بمطالعة الإِحياء ليعطي رأيه فيه بل أضاف إلى ذلك شيئاً آخر وهو مسألة عارفيه لأنه يرى أن مطالعة كتاب واحد من كتب مثل الغزالي لا مقنع فيها لكثرة تآليفه وتنوعها فلا بد من إحاطة شاملة بما ألفه حتى يحكم عليه. وبعد فحصه عنه في كتابه وتلاميذه ذكر جملة وإن كانت مختصرة فهي في الواقع تعريف بما تقلب فيه الغزالي: "فأنا أقتصر على ذكر الرجل وذكر حال كتابه وذكر جمل من مذاهب الموحدين والفلاسفة والمتصوفة وأصحاب الإِشارات فإن كتابه متردد بين هذه الطرائق لا يعدوها" (¬133). ¬

_ (¬131) طبقات الشافعية لتاج الدين السبكي (ج 4 ص 122). (¬132) نفس المصدر إلا أنه جاء محرفاً. ونصه كما ورد هناك: "وإن لم اكن قرأت كتابه" فلو أبقينا النص على ما هو عليه في طبقات الشافعية للتاج السبكي كان الكلام متناقضاً مع قوله بعد: "فأنا أقتصر على ذكر الرجل، وذكر حال كتابه". فهذا يدل على أنه اطلع على كتابه لأنه كيف يقتصر على ذكر حال كتابه الإِحياء وهو لم يطلع عليه فمن المتحتم أنه اطلع عليه، ثم توهية أحاديث الإِحياء وانتقاد بعض فصول منه كما ذكرنا كل ذلك يدل على وقوفه على هذا الكتاب وهو الإِحياء بخصوصه دون غيره وإنما سقطت "إلا" بين قوله: وإن لم اكن قرأت وبين قوله "كتابه" كما صوبنا العبارة ولعل ذلك من النسخ أو الطبع. (¬133) المصدر نفسه.

بين المازري والسبكي

فالغزالي عند المازري صورة من آراء الموحدين مع الفلاسفة والمتصوفة فهو متأثر بكل ذلك يدور في فلكهم، ويقتبس من أولئك وأولئك. وبالطبع أن يتأثر الشخص بما يقف عليه ويدرسه فإنه وإن حاول التخلص من ذلك فإنه لا يستطيع أن يخلص نفسه منه كله إذ تعلق فكره بالبعض لا مناص منه، وترقى المازري فذكر أن الغزالي متأثر برسائل إخوان الصفاء وابن سينا، وقد نازعه السبكي نافياً تأثره بذلك. وتحليله هذا لصاحب الإِحياء قد أنصف في بعضه وكان غير ناظر إليه بالعين التي ينبغي أن ينظر بها إليه في البعض الآخر، وذلك في اتهامه الأخير بأنه متأثر بإخوان الصفاء مع أنه بعيد عنهم كل البعد. بين المازري والسبكي: أراد التاج السبكي أن ينتصر للغزالي برد كلام المترجم مع الطرطوشي حيث إن كلا منهما انتقد الإِحياء وصدَّر ردَّه بأنهما إنما حملا على الغزالي وكذلك الإِمام الجويني صاحب البرهان لأن هذين الأخيرين قد بلغا في العلم والدقة فيه منزلة عظيمة فربما خالفا الأشعري في آرائه والمغاربة ومنهم الطرطوشي والمازري لا يقبلان نقداً في آراء الأشعري، ولا يرون مخالفة أبي الحسن الأشعري في نقير ولا قطمير. ثم إن المذكورين ضعفا مذهب مالك في كثير من المسائل كما فعلا في مسألة المصالح المرسلة كذلك ضعفاه عند ذكر الترجيح بين المذاهب فعند التاج السبكي أن هذين الأمرين نفرا المازري بالخصوص منهما فنقدهما وبالأخص الغزالي. فالتاج السبكى يُرجع انتقاد المازري للغزالي إلى المخالفة المذهبية في الأحكام حيث إن الأول مالكي والثاني شافعي وهو يضعف مذهب مالك، فلذا حمل عليه بهما أن الأول شديد في أشعريته بينما الثاني يخالفه في بعض النظريات.

وما ذهب إليه التاج السبكي من هذا التعليل بعيد كل البعد لأن انتقاد المازري ليس متوجهاً في هاتين الناحيتين، وإنما هو متوجه نحو ناحية خارجة عنهما وهي رواية الأحاديث الواهية دون تثبت فيها بإثبات ما ثبت إسناده، ورد ما لم يثبت. فأي دخل في المذهبية واختلافها في هذه المسألة، وقصارى ما ذكره المترجم نقداً للإِحياء هو أن التورع يقتضي أن يتحَرَّى غاية التحري في الرواية حتى لا يُنسب قول إلى النبيء - صلى الله عليه وسلم - وهو لم يصدر عنه، والتشديد في الوعيد في التساهل في أمر الحديث لا يخفى. ثم إن المازري في رده عليه لم ينسب إليه الوضع والكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه بريءٌ من هذا وإنما لم ينقد ما رواه فجاءت بعض الأحاديث مروية في كتابه الإِحياء وهي محل نظر. وحاشا المازري أن يحط من مقام عالم مصلح مثل الغزالي وإنما مراده أن هذا الكتاب لو نقي من الأحاديث الواهية والنظريات التي رآها مجارية للفلسفة وغيرها مما لا يرتضيه لكان حريا بالإقبال عليه. ولو أردنا تقريب المسافة بين التاج السبكي وصاحبنا لا تّضح لنا أن الأول يرى أن تلك النقائص في الإِحياء لا تشينه ولا تمنع من مطالعته على علاته إذ هي من قبيل ما لا تسلم منه المؤلفات حسبما ذكره والده جواباً عن انتقاد ابن الصلاح وغيره على الغزالي. واللائق بابن الصلاح وأمثاله أن يشكر الله على ما أنعم به من الخير، وما قيض الله له من الغزالي، وأمثاله الذين تقدموه حتى حفظوا له ما يتعبد به وما يشتغل به، وما يحتمل هذا الموضع بسط القول في ذلك وإذا كان في الإِحياء أشياء يسيرة تنتقد لا تدفع محاسن أكثره التي لا توجد في كتاب

تحقيق

غيره. وكم من منة للغزالي، وسواء عرف من أخذ عنه التصوف أم لا فالاعتقادات هي هبة من الله تعالى ليست رواية (¬134). وأن الثاني يرى أن الأشياء المنتقدة تحط من قيمة الكتاب رغم ما فيه من محاسن فهي جديرة بالحذف والطرح لأنه قد حاسب بدقة غلطات الإِحياء لما سئل عن الكتاب وبالطبع أن السؤال يرمي إلى أنه كتاب يمكن الاعتماد عليه في الدين والتعبد بمقتضاه أو لا فأبدى رأيه فيه. تحقيق: ولتحقيق اختلاف الاتجاهين نشرح باختصار نظرية المنتقِد (بالكسر) ونظرية المنتقَد (بالفتح). أما الأول فإنه يحب التمسك بالسنة الصحيحة ويجاريها في النقير والقمطير دون أن يحيد عنها قيد أنملة مع تفتح عقلي لا يخرج بصاحبه عن المبادىء المسطرة والمستخرجة من الكتاب الكريم والسنة النبوية ولهذا نراه كثير التوفيق بين النقل والعقل وهو ما انبنى عليه الإِسلام لأنه ما كانت المبادىء الإِسلامية في كثيرها وقليلها مخالفة لما منحنا الله من عقل سليم تفضلاً منه ومنة. وهو في علمه الانسجامي لا يلتقي مع التصوف وما جاء به من آراء شاذة بقطع النظر عن التصوف السليم من الغموض والقول بالوحدة الوجودية والتصوف المرتطم في ذلك حتى ذهب بأصحابه إلى الغلوّ بل إلى الاقتراب من المروق من الدين. فعدم الالتقاء مع التصوف مهما كان نوعه جعل منتقد الإِحياء ينحي باللائمة على صاحب كتاب الإِحياء في مزجه الإِسلام بالتصوف فهو يريده إِسلاماً مجرداً من كل شائبة وإِسلاماً خالصاً من كل ما يعلق به مما يراه خارجاً عنه، ويريده كما أستخلصه الإِمامان مالك والأشعري صافياً غير ¬

_ (¬134) طبقات الشافعية للتاج السبكي (ج 4 ص 131).

ممزوج بشيء كالماء النمير، فكما لا نقبل الوضوء بما يخالط الماء ولو كان عطراً كذلك لا نقبل الدين إلا كما هو بدون مزجه بأي شيء. وإنما وقف منتقد الإِحياء عند ما حدده الإِمامان مالك والأشعري لمحافظتهما على روح الشريعة بدقة بدون إدخال شيء خارجي عنها وإن كان لا يمس بجوهرها. والنظرية المذكورة نظرية شدة التمسمك بالمفاهيم القرآنية والحديثية هى التي لا تبتعد عن المبادىء الأساسية التي حددتها الشريعة. وأما الثاني: وهو الغزالي فإنه وإن كان واقفاً عند ذلك إلا أنه تأثر غاية التأثر في كتابه الإِحياء بشيء يراه غيره من الفقهاء ليس من علوم الشريعة وهو التصوف لأنه يرى أن العبادة إن كانت خالية منه كانت خالية من الحياة بل يرى أن الدين كله لا فرق بين عبادات ومعاملات لا حياة له إلا بالتصوف لأنه يراه هو السبيل الوحيد للانتفاع بالعلم دون غيره ومن لم ينتفع بعلمه اندرج في سلك الذين جاء في حقهم الحديث النبوي المروى عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ عَالِمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ الله سُبْحَانَهُ بِعِلْمِهِ"، والوصول إلى الانتفاع بالعلم هو الإِخلاص لله سبحانه وتعالى لأن "ما سوى الخالص لوجه الله من العلم والعمل عند الناقد البصير رد" (¬135). وهذا ما لا يخالف فيه المازري ولا يرده وإنما يختلفان في نقطة الوصول إلى الإخلاص، فالغزالي يراه من طريق التصوف وهو يراه من غير ذلك. ويوضح رأي من يرى السلوك التصوفي أن الطريق وعرة ولا بد فيها من دليل مرشد خرّيت وإلا تاه السائر وذهبت به بُنيات الطريق في غير ما يريد ووقع في حيص بيص، ويعبر عن هذا ما جاء في أول كتابه: "وسلوك طريق الآخرة ¬

_ (¬135) الإِحياء (ج 1 ص 9).

مع كثرة الغوائل من غير دليل ولا رفيق متعب، ومكد، فأدلة الطريق هم العلماء الذين هم ورثة الأنبياء وقد شغر منهم الزمان ولم يبق إلا المترسّمون، وقد استحوذ على أكثرهم الشيطان. واستغواهم الطغيان، وأصبح كل واحد منهم بعاجل حظه مشغوفاً، فصار المعروف منكراً والمنكر معروفاً، حتى كان علم الدين مندرسا، ومنار الهدى في أقطار الأرض منطمساً" (¬136). ولما كانت الحال على هذه الصفة في المشرق كما يراها الغزالي احتاج إلى أن ينصب لمريدي الآخرة عَلَمًا يهتدون به كي لا يضلوا ويصبحوا على ما قدموا نادمين حيث ضاعت الأعمال سبهللا لان الأعلام المهتدى بها قد ضلت وأضلت، وهم العلماء المتكالبون على الدنيا. والعَلَم الذي نصبه هو كتاب الإِحياء فجعله صوى يهتدى به، فتتابع الخطوات في هدى ونور كما عبر عنه: "فأما علم طريق الآخرة وما درج عليه السلف الصالح مما سماه الله سبحانه في كتابه فقهاً وحكمة وعلماً وضياء ونوراً، وهداية، ورشدا فقد أصبح من بين الخلق مطوياً، وصار نسياً منسياً. ولما كان هذا ثلماً في الدين ملما، وخَطْبا مدلهما، رأيت الاشتغال بتحرير هذا الكتاب مهما، إحياء لعلوم الدين وكشفا عن مناهج الأئمة المتقدمين، وإيضاحاً لمناهل العلوم النافعة عند النبيئين والسلف الصالحين" (¬137). ولعل المازري يرى أن طريق الخلاص كما يراه الفقهاء السلفيون وهو ما كان عليه علماء لمتونة الذين أمروا بإحراق الإِحياء واستحلفوا. الناس عليه لأنهم يرون أنه مخالف لما جرى عليه منهاج السنة منذ العهد النبوي ثم ما تمسك به مالك وأصحابه وبالأخص الأفارقة كسحنون الذي مثل المذهب المالكي في أجلى مظاهره وأتم صوره حتى أصبح ماثلاً للأعين في ¬

_ (¬136) المصدر نفسه. (¬137) المصدر نفسه.

غير حاجة إلى ما يلم شتات المذهب إلا في القليل النادر وهو ما ذهب عليه علامة المذهب أبو محمد عبد الله بن أبي زيد النفزي القيرواني فإنه كان يذهب إلى إنكار كرامات الأولياء ولكنه كان لا ينكر سائرها، وإنما ينكر بعضها كما اعتذر عنه القاضي أبو بكر الباقلاني (¬138). ويدل على أن ابن أبي يزيد لم يذهب إلى إنكارها بتاتاً وإنما أنكر تلك الكرامات التي لم تثبت صحتها، والتي هي من قبيل المخارق التي يدعيها الكذّابون. أما استجابة الدعاء فذلك مما لا ينكره. ولهذا ألّف كتاباً في كرامات الأولياء كما قال الدباغ في المعالم (¬139). فالطريقة المازرية هي طريقة الفقهاء الذين يقفون عند الحدود الظاهرة من الشريعة، ولا يذهبون إلى الأذواق التي يراها المتصوفة وهم فيها بين متغال ومعتدل ومن الصنف الأخير الغزالي. والتحقيق أن لكلّ وجهة، ونظرة تختلف عن نظرة الآخر وإذا أردنا أن نحكم لهؤلاء أو هؤلاء نذهب إلى أن التصوف كالملح في الطعام فإن الإِكثار منه يملح الطعام وانعدامه يجعله كَفْنًا (104) لا يستسيغه الحلق. فلذلك كان التَّصوف الإِكثار منه يفسد الشريعة وربما يُخرج إلى الحلول، والإِقلال منه يقصي القلب ويجعله ربما ينسي الآخرة إذا قامت المغريات وهاجت الفتن. ¬

_ (¬138) معالم الإِيمان (ج 3 ص140). (¬139) (ج 3 ص 140). (140) طعام كفن لا ملح فيه وهو ما يعبر عنه بالدارجة بالمسوس.

المعلم بفوائد مسلم

المعلم بفوائد مسلم صحيح مسلم انبنى المعلم على شرح صحيح مسلم، ومن الضروري قبل التكلم على المعلم أتى نتحدث على مسلم وصحيحه. الإِمام مسلم: أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم بن وَرْد بن كوشاذ القشيري النيسابوري. هو الإِمام الحافظ حجة الإِسلام، أحد حفاظ الدنيا، وكان أبو زرعة وأبو حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشائخ عصرهما. وابتدأ سماعه سنة ثماني عشرة ومائتين فأكثر عن يحيى بن يحيى التميمي (¬1)، والقعنبي أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسلمة، وإسماعيل بن ¬

_ (¬1) يحيى بن يحيى التميمي يشتبه بيحيى بن يحيى الليثي، وكلاهما روى عن مالك بن أنس ويحيى بن يحيى التميمى توفي سنة (226) وأما الليثي فتوفي سنة (274).

تحري مسلم

أويس، وسعيد بن منصور أبي عثمان المرْوَزي، وعون بن سلام، وأحمد ابن حنبل وخلق كثير (¬2). وذكر في الطبقات بعض من روى عن الإِمام مسلم: روى عنه الترمذي حديثاً واحداً. وروى عنه ابن خزيمة، وأبو عوانة وخلق سواهم. تحري مسلم: اعتنى مسلم بالعلل فلما يوجد له الغلط في ذكر الرجال، وإلى اعتنائه هذا أشار أبو عمرو بن حمدان حيث قال: "سألت ابن عقدة أيهما أحفظ البخاري أو مسلم؟ فقال: كان محمد عالماً، ومسلم عالم، فأعدت عليه مراراً، فقال: يقع لمحمد الغلط في أهل الشام، وذلك لأنه أخذ كتبهم ونظر فيها، فربما ذكر الرجل بكنيته، ويُذكر في موضع آخر باسمه يظنهما اثنين. وأما مسلم فقلما يوجد له غلط في العلل لأنه كتب المسانيد ولم يكتب المقاطيع ولا المراسيل. تآليفه: لمسلم تآليف عدّة: - أوهام المحدثين. - الجامع الصحيح. - رباعيات في الحديث، لم يذكره الذهبي في الطبقات. - طبقات الرواة، وذكره الذهبي بكتاب الطبقات. - كتاب الأسماء والكنى. - كتاب أفراد الشاميين. - كتاب الأفراد. - كتاب الأقران. - كتاب الانتفاع بأُهب السباع، وفي هدية العارفين بجلود السباع. ¬

_ (¬2) طبقات الحفاظ للذهبي.

الجامع الصحيح

- كتاب أولاد الصحابة. - كتاب التاريخ، لم يذكره الذهبي في الطبقات. - كتاب التمييز، لم يذكره في هدية العارفين. - كتاب الجامع على الأبواب، قال الذهبي: رأيت بعضه. - كتاب السؤالات عن أحمد بن حنبل. - كتاب العلل. - كتاب حديث عمرو بن شعيب. - كتاب المخضرمين. - كتاب من ليس له إلا راو واحد. - كتاب الوحدان، وجاء في هدية العارفين الوجدان (بالجيم) وهو تحريف. - المسند الكبير على الرجال، قال الذهبي: ما أرى أنه سمعه منه أحد. - مشايخ الثوري. - مشائخ شعبة. - مشائخ مالك. وذكر كتبه الذهبي في الطبقات، وإسماعيل البغدادي، وقد أشرت إلى ما انفرد به كل واحد منهما. الجامع الصحيح: هو أحد الصحيحين اللّذين هما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى، والثالث من الأصول الستة (¬3). قال بن الصلاح: جميع ما حكم مسلم بصحته في هذا الكتاب فهو ¬

_ (¬3) على ما ذهب عليه رزين وابن الأثير في جامع الأصول وغيرهما وهي الموطأ لمالك والمسند الجامع الصحيح للبخاري، والجامع الصحيح لمسلم.

القطع بتأليف مسلم له

مقطوع بصحته، والعلم النظري حاصل بصحته في نفس الأمر، وهكذا ما حكم البخاري بصحته، وذلك لأن الأمة تلقت ذلك بالقبول سوى من لا يعتد بخلافه أو وفاقه في الإِجماع (¬4). أفاد النووي طرق مسلم في جميع الأحاديث: "سلك مسلم في صحيحه طرقاً بالغة في الاحتياط والإِتقان والورع والمعرفة، وذلك مصرح بكمال ورعه، وتمام معرفته، وغزارة علومه، وشدة تحقيقه، وتفقده في هذا الشأن، وتمكنه من أنواع معارفه، وتبريزه في صناعته، وعلو محله في التمييز بين دقائق علومه التي لا يهتدي إليها إلا الأفراد في الأعصار" (¬5). القطع بتأليف مسلم له: تواتر عن مسلم نسبة الجامع الصحيح له. فالعلم القاطع حاصل بأنه من تصنيفه حيث اتصلت الروايات بالإِسناد إلى مؤلفه، فالإِسناد بين المؤلف ورواة كتابه متعددة في طرق كثيرة مما أفاد ذلك العلم القاطع. من مميزاته: امتاز مسلم بسهولة مراجعاته، وذلك كما أشار إليه النووي في شرحه: "وقد تفرد (أي مسلم) بفائدة حسنة وهي كونه أسهل متناولاً من حيث إنه جعل لكل حديث موضعاً واحداً يليق به جمع فيه طرقه التي ارتضاها فاختار ذكرها: وأورد فيه أسانيده المتعددة، وألفاظه المختلفة، فيسهل على الطالب النظر في وجوهه واستثمارها، وتحصل له الثقة بجميع ما أورده مسلم من طرقه بخلاف البخاري" (¬6). فجمعه للمتون كلها بطرقها في موضع واحد لا يفرقها في الأبواب من مميزاته. وكذلك يسوقها تامة، ولا يقطّعها في التراجم، ويحافظ على ¬

_ (¬4) الحطة صة 99. (¬5) المنهاج (ج 1 ص 21). (¬6) المنهاج (ج 1 ص 14).

عدد أحاديثه

الإِتيان بلفظها، ولا يروي بالمعنى حتى إذا خالف راوٍ في لفظة فرواها بلفظ آخر مرادف بيَّنه. وكذا إذا قال راوٍ: حدثنا، وقال آخر: أخبرنا، فإنه يبينه. ولم يخلط مع الأحاديث شيئاً من أقوال الصحابة ومن بعدهم حتى الأبواب والتراجم، كل ذلك حرصاً على أن لا يدخل في الحديث غيره فليس فيه بعد المقدمة إلا الحديث. أفاده السيوطي في الديباج. عدد أحاديثه: بلغت أحاديث الجامع الصحيح بالمكررات سبعة آلاف ومائتين وخمسة وسبعين حديثاً كما أفاده في الحطة (¬7). تراجمه وأبوابه: ألف مسلم كتابه مقتصراً فيه على الأحاديث كما أفدناه فلم يخلط بها التراجم والأبواب، كما صنع البخاري حتى قيل فقه البخاري في تراجمه، ومع ذلك لم يكن كتابه مختلطاً في أحاديثه بحيث يختلط باب بباب، وإنما هي مميزة إذ أنه حين وضع كتابه وضعه مفصلاً دون أن يذكر الأبواب فهو في الحقيقة مبوَّب. وما هو عليه اليوم من التبويب هو من وضع غيره. واعتنى بتبويبه جماعة ولذلك اختلفت تراجمه وأبوابه. وأشار إلى هذا الإِمام النووي في شرحه فذكر أن هذه التراجم بعضها جيّد، وبعضها ليس بجيد إما لقصور في العبارة، وإما لركاكة لفظها، وإما لغير ذلك. ثم إن الإِمام النووي اضطلع بوضع أبواب له فبين أنه حريص على التعبير عنها بعبارات تليق بها في مواطنها. ¬

_ (¬7) الحطة ص 100.

روايات مسلم

روايات مسلم اعتمد الإِمام المازري في صحيح مسلم روايات متعددة، لكنه اعتمد أساساً رواية الجُلُودي، والرواية التي ثنى بها هي رواية ابن ماهان، ولم يغفل رواية الكسائي. رواية الجلودي: هذه الرواية منسوبة إلى الراوي أبي أحمد الجُلُودي، وهو أبو أحمد محمد بن عيسى بن محمد بن عبد الرحمن بن عمرويه بن منصور الجُلُودي. والجُلُودي (بضم الجيم بلا خلاف) كما قال النووي: قال الإِمام أبو سعيد السمعاني: هو منسوب إلى الجُلُود المعروفة جمع جلد. وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله: هو عندي منسوب إلى سكة الجُلُوديين بنيسابور الدارسة، وهذا الذي قاله الشيخ أبو عمرو بن الصلاح يمكن حمل كلام السمعاني عليه. قال النووي: وإنما قلت: إن الجلودي هذا بضم الجيم بلا خلاف،

تلقيه

لأن ابن السكيت وصاحبه ابن قتيبة ذكرا أن الجَلُودي (بفتح الجيم) نسبة إلى جَلُود قرية بإفريقية، وقال غيرهما: إنها بالشام، وأما أبو أحمد هذا فليس منسوباً إليها بل منسوب لما تقدّم. تلقيه: سمع أبا بكر بن خزيمة، وشيخه إبراهيم بن محمد بن سفيان. مذهبه: كان يتمذهب بمذهب سفيان الثوري ... وفاته: توفي يوم الثلاثاء (24) من ذي الحجة سنة (368)، وهو ابن ثمانين سنة فيكون ميلاده سنة (288). تصوفه: قال الحاكم: كان أبو أحمد هذا الجُلودي شيخاً صالحاً زاهداً من كبار عباد الصوفية، صحب أكابر المشائخ من أهل الحقائق، وكان ينسخ الكتب، ويأكل من كد يده. روايته لمسلم: أفاد الحاكم ختم سماع صحيح مسلم بوفاته، وهو يروي عن ابن سفيان: وكلُّ من حدث بعد الجلودي عن ابن سفيان فليس بثقة. والجلودي لا يروي عن مسلم مباشرة، وإنما يروي عنه بواسطة شيخه ابن سفيان. وهو قد حدث عنه رواة منهم الفارسي، ومنهم الرازى، ومنهم السجزي. وله روايتان نقلتا عنه، إحداهما مشرقية وهي التي ذكرها الإِمام النووي في شرحه لمسلم، والأخرى مغربية. 1 - الرواية المشرقية: تبتدىء هذه الرواية بأبى إسحاق إبراهيم بن سفيان المروزي. وهو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري. قال الإِمام النووي: الفقيه الزاهد، ونقل عن الحاكم أبي عبد الله بن البَيّع: سمعت محمد بن

سماعه ورحلاته

يزيد العدل يقول: كان إبراهيم بن محمد مجاب الدعوة، وكان من الصالحين، ومن العباد المجتهدين، وكان من الملازمين لمسلم بن الحجاج. وكان من أصحاب أيوب بن الحسن الزاهد صاحب الرأي، الفقيه الحنفي. سماعه ورحلاته: سمع إبراهيم بن سفيان في رحلات عدة، فسمع ببلده نيسابور وهي معدن الفضلاء، ومنبع العلماء كما سمع بالحجاز، والرّي، والعراق. روايته لصحيح مسلم: ذكر إبراهيم بن سفيان أنه سمع من مسلم صحيحه وفرغ من سماعه عنه في شهر رمضان سنة (257) قبل وفاة مسلم بأربع سنين فهو قد سمعه منه في أخريات أيام حياته. وفاة ابن سفيان: قال الحاكم النيسابوري: توفي محمد بن إبراهيم في رجب سنة (308) ولبقائه بعد مسلم بمدة طويلة رغب الناس في السماع منه (¬8). رُواة ابن سفيان: رواه عنه جماعة منهم الجُلودي. 2 - الجلودي: اشتهرت رواية ابن سفيان برواية الجُلودي، وهو قد تقدمت ترجمته وقد أخذ عنه جماعة منهم الفارسي. 3 - الفارسي: هو أبو الحسين عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر بن أحمد بن محمد ابن سعيد الفارسي الفَسَوِي ثم النيسابوري. ¬

_ (¬8) ترجم له الحاكم والنووي في مقدمة شرحه لمسلم (ج 1 ص 10).

سماعه

سماعه: وقد اشتهر برواية صحيح مسلم، وغريب الخَطَّابي في عصره، وسمع الخطابيَ وغيره من أهل عصره. وكان سماعه صحيح مسلم من الجلودي سنة (365). فهذا السماع كان بعد وفاة مسلم بأزيد من مائة سنة لأن مسلما توفي سنة (261). الرواية عنه: كان مقصوداً من الآفاق سمع منه الأئمة والصدور، وقرأ عليه الحافظ الحسن السمرقندي نيفاً وثلاثين مرة صحيح مسلم. وقرأ عليه أبو سعيد البحيري نيفاً وعشرين مرة، وقرأ عليه من مشاهير الأئمة أبو القاسم القشيري، والواحدي. وفاته: توفي سنة (448) وقد استكمل خمساً وتسعين سنة، وألحق أحفاد الأحفاد بالأجداد. وذكره حفيده أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل ابن عبد الغافر الفارسي الذي ترجم له الذهبي في طبقاته، وذكر له المفهم لشرح غريب صحيح مسلم، وكان أديباً. وقال حفيده هذا في حق جده المتقدم: كان شيخا ثقة صالحا صائنا محظوظاً من الدين والدنيا. 4 - أبو عبد الله الفراوي: وهو أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي العباس الصاعدي الفراوي، ثم النيسابوري. منسوب إلى فراوة بليدة عن ثغر خراسان. ويجوز في فائها الفتح والضم، والفتح أشهر لاستعمال أهل الحديث له وكذلك غيرهم، وهو ما ذكره أبو عمرو بن الصلاح. ونقل الفتح عن شَيخه أبي منصور ولد حفيد أبي عبد الله الفراوي، وحكى ضم الفاء أبو سعيد السمعاني في كتابه الأنساب، وكذا حكاه غيره. منزلته: قال النووي كان أبو عبد الله الفراوي -رضي الله عنه- إماماً

الرواية عنه

بارعاً في الفقه والأصول فقد اختلف إلى مجلس إمام الحرمين، ولازم درسه وتفقه عليه وعلَّق عنه الأصول وصار من جملة المذكورين عن أصحابه. كما أخذ عن أبي الحسين عبد الغافر روايته. الرواية عنه: كان كثير الروايات بالأسانيد الصحيحة العالية، ودعت وفرة رواياته رحلة الطلبة إليه مع أسانيده العالية وطول عمره فإنه عاش تسعاً وثمانين سنة، وانتشرت الروايات عنه (في الأقطار حتى قالوا: للفراوي ألف راوي. رحلاته: رحل إلى حرم مكة وانتشرت الروايات عنه وشاعت حتى قيل له فقيه الحرم، وكذلك أفاد بحرم المدينة. روايته لمسلم: كما اتضح من أنه توسع في الرواية، وأقبل الناس عليه اشتهرت روايته لمسلم فقد رواه عن شيخه أبي الحسين عبد الغافر الفارسي في السنة التي توفي فيها الشيخ عبد الغافر الفارسي، وهي سنة (448) بقراءة أبي سعيد البحيري. وممن رواه عنه ولد حفيده أبو القاس أبو بكر أبو الفتح منصور. وفاة أبي عبد الله الفراوي: توفي سنة (530) وميلاده سنة (441). 5 - ولد حفيده: أبو منصور بن عبد المنعم بن عبد الله بن أبي عبد الله محمد الفراوي صاحب الكنى المتقدمة. روايته: كان شيخاً مكثراً، ثقة، صحيح السماع. روى عن أبيه، وجده، وجد أبيه. وهو شيخ شيخ الإِمام النووي، وقد أخذ عنه أبو إسحاق الواسطي. مولده ووفاته: ولد في (522) وتوفي سنة (608).

أبو إسحاق الواسطي

6 - أبو إسحاق الواسطي: وهو أبو إسحاق إبراهيم بن أبي حفص عمر بن مضر الواسطي. عرّف به تلميذه الإِمام النووي بأنه كان من أهل الصلاح والمنسوبين إلى الخير والفلاح، معروفاً بكثرة الصدقات وإنفاق المال في وجوه المكرمات، ذا عفاف وعبادة ووقار وسكينة وصيانة بلا استكبار. وفاته: توفي بالإسكندرية سنة (664). 7 - الإِمام النووي: أبو زكرياء يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين الحِزَامي النووي محيي الدين. منزلته وتآليفه (¬9): امتاز الإِمام النووي بمنزلتين ممتازتين في العلم والصلاح. أما علمه فكما قال ابن السبكي: شيخ الإِسلام، أستاذ المتأخرين، وحجة الله على اللاحقين. كان إماماً في الحديث ومتعلقاته، ففاق في ذلك كله حتى كانت مؤلفاته عمدة الدارسين والباحثين محررة مع التدقيق في العبارة السهلة العذبة. وشرحه على مسلم طار في الآفاق، وأقبلت عليه أجيال. وقد جمع فيه زبدة الشروح المتقدمة عليه مثل شرح المازري والقاضي عياض وغيرهما مع أنه لم يخله مما أتى به من تحريراته. ومن كتبه النفيسة تهذيب الأسماء واللغات، وهو في أربعة أجزاء يعد في الأسماء واللغات من عمدة الكتب في الناحيتين: الأسماء واللغات. ¬

_ (¬9) من مصادر ترجمته ترجمة السخاوي له، والاعلام (ج 9 ص 184).

تلاميذه

وقد اشتهرت الأربعون حديثاً من كتبه واعتنى بها بعض الكاتبين عليها حتى أنها أصبحت زاداً للراغبين في الحديث من أول الكتب التي يعتنون بها، والكاتبون عليها كثرة. واشتهر له كتابان آخران وهما رياض الصالحين وهو كاسمه رياض للصالحين، وحلية الأبرار المعروف بالأذكار النووية، وكلاهما مما أقبل عليه الكثير. ومؤلفاته ستون ذكرها السخاوي في مؤلفة الذي استوفى فيه أحوال الإِمام النووي. تلاميذه: سمع منه خلق كثير من العلماء والحفاظ والصدور والرؤساء. وتخرج به خلق كثير من الآفاق، وسار علمه وفتاويه في البلدان. وقد أفرد الكثير ترجمته بالتأليف. ميلاده ووفاته: ميلاده في نوا من قرى حوران في العشر الأوسط من المحرم سنة (631)، وتوفي في الرابع عشر من رجب سنة (676). الرواية المغربية: لم نظفر برواية المازري لمسلم فاكتفينا برواية القاضي عياض، ونظن أنها تتفق مع رواية المازري لأن القاضي عياضاً أخذ رواية الجُلودي عن أبي الحسين عبد الغافر الفارسي، وهي تتفق مع رواية الإِمام المازري، كما أخذ رواية الرازي وهي التي اعتمدها المازري أيضاً وقد تقدمت ترجمة إبراهيم ابن سفيان وكذلك رواية الجلودي في ذكر الرواية المشرقية. * أبو العباس الرازي: هو أبو العباس أحمد بن الحسن بن بندار بن عبد الرحمن بن جبريل الرازي. أخذ عنه أبو العباس العذري حين رحل الأخير إلى المشرق. ذكر ذلك الضبي في بغية الملتمس (ص 183).

* أبو العباس العذري

* أبو العباس العذري (¬10): أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس الأندلسي الدلائي من دلاية. وهي ولاية من عمل المرية. وصف بالحفظ والإِتقان وكان من رجال الحديث. رحلته: رحل إلى الحج مع أبويه، وجاور ثمانية أعوام، وكان من أصحاب أبي ذر فتخرج به. ومن شيوخه بالمشرق أبو العباس الرازي، وأبو الحسن بن جهضم، كما أخذ عن أبي حفص الثمانيني. تلاميذه: أبو على الصدفي، وابن عبد البر، وابن حزم. مؤلفاته: دلائل النبوة. وفاته: توفي سنة ثمان وسبعين وأربعمائة (478). * أبو علي الصدفي (¬11): من رواة العذري. القاضى الشهيد هو أبو على حسين بن محمد بن فيّره بن حيون بن سكرة الصدفي ويعرف بابن سكرة. من أهل سرقسطة. سكن مرسية. روايته ورحلته: من المكثرين للرواية أخذ عن أبي الوليد سليمان بن خلف الباجي، وأبي العباس العذري سمع منه ببلنسية. ¬

_ (¬10) بغية الملتمس ص 182؛ الصلة لابن بشكوال (ج 1 ص 69)؛ شذرات الذهب (ج 3 ص 357). (¬11) الغنية للقاضي عياض ص 193؛ التكملة لكتاب الصلحة (ج 1 ص 143)؛ بغية الملتمس ص 253.

تحديثه

ورحل إلى المشرق فسمع من الكثير ومنهم أحمد بن الحسين بن خيرون مسند بغداد، وأبي فراس طراد بن محمد الزينبي، وأبي عبد الله الحميدي. وسمع بمصر من القاضي علي بن الحسين الخِلَعِي. تحديثه: قعد بمرسية يحدث بها، ورحل الناس من البلدان إليه وكثُر سماعهم عليه ومنهم القاضي عياض. وكتب بخطه صحيح البخاري في سِفْر، وصحيح مسلم في سِفْر، وكان قائماً على الكِتابين. وأخرج له القاضي عياض معجماً لتلاميذه. وكذلك ابن الأبّار. استشهاده: استشهد في واقعة قتندة بثغر الأندلس سنة أربع عشرة وخمسمائة (514). ومن رواة العذري الذي روى عنه أبو علي الصدفي كما تقدم. * أبو بحر بن العاص (¬12): من رواة العذري، أبو بحر سفيان بن العاص بن أحمد بن العاص الأسدي. سكن قرطبة. شيوخه: روى عن أبي عمر بن عبد البر الحافظ، وأبي العباس العذري وأكثر عنه، وأبى الليث السمرقندي، وأبي الوليد الباجي، والقاضي أبى الوليد هشام بن أحمد الكناني واختص به. منزلته: كان من أهل الرواية والدراية سمع الناس عنه، وكان ضابطاً لكتبه، صدوقاً في روايته. تلاميذه: سمع الناس منه كما قال ابن بشكوال في كتابه ومن هؤلاء ¬

_ (¬12) الغنية ص 265؛ الصلة لابن بشكوال (ج 1 ص 225).

ميلاده ووفاته

الذين سمعوا منه ابن بشكوال قائلاً في تاريخه: واختلفت إليه وقرأت عليه وسمعت كثيراً من روايته، وأجاز لي بخطه سائرها غير مرة. ومن جملة الآخذين عنه القاضي عياض، وقد ذكره في سنده لكتاب مسلم، كما ذكر في الغنية أنه من شيوخه. ميلاده ووفاته: ولد سنة (440)، وتوفي سنة (520). وسنه رحمه الله ثمانون سنة. القاضي عياض: روى مسلما عن ابن سكرة، وأبي بحر سفيان بن العاص، وقد تقدمت ترجمته. رواية عبد الغافر الفارسي: ومن روايات القاضي روايته عن أبي الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي، عن أبي إسحاق إبراهيم ابن سفيان: وهي رواية تتفق مع رواية الإِمام النووي وكلاهما قد تقدمت ترجمتهما ولكنها تختلف بعد أبي الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي. فقد روى عن أبي الحسين المتقدم. * نصر السمرقندي (¬13): وهو أبو الفتح: وأبو اللّيث نصر بن الحسن بن أبي القاسم بن أبي حاتم ابن الأشعث السِّكِشِي (¬14) (بكسر السين والكاف والشين المعجمة) نسبة إلى سكة سِكِش بنيسابور. شيوخه: روى عن عبد الغافر بن محمد العدل صحيح مسلم بن ¬

_ (¬13) الصلة (ج 2 ص 602)؛ شذرات الذهب (ج 3 ص 379). (¬14) في كتاب الصلة التنكتي الشاشإي عوض السكشي.

الرواية عنه

الحجاج، وعن أبي بكر أحمد بن منصور المغربي، وعن أبي بكر أحمد ابن، ثابت الخطيب. وسمع ببلنسية، إذ قدمها، من أبي العباس العذري، وأبي الحسن طاهر بن مفوز، والقاضي ابن المطرف بن حجاب. الرواية عنه: أخذ عنه أبو بحر سفيان بن العاص، وحدث عنه. وممن حدث عنه القاضي عياض، وابن بشكوال، قال: أخبرنا بجميع ما رواه. وذكر أبو بحر أن نصرا السمرقندي دخل الأندلس سنة ثلاث وستين تاجراً، وصدر عنها سنة ست وستين وأربعمائة. وصفه: وصفه أبو بحر شيخ ابن بشكوال بأنه كان عظيم اليسار، كريم النفس، منطلق اليد بالعطاء، كثير الصدقات. رواية الحميدي عنه: قال الحميدي: نصر بن الحسن نزيل سمرقند دخل الأندلس وحدث بها بكتاب مسلم بن الحجاج في الصحيح. وسمع هناك من أبي العباس العذري وجماعة من المشائخ ولقيه الحميدي ببغداد وسمع منه. ووصفه الحميدي بأنه كان رجلاً مقبول الطريقة، مقبول اللقاء، ثقة فاضلا. وكذلك وصفه بالثقة غير الحميدي. مولده ووفاته: ذكر الحميدي أنه أخبره بميلاده سنة من وأربعمائة. وأما وفاته فذكر ابن بشكوال أنه بلغه أن وفاته سنة إحدى وسبعين وأربعمائة. وإنما الصحيح ما جاء في شذرات الذهب من أن وفاته سنة من وثمانين وأربعمائة (487) عن ثمانين سنة. وأخذ عن أبي الفتح السمرقندي المتقدم أبو بحر سفيان الذي تقدمت ترجمته.

* أبو علي الحسين بن علي الطبري

* أبو علي الحسين بن علي الطبري (¬15): ممن أخذ عن أبي الحسين عبد الغافر الراوي عن ابن سفيان. جاء في شذرات الذهب: أبو عبد الله الحسين بن علي بن الحسين. وصفه: وصف بالفقيه الشافعي وبمحدث مكة ونزيلها، والمعرفة بمذهب الأشعري. شيوخه: تفقه على ناصر العمري بخراسان، وعلى القاضي ابن الطيب ببغداد. ولازم الشيخ أبا إسحاق الشيرازي حتى برع في المذهب والخلاف وصار من عظماء أصحابه. وروى عن عبد الغافر بن محمد الفارسي صحيح البخاري هذا ما ذكره في الشذرات وكذلك روى عنه صحيح مسلم. تدريسه بالنِّظامية ومكة المكرمة والمدينة المنورة: درس بالمدرسة النّظامية نظامية بغداد قبل الغزالي ودرس بالحرمين الشريفين. ولقب كذلك إمام الحرمين لأنه جاور بمكة نحو ثلاثين سنة يدرس ويفتي ويسمع. محنته: جرت له فتن وخطوب مع هياج ابن عبيد وأهل السنة بمكة. مؤلفاته: ألف كتاب العدة في خمسة أجزاء ضخمة. وفاته: توفي بمكة سنة تسع وتسعين وأربعمائة (499). ¬

_ (¬15) شذرات الذهب (ج 3 ص 408).

* أبو محمد بن أبي جعفر

* أبو محمد بن أبي جعفر (¬16): وهو أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الخشني المعروف (بابن أبي جعفر) وأخذ عن أبي علي الطبري. منزلته: كان شيخ فقهاء وقته بشرق الأندلس، وأحفظهم للمذهب مع المعرفة بالتفسير لكتاب الله، والتفنن في المعارف، والمشاركة في علوم، بهذا وصفه القاضي عياض في الغنية. شيوخه: سمع أباه محمد بن عبد الله الخشني، وأبا القاسم الطرابلسي، وأبا الوليد الباجي، وابن سعدون القروي. ولقى فقهاء طليطلة وقرطبة. رحلته: سمع بمكة من أبي عبد الله الطبري كتاب مسلم. الرواية عنه: من أخص من روى عنه القاضي عياض. لقيه بسبتة عند صدوره من الحج، ثم لقيه ببلده مرسية فقرأ عليه جميع كتاب مسلم بن الحجاج، وقرأ عليه كتاب المُلخص للقابسي كما أخذ عنه كتاب الشهاب للقُضَاعي، وحضر عنده مجالسه في المناظرة في المدونة. ميلاده ووفاته: ولد سنة سبع وأربعين وأربعمائة (447). وتوفي بمرسية سنة ست وعشرين وخمسمائة (526). * ومن الآخذين عن الجلودي أبو سعيد السّجْزِي: أبو سعيد عمر بن محمد السجزي قال القاضي عياض السجزي منسوب إلى سجستان والسجزي (بالكسر والسكون) وهذه النسبة على غير قياس، وأسمع بمكة وفيها تلقى عنه من يأتي. ¬

_ (¬16) الغنية ص 213؛ الصلة (ج 1 ص 284).

* وعن أبي سعيد السجزي هذا أخذ أبو محمد الشنتجيالي

* وعن أبي سعيد السجزي هذا أخذ أبو محمد الشنتجيالي (¬17): هو أبو محمد عبد الله بن سعيد الأموي الشنتجيالي. سماعة: سمع بقرطبة من أبي عمر الطلمنكي وغيره. رحلته: رحل إلى المشرق سنة (391) فسمع بمكة من أبي القاسم السقطي، وأبي الحسن أحمد بن فراس. وصحب أبا ذر عبد بن أحمد الهروي الحافظ، واختص به وأكثر عنه. ولقي أبا سعيد السجزي فسمع عنه صحيح مسلم. مكانته: وصفه أبو المطرف بأنه كان خيراً عاقلاً حليماً جواداً زاهداً متبتلاً، منقطعاً إلى ربه منفرداً به ... رحل إلى مكة وجاور بها أعواماً. حكي عنه أنه كان يسرد الصوم. رجوعه إلى الأندلس: ورجع إلى الأندلس في سنة (430). ولحق بقرطبة سنة (433) فَقُرِىء عليه مسند مسلم بن الحجاج الصحيح في نحو جمعة بجامع قرطبة. وفاته: توفي سنة (436) بقرطبة. * وأخذ عن الشنتجيالي أبو حفص الهوزني: أبو حفص عمر بن الحسن بن عمر بن عبد الرحمن بن عمر الهوزني من أهل إشبيلية. شيوخه: أخذ ببلده عن أبي بكر العواد، وأبى القاسم بن عصفور، ¬

_ (¬17) الصلة (ج 1 ص 263).

رحلته

وابن الأحدب، وابن قابوس، وأبي محمد الشنتجيالي، وأبي عبد الله الباجي. رحلته: رحل إلى المشرق سنة (444). منزلته: كان متفننا في العلوم وقد أخذ من كل فن بحظ وافر، مع ثقوب فهمه وصحة ضبطه. مولده ومقتله: ولد في سنة (392). وقتله المعتضد بالله عباد بن محمد ظلماً بقصره بإشبيلية ودفنه بثيابه وقلنسوته، وهيل عليه التراب من غير غسل ولا صلاة. رحمه الله وذلك سنة (460). * وأخذ عن الهوزني: أبو عبد الله محمد: وهو أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخشني. قال القاضي: كان مفتي موضعه مع ابنه. تلقيه: تلقى عن أبي حفص الهوزني. وفاته: توفي سنة (494). * وأخذ عنه ابنه المعروف بابن أبي جفر (¬18): أبو محمد عبد الله وتقدمت ترجمته. * وعن أبي محمد أخذ القاضي أبو الفضل عياض. * وممن أخذ عن السجزي: حاتم الطرابلسي (18م): أبو القاسم حاتم بن محمد بن عبد الرحمان بن حاتم التميمي يعرف بابن الطرابلسي. وأصله من طرابلس الشام. وهو من أهل قرطبة. ¬

_ (¬18) الصلة (ج 1 ص 154)؛ الشذرات (ج 3 ص 333). (18 مكرر) ترجم له ابن بشكوال ترجمة مطولة. الصلة (ج 1 ص 154).

مشيخته بالأندلس

مشيخته بالأندلس: أخذ عن أبي حفص بن حسين بن نائل، وأبي بكر التجيبي، والقاضي أبي المطرف بن فطيس، ومحمد بن عمر بن الفخار، وأبي عمر الطملنكي وغيرهم. رحلته إلى المشرق والقيروان: كانت رحلته إلى القيروان سنة (402) وبقي بالقيروان عند أبي الحسن القابسي الفقيه، ولازمه في السماع والرواية حتى سمع عليه أكثر روايته إلى ان توفي الشيخ أبو الحسن في جمادى الأولى سنة (403). فرحل إلى مكة حرسها الله وأخذ عن أحمد بن إبراهيم بن فراس وكان أحد المسندين الثقات ولقي أبا سعيد السجزي راوي كتاب مسلم فحمله عنه. عودته إلى القيروان: وعاد إلى القيروان سنة (404) وبقي بها في مقابلة كتبه، وانتساخ سماعاته من أصول الشيخ أبي الحسن. وأخذها عن أبي عبد الله محمد ابن مناس القروي، وأبي جعفر محمد بن مسمار. وأخذ عن أبي عبد الله محمد بن سفيان المقري كتاب الهادي في القراءات. وجالس أبا عمران الفاسي، وأبا بكر بن عبد الرحمان الفقيه، وأبا عبد الملك مروان بن علي البوني. قال ابن بشكوال: وأخذ عنهم كلهم، وهم جلة أصحابه عند أبي الحسن القابسي. منزلته: كان شيخاً جليلاً فاضلاً، وكانت كتبه في نهاية الإِتقان. وقال في شذرات الذهب: مؤرخ الأندلس ومسندها. الرواية عنه: أخذ عنه الكبار والصغار لطول سنه.

مولده ووفاته

مولده ووفاته: ولد سنة (378) وتوفي سنة (469). * وأخذ عن أبي حاتم الطرابلسي: الغساني، وابن عتاب: وقد ذكرت ترجمة أبي علي الغساني صاحب تقييد المهمل وتمييز المشكل في بحث مصادر المعلم. ابن عتاب (*): أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عتاب بن محسن الجذامي. سمع أباه، وأبا القاسم الطرابلسي. وأجازه جماعة: منهم أبو عمر بن الحداد، وأبو محمد السنتجيالي، وأبو عمر بن عبد البر، وأبو عمر السفاقسي، وأبو مروان بن حبان. منزلته: وصفه القاضي عياض بأنه كان قائماً على الفتوى، عارفاً بالنوازل. تأليفه: شفاء الصدور، وهو كتاب في الرقائق. الرواية عنه: كانت الرحلة إليه للسماع لعلو سنده وانقراض طبقته آخر عمره بقرطبة. وممن روى عنه القاضي عياض. ميلاده ووفاته: ولد سنة (433) وتوفي سنة (520). وأخذ عنه بهذا السند رواية السجزي القاضي عياض. رواية الكسائي وهي من الروايات التي اعتمدها المازري كرواية الجُلودي. وهذا سند القاضي عياض فيها. ¬

_ (*) ترجم له القاضي عياض في الغنية (ص 223).

الكسائي

الكسائي: أبو بكر محمد بن إبراهيم الكسائي، وقد أخذ الكسائي عن إبراهيم بن سفيان، عن مسلم بن الحجاج. وأخذ عن الكسائي: عبد الملك الصقلي، هو عبد الملك بن الحسن الصقلي. وأخذ عن عبد الملك الصقلي: حاتم الطرابلسي. وقد تقدمت ترجمته. وأخذ عن حاتم الطرابلسي: أبو علي الغساني، وأبو محمد بن عتاب. وقد تقدمت ترجمتهما. وعنهما أخذ القاضي عياض. رواية القلانسي اختص بهذه الرواية أهل المغرب، وأشار الإِمام النووي إلى أن الديار المشرقية لا تعرف إلا رواية ابن سفيان عن مسلم. فقد عقد فصلاً لإثبات أن الصحيح المنسوب إلى مسلم بن الحجاج هو ثابت له تواتراً وهو: "فصل: صحيح مسلم -رحمه الله- في نهاية من الشهرة، وهو متواتر عنه من حيث الجملة فالعِلْم القطعي حاصل بأنه من تصنيف أبي الحسين مسلم بن الحجاج. وأما من حيث الرواية المتصلة بالإِسناد المتصل بمسلم فقد انحصرت طريقه عنده في هذه البلدان والأزمان في رواية أبى إسحاق إبراهيم بن محمد ابن سفيان عن مسلم. ويُرْوَى في بلاد المغرب مع ذلك عن أبي محمد أحمد بن علي القلانسي عن مسلم". فالمغرب من شدة عنايتهم بمسلم لم يُهملوا روايته من طريق أخرى وهي غير الطريق المشتهرة مع أنهم لم يغفلوا الطريق المشتهرة عند المشرق. ودخلت رواية القلانسي عند أهل المغرب كما ذكر ابن الصلاح: "وأما

القلانسى فوقعت روايته عند أهل المغرب ولا رواية له عنه عند غيرهم، دخلت روايته إليه من جهة أبي عبد الله محمد بن الحَذّاء التميمي القرطبي وغيره سمعوها بمصر". وأفاد القاضي عياض في الغُنية أن كتاب مسلم لم يصل إلى هذه البلاد (أي المغرب والأندلس) إلا من طريقي القلانسي وابن سفيان (¬19). ومن القريب أن ما ذكره ابن الصلاح، والنووي كان استفاداه من القاضي عياض. وهذا سند القلانسي إلى القاضي عياض: مسلم بن الحجاج أخذ عنه أبو محمد أحمد بن محمد القلانسي، وعنه أخذ أبو بكر أحمد بن محمد الأشقر، وعنه أخذ أبو العلاء عبد الوهاب بن عيسى بن ماهان البغدادي، ثم المصري (¬20). روى عن الأشقر صحيح مسلم إلّا ثلاثة أجزاء من أجزاء الكتاب يرويها عن الجُلودي (¬21) وتوفي ابن ماهان سنة (388). وروى ابن ماهان عن الأشقر بنيسابور سنة (353) (¬22)، وعنه أخذ أبو عبد الله محمد بن يحيى بن أحمد التميمي يعرف بابن الحذّاء من أهل قُرطبة ومن أخصّ شيوخه قبل الرحلة الأصيلي الذي لازمه واختصّ به، وانتفع بصحبته، وذكر ابن بشكوال روايته لمسلم عن أبي العلاء بن ماهان. وتوفي ابن الحذاء سنة عشر وأربعمائة (¬23). وعنه ابنه أبو عمر أحمد بن محمد بن يحيى بن أحمد التميمي ويعرف ¬

_ (¬19) الغنية ص 107. (¬20) العبر (ج 1 ص 39). (¬21) شذرات الذهب (ج 3 ص 128). (¬22) كما جاء في النسخة الخطية من رواية القلانسي. (¬23) الصلة (ج 2 ص 47).

وفاته

بابن الحذاء من أهل قرطبة، روى عن أبيه أكثر روايته وندبه صغيراً إلى طلب العلم، وحصل له سماع عال أدرك به درجة أبيه، وتوفي سنة (467) (¬24). وعن ابن أبي الحذّاء أخذ أبو علي الغساني الجياني. وتقدمت ترجمته. وعن أبي علي الغساني الجياني أبو عبد الله بن عيسي التميمي وهو أبو عبد الله محمد بن عيسى بن حسين التميمي السبتي. له ثلاث رحلات إلى الأندلس. قال القاضي عياض: لازمته كثيرا في المدونة والموطأ وسماع المصنفات، وأجازني جميع رواياته. وفاته: توفي سنة (505) وعنه أخذ القاضي عياض. وجاء هذا السند في الغنية. ونصه كما في ترجمة المتقدم: قال الجياني: وحدثني به القاضي أبو عمر أحمد بن محمد بن يحيى ابن الحذاء، قال حدثني أبي، نا أبو العلاء عبد الوهاب بن عيسى قال نا أبو بكر أحمد بن محمد الأشقر، نا أبو محمد أحمد بن القلانسي، نا مسلم (¬25). نسخة القلانسي تعد هذه الرواية من المفقودات إذ لم أظفر بها إلى أن اشتراها العلامة المفتى شقيقي الشيخ أحمد المهدي النيفر وأطلعني عليها. وجاء في أول نسخة هذه الرواية: ¬

_ (¬24) الصله (ج 1 ص 65). (¬25) الغنية ص 106.

بسم الله الرحمان الرحيم ... صلى الله على محمد وآله وسلم أخبرنا أبو العلاء عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الرحمن بن عيسى بن ماهان البغدادي، قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمد بن يحيى الفقيه الأشقر الشيخ الصالح بنيسابور قراءة عليه وأنا أسمع في شهر شعبان من سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة. قال: نا أبو محمد أحمد بن علي بن الحسين بن المغيرة ابن عبد الرحمن القلانسي قال: نا أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري. وهي نسخة تونسية وأصلها أندلسي وهي على ما أظن فريدة ووحيدة. وإنما أرجعتها إلى الأندلس لأن عليها تملّكا لسعيد بن محمد الكناني ويعرف بابن صاحب الصلاة، وهذه العائلة اشتهرت في الأندلس بالمؤرخ عبد الملك ابن محمد بن أحمد، ويعرف بابن صاحب الصلاة المتوفي سنة (594) تقريباً. ولا نستطع الجزم بأن المعروف بصاحب الصلاة هذا أندلسي لأن التلقب بصاحب الصلاة لا يختص بالأندلس إذ عرف هذا اللقب في القيروان، فقد ذكر الخشني: "بينما محمد بن سحنون يمشي يوما مع جماعة من أصحابه لقيه ابن صاحب الصلاة في ذلك الوقت المعروف بابن الحواجب فأومأ إلى أذن ابن سحنون وقال له: يا زاني يا ابن الزانية" (¬26). وعلى هذا يحتمل أن مالكها سعيد بن محمد المعروف بابن صاحب الصلاة من إفريقية وعلى هذا ليس ببعيد أن تكون هذه النسخة إفريقية أصالة. وعليها تملك أحد الحفصيين وهو المثبت في أعلى الصفحة ونصه: ملك عبيد الله محمد الحسين لطف الله به ابن مولانا أمير المؤمنين أبو فارس ¬

_ (¬26) الخشني.

عبد العزيز تغمده الله برحمته. ولهذا صارت تونسية إلى أن آلت إلى شقيقي حفظه الله. وهذه سلسلة عياض لمسلم من رواية القلانسي. مسلم بن الحجاج أبو بكر الأشقر أبو محمد القلانسي أبو عبد الله الحذاء ابنه أبو عمر أحمد أبو علي الجياني أبو عبد الله بن عيسى القاضي عياض

عناية علماء المغرب بصحيح مسلم

عناية علماء المغرب بصحيح مسلم بلغت عناية علماء المغرب بالجامع الصحيح لمسلم بن الحجاج قمتها في العصور الذهبية للعلوم الإِسلامية. وظهرت أولاً هذه العناية بمسلم في أمرين: أولهما: ما أبداه مَسْلَمة القرطبي من تفضيل صحيح مسلم على صحيح البخاري عكس ما عليه المشارقة من تفضيل البخاري عليه. ثانيهما: ما صرفه الإِمام المازري في شرحه لصحيح مسلم. تفضيل مسلم: أبدى تفضيله مَسلمة بن القاسم القرطبي فإنه ذكر أن كتاب مسلم لم يَصنع أحد صنيعه. وذكر هذا التفضيل لمسلم أبو بكر محمد بن خَيْر في فهرست ما رواه عن شيوخه ونصه: وقال مسلمة بن القاسم في تاريخه: مسلم بن الحجاج النيسابوري جليل القدر ثقة من أئمة المحدثين له كتاب في الصحيح، ألفه ولم يضع أحد مثله (¬27). ومسلمة بن القاسم هو أبو القاسم مسلمة بن القاسم بن إبراهيم، من ¬

_ (¬27) ص 102.

أهل قرطبة رحل إلى القيروان فسمع من جلة شيوخها ومن أجل من سمع منهم بالقيروان عبد الله بن مَسْرور. ورحل إلى مصر، وسمع بجدة ومكة، ودخل العراق فسمع بالبصرة وواسط والرملة وبغداد، وسيراف، والمدائن، ودخل اليمن والشام. وكتب عنه الذهبي بقوله: مسلمة بن القاسم القرطبي كان في أيام المستنصر الأموي ضعيف الرأي. وقيل كان من المشبهة. وعقب عليه ابن حجر بقوله: " (قلت): هذا رجل كبير القدر ما نسبه إلى التشبيه إلا من عاداه، وله تصانيف في الفن، وكانت له رحلة لقي فيها الأكابر". قال أبو جعفر المالقي في حق تاريخه وهو كثير الفوائد في مجلد واحد ومؤلفاته على حسب ما ذكره الحافظ ابن حجر (¬28). 1 - التاريخ الكبير. 2 - الحلية. 3 - ما رَوَى الكبار عن الصغار. 4 - كتاب في الخط في التراب وهو ضرب من القرعة. ¬

_ (¬28) هذا ما ذكره ابن حجر، وقال السخاوي في الاعلان بالتوبيخ: ولمسلمة بن قاسم ذيل على الكبير (أي تاريخ البخاري الكبير) في مجلد سمّاه الصلة كذا رأيته في كلام شيخنا: وكتاب الصلة عندي وهو ذيل على كتاب لمؤلفها سماه الزاهر كما أشار إليه في الخطبة. ومن مصادر ترجمته ابن الفرضي ج 2 ص 128، فهرست ابن خير ص 102، الميزان ج 3 ص 170، لسان الميزان ج 6 ص 35. الإِعلان بالتوبيخ لمن ذم علم التاريخ ضمن علم التاريخ عند المسلمين ص 588، تدريب الراوي للسيوطي ص 44.

وتوفى مسلمة سنة (353). وحكى السيوطي ترجيح مسلمة بن القاسم القرطبي، بالنقل عن التجيبي في فهرسته. ونقل عنه أنه من أقران الدارقطني (¬29). وما ذكره أبو القاسم مسلمة القرطبي في تاريخه للرجال حمله السيوطي على ناحية خاصة كما في تدريب الراوي: لتخصيص تفضيله على البخاري من ناحية حسن الوضع وجودة الترتيب لا في الصحة. وأيد صاحب تدريب الراوي كلامه بما ذكره الإِمام النووى في تقريبه لمقدمة ابن الصلاح، وهو من زياداته على مقدمة ابن الصلاح بأن اختصاص مسلم بجمع طرق الحديث في مكان: هو سبب تفضيله، إذ مسلم حين يذكر الحديث المختص بمسألة ما يأتي بأسانيده المتعددة وألفاظه المختلفة بخلاف البخاري فإنه قطَّعها في الأبواب بسبب الاستنباط وأورد كثيراً منها في غير مظنته (¬30). وهذا التفضيل لمسلم شاركه فيه إِمام أهل الظاهر ابن حزم فقد فضل مسلما كذلك. وذكر ذلك القاسم بن يوسف التجيبي المحدث في فهرسته: كان أبو محمد بن حزم يفضل كتاب مسلم على كتاب البخاري لأنه ليس فيه بعد خطبته إلا الحديث السرد. وهذا تفضيل من غير الجهة التي ذكرها الإِمام النووي. وأبو محمد بن حزم علي بن أحمد بن حزم الأندلسي القرطبى (456). وصف صاعد الأندلسي ابنَ حزم بأنه أجمعُ أهلِ الأندلس قاطبة لعلوم الإِسلام ¬

_ (¬29) توفي الدارقطني سنة (385). (¬30) تدريب الراوي ص 44.

تعزيز المازري لتقديم صحيح مسلم

وأوسعهم معرفة مع توسعه في علم اللسان، فسعة معرفته بالحديث واعتناؤه به تطبع أحكامه بطابع التحقيق والغوص، فتفضيله لمسلم تفضيل غواص مطلع، ترتاح النفوس لحكمه وتطيب لاعتقاده، فهو وإن لم ينصف البخاري بجعله مفضولاً لا يحط ذلك من قيمة البخاري. والتحقيق أن البخاري ومسلما قد سبقا في تحري الصحة، وامتازا بالدقة فتفضيل أحدهما على الآخر محل نظر فكل واحد منهما له مميزاته، وله ما يدعو إلى تفضيله، فالقطع بتفضيل أحدهما يكاد يكون بعيدا المنال لأن الناظر فيهما يدعوه كل واحد منهما بأن يفضّله. تعزيز المازري لتقديم صحيح مسلم: أراد المازري بعد هذين العالمين الجليلين أن يتعرف الباحثون على مسلم فشق لهم الطريق وعبّده. وما اختياره لشرح مسلم إلا لأنه يراه أولى بالاختيار والتقديم، فهو تفضيل ضمني وترشيح لكتاب مسلم. إن تعزيز المازري لتقديم مسلم كان من جهة غير جهة من تقدمه إذ أبرز وجهته بشرحه له: وأبان فيه أنه حري بأن تصرف له الهمة. وإنما اتجذ المازري مسلما دون البخاري لتدريسه لأنه يراه أوفق وأوعب لما يرومه من الاستنباط وإبداء الآراء فهو أوفق بما رامه وبطريقته.

المعلم

المُعلِم يعد كتاب المعلم من أول شروح مسلم لأنه لم يسبقه سابق إلى شرحه، وإنما شرحه بعض معاصريه مثل شرح أبي الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي المتوفي سنة (529) وهو شرح قد اقتصر فيه على الغريب وسماه المُفهم في شرح غريب صحيح مسلم وهو من الحفاظ فقد ترجم له الذهبي في تذكرة الحفاظ ج 4 ص 66. وشرح قِوَام السنة أبي القاسم إسماعيل بن محمد الأصفهاني الحافظ المتوفي سنة (535). وشرحه هذا أكمل به شرح ابنه الذي توفي في حياته فإنه شرع في شرح الصحيحين البخاري ومسلم فاخترمته المنية سنة (526) فأتمهما والده قِوام السنة (¬1). ويبدو أن هذين الشرحين يفوقهما المعلم لأن الشرح الأول اقتصر فيه على الغريب. والشرح الثاني ألفه قوام السنة وهو في آخر العمر ثم إنه تكملة ¬

_ (¬1) شذرات الذهب (ج 4 ص 100).

لشرح ابنه الصغير السنن، ثم إنهما لم يكتب لهما البقاء كما كتب لشرح المازري. ويسمى شرح المازري: "بالمعلم بفوائد مسلم". والمعلم بصيغة اسم الفاعل خلافاً لما اشتهر على كثير من ألسنة الخواص حيث ينطقون به بفتح اللام لأن الجار والمجرور المتعلقين به يقتضيان أن يكون بكسر اللام لأنه يعلم قارئه بفوائد مسلم. وهكذا جاء مشكولاً في أول الجزء الأول من النسخة العتيقة. ونص ذلك: "أول من المعلم". والخط الذي على الصفحة لا شك أنه من ناسخ النسخة الأصلي فليس مضافاً بعد ذلك ككثير من النسخ التي تضاف أسماء الكتب على ظاهرها بعد ذلك بخط مغاير بل الخط واحد. وذلك يعطينا ثقة في تسميته بصيغة اسم الفاعل نقلاً زيادة عما هو استنتاج. وقد وقع تقطيع تسبب عنه تلف بعض الكلمات منها الجزء وبعض الأول كما أثبتناه. وأما ما جاء على الجزء الثاني فهو ليس بخط الناسخ الأصلي بل بخط مغاير وجاء في كشف الظنون تسميته هكذا: "المعلم في شرح مسلم" (¬2). ويؤيد التسمية الأولى وإن كانت الثانية ليست ببعيدة أن ابن خلدون حين تكلم على كتب الحديث ذكره بهذا العنوان "المُعْلم بفوائد مسلم" كما جاء في المقدمة (¬3). ¬

_ (¬2) الكشف (ج 2 ص 1741). (¬3) (ص 801).

تسميته بالمعلم من المؤلف

وجاءت تسميته في وفيات الأعيان: "كتاب المعلم بفوائد كتاب مسلم" (¬4). والصواب هو أنه "المعلم بفوائد مسلم": وإنما هذه الزيادة لبيان أنه شرح كتاب مسلم. وربما يعكّر على هذه التسمية أي "المعلم، بفوائد مسلم" ما جاء في الغنية للقاضي عياض ونصه: "كتب إليَّ من المهدية يجيزني كتابه المسمى بالمعلم في شرح مسلم وغيره من تواليفه (¬5) لأنه أجازه به مؤلفه، فهي أقرب لأن تكون أصح من التسمية الأولى، لكن يؤيد الأولى إمكان أن يكون قد اقتصر في التسمية على الجزء الأول منها وهو "المعلم". ثم بين أن هذا الكتاب المسمى بالمُعلم إنما هو في شرح مسلم بن الحجاج. أو أن الكتاب كان يسمى باسمين يسمى "بالمعلم بفوائد مسلم"، كما يسمى أيضاً "بالمعلم في شرح مسلم". ثم إن الاقتصار على النسخة القريبة من عهده وما ذكره ابن خلدون وما ذكره قبله ابن خلكان يشهد باشتهار التسمية الأولى دون الثانية، وهي أقرب إلى موضوع هذا الشرح. تسميته بالمعلم من المؤلف: لا شك أن تسمية هذا الشرح بالمعلم من مؤلفه لما نقلناه عن القاضي عياض حيث ذكر أنه أجازه بكتابه المسمى بالمعلم في شرح مسلم فالذي يبدو أن المازري حين أجازه وذَكَر كتابه شرحَ مسلم سماه بالمعلم، وإن كان غير بعيد أنه أجازه بشرح مسلم من غير تسميته وإنما ذكر التسمية القاضي عياض. ¬

_ (¬4) (ج 4 ص 285). (¬5) الغنية ص 133.

إملاؤه

وعلى كلا الاحتمالين فالتسمية من عصره لأن القاضي من معاصري الإِمام إذ الأول توفي سنة (544) والثاني سنة (536) فهما متعاصران ومتقاربان في الوفاة إلا أن الثاني أسنّ من الأول فهو في مرتبة شيوخه أي شيوخ القاضي عياض. ثم وقفت على ما يؤيد ما ذهبت إليه، من أن المازري حين أجاز القاضي بشرحه لم يقصد التسمية، ما جاء في شذرات الذهب: "محمد بن علي مصنف المعلم بشرح مسلم ثم قال وله المعلم بفوائد مسلم" فاتضح بهذا أن مترجميه حين يريدون أن يعرفوا ما هو المعلم يذكرون أنه في شرح مسلم. ويؤيد أن التسمية من المؤلف ما جاء في فهرست ابن خير، وكذلك ما جاء في ترجمة المخزومي من تكملة ابن الأبار ج 1 ص 154، ونصه: ولقى بالمهدية أبا عبد الله المازري فحمل عنه تأليفه المترجم بالمعلم. إملاؤه: لم يؤلفه صاحبه وإنما أُخذ عن دروسه فهو من إملائه، تلقاه عنه بعض تلاميذه، فما أمكن له أن ينقله باللفظ تلقاه عنه بلفظه وما لم يمكن أخَذَه بالمعنى. وإنما يتأتّى للناقل أن ينقل باللفظ في البعض أو المعنى في الكثير لأن الشيخ كان يتمهل في إلقائه ولولا ذلك لم يتمكن من التدوين بالصورة المذكورة. وجاء هذا في أوله: "هذا كتاب قصد فيه إلى تعليق ما جرى في مجالس الفقيه الجليل أبي عبد الله محمد بن علي المازري -رضي الله عنه- حين القراءة عليه لكتاب مسلم -رحمه الله- في شهر رمضان من سنة تسع وتسعين وأربعمائة، منقولاً ذلك بعضه بحكاية لفظ الفقيه الإِمام أيده الله وأكثره بمعناه" (¬6). ¬

_ (¬6) مقدمة المعلم ص 1.

ونجزم أن هذا الإِملاء كله كان في رمضان واحد سنة (499) لأن عبارته هذه لا يستفاد منها إلا أنه كانت القراءة في السنة المذكورة دون غيرها، إذ لو كانت القراءة على سنوات في رمضانات متعددة لوقع التصريح بذلك وبهذا يُعلم طول نفسه في درسه إذ أن عدد صفحات الكتاب كله تبلغ (782) بالخط الدقيق. أما لو قدرت بحسب الطبع فإنها تتجاوز الألف صفحة مع أن عدد أيام رمضان أقصاها ثلاثون يوما فيكون المدون عنه يومياً خمساً وعشرين صفحة مع دقة الخط. وهذا شيء له أهميته. ولا غرابة في ذلك مع ما ذكرنا من التمهل حتى تمكن المتلقي أن يدون بتلك الصورة لطول مدة الدرس لأن رمضان في تلك السنة يكون في شهر أُفريل وماي إبان الأخذ في طول النهار. إذ دخول تلك السنة (499 هـ) في 13 سبتمبر (1105 م). والأقرب أن ابتداء دولة الإِقراء للحديث بعد صلاة العصر وتستمر إلى المغرب، وهي ثلاث ساعات ونصف كما هو الشأن في الدروس الحديثية بمناسبة رمضان. وهذه الحصة رغم طولها فإنا إذا نظرنا في الكتاب نراه مشحوناً بالفوائد المتنوعة المختلفة الدالة على سعة وتمكن صاحبها من ناصية الكثير من العلوم كما سيتضح بعدُ بمطالعته. وأفادنا ابن الأبّار أن المازري لم يقصد تأليفه، وشرح لنا ابن الأبّار كيفية تأليف المعلم ونصه: ولقي أيضاً أبا عبد الله المازري بالمهدية وحكى عنه أنه سمعه يقول وقد جرى ذكر كتابه "المعلم بفوائد صحيح مسلم: إني لم أقصد تأليفه وإنما كان السبب فيه. أنه قرىء على كتاب مسلم في شهر رمضان فتكلمت على نقط منه، فلما فرغنا من القراءة عَرض علي الأصحاب ما أمليته عليهم فنظرت فيه وهذبته. فهذا كان سبب جمعه"، أو كلاماً معناه هذا (التكملة ج 2 ص 936) في ترجمة عبيد الله بن عبد الله ... ابن عيشون الذي تلقى عن المازري بالمهدية.

اطلاعه عليه

ويؤيد هذا أيضاً ما جاء في ترجمة أبى إسحاق إبراهيم بن محمد المعروف بكوزان من التكملة، ونصه: ولقي بالمهدية أبا عبد الله المازري فحمل عنه تأليفه المترجم بالمعلم من إملائه كما تقدم. اطلاعه عليه: كما أنه سماه بالمعلم كما تقدم كذلك اطلع عليه لأنه لا يمكن أن يجيز به وهو من تلقي بعض تلاميذه ومن إملاءاته دون أن يكون قد اطلع عليه وحرر مسائله؛ فصحح منها ما صححه وأبقى ما أبقى وحذف ما حذف؛ ولعل ذلك أي كل من التصحيح والحذف كان قليلاً لأن مدون إملائه كان أمينا في تلقيه حيث ذكر أن بعضه بلفظه فهو سريع الكتابة وأكثره بمعناه كما أشار إليه: "منقولا ذلك بعضه بحكاية لفظ الفقيه الإِمام وأكثره بمعناه" (¬7). فلهذه الأمانة في النقل من الإِملاء نسبه الإِمام لنفسه وصار يجيز به ويعتبره من تأليفه. ثم هو ليس كبقية الإِملاءات التي لا يعتمد عليها كما نص عليه الشيخ أحمد زروق في أول شرح الرسالة: أن تقييد يوسف بن عمر على الرسالة، وكذلك تقييد الجُزولي لا ينسب إليهما تأليفاً وإنما هي تقاييد الطلبة (¬8). ففيها الغث والسمين لأنه ربما نقل الطلبهة عن الشيخ ما التبس عليهم من الأنقال فلا يعتمد على ما ذكروه. بل ذكر بعضهما أن ما اعتمد مثل ذلك يؤدب. وفيما تقدم يؤيد اطلاعه عليه كما نقل من ترجمة ابن عيشون. قيمته: اشتهر هذا الكتاب شرقاً وغرباً حتى أن صاحبه ينعت بأنه صاحب المعلم ¬

_ (¬7) ص 1 من النص المخطوط. (¬8) شرح زروق (ج 1 ص 4) وحاشية العدوي على الكفاية (ج 1 ص 6).

طريقته

فابن خلكان حين عرف به ذكر له هذا الكتاب فقال: "أبو عبد الله محمد ابن علي ... شرح صحيح مسلم شرحاً جيداً سماه "كتاب المعلم بفوائد كتاب مسلم (¬9). وكذلك ابن خلدون ذكر له هذا الكتاب حين تكلم على صحيح مسلم الذي اعتنى به علماء المغرب مجمعين على تفضيله: "وأمّا صحيح مسلم فكثرت عناية علماء المغرب به وأكبوا عليه وأجمعوا على تفضيله على كتاب البخاري من غير الصحيح مما لم يكن على شرطه، وأ كثر ما يقع له في التراجم. وأملى عليه الإِمام المازري من فقهاء المالكية شرحاً وسماه "المعلم بفوائد مسلم" المشتمل على عيون من علم الحديث، وفنون من الفقه" (¬10). وقد مهد هذا الشرح للكثير من الكاتبين فنهجوا منهجه، وسلكوا مسلكه، وفتح باب الصلة به الحافظ عياض بن موسى اليحصبي (544) في كتابه الإِكمال. وصريقته أنه يذكر ما ذكره صاحب الأصل أولاً ثم يعقب عليه بكلامه. وقد بين أن المعلم: إنما هو دروس، ولو أن صاحبه توفر لتأليفه لكان غاية الإِبداع فوق ما أبدع فيه، وهو مجرد دروس. طريقته: طريقة المعلم طريقة مبتكرة حيث إن صاحبه ركز فيها بحوثه على الاستنتاج الاستنباط مقدماً ذلك على غيره. وله في ذلك أغراض متعددة خدم بها الكتاب خدمة جُلَّى لم يسبقه إليها سابق ولذا حظي بهذه العناية دون غيره من الكتب. ¬

_ (¬9) الوفيات (ج 4 ص 285). (¬10) المقدمة (ص 801).

ومن استنباطاته الغريبة ما كتبه على حديث رؤية الباري سبحانه؛ وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "حجابه النور" وفي رواية أخرى "النار لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه". ربما من لم يتمعن في هذا الحديث يعتقد ما لا يليق بالله سبحانه وتعالى مما هو منزه عنه، وهو أنه جل جلاله يحجبه شيء عن الأبصار، بمعنى أننا لم نره تعالى لأنه قد جعل حجاباً يحجبه عن الأنظار، كما هو الشأن فيمن أراد أن يحجب نفسه والله تعالى ليس كذلك؛ لأن الحجاب ما منع من تعلق الإِدراك، وهو أمر حسي كالأجسام الحائلة بين الرائي والمرئي وهذا ما لا يمكن اعتقاده في الجانب الإِلهي لأنه سبحانه وتعالى ليس بجسم ولا محدود، ودفعا لهذا حرر المسألة في المعلم غاية التحرير حتى ينتفي اعتقاد ما لا يليق بالباري جل وعلا: "قال الشيخ: الضمير الذي في "وجهه" يعود على المخلوق لا على الخالق إذ الحجاب بمعنى الستر مما يكون على الأجسام المحدودة؛ والباري جلت قدرته ليس بجسم ولا محدود. والحجاب في اللغة: المنع، ومنه سمي المانع من الأمير حاجباً لمنعه الناس عنه. ومنه الحاجب في الوجه لأنه يمنع الأذى عن العين، والإِنسان ممنوع من رؤية الخالق في الدنيا فسمي منعه حجاباً. ولما كان النور والنار المانعين في العادة من الإِدراك وهما من أشرف الأشياء المانعة أخبر عليه السلام أنه لو كشف عن النار أو النور المانعين من الإِدراك في العادة لأحرقت وجوه المخلوقين وإن كان الباري سبحانه لا تقابله الأنوار، وتقابل المخلوقين وتمنعهم من الرؤية" (¬11). ومن تدقيقه وتحريره في استنباطاته أنه ربما يرد عليه شيء من كلام غيره ¬

_ (¬11) (الفقرة 109) من المعلم.

الذي ينقله فإنه لما فسر السبحات ونقل على ذلك كلام الهروي وهو من أئمة اللغة وكان كلامه يفيد خلاف ما ذكره أولاً من أن الضمير في حجابه لا يعود على الله وإنما يعود على العبد إذ كلام الهروي يفيد عوده على الله تعالى، وكذلك كلام صاحب العين في الإِفادة المذكورة بين ما هو المقصود من نقل كلامهم. وقال الشيخ -وفقه الله-: "وأما تفسير السبحات فقال الهروي: نور وجهه تعالى وفي كتاب العين: سبحة من نور وجهه وجلاله، وإنما نقلنا هذا ليعلم قول أهل اللغة في هذه اللفظة لا على اتباعهم فيمن يرجع الضمير إليه وإطلاق هذا اللفظ الذي قالوه" (¬12). وغرضه من التحرير المتقدم أن يرد ما تتمسك به المجسمة الذين يذهبون إلى أن الله سبحانه وتعالى جسم حقيقة كمقاتل بن أبي سليمان (¬13). وأما تحريراته الفقهية فحدث عن البحر ولا حرج فإنه كان عمدة المتطلعين للتحرير الفقهي، وهذا لا يحتاج إلى بيان أو جلب، عينات لأنه ميدانه المتخصص فيه. وكما كان في معلمه أشعرياً وفقيهاً كان كذلك لغوياً مطلعاً على أكثر الكتب اللغوية التي كانت مؤلفة في عصره وما قبله، وإذا جاءت في الكتب فائدة لغوية لم يهملها مثل كلامه على فاعول الذي لامه سين فقد حصر الألفاظ التي جاءت على ذلك الوزن ولامها سين وهي الناموس والجاسوس وذلك حين شرح قول ورقة: هذا الناموس. ونقل ذلك عن المطرز عن ابن الأعرابي فقال: وقال المطرز: قال ابن الأعرابي: لم يأت في الكلام ¬

_ (¬12) (الفقرة 109). (¬13) كشاف اصطلاحات الفنون (ج 1 ص 261).

عدم الترتيب في شرح الأحاديث

فاعول لام الفعل سين إلا الناموس والجاسوس ... فالناموس صاحب سر الخير والجاسوس صاحب سر الشر" (¬14). ولا يبعد أنه نقل معنى الناموس والجاسوس عن كتاب المُداخل للمطرز والمداخَل (بضم الميم وفتح الدال الممدودة وفتح الخاء بصيغة اسم المفعول). وموضوع الكتاب تسلسل الألفاظ وشرحها بحيث تذكر الكلمة وتفسر بكلمة ثانية؛ وتفسر الثانية بثالثة وهكذا. وهذا الكتاب من الكتب الغريبة النادرة غير المعروفة وهو لأبي عمر محمد ابن عبد الواحد المعروف بالزاهد المتوفي سنة (345) ونص ما جاء فيه: " ... والنميمة حركة الصائد في ناموسه، قال أبو عمر: والناموس صاحب سر الخير الجاسوس صاحب سر الشر". وهذه الفقرة بعينها نقلها في المعلم، فهو واسع الاطلاع على اللغة وواقف على أسرارها ودخائلها حتى الكتب التي لا تخطر بالبال في مواضيع خاصة لم تفته، ولم تشذ عنه، فكتابه المعلم كان خزانة فقه ولغة وكلام وغير ذلك مما يقف الناظر عليه. عدم الترتيب في شرح الأحاديث نجد المتلقي عن الإِمام لا يلتزم في شرحه للأحاديث الترتيب الموجود في صحيح مسلم، بل يشرح بعض الأحاديث، ثم يرجع إلى شرح أحاديث أخرى متقدمة عليها، وذلك كما يأتي: تكلم على شرح قوله - صلى الله عليه وسلم - "فاشْربُوا فِي أسْقِيَةِ الأدم التي يلاث على ¬

_ (¬14) المعلم (الفقرة 91).

شرح القاضي عياض

أفواهها" وهو في باب الأمر بالإِيمان بالله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وشرائع الدين إلخ ... وذلك في ص 49 ج 1 من صحيح مسلم وهو الباب السادس. ثم نراه يرجع إلى حديث آخر متقدم على هذا وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وتصل ذا رحمك". وهو من حديث متقدم على الحديث الذي شرحه قبله إذ هو من باب بيان الإِيمان الذي يدخل الجنة وأنَّ من تمسك بما أمر به دخل الجنة، وهو الباب الرابع ص 42 ج 1. وتكرر ذلك كثيراً منه حيث إنه يعود إلى الأحاديث التي تقدمت ما شرحه قبلها. وبالأخص حين يشرح الأحاديث فإنه يعود للكلام على الإِسناد، وهذا كما وقع منه في الحديث الذي أوله: "سلوني ... " فإنه بعد أن شرح أحاديث متعددة رجع للكلام على سند الحديث المذكور. ولست أدري أذلك من المتلقي كما قدمت أم أن ذلك منه نفسه؟ حيث إنّه ربما يشرح حديثاً في يوم ثم يبدو له في ذلك اليوم نفسه أو في يوم آخر شرح ما فاته من الأحاديث السابقة فيرجع إلى ما سبق. وهذا قريب جداً لأنه كان يملي من حفظه فينساق مع ما خطر بفكره وجرى على لسانه؛ ثم إنه حين يراجع النظر ثانياً يعود. لما يراه ضرورياً أن يشرح. وقد جاراه المتلقي عنه في ذلك حيث إنه يلتزم ما سمعه من لفظ الشيخ دون تصرف فيه بتقديم أو تأخير. وبعد ما بدا لي ذلك رأيت القاضي عياضاً في إكماله ذكر عدم الترتيب في المعلم كما ذكرت. شرح القاضي عياض عرف القاضي عياض مكانة المازري العلمية معرفة تأتت له من كتبه التي ألفها. وكانت بارعة التأليف، غاية في التدقيق، محكمة النظر، معبرة عن رأي

تأليف القاضي للإكمال لتقدمه في علم الحديث

حصيف واجتهاد، فدعاه ما رآه من تحرير المازري أن يذيل شرحه لمسلم (المعلم) بشرح يكون إكمالاً لذلك الشرح، وسماه بـ"إكمال المعلم". تأليف القاضي للإِكمال لتقدمه في علم الحديث: شارك القاضي عياض في معارف كثيرة، وإنما اختصاصه وتفوقه في علوم الحديث، كما قال ابن خلكان: "إمام الحديث في وقته، وأعرف الناس بعلومه. ومثل ذلك جاء عن ابن الأبّار في معجم أصحاب الصدفي ذاكراً أنه لا يدرك شأوه، ولا يبلغ مداه في العناية بصناعة الحديث وتقييد الآثار، وخدمة العلم مع حسن التفنن، والتصرف الكامل في فهم معانيه إلى اضطلاعه بالأدب، وتحققه بالنظم والنثر، ومهارته في الفقه. اعتنى عياض الإِمام المحدث بالمازري محلياً له بالإِمام، في كتابه الإِكمال اعترافاً منه بإمامته وتقدمه على من سواه مما دعاه أن جعل شرحه لمسلم عمدته في شرحه الذي سماه بالإِكمال للمعلم. ولم يُرجع نفسه كابن حجر مع الذهبي حين ألف كتابه لسان الميزان فإنه رآه قد فاق أصله فقال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سميته بلسان الميزان، لأن منزلة المازري عند هذا الإِمام المحدث البالغ في الصناعة الحديثية مبلغاً لا يدرك مداه، منزلة ثابتة لما يتمتع به المازري من غوص علمي، وفكر ثاقب. عناية القاضي بمسلم: اعتنى القاضى عياض السبتي بمسلم في كتابين: 1 - أولهما شرح مسلم ويسمى بإكمال المعلم في شرح مسلم، وهذا الكتاب أراد به القاضي عياض أن يكمل ما يتعلق بهذا الكتاب الأم وهو صحيح مسلم من جميع الوجوه لأنه لم تصرف له العناية كما صرفت لغيره.

وقد ذكر القاضي أن هناك كتابين اختصا بهذا الكتاب الأم. وهذا ما ذكره في خطبة كتاب الإِكمال: الحمد لله المستفتح بحمد (¬1) كل أمر ذي بال. والصلاة والسلام على محمد المصطفى نبيه وعلى آله خير آل، والضراعة إليه جل اسمه في توفيقي وتسديدي لما أدبّره وأحبره من مقال. وأن يخلصه عن التصنع لغير وجهه ذي الجلال. وبعد فإني عند اجتماع طلبة العلم لديّ في التفقه في صحيم الإِمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج رحمه الله، ولم يكن في ذلك كتاب مختص بهذه الأم، ولا تأليف اعتنى به كالاعتناء بغيره ممن تقدم إلا كتابي شيخنا الحافظ أبي علي الحسن بن محمد الغساني الجيّاني في الكلام على مشكل أسانيده في كتابه الذي ألفه على هذا الكتاب وكتاب الصحيح للإِمام أبي عبد الله البخاري المسمى "بنقييد المهمل". وكتاب الإِمام أبي عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي المازري في شرح معانيه المسمى بالمعلم، وإن كان قد أودعه جملة صالحة مما في كتاب الحافظ أبي علي من الكلام على إسناده، وكلام كل من الكتابين "بارع" في فنه، بالغ في بابه، مودع في فنون المعارف وفوائدها، وغرائب علوم الأثر وشواردها، ما تلقى كل واحد منهما بالقبول، وبلغ الطالب من رغبته المأمول. وكل واحد مِنَ الكتابين أجازه لنا مؤلفه أعظم الله أجورهما وأشرق بما سعيا فيه بين أيديهما وبأيمانهما نورَهما ... لكن الإِحاطة على البشر ممتنعة ... (¬2). خص القاضي عياض اسم الكتاب بـ "إكمال المعلم" ولم يسمه ¬

_ (¬1) ورد في المخطوط بدون هاء وإضافتها أفصح فيقال المستفتح بحمده. (¬2) من مقدمة كتاب الإِكمال.

طريقته

بـ "إكمال المعلم، وتقييد المهمل" إظهارا لما لهذا الشرح من مزية وإن كان كتابه إكمالا للمعلم ولتقييد المهمل. ثم إن المازرى أبرز من معاني مسلم ما جعله في القمة حتى غطى على غيره. وثانيهما المشارق. وذكر هذا الكتاب (أي إكمال المعلم) المقري في أزهار الرياض ذاكرا أنه في تسعة وعشرين جزءا والذي وقفت عليه في ثمانية أجزاء إذ وقفت على الجزء 8 في مكتبة دار الكتب الوطنية، وهو الأخير. طريقته: أنه يذكر ما ذكره الأصل وهو المعلم، ثم يعقب عليه بكلامه. وانصرف اعتناؤه إلى ناحيتين: 1) تتميم شرح المعاني الحديثية سواء المسائل التي لم يتعرض لها الإِمام المازري أو تعرض لها لكن تحتاج إلى تتميم لأن المعلم دروس لم يقصد بها ملقيها أن تكون تأليفا ومع ذلك هي في غاية الإبداع كما أفاده كلامه أول الشرح: أوله ملاحظات على ما تعرض له. 2) العناية بالكلام عدى الإِسناد، وهذا تتميم لكتاب "تقييد المهمل، وتمييز المشكل" لأبي علي الجياني فإنه كما قال القاضي: الكمال في البشر متعذر. ويوجد من الإِكمال نسخ في مكاتب متعددة بتونس، وغيرها. ويتصل بالمعلم الكتب التي ذيل مؤلفوها على إكمَال القاضي عياض أو على ما يتصل به من تتميم أو اختصار.

إكمال الإكمال

إكمال الإِكمال اعتنى العلامة التونسي أبو عبد الله محمد بن خَلْفة الأبي (827 أو 828) بشرح مسلم فجمع فيه شروحه الأربعة للمازري وعياض والقرطبي والنووي مع زيادات مكملة والتنبيه على المواضع المشكلة من كلام هؤلاء، والتزم النقل بالمعنى دون اللفظ، لكنه لم يستوعب كلام صاحب المعلم وبالأخص فيما يخص اللغة يحذف الشواهد. انظر ما كتبه في المعلم على قول ورقة: هذا الناموس، في حديث بدء الوحي، فقد ذكر قول الشاعر ابن أحمر الباهلي: حَنَّتْ قَلوصي إلَى بَابُوسِهَا جَزَعًا ... وَمَا حَنِينُكَ أم مَّا أنْتَ وَالذَّكَرُ وقول الراجز: والأقْهَبَيْنِ الفِيَل وَالجَامُوسَا وما كتبه الأبي فإنه عوّض ذلك بالترتيب بين الأنقال فإنه في المعلم فرق معاني الناموس بينما الأبي جمعها حسبما يأتي: أبو عبيد: الناموس جبريل عليه السلام. ابن الأعرابي: الناموس: هو صاحب السر. ابن دريد: هو صاحب سر الوحي. ابن دريد: هو موضع الصايد. وفي هذا الترتيب فائدة كبرى تَجْمع المعانَي المختلفة للفظة الواحدة في موضع متحد. وقد طبع كتابه مع شرح السنوسي في سبعة أجزاء على نفقة السلطان عبد الحفيط ملك المغرب الأقصى وطبعة سنة (1327).

مكمل الإكمال

مكمل الإِكمال: شرح العلامة صاحب المدرسة التوحيدية أبي عبد الله محمد بن محمد السنوسي الحسني (895). وقد ذكر خطته في مقدمة الكتاب: " ... وكان من أحسن شروحه (أي مسلم بن الحجاج) فيما علمت وأجمعها شرح الشيخ العلامة أبي عبد الله الأبي رحمه الله تعالى ورضي عنه، أردت أن أتعلق بأذيال القوم ... فاختصرت في هذا التقييد المبارك معظم ما في هذا الشرح الجامع من الفوائد. وضممت إليه كثيراً مما أغفله مما هو كالضروري لا كالرائد وأكملته أيضاً بشرح الخطبة ... ". وسماه: بـ"مكمّل الإِكمال". وهو مقدمة مضافة لما قام به الأبي. فكان هذان الشرحان من أتم الإِفادات على مسلم، وأظهره مع شرح الأبي السلطان عبد الحفيظ ملك المغرب الأقصى كما تقدم. وهذان الشرحان يبديان الطريقة المغربية في شرح الحديث النبوي. مختصر عيسى الهنديسي لإِكمال الإِكمال للأبي المؤلف أبو مهدي عيسى بن أحمد الهَنْدِيسي (بفتح الهاء وسكون النون وكسر الدال المهملة فياء تحتية فسين مهملة) البجائي، عالمها ومفتيها يعرف بابن الشاط. قال الشيخ أحمد زروق: كان فقيهاً إماماً صدراً عالماً مفتى بجاية، من صدور الإِسلام في وقته علماً وديانة. مؤلفاته: هذا التعليق الذي اختصر فيه ملخصاً من شرح الأبي، فتاوى نقلها في المازونية والمعيار. وظائفه: كان خطيباً بجامع بجاية الأعظم سنة (890) فهو من معاصري الشيخ السنوسي.

إكمال الإكمال لأبي الروح الزواوي (664 - 743)

تعليقه على مسلم: توجد من هذه التعليقة نسخة في خزانة كاتبه، وهي مائتان وثلاث وخمسون صفحة، وهي بدون مقدمة. تبتدىء بما يأتي: باب الإِيمان (ب) ... إلخ. إكمال الإِكمال لأبي الرّوح الزواوي (664 - 743) أبو الرُّوح (¬1): هو الشيخ عيسى بن مسعود بن منصور المَنْكَلاًّتي (¬2)، الحميري الزواوي. وهو ممن جمع بين الفقه والحديث. وكان من فقهاء المالكية. وقد ألف مناقب الإِمام مالك، وبين في مقدمته ما امتاز به مالك رحمه الله تعالى ورضي عنه: "قيض الله من كريم هديه، وأطيب مواطنه (يعني المدينة المنورة) مالكاً إماماً مهدياً، وعالماً مرضياً، وحافظاً لوذعياً، وناقداً منتقياً، فنظر إلى الحالين (الفقه والحديث)، وسلك الطريقين، فجمع بين تصحيح الرواية، وتحقيق الدراية". وانتقل أبو الروح الزواوي بين زواوة مولده، وبجاية التي تلقى بها وتفقه، وكذلك الإسكندرية، وتولى قضاء عدة أماكن، وولي تدريس الفقه المالكي بزاوية المالكية بالقاهرة سنة (743 هـ) وهي السنة التي توفي فيها. وقد عاش عمراً مديداً قارب فيه الثمانين. مؤلفاته: له مؤلفات عدة، منها في الحديث: إكمال الإِكمال في اثني عشر جزءاً. وله شرح جامع الأمهات لابن الحاجب في سبعة أجزاء. وأطنب في ترجمته ابن فرحون في الديباج لأنه من معاصريه (ج 2 ص 72). ¬

_ (¬1) قال في الديباج: "أبو الرُّوح. (براء مهملة مضمومة وواو المدّ وحاء مهملة). (¬2) والمنكلاّتي (بميم مفتوحة ونون ساكنة وكاف مفتوحة ولام وألف مشددة وتاء مثناة من فوق).

إكمال الإكمال للبقوري

إكمال الإِكمال (¬3) للبَقُّورِي (¬4) أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن محمد البقوري. وله كتابان جليلان: أحدهما: تهذيب الفروق لأحمد بن إدريس القرافي. وكتاب القرافي هذا جليل الفائدة، لكن الاستفادة منه عسيرة، لأن مؤلفه كان في فروقه مبتكراً، والابتكار يكون في أوله غير منظم. فجاء البقورى ورتبة ترتيباً قربه من المتناولين. وثانيهما: إكمال الإِكمال، ذكره ابن فرحون في الديباج المذهب، ولم يذكر شيئاً عنه نستفيد منه قيمة الكتاب، إذ اقتصر على قوله: ووضع كتاباً سماه إكمال الإِكمال للقاضي، وهو وإن كان من علماء المائة السابعة الهجرية، إذ أنه لم يأخذ من الثامنة إلا سبع سنوات، غير أنه يبدو أن هذا الإِكمال لا يلتحق بإكمال الأبي عصريه، المتأخر عنه بمدة مديدة، إذ لم نسمع باعتناء أحد به بخلاف الأبي كما قال العلامة السنوسي: كتاب الأبي من أحسن الشروح وأجمعها، لذلك اعتني باختصاره. توفي البقوري بعدُ أن قام برحلة إلى مصر محملاً بختمة كبيرة لوقفها بمكة أو بالمدينة (سنة 707). شرح القيسي ومما اعتُمد فيه على معلم المازري مضافاً إليه كلام غيره شرح الأنوار السنية لابن جُزَيّ (¬5). وهذا الشرح لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن عبد ¬

_ (¬3) وهذان الشرحان مما فات كتاب التراث لسزكين. (¬4) البقوري نسبة إلى بقّور (بباء موحدة مفتوحة وقاف مشددة وراء مهملة) بلد بالأندلس. (¬5) ابن جزي أبو القاسم محمد بن أحمد الكلبي اشتهر بابن جزي (بضم الجيم وفتح الزاي وياء مشددة). له مؤلفات عدة أشهرها التفسير في أربعة أجزاء والقوانين الفقهية =

الملك القيسي وجاءت تحليته بالشيخ الأستاذ المقرىء المحدث العالم العلم الزاهد الورع الحافظ. لم أقف على ترجمته وإنما وقفت على روايته للكتاب الذي شرحه الأنوار السنية فإنه يروي عن شيخه الرحال العالم محمد ابن الوزير محمد بن علي المجاري عن أبي عبد الله محمد بن أبي القاسم بن أحمد بن جزي الكلبي مؤلف الكتاب. وكذلك يرويه عن شيخه محمد بن علي الحفار عن المؤلف أبي القاسم ابن جزي. فالقريب أنه من رجال القرن التاسع أو أواخر القرن الثامن. وعمدة هذا الشرح كلام المازري فأكثره مأخوذ عنه، ثم الاعتماد على كلام عياض، في الإِكمال، ثم الاعتماد على كلام ابن بطّال. وصرح المؤلف بأنه يأتي بكلام شارحي الأحاديث بنصه مع عَزْوٍ كلّ كلام لقائله. وقد وقفت على نسخة من هذا الكتاب في إحدى المكاتب الخاصة في أربعة أجزاء ضخام. ويسر الله الحصول على الجزء الأول وهو كتاب مفيد سواء الأصل أو الشرح. وسمي هذا الشرح "بمناهج العلماء الأحبار في تفسير أحاديث كتاب الأنوار". ¬

_ = من أضبط الكتب في الفقه، وكتابه الأنوار السنية. قال القلصاوي في شرحه لهذا الكتاب: اعتمد ابن جزي فيه على صحيح مسلم بن الحجاج. وتوفي ابن جزي شهيداً في واقعة طريف سنة (741).

مصادر المعلم

مصادر المعلم اختص المعلم بفوائد مسلم للمازري بأنه كتاب استنباط، فمصدره الأصلي كما يتضح إن شاء الله تعالى ذكاء مؤلفه الوقاد، ومع ذلك اعتمد على مصادر سابقة من أمهات ما ألف مما يتعلق بعلم الحديث النبوي. ونستطيع إذا بينا ما تركز عليه تأليفه من مباحث أن نرجع إلى كل مبحث ما اعتمده فيه، ومباحثه المركز عليها ترجع إلى ثلاثة أصول: 1) خدمة السند لكتاب مسلم. 2) بيان غريب الحديث. 3) الاستنباطات من الحديث. خدمة السند 1) تقييد المهمل: اعتمد مسلم في ناحية السند كتباً مختلفة المشارب، كان جلّ اعتماده على ما كتبه الغساني. وهو أبو علي حسين بن محمد الغساني (427 - 498). ووصفه ابن بشكوال: بأنه رئيس المحدثين بقرطبة وكان

تقييد المهمل، وتمييز المشكل

من جهابذة المحدثين، وكبار العلماء المسندين، وعُني بالحديث وكتبه وضبطه ... ورحل إليه الناس وعولوا عليه في الرواية، وجلس لذلك بالمسجد الجامع بقرطبة وسَمِع منه أعلام قرطبة، وكبارها، وفقهاؤها وجلتها ... وجمع من سعة الرواية ما لم يجمعه أحد أدركناه، وصحح من الكتب ما لم يصححه غيره من الحفاظ. وكتبه حجة بالغة. وجمع كتاباً رجال الصحيحين سماه: بتقييد المُهمل، وتمييز المشكل، وهو كتاب حسن مفيد أخذه الناس عنه، وسمعناه على القاضي أبى عبد الله ابن الحاج، عنه (¬1). ويعبر عن تعلقه بالحديث ما أثبته من مروياته من إنشاد الأصم (¬2): أهْلاً وَسَهْلاً بِالَّذِينَ أُحِبُّهُمْ ... وَأوَدُّهم في الله ذِي الآلاءِ أهْلاً بِقَوْمٍ صَالِحِينَ ذَوِي تُقًى ... غرِّ الوُجُوه وزينِ كل مَلاَء يَا طَالِبِي عِلْمِ النَّبِيءِ مُحَمّدٍ ... مَا أنْتُمُ وَسِوَاكُمُ بِسَوَاءِ تقييد المهمل، وتمييز المشكل: ضبط في هذا الكتاب كل لفظ يقع فيه اللبس من رجال الصحيحين البخاري ومسلم. وهو في جزئين. وهذا الكتاب في فن خاص مما يتعلق بعلم الحديث، وهو ضبط الأسماء والألقاب، والأنساب. وقد ألفت في ذلك كتب عديدة بين مطولات ¬

_ (¬1) الصلة لابن بشكوال (ج1 ص142). (¬2) الأصم: هو محمد بن يعقوب أبو العباس الأصم عاش تسعاً وتسعين سنة (247 - 346).

اعتماده في المعلم

ومختصرات منها المشتبه (¬3). وهناك كتاب مفيد في الناحية المذكورة وهو المغني (¬4). وتقييد المهمل فهرست هجائي لرواة الصحيحين الذين تشابهت أسماؤهم. واختلفت صفاتهم وشخصياتهم، وتحرير المشكلات التي تتعلق ببعضهم. وتوجد منه قطعة في با يزيد عدد 211، 19 ورقة (¬5). اعتماده في المعلم: اعتمد المازري تقييد المهمل في كلامه على الإِسناد، ونأتي على موضع إشكال في أحد أسانيد اعتماده عليه. قال مسلم في باب الأمر بالإِيمان بالله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وشرائع الدين، والدعاء إليه، والسؤال عنه وحفظه، وتبليغه لمن لها يبلغه، في أحد متابعاته لحديث الوفد الذين قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عبد القيس عن ابن جريج، أخبرنا أبو قزعة أن أبا نضرة أخبره وحسنا أخبرهما أن أبا سعيد الخُدري أخبره أن وفد عبد القيس الحديث (ص50) (¬6). وعلق على هذا المازري بقوله: "في هذا الضمير من قوله: "أخبرهما" إشكال على من يرجع الضمير، فقال بعضهم: أبو نضرة هو المخبر لأبي قزعة، وللحسن معه وإنما اغتر هذا بظاهر سياقة مسلم". ¬

_ (¬3) والمشتبه في الرجال أسمائهم وأنسابهم للحافظ الذهبي (748). وطبع هذا الكتاب في مدينة ليدن الهولندية (سنة 1863) ثم أعيد طبعه في مصر بعد مائة سنة إلا عاما سنة (1962) بتحقيق الأستاذ علي محمد البجاوي. (¬4) والمغني في ضبط أسماء الرجال ومعرفة كنى الرواة وألقابهم وأنسابهم للمحدث الشيخ محمد طاهر بن علي الكجراتي الفِتَّني (986) وهو مؤلف مجمع البحار في لغة الأحاديث والآثار. (¬5) تاريخ التراث العربي لسزكين. (¬6) المعلم. الفقرة (23).

والصواب في الإِسناد عن ابن جريج، أخبرني أبو قزعة أن أبا نضرة وحسنا أخبراه أن أبا سعيد أخبره، وإنما قال: أخبره، ولم يقل: أخبرهما، لأنه ردّ الضمير إلى أبي نضرة وحده، وأسقط الحسن لموضع الإِرسال. والحسن هاهنا هو الحسن البصري ولم يسمع من أبي سعيد. وبهذا اللفظ أخرجه ابن السكن في مصنفه (¬7) عن ابن جريج، أخبرني أبو قزعة أن أبا نضرة العبدي وحسنا أخبراه أن أبا سعيد أخبره، وأظنه من إصلاح ابن السكن. كذك خرجه أبو مسعود الدمشقي عن مسلم بن الحجاج عن محمد ابن رافع، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن أبي قزعة، عن أبي نضرة وحده، عن الخدري ولم يذكر الحسن لأنه لم يلق الخدري ولا سمع منه. وفي مسند البزّاز الكبير عن ابن جريج، أخبرني أبو قزعة نا أبو نضرة وحسن عن الخدري: أن وفد عبد القيس الحديث. قال البزّاز: هو الحسن البصري. لم يصرح المازري هاهنا باسم أبي على الغساني في تحرير هذا الإِشكال، وهذا ما التزمه كما نراه في المعلم (في الجزء الأول والثاني) وأظن أنه لم يصرح باسمه للمعاصرة وإلا فليس هناك داع لعدم التصريح باسمه، وإنما يعبر عنه بقوله: قال بعضهم، وهاهنا لم يذكر ذلك وإنما يبدو من صنيعه كأنه من تحريراته. والذي أفادنا أنه من تحريرات أبي علي الغساني ما نقله الإِمام النووي (676) في شرح مسلم عن أبي موسى الأصبهاني (¬8) حسبما اختصره ابن ¬

_ (¬7) ابن السكن هو أبو علي سعيد بن عثمان بن سعيد بن السكن (353) وكتابه يسمى بالصحيح المنتقى، وبالسنن الصحاح المأثورة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم. (¬8) أبو موسى الأصبهانى محمد بن عمر بن أحمد المديني الأصبهاني (581).

الصلاح (643) بما نصه: "هذا الإِسناد (أي الإِسناد المتقدم) أحد المعضلات ولإعضاله وقع فيه تعبيرات من جمأعة واهمة. فمن ذلك رواية أبى نعيم الأَصبهاني في مستخرجه على كتاب مسلم بإسناده: أخبرني أبو قزعة أن أبا نضرة وحسنا أخبرهما أن أبا سعيد الخدري أخبره ... وهذا يلزم منه أن يكون أبو قزعة هو الذي أخبر أبا نضرة وحسنا عن أبي سعيد الخدري ويكون أبو قزعة هو الذي سمع من أبي سعيد، وذلك منتف بلا شك". ومن ذلك أن أبا علي الغساني صاحب تقييد المهمل رد رواية مسلم هذه، وقلده في ذلك صاحب المعلم، ومن شأنه تقليده فيما يذكره من علم الأسانيد وصوبهما في ذلك القاضي عياض (¬9). وإنما ذكر أبو موسى الأصبهاني أن القاضي عياضا صوبهما لأنه جعل الإِكمال لتحرير ما تكلم عليه المازري وإكماله. ثم نذكر من اعتمده المازري في الإِسناد: - أحمد بن حنبل (164 - 241) (¬10): الإِمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال، وساق نسبه ابن خلكان في الوفيات ومع كونه أحد الأئمة الأربعة الذين اعتمدت أكثرية المسلمين مذاهبهم هو إمام المحدثين، وقد لقي الشدائد من ضرب وحبس لامتناعه من القول بخلق القرآن في أيام المعتصم الذي كان أميّا، وإنما ذلك منه اقتفاء بالمأمون. ولما يُفرج عنه تماما إلا بعد موت الواثق وولاية المتوكّل الذي خلع عليه وأكرمه ورفع المحنة في خلق القرآن التي ابتدأت بالمأمون. ¬

_ (¬9) شرح النووي لصحيح مسلم (ج 1 ص 193). (¬10) ومصادر ترجمته كثيرة منها ابن خلكان في الوفيات (ج 1 ص63)، الذهبي في الطبقات (ج 2 ص 17)؛ هدية العارفين (ج 1 ص 48). وقد خصه الشيخ أبو زهرة بتأليف خاص.

وله مصنفات أهمها المسند الذي جمع فيه من الحديث ما لم يتفق لغيره إذ هو من أجمع كتب الحديث. وكتابه هذا يشتمل على ثمانية عشر مسنداً: أولهما: مسند العشرة وما معه. وفيه زيادات ابنه عبد الله، ويسير من زيادات القطيعي الراوي عن ابنه عبد الله. وهو من الكتب التي لم تلتزم الصحة لكن ليس فيه الحديث الموضوع، وقد رد كلام ابن الجوزي في الموضوعات الحافظ ابن حجر في القول المسدّد في الذب عن مسند أحمد. توفي ببغداد (- 241). ولم يعتمده المازري في الجزء الأول إلا مرة واحدة في الفقرة (369) وله تفسير القرآن، طاعة الرسول، كتاب الأشربة الصغير، كتاب الإِيمان، كتاب الرد على الجهمية، كتاب الزهد، كتاب العلل في الحديث، كتاب الفرائض، كتاب الفضائل، كتاب المسائل، كتاب المناسك، كتاب مناقب علي بن أبي طالب، كتاب الناسخ والمنسوخ من القرآن. - البخاري (194 - 292): في تاريخه وصحيحه: وهو أبو عبد الله محمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري. الحافظ الإِمام الحجة وهو من أول ألف في الصحيح وتاريخ الرجال (¬11). وأما صحيحه فهو أحد الصحاح الستة التي بني عليها رزين ثم ابن الأثير جامعه وهي: - الموطأ للإِمام أبي عبد الله مالك بن أنس رضي الله عنه (179). - الجامع الصحيح لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (256). - صحيح مسلم لأبي الحسين مسلم بن الحجاج (261). - الجامع لأبي عيسى الترمذي (279). ¬

_ (¬11) انظر لكاتبه كتابة خاصة في البخاري وتاريخه.

- سنن أبي داود سليمان (275). - سنن أبي عبد الرحمن النسائي (303). وتاريخه اعتمده الإِمام المازري في تحقيقاته الإِسنادية. وترجمة البخاري قد تناولها الكاتبون ومن أوسعها ما كتبه الإِمام القسطلاني في أوائل شرحه لصحيح البخاري، وتاريخه للرجال على الطريقة المعجمية، هو أول ما ألف في الطبقات على هذه الطريقة، وقد سلكها من جاء بعده ممن كتب على تاريخ الرجال، وقد طبع كتابه في الهند في ثمانية أجزاء. وفاته: سنة (256) كما تقدم. - مسند البزاز الكبير (¬12): البزاز أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري الحافظ الشهير. ذكر في الطبقات شيوخه ومن روى عنه. له مسندان الكبير المعلل، وهو المسمى بالبحر الزاخر بيّن فيه الصحيح من غيره. قال العراقي: ولم يفعل ذلك إلا قليلاً، وهو الذي نقل عنه في المعلم، والمسند الصغير. - كتاب الترمذي (... - 279) (¬13): أبو عيسى محمد بن عيسى ابن سَوْرَة السُّلَمي الضرير، وكان يضرب به المثل في الحفظ. وعد شيوخه الذهبي وذكر أنه قد تفقه في الحديث بالبخاري كما ذكر من روى عنه. له الجامع ويسمى بالسنن وليس كتاب الجامع غير السنن كما ظنه بعضهم، وكذلك يسمى بالجامع الكبير. وله كتاب العلل. ¬

_ (¬12) تذكرة الحفاظ (ج 2 ص 653)؛ الرسالة المستطرفة ص 10. (¬13) قال ابن دقيق العيد: وترمذ (بالكسر) هو المستفيض على الألسنة. تذكرة الحفاظ (ج 2 ص 633)؛ الرسالة المستطرفة (ص 16).

- ابن الجارود (¬14): أبو محمد عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري المجاور بمكة، الحافظ الإِمام الناقد. له المنتقى، أي المختار من السنن المسندة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأحكام. وهو كالمستخرج على صحيح ابن خزيمة، وأحاديثه تبلغ نحو الثمانمائة، وتُتبّعت فلم تنفرد عن الشيخين إلا بيسير. توفي سنة (307). - أبو جعفر العقيلي (¬15): محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي الحافظ الكبير الثقة. من تصانيفه كتاب الضعفاء، وهو الذي نقل عنه المازري في أوائل المعلم توفي سنة (323). - الجوزقي (¬16): أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن زكرياء الشيباني النيسابوري. محدث نيسابور الحافظ. له كتاب المستخرج على صحيح مسلم وهو أحد اثني عشر مصنفاً على صحيح مسلم استخراجاً. والمستخرج مبني على أصول: الأول منها: أن يأتي المصنف إلى الكتاب (أي الذي هو أصل المستخرج) فيخرج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب. الثاني: أن يكون هناك علو فيجتمع معه في شيخه أو في من فوقه ولو في الصحابي. ¬

_ (¬14) طبقات الحفاظ (ج 3 ص 794) ط2 وط1 (ج 3 ص 15)؛ الرسالة المستطرفة (ص 25). (¬15) الرسالة المستطرفة (ص 144). (¬16) تذكرة الحفاظ (ج 2 ص 591) ط2 وط1 (ج 2 ص 152)؛ الرسالة المستطرفة (ص 11).

الثالث: يشترط رعاية الترتيب بين الكتاب والمستخرج وكذلك المتون، وطرق الأسانيد. الرابع: يشترط أن لا يصل إلى شيخ أبعد حتى يفقد سنداً يوصله إلى الأقرب إلا لعذر أو علو من زيادة مهمة. ولا يشترط استيعاب أحاديث الكتاب المستخرج عليه فإن له أن يسقط أحاديث لم يجد له بها سندا يرتضيه وقد يذكرها من طريق صاحب الكتاب. وترجم للجوزقي عند ذكر تآليف المازري. - أبو داود (... - 275) (16م): سليمان بن الأشعث الأزدي السجستاني، قيل هو أول من صنف في السنن. وكتابه من أمهات الكتب الحديثية وأصولها وأشهرها. وقد وقع عليه القبول واعتني به. حدث عنه الترمذي والنسائي، والدولابي. - ابن السكن (294 - 353) (¬17): أبو علي سعيد بن عثمان بن سعيد بن السكن البصري البغدادي نزيل مصر. له: الصحيح المنتقى، أو السنن الصحاح المأثورة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ولا نعرف ما هو المراد بمصنف ابن السكن، والظاهر أنه الصحيح المنتقى لأنه وقع لأهل الأندلس كما أفاده الذهبي في التذكرة. ¬

_ (16 مكرر) تذكرة الحفاظ، ط 2. (ج 2 ص 591) الرسالة المستطرفة (ص 77). (¬17) تذكرة الحفاظ (ج 3 ص 937) ط 2؛ هدية العارفين (ج 2 ص 389)؛ الرسالة المستطرفة (ص 25).

- ابن عبد البر (368 - 463) (¬18): أبو عمر يوسف بن عبد الله ابن محمد بن عبد البر النمري القرطبي. من كبار حفاظ الحديث. وذكر عدة من شيوخه الذهبي في التذكرة.، قال أبو الوليد الباجي: لم يكن بالأندلس مثل أبي عمر في الحديث، وقال ابن حزم: التمهيد لصاحبنا أبي عمر لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله أصلاً فكيف أحسن منه. له: - التمهيد. - الاستذكار. قال الذهبي: وهو مع اختصار التمهيد، له مميزاتة الكثيرة. - الكافي في مذهب مالك. - الاستيعاب في أسماء الصحابة. - جامع بيان العلم وفضله. - بهجة المجالس. - التقصي لحديث الموطأ. - الإِنباه عن قبائل الرواه. - الانتقاء لتراجم الأئمة الثلاثة الفقهاء. - القصد والأمم في أنساب العرب والعجم. - الإِنصاف. وكل هذه الكتب إما مطبوعة كلها أو طبع بعض أجزاء منها وهي التمهيد والإستذكار. وقد استكمل خمساً وتسعين سنة. ¬

_ (¬18) تذكرة الحفاظ للذهبي (ج 3 ص 1128) ط 2؛ الصلة لابن بشكوال (ج ص).

- عبد الرزاق (¬19): أبو بكر عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري الصنعاني الحافظ الكبير صاحب التصانيف. له المصنف المعروف بمصنف عبد الرزاق مرتب على الكتب والأبواب. - تزكية الأرواح، من مواقع الإِفلاح. - تفسير القرآن. - كتاب السنن في الفقه. - كتاب المغازي. ذكر شيوخه الذهبي في الطبقات. وأخذ عنه أحمد بن حنبل وغيره. توفي سنة (211) عاش خمساً وثمانين سنة. - علي بن عمر الدارقطني (306 - 385) (¬20): أبو الحسن البغدادي الحافظ الشهير. قال الذهبي: الإِمام، شيخ الإِسلام حافظ الزمان. قال الخطيب البغدادي: كان فريد عصره، وإمام وقته، وانتهى إليه علم الأثر، والمعرفة بالعلل، وأسماء الرجال مع الصدق والثقة وصحة الاعتقاد. سمع من الكثير، وروى عنه الجمع العديد ومنهم الحاكم. له مصنفات. وعد منها جملة في هدية العارفين ومنها: - الإِلزامات على الصحيحين البخاري ومسلم. ¬

_ (¬19) تذكرة الحفاظ للذهبي (ج 1 ص 364) ط 2؛ هدية العارفين (ج 1 ص 566). (¬20) تذكرة الحفاظ للذهبي (ج 3 ص 991) ط 2؛ هدية العارفين (ج 1 ص683)؛ الرسالة المستطرفة (ص 23).

- السنن طبعت في 4 أجزاء. - غرائب مالك. - الإِمام مسلم بن الحجاج: علاوة على كونه مشروح المعلم، اعتمده الإِمام المازري في السند وتقدمت ترجمته. - ابن المديني (161 - 234) (¬21): أبو الحسن علي بن عبد الله بن جعفر بن نَجِيح السَّعدي المديني ثم البصري. قال الذهبي: حافظ العصر، وقدوة أرباب هذا الشأن، صاحب التصانيف. ولابن المديني نحو من مائتي مصنف منها: كتاب معرفة من نزل من الصحاية سائر البلدان في خمسة أجزاء لطيفة وهو المعتمد في المعلم. روى عنه الذهلي، والبخاري وقال في حقه: ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند عليّ ابن المديني. - أبو مسعود الدمشقي (... - 401) (¬22): إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقي الحافظ اشتهر بأنه مصنف كتاب الأطراف. كانت له عناية بالصحيحين. روى عن ابن خزيمة وغيره. وروى عنه أبو ذر الهروي وغيره. له: أطراف (¬23) الصحيحين، والجمع بين الصحيحين. ¬

_ (¬21) تذكرة الحفاظ (ج 2 ص 428) ط 2؛ الرسالة المستطرفة (ص 127). (¬22) تذكرة الحفاظ (ج 3 ص 1068) ط 2؛ هدية العارفين (ج 1 ص 7)؛ الرسالة المستطرفة (ص167). (¬23) كتب الأطراف هي التي يقتصر فيها على ما ذكر طرف الحديث الدال على بقيته مع الجمع لأسانيده، إما على سبيل الاستيعاب، أو على جهة التقيد بكتب مخصوصة.

- النسائي (... 303) (¬24): هو أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر النسائي، نسبة إلى نسا مدينة بخراسان. سمع في كثير من البلدان وبرع في هذا الشأن، وتفرد بالمعرفة والإِتقان وعلو الإِسناد، وروى عنه الكثير. له: المجتبى وهو السنن الصغيرة وهي المعدودة من الأمهات وهي التي خرّج الناس عليها الأطراف والرجال دون الكبرى. والسنن الكبرى. - أبو نُعَيم الجرجاني (242 - 323) (¬25): عبد الملك بن محمد ابن عدّي الجرجاني الأسْتَرَاباذي، الحافظ، الحجة الفقيه، وكان أحد الأئمة ومقدما في الفقه والحديث. أخذ عن الكثير، وتخرّج بأبي زرعة، وأبي حاتم، وعنه أبو بكر الجَوْزَقِي وغيره. له تصانيف في الفقه، وكتاب الضعفاء، في عشرة أجزاء. ¬

_ (¬24) تذكرة الحفاظ للذهبي (ج 2 ص 698) ط 2؛ الرسالة المستطرفة (ص 11). (¬25) تذكرة الحفاظ (ج 3 ص 816) ط 2؛ الرسالة المستطرفة ص 144.

تحقيق المازري في غريب الحديث

تحقيق المازري في غريب الحديث اعتنى المازري بغريب الحديث اعتناء ينم عن رغبة في تحقيق الألفاظ النبوية الغامضة البعيدة عن الفهم لقلة استعمالها فتحتاج إلى البيان. وبيان غريب الحديث يحتاج إلى الاضطلاع في اللغة حتى أن الذين لهم القدرة الكافية يحجمون عن تفسير الغريب لا لعدم معرفتهم وإنما ذلك تهيب عن الهجوم على الغريب فلذلك يكلون أمره إلى الذين اختصوا بعلم اللغة ومارسوا اللسان العربي طويل الممارسة، ومن هؤلاء الإِمام أحمد بن حنبل على جلالة قدره لمّا سئل عن حرف من غريب الحديث قال: "سلوا أصحاب الغريب فإني أكره أن أتكلم في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالظن فأخطىء (¬1). وحدث أبو قلابة عبد الملك بن محمد قال: قلت للأصمعي. يا أبا سعيد، ما معنى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الجَارُ أحَقُّ بسَقَبه". فقال: أنا لا أفسر حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن العرب تزعم أن السَّقَب اللزيق" (¬2). ¬

_ (¬1) مقدمة ابن الصلاح ص 97. (¬2) المصدر السابق.

فهذا الإِمام الجليل أحمد بن حنبل، والعلامة اللغوي الأصمعي كيف وقفا من تفسير الغريب في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكيف بغيرهما. ولا نعجب بعد الموقفين المتقدمين من المازري في تحرّيه واعتماده على مصادر عديدة عن علماء كثيرين اعتنوا بتفسير الغريب في الحديث النبوي. تتبع المازري في تفسير الغريب الكتب العُمَد في هذا العلم وهي: - كتاب أبي عبيد القاسم بن سلام الذي جمع فيه وأجاد واستقصى وصار قدوة في هذا الشأن. - ابن قتيبة في كتابه المشهور فتتبع ما فاته كما قال: "وقد كنت زمانا أرى كتاب أبي عبيد قد جمع تفسير غريب الحديث، وأن الناظر فيه مستغن به. ثم تعقبت ذلك بالنظر والتفتيش والمذاكرة فوجدت ما ترك نحوا مما ذكر فتتبعت ما أغفل وفسرت على نحو ما فسر، وأرجو أن لا يكون بقي بعد هذين الكتابين من غريب الحديث ما يكون لأحد فيه مقال" (¬3). وإن اعتمد المازري على هذين الكتابين اعتمد على غيرهما كل من الكتب الأمهات وقد صرف عناية خاصة كما سيتضع لكتاب الغريبين للهروي. واستوعب المازري الكتب التي كانت في عصره كما يتضح بالوقوف على مصادره في الغريب. وندرك دقة هذا الموقف في الغريب وأن تحرّي المازري كان تحرياً في بابه بما ذكره ابن الصلاح الذي عاش بعد عصره والمتوفى سنة (643) في كتابه المشتهر بمقدمة بن الصلاح إذ عقد لغريب الحديث فصلاً خاصاً، وهو النوع الثاني والثلاثون في معرفة غريب الحديث، فذكر: "هذا فن ¬

_ (¬3) غريب الحديث لابن قتيبة.

كتاب الغريبين لابي عبيد

مهم يقبح جهله بأهل الحديث خاصة، ثم بأهل العلم عامة، والخوض فيه ليس بالهيّن والخائض فيه حقيق بالتحري جدير بالتوقّي". وبعد أن ذكر ابن الصلاح أول من صنف فيه وهو النضر بن شميل، أو أبو عبيدة معمر بن المثنى ذكر أن تأليف أبى عبيد القاسم بن سلام هو العمدة في هذا الباب، وكذاك ابن قتيبة الذي هو ذيل الكتاب أبي عبيد. وتذييلا على ما ذكره ابن الصلاح في أول من ألف في غريب الحديث نوضح أن الكلام على الغريب لم يبدأ أساسا بأبي عبيدة (210) بل تكلم فيه جماعة من أتباع التابعين منهم مالك بن أنس، والثوري وشعبة، وإنما أبو عبيدة أو النضر بن شميل أول من كتب في ذلك كتاباً خاصاً. ولا يمكن أن يبدأ الكلام على غريب الحديث بأحد الرجلين اللذين ذكر أنهما أول من تكلم على الغريب لأن فقه الحديث لا يتوصل إليه إلا بمعرفة ألفاظ القرآن الكريم، وألفاظ الحديث الشريف، وفي ضمن ذلك معرفة الألفاظ الغريبة في كتاب الله سبحانه، وفي المتون الحديثية ويدخل اعتناء المازري بالغريب والتحري فيه لأنه مفتاح فقه الحديث، وهو من مهام كتابه المعلم. كتاب الغريبين: صاحب الكتاب أبو عبيد أحمد بن محمد بن محمد بن أبي عبيد العبدي المؤدب الهَرَوي الفاشاني. هذا ما ساقه في نسبه ابن خلكان، وذكر أنه وقف على نسخة من كتابه الغريبين أنه أحمد بن محمد بن عبد الرحمن وكتابه في الغريبين يدل على أنه من جلة العلماء. قال ابن خلكان: وما قصر في كتابه المذكور.

ولم يقف ابن خلكان على شيء عن أخباره سوى أنه كان يصحب أبا منصور الأزهري اللغوي، وعليه اشتغل وبه انتفع وتخرّج. اعتنى صاحب كتاب الغريبين فيه بتفسير غريب القرآن الكريم، وكذلك الحديث النبوي الشريف، وصار عمدة الباحثين وممن اعتمده في غريب الحديث ابن الأثير في كتابه النهاية، ويشير إليه بحرف الهاء. وقد بين ابن الأثير مزية هذا الكتاب وقيمته: "فلما كان زمن أبي عبيد أحمد بن محمد الهروي صاحب الإِمام أبي منصور الأزهري اللغوي وكان في زمن الخطابي وبعده وفي طبقته صنف كتابه المشهور السائر في الجمع بين غريبي القرآن العزيز والحديث ورتبه مقفى على حروف المعجم على وضع لم يسبق في غريب القرآن والحديث إليه، فاستخرت الكلمات اللغوية الغريبة من أماكنها وأثبتها في حروفها، وذكر معانيها، إذ كان الغرض والمقصد من هذا التصنيف معرفة الكلمة الغريبة لغة وإعراباً ومعنى، لا معرفة متون الأحاديث والآثار وطُرُق أسانيدها، وأسماء رواتها، فإن ذلك علم مستقل بنفسه مشهور بين أهله. ثم جمع فيه من غريب الحديث مع كتاب أبي عبيد معمر، وابن قتيبة وغيرهما ممن تقدم عصره من مصنفي الغريب، مع ما أضاف إليه مما تبعه من كلمات لم تكن في واحد من الكتب المصنفه من قبله. فجاء كتابه جامعاً في الحسن بين الإِحاطة والوضع، فإذا أراد الإِنسان كلمة غريبة وجدها في حرفها بغير تعب إلا أنه جاء الحديث مفرقاً في حرف كلماته حيث كان هو المقصود والغرض. فانتشر كتابه بهذا التسهيل والتيسر في البلاد والأمصار، وصار هو العمدة في غريب الحديث والآثار. وما زال الناس بعده يقتفون هديه، ويتبعون أثره، ويشكرون له سعيه، ويستدركون ما فاته من غريب الحديث والآثار" (¬4). ¬

_ (¬4) النهاية (ج 1 ص 8).

شيوخه منهم

وكما اعتمد ابن الأثير كتاب الهروي اعتمد ذيله لأبي موسى محمد ابن أبي بكر بن أبي عيسى المديني الأصفهاني (581) واختاره صاحب النهاية لأنه سلك مسلك الهروي، ذهب فيه مذهبه ورتبه كما رتبه، وأشار إليه بحرف السين. والاعتماد الأساسي لابن الأثير على هذين الكتابين. - وللهروي كتاب آخر وهو ولاة هراة كما ذكره السيوطي في البغية. ولعل ما ذكره ابن خلكان من أنه لم يقف على ترجمة الهروي إلا أنه كان من أصحاب أبي منصور الأزهري اللغوى لما نقله عن بعض الرواة أنه كان يتناول في الخلوة، ويحب البذلة ويعاشر أهل الأدب، مجالس اللذة والطرب، عفا الله عنا وعنه وإلى هذا أشار الباخرزي كما نقله صاحب الوفيات. شيوخه منهم: أبو منصور الأزهر (- 370) صاحب تهذيب اللغة، وأبو سليمان الخطّابي (- 388)، صاحب معالم السنن، وغريب الحديث، وروى عنه: عبد الواحد المليجي، وأبو بكر الأردنستاني. وفاته: وكانت وفاته سنة إحدى وأربعمائة (401) (¬5). اعتماد كتاب الغريبين في المعلم: يكاد يكون الاعتماد في المعلم لغة على كتاب الغريبين للهروي فكلما عنَّ لفظ غريب في حديث رجع المازري إلى كتاب الغريبين وحينما تكون بسطة لغوية لم يهملها إذ ينقلها مضيفا إلى كتابه البسطة مما يدل على ملازمته له وعنايته به، وحتى إذا نقل عن غيره أبتدأ به. ¬

_ (¬5) الوفيات (ج 1 ص 95)؛ البغية (ج 1 ص 371) ط 2.

وقد أكثر من نقل ما كتبه حتى فاق كل الكتب اللغوية المنقول عنها، وهذا يدل على أن المازري يراه العمدة في غريب الحديث كما نبه عليه بعدُ ابن الأثير وإن لم يطلع على ما كتبه المازري. وسنذكر بعد الهروي من اعتمده من اللغويين حسب الترتيب الأبجدي حسب الورود في المعلم: - أحمد بن يحيى (200 - 291) (¬6): هو أبو العباس ثعلب إمام الكوفيين في النحو واللغة وفضُل أبو العباس أهل عصره بالحفظ للعلوم التي تضيق عنها الصدور. وترجم له الكثير. - الأخفش (... - 210) (¬7): لعله الأوسط وهو سعيد بن مسعدة أبو الحسن الأخفش وهو أحد الأخافش الثلاثة المشهورين. له مصنفات منها معاني القرآن. - الأزهري أبو منصور (282 - 370) (¬8): الأزهري محمد بن أحمد بن طلحة بن نوح الأزهري اللغوي الأديب الهروي. وكان رأسا في اللغة. وأشهر كتبه التهذيب في اللغة وقد طبع. - الأصمعي (¬9): أبو سعيد عبد الملك بن قُريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع الأصمعي البصري اللغوي. أحد أئمة اللغة والغريب والأخبار والمُلَح والنوادر، وكان من أهل السنة. وله مصنفات عدة. ¬

_ (¬6) البغية (ج 1 ص 396). (¬7) البغية (ج 1 ص 590). (¬8) البغية (ج 1 ص 19). (¬9) البغية (ج2 ص 112).

توفي سنة (216) عن ثمان وثمانين سنة. - ابن الأعرابي (150 - 230) (¬10): أبو عبد الله محمد بن زياد بن الأعرابي. ومدحه الجاحظ قائلا: كان نحوياً عالماً باللغة والشعر، واتسع في العلم جداً. - ابن الأنباري (... -304) (¬11): الظاهر أنه أبو محمد القاسم بن محمد بن بشار الأنباري النحوي. له غريب الحديث لا ابنه لأنه لم يكنّه كما في الفقرة (149) حيث قال: أبو بكر بن الأنباري. وكان القاسم أبوه محدثاً أخبارياً، عارفاً بالأدب والغريب، وله مصنفات. عدَا غريب الحديث. - أبو بكر بن الأنباري (271 - 328) (¬12): هو محمد بن القاسم ابن محمد بن بشار بن الأنباري النحوي اللغوي الإِمام. قال الزبيدي: كان من أعلم الناس بالنحو والأدب، وأكثرهم حفظاً، وكان صدوقاً فاضلاً، ديناً خيراً من أهل السنة. روى عنه الدارقطني وجماعة. وأملى كتباً كثيرة منها غريب الحديث. - الثعالبي أبو منصور (350 - 429) (¬13): عبد الملك بن محمد ابن إسماعيل النيسابوري اللغوي، الأديب، الأخباري، البياني. ومؤلفاته عديدة منها: - يتيمة الدهر، في محاسن أهل العصر. ¬

_ (¬10) البغية (ج 1 ص 105). (¬11) البغية (ج 2 ص 261). (¬12) البغية (ج 1 ص 212). (¬13) الوفيات (ج 3 ص 178)؛ نزهة الألباء لابن الأنباري ص 436.

- فقه اللغة وسر العربية. - ثمار القلوب في المضاف والمنسوب. - ابن حبيب (... - 245) (¬14): أبو جعفر محمد بن حبيب قيل حبيب أمه، وأبوه لا يعرف. وله غريب الحديث، والمنمق الكتاب الشهير. وهو بغدادي غير ابن حبيب عبد الملك ابن حبيب صاحب الواضحة وكلاهما اشتهر بابن حبيب. وتوفي عبد الملك ابن حبيب (238) وكانا متعاصرين. - ابن خَالَوَيْه (... - 370) (¬15): أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه بن حمدان الهمذاني النحوي إمام اللغة والعربية وغيرهما من العلوم، وكان أحد أفراد الدهر في كل قسم من أقسام العلم والأدب. له مؤلفات منها كتاب ليس، وإعراب ثلاثين سورة من القرآن. - ابن دُرَيد (223 - 321) (¬16): أبو بكر محمد بن الحسن بن دُريد القحطاني الأزدي اللغوي. ووصفه أبو الطيب اللغوي في مراتب النحويين: وهو الذي انتهت إليه لغة البصريين وكان أحفظ الناس وأوسعهم علماً، وأقدرهم على الشعر، وما ازدحم العلم والشعر في صدر أحد ازدحامهما في صدر خلف الأحمر وابن دريد، وتصدر ابن دريد في العلم ستين سنة. ¬

_ (¬14) البغية (ج 1 ص 73). (¬15) معجم الأدباء (ج 8 ص 200)؛ البغية (ج 1 ص 529) (¬16) البغية (ج 1 ص 76).

له مصنفات من أشهرها الجمهرة وهي التي نقل عنها المازري في الفقرة (83)، وهي مطبوعة. - الزَّجَّماج (... - 311) (¬17): أبو إسحاق إبراهيم بن السَّرِي بن سهل النحوي. له مصنفات من أشهرها معاني القرآن. - ابن أبي زمنين (... - 399) (¬18): أبو عبد الله محمد بن أبي زَمَنِين المري القرطبي. الإِمام الفقيه المحدث المفسّر. وكتبه اعتمدها العلماء مثل تفسيره وكتاب الأحكام. اعتمده في بعض الكلمات اللغوية فهو مستند لغوي له وإن كان من المفسرين. وزمنين (بفتح الزاي المعجمة والميم، وكسر النون ثم ياء ساكنة بعدها نون). - ابن السِّكّيت (¬19): أبو يوسف يعقوب بن إسحاق. كان عالماً بالنحو، واللغة، وعلم القرآن والشعر، وله تصانيف كثيرة، توفي سنة (244) قتله المتوكل. وقد أكثر من النقل عنه المازري. ¬

_ (¬17) البغية (ج 1 ص 411). (¬18) الديبات (ج 2 ص 232)؛ شجرة النور ص 101. (¬19) البغية (ج 2 ص 349).

- السِّيرافي (... - 368) (¬20): أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان القاضي النحوي. وصفه أبو حيان التوحيدي بأنه شيخ الشيوخ وإمام الأئمة في معرفته بالقرآن والحديث والنحو والفقه واللغة والشعر والعروض والقوافي والفرائض والكلام والحساب والهندسة. له مصنفات منها شرح كتاب سيبويه الذي لم يسبق إلى مثله وكذلك شرح شواهده. شَمِر (¬21): أبو عَمْرو شَمر بن حَمْدَويه الهروي اللغوي الأديب وله كتاب الجيم وغريب الحديث. - ابن شُمَيل (... - 203) (¬22): أبو الحسن النَّضْر بن شميل بن خرشة البصري الأصل ثم انتقل إلى خراسان، وبها تأثل، وهو أول من أظهر السنة بمرو وخراسان. وله مصنفات منها غريب الحديث. - صاحب (¬23): لعله يقصد ابن القطاع علي بن جعفر المعروف بابن القطاع الصقلي صاحب كتاب الأفعال، وكان إمام وقته بمصر في علم العربية، وتوفي سنة (- 515) فهو عصري الإِمام المازري، وبلديّه، ولهذا لم يذكره بلقبه فالأقرب أنه يقصده بصاحب الأفعال. ¬

_ (¬20) البغية (ج 1 ص 507). (¬21) البغية (ج 2 ص 4). (¬22) البغية (ج 2 ص 316). (¬23) انظر ترجمة ابن القطاع، البغية (ج 2 ص 153)، وترجمة ابن القوطية (ج 1 ص 198).

ويحتمل أنه يقصد ابن القوطية (- 367) صاحب تصاريف الأفعال، وهو محمد بن عمر بن عبد العزيز المعروف بابن القوطية وكان إماما في اللغة والعربية حافظاً لهما. ومن تصانيفه: تصريف الأفعال. - أبو العباس المبرد (210 - 285) (¬24): محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي البصري إمام العربية ببغداد في زمانه. وله تصانيف عدة من أشهرها كتابه الكامل الذائع الصيت وقد طبع مرات، وله إعراب القرآن. وترجم له في الوفيات ترجمة مطوّلة. - أبو عبيد (... - 223) (¬25): القاسم بن سَلاَّم (¬26) كان إمام عصره في كل فن من العلم روى الناس عنه من كتبه نيفاً وعشرين كتاباً، وكان فاضلاً في دينه وعلمه، ربانياً، مفتياً في القرآن والفقه والأخبار والعربية، حسن الرواية صحيح النقل. ومن أشهر تصانيفه الغريب المصنف. قال الزبيدي: تضمن كتابه سبعة عشر ألف حرف وسبعمائة وسبعين حرفاً، وله غريب القرآن، وغريب الحديث، ومعاني القرآن. وكتابه الغريب المصنف اعتمده المازري أيما اعتماد فهو ينقل عنه كثيراً، وكما صرح باسم أبي عبيد صرح باسم كتابه الغريب المصنف. وإذا رجعنا إلى الجزء الأول نراه ينقل عنه العشرات من المرات. وإنما اعتمده لأنه استقصى استقصاء في الجملة امتاز به على غيره، وقال الكتاني في ¬

_ (¬24) الوفيات (ج 4 ص 313)؛ البغية (ج 1 ص 269). (¬25) الوفيات (ج 4 ص60) البغية (ج 2 ص 253). (¬26) قال السيوطي في البغية: ابن سلاَّم بتشديد اللاَّم.

الرسالة المستطرفة: "وكتاب أبي عبيد هذا هو القدوة في هذا الشأن" (¬27). يتضح من هذا أن كتب أبي عبيد هي العمدة في الغريب، وهو بذلك سابق على الهروي، وإنما امتاز عليه الهروي بالتقريب. ويبدو أن المازري كان على بينة تامة في انتقاء مصادره. - أبو عبيدة (110 - 209) (¬28): معمر بن المثنى اللّغَوي البصري. وعنه أخذ أبو عبيد، وأبو عبيدة كما قال أبو نواس أديم طوى على علم، وقال في حقه ابن قُتَيْبَة: كان الغريب أغلب عليه وأيام العرب وأخبارها. وجاء في نهاية ابن الأثير قيل: إن أول من جمع في هذا الفن شيئاً وألف أبو عبيدة معمر بن المثنى، فجمع ألفاظ غريب الحديث والأثر كتاباً صغيراً ذا أوراق معدودات (¬29). - ابن عرفة أبو عبد الله (244 - 323) (¬30): إبراهيم بن محمد بن عرفة الملقب بنفْطَوَيْه (¬31) كان عالماً بالعربية واللغة والحديث، ومسنداً للحديث، وذا مروءة وظرف. له إعراب القرآن، والمقنع في النحو، ونحوهما. وذكره المازري بابن عرفة ولم يذكره بنفطويه تحرجاً من هذا اللقب لأنه يدل على دمامته. ¬

_ (¬27) الرسالة المستطرفة ص 154. (¬28) الوفيات (ج 5 ص 235)؛ البغية (ج 2 ص 294). (¬29) النهاية (ج 1 ص 5). (¬30) الوفيات (ج 1 ص 47)؛ البغية (ج 1 ص 428). (¬31) نِفْطَوَيْه (بكسر النون وفتحها، والكسر أفصح والفاء ساكنة) من الوفيات (ج 1 ص 48).

- أبو علي البغدادي (288 - 356) (¬32): إسماعيل بن القاسم بن عَيْذُون البغدادي المعروف بالقالي. كان أعلم الناس بنحو البصريين، وأحفظ أهل زمانه للغة، وأرواهم للشعر الجاهلي، وأحفظهم له. وهو صاحب الكتاب المشهور الأمالي أحد أمهات كتب العربية، والبارع في اللغة، وكلاهما مطبوعان. - أبو عمرو بن العلاء (... - 154) (¬33): زَبَّان بن العلاء بن عمّار التميمي المازني البصري النحوي المقرىء. كان إمام أهل البصرة في القراءات والنحو واللغة. أخذ عن جماعة من التابعين. - الفرّاء (... - 207) (¬34): أبو زكرياء يحيى بن زياد بن عبد الله المعروف بالفراء إمام العربية، وكان أعلم الكوفيين بالنحو بعد الكسائي. وله معاني القرآن، المصادر في القرآن وغيرهما. - ابن قُتَيْبَةَ أو القُتَبِي (¬35): أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدّينَوري النحوي اللغوي. كان رأسا في العربية واللغة والأخبار وأيام الناس ثقة ديناً فاضلاً. وما رمي به من أنه من الكَرَّامية أو المشبهة لا يصح، وما رماه به الحاكم من أنه: "كذاب كما أجمعت عليه الأمة" لا يصح أيضاً لما قاله الذهبي: ما علمت أحداً اتهم القُتبي فى نقله، مع أن الخطيب قد وثقه. ¬

_ (¬32) ابن الفرضي، تاريخ علماء الأندلس (ج 1 ص 84)؛ البغية (ج 1 ص 453). (¬33) الوفيات (ج 3 ص 466)؛ البغية (ج 2 ص 231). (¬34) الوفيات (ج 6 ص 176)؛ البغية (ج 2 ص 333). (¬35) الوفيات (ج 3 ص 42)؛ البغية (ج 2 ص 63).

وما أعلم الأمة أجمعت إلا على كذب الدجَّال أو مسلمة. ويذكره المازري تارة بابن قتيبة وتارة بالقتبي: "وقد ذيل بكتابه غريب الحديث والآثار لأبي عبيد القاسم بن سلام البغدادي، وجاء في الرسالة المستطرفة أنه أكبر من أصله. وتواصلت العناية بتذييل ذيل ابن قتيبة فقد ذيله قاسم بن ثابت السرقسطي (302) ولم يكمله وأتمه أبوه الحافظ أبو القاسم ثابت بن حزم (313). وهذا الذيل سماه الابن بالدلائل (¬36). ولابن قُتيبة كتب مشهورة منها أدب الكاتب أحد أمهات الكتب الأدبية الأربعة وهو مطبوع، وعيون الأخبار وهو مطبوع وغير ذلك. وتوفي ابن قتيبة سنة. (276) وما في البغية أنها سنة (267) خطأ. - القزَّاز (... - 412) (¬37): أبو عبد الله محمد بن جعفر القزَّاز القيرواني التميمي النحوي اللغوي. قال الصفدي، شيخ اللغة في المغرب: كان إماماً علامة قيماً بعلوم العربية. وله مصنفات منها الجامع، وضرائر الشعر وغيرهما. توفي عن نحو تسعين سنة. ولم ينقل عنه المازري في الجزء الأول إلا مرة واحدة في أوائل الكتاب ونقلُه عن الجامع. - ابن الكَلْبي (... - 146) (¬38): أبو النَّضْر محمد بن السائب بن ¬

_ (¬36) الرسالة المستطرفة، في كتب السنة المشرفة ص 154. (¬37) الوفيات (ج 4 ص 374)؛ البغية (ج 1 ص 71). (¬38) الوفيات (ج 4 ص 309)؛ الاعلام (ج 7 ص 13).

بشر الكلبي. نسابة راوية عالم بالأخبار وأيام العرب، من أهل الكوفة، وقيل كان سبئيا، من أصحاب عبد الله بن سبأ. وله كتاب في تفسير القرآن، وله كتاب الأصنام. - اللَّيْثُ (¬39): هو الليث بن المظفر، ويقال: اللّيث بن نصر بن يسار، ويقال: الليث بن رافع. يقال: إنه مصنف العين، وإنما نسبه إلى الخليل لينفق. قال ابن المعتز: كان من أكتب الناس في زمانه، بارعاً في الأدب، بصيراً بالشعر والغريب والنحو، وكان كاتباً للبرامكة. ونقل المازري عنه في الجزء الأول ثلاث مرات. - المطَرِّز (... - 345) (¬40): أبو عمر محمد بن عبد الواحد بن أبى هاشم الزاهد المطرز اللغوي، غلام ثعلب. منحه الله سعة الحفظ فبلغ في ذلك مبلغاً عظيماً، ولسعة حفظه نسب للكذب. قال ابن بَرْهان: لم يتكلم في العربية أحد من الأولين والآخرين أعلم منه، وكثيراً من الوقائع التي كذبه أهل اللغة فيها أبان الواقع صدقه. وألّف تصانيف منها: اليواقيت، وشرح الفصيح، وفائت الفصيح، وغريب مسند أحمد. وقال في آخر اليواقيت: لَمَّا فَرَغْنَا مِنْ نِظَامِ الجوْهَرَة ... أعْوَرَّتِ العَيْنُ وَمَاتَ الجَمْهَرَة ووَقَفَ التَّصْنِيفُ عِنْدَ القَنْطَرَه ¬

_ (¬39) البغية (ج 2 ص 270). (¬40) الوفيات (ج 4 ص 329)؛ البغية (ج 1 ص 164).

أشار بذلك إلى أن كتابه اليواقيت سيقضي على كتاب العين للخليل والجمهرة لابن دريد. ونقل عنه المازري خمسة أنقال في الجزء الأول، ونص في نقل الفقرة رقم 289 عن كتابه اليواقيت لكن ذكره بكتاب الياقوت. - ابن مكي (¬41): عمر بن خلف بن مكي الصقلي، الإِمام اللغوي المحدث، ولي قضاء تونس. الظاهر أنه ولي في عهد بني خراسان لأن المدة التي كان المازري فيها حيّا كانت تونس في يد بني خراسان. ومن تصانيفه: تثقيف اللسان. - ابن النَّحَّاس (... - 338) (¬42): أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحوي المصري. له مصنفات منها إعراب القرآن، معاني القرآن. توفي غريقاً في النيل. - أبو نضر (... - 203) (¬43): النضر بن شمير بن خرشة البصري الأصل ثم الخُراساني، وهو أول من أظهر السنة بمرو وخراسان. من مصنفاته: غريب الحديث. ¬

_ (¬41) البغية (ج 2 ص 218). (¬42) البغية (ج 1 ص 362). (¬43) البغية (ج 2 ص 316).

- أبو الهيثم (... - 276) (¬44): الرازي. قال في البغية: كان إماماً لغوياً. - ابن وَلاَّد (... - 332) (¬45): أبو العباس أحمد بن محمد بن ولاد، كان بصيراً بالنحو أستاذا. وكان شيخه الزجاج يفضله على أبي جعفر النَّخَّاس. له: المقصور والممدود وهو كتاب مفيد. ¬

_ (¬44) البغية (ج 2 ص 329). (¬45) البغية (ج 1 ص 386).

فهرس المصادر الحديثية - أ - أحمد بن حنبل (المسند): 369. - ب - مسند البزاز الكبير: 23. - ت - كتاب الترمذي: 348. - ج - ابن الجارود: 251. أبو جعفر العقيلي في كتاب الضعفاء: 7 الجوزقي في كتابه الكبير: 143. - ح - ابن حبيب محمد حبيب اللغوي الأخباري: 15، 16. - د - أبو داود: 240، 368. - ز - ابن أبي زَمَنِين: 40، 295. - س - ابن السّكَن في مُصنفه: 23، 251. - ع - ابن عَبد البَر: 251. عبد الرزاق: 23، 203، 209، 340، 369. علي بن عمر الدَّارَقُطْنِي: 5، 71، 83، 106، 141، 143، 173، 251، 303، 369. - ك - ابن الْكَلْبِي: 137. - م - ابن المَدِينِي: 19. أبو مسعود الدمشقي: 23، 64، 71، 143، 215، 255. مسلم بن الحجاج: 1، 5، 6، 8، 19، 23، 35، 141، 142، 143، 169، 171، 179، 184، 185، ¬

_ الأرقام تشير إلى الفقرات الوارده فيها المصدر.

194، 201، 205، 209، 213، 215، 217، 233، 242، 250، 251، 252، 255، 281، 282، 289، 290، 292، 303، 313، 317، 232، 324، 326، 329، 331، 332، 340، 348، 355، 356، 363، 364، 369. - ن - النِّسائي: 8، 19، 205، 369. أبو نُعيم الجرجاني:369. فهرس المصادر اللغوية - أ - أحمد بن يحيى: 171. الأخْفَش: 105. الأزهر: 183، 333، 335. الأصمعي: 36، 51، 78، 335، 338. ابن الأعرابي: 62، 76، 91، 98، 103، 107، 149، 191، 229، 360، 367. ابن الأنباري: 36، 39، 148، 168، 229، 359. أبو بكر ابن الأنباري: 149، 185، 190، 260، 359. - خ - ابن خَالَوَيْهِ: 223، 365. - د - ابن دُرَيْد في الجمهرة: 62، 91، 114. - ز - الزجاج: 51. - س - ابن السِّكِّيت: 9، 99، 101، 126، 169، 238، 244، 253، 262، 268، 274، 326، 338. السّيرافي: 17. - ش - شَمِر: 79، 329، 333. ابن شُمَيْل وهو النضر: 114، 197، 230، 326، 333. - ص - صاحب الأفعال: 212. - ع - أبو العبَّاس المبرد: 36، 49، 75، 125. أبو عُبْيد في الغريب المصنّف: 9، 15، 28، 30، 36، 55، 61، 62، 66، 76، 77، 80، 87، 91، 92، 99، 149، 153، 162، 210،175، 223، 229، 231، 238، 274، 279، 292، 297، 312، 321

327، 335، 345، 367. أبو عبيدة: 36، 297. ابن عرفة: 163، 168، 326. أبو علي البغدادي: 78. أبو عُمرو: 36، 114، 145. - ف - الفَرَّاء: 22. - ق - ابن قتيبة: 92، 183، 274، 359. القزّاز: 22. - ل - اللَّيث: 115، 137، 259. - م - المُطَرِّز: 91، 132، 137، 289، 365. ابن مكي في تثقيف اللسان: 172، 238. - ن - ابن النًحَّاس: 90، 228. أبو نصر النَّضْر بن شُمَيْل: 338. - هـ - أبُو الهَيْثَم: 105، 171، 185، 268. الهَرَوي: 4، 9، 11، 15، 32، 50، 51، 55، 61، 64، 75، 78، 81، 91، 94، 97، 98، 104، 105، 114،109، 140،128،124،121، 145، 146، 148، 149، 150، 158، 161، 162، 163، 164، 168، 172، 175، 176، 178، 180، 181، 183، 185، 196، 207، 211، 229، 230، 241، 243، 249، 253، 257، 259، 274، 276، 279، 291، 293، 304، 306، 308، 326، 333، 335، 339، 349، 351، 355، 365، 367، 369. - و - ابْنُ وَلاَّد: 16، 115، 274.

الاستنباطات من الحديث

الاستنباطات من الحديث تجمعت مصادر المعلم في الاستنباط من الحديث في ذكائه النادر، وعلمه الجم، فإنه يعد من أول شرَّاح الحديث الذين فتحوا باب الاستنباط من السنة النبوية لأن من تقدمه انصرفت عنايتهم إما للسند، وإما لغريب الحديث، وهما اللذان اعتمد فيهما المصادر المتقدمة. ولما كانت تحريراته إنما هي من استخراجه بفكره الثاقب دعا ذلك كما تقدم تعجب ابن دقيق العيد من الإِمام المازري كيف لم يدَّعِ الاجتهاد، وهو قد وصل إلى درجته وبلغ في أقواله مبلغ الأئَمة المجتهدين كما تقدّم. وإذا اطلع المطلع على كتابه المعلم يحكم بما حكم به ابن دقيق العيد من أنه وصل إلى تلك الدرجة لما أتى به في المعلم من تحريرات وأنظار لا تصدر إلا عمن بلغ مبلغ الاجتهاد. ثم إنه في علم الفقه من أفذاذه ولهذا اعتمد عليه خليل في مختصره الذي بناه على ما به الفتوى، فمصدره علم الفقه من كنزه الذي لا ينفد، ولهذا حين يذكر الفقهيات يذكرها لا لكونها من مصادر بل لأنها مما يتناوله استنباطه ونظره.

وهو في فقهه غير مقتصر على المذهب المالكي الذي هو من فحول رجاله الذين يؤخذ بأقوالهم وما يبدونه إذ ترى من فقه ما يتناول كلَّ الأئمة مقارناً الفقه المالكي مبيناً تبريزه.

النسخ المعتمدة

النسخ المعتمدة 1) نسخة المدينة المنورة: اتصلت بالمعلم بما كنت أسمعه من الشيوخ تعريفاً به، ولكن حين أردت الاطلاع عليه ظفرت بنسختين: إحداهما في المكتبة الأحمدية سابقاً، والثانية في المكتبة الصادقية وليدة المكتبة العبدلية، وكلتا النسختين لا يمكن اعتمادها في التحقيق. ولكني كنت أسمع من الوالد الشيخ محمد الصادق (¬1) ابن الشيخ محمد الطاهر النيفر أن هناك نسخة في المدينة المنورة يمكن الاعتماد عليها، وأين الوصول إلى تلك النسخة في تلك الحقبة إلى أن سنحت الفرص المطيبة المباركة في إحدى العُمر الرَّمضانية التي كنت أقضيها بالمدينة المنورة فظفرت بالنسخة المنشودة من المعلم بمكتبة الحرم النبوي. ¬

_ (¬1) كان الوالد رحمه الله تعالى له قرابة بالشيخ محمد العزيز الوزير ومع ذلك كان من شيوخه فاطّلع على مكتبته التي جمعها في تونس ونقلها إلى المدينة المنورة حين هاجر إليها، وكانت وفاة الوالد رحمه الله سنة (1356).

ولم أتمكن من تصويرها لعدم وجود آلة التصوير فكنت نسخت منها كتاب الإِيمان الذي نشرته ضمن الرسالة التي كتبتها تاريخياً للمازري، وألقيت خلاصة منها في ملتقى الإِمام المازري بالمنستير سنة (1975) ثم نشرت المحاضرة تحت عنوان: المازري الفقيه والمتكلم وكتابه المعلم وقد طبعت هذه الرسالة سنة (1978). ومنذ ذلك الوقت توطدت علاقتي بالمازري وصرت تائقا إلى إخراج كتابه المعلم محققاً على نسخ معتمدة فصحّ مني العزم، وإن أبت الظروف فسعيت السعي الحثيث للظفر بنسخ إلى أن حصَّلت على نسخ اعتمدت منها أربعاً: * نسخة المدينة المنورة: امتلك هذه النسخة المرحوم العلامة الشيخ محمد العزيز (¬2) بن محمد الوزير التونسي دفين المدينة المنورة (¬3). ¬

_ (¬2) العزيز: اختصار لعبد العزيز، وهو مما شاعت التسمية به في تونس فالأصل في اسمه محمد عبد العزيز الوزير، وكذلك مما تمالأ عليه الآباء في تونس تركيب الاسم فاسمه مركب من اسمين محمد وعبد العزيز، بخلاف ما اشتهر في الشرق من تركيب الاسم من علمين أحدهما اسم الابن والآخر اسم الأب. (¬3) الشيخ الوزير هو محمد العزيز بن محمد الوزير من عائلة تونسية عريقة دَرَسَ ودَرَّس بتونس ثم هاجر إلى المدينة المنورة ودرَّس بها. وقد جاء تعريفا به في مجلة التضامن الإِسلامي الحجازية أثناء ترجمة الشيخ محمد العربي التَّبَّاني الجزائري: ومن مشائخه أيضاً في المسجد النبوي الشريف العلامة المدقق عبد العزيز الوزير التونسي. قرأ عليه قسماً من الموطأ للإِمام مالك بشرح الرُّزقاني، ومختصر العلامة خليل في الفقه المالكي، وألفية ابن مالك بشرح الأشموني. وتوفي الشيخ الوزير سنة (1338) بالمدينة المنورة ودفن بالبقيع. وقد كان العلامة عبد العزيز الوزير كما أخبرني الوالد رحمه الله من النحارير إذ كان الوالد أحد تلاميذه، وكذلك أخبرني الشيخ البشير الإِبراهيمى الذي قرأ =

الجزء الأول

وقد أوقفها على أفراد عائلته الذين يقيمون بالمدينة المنورة، ثم انتقلت إلى مكتبة الحرم المدني. وهذه النسخة في جزأين وهي كاملة إلا بعض تقطيع بسبب الترهل أو غيره. الجزء الأول منها تحت عدد 108، الثاني منها تحت عدد 109. وهذا العدد هو الذي رُسم به الجزآن في مكتبة الحرم الشريف: الجزء الأول الورقة الأولى منه لم يبق منها إلا ما صورته: أول من المُعْلِم بف أجل الأوحد أدام الله توفيقه (انظر الصورة ص 266) وقد ألصق الباقي على ظهر ورقة، والخط الباقي من الورقة الأولى خط مغربي لنقطه للفاء بنقطة من أسفل كما في بف، وكذلك توفيقه حيث نقط الفاء من توفيقه من أسفل واقتصر على نقط القاف منها على نقطة واحدة. ويبدو أن أصل المرسوم هكذا: ¬

_ = عليه بالمدينة المنورة، فحدثني بأنه أحسن من كان يُقرىء في عصره بالمسجد النبوي الشريف في دقة تحريره وسعة اطلاعه، وجر ذلك إلى مصاهرة الشيخ الإِبراهيمي من بيت الوزير. وكانت لديه مكتبة عامرة أوقفها على ذرية الوزير بالمدينة المنورة ولكنها بعد وفاته بقيت مطوية لا تعرف إلى أن رأت الحكومة السعودية ضمها إلى مكتبة الحرم المدني الشريف ونعم ما صنعت.

الجزء الأول من (المعلم بفـ) وائد مسلم برسم خزانة الأجل الأوحد ... أدام الله توفيقه. وعلى الورقة الملصقة بالورقة القديمة من الجهة اليمنى: عدد 35 الحديث (¬4). ومن الجهة اليسرى بخط الشيخ العزيز الوزير وكذلك ما كتب من الجهة اليمنى: وقف حَرَامٌ مؤيَّد من محمد العزيز الوزير على من عيّن له ومقره المدينة المنورة حسب البيان بالحجة المؤرخة في رجب سنة 320 أي سنة 1320. وجاء بخط مشرقي كتب فيما يبدو بعد الكتابة أعلاه مما لا تعلق له بالكتاب ما يأتي: لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين، ولا حول ولا قوة إلا بك يا أرحم الراحمين. اللهم صل على سيدنا ومولانا محمد خاتم النبيئين وإمام المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وآل كل وسائر الصالحين، وتب علينا يا مولانا إنك غفور حليم. واستر علينا الذنوب فإنك تعلم سرنا وجهرنا، غفور شكور كريم حليم يا حليم يا حليم يا حليم، أسألك رضاك على عبادك الصالحين. وفي آخر هذا توقيع. وهناك ختمان بهما محو. انظر الصورة ص 266 وختم هذا الجزء بما يأتي: كمل السفر الأول من المعلم. والحمد لله حق حمده وصلى الله على ¬

_ (¬4) وهذا العدد لمكتبة الشيخ الوزير.

تاريخ النسخة

محمد رسوله وعبده. وكان الفراغ منه في السابع من شعبان المكرم سنة ثمان وسبعين وخمس مائة. وفي ورقتين من آخره كتابات بخطوط مختلفة من كتبة غير ذوي المعرفة. ورسم ترقيمه على صفحاته. والترقيم بخط غير خط الأصل. ويقرب أنه في تاريخ متأخر جداً. وفيه غلط كما وقع بين صفحة (87) حيث رقم في التي بعدها (89). وبهذا الجزء من العناوين: كتاب الإِيمان، كتاب الطهارة، ذكر النهى عن الاستنجاء باليمين، كتاب الصلاة، كتاب الجنائز، كتاب الزكاة، كتاب الصيام، كتاب الحج، كتاب النكاح، كتاب الطلاق، كتاب البيوع. فقد اقتصر فيه على عناوين الكتب دون الأبواب غير ما جاء من: "ذكر النهي عن الاستنجاء باليمين" حيث ثبت في هذه النسخة بالخط الغليظ. تاريخ النسخة: لم نجزم بالبلد الذي نسخت فيه هذه النسخة لتمزيق الورقة الأولى التي فيها اسم من نسخت له هذه النسخة وهو تمزيق مقصود لأن فيه مالك النسخة وحين أريد بيعها مزقت الورقة الأولى. وليس ببعيد أن النسخة هذه مما نسخ لأحد الأمراء الموحدين لأن تحليته بالأجل الأوحد مما يحلى به الأمراء، وهذه النسخة من أواخر القرن السادس الهجري، وهي بخط تونسي كما سنوضحه. ولا يمكن نسخها بالمهدية لأن المهدية في تلك السنة وهي سنة (578) دخلها يحيى ابن غانية الميورقي. وهذا ما أرخ به دخوله إليها ابن عذاري المراكشي في كتابه البيان المغرب، في أخبار الأندلس والمغرب ذاكراً قبل ذلك بخمس سنوات.

خط هذه النسخة

وفي سنة (573) كانت كائنة يوم الجمعة بنزول النصارى على المهدية، ثم غدرها (¬5) ابن عبد الكريم في ربيع الآخر منها، ودخلها يحيى بن غانية الميورقي في شعبان من سنة (578) (¬6) فلم يزل بها هو وأصحابه لمتونة ومسُّوفه يغيرون منها على إفريقية حتى تمكنوا [من] بعض بلادها، إلى أن دخلها أبو عبد الله الناصر مع الموحدين في جمادى الأولى من سنة (602) (¬7). وفي هذه المدة كان الوالي على تونس (578) أبا سعيد ابن الشيخ أبي حفص عمر بن يحيى الْهِنَتاتي، وأبو سعيد هو أخو الشيخ أبي محمد عبد الواحد الحفصي. ومن القريب أن تكون هذه النسخة نسخت لأبي سعيد أبي حفص عمر الهنتاني. خط هذه النسخة: يشبه خط هذه النسخة الخط التونسي، فهي نسخة تونسية لأن خطها هو الخط المستعمل في تونس في القرن السادس الهِجري. ومن المعلوم أن الخط التونسي لا يبعد عن الخط الأندلسي. وتحرير الفرق بين الخطين يحتاج إلى بحث يعتني به بعض الباحثين. وعدد صفحات هذا الجزء كما أثبت (213). ¬

_ (¬5) هكذا جاء في الأصل، والصواب ثم غادرها. (¬6) فلا يمكن أن يكون برسم خزانة يحيى بن غانية لانشغاله بالحروب. (¬7) البيان المغرب (ج 1 ص 316).

الجزء الثاني

الجزء الثاني وهو مثل الجزء الأول إذ ناسخه هو ناسخ الجزء الأول حيث إن الخط واحد والاصطلاحات واحدة فلا اختلاف بينهما في شيء. وجاء في الصفحة الأولى من الكتاب التنصيص على الجزء: الثاني من المعلم مع شكل اسمه "المُعْلِم" بضم الميم، وإسكان العين وكسر اللام، وهو من خط ناسخ الكتاب كما في الجزء الأول. انظر الصورة 266 وجاء على هذه الصفحة كتابات بخطوط مختلفة لا صلة لها بما يفيد شيئاً حول هذا الجزء. وكذلك أثبت مالكه محمد العزيز الوزير ما أثبته على الجزء الأول من الوقف على من عيّنه بالحجة في التاريخ المتقدم ورسم ما نصه عدد 35 الحديث، وقد وضع ختم الوقف آخره. وفي وسطه، وقف محمد العزيز الوزير. تاريخ نسخه: وقد انتهى ناسخه من نسخه في رمضان كما يأتي: كمل السفر الثاني من المعلم بفوائد مسلم بحمد الله حق حمده، والصلاة على محمد رسوله وعبده وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً وكان الفراغ منه في السادس عشر من رمضان المعظم الذي من سنة ثمان وسبعين وخمس مائة ولله المنة على كل حال. فقد تم الجزء الأول في شعبان سنة (578) والجزء الثاني من السنة نفسها فيكون قد مكث ناسخه في كتابة الجزء الثاني شهراً وتسعة أيام لأن الجزء

فهرست الجزء الثاني

الأول انتهى منه في السابع من شعبان والجزء الثاني وقع إنهاؤه في السادس عشر من رمضان. عدد صفحات: يشتمل هذا الجزء على (198) صفحة. فهرست الجزء الثاني: جاء في آخره فهرست الكتب التي به وهي: من كتاب التفليس، كتاب الفرائض، كتاب السرقة، كتاب الجهاد، كتاب الصيد، كتاب الأشربة، كتاب الأطعمة، كتاب اللباس والزينة، كتاب الاستقالة من العين، كتاب قتل الحيات، كتاب الرؤيا، كتاب المناقب، كتاب البر والصلة، كتاب القدر، كتاب العلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة، كتاب صفة يوم القيامة، كتاب الزهد. لم يرد في هذا الجزء في الأصل بخط الناسخ من الكتب إلا ما جاء أولاً من كتاب التفليس إلى كتاب الأطعمة. وأما بقية الكتب فإنها لم يكتبها الناسخ في الأصل، بل جاء بها من وضع الفهرس المتقدم المرسوم أول الكتاب. وهذا الجزء أسلم من الأول من حيث القطع والترهل بسبب السوس. انتقال هذه النسخة إلى المدينة المنورة: إن الشيخ محمد العزيز بن محمد الوزير لما انتقل مع صهره أبي زوجته الطيب بوخريص إلى سكنى المدينة نقل مما نقل معه خزانة كتبه؛ وفيها نفائس، ومنها ما يختص بالمازري كتابه المعلم وكتابه الثاني شرح التلقين للقاضي عبد الوهاب ومنه أجزاء، ويمكن مقابلتها على ما في دار الكتب الوطنية. وكانت خزانته في بيته وأوقفها على من عيّنه من عائلته بالمدينة المنورة

من خصائص هذه النسخة

حتى لا تتسرب إلى خارجها. وبقيت هذه المكتبة في بيته بالمدينة المنورة وحين وفاته وضعت في صناديق وغيرها إلى أن سعى إلى نقلها إلى مكتبة الحرم الشيخ الخياري كما أخبرني حسب ظني لدى الحكومة السعودية إلى نقلها إلى مكتبة الحرم المدني، ومن هذه المكتبة نقلت إلى المكتبة العامة للمدينة المنورة. والشيخ الخياري هو أحمد بن ياسين الخياري المدني ولد سنة (1321) وتوفي سنة (1380) تولى إدارة مكتبة الحرم، وعين مديراً عاماً لمكتبات المدينة. وله مصنفات عديدة منها: التحفة الشماء في تاريخ العين الزرقاء، أمراء المدينة وحكامها، الأوائل في تاريخ المدينة. وقد صدرت ترجمته في المنهل سنة وفاته. وله في الاعلام ترجمة (ج 1 ص 266). والذي أعرفه من كتب هذه المكتبة كما أخبرني الوالد المرحوم وقَفْتُ عليه مما يدل على أنها لم يفقد منها شيء إلا الذي لم أسمع به. من خصائص هذه النسخة: ومن خصائصها أن ناسخها يجعل النقط في وسط الحركة كما في قوله يمين فإنه يجعل نقطة النون في وسط التنوين، وأما السكون فإنه يجعله تحت النقطة. وكذلك يضع الشدة من أسفل إذا كان الحرف المشدد مكسوراً. ويذهب في الأعلام المشهورة الممدودة فيها الفتحة إلى حذف ألف المد حتى من عثمان وسليمان، وكذلك بعض الكلمات: ثلاث وثلاثين، وهو ما عليه علماء الرسم القياسي كما نص عليه ابن الحاجب في خاتمة

الشافية: "ونقصوا الألف ... ومن الثلث والثلثين ... والألف ومن إبراهيم وإسمعيل وإسحق وبعضهم الألف من عثمان وسليمان ومعاوية" (¬1). ولم نجاره في ذلك خوف اللبس حسبما اشتهر الآن من إثباتها في الأعلام وغيرها إلا ما لا يخفى مثل الرحمن وغيره مما هو جار في كتابات المتأخرين. وقد جرى على المتعارف حيث أثبت الألف في هاهنا إذ أن القياس فيها الإِثبات لقلة الاستعمال وقد جاريناه في ذلك. ومن خصائصها: أن ناسخها يجعل حاء (ح) تحت الحاء المهملة لئلا تلتبس بالمعجمة وهي الجيم أو الخاء. وكذلك يكتب: قوله، في أوائل المشروحات بحروف أغلظ من بقية حروف النسخ. وقد وقعت له بعض مخالفات في الرسم مثل كتابة ما يكتب بالألف بالياء مثل العصى، وما يكتب بالياء يكتبه بالألف مثل مِنَا مع أن حقها أن تكتب هكذا مني، وهي البقعة المعروفة قرب مكة. وهذا مما وقع تصحيحه ولم نشر إليه كلما وقع اكتفاء بما ذكرناه هنا. ومن ذلك أنه يشكل بعض الكلمات المشكلة حتى لا يتسرب الخطأ للقارىء. ويكتفي في شكل الحرف بما يشكل من الكلمة مثل الفعل المبني للنائب فإنه يكتفي بشكلة واحدة يعلم بها أن الفعل ليس مبنياً للفاعل مثل احتج حيث ضبطت التاء بالضم. ¬

_ (¬1) الشافية (ج 3 ص 329).

مقابلة هذه النسخة

مقابلة هذه النسخة: وقد قوبل الجزءان الأول والثاني حسبما يبدو من التصحيحات التي أثبتت على الجزأين كما جاء في آخر كتاب الإِيمان، وقد جاء في آخر الجزء الثاني ما نصه: "بلغت المقابلة جهد الاستطاعة والحمد لله كثيراً". وتصحيحات النسخة دقيقة ومفيدة وربما تخفى لولا اختلاف الحبرين المكتوب بهما فإن حبر النسخ شديد السواد داكن، بخلاف حبر المقابلة والتصحيح فإنه ليس كذلك. من ذلك أننا نجد الناسخ كتب قوله: مجخبا، وهو بالياء كتبه بالباء المفردة فجاء المقابل. وضم لنقطة الباء نقطة أخرى فصار مجخيا بالياء، ولا يظهر هذا التصحيح إلا بعد تدقيق النظر ومثل هذا موجود في مواضع متعددة. وكثيراً ما يشكل المُشكلات وحتى غيرها، والغالب في شكله صحيح إلاَّ أنه قد يقع له سهو فيقع في الغلط. ومن تحريه إذا أتى بعض الحديث ولم يتم المراد منه فإن المؤلف يكتب: الحديثَ. فيأتي المقابل ويشكل هذه اللفظة بالنصب بوضع فتحة على الثاء أي أتمم الحديث. الاعتماد على هذه النسخة: لم نحصل على هذه النسخة إلا ثانيا لِمَا صرفناه من جُهد في طلب تصويرها حتى أنه بلغ ثلاث سنوات كنت في كل سنة أذهب إلى العمرة الرمضانية وأقضي وقتاً لا بأس به في طلب تصويرها حتى تمكنت من ذلك في تلك الظروف التي لم تكن فيها آلات التصوير متوفرة ولكن والحمد لله ثم الشكر لكل من أعاننا من رجال المدينة المنورة مع أن الظروف المطلوبة لم تكن مساعدة.

2) النسخة التونسية

وإن كنا قد حصلنا عليها ثانيا جعلناها الأولى للميزات التي امتازت بها. منها: قرب عهدها من عصر المؤلف حيث إنها من القرن السادس الهجري الذي عاش فيه المؤلف حقبة. ثم انها منسوخة على أصل صحيح ولا يبعد أن تكون النسخة المأخوذ عليها هي نسخة المؤلف لقرب العهد. ومن ميزاتها مقابلتها التي أسفرت عن تصحيحات مهمة كما أسلفنا وهي نسخة منسوخة بقلم عالم كما يبدو منها وإن لم يصرح باسمه. والاشارة إليها بحرف (أ). ولم نهمل من هذه النسخة شيئاً حتى أننا ما لم نرتض ما جاء فيها أثبتناه تعليقاً، وكذلك ما صور من هوامشها من عناوين وغيرها لم نهمله في أكثره. 2) النسخة التونسية: احتفظت المكتبة الأحمدية (¬2) بهذه النسخة في الخزائن التي أضافها إليها المشير الثالث محمد الصادق باشا باي وأوقفها عليها بالصورة التي جاءت في صدر الكتاب، وهي ما يكتب عادة في وقف الكتب: الحمد لله أشهد مولانا ... سيدنا المشير محمد الصادق باشا باي صاحب المملكة التونسية (¬3) حاط الله تعالى وأدام في ميدان الملك جولته أنه حبس هذا الكتاب المشتمل على شرح الإِمام المازري على صحيح مسلم على كل ¬

_ (¬2) المكتبة الأحمدية هي التي أسسها الأمير أحمد باشا باي سنة (1256) بجامع الزيتونة، وكانت عشرين خزانة على يمين المحراب وشماله. (¬3) يعبر عن أمير تونس بصاحب المملكة دون التعبير بأميرها مراعاة للدولة العثمانية لأنه يعتبر واليا.

متأهل للانتفاع به من عامة العلماء وتلامذتهم وغيرهم ولو استنساخا تعميما لحصول النفع به معينا لقراره خزائنه العلمية التي عمر بها صدر الجامع الأعظم (¬4) بتونس مشترطاً عدم إخراجه منه إلا لمن يُؤْتمن (¬5) عليه بعد استيمار أحد شيخي الإِسلام الحنفي أو المالكي على أن لا تتجاوز مدة مغيبه حولاً، فبهذه الشروط انعقد تحبيسه، وعلى هاته الدعائم أحْكِم تأسيسه، بحيث لا يغير التحبيس عن مشروع حاله، ولا يعدل به عن يمين ما سطر إلى شماله وشُهد عليه بذلك. وهو أيده الله تعالى بالحالة اللائقة بمحله من الملك بواسطة ارتسام ختمه الأشرف أمام الحمدلة بتاريخ أوائل صفر الخير عام (1291) واحد وتسعين ومائتين وألف ومثله نصره الله كنار على علم. وكتب هذه الوقفية محمد البشير بن الخوجه (¬6). وهذه النسخة في جزء واحد، وقد كانت من أوقاف المكتبة الأحمدية من أوقاف المشير الثالث، ثم لما نقلت مخطوطات مكتبي الزيتونة أولاً إلى مكتبة كلية الآداب، ثم نقلت ثانياً إلى دار الكتب الوطنية. وأخذت هذا الرقم وهو (12062). وعدد صفحاتها (354) صفحة. وهي من القالب الكبير وعدد سطور صفحاتها (33). وخطها متوسط. ¬

_ (¬4) وقد أضاف إلى الخزائن التي أوقفها المشير الأول المشيرُ محمد الصادق بعض الخزائن إليها لكنها عرفت الخزائن التي بداخل جامل الزيتونة بمكتبة الأحمدية والتي بصحن الجامع الشرقي بالصادقية. (¬5) جاءت لفظة يؤتمن هكذا (يأتمن). (¬6) البشير بن الخوجة هو الكاتب رئيس الكتبة محمد البشير بن محمود بن الخوجة كان من كبار حملة قلم الانشاء بتونس توفي سنة (1329).

تاريخ نسخها

تاريخ نسخها: نسخت هذه النسخة أواخر القرن الثالث عشر الهجري. وهذا ما جاء في آخرها: "تم الكتاب المبارك بحمد الله وحسن عونه، وتوفيقه الجميل ظهر يوم الاثنين سابع عشر رجب الفرد الحَرَام عام (1272) (¬7). كتبه بيده الفانية عبده الفقير إليه أحمد بن عبد القادر اليعقوبي اليزناسني الحسيني لطف الله به، وتقبل منه بمنه، آمين". ولم يذكر ناسخها مكان نسخها. ومن المحقق أن ناسخها من أهل المغرب الأقصى لأنه يزناسني ثم إنه حين استعمل التاريخ استعمله بالرقم العربي كما تقدم دون الرقم الهندي لأن البلاد التونسية تأسيا بالترك أخذت بالرقم الغباري الهندي الذي شاع في المشرق بخلاف المغرب الأقصى فإنّه حافظ على الرقم العربي. فهذه النسخة تونسية الخزانة أما نسخها فإنه مغربي. ولعلها انتقلت بالشراء من المغرب. قيمتها: لا يمكن الاعتماد على هذه النسخة كما قدمنا للبياض الذي ببعض أوراقها كما أنها كثيرة التحريف. فمثلا في صفحة (31) وقيل: إن الماء، مع أن الصواب: إن الهاء، لقوله: وقيل: إن الهاء في قوله: بال على ثوبه عائدة على الطفل، ولا يمكن بحال (الماء). وفي صفحة (32): إنما أمرها موضع النجاسة. وهناك سَقَطٌ وأصل الكلام ¬

_ (¬7) هكذا تاريخ السنة بالرقم الغباري العربي.

الاعتماد على هذه النسخة

أن تنضح موضع النجاسة، كما في النسخ الصحيحة ليصح الكلام. وفي الصفحة نفسها جاء قوله: وسيتنزه ويستتر من البول، هكذا: يستبشر ويستتر من البول. وفي صفحة (36) ويقال: قرصت الشيء قطعته بالمقراص حرفه هكذا: قرصة الشيء قطعته بالمقراض. وبعض التحريف فيها يقلب المعنى قلبا قد لا يتنبه له مثل ما جاء في صفحة (39) ما كتبه على قوله - صلى الله عليه وسلم -: "جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً" ويحتج للشافعي وللقولة الشاذة عندنا بما وقع في أحد طرق هذا الحديث: "وترابها طهوراً فَذَكَر التراب"، وهذه الفقرة المحرفة هكذا: ويحتج للشافعي وللقولة (المشهورة عندنا) فتقيد هذه العبارة المقلوبة في هذه النسخة أن الشافعي الذي يقول بأن التيمم لا يكون إلا على التراب كذلك القولة (المشهورة) عندنا، مع أن المشهور عندنا: أن التيمم يجوز على الصعيد الطاهر فيشمل التراب والحجارة بخلاف الشافعية، لكن عندنا في المذهب المالكي قولة كالشافعية شاذة: إن التيمم لا يجوز إلا على التراب، وبهذا التحريف انقلب الأمر فصار الشاذ مشهوراً. وتكاد لا تخلو صفحة منها من تحريف: ومن غريب التحريف في ما ورد من قوله: وقيل لذي الثدية، حيث جاء هكذا (لأبي التونة). ثم هناك تحريف في الرسم مثل رأى يكتبها: رءا، وكذلك دعا يكتبها بالألف المقصورة: دعى، والوصاة يكتبها بالتاء المفتوحة: الوصات، والصلوات يكتبها: الصلاة، والترؤس يكتبها: الترءس، بالهمزة على السطر مع أن الهمزة مضمومة وما قبلها مفتوح فتكتب على الواو. الاعتماد على هذه النسخة: رغم ما بهذه النسخة من بعض العيوب اتخذناها نسخة ثانية لأنها في الظروف الأولى لم نتمكن من غيرها إذ هي الموجودة بتونس بالمكتبة الوطنية

3) النسخة الرباطية

مع أننا تمكنا من تصوير نسخة منها وهي جيدة الصورة ولولا ما بها من تلك العيوب لكان الاعتماد عليها مجدياً غاية الجدوى، ولكن ليتها توفرت فيها الصحة. والاعتماد عليها في الرقن (أي الطبع بالآلة الكاتبة) بعد مقابلتها مقابلة دقيقة على النسخة المدنية وهذه لا يمكن الطبع عليها بسبب أن صور صحائفها لا تمكن قراءتها إلا لذوي الاختصاص حيث إنها لم تؤخذ بالصورة الفنية المطلوبة في تصوير المخطوطات. وقد كنت قمت أولاً بنسخ قسم هام من النسخة المدنية وقدم للرقن لكن ذلك يتطلب تصحيح المنسوخ ثم مقابلته على النسخة المدنية ثم مقابلة المنتسخ على ثلاث نسخ أخرى ثم بعد الرقن تعاد المقابلات لما في الرقن من هفوات وكانت هذه العمليات تتطلب وقتاً طويلاً ربما يعوق عن الإِتمام. فارتأينا فيما بعد أن نصرف عناية كبرى لهذه النسخة التي خطها مغربي قريب من الخط التونسي وهي التي تقدم للرقن بعد مقابلتها على نسخ عديدة حتى غير التي اتخذت بصورة تامة. والاشارة إلى هذه النسخة بحرف (ب). وقد وقع الغاء النص على التحريف الذي ليس وراءه فائدة وخصوصاً المتكرر من الأخطاء الرسمية. 3) النسخة الرباطية: تحتفظ الخزانة العامة بالرّباط من مخطوطات الأوقاف بنسخة ذات قيمة من كتاب المعلم بفوائد مسلم للإِمام المازري، وهي شبيهة بالنسخة التي تحتفظ بها مكتبة المدينة المنورة، وإن لم تبلغ مبلغها فإنها قريبة منها كما سنوضحه بعد. وهذه النسخة في جزء واحد. عدد صفحاتها ثلاث وثمانون وثلاثمائة (383)، والصواب خمس

وثمانون (385) لأن هناك تكراراً في الترقيم وخطها على الطريقة المغربية من نقط القاف نقطة واحدة والفاء نقطها من أسفل، كما أنه في طريقته على الطريقة المعروفة في المغرب العربي. وقد التزم ناسخها كتابة رؤوس الفقر بالحرف الغليظ، فحين ينقل عبارة مسلم يكتبها بحرف غليظ، وكذلك الكتب يبرزها مثل كتاب الإِيمان، وكتاب الصلاة. وكذلك الشعر مثل قول الشاعر: [البسيط] حَنَّت قلوصي إلى بابوسها جزعا ... وما حنينك أم ما أنت والذكر فإنه يكتبه بما يكتب به الشعر حتى يتميز عن النثر. وكذلك بعض عناوينها يبرزها مثل "ذكر النهي عن الاستنجاء باليمين"، وذكر "حديث ولوغ الكلب"، وقوله (في باب المستحاضة) وهو مما ليس من الكتب بل من الأبواب. وبه فهرس الكتب التي به وهي: كتاب الإِيمان، كتاب الطهارة، كتاب الصلاة، كتاب الجنائز، كتاب الزكاة، كتاب الصيام، كتاب الحج، كتاب النكاح، كتاب الطلاق، وليس في الفهرس، كتاب الرضاع، وليس في الفهرس، كتاب الطلاق، كتاب العتق، كتاب البيوع، كتاب المساقاة، كتاب التفليس، كتاب الصرف، كتاب الشفعة، وليس في الفهرس، كتاب الفرائض، كتاب الوصايا والصدقة والنِّحَل والعمرى، كتاب النذور والأيمان، كتاب صحبة مِلْك اليمين، كتاب القسامة، كتاب السرقة، وفي الفهرس كتاب الحدود، كتاب القضاء والشهادات، كتاب الجهاد، كتاب الإِمارة والجماعة، كتاب الصيد، كتاب الضحايا، كتاب الأشربة، كتاب الأطعمة، كتاب اللباس والزينة، كتاب الأدب، كتاب الطب، كتاب الطاعون، كتاب قتل الحيات وغيرها، كتاب الطيَرة الكهانة، كتاب

قيمة هذه النسخة

الشعر والإِنشاد، كتاب الرؤيا، كتاب المناقب، كتاب البر والصلة، كتاب القدر، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، كتاب ذكر المنافقين، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، كتاب الفتن وأشراط الساعة، كتاب الزهد والرقائق، كتاب التفسير. هذه جملة الأبواب المعنونة في هذه النسخة، وهي كل الأبواب التى بالنسخ القديمة، وهي من امتيازاتها على النسخة المدنية. قيمة هذه النسخة: تثنى هذه النسخة النسخةَ الصحيحة النسخة الأولى، وبها تصحيحات مما يدل على أنها مقابلة ومقروءة مع أن خطها واضح متوسط الجودة. كما أن ناسخها حين تنتهي الفقرة يضع علامة على الانتهاء وهي دائرة غير تامة بها نقطة تقوم مقام وضع النقطة في آخر الكلام. ورسمها في أغلبيته موافق لقواعد الرسم، وما فيه من الحَذْف للألف من الأعلام هو مما التزمه أصل الرسم في حرف الألف من الأعلام المشهورة مثل الحارث. تاريخها: ترجع هذه النسخة إلى أوائل القرن السابع الهجرى فهي قريبة العهد من النسخة المدنية. جاء في آخرها: "كمل جميع كتاب المعلم في فوائد مسلم، والحمد لله حق حمده وصلى الله على محمد نبيه وعبده وعلى آله وأزواجه وصحبه وسلم تسليماً، وكان الفراغ من نسخه في يوم الأحد أول يوم من شعبان عام تسعة وعشرين وستمائة". ويشار إلى هذه النسخة بحرف (ج).

4) النسخة المصرية

4) النسخة المصرية: تحتفظ المكتبة الأزهرية بالقاهرة بهذه النسخة بقسم الحديث تحت رقم (990) 10627 وقد جاء تسجيل اسم الكتاب صحيحا حيث جاء "المعلم بفوائد مسلم" وهي من مصورات المخطوطات بمكتبة الجامعة العربية بالقاهرة. وجاء في الصفحة الأولى: وقف الديري. ثم كتاب المعلم من شرح أحاديث كتاب مسلم بن الحجاج. وعليها كتابات مختلفة منها: تصفح هذا الكتاب الشريف الفقير أحمد بن علي القصري الإِمام بجامع الصالح. وهي دون النسخة المدنية والرباطية إذ خطها متداخل. وفي الكثير غير منقوط مع ما في الصفحة الأولى من محو، وكذلك غيرها وفي البعض الآخر منها بكثرة بالغة. وفي بعض كلماتها شكل مثل القُطَيْعَا، ومثل يَقْتَفِرون العلم. خطها: مختلف، ففي الصفحة الأولى مغربي. وفي الصفحة الثانية ترى الاصطلاح المشرقي والمغربي مثلا: (يقتفون) القاف منقوطة بنقطة فقط وكذلك الفاء من أسفل بينما في الصفحة نفسها (يتقفّرون العلم) نقط الناسخ عينه القاف نقطتين والفاء نقطة من أعلى وكذلك في آخر الصفحة الرابعة. وإذا أخذنا مادة القول نراه في لفظة "قال" يأتي بهذه اللفظة على المصطلح المشرقي بنقط القاف نقطتين بينما "قوله" في الصفحة الرابعة يأتي بهذه اللفظة على مقتضى الاصطلاح المغربي فينقط القاف نقطة واحدة. وكذلك لو أخذنا قول الشاعر في الصفحة (6): "سعى عفالا فلم يترك لنا سبدا ... فكيفَ لوفد سعى عمرو عفالين"

تاريخها

لوجدنا هذا البيت قد أتى على الاصطلاح المغربي كما أثبتنا في قوله "عقالا" وفي قوله "عقالين" و"فلم" و"لوقد". وفي الصفحة الثانية عشرة يأتي في صدرها "قوله" على الاصطلاح المشرقي بنقط القاف نقطتين، ثه يستمر على الاصطلاح المغربي. كأنّ ناسخها أخذها عن النسخة التي بالمدينة لاتفاقهما في بعض الأشياء. من ذلك أنه جاء في شرح أحاديث الطهارة كتاب الطهارة، كما جاء فيها عنوان "ذكر النهي عن الاستنجاء باليمين"، وغير ذلك مما بدا في المقابلة. ثم اختلف خطها من كتاب الحجّ وتحسن عن الصفحات الأولى. ثم اختلف الخط وتداخل من بعدُ مما يدل على اختلاف الناسخين. تاريخها: لم يذكر تاريخ نسخها لأن الصفحة الأخيرة والتي قبلها بخط مختلف وهو خط مشرقي. وجاء في الآخر: "تمَّ الكتاب بحمد الله وعونه وتأييده والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحسبنا الله ونعم الوكيل". وثبت على آخر النسخة أن تاريخ النسخ حوالي القرن الثامن تعريفاً لها من مكتبة الأزهر. ويقرب أن يكون النسخ في ذلك القرن لتشابه خطها مع خطوط ذلك القرن. ثم الغالب على الظن أن ناسخها مغربي عاش بالشرق لتداخل الاصطلاحين المشرقي والمغربي في خطها. قيمتها: رغم ما فيها من أخلال في خطها يمكن الرجوع إليها لأنها لم تكن كالنسخة الموجودة بدار الكتب الوطنية التي اشتملت على الكثير من العيوب.

الاعتماد عليها

الاعتماد عليها: وقد اعتمدنا عليها نسخة رابعة. وأشير إليها في المقابلة بحرف (د).

منهج التحقيق

منهج التحقيق 1) اعتمدت في التحقيق نسخة المدينه المنورة وهي التي أصلها من تونس كما تقدم، وجعلتها هي الأم. كما اعتمدت بعدها النسخ الثلاث ولم أترك الإِشارة إلى مخالفة النسخ إلا مثل "قال الشيخ أيده الله" فإن الدعاء للشيخ محذوف في كثير من المواضع في بعض النسخ وكذلك ما هو تحريف، خاصة في النسخة الأحمدية، وكذلك لم أهمل شيئاً مما جاء في النسخة الأم إلا بعض تحريفات في الرسم لم أشر إليها كل مرة اكتفاء بما قدمته. فالعمل الأول: هو تحقيق النص وقد وقع القيام به على أكمل وجه إن شاء الله تعالى. وقد اكتفيت في التعليقات في أسفل الصحيفة باختلاف النسخ دون إضافة شيء آخر خوف التشويش على القارىء. 2) إبراز المشروح من الأحاديث وجعله تحت أرقام مسلسلة على الجانب الأيمن حتي يتميز المشروح من الشرح في كلام الإِمام. 3) إثبات أرقام الصحيفة والجزء من نسخة مسلم بحيث أذا أراد الناظر

الرجوع إلى متن مسلم ينظر في آخر المشروحات فيجد الرقم المشير إلى تعيين موضع الحديث من نسخة المتن. وقد أشرت إلى أرقام النسخة التي طبعها المرحوم محمد فؤاد عبد الباقي في خمسة أجزاء سنة (1374) حيث إنها أصح النسخ مع سهولة المراجعة فيها. 4) شكل الأحاديث المشروحة كلها بالشكل الكامل صونا لها من التحريف. 5) شكل ما يشكل من الكلمات اللّغوية، وكذلك الأبيات الشعرية. 6) ترقيم الآيات القرآنية مع الشكل. 7) شكل الأحاديث النبوية المستدل بها في الشرح. 8) جعل ذيل للأعلام وتراجمهم، وكذلك الكتب الواردة في النص. 9) تخريج الأحاديث الواردة فيه في ذيل الكتاب. 10) نسبة الأبيات إلى قائليها، والإِشارة إلى بحورها في الذيل كذلك. 11) فهارس للأعلام والكتب والمسائل. وقد قسمت الكتاب إلى ثلالة أجزاء: الجزء الأول من أول الكتاب إلى آخر كتاب الجنائز، الجزء الثاني من الزكاة إلى آخر اللقطة، الجزء الثالث إلى الختم.

نسخه مخطوطة المدينة المنورة الجزء الأول (صفحة الغلاف) صوره نسخة مخطوطة المدينة المنورة بداية الجزء الثاني صوره

المُعْلم بفوائد مسلم

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم تسليماً الحمد لله منَزِّل الأحكام. مفصِّل (¬1) الحلال والحرام. ومتعبَّد (¬2) كافة الأنام، بشرائع الإسْلام، على لسان نَبِيّه (¬3) محمد عليه أفضلُ الصلاة وأطيب السلام، وعلى أهله البررة الكرام، وصحابته القدوة الأعلام (¬4). هذا كتاب قصد فيه إلى تعليق ما جرى في مجالس الفقيه الإِمام الجليل أبي عبد الله محمد بن علي (¬5) المازري رضي الله عنه حين القراءة عليه لكتاب مُسْلِم بن الحجاج -رحمه الله- في شهر رمضان المكرم (¬6) من (¬7) سنة ¬

_ (¬1) في (ب) و (ج) "ومفصل". (¬2) في (ب) متعبد وكذلك في (ج). (¬3) "نبيّه" مقطوعة من (أ). (¬4) حذو قوله "الاعلام" بهامش (أ) "قال الراوي، وأظنها متعلقة بالخطبة". (¬5) "على" ممحوة من (أ) وحذف "بن علي" من (ب). (¬6) "المكرم" مقطوعة من (أ). (¬7) في (ب) "سنة" بدون "من".

تسع وتسعين وأربعمائة (¬8) منقولاً ذلك (¬9) بعضه بحكاية لفظ الفقيه (¬10) الإِمام أيده الله وأكثره (¬11) بمعناه. قال الفقيه وفقه الله: كتاب مسلم هذا من أصح كتب الحديث. قال مؤلفه: انتقيته من نحو ثلثمائة ألف حديث. وقال بعض (¬12) الناس: ما تحت أديم السماء أصحّ منه. يريد في كتب الحديث. وكان مُسْلم من جملة أصحاب البخاري لما ورد (¬13) نيسابور، ولما امتحن البخاري فيها (¬14) بالمسألة المشهورة نفر عنه (¬15) أصحابه إلا مسلماً فإنه لزمه وتوفي (¬16) في العشر الأواخر من رجب من سنة مائتين وإحدى وستين. 1 - (*) قال مسلم في مقدمة (¬17) كتابه: لو عزم لي (¬18) وقضي لي (¬19) بتمامه. قال الفقيه -أيده الله-: لا يظن بمسلم أنه أراد (¬20) لو عزم الله لي ¬

_ (¬8) يكتب الناسخ أربع مائة مفصولة وكذا إذا اتصل عدد بالمائة فإنه يفصله. (¬9) "ذلك" ساقطة من (ب). (¬10) في (ب) "الفقيه" ساقطة. وجاء فيها بحكاية اللفظ من الإِمام. (¬11) "واكثره" ممحوة من (أ). (¬12) في (ب) "وقال الناس". (¬13) في (ب) "لما ورد البخاري". (¬14) "ولما امتحن البخاري" كذا في (ب) بدون "فيها". (¬15) في (أ) الهاء من "عنه" ممحوة. (¬16) في (ب) "وتوفي مسلم"، ويبدو في (أ) علامة والظاهر أنه تصحيح ولعله مسلم فتفق النسختان. (*) وضعنا أرقاماً مرتبة لفقرات الكتاب، وهذا أولها. (¬17) في (ب) "عقد كتابه". (¬18) في (ب) "لي" ساقطة. (¬19) "وقضى" ممحوة في (أ) وفي مسلم "وقضى لي تمامه". (¬20) "أراد" ممحوة من (أ).

عليه، لأن إرادة الله سبحانه (¬21) لا تسمى عزماً. ولعله أراد سهّل (¬22) لي سبيل العزم أو خلق (¬23) فىّ قدرة عليه. 2 - ذكر مسلم قوماً مشهورين بالعدل والضبط كمالك وابن عيينة، وذكر قوما (¬24) لا يبلغون إلى رتبهم (¬25) في ذلك وإن لم يخرجوا عن كونهم عدولاً مثل عطاء بن السائب ويزيد بن زياد وليث (¬26) بن أبي مسلم (ص 5) (*). قال الفقيه الإِمام -أيده الله-: إن قيل: كيف استجاز هاهنا أن يقول: فلان أعدل من فلان (¬27) مع أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في الطبيبين: "لَوْلاَ غَيْبَتُهُمَا لأعْلَمْتُكُمَا (¬28) أيُّهَا أطَبُّ" قيل دعت (¬29) الضرورة هاهنا لذكر هذا لأنه موضع تعليم والحاجة ماسة إليه لأن العلماء إذا تعارضت (¬30) الأخبار عندهم قدموا خبر من كان أعدل وعولوا عليه وأفتوا (¬31) الناس به، ولم تدع ضرورة إلى ذكر (¬32) الأطب من ذينك الطبيبين كما دعت مسلما ¬

_ (¬21) "سبحانه" ساقطة من (ب). وسوف لا نعرج على مثل هذا الاختلاف كما وقع التنبيه عليه في المقدمة. (¬22) "سبيل" ساقطة من (ب). (¬23) في (أ): "أو خلق" محذوف. وفي (ب) "وخلق". (¬24) في (ب): "أن أقواما". (¬25) في (ب): "رتبتهم". (¬26) "ليث" ممحوة من (أ). وفي مسلم "وليث بن أبي سليم"، وهو الصواب. (*) هذا الرقم (أو الأرقام في هذا الحجم) مصحوبا بحرف ص يشير إلى موطن النص المراد شرحه أو التعليق عليه من صحيح الإِمام مسلم. (¬27) "من فلان" ممحوة من (أ). (¬28) في (ب) "لأعلمتكم". (¬29) "دعت" مقطوعة من (أ). (¬30) الشطر الثاني "من تعارضت" مقطوع من (أ)، وأول "الأخبار" محذوف منها. (¬31) في (ب) "وأفتى الناس". (¬32) "ضرورة " إلى "ذكر" هذه الكلمات مقطوعة من (أ).

هنا. لاسيما وقد يجوز استرشاد الطبيب الموثوق (¬33) بعلمه المرجو النفع بمداواته وإن كان هناك أوسع منه علماً بالطب ولا يجوز الأخذ برواية (¬34) الناقص في (¬35) العدالة وأن يقدم على رواية الأعدل منه. وقد أجيز التجريح (¬36) للشهود للضرورة إليه (¬37) ولم يمنع لكونه غيبة. وقال - صلى الله عليه وسلم - فيمن استشير في نكاحه: "إنه صعلوك" (¬38) وقال (¬39) في الآخر: "إنه لا يضع عصاه عن عاتقه" ولم ير ذلك غيبة لما كان مستشارا في النكاح ودعت (¬40) الضرورة إليه. وقد اعتذر صاحب الكتاب عن نفسه في ذلك بأن القصد بيان منازلهم (¬41) اتباعاً (¬42) لقول النبيء - صلى الله عليه وسلم -: "أنزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ" (¬43). والذي قلناه أبسط. 3 - قال مسلم: فَإِنْ (¬44) عُثر فِيهِ (ص 5). قال الشيخ -وفقه الله-: معناه: فإن اطلع، من قول الله تعالى: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا} (¬45). يقال: عثرتُ (¬46) منه على خيانة، أي ¬

_ (¬33) "استرشاد الطبيب الموثوق" مقطوعة من (أ). (¬34) "ولا يجوز الأخذ برواية" مقطوعة من (أ). (¬35) في (ب) "الناقص العدالة". (¬36) في (ب) "الترجيح". (¬37) "للشهود للضرورة إليه" مقطوعة من (أ). (¬38) الحديث أخرجه مسلم وانظر الفهرس. (¬39) "في نكاحه إنه صعلوك وقال" مقطوعة من (أ). (¬40) من "لما كان" إلى "دعت" ممحوة من (أ). (¬41) عن قوله "في ذلك إلى منازلهم" مقطوعة من (أ). (¬42) "اتباعا" ساقطة من (ب). (¬43) هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها أخرجه مسلم في المقدمة (ص 6) (¬44) من "منازلهم" إلى "فإن" مقطوعة من (أ). (¬45) (107) المائدة. (¬46) من قول "الله" إلى "عثرتُ" مقطوعة من (أ).

اطلعت. وأعثرت غيري أطلعته، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ} (¬47) أي أطلعنا عليهم أهل ذلك الزمان. 4 - قوله: - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" (ص 10). قال الشيخ -أيده الله-: الكذب عند الأشعرية الإِخبار عن الأمر على ما ليس هو به. هذا حد الكذب عندهم ولا يشترطون في كونه كذباً (¬48) العمد والقصد إليه، خلافاً للمعتزلة في اشتراطهم ذلك. ودليل هذا الخطاب يردُّ عليهم لأنه يدل على (¬49) أن ما لم يتعمد يقع عليه اسم الكذب، وأما قوله عليه السلام: "فَلْيتَبَوَّأ" فإن الهروي قال في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ (¬50) تَبَوَّءُوا الدَّارَ} (¬51) أي اتخذوها منازل، وقوله تعالى: {نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ} (¬52) أي نتخذ منها منازل. ومنه الحديث: "فليتبوّأ مقعده من النار" أي لينزل منزله منها. 5 - قوله: - صلى الله عليه وسلم -: "كَفَى بالمَرْءِ كَذِبًا أنْ يُحَدِّث بِكُلِّ مَا سَمِعَ" (ص 10). قال الشيخ -أيده الله-: رواه شُعبة عن خُبَيْب بن عبد الرحمن عن حَفْص بن عاصم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فأتى به مرسلا لم يذكر فيه أبا هريرة. هكذا روي من حديث مُعاذ بن مُعاذ وغُندر وعبد الرحمن بن مهدي ¬

_ (¬47) (21) الكهف. (¬48) في (ب) "كذب" وهو تحريف. (¬49) "يدل على" مقطوعتان من (أ). (¬50) "والذين" ساقطة من (ب). (¬51) (9) الحشر. (¬52) (74) الزمر.

عن شُعْبة وفي نسخة أبي العباس الرازي (¬53) وحده في هذا الإِسناد عن شعبة عن خُبيب عن حفص عن أبي هريرة مسنداً ولا يثبت هذا (¬54). وقد أسنده مسلم بعد ذلك من طريق علي بن حفص المدائني عن شعبة، قال علي بن عمر الدارقطني (¬55): والصواب أنه (¬56) مرسل عن شُعبة كما رواه مُعاذ وغُندر وابن مَهْدي. 6 - قال الشيخ -وفقه الله-: وخرّج مسلم بعد هذا (¬57): حدثنا (¬58) سَلَمَةُ بن شَبِيب قال حدثني الحُمَيْدي قال نا (¬59) سفيان قال سمعت جَابِرًا يُحَدِّثُ بنحو من ثلاثين (¬60) حديثا ما أستحلّ أن أذكر منها شيئاً (ص 21). قال بعضهم: سقط ذكر سلمة بن شبيب بين مسلم والحميدي في نسخة أبي العلاء ابن ماهان. والصواب ما رواه أبو أحمد وغيره، كما تقدم لأن مسلما لم يلق الحميدي. 7 - قال الشيخ -وفقه الله-: وقال مسلم: في حديث آخر: ¬

_ (¬53) "الرازي" مقطوعة من (أ). (¬54) "هذا" مقطوعة من (أ). (¬55) في (ب) "الدارمي" والصواب ما في (أ). (¬56) "والصواب أنه" من المقطوع في (أ). (¬57) "هذا" مقطوعة من (أ). (¬58) في (ب) "نا". (¬59) في (ب) "حدثنا". (¬60) في مسلم "من ثلاثين ألف حديث" وهو الصحيح.

وحدثني (¬61) حسن (¬62) بن الحكم قال: سمعت يحيى (¬63) القطان: ضعف حكيم بن جبير وعبد الأعلى، وضعف موسى بن دينار (¬64). هكذا صواب هذا الكلام (¬65). وفي (¬66) أكثر النسخ: وَضَعَّفَ يَحْيَى بْنَ موسَى ابْنِ دِينَارٍ (ص 27). وهذا وهم وموسى بن دينار هو المكي وضَّعفه يحيى. وقد نقل أبو جعفر العُقَيلِي في كتابه في الضعفاء كلام يحيى هذا في موسى بن دينار وعبد الأعلى وحكيم بن جُبَيْر. 8 - قال الشيخ -وفقه الله-: قالَ مُسلم في حديث آخر: روى الزهري وصالح بن أبي حسان عن أبي سَلَمَة عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- "كَانَ النّبِيء - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُ وَهْوَ صَائِم" (ص 32). قال بعضهم: في نسخة الرازي روى الزهري وصالح بن كيسان. وهو وَهم. والصواب: (¬67) صالح بن أبي حَسَّان. وهذا الحديث ذكره النّسائي وغيره من طريق ابن وهب عن ابن أبي ذئب عن (¬68) صالح بن أبي حَسَّان. ¬

_ (¬61) "حدثني" في (ب). (¬62) في (ب) "بشر" وهو ما في صحيح مسلم، وفي (أ) علامة فوق حسن ممّا يشير إلى إصلاح بالهامش أخفاه التجليد. (¬63) في (ب) "سمعت ابن القطان". (¬64) في (ب) "يحيى بن موسى". (¬65) "الكلام" مقطوعة من (أ). (¬66) في (ب) "في أكثر النسخ". (¬67) "والصواب" مقطوعة من (أ). (¬68) "ذئب عن" من المقطوع في (أ).

[الإيمان - الجنائز]

1 - كتاب الإِيمان 9 - قوله: ظَهَرَ قِبلَنَا نَاسُ يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ وَيَتَقَفَّرُونَ (¬1) العِلْمَ، وفي رواية أخرى: وَيَتَفَقَّرُونَ العِلْم يَزْعُمُونَ (¬2) أنْ لاَ قَدَرَ وَأنَّ الأمْرَ أُنُفُ" (ص 37). قال الشيخ -أيده الله-: يقال: تقفرت الشيء إذا قفوته. قال أبو عُبَيد: يقال: قفوته، إذا اتبعت أثره واقتفرت الأثر تبعته. قال ابن السكيت: يقال: قفر أثره واقتفر أثره. وقوله: "إن الأمر أُنف". قال الهروى: أي يستأنف استئنافاً من غير أن سبق به سابقُ (¬3) قضاء (¬4) وتقدير وإنما (¬5) هو مقصور على اختيارك ¬

_ (¬1) في (ب) "ويقتفون": وكذا فيما يأتي. (¬2) في (ب) "ويزعمون". (¬3) "سابق" ممحوة من (أ). (¬4) في (ب) "قضاء وتقدير" وفي (أ) يحتمل "بقضاء". (¬5) في (ب) "إنما".

ودخولك فيه، وأنف الشيء أوله، وأنف السيل (¬6): أوله وابتداؤه (¬7). قال امْرُؤُ القيس: قَدْ غَدَا يَحْمِلُنِي فِي أنْفهِ ... لاَحِقُ الصُّقْلَيْن مَحْبُوكٌ مُمَرٌّ (¬8) وفي الحديث: "لكلّ شيء أُنفةٌ وأُنْفةُ الصلاة التكبيرة الأولى"، قوله أُنْفَةُ الشيء: ابتداؤه. هكذا الرواية (¬9) والصحيح: أَنفة (¬10). وفي حديث أبي مسلم الخولاني "وضَعَهَا في أُنُفٍ من الكلإِ" يقول تَتَبَّع بها المواضع التيِ لم تُرع قبل الوقت الذي دخلت فيه، وفي الحديث: "أُنْزِلَتْ عَلَيَّ سُورَةٌ آنِفًا" أي مستأنفاً (¬11). وقال تعالى: {مَاذَا قَالَ آنِفًا} (¬12)، أي ماذا قال الساعة، مأخوذ من استأنفت الشيء إذا ابتدأته. وروضة أنف: لم تُرْعَ، وكأس أنف: ابتدىء الشرب بها (¬13) ولم يشرب بها قبل ذلك. وأما قوله: "لاَ قدر" فلا يقول به المعتزلة على الإِطلاق وإنما يقولون ¬

_ (¬6) في (ب) "وانف اشتد"، وهو تحريف صوابه "وانف الشدّ" كما في كتاب الغريبين (ج 1 ص 99) والشدّ: العَدْوُ. (¬7) وابتداؤه من هامش (أ) وهي ساقطة من (ب). (¬8) هذا البيت في (ب) محذوف إلا قوله "قد غدا". (¬9) وقع في (أ) شَكْل "أنفة" بضم الهمزة وسكون النون. (¬10) وقع في (أ) شَكل "أنفة" بفتح الهمزة والنون وفي النهاية: والصحيح فتح الهمزة كما هنا، وحديث أبى موسى الخولاني ذكره في النهاية نقلا عن الهروي. (¬11) الحديث في مسلم في كتاب الصلاة في باب حجة من قال البسملة آية من كل سورة سوى سورة براءة (ج 1 ص 300). (¬12) (16) سورة محمد - صلى الله عليه وسلم -. (¬13) في (ب) "منها".

إن الشر والمعاصي تكون (¬14) بغير قدر الله تعالى، لكن من لم يتشرع من الفلاسفة ينكر (¬15) القدر جملة. وأما ما ذكر من تبري ابن عمر منهم (¬16) وقوله: لا يقبل من أحدهم ما أنفق، فلعله فيمن ذكرنا من الفلاسفة أو على جهة التكفير للقدرية على أحد القولين في تكفيرهم عندنا إن كان أراد بهذا الكلامِ تكفير من ذكر. 10 - قوله في الحديث: "تَلِدَ الأمَةُ رَبَّتَهَا" (ص 38). أي مولاتَها، قيل معناه: أن يكثر استيلاد السراري حتى تكون الأم كأنها أمَةً لابنتها لَمَّا كانت مِلْكا لأبيها. وقيل: يحمل على أنه يكثر بيع أمهات الأولاد في آخر الزمان حتى يملك المشتري أمه وهو لا يعلم لكثرة تداول الأملاك لها. وفي بعض طرق الحديث: "تَلِدَ الأمةُ بَعْلَهَا" (¬17) وهو من هذا المعنى لأنه إذا كثر بيعهن قد يقع الإِنسان في تزويج أمه وهو لا يعلم. 11 - "وَتَرَى العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ" (ص 38). قال الهروي: العالة الفقراء، وفي حديث آخر: "خَيْر مِنْ أنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً" أي فقراء. والعائل الفقير، والعَيْلة الفقر، ومنه قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} (¬18). يقال: عال الرجل عَيْلة إذا افتقر، وقال (¬19) غيره: وأعال الرجل، إذا كثر عياله. ¬

_ (¬14) في (أ) "يكون". (¬15) فى (ب) "ينفي". (¬16) في (ب) "منه". (¬17) جاء ذلك في الطريق الثانية ص 39. (¬18) (28) التوبة. (¬19) في (ب) "إذا" ساقطة.

12 - قوله - صلى الله عليه وسلم - للسائل (¬20): "تعْبَدَ الله لاَ تُشْرِكَ بِهِ شَيْثًا وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ المَكْتُوبَة وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ" (ص 39). قال الشيخ -أيده الله-: أما التقييد في الصلاة بأنها (¬21) مكتوبة فبيّن وجهه، لأن منها نوافل ليست بمكتوبة. وأما التقييد في الزكاة فيحتمل أن يكون تحرزاً من زكاة الفطر لأنها ليست بفرض مكتوب على أحد القولين وتحرزاً من الزكاة المقدمة قبل الحول فإنها تجزىء عند بعض أهل العلم وليست بمفروضة حينئذ ولكنها تسمى زكاة. 13 - قوله: - صلى الله عليه وسلم - لِمَن سَأله عَن الفُرُوض فَأجَابَهُ فَقَالَ السَائِلُ: لاَ أزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أنقُصُ مِنْهُ (¬22) فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أفْلَحَ إنْ صَدَقَ" (ص 40). قال الشيخ -وفقه الله-: أما فلاحه بأن لا ينقص فبيّن، وأما بأن لا يزيد فكيف يصح هذا، وكيف يقرّه عليه، والتمادي على ترك سائر السنن حينئذ (¬23) مذموم يوجب الأدب عند بعض أهل العلم. فلعله قال هذا ولم تُسَنَّ السنن حينئذ، أو يكون فهم عنه أنه لا يغير الفروض التي ذكر بزيادة ولا نقصان وأن ذلك مراده بهذا القول. 14 - ذُكِرَ أن ابن عُمر رضي الله عنه رَدَّ الرَّاوِى عَنْه لما قال: "وَحجِّ البَيْتِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ إلَى أنْ يُقَدِّمَ ذِكْرَ رمضَانَ" وقال: هكذا سَمِعْتُهُ من رسول الله (¬24) - صلى الله عليه وسلم - (ص 45). ¬

_ (¬20) "للسائل" ساقطة من (ب). (¬21) في (ب) "أنها". (¬22) "منه" ساقطة من (ب) وما جاء في (أ) هو ما في صحيح مسلم. (¬23) "حينئذ" ساقطة من (ب). (¬24) في (ب) "من النبيء" وما جاء في (أ) هو الثابت في صحيح مسلم.

قال الشيخ -أيده الله -: يحتمل أن تكون مشاحَّة ابن عمر في هذا لأنه كان لا يرى نقل الحديث. بالمعنى وإنْ أدَّاه بلفظ ينوب مناب ما سمع وهو مذهب بعض أهل الأصول، وإن أبدل لفظًا لا يحتمل بلفظ لا يحتمل (¬25) أن يكون يرى الواو توجب الترتيب كما قال بعضهم فيجب التحفظ على الرتبة المسموعة من النبيء - صلى الله عليه وسلم - لأنه قد يتعلق بذلك أحكام فقد يستدل على تقدمة إطعام الفطر في رمضان على الهَدايا الواجبة في الحج إذا (¬26) أوصى بهما وضاق الثلث عنهما بهذه التقدمة الواقعة في الحديث لإِشعارها بأن ما قدم آكد، والمراد (¬27) في الوصايا تقدمة الآكد. 15 - قوله: "نَهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الدُّبَّاء والحَنْتَم والنَّقِيرِ وَالمُقَيَّرِ" (ص 46). الدّباء (¬28) ممدود قال الهروي: الدباء القرعة كانت (¬29) ينتبذ فيها وَتُضَرَّى (¬30). قال أبو عبيد: والحنتم: جرار خضر كانت تحمل فيها إلى المدينة الخمر. وذكر ابن حبيب أن (¬31) الحنتم الجر (¬32) وكل ما كان من فخار أبيض أو أخضر (¬33). ¬

_ (¬25) في (ب) "وإن أبدل لفظاً يحتمل بلفظ لا يحتمل" والظاهر أن الصواب ما جاء هنا لأنه يفيد استواء اللفظين المبدل والمبدل منه. (¬26) في (ب) "إذا"، وأما في (أ) فإنها ممحوّة. (¬27) "والمراد" مقطوعة من (أ). (¬28) في (ج) "قال أبو عبيد الدباء ممدود". (¬29) "كانت" ساقطة من (ب). (¬30) هكذا جاءت هذه اللفظة في (أ) "تضرى" (بضم التاء وفتح الضاد وتشديد الراء المفتوحة). (¬31) "أن" ساقطة من (ب). (¬32) في (ب) "الجرار". (¬33) في (أ) "واخضر".

قال بعض أهل العلم: ليس كما قال ابن حبيب وإنما الحنتم ما طُلي من الفخار بالحنتم المعمول من الزجاج وغيره وهو يعجل الشدة في الشراب وأما الفخار (¬34) الذي لم يطل فليس كذلك وحكمه حكم الجر. قال أبو عبيد: النقير أصله النخلة ينقر جوفها ثم يشدخ فيه الرطب والبسر ثم يدعونه حتى يَهْدِر (¬35) ثم يموت. 16 - وفي كتاب مسلم: "أنَّ النَّقِيَر جذْع يُنْقَرُ فِيهِ فَيَقْذِفُونَ فِيهِ منَ القُطَيْعَاءِ" (ص 49). قال ابن ولاَّد: القُطَيْعَاء (¬36) بالمد نوع من التمر يقال له: الشِّهْرِيز (¬37). قال غيره: والمقير ما طُلِي بالقار وهو الزفت. قال الشيخ -وفقه الله-: أما الحنتم فروى ابن حبيب عن مالِك أنه رخص (¬38) في الحنتم. وروى القاضي أبو محمد المنع (¬39) منه على التحريم. وأما المنقور فروي عن مالِك الكراهية والرخصة فيه. وأما الدباء والمزفّت فكره مالك نبيذهما. قال ابن حبيب: والتحليل أحب إليّ. ¬

_ (¬34) في (ب) "الفخار" ساقطة. (¬35) جاءت هذه اللفظة في (أ) وهي "يهدر" مشكولة (بفتح الياء وسكون الهاء وكسر الدال). (¬36) فى (ب) "قال ابن ولاد وغيره". (¬37) ضبط "الشهريز" في (أ) (بكسر الشين وإسكان الهاء وكسر الراء الممدودة). (¬38) في (ب) "أرخص". (¬39) في (ب) "المنع والمنع منه".

17 - قوله: - صلى الله عليه وسلم -: "فَاشْرَبُوا فِي أسْقِيَةِ الأدَمِ الَّتِي يُلاَثُ عَلَى أفْوَاهِهَا" (ص 49). الأدم: جمع أديم، وهو الجلد الذي قد تم دباغه وتناهى. قال السيرافي: لاَ يُجْمَع (¬40) فَعِيل على فَعَل إلا أديم وأدَم، وأفيق وأفَق، وَقَضِيم وقَضَم. القَضِيم الصحيفة. والأفِيق الجلد الذي لم يتم دباغه. 18 - قوله: "وَتَصِلُ ذَا رَحِمِكَ" (ص 43) (¬41). قال الشيخ -وفقه الله-: ينبغي أن يتأمل هذا مع قول النحاة: إن لفظة (ذا) إنما تضاف إلى الأجناس، فلعل الإِضافة هاهنا مقدر انفصالها والإِضافة بمعنى تقدير الانفصال موجودة. 19 - قوله في الحديث: "سَلُونِي" (ص 40). قال الشيخ -وفقه الله-: خرجه (¬42) مسلم عن زُهير بن حرب عن جرير عن عمارة عن أبي زُرْعة (¬43) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديثَ. ثم قال مسلم: جرير كنيته أبو عمرو، وأبو زُرعة اسمه عبيد الله. وأبو زُرعة روى عنه الحسن بن عُبيد الله، وأبو زرعة كوفي من أشجع. قال بعضهم: وقع هذا الكلام لمسلم في رواية ابن مَاهَان خاصة وليس في رواية الجُلودي ولا الكسائي منه شيء. قال: وبين أهل العلم خلاف في هذه الجملة. أما قوله: أبو زُرعة اسمه عبيد الله، فقد قاله في كتاب ¬

_ (¬40) مقطوعة من (أ). (¬41) هذا رجوع لحديث سابق، وكذا فعل في الكلام على السند الآتي بعد هذا. (¬42) في (ب) "خَرَّج". (¬43) "أبي زرعة" ساقطة من (ب) والصواب ما جاء في (أ) لأنه الثابت في مسلم.

(الطبقات. وقال البخاري في) (¬44) تاريخه ومسلها (في كتاب الكنى له: أبو زرعة هذا اسمه هَرِم وخالفهما يحيى بن معين) (¬45) فقال أبو زرعة بن عمرو واسمه عمرو بن عمرو. وكذا ذكره النسائي في الأسماء والكنى من تأليفه. وأما قوله: أبو زرعة روى عنه الحسن، فقد قاله البخاري أيضاً، وقد خولف في ذلك فقيل: الذي يروي عنه الحسن رجل آخر يروي عن ثابت ابن قيس اسمه هرِم. قاله (¬46) ابن المَدِيني. وإليه ذهب ابن الجَارود في كتاب الكنى. ثم ذكر ابن الجَارُود ترجمة أخرى فقال أبو زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة، روى عن عمارة بن القَعْقَاع والحارث العُكْلِي وأبو حيان التيمي. وكذا ذكر النسائي ترجمتين كما فعله ابن الجارود سواء. وأما قوله في رواية ابن ماهان: أبو زرعة كوفي من أشجع، فقال بعضهم: لا أعلم ما يقول، كيف يكون من أشجع وأبو زُرعة الذي في هذا الإِسناد هو ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البُجَلِي وأين تجتمع أشجع وبُجَيْلة إلاَّ أن يريد رجلاً آخر. 20 - قوله في وفد عبد القيس: "آمُرُكُمْ بِأرْبَعٍ" وقع في بعض طرقه: "أتدْرُونَ مَا الإِيمَان؟ شَهَادَةُ أنْ لاَ إلَهَ إلاَّ الله". وَذَكر بَعْد ذلك الصلاةَ والزَّكَاةَ، وفي بعض طرقه: "آمُرُكُمْ بأرْبَعٍ: الإِيمَان بالله" ثم فَسَّرها لهم فقال: "شَهَادَةِ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاّ الله" وقال بعد هذا (¬47) "وإقَامِ الصَّلاَةِ وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ" (ص 48). ¬

_ (¬44) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬45) في (ب) ما بين القوسين ساقط. (¬46) في (ب) "قال ابن المديني". (¬47) في (ب) "بعدها؟ ".

قال الشيخ -وفقه الله-: ظن بعض الفقهاء أن في هذا دِلاَلة (¬48) على أن الصلاة والزكاة من الإِيمان خلافاً للمتكلمين من الأشعرية القائلين بأن (¬49) ذلك ليس من الإِيمان. وهذا الذي ظنه غير صحيح لاحتمال أن يكون الضَّمِير في قوله: ثم فسّرها لهم، عائداً على الأربع لا على الإِيمان كما ظن هذا الظانُّ ويحتمل في الحديث الثاني أن يكون قوله "وإقام الصلاة" معطوفاً أيضاً على "الأربع". 21 - قال الشيخ: "قَوْلُ حَنْظَلَةَ: "سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ بن خَالِدٍ يحدث طَاوُسًا أن رَجُلا قَالَ لِعَبْدِ الله بن عمر: ألاَ تَغْزُو" الحديثَ (ص 45). هكذا أتى مجرداً في رواية الجُلودي. وفي نسخة ابن الحذاء عن أبي العلاء: عكرمة يحدث عن طاوس أن رجلاً. وهذا وهم والصحيح الأول. 22 - قوله - صلى الله عليه وسلم - لوفد عبد القيس: "مَرْحَبًا بِالقَوْمِ، أوْ بالْوَفْدِ غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ نَدَامَى" (ص 47). قال الشيخ -وفقه الله-: معنى خزايا: أذِلّاء ومهانين. ومنه قوله تعالى {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى} (¬50) يقال: خَزِيَ الرجل يَخْزَى خِزْيا إذا هلك وهان. وَخَزِيَ خَزَايَةً إذا استحى. و"خَزَايَا" جمع خَزْيَان مثل حَيَارَى جمع حَيْرَان. وقوله "ولا ندامى" مراده به جمع الواحد الذي هو نادم ولكنه جاء هاهنا على غير القياس اتباعاً لخَزايا، قال ابن قُتيبة وغيره: قال الفراء وغيره: العرب إذا ضمت حرفاً إلى حرف فربما أجروه على بِنيته ولو أفرد لتركوه على جهته الأولى (¬51) من ذلك قولهم: إني لأتيه بالغدايا والعشايا، فجمعوا الغداة غدايا لما ضمت إلى العشايا وانشد: ¬

_ (¬48) وقع في (أ) ضبط "دلالة" (بكسر الدال). (¬49) في (ب) "بأن ليس ذلك من الإِيمان"، وهو تحريف. (¬50) (134) طه. (¬51) "الأولى" مقطوعة من (أ).

[البسيط] هَتَّاكُ أخْبِيَةٍ وَلاَّجُ أبْويَةٍ ... يَخْلِطُ بالجَد مِنْه البِرَّ واللِّينَا فجمع الباب أبوية إذ كان متبعاً لأخبية ولو أفرده لم يجز، قال الفراء: وأرى قوله (¬52) في الحديث "ارْجعْنَ مَأزُورَاتٍ غَيْرَ مَأجُورَاتٍ" من هذا. ولو أفرد لقال (52): مَوْزُورَات، قالَ غيره: وإنما يجمع على ندامى الندمان الذي هو النديم (¬53). وقال القَزَّاز في جامعه (¬54) يقال لنادم (¬55) ندمان، فعلى هذا يكون الجمع جارياً على الأصل لا على جهة الإِتباع. 23 - قوله عن ابن جريج: "أخبرني أبو قَزَعَة: أن أبا نَضْرَةَ أخْبَرَهُ وَحَسنًا أخْبَرَهُمَا أنَّ أبَا سَعِيد الخُدْري أخبره أنَّ وَفْدَ عَبْد القَيْسِ" الحديثَ (ص 50). قال الشيخ: في هذا الضمير من قوله: "أخبرهما" إشكال على (¬56) من يرجع، فقال بعضهم: أبو نضرة هو المخبر لأبي قَزعة وللحسن (¬57) معه، وإنما اغتر هذا بظاهر سياقة مسلم، والصواب في الإِسناد عن ابن جُريج: أخبرني أبو قَزعَة أن أبا نضرة وحسنا أخبراه (¬58) أن أبا سعيد أخبره وإنما قال: أخبره ولم يقل: أخبرهما، لأنه رد الضمير إلى أبي نَضرة وحده ¬

_ (¬52) في (أ) "قولهم" وكذا أفردوا "لقالوا". (¬53) في (ج) زيادة نصها: كما قالوا الغدايا والعشايا والأصل في الغدايا غدوات ولكنهم أتبعوها بالعشايا وأما ندامى فجمع ندمان الذي هو النديم. (¬54) في (ب) "وقال البزار في جامعه". (¬55) في (ب) "في النادم". (¬56) في (أ) "اشكال" مقطوعة وكذلك "بظاهر" فيما بعد. (¬57) في (ب) "والحسن". (¬58) في (أ) "وأخبراه" مقطوعة.

وأسقط (¬59) الحسن لموضع الإِرسال. والحسن هاهنا هو الحسن البصري ولم يسمع من أبي سعيد، وبهذا اللفظ (¬60) خرجه ابن السَّكَن في مُصنّفه: عن ابن جُريج أخبرني أبو قزعة أن أبا نضرة العبدي وحسنا أخبراه أن أبا سعيد أخبره. وأظنه من إصلاح ابن السكن، كذلك خرجه أبو مسعود الدمشقي عن مسلم بن الحجاج عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن أبي قزعة عن أبي نضرة وحده عن الخدري. ولم يذكر الحسن لأنه لم يلق الخدري ولا سمع منه. وفي مسند البزَّار (¬61) الكبير: عن ابن جريج أخبرني أبو قزعة نا أبو نضرة وحسن عن الخدري أن وفد عبد القيس .. الحديث. قال البزَّار: هو الحسن البصري. 24 - قوله في حديث الانْتِبَاذ فِي الأسْقِيَةِ: "إنّهم اعْتَذَرُوا بِكَثْرَةِ الجِرْذَان في أرْضِهِمْ وَأنّهَا تَأكُلُهَا فَلَمْ يُعْذِرْهُم بذلِكَ" (ص 49). قال الشيخ: يحتمل أن يكون إنما راجعوه لأنهم اعتقدوا أنه إنّما (¬62) يبني كثيراً من شرعه على المصالح وأن من المصلحة الرخصة عند الضرورات فلم يعذرهم - صلى الله عليه وسلم - لأنه اعتقد أنه ليس بأمر غالب يشق التحرز منه، وأن هذا ليس مما يباح للضرورة. وواحد الجرذان جُرَذ (بضم الجيم وفتح الراء وبالذال المعجمة) على مثل (¬63) نُغَر وصُرَد. 25 - قوله - صلى الله عليه وسلم - لِمُعَاذٍ: "إنّكَ سَتَأتِي قَوْمًا أهْلَ كِتَابٍ ... " الحديث إلى قوله: "فَإذَا عَرَفُوا الله فَأخبْرهُم" (ص 51). ¬

_ (¬59) "وأسقط" مقطوعة من (أ). (¬60) "اللفظ" من المقطوع من (أ). (¬61) في (أ) "ابن البزار". (¬62) في (ب) "إنما" ساقطة. (¬63) في (ب) "على مثال".

قال الشيخ: هذا يدل على أنهم غير عارفين بالله تعالى وهذا مذهب حذاق المتكلمين في اليهود والنصارى أنهم غير عارفين بالله تعالى وإن كانوا يعبدونه ويُظهرون معرفته لِدلالة السمع عندهم على هذا وإن كان العقل لا يمنع أن يعرف الله سبحانه من كذب رسوله وظنه ساحراً وممخرقاً (¬64) لأنهما معلومان لا يشترط ارتباط واحد (¬65) منهما بالآخر. ودلالة (¬66) السمع الواردة بالمنع عند هؤلاء مع ما ورد من الظواهر المخالفة لها مستقصاة في أصول الديانات. 26 - قوله: "فِي حديث يَحْيىَ بن عبد الله عَن أبي مَعْبَدٍ (¬67) عن ابن عَباس عن مُعَاذ. وقال (¬68): بَعَثَنِي رسولُ الله" الحديث (ص 50). قال الشيخ: قال بعضهم: وقع عند ابن ماهان عن أبي معبد الجُهَني، وذِكر الجهني هاهنا وَهْم. وإنما هو أبو معبد مولى لابن عباس واسمه نافذ. 27 - قوله في "حديث أبي بكر مَعَ عُمَر رضي الله عنهما في الرِّدِّةِ: والله لأقَاتِلَنَّ من فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ" (ص 51). قال الشيخ وفقه الله: فيه دليل على القول بالقياس وكذلك في قوله: "أرَأيْتَ لَوْ لَمْ يُصَلُّوا"؟ (¬69)، فكأنه (¬70) إذا سلم له القتل على الصلاة قاس الزكاة عليها لَمَّا وردا في القرآن مورداً واحداً. ¬

_ (¬64) "ومتخرقا" كذا جاء في (ب). (¬65) في (ب) "كل واحد منهما". (¬66) في (ب) "دلالة السمع". (¬67) في (ب) "عن أبي سعيد" والذي في مسلم "عن أبي معبد" كما في (أ) وهو الصواب. (¬68) في (ب) "قال بعثتني". (¬69) "لم يصلوا" مقطوعة من (أ). (¬70) "فكأنه" بياض في (ب).

28 - "وَأما قَوْله لَوْ مَنَعُونِي عِقَالاً" (ص 51). فقيل المراد به صدقةَ عام، يقال: أخذ منه عِقال هذا العَام، إذا أخذ صدقته. قال (¬71) الكسائي قال الشاعر: [البسيط] سَعَى عِقَالا فلم يترك لنا سَبَدا (¬72) ... فَكَيْفَ لَوْ قَدْ سَعَى عَمْرُو عِقَالَيْن قال أبو عبيد: والعقال أيضاً اسم لما يعقل به البعير. قال: "وقد بعث محمَّد - صلى الله عليه وسلم - محمدَ بنَ مسلمة على الصدقة فكان يأخذ مع كل فريضتين عقالهما وقرانهما": وكان أيضاً عمر (¬73) -رضي الله عنه- يأخذ مع كل فريضة عقالا وَرِوَاء (¬74). قال الشيخ: فيحتمل أن يكون هذا هو المراد بالحديث. وقاله (¬75) على جهة المبالغة في التقليل. 29 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَعْلَمُ أنَّهُ لاَ إلَهَ إلاَّ الله دَخَلَ الجَنَّة" (ص 55). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس فيمن عصى من أهل الشهادتين فقالت المرجئة: لا تضره المعصية مع الإِيمان، وقالت الخوارج: تضره المعصية ويكفر بها، وقالت المعتزلة: يخلد في النار إذا كانت معصيته كبيرة، ولا يوصف بأنه مؤمن ولا كافر ولكن يوصف بأنه فاسق، وقالت ¬

_ (¬71) في (ب) "قاله الكسائي". (¬72) في (ب) "سببا". (¬73) في (ب) "وكان يأخذ أيضا عمر مع كل فريضة". (¬74) "الرواء" (بكسر الراء) الحبل تشدّ به الأمتعة. (¬75) في (ب) "أو قاله".

الأشعرية: بل هو مؤمن وإن لم يغفر له وعذب، فلا بد من إخراجه من النار وإدخاله الجنة. وهذا الحديث حجة على الخوارج والمعتزلة، وأما المرجئة فإن احتجت بظاهره على صحة ما قالت به. قلنا: محمله على أنه غفر له وأخرج من النار بالشفاعة ثم أدخل الجنة، فيكون المعنى في قوله "دخل الجنة" أي دخلها بعد مجازاته بالعذاب. وهذا لا بد من تأويله لما جاءت به ظواهر كثيرة من عذاب بعض العصاة. فلا بد من تأويل هذا الحديث على ما قلناه لئلا تتناقض ظواهر الشرع. وفي قوله "في هذا الحديث وهو يعلم" إشارة إلى الرد على من قال من غلاة المرجئة: إن مُظهر الشهادتين يدخل الجنة وإن لم يعتقد ذلك بقلبه. وقد قيد في حديث آخر بقوله "غير شَاكٍّ فيهما" (¬76). وهذا أيضاً يؤكد ما قلناه. 30 - قوله: "لَوْ أذِنْتَ لَنَا فَنَحَرْنَا نَوَاضِحَنَا" (ص 56). النواضح من الإِبل: العاملة في السقي. قال أبو عبيد: الناضح: البعير الذي يستقي (¬77) الماء، والأنثى ناضحة، قال غيره: ومنه الحديث "وَمَا سُقِيَ مِنَ الزَّرْعِ نَضْحًا فَفِيه نِصْفُ العُشُرِ". 31 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث معاذ: "هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ العِبَاد عَلَى الله؟ " (ص 58). قال الشيخ -وفقه الله-: يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون أراد حقاً شرعياً لا واجباً بالعقل كما تقول المعتزلة، وكأنه لما وعد به تعالى، ووعده الصدق (¬78) صار حقاً من هذه الجهة. ¬

_ (¬76) الحديث هو رواية أخرى لمسلم هنا. (¬77) في (ب) "يسقى". (¬78) في (ب) "صدق".

والوجه الثاني: أن يكون خرج مخرج المقابلة للفظ (¬79) الأول، لأنه قال في أوله: "ما حق الله على العباد؟ ". ولا شك أن لله على عباده (¬80) حقاً فاتبع اللفظ الثاني الأول كما قال تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} (¬81) وقال تعالى: {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} (¬82). 32 - وأما قوله في الحديث: "وَأخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأثُّمًا" (ص 61). قال الهروي في تفسير غير هذا الحديث: تأثم الرجل، إذا فعل فعلاً يخرج به من الاثم. وكذلك تحنث، ألقى الحنث عن نفسه، وتحرج ألقى الحرج عن نفسه. قال الشيخ: والأظهر عندي أنه لم يرد في هذا الحديث هذا المعنى (¬83) لأن في سياقه ما يدل على خلافه. 33 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن الدُّخْشُم (¬84): "ألَيْسَ يَشْهَدُ أَنَّهُ (¬85) لاَ إلَهَ إلاَّ الله وأنِّي رَسُولُ الله؟ فَقَالُوا: إنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ وَمَا هو فِي قَلْبِهِ. فَقَال - صلى الله عليه وسلم - (¬86) لاَ يَشْهَدُ أحَدٌ أنْ لاَ إلَهَ إلاَّ الله وَأنِّي رَسُولُ الله فَيَدْخُلَ النَّار"، الحديث (ص 61). ¬

_ (¬79) في (ب) "باللفظ". (¬80) في (ب) "في عباده". (¬81) (54) آل عمران. (¬82) (79) التوبة. (¬83) في (أ) "المعنى" مقطوعة. (¬84) في (ب) "ابن الدخشن" وفي مسلم "مالك بن دخشم" فالصواب ما في (أ) لكن الميم مقطوعة من ابن الدخشم وفي مسلم "مالك بن دخشم" بتنكير دخشم. (¬85) الذي في مسلم "أن لا إله إلا الله"، وكذلك في (ب). (¬86) في مسلم قال: لا يشهد إلخ ... وما هنا وهو قوله. فقال - صلى الله عليه وسلم - تواطأت عليه نسختان.

قال الشيخ -وفقه الله-: إن احتجت به الغلاة من المرجئة في أن الشهادتين تنفع وإن لم تعتقد بالقلب. قيل لهم: معناه أنه لم يصح عند النبيء - صلى الله عليه وسلم - ما حكوا عنه من أن ذلك ليس في قلبه، والحجة في قول النبيء - صلى الله عليه وسلم - وهو لم يقل ذلك ولم يُشهد به عليه. 34 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ" (ص 63). قال الشيخ -أيده الله-: إنما كان الحياء وهو في أكثر غريزة من الإِيمان الذي هو اكتساب، لأن الحياء يمنع من المعصية كما يمنع الإِيمان منها، والحياء هاهنا ممدود من الاستحياء. 35 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حَتَّى أكُون أحَبَّ إلَيْهِ" الحديث (ص 67). قال الشيخ -وفقه الله- خَرَّج مسلم هذا الحديث عن محمد بن المُثَنَّى قال: "نا رجل أُرَاه غُنْدرا نا شعبة عن قتادة عن أنس .... ". هكذا عند ابن ماهان ورواه أبو أحمد الجُلودي: حدثنا ابن مثنى وابن بَشّار قالا: "نا محمد ابن جعفر نا شعبة" مجود الإِسناد (¬87). 36 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الفَخْرُ وَالخُيَلاَء فِي أصْحَابِ الخَيْلِ والإِبِلِ" وفي حديث آخر: "القَسْوَةُ وَغِلَظُ القُلُوب فِي الفدَّادِين عِنْدَ أصُولِ (¬88) الأذْنَابِ". وفي حديث آخر: "الفَخْرُ وَالرِّيَاءُ فِي الفَدَّادِينَ أهْلِ الخَيْلِ وَالوَبَرَ" (ص 71) و (ص 72). قال الشيخ -وفقه الله-: الخُيلاء بالمد مشية مكروهة هي التبختر في المشي، وهو من أفعال الجبابرة. ¬

_ (¬87) في (ب) "فجرد الإِسناد"، ويحتمل "مجرد الإِسناد" كما هنا. (¬88) في (ج) "وعند أصول الأذناب".

قال أبو عبيدة: الفدادون المكثرون من الإبل وهم: جفاة أهل خيلاء. وأحدهم فداد، وهو الذي يملك من المائتين إلى الألف. قال أبو العباس: الفدادون هم: الجمالون والبقارون والحمارون والرعيان. وقال أبو عمرو: في الفَدَادِين (بتخفيف الدال). وأحدهم فَدَّان (بتشديد الدال)، وهي البقر التي يُحْرَث بها، وأهلها أهل جفاء لبعدهم عن الأمصار والنَّاس. قال ابن الأنبارى: أرَاد في أصحاب الفدادين، فحذف الأصحاب وأقام الفدادين مقامهم. وأنكر أبو عبيد قول أبي عمرو هذا وقال: لا أرى أبا عمرو حفظ هذا. وليس الفدادين (¬89) من هذا بشيء ولا كانت العرب تعرفها إنما هذا (¬90) للروم وأهل الشام، وإنما افتتحت الشام بعد (¬91) النبيء - صلى الله عليه وسلم - ولكنهم الفدَّادون (بالتشديد) وهم الرجال، والواحد منهم فدَّاد، قال الأصمعى: الفدّادون (مشدد) (¬92) هم الذين تَعْلو أصواتهم في حروثهم وأموالهم ومواشيهم، من فَدَّ الرجلُ يَفِدُّ فديداً إذا اشتد صوته. وقوله "أهل الوبر" يريد أهل ذات الوبر وهي الإِبل. 37 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الدِّينُ النَّصِيحَةَ" (ص 74). قال الشيخ -وفقه الله- النصيحة تحتمل أن تكون مشتقة (¬93) من نصحت العسل، إذا صفيته، ويحتمل أن تكون من النصح وهي الخياطة، والإِبرة المِنصحة، والنِّصاح الخيط الذي يخاط به، والناصح الخياط. فمعناه أنه يلم شعث أخيه كما تلم المِنصحة خِرَق الثوب، قال نِفطويه: يقال: ¬

_ (¬89) في (ب) "الفدادون" وما هنا على الحكاية. (¬90) في (ب) "هو". (¬91) "الشام" ممحوة من (أ)، وكذلك "بعد". (¬92) "مشدد" ساقطة من (ب). (¬93) "مشتقة" بالهامش من (أ) من تصحيح المقابلة.

نصح الشيء، إذا خَلَصَ، ونصح له القول، أي أخلصه له. وهذا الذي قال نِفطويه يرجع إلى الاشتقاق الأول لأنه يصفو لأخيه كما يصفو العسل. 38 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهْوَ مُؤْمِنٌ" الحديث (ص 76). قال الشيخ -وفقه الله-: قيل: معنى مؤمن، أي آمن من عذاب الله، ويحتمل أن يحمل على أن معناه: أن يكون مستحلاً لذلك. وقد قيل: معناه أي كامل الإِيمان. وهذا على (¬94) قول من يرى أن الطاعات تسمى إيمانا. وهذه التأويلات تدفع قول الخوارج: إنه كافر بزناه، وقول المعتزلة: إن الفاسق المِلّيّ لا يسمى مؤمنا. تعلُّقا من الطائفتين بهذا الحديث، وإذا احتمل ما قلناه لم تكن (¬95) لهم فيه حجة. 39 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فِي آيَةِ المُنَافِقِ: إنْ حَدَّثَ (¬96) كَذَب" الحديث (ص 78). قال الشيخ -وفقه الله-: قد توجد هذه الأوصاف الآنَ فيمن لا يطلق عليه اسم النفاق (¬97)، فيحتمل أن يكون الحديث محمولاً على زمنه - صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك علامة للمنافقين من أهل زمانه، ولا شك أن أصحابه كانوا مبرئين من هذه النقائص مطهرين منها. وإنما كانت تظهر في زمانه من أهل النفاق أو يكون - صلى الله عليه وسلم - أراد بذلك من غلب عليه فعل هذه واتخذها عادة تهاونا بالديانة (¬98). أو يكون أراد النفاق اللغوي الذي هو إظهار خلاف المضمر. ¬

_ (¬94) "على" ساقطة من (ب). (¬95) في (ب) "لم يكن". (¬96) في مسلم "إذا حدث". (¬97) في (ب) "اسم المنافق". (¬98) في (ج) "بالدين".

وإذا تأملت هذه الأوصاف وجدت فيها معنى ذلك لأن الكاذب يظهر إليك أنه صدق (¬99) ويبطن خلافه، والخصم يظهر أنه أنصف ويبطن الفجور، والواعد يظهر أنه سيفعل وينكشف الباطن بخلافه، وقد قال ابن الأنباري في تسمية المنافق منافقاً ثلاثة أقوال: أحدها أنه يسمى بذلك لأنه يستر كفره فأشبه الداخل للنفق وهو السرب (¬100) يستتر فيه. والثاني أنه شبه باليربوع الذي له جحر يقال له: النافقاء، وآخر يقال له: القاصعاء، فإذا طُلب من القاصعاء خرج من النافقاء. وكذلك المنافق لأنه يخرج من الإِيمان من غير الوجه الذي يدخل فيه. والثالث أنه شبه باليربوع أيضاً ولكن من جهة أن اليربوع يخرق الأرض حتى إذا كاد يبلغ ظاهرها أرقّ التراب فإذا رابه ريب دفع ذلك التراب برأسه فخرج، فظاهر (¬101) جحره تراب على وجه الأرض وباطنه حفر (¬102)، فكذلك المنافق ظاهره الإِيمان وباطنه الكفر. 40 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّمَا امْرىء قَالَ لأخِيهِ: كَافِرٌ (¬103)، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أحَدُهُمَا" الحديث (ص79). قال الشيخ: يحتمل أن يكون قال ذلك في المسلم مستحلاً فيكفّر ¬

_ (¬99) في (ب) "صادق". (¬100) في (ب) "السرير". (¬101) في (ب) "بظاهر". (¬102) في (ب) "وباطنه حفر" ساقطة. (¬103) الذي في صحيح مسلم رواية الجلودي "يا كافر".

باستحلاله، وإذا احتمل ذلك لها تكن (¬104) فيه حجة لمن كفَّر بالذنوب. ويحتمل أيضاً أن يكون مراده بقوله "باء بها" أي (¬105) بمعصيته الكذب في حق القائل إن كذب. قال الهروي: أصل البواء (¬106) اللزوم. وقال في قوله - صلى الله عليه وسلم - في دعائه: "أبُوءُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ" أي أقِرُّ بِهَا وألزمها (¬107) نفسي. قال ابن أبي زمنين: أصل باء في اللغة رجع ولا يقال باء إلا بشر. ذكره في تفسير قوله: {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} (¬108). وأما قوله: "وإلاَّ حَارَ عليه" (ص 79) فمعناه رجع عليه. والحور الرجوع ومنه قول الله تعالى: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} (¬109) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أعُوذُ بِكَ مِنَ الحَوْرِ بَعْدَ الكَوْرِ" (¬110). 41 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ رَغِبَ عَنْ أبِيهِ فَقَدْ (¬111) كَفَرَ" (ص 80). قال الشيخ -وفقه الله-: هذا يتأول على ما تقدم من الاستحلال، أو يكون أراد الكفر اللغوي (¬112) بمعنى جحد حق (¬113) أبيه وستره (¬114). ¬

_ (¬104) في (ب) "لم يكن". (¬105) في (ب) "أتى". (¬106) في (ب) "البوء". (¬107) في (أ) "وألزمه"، وهو تحريف. (¬108) (90) البقرة. (¬109) (14) الانشقاق. (¬110) أخرجه مسلم في صحيحه في باب ما يقول إذا رَكِبَ إلى سفر الحج (ص 979). (¬111) الذي في مسلم "فهو كفر". (¬112) في (ج) "الذي هو الجحد". (¬113) في (ب) "أبعد حق". (¬114) "وستره" ساقطة من (ب).

42 - قوله - صلى الله عليه وسلم - "مَا مِنْ نَبِيءٍ بَعَثَهُ الله فِي أمَّتِهِ" الحديث (ص 69). قال الشيخ -وفقه الله-: ذُكر في إسناد هذا الحديث: الحارث، يعني ابن فُضيل. قال ابن حنبل: وَذَكَر هذا الحديث الحارث بن فُضيل ليس بمحفوظ الحديث. 43 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعضٍ" (ص 82). قال الشيخ -وفقه الله-: تعلق بهذا من أنكر حجة الإِجماع من أهل البدع، قال: لأنه نهى الأمة بأسرها عن الكفر ولولا جواز اجتماعها عليه لما نهاها عنه وإذا جاز اجتماعها على الكفر فغيره من الضلالات أولى وإذا كان ممنوعاً اجتماعها عليه لم يصح النهي عنه. وهذا الذي قاله خطأ لأنا (¬115) إنما نشترط في التكليف أن يكون ممكناً متأتياً من المكلف، هذا أيضاً على رأي من منع تكليف ما لا يطاق. واجتماع الأمة (¬116) على الكفر وإن كان ممتنعا فإنه لم يمتنع من جهة أنه لا يمكن ولا يتأتى ولكن من جهة خبر الصادق عنه أنه لا يقع، وقد قال الله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} (¬117). والشرك قد عصم منه النبىء - صلى الله عليه وسلم - وبعد هذا أنزل عليه مثل هذا على أن المراد بهذا الخطاب كل واحد في عينه أو جمهور الناس. وهذا لا ينكر أحد أن يكون مما يصح حمل هذا الخطاب (¬118) عليه، فأما أن يكون ظاهراً فيه أو محتملاً له (¬119) فتسقط بهذا (¬120) ¬

_ (¬115) في الهامش في (أ) نخـ بأنَّه. (¬116) "الأمة" ساقطة من (ب). (¬117) (65) الزمر. (¬118) في (ب) "خطاب كل واحد". (¬119) في (ب) "له" ساقطة. (¬120) في (ب) "فيسقط بهذا".

حجته. وقد ذكر أنه (¬121) مما يتأول الحديث عليه، أن معنى قوله "كفارا"، أي متسلحين. وأصل الكفر التستر والمتسلح متستر (¬122) بسلاحه. 44 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا أبَقَ العَبْدُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ (ص 83). قال الشيخ -وفقه الله- يحتمل أن يحمل على المستحل لذلك فيكفر باستحلاله فلا تقبل صلاته ولا غير ذلك منه، ويكون كنى بالصلاة عن غيرها. وفيه أيضاً معنى خفي وذلك أنه يحتمل أن يكون ذكر الصلاة لأنه منهي عن البقاء في المكان الذي يصلي فيه لكونه مأموراً بالرجوع إلى سيده فصارت صلاته في بقعة منهي عن المقام (¬123) بها تضارع الصلاة في الدار المغصوبة. 45 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قَالَ رَبُّكُمْ: أصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِن بِي وَكَافِرٌ" الحديثَ (ص 83). قال الشيخ -وفقه الله (¬124) -: هذا يحمل على أن المراد به تكفير من اعتقد أن المطر من فعل الكوكب وخَلْقه دون أن يكون خلقا لله سبحانه كما يقول بعض الفلاسفة من أن الله سبحانه لم يخلق إلا شيئاً واحداً، وهو العقل الأوَّل عندهم، وكان عن العقل الأول غَيْرهُ، وهكذا عن واحد آخر إلى أن كان عن كل ذلك ما تحته حتى ينتهي الأمر إلى (¬125) الإِمطار وإلينا في تخليط طويل ليس هذا موضعَ ذكره. ¬

_ (¬121) أشير على هذه الكلمة بعلامة تصحيح ولكنها اندثرت والظاهر أن الكلمة المصلحة "مما" كما جاء فى (ب). (¬122) في (ب) "يتستر بسلاحه". (¬123) في (ب) "عن البقاء". (¬124) "الشيخ وفقه الله" من تصحيح الهامش. (¬125) في (ب) "إلى" ساقطة.

وأما من اعتقد أن لا خالق إلا الله سبحانه ولكن جعل في بعض الاتصالات من الكواكب دلالة على (¬126) وقوع المَطَر من خلقه تعالى عادة جرت في ذلك فلا يكفر بهذا إذا عبر عنه بعبارة لا يمنع (¬127) الشرع منها. والظن بمن قال من العوام: هذا نوء الثريا ونوء الراعي، أنه إنما يريد هذا المعنى. وقد أشار مالك رحمه الله في موطئه (ج 1 ص 192) إلى هذين المعنيين وأوردهما في بَابين فأورد في المعنى الأول الحديث الذي نحن فيه وأورد في المعنى الثاني: "إذَا أنْشَأتْ بَحْرِيّةً ثُمَّ تَشَاءَمَتْ (¬128) فَتِلْكَ عَيْنُ غدَيْقَةٌ" (¬129). 46 - قال الشيخ -وفقه الله-: قوله في الحديث: "عن مالك عن صالح بن كيسان عن عبيد الله عن زيد صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صَلاَة الصُّبح بالحديبية" (ص 83). قال بعضهم: وقع في نسخة ابن ماهان صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله. وإدخال الزهري (¬130) هنا خطأ، وصالح أسن من الزهري. 47 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في وَصْفِ النِّسَاء بِنَقْصِ العَقْلِ: "إنَّ شَهَادَةَ امْرَأتَينِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُل" (ص 86). قال الشيخ -وفقه الله-: هذا تنبيه منه - صلى الله عليه وسلم - على ما وراءه لأنه ليس ¬

_ (¬126) "دلالة على" من المقطوع من (أ). (¬127) "لا يمنع" من المقطوع من (أ)، وكذلك جاء بعد هذا في موطئه إلى هذين المعنيين إلخ، وعلى موطئه صح. (¬128) "ثم تشاءمت" مما سقط في (ب). (¬129) جاعت "غديقة" مكسورة الآخر والصواب أنها صفة لعين، وهي خبر عن قوله "فتلك". (¬130) في (ب) "فإن الزهري" هاهنا خطأ.

في هذا الوصف بقصور شهادتها (¬131) عن شهادة الرجل (¬132) بمجرده (¬133) دليل على نقص العقل حتى يتمم بما نبه الله سبحانه عليه في كتابه من أن ذلك لأجل قلة ضبطها. وذلك قوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} (¬134) وقد اختلف الناس في العقل ما هو فقيل هو العلم، وهذه طريقة من اتبع حكم اللغة لأن العلم والعقل في اللسان بمعنى واحد ولا يفرقون بين قولهم: عقلت وعلمت، وقيل: العقل بعض العلوم الضرورية، وقيل: هو قوة يميز بها بين حقائق المعلومات (¬135). فأما على قول من قال: هو العلم، فيكون وصفهن بنقص العقل لأجل النسيان وقلة الضبط على ظاهره لأن ذلك نقص من العلوم. وعلى رأي من رأى أن العقل غير ذلك يكون قلة الضبط والنسيان وشبه ذلك علَما على القصور والنقص في ذلك المعنى الطبيعي الذي هو شرط في تلقي التكاليف وكثرة العلوم. وأما وصفه إياهن بنقص الدين لأجل ترك الصلاة في المحيض فيصح إذا قلنا إن العبادات كلها تسمى دينا إلا أنه لا لوم عليهن في ذلك لأن تركهن الصلاة حينئذ طاعة، فإن قيل: قد يقلن نحن كالمسافر في القصر والفطر وليس بناقص الدين. قيل: قد يفرق بين ذلك (¬136) بأن الحيض يستقذر ولعل ترك التعبد بالصلاة فيه تنزيه لله سبحانه أن يتقرب إليه في تلك الحالة فيصير النقص من هذه الجهة على أن السفر أمر يكتسب، وفي وسع الإِنسان ألاَّ يسافر فلا تسقط الصلاة عنه والحيض ليس في وسع المرأة رفعه فسقوط الصلاة عنها أمر ضروري لها وهذا كله قد لا يحتاج إليه لأن المسافر لا تسقط ¬

_ (¬131) في (ب) "شهادتهما" وهو خطأ لأن الشهادة التي تقصر هي شهادة المرأة الواحدة لا المرأتين. (¬132) في (ب) "رجل". (¬133) في (ب) "بمجرد". (¬134) (282) البقرة. (¬135) في (ب) "حقائق المعقولات". (¬136) ليس في (ب) و (ج) "بين ذلك"، وهي في (أ) بالهامش.

عنه الصلاة أصلاً، وأنما تغير عدد الفرض، والمرأة الحائض يسقط عنها بكل حال. 48 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قَرَأ ابنُ آدَمَ السَّجْدَة فسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي" الحديث (ص 87). قال الشيخ -وفقه الله-: احتج به أصحاب أبي حنيفة في أن سجود التلاوة واجب لتشبيه إبليس إياه بسجوده لآدم، قلنا: يحتمل أن يكون لم يرد المشابهة في الأحكام بل في كونه سجوداً فذكر به ما سلف له. ولكن إنما تصح لهم الحجة إذا وجب التعلق بما قال بقوله: "أُمِر ابن آدم" (¬137) على قول الأشعري وغيره أن المندوب إليه لا يكون مأمورا به. 49 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تُعينُ صَانِعًا أو تَصْنَعُ لَأخرَقَ" (ص 89). قال الشيخ -وفقه الله-: الأخرق هاهنا الذي لا صنعة له، يقال: رجل أخرق وامرأة خرقاء، فإن كان صانعاً حاذقاً قيل (¬138) رجل صنَع بغير ألف وامرأة صَنَاع بألف بعد النون (¬139). قال أبو ذؤيب في المذكر (¬140): [الكامل] وَعَليْهمَا مَسْرودَتَان قَضَاهُمَا ... دَاود أو صَنَعَ السَّوَابِغِ تُبَّعُ وقال آخر في المؤنث: [الطويل] صَنَاعٌ بإشْفَاهَا حَصَانٌ بِشَكْرِهَا ... جَوَادٌ بِقُوتِ البَطْنِ والعِرْقُ زَاخِرُ قال المبرد وغيره: الشَّكر الفرج. ¬

_ (¬137) "ابن آدم" من الممحو في (أ). (¬138) في (ب) "يقال". (¬139) "النون" ممحوة من (أ). (¬140) في "المذكر" ساقطة من (ب).

50 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مِنْ أعْظَمَ الذُّنُوبُ أنْ تَجْعَلَ لله نِدّا وَهْوَ خَلَقَكَ وَأنْ تَقْتَلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أنْ يَطْعَمَ مَعَكَ وَأنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ وعقُوقُ الَوالِدَين" الحديث (ص 90 - 91) (¬141). قال الشيخ قوله: "نِدّا" الند هو المثل وجمعه أنداد. ومنه قوله (¬142) تعالى. {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} (¬143) وقوله: "وأن (¬144) تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَة أنْ يَطْعَمَ مَعَك" إشارة إلى معنى ما في القرآن من قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} (¬145) أو قوله تعالى: {مِنْ إمْلاَقٍ} (¬146). وهما يفيدان معنيين، فقوله {من إملاق} خطاب للفقراء، وقوله: {خشية إملاق} خطاب للأغنياء. والذي في الحديث (¬147) الأشبه بظاهره مطابقة الآية التي للأغنياء، وَقَوْلُهُ "حَلِيلَةَ جَارِكَ" أي امرأة جارك وقوله: "وَعَقُوقُ الوَالِدَيْنِ"، العُقُوق: قطع البر الواجب. قال الهروي وغيره: أصل العق القطع والشق، وقيل للذبيحة عقيقة لأنها يشق حلقومها. 51 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ" وفي رواية أخرى: "وَغَمْصُ النَّاسِ" (ص 93). قال الشيخ: معنى بطر الحق إبطاله مأخوذ من قول العرب ذهب دمه بِطْرًا أو بَطَرًا (¬148)، أي باطلاً. قال الهروي: قال الأصمعي: البطر ¬

_ (¬141) ما ذكر هنا مركب من حديثين. (¬142) في (ب) "قول الله". (¬143) (22) البقرة. (¬144) في (ب) "أن تقتل". (¬145) (31) الإسراء. (¬146) (151) الأنعام. (¬147) في (ب) "محتمل والأشبه". (¬148) "أو بطرًا" ساقطة من (ب)، وفي (أ) وقع شكل "بَطْرا" أولاً بكسر الباء وفتحها مع إسكان الطاء، وأما "أو بَطَرَا" فبالفتح، وفتح الطاء.

الحيرة. ومعناه أن يتحير عند الحق (¬149) فلا يراه حقاً، وقال الزجاج: البطر أن يتكبر (¬150) عند الحق فلا يقبله (¬151) وقوله "وغمط الناس" معناه استحقار الناس واستهانتهم. يقال: غمط الناس (بطاء غير معجمة) وغمصهم (بصاد غير معجمة) ومعناهما واحد وكذلك غمط النعمة وغمصها. 52 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ" (ص 93). قال الشيخ: أُطلِقَ في (¬152) هذا الحديث تسمية الباري تعالى جميلاً، ويحتمل أن يكون سمَّاه بذلك لانتفاء النقص عنه، لأن الجميل منا من حسنت صورته، ومضمون حسن الصورة انتفاء النقائص والشين عنها، ويحتمل أن يكون "جميل" هاهنا بمعنى مجمل، أي محسن كما أن كريماً بمعنى مكرم. 53 - وأما الحَدِيثُ الَّذِى فيه: "أنَّ تَرْكَ الصَّلاَةِ كُفْرٌ" (ص 88). ومذهب من تعلق به فقد تقدم الكلام عليه. 54 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أكْبَر (¬153) الكَبَائِرِ شَتمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ قَالُوا: يَا رَسُول الله وَهَلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ، قالَ: نَعَمْ يَسُبُّ أبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أبَاهُ" (¬154) (ص 92). قال الشيخ: يؤخذ من هذا الحديث الحجة لأحد القولين في منع بيع ¬

_ (¬149) في (ب) "أن تتحير عند الحق" وفي (أ) "عن الحق" ولكنها صححت بالهامش "عند الحق". (¬150) في (ب) "أن تتكبر عند الحق". (¬151) في (ب) "فلا تقبله". (¬152) "في" ساقطة من (ب). (¬153) "من أكبر" جاءت لفظة الكبائر في الهامش مصححة في (أ) وهي ساقطة من (ب). (¬154) في (ب) "فيسب الرجل والديه".

ثياب الحرير ممن يلبسها وهي لا تحل له وبيع العنب ممن يعصره خمراً ويشربها لأنه ذكر (¬155) أنه من فعل السبب فكأنه (¬156) الفاعل لذلك الشيء مباشرة. 55 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنَا بَرِيء (¬157) مِنَ الصَّالِقَةِ وَالحَالِقَةِ (¬158) والشَّاقَّةِ" (ص 100). قال الشيخ -وفقه الله-: قال أبو عبيد: الصالقة بالصاد والسين، والسلق (¬159) هو الصوت الشديد من قوله تعالى: {سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ} (¬160). قال الهروى: فالصالقة التي ترفع (¬161) صوتها في المصيبات (¬162). والحالقة التي تحلق شعرها عند المصيبات. وقال غيره: والشاقة التي تشق (¬163) ثوبها في تلك الحال، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الجُيُوبَ". 56 - قوله - صلى الله عليه وسلم -:"لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ" (ص 101). يعني النمام بيّنه في الحديث الآخَر. ¬

_ (¬155) في (ج) "ذكر فيه". (¬156) في (أ) فإنه "الفاعل" فصححت بالهامش "فكأنه الفاعل". (¬157) "أنا بريء" من المقطوع من (أ). (¬158) في (ب) "والسالقة"، وما هنا هو ما في مسْلمٍ. (¬159) "السلق" أول الكلمة مقطوع من (أ) وفي (ب) "فالصالقة التي ترفع صوتها عند المصيبات بالصاد والسين والسلق". (¬160) (19) الأحزاب. (¬161) "ترفع" من المقطوع من (أ). (¬162) في (ب) "عند المصيبات". (¬163) "تشق" من المقطوع في (أ).

57 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ نَذْرٌ فِي شَيْءٍ لاَ يَمْلِكُهُ" (ص 104). قال الشيخ -وفقه الله-: يحتج به المخالف على أن من حلف بصدقة ما يملك أو عتق ما يملك في المستقبل أو طلاق من يتزوج لا يلزمه (¬164) وإن خص. وهذا عندنا محمول على أنه أراد لا صدقة فيما هو ملك للغير الآن ليس على أنه بعد مصيره إليه، ونحن إنما ألزمناه فيه ما عقد على نفسه بعد أن صار ملكاً له فلم يكن (¬165) في الحقيقة طلاقه وصدقته إلا فيما يملك (¬166). وهذه المسائل (¬167) يتسع الكلام (¬168) فيها وليس هذا موضع بسطه. 58 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أقَتَلْتَهُ بَعْدَ أنْ قَالَ لاَ إلَهَ إلاَّ الله؟ " الحديث (ص 97). قال الشيخ -وفقه الله-: لم يذكر فيه قصاصا ولا عَقْلا. فيحتمل أن يكون إنما أسقط ذلك عنه لأنه متأول ويكون ذلك حجة في إسقاط العَقل على إحدى الطريقتين عندنا في (¬169) خطأ الإِمام ومن أُذِن له في شيء فأتلفه غلطاً كالأجير والخاتن. 59 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ (¬170) فَلَيْسَ مِنَّا وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا" (ص 99). ¬

_ (¬164) في (ب) "لا يلزم". (¬165) في (ب) "فلم يقع". (¬166) في (ب) "فيما ملك". (¬167) في (ب) "وهذه المسائل كلها". (¬168) في (ب) "يشبع الكلام". (¬169) في (ب) "عند خطإ الإِمام". (¬170) في (ب) "من حمل السلاح علينا": وما أثبت هنا هو الذي في صحيح مسلم.

قال الشيخ -وفقه الله-: لاَ حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ يَقُول إن العَاصيَ خرجَ مِن الإِيمان، لأنه يحتمل أن يكون أراد من فعل ذلك مستحلاً له، أو ليْس منا بمعنى: ليس بمتبع هدينا ولا سنتنا، كما يقول القائل لولده: لست مني، إذا سلك غير أسلوبه (¬171). 60 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن لَعَنَ مُؤْمِنًا فَكَأنَّمَا قَتَلَهُ" (¬172) (ص 104). قال الشيخ -وفقه الله-: الظاهر من الحديث التشبيه في الإِثم وهو تشبيه واقع لأن اللعنة قطع عن الرحمة والموت قطع عن التصرف. 61 - قوله في الحديث: "مَا أجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ (¬173) مَا أجْزَأ فُلاَنٌ" (ص 106) قال الشيخ -وفقه الله-: قال الهروى في قوله عليه السلام: "لاَ تَجْزِي عَنْ أحَدٍ بَعْدَكَ" (¬174) أي لا تقضي. يقال: جَزَى عَنِّي بغير همز ومعنى قولهمْ (¬175): جزاه الله عني خيراً، أي قضاه الله ما أسلف فإذا كان بمعنى الكفاية قلت: جَزَأ عني مَهْمُوزًا وأجزأ. قال أبو عبيد ويقال: جَزأْت (¬176) بالشيء، واجتَزَأْت وَتَجَزَّأْت وتجزات أي اكتفيت به. وأنشد: [الوافر] فَإنَّ اللُّؤْمَ فِي الأقْوَامِ عَارٌ ... وَإنَّ المَرْءَ يُجْزأُ بِالكُرَاعِ ¬

_ (¬171) في (ج) "مسلكه". (¬172) الذي في مسلم "ولَعْنُ المُؤْمِن كَقَتْلِه". (¬173) في (ب) "ما أجزا من اليوم"، وهو تحريف، وما هنا هو الذي في صحيح مسلم. (¬174) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي (باب وقتها) (ص 1553). (¬175) في (ب) "قوله". (¬176) في (ب) "عني" ساقطة.

62 - قوله في الحديث: "فِي القَوْمِ الَّذِيِنَ هَاجَرُوا إلَى المَدِينَةِ فَاجْتَوَوْا المَدِينَةَ فَمَرِضَ رَجُلٌ (¬177) فَجَزِعَ فَأخَذ مَشَاقِصَ فَقَطَع بها بَرَاجِمَه" (ص 108). قال أبو عبيد: يقال اجتويت البلاد إذا كرهتها وإن كَانَتْ موافقة لك في بدنك. واستوبلتها إذا أحببتها وإن لم توافقك في بدنك. قال الشيخ (¬178): ومنه قول ابن دُريد: [الرجز] فِي كُلِّ يَوْمٍ مَنْزِلٌ مُسْتَوْبَلٌ ... يَشْتَفُّ مَاءَ مُهْجَتِي أوْ مُجْتَوَى وقوله: فأخَذَ مَشَاقِص. المِشقص: نصل السهم إذا كان طويلاً ليس (¬179) بعريض. وقوله: "فقطع بها براجمه". قال أبو عبيد في الغريب المصنف: الرواجب والبراجم جميعاً مفاصل الأصابع كلها. وقال ابن الأعرابي (¬180) في كتاب خلق الإِنسان: الرواجب رؤوس العظام في ظهر الكف، والبراجم المفاصل تحتها. 63 - قول السّائِلِ لِرَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي الجَاهِلِيَّةِ؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: أمّا مَنْ أحْسَنَ مِنْكُمْ فِي الإِسْلاَمِ فَلاَ يُؤَاخَذُ بِهِ وَمَنْ أسَاءَ أُخِذَ بِعَمَلِهِ في الجَاهِليَّةِ وَالإِسْلاَمِ" (ص 111). قال الشيخ -وفقه الله-: قال بعض الشيوخ: معنى الإِساءة هاهنا الكفر فإذا ارتد عن الإِيمان أخذ بالأول والآخر. ¬

_ (¬177) في (ب) "فمرِض رجل منهم": بزيادة: منهم. (¬178) "قال الشيخ" ساقطة من (ب). (¬179) في (ب) "غير عريض". (¬180) في (ب) و (ج) قال "أبو مالك الأعرابي".

64 - وقوله للنبيء - صلى الله عليه وسلم -: "أرَأيْتَ أمُورًا كُنْتُ أتَحَنَّثُ بِهَا فِي الجَاهِليَّة هَلْ لِي فيِهَا مِن شَيء؟ فَقَال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أسْلَمْتَ عَلَى مَا أسْلَفْتَ مِنْ خَيرٍ". قال مسلم: التحنث التعبد (ص 113). قال الشيخ -وفقه الله-: تحنث الرجل، إذا فعل فِعلا خرج به عن الحِنث، والحنث: الذنب. وكذلك تأثم، إذا ألقى الإِثم. عن نفسه. ومثله تحرّج وتحوّب، إذا فعل فعلا يخرجه من الحرج والحوب. وفلان يتهجد، إذا كان يخرج من الهجود، ويَتَنَجَّس، إذا فعل فعلا يخرج به من النجاسة، وامرأة قذور، إذا كانت تتجنب الأقذار، ودابة ريّض، إذا لم ترض. هذا كله عن الثعالبي إلاّ تأثم فإنه عن الهروي. وأنشد غيرهما: [الطويل] تَجَنَّبْتُ إتْيَان الحَبيبِ تَأثُّمًا ... ألاَ إنَّ هِجْرَانَ الحَبِيبِ هُوَ الإِثْمُ وأما قوله: "أسْلَمْتَ عَلَى مَا أسْلَفتَ مِنْ خَيْرٍ" فإن ظاهره خلاف ما تقتضي (¬181) الأصول لأن الكافر لا يصح منه التقرب فيكون مثاباً على طاعاته (¬182). ويصح أن يكون مطيعاً غير متقرب كنظره في الإِيمان فإنه مطيع فيه من حيث كان موافقاً للأمر، والطاعة عندنا موافقة الأمر ولكنه لا يكون متقرباً لأن من شرط المتقرب أن يكون عارفاً بالمتقرب إليه وهو في حين نظره لم يحصل له العلم بالله تعالى بعدُ، فإذا تقرر هذا علم أن الحديث متأول، وهو يحتمل وجوها: أحدها: أن يكون المعنى أنك اكتسبت طباعاً جميلة وأنت تنتفع بذلك ¬

_ (¬181) في (ب) "ما تقتضيه". (¬182) في (ب) "على طاعته".

الطبع في الإِسلام وتكون تلك العادة (¬183) تمهيداً لك ومعونة على فعل الخير والطاعات. والثاني: أن يكون المعني أنك اكتسبت بذلك ثناء جميلاً فهو باق عليك في الإِسلام. والثالث: أنه لا يبعد أن يزاد في حسناته التي يفعلها في الإِسلام ويكثر أجره لما تقدم له من الأفعال الجميلة. وقد قالوا في الكافر: إنَّهُ إذاً كَانَ يَفْعَلُ الخَيْرَ فَإنَّهُ يُخَفَّفَ عَنْه بِهِ فلا يبعد أن يزاد هذا في الأجور. 65 - قول الصحابة رضي الله عنهم لما نزلت: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} (¬184) "وَأيُّنا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ" الحديث (ص 114). قال الشيخ -أيده الله-: هذا يدل بظاهره عند بعض أهل الأصول على أنهم كانوا يقولون بالعموم لأن الظلم عندهم يعم الكفر، وغيره فلهذا أشفقوا. وفيه أيضاً (¬185) تأخير البيان إلى وقت الحاجة. 66 - قوله - صلى الله عليه وسلم -:"إنَّي رَأيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا" (ص 107). قال الشيخ (¬186): قال أبو عبيد: الغلول الخيانة في المغنم خاصة. يقال منه: غَلَّ يَغُلَّ بفتح الياء وضم الغين وقرىء {وَمَا كَانَ لِنَبِيءٍ أَنْ يَغُلَّ} ¬

_ (¬183) "تلك العادة" ساقطة من (ب). (¬184) (82) الأنعام. (¬185) في (ب) "وأيضاً فيه". (¬186) في (أ) "الشيخ" من تصحيح المقابلة فلذلك جاءت بالهامش.

{وَيَغُلَّ} (¬187) فمن قرأ يُغل (¬188) (بضم الياء وفتح الغين) فإنه يحتمل معنيين أن يكون يغل يخان (¬189) يعني: أن يؤخذ من غنيمته ويكون يَغُلَّ (¬190) ينسب إلى الغلول. وقال: لم نسمع أحداً قرأ (بكسر الغين) لأن يغل (بكسر الغين وفتح الياء) من الغِلِّ وهو الشحناء. ومنه قوله في الحديث الآخر: "لاَ يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ". وأما قوله في حديث آخر: "لاَ إغْلاَلَ وَلاَ إسْلاَلَ" (¬191) فالإِغلال الخيانة والإِسلال السرقة. يقال: رجل مغل مسل، أي صاحب خيانة وسرقة. 67 - قوله في الحديث: "لَمَّا أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيءِ - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} الآية (¬192) اشتد ذلك على الصحابة وَبَركُوا على الرُّكب وقالوا: لا نطيقها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتُرِيدُونَ أنْ تَقولُوا كَمَا قَالَ أهْلُ الكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَلَكِنْ قُولُوا سَمِعْنَا وَأطَعْنَا، فَلَمَّا فعلوا ذلك نسخها الله تعالى فأنزل الله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} " الآية (¬193) (ص 115). قال الشيخ: إشفاقهم وقولهم "لا نطيقها" يحتمل أن يكون أنهم (¬194) اعتقدوا أنهم يؤاخذون بما لا قدرة لهم على دفعه من الخواطر التي لا تكتسب، فلهذا رأوه من قبيل ما لا يطاق لا أنهم أرادوا ألاَّ يؤاخذوا بالمكتسمب. وهذا ¬

_ (¬187) (161) آل عمران. (¬188) في (ب) "فمن قرأ بضم الياء وفتح الغين" بسقوط: يغل. (¬189) في (ب) "أن يكون يغل بمعنى يخان". (¬190) "يغل" في (أ) ممحوة. (¬191) ما قبل "اسلال" في (أ) ممحو. (¬192) (284) البقرة. (¬193) (286) البقرة. (¬194) "أنَّهم" ساقطة من (أ).

على طريقة من يرى أن السيئة تُكْتَبُ إذَا هم بها (¬195) وإن لم يفعلها. وسنذكر وجه تأويل الأحاديث عند صاحب هذا القول. فإن كان المراد هذا كان الحديث دليلاً على أنهم كلفوا ما لا يطاق. وعندنا أن تكليفه جائز عقلا واختلف هل وقع التعبد به في الشريعة أم لا، وأما قول الراوي: إن ذلك نسخ، ففي النسخ هاهنا نظر لأنه إنما يكون النسخ إذا تعذر البناء ولم يمكن (¬196) رد إحدى الآيَتَيْن إلى الأخرى. وقوله {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} (¬197) عموم يصح أن يشتمل على ما يملك من الخواطر وما لا يملك فتكون الآية الأخرى مخصصة إلاَّ أن يكون فهم الصحابة بقرينة الحال أنه تقرر تعبدهم بما لا يملك من الخواطر فيكون حينئذ نسخاً لأنه رفع ثابتٍ مستقرٍ. 68 - قوله - صلى الله عليه وسلم -:"إنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ إذا تَحَدَّثَ عَبْدِي بِأنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَأنَا أكْتُبُ لَهُ حَسَنَةً [ما لم يعمل فإذا عملها فأنا أكتبها بعشر أمثالها] (¬198) فإذا (¬199) تحدث بأن يعمل سيئة فأنا أغفرها له ما لم يعملها فإذا عملها فأنا أكتبها له بمثلها". وفي حديث آخر: "فَإنْ تَرَكَهَا فَأنَا أكْتُبُهَا لَهُ حَسَنَةً إنَّما تَرَكَهَا مِن جَرَّايَ، وفي الحديث الآخر: "وَمَنْ هَمَّ بَالسَّيِّئَة فَلَمْ يَعْملها لَمْ تُكْتَبْ" (ص 117) و (ص 118). قال الشيخ- إيّده الله-: مذهب القاضي ابن الطيب رحمه الله أن من عزم على المعصية بقلبه ووطن عليها مأثوم في اعتقاده وعزمه. وقد يحمل ¬

_ (¬195) في (أ) و (ج) "اعتقدها". (¬196) في (ج) "ولم يكن بد من رد". (¬197) (284) البقرة. (¬198) ما بين المعقفين سَاقِطٌ من (ب). (¬199) في (ب) "فإن تحدث".

ما وقع في هذه الأحاديث وأمثالها على أن ذلك فيمن لم يوطن نفسه على المعصية وإنَّما مرَّ ذلك بفكره من غير استقرار ويسمى مثل هذا الهَمَّ، ويفرق بين الهم والعزم فيكون معنى قوله في الحديث: "إنَّ مَن هَمَّ لم يكتب عليه" على هذا القسم الذي هو خاطر غير مستقر. وخالفه كثير من الفقهاء والمحدثين أخذًا بظاهر الأحاديث. ويُحتج (¬200) للقاضي بقول النبيء - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا الْتَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفِيهِمَا" الحديثَ (¬201) وقال فيه: "لأنه كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ" فقد جعله مَأثوما (¬202) بالحرص على القتل وهذا قوله قد (¬203) يتأولونه على خلاف هذا التأويل فيقولون: قد قال: "إذَا التقى المسلمان بِسَيْفّيهِمَا"، فالإِثم إنما يتعلق بالفعل والمقابلة وهو الذي وقع عليه اسم الحرص هاهنا. ويتعلق بالكلام في الهم ما في قصة يوسف عليه السلام وهو قوله تعالى: {وَهَمَّ بِهَا} (¬204) أمَّا على طريقة الفقهاء فذلك مغفور له غير مأخوذ به (¬205) إذا كان شرعه كشرعنا في ذلك، وأما على طريقة القاضي فيحمل ذلك على الهَمّ الذي ليس بتوطن (¬206) للنفس ولو حمل على غيره لأمكن أن يقال: هي صغيرة، والصغائر تجوز على الأنبياء على أحد القولين. وقد قيل في تأويل الآية غير ذلك مما يتسع بسطه ولا يحتاج إلى ذكره هاهنا. ¬

_ (¬200) وفي (أ) "ويُحتج للقاضي بشكل الياء من قوله يحتج (بالضم) ". (¬201) في (ب) قوله "الحديث" ساقط، وكذا من قوله "وقال فيه لأنه كان" إلى قوله "إذا التقى المسلمان بسيفيهما" ساقط فيها. والحديث هذا أخرجه مسلم في "باب إذا تواجه المسلمان بسيفيهما" الحديث (15) ص (2214). (¬202) في (أ) تكرر قوله فقد جعله مأثوما. (¬203) في (أ) "قد" من تصحيح الهامش. (¬204) (24) يوسف. (¬205) في (ب) "غير مآخذ". (¬206) في (ب) "بتوطين للنفس".

وقوله: "إنما تركها من جرّاي" يعني من أجلي، وفيه لغتان جَرّاء بالمد وَجَرَّى بالقصر. ومنه الحديث: "إنَّ امرآة دخلت النال من جرَّاء هرة (¬207) أي من أجل هرة". 69 - قوله في الحديث: "إنَّ نَاسًا من الصَّحَابَةِ قَالُوا: إنَّا نَجِدُ فِي أنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أحَدُنَا أنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: وَقَدْ وَجَدْتُّمُوهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قال: ذَلِكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ" (ص 119). قال الشيخ: بُوِّبَ على هذا الحديث في بعض نسخ كتاب مسلم: "بَاب الوسوسة محض الإِيمان". وزاد في حديث آخر أنه قال - صلى الله عليه وسلم - لمن شكى هذا المعنى (¬208) أن قال (¬209): "فمن وجد من ذلك شيئاً فليقل آمنت بالله" (ص 119). أما قوله: "ذلك محض الإِيمان" فلا يصح أن يراد به أن الوسوسة (¬210) هي الإِيمان لأن الإِيمان هو (¬211) اليقين. وإنما الإِشارة إلى ما وجدوا من الخوف من الله تعالى أن يعاقبوا على ما وقع في أنفسهم فكأنه يقول: جزعكم من هذا هو محض الإِيمان إذ الخوف من الله تعالى ينافي الشك فيه، فإذا تقرر هذا تبين أن هذا التبويب المذكور غلط على مقتضى ظاهره. وأما أمره عليه السلام لهم عند وجود ذلك أن يقول: "آمنت بالله". فإن ظاهره أنه أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإِعراض عنها والرد لها من ¬

_ (¬207) الحديث رواية لمسلم ولفظه "دخلت امرأة النار من جراء هرة لها" في باب "تحريم تعذيب الهرة ونحوها" من كتاب البر والصلة والآداب (ص2023). (¬208) في (ب) "هذا المعنى إليه". (¬209) في (أ) "على أن قال" وذلك إشارة إلى أن ذلك صواب. (¬210) في نسخة (ج) "ان يراد به الوسوسة". (¬211) في (ب) "هو" ساقطة.

غير استدلال ولا نظر في إبطالها. والذي يقال في هذا المعنى: إن الخواطر على قسمين: فأما التي ليست بمستقرة ولا اجتلبتها شبهة طرأت فهي التي تدفع بالإِعراض عنها. وعلى (¬212) هذا يحمل الحديث وعلى مثلها ينطلق اسم الوَسوسة فكأنه لما كان أمراً طارئاً على غير أصل دفع بغير نظر في دليل إذ لا أصل له ينظر فيه. وأما الخواطر المستقرة التي أوجبتها الشبهة فإنها لا تدفع إلا باستدلال ونظر في إبطالها. ومن هذا المعنى حديث: "لاَ عَدْوَى" (¬213) مع قول الأعرابي: فما بال الإِبل الصحاح تجرِب بدخول الجمل الأجرب فيها وعلم (¬214) - صلى الله عليه وسلم - أنه اغتر بهذا المحسوس وأن الشبهة قدحت في نفسه فأزالها (¬215) عليه السلام من نفسه بالدليل (¬216) فقال له: "فمن أعدى الأول". بسط هذا أنه عليه السلام كأنه قال له: إذا كنت تقول: إن هذه الجربة جرِبت من هذا العادى عليها. فهذا العادى أيضاً ممن تعلق به الجرب؟ فإن قلت: من غيره ألزمناك فيه (¬217) ما ألزمناك في الأول حتى يؤدي ذلك إلى ما لا يتناهى أو يقف الأمر عند جمل وجد الجرب فيه من غير أن ينتقل ¬

_ (¬212) في (أ) و (ب) "على هذا يحمل الحديث". (¬213) الحديث في مسلم في باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء، ولا غول، ولا يورد ممرض على مصح، من كتاب السلام (ص 1742). (¬214) في (ب) "ولما علم". (¬215) في (ب) و (ج) "أزالها". (¬216) في (ب) "بالدليل" ساقط. (¬217) قوله "ألزمناك فيه ما" ساقط من (ب).

إليه من غيره فإذا صح وجود (¬218) جرب من غير عدوى بل من (¬219) الله سبحانه صح أن يكون جرب هذه الإِبل من نفسها لا من غيرها، قال المتكلمون: وهذا الدليل الذي (¬220) أشار عليه السلام إليه هو الذي نعتمد عليه في إبطال قول من جوَّز وجود حوادث لا أول لها فيقال لهم: لو كان لا يصح وجود الشيء إلا من الشيء لأدى ذلك إلى ما لا يتناهى. وإذا علق وجود ما نحن فيه بوجود ما لا يتناهى شيئاً بعد شيء لم يصح وجود ما نحن فيه. 70 - قوله في الحديث: "جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْت ورَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إلَى النَّبِيءِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ الحَضْرَمِيُّ: هَذَا غَلَبَنِي عَلَى أرْضٍ لِي (¬221) كَانَتْ لأبي. فَقَالَ الكِنْدِي: هِيَ أرْضٌ فِي يَدِي أزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ. فَقَالَ النبيءُ - صلى الله عليه وسلم - للحضرميّ: ألَكَ بَيّنَةٌ؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَلَكَ يَميِنُهُ. فَقَالَ: يَا رَسُولُ الله، إنّ الرَّجُلَ فَاجِرٌ لاَ يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ (¬222) عَلَيْهِ وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيءٍ قَالَ: لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إلاَّ ذَلِكَ" الحَدِيثَ (ص 123). قال الشيخ -وفقه الله-: علق بعض أهل العلم من متأخري الفقهاء على هذا الحديث ما فيه من الفوائد فقال: في هذا الحديث دلالة على (¬223) أن صاحب اليد أولى بالشيء المدَّعَى فيه ممن لا يد له. وفيه (¬224) أن الدعوى في المعيّن لا تفتقر إلى خلطة. ¬

_ (¬218) في (ب) "وإذا وُجِد". (¬219) في (ج) "بل من قبل الله". (¬220) في (أ) "الذي" مقطوع، وكذلك "لا أوّل". (¬221) في (أ) "لي" ممحو. (¬222) في (ب) "ما حلف عليه"، فـ "على" ساقطة. (¬223) في (ب) "دليل على". (¬224) في (ب) "دليل أن الدعوى".

وفيه التنبيه على صورة الحكم في هذه الأشياء وذلك أنه بدأ بالطالب فقال له: ليس لك إلا يمين الآخر، ولم يحكم بها للمدعى عليه إذا حلف بل إنما جعل اليمين (¬225) لصرف دعوى المدعي لا غير، فكذلك ينبغي لمن حكم بعده إذا حلف المدعى عليه أن لا يحكم له بملك ذلك الشيء ولا بحيازته أيضاً بل يقره على حكم يمينه. فإن قيل: فكيف يجيء مذهبكم على هذا إذا كنتم ترون أن من ادُّعي عليه بغصب أو استهلاك لم يحلف المدعَى عليه إلا أن يكون ممن يتهم بالغصب والتعدي ويليق به ما ادعي عليه من ذلك وقد أحلفه النبيء - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث ولم يسأله عن حاله، قيل له (¬226): ليس في هذا الحديث ما يدل على خلاف ما ذهبنا إليه وذلك أنه يجوز أن يكون - صلى الله عليه وسلم - قد علم من حاله ما أغناه عن السؤال عنه. وفي الحديث ما يدل على أنه كان كذلك ألا ترى إلى قول خصمه: إنه رجل فاجر (¬227) ليس يتورع عن شيء، ثم لم ينكر - صلى الله عليه وسلم - شيئاً من قوله فلو كان عنده بريئا مما قال ما ترك النكر عليه. على أن في الحديث ما يغني عن هذا كله. وذلك أنه إنما (¬228) ادعى عليه بالغصب في الجاهلية وكذلك نقول فيمن ادُّعي على رجل لا بأس به أنه كان غصبه مالاً في حال كان فيها فاسقاً ظالماً فإنا نحلفه (¬229) له إذا كان ظلمه وغصبه معلوماً. وفي هذا الحديث أن يمين الفاجر تسقط عنه حكم دعوى المدعي، ¬

_ (¬225) في (ب) عوض قوله "إنما جعل اليمين لصرف": "إنما يحلف لصرف". (¬226) في (ب) "له" ساقطة. (¬227) في (ب) "أن الرجل". (¬228) في (أ) "أنه" من تصحيح المقابل. (¬229) في (ب) "فإنا نحلفوه" وهو خطأ ظاهر.

كيمين من ليس بفاجر وأنه ليس تجري (¬230) يمينه مجرى شهادته. وفيه أن الفاجر في دينه لا يوجب فجوره الحجر عليه ولا إبطال إقراره، ولولا ذلك لم يكن لليمين معنى. وفيه أن المدعي وإن أقر بأن أصل الشيء الذي ادَّعَى فيه لغيره لم يكلف تثبيت جهة مصيره إليه ما لم يعلم إنكاوه لذلك، وذلك أنه قال (¬231) غلبني على أرض كانت لأبي فأمكنه من المطالبة. وفيه أن من جاء ببينة قضي له بحقه من غير يمين لأنه محال أن يسأله دون ما يجب له الحكم به (¬232) ولو كان من تمام الحكم اليمين لقال له: بينتك (¬233) ويمينك على تصديق بينتك. قال الشيخ -أيده الله-: أما قوله: إن المقر بأن أصل الشيء لغيره (¬234) لا يكلف تثبيت جهة مصيره إليه، فإن وجه القضاء عندنا أن من ادعى شيئاً في يد غيره وزعم أنه صار إليه من أبيه فإنه يكلف إثبات وفاة أبيه وعدد ورثته. ولعل هذا الذي في الحديث علم موت أبيه وأنه وارثه أو يكون من بيده الأرض سلم (¬235) له ذلك. ولعل قوله هاهنا: ما لم يعلم إنكاره لذلك، إشارة إلى ما قلناه من تسليم المطلوب له ما قال، على أن قوله ما لم يعلم إنكاره لذلك، كلام فيه إجحاف نقلناه كما وجدناه ولعل معناه ما بيناه، أو يكون (¬236) الضمير في قوله ¬

_ (¬230) في (ب) "يجري يمينه". (¬231) في (ب) "قال" ساقطة. (¬232) في (ب) "به" ساقطة. (¬233) في (ب) "فبينتك". (¬234) في (ب) "لغيره" ساقطة. (¬235) في (ب) "يعلم له ذلك". (¬236) في (ب) "ويكون".

إنكاره عائداً على من نسب إليه الملك أولاً كأبي هذا الرجل فيكون إنكار المنسوب إليه الملك أولاً انتقال ملكه إلى هذا المدعى مانعاً من توجه دعوى هذا المدعي على من في يده الشيء المطلوب إلا أن يثبت انتقال الملك. 71 - قال الشيخ -وفقه الله- خرج مسلم حَدِيثَ: "يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ: عَن يَحْيَى بنِ أيّوب وقُتَيبة، وابن حُجْر عن إسماعيل عن عمرو بن أبي عمرو عن المَقبُرِي عن أبي هريرة عن النبيء - صلى الله عليه وسلم -" الحديث (ص 87). قال بعضهم قال أبو مسعود الدمشقي: المَقْبريُّ في هذا الإِسناد هو أبو سعيد المَقْبُري والد سعيد بن أبي سعيد، قال: وهذا الذي ذكره أبو مسعود إنما وقع في رواية إسماعيل عن عمرو، وخالفه سليمان بن بلال فرواه عن عمرو عن سعيد عن أبي هريرة. قال الدارقطني: قول سليمان بن بلال أصح. 72 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "نَحْنُ أحَقُّ بَالشَّكِّ مِنْ إبْرَاهِيمَ" الحديث (ص 133). قال الشيخ -أيده الله-: يحتمل أنه (¬237) أن يكون لما رأى إبراهيم عليه السلام سَأل زيادة يقين بأن يعلم بالعيان ما علم بالدليل، ومعلوم أن بين العِلْمين في العادة من انتفاء الشكوك تبايناً عبر عن المعنى الذي بين العلمين بالشك مجازاً. 73 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: وَلَوْ لَبِثْتُ في السِّجْنِ طُولَ لُبْثِ يُوسُفَ لأجَبْتُ الدَّاعِي" (ص 133). تنبيه على فضل يوسف عليه السلام وصبره على المصائب. ¬

_ (¬237) في (ب) "يحتمل أن يكون".

74 - وقوله - صلى الله عليه وسلم - في لوط عليه السلام: "لَقَدْ كَانَ يَأوِي إلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ" (ص 133). يريد البارىء سبحانه لأنه الكافي في الحقيقة. 75 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ" الحديث (ص 122). قال الشيخ -وفقه الله-: أصل الصبر الصبر والإِمساك. يقال: صبر فلان فلاناً، إذا حبسه وكل من حبسته لقتل أو يمين فهو قتل صبر ويمين صبر، وأصبره الحاكم على الشيء، أكرهه على يمين صبر، قاله الهروي وغيره، وقال: قال أبو العباس: الصبر ثلاثة أشياء: الإِكراه ومنه أصْبَرهُ الحاكم، والحبس ومعه صبرته إذا حبسته، والجرأة ومنه قوله تعالى: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} (¬238). 76 - قوله - صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الأمَانَةَ نَزَلَتْ في جِذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ" (ص 126). قال الهروي في باب الجيم والذال المعجمة: قال أبو عبيد: الجذر الأصل عن كل شيء. وقال ابن الأعرابي: الجذر أصل (¬239) حساب ونسب وأصل شجرة. 77 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تُقْبَضُ الأمَانَةُ مِنْ قَلْب الرَّجُلِ فَيَظَلُّ أثَرُهَا مِثْلَ الوَكْتِ ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأمَانَةُ مِنْ قَلْبهِ فَيَظَلُّ أَثرُهَا مِثْلَ المَجْلِ كَجَمْر دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ (¬240) فَتَرَاهُ مُنتَبِرًا" (¬241) (ص 126). ¬

_ (¬238) (175) البقرة. (¬239) في (ب) "كل حساب". (¬240) في (ب) "فنفط" ساقطة. (¬241) في (ب) "منثرا" وهو غلط.

قال الهروي: الوَكْتَةُ الأثر اليسير يقال للبسر (¬242) إذا وقعت فيه نكتة من الإِرطاب قد وَكَتَ، والمَجْل هو أن يكون بين الجلد واللحم ماء يقال مجِلت يده تمجَل (¬243) مَجَلاً [ومجَلت تمجُل مَجْلا]، قال غيره: وذلك إذا تنفطت من العمل. [قال الشيخ -وفقه الله-: وأما قوله مُنتبرا فمعناه مرتفعاً. وأصل هذه اللفظة من الارتفاع، ومنه: انتبر الأمير، إذا صعد على المنبر ومنه سمى المنبر منبراً لارتفاعه، ونبر الجرح أي ورم. والنبر نوع من الذباب يلسع الإِبْل فيرم مكان لسعه، ومنه سمى الهَمْز نبرا لكون الصوت على حال من الارتفاع لا يوجد في غير هذا الحرف، وكل شيء ارتفع فقد نبر. وقال أبو عبيد: منتبراً منتفطاً] (¬244). 78 - قول حُذيفة: "فَأسْكَتَ القَوْمُ" (ص 128). قال الأصمعي: سكت القوم بمعنى صمتوا، وأسكتوا بمعنى أطرقوا، قال أبو علي البغدادي وغيره: سكت وأسكت بمعنى صمت. قال الهروي: ويكون سكت في غير هذا بمعنى سكن. ومنه قوله تعالى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ} (¬245) ويكون سكت بمعنى انقطع حكي عن العرب: جرى الوادي ثلاثاً ثم سكت أي انقطع، ويقال: هو السكوت والسكات، سكت يسكت سكتاً وسُكُوتاً وسكاتاً. 79 - قوله: "مُرْبِئِدًّا كَالْكُوزِ مُجَخّيًا" (ص 129). ¬

_ (¬242) في (ب) "لليسير". (¬243) في (ب) من قوله "ومجلت" الثاني إلى قوله "مجلا" ساقط. (¬244) ما بين المعقفين من قوله: "قال الشيخ" إلى قوله: "منتبراً منتفطاً" ساقط من (ب). (¬245) (154) الأعراف.

قال الشيخ: وقع تفسير ذلك في كتاب مسلم قال أبو خالد: قلت لسعد ابن طارق: ما الأسْوَدُ المربئد؟ قال: شدة البياض في سواد. قلت: فما معنى كالكوز مجخيا؟ قال: منكوسا. قال الهروي: المُجَخِّي المائل، وجخى إذا فتح عضديه في السجود، وكذلك جخ. قال شمر: جخى في صلاته إذا رفع بطنه على الأرض في السجود، وكذلك خوى. قال غيره: وجَخَّى وَخَوَّى، إذا جلس مستوفزا في الغائط (¬246). 80 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الإِيمَانَ لَيَأرِزُ بَيْنَ المَسْجِدَيْنِ كَمَا تَأرِزُ الحَيَّةُ فِي جُحْرِهَا" (ص 131). قال أبو عبيد: أي ينضم ويَجتمع (¬247) بعضه إلى بعض كما تنضم الحية في جحرها. 81 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ عِيسَى يَنْزِلُ حَكَمًا مُقْسِطًا" (ص 135). قال الهروي وغيره: الإِقساط والقسط العدل. ومنه قوله تعالى: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (¬248) ومنه الحديث: "إذاً حَكَمُوا عَدَلُوا وَإذَا قَسَمُوا أقْسَطُوا". ومنه قوله تعالى: {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} (¬249) أي أعدل وقال سبحانه: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ} (¬250) أي بالعدل كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} (¬251). قال ابن قُتيبة: وسمي الميزان القِسط العدل وبالميزان يقع العدل في ¬

_ (¬246) في (ب) "في حائط". (¬247) في (أ) "تنضمّ وتجتمع". (¬248) (9) الحجرات. (¬249) (282) البقرة. (¬250) (29) الأعراف. (¬251) (90) النحل.

القسمة، وقوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ} (¬252) (¬253) أي ذوات القسط وهو العدل. قال غيره: وأما قسط بغير ألف فمعناه جار، ومنه قوله تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}: (¬254) يقال: قسط يقسط قسطاً وقسوطاً إذا جار. والإِقساط والقسط العدل. والقسوط (¬255) والقسط الجَوْرُ. 82 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في ذِكْرِ نُزُولِ عِيسَى: "وَلَتُتْرَكُنَّ القِلاَصُ لاَ يَسْعَى عَلَيْهَا وَلَتَذْهَبَنَّ الشَّحْنَاء" (¬256) (ص 136). قال الشيخ -وفقه الله-: القِلاص جمع قلوص، والقلوص من الإِبل بمنزلة الفتاة من النساء والحدث من الرجال. وقوله: وَلَتَذْهَبَنَّ (¬257) الشحناء، في العداوة والضغن. 83 - قال الشيخ -وفقه الله-: قال مسلم: "حدثنا ابن أبي عمر نا سُفْيان عن الزُّهري عن عامر بن سعد عن أبيه قال قَسَم رَسوُل الله - صلى الله عليه وسلم - قَسْمًا" الحديث (ص 132). قال بعضهم: قال أبو مسعود: هذا الحديث إنما يرويه ابن عُيَينة عن معمر عن الزهري، قاله الحميدي. وسعيد بن عبد الرحمن ومحمد بن الصباح الجرجرائي (¬258) كلهما عن سفيان عن معمر عن الزهري بإسناده ¬

_ (¬252) (47) الأنبياء. (¬253) في (ب) "القسط ليوم القيامة". (¬254) (15) الجن. (¬255) في (ب) "والقسوط" ساقطة. (¬256) في (ب) "من الشحناء". (¬257) في (ب) "لتذهبن". (¬258) في (أ) "الجرجائي": وما اثبتناه هو ما في (ب) و (ج) وجاء في خلاصة =

سواء. وهذا هو المحفوظ عن سفيان. وكذا قال علي بن عمر في كتاب الاستدراكات في هذا الإِسناد. 84 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا مِنَ الأنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيءٍ إلاَّ قَدْ أُعْطِيَ من الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ البَشَرُ وَإنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا" الحديث (ص 134). قال الشيخ: -وفقه الله-: أشار - صلى الله عليه وسلم - بقوله "وحيا" إلى معنى بسطه العلماء فقالوا: فإن معجزته عليه السلام يبعد أن يتخيل فيها أنها ضرب من السحر، وإنما هو كلام معجز ولا يقدر السحرة أن يأتوا لذلك بما يتخيل تشبيهاً به (¬259) كما فعل في عصا موسى وغيرها، لأنهم أتو بعصيّ وحبال يتخيل أنها تسعى فيحتاج التمييز بينهما وبين ما أتى به موسى عليه السلام إلى نظر، والنظر عرضة الزلل فيخطىء الناظر فيعتقد أن ذلك سواء. 85 - قال الشيخ -وفقه الله-: خرج مسلم الحديث الذي فيه: "يَبْعَث الله ريحاً من اليمن" عن أحمد بن عبْدة الضبي (¬260) حدثنا عبد العزيز وأبو علقمة قالا نا صفوان عن عبد الله بن سلمان عن أبيه عن أبي هريرة، قال سمعت: النبيء - صلى الله عليه وسلم ... " الحديث (ص 109). هكذا في هذا الإِسناد: عبد الله بن سلمان. قال البخاري في باب عبد الله: "عبد الله بن سلمان أخو عُبيد الله" (¬261) الأغر المدني مولى جهينة، ثم قال في باب عبيد الله: عبيد الله بن سلمان الأغر المدني مولى جُهَنية، روى ¬

_ = تذهيب الذهبي: الجَرْجَرَائي بجيمين ومهملتين الثانية ممدودة وبعدها همزة مكسورة (ص 341). (¬259) في (ب) "أن يأتوا بمثل ذلك مما يتخيل تشبيهاً به". (¬260) تبدو كلمة "الضبي" في (أ) كأنها "الصبي" وربما أن النقطة التي على الضاد محيت. (¬261) في (ب) "عبد الله".

عنه مالك وابن عجلان وسليمان بن بلال. قا بعضهم: عبد الله، وعبيد الله أصح. 86 - قوله "كَانَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ يَخْلُوا بغَارِ حِرَاء يَتَحَنَّثُ فيه" الحديث (ص 139). قال الشيخ: حراء جبل بينه وبين مكة قدر ثلاث أميال عن يسارك إذا سرت إلى منى. ويجوز فيه التذكير والتأنيث وتذكيره أكثر. وقوله: يتحنث، أي يتعبد. قال مسلم. وقد تقدم أن: يتحنث معناه يفعل فعلاً يخرج به من الحنث. والحنث الإِثم. 87 - وقوله في الحديث: "تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ" (ص 139). أي ترعد بوادره وتضطرب. والبوادر من الإِنسان وغير اللحمة التب بين المنكب والعنق، قاله أبو عبيد في الغريب المصنف. 88 - وقوله: "زَمّلُونِي" (ص 139). أي دثروني بالثياب. قال الشيخ -وفقه الله-: قوله "كان يتحنث بحراء" أي يتعبد. واختلف الناس هل كان متعبداً قبل نبوته بشريعة أم لا؟ فقال بعضهم: إنه كان غير (¬262) متعبد أصلاً، ثم اختلف هؤلاء: هل ينتفي ذلك عقلاً أو نقلاً؟ فقال بعض المبتدعة ينتفى عقلاً لأن في ذلك تنفيراً عنه وغضاً من قدره إذا تنبأ عن أهل تلك الشريعة التي كان من جملتهم، ومن كان تابعاً فيبعد منه أن يكون متبوعاً. وهذا خطأ والعقل لا يحيل هذا. وقال آخرون ¬

_ (¬262) في (ب) "إنه غير متعبد"، "وكان" التي بعد "إنه" في (أ) مضافة بالهامش من التصحيح، ثم إن قوله "فيبعد منه" في (ب) و (ج) "منه" ساقطة.

من حذاق أهل السنة: إنما (¬263) ينتفى ذلك من جهة أنه لو كان لَنُقل ولتداولته الألسن وذكر في سيرته، فإن هذا مما جرت العادة به بأنه لا ينكتم. وقال غير هاتين الطائفتين: بل هو متعبد، ثم اختلفوا أيضاً: هل كان متعبداً بشريعة إبراهيم أو غيره من الرسل. فقيل في ذلك أقوال، ويحتمل أن يكون المراد بقوله تعالى: {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} (¬264) عليه السلام في توحيد الله تعالى وصفاته. 89 - قوله: "وَتَحْمِلُ الكَلَّ" (ص 139). قال ابن النحاس: الكَلُّ الثقيل من كل شيء في المؤُونة والجسم. والكَلُّ أيضاً (¬265) اليتيم. 90 - وقوله: "وَتَكْسِبُ المَعْدُوم" (ص 139). قال ابن النحاس: يقال كسبت الرجل مالاً وأكسبته مالاً. وأنشد: [الطويل] فَأكْسَبَنِي مَالاً ... وَأكْسَبْتُهُ حَمْدًا 91 - قوله: "هَذَا النَّامُوسُ" (ص 139). قال أبو عبيد في مصنفه: الناموس جبريل (¬266). وقال المطرز: قال ابن الأعرابي: لم يأت في الكلام فاعول لام الفعل سين إلا الناموس والجاسوس والجاروس والفاعوس والبابوس والداموس والقاموس والقابوس والعاطوس ¬

_ (¬263) في (ب) "إنما" ساقطة. (¬264) (123) النحل. (¬265) "أيضاً" ممحوة من (أ). (¬266) في (ب) "هو جبريل".

والفانوس والجاموس. فالناموس صاحب سر الخير، والجاسوس صاحب سر الشر، والجاروس الكثير الأكل. والفاعوس (¬267) الحية، والبابوس الصبي الرضيع. قال غيره: وجاء في شعر ابن أحمد يذكر ولد الناقة: [البسيط] حَنَّتْ قَلُوصِي إلَى بَابُوسِهَا جَزَعًا ... وَمَا حَنِينُكَ أمْ مَّا أنْتَ وَالذَّكَرُ قال الهروي: لم يعرف في شعر غيره، والحرف غير مهموز. قال: ومنه حديث كعب "أنَّ عَابِد بَنِي إسْرَائِيلَ مَسَحَ عَلَى رَأسِ الصَّبِيِّ فَقَالَ: يَا بَابُوس"، والداموس: القبر، والقاموس: وسط البحر، والقابوس: الجميل الوجه، والعاطوس: دابة يتشاءم بها (¬268)، والفانوس: النمام، والجاموس: ضرب من البقر. قال ابن دريد في الجمهرة: جاموس أعجمي، وقد تكلمت به العرب قال الراجز: وَالأقْهَبَيْنِ الفِيلَ وَالجَامُوسَا قال: والجاسوس كلمة عربية فاعول من تجسس، قال غيره: والحاسوس بالحاء غير معجمة من تحسس وهو بمعنى الجاسوس. قال الشيخ وفي كتاب مسلم: إن هؤلاء الكلمات بلغن قاعوس البحر، وقد قال ابن دريد في الجمهرة: والكابوس هو الذي يقع على الإِنسان في نومه (¬269). والناموس موضع للصائد وناموس الرجل صاحب سره. ¬

_ (¬267) في (ج) "الفاعوس (بالفاء) الحية". (¬268) في (ب) "يتشاءم منها". (¬269) سقط في (ب) "في نومه".

92 - قال الشيخ -وفقه الله-: "قَوْلُ وَرَقَةَ (¬270) يَا لَيْتَني فِيهَا جَذَعًا" (ص 139). فقوله "فيها" يعني النبوة. وقوله "جذعاً" يعني شاباً فيها، يعني حين تظهر النبوة حتى أبالغ في نصرته (¬271). والأصل في الجذع سن الدواب وهو هاهنا استعارة، والظاهر أن يكون انتصب جذع على الحال. والتقدير: يا ليتني في حين نبوته في حال الشباب، ويصح أن يكون "جذعاً" منصوباً على أنه خبر كان المحذوفه. والتقدير: يا ليتني أكون فيها جذعاً. وهذا على طريقة الكوفيين. ومثل ما يضمر (¬272) فيه كان عندهم قول الله تعالى: {انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ} (¬273) تقديره عند الكسائي: يكون الانتهاء خيراً لكم. ومذهب البصريين أن "خيراً" إنما نتصب هاهنا بإضمار فعل دل عليه قوله {انتهوا} والتقدير عندهم (¬274): انتهوا وافعلوا خيراً. وحكى عن أبي عبيد كقول الكسائي فيه، وقال الفراء: هو نعت لمصدر محذوف تقديره: انتهوا انتهاء خيراً لكم. 93 - وقوله: "نَصْرًا مُؤَزَّرًا" (ص 139). يعني بالغاً. 94 - قال النبيء - صلى الله عليه وسلم -: "فَجُثِثْتُ (¬275) مِنْهُ فَرَقًا" (ص 143). يروى فحثثت بالحاء غير معجمة. ومعناه: أسرعت خوفاً منه، ويروى ¬

_ (¬270) في (ج) "ورقة بن نوفل". (¬271) في (ب) "نصرتك". (¬272) في (ب) "تضمر". (¬273) (171) النساء. (¬274) في (ب) "عندهم" ساقطة. (¬275) في مسلم "جئثت" وفي رواية "فجثثت"، بتقديم "جُئثت".

فَجُثثت، ويروى فجئثت. قال الهروي يقال (¬276): جئف الرجل وجئث (¬277) وجثّ أي فُزِع. 95 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا أنَا بِقَارىءٍ" (ص 139). قيل: (ما) هنا نافية، وقيل استفهامية كأنه (¬278) قال - صلى الله عليه وسلم -: "أي شيء أقرأ؟ " وقد ضعَّفُوا الاستفهام بإدخال الباء ولو كان استفهاماً لكان ما أنا قارىء وإنما تدخل الباء على (ما) (¬279) النافية فتكون الباء تأكيداً للنّفي. 96 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الإِسْراءِ: "فُرِض عَلَيَّ فِي كُلّ يَوْم خَمْسِينَ صَلاَةً. ثُمَّ ذَكَرَ مُرَاجَعَةَ رَبَّه سُبْحَانَهُ حَتَّى رَدَّهُ إلَى خَمْسٍ" (ص 145). قال الشيخ -وفقه الله-: هذا بيستدل به على مَنْ منع نسخ لشيء قبل فعله إذ لم يفعل من هذه الصلوات شيئاً (¬280) بعد. واختلف الناس بالإِسراء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل: إنّما كان جميع ذلك مناماً واحتجوا بقوله سبحانه: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} (¬281)، وقيل بل جميعه كان حقيقة في اليقظة. واستدلوا بقوله عز وجل: {أَسْرَى (¬282) بِعَبْدِهِ} (¬283) ولم يقل: بروح عبده، ولا ¬

_ (¬276) "يقال" في (أ) من تصحيح الهامش. (¬277) في (ب) "قال الهروي: جرف الرجل وجبث وجث أي فزع". (¬278) في (ب) "فكأنه". (¬279) "ما" ساقطة من (ب). (¬280) في (ب) "شيء على أن يفعل" مبني للنائب، وكذلك في (ج). (¬281) (60) الإِسراء. (¬282) في (ب) "سبحان الذي أسرى بعبده". (¬283) (1) الإِسراء.

ينتقل من الحقيقة (¬284) إلى المجاز إلا بدليل. واحتجوا أيضاً بأن ذلك لو كان مناماً لما استبعده الكفَّار وكذَّبوه فيه وافتتن به أيضاً بعض من كان أسلم من الضُّعفاء حتى ارتد، وغير بعيد أن يرى الإِنسان مثل ذلك في المنام، وقيل: أيضاً (¬285) الإِسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى كان في اليقظة، وما بعد ذلك منام، ويصح لقائل هذا القول أن يبني فيقول قوله (¬286) {أَسْرَى بِعَبْدِهِ} الإِسراء نهايته كما قال: {إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} كان بالجسد، وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ} (¬287)، يريد ما كان في المنام بعد ذلك، احتج للقائل (¬288) بهذا التفصيل بأن ذلك خرج مخرج التمدّح والإِخبار بتشريفه - صلى الله عليه وسلم - ولا يقع التمدح بالأدون مع وجود الأرفع، فلو كان قد صعد إلى السماء بجسده لكان يقول: أسرى بعبده إلى السماء، فهو أبلغ في المدح من أن يقول: "إلى المسجد الأقصى". 97 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَإذَا رَجُلٌ عَنْ يَمِيِنِه أسْوِدَةٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ أسْوِدَةٌ" الحديث (ص 148). قال الشيخ -وفقه الله-: أسودة جمع سواد مثل قذال وأقذلة. وزمان وأزمنة وسنام وأسنمة. قال الهروي: السواد الجماعات، قال غيره: فكأنه قال: فإذا رجل عن يمينه جماعة وعن يساره جماعة، والسواد أيضاً: الشخص، يقال: لا يفارق سوادك سوادي، أي شخصك شخصي. ¬

_ (¬284) في (ب) "عن الحقيقة". (¬285) في (ج) "إنما الإِسراء". (¬286) "قوله" ساقطة من (ب). (¬287) (60) الإِسراء. (¬288) في (ب) "احتج القائل".

98 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ثُمَّ أُدْخِلْتُ الجَنَّةَ فَإذَا فِيهَا (¬289) جَنَابِذُ اللُّؤلُؤِ" (ص 149). قال الهروي: قال ابن الأعرابي: الجُنْبُذة القبة وجمعها جنابذ. قال الشيخ: وقع في البخاري: حبائل اللؤلؤ، وقد قيل: إن الصواب ما في كتاب مسلم. 99 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في صِفَةِ مُوسَى عليه السلام: "ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ" (ص 153). الضرب: الرجل الذي له جسم بين جسمين ليس بالضخم ولا بالضئيل. قال طرفة (¬290): [الطويل] أنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الَّذِي تَعْرِفُونَهُ ... خِشاش كَرَأسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ الخشاش (بكسر الخاء وفتحها وضمها) كلها بمعنى واحد، وهو اللطيف الرأس. قاله ابن السكيت. وقال أبو عبيد: في مصنفه: الخِشاش (¬291) الرجل الخفيف، وأيضاً الحية. وأيضاً ما يخش به أنف البعير. وأما الخشاش بالفتح فشرار الطير. 100 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَهُ جُؤَارٌ" (ص 152). الجؤار: رفع الصوت. وهو مهموز (¬292) من قوله تعالى: {فَإلَيْهِ (¬293) ¬

_ (¬289) في (ب) "بها". (¬290) في (ج) "طرفة بن العبد". (¬291) وقع شكل "الخشاش" في (أ) بكسر الخاء. (¬292) في (ب) "وهو مهموز" ساقطة. (¬293) في النسخ الثلاث "ثم إليه"، والتلاوة ما أثبتناه.

تَجْأرُونَ} (¬294) أي ترفعون أصواتكم وتستغيثون، يقال: جأر يجأر (¬295). قال عدي ابن زيد: [الرمل] إنَّنِي وَالله فَاقْبِلْ حَلْفَتِي ... بِأبِيلٍ كُلَّمَا صَلَّى جَأرْ 101 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "عَلَى نَاقَةٍ جَعْدَةٍ خِطَامُهَا خُلْبَةٌ" (ص 152). الخلبة (بخاء معجمة مضمومة) هو الليف. وفيه لغتان خلبة (باسكان اللام) وخلبة (بضم اللام) (¬296) قاله ابن (¬297) السكيت. والجعدة المجتمعة الخلق الشديدة الأسر (¬298). 102 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "شُقَّ مِن النَّحْرِ إلَى مَرَاقٌ البَطْنِ" (ص 151). قال ابن قتيبة: هو (بتشديد القاف) قال غيره (¬299): مراق البطن ما سفل منه. 103: وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يَنْطُفُ رَأسُهُ مَاءً" (ص 156). أي يقطر، والنطف القطر. يقال: نطف ينطفُ، وينطِف (بضم الطاء وكسرها) من المستقبل. وجاء في الحديث الآخر: "يقطر رأسه ماء". 104 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "في صِفَة الدَّجَّالِ جَعْدٌ قَطَطٌ" (ص 155). ¬

_ (¬294) (53) النحل. (¬295) في (ج) "أي ترفعون أصواتكم إليه يقال: جأر يجأر إذا صاح واستغاث". (¬296) في (ب) "بضمها". (¬297) في (ب) "قال ابن السكيت". (¬298) في (ج) وقوله "جعدة الجعدة هى المجتمعة الخلق الشديدة الأسر والأسر الخلق، يقال: شديد الأسر أي بعضه مشدود إلى بعض". (¬299) في (ج) "قال الهروي".

أي شديد الجعودة. يقال: شعر جعد ورجل جعد، قال الهروي: الجعد في صفات الرجال يكون مدحاً ويكون ذماً، فإذا كان ذما فله معنيان: أحدهما: القصير المتردد، والآخر: البخيل (¬300): يقال: رجل جعد اليدين وجعد الأصابع أي بخيل، والجعد إذا كان مدحاً له أيضاً معنيان أحدهما: أن يكون شديد الخلق، والآخر: أن يكون شعره جعداً غير سبِط، فيكون مدحاً له لأن السبوطة أكثرها في شعور العجم، قال غيره: فالجعد في صفة الدجال ذم، وفي صفة موسى عليه السلام مدح. 105 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في صفة الدجّال: "كأنّ عيْنَهُ عِنَبةٌ طافية" (ص 155). قال الأخفش: طافية بغير همز أي ممتلئة قد طفت وبرزت، قال غيره: وطافئة بالهمز أي قد (¬301) ذهب ضوؤها وتقبضت. قال عيسى بن دينار وغيره: سمي الدجال (¬302) مسيحاً لأنه ممسوح إحدى العينين (¬303)، فهو فعيل بمعنى مفعول، [وسمي عيسى عليه السلام مسيحاً من أجل سياحته في الأرض وأنه لم يكن له موضع يستقر فيه من الأرض فهو فعيل بمعنى فاعل (¬304). قال الهروي: قال ابن الأعرابى: المسيح الصدِّيق، وبه سمي عيسى عليه السلام، والمسيح الأعور. وبه سمي الدجال. [وقال الحربي: سمي عيسى (¬305) مسيحاً بمسح زكرياء إياه، أو يكون اسماً خصه الله تعالى به. وقال ابن عباس: سمي بذلك لأنه كان (¬306) لا يمسح ذا عاهة إلا ¬

_ (¬300) في الغريبين: البخيل الذي لا يبِضُّ حَجَرُه. (¬301) في (ب) "أن ذهب". (¬302) في (ب) "المسيح الدجال". (¬303) في (ب) "لأنه ممسوح العينين". (¬304) "فعيل بمعنى فاعل" من تصحيح الهامش في (أ) وهي ساقطة من (ب). (¬305) في (ب) "قال الحربي وسمي عيسى بن مريم". (¬306) "كان" في (أ) من تصحيح الهامش، ثم "كان" ساقطة من (ب).

برىء (¬307) قال غيره: عن قال في الدجال مسّيح على فعّيل (بكسر الميم وتشديد السين) فليس بشيء] (¬308). 106 - قال الشيخ -وفقه الله-: قال مسلم: "حدثنا محمد بن المُثَنَّى عن محمد بن أبي عَدِيّ عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك، لعله قال (¬309): عن مالك بن صَعْصَعَة [رجل من قومه. قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: "بَيْنَمَا أنَا عِنْدَ البَيْتِ" الحديث (ص 149). قال بعضهم: هذا الحديث محفوظ عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة] (¬310) دون شك ولا ارتياب، قال الدارقطني: لم يروه عن أنس ابن مالك عن مالك بن صعصعة غير قتادة. 107 - قول عائشة رضي الله عنها لِلَّذِي سَألَهَا: هَلْ رَأى النَّبيءُ - صلى الله عليه وسلم - رَبَّهُ؟ "سُبْحَانَهُ لَقَدْ قَفَّ شَعَرِي لِمَا قُلْتَ" الحديث (ص 160). ¬

_ (¬307) في (أ) "برأ" الهمزة على الألف مع شكل الراء بالكسر وهو تحريف. وفي (ج) "بَرأ" بفتح الراء. وجاء في البستان ان برَأ بفتح الراء بمعنى بَرِىء. (¬308) هذه الفقرة التي بين المعقفين وسطًا وردت في (ج) مغايرة لما هنا، وهذا نصها: قال الهروي: قال الجوني: وسمي عيسى عليه السلام مسيحاً لمسح زكرياء إياه، أو يكون اسماً خصه الله به. وقال أبو العباس: سمي مسيحاً لأنه كان يمسح الأرض، أي يقطعها. وقال ابن عباس: سمي مسيحاً لأنه كان لا يمسح على ذي عاهة إلا بَرَأ. وقال ابن الأعرابي: المسيح الصدّيق وبه سمي عيسى عليه السلام والمسيح الأعور وبه سمي الدجال. وقال الهروي: من قال في الدجال مسيح على وزن فعِّيل بكسر الفاء وتشديد العين، فليس بشيء، وقال أبو الهيثم: المسيخ ضد المسيح. (¬309) "قال" من تصحيح الهامش في (أ). (¬310) ما بين المعقفين ساقط من (ب).

قال ابن الأعرابي: تقول العرب عند إنكار الشيء: قفّ شعري واقشعر جلدي واشمأزت نفسي. قال الشيخ وفقه الله: وإنكارها في هذا الحديث (¬311) وفي غيره على من سألها عن الرؤية محملهُ عند أهل العلم على أنها إنما (¬312) أنكرت (¬313) الرؤية في الدنيا لا أنها ممن تحيل جواز رؤية الباري سبحانه كما قالت المعتزلة. 108 - وقوله - صلى الله عليه وسلم - حِينَ سَألَهُ أبُو ذرّ: هَلْ رَأيْتَ رَبَّكَ تعالى؟ قال: "نور أنَّى أرَاهُ" وفي نُسْخَةٍ أخرَى "نُورَانّي" (¬314). وفي طريق أخرى أن القائل قال له: "لو رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَسَألْتُهُ. فَقَالَ: وَعَنْ أيِّ شَيْءٍ كنتَ تَسألُهُ؟ قُلْتُ (¬315): هل رَأى رَبَّهُ؟ قال أبو ذر: سَألْتُهُ. فَقَالَ: رَأيْتُ نُورًا" (ص 161). قال الشيخ -وفقه الله-: إن قيل ظاهر الخبرين متناقض لأن الأول فيه: أن النور يمنع رؤيته، والثاني فيه: أن النور مرئي. قلنا: يصحّ أن يكون الضمير في قوله "أراه" عائداً على الله سبحانه، وقوله "نور أنّى أراه" يعني أن النور أعشى (¬316) بصري ومنعني من الرؤية، كما جرت العادة بإعشاء الأنوار الأبصار، ومنعها من إدراك ما حالت بين الرائي وبينه، فيكون انتهاء رؤيته - صلى الله عليه وسلم - إلى النور خاصة، وهو الذي أدرك؛ فإذا أمكن هذا التأويل لم يكن ذلك مناقضاً للخبر الآخر، بل هو مطابق له لأنه أخبر فيه أنه رأى ¬

_ (¬311) في (ب) "وانكار هذا في الحديث". (¬312) في (ب) "إنما" ساقطة. (¬313) في (ج) "أنكرت عليه". (¬314) قال القاضي عياض: هذه الرواية لم تقع إلينا ولا رأيتها في شيء من الأصول. (¬315) في صحيح مسلم "قال: وقد أثبت هاهنا الحديث بالمعنى". (¬316) في (ب) و (ج) "أغشى" وكذلك قوله "باغشاء" في (ب).

نورا، وكذلك في الأول، والرواية التي فيها: "نُورانّي" أشد إشكالا. ويحتمل أن يكون معناه راجعاً إلى ما قلنا أي خلق النور (¬317) المانع لي من رؤيته فيكون من صفات الأفعال. 109 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "حِجَابُهُ النُّورُ"، وفي رواية أخرى: "النَّارُ (¬318) لَو كَشَفَهُ لأحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهه مَا انْتَهَى إلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ" (ص 162). قال الشيخ: الضمير الذي في "وجهه" يعود على المخلوق لا على الخالق إذ الحجاب بمعنى الستر إنما يكون على الأجسام المحدودة والباري جلت قدرته ليس بجسم ولا محدود، والحجاب في اللغة المنع، ومنه سمي المانع من الأمير حاجباً لمنعه الناس عنه، ومنه الحاجب في الوجه لأنه يمنع الأذى عن العين، والإِنسان ممنوع من رؤية الخالق في الدنيا، فسمي منعه حجابا. ولما كان النور والنار المانعين (¬319) في العادة من الإِدراك، وهما من أشرف الأشياء المانعة أخبر عليه السلام أنه لو كشف عن النار أو النور المانعين من الإِدراك في العادة لأحرقت وجوه المخلوقين، وإن كان الباري سبحانه لا تقابله الأنوار (¬320) وتقابل المخلوقين وتمنعهم من الرؤية. [قال الشيخ -وفقه الله-: وأما تفسير السبحات فقال الهروي (¬321): سبحات وجهه. نور وجهه تعالى. وفي كتاب العين: سبحة من نور وجهه وجلاله، وإنما نقلنا هذا ليعلم قول أهل اللغة في هذه اللفظة لا على أتباعهم فيمن يرجع الضمير إليه، وإطلاق هذا اللفظ الذي قالوه] (¬322). ¬

_ (¬317) في (ب) و (ج) "خالق النور". (¬318) في (ب) "حجابهُ النار"، وما هنا هو الذي في مسلم. (¬319) في (ب) "مانعين". (¬320) في (ب) "لا تغالبه الأنوار". (¬321) والصواب "فقال" وهو في نسخة ثالثة وهي. (ج). وفي (أ) "قال". (¬322) ما بين المعقفين ساقط من (ب).

110 - وقوله - صلى الله عليه وسلم - فِي أهْل الجَنَّةِ: "مَا بَيْنَ القَوْمِ وَبَين أنْ يَنْظُرُوا إلَى رَبِّهِمْ إلاَّ رِدَاءُ الكِبْرِيَاء عَلَى وَجْهِهِ" (ص 163). قال الشيخ -وفقه الله-: كان - صلى الله عليه وسلم - يخاطب العرب بما تفهم ويخرج لهم الأشياء إلى الحس حتى يقرب تناولهم لها، فعبر عن زوال المانع ورفعه عن الأبصار بذلك. 111 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "هَلْ تُضَارُّونَ فِي القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، وَهَلْ تَضَارُّونَ في الشَّمْسِ ليس دُونَهَا حِجَاب؟ " وفي الحديث الآخر: "هَلْ تضامون؟ " (ص 164). قال الشيخ: فيه رد على المعتزلة في إحالتهم رؤية الباري سبحانه، ويروى (بتشديد الراء وبتخفيفها) فالتخفيف مأخوذ من الضير، والأصل فيه تُضْيَرُون، والمعنى: لا يخالف بعضكم بعضا ولا تتنازعون، يقال: ضاره يضيره ويضوره، وأما تضارُّون (بالتشديد) فمعناه ومعنى التخفيف واحد فيكون على معنى لا تضارِرون (¬323) أحدا، وتسكن الراء الأولى وتدغم في التي بعدها، ويحذف المفعول لبيان معناه. ويجوز أن يكون على معنى (¬324) لا تضارَرُون (¬325) بفتح الراء الأولى، أي لا تنازعون ولا تجادلون فتكونوا (¬326) أحزابا يضر (¬327) بعضكم بعضا في الجدل، ويقال (¬328): ¬

_ (¬323) في (ب) وقع شكل "لا تضارَرُون"، بفتح الراء الأولى على أنه مبني للمفعول وهو خطأ والصواب الشكل الذي أثبتناه وهو ما جاء في (أ) وهو الصواب بدليل ما بعد. (¬324) في (ب) "أن يكون على معنى" ساقطة. (¬325) في (أ) "لا تضاررون أحدا" بفتح الراء. وما أثبتناه في (ب) وهو الصواب وكذلك في (ج). (¬326) في (ب) و (ج) "فتكونون أحزابا" بإثبات النون في "تكونون"، ويبدو أنها كانت كذلك في (أ) ثم أصلحت لمخالفة القاعدة العربية. (¬327) في (ب) "يضم". (¬328) في (ب) "يقول".

ضاررته مضارة إذا خالفته، وأما من روي: لا تضامُّون (بالميم وتشديدها) فمعناه: لا ينضم بعضكم إلى بعض في وقت النظر كما تفعلون بالهلال. ومن رواه (بتخفيف الميم) فمعناه لا ينالكم ضيم في رؤيته، فيراه بعض دون بعض، بل تستوون في الرؤية، وأصله تُضْيَمُون على وزن تفعلون، وألقيت فتحة الياء على الضاد فصارت الياء ألفا لانفتاح ما قبلها، والضيم الذل (¬329). 112 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يَأتِيَهُمُ الله فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتي يَعْرِفُونَهَا فَيَقُولُ: أنا رَبُّكُمْ" (¬330). قال الشيخ: يحتمل أن تأتيهم صورة مخلوقة، فيقول: أنا ربّكم، على سبيل الاختبار والامتحان، فيقولون: "نَعُوذُ بِالله مِنْكَ فَيَأتِيَهُمُ الله فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَهَا". الإِتيان هاهنا عبارة عن رؤيتهم الله تعالى، وقد جرت العادة في المحدثين أن من كان غائباً عن غيره فلا يمكنه التوصل إلى رؤيته إلا بإتيان أو مجيء فعبّر بالإِتيان هاهنا والمجيء عن الرؤية على سبيل المجاز. 113 - وقوله: "فِي صُورَتهِ الَّتِى يَعْرِفُونَهَا" (ص 164). أحسن ما يتأول (¬331) على أنها صورة اعتقاد، كما يقال: صورة اعتقادي في هذا الأمر. والاعتقاد ليس بصورة مركبة، فيكون المعنى يرون الله على ما كانوا يعتقدونه عليه من الصفات التي هو عليها. ¬

_ (¬329) في (ج) "والضيم الذل" جاءت بعد قوله "تستوون في الرؤية". (¬330) في (ب) "الحديث". (¬331) في (ج) "يتأوّل في ذلك".

114 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَيخرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتُحِشُوا (¬332) فَيُصَبُّ عَلَيْهمْ مَاءُ الحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ مِنْهُ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّة فِي حَمِيلِ السَّيْلِ" (¬333) (ص 165). قال الشيخ -وفقه الله-: "امتحشوا" معناه أحرقوا، قال الهروي: قال ابن شميل: الحبة (بكسر الحاء) اسم جامع لحبوب البقول التي تنتشر إذا هاجت ثم إذا مطرت من قابل (¬334) نبتت. قال أبو عمرو: الحِبَّة نبت ينبت في الحشيش الصغار، قال غيره: قال ابن دريد في الجمهرة: كل ما كان من بَزْر العشب فهو حبة، والجمع حبب، قال الهروي: وقوله في حميل السيل: قال أبو سعيد الضرير: حميل السيل ما جاء به من طين أو غثاء، فإذا اتفق فيه الحبة واستقرت على شط مجرى السيل فإنها تنبت في يوم وليلة وهي أسرع نابتة نباتا. وإنما أخبر - صلى الله عليه وسلم - عن سرعة نباتهم. 115 - وقوله في الحديث:" أي رَبّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ فَإنَّهُ قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا، وَأحْرَقَنِي ذَكَاهَا" (¬335) (ص 165). قال الهروي: كل مسموم (¬336) قشيب ومقشب، وقال الليث: القِشْبُ اسم السم. وقال عمر رضي الله عنه لبعض بنيه: قشبك المال، أي ذهب بعقلك، والقَشْبُ (¬337) خلط السم بالطعام. ¬

_ (¬332) جاء في (أ) "امتحشوا" مشكولا بضم التاء وكسر الحاء مبنيا للنائب. وفي مسلم بالبناء للفاعل وكلاهما صحيح لأنه على البناء للفاعل يكون معناه احترقوا وعلى البناء للنائب يكون المعنى أحرقتهم النار. (¬333) في (ب) "في جانب السيل" وما هنا هو الموافق لما في مسلم. (¬334) في (ب) "تنشر إذا ماتت، ثم إذا مطرت من قبل". (¬335) في (ب) "ذكاؤها"، وكذلك فيما سيأتي، وهو ما في متن مسلم. (¬336) في (أ) و (ب) "وكل مشموم بالشين المعجمة". (¬337) في (ب) "والقشب والقشيب"، وهو تحريف.

[الكلام في الضحك والتجلي]

روي عن عمر رضي الله عنه أنه وجد من معاوية ريحاً طيبة وهو محرم، فقال: من قشبنا. أراد أن ريح الطيب على هذه الحال قشب كما أن ريح النتن قشب، ويقال: ما أقشب بيتهم، أي ما أقذره (¬338). وقوله "ذكاها" أي تلهبها. قال ابن قتيبة في تفسير هذا الحديث: ذكاها أي اشتعالها. قال ابن ولّاد: الذكا تلهب النار مقصور غير ممدود. [الكلام في الضحك والتَجلّي] (¬339) 116 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو الله حَتَّى يَضْحَكَ الله مِنْهُ فَإذَا ضَحِكَ الله مِنْهُ قَالَ: ادْخُلِ الجَنَّةَ" (¬340) (ص 166). قال الشيخ -وفقه الله-: الضحك من الله محمول على إظهار الرضا والقبول إذ الضحك في البشر علامة على ذلك (¬341). ويقال: ضحكت الأرض، إذا ظهر نباتها. وفي بعض الحديث "فَيَبْعَثُ الله سحاباً فَيَضْحَكُ أحْسَن الضَّحِكِ" فجعل انجلاءه كل البرق ضحكا على الاستعارة كأنه تعالى لما أظهر له رحمته استعير له اسم الضحك مجازاً. 117 - وفي حديث آخر بَعْدَ هَذَا: "يَقُولُ الله تَعَالَى لِلرَّجُلِ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الجَنَّةَ فَتَتَخَيَّلُ لَهُ (¬342) أنَّهَا مَلأى: فَيَقُولُ الله لَهُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الجَنَّةَ: فَيَقُولُ اتَسْخَرُ بِي أوْ تَضْحَكُ بِي وَأنْتَ المَلِكُ" (ص 173). قال الشيخ: يتعلق بهذا الحديث سؤالان، فيقال: ما معنى قوله "تسخر ¬

_ (¬338) في (ج) "ما أقذرهم". (¬339) جاء هذا العنوان في (ب) خاصة. (¬340) في (ج) "قال: اذهب فادخل الجنة"، وهو في حديث آخر غير هذا. (¬341) في (ب) "علامة ذلك". (¬342) فى (ب) "فيخيل إليه"، وهو ما في مسلم وفي (أ) سقطت نقط الخاء.

بي، أو تضحك بي وأنت الملك؟ " وهب أنكم تأوَّلتم الضحك على ما ذكرتم (¬343) من الرضا وغيره، وهذا غير متأت هاهنا. والسؤال الثاني: أن يقال: كيف يقال للباري سبحانه: أتسخر مني؟ وِإنما: ساغ ذلك في الشرع على وجه المقابلة، كقوله تعالى: {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} (¬344)، {وَيَسْتَهْزِئُونَ}، {الله يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ} (¬345). والجواب عن السؤال الأول: أن يقال من عادة المستهزىء من المخلوقين والساخر أن يضحك، فوضع هاهنا "تضحك" موضع: تستهزىء وتسخر. لما كانت حالة (¬346) للساخر. وأما الجواب عن السؤال الثاني فإن هذا هاهنا لم يقع إلا على جهة المقابلة وهي إن لم تكن موجودة في اللفظ، فهي موجودة في معنى الحديث لأنه ذكر فيه أنه عاهد الله مراراً أن لا يسأل الله تعالى غير ما سأله، ثم غدر، وحل غدره محل الاستهزاء والسخرية، فقدر أن قوله تعالى له (¬347): {ادخل الجنّة} وتردده إليها وتخيله أنها ملأى ضرب من الإِطماع له والسخرية به جزاء على ما تقدم من غدره، وعقوبة له فسمي الجزاء على السخرية سخرية، فقال: أتسخر مني، أي تعاقبني بالإِطماع (¬348). ¬

_ (¬343) في (ج) "على معنى الرضا". (¬344) (79) التوبة. (¬345) في النسخ الثلاث "ويستهزءون الله يستهزىء بهم" مع أن التلاوة {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} (15) البقرة، والظاهر أنه لم يقصد التلاوة بدليل الاتيان بالفعل والواو قبله. (¬346) في (ب) "عادة". (¬347) في (ب) "له" ساقطة. (¬348) في (ج) "فلا يكون منك الوفا ما كان مني".

118 - قوله في الحديث: "فَتَجَلَّى لَهُمْ يَضْحَكُ" (ص 178). التجلي في لسان العرب معناه: الظهور، فيكون المعنى هاهنا: يظهر لهم، ومنه قوله تعالى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} (¬349) معناه: ظهر. والضحك ذكرنا أنه يعبر به عن الرضا وإظهار الرحمة، فيكون المعنى على هذا: يظهر لهم وهو راض، ويكون ذلك مجازاً خاطب عليه السلام به العرب على ما اعتادت من لغتها. 119 - إخباره في حديث الشفاعة: "وَذِكْرُهُمُ الخَطَايا" (ص 180). يحتج به من يجوّز وقوع الصغائر من الأنبياء عليهم السلام. 120 - أخبر عليه السلام: "أنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَقُولُ: ائْتُوا نُوحًا فَهْوَ أوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ الله سُبْحَانَهُ" (ص 180). وقد ذكر المؤرخون أن إدريس جد نوح عليهما السلام، فإن قام الدليل على أن إدريس بعث أيضاً لم يصح قول النَّسَّابِين إنه قبل نوح لما أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قول آدم عليه السلام: إن نوحا أول رسول بعث، وإن لم يقم دليل جاز ما قالوا وصح أن يحمل ذلك على أن إدريس كان نبيئا غير مرسل. 121 - قوله في الحديث: "تَحْطِمُ (¬350) بَعْضُهَا بَعْضًا" (ص 168). قال الهروي: سميت النار الحُطمة، لأنها تحطم كل شيء، أي تكسره وتأتي عليه. ¬

_ (¬349) (143) الأعراف. (¬350) في (ب) و (ج) "يحطم" وهو ما في مسلم.

122 - قوله: "انْفَهَقَتْ لَهُ الجَنَّةُ" (ص 166). معناه: انفتحت واتسعت. 123 - وقوله: "قَدْ عَادُوا حُمَمًا" (ص 170). الحمم: الفحم، واحدتها حممة. قال طرفة: [السريع] أشَجَاكَ الرَّبْع أم قِدَمُه ... أمْ رَمَادٌ دارِسٌ حُمَمُهْ (¬351) 124 - قوله:"فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِرَ" (¬352) (ص 173). قال الهروي: ضبائر جمع ضِبارة (بكسر الضاد) مثل عمارة وعمائر، والضبائر: جماعات الناس، يقال: رأيتهم ضبائر، أي جماعة (¬353) في تفرقة. 125 - قوله: "حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ" (ص 173). أي ضواحكه. والنواجذ هاهنا هي الضواحك، وليست بالنواجذ التي هي أقصى الأضراس، لأن ضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما كان تبسما، وقال الأصمعي: هي الأضراس. وفي حديث آخر: "إن الملكين قاعدان على ناجذي (¬354) العبد ¬

_ (¬351) في مختار الشعر الجاهلي (ج 1 ص 334) هو مطلع القصيد وانظر الفهرس. (¬352) ضبطت "ضبائر" في (أ) برفع الراء في خط الناسخ ثم إن المقابل شكلها بالنصب وهو الصواب. (¬353) في (ج) "أي جماعات". (¬354) في (ب) "نواجذي العبد تكتبان".

يكتبان "قال أبو العباس: النواجذ الأنياب، وهو أحسن ما قيل في النواجذ لأن في الخبر أنه كان - صلى الله عليه وسلم - جُلّ ضحكه التبسم (¬355). 126 - وقوله: "جِسْرُ جَهَنَّمَ" (ص 169). قال يعقوب بن السكيت: فيه لغتان فتح الجيم وكسرها. 127 - وقوله: "كَلاَلِيبُ" (ص 169). هو جمع كَلُّوب على وزن فعّول بفتح أوله مثل سَفُّود. والحسك جمع حسكة، وهي شوكة حديدة صلبة. 128 - وقوله:"فَيَنْهَسُ نَهْسَةً مِنْهَا" (¬356) (ص 184). قال الهروي: قال أبو العباس: النهس (بالسين غير معجمة) هو بأطراف الأسنان، والنهش (بالشين) هو بالأضراس. وقوله: "نهس منها نهسة" أي أخذ منها بأطراف أسنانه (¬357). 129 - وقوله: "حَتَّى تُزْلَفَ لَهُمُ الجَنَّةُ" (ص 187). أي تقرب لهم وتدنى منهم (¬358). 130 - قوله: "فَيَقُومَانِ (¬359) جَنَبَتَيِ الصِّراطِ" (ص 187). ¬

_ (¬355) في (ج) "تبسما". (¬356) في (أ) "فينهش منها نهشا" بالشين وما جاء في (ب) هو ما في مسلم. (¬357) في (أ) "باطراف أضراسه". (¬358) في (ب) "وتدنوا" هكذا. (¬359) في (ب) "فيقومون"، وفي (ج) فيقومان على جنبتي الصراط".

قال الشيخ -أيده الله-: جنبتاه ناحيتاه. يقال: جنبتا الوادي وجانباه وضفتاه وناحيتاه. 131 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنِّي خَبَأتُ دَعْوَتِي" (ص 190) معناه: ادخرتها لأمتي. 132 - قوله: "يربأ أهْلَهُ" (ص 193). الربيئة هو الطليعة والعين. وأنشد المطرز: [الوافر] فَأرْسَلْنَا أبَا عَمْرٍو رَبِيئًا 133 - قوله: "فَانْطَلَقَ إلَى رَضْمَةٍ مِنْ جَبَلٍ" (ص 193). هى صخور بعضها على بعض. يقال: بني داره فرضم فيها (¬360) الحجارة رضماً، ومنه الحديث "وكان البناء الأول من الكعبة رضماً". 134 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَجَدْتُهُ فِي غُبَّرَاتٍ مِنَ النَّارِ" (ص 195). الغُّبَّرَاتُ: البقايا، وفي رواية أخرى: "غَمَرَات منها" أي في شيء كثير منها. 135 - قوله: "فَأخْرَجْتُهُ إلَى ضَحْضَاحٍ" (ص 195). الضحضاح: ما رق من الماء على وجه الأرض، ومنه وصف عمرو ابن العاصي يذكر عمر رضي الله عنهما جَانب غمْرتها، ومشى ضَحْضَاحَهَا، وما ابتلت قدماه يقول: لم يتعلق من الدنيا بشيء. ¬

_ (¬360) في (أ) و (ب) "فيه".

136 - قوله: "لاَ رُقْيَةَ إلاَّ مِنْ عَيْن أوْ حُمَةٍ" (ص 199). الحُمَة: السم. 137 - قوله: "فَأسْنَدَ ظَهْرَهُ إلَى قُبَّةٍ مِن أدَم" (¬361) (ص 201). قال الليث والمطرز، قال ابن الكلبي: بيوت العرب ستة: قبة من أدَم، وَأُقْنَة من حجر (¬362)، وخيمة من شجر، ومِظلة من شعر، وبجاد من وَبَر، وخباء من صوف. 138 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: "يَدْخلُ الجَنَّةَ مِنْ أمَّتِى سَبْعُونَ ألْفًا بِغَيْرِ حِسَابِ، قَالُوا: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ الله؟ قال: هُمُ الَّذِينَ لاَ يَسْتَرْقونَ، وَلاَ يَتَطَيَّرونَ، وَلاَ يَكْتَوُون وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ" (ص 198). احتج (¬363) بعض الناس بهذا الحديث على أن التداوي مكروه، وجل مذاهب العلماء على خلاف ذلك واحتجوا بما وقع في أحاديث كثيرة من ذكره - صلى الله عليه وسلم - لمنافع الأدوية، والأطعمة كالحبة السوداء، والقُسط، والصّبر وغير ذلك، وبأنه - صلى الله عليه وسلم - تداوى، وبأخبار عائشة رضي الله عنها بكثرة تداويه، وبما علم من الاستشفاء برقاه، وبالحديث الذي فيه: أن بعض أصحابه (¬364) أخذوا على الرقية أجرا، فإذا ثبت هذا صح أن يحمل ما في ¬

_ (¬361) في (ب) "قبة ءادم"، وهي غير صحيحة، وفي (أ) "إلى قبة أدم" وزيدت "من" بالهامش. (¬362) في (ب) "واقبية من حجر"، وجاءت "اقنة" في (أ) بفتح الهمزة، وفي القاموس وغيره "الاقنة" بالضم، وما نقله هنا عن ابن الكلبي جاء في التاج (ج 9 ص 124)، وجاء في (ج) "وأقنة من حجر" بالنون، مع شكل "اقنة" بضم الهمزة. (¬363) في (ج) "قال الشيخ وفقه الله". (¬364) في (ب) "بعض الصحابة".

الحديث على قوم يعتقدون أن الأدوية نافعة بطباعها كما يقول بعض الطبائعيّين (¬365) لا أنهم يفوضون الأمر إلى الله سبحانه وحده، وهذا التأويل نحو التأويل المتقدم في حديث الاستمطار بالنجوم (¬366). جاء قبل كتاب الطهارة بلغ -والحمد لله وحده- مقابلة. ¬

_ (¬365) في (ب) "الطبائعيين" وهو ما أثبتناه. وفي (أ) "الطبائعين" وفي (ج) "الطبايعين" بالياء لا بالهمز. (¬366) في (ج) "بسم الله الرحمن الرحيم"، وبالهامش "بلغ مقابلة".

2 - كتاب الطهارة

2 - كتاب الطهارة 139 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ" (ص 203). قال الشيخ -وفقه الله-: يحتمل هذا الحديث وجهين: أحدهما: أن يكون المراد بقوله "شطر الإِيمان"، أي أنه ينتهي تضعيف الأجر فيه إلى نصف أجر الإِيمان من غير تضعيف، وهذا كأحد التأويلات في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ قُلْ هُوَ الله أحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآن"، وسنذكر ذلك بعدُ إن شاء الله. والوجه الثاني: أن يكون معنى شطر الإِيمان: أن الإِيمان يجُبُّ ما قبله من الآثام، وقد أخبر عليه السلام أن الوضوء أيضاً تذهب عن الإِنسان به الخطايا إلا أنه قد قام الدليل أن الوضوء لا يصح الانتفاع به إلا مع مضامّة الإِيمان له فكأنه لم يحصل به رفع الإِثم إلا مع شيء ثان، ولما كان الإِيمان يمحو الآثام المتقدمة عليه بانفراده صار الطهور في التشبيه كأنه على الشطر منه. وفي هذا الحديث أيضاً حجة على من يرى أن الوضوء لا يفتقر إلى نية. وهذه المسألة مما اختلف الناس فيها على ثلاث مقالات، فقال الأوزاعي وغيره: الوضوء والتيمّم جميعاً لا يفتقران إلى نية.

وقال مالك في المشهور عنه: إنهما يفتقران إلى نية: وروي عن مالك قولة شاذة: إن الوضوء يجزىء بغير نية. وقال أبو حنيفة: أما التيمم فلا بد فيه من نية، وأما الوضوء فلا. فأما الأوزاعي ومن وافقه فيحتج بالأوامر التي وقعت بالوضوء، ولم تذكر فيها النية. ويحتج أيضاً بأن الوضوء ليس من العبادات كالصلاة وشبهها، وإنما وجب لغيره وكان شرطاً في صحته فحلّ محل غسل النجاسة، وستر العورة، وشبه ذلك من شروط الصلاة المجزئة بغير نية. ويحتج مالك عليه (¬1) بحديث "الأعمال بالنيات"، وبهذا الحديث المتقدم فإنه لو لم يكن من آكد العبادات لم يجعله شطر الإِيمان، فإذا أوجب ذلك كونَه عبادة افتقر إلى نية عند المخالف وعندنا. وعليه من الحجاج كثير (¬2). وأما تفرقة أبي حنيفة بين الوضوء والتيمم فضعيفة، لأن البدل إذا افتقر إلى نية فأحرى أن يفتقر المبدل منه (¬3). وأشبه ما وجه له به قول الله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (¬4) والتيمم القصد والمقصود منويّ. 140 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ" (ص 212). قال الهروي في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَإذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأوْتِرْ" (¬5) الاستجمار ¬

_ (¬1) في (ج) "والحجة لمالك عليه". (¬2) في (ج) "وعليه من الحُجَج كثيرة، في كتب الفقهاء مذكورة". (¬3) في (ج) زيادة وهي "لأنه اخفض رتبة". (¬4) (43) النِّساء. (¬5) أخرجه من هذا الباب.

هو التمسح بالجمار، وهي الأحجار الصغار، وبه سميت جمار مكة، وجمرت: رميت الجمار. قال الشيخ -وفقه الله-: اتفقت أحاديث كثيرة على تكرير غسل الوجه واليدين في الوضوء، واختلف في تكرير مسح الرأس وغسل الرجلين، والأظهر أن ذلك لتأكيد أمر الوجه واليدين ألا ترى أنهما يثبتان في التيمم، ويسقط غيرهما، ووجه القول بأن مسح الرأس لا يكرر أن المسح تخفيف، والتكرير تثقيل، ويتنافى الجمع بين التخفيف والتثقيل. ووجه نفي التحديد عن غسل الرِّجلين أنَّهما ينالهما من الأوساخ في الغالب ما لا ينال غيرهما، وقد لا يحصل الإِنقاء في المرتين والثلاث لهما، فكان الأحوط أن يوكل الأمر إلى الإِنقاء من غير حدّ، ومرادنا بذكر الإِنفاء ما يلزم إزالته في الوضوء. 141 - قال الشيخ -وفقه الله-: خرج مسلم حَديثًا عَن وَكِيعٍ عن سُفيان عن أبي النضر عن أبي أنس أن عُثْمَان رضي الله عَنْه تَوضَأ بالمَقَاعِدِ" الحديث (ص 207). قال بعضهم (¬6) قيل: وَهِم وكيع في قوله: عن أبي أنس. وإنما هو عن أبي النضر عن بسْر بن سعيد عن عثمان بن عفان رضي الله عنه. هكذا قال أحمد بن حنبل. قال الدارقطني: هذا مما وهِم فيه وكيع عن الثوري، وخالفه بقية أصحاب الثوري الحفاظ ورووه عن الثوري عن أبي النضر عن بسْر بن سعيد عن عثمان. 142 - قال الشيخ وفقه الله: "وخرّج مسلم أيضاً في باب ما يقال بعد الوضوء، حدثنا محمد بن حاتم عن ابن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس، عن عقبة بن عامر، قال وحدثني ¬

_ (¬6) بعضهم يعني أبا علي الغساني صاحب كتاب تقييد المهمل.

أبو عثمان، عن جبير بن نُفَيْر، عن عقبة بن عامر قال: كانت علينا رعاية الإِبل" الحديث (ص 209). قال بعضهم: القائل في هذا الإِسناد: وحدثني أبو عثمان، هو معاوية بن صالح. وكتب ابن الحذاء في نسخته قال ربيعة بن يزيد: حدثني أبو عثمان عن جُبَيْر، والذي أتى في النسخ المروية عن مسلم كما ذكرناه أولاً هو الصواب، والذي كتب ابن الحذاء وَهْمٌ. 143 - قال الشيخ: "وخرّج مُسْلِم أيضاً في باب المسح على الخفين حدثنا محمد بن نُمَيْر نا أبي نا زكرياء عن عامر قال: حدثني عروة بن المغيرة، عن أبيه قال: كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة" الحديث (ص 230). ثم عقب بعد ذلك فقال: حدثني محمد بن حاتم قال: نا إسحاق بن منصور، قال: نا عمر بن أبي زائدة، عن الشعبي، عن عروة بن المغيرة، عن أبيه، عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - هذا. قال بعضهم: هكذا رُوي لنا عن مسلم إسناد هذا الحديث عن عمر بن أبي زائدة من جميع الطرق ليس بينه وبين الشعبي أحد. وذكر أبو مسعود أن مسلما خرجه عن عمر بن أبي زائدة عن عبد الله ابن أبي السفر، عن الشعبي، وهكذا قال الجَوْزقي في كتابه الكبير قال: رواه زكرياء عن عامر الشعبي، عن عروة، ثم قال: ورواه عمر بن أبي زائدة عن بن أبي السفر عن الشعبي. وذكر البخاري في تاريخه: أن عمر بن أبي زائدة سمع من الشعبي وأنه كان يبعث ابن أبي السفر، وزكرياء إلى الشعبى يسألانه. وفي الباب بعد هذا: حدثنا محمد بن عبد الله بن بَزِيع، نا يزيد بن زُرَيْع نا حميد، نا بكر، نا عروة بن المغيرة بن شعبة (ص 230).

قال بعضهم: قال أبو مسعود: هكذا يقول مسلم في حديث ابن بزيع عن يزيد بن زريع عن عروة بن المغيرة، وخالفه الناس، فقالوا فيه: حمزة ابن المغيرة، بدل عروة، وأما الدارقطني فنسب الوهم فيه إلى ابن بزيع لا إلى مسلم: والله أعلم. 144 - قال الشيخ وفقه الله: "ذكر عليه السلام خُرُوجَ الخَطَايَا مَعَ الوُضُوءِ" (ص 215). ومعنى هذا أن الخطايا تغفر عند ذلك لا أن الخطايا في الحقيقة شيء يحل في الماء، وإنما ذلك على وجه الاستعارة الجارية في لسان العرب. قال الشيخ -وفقه الله-: وذكر النبيء - صلى الله عليه وسلم - في حديث آخر: "أنَّ من تَوَضَّأ نَحْوَ وُضُوئِهِ (¬7) ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتيْنِ لاَ يُحَدِّثُ فِيهمَا نَفْسَهُ" الحديث (ص 204). فإن قيل: ما هذا الذي يغفر له بالركعتين، وقد ذكر أن الخطايا تخرج مع الماء؟ قيل: يحتمل أن يريد ما يحدث من الإِثم ما بين وضوئه وصلاة الركعتين، ويحتمل أيضاً أن يغفر له ما اكتسب بقلبه، وبغير أعضاء الوضوء. وقوله: هاهنا "لا يحدث فيهما نفسه" يريد الحديث المجتلب والمكتسب، وأما ما يقع في الخاطر غالباً فليس هو المراد. والله أعلم. وقوله: "يحدث فيهما نفسه" إشارة إلى أن ذلك الحديث مما يكتسب لأنه أضافه إليه فقال: "يحدث". 145 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: تَردُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ من آثارِ الوُضُوءِ" (ص 217). قال الشيخ -أيده الله-: قد استوفى - صلى الله عليه وسلم - في قوله: "غرًّا محجّلِين" ¬

_ (¬7) في (ج) "نحو وضوئي هذا"، وهو ما في مسلم.

زيارته عليه السلام القبور

جميع أعضاء الوضوء، لأن الغرة بياض في جبهة الفرس، والتحجيل بياض في يديه ورجليه، فاستعار للنور الذي يكون بأعضاء الوضوء يوم القيامة اسم الغرة والتحجيل على جهة التشبيه. قال الهروي: روي عن أبي عمرو بن العَلاء في تفسير غرة الجنين أنه لا يكون إلا الأبيض (¬8) من الرقيق، قال: وأما الأيَّامُ الغُرّ التي روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صومها فَهْيَ البيض. قال الشيخ -وفقه الله-: وقع في طرق بعض هذا الحديث: "فَلاَ يُذَادَنَّ" على جهة النهي. ومعناه على هذا: أن لا يفعلوا ما يكون سبباً لذودهم عن حوضي، وأكثر الروايات ليذادنّ بلام التأكيد. 146 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بَيْنَ ظَهْرَانَيْ (¬9) خيل دُهْم بُهْم" (ص 218). قال الهروي: في قوله تعالى {مُدْهَامَّتَانِ} (¬10)، قال بعضهم: الدهمة عند العرب السواد. قال مجاهد: مدهامتان مسودتان، وقوله: بُهْمٍ، قال الهروي عند حديث النبيء - صلى الله عليه وسلم -: "يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ عُرَاةَ حُفَاةً بُهْمًا". البهم واحدها بهيم وهو الذي لا يخالط لونه لون سواه. زيارته عليه السلام القبور (¬11): 147 - قوله - صلى الله عليه وسلم - لَما أتى المَقْبُرَةَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِنَ، وإنَّا إنْ شَاءَ الله بِكُمْ لاَحِقُون" (ص 218). قال الشيخ -رضي الله عنه-: سلامه - صلى الله عليه وسلم - يصح أن يكون حجةً ¬

_ (¬8) الغرة العبد الذي يكون دية الجنين. (¬9) في (ج) "بين ظهري" وهو ما في الأصل. (¬10) (64) الرحمان. (¬11) في (ب) "الكلام في إتيان القبور وما قيل في الروح والحوض" والعنوان من هامش (أ).

لمن يقول: إن الأرواح باقية لا تفنى بفناء الأجسام، وفي غير هذا الكتاب من الأحاديث "أنَّ الأرْوَاحَ تَزُورُ القُبُورَ". وقوله: "وإنا إن شاء الله بكم لاحقون" إن كان المراد لاحقون في الموت فهذا أمر معلوم، ويكون هاهنا الاستثناء من شيء موجب على سبيل التبري من الاستبداد، وعلى التفويض إلى الله، ومثله قوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ إنْ شَاءَ الله} (¬12) وهو خبر صدق، وإن كان أراد بقوله: "بكمَ لاحقون" في الممات على الإِيمان فيكون الاستثناء على حقيقة إذ لا يدري الإِنسان على ماذا يوافي، إلا أنه - صلى الله عليه وسلم -، ومن أخبر عنه من أصحابه أنه من أهل الجنة معصوم من الوَفاة على الكفر، فيكون الكلام عائدا على من يجوز ذلك عليه من أصحابه، أو يكون قبل أن يوحى إليه بالعصمة لمن ثبتت له العصمة من الوفاة على الكفر. 148 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَأنا فَرَطُهُمْ عَلَى الحَوْضِ". قال الهروي: يقول (¬13): أنا أتقدمهم إليه، يقال: فرطت القوم، إذا تقدمتهم لترتاد لهم الماء وتهيّىء لهم الدلاء والرشاء (¬14). وافترط فلان ابناً له أي تقدم له ابن، وفي الحديث "أنَا وَالنَّبِيئُونَ فُرَّاطٌ لَقَاصِفِينَ" (¬15) أي متقدمون في الشفاعة. قال ابن الأنباري: قوله: لقاصفين، يعني لقوم كثير متدافعين مزدحمين. وقيل: "فرّاط إلى الحوض"، ويقال: فرط منه إلى (¬16) كلام قبيح، ¬

_ (¬12) (27) الفتح. (¬13) في (ب) "يقال". (¬14) في (ب) "في الرشاء". (¬15) في النهاية، ومنه الحديث "أنا والنبيئون فراط القاصفين" بالاضافة. (¬16) في (ب) "أي".

أي تقدم، ومنه قوله سبحانه وتعالى: {أنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا} (¬17). وفي حديث أم سلمة قالت لعائشة رضي الله عنهما: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن الفَرْط (¬18) في الدين" قال القتبي: الفرط السبق والتقدم. 149 - قوله: "كَانَ إذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ" (¬19) (ص 220). قال الشيخ -وفقه الله-: الشوص أن يستاك عَرْضا، وكذلك المَوْص قال: وقد قال قائل لأعرابية: اغسلي ثوبي، قالت: نعم وأموصه، تريد أغسله ثانية برفق. قال الهروي: وفي الحديث: "كان يشوص فاه بالسواك" أي يغسله، وكل شيء غسلته فقد شصته ومصته. وقال أبو عبيد: شصت الشيء نقيته. وقال أبو بكر بن الأنباري عن ابن الأعرابي (¬20): الشوص: الدلك والموص: الغسل. 150 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مِنَ الفِطْرَة الاسْتِحْدَادُ" (ص 221) وفي حديث آخر: "غَسْلُ البُرَاجِمَ" (ص 223) (¬21). قال الهروي: الاستحداد حلق العانة بالحديد، وقد تقدم تفسير البراجم. ¬

_ (¬17) في (ب) بزيادة {أَوْ أَنْ يَطْغَى} (45) طه. (¬18) في (ب) "نهاني عن الفرطة في الدين"، وفي النهاية: وفي حديث أم سلمة قالت لعائشة: أن رسول الله نهاك عن الفرطة في الدين ... الفرطة بالضم اسم للخروج والتقدم، وبالفتح المرة الواحدة. (¬19) في (ب) "الكلام في السواك"، وجاء في هامش (أ): "قف السواك". (¬20) في (أ) "أبو بكر بن الأعرابي"، والظاهر أن ما قبل (ابن) من إشارة هو إلى إصلاح غلط على اسم لم يظهر في الصورة. (¬21) في هامش (أ) "خصال الفطرة".

151 - قوله: "إن النبيء (¬22) - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمَسَحَ بِنَاصِيَتِه وعلى العِمَامة" (ص 231). يحتج به لأبي حنيفة في أن الواجب من مسح الرأس الناصية وحدها منتهى النَّزعَتَين (¬23) ويحتج به ابن حنبل في أن المسح على العمامة جازٍ (¬24) كما يجزي المسح على الخفين (¬25). ومذهب مالك خلافهما جميعاً. وبأن (¬26) المسح على العمامة غير جاز، وأن الوجوب عن مسح الرأس ليس بمقصور على الناصية خاصة ويعارض قول كل واحد منهما بقول صاحبه، ويجعل الحديث حجة عليهما جميعاً، فنقول لأبي حنيفة: إن كان الوجوب يختص بالناصية فلِم مَسح على العمامة؟ ونقول لابن حنبل: إن كان المسح على العمامة جائزاً، فَلِم بَاشر الناصية بالمسح؟ وقد ذكر ابن حنبل أن المسح على العمامة روي عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - من خمس طرق صحيحة. واشترط بعض القائلين بجواز المسح على العمامة أن تكون لبست على طهارة كما كالخفين. وزاد بعضهم: وأن تكون (¬27) بالحنك ليكون في نزعها مشقة فحينئذ تشابه الخف. وأقوى ما يحتج على ابن حنبل مقابلة أحاديثه بظاهر القرآن في قوله ¬

_ (¬22) في (ب) "ان النبيء" ساقطة. (¬23) بالتحريك. (¬24) في (ج) "جائز". (¬25) بهامش (أ) "المسح على الخفين". (¬26) في (ب) "وان". (¬27) في (ب) "أن تكون".

تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤوسِكُمْ} (¬28). وهذا ظاهره المباشرة، ويبقى هاهنا النظر ما بين تقدمة ظاهر القرآن على الأحاديث أو تقدمة الأحاديث على الظاهر وليس هذا موضع استقصائه. وأحسن ما حَمَل عليه أصحابنا حديث المسح عَلَى العِمَامَة أنه - صلى الله عليه وسلم - لعله كان به مرض منعه كشف رأسه فصارت العمامة كالجبيرة التي يمسح عليها للضرورة. 152 - قَولُ حُذَيْفَةَ: "كُنْتُ مَعَ النَّبِيءِ - صلى الله عليه وسلم - فَانْتَهَى إلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ" الحديث (ص 228). قال الشيخ -وفقه الله-: ذكر فيه "أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - بال قائما". وقد اختلف في وجه ذلك فقيل: بال قائما لأنها حالة يؤمن معها خروج الحدث في الغالب، وقيل: إنما فعل ذلك لوجع كان به. وقيل: لعل تلك السّباطة كانت فيها نجاسات رطبة وهي رخوة يأمن إذا بال قائما أن يتطاير عليه، ويخشى إن جلس ليبول أن تنال ثيابه النجاسة ولذلك بال قائما. وذكر فيه: "أنه قال لحذيفة: ادْنُة، قال حذيفة: فدنوت حتي قمت عند عقبيه" وفي الحديث أنه قال "لما أراد قضاء حاجته تَنَحَّ عنّي فَإِنَّ كُلَّ بَائِلَةٍ تُفِيخُ". يصح حمل الحديث الأول على أنه أمن خروج الحدث، وأراد أن يستتر بالقائم خلفه على الناس، والحديث الثاني على أن هذه الوجوه فيه مفقودة. وذكر في حديث السباطة أنه - صلى الله عليه وسلم - مسح على خفيه. وقد اختلف قول مالك -رحمه الله- في المسح على الخفين. فروي عنه في قولة شاذة: أنه لا يمسح عليهما في سفر ولا حضر، وروي عنه: أنه يمسح عليهما في السفر والحضر، وروي عنه أنه يمسح عليهما في السفر خاصة. ¬

_ (¬28) (6) المائدة.

قال الشيخ -وفقه الله-: أما القول بأنه لا يمسح في السفر ولا في الحضر، فإن المالكية لا يعرّجون عليه ولا يكاد كثير منهم يعرفه، وأظن أن صفة ما روي فيه عن مالك أنه قال: لا أمسح، فإن كانت الرواية هكذا فقد يتأول على أنه إنما اختار ذلك في خاصة نفسه، لا أنه ينكر جواز ذلك وإن كان لفظ الرواية يقتضى إنكار جواز مسح السفر فإنه يكون وجهه التمسك بالآية وتقدمَتهَا على أحاديث المسح، وقد أشار مالك فيما روي عنه إلى ذلك فقال: إنما هي أحاديث، وكتاب الله أحق أن يتبع. فأما جواز المسح فالحجة له (¬29) الأحاديث الواردة في المسح. وقد ذكر بعض التابعين من بلوغها في الكثرة ما ربما دل على أنها ترتفع عن رتبة أخبار الآحاد وتلحق بما هو متواتر في المعنى والمفهوم، كمثل ما ذهب إليه أهل الأصول فيما نقل من الأخبار في بعض آيات الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنها متواترة على المعنى والمحصول. وأما وجه القول بالتفرقة بين الحضر والسفر في المسح فلأن أكثر الأحاديث إنما وردت في السفر، ولأن السفر محل الرخص، وقد خص (¬30) بالقصر والفطر، والتنفُّل عندنا على الدابة، وشبه ذلك. ويصح أن يجعل حديث السباطة المتقدم حجة على المسح في الحضر لأن الغالب أن السباطة، وهي المزبلة، إنما (¬31) تكون في الحواضر، وقد قال: "سباطة قوم" فأضافها إلى قوم مخصوصين، ولو كانت في الفلوات لم تكن كذلك. وهل من شرط جواز المسح على الخفين أن يلبسهما على طهارة أم لا؟ ¬

_ (¬29) "الفاء" من قوله "فالحجة" ساقطة من (أ). (¬30) في (ج) "وقد رخص فيه". (¬31) في (ج) "لا تكون في الفلوات وإنما تكون".

مذهب داود أنه يجوز المسح عليهما إذا كان قد لبسهما ورجلاه طاهرتان من النجاسة وإن لم يكن مستبيحاً للصلاة والفقهاء على خلافه. وسبب الخلاف قوله - صلى الله عليه وسلم - "دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين" هل ذلك محمول على أن الطهارة اللغوية أو الشرعية. وهذا المعنى قد اختلف أهل الأصول فيه، وهو تقدمة الاسم العرفي على اللغوي، أو تقدمة اللغوي على العرفي، والخلاف فيما ذكرنا كالخلاف في قوله "توضؤوا مما مست النار" هل يحمل ذلك على الوضوء اللغوي الذي هو غسل اليد أو على الوضوء الشرعي. واختلف القائلون باشتراط الطهارة الشرعية: هل يجزي أن يمسح عليهما المتيمم. وهذا على الخلاف في التيمم: هل يرفع الحدث أم لا؟ واختلف فيمن لبس خفين على خفين هل يمسح على الأعلين؟ والخلاف مبنى على الخلاف في القياس على الرخص. وكذلك اختلف في المُحْرِم إذا تعدى فلبس الخفين هل يمسح عليهما؟ وينبني الخلاف (¬32) على الخلاف في سفر المعصية: هل تباح فيه الرخص (¬33) كأكل الميتة وشبه ذلك؟ فإن غسل الرجلين خاصة بنية الطهارة، ثم لبس خفيه، وأكمل بعد ذلك بقية وضوئه فإنه يختلف في جواز المسح عليهما، ويبنى الخلاف على أصلين مختلف فيهما جميعاً، وهما: هل يصح الوضوء مع التنكيس أم لا؟ وهل يرتفع الحدث عن كل عضو بتمام غسله أو يتوقف ارتفاع الحدث عن إكمال الوضوء؟ فمن صحح الوضوء مع التنكيس، ورأى أن الحدث ¬

_ (¬32) في (ج) "الخلاف فيه". (¬33) جاء في (ج) بدل قوله "هل تباح فيه الرخص" "هل يقصر فيه أم لا ويرخص فيه".

يرتفع عن كل عضو بغسله خاصة اقتضى مذهبه جواز المسح في المسألة المذكورة. 153 - قوله: "أُمِرْنَا بِإعْفَاءِ اللِّحَى" (ص 222). قال أبو عبيد: هو أن تكثر وتوفر. يقال: عفا الشيء إذَا كثر وزاد، وأعفيته أنا، وعفا إذا درس، وهو من الأضداد، ومنه الحديث "فعلى الدنيا العفاء" أي الدروس، ويقال التراب. 154 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَلاَ يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاَثًا" (ص 233). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف في غسل اليد قبل إدخالها في الإِناء عند الوضوء: هل ذلك عبادة، أو معلل بالنظافة؟ فاحتج من قال: عبادة، بقوله: ثلاثاً، قالوا: ولو كانت علته النظافة ما احتيج إلى التكرير إذ ذلك يحصل في مرة واحدة. وهذا الذي قالوه مثل ما احتج به أصحابنا على الشافعي في غسل الإِناء من ولوغ الكلب وأنه لو كان من النجاسة لأجزأت المرة. واحتج من قال: إنه معلل بالنظافة بقوله - صلى الله عليه وسلم - "فَإنَّ أحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي أينَ بَاتَتْ يَدُهُ"، وإذا كان الجسد طاهراً فأكثر ما في ذلك أن تنال يده أوساخ. وفائدة الخلاف في هذه المسألة هل يؤمر المتوضىء بغسل يده وإن كانت نقية، أو كان قد عرض له في أثناء الوضوء ما نقض طهارته: هل يؤمر بغَسْل اليد ثانية، وإن كان غَسَلَها أولاً؟ فمن جعل ذلك عبادة أمره بالغسل في الوجهين. ومن عَلّل بالنظافة (¬34) لم ير ذلك مأموراً به. ¬

_ (¬34) في (ج) زيادة "وكله إلى اختياره" قبل قوله "لم ير ذلك مأموراً به".

155 - في حديث سَلْمَان رحمه الله: "نَهَانَا أنْ نَسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ لِغَائِطٍ أوْ بَوْلٍ، وَأنْ نَسْتَنْجِيَ بالِيَمِينِ أوْ أنْ نَسْتَنْجِيَ بِأقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أحْجَارٍ، أوْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أوْ عَظْمٍ" (ص 223). قال الشيخ -وفقه الله-: اتفق المذهب على النهي عن استقبال القبلة واستدبارها عند البول والغائط في الفلوات واختلف في جواز ذلك في القرى والمدائن إذا لم تكن مراحيض مبنية على ذلك. وظاهر المذهب أن المراحيض إذا كانت مبنية على شكل يقتضي استقبال القبلة واستدبارها أنه لا يكلف الانحراف، وقول أبي أيوب في الحديث: "ونحن ننحرف ونستغفر الله" (¬35) يدل على أنه يرى الانحراف ولو كانت مبنية. ووجه الخلاف الذي قدمناه عندنا في استقبالها في المدائن معارضة قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا نستقبل القبلة" بفعله عليه السلام حين رآه ابن عمر رضي الله عنه عَلَى لَبنَتَيْن (¬36) فمن أنزل فعله - صلى الله عليه وسلم - منزلة قوله خصص عموم قوله بفعله، ومن رأى أن الأقوال تقدم على الأفعال لم يخصص، ومنع ذلك في المدائن. وقد يُتأوَّلُ أيضاً حديث ابن عمر رضي الله عنه: أن اللبنتين كانتا مبنيتين. وذلك من القسم الذي أشرنا إلى الاتفاق عليه من أصحابنا. ويصح أن نبني الخلاف من جهة المعنى على اختلافهم في تعليل منع استقبال القبلة للبول في الفلوات: هل هو لحرمة القبلة أو المصلين إليها من الملائكة؟ فمن جعله لحرمة القبلة منعه في المدائن على السطوح، وفي الشوارع، وإن كان مستتراً بالحيطان لأن قبلته إلى الحيطان، ومن علله بالمصلين لم يمنع لوجود السواتر. واختلف عندنا في كشف الفرج عند الجماع مستقبل القبلة: هل ذلك مثل ¬

_ (¬35) من الحديث: 59 من كتاب الطهارة ص 224. (¬36) من الحديث: 61 من كتاب الطهارة ص 224.

استقبالها للبول والغائط؟ وسبب الخلاف هل ذلك لأجل العورة أو لأجل الحدث؟ فمن جعل العلة الحدث جعل الجماع بخلاف البول في الاستقبال. وفي بعض روايات الحديث "وَلَكِنْ شَرّقُوا أوْ غَرِّبُوا" (¬37)، وهذا محمول على أنه إنما خاطب به قوماً لا تكون الكعبة في شرق بلادهم، ولا غربها، ولعل كذلك الأمر في مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم -. 156 - "ذكر النهي عن الاستنجاء باليمين" (¬38). وفي بعض الأحاديث أيضاً "النهي عَنْ مَسِّ الذّكَرِ بِاليمين" (¬39) فينبغي لمن أراد أن يستجمر من البول أن يأخذ ذكره بشماله ثم يمسح به حجرا لِيَسْلم (¬40) على مقتضى الحديثين. وقوله "وَأنْ يَسْتَجْمِرَ بثلاثة أحجار" (¬41) يحتج به من قال من أصحابنا: لا يقتصر على أقل من ثلاثة ولو حصل الإِنقاء بدونها، وهذا نحو ما ذكرنا من حجة من قال: تغسل اليد ثلاثاً قبل إدخالها في الإِناء، وإن كانت نقية. وأما قوله: "لا يستنجى بروثة ولا عظم" فقد قيل: علة منعه لأجل أنه زاد الجن وعلف دوابهم. وقيل: لأن الروثة تزيد في نجاسة المكان، والعظم لا ينقى لملوسته، وعَقْدُ "ما يجزىء الاستنجاء عندنا به كل مُنَقٍّ طاهر، ليس بمطعوم، ولا ذي حرم". ¬

_ (¬37) الحديث: 59 ص 224. (¬38) جاء في (ب) "الاستجمار وذكر النهي عن الاستنجاء باليمين". (¬39) الحديث: 63 ص 225. (¬40) الحديث: 57 ص 223. (¬41) قصد بقوله: عقد ما يجزى به الاستنجاء، تعريفه.

فقولنا: منق، احتراز من العظم والزجاج. وقولنا: طاهر، احتراز من النجس. وقولنا: ليس بمطعوم، احتراز من الأطعمة. وقد يدخل فيه طعام الجن، وقولنا: ولا ذي حُرمة، احتراز من حيطان المساجد وشبه ذلك. وقد شذَّ بعض الفقهاء ولم ير الاستنجاء بالماء العذب، وهذا بناء على أنه طعام عنده، والاستنجاء بالطعام ممنوع. اختلف الناس بما استحب في الاستنجاء، فقال بعضهم: الماء، وقول بعضهم: الأحجار، وقال بعضهم: الأولى الجمع بين ذلك، فالحجر لإِزالة العين، والماء لإِزالة الأثر. 157 - "ذِكْرُ حَدِيث وُلُوغِ الكَلْب". قال الشيخ -أيده الله-: اختلف في غسل الإِناء من ولوغ الكلب هل هو تعبد أو لنجاسته (¬42) فعندنا أنه تعبد، واحتج أصحابنا بتحديد (¬43) غسله (ص 234) سبع مرات أنه لو كانت العلة النجاسة لكان المطلوب الإِنقاء وقد يحصل في مرة واحدة. واختلف عندنا: هل يغسل الإِناء من ولوغ الكلب المأذون في اتخاذه؟ فيصح أن يبنى الخلاف على الخلاف في الألف واللام من قوله "إذا ولغ الكلب" هل هي للعهد، أو للجنس، فإن كانت للعهد اختص ذلك بالمنهي عن اتخاذه، لأنه قد قيل: إنما سبب الأمر بالغسل التغليظ عليهم لينتهوا عن اتخاذها، وهل يغسل الإِناء من ولوغه في الطعام؟ فيه أيضاً خلاف. ويصح أن يبنى على خلاف أهل الأصول في تخصيص العموم بالعادة إذ الغالب عندهم وجود الماء لا الطعام. ¬

_ (¬42) "النجاسة". (¬43) في (ج) "بتجديد غسله".

[البول في المسجد].

[البول في المسجد] (¬44). 158 - في الحديث: "أنَّ أعْرَبِيًّا بَالَ في المَسْجِدِ فَقَامَ إلَيْهِ بَعْضُ القَوْمِ، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: دَعُوهُ لاَ تُزْرِمُوهُ. قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ دَعَا بِدَلْوٍ مِن مَاء فَصَبَّهُ عَلَيْهِ" (ص 236). قال الشيخ: قوله - صلى الله عليه وسلم - "دعوه" يحتمل أن يكون خشي إن قام على تلك الحال تنجس (¬45) مواضع كثيرة في المسجد. ويحتمل أن يكون خشي إن قطع عليه أن تَضُرَّ بِهِ الحقنة. قال الهروي في شرحه للحديث الذي بال فيه الحسن فأخذ من حجره فقال: "لاَ تُزْرِمُوا ابْنِي" يقول: لا تقطعوا عليه بوله، والإِزرام: القطع، وزرم البول: انقطع. وأما صب الدلو على بول الأعرابي، فاحتج به أصحابنا على الشافعي في قوله "إن الماء اليسير إذا حلت فيه النجاسة اليسيرة عاد نجساً، وإن لم يتغير"، وانفصل بعض الشافعية عن ذلك بأن طروّ النجاسة على الماء بخلاف طروّ الماء عليها، ونحن لا نسلم لهم التفرقة بين ذلك لأنه ماء خالط نجاسة فلا فرق في التحقيق بين طروّه عليها، وطروّها عليه. ولهم في الماء القليل تحل فيه النجاسة اليسيرة حديث "إذَا جَاوَزَ المَاءُ قُلَّتَيْنِ لم يحمل خبثاً". وهذا ليس الحجة به من جهة نصه، وإنما هي من جهة دليله فإن لم نقل بدليل الخطاب سقط احتجاجهم به فيما دون القلتين، وإن قلنا بدليل الخطاب قلنا في مقابلته قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خَلَقَ الله المَاءَ طَهُورًا". وتفرقة الشافعية بين طروّ النجاسة على الماء، وطروّ الماء عليها انبنى ¬

_ (¬44) جاء هذا العنوان بالهامش، وهو في (ب). (¬45) في (ج) "نجّس".

[بول الصبي والصبية]

على ذلك عندهم خلاف فيمن غسل نجاسة عن ثوبه هل تكون الغسالة التي خالطتها النجاسة الخارجة من الثوب نجسة أم لا؟ فقال بعضهم: تكون طاهرة لأن الماء طارىء عليها، ويحتج بصب الماء على بول الأعرابي وأنه بعد أن خالطه الماء لم ينجس بقعة أخرى يمر عليها. قال بعض أصحابنا: إن قوله في المدونة: إن من لم يجد إلا ماء حلت فيه النجاسة اليسيرة وهو قليل: إنه يتيمم. هذا كقول الشافعي. وقال بعض أصحابنا: إنما المراد بقوله "يتيمم" يعني ويتوضأ به لا أنه يتركه جملة، وعلى هذا لا يكون موافقاً للشافعي. [بول الصبي والصبية] (¬46) 159 - قوله في الحديث: "أُوتِيَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِصَبِىٍّ فَبَالَ عَلَيْهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَأتْبَعَهُ بَوْلَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ" (ص 237). قال الشيخ -رحمه الله-: اختلف في بول الصغير الذي لم يأكل الطعام: هل يغسل منه الثوب؟ فقيل: لا يغسل [وقيل يغسل] (¬47)، وقيل يغسل بول الجارية خاصة. فوجه غسله قياسه على بول الكبير كما أن الرجيع منه نجس كالكبير. ووجه أن لا يغسل ما في بعض الأحاديث أنه نضحه عليه السلام (¬48) ولم يغسله. وهذا تؤول على وجوه فقيل: المراد بالنضج هاهنا صب الماء عليه من غير عرك وهو يذهب مع الصب خاصة، وقيل: إن الماء في قوله: "بال على ثوبه" عائدة على الطفل، أي بال الطفل على ثوب نفسه وهو ¬

_ (¬46) من الهامش وهو في (ب). (¬47) من (ب) و (ج). (¬48) الحديث ص 238.

[غسل المني]

في حجره - صلى الله عليه وسلم - فنضح عليه السلام خوفاً أن يكون طار على ثوبه منه شيء. ووجه التفرقة بين الغلام والجارية اتباع ما وقع في الحديث فلا يتعدى به ما ورد فيه. وهذا أحسن من التوجيه بغير هذا المعنى مما ذكروا. [غسل المني] (¬49) 160 - حديث عائشة رضي الله عنها في ذكر المني: "لَقَدْ رَأيْتُنِي أفرُكُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -" (ص 238). هذا الحديث يحتج به الشافعية على طهارة المني إذ لم يذكر الغسل. وقال بعض أصحابنا: قيل إنها بالماء فركته. والحجة لنا على نجاسته الحديث الآخر الذي فيه: "أنه - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا أرَادَ الإِحْرَامَ لِلصَّلاَةِ رَأى فِي ثَوْبِهِ مَنِيًّا فَانْصَرَفَ ثُمَّ خَرَجَ إلَيْهِمْ وَفِي ثَوْبِهِ بُقَعُ الماء". وقال بعض أصحابنا: هو نجس بخروجه من موضع البول. وهذا إشارة إلى أنه إنما نجسه إضافة النجاسة إليه فانظر ما الذي ينبغي على هذا التعليل أن يكون حكم منيِّ ما يؤكل لحمه من الحيوان إذ بوله طاهر. 161 - (¬50) - قوله: "جَاءَتْ امْرَأةٌ إلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ. (¬51) إحْدَانَا يُصِيبُ ثَوْبَهَا مِنْ دَمِ الحَيْضَةِ كَيْفَ تَصْنَعُ بِهِ؟ قال: تحتُّه ثُمَّ تَقْرُصُه بِالمَاءِ ثُمَّ تَنْضِحُهُ ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ" (ص 240). قال الهروي: أقْرَصِيهِ بِالمَاء أي قطعيه. وحَتَّ الشيء قشره وحكه. ومنه الحديث: "أنه قال لامْرَأةٍ فِي الدم يُصِيب الثَّوْبَ حُتِّيهِ بِضِلْع، أي حُكِّيه". وقوله: ثم لتنضَحْه، قال: الهروي: ومن السنن العشر الانتضاح ¬

_ (¬49) من هامش (أ). (¬50) في هامش (أ) "غسل الدم". (¬51) في نسخ مسلم "عن عائشة قالت كان إحدانا".

بالماء وهو أن يأخذ قليلاً من الماء فينضح به. مذاكيره بعد الوضوء لينفي به الوسواس. قال الشيخ -رحمه الله-: قال بعض أصحابنا: هذا الحديث غير معمول به لأنه اعتقد أنه إنما أمرها أن تنضح موضع النجاسة. وتأوله غيره على غير ذلك وقال: ولعله إنما أمرها أن تنضح غير تلك البقعة مما يشك فيه هل أصابته النجاسة؟ 162 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: "فِي صَاحِبيْ القَبْرَيْنِ إنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرِ. أمَّا أحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بَالنَّمِيمَةِ وَأمَّا الآخَرُ فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ" وفي رواية أخرى: "مِن البَوْلِ" (¬52) وَفِي غير هذا الكتاب "يستَبْرِىءُ" بِالبَاءِ (ص 240). قال الشيخ -وفقه الله-: قوله عليه السلام: "وَمَا يُعَذّبَانِ فِي كَبِيرِ" ثم ذكر النميمة وقد تكون من الكبائر. فيحتمل أن يريد: في كبير عليهم تركه وإن كان كبيرا عند الله. والمنهي عنه على ثلاثة أنحاء: منه ما يشق تركه على الطباع كالملاذّ المنهي عنها، ومنه (¬53) ما يؤكده الطبع ويدعو إليه، كالنهي عن تناول السموم وإهلاك النفس، ومنه ما لا مشقة على النفس في تركه. فهذا القسم مما يقال ليس بكبير على الإِنسان تركه. واحتج المخالف بهذا الحديث على نجاسة بول ما يؤكل لحمه. فأما رواية "بوله" بالإِضافة فلا تعلق له به لأنه قصره على بول الرجل، وأما الرواية الثانية فقد يتعلق بها طرداً لاسم البول فيقول: متى وُجِد ما يقع عليه. ¬

_ (¬52) في هامش (أ) "قف الاستنزاه من البول". (¬53) في (أ) و (ج) "ومنها"، وما أثبتناه في (د) وهو الصواب.

[الكلام في الحيض]

هذه التسمية وجب أن يكون نجساً. واحتج أصحابنا بطواف النبيء - صلى الله عليه وسلم - عَلَى البَعِير وَلاَ يُؤْمَنُ أنْ يَبُولَ. وقوله "يستنزه ويستتر من البول". يشير ظاهره إلى أن علة التعذيب أنه لا يتحفظ من النجاسة. وأما رواية "يَسْتَبرِىء" ففيها زيادة على هذا المعنى، لأنه إذا لم يستبرىء فقد يخرج منه بعد الوضوء ما ينقض وضوءه، فيصير مصلياً بغير وضوء فيكون الإِثم لأجل الصلاة أيضاً. وأما جعل الجريدتين على القبرين، فلعله عليه السلام أوحي إليه بأن العذاب يخفف عنهما ما لم ييبسا ولا يظهر لذلك وجه إلا هذا. قوله في الحديث: "فدعا بعسيب رطب". قال الهروي في تفسير الحديث الذي فيه "فجعلت أتتبعه يعني القرآن من اللخاف والعُسُبِ" العُسُب جمع عسيب وهو سعف النخل. وأهل العراق يسمونه الجريد والعواهن. واللخاف: حجارة بيض رقاق. قال أبو عبيد في مصنفة: رقاق عريضة. [الكلام في الحيض] (¬54) 163 - قول عائشة رضي الله عنها: "كَانَتْ إحْدَانَا إذَا كَانَتْ حَائِضًا أمَرَهَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ تَأتَزِرَ فِي فَورِ حَيْضَتِهَا ثُمَّ يُيَاشِرُهَا قَالَتْ: وَأيُّكُمْ يَمْلِكُ إرْبَهُ كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَمْلِكُ إرْبَهُ" (ص 242). قال الهروي في تفسير قول الله سبحانه {وَيْسألونَكَ عَنِ المَحِيض} (¬55): قال ابن عرفة (¬56): المحيض والحيض: اجتماع الدم إلى ذلك المكان وبه سمي الحوض لاجتماع الماء فيه. يقال: حاضت ¬

_ (¬54) ما بين المعقفين عنوان في (ب). (¬55) (222) البقرة. (¬56) في (ج) "قال ابن عرفة نفطويه".

المرأة وتحيضت تحيض حيضاً ومحاضاً ومَحِيضا إذا سأل الدم منها في أوقات معلومة، فإذا سأل في غير أيام معلومة من غير عرق المحيض قلت: استُحِيضَتْ فهي مُسْتَحَاضة، قال ويقال: حاضت المرأة وتحيّضت ودرست وعركت وطمثَت. قال الشيخ -رحمه الله-: يحتمل أن يكون إنما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تَأتَزِرَ في فَوْرِ الحَيْضَة خشية أن يناله أذى حين مضاجعته لأن الدم حينئذ يثج أي يندفع وليس كذلك الحال في آخر الحيضة. وقوله "ثم يباشرها" يحتمل أن يراد به مماسة الجسد لأن إصابة الحائض من تحت الإِزار يمنعه أهل العلم. وقد اختلف أهل العلم في أقل الحيض الموجب لترك الصلاة؛ فمذهب مالك أن الدفعة من الدم حيض، ومذهب الشافعي يوم وليلة، فإذا انقطع قبل ذلك فليس بحيض، ومذهب أبي حنيفة كالشافعي إلا أنه يجعل حد ذلك ثلاثة أيام. ومقتضى مذهبهما أن المرأة إذا رأت الدم كفت عن الصلاة فإن بلغ إلى الحد الذي ذكروه لم يجب عليها قضاء وإن انقطع قبل ذلك قضت. وَألْزَمْنَا المُخَالِف أن يقول في الاستبراء: إن الدفعة من الدم تجزىء فيه كما قلنا: إن ذلك موجب لترك الصلاة. وقال الأبهري من أصحابنا القياس أن تكون الدفعة من الدم يعتد بها في الاستبراء ويكون قُرْءًا، ولكن أخَذْنَا بالاحتياط لبراءة الأرحام وصيانة الأنساب. قال الشيخ: وقد ذكر بعض الناس أن نساء الأكراد يحضن لمعة أو دفعة فقط. والحُيَّضُ ثلاث مبتدأة ومعتادة ويائسة. فأما المبتدأة إذا رأت الدم فتمادى بها فقيل تجلس خمسة عشر يوماً فإن زاد على ذلك كانت مستحاضة. وقيل: تترك الصلاة قدر أيام لداتها. قيل معناه: أترابها، وهل تستظهر على ذلك أم لا؟ فيه قولان.

وأما المعتادة إذا زاد الدم على أيام عادتها فقيل: تتم خمسة عشر يوماً، وقيل: تستظهر على أيامها ثم تغتسل وتصلي. والقول في الحيض مبسوط في كتب الفقهاء وليس هذا موضع بسطه. وأما اليائسة (¬57) إذا رأت دماً فإنه لا يكون براءة للأرحام، واختلف هل تترك له الصلاة والصيام؟ وسيأتي ذكر المستحاضة. وقول عائشة رضي الله عنها: "وَأيُّكُمْ يَمْلِكُ إرْبَهُ" قال الهروي في حديث عائشة: "كان أمْلَكَكُمْ لإِرْبِهِ" أرادت الحاجة، تعنى: أنه كان غالباً لهواه - صلى الله عليه وسلم -. والإِرب والإِربة والمَأرَبَةُ: الحاجة. قال غيره: والأرَبَ أيضاً بفتح الهمزة والراء، وأما المأربة فبفتح الراء فيها وضمها. 164 - قول أمِّ سَلمَةَ رضي الله عنها: "بَينَمَا أنَا مُضْطَجِعَةٌ فِي الخَمِيلَةَ إذْ حِضْتُ فَانْسَلَلْتُ فَأخَذْتُ ثِيَابَ حَيْضَتِي فَقَالَ لِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أنُفِسْتِ؟ " الحديث (ص 243). قال الهروي (¬58) وغيره: نُفِستْ المرأة ونَفِسَتْ، إذا ولدت فإذا حاضت قلت: نَفِسَتْ بفتح النون لا غير. وقول عائشة رضي الله عنها: "أمرني أن أناوله الخُمْرة" قال الهروي في تفسير الحديث: إنه كان يسجد على الخمرة (¬59) تعني هذه السجادة. وهي مقدار ما يضع الرجل عليه حرَّ وجهه في سجوده من حصير أو نسيجة من خوص. ¬

_ (¬57) في (أ) و (د) "وأما اليائسات". (¬58) في (ج) "قال الهروي في تفسير حديث "ما من نفس منفوسة" أي مولودة. يقال: نُفِسَتْ، وما هنا نقله ابن الأثير ج 4 ص 174. (¬59) من الحديث الذي في (ص 245).

[الكلام في المذي]

[الكلام في المذي] (¬60) 165 - قوله: "إنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه أمَرَ المِقْدَادَ أنْ يَسْألَ لَهُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عِنِ المَذْي. وَفِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ: فَسَألَهُ فَقَالَ: منه الوضوء" ولم يبين في هذا الحديث على أي وجه وقع سؤاله: هل سأله سؤالاً يخصّ السائل أو يعمه وغيره؟ وفي أخرى قال: فَأرْسَلْنَا المِقْدَادَ ثم قال: فَسألَهُ عَنِ المَذْيِ يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ" (ص 247). قال الشيخ -وفقه الله-: لم يبين على أي صفة أمره علي رضي الله عنه أن يسأل له، فإن كان لم يلتفت عَلَى أيّ وجه وقع له سؤاله ففيه دليل على أنه كان يرى أن القضايا في الأعيان تتعدى. وهي مسألة خلافٍ بين أهل الأصول لأنه لو كان يقول ما يتعدى لأمره -رضي الله عنه- أن يسميه له عليه السلام إذ قد يبيح له ما لا يبيح لغيره؛ إلا أنه قد ذكر في إحدى الروايتين المتقدمتين أن السؤال من المقداد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقع على صفة تعم. وفيه أيضاً أن عليًّا -رضي الله عنه- كلف من يسأل له مع القدرة على المشافهة فإن كان أراد أن يكون سؤال الرسول - صلى الله عليه وسلم - بحضرته فيسمع منه، وإنما احتشم من مشافهته لكون ابنته عنده فلا اعتراض في ذلك. وإن لم يرد ذلك فإنه يقال: كيف يجتزىء بخبر الواحد عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - مع القدرة على القطع وسماع قوله. وهل يكون هذا كالاجتهاد مع القدرة على النص. وفي ظاهر الرواية المذكور فيها: أنه قَالَ: فَأرْسَلْنَا المِقْدَادَ، إشارة إلى أنه لم يحضر مجلس السؤال. قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف أصحابنا في المذي هل يجزي منه الاستجمار كالبول أو لا بدّ من الماء؟. وقال: من فرق بينهما إنما رخص ¬

_ (¬60) العنوان من (ب).

[وضوء الجنب]

في ذلك في الأحداث لأنها تعتري الإِنسان غلبة في مواضع لا يتفق وجود الماء فيها ويشق الصبر إلى وجوده، وهي أيضاً متكررة والمذي لا يتكرر، ويكون غالباً مكتسباً ففارق الحدث. واختلف القائلون بغسل الذكر من المذي هل يجزىء أن يغسل منه ما يغسل من البول أو لا بد من غسل جميعه؟ والخلاف (¬61) يبنى على الخلاف في تعليق الحكم بأول الاسم أو بآخره لأن في بعض الروايات يغسل ذكره واسم الذكر ينطلق على البعض والكل، واختلف أيضاً: هل يفتقر في غسل ذكره إلى نية أم لا؟ [وضوء الجنب] (¬62) 166 - قوله في حديث عائشة رضي الله عنها: "إذًا كَانَ جُنُبًا فَأرَادَ أنْ يَأكُلَ أوْ يَنَامَ تَوضَّأ وُضوءَهُ لِلصَّلاَةِ" (ص 248). قال الشيخ -وفقه الله-: ذكر عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان يأخذ بذلك في الأكل. ومحمل الوضوء عندنا قبل الأكل على غسل اليد ولعل ذلك لأذى أصاب اليد، وأما وضوء الجنب قبل أن ينام فقد وقع لِمالك -رضي الله عنه- أنه قال: هو شيء ألزِمَه من الخوف عليه. واختلف في تعليله فقيل: ليَبِيتَ على إحدى الطهارتين خشية أن يموت في منامه، وقيل: بل لعله أن ينتشط إلى الغسل إذا نال الماء أعضاءه. ويجري الخلاف في وضوء الحائض قبل أن تنام على الخلاف في هذا التعليل، فمن علل بالمبيت على أحدى الطهارتين، جاء عنه أنها تَتَوضَّأ. ¬

_ (¬61) في (ج) "والخلاف في ذلك". (¬62) العنوان من (ب) وهو في (أ) بالهامش.

[احتلام المرأة]

167 - ففي الحديث: "أنَّ عَبْدَ الله بْنَ قَيْسٍ (¬63) قَالَ: سَألْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا عَنْ وِتْرِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" فذكر الحديث "قلت: كيف كان يصنع في الجنابة: أكَانَ يَغْتَسِلُ قَبْلَ أنْ يَنَامَ أمْ يَنَام قَبْلَ أنْ يَغْتَسِلَ؟ قَالَتْ: كل ذَلِكَ كَان يَفعَل" (ص 249). قال الشيخ: يحتمل أن يكون وجه سؤاله عن هذا أن في بعض الأحاديث أن الجنب لا تقربه الملائكة. ومعلوم من حاله - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يبقى على حالة تبعد الملائكة منه، ألا ترى أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتقي أكل الثوم وشبهه، وعلل ذلك بمناجاة الملَك. وحديث عائشة -رضي الله عنها- هذا يدل على [أن ذلك الحديث إن صح تأويلاً يحتمل أن يكون فيمن أخّر الغسل عن وقت واجب عليه] (¬64) فيه الاغتسال لحضور الصلاة فيصير حينئذ عاصياً ولا تقربه الملائكة لعصيانه، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - منزه عن هذه الحال فيحتمل تأخيره الغسل في حديث عائشة -رضي الله عنها- على أنه في زمن يجوز فيه ذلك. [احتلام المرأة] (¬65) 168 - قوله - صلى الله عليه وسلم - لِعَائِشَة: "تَرَبتْ يَمِينُكِ". ولأمّ سَلَمَةَ: "تَرِبَتْ يَدَاكِ" (ص 250 - 251). قال الشيخ -وفقه الله-: تأوله مالك على أنه دعا لهما بالاستغناء لمّا بَعُد في نفسه أن يدعو عليهما بالفقر. وكذلك قال عيسى بن دينار: إن قوله عليها السلام "تربت" بمعنى استغنت. قال الهروي في تفسير قول ¬

_ (¬63) الذي في نسخ مسلم "عبد الله بن أبي قيس" مع أنه اتفقت النسخ هاهنا "أنه عبد الله بن قيس". (¬64) ما بين المعقفين ألْحِقَ بالهامش من (أ) اصلاحاً. (¬65) العنوان في هامش (أ).

الله سبحانه: {أوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} (¬66) أي لصق بالتراب من فقره. يقال: ترب الرجل، إذا افتقر، وأترب، إذا استغنى. قال: وفي الحديث "عَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ ترِبِتْ يَدَاك" (¬67) قال ابن عرفة: أراد تربت يداك إن لم تفعل ما أمرتك [به] (¬68). قال ابن الأنباري: معناه لله درّك إذا ما استعملت ما أمرتك به واتعظت بعظتي. قال الشيخ -وفقه الله-: هذا اللفظ وشبهه يجري على ألسنة العرب من غير قصد للدعاء وعلى ذلك يحمل ما وقع له - صلى الله عليه وسلم - مع زوجتيه المذكورتين. وقد وقع في رسالة البديع أن قال: وقد يوحش اللفظ وكله وِدٌّ ويكره الشيء وليس من فعله بُدّ. هذه العرب تقول: لا أب لك للشيء إذا أهمّ، وقاتله الله، ولا يريدون الذم، وَوَيْلُ أُمِّهَ، للأمر إذا تم للألباب في هذا الباب أن تنظر إلى القول وقائله، فإن كان وليا فهو الولاء وإن خَشُن، وإن كان عدوا فهو البلاء وإن حَسُن. قال الهروي: وقال النبيء - صلى الله عليه وسلم - في حديث خُزيمة: "أنِعم صباحاً تربت يداك" يدل على أنه ليس بدعاء عليه بل هو دعاء له وترغيب في استعمال ما تقدمت الوصاة به. ألا تراه قال: أنعم صباحاً، ثم أعقبها بتربت يداك والعرب تقول: لا أب لك ولا أم لك، يريدون: لله درك ومنه قول الشاعر: [الطويل] هَوَتْ أمُّهُ مَا يَبْعَثُ الصُّبْحُ غَادِيًا ... وَمَاذَا يُؤَدِّي اللَّيْلُ حِينَ يَؤُوبُ فظاهره: أهلكه الله، وباطنه: لله درّه. ¬

_ (¬66) (16) سورة البلد. (¬67) الحديث في مسلم في (باب استحباب نكاح ذات الدين من كتاب الرضاع). (¬68) من (ب) ص 1087.

[الغسل للجنابة]

[الغسل للجنابة] (¬69) 169 - وقوله في الحديث الآخر: إنَّ امْرَأةً قَالَتْ: يا رسول الله هَلْ تَغْتَسِلُ المَرْأةُ إذًا احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَتْ لَهَا عَائِشة -رضي الله عنها- تربت يداك، وَأُلَّتْ" (ص 251). أي أصابتها الأَلَّة وهي الحربة، قال ابن السكّيت: الأُلَّ جمع ألَّة وهي الحَربة، ومِنه قولُهُمْ: مَا لهُ أُلَّ وَغُلَّ؟ [أي أصابته الألَّة أي الحَربة]. قال الشيخ -وفقه الله-: ذكر مسلم حديث عباس بن الوليد عن يزيد ابن زُريع قال: حدثنا سعيد عن قتادة أن أنس بن مالك حدثه أن أمّ سُلَيْم حدثت أنَّهَا سَألَتْ نِبِيءَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ المَرْأةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا" الحديث (ص 250). وفيه فقالت "أم سليم" قال بعضهم: هكذا في أكثر النسخ "فقالت أم سليم" وغُيِّر في بعض النسخ فجعل "فقالت أم سلمة" مكان "أم سليم" والمحفوظ من طرق شتى "فقالت أم سلمة". 170 - وخَرج مسلم أيضاً: "حدثنا يحيى بن يحيى وأبو كريب قالا: أخبرنا أبو معاوية، وفي نسخة ابن الحذاء: حدثنا يَحْيى بن أيوب وَأبُو كُرَيب" والصواب ما تقدم في الحديث (ص 254). قالت مَيْمُونَة: "أدْنَيْتُ لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - غَسله ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ تَوَضَّأ وُضُوءَهُ لِلصَّلاَةِ ثُمَّ قَالَتْ: فَغَسَلَ سَائِرَ جَسدِهِ ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ ذَلِكَ فَغسل رِجْلَيْهِ ثُمَّ أتَيْتُه بِالمِنْدِيل فَرَدَّهُ" (ص 254). قال الشيخ -وفقه الله-: استحب بعض العلماء أن يؤخر [غسل] (¬70) رجليه إلى آخر غسله من الجنابة ليكون الافتتاح والاختتام بأعضاء الوضوء. ¬

_ (¬69) العنوان من (ب). (¬70) في (أ) و (د) "أن يؤخر رجليه".

وأخذ ذلك من حديث ميمونة هذا وليس فيه تصريح بل هو محتمل لها، لأن قولها: "توضّأ وضوءه للصلاة" الأظهر فيه إكمال الوضوء. وقولها آخرا "تنحّى فغسل رجليه" يحتمل أن يكون لأجل ما نالهما من تلك البقعة. وأما تنشيف الماء عن الأعضاء في الطهارة فلا خلاف أنه لا يحرم ولا يستحب، ولكن هل يكره ذلك؟ فللصحابة فيه ثلاثة أقوال: فروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قَال: لاَ يُكْرَهُ في الوضوء ولا في الغسل، وبه قال مالك والثوري. وحجتهم (¬71) ما رواه قيس بن سعد بن عبادة، قال: "دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فوضعنا لَهُ الغَسْلَ فاغْتَسَلَ فَأتَيْتُهُ بِمِلْحَفَةٍ فالتحف فَرَأيْتُ المَاءَ وَالْوَرْسَ عَلَى كَتِفَيْهِ". وروى معاذ أنه عليه السلام "كَانَ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ" فدل ذلك على أنه لا يكره. وروي عن ابن عمر أنه كرهه فيهما. وبه قال ابن أبي ليلى وإليه مال أصحاب الشافعي. وحجتهم ظاهر حديث ميمونة ولأنه أثر عبادة فكره قطعه كدم الشهيد وكخلوف فم الصائم على أصل من نهى عنه (¬72). وروي عن ابن عباس أنه يكرهه في الوضوء دون الغسل. وحجته ما روي "أن أم سلمة ناولته الثوب ليتنشف به فلم يأخذه وقال: إني أحب أن يبقى عليّ وضوئي" ولم يثبت عنده في الغسل دليل قاطع على الكراهة فأجازه. ¬

_ (¬71) من قوله "وأمَّا تنشيف الماء إلى قوله وحجتهم" في (ج) فقرة أخرى هذا نصها: "قال الشيخ: وأما التمسح بالمنديل فمن الناس من كرهه في الغسل والوضوء، ومنهم من أجازه فيهما، ومنهم من كرهه في الغُسْل خاصة، فمذهب مالك رحمه الله أنه لا يكره في الوضوء ولا في الغسل، وبه أخذ الثوري، وروي ذلك عن أنس بن مالك وحجتهم ... ". (¬72) في (ج) زيادة نصها: "وحجة من أجازه بما روى في غير هذا الحديث من الإجازة. ووجه التفرقة لأنه إنما وقع في الغسل خاصة فقُصِر عليه".

171 - وقع في الحديث: "دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الحِلاَبِ فَأخَذَ بِكَفِّهِ بَدَأ بِشقِّ رَأسِهِ الأيْمَنِ" (ص 255). قال الشيخ -وفقه الله- الحِلاب هاهنا إناء يحلب فيه، وليس كما ظن البخاري أنه نوع من الطيب وأشار في تبويبه إلى هذا. ويقال للحلاب أيضاً المِحْلَب (بكسر الميم وفتح اللام) قال الشاعر في الحلاب: [الخفيف] صَاحِ أبْصَرْتَ أوْ سَمِعْتَ بِرَاعٍ ... رَدَّ فَي الضَّرْعِ مَا قَرَى فِي الحِلاَبِ؟ قوله: "ثُمَّ أفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدهِ" قال الشيخ -وفقه الله-: هذا وأمثاله مما يحتج به الشافعي في أن التدلك في الطهارة ليس بواجب والمشهور من مذهبنا وجوبه. ووقع لبعض أصحاب مالك ما يدل على أن التدلك مستحب عنده. وقوله "هو الفَرَقُ من الجنابة" قال أحمد بن يحيى: الفرق اثنا عشر مدا. قال أبو الهيثم: هو إناء يأخذ ستة عشر رطلا وذلِكَ ثلاثة آصع. قال الشيخ -وفقه الله-: كذلك فسره سفيان في كتاب مسلم أنه ثلاثة آصع ويروى (بإسكان الراء وبفتحها). 172 - قوله في الحديث: "تَأخُذِي فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ". وفي الحديث الآخر "خذِي فِرْصَة مُمَسَّكَةً" (ص 260 - 261). قال الهروي في باب الفاء مع الراء: الفرصة: القطعة من القطن والصوف. ويقال: فرصت الشيء قطعته بالمفراص (¬73) قال الشيخ -وفقه الله-: أنكر ابن قتيبة أن يكون (بالفاء والصاد) وقال: إنما ذلك قُرضة (بالقاف ¬

_ (¬73) في (ب) "بالمقراض"، وفي (ج) "بالمفراص" بفاء وصاد غير معجمة.

والضاد المعجمة) أي قطعة. وأنكر أيضاً على أن من تأول أن المسك في هذا الموضع الطيب. وقال: لم يكن للقوم وسع في الحال يستعملون الطيب في مثل هذا وإنما معناه الإِمساك. فإن قالوا: إنما سُمع رباعياً والمصدر منه إمساك. قيل: قد سُمع أَيضا ثلاثياً فيكون مصدره مَسْكًا. قال الشيخ - وفقه الله-: وأنكر ابن مكّي على الأطباء قولهم (¬74): القوّة الماسكة. وقال: إنما الصواب الممسكة لأنه سمع رباعياً قال الشيخ -وفقه الله-: لعله لم ير ما حكيناه عن ابن قتيبة. 173 - قوله في باب المستحاضة: "جَاءَتْ فَاطِمَة بنت أبِي حُبَيش ابن عَبْد المُطّلب" (ص 262). هكذا في أكثر النسخ. قالَ بعضهم: عبد المطلب هاهنا وهم. والصواب ابن المطلب بن أسد. وفي هذا الباب حديث عن عائشة -رضي الله عنها-: "أنّ ابنة جحش كانت تستحاض سبع سنين" (¬75) وفي بعض النسخ عن أبي العباس الرازي "أن زينب بنت جحش". قال بعضهم: هو وهم. وليست زينب إنما هي أم حبيبة بنت جحش. قال الدارقطني: عن أبي إسحاق الحربي: [الصحيح] (¬76) قول من قال: أم حبيب، بلا هاء واسمها حبيبة. قال الدارقطني: قول أبي إسحاق صحيح وكان أعلم الناس بهذا الشأن. قال غيره: وقد روى "عن عمرة عن عائشة أنَّ أم حبيبة" الحديث. ¬

_ (¬74) في (ج) عوض قوله "قال الشيخ وفقه الله وانكر ابن مكي على الأطباء قولهم" ما نصه: "ورأيت في تثقيف اللسان لابن مكي ما أخذه على الأطباء في قولهم إلخ". (¬75) الحديث ص 263. (¬76) الصحيح من (ب) وفي (أ) مخرَّم.

174 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا أقْبَلَتْ الحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلاَةَ" (ص 262). قال الشيخ -أيده الله-: اختلفت روايات أحاديث المستحاضة وألفاظها. وبيان ذلك يحتاج إلى بسط لا يتمكن هاهنا. واختلف أهل العلم في المرأة إذا تمادى بها الدم بعد زمان الحيض. فأما مالك فقال: لا تزال بحكم الطاهر حتى يتغير الدم ويرجع إلى حال دم الحيض فتترك الصلاة حينئذ على تفصيل في المذهب هو مذكور في كتب الفقه (¬77). وقال المخالف إذا أتت أيام عادتها في الصحة تركت الصلاة وإن لم يتغير الدم. وتعلق بظاهر هذا الحديث وبحديث آخر وهو أظهر منه وهو قوله في طريق أخرى (¬78) "امْكُثِي قَدْرَ ما كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي (¬79). وقال بعضهم: إذا جهلت (¬80) أيام عادتها في مقدارها ومحلها من الشهر فإنها تغتسل لكل صلاة وتصلي لِجواز أن تكون في تلك الصلاة صادفت انقضاء حيضها المعتاد وتصوم رمضان وشهراً آخر بعده لجواز أن تكون في كل يوم من أيام رمضان صادفت أيام حيضتها المعتادة، وإن كانت حاجَّة طافت للإِفاضة طوافين بينهما خمسة عشر يوما. 175 - قَولُهَا: إنّهَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ فِي مِرْكن فِي حُجْرَة أخْتِهَا زَيْنَب" (ص 263). قال أبو عبيد: المركن: الإِجّانة، كانت تغسل فيها الثياب. وقولها: ¬

_ (¬77) في (ج) "في كتب الفقهاء". (¬78) في (أ) "آخر". (¬79) الحديث أخرجه ص 264. (¬80) في (ب) "جعلنا".

"أحرُورِيةٌ أنْتِ؟ " (¬81). قال الهروي: الحرورية منسوبة إلى حروراء قرية تعاقدوا فيها. 176 - (¬82) قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا أُعْجِلْتَ وَأقْحَطْتَ فَلاَ غُسْلَ عَلَيْكَ" (ص 269). قال الشيخ -وفقه الله-: استعار عليه السلام لعدم الإِنزال اسم القحط لما كان القحط عبارة عن عدم المطر. وقال الهروي في تفسير حديث "من جامع فأقحط فلا يغتسل" معناه: أن يفتر ولم ينزل مثل الإِكسال. يقال: أكسل الرجل إذا جامع ثم أدركه الفتور فلا ينزل. 177 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -:"إنَّمَا الماءُ مِنَ المَاءِ" (ص 269). قال الشيخ -وفقه الله-: هذا الحديث يحتج به من لا يوجب الغسل من التقاء الختانين. وإنما الحجة به من جهة دليل الخطاب. وقد اختلف أهل الأصول في القول به، فمن نفى دليل الخطاب لم يكن عنده في الحديث حجة، ومن أثبته صح له الانفصال عن الحديث بوجوه: أحدها: أنه قد قيل: إن ذلك في أول الإِسلام ثم نسخ. والثاني: أن يكون محمولاً على المنام أنه لا يجب الاغتسال فيه إلا من الماء. وأما الحديث الذي فيه: "أنه خرج إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأسه يقطر ماء فقال له: لعلنا أعجلناك" (¬83) فإن لم يحمل على الوطء في غير الفرج فيحمل على أنه منسوخ. 178 - قوله - صلى الله عليه وسلم: "إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأرْبَعِ" (ص 271) ". ¬

_ (¬81) الحديث ص 265. (¬82) في هامش (أ) عنوان: "في التقاء الختانين". (¬83) في (ج) "أو قحطناك".

قال الهروي: قيل هي اليدان والرجلان، وقيل: بين رجليها (¬84) وشفريها. 179 - قال الشيخ خرج مسلم في "باب الوضوء مما مست النار (¬85). قال ابن شهاب: أخبرني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن" (ص 272). قال بعضهم: هكذا عند جميع الرواة للكتاب. وأصلحه ابن الحذاء بيده فأفسده فجعل مكان عبد الملك عبد الله والصواب عبد الملك. وهكذا رواه الزبيدي عن الزهري عن عبد الملك بن أبي بكر وهو أخو عبد الله ابن أبي بكر. 180 - "قول أبِي هُرَيْرَة: إنَّمَا أتَوَضَّأُ مِنْ أثْوَارِ أقِطٍ أكَلْتُهَا" (ص 272). قال الهروي: الأثوار واحدها ثور. وهي قطعة من الأقِط. [الكلام في جلد الميتة] (¬86) 181 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عباس: "أنَّ مَيْمُونة أخبرته أنَّ دَاجنَةً كَانت لِبَعْضِ نِسَاءِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَسَلَّمَ فَمَاتَتْ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألاَ أخَذْتُمْ إهَابهَا فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ" وفي حديث آخر: "فَدَبَغْتُمُوهُ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ". وفي حديث آخر: "إذَا دُبغَ الإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ" (ص 276 - 277). قال الهروي: دواجن البيوت ما ألفها من الطير والشاء وغيرها. الواحدة: داجنة، وقد دجن في بيته، إذا لزمه، وكلب داجن ألف البيت. والمداجنة حسن المخالطة. ¬

_ (¬84) في (ب) "وفخذيها". (¬85) في هامش (أ) "الوضوء مما مست النار". (¬86) العنوان من (ب).

[الكلام في جلد الميتة]

قال الهروي وغيره: والإِهاب يجمع على الأُهُب والأَهَبُ يعني (بضم الهمزة والهاء وبفتحهما أيضاً). قال الشيخ -وفقه الله-: ورد في جلد الميتة أحاديث مختلفة واختلف الناس أيضاً في جلد الميتة. فقال أحمد بن حنبل: لا ينتفع به وأجاز ابن شهاب الانتفاع به والجمهور على منع الانتفاع به قبل الدباغ، ومختلفون في الجلد الذي يؤثر فيه الدباغ؛ فعند أبى يوسف وداود أنه يؤثر في سائر الجلود حتى الخنزير. ومذهبنا ومذهب أبي حنيفة والشافعي هكذا، إلا أننا وأبا حنيفة والشافعي نستثني الخنزير ويزيد الشافعي في استثنائه الكلب وألحق الأوزاعي وأبو ثور بهذا الذي استثناه جلد ما لا يؤكل لحمه. واتفق كل من رأى الدباغ مؤثرا في جواز الانتفاع على أنه يؤثر في إثبات الطهارة الكاملة سوى مالك في إحدى الروايتين عنه فإنه منع أن تؤثر الطهارة الكاملة (¬87). وهذا يجب أن يعتبر فيه قوله سبحانه: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ المَيّتَةُ} (¬88) فإن سلم أن الجلد حيٌّ دخل في هذا الظاهر (¬89) وكان ما يورد من الأحاديث بتخصيصه تخصيصاً لعموم القرآن بأخبار الآحاد. وفي ذلك اختلاف بين أهل الأصول، والخلاف المتقدم كله يدور على خبرين متعارضين: ما الذي يستعمل منهما والمستعمل منهما ما مقتضاه؟ فأخذ ابن حنبل بقوله: "لاَ تَنْتَفعُوا مِنَ المَيتَةِ بِإهَابٍ (¬90) وَلاَ عصَب". وأخذ الجمهور بقوله - صلى الله عليه وسلم - "إذَا دُبغَ الإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ". وهذا الحديث خاص والعام يردّ إلى الخاص ويكون الخاص بياناً له. وقال بعض هؤلاء: الحديث خرج على سبب وهو شاة ميمونة -رضي ¬

_ (¬87) في (ج) "الطهارة الكلية". (¬88) سورة المائدة. (¬89) في (ج) و (د) "الطاهر" والصواب ما أثبتناه وهو ما في (أ) و (ب). (¬90) في (ج) "شيء بإهاب ولا عَصَب".

الله عنها- والعموم إذا خرج على سبب قصر عليه عند بعض أهل العلم (¬91) وألحق بهذا السبب البقرة والبعير وشبه ذلك للاتفاق على أن حكم ذلك حكم الشاة. وقال بعضهم: بل يتعدى ويعم بحكم مقتضى اللفظ ويجب حمله على العموم في كل شيء حتى الخنزير. وقال بعضهم: فإن العموم يخص بالعادة ولم يكن من عادتهم اقتناء الخنازير حتى تموت فيدبغوا جلودها. قال بعضهم: ولا الكلب أيضاً لم يكن من عادتهم استعمال جلده وقال بعضهم: بل يحصر هذا العموم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "دباغ الأديم ذكاته" فأحلَّ الذكاة محل الدباغ فوجب أن لا يؤثر الدباغ إلا فيما تؤثر فيه الذكاة. والذكاة إنما تؤثر عند هؤلاء فيما يستباح لحمه لأن قصد الشرع بها استباحة اللحم فإذا لم يستبح اللحم لم تصح الذكاة وإذا لم تصح الذكاة لم يصح الدباغ المشبه به. وقد أشار بعض من انتصر لمالك إلى سلوك هذه الطريقة فرأى أن التحريم [تأكد] (¬92) في الخنزير واختص بنص القرآن عليه، فلهذا لم تعمل الذكاة فيه فلما تَقَاصر عنه في التحريم ما سواه لم يلحق به في تأثير الدباغ. وقد سلك هذه الطريقة أيضاً أصحاب الشافعي ورأوا أن الكلب خص في الشرع بتغليظ لم يرد فيما سواه من الحيوان فألحق بالخنزير. وأما الأولون الذين ذكرنا مخالفتهم لهؤلاء في الأخذ بالظاهر فإنهم أيضاً يخالفونهم في المعنى، ويرون أن الدباغ أنزل في الشرع منزلة الحياة لما ¬

_ (¬91) في (ج) و (د) "عند بعض أهل الأصول". (¬92) في (أ) "تأكيد".

كان يحفظ الجلد من التغيير والاستحالة كما تحفظه الحياة. وأما ابن شهاب فتعلق بحديث لم يشترط فيه الدباغ وقد رواه. مقيدًا ولعله نسي ما رواه (¬93). 182 - في الحديث: "أنَّ عَائِشَة -رَضِيَ الله عَنْهَا- انْقَطَعَ عِقْدُهَا فَأقَامَ رُسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْتِمَاسِهِ وَأقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا علَىَ مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ" (ص 279). قال الشيخ -وفقه الله-: قال بعض أصحابنا: يباح السفر للتجارة وإن أدّى إلى التيمم ويحتج له بهذا الحديث لأن إقامتهم على التماس العقد ضرب من مصلحة المال وتنميته وذكر في الحديث نزول آية التيمم (¬94). قال الشيخ -أيده الله-: التيمم في اللغة القصد، ومنه قول الله تعالى: {وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} (¬95) ومنه قول الشاعر: [الطويل] سلِ الرَّبْعَ: أنّى يَمّمَتْ أمُّ أسْلَمَا ... وَهَلْ عَادَةٌ لِلرَّبْعِ أنْ يَتَكَلَّمَا وأما الذي يتيمم به فالمشهور من مذهب مالك الأرض وما يصعد عليها مما لا ينفك منه غالباً. ومذهب الشافعي أنّ التيمم بالتراب خاصة. وعندنا قولة نحو قول الشافعي. واختلف عندنا في التيمم على الثلج والحشيش والحجة للقولة المشهورة عن مالك قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (¬96) والصعيد ينطلق على وجه الأرض وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "جُعِلَتْ لِيَ ¬

_ (¬93) في هامش (أ) "التيمّم". (¬94) (6) المائدة. (¬95) (2) المائدة. (¬96) (6) المائدة.

الأرْضُ مَسْجَدًا وطَهُورًا". ويحتج للشافعي وللقولة الشاذة عندنا بما وقع في أحد طرق هذا الحديث وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - "وترابها طهورا" فيذكر التراب. وأما حدّ التيمم ففيه ثلاثة أقوال: قيل إلى الكوعين، وقيل إلى المرفقين، وقال ابن شهاب: إلى الآباط. فمن قال: إلى الكوعين، كان بناء على تعليق الحكم بأول الاسم ويؤيده بحديث أيضاً فيه "وجْهَك وكَفّيك" (¬97). ومن قال: إلى الآباط بناه على تعليق الحكم بآخر الاسم إذ ذلك أكثر ما ينطلق عليه اسم يد. ويؤكده ما وقع في بعض روايات حديث العقد أن الراوي قال: فتيممنا إلى الآباط أو قال: إلى المناكب وأما من قال: إلى المرافق، فإنه رده إلى الوضوء لما كانت الصلاة تستباح به كما تستباح بالوضوء. والحكم إذا أطلق في شيء وقيد فيما بينه وبينه مشابهة اختلف أهل الأصول في رده إليه كهذه المسألة والعتق في الكفارة في الظهار: هل يشترط فيه الإِيمان ويردّ إلى كفارة القتل. 183 - قوله في الحديث: "كُنّا فِي السَّرِيَّة فَأجْنَبْنَا" (ص 280). قال الهروي: قال الفراء: يُقال جَنِبَ الرجل وأجْنَبَ من الجنابة. قال وقال الأزهري: سمي الجنب جنباً لأنه نهي أن يقرب مواضع الصلاة ما لم يتطهر فتجنبها (¬98) وأجنب عنها. وقال القتبي (¬99) سمي بذلك لمجانبته الناس وبعده منهم حتى يغتسل، والجنابة البعد. 184 - قال الشيخ: خرج مسلم في باب التيمم: "روى اللَّيث بن سَعد عَن جَعْفر بن رَبِيعة عَنْ ابن هُرْمز عن عُمَيْر مَوْلَى ابن عباس أنه سَمِعَهُ يَقول: أقْبَلْتُ أنَا وَعَبْد الرحمن بن يَسَار مَولى مَيْمُونةَ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أبِي ¬

_ (¬97) الحديث ص 280. (¬98) في (ج) "فيتجنَّبُها". (¬99) في النسخ الثلاث "القتبي" وما رد في الغريبين "القتيبي" تحريف.

الجَهْم" هكذا وقع عند الجلودي والكسائي وابن ماهان وهو خطأ والمحفوظ "أقْبَلْت أنَا وعَبْدُ الله بن يَسَار" وكذلك. رواه البخاري: "عن ابن بُكَير عَن الليث أقبَلْتُ أنا وَعَبْدُ الله بن يسار" (ص 281). وهذا الحديث ذكره مسلم مقطوعاً (¬100) وفي كتابه أحاديث يسيرة مقطوعة متفرقة في أربعة عشر موضعاً منها هذا الحديث الذي ذكرناه. وهو أولها وسننبه على كل شيء منها في موضعه إن شاء الله. 185 - قال الشيخ -وفقه الله-: وكذلك خرج مسلم في الحديث: "أنَّ المُؤْمِنَ لاَ يَنْجَس" قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن ابن علية عن حُمَيد الطَوِيل عَن أبي رَافع عَنْ أبِي هُرَيْرَة أنّه لَقِيَهُ - صلى الله عليه وسلم - في طَرِيق مِن طُرق المَدِينَة وَهْوَ جُنُب" هكذا في النسخ كلها: "حميد الطويل (¬101) عن أبي رافع [عن أبي هريرة" (ص 282). وهذا منقطع، وإنما يرويه حميد عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع] (¬102). وهكذا أخرجه البخاري وأبو بكر بن أبي شيبة في مسنده. 186 - قوله في الحديث: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا دَخَلَ الكَنِيفَ قال: اللهم إنِّي أعُوذ بِكَ مِنَ الخُبْثِ والخَبَائِثِ" (ص 283). قال الشيخ -وفقه الله-: قوله "كان إذا دخل" يحتمل أن يكون معناه إذا أراد الدخول كما قيل في قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (¬103) معناه: إذا أردت أن تقرأ. ¬

_ (¬100) الحديث المقطوع هو ما لم يتصل إسناده. انظر الكلام على الأحاديث المقطوعة آخر الكتاب. (¬101) في (ج) "عن حميد الطويل". (¬102) ما بين المعقفين من (ب) و (ج) و (د). (¬103) (98) النحل.

وأما قوله: "الخبث والخبائث " فإن الهروي قال: قال الهيثم: الخبث (بضم الباء) جمع الخبيث وهو الذكر من الشياطين، والخبائث جمع الخبيثة وهي الأنثى من الشياطين (¬104). قال أبو بكر: الخبث الكفر، والخبائث الشياطين. قال الشيخ: والأول أشبه لأن تلك المواضع مواضع الشياطين. 187 - في الحديث: "أُقِيمَت الصَّلاَةُ وَرَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يُنَاجِي رَجُلاً فَلَمْ يَزَلْ يُنَاجِيهِ حَتَّى نَامَ أصْحَابُهُ ثُمَّ جَاءَ فَصَلَّى" (ص 284). قال الشيخ -وفقه الله-: يحتمل أن تكون مناجاته عليه الصلاة والسلام وتأخيره المبادرة للصلاة بعد الإِقامة إنما كانت لأجل أن الذي ناجاه فيه أمر مهم من أمر الدين كان تقديم النظر فيه أولى من المبادرة إلى العبادة. ¬

_ (¬104) في (ج) "والخابثة الأنثى جمعها خبائث".

3 - كتاب الصلاة

3 - كتاب الصلاة 188 - (¬1) - فيه قال أبو سعيد الخدري: "قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا سَمِعْتُمْ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ المُؤَذِّن" (ص 288). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف في المصلي: هل يحكي المؤذن إذا سمعه وهو في الصلاة؟ فقيل: يحكيه في الفريضة والنافلة. وقيل: لا يحكيه فيهما. وقيل: يحكيه في النافلة خاصة. فمن رأى أن الشغل (¬2) بالصلاة أولى، لم يحكه. ومن قال: يحكيه فيهما، قدّم الأخذ بعموم الحديث. ومن قال: يحكيه في النافلة، فلأن الأمر فيها أخف منه في الفريضة. 189 - وفي حديث "عمر رضي الله عنه (¬3) إذا قال المؤذن: حَيَّ ¬

_ (¬1) في هامش (أ) "حكاية الأذان". (¬2) في (ج) "ان التنفل". (¬3) في (ج) عوض قوله "وفي حديث عمر رضي الله عنه" ما نصُّه "وفي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

على الصلاة، قال: لا حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بالله، ثُمَّ قال (¬4): حَيَّ على الفلاح، قَالَ: لاَ حَولَ وَلاَ قُوةَ إلا بالله" (ص 289). قال الشيخ -وفقه الله-: الحيعلة معناه: الدعاء إلى الصلاة. والأجر في الدعاء يحصل لمن يُسْمِع بها، فيصح أن يكون عليه السلام أمر من يحكي المؤذن أن يجعل الحوقلة موضع الحيعلة ليكون له من الأجر نحو ما فاته (¬5) من أجر الإِسماع لأن الذكر الذي أمره أن يحكيه في الأذان يحصل لمعلنه الأجر ولمخفيه الأجر. قال المطرز في كتاب الياقوت له وفي غيره: إن الأفعال التي أخذت من أسمائها سبعةٌ. وهي بسمل الرجل إذا قال: بسم الله، وسبحل إذا قال: سبحان الله، وحوقل إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، وحيعل إذا قال: حي على الفلاح، وحمدل إذا قال: الحمد لله، وهلل إذا قال: لا إله إلا الله، وجعفَل، إذا قال: جعلت فداك. زاد الثعالبي الطبقلة حكايته قول: أطال الله بقاءك، والدمعزة حكاية قول: أدام الله عزك. قال غيره: قال ابن الأنباري: ومعنى حيّ، في كلام العرب: هلمّ وأقْبِلْ، فالمعنى: هلموا إلى الصلاة وأقبلوا إليها. وفتحت الياء من: حَيَّ، لسكونها وسكون الياء التي قبلها كما قالوا: ليت. ومنه قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إذا ذكر الصالحون فحيهلا (¬6) بعمر. فمعناه: أقبلوا على ذكر عمر رضي الله عنه. قال: ومعنى حيّ على الفلاح. هلموا إلى الفوز. يقال: أفلح الرجل، إذا فاز وأصاب خيراً. ومن ذلك الحديث الذي يروى "استفلحي برأيك" معناه: فوزي برأيك. قال لبيد: ¬

_ (¬4) في (ب) "ثم إذا قال". (¬5) في (ج) "نحو ما قابله". (¬6) جاء "حيهلا" منفصلة في (أ) و (ج) و (د).

[الرمل] أعْقِلِي إن كنت لَمَّا تعقلي ... ولقد أفْلَحَ مَنْ كَانَ عَقَل معناه: ولقد فاز. وقيل معنى: حَيَّ على الفلاح: هلموا إلى البقاء، أي أقبلوا على سبب البقاء في الجنة، والفلح والفلاح عند العرب: البقاء. قال الشاعر: [السريع] لِكُلِّ هم من الهموم سَعَهْ ... وَالمُسْيُ والصُّبْح لاَ فَلاَحَ مَعَهْ أراد لا بقاء معه ولا خلود. وقال لبيد: [الرجز] لو كان حيٌّ مدركَ الفلاح ... أدْرَكَهُ مُلاَعِبُ الرِّمَاحِ وقوله عز وجل: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (¬7) قيل: معناه الفائزون، وقيل: الباقون في الجنة. والفلح والفلاح أيضاً عند العرب: السجود. 190 - (¬8) - وقوله: "ويُؤتر (¬9) الإِقامة إلا الإِقامة" (ص 286). قال الشيخ: المشهور عن مالك إفراد الإقامة لأنه المعمول به في المدينة. وعند الشافعي: أنها مثنى، يقول المؤذن: قد قامت الصلاة، مرتين وهو عمل أهل مكة عنده. وقد روي عن مالك رواية شاذة مثل قول الشافعي. ¬

_ (¬7) (5) البقرة. (¬8) في هامش (أ) "ايتار الإِقامة". (¬9) في (أ) "تؤتر".

191 - (¬10) - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "المُؤَذّنُونَ أطْوَلُ النَّاس أعْنَاقًا يَوْمَ القِيَامَةِ" (ص 290). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف في تأويل هذا، فقيل: معناه أطول الناس تشوفا إلى رحمة الله، لأن المتشوف يطيل عنقه لما يتشوف إليه فكنى عن كثرة ما يرونه من ثوابهم بطول أعناقهم. وقال النَّضْر بن شميل: إذا ألجم الناس العرق يوم القيامة طالت أعناقهم لئلا يغشاهم ذلك الكرب. وقال يوسف بن عبيد: معناه الدنوّ من الله تعالى. وهذا قريبٌ من الأول الذي ذكرناه. وقيل: معناه أنّهم رؤساء (¬11) والعرب تصف السادة بطول الأعناق. قال الشاعر: [البسيط] طوال أنْضِية (¬12) الأعناق واللِّمَمِ وقيل: معناه أكثر الناس أتباعاً. وقال ابن الأعرابي: معناه أكثر الناس أعمالاً. وفي الحديث "يخرج عنق من النار" أي طائفة، ويقال: لفلان عنق من الخيل، أي قطعة. ورواه بعضهم: إعناقاً، أي إسراعاً إلى الجنة من سير العَنَق. قال الشاعر: [المتقارب] ومن سَيْرِهَا العَنَق المُسْبَطِرْو ... العَجْرفية بَعْدَ الكَلال العجرفية: ضرب من السير. ومنه الحديث "كان يسير العنق فإذا وجد ¬

_ (¬10) في هامش (أ) "فضل الأذان". (¬11) في (ج) "رؤساء العرب يومئذ". (¬12) "الأنضية" (ج) "النضيّ" وهو ما بين العاتق والأذن.

فجوة نَصّ". ومنه الحديث: "لا يزال الرّجل مُعْنِقًا ما لم يصب دماً". يعني منبسطا في سيره يوم القيامة (¬13) قال الشيخ -وفقه الله-: وقد احتج بهذا الحديث من رأى أن فضيلة الأذان أكثر من فضيلة الإِمامة. وفي ذلك اختلاف بين أهل العلم أيهما أفضل المؤذن أم الإِمام؟ واحتج من قال: إن الإِمامة أفضل فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان يؤم ولم يكن يُؤَذِّنُ وما كان - صلى الله عليه وسلم - ليقتصر على الأدنى ويترك الأعلى. واعتذر عن ذلك بأنه - صلى الله عليه وسلم - ترك الأذان لما يشتمل عليه من الشهادة له بالرسالة والتعظيم لشأنه فترك ذلك إلى غيره. وقيل: إنما ترك ذلك لأن فيه الحيعلة وهي أمر بالإِتيان إلى الصلاة فلو أمر في كل صلاة بإتيانها لما استخف أحد ممن سمعه التأخر وإن دعته الضرورة إليه. وذلك مما يشق. وقيل أيضاً: لأنه كان - صلى الله عليه وسلم - في شغل عنه. وقد قال عمر -رضي الله عنه-: لو أطقت الأذان مع الخِلِّيفى لأذَّنْتُ. والخليفَى (¬14) الخلافة. 192 - (¬15) - قوله: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَرْفَعُ عند الافْتتاح والرُّكُوع والرَّفْعِ مِنه" (ص 292) (¬16). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف قول مالك في الرفع عند الركوع والرفع منه وإنما قال بإسقاطه مع صحة الرواية لما له وقع من ظواهر أخر تدل على إسقاطه، ولأن رواية سالم عن أبيه عن النبيء - صلى الله عليه وسلم -، ورواية نافع موقوفة على ابن عمر رضي الله عنه. ¬

_ (¬13) في هامش (أ) "الأفضل الإمامة أو الأذان". (¬14) في (ج) الخلّيفاء والخليفاء". (¬15) في هامش (أ) "رفع اليدين عند الافتتاح وغيره". (¬16) روى المازري الحديث بالمعنى.

193 - (¬17) - قوله في حديث أبي هريرة: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَه، فِي الرَّفْعِ حينَ يَرْفَعُ صلْبَه ثمّ يقول: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْد" (ص 293). قال الشيخ -وفقه الله-: إن كان أراد صلاة كان فيها - صلى الله عليه وسلم - إماماً فذلك حجة للقول الشاذ عن مالك أنه كان يرى أن الإِمام يقول اللفظتين جميعاً: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد. والمشهور عنه أنه يقتصر على قوله: سمع الله لمن حمده، وحجته على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربّنا ولك الحمد (¬18) ولم يذكر: ربّنا ولك الحمد، للإِمام. وفي هذا التعلق نظر لأن القصد بالحديث تعليم المأموم ما يقوله. ومحل (¬19) قوله له، ولا يعتمد على إسقاط ذكر ما يقول الإِمام بذلك لأنه ليس هو الغرض بالحديث. وعلى هذه الطريقة جرى الأمر في اختلاف قول مالك في الإِمام: هل يقول: آمين في صلاة الجهر؟ فقال في أحد قوليه: لا يقولها، لأنه قال - صلى الله عليه وسلم - "إذا قال {وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين (¬20)، ولم يذكر أن الإِمام يؤمّن". وقال في القول الآخر: بل يؤمن، لقول ابن شهاب: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: آمين، ولحديث آخر، وفي التعلق أيضاً بقوله: إذا قال {وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين، من التعقب ما قدمناه. وإنما قدمنا الكلام على حديث التأمين لارتباطه بما كنا فيه. 194 - قال الشيخ: خرج مسلم في باب استفتاح القراءة بالحمد لله: "حدثنا ابن مهران عن الوليد عن الأوزاعي عن عبدة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كمان يجهر بهؤلاء الكلمات: سُبْحَانَكَ اللهم" (ص 299). ¬

_ (¬17) في هامش (أ) "التكبير خفضا ورفعا وقول سمع الله لمن حمده". (¬18) الحديث ذكره مسلم ص 304. (¬19) في (ج) "محمل قوله". (¬20) أخرجه مسلم (ص 310).

قال بعضهم: هكذا أتى إسناده: (عن) (¬21) عبدة أن عمر، مرسلاً. وفي نسخة ابن الحذاء: عن عبدة أن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو وهم. والصواب: أن عمر. وكذلك في نسخة أبي، زكرياء الأشعري عن ابن ماهان. وكذلك روي عن الجلودي. ثم ذكر مسلم بعد هذا حديثا عن الأوزاعي عن قتادة عن أنس قال: "صليت خلف النبيء - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين" (299). وهذا هو المقصود في الباب وهو حديث متصل. 195 - (¬22) - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ" (ص 295). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في اشتراط قراءة أم القرآن في صحة الصلاة. والمشهور عندنا اشتراط قراءتها في جل الصلاة، وأما اشتراط ذلك في كل ركعة ففيه قولان مشهوران. وقوله - صلى الله عليه وسلم - "لاَ صَلاَة" اختلف أهل الأصول في مثل هذا اللفظ إذا وقع في الشرع على ماذا يحمل؟ فقال بعضهم: يلحق بالمجملات لأن نصه يقتضي نفي الذات، ومعلوم ثبوتها حسا فقد صار المراد مجهولاً. وهذا الذي قالوه خطأ لأن المعلوم من عادة العرب أنها لا تضع هذا (¬23) لنفي الذات وإنما تورده مبالغة فتذكر ليحصل لها ما أرادت من المبالغة، وقال آخر (¬24): بل يحمل على نفي الذات وسائر أحكامها، وتخص الذات بالدليل على أن الرسول لا يكذب. وقال آخرون: لم تقصد العرب قط إلى نفي الذات ولكن لنفي أحكامها. ¬

_ (¬21) في (أ) "عن" ساقطة. (¬22) في هامش (أ) "قراءة الفاتحة". (¬23) في (ج) "هذا اللفظ لنفي الذات". (¬24) في (ج) "وقال آخرون مِمّن علم خطأ هؤلاء".

ومن أحكامها الكمال والإِجزاء في هذا الحديث، فيحمل اللفظ على العموم فيهما. وأنكر هذا بعض المحققين لأن العموم لا يصح دعواه فيما يتنافى. ولا شك أن نفي الكمال يشعر بحصول الإِجزاء. فإذا قدروا الإِجزاء منتفيا بحق العموم قدّر ثابتاً بحق إشعار نفي الكمال بثبوته، وهذا يتناقض، وما يتناقض لا يحمل الكلام عليه وصار المحققون إلى التوقف بين نفي الإِجزاء ونفي الكمال، وادعوا الاحتمال من هذه الجهة لا مما قال الأولون، فعلى هذه المذاهب يُخرّج قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا صلاة ... " الحديث. 196 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من صَلَّى صَلاَةً لَمْ يَقْرَأ فِيهَا بِأمّ القُرْآنِ فَهْيَ خِدَاجٌ" (ص 296). قال الهروي وغيره: الخداج: النقصان، يقال: خدجت الناقة، إذا ألقت ولدها قبل أوان النتاج وإن كان تام الخلق. وأخدجته: إذا ولدته ناقص الخلق وإن كان لتمام الحمل. ومنه قيل لذي الثدية: مُخْدَج اليد، أي ناقصها. قال أبو بكر قوله: فهي خداج أي ذات خداج، فحذف ذات وأقيم الخداج مقامه على مذهبهم في الاختصار. ويجوز أن يكون المعنى فيه مخدجة، أي ناقصة فأحل المصدر محل الفعل كما قالوا: عبد الله إقبال وإدبار، وهم يريدون: مقبل ومدبر. قال الشيخ -وفقه الله-: إذا ثبت أن المراد بقوله: "خداج" أي ناقصة فقد يستدل به من حمل قوله "لا صلاة " في الحديث المتقدم على نفي الكمال لأن إثبات النقص المراد به نفي الكمال. 197 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلاةِ فَكَبّر ثم اقْرَأ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا" الحديث (ص 298). قال الشيخ -وفقه الله-: قوله: "اقرأ ما تيسر معك من القرآن"

تعلق به أصحاب أبي حنيفة في أن القراءة لا تتعين ولا تجب قراءة أم القرآن بعينها لأنه - صلى الله عليه وسلم - أحاله على ما تيسر. وظاهر هذا. إسقاط تعيين قراءة أم القرآن. ومن أوجب قراءتها يرى هذه الإِحالة إنما وقعت على ما زاد على أم القرآن فإن ذلك لا يتعين إجماعاً. ويستدل على ذلك بالأحاديث الدالة على وجوب قراءة أم القرآن. وأما أمره بالطمأنينة في الركوع والسجود فعندنا قولان في ذلك: أحدهما: نفي إيجاب الطمأنينة تعلقاً بقوله "اركعوا واسجدوا" ولم يأمر بزيادة على ما يسمى ركوعاً وسجوداً. والثانى: إيجابها تعلقاً بهذا الحديث، وقد خرج مخرج التعليم فوجب إثبات الوجوب لكل ما ورد فيه إلا ما خرج بدليل. 198 - (¬25) - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قَد عَرَفْتُ (¬26) أنَّ بعْضكُمْ خَالَجَنِيهَا" (ص 298). معناه: نازعني القرآن، كأنّه ينزع ذلك من لسانه، وهو مثل حديثه - صلى الله عليه وسلم - "ما لي أنازَعُ القُرْآن". 199 - (¬27) - قول أنس: "صلّيْت مع النبيء - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فلَمْ أرَ مِنْهُمْ أحَدًا يَقْرأُ بِسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم" (ص 299). قال الشيخ -وفقه الله-: تعلق أصحابنا بهذا في أن: بسم الله الرحمن الرحيم، ليست من أم القرآن خلافاً للشافعي في قوله: "إنّهَا آية من أم ¬

_ (¬25) بهامش (أ) "الجهر خلف الإِمام بالقراءة". (¬26) الرواية، "قد علمت". (¬27) بهامش (أ) "البسملة".

القرآن". والإِجماع على أنها بعض آية من سورة النمل قوله سبحانه: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (¬28). وقد أشبع القاضي في كتاب الانتصار الرد على من قال: إنها من أم القرآن في غير هذا الموضع وبسط من ذلك ما فيه كفاية، وإنما غرضنا هاهنا الكلام على ما يتعلق بالحديث. 200 - قوله: "فَأزَمّ القومُ" (ص 303). أي سكتوا ولم يجيبوا. يقال: أزمّ القوم فهم مُزمُّون. ويروى "فَأزَم" ومعناه يرجع إلى الأول وهو الإِمساك عن الكلام أيضاً. ومنه سميت الحِمْية أزْمًا. وقوله: "لقد خشيت أن تبْكَعَنِي" أي تستقبلني بها. يقال: بكعت الرجل بكعا، إذا استقبلتَه بما يكره (¬29)، وهو نحو التبكيت. 201 - (¬30) - قال الشيخ -رحمه الله-: وقع في باب الصلاة على النبيء - صلى الله عليه وسلم - حديث مقطوع الإِسناد وهو الثاني من الأحاديث الأربعة عشر التي تقدم ذكرها على الجملة. قال: مسلم: "حدثنا صاحب لنا قال حدثنا إسماعيل عن الأعمش" وذكر حديث كعب بن عجزة "ألا أهدي إليك هدية". هكذا في نسخة ابن ماهان في رواية الجلودي عن إبراهيم عن مسلم حدثنا محمد بن بكار حدثنا إسماعيل بن زكرياء عن الأعمش هكذا سَمَّاه وجوّده" (ص 306). 202 - (¬31) - قوله: "لمَّا صَلَّوْا بِصَلاَتِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ جَالِسٌ وَهُمْ قِيَامٌ فَأشَارَ إلَيْهم عَلَيْهِ السّلام أنِ اجْلِسُوا" الحديث (ص 309). ¬

_ (¬28) (30) النمل. (¬29) في (ج) "بما يكره من الكلام". (¬30) بهامش (أ) "الصلاة على النبيء - صلى الله عليه وسلم -". (¬31) "صلاة الإِمام قاعداً" بهامش (أ).

قال الشيخ -وفقه الله-: تعلق بعض الناس بهذا الحديث ورأى أن الإِمام إذا صلّى جالساً لعذر أن من ائتم به يجلس لجلوسه. وأكثر الفقهاء على خلاف هذا وأنهم لا يجلسون ولا يسقطون فرض القيام مع قدرتهم عليه لفرض الموافقة للإِمام. وعندنا قولان في صحة إمامة الجالس لعذر بالقيام: أحدهما: إجازة ذلك تعلقاً بإمامة النبيء - صلى الله عليه وسلم - الناس في مرضه الذي مات فيه على أحد التأويلين أنه الإِمام دون الصديق. والثاني: منع ذلك تعلقاً بقوله - صلى الله عليه وسلم - "لاَ يَؤُمَنَّ أحَدٌ بعدي جالساً". 203 - قال الشيخ: وخرج مسلم في حديث "خُرُوج النَّبيء - صلى الله عليه وسلم - في مَرَضهِ بين رجلين" في نسخة الجلودي والكسائي "بين عباس بن عبد المطلب وبين رجل آخر". ووقع في نسخة ابن ماهان "بين الفضل بن عباس ورجل آخر" جعل الفضل مكان عباس. وهكذا قال: "عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله عن عائشة قالت: فخرج ويده على الفضل بن عباس ويد على رجل آخر" (ص 312). 204 - (¬32) - وقوله: "اشْتَكَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّيْنَا وَرَاءهُ وَهْوَ قَاعِدٌ وَأبُو بكر يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَهُ" وَفِي طريق آخر: "صَلَّى لَنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَأبُو بَكْرٍ خَلْفَهُ، فَإذَا كَبَّرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَبَّرَ أبُو بكر ليُسْمِعَنَا" (ص 309). قال الشيخ -أيده الله-: اختلف الناس: هل كان النبيء - صلى الله عليه وسلم - هو الإِمام في هذه الصلاة. وفائدة الخلاف جواز إمامة الجالس بالقائم. وقد تقدم الخلاف فيه ووجهه. وقوله "وأبو بكر يسمع الناس" فيه حجة لقول من أجاز الصلاة بالمسمع. ¬

_ (¬32) بهامش (أ) "شكوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"

وقد اختلف في ذلك شيوخنا فقال بعضهم: لا تصح الصلاة بالمسمع لأن المقتدي به اقتدى بغير الإِمام، وقال بعضهم: بل تصح لأن المسمع عَلَمٌ على الإِمام فكان مقتديا بالإِمام، وقال بعضهم: إن أذِن الإِمام للمسمِّع في الإِسماع صح الاقتداء به لأنه يصير حينئذ من اقتدى به اقتدى بالإِمام لما كان على إذنه. وحديث أبي بكر -رضي الله عنه- الذي ذكرناه في الطريقين جميعاً حجةٌ لمن أجاز. 205 - وقد ذكر مسلم بعد هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث آخر لأصحابه: "تَقَدَّمُوا فَائْتَمُّوا بِي وَليَأتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكمْ" الحديث (ص 325). فأجاز الائتمام بمن ائتم به، ولا فرق بين الاقتداء بالفاعل أو القائل. وقد بوب النسائي على هذا الحديث: الائتمام بمن ائْتَمَّ بالإِمام، كما بوب البخاري أيضاً على الحديث الذي قدمناه: باب من أسمع الناس تكبيرة الإِحرام. 206 - وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ" (ص 318). فقيل معناه: إنه أراد - صلى الله عليه وسلم - ذمّ التصفيق في الصلاة، لأنه من فعل النساء في غير الصلاة. وقيل: بل معناه تخصيص النساء بالتصفيق في الصلاة وإِن ذلك يجوز لهن لا لكم. 207 - وأمّا قوْلُهَا: "إنَّ أبَا بَكْرٍ رَجُل أسِيفٌ" (ص 314). فقال الهروي وغيره: تعنى سريع الحزن والبكاء وهو الأسوف أيضاً، والأسيف في غيرها العَبْد، وأما الأسِف فهو الغضبان ومنه قوله تعالى: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} (¬33). ¬

_ (¬33) (150) الأعراف.

208 - (¬34) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنِّي لأرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي" (ص 319). قال الشيخ -وفقه الله-: قال بعض المتكلمين: يمكن أن يكون خلق الباري إدراكاً في قفاه - صلى الله عليه وسلم - أبصر به من وراءه وقد انخرقت العادة له - صلى الله عليه وسلم - بأكثر من هذا فلا يستنكر هذا، وإنما يستنكر هذا المعتزلة لأنها تشترط في خلق الإِدراك بنية مخصوصة. والرد عليهم مستقصى في كتاب علم الكلام (¬35). 209 - خرج مسلم في "باب القراءة في صلاة الصبح: نَا هَارُون نَا حجاج عن ابْنِ جُرَيْجٍ وحَدَّثَنَا ابن رَافع نَا عَبْدُ الرَّزاق أن ابن جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ محمد بن عَبَّاد قَالَ أخبرني أبو سَلَمَة وَعَبْدُ الله بن عَمْرِو بن العَاصِ" هكذا في إسناده من حديث حجاج عن ابن جريج قال فيه "عبد الله بن عمرو ابن العاص" (ص 336). وفي حديث "عبد الرزاق عن ابن جريج (¬36) وابن عمرو" لم يقل: ابن العاصي قال بعضهم: وهو الصواب. وعبد الله بن عمرو المذكور في هذا الإِسناد ليس بابن العاصي إنما هو رجل من أهل الحجاز روى عنه محمد بن عباد. 210 - قول ابن مسعود رضي الله عنه: "إيِّاكُمْ وهَيْشَاتِ الأسْواقِ" (ص 323). ¬

_ (¬34) بهامش (أ) "الاشارة بالأيدي". (¬35) في (ب) و (ج) و (د) "كتب علم الكتاب". (¬36) قوله عن ابن جريج، ابن عمرو، يقصد ان ابن جريج أسند إلى ابن عمرو فهو ليس صفة لابن جريج، وطريق هذا نصه: عبد الرزاق عن ابن جريج سمعت ابن عباد عن أبي سلمة وعبد الله بن عمرو بن العاص.

[فصل النداء والصف الأول]

قال أبو عبيد: وَهَوْشَات. والهوشة: الفتنة والهَيْج والاختلاط. يقال: تَهوش القوم إذا اختلطوا. ومن قريب من هذا المعنى ما وقع في خبر آخر: "مَنْ أصَابَ (¬37) مَالاً مِن مَهَاوِش". قال أبو عبيد: هو كل مال [أخذ] من غير حله، وهو شبيه بما ذكرنا من الهوشات. وقال بعض أهل العلم: الصواب: "من جمع مالاً من تهاوش" بالتاء أي من تخاليط. [فصل النداء والصف الأول] (¬38) 211 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ عَلِمَ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ والصَفِّ الأوَّلِ لاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ" (ص 325). قال الشيخ -وفقه الله-: في هذا الحديث إثبات القرعة مع تساوي الحقوق، وأما تشاحهم في الصف الأول فبيّن وجههُ إذ قد لا يحْملهم أجمعين. وأما تشاحهم في النداء مع جواز أذان الجماعة في زمن واحد، فيمكن أن يكون أراد (¬39) أن يؤذن واحد بعد واحد لئلا يُخفي بعضهم صوت بعض وتشاحّوا في التقدمة فكانت القرعة. 212 - قول ابن عمر (¬40): "لاَ تَدعْهُنَّ يَخْرُجْنَ يَتَّخِذْنَهُ دَغَلاً" (ص 327). قال الشيخ: ذكر الهروي قوله في حديث آخر: "اتخذوا دين الله دغلا" أي يخدعون الناس. وأصل الدغل الشجر الملتف الذي يكمن فيه أهل الفساد. ¬

_ (¬37) في (أ) "من جمع". (¬38) العنوان من (ب) وبهامش (أ) "القول على الصف الأول". (¬39) في (ج) و (د) "أرادوا". (¬40) جاء هنا "قول ابن عمر" والذي في صحيح مسلم "ابنٌ لعبد الله بن عمر" فليس قوله "لا تدعهنّ" إلخ من قول ابن عمر بل من قول ابنه بدليل قوله بعد فزبره.

وقال الليث: معنى (¬41) ادغلوا في التفسير. يقال: أدغلت في هذا الأمر، إذا أدخلت فيه ما يخالفه. قال: وإذا دخل الرجل مدخلاً مريباً (¬42) قيل: دغل فيه. وقوله: "فزبره ابن عمر" معناه: انتهره. قال صاحب الأفعال: زبرت الكتاب كتبته، والشيء قطعته، والرجل انتهرته، والبِئر طويتها بالحجارة. 213 - (¬43) - قوله: قال الله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} (¬44) (ص 329). قال الشيخ -رحمه الله-: قيل معناه: أي بقراءتك سمى القراءة صلاة كما سمى الصلاة قرآنا في قوله عز وجل: {وقرآنَ الفَجْر} (¬45). وقالت عائشة -رضي الله عنها- في كتاب مسلم: "أنزلت هذه في الدعاء" (¬46). 214 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "عَامِدينَ إلَى سُوقِ عُكَاظٍ" الحديث (ص 331). قال الشيخ -وفقه الله-: ظاهر الحديث أنهم آمنوا عند سماع القرآن ولا بد لمن آمن عند سماعه أن يعلم حقيقة الإِعجاز وشرائط المعجزة وبعد ذلك يقع له العلم بصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فإما أن يكون الجن علموا ذلك أو علموا من كتب الرسل المتقدمة ما دلّهم على أنه هو النبي الصادق المبشَّر به. ¬

_ (¬41) في (أ) و (د) "معناه". (¬42) في (ب) "مدخلا" ساقطة. (¬43) في هامش (أ) "التوسط في القراءة". (¬44) (110) الإِسراء. (¬45) (78) الإِسراء. (¬46) الحديث في الصفحة نفسها.

215 - (¬47) - قال الشيخ: خرج مسلم في هذا الباب: "حدثنا قتيبة ابن سعيد وأبو الربيع الزهراني قال أبو الربيع نا حماد، نا أيوب عن عمرو ابن دينار عن جابر قال: كان معاذ يصلي مع النبيء - صلى الله عليه وسلم - العشاء ثم يأتي مسجد قومه" الحديث (¬48) (ص 340). قال بعضهم: قال أبو مسعود الدمشقي: قتيبة يقول في حديثه: عن حماد عن عمرو ولا يذكر أيوب ولم يبينه مسلم. وقوله: "كان معاذ يصلي مع النبيء - صلى الله عليه وسلم - العشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة" (ص 340). قال الشيخ: اختلف الناس في صحة صلاة المفترض وراء المتنفل واحتج من أجازها بحديث معاذ هذا "أنه كان يصلي بقومه بعد صلاته مع النبيء - صلى الله عليه وسلم -". ومن منع جواز صلاة المفترض وراء المتنفل يقول: "يحتمل أن يكون النبيء - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم فعلَ معاذ هذا ولو علمه لأنكره". ويحتمل أن يكون اعتقد في صلاته خلف النبيء - صلى الله عليه وسلم - التنفل وصلى بقومه واعتقد أنه فرضه فلا يكون في فعله حجة مع الاحتمال، ووقع في بعض طرقه: "أن الرجل لما شكاه إلى النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال له: "إن معاذا صلى معك العشاء ثم أتانا فافتتح بسورة البقرة" وهذه الزيادة تنفي قول من قال: إن النبيء - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم بفعل معاذ لأنه هاهنا أعلم به ولم ينقل أنه أنكره. والظاهر أنه لو كان لنقل. 216 - وأما قطع الرجل الصلاة لإطالة الإِمام فإن الإِمام إذا أطال حتى خرج عن العادة وتعدى في الإِطالة وخشى المأموم تلف بعض ماله إن أتم ¬

_ (¬47) بهامش (أ) "القراءة في العشاء". (¬48) في (ب) الحديث المتقدم في (أ) "وهو كان معاذ يصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة" عوض ما جاء هنا من قوله الحديث.

معه الصلاة، أو فوت غرض يلحقه منه ضرر شديدٌ أشد من المال، فإنه قد يسوغ له الخروج من إمامته لأنه قد جاء من الإِمام خلاف ما دخل معه عليه. وهذا موضع الاجتهاد ولعل الرجل تأول في القطع هذا (ص 340). 217 - وأما ما ورد في كتاب مسلم من أحاديث إطالته عليه السلام في بعض الصلوات (ص 335). فإنه قد ورد ما يعارضه وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن منكم منفِّرين فأيكم أم الناس فليوجز، فإن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة" (ص 340). وهذا أمر منه - صلى الله عليه وسلم - بالتخفيف، وإشارة للتعليل فيبعد تطرق الاحتمال إليه. وما نقل من أفعاله التي ظاهرها الإِطالة فقد يحمل على أنه كان ذلك في بعض الأوقات ليبين للناس جواز الإِطالة أو على أنه - صلى الله عليه وسلم - علم من حال من وراءه في تلك الصلوات أنهم لا يشق عليهم ذلك وأوحي إليه أنه لا يدخل عليه من [تشق عليه الإِطالة] (¬49). 218 - (¬50) - قوله: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيّ وَهْوَ فِي الصَّلاَةِ فَيَقْرَأ بِالسُّورَةِ الخَفِيفَةِ أوْ بِالسّورة القَصِيرة" وفي بعض طرقه: "إنِّي لأدخل الصّلاة أُرِيدُ إطالتَهَا فَأسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبّي فَأخَفِّف لما أعلم مِن شِدَّةِ وَجْدِ أمّه بِهِ" (ص 342 - 343). قال الشيخ -وفقه الله-: قال بعض الناس: في هذا الحديث إشارة إلى صحة أحد القولين عندنا فيمن افتتح الصلاة النافلة قائما وأراد أن يجلس فيها لأن الإِطالة كما رجع عنها ولم تكن إرادته لها تُوجِبُهَا عليه فكذلك إرادة هذا القيام لا يوجبه عليه. ¬

_ (¬49) في (أ) محو ما بين المعقفين. (¬50) بهامش (أ) "أمر الأئمة بالتخفيف".

219 - (¬51) - قول عائشة -رضي الله عنها-: "فَقَدْتُ رَسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً فِي الفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي على بعضِ قَدَمِه وَهْوَ فِي السُّجُودِ" الحديث (ص 352). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في لمس النساء: هل ينقض الوضوء؟ فقال بعضهم: لا ينقضه أصلاً، وحمل قوله تعالى: {أَوْ لَمَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬52) على معنى: جامعتم النساء. قال: وفي القراءة الأخرى: {أو لامستم} (¬53). وهذا يؤكد ما قلناه لأن المفاعلة لا تكون إلا من اثنين غالباً: وقال آخرون: يُنقض الوضوء، وحملوا قوله تعالى على مس اليد. واختلف هؤلاء: هل ينقض اللمس الوضوء على الإطلاق؟. فقال الشافعي: ينقضه على الإِطلاق تعلقاً بعموم الآية. وقال مالك وأبو حنيفة: لا ينقضه إلا مقيدا. واختلف هؤلاء أيضاً في التقييد ما هو؟ فقال مالك: حصول اللذة. وقال أبو حنيفة: حصول الانتشار. وردَّ هؤلاء على الشافعي بحديث عائشة -رضي الله عنها- هذا ولم يُذكر فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - قطع صلاته لانتقاض وضوئه بمسها. وينفصل الشافعي عن هذا بأن يقول: يحتمل أن يكون مسَّتْه من فوق حائل ولهذا لم يقطع صلاته - صلى الله عليه وسلم. 220 - (¬54) - قوله: "كَانَ عليه السلام إذَا قَعَدَ اطْمَأنَّ عَلَى فَخِذِهِ اليُسْرَى" (ص 357). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في هيئة الجلوس في التشهدين. فقال أبو حنيفة: يجلس على قدمه اليسرى فيهما. وقال ¬

_ (¬51) بهامش (أ) "ما يقول في الركوع والسجود" وهو إشارة إلى ما جاء في آخر الحديث. (¬52) (43) النساء. وهذا على القراءة بلا ألف. (¬53) وهذا إشارة إلى قراءة {أو لامستم} بالألف. (¬54) بهامش (أ) "التجافي في السجود". وهو المستفاد من الحديث.

مالك: يثنِي اليسرى وينصب اليمنى. ووافقه الشافعي على هذا في الجلسة الأخيرة، ووافق أبا حنيفة في الجلسة الأولى. قال أصحاب الشافعي: في التفريق فائدتان: إحداهما: أن الإِمام يتذكر بهيئة جلسته هل هو في الأولى أو في الآخرة ويرجع لذلك إذا نسي. والثانية: أن يكون من دخل وهو جالس يعلم هل انقضت صلاته أم لا. 221 - (¬55) - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "سَجَدَ مَعَهُ سَبْعَةُ آرَاب" (¬56) (ص 355). قال الهروي وغيره: الآراب الأعضاء، واحدها إرب. قال الشيخ -وفقه الله-: ذكر في هذا الحديث السجود على الجبهة والأنف. وقد اختلف المذهب عندنا في الاقتصار على أحدهما، فالمشهور في الاقتصار على الجبهة إجزاء الصلاة، وفي الاقتصار على الأنف أنها لا تجزي. 222 - (¬57) - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تَقْطَعُ الصَّلاَةَ المَرْأةُ وَالحِمَارُ وَالكَلْبُ" الحديث (ص 365). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في مرور هؤلاء بين يدي المصلي. فقال مالك وأكثر الفقهاء: لا يقطعون الصلاة. فإن قيل: إن كان هذا تعلقا بظاهر، فيه أنه لا يقطع الصلاة بشيء ولم يستثن منه، فهذا مقيد يجب أن يقضى به على المطلق. قيل: ورد ما يعارض هذا التقييد وهو ¬

_ (¬55) بهامش (أ) "على كم يسجد". (¬56) في صحيح مسلم "سبعة أطراف". (¬57) بهامش (أ) "قدر السترة والدنو منها".

[الكلام في التيمم]

حديث عائشة -رضي الله عنها- في اعتراضها بين يدي النبيء - صلى الله عليه وسلم -. وهذا يعارض استثناء المرأة في الحديث الأول. وقال ابن حنبل: يقطع الصلاة الكلب الأسود، وفي قلبي عن الحمار والمرأة شيء. ووجه قوله هذا ما وقع في التقييد بالأسود في بعض طرق مسلم ولم يوجد ما يعارض هذا ووجد التعارض عنده فيما سواه فأشكل عليه. 223 - (¬58) - قوله: "لَوْ شَاءَتْ بَهْمَةٌ أنْ تَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ" (ص 357). قال أبو عبيد في مصنفه. البهمة من أولاد الغنم. يقال ذلك للذكر والأنثى وجمعها بَهْمٌ. قال ابن خالويه: وجمع البَهم بِهَامٌ. 224 - وقوله: "نَاهَزْتُ الاحْتلاَمَ" معناه قاربته (ص 361). [الكلام في التيمم] (¬59) 225 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فُضّلْتُ عَلَى الأنْبِيَاءِ بِسِتٍّ" الحديث. وفيه "وَجُعِلَتْ لِيَ الأرْضُ طهورًا ومسجدًا" (ص 371). قال الشيخ: قد تقدم قولنا: إن مالكا يحتج بجواز التيمم على ما سوى الترابِ من الأرض بهذا الحديث، وَإنَّ الشافعى احتج بالحديث الثاني الذي فيه "وترابها طهورا" ورأى أنه مفسر للأول. وقوله "مسجدا"، قيل: إن من كان قبله إنما أبيح لهم الصلاة في مواضع مخصوصة كالبِيَع والكنائس. ¬

_ (¬58) بهامش (أ) "التجافي في السجود". (¬59) العنوان من (ب).

وقول - صلى الله عليه وسلم -: "وأُحِلَّتْ لِي الغَنَائمُ" هو من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -، وكان من قبله لا تحل لهم الغنائم بل كانت تجمع ثم تأتي نار من السماء فتأكلها. 226 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يَا بَنِي النَّجَار ثَامِنُونِي بحَائِطِكُم". وذكر في هذا الحديث: "أنّه كان في حائط بني النجار قُبُورُ المُشْرِكين". وقال فيه "إنها نُبشَتْ" (ص 373). قال الشيخ -وفقه الله-: قيل يؤخذ من هذا أنّ المشتري يبدأ بذكر الثمن، وفي هذا نظر لأنه لم ينص - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن مقدر بذله في الحائط وإنما ذكر الثمن مجملاً، فإن كان أراد القائل إن فيه التبدية بذكر الثمن مقدرا فليس كما قال لما بيناه (¬60). وأما نبش القبور وإزالة الموتى فيمكن أن يكون لعلة أن أصحاب الحائط لم يملكوهم تلك البقعة على التأبيد، أو لعله تَحْبيس وقع منهم في حالة الكفر والكافر لا تلزمه القرب كما قالوا: إذا أعتق عبدا وهما كافران له أن يرده في الرق، قبل إسلامهما ما لم يخرج العبد من يده ولم يقدّر أن أيدي أصحاب الحائط زالت عن القبور لأجل من دفن فيها. 227 - قوله في حديث تَحْوِيل القِبْلة: "فانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ فَمَرَّ بِنَاسٍ من الأنْصَارِ وهُمْ يُصَلُّونَ فَحَدَّثَهُمْ بالحديث فَوَلَّوْا وُجُوهَهُمْ قِبَلَ البَيْتِ" (ص 374). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف أهل الأصول في النسخ إذ ورد: متى يتحقق حكمه على المكلف [هل من حين وروده على الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو حين ¬

_ (¬60) في (ج) زيادة على ما هنا نصها "وذكر في هذا الحديث أنه كان في حائط بني النجار قبور المشركين، وقال فيه: انها نبشت القبور"، وهو ما تقدم في (أ) بعد قوله "ثامنوني يا بني النجار".

بلوغ المكلف؟] (¬61). ويحتج لأحد القولين بهذا الحديث لأنه ذكر أنهم تحولوا إلى القبلة (¬62) وهم في الصلاة ولم يعيدوا ما مضى. وهذا دليل على أن الحكم إنما يستقر بالبلوغ، فإن قيل: كيف استداروا إلى القبلة عند خبره والنسخ في هذا لا يكون بخبر [الواحد قيل] (¬63) فقد قالوا: إن النسخ بخبر الواحد كان جائزا في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وإنما منع ذلك بعده - صلى الله عليه وسلم -. وقيل: إنما تلا عليهم الآيات التي فيها ذكر النسخ فتحولوا عند سماع القرآن فلم يقع النسخ بخبره وإنما وقع النسخ عندهم بما سمعوه من القرآن. قال الشيخ: وقد ردُّوا إلى مسألة النسخ المتقدمة مسألة الخلاف في الوكيل إذا تصرف بعد العزلة (¬64) ولم يعلم، فقالوا على القول بأن حكم النسخ لازم حين الورود ينبغي أن لا تمضي أفعاله بعد العزلة وإن لم يبلغه ذلك، وعلى القول الثاني تكون أفعاله ماضية ما لم تبلغه العزلة. 228 - (¬65) - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا من أمَّتِي خَلِيلاً لاتّخذتُ أبَا بَكْرٍ خَلِيلاً" (ص 377) قال ابن النحاس: الخليل المختص بشيء دون غيره، ولا يجوز أن يختص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدا بشيء من أمر الديانة دون غيره قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} الآية (¬66). قال الشيخ -وفقه الله-: وقيل إن الخليل اشتق من الخَلّة (مفتوحة الخاء) وهي الحاجة. وقيل: من الخُلّة (بضم الخاء) وهي تخلل المودة ¬

_ (¬61) ما بين المعقفين ساقط من (أ) و (د). (¬62) في (ج) "عند خبره". (¬63) "الواحد قيل" خرم في (أ). (¬64) جاء في (أ) "العُزلة" مشكولة بضم العين. (¬65) في هامش (أ) "المساجد على القبور". (¬66) (67) المائدة.

في القلب. وقيل في الخُلّة (ضم الخاء أيضاً) وهو نَبْت تَسْتَحْلِيه الإِبْل. قال ابن قتيبة وغيره: الحَمْض: ما ملح من النبت، والخلة ما حَلاَ من النبت. تقول العرب: الخلة خبز الإِبل والحَمْض فَاكِهَتُهَا. 229 - قول ابن مسعود -رحمه الله-: "سَيَكُون عليكُمْ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ عَنِ مِيقَاتِهَا ويَخْنُقُونَهَا إلَى شَرَقِ المَوْتَى" (ص 378). قال أبو عبيد: سئل الحسن ابن محمد بن الحنفية عن هذا الحديث، فقال: ألم ترى إلى الشمس إذا ارتفعت عن الحيطان وصارت بين القول كأنها لجّة فكذلك شرق الموتى، وقال الهروي في تفسير قوله - صلى الله عليه وسلم - حين ذكر الدنيا: إن ما بقي منها كشرق الموتى. قال ابن الأعرابي: له معنيان: أحدهما أن الشمس في ذلك الوقت إنما تثبت ساعة ثم تغيب فشبه ما بقي من الدنيا ببقاء الشمس تلك الساعة. والثاني: شرق الميت بريقه، فشبه قلة ما بقي من الدنيا ما بقي من حياة الشرِق بريقه حتى تخرج نفسُهُ. في الحديث: "إن علقمةَ والأسودَ دخلا على عَبْد الله فَجَعَل أحَدُهُما عن يمينه والآخر عن شماله"، وفي آخره: "فَلَمَّا صلّى قال: هكذَا فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". قال الشيخ -وفقه الله-: إذا كان مع الإِمام ثلاث رجال قاموا وراءه بلا خلاف وإن كان واحدٌ قام عن يمينه. واختلف إذا كانا اثنين فذهب ابن مسعود إلى ما ذكر في هذا الحديث، والفقهاء سواه يرون أن يقوما وراء الإِمام. 230 - قوله (¬67): "إن ابن عباس قال في الإِقعاء: هِيَ سُنَّةُ النبيء - صلى الله عليه وسلم -" (ص 380). ¬

_ (¬67) بهامش (أ) "الإِقعاء".

قال الشيخ: لعل ابن عباس لم يعلم ما ورد من الأحاديث الناسخة التي فيها النهي عن الإِقعاء. قال الهروي في تفسيره: نهى أن يُقْعِي الرجل في الصلاة. قال أبو عبيد: هو أن يُلْصِق الرجُل أليتَه بالأرض وينصِبَ ساقيه ويضع يده بالأرض كما يُقْعِي الكلب، قال وتفسير الفقهاء: أن يضع ألْيَتَه على عقبيه بين السجدتين، والقول هو الأول. وقد روى عن النبيء - صلى الله عليه وسلم -: "أنّه كان [يصلي] (¬68) مقعيا". قَالَ ابْنُ شُمَيْل: الإِقعاء هو أن يجلس على وركيه وهو الاحتفازُ والاستيفاز. قال الشيخ: حكى الثعالبي في أشكال الجلوس عن الأيمة: أن الإِنسان إذا ألصق عَقبيه بأليتيه قيل: أقعى، وإذا استوفز في جلوسه كأنه يريد أن يثور للقيام قيل: احتفز واقعنفز، أو قعد القعْفَزَي (¬69) فإذا ألصق إليته بالأرض وتوسد ساقيه قيل: قرطس. 231 - في الحديث: "عَطَسَ رَجُلٌ فقلتُ: يَرْحَمُكَ الله قال: فرماني القَوْم بأبْصَارِهم" الحديث. وذكر فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال له: "إنّ هذه الصلاةَ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَم النَّاس" (ص 381). قال الشيخ -وفقه الله- إن قيل وجه إنكارهم عليه وقوله "يرحمك الله" دُعاء، والدعاء للغير جائز عندكم في الصلاة. قيل: يحتمل أن يكون إنكارهم عليه لأنه قصد مخاطبة الغير بذلك فكان كالمتكلم. وقد قال ابن شعبان من أصحابنا: إذا قال في صلاته "اللهم افعل بفلان" جاز، وإن قال "يا فلان فعل الله بك" كالكلام. وهذا نحو ما ذكرنا من أنه بالقصد يخرج إلى الكلام. ¬

_ (¬68) ما بين المعقفين من (ب) وفي (د) "أنه أكل مقعيا". (¬69) في (ج) "القهْقري" وهو تحريف.

وقد اختلف عندنا على قولين في المصلى إذا تَعَايا من لبس معه في صلاة في قراءته فردّ المصلي عليه هل تفسد بذالك صلاته؟ فجعله في أحد القولين بِرَدّه عليه كالمتكلم، وإن كان إنما قرأ قرآنا. قال الشيخ -وفقه الله-: ولم يذكر في الحديث أمره بإعادة الصلاة لما وقع ذلك منه على جهة الجهل. وهذا حجة على المخالف في قوله: إن المتكلم ناسيا في الصلاة تفسد صلاته، لأنه إذا لما تفسد في الجهل فأحرى أن لا تفسد في النسيان. قوله في هذا الحديث: "والله مَا كَهَرَنِي". قال أبو عبيد وغيره: الكهْر الانتهار، وفي قراءة عبد الله: "فَأمَّا اليَتِيمَ فَلاَ تكْهَرْ" (¬70). وفيه أيضاً: "إنّ منّا رِجَالاً يأْتُون الكُهَّانَ. قال: فلا تأتيهم". قال الشيخ -وفقه الله-: نهاهم - صلى الله عليه وسلم - عن إتيان الكهان لأنهم يجرّهم ذلك إلى تغيير الشرائع ثم يُلَبِّسون عليهم، والكاهن يُخْبِر عن غيب عن طريق غير موثوق به. ومعنى قوله لما قال: "ومنّا رجال يتطيّرون" ذلك شَيْءّ يجدونه في صدورهم، أي يجدون ذلك ضرورة فلا ملام عليهم فيه ولكن إنما يكون اللوم على توقفهم عن إمضاء حوائجهم لأجل ذلك وهو المكْتسب فنهاهم أن يصدهم ذلك عَمَّا أرادوا فعله. وقوله فيه: "كَانَ نَبِيءٌ مِنَ الأنْبِيَاءِ يَخُطُّ فمن وافق خَطَّهُ فذالك". أي من أصاب ذلك فقد أصاب. وقيل: إنّما ذلك على جهة الإِبعاد لمن يسلك هذا فكأنه يقول: وكيف لكم موافقة خطه؟ ¬

_ (¬70) (9) الضحى، في (أ) "وأمّا اليتيم".

قال ابن عباس في تفسير هذا الحديث: هو الخطُّ الذي يخطه الحازي وهو علم قد تركه الناس. قال: يأتي صاحب الحاجة إلى الحازي فيعطيه حُلْوانا فيقول له: اقعد حتى أخط لك، وبين يدي الحازي غلام معه مِيل ثم يأتى إلى أرض رِخْوَة فيخط الأستاذ خطوطا بالعَجَلَة لئلا يلحقها العدد ثم يرجع فيمحو على مهل خطين خطين فإن بقي خطان فهو علامة النجح وعلامة البيان وإن [بقي خط واحد فهو] (¬71) علامة الخيبة. والعرب تسميه الأسحم وهو مشؤومٌ عندهم. قوله - صلى الله عليه وسلم -: "للسَّوداء أيْنَ الله". قال الشيخ -وفقه الله-: قيل: إنما أراد عليه السلام أن يتطلب دليلاً على أنها موحدة فخاطبها بما تفهم به (¬72) قصده إذ من علامات الموحدين التوجه إلى السماء عند الدعاء وطلب الحوائج لأن العرب التي تعبد الأصنام تطلب حوائجها من الأصنام والعجم من النيران، فأراد - صلى الله عليه وسلم - الكشف عن معتقدها: هل هي من جملة من آمن؟ فأشارت إلى السماء وهي الجهة المقصودة عند الموحدين كما ذكرنا. وقيل: إنّما وَجْهُ السؤال بـ (أين) هاهنا سؤال عما تعتقده من جلال الباري سبحانه وعظمته، وإشارتها إلى السماء إخبار عن جلالته تعالى في نفسها والسماء قبلة الداعين كما أن الكعبة قبلة المصلين فكما لم يدلّ استقبال الكعبة على أن الله جلت قدرته فيها لم يدل التوجه إلى السماء، والإِشارة على أن الله سبحانه حالٌّ فيها. 232 - وقول ابن مسعود -رحمه الله-: "قلنا يا رسولَ الله: كنّا نُسَلِّمُ عليك في الصّلاة فتَرُدُّ عَلَيْنَا فقَالَ عليه السَّلام: إنَّ فِي الصَّلاَةِ شُغْلاً" (ص 382). ¬

_ (¬71) ما بين المعقفين محو في (أ). (¬72) "به" زيادة من (ب).

قال الشيخ -من الناس من قال: يرد المصلي السلام نطقا وإن كان في الصلاة، ومنهم من قال: لا يردّ ما دام في حال الصلاة لا نطقا ولا بإشارة، وقيل: يرد بالإِشارة. أما القائل بالرد نطقا فيحتمل أن يكون لم يعلم أن ذلك نسخ ويحتج أيضا بأن ذلك نوع مما يباح في الصلاة. ووجه القول بأنه لا يردّ إشارة ولا نطقا للحديث المتقدم. ووجه القول بأنه (¬73) يرد إشارة كما في أحاديث أخرى أيضاً من أنه - صلى الله عليه وسلم - يردّ إشارة (¬74). 233 - قال الشيخ -وفقه الله-: قال مسلم في هذا الباب: "نا ابن نُمَيْر نا إسحاق بن منصور" (ص 383). وفي بعض النسخ بدل: "نا ابن نمير حدثنا ابن مثنى". وفي بعضها إبدال ذلك "نا ابرت كثير". قال بعضهم والإِبدالان خطأ. والحديث إنما يرويه محمد بن عبد الله بن نمير عن إسحاق ابن منصور. وكذلك أخرجه البخاري في الجامع. 234 - (¬75) - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ عَدُوَّ الله إبْلِيسَ جَاءَ بشِهَابٍ منْ نَارٍ لِيَجْعَلَهُ فِي وَجْهِي" وَذَكَرَ فِيهِ "أنْ لَوْلاَ دَعْوَةُ سليمان عليه السلام لأصْبَحَ مُوثَقًا يلعب بِهِ ولْدَانُ أهْلِ المدينَة" (ص 385). قال الشيخ -وفقه الله-: الجن أجسام روحانية [لا يتأتى فيها الربط ولا الإيثاق] (¬76) فيحمل هنا على أنه قد يتشكل على صورة يتمكن ذلك فيها على العادة ثم يمنع أن يعود إلى ما كان عليه حتى يتأتى اللعب به وإن خرقت العادة أمكن غير ذلك. ¬

_ (¬73) في (أ) "أنه". (¬74) حديث أنه - صلى الله عليه وسلم - أشار بالسلام (ص 283). (¬75) بهامش (أ) "لعن الشيطان". (¬76) ما بين المعقفين من (ج).

235 - ذكر في الحديث "أنه - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى على المنبر وَنَزَلَ القَهْقَرَي حَتَّى سَجَدَ فِي أصْلِ المِنْبَرِ ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ آخر صَلاَتِهِ" (ص 386) قال الشيخ: أهل العلم يَنْهَوْن أن يصلي الإِمام على أرفع مما عليه المأموم وفِعْلُه - صلى الله عليه وسلم - هذا يحتمل أن يكون لأن الارتفاع كان يسيراً. ويصلح أيضاً أن يقال: إنما منع هذا في أئمتنا لأنه ضرب من الكبر والترؤس وهو - صلى الله عليه وسلم - معصوم من هذا. وأشبه ما علل به في الحديث من أنه من فَعَلَهُ لِيعلمهم الصلاة، ونزوله عليه السلام القهقري لئلا يستدير القبلَة في الصلاة من غير ضرورة، وأما نزوله - صلى الله عليه وسلم - وصعوده وإن كان عملاً في الصلاة فإنه لمصلحة الصلاة فلم يكن له تأثير، وقد أجاز أهل العلم المشي لغسل الدم في الرعاف وإن كان في الصلاة. 236 - (¬77) - قول أبي قتادة:"رأيت النبيء - صلى الله عليه وسلم - يؤمّ النّاس وأمامة بنت أبي العاص، وهي بنت زينب ابْنَة رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عَاتِقِهِ" الحديث (ص 385). قال الشيخ -وفقه الله-: حمل ذلك أصحابنا على أنه في النافلة. وهذا الحديث ظاهره أنه كان في الفريضة لأن إمامته بالناس في النافلة ليست معلومة. 237 - (¬78) - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا كَانَ أحَدُكُمْ يُصَلَّي فَلا يَبْصُقَ قِبَلَ وَجِهِهِ فَإنَّ الله قِبَلَ وَجْهِهِ إذَا صَلَّى" (ص 388). قال الشيخ -وفقه الله-: هذا يُتأول على نحو ما ذكرنا في حديث السوداء، وَكَأنّ تلك الجهة علامة على أن قاصدها هو موحد وأنها علَم على ¬

_ (¬77) بهامش (أ) "حمل الصبيان في الصلاة". (¬78) بهامش (أ) "البصاق في القبلة".

التوحيد (¬79)، ولها حرمة لكون المصلي متقرباً بتوجهه إليها إلى الله سبحانه، فَجَرَى ما وقع في الحديث إشارة إلى هذا المعنى. وقد اختلفت ألفاظ الأحاديث الواردة في هذا المعنى. ففي بعضها: نخامة، وفي بعضها: بصاقاً، وفي بعضها: مخاطاً، واختلاف هذه التسمية باختلاف مخارج تلك الأشياء فالمخاط من الأنف، والبزاق (¬80) من الفم، والنُخَامة من الصدر. يقال منها: تنخّم الرجل وكذلك تنخّع وهي النخاعة والنخامة. 238 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "التَّفْلُ فِي المسجِدِ خَطِيئَةٌ" (ص 390). قال الشيخ -وفقه الله-: قال ابن مكي في تثقيف اللسان: قول النبيء - صلى الله عليه وسلم -: "وَإذَا رَأى أحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَتْفُلْ عَن يَسَارِهِ ثَلاَثًا" وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "التفل في المسجد خطيئة". هذا مما يغلط فيه الناس فيجعلونه بالثاء ويَضُمُّون الفعل المستقبل منه يقولون ثفل [الرجل] (¬81) يثفُل إذا بصق، والصواب: تفل (بالتاء) ويتفِل في المستقبل (بالكسر) لا غير. فأما النفث (فبالثاء المثلثة) وهو كالتفل إلا أن النفث نفخ لا بصاق معه، والتفل لا بد أن يكون معه شيء من الريق. هذا قول أبي عبيد في حديث النبيء - صلى الله عليه وسلم - "أن روح القدس نفث في روعي" الحديث. قال الشيخ: قال ابن السكيت في باب فَعْل وفَعَلٍ باختلاف المعنى: التفْل من تفل إذا بصق والتَّفَل ترك الطيب. 239 - (¬82) - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اذْهَبُوا بِهَذِهِ الخَمِيصَةِ إلَى أبِي جهْم وائتُونِي بِأنْبِجَانيّة فِإنَّهَا ألْهَتْنِي آنِفًا فِي الصَّلاةِ" (ص 391). ¬

_ (¬79) في (ج) زيادة نصها: "وأجزأ اسم الوجه لمّا كانت مقصد الموحدين". (¬80) في (ب) و (ج) و (د) "البصاق" بالصاد. (¬81) ما بين المعقفين ساقط من (أ). (¬82) بهامش (أ) "الثوب به أعلام".

قال الشيخ -وفقه الله-: يؤخذ من هذا الحديث كراهة التزويق في القبلة واتخاذ الأشياء الملهية فيها لأنه - صلى الله عليه وسلم - علل إزالته للخميصة بإشغالها له في الصلاة فدلّ هذا على تجنب ما يوقع في ذلك. وأما بعثه بها إلى أبى جهم فلعله علم - صلى الله عليه وسلم - أنه ينحيها كما فعل هو عليه السلام. ويؤخذ أيضا من هذا الحديث ألا يصلي بالحُقنة ولا بكل معنى شغل عن استيفاء الصلاة. 240 - (¬83) - قال الشيخ -وفقه الله-: الأحاديث التي فيها النهي عن دخول المسجد لمن أكَلَ الثُّومَ وشبهَهُ (ص 393). قال أهل العلم: يؤخذ منها منع أصحاب الصنائع المنتنة كالحوّاتين والجزّارين مِن المسجد. قال الشيخ -وفقه الله-: ووقع في بعض هذه الأحاديث جواز أكل هذه البقول مطبوخة، ووقع في كتاب مسلم: "أنه عليه السلام أوتي بِقِدْر فيه خَضِرَات من بقول فوجد لها ريحاً فسأل فأخبر بما فيها من البقول، فقال: "قربوها" إلى بعض أصحابه، فلما رآه كره أكلها قال: "كل فإني أناجي من لا تناجي" (¬84). فظاهر هذا أن الكراهية باقية مع الطبخ. وهذا خلاف الأول. قال الشيخ: قالوا: لعل قولهم (قدر) تصحيف من الرواة وذلك أن في كتاب أبي داود: "أنه - صلى الله عليه وسلم - أوتي بِبَدْر". قال الشيخ: والبدر هاهنا هو الطبق. شبه بذلك لاستدراته كاستدارة البدر فإذا كان هكذا لم يكن مناقضا لِحديث الطبخ (¬85) لاحتمال أن تكون كانت نَيّة. ¬

_ (¬83) بهامش (أ) "يمنع الجزار والحوّات من دخول المسجد". (¬84) الحديث في (ص 394). (¬85) في (ص 396).

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإني اُّناجي مَنْ لاَ تُنَاجي" فإنه يدل على أن الملائكة عليهم السلام تنزه عن هذه الروائح. وفي بعض الأحاديث: "أنها تَتَأذّى ممَّا يَتَأذَّى مِنْهُ بَنُو آدم" (¬86). قال الشيخ -وفقه الله-: قالوا: وعلى هذا يمنع الدخول بهذه الروائح إلى المسجد وإن كان خالياً لأنه محل الملائكة. 241 - (¬87) - قوله: "نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ يُصلّي الرّجُلُ مُخْتَصِرًا" (ص 387). قال الهروي: قيل هو أن يأخذ بيده عصا يتوكأ عليها. وقيل: معناه أن يقرأ من آخر السورة آية أو آيتين ولا يقرأ السورة بكمالها في فرضه. هكذا رواه ابن سيرين عنه ورواه غيره "متخَصِّرًا". قال: ومعناه أن يصلي الرجل وهو واضع يده على خصره. ومنه الحديث: "الاختصار راحة أهل النار". ونهى عن اختصار السجدة ويفسر على وجهين: أحدهما: أن يختصر الآيات التي فيها السجدة فيسجد فيها. والثاني: أن يقرأ السورة فإذا انتهى إلى (¬88) السجدة جاوزها ولم يسجد لها، ومنه أخذ مختصرات الطرق. 242 - قال الشيخ: ذكر مسلم في باب "إذَا حَضَرَ العَشَاءَ أحَدُكُمْ وَأقِيمَتِ الصَّلاَة فَابْدَؤوا بالعَشَاء". خرجه من حديث: عُبَيد الله بن عمر عن ¬

_ (¬86) في (ص 394). (¬87) بهامش (أ) "الاختصار". (¬88) في (ج) "إلى موضع السجدة".

نافع عن ابن عمر. ثُمَّ أردف ذلك فقال: "حدثنا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ حدثنا سُفْيان عن أيُّوب عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَر عن النبيء - صلى الله عليه وسلم -". هكذا في نسخة أبي العلاء بن ماهان سفيان عن أيوب، غير منسوبين. وفي رواية السجزي: "عن الجُلُودِي نا الصلت نا سفيان بن موسى عن أيوب عن نافع عن ابن عمر" (ص 392). قال بعضهم: سفيان بن موسى هذا هو رجل من أهل البَصرة يروي عن أيوب، وهو ثقة وكذلك نسبه أبو مسعود الدمشقي في كتاب الأطراف: "عن مسلم عن الصلت بن مسعود عن سفيان بن موسى عن أيوب". وذكر الحاكم أن مسلما انفرد بالرواية لسفيان بن موسى عن أيوب، قال: وسمعت الدارقطني يقول: ذكر لبعض أصحابنا ممن يدعي الحفظ ونحن بمصر حديث لسفيان بن موسى عن أيوب فقال: هذا خطأ، إنما هو سفيان بن عيينة عن أيوب، قال: ولم يعرف سفيان بن موسى البصري، وهو ثقة مأمون. قال بعضهم: وقد غير هذا الإِسناد في بعض النسخ من كتاب مسلم وردّ سفيان عن أيوب بن موسى وهذا خطأ. 243 - (¬89) - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ صَلاَةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ ولاَ هُوَ (¬90) يُدَافِعُهُ الأخْبثَانِ" (ص 393). قال الهروي وغيره: يعني الغائط والبول. قال الشيخ -وفقه الله-: قوله [هاهنا بحضرة الطعام] (¬91) نحو قوله أيضاً "إذَا قُرِّبَ العَشَاء وحضرت الصلاة فابدؤوا به قبل أن. تصلّوا صلاة ¬

_ (¬89) بهامش (أ) "الصلاة بحضرة الطعام". (¬90) في (أ) و (ج) و (د) "ولا وهو" وما أثبت هو ما في متن مسلم وما في (ب). (¬91) ما بين المعقفين خرم في (أ).

المغرب" (¬92) معناه: أن به من الشهوة إلى الطعام ما يشغله عن صلاته فصار ذلك بمنزلة الحقن الذي أمره بإزالته قبل الصلاة. 244 - (¬93) - قال الشيخ -وفقه الله-: "إنكاره - صلى الله عليه وسلم - على ناشد الضالة في المسجد" (ص 397). يؤخذ منه منع السّؤال من الطُّوَّاف في المسجد، ونشدتُ الضالة (¬94) بمعنى طلبتها، وأنشدتها، إذا عرّفت بها. قاله يعقوب وغيره، ومنه قول الشاعر: [المتقارب] إصَاخةَ النّاشِدِ للمُنْشِدِ والإِصاخة بمعنى الاستماع. ومنه قول النبيء - صلى الله عليه وسلم -: "مَا مِنْ دَابَّةٍ إلاَّ وَهْىَ مُصِيخَةٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ". 245 - قال الشيخ -وفقه الله-: وقوله عليه السلام في حديث نَاشِدِ الضَّالَّة: "إنَّمَا بُنِيَت المَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ" (ص 397). يدل على منع عمل الصنائع فيها كالخياطة وشبه ذلك. وقد مَنَع بعض أهل العلم تعليم الصبيان في المساجدة فإن كان منعوا ذلك لأجل أخذ الإِجارة على ذلك التعليم فيكون ضربا من البيع في المسجد، ويجري ذلك أيضاً في غير الصبيان إذا كان بإجارة. وإن كان لمضرة المسجد بالصبيان لم يَشْرَكهم في ذلك إلا عن شاركهم في هذه العلة. ¬

_ (¬92) الحديث في (ص 392). (¬93) بهامش (أ) "إنشاد الضالة". (¬94) في (ب) "الدابّة".

246 - قال الشيخ -وفقه الله-: أحاديث السهو كثيرة والثابت منها خمسة أحاديث: حديث أبي هريرة وحديث أبي سعيد الخدري وهما جميعاً فيمن شك كم صلَّى. وذكر في حديث أبي هريرة "أنه سجد سَجْدَتَيْنِ ولم يذكُر مَوْضِعَهُما". وفي حديث أبي سعيد الخدري: "أنّه سجد قَبْلَ السَّلاَم". وقد طُعِن في سند الخدري بأن مالكا أرْسَلَه وأسنده غَيْرُهُ من المحدثين. وهذا غير قادح فيه لأنه قد علم من عادة مالك وتحصيله أنه يرسل الأحاديث المسندة ثقَةً بأنه قد عُلم من عادته وأن ذلك لاَ يُوقِع في النفوس منه اسْترابة. ومن الخمسة أيضاً حديث ابن مسعود، وفيه: "القيام إبى خامسة والسجُودُ بَعْدَ السَّلاَمِ"، وحديث ذي اليدين وفيه: "السّلام من اثنتين والسجودُ بعد السّلام"، وحديث ابن بُحَيْنَة وفيه: "القيام من اثنتين والسجود قبل السّلام" (من ص 398 إلى ص 405). وقد اختلف الناس في طريق الأخذ بهذه الأحاديث. فأما داود فلم يقس عليها وقال: إنما يستعمل ذلك فيما ورد فيه من الصلوات على حسب الترتيب في مواضع السجود المذكورة، وقال ابن حنبل كقول داود في هذه الصلوات خاصة وخالفه في غيرها، وقال: ما وقع فيها من سهو فإن السجود كله قبل السلام. واخلتف من قاس عليها من الفقهاء سواهما في بنائها، فبعضهم قال: إنما تفيد هذه الأحاديث التخيير، وللمكلف أن يفعل أيَّ ذلك شاء من السجود قبلُ أو بعدُ في نقصٍ أو زيادة. وقال أبو حنيفة: الأصل ما فيه السجود بعد السلام، ورد بقية الأحاديث إليه. وقال الشافعي: الأصل ما فيه السجود قبل [السلام] ورد بقية الأحاديث إليه. ورأى مالك أن ما فيه النقص يكون السجود فيه قبل السلام وأن النقص علة في ذلك وأن ما فيه الزيادة يكون السجود فيه بعد [السلام]، وأن تلك الزيادة إشارة إلى أن العلة هى الزيادة. فأما الشافعي فطريقته البناء أن يقول: ذكر في حديث أبي سعيد

الخدري أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: "فإن كانت خامسة شفعها". ونص فيه على السجود قبل مع تقدير الزيادة وجوازها والمقدر حكمه كالموجود. ويتأول حديث ابن مسعود الذي فيه السجود بعد السلام على أنه - صلى الله عليه وسلم - إنّما أعلم بسهوه بعد أن سلم ولو اتفق أن يعلم ذلك قبل أن يسلم لسجد حينئذ. وأما حديث ذي اليدين فلأصحاب الشافعي فيه تأويلان: أحدهما: أن قول الراوي: "سجد بعد السلام" يعني به السلام الذي في التشهد وهو قوله: السلام عليك أيها النبيء ورحمة الله [وبركاته]. والثاني: أنها كانت صلاة جرى الأمر فيها على السهو، فلعله - صلى الله عليه وسلم - سها أن يسجد قبل أن يسلم فوقع منه السجود بعد أن سلم. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ذي اليدين: "كلّ ذلك لم يكن" فقد اعتذر فيه العلماء باعتذارين: أحدهما: أن المراد لم يكن القصر والنسيان معا، وكان الأمر كذلك وهذا اعتذار ضعيف. والثانى: أن المراد الإِخبار عن اعتقاده وظنه فكأنه مقدّر النطق به وإن كان محذوفاً، فلو قال: كل ذلك لم يكن في ظني، ثم كشف الغيب أنه كان لم يكن كاذبا، فكذلك إذا قدر محذوفا مرادا. واختلف أصحاب مالك فيمن وقع منه هذا الفعل المذكور في قصة ذي اليدين. فقال بعضهم: لا يؤخذ به لأن النسخ حينئذ كان مجوزا فعذر بذلك المتكلم، ولما استقر الأمر الآن لم يعذر. والرد على هذا القائل بأنهم تكلموا بعد أن أعلمهم أن لا نسخ. وانفصل عن هذا بأنه - صلى الله عليه وسلم - سألهم فلا بد من مجاوبته للزوم طاعته فكان ذلك خارجاً عن الكلام الذي لا يلزم في الشرع. وقد يجاوب عن هذا أيضاً بأن يقال: يمكنهم أن يجاوبوه إشارة إذ لم يكن استدعَى منهم النطق.

وفي كتاب أبي داود ما يشير إلى هذا لأنه ذكر أن أبا بكر وعمر أشارا إليه أن يقوم. ولعل من روى أنهما قالا: نعم، أي أشارا فسمى الإِشارة قولاً. واختلف أصحابنا أيضاً القائلون بأن هذا الحديث يعمل به إذا سلّم من اثنتين هل يعمل به إذا سلم من ثلاث؟ والأظهر أن لا فرق. وفي بعض طرق أحاديث ذي اليدين أن ذلك كان في الثالثة. 247 - (¬95) - قال عَبْدُ الله بنُ مسعود: "قَرَأ النّبيءُ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّجْمِ فَسَجَدَ فِيهَا" (ص 405). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف في عدد سجود القرآن فقيل: إحدى عشرة سجدة ليس في المفصّل منها شيء. وقيل أربع عشرة ثلاث في المفصّل زيادة على الإِحدى عشرة المذكورة. وقيل: بل خمس عشرة. وزاد صاحب هذا القول: الآخرة من الحج. وذكْر مواضع هذه السجدات مذكور (¬96) في كتب الفقهاء. والأصل في إثبات السجود في المفصّل الأحاديث الواردة فيه. وأما حكم السجود فإن مذهب أبي حنيفة فيه أنه واجب ليس بِفرض على أهْله في التفرقة بين الواجب والفرض. ومذهبنا أن سجود التلاوة ليس بواجب. والظاهر أن بين أصحابنا خلافاً: هل هُوَ سنة أم فضيلة؟ فعدّه القاضي [عبد الوهاب] في تلقينه من فضائل الصلاة، وقال غيره من الشيوخ (¬97): إنه سنة. وقالوا أيضاً: يستقرأ أنه سنة من تشبيهه إياه في المدونة بصلاة الجنائز في الوقت. وأقل أحوالها عندنا أنها سنة. ¬

_ (¬95) بهامش (أ) "سجود القرآن". (¬96) في (أ) "مذكورة". (¬97) في (ج) "وقال غيره من شيوخنا".

وأما الوقت الذي يباح فيه سجوده فقيل: يسجد في سائر الأوقات ما لم يسفر بعد الصبح أو تصفَّر الشمس بعد العصر. وقيل: لا يسجد بعد العصر ولا بعد الصبح. وقيل: يسجد بعد الصبح ما لم يُسفر ولا يسجد بعد العصر. 248 - وأما صفة الجلوس في الصَّلاة فقد تقدم ذكره (ص 408). 249 - قوله في الحديث: "وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ" (ص 415) (¬98). أي لا ينفع ذا الغِنى منك غناه. والجد: الغناء، والحظّ في الرزق، وفي الأمثال: جدّك لا كدّك. 250 - قال الشيخ: ذكر مسلم في باب التكبير بعد انقضاء الصلاة قال: "نَا زُهير عن ابن عُيَيْنَة عن عَمْرو أخبرني به أبُو معبد عن ابن عباس" الحديث في نسخة ابن ماهان "ابن عيينة عن عمرو أخبرني جدي أبو معبد" هكذا في نسخة الأشعري وابن الحذاء عن ابن ماهان (ص 410). وقوله "جَدِّي" تصحيف. وإنما صوابه "أخبرني بذا" يُرِيد بهذا: وليس لعمرو بن دينار جَدٌّ يروي عنه. وأبو معبد هو نافذ مولى ابن عباس. وعمرو ابن دينار هو أبو محمد مولى باذام وكان من الأبناء من فرس اليمن. 251 - قال الشيخ -وفقه الله-: وخرج مسلم بعد هذا في باب ما يقال بعد التسليم من الصلاة: "حدثنا ابن عون عَن أبي سَعِيد عن ورّاد كاتب المُغِيرة بن شعبة قال: "كَتَبَ مُعَاوية إلَى المُغيرة: اكتب إليّ بشيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (ص 415) هكذا وقع في هذا الإِسناد أبو سَعيد غير مسمى. وسماه البخاري في التاريخ الكبير: عبد ربّه، وتابعه على ذ لك ابن ¬

_ (¬98) في (ج) "قال الهروي تأويله"، وما ذكره المؤلف هنا منقول عن الهروي.

الجَارُود وذكر البخاري: "عن إسحاق عن خالد عن الجُرَيْرِي عن عبد ربّه عن ورّاد". قال الدارقطني: لعله اسم أبي سعيد. قال البخاري: "قال عثمان بن عمر عن ابن عون عن أبي سعيد الشامي عن ورّاد". وقال ابن السكن في مصنفه: "أبو سعيد عن ورّاد هو ابن أخي عائشة من الرضاعة" ووَهِمَ في هذا لأن أبا سعيد رضيع عائشة اسمه كثير بن عبيد مشهور بذلك يعد في الكوفيين، وذلك رجل شامى. وأُرى دخل الوهم على ابن السكن من قبل أن عبد الله بن عون يروي عنهما جميعاً. وقد حكى ابن عبد البر: أن أبا سعيد في هذا الإِسناد هو الحسن البصري، وليس هذا بشيء. وقول البخاري ومن تابعه أولى. 252 - قال الشيخ -وخرَّج مسلم في باب ما يقال بين التكبير والقراءة حديثا: "عن يحيى بن حَسَّان ويونس المُؤدب وغيرهما قالوا: نا عبد الواحد عن عمارة عن أبي زُرْعَة عن أبي هريرة كان - صلى الله عليه وسلم - إذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَةِ الثانية" الحديث. هذا حديث مقطوع من الأحاديث الأربعة عشر المقطوعة في هذا الكتاب (ص 419). 253 - قوله في الحديث: "يا رسول الله ذَهَبَ أهْلُ الدُّثُورِ بالدَّرَجَات العُلَى" (ص 416). قال الهروي: واحد الدثور دَثْرٌ وهو المال الكثير. ومنه حديثه الآخر حين دعا لرَهْط طِهفة (¬99): "وابعث راعيها في الدثر" يقال: مال دثرِ، ومالان دثر وأموال دثر. قال الشيخ -وفقه الله-: وكذلك الدِّبر (بالباء وكسر الدال) معناه ¬

_ (¬99) جاءت "طِهفة" في (أ) بكسر الطاء، وفي (د) بكسر الطاء أيضا وسكون الفاء.

أيضاً ومعنى الدثر واحد. قال ابن السكيت: الدِّبر [المال الكثير يقال] (¬100): مال دِبر وأموال دِبْر. 254 - وقوله في الحديث: "وَقَدْ حَفَزَه النَّفَس" (ص 419)، أي اشتد به. 255 - قال الشيخ -وفقه الله-: وخرّج مسلم حديث: "سهيل ابن أبي صالح عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي هريرة عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال: "من سبح [فى] (¬101) دبر كل صلاة" الحديث، ثم خرجه بعد ذلك عن محمد بن الصَّبَّاح قال: "حدثنا إسماعيل بن زكرياء عن سهيل عن أبي عبيد عن عطاء عن أبي. هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" بمثله (ص 418 - 419) فذكر عَطَاءً غيْر مَنْسُوب. قال أبو مسعود الدمشقي: يُذكر أن محمد بن الصَّبَّاح نسبه فقال: عَطَاء بن يسار، وأخطأ فيه فإن كان هذا فإن مسلم بن الحجاج أسقط الخطأ من الإِسناد ليقرب من الصواب. وقد روى مالك هذا الحديث عن أبي عبيد مولى سليمان عن عطاء بن يزيد عن أبي هريرة موقوفاً. 256 - قوله في حديث بشير (¬102) بن أبي مسعود: "أما علمت أنّ جبريل عليه السلام نَزَلَ فَصَلَّى فَصَلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -" الحديث (ص 425). قال الشيخ -وفقه الله-: ليس قَوْلُهُ هذا بحجّة مستقلة إذ لم يسم له في أيّ وقت صلّى به جبريل عليه السلام. والمفهوم منه أنه أحاله على أمر عَلِمَهُ عُمَرُ فهذا يكون حجة عليه. وقوله "نزل فصلَّى" إذا اتُّبعَ فيه حقيقة اللفظ أعطى أن صلاة رسول الله ¬

_ (¬100) ما بين المعقفين خرم في (أ). (¬101) في (أ) "دبر" بدون "في". (¬102) في (أ) "بشر"، وفي (ب) و (ج) و (د) "بشير" وهو الصواب.

- صلى الله عليه وسلم - كانت بعد فراغ صلاة جبريل -صلى الله عليه وسلم-، لكن مفهوم هذا الحديث والمنصوص في غيره أن جبريل أمَّ النبيء - صلى الله عليه وسلم - فيحمل قوله: "صلّى، فصلّى" على أن جبريل فَعل جزءاً من الصلاة ففعله النبيء - صلى الله عليه وسلم - بعده حَتَّى تكاملت صلاتهما. واحتج بهذا الحديث من يقول بجواز صلاة المفترض خلف المنتفل فقال: صلاة جبريل كانت نافلة. واعتضدوا (¬103) برواية من روى في حديث جبريل: "بهذا أمرتَ" (بالنصب) والجواب عن ذلك: أن نقول: إن كنتم أخذتم ذلك من مقتضى الحديث لأجل إخباره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مأمورٌ بذلك فلا حجة فيه إذ ليس في إخباره له أنه أُمر بذلك دليل على أن جبريل لم يؤمر بذلك بل يصح أن يكون أُمر أيضاً، وإن كنتم أخذتم ذلك من أن جبريل لا يكلف ما كُلِّفْنَاهُ من شريعتنا. قيل: ولا يتعبّد أيضاً على جهة التنفل فتكون في حقه نافلة. ويصح أن يقال أيضاً: إنما يتم لكم ما احتججتم به إذا سلم لكم أن تلك الصلاة كانت واجبة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلو قيل: إنما استقر عليه وجوبها بعد بيان جبريل له في اليومين جميعاً فلا (¬104) تكون واجبة في حقه حين صلاها مع جبريل بل لم يكن في الحديث تعلق في هذا. وأما رواية من روى "بهذا أمرتُ" (بالرفع) فهي حجة على رأي من يرى أن المأمور به هو الواجب فيقول: لا يخلو أن يكون جبريل عليه السلام أمر أن يبلغ ذلك قولاً أو فعلاً أو خُيّر فيما شاء منهما. فلا يقال: إنه أمر أن يبلغ قولاً فخالف إذ لا يليق به ذلك، فإذا كان أمر أن يبلغه فعلاً أو خيّر فاختار الفعل صار بيانه واجباً وكان المؤتم به ائتم [بمن وجبت] (¬105) ¬

_ (¬103) في (ج) "واعتضد". (¬104) في (أ) "ولا". (¬105) ما بين المعقفين خرم في (أ).

عليه الصلاة. وأما على رأي من يرى أن المأمور به ينطلق عَلى غير الواجب فيكون الجواب على ما قدمناه قبل هذا. 257 - وقوله في هذا الحديث: "ولَقَدْ حَدَّثَتْنِي عَائشةُ -رضي الله عنها- أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي والشّمْس فِي حُجْرَتِهَا قَبْلَ أنْ تَظْهَرَ" (ص 426) حجّة له على عمر رحمه الله لأن فيه دليلاً على تعجيل العصر وهي الصلاة التي وجده قد أخرها. وإنما كان فيه دليل على التعجيل من جهة أن الحجرة إذا كانت ضيقة أسرع ارتفاع الشمس منها ولم تكن موجودة فيها إلا والشمس مرتفعة في الأفق جداً. قال الهروي: قوله "لم تظهر" أي لها تعل السطح، ومنه قوله عز وجل {وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} (¬106). ومنه الحديث الآخر: "لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقَّ" أي عَالِينَ. قال الجعدي (¬107): [الطويل] بَلَغْنَا السَّمَاءَ مَجْدَنَا وَجُدُودَنَا ... وَإنَا لَنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَرَا أي علوا. 258 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا صَلَّيْتُمْ الفَجْرَ فَإنَّهُ وَقْتٌ إلَى أنْ يَطْلَعَ قرنُ الشّمسِ الأوّل" (من ص 426 إلى ص 430). قال الشيخ -وفقه الله-: في هذا الحديث ردٌّ على الاصْطَخْري الذي يقول: آخر وقت الصبح الإِسفار البَيّن. وقوله: "قَرْنُ الشَّمْس الأوَّلِ" أي طَرَفُهَا الذي هو أوّل ما ييدو مِنها، ¬

_ (¬106) (33) الزخرف. (¬107) في (ج) "قال النابغة الجعدي".

ولو لم يقيده بالأول لَظّنَّ السامع أنه يريد آخر ما يطلع منها وللأصطخري (¬108) ما وقع في حديث الوقتين وقد قال فيه: "إنه - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى في اليوم الثاني عند آخر الإِسفار، وقال ما بين هذين وقت". وأما الظهر فقد اختلفت الأحاديث فيه في آخر وقتها ففي حديث القامة وفي حديث آخر ما لم يحضر وقت العصر. ووجه البناء أن نقول إنّ قوله "صلى به عند القامة" محمول على أن آخر الصلاة (¬109) ينقضي بانقضاء القامة فيكون هذا موافقاً لقوله ما لم يحضر وقت العصر لأن مبتدأ العصر في أول القامة الثانية. وهذا البناء يضعف أحد القولين: أن آخر القامة وقت الظهر والعصر معا. أما الأحاديث المتعارضة في آخر وقت العصر فيدخل البناء فيها في موضعين: أحدهما: بناء قوله القامتين مع الإِصفرار. فيقال: يحتمل أن يكون تحديده القامتين في حديث هو (¬110) الاصفرار الذي حُدّ به في حديث آخر. فذكر الاصفرار مرة لأنه علم باد للعيان تعرفه الخاصة والعامة، وذكر القامتين أيضاً لتكون علامة لمن يعلم ذلك ممن ينظر في الأظلال. والموضع الثاني: الذي يحتاج إلى البناء قوله في بعض الأحاديث "آخرُ وقت العَصْرِ الاصْفِرَار" وفي بعضها "آخر وقتها الغُرُوب". ويتجه في البناء طريقتان: أحداهما: على طريقة من يقول بالتأثيم في تأخيرها إلى بعدِ الاصفرار ¬

_ (¬108) أي ويشهد للاصطخري. (¬109) في (ج) "على أن آخر الوقت". (¬110) في (ج) "هؤلاء" عوض "هو".

فتكون صفة البناء أن يقال: قوله: "إلى (¬111) الاصفرار" في حق من لا عذر له، ويكون آثما في التأخير بعد ذلك، وقوله "إلى الغروب" في حق أصحاب الضرورات والأعذار. والأخرى على طريقة من لا يقول بالتأثيم، ويرى أن الخطاب يعم أصحاب الضرورات وغيرهم فيكون صفة البناء أن يحمل قوله "إلى الاصفرار" على آخر الوقت المستحب، وقوله "إلى الغروب" على آخر وقت الوجوب ويكون ما بين الاصفرار والغروب وقت كراهة. قال الشيخ: ولو قال قائل: مقتضى الأحاديث (¬112) أن الظهر لا حظ لها في القامة الثانية وأن التأثيم يتعلق بتأخيرها بعد القامة إلا أن يمنع من ذلك [دليل فيصار] (¬113) إليه لأن الأحاديث الواردة في وقتها ليس فيها دليل على أن لها بعد القامة وقتا ولم يعارض هذه الأحاديث شيء سوى ما وقع في بعض أحاديث الجمع بين الصلاتين. ويحمل ذلك على أنه كان لضرورة وإنما كلامنا على غير وقت الضرورة لكان للنظر في قولهم مجال. وأما العصر فلو قال قائل أيضاً في بناء أحاديثها: لعل قوله الاصفرار (¬114) هو كقوله "إلى الغروب" في حديث آخر وأراد الاصفرار (¬115) المُقارب للغروب. وَحُدَّ به حماية للذريعة لئلا يوقعها بعد الغروب فيستظهر بإمساك جزء قبل الغروب كما يفعل الصائم في استظهاره بإمساك جزء من الليل قبل الفجر وإن كان أكل يباح له في الحقيقة إلى الفجر إلا أنه لا يقدر على تحصيل ذلك إلا بإمساك جزء من الليل. ويؤيد ¬

_ (¬111) "إلى" ساقطة في (أ). (¬112) في (ج) زيادة نصها: "في وقت الظهر والعصر". (¬113) ما بين المعقفين خرم في (أ). (¬114) في (ج) "إلى الاصفرار". (¬115) في (ج) "بالاصفرار".

هذا البناء قوله في الحديث في كتاب مسلم: "وقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس ويسقط قرنها الأول" فقد جمع بين الاصفرار والمغيب لكان لذلك في النظر مجال أيضاً، لكن يقدح في هذا البناء حديث القامتين فإن الظاهر أن ذلك بعيد من الغروب، والأحاديث الواردة في آخر وقت المغرب يحمل اختلافها على تأكد الفضل في التعجيل على التأخير وإن كان الكل وقت فضيلة على هذه الطريقة ولكن أفضله أوله. وأما أحاديث العتمة فإن ما وقع فيه "ثلث الليل" و"نصف الليل" فيبنى على أنه متقارب في الفضل. والذي وقع فيه "إلى الفجر" يحمل على أنه آخر وقت الوجوب. حديث السائل له عن الأوقات وإحَالَتِهِ - صلى الله عليه وسلم - (¬116) على أن يُصَلِّيَ معه قالوا: يَدُلُّ على جواز تأخير البيان إلى وقت الحاجة. وهي مسألة خلاف بين الأصوليين. قال الشيخ: وقد انفصل عن هذا بأن البيان الذي وقع فيه الخلاف إنما هو أول بيان يكون. ولعله - صلى الله عليه وسلم - إنما أخّر إخبار هذا لأنه قد تقدم بيانه لغيره وإشاعة هذا الحكم. قال الشيخ -وفقه الله-: وإنما يكون هذا انفصالا إذا علمنا أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يلزم البيان إلا أول مرة. ولم يتحقق عندي الآن ما كلف عليه السلام من هذا لأنه يجوز أن يتعبد بالبيان، لكل من سألَه. 259 - (¬117) - في الحديث: "إذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأبْردُوا عَنِ الصَّلاَة" (من ص 430 إلى ص 433). فأمر بالإِبراد التأخير وذكر في الكتاب: "عن خباب، قال: أتينا رسول ¬

_ (¬116) في (ب) و (ج) و (د) زيادة "له". والصواب ما اثبتناه وهو في (أ). (¬117) بهامش (أ) "الإِبراد".

الله - صلى الله عليه وسلم - نشكو إليه حر الرمضاء فلم يشْكِنَا. قال: قلت لأبي إسحاق: أفي الظهر؟ قال: نعم. قلت: أفي تعجيلها؟ قال: نعم". قال "الشيخ -وفقه الله-: هذا الحديث معارض للأول. والأشبه في بيَانهما أنه إنما لم يشكهم لأنهم أرادوا أن يؤخروا إلى بعد الوقت الذي حدّ لهم في الحديث الآخر، وأمرهم بالإِبراد إليه فيزيدون على القدر الذي رخص لهم فيه. وقوله: "فإن شدة الحرّ من فيح جهنم" قال الليث: الفيح سطوع الحر. يقال: فاحت القدر تفيح إذا غلت. وقوله "من حر أو حرور". قال الهروي وغيره: الحرور هو أشتداد الحر ووهجه بالليل والنهار. فأما السموم فلا يكون إلا بالنهار وقوله: "فشكونا إليه الرمضاء فلم يشكنا" يريد أنهم [شكوا إليه حر] (¬118) الشمس وما يصيب أقدامهم منه في صلاة الظهر. ومعنى "لم يشكهم" لما يجبهم إلى ذلك. يقال: أشكيت فلاناً إذا ألجأته إلى الشكاية. وأشكيته أيضاً، إذا نزعت عن شكايته (¬119). 260 - قوله: "كأنما وُتِرَ أهْلَهُ ومَالَه" (ص 435). أي نقص. يقال: وترته، أي نقصته. قال أبو بكر: وفيه قول آخر، وهو أن الوتر أصله الجناية التي يجنيها الرجل على الرجل من قتله حميمه أو أخذه ماله. ¬

_ (¬118) ما بين المعقفين خرم في (أ). (¬119) في (أ) "نزعت عن اشكائه" ثم صححت "نزعت عن شكايته" وما أثبت أولاً في (أ) هو ما في (ج) و (د).

الكلام في الصلاة الوسطى

الكلام في الصلاة الوسطى (¬120) 261 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "شَغَلُونَا عَن الصَّلاَةِ الوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ" الحديث (ص 436). قال الشيخ -وفقه الله-: هذا فيه حجة لمن يقول: إنها العصر. وقد اختلف الناس في قوله تعالى: {الصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬121) مَا المراد به؟ فقيل: الجمعة، وقيل: بل الصلوات الخمس كلها. وقال آخرون: بل الوسطى صلاة من الخمس واختلفوا في عينها. فقال مالك: هى الصبح ووافقه ابن عباس رحمه الله. وقال زيد بن ثابت -رحمه الله-: هي الظهر. وقال أبو حنيفة والشافعي: هى العصر ووافقهما علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وقال قبيصة بن ذؤيب: هي المغرب. وقال غيره: هي العتمة. فأما من قال: هي الجمعة، فإنه ضعيف لأن المفهوم أن الإِيصاء بالمحافظة عليها للمشقّة، والجمعة صلاة واحدة في سبعة أيام، ولا يلحق في حضورها مشقة في الغالب. وكذلك يضعف قول من قال: إن ذلك جميع الصلوات لأن أهل الفصاحة لا يذكرون شيئاً مفصلاً ثم يشيرون إليه مجملاً وقد قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬122) فصرح بذكرها، وإنما يُجْمِلُ الفصحاء الشيء ثم يصرحون به بعد ذلك. وأما وجه الأقوال الأخرى فإنا نقول: ذكر الوسط إما أن يراد به التوسط في الركوع والسجود أو في العدد أو في الزمان. وأما الركوع والسجود ¬

_ (¬120) العنوان من (ب) وبهامش (أ) "الصلاة الوسطى". (¬121) (238) البقرة. التلاوة {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}. (¬122) اقتصر في (أ) على قوله تعالى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ}.

فإن حكم الصلوات فيه واحد فهذا القسم لا يراعى للاتفاق عليه. وأما القسمان الآخران فإن رَاعَيْنَا منهما العدد أدى إلى مذهب قبيصة بن ذؤيب في أنها المغرب لأن أكثر أعداد الصلوات أربع ركعات وأقلها اثنتان وأوسطها ثلاث فهي المغرب التي قال. وإن راعينا الأوسط في الزمان (¬123) كان الأبين أن الصحيح أحد قولين: إما الصبح أو العصر، فأما الصبح فإننا إذا قلنا: إن ما بين الفجر إلى طلوع الشمس ليس من النهار ولا من الليل كانت هي الوسطى لأن الظهر والعصر من النهار قطعاً والمغرب والعشاء من الليل قطعاً وبقي وقت الصبح مشتركاً فهو وسط بين الوقتين. وعلى القول بأن ذلكِ الزمان فن النهار يكون الأظهر أن الوسطى العصر (¬124) لأن الصبح والظهر سابقان للعصر والمغرب والعشاء متأخران عن العصر فهي إذًا وسط بينهما. وقد احتج أصحابنا للقول بأنها الصبحُ للمشقة اللاحقة في إتيانها وأنه زمن يصعب على الإِنسان القيام في من النوم في الشتاء للدثار والصيف من طيب الهواء. وقال من ذهب إلى أنها العصر: فإنها أيضاً كانت تأتي (¬125) في وقت أسواقهم واشتغالهم بمعايشهم فكان إتيانها أيضاً يشق عليهم، ووكد أمرها لئلا يشتغل عنها. وقد نبه الباري سبحانه وتعالى عَلَى أن البيع من أعظم ما يشغل عن الصلاة فقال: {وَذَرُوا البَيْعَ} (¬126). واحتجوا أيضاً لكونها العصر بالحديث المبتدأ به وهو قوله عليه السلام: ¬

_ (¬123) في (ج) و (د) "الأزمان". (¬124) في (ج) "هي العَصْر". (¬125) في (ج) "تأتي الناس". (¬126) (9) الجمعة.

"شَغَلونَا عَنِ الصَّلاَةِ الوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشّمس" هذا يدل على أنها العصر. قال الشيخ -رحمه الله-: فإن قيل: ففي الكتاب في حديث "سفيان ابن عُيَيْنة عن البراء بن عازب قال نزلت هذه الآية {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى العَصْرِ} فَقَرَأْنَاهَا ما شاء الله، ثم نَسَخَها الله جَلَّتْ قدرته فنزلت: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} فقال رجل: فهي إذًا صلاة العصر. فقال له البراء: قد أخبرتك كيف نزلت وكيف نسخها الله والله أعلم. فهذا القول قد أخبر فيه بنسخ أنها العصر. قلنا: يحتمل أن يكون إنما نسِخَ النطق بلفظة العصر، ألا ترى إشارة البراء إلى الاحتمال بقوله (¬127): والله أعلم. قال الشيخ: ويؤيد ما قلناه أن من أرجح الأقوال قول من زعم أنها الصبح أو العصر. 262 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر: "مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ" (¬128) (ص 440). قيل المراد بهما: الصبح والعصر. قال يعقوب (¬129): البردان الغداة والعشي، وهما الأبردان والقرَّتان والكَرّتان والعصران والصرعان والرِّدفان والفَتَيَان. 263 - (¬130) - وقوله: "حَتَّى ابهارَّ اللَّيْلُ" (ص 443). ¬

_ (¬127) في (أ) "وقوله" وكذلك في (ج) و (د). (¬128) بهامش (أ) "فضل الصبح والعصر". (¬129) في (ج) "يعقوب بن السكيت". (¬130) بهامش (أ) "تأخير العشاء".

أي انتصف، وبهرة كل شيء وسطه. قال أبو سعيد الضرير: ابهرار الليل: طلوع نجومه إذا تتامّت لأن الليل إذا أقبل أقبلت فحمته فإذا استنارت النجوم ذهبت تلك الفحمة. 264 - (¬131) - وقوله: "مُتَلَفِّعَاتٌ بمروطهنّ" (ص 445). معناه: متجللات بأكسيتهن. وواحد المروط مِرط (بكسر الميم). 265 - (¬132) - وقوله - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث: "إنَّ صَلاَةَ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الفَذِّ بخمسمة وعشرين جزءًا" وفي حديث آخر: " [أنها تَفْضُلُهَا] بسَبْعٍ وعشرين درجة" (من ص 449 إلى 451). قال الشيخ -أيده الله-: اختلف في بناء هذه الأحاديث فقيل: الدرجة أصغر من الجزء فَكَأنَّ الخمسة والعشرين جزءاَ إذا جُزّئت درجات كانت سبعا وعشرين. وقيل: بل يحمل على [أن] الباري سبحانه كتب فيها أنها أفضل بخمسة وعشرين ثم تفضل بزيادة درجتين. ويؤيد هذا التأويل أن في بعض الأحاديث خمساً وعشرين درجة. قال الشيخ: والأشبه عندي أن يكون محمل قوله: "بخمسة وعشرين وبسبع وعشرين" راجِعًا إلى أحوال المصلي وحال الجماعة، فإذا كانت جماعة متوافرة وكان المصلي، على غاية من التحفظ وإكمال الطهارة كان هو الموعود بسبع وعشرين، وإذا كان على دون تلك الحال كان هو الموعود بخمس وعشرين. والله أعلم. 266 - قال الشيخ -وفقه الله-: في بعض هذه الأحاديث: "تَفْضُلُ صَلاَةَ أحَدِكُمْ فِي سوقِهِ" (ص 459). ¬

_ (¬131) بهامش (أ) "تقديم الصبح". (¬132) بهامش (أ) "فضل الجماعة".

وحمله بعض شيوخنا على أنه ولو كانت جماعة في السوق لكانت كَالفذ في غير السوق، وعلى هذا يكون في ذكر السوق زيادة فائدة على ذكر الصلاة في البيت، ويصح أن تكون الصلاة في السوق أخفض منزلة (¬133) لأن ما فى بعض الأحاديث أنها مواضع الشياطين. وقد ترك - صلى الله عليه وسلم - الصلاة في الوادي الذي ناموا فيه وقال: "إن به شيطانا". وقد يؤخذ من هذا الحديث الرد على داود في قوله: إن من صَلَّى فَذًّا وترك الجماعة أنها لا تجزئه تلك الصلاة لأن النبيء - صلى الله عليه وسلم -[قال في بعض] (¬134) هذه الأحاديث: "أفضل من صلاة أحدكم وحده" فأتى بلفظ المبالغة والتفضيل بين صلاة الجماعة والفذ وأثبت فيها فضلا. ولو لم تكن مجزئة لم تكن جزءاً من الفرض الكامل، ولا يتوجه له هاهنا أن يقول: فإن لفظة أفعل (¬135) قد ترد لإِثبات صفة في إحدى الجهتين ونفيها عن الأخرى. ولعل صلاة الفذ كذلك لا فضل فيها لأن ذلك إنما يَرِدُ فيما أتى مطلقاً كقوله تعالى: {أحْسَنُ الخَالِقِينَ} (¬136)، وشبه ذلك وهو هاهنا قد خصّ ذلك بعدد فجعلها جزءاً من الفرض الكامل الفضل. وحقيقة التجزية أن يكون في الجزء جزء من الفضل الذي في الكل. 267 - ويحتج داود على أن صلاة الجماعة فرض على الأعيان بالحديث الذي ذكر فيه "تَحْرِيقَ بُيُوت قَوْم تَأخَّرُوا عَنْ بَعْضِ الصَّلَوَاتِ" (ص 451). ومحملهم (¬137) عندنا على أنهم منافقون لأنه قال - صلى الله عليه وسلم - "لو يعلم ¬

_ (¬133) في (ب) "رتبة". (¬134) مكان [و] خرم في (أ). (¬135) في (ج) "ولا يتوجه هاهنا أن تقول أنَّ لفظة أفعل". (¬136) (14) المؤمنون. (¬137) في (ب) "محمله".

[الكلام في الأذان والإمامة]

أحدهم أنه يجد عظما سمينا" الحديث. ومعاذ الله أن تكون هذه صفات المؤمنين من الصحابة على فضلهم. ويؤخذ من حديث تحريق البيوت إثبات العقوبة في المال. ومذهب غيره من الفقهاء: أنها فرض على الكفاية. وعلى طريقة القاضي أنه لو تمالأ أهل بلد على ترك الأذان لقوتلوا، ينبغى أن تكون صلاة الجماعة كذلك. 268 - قوله: "فَحَبَسْنَاهُ عَلَى خَزِيرةٍ تصنع لهُ" (¬138) (ص 455). قال ابن قتيبة: الخزيرة لحم يقطع صغاراً ويصب عليه ماء كثير فإذا نضج ذر عليه الدقيق فإن لم يكن فيها لحم فهي عصيدة. وقال الهيثم: إذا كان من دقيق فهي حريرة، وإذا كان من نخالة فهي خزيرة. وقال ابن السكيت: الخزيرة النَّفِيتة (¬139) من لبن أو ماء أو دقيق يتوسع به. [الكلام في الأذان والإِمامة] (¬140) 269 - [قال الشيخ -وفقه الله-: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَأقْدَمُهُمْ سِلْمًا" (ص 465). أي إسلاماً] (¬141). 270 - قال الشيخ -وفقه الله-: في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤذِّنْ لَكُمْ أحَدُكُمْ وَلْيَؤُمُّكُمْ أكْبَرُكُمْ" (ص 466). ¬

_ (¬138) الذي في الأصول: "وحبسناه على خزيرٍ صنعناه له". (¬139) في (ج) "النفيئة" فهي تحريف. (¬140) العنوان من (ب). (¬141) ساقط من (أ) و (ج).

دلالة على أن الجماعة مأمورون بالأذان وإن لم يكونوا في مسجد. وفيه دلالة أيضاً على أن الأذان ليس بمستحق للأفضل. ويحتمل أن يكون الفرق بين الأذان والإِمامة (¬142) أن القصد من الأذان الإِسماع. وذلك متأت من غير الأفضل كَتَتأتِيه من الأفضل بل ربما كان الأنقص فضلاً أرفع صوتاً. وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث آخر: "فاطلبوا لي أنداكم صوتا" وهو هاهنا بمعنى أبلغ في الإِسماع. قال الشاعر: [الوافر] فقلتُ: ادْعى وَأدعو إن أندى ... لِصوت أنْ يُنَادِيَ دَاعِيان وأما أمره - صلى الله عليه وسلم - أن يؤم أكبر فنحمله على أنهم يتساوون (¬143) فيما سوى السن من الفضائل المعتبرة في الإِمامة بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر: "يؤم القوم أفقههم" (¬144). وتقديم الأفقه عندنا أولى ثم القاري بعده ثم بعد ذلك فضيلة السن، وعند أبى حنيفة: أن القاري أولى من الأفقه. وحجتنا عليه قول النبيء - صلى الله عليه وسلم - "أفقههم" ولأن الحاجة تمس إلى الفقه في الصلاة أكثر من الحاجة إلى معرفة وجوهِ القراءات فإن احتج بقوله عليه السلام في حديث آخر: "يؤم القوم أقرأهم" (¬145) قلنا فإن أصحابنا تأولوه على أن الأقرأ هاهنا هو [الأفقه] (¬146) لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتفقهون من القرآن فأكثرهم قرآنا أكثرهم فقها. 271 - ذكر في حديث الوادي: "أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - نَامَ" (ص 471). قال الشيخ -وفقه الله-: إن قيل: ما معنى قوله في الحديث الآخر: ¬

_ (¬142) في (ج) "والاقامة" وهو تحريف. (¬143) في (ج) "متساوون". (¬144) أخرجه: مسلم بلفظ: "يؤم القوم أقرؤهم". (¬145) أخرجه مسلم ص 465. (¬146) موضع "الأفقه" خرم في (أ).

"إن عينيّ تنامان ولا ينام قلبي" (¬147) وقد نام هاهنا حتى طلعت الشمس؟ قلنا: إن من أهل العلم من تأول قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن عينيّ تنامان ولا ينام قلبي" على أن ذلك غالب حاله وقد ينام نادراً بدليل حديث الوادي. ومنهما من تأول "ولا ينام قلبي" على أنه لا تستغرقه آفة النوم حتى يوجد منه الحدث ولا يشعر. قال الشيخ: والأولى عندي أن يقال: ما (¬148) بين الحديثين تناقض، لأنه ذكر في الحديث: "إن عيني تنامان" وكذلك يوم الوادي إنما نامت عيناه فلما ير (¬149) طلوع الشمس وطلوعها إنما يدرك بالعين دون القلب. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اقْتَادُوا حَتَّى خرج من الوادي ثم صَلَّى". اختلف في علته فقيل: لأن الشمس كانت (¬150) طالعة. وإنما أمرهم عليه الصلاة والسلام باقتياد رواحلهم حتى ارتفعت الشمس. [هذا يرده ما ورد في الحديث أنهم لم يستيقظوا حتى ضربتهم الشمس، أي آذتهم وذلك لا يكون إلا بعد ارتفاع الشمس] (¬151) وقيل: إنما ذلك لما ذكر بعد من قوله عليه السلام: "إن هذا مَنْزِلٌ حَضَر فيه شَيْطَانٌ" وهذا هو الأظهر. قال الشيخ -وفقه الله-: مذهب أبي حنيفة أن المنْسيات لا تُقضى عند طلوع الشمس ويحتج بتأخير النبيء - صلى الله عليه وسلم - حتى خَرج من الوادي. وهذا الحديث لا حجة له به لأنه كان في صلاته ذلك اليوم، وهو يوافق على أن صلاة اليوم تقضى عند طلوع الشمس والحجة عليه أيضاً. ¬

_ (¬147) أخرجه مسلم في باب صلاة الليل (ص 509). (¬148) "ما": نافية، أي ليس بين الحديثين تناقض. (¬149) في (أ) "لم تر". (¬150) في (ج) "حينئذ". (¬151) ساقط من (أ) و (ج) و (د).

272 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذكَرهَا" فعم سائر الأوقات. وفي أحد طرقه أنه قال: ليس في النوم تفريط ثم قال بعد ذلك: "فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبِه لها فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها" (ص 473). قال الشيخ -وفقه الله-: يحتمل أن يكون عليه الصلاة والسلام لم يرد إعادة تلك الصلاة المنسية حتى يصليها مرتين وإنما أراد أن هذه الصلاة وإن انتقل وقتها بالنسيان إلى وقت الذكر فإنها باقية على وقتها فيما بعد ذلك مع الذكر لئلا يظنّ ظانّ أن وقتها قد تغير. 273 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ نَسِيَ صَلاَةً أْو نَامَ عَنْهَا" (ص 477). قال الشيخ -وفقه الله-: الاتفاق على أن الناسي يقضي وقد شذّ بعض الناس فقال: ما زاد على خمس صلوات لا يلزم قضاؤها. ويصح أن يكون وجه هذا القول أن القضاء يسقط في الكثير للمشقة ولا يسقط فيما لا يشق كما أن الحائض يسقط عنها قضاء الصلاة. وعلله بعض أهل العلم بالمشقة لكثرة ذلك وتكرر الحيض، ولم يسقط الصوم (¬152) إذ ليس ذلك موجوداً فيه. وأما من ترك الصلاة متعمداً حتى خرجت أوقاتها فالمعروف من مذاهب الفقهاء أنه يقضي وشذ بعض الناس وقال: لا يقضي، ويحتج (¬153) بدليل الخطاب في قوله: "من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها" (¬154). دليله أن العامد بخلاف ذلك ¬

_ (¬152) في (ج) "عنها". (¬153) في (ج) و (د) "ويحتج له". (¬154) في (ج) زيادة نصها: "انه إذا لم يكن ذلك فلا يصليها، وهذا نحو الحجة في إثبات الكفارة في قتل العمد، ويؤخذ من دليل قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (92) النساء. دليله".

فإن لم نقل بدليل الخطاب سقط احتجاجه. وإن قلنا بإثباته قلنا: ليس هذا هاهنا في الحديث من دليل الخطاب بل هو من التنبيه بالأدنى على الأعلى لأنه إذا وجب القضاء على النّاسي مع سقوط الإِثم فأحرى أن يجب على العامد. والخلاف في القضاء في العَمْدِ كالخلاف في الكفارة في قتل العمد والخلاف فيهما انبنى على الخلاف: هل ما في الحديث المتقدم والآية المتقدمة من دليل الخطاب أو من مفهوم الخطاب؟. 274 - وفي حديث الوادي من رواية أبي قتادة حين أتاه أبو قتادة بالمِيضَاة فقال النبيء - صلى الله عليه وسلم -: "احفظ علينا مِيضَأتك فسيكون لها نَبَأ" ثمّ ذَكَر بَعْد ذلك "أنهم عَطِشُوا فأتَى بالمِيضَأة فجعل يصب وَأبُو قتادة يَسْقِي حَتَّى رَوُوا كُلُّهُمْ" (ص 472). قال الشيخ -وفقه الله-: هذا فيه للنبيء - صلى الله عليه وسلم - معجزتان: قولية، وفعلية. فالقولية إخباره عليه السلام بالغيب وأنها سيكون لها نبأ، والفعلية تكثير الماء القليل. قوله: "ثمّ سَار حتى تَهَوَّرَ الليل". قال الهروي: معناه: حتى ذهب أكثره وانهدم كما يتهور (¬155) البناء. يقال: تهور الليل وتوهر. وقوله "حتى كاد ينجفل" أي ينقلب. وقوله عليه السلام "أطلقوا لِي غُمَري" قال أبو عُبَيْد: يقال للقعب الصغير: غمر، وتغمرت: شربت قليلاً قليلاً، قال أعشى باهلة يرثي المنتشر: ¬

_ (¬155) ساقطة من (ب).

[البسيط] تَكْفيه فَلْذةُ كَبد إن ألَمَّ بِهَا ... من الشِّواء ويُروى شربه الغُمَر وقوله - صلى الله عليه وسلم -:"أحْسِنُوا المَلأَ" أي الخُلق. قال الفراء: أحسنوا إملاءكم، أي عَوْنَكُم من قولك: مَالأت فلانا، أي أعنته. وقوله: "فَمَجّ في الغَزْلاَوَيْن العُلْيَاوَيْن" قال ابن ولاّد: العزلاء بالمد عزلاء المزادة، وهو موضع مخرج الماء منها، قال الهروي: هو فمها الأسفل. قال الشيخ: والذي في كتاب مسلم يؤيد ما ذكره ابن ولّاد. وقوله: "فَهَدَى الله ذلِكَ الصِّرْم" قال يعقوب: الصِّرْم (بكسر الصاد) أبيات مجتمعة. 275 - قول عائشة -رضي الله عنها-: "فُرِضَتِ الصَّلاَةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْن" الحديث (ص 478). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف في القصر في السفر فقال إسماعيل القاضي: هو فرض. وقال ابن سحنون: القياس فيمن أتم في السفر أن يعيد أبدا. وقال غيرهما من الفقهاء: بل الفرض التخيير بين القصر أو الإِتمام. واختلف هؤلاء: أيهما أفضل؟ فقال بعضهم: القصر أفضل، وهو قول الأبهري من أصحابنا وبلَّغه غيره من أصحابنا في الفضل إلى رتبة السنن. وقال الشافعى: الإِتمام أفضل. ويحتج من قال: إن القصر فرض بحديث عائشة المتقدم ويصحح الانفصال عنه بأن يقال: يحتمل أن تريد بقولها: "فرضت الصلاة" أي قدرت ثم تركت صلاة السفر على هيئتها في المقدار لا في الإِيجاب، والفرض في اللغة يكون بمعنى التقدير. ويحتج لمن قال: إنه ليس بفرض بقول الله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} (¬156) ولا يقال في الجواب (*): لا جناح عليكم أن تفعلوا. ¬

_ (*) قال معد الكتاب للشاملة: كذا في المطبوعة، ولعل صوابها: "الواجب"، والله أعلم. (¬156) النساء: 101. قوله {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} ورد في (أ) بدون فاء وكذلك =

وأما السفر الذي يقصر فيه (¬157) فإن بعض الناس لم يَحدّه، واحتج بقول الله: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} (¬158). وأكثر الناس على تحديده وكأنهم فهموا إنما خففت عن المسافر للمشقة فلم يكن عندهم القصر إلا في سفر تلحقهم فيه المشقة. واختلفوا في تقديره واختلافهم مذكور في كتب الفقهاء. (¬159) واختلف الناس أيضاً في الإِقامة التي إذا نواها المسافر صار في [حكم المستوطن] (¬160) ما هي؟ فقال ربيعة: يوم وليلة. وقيل: أربعة أيام بلياليها، وهو مذهب مالك وغيره. وقيل: اثنا عشر. وقيل: خمسة عشر. وقيل: سبعة عشر. فوجه قول ربيعة: أنه لما كان ذلك الأمد حداً للسفر المبيح للقصر والفطر كان حداً للإقامة والاستيطان. ووجه القول بالأربعة أنه - صلى الله عليه وسلم - أباحَ للمُهَاجِر أن يُقيم بِمَكَّةَ بعد قضاء نسكه ثلاثاً والمهاجرون لا يستوطنون مكة فدل على أن الثلاث حكمهَا حكم السفَر للاستيطان. والخلاف الذي هو بقية الأقوال انبنى على الخلاف في مدة مقامه عليه السلام بمكة عام الفتح ومقامه في حصار الطائف. 276 - قول ابن عمر: "لَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا لأتْمَمْتُ" (ص 480). قال الشيخ -وفقه الله-: يحتمل أن يكون معنى قول ابن عمر: ¬

_ = في مسلم "عن يعلى بن أمية" والتلاوة بالفاء وهو ما في (ب). (¬157) في (ج) "تقصّر فيه الصلاة". (¬158) النساء (101). (¬159) في (ج) "قال الشيخ". (¬160) ما بين المعقفين محو في (أ).

أن الصلاة إنما قصرت للتخفيف فإذا عاد هؤلاء ينتفلون فإن الإِتمام كان أولى. والمسبح: المنتفل والسُّبحة: صلاة النافلة. 277 - وجاء في الحديث الآخر: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسبّح عَلَى الرَّاحِلَة وَيُوتِرُ عَلَيْهَا وَلاَ يُصَلِّي عَلَيْهَا المَكْتُوبَة" (ص 487). قال الهروي: تسمى، الصلاة تسْبِيحا، قال الله تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} (¬161) أي من المصلين. قال الشيخ: والتنفل على الدابة جائز في السفر الذي تقصر فيه الصلاة حيثما توجهت به الدابة، واختلف في السفر الذي لا تقصر فيه الصلاة، فأجازه بعض الشافعية في الحضر. 278 - قال الشيخ: خرَّج مسلم في باب ما تقصر فيه الصلاة حديثا "عن جُبيرُ بن نُفَيْر قال: خرجت مع شُرَحبيل بن السِّمط إلى قرية على رأس سبعة عشر ميلاً أو ثمانية عشر ميلاً فصلَّى ركعتين فقلت له فقال: رَأيْتُ ابْنُ عُمَرَ صلَّى بذِي الحَلَيْفَةِ ركعتين" هكذا في نسخة ابن الحذاء: "رأيت ابْن عُمَرَ" والصواب "رَأيْتُ عُمَرَ" كذلك رواه الجُلُودي "رأيت عمر" (ص 481) والحديث محفوظ لعمر رضي الله عنه، وكذلك خرّجه ابن أبي شَيْبَة والبزار وغيرهما "عن عمر رضي الله عنه". 279 - قوله: "خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي يَوْمٍ ذِي رَدْغٍ". (¬162) (ص 485). ¬

_ (¬161) (143) الصافات. (¬162) الذي في رواية مسلم هنا "في يوم ذي ردغ بالدال المهملة الساكنة"، وقال الشيخ: بالذال المعجمة. هكذا وقع في كتاب مسلم ولعله تحريف عن قوله بالدال المهملة. =

[ذكر أحاديث الجمع بين الصلاتين]

قال الشيخ - وقع في كتاب مسلم (بالذال المعجمة)، وشرحه الهروي في باب الراء مع الزاي وقال عن أبي عبيد: إن الرزع، الطين والرطوبة، وقد أرْزعت السماءُ فهي مرْزعة. [ذكر أحاديث الجمع بين الصلاتين] (¬163) 280 - قال الشيخ: الجمع بين الصلوات المشتركة الأوقات تكون تارة سنة وتارة رخصة، فالسنة الجمع بعرفة والمزدلفة ولا خلاف فيه. وأما الرخصة فالجمع في المرض والسفر والمطر فمن تمسك بحديث صلاة النبيء - صلى الله عليه وسلم - مع جبريل عليه السلام وقدَّمه لم ير الجمع في ذلك. ومن خصه أثبت جواز الجمع في السفر بالأحاديث الواردة فيه وقاس المرض عليه فيقول: إذا أبيح للمسافر الجمع لمشقة السفر فأحرى أن يباح للمريض. وقد قرن الله تعالى المريض بالمسافر في الترخص له في الفطر والتيمُّم. وأما الجمع في المطر فالمشهور من مذهب مالك إثباته في المغرب والعشاء. وعنه قولة شاذة: أنه لا يجمع إلا في مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم -. ومذهب المخالف جواز الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في المطر. واحتج القائلون بالجمع بالحديث الذي فيه:"أنه - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بالمدينة ثمانياً وسبعاً" قال مالك: أرى ذلك في (¬164) المطر. وهذا ¬

_ = وأما قوله "وشرحه الهروي في باب الراء مع الزاي" فهو ما نقله ابن الأثير عن الهروي أي الرَّزْعُ. وجاء هنا وقال عن أبي عبيد: أن الرَّزع الطين والرطوبة، بالعين المهملة، وكذا ما بَعْدُ من قوله: وقد ارزعت الأرض فهي مرْزعة،، هو ما في (ب) و (ج) و (د) وهو تحريف عن مادة رزغ بالراء والزاى والغين المعجمة كما حررناه من التاج. (¬163) العنوان من (ب) و (ج) و (د). (¬164) في (ج) "كان في المطر".

المعنى تأوله غيره فقال بالجمع بين الظهر والعصر على ما جاء في الحديث ولم يقل مالك بذلك في صلاة النهار وخص الحديث بضرب من القياس وذلك أن الجمع للمشقة اللاحقة في حضور الجماعة. وتلك المشقة إنما تدرك الناس في الليل لأنهم يحتاجون إلى الخروج من منازلهم إلى المساجد وهم في النهار متصرفون في حوائجهم فلا مشقة تدركهم في حضور الصلاة. وتأويل الحديث على أنه كان في مطر يضعفه ما في أحد طرق هذا الحديث وهو قول ابن عباس: "جَمَعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ الظُّهرِ والعَصْر والمغرب والعشاءِ في المَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوف وَلاَ مَطَرٍ (¬165) فقد نص ابن عباس على أنه لم يكن في مطر. قال الشيخ -وفقه الله-: وقيل في تأويله: إن ذلك كان في الغيم وأنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر ثم انكشف لهم في الحال أنه وقت العصر فصلاها. وهذا يضعف جمعه في الليل لأنه لا يخفى دخول الليل حتى يلتبس وقت (¬166) المغرب مع وقت العشاء ولو كان الغيم. قال الشيخ: والأشبه أن يكون فعل ذلك في المرض. والذي ينبغي أن يحمل عليه ما أعيا بناؤه أو تأويله من أحاديث الجمع عند من لا يقول به: أنّه أوقع الصلاة الأولى في آخر وقتها والثانية في أول وقتها. 281 - قال الشيخ -وفقه الله-: خرّج مسلم في هذا الباب: "حدثنا أبو الطّاهر وعمرو بن سوَّاد قالا أخبرنا ابن وهب قال أخبرني جابر ابن إسماعيل عن عُقَيْل عن ابن شهاب عن أنس عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا عجل عليه السير" الحديث (ص 489). روي هذا الإِسناد مجودا. ووقع في نسخة ابن ماهان: "أخبرنا ابن ¬

_ (¬165) أخرجه مسلم بلفظ صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً في غير خوف ولا سفر. (¬166) في (د) "دخول المغرب".

وهب حدثني إسماعيل عن عقيل". فهذا وهم وإنما هو: جابر بن إسماعيل شيخ لابن وهب مصري. ووقع في بعض النسخ أيضاً: "ابن وهب عن ابن اسماعيل" وليس بشيء. 282 - قال الشيخ: وخرّج مسلم في هذا الباب أيضاً حديث قرة ابن خالد قال: "حدثنا أبو الزبير المكي قال حدثنا عمرو بن واثلة أبو الطفيل قال حدثنا معاذ بن جبل قال: جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك" الحديث (ص 490). هكذا أتى في هذا الإِسناد: أبو الطفيل عمرو بن واثلة. والمشهور المحفوظ في اسم أبى الطُّفَيْل عامر لا عمرو وإنما أتى هذا من قبل الراوي عن أبي الزبير. قال الشيخ: قال بعضهم هو عامر بن واثلة الليثي المكي من ليث بن بكر بن عبد مناة. ومن قال: أبو الطّفيل البكري نسبة إلى بكر بن عبد مناة وليس من بكر بن وائل. وقد نبه عليه البخاري في تاريخه الكبير فقال: اسمه عامر. وقال بعضهم: عمرو. وقال في الأوسط: اسم أبى الطّفيل عامر ونحوه في كتاب التمييز لمسلم. 283 - قوله - صلى الله عليه وسلم - للرّجل الذي رآه يُصَلِّي والمُؤَذِّنُ يُقِيم: "أتُصَلِّي الصِّبْحَ أرْبَعًا؟ " وفي حديث آخر "يُوشك أنْ تُصَلِّيَ الصُّبْحَ أرْبَعًا" (ص 493). قال الشيخ -وفقه الله-: هذه إشارة إلى أن علة المنع حماية للذريعة لئلا يطول الأمر ويكثر ذلك فيظن الظان أن الفرض قد تغير. وهذا يقرب من المعنى الذي ذكرناه عن ابن عمر في إنكاره على المتنفل في السفر وبِنَحْوِ ما وجهنا به منع الركوع عند صلاة الصبح اعتذِر عن عثمان -رضي الله عنه- في إتمامه الصلاة بمِنى، وإنما ذلك خِيفة أن يغتر الجهّال إذا صلَّى ركعتين ويظنوا أن الصلاة غُيرت. وقد شذ بعض الناس فأجاز أن يركع للفجر في المسجد والإِمام في الصلاة. ولعله لم تبلغه هذه الأحاديث أو تأول ذلك على أنه فيمن أخذ يصلّي الصبح وحده قبل صلاة الإِمام ثم يعيدها معه.

284 - ذكر في بعض [طرق] (¬167) هذا الحديث أنه قال له: "بِأيّ الصَّلاَتَيْنِ اعْتَدْتَ أبصَلاَتِكَ وَحْدَكَ أمْ بِصَلاَتِكَ مَعَنَا؟ " (ص 494). وقد اختلف في ركعتي الفجر: هل هما سنة أو فضيلة. وهذا الخلاف إنما هو راجع إلى زيادة الأجر وتأكيد فعلها لأن هذه الأقسام كلها لا يأثم من ترك منها شيئاً. وإنما يتفاضل أجره في فعلها فأعلاها أجرا هو المسمى بالسنة. 285 - (¬168) قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دَخَلَ أحَدُكُمْ المَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أنْ يَجْلِسَ" (ص 495). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف فيمن أتى المسجد بعد الفجر وقد ركع ركعتي الفجر: هل يحيي المسجد بركعتين؟ وسبب الخلاف معارضة عموم هذا الحديث لعموم الحديث الآخر الذي فيه النهي عن الصلاة بعد الفجر إلا ركعتي الفجر. وقد قال بعض أصحابنا: إن من تكرر دخوله إلى المسجد فإنه تسقط عنه تحية المسجد كما أن المختلفين إلى مكة والمترددين إليها من الحطّابين وأهل الفاكهة يسقط عنهم الدخول بالإِحرام. وكذلك أسقطوا سجود التلاوة عن القَرَأةِ والمقرئين والوضوء لمس المصحف عن المتعلمين. 286 - (¬169) -قول عائشة -رضي الله عنها-:"مَا رَأيْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي سُبْحَةَ الضُّحَى" الحديث (ص 497). وقول النبيء - صلى الله عليه وسلم -" في قيام رمضان: "ما مَنَعَنِي مِنَ الخُرُوجِ إلَيْكُمْ إلاَّ أنَّي خَشِيتُ أنْ يُفْرَضَ عَلَيْكُمْ" الحديث (¬170). ¬

_ (¬167) ساقطة من (أ). (¬168) بهامش (أ) "تحية المسجد". (¬169) بهامش (أ) "صلاة الضحى". (¬170) أخرجه مسلم في باب الترغيب في قيام من رمضان (ص 524).

قال الشيخ: محمل ذلك على أنه - صلى الله عليه وسلم - أوحى الله إليه بذلك وأعلمه الله أنه متى واظب على فعل مثل هذا فُرِض على أمته فأشفق عليه السلام علي أمته وكان - صلى الله عليه وسلم - كما قال الله عز وجل: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (¬171). 287 - (¬172) - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قَدْ أجَرْنَا مَنْ أجَرْتِ يَا أمَّ هَانِىء" (ص 498). هذا محتمل أن يريد به الخبر أن حكم الله تعالى أن من أجرته مجار، ويحتمل أن يكون رأيًا رآه في إنفاذ جوارها وحكماً ابتدأه من قِبَلِهِ - صلى الله عليه وسلم - وقضى به في تلك النازلة. وعلى المراد بهذا اللفظ جرى الخلاف فيمن أجاره أحد من المسلمين هل يمضي ذلك على الإِمام ولا يكون له نقض جواره أم لا؟ ومن هذا النمط قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل قتيلاً فله سَلَبُه" (¬173) هل هو إخبار عن الحكم أو ابتداء حكم في هذه القضية؟ وعلى هذا جرى الخلاف بيننا وبين الشافعي في القاتل هل يستحق السَّلَب حكماً أو حتى ينفله إياه الإِمام إن شاء. 288 - (¬174) - قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف في العدد الذي يجمع من الركعات في الصلاة النافلة من غير فصل. فقال مالك: لا يجمع أكثر من ركعتين. وقال أبو حنيفة: يصلى اثنتين إن شاء أو أربعاً أو ستاً أو ثمانيا ولا يزيد على الثمان، فاعتمد مالك على حديث "مثنى مثنى"، وعلى حديث ابن عباس حين بات عند خالته ميمونة رضي الله عنهما. وقدم ذلك ¬

_ (¬171) (128) التوبة. (¬172) بهامش (أ) "حديث أم هاني". (¬173) الحديث أخرجه مسلم في باب استحقاق القاتل سَلَب القتيل (ص 1371). (¬174) بهامش (أ) "قيام الليل".

على غيره من الأحاديث لما ترجح به عنده من مصاحبة العمل له وغير ذلك. واحتج المخالف للاثنتين بهذه الأحاديث. والأربع (¬175) بما وقع في حديث عائشة رضي الله عنها: "أنّها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي الضُّحَى أرْبعًا" وبما في صلاته - صلى الله عليه وسلم - في اللّيل وبحديث أمّ هاني في الثّمان. ومالك قد يحمل ذلك على "أنه أيضاً - صلى الله عليه وسلم - كان يُسَلِّمُ مِن رَكْعَتَيْنِ" إذ ليس في الأحاديث التصريح بأنه لم يسلّم. ويحتج أيضاً المخالف في بقية العدد المذكور بما في حديث عائشة رضي الله عنها الذي وقع في الكتاب من صلاته - صلى الله عليه وسلم - في الليل سَبْعًا وثمانياً. ويرجح المخالف مذهبه بأنه يستعمل جميع الأحاديث ولا يسقط منها شيئاً. ويقول: المذهب الذي يؤدي إلى استعمال الأحاديث أرجح من الذي يسقط بعضها. (من ص 508 إلى ص 512). قال الشيخ -وفقه الله-: واختلف أيما أفضل في النوافل هل طول القيام وإن قل الركوع والسجود أم الإِكثار من الركوع والسجود وإن قصر القيام؟ فقيل: طول القيام أفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أفْضَلُ الصّلاةِ طولُ القنوت" (¬176) وقيل: بل الأفضل الإِكثار من السجود وإن خف القيام لِحديث أم هاني المذكور وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أعِنِّي عَلَى ذلك بِكَثْرَة السُّجُودِ" (¬177) وقيل: أما في النهار فكثرة السجود أفضل لحديث أم هاني، وأما في الليل فطول القيام أفضل لما روي فيه من فعله - صلى الله عليه وسلم -. 289 - قال الشيخ -وفقه الله-: خرج مسلم في باب صلاة الضحى: "حدثنا عن الضحاك بن عثمان عن إبراهيم بن عبد الله بن حُنَيْن عن أبي مرة مولى أمّ هاني عن أبي الدرداء. قال: أوصاني حبيبي بثلاث" ¬

_ (¬175) في (ج) و (د) "والاربع". (¬176) في مسلم في باب "أفضل الصلاة طول القنوت" (ص 520). (¬177) أخرجه مسلم فيما تقدم في باب فضل السجود والحث عليه (ص 353).

هكذا في الحديث عن أبي الدرداء قال بعضهم: وفي نسخة أبى العلاء: عن أم الدرداء مكان أبى الدرداء. والصواب: عن أبي الدرداء كما في نسخة أبي أحمد الجلودي (ص 499). 290 - قال الشيخ: وخرج مسلم في باب صَلاَةِ النَافِلة: "حدثنا عن إسماعيل بن عُلَية عَن الَوليد بن أبي هِشام عَن أبي بكر ابن مُحَمد عَن عَمْرة عَن عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَان رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأ وَهْوَ قَاعِدٌ" الحديث (ص 505). هكذا روي في هذا الإسناد الوليد بن أبي هاشم، ورده أبو عبد الله بن الحذاء في نسخته: الوليد بن هشام ووهم فيه. والصواب: ابن أبي هشام مكي، وهو مولى عثمان رضي الله عنه يعدّ في البصريين وكذلك رواه أبو أحمد وأبو العلاء. وفي الرواة أيضاً الوليد بن هشام المعيطي شامي روى مسلم له أيضاً. 291 - (¬178) - وقول عَائشَة -رَضِيَ الله عَنْهَا-: "بَعْدَمَا حَطَمَهُ النَّاسُ" (ص 506). قال الهروي: يقال: حطم فلانا أهلُه، إذا كبر فيهم كأنه لما حمله من أَثّقَالِهِمْ صيروه شيخاً محطوماً. والحَطْمُ: كَسْرُكَ الشْيءَ اليابس. 292 - وَقولها: "لَمَّا بَدَّنَ وَثَقُلَ كَانَ أكْثَرُ صَلاَتِهِ جَالِسًا" (ص 506). [قال أبو عبيد] (¬179) بدَّن الرجل تبدينا إذا أسن. وأنشد: [الرجز] وَكُنْتُ خِلْتُ الشَّيْبَ والتَّبْدِينَا ... وَالْهَمَّ مِمَّا يُذْهِلُ القَرِينَا ¬

_ (¬178) بهامش (أ) "التنفل قاعدا". (¬179) ما بين المعقفين محو في (أ).

قال: ومن رواهُ بدُن فليس له معنى في هذا لأنه خلاف صفته - صلى الله عليه وسلم -. ومعناه كثرة اللحم. يقال: بَدُن يَبْدُنُ بَدَانَةً. قال الشيخ: أنكر أبو عبيد بَدُن (بضم الدال). وقد جاء في كتاب مُسْلم قول عائشة: "فلمّا أسن عليه السلام وأخَذَ اللحم أوتر بسبع" (¬180). 293 - قَولهُ - صلى الله عليه وسلم -: "صلَاَةُ الأوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الفِصَال" (ص 515). قال الهروي وغيره: الأواب الكثير الرجوع إلى الله سبحانه. وقيل: المطيع، وقيل: الراحم، وقيل: المسبح. وقوله "إذَا رمضت الفصال" (¬181) يعني ارتفاع الضحى. ورمض الفصال: أن تحترق الرمضاء، وهي الرمل فتبرك الفصال من شدة حرها وإحراقها أخفافها. 294 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثنَى مَثْنَى فَإذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ" (ص 516). قال الشيخ -وفقه الله-: مذهب أبي حنيفة أن الوتر واجب وليس بفرض على طريقته وطريقة أصحابه في التفرقة بين الفرض والواجب مع أنهما جميعاً يأثم تاركهما عنده. وفرّق بعضهم بينهما بأن الواجب هو وجب بالسنة، والفرض ما وجب بالقرآن. وقال بعضهم: الواجب ما لا يكفر من خالف فيه، والفرض ما يكفر من خالف فيه. وهذه التفرقة عندنا غير صحيحة على مقتضى اللسان بل الأولى على حكم الاشتقاق أن يكون الواجب آكد من الفرض. وأما الوتر فهو عند مالك سنة وما وقع لبعض أصحابنا من تجريح تاركه. ولبعضهم أمر تأديبه محمول على أنه إنما استحق ذلك لأن تركه عنده عَلَمٌ على الاستخفاف بالدين لا لأجل أن الوتر فرض. ¬

_ (¬180) أخرجه مسلم في باب جامع صلاة الليل (512) (¬181) في (ب) "حين ترمض الفصال".

ولا يؤتر عندنا بواحدة لا شفع قبلها من غير عذر. وأوتر سحنون في مرضه بواحدة، وأجازه بعض أصحابنا في السفر. وقال الشافعى: يوتر بواحدة لا شفع قبلها من غير عذر فإن احتج له بقول النبيء - صلى الله عليه وسلم -: "فَأوْترْ بِوَاحدة" (¬182) قلنا: لم يكن ذلك إلا بعد شفع، وإن احتج بأن سعدا أوتر بواحدة قلنا: لعله كان لعذر. وينبني الخلاف أيضاً بيننا وبينه على الخلاف في الوتر: هل هو وتر لصلاة العتمة أو لصلاة النافلة؟ فإن قيل: إنه للعتمة قاد ذلك إلى مذهبه وإن قيل: وتر للنوافل احتيج إلى شفع قبله كما قلنا. واختلف القائلون بأن لا بد من شفع قبل الوتر: هل يفصل بسلام بين الشفع والوتر أم لا؟ والحجة للفصل بينهما حديث: "ابن عباس أن النَبيِء - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْن" (¬183) الحديث، وحديث: "صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى" (¬184). 295 - قال الشيخ: وقوله "طُولُ القُنُوتِ" (ص 520). فللقنوت سبعة معان: الصلاة، والقيام، والخشوع، والعبادة، والسكوت، والدعاء، والطاعة. قال ابن أبي زمنين وغيره: أصل القنوت الطاعة. 296 - قوله: "ثُمًّ عَمَدَ إلَى شَجْبٍ مِنْ مَاءٍ" (ص 527). الشجب: السقاء الذي قد استشنّ. وأخلق، وقال بعضهم: سقاء شاجب، أي يابس. وفي الحديث الآخر "فقام إلى شَنّ معلّق" (¬185) فبين ¬

_ (¬182) أخرجه مسلم في باب صلاة الليل (ص 516). (¬183) في مسلم باب الدعاء في صلاة الليل (ص 527). (¬184) في مسلم باب صلاة الليل (ص 519). (¬185) في مسلم (ص 526).

أن الشجب هو الشنّ والشنّ، هو السقاء الخلق، وجمعه شنان، ويقال للقربة شنّة (¬186). 297 - وقوله: "فأتَى القربة فَأطْلَقَ شِنَاقَهَا" (ص 525). قال أبو عبيد قال: أبو عبيدة: شناق القربة هو الخيط أو السير الذي تعلق به القربة على الوتد. يقال منه: اسْتشنقتها استشناقا. وقال غيره: الشناق خيط يشدّ به فم القربة. قال أبو عبيد: وهو أشبه القولين. قول ابن عبّاس رَضِيَ الله عنه: "فَأخَذَ أذُنِي يَفْتِلُهَا قِبَلَ وَجْهِهِ" (¬187) إنه أراد أن يذكر القصة بعد ذلك لصغر سنه. وقيل: لينفي عنه العين لما أعجبه قيامه معه. وقيل: إن في فَتْلِ الأذن تنبيها للفهم وقيل: وفي بعض طرق حديثه "فَكُنْتُ إذَا أغْفَيْتُ يَأخُذُ شَحْمَةَ أذُنِي [يَفْتِلهَا] " (¬188) فقد بين في هذا الحديث أنه إنما فعل ذلك لينبهه من النوم. 298 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يَنْزِلُ رَبُّنَا تَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ" (الحديث (ص 521). قيل: معناه: ينزل ملك ربّنا، على تقدير حذف المضاف، كما يقال: فعل السلطان كذا، وإن كان الفعل وقع من أتباعه، ويضاف الفعل إليه لما كان عن أمره. ويحتمل أن يكون عبّر بالنزول عن تقريب الباري تعالى للداعين حينئذ واستجابته لهم وخاطبهم - صلى الله عليه وسلم - بما جرت به عادتهم ليفهموا عنه. وكأنَّ المتقرب منا إذا كان في بساط واحد مع من يريد الدنو منه عبر عن ذلك بأن يقال: جاء وأتى، وإذا كان في علو قيل: نزل وتجلى. وقد ورد في الكتاب والسنة: جاء وأتى ونزل وتجلى. ¬

_ (¬186) في (أ) "يقال القربة شنة". (¬187) في مسلم (ص 527). (¬188) في مسلم (ص 528).

299 - (¬189) - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتَسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" (ص 523). قال الشيخ -وفقه الله-: ما الأفضل (¬190) في قيام رمضان لمن قوي عليه: هل إخفاؤه في بيته أم صلاته في المسجد؟ استحب مالك أن يقوم في بيته واستحب غيره قيامه في المسجد. يحتج لمالك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أفْضَلُ الصَّلاَةِ مَا كَانَ فِي بُيُوتِكُم إلاَّ الصَّلاَةَ المَكْتوبَة" وللمخالف بفعله - صلى الله عليه وسلم -، وبأن عمر رضي الله عنه استحسن ذلك من الناس لما رأى قيامهم في المسجد. ومن جهة المعنى أن مالكا احتاط للنية وآثر المنفعة النفسية، والمخالف رأى الإِظهار أدعى إلى القلوب الآبية وأبقى للمعالم الشرعية. 300 - "فَأمَّا لَيْلةُ القَدْرِ" (ص 524). فمن الناس من قال: إنها ليلة في سائر السنة لكنه قال: إنما قلت ذلك لئلا يتّكل الناس. وقال غيره: بل هي في رمضان. وجل قول أهل العلم: إنها في العشر الأواخر، وإنها في الأفراد منها. وأحسن ما بُنيت عليه الأحاديث المختلفة في تعيينها أن يقال: إنها تختلف حالها فتكون سنة في ليلة وسنة في ليلة أخرى، وكأنه أجر يكتبه الله للعامل فيتفضل به في ليلة وفي غيرها من السنين في ليال أخر. 301 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اللَهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ" (ص532). وقوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (¬191). ¬

_ (¬189) بهامش (أ) "قيام رمضان". (¬190) في (ب) "اختلف ما الأفضل". (¬191) (35) النور.

قيل معناه: مُنوّر السماوات والأرض، أي خالق نورها. 302 - وَقَوْلهُ - صلى الله عليه وسلم - في حَدِيث آخر: "وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْكَ" (ص 534). تتعلق به المعتزلة في أن الله تعالى سبحانه لا يخلق الشر. ونحمله على أن معناه لا يتقرب إليك بالشر. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ" (ص 534). يحتج به من يقول: إن الأذنين من الوجه يغسلان لأنه - صلى الله عليه وسلم - أضاف السمع إلى الوجه. قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف في حكم الأذنين فقيل: يمسحان لأنهما من الرأس. وقيل: يغسلان كما ذكرنا. وقيل: أما باطنهما فيغسل مع الوجه وأما ظاهرهما فيمسح مع الرأس. 303 - (¬192) - قال الشيخ: خَرَّجَ مُسْلِمٌ فِي بَابِ الحَضِّ عَلَى صَلاَة اللَّيْلِ: "حَدَّثَنِي قُتَيْبَةُ بن سَعِيد حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَن عُقيل عَن الزُّهِرِي عَن عَليّ ابن حُسَيْن أنَّ الحَسَنَ بن عَليّ حَدَّثَهُ عَن عَلِي رَضِي الله عَنْهُمْ أنَّ النَّبِيءَ - صلى الله عليه وسلم - طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ رَضِيَ الله عَنهَا فَقَالَ: ألاَ تُصَلُّونَ" الحديث (ص 537). قال الدارقطني: كذا رواه مسلم "عن قتيبة أن الحسن بن علي". وقد تابعه على ذلك إبراهيم بن نصر النهاوندي والحنيني، وخالفهم النسائي والسراج وموسى بن هارون عن قتيبة قالوا: "إنّ الحسين بن علي". وكذلك قال أصحاب الزهري منهم صالح بن كيسان وابن جُريج وإسحاق بن راشد وابن أبي أنيسة وابن أبي عتيق وغيرهم: "عن الزهري عن علي بن حسين ¬

_ (¬192) بهامش (أ) "الحضّ على قيام الليل".

ابن علي عن أبيه عن علي". وكذلك وقع في نسخة الجلودي: "الزهري عن علي بن حسين أنَّ الحسين بن علي حدّثه عن علي بن أبي طالب". وفي نسخة ابن ماهان: "عقيل عن الزهري عن علي بن حسين بن علي عن علي بن أبي طالب". هكذا روي عنه وأسقط من الإِسناد رجلاً قاله عنه أبو زكرياء الأشعري وابن الحذاء. والصواب ما تقدم. 304 - (¬193) - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأسِ أحَدِكُمْ" الحديث (ص 538). قال الشيخ -أيده الله-: بَوَّبَ البخاري عليه: عقد الشيطان على رأس من لم يصل. وفي الحديث: "أنه يعقد على قافية رأس أحدكم وإن كانت منه الصلاة بعد ذلك وإنما تنحل عقده بالصلاة والذكر". والذي يفهم من تبويب البخاري أن العقد إنما يكون على رأس من لم يصل فقط. وقد يعتذر عنه بأنه إنما قصد من يستدام العقد على رأسه بترك الصلاة، وقدّر من انحلت عقدُه كأنه لم تعقد عليه. قال الهروي وغيره: قفا (¬194) كل شيء وقافيته آخره. 305 - (¬195) - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "عَلَيْكُمْ مِنَ الأعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَإنَّ الله لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا" (ص 540). قال الشيخ -وفقه الله-: الملالة التي بمعنى السآمة لا تجوز على ¬

_ (¬193) بهامش (أ) "عقد الشيطان". (¬194) في (أ) "قفى". (¬195) بهامش (أ) "عمل ما يطاق".

الله سبحانه. وقد اختلف في تأويل هذا الحديث فقيل: إنما ذلك على معنى المقابلة، أي لا يدَعُ الجزاء حتَّى تَدَعُوا العمل. وقيل: "حتى" هاهنا بمعنى الواو فيكون قد نفى عنه جلت قدرته الملل فيكون التقدير لا يمل وتملّون. وقيل: حتى، بمعنى حين. 306 - (¬196) - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا نَعَسَ أحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ فَإنَّ أحَدكم إذَا صَلَّى وَهْوَ نَاعِسٌ لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبَّ نَفْسَهُ" (ص 542). قال الشيخ: هذا يحتج به على من يرى أن نفس النوم ينقض الطهارة كالحدث لأنه لم يعلل بانتقاض الطهارة وإنما قال: "فيسب نفسه". وقد اختلف الناس في هذه المسألة، فقال المزني: النوم ينقض الطهارة قلّ أو كثر. وذكر عن بعض الصحابة رضي الله عنهم: أنه لا ينقض الطهارة على أي حال كان. وغير هذين من الفقهاء يقول: ينقض على صفة وما هذه الصفة؟ أبو حنيفة يرى الاضطجاع ومالك يراعي حالة يغلب على الظن خروج الحدث فيها ولا يشعر. وما وقع بين أصحابه من مراعاة ركوع أو سجود أو اشتغال أو غير ذلك فإنما هو خلاف في حال، فبعضهم رأى تلك الحالة لا يشعر بالحدث معها، وبعضهم لم يرها. وأصل الفقه ما قلناه. 307 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في القرآن: "فَلهْوُ أشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِن النَّعَمِ بِعُقُلِهَا" (ص 544). قال الهروي: كل شيء كان لازما للشيء ففصل منه قيل: تفصّى منه كما يتفصّى الإنسان من البلية، أي يتخلص منها. قال الشيخ: وتفسيره في الحديث الآخر الذي بعده لأن فيه: "لهو ¬

_ (¬196) بهامش (أ) "النعاس في الصلاة".

أشد تفلتا من الإِبل في عقلها". وهو جمع عقال نحو كتاب وكتب. والنعم تذكر وتؤنث وهي هاهنا الإِبل خاصة. 308 - (¬197) - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا أذِنَ الله لِشَيْءٍ مَا أذِنَ لِنَبِيءٍ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ" (ص 545). قال الشيخ -وفقه الله-: أذن في اللغة بمعنى استمع. فأما الاستماع الذي هو الإِصغاء فلا يجوز على الله سبحانه. فهو مجاز هاهنا فكأنه عبّر عن تقريبه للقاري وإجزال ثوابه بالاستماع والقبول، وكذلك سماع الباري تعالى للأشياء لا يختلف. وإنما المراد هاهنا أنه يقرب الحسن القراءة أكثر من تقريب غيره. والتفاضل في التقريب وزيادة الأجور يختلف فتعبيره عن ذلك بما يؤدي إلى التفاضل في الاستماع مجاز. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يَتَغَنَّى بِالقُرْآن" فَيتأوّله من يجيز قراءة القرآن بالألْحان على ذلك المعنى. وقال الهروي: معنى "يتغنى به" يجهر به. ومثله قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن". قال سفيان: معناه من لَمْ يستغن. يقال: تغنَّيت وتغانيت بمعنى استغنيت. قال غيره: كل من رفع صوته ووالى (¬198) به فصوته عند العرب غناء. قال الشافعي: معناه تَحْزِينُ القراءة وترقيقها. ومما يحقق ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر: "زَيِّنُوا القُرْآنَ بِأصْوَاتِكُمْ"، قال غيره: من ذهب به إلى الاستغناء فهو من الغنى (¬199) ضد الفقر، وهو مقصور. ومن ذهب به إلى التطريب فهو من الغناء الذي هو مد الصوت وهو ممدود. 309 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في: "الَّذِي يَتَتَعْتَعُ بِالْقُرْآن لَهُ أجْرَانِ" (ص 549). ¬

_ (¬197) بهامش (أ) "تحسين القرآن". (¬198) في (أ) "ووالا". (¬199) في (أ) "الغنا".

يحتمل أن يريد بالأجرين الأجر الذي يحصل له في قراءة حروف القرآن، وأجر المشقة التي تناله في القراءة. 310 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: لأبَيّ بن كعب: "أمَرَنِي الله أنْ أقْرَأ عَلَيْكَ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} " (¬200) (ص550). قال الشيخ -وفقه الله-: قيل: إنما قرأ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليأخذ أبيّ عنه عليه السلام، فإن كان أبَيّ لم يكن حافظاً لما قرأ عليه تعلم ذلك منه، وإن كان حافظاً له تعلم طريق القراءة وترتيبها، لأن القاري يصح منه أن يقرأ بالتطريب وبغير ذلك، فتؤخذ أيضاً عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رتبة القراءة ليعلم القاري على أيّ صفة يقرأ القرآن. 311 - ذكر في الحديث: "أنَّ عَبّدَ الله بنَ مسعودٍ لَمَّا شَمَّ رَائِحَةَ الخَمْرِ عَلَى الَّذِي أنْكَرَ عَلَيْهِ قِرَاءَةَ سُورَةَ يُوسف حَدَّهُ" (ص 551). وهذا حجة على أبي حنيفة الذي لا يوجب الحد بالرائحة. 312 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في البقرة وآلِ عمران: "إنَّهُمَا يَأتِيَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ كَأنَّهُمَا غَمَامَتَانِ وكَأنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أوْ كأنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْر صَوافَّ" (ص 553). قال الشيخ -وفقه الله-: قال بعض أهل العلم: يكون هذا الذي يؤتى به يوم القيامة جزاء عن قراءتهما، فأجرى اسمهما على ما كان من سببهما كعادة العرب في الاستعارة. قال أبو عبيد: الغَياية كل شيء يظل الإِنسان فوق رأسه مثل السحابة والغبرة. يقال: غايا القوم فوق رأس فلان بالسيف كأنهم أظلوا به. قال غيره: والفرقان القطعان. ¬

_ (¬200) سورة البينة.

313 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قَرَأ هَاتَيْنِ الآيَتَيْن مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي لَيْلَة كَفَتَاهُ" (ص 554 - 555). يحتمل أن يريد: كفتاه من قيام الليل أو من أذى الشياطين. قال الشيخ: خرّج مسلم في باب فضائل القرآن حديث: "الأعمش عن إبراهيم عن علقمة وعبد الرحمن بن يزيد عن أبي مسعود الأنصاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ قَرَأ بِالآيَتَيْن" الحديث (ص 555). قال بعضهم: سقط من نسخة أبى العلاء ذكر إبراهيم بن الأعمش وعلقمة. والصواب إثباته. وبه يتصل الإِسناد، وكذلك خرجه البخاري والنسائي. 314 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قُلْ هُوَ الله أحَدٌ تَعْدِلُ ثُلَثَ القُرْآنِ" وفي حديث آخر: "أنَّ الله جَزَّأ القُرْآنَ ثَلاَثَةَ أجْزَاءٍ فَجَعَلَ قُلْ هُوَ الله أحَدٌ جزْءًا مِنْ أجْزَاءِ القُرْآنِ" (ص 556 - 557). قال الشيخ -وفقه الله-: قيل معنى ذلك أن القرآن على ثلاثة أنحاء قصص وأحكام وأوصاف لله جلّت قدرته، وقل هو الله أحد تشتمل على ذكر الصفات فكانت ثلثا من هذه الجهة. وربما أسعد هذا التأويل ظاهر الحديث الذي ذكر فيه "أن الله تعالى جزّأ القرآن". وقيل: معنى ثلث القرآن لشخص بعينه قصده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: معناه ان الله يتفضل بتضعيف الثواب لقارئها، ويكون منتهى التضعيف إلى مقدار ثلث ما يستحق من الأجر على قراءة القرآن من غير تضعيف أجر. وفي بعض روايات هذا الحديث: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حَشَدَ النَّاسَ وَقَالَ سَأقْرَأ علَيْكُمْ ثُلُثَ القُرْآن فَقَرَأ قُلْ هُوَ الله أحَدٌ". وهذه الرواية تقدح في تأويل من جعل ذلك لشخص بعينهِ. 315 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الذي قيل له: "إنَّهُ يَقْرَأ فِي كُلِّ صَلاَة بِقُلْ هُوَ الله أحَدٌ، لَمَّا قَالَ: إنِّي أحِبُّهَا، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: إنَّ الله يُحِبُّهُ" (ص 557).

قال الشيخ -وفقه الله-: الباري لا يوصف بالمحبة المعهودة فينا، لأنه يتقدس عن أن يميل أو يمال إليه، وليس بذي جنس أو طبع فيتصف بالشوق الذي تقتضيه الجنسية والطبيعة (¬201) البشرية وإنما معنى محبته سبحانه للخلق إرادته لثوابهم وتنعيمهم على رأي بعض أهل العلم، وعلى رأي بعضهم أن المحبة راجعة إلى نفس الإِثابة والتنعيم لا للإِرادة. ومعنى محبة المخلوقين له إرادتهم أن يُنعِم (¬202) ويحسن إليهم. 316 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أُنْزِلَ القُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أحْرُف فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ" (ص 560). قال الشيخ -وفقه الله-: من الناس من ظن أن المراد بهذا سبعة معان مختلفة كالأحكام والأمثال والقصص إلى غير ذلك. وإنما غره في ذلك حديث رُويَ عن النبيء - صلى الله عليه وسلم -" ذكر فيه: "أنْزِلَ القُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أحْرُفٍ "وفسره بهذا المعنى. [وهذا التأويل خطأ] (¬203) لأنه عليه السلام أشار في هذا الحديث إلى جواز القراءة بكل حرف وإبدال حرف من السبعة بحرف آخر وقد تقرر إجماع المسلمين على أنه لا يحل إبدال آية أمثال بآية أحكام. قال تعالى: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} (¬204). وكذلك ظن آخرون أن المراد به إبدال خواتم الآي فيجعل مكان غفور رحيم، سميع بصير ما لم يتناقض المعنى فيبدل آية رحمة بآية عذاب. وهذا أيضاً فاسد لأنه قد استقر الإِجماع على منع تغيير القرآن ولو زاد أحد من المسلمين في كلمة منه حرفاً واحداً أو خفف مشدَّدا أو شدّد مخفَّفا لَبَادَرَ الناس إلى إنكاره فكيف بإبدال كثير من كلماته. وإذا فسد هذان. التأويلان قلنا ينبغي ¬

_ (¬201) في (أ) "الطبيعية". (¬202) في (ج) "أن ينعمهم". (¬203) ما بين المعقفين محو في (أ). (¬204) (15) يونس.

أن يعلم أن الحرف في اللغة هو الطرفُ والناحية. ومنه حرف الوادي، أي طرفه وناحيته. ومنه تسميتهم الشكل المقطوع من حروف المعجم حرفاً لأنه ناحية وطرفٌ من الكلام. ومنه قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} (¬205) يعني على غير طمأنينة لأن الشاك كأنه على طرف وناحية من الاعتقاد. وإذا ثبت هذا قلنا: قد اتضح أن الحرف من الأسماء المشتركة فينطلق على المذهب الأول الذي هو المعاني المختلفة لأن كل معنى منها طرف وناحية من صاحبه. وينطلق أيضاً على المذهب الثاني وهو إبدال خواتم الآي لأن كل مبدل طرف وناحية من الكلام. ولكن منعنا من حمل حديثنا هذا عليه ورود الشرع بِمنع الإِبدال فلا بد من حمله على أحرف يجوز إبدالها وليس إلا ما تقرر في الشريعة جواز إبداله وهو نحو الإِمالة والفتح فإن أحدهما يبدل بالآخر والتفخيم والترقيق والهمز والتسهيل والإِدغام والإِظهار وما أشبه ذلك. والغرض منه حمل الحديث على أنه أراد ناحية وطرفا من اللغات ولكن يبقى على هذا المذهب نظر آخر: هل المراد بذلك وجود قراءات سبع في كلمة واحدة أو يكون إنما أشار إلى تردد سبع لغات في سائر الآيات؟ فهذا مَا (¬206) اختلف فيه أهل هذه الطريقة وللنظر فيه مجال. 317 - ووقع في بعض طُرق مُسلم عن أُبَيّ "أنَّ النبيء - صلى الله عليه وسلم - لمَّا حسّن لِلْقَرَأةِ المُخْتَلِفَةِ قِرَاءَتَهُمْ مَا قَرَأوا بِهِ قَالَ أبَّي: فَسُقط في نَفْسِي مِنَ التَّكْذِيبِ وَلاَ إذْ كُنْتُ فِي الجَاهِلِيَّة. فَلَمَّا رَأى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مَا قَدْ غَشِيَني ضَرَبَ صَدْرِي فَتَصَبَّبْتُ عَرَقًا فَكَأنَّمَا أنْظُرُ إلَى الله عَزَّ وَجَلَّ فَرَقًا فَقَالَ لِي يَا أُبَيُّ أُرسل إلَيَّ ... " الحديث (ص 561). قال الشيخ: وهذا مما ينبغي أن يحمل فيه على أبيّ أنه وقع في نفسه ¬

_ (¬205) (1) الحج. (¬206) في بقية النسخ غير (أ) "مِمَّا".

خاطرٌ ونزْغة من الشيطان غير مستقرة لأن إيمان الصحابة رضي الله عنهم فوق إيمان من بعدهم واختلاف القراءات ليس بعظيم الموقع في الشبهات كيف وقد يتصور في النبوءات من القوادح للملحدين ما يتعب الذهن ويكدّ الخاطر الانفصال عنه. ولم ينقل عن أحد من الصحابة أنه تشكك بسبب ذلك ولا أصغى إليه وهل تبديل القراءات إلا أخفض (¬207) مرتبة من النسخ الذي هو إزالة القرآن والأحكام رأسا ثم لم ينقدح في نفس أحد منهم بسبب ذلك شك مستقر فوجب لأجل هذا أن يحمل على أُبَيٍّ ما قلناه. 318 - قول عَلْقَمَةَ: "لَقِيتُ أبَا الدَّرْدَاء فقَال لِي: هَلْ تَقْرَأ قِرَاءَةَ ابْن مَسْعُود؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَاقْرَأ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} (¬208) قال: فقرأت {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} فضحك ثم قال: هكذا سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها". وفي بعض طرقه: "ولكن هؤلاء يريدون أن أقرأ {وَمَا خَلَقَ} ولا أتابعهم" (ص 565). قال الشيخ -وفقه الله-: يجب أن يعتقد في هذا الخبر وفيما سواه مما هو بمعناه مما جعلته الملحدة طعنا في القرآن وَوَهْنًا في نقله أن ذلك كان قرآنا ثم نسخ ولم يعلم بعض من خالف بالنسخ فبقي على الأول. ولعل هذا إنما يقع من بعضهم قبل أن يتصل به مصحف عثمان رضي الله عنه المجمع عليه، المحذوف منه كل منسوخ قراءته. وأما بعد ظهور مصحف عثمان رضي الله عنه واشتهاره فلا يظن بأحد منهم أنه أبْدَى فيه خلافاً. وأما ابن مسعود رضي الله عنه فقد رويت عنه روايات كثيرة، منها لم يثبت عند أهل النقل وما ثبت منها مما يخالف ظاهره ما قلناه فإنه محمول على أنه كان يكتب في مصحفه القرآن ويلحق به من بعض الأحكام والتفاسير ما يعتقد أنه ليس بقرآن ولكن لم ير تحريم ذلك عليه، ورأى أنها صحيفته ¬

_ (¬207) في (ب) "أنفذ". (¬208) (1) سورة الليل.

يثبت فيها ما شاء، وكان من رأي عثمان والجماعة منع ذلك لئلا يتطاول الزمان وينقل عنه القرآن فيخلط به ما ليس منه فيعود الخلاف إلى مسألة فقهية، وهي جواز إلحاق بعض التفاسير بأثناء المصحف أو منع ذلك. ويحمل أيضاً ما روي من إسقاط المعوذتين من مصحفه على أنه اعتقد أنه لا يلزمه أن يكتب كل ما كان من القرآن وإنما يكتب منه ما كان له فيه غرض، وكأنَّ المعوذتين لقصرهما وكثرة دورهما في الصلاة والتعوذ بهما عند سائر الناس اشتهرت بذلك اشتهاراً استغنى معه عن إثبات ذلك في المصحف. 319 - قَوْلُ عُمر رضي الله عنه: "نَهَى النَّبِيءُ - صلى الله عليه وسلم - عَن الصَّلاَةِ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تطلُعَ الشَّمْسُ" (ص 566). قال الشيخ -وفقه الله- التنفل بعد الصبح وبعد العصر من غير سبب يقتضيه منهي عنه. واختلف العلماء فيما له سبب كتحية المسجد وشبهه، فمنعه مالك أخذًا بعموم هذا الحديث، وأجازه الشافعي تعلقاً بحديث أمّ سلمَةَ في "صلاة النبيء - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ العَصْرِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْر لَمَّا شُغِلَ عَنهُمَا" (¬209). 320 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في الشَّمْسِ: " فَإنَّهَا تَطْلُعُ بِقَرْنَي الشَّيْطَانِ". وفي حديث آخر: "تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَي الشَّيْطَانِ" (ص 567 - 570). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف في المراد بقرن الشيطان هاهنا فقيل: قرن الشيطان حزبه وأتباعه. وقيل: قوته وطاقته، ومنه قول الله تعالى: {وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} (¬210)، أي مطيقين، وقيل: إن ذلك استعارة وكناية عن إضراره لما كانت ذوات القرون تتسلط بقرونها على الأذى استعير للشيطان ذلك. وقيل: القرنان جانبا الرأس فهو على ظاهره. ¬

_ (¬209) هذا الحديث أخرجه مسلم بعدُ في صفحة (571). (¬210) (13) الزخرف.

321 - قوله: "نَهَى عَن الصَّلاَةِ حِينَ تَضيَّفُ الشَّمْس لِلْغُرُوبِ" (ص 568). قال أبو عبيد: أي إذا مالت للغروب، يقال: منه ضافت تضيف ضيفا، إذا مالت، وضِفْت فلانا أي ملت إليه ونزلت به، وأضفته أضيفه إذا أملته إليك وأنزلته عليك، والشيء مضاف إلى كذا، أي ممال إليه، والدعي مضاف إلى قوم ليس منهم، أي مسند إليهم، وأضفت ظهري، أي أسندته، وضاف السهم عدل عن الهدف، وصاف أيْضًا. 322 - قوله: "فَإنَّ حينئذ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ" (ص 569). قيل في تفسير قول الله تعالى: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} (¬211) أي المملوّ، وقيل: المُوقد. 323 - (¬212) - قول ابن عمر رضي الله عنه: "صَلَّى رسول الله صَلاَةَ الخَوْف بِإحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً وَالطَّائِفَةُ الأخْرَى مُواجِهَةُ العَدُوِّ ثُمَّ انْصَرَفُوا وَقَامُوا فِي مَقَامِ أصْحَابِهِمْ مُقْبِلِينَ عَلَى العَدُوّ" الحديث (ص 574 - 575). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلفت الأحاديث في هيئة صلاة الخوف فذكر ابن عمر رضي الله عنه هذه الهيئة المذكورة. وروى صالح بن خَوَّات غيرها، وروى جابر هيئة أخرى غيرهما. وأحسن ما بنيت عليه هذه الأحاديث المختلفة أن يحمل على اختلاف أحوال أدّى الاجتهاد في كل حالة إلى إيقاع الصلاة على تلك الهيئة أحْصَنُ وأكثر تحرزا وأمنا من العدوّ، ولو وقعت على هيئة أخرى لكان فيها تفريط وإضاعة للحزم. وقد أنكر أبو يوسف أن يعمل بصلاة الخوف بعد النبيء - صلى الله عليه وسلم - ورآها من خصائصه ¬

_ (¬211) (6) الطور. (¬212) بهامش (أ) "صلاة الخوف".

واغتر بقوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} (¬213) فعلق فعلها يكون النبيء - صلى الله عليه وسلم - فيهم فإذا لم يكن فيهم لم تكن. ورأى غيره من أهل العلم أن الآية خرجت مخرج التعليم لهيئة الصلاة ولم يقصد بها قصرها على النبيء - صلى الله عليه وسلم - وإنما افتتحت بخطاب المواجهة لأنه هو المبلّغ عن الله تعالى وَجَلَّ ما يقول وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "صَلُّوا كَمَا رَأيْتُمُونِي أصَلِّي". وعموم هذا الخبر يرد على أبي يوسف وقد صُلّيت في الصحابة بعد النبيء - صلى الله عليه وسلم -. واختلف فقهاء الأمصار في المختار من الهيئات الواردة في الآثار. فأخذ مالك برواية صالح بن خوات التي رواها عنه في موطئه وأخذ الشافعي وأشهب من أصحاب مالك برواية ابن عمر، وأخذ أبو حنيفة برواية جابر، ولا معنى للأخذ بها إلا إذا كان العدو في القبلة لأن فيها أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - صفّ بهم صفَّين والعدوّ بينهم وبين القبلة فذكر كون العدوّ في القبلة ولو كان في دبرها لكانت الصلاة على هذه الهيئة تعرضا للتلف وركوبًا للخطر. وأما رواية صالح التي أخذ بها مالك، ورواية ابن عمر التي أخذ بها الشافعي فإن لكل واحدة منهما ترجيحا على صاحبتها. أما رواية ابن عمر رضي الله عنه فإن فيها إثبات قضاء المأموم بعد فراغ الإِمام على ما أصلته الشريعة في سائر الصلوات، ورواية صالح فيها القضاء والإمام في الصلاة وهذا خلاف الأصول. وأما رواية صالح رضي الله عنه فإن فيها من الترجيح أيضاً قلة العمل في الصلاة، ورواية ابن عمر تضمنت انصراف المأموم وهو في الصلاة ومشيه وتصرفه وهو يصلي وذلك خلاف الأصول. وذهب إسحاق بن راهويه إلى أن الإِمام يصلي ركعتين وتصلي كل طائفة ركعة لا أكثر، يحتج له بما في كتاب مسلم "أنَّ ابن عباس قال: فَرضَ ¬

_ (¬213) (102) النساء.

الله الصَّلاَةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - في الحَضَر أرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الخَوْفِ رَكْعَةً" (¬214) [لأن الشرع] قد ورد بأن المسافر ردت صلاته إلى الشطر من صلاة المقيم لمشقة السفر، وترد صلاة [الخائف على] (¬215) الشطر أيضاً من صلاة الآمِن (¬216) المسافر لمشقة الخوف. 324 - وَخَرَّجَ مُسْلِمٌ فِي بَعْضِ طُرْقِهِ: "عَنْ جَابِرٍ أنَّ النَّبِيءَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى أرْبَعَ رَكَعَات بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ فَكَانَتْ لِلنَّبِيءِ - صلى الله عليه وسلم - أرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَلِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَانِ" (ص 576). وهذا يظهر وجهه على القول بأن المفترض تصح صلاته خلف المنتفل. ولكن إنما يعترض على هذه الطريقة بأنه لم يسلّم من الفرض حتى دخل (¬217) النافلة. ويحتمل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - لم يقصد بالاثنتين الأخريين التنفل ولكنه كان مُخيرًا بين القصر والإِتمام في السفر كما يقول بعض العلماء فاختار الإِتمام واختار لمن خلفه القصر. ولكن ينظر هاهنا في اختلاف نية المأموم والإِمام في العدد وهذا يفتقر إلى بسط. وأما ظاهر القرآن فقد يتأوله صاحب كل مقالة على رأيه فيقول إسحاق قال الله تعالى: {فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} (¬218)، ولم يطلبهم بزيادة على هذه الركعة فاقتضى ذلك كونها جملة فرضهم. ويتأولها مالك على أن المراد به: فإذا سجدوا في الركعة الباقية عليهم وفرغت صلاتهم فليكونوا من ورائكم. ويرى أن المراد سجودهم في الركعة الثانية لا في الأولى. ويرى الشافعي وأشهب أن المراد ¬

_ (¬214) أخرجه مسلم في باب صلاة المسافرين وقصرها (ج 1، ص 479). (¬215) في (أ) خرم في الموضعين. (¬216) "مِن" ساقطة من (أ). (¬217) في (ب) و (ج) "حتى دخل في النافلة"، وفي (د) "حتى دخل للنافلة". (¬218) (102) النساء.

بقوله تعالى: {فَإِذَا سَجَدُوا} الركعة الأولى ولكن يكونون من ورائنا (¬219) وهم في الصلاة لأنّه لم يذكر أنهم من ورائنا مصلين أو غير مصلين. ويرى أبو حنيفة أن يكونوا من ورائنا بمعنى يتأخرون إلى مكان الصف الثاني ويتقدم الصف الثاني ليسجدوا الثانية مع الإِمام. وبعض هذه التأويلات أسعد بظاهر القرآن من بعض وبسط ذلك يطول. 325 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الغُسْلُ يَوْمَ الجُمُعَة وَاجِب عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ" (ص 580). قال الشيخ -وفقه الله-: من الفقهاء من أخذ بظاهر هذا ورأى أن غسل الجمعة يجب. وأكثر الفقهاء على أنه لا يجب تعلقا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أتَى الجُمُعَةَ وَقَدْ تَوَضَّأ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالغُسْلُ أفْضَل"، فقوله عليه السلام: "فَبِهَا ونِعْمَتْ" يفيد جواز الاقتصار على الوضوء. ولو كان ممنوعا من الاقتصار عليه لم يقل "فَبِهَا ونعمت". وأيضاً فإنه قال: "ومن اغتسل فالغسل أفضل" فدل على أن في الوضوء فضلاً حتى تصح المبالغة. واعتمدوا أيضاً على قول عمر رضي الله عنه على المنبر للداخل عليه لما قال له: "مَا زِدْتُ عَلَى أنْ تَوَضَّأتُ فقَالَ عمر: الوضوءَ أيْضًا" (¬220) ولم يأمره بالغسل. 326 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أنْصِتْ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ" (ص 583). قال الشيخ -وفقه الله-: إنما ذكر هذه اللفظة لأنها لا تعدّ من الكلام الكثير. وهو أمر بالمعروف فإذا لم يبحها فأحرى وأولى أن لا يباح ما سواها ممّا يكثر وليس فيه أمر بمعروف. وقد قال بعض الناس: إن ¬

_ (¬219) في (ب) "بمعنى يتأخّرون إلى مكان الصفّ". (¬220) أخرجه مسلم (ج 2، ص 580) وفيه "وَالوضوء أيضاً".

فيه حجّة لمالك في إسقاطه تحية المسجد على الداخل والإِمام يخطب لأنه في ركوعه مِن التشاغل عن الإِمام أشد مما في قوله: أنصت، وإن كان الشافعي يرى التحية حينئذ لحديث كتاب مسلم: "أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال لسُلَيْك: قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهمَا". ثم قال عليه السلام: "إذَا جَاءَ أحَدُكُمْ الجُمُعَةَ وَالإِمَامُ، يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهمَا" (¬221). وقد تأوّله بعض أصحابنا على أنها قضية في عين وأنه - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يقوم الرجل ليراه الناس فيتصدقوا عليه. وهذا ليس بصحيح في الانفصال عما قاله الشافعي لأنه قال عقيب ذلك "إذَا جَاءَ أحَدُكُمْ" الحديث، فخاطب الجماعة. وأما قوله: "فَقَدْ لَغَوْتَ". فيقال: لغا يلغو ولغِي يلغى، واللغة الثانية لغة أبي هريرة وقد ذكره مسلم (¬222). ويقال: هو اللغو واللغا. انشد ابن السكيت: [الرجز] وَرَبِّ أسْرَابِ الحَجِيجِ الكُظَّمِ ... عن اللَّغَا وَرَفَثِ التكلّم وذكر الهروي في قوله: "ومن مس الحصى فقد لغا" (¬223) معناه: تكلم. وقيل: لغا عن الصواب، أي مال عنه. وقال النضر: أيْ خاب، ألغيتهُ: خيبته. قال ابن عرفة: اللغو الشيء المسقط الملغى. 327 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بَيْدَ أنَّهُمْ أوتُوا الكِتَابَ" (ص 585). قال الليث: يقال: بيد وميد بمعنى غير، قال أبو عبيد: تكون بيد بمعنى غير، وبمعنَى على، وبمعنى من أجل ذلك، وأنشد: ¬

_ (¬221) أخرجه مسلم في باب التحية والامام يخطب (ج 2، ص 597). (¬222) في مسلم (ج 2، ص 583). (¬223) أخرجه مسلم في فضل من استمع وأنصت للخطبة (ج 2، ص 587).

[الرجز] عَمْدًا فَعَلْتُ ذاك بيدَ أني ... أخاف إن هلكتُ لم تُدِنِّي قال الأموي: معناه: على أني. وقال غيره معناه: من أجل أني. قال الشيخ: في هذا الحديث إشارة إلى فساد تعلق اليهود والنصارى بالقياس في هذا الموضع لأن اليهود عظمت السبت لما كان فيه فراغ الخليقة. وظنت ذلك فضيلة توجب تعظيم اليوم. وعظمت النصارى الأحد لما كان فيه ابتداء الخليقة فاعتقدت أن ذلك تعظيم لذلك اليوم، واتبع المسلمون الوحي والشرع الوارد بتعطم يوم الجمعة فعظموه. 328 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ رَاحَ إلَى الجُمُعَةِ" الحديث (ص 582). قال الشيخ -وفقه الله-: حمله مالك رحمه الله على أن المراد به بعد الزوال تعلقا بأن الرواح في اللغة لا يكون في أول النهار وإنما يكون بعد الزوال. وخالفه بعض أصحابه ورأى أن المراد به أول النهار تعلقا بذكر الساعات فيه الأولى والثانية والثالثة، وذلك لا يكون إلا من أول النهار. فمالك تمسك بحقيقة الرواح وتجوز في تسمية الساعة ويؤكده عنده أيضاً قوله في بعض طرق الحديث: "مثل المُهَجّر كَمَثل الَّذِي يُهْدِي" الحديث (¬224). والتهجير لا يكون أول النهار وتمسك بعض أصحابه بحقيقة [لفظ] (¬225) الساعة وتجوز بلفظ الرواح. 329 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيَنْتَهَيَنَّ أقْوَامٌ عَن وَدْعهم الجُمُعَات أوْ لَيَخْتِمَنَّ الله عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الغَافِلِينَ" (ص 591). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في صلاة الجمعة: هل هي ¬

_ (¬224) أخرجه مسلم في باب فضل التهجير يوم الجمعة (ج 2، ص 587). (¬225) "لفظ" ساقطة من (أ).

فرض على الأعيان أو على الكفاية؟ وأكثر على أنها على الأعيان. وذهب بعض الشافعية إلى أنها على الكفاية، فتعلق الأولون بقول الله سبحانه: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (¬226). وهذا خطاب لسائر الناس فيجب حمله على العموم وبظاهر الخبر الذي قدمناه. وتعلق الآخرون بقول النبيء - صلى الله عليه وسلم -": " [صلاَةُ الجَمَاعَةِ] (¬227) أَفْضَلُ من صلاَةِ أحَدِكُمْ" الحديث (¬228). وصلاة [الجمعة] (¬229) تدخل في عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صَلاَةُ الجَمَاعَةِ" فقد أثبت فضيلة مَّا على ما تقتضيه المبالغة. واختلف الناس أيضاً: هل تجب على العبد والمسافر؟ فأسقطها عنهما مالك وأكثر الفقهاء، وأوجبها عليهما داود. ووجه الخلاف ورود خبر الواحد بالتخصيص وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أرْبَعَة لاَ جُمُعَة عَلَيْهِمْ" (¬230) فهل يخص عموم القرآن بأخبار الآحاد أم لا؟ فيه اختلاف بين أهل الأصول. وهذا على القول بأن العبد يدخل في الخطاب مع الحر، وأما إذا قلنا: إنه لا يدخل في خطاب الأحرار لم يكن هاهنا عموم عارض خبر واحد بل يكون الاستمساك بالأصل واستصحاب براءة الذمة في حقه هو الأصل المعتمد عليه وعلى أن أيضاً هذا الخبر الوارد فيه ذِكْرُ "أرْبَعَة لاَ جُمُعَة عليهم" وعدّ فيه المسافر والعبد لا يعارضه الخبر الذي ذكرناه من كتاب مسلم ولأن المسافر رُدَّ من أربع إلى ركعتين لمشقة السفر، والخطبة في الجمعة أقيمت مقام ركعتين فلو أوجبناها عليه لأوجبنا عليه الإِتمام وذلك لا يصح، ولأن ¬

_ (¬226) (9) الجمعة. (¬227) ما بين المعقفين خرم في (أ). (¬228) أخرجه مسلم في باب "فضل صلاة الجماعة والتشديد في التخلف عنها" (ج 1، ص 449). (¬229) في (أ) "الجماعة". (¬230) وهذا الحديث ساقط من (ب) و (ج) و (د).

العبد لو خوطب بالجمعة لوجب عليه السعي وإيقاع عبادة في مكان مخصوص وذلك لا يلزمه كالحج. فإن قيل: هذا يدل على أنه إنما سقط ذلك عنه لحق السيد فلو أذن له سيده وأسقط حقه هل يستقر عليه الوجوب لزوال العلة المسقطة له؟ قيل: اختلف أصحابنا في ذلك ولم يختلفوا في أن الحج لا يجب عليه بإسقاط السيد حقه. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - "عَن وَدْعِهِمْ" فمعناه تَرْكهم. قال الشيخ: قال شمر: زعمت النحوية أن العرب أماتوا مصدرَهُ وماضيه والنبيء - صلى الله عليه وسلم - أفصح وجاء في الحديث: "إذا لم ينكر الناس المنكر فقد تُودِعَ منهم أن يُسْلَمُوا إلى ما استخفوه من النكير عليهم" كأنهم تركوا وما استخفوه من المعاصي حتى يصروا فيستوجبوا العقوبة فيعاقبوا. وأصله من التوديع وهو الترك. 330 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ تَوَضَّأ فَأحْسَنَ الوُضُوءَ ثُمَّ أتَى الجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ (¬231) وَزِيَادَةُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ وَمَنْ مَسَّ الحَصَى فَقَدْ لَغَا" (ص 588). قال الشيخ -أيده الله-: يَنْقدحُ في نفسى في هذا الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما حدد الزيادة على الجمعة بثلاثة أيام لأنه يقدر أن يوم الجمعة لما فعل فيه هذا الخير وكانت الحسنة بعشر [أمثالها] (¬232) بلغ هذا التضعيف إلى ما قال "أيام الجمعة سبعة" وتكمل السبعة بثلاثة. وهذا كما يتأول كون صوم رمضان وستة من شوال مكفرا للدهر لما كان هذا المقدار يبلغ تضعيفه بعشرٍ جميع أيام السنة كما ننبه عليه في كتاب الصوم إن شاء الله. ¬

_ (¬231) في (أ) "غفر له ما بين الجمعة". (¬232) ساقط من (أ) و (ج) و (د).

وقد يستلوح من قوله: "من توضّأ" كون الغسل غير واجب لما أثنى على المتوضىء ولم يذكر غسلا. وتحقيق دلالة هذا اللفظ على هذا المعنى يفتقر إلى بسط. 331 - قوله: "مَا كُنَّا نَقِيلُ وَلاَ نَتَغَدَّى إلاَّ بَعْدَ الجُمُعةِ فِي عَهْدِ النَّبِيءِ - صلى الله عليه وسلم -" (ص 588). قال الشيخ -وفقه الله-: يحتج به ابن حنبل على جواز صلاة الجمعة قبل الزوال. ومحمله عندنا على أن المراد به التبكير، وأنهم كانوا يتركون ذلك اليوم القائلة والغداء لتشاغلهم بغسل الجمعة والتهجير. وقد ذكر مسلم بعد هذا: "كنا نجتمع مع النبيء - صلى الله عليه وسلم - إذَا زَالَتِ الشَّمْس ثُمَّ نَرْجِعُ نَتَّبعُ الْفَيْء". 332 - قول ابن عمر رضي الله عنه: "كَانَ النَّبِيء - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَائِمًا ثُمَّ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ" (ص 589). قال الشيخ: الخطبة من شرطها القيام والجلوس بين الخطبتين. وأجاز أبو حنيفة الخطبة جالسا. وقال ابن القصَّار من أصحابنا: الذي يَقْوَى في نفسى أن القيام فيها والجلوس سنة. وقول جابر "أنَّ النبيء - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا ثمّ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ قَائِما فمَنْ قَالَ: إنَّهُ كَانَ يخْطُبُ جَالِسًا فَقَدْ كَذَب فَقَدْ وَالله صَلَّيْتُ مَعَهُ أكْثَرَ مِنْ ألْفَيْ صَلاَةٍ" (¬233). قال الشيخ: يحمل هذا على المبالغة إن كان أراد صلوات الجمعة لأن هذا القدر من الجُمع إنما يكمل في نيف وأربعين عاماً. وهذا القدر لم يصله النبيء - صلى الله عليه وسلم - أو يكون أراد سائر الصلوات. وقد ذكر مسلم بعد هذا: ¬

_ (¬233) أخرجه مسلم في باب "ذكر الخطبتين قبل الصلاة" (ج 2، ص 589).

"أن كعب بن عجرة دخل المسجد وعبد الرحمن بن أم الحكم يخطب قاعدا فقال: انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعدا، وقال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} (¬234). وهذا الذم وإطلاق الخبيث عليه يشير إلى أن القيام كان عندهم واجبا. وأما ظاهر الآية فلا دليل فيها إلاّ من جهة إثبات القيام للنبيء - صلى الله عليه وسلم -. ويحمل ذلك على أن المراد به أنه كان قائماً يخطب وأن أفعاله على الوجوب. 333 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أوْ ضَيَاعًا فَإلَيّ وَعَلَيّ" (ص 592). قال النضر بن شميل: الضَيَاع: العيال. قال ابن قتيبة: هو مصدر ضاع يضيع ضياعا، ومثله مضى يمضي مضاء، وقضى يقضي قضاء، أراد: من ترك عيالاً عالة وأطفالاً، فجاء بالمصدر نائباً عن الاسم كما تقول: وترك فقرًا أيْ فقراء: والضِّياع (بكسر الضاد) جمع ضائع مثل: جائع وجياع. وفي الحديث: "أفْسَدَ الله عليه ضَيعَتَهُ". قال الهروى: ضيعة الرجل: ما يكون منه معاشه من صناعة أو غلة وغيرها. كذلك أسمعَنِيهِ الأزهرى. قال شمر: ويَدخل فيه الحِرفة والتجارة يقال: ما ضيعتك؟ فيقول: كذا. 334 - قوله: "كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ قَائِمًا يَوْمَ الجُمُعَةِ فَجَاءَتْ عِيرٌ مِنَ الشَّامِ فَانْفَتَلَ النَّاسُ إلَيْهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ إلاَّ اثنا عَشَرَ رَجُلاً" الحديث (ص 590). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في أقل من تقام بهم الجمعة. فقيل: مائتان. وقال عمر بن عبد العزيز: خمسمون. وقال الشافعي: أربعون. وقال غيره: اثنا عشر، واعتمد على ما وقع في هذا الحديث. وقال أبو حنيفة: أربعة إذا كانوا في مصر. وقال غيره: ثلاثة. وقال غيره: ¬

_ (¬234) (11) الجمعة. والخبر أخرجه مسلم (ص 591).

الإِمام وواحد معه. فمن رأى أن أقل الجمع ثلاثة. والإِمام منفصل عن أقل الجمع قال ما قال أبو حنيفة. ومن قال: أقل الجمع ثلاثة والإِمام معدود فيهم جاء مِنْه موافقة من قال بالثلاثة. ومن قال: أقل الجمع اثنان والإِمام منفصل عنهما وافق هؤلاء في الثلاثة، وإن اختلفت الطرق. ومن قال: أقل الجمع اثنان والإِمام معدود فيهما وافق مَن قال: الإِمام وآخر معه. ومالك رحمه الله لم يحد في ذلك حدا إلا أن يكون العدد ممن يمكنهم الثواء ونصب الأسواق (¬235) 335 - قوله: "إنّ طُولَ صَلاَةِ الرجُل وقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئنِّة (¬236) من فقهه" (ص 594). قال الأصمعي: سألني شعبة عن [هذا الحرف] (¬237) فقلت: هو كقولك: علامة ومخلقة ومَجْدَرَة. قال أبو عبيد: يعني أن هذا مما يستدل به على فقهِ الرجل. قال أبو منصور: جعل أبو عبيد الميم أصلية وهي ميم مفعلة فإن كان كذلك فليس، هو من هذا الباب. [قال الشيخ] (¬238) هذا الذي نقلناه عن الهروي في حرف الميم وزاد في حرف الهمزة مع النون أن أبا عبيد أنشد للمرار: [الكامل] فَتَهَامَسُوا سِرًّا وقالوا عَرِّسوا ... من غير تَمْئِنَةٍ لغَيْر مُعَرَّس وذكر الهروي عن الأزهري أن تفسير أبى عبيد صحيح واحتجاجه بالبيت غلط لأن الميم من التمئنة أصلية وهي في مئنة ميم مفعلة وليس بأصلية. ¬

_ (¬235) مكان "الأسواق" خرم في (أ). (¬236) في (أ) "مَائِتة"، وفي (ج) و (د) "مانية". (¬237) ما بين المعقفين خرم في (أ). (¬238) ساقط من (أ) خاصة.

ومعنى قوله: من غير تمئنة، أي من غير تهيئة ولا فكر فيه، ويقال: أتاني فلان وما مأنتُ مأنَه وما شأنتُ شأنه، أي ثم أفكر فيه ولم أتهيأ له. 336 - قولُهُ: "كَانَ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَاُّ فِي الصُّبحِ يَوْمَ الجُمُعَةِ {بآلم (1) تَنْزِيلُ} (ص 599). قال الشيخ: كره مالك في المدونة أن يقرأ الإِمام بسجدة في صلاة الفرض. واعتل بأنه يخلط على الناس صلاتهم. وقال بعض المتأخرين من أصحابه: الآن سجدات الصلاة محصورة بالشرع فزيادة سجدة اختيارا منافاة للتحديد في السجود. وقيل: إن ذلك يجوز في صلاة الجهر. وإذا كان النبيء - صلى الله عليه وسلم - قرأ وسجد وهو إمام كان ذلك حجة لهذا القول. 337 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَانَ مُصَلِّيًا بَعْدَ الجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ أرْبَعًا"، وفي بعض طُرُقِهِ: "إذَا صَلَّى أحَدُكُمْ الجُمُعَة فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أرْبَعًا (ص 600). قال الشيخ: لعله إشارة إلى كراهة الاقتصار على ركعتين بعدها لئلا يلتبس بالظهر التي هي أربع. وهذا التأويل على رواية "من كان منكم مصلّيا" وأما رواية "إذَا صلى فليصل" فلعله يكون معناه: إن شاء التنفل بدليل الحديث الآخر. قال الشيخ -وفقه الله-: السفر عندنا يمنع يوم الجمعة إذا زالت الشمس لدخول وقت صلاة الجمعة. وتوجه الخطاب خلافاً لمن منعه قبل الزوال فإن كان في مصر يعلم أنه لا يصل من منزله إلى الجامع إلا أن يخرج قبل الزوال بساعة أو ساعتين فأراد السفر، فهل يكون المنع معلقاً بالزوال الذي خوطب به الناس على العموم أو معلقاً بزمن خروجه من داره الذي يصل فيه إلى الجامع؟ اختلف فيه أصحابنا على قولين، وكذلك اختلفوا على قولين في مراعاة ثلاثة أميال التي هي المقدار المقدر بها إتيان الجمعة: هل

المعتبر من الجامع أو من طرف العصر؟ وهذا فيمن كان سكناه خارجا عن المصرِ. 338 - قوله في أول كتاب العيدين: "فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ الفَتَخَ والخَوَاتِيمَ" (¬239) (ص 602). قال ابن السكيت: الفَتْخَة عند العرب تلبس في أصابع اليد وجمعها فتخات وفتَخ. وقال أبو نصر عن الأصمعي: هى خواتم لا فصوص لها. ويقال لها أيضاً: فتاخ. قال الشيخ: تعلق بعض الناس بهذا الحديث في إجازة هِبَة المرأة مالها من غير اعتبار إذن الزوج لأن النبيء عليه السلام لم يسألهن: هل لهن أزواج [أم لا؟] (¬240). 339 - قوله: "فَقَامَتْ امْرَأةٌ من سِطَة القوم (¬241) سفْعَاءُ الخَدَّيْنِ" (ص 603). قال الشيخ: قيل في تفسير قول الله تعالى: {قَالَ أَوْسَطُهُمْ} (¬242)، أي أعدلهم وخيرهم. ومنه قوله تعالى: {أُمَّةً وَسَطًا} (¬243) أي عدلا خياراً. ويقال: فلان من أوسِط قومه وإنه لواسطة (¬244) قومه ووسيط قومه، أي من خيارهم ومن أهل الحسب فيهم. وقد وَسُط وَساطة وسِطة. وقول ¬

_ (¬239) المثبت في أصول مسلم "الخواتم". (¬240) ما بين المعقفين خرم في (أ). (¬241) المثبت في أصول مسلم "من سِطَة النساء". (¬242) (28) القلم. (¬243) (143) البقرة. (¬244) في (ج) "لواسط قومه".

الله تعالى: {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا}، أي فتوسط المكان. يقال: وَسَطَ البيوت يَسِطُها، إذا نزل في وسطها. وأما "سفعاء الخدّين" فإن الهروي فسر قول النبيء - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر: "أنَا وَسَفْعَاءُ الخَدَّيْنِ كَهَاتَيْنِ يَوْمَ القِيَامَةِ" أراد أنها بذلت تناصف وجهها، أي محاسن وجهها حتى اسودت إقامة على ولدها بعد وفاة زوجها لئلا تضيعهم. والأسفع: الثور الوحشي الذي في خده سواد. وفي حديث النخعي "وَلَقيت غُلامًا أسْفَعَ أحْوَى". قال القُتَبِي: الأسفع الذي أصاب خدّه لون يخالف سائر لونه من سوادٍ. 340 - قال الشيخ: خَرَّج مُسْلِمٌ فِي أوَّلِ كِتَاب العِيدَيْن حديث: "مُحَمّد بنُ رَافِع وَعَبْدُ بنُ حُمَيد عَنْ عَبْد الرَزاق عَن ابن جُرَيج قَال أخْبَرَنِي الحَسَن بْنُ مُسْلِم عَن طَاوُس عَن ابن عباس قَال: شَهدْتُ الفِطْرَ مَعَ نَبِيءِ الله - صلى الله عليه وسلم -" الحديث. وفيه "خُطْبَةُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَمَجِيئُهُ إلَى النِّسَاءِ وَمَعَهُ بِلاَلٌ فقالتْ امْرَأةٌ واحدِةٌ لَمْ يُجْبِهُ غَيْرُهَا مِمَّنْ لاَ يُدْرَى حينئذ مَنْ هِيَ" (ص 602). هكذا وقع في الكتاب عند جميع الرواة: "لا يدرى حينئذ من هي" وغيره يقول: "لاَ يدْرِي حَسَنٌ من هِي". وكذلك ذكره البخاري: "عن إسحاق بن نصر عن عبد الرزاق لا يدري حسن من هي". وهو الحَسَنُ بن مسلم. ولعل قوله "حينئذ" تصحيف "حسن". 341 - (¬245) - قوله في الحديث "جَارِيَتَانِ تُغَنيّاَنِ بِمَا تَقَاوَلَتْ الأنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ" (ص 607). قال الشيخ -وفقه الله-: الغناء بآلة يمنع، وبغير آلة اختلف الناس ¬

_ (¬245) بهامش (ج) "نكتة في الغناء".

فيه. فمنعه أبو حنيفة وكرهه الشافعي ومالك. وحكى أصحاب الشافعي عن مالك أن مذهبه الإِجازة من غير كراهية. وقد اختلف الناس في التكبير في العيدين، فعند مالك سبع في الأولى، وعند الشافعي ثمان، وعند أبي حنيفة أربع. واتفقوا على أن ذلك قبل القراءة. وأما الثانية فست عندنا، بتكبيرة القيام قبل القراءة، وقال أبو حنيفة. أربع بعد القراءة، وقد قال بعض أصحابنا: في ذلك معنى لطيف، وذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يثبت في هاتين الركعتين تكبير أربع ركعات لأن في كل ركعتين سوى صلاة العيدين من التكبير هذا القدر المزيد في صلاة العيدين كما فعل في صلاة الكسوف جعل في الركعتين ركوع أربع يشير إلى تضعيف الأجر. وقد يستلوح منه أن هذا القدر المزيد يغني عمّا أخذ منه وكأن المصلي فعل بركعتيه أربع ركعات. 342 - قوله: "أمَرَنَا أنْ نُخْرِجَ العَوَاتِقَ (605). قال الشيخ -وفقه الله-: العاتق الجارية حين تدرك، وعتقت، أي أدركت. قالت صبية لأبيها: اشتر لي لَوْطًا أغطي به فُرْعُلِي فإني عتقت. اللَّوْط الإِزار، والفرعل الشعر. وَعَتقْتُ: أدْرَكْتُ، وقوله: جلباب الجلباب هو الإِزار وجمعه جلابيب ومنه قوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} (¬246). 343 - قوله: "فَجَعَلَتِ المَرْأةُ تُلْقِي سِخَابَهَا" (ص 606). السِّخاب: خيط ينظم فيه خرز، وجمعه سُخُب مثل كتاب وكتب. 344 - قوله في الاستسقاء: "خَرَجَ إلَى المُصَلَّى واسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ" (ص 611). ¬

_ (¬246) (59) الأحزاب.

قال الشيخ -وفقه الله-: هذا يدل على أن في الاستسقاء صلاة وبذلك قال مالِك، وأبو حنيفة لا يرى في الاستسقاء صلاة، وتعلق بالأحاديث التي فيها استسقاؤه - صلى الله عليه وسلم - على المنبر. وهذا لا حجة له فيه لأنه إنما قصد به الدعاء لا بيان سنة صلاة الاستسقاء، وأيضاً فإنه كان عقيب صلاة فقد تنوب عن صلاة الاستسقاء كما أن الحاج يحرم عقيب الفريضة وتنوب عن النافلة. وأما قَلْبُه - صلى الله عليه وسلم - رداءهُ فقال أهل العلم: إنما كان ذلك على جهة التفاؤل لينقلب الجدْبُ خِصبا. 345 - قوله: "وَمَا فِي السَّمَاءِ قَزَعَة" (ص 612). معناه قطعة سحاب. وجمعها: قَزَع. قال أبو عبيد: وأكثر ما يكون ذلك في الخريف، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "عَلَى الآكَام والظِّرَاب". الآكام دون الجبال. قال الثعالبي: الأكمة أعلى من الرابية (¬247). قال الشيخ -أيده الله-: والظراب الروابي الصغار، وأحدها ظَرِب. ومنه الحديث: "فَإذَا حُوت مِثل الظَرب". 346 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إلاَّ أخْبَرَه بِجَوْدٍ" (¬248) (ص 614). الجوْد: المطر الواسع الغزير. 347 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا أحَدٌ أغْيَرَ مِنَ الله" (¬249) (ص 618) قال الشيخ: معناه ما أحد أمنع للفواحش من الله تعالى، والغيور يمنع حريمه وكلّما (¬250) زادت غيرته زاد منعه، فاستعير لمنع الباري سبحانه عن معاصيه اسم المغيرة مجازاً واتساعا. وخاطبهم النبيء - صلى الله عليه وسلم - بما يفهمونه. ¬

_ (¬247) في (ب) "دون الرابية ولعله دون الجبل". (¬248) في أصول مسلم "إلا أخبر بجودٍ". (¬249) الذي في أصول مسلم: "إن مِنْ أحدْ أغْيَرُ مِنَ الله". (¬250) في (أ) "كل ما" بدون اتصال، وفي (ب) "كل من زادت".

348 - ذكَرَ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ الله أحَادِيثَ مُخْتَلِفَة فِي الكُسُوف: "رَكْعَتَيْنِ وَأرْبَعًا وَسِتًّا وَثَمَانِيًا" (من ص 618 إلى ص 630). قال الشيخ: وهذا الاختلاف في تكرير الركوع وزيادته على المعتاد في كل ركعة. قال بعض أهل العلم: إنما ذلك بحسب مكث الكسوف فما طال مكثه زاد تكرير الركوع فيه وما قصر اقتصر فيه وما توسط اقتصد فيه. وقى كتاب الترمذي أنه جهر بالقراءة. وحكي أن مالكا قال به؛ وهذا الذي حكاه الترمذي عن مالك رواية شاذة ما وقفت عليها في كتاب سوى كتابه. وذكرها ابن شعبان في مختصره عن الواقدي عن مالك. وقد قال بعض أصحابنا: إن معنى قوله "ركعتين" أي يتكرر فيهما الركوع. وقد ذكر مسلم رحمة الله عليه: أن النبيء - صلى الله عليه وسلم -: "كَانَ يُهلِّلُ وَيُكَبِّرُ حَتَّى تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى رَكعتين" فإن كانت صلاته بعد الانجلاء لم يقصد بها صلاة الكسوف فلا يفتقر إلى تكرير ركوع. 349 - قوله: "قِطْفَا مِنَ الجَنَّةِ" (ص 622). القطف: العنقود وهو اسم لكل ما قطف. وقوله "تَكْعَكْت" (¬251) أي جَبُنت. يقال: تكعكع الرجل وتكاعى وكعّ كُعوعًا، إذا أحجم وجَبُن قاله الهروي وغيره. ¬

_ (¬251) أخرجه مسلم في (ص 627).

4 - كتاب الجنائز

4 - كتاب الجنائِز 350 - (¬1) - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لِقِّنُوا مَوْتَاكُمْ: لاَ إلَهَ إلاَّ الله" (ص 631). يحتمل أن يكون أمر عليه السلام بذلك لأنه موضع يتعرض الشيطان فيه لإِفساد اعتقاد الإِنسان فيحتاح إلى مذكر ومنبه له على التوحيد. ويحتمل أن يريد - صلى الله عليه وسلم - ليكون ذلك آخر كلامه فيحصل له ما وعد به عليه السلام في الحديث الآخر: "أن من كان آخر كلامه: لا إله إ الا الله، دخل الجنة". 351 - (¬2) - في الحديث: "فَرُفِعَ إلَيْهِ الصَبِيُّ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ كَأنَّهَا فِي شَنَّةٍ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ سَعْد: مَا هَذَا يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: هَذِهِ رَحْمَةٌ" (ص 635). (قال الشيخ) (¬3): بكاؤه عليه السلام يدل على أن المنهي عنه من البكاء ما صحبه النوح. وقوله: تقعقع قال الهروي: أي كل ما صار إلى حال ¬

_ (¬1) بهامش (أ) "التلقين". (¬2) بهامش (أ) "البكاء على الميّت". (¬3) ساقطة من (ب).

لم يلبث أن يصير إلى أخرى تقرب من الموت لا يثبت على حالة واحدة. يقال: تقعقع الشيء: إذا اضطرب وتحرك. ويقال: إنه ليتقعقع لَحْيَاه من الكبر. والشَّنّة: القربة البالية. 352 - قوله: "دَخَلَ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى سَعد بن عُبَادة فَوَجَدَهُ فِي غَشِيَّةٍ" وفي رواية أخْرَى: "فِي غَاشِية" (ص 636). قال الشيخ: قيل المعنى: أنه وجد عنده جماعة من الناس. وقيل: بل هو من الغشى. 353 - (¬4) - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أهْلِهِ عَلَيْةِ" وفي حديث آخر: "بِمَا نِيحَ عليه" (¬5) (ص 638 - 639). قال الشيخ: قال بعضهم: الباء هاهنا باء الحال. والتقدير: يعذب عند بكاء أهله، أي يحضر عذابه عند البكاء، وعلى هذا التأويل يكون قضية في عين. وقيل: محمله على أن الميت وصَّى بأن يبكى عليه فعذب إذا نفذت وصيته. ومن الإِيصاء بهذا المعنى قول طرفة: [الطويل] إذَا مِتُّ فانْعَيْني بِمَا أنَا أهْلُهُ ... وشُقّي عليّ الجَيْب يا ابْنَةَ مَعْبَدِ وقيل: معنى يعذب ببكاء أهله، أي أن تلك الأفعال التي يعددها أهله مما يعدونها محاسن يعذب عليها من إيتام الولدان وإخراب العمران على غير وجه يجوز. 354 - "وأمّا عائشة رضي الله عنها فإنّها تَأوَّلَتْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي يَهُودِيَةٍ وَأنَّهُ قَالَ إنّهم لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا وَإنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا" (ص 643). ¬

_ (¬4) بهامش (أ) "تعذيب الميت ببكاء الحيّ". (¬5) في (ب) "يُنوح".

355 - وذَكَرَ عَنْهَا مُسْلم أيْضًا: "أنَّهَا لَمَّا أُخبَرت بِقَولِ عَبْدِ الله بن عُمر: إنَّ الميّتَ لَيُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِبُكَاء أهْلِهِ عَلَيه. قالت: وَهِلَ أبُو عبد الرحمن إنَّمَا قَالَ عليه السَّلام: إنَّهُ لَيُعَذّب بِخطيئته أوْ بِذنبه وإنَّ أهْلَه لَيَبْكُونَ عَلَيْهِ الآن. قَالَت: وَهْوَ مثْلُ قَوْله: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَامَ على القَلِيب يَوْمَ بَدْر وفيه قَتْلَى بَدْر من المُشْرِكِينَ فَقَالَ لَهُمْ مَا قَالَ: إنّهم لَيَسْمَعُون مَا أقُولُ وقد وَهِلَ إنما قال: إنّهم لَيعْلَمُونَ أنَّ ما كنتُ أقولُ لَهُمْ حَقٌّ" (ص 643). قال الشيخ -وفقه الله-: اغتر بعض الناس بحديث القليب فقال: إن الميت يسمع. وهذا غير صحيح عند أهل الأصول لأن الحياة شرط في السمع فلا يسمع غير حي. وحمل بعض الناس ذلك على أنهم أعيدت إليهم الحياة حتى سمعوا تقريعه عليه السلام لهم. وأما قولها: وَهِلَ، فقال الهروي: يقال وَهِل يهَل إذا ذهب وهمه إلى الشيء. ومنه قول ابن عمر: وهِل أنس، يريد غلط. فأما وهلت من كذا أوهل فمعناه: فزَعت. ومنه الحديث "فَقُمْنَا وَهِلِين" أي فزعين. 356 - قال الشيخ: خَرَّجَ مسلم: "حَدَّثَنَا أبو بَكر بن أبِي شَيْبَة حَدَّثنا وكيع عَنْ سَعِيد بن عُبَيْد الطَائِي وَمُحمد بن قَيْس عَن عَلي بن رَبِيعَة قَال: أولُ مَنْ نِيحَ عَلَيْه بِالكُوفَة قَرَظَة بن كَعْب" (ص 643). قال بعضهم: وقع في نسخة ابن الحذاء في إسناد هذا الحديث: سَعْد (بسكون العين وحذف الياء) والصواب: سعِيد (بكسر العَيْن وزيادة ياء) وسعيد بن عبيد هذا هو أخو عقبة بن عبيد يكنى أبا الهذيل ويكنى عقبة أبا الرَّحَّال (براء مهملة وحاء مهملة مشددة). 357 - وقَولُها رَضِي الله عَنْهَا: "وَأنَا أنْظُرُ من صَائِر الباب" (ص 644). قال الشيخ: صائر الباب هو شق الباب، والصواب صير الباب (بكسر

الصاد). وفي حديث آخر: "مَن اطَّلَعَ مِنْ صِيرِ بَابٍ فَقَدْ دَمَّرَ" تفسيره في الحديث. أن الصير الشق، ودمّر أي دخل بغير إذن. 358 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في ابْنَته: "اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا أوْ خَمْسًا أوْ أكْثَر مِنْ ذَلِكَ إنْ رَأيْتُنَّ" (ص 646). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف في غسل الميت: هل هو واجب أم سنة؟ وسبب الخلاف قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن رأيتنّ" هل معناه: إن رأيتنّ الغسل، أو إن رأيتن الزيادة في العدد. وهذا وأشباهه مما اختلف فيه أهل الأصول. وذلك أنهم مختلفون في التقييد والاستثناء والشروط إذ تعقبت الجمل هل يرجع إلى جميعها إلا ما أخرجه الدليل أو إلى أقربها. وأما اعتبار الوتر في الغسل فإنه في الثلاث معتبر. وفيما زاد عليها معتبر عندنا وعَند الشافعي، وغير معتبر عند أبي حنيفة بعد الثلاث. وأما وضوء الميت فمستحب عندنا وعند الشافعي، وأبو حنيفة لا يراه مستحباً. قول أم عطية: "فألقى إلينا حقوه فقال: اشْعِرْنَهَا إيَّاه" الحقو: الإِزار ها هنا. والأصل في الحقو معقد الإِزار وجمعه أحْقٍ وأحقاء وحُقي. ثم يقال للإِزار حقو لأنه يشد على الحقو كقول العرب: عذت بحقو فلان، أي استجرت به واعتصمت. ومعنى "أشعرنها إياه": أي اجعلنه شعارها الذي يلي جسدها، سمي شعاراً لأنه يلي شعر الجسد ومنه الحديث: "أنْتم الشِّعَار دُونَ الدِثَار" (¬6) أي أنتم الخاصة والبطانة. 359 - قوله: "فَوَجَبَ أجْرُنَا عَلَى الله تَعَالَى" (ص 649). ¬

_ (¬6) أخرجه مسلم في باب "الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً من كتاب الإيمان (ص 58).

معناه وجوب شرع لا عقل كما تقول المعتزلة. وهذا ما قلنا في معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - "حق العباد على الله" (¬7). وقول خَبَّاب: "ومنّا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها" يقال: يَنَعَ الثَّمَر وأيْنَع إذا أدرك فهو يانع ومونع. قال ابن الأنباري: اليانع المدرك البالغ. قال الفراء: أينع أكثر من يَنَع. وقول الله تعالى {وَيَنْعِهِ} (¬8). الينع: النضج. قال أبو بكر: اليَنْعُ جمع اليانع. "ويهدبُها"، أي يجتنيها ويقطفها، يقال منه: هَدَبَهَا يهدِبها ويهدُبها هدبا. 360 - (¬9) - قول عائشة رضي الله عنها: "كُفّن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فِي ثَلاَثَةِ أثْوَابٍ بِيضٍ سَحُوليَة" (ص 649). قال الشيخ -وفقه الله-: استحب الشافعي ألا يكون في الكفن قميص ولا عمامة، فيحمل الشافعي قولها "ليس فيها قميص ولا عمامة" على أن ذلك ليس في الكفن بموجود. ويحمله مالك على أنه ليس بمعدود بل يحتمل أن تكون الثلاثة أثواب زيادة على القميص والعمامة. ويرجح الشافعي تأويله بقول الراوي: وأما الحُلَّةُ فإنها شبه على الناس فيها بأنها اشتريت له ليكفن فيها. فتركت الحلة وكفن فيما سواها. ويحتج أيضاً من جهة القياس بأنها لبسة في حالةٍ المقصود فيها التقرب والخضوع، فشابهت لبسة المحرم الذي لم يشرع فيها قميص ولا عمامة. واحتج أصحابنا بإعطائه - صلى الله عليه وسلم - القميص لعبد الله بن أبَيّ بن سلول، وانفصلوا عن هذا الحديث بأنه قد قيل: إنما أعطاه ذلك عوضاً عن القميص الذي كسا العباس. وقولها: سحولية. قال ابن الأعرابي: معناه بيض نقية من القطن خاصة. قال الشيخ -وفقه الله-: وكذا في الحديث: "سحولية من كُرْسُف". ¬

_ (¬7) من نفس الحديث. (¬8) (99) الأنعام. (¬9) بهامش (أ) "الكفن".

وقال القتبي: سحول جمع سحل وهو ثوب أبيض ولم يفرق بين الكرسف وغيره. ويقال: سحولية منسوبة إلى سحول قرية باليمن. 361 - (¬10) - قال الشيخ -وفقه الله- اختلف عندنا في الصلاة على الجنازة، فقيل: فرض على الكفاية. وقيل: سنة. فمن قال: إن أفعاله - صلى الله عليه وسلم - على الوجوب قوي عنده القول بوجوبها. ومن توقف في ذلك أو قال: إننا مندوبون إليها قوي عنده القول بأنها سنة. وذكر: "أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - كَبَّرَ أرْبَعًا" وفي حديث آخر: "أنَّ زَيْدًا كَبَّرَ خَمْسًا على جنَازَةٍ" وقال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُكَبِّرُهَا" (ص 656 وص 659). قال الشيخ: وقد قال به بعض الناس. وهذا المذهب الآن متروك لأن ذلك صار علماً على القول بالرفض وأما القراءة بأم القرآن في صلاة الجنازة فأثبتها الشافعي وأسقطها مالك. والمسألة فرع بين أصلين: أحدهما: الصلوات الخمس فإنها تفتقر لقراءة أم القرآن، والثاني: الطواف ولا يفتقر إلى قراءة، وصلاة الجنازة تشبه الصلوات الخمس في افتقارها للتحريم والسلام ومنع الكلام. وتشبه الطواف في أنها ليس فيها ركوع ولا سجود كما ليس ذلك في الطواف. وقد رجح المخالف مذهبه بما روي عن ابن عباس أنه لما صلى قرأ بها ثم قال: أردت أن أعلمكم أنها سنة. قال بعض أصحابنا: وفي قوله احتمال: هل أراد أن يخبرهم بهذا القول أن القراءة سنة، أو نفس الصلاة سنة. وأما صلاته - صلى الله عليه وسلم - على النجاشي فيحتج بها من قال عن أصحابنا: إن الغائب والغريق يصلى عليهما. وقد انفصل عن ذلك بأنه كان خاصاً للنبيء - صلى الله عليه وسلم - لأنه قد قيل: "إن النَّجَاشِي رحمه الله رُفع له عليه السلام حتى رآه" فلم تقع صلاته عليه السلام إلاَّ على مشاهد. واختلف أيضاً إذا وجد شيء من الجسد: هل يصلى عليه أم لا؟ فقيل: ¬

_ (¬10) بهامش (أ) "الصلاة على الجنازة".

لا يصلى إلا على أكثر الجسد. وقيل: يصلى على ما وجد منه وينوي به الميت. 362 - (¬11) - قوله: "إنَّ امرَأةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ المَسْجَدَ أوْ شابًا (¬12) فقدها رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -" الحديث (ص 659) قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في الصلاة على الميت بعد أن يقبر فأجازها بعضهم. والمشهور من مذهب مالك أنه لا يصلى عليه. والشاذ أنه يصلى عليه إذا دفن ولم يصل عليه. واحتج من منع بأن النبيء - صلى الله عليه وسلم - لم يصل على قبره ويحتج لمن أجاز بصلاته على قبر السوداء فانفصل عن ذلك بوجوه: أحدها: أنه إنما فعل - صلى الله عليه وسلم - ذلك لأنه كان وعدها أن يصلي عليها فصار ذلك كالنذر عليه - صلى الله عليه وسلم -. وهذا ضعيف لأن النذر إنما يوفى به إذا كان جائزاً فلو لم تكن الصلاة على القبر جائزة لما فعلها. والوجه الثاني: أنه سُئِل ذلك (¬13) لأنه عليه السلام أمرهم أن يعلموه وهو الإِمام الذي إليه الصلاة، فلما صلوا دون علمه كان ذلك بمنزلة من دفن بغير صلاة. وهذا التأويل يسعد القولة الشاذة التي ذكرنا لمالك فيمن دفن بغير صلاة. ويحتمل عندي أن يكون وجه ذلك أنه عليه السلام لما صلّى على القبر قال عند ذلك: "إنَّ هذه القُبُورَ مَمْلُوءَةٌ عَلَى أهْلِهَا ظُلْمَةً وإنَّ الله عزّ وجلّ يُنَوِّرُهَا بِصَلاَتِي عَلَيْهم" أو كما قال. وهذا كالإِفهام بأن هذا هو علة صلاته على القبر، وهذه علة تختص بصلاته عليه السلام خاصة إذ لا يقطع على وجود ذلك في غيره. ¬

_ (¬11) بهامش (أ) "الصلاة على القبر". (¬12) في (أ) و (ب) و (ج) "أو شابٌّ". (¬13) في (ب) و (ج) و (د) "فعل ذلك".

363 - وفي الكتاب: "عن ابن عباس أنّه عليه السَّلام صَلَّى عَلَى القَبْرِ" (ص 658). ويحتمل أن يكُونَ القَبْرُ الذي أراد ابن عباس هو قبر السوداء المذكور. ومعنى: تقُمّ المسجد أي تكنُسُهُ (¬14). والمقِمَّة المكْنسة. 364 - (¬15) - وذكر في الكتاب: "أنَّ القيام عند مرُور الجَنَازة كَانَ ثُمَّ ذَكَرَ نَسْخَهُ" (من ص 659 إلى 662). 365 - قوله: "نَعَى لِلنَّاسِ النَّجَاشِي) (ص 656). النعي: إشاعة خبر الميت. قال الهروي: النعي الفعل، والنَّعِيُّ: الرجل الميت. ويجمع نعايا مثل صَفِيّ وصفايا وبَرِيّ وبرايا. والنجاشي: ملك الحبشة واسمه أصحمة، وتفسيرها بالعربية عطية قال ابن قتيبة وغيره. قال المطرز وابن خالويه وغيرهما: النجاشي اسم لكل ملك من ملوك الحبشة، وكسرى اسم لملك الفرس، وهرقل اسم لملك الروم وقيصر كذلك، وخاقان اسم لملك الترك، وتُبّع اسم ملك اليمن، والقَيْلُ ملك حِمْيَر وجمعه أقيال، وقيل: بل القيل أقل درجة عن المَلِك. 366 - (¬16) - قوله: "أُتِيَ بِفَرَس مُعْرَوْرَى" وفي حديث آخر: "بفرس عُرْي" (ص 664 - 665). قال أهل اللغة يقال: فرس عري وخَيْلٌ أعْراء، وقد اعْرَوْرَى فرسه، إذا ركبه عرياً، ولا يقال: رَجُلٌ عري ولكن يقال: رجل عُرْيان. قوله: "فَجَعَلَ يَتَوقَّصُ به" أي ينزو به ويُقَارِبُ الخَطْو. ¬

_ (¬14) في (أ) "تكنسَه". (¬15) بهامش (أ) "القيام للجنازة". (¬16) بهامش (أ) "ركوب المنصرف"، أي من الجنازة.

367 - (¬17) - وقوله: "نَهَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُجَصَّصَ القَبْر وَأن يُقْعَدَ عَلَيْهِ وَأنْ يُبْنَى عَلَيْهِ" (ص 667). قال الشيخ: مذهب مالك كراهة البناء والجص على القبور، وأجازه المخالف، وهذا الحديث حجة عليه، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث آخر: "لاَ تَدَعْ قَبْرًا مُشرفًا إلاَّ سَوَّيْتَهُ" (¬18) كَأن المَفْهُومَ من الشريعة أن هذا إنما كره لأنه من المباهاة وهؤلاء ليسوا أهل مباهاة. وأما القعود على القبر فمن الناس من أخذه على ظاهره، ومنهم من تأول أن المراد بالقعود الحدث لا الجلوس. قوله: "نهى عن تقصيص القبور" قال أبو عبيد: هو التجصيص، وذلك أن الجص يقال له: القَصَّة، والجَصَّاص والقَصَّاص واحد، فإذا خلط الجصَّ بالرماد والنورة فهو الجَيَّار، قال ذلك ابن الأعرابي. قال الهروي وفي حديث عائشة رضي الله عنها: "لاَ تَغْتَسِلْنَ من المحيض حتَّى تَرَيْنَ القَصَّة البيضاءَ" قال: معناه أن تخرج القطنةَ أو الخرقَة التي تحتشي بها كأنها قصة لا يخالطها شيء. 368 - (¬19) - قول عائشة رضي الله عنها: "لَقَدْ صَلَّى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ في المَسْجد سُهيل وأخيه" (ص 669). قال الشيخ -وفقه الله-: مذهب الشافعي جواز الصلاة على الميت في المسجد وهذا الحديث حجة له. ومذهب مالك منع ذلك. وقد اختلف عندنا في نجاسة الميت. فعلى القول بنجاسته يتبين وجه المنع وعلى القول إنه ليس بِنَجَسٍ يكون المنع حماية للذريعة لئلا ينفجر منه شيء. وقد ¬

_ (¬17) بهامش (أ) "الاقبار وتجصيص القبر والبناء عليه والجلوس عليه". (¬18) أخرجه مسلم في باب الأمر بتسوية القبر (ص 666). (¬19) بهامش (أ) "الصلاة على الجنازة بالمسجد".

أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نُجنِّبَ صِبْيَانَنَا ومجانيننا المسجد. قالوا: وهذا خيفة أن تحدث منهم النجاسة. فهذا يؤيد ما وجهنا به من حماية الذريعة. ويعارض حديث عائشة رضي الله عنها حديث في كتاب أبي داود وفيه: "أن من صلّى على جنازة في مسجد فلا شيء له" أو كما قال: [معناه لا شيء عليه من قوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} (¬20) أي فعليها. والحديث ضعيف لا يوازي حديث عائشة في الصحة] (¬21). 369 - قال الشيخ -وفقه الله-: خَرّج مسلم حديث خروجه عليه السلام إلى البَقِيع: "قال حدثنا هارُون قال حدثنا ابن وَهْب أخبرنا ابن جُرَيج عَن عَبْد الله بن كَثِير بن المطلب أنه سَمِع مُحَمد بن قَيْس يَقُول: سَمْعتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: ... " الحديث (ص 669). قال مسلم: "وحدثنا من سمع حجاجَ (¬22) الأعور قال حدثنا ابن جُريج أخْبَرنِي عبد الله رَجُلٌ من قُرَيْضٍ عن محمد بن قَيس بن مخرمة بن المطلب" الحديث. هكذا قال مسلم في إسناد حديث حجاج: "عن ابن جريج أخبرني عبد الله رجل من قريش" وكذلك رواه ابن حنبل، وقال النسائي وأبو نعيم الجُرْجَانِي وأبو بكر النيسابوري كلهم: "عن يوسف بن سعيد المَصِّيصي حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني عبد الله بن أبي مُلَيْكَةَ". قال بعضهم: وقد خُطّىء يوسف بن سعيد في قوله: عن عبد الله بن أبي مليكة. قال الدارقطني: هو عبد الله بن كَثِير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي. ¬

_ (¬20) (7) الإسراء. (¬21) ما بين المعقفين ساقط من (أ) و (ج) و (د) ولعله طرة أدخلت في (ب) وهي ردّ لما قاله المازري. (¬22) في (أ) "حجّاج" مشكولة بالنصب دون تنوين وهو في أصول مسلم منوّن.

قال الشيخ: وهذا الحديث الذي خَرَّج مُسْلم في هذا الباب أحد الأحاديث المقطوعة، وهو أيضاً من الأحاديث التي وهِمَ في روايتها (¬23). وقد رواه عبد الرزاق في مصنفه: "عن ابن جريح قال أخبرني محمد بن قيس بن مخرمة أنه سمع عائشة تقول ... " الحديث. قال بعضهم: هكذا رُوِيَ لنا هذا الإِسناد من طريق الدَّبَرِيّ مقطوعاً لم يذكر فيه عبد الله بن كثير. قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا لَكِ يا عائشة حَشْيَا رَابية". قال الهروي: أي ما لك قد وقع الربو عليك، وهو الحشا، أي البهر، يقال منه: امرأة حَشْيَاءُ وحَشِيَة ورجل حَشْيَان وحَشٍ. 370 - قوله: "أُتي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ فَلَمْ يُصَلّ عَلَيْهِ النَّبِيء - صلى الله عليه وسلم -" (ص 672). قال الشيخ -وفقه الله-: المخالف يقول بهذا، ومالك يجيز الصلاة على قاتل نفسه. ويصح حمل الحديث على أنه إنما ترك الصلاة هو بنفسه خاصة ليكون في ذلك ردعٌ للعصاة، كما لا يصلي الإِمام على من قتل في حدّ. وأما الصلاة على المقتول في معترك العدوّ وغسله فساقطان عند مالك ثابتان عند غيره. وفرق أبو حنيفة بين الغسل والصلاة فأثبت الصلاة وأسقط الغسل. واختلف أصحابنا لو كان الشهيد جنبا هل يغسل أم لا؟ وللشافعي أيضاً فيه قولان. فوجه قول من أسقط الصلاة ما رُوي: "أنّه - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُصَلِّ عَلَى قَتْلَى أحُدٍ" وكان التحقيق يقتضي ترك الأخذ بهذا الحديث لأنه علّل ترك الصلاة عليهم بعلة معينة لا يعلم تعديها إلى سواهم من الشهداء وهي بَعْثُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ. وَلَوْنُ دَمِهم لَوْنُ الدَّمِ والرِّيح ريحُ المِسْك. والعلة إذا كانت ¬

_ (¬23) في (ج) و (د) "في رواتها".

متعينة لا تتعدّى. وقد مر مالك على هذا الأصل المحقق في تطييب المحرم إذا مات لأن الحديث المروي فيه النهي عن تطييب المحرم علله - صلى الله عليه وسلم - بأنه يبعث ملبياً. وقد اعتذر بعض شيوخنا عن مالك أنه (إنّما) (¬24) خالف بين المسألتين وإن كانت العلة فيهما معينة، لأنه رأى عمل أهل المدينة قد استقر على ترك الصلاة على الشهيد وهو يرى عملهم حجة فعوّل عَليه لا على الأثر. وأما الشافعي فإنه رأى ألا يطيّب المحرم. والحجة عليه ما ذكرنا من أنها قضية في عين معللة بعلة معينة فلا يجب أن تتعدّى. وقد روي: "أنه - صلى الله عليه وسلم - صلَّى على أهل أحُد" (¬25) وبهذا تعلق أبو حنيفة قال أصحابنا: وترك الصلاة عليهم أثبت من هذه الرواية فلهذا أخذ به مالك رضي الله عنه. ¬

_ (¬24) خرم في (أ). (¬25) أخرجه مسلم في باب "فضل الجهاد والخروج في سبيل الله" الحديث (103). من كتاب الامارة (ج 3، ص 1495).

الفهارس

الفهارس فهرس الآيات الأحاديث الأشعار الأعلام أعلام النساء الطوائف والقبائل والأمم البلدان والأماكن الفهرس العام

فهرس الأحاديث مع تخريجها

فهرس الأحاديث مع تخريجها 1 - " لَوْلا غَيْبَتُهما لَأعلمتكما أيُّهُمَا أطَّبُّ": 2. الموقوف عليه ليس بهذا اللفظ، وإنما هناك حديث جاء فيه: أن رجلاً في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابه جُرح فاحتقن الجُرح الدم، وأن الرجل دعا رجلين من بني أنمار، فنظرا إليه فزعما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهما: "أيُّكُمَا أطب، فقالا: أو في الطب خير يا رسول الله؟ فزعم زيدان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنزل الدواء، الذي أنزل الادواء"، الموطأ ج 2 ص 943. وقد يأتي الإمام بالحديث بما يقاربه دون التزام ألفاظه كما في حديث قيس بن سعد في الفقرة (170). 2 - "إنه صُعْلُوك إنه لَا يَضَعُ عَصَاهُ عن عاتقه": 2. الحديث في مسلم عن فاطمة بنت قيس أنها استشارت النبيء - صلى الله عليه وسلم - قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وابا جهم خطباني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له". مسلم كتاب الطلاق باب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها (ج 2 ص 1114). لمَّا لم يرد الحديث كما هو في الأصل اضطررنا إلى ذكره هنا دون الاكتفاء بما تقدَّم. 3 - "لكُلّ شَىْءٍ أُنْفَةٌ وأنفة الصلاة التَّكْبِيرَةُ الأولَى": 9. في النهاية لابن الأثير: وفيه لكل شيء أنفة وأنفة الصلاة التكبيرة الأولى. النهاية (ج 1 ص 58). ¬

_ الرقم في آخر الحديث يشير إلى الفقرة الوارد هو فيها.

4 - "وضعها في أُنُف من الكلأ": 9. النهاية (ج 1 ص 58). 5 - "خَيْر من أنْ تَتْرُكَهُم عَالَةً": 11. هذه فقرة من حديث سعد بن أبي وقاص والحديث في البخاري في باب رثى النبيء - صلى الله عليه وسلم - سعد بن خولة، ولفظه هناك "خير من أن تذرهم عالة" في كتاب الجنائز (ج 2 ص 175). 6 - "ارجعن مأزورات غير مأجورات": 22. من حديث علي كرم الله وجهه في كتاب الجنائز، في باب ما جاء في اتباع النساء. ابن ماجَهْ الجنائز (ج 1 ص 502). 7 - "أَبُوءُ بِنعْمَتكَ عَلَيَّ": 40. من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه في كتاب الدعوات، (من باب أفضل الاستغفار) من صحيح البخاري ج 8 ص 120 وكذلك أخرجه غيره. 8 - "إِذَا أَنْشَأَتْ بَحْرِية ثم تشاءمت": 45. أخرجه الإمام مالك في الموطأ في باب الاستمطار بالنجوم من كتاب الاستسقاء (ج 1 ص 192). 9 - "لَيْسَ مِنَّا مَن شَقَّ الجُيُوب": 55. أخرجه البخاري في صحيحه باب ليس منا من شق الجيوب من كتاب الجنائز (ج 2 ص 175) كما أخرجه غيره. 10 - "لَا يَغِلُّ عَلَيْهِن قَلْبُ مُؤْمنِ": 66. من حديث جبير بن مطعم في الخطبة يوم النحر من كتاب المناسك ابن ماجة (ج 2 ص 1015) وغيره. 11 - "لَا إِغْلَال وَلَا إِسْلَال": 66. الحديث أخرجه الدارمي في السير (50) وأبو داود بلفظ "وأنه لا إسلال ولا إغلال" في كتاب الجهاد في باب في صلح العدو (ج 3 ص 86) الحديث (2760) وأحمد (ج 4 ص 325) والطبراني عن عمرو بن عوف. 12 - "إِذَا حَكَمُوا عدَلُوا وإذا قَسَمُوا أقْسَطُوا": 81. أخرجه أحمد (ج 4 ص 396). 13 - "أن عابد بني إسرائيل مَسَحَ على رَأسِ الصَّبي فقال يَا بَابُوسُ": 91.

أخرجه البخاري في باب إذا دعت الأم ولدها في الصلاة من كتاب العمل في الصلاة (ج 2 ص 138). 14 - "فيبعث الله سَحَابًا. فِيَضْحَكُ أحْسَنَ الضَّحِكِ":116. ذكر النص في كتاب الغريبين وأخذه عنه ابن الجزري (ج 3 ص 14). 15 - كان - صلى الله عليه وسلم - جُلُّ ضَحِكِه التَّبَسُّم": 125. في حديث الترمذي: ما كان ضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا تبسما" أخرجه الترمذي في المناقب 10. 16 - "كان البِنَاء الَأوَّل من الكعبة رَضْمًا": 133. من حديث أبي الطفيل: "لما أرادت قريش بناء البيت بالخشب، وكان البناء الأول رضمًا". ذكره أبو موسى محمد بن أبي بكر المديني، وذكره ابن الجزري في النهاية (ج 2 ص 95). 17 - "أخْذُ الأجرة على الرُّقْيَة": 138. "عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناساً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أتوا على حي من إحياء العرب فلم يقروهم فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك فقالوا: هل معكم من دواء أو راقٍ؟ فقالوا: إنكم لم تقرونا ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جُعْلا، فجعلوا لهم قطيعاً من الشاء فجعل يقرأ بأم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل فَبرَأَ فأتوا بالشاء فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبيء - صلى الله عليه وسلم - فسألوه فضحك، فقال: وما أدراك أنها رقية خذوها واضربوا لي بسهم" البخاري (ج 7 ص 240). 18 - " إن قُل هُو الله أَحْدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ": 139. البخاري كتاب فضائل القرآن باب فضل قل هو الله أحد (ج 6 ص 325). وكذلك أخرجه الترمذي. 19 - "الأعمال بالنيات": 139. أخرجه البخاري مصدرا به بن حديث عمر بن الخطاب (ج 1 ص 2). وكذلك مسلم في الامارة في باب قوله - صلى الله عليه وسلم - "إنما الأعمال بالنيات" وإنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال، الحديث (155 ج 3 ص 1515). 20 - "صَوْم الأيَّام الغر": 145. أخرجه النسائي من حديث أبي هريرة في باب ذكر الاختلاف على موسى بن طلحة في الخبر في صيام ثلاثة أيام من الشهر من كتاب الصيام (ج 7 ص 222). 21 - " يُحشر الناس يَوْم القِيامة عُرَاةٌ حُفَاةٌ بُهْمًا": 146.

أخرجه أحمد في مسنده (ج 3 ص 495). 22 - "أن الأرْوَاح تَزُور القُبُورَ": 147. انظر في هذا ما ذكره السيوطي في كتابه: شرح الصدور في أحوال الموتى والقبور في باب زيارة القبور وعلم الموتى بزوارهم ورؤيتهم لهم. منها أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب القبور عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده ألا استأنس ورد عليه حتى يقوم" شرح الصدور (ص 84). 23 - "أنا والنبيئون فُرَّاط لقاصفين": 148. أحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فَرَط عديدة منها حديث أبي هريرة في الموطأ جاء في آخره "وأنا فرطهم على الحوض" (ج 1 ص 28). وقد أخرجه البخاري في أبواب متعددة. وهذا الحديث ذكره ابن الأثير في النهاية نقلا عن الهروي في مادة (ق ص ف). 24 - "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الفَرْط في الدين": 148. ذكره الهروي في كتاب الغريبين وأخذه عنه ابن الأثير ونصه: وفي حديث أم سلمة قالت لعائشة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهاك عن الفرطة في الدين"، يعني السبق والتقدم ومجاوزة الحد. والفرطة بالضم اسم للخروج والتقدم، وبالفتح المرة الواحدة. 25 - "تَنَحَّ عَنِّي فإن كل بَائلةٍ تفيخ". ذكره الهروي في كتابه الغريبين وأخذه عنه ابن الأثير الجزري فذكر أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج يريد حاجة فاتبعه بعض أصْحَابِه فقال: تَنَّح عني فإن كلَّ بائلة تُفيخ الافاخة الحدث بخروج الريح، خاصة. النهاية (ج 3 ص 244). 26 - "المسَحْ على العِمَامة": 151. من أحاديث المسح على العمامة ما جاء في مسلم من حديث المُغيرة بن شُعبة، قال: "ومسح بناصيته وعلى العمامة وعلى خفيه". في باب المسح على الناصية والعمامة، من كتاب الطهارة. وانظر أحاديث المسح على العمامة في مسند الإِمام أحمد. 27 - "فعلى الدنيا العفاء": 153. من حديث صفوان بن محرز: "إذا دخلت ييتي فأكلت وشربت عليه من الماء فعلى الدنيا العفاء". ذكره الهروي ني الغريبين. وانظر نهاية ابن الأثير (ج 3 ص 126). 28 - "لا تزرموا ابني": 158.

ذكره الهروى في الغريبين واخذه عنه ابن الأثير الجزري (ج 2 ص 133). 29 - "إذا جاوز الماء القُلَّتَيْن لم يحمل نَجَاسةً": 158. في ابن ماجه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الماء يكون بالفلاة من الأرض وما ينوبه من الدواب والسباع فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء". في باب مقدار الماء الذي لا ينجس رقم (75) من كتاب الطهارة وسننها. رواه النسائي في التوقيت في الماء (ج 1 ص 46) في كتاب الطهارة، والترمذي في كتاب الطهارة من الباب الخمسين، وأبو داود من كتاب الطهارة من الباب 33. 30 - "خلق الله الماء طهوراً": 158. "لفظ الحديث المروي عن سلمان بن عامر عنه - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أفْطر أحدكم فليُفْطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على الماء فإنه طهور". ابن ماجة من باب ما جاء على ما يستحب عليه الفطر، من كتاب الصيام (ج 1 ص 542). وكونه طهوراً أخرجه أحمد في (ج 3، 31، 86، وج 4، 17، 18، 19) وغيرها. 31 - "أنه - صلى الله عليه وسلم - لما أراد الإِحرام للصلاة رأى في ثوبه منياً": 160. جاء هذا الحديث بغير هذا اللفظ، ففي الموطأ عن عطاء بن يَسار: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَبَّر في صلاة من الصَّلَوات ثم أشار إليهم بيده أن امكثوا، فذهب ثم رجع وعلى جلده أثر الماء" (ج 1 ص 48). وهو حديث مرسل لكن رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه ولكن كلهم الإمام والبخارى ومسلم لم يذكروا أنهم راوا في ثوبه أثر الماء، وإنما رأوا في جلده كما تقدم في حديث الموطأ؟ وفي مسلم "ينطف رأسه ماء". وإنما عنون الإِمام في الموطأ بقوله: باب إعادة الجنب الصلاة، وغسله إذا صلى ولم يذكر، وغسله ثوبه، وإنما ذكر الإِمام غسل الثوب للأثر المروي عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه. انظر الموطأ أيضاً (ج 1 ص 49). فلعل الإِمام المازري اعتمد ذلك، أو أنه وقف على رواية لم نطلع عليها. 32 - "حُتّيه بضلع": 161. أخرجه أبو داود في باب المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها، من كتاب الطهارة (ج 1 ص 100). 33 - "نضح المذاكير": 161.

جأء في أحاديث متعددة منها ما جاء في ابن ماجة في باب ما جاء في الوضوء على ما أمر الله تعالى. وفي هذا الباب أحاديث متعددة (ج 1 ص 157). 34 - "ما من نفس منفوسة": 164. الحديث في صحيح مسلم في باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة". (ج 4 ص 1964). 35 - "أن الجنب لا تقربه الملائكة": 167. إشارة إلى الحديث المروي في أبي داود عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة، ولا كلب، ولا جنب" في باب الجنب يؤخر الغسل من كتاب الطهارة (ج 1 ص 58). 36 - "أنْعِمْ صَبَاحا تَرَبتْ يَدَاك": 168. انظر كتاب الغريبين للهروي (ج 1 ص 250). 37 - "ما رواه قيس بن سعيد بن عباد فقال: دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضعنا له الغسل فاغتسل فأتيته بملحفة فالتحف فرأيت الماء والورس على كتفيه": 170. أخرجه ابن ماجة في باب المنديل بعد الوضوء وبعد الغسل من كتاب الطهارة (ج 1 ص 158). ونص الحديث عن قيس بن سعد قال: "أتانا النبيء - صلى الله عليه وسلم - فوضعنا له ماء فاغتسل، ثم أتيناه بملحفة ورسية فاشتمل بها فكأني أنظر إلى أثر الورس على كتفيه. 38 - "كان يمسح وجهه وكفيه بطرف ثوبه": 170. أخرج الترمذي حديث معاذ. ونصه وفي الباب عن معاذ بن جبل رضي الله عنه وأتى بهذا بعد حديث عائشة رضى الله عنها قالت: "كانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرقة ينشف بها بعد الوضوء". ونص حديث معاذ: إذا تَوضَّأ، أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح وجهه بطرف ثوبه (ج 1 ص 56) وليس في الحديث الذي رواه الترمذي "كفيه". 39 - "أن أم سلمة ناولته الثوب ليتنشف به فلم يأخذه، وقال: إني أحب أن يبقى على وضوئي": 170. هناك حديث قرب من هذا وهو حديث ميمونة الذي في مسلم (ج 1 ص 254) وابن ماجه (ج 1 ص 158). 40 - "من جامع فأقحط فلا يغتسل": 176.

هذا الحديث ذكره ابن الأثير في النهاية عن الهروي كما في المعلم، وهو في النهاية (ج 3 ص 258). وهناك حديث أبي بن كعب أنه قال: "يا رسول الله إذا جامع الرجل فلم ينزل ... " البخاري (ج 1 ص 133). 41 - "لاتنتفعوا من الميتة بإهاب، ولا عصب": 181. ابن ماجة عن عبد الله بن حكيم في باب من قال: لا ينتفع من الميتة بإهاب ولا عصب (ج 2 ص 494). 42 - "دباغ الَأديم ذكاته": 181. الحديث في أحمد بلفظ دباغه (أي الأديم) طهوره (ج 3 ص 464) وغيرها. وأخرجه مسلم أيضاً بهذا اللفظ (ج 1 ص 278). 43 - جعلت لي الأرض مسجداً وطهورا": 182. الحديث: "وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً" أحمد (ج 2 ص 222) وأخرجه ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله وأبو داود عن أبي ذر رضي الله عنه وفي بعض طرقه "وترابها". 44 - "فمسحوا بأيديهم كلها إلى المناكب والآباط": 182. أخرجه أبو داود في باب التيمم من كتاب الطهارة (ج 1 ص 86) والترمذي في كتاب الطهارة 110. وأخرجه أيضاً أحمد والنسائي. 45 - "استفلحى برايك": 189. ذكره الهروي في كتاب الغريبين وذكره الجزري ابن الأثير (ج 3 ص 239) من حديث ابن مسعود. 46 - "يخرج عنق من النار": 191. أخرجه الترمذي في أبواب صفة جهنم (ج3 ص 340) وأحمد في مواضع متعددة. 47 - "كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نَصَّ: 191. الموطأ في باب السير في الدفعة من كتاب الحج (ج 1 ص 392) البخاري في باب السير إذا دفع من عرفة من كتاب الحج (ج 2 ص 316) وابن ماجة في باب الدفع من عرفة من كتاب المناسك (ج 2 ص 1004) وفي غيرها. 48 - "لا يزال الرجل مُعْنِقًا ما لم يُصِبْ دَمًا": 191.

أخرجه الطبراني في المعجم الصغير (ج 2 ص 121) بلفظ: "لا يزال المؤمن ... " وذكره الهروي في كتاب الغريبين وابن الأثير الجزري (ج 3 ص 151). 49 - "أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا افتتح الصلاة يرفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك": 192. أخرجه الإِمام في الموطأ في باب افتتاح الصلاة، من كتاب الصلاة (ج 1 ص 75) وأخرجه البخاري في كتاب الأذان في باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح سواء. ومسلم في كتاب الصلاة باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين وأبو داود. 50 - "إذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد": 193. البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قال الإِمام: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا لك الحمد" (ج 1 ص 316). وكذلك أخرجه مسلم في باب التسميع والتحميد والتأمين (ج 1 ص 306)، وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. 51 - "مَا لي أنَازَعُ القرآنَ": 198. أخرجه الإِمام مالك في الموطأ في باب ترك القراءة خلف الإِمام فيما جهر فيه (ج 1 ص 86). وأخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة من باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإِمام في كتاب الصلاة. والترمذي مع شرحه تحفة الاحوذي (ج 1 ص 254). وابن ماجه من حديث أبي هريرة من باب إذا قرأ الإِمام فأنصتوا. (ج 1 ص 276). 52 - "لا يؤمنَّ أحد بعدي جالساً": 202. لم أقف على لفظ هذا الحديث، وإنما في البخاري تعليقاً "وصلى النبيء - صلى الله عليه وسلم -" في مرضه الذي توفي فيه بالناس وهو جالس" انظر البخاري (ج 1 ص 278). أما حكم غيره في الجلوس في الصلاة كما جاء هنا "لا يؤمن أحد بعدي جالساً" هو المذهب من عدم صحة صلاة الإِمام الجالس. هذا الحديث رواه الدارقطني، ورواه البيهقي في السنن الكبرى (3 - 80) وفيه متكلم. 53 - "من أصاب مالاً من مهاوش": 210. لفظ الحديث: "من أصاب مالاً من مهاوش أذهبه الله في نهابر" عن أبي سلمة الحمصي أخرجه ابن النجار، أي في تاريخ بغداد. وذكره في الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير (ج 3 ص 161).

54 - "اتخذوا دين الله دغلا": 212. جاء هذا الحديث في كتاب الغريبين للهروي وأخذه عنه ابن الأثير الجزري (ج 2 ص 26). 55 - "وجعل لي ترابها طهوراً": 225. أخرجه الإِمام أحمد (ج 1 ص 98، 158). 56 - "إن ما بقي من الدنيا كشرق الموتى": 229. ذكره الهروي في الغريبين وأخذه عنه ابن الأثير الجزري (ج 2 ص 235). 57 - "وإذا رأى أحدكم ما يكره فَلْيَتْفُلْ عن يساره ثلاثاً": 238. وأخرجه ابن ماجه في باب من رأى رؤيا يكرهها من كتاب تعبير الرؤيا (ج 2 ص 128). 58 - "إن روح القدس نفث في روحي": 238. ذكره أبو نعيم في الحلية وأتى به السيوطي في الجامع مع الزيادة (ج 1 ص 393) عن أبي أمامة. 59 - "الاختصار راحة أهل النار": 241. أخرجه ابن حبان في صحيحه، والبيهقي في سننه. وذكره السيوطي في الجامع الصغير انظر الفتح الكبير (ج 1 ص 505). 60 - "ما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة": 244. رواه الإِمام في الموطأ في باب ما جاء في الساعة التي في يوم الجمعة من كتاب الجمعة (ج 1 ص 108) ورواه أبو داود في باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة من كتاب الصلاة (ج 1 ص 274) وأخرجه الترمذي والنسائي. 61 - "دعا النبيء - صلى الله عليه وسلم -" لرهط طهفة وابعث راعيها في الدثر": 253. ذكره الهروي في الغريبين، ونقله عنه ابن الأثير الجزري (ج 2 ص 13). 62 - "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق": 257. أخرجه البخاري في باب "قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لاتزال طائفة من أمتي ظاهرين علي الحق يقاتلون وهم العلماء" تعليقاً (ج 9 ص 181) ومسلم في باب نزول عيسى بن مريم حاكماً بشريعة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - من كتاب الإِيمان (ج 1 ص 137) وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم. 63 - "اطلبوا لي أنداكم صوتا": 270. 64 - "جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في المدينة في غير خوف

ولا مطر": 280. أخرجه أبو داود في باب الجمع بين الصلاتين في تفريع أبواب صلاة السفر (ج 2 ص 6) اطديث 1211، والترمذي في كتاب الصلاة في باب ما جاء في الجمع بين الصلاتين. الترمذي بتحفة الاحوذي (ج 1 ص 66) ورواه النسائي وأحمد. 65 - "أفضل الصلاة ما كان في بيوتكم إلا الصلاة المكتوبة": 299. أخرجه الترمذي عن زيد بن ثابت بلفظ "أفضل صلاتكم في بيوتكم إلا المكتوبة" وكذلك أخرجه الطبراني عن زيد بن ثابت كذلك "أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة". 66 - "ليس منا من لم يتغنّ بالقرآن": 308. أخرجه البخاري في التوحيد وأبو داود في الوتر. 67 - "زيّنوا القرآن بأصواتكم": 308. أخرجه البخاري في خلق الأفعال. 68 - "صلوا كما رأيتموني أصلي": 323. أخرجه البخاري في باب الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعة، وكذلك معرفة وجمع، وقول المؤذن الصلاة في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة من كتاب الأذان (ج 1 ص 258). 69 - "من أتى الجمعة وقد توضأ فبها ونِعْمَتْ ومن اغتسل فالغسل أفضل": 325. أخرجه ابن ماجة عن أنس بن مالك رضى الله عنه عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت يجزىء عنه الفريضة ومن اغتسل فالغسل أفضل" في باب ما جاء في الرخصة في ذلك من كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها (ج 1 ص 347). 70 - "أربعة لا جمعة عليهم" الحديث: 329. أخرجه أبو داود في باب الجمعة للمملوك والمرأة من كتاب الصلاة (ج 1 ص 280). 71 - "إذا لم ينكر الناس المنكر فقد تودع منهم أن يسلموا إلى ما استخفوه من النكير عليهم": 329. ذكره أبو موسى الأصفهاني في استدراكه على كتاب الغريبين للهروي وأخذه عنه ابن الأثير الجزري، النهاية (ج 4 ص 213). 72 - "أن كَعْب بن عجرة دخل المسجد وعبد الرحمان بن أم الحكم يخطب قاعداً فقال:

انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعداً" إلى آخره: 332. أخرجه مسلم في باب قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} من كتاب الجمعة (ج 2 ص 591). 73 - "أفسد الله عليه ضَيْعته": 333. أخرجه أحمد بلفظ: "فرّق الله عليه ضيعته" (ج 5 ص 183). 74 - "أنا وسَفعاء الخَدَّين كهاتين يوم القيامة": 339. أخرجه أبو داود عن عوف بن مالك في باب في فضل من عال يتيماً من كتاب الأدب الحديث 5149 (ج 4 ص 338) والفتح الكبير (ج 1 ص 276). 75 - "ولقيت غلاماً أسفع أحوى": 339. ذكره أبو موسى الأصفهاني بلفظ: وفي حديث أبي عمرو النخعي: "ولدت حدياً أسفع أحوى، كما نقله عنه ابن الأثير الجزري (ج 1 ص 308). 76 - "فإذا حوت مثل الظرب": 345. ذكره الإِمام البخاري في باب غزوة سيف البحر، وهم يتلقون عيرًا لقريش، وأميرهم أبو عبيدة ابن الجراح رضي الله عنه من كتاب المغازي (ج5 ص 230). 77 - "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة": 350. أخرجه أحمد وأبو داود في باب التلقين من كتاب الجنائز (ج 3 ص 190) الحديث 3116. 78 - "فقمنا وهلين": 355. أخرجه أبو داود في باب من نام عن الصلاة أو نسيها، الحديث 438 من كتاب الصلاة (ج 1 ص 120). 79 - "من اطَّلَع من صير باب فقد دمّر": 357. ذكره الهروي في الغريبين وأخذه عنه ابن الأثير الجزري (ج 3 ص 9). 80 - "أنتم الشعار دون الدثار": 358. أتى هذا الحديث بهذا اللفظ في كتاب الغريبين للهروي وأخذه عنه ابن الأثير الجزري (ج 2 ص 13). والذي في مسلم "الأنصار شعار والناس دثار" (ج 2 ص 738) في باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإِسلام وتصبر من قوي إيمانه، من كتاب الزكاة. وكذلك ابن ماجة في باب فضل الأنصار من المقدمة (ج 1 ص 58). 81 - "حق العباد على الله تعالى": 359.

أخرجه البخاري في باب إرداف الرجل خلف الرجل، الحديث 177 من كتاب اللباس (ج 7 ص 312). ومسلم في باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً من كتاب الإِيمان (ج 1 ص 58). وابن ماجه في باب ما يرجى من رحمة الله يوم القيامة، الحديث 4296 من باب الزهد (ج 2 ص 1435). 82 - "لا تدع قبراً مشرفاً إلا سويته": 367. أخرجه مسلم في الأمر بتسوية القبر من كتاب الجنائز 93 (ج 2 ص 666). وأخرجه أبو داود في باب في تسوية القبر الحديث 328 من كتاب الجنائز (ج 2 ص 215). والترمذي في باب ما جاء في تسوية القبر من كتاب الجنائز (ج 2 ص 153). 83 - "لا تغتسلن من المحيض حتى ترين القصة البيضاء": 367. أخرجه البخاري تعليقاً ونصه باب إقبال المحيض وإدباره وكن نساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء من كتاب الحيض (ج 1 ص 143). وكذلك أخرجه في الطهارة. 84 - "أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نجنب صبياننا ومجانيننا المسجد": 368. أخرجه ابن ماجه في باب ما يكره في المساجد، الحديث 748 من كتاب المساجد والجماعات (ج 1 ص 247). 85 - "من صلى على جنازة في مسجد فلا شيء له": 368. أخرجه ابن ماجه في باب ما جاء في الصلاة على الجنائز في المسجد. الحديث 1517 من كتاب الجنائز (ج 1 ص 486). 86 - "عدم صلاته - صلى الله عليه وسلم - على قَتْلَى أحد": 370. جاء في ابن ماجه في باب ما جاء في الصلاة على الشهداء ودفنهم، الحديث 1514 من حديث جابر بن عبد الله ... وأمر بِدَفْنهم في دمائهم، ولم يصل عليهم ولم يغسلوا. من كتاب الجنائز. (ج 1 ص 485). 87 - "ولون دمهم لون الدم والريح ريح المسك": 370. أخرجه البخاري في باب من يجرح في سبيل الله عز وجل الحديث من كتاب الجهاد. (ج 4 ص 73). ومسلم في باب (فضل الجهاد والخروج في سبيل الله) الحديث 103 من كتاب الإِمارة. (ج 3 ص 1495). 88 - "النهي عن تطييب المحرم": 370. أخرجه البخاري في باب كيف يكفن المحرم، الحديث 29 من كتاب الجنائز

(ج 2 ص 165). ابن ماجة في باب المحرم يموت. من حديث ابن عباس: "ولا تقربوه طيباً فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً" الحديث 3084 من كتاب المناسك (ج 2 ص 1030) وغيرهما.

فهرس الشعر

فهرس الشعر (1) قول امرىء القيس: 9 [الرمل] قَدْ غَدَا يَحْملُني في أنْفه ... لَاحق الصُّقْلَيْن مَحْبُوكُ مُمَرّ البيت من قصيدة لامرىء القيس التي أولها: ديمَةٌ هَطْلاء فيها وطَفٌ ... طَبَقُ الأرْضِ تَحَرَّى وَتَدُرّ ذكرها الأعلم الشنتمري في مختاراته للشعراء الستة الجاهليين بشرح عبد المنعم خفاجي (ص 110). وترجمة امرىء القيس من الشعر والشعراء لابن قتيبة (ج 1 ص 52). - وأنشد: 22 [البسيط] هَتَّاكُ أخْبيَة ولَّاج أبْوِيَةٍ ... يخلط بِالجِدّ منه البِرَّ واللّينَا البيت لابن مقبل وهو تميم بن أبي بن مقبل من بني عَجْلان. وهذا االبيت ذكره في التاج في مادة (ب وب) على أن جمع أبوبة أباب نادر. التاج (ج 1 ص 153) و (ج 2 ص 47) طبعة وزارة الإرشاد والأنباء في الكويت. وترجمة ابن مقبل في الشعر والشعراء (ج 1 ص 424).

- قال الشاعر: 28 [البسيط] سَعَى عقالا فلم يترك لنا سبَدًا ... فكيف لَوْ قَدْ سَعَى عَمْروٌ عقالين البيت لابن العداء الكلبي أنشده لما استعمل معاوية رضي الله عنه ابن أخيه عمرو بن عتبة بن أبي سفيان على صدقات كلب فاعتدى طيهم. النهاية (ج 3 ص 134). - قال أبو ذؤيب في المذكر: 49 [الكامل] وَعَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَان قَضَاهُمَا ... دَاوُد أوْ صَنَعُ السَّوابِغ تُبَّعُ البيت من قصيدته الشهيرة في رثاء أبنائه الأربعة الذين ماتوا بالطاعون في مصر ومطلعها: أمِنَ المَنُونِ وَرَيْبِهَا تَتَوَجَّعُ ... وَالدَّهْرُ لَيْسَ بِمُعْتبٍ مَنْ مَجْزَعُ وهي في المفضليات (ص 421). وجاء هذا البيت في التاج (ج 5 ص 424). وترجمة أبي ذؤيب في الشعر والشعراء (ج 2 ص 635). - آخر في المؤنث: 49 [الطويل] صَنَاع بِاشْفَاهَا حَصَانٌ بِشَكْرِها ... حَواد بِقُوتِ البطن والعِرِقُ زاخِرُ البيت لأبي شهاب الهذلي، وهو ابن أبي ذؤيب الهذلي: وهو مازن بن خويلد الهذلي وهو أحد شعراء هذيل. ذكره ابن قتيبة في الشعر والشعراء (ج 2 ص 641). والبيت ذكره في التاج (ج 5 ص 421). - وأنشد أبو عبيد: 61 [الوافر] فإن اللَّوْم فِي الأقْوَامِ عَارٌ ... وَإن المَرْءَ يَجزَأ بِالكُرَاعِ جاء هذا البيت مع بيت آخر في التاج بتغيير كما يأتي: لَقَدْ آليْتُ أغْدِر في جدَاع ... وَإنْ مُنّيْتُ أمَّاتِ الرِّبَاعِ

لأن الغدر في الأقوام عار ... وأن المرء يَجْزأ بالكراع التاج (ج 1 ص 51) و (ج 1 ص 171) ط ثانية. والشاعر أبو حنبل الطائي واسمه جارية بن مُر أخو بني ثُعل. وذكر قصة البيتين ابن قتيبة في الشعر والشعراء (ج 1 ص 65). - قول ابن دريد: 62 [الرجز] في كُلّ يومٍ مَنْزِلٌ مُسْتَوْبلٌ ... يَشْتَفُّ مَاءَ مُهْجَتي أوْ مُجْتَوَى البيت من مقصورة ابن دريد ومطلعها: واشتعل المبيضُّ مسوَدِّهِ ... مثلَ اشتعال النار في حَزْل الغضَىَ وأنشد غيرها: 64 [الطويل] تَجَنَّبْتُ إتْيَانَ الحَبِيبِ تَأثُّمًا ... ألا إن هِجْرَان الحبِيبِ هُوَ الإِثْمُ ذكر هذا البيت المازري شاهداً على تأثم إذ ألقى الإثم عن نفسه. وهذا ما نقله عن الهروي، أي في الغريبين فيما يخص معنى تأثّم دون الاستشهاد بالبيت، إذ لم يذكره الهروي. - وقوله: وأنشد غيرهما، أي غير الثعالبي والهروي:90 [الطويل] فَأكْسَبَنِي مَالًا وَأكْسَبْتُهُ حَمْدًا نقله عن ابن النحاس. - قال ابن النحاس ... وأنشد:90 [الطويل] فأكسبَني مالاً وأكسبْتُه حَمْدا - وجاء في شعر ابن أحمد يذكر ولد الناقة: 91 [البسيط] حَنّت قَلُوصي إلى بَابُوسِها جَزَعًا ... وَمَا حَنِينُكِ أم مَّا أنْتِ وَالذِّكَرُ

جاء هنا: وفي شعر ابن أحمد وهو تحريف وإنما هو ابن أحمر وهو عمرو بن أحمر بنّ فَرَّاص. انظر ترجمته في الشعر والشعراء (ج 1 ص 315) وجاء في (ص 317) من المصدر المذكور وسمي حُوار الناقة (بابوسا) ولا يعرف ذلك، فقال: حنت قلوصي إلى بابوسها جَزَغاً ... فمَا حنينكِ أم مَّا أنتِ والذَّكَرُ وقد اشتهر ابن أحمر بألفاظ انفرد بها. - قال الراجز: 91 [الرجز] والأقْهَبَيْنِ الفِيلَ وَالجَامُوسَا هذا العجز من شعر لرؤبة في قوله: لَيْثٌ يَدُقُّ الأسَدَ الهمُوسَا ... وَالأقهَبَيْنِ الفِيلَ وَالجَامُوسَا وترجمة رؤبة في الشعر والشعراء (ج 2 ص 575). وأنشد هذا العجز الزمخشري في الأساس ناسبا له لرؤبة (ج 1 ص 286). وأنشد الزبيدى في التاج (ج 1 ص 442). - قال طرَفَة: 99 [الطويل] أنا الرجل الضَّرْبُ الَّذِي تَعْرِفُونَهُ ... خَشَاشٌ كَرَأسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ وترجمة طرفة في الشعر والشعراء (ج 1 ص 137). والبيت من قصيدته الشهيرة: لِخَولَةَ أطْلَالٌ ببِرقة ثَمْهد ... تَلُوحُ كَبَاقِي الوَشم في ظَاهِرِ اليَدِ والبيت جاء في أشعار الشعراء الستة الجاهليين (ج 2 ص54). - قال عدي بن زيد:100 [الرَّمَلُ] إنّي والله فَاقبل حِلْفَتي ... بِأبِيلٍ كُلَّمَا صَلَّى جَأر وترجمة عدي بن زيد في الشعر والشعراء (1 ص 176). وجاء هذا البيت في الصحاح (ج 4 ص 1619).

إنني والله فأقبل حَلِفِي ... بأبيل كلما صلّى جَأر فَهُنا حلفي عوض حلفتي، وما في التاج كما هنا (ج 7 ص 199). -طرفة:123 [السريع] أشَجَاكَ الرَّبْعُ أمْ قَدَمُه ... أمْ رَمَادٌ دَارس حُمَمُهْ وقد تقدمت ترجمة طرفة والبيت مطلع قصيدة له وهي في أشعار الشعراء الستة (ج 2 ص 74). - واْنشد المطرز: 132 [الوافر] فأرْسَلْنا أُبَا عَمْروٍ رَبِيئاً لم يذكر المازري أي كتاب أنشد فيه المطرز هذا الشطر، ولعله في اليواقيت. انظر فهرس المصادر. - قول الشاعر: 168 [الطويل] هَوَتْ أمُّهُ مَا يَبْعَثُ الصُّبْحُ غَادِيًا ... وَمَاذا يُؤدي اللّيْل حينَ يَؤُوب البيت لكعب بن سعد الغنوي يرثي أخاه أبا المغوار. قال البكرى وهو شاعر إسلامي ويقال له سعد الأمثال لكثرة ما في شعره من الأمثال. وهذا البيت عن قصيدته التي مطلعها: لقد أنْصَبَتْني أم قيس تلومني ... وما يوم مثلي باطلاً بِجَميل وذكر الأصمعي القصيدة في الأصمعيات (عدد 25 - 94). وجاء البيت في غريبي الهروي (ج 1 ص 250). - قال الشاعر: 171 [الخفيف] صَاحِ أبصرت أو سمِعتَ براع ... رَدَّ في الشَّرع ما قَرَى فِي الحِلَاب البيت لإِسماعيل بن يسار وما جاء في التاج: ابن بشار تحريف واستشهد به المازري على أن

الحلاب ما يحلب فيه. والبيت هذا من قصيدة لإسماعيل بن يسار طالعها: ما على رسم منزل الجناب ... لَوْ أبَان الغَدَاةَ رَجْعَ الجَوَابِ وابن يسار: إسماعيل بن يسار النِّسائي بكسر النون. وإنما سمي النسائي لأن أباه كان يصنع طعام العرس ويبيعه. ترجمه عبد القادر البغدادي في شرحه لشواهد الرضي شرح الشافية (ج4 ص 316). - قول الشاعر: 182 [الطويل] سَلِ الربع أني يَمَّمتْ أمّ أسلما ... وَهَلْ عادة للربع أن يتكلما استشهد به المازري على أن التيمم في اللغة القصد. - قال لبيد: 189 [الرمل] أعْقِلي إن كنتِ لما تعقلي ... ولقد أقلع من كان عقلْ هذا البيت من قصيدة للبيد مطلعها: إن تقوى ربّنا خيرُ نفلْ ... وبإذن الله رَيْثِي وَعَجَلْ وترجة لبيد في الشعر والشعراء (ج 1 ص 231). وقصيدة البيت المستشهد به في الجزء الثاني من مختار الشعر الجاهلي لمحمد سيد كيلاني (ص 502). - قال الشاعر: 189 [السريع] لِكُلِّ هَمٍّ مِنَ الهُمُوم سَعَهْ ... والمسْيُ وَالصبحُ لَا فَلَاح مَعَهْ البيت للأضبط بن قريع السعدي وهو شاعر جاهلي قديم ترجمته في الشعر والشعراء (ج 1 ص 343). وهذا البيت صدر قطعة: وقد جاء في المصدر المذكور كما يأتي:

يَا قَوْمُ من عاذري من الخُدَعَة ... والمُسي والصبح لا فلاح معه وأنشده في التاج كما في المعلم. - قال لبيد: 189 [الرجز] لَوْ كَان حيُّ مدركَ الفَلَاحِ ... أدركه مُلَاعبُ الرماح ولبيد تقدت ترجمته. وهذا البيت من أبيات له في رثاء ملاعب الرماح وهو خال له واسمه أبو براء ومطلع الأبيات: قُوَما تَنُوحَانِ مَع الأنْوَاحِ ... وأبَّنَا مُلاعبَ الرِّمَاحِ الجزء الثاني من مختار الشعر الجاهلي (ص 539). - وأنشد: 191 [البسيط] طوال أنضية الأعناق واللمم البيت لليلى الأخيلية، وهي ليلى بنت الأخيل وترجمة ليلى الأخيلية في الشعر والشعراء (ج 1 ص 416). وصدر البيت: يشبهون سيوفا في صرائعهم وبعد البيت: إذا غَدا المسك يجري في مفارقهم ... راحوا تخالهم مرضى من الكرم التاج (ج 10 ص 371). - قال الشاعر: 191 [المتقارب] ومن سيرها العنق المسبطرَّ ... والعَجْرفية بعد الكلال البيت لأمية بن أبي عائذ، وهو من شعراء هذيل. وترجمته في الإِصابة (ج 1 ص 113). - اقتبس المازري "إقبال وإدبار" من البيت المشهور: 196 [البسيط]

تَرْتَعُ مَا رَتَعَتْ حتّى إذا ادَّكرَتْ ... فإنّما هي إقبال وإدبار والبيت للخنساء. وترجمتها في خزانة الأدب (ج 1 ص 389). - وأنشد يعقوب:244 [المتقارب] إصاخةَ الناشد للمنشد استشهد به المازري على أن الناشد هو الطالب للضالة والمنشد هو المعرّف بها. - قال الجعدي:257 [الطويل] بلغنا السَّما مجدنا وجدودنا ... وإنا لنرحُو فَوْق ذلك مظهرا. أنشده المازري على أن المظهر العلو. وبيت النابغة الجعدي لما أنشده للنبىء - صلى الله عليه وسلم - قال له: "إلى أين أبا ليلى؟ فقال النابغة: إلى الجنة. فقال له رسول - صلى الله عليه وسلم -: إن شاء الله". - قال الشاعر: 270 [الوافر] فقلت أدعى وأدعو إن أنْدَى ... لِصَوتٍ أن يُنَادي دَاعيَان نسب هذا البيت في الأمالي للفرزدق (ج 2 ص 90). ونسبه سيبويه إلى الأعشى ونسبه الأعلم في شرح شواهد سيبويه إلى الحطيئة. ونسب في جامع الشواهد لمحمد باقر إلى دثار بن شيبان النمري (ص 188) والأقرب أنه للأعشى، وترجمته في الشعر والشعراء (ج 1 ص 212). - قال أعشى باهلة يرثي المنتشر: 274 [البسيط] تَكْفيه فَلْذَةُ كَبْدٍ إنْ ألَمَّ بهِا ... مِن الشِّوَاء ويَرْوِي شُرْبَهُ الغُمَرُ وترجمة أعشى باهلة في خزانة الأدب ط السلفية (ج 1 ص 176). وأعشى باهلة اسمه عامر بن الحارث أحد بني عامر، كنيته أبو قحفان جاهلي. والبيت من قصيدة له رثى بها أخاه المنتشر، وهي من عيون القصائد المراثي. قال البغدادي: إنها جيدة في بابها ومطلعها: قَدْ جَاءَ مِنْ علُ أنْبَاءُ له أنبؤهَا ... إليَّ لَا عَجَبٌ مِنْهَا ولَا سُحُرُ

وقد أتى بها صاحب الخزانة مع شرحها (ج 1 ص 179). وهي من ضمن قصائد الأصمعيات (ص 89). - وأنشد: 292 [الرجز] وَكُنْتُ خلْتُ الشيْب وَالتَّبْدينَا ... والهَمَّ مِمَّا يُذْهِلُ القَرِينَا البيت للأرقط. أنشده اللغويون على أن بدّن تبدينا سن وضعف. والأرقط حميد بن مالك الشاعر أحد بن كعب، وهو راجز متأخر عاصر العجاج، والعجاج توفي سنة (90). وقد غلط الجوهري فجعل الأرقط حميد بن ثور مع أنه لم يلقب بالأرقط. وأنشد البيت الزبيدي في التاج (ج 9 ص 136) والصحاح (ج 5 ص 2077). - وأنشد ابن السكيت:326 [الرجز] وَرَبِّ أسْرَاب الحَجِيج الكُظَّم ... عَنِ اللَّغا وَرَفَت التَّكَلُّم وروي الصدر: وَرُبَّ أسراب حَجِيجٍ كُظَّم البيت للعجاج، وهو عبد الله بن رؤبة من بني مالك، ويكنى أبا الشعثاء وهي ابنته. وترجم له البخاري في الكبير وذكر أنه سمع أبا هريرة (4/ 1/ 97). وترجم له ابن قتيبة (ج 2 ص 572). وأنشد العجز الجوهري في الصحاح (ج 6 ص2483). - وأنشد: 327 [الرجز] عَمْدًا فَعَلْتُ ذَاك بَيْدَ أنَّي ... أخَاف أن هَلكتْ لَمْ تُدِنّي وأنشد ابن هشام هذا الرجز شاهداً للمعنى الثاني لبيد وهو أن تكون بمعنى من أجْل (ج 1 ص 115). قال السيوطي في شرح شواهد المغنى أنشده يوسف بن السيرافي في شرح أبيات اصلاح المنطق ولم يسم قائله (ج 1 ص 352). وأنشده الجوهري في الصحاح في مادة (ر ن ن). وذكر عبد السلام هارون أن البيت لامرأة من فقعس ولم أظفر بما يؤيد كلامه. ثم إن البيت كما يبدو قائله رجل لا امرأة.

- وأنشد للْمَرَّار: 335 [الكامل] فَتَهَامَسُوا سبرّا وقالوا عَرِّسُوا ... مِنْ غيْرِ تَمْئنَةٍ لِغَيْر مُعَرِّسِ والمرار هو ابن سعيد الفقعسي وهو من بني أسد ولذلك يقال له: الأسدي كما يقال له الفقعسي. وترجمته في الشعر والشعراء (ج 2 ص 680) والخزانة (ج 2 ص 216). والبيت أنشده في غريب أبي عبيد والتهذيب للأزهري (ج 5 ص 509) والغريبين للهروي (ج1 ص 102). - قول طرفة: 353 [الطويل] إذا متُّ فَانْعَيْني بِمَا أنَا أهْلُهْ ... وَشُقِّي عَلَيَّ الجَيْبَ يا ابْنةَ مَعْبَد البيت من قصيدة لطرفة، وهي معلقته الشهيرة التي مطلعها: لخَوْلَة أطْلَالٌ بِبَرْقَة تَمْهد ... تَلُوحُ كَبَاقِي الوَشْم فِي ظَاهرِ اليَد وهي مشروحة ضمن شروح المعلقات وهي عن المختارات الشعرية للأعلم الشنتمري (-476). وهذه المعلقة فيها (ص 308) طـ الثانية.

فهرس الأعلام

فهرس الأعلام الألف آدم (أبو البشر) عليه السلام: 120*. جاء ذكره في حديث الاستشفاع يوم القيامة. وإنما قصد أولاً في الموقف لأنه أبو البشر. إبراهيم، عليه السلام: 88. ذكر في الحديث في قوله "نحن أحق بالشك من إبراهيم" والمراد بالشك ما بين علم الدليل وعلم العيان. ومن أولي العزم من الأنبياء. إبراهيم، من رواة مسلم: 201. وهو أبو إسحاق إبراهيم بن سفيان الذي روى عن مسلم، وأخذ عنه الجلودي. أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله: 289. ابن حنين روى عن أبي هريرة رضي الله عنه وغيره وممن روى عنه الزهري وثقه ابن سعد والنسائي. مات سنة بضع عشرة ومائة. الخلاصة (18). إبراهيم بن نمر النهاوندي: 303. إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي: 313. من شيوخ الأعمش كما أفاده الخزرجي في الخلاصة. أخرج له الستة (92). الخلاصة (ص 23). إبليس أو الشيطان أو الشياطين: 234، 304، 313، 317، 320، 350. ابن لعبد الله بن عمر: 212. هو واقد بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر العدوي، عن أبيه ونافع، وروى عنه ابنه عثمان وأخوه عاصم. الخلاصة (ص 415). الأبهري: 163، 275. من أصحابنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح الأبهري شيخ المالكية في ¬

_ الرقم (أو الأرقام) الموالي للاسم يشير إلى الفقرة (أو الفقرات) الوارد فيها الاسم وكذلك في باقي الفهارس.

العراق (-375). الأعلام (ج 7 ص 98)، الديباج (من ص 255 إلى 258). أبي بن كعب: 310، 317. ابن قيس الأنصاري الخزرجي سيد القراء كتب الوحي وشهد بدراً وكان ممن جمع القرآن (-20) على اختلاف في وفاته. الخلاصة (ص 24). ابن أحمر: 91. صاحب البيت المستشهد به: حَنّتْ قَلوصي إلى بَابُوسهَا ... وَمَا حَنينك أم مَا أنتِ وَالذَكَرِ جاء هنا ابن أحمد والذي في ج والتاج ابن أحمر وهو الصواب. وهو عمرو بن أحمر بن فراص الباهلي وهو من شعراء الجاهلية وأدرك الإسلام. ترجمه ابن قتيبة في الشعر والشعراء (ج 1 ص 315). أحمد بن حنبل: 42، 141، 151، 181، 222، 331، 369. هو الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل (164 - 241). كان من أئمة المحدثين والفقهاء. له المسند الذي جمع فيه عن الحديث ما لم يتفق لغيره. وابتلي بالسجن من أجل امتناعه من القول بخلق القرآن في أيام المعتصم. وهو أحد الأئمة الأربعة وترجمته تناولتها المصادر الكثيرة، ومن أهمها ما كتبه المرحوم الشيخ أبو زهرة في كتابه الذي خصه بترجمة الإمام أحمد رحمه الله. وترجمه ابن خلكان (ج 1 ص 63) وابن عساكر في تاريخ دمشق. أحمد بن عبدة الضبي: 85. هو أحمد بن عبدة بن موسى الضبي أبو عبد الله البصري. وعبدة بسكون الباء أخرج له مسلم والأربعة، وثقه أبو حاتم والنسائي، وهو حجة (- 245). الخلاصة (ص9). إدريس، عليه السلام: 120. هو إدريس بن يارد من مهلائيل، وهو أول بني آدم أعطي النبوة بعد آدم وشيث عليهما السلام، وذكر ابن إسحاق أنه أول من خط بالقلم. قصص الأنبياء للنجار (ص 24). أبو إدريس الخولاني: 142. هو عائد الله بن عبد الله عمر الخولاني العوذي أحد الأعلام. روى عن عمر ومعاوية وأبي ذر وغيرهم وعنه مكحول والحسن وابن سيرين وغيرهم (- 80). الخلاصة (185). أبو إسحاق الحربي: 173. أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق البغدادي تفقه على الإمام أحمد. له غريب الحديث (- 285). التذكرة (ج 2 ص 147). إسحاق بن راشد: 303. الحراني أو الرقي أبو سليمان، أخرج له النجاري والأربعة. مات في خلافة أبي جعفر المنصور. الخلاصة (ص 28).

إسحاق ابن راهويه: 323، 324. هو أبو محمد أو أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن مخلد، يعرف بإسحاق بن راهويه الإمام الفقيه الحافظ العلم (-238) الخلاصة (ص 27). إسحاق بن منصور: 223، 351. هو إسحاق بن منصور السلوكي مولاهم الكوفي قال ابن معين ليس به بأس (- 205) (أو 204) الخلاصة (ص30). إسحاق بن نصر: 340. هو أبو إسحاق بن إبراهيم بن نصر النجاري السعدي. وقيل السغدي (- 242). الخلاصة (ص 27). إسماعيل بن جعفر: 71. هو أبو إسحاق إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير قارىء المدينة أحد الكبار (- 180). الخلاصة (ص 33). إسماعيل بن زكرياء: 210، 255. ابن مرة الخُلْقَاني أبو زياد شقوصا الأسدي الكوفي، ليس به بأس (- 174) أخرج له الستة الخلاصة (ص 34). إسماعيل بن علية: 185، 290. هو أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي القرشي مولاهم البصري المعروف بإسماعيل بن علية الحافظ أحد الأئمة الأعلام ريحانة الفقهاء أخرج له الستة (- 193). (الخلاصة ص 32) القاضي إسماعيل: 275. إسماعيل بن إسحاق أحد أئمة الدنيا وأحد المجتهدين في مذهب مالك، وممن أخذ عنه يحيى بن عمر الأندلسي دفين سوسة. له أحكام القرآن ومعاني القرآن والمبسوط في الفقه ومختصره (- 282). الديباج (ج 1 ص 92) الأسود: 229. هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي أبو عمرو، ويقال أبو عبد الرحمان. روى عن أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود وغيرهم. روى عنه جماعة منهم ابن أخته إبراهيم بن يزيد النخعي (- 74) أو (75 هـ). تهذيب التهذيب (ج 1 ص 342)، الخلاصة (ص 37). الأشعري: 48. أبو الحسن علي بن إسماعيل بن إسحاق بن نسل الصحابي أبي موسى الأشعري، صاحب المذهب الشهير مذهب الأشاعرة. كان من أئمة المجتهدين ومن المتكلمين، ومصنفاته ثلثمائة، ولابن عساكر كذب المفتري فيما نسب للإِمام الأشعري (- 324). وترجم له ابن فرحون في الطبقات (ج 2 ص 94). أشهب: 323، 324. أبو عمر أشهب بن عبد العزيز بن داود القيسي الفقيه المصري صاحب الإِمام مالك من الطبقة الوسطى أحد الأعلام. قال ابن عبد البر كان فقيها حسن الرأي، أخرج له أبو داود والنسائي أخذ عنه سحنون

(140 - 204) بعد الشافعي بثمانية عشر يوماً. ترجم له الكثير، منهم عياض في المدارك وابن فرحون في الديباج (ج1 ص 307)، (الخلاصة ص 45). الاصطخري: 258. الأقرب أنه أبو سعيد الحسن بن أحمد بن يزيد الاصطخري الفقيه الشافعي كان من نظراء أبي العباس ابن سريج له مصنفات حسنه في الفقه (244 - 328). ابن خلكان (ج 2 ص 74) طبقات الفقهاء لأبي اسحاق الشيرازي (ص 111). الأعرابي الذي بال في المسجد: 158. قال أبو موسى المديني في الصحابة من مرسل سليمان بن يسار أنه ذو الخويصرة بن حابس التميمي، وكان رجلاً جافياً، وهو الذي قال للنبى - صلى الله عليه وسلم -: اعدل، فقال له: ويحك ومن يعدل إذا لم أعدل، وهو الذي قال: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً. فقال له - صلى الله عليه وسلم -: لقد تحجرت واسعاً، ثم بال في المسجد فقال بعض الفضلاء: فهو القائل والسائل والبائل. تنوير الحوالك (ج 1 ص 64). أعشى باهلة: 274. عامر بن الحارث بن رياح الباهلي من همدان شاعر جاهلي أشهر قصائده التي مطلعها: قد جاء من عل أنباء أُنبؤها ... إليّ لا عجَب منها ولا سَخَر ومنها البيت المستشهد به في الفقرة المذكورة. الأعلام (ج 4 ص 16). الأعمش: 201، 313. سليمان بن مهران الكاهلي مولاهم أو محمد الكوفي الأعمش أحد الأعلام الحفاظ القراء، رأي أنساً، كان يسمى المصحف لصدقه (- 148). الخلاصة (ص155). الأموي: 327. لعله حسان بن محمد (- 270). أنس رضي الله عنه: 35، 106، 169، 170، 199، 281، 355. ابن مالك أبو ثمامة أو أبو حمزة أنس بن مالك النجاري الخزرجي الأنصاري صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخادمه عشر سنين مولده بالمدينة رحل إلى دمشق ثم إلى البصرة ومات بها وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة له ألف ومائتا حديث وثمانون حديثاً. روى عنه خلق لا يحصون (- 90) أو بعدها وقد جاوز المائة. الإصابة (ج 1 الخلاصة ص 40)، الأعلام (ج 1 ص 365). أبو أنس: 141. مالك ابن أبي عامر الأصبحي المدني أبو أنس عن عمر وعثمان وهو جد مالك بن أنس ووالد أبي سهيل عم مالك قيل توفي (- 94). الخلاصة (ص 367) وشرح النووي (ج 3 ص 114). ابن أبي أنيسة: 303. وهو زيد ابن أبي أنيسة الغنوي ابن أبي أسامة (- 125) أخرج له الستة.

الباء

الخلاصة (ص 127) وشرح النووي (ج 6 ص 64). الأوزاعي: 139، 181، 194. أبو عمرو عبد الرحمان الأوزاعي الشامي الإِمام العلم، روى عن خلق وروى عنه أمم كان كثير الحديث والعلم والفقه قال إسحاق إذا اجتمع الأوزاعي والثوري ومالك على أمر فهو سنة. والأوزاعي إمام الديار الشامية قال ابن خلكان لم يكن بالشام أعلم منه. الوفيات (ج 3 ص 127) الخلاصة (ص 232) الأعلام (ج 4 ص 94). أيوب: 215، 242. أبو بكر أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني، بفتح السين وكسرها، البصري الفقيه أحد الأئمة الأعلام. روى عن خلق منهم نافع وعنه خلق منهم مالك والحمادان والسفيانان وشعبة له نحو مائة حديث (- 131). الجمع (ج 1 ص 34) الخلاصة (ص 42). أبو أيوب: 155. خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة الأنصاري النجاري المدني شهد بدراً والعقبة وعليه نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين دخل المدينة. له مائة وخمسون حديثاً. مات بأرض الروم غازياً (- 52) ودفن إلى أصل حصن بالقسطنطينية. الإِصابة (ج 1 ص 403)، الخلاصة (ص 100) الأعلام (ج 2 ص 336). الباء البراء بن عازب: 261. أبو عمارة البراء بن عازب ابن الحارث الأوسي الأنصاري. نزل الكوفة. له ثلاثمائة حديث، وروى عنه خلق شهد أحداً والحديبية (- 71) أو (- 72). الخلاصة (ص 46). بُسْر بن سعيد: 141. المدني العابد عن سعد بن مالك، وزيد بن ثابت وأبى هريرة. (- 100) في خلافة عمر ابن العزيز. الخلاصة (ص 47). ابن بشار: 35. ويعرف ببندار وهو أبو بكر محمد بن بشار ابن عثمان أحد أوعية السنة، وعنه الستة وغيرهم قال الذهبي: انعقد الإِجماع على الاحتجاج له (- 252). الخلاصة (ص 328). بشير بن أبي مسعود: 256. هو ابن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري. أخرج له البخاري ومسلم وله رؤية قبل يوم الحرة، من التابعين. الخلاصة (ص 50). أبو بكر رضي الله عنه: 27، 194، 199، 204، 207. هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن كعب القرشي التيمي أبو بكر الصديق رضي الله عنه ابن أبي قحافة خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر وصحب النبيء - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة وحياته

التاء

أحفل حياة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تتسع لها المجلدات وقد استمر مع النبيء - صلى الله عليه وسلم - طول إقامته بمكة وهاجر معه إلى المدينة وشهد المشاهد كلها، له مائة واثنان وأربعون حديثاً (- 13). الإِصابة (ج 2 ص 341) الخلاصة (ص 206). القاضي أبو بكر الباقلاني: 67، 199، 267. محمد بن الطيب بن محمد أبو بكر من أئمة علم الكلام وإليه انتهت الرئاسة في مذهب الأشاعرة. له المجاز في القرآن و (دقائق علم الكلام) و (الانتصار) وكان سريع البديهة ترجمته من أوسع التراجم. الوفيات (ج 4 ص 269) تبين كذب المفتري (217) الأعلام (ج 7 ص 46). أبو بكر بن أبي شيبة: 185، 278، 356. أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الواسطي الكوفي الحافظ له المصنف في مجلدين ضخمين جمع فيه الأحاديث وفتاوى التابعين وأقوال الصحابة ورتبه على الترتيب الفقهي. الرسالة المستطرفة (- 235). بكر بن عبد الله المزني: 143، 185. أبو عبد الله بكر بن عبد الله بن عمرو المزني البصري أحد الأعلام. يروى عن المغيرة وابن عباس وابن عمر. له نحو خمسين حديثاً، روى عنه قتادة وغيره (- 106) أو (108). الخلاصة (ص 51). أبو بكر بن محمد: 290. ابن عمر بن حزم الأنصاري المدني، يروى عن خالته عمرة والسائب بن يزيد وعبد الله ابن عباس بن أبي ربيعة (- 120). الخلاصة (ص 445). أبو بكر النيسابوري: 369. لعله محمد بن عبد الله الجوزقي أبو بكر النيسابوري (- 388). له الصحيح المخرج على صحيح مسلم، والجامع بين الصحيحين البخاري ومسلم. معجم المؤلفين (ج 10 ص 240). ابن بكير: 184. يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي مولاهم أبو زكرياء المصري الحافظ احتج به البخاري ومسلم (- 231). الخلاصة (ص 425). بلال: 340. بلال بن رباح المؤذن مولى أبي بكر. شهد بدراً والمشاهد كلها وسكن دمشق، له أربعة وأربعون حديثاً، مات سنة عشرين (- 20). الخلاصة (ص 53). التاء تُبّع: 49، 365. جاء في القاموس مع شرحه التاج والتبابعة ملوك اليمن الواحد تبع كسكر سمواً بذلك لأنه يتبع بعضهم بعضاً كلما هلك واحد قام مقامه آخر تابعاً له ونقل صاحب التاج عن الليث مثل ما جاء هنا التبابعة في حمير كالأكاسرة في الفرس والقياصرة في الروم ولا

الثاء

يسمى تبعاً إلا إذا دانت له حمير وحضرموت. التاج (ج 5 ص 287). الثاء ثابت بن قيس: 19. الظاهر أنه ثابت بن قيس الذي يروي عنه أبو زرعة الذي اسمه هرم هو ثابت بن قيس النخعي أبو المنقع. جاء في الخلاصة يروي عن أبي موسى وعنه أبو زرعة البجلي. الخلاصة (ص 57). ذو الثُّديَّة: 196. ذو الثدية -كسُمَيَّة- لقب رجل اسمه ثُرْمُلَة، ولقب بذلك لأن يده كانت قصيرة مقدار الثدي، يدل على ذلك أنهم يقولون ذو اليدية، وذو الثدية الصحاح (ج 6 ص 2291). وذو الثدية لقب حرقوص بن زهير كبير الخوارج قتل بالنهروان. ترتيب القاموس (ج 1 ص 399). أبو ثور: 181 أبو ثور إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي البغدادي أبو ثور قال ابن عبد البر: له مذهب في اختلاف مالك والشافعي وهو أكثر ميلاً إلى الشافعي (- 240). الخلاصة (ص 17). الثوري: 141، 170. سفيان بن سعد بن مسروق الثوري من بني ثور بن عبد مناة أبو عبد الله أمير المؤمنين في الحديث كان علماً من الأعلام مجمعاً على إمامته، له الجامع الكبير والجامع الصغير في الحديث (- 161). الخلاصة (ص 145) الأعلام (ج 3 ص 158). الجيم جابر بن إسماعيل: 281. أبو عباد جابر بن إسماعيل الحضرمي المصري عن عقيل بن خالد، وعنه ابن وهب فقط أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة. الخلاصة (ص 59). جابر: 215. هو جابر بن زيد الأزدي أبو الشعثاء الجوفي البصري الفقيه أحد الأئمة الأعلام أخذ عن ابن عباس وابن عمر وغيرهما وأخد عنه الكثير منهم قتادة وعمرو بن دينار (- 93) وقال ابن سعد (- 103). الخلاصة (ص 59). جابر بن عبد الله: 323، 324، 332. أبو عبد الرحمان أو أبو عبد الله جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام السَّلَمِي الأنصاري المدني شهد بدراً، وسمع النبيء - صلى الله عليه وسلم - وروى عن أبي سعيد الخدري عند البخاري ومسلم وروى عن عمر بن الخطاب وأبي هريرة وغيرهما عند مسلم. (- 78) أو (- 79) عن أربع وتسعين سنة، وكان آخر من مات بالمدينة من أصحاب النبيء - صلى الله عليه وسلم -. الجمع (ج 1 ص 73) وفي الخلاصة

صحابي مشهور له ألف وخمسمائة حديث وأربعون (ص 59). جابر: 6. هو جابر بن يزيد الجعفي الذي يؤمن بالرجعة. انظر مسلماً بشرح النووي (ج 1 ص 101). جبريل: 91، 256، 280. أحد رؤساء الملائكة الأربعة وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل، وقد اتفقوا على أن جبريل وميكائيل أفضل جميع الملائكة والصحيح أن جبريل أفضل من ميكائيل. تحفة المريد على جوهرة التوحيد ص 92. وفيه أربع عشرة لغة ذكرها في القاموس في مادة جبر. جبير بن نفير: 142، 277. أبو عبد الرحمان جبر بن نفير مصغراً، الحضرمي الشامي، مخضرم عن جماعة من الصحابة، وعنه طائفة منهم ابنه عبد الرحمان (- 75). الخلاصة (ص 61). ابن جربج: 23، 209، 303، 330، 369. أبو الوليد وأبو خالد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي مولاهم المكى الفقيه أحد الأعلام. أخرج له الستة. روى عن خلق وروى عنه الكثير مات سنة (150). الخلاصة (ص 244). جرير: 19. هكذا جاء في مسلم جرير دون ذكر لأبيه والأقرب أنه جرير بن عبد الحميد لأنه يروي عن عمارة بن القعقاع وهاهنا حديث سلوني يرويه عن عمارة وعمارة بن القعقاع يروي عن أبي زرعة وهو أبو عبد الله جرير بن عبد الحميد بن جرير الرازي أصله من الكوفة وسمع الكثير ومنهم عمارة بن القعقاع توفي سنة (187) بالري وفي الخلاصة (- 188) والجمع بين كتابي أبي نصر الكلاباذي وأبي بكر الأصبهاني لابن القيسراني (ج 1 ص 72). الخلاصة (ص 61). الجُرَيْري: 251. الظاهر أنه سعيد بن إياس الجُريري بضم الجيم البصري أبو مسعود أخرج له الستة وممن روى عنه خالد بن عبد الله وجاء في المعلم هنا عن خالد عن الحريري، وهذا مما يرجح منا ذهبنا إليه لا أنه عباس بن فروخ. ترجم له ابن القيسراني (ج 1 ص 163)، الخلاصة (ص 136). جعفر: 184. جعفر بن ربيعة بن شرحبيل الكندي الحسني أبو شرحبيل المصري، وثقه أحمد وأبو زرعة (- 135) أو (- 136). الجمع (ج 1 ص 69) الخلاصة، (ص 62). أبو الجهم: 184. أبو الجهم بن الحارث بن الصمة الأنصاري صوابه أبو جهيم -مصغراً- ابن الحارث ابن الصمة الأنصاري الخزرجي أخرج له الستة.

الحاء

الخلاصة (ص 447). أبو جهم: 239. عامر بن حذيفة بن غانم القرشي العدوي المدني الصحابي، وهو غير أبي جهيم بالتصغير. الجوني: 105. الذي جاء في ج: من الجوني، هو تحريف عن الحربي الذي جاء في بقية النسخ، وانظره في حرف الحاء. الحاء الحارث العكلي: 19. هو أبو يزيد الحارث بن يزيد العكلي الكوفي عن أبي زرعة وثقه ابن معين أخرج له البخاري ومسلم وغيرهما. الخلاصة (69). الحارث بن فضيل: 42. أبو عبد الله الحارث بن فضيل الحطمي المدني. أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وثقه ابن معين. الخلاصة (ص 68). حجاج بن محمد: 209، 269. هو الحافظ الأعور حجاج بن محمد مولى سليمان بن مجالد مولى المنصور العباسي الترمذي ثم المصيصي، ثم البغدادي. يروي عن ابن جريح وعنه خلق منهم أحمد، وابن معين وثقه ابن المديني. الخلاصة (ص 73). ابن حُجْر: 71. هكذا جاء في هذه الفقرة وهو أبو الحسن علي بن حُجْر -بضم أوله- ابن ايّاس السعدي المروزي الحافظ من شيوخ مسلم والبخاري (- 244). الخلاصة (ص 272). حذيفة بن اليمان: 78، 152. أبو عبد الله حذيفة بن اليمان العبسي الكوفي الصحابي الجليل من السابقين أعلمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما كان وما يكون، فتح الدينور وغيرها (- 36). الخلاصة (ص 74). الحربي: 105. إبراهيم بن إسحاق بن بشير بن عبد الله الحربي كان إماماً في العلم ورأساً في الزهد صنف كتباً كثيرة منها غريب الحديث (- 285). البغية (ج 1 ص 408) الأعلام (ج 1 ص 24). الحسن البصري: 23، 251. هو الحسن بن أبي الحسن بن يسار تابعي كان إمام البصرة أبو سعيد. كان أحد العلماء الزهاد الشجعان وهو أحد أئمة الهدى والسنة وكان فصيحاً روى عن الكثير صحابة وغيرهم وشاع علمه وذكره (- 110). تهذيب التهذيب (ج 2 ص 263) والخلاصة. (ص 77). حسن بن الحكم: 7. أبو الحسن الحسن بن الحكم النخعي الكوفي وثقه ابن معين. الخلاصة (ص 77). الحسن بن عبيد الله:19.

أبو عروة الحسن بن عبيد الله بن عروة النخعي الكوفي وثقه ابن معين (- 139). الخلاصة (ص 79). الحسن بن علي: 303. أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب سبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وريحانته. روى عن جده وأبيه وخاله وعنه ابنه وغيره (- 49) أو (- 50) وله مناقب في الصحيحين وغيرهما. تهذيب التهذيب (ج 2 ص 295). الحسن بن محمد بن الحنفية: 229. هو الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني ابن الحنفية أبو محمد. أخرج له الستة روى عن أبيه وابن عباس وسلمة بن الأكوع وعنه عمرو بن دينار والزهري وغيرهما (- 95). الجمع (ج 1 ص 81)، الخلاصة (ص 81). الحسن بن مسلم: 340. الحسن بن مسلم بن يناق المكي أخرج له الستة وثقه ابن معين والنسائي. الخلاصة (ص 81). الحسين بن علي: 303. أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب المدني سبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وريحانته وأخو الحسن ومحسن. روى عن جده ثمانية أحاديث وعن أبيه وأمه وعمر، وعنه ابنه علي وابن ابنه زيد، وبنتاه سكينة وفاطمة. وأخرج له الستة (4 - 61هـ) يوم عاشوراء عن أربع وخمسين سنة. الخلاصة (ص 83). حفص بن عاصم: 5. هو حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي المدني. روى عن أبيه وأبي هريرة وعنه بنوه عمر ورباح وعيسى قال هبة الله الطبري: هو ثقة مجمع عليه. الخلاصة (ص 87). حكيم بن جببر: 7. الأسدي أو الثقفي مولاهم يروي عن جماعة، وروى عنه السفيانان وغيرهما وضعفه النسائي. الخلاصة (ص 90). حماد: 215. هو حماد بن زيد بن درهم الأزدي أبو إسماعيل البصري الحافظ أحد الأعلام وعنه الثوري وأبو الربيع الزهراني وخلق (- 197). الخلاصة (ص 92) وشرح النووي (ج 4 ص 183). حمزة بن المغيرة: 143. حمزة بن المغيرة بن شعبة الثقفي العجلي أخرج له مسلم والنسائي وابن ماجه. الخلاصة (ص 93). حميد الطويل: 143، 185. هو حميد بن أبي حميد مولى طلحة الطلحات أبو عبيدة. روى عنه مالك وغيره (- 142) الخلاصة (ص 94). الحميدي: 6، 83. هو عبد الله بن الزبير بن عيسى الأسدي الحميدي المكي أحد الأئمة صحب ابن عيينة والشافعي، وعنه البخاري وأحمد بن

الخاء

الأزهر وغيرهما (- 219). الخلاصة (ص 197). حنظلة: 21. الظاهر أنه حنظلة بن أبي سفيان الأموي المكي. عن طاوس وسالم والقاسم وغيرهم وعنه الثوري والقطان ووكيع. أخرج له الستة (- 151). الخلاصة (ص 96). أبو حنيفة الإمام: 48، 139، 151، 163، 181، 197، 219، 220، 247، 261، 270، 271، 288، 294، 306، 311، 323، 324، 332، 334، 341، 344، 358، 370. النعمان بن ثابت أبو حنيفة إمام العراق وفقيه الأمة، أحد الأئمة الأربعة وكان قوي الحجة. له المسند في الحديث. وترجم له الخطيب في تاريخ بغداد الوفيات ج 5 ص 405 الانتقاء لابن عبد البر (ص 192)، وخصه أبو زهرة بتأليف. الحنيني: 303. هو يحيى بن سعيد بن حيان أبو حيان الكوفي المدني، وثقه العجلي (- 145). الخلاصة (ص 423). أبو حيان التيمي: 19. يحيى بن سعيد بن حيان التيمي تيم الرباب الكوفي المدني. ساق شيوخه والرواة عنه في الجمع وأخرج له الستة (- 145). الجمع (ج 2 ص 561) الخلاصة (ص 423). الخاء خاقان: 365. علم واسم لكل ملك خقّنه الترك على أنفسهم أي ملكوه ورأسوه، قال الأزهري ليس من العربية في شيء. ترتيب القاموس (ج 2 ص 87). خالد: 251. هو خالد بن عبد الله بن عبد الرحمان المزني مولاهم أبو الهيثم أو أبو محمد الواسطي، قال أحمد: كان ثقة دينا (- 179)، وقيل في غيرها. الخلاصة (ص 101). أبو خالد: 62. سليمان بن حيان الأزدي أبو خالد الأحمر، وثقة ابن معين وابن المدينى (- 189). الجمع (ج 1 ص 181) الخلاصة (ص 151). خبّاب: 359. هو سيدنا خباب بن الأرت التيمي حليف بني زهرة أبو عبد الله له اثنان وثلاثون حديثاً. شهد بدراً. وكان أحد من عذب في الله تعالى (- 37) أو (- 39). الجمع (ج 1 ص 124) الخلاصة (ص 104). خزيمة: 168. خزيمة بن ثابت بن الفاكه الأنصاري الخطمي ذو الشهادتين شهد بدراً وأُحُدا. له ثمانية وثلاثون حديثاً. قتل مع علي في صفِّين سنة (37).

الدال

الجمع (ج 1 ص 128) الخلاصة (ص 104). الدال داود عليه السلام: 49. داود بن علي: 152، 181، 266، 267، 329. أبو سليمان داود بن علي بن خلف الأصفهاني الملقب بالظاهري أحد الأئمة المجتهدين، وكان صاحب مذهب مستقل (- 270). الوفيات (ج 2 ص 255)، الأعلام (ج 3 ص 8). الدجال: 104، 105. أو المسيح الدجال والدجال مبالغة من الدجل وهو الكذب، والروايات دالة على أنه يخرج بعد ظهور المهدي بسبع سنين وأول أشراط الساعة ظهور المهدي ثم خروج الدجال، ثم نزول عيسى عليه السلام وقتله الدجال. دستور العلماء (ج 2 ص 99). ابن الدخشم: 33. تعرض النووي لضبط دخشم وهو مالك بن دخشم من الأنصار شهد بدراً وغيرها ولا يصح عنه النفاق. شرح النووي (ج 1 ص 243). أبو الدرداء: 289، 318. عويمر بن زيد الأنصاري الحزرجي له مائة وتسعة وسبعون حديثاً. أسلم يوم بدر وشهد أحدا وألحقه عمر بالبدريين، ولّي قضاء دمشق (- 32). الجمع (ج 1 ص 404) الخلاصة (ص 298). الذال ابن أبي ذئب: 8. أبو الحارث محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة ابن الحارث بن أبي ذئب القرشي العامري المدني أحد الأئمة الأعلام. وعنه الثوري ويحيى القطان وأبو نعيم (- 159). الجمع (ج 2 ص 444) الخلاصة (ص 248). أبو ذئيب الهذلي: 49. خوليد بن خالد بن محرث الهذلي من فحول الشعراء من المخضرمين. قيل أنه مات بإفريقية (- 27). الشعر والشعراء (ج 2 ص 635). أبو ذر: 108. جندب بن جنادة أحد النجباء له مائتا حديث، وأحد وثمانون حديثاً، وعنه ابن عباس وأنس والأحنف وغيرهم وروى مرفوعاً: "ما أظلت الخضراء وما أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر" (- 32). الجمع (ج 1 ص 75) الخلاصة (ص 449). الراء أبو رافع: 185. نُفيع مولى ابنة عمر بن الخطاب الصائغ المدني. عن أبي بكر وعمر وغيرهما. وثقه العجلي. الجمع (ج 2 ص 533). الخلاصة (ص 404).

الزاي

ربيعة: 142، 275. هو ربيعة الرأي، ربيعة بن أبي عبد الرحمان فروخ التيمي أبو عثمان المعروف بربيعة الراي، أخرج له الستة (- 136). الجمع (ج 1 ص 135) الخلاصة (ص 116). أبو ربيع الزهراني: 215. هو سليمان بن داود أبو الربيع العتكي الزهراني نزيل بغداد، وعنه البخاربي ومسلم وأبو داود، وثقه ابن معين (- 234). الخلاصة (ص 151). ربيعة بن يزيد الأيادي: 142. أبو شعيب القصير الدمشقي أحد الأعلام أخرج له الستة (- 123). الخلاصة (ص 116). الزاي الزبيدي: 179. محمد بن الوليد بن الهذيل القاضي الحمصي أحد الأعلام. عن مكحول والزهري ونافع، وعنه الأوزاعي وغيره (- 148). الخلاصة (ص362). أبو الزبير المكي: 282. محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم أبو الزبير المكي ثقة يدلس (- 128). الجمع (ج2 ص 449) الخلاصة (358). أبو زرعة: 19، 252. أبو زرعة عمر بن جرير البجلي الكوفي اسمه هرم أو غير ذلك. عن جده وأبي هريرة وكان من علماء التابعين، وثقه ابن معين أخرج له الستة الجمع (ج 2 ص 555) الخلاصة (ص 450). زكرياء عليه السلام: 105. أبو يحيى زكرياء عليهما السلام من ذرية إبراهيم عليه السلام ومن أنبياء بني إسرائيل. قاموس الألفاظ والأعلام القرآنية (ص 159). أبو زكرياء الأشعري: 194. عن ابن ماهان. زكرياء: 143. أبو يحيى زكرياء بن أبي زائدة الوادعي. يروي عن عامر الشعبي وسماك وأبي إسحاق وغيرهم، وعنه شعبة، وثقه أحمد (- 148). الجمع (ج 1 ص 157) الخلاصة (ص 122). الزهري: 8، 46، 83، 179، 181، 182، 193، 203، 281، 303. محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب القرشي الزهري أبو بكر المدني. أحد الأعلام الأئمة وعالم الحجاز والشام. روى عن جماعة من الصحابة، وعنه مالك وخلق (- 124). الجمع (ج 2 ص 449) الخلاصة (ص 359). زهير بن حرب: 19، 250. أبو خيثمة زهير بن حرب بد شداد الحَرَشي مولاهم الحافظ. روى عن خلق وعنه الكثير منهم البخاري ومسلم (- 234).

السين

الجمع (ج 1 ص 153) الخلاصة (ص 123). زيد بن ثابت: 261. هو زيد بن ثابت بن الضحاك النجاري المدني كاتب الوحي وأحد نجباء الأنصار شهد بيعة الرضوان وقرأ على النبي - صلى الله عليه وسلم - وجمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق. له اثنان وتسعون حديثاً (- 45) أو (51). الجمع (ج 1 ص 142) الخلاصة (ص 127). زيد بن خالد الجهني: 46. المدني. له أحد وثمانون حديثاً. وأخرج له الستة وعنه جماعة منهم ابن المسيب (- 78). الجمع (ج 1 ص 142) الخلاصة (ص 128). السين سالم بن عبد الله: 192. أبو سليمان سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي المدني الفقيه أحد السبعة عن أبيه وأبي هريرة ورافع بن خديج وعائشة، قال ابن إسحاق: أصح الأسانيد الزهري عن سالم عن أبيه (- 106). الجمع (ج 1 ص 188) الخلاصة (ص 131). سَحنون: 294. عبد السلام بن سعيد بن حبيب التنوخي القيرواني الإِمام الفقيه القاضي العدل مؤلف المدونة في المذهب المالكي وناشر علم مالك بعد ابن زياد (160 - 240). وخصه بالتأليف في ترجمته أبو العرب التميمي. المدارك (ج 4 من ص 45 إلى 88) الوفيات (ج 3 ص 180) وخصه من المتأخرين بتأليف سعدي بن أبي جيب الدمشقي ابن سحنون: 275. أبو عبد الله بن محمد عبد عبد السلام (سحنون) من فقهاء المذهب المالكي ومن علماء القيروان. كثير التصانيف منها الجامع في فنون العلم والفقه (202 - 256). المدارك (ج 4 من ص 204 إلى 221) الوافي بالوفيات (ج 3 ص 86). السرّاج: 303. أبو العباس محمد بن إسحاق السراج -بتشديد الراء- النيسابوري محدث خراسان ومسندها الحافظ الثقة له مسند مرتب على الأبواب (- 313). طبقات الحفاظ ط 1 (ج 2 ص 168). الرسالة المستطرفة (ص 75). سعد بن طارق: 79. أبو مالك سعد بن طارق الأشجعي الكوفي عن أبيه وأنس، وعنه الثوري وشعبة في حدود (- 140). الخلاصة (ص 134). سعد بن عبادة: 351، 352. سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة الخزرجي سيدهم وصاحب راية الأنصار في المشاهد كلها، وهو من نقباء العقبة مات بحوران سنة (- 15). الإِصابة (ج 2 ص 33) الخلاصة (ص 134).

سعد والد عامر: 83، 294. هو سعد بن أبي وقاص مالك بن أهيب وهو أحد العشرة وآخرهم موتاً توفي سنة (- 55). وهو فاتح فارس ومكوّف الكوفة أخرج له الستة. الجمع (ج 1 ص 157) خلاصة الخلاصة (ص 135). سعيد: 106، 169. هكذا، جاء هنا مطلقا وهو سعيد بن أبي عروبة اليشكري أبو النضر البصري الحافظ وهو من أثبت الناس في قتادة (- 156). الجمع (ج 1 ص 169) الخلاصة (ص 141). أبو سعيد الخدري:23، 188. سعد بن مالك بن سنان الخدري بايع تحت الشجرة وشهد ما بعد أُحُد وكان من علماء الصحابة. له ألف ومائة حديث وسبعون حديثاً (- 74). الجمع (ج 1 ص 158) الخلاصة (ص 135). سعيد بن أبي سعيد المقبري:71. أبو سعيد سعيد بن أبي سعيد المقبري هو أثبت الناس في الليث. الخلاصة (ص 139). أبو سعيد الضرير: 114، 263. أحمد بن خالد أبو سعيد الضرير البغدادي اللغوي، وصنّف الرد على أبي عبيد في غريب الحديث والغريب المصنف استقدمه طاهر بن عبد الله إلى خراسان. بغية الوعاة (ج 1 ص 305). أبو سعيد: 251. سماه البخاري في التاريخ الكبير عبد ربه هو أبو سعيد الشامي وقد نقل الخلاف في تعيينه المازري في المعلم. سعيد بن عبد الرحمان: 83. هكذا جاء هنا والظاهر أنه سعيد بن عبد الرحمان بن حسان المخزومي. يروي عن هشام ابن سليمان وحسين بن زيد وسفيان بن عيينة، وهو ثقه فيه. (- 249). تهذيب التهذيب (ج 4 ص 55) سعيد بن عبيد:356. سعيد بن عبيد الطائي أبو الهذيل الكوفي. عن بُشير بن يسار. وعنه وكيع وثقه أحمد والنسائي. الجمع (ج 1 ص 173) الخلاصة (ص 141). سفيان: 141. جاء هنا سفيان مطلقاً وجاء في كلام المازري ما يفيد أنه سفيان الثوري، وهو أبو عبد الله سفيان ابن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي روى عمّن لا يحصون وكذلك من روى عنه كان إماماً من أئمة المسلمين (97 - 161) وفي الخلاصة مولده (77). تهذيب التهذيب (ج 4 ص 111). الخلاصة (ص 145). سفيان بن عيينة: 6، 83، 171، 250، 261، 308. ابن أبي عمران ميمون الهلالي أبو محمد الكوفي. سكن مكة وروى عن خلق وكذلك من رووا عنه، وهو ومالك من أثبت أصحاب

الزهري (- 198) الجمع (ج 1 ص 195) تهذيب التهذيب (ج 4 ص 117). سفيان ابن موسى: 242. بصري. عن أيوب وعنه الصلت بن مسعود، وثقه ابن حبان، وقال ابو حاتم: مجهول كما في التهذيب. الجمع (ج 1 ص 196)، الخلاصة (ص 146). سلمان الفارسي: 155. هو سلمان الخير أبو عبد الله ابن الإسلام أصله من أصبهان أسلم عند قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وأول مشاهده الخندق روى عن جماعة من الصحابة وغيرهم وهو من المعمرين مات بالمدائن في خلافة عثمان رضي الله عنه. وصدر الحافظ بأن وفاته سنة (- 36) له ستون حديثاً. تهذيب التهذيب (ج 4 ص 137)، الخلاصة (ص 147). سلمان والد عبد الله: 85. أبو عبد الله الأغرّ الجهني المدني عن أبي هريرة وأبي الدرداء وعنه الزهري وبنوه عبد الله، وعبيد الله، وعبد ربه. تهذيب التهذيب (ج 4 ص 139)، الخلاصة (ص 147). سلمة بن شبيب: 6. النيسابوري أبو عبد الله الحافظ نزيل مكة روى عنه مسلم وأصحاب السنن الأربعة (- 247). التهذيب (ج 4 ص 147)، الخلاصة (ص 148). أبو سلمة: 8، 209. هو أبو سلمة بن عبد الرحمان كما أفاده النووي في شرحه، وابن عوف الزهري المدني. روى عن أبيه أي عبد الرحمان بن عوف وأسامة بن زيد وعنه جمع واسمه وكنيته واحد (- 94). شرح النووي (ج 1 ص 135)، الخلاصة (ص 451). سليك الغطفاني: 326. هو سليك بن عمرو أو ابن هدية الغطفاني وقع ذكره في الصحيح أنه دخل يوم الجمعة والنبي يخطب فقال: أصليت؟ ... الإِصابة (ج2 ص 72). سليمان بن بلال: 71، 85. أبو محمد سليمان بن بلال التيمي البربري مولاهم المدني أحد العلماء. أخرج له الستة (- 172) أو (- 177). الجمع (ج 1 ص 180) الخلاصة (ص 150). سليمان بن داود عليه السلام: 234. سليمان ملك بني إسرائيل بعد أبيه داود وقد ظهرت مواهبه منذ الصغر، ولما كبر أتاه الله النبوة وقد علمه منطق الطير وسخر له الريح. قاموس ألفاظ الأعلام القرآنية (183). سهيل بن دعد: 368. هو ابن البيضاء، وأبوه وهب بن ربيعة القرشي الفهري، وكان سهيل قديم الإسلام توفي (- 9) وأخوه هو سهل.

الشين

انظر ش النووي (ج 7 ص 39)، الإِصابة (ج 2 ص 85). سهيل بن أبي صالح: 255. هو سهيل بن أبي صالح ذكوان أبو يزيد المدني. أخرج له مسلم والبخاري في التاريخ وبقية الستة. مات في خلافة المنصور. الخلاصة (ص 158). ابن سيرين: 241. أبو بكر محمد بن سيرين الأنصاري مولاهم البصري إمام وقته عن مولاه أنس، وزيد بن ثابت وعمران بن حصين وأبي هريرة وعائشة وطائفة من كبار التابعين، وروى عنه العديد كان كثير العلم فقيها أخرج له الستة (- 110). الجمع (ج 2 ص 439)، تهذيب التهذيب (ج 9 ص 214)، الخلاصة (ص 340). الشين الشاعر: 171، 182، 189، 191. الشافعي: 154، 158، 163، 171، 181، 182، 190، 199، 219، 220، 225، 261، 275، 287، 294، 308، 319، 323، 324، 326، 334، 341، 358، 360، 361، 368، 370. أبو عبد الله محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع المطلبي الشافعي الإِمام العالم أخذ عن مالك وإبراهيم بن سعد وابن عيينة وخلق، وعنه أبو بكر الحميدي وأحمد بن حنبل والبويطي وكان يحفظ الموطأ للإِمام مالك (- 204) ورتب شيوخه في توالي التأسيس). توالي التأسيس بمعالي ابن إدريس. وهو تأليف الحافظ ابن حجر في حياة الإِمام الشافعي ومناقبه. الخلاصة (ص 326). شرحبيل بن السمط: 278. أبو السمط شرحبيل السمط بن الأسود الكندي الشامي له وفادة ثم شهد القادسية، وولي فتح حمص (- 36 هـ) وقيل غيرها. الإِصابة (ج 2 ص 143)، الخلاصة (ص 164). ابن شعبان: 231. هو أبو إسحاق محمد بن القاسم بن شعبان من ذرية عمار بن ياسر صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان رأس فقهاء المالكية بمصر في وقته وأحفظهم لمذهب مالك وهو صاحب كتاب الزاهي الشعباني المشهور في الفقه المالكي (- 355). الديباج (ج 2 ص 194). شعبة الذي سأل الأصمعي: 335. من القريب أن يكون شعبة بن الحجاج هو الذي سأل الأصمعي عن قوله في الحديث (مئنة) لأن شعبة توفي سنة (160) والأصمعى سنة (210) وهو قد عاش ثماني وثمانين سنة ثم إن الأصمعى اتصل بشعبة ووصفه بأنه من أعلم الناس بالشعر وأيضاً لا يبعد أن يكون آخر. شعبة عن حبيب بن عبد الرحمان: 5، 35.

الصاد

هو أبو بسطام شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم الحافظ. أحد أئمة الإِسلام الواسطي نزيل البصرة روى عن جماعة كما روى عنه الكثير. له نحو ألفي حديث وقال ابن معين هو إمام المتقين. (80 - 160) أو (83 - 160). الجمع (ج 1 ص 218) التهذيب (ج 4 ص 338) الخلاصة (ص 166). الشعبي: 143. هو عامر بن شراحيل الحميري الشعبي أبو عمرو الكوفي الإِمام العلم. روى عنه الستة وروى عن أبي هريره وعائشة وحرير وابن عباس وخلق. قال: أدركت خمسمائة من الصحابة لأنه ولد في خلافة عمر بن الخطاب (- 103). الجمع (ج 1 ص 377). الصاد صالح بن أبي حسان: 8. المدني عن ابن المسيب وأبي سلمة. أخرج له الترمذي والنسائي قال البخاري: ثقة، وقال النسائي: مجهول. الخلاصة (ص 170) صالح بن خوات: 323. ابن جبير بن النعمان المدني الأنصاري. أخرج له الستة وله عندهما حديث صلاة الخوف الذي أخذ به مالك. الجمع (ج 1 ص 220)، الخلاصة (ص 170). صالح بن كيسان: 8، 46، 303. أبو محمد أو أبو الحارث الغفاري مولاهم مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز. كان تابعياً روى عن الكثير وروى عنه مالك وغيره (- 146). الجمع (ج 1 ص 220)، الخلاصة (ص 171). صفوان بن سليم: 84. أبو عبد الله أو أبو الحارث صفوان بن سليم الزهري مولاهم المدني عن ابن عمر وخلق، وكذلك روى عنه الكثير منهم مالك بن أنس. الجمع (ج 1 ص 223)، الخلاصة (ص 174). الصلت بن مسعود: 242. أبو بكر الصلت بن مسعود بن طريف الجَحْدَري قاضي سُرَّ من رأى. روى عن حماد بن زيد ومسلم بن خالد الزنجي وروى عنه مسلم فرد حديث (- 239). الجمع (ج 1 ص 226)، الخلاصة (ص 175). الضاد الضحاك بن عثمان: 289. ابن عبد الله الأسدي الخزامي أبو عثمان المدني. روى عن الكثير منهم نافع. توفي بالمدينة (- 153). الجمع (ج 1 ص 229)، الخلاصة (ص 176).

الطاء

الطاء أبو الطاهر: 281. أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح الأموي مولاهم أبو الطاهر المصري الفقيه. أخذ عن خلق منهم الشافعي، وعنه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة (- 250). الجمع (ج 1 ص 14)، الخلاصة (ص 10) طرفة بن العبد: 99، 123، 353. ابن سفيان قال ابن قتيبة: هو أجودهم طويلة أبو عمرو نحو (- 60) قبل الهجرة وهو أحد رجال المعلقات. الشعر والشعراء (ج 1 ص 137)، الأعلام (ج 3 ص 324). طاوس: 21، 340. ابن كيسان الخولاني الهمداني اليماني من أبناء الفرس أبو عبد الرحمان سمع ابن عباس وابن عمر وأبا هريرة وعائشة، وعنه الزهري وغير واحد، مات بمكة (- 107) أخرج له الستة. الجمع (ج 1 ص 235)، الخلاصة (ص 181). القاضي ابن الطيب: انظر أبا بكر الباقلاني. العين عامر بن سعد: 83. هو عامر بن سعد بن أبي وقاص الزهري المدني أخرج له الستة (- 104). الجمع (ج 1 ص 376)، خلاصة الكمال (ص 164). عامر الشعبي: انظر الشعبي. ابن عباس: 22، 26، 76، 105، 170، 181، 230، 231، 250، 261، 279، 280، 288، 294، 297، 232، 340، 361. أبو العباس عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي المكّي سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن جماعة من الصحابة، وروى عنه الكثير مات بالطائف (- 68). الجمع (ج 1 ص 239)، الخلاصة (ص 202). عباس بن عبد المطلب: 203، 360. ابن هاشم الهاشمي أبو الفضل عم النبي - صلى الله عليه وسلم - أظهر إسلامه يوم الفتح. له خمسة وثلاثون حديثاً (- 32). الجمع (ج 1 ص 360)،الخلاصة (ص 189). عباس بن الوليد: 169. هو عباس بن الوليد بن نصر النرسي أبو الفضل البصري -وثقه ابن حبان (- 238). الجمع (ج 1 ص 361)، الخلاصة (ص 190). عبد الأعلى: 7. هو ابن عامر كما أفاده النووي الثعلبي الكوفي قال أحمد: ضعيف. النووي (ج 1 ص 123) الخلاصة (ص 220).

عبد بن حميد:340. ابن نصر الكثي أبو محمد الحافظ صاحب المسند والتفسير (- 249). الجمع (ج1 ص 337)، الخلاصة (ص 248). عبد الرحمان بن مهدي: 5. هو أبو سعيد عبد الرحمان بن مهدي بن حسان الأزدي مولاهم اللؤلؤي الحافظ الإِمام العلم. روى عن خلق منهم مالك، وعنه الكثير (- 198) بالبصرة. الجمع (ج 1 ص 288)، الخلاصة (ص 235). عبد الرحمان بن يزيد: 313. لعله عبد الرحمان بن يزيد النخعي أبو بكر الكوفي ثم تحرر عندي أنه عبد الرحمان المذكور لأنه ممن يروى عنهم عمه علقمة، وهو الثابت في مسلم وقد توفي سنة (- 83) في الجماجم لا ما جاء في الخلاصة (237) من أنه مات في الجماجم سنة (33) لأن موقعة دير الجماجم سنة (83) كما في تاريخ الطبري. (ج 6 ص 357) وهو ما في الجمع ... الجمع (ج 1 ص 289)، الخلاصة (ص 236). عبد الرحمان بن يسار: انظر عبد الله بن يسار. عبد العزيز بن محمد: 85. أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن عبيد الجهني أو القضاعي مولاهم المدني الدراوردي أحد الأعلاء (- 189) وقد قرنه البخاري بآخر. الجمع (ج 1 ص 312)، الخلاصة (ص 241). عبد الله بن أبي بكر: 179. ابن عبد الرحمان بن الحارث بن هشام المدني له فرد حديث في (س ق). الخلاصة (ص 192). عبد الله رجل من قريش: 369. هو عبد الله بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي، مات سنة بضع وعشرين ومائة. له حديث واحد عند مسلم والنسائي مختلف في إسناده وهو هذا الحديث في هذه الفقرة. التهذيب (ج5 ص 366) الخلاصة (ص 210). عبد الله بن أبي السّفر: 143. وأبو السفر هو سعيد بن محمد الهمذاني الثوري الكوفي وثقه أحمد وابن معين، مات في إمارة مروان بن محمد. الخلاصة (ص 199). عبد الله بن سلمان: 85. عبد الله بن سلمان أخو عبيد الله الأغر المدني. يروي عبد الله عن أبيه في ثقات البستي. الجمع (ج 1 ص 273) السبتي، الخلاصة (ص 200). عبد الله بن أبي بن سلول: 360. وهو الذي انخذل بالناس يوم أحد كما في كتب السيرة، وقد نزل فيه قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ...} الآية

(80) من التوبة، انظر التسهيل لابن حزي (ج2 ص 81). عبد الله بن عمر: 9، 14، 21، 155، 166، 170، 194، 211، 242، 276، 278، 323،283، 332، 355. أبو عبد الرحمان عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي المكي. هاجر مع أبيه وشهد الخندق وكان مولده قبل الوحي بسنة سمع النيء - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر وزيد بن ثابت وغير واحد من الصحابة. روى عنه غير واحد من التابعين وله من الأحاديث (1630) (- 74) عن أربع وثمانين سنة. الجمع (ج 1 ص 238)، الخلاصة (ص 207). عبد الله بن عمرو: 209. وهو عبد الله بن عمرو بن عبيد القاري (بالتشديد) قال في الجمع: عبد الله بن عمرو يعد في أهل الحجاز، وقال بعضهم: ابن العاص ولا يصح. سمع عبد الله بن السائب في الصلاة. روى عنه أبو سلمة بن سفيان. الجمع (ج 1 ص 276)، الخلاصة (ص 208). عبد الله بن عمرو بن العاص: 209. أبو محمد عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي له سبعمائة حديث. توفي سنة (- 65) أسلم قبل أبيه وكان يسكن مكة، ثم خرج إلى الشام وانتقل إلى مصر. الجمع (ج 1 ص 239)، الخلاصة (ص 208). عبد الله بن قيس: 167. جاء هنا عبد الله بن قيس في جميع النسخ المعلم، والذي في صحيح مسلم عبد الله بن أبي قيس، وهو الذي في تراجم الرواة وهو مولى عطية بن عازب الشامي، أبو الأسود سمع عائشة. الجمع (ج 1 ص 277)، الخلاصة (ص 210). عبد الله بن مسعود:189، 210، 229، 231، 247، 311، 318. أبو عبد الرحمان عبد الله بن مسعود بن غافل ابن حبيب الهذلي الكوفي أحد السابقين الأولين شهد بدراً والمشاهد. له من الأحاديث (848)، (- 32). الجمع (ج 1 ص 238)، الخلاصة (ص 214). عبد الله بن أبي مليكة:369. قال الدارقطني: أخطأ يوسف بن سعيد المصيصي فيه بل هو عبد الله بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي. المعلم (والإكمال). وانظر في عبد الله بن كثير ما تقدم عبد الله وهو رجل من قريش. عبد الله بن نمير:143. هو أبو هشام عبد الله بن نمير الهمداني الخارفي الكوفي. أخرج له الستة وثقه ابن معين (- 199). الجمع (ج 1 ص 260)، الخلاصة (ص 217). عبد الله بن يسار: 184 مولى ميمونة أم المؤمنين زوجته - صلى الله عليه وسلم - وهو

أحد أخوة أربعة كما أفاد ابن القيسراني في الجمع حيث ذكر في ترجمة عطاء الأخوة الأربعة وهم عبد الله هذا وعطاء وسليمان وعبد الملك. وهذا ما جاء في تهذيب التهذيب، وفي شرح النووي إسقاط سليمان، وتعويضه بعبد الرحمان في ترجمة عطاء. الجمع (ج 1 ص 385)، التهذيب (ج 7 ص 217). عبد الملك: 179. عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمان بن الحارث مات في خلافة هشام، أخذ عن خارجة بن زيد وعنه الزهري وغيره. الخلاصة (ص 243). عبد الواحد: 252. أبو بشر عبد الواحد بن زياد العبدي مولاهم البصري أحد الأعلام، وهو صاحب كتاب. أخرج له الستة. (- 176). الجمع (ج 1 ص 319)، الخلاصة (ص 247). القاضي عبد الوهاب: 247. أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر الثعلبي البغدادي المعروف بالقاضي عبد الوهاب من جلّة علماء المالكية. له الكتاب الشهير بالتلقين في الفقه المالكي الذي شرحه المازري، وكتاب الأشراف على مسائل الخلاف. (362 - 422). الوفيات (ج3 ص 219)، فوات الوفيات (ج 2 ص 419) الديباج (ج 2 ص 26). عبدة: 194. هو عبدة بن أبي لبابة الأسدي الغافري مولاهم أبو القاسم يروي عن عمر مرسلاً كما في الفقرة (194). الخلاصة (ص 249). عبيد الله بن عمر: 242. هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم ابن عمر بن الخطاب العمري أبو عثمان المدني أحد الثقات وأحد الفقهاء السبعة والعلماء الأثبات. قال ابن معين: عبد الله عن القاسم عن عائشة (رض) الذهب المشتبك بالدر (- 147) في الجمع (- 144). الجمع (ج 1 ص 302)، الخلاصة (ص 252). أبو عبيد: 255. مولى سليمات بن عبد الملك المذحجي وثقه أحمد وفي الجمع اسمه يحيى. الجمع (ج 2 ص 623)، الخلاصة (ص 454). عبيد الله بن سلمان: 85. عن أبيه، وعنه ابن عجلان ومالك. وهو أخو عبد الله الأغر المدني. الخلاصة (ص 250). عبيد الله: 46، 203. أبو عبد الله عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ابن مسعود الهذلي أحد الفقهاء السبعة سمع من ابن عباس وأبي هريرة وعائشة (- 94) أو (- 98) الجمع (ج 1 ص 303)، الخلاصة (ص 251). ابن أبي عتيق: 303.

محمد بن عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق عن نافع والزهري. الخلاصة (ص 346). أبو عثمان سعيد بن هاني: 142. هو سعيد بن هانىء الخولاني أبو عثمان الشامي وثقه العجلي (- 127). الخلاصة (ص 143). عثمان بن عفان: 141، 194، 199، 283، 290، 318. أبو عبد الله عثمان بن عفان بن أبي العاص ابن عبد شمس ويقال كنيته أبو عمرو المدني ذو النورين وأمير المؤمنين، ومجهز جيش العسرة وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة المرشحين للخلافة له مائة وستة وأربعون حديثاً ودامت خلافته إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهراً وعشرين يوماً. (- 35). الجمع (ج 1 ص 347) تاريخ الخلفاء للسيوطي (من ص 47 إلى 165). عثان بن عمر: 251. الظاهر أنه أبو محمد عثمان بن عمر بن فارس العبدي. سكن البصرة وثقه ابن معين (- 209). الخلاصة (ص 262). ابن عجلان: 85. أبو عبد الله محمد بن عجلان القرشي المدني أحد العلماء. عن أنس وأبي حازم والأعرج وعكرمة، وعنه جمع منهم مالك. ذكره البخاري في الضعفاء وأخرج له تعليقاً، ومسلم متابعة. الخلاصة (ص 351). عدي بن زيد: 100. هو عدي بن زيد بن حماد العبادي. كان يسكن بالحيرة ويدخل الأرياف. قتله النعمان ابن المنذر بعد ما تزوج هندا بنت النعمان (- 35) قبل الهجرة. الشعر والشعراء (ج 1 ص 176)، الأعلام (ج 5 ص 9). عروة بن المغيرة: 143. أبو يعفور عروة بن المغيرة بن شعبة الثقفي الكوفي. سمع أباه وروى عنه الشعبى أمير الكوفة وهو ثقة. الجمع (ج 1 ص 394)، الخلاصة (ص 265). عطاء بن السائب: 2 أبو زيد أو أبو محمد عطاء بن السائب الثقفي الكوفي. أحد الأئمة. عن أنس وخلق وعنه شعبة والسفيانان والحمادان (- 136). الجمع (ج 1 ص 387)، الخلاصة (ص 266). عطاء بن يزيد الليثي: 255. أبو يزيد أو أبو محمد عطاء بن يزيد الليثي الجندعي المدني. نزيل الشام. عن تميم الداري وأبي أيوب وأبي هريرة وعنه الكثير (- 105) أو (- 107). الجمع (ج 1 ص 385)، الخلاصة (ص 267). عقبة بن عامر: 142.

أبو الأسد عقبة بن عامر بن عبس الجهني سمع النبيء - صلى الله عليه وسلم - له خمسة وخمسون حديثاً، وأخذ عنه جابر وابن عباس وعمر بن الخطاب وخلق. اختط البصرة، وكان والياً على مصر لمعاوية (- 58). الجمع (ج 1 ص 381)، الخلاصة (ص 269). عقبة بن عبيد أبو الرحَّال: 356. أخو سعيد بن عبيد الذي يكنى أبا الهذيل وأما عقبة بن عبيد فيكنى أبا الرحال وهو عقبة بن عبيد الطائي الكوفي. روى عن أنس بن مالك وبشير بن يسار، وعنه جماعة منهم أخوه سعيد. تهذب التهذيب (ج 12 ص 95) الخلاصة (ص 448). عقيل: 281، 303. قال النووي: عقيل بفتح العين إلا عقيل بن خالد. وهو أبو خالد عقيل بن خالد الأيلي مولى عثمان عن القاسم وسالم والزهري وخلق وعنه يحيى بن أيوب والليث، وثقة أحمد (- 141) بمصر. الجمع (ج 1 ص 406). عكرمة بن خالد: 21. ابن سعيد بن العاص المخزومي المكي. عن ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة، وعنه خلق، وثقه ابن معين. مات بعد عطاء، سنة (- 115). الجمع (ج 1 ص 395)، الخلاصة (ص 270). أبو علقمة الفروي:85. عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي فروة الأموي مولاهم أبو علقمة المدني. أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي والبخاري في الأدب المفرد، وممن روى عنه القعبني. (- 190). الجمع (ج 1 ص 278)، الخلاصة (ص 213). علقمة:118، 229، 313. هو علقمة بن قيس بن عبد الله بن علقمة النخغي أبو شبل الكوفي أحد الأعلام مخضرم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم قال ابن المدني: أعلم الناس بابن مسعود علقمة والأسود. (- 62) عن تسعين سنة وفي الجمع (- 162) وهو خطأ. أخرج له الستة. الجمع (ج 1 ص 390) الخلاصة (ص 271). علي بن حسين:303. أبو الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي هو زين العابدين المدني عن جده مرسلاً وأبيه وعائشة وهذا الإِسناد في هذه الفقرة (303) قال أبو بكر بن أبي شيبة: أصح الأسانيد الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي أخرج له الستة (- 92). الجمع (ج 1 ص 353)، الخلاصة (ص 272). علي بن حفص المدايني: 5. أبو الحسن علي بن حفص البغدادي. وثقه ابن المديني وفي الجمع المديني لا المدائني. الجمع (ج 1 ص 358)، الخلاصة (ص 273). علي بن ربيعة: 356.

أبو المغيرة علي بن ربيعة بن نضلة. أخرج له الستة. الجمع (ج 1 ص 354)، الخلاصة (ص 274). علي بن أبي طالب رضي الله عنه: 165، 261، 303. أبو الحسن علي بن أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب ابن هاشم الهاشمي ابن عم النبيء - صلى الله عليه وسلم - وختنه على ابنته، أمر المؤمنين. له خمسمائة حديث وستة وثمانون حديثاً. روى عنه أولاده الحسن والحسين ومحمد وفاطمة وأمم. وفضائله كثيرة. استشهد لاحدى عشرة ليلة بقيت من رمضان سنة (- 40). الجمع (ج 1 ص 352)، الخلاصة (ص 274) تاريخ الخلفاء (ص 166). عمارة بن القعقاع: 19، 252. ضبي عن أبي زرعة وعنه السفيانان. له نحو من ثلاثين حديثاً. وثقه النسائي. توفي في خلافة سليمان بن عبد الملك. الجمع (ج 1 ص 396)، الخلاصة (ص 280). عمر رضي الله عنه: 27، 115، 135، 189، 191، 194، 199، 278، 299، 319، 325. أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل العدوي المدني. أحد فقهاء الصحابة، ثاني الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأول من سمي بأمير المؤمنين. له خمسمائة وتسعة وثلاثون حديثاً، وعنه أبناؤه عبد الله وعاصم وعبيد الله وشهد المشاهد كلها وفتحت في أيامه عدة أمصار. قتله أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة سنة (- 23). الجمع (ج 1 ص 338)، الخلاصة (ص 282) تاريخ الخلفاء (ص 108). ابن أبي عمر: 83. هو محمد بن يحيى ابن أبي عمر العدني أبو عبد الله الحافظ. نزيل مكة. أخذ عنه مسلم والترمذي وابن ماجه (- 243). الجمع (ج 2 ص 477)، الخلاصة (ص 364). عمر بن أبي زائدة: 143. الهمداني الكوفي عن الشعبي وغيره. وعنه ابن مهدي وأبو عامر العقدي وثقه النسائي (- 259) كان يرى القدر. الجمع (ج 1 ص 340)، الخلاصة (ص 282). عمر بن عبد العزيز: 256، 257، 334. أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان الحافظ أمير المؤمنين الأموي القرشي أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب سمع أبا بكر بن عبد الرحمان، وابن قارظ، وروى عنه الزهرى وأبو سلمة بن عبد الرحمن. توفي بدير سمعان من أرض حمص (- 101) وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وخمس ليال. الجمع (ج 1 ص 339)، الخلاصة (ص 284) تاريخ الخلفاء (ص 228). عمرو بن دينار: 215، 250.

أبو محمد عمرو بن دينار الجمحي مولاهم المكي الأثرم أحد الأعلام، عن العبادلة وخلق، وعنه قتادة وأيوب وشعبة وخلق. له خمسمائة حديث (- 115) وفي التهذيب (- 125). الجمع (ج 1 ص 364)، التهذيب (ج 8 ص 28)، الخلاصة (ص 288). عمرو بن سوّاد: 281. أبو محمد عمرو بن سوّاد -بتشديد الواو- العامري السرحي من أهل مصر من ذرية ابن أبي سرح. عن ابن وهب والشافعي (-245). الجمع (ج 1 ص 373)، الخلاصة (ص 289). عمرو بن العاص: 135. أبو محمد عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد السهمي الأمير. له تسعة وثلاثون حديثاً (- 43). الجمع (ج 1 ص 362)، الخلاصة (ص 290). عمرو بن أبي عمرو: 71. واسمه ميسرة مولى المطلب بن عبد الله أبو عثمان المدني. وثقه أبو زرعة سمع. أنس بن مالك وعنه مالك. مات في أول خلافة المنصور، وكانت خلافته سنة (136). أخرج له الستة. الجمع (ج 1 ص 379)، الخلاصة (ص 292). عمرو بن واثلة: 282. أبو الطفيل. والصحيح أن اسمه عامر بن واثلة الليثي المكي من ليث بن بكر بن عبد مناة الصحابى (- 100) أو (- 120) وهو آخر الصحابة موتاً. الجمع (ج 1 ص 378)، الخلاصة (ص 185). عُمير مولى ابن عباس: 184. أو مولى أم الفضل. هو عمير بن عبد الله الهلالي المدني مولى ابن عباس أبو النضر أو أبو عبد الله وثقه النسائي. أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي (- 104). الجمع (ج 1 ص 391)، الخلاصة (ص 297). ابن عون 251. أبو عون عبد الله بن عون ابن ارطبان المزني أخرج له الستة أحد الأعلام عن عطاء ومجاهد والحسن (- 151). الجمع (ج 1 ص 256)،الخلاصة (ص 209). عيسى عليه السلام: 81، 82، 105. هو عبد الله ورسوله ولدته أمه مريم في بيت لحم وآخر الأنبياء من بني إسرائيل، ولما بلغ الثلاثين نزل عليه الوحي ورفعه الله إليه وهو في الثانية والثلاثين من عمره. معجم الألفاظ والأعلام القرآنية (ص 269). عيسى بن دينار: 105، 168. من القريب أنه عيسى بن دينار بن واقد الغافقي أبو عبد الله أحد علماء الاْندلس المشهورين سكن قرطبة، وقام برحلة في طلب الحديث (- 212). ابن الفرضي (ج 1 ص 271).

الغين

الأعلام (ج 6 ص 286). ابن عيينة: 2، 83. أبو محمد سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي الكوفي أحد أئمة الإِسلام، عن عمرو ابن دينار والزهري وخلق، وعنه شعبة وابن المبارك وأحمد، وقال الشافعي: لولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز (- 198). الجمع (ج 1 ص 195)، الخلاصة (ص 145). الغين غندر: 5، 35. أبو عبد الله محمد بن جعفر الهذلي الكرابيسي الحافظ لقبه غندر. أخذ عن جاعة منهم شعبة وعنه خلق، وكان من أصح الناس كتاباً (- 193). الجمع (ج 2 ص 436)، الخلاصة (ص 330). الفاء الفضل:203. الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي ابن عم النبيء - صلى الله عليه وسلم - كان وسيماً جميلاً. روى عنه أخوه عبد الله وأبو هريرة أخرج له الستة مات في طاعون عمواس (18هـ). الجمع (ج 2 ص 411). القاف قبيصة بن ذؤيب: 261. أبو إسحاق قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة الخزاعي المدني. سكن الشام. وكان من فقهاء المدينة. عن أبي هريرة وأم سلمة، وعنه الزهري. أخرج له الستة (- 86). الجمع (ج 2 ص 422)، الخلاصة (ص 314). أبو قتادة: 274. الحارث بن ربعي، ويقال: النعمان بن ربعي ويقال عمرو. سمع النبيء - صلى الله عليه وسلم - الأنصاري السلمي فارس رسول - صلى الله عليه وسلم - له مائة وسبعون حديثاً. مات سنة (- 54) بالمدينة، وسنه تسعون سنة. الجمع (ج 2 ص 94)، الخلاصة (ص 457). قتادة: 35، 106، 109، 194، 236. قتادة بن دعامة السدوسي أبو الخطاب البصري أحد الأئمة الأعلام. حافظ مدلس وقد احتج به أرباب الصحاح. عن أنس وابن المسيب وخلق. وعنه الأوزاعي وشعبة وغيرهما (- 117) أو (- 118). الجمع (ج 2 ص 422)، الخلاصة (ص 315). قتيبة:215، 303. هو أبو رجاء قتيبة بن سعيد الثقفي البغلى -نسبة إلى بغلان من قرى بلخ- أحد أئمة الحديث أخذ عنه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي (- 240). الجمع (ج 2 ص 426)، الخلاصة (ص 318). قرة بن خالد: 282.

الكاف

أبو خالد قرة بن خالد السدوسي البصري. له نحو مائة حديث. وثقه أحمد. أخرج له الستة (- 154). الجمع (ج 2 ص 423)، الخلاصة (ص 316). قرظة بن كعب:356. أبو عمر قرظة -بفتحات- ابن كعب ابن ثعلبة الأنصارى الخزرجي قال البخاري له صحبة، سكن الكوفة، وشهد أحداً وما بعدها، ولي قضاء الكوفة، وهو أول من نيح عليه بالكوفة. الإِصابة (ج 3 ص 231)، الخلاصة (ص 315). أبو قزعة: 23. سويد بن حجير -بالتصغير- الباهلي البصري. روى عن أنس وغيره، وعنه جماعة منهم شعبة. الجمع (ج 1 ص 200)، الخلاصة (ص 159). ابن القصار: 332. أبو الحسن علي بن أحمد القاضي المعروف بابن القصار. له كتاب في مسائل الخلاف من أكبر الكتب في موضوعه (- 398). ترتيب المدارج (ج 4 ص 602)، الديباج (ج 2 ص 100). قيس بن سعد بن عبادة: 170. ابن دليم الخزرجي الأنصاري المدني أبو عبد الله. كان بين يدي النبيء - صلى الله عليه وسلم - بمنزلة صاحب الشرطة. مات في آخر خلافة معاوية في رجب سنة (- 60). الجمع (ج 2 ص 417)، الخلاصة (ص 317). قيصر: 365. جاء في القاموس وشرحه وقيصر لقب ملك الروم ككسرى لقب من ملك فارس، والنجاشي من ملك الحبشة. التاج (ج 3 ص 497). القَيْل:365. في مستدرك التاج: والقيل الملك من ملوك حمير يتقيل من قبله من ملوكهم أي يشبهه، وهذا أحد الأوجه فيه. التاج (ج 8 ص 93). الكاف ابن كثير: 233. في بعض نسخ مسلم في الباب السابع من كتاب المساجد ومواضع الصلاة في متابعة الحديث (34) عوض ما ثبت هناك وهو: حدثني ابن عمير، حدثني إسحاق بن منصور السلولي حدثنا هريم عن سفيان عن الأعمش، حدثني ابن كثير وذلك غير صحيح كما نص عليه هنا في المعلم، وانظر ابن نمير في حرف النون. كثير بن عبيد:251. كثير بن عبيد التيمي رضيع سيدتنا عائشة رضى الله عنها أبو سعيد. عنها وعنه جماعة منهم ابن عون وثّقه ابن حبان. الخلاصة (ص 320). أبو كريب: 170. محمد بن العلاء أبو كريب الهمداني الكوفي

اللام

أحد الأثبات أخذ عن خلق وعنه أصحاب الصحاح (- 248) عن سبع وثمانين سنة. الجمع (ج 2 ص 447)، الخلاصة (ص 355). كسرى: 365. في القاموس وشرحه كسرى بالكسر ويفتح اسم ملك الفرس كالنجاشي اسم ملك الحبشة وقيصر اسم ملك الروم، معرب (خسرو) أي واسع الملك ... وجمعه أكاسرة وكساسرة وأكاسر كسور والقياس كسروْن، والنسبة كسري، وكِسْرَوِي. القاموس بشرح التاج (ج 3 ص 522). كعب:91. ذكر المازري أن حديث جريج هو حديث كعب مع أن الراوي له هو أبو هريرة كما جاء في صحيح البخاري في باب إذا دعت الأم ولدها في الصلاة وكذلك في البابين بعد. وكعب الظاهر أنه كعب بن مالك الصحابي الأنصاري السلمي. (- 51). الجمع (ج 2 ص 429). كعب بن عجرة: 201، 332 أبو محمد الأنصاري السالمي، سمع النبيء - صلى الله عليه وسلم -. روى سبعة وأربعين حديثاً (- 51). الجمع (ج 2 ص 429)، الخلاصة (ص 321). اللام لبيد: 189. أبو عقيل لبيد بن ربيعة بن مالك العامري أحد الشّعراء الفرسان، وهو أحد أصحاب المعلقات. أدرك الإِسلام ووفد على النبيء - صلى الله عليه وسلم -، هو قائل القصيدة المشهورة التي أولها: ألا كل شيء ما خلا الله باطل. وهو من المعمرين (- 41). الشعر والشعراء (ج 1 ص 231) الإِصابة (ج 3 ص 325)، الأعلام (ج 6 ص 104). اللخمي أو بعض شيوخنا: 266. أبو الحسن علي بن محمد الربعي المعروف باللخمي، قيرواني نزل صفاقس تفقه بابن محرز والتونسي وغيرهما اشتهرت فتاويه ونفع بعلمه، وعنه تخرج المازري، وله التبصرة قال ابن فرحون: وهو كتاب مفيد حسن (- 478). الديباج (ج 2 ص 104). لوط عليه السلام: 74. نبي الله ورسول وهو ابن هاران أخي إبراهيم ابن تارح آمن بإبراهيم عليه السلام وتبعه في رحلاته، ثم افترق عنه ونزل إلى سدوم من بلاد الأردن، واتصف أهلها بالرذائل حتى أنهم يأتون الرجال شهوة من دون النساء ولما دعاهم إلى ترك الرذائل عصوا رسولهم فنزل بهم العذاب. معجم الألفاظ والأعلام القرآنيه (349). الليث بن سَعْد: 184، 212، 303. ابن عبد الرحمان الفهمي مولاهم الإِمام عالم مصر، أبو الحارث. وثقه أحمد وابن معين والناس، أخرج له الستّة (- 175).

الميم

الجمع (ج 2 ص 433)، الخلاصة (ص 323). ليث بن أبي مسلم: 2. صوابه الليث بن أبي سليم القرشي الكوفي أبو بكر. أخرج له مسلم مقرونا (- 143). الجمع (ج 2 ص 433)، الخلاصة (ص 323). ابن أبي ليلى: 170. أبو عيسى عبد الرحمان بن أبي ليلى ياسر الأنصاري الأوسي عن عمر ومعاذ وبلال. أدرك مائة وعشرين من الصحابة والأنصاريين (- 83). الجمع (ج 1 ص 289)، الخلاصة (ص 234). الميم مالك بن أنس: 45، 46، 85، 139، 151، 152، 163، 166، 168، 170، 174، 182، 190، 192، 193، 219، 220، 225، 261، 275، 280، 288، 294، 299، 306، 319، 323، 324، 326، 328، 329، 334، 336، 341، 344، 360،348، 361، 362، 367، 368، 370. أو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي من ذي أصبح من حمير المدني أحد أعلام الإِسلام، وإمام دار الهجرة، سمع نافعاً والزهري وهشام بن عروة وغير واحد من التابعين وعنه من شيوخه الزهري ويحيى الأنصاري وخلق له نحو ألف حديث. وله كتاب الموطأ وهو أول مؤلف في الإسلام، تلقاها فحول العلماء الذين قصدوا الأخذ عنه وفي طالعتهم علي بن زياد التونسي. المدارك منه جزآن مختصان بمالك من الطبعة المغربية. الجمع (ج 2 ص 480) الخلاصة (ص 366). مالك بن صعصعة: 106. مالك بن صعصعة بن وهب بن عدي النّجّاري الأنصاري سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - روى عنه أنس بن مالك حديث المعراج له خمسة أحاديث. الجمع (ج 2 ص 478)، الخلاصة (ص 367). مجاهد: 146. أبو الحجاج مجاهد بن حبر المكي المقرىء الإمام المفسر. عن أبي عباس وأم سلمة وأبي هريرة وغير واحد من الصحابة وروى عنه غير واحد مات بمكة سنة (102) أو (- 103) وهو ابن ثلاث وثمانين سنة. الجمع (ج 2 ص 510)، الخلاصة (ص 369). محمد بن بكار: 201. روى عنه مسلم وروى عن إسماعيل بن زكرياء، فهو أبو عبد الله محمد بن بكار بن الريان البغدادي. سمع محمد بن طلحة بن مصرف وإسماعيل بن أبي زكرياء وغيرهما، وروى عنه مسلم (145 - 238) عن ثلاث وتسعين سنة. الجمع (ج 2 ص 469)، الخلاصة (ص 329).

محمد بن جعفر:35. وهو ربيب شعبة، لقبه غندر، انظر حرف الغين في غندر. محمد بن حاتم: 142، 143. أبو عبد الله محمد بن حاتم بن ميمون المروزي القطيعي. روى عن جماعة ذكر بعضهم في الجمع ومنهم عبد الرحمان بن مهدي، وعنه مسلم وأبو داود. وثقه الدارقطني وابن عدي (- 235). الجمع (ج 2 ص 470)، الخلاصة (ص 331). محمد بن رافع: 23، 209، 340. أبو عبد الله محمد بن رافع القشيري مولاهم النيسابوري الحافظ الزاهد أحد الرحالين. عن وكيع وابن عيينة وابن نمير، وعنه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائى (- 245). الجمع (ج 2 ص 438)، الخلاصة (ص 336). محمد بن الصباح: 83، 255. الجرجرائي الأموي مولاهم أبو جعفر عنه أبو داود وابن ماجه. قال ابن معين: يحدث بحديث منكر. وأخرج له مسلم متابعة (- 240). الخلاصة (ص 341). محمد بن عباد: 209. ابن جعفر يروى عن عبد الله بن عمرو الحجازي. وثقه ابن معين. أخرج له الستة. الجمع (ج 2 ص 445)، الخلاصة (ص 343). محمد بن عبد الله بن بزيع: 143. هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن بزيع أخرج له (م ت س) وأخذوا عنه. وثقه أبو حاتم (- 247). الجمع (ج 2 ص 472)، الخلاصة (ص 344). محمد بن أبي عدي: 106. أبو عمرو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي السلمي البصري، والذي في الجمع محمد بن أبي عدي، واسمه إبراهيم. أخرج له الستة (- 194). الجمع (ج 2 ص 434)، الخلاصة (ص 324) أبو عبد الله محمد بن علي المازري: 1. لم يصرح باسمه في أول الكتاب وإنما يذكر بالشيخ وقلما تخلو فقرة من الإشارة لذلك لم نشر إليه. أبو محمد القاضي: 16. من القريب جداً أنه أراد به أبا محمد القاضي عبد الوهاب بن نصر لأن المالكية إذا قالوا: القاضيان فلابن القصار، وتلميذه عبد الوهاب، كما أفاده الشيخ ابن الخياط. وانظر عبد الوهاب. محمد بن قيس: 356، 369. ابن مخرمة بن المطلب القرشي الحجازي. سمع عائشة وأبا هريرة وقيل يرسل عنهما وعنه ابنه حكيم وابن عجلان. الجمع (ج 2 ص 476)، الخلاصة (ص 356). محمد بن المثنى: 35، 106، 233. أبو موسى محمد بن المثنى بن عبيد بن قيس

العنزي المعروف بالزمن الحافظ روى عن الكثير، وقد ذكر بعضا منهم في تهذيب التهذيب، وروى عنه الجماعة وخلق، وكان صاحب كتاب، فلا يقرأ إلا من كتابه وأكثر عنه مسلم فقد روى عنه (772) حديثا (167 - 252) عن خمس وثمانين سنة. الجمع (ج 2 ص 451)، التهذيب (ج 9 ص 425)، الخلاصة (ص 357). أبو عبد الله محمد بن مسلمة: 28. الأنصاري الأوسي الحارثي رضي الله عنه، وهو قاتل كعب بن الأشرف من أكابر الصحابة شهد بدراً والمشاهد كلها واعتزل الفتنة وقد بعثه النبيء - صلى الله عليه وسلم - على الصدقة ومات سنة (- 43) كما في الجمع والتهذيب وفي الخلاصة (- 77) الجمع (ج 2 ص 493)، التهذيب (ج 9 ص 454)، الخلاصة (ص 359). محمد بن نمير:233،143. هو محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني الخازفي أبو عبد الرحمان الكوفي. أخرج له الستة. كان أحمد يعظمه وروى عنه مسلم (573) حديثاً (- 234). الجمع (ج 2 ص 442)، الخلاصة (ص 346)، التهذيب (ج 6 ص 282). المرار الشاعر: 335. هو المرار بن سعيد الفقعسي، كتاب الغريبين تعليقاً (ج 1 ص 101)، وهو شاعر إسلامي. الشعر والشعراء (ص 680). أبو مرة: 389. مولى أم هاني بنت أبي طالب. هو يزيد الهاشمي مولى عقيل بن أبي طالب. وقال الواقدي: هو مولى أم هانىء عن أبي الدرداء وعمرو بن العاص. أخرج له الستة. الجمع (ج 2 ص 577)، الخلاصة (ص 435). المُزَنِي: 306. أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني صاحب الإمام الشافعى قال ابن خلكان: كان عالماً مجتهداً محجاجاً غواصاً على المعاني الدقيقة وهو إمام الشافعيين وأعرفهم بطرقه وفتاويه وهو صاحب الكتاب المشهور مختصر المزني (- 264). الوفيات (ج 1 ص 217). أبو مسعود: 313. لعله عقبة بن عمرو البدري الأنصاري. له مائة وحديثان مات بعد سنة ثلاثين سمع النبىء - صلى الله عليه وسلم -. وقد ثبت أن أبا مسعود هو عقبة بن عمرو. الجمع (ج 1 ص 380)، الخلاصة (ص 299). أبو مسلم الخولاني: 9. عبد الله بن ثوب ويقال ابن عوف الخولاني اليماني الزاهد هاجر فمات النبيء - صلى الله عليه وسلم - وهو في الطريق عن عمر ومعاذ وجماعة، وعنه طائفة (- 62). الجمع (ج 1 ص 271)، الخلاصة (ص 460). معاذ: 25، 31، 32، 215، 282.

أبو عبد الرحمان معاذ بن جبل بن عمرو الأنصاري الخزرجي المدني نزل الشام شهد بدراً والعقبة سمع النبيء - صلى الله عليه وسلم - وروى عنه أنس ابن مالك وغيره. له مائة وسبعة وخمسون حديثاً، وكان ممن جمع القرآن. الجمع (ج 2 ص 487)، الخلاصة (ص 379). معاذ بن معاذ: 5. أبو المثنى معاذ بن معاذ التميمي العنبري البصري الحافظ قاضي البصرة سمع سليمان التيمى وشعبة وابن عون وغيرهم، وعنه أحمد وإسحاق وابن المديني وابن معين وخلق (119 - 195). الجمع (ج 2 ص 487)، الخلاصة (ص 380). معاوية: 115، 251. أبو عبد الرحمان بن أبي سفيان رضي الله عنه، واسم أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية القرشي الأموي كاتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثه في أهل الشام سمع النبيء - صلى الله عليه وسلم -. روى عنه عبد الله بن عباس وغيره. ولي الخلافة سنة (41) (- 60) له مائة وثلاثون حديثاً. الجمع (ج 2 ص 489)، الخلاصة (ص 381). تاريخ الخلفاء (ص 194). معاوية بن صالح 142. أبو عمرو أو أبو عبد الرحمان معاوية بن صاع ابن جدير الحضرمي الحمصي أحد الأعلام وقاضي الأندلس. سمع ربيعة بن يزيد كما في هذه الفقرة وخلقاً، وسمع منه عبد الرحمان بن مهدي والليث وخلق (- 158). الجمع (ج 2 ص 491)، الخلاصة (ص 381). أبو معاوية: 170. سعيد بن زكرياء العباداني. التهذيب (ج 12 ص 240) أبو معبد: 26، 250. واسمه نافذ. يروي عن مولاه ابن عباس وعنه عمرو بن دينار. أخرج له الستة (- 104). الجمع (ج 2 ص 534)، الخلاصة (ص 405). معمر: 83، 203. معمر بن راشد الأزدي أبو عروة البصري ثم اليماني أحد الأعلام. روى عن عدة منهم الزهري كما في الفقرة (203) توفي (- 153). الجمع (ج 2 ص 506)، الخلاصة (ص 384). المغيرة بن شعبة: 143، 251. ابن أبي عامر أبو محمد الثقفي الكوفي أسلم زمن الخندق، وشهد الحديبية. له مائة وثلاثون حديثاً. سمع النبيء - صلى الله عليه وسلم -. وعنه خلق (- 50). الجمع (ج 2 ص 499)، الخلاصة (ص 385). المقبري:71. أبو سعيد، سعيد بن أبي سعيد المقبري المدني أخرج له الستة. أرسل عن أبيه وأبي هريرة وروى عنه مالك وغيره (- 123).

النون

الجمع (ج 1 ص 167)،الخلاصة (ص 138). المقداد: 165. ابن عمرو بن ثعلبة البهراني الكندي أبو عمر ابن الأسود. صحابي رضي الله عنه. له اثنان وأربعون حديثاً (33 هـ). الجمع (ج 2 ص 515)، الخلاصة (ص 397). المنتشر: 274. هو ابن وهب بن سلمة الباهلي، وكان رئيساً فارساً ولما قتل رثاه أعشى باهلة بقصيدة فريدة منها البيت الذي جاء شاهداً في هذه الفقرة، وقد أتى بالقصيدة البغدادي في الخزانة. الخزانة ط. السلفية (ج 1 ص 176). ابن مهدي: 142. أبو سعيد عبد الرحمان بن مهدي بن حسان الأزدي مولاهم البصري الحافظ الإمام العلم من شيوخه مالك وأخذ عنه أحمد بن حنبل وخلق. أخرج له الستة (- 198). الجمع (ج 1 ص 288) الخلاصة (ص 235). ابن مهران: 194. محمد بن مهران الجمال أبو جعفر الرازي الحافظ. عنه البخاري ومسلم وأبو داود (- 237) أو (- 239). الجمع (ج 2 ص 451)،الخلاصة (ص 361)، وانظر النووي على مسلم (ج 4 ص 111). موسى بن دينار: 7. قال الذهبي: مكى عن سعيد بن جبير. قال البخاري: ضعيف كان حفص بن غياث يكذبه، وضعفه الدارقطني. الميزان (ج 3 ص 210)، لسان الميزان (ج 6 ص 16). موسى عليه السلام: 84، 99، 104، 207. موسى بن عمران من الرسل أولي العزم من نسل لاوي سبط يعقوب. ولد بمصر وتربى في قصر فرعون، وافتتحت نبوته في الطور وآتاه الله من المعجزات ما أبهر. معجم الألفاظ والأعلام القرآنية (ص 366). موسى بن هارون: 303. أبو عمر موسى بن هارون الليثي البردي الكوفي. روى عن جماعة، وعنه البخاري بواسطة شيخه عبد الله، وهو من أفراد البخاري. الجمع (ج 2 ص 485)،الخلاصة (ص 393). النون نافع: 192، 242. أبو عبد الله العدوي مولاهم المدني يقال: أنه كان من أهل المغرب وقيل غير ذلك. أحد الأعلام عن مولاه ابن عمر وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري، وأبي لبابة وعائشة وخلق وروى عنه ابناه ومالك وخلائق. قال البخاري أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر

الهاء

(- 117) كما في الجمع وفي الخلاصة (- 120). الجمع (ج 2 ص 528)، الخلاصة (ص 400). النجاشي: 361، 365. النجاشي بالفتح وفي الياء لغتان بتشديد الياء وبتخفيفها، وتكسر نونها أو هو أفصح، واختلف في اسمه فقيل أصحمة ملك الحبشة. القاموس مع شرحه التاج (ج 4 ص 354). النخعي: 339. أبو عمران إبراهيم بن يزيد بن عمرو النخعي الكوفي الفقيه. يرسل كثيراً عن عائشة، سمع علقمة بن قيس وهمام بن الحارث وغيرهما (50 - 96). الجمع (ج 1 ص 18)، الخلاصة (ص 23). أبو النضر: 141. سالم بن أبي أمية التيمي مولاهم المدني عن أنس وطائفة وعنه الليث ومالك وابن إسحاق وغيره. له نحو خمسين حديثاً. وثقه يحيى بن معين والنسائي. توفي في زمن مروان. الجمع (ج 1 ص 188)، الخلاصة (ص 431). أبو نضرة: 23. المنذر بن مالك بن قطعة العبدي العوفي البصري. سمع أبا سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وابن عباس وابن عمر وغيرهم وروى عنه غير واحد (- 109). الجمع (ج 2 ص 504)، الخلاصة (ص 387). نِفْطويه: 37. أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة العتكي الأزدي الواسطي المعروف بنفطويه. كان عالماً بالحديث والعربية له غريب القرآن وغيره وكان ثقة (224 - 323) في خلافة الراضي. نزهة الألباب (ص 360)، البغية (ج 1 ص 428). نوح عليه السلام: 120. هو ابن لامك من ذرية شيث بن آدم عليهما السلام أبي البشر، وهو أول الرسل بعد آدم كما جاء في حديث الشفاعة الذي أخرجه مسلم، وقد دعا قومه إلى عبادة الله وترك الأوثان فكذبوا فأهلكهم الله بالطوفان العام وركب هو ومن آمن به في السفينة فكانت ذريته هم الباقين. المعجم (ص 392). الهاء هارون بن سعيد الأيلي: 369. أبو جعفر هارون بن سعيد بن الهيثم التميمي السعدي مولاهم الايلي. أخذ عن طائفة وعنه مسلم وأبو داود والنسائي (- 253). الجمع (ج 2 ص 552)، الخلاصة (ص 407). هارون بن عبد الله: 209. أبو موسى هارون بن عبد الله بن مروان الحافظ البزاز البغدادي يعرف بالحَمَّال. سمع من الكثير وروى عنه مسلم في غير موضع.

الواو

الجمع (ج 2 ص 551)، الخلاصة (ص 407). ابن هرمز:184. أبو داود عبد الرحمان بن هرمز الهاشمي مولاهم المدني الأعرج القاري، وثقه جماعة سمع أبا هريرة (- 117) بالاسكندرية. الجمع (ج 1 ص 288)، الخلاصة (ص 236). هرقل: 365. هرقل، كَسِبَحْلْ وزِبْرِج، مالك الروم. أول من ضرب الدنانير امبراطور بيزنطي سقط الكثير من ملكه بيد الإِسلام (- 641) ترتيب القاموس (ج 4 ص 503)، المنجد التاريخي (ص 540). أبو هريرة رضي الله عنه:5، 19، 71، 85، 180، 185، 193، 252، 255، 326. اسمه عبد الرحمان بن صخر الدوسي الحافظ له (5874) حديثاً اتفق البخاري ومسلم (325) حديثاً بخلاف ما انفرد به كل واحد منهما وروى عنه تمام ثمانمائة من الثقات. قدم وأسلم عام خيْبَر (- 59). الجمع (ج 2 ص 600)، الخلاصة (ص 462). الواو الواقدى: 348. أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد الأسلمي مولاهم الواقدي المدني. أحد الأعلام وقاضي العراق. عن خلائق منهم مالك، وعنه طائفة، كان عالماً بالمغازي والسير والفتوح واختلف فيه بين كونه كذاباً إلى كونه ثقة وقد استقر الإجماع على وهن الواقدي. الميزان (ج 3 ص 110)، الخلاصة (ص 353). وراد: 251. كاتب المغيرة بن شعبة ومولاه. يكنى أبا الورد حديثه في الكوفيين. سمع المغيرة بن شعبة، وروى عنه الشعبي وطائفة وأخرج له الستة، ووثقه ابن حبان. الجمع (ج 2 ص 544)، الخلاصة (ص 419). ورقة: 92. ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهو ابن عم خديجة رضي الله عنها، وكان قد تنصر وقرأ الكتب وسمع من أهل التوراة والإنجيل وهو الذي ذهبت إليه خديجة بالنبيء - صلى الله عليه وسلم - حين نزل عليه الوحي. سيرة ابن هشام (ج 1 ص 254). وكيع: 141، 356. أبو سفيان وكيع بن الجراح الرؤاسي بن مليح الرؤاسي. الحافظ أحد الأئمة الأعلام. روى عن خلائق، وعنه أمم منهم أحمد بن حنبل وكان إمام المسلمين في وقته (129 - 197) أو (- 196). الجمع (ج 2 ص 546)، الخلاصة (ص 415). الوليد بن مسلم: 194. أبو العباس الوليد بن مسلم الأموي مولاهم عالم الشام الدمشقي. روى عن خلق منهم الأوزاعي كما جاء في هذه الفقرة، وروى عنه

الياء

خلق وأخرج له الستة. وكان مولده سنة (119) ومات منصرفه من الحج سنة (195). الجمع (ج 2 ص 537)، الخلاصة (ص 417). الوليد بن هشام: 290. المعيطي شامي يعد في الشاميين سمع أم الدرداء ومعدان. روى عنه الأوزاعي وثقه ابن معين. أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. الجمع (ج 2 ص 540)، الخلاصة (ص 417). الوليد بن أبي هشام: 290. الأموى مكي عن الحسن ونافع، وعنه أخوه هشام أبو المقدام وجويرية بن أسماء وإسماعيل ابن علية وثقه أبو حاتم وغيره. الجمع (ج 2 ص 540)، الخلاصة (ص 418). ابن وهب: 8، 281، 369. أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم الفهمي القرشي مولاهم المصري، وجاء في الخلاصة البصري والصواب المصرى. روى عن خلق منهم مالك ويعد من أصحابه (- 197). الجمع (ج 1 ص 260)، الديباج (ج 1 ص 413)، الخلاصة (ص 218). الياء يحيى بن أيوب: 71، 170. أبو زكرياء يحيى بن أيوب المقابري البغدادي سمع إسماعيل بن علية وإسماعل بن جعفر كما في هذه الفقرة وغيرها، وعنه جماعة منهم مسلم وأبو داود. وروى عنه مسلم في غير موضع (- 234). الجمع (ج 2 ص 569)، الخلاصة (ص 421). يحيى بن حسان: 252. أبو زكرياء يحيى بن حسان بن حيان التنيسي سمع سليمان بن بلال وعبد الواحد بن زياد وغيرهما، وعنه عبد الله الدارمي وغيره. وثقه أحمد والعجلي (- 208). الجمع (ج 2 ص 559)، الخلاصة (ص 422). يحيى بن عبد الله: 26. ابن محمد بن صيفي مولى عمرو بن عثمان بن عفان المخزومي المكي. سمع أبا معبد مولى ابن عباس وعكرمة بن عبد الرحمان، وعنه إسماعيل بن أمية وزكرياء بن إسحاق وثقه النسائي. الجمع (ج 2 ص 502)، الخلاصة (ص 425). يحيى القطان: 7. أبو سعيد يحيى بن سعيد بن فروخ التميمي مولى بني تميم الأحول القطان البصري الحافظ الحجة أحد أئمة الجرح والتعديل. روى عن خلق، وعنه كذلك (120 - 198). الجمع (ج 2 ص 561)، الخلاصة (ص 423). يحيى بن معين:19. أبو زكرياء يحيى بن معين بن عون بن زياد

الغطفاني البغدادي الحافظ الإمام العلم. روى عن خلق، وعنه البخاري ومسلم وأبو داود وأحمد وخلق، وكان يذبّ الكذب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (- 233). الجمع (ج 2 ص564)،الخلاصة (ص 428). يحيى ن موسى دينار: 7. هذا ما جاء في أكثر نسخ مسلم وهو غلط بلا شك كما قال الإمام النووي. وهذا الغلط هو إثبات (بن) بين يحيى وموسى والصواب حذف لفظه (بن) بينهما هكذا. وضعف يحيى موسى بن دينار، فيحيى فاعل. وموسى بن دينار تقدم. يحيى بن يحيى:170. أبو زكرياء يحيى بن يحيى بن بكير الحنظلي التميمي الحافظ. أحد الأئمة. عن حماد بن سلمة ومالك والليث وخلق. وعنه البخاري ومسلم وخلق (- 226). الجمع (ج 2 ص 565)،الخلاصة (ص 429). يزيد بن زياد 2. هكذا جاء هنا يزيد بن زياد والذي في نسخ مسلم يزيد بن أبي زياد وفي الخلاصة يزيد بن زياد أو ابن أبي زياد الدمشقي عن الزهري قال البخاري. منكر الحديث. شرح النووي (ج 1 ص 51)، الخلاصة (ص 431). يزيد بن زريع: 143، 169. أبو معاوية يزيد بن زريع، مصغراً، التميمي البصري الحافظ. أحد الأعلام. روى عن خلق وعنه كذلك في الخلاصة (101 - 182) وفي الجمع (- 128). وفي التهذيب ما أثبت الجمع (ج2 ص 573) الخلاصة (ص 421). أبو يوسف: 181، 323. يعقوب بن إبراهيم بن حبيب. كان أبو يوسف من أهل الكوفة وهو صاحب أبي حنيفة وكان فقيها عالماً حافظاً سكن بغداد وتولى بها القضاء (- 182) ببغداد). الوفيات (ج 7 ص 378). يوسف بن سعيد:369. يوسف بن سعيد بن مسلم المصيصي أبو يعقوب. أخرج له النسائي (- 271). الخلاصة (ص 439). يوسف بن عبيد:191. ذكره المازري في هذه الفقرة وحكى عنه قوله في تفسير قوله - صلى الله عليه وسلم - المؤذنون: أطول الناس أعناقاً. بمعنى الدنو. يوسف بن يعقوب:73،67. يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام قص الله تعالى قصته مع إخوته منذ النشأة إلى أن أصبح عزيز مصر، ولم يجار اخوته كما صنعوا معه بل عفا عنهم. قاموس الألفاظ والأعلام القرآنية (ص 426). يونس المؤدب: 52. أبو محمد يونس بن محمد بن مسلم البغدادي الحافظ المؤدب. روى عنه جماعة أخرج له أصحاب الصحاح الستة (- 208). الجمع (ج 2 ص 584)، الخلاصة (ص 441).

أعلام النساء

أعلام النساء الهمزة أعرابية:149. امرأة: 161. أمامة بنت أبي العاص: 236. هي أمامة بنت أبي العاص بن الربيع بن عبد العزّى القريشية العبشمية أمها زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها علي بن أبي طالب بعد وفاة فاطمة ثم تزوجها المغيرة بن نوفل وماتت عنده وليس لها عقب. تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول (ج 2 ص 331). الحاء أم حبيبة: 173. هي حَمْنَةُ بنت جَحْش أخت زينب بنت جحش وهي أم عمران بن طلحة وهي التي كانت تُسْتَحَاضُ. تهذيب التهذيب (ج 2 ص 411) الخلاصة (ص 490). الزاي ابنته وهي زينب رضي الله عنها: 358. زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي زوجة أبي العاص بن الربيع وهو ابن خالتها هالة بنت خويلد توفيت زينب سنة ثمان من الهجرة تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول (ج 2 ص 344). السين أم سلمة رضي الله عنها: 164، 168، 169، 170، 319. وهي هند بنت أبي أمية حذيفة القرشية المخزومية أم المؤمنين رضي الله عنها، وتوفيت

العين

سنة تسع وخمسين وفي رواية (- 61) عن أربع وثمانين سنة وهي آخر أمهات المؤمنين وفاة وروي عنها ثلثمائة وسبعون حديثاً وأخذ عنها خلق. تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول (ج 2 ص 361) الخلاصة (ص 496). أم سلُيم: 169. هي أم سليم بنت ملحان أخت أم حرام صحابيةً جليلة، وهي أم أنس بن مالك خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. تهذيب الأسماء واللغات، القسم الأول (ج 2 ص 363) الخلاصة (ص 498). العين عائشة رضي الله عنها: 8، 107، 138، 163، 168، 169، 173، 182، 203، 213، 219، 222، 251، 257، 275، 286، 288، 290، 291. 292، 354، 355، 356، 360، 367، 369. عائشة بنت أبي بكر الصديق التيمية أم المؤمنين تكنى أم عبد الله الفقيهة. روت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيراً وأبيها وعمر، وروت عنها أُخْتَهَا أم كلثوم وابنا أخيها القاسم وعبد الله ابنا محمد بن أبي بكر الصديق وروى عنها عمرو بن العاص، وأبو موسى الأشعري، وأبو هريرة وابن عمر وابن عباس وغيرهم، وأكابر التابعين. كانت عائشة أعلم الناس يسألها الأكابر من أصحاب سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -. قال هشام بن عروة: مارأيت أعلم بفقه ولا بطب ولا شعر من عائشة، ومناقبها وفضائلها كثيرة جداً توفيت في رمضان سنة (- 58) ليلة سبع عشرة منه. تهذيب التهذيب (ج12 ص 433) تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول (ج 2 ص 350). أم عطية: 358. اسمها نسيبة صحابية جليلة لها أربعون حديثاً. (الخلاصة ص 496) عمرة بنت عبد الرحمان: 173، 290. ابن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية الفقيهة سيدة نساء التابعين عن عائشة توفيت قبل المائة الخلاصة (ص 494). الفاء فاطمة بنت أبي حبُيَشْ: 173. ابن عبد المطلب الأسدية مهاجرة جليلة روى حديثها عروة بن الزبير. الخلاصة (ص 494). فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: 303. ولدت فاطمة رضي الله عنها ابنة رسول الله سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - بمكة وقريش تبني الكعبة والنبيء - صلى الله عليه وسلم - ابن خمس وثلاثين سنة وهي أصغر بناته وتزوجت علي بن أبي طالب وتوفيت ليلة الثلاثاء لثلاث خلون عن رمضان وهي ابنة تسع وعشرين سنة وهي سيدة

الميم

نساء المؤمنين. لها ثمانية عشر حديثاً. وأخرج لها الستة. الخلاصة (ص 494) الميم ميمونة بنت الحارث: 170، 181، 288. ابن حزن بن بجير العامرية الهلالية أم المؤمنين لها ستة وأربعون حديثاً وهي التي وهبت نفسها للنبىء - صلى الله عليه وسلم -. توفيت بسرف سنة (- 51) وأخرج لها الستة. الخلاصة (ص 496) الهاء أم هاني: 287، 288. بنت أبي طالب الهاشية اسمها فاختة. وقال أحمد: هند لها ستة واربعون حديثا أسلمت يوم الفتح الخلاصة (ص 500).

الطوائف والقبائل والأمم

الطوائف والقبائل والأمم الهمزة أشجع: 19. جاء في مسلم: وأبو زرعة اسمه عبيد الله. روى عنه الحسن بن عبيد الله وأبو زرعة، كوفي من أشجع. وأشجع قبيلة من غطفان من قيس بن عدنان. معجم قبائل العرب لكحالة ج 1 ص 29. الأصوليون أو أهل الأصول:14، 65، 152، 157، 165، 177، 181، 182، 195، 227، 258، 329، 358. الأصوليون منسوبون إلى علم أصول الفقه، وهو علم بالقواعد التي يتوصل بها إلى الفقه. رد ستور العلماء ج 1 ص 129. الأشعرية: 4، 20، 29. هم أصحاب أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري المنتسب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما. وقد حلل مذهبه الشهرستاني في الملل والنحل، (ج 1 ص 127 إلى 145). أصحاب الثوري: 141. الثوري سفيان بن سعيد أبو عبد الله الكوفي (- 161هـ) تقدمت ترجمته في فهرس الأعلام حرف الثاء. والمراد بأصحابه الرواة عنه. أصحاب الزهري: 303. أبو بكر محمد بن مسلم الزهري المدني (- 124) ويعرف بابن شهاب الزهري تقدمت ترجمته في فهرس الأعلام حرف الزاي. والمراد بأصحابه الرواة عنه. الأكراد: 163. وهم طائفة من سكان آسيا الغربية. الأنصار: 341. هم الأوس والخزرج جاء في صبح الأعشى. ومنها، أي ازد غسان، الأوس والخزرج أبناء حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن مزيقيا بن عامر

الباء

ابن ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امرىء القيس البطريق بن ثعلبة بن مازن بن الأزد. وكانت منازلهم بيثرب المدينة. ومنهم كانت أنصار النبيء - صلى الله عليه وسلم -. صبح الأعشى (ج 1 ص 319 و 320). الأنبياء:119. جمع نبي، فعيل من النبأ بمعنى الخبر فيكون مهموز اللام فالنبيء المخبر هذا معناه اللغوي. وفي الشرع إنسان بعثه الله تعالى إلى الخلق لتبليغ الأحكام. دستور العلماء (ج 3 ص 394). أهل الشام: 36. المراد القاطنون بالشام. وحد الشام من الفرات إلى المتاخم للديار المصرية. وعرضها من جبلي طيء من نحو القبلة إلى بحر الروم وبها من أمهات المدن منبح، وحلب، وحماة، وحمص، ودمشق، والبيت المقدس والمعرة. وفي الساحل: انطاكية وطرابلس وعسقلان، وغير ذلك. معجم البلدان لياقوت (ج 5 ص 219). أهل العراق: 162 والعراق اسم بلاد ما بين النهرين دجلة والفرات عن الخليل. والمراد بأهل العراق قطانها. معجم البلدان (ج 6 ص 133). أهل العلم: 163، 240. مراده بأهل العلم الفقهاء. أهل الكتاب: 25، 67. اليهود والنصارى. أهل المدينة: 234، 370. المقصود بأهل المدينة في الفقرة الأولى سكانها في عهد النبىء - صلى الله عليه وسلم -. وأما المقصود بأهل المدينة في الفقرة الثانية علماء المدينة إذ يقصد عمل أهل المدينة. الباء البصريون:69. هم نجاة البصرة أصحاب مدرسة البصرة. فقد كانت البصرة مهد العربية مع الكوفة وبقي العلم بهما إلى أن انتهى إلى بغداد وغيرها من الأمصار. وقد ألف في أخبار النحويين البصريين أبو السعيد الحسن بن عبد الله السيرافي (- 368هـ). وطبع هذا الكتاب بتحقيق طه الزيني ومحمد عبد المنعم الخفاجي. وقد بدأت نشأة علم النحو بالبصرة على يد أبي الأسود الدؤلي ثم نصر بن عاصم. بكر بن عبد مناة: 282. بطن من كنانة بن خزيمة من العدنانية. صبح الأعشى للقلقشندي (ج 1 ص 350). وجاء فيه: أنهم من الأصل السادس من العدنانية والأصل السادس كنانة. ومعجم قبائل الرب (ج 1 ص 92). بكر بن وائل: 282. قبيلة عظيمة من أشهر القبائل العربية من العدنانية وهي تعد من أعظم القبائل المحاربة ومن أشهر حروبها حرب البسوس الشهيرة بينها وبين تغلب.

التاء

قال في صبح الأعشى ومن أوائل بكر -بفتع الباء الموحدة وسكون الكاف- وتغلب بالتاء المثناة في أوله والغين الساكنة المعجمة كسر اللام وباء موحدة، وهم بنو بكر وتغلب ابني وائل. صبح الأعشى (ج 1 ص 338) معجم قبائل العرب (ج 1 ص 932). التاء التابعون:152. جمع، والمفرد تابع وتابعي. وعرف الحاكم التابعي من سمع من الصحابي أو لقيه، وإن لم توجد الصحبة العرفية. وذهب الخطيب إلى أنه من صحب الصحابي فهو عنده أخص ممن عند الحاكم وما عليه الحاكم هو الراجح وهو الذي عليه العمل. مقدمة ابن الصلاح (ص 274). التقييد والإيضاح للعراقي (ص 274). الترك: 365. المقصود بالأتراك هنا المعنى الواسع وهم من يتكلمون التركية. الموسوعة العربية الميسرة (ص 505). الجيم الجن: 156، 214، 234. وكذلك الجانّ خلاف الأنس والواحد جني، وهم قسم من الروحانيين، وذلك أن الروحانيين ثلاثة: 1) الأخيار وهم الملائكمة 2) الأشرار وهم الشياطين 3) الأوساط منهم وهم الجن. والجن مخلوقات خفية من نار تتخذ أشكالا مختلفة. التاج (ج 9 ص 165). الموسوعة العربية الميسرة (ص 647). جهينة: 85. حي عظيم من قضاعة، كانت منازلهم ما بين الينبع ويثرب وهم الحي الثاني من قضاعة. صبح الأعشى (ج 1 ص 316). الحاء الحبشة: 365. في القاموس: الحبش والحبشة جنس من السودان. الحرورية: 175. هم المحكمة الأولى الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي عليه السلام حين جرى أمر الحكمين واجتمعوا بحروراء قرية قرب الكوفة. وذكر جملة من رؤوسهم الشهرستاني في الملل والنحل (ج 1 ص 172). حمير: 365. بطن عظيم من القحطانية ينتسب إلى جمْيَر ابن سبأ. وقدم رسول ملوك حمير سنة 9. معجم قبائل العرب (ج 1 ص 305). الخاء الخوارج: 24، 30. هم الذين نزعوا أيديهم عن طاعة ذي

الراء

السلطات من أئمة المسلمين بدعوى ضلالة وعدم انتصار الأئمة للحق. وأول من خرج منهم جماعة ممن كان في حرب صفين، ورأسهم الأشعث بن قيس وكذلك مسعر بن فدكي، وزيد بن حصن الطائي. الملل والنحل (ج 1 ص 170). الراء الروم: 365. جاء في القاموس الروم بالضم جيل من ولد عيصو بن إسحاق سموا باسم جدهم. وفي التاج دخل طوائف من تنوخ ونهد وسليم وغيرهم من غسان كانوا بالشام فلما أجلاهم المسلمون عنها دخلوا بلاد الروم واستوطنوها فاختلطت أنسابهم. يقال رجل رومي يجمع على روم وليس بين الواحد والجمع الياء المشددة. القاموس بشرحة التاج (ج 8 ص 320) الشين الشافعية: 160، 170، 181، 277، 329، 341. أو أصحاب الشافعي. هم أصحاب الشافعي المتمذهبون بمذهبه. والشافعي هو أبو عبد الله محمد بن إدريس الهاشمي القرشي المطلبي أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة وإليه نسبة الشافعية كافة وهو صاحب كتاب الأم في سبع مجلدات. تقدمت ترجمته في فهرس الأعلام حرف الشين. وألفت كتب عدة في تراجم الشافعية من أحفلها طبقات الشافعية لابن السبكي. شيوخنا:204. للمازري شيوخ لم يعرف منهم إلا اللخمي أبا الحسن علي بن محمد (- 498)، وابن الصائغ أبا محمد عبد الحميد (- 486). انظر ما كتبناه على شيوخه في المازري الفقيه والمتكلم (ص 23) ومقدمة المعلم. الصاد الصحابة: 44، 67، 69، 170، 267، 306، 317. عرف الزين العراقي في التقييد والإيضاح الصحابي بأنه من لقي النبيء - صلى الله عليه وسلم - مسلماً ثم مات على الإسلام وقال: أن تعريفه هذا هو العبارة السالمة من الاعتراض. وزاد في التقييد والإيضاح الظاهر من كلامهم اشتراط التمييز كما هو موجود في كلام يحيى ابن معين، وأبي زرعة، وأبي حاتم وأبي داود، وابن عبد البر وغيرهم. التقييد والإيضاح للزين العراقي (ص 251 - 252). الطاء طهفة: 253. جاء في معجم قبائل العرب الطَّهَفة قسم رئيسي من قبيلة الشلاوة التي تمتد ديارها من

العين

شرقي الطائف وجبال الحجاز إلى حدود ديار البُقُوم ومن الجنوب إلى حدود زهران وغامد ومن الشمال إلى ديار ثقيف. العين عبد القيس: 18، 19، 20، 22، 23. قبيلة عظيمة تنسب إلى عبد القيس كانت مواطنهم بتهامة ثم خرجوا إلى البحرين ووفد وفدهم على النبيء - صلى الله عليه وسلم - سنة (9). العجم: 231. العُجْم والعَجَم خلاف العرب يطلق على الفرس مجازاً. القاموس والبستان. العرب: 29، 41، 68، 77، 80، 86، 144، 146، 168، 189، 191، 195، 228، 231، 329، 338، 358. العرب بالضم كالقُفْل، والعرب بالتحريك، حيل من الناس معروف خلاف العجم مؤنث وهم سكان الأمصار. وفي تهذيب الأزهري أن العرب علم على سكان الأمصار، وسكان البادية وأما الأعراب فهم سكان البادية خاصة لا واحد له، والأعرابي البدوي، وهم الأعراب عن سيبويه. التاج (ج 1 ص 371). الفاء الفرس: 365. الفرس -بالضم- جيل من الناس يسكنون جنوب قزوين. الفقهاء: 67، 68، 70، 163، 222، 229، 230، 247، 267، 306، 323، 325، 329. الفقهاء جمع فقيه، والفقيه يطلق بإطلاقين بمعنى الحاكم بالأحكام عن الأمارات وهو المجتهد وبمعنى الجامع للمسائل الشرعية العملية، وهو المقلد. من دستور العلماء بتصرف (ص 39) الفلاسفة: 9، 45. الفيلسوف الحكيم. دستور العلماء (ج 3 ص 44). القاف القدرية: 9. من كبار الفرق الإِسلامية الأربع وهي: 1) القدرية. 2) الصفاتية. 3) الخوارج. 4) الشيعة. والقدرية هم المعتزلة ويسمون أنفسهم أصحاب العدل والتوحيد وقد شرح مذههم الشهرستاني في الملل والنحل (ج 1 ص 57). قريش: 369: قبيلة عظيمة أبوهم النضر بن كنانة، فكل مَن وُلد من النضر فهو قرشي كما في الصحاح، وعند أيمة النسب: كل من لم يلده فهر فليس بقرشي. وتنقسم قريش إلى قريش البطاح وقريش الظواهر.

الكاف

القاموس بشرحه التاج (ج 4 ص 337) معجم قبائل العرب (ج 3 ص 947). الكاف الكهان: 231. جمع كاهن وهو من يتكهن، والكهانة القضاء بالغيب، وادعاء العلم به وادعاء معرفة الأسرار وتسمى حرفة من يتكهن الكهانة (بالكسر) وهي على القياس. الكوفيون: 69. جمع الكوفي نسبة إلى الكوفة وهي مدينة بالعراق على الجانب الأيمن لنهر الكوفة وهي المدرسة الثانية للعربية. واعتنى بتراجم الكوفيين أبو بكر محمد بن الحسين الزبيدي في تأليفه طبقات النحويين واللغوين (من ص 135 إلى 172). اللام اللغويون أهل اللغة: 230، 366. اللغويون هم علماء اللغة وأفرد ترجمتهم الزبيدي في طبقاته مقسماً لهم إلى اللغويين البصريين، واللغويين الكوفيين وجمع ترجمتهم السيوطي في بغية الوعاة في طبقات اللغوين والنحاة. الميم المالكية أو أصحابنا أو عندنا: 152، 154، 155، 156، 157، 158، 160، 161، 162، 165، 171، 181، 182، 195، 199، 202، 218، 221، 222، 231، 235، 236، 247، 270، 285، 294، 303، 326، 328، 329، 332، 336، 337، 341، 348، 358، 360، 361، 368، 370. المالكية هم فقهاء المذهب المالكي المقلدين للإمام مالك رحمه الله (- 179) واعتنى بتراجمهم الكثير ومن أشهر ما ألف في تراجمهم ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك للقاضي عياض بن موسى اليحصبي (- 544) وقد طبع في المغرب على مر سنوات، وطبع في بيروت. وأخذ مختصر المدارك للسبتي وضم إليه تراجم أخرى إبراهيم بن فرحون المدني وسماه الديباج المذهب وطبع ذيل عليه أحمد بابا بنيل الابتهاج. وآخر من ألف من فقهاء المالكية الشيخ مخلوف شجرة النور الزكية. ليث بن بكر:282. ابن عبد مناة بطن بن كنانة بن خزيمة من العدنانية. معجم قبائل العرب لكحلة (ج 3 ص 1019). المؤرخون: 120. علماء التاريخ، ويقصد المازري بالمؤرخين من كانوا من أهل المائة الخامسة ومن قبلهم. المرجئة: 29، 33. المرجئة فرقة من كبار الفرق الإِسلامية وهم أربع فرق: اليونسية، والعبيدية، والغسانية، والثوبانية.

النون

وَفصل الكلام عليهم في شرح المواقف ومن دستور العلماء (ج 3 ص 245). المتكلمون:25، 69، 208. هم علماء الكلام. وعلم الكلام علم بأمور تحصل معه حصولاً دائماً عادياً قدرة تامة على إثبات العقائد الدينية على الغير وإلزامه إياها بإيرد الحجج عليها ودفع الشبه عنها. وقد تكلم المحقق التفتازاني في شرح العقائد النسفية على وجه تسمية علم العقائد بعلم الكلام. دستور العلماء (ج 3 ص 131). المحدثون: 67. المحدثون هم علماء الحديث. قصد المازري ها هنا بالمحدثين شراح الحديث كما تفيده عبارته في الفقرة المذكورة. المسلمون: 327. جمع المسلم، وهو اسم فاعل من أسلم والإسلام والإيمان مترادفان وهما الإقرار باللسان مع مواطأة القلب، وفي الكشاف أن الإسلام كل ما يكون من الإقرار باللسان من غير مواطأة القلب. والإيمان ما واطأ فيه اللسان القلب. دستور العلماء (ج 1 ص 85). المشركون: 226، 335. المشرك اسم فاعل من أشرك. والشرك أن يجعل للباري ما يشارك ذاته في صفاته. والشريك للباري ممتنع الوجود. دستور العلماء (ج 2 ص 209). المعتزلة: 4، 9، 29، 31،35، 107، 111، 208، 302، 359. المعتزلة ويسمون أصحاب العدل والتوحيد ويلقبون بالقدريه. وذكر الشهرستاني ما يعم طائفة المعتزلة من الاعتقاد (ج 1 ص 57). النون بنو النجار: 226. بطن من الخزرج من الأزد ومنهم أخوال النبيء - صلى الله عليه وسلم -. معجم قبائل العرب لكحالة (ج 3 ص 1173). النحاة: 329. علماء النحو، وهو علم يبحث فيه عن أحوال الكلمة والكلام من حيث الإعراب والبناء. وخص النحاة بتآليف منها طبقات الزبيدي ومنها بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة وقد تقدم الكلام فيما يتعلق بعلماء النحو واللغة. نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -:181. زوجاته - صلى الله عليه وسلم - وهن أمهات المؤمنين والمشهورات منهن إحدى عشرة. وترجم لهن المحب الطبري (- 694) واعتنى بطبعه أحمد بن راغب. بن محمود بن هاشم الطباخ الحلبي (- 1370). النصارى:25، 327. هم أمة المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام. وأتى أربعة من الحواريين اجتمعوا وجمع لكل واحد منهم جمعاً للإنجيل وهم: متى، لوقا، ومرقس، ويوحنا. وقد افترقت النصارى اثنتين وسبعين فرقة

الياء

وكبار فرقهم ثلاثة: الملكائية، والنسطورية، واليعقوبية. الملل والنحل (ج 2 ص 32). الياء اليهود: 327. هم أمة موسى عليه السلام. وكتابهم التوراة وهو أول كتاب نزل من السماء لأن ما نزل قبل التوراة كان يسمى صحفاً وهو ما نزل على إبراهيم عليه السلام وغيره من الأنبياء. وهم قوم ومنهم العنانية والعيسوية وغيرهما. الملل والنحل (ج 2 ص 9).

البلدان والأماكن

البلدان والأماكن أحد: 370. بدر: 355. البقيع: 369. تبوك: 282. الحديبية 46 حروراء: 175. حضرموت:70. القليب: 355. الكعبة: 133. المدينة: 62، 185، 190، 234، 280، 370. المسجد الأقصى: 96. المسجد الحرام: 96. مكة: 86، 140، 285. منى: 36. اليمن: 360، 365.

المُعْلم بفوائد مسلم لِلإِمَامْ اَلمَازْرِي المتوفى سنة 536 هـ - 1141 م اَلجُزْء اَلثَاني تَحقيقْ فضيلة الشيخ محمد الشاذلي النيفر المؤسّسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدّراسات بيت الحكمة

المازري (أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر) المعلم بفوائد مسلم لأبي عبد الله محمد بن علي بن عمر المازرى؛ تقديم وتحقيق محمد الشاذلي النيفر - تونس: الدار التونسية للنشر، المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات (بيت الحكمة)؛ الجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب، 1988 (تونس: المطبعة العربية) -ج 2، 531 ص؛ 24 سم إ. ق 347/ 88 (مسفر) × _ 040 _12 _ 9973 ISBN ............................... vol 2 5 _ 07 _ 911 _ 9973 جميع الحقوق محفوظة 1988

[الزكاة - اللقطة]

بسْم الله الرحمن الرحيْم والصّلاة والسّلام على سيد المرسلين 5 - كتاب الزّكاة 371 - فيه حديث أبي سعيد الخُدْري عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صدقةٌ" الحديث (ص 673). قال الشيخ -وفقه الله-: أصل الزكاة في اللغة النماء. فإن قيل: كيف يستقيم هذا الاشتقاق ومعلوم انتقاص المال بالإِنفاق؟ قيل: وإن كان نقصاً في الحال، فقد يفيد النموّ في المآل، ويزيد في صلاح الأموال. وقد أفهم الشرع أنها شرعت للمواساة وأن المواساة إنما تكون فيما له مال من الأموال فلهذا حدُّ النُّصُبِ كأنه لم ير فيما دونها محملاً لذلك ثم وضعها في الأموال النامية: العين، والحرْث، والماشية. فمن ذلك ما ينمي بنفسه كالماشية والحرث. ومنها ما ينمي بتغيير عينه وتقليبه كالعين. والإِجماع على تعلق الزكاة بأعيان هذه المسميات. وأما تعلق الزكاة بما سواها من العروض ففيه للفقهاء ثلاثة أقوال: فأبو حنيفة يوجبها على الإطلاق، وداود يسقطها، ومالك يوجبها على المدير على شروط معلومة من مذهبه.

يحتج لأبي حنيفة بعموم قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (¬1) ولداود بقوله عليه السلام: "ليسَ على المُسلِم في عبده ولاَ فرَسِهِ صدقة". وفهم هاهنا أن ذلك لأجل كون ذلك خارجاً عن تلك الأموال لا لأجل أنه مقتنى، فأما مالك فيحمل عموم الآية على ما كان للتجارة والحديث على ما كان للقنية. وحدود الشرع في نصاب كل جنس بقدر ما يحتمل المواساة فيه. فأما العين فقد حدّ في نصاب الفضة منه خمس أواقي (¬2). وذكر ذلك في الحديث دون الذهب لأن غالب تصرفهم كان بها. وأما نصاب الذهب فهو عشرون ديناراً، والمعول في تحديده على الإِجماع، وقد حكي فيه خلاف شاذ. وورد أيضاً فيه حديث عن النبيء - صلى الله عليه وسلم -. وأما الحرث والماشية فَنُصُبُهُمَا معلومة. فإن نقص نصاب العين ولم يجز بجواز الوازنة لم تجب الزكاة فيه، وإن نقص يسيراً وجرى مجرى الوازنة وجبت الزكاة فيه؛ وإن كثر النقص وجرى مجرى الوازنة ففي وجوب الزكاة فيه قولان، فمن اتّبع مقتضى اللفظ والتحديد أسقطها، ومن اتّبع المقصود الذي هو الانتفاع بها كالانتفاع بالوازنة أوجب الزكاة. فإن زاد على هذه النُصُبِ شيء فهل يكون فيه شيء أم لا؟ أما ما زاد على النصاب في الإبل والغنم فغير مخصوص بزيادة من أجله من غير خلاف. ¬

_ (¬1) (103) التوبة. (¬2) كذا في جميع الأصول، وهو أحد جمعي الأُوقية فإنها تجمع على أواقيّ كما هنا وأواقٍ.

وأما ما زاد على النصاب في الورِق ففيه خلاف: أبو حنيفة جعله كالماشية، ومالك جعله كالحب. وأما ما دون النصاب في الحب فأبو حنيفة يوجب فيه الزكاة، ونحن نخالف. ويحتج لأبي حنيفة بقوله عليه السلام: "فيما سَقَتِ السماءُ العُشُر" ويحتج عليه بالأحاديث التي فيها التقييد بالنُّصُب. والمطلق يُرَدّ إلى المقيّد إذا كان في معنى واحد بلا خلاف. وله أيضا عموم قوله تعالى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} (¬3). ولنا في مقابلة العموم حديث الأوسق. وفي تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد خلاف بين الأصوليين. قال بعض العلماء: في حديث الأوسق إشارة إلَى أن لا زكاة في الخضر إذ ليست مما يكال. وقال بعضهم أيضاً: إنه ظهر من حسن ترتيب الشريعة التدريج في المأخوذ من المال الذي يزكى بالجزء على حسب التعب فيه؛ فأعلى ما يؤخذ الخمس مما وجد من مال الجاهلية ولا تعب في ذلك. ثم ما فيه التعب من طرف واحد يؤخذ فيه نصف الخمس، وهو العشر فيما سَقَتِ السماء والعيون، وفيما سُقي بالنضح فكان فيه التعب في الطرفين يؤخذ فيه ربع الخمس، وهو نصف العشر، وما فيه التعب في جميع الحول كالعين يؤخذ فيه ثمن ذلك وهو ربع العشر، فالمأخوذ إذًا الخمس، ونصفه، وربعه، وثمنه. وأما الوسق فهو ستون صاعاً بصاع النبيء - صلى الله عليه وسلم -، وهو خمسة أرطال وثلث. والوسق على هذا الحساب مائة وستون مَنَّا. قال شمر: كل شيء حَمَلْتَه فقد وسقته. يقال: ما أفعل كذا ما وسقت عَيْنٌ المَاءَ، أي حملته. وقال غيره: الوسق ضَمُّك الشيء إلى الشيء بعضه إلى بعض. ومنه قوله ¬

_ (¬3) (267) البقرة.

تعالى: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} (¬4)، أي جمع وضم. ويقال للذي يجمع الإِبل فيطردها: واسق، وللإِبل نفسها: وسيقة، وطاردها يجمعها لئلا تنتشر عليه، وقد وسقتُها فاستوسقت، أي اجتمعت وانضمّت. ومنه قول الله تعالى: {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ} (¬5)، أي اجتمع ضوءه في الليالي البيض. وأما الذود فقال أبو عبيد: هو ما بين الثنتين إلى التسع من الإِناث دون الذكور. قال الشيخ: وقال غيره: قد يكون الذود واحداً فقوله - صلى الله عليه وسلم -:"ليس فيما دون خمس ذود من الإِبل صدقة" كأنه قال: ليس فيما دون خمس من الإِبل. وأما الأواقيّ فهي بتشديد الياء وبتخفيفها. قال ابن السكيت وغيره: الأوقيَّة بضم الهمزة وتشديد الياء وجمعها أواقيّ وأواق. 372 - وأما الوَرِق (ص 675) فإن الهروي قال في تفسير قوله تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ} (¬6). الوَرِق والوَرْق والرِّقة: الدراهم خاصة. قال غيره: الرِّقَة بتخفيف القاف. ومنه الحديث: "في الرِّقة ربُعُ العُشُر" وفي حديث آخر: "عفَوتُ لكم عن صدقة الخيل والرقيق فهاتُوا صدقَة الرقة". قال أبو بكر: جمعها رقات ورقون. ومنه قولهم: وِجْدانُ الرقين (¬7) يغطي أفن الأفين. يقول: الغني يغطي عيب المعيب ونقصانه، وغناه وقاية لحمقه، قال الهروي: ورجل وارق، كثير الورق. وأما الورِق فالمال كله. ¬

_ (¬4) (17) الانشقاق. (¬5) (18) الانشقاق. (¬6) (19) الكهف. (¬7) في (ج) "الرقيق".

قال الشيخ: وكما فُهِم عن الشريعة معنى تحديد النصاب فُهِم أيضاً أن ضرب الحول في العين والماشية عدل بين أرباب الأموال والمساكين، لأنه أمَدٌ الغالب حصول النماء فيه ولا يجحف بالمساكين الصبر إليه. ولهذا المعنى لم يكن في الثمر والحب حول لأن الغرض المقصود منه النماء والنماء يحصل عند حصوله. ولهذه المعاني المفهومة حصل من العلماء الاتفاق على أن الزكاة لا تجب على الإِطلاق بل يتوقف وجوبها على شروط معتبرة بحال المالك والملك والمملوك. فإن كان المالك صبيًّا فالزكاة عندنا واجبة في ماله. وأبو حنيفة لا يوجب في مال الصبي زكاة. وحجتنا قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (¬8) فعمّ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أمرتُ أن آخذها من أغنيائكم". وغير ذلك من العمومات. وتناقض أبو حنيفة بإيجابه الأخذ من مال الصبي في الحرث. ويحتج هو بقول الله تعالى: {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (¬9) والصبي غير مأثوم فلا يحتاج إلى تطهير. ويحتج أيضاً بأن الصبي غير مكلف فلا يتوجه الخطاب عليه. قلنا: الخطاب عندنا متوجه إلى مَن يَلِي مال الصبي بأن يخرج منه لا أن الصبي هو المخاطب به. ووجه الخلاف بيننا وبينه من جهة المعنى أن هذا فرع بين أصلين: أحدهما: نفقة الوالدين وهي واجبة في ماله باتفاقه. والثانى: الجزية فإنها ساقطة عن الصغير الذّمّي باتفاق، فيَرُدّ ذلك أبو حنيفة إلى الجزية من جهة أنها شبيهة بما يؤخذ من الزكاة، ونرده نحن ¬

_ (¬8) (103) التوبة. (¬9) (103) التوبة.

إلى نفقة الوالدين. والشبه بينهما أنهما جميعاً من باب المواساة، فرد المواساة إلى المواساة أولى من ردها إلى ما هو عَلَم على الذلة والصغار، وهي تطهير وتزكية للأموال. وينقض عليه رده إلى ذلك الاتفاق منا ومنه على وجوب الزكاة على النساء وسقوط الجزية عنهن. وهذا دليل على أنهما ليسا بأصل واحد. 373 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأما خالدٌ فإنكم تَظْلِمُون خالدًا قد احْتَبَس أدراعه وأعتاده". وفيه أنه قال: "وأما العباس فهي عَلَيّ ومثلها معها". وفي غير هذا الكتاب "فهي عليه"، وفي رواية أخرى "فهي صدقة عليه ومثلها" وفي رواية أخرى "هي له ومثلها" (677). قال الشيخ -وفقه الله-: قوله: "احتبس" فيه دلالة على جواز تحبيس العروض خلافاً لمن منعه. وفيه أيضاً إشارة إلى ثبوت التحبيس مع كون الشيء المحبس يعود إلى محبسه. وهذا على تأويل من رأى أن المال الذي في يديه ظن الساعي أنه ملكه وهو محبس. وقد تُؤُوِّل الحديث على أن معنى قوله: "تظلمون خالدا" أي أنه بصفة من لا يليق به منع الزكاة لأنه إذا حبس ماله تطوعاً فأحرى أن لا يمنع الواجب. وأما قوله عليه السلام في العباس -رضي الله عنه-: "هي علي ومثلها" يحتمل أن يريد أني أؤديها عنه. يدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - في عقيب ذلك: "إن العم صُنْوُ الأب". وقيل: معنى قوله "علي" أي له زكاة عامين قدَّمها. وهذا التأويل إنما يصح على قول من يرى جواز تقدم الزكاة قبل حولها. وأما رواية "هي له" فيقرب معناها من رواية "علي". وأما رواية "هي عليه ومثلها" فيحتمل أن يكون أخَّرهَا - صلى الله عليه وسلم - عنه إلى عام آخر تخفيفاً ونظراً. وللإِمام تأخير ذلك إذا أداه الاجتهاد إليه. وأما رواية "صدقة عليه" فبعيدة لأن العباس من الأقارب الذين لا تحل لهم الصدقة، إلا أن يقال: لعل ذلك من قبل تحريم الصدقة على النبيء

- صلى الله عليه وسلم -، أو رأى عليه السلام إسقاط الزكاة عنه عامين لوجه رآه. وقيل في الرواية المتقدمة التي قال فيها: "هي له" أنها بمعنى (عليه) قَالَ الله تَعَالى: {وَلَهُمُ (¬10) اللَّعْنَةُ}، أي عليهم. وقال تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} (¬11) أي فعليها. وأما قوله "احتبس أعتاده" فإن الهروي وغيره قال: العتاد هو ما أعده الرجل من السلاح والدواب والآلة للحرب ويجمع أيضاً أعتدة (¬12). وأما قوله في رواية أخرى: "احتبس أدراعه وعقاره" فإن الهروي قال في الحديث الذي فيه "فردّ النبيء - صلى الله عليه وسلم - ذَراوِيَهم وعقار بيوتهم". قال الأزهري: أراد متاع بيوتهم والأدوات والأواني (قال الحربي: أراد أراضيهم) (¬13). وقال ابن الأعرابي: عقار البيت ونَضَدُهُ: متاعه الذي لا يبتذل إلا في الأعياد، وبيت حسن العقار، أي حسن المتاع، وعقار كل شيء خياره، والعقر والعقار: الأصل، ولفلان عقار، أي أصل، ومنه الحديث: "من باع داراً أو عقاراً". والعقار: الأرضون. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنّ عَمَّ الرجل صَنوُ أبيه" أراد أن أصله وأصل أبيه واحد. وقال ابن الأعرابي: الصنو: المثل، أراد مثل أبيه. وقيل في قول الله تعالى: {صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} (¬14): إن معنى الصنوان أن ¬

_ (¬10) (52) غافر. وما أثبتناه في قوله تعالى: {وَلَهُمُ} هو ما في (د) وفي بقية النسخ (فلهم) بالفاء وهو مخالف للتلاوة. (¬11) (7) الإِسراء. (¬12) جاء بهامش (أ) إشارة قبل "أعتدة" إلى أن اعتدًا من جموع العتاد فيجمع على أعتد وأعتدة. (¬13) ما بين القوسين ساقط من (أ). (¬14) (4) الرَّعد.

[زكاة الفطر]

يكون الأصل واحداً. وفيه النخلتان والثلاث والأربع. والصنوان جمع صنو ويجمع أصناء مثل اسم وأسماء، فإذا أردت الجمع المكسر قلت: الصِّنيّ والصُّنِيّ. [زكاة الفطر] 374 - قول ابن عمر:"فَرَضَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زَكَاةَ الفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلى النَّاسِ" الحديث (ص 677). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في زكاة الفطر: هل هي واجبة أم لا؟ فاحتج من قال بالوجوب بدخولها في عموم قوله تعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} (¬15). واحتج أيضاً بقوله: "فَرضَ زكاة الفطر". وقد قيل: إن "فَرَض" هاهنا بمعنى قَدَّر لا بمعنى أوجب. وأصل الفرض الحزّ والقطع، يقال: فرضت شِراكي إذا حززته وقطعت فيه خيطاً، وفرض الحاكم نفقة المرأة إذا قطع، وفرضتُ القرآن قطعتُ بالقراءة منه جزءاً، فإن كان الفرض غالباً استعماله في الوجوب كان حجة لمن يقول بالإِيجاب. وهل من شرط وجوب زكاة الفطر ملك النصاب أم لا؟ عند المخالف أن من شرط وجوبها ملك النصاب، ومالك لا يشترط ذلك. فمن أخذ بعموم قوله: "فَرَض زكاة الفطر" على إطلاقها أوجبها على من لا نصاب له، ومن أخذ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمِرتُ أن آخذها من أغنيائكم" اشترط النصاب لكون من لا يملكه ليس بغني. وأما زمن وجوبها فاختلف فيه عندنا فقيل: بغروب الشمس من آخر رمضان. وقيل: بطلوع الفجر من يوم الفطر. وقد قيل: ينبني الخلاف على ما وقع في هذا الحديث من قوله: "فرض زكاة الفطر من رمضان" ¬

_ (¬15) (43) البقرة.

هل المراد هاهنا الفطر المعتاد في سائر الشهر فيكون الوجوب من الغروب؟ أو أراد الفطر الطارىء بعد ذلك الذي هو بطلوع الفجر من شوال فيكون الوجوب من حينئذ. وفي قوله: "الفطر من رمضان" تنبيه على قول من يرى أنها لا تجب إلا على من صام ولو يوماً من رمضان. قال الشيخ: وكأن سالك هذه الطريقة رأى أن العبادات التي تطول ويشقّ التحرز فيها من أمور توقع فيها وصماً جعل الشرع فيها كفارة من المال عوضاً عن التقصير، كالهدايا في الحج لمن أدخل فيه نقصاً يكفره بالهدي. وكذلك الفطرة كفارة لما يكون في الصوم. وقد وقع في بعض أحاديثها أنه قال: "تطهيراً من اللغو والرفث". واختلف الناس أيضاً في إخراجها عن الصبيّ (إذ لا إثم عليه) (¬16). فمن قال: لا تجب عليه جنح إلى الطريقة التي ذكرنا وأن علتها التطهير وَهْوَ لا إثم عليه. وحجتنا على من لم يُوجبها في مال الصبيّ ما وقع في بعض الأحاديث من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "على كل حرّ أو عبد صغير أو كبير". وكأنه وإن كان وجه التعبد بها التطهيرَ من الآثام فإن التعليل للغالب وإن وجد في بعض الأحاديث ما ليس فيه تلك العلة كما أن القصر في السفر للمشقة وإن وجد من لا يشق عليه ذلك فإنه لا يخرج من جملة من أُرْخِص له. 375 - وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "عَلَى كُلٍّ حُر أوْ عَبْدٍ" (ص 677). فإن داود أخذ بذلك وقال: تجب على العبد كما اقتضاه اللفظ، ولكن على السيّد أن يتركه قرب الفطر يكتسب ذلك القدر ولا يكون له منعه من ¬

_ (¬16) ما بين القوسين ساقط من (أ) و (د).

ذلك تلك المدة التي يكتسب فيها كما لا يمنعه من صلاة الفرض. ومذهبنا: أنها لا تجب على العبد، وهو بمنزلة الفقير، إذ السيد قادر على انتزاع ماله. ومحمل الحديث عندنا على أن (على) بمعنى (عن)، أي يخرجها السيّد عن عبده. وأما القدر المخرج في زكاة الفطر من غير البُرّ مما يجزئ فيها فإنه صاع. واختلف إذا كان بُرًّا، فعندنا أنه لا يخرج منه أقل من صاع. وقال أبو حنيفة: يجزئه نصف صاع. ويحتج بما وقع في بعض الأحاديث من ذلك. وأما الحديث الذي فيه: "كُنّا نُخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم" الحديث، فقد رُوي على طريقين: فأما التي فيها "أو صاعا" فليس له تعلق فيها. بل ظاهرها حجة عليه لأن الطعام الذي أفرده باسم الطعام نوع زائد على بقية الأنواع المذكورة في الحديث. وقد قيل: إن العرب عندهم في إطلاق اسم الطعام أن المراد به البُرّ. وأما الرواية التي ليس فيها (أو) وإنما فيها "صاعاً من طعام صاعاً من شعير" فقد يصح لهم أن يقولوا: إنما عدد بعد لفظ الطعام بدلٌ منه. ومن حجتنا أيضاً أنه - صلى الله عليه وسلم - ذكر أشياء من الأطعمة تختلف قيَمُها وسَاوَى بين ما يخرج منها فوجب أن لا ينقص من إخراج البر من الصالح وإن كانت قيمته أكثر من قيمة غيره. 376 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بُطحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ" (ص 680). أي ألقي على وجهه. والقاع المستوى الواسع في وطاء من الأرض يعلوه ماء السماء فيُمْسكه ويستوِي نباته. ذكره الهروي في قوله تعالى: {قَاعًا

صَفْصَفًا} (¬17) وجمعه: قيعة وقيعان مثل جار وجيرة وجيران. والقرقر المستوى من الأرض أيضاً المتسع. قال الثعالبي: إذا كانت الأرض مستوية مع الاتساع فهو الخبت والجدد والصَّحْصح ثم القاع والقرقر ثم الصفصف، وذكر غير ذلك. والجلحاء التي لا قرن لها، وفي حديث كعب: "ولأدعنّكِ جلحاء"، أي لا حصن عليك، والحصون تشبّه بالقرون، ولذلك قيل لها الصياصي (¬18) فإذا ذهبت الحصون جلحت القرى فصارت بمنزلة البقر التي لا قرون لها. والعقصاء: الملتوية القرنين. ورجل عَقِصٌ: فيه التواء وصعوبة أخلاق. والعضباء: وهي التي انكسر قرنها الداخل وهو المُشاش. وقد يكون العضب في الأذن أيضاً. والعضباء اسم ناقة النبيء - صلى الله عليه وسلم -، ولم تسْم كذلك من أجل شيء بها. والمعضوب: الزَّمِن الذي لا حراك به، والأعضب من ألْقَاب الزحاف هو ذهاب إحدى حركتي الوتد منه وذلك في الوافر خاصة، كما سُمي الثَّوْر الذي ذهب أحد قرنيه أعضب. أنشد الخليل شاهدا في ذلك: [الوافر] إذَا نزل الشتاء بدارِ قَومٍ (¬19) ... تجنب جَار بيتهمُ الشتاء وهو (¬20) الأعضب يسمى في غير الوافر أَخرم فإذا كان في الطويل سمي أثلم، وليس هذا موضع شرحه. 377 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الخَيْلُ ثَلاَثَةٌ" الحديث (ص 682). قال الشيخ -وفقه الله-: تعلق أبو حنيفة في إيجاب الزكاة في الخيل ¬

_ (¬17) (106) طه. (¬18) في (ب) و (د) "صياص" وفي (ج) "صياصي". (¬19) في (ب) "بأرض قوْمٍ". (¬20) في (ب) و (ج) و (د) "وهذا".

بقوله في الحديث: "ولم ينس حق الله في ظهورها ولا في رقابها". فنقول: يصح أن يجعل ذلك على غير الزكاة. وقد قيل: يحتمل أن يكون المراد بذلك الحمل عليها في سبيل الله. وقد يقع ذلك على حالة يتعين على مالكها ذلك فيها، مع أن أبا حنيفة خالف إطلاق هذا الحديث وظاهره، لأنه لا يوجب أخذ الزكاة من عين الخيل بل يقول: إن ربها مخير بين أن يؤدي ديناراً على كل رأس منها، أو يقومها ويخرج ربع عشر القيمة. ولا تجب الزكاة عنده إلا في الإِناث، أو في الإِناث مع الذكور. وأما إن كان في ملكه الذكور منها خاصة فلا زكاة عليه فيها. وأما قوله عليه السلام في الحديث: "والذي يتخذها أشرًا" فإن ابن عرفة قال: إذا قيل: فعل ذلك أشرا وبطرا، فالمعنى لَجّ في البطر، ومنه {كَذَّابٌ أَشِرٌ} (¬21) أي لجوج في البطر، والبطر: الطغيان عند الحق، والأشر أيضاً سوء احتمال الغنى. والمرح،: التكبر. قال القُتَبي: الأشِر: المرِح المتكبر. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ونِواءً لأهل الإِسلام" أي معاداة لهم، يقال: ناوأته نواء ومناوأة إذا عاديته. وأصله: أنه ناء إليك ونُؤْتَ إليه، أي نهضت. ومعنى استَنَّتْ: جرت. قال أبو عبيدة (¬22): الاسْتِنَانُ: أن يحضر الفرس وليس عليه فارس. قال غيره: يستن في طِوَله، أي يمرح فيه من النشاط. ويقال: منه فرس سَنِين. والطِوَل: الحبل. قال ابن السكّيت: لا يقال إلا بالواو. وقوله: "في رِقابها وظهورها". قيل المراد بالرقاب هاهنا الإِحسان إليها. وقيل: يحمل عليها وَيُبَتِّل عطيتها. ¬

_ (¬21) (25) القمر. (¬22) في (أ) "أبو عبيد".

والمراد بالظهور قيل: أن يحمل عليها ثم تعود إليه. وقيل: أن يُنْزيَهَا بغير عوض. والشرف ما يعلو من الأرض. وقال بعضهم: الشرف الطلق. فكأنه يقول: جرت طلقا أو طَلْقَين. 378 - وأما قوله في الحديث:"قُلنا: يا رسول الله وَمَا حَقُّهَا؟ قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: إطْرَاقُ فَحْلِهَا، وَإعَارَةُ دَلْوِهَا، وَمَنِيحَتُهَا، وَحَلْبُهَا عَلَى الْمَاءِ" (ص 685). قال الشيخ: يحتمل أن يكون هذا الحقّ في موضع تتعين فيه المواساة. وقيل: معنى قوله: "حَلْبُها على المَاء" أي يقربها للمصدق وييسّر ذلك عليه بإحضارها على الماء حتى يسهل عليه تناول أخذ الزكاة منها. والمنحة عند العرب على معنيين: أحدهما أن يعطي الرجل صاحبه صلة فتكون له، والأخرى أن يمنحه ناقة أو شاة فينتفع بلبنها ووَبَرِها (زمانا ثم يردّها) (¬23)، وهو تأويل قوله في بعض الأحاديث "المنحة مردودة". والمنحة تكون في الأرض يمنحها الرجل أخاه ليزرعها. ومنه الحديث: "مَنْ كانت له أرض فَلْيَزْرَعْها أو يمنَحْها أخاه". قال ابن حنبل: ومنحة الوَرق هو القرض. قال الفراء: يقال: منحته أمنَحُه وأمنِحُه. قال ابن دريد: أصل المنحة: أن يعطي الرجل رجلاً (¬24) ناقة فيشرب لبنها أو شاة، ثم صارت كلّ عطية منحة. قال غيره: ومنيحة اللبن أن يجعلها الرجل لآخر سنة. قال الشيخ: جعل أبو عبيد وابن دريد زمانها غير محدود، وفي حديث أم زرع: "آكل فأتمنح"، أي أطعم غيري. ¬

_ (¬23) ما بين القوسين ساقط من (أ) فقط. (¬24) في (أ) "أن يعطي رجلٌ رجلاً".

379 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "جَاءَ كَنْزُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أقْرَعَ" الحديث (ص 684). الشجاع: الحية الذكر. ومنه قول الشاعر: [الرجز] الأفْعَوان والشجاع الشَّجْعَمَا قال اللّحياني: يقال للحية: شُجاع وشِجاع وثلاثة أشجعة ثم شُجعان. ويقال: للحية أيضاً: أشجع. والأقرع من الحيات الذي تمعّط رأسه لكثرة سمّه، ومن الناس الذي لا شعر على رأسه لدائه. ونُغْض الكتف: هو العظم الرقيق الذي على طرفها، والناغض: فرع الكتف، قيل له: ناغض لتحركه. ومنه قيل للظليم: نَغْض (¬25)، لأنه يحرك رأسه إذا عدا. 380 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يمينُ الله مَلأَى سَحَّاء لا يَغيضُها شيءٌ" (ص 690). * قال الشيخ -وفقه الله-: هذا مما يتأول، لأن اليمين التي هي جارحة إنما كانت يمينا بنسبتها إلى الشمال فلا يوصف بها تعالى لأنها تتضمن إثبات شمال، وهذا يؤدي إلى التحديد ويتقدّس الباري سبحانه عن أن يكون جسماً محدوداً. وإنما خاطبهم - صلى الله عليه وسلم - بما يفهمونه إذ أراد الإِخبار على أن الباري لا ينقصه الإِنفاق ولا يمسك خشية الإِملاق، جلت قدرته وعظمت عن ذلك. وعبر عليه السلام عن قدرة الله سبحانه على توالي النعم بسَحّ اليمين إذ الباذل منّا والمنفق يفعل ذلك بيمينه. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "وكِلْتَا يدَيْه يَمِين" فأشار عليه السلام إلى أنهما ليستا بجارحتين إذ اليدان الجارحتان: يمين، وشمال. ويحتمل أن يريد عليه السلام بذلك أن قدرة الله تعالى على الأشياء على وجه واحد لا تختلف ¬

_ (¬25) في (د) "نغِض" بكسر الغين.

بالضعف والقوة، وأن المقدورات تقع بها على نسبة واحدة لا تتفاوت ولا تختلف في الضعف والقوة كما يختلف ما يفعله الإِنسان منا بيمينه وشماله، تعالى الله عن صفات المخلوقين ومشابهة المحدَثين. 381 - وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَبِيَدِهِ الأُخْرَى القَبْضُ والبَسْط" (ص 691). فكأنه أفهم أنه تعالى وإن كانت قدرته واحدة فإنه يفعل بها المختلفات. ولما كان ذلك فينا لا يتمكن إلا بيدين عبّر عن قدرته على التصرف في ذلك بذكر اليدين ليفهمهم المعنى المراد بما اعتادوه من الخطاب على سبيل المجاز. 382 - قال الشيخ -وفقه الله-: الحديث الذي فيه: "بَيْعُه عليه السلام للمُدَبّر" (ص 692). يحتج به للشافعى (على جواز بيعه) (¬26) تأوله أصحابنا على أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - إنما باعه عليه في الدَّين. والذي في كتاب مسلم تقوية للشافعي لأنه ذكر فيه أنه عليه السلام قال له: "ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فَضَل شَيْء فَلِأهْلك". ولو كان بِيع للدين لَقُضِي الثمن للغُرَمَاء ولم يأمره أن يفعل فيه ما ذكر. والشافعى أحلّ المدبّر في البيع محلّ الموصَى بعتقه. وأصح ما فرق به أصحابنا بينهما أن ذلك مبني على المقاصد، والتدبير عندهم علامة على أنه قصد أن لا يرجع في هذا الفعل ولا يحلّه، وليس كذلك الوصية، ولو صرح في الوصية بأنه لا يرجع فيها لشابهت التدبير. ¬

_ (¬26) ما بين القوسين هنا هو ماثبتَ في (ب) فقط.

383 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لِمَيْمُونَةَ لَمَّا عَتَقَتْ وَلِيدَةً لَهَا: لَوْ أعْطَيْتِهَا (¬27) أخْوَالَكِ كَانَ أعْظَمَ لأجْرِكِ" (ص 694). قال الشيخ: إن لم يكن لها قرابة إلاّ من قبل الأم فإن الوجه تخصيص الأخوال، وإن كان لها قرابة من الجهتين فيحتمل أنه خص قرابة الأم بذلك ورآهم أولى لأن الأم لما كانت أولى بالبرّ كانت قرابتها أولى بالصدقة. 384 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بَخْ ذَلك مَالٌ رَابِحٌ" (ص 693). قال أبو بكر: معناه تعظيم الأمر وتفخيمه، وسُكِّنت الخاء فيه كما سُكِّنت اللام في: بلْ وهلْ. ومن قال: بخٍ بالخفض (والتنوين) (¬28) شبّهه بالأصوات بِصَهٍ ومَهٍ. وقال ابن السكيت: بَخْ بَخْ وبَهْ بَهْ بمعنى واحد. ومَن رواه "رابح" بالباء فمعناه: ذو ربح، كما يقال: رجل لاَبِن وتامر، أيْ ذُو لَبَن وتمر، وكما قال النابغة: [الطويل] .......................... كِلِيني لِهَمّ يا أُمَيْمَةُ نَاصِبِ أي ذي نصب. ومن رواه: "رايح" بالياء فمعناه أنه قريب العائدة. 385 - وفي الحديث أنه عليه السلام: "قَالَ لِلنِّسَاءِ: تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حَلْيِكُنَّ"، وأن زوجة عبد الله بن مسعود استأذنت النبيء - صلى الله عليه وسلم - "هل يُجزِيها أن تُعطى صدقَتها لزوجها؟ " (ص 694). ¬

_ (¬27) في (أ) و (ج) "لو أعطيتيها" بمد التاء وما هنا هو ما في (ب) وفي أصول مُسْلم. (¬28) "والتنوين" ساقط من (أ) وثابت فيما عداها من النسخ.

قال الشيخ: هذا جعله المخالف حجة على إثبات الزكاة في الحلي على أيّ وجه كان ملكه. وعندنا: أن الحلي للباس لا زكاة فيه، وأن المتّخذ للبيع فيه الزكاة. واختلف عندنا فيما اتخذت النساء من الحلي للكراء هل فيه الزكاة أم لا؟ وسبب الخلاف أنه فرع بين هذين الأصلين؛ فمن شبهه بحلي اللباس من جهة أنه لم يكتسب لتباع عينه لم يوجب فيه الزكاة. ومن شبهه بحلي التجارة من جهة أنه تجتنى منه منفعة أوجب فيه الزكاة. فأما المخالف فقد قال: قوله - صلى الله عليه وسلم - "ولو مِنْ حَلْيِكُنّ" فيه دليل على إثبات الزكاة على الإطلاق. ويصح لنا الانفصال عن ذلك بوجهين: أحدهما: أنه لم يصرح بأن الصدقة هاهنا في الزكاة المفروضة (¬29) في الأموال، فيحتمل أن يكون أراد صدقة التطوع أو الواجبة على غير جهة الزكاة للمواساة وشبه ذلك. والوجه الثاني: أن قوله "ولو مِن حَلْيِكُنّ" ربما كان الأظهر فيه نفي الزكاة عن الحليّ، وأن حكمه بخلاف حكم غيره لأنه لا يقال فيما تجب فيه الزكاة: زكِّ ولو من كذا، وإنما يقال: زَكِّ ولو من كذا، فيما لا تجب فيه الزكاة ليكون في ذلك مبالغة، كما يقول القائل: افعل كذا وإن كان لا يلزمك، على سبيل الحث له على الفعل. وأما إباحته فيه إعطاء الصدقة لزوجها، فيحتج به لأحد القولين عندنا في إعطاء المرأة زوجها زكاتها إذا كان فقيراً، ولكن إنما يصح الاحتجاج به ¬

_ (¬29) في (ج) "هي هاهنا الزكاة المفروضة".

إذا عُلِم أن تلك الصدقة التي استأذنت فيها زكاة، وهو لَعمري الأظهر في لفظ الحديث لأنها سألت:"هل تجزي؟ ". وهذا اللفظ إنما يستعمل في الواجب غالباً. 386 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث:"أنَّ رَجُلاً أتَى النَّبِيءَ - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا"، وفيه: "أفَلَهَا أجْرٌ إنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ" (ص 696). قال أبو عبيد: معناه ماتت فجأة فلتة (¬30) وكل أمر فعل على غير مكث فقد افتلت. ويقال: افتلت الكلام واقترحه إذا ارتجله. قال الشيخ: وأمَّا قوله في الصدقة عنها، فإن الاتفاق على أن الصدقة بالمال عن الميّت نافعة. واختلف في عمل الأبدان فمن قاسه على المال جعله نافعاً، ومن أخذ بقوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (¬31) جعله غير نافع، وإن عورض بعض من يقول: إن عمل الأبدان لا ينفع بالحج عن الغير. قال: هي عبادة غلب المال فيها على عمل البدن فردّت إلى حكم الصدقة بالمال عن الغير على الجملة. ويحتج مَنْ قال: إن عمل البدن نافع بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن مَاتَ وعليه صيام (¬32) صَامَ عنه وليُّه" فيصير الخلاف مبنياً على معارضة الحديث لظاهر الآية، فمن قدّم الحديث جعل ذلك نافعاً ومن قدّم الظاهر لم يجعله نافعاً. 387 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فِي بُضْع أحَدِكُمْ صَدَقَةٌ. قَالُوا: يَا رَسُولَ الله أيأْتِيِ أحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُون لَهُ فِيهَا أجْرٌ؟ قَالَ: أرأيْتُمْ لَوْ وَضَعَها فِي حَرَامٍ أكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْزٌ؟ فَكَذَلِكَ إذَا وَضَعَهَا فِي الحَلاَلِ كَانَ لَهُ أجْرٌ" (ص 697). ¬

_ (¬30) "فلتة" ساقطة من (أ) وضبطت "فلتة" في (د) بضم الفاء. (¬31) (39) النجم. (¬32) في (ب) و (ج) و (د) "صَوْم".

قال الشيخ -وفقه الله-: البُضْع: الجماع، والبُضع في غير هذا: الفَرْجُ. وقال الأصمعي: مَلَكَ فُلاَنٌ بضع فلانة إذا ملك عُقدة نكاحها، وهو كناية عن موضع الغِشْيَانِ والمباضعة المباشرة والاسم البضع. قال الشيخ -وفقه الله-: لا يقال: إن قولهم: "أيَأتِي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ " إنما بَعُدَ عندهم عَلَى طَرِيقَة المعتزلة في التقبيح والتحسين من جهة العُقُولِ، وأنَّهُ لاَ يؤجر إلا على فعله. بل يحتمل أن يكون إنما بَعُدَ عندهم على ما عهدوه من حكم الشريعة وتقرر عندهم أن الأجور تكون بقدر المشاق، وهذا مما تدعو إليه الطباع وتستلذه. ووجه مراجعتهم له - صلى الله عليه وسلم - لا إنكارًا مِنْهم للوحي ولكنه يحتمل أن يكون أرادوا أن يُبَيّنَ لهم (¬33) موضع الحجة، فبين لهم وقاس القياس المتقدم، وهذا القياس الذي قرر ضربٌ من قياس العكس، وفي العمل به خلاف بين أهل الأصول. وهذا الحديث تقوية لأحد القولين. قال الشيخ: ذهب الكَعْبِي إلَى أن ليس في الشريعة مُبَاحٌ. قال لأن كل فعل يفعله العبد من مشي وأكل وشبهه ينقطع به عن معصية (¬34) فقد صار مأجوراً فيه من جهة كونه قاطعاً له عَنِ المعصية. وأقل ما نُبْطل (¬35) عليه به هذا المذهب أن نقول: ينبغي أن يكون الإِنسان مأْجُورًا في الزنا إذا تشاغَلَ به عن معصية أخْرى. فإن قال قائل: هل في هذا الحديث المتقدم إشارة يتعلق بها الكعبيّ لأنه جعله مأجورًا في وضع نطفته في الحلال لَمَّا صده ذلك عن وضعها ¬

_ (¬33) في (د) "له" وهو خطأ. (¬34) في (أ) "عن معصيته". (¬35) في (ب) و (ج) و (د) "يُبطل" بالياء.

في حرام؟ (¬36) قيل (¬37): لا تعلق له بذلك لأن الأجر هاهنا إنما كان من جهة القصد إلى الاستعفاف بالحلال عن الحرام، ولو قصد بفعل المباح الانقطاع عن المعصية لأُجِر على قصده إلى ذلك. مع أنه يحتمل أن يكون عليه السلام أراد بما ذكر التشبيه والتقريب إلى أفهامهم فكأنه قال (¬38) لهم: أليس قد صح في عقولكم أن اللذة بالزنا يتعلق بها الإثم مع أن ذلك طبيعي، فكذلك لا يبعد أن تؤجروا على فعل ذلك على وجه الحلال، وإن كان طبيعياً. وهذا التأويل الثاني إنما يصح في حقّ من فُهِم عنه استبعاد تعلق التكليف بالشهوة لما كانت طبيعية ولم يتعرض لما سوى ذلك مما تَفْترق (¬39) فيه أحكام التكاليف. 388 - قوله في الحديث: "عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ والثَّلاَثِمائَةِ السُّلاَمَى" (ص 698). قال أبو عبيد: السُّلاَمى في الأصل: عظم من فرسن البعير، كَأنَّ المعنى: على كل عظم من عظام ابن آدم صدقة. قال في حديث خزيمة: "حتى آل السُّلاَمى" يريد رجع إليه المخ. يقال: هو آخر ما يبقى فيه المخ. 389 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تَقِيءُ الأرْضُ أفْلاَذَ كَبدهَا" (ص 701). أي تُخرج الكنوز المدفونة فيها. قال ابن السِّكِّيت: الفِلْذُ لا يكون إلا للبعير وهو قطعة من كبده. يقال: فِلْذَةٌ واحدة ثم تجمع فِلَذًا أو أفْلاَذًا ¬

_ (¬36) في (ج) "في الحرام". (¬37) في (ج) "قيل له". (¬38) في (ج) "قد قال". (¬39) في (ب) و (ج) "يفترق".

وهي القطع المقطوعة طولاً. وهذا مثل قوله تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} (¬40). وسمى ما في الأرض كبدا تشبيها بالكبد الذي في بطن البعير. وخص الكبد لأنه من أطايب الجزور. وقوله: "تقيء" أي تُخرج وتُظهر. 390 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا تَصَدَّقَ أحَدٌ بتَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ إلاَّ أخَذَهَا الله بِيَمِينِهِ فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ قَلُوصَهُ" وفي حديث آخر: "فَتَرْبُو في كَفِّ الرَّحْمن" (ص 702). قال الشيخ: قد ذكرنا استحالة اتصاف الباري سبحانه بالجوارح، وأن هذا وأمثالَه إنما عَبّر به -عليه السلام- لهم على ما اعتادوا في خطابهم ليفهموا عنه، فكنى هاهنا عن قبول الصدقة بأخذها بالكف واليمين، وعن تضعيف أجرها بالتربية. 391 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أجْرُهَا وَأجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا". وقال عليه السلام في إثم السيئة مِثْلَ ذَلك (ص 704). وهذا المعنى نحو ما قدمنا مِن أنّ مَن أعان على الفعل كمن فعله. 392 - قوله: "ذَكَرَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - النَّارَ فَأعْرَضَ وَأشَاحَ" (ص 704). "أشاح" له معنيان: جَدّ وانكمش على الإِيصاء باتقاء النار، والآخر: حَذِرَ النار كأنه ينظر إليها. قال الأصمعي: المُشِيح الجاد، والمشيح أيضاً ¬

_ (¬40) (2) الزلزلة.

الحَذِر. وقال الفراء: المشيح على معنيين: المقبل إليك، والمانع لما وراء ظهره. قال: وقوله "أعرض وأشاح" أي أقبل. 393 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أنْفَقَ زَوْجَيْنِ" (ص 711)، أي شيئين. قالَ الهروي في حديث أبي ذَرٍّ: "مَنْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ زَوْجَينِ في سَبِيلِ الله ابْتَدَرَتْهُ حَجَبَةُ الجَنَّةِ. قيل: وما زوجان؟ قال: فرسان أو عبدان أو بعيران". قال ابن عرفة: كل شيء قُرن بصاحبه فهو زوج. يقال: زوجت بين الإبل، أي قرنت كل واحد بواحد. 394 - في الحديث: "أن أسْمَاء بنتَ أبي بكر -رضي الله عنهما- قالت: يا نبَّي الله، ليس لي شيء إلاَّ ما أدْخَلَ عَليَّ الزُّبيْر، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أن أرْضَخَ مِمَّا يُدْخِلُ عَليَّ؟ فقال: ارْضَخِي مَا اسْتَطَعْتِ وَلاَ تُوعِي فيُوعِيَ الله عَلَيْكِ" (ص 714). وفي حديث آخر فقال: "أنْفِقِي أوِ انْضَحِي أوِ انْفَحِي وَلاَ تُحْصِي" (ص 713). قال الشيخ: إن كانت إنما سألته عن الإِعطاء مما يعطيها الزبير نفقة لها فبين جوازه، وإن كان إنما أرادت بقولها: "مما يُدخل عليّ الزبير" أي مما كان ملكاً له، فيكون محمل ذلك على أنه لا يكره ذلك منها وأنها عادة عوَّدوها أزواجهم. قال ابن القوطية: نَفح الطِّيبُ نَفْحا تحرك، والرّيح هَبَّتْ بَارِدَةً ضد لَفَحَتْ، والدابة (¬41) بحافره ضرب، والرجل بالسيف ضرب به شزَرًا، وبالعطاء أعطى. ¬

_ (¬41) الدّابّة تطلق على المذكر، والتاء للوحدة وليست للتأنيث.

وفي حديث آخر: "ما أعطيتِ مِنْ كَسْبه من غير أمْرِهِ فَإنَّ نِصْفَ أجْرِهِ لَهُ" وهو نحو مما ذكرنا. وقوله: "من غير أمره" يحتمل أن يريد نطقا وأن عادتهم التوسعة لنسائهم في ذلك. وأما قسمة الأجر بينهما فمن جهة أن له أجْرَ الملك ولها أجرُ السعي. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ارضخي" الرضخ: العطية القليلة. يقال: رضختُ من مالي رضيخة. 395 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ المِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوافِ ... " الحديث (ص 719). قال محمد بن سلام: قلت ليونس: ما الفرق بين الفقير والمسكين؟ فقال (¬42): الفقير الذي يجد القوت والمسكين الذي لا شيء له. وقال ابن عرفة: الفقير عند العرب المحتاج، قال الله تعالى: {أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} (¬43) أي المحتاجون (¬44). والمسكين الذي قد أذله الفقر فإذا كان هذا إنما مسكنته من جهة الفقر حلت له الصدقة وكان فقيراً مسكينا، وإذا كان مسكيناً قد أذله شيء سوى الفقر فالصدقة لا تحل له، إذ كان سائغاً (¬45) في اللغة أن يقال: ضرب فلان المسكين وظلم المسكين وهو من أهل الثروة واليسار، وإنما لحقه اسم المسكين من جهة الذلة، فمن لم تكن مسمكنته من جهة الفقر فالصدقة له حرام. وقد سمّى الله تعالى من له المِلْك مسكيناً فقال تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} (¬46). وقال الشافعى: الفقراء هم الزمنَى الذين لا ¬

_ (¬42) في (أ) "قال". (¬43) (15) فاطر. وفي (ج) "وأنتم". (¬44) في (ب) "أي المحتاجون إليه". (¬45) في (ج) "شائعًا". (¬46) (79) الكهف.

حرفة لهم، وأهل الحرف الذين لا تقع حرفتهم من حاجتهم موقعاً، والمساكين السؤَّال ممن له حرفة تقع موقعاً ولا تغنيه وعيالَه. 396 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْألُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ لَيْسَ (¬47) فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ" (ص 720) أي قطعة لحم. يقال: أطعمه مُزْعة لَحْم، أي قطعةً منه ونتفةَ لحم أي قليلاً. ومزعت المرأة قُطْنَها إذا زَبَّدَتْهُ، أي قطعته ثم ألَّفَتْه تُجَوِّدُهُ بذلك. وفي الحديث: "فَصَارَ أَنْفُهُ كَأنَّهُ (¬48) يَتَمَزَّعُ" أَيْ يَتَشَقَقُ ويتقطع غضباً. 397 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الْمَسْألةَ (¬49) لاَ تَحِلُّ إلاَّ لأحَدِ ثَلاَثَةٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً " ثم قال: "وَرَجُلٍ أصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُوم ثلاثةٌ من ذوِي الحِجَا ... " الحديث (ص 722). قال الشيخ: أما الجميل هاهنا فيكون على أنه تحمل حمالة جائزة. وأما قوله عليه السلام: "حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا" فإنه هاهنا كلَّفه إثْبات فقره. وفي حديث آخر: "صدقوا السائل ولو أتى على فرس" فيحمل الأول على من كان معروفاً المَلاَء ثم ادعى الفقر، ويحمل الثاني على من جُهِل حاله. 398 - قال الشيخ: خرّج مسلم في باب ما جاءك من هذا المال من غير مسألة فَخُذْهُ: "حدثني (¬50) أبو الطاهر نا ابن وهب قال عمرو: يعني ابن الحَارِث حدثني ابن شهاب عن السائب بن يزيد عن عبد الله بن السعدي ¬

_ (¬47) في (ب) "وليس" وهو ما في نسخ المتن. (¬48) في (أ) "كأنَّما". (¬49) في (د) "إن الصدقة". (¬50) في (ج) "حدثنا".

عن عمر بن الخطاب قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطيني (¬51) العطاء" الحديث (ص 723). هكذا روي هذا الإِسناد وفيه انقطاع سقط منه رجل بين السَّائب بن يزيد وعبد الله بن السعدي وهو حُوَيْطب بنُ عبد العزّى. قال النسائي: لم يسمعه السائب بن يزيد من عبد الله بن السعدي. ورواه عن حُوَيطب. قال الشيخ: قال بعضهم: هو محفوظ من طريق عمرو بن الحارث، رواه أصحاب الزهري شعيب والزبيدي عن الزهري قال أخبرني السائب بن يزيد أن حويطبا أخبره أن عبد الله أخبره أنَّ عمر أخبره -رضي الله عنهم-. وقد رواه يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب فوصله. ذكره أبو علي بن السكن في كتابه. وفي هذا الإِسناد أربعة من الصحابة يروي بعضهم عن بعض وهو السائب ابن يزيد وحويطب بن عبد العُزَّى وعبد الله بن السعدي وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم. 399 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قَلْبُ الشَّيْخِ شَابٌ عَلَى حُبّ اثْنَتَيْنِ (¬52): العيش والمال" (ص 724). قال الشيخ: فيه إشارة إلى أن الإِرادة في القلب خلافاً لمن رأى أن ذلك في غيره من الأعْضَاء. 400 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ كَانَ لِابْنِءَادَمَ وَادِيَان مِنْ مَالٍ ... " الحديث (ص 725). ¬

_ (¬51) في (ب) و (ج) و (د) "يُعْطي". (¬52) في (ب) و (ج) و (د) "حب العيش والمال" وهو ما في نسخ مسلم.

قال الشيخ: يحتمل أن يكون إنما خص هذا العدد فقال: "واديان" ولم يقل ثلاثة أو أكثر لأن أصول الأموال ذهب وفضة فعبر عن هذين الصنفين. وأما قوله: "لا يملأ جوفَ ابن آدم إلا التراب" فإنه يحتمل أن يريد بالجوف القلب. ويريد بذلك أنه لا يملّ من محبة المال نحو ما تقدم في قوله: "قلب الشيخ شاب". ويحتمل أن يريد غير القلب وأنه لا يَشْبَعُ. ويؤيد مَا تَأوَّلْنَاه من الاحتمال أن في حديث بعد هذا: "لاَ يَمْلأ فم ابن آدم" (ص 725). وهذا يشير إلى ما تأوَّلْنَا من أنَّ المراد به الأغذية. وفي حديث آخر: "لا يملأ نفس ابن آدم" (ص 726). وهذا يشير إلى ما تأولنا من أن المراد (¬53) المحبة وما يكون بالقلب. وكأنه - صلى الله عليه وسلم - عبّر تارة بما يختص بأحد الوجهين، وعبّر تارة بما يختص بالوجه الآخر، وعبّر بالجوف عن اجتماعهما جميعاً إذ الجوف محلّ الأغذية، ومحل القلب الذي فيه المحبة والشهوات. 401 - قول الراوي (¬54): "كُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً نُشَبِّهُهَا بِالمُسَبِّحَاتِ فَأُنْسِيتُهَا" الحديث (ص 726). يحتمل أن تكون هي إحدى السور المتلوّة الآن ونسيها هو وحفظ منها الآية المنسوخة. 402 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ الغِنَى عَن كَثْرَةِ الْمَالِ" الحديث (ص 726). ¬

_ (¬53) في (ب) و (ج) و (د) "المراد به". (¬54) في (ج) "قول الرازي"، وهو تحريف.

يحتمل أن يريد الغِنَى النافع والذي يكفُّ عن الحاجة، وليس ذلك على ظاهره لأنه معلوم أن الكثير المال غنيٌّ. 403 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أخْوَفُ مَا أخَافُ عَلَيْكُمْ مَا يُخْرِجُ الله لَكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا! قالوا: وَمَا زَهْرَةُ الدُّنْيَا؟ قَالَ: بَرَكَاتُ الأرْضِ. قَالُوا: وَهَلْ يَأتِي الخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ " الحديث (ص 727). قال الشيخ: قولهم: "هل يأتي الخير بالشر؟ " ربما وقع كالمعارضة التي تُطْلَبُ بها الفائدة ويسرع إلى النفوس قبولها لمضادة الخير للشر (¬55) فيمكن أن يكون علم (¬56) عليه السلام أنهم لم يفهموا قصده فقال: "لا يأتي الخير إلا بالخير" (¬57). ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: "أوَ خَيْرٌ هُوَ؟ " كَأنَّهُ يقول: وإن سلمت قولكم فليس هذا بخير لما يؤدي إليه ويوقع فيه. ثم ضرب عليه السلام مثلا يشير إلى حالة البَطِرِ والمقتصد والمكثر الذي يفرق ما جمع على صفة ينتفع بها فقال عليه السلام: "إن مِمَّا يُنْبِت الرَّبيع مَا يَقْتل حَبَطًا أوْ يُلِمُّ" كأنه قال: أنتم تقولون: إن الربيع خير وبه قوام الحيوان وها هو منه ما يقتل للتخمة عاجلاً أو يكاد (¬58) يقتل، فحالة المتخوم كَحَالةِ البطر الذي يجمع ولا يصرف، فأشار بهذا إلى أن الاعتدال والتوسط في الجمع أحسن. ثم خشي أن يقع في النفس أن من المكثرين من لا ينفعه إكثاره، فضرب لهم المثل بآكلةِ الخَضِر وشبهها بمن (¬59) يجمع ثم يفرقه في وجوه المعروف. ووصف - صلى الله عليه وسلم - هذه الدابة بأنها تأكل حتى تمتلىء خاصِرَتاها ثم تَثْلِطُ فذكر أنها تمتلىء في أوّل ذكره لها لما كان التشبيه ¬

_ (¬55) في (ب) و (ج) "المضادة الخير للشر". (¬56) في (ج) "علم" ساقطة. (¬57) هذا ما جاء تصحيحاً بالهامش في (أ). وفي بقية النسخ "لا يأتي الخير بالشر". (¬58) في (ج) "أو كاد". (¬59) في (ج) "مِمّن".

يقتضي إفراده، ثم قال بعد ذلك: "ثم عادت فأكلت" ولم يقل: حتى امتلأت، كما قال أول مرة. وهذا يحتمل أن يريد به أنها تأكل من جنس الأكل الأول، فاستغنى عن إعادته (¬60) هاهنا بالإشارة إليه. ويحتمل أن يريد أنها تعود إلى أكل معتدل. وكذلك حالة الجامع للمال في غالب الحال أنه يُفْني في جمعه أكْثَر عمره فإذا صَرَّفه ثم عاد إلى الكسب كان كسبه متوسطاً. وقد قال الأزهري في هذا الحديث مَثَلان: أحدهما: للمفرط (¬61) في الجمع المانع مِنَ الحق، وإليه الإشارة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإن ممّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ" (¬62)، وذلك أن الربيع ينبت أحرار البقول فتستكثر منه الماشية حتى تهلك. والثاني: للمقتصد، وإليه الإِشارة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إلا آكلة الخَضِر" لأن الخضر ليست من أحْرار البقول. هذا معنى قول الأزهري في هذا الحديث. قال الشيخ -وفقه الله-: روى هذا الحديث أبو سعيد الخدري فقال في طريق منه: "استقبلت الشمس ثلطت أو بالت واجترت". وقال في طريق آخر: "استقبلت الشمس ثم اجترت وبالت وثلطت". وهذا يوهم ظاهره الاختلاف وليس بمختلف لأن الحديثين جميعاً تضمناً أنها اجترت بعد استقبال الشمس. ففي الأول منهما: ذكر بَوْلَها قبل أن تجتر. وفي الثاني منهما: ذكره بعد الاجترار ولكن بحرف الواو التي لا توجب الرتبة وإنما حصل الترتيب في كون الاجترار وما عطف عليه بعد استقبال ¬

_ (¬60) في (ج) "إعادتها". (¬61) في (ج) "المفرط". (¬62) في (ج) "ما يقتل خبصاً".

الشمس، ولكن الأول من هذه المعطوفات غير مستفاد من حرف الواو. وأما قوله: "حَبَطًا" فمن قولهم: حبطت الدابة تحبط حَبَطًا إذا أصابت مرعى طيباً فأفرطت في أكل حتى تنتفخ فتموت. وأما قوله: "ثلطت" فقال أبو عبيد في المصنف: يقال: ثَلَط البعير يَثْلِط ثَلْطا إذا ألقاه سَهْلا رقيقاً. قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ هَذِهِ الدُّنْيَا حُلْوَة خَضِرَةٌ" (ص 728). قال الهروي: خضرة يعني غضة ناعِمة طرية. وأصله من خضرة الشجر. وسمعت الأزهري يقول: أخذ الشيء خضِرًا مَضِرًا إذا أخذه بغير ثمن. وقيل: غضاً طرياً. 404 - قوله: "فأفاق يمسح عنه الرُّحَضَاءَ" (ص 728). يعني: العرق من الشدة وأكثر ما يسمى به عَرَقُ الحُمَّى. 405 - قوله: "يَا رَسُولَ الله مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ وَالله إنِّي لأرَاهُ مُؤْمِنًا؟ (ص 732). يحتمل أن يكون إنما حلف على ما ظهر له منه لا على معتقده لأن البواطن لا تُعْلَمُ. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أوْ مُسْلِمًا" دليلٌ على التفرقة بين الإِسلام والإِيمان لأن الإِيمان التصديق والإِسلام الاستسلام والانقياد إلى الشرائع، والإِيمان شعبة من ذلك فكل إيمان إسلام وليس كل إسلام إيماناً لأنه قد ينقاد في الظاهر وهو منافق قال الله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} (¬63). ¬

_ (¬63) (14) الحجرات.

ذكر أنه يوم حنين لم يُعطِ الأنصار وأعطى عليه السّلام غيرهم. وهذا حجة لأحد القولين أن الغنيمة لا يملكها القائمون حتى يملكهم إياها الإِمام. وهذا أصل مختلف فيه عندنا، وينبني عليه الخلاف فيمن سرق من الغنيمة أو زَنَى بأمة منها قبل أن تقسم. 406 - ذكر في الحديث أن القائل قال: "إنَّ هَذِهِ قِسْمةٌ مَا عُدِلَ فِيهَا وَلاَ أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ الله" (ص 739). قال الشيخ -وفقه الله-: مَنْ سبَّ النبيء - صلى الله عليه وسلم - قُتل؛ ولم يذكر في هذا الحديث أن رسول الله انتقم من هذا القائل. ويحتمل أن يكون لم يفهم عنه الطعن في النبوة وإنما نسبه إلى أنه لم يعدل في القسمة. والمعاصي على قسمين: فأما الكبائر فهو -عليه السلام- معصومٌ منها إجماعاً، وأما الصغائر فإن المجيزين لوقوعها من الرسل يمنعون أن تضاف إليه - صلى الله عليه وسلم - على جهة الانتقاص. ولعله -عليه السلام- لم يعاقب هذا القائل لأنه لم يثبت ذلك عليه وإنما ينقله عنه واحد وشهادة الواحد لا يراق بها الدم على هذا الوجه. 407 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الأنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ" (ص 738). الشعار: الثوب الذي يلي الجسد، والدثار: الثوب الذي يلي الشعار فمعناه: الأنصار هم الخاصة والبطانة. 408 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ سَلَكَتِ الأنْصَارُ شِعْبًا" (ص 735). الشعب: هو الطريق في الجبل. 409 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي قال له: اعدل: "خِبْتُّ وَخَسِرْتُ إنْ لَمْ أعدل" (ص 740). رُوِي بضم التاء فيهما وبفتحهما. فأما الضم فظاهر المعنى، وأما الفتح

فتقديره: خبتَ أنتَ وخسرتَ إن لم أعدل أنا إذ كنت أنت مقتدياً بي وتابعاً لي. 480 - ذكر من طريق أبى سعيد الخدري: "الخوارجَ وَوَصَفَهُم بِأنَّهُمْ يَقْرَأُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجرَهُمْ يَقْتَلُونَ أهْلَ الإِسْلاَم" الحديث. وفي آخره: "لَئِنْ أدْرَكتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ" (ص 741). قال الشيخ -وفقه الله-: قد يتعلق بظاهر هذا من يرى تكفيرهم (وقد اختلف أهل الأصول في تكفيرهم) (¬64). وقد ينفصل عن هذا من لا يرى تكفيرهم بأن يحمل قتلهم على أنه كالحدّ لهم على بدعتهم. وقد جاء الشرع بقتل مَن هو مسلم باتفاق في مواضعَ، أو يحمل ذلك على أنهم بانوا بدارهم ودعوا إلى بدعتهم. ويشير إلى هذا قوله عليه السلام: "يقتلون أهل الإِسلام". وفي بعض طرقه: "قال خالد أنا أضرب عنقه. فقال: لا (¬65) لعله أن (¬66) يكون يصلي. قال خالد وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه. فقال عليه السلام: إني لم أومَرْ أن أنْقُبَ عن (¬67) قلوب الناس". فهذا ذكر فيه الصلاة وعلَّل ترك قتله بقوله: "لعله أن يكون يصلي" قال بعض شيوخنا: في هذا الحديث حجة على قتل تارك الصلاة. 411 - قال أبو سعيد الخدري: "سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُول: يَخْرُجُ في هذه الأمة (ولم يقل: منها) قومٌ تَحْقِرُونَ صَلاَتَكُم مع صلاتهم" الحديث (ص 743). ¬

_ (¬64) ما بين القوسين ساقط من (أ). (¬65) "لا" ساقطة من (ب) و (ج) و (د). (¬66) "أن" ساقطة من (ب) و (د). (¬67) في (ج) "على قلوب الناس".

قال الشيخ -وفقه الله-: هذا من أدل الشواهد على سعة فقه الصحابة رضي الله عنهم وتحريرهم الألفاظ. وفي تنبيه الخدري على التفريق بين (في) و (من) إشارة حسنة إلى القول بتكفير الخوارج لأنه أفهم بأنه لما لم يقل: (منها) دَلَّ على أنهم ليسوا من أمته - صلى الله عليه وسلم -. وهذا وإن لم يكن مما يعتمد عليه فإنه قد أحسن ما شاء في تنبيهه على هذا اللفظ وإن كان قد روى أبو ذر بعد هذا فقال: "قال - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ بَعْدِي مِنْ أمَّتِى، أَو سَيَكُون بَعْدِي مِنْ أمَّتِي" الحديث (ص 750). 412 - وفي رواية علي رضي الله عنه: "يَخْرُجُ مِن أمَّتِي" (ص 748). وقد (¬68) وقع في هذا الحديث العبارة عنهم باللفظ الذي تجنبه أبو سعيد. وفي حديث الخوارج من إخباره عليه السلام عن الغيوب ما يعظم موقعه منها إشارته - صلى الله عليه وسلم - إلى ما يكون بعده من اختلاف الأيمة في تكفيرهم والتماري في ذلك بقوله (¬69) - صلى الله عليه وسلم -: "وتتمارى في الفُوق". وقد كادت هذه المسألة تكون أضد إشكالاً (عند المتكلمين) (¬70) من سائر المسائل. ولقد رأيت أبا المعالي وقد رغّب إليه الفقيه أبو محمد عبد الحق رحمهما الله في الكلام عليها فَهَربَ له من ذلك واعتذر له بأن الغلط فيها يصعب موقعه لأن إدخال كافر في الملة أو إخراج مسلم عنها عظيم في الدين. وكذلك اضطرب فيها قول القاضي ابن الطيب، وناهيك به في علم الأصول. وأشار أيضاً القاضي -رحمه الله- إلى أنها عن المُعْوِصَاتِ لأن القوم لم يصرحوا بنفس الكفر وإنما قالوا أقوالاً تؤدي إليه. ¬

_ (¬68) في (ب) و (ج) و (د) "فقد وقع". (¬69) في (ج) "قوله" وفي (ب) "لقوله". (¬70) "عند المتكلمين" ساقط من (أ).

وأنا أكْشِفُ لك نكتة هي مدار الخلاف وسبب الإِشكال، وذلك أن المعتزلي مثلاً إذا قال: الله سبحانه عالم ولكنه لا عِلْم لَهُ، وحيّ ولكن (¬71) لا حياة لَه، وقع الالتباس في تكفيره (¬72)، لأنه قد عُلم من دين الأمة ضرورة أنَّ مَنْ قَال: إنَّ الله ليس بِحَيٍّ ولا بعالم فإنه كافر، وقامت الحجة على أنه محال أن يكون عالمٌ ولا علم له، وأنَّ ذلك من الأوْصَافِ المعلّلة لا سيما إن قلنا بنفي الأحوال، فإن ذلك أوضح وآكد في أن نَفْيَ العلم نفيٌ لكون العالم عالِما، فَهَلْ يُقَدَّر أن المعتزلة لما (جهلت ثبوت العلم) (¬73) جهلت كون الباري تعالى عالماً وذلك كفر بإجماع، واعترافها به مع إنكارها أصْلَهُ لا ينفع، أو يكون اعترافها بذلك وإنكارها أن تقول بأن الله غير عالم ينفعها (¬74) وإن قالت بما (¬75) يؤدى إلى منعها من هذا القول، والتكفير بِالمَآلِ هو موضع الإِشكال. 413 - وَأخْبَرَ - صلى الله عليه وسلم - بِغَيْبٍ ثان وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تَقْتُلُهُمْ أدْنَى الطَّائِفَتَيْنِ إلَى الحَقِّ". وفي بعض طرقه: "تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَقْتُلُهَا أوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ". وفي بعض طرقه: "أقْرَبُ الطَّائِفَتَيْنِ إلَى الحَقِّ" (ص 745 - 746). وفي هذا الإِخْبَار بالاختلاف الذي جرى بين علي ومعاوية رضي الله عنهما وتركِ تكفير إحدى الطائفتين أوْ تفسيقها بهذا القتال لأنه وصفهم بأنهم أدنى الطائفتين إلى الحق وأقرب وأولى (¬76) وسماهم مسلمين. ¬

_ (¬71) في (ج) "ولكنه". (¬72) في (ج) "في تكفيرهم". (¬73) ما بين القوسين ساقط من (أ) فقط. (¬74) في (ج) "لم ينفعها" وهو تحريف. (¬75) في (ب) "مِمَّا". (¬76) في (ب) و (د) "أو أقرب أو أولى".

وأما إخباره - صلى الله عليه وسلم - بصفة الرجل وعلامته، وَوُجِدَ كذلك عند قتله، فذلك وَاضحٌ بَيِّنٌ في الحديث. 414 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يَخْرُجُ مِنْ ضِئضِىءِ هَذَا" (ص 742 - 744). الضِّئْضِىءُ: الأصل. ويروى أيضاً بصادين مهملتين، والمعنى واحد. وللأصل أسماء كثيرة منها النِّجَار والنُّحَاس والسِّنْخ والمَحْتِد والعُنْصر والعِيص وغير ذلك مما قد حكى عامتها أبو علي القالي في كتاب الأمالي. قوله: ثم نظر إليه وهو مُقَفٍّ، المقفي المُوَلّي الذَّاهِبُ. والقُذَذُرِيش: السَّهم. والسِّيمَا: العلامة، وفيها ثلاث لغات: سيماء بالمد، وسيمى بالقصر، والثالثة السِّيمِيَا بزيادة ياء والمد لا غير، والقصر لغة القرآن. والبصيرة هى طريقة الدم وجمعها بصائر، والفُوق: الحز الذي يجعل فيه الوتر. والرِّصَافُ: مدخل السهم في النصل. قال الهروي: الرَّصفَة عَقَبَةٌ تُلْوى على مدخل النصل في السهم يقال: منه سهم مرصوف، والنَّضِي: القِدح. وقد فسره في الحديث. وقوله - صلى الله عليه وسلم - في صفة ذي الثُديَة:"كمثل ثدْي المرْأة أو كمثل البَضْعة تَدرْدرُ" أيْ تجِيء وتذْهبُ ومِثْلُهُ تقلْقلُ وتذبْذبُ وترجُرجُ (¬77) وتمًرْمَرُ وتدَلْدَلْ. 415 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الحَرْبُ خَدْعَةٌ" (ص 746). فيه ثلاث لغات: خُدْعة بضم الخاء وإسكان الدال وبضم الخاء وفتح الدال، وبفتح الخاء وإسكان الدال، حكاه كله ابن السكيت وأبو عبيد وغيرهما من الأيمة (¬78). ¬

_ (¬77) في (ج) "بعد ترجرج وتَجَوْجَر". (¬78) "من الأئمة" ساق من (أ).

416 - وقوله: "مُخْدَجُ اليَدِ" (ص 747). أي ناقصها، ومُثْدَنُ اليد. ويقال أيضاً: مَثْدُون اليد، معناه صغير اليد مجتمعها بمنزلة ثَنْدُوَةِ الثَّدْي. وكان أصله مُثْنَد اليد فقدمت الدال على النون كما قالوا: جَبذَ وجذب. وعَاثَ في الأرض وَعَثَا. والثَّنْدُوة مفتوحة الثاء بلا همزة فإذا ضُمَّتِ الثاء همزت. 417 - وقوله: "كَأنّها طُبْيُ شَاةٍ" (ص 749) أي ضَرْع شاة. قال الشيخ: الطُّبْي للشاة استعارة وإنما الطبي للكلاب وسائر السباع. قال أبو عبيد في مصنفه: ولذوات الحافر أيضاً. قال غيره: والضرع للشاة والبقرة والخِلْف للناقة. قال أبو عبيد: الأخلاف لذوات الخف ولذوات الظلف أيضاً. قال الهروي: يقال في ذات (¬79) الخف والظلف خِلف وَضَرْعٌ. وقوله: "وَأغَارُوا في سَرْح النَّاس" السرح والسارحة الإِبل والغنم. وقوله: "فَوَحَّشُوا بِرِمَاحِهم"، قال الهروي في باب الواو مع الحاء المهملة: وَحَّشُوا برماحهم، أي رموا برماحهم. قال: ومنه الذي في حديث آخر: "فوَحَّشوا بأسنتهم فاعتنق بعضهم بعضا". وقوله: "وَشَجَرَهُمْ النَّاسُ بِرِمَاحِهِمْ" أي داخلوهم بها. 418 - في الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم -: "وَجَدَ تَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ: لَوْلاَ أنِّي أخْشَى أنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لأكَلْتُهَا" (ص 752). قال الشيخ: هذا فيه دليل على أن المال وإن كان الأقلُّ منه (¬80) حرامًا ¬

_ (¬79) "ذات" زيادة من (ب). (¬80) في (ج) "فيه".

يجتنب لأن الزكاة في جنب الأموال يسيرة، فإذا امتنع من الأكل مع تجويز التحريم فأحرى مع ثبوته وتحققه. وفيه دليل على أن اللقطة اليسيرة من الطعام وغيره مما لا يلتفت الناس إليه ولا ينتهون إلى طلبه تستباح (¬81)، لأنه إنما علّل في امتناعه من الأكل بالخشية من أن تكون صدقة والصدقة لا تحلّ له عليه السلام ولا لبني هاشم عندنا. واختلف في صدقة التطوع هل تحل لآل النبيء - صلى الله عليه وسلم - أم لا؟ واختلف في مواليه عليه السلام هل حكمهم حكم آله؟ 419 - قوله - صلى الله عليه وسلم - "لَما قِيلَ لَهُ فِي الشَّاةِ إنّهَا صَدَقَة فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: قَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا" (ص 754). قال الشيخ: فيه حجة لأحد القولين عندنا في جواز شراء لحم الأُضحية ممن أُعطيها ممن تحل له لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "بَلَغَتْ مَحِلَّهَا". ووجه القول بالمنع من الشراء أن ذلك عند القائل به بمنزلة الحُبُس ولَوْ حَبَّس شيئاً على المساكين لم يبح لهم بيعه لكن هذا قد لا يسلم له. 420 - قال الشيخ خَرَّج مسلم في باب لا تحلّ الصدقة للنبيء - صلى الله عليه وسلم - ولا لآله حديث عبد المطلب: "أنَّ ربيعة (¬82) والفضل بن عباس ... " الحديث. وفيه قال عليه السلام: "ادْعُوا لِي مَحْمِيَةَ بْن جَزْءٍ، وهو رجل من بني أسد". هكذا قال مسلم: "هو رجل من بني أسد" (ص 754). والمحفوظ من بني زُبَيْد. 421 - قوله: "فَانْتَحَاهُ رَبِيعَةُ" (ص 752). معناه: عرض له وقصد له. ¬

_ (¬81) في (ب) و (ج) و (د) "يستباح". (¬82) في (ب) و (د) "ابن ربيعة".

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما تُصَرِّرَانِ" أي ما تجمعانه في صدوركما من الكلام. وكل شيء جمعته فقد صررته، وقوله: "قد بلغنا النِّكاح" أي الحلم. ومنه قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} (83)، وقول علي رضي الله عنه: "لاَ أرِيم مكاني" معناه لا أبرح منه ولا أزول. قال زهير: [الوافر] لِمَنْ طَلَلٌ بِرَامَةَ لاَ يَرِيمُ ... عَفَا وَخَلاَ لَهُ حُقْبٌ قَدِيمُ

6 - كتاب الصيام

بسم الله الرحمن الرحيم (¬1) 6 - كتاب الصيام 422 - فيه قوله - صلى الله عليه وسلم - "فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ" (ص 759). قال الشيخ -وفقه الله-: ذهب بعض العلماء إلى أن الهلال إذا التبس يحسب له بحساب المنجمين، وزعم أن هذا الحديث يدل على ذلك. واحتجّ أيضاً بقوله تعالى: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} (¬2). وحمل جمهور الفقهاء ما في الحديث على أن المراد به إكمال العدة ثلاثين كما فسره في حديث آخر. وكذلك تأولوا قوله تعالى: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} على أن المراد به الاهتداء في الطرق في البر والبحر. وقالوا أيضاً: لو كان التكليف يتوقف على حساب التنجيم لضاق الأمر فيه إذ لا يعرِف ذلك إلا قليل من الناس والشرع مبني على ما يعلمه الجماهير، وأيضاً فإن الأقاليم على رأيهم مختلفة ويصح أن يُرى في إقليم دون إقليم فيؤدي ذلك ¬

_ (¬1) جاءت البسملة في (د) فقط. (¬2) (16) النحل.

إلى اختلاف الصوم عند أهلها مع كون الصائمين منهم لا يعوّلون غالبا على طريق مقطوع به ولا يلزم قوماً ما ثبت عند قوم. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الشهر تسع وعشرون" ثم قال عليه السلام: "فَإنْ غُمَّ عَليكم فاقْدُرُوا (¬3) ثلاثين". معناه أن الشهر مقطوع بأنه لا بد أن يكون تسعاً وعشرين فإن ظهر الهلال وإلا فيطلب أعلى العدد الذي هو ثلاثون وهو نهاية عدده. قول النبيء - صلى الله عليه وسلم -: "فإن غُمَّ عليكم"، أي إن حَال بينكم وبين رؤيته غَيْم. ويقال: صُمْنَا لِلْغَمَّاءِ والغُمَّى، أي عن غير رؤية. ويروى: "فإن أغْمِي عليكم" يقال: غُمَّ علينا الهلال وغُمِّيَ، وأُغْمِي فهوِ مُغْمًى، وقد غَامَتِ السّماء تَغِيم غيمومة فهي غَائِمَة وَغَيْمة، واَغَامَتِ وَغيَّمَتْ وَتَغَيَّمَتْ وأغْمت وغُمِّيت وَغِينَتْ. 423 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّا أُمَّةٌ أُمُيّةٌ" (ص 761). الأُمية هي التي على أصل ولادات (¬4) أمهاتها لم تتعلم الكتاب فهي على ما ولدت عليه، ومنه {النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} (4م) - صلى الله عليه وسلم - نسب إلى ما ولدته عليه أمّه معجزةً له - صلى الله عليه وسلم -. 424 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ" (ص 762). قال الشيخ: إذا ثبت الهلال عند الخليفة لزم سائر الأمصار الرجوع إلى ما عنده (وإن كان ذلك عند أهل مدينة) (¬5) فهل يلزم غيرهم ما ثبت عنهم؟ ¬

_ (¬3) في (ب) "فاقدروا له". (¬4) في (ج) و (د) "وِلادة". (4م) 175 الأعراف. (¬5) ما بين القوسين ساقط من (ب).

فيه قولان. فأما الحديث فهو محتمل أن يريد بقوله: "صوموا لرؤيته" أي لرؤية من كان أو لرؤيتكم أنتم. 425 - ويحتج من لا يوجب الصوم بما ذكره مسلم من حديث كُرَيب: "أنَّ أُمَّ الفَضْلِ بنت الحارث بَعَثَتْهُ إلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ. قَالَ: فَقَدِمْتُ الشَّامَ فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا وَاسْتُهِلَّ عَلَيِّ رمضان وَأنَا بِالشَّام فَرَأيتُ الهِلاَلَ لَيْلَةَ الْجُمُعَة ثُمَّ قَدِمْتُ المَدِينَةَ ... " فَذَكَر الحَدِيثَ، وَذَكَر فِيهِ: "أنّه أعْلَمَ ابْنَ عَبَّاسٍ بذَلِكَ وَأنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: لَكِنَّا رَأيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ فَلاَ نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلاَثِينَ أَو نَرَاهُ، فَقُلْتُ: أوَ لاَ تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ؟ فَقَالَ: لاَ، هَكَذَا أمَرَنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -" (ص 765). قال الشيخ: والفرق بين رؤية (¬6) الخليفة وغيره أن سائر البلدان لمّا كانت بحكمه فهي كبلد واحد. ويحتج للزوم الصوم من جهة القياس بأنه كما يلزم الرجوع إلى بعض أهل المصر فكذلك يرجع أهل مصر إلى أهل مصر آخر إذ العلة حصول الخبر بذلك. قال الشيخ: إذا رُئِيَ الهلال بعد الزوال فهو لليلة المقبلة وإن رُئيَ قبل الزوال ففيه قولان: قيل للماضية وقيل للمقبلة. وقال بعض أصحاب الظاهر: أما في الصوم فيجعل للماضية وأما في الفطر فيجعل للمستقبلة. وهذا بناء منهم على الأخذ بالاحتياط وهو نحو القول بأنه إذا كان الشك يوم الغيم وجب الإِمساك. وظاهر قوله: "صوموا لرؤيته" على مقتضى اللفظ يوجب الصوم حين الرؤية متى وجدت فإذا منع الإِجماع من وجوب الصوم على الإِطلاق حينئذ كان محمولاً على المستقبل (¬7). ويكون حجة للقول بأنه لليلة المقبلة على ¬

_ (¬6) "رؤية" ساقطة من (ب) و (ج) و (د). (¬7) في (ج) "على الاستقبال تكون".

كل حال. وهذا على طريقة من رأى ذلك إذ لا فرق ما بين قبل الزوال وبعده عندهم. ثم الرؤية إذا كانت فاشية (¬8) صِيمَ بغير خلاف، وإن كان الغيم قبل (¬9) فيه الشهادة بغير خلاف. وإن كان الصحو والمصر كبير ففي قبول الشهادة مع ذلك قولان، وهو خلاف في حال هل ذلك تهمة أم لا؟ وما الذي يقبل في ذلك؟ أما الفطر فمالك وأبو حنيفة والشافعي يقولون: لا يقبل الواحد. وقَبِله أبو ثور. وأما الصوم فاتفق هؤلاء على قبول الواحد فيه إلا مالكا خاصة. وأجاز أبو حنيفة فيه شهادة المرأة والعبد. وسبب الخلاف هل ذلك من باب الشهادة أم من باب الإِخبار؟ وكَأنَّ ما طريقه الشياع يُقْبَلُ فيه الواحد (¬10) كالخبر عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - بحكم من الأحكام، وما كان يختص به بعض الأشخاص كالقول لهذا عند هذا. وشبه ذلك فيطلب فيه اثنان. واعتمد من يجيز شهادة الواحد في الصوم بحديث الأعرابي وحديث ابن عمر: "شهدت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... " الحديث. ويصح أن يحتج في ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَكُلُوا واشْرَبُوا حتّى ينادي ابن أم مكتوم" (ص 768). فأمرهم - صلى الله عليه وسلم - بالإِمساك عن أكل بخبره وهم في زمن يحل لهم الأكل فيه فكذلك إذا أخبر رجل عن رؤية الهلال. 426 - قال الشيخ -وفقه الله-: خرّج مسلم في باب صفة الفجر الذي يحرّم الأكل حَدِيثَ شُعْبَةَ عن سوادة قال: "سَمِعْتُ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ" الحديث. ثم قال مسلم: "وحدثنا ابْنُ المُثَنَّى نا أبُو دَاوُدَ نا شُعْبَةُ ¬

_ (¬8) في (ج) "إذا كانت على الإطلاق فاشية". (¬9) في (د) "قيل". (¬10) في (ج) "خبر الوَاحِدِ".

عَنْ سَوَادَةَ" (ص 770) وفي نسخة ابن الحَذَّاءِ: "حَدّثَنا ابْنُ نُميْر" جَعَلَ ابْنَ نُمَيْر بدل ابن مُثَنَّى، قال بعضهم: والصواب: ابن مثنى، وكذلك رواه الجلودي وغيره. 427 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "شَهْرَا عيد لاَ يَنْقُصَان" (ص 766). قيل: معناه لا ينقصان من الأجر وإن نقص العدد. وقيل: معناه في عام بعينه. وقيل: لاَ يجتمعان ناقصين في سنة واحدة في غالب الأمر. 428 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تَقَدَّمُوا الشَّهْرَ بِيَوْم وَلاَ يَوْمَيْنِ إلاَّ رَجُلاً كَانَ يَصُومُهُ" (ص 762). قال الشيخ: محمله على من صام تعظيماً للشهر واستقبالاً له بذلك. وأما إن صِيمَ يَومُ الشك على جهة التطوع ففيه اختلاف، وذلك لمن لم تكن عادته صوم ذلك اليوم أو نَذَرَهُ. وأمَّا صومه على جهة الإحتياط خوفاً أن يكون من رمضان فالمشهور عندنا النهي عنه، وأوجبه بعض العلماء في الغَيْم. 429 - قوله عليه الصلاة والسلام: "لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ" (ص 771). قال الشيخ: ظاهره أنه - صلى الله عليه وسلم - أشار إلى أن فساد الأمور يتعلق بتغيُّر (¬11) هذه السنة التي هي تعجيل الفطر وأن تأخيره ومخالفة السنة في ذلك كالعَلَمِ عَلَى فسادِ الأُمور. 430 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا أقْبَلَ اللَّيْلُ وَأدْبَرَ النَّهَارُ وَغَابَتِ الشَّمْسُ أفْطَرَ الصَّائِمُ" (ص 772). ¬

_ (¬11) في (د) "بتغْيير".

قال الشيخ -وفقه الله-: أحد هذه الأشياء يتضمن بقيتها إذ لا يُقبل الليل إلا إذا أدبر النهار، (ولا يدبر النهار) (¬12) إلا إذا غربت الشمس، ولكنه قد لا يتفق مشاهدة عين الغروب وشاهد (¬13) هجوم الظلمة حتى يتيقن بذلك غروب الشمس فيحل الإِفطار. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فقد أفطر الصائم" إن حمل على أن المراد به قد صار مفطراً فلا بد فيكون ذلك دلالة على أن زمن الليل يستحيل الصوم فيه شرعاً. وقد قال بعض العلماء: إن الإِمساك بعد الغروب لا يجوز وهو كإمساك يوم الفطر ويوم النحر. وقال بعضهم: ذلك جائزٌ وله (¬14) أجر الصائم. 431 - واحتج هؤلاء بأن الأحاديث الواردة في الوصال التي (¬15) ذكرها مسلم في ألفاظها ما يدل على أن النهي عن ذلك تخفيف ورفق وفي بعض طرق مسلم: "نهاهم عن الوصال رحمة لهم". وفي بعض طرقه - صلى الله عليه وسلم -: "لما أبَوْا أَن يَنْتَهُوا عَنِ الوِصَالِ وَاصَلَ بهم يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ رَأوْا الهلال فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ تَأخَّرَ الهِلاَلُ لَزِدْتُكُمْ" كَالْمُنَكِّلِ لهم، وفي بعض طرقه: "لَوْ مُدَّ لَنَا الشَّهْرُ لَوَاصَلْنَا وِصَالاً يَدَعُ المُتَعَنِّقُونَ تَعَمقهم" (ص 774 - 776). وهذا كله يدل على أنه لا يستحيل إمساك الليل شرعاً ولو كان مستحيلاً ما واصل عليه السلام بهم ولا حملهم على ما لا يحل ولعاقب من خالف نهيه. وقال أحمد وإسحاق: لا بأس بالوصال إلى السحر. وخرج ¬

_ (¬12) في (أ) و (ج) و (د) ما بين القوسين ساقط، ونص ما في (أ) "إلا إذا أدبر النهار وإلا إذا غربت الشمس"، وكذلك في (ج) و (د). (¬13) في (ب) و (ج) و (د) "ويشاهِدُ". (¬14) في (ج) "جائز له وله". (¬15) "التي" ساقطة من (أ) ويبدو أنها كانت بالهامش.

البخاري: "لاَ تُوَاصِلُوا فَأيُّكُمْ أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر" (¬16). وقوله: "قالوا: إنّك تُواصل. قال: إنَّكمْ لَسْتُمْ فِيِ ذَلِكَ مِثْلِي إنِّي أبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي فَاكْلفُوا مِنَ الأعْمَالِ مَا تُطِيقُون". وهذا يحتمل أن يكون المراد به أن الله تعالى يخلق فيه من الشبع والريّ ما يخلقه في قلب من أكل وشرب، أو يكون على حقيقة في ذلك يطعمه جَلَّتْ قدرته ويسقيه كرامة له - صلى الله عليه وسلم -. وقوله في بعض طرقه: "أنزل فاجدح لنا". الجدح: خلط الشيء يغيره، والمجدحَة: المِلْعَقَة وقوله: "فاكلفوا " قال صاحب الأفعال: كلف وجهه كلفا، وكلفت بالشيء كلافة: تحملت وبه أولِعْتُ. 432 - قول عائشة رضي الله عنها: "كَانَ يُقَبِّلُنِي وَهْوَ صَائِمٌ وَأيُّكُمْ يَمْلِكُ إرْبَهُ كَمَا كَانَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَمْلِكُ إرْبَهُ" (ص 777). قال الشيخ: اختلف الناس في جواز القُبْلَة لِلصائم. ومن بديع ما ورد في جواز ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِم: أرَأيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ؟ " فأشار بذلك إلى فقه بديع، وذلك أن المضمضة قد تقرر عندهم أنها لا تنقض الصوم لأنهم كانوا يتوضئون وهم صيام، والمضمضة أوائل الشرب ومفتاحه كما أن القبلة من دواعي الجماع ومفتاحه، والشرب يفسد الصوم كما يفسده الجماع، فكما ثبت عندهم أن أوائل (¬17) الشرب الذي هو المضمضة لا يُفسد الصوم فكذلك أوائل الجماع الذي هو القبلة لا تفسد (¬18) الصوم. ¬

_ (¬16) في (ج) "إلى السحر". (¬17) في (ب) و (ج) "أوّل". (¬18) في (ج) "لا يفسد".

وفي هذا أيضاً إثبات القياس في الشريعة واستعمال الأشباه. والذي أشارت إليه عائشة رضي الله عنها في الحديث المتقدم إليه يرجع فقه المسألة لأنها أشارت إلى أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - يقف عند القبلة (¬19) ويأمن على نفسه أن يقع فيما سواه بخلاف غيره من أمته فينبغي أن تعتبر حالة المقَبِّل (¬20)، فإن كانت القبلة تثير من المقبّل الإِنزال كانت محرمة عليه لأن الإِنزال المكتسب يُمنع منه الصائم، فكذلك ما أوقع فيه وأدى إليه، وإن كان إنما يكون عنها المذي فيجري ذلك على حكم القضاء منه، فمن رأى أن القضاء منه واجب أوجب الكفّ عن القبلة، ومن رأى أن القضاء منه مستحب استحب الكفّ (¬21). وإن كانت القبلة لا تُؤَدي إلى شيء مِمَّا ذكر ولا تحرّك لذة فلا معنى للمنع منها إلا على طريقة من يَحمِي الذريعة فيكون للنَّهْي عن ذلك وجه. وقد اختلف أصحابنا فيمن قبل قبلة واحدة فأنزل هل يكفر أم لا؟. وهذا مِنْهُم خلاف في حال، فمن رأى الكفارة اعتقد أن القبلة الواحدة يكون عنها الإِنزال ففاعلها قاصد إليه ومنتهك لحرمة الشهر فوجبت عليه (¬22) الكفارة، ومن رأى لا كفارة اعتقد أنّ الإِنزال لا يمكن عنها غالباً، فالفاعل لها وإن وقع منه ذلك غير قاصد إليه ولا منتهك لحرمة الشهر. واتفقو إذا وَالَى القُبل فأنزل على الكفَّارة لاتضاح (¬23) وقوع الإِنزال عند ذلك. 433 - ذَكَر قَوْلَ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: "مَنْ أدْرَكَهُ الْفَجْرُ وَهْو جُنُبٌ فَلاَ يَصُمْ" (ص 779). ¬

_ (¬19) في بقية النسخ "عند القبل" وما أثبت هو ما في (أ). (¬20) في (ب) و (ج) "القبل". (¬21) في (ب) و (ج) و (د) "الكف عن القبلة". (¬22) "عليه" ساقطة من بقية النسخ. (¬23) في (ب) و (ج) و (د) "لإِيضاح".

قال الشيخ -وفقه الله-: شذ بعض الناس فأخذ بظاهر هذا، ورأى أن صوم الجنب لا ينفعه. وقد أشار في كتاب مسلم إلى رجوع أبي هريرة عن ذلك وأرسل الحديث أولاً ثم أسنده لِمَا قيل له وأحال على الفضل بن عباس. فإن قيل: كيف وجب رجوعه عن ذلك وَلِمَ قال بخلافه؟ ولِمَ أخذ جماعة العُلَماء بخلاف هذا الحديث إلا رجلاً أو رجلين فإنهما شذّا مع أن أبا هريرة رواه عَنِ الفضل بن عباس؟ قلنا: قد عارضه ما ذكر في هذا (¬24) الحديث عن عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما- من أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصبح جُنُبا من غير حُلمٍ ثم يصوم. وأشار في الحديث إلى أن أبا هريرة لما سمع هذا عنهما اعتذر بما اعتذر. وهذا فعل منه - صلى الله عليه وسلم - والأفعال تُقدّم على الأقوال عند بعض الأصوليين، ومن قدم منهم الأقوال فإنه يرجح هاهنا الفعل لموافقته ظاهر القرآن لأن الله سبحانه أباح المباشرة إلى الفجر وإذا كانت النهاية إلى الفجر فمعلوم أن الغسل إنما يكون بعد الفجر إذ كان الجماع مباحاً إليه فاقتضى هذا صحة صوم من طلع الفجر عليه وهو جنب، فلما طابق ظاهرَ القرآن فعلُه - صلى الله عليه وسلم - قدم على ما سواه. وقد قيل: إن ما رواه أبو هريرة محمول على أن ذلك كان في أول الإِسلام لما كانوا إذا ناموا حَرُم عليهم الجماع فلما نسخ ذلك نسخ ما تعلَّق به. قال الشيخ: خرّج مسلم في هذا الباب: "حدثنا محمد بن رافع نا عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي بكر قال: سمعت أبا هريرة يقول في قصصه: من أدركه ¬

_ (¬24) في (ج) و (د) "هذا" ساقطة.

الفجر جنباً فلا يصم. قال: فذكرت ذلك لعبد الرحمن بن الحارث لأبيه فأنكر ذلك. هذا (¬25) في النسخة عن الجلودي وفي نسخة ابن ماهان فذكر ذلك عبد الرحمن لأبيه. (قال بعضهم: والرواية الأولى هي الصواب، ومعناها: أن أبا بكر ذكرها لأبيه عبد الرحمن) (¬26). وجاء هذا من الراوي على معنى البيان، جعل قوله لأبيه بدلا بإعادة حرف الجر كأنه لما قال: فذكرت ذلك لعبد الرحمن ابن الحارث أراد أن يعلمك أن عبد الرحمن هو والد أبي بكر. ورواه حجاج عن ابن جريج قال: فذكرت ذلك لعبد الرحمن بن الحارث فأنكره ولم يقل لأبيه. وما وقع في نسخة ابن ماهان من قوله: فذكر ذلك عبد الرحمن لأبيه، خطأ لا معنى له لأنه يؤدي إلى أن عبد الرحمن ذكره لأبيه الحارث وهذا غير مستقيم. 434 - قوله: "جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيءِ - صلى الله عليه وسلم - فَقالَ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ الله. قالَ: وَمَا أهْلَكَك؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأِتي فِي رَمَضَانَ ... " الحديث (ص 781). قال الشيخ -وفقه الله-: أكثر الأمة على إيجاب الكفارة على المجامع في رمضان عامدًا. ودليلهم هذا الحديث وشذ بعض النّاس فقال: لا كفارة على المجامع وإن تعمد، واغتروا بقوله عليه السلام: "لما أمره أن يَتَصدَّقَ بِالعَرَقِ من التمر فشكى الفاقة. فقال: اذهب فأطْعِمه أهلَك". فدل ذلك عنده على سقوط الكفارة. وأحسن ما حمل هذا عليه عندنا على أنه أباح له ¬

_ (¬25) في (ب) و (ج) و (د) "هكذا". (¬26) ما بين القوسين ساقط من (ب).

تأخيرها لوقت يسره لا على أنه أسقطها عنه. وليس في الحديث ما يدل على إسقاطها جملة. وأما المجامع ناسيا في رمضان فقد اختلف أصحابنا في إيجاب الكفارة عليه. فقال بعضهم: تجب الكفارة لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يستفسر السائل هل جامع عامداً أمْ ناسياً؟ فدل على (¬27) أن الحكم لا يفترق. وقال بعْضهم: لا كفارة على الناسي لأن الكفارة تمحيص للذنوب والناسي غير مذنب ولا آثم. واختلف الناس في المفطر بالأكل عامداً هل يكفر أم لا؟ فمن رأى أن الحدود والكفارات لا يقاس عليها، أو رأى في الجماع معنى يختص دون الأكل قصرَ الكَفَّارة على ما ورد به الخبر. ومن رأى إثبات القياس في الحدود والكفارات ورأى أن الأكل مساوٍ للجماع لاشتراكهما في كونهما انتهاكين لحرمة الشهر وتعلُّقِ المأثم بهما أوجب الكفارة فيه. قال الشيخ: وقع في هذا الحديث: "هل تجد ما تُعْتِقُ؟ هل تستطيع أن تصوم؟ " هكذا على الترتيب. فذهب بعض الفقهاء إلى الأخذ بظاهر هذا، ورأى أن استفهامه على هذا الترتيب يوجب ترتيب الإِيجاب في الكفارة على حسب ما وقع في السؤال ويكون ذلك كالكفارة في الظهار. وذهب بعضهم إلى التخيير لما ذكر بعد هذا في طريق آخر: "قال: أمر رجلاً أفطر في رمضان أن يُعْتِق رَقبة أو يصومَ أوْ يُطْعِمَ" (ص 782) ولفظة (أو) تقتضي التخيير. وفي بعض طرقه: "أفطر في رمضان". فهذا قد يتعلق بعمومه من يساوي بين الأكل والجماع في الكفارة، ودعوى العموم في مثل هذا ضعيف عند أهل الأصول. ¬

_ (¬27) في (ج) "على" ساقطة.

وأما قوله: "بِعَرَقِ تَمْر" ففسره ابن عيينة وقال: هو الزَّبِيل (¬28). قال الأصمعي: ويقال له عرقة أيضاً، وهو كل شيء مَضْفور فهو عَرَقٌ. 435 - قوله: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الكَدِيدَ ثُمَّ أفْطَرَ". وفي طريق آخر من هذا الحديث: "قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانُوا (¬29) يَتَّبِعُونَ الأحْدَثَ فَالأحْدَثَ مِنْ أمْرِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَيَرَوْنَهُ النَّاسِخَ الْمُحْكَمَ" (784 - 785). قال الشيخ: محمل قول ابن شهاب على أن النسخ في غير هذا الموضع وإنما أراد أن الأواخر من أفعاله - صلى الله عليه وسلم - تنسخ الأوائل إذا كان مما لا يتمكن فيه (¬30) البناء؛ إلا أن يقول القائل فإن هذا من ابن شهاب ميل إلى القول بأن الصوم لا ينعقد في السفر فيكون كمذهب بعض أصحاب الظاهر. وهذا غير معروف عنه. قَوْلُهُ: "فَصَامَ حَتّى بَلَغَ كُرَاعَ الغَمِيمِ، ثمّ ذكر أنّه دَعَا بقدح من ماء ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام فقال - صلى الله عليه وسلم -: أُولَئِكَ العُصَاة أولئك العصاة". قال الشيخ -وفقه الله-: جلّ الفقهاء على أن من أصبح صائماً في الحضر ثم سافر أنَّهُ لا يُفطر في يومه. وذهب بعضهم إلى أن ذلك له وكأنَّ هذا فرع بينَ أصلين: أحدهما: أنَّ من أصبح صائماً ثم عَرَضَ لَهُ مَرَضٌ فإنّه يباح له الفطر. والثاني: أن من افتتح الصلاة في السفينة حضرية ثم انبعثت به السفينة ¬

_ (¬28) في (ب) "خاصة الزَّنْبيل". (¬29) في (ج) "وكان". (¬30) في (ج) "فيها".

في أثناء الصلاة متوجهة إلى السفر أن يتم صلاة حضر، فيرد المخالف الفطر إذا حدث السفر إلى الفطر إذا حدث المرض. ويرده (¬31) الآخرون إلى الصلاة المذكورة. والفرق عندنا بين طروّ المرض على الصائم وطُروّ السفر: أن طرو السفر أمر مكتسب فخوطب فيه بحالة الابتداء والمرض أمر غالبٌ. وقد يكون أيضاً مرض لا يمكن معه الصوم على حال. وأما قوله: "أولئك العُصَاة ... " فلا يكون (¬32) حجة لمن يقول: إن الصوم لا ينعقد في السفر، لأنه يحتمل أن يريد أنه قد شقّ عليهم الصوم حتى صاروا منهيين عنه فعصوا لذلك. ويؤيد هذا التأويل أنه قال في بعض طرق هذا الحديث: "إنّه قيل له: إن الناس قد شقّ عليهم الصيام" على أن من يحتج بهذا الحديث على جواز الفطر بعد أن أصبح صائماً إنما يكون (¬33) له حجة إذا سُلّم له أنه - صلى الله عليه وسلم - افتتح النهار بالصيام ثم أفطر. ونحن نقول: يحتمل أن يكون قوله هاهنا: "صام ثم أفطر" أي ابتدأ النهار بالفطر من أوَّله ولم يعقد صوماً ثم حله. 436 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لما رَأى رَجُلاً ظُلِّلَ (¬34) عَلَيْه: لَيْسَ البِرُّ (¬35) أنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ" (ص 786). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في صوم رمضان في السفر، فذهب بعض أصحاب الظاهر إلى أن الصوم لا ينعقد فيه، وأن من صام فيه ¬

_ (¬31) في (ج) "ويرد". (¬32) في (ج) "فلا تكون". (¬33) في (ج) "إنما تكون". (¬34) في بقية النسخ "قد ظُلِّلَ" غَيْر (أ). (¬35) في (ب) "ليس من البِرِّ".

رمضان قَضَى أخْذًا منه بظاهر الآية وبهذا الحديث. وجمهور العلماء على خلاف هذا المَذْهَب، وقد اختلفوا: هل الصوم أفضل أم الفطر، أم هما سواء؟ فقيل: الصوم أفضل، لما ورد في ذلك من صومه - صلى الله عليه وسلم - هو وعبد الله بن رواحة، ولغير ذلك من الأحاديث ولقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (¬36) فعمّ. وقيل: الفطر أفضل للحديث المتقدم، وهو قوله عليه السلام: "ليس البِرُّ أنْ تَصُومُوا في السفر"، ولقوله في هذا الكتاب: "هي رخصة من الله فمن شَاءَ أخذ بها فحسنٌ، ومن أحب أن يصوم فلا جناح"، فقد جعل الفطر حَسَنا والصوم لا جناح فيه. فهذه إشارة إلى تفضيل الفطر على الصوم. وقيل: بل الصوم والفطر (¬37) سواء لقوله - صلى الله عليه وسلم - للذي سأله عن الصيام في السفر: "إن شئت فصم وإن شئت فَأفْطِرْ". قال الشيخ: أما احتجاج المخالف على أن الصوم في السفر لا يجزىء بالحديث المتقدم وهو: "ليس البر أن تصوموا في السفر" فإنا نقول: هو عموم خرج على سبب، فإن قلنا بقصره على سببه كما ذهب إلى ذلك بعض الأُصوليين لم يكن له فيه حجة، وإن لم نقل بقصره قلنا: يحتمل أن يكون المراد به لمن كان على مثل حال ذلك الرجل وبلغ به الصوم إلى مثل ذلك المبلغ. ويحمل على ذلك بالدليل الذي قدمناه في فضيلة الصوم، أو يحتمل أن يريد: أن ليس للصوم فضيلة على الفطر تكون برًّا. 437 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لما وجد اليهود يصومون عاشُورَاءَ: نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُم فَصَامَهُ - صلى الله عليه وسلم - وأَمَرَ بِصِيَامِهِ" (ص 796). قال الشيخ: خبر اليهود غير مقبول، فيحتملِ أنْ يَكُونَ - صلى الله عليه وسلم - أُوحي إليه بصدقهم فيما حكوا من قصة هذا اليوم، أو يكونَ قد تواتر عنده عليه السلام ¬

_ (¬36) (184) البقرة. (¬37) في (ج) و (د) "وقيل: بل الفطر والصَّوْمُ".

خبره حتى وقع له العلم بذلك، ومع ذلك أيضاً فإنه - صلى الله عليه وسلم - قد يكون كان من شرعه تعظيم الأيام التي تظهر فيها الرسل ويُدِيلُ الله لهم على الكفرة، واستحسان الصوم فيها. 438 - قوله: "يُلْبِسُونَ نِسَاءَهُمْ فِيهِ حُلِيَّهُمْ وَشَارَتَهُمْ" (ص 796). الشارة: الهيئة واللباس، يقال: ما أحسن شِوَارَ الرجل وشارَتَهُ: أي لباسه وهيئته. 439 - قال الشيخ: خرّج مسلم في هذا الباب: "حدثنا ابن أبي شَيْبَة وابْنُ نُمَيْر قَالا نا أبو أسامة" (ص 796). قال بعضهم: في نسخة ابن الحذاء: "نا بن أبي شيبة وابن أبي عمر قالا نا أبو أسامة" جعل ابن أبي عمر مكان ابن نمير. وهذا وهم والأوّلُ (¬38) هُو الصواب، وهي رواية الجُلُودِي وَغَيْرِهِ. 440 - قول ابن عباس رضي الله عنه: "إذَا رَأيْتَ هِلاَل المُحَرَّمِ فَاعْدُدْ وَأصْبِحْ يوم التَّاسِعِ صَائِمًا" وَقَال: "هَكَذَا كَانَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُه" (ص 797). قال الشيخ: عندنا أنَّ يَوْمَ عاشوراء هو اليوم العاشر (¬39) من المحرم. وعند المخالف أنه التاسع، فمن قال: إنه العاشر تعلق بأن مقتضى هذا اللفظ كونه يوم العاشر (¬40) وهو مأخوذ من العشر. ومن قال: إنه التاسع تعلق بهذا الحديث، وبما ورد عن العرب في تسميتها اليوم الثالث مِنْ أيَّام الوِرْد رِبْعًا، وكذلك على هذا الحساب يحسبون أيَّامَ الأظْمَاء والأوْرَادِ فيكون التاسع عشرًا على هذا. ¬

_ (¬38) في (ج) "الأول" بدون واو. (¬39) في (ج) "هذا اليوم العاشر". (¬40) في (ج) "كونه يوم عاشوراء".

441 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في يوم عاشوراء: "مَنْ كَانَ لَمْ يَصُمْ فَلْيَصُمْ وَمَنْ كَانَ أكَلَ فَلْيُتِمَّ صِيَامَهُ إلَى اللَّيْلِ" (ص 798). قال الشيخ: يتعلق بهذا من يُجيز إحْدَاثَ النيّة في الصوم بعد الفجر لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من كان لم يَصُمْ فَلْيَصُمْ". وظاهر هذا استئناف النية (¬41). ومالك يمنع من ذلك على الإِطلاق لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ" فَعَمَّ كُلَّ صِيَامٍ. 442 - قوله: "اللُّعْبَةُ مِنَ العِهْنِ" (ص 799). العِهن: الصوف واحدتها عِهْنَة مثْلُ صوف وصوفة، وقيل: لا يقال لِلصُّوفِ عِهْنٌ إلاَّ إذا كَانَ مَصْبُوغًا. قال زهير: [الطويل] كَأنَّ فُتَاتَ العِهْنِ فِي كُلِّ مَنْزِلٍ ... نَزَلْنَ بِهِ حَبُّ الفَنَا لَمْ يُحَطَّمِ 443 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ" (¬42) (ص 803). قال الشيخ: أخذ بظاهر هذا الحديث وأجاز أن يصوم عن الميّت وَليّه أحمد وإسحاق وغيرهما. وجمهور الفقهاء على خلاف ذلك. ويتأولون هذا الحديث على معنى إطْعَامِ الحَيّ عن وليّه إذا مات وقد فرط في الصوم فيكون الإِطعام قائمًا مقام الصيام. 444 - قال الشيخ: خَرّج مسلم في صيام أيام التشريق: "حدثنا سُرَيْجُ (¬43) بْنُ يُونُسَ نَا هُشَيْم قَالَ نا خَالِدٌ عن أبي المَلِيحِ عَنْ نُبَيْشَةَ الهُذَلِي ¬

_ (¬41) في هامش (أ) "قف على من يجيز إحداث النية بعد الفَجْر". (¬42) بهامش (أ) "من مات وعليه صيام صام عنه وليُّه". (¬43) في (ج) "شُريج" وكذلك في (ب) و (د)، وما في (أ) هو في نسخ المتن.

قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أيَّامُ التَّشْرِيقِ أيَّام أكْل وَشُرْبٍ" (ص 800). وقع في نسخة ابن ماهَان: "نُبَيْشَة الهُذَلِيَةَ" بتَاء التأنيث في الهذلية. وهذا وهَم. ونبيشة اسم رجل معروف في الصحابة وهو ابن عم سلمة بن المُحَبّق الهُذَلِي. وأما وصفه - صلى الله عليه وسلم - لها "بأنها أيام أكل وشرب" فيتعلق به أبو حنيفة في منع صيام أيام مِنى حتى للمتمتع الذي لا يجد الهَدْيَ، وبما رُوي أنه نَهَى عن صيام أيام مني. وخالفه مالك وأجاز للمتمتع الذي لا يجد الهَدْيَ صِيَامَهَا لقوله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} (¬44). وهذه الآية نزلت يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة وشرط في القرآن أن تكون هذه الثلاثة الأيام (¬45) في الحج، فإذا صام التاسع وأفطر العاشر للنهي عن صومه لم يبق لها محل في الحج إلا أيام منى، وذلك يقتضي صحةَ ما قال مالِك. 445 - قوله: "جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عُمَرَ رضِي الله عنه فَقَالَ: إنِّي نَذَرْتُ أنْ أصُومَ يَوْمًا فَوَافَقَ يَوْمَ أضْحَى أوْ فِطرٍ. فَقَالَ ابْنُ عُمَر: أمَرَ الله بِوَفَاءِ النَّذْرِ وَنَهَى النَّبِيءُ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صِيَامِ هَذَا الْيَوْمِ" (ص 800). قال الشيخ: تَوَقَّف ابن عمر عن الفتوى تورعاً، وأشار لتعارض الأدِلَّة. وقد اختلف فقهاء الأمصار في ناذر صوم يوم (¬46) الفطر أو الأضحى، فالذي ذهب إليه مالك أن من نذر صوم الفطر أو الأضحى فلا ينعقد نذره ولا يلزمه قضاؤه ولا صومه. وقال أبو حنيفة: يصوم يوماً آخر عوضاً عنه، وإن صامه في نفسه مع النهي عن صومه أجزأه. ولنا عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نذر في معصية" وصوم هذا اليوم معصية ¬

_ (¬44) (196) البقرة. (¬45) في (ج) "الثلاثة أيَّام". (¬46) في (ج) "يوم" ساقطة وفي (أ) "والأضحى" عوض "أو الأضحى".

لثبوت النهي عنهُ. واتفاق العلماء على النهي عنه وتعويض يوم آخر ليس من مقتضى لفظ نذره فلا معنى لإِلزامه إياه وإن كان قد وقع عندنا قولان فيمن نذر صوم ذى الحجة هل يقضي يوم النحر؟ وقد يكون من أوجب (¬47) القضاء من أصحابنا رأى النذر منعقدا (¬48) بإجماع فيما سوى يوم النحر وما نهي عن صومه فأجرى يوم النحر في الانعقاد (¬49) مُجرى ما سواه بحكم التبع له، وألزم تعويضه لَمَّا امتنع صومه بعينه بخلاف من جرد النذر ليوم النحر خاصَّة. 446 - قوله - صلى الله عليه وسلم - "لاَ تَخُصُّوا لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي وَلاَ تَخُصُّوا يَوْمَ الجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْن الأيَّامِ ... " الحديث (ص 801). قال الشيخ: قال مالك: في موطَّئه لم أسمع أحدًا من أهل العلم والفقه ومن يقْتَدَى به ينهى عن صيام يوم الجمعة، وصيامه حسن. وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه وأُراه كان يتحراه. قال الشيخ: وقد ذكر بعضُ الناس أن الذي كان يصومه ويتحراه محمد ابن المنكدر. وقال الدَّاودي: لم يبلغ مالكًا هذا الحديث ولو بلغه لَمْ يُخالفْه. 447 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا دُعِيَ أحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ وَهْوَ صَائِمٌ فَلْيَقُلْ إني صَائِمٌ" (ص 805). قال الشيخ: أعمال البر النوافل يُستحب إخفاؤها غالباً ولكن دعت ¬

_ (¬47) في (ج) "من واجب". (¬48) في (ج) "أن النذر منعقد". (¬49) في (ج) "في الاعتقاد".

الضرورة لذكر هذا منها على جهة العذر لَئِلاَّ يُحْدِثَ بتخلفه تشاجرًا وبغضاء (¬50) إذا كان المراد أن يقول ذلك نطقا ليعتذر به. 448 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَإِنْ امْرُؤٌ قاتَلَهُ أوْ شَاتَمَهُ (¬51) فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ إنّي صَائمٌ" (ص 806). قال الشيخ: يحتمل أن يكون المراد بذلك أن يخاطب بذلك نفسه على جهة الزجر لها عن السَّبَاب والمشاتمة. 449 - قوله في الحديث: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلاَّ الصِّيَامَ هُوَ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ الله مِن رِيحِ المِسْكِ" (ص 806). قال الشيخ -وفقه الله-: تخصيصه الصوم (¬52) هاهنا بقوله "لي" وإن كانت أعمال البر المخلَصة كلها له تعالى لأجْلِ أنَّ الصَّوْمَ لا يمكن فيه الرِّياء كما يمكن في غيره من الأعمال لأنه كفّ وإمْسَاكٌ وحال المُمْسِكِ شِبعا أوْ لِفَاقة كحال الممسك تقرباً، وإنما القصد وما يُبطنه القلب هو المُؤَثِّر في ذلك، والصلوات والحج والزكاة (¬53) أعمال بدنية ظاهرة يمكن فيها الرياء والسمعة فلذلك خُصّ الصوم بما ذكره دونها. وأما قوله: "أطْيَبُ عند الله من ريح المِسْك" فمجاز واستعارة لأن استطابة بعض الروائح من صفات الحيوان الذي له طبائع تميل إلى شيء فتستطيبه وتنفر عَن آخر فتستقذره والله تعالى يتقدس عن ذلك، ولكن جرت ¬

_ (¬50) في (ب) و (ج) و (د) "تشاجرٌ وبغضٌ". (¬51) في (ب) "شاتمه أو قاتله" وهو ما في نسخ المتن. (¬52) في (ب) و (د) "للصوم". (¬53) في (ج) "والزكوات".

العادة فينا بتقريب الروائح الطيبة منّا. واستعير ذلك في الصوم لتقريبه من الله سبحانه. و"خُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ" بضم الخاء: تغيره. قال الهروي (¬54): يقال خَلَفَ فوه إذا تغير، يَخْلُف خُلُوفا. ومنه حديث على رضي الله عنه: "وسئل عن قبلة الصائم فقال: "وما إرْبُك إلى خُلُوف فِيها". ويقال: نومة الضحى مَخلَفَةٌ لِلْفَم، أيْ مُغَيِّرَةٌ. 450 - قَوْلُ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: "قال لي (¬55) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يَا عَائِشَةُ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالت: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ. قَالَ: فَإنِّي صَائِمٌ، قَالَتْ: فَخَرَجَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ أوْ جَاءَنَا زَورٌ فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قلْتُ: يَا رَسُولَ الله أهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ أوْ جَاءَنَا زَوْرٌ وَقَدْ خَبَّأتُ لَكَ شَيْئًا. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قلتُ: حَيْسٌ، قَالَ: هَاِتيهِ، فَجئْتُ بِهِ فَأكَلَ ثُمَّ قَالَ: قَدْ كُنْتُ أصْبَحْتُ صَائِمًا". قَالَ طَلْحَةُ: "فَحَدَّثْتُ مُجَاهِدًا بهذا الحديث فقال: ذلك بمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يُخْرِجُ الصَّدَقَةَ مِن مَالِهِ فَإنْ شَاءَ أمْضَاهَا وَإنْ شَاءَ أمْسَكَهَا" (ص 808). قال الشيخ -وفقه الله-: اتَّفَقَ مَالِكٌ والشافعي على أن من دخل في حج تطوعاً فإنه لا يقطعه. واختلفا في صلاةِ التطوع وصَوم التطوع (¬56) فمنع مالك قَطْعَها وأجازه الشافعيُّ لهذا الحديث. وتعلق مالكٌ بالظواهر المانعة من قطع العمل وإبطاله وقياساً على الحج. وقولها: "أو جاءني (¬57) زورٌ أيْ زُوَّارٌ" قال ابن دريد وغيره: ومما ¬

_ (¬54) في (ج) "المزوي" وهو تحريف. (¬55) في (أ) "لي" ساقطة بخلاف بقية النسخ وما في بقية النسخ هو ما في نسخ المتن. (¬56) "وصوم التطوع" ساقط من (أ). (¬57) في (ج) و (د) "أو جاءنا" وهو ما في نسخ المَتْنِ.

يكون الواحد والجماعة فيه سواءً في النعوت: رَجَلٌ زور وقوم زور. قَالَ الشَّاعِرُ: [الرجز] كما تَهَادَى الفَتَيَاتُ الزَّوْرُ وَقَوْلُهَا: "قُلْتُ: حَيْسٌ" قال الهروي: الحَيْسُ: ثريدة من أخلاط. قال ابن دريد: الحَيْس: التَّمْر مَعَ الأَقِطِ والسَّمْنِ. قال الشاعر: [الرجز] التَّمْرُ وَالسَّمْنُ جَمِيعًا وَالأقِطْ ... الحَيْسُ إلاَّ أنَّهُ لَمْ يَخْتَلِطْ 451 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ نَسِيَ وهوَ صَائِم فَأكل أو شرب فَلْيُتمَّ صَوْمَهُ فَإنَّمَا أطْعَمهُ الله وسَقَاه" (ص 809). قال الشيخ -وفقه الله-: تَعَلَّقَ المخالف في إسقاط القضاء عمن أكل في رمضان ناسياً بظاهر هذا الخَبَر. ومَحْمَلُه عند المالكية الموجبين لِلْقضاء (¬58) على نفي الحرج والإِثم بنسيانه. والصوم على خمسة أقسام: - واجبٌ بإيجاب الله تعالى معيّنٌ كرمضان. - وواجبٌ بإيجاب الله تعالى مضمونٌ في الذمة كصيام الكفارات. - وواجبٌ بإيجاب الإِنسان معيّنٌ كنذر صوم شهر بعينه. - وواجبٌ بإيجاب الإِنسان مضمونٌ غير معيّن كنذر صوم شهر بغير عينه. - والخامس: التطوع. ¬

_ (¬58) في (ب) و (د) "القضاء".

فمن أفطر في جميعها عمدًا فَإنَّه يَقْضِي ولا يُكَفِّر إلا رمضان فإنه يكفر ويقضي. ومن أفطر في جميعها سهوا فإنه يَقْضِي ولاَ يُكَفِّرُ إلاَّ التَطوُّعَ فَإنَّهُ لاَ يقضي ولا يكفر. 452 - قوله: "لاَ صَامَ مَنْ صَامَ الأبَدَ" (ص 814). يحتمل أن يكون ذلك على وجه الدعاء. ويحتمل أن تكون هَاهُنَا (لا) بمعنى (لَمْ) كقوله تَعَالى: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} (¬59). وأما الأبد المذكور هاهنا فقيل: محمله على أنه يُدْخِلُ في صومها الأيام المنهي عن صومها كالعيدين وأيام التشريق. قال الشيخ: والأشبه عندي في التأويل أن يكون محمولاً على أنه لمن يضرُّ به ذلك، ألاَ تراه قد قال له: "فإنك إذا فعلت ذلك هَجَمَتْ لَكَ (¬60) العين ونُهِكْتَ" إلى غير ذلك مما ذكره في هذا الموضع. 453 - قوله - صلى الله عليه وسلم - لِلرَّجل: "أصُمْتَ مِنْ سُرَر هَذَا الشَّهْرِ؟ يَعْنِي شَعْبَانَ؟ فَقَالَ: لاَ. فَقَالَ لَهُ: إذَا أفْطَرْتَ رَمَضَانَ فصُمْ يَوْماً أوْ يَوْمَيْنِ، شك شعبة" (ص 820). قال الشيخ: ظاهر هذا مُخالفٌ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُقَدِّمُوا الشهر بِيَوْمٍ وَلاَ يَوْمَيْن" فيصح أنْ يُحْمَل هذا على أن الرجل كان مِمَّن اعتاد صِيَام السُرر أو نَذَر ذلك (¬61) وَخَشِيَ أن يكون إذا صام آخر شعبان دخل في النهي، فيكون فيما قال له - صلى الله عليه وسلم - دليل على أنه لا يدخل في ذلك الذي نُهِيَ عنه من تَقَدُّمِ الشهر بالصوم وأنَّ المراد بالنهي مَن هو على غير حالته. ¬

_ (¬59) (31) القيامة. (¬60) في بقية النسخ "له" وهي (ب) و (ج) و (د). (¬61) في (أ) خاصة "ونذر ذلك".

قال أهل اللغة: السِّرار ليلة يَسْتَسرُّ الهلال. يقال: سَرَار الشهر وسِرَاره وسُرره. 454 - قوله: "نَفِهَتْ نَفْسُك" (ص 816) أي أعْيَتْ وَكلَّتْ، والنافِهُ المُعيْى. و"هجمت العَيْن" أي غارت ودخَلَتْ، ومنه: هَجَمْتُ على القوم، أي دخلت عليهم. 455 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَال كَانَ كَصِيَام الدَّهْرِ" (ص 822). قال الشيخ: قال بعض أهل العلم: معنى ذلك أن الحسنة لما كانت بعشر أمثالها كان مَبْلَغُ ما له من الحسنات في صوم الشهر والستةِ أيام ثلاثمائَةٍ وستِّينَ حسنةً عدد أيَّام السنة فكأنه صام سنة كاملة يكتب له في كل يوم منها حسنةٌ. 456 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في ليلة القدر في حديث أبي سعيد الخدْري: "الْتَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ منْ رَمَضَان وَالْتَمِسُوهَا فِي التاسعة والسابعة والخامسة" ثم قال أبو سَعِيدٍ:"إذا مَضَتْ واحدة وعشرون فالتي تليها اثنَتَان وعشرون وهي التاسعة وإذا مضت ثلاث وعشرون فالتي تليها السابعة" (ص 826). قال الشيخ -وفقه الله-: جعل أبو سعيد في ظاهر تأْوِيله التاسعة ليلة اثنتين وعشرين والسابعة ليلة أربعٍ وعشرين، وهذا على تمام الشهر. وتأوَّل غيره الحديث على أن التاسعة ليلة أُحَدٍ وعشرين والسابعة ليلة ثلاث وعشرين. قال بعضهم: وهذا إنما يصح على أن الشهر ناقص. وقيل: إنما يصح أن يكون المراد لسبع بَقِينَ سواها. وقد رُوي في بعض الأحاديث: "في تاسعة

تبقى وسابعة تبقى وخامسة تبقي". وهذا يتضح تأويله على نقصان الشهر إذا كان المطلوب الوتر. والأحاديث مختلفة، وقد قيل: إنها تختلف باختلاف الأعوام. وقد تقدم القول فيه. قوله: "فجاء رجلان يَحْتَقَّانِ" قال بعضهم: معناه يدّعي كل واحد منهما حقا ويؤكده. قوله بَعْد هذا في رواية أخرى مكان: "يحتقان" "يختصمان". 457 - قوله: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَعْتَكِفُ في العَشْر الأواخِر من رمضان" (ص 830). قال الشيخ -وفقه الله-: الاعتكاف جائز عندنا على الجملة في سائر المساجد، وذُكر عن حذيفة أنه لا يراه إلا في ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد النبيء عليه السلام، ومسجد إيلياء بالشام. وقال الزُّهري (¬62) لا يكون الاعتكاف إلا في الجامع. والحجة لنا قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (¬63) فعمَّ. ومن شرطه عندنا الصوم. وأجازه الشافعي من غيْرِ صَوْمٍ. ¬

_ (¬62) في (أ) "الهروي" وهو تحريف. (¬63) (187) البقرة.

7 - كتاب الحج

7 - كتاب الحج (¬1) 458 - قال: سُئِلَ رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ؟ فَقَالَ: لاَ يَلْبَسُ المُحْرِم القَمِيصَ وَلاَ العِمَامَةَ وَلاَ السَّرَاوِيلَ" الحديث (ص 835). قال الشيخ: سُئل عليه السلام عمَّا يَلْبَسُ (المحرم) (¬2) فأجاب بِمَا يترك لباسه. وإنما عَدَلَ عليه السلام إلى ذلك لأن المَتْروك ينحصر والملبوس لا ينحصر (فحصر له ما يترك) ليبين (¬3) أن ما سِواه مُباحٌ لِبَاسُهُ. وقوله عليه السلام: "ولا ثوبًا مَسّه وَرس ولا زعفران". قال الشيخ: لأنّ الورس والزعفران طِيب والمحرم لاَ يتطيب. وقوله: "ولا الخفين إلاَّ أنْ لا يجد نعلين فَلْيَقْطَعْهُمَا" الحديث. ¬

_ (¬1) جاء هذا العنوان في (ب) و (ج) و (د) هكذا "كتاب الحج فيه سئل إلخ ... ". (¬2) ما بين القوسين خرم في (أ) وكذلك فيما يأتي. (¬3) في (ب) و (د) "ليبين له" وما بين القوسين محو في (أ).

قال الشَّيْخُ: ذهب بعض الناس إلى أن الخفين لاَ يُقطعان، لأن ذلك من إضاعة المال. وهذا الحديث رَدٌّ عليه. واختلف المبيحون قَطْعَ الخفين إذَا قَطَعهما وَلِبسَهما هَلْ يفتدي أم لا؟ فقيل: لا شيء عليه. وقيل: بل عليه الفدية. وليس ترخيصُهُ له في الحديث بمسقط للفدية كما أن الرخصة في حلق الرأس لم تسقُط معها الفدية. ذُكر في حديث ابن عباس: "أنه إن لم يجد الإزار فليلبس السراويل" (ص 835). وقال بذلك الشافعي، ولم يأخذ به مالك لسقوطه في رواية ابن عمر. 459 - قوله - صلى الله عليه وسلم - لِلْمُعْتَمِر: "انْزِعْ عَنْكَ الجُبَّةَ وَاغْسِلْ عَنْكَ الصُّفْرَةَ" (ص 836). قال الشيخ: لا خلاف في منع استعمال الطِّيب بعد التلبس بالإِحرام. واختلف الناس في جواز استعماله قبل الإِحرام واستدامته بعده. فمنع من ذلك مالك تعلقاً بهذا الحديث. وفيهِ أنه أمره بغسل ما عليه منه، وأجاز ذلك الشافعي وتأوَّل هذا الحديث على أن الطِّيب كان من زعفران وقد نُهِيَ الرجل أن يتزعفر. واحتج لمذهبه بقول عائشة: "كنت أطيِّب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإِحرامه قبل أن يحرم وَلِحلِّهِ قبل أن يطوف بالبيت". وانفصل أصْحَابُ مالك عن هذا بأنه يمكن أن تَكُون طيَّبتْه بما لا تبقى ريحه، أو يكون اغتسل للإِحرام بعد أن طيبته فذهب الطّيب عنه. وقال أبو الفرج من أصحاب مالك: هذا من خواصّ النبيء عليه السلام لأن المحرم انما منع من الطِّيب لئلا يدعوه إلى الجماع والنبيء - صلى الله عليه وسلم - كان يملك إربه فيؤمن عليه -عليه السلام- من التطيّب (¬4)، فإن قيل: فَلِمَ لَمْ ¬

_ (¬4) في (ب) و (ج) و (د) "فيؤمن عليه من الطيب".

يَأمرْ - صلى الله عليه وسلم - بالفدية الأعرابي (¬5) لِتَطَيُّبِهِ ولباسه؟ قيل: يحتمل أن يكون عذره لأنه لم يكن أوحي إليه بتحريم الطيب، أو لعله لم يطل مقامه عليه ولا انتفع به. وأصل مالك فيمن تطيّب جاهلاً أو ناسياً فإنما (¬6) يفتدي إذا طال مكثه (¬7) عليه، أو انتفع به. ومذهب الشافعي أن لا فدية عليه أصلاً. ومذهب أبي حنيفة يفتدي على كل حال. وأما أمْرُه - صلى الله عليه وسلم - بنزع الجبة فهو ردّ لقول من يقول من الفقهاء: إنه يشق مَا عليه من المخيط ولا ينزعه من رأسه لئلا يكون مغطياً لرأسه، والمحرم لا يغطي رأسه. ولم يستنكر تمزيق الثوب وإن كان إفساداً للمال كما لم يستنكر قطع الخفَّين كما جاء في الخبر: "وإن كان إفساداً لهما". 460 - قوله: "وَقَّتَ لِأهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةَ" الحديث (ص 838). قال الشيخ: للحج ميقاتان: ميقات زمان، وابتداؤه شوال، وميقات مكان وهي المواضع المذكورة في هذا الحديث. وميقات أهل العراق منها مختلف فيه فذكرها هنا ذات عرق مرفوعًا إلى النبيء - صلى الله عليه وسلم - فيما يحسبه الراوي. وذكر في غير هذا الكتاب العقيق. ومنه استحب الشافعي لأهل العراق أن يُهِلُّوا. وتقدمة الحج على ميقات الزمان مكروه عندنا. وتقدمته على ميقات المكان مكروه أيضاً عندنا إذا قدمه بمكان قريب لما في ذلك من التلبيس والتضليل عن المواقيت. وإن قدمه بمكان بعيد لا يلتبس الميقات به فظاهر المدونة كراهية ذلك وظاهر المختصر إجازته. ¬

_ (¬5) في (ب) و (د) "الأعرابي بالفدية". (¬6) في (أ) "فإنه". (¬7) في (ب) و (ج) و (د) "لبثه".

461 - قوله في الحديث: "فَهُنَّ لَهُمْ (¬8) وَلِمَنْ أتَى عَلَيهنّ مِنْ غَيْرِ أهْلِهِنَّ مِمَّنْ أرَادَ الحَجَّ والعُمْرَةَ" (ص 838). قال الشيخ -وفقه الله-: ظاهر هذا إسقاط الدم عمَّن جاوز الميقات غير مريد للحج والعمرة. وقد وقع في المذهب اضطراب في الصَّرورة (¬9) إذا جاوزه غير مريد للحج. وأما إذا جاوزه مريدًا للحج ثم أحرم بعد مُجاوزته وهو في أثناء طريقه، فلا يسقط الدمَ الواجبَ عليه على الجملة رجوعُه إلى الميقات. وقال أبو حنيفة: يسقط إذا رجع إلى الميقات وَلبَّى لأنه قد استدرك ما فاته وأكمل ما نقصه. 462 - قوله: "لَبَّيْكَ" (ص 840). هو مصدر مثنى للتكثير (¬10) والمبالغة. ومعناه إجابة لك بعْد إجابة ولزومًا لطاعتك. فتثنيته (¬11) للتأكيد لا تثنية حقيقية (¬12) بمنزلة قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} (¬13) أي نعمتاه على تأويل اليد هاهنا على النعمة ونعم الله لا تحصى. ويونس بن حبيب من أهل البصرة يذهب في "لبيك" إلى أنه اسم مفرد وليس بمثنى وأن ألفه إنما انقلبت ياء لاتصالها بالمضمر على حَدّ (لَدَى). وعَلَى مذهب سيبويه أنه مثنى بدليل قلبها ياء مع المظهر (¬14). وأكثر الناس على ما ذهب إليه سيبويه. قال ابن الأنباري: ثنَّوا لبيك كما ثَنَّوْا حنانيك، أي تحننا بعد تحنّن. وأصل لبيك لبَّبْك، فاستثقلوا ¬

_ (¬8) في أصول المتن "فهن لَهُنَّ" وهو ما في (ب). (¬9) في (ب) و (ج) "للضرورة" بالضاد، وهو تحريف. (¬10) في (أ) "للتكبير". وما أثبت هو ما في بغية النسخ. (¬11) في (أ) "فتثنيه" هكذا. (¬12) ما أثبت هو ما في (أ) وفي بقية النسخ "حقيقة". (¬13) (64) المائدة. (¬14) في (أ) و (ج) "بالمضمر". والصواب ما أثبتناه.

الجمع بين ثلاث باءات فأبدلوا من الثالثة ياء كما قالوا من الظن: تظنَّيتْ، والأصل تظننت قال الشاعر: [الرجز] يذهب بي في الشعر كل فن ... حتى يرد عَنِّي التظنِّي أراد التظنن. واختلف في معنى "لبيك" واشتقاقها كما اختلف في صيغتها. فقيل: معنى لبيك: اتجاهي وقصدي إليك، مأخوذ من قولهم: داري تُلِبُّ دارك، أي تواجهها. وقيل: معناها مَحبّتِي لك، مأخوذٌ من قولهم: امرأة لَبَّة، إذا كانت محبة لولدها عاطفة عليه. وقيل: معناها إخلاصي لك، مأخوذ من قولهم: حسبٌ لباب، إذا كان خالصاً محضاً. ومن ذلك لُبّ الطعام ولُبابه. وقيل: معناها: أنا مقيم على طاعتك وإجابتك، مأخوذ من قولهم: قد لب الرجل في المكان وألب إذا أقام فيه ولزمه. قال طفيل: [الطويل] رَدَدْنَ حُصَيْنًا مِنْ عَدِيٍّ وَرَهْطِهِ ... وَتَيمٌ تُلبّي بالعُروج وتَحْلُبُ وقال آخر: [الوافر] مَحَلّ الهَجْرِ أنْتَ بِهِ مُقِيمٌ ... ملبّ مَا تَزُولُ وَلاَ تَرِيمُ قال ابن الأنباري: وإلى هذا المعنى كان يذهب الخليل والأحمر. وأما قوله: "إن الحمد والنعمة لك" (ص 841). فيروى بكسر الهمزة من (إن) وبفتحها. قال ثعلب: الاختيار كسر (إن) وهو (¬15) أجود معنى من الفتح لأن الذي يكسر (إن) يذهب إلى أن المعنى: إن الحمد والنعمة ¬

_ (¬15) في (أ) "وهي".

لك على كل حال. والذي يفتحها يذهب إلى أن المعنى: لبيك لأن الحمد لك، أي لبيك لِهذا السبب. ويجوز: والنعمةُ لك، بالرفع على الابتداء والخبر محذوف تقديره: إن الحمد لك والنعمة لك. قال ابن الأنباري: وإن شئت جعلت خبر (إن) محذوفاً. وأما قوله: "والرغباء إليك" فيروى بفتح الراء والمد، وبضم الراء والقصر. ونظيرها العُلْيَا والعَلْيَاء والنُّعْمى والنَّعْمَاءُ. قال الشيخ -وفقه الله-: عند مالك والشافعي أن الحج يصح الدخول فيه بالنية خاصة وأنه (ينعقد بالقلب) (¬16) كما ينعقد بالصوم. وعند أبي حنيفة لا ينعقد (إلا بمقارنة التلبية) أوْ سوق (الهدي) إلى عقد القلب. وأما حكم التلبية فإن أبا حنيفة يراها واجبة، ومالك والشافعي لا يوجبانها. واختلف إذا لم يأت بها فعند مالك أن الدم يلزمه، ولم يُلزم الشافعي تاركَها دمًا. 463 - قول ابن عمر -رحمه الله-: "تَلقَّيْت التلبية" (ص 842). أي أخذتُها بسرعة، ويروى: "تلقنت" بالنون. وقوله: "بَيْدَاؤُكُمْ هذه الَّتِي تَكْذِبُونَ فِيهَا" (ص 843). البيداء: مَفازة لا شيء فيها، وبين المسجدين أرضٌ ملساء اسمها البيداء. فأنكر ابن عمر على مَن يقول: إن النبيء - صلى الله عليه وسلم - إنما أحرم من البيداء، وهو يقول: إنما أحرم عليه السلام من المسجد. وأما قوله: "تَكْذِبُونَ فِيهَا" فمحمول على أنه أراد أن ذلك وقع منهم على جهة السهو ولا يُظن به أنه ينسب إلى الصحابة ئعَمُّدَ الكذب الذي لا يحل. ¬

_ (¬16) ما بين القوسين ممحوّ من (أ). وكذا فيما يلي.

464 - قَوْلُ ابْنِ جُرَيجٍ لابْنِ عُمَرَ: "رَأيْتُكَ تَصْنَعُ أرْبَعًا لَمْ أرَ أحَدًا مِنْ أصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا، ثُمَّ ذَكَرَ مَسَّ الرُّكْنَيْنِ اليَمَانِيَيْنِ وَلُبْس النِّعَالِ السِّبْتِيَةِ" وغير ذلك مما في الحديث (ص 844). قال الشيخ -وفقه الله-: يَحْتَمِلُ أنْ يُرِيدَ لاَ يَصْنَعُهَا غيرك مجتمعة وإن كان يصنع بعضها ثم سمى له علة فعله في الثلاث وأنه رأى النبيء - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك. ويحتمل أن يكون عليه السلام إنما خصّ هذين الركنين لأنهما على قواعد إبراهيم -عليه السلام- وترك الآخرين لمَّا قصرا عن قواعد إبراهيم. وأما قوله: "رأيتك تصبغ بالصفرة" فقيل: المراد به صباغ الشعر، وقيل: صباغ الثوب. والأشبه أن يكون صَبْغَ الثياب لأنه أخبر إنما صبغ اقتداءً بالنبيء - صلى الله عليه وسلم - وهو -عليه السلام- لم يُذكر عنه أنه صبغ شعره. وأما إجابته لمَّا سأله عن تَأخِير إهلاله إلى يوم التروية بأنه لم يَر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُهلّ حتى تنبعث به راحلته فإنه أجابه بضرب من القياس لَمَّا لم يتمكن له من فعل النبيء - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الشْيء بعينه ما تمكن في غيره مما سماه (¬17) له. وَوَجْه هذا القياس أنه لَمَّا رآه - صلى الله عليه وسلم - إنما أهلّ عند الشروع في الفعل أخّر أيضاً هو الإِهلال إلى يوم التروية الذي يُبتدأ فيه بأعمال الحج من الخروج إلى مني وغير ذلك. وأما وجه اختيار غيره من العلماء لمن أحرم من مكة أن يُهلّ من أول العشر فإن ذلك ليحصل للمحرم من الشَّعث ما يساوي فيه من أحرم عن المواقيت. وأما النعال السَّبتية فقال الأزهري (¬18): إنما سميت سِبتية لأن شعرها ¬

_ (¬17) في غير (أ) "مما سَمَّى". (¬18) في (أ) "الهروي" والصواب ما أثبتناه لأن كلام الهروي ما يأتي بعدُ ويؤيد ذلك كلام النووي.

قد سُبِتَ عنها، أي حلق وأزيل. يقال: سبت رأسه إذا (¬19) حلقه. قال الهروي: وقيل: سميت سبتية لأنها انسبتت بالدباغ، أي لانت. يقال: رطبة منسبتة، أي لينة. قال: والسِّبت: جلود البقر المدبوغة بالقَرَظ (¬20). 465 - قوله: "وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الغَرْزِ" (ص 845). الغَرْز: ركاب الناقة. 466 - قول عائشة رضي الله عنها: "كُنْتُ أطيِّبُهُ لِحِلّهِ وَلِحُرْمِهِ" (ص 846). الحُرْمُ: الإِحْرَامُ بالحج. 467 - قوله: "أهْدَى الصَّعْبُ بن جَثَّامَةَ إلَى النبيء - صلى الله عليه وسلم - حِمَارَ وَحْشٍ وَهْوَ مُحْرِمٌ. قَالَ: فَرَدَّهُ عَلَيْهِ وقَالَ: لَوْلاَ أنَّا مُحْرِمُونَ لَقَبلْنَاهُ مِنْكَ " (ص 851). قَالَ الشَّيْخُ -وفقه الله-: بَوَّبَ البُخَارِي عَلَى هذا الحديث ما دلّ على أنه تأول أنَّ الحِمار كان حَيًّا. فعلى هذا يكون فيه حجة على أن المحرم يُرْسل ما كان في يده من صيد. وفيه أيضاً أنَّ الهِبَة لا تدخل في ملك الموهوب إلاَّ بالقبول لها وأن قدرته على ملكها لا يصيره (¬21) مالكاً لها. [وفيه إشارة إلى صحة القول بأن من وهب لرجل أو أوصى له بمن يعتق عليه أنه لا يعتق (عليه حتى) (¬22) يقبله وأنَّه لا يدخل في ملكه قبل قبوله إياه] (¬23). ¬

_ (¬19) في (ج) "أي". (¬20) في (ج) "شكل القَرْظ" بسكون وهو خطأ. (¬21) في (ج) و (د) "لا تصيّره". (¬22) ما بين القوسين ممحوّ من (أ). (¬23) ما بين القوسين ساقط عن (ج).

وفيه تقوية لأحد القولين: إن من اشترى أباه بالخيار لم يعتق عليه لأنه لما يجعله بقدرته على أن يملك بالقبول مالكاً. وانظر هل يصح أن يحمل هذا على أن الهبة تدخل في الملك من قبل أن يقبلها ويكون إنما لما يرسل الحمار لأنه لم يكن في يد النبيء - صلى الله عليه وسلم - فأشبه من أحرم وفي بيته صيد؟ فيقال: لا يصح هذا لأنه - صلى الله عليه وسلم - لو ملك الحمار لما يردَّه عليه فيكون قد عرَّض به للقتل، ولو أن محرما في بيته صيد لم ينبغ أن يَهبَهُ في حال الإِحرام لمن يستبيح ذبحه فيكون كمن عرض بصيد للقتل. وقد اختلف مالِك والشافعي فيمن أحرم وفي بيته صيد هل يرسله أم لا؟ وسبب الخلاف بينهما قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} (¬24)، هل المراد بالصيد هاهنا الاصطياد فلا يجب أن يرسل ما في البيت من الصيد (¬25)، أو المصيدُ نفسه الذي هو الصيد فيرسله وإن كان تقدم اصطياده له قبل الإِحرام؟. وفي بعض طرق حديث الصَّعْب ما يقدح في تأويل من تأول الحديث على أن الحمار حي وهو قوله: "أهدى الصعب بن جثَّامة للنبيء - صلى الله عليه وسلم - رِجْلَ حمار". وفي طريق آخر: "عجز حمار وحش يقطر دماً" وفي طريق آخر: "شق حمار" (ص 851). 468 - وفي رواية زيد بنِ أرقم: "أُهْدِيَ للنَّبِيءِ - صلى الله عليه وسلم - عُضْوٌ من لَحْمِ صَيْدٍ فَرَدَّهُ وقَالَ (¬26): لاَ نَأْكُلُهُ إنَّا حُرُمٌ" (ص 851). ¬

_ (¬24) (96) المائدة. (¬25) في بقية النسخ "من صيد". (¬26) في (ب) "فقال" وهو ما في نسخ مُسْلِمٍ.

قال الشيخ: وبهذه الروايات يحتج من يقول من الناس: إن المُحْرِم لا يأكل لحم الصيد (¬27) وإن لم يُصَد من أجله. ويذكر ذلك عن علي وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم، وتلا (¬28) عليّ: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} (¬29)، وحمل الصيد على المصيد. والحجة على هؤلاء حديث أبي قتادة المذكور بعد هذا. وفيه: "أنه - صلى الله عليه وسلم - أكل لحم الصيد وأباحه لغيره من المحرمين". ويمكن بناء حديث أبي قتادة مع حديث زيد على مذهب مالكَ فيقال: امتنع من الأكل في حديث زيد لأنه صِيد من أجله ولم يمتنع في حديث أبي قتادة لأنه لم يُصَد من أجله، لكن قد يقدح في هذا البناء أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما علّل امتناع أكله بأنه حُرُم، ولم يقل: إنه صِيدَ من أجْلي. وفي حديث أبي قتادة أنهم قالوا له: لا نعينك عليه وسألهم - صلى الله عليه وسلم -: "هَلْ أعَانُوهُ". وفي إطلاق المعونة حجة على أبي حنيفة الذي يرى أن المعونة لا تؤثر إلا أن يكون الصيد لا يصح صيده دونها. وهذا الحديث هاهنا إنما ذكر فيه معونة مطلقة ولم يشترط. وذكر فيه أن بعضهم أكَلَ من الصيد وبعضهم لم يأكل وأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يلُم أحدًا منهم على ما فعل. وهذا دليل على أن الاجتهاد في مسائل الفروع يَسُوغُ. 469 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خَمْسٌ مِن الدَّوَابِّ كُلُّهَا فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ" (¬30) الحديث (ص 856). قال الشيخ: مالكٌ والشافعي يريان أن التحريم متعلق بمعاني هذه الخمس ¬

_ (¬27) في (ب) و (ج) "لحم صَيدٍ". (¬28) ما أثبتناه هو ما جاء في (د)، وفي بقية النسخ "تلى" بالألف المقصورة. (¬29) (96) المائدة. (¬30) في (ج) و (د) "في الحل والحرم". وقوله "الحديث" ساقط كذلك منهما.

دون أسمائها، وأنَّهَا إنما ذكرت لينبه بها على ما شَرِكَها (¬31) في العلة؛ لكنهما اختلفا في العلة ما هي؟ فقال الشافعي: العلة أن لحومها لا تُؤكل وكذلك كل ما لا يؤكل (¬32) لحمه من الصيد مثلها. ورأى مالك أن (العلة كونها) (¬33) مضرة وأنه إنما (ذكر) الكلب العقور لينبه به على ما يضر بالأبدان على جهة المواجهة (والمغالبة) (¬34). وذكر العقرب لينبه بها على ما يضر بالأجسام على جهة الاختلاس. وكذلك ذكر الحدأة والغراب للتنبيه على ما يضر بالأموال مجاهرة، وذكر الفأرة للتنبيه على ما يضر بالأموال اختفاء. وقد اختلف في المراد بقوله: "الكلب العقور" فقيل: هو الكلب المألوف. وقيل: بل المراد به كل ما يفترس لأنه يسمى في اللغة كلبًا. ومذهب مالك أنَّ ما لا يبتدىء (¬35) جنسه بالأذى كسباع الطير لا يقتل إلا أن يخافه المَرء على نفسه فتؤدي مدافعتُه إياها إلى قتلها فلا شيء عليه. وأما صغار ما يجوز قتله فهل يقتل أم لا؟ فيه قولان: فَعَلى القول بأنها لا تُقتل إن قتلت هل على قاتلها جزاء أم لا؟ فيه قولان. 470 - ذَكَر حديث كَعْب بن عُجْرَةَ في حلق الرأس وقولَه عليه السلام: "هَلْ تُؤْذِيكَ هَوَّامُ رَأسِكَ؟ قَالَ: نعم. قال: فَاحْلِقْ رَأسَكَ ثُمَّ اذْبَحْ شَاةً نُسكًا، أوْ صُمْ ثَلاَثَةَ أيَّام، أوْ أطْعِمْ ثَلاَثَة آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ" (ص 861). قَال الشَّيْخ -وفقه الله-: إن حلق رأسه لعذر فعليه أحد ثلاثة أشياء: ¬

_ (¬31) في (ج) "اشتركها" وهو تحريف. (¬32) في (ج) "كل لحم ما لا يؤكل". (¬33) ما بين القوسين ممحوّ من (أ). (¬34) ما بين القوسين ممحوّ من (أ). (¬35) في (ب) و (ج) "أن كل ما لا يبتدىء".

صيام، أو صدقة، أو نسك. وكذلك إذا حلقه لغير عذر فهو مخير عندنا أيضاً، خلافاً لمن قال: إذا حلقه اختيارًا فلا بُدَّ من الدم. وذهب بعض الناس إلى أنه إذا حلق رأسه ناسياً فلا دم عليه. 471 - قوله في حديث ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْر: "حُجِّي واشْتَرِطِي وَقُولِي اللَّهُمَّ وَمَحلِّي حيث حبستني" (¬36) (ص 867). قال الشيخ: من الناس من ذهب إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث وأجاز الاشتراط. وجمهور الفقهاء على أن ذلك لا ينفع وحملوا الحديث على أنها قضية في عَيْنٍ خُصَّتْ بها هذه المرأة. وفيه دلالة على أن الإِحصار بمرض لا ينحلّ به المحرم من إحرامه ولو كان ينحل به لم يفتقر للشرط في هذا الحديث. 472 - قوله: "نُفِسَتْ أسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِذِي الحُلَيْفَةِ فَأمَرَهَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ" (ص 869). قال الشيخ: في الحج ثلاثة أغْسَال: أحَدُهَا للإِحْرَامِ، وَالثَّانِي لِدُخُولِ مكة، والثالث للوقوف بعرفة. وآكدها غسل الإِحرام، والحائض والنفساء يغتسلان للإِحرام والوقوف ولا يغتسلان لدخول مكة لأنه لأجل الطواف وهما لا يدخلان المسجد. 473 - قَوْلُ عَائِشَةَ رضي الله عنها: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ فَمِنَّا مَنْ أهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا من أهَلَّ بِالْحَجِّ" الحديث. وفيه: "لَمْ أهْلِلْ (¬37) إلاَّ بِعُمْرَةٍ" (ص 870). قال الشيخ: ذَكَرت أنها أهلّت بعمرة وقالت في غير هذا: "خرجنا ¬

_ (¬36) في (ج) "حيث تحبسني". (¬37) في (ج) "وفيه ولو لم أُهلل".

لا نُرى إلا الحج" فيحتمل أن يكون قولها: "لاَ نُرَى" (ص 872) أن ذلك كان اعتقادها من قبل أن تُهل ثم أهلت بالعمرة. ويحتمل أن تريد بقولها "لاَ نُرَى" حكايةً عن فعل جلّ الصحابة ولم ترد نفسها. واختلف الناس: ما الأفضل هل الإِفراد أم القِرَان أم التمتع؟ فقال مالك وغيره: الإِفراد، وقال أبو حنيفة: القِران. وقال الشافعي وأهل الظاهر: التَّمتع. وسننبه على ما احتجّ به هؤلاء لما اختاروه فيما بعد. واختلفت (¬38) الرواة أيضاً فِيما فعله النبيءُ - صلى الله عليه وسلم -: هل كان إفرادًا أم قرانا أم تمتعا؟ وقد اعترض بعض المُلحدة على هذا الاختلاف وقالوا: هي فعلة واحدة فكيف اختلفوا فيها هذا الاختلاف (¬39) المتضاد؟ وهذا يؤدي إلى الخلف في خبرهم وقلة الثقة بنقلهم. وعن هذا الذي قالوه ثلاثة أجوبة: أحدها: أن الكذب إنما يدخل فيما طريقه النقل ولم يقولوا: إنه - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: إني فعلت كذا، بل إنما استدلوا على معتقده بما ظهر من أفعاله -عليه السلام- وهو موضع تأويل، والتأويل يقع فيه الغلط، فإنما وقع لهم فيما طريقه الاستدلال لا النقل. والجواب الثاني: أنه يصح أن يكون - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا أمر بعض أصحابه بالإِفراد وبعضَهم بالقِران وبعضَهم بالتمتع أضاف النقلة إليه - صلى الله عليه وسلم - ذلك فعلا وإن كان إنما وقع ذلك منه -عليه السلام- قولاً فقالوا: فعل - صلى الله عليه وسلم - كذا، كما يقال: رجم النبيء - صلى الله عليه وسلم - ماعزًا، وقتل السلطان اللّصّ أي أمَرَ - صلى الله عليه وسلم - برجمه وأمر السلطانُ بقتله. ¬

_ (¬38) في (ب) و (ج) "واختلف". (¬39) في (ب) "الاختلاف" ساقطة وفي (د) عوض "الاختلاف" "الخلاف"، وكذا فيما سبق.

والجواب الثالث: أنه يصح أن يكون عليه السلام قارنا وفَرَّق بين زمان إحرامه بالعمرة وإحرامه بالحج فسمعت طائفة قوله أولاً "لبيك بعمرة" قالوا: كان معتمراً، وسمعت طائفة قوله آخرًا (¬40) "لبيك بحج" فقالوا: كان مفرداً، وسمعت طائفة القولين جميعاً فقالوا: كان قارناً. وهذا التأويل يكون فيه حجة لأبي حنيفة في قوله: إن القِران أفضل إذا كان هو الذي فعله -عليه السلام-. وأما قوله لعائشة: "وأهِلّي بحَجٍّ واترُكِي العُمرة" فقيل: ليس المراد هاهنا بترك العمرة إسقاطَها جملةً وإنما المراد ترك فعلها مفردة وإرداف الحج عليها حتى تفسير قارنة. ويؤيد هذا أن في بعض طرقه "وأمسكي عن العمرة". ويؤيده أيضاً أنه ذكر بعد هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لها يوم النَّفْرِ "يسعك طوافك لحجك وعمرتك" (ص 879) فأبت فأمرها -عليه السلام- أن تمضي مع عبد الرحمن أخيها. فإن عُورِضْنَا في هذا التأويل بقوله في آخر الحديث لما مضت مع أخيها: "هذه مكان عمرتك" قلنا: يحتمل أن يكون ذلك لأنها أرادت أن تكون لها عمرة مفردة كما كانت أحبَّتْ أن تفعل أولاً فقال - صلى الله عليه وسلم - لها: "هذه مكان التي أردت إفرادها". وقد قيل: إنَّها كانت من جملة من فسخ الحج في عمرة ولم تشرع في العمرة حتى حاضت فأمرها عليه السلام أن تبقى على حكم الحج من غير فسخ. وقوله عليه السلام لها: "انْقُضي رأسكِ وامتشطي" (ص 870). تأول بعض شيوخنا أنه يحمل على أنها اضطرت لذلك لأذى برأسها فأباح لها ذلك كما أباح لكعب بن عجرة الحلاقَ لأذى برأسه. وقد ذكر فيه تأويل ثان فيه تعسف وهو أنها أعادت الشكوى بعد جمرة العقبة فأباح لها الامتشاط حينئد. وهذا بعيد من ظاهر لفظ الخبر. ¬

_ (¬40) في (ج) "قوله أُخْرَى".

474 - وقوله عليه السلام: "مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ مَعَ العُمْرَةِ" (ص 870). يحتمل أن يكون قال لهم ذلك عند عقد الإِحرام ليكون ما فعلوه قِرانا، أو قال لهم ذلك بعد أن أحرموا بالعمرة المفردة فيكون ذلك إردافا. وقد قال أبو حنيفة: إن المعتمر في أشهر الحج المريد الحج إذا كان معه هدي فلا يحل من عمرته ويبقى على إحرامه حتى يحج تعلقاً بظاهر هذا الحديث. وقد قلنا: إنه يحتمل أن يكون أمَرَهم بذلك عند عقد الإِحرام فلا يكون له فيه حجة. وتعلق أيضاً بإخباره -عليه السلام- أن المانع له من الإِحلال سَوقُ الهدي، واعتذر بذلك لأصحابه لمّا أمرهم بالإِحلال. وهذا لا يسلم له لأن النبيء - صلى الله عليه وسلم - لم يكن معتمرًا وقد أخبرت عائشة أن الذين أهلُّوا بالعمرة طافوا وسَعَوْا ثم حَلُّوا، ولم يفرق بين من كان معه هدي أو لم يكن. وقولها: "وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا" فيه حجة على أبي حنيفة في قوله: إن القارن لا يطوف طوافا واحدا. وقد تُؤُوِّل (¬41) قولها: "أنهم طافوا طوافا واحدا" على أنهم طافوا طوافين على صفة واحدة. وهذا فيه بعدٌ ويؤيد قولها قوله -عليه السلام- أيضاً المتقدم: "سعيك وطوافك يجزيك لحجك وعمرتك". 475 - ذكر قول عائشة: "أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - أهلَّ بحج" (ص 871). وفيه حجة لمالك على أن الإِفراد أفضل لأن عائشة تعلم من حال النبيء - صلى الله عليه وسلم - في حلّه وحَرَمِه ما تعرف المرأة من زوجها فَكَانَتْ روايتها أرجح. ¬

_ (¬41) في (ج) "توءل".

ولمالك أيضاً حديث جابر -رحمه الله- وهو قد استقصى فيه ما جرى في حجته عليه السلام، وذكر فيه الإِفراد (ص 881). ومما يُرجح به الإِفراد أن الخلفاء بعده - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهم أفردوا ولو لم يكن -عليه السلام- مفردًا لم يواظبوا على ذلك ويتفقوا على اختيار الإِفراد، إذ لا يتركون فعله عليه السلام ويفعلون خلافه، ولأن الإِفراد لا جبران فيه فكان أفضل مما يجبر بالدم. 476 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لصفية رضي الله عنها: عَقْرَى حَلْقَى" (¬42) (ص 877). معناه: عقرها الله وأصابها بوجع في حلقها. وهذا ظاهره الدعاء عليها وليس بدعاء في الحقيقة. وهذا من مذهبهم معروف، قال أبو عُبَيْد: صوابه عَقْرًا حَلْقًا لأن معناه: عقرها الله عقرًا. قال غيره: مثل سقاه سقيا ورعاه رعيا. وقيل: "عَقْرَى حَلْقَى" بغير تنوين صواب لأن معناه جعلها الله كذلك فالألف فيهما للتأنيث مثل: غَضْبى وحُبْلى. وقيل: "عَقْرى" أي جعلها الله عاقرا، و"حَلْقَى" من قولهم: حلقت المرأة قومها بشومها. 477 - قول عائشة رضي الله عنها: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - نُلَبِّي لاَ نَذْكُرُ حَجًّا وَلاَ عُمْرَةً" (ص 878). قال الشيخ: يحتمل أن يكون قولها: "لا نذكر"، أي لا ننطق بذلك. وهذا كمذهب مالك أن النية تجزىء في ذلك دون النطق. ويحتمل أن يكون أرَادَتْ عَقَدَتْ إحراما مبهما. وهذا أحد التأويلات أيضاً في إحرامه - صلى الله عليه وسلم - في حجته أنه كان أولاً مبهما حتى أوحي إليه بتعيين ذلك على الخلاف المذكور فيه. والأظهر من التأويلين الأول، وأنها أرادت النطق لأنها ذكرت فيما تقدم أنها كانت أهَلَّت بعمرة فيبعد تأويلُ الإِبهام مع هذا. ¬

_ (¬42) في (أ) جاء شكل "حُلقى" بضم الحاء والصواب فتحها.

478 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ أنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الهَدْيَ مَعِي حَتَّى أشْتَرِيَهُ ثُمَّ أَحِلُّ" (ص 879). قال الشيخ -وفقه الله-: يتعلق به من يقول: إن التمتع أفْضَلُ إذ لا يتمنى -عليه السلام- إلا ما هو أفضل. ويحتمل أن يريد بهذا الفسخ الذي هو خاص لأصحابه لأجل مخالفتهم للجاهلية ولم يرد بذلك المتعة التي يذهب إليها المخالف. 479 - قول جابر: "أهْلَلْنَا أصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - خالِصًا بالحَجِّ وَحْدَهُ ... " الحديث، وَذَكرَ فِيهِ: "أنَّهُ أمَرَهُمْ أنْ يَحِلُّوا". وفي آخره: "قال سُرَاقَةُ بْنُ مَالِك بن جُعْشُمْ: ألِعَامِنَا أمْ للأَبِد؟ فَقَالَ بَلْ للأبِد" (ص 883). قال الشيخ -وفقه الله-: (جمهور) (¬43) الفقهاء على أنَّ فسخ الحج في عمرة إنَّما كان خاصًا (¬44) بالصحابة وأنه -عليه السلام- إنما أمَرَهُمْ بذلك ليخالفوا ما كانت الجاهلية عليه من أنها لا تستبيح العمرة في أشهر الحج وتقول: إذَا بَرأ الدبر، وعفا الأثر، وانسلخ صفر، حلت العمرة لمن اعتمر. قال بعض أصحاب الظاهر: ب ل ذلك جائز إلى الآن. واحتجوا بقوله -عليه السلام- لسراقة: "بَلْ للأبد". ويحتمل عندنا أن يريد بقوله: "بل (¬45) للأبد" الاعتمار في أشهر الحج لا فسخ الحج في العمرة. واحتجوا أيضاً بما في بعض طرق ¬

_ (¬43) "جمهور" ممحوة في (أ)، وكذلك فيما يأتي. (¬44) في (ج) "خالصا". (¬45) "بل" ساقطة في غير (أ).

الحديث (¬46) لَمَّا قال (¬47) سراقة: "ألِعامنا أم للأبد؟ فقال: دخلت العمرة في الحج لا بل لأبد أبد". ويحتمل عندنا أن يريد بقوله: "دخلت العمرة في الحج" أي جازت العمرة في أشهر الحج خلافًا لما كانت الجاهلية تعتقده. ويحتمل أن يكون دخولها في الحج في عمل القارن. وقد تأوله بعض من لم ير العمرة واجبة على أن المُرَاد به سُقُوط فرْضِ العمرة بالحَجّ، فمعنى دخول العمرة في الحج سقوط وجوبها بِهِ. وقَدْ ذكر النسائي في كتابه: "أنه سئل فقيل له: ألِعَامنا أم للأبد؟ فقال: لكم خاصة" فهذا يؤكد ما قلناه. ويحمل على هذا الفسخ (¬48) وهو الذي لَهُم خاصة. والأول على إجازة العمرة في أشهر الحج هو الذي لهم وللناس بعدهم. 480 - وقولهم: "بَرَأ الدَّبَر" (ص 909). يريدون دَبَرَ ظهر الإِبل عند إنصرافها من الحج، كانت تَدْبَرُ بالمَسِير عليها إلى الحج. "وَعَفا الأثَرُ" معناه: امّحى ودرس، ويكون "عفا" أيضًا بمعنى كَثُر وهو من الأضداد، قال الله تعالى: {حتَّى عَفَوْا} (¬49) أي كَثُروا. ويروى "عفا الدَّبْر". 481 - وقوله: "كُلَّما أتَى حَبْلاً مِن الحِبَال أرْخَى لَهَا" (ص 891) من باب حجة النبيء - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬46) في (ب) و (ج) و (د) "في بعض طرق هذا الحديث". (¬47) في (خ) "لما قال له". (¬48) في (ب) و (ج) و (د) "ولحمل هذا على الفسخ". (¬49) (95) الأعراف.

قال الشيخ: الحبال دون الجبال. قال ابن السكِّيت: الحبل مستطيل الرمل (¬50). 482 - وقول: "رَكِبَ القصواء" (¬51) (ص 886) ويعني ناقته. قال ابن قُتَيْبة: كانت للنبيء - صلى الله عليه وسلم - نُوق منها: القصواء والجَدْعَاء والعَضْبَاء. قال أبو عُبيد: العضباء اسم ناقة للنبيء - صلى الله عليه وسلم - ولم تُسم بذلك لشيء أصابها. 483 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ الله" (ص 886). قيل المراد بالكلمة قوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (¬52). ويحتمل أن يكون "بكلمة الله" أي بإباحة الله تعالى المنزلة في كتابه. قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَلَكُمْ عليهنّ أنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُوشَكُمْ أحدًا تَكْرَهُونَهُ فَإنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ" (ص 886). قيل المراد بذلك: ألّا يستخلين مع الرجل ولم يرد زِناها، لأن ذلك يوجب حَدَّها، ولأن ذلك حرام مع من نكره نحن أو لا نكره وقد قال: "أحَدًا تَكْرَهُونَهُ". 484 - ذَكَرَ: "أنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وابنَ الزُّبَيْر رحمهما الله اخْتَلَفَا فِي المتعة. فأما ابن الزبير فإنه نَهَى عنها، وقال جابر: على يدي دَارَ الحديث، تَمَتَّعْنَا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا قَامَ (¬53) عُمر قال: إن الله كان يُحلّ لرسوله ¬

_ (¬50) في (ب) "المستطيل من الرمل". (¬51) في (ج) "القصواء" وهو ما أثبت لأنه في نسخ مُسْلم، وفي (أ) و (ب) و (د) "القَصوى" بالقصر، وما في (ج) جاء في التاج كذلك. (¬52) (229) البقرة. (¬53) في (ج) "أقام".

- صلى الله عليه وسلم - ما شاء بما شاء وإن القِران نَزَلَ مَنَازِلَهُ فَأتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَة". وفي بعض طرقه: "فَافْصِلُوا حَجَّكُمْ مِنْ عُمْرَتِكُمْ فَإنَّهُ أتَمُّ لِحَجِّكُمْ وَأتَمُّ لِعُمْرَتِكُمْ" (ص 885). قال الشيخ: اختلف في المتعة التي نهى عنها عمر في الحج، فقيل: هي فسخ الحج في العمرة. وقيل: بل هي العُمْرَةُ في أشهر الحج، ثم الحَجُّ بعدها، ويكون نهيه عن ذلك على جهة التَّرغيب فيما هو الأفضل الذي هو الإِفراد، وليكثر تَرَدُّدُ الناس إلى البيت. والتمتع عندنا له ستة شروط: أن يعتمر ويحج في عام واحد في سفر واحد، ويقدم العمرة على الحج، ويفرغ منها ثم ينشىء الحج ويوقع العمرة أو بعضها في أشهر الحج، ويكون غير مكي. فإن اختل (¬54) من هذه الشروط الستة شرط واحد لم يكن عليه دَمٌ. 485 - قوله: "نَحَر - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ، ثُمَّ أعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ وَأشْرَكَهُ فِي هَدْيه، ثُمَّ أمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ وَطُبِخَتْ فَأكَلاَ مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا" (ص 886). قال الشيخ: لمّا كان الأكل من جميع لحمها فيه كلفة جمعه في قدر واحدة ليكون تناوله من المرق كالأكل من الجميع. وقد ذكر (¬55) بعض أصحاب المعاني أنه -عليه السلام- إنما اقتصر على نحْرِ ثلاث وستين بدنة بيده وَوكَّل لعليّ ما سِوَى ذلك ليشير بذلك إلى منتهى عمره وليكونَ قد نحر عن كل عام من عمره. بدنة بيده (¬56). ¬

_ (¬54) في (ب) "فإن اختلَّ". (¬55) في (ج) "وذكر". (¬56) في (ب) و (ج) و (د) "بيده" ساقطة.

486 - قوله: "مِثْل حَصَى الخَذْفِ" (ص 886). قال الليث: الخذف رميك حصاة أو نواة تأخذها بين سبابتيك، أو تجعل (¬57) مخذفة من خشب ترمي بها بين إبهامك (¬58) والسبَّابَةِ. 487 - "وَأمَّا الحُمْسُ" (ص 893). فقال أبو الهيثم: هم (¬59) قريش ومن ولدت قريش وكنانة وجَدِيلة قَيس، سموا حُمْسا لأنهم تحمسوا في دينهم، أي تَشَدَّدوا، وكانوا لا يقفون بعرفة ولا يخرجون من الحرم ويقولون: نحن أهل الله فلا نخرج من حرم الله وكانوا لا يدخلون البيوت من أبوابها. وقال الحربي عن بعضهم: سموا حُمْسًا بالكعبة لأنها حمساء حجرها أبيض يضرب إلى السواد. 488 - قال الشيخ: خرج مسلم في هذا الباب: "حدثنا أبو كُرَيْب حدثنا أبو أسَامَةَ حدثنا هشام بن عروة عن أبيه قال: كانت العرب تَطُوف بالبيت عُراةً إلّا الحُمْسَ" هكذا عند أبي أحمد والكسائي في إسناد هذا الحديث (ص 894). وعند ابن ماهان: "قال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة" فجعل "ابن أبي شيبة" بدل " أبي كريب" (¬60). قوله: "وفلاَنٌ كَاِفرٌ بِالْعُرُشِ" (ص 898). أي هو مقيم بعُرُش مكة، وهي بيوتها (المعنى: أني سبقته إلى الإِسلام) (¬61). قال أبو العباس: ويقال: اكْتَفر الرجل إذا لزم الكُفُور، وهي ¬

_ (¬57) في (أ) "وتجعل". (¬58) في (أ) "إبهاميك". (¬59) في (ج) "هِي". (¬60) في (أ) "ابن كريب". (¬61) ما بين القوسين ساقط من (ج) و (د).

القُرى. وفي حديث أبي هريرة -رحمه الله-: "لَيُخرِجَنَّكُمُ الرُّومُ مِنْهَا كَفْرًا كَفْرًا" أي قرية قرية. وفي حديث عمر (¬62) -رضي الله عنه-: "أهل الكُفُور: هم أهل القبور" يعني القرى النائية عن الأمصار ومجتمع أهل العلم. قال أبو عبيد: وسميت بيُوت مكة عرشا لأنها عيدان تنصب وتظلل. ويقال لها: عُرُوشٌ وعُرُش، فمن قال: عُرُوش فواحدها عَرْشٌ، ومن قال: عُرُش فواحدها عريش مثل قَليب وقُلُب. وفي حديث ابن عمر: "إذا نظر إلى عُرُوش مكة قطع التلبية". والعُرْش في غير هذا: عِرْق في أصل العنق، ومنه قول أبي جهل لابن مسعود يوم بدر: خذ سيفي فاحْتَزَّ بِهِ رَأسِي من عُرْشِي. 489 - قولها (¬63) في البدنة: "فَأشْعَرَهَا فِي صفحة سَنَامِها الأيمن" (ص 912). الإِشعار: الإِعلام. وإشعار الهدي هو أن تجعل (¬64) على البدنة علامة يعلم بها أنها من الهدي، والعرب تقول: بيننا شعار، أي علامة، وما شعرت بكذا، أي ما علمت به، وشعائر الحج علاماته وآثاره، ومشاعره معالمه، وسمي المشعر الحرام مشعرًا لأنه من علامات الحج. وصفحة السنام: ناحيته. قال الشيخ: ذهب بعض الناس إلى أن الإِشعار يكون في الجانب الأيمن ¬

_ (¬62) في (ب) و (ج) "وفي حديث معاوية". (¬63) في (أ) و (ب) و (ج) و (د) "قولها" مع أن الحديث من مرويات ابن عباس رضي الله عنهما. فالصواب "قوله". (¬64) في (أ) "تجعل" منقوطة من أعلى ومن أسفل، أي بالتاء والياء".

أخذًا بهذا الحديث. والمشهور من مذهب مالك أن الإِشعار في الجانب الأيسر. قول الرجل لابن عباس: "ما هذه الفتيا الّتي قد تشعبت (¬65) بالناس أن من طاف (بالبيت فقد حل) (¬66) فقال: سنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - وإن رغمتم" (¬67) (ص 912). قال الشيخ: قال بعض (شيوخنا: لعله يريد) (¬68) فيمن فاته الحج أنه يحل بالطواف والسعي. وهذا التأويل فيه بعد، لأنه قد قال بعد ذلك: وكان ابن عباس يقول: لا يطوف بالبيت حاج ولا غير حاج إلا حلّ. فقيل له: من أين تقول ذلك؟ فقال من قوله سبحانه: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (¬69). قال: وكان يأخذ ذلك من أمر النبيء - صلى الله عليه وسلم - حين أمرهم أن يَحِلُّوا في حجة الوداع. 490 - وقوله في حديث أسماء بنت عميس وعائشة: "أنّهم لمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا" (ص 906). قال الشيخ: "مسحوا" بمعنى طافوا لأن الطائف يمسح الركن فعبر عن الطواف ببعض ما يفعل فيه. ومنه قول ابن أبي ربيعة: [الطويل] ولما قَضَيْنَا مِنْ مِنًى كُلَّ حَاجَةٍ ... وَمَسَّحَ بِالأرْكَانِ من هو (¬70) ماسح ¬

_ (¬65) في جميع النسخ "تشعبت" بالعين المهملة وهي رواية، والرواية المشهورة "تشغبت" بالغين المعجمة. (¬66) تخرم في (أ). (¬67) في (ب) و (ج) "وإن زعمتم". (¬68) ما بين القوسين ساقط من (أ). (¬69) (33) الحج. (¬70) في (ب) و (د) "منهُنَّ" وفي (أ) "منهن" لكنها صححت بالهامش من بعد.

فكنى بالمسح عن الطواف. ويحتمل أن يكون مسحوا بالركن، أي طافوا وسعوا، وحذف ذكر السعي اختصارًا لما كان مرتبطًا بالطواف ولا يصح دونه. ويؤيد هذا التأويل أنها قالت فيما ذكره عنها بَعْدُ: "ما أتم الله حج امرىء ولا عمرتَه لم يطف بالبيت والمروة" (¬71)، إلا أن يتأول عليها أنها إنما أرادت بالإِتمام الكمال لا الصحة. ويحتمل أن يكون ذلك على رأي من رأى أن السعي غير واجب. وفيه اختلاف بين الناس، وقد رأيت بعض أهل العلم أشار إلى أن من الناس من ذهب إلى أن المعتمر إذا دخل الحرم حلّ وإن لم يطف ويسع وله أن يلبس ويتطّيب ويفعل ما يفعل الحلال ويكون طوافه وسعيه كأنَّه عمل خارج عن الإِحرام كما يكون رمْي الجمار والمبيت بمنى عملاً خارجاً عن الإِحرام. 491 - قول مُعاوية رضي الله عنه: "قَصَّرْتُ مِنْ رَأس النَّبِيءِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ الْمَرْوَةِ (¬72) بِمِشْقَصٍ" (ص 913). احتج به من قال: إن النبيء - صلى الله عليه وسلم - كان في حجة الوداع متمتعا. ويحتمل عندنا أن يكون ذلك في غير حجة الوداع وإنَّما كان في بعض عُمَرِه -عليه السلام-. قال أبو عبيد وغيره: نصل السهم إذا كان طويلاً ليس بعريض فهو مِشْقَص وجمعه مشاقص، فإذا كان عريضًا فهو مِعْبَلَة وجمعه مَعَابِل. 492 - قال الشيخ: خرّج مُسلم بعد هذا: "حدثنا محمد بن حاتم ¬

_ (¬71) ما أثبت هو ما في (ب) و (ج)، وفي (أ) "لم يطف بالصفا والمروة" وبعد "الصفا" علامة تصحيح لكن ممحوة، وفي (د) "لم يطف بالبيت وبين الصفا والمروة". (¬72) "عند المروة" ساقطة من (ج).

حدثنا ابن مَهْدِي حدثنا سَلِيم (¬73) بن حَيَّانَ عن مروان عن أنس أنَّ عليا قدم من اليمن" الحديث (ص 914). وقع عند ابن ماهان في إسناده (¬74) سليمان بن حيان بضم السين وزيادة نون. وهذا وَهم، وصوابه: سَلِيم، كما رواه أبو أحمد. 493 - قوله: "رَمَل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أطواف" (ص 887). قال الشيخ: الرمل عندنا مشروع خلافًا لمن لا يراه. واختلف عندنا في وجوب الدم على من تركه. واختلف في إعادة الطواف لمن تركه إذا كان بالقرب. وقال بعض الشيوخ: هذا الخلاف ينبني على الخلاف في جواز رفضه. وفي الكتاب: "قيل لابن عباس في الرمل: هل هو سنة وإن قومك يزعمون أنه سنة؟ فقال: كذبوا وصدقوا" (ص 922). قال الشيخ -أيده الله-: يعني صدقوا في أنه مشروع وكذبوا في أنه سنة. 494 - قوله: "كَانُوا لا يُدَعُّونَ عَنْهُ وَلاَ يُكْرَهُونَ" ووقع في نسخة: "ولا يكهرون" (ص 922). أي لا يدفعون من قول الله تعالى: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} (¬75). وقوله:"يكهرون" قد تقدم في كتاب الصلاة قول أبي عبيدة: الكهر الانتهار. ¬

_ (¬73) في (أ) "سليمان". (¬74) في (أ) "إسناد" بدون هاء الضمير. (¬75) (13) الطور.

495 - وقوله: "وَهَنَتْهم الحُمَّى" (ص 923). أي أضعفتهم وأرَّقَتْهُم. قال الفراء: يقال: وهنه الله وأوهنه. 496 - قول عمر رضي الله عنه للحَجَر: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِكَ حَفيّا" (ص 926) أي معْنيا، وجمعه أحفياء. 497 - ذكر (¬76): "أنه عليه السلام طَاف على راحلته" (ص 926). (تعلق بهذا (¬77) من أجاز الطواف راكبًا) (¬78) لغير عذر. ومذهب مالك أن الطواف لا يركب فيه إلا لعذر. وقد ذكر في هذا الحديث أنه فعل ذلك ليراه الناس ويسألوه. وهذا رآه -عليه السلام- عذرًا فلا يكون فيه حجة للمخالف. 498 - قول عُرْوَة لعائشة رضي الله عنها: "مَا أرى عَلَى أحَدٍ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ شَيْئًا، فَقَالَتْ عائشة: بئْسَ مَا قُلْتَ" الحديث (ص 929). قال الشيخ: هذا من بديع فقهها ومعرفتها بأحكام الألفاظ لأن الآية إنما اقتضى ظاهرها نفي الحرج عمن طاف بين الصفا والمروة فليس هو بنص في سقوط الوجوب، فأخبرته أن ذلك محتمل ولو كان نصًا في ذلك لكان يقول: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، لأن هذا يتضمن سقوط الإِثم عمن ترك الطواف. ثم أخبرته أن ذلك إنما كان لأن الأنصار تحرجت أن تمر بذلك الموضع في الإِسلام فأخبرت أن لا حرج عليها؛ وقد يكون الفعل ¬

_ (¬76) في (د) "وذكر". (¬77) في (ج) "بهذا الحديث". (¬78) ما بين القوسين خرم في (أ).

واجبًا ويعتقد المعتقد أنه قد يمنع من إيقاعه على صفة. وهذا كمن عليه صلاة ظهر فظن أنه لا يسوغ له إيقاعها عند الغروب؛ فيسأل، فيقال له: لا حرج عليك إن صليت، فيكون هذا الجواب صحيحًا ولا يقتضي نفي وجوب الظهر عليه. وقد اختلف الناس في السعى بين الصفا والمروة فقال بعض الصحابة: هو تطوع. وأوجبه مالك ورأى أن الدم لا يجبره. وقال أبو حنيفة: هو واجب ولكن الدم يجبره. 499 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "حِينَ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ: الصَّلاَةُ أمَامَكَ" (ص 934). قال الشيخ: اختلف عندنا فيمن صلى تلك الليلة الصلاتين في وقتهما: هل يعيد إذا أتى المزدلفة أم لا؟ فقيل: يعيد لهذا الحديث، وقيل: لا يعيد، لأن الجمع سُنَّة، وذلك إذا ترك لا يوجب الإِعادة. ولا يتوجه مثل هذا الخلاف فيمن ترك الجمع بين الظهر والعصر بعرفة لأن المصلي للمغرب ليلة المزدلفة لما صلاها قبل الشفق صار كمن صلى صلاة قبل وقتها إنه يعيدها في وقتها والذي أخَّر صلاة العصر يوم عرفة ولم يصلها مع الظهر إن كان تركها بعد وقتها فصلاته لها بعد ذلك قضاء فلا معنى لأن يقال له: صلها ثانية كما قيل في المغرب. 500 - قوله: "لَمْ يَزَلْ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمَرَة العَقَبَةَ" (ص 931). قال الشيخ: اختلف عندنا: متى يقطع الحاج التلبية هل عند الزوال أم عند الرواح إلى الصلاة أو إلى الموقف؟ وذهب المخالف إلى أنه لا يقطع حتى يرمي الجمرة، وتعلق بهذا الحديث واختار ذلك بعض شيوخنا

المتأخرين. واختلف القائلون بأنه لا يقطع حتى يرمي الجمرة هل يقطع التلبية إذا رمى أول حصاة أو حتى يتم السبع؟ 501 - ذُكر: "أنه عليه السلام جَمَعَ في المُزْدَلِفَة بَيْنَ المَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بإقامة واحدة" ولم يذكر أنه أذَّنَ. (ص 937). قال الشيخ -وفقه الله-: أخذ بهذا بعض الفقهاء. واختلف في هذا عندنا على ثلاثة أقوال، فقيل: لا يجمع بينهما إلا بأذانين وإقامتين، وقيل يجزي أذان واحد وإقامتان. وقد تقدم حديث جابر بما يؤيد هذا القول وقيل: تجزي إقامتان بغير أذان. 502 - قول ابن مسعود: "مَا رَأيْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى صَلاَةً إلّا لِمِيقَاتِهَا إلاَّ صلاتين (¬79): صلَّى المغرب والعشاء بجمع، وصلّى الفجر يومئذ قبل ميقاته" (ص 938). قال الشيخ: من (يقول: إن الإِسفار بالصبح) (¬80) أفضل تعلق بهذا الحديث، وقال: قول ابن مسعود يدل على أنه عليه السلام كان يؤخر صلاة الصبح وأنه عجّلها يومئذ قبل وقتها المعتاد. 503 - قوله: "اسْتَأذَنَتْ سَوْدَةُ النَّبِيءَ - صلى الله عليه وسلم - أن تُفِيضَ من جَمْع بِليل فأذن لها" (ص 939). قال الشيخ: عندنا أن من ترك المبيت بالمزدلفة والوقوف بالمشعر حَجُّه تَامٌّ وعليه الدَّمُ. وعند المخالف يبطل حجه لقوله تعالى: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} (¬81)، والأمر على الوجوب. ¬

_ (¬79) سقط من (أ) "إلّا صلا" من قوله "إلا صلاتين". (¬80) ما بين القوسين خرم في (أ). (¬81) (198) البقرة.

504 - قوله: "إن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أذِنَ لِضُعُنِهِ" (¬82) (ص 940). سميت المرأة ضعنية باسم الهودج الذي تكون فيه. وضعينة الرجل: امرأته. قوله: "في ضَعَفَةِ أهل ابن عمر: فمنهم من يقْدَمُ منًى لصلاة الفجر، ومنهم مَنْ يَقْدَمُ بعد ذلك. فإذا قدموا رَموا الجَمْرَةَ" وَكَانَ ابن عمر يقول: "أرْخَصَ في أولئك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (ص 941). قال الشيخ: مذهب الشافعي جواز رمي الجمرة من نصف الليل، ويتعلق بأن أم سلمة قد رمت (¬83) قبل الفجر وكان -عليه السلام- أمرها أن تفيض وتوافيه الصبح بمكة. وظاهر هذا عنده (¬84) تعجيل الرمي قبل الفجر. ومذهب الثَّوْري والنَخَعي أنها لا ترمى إلا بعد طلوع الشمس، ويتعلقان بحديث فيه: "أنه -عليه السلام- قدم ضعفة أهله وأمرهم أن لا يرموا حتى تطلع الشمس". ومذهب مالك أن الرمي يحل بطلوع الفجر ويتعلق بما ذكر من حديث ابن عمر رضي الله عنه. 505 - قال الشيخ: خرّج مسلم في هذا الباب: "حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم (¬85) عن زيد بن أبي أُنيسة عن يحيى بن الحصين (¬86) عن جدته قالت (¬87): حججت مع رسول الله ¬

_ (¬82) في (ب) "لضعينة". (¬83) في (ج) و (د) "قَدِمْتُ". (¬84) في (ج) "عندنا". (¬85) في (ج) و (د) "عن أبي عبد الرحمن". (¬86) في (ج) "عن ابن الحصين". (¬87) في (أ) "قال".

- صلى الله عليه وسلم -" الحديث. قال مسلم: "واسم أبي عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد وهو خال محمد بن سلمة، روى عنه وكيع وحجاج الأعور" (ص 944). (قال بعضهم: كذا في رواية أحمد (¬88) والكسائي، وفي نسخة ابن ماهان روى عن وكيع وحجّاج) (¬89)، والأول هو الصواب. 506 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الاسْتِجْمَار تَوٌّ وَالسَّعْيُ تَوٌّ والطواف تَوُّ " (ص 945). معناه وترٌ. وفي حديث الشعبي "فما مضت إلا توَّة" أي ساعة واحدة ويقال في غير هذا: جاء فلان توا، أي قاصدًا لا يعرج على شيء. قولها: "حججت مع النبيء - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا وأحدهما أخذ بخِطَام نَاقَةِ النبِيءِ - صلى الله عليه وسلم - والآخر رافع ثوبه يستره من الحرّ حتى رمى جمرة العقبة" (ص 944). قال الشيخ -وفقه الله-: ذهب بعض الفقهاء إلى جواز استظلال المُحْرِم راكبًا وتَعَلَّق بهذا الخبر. ومالك يكره ذلك. وأجاب بعض أصحابه عن هذا القدر (¬90) الذي وقع في هذا الخبر لا يكاد يدوم. وقد أجاز مالك للمحرم أن يستظل بيده وقال: ما أيسر ما يثبت ذلك. وقال بعضهم: يحتمل أن يكون هذا الاستظلال (¬91) المذكور في الحديث إنما كان عند مقاربة (¬92) الإِحلال لأن برمي الجمرة يباح ذلك، فلعله تسهّل فيه كما يتسهل في الطيب عند طواف الإِفاضة. ¬

_ (¬88) في (ج) "في رواية أبي أحمد". (¬89) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬90) في (ج) و (د) "عن هذا بأن هذا القدر". (¬91) في (ب) "الاستدلال". (¬92) في (ب) "مقارنة".

وقد روي أن ابن عمر رأى رجلاً جَعَل ظلالاً على محمله فقال: اضْحَ لمن أحرمت له، يعني أبرز إلى الضحاء. قال الرياشي: رأيت أحمد بن أبي المعذل في يوم شديد الحر فقلت (¬93): يا أبا الفضل هلاً استظللت فإن ذلك (¬94) توسعة للاختلاف فيه، فأنشد: [الطويل] ضَحِيتُ لَه كَيْ أسْتَظِلَّ بِظِلِّهِ ... إذِ الظِلُّ أضْحَى فِي القِيَامَةِ قَالِصًا فواسفي إن كان سعيك باطلا ... وَواحسرتي (¬95) إن كان حجك ناقصا قال صاحب الأفعال: يقال: ضحيت وضحوت ضحيا وضحوا، إذا برزت للشمس، وضحيت ضحاء: أصابني حر الشمس قال الله تعالى: {وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} (¬96). 507 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهُمّ ارْحَمْ المُحَلِّقِينَ! قالوا: والمقصرين رسول الله. قال: اللَّهُمَّ ارْحَمْ المُحَلِّقِينَ! قالوا: والمقصرين يا رسول الله. قال: والمقصرين" (ص 945). قال الشيخ: زعم بعض العلماء أن ذلك تحضيض على الحلاق لأجل أنه عليه السلام- لما أمرهم فحلّوا ولم يحل توقفوا استثقالاً لمخالفة أفعاله فلما عزم عليهم مالوا إلى التقصير لأنه أخف وأقرب شبها به - صلى الله عليه وسلم - إذ لم يحل، أوْ لأنهم لم يكونوا اعتادوا الحلاق. ¬

_ (¬93) في (ج) و (د) "فقلت له". (¬94) في (ب) "فإن في ذلك". (¬95) في (ب) "ويا حسرتي". (¬96) (119) طه.

وقد اختلفوا في الحلاق، فمذهبنا: أنه عند التحلل نسك مشروع لأجل ظاهر هذا الحديث ولقول الله سبحانه: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ} (¬97)، ووصْفهم بذلك يقتضي كونه مشروعًا. وقال الشافعي: ليس بنسك وهو مباح كاللباس والطيب لأنه ورد بعد الحظر (¬98) فحمل على الإِباحة، ولأنه لو حلق في حال الحج لافتدى كما إذا لبس وتطيّب، ولو كان من النسك لم يلزمه فدية كما لو رَمى الجمار قبل وقتها فإن أقصى ما عليه أن يعيدها ولا يلزمه دَمٌ. وما ذكرناه من الظاهر يرد قوله هذا، وقد استقر في الشرع تحريم السلام في أثناء الصلاة المفروضة وأمر به في آخرها ولم يكن ذلك على الإِباحة بل حُمِل على الوجوب. واختلف الناس أيضًا في القدر الذي تتعلق (¬99) به الفدية إذا حلق والمشروع منه عند التحلل. فعند الشافعي أقله ثلاث شعرات، وعند أبي حنيفة ربع الرأس، وعند أبي يوسف نصفه، وعند مالك كله في التحلل. وتتعلق الفدية عنده بما يماط به الأذى. 508 - قوله: "لَمْ أشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أنْ أرْمِي قَال (¬100): ارْم وَلاَ حَرَج. وقَالَ آخَرُ: لَمْ أشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أنْ أنحَرَ. قَالَ: انْحَرْ وَلاَ حَرَجَ". وَفِي بَعْضِ طُرقِهِ: "حَلَقْتُ قَبْلَ أنْ أرْمِيَ. قَالَ: ارْم وَلاَ حَرَجَ" إلَى قولِهِ: "افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ" (ص 948). ¬

_ (¬97) (27) الفتح. (¬98) في (أ) "بعض" وفي (ب) "لأنه ورد فيه الحضر". (¬99) في (أ) "يتعلق". (¬100) في (ب) "فقال".

قال الشيخ -وفقه الله-: الذي يَفعله الحاج في مني ثلالة أشياء: رميٌ، ونحر، وحلق، فإن قدم من ذلك واحدا على صاحبه فلا فدية عليه؛ إلا في تقديم الحلاق على الرمي فإن عليه الفدية عندنا، لأنه حلق قبل حصول شيء من التحلّل (¬101) فأشبه من حلق عقب الإِحرام. وعند المخالف لا فدية عليه لما وقع في بعض طرق هذا الحديث أنه قال: "ارْم وَلاَ حَرَجَ". ومَحْمَلُ هذا عندنا على نفي الإِثم لا الفدية. وحمله المخالف على نفيهما جميعاً. وهكذا حمل ابن الماجشون أيضًا قوله في الحلق قبل النحر: "انحر ولا حرج " على نفي الإِثم لا الفدية لأنه يرى أن من حلق (¬102) قبل الذبح فقد أخطأ وعليه الفدية لقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (¬103). والمشهور عندنا أن لا فدية عليه ويحمل قوله -عليه السلام- "ولا حرج" على نفي الإِثم والفدية جميعًا. وَيُحْمَلُ قوله تعالى: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} على وصوله إلى منى لا نحره. وفي بعض طُرُق الحديث في غير كتاب مسلم "سعيت قبل أن أطوف". وهذا لا أعلم أحدًا قال به واعتدّ بالسعي قبل الطواف إلاَّ ما ذكر عن عطاءٍ. وممنوعات الحج المتعلقة بأحوال نفس الإِنسان المعتادة غالبًا شيئان، رفث، وإلْقَاءُ تفث. الرفث: الجماع وما في معناه. وإلقاء التفث حلق الرأس وتقليم الأظفار وما في معنى ذلك. ويمنع أيضاً من الصيد. والمحلل من جميع ذلك شيئان أيضًا: ¬

_ (¬101) في (ج) "من التحليل". (¬102) في (ج) "أنه من حلق". (¬103) (196) البقرة.

أحدهما: تحليل أصغر وهو جمرة العقبة فيحل به (¬104) عندنا إلقاء التفث وَإن كنا نكرهُ منه استعمال الطيّب ولكن إن فعله بعد الرمي لم يفْتَدِ، ويُمنع من النساء والصيد خلافًا للمخالف في إجازته للصيد. ولنا عليه قول الله: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} (¬105). وهذا يسمى محرمًا حتى يفيض لأن طواف الإِفاضة أحد أركان الحج وفرض من فروضه فلا تذهب عنه تسمية المحرم حتى يفعله. ولا معنى لتفرقة الشافعي في إصابته النساء بين الفرج وغيره لأن المنع فيهما واحد. والثاني: تحليل أكبر (¬106) وهو طواف الإِفاضة فيحلّ به من كل شيء على الإِطلاق (إذ لم يَبْقَ بعده من أركان الحج وفروضه شيءٌ) (¬107) إذا أتى به وقد رمى الجمرة. 509 - قوله: "كان ابنُ عُمَر -رضي الله عنه- يَرَى التحَصُّبَ سُنَّةً" (ص 951). التحصب: النوم بالشعب الذي مخرجه إلى الأبطح ساعة من اللَّيْل. 510 - قال الشيخ: خَرَّجَ مسلم في "باب الميت بمكة لياليَ مني: حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة نا ابن نُمير وأبو أسامة قالا نا عبيد الله (¬108) عن نافع عن ابن عمر أن العباس استأذن النبيءَ - صلى الله عليه وسلم - ... " الحديث (ص 953). هكذا إسناده عند ابن ماهان، وكذلك رواه الكسائي عن ابن سفيان، ¬

_ (¬104) في (ب) "بها". (¬105) (96) المائدة. (¬106) في (ج) "أكثر". (¬107) ما بين القوسين ساقط من (أ). (¬108) في (ب) و (د) "عبد الله"

وكذلك خرَّجَهُ ابن أبي شيبة في مسنده. ووقع عند أبي أحمد الجلودي: "نا ابن أبي شيبة نا زهير وأبو أسامة" جعل زهيرا بدل ابن نمير وهو وَهَمٌ. 511 - قول جابر: "خَرَجْنَا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُهِلِّينَ بالحجّ فَأمَرَنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ نَشْتَرِكَ فِي الإِبِلِ وَالْبَقَر كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ". وفي بعض طرقه: "كُنَّا نَتَمَتَّعُ مَعَ النَّبِيءِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعُمْرَةِ فَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ نَشْتَرِكُ فِيهَا". وفي بَعْضِ طُرُقِهِ وَذَكَر الحُدَيْبِيَةَ فقال: "نَحَرْنَا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ بَدَنَةً اشْتَرَكْنَا كُلُّ سَبْعَةٍ في بَدَنَةٍ" (ص 955 - 956). قال الشيخ -وفقه الله-: هذا الحديث يتعلق به من أجَاز الاشْتِرَاكَ فِي الهَدْي. ومَالِكٌ يمنعه في الهدي الوَاجب. وعندنا في هدي التطوع قولان. والشافعي يجيزه في الواجب وإن كان بعضهم يريد اللحم وبعضهم يريد الفدية (¬109). وأبو حنيفة يجيزه (¬110) إذا أراد جميعهم الفدية ويمنعه إذا أراد أحدهم اللحم. وأصحابنا يحملون قوله:"فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشترك في الإِبل والبقر" على أنه هديٌ تُطُوِّعَ به ولَمْ يكن هديًا واجبًا. ومن منع من أصحابنا الاشتراك في هدي التطوع يحمله على أن الثمن من عند رجل واحد وإنما قصد أن يشركهم في أجره. واحتج أصحابنا بأن الواجب على مقتضى ظاهر القرآن هديٌ كامل لقوله تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (¬111)، والجماعة إذا اشتركوا لم يتقرب كل واحد منهم إلاَّ ببعض هَدْي، ولأن المعيب من الهدايا لا يجزىء لنقصه مع كون مهديه أراق دما كاملاً فالمُريق بعض الدم أحرى أن لا يجزئه. وأما ما ذكره في نحرهم في الحديبية فيحمل على أنه هدي تطوّع لأن ¬

_ (¬109) في (ب) "القربة" وكذا فيما بعد. (¬110) في (أ) "يجيز". (¬111) (196) البقرة.

المُحصَر بعدوّ إذا حلّ هل (عليه هدي) (¬112) أم لا؟ ففيه قولان، والمشهور أن لا هدي عليه. وقد احتج من أوجب الهدي بقول الله تعالى: {(فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا) (¬113) اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (¬114) وحمله على حصر العدوّ، واستدل بقوله بعد ذلك: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} (¬115) وبقوله: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} (¬116). وظاهره أن المذكور الأول ليس بمريض. واختلف الناس الموجبون للهدي على المُحْصَر بظاهر هذه الآية: هل ينحره بمكانه لأنهم نحروا بالحديبية الهدايا أم لا ينحر إلا بمكة لقوله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ}؟ (¬117). واختلفوا أيضاً إذا صدّه العدوّ عن حج تطوع فحلّ: هَلْ عليه القضاء أم لا؟ فعندنا لا قضاء عليه، وعند أبي حنيفة عليه القضاء، ولو صده عن حج الفريضة فلا يسقط (¬118) عنه حجة الفريضة لأجل الصدّ، وعليه إذا حل أن يأتِيَ بها. وقال ابْنُ الماجشون من أصحاب مالك: إذا صُدَّ (¬119) بغد أن أحرم بحجة الفريضة وحَلَّ سقط عنه الفرض. وحكى الداودي في كتاب النصيحة عن أبي بكر النّعِالِي (¬120): أن الفرض يسقط عنه إذا أراد الحج وصَدَّه العدوّ وإن لم يُحرم، وأظن أنه حكاه عن رجل آخر من أصحابنا. وكان بعض أشياخنا يستبشع هذا القول. ¬

_ (¬112) خرم في (أ). (¬113) خرم في (أ). (¬114) (196) البقرة. (¬115) الآية السابقة. (¬116) الآية السابقة. (¬117) (33) الحجّ. (¬118) في (ب) "فلا تسقط" بالتاء، وفي (ج) "فلا نسقط" بالنون. (¬119) في (ج) "إذا صَدَّه". (¬120) في (ج) و (د) "الثعالبي". وما أثبتناه هو الأقرب.

وأما إن صده (¬121) المرض ومنعه من الوصول إلى البيت فإنه لا يحلّ عندنا إلا بوصوله إلى البيت فإذا وصل إليه وقد فاته الحج حل بعمرة وكان عليه القضاء. وقال أبو حنيفة: المرض يبيح له التحلل كالعدوّ لقوله -عليه السلام-: "من كُسِرَ أوْ عَرِجَ فقد حلّ". وحكي عن الفراء أنه يقال: أحصره المرض والعدوّ ولا يقال: حصره إلا في العدوّ خاصة. قال الشيخ: وحكى صاحب الأفعال: أحصره المرض والعدوّ منعاه من السير، وحصَرت القوم: ضيقت عليهم، وأحصَرْتُ الرجل وحصرته (¬122) حبسته. وقال ابن بُكَيْر: الإِحصار إحصار المرض، والحَصْر حصر العدوّ. قال: ورُوِي عن ابن عباس أنه قال: لا حَصْرُ إلّا حَصْرُ العدوّ فاعلم أن الحصر يكون بالعدوّ. وقال الشيخ: وإن حملت الآية على المرض فلا بد من إضمار: فحللتم، إذ لا يلزم الهدي بنفس المرض فإذا افتقرت (¬123) الآية إلى إضمار فليس لأبي حنيفة أن يُضْمر: فحللتم، إلا ولنا أن نضمر: ففاتكم الحج فحللتم بعمرة. وهكذا قوله عليه السلام: "من كُسِرَ أوْ عُرِجَ فَقد حلّ" معناه (¬124) عندنا على أنه يحلّ بوصوله إلى البيت واعتماره، إذ ظاهره أن يحل بنفس الكسر والعرج. وهذا لا يصح ولا بد من حمله (¬125) على تأويل: يصح. وللشافعية القائلين بأن الاشتراط في الحج يصح على ما تقدم بيانه أن يحملوا الحديث على أنَّه اشترط الإِحلال بالكسر والعرج. ¬

_ (¬121) في (ج) "إذا صده". (¬122) في (ب) و (ج) و (د) "وحصرت الرجل وأحصرته". (¬123) في (ب) و (ج) "إذا افتقرت". (¬124) في (ب) و (د) "مَحْمَلُه". (¬125) في (ج) "من جملة".

512 - قول عايشة -رضي الله عنها-: "لقد رَأيْتُنِي أفْتِلُ القَلاِئِدَ لِهَدْي رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الغَنِمِ" الحديث (ص 958). فيه دَلالة على تقليد الغنم وهو مذهب ابن حبيب والشافعي والمشهور عندنا أنها لا تقلّد. وفيه دَلالة على رد قول من يقول: إن من قلد هديا وبعث به حرم عليه ما يحرم على الحاج وإن لم يُحْرِمْ هُوَ. 513 - قال الشيخ: خَرَّج مسلم في هذا الباب: "حدثنا إسْحَاقُ ابنُ مَنْصورنا عَبْدُ الصَّمَدِ نا أبي نا محمد بن جُحَادة عَنِ الحَكَم عَنْ إبراهيم عن الأسْوَد عَن عَايشة قالت: كنّا نقلّد الشَّاةَ" الحديث (ص 959). هكذا إسناده عند ابن ماهان والرازي والكسائي، ووقع في بعض النسخ (المروية عن الجلُودي) (¬126): "نا إسحاق نا عبد الصمد نا محمد بن جُحادة، فسقط من الإِسناد ذكر والد عبد الصمد الراوي عن محمد بن جُحادة وهو خطأ. واسم والد عبد الصمد عبد الوارث بن سعيد العنبري تميمي مولاهم البصري يكنى أبا عبيدة. 514 - وخَرَّج مسلم في هذا الباب أيضًا بِإثْر هذا الحديث: "نا يَحْيىَ بنُ يحيى قَالَ. قَرَأتُ عَلى مَالِكٍ عن عبد الله بن أبي بكر عن عَمْرَةَ بنت عبد الرحمن أنّها أخْبَرَتْهُ أنَّ ابْن زِيَادٍ كَتَبَ إلَى عَائِشَةَ أن ابْن عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ أهْدَى هَدْيًا حَرُمَ" (ص 959). هكذا في كتاب مسلم (¬127) من جميع الطرق والمحفوظ فيه: "أن زياد بن أبي سفيان" وهكذا وقع في جميع الموطآت "أن زيادًا كتب". 515 - قوله في حديث أبي هريرة: "بَيْنَمَا رَجُل يَسُوقُ بَدَنَةً مُقَلَّدَةً ¬

_ (¬126) ما بين القوسين خرْمٌ في (أ). (¬127) في (ج) و (د) "هكذا رُوي في كتاب مسلم".

قَالَ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: وَيْلَكَ ارْكَبْهَا. قَالَ: هِيَ بَدَنَةٌ يَا رَسُول الله. قَالَ: وَيْلَكَ ارْكَبْهَا" (ص 960). قال الشيخ: هذا يتعلق بإطلاقه من يُجيز ركوب البدنة (¬128) من غير حاجة ويتعلق أيضًا بقوله تعالى: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} (¬129). ولا تركَبُ عند مالك إلا للضرورة لقوله بعد هذا من طريق جابر: "اركبها بالمعروف إذا أُلْجِئْتَ إليها حتّى تجد ظهرا" (ص 961). وهذا الحديث مقيد يقضي على الحديث المطلق مع أنه شيءٌ أُخْرِجَ (¬130) لله تعالى فلا يرجع فيه ولو استبيحت المنافع من غير ضرورة لجاز استيجارها ولا خلاف في منع ذلك. 516 - قوله: "كَيْفَ أصْنَعُ بِمَا أُبْدِعَ عَليَّ مِنْهَا؟ فَقَالَ: اذْبَحْهَا ثُمَّ اصْبُغْ نَعْلَيْهَا فِي دَمِهَا وَلاَ تَأكُلْ مِنْهَا أنْتَ وَلاَ أحَدٌ مِنْ أهْلِ رِفْقَتِكَ" (ص 962). قال الشيخ: أمره أن يَصْبَغَ قلائدها ليُشعِر من يراها أنها هَدْيٌ فيستبيحها عَلَى الوجه الذي ينبغي، وقال بعض (¬131) العلماء: إنَّمَا نَهَاهُ أن يأكل منها هو وأهل رفقته حماية للذريعة أنْ يُتَسَهَّل (¬132) في نَحْرِها قبل أوانه. و"أُبدع" بمعنى كَلَّ وحسر، وأُبْدع الرجل: كلّت ركابه أوْ عَطِبَتْ، قاله صاحب الأفعال. ¬

_ (¬128) في (ب) "البدن" وكذلك في (ج) و (د). (¬129) (33) الحجّ. (¬130) في (ب) و (د) "خرج". (¬131) "بعض" خرم في (أ). (¬132) في (ب) "أن يتساهل".

قوله: "لأسْتَحْفِيَنَّ (¬133) عَنْ ذَلِكَ" (ص 962). معناه لأُكْثِرَنَّ المسأله عنه. يقال: أحفى في السؤال وفي العناية، أي استبلغ فِيهِمَا. 517 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يَنْفِرَنَّ أحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ" (ص 963). قال الشيخ: في هذا (¬134) إثبات طواف الوداع. وعندنا أنه مستحب ولا دم في تركه، وعند الشافعي أن على تاركه الدَّم، وعند أبي حنيفة أنه واجب. يحتج أبو حنيفة بما في هذا الحديث. ولنا عليه قوله في حديث صفية لما أخبر عليه السلام أنَّهَا حَاضَتْ فَقَالَ: "أحَابِسَتُنَا هِيَ؟ ثُمَّ أُخْبِرَ أنَّهَا أفَاضَتْ. فَقَالَ: فَلاَ إذًا" (ص 964). فَلَوْ كَانَ طواف الوداع واجبًا لاحتبس من أجله كما يُحتبس من طواف الإِفاضة. 518 - قول ابن عباسٍ: "إمَّا لاَ فَسَلْ فُلاَنَةَ" (ص 963). قال ابن الأنباري: قولهم: افعل هذا إمَّا لاَ، معناه افعل كذا وكذا إن كنت لا تفعل غيره، فدخلت (ما) صلة لـ (إن) كما قال الله تعالى: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} (¬135) فاكتفى بـ (لا) من الفعل كما تقول العرب: من يسلم عليكم فسلم عليه وإلا فلا. قال: وفي حديث صفية: "إن عائشة قالت: إنّها زارت يوم النحر" (ص 965) ¬

_ (¬133) في (ج) "لا يستخفين" بالياء والخاء هو تحريف. (¬134) "هذا" مخرومة في (أ). (¬135) (26) مريم.

فسمته طواف الزيارة. ومالك يكره أن يسمّى طواف الزيارة. 519 - قوله: "دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البَيْتَ وَمَعَهُ أُسَامَةُ وَبِلاَلٌ وَعُثْمَانُ ابنُ طَلْحَةَ فَأجَافُوا عَلَيْهُمُ البَابَ". وفيه: "أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بَيْنَ العَمُودَيْنِ" (ص 967). قال الشيخ -وفقه الله-: مالِك يقول: لاَ يُصَلَّى فِي الكعبة (الفريضة ويجوز) (¬136) أن يُصلّي فيها النافلة. والحجة للمنع قول الله تعالى: {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (¬137) وَهذا لمن يكون خارجًا من البيت ممن يمكنه استقبال البيت واستدباره، ومن كان فيه فلا بد أن يكون مستقبلًا ناحية ما (¬138).قال بعض الشيوخ: إنما منع مالك صلاة الفريضة فيه على وجه الكراهة فمن صلّى فيه الفريضة أعاد في الوقت لأنه إنما ترك سنة. وقد ذكر في الآية التولية إلى المسجد ولو صلّى الفرض في المسجد لأجزأه باتفاق. ومعنى "أجافوا عليهم" (¬139): أغلقوا عليهم الباب. 520 - قوله - صلى الله عليه وسلم - لعايشة "لَوْلاَ حَدَاثَةُ عَهْدِ قَوْمِكِ بِالكُفْرِ لَنَقَضْتُ الكَعْبَةَ" وَأخْبَرَهَا عليه السَّلام: "أنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ" (ص 968). وهذا دليل على أن الحِجْر من البيت. وعند مالِك والشافعي أن من طاف من داخل الحجر فهو كمن لم يطف. وعند أبي حنيفة أنه يعيد إلا أن يرجع إلى بلده فعليه الدَّمُ. وقد بين في الكتاب ما جرى من قصة ابن الزبير وهدمه للكعبة (¬140) وتغيير بنائها ثم ما كان بعد ذلك من تغيير بناء ابن الزبير. ¬

_ (¬136) خرم في (أ). (¬137) (144) البقرة. (¬138) "ما" خرم في (أ). (¬139) في (ب) "أجافوا عليهم الباب". (¬140) في (ب) و (د) "الكعبة".

521 - قول الخَثْعَمِيَّةَ: "يَا رَسُولَ الله إنَّ أبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ عَلَيْهِ فَرِيضَةُ الله فِي الحَجِّ وَهْوَ لاَ يَسْتَطِيعُ أنْ يَسْتَوِيَ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: فَحُجِّي عَنْهُ" (ص 974). قال الشيخ: يرى المخالف أن من عجز عن الحج وله مال فعليه أن يستنيب مَنْ يحج عنه. ويحتج بهذا وبقوله في حديث آخر: "أرَأيتِ لَوْ كَانَ على أبِيكِ دَيْنٌ" الحديث. وعندنا أنه لا تلزم (¬141) الاستنابة. ولنا قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (¬142). وهذا ظاهره استطاعة البدن، ولو كان المال لقال: إحْجَاجُ البيت، وَكأنَّ الحج فرعٌ بين أصلين: أحدهما عمل بدن مجرد كالصلاة والصوم فلا يستناب في ذلك. والثاني المال كالصدقة وشبه ذلك فهذا يستناب فيه، والحج فيه (¬143) عمل بدن ونفقة مال فمن غلّب حكم عمل البدن رده إلى الصلاة والصوم، ومن غلب حكم المال ردّه إلى الصدقات والكفارات. 522 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لِلْمَرْأةِ الَّتِي رَفَعَتْ إلَيْهِ صَبِيًّا لَهَا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله ألِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ وَلَكِ أجْرٌ" (ص 974). قال الشيخ -أيده الله-: في هذا حجة لنا وللشافعي على أن الصغير ينعقد عليه الحج ويجتنب ما يجتنبه المحرم. وأبو حنيفة لا يرى ذلك وقد يقول أصحابه (¬144): يحمل هذا على أنه يراد به تمرين الصغار على الحج. وإن قالوا: يحتمل أن يكون هذا كان بالغًا. قلنا فما فائدة السؤال: هل له ¬

_ (¬141) في (ج) "لا يلزم". (¬142) (97) آل عمران. (¬143) "فيه" ساقطة من (أ) و (ب). (¬144) في (ب) "أصحابنا".

حج؟ وهذا يبطل تأويلهم، وأيضًا فإن في بعض طرق الحديث في غير كتاب مسلم أن الصبي كان صغيرًا. 523 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَقَدْ فُرِضَ عَلَيْكُمُ الحَجُّ (¬145) فَحُجُّوا، فَقَالَ رَجُلٌ: أكُلّ عَامٍ يَا رَسُولَ الله؟ فَقَالَ -عليه السلام-: لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ" الحديث (ص 975). قال الشيخ: اخْتلف الناس في الأمْر المطلق. فقال بعضهم: يحمل على فعل مرة واحدة، وقال بعضهم: على التكرار، ومَال بعضهم إلى الوقف فيما زاد على مرة. وظاهر هذا أن السائل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما سأله لأن ذلك عنده محتمل (¬146)، فيصح أن يكون ذهب إلى بعض هذه الطرق، ويصح أن يكون إنما احتمل عنده من وجه آخر وذلك أن الحج في اللغة قَصْدٌ فِيه تكْرِيرٌ فيكون احتمل عنده التكرير من جهة اشتقاق اللفظ وما يقتضيه من التكرار، وقد تعلق بما ذكرنا عن أهل اللغة هاهنا من قال بإيجاب العمرة، وقال: لما كان قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} (¬147) يقتضي على حكم الاشتقاق التكرر، واتفق على أن الحج لا يلزم (¬148) إلا مرةً واحدة كانت العودة إلى البيت تقتضي أن تكون في عمرة حتى يحصل التردد إلى البيت كما اقتضاه الاشتقاق. 524 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يَحِلُّ لِامْرَأةٍ تُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ ثَلاَثِ لَيَالٍ إلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرمِ" (ص 975). ¬

_ (¬145) في (ج) "وقد فرض الله عليكم الحجَّ"، وهو ما في نسخ مْسِلمٍ. (¬146) هذه الكلمة وقعت في آخر السطر وحين التجليد، هي وأكثر الكلمات الواقعة في آخر السطر غطي بعضها بسبب ذلك. (¬147) (97) آل عمران. (¬148) في (ج) "لا يلزمه".

قال الشيخ: أبو حنيفة يشترط في وجوب الحج على المرأة وجودَ ذي محرم، والشافعي يشترط ذلك أو امرأة واحدة تحج معها. ومالك لا يشترط شيئاً من ذلك. وسبب الخلاف (¬149) معارضةُ عموم الآية بهذا الخبر فعموم الآية قوله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ} (¬150) يقتضي الوجوب وإن لم يكن ذو محرم. والحديث يخصص ذلك فمن خصص الآية به اشترط المَحْرَم ومن لم يخصصها لم يشترط. وقد يحمل مالك الحديث على سفر التطوع، ويؤيد مذهبه أيضًا أن يقول: اتفق على أن عليها أن تهاجر من دار الكفر وإن لم يكن ذو محرم لمَّا كان سفرًا واجبًا فكذلك الحج. وقد ينفصَل عن هذا بأن يقال: إقامتها في دار الكفر لا تحلّ ويخشى على دينها ونفسها وليس كذلك التأخر عن الحج. وأيضًا فإن الحج. مختلف فيه: هل هو على الفور أو التراخي؟ 525 - قوله: "أعْجَبْنَنِي (¬151) وآنَقْنَنِي" (ص 976). معنى آنقنني، أي أعجبنَنِي (¬152). وإنما جاز تكرار المعنى لاختلاف اللفظ، والعرب تفعل ذلك كثيرًا للبيان والتأكيد قال الله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} (¬153) والصلاة من الله الرحمة، وقال تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} (¬154)، والطيب هاهنا الحلال، وينشد للحطيئة (¬155): ¬

_ (¬149) "الخلاف" خرم في (أ). (¬150) من آية (97) البقرة. (¬151) في (ج) "أعجبني". (¬152) في (ج) "أي" ساقطة، وفي (د) "قيل أعجبني". (¬153) (157) البقرة. (¬154) (69) الأنفال. (¬155) "للحطيئة" ساقط من (أ)، "والبيت من قصيدة للحطيئة" كما في بقية النسخ.

[الطويل] ألاَ حَبَّذَا هِنْدٌ وَأرْضٌ بِهَا هِنْدُ ... وَهِنْدٌ أتُى مِنْ دُونِهَا النَّأْيُ وَالْبُعْدُ والنأي هو البعد. وقال آخر (¬156): [البسيط] يَبْكِيكَ نَاءٍ بَعِيدُ الدَّارِ مُغْتَرِبٌ ... يَا لَلْكُهُولِ وَلِلشُّبَّانِ لِلْعَجَبِ والنائي هُوَ البعيد والمغترب، ومثلُه كثير. وفي حديث (¬157) ابنِ مسعود: "إذَا وَقَعْتُ فِي آلِ حَمِ وَقَعْتُ فِي رَوْضَاتٍ أتَأنَّقُ فِيهِنَّ". قَالَ أبُو عُبيد: أي أتَتَبَّعُ مَحَاسِنَهُنَّ. وقال أبو حمزة: مَعْنَاهُ أسْتَلِذُّ بِقِرَاءَتِهِنَّ. والمُونِقُ المُعْجبُ، ومنه مَنْظَرٌ أنِيقٌ. 526 - قَالَ الشَّيْخُ: خرّج مسلم في بَابِ لاَ يَحِلُّ لِامْرَأةٍ: "حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن سعِيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة عن النبيء - صلى الله عليه وسلم -" (ص 977). قال بعضهم: هَكَذَا وَقَعَ فِي نُسَخٍ عن أبي أحمد وأبي العلاء والكسائي، وكذلك رواه مسلم عن قتيبة عن الليث عن سَعيد، ومسلم أيضًا والبخاري عن ابن أبي ذيب (عن سعيد عن أبيه. واستدرك عليهما الدارقطني إخراجَهما عن ابن أبي ذئبٍ) (¬158)، وعلى مسلم حديثَ الليث بن سَعْد واحتج بِأن مالكا ويحيى بن أبي كثير وسهلا قالوا: عن سعيد المقبري عن أبي هريرة. ¬

_ (¬156) في (أ) "وينشد للحطيئة والبيت غير موجود في ديوانه". (¬157) في (ج) و (د) "قال أبو حمزة". (¬158) ما بين القوسين ساقط من (أ) و (ب).

(والصحيح عَنْ مسلم في حديثه هذا عن يحيى بن يحيى عن مالك عن سعيد عن أبي هريرة) (¬159) ليس فيه والد سعيد، كذلك خرّجه أبو مسعود الدمشقي، وكذلك رواه جلّ أصحاب مالك من رواة الموطأ عن مالك. 527 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أعوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ" (ص 978). معناه شدته ومشقته. وأصله مِنَ الوعْث وهو الدَّهْس، والدَّهس: الرمل الرقيق والمشي فيه يشتد على صاحبه، فجُعل مثلا لكل ما يشق على صاحبه. وقوله: "ومن الحور بعد الكور" (ص 979) معناه من النقصان بعد الزيادة. وقيل معناه (¬160): أعوذ بك من الرجوع عن الجماعة بعد الكور، أي بعد أن كنا في الكور، أي في الجماعة. يقال: كار عمامته إذا لفّها، وحارها إذا نقضها، وقيل: يجوز أن يكون أراد بذلك: أعوذ بك أن تفسُد أمورنا وتنتقض بعد صلاحها كتنقض العِمامة بعد استقامتها على الرأس. ومن رواه "بعد الكون" بالنون فقال أبو عبيد: سُئل عاصم عن معناه فقال: ألم تسمع قولهم: حار بعد ما كان، يقول: إنه كان على حالة جَميلة فحار عن ذلك، أي رجع. وقول الله تعالى: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} (¬161)، أي لَنْ (¬162) يَرْجِع. والحَوْر الرُّجوع. 528 - وقوله: "إذَا أوْفَى عَلَى ثَنِيَّةٍ أوْ فَدْفَدٍ" (ص 980). الفدفد: الموضع الذي فيه غلظ وارتفاع، وجمعه: فدافد. 529 - قوله: "كَانَ حُمَيْد بن عبد الرحمن يَقُولُ: يَوْم النحر يوم الحج الأكبر" (ص 982). ¬

_ (¬159) ما بين القوسين ساقط من (أ) فقط. (¬160) "معناه" ساقط من (أ). (¬161) (14) الانشقاق. (¬162) في (ج) و (د) "أي أن لن".

قال الشيخ: هذا مذهب مالك. وذهب الشافعي إلى أنه يوم عرفة. وحجتنا أن يوم النحر هو الذي يجتمع فيه جميع أهل الموسم من الحُمْسِ وغيرهم، وفيه كان الأذان وقد قال الله تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} (¬163). 530 - قوله في حديث عائشة: "مَا مِنْ يَوْمٍ أكْثَرَ (¬164) مِنْ أنْ يُعْتِقَ الله فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وإنَّهُ لَيْدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ المَلاَئِكَةَ" (ص 982). قال الشيخ معناه: يدنو دُنُوّ كرامة وتقريب لا دنو مَسافة ومماسة. 531 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "العُمْرة إلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ المَبْرُور لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلاَّ الجَنَّةَ" (ص 983). قال الشيخ: مَعْنَى اعْتَمَرَ البيت زاره، والاعتمار الزيارة. قال الشاعر: [السريع] يُهِلُّ بِالفَدْفَدِ رُكْبَانُهَا ... كَمَا يُهِلّ الرَّاكِبُ المُعْتَمِرْ وقال آخر في معنى الاعتمار: والعمرة القصد. قال الشاعر: [الرجز] لقد سَمَا ابْنُ مَعْمَرٍ حِينَ اعْتَمَرْ ... مَغْزًى بَعِيدًا مِنْ بَعِيدٍ وَصَبَرْ أراد حين قصد. والمبرور وزن مفعول من البر يحتمل أن يريد أن صاحبه أوقعه على وجه البر، وَأصْلُهُ ألاَّ يتعدى بغير حرف جر إلّا أن يريد بمبرور ¬

_ (¬163) (3) التوبة. (¬164) في (أ) "أكثرُ"، بضم الراء. والصواب ما أثبتنا لأن أكثر خبر (ما) التي بمعنى (ليس).

وصف المصدر فيتعدَّى حينئذ إليه إذ كل ما لا يتعدى من الأفعال فإنه يتعدى إلى المصدر. ومعنى "ليس له جزاء إلا الجنة" أي لا يقتصر لصاحبه من الجزاء على تكفير بعض ذنوبه ولا بد أن يبلغ (¬165) به إدخالَه الجَنَّةَ. 532 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ وَلاَ يُنَفَّرُ صيدُه وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَته إلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا" (¬166) (ص 986). قال الشيخ: اختلف الناس في قطع شجر الحرم هل فيه جزاء أم لا؟ فعند مالك لا جزاء فيه، وعند أبي حنيفة والشافعي فيه الجزاء. واحتجوا بأن بعض الصحابة حكم في دوحة ببقرة. ويحتج لمالك أن الجزاء لا يجب إلا بشرع والأصل براءة الذمة ولم يرد شرع بذلك. وأما قوله: "لا يُنَفَّر صيده" فإن مذهب مالك أن صيد الحلال في الحرم يوجب عليه الجزاء. ولم ير ذلك داود ورأى الجزاء مختصًا بالإِحرام لا بالحرم كما اختص منع الطيب واللباس بالإِحرام لا بالحرم. وهذا غير صحيح لأن الصيد محرّم في الحرم ولو كان كاللباس والطيب لحلّ كما حلاّ. وحجة مالك عليه قوله تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} (¬167). ويعبر عمن حلّ بالحرم بأنه مُحْرِم كما يقال فيمن حل بنجد: منجد، وبتهامة: متهم. قال الشاعر: [الكامل] قَتَلُوا ابْنَ عَفَّانَ الخَلِيفَةَ مُحْرِمًا ... وَدَعَا فَلَمْ يُرَ مِثْلُهُ مَخْذُولاً ¬

_ (¬165) في (أ) "أن يتلَع". (¬166) فى (ج) زيادة وهي "لا يختلى خلاها". (¬167) (95) المائدة.

يعني ساكنا الحرم ولأن حرمة الحرم متأبدة والإِحرام مؤقت فكان المؤبد آكد. واختلف الناس أيضًا في الحلال إذا صاد صيدًا في الحلّ ثم أتى به الحَرَم فأراد ذبحه به (¬168)؛ فأجاز ذلك له مالك ومنعه أبو حنيفة وقال: يرسله. ولمالك عليه أنه لا يسمى صيدًا ما كان في اليد والقهر فلم يكن داخلاً في قوله: "ولا ينفّر صيده". وكذلك اختلف مالك وأبو حنيفة فيمن صاد في الحرم هل يدخل في جزائه الصيام؟ فأثبته مالك ونفاه أبو حنيفة. ولمالك عموم الآية وفيها الصيام. ورأى أبو حنيفة أن ما يضمن ضمان إتلاف الأملاك (¬169) فلا معنى لدخول الصيام فيه. واستدل بأنه لو أطلقه لكان ضامنًا له حتى يعود الصيد إلى الحرم فصار الحرم كيد رجل مالك (¬170) يبرأ الغَاصب بإعادة الملك إليه. وَأمَّا قوله: "لا يلتقط لقُطَته" فعند مالك أن حكم اللُّقطة في سائر البلاد حكم واحد. وعند الشافعي أن لقطة مكة بخلاف غيرها من البلاد وأنها لا تحلّ إلا لمن يعرّفها تعلقًا بهذا الحديث. ويحمل الحديث على أصلنا على المبالغة في التعريف لأن الحاج يرجع إلى بلده وقد لا يعود إلا بعد أعوام فتدعو الضرورة لإِطالة التعريف بها بخلاف غير مكة. وقوله: "يعضد" أي يقطع، يقال: عضد واستعضد بمعنى واحد، كما يقال: علا واستعلى. وقد تقدم ذكر المنشد. 533 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في مَكَّةَ: "أُحِلّت لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ" (ص 988) ¬

_ (¬168) "به" ساقطة من (ج). (¬169) في (ج) "ضمان إتلاف لأملاك". (¬170) في (ج) "ملك".

وفي حديث آخر ذكره مسلم بعد هذا: "أنه عليه السلام دخلها وعلى رأسه عِمامة" (ص 990). قال الشيخ: قال بعض أصحابنا: لا يدخل (¬171) مكة إلا بإحرام إلا لمثل إمام في جيشه للضرورة. وقائل هذا اتبع هذا الحديث على وجهه. واختلف قول مالك: هل دخول مكة بإحرام واجب أو مستحب؟ وأسقط ذلك مالك (¬172) عمن يكثر تردده إليها كالحطابين وأصحاب الفواكه. 534 - قوله عليه السلام: "اكْتُبُوا لِأبِي شَاةٍ" (¬173) (ص 988). فيه دليل على جواز تدوين العلم والسنن وكتبه في الصحائف. ويحكى عن بعض السلف كراهية ذلك. 535 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَأنَا أحَرِّمُ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا" (ص 991). قال الشيخ -وفقه الله-: مذهب مالك (¬174) أن المدينة حرم لهذه الأحاديث. وأنكره أبو حنيفة واحتجوا له بأن هذا مما يعم فلا يقبل فيه خبر الواحد، وبقوله عليه السلام في حديث آخر: "ما فعل النغير يا أبَا عمير". والجواب عن الأول: أن الحديث اشتهر عند أهل النقل وكثر واتفق على صحته، وقد يكون بيانه عليه السلام بيانًا فاشيًا ولكن اكتفى الناس بنقل الآحاد فيه استغناء ببعضهم عن بعض. ¬

_ (¬171) في (ج) "لا ندخل". (¬172) في هامش (ج) زيادة "مرة" بعد "مالك". (¬173) هكذا في النسخ الأربع "لأبي شاة" بالتاء والذي في الأصول لمسلم "لأبي شاه" بالهاء، ونص النووي على أنه لا يقال بالتاء. (¬174) في (أ) "إنّ مذهب مالك" وبقية النسخ الثلاث بحذف "إنَّ".

وحديث النغير أجاب بعض أصحابنا فيه بجوابين: أحدهما: أنه يمكن (¬175) أن يكون قبل تحريم المدينة. والثاني: يمكن أن يكون أدخله من الحل ولم يصده في حرم المدينة. قال الشيخ: وهذا الجواب الثاني لا يلزمهم عندي على أصولهم (¬176) وقد ذكرنا من قال: إن الحلال إذا دخل الحرم بالصيد وجب عليه إطلاقه. واختلف عندنا إذا صاد الصيد في حرم المدينة فالمشهور أن لا جزاء عليه لأن إثبات الحرمة لا يوجب إثبات الجزاء والأصل براءة الذمة. وقال ابن نافع: فيه الجزاء وقاسه على حرم مكة. 536 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في جبل أحد: "جبل يحبّنا ونُحِبُّه" (ص 1011). قيل المراد: يُحبنا أهله فحذف المضاف وَأقام المضاف إليه مقامه، كما قال الله تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} (¬177) أي حب العجل. وقال تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (¬178)، أي أهلها. 537 - وقوله: "في حرم المدينة ما بين عَيْرٍ إلى ثَوْرِ" (ص 994). قال الشيخ -وفقه الله-: قال بعض العلماء: ذكر ثور هاهنا وهم من الراوي لأن ثورا بمكة، والصحيح "إلى أحد". وقد وقع في بعض نسخ كتاب مسلم مكان قوله "إلى ثور"، "إلى كذا" (¬179). 538 - قوله: "ما بين لابتيها حرام" (ص 991). ¬

_ (¬175) "أنه يمكن" سقط من (ب)، وكذلك فيما بعد قوله "يمكن". (¬176) خرم في (أ). (¬177) (193) البقرة. (¬178) (82) يوسف. (¬179) في (ب) "إلى كذا".

قال الأصمعي: اللاَّبة الأرض ذات الحجارة السود (¬180)، وجمعها لابات في القليل، فإذا كثرت فهي لاب ولوب مثل قارة وقور وساحة وسوح وباحة وبُوح. قال الهروي: يقال ما بين لابتيها أجهل من فلان، أي ما بين طرفي المدينة. 539 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أوْ آوَى مُحْدِثًا" (ص 994). قال الشيخ: في (محدث) روايتان فتح الدال وكسرها؛ فمن فتح نسبه إلى نفس الإِحداث، ومن كسر (¬181) نسبه إلى فاعل الحدث. 540 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يَقْبَلُ الله مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً" (ص 994). قال الشيخ: اختلف في تفسير ذلك فقيل: الصرف الفريضة والعدل التطوع، وقال الحسن: الصرف النافلة والعدل الفريضة، وقال الأصمعي: الصَّرف التوبة والعدل الفدية. وروي ذلك عن النبيء - صلى الله عليه وسلم -. وقال يونس: الصرف الاكتساب والعدل الفدية، وقال أبو عبيدة (¬182): الصرف الحيلة. وقال قوم: العدل المثل لقول الله تعالى: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} (¬183) معناه أو مثل ذلك صيامًا. قال بعضهم: العَدْل والعِدْل لغتان لا فرق بينهما كالسَّلْم والسِّلْم. وقال الفراء: العَدْل ما عادل الشيء من غير جنسه (والعِدل ما عادل الشيء من جنسه) (¬184). يقال: عندي عَدل ثوبك، أي قيمته. ¬

_ (¬180) في (أ) و (ج) زيادة "وهي التي قد ألبستها حجارة سود". (¬181) في (ب) "كسره". (¬182) في (ب) "أبو عُبَيْد". (¬183) (95) المائدة. (¬184) ما بين القوسين ساقط من (ب).

541 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أدْنَاهُمْ" (ص 994). قال الشيخ -وفقه الله-: فيه دلالة لمن أجاز أمان المرأة ومن في معناها، وقد تقدم القول في ذلك. 542 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا تخبط فيها (¬185) شجرة" (ص 1001). الخبط بإسكان الباء مصدر خبطت، وخبط الشجر أن تضربه بعصا ليَتَحَاتَّ وَرَقُه، واسم الورق المخبوطِ خَبَطٌ بفتح الباء وهو من عَلف الإِبل، والذي يضرب به الشَّجر يسمى مِخْبَطًا بكَسر الميم، ويقال: خبط واختبط بمعنى واحد. وفي الحديث: "لَوْ رأيت الظباء بالمدينة ما ذعرتها". الذعر: الفزع، ومنه قول زهير: [الكامل] وَلأَنْتَ أشْجَع مِنْ أُسَامَةَ إذْ ... دُعِيتْ نَزَالِ وَلُجَّ فِي الذُّعْرِ (¬186) 543 - وقوله: "إن عِيَالَنا لَخُلُوفٌ" (ص 1001). أي لا راعي لهم ولا حامي، قال الأزهرى: يقال: الحي خُلُوف فيكون بمعنيين بمعنى المتخلفين المقيمين في الدار، ويكون بمعنى الغيب الظاعنين (قال ابن عرفة في قوله تعالى: {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ} (¬187) ¬

_ (¬185) في (أ) و (ب) "فيه". (¬186) الذي في ديوان زهير: ولنعم حِشو الدرع وأنت إذا ... دعيت نزال ولج في الذعر (¬187) (87) التوبة.

أي مع النساء. ويقال: الحيّ خلوف، أيْ خرج الرجال، وبقي النساء) (¬188). 544 - وقوله: "قدمت المدينة وَهْيَ وَبِيئَةٌ" (ص 1003). أي ذات وباء، قاله ثعلب وغيره. وفي الحديث الآخر: "فأصاب الأعرابي وعك في المدينة" (ص 1006) أي مس حُمَّى. 545 - وقوله: "اقْعُدِي لَكَاعِ" (ص 1004). (يقال امرأة لكاعِ) (¬189) ورجل لُكَع واللكع اللئيم، وأيضاً العبد، وأيضًا الغبي الذي لا يتجه لمنطق ولا لِغيره. أخِذ من الملاكيع وهو الذي يخرج مع السَّلَى من البطن. واللكع أيضًا الصغير، ومنه الحديث أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - طلب الحسن فقال: "أثَمَّ لكع؟ أثم لكع؟ " أي أثَمَّ الصغير؟. وسئل بلال بن جرير عن اللكع قال: هو في لغتنا الصغير، وإلى هذا ذهب الحسن إذ قال لإنسان: يا لكع، يريد يا صغير العلم. قال أهل النحو: ومما لا يقع إلا في النداء خَاصَّةً ولا يستعمل في غيره قولهم للمؤنث: يا خباث ويا لكاع. وربما استعمل في الشعر في غير النداء ضرورة، قال الحطيئة: [الوافر] أطوِّفُ مَا أُطَوِّفُ ثُمَّءَاوِي ... إلَى بَيْتٍ قَعِيدَتُهُ لَكَاعِ 546 - وقوله عليه السلام: "عَلَى أنقَاب المَدِينَةِ مَلاَئِكَةٌ" (ص 1005). ¬

_ (¬188) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬189) ما بين قوسين ساقط من (ب).

قال الأخفش: أنقاب المدينة طرقها وفِجاجها. 547 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَيَنْصَعُ طَيِّبُهَا" (ص 1006). أي يخلص ويصفو، والناصع الشيء الصافي النقي اللّون. ويعني عليه السلام أنها تنفي من لا خير فيه ويَبْقَى فيها الطيبون. وقول الأعرابي: أقِلْنِي بَيْعَتِي (ص 1006) يريد: أقلني ما بايعتك عليه من البقاء بالمدينة. 548 - وقول النبيء - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يَصْبِرُ عَلَى لأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا" (ص 1004). الِّلأوَاءُ: الجوع وشدة الكسب. 549 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ المَدِينَةِ بأهليهم يُبِسُّونَ" (ص 1008). يعني يتحملون بأهليهم ويؤلبون أهل المدينة ويزينون لهم الخروج عنها إلى غيرها. يقال في زجر الدابة إذا سقتها: بِسْ بِسْ، وهو زجر السوق من كلام أهل اليمن. وفيه لغتان بسست وَأبْسست. وقول الله تعالى: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} (¬190) فصارت أرضا. 550 - وقوله عليه السلام: "فمن أخْفَرَ مُسِلمًا" (ص 999). يعني من نقض عهده. 551 - قوله في الحديث: "كان يُؤْتَى بِأوَّلِ الثَّمَرِ" وفي آخر: " ثُمَّ يُعْطِيهِ أصْغَرَ مَنْ يَحْضُرُه مِنْ الوُلْدَانِ" (ص 1000). ¬

_ (¬190) (5) الواقعة.

قال الشيخ -وفقه الله-: يحتمل أن يكون أعطى ذلك الصغير لإِدْخَالِ مَسَرَّةٍ عليه وذلك في الأصغر أوجد منه في الأكبر، وقد يلوح في معناه أنه عليه السلام فعله تَفَاؤُلا بنمو الثمرة وزيادتها بأن يدفعها إلى من هو في سن النماء والزيادة. ويكون هذا نحو ما تأول أهل العلم في قلب الرداء في الاستسقاء أنَّه تفاءلٌ لأن ينقلب الجدب خصبًا. 552 - وأما قوله عليه السلام: "اللهم حوِّلْ حُمَّاهَا إلَى الجُحْفَةِ" (ص 1003). فقد قال بعض أهل العلم: إن أهل الجحفة يومئذ غير مسلمين. 553 - وقوله عليه السلام: "ما بين منبري وبيتي (¬191) روضة من رياض الجنة" (ص 1010). يحتمل أن يكون يريد أن العمل فيه يؤدي إلى الجنة (¬192). 554 - وقوله: "لِلعَوَافِي" (ص 1009). يعني السباع والطير والوحش، مأخوذ من عفوته أعفوه، إذا أتيته تطلب معروفه. يقال: فلان كثير الغاشية والعافية، أي يغشاه السُّؤَّال والطالبون. 555 - وقوله في المدينة: "مَنْ أرَادَهَا بِدَهْمٍ" (1008). أي بغائلة وأمر عظيم. ¬

_ (¬191) في (ب) "ما بين قبري ومنبري وبيتي روضة من رياض الجنة". وفي (ج) "ما بين بيتي وبين منبري". (¬192) "يحتمل أن يكون يريد أن ذلك الموضع ينقل بعينه إلى الجنة"، "ويحتمل أن يريد أن العمل فيه يؤدي إلى الجنة". هكذا في (ج) و (د)، وفي (ب) الاقتصار على الجملة الأولى وما أثبتناه هو ما في (أ).

556 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ ألْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ". ثمَّ قال: "إلاّ الْمَسْجِدَ الحَرَامَ" (ص 1012). (قال الشيخ: اختلف الناس في المراد بهذا الاستثناء فعندنا أن المراد إلا المسجد فإن مسجدي يفضله بدون الألْف) (¬193). وهذا بناء على أن المدينة أفضل من مكة وهو مذهب مالك. ويحتج له بما قدمه مسلم قبل هذا من الأحاديث المرغبة في سكناها الدالة على فضلها. وقيل: إلا المسجد الحرام، فإنَّه أفضل من مسجدي. وهذا على أن مكة أفضل من المدينة ما سِوَى قبره عليه السلام. 557 - ذكر في حديث: "أن امرأة اشتكت فنذرت: أن تصلي في مسجد بيت المقدس إن شفيت. فقالت لها ميمونة، يعني زوجة النبيء - صلى الله عليه وسلم -: اجْلِسِي وصلي في مسجد الرسول" الحديث (ص 1014). 558 - وفي حديث آخر: "لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إلاَّ إلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِد الحَرَام، وَالْمَسْجِد الأقصَى" (ص 1014). قال الشيخ -وفقه الله-: إنما خص عليه السلام هذه المساجد لفضلها على ما سواها. فمن قال: لله علي صلاة في أحدها وهو في بلد غير بلادها فعليه إتيانُها. وإن قال: ماشيًا، فلا يلزمه المشي إلا في حرم مكة خاصة. وأما المسجدان الآخران، فالمشهور عندنا: أنه لا يلزم المشي إليهما ويأتيهما راكبًا إن شاء، وقال ابن وهب: بل يأتيهما ماشيًا كما سمى. وهنا أقْيَسُ على أصل المذهب لاتفاقهم على أن من قال: عَلَيَّ المشي إلى مكة، فعليه أن يمشي إليها، ذلك على أن المشي طاعة. وقد نبه النبيء - صلى الله عليه وسلم - على ذلك بقوله: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا" فذكر كنرة الخطى إلى المساجد. وقيل أيضًا: إن كان على أميال يسيرة أتى ¬

_ (¬193) ما بين القوسين ساقط من (ب).

ماشيًا، والمشي ضعيف. وقد ذهب القاضي إسماعيل إلى أن من قال: عليّ المشي إلى المسجد الحرام أصلي فيه، فإنه يأتي راكبًا إن شاء ويدخل مكة مُحرِما. وأحَلَّ المساجد الثلاثة محلاً واحدًا في سقوط المشي إليْها، وإن نطق به إذا قصد الصلاة. وإن نذر إتيان غير هذه المساجد الثلاثة فلا يأتي إليها إذا لم يكن ببلده. قال بعض أصحاب مالك: إلا أن تكون قريبة على أميال يسيرة فيأتيها. وإن نذر أن يأتيها ماشيًا أتى ماشيًا كما قال. ورأى أن ذلك خارج عن شد الرحال المذكور في الحديث. قال ابن حبيب مثل: أن ينذِر صلاة في مسجد بموضعه ومسجد جمعته والذي يصلي فيه. وألزم ابن عباس المدني إذا نذر الصلاة بمسجد قُبَا أن يأتيه. واحتج لهذا ابن حبيب بما ذكره مسلم بعد هذا لأنه عليه السلام كان يأتيه كلّ سبت. قال الشيخ -وفقه الله-: فإن قيل: إنّ مسجد النبيء - صلى الله عليه وسلم - أفضل منه فكيف أتاه وأنتم أصَّلْتُم ألاَّ يُؤتى إلا ما كان أفضل؟ قلنا: قد ذكرنا عن بعض أصحابنا أن هذا إنما يعتبر (¬194) في شد الرحال وإعمال المطي، وأما ما كان على أميال يسيرة فيؤتى إليه، وإن كان المسجد الأقرب منه مثله في الفضل ومسجد قُبا قريب من المدينة. فإن قيل مع تساوي الفضل على ما قاله بعض أصحابكم على ما حكيت. والفضل هاهنا مختلف ومسجده عليه السلام أفضل؟ قيل: الغرض من هذا النهي إنما وقع عن إعمال المطي وإذا لم تعمل ووجب الوفاء بالنذر مع تساوي البقاع على ما حكيناه عن بعض أصحابنا وجب، وإن اختلف الفضل على هذه الطريقة لأجل ورود الشرع بالوفاء بالنذر فهو على عمومه. وخص منه إعمال المطي وبقي ما سواه على أصله. وهذا اعتذار عما قاله ابن عباس وابن حبيب. ¬

_ (¬194) في (أ) "يعتبر" من تصحيح الهامش.

وأما إتيان النبيء - صلى الله عليه وسلم - فلم يكن عن نذر فلا مانع يمنع منه لأن المتقرّب حيث اتفق له أو خفّ عليه فعل القربة. وقد ألزم مالك المكيَّ إذا نذر الرباطَ بعَسْقلان وشبه ذلك من السواحل أن يخرج إليها وإن كان فيها إعمال المطي لغير المساجد الثلاثة، لأن المطي أعملت لمعنى وهو الرباط وذلك لا يوجد في المساجد الثلاثة. والحديث إنما ورد في إعمالها للصلاة لوجود ذلك المعنى من الصلاة فيها وزيادة عليه. 559 - وقول المرأة في الحديث: "إن شُفِيتُ صَلَّيْتُ ببَيْتِ المَقْدَسِ وَقَوْل مَيْمُونَة لَهَا" (ص 1014). قال الشيخ: ذهب بعض شيوخنا إلى نحو ما قالت ميمونة رضي الله عنها ورأى أن المكيّ والمدني إذا نذرا الصلاة في بيت المقدس لا يخرجان إليه لأن مكانهما أفضل، ولو نذر المقدسي الصلاة في أحد الحرمين لأتاه لأنهما أفضل من مكانه. وقياس قول مالك على هذه الطريقة: أن المكي إذا نذر إتيان مسجد المدينة أتاه، وإن نذر مدني إتيان مسجد مكة لم يأته لأن مسجد المدينة عنده أفضل من مسجد مكة. قال بعض شيوخنا: الأولى أن يأتي المدني مسجد مكة والمكي مسجد المدينة ليخرجا من الخلاف الذي وقع في فضل إحداهما على الأخرى. 560 - قال الشيخ: خرّج مسلم في هذا الباب: "حدّثنا قتيبة وابن رُمح عن الليث عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن سعيد (¬195) عن ابن عباس أن امرأة" الحديث. هكذا في إسناده من جميع طرق هذا الكتاب "عن إبراهيم بن عبد الله". وكذلك خرّجه أبو مسعود الدمشقي عن مسلم من حديث ابن عباس "عن ميمونة" اتبع في ذلك الرواية ولم ينبه على ذلك. وإنما ¬

_ (¬195) في (ج) و (د) "ابن معبد".

يحفظ هذا الحديث: "عن إبراهيم بن عبد الله عن ميمونة" ليس فيه ابن عباس. قال بَعْضهم: هكذا رويناه في حديث الليث بن سعد. قال. النسائي: "روى هذا الحديث الليث عن نافع عن إبراهيم عن ميمونة" ولم يذكر ابن عباس. قال غيره: وكذلك رواه ابن جريج، وكذلك خرّجه البخاري: "عن الليث" ولم يذكر فيه ابن عباس. قال الدارقطني في كتاب العلل: قد رواه بعضهم "عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله عنها". وليس بِثبت.

8 - كتاب النكاح

بسم الله الرحمن الرحيم 8 - كتاب النكاح 561 - فيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ... " الحديث (ص 1018). قال الشيخ -وفقه الله-: إنَّ المشهور (¬1) من قول فُقَهاء الأمصار أن النكاح مستحب على الجملة. وذهب داود إلى وجوبه. وسبب الخلاف تعارض الظواهر؛ فلداود قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (¬2) والأمر على الوجوب، وله الحديث المذكور، وله قوله عليه السلام بعد هذا في حديث ذكر فيه التزويج. وقال فيه: "فمن رغب عن سُنَّتي فليس مني" (ص 1020). ولفقهاء الأمصار عليه أن الله تعالى خيَّر في الآية بين النكاح وملك اليمين، والتَّسَرُّرُ غير واجب باتفاق، فلو كان النكاح واجبًا ما صح التخيير ¬

_ (¬1) في (ج) و (د) "المشهور" بدون "إنَّ". (¬2) (3) النساء.

بينه وبين ملك اليمين إذ لا يصح على مذهب أهل الأصول التخيير بين واجب وما ليس بواجب، لأن ذلك مُؤَدٍّ إلى إبطال حقيقة الواجب، وأن يكون تاركه غير آثم. ولهم أيضًا قول الله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (¬3) ولا يقال في الواجب: أنت غير ملوم إن فعلته. وهذا نحو ما قال عروة لعائشة في السعي: "إنه لو كان واجبًا لم يقل: لا جناح عليك في فعله". وينفصلون عن حديث الباءة بأن داود إنما يوجب العقد خاصة دون الوطء (¬4)، وذلك لا يحصل معه ما ذكر في الحديث من تحصين الفرج وغضّ البصر. وقد قال بعض أصحابنا: إن قوله عليه السلام في هذا الحديث: "ومن لم يستطع فعليه بالصوم" فيه حجة على أن النكاح ليس بواجب لأنه خيّر بينه وبين الصوم، والصوم المذكور هاهنا ليس بواجب. ونحا في هذا إلى ما ذكرنا من التخيير بين النكاح وملك اليمين، وليس هذا الأمر كذلك لأنه في الحديث رتب فقال: "ومن لم يستطع فعليه بالصوم" وهذا غير مستحيل أن يجمع فيه بين واجب وغير واجب. ويصح أن يقول قائل: أوجبت عليك أن تفعل كذا فإن لم تستطع فأندبك إلى كذا. وأما الحديث الذي فيه: "فمن رَغِب عن سُنَّتِي" حمله على من أراد أن يفعل من التبتُّلِ وتحريم المحللات عن نفسه ما قد فسر في الحديث. قال الشيخ -وفقه الله-: والذي يطلق من مذهب مالك أن النكاح مندوب إليه. وقد يختلف حكمه بحسب اختلاف الأحوال؛ فيجب تارة عندنا في حق من لا ينكف عن الزنا، لأنه قد وقع لبعض أصحابنا إيجابه ¬

_ (¬3) (6) المؤمنون. (¬4) في (أ) و (ج) و (د) "الوَطْىء".

على صفة. ومحمله أنه على مثل من هو على هذه الحالة. ويكون مندوبًا إليه في حق من يكون مشتهيًا له ولا يخشى على نفسه الوقوع في المحرم ولا ينقطع به عن أفعال الخير ويكون مكروهًا لمن لا يشتهيه وينقطع به عن عبادته وقرباته. وقد يختلف فيمن لا يشتهيه ولا ينقطع به عن فعل الخير فيقال: يندب إليه للظواهر الواردة في الشرع بالترغيب فيه. وقد يقال: يكون في حقه مباحًا. وقوله: "من اسْتَطَاع البَاءَةَ" أصل الباءة في اللغة: المنزل، ثم قيل لعقد النكاح باءة لأن من تزوج امرأة بوأها منزلاً. والباءة هاهنا التزويج، وفيه أربع لغات: الباءة بالمد والهاء، والباء بالمد وحذف الهاء، والباهة بهاءين دون مد، والباهُ بِهَاء واحدة دون مُد. وقد يسمى الجماع نفسه باءة. وليس المرادُ بالذي وقع في الحديث على ظاهره الجماع لأنه قال: "ومن لم يستطع فعليه بالصوم" ولو كان غير مستطيع للجماع لم يكن له حاجة إلى الصوم. وقوله: "فإنه له وجاء" قال ابن ولاد وغيره: الوجاء بكسر الواو وممدود (¬5) قال أبو عبيد: أراد أن الصوم يقطع النكاح، ويقال: للفحل إذا رضت انثياه قد وجيء وجَاءة. قال غيره: الوجاء أن توجأ العروق والخصيتان باقيتان بحالهما. والخصاء شق الخصيتين واستئصالهما. والجب أن تحمى الشفرة ثم تستأصل بِهَا الخصيتان. وقوله: "فَعَلَيْهِ بِالصَّوْم". ¬

_ (¬5) في (ج) "والمد".

فيه إغراء بالغائب. ومن أصول النحاة أن لا يغرى بغائب، وقد جاء شاذًا قول بعضهم: عَلَيْهِ رَجُلاً لَيْسَنِي، على جهة الإِغراء. 562 - قوله في الحديث الآخر: "رُدَّ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التّبَتُّلَ" (ص 1020). التبتل هو الانقطاع عن النساء وترك النكاح، ثم استعير منه الانقطاع إلى الله سبحانه ومنه الحديث: "لاَ رهبانية في الإِسلام ولا تَبَتُّل". قال الليث: البتول كل امرأة منقطعة عن الرجال لا شهوة لها فيهم. وقال أحمد ابن يحيى: سميت فاطمة البتول لانقطاعها عن نساء زمانها وعن نساء الأمَّة دِينا وفضلاً وحَسَبا رضي الله عنها. 563 - قوله: "فأتى امرأة وهي تَمْعَسُ مَنِيئَةً" (ص 1021). أي تدبغ، وأصل المعس الدَّلك. يقال: معسه يمعسه معسا. والمنيئة الجلد أول ما يدبغ. قال الكسائي: يسمّى ما دام في الدباغ. قال أبو عبيد: اسمه أول ما يدبغ مَنيئة على وزن فعيلة، ثم هو أفِيق وجمعه أُفق، ثم يكون أدِيما. 564 - قوله: "قلنا ألا نستخصي فَنَهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ثم رخَّص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجَلٍ" (ص 1022). قال الشيخ: ثبت أنَّ نكاح المتعة كان جائزًا في أول الإِسلام ثم ثبت أنه فسخ بما ذكر من الأحاديث في هذا الكتاب وفي غيره وتقرر الإِجماع على منعه ولم يخالف فيه إلا طائفة من المبتدعة، وتعلقوا بالأحاديث الواردة في ذلك وقد ذكرنا أنها منسوخة بالحديث الذي فيه: "نهى عمر -رضي الله عنه- عن المُتْعَتَيْن ... " الحديث (ص 1023). ومحل ذلك على أن من خاطبه عمر قد خفي عنه النسخ، وأن عمر نهى عن ذلك تأكيدًا وإعلانًا بنسخه.

وقد يتعلق بقوله سبحانه: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} الآية (¬6). ومحمل ذلك عندنا على النكاح الجائز المؤبّد قالوا: وقراءة ابن مسعود هذه الآية: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل}، وقراءة ابن مسعود هذه ليست عندنا بحجة لأنها من طريق الآحاد والقرآن لا يثبت بخبر الواحد. ولا يلزم العمل بخبر الواحد في مثل هذا المنقول على أنه قرآن على الصحيح من القول في ذلك. وذهب زُفَر إلى أن من نكح نكاحَ متعة فإن النكاح يتأبَّدُ. قال الشيخ: وما أراه ذهب في هذا (¬7) إلا إلى أن ذلك من باب الشروط الفاسدة إذا قارنت النكاح فإنها تبطل ويمضي النكاح فكان حكم الشرع التأبيد (¬8) في النكاح. واشتراط هذا التأجيل فيه خلاف حكم الشرع فبطل ذلك الشرط ومضى النكاح على حكم الشرع. وِاختلفت الرواية في كتاب مسلم في النهي عن المتعة. ففيه: "أنه - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن ذلك يوم فتح مكة" (ص 1024). وفيه: "أنه نهى عن ذلك يوم خيبر" (¬9) (ص 1027) فإن تعلق بهذا من أجاز المتعة وزعم أن هذا الاختلاف يقدحُ في الأحاديث الناسخة لأنه يراه تناقضا، قلنا: هذا خطأ وليس بتناقض لأنه يصح أن ينهى عن ذلك في زمان ثم ينهى عنه في زمان آخر تأكيدًا وإشهارًا فيسمع بعض الرواة نهيه في زمان ويسمع آخرون نهيه عن ذلك في زمان آخر، فينقل كل فريق منهم ما سمعه ولا يكون في ذلك تكاذب ولا تناقض. 565 - قال الشيخ -وفقه الله-: خرّج مسلم في باب متعة النساء: "نا ابن بَشّار قال نا محمَّد بن جعْفَر نا شُعْبَةُ عن عمرو بن دينار قال: ¬

_ (¬6) (24) النساء. (¬7) في (د) "في ذلك". (¬8) في (ج) "في التأبيد". (¬9) في (ب) "يوم حنين".

سَمِعْتُ الحَسَنَ بن مُحَمَّد يحدث عن جَابِر بن عبد الله وسَلَمَةَ بْنِ الأكْوَعِ قالا خرج علينا ... " الحديث. ثم أردفه بقوله: "حدثني أمَيَّةُ بن بِسْطَامَ العَبْسِيّ (¬10) نا يزيد يعني ابن زريع نا روح بن القاسم عن عمرو بن دينار عن الحسن يعني ابن محمد يحدث عن جابر وسلمة لبن الأكوع بهذا" (ص 1022). قال بعضهم: هكذا الإِسنادان في نسخة أبي العلاء، وسقط من نسخة أبي أحمد الجلودي والكسائي من إسناد يزيد بن زريع ذكرُ الحسن بن محمد بين عمرو بن دينار وسلمة بن الأكوع وجابر، وسقوطه وهم لأن الحديث حديث الحسن بن محمد عن جابر وسلمة. وكذلك رواه شعبة عن عمرو ابن دينار قال: سمعت الحسن بن محمد يحدث عن جابر وسلمة بذلك على ما تقدم. 566 - قوله "كَأنَّهَا بَكْرَةٌ عَيْطَاء" (ص 1023). العَيْطَاء: الطويلة العنق باعتدال. قال أبو عبيد في مصنفه: هي العَيْطَاء والعنقاء، والعُطبُولُ. قال غيره: هي العَنَطْنَطَة أيضًا. قال أبو عبيد: العنطنطة الطويله ولم يذكر العنق. 567 - قوله: "هَذا خَلقٌ مَحٌّ" (ص 1024). المَحُّ بفتح الميم: البالي، ويقال: مَحَّ الكتاب وأمح إذا درسِ. قال ابن القُوطِية: ومَحَّ الثوب وأمَحَّ إذا بِليَ. وأنشد غيره لقيس بن ذَرِيحٍ: ¬

_ (¬10) في (ب) "القيسي"، والذي في أصل مسلم "العيشي". وقال النوري: "والعيشى" بالشين المعجمة.

[الطويل] تَلوح مَغَانيِهَا بِحَجْرٍ كَأنَّهَا ... رِدَاءُ يَمَانٍ قَدْ أمَحَّ عَتَيقُ أي قديم. 568 - قوله: "لَجِلْفٌ جَافٍ" (ص 1026). قال ابن السكيت: الجلف هو الجافي. قال غيره: وجاز تكرير المعنى لاختلاف اللفظ. وقد تقدم نظير هذا. قال الهروي: أصل الجلف الشاة المسلوخة بلا رأس ولا قوائم، ويقال: لِلدَّنِّ أيضًا جلف، ويشبه الرجل الأحمق بهما لضعف عقله. والجافي الغليظ. وفي حديث عمر: "لاَ تَزْهَدَنَّ فِي جَفَاء الحَقْوِ" أي في تغليظ الإِزار، وقال الهروي في تفسيره صفَته - صلى الله عليه وسلم -: "ليس بالجافي ولا المَهِينِ" أي ليس بالغليظ الخلقة ولا المحتقر، ويقال: ليس هو بالذي يجفو أصحابه ويهينهم. قال غيره: والجافي في غير هذا بن صفات الأسد أيضًا، كذلك قال ابن خَالَوَيْه في كتاب الأسد قال غيره: والجفاء بين الناس: التباعد. 569 - وقوله: "إنِّكَ لَرَجُلٌ تَائِهٌ" (ص 1027). هو المترفّع عن طريق الحقّ. 570 - قوله: "نَهَي - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَجْمَعَ الرَّجلُ بَيْنَ الْمَرْأةِ وَعَمَّتِها وَبَيْنَ الْمَرْأةِ وَخَالَتِهَا" (ص 1028 - 1029). قال الشيخ: الفروج تستباح في الشريعة بالنكاح وملك اليمين ما لم يمنع من ذلك مانع. والمانع على قسمين: مانع يتأبَّدُ معه التحريم، ومانع لا يتأبَّدُ، فالذي يتأبد تحريمه على تفصيل نذكره وهو خمسة أقسام: أحدها يرجع التحريم فيه إلى العين كالأُم والأُخت وشبههمَا، ولا خلاف في تأبيد تحريم ذلك، وباقيها يرجع التحريم فيها لعلة طرأت كالرضاع

المْشَبّه بالنسب، ولا خلاف في التأبيد به أيضًا (¬11)، والصهر، ونكاح الملاعنة لمن لاعنها، والمتزوجة في العدة. فأما الصهر فهو أربعة أقسام: تزويج الرجل امرأة ابنه، والابن امرأة أبيه فهذان القسمان يَحْرُمَان جميعًا بالعقد. والقسم الثالث: تزويج الربيبة فإنها لا تحرم بالعقد ولا خلاف في ذلك. والرابع: أم الزوجة، فمذهب الفقهاء وجمهور الصحابة أنها تَحْرُم بالعقد على البنت. وذكر عن علي ومجاهد أنها لا تحرم إلا بالدخول على البنت. وسبب الخلاف في ذلك قول الله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} (¬12). هل هذا النعت والتقييد راجع إلى النساء المذكورات آخرا أم عائد على المذكورات أولا وآخرا؟ والأرجح ما ذهب إليه الجمهور لوجوه: منها: أن الاستثناءات والشروط عند جماعة من أهل الأصول تعود إلى أقرب المذكورات إليها وكذلك أصل النحاة أيضًا، ولأن العامل إذا اختلف لا يصح الجمع معه بين المنعوتات في نعت واحد وإن اتفق إعرابها، وهذا من ذلك لأن النساء المذكورات أولاً مخفوظات بالإِضافة والمذكورات آخرا مخفوظات بحرف الجر. وأما الملاعنة فيتأبد تحريمها عندنا على من لاعنها وخالف فيه غيرنا. وكذلك المتزوَّجَة في العدة مختلف في تأبيد تحريمها أيضًا. ¬

_ (¬11) في (د) "في تأبيده به". (¬12) (23) النساء.

وأما الذي لا يتأبَّد معه التحريم ويرتفع بِارْتِفَاعِه ويعود بعودته. فمنه ما يرجع إلى العدد كنكاح الخامسة. ومنه ما يرجع إلى الجمع كالجمع بين الأختين والجمع بين المرأة وعمتها. ومنه ما يرجع إلى غير ذلك كالمجوسية والمرتدة وذات الزوج وشبه ذلك. فأما من يحرم الجمع بينهن من النساء بالنكاح فيعقد على وجهين: أحدهما: أن يقال كل امرأتين بينهما نسب لو كانت إحداهما ذكرا حرمت عليه الأخرى فإنه لا يجمع بينهما، وإن شئت أسقطت ذكر بينهما. نسب وقلت بعد قوله: لو كانت إحداهما ذكرا حرمت عليه الأخرى من الطرفين جميعًا. وفائدة هذا الاحتراز بزيادة النسب أو من الطرفين جميعًا (مسألة نكاح المرأة وربيبتها فإن الجمع بينهما جائز ولو قدر أنّ امرأة الأب رجلٌ لحلت له الأخرى لأنها أجنبية ولأن التحريم لا يدور من الطرفين) (¬13). هذا حكم النكاح وتدخل فيه عمة الأب وخالته وشبه ذلك من الأباعد لأن العقد يشتمل على ذلك. وأما الجمع بملك اليمين بين من ذكرنا تحريم الجمع بينهما بالنكاح ففيه اختلاف؛ فقيل: لا يجمع بين الأختين بملك اليمين، وهو جل أقوال الناس (¬14) لقول الله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} (¬15) وقيل: ذلك بخلاف النكاح لقول الله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (¬16) فعمّ فصار سببُ الخلاف أيَّ العمومين أولى أن يقدم وأي الآيتين أولى أن تخص ¬

_ (¬13) ما بين القوسين ساقط من (د). (¬14) في (ج) "جلّ قول النَّاس". (¬15) (23) النساء. (¬16) (3) النساء.

بها الأخرى؟ والأصح تقديم آية النساء والتخصيص بها لأنها وردت في نفس المحرمات وتفصيلهن فكانت أولى من الآية التي وردت في مدح قوم حفظوا فروجهم إلا عما أبيح لهم، وأيضًا فإن آية ملك اليمين دخلها التخصيص بالاتفاق إذ لا يباح له بملك اليمين ذوات محارمه اللائي يصح ملكه لهن وما دخله التخصيص من العموم ضَعُفَ (¬17). قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تَسْألُ الْمَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا" الحديث (ص 1029). فيه النهي عن أن يسعى الإنسان في مضرّه غيره وإن أداه إلى منفعة نفسه لأن المرأة قد تكون كارهة لفراق زوجها. 571 - قال الشيخ -وفقه الله- خرّج مسلم في باب لاَ يَنْكِحُ المحرم: "نا يَحْيَى بن يحيى عن مالك عن نافع عن نُبَيْه بن وَهُبٍ أن عمر ابن عُبَيْد الله أراد أن يزوج طلحة بن عمر بنت شَيْبَة بن جُبَيْر" ثم ذكره (¬18) بعد ذلك من حديث: "حماد بن زيد عن أيوب عن نافع قال نا نُبَيْه بنُ وهب قال: بعثني عمر بن عبيد الله وكان يخطب بنت شَيْبَة ابن عثمان على ابنه" (ص 1030). هكذا جاء في حديث حماد عن أيوب شيبة بن عثمان. وقال بعضهم: وذكر أبو داود هذا الحديث وزعم أن مالكاً وهم فيه، والقول عندهم قول مالك عن نافع عن نبيه أن عمر بن عبيد الله أرسل إلى أبان بن عثمان: أني أردت أن أُنكِحَ طلحة بن عمر بنت شيبة بن جبير قال: ورواه حماد بن زيد عن أيوب فقال (¬19): ابنة شيبة بن عثمان. وكذلك قال محمد بن ¬

_ (¬17) في (د) "ضعيف". (¬18) في (د) "ثم ذكر" بدون هاء الضمير. (¬19) في (د) "قال".

راشد عن عثمان بن عمر (¬20) القرشي كما قال (¬21) أيوب. قال الدارقطني: الصواب ما قاله مالك وهي ابنة شيبة بن جبير بن شيبة بن عثمان الحجبي، كذلك نسبها إسماعيل بن أمية عن أيوب بن موسى عن نبيه، وكذلك قال يحيى بن أبي كثير عن نافع عن نبيه، وكذلك قال إسماعيل ابن عليه عن أيوب عن نافع عن نبيه، كما قال مالك. وكذلك قال عبد الحميد عن ابن جريج عن أيوب عن نافع. وكذلك قال شعيب بن أبي حمزة عن نافع عن نبيه، وكذلك قال سعيد بن أبي هلال عن نبيه بن وهب فقد أصاب مالك في قوله: بنت شيبة بن جبير، وتابعه هؤلاء الذين ذكرناهم، وإنما وهم من خالفهم والله أعلم. وذكر الزبير بن بكار قال: ابنته هذه تسمى أمه الحميد. 572 - قال الشيخ -وفقه الله- قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يَنْكِحُ المُحرِمُ وَلاَ يُنْكَحُ وَلاَ يَخْطُبُ" (¬22) (ص 1030). اختلف في نكاح المحرم: هل يجوز أم لا؟ فقيل: لا يجوز. وتعلق من لا يجيزه بهذا الحديث وشبهه. وقيل: يجوز، وتعلق من يجيزه بما روى: "أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - نكح ميمونة وهو محرم" فرجح من لا يجيز ذلك مذهبه بأن النهي الذي ورد من النبيء - صلى الله عليه وسلم - قول والذي ذكر من حديث ميمونة فعل، والقول مقدم على الفعل لأنه يتعدى والفعل قد يكون مقصورًا عليه - صلى الله عليه وسلم -، وقد خص في النكاح وفي غيره بخصائص، وقد روي أيضًا في حديث ميمونة من طريق آخر أنه تزوجها وهو حَلال. وهذا ما يقوي (¬23) تقدمه القول ها هنا بلا شك لأن القول أولى بأن يقدم من فعل مختلف فيه. ¬

_ (¬20) في (ج) "ابن عمرو". (¬21) في (ج) "وقال". (¬22) "ولا يخطب" ساقط من (ب). (¬23) في (د) "وهو ممَّا يقوي".

ويصح بناء الروايتين في الفعل فيقال: الرواية من روى أنه حلال هي الأصل وتحمل الرواية الأخرى على أن قوله "نكحها وهو محرم" أي حالٌّ في الحرم لا عاقد (¬24) الإِحرام على نفسه - صلى الله عليه وسلم - ومن حلّ بالحرم ينطلق عليه اسم محرم وإن كان حلالاً، فتبنى القولتان على هذا ويخرجان عن التكاذب. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَلاَ يُنْكَحُ " فمعناه: ولا يعقد على غيره. ووجهه أنه لما كان ممنوعًا إنكاح نفسه مدة الإِحرام كان معزولا تلك المدة عن أن يعقد لغيره، وشابه المرأة التي لا تعقد على نفسها ولا عَلَى غيرها. 573 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يَبعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضِ وَلاَ يَخْطُبْ (¬25) بَعْضُكُمْ عَلَى خِطْبِةِ بَعْضٍ" (ص 1032). وفي حديث آخر:"لاَ يبعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَلاَ تَنَاجَشُوا" (ص 1033). قال الشيخ: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يبع على بيع أخيه" معناه: لاَ يَسُمْ على سومه. وقد صرح بذلك في حديث آخر من هذا الكتاب. وعلته (¬26) ما يؤدي إليه من الضرر. وقد كره بعض أهل العلم بيع المزايدة في الحِلَق خوفًا من الوقوع في ذلك، وإن قلنا إنما منع من ذلك مع التراكن إلى البيع خرج بيع الحِلق من ذلك، وكذلك الخطبة على خطبة الغير محمله عند أهل العلم (¬27) على أن المنع إذا حصل التراكن بدليل حديث فاطمة بنت قيس لما أخبرت النبيء - صلى الله عليه وسلم - بأنها خطبها ثلاثة فلم ينكر دخول بعضهم على بعض في الخطبة، وقوله لها: "أما أبو جَهْم فَلاَ يَضَعُ عَصَاه عن عَاتِقِهِ". ومعناه: أنه كثير الأسفار، وقد يعبر عن ترك السفر وعن الإِقامة بالمكان واجتماع الأمر فيه بإلقاء العَصَا. ¬

_ (¬24) في (ج) "ولا عاقد". (¬25) في (ج) "لا يبع بعض ولا يخطب". (¬26) في (ج) "وعليه". (¬27) عند العلماء.

قال الشاعر: [الطويل] فَألْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّ بِهَا النَّوَى ... كَمَا قَرَّ عَيْنًا بِالإِيابِ المُسَافِرُ وذهب بعضهم إلى أن المعنى لا يرفع عصاه عن عَاتِقِهِ، يعني به الأدب ولم يرد به الضرب بالعصا، وعلى ذلك قول الشاعر: [السريع] تركتُ أهلَ الصّبا وشأنهُمُ ... فلم تَعُدْ لِي العصا ولم أَعُدِ معناه (¬28): لم ترفع عليَّ عصا اللوم والعذل لأني عدلت عن اللهو والصبا. وقيل: إن المراد به إنّه كثير الضرب، وفي هذا حجة على جواز الضرب اليسير للزوجة لأن ظاهره إنكار الإِكثار من الضرب. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يبعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ" فإن مالكا يمنع من ذلك. ومحمله عنده على أهل العمود ممن لا يعرف الأسعار. وأمَّا من يَقْرُب من المدينة ويعرف السعر فلا يدخل في ذلك. فإن قيل: كيف يقال هذا وهل تجوز مضرة شخص في ماله لمنفعة شخص آخر؟ قيل: إنما نظر في هذا - صلى الله عليه وسلم - للأكثر على الأقل ورأى مضرة أهل البوادي في ذلك أخف لأن ما يبيعونه إنما هو غلة عندهم ولا أثمان لها عليهم وأهل الحواضر يخرجون في ذلك أثمانا تشق عليهم وإنما يباح الضرر على هذه الصفة لا مضرة مطلقة. واختلف عندنا في الشراء للبادي هل يمنع كما يمنع البيع له؟ فقيل: هو بخلاف البيع لأنه إذا صار الثمن في يديه شابه أهل الحضر فيما يشترونه فيجوز أن يشتري له الحاضر فإن وقع البيع أو النكاح على الصفات المتقدمة التي ذكر النهي عنها ففي فسخه خلاف. ¬

_ (¬28) في (د) "يعني".

وأما قوله: "وَلاَ تَنَاجَشُوا". فصفة النجش عند الفقهاء: أن يزيد في السلعة ليغتر به غيره لا ليشتريها، فإن وقع ذلك وعلم أنْ الناجش من قبل البائع كان المشتري، بالخيار بين أن يمضي البيع أو يرده. وحكى القرويون (¬29) عن مالك أن بيع النجش مفسوخ واعتلَّ بأنه مَنْهِيُّ عنه. وهكذا اعتلّ ابن الجهم لما رد على الشافعي فقال: الناجش عاص فكيف يكون من عصى الله يتم بيعه ولو صح هذا بعد (¬30) العقد في الإِجرام والعِدةِ. قال أبو بكر: أصل النجش مدح الشيء وإطراؤه. فمعناه لا يمدح أحدكم السلعة ويزيد في ثمنها وهو لا يريد شراءها ليسمعه غيره فيزيد. وقال غيره: النجش تنفير النَّاس عن الشيء إلى غيره. والأصل فيه تنفير الوحش من مكان إلى مكان. 574 - قوله: "نَهَى - صلى الله عليه وسلم - عن الشِّغَارِ" (ص 1034). قال الشيخ: أصل الشغار في اللغة الرفع، يقال: شَغَر الكلب، وإذا رفع رجله ليبول. وزعم بعضهم: أنه إِنما يقع ذلك من الكلب عند بلوغه الإِنزال والإِيلاد، فإن صح هذا كان التشبيه واقعاً متمكنا. وقال الهروي: قال بعضهم: والشَّغْر أيضًا البعد. ومنه قولهم: بلد شاغر، إذا كان بعيدًا من النَّاصر (¬31) والسلطان وهو (¬32) قول الفراء. وقال أبو زيد: ويقال: اشتغر الأمر به، أي اتسع وعظم، قال غيره: ويقال: بلدة شاغرة، أي مفتتنة لا تمتنع من غارةٍ. ¬

_ (¬29) في (ب) "القَزويني"، وفي (ج) كذلك. (¬30) في (ج) "نفَد". (¬31) في (ب) "من الناس". (¬32) في (ب) "وهذا".

قال الشيخ -رحمه الله -: علَّل بعض العلماء النهي عن نكاح الشغار بأنه يصير المعقود به معقودًا عليه لأن الفرجين كل واحد منهما معقود به ومعقود عليه. على هذه الطريقة يكون فساده يرجع إلى عقده ويفسخ على هذا بعد الدخول وقبله. وزَعَم بعضهم أن ذلك راجع لفساد الصداق ولأنه كمن تزوج بغير صداق وعلى هَذا يمضي بالدخول (على إحدى الطريقتين عندنا في هذا الأصل. وقد روى علي بن زياد في كتاب خيرٌ من زنته عن مالك أنه يفوت بالدخول) (¬33). وحاول بعض شيوخنا أن يُخَرِّج من مذهبنا فيه قولاً ثالثا، وهو أنه يفوت بالعقد بناءً على أحد الأقوال عندنا فيما صداقه فاسد أنه يفوت بالعقد وأن الفسخ فيه قبل الدخول استحسان واحتياط. 575 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أحَقَّ الشُّروُطِ أنْ يُوَفَّى به مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ" (ص 1035). قال الشيخ -رحمه الله-: اختلف الناس: فيمن تزوج امرأة بشرط أن لا يخرجها من بلدها وما أشبه ذلك من الشروط، فقال بعض العلماء: إن ذلك يلزم للحديث المتقدم فإن علق هذا الشرط بطلاق أو عتاق لزم ذلك عند مالك، ولا يلزم عنده (¬34) إذا لم يعلق ذلك بطلاق أو عتاق بل أوقعه شرطًا مجردًا لقوله - صلى الله عليه وسلم - كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطلٌ. 576 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الأَيِّمُ أحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا وَإذْنُهَا صُماتُها". وفي طريق آخر: "الثَّيِّب أحَقُّ مِنْ وَلِيِّهَا بنَفْسِهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَإذْنُهَا سُكُوتُهَا". وفي بَعْضِ طُرُقِهِ: "وَالْبِكْرُ يَسْتَأذِنُهَا أبُوهَا فِي نَفْسِهَا وَإذْنُهَا صُمَاتُهَا" (ص 1037) ¬

_ (¬33) ما بين القوسين ساقط عن (ب). (¬34) في (د) "ولا يلزم عند غيره".

قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في افتقار النكاح إلى وليّ، فأوجبه مالك على الإِطلاق، وأوجبه داود في البكر خاصة، وأسْقَطه أبو حنيفة في الثيبات وفي الأبكار البوالغ الجائزات الأُمور، واعتبر أبو ثور إذْنَ الوليّ خاصة؛ فَلِمَالك قوله تعالى: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ} (¬35) فخاطب الأولياء، ولو لم يكن لهم في ذلك حق لما خاطبهم بذلك. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ نِكَاحَ إلاَّ بِوَلِيٍّ". وقد قال بعض أهل العلم: إن لفظ النفي للذات الواقعة إذا ورد في الشرع فإنه وإن حمل على نفي الكمال أو تردد بينه وبين الجواز على ما سبق القول فيه قبل هذا فإن ذلك إنما يكون في العبادات التي لها موقعان موقع إجزاء وموقع كمال؛ وأما النكاح والمعاملات فليس لها إلا موقع واحد، وهو نفي الصحة. وأمَّا داود فله قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الثيّب أحقّ بنفسها" الحديث المتقدم. ففرق فيه بين البكر والثيب فلو كانا يستويان في افتقارهما إلى الولاية لم يكن للتفرقة معنى. وقد نص في الثيب "أنها أحق بنفسها من وليها" وفي البكر أنها تُستأمر. وهذا نص ما ذهب إليه من التفرقة. وأجاب أصحابنا عن ذلك بأن المراد أنها أحق بنفسها في تعيين الأزواج لا في تولي العَقد كما قال داود: إنها أحق بهما جميعًا. قال أصحابنا: والدليل لما قلناه أن لفظة "أحق" من أبْنية المبالغة، وذلك يُشعر أن للولي حقا ما معها، وليس إلا ما قلناه من تولي العقد. وأما أبو حنيفة فله القياس على البياعات فإنها تنعقد وإن باشرتها المرأة بنفسها. وكذلك إجارتها لنفسها وإذا ثبت أن بيعها وإجارتها لا يفتقران إلى ولاية والنكاح (¬36) لا يخلو أن يكون بيعًا أو إجارة وأيَّ ذلك كان ¬

_ (¬35) (221) البقرة. (¬36) في (ب) "فالنكاح".

وجب أن لا يفتقر لولاية قياسًا على ما قلناه. وتُحمل الظواهر الواردة بإثبات الولاية على الأمة والبكر الصغيرة، ويخص عمومها بهذا القياس وتخصيص العموم بالقياس مختلف فيه عند أهل الأصول. وأما أبو ثور (¬37) فله قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّمَا امْرَأةٍ نُكِحَت بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنكاحها باطل فإن اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَان وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ". ودليل هذا الخطاب أنها إذا نُكحت بإذن وليها فنكاحها صحيح، وأيضًا فإن الولي إنما أثبت لما يلحقه من المعرة بأن تضع نفسها في غير كُفُؤٍ (¬38) فإذا أذن سقط حقه في ذلك فلا معنى لتولية العقد. والولّي إذا تولّى العقد تولاه على قسمين: أحدهما يفتقر إلى إذن المنكَحة، والثاني لا يفتقر إلى ذلك. فأما الذي يفتقر إلى ذلك فالعقد على سائر الثَّيبات إلاَّ ذاتَ الأب إذا تثيبت قبل البلوغ ففي افتقار عقد أبيها إلى استئذانها ثلاثة أقوال: عندنا إثباته على الإطلاق، وإسقاطه على الإِطلاق، وإثباته ما لم تبلغ فإذا بلغت سقط. وأما التي تثيبتْ بعد البلوغ فلا أعلم خلافًا بين الأمة أنها لا تجبر إلا شيئاً ذكر عن الحسن أن الأب يُجبرهَا على الإطلاق. ولعله أراد التي تثيبت قبل البلوغ. وأما الذي لا يفتقر (¬39) إلى إذن فالسيد في أمته، والأب في ابنته البكر قبل أن تبلغ عند سائر العلماء إلا من شذَّ منهم. ورأيت بعض العلماء حكى ¬

_ (¬37) في (ب) "أبو يوسف". (¬38) هكذا جاء في كل الأصول "كفُؤ" بضم الفاء وهو المماثل كالكفء، وكذا فيما يأتي. (¬39) في (أ) "تقر".

الاتفاق في ذلك. والرَّدُّ على هؤلاء الشواذ إن (¬40) لم يثبت الاتفاق قبلهم قول الله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} إلى قوله: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ....} (¬41) فأثبت من لم يحض من نسائنا فدل على صحة العقد عليها قبل البلوغ إذ غير البالغ لا يصح منها أن تعقد. وهذا الجَبْر (¬42) يختص بالآباء وأما غيرهم من الأولياء فلا يملكون جبر هذه البكر وإن كانت يتيمة على المشهور من المذهب عندنا وعندنا قول شاذ أن لغير الأب من الأولياء جبر البكر اليتيمة قياسًا على الأب، وأما إذا بلغت البكر فَجَبْرُ الأب إياها ثابت عندنا. وعند الشافعي استصحاباً لما اتفق عليه من ذلك أو لما ثبت بالدليل قبل البلوغ. وقال أبو حنيفة: لا يجبرها الأب إذا بلغت لما وقع ها هنا في كتاب مسلم من قوله: "يستأمرها أبوها". ويحمل هذا عندنا على النَّدْب، وقد قال أبو داود: أوها ليس بمحفوظ في هذا الحديث، ولأن قوله: "الثيّب أحق بنفسها" دليله أن البكر لا تكون أحقَّ بنفسها، وقد جعل البكر البالغ أحق بنفسها كالثيب، وهذا ينافي دليل الخطاب الذي قلناه. فأمَّا إذا عنست البكر في بيت أبيها، فالمذهب عندنا على قولين في جبره إياها على النكاح؛ فمن رأي أن العلة في الجبر مجردُ البكارة أثبته ها هنا لوجودها، ومن رأى أن العلة جهل البكر الصغيرة بالأُمور نفاه ها هنا لمعرفة هذه بالأمور لكبر سنها. وإذا كانت الثيوبة مِن زنا فالمذهب أيضًا عندنا على قولين في تأثيرها في رفع الجبر؛ فمن رأى أن الثُّيُوبة بمجردها علةٌ في إسقاط الجبر أسقطه ¬

_ (¬40) في (أ) "إذا". (¬41) (4) الطَّلاق. (¬42) في (أ) "الخبر".

ها هنا، ومن رأى أنها إنما تكون علة إذا انضاف إليها وصف آخر وهو أن تكون بنكاح أو شبهة نكاح (¬43) لم يُسقط الجبر ها هنا. والولاية على قسمين: عامة وخاصة؛ فالعامَّة ولاية الإسلام، والخاصة ولاية النسب أو ما حل محله كالوصي أو ما يُشَبَّهُ به كالمولَى الأعلى أو ما أقامه الشرع نائباً عنه كالسلطان، فولاية النسب أولى بالتقدمة من هذه الولايات المذكورات (¬44) إلا أن يكون وصي من قبل الأب ففي تقدمته في البكر على أولياء النسب خلاف عندنا. وإنما دخل الولي لينفي عن نفسه المَعَرَّة أن تضع نفسها في غير كُفُؤٍ والمشهور عندنا أن الكفاءة معتبرة بالدين دون النسب، وفي اعتبار اليسار من الزوج في المؤسرة، واعتبار الحرية الأصلية في متزوج العربية اضطراب في المذهب. وحديث فاطمة بنت قيس في تزويجها أسامة، وضاعة في تزويجها المقداد بن الأسود رد (¬45) على ما يقول: إن النكاح يفسخ. وقد حكى أبو حامد عن ابن الماجشون من أصحابنا أنها إذا تزوجت غير كفؤٍ فسخ النكاح وإن رَضُوا أجمعون. ولعله يريد إذا تزوجت فاسد الدين ممن يغلب على الظن أنه يُفسد دينها فيصير ذلك حقاً لله سبحانه فيفسخ حينئذ. ولو تزوجت بغير وليّ والزوجان يعتقدان إباحة ذلك أو يجهلان الحكم فيه لم يكن في ذلك حد، ولو كانا يعتقدان تحريم ذلك لم يكن في ذلك حد أيضاً إلا عند الصيرفي من أصحاب الشافعي فإنه رأى فيه الحد. وطرد قوله: أن لا يكون فيه صداق ولا يلحق فيه نسب. وحجته قوله: ¬

_ (¬43) في (ب) "أن يكون نكاح، أو شبهة نكاح". (¬44) في (ب) و (ج) و (د) "المذكورة". (¬45) "رد" ساقط من (أ).

"الزانية التي تنكح نفسها". ويحتج بأن النبيذ يحدّ شاربه ولا يرفع فيه الحدَّ وجودُ الخلاف فيه. ومحمل قوله: "الزانية التي تنكح نفسها" على المبالغة عندنا في التشبيه وشدة الزجر لقوله في حديث آخر: "فيمن تزوجت بغير إذن وليها: فإن أصابها فلها مهرها"، وأما النبيذ فإنما (¬46) لم يعتبر الخلاف فِيه لأن شاربه يحد وإن اعتقد تحليله، ولو اعتقد هذا تحليل النكاح بغير وليّ ما حُدَّ، وقد قال بعض الناس: إنما حدّ شارب النبيذ وإن اعتقد تحليله لأنها من مسائل الأصول التي لا يسوغ فيها طرق الاجتهاد المختلفة. وهذا عندي فيه نظر وإثباتها من مسائل الأصول قد يعسر. وقال أبو حامد: النكاح بغير وليّ له أصلان: أحدهما الزنا، والآخر النكاح الصحيح. والنكاح بغير وليّ وقع جنسه صحيحًا وإنما فسد للإِخلال ببعض شروطه، والنبيذ ليس له أصل محلَّلٌ يرد إليه ولا أصله الإِباحة فحرم للإِخلال ببعض شروطه فلهذا افترقا في الحد عندهم. 577 - ذكر مسلم قول عائشة رضي الله عنها: "تَزَوَّجَنِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِنْتَ سِتٍّ وبَنَى بِي بِنْتَ تِسْعٍ" (1039). قال الشيخ -وفقه الله-: رأيت لابن حنبل أنه جعل التسع السنين (¬47) حدّا للسنّ الذي تزوِّجُ فيه الأولياء البكر اليتيمة إذا رضيت لأجل حديث عائشة رضي الله عنها هذا. وهذا لا معنى له إلاّ أن يريد أنه السن الذي تَمَيَّزُ فيه ويُعتد برضاها، أو يكون أراد أن هذا السنن قد تحيض فيه بعض الجواري. 578 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الأَيِّمُ أحَقُّ بِنَفْسِهَا" (ص 1037). الأيّم ها هنا هي الثيب خاصة، والأيم في غير هذا: التي مات زوجها ¬

_ (¬46) في (ج) "فإنَّهُ". (¬47) في (ب) و (ج) و (د) "التسع سنين".

أو طلقها. ومنه قوله سبحانه وتعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} (¬48) والبكر التي لا زوج لها أيّم أيضًا. وكذلك الرجل الذي لا امرأة له، ويقال: تأيّمت المرأة إذا أقامت على الأُيُوم (¬49) لا تتزوج. وأنشد ثعلب: [الطويل] وَقُولاَ لَهَا يَا حَبَّذَا أنْتِ هَلْ بَدَا ... لَهَا أوْ أرَادَتْ بَعْدَنَا أنْ تأيَّمَا قال أبو عبيد: يقال رجل أيّم وامرأة أيّم. وإنما قيل للمرأة أيّم لأن أكثر ما يكون ذلك في النساء فهو كالمستعار للرجَال، يقال: أيّم بَيّن الأيْمَةِ. ويقال: الغزو مَأيَمَة (¬50)، أي يقتل الرجال فيصير نساؤهم أيَامى. وقد آمت المرأة (¬51) تئيم، وإمْتُ أنا. قال الشاعر: [الطويل] لَقَدْ إمْتُ حَتَّى لاَمَنِي كُلُّ صَاحِبٍ ... رَجَاءً لِسَلْمَى أنْ تَؤُم كَمَا إمْتُ وفي الحديث: "كان يتعوذ من الأيْمة والعَيْمَة والغَيْمَة" فالأيمة أن تطول العزبة (¬52). والعَيْمَة شدة الشوق إلى اللَّبن، يقال: ما له آمَ وَعَامَ، أيْ فَارقَ امْرَأتَهُ وَذَهَبَ لَبَنُه. والغَيْمَةُ شِدَّةُ العَطَشِ. 579 - قوله - صلى الله عليه وسلم - لِلْمُتَزَوِّجِ: انْظُرْ إلَيْهَا فَإِنَّ فِي أعْيُنِ الأَنْصَارِ شَيْئًا" (ص 1040). قال الشيخ -وفقه الله-: مَحْمَل هذا عندنا على أنه إنما ينظر عند ¬

_ (¬48) (32) النور. (¬49) "موضع الأُيوم" بياض في (ب) وفي (ج) "الأُموم". (¬50) في (ب) "مأيتم". (¬51) في (أ) و (ب) و (د) "المرأة" ساقطة. (¬52) في (ج) "الغربة".

التزويج إلى ما ليس بعورة منها كالوجه واليدين لأن ذلك ليس بمحرَّم على غيره إلا إذا كانت شابة فيمنع (¬53) الغير من ذلك خوف الفتنة لا لأجل العورة. وكَرِه لَهُ مالك أن يستغفلها. ومعناه: أن ينظر إليها على (¬54) غفلة وغزة من حيث لا تشعر مخافة أن يطلع على عورتها. 580 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كَأنَّمَا يَنْحِتُونَ الفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الجَبَلِ" (ص 1040). عُرْضُ الجَبَل والحائط وغيرهما: ما واجهك منه، وعُرْض الشيء أيضًا ناحيته. 581 - قوله: "في التي جاءت لِتَهَبَ نَفْسَهَا لِلنَّبِيءِ - صلى الله عليه وسلم - فقال رجل: يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها. فقال له النبيء - صلى الله عليه وسلم - هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ انْظُرْ وَلَوْ خَاتِمًا مِنْ حَدِيدٍ. ثُمَّ قَالَ: مَلَّكْتُكَهَا (¬55) بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ". وَفِي بَعْضِ طُرُقه: "قَدْ زَوَّجْتُكَ فَعَلَّمْهَا مِنَ القُرْآنِ" (ص 1040 و1041). قال الشيخ -وفقه الله-: قوله: "مَلَّكْتُكَهَا بما معك من القرآن" هذه باء التعويض (¬56) كما يقال: بعتك ثوبي بدينار، ولم يرد أنه ملكه إياها بحفظه القرآن (¬57) إكراما للقرآن لأنها تصير في معنى الموهوبة، وذلك لا يجوز إلا للنبيء - صلى الله عليه وسلم -. وقال بعض الأيمة: إن فيه دلالة على أن الهبة لا تدخل في ملك الموهوب إلا بالقبول لأن الموهوبة كانت جائزة ¬

_ (¬53) في (أ) "فيمتنع". (¬54) في (أ) "على" ساقطة. (¬55) في (ج) "قد مَلَّكْتُكَهَا". (¬56) في (ج) "باء التبعيض". (¬57) في (ج) "بحفظ القرآن".

للنبيء - صلى الله عليه وسلم -، وقد وهبت له نفسها فلم تصِر زوجة بذلك، قاله الشافعي. وقال الرازي: فيه دلالة أيضًا على أن من خطب إلى رجل فقال: زوجني. فقال الآخر: زوجتك، أن النكاح لازم وإن لم يقل له قد قبلت، بخلاف البيع. قال الشيخ: لأن لفظ الحديث: "إن لم يكن لك بها حاجة فَزَوِّجنِيهَا". وقال في آخره: "قد ملَّكْتُكَهَا بما معك من القرآن" ولم يقل: إنه قال: قبلت (¬58). وفي الحديث أيضًا دلالة على انعقاد النكاح بغير لفظ النكاح والتزويج خلافًا للشافعي والمغيرة لأنه قد ذكر ها هنا "ملكتكها" (¬59). وفي البخاري: "قد ملكتها". وفي بعض طرقه: "قد أمكَنَّاكَها". وعند أبي داود: "ما تحفظ من القرآن؟ قال: سورة البقرة والتي تليها. قال: قم فعلمها عشرين آية، وهي امرأتك". وفيه أيضًا دلالة على جواز النكاح بإجارة. وعندنا في النكاح بالإِجارة قولان: الجواز والكراهة (¬60). ومنعه أبو حنيفة في الحر وأجازه في العبد إلا أن تكون الإِجارة تعليم القرآن. وهذا الذي استثناه بالمنع هو الذي وقع في هذا الحديث إجازته ولكنه طرد أصله في أن القرآن لا يؤخذ عليه أجر. ولم يذكر ها هنا في الحديث اشتراط معرفة الزوج لفهم المرأة وسرعة قبولها لما تتعلمه. وهذا محمله على أن أفهام النساء متقاربة مَبْلَغُها معروف أو في حكم المعروف. ¬

_ (¬58) في (ب) "ولم يقل إني قبلت". (¬59) في هامش (أ) "صح مُلَّكْتَهَا". (¬60) في (ب) "قولان الجواز والكراهة والمنع".

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيد" (¬61). تعلق به من أجاز النكاح بأقل من ربع دينار لأنه خرج مخرج التقليل، ومالك منعه بأقل من ربع دينار قياسًا على القطع في السرقة. 582 - قول عَبْد الرَّحْمن بن عَوفٍ: "تزوّجت على وَزْن نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فقال - صلى الله عليه وسلم -: أوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ" (ص 1043). النواة: خمسة دراهم. والأوقية: أربعون درهما. والنش: عشرون درهما. قال الشيخ: الوليمة عندنا ليست بواجبة خلافًا لداود وأحد قولي الشافعي في إيجابها أخذا بهذا وحَمَلَهُ على الوجوب. 583 - وقوله: "مَنْ لَمْ يُجِبِ الدّعوَة فقد عَصَى الله" (ص 1055). لأنه أطلق ذلك عليه في ترك الإِجابة وهي لو كانت واجبة ما دل ذلك على وجوب الوليمة، كما قيل: إن الابتداء بالسلام ليس بواجب والرد واجب، فكذلك غير بعيد أن تكون الدعوة ليست بواجبة والإِجابة واجبةٌ. وقد قال بعض البغداديين من أصحابنا لا يمتنع أن يطلق على من أخلّ بالمندوب تسميةُ عاص لأن المعصية مخالفةُ الأمر والمندوب مأمور به. 584 - قوله: "وَعَليَّ بَشَاشَةُ العُرْسِ" (ص 1043). البشاشة: السرور والفرح، يقال: تبشبش فلان بفلان إذا أنَّسه (¬62). وأصله من البشاشة والبش فرح الصديق بالصديق. قال الليث: بَشِشْت بالرجل، إذا أقْبلت عليه وتلطفت له في المسألة. ¬

_ (¬61) في أصل مسلم "انظر ولو خاتِمٌ من حديد". (¬62) في (ج) "وأنسه".

585 - قوله: "محمد والخميس" (ص 1043). قال الأزهري (¬63): الخميس: الجيش، سمي خميسًا لأنه مقسوم على خمسة: المقدمة، والساقة، والميمنة، والميسرة، والقلب، وقال: غيره سُمِّي الجيش خميسًا لأنهم يخمسون الغنائم. ذكر في الحديث: "أن دحية قال للنبيء - صلى الله عليه وسلم -: أعطني جارية من السبي فقال: اذهب فخذ جارية فأخذ صَفِيةَ". وقال فيه: "إن رجلاً قال له - صلى الله عليه وسلم -: أعطيت دحية صفية ولا تصلح إلا لك. وإنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ادعوه بها، فلما جاء بها قال عليه السلام: خذ جارية من السبي غيرها". وفي بعض طرقه: "أعتَقَ صفية وجعل عتقها صداقها". قال الشيخ -وفقه الله-: يحتمل عندي مَا جرى له مع دحية وجهين: أحدهما: أن يكون ذلك برضا دحية وطيب نفسه، فيكون معاوضة جارية بجَارِية. فإن قيل: الواهب منهي عن شراء هبته فكيف عاوضه ها هنا عما وهبه؟ قلنا: لم يهبه - صلى الله عليه وسلم - من مال نفسه فينهى عن الارتجاع وإنما أعطاه من مال الله على جهة النظر كما يعطى الإِمام النفل لأحد أهل الجيش نظرا فيكون ذلك خارجًا عن ارتجاع الهبة وشرائها. والتأويل الثاني له: أن يكون إنما قصد - صلى الله عليه وسلم - إعطاء جارية من حشو السبي ووخشه. فلما اطلع على أنَّ هذه (¬64) من خياره وأن ليس من المصلحة إعطاء مثلها لمثله وقد يؤدي ذلك إلى المفسدة استرجعها لأنّها خلاف ما أعطى. ¬

_ (¬63) "قال الأزْهري" مضافة في (أ) بالهامش. (¬64) في (أ) "هذا".

لكن في بعض طرق هذا الحديث قال: "وقعَتْ في سهم دحية جارية جميلة فاشتراها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبعة أرؤس ثم دفعها إلى أم سُلَيْم تصنعها وتُهيئُهَا وهي صفية بنت حُيَيّ". ففي هذه الرواية أنها أخذها في قسمة ولم يذكر الهبة وفيها أنه اشتراها منه، فعلى هذا يُستغنى عن الاعتذار عن ارتجاع الهبة. وأما قوله: "وجعل عتقها صداقها" فإن الناس اختلفوا في هذا، فمنهم من أجاز ذلك لظاهر هذا الحديث. ومالك وغيره من الفقهاء يمنع ذلك وقال الشافعي: هي بالخيار إذا أعتقها فإن امتنعت من تزويجه فله عليها قيمتها. فأما (¬65) مالك وغيره ممن وافقه فيحمل هذا على أنه من خصائص النبيء - صلى الله عليه وسلم - لأنه خص بالموهوبة. وأجيز له النكاح بغير مهر فلا يقاس غيره عليه فيما خص - صلى الله عليه وسلم - به، والاعتبار عند بعض أصحابنا يمنع ذلك (¬66) أيضًا لأنه إن قدّر أنها عقدت على نفسها النكاح قبل عتقها فذلك لا يصح إذ لا ملك لها في نفسها حينئذ. ولا يصح أيضًا عقد الإنسان نكاحه من أمته، وإن قدّر أنها عقدت بعد عتقها فلم يقع منها بعد ذلك رضى تطالب به، وإن كان يقدر قبل عتقها بشرط أن تعتق فقد عقدت الشيء قبل وجوبة والتزامها في هذا وجوب الشيء عليها قبل أن يجب لها لا يلزمها على الطريقة المعروفة عندنا. وأما حجة الشافعي فإنه يقول: إنه عِتْق بعوض، فإذا بطل العوض في الشرع رجع في سلعته، أو في قيمتها إن لم يمكن (¬67) الرجوع فيها. ¬

_ (¬65) في (ج) "وَأمَّا". (¬66) في (ج) و (د) "من ذلك". (¬67) في (أ) و (د) "إن لم يكن".

وهذه لا يمكن الرجوع فيها وإن تزوجته بالقيمة الواجبة له عليها صح ذلك عنده. 586 - قوله: "مُرُورِهِمْ" (ص 1045). يعني حبالَهم. 587 - وقوله: "فَحَاسُوا حَيْسًا" (ص 1044). قال ابن دُرَيْد: الحيس: تمر وأقِط وسمن. قال الشيخ: وقد تقدم ذكره وقد بينه في الحديث بقوله: "إن الرجل كان يجيء بالأقط ويجيء الرجل بالتمر ويجيء الرجل بالسَّمْن فحاسوا حيسا". 588 - وقوله: "فُحِيصَتِ الأرضُ أفَاحِيص وَجيء بالأنْطَاعِ" (ص 1045). يُقَالُ: فحصت عَن الشيء، إذا كشفت عنه، وفحصت التراب قلبته (¬68) وفحص الطائر مّفْحَصًا لبيضه سَوَّاه. والأفاحيص واحدها أفحوص. والأنطاع واحدها نِطع وفيه أربع لغات: نِطْعٌ ونِطَع ونَطْعٌ ونطَعٌ (¬69). وقوله: "فَعَثَرَتِ الناقة العَضْبَاء" (ص 1045). العضباء اسم لها لا صفة. قال أبو عُبيد: أما ناقة النبيء - صلى الله عليه وسلم - فإنها كانت تسمى العضباء وليس لِشيءٍ كان بأنها. قال الشيخ: وقد تقدم ذكر ذلك (¬70). ¬

_ (¬68) في (ب) "فليته". (¬69) و"نطع" الأخيره ساقطة من (ب). (¬70) في (ج) "وتقدم ذكره".

وقوله: "زُهَاءَ ثِلاَثَمِائَة" (ص 1051). أي مقدار ثلاثمائة. وزهاء ونهاء ولُهاء بمعنى واحد. 589 - وقوله: "فإن كان صائما فَلْيُصَلِّ" (ص 1054). أي فَلْيَدْعُ لِأرْبَابِ الطعام بالمغفرة والبركة. 590 - قوله - صلى الله عليه وسلم - للمرأة التي بَتّ زَوْجُهَا طَلاَقَها: لاَ تَرجِعِي إلى رِفَاعَةَ حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتذُوقِي عُسَيْلَتَهُ" (¬71) (ص 1055). قال أحمد بن يحيى: هذا كناية عن حلاوة الجماع، قال أبو بكر: شبه لذة الجماع بالعسل وأنّثَ لأن العسل يذكر ويؤنث فمن أنَّثَهُ قال في تصغيره: عُسَيْلَة، ويقال: إنّما أنَّثَ على معنى النطفة. ويقال: إنّما أنث لأنه أراد قطعة من العسل كما قالوا: ذو الثُّدَيَّةِ فَأنَّثوا على معنى قطعة من الثَّدْي. قال الشيخ -وفقه الله-: جمهور العلماء على أن المطلقة ثلاثاً لا تحلّ بمجرد العقد حتى يدخل بها ويطأها. وانفرد ابن المسيب ولم يشترط الوَطْء (¬72) وحمل قول الله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (¬73) على العَقْد دون الوطء كما حُمِل قوله سبحانه: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (¬74) على العقد. وهذا الحديث حجة عليه لأنَّا إن سلمنا أنّ ¬

_ (¬71) جاء في (ج) قبل الفقرة (590) "باب الطلاق وفيه". والصواب حذفه لأنه سيأتي كتاب الطلاق بعد الرضاع. (¬72) في (أ) و (ج) و (د) "الوطىء"، وكذلك كلما ورد. (¬73) (230) البقرة. (¬74) (22) النساء.

النكاح ينطلق على العقد حقيقة حتى يَصحّ (¬75) دخوله في ظاهر الآية كان هذا الحديث مخصصا لها مبينًا للمراد بها فيُرجَع إليه. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ". تنبيه على وجود اللذة، وكنّى (¬76) عنها بالعسل. ولعل توحيده ها هنا بقوله "عسيلة" إشارة إلى الفعلة الواحدة والوقاع الواحد لئلا يظن أنها لا تحلّ إلا بوطء متكرر. وقد قال بعض أهل العلم: إنه لو وطئها وهي نائمة لم تحلَّ بهذا الوطء لأنها لم تذق العسيلة. وقد شرط في الحديث ذوق الزوجين جميعًا لذلك. واختلف عندنا هل تحل بالوطء الفاسد في عقد نكاح صحيح؟ فقيل: تحل لأنه يسمى نكاحًا ولوجود اللَّذَّة به المُنَبَّه عليها في الحديث، وقيل: لا تحل لأن محمل ظواهر الشرع وألفاظه على ما يصح في الشرع دون ما لا يصح. 591 - ذكر: "تأويل قَوْلِ الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (¬77) وَأنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله قَالَ: كَانَتِ اليَهُودُ تَقُولُ: إذَا أتَى الرَّجُلُ الْمَرْأة مِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا كَانَ الْوَلَدُ أحْوَلَ فَنَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} وفي بعض طرقه: "إنْ شَاءَ مُجَبِّيَةً (¬78) وإن شَاءَ غَيْرَ مُجَبِّيَةٍ غَيْرَ أنَّ ذَلِكَ فِي صِمَامٍ وَاحِدٍ" (¬79) (ص 1058 و1059). ¬

_ (¬75) في (ب) و (ج) و (د) "حتى يصلح". (¬76) في (أ) و (ج) و (د) "وكنَّا". (¬77) (223) البقرة. وفي (أ) قوله {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ساقطٌ. (¬78) الواو من قوله "وإن شاء غير مجبية" غير ظاهرة من أجل إصلاح الكتاب. (¬79) في (د) "في ضمام واحد".

قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في وطء النساء في أدبارهن هل ذلك حرام أم لا؟ وقد تعلق من قال بالتحليل بظاهر هذه الآية، وانفصل عنها من يحرّم بأن المراد بها ما نَزَلَتْ عليه من السبب والرد على اليهود فيما قالت، والعموم إذا خرج على سبب قصر عليه عند بعض أهل الأصول، ومن قال بتعديه وحمله على مقتضى اللفظ من التعميم كانت الآية حجة له في نفي التَّحريم، لكن وردت أحاديث كثيرة بالمنع منه فيكون ذلك تخصيصًا لعموم الآية بأخبار الآحاد، وفي ذلك خلاف بين الأُصوليين. وقال بعض الناس منتصرًا للتحريم: أجمعت الأُمة على تحريم المرأة قبل عقد النكاح، واختلفت بعد العقد هل حلّ هذا العضو أم لا؟ فيستصحب الإِجماع على التحريم حتى ينقل عنه ناقل. وعكسه الآخرون وزعموا أن النكاح في الشرع يبيح المنكوحة على الإِطلاق، فنحن مستصحبون لهذا حتى يأتي دليل يدل على استثناء بعض الأعضاءِ. قوله: "مجبية" يعني على وجهها. قال أبو عبيد في حديث عبد الله (¬80) وذكر القيامة فقال (¬81): "ويَجبُّون تَجْبِيَةَ رجل واحد قياما لرب العالمين" التجبية تكون في حالين: أحدهما: أن يضع يده على ركبتيه (¬82) وهو قائم، والوجه الآخر أن ينكَبَّ على وجهه باركًا قال: وهذا الوجه هو المعروف عند الناس وقد حمله بعضهم على أنهم يَخِرُّون سجودًا، فجعل السجود هو التجبية. وقوله: "في صِمَام واحد" يعني في جحر وَاحِدِ. ¬

_ (¬80) "عبد الله" ممحوة من (أ). (¬81) في (ب) "فقال" محذوفة. (¬82) في (أ) "ركبته".

592 - قوله: "أردنا أن نستمتع ونَعْزل ثمَّ سَألْنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك" (ص 1061). قال الشيخ: إنَّمَا سألوه عن ذلك لأنه قد يكون وقع في نفوسهم أن ذلك من جنس الموءودة. وفي كتاب مسلم بعد هذا: "أنّه -عليه السَّلاَم سُئِلَ عن العَزْل فقال - صلى الله عليه وسلم -: ("ذلك الوَأدُ الخَفِيُّ") (ص 1067)، ولأنَّه كالفِرَار مِنَ القدر وقد كرهه ابن عمر فأخبرهم - صلى الله عليه وسلم -) (¬83) أن ذلك جائز وأن المُقَدَّر خلقه لا بد أن يكون، فالعزل عن الحرة لا يجوز إلا برضاها لحقها في الولد، والعَزْلُ عن الأمة بملك اليمين جائز من غير رضاها إذ لا حَقَّ لَهَا في وطء ولا استيلادٍ. 593 - قول الحسن: "وَالله لَكَأنَّ هَذَا زَجْر" (ص 1063). أي نهي. ومعنى العَزْل أن يعزل الرجل المَاء عن رحم المرأة إذا جامعها حذرَ الحمل. 594 - قال الشيخ: خرّج مسلم في هذا الباب: "حدثنا حجَّاجُ ابن الشَّاعِر قال نا أبو أحمد الزُّبَيْري (¬84) قال نا سعيد بن حسان قاص أهل مكة قال: أخبرني عروة بن عياض بن عدي بن الخِيار النوفلي" (¬85) (ص 1065). هكذا في الإسناد "عروة بن عياض". كذلك رواه ابن عيينة وأبو أحمد الزبيري كلاهما قال: "عن سعيد بن حسان عن عروة بن عياض" مسمى. ¬

_ (¬83) ما بين القوسين ساقط من (أ). (¬84) في (ب) و (ج) "الزبيدي". (¬85) في (أ) في أصل الشيخ من كتاب مسلم "سعيد بن حسان قاضي أهل مكة" بالضاد المعجمة والياء. وفي عرض أصله هذا من كتاب مسلم "قاص" بالصاد المهملة وعليه علامة رواية هكذا إلخ ... والظاهر ما في (أ) هو طرة أدخلت في الأصل.

قال البخاري: عروة أخشى ألا يكون محفوظًا لأن عروة هو ابن عياض بن عمرو القاري. ورواه أبو نعيم عن سعيد بن حسان عن ابن عياض ولم يُسمِّه. 595 - قوله:"إنّه أتى بامرأةٍ مُجحٍّ على باب فُسْطَاط فقال: لعلّه يريد أن يُلِمَّ بها. فقالوا: نَعَم. فقال - صلى الله عليه وسلم - لقد هَمِمتُ أن ألعنه لعنًا يدخل (¬86) مَعَهُ قبره كيف يورثه وهو لا يحل له؟ كيف يستخدمه وهو لا يحلّ له؟ " (ص 1065). قال الشيخ: المُجحّ ها هنا: الحامل التي قربت ولادتها. وإنّما غلَّظ - صلى الله عليه وسلم - في هذا لما استقر في شريعته من النهي عن وطء الحامل. وقوله: "كيف يورثه وهو لا يحل له؟ كيف يستخدمه وهو لا يحل له؟ " إشارة إلى أنه قد يَنْمي الجنين بنطفة هذا الواطىء لأمِّه حَامِلاً فيصير مشاركًا فيه لأبيه وكان له بعض الولد فإذا حصلت المشاركة منع الاستخدام. وهذا مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ لاَ يَسْقِ مَاءَهُ وَلَدَ غَيْرِهِ". وقال ابن عباس: "نَهَى - صلى الله عليه وسلم - عن وطء الحبالى حتى يضَعْنَ ما في بطونهنّ". رَوَى هذا الحديث شُعبة عن يزيد (¬87) بن خمير. وهذا خُمَير بضم الخاء المعجمة هو خمير الرَّحَبي بفتح الراء والحاء المهملة بعدها باء منقوطة بواحدة تحتها منسوب إلى بني رحبة بطن من حمير. وهو رحبة بن زرعة بن سبا الأصغر بن كعب بن زيد بن سهل. ¬

_ (¬86) في (ج) و (د) "لعنة تدخل". (¬87) في (أ) "زيد" وهو تحريف.

596 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَقَدْ هَمَمْتُ أنْ أنْهَي عَنِ الغِيلَةِ حَتَّى ذَكَرْتُ فَارِسَ وَالرُّومَ يَصْنَعُون ذَلِكَ فَلاَ يَضُرُّ أوْلاَدَهُمْ" (ص 1066). والغِيلة الاسم من الغَيْل، وهو أن يجامع الرجل امرأته وهي مُرضع. وقد أغال الرَّجل وأغْيَلَ إذا فعل ذلك. قال ابن السكيت: الغَيْل أن ترضع المرأة وهي حامل يقال منه: غالت وأغْيَلَتْ. رَوَتْ عائشة هذا الحديث عن جُدامة بنت وهب الأسدية قال (¬88) بعضهم: هي جُدَامَةُ بضم الجيم وبالدال المهملة، هكذا قال مالك. وقال سعيد بن أبي أيوب ويحيى بن أيوب (¬89) بالذَّال المعجمة، والصواب ما قاله مالك. وجُدَامة في اللغة ما لم يندق من السنبل، كذلك قال أبو حاتم. وقال غيره: إذا تحاتّ البر (¬90) فما بقي في الغربال من قصبه فهو الجدامة. 597 - وقوله عليه السلام: "ذَلِكَ الْوَأْدُ الْخَفِيّ" (ص 1067). الوأد دَفْنُ البنت (¬91) وهي حية، وجاء في الحديث:"نَهَى عن وأد البَنَاتِ". ومنه قوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} (¬92) قال بعضهم: سميت مَوْءُودَةً لأنها تُثَقَّلُ بالتراب. يقال: منه وَأدَتْ المرأة ولدها وأدًا. 598 - رَوَى مسلم بَعْد هَذَا حديثًا فيه: "حَدَّثَنِي حَيْوَةُ نا عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاس أنَّ أبَا النَّضْر حَدَّثَهُ" (ص 1067). ¬

_ (¬88) في (ج) "وقال". (¬89) "ويحيى بن أيوب" ساقط من (ب). (¬90) في (ج) "البّر وغيره". (¬91) في (ب) و (ج) "البنية". (¬92) (8) التكوير.

قال بعضهم: حيوة هذا هو حيوة (بن شريح التميمي يُكَنَّى أبو زرعة. وهذا عياش بالياء المعجمة باثنتين من تحت وشين معجمة هُو ابن) (¬93) عبّاس بالباء المعجمة بنقطة وبالسين المهملة. وهو القِتْبَاني بكسر القاف وإسْكانِ التاء منسوب إلى قِتبان بطن من رعين وعياش هذا رجلا مصري يكنّى أبا عبد الرحيم. ¬

_ (¬93) ما بين القوسين سقط من (أ) ثم أضيف إليها بالهامش

9 - كتاب الرضاع.

9 - كتاب الرضاع (¬1). 599 - وخَرّج مسلم بعد هذا حديثا فيه: "عَلِيُّ بْنُ هِشَامِ بْنِ البَريِد" (ص 1068). قال بعضهم: هو البريد بباء منقوطة بواحدة مفتوحة وبراء مهملة مكسورة يكنى أبا الحسن العايذي بذال معجمة وعين مهملة، مَوْلى لَهم وهو كوفي خزاز بخاء معجمة وزايين. روى له مسلم وحده دون البخاري. 600 - قول عائشة -رضي الله عنها-: "جاء أفْلَح أخو أبي القُعَيْس (¬2) يستأذن عَليَّ وكان أبُو القُعَيْس أبا عائشة من الرضاعة فقال - صلى الله عليه وسلم -: ائْذني له" الحديث (ص 1069). وفي بعض طرقه: "قلت: إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل ¬

_ (¬1) هذا العنوان في (أ) بالهامش، وفي (أ) و (ب) قبل قوله: "قول عائشة رضي الله عنها". والصواب ما أثبت كما في (ج). وفي الأصل عليّ بن هاشم. (¬2) في (أ) "أخو بني القعيس".

فقال (¬3): "إنّه عمّك فَلْيَلِجْ عليك". وفي بعض طرقه: "إنّه عمّك ... تَرِبَتْ يمينك". وفي بعض طرقه: "فإنه يحرُم من الرضاعة ما يَحْرم من النسَب". قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في لبن الفحل هل تقع به الحرمة؟ فأوقع به الحرمة جمهور الفقهاء. وذُكر عن ابن عمر وعايشة وغيرهما من الفقهاء أنه لا يؤثر ولا يتعلق به التحريم. وحجتهم في ذلك قول الله سبحانه: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} (¬4) ولم يذكر البنت كما ذكرها في تحريم النسب، وَلاَ ذَكَر من يكون من جهة الأب كالعمة كما ذكر ذلك في النسب. ولا حجة لهم في ذلك لأنه ليس بنصّ وذكر الشىء لا يدل على سقوط الحكم عما سواه. وهذا الحديث نص فيه على إثبات الحرمة فيه لعائشة فكان أولى بأن يقَدَّمَ. 601 - قول أمّ حَبيبة للنبيء - صلى الله عليه وسلم -: "أُخبرت أنّك تَخْطُبُ دُرَّةَ بنتَ أبِي سَلَمَة؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: لو أنّها لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي مَا حَلَّتْ لِي إنَّهَا بِنْتُ أخِي مِنَ الرَّضَاعَة أرْضَعَتْنِي وأبَاهَا (¬5) ثُوَيْبَةُ" (ص 1072). قال الشيخ -وفقه الله-: جُمهور الفقهاء على تحريم الرَّبيبة وإن لَمْ تكن في الحجر (ويرون هذا التقييد المذكور في القرآن وهو قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ} (¬6) تنبيها على غالب الحال لا على أن الحكم مَقْصُورٌ عليه. وَدَاود يَرَى ذلك تقييدًا يتعلق الحكم ¬

_ (¬3) في (ج) "قال". (¬4) (23) النساء. (¬5) يبدو في (ج) "وإياها" وهو تحريف. (¬6) (23) النساء.

به ويحلّل الرَّبِيبة إذَا لَم تكن في الحِجر) (¬7). وهكذا وقع في هذا الحديث (وذكر الحجر في هذا الحديث) (¬8) يُؤَكِّدُ عنده ما قال. 602 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تُحرِّمُ المَصَّةُ وَالمَصَّتَان" وفي بعض طرقه: "الإمْلاَجَةُ وَالإِملاَجَتَانِ" (ص 1073). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في القدر الواقع به الحرمة من الرضاع، فمذهب مالك أنه يقع بما قَلَّ أو كثر مما وصل إلى الجوف لقوله سبحانه: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} (والمصة توجب تسمية المرضعة أمًّا من الرضاعة. وقَدْ قالوا في الجواب عن هذا: إنما يكون ما قلتموه دليلاً لو كان صيغة اللفظ: واللاتي أرضعنكم أمهاتكم، فيثبت كونها أُمًّا بما قال من الرضاعة. قلنا: مفهوم الكلام: وأمّهاتكم اللاَّتي أرضعنكم) (¬9) لأجل أنهن أرضعنكم، فيعود (¬10) هذا إلى معنى ما قالوه ويوجب تعليق الحكم بما يسمّى رضاعا. وذهب داود إلى اعتبار ثلاث رضعات لأجل هذا الحديث. وقد نص فيه على سقوط الحرمة بالرضعة والرضعتين ويقول: لو سلمت (¬11) كون القرآن ظاهرًا فيما قلتم لكان هذا مبينا له وبيان السنّة أحق أن يُتبع. وقد وَقَع في بعض الأحاديث: "إنّما الرَّضَاع ما فتق الأمعاء" ووقع: "ما أنشز اللحم" بالراء والزاي، فبالرَّاء معناه: شدّهُ وأنماه، وأنشر الله الميت أي أحياه. وبالزاي معناه: زاد فيه وعظمه، مأخوذ من النشز، ¬

_ (¬7) ما بين القوسين جاء في (أ) بالهامش. (¬8) كذلك ما بين القوسين في (أ) بالهامش. (¬9) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬10) في (د) "فيرجع". (¬11) في (ج) "إن سلمت".

وهو الارتفاع. وقرىء في السبع: {إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} (¬12) بالراء وبالزاي. وهذا يقوي عند داود نفي الحرمة بالمصة والمصتين إذ لا يفتقان المِعَى ولا ينشزان العظم. وهذا لم يسلمه له أصحابنا وزعموا أن لِلْمصّة الواحدة قسطا في فتق الإِمعاء ونشر العظم. وعند الشافعي: لا تقع الحرمة بأقل من خمس رضعات. وحجته في ذلك ما رواه مسلم بعد هذا عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: كان فِيما أنزل من القرآن (¬13) "عشر رضعات معلومات يحرمن" ثم نسخن بـ"خمس معلومات" فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي فيما يقرأ من القرآن. وقد شَذَّ بعض الناس أيضًا ورأى التحريم (¬14) لا يكون إلا بالعشر. وهذا الحديث لا حجة فيه لأنه محال على أنه قرآن. وقد ثبت أنه ليس من القرآن الثابت. ولا تحل القراءة به ولا إثباته في المصحف إذ القرآن لا يثبت يأخبار الآحاد. وهذا خبر الواحد فيسقط التعلق به. فإن قيل: ها هنا (وجهان: أحدهما) (¬15): إثباته قرآنا، والثاني: إثبات العمل به في عدد الرضعات، فإذا امتنع إثباته قرآنا بقي الآخر وهو العمل به لا مانع يمنع منه لأن خبر الواحد يدخل في العمليات، وهذا منها. قلنا: هذا قد أنكره حذاق أهل الأصول وإن كان قد مال إليه بعضهم. واحتج المنكرون له بأن خبر الواحد إذا توجهت عليه القوادح واستريب توقف عنه، هذا جاء آحادا بما جرت العادة أنه لا يجيء إلا تواترا فلم يوثق به كما وثق بأخبار الآحاد في غير هذا الموضع وإن زعموا أنه كان قرآنا ثم نسخ ولهذا لم يشتغل به أهل التواتر. ¬

_ (¬12) (259) البقرة. (¬13) في (ب) "أنزل الله من القرآن". (¬14) في (ج) و (د) "أن التحريم". (¬15) ما بين القوسين ساقط من (ب).

قيل: قد كفيتم مئونة الجواب إذ المنسوخ لا يعمل به، وعليه يحمل عندنا قول عائشة: "فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬16) وهي فيما يُقْرأ من القرآن" تعني من القرآن المنسوخ. فلو أرادت فيما يقرأ من القرآن الثابت لاشتهر عند غيرها من الصحابة كما اشتهر سائر القرآن. 603 - وقوله: "الإِمْلاَجَةُ وَالإِملاَجَتَانِ" (ص 1074). قال أبو عبيد: يعني المصة والمصتين. والمَلْجُ: المَصُّ، يقال: مَلَج الصبي أمّه يَمْلُجهَا ومَلِجَ يَمْلَجُ وأملجتِ المرأة صبيها. والإِملاجة أنْ تُمِصّه لبنها مرة واحدة. وأما الرضاعة فقال ابن السكيت وغيره: فيها لغتان كسر الراء وفتحها، وكذلك الرَّضاع. وقد رضع بفتح الضاد وبكسرها (¬17) لغتان، ورضُع بضم الضَّاد، إذَا كان لَئِيمًا فهو راضع، وجمعه رضع. ومنه قَول ابن الأكْوَعِ: [الرجز] فاليَومُ يَوْمُ الرُّضَّعِ ........................ أي يوم هلاك اللئام. 604 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ" (ص 1078). أي أنّ الذي يسقى من الجوع اللبن هو الرضيع الذي له حُرْمة. قال الشيخ -وفقه الله-: خرّج مسلم في هذا الباب: "حديثا عن حَبَّان عن همام" (ص 1075). ¬

_ (¬16) زيادة في (د) "والأمر على ذلك". (¬17) في (د) "وكسرها".

وحَبَّان هذا بحَاء مهملة مفتوحة وباء منقوطة بواحدة وهو حَبّان بن هلال الباهلي البصري يُكَنَّى أبا حبيب. يروي عن همام بن يحيى وشعبة وغيرهما. 605 - قوله في حديث سَالِم: "أرْضِعِيهِ. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله كَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهْوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ فتَبَسَّمَ (¬18) - صلى الله عليه وسلم - وقَال: قَدْ عَلِمْتُ أنَّهُ كَبِيرٌ" (¬19) وفي بَعْضِ طُرُقِهِ: "أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ" (¬20) (ص 1076). قال الشيخ: اختلف الناس في رَضَاع الكبير، فجمهور العلماء على أنه لا يؤثر. وذهب داود إلى أنه يؤثر لأجل هذا الحديث وقد قال فيه: "أرضِعِيه ئحْرُمِي عليه". وحمله الجمهور على أن ذلك من خصائص سهلة. وقد ثبت أن أم سلمة وسائر أزواج النبيء - صلى الله عليه وسلم - مَنَعْنَ أن يُدْخل عليهن بتلك الرضاعة أحد وقُلْنَ لعائشة إنه خاص في رضاعة سالم وحده. ولنا على داود قول الله سبحانه: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (¬21)، وتمامها بالحولين على ظاهر القرآن يمنع أن يكون حكم ما بعد الحولين كحكم الحولين. وهذا ينفي رضاعة الكبير وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في كتاب مسلم بعد هذا: "إنّما الرضاعة من المجاعة" لَمَّا وجد رجلاً عند عائشة فقالت: يا رسول الله إنه أخي من الرضاعة. فقال: انظرن إخوتكنّ من الرضاعة فَإِنَّ الرضاعة من المجاعة". وفي بعض الأحاديث في غير كتاب مسلم: "لاَ يُحِّرمُ من الرّضاعة إلاَّ ¬

_ (¬18) في (د) "فتبسم رسول الله". (¬19) في (د) "أنه رجل كبير". (¬20) في (د) "تحرمي عليه خمس رضعات". (¬21) (233) البقرة.

ما فتق الأمعاء والثَّدي (¬22) وكان قبل الفطام" (¬23). وهذا ينفي رضاعة الكبير. وعندنا في الرضاع بعد الحولين اضطراب في المذهب هل الأيام اليسيرة حكمها حكم الحولين أو الشهر؟ وقيل غير ذلك في المذهب. وهذا كله راجع عندي إلى خلاف في الحال وهو القدْر الذي جرت العادة فيه باستغنائه بالطعام عن الرضاع، وقد قال أبو حنيفة: أقصاه ثلاثون شهرًا وليس كما قال، وقوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (¬24) أمَدٌ تضمَّن أقلَّ الحمل وأكثر الرضاع فلا معنى لاعتباره في الرضاع وحده. وقال زفر: ثلاث سنين. والتحقيق في ذلك ما قلناه أولاً من اعتبار حال استغنائه بالرضاع عن الطعام على أصل المذهب. وتضمّن أيضًا قوله: "إنّما الرضاع ما فتق الأمعاء" "وإنّما الرّضاع من المجاعة" الرد على داود في قوله: لا يحرّم الرضاع حتى يلتقم الثدي. ورأى أن قوله سبحانه وتعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} (¬25) إنّما ينطلق على ملتقم الثدي. وقد نبه - صلى الله عليه وسلم - ها هنا على اعتبار ما فتق الأمعاء. وهذا يوجد في اللبن الواصل إلى الجوف صَبًّا في الحلق أو التقامًا للَّثدْي، ولعله هكذا كان رضاع سالم يَصُبُّه في حلقه دون مَسّه ببعض أعضائه ثدي امرأة أجنبية. 606 - قول أم سلمة لعائشة رضي الله عنها: "إنّه يَدْخُلُ عَلَيْكِ الغُلاَمُ الأيفع" (ص 1077). ¬

_ (¬22) هكذا جاء هذا الحديث في (أ) "والثدي"، والحديث أخرجه الترمذي عن أمّ سلمة وفيه "في الثدي"، وفي (ب) "وأسدى". (¬23) الذي في الترمذي ما أثبت، وفي النسخ المعتمدة "قبل الطعام". (¬24) (15) الأحقاف. (¬25) (23) النساء.

والأيفع هو الذي قد شارف الاحتلام ولم يحتلم، وجمع اليافع أيفاع، وقد أيفع الغلام فهو يافع، ويفَعَ الغلام أيضًا لغة، وغلام يافع ويَفَعَة، فمن قال: يافع ثَنَّى وجمع، ومن قال: يَفَعة كان في الاثنين والجمع بلفظ الواحد. روى ابن شهاب بعد هذا حديثا "عن أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة (¬26) عن أمه زينب". قال بعضهم: أبو عبيدة هذا لا يوقف على اسمه وهو أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى ابن قصي. 607 - قوله في سَبْي أوطاس: "فَكَأنَّ نَاسًا من أصحاب النبيء - صلى الله عليه وسلم - تحَرَّجُوا من غِشْيَانِهِنَّ مِن أجْل أزْوَاجهِنَّ من المشركين فَأنْزَلَ الله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (¬27) (ص 1079). قال الشيخ -أيَّده الله-: السَّبْيُ عِنْدَنا في المشهور يَهدم النكاح بهذه الآية وسواء سُبِيَ الزوجان معا أو مفترقين. وقال ابن بُكَير عن مالك: إن سُبِيَا جميعًا واستُبْقِيَ الرَّجُلُ أُقِرّا على نكاحهما. ووجه المشهور من جهة الاعتبار أن بِسَبيِهَا ملكت منافعها ورقبتها فسقط ملك الزوج عن ذلك لاستحالة ملك واحد بين مالكين ها هنا. وكأنه رأى أيضًا أنها إذا جاءت بأمان ثم سبي الزوج فإن تمكينه منها عيب على سيده ولسيده أن يمنعه مما يعيبه فلهذا لم يفترق الحال في المذهب المشهور. ورواية ابن بكير اعتل لها في كتابه بأنهما إذا سُبِيا معا فاستبقي الرجل فقد صار له علينا عهد فَلِمَوْضع هذا العهد وجب أن يكون أحَقَّ بها من المالك، هذا الذي اعتل يه ابن بكير. ¬

_ (¬26) في (ج) "عن أبي عبيده عن زمعة". (¬27) (24) النساء.

ويحتمل عندي أن يحمل على أنهما لما أُقِرَّا لزم إقرار ما في يد الزوج من العصمة لأن إقرار الزوج إقرار لما يملك حتى ينتزع منه في ثاني حال، (وهذا الملك لا يصح انتزاعه في ثاني حال) (¬28). وقد اختلف الناس أيضًا في الأمة إذا بيعت وهي تحت زوج: هل يكون بيعها فسخا لنكاحها؟ فأبى من ذلك مالك وجمهور الفقهاء. وذهب بعض الصحابة إلى أن ذلك فسخ للنكاح أخذًا بعموم هذه الآية، وهو قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (¬29) ولم يفرق بين ما ملكت أيماننا بسبي أو شراء، وهذا على عمومه عندهم. وتحقيق القول في هذه المسألة أن هذا عموم خرج على سبب، فمن رأى قصر العموم إذا خرج على سبب لم يكن فيه حجة على جمهور الفقهاء لأنه كأنَّه (¬30) قال: إلّا ما ملكت أيْمَانكم بالسبي، وإن قلنا: إنّ العموم إذا خرج على سبب يجب حمله على مقتضى اللفظ في التعميم اقتضى ذلك فسخ نكاح الأمة بالشراء كما يفسخ بالسبي. لكن حدث بريرة في شراء عائشة لها ثم لم يفسخ ذلك نكاحها بل خيّرها عليه السلام (لما عتقت) (¬31) في فسخ النكاح دلالة على أن البيع لا يفسخ نكاح الأمة ذات الزوج. ولكن هذا خبر واحد في تخصيص عموم القرآن فهل يخص به أم لا؟ فيه خلاف بين أهل الأصول فعلى هذا يخرج اختلاف العلماء في ذلك. وقد قال بعض أهل العلم مفرقا بين السبي والشراء بأن السبي حدوث ¬

_ (¬28) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬29) (24) النساء. (¬30) في (أ) "كأن". (¬31) ما بين القوسين ساقط من (أ).

ملك لم يكن أو كأنه لم يكن والشراء انتقال ملك إلى ملك فكأنَّ الأول أثر نقصا فأثّر في النكاح نقصا، والثاني لم يحدث ملكا لم يكن فلم يؤثر. 608 - خرَّج مسلم هذا الحديث من طريق سعيد بن أبي عَروبة عن قتادة عن أبي الخليل عن أبي علقمة الهاشمي عن أبي سعيد الخدري ثم أردفه بحديث شعبة عن قتادة عن أبي الخليل عن أبي سعيد فلم يذكر أبا علقمة في حديث شعبة (ص 1079 و1080). قال بعضهم: هكذا في نسخة الجُلودي وابن ماهان، وكذلك خرجه أبو مسعود الدمشقي. وأما في نسخة ابن الحذاء ففيها ذكر أبي علقمة بين أبي الخليل وأبي سعيد ولا أدري ما صحته. 609 - ذكر: "اختصام سعد بن أبي وقاص وعبد بن زَمْعَة في غلام، فقال سعد: هذا يا رسول الله ابن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد إلي أنه ابنه انظر إلى شبهه. وقال عَبْد بن زَمْعَة: هذا أخي يا رسول الله وُلِدَ على فراش أبي من وليدته، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى شبهه فرأى شبها بيّنا بعتبة فقال: هو لك يا عبد، الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة بنتَ زمعة. قالت: فلم يَرَ سودةَ قط" (ص 1080). قال الشيخ -وفقه الله-: يتعلق بهذا الحديث فصولٌ، منها: بماذا تكون الأمة فراشا؟ وَبِمَ تكون الحرة فراشا؟ وما الفرق بين الحرة والأمة في ذلك؟ فأمَّا الحرة فإنها تكون فراشا بالعقد، وهذا متفق عليه. وأما الأمة فإنها تكون فراشا بالوطء عندنا، فإذا جاءت بولد بعد اعتراف سيدها بوطئها وثبوت ذلك عليه ان أنكره لَحِق به الولد إلا أن ينفيه بعد دعوى الاستبراء منه. واختلف في يمينه على ذلك على قولين، وقال أبو حنيفة: إنما تكون فراشا إذا ولدت ولدا استلحقه، فما جاءت به بعد ذلك فهو ولده إلاَّ أن ينفيه. وتعلق في ذلك بأن الأمة لو كانت فراشا بالوطء لكانت فراشا بالعقد كالحرة،

وبأنَّ ذلك يوجب أن يتعلق بها ما يتعلق بالحرة من الأحكام على صاحب الفراش. وهذا الذي قاله غير صحيح لأن الحرة إنما تراد للوطء خاصة، فالعقد على نكاحها أنزل في الشرع منزلة وطئها لمّا كان هو المقصود به، والأمة تشترى لأشياء كثيرة غير الوطء فلم يجعل العقد عليها يصيّرها فراشا فإذا حصل الوطء ساوت الحرة ها هنا فكانت فراشا. وهذا هو الجواب عن السؤال الثالث الذي ذكرناه وهو التفرقة بين الحرة والأمة في الفراش. وهذا التعليل قاد بعض شيوخنا إلى أن زعم أن الشاب العَزْب إذا اشترى جارية عَلِيَّة لا تراد غالبا إلا للتسرّي وفهم أن ذلك غرضه منها وظهر من الحال أنه سَلَك بِهَا مسلك السُّريّة فإنها تكون فراشا وان لم يثبت وطؤها، ورأى أن هذه الأوصاف تُلْحِقها بالحرة وترتفع معها العلة المفرقة بين الحرة والأمة. وتعلق بعض الشيوخ في نُصرة هذا المذهب بما وقع في كتاب العدة من المدونة في أمّ الولد إذا مات زوجها وسيّدها ولم يُدْرَ أوَّلُهُمَا مَوْتًا فإن عليها أقصَى الأجَلَيْن مع حيضة إذا كان بين الموتين أكْثَر من شهرين وخمس ليال، ورأى أنه إذا أمكن أن تحل لسيدها علَّق على ذلك الحكم المتعلق بوطئها. وانفصل بعضهم عن ذلك بأن أم الولد قد صارت كخزانة لسيدها بما تقدم من استيلادها فلهذا لم يعتبر اعترافه بالوطء بعد رجوعها إليه عن عصمة زوجها بخلاف الأمة التي لَم تَلِدْ قط. وقد تنازع في هذا الحديث أصحاب أبي حنيفة وأصحاب مالك فقال أصحاب مالك: فإن الولد ها هنا ألحق بزمعة ولم يثبت أن هذه الأمة ولدت منه فيما قبل فدلَّ ذلك على بطلان قول أبي حنيفة: إن الولد لا يلحق إلا إذا تقدمه ولد مستلحق. وقال أصحاب أبي حنيفة: فإن هذا الحديث لا حجة لكم فيه لأنه لم يذكر أيضًا أن زمعة اعترف بوطئها وإنما ذكر أنه - صلى الله عليه وسلم - ألحقه

بزمعة، وهذا الظاهر لم يقل به أحد منَّا ولا منكم فوجب ترك التعلق بهذا الحديث. والجواب عن هذا أن محمله على أن زمعة علم - صلى الله عليه وسلم - وطأه لها باعترافه (¬32) عنده -عليه السلام- أو باستفاضة ذلك عنه. وهذا التأويل يضطرنا إليه ما ذكرتموه من اتفاقنا على منع إلحاق ولدها بالميت إلا بعد سببٍ ما، ولكن اختلفنا في السبب ما هو؟ فقلنا: اعترافه بالوطء، وقلتم: استلحاق ولد قبل هذا، وولد قبل هذا معلوم أنه لم يكن، واعتراف زمعة بالوطء، لا يصح دعوى العلم بأنه لم يكن، فامتنع تأويلكم وأمكن تأويلنا فوجب حمل الحديث عليه. ويتعلق بهذا الحديث فصل آخر وهو استلحاق الأخ لأخيه. وعندنا أن ذلك لا يصح. وعند الشافعي أنه يصح إذا لم يكن وارثٌ سِوَاهُ. ويتعلق الشافعي بظاهر هذا الحديث فإنه لم يثبت أن زمعة ادعاه ولدا ولا أنه اعترف بوطئه، فدلّ ذلك على أن المعوّل كان على استلحاق أخيه له. وهذا لا نسلمه لما قدمناه من أنه يمكن أن يكون - صلى الله عليه وسلم - ثبت عنده وطء زمعة فألحق الولد لأجل ذلك. ومن ثبت وطؤه لا يفتقر عندنا إلى اعترافه، وإنما يصعب هذا على أصحاب أبي حنيفة ويعسر عليهم الانفصال عما قاله الشافعي لما قررناه من أن ولدا سابقا لم يكن، والوطء لا يعتبرونه، فلم يبق لهم إلا تسليم ما قاله الشافعي. ولما ضاقت عليهم الحيل في هذا الحديث لما قررناه، قال بعضهم: فإن الرواية في الحديث: "هو لك عبد" وأسقط حرف النداء الذي هو (يا). قالوا: وإنما أراد - صلى الله عليه وسلم - أن الولد لا يلحق بزمعة وأنه ابن أمته وعبد هو وارثه فيرث هذا الولد وأمه، وهذه الرواية التي ذكروها غير ¬

_ (¬32) في (د) "اما باعترافه".

صحيحة ولو صحت لرددناها إلى الرواية المشهورة وقلنا: ليس الأمر كما فهمتم وإنما يكون المراد يا عبد فحذف حرف النداء كما قال تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} (¬33) فحذف حرف النداء. ولأجل الاشتراك وقع عليهم الغلط: هل المراد عبد بمعنى قنّ أو المراد عبد اسم لهذا الرجل منادى بحذف حرف النداء؟ وكذا دعواهم (¬34) في بعض الطرق أنّه لَمَّا أمر سودة بالاحتجاب قال: "ليس بأخ لك" رواية لا تصح وزيادة لا تثبت، فإن قيل: لو لم تكن ثابتة لما أمرها بالاحتجاب. قيل (¬35) ذلك على جهة الاحتياط لمَّا رأى الشبه بعتبة. وقد جعله بعض أصحابنا أصلاً في الحكم للشيء بحكم واحد بين الحكمين لأنه ألحقه بزمعة، وذلك يقتضي (ألا تحتجب سودة منه وأمر سودة بالاحتجاب منه وذلك يقتضي) (¬36) (ألا يكون ولدًا لزمعة ولا أخًا ولكنه قضى في الإِلحاق بحكم الفراش وقضى في الاحتجاب بحكم الاحتياط. وقد عارض أصحابنا الشافعي فيما عَوّل عليه بأن سودةَ بنتُ زمعة (¬37) فَلِم ثَبت استلحاق عبد لهذا الولد دونها والولد إنما يستلحق إذا استلحقه جميع الورثة وعبد ليس بجميع الورثة؟ وانفصلت الشافعية عن هذا بأن زمعة (¬38) مات كافرًا وسودة مسلمة لم تَرِثْهُ فصارت كالعدم. وانحصر الأمر إلى ولده عبد فصار كأنه جميع الورثة. وأجاب أصحابنا بأنها ابنته وإنما منعت ميراثه لاختلاف الدينين فكان ¬

_ (¬33) (29) يوسف. (¬34) في (أ) "وكان دعواهم". (¬35) في (ج) "قبل". (¬36) ما بين القوسين جاء في (أ) بالهامش. (¬37) في (ب) زيادة "أحد ورثة زمعة". (¬38) في (ب) "فإن زمعة هذا".

الواجب اعتبار رضاها هذا النسب وألاَّ يلحق عليها أخوها ما لم ترضه. وقد سلم ابن القصَّار عَنَّا (¬39) (أنّا نقول) (¬40): إن جميع الورثة إذا اعترفوا بإلحاق النسب لحق بالميت وإن لم يكونوا عدولا. وزعم أن ذلك مذهبنا قال: والقياس خلافه. وهذا عندي وَهْمٌ منه على المذهب وإنما هَذَا مذهب الشافعي كما قدمناه عنه. ورَأيُ الشافعي أن الورثة إذا أجمعوا حَلُّوا محل الميت، وإذا اختلفوا لم يصح أن يحلُّوا محلّ الميت مع اختلافهم. ولعل ابن القصار رأى شيئًا في المذهب تَأوَّلَ منه على المذهب هذا الذي ذكرنا عنه (¬41). وقال بعض أصحابنا في الرد على الشافعي: لو كان جميع الورثة إذا أجمعوا على إلحاق نسب بالميت لحق به وحلّوا محل الميت للزم إذا أجمعوا على نفي حمل أمة وطئها أن ينتفي عن الميت حملها ويحلوا محل الميت في ذلك كما حلّوا محله في استلحاق النسب فيجب أن يحلّوا محلّه في نفي النسب. وهذا لا يلزمه لأن هذا العمل أحد الورثة (¬42) ومن أصله مراعاة إجماع جميع الورثة فإجماعهم في الاستلحاق يمكن، وفي هذا النفي يستحيل فلهذا افترقا. وقد تعلق بهذه المسألة التي نحن فيها اعتراف بعض الورثة بوارث مثل أن يعترف أحد الأخوين بأخ ثالث. وهذه مسألة اختلاف أيضًا؛ فعندنا أن المُقرّ يعطيه ما فضل في يده مما لو قسمت الفريضة (¬43) على الجميع لاستحقه هذا المقرّ له من يد هذا المقَرّ. وقال بعض أصحابنا: بل يساويه ¬

_ (¬39) "عنّا" بياض في (ب). (¬40) ما بين القوسين محو في (أ). (¬41) في (ب) و (ج) و (د) "ذكرناه". (¬42) في (ج) هو أحد الورثة. (¬43) في (ب) و (ج) و (د) "التركة".

فيما في يده (¬44). ويقدر ما أخذ سائر الورثة كأنه لم يكن وكأنّ الجائحة فيه على المقِر والمقرّ له متساوية لتساويهما في النسب. ولا معنى لتفضيل أحدهما على الآخر، وكأنه في القول المشهور الذي قدمناه رأى أن الجائحة لا يختص بها هذان الوارثان وكان المقر إنما اعترف له بالفاضل خاصّة فلا يزاد عليه. وذهب بعض الناس إلى طريقة ثالثة وهي أن هذه الفضلة التي نالها الأولون لا يختص بها المُقَرُّ له بل يأخذ نصفها ويأخذ بقية الورثة النصف الآخر. ووجه هذا عندي أن المقِرَّ تضمن إقراره شيئين: أحدهما: أن الفضلة لا يستحقها في نفسه. والثاني: أنَّ مستحقها هذا المقرّ له فيقول له بقية الورثة: أنت إذا اعترفت بأنك لا تستحقها عادت على ملك ميتنا، وإذا عادت على ملك ميتنا وجب أن يرثها ورثته ونحن ورثته ونحن نستحقها، ويقول المقرّ له: بل أنا المستحق لها لاعتراف (¬45) من سلمتموها له أنها لي دونكم ولو لم يعترف لم يكن له طريق إليها فيصير ذلك كمال يتداعاه رجلان فيقسم بينهما نصفين. وذهب الشافعي إلى أن المقرّ له لا يستحق شيئاً. ووجه هذا أن نسبه لم يثبت والميراث إنما يكون ثابتا بعد ثبوت النسب وهو فرع عنه، وإذا سقط الأصل سقط فرعه وما انبنى عليه. وهذا يضارع طريقة أشهب عندنا إذا شهد له شاهد بالنسب أنه لا يأخذ المال، قال: لأن المال وإن قُضِيَ فيه بالشاهد الواحد فالنسب لا يقضى ¬

_ (¬44) في (ج) "يساويه في يده". (¬45) في (ج) "باعتراف".

فيه بالواحد، والمال فرع عن النسب وإذا لم يثبت الأصل لم يثبت الفرع. وإنما أردنا بما ذكرنا عن أشهب التنبيه على تناسب الطريقتين لا إلزامه أن يقول بمذهب واحد في المسألتين. وفي قوله في الحديث: "إنه أمرها بالاحتجاب لشبهه بعتبة" دلالة على القضاء بالأشباه وتقوية للقول بالقافة. 610 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وللعاهر الحجر" (ص 1080). العاهر: الزاني. فقيل: معناه أن الحَجر يُرجم به الزاني المحصن. وقيل معناه: أن الزاني له الخيبة ولا حظ له في الولد لأن العرب تجعل هذا مثلا في الخيبة كما يقال: له التراب إذا أرادوا الخيبة. والْعَهْر الزنا، ومنه الحديث: "اللَّهُمَّ أبْدِلْهُ بالعَهْر العِفَّة، وقد عهر الرجل إلى المرأة يَعْهَر إذا أتاها للفُجُور، وقد عَيْهَرت هي وتعَيْهَرت إذا زَنتْ. قال الشيخ -وفقه الله-: قد أشبعنا الكلام على هذا الحديث ولم يَجْمع فيه أحد من المصنفين فيما علمت هذه الفُصول كَما جَمَعْنَاها ها هنا والله الموفق. 611 - قوله: "إن مُجَزِّزًا نظر إلى زَيْد بْنِ حَارِثَةَ وَأْسَامَةَ بْنِ زيد فقال: إنَّ بَعْضَ هَذِهِ الأقْدَامِ لَمِنْ بعض" وفي بعض طرقه: "فَسُرَّ بذلك النَّبِيء - صلى الله عليه وسلم - وأعْجَبَهُ وأخْبَرَ بِهِ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا، وَفِي بَعْض طُرُقه: "قالت عائشة: دَخَلَ عَليَّ مَسْرُورًا تَبْرُق أسَارِيرُ وَجْهِهِ" (ص 1081 و1082). قال الشيخ -وفقه الله-: كانت الجاهلية تقدح في نسب أسامة لكونه أسود شديد السواد وكان زيد أبوه أبيض من القطن. هكذا ذكره أبو داود عن أحمد بن صالح أنه كان لوناهما كذلك، فلما قضى هذا القائف بإلحاق هذا النسب مع اختلاف اللون وكانت الجاهلية تُصْغِي إلى قول القافة سُرَّ

بذلك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لكونه كَافًّا لهم عن الطعن فيه. وقد نعت زيد بغير ما نعت به (¬46) أبو داوُدُ. وقد اختلف الناس في القول بالقافة، فنفاه أبو حنيفة، وأثبته الشافعي، ونفاه مالك في المشهور عنه في الحرائر وأثبته في الإِماء. وقد روى الأبهري عن الرازي عن ابن وهب عن مالك أنه أثبته في الحرائر والإِماء جميعًا. والحجة في إثباته حديث مُجزِّز هذا ولم يك - صلى الله عليه وسلم - لِيُسَرَّ بقول باطل. وما تقدم أيضًا في حديث عبد بن زمعة أنه - صلى الله عليه وسلم - لما رأى شبهه بعُتبة أَمَر سودة بالاحتجاب منه، ولأن الفراش إنما قضى به من جهة الظاهر ولا يقطع منه على أن الولد لصاحب الفراش فإذا فقدنا الفراش المؤدي لغلبة الظن تطلَّبْنا الظن من وجه آخر وهو الشبه. واحتج من نفاه بأنه - صلى الله عليه وسلم - لاعن في قصة العجلاني ولم يؤخر حتى تضع. ويرى الشبه قَدْ ذكر أيضًا في قصة المتلاعنين: إن جاءت به على صفة كذا فهو لفلان ثم لم ينقض حكمه لما جاءت به على الصفة المكروهة ولا حَدَّهَا، فَدَلَّ ذلك على أن الشبه غير معتبر. وانفصل عن هذا بأن ها هنا فراشا يرجع إليه وهو مقدم على الشبه، فلم ينقض الحكم المبني عليه بظهور ما يخالفه مما ينحط عن درجته كما لم ينقض الحكم بالنص إذا ظهر فيما بعد أن القياس بخلافه. وحجة التفرقة أن الحرائر لهن فراش ثابت يرجع إليه ويعوَّل في إثبات النسب عليه فلم يلتفت إلى تطلب معنى آخر سواه أخفض منه رتبة، والأمة لا فراش لها فافتقر إلى مراعاة الشبه. وقولها: "تَبْرُقُ أسَاريرُ وَجْههِ" (ص 1081). ¬

_ (¬46) في (ب) "بما نعته به".

تعْني الخطوط التي في جبهته - صلى الله عليه وسلم - مثل التكسر واحدها سَرَرٌ وسُرٌّ (¬47)، والجَمْع أسْرَارٌ، والأسارير جمع الجمع، وفي صفته - صلى الله عليه وسلم -: "وَرَوْنق الجَلاَل يَطَّرِدُ فِي أسِرَّة جَبِينِهِ". 612 - قوله - صلى الله عليه وسلم - لأُم سَلَمةَ: "لَيْس بِكِ عَلَى أهْلِكِ هَوَانٌ إنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ وَإنْ شِئتِ ثَلَّثْتُ ثَمَّ دُرْتُ. قَالَت: ثَلَّثْ" وفي بعض طرقه: "إنْ شِئْتُ زِدْتُكِ وَحَاسَبْتُكِ لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلاَثٌ" وفي بعض طرقه: "إنْ شِئْتِ أنْ أسَبِّعَ لَكِ وَأْسَبِّعَ لِنِسَائِي وَإنْ سَبَّعتُ لك سبعت لنسائي" (ص 1083). قال الشيخ -وفقه الله-: العدل بين الزوجات مأمور به قال الله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} (¬48). وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كان له امرأتان يميل لِإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة شقه مائل". وفي الترمذي: "وشقه ساقط". "وكان - صلى الله عليه وسلم - يقسم بين نسائه فيعدل ويقول: اللهم قسمتي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك". وعند أبي داود يعني القلب، وعندي أن ذلك هو المشار إليه قوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ} يعني في محبة القلب وميل الطبع الغير المكتسب (¬49). وأما البكر إذا تزوجت أقام عندها سبعا وعند الثيب ثلاثاً لأجل هذا الحديث ولا قضاء عليه بعد ذلك لمن عنده من النساء، ولا يحاسب هذه الجديدة بهذه الأيام. وقال أبو حنيفة: فإنها تحاسب، ورَأى أن العدل والمساواة واجب في الابتداء كوجوبه في الاستدامة والاستمرار. ¬

_ (¬47) في (ج) "وسُرُر". (¬48) (129) النساء. (¬49) في (ب) زيادة قوله تعالى: {ولو حرصتم} في الآية المسوقة. وفي (ج) عوض قوله "الغير المكتسب" "الغير مكسب" وهو تحريف.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "للبكر سبع" يرد ما قال لأن هذه لام التمليك ومن مُلِّك الشيء لا يحاسب به ولا عليه، ولأنه لا معنى حينئذ للتفرقة بين البكر والثيب، ولا معنى أيضاً لاقتصار في العدد على الثلاث والسبع إذا كان القضاء واجبًا في جميع الأعداد. وتعلّق أبو حنيفة بالظواهر الواردة بالعدل وهي مخصوصة بهذا الحديث. وتعلق أيضًا بقوله لأم سلمة: "وَإنْ سَمَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسائي". وهذا مما اختلف المذهب فيه عندنا، فمذهب مالك فيما ذكره ابن الموّاز عنه أنه ليس له أن يسبّع عند الثيب، ويمكن عندي أنْ يكون مالك رأى ذلك (¬50) من خصائص النبيء - صلى الله عليه وسلم - لأنه خص في النكاح بأمور لم تجزْ لأمته. وقال ابن القصار: إذا سبّع للثيب سبّع لبقية نسائه أخذا بظاهر هذا (¬51) الحديث، ولا يدل عنده على سقوط الثلاث لها كما قال أبو حنيفة لأنه يحمل على أن الثلاث تجب لها من غير محاسبة بشرط ألاَّ تختار السبع فإن اختارت السبع والتوفر عاجلاً حوسبت. وهذا لا إحالة فيه ولا يعد في أن يجب للإِنسان الحق بشريطة على صفة ويسقط عند فقدها. واختلف المذهب عندنا: هل ذلك حق للمرأة أو حق للزوج؟ فقيل: هو حق للمرأة بقوله: "للبكر سبع" وهذه لام التمليك. وقيل: هو حق للزوج على بقية نسائه لحاجته إلى اللذة بهذه الجديدة فجعل له في الشرع زيادة في الاستمتاع وإذا قلنا بأنه حق لها هل يُجْبَر عليه أم لا؟ اضطرب أهل المذهب فيه أيضًا. ¬

_ (¬50) في (ج) "أن ذلك". (¬51) "هذا" ساقطة من "ج".

613 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تُنْكَحُ الْمَرْأةُ لأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدينِهَا" (ص 1086). قال الشيخ -وفقه الله-: في ظاهر هذا حجة لقولنا: إن المرأة إذا رَفَع في الصداق الزوج ليسارها ولأنها تسوق إلى بيته من الجَهاز ما جرت عادة أمثالها به (¬52). وجاء الأمر بخلافه فإن للزوج مقالا في ذلك، ويحط من الصداق الزيادة التي زادها لأجل الجَهَاز على الأصح عندنا على أصلنا إذا كان المقصود من الجَهاز في حكم التبع لاستباحة البضع، كمن اشترى سلعتين فاستحقت الأدنى منهما فإنه إنما ينتقض البيع في قدر المستحقة خاصة. وقوله: "لحسبها". قال الهروي: احتاج أهل العلم إلى معرفة الحسب لأنه مما يعتبر به مهر مثل المرأة. قال شَمِر: الحسب الفعال الحسن للرجل وآبائه مأخوذ من الحِساب إذا حسبوا مناقبهم، وذلك أنهم إذا تفاخروا عدّ كلُّ واحد منهم مناقبه ومآثر آبائِه وحسَبها، فالحَسْب العدّ والمعدود حسَب كالنَّفْضِ والنَّفَضِ والخَبْطِ والخَبَطِ. وفي حديث آخر: "كَرَمُ الرّجل دِينُه وحَسَبُه خُلُقُه". وللحسب معنى آخر وهو عدد ذوي قرابته. بيان ذلك حديثه - صلى الله عليه وسلم - "لمّا قدم عليه وفد هوازان يكلّمونه في سبيهم فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اختاروا إما المال وإما السبي. فقالوا: أما إذ خيَّرْتَنا بين المال والحسب فإنا نختار الحسب"، واختاروا (¬53) أبناءهم ونساءهم. وفي حديث سماك: "ما حَسَبوا ضيفهم" أي ما أكرموه. وفي حديث طلحة: "هذا ما اشترى طلحةُ من فلان فتاة بكذا درهما وبالحسب والطيب" أى بالكرامة وطيب النفس. وحَسَبْتُ الرَّجل أجلسته على الحُسْبَانَةِ وهي الوِسَادَة الصَّغيرةُ. ¬

_ (¬52) "به" ساقط من (أ). (¬53) في (ب) و (ج) و (د) "فاختاروا".

614 - قوله - صلى الله عليه وسلم - لِجَابِرٍ:"فَهَلاَّ بكْرًا تُلاَعِبُهَا" (¬54). وفي بعض طرق هذا الحديث في كتاب مسلم: "فَأَيْنَ أنْتَ مِنَ العَذَارَى ولِعَابِهَا" (ص 1087). قال الشيخ: قال بعضهم: يحتمل أن يكون أراد بقوله -عليه السلام-: "تلاعبها" من اللُّعاب. ويدل عليه ما وقع في الطريق الأُخرى (¬55) وهو قوله "ولُعَابُها". وما جاء في الحديث الآخر في الأبكار: "إنّهنّ أطيب أفواها وأنتق أرحاما"، ورواية أبي ذر في البخاري من طريق المستَمْلِي: "فَأيْن أنتَ من الأبكار" ولُعابها بالضم. 615 - قول جابر: "كُنْتُ على بعيرٍ لي قَطُوف" (ص 1088). القطوف: الذي يقارب الخطو في سرعة. وقال الثعالبي: إذا كان الفرس يمشي وثبا وثبا فهو قَطُوف، فإذا كان يرفع يديه ويقوم على رجليه فهو شَبُوب، فَإذا كان يلتوي براكبه حتى يسقط عنه فهو قَمُوص، فإذا كان مانعا ظهره فهو شَموس. وقوله: "فَنَخَسَ بَعِيرِى بِعَنَزَةٍ" (ص 1088). قال أبو عبيد في مصنّفه: العَنزة مثل نصف الرُّمح أو أكبر شيئا، وفيها زُجّ مثل زُجّ الرمح. وقال الثعالبي: فإذا طالت شيئا فهي نَيْزَك ومِطْرد فإذا زاد طولها وفيها سنان عريض فهي آلة وحربة. وقوله: "فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَة قال - صلى الله عليه وسلم -: أمْهِلُوا حَتَّى ندْخُلَ لَيْلاً، أي عشاء حتى تمْتَشِطَ الشَّعِثةُ وَتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ" (ص 1088). ¬

_ (¬54) في (ج) و (د) زيادة "وتلاعبك". (¬55) في (أ) "الطريق الآخر".

الاستحداد الاستفعال من الحديد يعني الاستحلاق به. وقد تقدم ذكره. والمُغِيبة التي غاب عنها زوجها، يقال: أغابت المرأة، أي غَاب عنها زوجها فهي مُغِيبة بالهاء، وأشهدت إذا حَضَرَ زوجها فهي مُشْهِد بغير هَاءٍ. وقوله عليه السلام: "إذا قَدِمْتَ الكَيْسَ الكَيْسَ (ص 1088). قال ابن الأعرابي: الكيس الجماع، والكيس العقل، فكأنَّه جَعَل طَلَبَ الولد عَقْلاً. ومنه الحديث: "أيُّ الْمُؤْمِنِينَ أكْيَسُ"، أي أعقل. 616 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْلاَ بَنُو إسْرَاِئيلَ مَا خَنَزَ اللَّحم" (ص 1092). يقال: خنِز اللحم بفتح النون في الماضي وبكسرها فيه أيضا، والمصدر فيهما خَنَزًا وخُنُوزا إذا تغير وأنتن، وَمِثلُهُ خَزِن بكسر الزاى يَخْزَن خزنا وخزنا. قال طرفة بن العبد: [الرمل] ثُمَّ لاَ يَخْزَنُ فِيَنا لَحْمُهَا ... إنَّمَا يَخْزَنُ لَحْمُ المُدَّخِرْ ويُرْوَى: ....................... إنَّما يَخْنَزُ لَحْمٌ مُدَّخَرْ.

10 - كتاب الطلاق

10 - كتَابُ الطَّلاَقِ (¬1) 617 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "في ابن عُمر لَمَّا طَلَّقَ امْرَأتَهُ وَهْيَ حَائِضٌ: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إنْ شَاءَ أمْسَكَ بَعْدُ وَإنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتِي أمَرَ الله تَعَالَى أنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاء"؛ وفي بعض طرقه: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا فَإذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْهَا لِطُهْرِهَا. قَالَ: فَرَاجَعْتُهَا ثُمَّ طَلَّقْتُهَا لِطُهْرِهَا فَاعْتَدَدْتُ بتِلْكَ الطَّلْقَةِ الَّتِي طُلِّقَتْ وَهْيَ حَائِضٌ". وفي بعض طرقه: "أنَّهُ طَلَّقَ امْرَأةً لَهُ وَهْيَ حَائِضٌ تطْلِيقَةً وَاحِدَةً" وفي بعض طرقه: "ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أوْ حَامِلاً" (ص 1093 إلى 1098). قال الشيخ -وفقه الله-: الطلاق في الحيض محرم ولكنه إن وقع لَزم. وقد ذكر ها هنا ابن عمر أنه اعتدّ بها. وذهب بعض النَّاس ممن شذَّ إلى أنه لا يقع الطلاق. وذُكر في هذا الحديث أنه لم يعتدّ بها. ورواية مسلم ها هنا أصح. وهكذا ذكر بعض الناس أيضًا أنّه طلقها ثلاثا. وذكر ¬

_ (¬1) في (د) قبل "كتاب الطلاق" "بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله وسلم، عونك يا ربّ".

مسلم عن ابن سِيرِين أنه أقام عشرين سنة يحدثه من لا يتهم أنه طلقها ثلاثا حتى لقي الباهلي، وكان ذا ثَبْت فحدثه عن ابن عمر أنه طلّقها تطليقة. وقد نص مسلم على أنها تطليقة واحدة من طريق الليث عن نافع عن ابن عمر. وأمرُهُ بمراجعتها واجبٌ عندنا خلافا لأبي حنيفة والشافعي، ولا حجةَ لهما إنْ قالا: فإن الآمِرَ لابن عمر بالمراجعة أبوه -رضي الله عنه- ولَيْسَ لأبيه أن يضع الشرع لأن أباه إنما أمره بأمر النبيء - صلى الله عليه وسلم - فهو مبلغ إليه أمر النبيء - صلى الله عليه وسلم -. ومما يسأل عنه في هذا الحديث أنْ يقال: لِمَ أمره - صلى الله عليه وسلم - أن يؤخّر الطلاق إلى طهر آخر بعد هذا (¬2) الطهر الذي يلي حيضة الطلاق؟ وأجاب النَّاس عن هذا بأجوبة كثيرة: أحدها: أن الطهر الذي يلي الحيض والحيضةَ التي قبله الموقع فيها الطلاق كالقُرْءِ الواحد فلو طلق فيه لصار كموقع طلقتين في قرء واحد، وهذا ليس هُو طلاق السنة. والجواب الثاني: أنه عاقبهُ بتأخير الطلاق تغليظا عليه جزاءً عما فعله من المُحرَّم عليه، وهو الطلاق في الحيض. وهَذَا معتَرض لأن ابن عمر لم يكن يعلم الحكم ولا تحقق التحريم فتعمد ركوبه، وحاشاه من ذلك فلا وجه لعقوبته. والجواب الثالث: أنه إنما أمره بالتأخير لأن الطهر الذي يلي الحيضة الموقع الطلاق فيها ينبغي أن ينهى عن الطلاق فيه حتى يطأ فيه فتتحقق الرجعة لئلا يكون إذا طلق فيه قبل أن يمس كمن ارتجع للطلاق لا للنكاح. واعتُرِض هذا بأنه يوجب أن ينهى عن الطلاق قبل الدخول لئلا يكون نكع أيضًا للطلاق لا للنكاح. ¬

_ (¬2) في (ج) "هذا" ساقطة.

والجواب الرابع: أنه إنما نُهي عن الطلاق في هذا الطهر ليطول مُقامه معها، والظن بابن عمر أنه لا يمنعها حقها من الوطء فلعله إذا وطئها ذهب ما في نفسه منها من الكراهة وأمسكها ويكون ذلك حرصا على ارتفاع الطلاق وحَضّا على استبقاء الزوجية. وذكر ها هنا في الحديث: "وإن شاء طلق قبل أن يمَسّ، والطلاق في الطهر يُكره إذا مَسّ فيه. والعلة في ذلك أنه فيه تلبيس فلا يُدرى: هل حملت فتكون عدتها الوضع، أم لم تحمل فتكون عدتها الأقراء؟ وقد تظهر حاملاٌ فيندم على الفراق. وقد ذهب بعض الناس إلى أنه إذا فعل أُمِر بالرجعة كما يؤمر بها من طلق في الحيض. واختلف المذهب عندنا إذا لم يرتجعها المطلق في الحيض حتى جاء الطهر الذي أبيح له الطلاق فيه: هل يجبر على الرجعة فيه لأنه حق عليه فلا يزول بزوال وقتة، أم لا يجبر على ذلك لأنه قادر على إيقاع الطلاق في الحال فلا معنى معه للارتجاع؟ 618 - وقوله: "فَتِلْكَ لِلعدّة التي أمر الله أن يُطلَّق لها النساء" (ص 1093). فيه دلالة لقول مالك: "إن الأقراء التي تعتدّ بها المرأة هي الأطهار خلافا لأبي حنيفة في قوله: إنها الحِيَض، لأنه قال: فإن شاء طلق، يعني عند طهرها"، ثم قال: "فتلك العدة التي أمر الله أن يطلّق لها النساء". ومعنى "لها" أي فيها فأثبت -عليه السلام- الطهر عدة ولا تعلق لهم بقوله "فتلك" وأن هذا لفْظ (تأنيث فيحمل على الحيضة وأنه لو كان المراد الطهر لقال: فذلك، لأن المراد ها هنا) (¬3) تأنيث الحالة أو تأنيث العدة. وكذلك تعلّق أيضًا من تعلق من أصحابنا بدخول الهاء في الثلاث في ¬

_ (¬3) ما ببن القوسين جاء مضافا بهامش (أ).

قوله سبحانه: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (¬4) أنَّه دلالة على أن المراد في القرآن بالأقراء الأطهار ولو أراد الحيضة لقال عزّ من قائل: ثلاث قروء، لأن العربَ تدخل التاء في عدد المذكر من الثلاثة إلى العشرة وتحذفها من المؤنث فإثباتها في قوله: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} يدل على أن المراد الأطهار. وهذا غلط لأن العرب قد تراعي في التذكير والتأنيث اللفظ المقرون به العدد فتقول: ثلاثة منازل، وهي تريد ثلاث ديار وإن كانت الدار مؤنثة لأن لفظ المنزل مذكر، وقد تعتبر المعنى أحيانًا. قال ابن أبي ربيعة: [الطويل] فَكَانَ مِجَنِّي دُونَ مَا كُنْتُ أتَّقِي ... ثَلاَثُ شُخُوصٍ كَاعِبَان وَمُعْصِرُ فأنث على معنى الشخوص لا على اللفظ. وحكى أبو عمرو بن العلاء أنه سمع أعرابيا يقول: فلان جاءته كِتَابي فاحتقرها. قال: فقلت له: أتقول: جاءته كتابي؟ فقال: نعم أليس بصحيفة؟ فأخبر أنه أنَّث مراعاة للفظ صحيفة (¬5) الذي لم يذكره لما كانت في المعنى هي الكتاب المذكور، ونحو من هذا قول الشاعر: [الطويل] أَتَهْجُرُ بَيْتًا بِالحِجَازِ تَلَفَّعَتْ ... بِهِ الخَوْفُ وَالأعْدَاءُ أمْ أنْتَ زَائِرُهْ؟ أراد المخافة، فأنَّثَ لذلك. وقال آخر: [الطويل] غَفَرْنا وَكَانَتْ مِنْ سَجِيَّتِنَا الغُفْرُ أنَّثَ الغفر لأنه أراد المغفرة. ¬

_ (¬4) (228) البقرة. (¬5) في (ج) "اللفظ الصحيفة".

وقد تعلق أصحاب أبي حنيفة بأن المصير إلى القول بالأطهار خروجٌ عن ظاهر القرآن لأنَّ القُرُوء (¬6) في اللغة تُطْلَقُ على الطهر وعلى الحيض وهو من الأسماء المشتركة، فإذا طلق وقد مضى من الطهر شيء فعندكم أنّها تعتدّ ببقية الطهر، وهذا يوجب كونَ العدة قُرْأيْن وبعض ثالث. فإذا قلنا بالحيض كانت العدة ثلاثة أقراء كوامل، إذ لا يصح الطلاق في الحيض. وقد أدَّى ابنَ شهاب هذا الاعتراض إلى أن ركَّب أن الطهر الذي وقع الطلاق فيه وقد ذهب بعضه لا يعتدّ به ويستأنف ثلاث طُهرات سِوَاه. وهذا مذهب انفرد به لأن كل من قال بأن الأقراء هي الأطهار يعتد بالطهر وإن مضى أكثره. وقال بعضهم مجيبا عن بَعْض أصحاب أبي حنيفة (¬7): إن القرء التنقل من حال إلى حال فالمستحِق بهذه التسمية على موجب هذا الاشتقاق وعلى ما أصَّلْناه آخر زَمَنِ الطهر الذي يليه الحيض ويعقبه الانتقال من حال إلى حال. فعلى هذا يسقط ما قاله أصحاب أبي حنيفة ويكون الاعتداد بثلاثة أقراء كوامل وإن ذهب بعض الطهر. وأجاب بعض أصحابنا أيضًا بجواب آخر فقال: غير بعيد تسمية الشيئين وبعض الثالث ثلاثة، وقد قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} (¬8) وهي شهران وعشرة أيام. 619 - وقوله: "فَلْيُرَاجِعْهَا" (ص 1093). الرَّجعة تصح في كل طلاق تقاصر عن نهاية ما يملك منه وليس معه فِداء، ووقع بَعْد وطءِ المرأة بعقد صحيح ووطءٍ جائز. وهي تصح (¬9) ¬

_ (¬6) في (ب) و (ج) و (د) "القُرْء". (¬7) في (ب) "بعض قول". وفي (ج) و (د) "عن قول أصحاب أبي حنيفة". (¬8) (197) البقرة. (¬9) في (ج) "وتصح".

عندنا بالقول ولا خلاف في ذلك. وتصح عندنا بالفعل الحالِّ محلّ القول الدال في العادة على الارتجاع كالوطء والقبل واللمس بشرط القصد إلى الارتجاع به. وأنكر الشافعي صحة الارتجاع بالفعل أصلاً. وأثبته أبو حنيفة وإن وقع من غير قصد، وهو قول ابن وهب من أصحابنا في الواطىء بغير قصد. وهذه المسألة مبنية عندي على مسألة قبلها وهي المطقه طلاقا رجعيا هل يوصف وطؤها بأنه محرم أم لا؟ فعندنا وعند الشافعي أنه محرم وأبى ذلك أبو حنيفة، وتجاذب المختلفون في هذا قوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} (¬10). فقال الحنفيون قوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ} يدل على إثبات الزوجية والزوجية إذا ثبتت يستحيل معها تحريم الوطء ولا دليل يلجىء إلى أن المراد من كان بعلاً لها (¬11) لأن ذلك مجاز. وتعلق المالكيون بقوله تعالى: {أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ}، والردّ لا يكون إلا لما ذهب ولا ذاهب (¬12) إلا تحليل الوطء. وتجاذبا أيضًا طرق الاعتبار لأن المطلقة طلاقا رجعيا يثبت لها التوارث وتستحق النفقة كمن لم تطلق وتجب عليها العدّة فتَسْري إلى البينونة بخلاف الزوجية (¬13). فَكُلُّ واحد من المختلفين ردّها إلى الأصل الموافق لمذهبه. وإذا ثبت هذا وصح بناء المسألة التي أشرنا إليها عليه قلنا: إذا كان الوطء عند أبي حنيفة غير محرم فلا معنى لقصد الاستباحة بالأفعال إذ الفعل في نفسه غير محرم فيستباح. وإذا قلنا بأن الوطء محرم فلا يستباح الشيء بنفسه ¬

_ (¬10) (228) البقرة. (¬11) في (ب) و (ج) و (د) "لهن" وقد كانت في (أ) "لهن" لكن صححت قوله "لها". (¬12) في (ج) "ولا ذهاب". (¬13) في (ج) و (د) "بخلاف الزوجة".

وإنما يستباح بغيره فماذا يكون هذا الغير؟ قصره الشافعي على الأقوال النطقية، وقصره أصحابنا على القصد. وأشار بعض المتأخرين من شيوخنا إلى ترك التعويل على القصد بمجرده دون أن يُضَاف قول نفسي، وهو إيجاب الارتجاع في النفس فيكون الاختلاف على طريقة هذا الشيخ بيننا وبين الشافعي في تعيين القول ونحن متفقون على إثبات أصله فيقول الشافعي: القول النطقي، ونقول نحن: القول النفسي إذا صدر (¬14) عنه ما يدل عليه من الأحوال التي أشرنا إليها، ومختلف معه (¬15) في الفعل على حسب ما قدمناه. والإشهاد على الرجعة، اختلف الناس فيه أيضًا: هل يجب أم يستحب؟ ومدار الاختلاف على قوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (¬16). فالأمر بالشهادة ورد (¬17) بعد جملتين: فهل يعود إلى أقربهما إليه أو إليهما جميعا على اختلاف أهل الأصول في هذا الأصل؟ فَمَنْ رأى عود مثل هذا على أقرب المذكورات لم يكن في الآية دلالة على إثبات الإشهاد على الرجعة فضلا عن تفصيل حكمه. ومن رأى أن مثل هذا يعود إلى سائر الجمل وقَال بأنَّ الأمر مجرده على الندب استحب الإشهاد على الرجعة، ومن قال: مجرده على الوجوب أوجب الإشهاد على الرجعة وإن عورض بأن الإشهاد على الطلاق وهو أقرب المذكورين على الندب قال: خروجه بدليل (¬18) لا يوجب خروج الجملة الأولى عن الأصل. ¬

_ (¬14) في (ج) "صار". (¬15) في (ج) "إليها جميعا ويختلف منعه". (¬16) (2) الطلاق. (¬17) في (د) "وقع". (¬18) في (ج) "بدليل الخطاب".

620 - وقوله في بعض طرقه: "ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أوْ حَامِلاً" (ص 1095). فيه دلالة على جواز طلاق الحامل على الإِطلاق دون التفصيل. وهو أحد القولين عندنا في طلاقها وهي حائض. وقد منعه بعض أصحابنا، كما منع أيضًا طلاق من لم يدخل بها وهي حائض وأجازه الآخرون. وهذا راجع إلى الاختلاف في النهي عن الطلاق في الحيض (¬19)؛ فمن رأى أنه معلّل بتطويل العدة أجازه في الحامل وفي التي لم يدخل بها إذ الحامل مَن عدتُها (¬20) الوضع فلا تطويل فيها، وَمَنْ لم يدخل بها لا عدّة عليها أصلاً فتوصف بطول أو قصر، ومن رآه غير معلل منع الطلاق في المسألتين. هكذا يورده شيوخنا في التدريس وفيه نظر لأن قضية ابن عمر قضيةٌ في عين فإذا قلنا: إن النهي غير معلل افتقر المنع في المسألتين إلى دليل على القول بأنَّ القضايا في الأعيان لا تتعدى، وكونُ مجرد النهي غير معلل لا يوجب الحكم في المسألتين بالمنع. وأما الطريقة الأخرى وهي إثبات التعليل فإنما يصح ما قالوه فيها أيضًا على القول بأن العلة إذا ارتفعت ارتفع حكمها. وهذا فيه تفصيل وتحقيق. 621 - وقوله: "أرَأيْتَ إنْ عَجَزَ واسْتَحْمَقَ؟ "، (ص 1096). في الكلام حذف، وتقديره: أفيرتفع الطلاق عنه إذا عجز واسْتَحْمَقَ؟ 622 - قول ابن عَبَّاسٍ: "كان الطلاق على عهد النبيء - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكرٍ وسَنَتَيْنِ من خِلاَفَةِ عُمر طَلاَقُ الثلاثِ واحدةً فقال عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: إن النَّاسَ قد استعْجَلُوا في أمْرٍ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أنَاةٌ فلو أمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِم فَأمْضَاهُ ¬

_ (¬19) في (أ) "وفي الحيض". (¬20) في (ب) و (ج) و (د) "عدتها" بدون "من".

عَلَيْهِم"، وفي طريق أبي الصَّهْبَاء أنه قال (لابن عبّاس: "تعلم أنها" (¬21) كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبى بكر (وثَلاثًا مِنْ إمَارَةِ عُمَرَ فقال ابنُ عَبَّاس: نَعَم". وفي طَريقٍ آخَرَ عن أبي الصَّهْبَاء: "ألم يَكُن طلاق الثلاث على عهد النبيء - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر) (¬22) واحدةً؟ فقال: قد كَانَ ذلك فلما كان في عهد عمر -رضي الله عنه- تتابع (¬23) الناسُ في الطَّلاَقِ فَأجَازَهُ عليهم". وفي كتاب أبي دَاود نَحْوُ هذا عن أبي الصَّهْبَاء إلاَّ أنّه قال: "كان الرجل إذا طلّق امْرأتَهُ قبل أن يدخل بها جَعَلُوه واحدةً" (ص 1099). قال الشيخ: طلاق الثلاث في مرة واحدة واقع لازم عند كافة الفقهاء. وقد شذ الحجاج بن أرَطَاة وابن مقاتل فَقَالاَ: لا يقع، وتعلَّقا في ذلك بمثل هذا الخبر وبما قلناه إنّه وقع في بعض الطرق "أن ابن عمر طلقها ثلاثا في الحيض وأنه لم يحتسب به" (¬24). وبما وقع في حديث رُكانَة: "أنه طلقها ثلاثا وأمره - صلى الله عليه وسلم - بمراجعتها"، والرد على هؤلاء قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (¬25) يعني أن المطلق قد يحدث له ندم فلا يمكنه تلافيه لوقوع البينونة فلو كانت الثلاث لا تقع أصلاً لَم يكن طلاق يبتدأ يقع إلا رجعيا فلا معنى للندم. وأما حديث رُكانة فصحيحه: "أنه طلّق امرأته البتة فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما أردت؟ قال: واحدة. قال: آللهِ؟ قال: والله. قال - صلى الله عليه وسلم -: هو على ما أردت". فلو كانت الثلاث لا تقع لم يكن لتحليفه معنى. ¬

_ (¬21) ما بين القوسين ساقط من (ب)، وفي (ج) (أتعلم). (¬22) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬23) في (أ) "تبالغ"، وما هنا في (ب) هو الوارد في أصل مسلم. (¬24) ما بين القوسين تكرر في (أ) وأشير إلى تكراره. (¬25) (1) الطلاق.

وهذه الرواية أصَحُّ من روايتهم "أن ركانة طلق امرأته ثلاثا" لأنها رواية أهل بيت ركانة وهم أعلم بقصة صاحبهم. وإنما روى الرواية الأخرى بنو رافع ولم يَسْمَعُوا. ولعلهم سمعوا أنه طلّقها البتة وهم يعتقدون أن البتة هي الثلاث كرأي مالك فيها فعبروا عن ذلك بالمعنى وقالوا: طلقها ثلاثا لاعتقادهم أن البتة هي الثلاث. وأما حديث ابن عمر فقد ذكرنا أن الصَّحيح منه أنها واحدة وقد ذكر ذلك مسلم من طريقين. وأما قول ابن عباس: "كان طلاق الثلاث واحدة على عهد النبيء - صلى الله عليه وسلم -: فقال بعض العلماء البغداديين: المراد به أنه كان المعتاد في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - تطليقة واحدة وقد اعتاد الناس الآن التطليق بالثلاث، فالمعنى: كان الطلاق الموقع الآن ثلاثا يُوقع بواحدة فيما قبل إنكارًا لخروجهم عن السنة. ورواية أبي الصهباء في أحد الطريقين: "أتعلم أنها كانت الثلاث تجعل واحدة"؟ تحتمل أيضًا هذا المعنى الذي قاله هؤلاء وإن كان هذا اللفظ الثاني أبعد من الأول قليلاً لقوله: كانت الثلاث تجعل واحدة ولكن يصح أن يريد كانت الثلاث الموقعة الآن تجعل واحدة، بمعنى توقع واحدة. وقال آخرون يمكن أن يكون المراد به فيمن كَرَّر لفظ الطلاق فقال: أنتِ طالق أنت طالق، فإنها كانت عندهم محمولة في القديم على التأكيد فصار الناس الآن يحملونه على (التجديد) (¬26) فألزموا ذلك لقصدهم له. وقد زعم بعض مَن لا خبرة له بالحقائق أن ذلك كان ثم نُسخ. وهذا غلط فاحش لأن عمر -رضي الله عنه- لا ينسخ ولو نسخ -وحاشاه منه- لبادرت الصحابة إلى إنكار ذلك عليه. وإنْ كان يريد أنه نسخ في ¬

_ (¬26) في (أ) "على التحديد"، ولعلّه يقصد بالتحديد تحديد عدد الطلقات.

حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - (فمعنى ما أراد صحيح، ولكنه يخرج عن ظاهر الخبر في قوله "كان على عهد النبيء - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر" لأنه إذا نسخ في عهد النبيء - صلى الله عليه وسلم -) (¬27) لم يصدق الراوي فيما قال. فإن قال: فإن الصحابة قد تجمع على النسخ فيسمع ذلك منها. قلنا: صدقت ولكن يستدل بإجماعها على أنَّ عندها نصا نسخت به نصا آخر ولم ينقل إلينا الناسخ اكتفاء بإجماعها. وأما أن تنسخ من تلقاء نفسها فمعاذ الله لأنه إجماع على الخطأ، وهي معصومة منه. ولو قدر أن النسخ ظهر لهم في أيام عمر وقد أجمع عصر أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- على خلاف حكم الناسخ لم يصح ذلك لأنه يكون إجماعا على الخطأ. ونحن لا نراعي انقراض العصر وهو مذهب المحققين من أهل الأصول. وأما رواية أبي داود عن أبي الصهباء أن ذلك كان فيمن لم يُدخل بها، فقد ذهب إلى هذا المذهب قوم من التابعين من أصحاب ابن عباس ورأوا أن الثلاث لا تقع على غير المدخول بها لأنها بالواحدة تبين. وبقوله: أنت طالق بانت، وقوله: ثلاثا، كلام وقع بعد البَيْنُونة فلا يعتدّ به، وهذا باطل عند جمهور العلماء لأن قوله: أنت طالق، معناه ذات طلاق وهذا اللفظ يصلح للواحدة فما زاد، وقوله: ثلاثة، تبيين لمعنى قوله: ذات طلاق، فلا يصح اطّراحه. ذكر عن ابن عباس أنه كان يقول: في الحرام يمين يكفرها، وقال ابن عباس: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (¬28) وذكر حديث سبب نزول قوله تعالى: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} (¬29) وتواطؤَ عائشة وحفصة على قولهما: "أجد منك ريح مغافير". ¬

_ (¬27) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬28) (21) الأحزاب. (¬29) (1) التحريم.

قال الشيخ -وفقه الله-: إذا قال لزوجته: أنت علي حرام، فاختلف أهل المذهب في ذلك. والمشهور أنها ثلاث تطليقات وينوى في أقل في غير المدخول بها خاصة. ولعبد الملك في المبسوط لا ينوى في أقل وإن لم يدخل. وعند أبي مصعب ومحمد بن عبد الحكم هى لمن لم يدخل بها واحدة والمدخول بها ثلاث. وذكر ابن خويز منداد عن مالك (أنها واحدة بائنة وإن كانت مدخولا بها. وحكى ابن سحنون عن عبد العزيز بن أبي سلمة) (¬30) أنها واحدة رجعية. وقد اختلفت أجوبة مالك وأصحابه في كتابات الطلاق فسلكوا فيها طرقًا مختلفة، ففي بعضها يحمل اللفظ على الثلاث ولا يُنَوَّى في أقل، وفي بعضها يُنوّى في أقل، وفي بعضها يحمل على الواحدة حتى ينويَ أكثر منها، وفي بعضها يُنوَّى قبل الدخول ولا يُنوَّى بعده، وفي بعضها فيمن لم يدخل بها واحدة وفي المدخول بها ثلاث. هذا جملة ما يقولونه في ذلك، ويختلفون في بعض الألفاظ من أيّ هذه الأقسام هو. وتفصيل ذلك وذكر الروايات فيه وتعديد الألفاظ فيه طول، ولكنا نعقد أصلا يرجع إليه جميع ما وقع في الروايات على كثرتها ويعلم منه سبب اختلافهم فيما اختلفوا فيه. ووجه تفرقتهم فيما فرقوا فيه، ووجه التنوية في بعض دون بعض: فاعلم أن الألفاظ الدالة على الطلاق إما أن تدل عليه بحكم وضع اللغة، أو بحكم عرف الاستعمال. أو لا يكون لها دلالة عليه أصلاً. فإن لم يكن لها دلالة عليه فلا فائدة في ذكرها ها هنا، وإن كانت لها دلالة عليه فلا يخلو إما أن تكون دلالتها عليه في اللغة أو في الاستعمال تتضمن البينونة والعدد كقولهم: ¬

_ (¬30) ما بين القوسين ساقط من (أ).

أنت طالق ثلاثا. فهذا لا يُخْتَلَف في وقوع الثلاث وأنه لا يُنَوَّى، ولا يفترق الجواب في المدخول بها وغير المدخول بها؛ أو تكون دلالتها على البينونة وانقطاع الملك خاصة، فينظر في ذلك هل يصح انقطاع الملك والبينونة بالواحدة أم لا يصح في الشرع إلا بالثلاث؟ وهذا أصل مختلف فيه أيضًا إذا لم تكن معه معارضة، أو يكون يدل على عدد غالبا وقد يستعمل في غيره نادرًا فيحمل مع عدم القصد على الغالب ومع وجود القصد على النادر إذا قصد إليه وجاء مستفتيا فيه، وإن كانت عليه بينة فتختلف فروع هذا القسم، وإن كان يستعمل في الأعداد استعمالاً متساويًا وقصد إلى أحد الأعداد قبل منه (¬31) إن جاء مستفتيا أو قامت عليه بينة، وإن لم يكن له قصد فهذا موضع الاضطراب، فمن أصحابنا من يحمله على أقل الأعداد استصحابًا لبراءة الذمة وأخذا بالمتيقن دون ما زاد، ومنهم من يحمله على أكثر الأعداد أخذا بالاحتياط واستظهارا في صيانة الفروج لا سيما على قولنا: إن الطلقة الواحدة تحرم، فكأنّ الاستباحة بالرجعة مشكوك فيها ها هنا ولا تُسْتَبَاحُ الفُرُوجُ بالشك، فاضبط هذا فإنّه من أسرار العلم وإليه يَنْحَصِرُ جميع ما قاله العلماء المتقدمون في هذه المسائل وبه تضبط مسائل الفتوى في هذا الفن. وأقرب مثال يوضح لك هذه الجملة ما نحن فيه من مسألة القائل (¬32): الحلال عليّ حرام، فقولهم في المشهور: إنها ثلاث، وينوّى في غير المدخول بها في أقل بناء على أن هذا اللفظ وضع (¬33) لإِبانة العصمة وأنها لا تبين بعد الدخول بأقل من ثلاث وتبين قبل الدخول بواحدة ولكنها في ¬

_ (¬31) "إن" ساقط من (أ). (¬32) "القائل" ساقط من (ب). (¬33) في (ب) "وقع".

العدد غالبا في الثلاث ونادرًا في أقل منه، فحملت قبل الدخول على الثلاث ونُوِّي في أقل. وقول عبد الملك لا يُنَوّى في أقل وإن لم يدخل بناء على أنها موضوعة للثلاث كقوله: أنتِ طالق ثلاثا، وتلحق بأول الأقسام التي ذكرنا. وقول أبي مصعب هي في التي لم يدخل بها واحدة والمدخول بِها ثلاث بناء على أنها لا تفيد عددا وإنما تفيد البينونة لا أكثر، والبينونة تصح في غير المدخول بها بواحدة ولا تصع في المدخول بها إلا بالثلاث على إحدى الطريقتين التي ذكرنا. وقول ابن خُوَيْزِ مِنْدَاد عن مالك: إنها واحدة بائنة وإن كانت مدخولا بها بناء على أنها لا تفيد عددا كطريقة أبي مُصْعَب، ولكن عنده أن (¬34) البينونة تصح بعد الدخول بواحدة، فمن ها هنا افترقت طرقهم. وقول ابن أبي سلمة بناء على أنها تفيد انقطاع الملك على صفة (¬35) ولا تستعمل غالبا في الثلاث، فحكم بكونها واحدة لصحة معنى اللفظ في الواحدة وهي كونها محرمة عندنا وإن كانت الطلقة رجعية. وهكذا محمل قول عبد الملك وربيعة فى الخلية والبرية والبائنة: إنها في غير المدخول بها واحدة، مأخوذ من إحدى هذه الطرق التي ذكرنا، وتقوية أشهب (¬36) في الخلية والبرية وإن كانت مدخولا بها على ما حكى عنه أبو الفرج تؤخذ (¬37) أيضًا من إحدى هذه الطرق التي قدمنا، وعلى هذا يُخَرج من المسائل ما لا يحصى كثرة. فاحتفط به فإنه عقد حسن. ¬

_ (¬34) في (ب) "على أن". (¬35) "على صفة" ساقط من (أ). (¬36) في (ب) "التي ذكرناها تنوية أشهب". (¬37) في (ب) و (ج) "يؤخذ".

623 - وقد كثر اختلاف الصحابة في مسألة القائل: الحلال عليَّ حرام ومن سواهم من العلماء: هل هو ظهار أم يمين تكفر أم لا يلزم فيه شيء إلا في الزوجة كما قال مالك؟ والذي يلزم في الزوجة فيه الخلاف الذي ذكرناه وفي بعض ما أوردناه كفاية. 624 - وقوله في هذا الحديث: "إِني أجِدُ منك رِيحَ مَغَافِيرَ" وفيه " "جَرَسَتْ نَحْلَةُ العُرْفُط" (ص 1100 و 1102). المغافير: جمع مُغْفُور وهو صمغ حلو كالناطف، وله رائحة كريهة تنضحه شجر يقال له: العرفط، وهو بالحجاز كثير. وقوله "جرست" أي أكلت. قال أبو عبيد في مصنفه يقال: جرست النحل تَجْرِسُ جَرْسًا إذا أكلت لتعسِّل. قال الهروي (¬38): ويقال للنحل: جوارس بمعنى أَواكل (¬39). 625 - قول عائشة -رضي الله عنها-: "لما أُمِر النبيء - صلى الله عليه وسلم - بتَخْيِير أزواجِهِ بَدَأ بي فَقَال: إنّي ذاكرٌ لك أمْرًا وَلاَ عليك أنْ لاَ تَعْجَلِي حتى تَسْتأْمري أبَوَيْكِ، وقد عَلِم أَنَّ أبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا لِيَأْمَراني بفَرِاقِهِ، ثم تَلَتْ الآية {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} الآية (¬40). وفي بعض طُرُق هذا الحديث عنها "أَنه عليه الصلاة والسلام خيَّر نساءه فَلَمْ يَكُنَّ طَوَالقَ" وفي بعض طرقه "فاخْتَرْنَاه (¬41) فَلَمْ يَعُدَّهَا عَلَيْنَا شَيْئًا" (ص 1103 و1104). قال الشيخ -وفقه الله-: التخيير عندنا والتمليك حكمهما مفترق، ¬

_ (¬38) "قال الهروي" ساقط من (أ). (¬39) في (ج) "أكل". (¬40) (28 - 29) الأحزاب. (¬41) في (ب) "اخترنه"، وما هنا هو الذي في مسلم.

ففي التمليك وهو قوله: أمْرُكِ بِيَدِكِ، له التّناكر في الثلاث إذا نوى أقل، وفي التخيير لاَ مناكرة له. وقال ابن الجهم من أصحابنا: له المناكرة في التخيير ويصدق أنه أراد واحدة وتكون بائنة. وهذا كله يُعرف وجه التحقيق فيه من العقد الذي قدمناه قبل هذا، فكأنهم في المشهور من المذهب رأوا أن التخيير وضع للبينونة ولا تكون في المدخول بها بأقل من ثلاث فلم يُمكنّوه من المناكرة. ورأى ابن الجهم أنها تكون بالواحدة البائنة فمكنَّه من المناكرة. وفرَّق المذهب بين التخيير والتمليك لهذا المعنى أيضًا (¬42)، وهو أن التخيير جرى الاستعمال فيه بالبينونة ولم يجر الاستعمال بذلك في التمليك فافترق حكمهما. وإذا ملّكها عددا فلا يخلو أيضًا أن يورده بلفظ لا يدل على الاقتصار على ما تضمنه أو لفظ (¬43) يدل على الاقتصار عليه؛ فإن كان بلفظ لا يدل على الاقتصار فقضت بالأقلّ فلها ذلك لأنه ملكها العدد فما دونه وإن قضت بأكثر ففي لزوم العدد الذي ملكها خلاف، وإن كان بلفظ يدل على الاقتصار فقضت بأكثر، فهل يلزم ما ملكها؟ فيه خلاف أيضًا، وإن قضت بأقل ففي لزوم ما قضت به أيضًا خلاف. ووجه الخلاف في الأكثر إذا قضت به: هل يسقط ما ملَّكها أو يثبُت؟ أن من أسقطه رأي أنه ملكها على صفة فقضت بخلافها فلا يلزمه ما قضت به لأنه إذا ملكها تطليقتين فقضت بالثَّلاث فإن الثلاث غير التطليقتين فلا يلزمه التطليقتان وقد قضت بغيرها. ووجه القول باللّزوم أن (¬44) الزائد على ما يملكه كالعدم فكأنها لم تنطق به واقتصرت على ما تملكه فلزمه. ¬

_ (¬42) "أيضًا" ساقطة من (أ). (¬43) في (ج) "أو بلفظ". (¬44) في (ج) "وأن".

ووجه الخلاف أيضًا إذا ملكها (¬45) عددا فقضت بأقل (أن من لم) (¬46) يلزمه فلأنها (¬47) قضت على غير الصفة التي أَعْطَاها فلا يلزمه ما قضت به لا سيما وللملك في الَأعداد غرض لأن أكثر منها يُسقط (¬48) النفقة، ويُحل الأخت المطلقة، ولا يلزم خلاف غرضه. وكمن باع منه ثلاثة أثواب فأراد قبول واحد منها فليس ذلك له. وقد ألزم ابن القصار إذا ملكها أمرها وأمر امرأة أخرى معها فطلقت نفسها خاصة أن ذلك لا يلزمه. ورأى أنه في معنى من ملَّك عددا فقضت عليه بأقل منه، ومسألة ابن القصار هذه للنظر فيها عندي مجال وتفتقر إلى تفصيل. ووجه القول بأنه إذا قضت بأقل لزم أنه كمن وُهِبَ ثلاثة أثواب فقبل واحدًا منها. وهذا للآخرين أن ينفصلوا عنه ويقولون: لو صح أن يكون له غرض في قبوله منه الثلاثة جميعًا لم يمكن الموهوب من قبول واحدٍ. وقولها: "فلم يعد ذلك طلاقا" فيه رد على من يقول: إنه يلزمه الطلاق وإن اختارت الزوج. 626 - قوله: "فَوَجَأْتُ عُنُقَهَا" (ص 1104) أي دققته (¬49). ومنه الحديث "فليَأْخُذ سبع تمرات من عجوة المدينة فَلْيَجَأْهُنّ"، أي فَلْيدقهن. ¬

_ (¬45) في (ب) "في تملكها". (¬46) "أن من لم" بياض في (ب). (¬47) في (ب) "فكأنها". (¬48) في (ج) "ما يسقط". (¬49) في (ج) "دفعته"، وفي (د) "دقَّته".

627 - قولها: "عَلَيْكَ بِعَيْبَتِكَ" (¬50) (ص1105). أي بخاصتك وموضع سرك. ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الأَنْصَارُ كرشي وعيبتي". قال ابن الأنباري: معنى كرشي أصحابي وجماعتي الذين أعتمد عليهم. وأصل الكرش في اللغة: الجماعة. قال: وجعل عليه السلام الأنصار عيبته لخصوصيته إياهم ولأنه يطلعهم على أسراره. قال غيره: معنى عيبتي: خاصتي وموضع سري. قال أهل اللغة: والعَيْبة معناها في كلام العرب التي يَجعل فيها الرجل أفضل ثيابه وحر متاعة وأنفسه عنده. 628 - وقوله: "هُوَ في المَشرُبَة" (ص 1106). فيها لغتان فتح الراء وضمها. ورباح هذا هو بفتح الراء وبباءٍ معجمة بواحدة تحتها. 629 - وقوله: "فلم أَزَلْ أُحَدِّثُه حتى كَشَرَ" (1107). أي ابتسم. قال ابن السكِّيت: كشر وتبسم وابتسم وافتر وانكلَّ (¬51) كله بمعنى واحد، فإن زاد قيل: قهقه وزهزق (¬52) وكركر، فإن أفرط قيل: استُغْرِبَ (¬53) ضحكا. قال صاحب الأفعال: كَشرَ، أي أبدى أسنانه تبسمًا أو غضبًا. 630 - وقوله: "فَبَيْنَمَا أنا فِي أمْرٍ أأتمِرُهُ" (¬54) (ص 1108). ¬

_ (¬50) في (ج) و (د) "بعيلتك". (¬51) في (ب) "وتكلل". والصواب ما أثبتناه. (¬52) في (ب) "وزقزق" والصواب ما أثبتناه. (¬53) "استُغرب ضحكا" بالبناء للنائب كذا في (أ) وفي اللغة: استغرب معلوما ومجهولا: بالغ الضحك. (¬54) في (أ) و (ب) و (ج) و (د) "أيتمره" بتسهيل الهمزة.

أي أرتئي فيه وأشاور نفسي. يقال: ائتمر رأيه، أي شاور نفسه، وارتأى قَبْل مُواقَعَةِ الأمْرِ. 631 - قوله: "فَإذَا هُوَ مُتَّكِىءٌ عَلَى رِمَال حَصِير" (ص 1112). قال ابن القوطية: رَملت الحصير رملا وأرملته: نسجته. 632 - قال الشيخ -وفقه الله-: خرّج مسلم في باب اعتزال النبيء - صلى الله عليه وسلم - نساءه حديثا (¬55): "عن سفيان بن عُيَيْنَة عن يحيى بن سعيد سمع عبيد بن حنين وهو مولى العباس" (ص 1110). هكذا يقول ابن عُيَيْنَة: عبيد بن حنين مولى العباس. (قال البخاري: ولا يصح قول ابن عيينة) (¬56). وقال مالك: مولى آل زيد بن الخطاب. وقال محمد بن جعفر بن أبي كَثِير: مولى بني زريق. 633 - وخرّج مسلم في حديث فاطمة بنت قيس: "أن أبا عمرو ابنَ حفص طلّقها" هكذا يقول ابن شهاب: "عن أبي سلمة، وعن عبيد الله بن عبد الله عن أبي سلمة أن أبا عمرو بن حفص". وهكذا قال مالك: "عن عبد الله بن يزيد بن حفص بن المغيرة". وهكذا قال الأوزاعي: "عن يحيى بن أبي كَثِير عن أبي سلمة" (ص 1116). وقال شيبان وأبان العطار: عن يحيى أن أبا حفص بن عمرو. فقلنا: والمحفوظ ما قالت الجماعة. وذكر الدولابي عن النسائي أن اسم أبي عمرو بن حفص هذا أحمد. 634 - قال الشيخ -وفقه الله-: ذكر مسلم في حديث فاطمة ¬

_ (¬55) "حديثا" ساقط من (ج) و (د). (¬56) ما بين القوسين ساقط من (ج).

بنت قيس: "أنَّ زَوْجَهَا طلَّقها البتة وهو غَائبٌ فأرْسَلَ إلَيْهَا وَكِيلَهُ (¬57) بشعير فأسْخَطَتْهُ. قال: والله مَا لَكِ عَلَيْنَا مِن شَيْءٍ. فَجَاءت إلى النَّبِيء - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فقال -عليه السلام- لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ. فَأمَرَهَا أنْ تعْتَدَّ فِي بَيْتِ أم شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ: تِلْكَ امْرَأةٌ يَغْشَاهَا أصْحَابِي اعْتَدِّي عِنْدَ ابن أم مكتوم فَإنَّه رجل أعمى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ فإذَا حَلَلْتِ فَآذنيني. قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أن مُعَاوِيَةَ بْنَ أبي سُفْيَان وأبَا جَهْم خَطَبَانِي. فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: أمَّا أبو جَهْمِ فَلاَ يَضَعُ عَصَاهُ عَن عَاتِقِهِ، وَأمّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لاَ مَالَ لَهُ فَانْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَكَرِهْتُهُ. ثُمَّ قَالَ: انْكِحِي أسَامَةَ فَنَكَحْتُهُ فَجَعَلَ الله فِيهِ خَيْرًا". وفي بَعْضِ طُرُقِهِ: قالَ: "لا نفقة لَكِ وَلاَ سُكْنَى". وفي بعض طُرُقِهِ: "طَلَّقَهَا ثَلاَثًا ثُم انْطَلَق إلى اليَمَنٍ فانْطَلَقَ خَالِدٌ فِي نَفَرٍ فقالوا: إن أبا حَفْصٍ طَلَّقَ امْرَأتُهُ ثَلاَثًا فَهَلْ لَهَا مِنْ نَفقَةٍ؟ وأرسل إلَيْهَا أنْ لاَ تَسْبِقِيني بِنَفْسِكِ". وفِي بَعْضِ طُرُقِهِ: "طَلَّقَهَا آخِر ثَلاَث تَطْلِيقَاتٍ فَجَاءَتْ النَّبِيءَ - صلى الله عليه وسلم - تَسْتَفتيه فِي خُرُوجِهَا مِنْ بَيْتِهَا". وَفِي بَعْض طُرُقِهِ: " أرْسَلَ إِلَيْهَا بِتَطْلِيقَهٍ كَانَتْ بَقِيَتْ مِنْ طَلاَقِهَا". وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ: "عَنْ فَاطِمَةَ عَنِ النَّبيِىءِ - صلى الله عليه وسلم - فِي المُطَلَّقَةِ ثَلاَثًا لَيْسَ لَهَا سُكْنَى وَلاَ نَفَقَة". وفي بَعْضِ طُرُقِهِ: "قَالَ عُمر: لا نَتْركُ كِتَاب الله وَسُنَّةَ نَبِينا - صلى الله عليه وسلم - لِقَوْل ¬

_ (¬57) جاء ضبط وكيله في (أ) بالنصب وجاء في أصل مسلم بالرفع والصواب ما في (أ) والمعنى أنه أرسل وكيله بشعير.

امْرَأةٍ جَهِلَتْ أو نَسِيَتْ لَهَا السُّكْنَى والنَّفَقَةُ. قال الله تعَالى ذكره {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} الآية (¬58). وفي بعض طرقه: "أمّا معَاوِيَةُ فَرَجُل تَرِبٌ لاَ مَالَ لَهُ وأمَّا أبُو جَهْمٍ فَرَجُل ضَرّاب لِلنِّساء". (وفي بعض طرقه: "أنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا لِفَاطِمَةَ بِنْت قَيْسٍ خَيْر فِي أنْ تذْكُرَ هَذَا الحديث") (¬59). وفي بعض طرقه: "يَا رَسُولَ الله طَلَّقَنِي ثَلاَئًا وَأخَافُ أنْ يَقْتَحِمَ عَلَيَّ فَأمَرَهَا - صلى الله عليه وسلم - فَتَحَوَّلَتْ" (ص 1114) إلى (1121). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في المطلقة البائِن الحائل (¬60) هل لها السكنى والنفقة؟ فقال بعضهم: لها السكنى والنفقة. وقد ذكره مسلم عن عمر، وهو قول أبي حنيفة، وق آخرون: لا سكنى لها ولا نفقة، وهو قول ابن عباس وأحمد. وقال آخرون: لها السكنى ولا نفقة لها وهو مذهب مالك. فأمَّا من أثبت لها السكنى والنفقة فتعلق بقول الله جلَّ ذكره {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (¬61). وأما النفقة فإنها محبوسة عليه. وهذا عنده يوجب لها النفقة. وقول عمر: "لا ندع كتاب ربّنا". فالذي يظهر في كتاب ربنا ¬

_ (¬58) (1) الطلاق. (¬59) ما بين القوسين ساقط من (أ). (¬60) في (ج) "غير الحامل"، والحائل كما جاء هنا هي غير الحَامِل. (¬61) (6) الطلاق.

إثبات (¬62) السكنى خاصة. وفي قول عمر هذا إشارة إلى ترك (¬63) تخصيص القرآن بأخبار الآحَاد إن كان أراد بقوله: "جَهلَتْ أو نسيت" جَواز ذلك عليها. وأما إن كان قطع به فَلاَ إشارة فيه لذلك. ويحتمل أن يكون رأى حكم السكنى مستقرا فيكون هذا الخبر نسخًا والنسخ لا يكون بأخبار الآحاد باتفاقٍ بعد زمان النبيء - صلى الله عليه وسلم -". وحجة من يقول: لا سكنى لها ولا نفقة ما رواه مسلم ها هنا من قوله: "لا نفقة لك ولا سكنى". وحجة مالك أن إثبات السكنى مأخوذ من ظاهر القرآن كما قدمنا، وهذا خبر واحد فقد لا يخص به العموم. وقد يعتلُّ بما اعتل به ابن المسيب من قوله: "تلك امرأة فتنت الناسَ" أنها كانت لَسِنَةً فوضعت على يد ابن أم مكتوم. وعن ابن المسيب أيضًا: "تلك امرأة استطالت على أحمائها بلسانها" فأمرها عليه السلام أن تنتقل، أو يكون ذلك لأنها خافت في ذلك المنزل بدليل ما رواه مسلم من قولها: "أخاف أن يقتحم علَيَّ". وقيل: إن المسكن لم يكن لزوجها. ولو كان السكنى ساقطًا لم يأمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم ويقصرها على منزل معين. وأما إسقاط مالك النفقة فلقول الله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (¬64). ودليل هذا الخطاب أنهن إن لم يَكُنَّ حوامل فلا يلزمنا الإِنفاق عليهن مع التصريح في حديث فاطمة بإسقاط النفقة ولا مدخل للتأويل في هذا كما دخل في السكنى فأكد هذا الخبرُ دليلَ خطاب القرآن فصار مالك إليه. ¬

_ (¬62) "إثبات" ساقط من (ب) و (ج). (¬63) "ترك" ساقط من (أ). (¬64) (6) الطلاق.

وفي هذا الحديث فوائد كثيرة قال بعض العلماء: فيه دلالة على جواز استفتاء المرأة وسماع المفتى كلامَها. وجواز (الخِطبة على خِطبة الغير إذا لم يقع تراكن. وجواز) (¬65) أمر المستشار بغير من استشير فيه. وذكر عيوب الرجل للضرورة إلى ذلك (¬66) عند المشورة من قوله "صعلوك ولا يضع عصاه". وجواز التعريض في العدة من قوله "ولا تفِوِّتينَا نَفْسَكِ" (¬67)، وجواز الضرب اليسير للمرأة من قوله "لا يضع عصاه" فإنما ذمه بالكثرة. وجواز المبالغة في الكلام وأن ذلك لا يكون كذبا، ولا في الأيمان حِنثا لقوله: "لا يضع عصاه"، ومعلوم أنه قد يضعها. وجواز إنكاح من ليس بكفء في النسب لأن أسامة مولى وفاطمة قرشية ودلالة على زيارة الرجال المرأة إذا أمن عليها لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تلك امرأة يَغْشَاهَا أصْحَابِي". وزعم بعضهم أن فيه دلالة على جواز الطلاق ثلاثا. وقد تأول بعضهم أن ما وقع في بعض الطرق من قوله "طَلَّقَها ثلاثا" معناه آخر تطليقة كانت له فيها. وقد ذكر مسلم في بعض طرقه "فطلقها آخر ثلاث تطلقات". وقال بعض العلماء: لا يكون في هذا حجة لأن المطلق غائب فلا يمكن الإِنكار عليه. ¬

_ (¬65) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬66) في (ب) "اذ ذاك". (¬67) "لا تفوّتيننا بنفسك" هكذا في (ج).

وأما الطريق التي ذكرها مسلم: "عن الشعبى عن فاطمة بنت قيس عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - في المطلقة ثلاثا قال: ليس لها سكنى ولا نفقة". فمحمل هذا (¬68) عندنا على أن المراد به كما ورد في الأحاديث المتقدمة وإن كان ظاهر هذا العموم، والعموم يمنع تأويل ما ذكرناه في السكنى عن فاطمة، لكن إذا حمل هذا على أن المراد به ما تقدم من الأحاديث من فتوى فاطمة صحّ ما تقدم فيه من التأويل. 635 - ذكر حديث: "سُبَيْعَةَ لَمَّا تُوفي عَنْهَا زَوْجُهَا فَوَضَعَتْ حَمْلَهَا فأخْبَرَهَا - صلى الله عليه وسلم - بِأَنَّهَا قَدْ حَلَّتْ" (ص 1122). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في الحامل المتوفى عنها زوجها، فالمشهور عندنا أنها بوضع العمل تنقضي عدتها، وإن وضعت قبل انقضاء أربعة أشهر وعشر قول الله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (¬69). فعمّ، ولم يفرق بين عدة وفاة ولا عدة طلاق، ولأجل حديث سُبَيْعة هذا. وقال بعض أصحابنا: عليها أقصى الأجلين لقوله جل ذكره: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (¬70)، فَعَمَّ، ولم يفرق بين أن تكون حاملاً أو حائلاً، فرأى أن هذه الآية توجب التربص أربعة أشهر وعشرًا فإذا انقضت فلا بد من طلب الوضع لأجل الآية الأخرى، ولأنه لا يصح نكاح الحامل فأخذ بموجب الآيتين (¬71) جميعا. وقد قال ابن مسعود: آية النساء القصرى (¬72) نزلت آخرًا، يعني سورة الطلاق، وفيها البراءة بوضع الحمل، فأشار إلى أنها ¬

_ (¬68) في (ج) و (د) "فيحمل هذا" (¬69) (4) الطلاق. (¬70) (234) البقرة. (¬71) في (أ) "بموجب الاثنين". (¬72) في (ب) "القصوى".

تقضي على آية البقرة. وهذا ترجيح للمذهب المشهور. والعمومان (¬73) إذا تعارضا وجب بناؤهما عند أكثر أهل الأصول. وإن أمكن في البناء طرق مختلفة طُلِب الترجيح (¬74) وقد حصل ها هنا بحديث سُبيعة وبمَا قَاله ابن مسعود. 636 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يَحِلّ لاِمرأةٍ تُؤْمِنُ بالله وَاليوْم الاَخِرِ تُحِدُّ عَلَى مَيّتٍ فوْقَ ثَلاَثٍ إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وَعَشْرًا" (ص 1123). قال الشيخ -وفقه الله-: الإِحداد: الامتناع من الزينة والطيب. ويقال: منه أحَدَّتِ الَمرْأة وحدَّت. ومنه قيل: لِلَبوَّاب حدّاد لمنعه الداخل والخارج إلا بإذن. ولَمَّا نزل قوله تعالى: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} (¬75) قالت الكفرة: ما رأينا سجانين بهذه العدَّة. فقالت الصحابة: لا تقاس الملائكة بالحدَّادين، يعنون بالسجانين. ومنه سمّى الحديد حديدًا للامتناع به أو لامتناعه على من يحاوله. ومنه تحديد النظر بمعنى امتناع تقلبه في الجهات. قال النابغة: [البسيط] إِلاَّ سُلَيْمَان إِذْ قَالَ الإِلَه لَهُ ... قُمْ فِي البَرِيَّةِ فاحْدُدْهَا عَن الفنَدِ أي فامنعها. وإنما منعت المعتدة في الوفاة من الزينة والتطيّب ولم تمنع منه المعتدة في الطلاق لأن الزينة والتطَيّب يدعوان إلى النكاح ويوقعان فيه فنُهِيَ عنهما ليكون الامتناع منهما زاجرا عن النكاح لَمَّا كان الزوج في الوفاة ¬

_ (¬73) في (ب) "والعامان". (¬74) في (ج) ضبط "الترجيحَ" بالنصب فعليه يكون "طلب" مبنيا للفاعل. (¬75) (30) المدثر.

معدوما لا يحامي عن نسبه (¬76) ولا يَزْجر عن زَوْجَتِه بخلاف المطلق الذي هو حي ويحتفظ عَلَى المطلقة فاستغنى بوجوده عن زاجر آخر. 637 - وقوله في الحديث: "إن امرأة تُوُفِيِّ زَوْجُهَا (¬77) فخافوا على عينها فَأتَوا النَّبيءَ - صلى الله عليه وسلم - فاسْتَأْذَنُوهُ فِي الكُحْلِ، فقال - صلى الله عليه وسلم -: قد كانت إحْدَاكُنَّ (في الجَاهِلِيَّةِ) (¬78) تَكُونُ في شَرِّ بَيْتِهَا في أحْلاَسِهَا، أو في شَرِّ أحْلاَسِهَا فِي بَيْتِهَا حَوْلاً فَإذَا مَرَّ كَلْبٌ رَمَتْ بِبَعْرَةٍ فَخَرَجَتْ، أفَلاَ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وَعَشْرًا؟ (ص 1125). قال الشيخ -وفقه الله-: هذا يُتأول على مذهب مالك أنها لم يتحقق الخوف على عينها وإنما فهم - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك على جهة العُذْر عنده لا على أن الخوف ثَبَتَ. وأما لو ثبت الخوف حتى اضطرت معه إلى الكحل لجاز ذلك لها. وقال بعض العلماء معنى رميها بالبعرة، أي إِشارتها إلى أن طول المقام في سوء هذه الحال أسفا على الزوج هيّن لما توحيه المراعاة وكرم العشرة، كما يهون الرمي بالبعرة. وقال بعضهم: معناه أنها رمت بالعدة وراء ظهرها كما رمت بالبعرة. 638 - وقوله في بعض طرق الحديث: "دَخَلَتْ حِفْشًا" (ص 1124). الحِفْشُ: الخُصّ الحقير. وفي الحديث أنه قال لبعض مَن وجَّهه ساعيا فرجع بمال: "هَلَّا قعد في حِفش أمه ينتظر هل يهدى إليه أم لا؟ ". قال أبو عبيد: الحِفش: الدَّرْجُ وجمعه أحفاش. شَبَّه بيت أمه في صغره ¬

_ (¬76) في (ب) "عن نفسه". (¬77) في (ب) "توفي عنها زوجها". (¬78) ما بين القوسين ساقط من (ج) و (د).

بالدرج. وقال الشافعي: الحفش: البيت الذَليل القريب السمك سمي به لضيقه، والتحفش: الانضمام والاجتماع وكذلك قال ابن الأعرابي. 639 - وقوله في الحديث: "ثم توتَى بدابة شاة (¬79) أوْ طَيْرٍ فتفتض به فقلما تفتض بشيء إلا مات" (ص 1125). قال القُتبِي: سألت الحجازيين عن الافتضاض فذكروا أن المعتدة كانت لا تغتسل ولا تمسّ ماء ولا تقلّم ظفرا ثم تخرج بعد الحول بأقبح منظر ثم تفتض، أي تكسر ما هي فيه من العدة بطائر تمسح به قبلها وتنبذه فلا يكاد يعيش. قال غيره: الفض: الكسر والقطع، ومنه فض الختم. قال الشيخ -وفقه الله-: ذكر الهروي في كتابه أن الأزهري قال: رواه الشافعي: فتقبص (¬80) بالقاف والباء والصاد وذكر أنَّه مفُسَّرٌ في بابه ولم يذكر في باب القاف والباء والصاد إِلا القبص، وهو الأخذ بأطراف الأصابع. وقد قرأ الحسن {فَقَبَصْتُ قَبْصَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ} (¬81). 640 - قال الشيخ: خرّج مسلم في هذا الباب: "حدّثنا محمد بن مثنى نا محمد بن جعفر نا شعْبة عن حُميد بْن نَافِع قال: سَمِعْتُ زينب بنتَ أم سلمة قالت: تُوفِّىَ حَمِيمٌ لأمّ حَبِيبَة فدعت بصفرة .. " الحديث (ص 1125). هكذا رواه أبو أحْمَدَ الجُلُودِي وغيره وهو الصواب. ووقع في نسخة ابن الحَذَّاء "توفي حميم لأم سلمة" جعل أم سلمة بدل أم حبيبة. ورواه ¬

_ (¬79) في (ج) "بدابة حمار أو شاة". (¬80) في (أ) و (ب) "وتقبض" بالضاد آخره وهو تحريف لقوله بعد بالقاف والباء والصاد. ثم ما في النووي: "وتقبص" بالصاد، وفي (د) "فتقتص". (¬81) في (ج) و (د) {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً} بالضاد الآية (96) طه.

مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن حميد بن رَافع (¬82) عن زينب بنت أبي سلمة". وفيه قالت زينب: "دخلت على أم حبيبةَ زوج النبيء - صلى الله عليه وسلم - حين توفي أبوها أبو سفيان قَالت: ثم دخلت على زينب بنت جحش، ثم قالت زينب: سمعت أمَّ سلمة تقول جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" الحديث. وقوله: "توفي حَمِيمٌ لأم حبيبة" حميم الرجل وحَامَّتهُ خاصته ومن يقرب منه نَسَبُهُ. وقوله: "لا تمَسّ طيبًا إلاّ إذا طَهُرت نُبْذَةً مِن قُسْطٍ أوْ أظْفَارٍ" يعني قطعة منه. 641 - حديث سَهْل وعُويْمر العجلاني وقول عُوَيْمر: "يَا رَسُول الله أرأيتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً أيَقْتُلُه فتقتلونه، أمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ ". إلى قوله "فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا قبل أنْ يَأمُرَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -" وفي بعض طرقه "فَكَانَتْ حَامِلاً"، وفي بعض طُرُقه: "فذلكم التفريق بين كل متلاعنين"، وفي بعض طرقه "ثُمّ فَرَّق بَيْنَهمَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -"، وفي بَعْضِ طُرُقِهِ "مَالي؟ قَال: لاَ مَالَ لَكَ إن كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهْوَ بِما اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا وَإن كُنْتَ كَذَبْتَ فَذَلِكَ أَبْعَدُ لَكَ مِنْهَا" (من ص 1129 إلى 1132). قال الشيخ -وفقه الله-: قوله: "فكره المسائل وعابها" المسائل إذا كانت مما يضطر إليها السائل فلا بأس بها. وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يُسأل عن الأحكام فلا يكره ذلك، وإن كان السؤال على جهة (¬83) التعنيت فهو منهى عنه. وعاصم هذا إنما سأل لغيره ولعله لم تكن به ضرورة إلى ذلك. وأصل اللعان في الشريعة الضرورة لحفظ الأنساب ونفي المعرة عن الأزواج. ¬

_ (¬82) في (ج) "حميد بن نافع". (¬83) في (ب) "على وجه".

وقد اختلف المذهب (¬84) فيمن قذف زوجته: هل يلاعن علي الجملة أو حتى يبين (¬85) وجه دعواه؟ فمن رأى أن نفي الحد عن الزوج إذا رمى زوجته مقصود في الشرع في نفسه مكّنه من ذلك. وكذلك اضطرب المذهب أيضًا إذا ادَّعى الرؤية للزنا: هَلْ لا ينتفي (¬86) الولد حتى يدعى مع ذلك الاستبراء، أو ينتفي وإن لم يدع استبراءً، وإن كان الحمل ظاهرا؟ فأحد الأقوال: أنه ينتفي الولد وإن كان الحمل ظاهرا. وقال بعض شيوخنا: ليس لهذا وجه إلا أن تكون مشاهدته لزناها الآن عَلَمًا عنده على اعتيادها لذلك ويغلب على ظنه منه أن الولد الذي هو حمل ظاهر من زان آخر فأبيح له نفيه بهذا الظن كما يباح له نفيه بإراقة الدم وإن كان لا يؤدي إلا (¬87) إلى الظن لأن الحامل قد تحيض. ومن أنكر من أصحابنا أن ينفى الحمل الظاهر قال: فإن الولد للفراش. وقصارى ما في هذا التجويز أن تكون خانته قبل ولا ينتفي الفراش وأحكامه بالتجويز المجرد. ومن أصحابنا من لم يوجب الاستبراء ولكنه شرط أن يكون الحمل ظاهرا لأن ظهوره مع ثبوت الفراش كالشاهد عليه بأنه منه، وإذا لم يكن ظاهرا فلا شاهد عليه يمنعه من نفيه. وفي بعض طرق الحديث (¬88): "ما وطئتها مذ كذا" فتعَلَّق بهذا من أصحابنا من لم يمكِّنْه من النفى إلا بالاستبراء، ومن لم يعتبره من أصحابنا تعلق بظاهر القرآن ولم يذكر فيه استبراء. وكذلك في بعض طرق الأخبار ¬

_ (¬84) "المذهب" ساقط من (ب). (¬85) في (ب) و (ج) "حتّى يتبين". (¬86) في (ب) "هل ينتفي". (¬87) "إلا" ساقطة في (أ). (¬88) في (ب) "طرق هذه الأحاديث"، وفي (ج) "في بعض طرق الأحاديث".

لم يذكر فيه استبراء. وهذا العموم لا يخص بقوله "ما وطئتها مذ كذا" لأنه لم يذكر الحُكْمَ إذا لم يذكر ذلك فيكون تخصيصًا. وقوله: "أيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَه؟ " جعله بعض الناس حجةً على أن الزوج إن (¬89) قتل رجلاً وزعم أنه وجده مع زوجته أنه يقتل به ولا يصدق إلا ببينة لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر عليه ما قال. وقوله: "فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" احتج به الشافعي على جواز الطلاق ثلاثا في كلمة واحدة. وانفصل أصحابنا عن هذا بأنها بانت منه باللعَان فوقعت الثلاث على غير زوجة فلم يكن لها تأثير. قالوا: لأنه خرّج النسائي عن محمود بن لبيد قال: "أخبر - صلى الله عليه وسلم - عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا فقام - صلى الله عليه وسلم - غضبان (¬90) فقال: أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم حيّ؟ وقام رجل فقال يا رسول الله: ألا أقتله" فالأخذ بالمنع بهذا الحديث أولى من حديث المتلاعنين مع الاحتمال الذي فيه. وقد اختلف الناس أيضًا في المتلاعنين: هل تقع الفرقة بنفس اللعان أو حتى يقضي القاضي بالفراق؟ فقال أبو حنيفة: حتى يقضي القاضي بالفراق لقوله "ففرق بينهما"، وهذه إشارة للحكم. وعندنا أنه لا يفتقر إلى حاكم لقوله - صلى الله عليه وسلم - في طريق أخرى "أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها" وقوله "ففارقها عند النبيء - صلى الله عليه وسلم - فقال -عليه السلام-: ذاكم التفريق بين كُلِّ متلاعنين" ولم يعتبر قضية القاضي. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا سبيل لك عليها". حمله جمهور العلماء على العموم فلا تحلّ له أبدا. قال بعض أصحابنا: ¬

_ (¬89) في (ب) و (ج) "إذَا". (¬90) في (أ) و (ج) "غضبانا" وهو تحريف.

ومن جهة المعنى لأنه أدخل لُبسا في النسب فعوقب بالتحريم المؤبّد كأحد التعليلين عندنا في النّاكح في العدة. وانفرد البتّي فقال: إن اللعان لا يوثر في الفراق. وهذا الحديث حجة عليه. واختلف الناس والقائلون بتأبيد التحريم إذا أكذب نفسه هل تحل له أم لا؟. فعندنا لا تحل له وإن أكذب نفسه أخذا بعموم قوله: "لا سبيل لك عليها" ولم يفرّق، قال أبو حنيفة: إذا أكذب نفسه حلتْ له لارتفاع المعنى المانع لإِكذابه نفسه. واختلف المذهب عندنا على قولين مع قولنا: "إن بنفس التلاعن يقع التحريم من غير افتقار لحكم هل يقع التحريم بلعان الزوج وحده أم حتى يلتعنا جميعا؟. فقيل: بالْتعَان الزوج وحده لأن التحريم والفراق أمر مقصور عليه فيختص بما يكون منه ولا يفتقر إلى ما يكون من شخص آخر. وقيل: لا يقع ذلك حتى يلتعنا جميعاً، لأنَّ هذه الأحاديث إنما وقع فيها الألفاظ الدَّالّة على الفراق بعد التعانهما جميعًا ولا يتعدى ما وقع فيها. 642 - ذكر قوله - صلى الله عليه وسلم - بَعْد أن تلاعنا: "لَعَلَّهَا أنْ تَجِيءَ بِه أسْوَدَ جَعْدًا" (ص 1133). هذا دليل على جواز لعان الحامل في حال حملها. وقد قال بعض أصحابنا: إنه إذا لاعن لنفي النسب لأجل استبرائه ولم يشاهد زنا فإنه لا يجب أن يلاعن وهي حامل لجواز أن يكون ريحا تَنفَشّ. وانفصل عن هذا الآخرون بأن الحمل قد يقطع عليه والغلط فيه بالريح نادر. وقد عُلّقت في الشرع أحكامٌ على الحمل منها: إيجاب النفقة لها بالحمل، وردُّها بعيب الحمل ولم يسقط في الشريعة لاعتبار ذلك. 643 - قوله: "قَذَفَ امْرَأتَهُ بِشَرِيكِ بن سَحْمَاء" (ص 1134). قال الشيخ: اختلف الناس إذا قذف زوجته بشخص بعينه هل يُحَدُّ لَهُ أم

لا وإن لاعن لزوجته؟ فعند مالك أنه يحد للرّجل لأن الأصل إثبات الحدّ على القاذف وإِنما سقط عن الزوج بلعانه لأجل الضرورة إِلى ذلك وأنه لا يستغني عن ذكر زوجته، وأما الزاني بها فلا ضرورة به إلى ذكره وهو غني عن قذفه، فبقي على الأصل في وجوب الحدّ له. قال الشافعي: لا يحدّ للرجل إذا أدخله في لعانه (وتعلّق بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يحد الزوج لشريك) (¬91) وقد سماه. وقال بعض أصحابنا: لا حجة فيه لوجهين: أحدهما أن شريكا كان يهوديًا، والثاني أن شريكا لم يطلب حدّه ولا قام يطلب عرضه فلم يكن في ذلك تعلق. 644 - قول سَعْدٍ: "يا رسولَ الله الرَّجُلُ يَجِدُ مع امْرَأتِهِ رَجُلاً أيقتله؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: لا. فقال سَعْدٌ: بلى والَّذِى أكْرَمَكَ (¬92) بِالْحَقِّ. فقال - صلى الله عليه وسلم - اسْمَعُوا مَا يَقُولُ سَيِّدُكُم" (ص 1135). قال الشيخ -وفقه الله-: معنى ذلك عندي أن قوله "بلى" بمعنى أنه لا تقر له نفسه لذلك وأن طباعه ربَّما غلبته وتستولي عليه الغيرة حتى يقتله وإن كان عاصيا لك في ذلك لا على أنه رَدَّ قول النبيء - صلى الله عليه وسلم - وقَصَدَ مخالفته. 645 - قوله: "إن جَاءَتْ بِهِ أكْحَلَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ" (ص 1134). قال الهروي: الجعد في صفات الرجال يكون مدحا ويكون ذَمًّا، فإذَا كان مدحا فله معنيان: أحدهما: أن يكون معصوب الخلق شديد الأسْر. ¬

_ (¬91) ما بين القوسين سقط من أصل (أ)، وألحق بالهامش. (¬92) في (أ) "بعثك" عوض "أكرمك"، وكتب على "بعثك" "صَحّ".

والثاني: أن يكون شعره غير سبط لأن السبوطة أكثرُها في شعور العجم. وأما الجعد المذموم فله معنيان: أحدهما القصير المتردد، والآخر البخيل، يقال رجل: جعد اليدين وجعد الأصابع أيْ بَخِيلٌ. 646 - وفي حديث آخر: "إنْ جَاءَتْ بِهِ جَعْدًا قَطَطا" (ص 1135). القطط: الشَّدِيد الجعودة، يقال: رجل جعد وشعر جعد: بيّن الجعودة، وقطط: بيّن القطوطة. وقوله: "حَمْش السّاقين". أي دقيق السّاقين قال الهروي: امرأة حمشاء السّاقين (¬93) كرعَاءُ اليدين (¬94) إذا كانت دقيقتهما. قال غيره: والحموشة دقة الساقين. 647 - وقوله: "إن جاءت بِه سَبِطًا قضيىء العَيْنِ" (ص 1134). السبوطة: استرسال الشعر وانبساطه، ورجل سَبَطٌ وسَبِط بفتح البَاء وكسرها لغتان: بيّن السبوطة. وكذلك شعر سَبَطٌ وَسَبِطٌ وقد سَبُطَ شعر الرجل سبوِطة، وقضيىء العين فاسد العين. قال ابن دريد في الجمهرة (¬95) يقال: قَضِئَتْ عين الرجل إذا احمَّرتْ ودمعت، وقد قَضِئت القربة. تقضأ قضأَ فهي قَضِئة على وزن فَعِلة (¬96) إذا عفنت وتهافتت. قال ابن وَلّاد: وسقاء قضيء إذا طال مكثه في مكان ففسد وبلي. والقضأ مقصور مهموز: العيب (¬97). قال ابن دريد: وَقَضِىء حسب الرجل قَضَأَ وقُضؤً، وقُضْأ ¬

_ (¬93) في (ب) و (ج) "يقال: امرأة حمشاء الساقين". (¬94) في (ج) "كوعاء". (¬95) في (ب) "في كتاب الجمهرة". (¬96) في (ج) "قضيئة" على وزن فعلية. (¬97) في (ب) "العين".

إذا دخله عيب، وإن في حسبه لقُضأة ولا نفعل كذا فإن فيه قُضْأة عَليَّ. قال الهروي: وقضِىء الثوب إذا تَفزَّر وتشقق. قال غيره: من طول البِلى وقوله: خَدْلاً آدَم. الخدل بخاء معجمة مفتوحة ودال مهملة: الممتلىءَ الساق. والآدم: الشديد السمرة وجمعه أُدْم مثل أحمر وحُمْر. وأما آدم إذا كان اسمًا فهو مشتق من أئمة الأرض وأديمها، أي وجهها فسمي بما خلق منه، وجمعه آدمون. 648 - وقوله - صلى الله عليه وسلم - يعني به لسعد بن عبادة (¬98): "أسمعوا إلى ما يقول سيدكم" (ص 1135). قال ابن الأنباري وغيره: السيد الذي يفوق في الفخر قومه، والسيد أيضًا الحليم، وأيضًا الحسن الخلق، وأيضًا الرئيس. قال الشاعر: [المتقارب] فَإنْ كُنْتَ سَيِّدَنَا سُدْتَنَا ... وإنْ كُنْتَ لِلْخَال (¬99) فاذهب فَخَلْ وأنشد ابن قتيبة: [مجزوء الرمل] قَتَلْنَا سَيّدَ الخزْرج سَعْدَ بْنَ عُبَادَهْ (¬100) 649 - وقوله: "يحبّ المِدْحة" (ص 1136). كسر الميم لا يكون إلا معَ إدخال التاء للتأنيث فإذا ذهبت التاء بقي لفظ التذكير فتحت الميم فيقال: هو المَدح وهي المِدحة. ¬

_ (¬98) في (ب) "يعني به سعد بن عبادة". (¬99) في (ب) "للمال". (¬100) هكذا ورد في (أ) و (ب) و (ج) غير مستقيم الوزن، وتصحيحه هكذا: نحن قتلنا سيد الخز ... رَجِ سَعْدَ بن عباده

650 - وقوله: "هَلْ فِيهَا مِنْ أوْرَق" (ص 1137). الأورق: الأسمر، وهو من الوُرْقَةِ، ومنه قيل للرَّمَادِ أوْرق وللجماعة ورْقاء. 651 - وقوله: "لَضَرَبْتُهُ بِالسيّفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ" (ص 1130). أي غير ضارب بصفح السيف، وَصفْحا السّيف وَجْهَاه. وغراراه حَدَّاه (¬101). ¬

_ (¬101) في (ب) "وعواره".

11 - كتاب العتق

11 - كتاب العتق (¬1) 652 - قول ابن عمر (¬2) عن النبيء - صلى الله عليه وسلم -: "من أعتق (شِرْكًا (¬3) لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ العَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ فَأعْطِيَ شُرَكَاؤُهُ حِصَصَهُمْ وَأعْتِقَ العَبْدُ". وعن أبي هريرة عن النبيء - صلى الله عليه وسلم -: "من أعتق شِقْصًا لَهُ فِي عَبْد فَخَلاَصُهُ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مالٌ فَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَال يُسْتَسْعَى الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ"، وزاد في بعض طرقه:"إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ عَلَيْهِ العَبْد قِيمَةَ عَدْلٍ ثُمَّ يُسْتَسْعَى فِي نَصِيبِ الّذِى لَمْ يُعْتِقْ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ) (¬4) (ص 1139 - 1141). ¬

_ (¬1) هذا العنوان ورد في (ب) و (ج) وأمّا في (أ) فكتاب العتق بالهامش. (¬2) في (ج) "فيه قول ابن عمر". (¬3) في (ج) "شريكًا". (¬4) ما بين القوسين ساقط من (ب) إلا قوله في الطريق الثانية "شِقْصًا له في عبدٍ فخلاصه في ماله إن كان له مال، فإن لم يكن له مال يُسْتَسْعَى العبد غير مشقوق عليه". وسقط من (ج) الطريق الثالثة.

قال الشيخ -وفقه الله-: الحكم بالتقويم ها هنا لما يلحق الشريك من الضرر بعيب العتق ولِحقّ الله تعالى في إكمال الحرية؛ فإن كان للشريك مال: فهل يعتق نصيب من لم يُعْتِق بالسراية أم بالتقويم؟ ففيه (¬5) اختلاف في المذهب، وإن كان الشريك معسرا: فهل لمن لم يُعتق اتباعه بالقيمة في ذمته وإكمال العتق عليه؟ فيه أيضًا قولان في المذهب. وعند أبى حنيفة أن المعتق إن كان موسرًا كان للآخر أن يعتق نصيبه أو يضمن شريكه أو يُسْتَسْعَى العبد، وإن كان معسرًا كان لشريكه العتق والاستسعاء (¬6). وتعلق مالك في نفي الاستسعاء بقوله في طريق ابن عمر: "وَإلاَّ فَقَدْ عُتِقَ مِنْهُ ما عتق" وظاهر هذا نفي الاستسعاء. وتعلق أبو حنيفة برواية أبي هُريرة في الاستسعاء. وقد قال بعض أصحابنا: إنها زِيَادَةٌ من كَلاَمِ قتادة تلبَّس على بعض الرواة فأضافها إلى نفس الحديث. وقد ذكر ابن المُنْذر ما يُصَحَّح مَا قالَهُ أصحابنا. وذكر في سند الحديث عن بعض رواته قال: وَكَان يُفْتِي قَتَادَةُ. وذكر الاستسعاء على أنه يحتمل أن يكون معنى قوله: "يستسعى العبد في نصيبه الذي لم يعتق"، أي يَخْتَدِمه بقدر نصيبه لئلاَّ يظن أنه يحرم استخدامه وإن كان قد وقع في بعض الروايات الاستسْعَاء في القيمة. وهذه الرواية تمنع هذا التأويل. وقال بعض أصحابنا: لعلّ الراوي نقل بالمعنى، ولما سمع الاستسعاء في النصيب عبر عنه بالقيمة على ما فهم، وهذا عندي لا يعول عليه لأنه سوء ظن بالرواة، وتطريق إلى إفساد أكثر الأحاديث. وقد قالوا أيضًا هُمْ في تأويل الحديث الذي تعلقنا به: إن قوله: "وإلا فقد عُتق منه ما عتق" أنَّهُ أراد أن العتق بَرَدَ واستقر وإن تعذر الاستكمال لا يوفع ما وقع فيه والذي ¬

_ (¬5) في (ب) و (ج) "فيه". (¬6) في (ج) "أو الاستسعاء".

قالوه يحتمل، وإنما يبقى النظر فيما قلناه: هل (¬7) الأظهر من المحتملات؟ والظواهر يقع بها الترجيح بعضها على بعض. وقد نبَّهْنَا على ما في روايتهم من الاحتمال وما في روايتنا ولم يبق إلاَّ التمسك بالأظهر. وفي غير كتاب مسلم: "عن جابر أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال: من أعْتَقَ عَبْدًا لَهُ شُرَكَاءُ وَلَهُ وَفَاء (¬8) فَهْوَ حُرٌّ وَيَضْمَنُ نَصِيب شُرَكَائِهِ بِقِيمَتِهِ لما أسَاءَ مِنْ مُشَارَكتِهِمْ وَلَيْسَ عَلَى العبد شيء". وفي هذا الحديث ثلاثُ فوائد: العتق بالسراية لقوله: "فهو حرّ"، والتعليل (¬9) بحق الشريك لقوله: "لما أساء من مشاركتهم"، ونفي السعاية لقوله: "وليس على العبد شيء". وقوله ها هنا في رواية أبي هريرة: "قُوِّمَ عَلَيْهِ الْعَبْد" إشَارَةٌ إلَى تَقْوِيم العبد كاملا ويعطي قيمة نصفه بنسبة قيمة الكلّ لأنه كان قادرًا على أن يدعو شريكه لبيع جملته فيحصل له نصف الثمن الحاصل في الجميع فإذا مَنَعَهُ من هذا ضمن له ما منعه منه. وقد قال هذا بعض أهل العلم. واختلف المذهب في الشريكين إذا أعتقا وسِهَامُهُمَا مُخْتلفة وَلَهما شَرِيك ثالث: هل يضمنان على التساوى لأنَّهُمَا اشتركا في الإِتلاف ولو انفرد كل واحد منهما فأعتق لضمن جميع نصيب شريكه من غير أن يعتبر قلة نصيبه أو كثرته، أو يكونان يضمنان بقدر أملاكهما لأنَّ كونهما مالكين نفَّذ لهما العتق فلِلْملك إذاً مدخل في هذا فوقعت الغرامة بقدره. وقد غلِط ابن راهويه وذهب إلى أن معتق نصف الأمة لا يضمن بقيتها لأنه لم يذكر في الحديث إلاّ العبد. وأنكر حُذّاقُ ¬

_ (¬7) "هل" ساقط من (ب). (¬8) "له وفاء" ساقط من (ب) والذي في (ب) "وله مال". (¬9) في (ب) "والتعليق".

أهل الأصول هذا ورأوا أن الأمة في معنى العبد وأن هذا لا يلتبس على أحد سمع هذا اللفظ وقالوا: إذا كان الفرع في معنى الأصل قطعًا صار كالمنصوص عليه. وأما قوله: "مَنْ أعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ" (ص 1140). الشقص: النصيب، ومثله الشقيص، وكذلك قوله: "من أعتق شِركًا لَهُ في عبدٍ" الشرك: النصيب، ومنه قول الله تعالى: {وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ} (¬10)، أي من نصيب ويكون الشرك في غير هذا الشريك، قال الله تعالى: {جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} (¬11) ويكون الشرك أيضًا الاشتراك يُقال: شَرِكْتُهُ في الأمر أشرَكُهُ شِرْكًا، ومنه حديث معاذ: "أجَازَ بَيْنَ أهْل اليمن الشِّرك" أراد الاشتراك في الأرض. وقوله: "فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ". يقال: عَتَقَ العَبْد في نفسه إذا صار حرًا وَأعْتَقَه سيِّدُه. 653 - ذَكَرَ: "أن عَائِشَةَ أرَادَتْ أنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةٌ تَعْتِقُهَا فَقَالَ: أهْلُهَا نَبِيعَكُهَا عَلَى أنَّ وَلاَءَهَا لَنَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيءِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: لاَ يَمْنَعُكِ ذَلِكَ فإنَّ الوَلاَءَ لِمَنْ أعْتَقَ". و"عَن عَائِشَةَ أنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْهَا تَسْتَعِينُهَا (¬12) فِي كِتَابَتِهَا". في بعض الروايات: "ولم تكن قَضَتْ من كِتَابتها شَيْئًا فقَالت لها عائشة: ارْجِعِي إلَى أهْلِكِ فإنْ أحبّوا أن أقضي عنكِ كِتَابَتَكِ وَيَكُونُ وَلاؤُكِ لِي فعلتُ. فَذكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ لأهْلِهَا فَأبَوا وقالوا: إنْ شَاءَتْ أنْ تحْتَسِبَ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ ¬

_ (¬10) (22) سبأ. (¬11) (190) سورة الأعراف، وقراءة شرك هي قراءة نافع. (¬12) في (ب) "تستفتيها".

وَيَكُونَ لَنَا وَلاَؤُكِ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ للنّبِيء - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهَا: ابتاعي وَأعْتِقِي فَإنَّمَا الوَلاَء لِمَنْ أعْتَقَ. ثُمَّ قالَ - صلى الله عليه وسلم -: مَا بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِيِ كِتَابِ الله، مَنِ اشْتَرَطَ شرْطًا لَيْسَ في كِتَابِ الله فَلَيْسَ لَهُ وَإنْ اشْتَرَطَ مائَةَ شَرْطٍ شَرْطُ الله أحَقُّ وَأوْثَقُ". وفي بعض طرقه: "وكان (¬13) زَوْجُهَا عَبْدًا فخيرها النبيء - صلى الله عليه وسلم - فاختارت نَفْسَهَا" (ص 1141 إلى 1143). قال الشَّيخ -وفقه الله-: حديث بريرة هذا فيه فقه كثير والذي يُحتاج إلى ذكره ها هنا الكلامُ في جواز بيعها ابتداء. وقد اختلفت أقْوَال العلماء في بيع المُكَاتَب على الجملة، فأجازه بعضهم، ومنعه بعضهم. والجواز على أنه يَتَأدَّى منه المشتري لا على أنه تبطل كتابته لأن هذا لم نعلم من يذهب إليه. وكذلك أيضًا أجاز مالك بيع كتابته خاصة ويؤدي للمشتري فإن عجز رُقَّ له. ومنع ذلك ابن أبي سلمة (¬14) وربيعة وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي ورَأوْا ذلك غررًا وجهلا بالمشتري لأنه لا يدري ما يحصل له هل نجومٌ أم رقبة (¬15). وأجاز بعض أهل العلم بيع المكاتب للعتق (¬16) لا للاستخدام، وإن رضي بالبيع وقد عجز عن الأداء لفقره وضعفه عن التكسب جاز بيعه، وإن كان ظاهر المال ففي رضاه بالعجز قولان، فمن مكنه منه أجاز بيعه إذا رضي بالعجز والبيع، ومن منعه من ذلك لم يجز بيعه. والقولان في المذهب ¬

_ (¬13) في (أ) "وَإن كان". (¬14) في (ب) "ابن مسلمة". (¬15) في (ب) "نجومه أم رقبته". (¬16) في (ج) "ليعتق".

عندنا وكذلك إن لم يكن له مال ظاهر ولكنه قادر على التكسب وتحصيل النجوم التي يعتق بها (¬17) في رضاه أيضًا بالعجز اختلاف في المذهب. وفي بيع العبد القن بشرط العتق مِنْ مشتريه اختلاف بين الناس، وأجازه مالك والشافعي، ومنعه أبو حنيفة ولكنه قال: إنْ وقع البيع مضى بالثمن. وخالفه صاحباه أبو يوسف ومحمد بن الحسن فقالا: يَمْضِي بالقيمة، فإذا تقرر هذا كله قُلنا بعده: لا بد من تطلب تأويل بيع بريرة وهي مكاتبة عند من منع (¬18) من بيع المكاتب فيقول من حكينا عنه: إنَّ بيعه جائز للعتق لا للخدمة. إنما جاز ها هنا لأن عائشة اشترتها للعتق وَأنَا أُجيزُه. ومَن يجيز بيع كتابة المكاتب يقول: لعلها اشترت كتابتها ويحتج بقوله ها هنا في كتاب مسلم: "فَإنْ أحبّوا أنْ أقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ" وهَذَا ظَاهره أنَّها لم تشتر الرقبة. ومَنْ يمنع بيع المُكاتب وبَيْعَ كِتَابِتِه يقول: عجَزَتْ ورضيتْ بالبيع فلهذا اشترتها عائشة. وأما شراء العبد القنّ بشرط الإعتاق فيتعلق بهذا الحديث من يجيزه ويقول: قد اشترتها عائشة بشرط العتق وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ابتاعي وأعْتِقِي"، وهذا يصحح ما ذهبت إليه. ومَنْ يمنع بيع العبد القِنِّ بشرط العتق قد ينازع في هذا ويمنع من كون عائشة مشترية. وقد يحمله على قضاء الكتابة عن بَريرة أو على شراء الكتابة خاصة إن كان أحد يجمع بين هذين المذهبين، منع البيع وجواز بيع الكتابة. هَذَا وَجْة من الكلام على هذا الحديث. وأمّا الوجه الثاني وهو المُشْكِل في (¬19) هذا الحديث فما وقع من طريق ¬

_ (¬17) في (ج) "بها" ساقطة. (¬18) في (ب) "من يمنع". (¬19) "المستشكل في" هكذا في (ب).

هشام ها هنا وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اشْتَرِيهَا وأعْتِقِيهَا واشْتَرِطِي (¬20) لَهُمُ الوَلاَء"، فيقال: كَيْفَ أمَرَها - صلى الله عليه وسلم - بهذا وفيه عقد بيع على شرط لا يجوز وتغرير بالبائعين إذْ شرطت لهم ما لا يصح وَخَدعتهم فيه وَلَمَّا صعب الانفصال عن هذا على بعض النَّاس أنكر هذا الحديث (¬21) أصلاً. يُحْكَى ذلك عن يحيى بن أكثم، وقد وقع في كثير من الروايات سقوط هذه اللفظة، وهذا (¬22) مما يشجع يَحْيى على إنكارها. وأما المحصلون من أهل العلم فتطلبوا لذك تأويلا واختلفوا فيه فقال بعضهم: "لَهُمْ" هَا هُنَا بمعنى عليهم (فيكون معناه: اشترطي عليهم الولاء. وعبر عن عَليهم بلفظ "لهم" كما قال تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمُ} (¬23) بمعنى عليهم (¬24) {وَإنْ أَسَأتُمْ فَلَهَا} (¬25) أيْ فَعَلَيْهَا (ويكون قيام النبيء - صلى الله عليه وسلم - وَوَعْظُهُ لِمَا سلف لَهُم من شرط الولاء لأنفُسِهِمْ قبل ذلك) (¬26). وقال آخرون: معنى "اشترطي" ها هنا أظهري لهم (¬27) حكم الولاء. قال أوس بن حجر: يذكر رجلاً تدلى من رأس جبل بحبل إلى نبعة ليقطع فيتخذ منها قوساه: [الطويل] فَأشْرَطَ فِيهَا نَفْسَهُ وَهْوَ مُعْصِمْ ... وَألْقَى بِأسْبَاب لَهُ وتوكّلا ¬

_ (¬20) في (ج) "واشترط". (¬21) في (ب) "على بعضٍ أنكر هذا الحديث". (¬22) في (ج) عوض "هذا" كلمة غير واضحة. (¬23) (25) الرعد. (¬24) "بمعنى عليهم" ساقط من (أ). (¬25) (7) الإسراء. (¬26) ما بين القوسين ساقط من (أ). (¬27) "لهم" ساقط من (أ).

معناه جعل نفسه عَلَمًا لذلك الأمر، ومنه قيل: أشراط الساعةِ بمعنى علاماتِها، ومنه سُمُّوا أصحاب الشرط لأنه كان لهم في القديم علامات يُعرفون بها. ومنه: الشرط في كذا، بمعنى أنه عَلَمٌ عليه. وقال آخرون: إنّما المراد بهذا الزّجر والتوبيخ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كَانَ بَيِّن لهم أن هذا الشرط لا يحلّ فلما أخذوا يتقاحمُونَ على مخالفته قال لعائشة هذا اللفظ، بمعنى لا تبالي بشرطهم لأنه باطل مردود وقد سبق بياني لهم ذلك لا على معنى الإِباحة لها والأمر لها بذلك، وقد ترد لفظة افعل وليس المرادُ بها اقضاءَ الفعل ولا الإِذن فيه كما قال تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} (¬28) و {كُونُوا حِجَارةً أوْ حَدِيدَا} (¬29). وأما الوجه الثالث فإنه الكلام على قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الولاء لمن أعتق". ولا خلاف بين الُعلماء في مُعْتِق عبده عن نَفْسِهِ أن وَلاَءَهُ لَهُ. واختلفوا إذا أعتقه عن غيره رجلٍ بعينه أو عن جميع المسلمين، فمذهبنا (¬30) أن الولاء للمعتَقِ عنه كان رجلاً بعينه أو جماعة المسلمين. وقال ابن نافع من أصحاب مالك في المُعتق عن جماعة المسلمين: إن الولاء له دونهم. قال بعض شيوخنا: ويلزمه على ما قال أن يقول بمذهب المخالف: إن الولاء للمعتق وإن أعتق (عن رجل بعينه. واحتج من رأى أنّ الولاء للمعتق وإن أعتق) (¬31) عن غيره بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الولاء لمن أعتق" فعمَّ. وحمله مالك على أن المراد به: من أعتق عن نفسه، بدليل أن الوكيل إذا أعتق بإذن موكّله على العتق كان الولاء لمن وكّله وإن كان هو المعتق. وقد وقع هنا سؤال مشكل، وهو: لو قال: أنت حرّ ولا ولاء لي عليك. ¬

_ (¬28) (40) فصلت. (¬29) (50) الإِسراء. (¬30) "فمذهبنا" ساقط من (ب). (¬31) ما بين القوسين ساقط من (ب).

فأما ابن القصار فالتزم في هذا السؤال أن يكون الولاء للمسلمين. ونَّزل هذا القول منزلة قول القائل: أنت حر عن المسلمين. وكان بعض شيوخنا يخالفه في هذا ويرى أن بقوله: أنت حر، استقر الولاء له، واستئنافه بعد ذلك جملة ثانية هي قوله: "ولا ولاء لي عليك" لا يُغيّر حكم الجملة الأولى لأنه إخبار على أن حكم الجملة الأولى المستقرة بالشرع على خلاف ما حكم الله تعالى به، فيكون إخباره كذبا وفتواه باطلا، والباطل والكذب لا يلتفت إليه ولا يُعَوَّل في مثل هذه الأحكام عليه. وأما الوجه الرّابع من الكلام على هذا الحديث فقوله: "فخيّرها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقد كان زوجها عبدًا" فلا خلاف بين أهل العلم في أن الأمة إذا عتقت تحت عبد أن لها الخيار في فسخ نكاحه. واختلف الناس في الحر (¬32) هل تخير إذا اعتقت تحته؟ فعندنا لا تخَيَّر لأن هذا الحديث قد ذكر فيه ها هنا أن زوجها كَان عَبْدًا والأصل ثبوت الأنكحة ولا سبيل إلى إثبات الفسخ عند طريان حوادث إلاَّ بشرع يدل على ذلك، وقد دل ها هنا عَلَى العَبْد فبقيَ الحر على الأصل. وأما المخالف الموجب لها الخيار وإن كان زوجها حرًّا فتعلق برواية من روى أن زوجها كان حرّا. ونحن نرجّح مذهبها عليه بأن نقول: راوي حال هذا الزوج ابن عباس وعائشة، فأما ابن عباس فلم يختلف الرواة عنه أنه قال: كان زوجها عبدا. وأما عائشة فاختلفت الرواة عنها هل قالت "عبدا أو حرا؟ " والذي لا اختلاف عنه أولى أن يُتعلق بروايته من رواية من اختلف عنه. وأما وجه الخلاف من جهة الاعتبار والمعنى فإن مالكا رأى أن العلّة ما يدركها من المعَرَّة لما صارت حرة يكون زوجها عبدًا وإذا كان زوجها حرا ¬

_ (¬32) في (أ) "الحرة".

فلا معرة عليها فلا وجه لتخييرها. وأما المخالف فيرى أن العلة كونها معقودا عليها بالجبر أولاً لحق العبودية فإذا صارت إلى حال من لا يُجبر لملكها نفسها كان لها حل (¬33) العقد. ويتعلق في ذلك بما قيل في بعض الطرق: "ملكتِ نفسك واختاري" أو كما قال، فأشار إلى أن العلة ملك النفس، وهذا يوجب المساواة بين الحر والعبد، فإذا ثَبت أن لها الخيار فإنها إذا مكنت الزوج من وطئها بعد علمهَا بالعتق سقط خيارها، وإن زعمت. أنها جاهلة بحكم الخيار. هذا المعروف من المذهب. وقال بعض أصحابنا: فإن هذا بناءٌ على أنها ادعت ما لا يشبه من الجهل بالحكم لاشتهار هذا الحكم عند سائر الإِمَاءِ. ولو كانت ممن يَتَبَيَّن جهلها بهذا كحديثة العهد بالسبي من السودان وغيرهم لجرت على القولين فيمن زنا جاهلا بحكم تحريم (¬34) الزنى هل يحد أم لا؟ وقد تعلق بعض أصحابنا بأن في بعض الأحاديث أنه علق على الخيار لها بأن لا توطأ ولَمْ يفرق بين وطئها جاهلة أو عالمة. والصحيح من هذا أنه لم يثبت أثر يسقط تخييرها إذا جهلت الحكم أنها باقية على حقها ولا معنى لتخريجهم الخلاف في ذلك لأن كل من ثبت له حق فلا يسقط إلا بنصّه على إسقاطه أو فعل يقوم مقام النص، (وتمكين العالمة بالحكم قائم مقام النص) (¬35) منها على إسقاط حقها فسقط، وإذا كانت جاهلة لم يصدر عنها ما يدل على سقوط حقها فبقيت على الأصل في ثبوته. وأما الوجه الخامس فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو ¬

_ (¬33) "حل" ساقط من (ب). (¬34) "تحريم" ساقط من (أ). (¬35) ما بين القوسين ساقط من (ب).

باطل وإن كان مائة شرط". فيجب أن يعلم أن الشروط المقارنة للبيع لا تخلو من ثلاثة أقسام: أحدها: أن يكون من مقتضى العقد كالتسليم، وجواز التصرف في المبيع، وهذا لا خلاف في جواز اشتراطه لأنه يُقْضَى به وإن لم يُشترط. والثاني: أن لا تَكُون من مقتضاه ولكنها من مصلحته كالحميل والرهن واشتراط الخيار، فهذا أيضًا يجوز اشتراطه لأنه من مصلحته فأشبه ما كان من مقتضاه ولكنه إنما يقضى به مع الاشتراط وإن لم يشترط فلا يقضى به وبهذا يفارق القسم الأول. والثالث: أن تكون خارجة (¬36) عن ذلك مما لا يجوز اشتراطه في العقود بأن يمنع من مقتضى العقد أو يوقع فيه غررا. و (¬37) غير ذلك من الوجوه الممنوعة. فهذا موضع اضطراب العلماء، ومسائل المذهب مضطربة فيه ولكن المشهور فيه على الجملة في القول المطلق أن البيع والشرط جميعا يُنقضان ويبطلان لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أحْدَثَ فِي دِيننَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فهْوَ رَدٌّ" لأنه قد وضع من الثَّمَن لأجل الشرط فصار له حصة من المعاوضة فيجب بطلان ما قابله من العوض لفساده والذي ينوبه من العوض (¬38) مجهول. وهذا يؤدي إلى الجهالة بما يقابل ما سواه في العوض فوجب فسخ الكل لذلك. وقد قال بعض العلماء: فإن الشرط خاصة هو المختص بالبطلان لأجل حديث بَريرة. وقد وقع في المذهب مسائل خرّج منها بعض الشيوخ هذه الطريقة ¬

_ (¬36) في (أ) "خارجه". (¬37) في (ب) و (ج) أوْ. (¬38) في (ب) "من المعارضة".

وجعلها قولاً في المذهب. ووجه المشهور ما قدمناه (¬39) من الخبر والقياس وهو مقدم عندهم على هذا الحديث على أن حديث بَريرة لم يُنص فيه على صحة البيع إنما ذكر الشروط خاصة فبقي البيع يؤخذ حكمه من مواضع أخر في الشريعة. وأما شراء عائشة فقد ذكرنا له وجوهًا من التأويل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اشترطي لهم الولاء" وإذا ثبتت تأويلات الحديث سقط تعلقهم بظاهره، وقول عائشة في بعض طرق حديث بَريرة: "لاَها الله لا أفعل ذلك" فيها لغتان إحداهما (¬40): إثبات الألف، والأخرى إسقاطها لسكونها وسكون اللام (¬41) في الاسم فيصير اللفظ (¬42) ها الله (¬43) بمعنى: والله. وأما الوجه السادس فما ذكره من أكله - صلى الله عليه وسلم - مما تصدق به عليها. وقد تقدم الكلام عليه فيما سبق. 654 - قال الشيخ -وفقه الله- خرّج مسلم في باب الولاء: حديثا "عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبيء - صلى الله عليه وسلم -" ثم قال بَعْده: "وحدثنيه إبراهيم بن دينار نا عبيد الله بن موسى قال نا شيبان يعني النحوي أبا معاوية" (¬44) (ص 1146). وفي نسخة ابن ماهان: "حدثنا إبراهيم نا عبيد الله قال (¬45) نا سفيان ¬

_ (¬39) في (ب) "قدمنا". (¬40) في (ج) "أحدهما". (¬41) في (ج) "أو سكون اللاَّم". (¬42) في (ب) "الاسم". (¬43) في (ج) "ها الله" بإثبات الألف. (¬44) في (ب) "أنا معاوية". (¬45) "قال" في (ج) ساقطة.

عن الأعمش" جعل سفيان بدل شيبان والصواب شيبان، ومثله في المناقب: "حدثنا القاسم بن زكرياء قال نا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن الأعمش عن مالك بن الحارث (¬46) عن أبي الأحوص" الحديث في مناقب عبد الله ابن مسعود وليس عندهم في هذا الموضع خلاف. 655 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدًا (¬47) إلا أنْ يَجِدَه مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ"، وفي بعض طرقه: "وَلَدٌ وَالِدَهُ" (ص 1148). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في عتق الأقارب إذا مُلكوا فأنكره جملة بعض أهل الظاهر وتعلقوا بهذا الحديث، وأثبته جُمهور الأُمة، واختلفوا فيمن يثبت ذلك فيه، فعندنا في المذهب ثلاثة أقوال: المشهور منها عن مالك: أن العتق يختص بعمودي النسب والإِخوة. ويدخل في قولنا: عَمُودَي النسب الآباء والأجداد والأمهات والجدات وإن عَلَوْا والولد وولد الولد وإن سَفلوا. والقول الثاني: إثبات العِتق في عَمُودي النسب خاصة دون الإِخوة ذكره ابن خُوَيْزِ مِنْدَاد (¬48). والقول الثالث: عتق ذوي الأرحام المحرَّمة. ذكره ابن القَصّار. وبما حكاه ابن خُوَيْز منداد قال الشافعي، وبما حكاه ابن القصار قال أبو حنيفة. فأما تعلق من أنكر العتق أصلا بقوله: "إلاّ أن يشتريَه فيُعتِقَه" وتقديره: أنّه لما أضاف العتق إلى الولد اقتضى أنْ يكون باختياره. وذلك ¬

_ (¬46) في (ب) "مالك بن الحويرة". (¬47) في (ب) "والد ولدا"، وهو تحريف. (¬48) في (أ) "ابن خواز منداذ"، وكذا فيما بعد، وفي (ج) "خواز منداد" آخره دال مهملة، وما في (ب) هو ما في الديباج.

ينفي عتقه عليه جَبْرًا فإن هذا لا حجة لهم فيه. ومَحْمله عندنا على أنه يُعتَق باشترائه فأضاف العتق إليه لما كان عن أمر يكتسبه ويفعله، وهو الشراء. وقد خرج الترمذي والنسائي وأبو داود عن سَمُرة أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال: "من مَلَك ذَا رَحِمٍ محْرَمٍ فهو حرٌّ". وعند الترمذي "ذاتَ محرم". وهذا يمنع من التعلُّق بالحديث الذي ذكروه ولو كان الأظهرُ في معناه ما قدروه لأنَّ النصوص أولى من الظواهر. ولهذا الحديث حملنا قوله "فيعتقه" على ما قلناه من التأويل وهو الحجة للقول الذي حكاه ابن القصار. وقد تعلق أصحابنا بقوله تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} (¬49). وردَّ بهذا إضافة الكفرة الولد إليه سبحانه وتعالى فدلَّ على منافاة البنوَّة (¬50) للعبودية وتعلقوا في الإِخوة بقوله: {لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي} (¬51) فَلَمَّا استحال ملك نفسه استحال ملك أخيه. وتعلقهم بهذه الآية في الإِخوة ضعيف ولهذه الآي وقع الاقتصار في المذهب المشهور على عتق عمودي النسب والإِخوة لا أكثر وكأنَّ الحديث لم يثبت عنده ولأجل ضعف التعليق بقوله: {لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي} نفى عتق الإِخوة وأثبت عتق البنوة لقوله الظاهر (¬52) الوارد به في القرآن وأثبت عتق الأبوة بقوله عز وجل: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (¬53) وبقوله تَعَالَى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} (¬54) وليس من الإِحسان إليهما استرقاقهما. ¬

_ (¬49) (93) مريم. (¬50) في (ج) "النبوَّة" وكذا فيما بعد. (¬51) (25) المائدة. (¬52) في (ب) "لقوة الظاهر"، وفي (ج) "لقوة الظواهر". (¬53) (83) البقرة. (¬54) (23) الإِسراء.

فهذه وجوه الأقوال الثلاثة المذكورة في المذهب التي قال بجميعها فقهاء الأمصار الثلاثة (¬55). وقد اختلف المذهب عندنا هل يفتقر عتق الأقارب إلى حُكْم أم لا؟ فقيل: لا يفتقر إلى حُكم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ ملك ذَا رَحِمٍ مَحْرم فهو حرّ" وظاهر هذا الاقتصار على مجرد الملك دون الحكم، وقيل: بل يفتقر ذلك إلى حكم لأجل اضطراب العلماء في هذه المسألة. واختلاف المذهب فيها فيكون حكم الحاكم رافعًا للخلاف. ¬

_ (¬55) "الثلاثة" ساقطة من (ب).

12 - كتاب البيوع

12 - كِتَابُ البُيُوعِ 656 - فيه قول الراوي: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَن بَيْعَتَيْنِ: المُلاَمَسَةِ والمُنَابَذَةِ" (ص 1151). أما الملامسة فَأنْ يَلْمُسَ كل واحدٍ منهما ثوب صاحبه بغير تأمل، والمنابذة أن ينبذ كل واحد منهما ثوبه إلى الآخر ولم ينظر واحد منهما إلى ثوب صاحبه. قال الشيخ -وفقه الله-: الأحاديث الواقعة في البيوع ها هنا كثيرة ونحن نقدم فصل حسنًا يشتمل على عقد جيد ونَطَّلِعُ منه على أسرار في الشرع. فاعلم أن العرب لبلاغتها وحكمتها وحرصها على تأدية المعاني إلى الأفهام بأدْنى ضروب الكلام تخص كل معنى بعبارة وإن كان مشاركا للآخر في أكثر وُجُوهه. فلما كَانَتِ الأمْلاَكُ تَنْتَقِل عن أيدي مالكيها بعوض (وبغير عوض سَمَّوْا المنتقل بعوض بَيْعا فحقيقة البَيْع نقل الملك بعوض) (¬1)، ¬

_ (¬1) ما جاء بين القوسين هو في (ب) بالهامش.

ولكن المعاوضة إن كانت على الرقاب خصوها بتسمية البيع، وإن كانَتْ على المنافع خصوها بتسمية الإِجارة، إلا أن تكون المنافع منافع الفروج فخصُّوها أيضًا بتسميتهما نكاحا. وإذا علمت حقيقة البيع ومعانيَ هذه التسميات فاعلم أن البَيْع يفتقر إلى أربعة أركان: أحدهما (¬2): متعاقدان أو من في معناهما. وقولنا: من في معناهما احتراز من أب عقد على ولديه أو وَصيّ على يتيميه (¬3). والثاني: معقود به. والثالث: معقود عليه. والرابع: العقد في نفسه. فأما المتعاقدان فمن حقهما أن يكونا مطلقي اليد والاختيار، فقولنا: يكونا مطلَقَيْ اليد، احتراز (¬4) لمن يحجر عليه، وهم أربعة أصناف: أحدهم (¬5): من يحجر عليه لحق نفسه وهو السفيه، ويدخل فيه المجنون والصغير والعاقل البالغ الذي لا يميز أُمورَ دنياه. والثانى: من يحجر عليه لحق غيره ممن يملك أعيان ما في يديه كالسيد مع عَبده. ¬

_ (¬2) في جميع النسخ (أ) و (ب) و (ج) "أحدهما" وهو ما أثبتناه والصواب "أحدها". (¬3) في (ب) "أو وصيّ عقد ليتيميه". (¬4) في (أ) و (ب) "احترازا". (¬5) في (ب) "أحدها".

والثالث: من يحجر. عليه لمن (¬6) يخاف أن يملك عينَ ما في يديه كالمريض مع ورثته، وقد تلحق به الزوجة مع زوجها، والمرتد مع المسلمين. والرابع: من يحجر عليه لحق من يملك ما في ذمته كالمديان مع غرمائه ولكن طريق الحجر يختلف (¬7) مع هؤلاء، ويُستقصَى (¬8) كل فصل في موضعه إن شاء الله. فالسفيه يمنع من البيع رأسا، وكذلك العبد إذا شَاء سيده، وكذلك المرتد والمديان إذا ضُرب على أيديهما، والمريض والزوجة يُمنعان إذا حابَيَا محاباة تزيد على ثلثهما. وعندنا اختلاف في السفيه إذا كان مهملا فقيل: تمضي بِياعاته، وقيل: ترد إن كان ظاهر السفه وتمضي إن كان خَفِيَّه (¬9). وكان المحققون من شيوخنا يختارون الرد لأن السفيه المحجور يرد بيعه اتفاقا فكأنَّ المحققين رأوا أن الرد من مقتضى السفه فردّوا أفعال المهمل. ورأى بعض أصحاب مالك الرد من مقتضى الحجر فأجازوا أفعاله إذْ لاَ حَجْر عَلَيْه. والأصح عند شيوخنا أنه من مقتضى السفه لأن الحجر كان عن السفه ولم يكن السفه عَن الحجر، وإذا كان الحجر عن السفه، ومن مقتضاه وجب أن يكون الرد في السفيه المحجور عليه لأجل السفه لا لأجل الحجْر. وكان شيخي رحمه الله يقول: فإن السفه علة في رد الأفعال بدليل الاتفاق على رد أفعال الصغير والمجنون ومن بلغ سفيها ولم يبلغ الخمسة وعشرين (¬10) عاما فإن الاتفاق على رد فعل هؤلاء إذا كانوا في الحجر، ¬

_ (¬6) في (ب) "من يحجر عليه لحق غيره كمن". (¬7) في (ب) و (ج) "ولكن طُرق الحجر تختلف". (¬8) في (ب) و (ج) "ونستقصي". (¬9) في (ب) و (ج) "إن كان خفيا". (¬10) في (ب) "والعشرين".

وَإذا ثبت رشد السفيه وجب تسليم ماله إليه، فدلّ ذلك على أن العلة وجود السفه والعلة حيثما وجدت اقتضت حكمها هذا المعنى الذي كان يشير إليه. وكذلك اختلف المذهب في المحِجور عليه إذا رشد ولم يفك الحجر عنه: هل تَمْضِي أفعاله وهو عكس السفيه المهمل؟. والنظر عند شيخنا يقتضي جواز أفعاله لوجود علة الجواز وهي الرشد وارتفاع علة الردّ وهي السفه وهكذا يجري الاختلاف في المرتد إذا باع قبل الحجر عليه قياسا على السفيه المهمل. والرشد عندنا المطلوب ها هنا في تدبير الدنيا وإصلاحها لا (¬11) في إصلاح الدين. وقال بعض أصحابنا: بل الرشد إصلاحهما جميعاً، والأول أولى إذا كان الفاسق ممسكا لماله منمِّيا له لا يتلفه في المعاصي ولا أعظم فسقا من الكافر، وفسقه لم يوجب ردّ بياعاته إذا تحاكم إلينا وقد باع على الصحة من مسلم وقد حدَّ - صلى الله عليه وسلم - الزُّنَاة وقطع السرَّاق وضرب شُرَّاب الخمر ولم ينقل إلينا أنه - صلى الله عليه وسلم - حَجَّر عليهم. وهذا هو الأصح لهذا الذي قلناه ولغيره (¬12). وأما قولنا: مطلق الاختيار، فلأن المكره المقصور الاختيار لا يلزمه عقده لأنَّ الله سبحانه أباح إظهار كلمة الكفر للإِكراه فدل على أن الإِكراه يصيّر المكره كغير القاصد، ومن لا قصد له لا يلزمه بيعه. وقد ألزمه المخالف طلاقَه وعتْقَه. وهذا التعليل يرد قوله ويرده أيضا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "رفع عن أمتي خطؤها ونسيانها (¬13) وما استكرهوا عليه". ¬

_ (¬11) "لا" ساقطة من (أ). (¬12) "ولغيره" ساقط من (ب). (¬13) في (ب) "الخطأ والنسيان".

وأما السكران فإن الحدود تلزمه. وقد حكى بعض الناس الإِجماع على أنه إذا قَتَل قُتِل. وقال بعض الناس: إنما فارق المجنون في ذلك لأنه متعدٍّ في شرب ما أزال عقله ومكتسب لما أدى إلى ذلك فكانت أفعاله كأفعال المكتسب القاصد. وقال بعضهم: فإنَّ رفع التكليف عن المجنون رخصة وتخفيف وهذا عاص بشربه والعاصي لا يرخص له. وأما عقوده فإن كان طلاقا أو عتاقا فالمشهور عندنا لزوم ذلك لأن ذلك من ناحية الحُدود فألحق بِهاَ في الحُكم. وقد رويت عندنا رواية شاذة في طلاقه أنه لا يلزم قياسا على المجنون. وسلّم بعض أصحابنا أنه لو صُبَّ في حلقه الخمر حتى ذهب عقله أن طلاقه لا يلزم حينئذ لأنه غير متعد في الشرب. وأما بياعاته ففيها عندنا قولان: جمهور أصحابنا على أنها لا تلزمه لأنه بِسُكره يقصر ميزه (¬14) في معرفته بالمصالح عن السفيه والسفيه لا يلزمه بيعه وإن كان يقام الحد عليه كما يقام على السكران. وذهب بعض أصحابنا إلى أنه تلزمه بياعاته كما تلزمه الحدود، وأما هِباته فتجري على القولين في بياعاته هذا حكم أحد الأركان وهو المتعاقدان. وأما المعقود به والمعقود عليه فحكمهما واحد. وإنما تحسين التقسيم أدى إلى إفرادهما بالذكر وإلاّ فكل معقود به معقود عليه فيجب أن تَعْلَمَ أنَّ ما لا منفعة فيه أصلا لا يجوز العقد به ولا عليه لأن ذلك يكون من أكل المال بالباطل ولم يقصد باذل ما يُنتفع به إلى الهبة فيجوز له، وهذا الذي لا منفعة فيه أصلا (¬15) لا يصح ملكه إذا كان مما نهى الشرع عن تملكه كالميتة والدم ولحم الخنزير والخمر، إلاَّ أن الخمر إذا أجزنا تخليلها فقد سهّل في إمساكها للتخليل بَعْضُ أصحابنا. وأما ما فيه منفعة مقصودة فلا يخلو من ثلاثة أقسام: ¬

_ (¬14) في (ب) "تمييزه". (¬15) "أصلا" ساقط من (ب).

أحدها: أن تكون سائر منافعه محرمة. والثاني: أن تكون سائر منافعه محللّة. والثالث: أن يكون بعضها محللا وبعضها محرما. فإن كانت سائر منافعه محرمة صار هو القسم الأول الذي لا منفعة فيه كالخمر والميتة. وإن كانت سائر منافعه محللة جاز بيعه إجماعا كالثوب والعبد والعقار والثمار وغير ذلك من ضروب الأموال. وإن كانت منافعه مختلفة فهذه المواضع المشكلات في الأفهام ومزلَّة الأقدام، وفيه ترى العلماء يضطربون، وأنا أكشف لك (¬16) عن سره إن شاء الله ليهون عليك اختلافهم فيه. فاعلم أنه تقدم لك أصلان: جواز البيع عند تحليل سائر المنافع، وتحريمه عند تحريم جميعها، فإذا اختلف عليك فانظر فإن كان جلّ المنافع والمقصود منها محرما حتى صار. المحلَّل من المنافع كالمطَّرح فإن البيع ممنوع، وواضح إلحاق هذا بأحد الأصلين المتفق عليهما لأن المطَّرح من المنافع كالعدم وَإذا كان كالعدم صار كأن الجميع محرّم وإن كان الأمر بعكس ذلك كان الحكم بعكسه، وهو أن يكون المقصود من المنافع وجلّها مباحًا والمحرم مطَّرحا في المقصود فواضح إلحاق هذا بالأصل الثاني وهو ما حَلَّ سائر منافعه. وأشكل من هذا القسم أن تكون فيه منفعة محرّمة مقصودة مرادة وسائر منافعه سِواها محلل مقصود فَإِنّ هذا ينبغي أن يلحق بالقسم الممنوع لأن كون هذه المنفعة المحرمة مقصودة تؤذن بأن لها حصة من ¬

_ (¬16) "لك" ساقط من (أ).

الثمن وأن العقد اشتمل عليها كما اشتمل على سائر المنافع سِوَاهَا، وهو عقد واحد على شيء واحد لا سبيل إلى تبعيضه والتعاوض على المحرم منه (ممنوع فمنع الكُلُّ لاستحالة التمييز وأنَّ الباقي من المنافع المباحة يصير ثمنه مجهولاً) (¬17) لو قدر جواز انفراده بالتعاوض (¬18). وربما وقع في هذا النوع مسائل تُشكل على العالِمِ فيلحظ المسألة بعين فكرته فيرى المنفعة المحرّمة ملتبسا أمرها هل هي مقصودة أم لا؟ ويرى ما سواها منافع مقصودة محللة فيمتنع من التحريم لأجل كون المقصود من المنافع محلّلا ولا ينشَد لإِطلاق الإِباحة لأجل الإِشكال في تلك المنفعة المحرّمة هل هي مقصود أم لا؟ فيقف ها هنا المتورّع، ويتساهل آخر فيقول بالكراهة ولا يمنع ولا يحرم ولكنه يكره لأجل الالتباس، فاحتفظْ بهذا الأصل فإنه من مُذْهَبَات العلم ومن قتله علما هان عليه جميع مسائل الخلاف الواردة في هذا الباب وأفْتَى وهو على بصيرة في دين الله تعالى. ويكفيك من أمثلة هذا الباب على اتساعها وكثرتها ما وقع لأصحابنا من الاختلاف في بيع كلب الصَّيْد فإنه من لم يسمع فيه حديثا بالنهي عن بيعه واستعمل هذا الأصل خرج له حكمه منه فيقول: في الكلب من المنافع كذا وكذا، ويعدد سائر منافعه ثم ينظر هل جميعها محرّم فَيمنع البيع أو محلل فيجيز البيع أو مختلفة فينظر هل المقصود المحرم أو المحلل؟ ويجعل الحكم للغالب على ما بسطناه، أو تكون منفعة واحدة محرمة خاصة وهي مقصودة فيمنع على ما بيناه، أو ملتبِس كونها مقصودة فيقف أو يكرهَ على ما بينّاه. والعرض على هذا الأصل هو سبب اضطراب أصحابنا فيه، وكذلك بيع النجاسات ليزبَّلَ بها النبات ما وقع فيه في المدونة وفي الموازية ولابن القاسم ولأشهب على هذا الأصل يعرض ومنه يعرف الحق فيه. ¬

_ (¬17) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬18) في (ب) "بالعوض" وهو تحريف.

وقد نبه - صلى الله عليه وسلم - بأحسن عبارة وأقرب اختصار على هذا المعنى الذي بسطناه بقوله - صلى الله عليه وسلم - في الخمْر: "إن الذي حَرَّم شُربَها حَرّم بيعها". ومن كلامه - صلى الله عليه وسلم - هذا اقتضبْنَا (¬19) هذا الذي هو الأصل العظيم. وذلك أنّه أشار إلى أن المنفعة المقصودة من الخمر هي الشربُ لا أكثر فإذا حرّمت حرُمت المعاوضة لأن المشتريَ منعه الشرع من الانتفاع بها فَإذا بَذَل ماله وهو مطيع للشرع في أن لا ينتفع بها فقد سَفه وضَلَّ رشدَه وصار من أكل المال بالباطل. وهكذا أيضًا نبه على هذا في الحديث الآخر الذي لعن فيه اليهود لما حَرّم عليهم الشَّحْم فباعوه وأكلوا ثمنه لأنَّ الشحم المقصود منه الأكل فإذا حُرِّم حُرِّم الثمن. وهذا من وضوحه كاد يلحق (¬20) بالعقليات، ولهذا قال: "لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم" الحديث. وقد نبه - صلى الله عليه وسلم - على القسم الآخر المشكل لأنه لما قيل له في شحم الميتة: "يا رسولَ الله إنا نطلي به السفن" فأوردَ متنًا دل على المنع من البيع ولم يعذرهم بذلك ولا أباح البيع لاعتلالهم له بحاجتهم إليه في بعض المنافع. هذا على طريقة من يجيز استعمال ذلك في مثل هذه المواضع فتكون بعض المنافع محللة، ولكن المقصود الذي هو الأكل محرم فلم يرخص في البيع لذلك. ويلحق بهذا المعنى بياعات الغرر لأنه قد لا يحصل المبيع فتصير المعاوضة على غير منتفع به، ويلحق بالقسم الأول الذي هو المعاوضة على ما لا منفعة فيه أصلا وقد تقدم، ولكن ذلك لكون عدم المنفعة فيه تحقيقا وهذا عدم المنفعة فيه تقديرًا وتجويزًا. ¬

_ (¬19) في (ب) "اقتضينا" بالياء المثناة من أسفل. (¬20) في (ب) "كاد أن يلحق"، وهو نزر في (كاد).

وأما العَقد فمن شرطه أن يخلَّص عن المنهيات كلها وهي محصورة فيما تقدم وفيما شَذَّ منه مما يرجع إلى أصول أخر كالنهي عن العقد عند صلاة الجمعة إلى غير ذلك مما ننبه عليه إن شاء الله عند وروده في أحاديث هذا الكتاب ويُستقصى (¬21) كل فصل في موضعه إن شاء الله. 657 - قوله: "نَهَى - صلى الله عليه وسلم - عن بَيْع الحَصَاة وعَنَ بَيْعِ الغَرَرِ" وفي حديث آخر: "نَهَى عَنَ بَيْع حَبل الحَبَلة قَال ابن عمر: كَانَ الجَاهِليَة يَتَبَايَعُون لَحْمَ الجَزُور إلى حَبَلِ الْحَبَلَة وَحَبَلُ الحَبَلَةِ أن تُنْتَجَ النَّاقَةُ ثُمَّ تَحْمِلَ الَّتِي نُتِجَتْ فَنَهَاهُم - صلى الله عليه وسلم - عن ذَلِكَ" (ص 1153 - 1154). قال الشيخ -وفقه الله-: تضمنت هذه الأحاديث النهي (عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر) (¬22). وعن بيع حَبَل الحبلة. فأما الغرر فهو اسم جامع لبياعات كثيرة منها هاتان البيعتان: بيع الحصاة، وبيع (¬23) حبَل الحبلة على أحد التأويلات فيهما. فأما الغرر فما تردَّد بين السلامة والعطب أو ما في معنى ذلك، وذلك أنّهُ يلحق بمعنى إضاعة المال لأنه قد لا يحصل المبيع فيكون بذْل ماله باطلا. وقد نبه - صلى الله عليه وسلم - على هذه العلة بقوله في بيع الثَّمرة قبل الزهو: "أرأيتَ إن منع الله الثّمرة بِم يأخذ أحدكم مال أخيه". وقد رأينا العلماء أجمعوا على فساد بعض بِيَاعَات الغرر وأجمعوا على صحة بعضها واختلفوا في بعضها فيجب أن يبحث عن الأصل (¬24) الذي يعرف منه اتفاقهم واختلافهم فنقول: إنا لما رأينَاهم أجمعوا على منع بيع ¬

_ (¬21) في (ب) "ونستقصي". (¬22) ما بين القوسين ساقط من (أ). (¬23) "وبَيْع" ساقط من (أ). (¬24) في (أ) "على الأصل".

الأجنة والطير في الهواء والسمك في الماء ثم رأيناهم أجمعوا على جواز بيع الجُبَّة وان كان حشوها مغيّبًا عن الأبصار ولو بيع حشوها على انفراده لم يجز، وأجمعوا على جواز إجارة الدار مشاهرة مع جواز أن يكون الشهر ثلاثين أو تسعا وعشرين. وأجمعوا على دخول الحمام مع اختلاف الناس في استعمال الماء وطول لَبثهم في الحمام وعلى الشرب من الساقي مع اختلاف عادات الناس فيه أيضًا (¬25). قلنا: يجب أن يفهم عنهم أنهم منعوا بيع الأجنة لعظم غررها وشدة خطرها، وَأن الغرر فيها مقصود يجب أن يفسد العقود. ولما رأيناهم أجمعوا على جواز المسائل التي عددناها قلنا: ليس ذلك إلا لأن الغرر فيها نزْر يسير غير مقصود وتدعو الضرورة إلى العفو عنه، فإذا ثبت هذا وصَحّ ما استنبطناه (¬26) من هذين الأصلين المختلفين قُلنا: يجب أن ترد جميع مسائل الخلاف الواقعة بين فقهاء الأمصار في هذا المعنى إلى هذا الأصل، فمن أجاز قدر أن الغرر فيما سئل عنه غير مقصود وقاسه على ما تقدم، ومن منع قدر أن الغرر مقصود وقاسه على ما تقدم أيضًا. وأما بيع الحَصَاة فاختلف في تأويله اختلافا كثيرا، وأحسن ما قيل فيه تأويلات: منها أن يكون المراد أن يبيع من أرضه قدر ما انتهت إليه رمية الحصاة (¬27)، ولا شك أن هذا مجهول لاختلاف قوة الرامي وعوائق الرمي. وقيل معناه: أيُّ ثوب وقعت عليه حصاتي فهو المبيع، وهذا أيضًا مجهول كالأول. وقيل معناه: أرم بالحصاة فما خرج كان لي بعدده دنانير أو دراهم، وهذا أيضًا مجهول. ¬

_ (¬25) في (أ) "مع اختلاف أيضا عادات الناس". (¬26) في (ب) "ووضح ما استنبطناه". (¬27) في (ب) "رمية بالحصاة".

هذه ثلاث تاويلات متقاربة (¬28) وكلها يصح معها المنع. وقد قيل: تأويل رابع وخامس، قيل معناه: أنه إِذا أعجبه الثوب (¬29) ترك عليه حصاة، وهذا إِذا كان بمعنى الخيار وجعل ترك الحصاة علمًا على الاختيار لم يجب أن يمنع إِلاّ أن تكون عادتهم في الجاهلية أن يُضيفُوا لذلك أمورًا تفسد البيعَ ويكون ذلك عندهم معروفا ببيع الحصاة مثل أن يكون متى ما ترك حصاة وَإن كان بعد عام وجب له البيع، فهذا فاسد. وقيل أيضًا: كان الرجل يسوم الثوب وبيده حصاة فيقول: إذا سقطت من يدي فقد وجب البيع. (وهذا أيضًا إن كان معناه إذا سقطت باختياره وجب البيع) (¬30) فهذا بيع الخيار إذا وقع على صفة بيع الخيار من مراعاة أجله وغير ذلك إلا أن يكون الثمن لم يقرراه (¬31) وبسقوطها من يده أو بوضعه إياها على التأويل الذي قبله يجب البيع ولكن على القيمة وهي مجهولة فيمنع هذا للجهالة بالثمن، وقد يكون هذا هو المَعْنِي في هذين القولين الأخيرين. وأما بيع حَبَلِ الحَبَلَةِ فقيل: فيه تأويلان: أحدهما: أن المراد ما حكاه مسلم من تفسير ابن عمر -رضي الله عنهما- أن البيع إلى نِتاج نِتاج الناقة (¬32) فيكون ذلك تَنْبِيهًا على أن الثَّمن وإن كان معلوما في نفسه وجنسه فإنه تؤثر فيه الجهالة ببعض صفاته (¬33) ويصير هذا أصلاً في النهي عن البيع بثمن إلى أجل مجهولٍ. ¬

_ (¬28) في (ج) "تتقارب". (¬29) في (ب) "قيل إن معناه إذا أعجبه الثوب". (¬30) في (ج) ما بين القوسين أضيف بأعلى الصفحة. (¬31) في (ب) "لم يقدراه" وكذلك في (ج). (¬32) في (ب) "نتاج الناقة" بدُون تكرير "نتاج". (¬33) في (ج) "في بعض صفاته".

وقد اختلف المذهب عندنا في مسائل كالبيع إلى العطاء وهو خلاف في حال لا خلاف في فقه فمن أجاز البيع إلى العطاء رآه معلوما في العادة، ومن أباه رآه يختلف في العادة. والتأويل الثاني: أن يكون المراد بيَع نِتاج نِتاج الناقة فيكون ذلك جهلاً بالمبيع وصفته. وفيه أيضا الجهالة بزمن تسليمه، وكل ذلك ممنوع. والتاء في حَبَل الحَبَلَة للمبالغة، وقاله ابن الأنباري وغيره. 658 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يُتَلَقَّى (¬34) الرُّكْبَان ببيع، وَلاَ يَبعْ بَعْضكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ يَبعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلاَ تُصَرُّوا الإِبِلَ وَالغَنَم فَمَن ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهْوَ بِخَيْر النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أن يَحْلبها فَإنْ رَضِيَها أمْسَكَهَا وَإن سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرِ". وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ: "لاَ تَلقوا الجَلَبَ فَمَنْ تَلَقَّاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ شيئًا فَإذَا أتى سَيِّدُهُ السُّوقَ فهْوَ بِالخِيَارِ". وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ: "لاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ دَعُوا النَّاسَ يَرْزَق الله بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ". وفي بَعْض طُرُقِهِ: "من ابتاع شَاةً مُصَرَّاةً فَهْوَ فِيهَا بِالخِيَارِ ثَلاَثَةَ أيَّامٍ". وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ: "صَاعًا مِنْ طَعَامٍ لاَ سَمْرَاءَ" (ص 1155 إلى 1158). قال الشيخ -وفقه الله-: تَضَمَّنَ هذا الحديث النهي عن خمسة فصول تكلمنا على ثلاثة منها فيما تقدم عند الكلام على الخِطْبَة (¬35) وهي البيع على بيع أخيه، والنَّجْشُ "ولا يبع حاضر لباد" ونتكَلَّم ها هنا على الفصلين الباقيين: التَّلقِّي والمُصَرَّاة. فأما التلقّي فإنَّ النهي عنه معقول المعنى وهو ما يلحق الغير من الضرر ولكن يقدح ها هنا في نفس المتأمل معارضة فيقول: المَفْهُومُ من منع البَيْع ¬

_ (¬34) في (ب) "لا تلقوا" وما أثبتناه هو في (أ) وما في نسخ صحيح مسلم. (¬35) "الخطبة" بكسر الخاء، أي في كتاب النكاح.

الحاضر للبادي أنْ لا يستقصِي البادي وأنْ يُوجَدَ السبيل لغبنه. والمفهوم مِن النهي عن التلقي أن لا يغبن البادي بدليل قوله ها هنا: "فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار". والانفصال عن هذا أنّا كنّا قدمنا أنَّ الشرع في مثل هذه المسألة وأخواتها انبنى (¬36) على مصلحة الناس، والمصلحة تقتضي أن ينظر للجماعة على الواحد ولا يقتضي أن ينظر للواحد على الواحد، ولَمَّا كان البادي إذا باع لنفسه انتفع سائر أهل السوق فاشتروا ما يشترونه رخيصًا وانتفع سائر سكان البلد نُظِر لأهل البلد عليه. ولما كان إنما ينتفع بالرخْص المتلقي خاصة وهو واحد في قبالة الواحد الذي هو البادي لم يكن في إباحة التلقي مصلحة لا سيما وينضاف إلى ذلك علة ثانية وهي لحوق الضرر بأهل السوق في انفراد المتلقي عنهم بالرخص وقطع المواد عنهم وهم أكثر من المتلقي فَنُظِر لهم عليه فعادت المسألة إلى المسألة الأولى فصارا أصلا واحدًا وانقلب ما ظنه الظانُّ في هذا من التناقض بِأن صَارا (¬37) مِثلين يؤكد بعضهما بعضا (¬38). وقد اختلف المذهب عندنا فيمن لم يقصد التلقي ولم يبرز إليه خارج المدينة بل مرّ به على بابه بعضُ البداة: هل يشتري منه ما يحتاج إليه قبل وصوله إلى السوق؟ فقيل بالمنع لعموم الحديث، وقيل بالجواز لأن هذا لم يقصد الضرر ولا الاستبداد دون أهل السوق فلمْ يمنع. وقد جعل له في بعض الطرق ها هنا الخيار إذا جاء السوق ولم يفسخ البيع لَمَّا كان النهي (¬39) لحق الخلق لا لحق الله سبحانه، ومن لم تثبت عنده هذه الزيادة ¬

_ (¬36) في (ب) "بُني". (¬37) في (ج) "صار" بصيغة الإِفراد دون التثنية. (¬38) في (ب) "بعضه بعضا". (¬39) "النهي" ساقط من (ب).

ورأى أن النهي يدل على فساد المنهيّ عنه فسخ البيع. وفي ذلك اضطراب في المذهب. وفي هذا الحديث من الفوائد أيضا إثبات الخيار للمغبون لأنه إذا ثبت أن النهي عن التلقي لئلا يغبن الجالب لم يكن لإِثبات الخيار له معنى إلا لأجل الغبن أو لأنه يرجو الزيادة في السوق. وأما التصريه فَإِنْ النهي عنها أيضا لحق الغير وهي أصل في تحريم االغش وفي الرد بالعيب وقد كان شيخنا أبو محمد بن عبد الحميد -رحمه الله- يجعلها أصْلا في أن النَّهي إذا كان لحقّ الخلق لا يوجب (¬40) فساد البيع لأن الأمة أجمعت على تحريم االغش في البيع. ووقع النهي عنه ها هنا ثم خيَّره - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك في أن يتماسك (¬41) بالبيع، والفاسد لا يصح التماسك به. وفي هذا الحديث دلالة على أن التدليس محرّم ويوجب الخيار للمشتري وإن كان بتحسين المبيع الذي يُؤَدي إلى الخدْع والغرور، وأن الفعل يقوم مقام النطق في مثل هذا لأن قصارى ما فيه أن المشتري رأى ضرعا مملوءًا فقدر أن ذلك عادتها فحلّ ذلك محلّ قول البائع: إن ذلك عادتها فجاء الأمر بخلافه وصار البائع لما دلّس كالقائل لذلك، وقد قال بعض الناس: لو كان الضرع مملوءًا لحما وظنه المشتري لبنا لم يكن له خيار من هذه الجهة لأجل أن البائعا لم يدلس عليه. وأما رد الصاع من التمر فقد أنكره أهل العراق وَمَال إليه بعض أصحابنا لأنه جاء عندهم بخلاف الأصول من الغرامة عن اللّبن تمرا وَمُتلِفُ الشّيء إنّما يغرَم مثلَه أو قيمَته وأما جنسا آخر من العروض فلا. وأيضًا فإن الأصل ¬

_ (¬40) في (ب) "لحق الغير يوجب فساد البيع" وهو تحريف وفي (ج) "ولا يوجب". (¬41) في (ب) "التمسك" وكذلك قوله: "والفاسد لا يصح التمسك به".

أن الخَراج بالضمان وأن المُعْتَلَّ لا يرد الغلَّة إذا رد بالعيب وهذا قد أمر ها هنا بالرد. وجواب الجمهور من أصحابنا عن هذا أن يقولوا: أما الرد للتمر عن اللّبن فإنما ذلك لأنه قُوتُ بلدهم حينئذ وكأنه - صلى الله عليه وسلم - رأى أن اللبن كانوا يريدونه للقُوت، وهذا يحل محله وهو أصل كسبهم للقوت فقضَى به وإذا كان عيش بعض البلاد غيره من الطعام قضى بالغالب من عيشهم. وقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم -: "من ابتاع محفَّلة فهو فيها بالخيار ثلاثة أيام فإن ردها ردّ معها مثلَ أو مثلي لبنها قمحا" وقد ذكر مسلم ها هنا صاعا من طعام لا سمراء وهذا يدل على ما قلناه من مراعاة حال قوت البلد. وأما اقتصاره - صلى الله عليه وسلم - على الصاع مع اختلاف لبن الشاة والناقة واختلاف لبن النوق في أنفسها مع أنه لا يصح أن يلزم المتلفَ للكثير مثلُ ما يلزم المتلف لليسير، فقال بعض أهل العلم: إنما ذلك لأنه - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يكون ذلك حدًا يرجع إليه ليرتفع الخصام ويزول التنازع والتشاجر، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - حريصًا على رفع التشاجر عن أمته. وهذا كما قضى في الجنين بالغرّة ولم يفصِل بين الذكر والأنثى مع اختلافهما في الديات لأن هذه المواضع لما كان يتعذر ضبطها عند البينات كثر التنازع فيها فرفعه - صلى الله عليه وسلم - بأن جعل القضاءَ في ذلك واحدًا. وقد مر أبو يوسف وابن أبي ليلى على مقتضى القياس وقالا: يرد قيمة اللَّبن وحَمَلاَ الحديث على أنه وقع بحكم الاتفاق لكون القيمة وقت قضائه - صلى الله عليه وسلم - بذلك صاعا من تمر. وقد قال بعض أهل العلم: إذا غلا الصّاع حتى صار يسْتبشع القضاءُ به عِوَضَ اللَّبن لكونه مقاربا لقيمة الشاة كلها فإنه حينئذ لا يقضى به وإن

غَرِمَ المشتري قيمة أعلى (¬42) ما يرى أنه كان فيها من اللبن لم يكن عليه أكثرُ من ذلك. واستلوح هؤلاء أن النبيء -عليه السلام- إنما قضى بصاع واحد في لبن الشاة والناقة مع اختلافهما لأنه وإن قلّ لبن الشاة فهو أجود وإن كثر لبن الناقة فهو أدنى فصارا (¬43) بهذا كالمتساويين فلا يكون في هذا حجة للأولين الذين جعلوا القضية بالصاع ضربة لازب. وأما رد عوض اللبن مع كون الخراج بالضمان وأن المشتري لا يرد الغلة إذا رد بالعيب فلأن المصراة كان فيها لبن حين البيع ولم يكن غلة حينئذ فتكون للمشتري بل هو على ملك البائع كأحد أعضاء الشاة فرده إذا رد بالعيب واجب، فلما استحال رده بعينه لاختلاطه بما يحدث عند المشتري وجب أن يرد العوض عنه ويصير كالفائت ويقدر العوض عنه لرفع التنازع في ذلك كله لما بيّنا. ولكن إنما يلزم على هذا أن يقال: فإذا ردها بعيب آخر غير التصرية وجب أن يرد عوض اللّبن أيضًا لما قلتموه. وقد قال محمد لا يرد عوض اللبن إلا إذا رده بالتصرية. قيل: هذا الذي قلتموه يلزم وقد التزمه بعض شيوخنا ولم يصوب ما قاله محمد في هذا وكأنَّ محمّدا رأى أنه شرع جاء في التصْرية خاصة فلم يتعدَّ فيه ما ورد الشرع به. واختلف أيضًا إذا كانت الغنم التي صريت كثيرة هل يرد لجميعها صاعًا واحدًا أو لكل شاة صاعًا، والأصوب أن يكون حكم الكثير منها خلاف حكم الواحد لأنه من المستبشع في القول على مقتضى الأصول أن يغرم متلف لبن ألف شاة كما يغرم متلف لبن شاة واحدة وإن احتج علينا بأنه - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬42) في (ب) "وإن غرم المشتري قيمته أغلى". (¬43) في (أ) "فصار بهذا" وكذلك في (ج).

ساوى بين لبن الشاة والناقة مع كون لبن الناقة أكثر، قلنا: تقدم الجواب عن ذلك والانفصال عنه. وقوله: "لاَ تُصَرُّوا الإِبِلَ" معناه: لا تجمعوا اللَّبن في ضرعها حتى يعظم، ومنه صَريت الماء في الحوض، أي جمعته. والصراة المياه المجتمعة، وصرى الماءَ في الظهر إذَا حبسه سِنِين لا يتزوج، وأهل اللغة يَقُولون: لاَ تُصَرُّوا. وقد اختلف عن مالك فقيل عنه مثل هذا، وما وقع في الحديث الذي ذكرناه من ذكر المُحفّلة والمُحفلة هي المصراة بعينها، سميت محفلة لأن اللبن حُفِلَ في ضرعها وكل شيء كثرته فقد حفّلته، ومنه قيل احتفل القوم إذا كَثرُوا واجتمعوا. 659 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ" قال ابن عباس: "وَأحْسبُ كلَّ شَيءٍ مِثْلَهُ". وفي بعض طرقه: "حتَّى يَكْتَالَهُ. قلت لابن عباس: لِمَ؟ فَقَالَ: ألاَ تَرَاهُمْ يَتَبَايَعُونَ بِالذَّهَبِ والطّعَامِ مُرْجَأَ"، وفي بعض طرقه: "حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَيَقْبِضَهُ". وعن ابن عُمَرَ."كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيءِ - صلى الله عليه وسلم - نَبْتَاعُ الطَّعَامَ فَيَبْعَثُ علَيْنَا مَنْ يأْمُرُنَا بِانْتِقَالِهِ مِنَ المَكَانِ الَّذِي ابْتَعْنَاهُ فِيهِ إلَى مَكَانٍ سِوَاهُ قَبْلَ أنْ نَبِيعَهُ". وعن ابن عُمَرَ: " أنَّههُمْ كَانُوا يُضرَبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إذَا اشْتَرَوْا طَعَامًا جِزافًا أنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِ حَتَّى يُحَوِّلُوهُ". وفي بعض طرقه: "حَتَّى يُؤْوُوهُ إلَى رِحَالِهِمْ" (ص 1159 إلى 1161). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في جواز (¬44) بيع المشتريات قبل قبضها؛ فمنعه الشافعيّ في كل شيء. وانفرد (¬45) عثمان البَتِّي فأجازه في كل شيء. ومنعه أبو حنيفة في كل شيء إلا العقارَ وما لا ينتقل. ومنعه ¬

_ (¬44) في (ب) "جواز" محذوفة. (¬45) في (ج) "وانفرد به" ولا يصح.

آخرون في سائر المكيلات والموزونات. ومنعه مالك في سائر المكيلات والموزونات إذا كانت. طعاما؛ فتعلق من منع على الإِطلاق بقوله: "نهى عن ربح ما لم يضمن" ولم يفرِّق وعضد ما قاله أيضًا بما ذكره ابن عمر ها هنا من منع بَيْع الطعام الجزاف حتى يُؤْووه إلى رحالهم. واستثنى أبو حنيفة ما لم ينقل لتعذر الاستيفاء فيه المشار إليه في قوله: "نَهَى عَنْ بيْع الطَّعام حتى يُستوفَى". وأما القولان الآخران فمأخوذان من قوله: "نَهَى عن بيع الطعام حتى يستوفى" فنقول: مَن منع سائر المكيلات يقتضب من هذا علة فلا يصح التعليل إلا بالكيل. وقد نبه عليه بقوله: "حتى يَكْتَالَه" فأجْرَى سَائر المكيلات مجرًى واحدًا. ويقول مالك: فإن دليل خطاب الحديث يقتضي جواز غير الطعام ولو كان سائر المَكِيلات ممنوعا بيعها قبل قبضها لما خصّ الطعام بالذكر فلما خصه دَلَّ على أن ما عداه بخلافه. ويمنع من تعليل هذا الحديث بالكيل لأنه تعليل ينافي دليلَ الخطاب المعلِّل، والدليل كالنطق عند بعض أهل الأصول. وقد أشار بعض أصحاب مالك إلى أن العلة العِينَةُ. وِاستدل بقول ابن عباس الذي ذكرناه لما سئل فقال: "ألا تراهم يتبايَعُون بالذّهب والطعام مُرْجَأَ"، أي مؤخرا، وكأنهم قصدوا إلى أن يدفعوا ذهبا في أكثر مِنْهُ (¬46) والطعامُ محلّل. وفي البخاري عنه: "دَراهم بِدَرَاهِمَ والطعام مُرجأَ" وقد تَرَجَّح بعض أصحابنا في الطعام إذا أُمن فيه من العِينة التي هي سبب المنع على ما قال ابن عباس: هل يمنع بيعه قبل قَبْضه لظاهر الخبر أو يسهّل فيه؟ ورأيته يميل إلى التسهيل في مقتضى كلامه إذا وقع البيع فيه بالنَّقد، وما ¬

_ (¬46) في (ب) "منها".

أظن أن عثمان البَتّي سلك في إجازته بيع كل شيء قبل قبضه إلا هذه الطريقة وإن كان مذهبنا انفرد به. وهذا شاذ عند العلماء أضرب عن ذكره كثير منهم. وإذا وضح مأخذ كل مذهب من هذه المذاهب فينفصل أصحابنا عن تعلق الشافعي بقوله: "نهى عن رَبْح ما لم يضمن بجوابين". أحدهما: أن يحمل على بيع الخيار وأن يبيع المشتري قبل أن يختار. والثاني: أن يحمل ذلك على الطعام ويخص عموم هذا إذا حملناه على الطعام بإحدى طريقتين: إمّا دليل الخطاب من قوله: "نهى عن بيع الطعام حتى يستوفى" فدل على أن ما عداه بخلافه، أو يخص بما ذكره ابن عمر من: "أنهم كانوا يبيعون الإِبل بالدراهم ويأخذون عنها ذهبا أو بالذهب ويأخذون عنها دراهم". وأضاف إجازة ذلك إلى النبيء - صلى الله عليه وسلم -. وهذه إجازة ربح ما لم يضمن في العين. ونقيس عليه (¬47) ما سِوَى الطَّعَام ويخص به النهي عن ربح ما لم يضمن. ويحمل قول ابن عمر الذي قدمناه على الاستحباب، والرواية التي فيها ذكر ضربهم يحمل على أنه فعل ذلك حماية للذريعة أو على أنهم اتخذوا ذلك عِينةً ممنوعة. 660 - وقول أبي هريرة لِمَرْوان: "أحْلَلْتَ بَيْعَ الصِّكَاكِ" (ص 1162). يُريد صكوك الجار المذكورة في المدونة، وهي كُتب يكتب لهم فيها طعام يأخذونه. والصكاك والصّكوك جمع صَكّ وهو الكتاب. 661 - قوله: "نَهَى عن بيع الصُّبرة من التّمر لا يعلم مَكيلَتُها بالكَيْل المُسَمَّى مِنَ التَّمْرِ" (ص 1162). ¬

_ (¬47) في (أ) "ويقيس".

قال الشيخ: (إنَّما نُهِيَ عَنْ) هَذا (¬48) لأنه قد يقع في الربا. ولا فرق بين تحقق التفاضل أو تجويزه في منع العقود، وهو أيضًا نوع من المزابنة. وسنتكلم عن المزابنة فيما بعد إن شاء الله تعالى. 662 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "البَيِّعَانِ كُلُّ وَاحِد مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بالخيار مَا لَمْ يَفْتَرِقَا إلاَّ بَيْعَ الخِيَارِ". وفي بعض طرقه: "إذَا تبايع الرَّجُلاَن فَكُلُّ وَاحِد مِنْهُمَا بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا وَكَانَا جَمِيعًا أوْ يُخيِّرُ أحَدُهُمَا الآخَرَ فَإنْ خَيّر أحَدُهُمَا الآخَرَ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعَ". وفي بعض طرقه: "إذا تَبَايَعَ المُتَبَايِعَانِ بِالْبَيْعِ فَكُلُّ وَاحِد مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مِن بَيْعِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أوْ يَكُونُ بَيْعُهُمَا عَنْ خِيَار (¬49) فَإنْ كَانَ بَيْعُهُمَا عَنْ خِيَار فَقَدْ وَجَبَ". وفي بعض طرقه: "لاَ بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا إلاَّ بَيْع الْخِيَارِ" (ص 1163 - 1164). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في الأخذ بظاهر هذا الحديث؛ فأخذ به الشافعي وجماعة غيره من الأيمة ورأَوا أن خِيَارَ المَجْلِسِ ثابت في البيع ولم يأخذ مالك به. واعتذر أصحابه عن مخالفته إياه مع أنه رواه بنفسه بمعَاذِير. منها: أنهم قالوا: لعله حمل التفرق ها هنا على التفرق بالأقوال فيكون معنى قوله "المتبايعان" أي المتساومَانِ مكانهما بالخيار ما داما يتساومان حتى يفترقا بالإِيجاب والقبول فيجب البيع وإن لم يفترقا بالأبدان. قالوا: والافتراق بالأقوال تسمية غير مستنكرة (¬50) وقد قال تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} (¬51) يعني المطلق، والطلاق لا يشترط فيه فرقة الأبدان. واستدلوا على هذا بما وقع في ¬

_ (¬48) ما بين القوسين ساقط من (أ) و (ج). (¬49) في (ب) و (ج) "على خيار" وكذلك فيما بَعْد. (¬50) في (ب) "غير منكرة". (¬51) (130) النساء.

الترمذي والنسائي وأبي داود من قوله: "البيعان بالخيار ما لم يفترقا، إلا أن تكون صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله ولو كان له الفسخ قبل التفرق جبرًا لم يحتج إلى أن يستقيله. ولا وجه لحمل الاستقالة على الفسخ لأن ذلك بعيد عن مقتضاها في اللسان ولأنه أيضًا إذا قال أحدهما لصاحبه: اختر، فاختار، وجب البيع. ولا فرق بين هذا الالتزام الثاني والالتزام الأول لأن المجلس لم يفترقا عنه، فإذا وجب بالقول الثاني وجب بالقول الأول. واعتذر آخرون بأن قالوا: العمل إذا خالف الحديث وجب الرجوع إلى العمل لأن من تقدم لا يتهمون بمخالفة هذا الحديث الظاهر، إلا أنهم علموا الناسخ له فتركوه لأجله. وقال الآخرون: لعل المراد به الاستحثاث على قبول استقالة أحد المتبايعين وإسعاده بالفسخ وتكون الإِقالة في المجلس سنة بهذا الحديث وبعد الافتراق من المجلس تفضلاً واستحبابًا. وهذه التأويلات عندي لا يصح الاعتماد عليها. أما استعمال التفرق في الأقوال فلا شك أن استعماله في الأبدان أظهر منه، والأخذ بالظاهر أولى، وأيضًا فإن المتساومين لم يكن بينهما عقد ولا إيجاب ويُعْلَم أنهما بالخيار. وإنما يعلم الخيارُ بعد الإِيجاب بهذا الحديث. وأما قول بعض (¬52) أصحابنا: إنه مخالف للعمل فلا يُعَوَّلُ عليه أيضًا لأن العمل إذا لَمْ يُرَدْ به عمل الأمة بأسرها أو عَمَلُ من يجب الرجوع إلَى عمله فلا حجة فيه لأن قصارى ما فيه أنْ يقول عالم لآخر: اتْرك عِلمك لعلمي. وهذا لا يلزم قبوله إلا ممن تلزم طاعته في ذلك. وكذلك حمل هذا على الندب بعيد لأنه نص على إثبات الخيار في المجلس من غير أن يذكر استقالة ولا علق ذلك بشرط. وأمْثل ما وقع لأصحابنا في ذلك عندي اعتمادهم على قوله: "ولا يحل لَهُ أن يفارق صاحبه" خشية أن يستقيله فإن الاستقالة فيما قالوه أظهر منها ¬

_ (¬52) "بعض" ساقطة من (ب).

في الفسخ بالجبر (¬53) الذي يقوله المخالف، وإنما يبقى النظر في طريق هذه الزيادة وثبوتها ثم يجمع بينها وبين ما تقدم ويُينى بعضها على بعض أو يستعمل (¬54) الترجيح إن تَعَذّر البناء وجهلت التواريخ، هذا هو الإِنصاف والتحقيق في هذه المسألة. وقد يتعلق أصحابنا بحديث اختلاف المتبايعين أنهما حكم فيهما بالتحالف والتفاسخ ولم يفرّق بين المجلس وغيره، فلو كان لهما الفسخ ما احتاجا إلى التحالف. ويحمل هذا عند المخالف على التحالف في الثمن في بيع وجب واستقرّ حتى لا يمكن فسخه. وحديثهم أخص من هذا فيكون بيانا له مع أن الغرض في حديث اختلاف المتبايعين تعليم حكم الاختلاف في الثمن. والغرض (¬55) في البيعين بالخيار تعليم مواضع الخيار وأخذ الأحكام من المواضع المقصود فيها تعليمها أولى من أخذها ممَّا لم يقصد فيه ذلك. 663 - قوله - صلى الله عليه وسلم - لِلرّجُلِ الَّذي شَكَى إلَيْهِ أنَّهُ يُخْدَعُ فِي البُيُوعِ: "مَن بَايَعْتَ فَقُلْ: لاَ خِلابَةَ" (ص 1165). قال الشيخ: غَبْنُ المُسْتَرْسِل وهو المستسلم لبيعه ممنوع، وإذا وقع فله القيام ولا يلزمه الغَبْنُ. وإن لم يستسلم لبيعه وماكَسَهُ وكان بصيرًا بالقيمة عارفا بها فلا قيام له لأنه يكون حينئذ كالواهب لما غُبِن فيه، وإن كان غير بَصِير بالقيمة فهذا موضع اختلاف الأئمة، وقد تجاذبوا الاستدلال بالكتاب والسنة فاستدلوا أجمعون بقوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ (¬56) بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا ¬

_ (¬53) في (ب) "بالخيار". (¬54) في (أ) "ويستعمل". (¬55) في (أ) "والعَرَض" وهو سهو. (¬56) في (ب) {ولا تأكلوا أموالكم} والتلاوة كما في (أ) {لَا تأكلوا أَمْوَالَكُمْ} بدون واو وهو ما أثبتناه.

أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (¬57) فقال من أثبت الخيار بالمغابنة: إن أمضاها عليه أكل المال بالباطل وقد نهت عنه هذه الآية. وقال من أمضى البيع عليه: فإن ذلك عن تراض وقد استثنته هذه الآية. وكذك أيضًا تجاذبوا هذا الحديث فقال بعضهم: فإنه -عليه السلام- أثبت له الخيار في بعض طرق هذا الحديث، وذلك يدل على ما قلناه من إثبات الخيار للمغبون، وقال من أمضى عليه المغابنة: لو كان له ذلك بمجرد الغبن ما افتقر إلى الشرط وهو قوله: "لاَ خِلاَبَةَ"، ورجَّح من أثبت الخيار مذهبه بما قدمناه في حديث النهْي عن تلقي الركبان لأنه -عليه السلام- أثبت للجالب الخيار (¬58) إذا جاء إلى السوق قَالوا: وليس ذلك إلا للغبن، وقد تقدم كلامنا على هذا الحديث في موضعه. وإذا قلنا بإثبات الخيار بالمغابنة فإنما ذلك فيما خرج عن المعتاد منْها الذي لا يكاد (¬59) تسلم منه البياعات، وقد حدَّه بعض أصحابنا بالثلث لأنّ أكثر البياعات لا تكاد تسلم من الغبن اليسير، ولهذا انتصب التجار، وعليه تقع أكثر البياعات فكأنَّ المغبون على ذلك دخل. وقد قال بعض الناس: في هذا الحديث دلالة على أن الكبير إذَا سَفِهَ لا يحجر عليه. وقال بعضهم: هذا لا تعلق لهم فيه، لأنه لا يجب الحجر على المغبون وانتزاعُ ماله من يده إذا كان ممسكا له ولكنه يُنهى عن التجارة المؤدية لإِضاعة المال (¬60). وقوله: "كان الرجل إذا بايع يقول لا خيابة" أشار بعضهم إلى أنه كان ألثغ (¬61) فلهذا غير الكلمة. ¬

_ (¬57) (29) النساء. (¬58) في (ب) "الخيار" ساقط. (¬59) "لا يكاد" ساقطة من (ب). (¬60) في (ب) "لإِضاعته". (¬61) في (ب) "المنع" وهو تحريف.

664 - قوله: "نَهَى - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الثَّمر حَتَّى يَبْدُو صَلاَحُهُ". وفي بعض طرقه: "نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ". وفي بعض طرقه: "وَلاَ (تَبِيعُوا النَّخْلَ حَتَّى يَزْهُوَ". وفي بعض طرقه: "وَلاَ تبِيعُوا الثَّمَرَ" (¬62) حَتَّى يَبْدُو صلاَحهُ" (ص 1165 - 1166). قال الشيخ: بيع الثّمر قبل الزهو على التبقية ممنوع، وعلى القطع جائز، وفيه خلاف إذا وقع على الإِطلاق. فحمل بعض شيوخنا على المدونة الجواز، وحمل عبد الوهاب على المذهب المنع. وذكر أن الإِجازة هي مذهب المخالف. واحتج للمنع بإطلاق النهي وهو قوله: "لاَ تَبِيعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يبدو صلاحه". ولم يفرّق فخص شرط الجدّ (¬63) بالاتفاق على جوازه وبقي الباقي على عمومه. وتعلق من أجاز بأنه علَّل المنع بما وقع في بعض الأحاديث من قوله: "أرأيتَ إن منع الله الثَّمَرَة فبِمَ يأخذ أحدكم مال أخيه؟ " وإذا جدَّها في البيع على الإِطلاق أمِن من هذا الذي علل به النبيء - صلى الله عليه وسلم - النهي فوجب الجواز. وسبب الاختلاف من جهة المعنى أن الأصلين المتقدمين قد اتفقنا في أحدهما (¬64) على المنع، وفي الآخر على الجواز، فيجب أن يعتبر هذا الفرع المختلف فيه بأيّ الأصلين يُلْحق. فالأصَحُّ عند شيخنا -رحمه الله- إلحاقه بأصل الجواز، لأن الإِطلاق في البيع لا يقتضي التبقية لأنها انتفاع بملك آخر لم يشترط (ولم يقع البيع عليه فللبائع أن يمنع من بقائها في نخله إذ لم يشترط) (¬65) ذلك عليه ولا هو من مقتضى الإِطلاق وَإن كان (¬66) مقتضى الإِطلاق القطع على ما بَيَّنَّا ¬

_ (¬62) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬63) في (ب) "الجذ" وكذلك فيما بعد. (¬64) في (ج) "قد اتفق في أحدها". (¬65) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬66) في (ب) و (ج) "وإذا كان".

كان الجواز أولى. وكمن باع صبرة طعام في داره فأراد المشترى أن يُبقيها في دار البائع شهرا فليس ذلك له باتفاق لأنه ليس من مقتضى الإِطلاق، فكذلك مسألتنا. وكأنَّ من منع يَرى أن العوائد في الثمار بقاؤها إلى الطياب فصار ذلك كالمشروط (¬67). ولو اشترى صبرة طعام بالليل بحيث يتعذر نقلها قبل الصباح لم يلزم المبتاعَ إخراجُها من دار البائع في الوقت الذي لا يمكن الإِخراج فيه لأجل أنه كالمستثني بقاءها (¬68) الزمن المعتاد. وإذا كان محمل البيع على التبقية عند هؤلاء وجب المنع بلا شك. وأما إذا بيعت الثمرة بعد الزهو مطلقا فعندنا تجب التبقية، وعند أبي حنيفة يجب القطع. وكذلك إذا بيعت بعد الزهو بشرط التبقية فيجوز عندنا، ويمنع عنذ أبي حنيفة، وكان عنده النّماء الحادث زيادة لَمْ توجد ولم تتحصل فلا يصح العقد عليها. وقد يعارَض في هذا الموضع بأن يقال: إن مذهبكم أنها بعد الزهو على التبقية، وليس ذلك من مقتضى الإِطلاق عندكم كما قلتموه في مسألة بيعها قبل الزهو على الإِطلاق. قلنا: كأنَّ مالكا وأصحابَه رأوا أن العادة مطردة في مشتريها بعد الزهو أنه لا يشتريها إلا للتبقية وحتى تصير (¬69) إلى حال يمكن ادخارها فيها، فحمل الإِطلاق على المعتاد في ذلك. ويؤكد جواز اشتراط التبقية بعد الزهو قوله: "نهى عن بيع الثَّمَر حتى يزهو" فجعل غاية النهي الزَّهْوَ فإذا وقع الزهو وقعت الإِجازة على الإِطلاق بخلاف ما قبل الزهو لأنه نهى عن ذلك ¬

_ (¬67) في (ب) "كالمشترط". (¬68) في (ب) "كالمستثنى بقاؤها". (¬69) في (أ) "يصير".

أيضًا مطلقا ولم تجر (¬70) في ذلك عادة واضحة فوقع فيه الاضطراب لذلك. وقوله: "حتّى يزهو" قال ابن الأعرابي: يقال: زها النخل يزهو إذا ظهرت ثمرته وأزهى إذا احمرَّ أو اصفّر. قال غيره: يزهو خطأ في النخل إنما هو يُزْهِي. 665 - قوله: "نَهَى عن المُزَابَنَةِ والمُحَاقَلَةِ. وَالمْزَابَنَةُ أنْ يُبَاعَ ثَمْرُ النَّخْلِ بِالتَّمْرِ. والمحاقلة أنْ يُبَاعَ الزَّرْعُ بِالْقَمْحِ واسْتِكْرَاءُ الأرْض بِالْقَمْحِ". وفي بعض الطرق: "وَلاَ تَبِيعُوا الثَّمر بالتَّمر". وذكر أنه "أرْخِصَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَيْعِ الْعَريَّةِ بِالرُّطَبِ أوْ بِالتَّمْرِ وَلَمْ يُرَخَّصْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ". وفي بعض طرقه: "أرْخِصَ فِي العَرِيَّةِ يَأْخُذُ أهْلُ البَيْتِ بِخِرْصِهَا تَمْرًا يَأْكُلُونَهُ رُطَبًا". وفي بعض طرقه: "أنَّه - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمرِ بالتَّمْرِ وقَالَ: ذَلِكَ الرِّبَا، تلك المزابنة، إلاَّ أنَّهُ أرْخَصَ فِي بَيْعِ العَرِيَّة النَّخْلَةِ وَالنَّخْلَتَيْن يَأْخُذُهَا أهْلُ البَيْتِ بِخِرصهَا تمْرًا يَأْكُلُونَه". وفي بعض طرقه: "أرْخَصَ فِي بَيْعِ العَرَايا بِخِرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسةِ أوْسُقِ أوْ فِي خَمْسَةِ. يشك دَاوُد قَالَ: "خَمْسَةٍ أوْ دُونَ خَمْسةِ؟ قال: نعَمْ". وفي بعض طرقه: "نَهَى عن المزابنة والمزابنة (¬71)، بيع ثمر النَّخْلِ بِالتَّمْرِ كيلا وَبيْعُ (¬72) العِنَبِ بِالزَّبِيبِ كَيْلاً وَبَيْعُ الزَّرْعِ بِالحِنْطَةِ كَيْلاً". وفي بعض طرقه: "كُلّ ثَمَرٍ بِخِرْصِهِ" (ص 1168 إلى 1171). قال الشيخ: ذكر ها هنا النّهي عن المُزَابنَة وفسّره بتفاسير مختلفة يجمعها عندنا أصل واحد وإن كان بَعْضُهَا أوْسَعَ من بَعْضٍ وأبسطَ، فقال في طريق: ¬

_ (¬70) في (أ) "ولم تجز". (¬71) "والمزابنة" ساقطة من (ب) و (ج). (¬72) في (ب) "أو بيع".

"إنّها بيع ثمر النخل بالتمر" وزاد في طريق آخر: "الكرْم بالزبيب كَيْلا". وفي بعض طرقه (¬73): "بيع الزَّرْعِ بالحنطة كيلا". وقال في بعض طرقه: "عن كل ثَمر بِخِرْصه". وَعقْدُ المذهب في المزابنة عندنا أنَّهَا بَيْعُ مَعْلُومٍ بِمَجْهولٍ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَبَيْعُ مَجْهولٍ بمجهول من جنس واحد أيضًا. فإن كان الجنس مما فيه الربا دخله وجهان من التحريم: الرِّبَا، والمزابنة. أما دخول الرِّبا فيه فلجواز أن يكون أحدهما أكثر من الآخر، ولا فرق بين تجويز ذلك أو تيقُّنه في المنع. وأما دخول المزابنة فيه فلأن أصل الزبن في اللغة الدفع ومنه قوله تعالى: {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} (¬74) يعني ملائكة النار لأنهم يدفعون الكفرة فيها للعذاب (¬75). ومنه قيل للحرب زَبُون لأنها تدْفَعُ بَنِيهَا للموت. ومنه قول معاوية -رحمه الله-: ربما زبنت، يعني الناقة، فكسرت أنف حالبها. يقال للناقة إذا كانت عادتها أن تدفع حالبَها عَنْ حَلْبها زَبُون، فكأنَّ كل واحد من المتبايعين يزبن صاحبه عن حقه بما يزْدَادُ منه، وإذا وقف أحدهما على ما يكره تدافعا فحرص على فسخ البيع وحَرَص الآخر على إمضائه. وهذا شبيهٌ بتسميتهم ما يؤخذ عن العيب أرْشا لما فيه من التنازع والخصومة، يقال: أرشتُ بَيْن القوم تأْرِيشا إذا أفسدتُ وألقيت بينهم الشر: والأرش مأخوذ من التأريش. وإذا ثبت أن هذا أصله فإذا كانت الأشياء متجانسة انصرفت الأغراض إلى القلة والكثرة فيقول كل واحد: لعل ما آخُذُه أكْثر فأغبن صاحبي (¬76). وهذا لا يرتفع حتى يكونا جميعا معلومين. وأما ¬

_ (¬73) في (ج) "وفي طريق آخر". (¬74) (18) العلق. (¬75) في (ب) "ملائكة العذاب لأنهم يدفعون الكفرة في النار". (¬76) في (ج) "فنغبن صاحبي".

إن كانا مجهولين أوْ أحدهما، فهذا التدافع حاصل فمنع لذلك وإن لم يكن ما وقع عليه التبايع فِيه الرِّبا. وقوله في بعض الطرق: "وعن كل ثَمَر (¬77) بِخَرْصِهِ" يُؤكد ما قلنا في تفسيرها لكن إذا تَباين الفَضل أنه في أحد الجانبين جاز ذلك فيما يجوز فيه التفاضل ويقدَّر المغبون واهبا للفضل لظهوره له وإذا كانت الأشياء مختلفة ولا مانع يمنع من العقد عليها لم يدخلها التزابن لصحة انصراف الأغراض لاختلاف المعاني في الأعواض (¬78). وأما قوله: "والمُحَاقَلَة (¬79) أن يُبَاعَ الزَّرْعُ بِالْقَمْحِ واسْتِكْرَاءُ الأرْضِ بِالْقَمْحِ". هذا الذي وقع في التفسير في هذا الحديث. وبعض أهل اللغة يقول: الحَقْل اسم للزرع الأخضر، والحَقْل اسم للأرض نفسها التي يزرع فيها. وفي الحديث: "مَا تَصْنَعُونَ بِمَحَاقِلِكُمْ" أيْ بِمَزارعكم. يقال للرجل (¬80): احْقِلْ، أي ازْرع. وقال الليث: الحقل الزرع إذا تشعب من قبل أن تغلظ سُوقه فَإِن كانت المحاقلة مَأخُوذَةً من هذا فهو من بَيع الزرع قبل إدراكه. قال: والحَقْلة المزرعة. ويقال: لاَ تُنْبِتُ البَقْلَةَ إلا الحَقْلةَ. وقال أبو عبيد: هو بيع الطعام وهو في سنبله بالبر، مأخوذ من الحَقْل، وهو الذي يسميه الناس بالعراق القراح. وقال قوم: هي المزارعة بالجزء مما تنبت الأرض. قال الشيخ -وفقه الله-: الذي وقع في الحديث من التفسير يجمع ¬

_ (¬77) في (ب) وفي (ج) "عن كل تمر"، وفي (ب) عوض "بخرصه"، "يخرصه". (¬78) في (ب) و (ج) "الأغراض". (¬79) "والمحاقلة" ساقطة من (أ). (¬80) في (ب) "يقول الرجل" وفي (ج) "تقول".

هذا كله لأنا إن قلنا إن ذلك تسمية للزرع الأخضر فكأنه نُهِي عن بيعه بالبر، إذْ بيعه بالعروض والعين يجوز إذا كان معلوما، وكأنَّ المحاقلة تدل على ذلك لأنها مفاعلة. ولذلك (¬81) قال أبو عبيد في تفسيرها: إنها بيع الطعام في سنبله بالبر. وظن الآخَرُون أنها بيعه قبل زهوه فكأنه قال: نهي عن بيع الزرع الأخضر. وهذا يطابق قوله: "نهى عن بيع النخل حتى يزهو، وعن السنبل حتى يبيضَّ". فهذه طريقة من صرف التسمية إلى الزرع الأخضر. ووقع الاختلاف بينهم: هل المراد بيعه وهو أخضر قبل زهوه أم المراد بيعه في سنبله بقمح آخر لا يعلم حصول التماثل بينهما؟ والوجهان ممنوعان إذا بيع في الوجه الأول على التَّبْقِيَة. وطريقة مَن صرفه إلى الأرض نفسها اختلفت أيضًا: هل المراد اكتراؤها بالحنطة أم اكتراؤها بالجزء مما تنبت. والوجهان أيضًا ممنوعان عندنا. وخالفنا في جواز ذلك غيرنا من العلماء. وسنتكلم عليه فيما بعد إن شاء الله. وأما قوله: "أرْخِصَ في العَرِيَّة". فقد اختلف الناس في حقيقتها: فمذهبنا أنها هبة الثمر ثم اشتراؤه بتمر إلى الجدَاد (¬82) يفعل ذلك للرفق بمُعْرَاهَا وحملِ المؤونة عنه، ويفعل ذلك لنفي تجشم المشقة بدخوله وخروجه للحائط. وعند الشافعي أنها النخلة يبيع صاحبُها رُطَبَهَا بتَمر إلى الجدَاد على ما وقع مِنْ تفسير يحيى ها هنا في كتاب مسلم. وفي بعض الروايات: "أنّهم شَكَوْا للنبيء - صلى الله عليه وسلم - أنّهم لا ثمر عندهم وعندهم فضول أقولهم من التمر فأرخص لهم بأن يشتروا بذلك الرطب ¬

_ (¬81) "ولذلك" ساقطة من (ب). (¬82) في (ب) "إلى الجذاذ" بالذال المعجمة وكذلك فيما بَعْد.

لحاجتهم إليه". وعند أبى حنيفة أنها إعطاء الثمر هبة كما قال مالك، ولكنه يرى أن للواهب أن يرجع في هبته قبل القبض ولا يلزمُهُ إياها وكأنها باقية على ملكه فاسترجع ملكه وأعطى للمَوْهُوب المرتجَع منه تَمْرًا تفضلا منه وهبةً أُخرى. وهذا الذي قاله ساقط من وجوه، لأن ذلك لا تحريم فيه على أصله فيعبر عنه بالرخصة، فَإنْ قيل: إنّما عبر عن ذلك لارتجاعه هبته. قلنا: الهبة عندكم لا تلزم والإِنسان ليس بَممنُوع أن يرجع فيما لا يلزم على أن الترخيص بعد ذكر المزابنة وتفسيرها بأنها بيع الثمر بالتمر يشعر بأن فيها معنى من هذا الممنوع. وعلى أصلهم لا معنى فيها من هذا الممنوع، وقد وقع في بعض الطرق رخص في بيع العرايا فسمي ذلك بيعا. وعلى أصلهم ليس هناك بيع إذ لا يبيع الإِنسان ملكه بملكه، وأيضًا فإنه حدد الرخصة بخمسة أوْسُقٍ أوْ دُونَهَا ولا معنى للتحديد على أصلهم لأن للإِنسان عندهم أن يَرْتَجِعَ الهبة قلَّت أو كثرت. وقد اختلف أهل اللغة في هذه التسمية فَقَال بَعْضُهُمْ: ذلك مأخوذ من عروت الرجل، إذا أتَيْتَه تَسْأل معروفه، فأعراه نخلة على هذا أعطاه ثمرها فهو يَعْروها، أي يأتيها ليأكل ثمرها. وهم يقولون: سألني فأسألته وطلبني فأطلبته؛ فعلى هذه الطريقة وهي التِى فسرها بها بعض أهل العِلْمِ وهي التي صوَّب أبو عبيد في التفسير، وهو من أئمة اللغة، يتضح صحة ما قاله مالك لأن ما قاله الشافعي وأجازه ليس فيه هبة ولا عطية، وقال بعض أهل اللغة: إنها مأخوذة من كون المُعْرِي قد أخلى ملكه عنها وأعراها ملكه؛ وعلى هذا يصح (¬83) صرف العرية إلى إخلائه ملكه من الثمر أو من بعض الشجر ويكون لما قاله الشافعي على طريقة هؤلاء في الاشتقاق وجه. ويؤكد الشافعي أيضًا ما قاله بما ذكرناه من التفسير الذي حكاه مسلم في كتابه. ¬

_ (¬83) في (ج) "لا يصح" ثم شطب على "لاَ".

وأما ما ذكرنا أنه وقع في بعض الطرق ها هنا أنه أرخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب أو بالتمر ولم يرخص في غير ذلك، فهذا مخالف في ظاهره لما أصَّلْناه لأنه لا يجوز بيعها بالرطب وإنما هي رخصة فلا تجوز إلا على ما وردت به. وجل الأحاديث لم يذكر فيها إلا شراؤها بالتمر، وهذا الذي وقع ها هنا بالرطب أو بالتمر لو تركنا. ومقتضى اللسان لاحتمل أن يكون شكا من الراوي: هل قال النبيء - صلى الله عليه وسلم - بالرطب أم قال بالتمر؟ وشك الراوي يمنع من التعلق به في الرطب. وقد وفي غير كتاب مسلم: "عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه: أنه - صلى الله عليه وسلم - رخَّص في بيع العرايا بالتمر وَالرطب"، بخلاف ما رواه مسلم: "عن سالم بن عبد الله عن زيد بحرف (أو) ". وقد قال بعضَ أصحابنا في حديث خارجة: هو حديث انفرد به راويه. وجاء بخلاف سائر الأحاديث وذلك يقدح فيه. وأشار بعض أصحابنا إلى حمله على الوجه الجائز المطابق (¬84) لسائر الأحاديث وأن المراد بهذا اللفظ شراء الرطب ليؤكل بالتمر، ويكون المعنى على قولهم أنه قصد إلى ذكر الجنسين الْمتبايَع بهما على الجملة، وكأنَّ العرايا وقع فيها التبايع بالرطب والتمر أحدهما بالآخر، ولكن الصفة التي يقع ذلك عليها يؤخذ بيانها من الأحاديث الأُخر. وأما شك الراوي في الخمسة الأوسق فعندنا اختلاف في جواز البلوغ إليها، وقد قال بعض المخالفين: إذا شك الراوي بين خمسة فما دون فلا وجه للتعلق بروايته في تحديد مقدار ما دون الخمسة. ولكن وقع في بعض الروايات أربعة أوسق فيوجب الانتهاء إلى هذا المتيقّن (¬85) وإسقاط ما زاد عليه. وإلى هذا المذهب مال ابن المنذر وألزم المزني الشافعي أن يقول به. ¬

_ (¬84) في (ب) "المطلق". (¬85) في (ب) "المبيّن".

666 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أيَّمَا نَخْل اشْتُرِيَ أُصُولُهَا وَقَدْ أبِّرت فَإنَّ ثَمَرَهَا لِلَّذِي أبَّرَهَا إلاَّ أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ اشْتِرَاءَهَا" (¬86). وفي بعض طرقه: "من ابْتَاعَ نَخْلاً بَعْدَ أنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلَّذِي بَاعَهَا إلاَّ أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ. وَمَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إلاَّ أنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ" (ص 1172 - 1173). قال الشيخ -وفقه الله-: (قد نص في هذا الحديث على كونها مع الإِطلاق للبائع بعد الإِبار إلاَّ أن يشترط. ودليل هذا الخطاب أنَّهَا قبل الإِبّار للمشتري) (¬87)، وهذا مذهبنا. وخالف في ذلك أبو حنيفةَ ورَأى أنّها قبل الإِبار للبائع كما هي له بعد الإِبار. وسبب الاختلاف بين الفقيهين أن مالكا يرى أنَّ ذِكْر الإِبار ها هنا القصدُ به تعليق الحكم عليه لِيَدُلَّ على أن ما عداه بخلافه، ويرى أبو حنيفة أن تعليق الحكم به إما للتنبيه به على ما لا يؤبر، ولغير ذلك (¬88)، ولم يقصد به نفي الحكم عما سوى المذكور. وقال بعض أصحابنا: هذا منه دعوى إذ لا يمكن التنبيه بالمؤبر على ما لم يؤبر وإنما ينبه بالأدنى عن الأعلى أو بالمشكل عَلَى الواضح، وهذا خارج عن هذين القسمين مع أن الَّذِي قاله مالك له شَبَةٌ في الشرع. وذلك أن الثمرة قبل الإِبَّار تشبه الجنين قبل الوضع وبَعْدَ الإِبار تشبه الجنين بعد الوضع. فلما كانت الأجنّة قبل وضعها للمشتري وبعد وضعها للبائع وجب أن يجري الثمر هذا المجرى، وأما إذا لم تؤبر وثبت أنها للمشتري كما بيّنّاه فهل يجوز للبائع أن يشترطها؟. المشهور (¬89) في المذهب عندنا أن ذلك لاَ يجوز. وعلى إحدى الطريقتين عندنا أن المستثنى مُبَقَّى يجوز ذلك (¬90) هكذا بنَاه بعض شيوخنا وبالإِجازة قال الشافعي. ¬

_ (¬86) في (ب) و (ج) "الذي اشتراها". (¬87) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬88) في (ب) "أو لغير ذلك". (¬89) في (ج) "والمشهور". (¬90) "يجوز ذلك" ساقط من (ب).

وتلخيص مآخذ اختلافهم من الحديث أنّ أبا حنيفة استعمل الحديث لفظا ومعقولا، واستعمله مالك والشافعي لفظًا ودليلاً، ولكنّ الشافعي استعمل دلالته من غير تخصيص ويستعملها مالك مخصصة. وبيان ذلك أنّ أبا حنيفة جعل الثمرة للبائع في الحالين، وكأنه رأى أنَّ ذكر الإِبار تنبيه على ما قبل الإِبار على إحدى الطرق التي ذكرناها عنه. وهذا المعنى يسمَّى في الأصول معقولُ الخطاب، واستعمله مالك والشافعي؛ على أن المسكوت عنه حكمه (¬91) غير حكم المنطوق به، وهذا يسميه أهل الأصول دليل الخطاب، فإذا كان النطق: من باع ثَمَرًا بعد الإِبار فهي للبائع. إلا أن يشترطها المبتاع كان دليله أنها قبل الإبار للمبتاع إلا أن يشترطها البائع. وخص مالك بعض (¬92) هذا الدليل بأنها (¬93) قبل الإِبّار تشبه الأجنة فلا يجوز اشتراطها. ويُقوّي هذه الطريقة مع القول بأن المستثنى مشترَى، وإن إبّر بعضها ولم يؤبّر بعض، فإن كانا متناصفين فلكل واحد منهما حكم نفسه، وإن كان أحدهما أكثر من الآخر فقيل أيضًا الحكم كذلك. وقيل: الأقل تبع للأكثر، ولو كان المبيع أرضا بزرعها وهو لم يظهر ففيه قولان. قيل: للمشتري كالثمر إذا لم يُؤبّر، وقيل: بل هو للبائع لأنه من الجنس الذي لا يتأبّر ولا يتكرر فأشبه ما دفن في الأرض وخالَف الثَّمر. وأما قوله في مال العبد: "فَمَالُهُ لِلْبَائِع إلاَّ أنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتاَعُ". فاعلم أن مِلْكَ العَبْدِ يزول عن سيّده على أربعة أوْجُهٍ: أحدها: أن يزول بعقد معاوضة كَالبَيْع والنكاح فالمال في ذلك للسيد ¬

_ (¬91) "حكمه" ساقط من (ب). (¬92) "بعض" سقط من (ب). (¬93) "بأنها" ساقط من (ب).

إلا أن يُشْتَرط عليه، خلافا للحسن البَصْري والزهري في قولهما: إن المال يتبع العبد في البيع وهذا الحديث يرد عليهما. والوجه الثاني: العتق وما في معناه من العقود التي تفضي إلى العتق وتُسْقط النفقة عن السيّد كالكتابة، فالمال للعبد إلاَّ أن يشترطَ، خلافا لأبي حنيفة والشافعي أنه للسيد في العتق. ودليلنا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أعتق عبدا وله مال فماله لَهُ إلا أن يشترطه السيِّد". فنحن نعيد الضمير في قوله "له" على العبد لأنه المذكور نطقا. وإنما ذكر السيد بكناية عنه ترجع إليه عند قوله "من أعتق" فلا بُدَّ أن يضمر عقيب قوله "أعتق" عائدٌ يعود إلى "السيّد" بحكم مقتضى لفظة "مَنْ" وعَوْد الضمير والكناية على الصريح أولى من عوده على الكناية والإِضمار، ولأن الكناية يملك بها ماله وهي سبب العتق فنفس العتق أولى. والوجه الثالث: الجناية فالمال فيها يتبع الرقبة وينتقل بانتقالها. والوجه الرابع: الهبة والصدقة، وفيهما. قولان عندنا، وإنما اختلف فيهما لأخذهما شَبَهًا من العتق الذي يتبع العبدَ فيه المالُ، وشَبَهًا من البيع الذي لا يتبعه فيه، فالبيع خرج من ملك إلى ملك بعوض على جهة الاختيار، والعتق خرج من ملك إلى غير ملك بغير عوض، والهبة خرجت بغير عوض فأشبهت العتق، ومن ملك إلى ملك فأشبهت البيع. ويجوز عندنا أن يشترطه المشتري وإن كان عينا والثمن عَيْنٌ (¬94) وكأنَّه لا حصة له (¬95) من الثمن فلا يدخله الربا. وهذا على أنه اشترطه للعبد وأبقاه على ملكه فكأنَّه لم يملك هو عينا دفع عوضها عينا أخرى، ولو اشترطه لنفسه ما جاز لتحقيق الربا حينئذ وصار كمن اشترى سلعة وذهبا بذهب، وذلك لا يجوز. ¬

_ (¬94) في (ب) "عينا". (¬95) في (ب) "لا حظ له".

وقد قال أصحابنا (¬96): في هذا الحديث دلالة على أبي حنيفة والشافعي في قولهما: إن العبد لا يملك لأنه أضاف المال للعبد بلام المِلْك، واللاَّم ترد للملك: واليد والتصرف كقولهم: الوِلاية لفلان في المال، هكذا قيل في هذا. وعندي فيه نظر لأن الولاية لفلان ضَرْبٌ من الملك لتصرّفٍ مّا فلا يعد قسما ثانيا هذا المثال. وترد اللام للاختصاص كقولهم: الحركة للحجر والباب للدار، وهذا مبسوط في كتب النحاة. 667 - قوله: "نَهَى - صلى الله عليه وسلم - عَنِ المُحَاقَلَةِ والمُزَابَنَةِ والمُعَاوَمَةِ والْمُخَابَرَةِ وعن الثُّنْيَا ورخَّص في العَرَايَا". وفي بعض طُرُقِهِ: "نَهَى عَنْ بَيْعِ السنين". وفي رواية: "عن بيع الثمر سنين" (ص 1174). قال الشيخ: تقدم الكلام على المُحاقلة والمزابنة والعرايا ونتكلم الآن على المعاومة والمخابرة والثُنْيَا. فأما بيع المعاومة فهو بيع الثمر سنين وقد فسره في كتاب مسلم. ووجه المنع فيه بَيِّنٌ، ومأخوذ مما تقدَّم من النهي عن بيع الثمر قبل زهوه لأنه إذا باع ثمرته سنين فمعلوم أن ثمرة السنة الثانية والثالثة لَمْ تخلق (¬97)، وهي لو خلقت ولم تَزْهُ لم يجز العقد عليها فإذا لم تخلق أولى أن لا يجوز. وَأمَّا المخابرة فقد فسرها جابر في كتاب مسلم بـ "أنها الأرْض يَدفَعُها الرَّجل إلى الرَّجُلِ فينفق فيها ثم يأخذ من الثمر". وفسر المحاقلة ببيع الزرع القائم بالحب كَيْلاً. وهذا فيه معنى حسن يؤخذ مما تقدم. وذلك أنا قدمنا أن المحاقلة تنطلق على بيع الزرع الأخضر ¬

_ (¬96) في (ب) و (ج) "وقد قال بعض أصحابنا". (¬97) في (ب) "لم تخلق" ساقطة.

بالحب وعلى كراء الأرض بالجُزْء فلما ذكرت ها هنا مع المخابرة وفسرها بأنها المعاوضة بالجزء عاد إلى تفسير المحاقلة بأنها بيع الزرع بالحب لئلا (¬98) يفسرها بالمعنى الآخر فيكون تكريرًا لمعنى المخابرة. قال أهل اللغة: المخابرة هي المزارعة على النصيب كالثلث وغيره. والخُبْرَة: النصيب. قال الشاعر: [الطويل] إذَا ما جَعَلْتَ الشَّاة لِلنَّاس خُبْرَةً ... فَشأنَكَ إنِّي ذَاهبٌ لِشُئُونِي وقال الأزهري: الخُبر يكون زرعا ويكون أكّارًا. وقال ابنُ الأعرابى: أصل المخابرة مأخوذ من خَيْبر لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان أقرها في أيدي أهلها على النِّصف فقيل: خَابرهم، أي عَاملهم في خيبرَ (¬99). وسنتكلم على معاملة أهل خيبر في موضعها إن شاء الله تعالى. وأما قوله: "وعن بيع الثُّنْيَا" فمَحْمله على ثُنيا لا تجوز أو على ما يؤدي إلى الجَهَالَة بالمبيع. وقد اتفق الجميع على جواز بيع الصُّبْرة واستثناء جُزء منها وأن ذلك سائغ (¬100). واختلفوا إذا استثنى مكيلةً معلومة فمنعه أبو حنيفة والشافعي أخذًا بظاهر هذا الحديث وتمسُّكًا بعموم نهيه عن بيع الثنيا. وأجاز مالك أن يستثنى منها من المكيلة ما يعلم أنه لا يزيد عن ثلث جميعها لأن ذلك عنده في حكم اليسير الذي لا يؤدي إلى الجهالة بالمبيع فوجب أن يجوز. 668 - خَرَّج مسلم في هذا الباب حديثا: "عن زيد بن أبي أُنَيْسَةَ قَال: نَا أبو الوليد المكي عن جابر". ثم أرْدَفَ عليه: "حدثنا عبد الله ¬

_ (¬98) في (ج) "كَيْلاً". (¬99) "في خيبر" ساقطة من (ب). (¬100) في (ج) "شائع".

ابن هاشم (¬101) نا بَهْز نا سَلِيم (¬102) بن حيَّان (¬103) نا سعيد بن مِينَاء عن جابر" ثم عطف بعده بحديث: "حمَّاد بن زيد عن أيوب عن أبي الزبير وسعيد بن ميناء عن جابر" (ص 1175). قال بعضهم: أبو الوليد المكي الذي في الإِسناد الأول هو سعيد بن ميناء. وزعم الحاكم أن أبا الوليد الَّذِي في هذا الإِسناد اسمه يسار (¬104). وقال مثلَ ذلك ابن أبي حاتم الرازي. وردَّ ذلك عبد الغني وقال: لا هوَ وَهْمٌ إنما هو سعيد بن ميناء الذي روى عنه أيوب السِّخْتِيانِي وابن أبي أُنَيْسَة (قال البخاري في تاريخه: سعيد بن ميناءَ أبو الوليد المكي سمع جابرا وأبا هريرة روى عنه سَليم بن حيان وزيد بن أبي أُنَيْسَةَ) (¬105). وتابعه على ذلك مسلم، ولعَلَّ الحاكم إنما نَقَل ذلك من كتاب ابن أبي حاتم. 669 - قول جابر: "إن النبيء - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ كِراء الأرْض". وفي بعض طرقه: "نهى أن تؤخذ الأرض أجرا (¬106) أو حَظًا". وفي بعض طرقه: "كُنَّا في زمن النبيء - صلى الله عليه وسلم - نأخذ الأرض بالثُّلُثِ أو الرُّبْع بالمَاذِيَانَاتِ فقام - صلى الله عليه وسلم - فقال: مَنْ كَانَتْ لَهُ أرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، فَإنْ لَمْ يَزْرَعْهَا فَلْيَمْنَحْهَا أخَاهُ، فَإِنْ لَم يَمْنَحْهَا أخَاهُ فَلْيُمْسِكْهَا". وفي بعض طرقه: "سَمِعَهُ يَنْهَى عَنِ ¬

_ (¬101) في (ج) عبد الله بن هشام. (¬102) وقع هنا شكل "سُليم" بضم السين والذي نص عليه النووي أنه بفتح السين. (¬103) في (ب) "سليم بن حبان" بالباء قبل الألف، وهو تحريف. (¬104) في (أ) "بشار"، والصواب ما جاء في (ب) و (ج) وهو ما ذكره النووي. (¬105) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬106) في (أ) "أجزاء" وكذلك في (ب) "وما أثبتناه هو الذي في نسخ مسلم ونصه: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يؤخذ للأرض أجر أو حظّ".

المُزَابَنَةِ وَالحُقُولِ قَالَ جَابِرٌ: الحُقُول (¬107) كِرَاءُ الأرْضِ". وفي بعض طرقه: "نَهَى عَنِ المُزَارَعَةِ" (ص 1176 إلى 1184). قال الشيخ: اختلف الناس في منع كراء الأرض على الإِطلاق؛ فقال به طَاوُس وِالحسنُ أخْذًا بظاهر الحديث الذي ذكرناه: "أنّه نَهَى عن كراء الأرض" فعَمَّ، "وأنّه نَهَى عن المُحَاقلة" وفسَّرها الرَّاوي بكراء الأرض فأطلق أيضًا. وقال جمهور العلماء: إنَّمَا يمنع على التقييد دون الإِطلاق. واختلفوا في ذلك؛ فعندنا أنَّ كراءها بالجزء لا يجوز من غير خلافٍ، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي. وقال بعض الصحابة وبعض الفقهاء بجوازه تشبيها بالقراض. وأما كراؤها بالطعام مضمونا في الذمة فأجازه أبو حنيفة والشافعي لقول رافع بن خَدِيج (¬108) في آخر حديثه: "فأمَّا شيء معلوم مضمون فلا بأس به". وحمل ذلك أصحابنا على تفسير الراوي واجتهاده فلا يلزم الرجوع إليه. وقال ابن نافع من أصحاب مالك: يجوز كراؤها بالطعام وغيره (¬109) كأن ينبت فيها أو لا إلا الحنطةَ وأخواتِها إذا كان ما تُكرى به خلاف ما يزرع فيها. وقال ابن كنانة من أصحاب مالك: لا تكرى بشيء إذا أعيد فيها نبت، ولا بأس بغيره كان طعاما أو غيره. وقد أضيف هذا القول لمالك. وقد تعلق أصحابنا بما روي أنه: "نهى عن كراء الأرض بالطعام" فعمّ، ¬

_ (¬107) في (ج) "فقال جابر بن عبد الله المزابنة التمر بالتمر والحقول" إلخ ... (¬108) "ابن خديج" ساقط من (أ) و (ج). (¬109) في (ب) و (ج) "بالطعام أو غيره".

ولأن (¬110) النامي عنه (¬111) يقدر أنه على ملك رب الأرض وكأنّه باعه بطعام فصار كبيع الطعام بالطعام إلى أجل. وكذلك المشهور من مذهبنا النهي عن كرائها بما تنبته وإن لم يكن طعاما لما رُوي أنه نهى عن كراء الأرض بما يخرج منها. وقد قال ابن حنبل: حديث رافع فيه ألوان لأنه مَرّةً حدّث به عن عمومته ومرة عن نفسه، وهذا الاضطراب يُوهنه عنده، وقد خرّج مسلم: "أن رافعا سئل عن كراء الأرض بالذَّهب والوَرِقِ فقال: لا بأس به إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المَاذِيَانَاتِ وإقبال الجَدَاول وأشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا فلم يكن للنّاس كراء إلا هذا". فلذلك زُجر عنه. فأما شيء معلوم مضمون فلا. وهذا إشارة منه إلى أن النهي تعلق بهذا الغرر وما يقع في هذا من الخطر ولهذا اضطرب أصحاب مالك فيه، وقالوا فيه: ما ذكرنا عنهم من الاختلاف. وفي بعض طُرق مسلم: "كنا نكري الأرض على أنّ لنا هذه ولهم هذه فربما أخرجت هذه ولم تُخرج هذه فنهانا عن ذلك. وأما الوَرِق فلم ينهنا". ¬

_ (¬110) في (ج) "وكأنَّ". (¬111) في (أ) يبدو "أن الناهي عنه".

13 - كتاب المساقاة

13 - كتاب المساقاة (¬1) 670 - قوله (¬2): "إن النبيء - صلى الله عليه وسلم - عَامَل أهْلَ خَيْبَرَ بشطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ (¬3) أوْ زَرْعٍ" (ص 1186). قال الشيخ: ذهب مالك والشافعي إلى جَواز المساقاة لأجل هذا الحديث. وأنكرها أبو حنيفة لأجل ما فيها من الغرر، وبيع الثمر قبل الزهو، وحمل حديث خيبر على أنهم كانوا عبيدًا له فما أخذ له وما أبقى له. وهذا لاَ نسلّمه لأننا لو سلمنا أنه فتحها عَنوة وأنه أقرَّهُم على نحو ما قال لم يجز الرِّبَا بين العبد وسيده فلا يغنيه ما قال. والقائلون بجواز المساقاة اختلفوا فمنعها داود إلا في النخل خاصة (¬4). ومنعها الشافعي إلا في النخل والكرْم. وأجازها مالك في سائر الشجر إذا ¬

_ (¬1) هذا العنوان جاء في (ج). (¬2) في (ج) قبل "قوله: إن النبيء" "فيه قوله". (¬3) في (ب) و (ج) من تَمْرٍ. (¬4) "خاصة" ساقطة من (أ) و (ج).

احتيج فيها للمساقاة. والمشهور عندنا منعها في الزرع إلا إذا عجز عنه صاحبه. فأما داود والشافعي فرأياها رخصة فقصراها على ما وقعت عليه فلم يتحقق داود إلا النخَل خاصة، ولم يتحقق الشافعي إلا النخلَ والكرْم، ونحن قسنا بقية الشجر عليهما لكونها في معناهما (¬5) ولا مانع من القياس، إذا عُقل المعنى. ومتى تجوز المساقاة؟ فمذهبنا جوازها ما لم تطب الثمرة. وعندنا في جوازها بعد أن طابت قولان. وعند الشافعي لا تجوز المساقاة وقد ظهرت الثمرة، وقدر أنَّ الظاهر منها مملوك جميعه لرب النخل وهو عين قائمة فكأنه باع نصفه قبل الزهو بخدمة العامل. وعندنا أن المعاملة إنما وقعت على التنمية بنصف النامي، وذلك غير موجود والموجود قبل هذا غير مقصود فلم يؤثر في جواز المساقاة. 671 - وقوله "كَانَ الناس يُؤَاجِرون على عهد النبيء - صلى الله عليه وسلم - عَلَى المَاذِيَانَاتِ وأقبال الجداول" (ص 1183). المَاذِيَانَات: ما يبنى على الأنهار الكبار وليس بالعربية ولكنها سواديّة. والسواقي دون الماذِيَانَات. وقوله: "نَهى عَن بيع الثمر قَبْلَ أن يُشْقِحَ" (ص 1175). قال الأصمعي: إذا تغير البُسْر إلى الحمرة قيل: هذه شُقْحة وقد أَشقَحَتْ. 672 - خرَّج مسلم في باب المزارعة حديثا: "عن الليث عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - دخل عَلَى أمّ بشر .. " هكذا في رواية أبي العلاء "أم بشر". وعند الجُلُودي "أم مبشّر". وفي النسخة ¬

_ (¬5) في (ج) "لكونهما في معناها".

عند السجزي وأبي العباس الرازي "أم معبد أو أم مبشر" على الشك والمحفوظ في حديث اللّيث بن سعد "أم بِشر" (¬6). وذكر مسلم في حديث ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال: "أخبرتني أم مبشر أنها سمعت الحديث، قال بعض العلماء وأمّ مبشّر الأنصارية امرأة زيد بن حارثة يقال لها: أم بشر بنت البرا" كانت من كبار الصحابة روى عنها جابر بن عبد الله (ص 1188 و1189). وخرّج مسلم في هذا الباب أيضًا: "أخبرني أحمد بن سعيد بن إبراهيم نا روح بن عبادة نا زكرياء بن إسحاق عن عمرو عن جابر قال: دخل النبيء - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أم مَعْبَد .. " الحديث (ص 1189). قال الدمشقي: هكذا هذا الإِسناد أيضًا عند أبي الأزهر، يعني عن روح (¬7) بن عبادة عن زكرياء عن عمرو عن جابر. والمشهور عن زكرياء عن أبي الزبير لا عن عمرو بن دينار. وأبو الأزهر هو أحمد بن الأزهر بن منيع النيسابوري سمع عبد الرزاق وأبا سلمة وروح بن عبادة ووهب بن جرير وغيرهم. 673 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ تَمْرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلاَ يَحِلُّ لَكَ أنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا بِمَ (¬8) تأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بغَيْرِ حَقٍّ؟ " وفي بعض طرُقُهِ: "أصِيبَ رَجُلٌ فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَكَثُرَ دَيْنُهُ فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: تصَدَّقُوا عَلَيْهِ فَتَصَدَّق النَّاس عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنهِ فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - لِغُرَمَائِهِ: خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إلاَّ ذلِكَ". وفي بعض طُرُقِهِ "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بوَضْعِ الجَوَائِحِ" (ص 1190 و 1191). ¬

_ (¬6) في (ب) "أم مبشر". (¬7) في (ب) و (ج) "عن أبي الأزهر عن رَوْح". (¬8) في (ب) "ثُمَّ".

قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في الثمرة إِذَا اشْتُرِيَتْ فأُجِيحَتْ فقال بعضهم بِوَضْع الجائحة (¬9) على الإِطلاق قَلَّتْ أو كَثُرتْ لقوله "أمَرَ بِوَضْعِ الجوائح"، وللحديث الآخَر المتقدم وهو قوله: "لاَ يحل لَكَ أنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا"، الحديث. ومن جهة الاعتبار أنها بقى فيها السَّقْيُ على البائع لتَنْمِيتهَا فكان ذلك كالتوفية بالكيل أو الوزن (¬10) والمكيل أو الموزون (¬11) إذا تَلِفَ قبل الكَيْل أو الوزن (¬12) فهو من البائع فكذلك هذا. وقال الآخرون: لا توضع الجوائح قَلَّت أو كَثُرَتْ. وقد ذكر ها هنا أنه أصيب في ثمار ابتاعها فكثُر دينه فأمر - صلى الله عليه وسلم - بالصَّدقة عليه ودفع لغرمائه، فلو كانت توضع لَم يفتقر إلى هذا. وقال الأولون: قد تكون أُصيبت بعد الجدَاد وعليه دين من غيرها احتاج مَعَه للصدقة. قالوا: وقد قال في آخر الحديث لغرمائه "وليس لكم إلا ذلك" ولو كانت الجوائح لا توضع لكان لهم الطلب بالبقية. وينفصل هؤلاء عن هذا بأَن يحملوه على أن ليس لكم الآن إلا ذَلك لفلَسه وأنه يُنْظر إلى مَيْسُرة كما قال الله تعالى (¬13). وأمَّا مالك فقال بوضعها إذا بلغت الثلث، وكأنَّه خَصّ الظواهر الأُوَل بضرب من الاستدلال، وذلك أن الثمر لا تنفك من سقوط يسير منها أو غير ذلك من الأسْبَاب المتلفة للحقير منها فكأَنَّ المشتري دخل على ذلك فلا قيام له به. وإذا وجب العفو عن اليَسِير فَمَا قَصُر عن الثّلُثِ في حكم اليسير على ما دلَّت عليه الأصول. وقد قال بعض البغداديين من أصحابنا: الجائحة كاسمها، يشير إلى أن ¬

_ (¬9) في (ب) و (ج) "توضع". (¬10) في (ب) و (ج) "والوزن". (¬11) في (أ) "والكيل والمكيل والموزون" هكذا. (¬12) في (أ) "قبل الكيل والوزن". (¬13) إشارة إلى الآية (280) البقرة.

اليسير المُغْتَفَر لا يكاد يسمى في العرف جائحة فلا يجب حمل الحديث عليه. 674 - خرّج مسلم في باب الجوائح حديثين مقطوعين أحدهما: قوله: "حَدثَنَا غيرُ واحد من أصحابنا حدثني إسماعيل بن أبي أوَيْس قال حدثني أخي ... " الحديث (ص 1191). وهذا الحديث يتصل لنا من طريق البخاري. رواه البخاري عن إسماعيل ابن أبي أويس، وقد حدث مسلم عن إسماعيل بن أبي أويس دون واسطة في كتاب الحَجّ، وفي آخر كتاب الجهاد، وَرَوَى أيضًا عن "أحمد بن يوسف الأزدي عن إسماعيل بن أبي أويس" في كتاب اللعان وفي كتاب الفضائل (¬14). وأما الحديث الثاني والمقطوع أيضًا في هذا الباب فهو قوله: "روى الليث بن سعد حدثني جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز" الحديث (¬15) (ص 1193). ¬

_ (¬14) في (ب) "وفي الكتاب الثامن من الأحاديث المقطوعة في الفضائل". (¬15) هذا آخر الجزء الأول من المخطوط، وهي النسخة المرموز إليها بحرف (أ)، ونص ما جاء في آخره: "كمل السفر الأول من المعلم والحمد لله حق حمده، وصلى الله على محمد رسوله وعبده. وكان الفراغ منه في السابع من شعبان سنة ثمان وتسعين وخمسمائة".

14 - ومن كتاب التفليس

14 - ومن كتاب التفليس 675 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أدْرَكَ مَالَهُ عِنْد رَجُلٍ قَدْ أفْلَسَ أوْ إنْسَانٍ قَدْ أفْلَسَ (¬1) فَهْوَ أحَقٌّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ" (ص 1193). قال الشيخ: اختلف الناس في مُشتَرِي السلعة إذا مات أو أفلس ولا وفاء عنده بثمنها وهي قائمة؛ فقال الشافعي: بائعها أحق بها في الموت والفلس. وقال أبو حنيفة: هو أسوة فيهما. وقال مالك: هو أحق في الفلس (¬2) وأسوة في الموت. وحمل أبو حنيفة هذا الحديث على أن المَتَاع (¬3) وديعة أو غصب لأنه لم يذكر البيع فيه. وتأويله هذا يرده (¬4) ما خَرَّجَهُ أبو داود أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيُّمَا رَجُلٍ بَاع مَتَاعًا فأفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ وَلَم يَقْبِضْ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَوَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهْوَ أَحَقُّ بِهِ فإنْ مَاتَ المشتري ¬

_ (¬1) في (أ) "عند رجل أو إنسان قد أفلس". (¬2) في (ج) "في التفليس". (¬3) في (ب) "المبتاع"، وفي (ج) "المباع". (¬4) في (أ) "يرد".

فَصَاحِبُ المَتَاعِ أُسْوَةُ الغُرَمَاء". وقال أيضًا: "فإن قَضَاه من ثمنها شيئًا فما بقي فهو أسوة الغرماء، وأيُّمَا امرىء هلك وعنده متاع امرىء بعينه اقتضى منه شيئًا أو لم يقتض فهو أسوة الغرماء". فقد نص ها هنا على البيع ولا معنى لقول من قال منهم: قد يكون البيع ها هنا بمعنى التساوم كما قلتم أنتم في "البيعان بالخيار" إِن معناه: المتساومان (¬5)، لأنه ذَكَر ها هنا: "ولم يقبض الذي باعه من ثمنها شيئًا" وقال: "فإن قضاه من ثمنها شيئًا"، ولا يصح أن يقتضي من ثمنها شيئًا (¬6) وهما متساومان. فإذا وضح الرد على أبي حنيفة عدنا بعد ذلك إلى مالك والشافعي؛ فيقول مالك: قد فصل في هذا الحديث بين الموت والفلَس، والشافعي ساوى بينهما، فيقول الشافعي: إنه قد خرّج أبو داود قال: "أتينا أبا هريرة في صاحب لنا أفلس قال: "لأقضين فيكم بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِن فلس أو مات فوجد رجل متاعه بعينه فهو أحق به" فقد ساوى ها هنا بين الموت والفلس، وأنتم تفرقون بينهما فلا بد من طلب الترجيح، فنقول: قد يحمل ما تعلق به الشافعي على أنه في الودائع لا في البيع لأنه إنما ذكر "فوجد رجل متاعه بعينه" وقد يكون ذلك غصبا أو تعديا. وقال بعض أصحابنا: لعله مات وقد تبين فلسه وطلب هذا سلعَتَهُ فبادره الموت على أنه لم ينقل لفظ النبيء - صلى الله عليه وسلم -. ويمكن أن يكون لَو نقله لتأولناه على غير ما حمله عليه. هذه طريقة الترجيح لنا على الشافعي. وأمّا قوله في الحديث: "فَإنْ قَضَاهُ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا فَمَا بَقِيَ فَهْوَ أسْوَةُ الغُرَمَاء". فظاهره أنه ليس له استرجاع السلعة، وقد قال بعض من أخذ بهذا الحديث: إن هذا الظاهر منه متروك بالقياس لأنه إذا ثبت أنه أحقّ بالكلّ ¬

_ (¬5) في (ج) "أو معناهما المتساومان". (¬6) في (ب) "منه شيئا"

كان أحقَّ بالجزء، وإنما كان له ارتجاعها في التفليس لعيب الذمة التي دخل عليها فصار كمن وجد فيما اشتراه عيبا فله رده، وإنما لم يردّ في الموت وإن غابت الذمة (¬7) لانقطاعها رأسا فيعظم ضرر بقية الغرماء، وفي الفلس لا يعظم ضررهم إذا قُدِّم عليهم لبقاء ذمة غريمهم. وإذا وضَحَ هذا من جهة القياس كان له رد ما قبض وارتجاع السلعة فإن أراد الغرماء دفع الثمن إليه ليمنعوه مِن أَخْذِ سلعته (¬8) كان ذلك لهم لأنه إنما كان له ارتجاع السلعة لعلة فقد الثمن فإذا زالت العلة زال حكمها. وأبى ذلك الشافعي ولم يسقط حقه في الارتجاع بدفعهم الثمن إليه. واعتل له بأنه قد يطرأ غريم آخر فلا يرضى بما صنعه الغرماء من تسليم بعض مال الغريم في هذه السلعة وتفوت سلعته فيلحقه الضرر في ذلك. 676 - خرّج مسلم في هذا الباب: "حدّثنا ابن أبي عُمَر نا هشام ابن سليمان عن ابن جريج ... " الحديث (ص 1193). هكذا في رواية أبي العلاء (¬9) وأما في رواية الجُلُودي فجعل ابن نمير بدل ابن أبي عمر والصواب ابن أبي عمر. وقد تقدم في كتاب الحج حديثان: أولهما: "حدثنا ابن أبي عمر حدثني هشام بن سليمان" في: حديث حفصة (¬10) "ما شأن الناس حَلُّوا". ¬

_ (¬7) اختلفت النسخ هنا في هذه اللفظة فجاءت في (أ) "وإن انعابت الذمة" وأشير في الهامش إلى اصلاحها بقوله: "وإن غابت الذمة" وما في (ج) هو ما أثبتناه، وأما (ب) ففيها: "وإن انقلبت الذمّة ". (¬8) في (ب) "من أخذ سلعتهم". (¬9) في (ج) "أبي العلاء والكسائي". (¬10) في (أ) أحدهما حديث حفصة.

والثاني: حديث "لا تسافر المرأة إلا مع ذى محرم". وفي كتاب الأشربة حديث آخر رواه ابن أبي عمر عن هشام بن سليمان. وابن أبي عمر هذا هو محمد بن يحيى العدني يعد في أهل مكة. وهشام ابن سليمان مكي أيضًا. 677 - وخرّج مسلم أيضًا في كتاب التفليس حديث: "شعبة عن قتادة عن النَضْرِ بن أنس عن بَشِير بن نَهِيكٍ، عن أبي هريرة عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا أفْلَس الرجل فوجد متاعه بعينه فَهو أحَقّ بِهِ". ثم عقب بعده: "حدثنا زُهَير بن حرب قال نا إسماعيل بن إبراهيم نا سعيد بن أبي عروبة (¬11) عن قتادة بهذا الإِسناد مثله" هكذا روى أبو أحمد الإسْنادَيْن: الأول من حديث شعبة، والثاني من حديث سعيد (ص 1194). ووقع في رواية ابن ماهان في الإِسناد الثاني شعبة مكان سعيد. والصواب ما رواه أبو أحمد. هكذا قال بعضهم. 678 - وخرّج مسلم في إنظار المعسر والتجاوز عن الموسر: "حدثنا أبو سعيد الأشج نا أبو خالد الأحمر عَنْ سَعْدِ بن طارق (¬12) عن ربعي بن حِرَاش (¬13) عن حذيفة قال: أُتِيَ الله (¬14) بِعَبْدٍ من عبيده آتاه مَالاَ ... " وذكر الحديث إلى آخره. وفيه: "فقال عقبة بن عامر الجهني وأبو مسعود الأنصاري: هكذا سمعناه من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وهكذا رُوي هذا الإسناد في كتاب مسلم" (ص 1195). ¬

_ (¬11) في (ب) و (ج) "هو ابن أبي عَروبة". (¬12) في (ج) "عن سعيد بن طارق". (¬13) في (ج) "عن ربعى بن خراش". (¬14) في (ج) "يُؤْتي الله".

والحديث محفوظ لأبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري وحده لا لعقبة بن عامر الجهني. والوهم في هذا الإِسناد من أبي خالد الأحمر قاله الدارقطني. وصوابه: فقال عقبة بن عُمَر وأبو مسعود الأنصاري. كذلك رواه أصحاب أبي مالك سعد بن طارق وتابعهم نُعَيْم ابن أبي هند وعبد الملك بن عُمير ومنصور وغيرهم عن ربْعي بن حراش (¬15) عن حذيفة قالوا في آخر الحديث: "فقال عقبة بن عمر (¬16) وأبو مسعود". وهذه الأحاديث خرّجها مسلم في الباب أعني حديث منصور ونعيم بن أبي هند وعبد الملك بن عُمَيْر. 679 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مطْل الغَنيّ ظُلْمٌ وَإذَا أُتْبِعَ أحَدُكُم عَلَى مَلِىءٍ فَلْيَتْبَعْ" (ص 1197). قال الشيخ -وفقه الله-: الكلام في الحوالة في ثلاثة فصول: أحدها: هل يجبر المحال على التحول؟ والثاني: هل يشترط في ذلك رضى المحال عليه؟ والثاني: هل تبرأ ذمة المحيل بالحوالة؟ فأما الفصل الأول فجمهور العلماء على أنه لا يُجْبَر على التحول وحملوا هذا الحديث على الندب. وقال داود: يجبر على التحول، وحمل الحديث على الوجوب. وأهل الأصول مختلفون في الأمر المجرد: هل يحمل على الوُجوب أم الندب؟ وأكد مَذْهبه من حمله على الندب بأن قال: إنما عامل على هذه الذمة وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "المُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهم" ولأنَّ أحَدًا لا يجبر على ¬

_ (¬15) في (ج) "ربعي بن حراش" كما تقدّم، و"خراش" هو ما في الأصول. (¬16) في (ج) "عقبة بن عَمْرو".

بيع سلعته، وهذا مَلَك (¬17) ثمنه في هذه الذِّمَّة فلا يجبر على بيعه بذمّة أخرى، فدل هذا الاستدلال على أن المراد بالحديث الندب، وأكد هذا الاستدلال دلالة مجردةً عند من قال: إنه على الندب، أو نقله إلى الندب بهذه الدلالة من يقول: إن الأمر على الوجوب. وأما الفصل الثاني: فإن اشتراط رضى المحال عليه لا يعتبر عند أبي حنيفة والشافعي، أطلقا ذلك من غير تفصيل. وقال الإِصطخري: بل يعتبر رضى المحال عليه. وقال مالك: لا يعتبر رضاه إلا أن يكون المحال عليه عدوًّا لَهُ أو من تضر به حوالته عليه فلا يجبر على تمكينه من مطالبته. والرد على الإِصْطَخْرِي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَإذَا أُتْبعَ أحَدُكُمْ عَلَى مليء فَلْيَتْبَعْ" ولم يشترط رضى المحال عليه. وقياسا على ما لو وكَّلَ أحَدًا يقبض دينه فإن ذلك لا يعتبر فيه رِضَى المُوَكَّلِ عَلَيْه. ووجه اشتراط مالك ألا تكون عداوة إذْ في إحالة عدوه عليه إضرارًا به ولم يعامَلْ على ما يُؤذيه ويُضر به فكان من حقه أن يَمنع من ذلك. وَأمّا الفَصْلِ الثالث: فإن ذمة المُحيل تَبْرَأُ على الإِطلاق عند الشافعي، ولا تبرأ عند زُفَر. ومَالِكٌ يشترط في البراءة ألا يكون غرّه مِنْ فلس المحال عليه. وتوجيه ما قاله مالك ينتظم الردَّ عَلى المَذْهَبَيْنِ، فوجه ما قاله مالك أن الحوالة كالبيع فلهذا جعلت رخصةً من الدين بالدين والبيع ينقل الأملاك ويبرّأ (¬18) كل واحد من المتعاملَيْن إلا عند الاطلاع على ما يوجب التراجع كالاستحقاق في المبيع أو العيب. فإذا كان هذا قد باع ذمة بأخرى لم يكن له رُجوعٌ علي مبايعه إلاَّ أن يطلع على أنه غرّه وخدعه وأحاله على فقير يعلم فقره ويخفى على المحال فيكون ذلك عيبا يوجب له الرجوع. ¬

_ (¬17) في (أ) "إشارة إلى مخرج لم يظهر في الصورة. (¬18) في (ب) و (ج) "ويُبرى".

680 - وقوله: "نهى - صلى الله عليه وسلم - عن بيع فضل الماء (يمنع به الكَلأ) (¬19) وفي بعض طرقه: "عن بيع ضراب الجمل (¬20) وعن بيع الماء والأرض لتحرث" (¬21) وفي بعض طرقه: "لا يمنع فضل الماء ليمنع الكلأ" وفي بعض طرقه: "لا يباع فضل الماء ليباع به الكلأ" (ص1197 - 1198). قال الشيخ: أما ضِراب الجمل (¬22) وهو بيع نزوه على الناقة فأجازه مالك. وقال: لاَ بأس بإجارة الفحل. ومنعه أبو حنيفة والشافعي لهذا الحديث. وقال بعض أصحابنا: نحن إنما نجيز إجارته وهذا إنما نهى عن بيعه وقد يكون هذا مخالفًا لذلك، كما نجيز إجارة الظئر للرضاع ونمنع بيع لبنها فكذلك تجوز إجارة الفحل للنَّزْو بخلاف بيعه. ولعلَّ هؤلاء يرون أن لفظة البيع لا تتضمن إنزاءً محدودا ولا أمرا معلوما ينتفع به، فيحملون الحديث في المنع على ذلك. وقد تعلق المخالف بقوله: "نَهَى عن عَسْب (¬23) الفحل" لأجل أنه لم يذكر فيه لفظة البيع، وهذا أيضًا فيه إضمار محذوف، ولأصحابنا أن يقولوا فيه ما قالوا في الأول. واعتمد المخالف في المنع على أن المقصود غير معلوم ولا محصَّل وذلك يُلحقه بالغرر والخطَر فيمنع. وأصحابنا لا يسلمون ذلك ويجعلون المعاوضة وقعت على معلوم، والضرورة تدعو لجواز إجارته فوجب حمل الحديث على ما تأولناه، أو يحمل على الحث على مكارم الأخلاق والندب إلى إعارته لذلك ليكثر التناسل في الحيوان. ¬

_ (¬19) ما بين القوسين ساقط من (أ) و (ب). (¬20) في (أ) و (ب) "الحمل"، ولعله محرف عن "الجَمَل" أو "الفحل". (¬21) في (ب) "وعن بيع الأرض والماء لتحرث". (¬22) في (أ) "ضراب الحمل". (¬23) في (ب) و (ج) "عسيب الفَحْل".

وأما "نهيه عن بيع الماء" وفي الطريق الآخر "عن فضْل الماء". فاعْلم أن من الناس من زعم أن الإِجماع قد حصل على أن من أخذ من دِجلة ماء في إنائه وجازه دون الناس أن (¬24) له بيعَه إلا قولاً شاذَّا ذكر في ذلك لا يعتد بخلافه عنده. ومحمل النهي عن بيع الماء مطلقا أنه باع مجهولا منه أو باع ما لم يحتفره (¬25) في أرضه واحتفره للسبيل، أو على أن النهي ندب للإِسعاف به لاحتقار ثمنه وعظيم حاجة الناس إليه. وقد اختلف الناس فيمن حفر بئرا للماشية في الفيافي هل له منع فضله؟ فعندنا ليس له منع ذلك بل يَبْذله بغير عِوَضٍ. ومن الناس من قال: لا يمنعه ولكن ليس عليه بذله بغير عوض بل بقيمته قياسا على المضطر لطعام غيره لإحياء نفسه فإنه لا يحل له منعه ولكن لا يلزمه بذل بغير عوض. وما وقع ها هنا من نهيه عن بيع فضل الماء يدل على صحة ما قلناه: ان الفَضْلَة لا تمنع، وأما إلزام المخالف بذلهَا بالقيمة قياسا على ما قالوه في الطعام فقياس غير صحيح لأن الطعام يُضر به بذله ولا يخلف ما بذله إلا بسعي ومشقة والماء ما ذهب منه عاد إليه مثله وتفجرت به الأرض فافترق الأصلان. وقوله: "لاَ يُبَاعُ فَضْلُ المَاءِ لِيُبَاعَ بِهِ الكَلأ" (¬26). وقوله أيضًا: "لاَ يُمْنَع فَضْلُ المَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الكلأ". معناه أن أصحاب الماشية إذا مُنعوا الماء لم يردوا عليه، وإذا لم يردوا عليه امتنعوا من رعي ما حوله لعدم الشرب فيكون منعه الماء قصدًا لِمَنْع الكلأ الذي لا حق له فيه إضرارًا بالمسلمين ومنعًا لهم من حقوقهم، وذلك ¬

_ (¬24) "أن" ساقطة من (ج). (¬25) في (أ) "ما لا يحتفره". (¬26) جاء أولاً في (ج) "ليمنع به الكلأ" ثم صحح بالهامش بقوله: "ليباع به الكلأ".

غير جائز. وقريب من هذا يتأوَّل في اللفظ الآخر: "لاَ يباع فضل الماء ليباع به الكلأ". الكلأ مهموز مقصور بفتح الكاف هو المرعى. قال بعض أئمة أهل اللغة: الكلأ النبات. قال: ومعنى الحديث أن البئر تكون في البادية أو في صحراء ويكون قربها كلأ فإذا وَرد عليها واردٌ فغلب على ما بها ومنع من يأتي بعده من الاستقاء منها كان بمنعه الماء مانعًا للكلأ لأنه متى ورد رجل بإبله فأرعاهَا ذلك الكلأ ثُمَّ لم يسقها قتلها العطش، والذي يمنع ماء البئر يمنع النبات القريب منه. وهو مثل الحديث الآخر: "لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ". قال أبو القاسم الزجاجي: الكلأ اسم يقع على جميع النبات والمرعى، فإذا فصل بين الرَّطْبِ واليابس منه قيل للرَّطْب خَلّى مقصور ورُطْب بضم الراء وإسكان الطاء ولليابس حشيش ومنه يقال: أحشَّت الناقة ولدها إذا ألقته يابسًا. وحشّت يد فلان إذا يَبسَتْ. 681 - قوله: "نَهَى عَن ثَمَن الكلب ومَهْرِ البَغِىّ وحُلْوَان الكاهِن"، وفي بعض طرقه: "ثَمَنُ الكَلْبِ خَبِيثٌ ومَهْرُ البَغِيّ خَبِيثْ وَكسْبُ الحَجّامِ خَبِيثٌ" وفي بعض طرقه: "سَألْتُ جَابِرًا عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ والسِنَّوْرِ فقال: زَجَر النبيء - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ" (ص 1198 - 1199). قال الشيخ: قد تقدم في العقد الذي ذكرناه في افتتاح البيوع ما يعرف مِنْهُ علة النهي عَمَّا نهي (¬27) عن بيعه. وعلة الجواز لما أجيز بيعه وأشرنا هناك لمسألة بَيْعِ الكَلْبِ، فمن أراد حقيقتها فليقف عليها هناك ولكن نلحق ها هنا ما يتعلق بالمسألة حتى لا تمر بنا فنخليها من فائدة. ¬

_ (¬27) في (أ) و (ب) "عن ما" والصواب أن توصل (عن) بـ (ما) الموصولة وهو ما أثبتناه وما جاء في (ج).

فاعلَمْ أن كُلَّ حيوان ليس بنجس ولا ذي حرمة وينتفع به في الحال أو في المآل (¬28) فإن بيعه جائز. وإنما قلنا "ليس بنجس" لأن الشافعي لما رأى الكلب نَجسا وجب أن يكون ذلك عنده علة في منع بيعه. ولهذا نَهَى عن بيع رجيع ابن آدم لنجاسته. وقد أشرنا في العَقْد الماضي إلى الكلام عليه. وإنَّما قلنا: "ولا ذي حرمة" احترازا من أم الولد والمكاتب والمعتق إلى أجل والمدبَّر. وإنما قلنا: "ينتفع به في الحال" لئلا يكون من الحشرات وغيرها مما لا منفعة فيه. واحترزنا بقولنا: "وفي المآل" (28) من صغار العبيد الذين لا يقدرون على السعي الآن، فبيعهم جائز لما يرجى من المنفعة بهم في المستقبل وقد جعل الشرع هذا الرجاء للمنفعة قائما مقام حصول المنفعة في الحال. وأما بيع العبد المستأجر والمخدَم سنين وإن كان فيه منفعة في المآل فالمنع هناك لعلة أخرى ليس هذا موضع بسطها. ولا شك أن الكلب الَّذِي لا يحل كسبه واقتناؤه لا يجوز بيعه لأن بيعه حينئذ كالمعاوضة على ما لا منفعة فيه، وقد تقدم بيان المنع من ذلك (¬29). وإن كان مما يحل اقتناؤه لزرع أو ضرع أو صيد فمن أصحابنا من كره بيعه لهذا الحديث وقال: ليس إباحة المنفعة تجيز (¬30) المبايعة كأم الولد ينتفع بها ولا تباع. ومن أجاز بَيْعَه منهم حَمَل هذا الحديث على ما لا يحل اقتناؤه واتخاذه. وقد قدمنا أنه لا يجوز بيعه أوْ حَمَلَهُ على أنه كان حين أَمر بقتل الكلاب فلما وقعت الرخصة في كلب الضرع وما ذكر معه وأجيز اقتناؤه وقعت الرخصة في بيعه. ¬

_ (¬28) في (ج) "أو في المَآل". (¬29) في (أ) "عن ذلك". (¬30) في (أ) "يجيز".

وأما مهر البغي (¬31) فهو ما يعطى على النكاح المحرم، وإذا كان محرّما ولم يستبح بعقد صارت المعاوضة عليه لا تحل لأن ما حرم الانتفاع به فكأنه لا منفعة فيه أصلاً. وكذلك حُلْوان الكاهن لأنه يقول ما لا ينتفع به ويعان بما يعطاه على ما لا يحل، وقد قال بعض الناس: الكاهن (¬32) الذي يُخبر بالغيب المستقبل؛ والعراف هو الذي يخبر بما أخفى وقد حصل في الوجود. والبغي (¬33) الفاجرة، وأصل بغي بَغُوي على وزن فعول بمعنى فاعلة (¬34) وهو صفة لمؤنث فلذلك جاءت بغير تَاء كما تجيء إذا كانت بمعنى مفعول نحو رَكُوب وحلوب. ولا يجوز أن يكون بغي ها هنا فعيلاً ولو كان كذلك للزمته التاء كامرأة حليمة وكريمة. وكذلك حكم فعيل إذا كان لمؤنث وهو بمعنى فاعل. والبغاء بكسر الباء ممدود الزنى والفجور من قول الله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} (¬35). يقال: بغتِ المرأة تبغى بِغَاء بكسر الباء. وامْرَأةٌ بَغِيُّ، ومنه قوله تعالى: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} (¬36) وَجَمعُ بَغِيِّ بَغَايَا. وأمَّا حُلْوَان الكَاهِنِ فهو ما يعطاه الكاهن (¬37) ويجعل له على كهانته، يقال منه: حَلَوْتُ الرجل حُلْوانا، إذا حبوتُه بشيءٍ، والحُلوان: الرشوة ¬

_ (¬31) في (ج) "نهي البغي". (¬32) "الكاهن" ساقط من (ب). (¬33) في (أ) و (ب) "البغي". (¬34) في (ج) "وفعول بمعنى فاعلة". (¬35) (33) النور. (¬36) (20) مريم. (¬37) "الكاهن" ساقط من (أ) و (ج).

أيضًا. قال الهروي: قال بعضهم: أصله من الحلاوة شبيه (¬38) بالشيء الحلو. يقال: حلوتُه إذا أطعمتُه الحُلْو كما يقال: عسلتُه إذا أطعمتَه العسل. قال أبو عبيد: الحُلوان أيضًا في غير هذا: أن يأخذ الرجل من مهر ابنتِهِ لنفسه وهو عَيْبٌ عند العرب قالت امرأة تمدح زوجها: [الرجز] لاَ يَأْخُذُ الحُلْوَانَ مِنْ بَنَاتنا (¬39) قال الشيخ: وأمَّا قوله: "كسب الحَجَّام خبيث". فمحمله عندنا على أن المراد به التنزُّه عن كسبه لأنها من الصنائع الذميمة المستقذرة، والشرع يحض على مكارم الأخلاق والتنزُّه عن الدناءه. والدليل على ذلك قول ابن عباس في كتاب مسلم: "حجمَ النبيء - صلى الله عليه وسلم - عَبْدٌ لبني بياضة فأعطاه النبيء - صلى الله عليه وسلم - أجره وكلَّم سيده فخفَّف عنه من ضريبته" ولو كان سُحتا لَمْ يعطه. وقد ذهب بعض الناس إلى منع ذلك في الأحرار. واستعمل الحديث فيمن وقع على صفة ما وقع عليه، وأظنهم يجيزونه في العبد ليعلّف به نواضحه ورقيقه. وفي الترمذي أنه - صلى الله عليه وسلم - استؤذن في إجارة الحجَّام فنهى الذي استأذنه عنها فلم يزل يستأذنه ويسأله عنها (¬40) حتى قال: "أعلفه (¬41) نواضحك ورقيقك". وأمَّا قوله في السِّنَّوْر: "زجَرَ عن ذلك". فقال بعضهم: لعله على جهة الندب لإعارته لأنه إذا كان له ثمن شح ¬

_ (¬38) في (ب) "شبه". (¬39) في (ب) "في بناتيا". (¬40) سقط من (ب) "ويسأله عنها". (¬41) في (أ) و (ب) "أعلفْ".

عليه، قال: أو لأنه لا يمكن ضبطه وإن ربط لم ينتفع به فوقع النهي لذلك. وقال بعضهم: لعَلَّه في السِّنَّوْر الوَحْشِي. وجمهور العلماء على أنه لا يمنع من بيعه، وذُكر كراهة بيعه عن أبي هريرة ومجاهد وغيرهما أخذًا بظاهر الحديث. 682 - قوله: "أمَرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِقَتْلِ الكلاب إلاّ كَلْبَ صَيْدٍ أوْ كَلْبَ غَنَمٍ أوْ مَاشِيةٍ" (¬42). وفي حديث آخر: "مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا إلاّ كَلْبَ زَرْعٍ أو غَنَمٍ أوْ صَيْدٍ نقَصَ مِنْ أجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ" (ص 1200 - 1203). قال الشيخ -وفقه الله-: أمَّا إذَا حُبست الكلاب لغير منفعة وحاجة إليها فإن ذلك ممنوع منه لما فيها من ترويع المسلمين والتوثب عليهم. وإذا دعت الضرورة لاقتنائها للتكسّب بها في الصيد أو حراسة المال كانت الحاجة إليها في تكسب المال أو حراسة (¬43) تدعو لإِجازة اقتنائها. وقد اختلف الناس في اتخاذها لحراسة الدور: هل يجوز ذلك قياسا على ما وقع في الحديث من إجازة اتخاذها لحراسة الزرع والضرع أم لا يجوز ذلك؟ وقد اعتلَّ بعض أصحابنا للنهي عن اتخاذها لحراسة الديار بأن في ذلك مضرةً وترويعًا للناس، وهي إنما تتخذ حراسةً من السارق، وقد تؤذي إذا كانت في الديار من ليس بسارق ومن لم يسرق بعد. وفي الحديث: "أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب". وهذا المعنى هو المفرّق بين اتخاذها في الديار واتخاذها لما ذكر في الحديث. وكذلك أيضًا تنازع العلماء في كلب الصيد إذا اتخذه من ليس بصائد ¬

_ (¬42) "أو ماشية" سقط من (ج). (¬43) فى (ج) "وحراسته".

هل يجوز أخذًا بظاهر هذا الحديث أو يُنهى عن ذلك ويكون معنى الحديث إلّا كلب صيد للصائد به؟ 683 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تعالى وَرسُولَهُ حَرَّمَا بيع الخمْرِ والمَيْتَةِ والخِنْزِيرِ والأصْنَام. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ الله أرَأيْتَ (¬44) شحوم الميتة فَإنها تُطْلَى بها (¬45) السُفُن وتدهن بها الجلود ويَسْتَصبِحُ بِهَا النَّاسُ؟ فَقَالَ: لاَ هُوَ حَرامٌ، ثُمَّ قَالَ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذلك: قَاتَلَ الله اليَهُودَ (¬46) إنَّ الله لَمَّا حَرّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا أجْمَلُوهُ (¬47) ثُمَّ بَاعُوهُ فَأكَلُوا ثَمَنَهُ" (ص 1207). قال الشيخ -وفقه الله-: قد تقدم في العَقْدِ الَّذِي افتتحنا به البُيُوعَ الكلام على هذا الحديث وأصّلنا ما يعرف منه ما يجوز بيعه مما لا يجوز وكشفنا عن علة ما يجوز بيعه مِمّا لا يجوز فلا فائدة في إعادته. وقد قال الطبري في المحرمات: ما يجوز بيعه فإن اعترض به على ما تضمنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث من إشارته إلى أن ما حرّم (¬48) حرِّم بَيْعُه. قيل إنما هذا لنجاسته واليهود ترى الشحم نجسا، والذي أحللنا بيعه من المحرمات ليس بنجس. والذي أراد بقوله: "لا هو حرام" تحريم البيع لا تحريم ما ذكروه من المنفعة، وإنما ظنُّوا أن هذه المنافع تكون سببًا للرخصة لهم في البيع فذكروا ذلك للنبيء - صلى الله عليه وسلم - لعله أن يُبيح البيع لذلك فلم يفعل. وقد تقدم في ¬

_ (¬44) "أرأيت" ساقط من (أ). (¬45) في (ج) "يطلى بها" دون "فإنها". (¬46) في (أ) "لعن الله اليهود". (¬47) في (أ) "اجتملوه"، وفي (ج) "احتملوه" والظاهر أنه تحريف "اجتملوه". (¬48) في (أ) بعد قوله: "إلى أن ما حرم" إشارة إلى محذوف بالهامش لم يبد في صورة المخطوط، ولعله ما أثبت في (ج) وهو "ما حرم الله" لكن وقع تشطيبه.

العقد الذي ذكرناه نحن في افتتاح البيوع الوجه الذي من أجله لم يعذرهم - صلى الله عليه وسلم - ولم يرخص لهم في البيع. قال فإن قيل: فإن في بعض الأحاديث لما قيل له - صلى الله عليه وسلم - في شحوم الميتة: إنّها تدهن بها السفن فقال: "لا تنتفعوا من الميتة بشيءٍ". قيل: هذا على الكراهية وتحرزًا من النجاسة أن تمسه بدليل ما وقع في حديث آخر: "أنه أباح الانتفاع بالسمن الذَّائب إذا وقعت فيه الفأرة". وإن طعنوا في بعض رواة هذا الحديث فكذلك حديثهم الذي عارضوا به أيضًا يُطعن في بعض رواته. هذا الذي عَلِقَ بحفظي من معنى كلام الطبري. وأما قوله -عليه السلام-: "جَمَلوها" فمعناه: أذَابُوهَا. يقال: جَملتُ الشحم وأجملتُه إذا أذبتَه. وأنشد ابن الأنباري للبيد: [الرمل] أوْنَهَتْهُ فَأتَاهُ رزقه ... فَاشْتَوَى لَيْلَةَ رِيحٍ وَاجْتَمَلْ قال الهروي وغيره: الجَمِيل والصُّهَارة عند العرب ما أذيب من الشحم، والحَمّ (¬49) ما أذيب من الألية. قال الراجز أنشده يعقوب: [الرجز] يَهم فيه القَوْمُ هَمَّ الحَمِّ (¬50) قوله: يهم فيه، أي يذوب فيه. ¬

_ (¬49) جاء "الحم" في (ب) أولاً "الجم"، وأما في قوله "هم الحَمّ" فإنه أتى بالحاء المهملة كما في (أ) و (ج)، وهو الصواب. (¬50) في (ج) "يهم فيه الهم هم الحم".

15 - من كتاب الصرف

15 - من كتاب الصَّرْف (¬1) 684 - فيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، وَلاَ تَبِيعُوا الوَرِقَ بالْوَرقِ (¬2) إلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، وَلاَ تَبِيعُوا منه غَائِبًا بِنَاجِزِ". وفي حديث آخر: "الوَرقُ بالذَّهَب رِبًا إلا هَاءَ وَهَاءَ وَالبُرّ بالبُرّ رِبًا إلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ رِبًا إلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْر بِالتَّمْر رِبًا إلاَّ هَاءَ وَهَاءَ". وفي حديث آخر: نَهَى - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْع الذَّهَبِ بالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَالبُرِّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ بِالتَّمرِ وَالْمِلْحِ بِالْمِلحِ إلاَّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ عينًا بِعَيْنٍ (¬3) فَمَنْ زَادَ أوْ ازْدَادَ فَقَدْ أربَى" (ص 1208 إلى 1210). قال الشيخ -وفقه الله-: التبايع يقع على ثلاثة أوجه عرضٌ بِعَرض، وعينٌ بعين وعرضٌ بعين. ¬

_ (¬1) جاء هذا العنوان في (أ) و (ب)، وفي (ج) "كتاب الصرف"، وفي صحيح مسلما "باب الربا". (¬2) "بالورق" ساقط من (أ) و (ج). (¬3) "عينا بعين" ساقط من (أ).

ويقع التبايع بهذه الأجناس على ثلاثة أوجه أيْضًا يُؤخران جميعا، ويُنقدان جميعا، وينقد أحدهما ويؤخر الآخر. فإن نُقدَا جَميعا كان ذلك بيعًا بِنقد: فإن بيع العين بمثله كالذهب بالذهب سُمِّي مراطلة، وإن بيع بعين خلافه كالذهب بالورق سمّي مصارفة، وإن بيع العرض بعين (¬4) سمّي العين ثمنا والعرض مثمونا. وان كانا مؤخرين جميعا: فذلك الدين بالدين وليس ببيع شرعي، لأنه منهى عنه على الجملة. وإن نُقد أحدهما وأُخِّرَ الآخر: فإن كان المؤخر هو العين والمنقود هو العرض سمي ذلك بيعا إلى أجل، وان كان المنقود العين والمؤخر العرض سمي ذلك سلما ويسمى سلفا (¬5). ولو كانَا عرضين مختلفين سمي ذلك سلما أيضًا وسلفا ولا يبالي (¬6) ما تَقَدَّمَ منهما أو تَأخَّر. واعلم بعد ذلك أن الربا محرم في الشرع قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (¬7) "ولعن النبيء - صلى الله عليه وسلم - آكل الرّبا وموكله" (¬8) الحديث (ص 1219). فإذا ثبت تحريمه وجب أن نعقد فيه أصلا يجمع سائر فروعه. ¬

_ (¬4) في (أ) "وإن بيع العرض بالعرض"، وفي (ب) "وإن بيع العين بعرض"، وما أثبتناه هنا هو ما في (ج). (¬5) في (أ) "سلفا أيضًا". (¬6) في (ج) "ولا يبالى". (¬7) (275) البقرة. (¬8) في (ج) "آكِلَه".

فاعلم أنّا قدمنا أن البيع يقع نقدًا ويقع نسيئة فأما بيع النقد وهو ما تناقدا فيه العوضين جميعا فيجوز التفاضل فيه والتماثل والبيع (¬9) كيف يشاءانِ ما لم يكن التبايع في الأثمان أو الأطعمة المقتاتة فلا يجوز فيها التفاضل مع الجنسية، ولا يباع منها المثل (¬10) بمثله إلا مُتَسَاوِيًا، وإن اختلفت جاز التفاضل. وما سوى هاذين القسمين يجوز بيعه على الإِطلاق فحصل من هذا أن التفاضل مع الاختلاف في بياعات النقود يجوز على الإِطلاق، والتفاضل مع التمائل يجوز إلا فيما قدمناه الأثمان والمقتاتات. والدليل علي الجواز مع اختلاف الأجناس على الإِطلاق قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (¬11)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا اختلفَ (¬12) الجنسان فبيعوا كيف شئتم". والدليل علي إجازة التفاضل فيما سوى الثَّمن (¬13) والمقتات قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} (¬14). وأيضًا فإنه لو كان التفاضل في سائر الأشياء ممنوعا لم يكن لتخصيص النبيء - صلى الله عليه وسلم - هذه الستة بتحريم التفاضل معنى، ولقال: التفاضل حرام عليكم في كل شيء، ولكن لما خص هذه الستة دل ذلك على أن التحريم ليس بعام في سائر الأشياء، وإنما يبقى النظر في هذه الستة: هل التحريم مقصورٌ عليها ويكون كشريعة غير معقولة المعنى أو يكون لاختصاصها بالتحريم معنى فيطلب ذلك المعنى فحيثما وجد حرم قياسا على الستة. ¬

_ (¬9) "والبيع" ساقط من (ب). (¬10) في (ب) "منهما". (¬11) (275) البقرة، "وحرّم الربا" ساقط من (أ). (¬12) في (ج) "إذا اختلفت". (¬13) في (ج) "الأثمان". (¬14) في (ج) زيادة "وحرَّم الربا".

فأما أهل الظاهر النفاة للقياس فإنهم قصروا التحريم عليها وأباحوا التفاضل في سائر الأشياء سواها. وهذ بناء منهم على فاسد أصلهم في نفي القول بِالقيَاس. والرد عليهم مذكور في أصول الفقه. وأما جمهور العلماء المثبتون للقياس فإنهم تطبوا لذلك معنى؛ فأمَّا مالك فإنه يعتقد أنها إنَّمَا حرم التفاضل فيها لأمرين: أما الذهب والفضة فلكونهما ثَمَنَيْنِ، وأما الأربعة المطعومة فلكونها تُدَّخَر للقوت أو تُصلح القوت، وقد قدمنا أن ذلك كلَّه مع تماثل الجنس. وأمَّا الشافعي فوافقه على العلة في الذهب والفضة وخالفه في الأربعة، فاعتقد أن العلة كونها مطعومة. وأما أبو حنيفة فخالفهما في الجميع واعتقد أن العلة في الذهب والفضة الوزن وفي الأربعة الكيل. فخرج من مضمون ذلك أن مالكا تطلب علته فحرم التفاضل في الزّبيب لأنه كالتمر في الاقتيات، وحرم التفاضل في القطنية لأنها في معنى القمح والشعير في الاقتيات، ويرى أن العلة الثَّمَنِية لم يتفق وجودُها إلاَّ في الذَّهب والفضة ولو اتفق أن يجيز الناس بينهم الجلود لنهى عن التفاضل فيها، وأما الشافعي فتطلب علته فحرم التفاضل في كل مطعوم، وأبو حنيفة يحرمه في كل مكيل أو موزون. فأما مالك فإنه استلوح ما قال لأجل أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - لو أراد الكيل أو الوزن (¬15) لاكتفى (¬16) بأحد هذه الأربعة في الكَيْل ولا تظهر للزيادة على الواحد فائدة. وكلامه - صلى الله عليه وسلم - كله فوائد لا سيما في تعليم الشرائع ¬

_ (¬15) في (ب) و (ج) "والوزن". (¬16) في (أ) "لا اكتفى" وفي (ج) "اكتفى".

وبيان الأحكام، وكذا (¬17) كان يقتصر على واحد منها لَوْ كانت العله (¬18) كونها مطعومة لأن الواحد منها كَمَا سواه مما ذكر معه في الحديث. ويقول: لما علم - صلى الله عليه وسلم - أن المُراد الاقتيات أراد أن يُبينه بالتنبيه (¬19) عليه ليُبقيَ للعلماء مجالا في الاجتهاد ويكونَ داعيا لبحثهم الذي هو من أعظم القرب إلى الله سبحانه، وليوسّع لأمته في التعبد على حسب سعة أقوال علمائهم. وربما كانت التوسعة أصلح للحق أحيانا فَنَصَّ على البُر الذي هو أعلى المقتاتات ثم نصَّ على الشعير الذي هو أدناها لينبه بالطرفين على الوسط وتنتظم الحاشيتان ما بينهما. وإذا أراد إنسان ذكر جملة الشيء (¬20) فربما كان ذكر طرفيه ونهايته أدَلَّ على استيعابه من اللفظ الشَّامل له. ولَمَّا عهد النبيء - صلى الله عليه وسلم - عَادة الناس في زمنه أكل البر مع السعة والاختيار، والشعير مع الضرورة والإِقتار كان ذكره لهما تنبيهًا على السّلْت والأرز والذُّرة والدُّخن لأن من اعتاد أكلها (في بعض البلاد إما أن يأْكُلَهَا) (¬21) في حال سعته فيكون ذلك القمح منبها له على حكمها، أو في حال ضيقته (¬22) فيكون ذكر الشعير منبها له، ولو اتفق أن يكون الدخن أو غيره هو الغالب في زمنه في قوت أهل الإِقتار لأمكن أن ينبه به بدلا من الشعير، وأمَّا التمر فإنه وإن كان يقتات ففيه ضرب من التفكه، والطبع يستحيله حتى أنه يُؤكل على غير جهة الاقتيات فأراد - صلى الله عليه وسلم - أن يرفع اللُّبْس لأجل هذا المعنى الذي انفرد به ويَنُصَّ عليه مشيرا إلى أن كل مقتات وإن كان فيه زيادة معنى فإن ذلك لا يخرجه من بابه (¬23) ولما علم - صلى الله عليه وسلم - أن هذه الأقوات لا يصح اقتياتها إلا ¬

_ (¬17) "وكذا" ساقط من (ب). (¬18) في (أ) "أو كانت العلة"، وكذلك في (ب). (¬19) في (ب) "أن ينبه بالستة". (¬20) في (أ) "ذكر جمله الشّيءَ" كذا. (¬21) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬22) في (ب) و (ج) "ضيقه". (¬23) في (ب) و (ج) "عن بابه".

بعد إصلاحها وإذا لم تكن مصلحةً تكاد أن تلحق بالعلم الذي لا ينتفع به في القوت أعطى ما لا قوام لها إلا به حكمها. ونبَّه بالملح على ما سواه مما يَحُلُّ محلّه في إصلاحها لأنه لا يقتات (¬24) منفردا ولكنه يجعل ما ليس بقوت قوتا. وأما الشافعي فإنه استلوح ما ذهب إليه من قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث آخر: "الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلاً بِمِثْلٍ" (ص 1214)، فيقول: إني وإن لم أزاحمكم في تطلب التعليل فإن عموم هذا نص مذهبي، وإن زاحمتكم فيه فإنه يشير إلى ما قلت لأنه عَلَّقَ الحكم بالطعام وهو مشتق من الطعم ومعنى الاشتقاق هو علة الأحكام. وأما أبو حنيفة فإنه سلك أيضًا قريبا من هذا المسلك فقال: فإن عامِل خيبر لما باع الصاع بالصاعين أنكر ذلك (¬25) - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا تفعلوا ولكن مثلا بمثل وبيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا، وكذلك الميزان". ومعلوم أنه لم يرد نفس الميزان وإنما أراد نَفْس المَوْزونِ فكأنه قال: وكذلك الموزون (فيقول أيضًا: إنْ لم أزاحم في التعليل استدللت بعموم قوله: وكذلك الموزون) (¬26). وإن زاحمتكم فيه كان ذكر الوزن مشيرا للعلة. وقال أصحابنا في الرد عليه: إن علته تجيز الرّبا في القليل الذي لا يتأتى فيه الكيل وعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - "البر بالبر" الحديث يوجب منع الربا فيه فقد صارت العلة أُخذت من أصل ينقضها عمومه، وذلك مِمَّا يبطل العلل، هذا الكلام في الربا في بياعات النقد. ¬

_ (¬24) في (ج) "يقتات" فـ (لا) ساقطة وهو تحريف. (¬25) في (ج) "ذلك" ساقطة. (¬26) ما بين القوسين تكرر في (أ).

وأما القسم الثاني: فهو الربا في النسيئة فنتكلم عليه في الحديث المذكور فيه السَّلَمُ (¬27)، إن شاء الله. وقد اشتمل الحديث على أن الرّبا في النقد في هذه الستة المذكورة، وذكر عن ابن عباس أنه أجاز دينارا بدينارين نقدًا وَذُكِر أنه رجع عنه فإِن ثَبَت عنه أنه كان يجيزه فيسقط هذا القسم على أصله ولا يكون ربا عنده إلا في القسم الآخر الذي وعدنا بالكلام عليه، وذكر عنه مسلم ما ظاهره أنه تعلّق بقوله - صلى الله عليه وسلم - "الرّبا في النسيئة" (ص 1217). وفي بعض طرق مسلم ("إنّما الربا في النَّسيئة") (¬28) (ص 1218). وفي بعض طرقه "لا ربا فيما كان (¬29) يدًا بيد" (ص 1218). وروى البخاري "لا ربا إلا في النسيئة". فإن قيل: كيف الوجه في بناء هذه الأحاديث مع قوله "الذهب بالذهب ... " الحديث. وفي آخره: "مثلاً بمثل سواءً بسواء يدًا بيد". فقد أثبت الربا مع كونه يدًا بيد. وهذا يمنع من حمله على أن المراد به النَّسِيئة حتى يكون مطابقًا لما تعلق به ابن عباس. وأيضا قوله للذي كان يبيع الصاعين من التَّمر بصاع "لاَ صَاعَيْ تمر بصاع" الحديث (ص 1216). قيل عنه: ثلاثة أجوبة: أحدها: أن يقال: قوله: "لا ربا إلا في النسيئة" يعني في العروض وما في معناها مِمّا هو خارج عن الستة المنصوص عليها وعمَّا يقاس عليها. ولا شك أن العروض يدخلها الربا نسيئة على ما سنبينه فيما بَعْدُ إن شاء الله. ¬

_ (¬27) "السلم" ساقط من (ج). (¬28) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬29) في (ب) "إلا فيما كان" وهو تحريف ينقلب به المعنى.

والثاني: أن يكون المراد الأجناس المختلفة من هذه الستة أو ما في معناها، فإِنه لا ربا فيها إِلا مع النسيئة، فيحمل ما تعلق به ابن عباس على هذا حتى لا يكون بين الأحاديث تعارض وتناقض. والجواب الثالث: أنه إِنما أراد بقوله: "إِنما الربا في النسيئة" إِثباتَ حقيقةِ الربا وحقيقةِ (¬30) أن يكون في الشيء نفسه وهو الربا المذكور في القرآن في قوله {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} (¬31) لأنهم كانوا يقولون: إِما أن تَقضي أو تُربي. هذه طريقة في الجواب سلكها بعض العلماء. ولما عورض بما وقع من إطلاقاته - صلى الله عليه وسلم - كقوله: "فمن زاد أو استزاد فقد أربى" وقد ذكر الذهب بالذهب والفضة بالفضة قال: هذا على جهة المجاز والتشبيه له بالربا. وهذا عندي بعيد مع قوله في حديث بلال لما باع الصاع بالصاعين فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أَوَّهْ عَيْنُ الرِّبَا" (ص 1215)، فنصّ على أنه عين الربا. وهذا يبعد معه أن يكون أراد أنه يشبه الربا. 685 - وقوله: "هَاءَ وَهَاءَ" (ص 1209). بعض المحدثين يقولون: إنها مقصورة، وحذاق أهل اللغة يمُدونها ويجعلون ذلك بدلا من الكافِ لأن أصلها: هَاكَ، يقولون: هاك السَّيْف، بمعنى خذه (¬32) ويقال للاثنين: هَاؤمَا (¬33) وللجماعة هَاؤْم قال الله تعالى: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} (¬34) ويقال: هَاءِ بالكسر. ¬

_ (¬30) في (ب) و (ج) "وحقيقته". (¬31) (279) البقرة. (¬32) في (ج) "خذ". (¬33) في (ج) "هاؤمما" كذا. (¬34) (19) الحاقة.

686 - وقوله: "وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ" (ص 1208). بمعنى: لا تفضلوا. وقد يكون الشف في اللغة بمعنى النّقصان وهو من الأضداد. 687 - خرّج مسلم في باب أكل الربا حديثاً عن جرير عن مغيرة قال: سألت إبراهيم فحدثنا عن عَلقمة (هكذا في نسخة ابن ماهان، وأما عند الجُلُودي فعن جرير عن مغيرة قال: سَأل شِبَاكٌ إبراهيم فحدثنا عن علقمة) (¬35) فجعل السائل هو شِباك. وفي رواية أبي العلاء أن السائل هو المغيرة (ص 1218). وشباك هذا هو ضَبِيّ كوفي مشهور بالرواية عن إبراهيم النخعي. 688 - ذكر: "أنه أتى - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ بِخَيْبَر بِقِلاَدَةٍ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ وَهْيَ مِنَ المَغَانِمِ تُبَاع فَأمَرَ - صلى الله عليه وسلم - بِالذَّهَبِ الذي في القِلاَدَةِ فَنُزِعَ وَحْدَهُ ثم قال لهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بوزن". وفي بعض طرقه: "اشْتَرَيْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ قِلاَدَةً فِيهَا اثْنَا عَشَرَ دينارا (¬36) فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ فَفَصَّلْتُهَا فَوَجَدْتُ فِيهَا أكْثَرَ مِن اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا فذكرت ذَلِكَ للنبيء - صلى الله عليه وسلم - فقال: لا تُباع حتّى تُفَصَّلَ" (ص 1213). قال الشيخ: مذهب مالك أن الذهب إذا كان مَعَهُ سلعة (¬37) فلا يجوز بيعهما بذهب، وكذلك إذا كانت فضة وسلعة فلا يجوز بيعهما بفضة لأن ذلك يؤدي إلى التفاضل بين الذهبين، والذهب المنفرد (¬38) جميع أجْزَائه مقابلة للذهب والسلعة فلم يقع التماثل ولا بَيْعُ الذهب بمثله سواء بسواء (لكنَّ ¬

_ (¬35) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬36) في أصول مسلم "باثني عشر دينارا". (¬37) في (ج) "إذا كانت معه سلعة". (¬38) في (ج) "للمنفرد".

مالكا استثنى السيف المحلَّى إذا كَانَتْ حِلْيَتُه تبعاً له أن يباع بالفضة وإن كانت حليته فضةً) (¬39). وأجاز ذلك لأنَّ الشرع أباح تحليته، ونزعه يشق وهو قليل تبع والأتباع غير مقصودة (¬40) في العُقود. وأما أبو حنيفة فيجيز ذلك إذا كان الذّهب المنفرد أكثر من الذهب المنضمّ للقلادة. ويرى أن ما زاد من الذهب المنفرد يكون في مقابلة السلعة وما سوى ذلك يكون في مقابلة الذهب سواء بسواء فيصيران كالعَقْدَيْن المُنفردَيْن (¬41) فلا يتصور الرّبا. ومن الناس من شَذَّ فأجاز ذلك على الإِطلاقْ من غير اعتبار يكون الذهب المنفرد أقلَّ أو أكثر. وأصحاب أبي حنيفة إذا احتججنا عليهم بحديث القلادة يقولون: قد ذكر ها هنا أن الذهب الذي كان فيها أكثر من الذهب المنفرد ونحن نمنع هذا الوجه (¬42) لأنَّا اشترطنا في الإِجازة أن يكون الذهب المنفرد أكثر من الذهب المُنْضَمِّ للسلعة. وإنّما يمتنع هذا التأويل على المخالف الذي ذكرنا أنه يجيز ذلك على الإِطلاق. ورأيت الطحاويَ ينفصل عن حديث القلادة بأنه إنما نهى عن ذلك لئلا يُغْبَنَ المسلمون (¬43) في المغانم، وأنه - صلى الله عليه وسلم - تخوف من الغَبْن، وقد ظهر ما تخوف منه لأنه وجد في ذهبه أكثر من الثمن. وقَدْ تَعَسَّفَ عِنْدي في هذا التأويل لأنه قد ذكر أنه - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا أمر بنزع الذهب الذي فيها قال لهم: "الذهب بالذهب وزنا بوزن". وهذا كالنطق بالعلة وكأنه - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: ¬

_ (¬39) ما بين القوسين جاء بهامش (أ). (¬40) في (أ) "غير مقصودة" بهاء الضمير. (¬41) في (ج) "فيصيران كان العقدين للمتفردين". (¬42) في (ج) "من هذا الوَجْهِ". (¬43) في (ب) و (ج) ما أثبتنا "لئلا يغبن المسلمون" وفي (أ) "لئلا يغير المسلمون" وهو تحريف.

"إنما أمرتكم بذلك حتى يحصل الذهب بالذهب سواء بسواء" ولو كان إنما أمر بذلك للغبن لقال - صلى الله عليه وسلم -: الغبن لا يجوز في المغانم أو مَا يكون هذا معناه. 689 - وأما قوله: "فجاءه (¬44) بتَمْرٍ جَنِيب فقال: لا تفعل بع الجَمْع (¬45) بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبًا" (ص 1215 - 1216). فإن الجنيب صنف من أعلى التمر والجَمْع صنف من أدناه. وقيل: خلط من أنواع التمر. وقد يتعلق بعموم هذا من لا يحمي الذريعة ويقول: قد أجازَ ها هُنَا أن يبيع الجَمْع بالدراهم ثم يشتري بها جنيبًا (¬46) ولم يُفْرَقْ بين أن يشتريه ممّن باع الجَمع منه أو غيرِه ولم يتهم على كون الدراهم لغوًا، ومن يحمي الذريعة يَخصه بأدلّة أُخر. 690 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّ الحلاَل بيِّن وإنَّ الحَرَام بَيِّنٌ وبينهما مُشْتَبِهَاتٌ (¬47) لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنِ اتقَى الشُّبُهَات اسْتَبْرَأ (¬48) لِدِيِنهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أنْ يِرْتَعَ (¬49) فيه. ألاَ وَإنَّ لِكُلِّ ملِك حِمَى ألاَ وَإنَّ حِمَى الله مَحَارِمُهُ ألاَ وَإنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ وَإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ ألاَ وَهْيَ القَلْبُ" (ص 1219). ¬

_ (¬44) في (ج) "فجاؤوا". (¬45) فى (ج) "بع الجميع" وهو تحريف. (¬46) في (ب) و (ج) "ثم يشتري به جنيبًا". (¬47) في (ب) "أمور مشتبهات". (¬48) في (ب) "فقد استبرأ". (¬49) في (ب) "يقع".

قال الشَّيخ: هذا الحديث جليل الموقع عظيم النَّفْع في الشرع حَتَّى قال بعض الناس: "إنه ثلث الإِسلام"، وذكر حديثين آخرين هما الثلثان الباقيان. وإنما نبه أهل العلم على عظم هَذَا الحديث لأن الإِنسان إنما تعبَّد بطهارة قلبه وجسمه فأكثر المَذامّ والمحظورات (¬50) إنّما تنبعث من القلب فأشار - صلى الله عليه وسلم - لإِصلاحه ونبّه على أن إصلاحه (¬51) هو إصلاح الجسم، وأنه الأصل. وهذا صحيح يُؤْمن به حتَّى من لا يؤمن بالشرع وقد نص عليه الفلاسفة والأطباء، والأحكام والعبادات التي يتصرف الإِنسان عليها بقلبه وجسمه تقع فيها مشكلات وأمور ملتبسات التساهل فيها وتعويد النفس الجرأة عليها تُكسب (¬52) فَسَاد الدِّين والعِرض فنبَّه - صلى الله عليه وسلم - على توقِّي هذه وضرب لها مثلا محسوسًا لتكون النفس له أشدَّ تصورا والعَقْل أعظم قبولا فأخبر -عليه السلام- أن الملوك لهم أحمية لا سيما وهكذا كانت العرب تعرف في الجاهلية أن العزيز فيهم يحمي مروجا (¬53) وأفنية فلا يُتجاسَر عليها ولا يدْنى منها مهابة من سطوته أو خوفا من الوقوع في حَوْزَتِهِ (¬54). وهكذا محارم الله سبحانه من ترك منها ما قرب فهو من توسطها أبعد، ومن تحامى طرف الشيء أُمِن عليه أن يتوسط (¬55) ومن تَطرف (¬56)، توسَّط. وهذا كله صحيح. وإنما بقي أن نتكلَّم على هذه الشبهات فنقول: فقد أكثر العلماء من الكلام على تفسير المشتبهات ونحن ننبهك على أمثل طريقة (¬57). ¬

_ (¬50) في (ب) "والمحذورات". (¬51) في (أ) "على أن صلاحه". (¬52) في (أ) "يَكْسِبُ". (¬53) في (ج) "بروجًا". (¬54) في (ب) "في جورته". (¬55) في (ج) "أن يتوسَّطَهُ". (¬56) في (ب) و (ج) "من طرَّف". (¬57) في (ج) "أفضل طريقة".

فاعْلَمْ أن الاشتباه هو الالتباس وإنما يطلق في مقتضى هذه التسمية ها هنا على أمْرٍ مَّا أشبه أصلاً مّا ولكنه مع هذا يشبه أصلاً آخر يناقض الأصل الآخر فكأنه كثرت أشباهه فقيل: اشتبه بمعنى اختلط حتى كأنه شيء واحد من شيئين مختلفين، فإذا أحطتَ بهذا علما فيجب أنْ تَتطَلَّب هذه الحقيقة فنقول: قد تكون أصول الشرع المختلفة (¬58) تتجاذب فرعا واحدا تجاذبًا متساويا في حق بعض العلماء ولا يمكنه تصور ترجيح، ورده لبعض الأصول يوجب تحريمه، ورده لبعضها يوجب تحليله فلا شك أن الأحوط ها هنا تجنب هذا ومن تجنبه وصف بالورع والتحفظ في الدين، وما أحد من المسلمين يعيب فاعل هذا بل المعلوم انطلاق الألسنة بالثناء عليه والشهادة له بالورع إذا عرف بذلك. وقد سئل مالك عن خنزير الماء فوقف فيه. وكان شيخنا -رحمه الله- يقول: لما تعارضت الآي عِنْده ونظر إلى عموم قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} (¬59) فخاف أن يدخل في عمومه فيحرمَ ونظر إلى عموم قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} (¬60) وأمكن عنده أن يدخل في عموم هذه الآية فيحل ولم تظهر له طرق الترجيح الواضحة في أن يقدم آية على آية وقف فيه (¬61). ومن هذا المعنى أن يعلم أصل الحكم ولكنه يلتبس وجود شرط الإِباحة حتى يتردد بينه وبين شرط التحريم، وذلك أن الإِنسان يحل له أن يأكل ملكه أو ما في معناه مما أبيح له تملكه، ويحرم عليه أكل ملك غيره أو ما في معناه. وقد وجد النبيء - صلى الله عليه وسلم - تمرة ساقطة فترك أكلها واعتلّ بأنه لولا أنَّه يخاف ¬

_ (¬58) في (أ) بعد "المختلفة" إشارة للرجوع إلى الهامش لكنه قد أخفي بسبب الإِصلاح. (¬59) (¬60) المائدة. (¬61) في (ج) "فوقف".

أنْ تكون صدقة لأكلها. فلما كانت الصدقة محرمة عليه وشك هل حصل هذا التحريم هو هذه التمرة؟ (¬62) تركها ولحقت بالمشتبهات. وهذا إذا كان الاشتباه من جهة أصول الشرع بعد نظر صحيح فيها أو في القسم الأخير الذي ذكرناه مع فقد أصول يُرد إليها، وعدم أمارات وظنون يعول عليها؛ وأما إذا كان الأمر بخلاف ذلك فليس من الوَرع التوقف بل ربّما خرج بعضه إلى ما يكره. وبيان ذلك بالمثال أن من أتى إلى ماءٍ لم يجد سواه ليتوضأ منه فقال في نفسه: لعل نجاسة سقطت فيه قبل أن أرد عليه وامتنع من الطهارة به (¬63)؟ فإن ذلك ليس بممدوح وخارج عما وقع في الحديث لأن الأصل طهارة المياه وعدم الطواري واستصحاب هذا كالعَلَم الذي يظن منه (¬64) أنه لم يسقط فيه شيء مع أن هذه الفكرة إذا مرّ معها تكررت ولم يَقِفْ عند حَدٍّ وأدى ذلك إلى انقطاع عن العبادات. وكذلك لو أن إنسانًا اشتهى النساء ثم قال. لعل في العالم من رضع معي فلا يلقى امرأة إلا والعقل يجوّز ذلك فيها إذا كانت في سن يمكن أن ترضع معه فاجتنب جميع النساء لهذا الخاطر الفاسد لم يكن مصيبا، كمثل ما قلناه في الماء من استصحاب الحال في عدم هذه الأمور، وما يقع من الضرر بالإِصغاء إلى هذه الخواطر قد يتسع فيه الخرق فقد صارت الشكوك التي لا أصول لها وتتكرر في نفسه (¬65) ويعظم الضرر بالمرور على موجبها ساقطةً في الشرع حتى كانت المداواة عند بعض الفقهاء. ¬

_ (¬62) في (ج) "في هذه الثمرة". (¬63) "به" ساقطة من (ج). (¬64) "منه" ساقطة من (ج). (¬65) في (ج) "على نفسه".

والمستحسن إضراب النفس عنها والتغافل عن إخطارها بالبال، كما يقولون في المُوَسوس في الحدث بعد الوضوء: إنه يؤمر بأن يلهى عن ذلك ويعرَض عنه حتَّى إذا اعتاد الإِعراض عنه لم يتكرر عليه. وقد يكون هذا الشك له مستند (¬66) ولكن الشرع عفا عنه لعظم الضرورة كمن تحقق أن امرأة أُرضعت معه والتبست عليه بنساء العالم فإنَّا إن قطعنا عليه (¬67) شهوته وحرمنا (¬68) نساءَ العالم جملة كان ذلك إضرارًا عظيما وكلهن محلل (¬69) فلا يغلَّب حكم محرمة واحدة على مئي ألوف (¬70) محللات ولو اختلطت هذه الرضيعة بنساء محصورات لنهي عن التزوج منهن لأن الشَّكَّ ها هنا له مستند وهو العِلْم بأن هناك رضيعة وشك في عينها وله قدرة على تحصيل غرضه مع القطع بسلامته من الوقوع في الحرام بأن يتزوج من نساء قوم آخرين. وليس من الحزم (¬71) في الدين أن يكون له طريقان في تحصيل غرضه: أحدهما: محلل هو أسْهل وأكثر فإن وقع فيه قطَع على عين التحليل. والطريق الأخرى أقل وأندر وإن وقع فيه خاف أن يقع في عين الحرام فيعدل عن المحلّل بما يجوز أن يكون مُحرما. وبهذا فارقت هذه المسألة التي قبلها لأنه متى اختلطت بنساء العالم لا يقدر على تحصيل غرضه بطريق أخرى، فوجب ألا يكون للشك تأثير. وإنما أرَيْتُك بهذه المسألة طريقة تسلكها وإلا فمسائل هذا النوع لاَ ¬

_ (¬66) في (ج) "لهذا الشكِّ مستَنَدٌ". (¬67) "عليه" ساقطة من (ج). (¬68) في (ب) "وحرمنا عليه". (¬69) في (ج) "كان ذلك إضرارا عظيما وكأنهن محللات". (¬70) في (أ) "مئى ألوف الوفا". (¬71) في (ج) "وليس من الحَرَام".

تحصى كثرة، ولكن أصول جميعها لا تنفك عن الأصول (¬72) التي مُهِّدت لك. وقد يقلّ الضرر بالتحريم في بعض المسائل ويعظم في أخرى، ويتضح كون الشك له مستند في بعض المسائل ويخفى في أخرى، وقد تكثر أصول بعض المسائل وقد تتضح مساواة الفرع للأصل وقد تخفى، ومن مجموع هذا كله واختلافِ نظر الفقهاء فيه يقع بينهم التنازع والاختلاف. من ذلك مسائل الشاك في عدد الطلاق، والشاك: هل حَنِث في يمينه أم لا؟ والشاك في زوجته هل تحبه أم لا؟ وقد حلف على أنها تحبه (¬73) والشاك في الإناءين أيهما النجس؟ والشاك: هل أصابَتْ ثوبه نجاسة أم لا؟ والشاك في موضعها مع علمه بإصابتها ثوبه؟ إلى غير ذلك من المسائل التي كثر اضطراب العلماء فيها. وطريقتهم فيها هي التي نَبَّهناك عليها وأنت إذا أحطت بهذه الطريقة علماً أَغْنَتْك عن اضطراب الفقهاء. وأيضاً (¬74) هذا الحديث: هل المشتبهات المذكورات فيه واجب اجتنابها؟ وهل قوله: "من وقع في الشبهات وقع في الحرام" دلالة على أن اجتنابها واجب أم يكون المراد أنه قد يقع (¬75) في الحرام لقوله بعد ذلك: "كالراعي يرعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أن يرتَع فيه" ولم يقل: يرتع فيه؟ فلا بد مع وصفه بأن اجتنابها استبراء للدين (¬76) والعرض. والاستبراء يشير إلى أنها ليست بنفس الحرام الذي يجب أن يجتنب لأن هذه المسائل التي نصصنا على بعضها وأشرنا إلى بقيتها تختلف طرق الاشتباه فيها على ما أشرنا إليك به؛ فقد يقتضى بعضها التحريم وأن ¬

_ (¬72) في (ج) "عن الوصول". (¬73) في (ب) "لا تحبه". (¬74) في (أ) "أيضا" بدون وَاوٍ. (¬75) "قد" ساقطة من (ج) قبل "يقع". (¬76) في (ج) "بالدين".

الاجتناب واجب، وقد تدق طرق الاشتباه وتضعف فيكون الاجتناب (¬77) حينئذ مستحبًا غير واجب، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - أتى بلفظ دالّ على استحباب التوقّي. ولا شك أن استحسان التوقي يعم جميعها ما لم تكن من الشكوك الفاسدة التي أشرنا إليها. وقد يقال: هذه المشتبهات إما أن تكون حراما أو حلالاً، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الحلاَل بيّن وإنّ الحرام بَيّن" فإن كانت محرّمة فيجب أن تكون بيّنة على ظاهر قوله، وإن كانت محللة فيجب أن تكون بيّنة على ظاهر قوله أيضا. قيل: قد يقع منها ما هو مكروه وهو كثير فيها فلا يقال: إنه حرام بيّن لا حلال بيّن لا كراهة فيه (¬78). وأيضا فقد يكون المراد ما استقر عليه الشرع من تحليل وتحريم مما نزل بيانه واضحا بيّنا (¬79)، وإليه أشار بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الحلالُ بيّن والحرام بيّن". ولا شك أن تحريم الربا (¬80) والميتة والدم ولحم الخنزير بيّنٌ، ولا شك أنَّ تحليل الأكل من طيبات ما اكتسبنا، وتزويج النساء حلال بيّن، وإلى هذا وأمثاله أشار، وإن كانت المشتبهات لها أحكام ما، ولهذا قال: "لا يعلَمُهُنّ كثير من الناس" ولو كانت لا حكم لله فيها (¬81) لم يقل "لا يعلمهن (¬82) كثير من الناس" لأن الكلَّ حينئذ لا يعلمونها. وقد يدخل هذا الحديث في الاستدلال على حماية الذريعة وصحة القول به كما ذهب إليه مالك لقوله -عليه السلام-: "كالرّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أن يَرْتَع فيهِ". ¬

_ (¬77) في (ج) "الاشتباه" وهو تحريف. (¬78) فى (ج) "إلا كراهة فيه". (¬79) "بينا" ساقط من (ج). (¬80) في (ج) "الزنا". (¬81) في (ج) "لا حكم إلا لله فيها". (¬82) "لا يعلمهن" ساقطة من (ج).

وقد اختلف الناس في محل العقل من الإِنسان، فمذهب بعض الأئمة من المتكلمين أنه في القلب وإليه صار جمهور الفلاسفة. ويحكى عن أرسطاطاليس وهو رئيس الفلاسفة، وقالت الأطباء: إنه في الدماغ، ويحكى هذا عن أبي حنيفة. وقد احتج بعض الأيمة من المتكلمين على أنه في القلب بقوله سبحانه وتعالى: {فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} (¬83) الآية. فأضاف العقل إلى القلب وقال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} (¬84). واحتجوا أيضا بهذا الحديث وقد جعل النبيء - صلى الله عليه وسلم - صلاح الجسد كلِّه وفساده كلِّه تابعا للقلب، والدّماغُ من جملة الجسد، فاقتضى ظاهر الحديث كون فساده وصلاحه تبعًا للقلب. وهذا يدل على أنه ليس بمحلّ للعقل. وأمَّا الأطباء فإنما عُمْدَتُهُمْ على أن الدماغ يفسُد فيفسُد العقل ويكون منه الصرع والهَوَس عندهم. ويتغير مزاجه فيتغير العقل ويكون منه عندهم المالنخونيا (¬85) وغير ذلك من العلل التي يسمونها، فاقتضى ذلك عندهم كون العقل في الدماغ. ولا حجة لهم في هذا لأن الله سبحانه قد يُجري العادة بفساد العقل عند فساد الدماغ وإن لم يكن العقل فيه لا سيما على أصولهم في الاشتراك الذي يذكرونه في كتبهم بين الدماغ والقلب (نعم وهم) (¬86) يجعلون بين رأس المعدة والدّماغ اشتراكا وينصون (¬87) في كتبهم على أن المالنخونيا على قسمين: ¬

_ (¬83) (46) الحج. (¬84) (37) ق. (¬85) في (ب) "الماليخونيا" وكذا فيما بعد، ومثل ذلك في (ج)، وعلى الياء سكون. (¬86) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬87) "يتصدّق" كذا في (ج).

شراسفيه (¬88): وهي أبْخرة عندهم تصعد من نواح قريبة من المعدة، وقد يكون بِرَأس المعدة خِلْطٌ يبخر الأعْلَى فيتغير العَقْل. وهذا منهم نَقض لاستدلالهم. والنوع الآخر: دماغية وهو من (¬89) فساد مزاج الدماغ؛ والعَلَمُ عندهم عليهما أن ما دام على وتيرة واحدةٍ فهو من الدّمَاغ وما كان يختلف الأزمان فيه فهو من أسفل البدن فإذا صعد البخار تحرك وإذا سكَن سكَن. 691 - ذكر مسلم عن مَعْمَر: "أنّه أرسل غلامه بصاعِ قمح ليبيعَهُ ويشتري بثمنه شعِيرًا فأخذ الغلام صاعا وزيادة بعض صاعٍ فقال مَعْمَرٌ: رده ولا تأخذ إلا مثلا بمثل فإن النَّبِيءَ - صلى الله عليه وسلم - قال: الطَّعامُ بِالطَّعَامِ مِثْلاً بِمِثْلٍ. وكان طَعَامُهُمْ يَوْمَئِذٍ الشَّعِيرَ. قيل: فإنَّه ليس بمثله قَالَ: إنِّي أخَافُ أن يُضَارِع" (¬90) (ص 1214). قال الشيخ -وفقه الله-: مذهب مالك أن الشعير مع القمح صنف واحد لا يجوز التفاضل فيه لتقارب المنفعة فيه. وسنُبَيِّن في كلامنا على السلم وجْهَ مراعاته المنفعة دون مجرد الذوات، ونوضّح ذلك بأن القمح (¬91) قد يستدل به في نفسه فبين أعلاه وأدناه من التفاوت قريب مِمَّا بين القمح والشعير. ثم حصل الاتفاق على أنَّ أعلى القمح وأدناه لا يجوز التفاضل بينهما لتقارب الغرض فيهما (¬92) فكذلك الشعير والقمح. ¬

_ (¬88) في (ج) "شرا سفيه" وفي (ب) "شرا سيفه". (¬89) "من" ساقطة من (ب) و (ج). (¬90) في (ب) "أن أضارع". (¬91) في (ب) "القمح والشعير" وهو تحريف. (¬92) في (ج) فقرة غير مؤدية للمعنى ولعلها هكذا "فبينَهُما التقارب في الغرض فيهما".

ومذهب الشافعي جواز التفاضل بين القمح والشعير، ومال إليه بعض شيوخنا المحققين واعتمد على أنه يخالف القمح في الصورة والتسمية، كما يخالف القمح التمر فوجب أن يكونا صنفين وقد قال - صلى الله عليه وسلم - عقيب الحديث: "فإذا اختَلَفَت هذه الأصناف فَبيعُوا كيف شِئْتُمْ" (ص1211). وقد ذكر الترمذي: "بيعوا البُرّ بالشعير كيف شئتم يدا بيد" وبهذا احتج الشافعي. [الشروط في البيع] (¬93) 692 - قول جابر -رضي الله عنه-: "إنّه باع من النبيء - صلى الله عليه وسلم - جَمَلاً عَلَى أن لَهُ فَقَارَ ظَهْرِهِ إلَى المَدِينَة" الحديث (ص 1221). قال الشيخ -وفقه الله-: من الناس من أجاز بيع الدابة واستثناء البائع رُكُوبَهَا أخذا بظاهر هذا الحديث؛ وأما مالك فيجيزه بشرط أن تكون مسافة هذا الركوب قريبة ويَحْمِلُ هذا الحديث عليه. وأما أبو حنيفة والشافعي فيمنعانه أصلاً لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثنيا وعن بيع وشرط، وكأنهما يريان أن هذا لم تكن فيه حقيقة البيع لأنه أعطاه الجمل والثمن لمَّا وصل إلى المدينة، أو لأن شرط الركوب لم يكن مقارنا للعقد ويرون أن التعلق بنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثنيا وعن بيع وشرط أولى من هذه الفِعلة المحتملة. ونحن نخصّ الحديثين بهذه الفعلة لأنهما عمومان وهذه أخص منهما والخاص يقضي على العام، وردُّه الجمل عليه لا يناقض كون الأوَّلِ بيعا وليس من وهب ما اشتراه بعد صحة اشترائه رافعا لكونه مشتريا له أوَّلا ولو ارتفع شراؤه وسقط لارتفعت هبته وسقطت، فلا يصح حمل الحديث على ¬

_ (¬93) جاء هذا العنوان في (ب) فقط بخط مخالف بالهامش.

أنه لم يقارن البيعُ هذا الشرطَ مع قوله فَبعْتُه إياه على أن لي فَقَار ظهره، وهذا نص في الاشتراط عند البيع. وقد اختلفت الأحاديث في الشروط ومن لم يتفطن لطرق (¬94) بنائها اضطرب الأمر عليه. وقد حكيَ أن رجلاً استفتى أبا حنيفة عن بيع وشرط؟ فقال: هما باطلان. ثم استفتى ابن شُبْرُمَة فقال: هما صحيحان. ثم استفتى ابن أبي لَيْلَى فقال: البيع صحيح والشرط فاسد (¬95). قال السائل فقلت: سبحان الله ثلاثة من فقهاء العراق اختلفوا عليَّ في مسألة واحدة هذا الاختلاف. وأتى أبا حنيفة وأعلمه بما قال صاحباه فقال: "نَهَى النبيء - صلى الله عليه وسلم - عن بيع وشرط". وأتى ابن شُبْرُمَة فاحتج له بحديث جابر هذا. وأتى ابن أبي ليلى فاحتج له بحديث بَرِيرَةَ المتقدم. ونحن نبني الأحاديث فنقول: من الشروط ما يفسد العقدَ، ومنها ما لا يفسده. فما كان منها من مقتضى العقد كالتسليم أو مصلحة كالرهن والحميل صح البيع والشرط؛ وما كان ينافي موجب العَقْد ويدخل في الغرر والجهالة بالمبيع فسد العقد والشرط. وكان شيخنا -رحمه الله- يقول: ما لا فائدة فيه ولا يؤدي إلى فساد في البيع ولا يُزاد في الثمن (¬96) ولا ينقص منه لأجله فهذا الذي قد يقول فيه بعض أصحابنا: البَيْعِ صحيح والشرط باطل. وقال بعض الناس: قول جابر: "وَزَن لي ثمن البعير فأرجح لي فيه"، دلالة على جواز هبة المَجْهُول. وقوله: "أفقرني ظهره" الإِفقار في اللغة إعارة الظهر للركوب. ¬

_ (¬94) "لطرق" تمزقت من (أ). (¬95) في (ب) و (ج) "والشرط باطل". (¬96) في (ب) "ولا يزيد في الثمن".

693 - قوله: "استسلف بَكْرًا فقضى جَمَلاً خِيَارًا رَبَاعِيًا". وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن خِيَار النَّاسِ أحْسَنُهُمْ قَضَاءً" (ص 1224). قال الشيخ -وفقه الله-: قد نهى - صلى الله عليه وسلم - "عن سلَف جر منفعة" وهذا سلف جر منفعة، فلا بد من بناء الحديثيْن فنقول: النهى مَحْمُول على ما كان من المنفعة اشترط في أصل القرض، وهذا لم يُشتَرط فلهذا جَاز، لكن المشهور عندنا في المذهب أن الزيادة في العدد منهيٌّ عنها وإن لم تشترط في أصل القرض. وكأنهم يرون هذا الحديث مخصصا لحديث النهي ولم يرد إلا في زيادة الصفة فلم يُتعدّ به ما ورد فيه. والبَكْر من الإِبل كالغلام من الناس، والقَلُوص منها كالجارية من النساء، والذي استكمل منها ست سنين ودخل في السابعة يقال له: رَباع، والأنثى: رباعية بتخفيف الياء (¬97). 694 - قول عائشة -رضي الله عنها-: " اشْتَرَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ يَهُودِيّ طعاما إلى أجل وَرَهَنَهُ دِرْعًا لَهُ مِنْ حِدِيدٍ" (ص 1226). قال الشيخ -وفقه الله-: شَذَّ بعض الناس فمنع الرَّهن في الحضر تعلقا بدليل الخطاب من قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (¬98) فاشترط السفر فدل على أن الحضر بخلافه. وقال أصحابنا: هذا الحديث حجة عليه في جواز الرهن في الحضر. وفيه دلالة على جواز معاملة اليهود وإن كانوا يستحلون من المكاسب ما لا نستحل. وقد أكثر الناس القولَ في وجه مبايعة (¬99) النبيء - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬97) في (ج) "بتخفيف الباء". (¬98) (283) البقرة. (¬99) في (ج) "معاملة".

لليهودي ورهنه درعه عنده، وأمثل ما يقال فيه إنه فعل ذك ليرَى - صلى الله عليه وسلم - جواز معاملة اليهود، أو فعل ذك لأنه لم يحضره حينئذ من عنده طعام سوى هذا اليهودي، أو يكون -عليه السلام- علم أن أصحابه -رضي الله عنهم- لا يقبلون منه الرهن إكراما له، أو لا يقتضونه (¬100) في الثمن إذا حلّ تقربا إليه فعدل إلى من يفعل معه ذك لئلا يجحف بأصحابه. 695 - قوله - صلى الله عليه وسلم - (¬101): "من أسف (¬102) في تَمْر فَلْيُسْلِف (¬103) في كَيْل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم" (ص 1226). قال الشيخ -وفقه الله-: قد تقدم الكلام في ربا بيع النقد ونحن نتكلم الآن على الربا في النسيئة. فاعلم أن الربا يدخل في بيع النسيئة في الستة المذكورة في الحديث وما قيس عليها سواء اتفقت الأجناس أم اختلفتْ وما سوى الستة وما قيس عليها لا يدخل الربا في بيع النسيئة فيه إذا اختلفت الأجناس كسلم عبد في ثوبين، فإن تساوت الأجناس فاختلف الناس (¬104) فمنعه أبو حنيفة، وأجازه الشافعي، وقال مالك: إذا اتفقت المنافع في الجنس مُنع وإن اختلفت جاز. فأما أبو حنيفة فحجته قول الله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} (¬105) والربا الزيادة. وهذا موجود في هذا البيع فمنع بحق عموم الآية، وإنما خَصّ منها اختلاف الأجناس ما قدمناه من الحديث وبغير ذلك. ¬

_ (¬100) في (ب) و (ج) "ولا يقتضونه". (¬101) جاء بالهامش بخط مغاير ومتأخر "السلم". (¬102) في (أ) و (ب) "من أسلم"، وما أثبتناه في (ج)، وهو ما ثبت في أصول مُسْلم. (¬103) في (ب) "فليسلم". (¬104) في (ج) "فاختلف الناس فيه". (¬105) (275) البقرة.

وأما الشافعي فإنه يَحْتَجُّ بِأنه أمر - صلى الله عليه وسلم - بعض أصحابه بأن يعطي بعيرا في بعيرين إلى أجل. وهذا يخص قوله سبحانه: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} إذا قلنا إن الزيادة في عوض الشيء تسمى ربا حقيقة. وجماعة من أهل الأصول يذهبون إلى تخصيص العموم بخبر الواحد وبعضهم يمنع منه. وأما مالك فإنه توسط بين القولين وعدل بين المذهبين وسلك حماية الذريعة. وأصله القول بما بها فنظر إلى أن الأجناس إذا اختلفت جاز التَّفَاضُلُ فيها نسيئة. والغرض من المتملَّكات الانتفاعات، وأما نفس الذوات فلا يملكها إلا الله الذي يوجدها ويُعدمها، وإنما مَلك الخلق الانتفاع بها، فإذا كانت المنافع مختلفة وهي المقصودة التي يتعلق بها الملك وجب أن تحل محلّ اختلاف الأجناس، وإذا كان الغرض في دابّة الحملَ عليها والغرض من أخرى الجريَ بها صارا في الأنفس كدابة يراد ركوبها وثوب يراد لباسه فإذا ساوت المنافع نظر إلى قوله: "إن النبيء (¬106) - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن سلف جرّ نفعا"، فإذا دفع ثوبا في ثوبين الغرض فيهما كالغرض في الثوب فكأنه أسلفه واشترط عليه أن ينتفع بالزيادة، ولو أسلم ثوبين في ثوب تَتَّفِقُ الأغراض فيهما لاتُّهِمَا أيضاً على أن يكون أعطاه أحد الثوبين ليضمن له الثاني في ذمته أجلا سمياه فيصير ذلك معاوضة على الضمان وسلفا لينتفع بالضمان وذلك لا يجوز. ولو تحققنا حصول السلف والغرض على وجه لا منفعة فيه محققة وهي الزيادة المحسوسة ولا فيه مقدرة (¬107) مقدرة يتهم الناس عليها لأجزنا ذلك إذا سلك به مسلك القرض. وقد وقع عندنا اضطراب في المذهب في التبايع بما اتفقت أجناسه ومنافعه ولم تقع فيه زيادة هل يجوز أم لا؟ كسلم ثوب في مثله فأُجيز، لأن تقدير ¬

_ (¬106) في (ج) "نظر إلى قول النبيء". (¬107) في (ب) خاصة "لا منفعة فيه مقدرة" بدون واو قبل لا وعلى هذه النسخة يختلف المعنى لكن الصحيح ما جاء في النسخ الثلاثة.

منفعةٍ في ذلك يتهم الناس عليها تبعد في النفوس ومُنع لئلا يقصد الانتفاع بضمان القابض عوضا عن منفعته (¬108) بما قبض، وأما الشافعي فيجيز ذلك. وهو يجيزه وإن حصل فيه التفاضل الذي هو منفعة محققة فكيف به مع التساوي الذي لا منفعة فيه محققة، فإذا ثبت جواز النِّساء فيما اختلفت أجناسه مما عَدَا الستة وما في معناها فالسَّلَم يجوز في كل شيء تضبطه الصفة. وقد وقع اختلاف بين مالك وأبي حنيفة وبين مالك والشافعي في مسائل هل يجوز السلم فيها أم لا؟ وهو اختلاف في حال، فمن يمنع السلم يعتقد أن الصفة (¬109) لا تحصر ما منع منه، ومن أجازه (¬110) يعتقد أن الصفة تحصره. وهذا مثل ما يقول أصحاب أبي حنيفة: كيف يجيزون السلم في الجواري مع اختلافهن في الرشاقة والملاحة، وأنَّهن يتفاوتن في ذلك تفاوتا عظيما يختلف الثمن باختلافه، ومالك لمَّا لَمْ (¬111) يثبت عنده ما قالوا، ورأى أن ذلك مما يضبط المقصود منه أجاز السلم فيهن وعلى هذا الأسلوب جرى الأمر في اختلافهم في غير ذلك من المسائل. وأما قوله -عليه السلام-: "إلَى أجل معلوم" فقد تعلق به بعض أصحابنا في افتقار صحة السلم إلى أجل. والمشهور عندنا منع السلم الحال. وكان بعض شيوخنا يخرّج من المدونة القول بجوازه من مسألة: إذا اشترى بعروض وباع بمثلها مرابحة، وهو مذهب الشافعي. ومن أجاز السّلَم الحال يحمل الحديث على أن المراد به إن كان أجلا (¬112) فليكن معلوما. واختلف القائلون من أصحابنا بإثبات الأجل فقال بعضهم: ثلاثة أيام، وقال ¬

_ (¬108) في (أ) "عوض منفعته". (¬109) وقع هنا سقوط كلمات في (أ) أشير إليها بالهامش لكنها لم تظهر حين التصوير. (¬110) في (ج) "يجيزه". (¬111) "لما" ساقطة من (أ) و (ب). (¬112) في (ج) "وإن كان أجلا".

بعضهم: بل أكثر من ذلك مما تتغير فيه الأسواق كنصف الشهر ونحوه إذا كان يُقبض السّلمُ ونحوه (¬113) في البلد بعينه. 696 - خرّج مسلم في هذا الباب: "حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وإسماعيل بن سالم جميعا عن ابن علية، قال بعضهم: هكذا في نسخة أبي العلاء عن مسلم عن شيوخه عن ابن علية وهو إسماعيل ابن إبراهيم. وفي روايتنا عن الجُلُودي (¬114) ابن عيينة (بدل ابن علية") (¬115) والصواب رواية أبي العلاء. ومن تأمل الباب بَان ذلك له (ص 1227). 697 - قوله: "إن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال: مَنِ احْتَكَرَ فهو خاطىء" فقيل لسعيد بن المسيب: إنّك تحتكر، فقال: إن معمرا الذي كان يحدث هذا الحديث كان يحتكر" (ص 1227). قال الشيخ -وفقه الله-: أصل هذا مراعاة الضرر فكل ما أضرّ بالمسلمين وجب أن ينفى عنهم. فإذا كان شراء الشيء بالبلد يُغلي سعر البلد ويُضر بالمسلمين (¬116) منع المحتكر من شرائه نظرًا للمسلمين عليه، كما قال العلماء: إنه (¬117) إذا احتيج إلى طعام رجل واضطرّ الناس إليه ألزم بَيْعَه منهم، فمراعاة الضرر هي الأصل في هذا. ¬

_ (¬113) "ونحوه" ساقطة من (أ). (¬114) في (ج) شكل "الجَلودي" بفتح الجيم. (¬115) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬116) في (أ) "بالناس". (¬117) "أنه" ساقطة من (ج).

وقد قال بعض أصحاب مالك: إن احتكار الطعام ممنوع على كل حال لأن أقوات الناس لا يكون احتكارها أبدًا إلاَّ مضرًّا بهم. ومحمل ما روي عن رواة هذا الحديث من أنهم كانوا يحتكررن (أنّهم احتكروا) (¬118) ما لا يضر بالناس، وحملوا قول النبيء - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، وحمله على هذا يؤكد ما قلناه. 698 - خرّج مسلم في هذا الباب: "حدثنا بعض أصحابنا عن عمرو ابن عَوْن قال نا خالد بن عبد الله عن عمرو بن يحيى عن محمد بن عمرو عن سعيد بن المسيب عن معمر بن عبد الله أحد بني عدي بن كعب عن النبيء - صلى الله عليه وسلم -" الحديث (ص 1228). فهذا حديث مقطوع الإِسناد، وهو أحد الأربعة عشر حديثا التي أسانيدها في كتاب مسلم مقطوعة. وأما أبو داود فرواه: "عن وهب بن بقية عن خالد بن عبد الله عن عمرو بن يحيى عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سعيد عن معمر بن أبي معمر قال: قال النبيء - صلى الله عليه وسلم -" الحديث. ¬

_ (¬118) ما بين القوسين ساقط من (ج).

16 - من كتاب الشفعة

16 - من كتاب الشفعة (¬1) 699: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فِي رَبْعَةٍ أوْ نَخْلٍ فَلَيْسَ لَهُ أنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ فَإنْ رَضيَ أخَذَ (¬2) وَإنْ كَرهَ تَركَ". وفي بعض طرقه: "قَضَى النبيء - صلى الله عليه وسلم - بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شَرِكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ رَبْعَةٍ أوْ حَائِطٍ لا يَحِلُّ لَهُ أن يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ فَإنْ شَاءَ أخَذَ وَإنْ شَاءَ تَركَ فَإذَا بَاعَ وَلَمْ يُؤْذِنْ (¬3) فَهْوَ أحَقُّ بِهِ". وفي بعض طرقه: "قال - صلى الله عليه وسلم -: الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شِرْكٍ فِي أرْضٍ أو رَبعٍ أوْ حَائِطٍ لاَ يَصْلُحُ أنْ يَبِيعَ حَتَّى يَعْرِضَ عَلَى شَرِيكِهِ فَيأْخُذَ أوْ يَدَعَ فَإنْ أبَى فَشَرِيكُهُ أحَقُّ بِهِ حَتَّى يُؤْذِنَهُ" (ص 1229). قال الشيخ -وفقه الله-: الأصلُ أن الشفعة إنما أثبتت في الشرع لنفي الضرر. ولمَّا كان الضرر يختلف باختلاف الأنواع خص بذلك العقار ¬

_ (¬1) هذا العنوان من (ج) وجاء في (ب) هكذا: "باب في الشفعة"، وأما (أ) و (د) فلم يرد فيهما عنوان. (¬2) في (ب) "أخذه". (¬3) في (ب) "فلم يؤذنه".

لأنه أشد ضررًا من غيره من السلع لأنه قد يدعوه المشتري إلى المقاسمة أو إلى البيع أو يضر به ويُسِيءُ جِواره. وهذه المعاني يعظم ضررها في العقار. وقد اختلف أصحابنا في إثبات الشفعة في المسائل. وسبب اختلافهم ما وقع فيها من الإِشكال: هل تشبه العروض والسلع التي لا منفعة فيها، أو هي بالعقار أشبه مثل اختلافهم في الثمر إذا بيع منفردا فقيل فيه الشفعة لأنه من جملة الحائط وكأحد أجزائه وقيل لا شفعة فيه لأنه مِمَّا ينقل ويزال به (¬4) فأشبه العروض. وقد اختلف الناس في الشفعة في المقسوم؛ فمذهبنا أن لا شفعة فيه. وعند أبي حنيفة إثبات الشفعة في المقسوم، ورأى أن الشفعة تكون بالجوار، ولكنهم يضطربون في ترتيب الجوار ويقدمون الشريك على من سواه، والشريك في الطريق على الجار. وقد اختلفت الأحاديث، فالذي في كتاب مسلم ها هنا إثبات الشفعة بالشركة، وفي بعض طرقه "كل شركة لم تقسم"، وفي غير كتاب مسلم "الشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة". فاعتمد أصحابنا على هذا الحديث في الرد على أبي حنيفة فقوله: "في كل ما لم يقسم" حصر للشفعة فيما لم يقسم. ودليله أنّه إذا قسم فلا شفعة. وقوله: "فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة" فلو اقتصر على قوله: "فإذا وقعت الحدود" ولم يضف إليه قوله: "وصرفت الطرق" لكان ذلك حجة لأصحاب مالك في الرد على أبي حنيفة لأن الجار بينه وبين جاره حدود، ولكنه لما أضاف إليه قوله: "وصرفت الطرق" تضمَّن أنها تنتفي بشرطين: ضرب الحدود، وصرف الطرق، فيقول أصحابنا: صرف الطرق يراد به صرف الطرق التي ¬

_ (¬4) في (ب) خاصة "ويزال به الضرر".

كانت قبل القسمة ويقول أصحاب أبى حنيفة: المراد به صرف الطرق التي يشترك فيها الجاران فينبغي النظر في أي التَّأْوِيلَيْنِ أظهر. وقد روي أيضاً عن النبيء - صلى الله عليه وسلم -: "أنه قال: الجار أحق بِصقبه". وخرّج الترمذي وأبو داود قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "جار الدار أحق بدار الجار والأرض"، فيحتج أبو حنيفة بظاهر هذا الحديث. ونقول (¬5) نحن: لم نبين بماذا يكون أحق هل (¬6) بالشفعة أو بغيرها من وجوه الرفق والمعروف؟ ونقول أيضاً: يحتمل أن يحمل الجار على الشريك والمخالط. قال الأعشى: [الطويل] أجارتنا بيني فإنك طالقه (¬7) فسمي الزوجة جارة لمخالطتها له. وقد خرّج أبو داود والترمذي قال النبيء - صلى الله عليه وسلم -: "الجار أحق بشفعته ينتظر به وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا" وهو من أظهر ما يستدلون به لأنه بيّن بماذا يكون أحقّ. ونبه على الاشتراك في الطريق، ولكن هذا الحديث (¬8) لم يثبت عند أصحابنا ورأيت بعض المحدثين طعن فيه وقال في رواية: إنه لو روى حديثا آخر مثله تركت حديثه. والصقب بالصاد والسين: القرب. قال الشاعر: [السريع] لا أَمَمٌ دَارُهَا وَلاَ صَقَبُ ¬

_ (¬5) في (أ) خاصة "ويقول". (¬6) "هل" ساقطة من (ب). (¬7) في (ج) "أيا جارتني بيني فإنك طالقة" ولعل قوله "أيا جارتني"، "أيا جارتي" ليستقيم البيت. (¬8) "الحديث" ساقط من (أ) خاصة.

وقد خّرج الترمذي أيضاً قال - صلى الله عليه وسلم -: "الشريك شفيع والشفعة في كل شيء". وهذا أيضاً ظاهره القول بالعموم يثبت الشفعة فيما سوى العقار من العروض (¬9). وقد شذَّ بعض الناس فأثبتها في العروض. وحكى بعض أصحاب الشافعي عن مالك نحوًا من هذا. قال شيخنا -رحمه الله-: وما أدري أين وقف لمالك على هذا؟ ولعله رأى قولنا في الحائط إذا بيع وفيه حيوان: إنَّ الشفعة فيه وفي حيوانه فظن من ذلك أن الشُّفعة تثبت في العروض، وليس كما ظن لأن الحيوان ها هنا لما كان من مصلحة الحائط أعطي حكمه في الشفعة لما بيع مضافا إليه. والملك ينتقل في الرباع على ثلاثة أقسام: بمعاوضة وفيها الشفعة باتفاق، وبغير معاوضة وهي على قسمين: اختيارية وغير اختيارية فالاختيارية الهبة والصدقة، وغير الاختيارية الميراث. وقد حكى بعض أصحابنا الاتفاق على أن لا شفعة في الميراث. وانفرد الطابثي (¬10) فحكى عن مالك إثبات الشفعة في الميراث وهو قول شاذ لم يسمع إلا منه فيما أعلم، وأما الهبة والصدقة ففي إثبات الشفعة فيهما قولان مشهوران، فالإِثبات لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الشفعة فيما لم يقسم"، ولم يفرق بين أنواع الأملاك ولأنها لنفي الضرر، والضرر لا يختلف باختلاف طرق الملك. ووجه نفيها قوله في كتاب مسلم: "لاَ يَحِلُّ لَهُ أنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ"، فكأنه أشار إلى أن ما تقدم في صدر الحديث من إثبات الشفعة إنما يكون في البيع لذكره البيع في آخر الحديث ولو كان غير البيع كالبَيْع لقال: لاَ يحل أن يُخْرِج ملكه، وقال بعض شيوخنا: قوله: "لا يحل له أن يبيع حتى يُؤذن شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك" فيه إشارة إلى وجوب الشفعة قبل البيع. وأما ما لا ينقسم من العقار: فهل فيه شفعة أم لا؟ فيه قولان عندنا ¬

_ (¬9) في (ج) "ومن العروض". (¬10) في (ج) خاصة "الطافثي".

فإثبات الشفعة لقوله -عليه السلام-: "الشفعة فيما لم يقسم" وهذا لَمْ يقسم ولأن الضرر يلحق في ذلك بسوء المعاشرة والدعاء إلى البيع. ووجه نفيها أن قوله: "الشفعة فيما لم يقسم" يُشعر (¬11) أن ذلك مما يحتمل القسم، ولأن من الضرر المعتبر الدعاءَ إلى المقاسمة وهي مفقودة ها هنا. وقد اختلف في اشتقاق الشفعة فقيل. لأنه شَفع بنصيبه في أخذ نصيب غيره، وقيل: لأنَّ نصيبه كان وترا فصار شفعًا. 700 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يَمْنَعْ أحَدُكُمْ جَارَهُ أنْ يَغْرِز خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ" (ص 1230). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف المذهب عندنا: هل هذا النَّهي على الإِلزام أم على الندب؟ فالمشهور عندنا أنه على الندب والحث على حُسْن الجوار. وقيل: بل هو على الإِلزام. وبين أهل الأصول اختلاف في هذا الأصل قد تقدمت الإِشارة إليه، وقد قال بعض أهل العلم: يحتمل أن يكون الضمير من قوله في (¬12) جداره عائدا على الجار، فكأنه قال: لا يمنع أحد جاره (¬13) أن يغرز خَشَبَهُ في ملك نفسه، وهذا التحيّل في التأويل لئلا يكون فيه حجة على القول المشهور. 701 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الأرْض ظُلْمًا طَوَّقَهُ الله إيَّاهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أرَضِينَ" (ص 1230). قال الشيخ: كان شيخنا أبو محمد عبد الحميد -رحمه الله- كتب إليّ بعد فراقي له: هل وقع في الشرع ما يدل على كون الأرضين سبعًا؟ فكتبت إليه قول الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ ¬

_ (¬11) في (أ) "تشعر". (¬12) "قوله في" ساقط من (ج). (¬13) في (ج) "أحدكم جاره".

مِثْلَهُنَّ} (¬14)، وذكرت له هذا الحديث الذي رواه سعيد بن زيد وأبو هريرة وعائشة (¬15) في كتاب مسلم، فأعاد كتابه إلَيَّ يذكر فيه أن الآية محتملة. هل مثلهن في الشكل والهيئة أو مثلهن في العدد، وإن الخبر (¬16) من أخبار الآحاد والقرآن إذا احتمل والأثر (¬17) إذا لم يتواتر لم يصح القطع بذلك. والمسألة ليست من العمليات فيتمسك فيها بالظاهر (¬18) وأخبار الآحاد، فأعدت إليه المجاوبة نحتج لبعد الاحتمال عن القرآن وبسطت القول في ذلك وترددت له في آخر كتابى في احتمال ما قال فقطع المجاوبة. 702 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا اخْتَلَفْتُمْ فِي الطَّريقِ جُعِلَ عَرْضُهُ سَبْعَ أذْرُعٍ " (¬19) (ص 1232). قال الشيخ: لم يأخذ مالك وأصحابه بهذا الحديث ورَأوْا أن الطرق تختلف الحاجة إلى سعتها بقدر اختلاف أحوالها وأن ذلك معلومٌ بالعادة وليس طريق المَمَرّ كطريق سلوك الأحمال والدواب ولا المواضع العامرة التي يتزاحم عليها الوُرَّاد كغيرها. ولعل الحديث عندهم ورد فيما كانت الكفاية فيه هذا القدر أو تنبيها (¬20) على الوسط أو الغالب (¬21). 703 - خرّج مسلم في آخر باب الشفعة حديثا رواه يحيى بن أبي ¬

_ (¬14) (12) الطلاق. (¬15) في (أ) خاصة "عن عايشة". (¬16) في (ج) "وأن الأخبار". (¬17) في (ب) "إذا احتمل الأثر". (¬18) في (ب) و (ج) "بالظواهر". (¬19) في (أ) خاصة "سبعة أذرع" وهما صحيحان لأن الذراع يذكر ويؤنث لكن التأنيث أفصح. (¬20) في (أ) "وتنبيها". (¬21) في (أ) خاصة "والغالب".

كَثِيرٍ عن محمد بن إبراهيم: "أنّ أبا سَلَمَةَ حدثه أن عائشة قالت له. اجتنب الأرض" الحديث، ثم أردف عليه: "حدثنا إسحاق نا حَبَّان (¬22) نا أبان نا يحيى أن محمد بن إبراهيم حدثه" فذكر الحديث (ص 1231 - 1232). وفي نسخة أبي العلاء: "نا أبان نا يحيى بن آدم أن محمد بن إبراهيم حدثه" قال بعضهم: وهذا خطأ إنما (¬23) هو يحيى بن أبي كثير المذكور في الحديث الأوَّل لا يحيى بن ادم. 704 - وخرّج مسلم بعد هذا حديثا: "عن خالد (¬24) الحذاء عن يوسف بن عبد الله عن أبيه" (ص 1232). قال بعضهم: وفي رواية أبي العلاء عن خالد الحذاء عن سفيان بن عبد الله عن أبيه، وهو تصحيف إنما (¬25) هو يوسف بن عبد الله. وهذا هو يوسف بن عبد الله بن الحارث ابن أخت ابن سرين. ¬

_ (¬22) في (ج) "حيّان". (¬23) في (ب) و (ج) "وإنما". (¬24) "هذا حديثا" ساقط من (ب) وفي (ج) "خرخ مسلم بعد هذا عن خالد". (¬25) في (ج) "عن أبيه" تصحيف بسقوط "هو" قبل "تصحيف".

17 - كتاب الفرائض

17 - كتاب الفرائض 705 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِر وَلاَ يَرِثُ الكَافِرُ المُسْلِمَ" (ص 1233). قال الشيخ -وفقه الله-: أمّا ميراث الكافر من المسلم فالإِجماع قد انعقد عليه. وأما ميراث المسلم من الكافر فمسألة اختلاف، لهذا أورد مالك الحديث في الموطأ مختصرا تنبيهًا على موضع الخلاف فقال: "لا يرث المسلم الكافر" ولم يزد على هذا، فقال الجمهور من العلماء: لا يرث المسلم الكافر أخذًا بهذا الحديث. وبهذا (¬1) قال عُمَر وَعليّ وزيد وابن مسعود وابن عباس وجمهور التابعين بالحجاز والعراق ومن الفقهاء مالك والشافعي وأبو حنيفة وداوُد وابن حنبل وعامة العلماء. وقال بتوريث المسلم من الكافر معاذ ومعاوية وابن المسيب ومسروق وغيرهم. وروي عن أبي الدرداء والشعبي والزهري والنخعي ونحوه على اختلاف عنهم في ذلك، والصحيح عن هؤلاء خلافه. ¬

_ (¬1) في بقية النسخ غير (أ) "وبه".

وحجة هؤلاء أن أخوين اختصما إلى يحيى بن يَعْمُر مسلما ويهوديا في ميراث أخ لهما يهودي فورث المسلم، وذكر أن معاذ بن جبل قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الإِسلام يزيد ولا ينقص" واحتجوا أيضاً بقوله: "الإِسلام يعلو ولا يُعلى عليه". وهذا لا حجة فيه لأن المراد به فضلُ الإِسلام على غيره ولم يصرح في هذا بإثبات التوريث. ولا يصح أن يُرَدَّ النَّصُّ في قوله: لا يرث المسلم الكافر بمثل هذه الاحتمالات، وأما أهل الكفر فهم عند مالك أصحاب ملل مختلفة فلا يرث اليهودي النصراني ولا النصراني اليهودي، وكذلك المجوسي لا يرث هذين ولا يرثانه. وذهب الشافعي وأبو حنيفة وداود إلى أن الكفر ملةٌ واحدة، وأنَّ الكفار كلهم يتوارثون؛ فالكافر يرث الكافر على أي كفر كان. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يتوارث أهل ملتين" فلما اعتقد مالك أن أنواع الكفر مِلَل مختلفة منع التوارث بين اليهودي والنصراني وقد قال الله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} (¬2). ولما اعتقد الشافعي ومن ذكرنا معه أن أنواع الكفر ملّة واحدة ورث اليهودي من النصراني والنصراني من اليهودي وقد قال الله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (¬3) فوحد الملة وقال تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} (¬4) فوحّد الدين (¬5) ولم يقل أديانكم. وقالوا: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يتوارث أهْلُ مِلَّتَيْنِ" هو كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ وَلاَ الكَافِر المُسْلِمَ ". وقد قال بعض من رأى أن الكفر مِلَل مختلفة إن السامرة (¬6) مَع اليهود ملة واحدة، والصابين مع النصارى أهل ¬

_ (¬2) (48) المائدة. (¬3) (120) البقرة. (¬4) (6) الكافرون. (¬5) "فوحد الدين" ساقط من (ب). (¬6) في (ج) "وأن السامرة".

ملة واحدة (¬7)، والمجوس ومن لا كتاب له ملهّ. وتكون هذه عندهم ثلاث ملل سوى ملة الإِسلام. يحكى هذا المذهب عن شريح وشريك وابن أبي ليلى. 706 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ألْحقُوا الفَرَائِضَ بِأهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهْوَ لأوْلَى رَجُلٍ (¬8) ذَكَرٍ" (ص 1233). قال الشيخ -وفقه الله-: العصبة كل ذكر بينه وبين الميت نسب يحوزُ المال إذا انفرد ويرث ما فضل إن لم ينفرد (¬9) كالأخ والعم. فإن كل واحد منهما يحوز المال إذا انفرد (¬10)، وإن كان مع ذوي سِهام أخذ ما فضل. والأب والجد كذلك إلا أنهما يفرض لهما مع ذوي السهام بمعنى فيهما غير التعصيب. والتعصيب يكون بالبنوة والأبوة والجدودة، فتعصيب البنوة أولاها ثم تعصيب الأبوة ثم تعصيب الجدودة، فالابن أولى من الأب، لكن الأب يفرض له معه السدس بمعنى غير التعصيب، وهو أيضاً أولى من الإِخوة وبنيهم لأنهم إنما يتسبَّبُون (¬11) بالمشاركة في الأبوة، وقد قدمنا أن تعصيب البنوة أولى. وكذلك أيضاً يقدمون على العمومة لأن تعصيب العمومة بالمشاركة في الجدودة والبنوة أولى. ¬

_ (¬7) في (ب) و (ج) "ملة ثانية" وكلاهما صحيح، أي أن الصابئة مع النصارى يكونون ملة ثانية. (¬8) في (ج) "لأول رجل". (¬9) "وإن لم ينفرد" كذا في (ج). (¬10) "إذا انفرد" ساقطة من (ب). (¬11) في (ب) "ينتسبون" وكذلك فيما يلي.

والأب أولى من الإِخوة ومن الجد لأنهم به يتسببون فيسقطون مع وجوده. والجد أولى من بني الإِخوة لأنه كالأب معهم ومن العمومة لأنهم به يتسببون. والإِخوة وبنوهم أولى من العمومة وبنيهم لأن تعصيب الإِخوة بالأبوة والعمومة بالجدودة. وقد قدمنا أن الأبوة أولى. هذا ترتيبهم في الطبقات. وإن اختلفوا وهم في طبقة واحدة من الطبقات التي ذكرنا وهم مختلفون في القرب فالأقرب أولى كالإِخوة مع بنيهم لأنَّهُمْ كُلَّهُم (¬12) يتسببون بالمشاركة في الأبوة ولكن مشاركة الإِخوة أقرب من مشاركة بنيهم. وكذلك العمومة مع بنيهم وإن تساووا في الطبقة والقُرب ولأحدهم زيادة ترجيح قُدّم الأرجح كالأخ الشقيق مع الأخ للأب فإنهما وإن استوت طبقاتهما ومشاركتهما في الأب الذي به يقع التعصيب فللشقيق زيادة ترجيح بمشاركته في الأم والرحم فكان أولى. وهكذا يجري الأمر في بنيهم وفي العمومة وبنيهم. وهذا إذا كان الترجيح بمعنى مناسب لجهة التعصيب مثل ما قلناه في الأخ الشقيق مع الأخ للأب فإن الإِجماع على أن الشقيق أولى بالميراث من الأخ للأب لأنهما اشتركا في الأخوة من الأب، وزاد الشقيق أخوة من الأم فهي أخوة كلها فكأنها أخوة أقوى من أخوة، فلهذا قدم الشقيق باتفاق. وإن كان زيادة الترجيح بمعنى غير ما هما فيه كابني عم أحدهما أخ لأم فإنها مسألة اختلاف. فقال قائلون بالترجيح ها هنا قياسا على ما تقدم ¬

_ (¬12) "لأنهم كلهم" ساقطة من (ب).

في الأخ الشقيق مع الأخ للأب. وحكموا بالمال كله لابن العم الذي هو أخ لأم، السدسُ بالفرض والباقي بالتعصيب. روي ذلك عن عمر وابن مسعود وبه قال شريح والحسن وابن سيرين والنخعي وأبو ثور وداود والطبري. ولم يُثبت آخرون بذلك ترجيحا في التعصيب وحكموا بأن للأخ للأم السدس والباقي يقسم نصفين بينه وبين ابن العم الآخر (¬13). روي ذلك عن علي وزيد وابن عباس. وذكر عن عمر ما يدل عليه وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وجمهور الفقهاء. والفرق على أصل هؤلاء بين الأخ الشقيق والأخ للأب وبين هذه المسألة ما قدمناه من التنبيه على طرق الترجيح. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فلأوْلَى" (¬14) رَجُلٍ ذكر". المراد بـ"أولى" ها هنا أقرب، ولا يراد به أحق، مثل ما يراد بقولهم: "زيد أولى بماله" لأنه لو حمل على هذا لخلا من الفائدة المرادة به لأنه لا يعلم من هذا من يكون أحق وهو المراد بيانه. وممَّا أولع الناس بالسؤال عن مثله قوله ها هنا: "فلأولى رجل ذكر" وقوله في حديث الزكاة: "فابن لبون ذكر"، والتأكيد إنما يحسن إذا كان يفيد، ومعلوم أن الرجل لا يكون إلا ذكًرا كما لا تكون المرأة إلا أنثى فَلِمَ حسن ها هنا وصفُ الرجل بأنه ذكر مع العلم بأنه لا يكون إلا كذلك؟ وقد أجاب بعض النَّاس (¬15) عن حديث الزكاة بأن الابن قد يوضع موضع ولد. ألا تراهم يقولون: بنو تميم يريدون الأُنثى منهم والذكر، وإذا أمكن ¬

_ (¬13) "الآخر" ساقط من (أ). (¬14) في (ج) "فلأول رجل". (¬15) "الناس" ساقط من (ب).

أن يوضع ابن موضع ولد وكان الولد ينطلق على الذكر والأنثى حَسُن التأكيد ها هنا لئلا يظن أنه أطلق الابن علي الذكر والأنثى. ورأيت بعض الناس زعم أنه إنما قال: "ابن لبون ذكر" لوجود خنثى في أولاد اللبون وفي غيرها من الإِنسان فقيد (¬16) بالذكورية ليشير إلى منع أخذ الخنثى. وهذان الجوابان لا يتلقاهما الفهم بالقبول، والذي يلوح لي في ذلك جواب ينتظم الحديثين (¬17) جميعاً، وهو أن قاعدة الشرع قد استقرت على أن الانتقال من سن إلى أعلى منه إنما يكون عند الانتقال من عدد إلى أكثر منه فالعدد الكثير أحمل للمواساة. فإذا زاد العدد زاد قدر المخرج، ولهذا كانت في الخمسة وعشرين بنت مخاض وفي الستة وثلاثين بنت لبون التي هي أسن من ابنة مخاض (وفي الستة والأربعين ما هو أسن وهي الحقة. فلما استقر الأمر على هذا وجعل -عليه السلام- في الخمسة وعشرين وهو عدد واحد سنا وأعلى منه بنت مخاض) (¬18) وأعلى منها وهو ابن لبون توقع (¬19) أن يهجس في النفوس أن ذلك خارج عما أصَّل، فنبه على أن المخرج عن العدد الواحد سِنَّان هما كالسن الواحد لأن ابن لبون وإن كان أعلى منها فهو أدنى قَدْرًا لأجل الذكورية بِه فنبه بقوله "ذكر" على أن ذلك يبخسه حتى يصيره كبنت مخاض التي هي أصغر سنا لكنها أنثى. وكذلك لما عَلِم أن الرجال هم أرباب القيام بالأمور وفيهم معنى التعصيب، وكانت العرب ترى لهم القيام بأمور لا تراها للنّساء، ذكر -عليه ¬

_ (¬16) في (ج) "فَعبّر". (¬17) في (ب) خاصة "ينتظم به الحديثين" وهو تحريف. (¬18) من قوله "وفي الستة والأربعين" إلى قوله "بنت مخاض" ساقط من (ب). (¬19) في (ج) "خاف".

السلام- الذكورية ليجعلها كالعلة التي لأجلها خص بذلك، لكنه ذكرها ها هنا تنبيها على الفضل وفي الزكاة تنبيها على النقص. 707 - قول جابر -رضي الله عنه-: "مرضتُ فأتَانِي رَسوُلُ الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني فَقُلْتُ: يا رَسُولَ الله كَيْفَ أقْضِي فِي مَالِي فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ شَيْئًا حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ المِيرَاثِ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} (¬20) ". وفي بعض طرقه: "قُلْتُ يَا رَسُولَ الله إنَّمَا يَرِثُنِي كَلاَلَةً" (¬21). وفي بعض طرقه: "فَنَزَلَتْ آيَةُ الفَرَائِضِ" وفي حديث آخَرَ: "عَنْ عُمَر أنَّهُ خَطَبَ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَقَالَ: إنِّي لاَ أدَعُ بَعْدِي شَيْئًا أهَمَّ عِنْدِي مِنَ الكَلاَلَةِ مَا رَاجَعْتُ النَّبِىءَ - صلى الله عليه وسلم - فِي شَيْءٍ مَا رَاجَعْتُهُ (¬22) فِي الكَلاَلَةِ وَمَا أغْلَظَ لِي فِي شَيْءٍ مَا أغْلَظَ لِي فِيهِ حَتَّى طَعَنَ بِإصْبِعِهِ فِي صَدْرِي وقَالَ: يَا عُمَرُ ألاَ تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ وَإنِّيِ إنْ أعِشْ أقْضِ فِيهَا بِقَضيةٍ يَقْضِي بِهَا مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَمَنْ لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ". وعن البَرَاء (¬23): "آخر آية نزلت من القرآن: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} " (ص 1234 إلى 1237). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف في اشتقاق الكلالة فقيل أخذت من الإِحاطة، ومنه الإِكْلِيلِ لإِحاطته بالرأس فكأنَّ هذا الميت محاط به من جنباته. وقيل: أخذت من البعد والانقطاع، من قولهم: كلَّت الرحم إذا تباعدت فطال انتسابها، ومنه كَلَّ في مشيه إذا انقطع لبعد مسافته. واختلف العلماء بعد هذا الاشتقاق في هذا المعنى لِمَاذا وضع: هل لنفس الوراثة إذا لم يكن فيها ولد ولا والد ويكون نصب "كلالة" على موضع ¬

_ (¬20) (176) النساء. (¬21) في (أ) "ترثني كلالة"، وكذا فيما يأتي، والذي في صحيح مسلم "يرثني". (¬22) في (ج) "ما راجعت". (¬23) في (ج) "عن البراء بن عازب".

المصدر كأنه قال: يورث وراثة يقال لها كلالة، كما يقال: يقتل غيلة. ذهب إلى هذا طائفة. وقالت طائفة أخرى: بل هي تسمية للميت الذي لا ولد له ولا والد، واستوى فيه الذكر والأنثى كما يقال: صرورة فيمن لم يحج قط (¬24) ذكرا كان أو أنثى، وعَقِيمٌ للرجل والمرأة، فينتصب "كلالةً" على أصل هؤلاء على الحال، أي يورث في حال كونه كذا. وقد رُوِي عن أبي بكر وعمر وعلي وزيد وابن عباس وابن مسعود: الكلالة من لا ولد له ولا والدَ. وقالت طائفة أخرى: بل هي تسمية للورثة الذين لا ولدَ فيهم ولا والدَ. واحتجوا بقول جابر: "يا رسول الله إنما ترثني كلالة" وكان أبوه قتل يوم أحد. واحتجوا بقراءة من قرأ من الشواذ {يُوَرِّثُ} بكسر الراء وشددها بعضهم. وقالت طائفة أخرى: الكلالة تسمية للمال الموروث كلالة وتنصب "كلالة" على أصل هؤلاء على التمييز. وذهبت الشِّيعة إلى أن الكلالة من لا ولد له ذكرا أو أنثى وإن كان له أب أو جد فورثوا الإِخوة والأخوات مع الأب. وروي ذلك عن ابن عباس وهي رواية شاذة لا تصح عنه. والصحيح عنه ما عليه جماعة العلماء. وذكر بعض الناس الإِجماع على أن الكلالة من لا ولد له ولا والد. واختلف في الورثة إذا كان فيهم جد: هل الوراثة كلالة أم لا؟ فمن جعل الجَدّ أبًا منع (¬25) كون الوراثة كلالة، ومن لم يجعله أبا وورث الإِخوة معه جعل الوراثة كلالة. وكذلك قال جمهور العلماء: إذا كان ¬

_ (¬24) "قط" في (أ) خاصة. (¬25) هذا إشارة إلى قوله تعالى {يورث} في الآية (12) من سورة النساء.

في الوراثة بنت فالوراثة كلالة لدخول العصبة معها من الإِخوة والأخوات وغيرهم من العصبات، وقد قال ابن عباس: "لا ترث الأخت شيئاً مع الابنة لقول الله عز وجل: {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ} فشرط عدم الولد. وبه قال دَاوُد. ومذهب الشيعة أن الابنة تمنع من كون الوراثة كلالة لأنهم لا يورثون الأخ والأخت مع الابنة شيئاً لاشتراط عدم الولد في ميراث الإِخوة كما ذكر في الآية ويعطون المال كله للبنت ويجعلون الوراثة كلالة وإن كان فيها أب أو جد. ومحمل الشرط المذكور في القرآن على أنه لا يثبت فرض النصف الذي تُعَاول (¬26) به الورثة إلّا بعدم الولد فإنَّما دخل الشرط لذلك لا لنفي التوريث أصْلاً. وقد شرط الله سبحانه في ميراث الأخ من أخته عدم الولد كما شرطه في ميراث الأخت. وأجمعت الصحابة -رضي الله عنهم- أن الأخ يرثها مع البنت فدل ذلك على صحة ما تأولْنَاه. وإنما غر الشيعة حتى ذهبت إلى أن الكلالة من ولا ولد له وإن كان له أب وورثت الإِخوة مع الأب قوله سبحانه: {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} (¬27). فشرط في ميراث الإِخوة عدم الولد خاصة فلو كان الأب كذلك لاشترطه. وقد رأيت أن رَجُلاً سأل ابن عباس عن الكلالة. فقال: من لا ولد له ولا والد، فقال السائل: وإن الله سبحانه إنما انتهى إلى ذكر الولد، قال: فانتهرني. وهذا يصحح ما قلناه من بطلان تلك الرواية الشاذة عنه. ¬

_ (¬26) في (ب) و (ج) "يُعَاوَلُ". (¬27) (176) النساء.

وقد قال بعض الناس: إنما لم يذكر عدم الوالد وإن كان وجوده يمنع من كون الوراثة كلالة لأن الآية نزلت في جابر وقد كان أبوه قُتِل يوم أحد وإنّما كان ورثته سبع أخوات فاكتفى باشتهار عدم أبيه (¬28) عند سائر الصحابة عن اشتراط ذلك. وقال آخرون: فإن الولد إشارة إلى الوالد أيضاً، لأن الولادة معنى يتضمن اثنين أبًا وولدا. قالوا: كما كان أصل الذرية من ذرأ الله الخلق في خلقهم والولد من الذرية والوالد كذلك، قال الله تعالى: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} (¬29). قال الشيخ -وفقه الله-: وهذا تأويل بعيد وفيه تعسف. والذي يظهر لي في الجواب عن هذا: أن الأب إنما لم يذكر ها هنا لأنا قدمنا أن القصد باشتراط عدم الولد نفي الفرض المسمى الذي يقع به تعاول الأخت مع الورثة لا نفي التوريث على الجملة. لأنا قدمنا أن الصحابة سوى ابن عباس ورَّثوا الأخت مع البنت، وحكينا أيضاً اتفاقهم على توريث الأخ مع البنت؛ وإذا كان ذلك كذلك فلا يجب ذكر عدم الأب لأن الأب ينتفي معه ميراث الإِخوة أصلاً على الجملة والتفصيل والولد ينتفي معه ميراث الإِخوة على وجه دون وجه. وإنما القصد بالاشتراط التحرز من أحد الوجهين الذي يفارق فيه الوالد الولد (¬30)، فلهذا ذكر الولد دون الأب مع أنه أيضاً يمكن وضوح حكم الأب عندهم لأنه قد استقر عندهم في أصول الفرائض أن (¬31) تسبب بشخص لا يرث معه كالجدة مع الأم والجد مع الأب وابن الابن مع الابن والإِخوة يتسببون بالأب فلا يشكل سقوطهم معه، وليس كذلك ¬

_ (¬28) في (أ) "عدم ابنه". (¬29) (3) الإِسراء. (¬30) في (ب) و (ج) "الأب الولدَ". (¬31) "مَنْ" ساقطة من (أ) خاصة.

سقوطهم مع الولد لأنهم لا يتسببوت به ولو ورثوا معه لم يَكن في ذلك مناقضة لأصول الفرائض، كيف وهم يرثون معه إذا كان الولد انثى ولا يرثون مع الأب بحال. واكتفى عن اشتراط عدم الوالد لما قلناه وقد ذكرنا إجماع السلف على اشتراطه إلا ما ذكر عن ابن عباس مما لا يصح عنه، والله أعلم. وأما وجه مراجعة عمر -رضي الله عنه- للنبىء - صلى الله عليه وسلم - وإحالته على آية الصيف فلأنه قد نزلت آية الكلالة المذكورة في أول السورة، وذكر من الورثة الإِخوة للأم خاصة والإِجماع على أن ذلك الفرض المذكور فيها على تلك الصفة ليس إلا للإِخوة للأم وبقى الإِشكال فيمن سواهم، فزاد الباري جلت قدرته بيانا بالآية الأخيرة من هذه السورة فذكر سبحانه عقِبَ الكلالة الإِخوة جملة، والمراد بهم الأشقاء أو من الأب، لأنه قد ثبت أن ذلك الفرض المذكور فيهم ليس إلا فرض الأشقاء أو من الأب فاستوفت الآيتان بيان حكم جميع الإِخوة وجميعهم كلالة إذا لم يكن والد ولا ولد، فأحال النبيء - صلى الله عليه وسلم - عمر -رضي الله عنه- على الآية الأخيرة لزيادة البيان الذي تضمنته على الأولى وكأن ما وقع من زيادة البيان ونزول بيان بعد بيان (¬32) يهدي عمر إلى حقيقة الأمر والمعنى المراد. وكأنه - صلى الله عليه وسلم - وثق بفهمه وأنه إذا أشير إليه بهذه الزيادة من البيان فهم معنى ما أشكل عليه. وقد يطرأ الاشكال من جهة أخرى ولا يكون هو معنى ما سأل عنه عمر -رحمه الله-، مثل دخول الجد في ذلك، وقد قدمنا تخريجه على الخلاف. فهذا القدر الذي يتعلق بما في كتاب مسلم. ورأيت أن أملي تلخيصًا في الفرائض يستقل به الفقيه إذا اقتصر عليه وتَدَرَّبَ في التصرف فيه أغناه عن جميع مسائل الفرائض (المستفتى عنها، وقد حفّظتُهُ لِجماعة ودربتهم عليه بإلقاء المسائل فاكتفوا) (¬33) به عن مطالعة الفرائض. ¬

_ (¬32) "بعد بيان" ساقط من (ج). (¬33) من قوله "المستفتى عنها" إلى قوله "فاكتفوا" ساقط من (ب) خاصة.

فاعلم أن الوارثين من الرجال: الأب وأبوه وإن علا، والابن وابنه وإن سفل، والأخ من أي جهة كان، وابنه وإن سفل سوى ابن الأخ من الأم، والعم من أي جهة كان، وابنه وإن سفل سوى العم أخي الأب للأم (¬34) وولده، والزوج، ومولى النعمة. ومن النساء: الأم، وأمها، وأم الأب وإن علتا، والبنت، وبنت الابن وإن سفلت، والأخت من أي جهة كانت، والزوجة، ومولاة النعمة. والفروض ستة: الثلثان، ونصفهما، وربعهما، والنصف، ونصفه، وربعه. فالثلثان: فرض أربعة أصناف: اثنان فصاعدا من بنات الصلب، أو من بنات الابن، أو من الأخوات الشقائق، أو من الأخوات للأب. والثلث: فرض صنفين الأم، أو الاثنين فصاعدا من ولد الأم ما كانوا. والسدس: فرض الجدة أو الجدات إذا اجتمعن، وفرض الواحد من أولاد الأم ما كان. والنصف: فرض الزوج، وفرض واحد من أصحاب الثلثين. والربع: فرض الزوج مع وجود الحاجب (¬35) وفرض الزوجة أو الزوجات (¬36) مع عدمه. والثمن: فرض الزوجة أو الزوجات مع وجوده. ¬

_ (¬34) في (ب) "من الأم" وفي (ج) "من أمه". (¬35) في (ب) "مع وجود الولد الحاجب". (¬36) في (أ) خاصة "الزوجة والزوجات".

الحجْب (¬37): الحجب على ضربين: نقص وإسقاط. فأما النقص: فالولد، وولد الابن يردان الأبوين والجد إلى السدس، إلا أن الأب والجد يرثان ما بقي بعد الإِناث بالتعصيب، ويردان الزوج إِلى الربع، والزوجات إلى الثمن. واثنان من الإِخوة فصاعدا يردان الأم إلى السدس. وتعطى ثلث ما بقي في مسألتين: أبوان مع زوج أو زوجة. وابنة الصلب ترد بنت الابن إلى السدس، وكذلك الأخت الشقيقة ترد الأخت للأب إلى السدس. وأما حجب الإِسقاط: فاثنتان من بنات الصلب تسقطان بنات الابن، إلا أن يكون مع بنات الابن ذكر في درجتهن أو تحتهن فيرد عليهن. وكذلك الشقيقتان تسقطان الأخوات للأب، إِلا أن يكون مع الأخوات للأب ذكر في درجتهن خاصة فيرد عليهن. والأم تسقط الجدات كلهن. والجدة القُرْبَى من جهة الأم تسقط البُعْدَى من جهة الأب. والجدة القربى من جهة الأب لا تسقط البُعدى من جهة الأم بل تشاركها. وولد الأم يسقطه عمود النسب: الأب، والجد. والولد، وولد الابن. وأما حجب العصبة: فقد عقدنا أصله عند ذكرنا له فيما تقدم. والجد مع الإِخوة يقاسمهم ما لم تنقصْهُ المقاسَمَةُ من الثلث. وإن كان في الورثة ذوو سِهَامٍ حكم فيما فضل عنهم بهذا الحكم. ¬

_ (¬37) هذا العنوان ساقط من (أ) وهو من (ج) و (د) وفي (ب) "باب الحجب".

وللجد أن يأخذ معهم السدس ويُنْتَزَع من حكم التعصيب. كما للأخوة الأشقاء في المسألة المشتركة أن يُنْتَزعُوا من التعصيب. وهي: زوج وأم وأخوان لأم وإخوة أشقاء فإن المال إذا استوعب جميعه أهل الفروض (¬38) قال الإِخوة الأشقاء للإِخوة للأم: هب أبانا حمارا أليست أمُّنَا واحدة (¬39)، فيشاركونهم في الثلث. وللإِخوة الأشقاء معادّة الجد للإِخوة للأب ويستبدون بما حصل لجميعهم إلا أنّ تفضل عن الإِناث منهم فضلة فتزيد على فروضهم فيعطى لمن كان من جهة الأب منهم. وللجد مقاسمة الأخت وإن انفردت عنه بالفرض الذي عيل لها به في الفريضة التي تسمى الأكدرية، وتسمى الغراءَ. وهي: زوج وأم وجدّ وأخت شقيقة أو لأب، فإن المال إذا استوعبه من سوى الأخت عيل للأخت بالنصف ثم ضمت نصفها إلى ثلث (¬40) الجد واقتسماه {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}. ولو كان بدل الأخت أختان لم يُعَلْ لهما لبقاء فضلة من المال لحجبها الأم إلى السدس. هذه جملة الفرائض التي من أحاط بها علماً علم كل ما يستفتى عنه ويكثر نزوله. ¬

_ (¬38) في (ج) "مع أهل الفرائض". (¬39) في (ب) "أليست الأم تجمعنا". (¬40) في (ب) و (ج) "سدس الجدّ".

18 - كتاب الهبة والوصايا والصدقة والنحل والعمرى

18 - كتاب الهبة والوصايا والصدقة والنحل والعُمْرى (¬1) 708 - قول عمر -رضي الله عنه-: "حَملت على فرس عتيق في سبيل الله فأضاعه صاحبه فظننت أنه بَائعه برخص فسألت النبيء - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: لا تبتعه ولا تعد في صدقتك فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه". وفي طريق آخر "قال - صلى الله عليه وسلم - العائد في هبته كالعائد في قيئه" ص (1239 - 1241). قال الشيخ -وفقه الله-: يحتمل أن يعلل هذا بأن المتصدق عليه أو الموهوب له قد يستحييان (¬2) منه فيسامحانه في الثمن فيكون رجوعا في ذلك القدر الذي حُطّ. وبهذا علل عبد الوهاب كراهة اشتراء الهبة والصدقة جميعًا، وإِن كان قد وقع في الموازية فيمن حمل على فرس قال: إِن لم ¬

_ (¬1) هذا العنوان لم يرد في (أ)، وإنما ورد في (ب) "باب الهبة" وجاء في (ج) "كتاب الوصايا والصدقة والنحل والعمرى" وأضفنا الهبة إلى ما جاء في (ج) حتى يكون العنوان جامعا. (¬2) في (ج) "يستحيان".

يكن للسبيل ولا للمسكنة فلا بأس أن يشتريه وكأنه رأى أنه إذا لم يكن كذلك فهو هبة والهبة تخالف الصدقة عنده، ولا يكون عليه في الحديث حجة لقوله "على فرس عتيق في سبيل الله" فإنما وقع النهي عنده لأنه على جهة الصدقة ومن جهة المعنى أن الصدقة قربة إِلى الله سبحانه ولا يحسن الرجوع فيما تقرب به إِليه تعالى، والهبة ليست كذلك فاستخف شراؤها وما وقع في الطريق الآخر الذي ذكرناه "العائد في هبته" فلم يذكر ذلك عقب نهيه عن الشراء بل هو كلام مبتدأ (¬3) فقد يحمل على العود بغير معاوضة فلا تكون فيه حجة على ما وقع في الموازية. وظاهر إطلاق مالك يؤذن بأنه حمل النهي على الندب (¬4) لأنه قال: لا ينبغي أن يشتريها. وقال: يكره، وظاهر ما في الموازية حمل النهي على المنع (¬5)، وكذلك قال الداودي: إنه حرام؛ فعلى القول بحمل ذلك على الكراهة (¬6) لا يفسخ العقد، وعلى القول بحمله (¬7) على التحريم قال بعض شيوخنا: يفسخ. وفيه نظر لأجل الاختلاف فيه، ولأنه ليس كل نهي يدل على فساد المنهي عنه. واختلف المذهب في المنافع: هل هي كالرقاب أم لا؟ فقال ابن المواز: كل من تصدق بغلَّة سنين ولم يُبَتِّل الأصل فلا بأس أن يشتري المتصدق ذلك، قال: وأباه عبد الملك واحتج بحديث النهي عن الرجوع في الصدقة، وأجاز لورثته أن يشتروا المَرْجِع، قال: والحجة لمالك حديث العرية. قال بعض الشيوخ: العرية أصل قائم بنفسه أجيز للمرفق ورفع الضرر فلا يقاس عليه غيره. ¬

_ (¬3) وقع في (أ) هنا لفظ "مبتدأ" محرفا. (¬4) في (ج) "يؤذن أنه على النهي حمل الندب" وما أثبتناه هو الصحيح. (¬5) في (ج) "حمل النهى على البيع"، وفي (د) "حمل النهى على الندب"، والصحيح ما أثبتناه. (¬6) في (ج) "على القول محمل ذلك على الكراهة". (¬7) في (ج) "لحمله".

709 - قوله: إِنَّ النعمان بن بشير أَتَى بهِ أَبُوهُ النَّبِيَء - صلى الله عليه وسلم - فقال: إِنّيِ قَدْ نَحَلْتُ ابْنِي هَذا غلاما كان لي فقال - صلى الله عليه وسلم - "أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا؟ فقال: لا. فقال - صلى الله عليه وسلم -: فَأرْجِعْهُ". وفي بعض طرقه "فَاتَّقُوا الله (¬8) وَأَعْدِلُوا في أوْلاَدِكُمْ". وفي بعض طرقه: "فلاَ تُشْهِدْنِي إذًا إني لاَ أشهد عَلَى جَوْرٍ". وفي بعض طرقه: "فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي، ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: أيَسُرُّكَ أنْ يَكُونُوا لَكَ فِي البِرّ سَوَاءً؟ قَالَ: نعم، قال: فلا إذًا". وفي بعض طرقه: "فَلَيْسَ يَصْلُحُ هَذَا، وإني لاَ أَشْهَدُ إِلاَّ عَلَى حَقٍّ" (¬9) (1241 - 1244). وَعِنْدَ التَّرْمِذي: "إنَّ لَهُمْ عَلَيْكَ مِنَ الحَقٍّ أن تعْدِلَ بَيْنَهم كما أنَّ لَك عليهم من الحقّ أن يَبُرُّوكَ". قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الناس في إِعطاء بعضِ البنين دون بَعض، فالذي يحكيه بعض أصحابنا عن مالك والشافعي وأبي حنيفة أنهم يكرهون ذلك ولكنه إن نزل مضى عندهم، وخالفهم غيرهم من الفقهاء وقال: ترد العطية. وقد وقع في المذهب اضطراب فيمن أخرج البنات من تحبيسه: هل ينفذ إذا وقع، أو يفسخ على الإِطلاق، أوْ يفسخ بشرط ألا يموت ولا يحاز عنه؟، وقال بعض شيوخنا فإن هذه الأقوال تجري في هبة بعض البنين دون بعض. وعندي أن وجه هذه الأقوال أن من حمل النهي في هذا والأمر على الإِلزام فسخ، ومن حمله على الاستحباب أمضى، ومن طلب زيادة ترجيح بين ¬

_ (¬8) في (ج) "اتقوا الله" وهو ما في صحيح مُسْلمٍ. (¬9) من قوله "في بعض طرقه فليس يصلح هذا" إلى قوله "إلا على حق" ساقط من (ب).

هاذين الأصلين فقد يراعي الحيازة لأن الهبة قبل أن تحاز لواهبها الرجُوع فيها عند جماعة من المخالفين. وعلى قولة شاذة عندنا، ومن راعى الموت خاصة فإنه قال ذلك في الأب لأن له الاعتصار ما دام حيا وبموته يبطل الاعتصار فراعى قدرته على الحل (¬10) على وجه ما في الهبات. وسبب اضطراب العلماء في حمل ذلك على الوجوب أو الندب ما وقع من اختلاف ألفاظ الحديث لأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أشهِد غيري" يشير عندهم إلى أنه مكروه أو خروج عن الأحسن فَأتوقَّاه أنا في نفسي ولا أوجب على غيري توقيَه. قالوا (¬11): وقد علل أيضاً بقوله: "أيسُرُّك أنْ يَكُونُوا لك في البر سواء"، وظاهر هَذَا أن النَّهْي لِئلا يقع منهم تقصير. قالوا وقد قال - صلى الله عليه وسلم - أيضاً: "فارجعْه" فأمره باعتصاره لأن الأب يعتصر ولو كان باطلا لقال: هو مردود، ولم يفتقر إلى ارتجاع المعطى. وقال الآخرون: فإن قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا أشهد على جَوْر" يدل على المنع، لأن الجَور ممنوع منه لأنه الحَيْدُ عَنِ القَصْدِ والعدول عنه (¬12). ومنه: جار السَّهم، إذا عدل عن الغرض. ومن حمل هذه الظواهر على الندب يصح أن يسمى الميل في مثل هذا جَوْرًا. واحتجوا أيضاً بقوله - صلى الله عليه وسلم - "أتّقُوا الله واعْدِلُوا بين أولادكم"، وظاهر الأمر على الوجوب. وفي هذا اختلاف بين أهل الأصول، والذي وقع في الترمذي من أمثل ما يتمسكون به لأنه - صلى الله عليه وسلم - قَال "إن لهم عليك من الحق" وظاهر لفظة (عَلَى) يُفيد الإِلزام والوجوب. وقد تُنوزع في عطية الصديق عائشة أحدًا وعشرين وسقا فاحتج به من ¬

_ (¬10) في (ج) شكل "الحل" بكسر الحاء. (¬11) "قالوا" ساقط من (ب). (¬12) "عنه" ساقطة من (أ).

لا يرى العدل بين البنين واجبا. وق الآخرون: لعله أعطى قبلها مَن سواها أو علم بأنَّهم راضون بما فعل. وتُنوزع أيضاً في صفة العدل بين البنين، فمال ابن القصار إلى التسوية بين الذكر والأنثى، ومال ابن شعبان إلى التفضيل على نسبة المَوارِيث. واختلف أيضاً في ذلك من تقدم من غير صحابنا. وقد قال (¬13) محمد بن إسحاق في سيرته لم تكن (¬14) لأبي النعمان بنت. فعلى ما حكاه ابن إسحاق لا يكون حجة في قوله - صلى الله عليه وسلم - "أَكُلَّ وَلَدِكَ نحلته مثل هذا؟ ". 710 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّمَا رَجَلٌ أُعْمِرَ عُمْرَى فهي لَهُ وَلِعَقِبِه". وفي بعض طرقه: "قَضَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فِيمَنْ أُعْمِرَ عُمْرى له ولعقبه". وفي بعض طرقه: "قَضَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فِيمَنْ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِه فَهْيَ له بَتْلَةً لاَ يَجُوزُ لِلْمُعْطِي فِيها شَرْطٌ ولاَ ثُنْيَا، قال: أَبو سَلَمَة لأنه أعْطىَ عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ المَوَارِيثُ فَقَطَعَتْ المَوَارِيثُ شَرْطَهُ". وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ" (العمُرْى لِمَنْ وُهِبَت لَهُ". وفي بعض طرقه) (¬15) "من أَعْمَر عُمْرى فَهْيَ لِمَنْ أُعْمِرَهَا حَيًّا وَميِّتًا وَلِعَقِبِهِ" (ص 1245 - 1246). قال الشَّيْخ: اختلف الناس في هذا؛ فمذهب مالك أنها تمليك للمنفعة. وذهب المخالف إِلَى أنَّهَا تمليك للرَّقبة تكون للمعمر ولورثته بَعْدَه. وتعلق المخالف بظواهر هذه الأحاديث، كقوله: "العمرى لمن وهبت له" وكقوله "للذي أُعمرها حيا وميتا ولعقبه". ومحمل هذه الأحاديث عند أصحابنا على أن المراد المنافعُ لَأن الواهب إِنما وهب المنافع فلا يُلْزَمُ أكثر مِمَّا التزم. ¬

_ (¬13) في (ج) "وقال". (¬14) في (أ) "لم يكن". (¬15) ما بين القوسين ساقط من (ب).

711 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا حَقُّ امْرِىء مُسْلِم لَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يوصِيَ فِيه يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ" (ص 1249). قال الشيخ -وفقه الله-: ذَهَبَ دَاوُدُ وغَيْرُهُ إِلَى إيجَاب الوَصيَّة تعلقا بهذا الحديث. وهي عندنا على الندب لكن إن كان عليه حقّ يخشى تلفه على أصحابه إِن لم يُوصِ بِه (¬16) وجبت الوصية لوجوب التنصّل من الحقوق. وقد قيل: إن في هذا الحديث دلالة على أن من كتب وصيته وأقرها عنده نَفَذَتْ (¬17) وإن لم يخرجها من يده. 712 - قوله في حديث سَعْدٍ: وأنَا ذُو مَالٍ ولاَ يَرِثُنِي إِلاَّ ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ أَفَأَتَصَدّقُ (¬18) بثُلُثَيْ مَالِي؟ قال: لا. قلت: أَفَأَتصدق بِشَطْرِهِ؟ قَالَ: لاَ، الثُّلُثُ والثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنك أَنْ تَذَرْ وَرَثَتَكَ أغْنِياءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاس ... " الحديث (ص 1250). قال الشيخ -وفقه الله-: جُمْهُور العُلماء على أن للمريض أن يوصي بثلثه تعلقا بهذا الحديث. وقد قال بعض الناس: الوصية بالرُّبُعِ. وذكر مسلم عن ابن عباسٍ قال: لو أن الناس غَضُّوا من الثُّلث إلى الربع فإن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال: الثلث والثلث كثير" (ص 1253). واختلف أيضاً فيمن لا وارث له هل يُقْصَر على الثلث كمن له وارث ويكون بيت المال كوارث معلوم يُمنع من أجله من الزيادة على الثلث أم تجوز له الصدقة بماله كله إذ لا وارث له معلوم؟ وقد قال سعد: "لا يرثني إلا ابنة لي واحدة" ولم يسامحه بصدقة الشطر. وقيل: مراد سعد لا يرثني ممن له فرض معلوم إلا ابنة لي. ¬

_ (¬16) "به" ساقطة من (ب) و (أ). (¬17) في (ب) و (ج) "نفدت" بالدال المهملة. (¬18) في (أ) "أفتصدق".

والعالة: الفقراء. و"يتكففون" أي يَسْألُون بأَكفّهم الصّدقة. وكانوا يكرهون الموت بمكة لأجل أنه بَلَذٌ تركوه لله تعالى فكرِهوا أنْ يَعُودُوا فِيمَا تَرَكُوه لله تعالى فلهذا ذكر (¬19) فيه ما جرى في الحديث. 713 - خرّج مسلم في حديث ابن عباس: "لَوْ أن النَّاس غَضُّوا مِنَ الثُّلُثِ إِلَى الربُّعُ: حدثنا أبو كُرَيْب نا ابن نمير عن هشام بن عروة" هكذا في نسخة ابن ماهان والذي في نسخة الجُلودي: "حدثنا أبو بكر بن أبي شَيْبَةَ حدثنا ابن نُمَيْر" فجَعَل بدل أبي كريب أبا بكر (ص 1253). [الحبس] (¬20) 714 - قول عمر -رضي الله عنه- "يا رسول الله إنِّي أصَبْتُ أرْضًا بِخَيْبَر قَالَ: إنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أصْلَهَا وَتَصَدّقْتَ بِهَا" الحَدِيث (ص 1255). قال الشيخ -وفقه الله-: التحبيس عندنا جائز في العقار خِلافًا لمن منعه على الجملة. والدليل عليه الاتفاق على تحبيس المساجد والسقايات وحديث عمر هذا. وعندنا في المذهب اضطراب في تحبيس الحيوان وإذا كان الحبس في الرباع على مجهول كالمساكين فلا خلاف أنه لا يعود على محبسه لأن من أُعطيه لا ينقطع فيبقى التحبيس ما بقوا، وكذلك إِن كان على رجل وَعَقِبِهِ فإن العقب إِذا انقطع لم يرجع ملكا للمحبس لأنه لما أعطى وعلَّق العطية بالعقب وقد لا ينقطع دلَّ ذلك من قصده على إزالة ملكه. وإن كان التحبيس على قوم معينين حياتهم فإذا ماتوا ففيه قولان: هل يرجع ملكا للمحبس إِذ لا عَلامة على قصده التأبيد وزوال الملك؟. ¬

_ (¬19) في (أ) "ترك" وأشير إلى الرجوع بالهامش وفيه "ذكر". (¬20) جاء في (أ) "بالهامش ما يمكن أن يقرأ "الحبس".

والأصل أن ملك الإِنسان لا يزول إِلا على الصنفة التي أخرجه عليها أو يكون الأصل ألا يرجع ذلك إِلى ملكه لأن لفظ التحبيس دال على القصد لإِزالة الملك على هذه الطريقة. وإِذا قلنا إنه لا يرجع ملكا فإنه يرجع إِلى أوْلَى الناس بالمحبّس. والنكتة المعتبرة ها هنا التي يدور عليها الاختلاف في هذا الأصل فقد اضطربت الرواية فيه إذا حبّس وذكر العقب وسمّى صدقة أو لم يسمّها إلى غير ذلك من المسائل أن الألفاظ (¬21) الصادرة عن المالك: إما أن تكون نصوصا في إِزالة ملكه بوضع اللّغة، أو بغلبة الاستعمال في العُرف، أو نصوصا في اللغة أو العرف دالة على القصد لبقاء الملك أو محتملة للوجهين: فما لاَ احتمال فيه يُقْضى بموجبه ويحكم بمقتضاه، وما فيه إشكال رُوجع في تفسيره فما فسّره به مما يحتمله قوله قُبِل منه، وإن مات قبل أَن يُسْتَفْسرَ فالنظر عِنْدِي أن لا يلزمه (¬22) إِلا أقلُّ ما يقتضيه قوله لأن الأملاك لا تخرج بالشك. وهذا الأصل يدور عليه جميع ما وقع في ذلك من الروايات. 715 - وأما قوله "لا جناح على مَنْ ولِيهَا أن يأكلَ بالمعروف أو يُطْعِم صديقا غير متأثل مالاً" (ص 1255). فإنّ الحبس إِذا استثنى محبّسه منه هذا في أصل التحبيس صحّ ذلك. ولعل الصديق في حكم المعلوم مَبْلغه فيباح له منه قدر ما جرت العادة به. ولو لم يشترط ذلك وكان التحبيس على المساكين ومن يليها منهم فإنه لا يحرم عليه ما لا يحرم على أحدهم؛ وإن كان غنيا واضطرّ إلى قيامه عليها بهذا القدر على جهة الإِجارة ويكون ما يأخذ معلوما صح ذلك. وليست ¬

_ (¬21) في (ج) "إلاَّ أن الألْفاظ". (¬22) في (ب) و (د) "لا يلزمه" بدون "أن".

بأعظم من الزكوات التي جعل الله سبحانه فيها حقا للعاملين عليها وإِن كانوا أغنياءً. وتقييده في قوله "أن يأكل منها بالمعروف" إشارة إلى ما قلناه من الرجوع إلى العادة في ذلك. وأما قوله "غير متأثل مَالا". فمعناه غير جامع وكل شيء له أصل قديم أو جمع حتى يصير له أصل فهو مؤثل. ومنه مَجْد مؤثّل، أي قديم الأصل، وَأثْلَةُ الشيء أصله (¬23). 716 - قول السائل لابْنِ أَبِي أوْفَى: "هَلْ أَوْصَى النَّبِيءُ - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: لا: قلت: لِمَ كُتِبَ عَلَى المُسْلِمِينَ الوَصِيَّةُ أَو فَلِم أُمِرَ بِالوَصِيَّة؟ " (¬24) وفي بعض طرقه "كَيفَ أَمَرَ النَّاسَ (¬25) بالوصية؟ " وطريق أُخرى "كَيْفَ كُتِبَ عَلَى المُسْلِمِينَ الْوَصِيَّة" (ص 1256). قال الشيخ: هذا يشير إلى أنه كان يرى المساواة في الأحكام بيننا وبينه والرجوعَ إِلى أفعاله، وقوله: "كيف كتب على المسلمين الوصية" إِن كان أَراد بذلك الفرض فلعلَّه اعتقد مقتضى قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} (الآية (¬26) وَظَنَّ أنها لم تنسخ، أو يكون يرى رأي دَاوُد ومن وافقه من القائلين بإيجاب الوصيَّة) (¬27). وقَدْ قدمنا مذهبهم. ¬

_ (¬23) في (ب) "وأثَّلَهُ" أي أصَّلَهُ. (¬24) في (ج) "أمِرُوا بالوصيّة". (¬25) في (أ) وأصل مسلم "كَيْفَ أمرَ الناس بالوصية" ببناء فعل أُمِر للنائب، وهو ما أثبتناه وفي (ج) "أُمِرُوا". (¬26) (180) البقرة. (¬27) ما بين القوسين ساقط من (ب).

717 - قَوْلُ عَائِشَةَ -رضِيَ الله عنها-: "فَلَقَدِ انْخَنَثَ فِي حَجْرِي" (¬28) (ص 1257). قال الشيخ -وفقه الله-: أصل الانخناث التكسر، ومنه انخناث الَأسقية، ومنه سُمِيَ الرجل الذي في كلامه ومعاطفه لِين وتكسر مُخَنَّثًا، فلعلها تريد أنه انخنث في حَجْرها أيْ تَمايل واجْتَمَعَ. 718 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ائتُونِي أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضلُّوا بعْدَهُ أبَدًا فَقَالُوا: إن النَّبِيءَ - صلى الله عليه وسلم - هَجر" (¬29)، وفي بعض طرقه "فقال عمر: إِنَّ النَّبِيء - صلى الله عليه وسلم - قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الوَجَعُ وَعِنْدَكُمُ القُرْءَانُ حَسْبُنَا كِتَابُ الله" (ص 1257 و 1259). قال الشيخ: إِن النبي - صلى الله عليه وسلم - معصوم من أن يكذب على الله أو يفسد ما يبلغة عنه، وهو مع هذا غير معصوم من الأمراض وما يكونُ من بعض عوارضها مِمَا لا يعود بنقص في منزلته ولا فساد فيما مَهَّدَ مِن شريعته. وقد كان - صلى الله عليه وسلم - لما سُحِر يُخيل إليه أنه عمِل الشيءَ وما عمِلَه ولم يجر ها هنا منه - صلى الله عليه وسلم - من الكلام ما يُعَدُّ مناقضًا لما قدم من الأحكام والشرائع (¬30) ولا الكلام في نفسه دال على الهذيان الذي يكون عن الحميات. وقد بقي كثير من الأحكام عظيم خطرها في الشرع (¬31) غير منصوص عليها ولكنه قد نص على أصولها وَوَكَل العلماء إلى الاستنباط فيقول كل إنسان منهم بقدر ما يظهر له. وقد يقع بسبب اختلافهم فيما استنبطوه في ¬

_ (¬28) في (ب) "حجرتي". (¬29) في (ب) و (ج) "يَهْجُرُ". (¬30) في (أ) خاصة بعد قوله "والشرائع" قوله "عظيم خطرها". (¬31) في (ج) ليس فيها "في الشرع".

بعض المسائل هَرج وفتن ولو وقع النص عليها لارتفع الخلاف وذهب الهَرْج. ولعله - صلى الله عليه وسلم - كَان أراد أن يتعرض لبعض هذه المسائل، وقد قال بعض العلماء: الأظهر عندي أنه أراد - صلى الله عليه وسلم - أن ينص على الإِمامة بعده ليرتفع بنصه عليها تلك الفتن العظيمة التي منها حرب صِفِّين والجَمَل، وهذا الذي قاله غير بعيد. فإن قيل: كيف حسن الاختلاف مع قوله - صلى الله عليه وسلم - "أئتوني أَكْتُب لكم كتابا" (¬32) وكيف يعصونه فيما أمر؟ قلنا: لا خلاف أن الأوامر تقارنها قرائن تنقلها من الندب إلى الوجوب عند من قال: إِن أصلها على الندب، ومن الوجوب إلى الندب عند من قال: إِن أصلها على الوجوب. وتنقل القرائن أيضاً صيغة افعل إِلى الإِباحة وإِلى التعجيز. وإلى غير ذلك من ضروب المعاني فلعلّه ظهر منه - صلى الله عليه وسلم - من القرائن ما دل على أنه لم يُوجب ذلك عليهم بل جعله إِلى تخييرهم، فاختلف اختيارهم بحسب اجتهادهم وهو يدل على رجوعهم إِلى الاجتهاد في الشّرعيات، فأدى عمر اجتهادُه إِلى الامتناع مِن هذا، ولعله استلوح أن ذلك منه - صلى الله عليه وسلم - صدر من غير قصد إليه جازم وهو المعني بقولهم: "هجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" وبقول عمر -رَضي الله عنه-: غَلَبَ عليه الوَجَعُ وما ضَامَّهُ من القرائن الدالة على أنه عن غير قصد جازم على حسب ما كانوا يعهدونه من قصوده - صلى الله عليه وسلم - في بلاغ الشريعة وأنه لا يجري مجرى غيره من طرق البلاغ التي اعتادُوها منه - صلى الله عليه وسلم - ظهر ذلك لعمر ولم يظهر للآخرين ما ظهر لعمر فخالفوه. ولعل عمر هجس في نفسه أَن المنافقين قد يتطرقون إلى القدْح فيما اشتهر من قواعد الإِسلام وبلَّغه - صلى الله عليه وسلم - لسائر المسلمين بكتاب يكتب (¬33) في خلوة وآحاد ويضيفون إليه ما ¬

_ (¬32) "كتابا" ساقط من (أ) و (د). (¬33) في (ج) "فكتب".

يشبّهون به على الذين في قلوبهم مرض. ولهذا قال: "عندكم القرآن حسبنا كتاب الله". قال أهل اللغة: هجر العليل بمعنى هذَى. قال الشيخ -وفقه الله- فقد قدمنا نحن (¬34) بيان القول فيما وقع منه - صلى الله عليه وسلم - وبيّنا ما لا يجوز عليه وما يجوز. ¬

_ (¬34) "نحن" ساقطة من (ب).

19 - كتاب النذور والأيمان

19 - كتاب النذور والأيمان (¬1) 719 - قوله: "إن سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ استفتى رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمّه تُوُفِّيَتْ قَبْل أَنْ تَقْضِيَهُ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فَاقْضه عَنْهَا" (ص 1260). قال الشيخ: قد قدمنا أن الميت تقضى عنه الحقوق المالية وذكرنا الخلاف في البدنية وما تقدم يغني عن إعادته ها هنا. 720 - قوله: "نهى - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّذْر (¬2) وقال: إِنَّهُ لاَ يأتِي بِخَيْرٍ وَإِنَّما يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيل" (ص 1261). قال الشيخ: ذهب بعض العلماء إِلى أن الغرض بهذا الحديث التحفظ ¬

_ (¬1) هذا العنوان من (ج)، وأما (ب) فجاء فيها "باب الأيمان والنذور" وجاء في (أ) بالهامش "كتاب النذور". (¬2) في (ج) "عن النذور".

عن النذر (¬3) والحضُّ على (¬4) الوفاء به. وهذا عندي بعيد من ظاهر الحديث. ويحتمل عندي أنْ يكون وجه النهي أن الناذر يأتي القربة مُسْتَثْقِلاً لها لَمَّا صارت عليه ضربة لازم، وكل محبوس الاختيار فإِنه لا ينبسط للفعل ولا ينشط إِليه نشاط مطلق الاختيار، فقد كره مالك -رحمه الله- أن ينذر الإِنسان صوم يَوْم بعينه يُؤقِّتهُ (4). وعلل قوله شيوخنا بمثل هذا الذي قلناه. ويحتمل أيضاً أن يكون الناذر لما لم يبذل ما بذَل مِنَ القربة (¬5) إلا بشرط أن يُفعل له ما يختار صار ذلك كالمعاوضة التي تقدح في نية المتقرب ويذهب الأجر الثابت للقربة المجردة. وفي الحديث "مَنْ عَمِلَ عملا أشرك فيه غيره فهو له" ويشير إلى هذا التأويل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنه لا يأتي بخير"، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإن النَّذْرَ لاَ يغْنِي من القدر شَيْئًا" وقوله - صلى الله عليه وسلم - "إن النَّذْرَ لا يقرّب من ابن آدم شيئاً لم يكن الله قدَّره له" ولكن النذر قد يوافق القدَر فيُخرج بذلك من البَخيل ما لم يكن البخيل يُريد أن يخرج (¬6). وهذا كالنص على هذا التعليل الذي قلناه لأنه أَخبر - صلى الله عليه وسلم - أن موافقة القدر تُخرج منه ما لم يرد (¬7) أن يخرج وأن النذر ليس هو الجالب للقدر (¬8). 721 - قوله: "كَانَتْ ثَقِيفُ حُلَفَاءَ لِبَنِي عَقِيل فَأَسَّرَتْ ثَقِيفُ رَجُلَيْنِ من أصْحَابِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأَسَّر أصْحَابُ النبيء - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً مِنْ بَنِي عَقِيلٍ وأَصَابُوا معه العضْبَاءَ فَأَتَى عليه رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِي الوِثَاقِ (فقال: يا ¬

_ (¬3) ما أثبتناه هو ما جاء في (أ) و (ب) و (د) "عن النذر"، وفي (ج) "بالنذور" كما تقدم. (¬4) "بعينه يوقته" ساقط من (أ). (¬5) في (ج) "عن الوفاء". (¬6) هذه الأحاديث روايات للحديث المشروح. (¬7) في (ج) "ما لم يكن يريد". (¬8) في (ج) "كالجالب على القَدَر".

محمد فأتاه - صلى الله عليه وسلم -) (¬9) فَقَالَ: مَا شَأْنُك؟ فَقَال: بِمَ أخَذْتَنِي؟ وبِمَ أَخَذْتَ سَابِقَةَ الحَاجِّ؟ فقال: إعْظَامًا لِذَلِكَ أَخَذْتُكَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثقِيفَ. ثم انصرف عنه فناداه، فقال: يا محمد يا محمد، وكان - صلى الله عليه وسلم - (رَحِيمًا رفيقًا) (9) فرجع إلَيْه فَقال: مَا شَأْنُكَ؟ فقال: إِنِّي مُسْلِمٌ قال - صلى الله عليه وسلم -: لو قلتَها وأنت تَمْلِكُ أمْرَكَ أفْلَحْتَ كُلَّ الفَلاَحِ. ثم انْصَرَفَ فَنَادَاه فقال: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ. فأتاه فقال - صلى الله عليه وسلم -: مَا شَأنُكَ؟ قال: إني جَائِعٌ فأطعمني وضمآن فَاسْقِنِي. قال - صلى الله عليه وسلم -: هَذِهِ حَاجَتُك. فَفُدِيَ بالرجلين". قال: "وأسرت امرأة من الأنصار وأصيبت العضباء". وفي هذا الحديث "فانْطَلَقَتْ وَلاَذُوا بِهَا فأعْجَزَتْهُمْ وَنَذَرت إِنْ نجَّاهَا الله عَلَيْهَا لَتَنْحرنَّهَا". وَفِيه قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما جَازيتِها لاَ وفَاءَ بِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ وَلاَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ العَبْدُ" (ص 1262). قال الشيخ: مما يُسئل عنه في هذا الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أخذتك بجريرة حلفائك" فقال: كيف هذا والله تعالى يقول: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (¬10). وللناس عن هذا ثلاثة أجوبة: أحدها: أنه يمكن أن يكونوا عوهدوا على أن لا يتعرضوا أصحاب النبيء - صلى الله عليه وسلم - لا هم ولا حُلفاؤهم، فنقض (¬11) حلفاؤهم العهد وَرَضُوا هم بذلك فاسْتُبِيحوا لأجل ذلك. والثاني: أنهم كفار لا عهد لهم والكافر الذي لا عهد له يُستباح وإن لم يفعل حلفاؤه شيئاً. ¬

_ (¬9) ما بين القوسين في الموضعين ساقط من (ب). (¬10) (164) الأنعَام. (¬11) في (أ) "فيقص".

والثالث: أن يقال في الكلام حذفٌ، ومعناه: أخذناك لنفادي بك من حلفائك. ويحتمل عندي جوابًا رابعا، وهو أن يكون جوابه على جهة المجازاة والمقابلة، لأنه لما قال له: بِمَ أَخذتني؟ وبِمَ أَخَذْتَ سابقة الحاجّ؟ لَان ذلك كان معظَّما عندهم قال - صلى الله عليه وسلم - له: "أَخذتك بجريرة حلفائك" لأنهم أيضاً كانوا يطالَبُنون بِعُهْدَةِ الحلفاء. (هذا الَأظهر من عادتهم، فكأنه - صلى الله عليه وسلم - كان عنده مستباحا فلما ذكر له سابقة الحاجّ ذكر له جريرة الحلفاء) (¬12) على جهة المقابلة على أصلهم. ومما يُسْأَل عَنْهُ أيضاً من هذا الحديث أن يقال: "كيف قال له: إِني مسلم ثم فادى به" ومن أظهر الإِسلام قُبل منه من غير بحث عن باطنه. وقد وقع في أحاديث كثيرة الَأخذ بالظواهر في هذا والتنبيه على أنه لم يؤمر أن يبحث على ما في قلوب الناس. قيل: أما الشافعي فإِنه أباح في أحد قوليه المفاداة بالأسير (¬13) إذا أسلم وَرَأى أنه لما كان للإِمام قَبل إِسلامه الخيار في المفاداة به لَم يسقط هذا الخيار في ذلك بعد إِسلامه. ويحتج بهذا الحديث. وَأمَّا أصحابنا القائلون: إِن حكم الأسير إذا أسلم أن يُسترق فإِنهم قد يعتذرون عن المفاداة بهذا بأن يقولوا: يمكن أن يكون هذا من خصائص النبىء - صلى الله عليه وسلم - مع هذا الرجَّل، وَأوحى إليه فيه أنه غير مؤمن وأنه مستباح، أَلا ترى قولَه - صلى الله عليه وسلم - بعد هذا لما سألهُ أن يُطعمه ويسقيَه "هذه حاجتك". ¬

_ (¬12) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬13) في (أ) "بالأصل".

(وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -) (¬14) "لا وفاء بنذر في معصية ولا فيما لا يملك العبد". ولم يذكر في ذلك كفارة، فخلافٌ لمن زعم أنَّ النذر في المعصية يُكفَّر تعلقا بما ذكر الترمذي وأبو داود "لاَ نذر في معصية الله وكفارته كفارة يَمين". والجريرة: الجناية. والذنب. وقد احتج بقوله -عليه السلام- في ناقته "لا وفاء بنذر في معصية ولا فيما لا يملك العبد" أصحاب الشافعي على أن مال المسلم باقٍ على ملكه وإن غَنِمَهُ الجيش من أرض الحرب وقسموه وَأن صاحبه يأخذه بعد القسمة. ولعلنا أنْ نتكلم عليه في كتاب الجهاد إن شاء الله. والعضباء اسم ناقة النبيء - صلى الله عليه وسلم -. وقوله: "وهي نَاقَةٌ مُنَوَّقَةٌ" أيْ مذللة. ومنه الحديث الذي فيه "وسار معه على جَمَل له قد نَوَّقَهُ" أيْ رَاضَه وذَلَّله، يقال: جمل مُنَوَّقٌ ومخيَّسٌ وَمُعَبَّد وَمُدَيَّثٌ. وقوله: "فَنَذِرُوا بِها". أي عَلِمُوا بِهَا يقال: نَذِرت بالشيء بكسر الذال نِذارة، أي علمت به، ونذَرت الشيء لله بفتح الذال أنذِر نذرا. قال ابن عرفة: النذر ما كان وعدا على شرط، فكل ناذر واعد وليس كل واعد ناذرًا، فلو قال قائل: عليَّ أن أتصدق بدينار، لم يكن ناذرًا. وَلَو قال: عليّ إِن شفى الله مريضي أوَ رَدَّ علي غَائبي صدقة دينار أو غيره كَانَ ناذرا. ¬

_ (¬14) ما بين القوسين ساقط من (أ) ولعله بالهامش وغطي لما أصلح الكتاب.

قال الشيخ -وفقه الله-: هذا الذي ذكره ابن عرفة مال إِليه بعض الفقهاء، ورأى أن النذر الغير المشروط لا يُسمّى نذرا. ولهذا يستحب الوفاء به ولا يجب كما يجب المشروط المسمى نذرا الداخل في عموم الظواهر الواردة بالأمر بالوفاء بالنذر. ومال (¬15) غير هؤلاء من الفقهاء إلى أن الجميع يسمى نذرا وأنشدوا قول الشاعر (¬16): [الكامل] الشَّاتِمَيْ عِرضي وَلَم اشْتَمْهُمَا ... والناذرَيْن إِذا لم القَهُمَا دَمِي وقول جَميل: [الطويل] فَلَيْتَ رِجَالاً فيكِ قد نذروا دَمِي ... وَهَمُّوا بِقَتْلِي يَا أُمَيْمَ (¬17) لَقَوْنِي والّا ظهر أنَّ النذر المذكور في البَيْتَيْن غير معلق بشرط. وقوله "مُجرَّسة". أي مذلَّلة، يقال: جرسته الأمور، أي راضته وذللته. 722 - قوله "رأى - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً يُهَادِي بَيْنَ ابْنَيْه فَقَال: مَا بَالُ هَذَا؟ فَقَالُوا: إنَّهُ نَذَر أنْ يَمْشِيَ. فقال - صلى الله عليه وسلم -: إن الله عَزَّ وَجَلَّ غَنِيُّ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ وَأَمَرهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَّرْكَبَ" (ص 1263). ¬

_ (¬15) في (ج) "وقال" مع إسقاط "إلى" قبل "أن الجميع". (¬16) في (ج) "قول عنترة". (¬17) في (ج) "يا بنين".

قال الشيخ -وفقه الله-: يحمَلُ هَذَا على أنه عجز عن المشي وكذلك يحمل الحديث الذي بعده "عَنْ عُقبة بن عامر (¬18) أنه قال: نَذَرت أختي أن تمشيَ إلى بيت الله حافية فأمرتني أَن أسْتَفْتِيَ لها النبىَء - صلى الله عليه وسلم - فاستفتيتُه فقال: لتمش ولتركب"، مَحْمَلَهُ أيضاً عندنا على أنها عجزت. وقد ذكر أبو داود في هذا الحديث "أنها نذرت أن تحج ماشية وأنَّها لا تُطيق ذلك فقال - صلى الله عليه وسلم -: إِن الله لغني عن مَشْي أُختك فلتركب ولتهد بدنة". فقد نبه ها هنا على أنها غير مستطيعة. وهكذا مذهب مالك -رحمه الله-: أن الناذر إِذا عجز عن المشى مشى ما قدر عليه ثم ركب وأَهدى. 723 - قوله - صلى الله عليه وسلم - "كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ يَمِين" (ص 1265). قال الشيخ: النذر الْمُبْهَمُ عندنا كفارته (¬19) كفارة يمين خلافا للشافعي. وهذا الحديث حجة عليه. 724 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يَنْهَاكُمْ أنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ". قال عُمَر: "مَا حلفت بها مذ نَهَى عنها ذاكرا لها (¬20) ولا آثرا" (ص 1266). قال الشيخ: هذا لئلا يُشْرَك في التعظيم بالقسَم غيرُ الله سبحانه. وقد قال ابن عباس: لَأن أحلف بالله فآثم أحب إليّ من أن أضاهي. فقيل معناه: الحلف بغير الله، وقيل معناه: الخديعة، يُرَى أنه حلف وما حلف. وقد قال ابن عباس أيضاً: أَنْ أحلف بالله مائة مرة فآثم خير من أن أحلف بغيره فَأَبَرَّ. ولهذا ينهى عن اليمين بسائر المخلوقات ولا يعترض على هذا بقوله - صلى الله عليه وسلم - "أفْلحَ وَأبِيهِ إنْ صَدَقَ"، لأنه لا يراد بهذا القسمُ وإِنما هذا قول جار على ألسنتهم. (وقد قدمنا الكلام على مثل هذه ¬

_ (¬18) "ابن عامر" ساقط من (أ) و (ج) و (د). (¬19) "كفارته": ساقطة من (ج). (¬20) "لها" ساقطة من (ب) و (ج).

الألفاظ الغالبة على ألسنتهم) (¬21) فقد قال تعالى {والتِّينِ والزَّيْتُونِ} (¬22) (قيل معناه: وربّ التين والزيتون) (¬23) أو يكون المراد به (¬24) التنبيه على ما فيهما من العجائب والمنّة بهما عليهم ولا يراد بهما القسم ولو سلمنا أن المراد بهما القسَمُ من غير حذف وإِضمار لم يبعُد أن يكون الباري سبحانه يُقسم بهما ويمنعنا من القسَم بهما، وتعظيم الباري جلّت قدرته للأشياء بخلاف تعظيمنا لها لأن كل حقّ (¬25) بالإِضافة إلى حقه سبحانه حقير، وكل عظيم عند الإِضافة إليه تعالى هَيّن، إذ لا حَقَّ لَأحد عليه، وله الحق على كل أحد، وإِنما تعظيمه لبعض الأمور تنبيةٌ لنا على قدرها عنده أو تعبّد لنا بأن نعظمها فلا يقاس هذا على هذا. وقول عمر -رضي الله عنه-: "ولا آثرا". يعني: ولا حاكيا إياه عن أحد، من قولهم: أثر الحديث يأثُره أثْرًا، حدث به. 725 - قوله - صلى الله عليه وسلم - "مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ بـ"الاَّتِ" فَلْيَقُلْ: "لاَ إلَهَ إلاَّ الله". ومَنْ قالَ لِصَاحبه:"تَعَالَ أُقَامِرْكَ، فليتصدق" (ص 1267). قال الشيخ -وفقه الله-: الحلف بمَا لا يجوز من هذا النوع لا كفارة مقدّرةً فيه عندنا خلافا لأبي حنيفة في إِثبات الكفارة في ذلك إِلاَّ في قوله: أنا مبتدع وأنا بريءٌ من النبيء - صلى الله عليه وسلم -. وهذا الحديث حجة عليه لأنه لم يذكر فيه الكفارة. وأبو حنيفة تَعلَّق بأن الله تعالى أوجب على المُظاهر الكفارة. وعلل بأنه منْكر ¬

_ (¬21) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬22) (1) التين. (¬23) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬24) "به" ساقطة من (أ). (¬25) في (ب) "خلق".

من القول وزُور والحلف بهذا منكر من القول وزور. وهذا ينتقض عليه (¬26) بما استثناه من قوله: "أنا بريء من النبيء - صلى الله عليه وسلم -" لا كفارة فيه عنده. ولو قال "واليهودية" لم تلزمه الكفارة باتفاق، وَكذلك إذا قال "أنا يهودي إن فعلت" فلا معنى لتفريقهم بين اللّفظين فإنه إذا قال "واليهودية" فقد أعظم ما لا حرمة له. وإذا قال "إن فعلت فأنا يهودي" فكأنه عظّم الإِسلام واحترم ما له حرمة لأن الجميع لا يحسن القَسَم بهما. 726 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الَأشْعريِّين: "ما أَنا حَمَلْتُكُمْ وَلَكِنَّ الله حَمَلَكُمْ وإِني والله (¬27) إن شَاءَ الله لاَ أحلف عَلَى يَمِينِ ثُمَّ أرى خَيْرًا مِنْهَا إِلاَّ كَفَّرْتُ عَنْ يَمِيني وَأتَيْتُ الّذِي هُوَ خَيْرٌ" (ص 1269). قال الشيخ -وفقه الله-: المراد بقوله: "ما أنا حملتكم" أي أنَّ الله سبحانه أتى بما حملتكم عليه ولولا ما ساقه الباري سبحانه إليه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن عنده ما يحملهم عليه، ولم يُرِد بهذا نفي إضافة الفعل إليه. 727 - وقوله: "فأمر لنا بثلاث ذَودٍ غُرّ الذّرَى". (ص 1269). معناه بِيض الأسنِمة، وذروة البعير سَنَامه، وذروة كل شيء أعلاه. 728 - وقوله في بعض طرق هذا الحديث: "وأُتِي بِنَهْبٍ إبِلٍ" (ص 1270). النهب: الغنيمة. وكان الصدّيق -رضي الله عنه- إذا أوتر قبل أن ينام قال: أحرزت نَهْبِي، أيْ غنِيمَتِي. 729 - قولى - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا ¬

_ (¬26) "عليه" ساقطة من (أ). (¬27) "والله" ساقطة من (أ).

فَلْيَأتِهَا وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينهِ". وفي بعض طرقه: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأى خَيرًا مِنْهَا فَليُكفِّرْ عَنْ يِمِينهِ وَلْيَفعَلْ" (ص 1272). قال الشيخ -وفقه الله-: للكفارة ثلاث حالات: إحداها: أن يُكَفِّر قبل أن يحلف فهذا لا يجزيه. والثانية: أن يكفّرَ بعد أن يحلف ويحنث فهذا يجزيه. والثالثة: أن يكفّر بعد اليمين وقبل الحنث فهل يجزيه ذلك أم لا؟ فيه قولان والمشهور الإِجزاء. وقد اختلف لفظ الحديث (فقدم الكفارة مرة وأخرها أخرى ولكن بحرف الواو) (¬28) وهي لا توجب رتبة. ومن منع الإِجزاء رأى أنها لم تجب (¬29) قبل الحنث فصارت كالتطوع والتطوع لا يُجزىء عن الواجب. 730 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فيمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ عَلَيْهِ صَاحِبُكَ". وفي طريق أُخرى: "اليَمِينُ عَلَى نِيّةِ المُسْتَحْلِفِ" (ص 1274). قال الشيخ -وفقه الله-: المتبرع باليمين الذي لم يدفع به عن نفسه حقًا، يمينه على نيته عندنا. وإن استحلفه الطالب في حق عليه فاختلف فيه: هل يكون اليمين على نيته أو على نيّة المستحلف إلا أن تكون عليه بيّنة فيما يقضي عليه به السلطان فلا يصدّق لأجل شهادة البينة ولا يرجع الحاكم عن القضاء بموجب قولها إلى القضاء (¬30) بموجب قوله بمجرد دعواه؛ فمن رَدَّ الأمر لنية المستحلف تعلق بظاهر هذا الحديث، ومن ردّه إلى نية ¬

_ (¬28) ما بين القوسين ساقط من (ب)، وجاء عوض "بحرف الواو" "بحذف الواو". (¬29) في (أ) "لا تجب". (¬30) "إلى القضاء" ساقط من (ج).

كتاب صحبة ملك اليمين

الحالف حمله على استحلافِهِ في حق له عليه بما (¬31) يقضَى عليه به وهناك بينة عليه ويتعلق بقوله "وإنما لامرىء ما نوى". 731 - قوله: "إِنَّي نَذَرْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أنْ أعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ، فقال له أوْفِ بِنَذْرِكَ" وفي بعض طرقه: "إنِّي نذرتُ أنْ أعْتَكِفُ يَومًا" (ص 1277). قال الشيخ -وفقه الله-: مَحْمَلُ هَذَا عنْدَنَا عَلَى أنَّهُ أراد في أيام الجاهلية ولم يرد وهو على دين الجاهلية لأن الكافر لا يلزمه عندنا نذْرٌ،. وكذلك يُحْمَل قوله "أن أعتكف ليلة" وعلى أنه (¬32) يمكن أن يكون أراد عبارة عن اليوم والليلة والعرب تعبر بالليالي عن الأيام. كتاب صُحْبَةِ مِلْكِ اليَمِينِ (¬33) 732 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا صَنَعَ لِأحَدِكُمْ خَادِمُهُ طَعَامَهُ ثُمَّ جَاءَهُ بِهِ وَقَد ولِيَ (¬34) حَرَّهُ وَدُخَانَهُ فَلْيُقْعِدْهُ مَعَهُ فَلْيَأكُلْ فَإنْ كَانَ الطَّعَامُ مَشْفُوهًا" الحديث (ص 1284). قال الشيخ: المشفوهُ: القليل، وقال بعضُهم: أُخذ ذلك من كثرة الشّفاه عليه. 733 - قَوْلُ كَعْبٍ: "لَيْسَ عَلَيْهِ حِسَابٌ وَلاَ عَلَى مُؤْمِنٍ مُزْهِدٍ" (ص 1285). ¬

_ (¬31) في (ب) و (ج) "مِمَّا". (¬32) "على أنه" ساقط من (أ). (¬33) جاء هذا العنوان في (ج) خاصة. (¬34) وفي (ب) "وقد وقي".

يعني بالمزهدِ القليل المال، يقال: إنّ هذا لرجل يُزْهد إزهادا إذا قلّ ماله. قال الأعشى: [المتقارب] فَلَنْ يَطْلُبُوا سِرَّهَا لِلْغِنَى ... وَلَنْ يُسْلِمُوهَا لإِزْهَادِهَا فالإِزهاد: قلّة المال. وَالسِرُّ في هذا البيت يعْني به النكاح. والشيء الزهيد هو القليل. 734 - وقوله: "لاَ وَكْسَ وَلاَ شَطَطَ" (ص 1287). الوَكْسُ: الغَبْنُ والبخسُ، والشطط: الجور. يقال: شطّ الرجل وأشطَّ واشتطّ، إذَا جار في السوم وأفرط وجار في الحكم أيضاً، وشط الشيء وأشطّ إذا بعد. 735 - قوله في الحديث: "إن رَجلا أعتق ستّة مملوكين له عند موته لم يكن له مَالٌ غيرهم فدعَا بهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَجَزَّأهُمْ أثْلاَثًا ثُمَّ أقرع بَيْنهم، أعتق اثنين وَأُرَقَّ أرْبعة وقال - صلى الله عليه وسلم - لَهُ قَوْلاً شَدِيدًا". وفي بعض طرقه: "أنَّ رَجُلاً مِنَ الأنْصَارِ أوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ فَأعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ" (ص 1288). قال الشيخ -وفقه الله-: مذهبنا إثبات القرعة في ذلك خِلافًا لأبي حَنِيفَةَ في مصيره إلى نفيها، تعلقا بأنها خطر والخطر لا يجوز في الشرع لأن هذا الحديث كالنص في معناه فلا يرد بالاستدلال بشواهد الأصول، وقد ثبت في أصول الشرع استعمال القرعة في القسمة للأموال بين الشركاء فلا ينكر استعمالها في مثل هذا لأن ها هنا حقين: حق للعبيد (¬35) في أن يعتق منهم بالحِصَصِ (¬36) لأنه ليس أحدهم أولى بذلك من الآخر، وحق الورثة ¬

_ (¬35) في (أ) "حق للعبيد" وفي بقية النسخ "حق العبيد". (¬36) في (ج) "بالحضض".

لأنهم كالشركاء مع الميت فلهم تمييز حقوقهم واستبدادهم بملكها، فقدم ها هنا حق الورثة لأنه بالمرض تعلق لهم حق الحجر عليه (على الجملة فإذا فعل فيما تعلق لهم به حق ما لم يرضوه تعلق لهم الرد وإثبات القرعة) (¬37) لحقهم في المقاسمة، والمشهور إثبات القرعة في العتق في المرض بتلاً كان أو وصية. وفي الموازية نفيها في عتق البتل وإثباتها في الوصية. ولعله حمل رواية من روى أعتق ستة مملوكين على أن المراد بها أوصى بعتقهم لتتفق الروايتان على أن في قوله: "أوصى عند موته فأعتق ستة مملوكين " احتمالا أيضاً لأن يكون أراد أوصى بوصية ما فذكر فيها عتق ستة مملوكين. قال الشافعي: في هذا الحديث دلالة على أن الوصية للأجانب تجوز. وهذا منه إشارة إلى أن قول الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} (¬38) منسوخ. وفيه أيضاً عندي (¬39) إثبات الثلث والرد على من يقول لا يبلغ بالوصية الثلث، وقد تقدم. وقوله في الحديث: " وَأرَقَّ أرْبَعَةً". يرد على أبي حنيفة قوله: "يُعتق من كل واحد منهم ما ينوبه ويستسعي في بقيته". 736 - قوله: "إنَّ رَجُلاً مِنَ الأنْصَار أعْتَقَ غُلاَمًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَال غيره، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَبِيءَ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ فاشتراه نُعَيْمُ ابْنُ عَبْدِ الله بثمانمائة درهم فدفعها إليه" (ص 1289). ¬

_ (¬37) ما بين القوسين ساقط من (أ) ولعله بهاش المخطوط ولكنه لم يظهر في الصورة. (¬38) (180) البقرة. (¬39) "عندي" ساقطة من (ج).

القسامة

قال الشيخ: مَذْهَبُنَا مَنْعُ بَيْع المُدَبَّر خِلاَفًا لِلشَّافِعِي فِي إجَازَةِ بَيْعِهِ (¬40) تعلُّقا منه بهذا الحديث وقياسا على الموصَى بعتقه أن له الرجوع فيه باتفاق. وقد تأول (¬41) أصحابنا هذا الحديث على أنه كان مديانا، ولهذا تَوَلَّى - صلى الله عليه وسلم - بيعه. وقوله ها هنا: "فدفعها إليه". أراد به السيّد. وقوله في النسائي وأبي داود، أحدهما يرويه على نحو ما يقول الآخر، وفيه "فاحتاج مولاه فأمره بِبَيْعِهِ فباعه بثمانمائة درهم، فقال - صلى الله عليه وسلم - له: أنفِقها على عيالك فإنما الصَّدَقَةُ عن ظهر غِنًى وابدأ بمن تعُول". فهذا كله يمنع من تأويل أصحابنا أنه باعه في الدَّين. وعند الترمذي: "فمات ولم يترك مالاً غيره فباعه النّبيء - صلى الله عليه وسلم - فاشتراه نُعَيْم" وقال: هذا حديث حسن. ونظن أنّا قدمنا الكلام على هذا الحديث. باب القسامة (¬42) 737 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث حُوَيِّصَة ومُحَيِّصَة: "أتحلفون خمسينا يمينا وَتَسْتَحِقُّون صَاحِبَكُمُ أوْ قَاتِلَكُم؟ قالوا: وكيف نحلف ولم نَشْهَدْ؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: تُبْرِئُكْم يَهُودُ بخمسين يمينا قَالُوا: وكيف نقبل أيمَانَ كُفَّارٍ؟ فلما رأى ذلك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أعطَى عَقْلَهُ" (ص 1291). قال الشيخ: اختلف الناس في أيمان القسامة من يبدأ بها؛ فعند مالك والشافعى أولياء الدم، وعند أبي حنيفة المطلوبون بالدم يحلفون وتكون الدية ¬

_ (¬40) في (ب) و (د) "في إجازته بيعه". (¬41) في (ج) "وتأوَّل". (¬42) في (ب) "الديات" وفي (ج) "كتاب القسامة"، والمثبت جاء بهامش (أ).

على من أسَّس المحلة. واحتج أصحابنا عليه بهذا الحديث وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "أتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دم صاحبكم؟ قالوا: لا. قال: فتحلف لكم يَهُودُ" ولا معنى لقولهم: قد يحمل هذا اللفظ على النكير أن يخطر ببالهم أن يَحلفوا لأنه خلافُ ظاهر اللفظ، وقد قال في بعض طرقه: "يُقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفعِ بِرُمَّتهِ". ومثل هذا لا يكون في ألفاظ النَّكير وإن تعلقوا في مقابلة هذا بما وَقعَ من تبدئة اليهود، قلنا: لعل الراوي اختصر ذكرهم والزيادة من العدل تقبل. وإذَا ثبت القول بالقسامة فاختلف الناس أيضاً: هل تستحق بها إراقة الدم أو الدية؟ ومذهبنا أنه يستحق بها إراقة الدم، وقد وقع في بعض طرقه: "وتستحقون قاتلكم". وفي بعض طرقه: "دم صاحبكم" ولا يصرف هذا للقتيل لأن دمه قد فات. وهكذا نمنعهم من حمل قوله: "وتستحقون صاحبكم" على أن المراد به: دية صاحبكم، لأن هذا خلاف الظاهر. 738 - وقوله في بعض طرقه: "إمّا أن تَدُوا (¬43) صاحبكم وَإمَّا أن تُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ" (ص 1294). معناه: أن الدية وجبت باعترافهم أو بالقسامة وإذا امتنعوا مما وجب فلا شك أنهم يؤذنون بحرب. والقسامة إذا وجبت عندنا فإنما تجب باللَّوث، وهو الشاهد العدل يشَهد بالقتل. واختلف في الشاهد الفاسق وفي المرأة: هل يكونان لَوثا أم لا؟ وقول القتيل: دمي عند فلان، لوث عندنا. ومَن منع من كونه لوثا قياسا على سائر الدعاوي أنها لا تقبل ممن يدعيها. أجبناه بأن هذا أصل قائم ¬

_ (¬43) في (ج) "أن يدوا" وهو ما في أصول مسلم. وفي (أ) و (ب) و (د) "أن تدُوا" وكذلك "يؤذنوا".

بنفسه، ومن يتحقق مصيره للآخرة وأشرف على الموت فلا يتهم في إراقة دم مسلم ظلما. وغلبة الظن في هذا تُنزّل منزلة غلبة الظن في الشاهد لكن لو ادعى قتل الخطأ حتى صار إنما يدّعي مالا لكان الأصح من القَوْلَيْن عندنا أنه لا يُقْسَم مع دعواه، كيف وأصل القسامة فيه اضطراب، وكان شيوخنا المحققون يضعّفونها. وقد نبَّهناك على ما وقع في الحديث من الاضطراب وَوُجود القتيل في المحلة ليس بلوث عندنا خلافا لمن رآه لوثا تعلقا بظاهر الحديث لكن قد يظهر من القرائن عندنا ما يقوم مقام الشاهد، كرجل وُجِدَ قائما على القتيل بيده آلة القتل وهو متخضب (¬44) بدمه على هيئة القاتل، فهذا يكون عندنا لوثا. قال ابن مسعدة: قلت للنسائي: مالك لا يقول بالقسامة إلا بلوث، وهذا الحديث لاَ لوثَ فيه فَلِمَ قال به؟ فقال النسائي: في الحديث (¬45) ذكر العداوة بينهم وبين اليهود، فأنزل مالك اللَّوث أو قول الميت بمنزلة العداوة. وعندي أنَّ الأظهرَ في الجواب أن يقال: قد سلّمنا أن القرائن تقوم مقام الشاهد فقد يكون قام من القرائن ما دل على أن اليهود قتلوه وإن جهل عين القاتل. ومثل هذا لا يبعد إثباته لوثا وإجراءَ حكم القسامة فيه. 739 - خرّج مسلم هذا الحديث: "عن ابن نمير قال: حدثني أبي قال نا سعيد بن عبيد "قال نا بُشير بن يسار" الحديث (ص 1294). قال بعضهم: وقع في نسخة أبي العلاء بَدَل: "سعيد بن عبيد سعْد ¬

_ (¬44) في (ب) "مخَضّب". وفي (ج) "مختضب". (¬45) في (ج) "في هذا الحديث".

ابن عبيد") (¬46) بسكون العين. (والمحفوظ فيه "سعيد" بكسر العين) (¬47) وياء بعدها. 740 - وقوله -عليه السلام-: "كَبِّرْ" (ص 1294). معناه أن يبدأ بالأكبر. ومنه حديث أبي الزبير: "دعا بالكُبْر فنظروا إليه"، أي بالمشائخ. وقول سهل: "لقد ركضتني منها فَرِيضَةٌ من تلك الفرائض" (ص 1294). الفريضة هنا: الناقة الهَرِمة، وهي أيضاً الفريض والفارض والفارضة، وقد فَرَضَتْ تَفْرُضُ بفتح الراء في الماضي وضمها في المستقبل ويجوز كسرها في المستقبل أيضاً. 741 - وقوله: "فَوُجِدَ فِي شَرَبَةٍ" (ص 1293). هو حوض يكون في أصل النخلة، وجمعه شَرَبٌ بفتح الشين والراء. 742 - وقوله: "مِن جَهْدٍ أصَابَهُمْ" (ص 1294). الجَهْد بفتح الجيم: الشدة والمشقة، والجُهْد بضم الجيم: غاية الطاقة والمقدُرة وقد يفتح الجيم أيضاً. 743 - وقوله: في عَيْنٍ أوْ فَقِيرٍ" (ص 1294). الفقير: البئر القريبة (¬48) القعر الواسعة الفم. ¬

_ (¬46) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬47) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬48) في (ج) "القديمة القريبة".

744 - قوله في حديث: "العُرَنيِّينَ فَقَطع أيْدِيَهُمْ وَأرْجُلَهُمْ وَسَمَر (¬49) أعْيُنَهُمْ" (ص 1296). قال الشيخ: اختلف الناس في المحاربين وفي المراد بقوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية (¬50)، فقال بعض الناس: إنّها نزلت في العرنيين، وقال بعضهم في المرتدّين، وقال بعضهم في الكفار: إذا نَقضوا العهد وحاربوا، وتعلّق هؤلاء بأن المحاربة لله ورسوله لا تكون مع الإِيمان، وقال آخرون في المسلمين لقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} (¬51) والكافر إذا أسلم قُبِل منه إسلامه قَبْل القدرة عليه وبعدها. ومذهبنا أن الإِمام مخيّر في حدّ المحارب ما لم يَقتل، فإن قتل فلا بد من قتله في المشهور عندنا. ومذهب الشّافعي أنه على الترتيب إن قتل ولم يأخذ مالا قتل، وإن أخذ المال وقد قَتَل قُتِل وَصُلِبَ، وإن أخذ المال ولم يقتل قُطِع. والحبس والنفي فيمن لم يبلغ جرمه إلى أن يستحق ذلك. واستدل أصحابه بأن تأثيره في الضّرر يختلف فلا تكون عقوبة الإِجرام المختلفة متساوية. واختلف الناس وأصحابنا في المحاربة في المِصْر: هل حكمها حكم المحارب في غير المِصْر أم لا؟ فالمشهور عندنا وبه قال الشافعي أنّهما شيئان (¬52). وفرق بينهما بعض أصحابنا وهو مذهب أبي حنيفة. وقد تقدّم الكلام على تفسير قوله: "فَاجْتَوَوْا المدينة" ومعناه: كرهوها لسقم أصَابهم أخذ من الجوى وهو دَاء. ¬

_ (¬49) في (ج) "سَمَل". (¬50) (33) المائدة. (¬51) (34) المائدة. (¬52) في (ب) و (ج) "سببان".

وقوله: "سَمَرَ أعْيُنَهُمْ". يروى "سمر" بالراء، وسمل باللام، فمعنى سمرها كحلها بمسامير محماة (¬53)، ومعنى سملها فقأها بشَوْكٍ أو غيره. قال أبو ذؤيب: [الكامل] وَالْعَيْنُ بَعْدَهُمُ كَأنَّ حِدَاقَهَا ... سُمِلَتْ بشَوْكٍ فَهْيَ عُور تَدْمَعُ واللِّقَاحُ المذكورة في الحديث جمع لَقْحة وهي الناقة ذات الدَّرِّ. 745 - وقوله: "وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ" (ص 1298). قال أهل اللغة: الحَسْم كَيّ العرق بالنار لينقطع الدَّم. ومنه الحديث: "أتي بِسَارِقم فقال: اقْطَعُوهُ ثُمَّ احسموه"، أي اقطعوا عنه الدم بالكي. قال الشيخ -وفقه الله-: وقوله "وقد وقع بالمدينة المُوم" (¬54)، وهو البرسام، ووقع في حواشي بعض النسخ (¬55) من كتاب مسلم: الحُمَّى. ورأيت لبعض الأطباء أن أصل هذه التسمية في لغة اليونانيين أن السام اسم للوَرم والبرْ اسْمٌ للصدر والشّرُ (¬56) اسم للرأس وشأنهم أبدا في الإِضافة عكس ما عند العرب من أنهم يقدمون المضاف إليه، فيكون مثال كلامهم أن يقولوا: زيد ثوب، يريدون: ثوب زيد، فكأنهم يقولون: إذا كان الورم في الرأس (رأس ورم، وإذا كان في الصدر قالوا: صَدرُ وَرَمٍ فتكون صيغة النطق لما في الرأس الشرسام) (¬57)، ولما في الصدر البرسام. وقلّ من ¬

_ (¬53) في (ب) و (ج) و (د) "محمية". (¬54) في (ب) "بالحديبية اليوم". (¬55) في (ب) "في حواشي بعض الشيوخ". (¬56) في (ب) و (ج) و (د) "والسرّ" بالسين. (¬57) في (ب) و (ج) و (د) "السرسام" بالسين، وما بين القوسين ساقط من (ب).

رأيتَ من الأطباء يُحَقِّق الفرق بين هذه الألفاظ. ورأيت في كتب بعضهم: ربما كان الشرسام عن البرسام يريدون ربما كان ورم الرأس عن ورم الصدر. 746 - قوله: "إن يَهُوديّا قتل جارية على أوضاح لها بحجر فسألها النبيء - صلى الله عليه وسلم -: أقتلك فُلان؟ فأشارت برأسها أن لا (¬58) وقالت في الثالثة: نعم، وأشارت برأسها " الحديث. وفيه: "فقتله - صلى الله عليه وسلم - بَيْن حجرين"، (وفي بعض طرقه: "فرضخ رأسه بين حجرين") (¬59). وفي بعض طرقه: "فأمر به أن يرجم حتى يموت" (ص 1299). قال الشيخ: هذا الحديث فيه الرد على من أنكر القصاص بغير الحديدة. وفيه دلالة على قتل الرجل بالمرأة خلافا لمن شذّ فقال: لا يقتل الرجل بالمرأة، هكذا استدل به بعضهم. وإنما قتله - صلى الله عليه وسلم - لأنه أقرّ. وهكذا ذكره مسلم في بعض طرقه: "فأخذ اليهودي فأقر". وأما رجمه بالحجارة فلعله رأى - صلى الله عليه وسلم - أنه لما قتل بالحجارة وجب قتله بِهَا ورأى أنّ رجمه بها جهة الرأس رضْخ، والأوضاح هي (¬60) حلي الفضة. قَالَهُ أبو عبيد وذكر في موضع آخر بدل الأوضاح الحلي. وقد بين في بعض طرقه: أن الجاريةَ من الأنصار. 747 - قوله: "في الَّذِي عَضَّ يَدَ صَاحِبهِ فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ فِيهِ فَنَزَعَ ثَنِيَّتَهُ فقال - صلى الله عليه وسلم -: أيَعَضُّ أحَدُكُمْ كَمَا يَعَضُّ الفَحْلُ؟ لاَ دِيَةَ لَهُ" (ص 1300). قال الشيخ: اختلف الناس في المَعْضُوض إذا جَبَذَ يده فسقطت أسنانُ العاضِّ فالمشهور عندنا أنه ضامن. وقال بعض أصحابنا: لا ضمان عليه. ¬

_ (¬58) سقط من (ب) "أن لا". (¬59) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬60) "هى" ساقطة من (أ).

وبالتضمين قال الشافعي، وبإسقاطه قال أبو حنيفة. وقال بعض المحققين من شيوخنا: إنّما ضمَّنَه من ضمَّنَهُ من أصحابِنا لأنه يمكنه النزع بالرفق حتى لا تنْقلع أسنان العاضّ، فإذا زاد على ذلك صار متعديا في الزيادة فضمِن. وحمَلوا الحديث على من لم يمكنه النزع إلا بذلك الذي أدى لِسقوط الأسنان. وقال بعضهم: لعل أسنانه كانت متحركة فسَقَطت عقيب النزع. وهذا التأويل بعيد من ظاهر الحديث. وكذلك اختلف الناسُ أيضاً في الجَمَلِ إذا سأل على رجل فدفعَهُ عن نفسه فقتله هل يضمن أم لا؟ وبِنَفْي التضمين قلنا نحن (¬61) والشافعي، وبإثباته قال أبو حنيفة. والحجة لنفي التضمين أنه مأمور بالدفع عن نفسه ومن فعل ما أمر به لم يكن متعديا ومن ليس بمتعد فلا يضمن في مثل هذا، وقياسا على ما لو قتل عبدًا في مدافعته إياه عن نفسه. ومن أثبت الضمان رأى أنه أحْيَا نفسه بإتلاف مال غيره، فأشبه من اضطُرَّ لطعام غيره فأكل منه خوف الموت فإنه يضمن. والفرق عندنا بين السؤالين أن الأكلَ لطعام غيره ابتدأه (¬62) من قبل نفسه ولا جناية من رب الطعام ولا من الطعام عليه فلهذا ضمِن. وفي الجمل لم تكن البداية منه بل بسبب الجناية عليه فلهذا لم يضمن. وأيضاً فإن الطعام ينوب غيره منابه في إحياء نفسه فكأن الضرورة فيه لا تتحقق فصار كمن أكل اختيارًا. ولا مندوحة له في الجمل ولا تنْفَعُهُ مُدَافعة غير ذلك الجمل ولا تنجيه فتحققت (¬63) الضرورة، فهذان فرقان بينهما. ومن هذا المعنى سؤال ثالث وهوَ لو رمى إنسان أحدا ينظر إليه في بيته ¬

_ (¬61) "نحن" ساقطة من (أ). (¬62) في (ب) "ابتداء". (¬63) الذي في (ب) "ولا ينفعه غير ذلك فتحققت" وفي (ج) "بمدافعة".

فأصاب عينه فاختلف أصحابنا أيضاً في ذلك، فالأكثر منهم على إثبات الضمان، والأقل منهم على نفي الضمان، وبالأول قال أبو حنيفة، وبالثاني قال الشافعي. فأما نفي الضمان فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لو أنَّ اِمْرَأَ اطَّلَعَ عَلَيْكَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ فَخَذَفْتَهُ (¬64) بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جُناح". وأما إثبات الضمان فلأنه لو نظر إنسان إلى عورة إنسان آخر بغَير إذنه لم يُستبح بذلك فَقْأ عينهِ، فالنظر إلى الإِنسان في بيته أولى أن لا يُستباح به ذلك. وَمَحْمَلُ الحديث عندهم على أنه رماه لينبّهه على أنه فطن به أو ليدفعه عن ذلك غير قاصد لفقء عينه فانفقأت عينه خطأ فالجناح منتفٍ عنه وهو الذي نفي في الحديث. وأما الدية فلا ذكر لها. 748 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إلاَّ كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا لأنَّهُ كَانَ أوَّلَ مَنْ سَنَّ القَتْلَ" (ص 1303). الكِفل -بكسر الكاف-: الجزء والنصيب، ومنه قول الله تعالى: {يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} (¬65). قال الشيخ: هذا الحديث أصل في أن المعونة على ما لا يحل لا تحل، وقال الله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (¬66). وقد جعل الدال على الخير كفاعله (وهكذا الدال على الشر كفاعله) (¬67). ولعل القتل إنما كان في الناس على جهة التعليم فأخذه واحد عن واحد عن آخر (¬68) حتى ينتهى إلى ابن آدم الأول. وهكذا التعليم في البدع ¬

_ (¬64) في (ب) "فحذفته" بالحاء، وفي (ج) "فَخَدَفْتَهُ" بالدال. (¬65) (85) النساء. (¬66) (2) المائدة. (¬67) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬68) "عن آخر" ساقط من (ب).

والضلالات يكون على معلمهَا الأول كفل منها. وهكذا على قياسه يكون للمعلّم الأول للهدى والحقائق نصيب من الأجر. 749 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ الله السمَاوَاتِ وَالأرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أرْبَعَةٌ حُرُمٌ" (ص 1305). قال الشيخ: تَأويل قوله: "إن الزّمان قد استدار كهيئته" أنهم كانوا تَمَسَّكُوا بملّة إبراهيم عليه السلام في تحريم الأشْهُرِ الحُرُمِ. وكانوا ينسئون الشهر الحرام إلى الذي يليه إذا احتاجوا إلى القتال فيه وينتقلون هكذا من شهر إلى آخر حتى اختلط الأمر عليهم فصادفت حَجّة النبيء - صلى الله عليه وسلم - تحريمهم قد طابق الشّرع، وكانوا في تلك السنة حرّموا ذا الحجة بالاتفاق على الحساب الذي قلناه فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أن الاستدارة صادفت ما حكم الله سبحانه به (¬69) يوم خلق السماواتِ والأرض. وقيل: كانت العرب تحُجّ عامين في ذي القعدة وعامين في ذي الحجة فصادفت حجة أبي بكر ذا القعدة من السنة الثانية وصادفت حجة النبيء - صلى الله عليه وسلم - ذا الحجة، فلهذا أشار - صلى الله عليه وسلم - بالاستدارة. وذكر أبو عبيد أنهم كانوا ينسئون، أي يُؤخرون وهو الذي قال الله سبحانه وتعالى: {إنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَة في الكُفْرِ} (¬70) فربما احتاجوا إلى الحرب في المحرّم فيؤخّرون تحريمه لصفر ثم يحتاجون لتأخير صفر إلى ربيع هكذا شهر بعد شهر فقام الإِسلام، وقد رجع المحرّم إلى موضعه فقال - صلى الله عليه وسلم - ماقال. قال: وزعم بعض الناس أنهم كانوا يستحلّون المحرّم عاما يردّونه من قابِلٍ إلى تحريمه. ¬

_ (¬69) في (ج) "فيه". (¬70) (37) التوبة.

قال (¬71): والتفسير الأول أحب إليّ لانه ليس في هذا استدارة. قال الشيخ: وقد وقفت للخوارزمي على تأويل لهذا الحديث غره فيه ما قد سبق إليه من علم التنجيم فقال: إن الله سبحانه أول ما خلق الشّمس أجراها في أول برج الحَمَلِ. (وكان الزمان الذي أشار إليه النبيء - صلى الله عليه وسلم - صادف حلول الشمس الحمل) (¬72). ولما وقفت على قوله هذا (¬73) دعا ذلك لتعديل هذا اليوم فعُدِلَ لاختبار ما قال فلم يوجد كما زعم. وَوُجدَتْ الشمس يوم التاسع من ذي الحِجّة سنة عشرٍ قد قَطَعَت من برج الحوَت نحو عشرين درجة لكن أظنها كانت في مثل هذا اليوم سنة تسعٍ في أول الحَمَلِ. وأُرَاه من هذه الجهة غَلِطَ لو كان الأصلُ الذي ذهب إليه صحيحا لكنه لم يقله أحد من علماء الشرع. 750 - قوله في الحديث: "وَرَجَبُ مُضَرَ " (ص 1305). قيل: إن ربيعة كانت تجعل رجبا رمضان، ومُضَرُ تُبَقّيه على حاله، فلهذا أضافهُ إليهم. وقيل: لأنهم كانوا يُعظّمونه أكثر من غيرِهم. وأكد هذا بقوله: "الذي بين جمادى وشعبان" زيادةً في البيان وتحرُّزا من تنقّله بالنسيء حتى كان يسمى باسمه غيرُه. 751 - قوله: "ثم انْكَفَأ إلى كبشين أمْلَحَيْنِ " (ص 1306). الانفكاء: الانقلاب. يقال: انكفأ إلى كذا، أي انقلب إليه. وَمَال نحوه وانكفأَ لونه، أي تغير وزال عن حاله ومال إلى حالة أخرى. قال الكِسائِيّ: الأملح هو (¬74) الذي فيه بياض وسواد والبياض أكثر. ¬

_ (¬71) في (ب) "قال الشيخ". (¬72): ما بين القوسين ساقط من (أ). "الحمل" ساقط من (د). (¬73) "هذا" ساقطة من (أ). (¬74) "هو" ساقطة من (أ).

752 - قوله: "في الَّذِي ضَرَبَ صَاحِبَهُ بِاْلفَأسِ فَقَتَلَهُ فَرَمَى إلَى أخِي الْمَقْتُولِ بِنسْعَتِهِ فَقَالَ دُونَكَ صَاحِبَكَ، فَانْطَلَقَ بِهِ الرَّجُل فَلَمَّا وَلَّى قال النَّبِيءُ - صلى الله عليه وسلم -: إن قَتَلَهُ فَهْوَ مثلُهُ فَرَجَعَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله بَلَغَنِي أنَكَ قُلْتَ: إن قَتَلَهُ فَهْوَ مِثْلُهُ وَأخَذْتُهُ بِأمْرِكَ، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: أمَا تُرِيدُ أنْ تَبُوءَ بإثْمِكَ وَإثْمِ صَاحِبِكَ" (ص 1307). قال الشيخ: أما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن قتله فهو مثلُه" فإن أمثَلَ ما قيل فيه: إنهما استويا بانتفاء التباعة عن القاتل بالقِصاص. وأما قوله -عليه السلام-: "أما تريد أن تبوء بإثمك وإثم صاحبك" فيمكن أن يريد أنه يتحمل إثم المقتول وإثم أخيه وليُّ الدم لأجل جنايته عليهما بقتل هذا وفجعهِ هذَا بأخيه، ويكون هذا قد أُوحِيَ إليه به في هذا الرجل. ويمكن أن يريد أنه بَاءَ بإثم القتل وأضافه إليهما وإن كان في الحقيقة هو إثم القاتل لأنهما كالسّببين (¬75) في تأثيمه لما أدخل عليهما (¬76) من المصاب. وفي الكتاب العزيز: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ} (¬77) فجعله رسولاً لهم لاختصاصهم به وهو في الحقيقة رسول الله. وفي كتاب أبي داود: "أرْسِلْهُ فَيَبُوءَ بِإثم صَاحِبِهِ وإثمه" وفي بعض طرقه: "أمَا إنّك، إن عفوتَ عنه فإنه يَبُوءُ بإثمِهِ وإثم صَاحِبك"، فقيل: المراد بأحد الإِثمين ما على القاتِلِ من الآثام من غير قتل فكَأنه مطالَب بها مع الإِثم الثاني الذي هو إثم القتل، ولو قُتِل لكفّرت عنه الآثام. وقد ذكر أبو داود: "أن القاتل ذَكَر أنه ما أراد قتلُه وأن النبيءَ -عليه السلام- قال: إن قَتَلَه فهو مثله". وهذا قد يُشير إلى أن المراد بقوله ¬

_ (¬75) في (ب) "كالشيئين". (¬76) في (ج) "عليه". (¬77) (27) الشعراء.

"فهو مثله" أن القصاص يكون ظلما وعُدْوانا إذا علم الوليُّ صدقه ولكن لا يصح هذا التأويلُ مع الاقتصار على مجرَّد قوله "أن قتله فهو مثله". 753 - قوله: "في الجَنِينِ غُرة عبدٍ أو أمةٍ" الحديث (ص 1309). قال الشيخ: تقدَّم الكلام على وجه استواء ديّة الأجنّة الذكر والأنثى وأنْ ذلك قطع للخِصام لأنه (¬78) ممّا يَخفى فيكثر فيه التنازع. وقد قال بعض الناس: إن العبد الذي يَقضي به أبيض لذكره الغُرة، وديّته عندنا عُشُر ديّة أمَّه. وقيمة الغرة عندنا مقدرة بعشر دية الأم، وتورث على فرائض الله سبحانه. وقد قيل: أن ذلك كعضو من أعضائها فإذا قُضِي بالدّية أخذَتْها وحدها كما تأخذ دية سائر أعضائِها. وقيل: ليس ذلك كعضو من أعضائها فلا تنفرد بديته بل يشاركها الأب. 754 - وقوله: "في المرأة قضِي بميراث المرأة لِبَنيهَا وزوجها وجُعِلَ العقل على عَصَبَتِهَا " (ص 1309). استدل به من يرى أن الابن لا يعقل عن أمّه وهي مسألة اختلاف بين الناس. 755 - وأما قوله: "ومثل ذلك يُطَلّ" (¬79) (ص 1310). فيروى بالباء من البُطلاَنِ. ويروى بالياء معجمة باثنتين تحتها من قوله: طُلَّ دمُه، أي هُدِرَ. 756 - وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أسَجْعٌ كَسَجْعِ العَرَبِ؟ " (ص 1310). قيل: إنّما ذَمَّهُ لأن هذا السجع قيل في مقابلة حكم الله سبحانه كالمُسْتَبْعِدِ ¬

_ (¬78) "لأنه" ساقطة من (أ). (¬79) في (ب) و (ج) "بطل" بالباء.

لَهُ، ولا شك أن كل ما عورضت به النبوءة مذموم إذَا كان القصد به ردّ الحكم وإلّا فقد سَجَّع (¬80) النبيء - صلى الله عليه وسلم - في مواضعَ. 757 - قوله: "في إملاص (¬81) المرأة" (ص 1311). إملاصها بالجنين هو أن تزلقه قبل وَقْت الوِلاَدَة وكلُّ مَا زَلِقَ مِنْ يَدٍ فَقَدْ مَلِصَ يَمْلَصُ مَلْصًا. وقال أبو العبّاس: ومنه حديث الدجّال: "فأملَصَتْ به أمّه" أي أزلقته. يقال أملصت (¬82) وأزلقت وأسْهَلَت به وحطأت به بمعنًى واحِدٍ. ¬

_ (¬80) في (ج) "سَجَعَ" بدون تشديد الجيم مع الشكل. (¬81) في النسخ الأربع "إملاص" وجاء في شرح النووي أن جميع نسخ مسلم "ملاص" بدون همزة، والمعروف إملاص المرأة بهمزة مكسورة. (¬82) في (ب) و (ج) "ملصت به".

20 - من كتاب السرقة

20 - من كتاب السَّرقة (¬1) 758 - قوله: "لاَ تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إلاَّ فِي رُبع دِينَار فَصَاعِدًا". وَفِي طَريق آخر: "قُطِعَ سَارِقٌ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ". وفي طريق آخَرَ: "لَعَنَ الله السَّارِقَ يَسْرِقُ البَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَيُقْطَعُ بهِ" (¬2) (ص 1312 إلى 1314). قال الشيخ: ورد القرآن أن يُقطع السارق وهو آخذ المال على جهة الاسْتِسراء. وشُرع ذلك صيانة للمال وينظر ها هنا في جنس المسروق وقدره وموضعه وسارقه. فأما جنس المسروق فكل ما يُتملك وينتفع به ويُحرز ففيه القطع، فإن كان منا يحرز ولا يملك كالجَرّ الصغير ففيه خلاف، وإن كان ممّا لا يبقى كالفواكه الرطبة فيقطع عندنا خلافا لأبي حنيفة. وأما مبلغه فاختلف الناس فيه؛ فمنهم من يقطع في القليل والكثير، وهو ¬

_ (¬1) هذا العنوان جاء في النسخ الثلاث (أ) و (ب) و (ج) متفقا كما أثبتناه. (¬2) في (ج) "فتقطع يَدُهُ".

مذهب أهل الظاهر لعموم الآية ولم يخصوها بالأخبار. ومن الناس من قدَّر مبلغ القطع بالدرهمين، ومنهم من قدره بالثلاثة، ومنهم من قدره بالخمسة وقال: لا تُقطع الخمس (¬3) إلا في الخمس، ومنهم من قدره بعشرة دراهم لما روي في بعض الطرق: "أن المجن كان ثمنه عشرة دراهم على عهد النبيء - صلى الله عليه وسلم -. وأما قوله: "لَعَن الله السارقَ يسرِق البيضةَ فتُقطع يدُه". فمن الناس من يتأوله على بيضة الحديد، ويرى أنها تساوي ثلاثة دراهم، ومنهم من يحمله على قصد المبالغة والتنبيه على عظيم ما خسر وهي يده وحقير ما حصل مثل البيضة والحبل. وأراد جنس البيض وجنس الحبال. وأما موضع السرقة فالحِرز معتبر وقد اضطربت الروايات في الحِرز اضطرابا كثيرا. والنكتة فيه أن كل ما كان حِرْزًا في العادة وقُصِدَ إلى التحرّز به ففيه يَجِب القطع. والاختلاف إلى هذا يرجع فطائِفَة تُقدّر حُصُولَ هذا الوصفِ في الشّيء فتَقطَعُ (¬4)، وطائفة أخرى تراه لم يَحْصُل (¬5) فلا تقطع. وأما السارق فأن لا تكون له شبهة في المال كالأب ومن في معناه. هذه عقود هذا الباب، وفروعُهُ تتّسع. 759 - قوله في المخزومية: "كانت تستعير المتاع وتجحَدُه فأمر - صلى الله عليه وسلم - بقطع يدها" (ص 1316). ¬

_ (¬3) في (ج) "يقطع الخمس". (¬4) في (ج) "فيقطع". (¬5) في (أ) "لم تَحْصُل".

قال الشيخ: مَحْمَل ذكر العَارية ها هنا على قصد التعريف بالمرأة لا (¬6) على أنّ القطع لسبب ذلك. وقد تقدم أنّها سَرَقَتْ، هكذا تأوله أهل العلم. ¬

_ (¬6) "لا" ساقطة من (د).

21 - من كتاب الزنى

21 - من كتاب الزّنَى (¬1) 760 - قول - صلى الله عليه وسلم -: "خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ الله لَهُنَّ سَبِيلاً البِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مَائَةٍ وَتَغْرِيبُ سَنَةٍ وَالثَّيِّبُ بالثَّيِّب جَلْدُ مائَة وَالرَّجْمُ " (ص 1316). قال الشيخ: أما الزاني المحْصَن فإنه يرجم. واختلف الناس هل يضرب مع الرجم، فقال جمهور الفقهاء (¬2): لا جلد عليه لقول النبيء - صلى الله عليه وسلم -: "وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأةِ الآخَرِ فَإنْ اعْتَرفت فارْجُمْهَا" ولم يقل: فاجلِدْهَا, ولغير ذلك من الأحاديث الدال ظاهرها على سقوط الجلد. وقال بعضهم بإثبات الجَلد مع الرّجم بهذا الحديث. وقد يكون عند الأولين منسوخًا لأجل الظواهر التي تمسَّكوا بها. 761 - قول عمر -رضي الله عنه-: "فَالرَّجْمُ إذَا قَامَتِ البَيِّنَةُ أوْ كَانَ الحَمْلُ أوْ الاعْتِرَافُ" (ص 1317). ¬

_ (¬1) لم يثبت هذا العنوان إلا في (ب). (¬2) في (ج) و (د) "جمهور العلماء".

قال الشيخ: أما ظهور الحملِ بالمرأة الّتي لا زوج لها فقالت: إني أُكرِهْت على الوطء ففي تصديقها خلافٌ بين الناس: هل تصدق وتَكُون شبهة يُدرأُ الحدُّ بِها، أو لاَ تصدق لظاهر قول عمر هذا؟ ولأنَّ الحَبَل (¬3) كالبيّنة فلا يسقط بدعواها. 762 - قوله: "يَا رَسُولَ الله: إنَّي زَنَيْتُ فَأعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى ثَنَّى ذَلِكَ أرْبَعَ مَرَّاتٍ" الحديث. وفيه: "فَلمَّا أذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ هَرَبَ فَأدْرَكْنَاهُ بَالحَرَّةِ فَرَجَمْنَاهُ" (ص 1318). قال الشيخ: اختلف الناس في المقر بالزنا: هل يُرجم بإقراره مرة واحدة، لقوله: "فإن اعترفت فارجمها "، ولم يقيّد بعدد، ولأن القول الثاني في معنى الأول وهو مذهب مالك، أم لا يُرجم حتى يقرّ أربع مرات على ما قال بعض العلماء؟ واشترط بعضهم أن يكون في أربعة مجالس ولم يشترط ذلك بعضهم وتعلق هؤلاء في التقييد بهذا العدد بما وقع في هذا الحديث من ذكر أربع مرات وبغيره من الألفاظ التي وقعت في بعض طرقه وقياسا على عدد الشهود وأنه قد طَلَبَ في اللعان التكرير. وقوله: "فلما أذلقَتْهُ الحِجَارَةُ". يعني: "أصابته بحدها، وذلْق كل شيء حدّه. وقيل: الذلق السرعة، ومنه لسان ذَلِقٌ. وقوله: "فأدْرَكْنَاهُ بَالحَرَّةِ فَرَجَمْنَاه". قد اختلف الناس في المقر بالزنا إذا رجع عن إقراره لغير عذر: هل يقبل منه أم لا؟ فعندنا فيه قولان. وقد تعلق من لم يقبل رجوعَه بهذا الحديث، ¬

_ (¬3) في (ب) و (ج) "الحمل".

وقد هرَب هذا وقتلوه بعد هروبه ولم يأُمرهم -عليه السلام- بديته. وقد وقع في غير كتاب مسلم "هَلاَّ تَرَكْتُمُوهُ" وفي بعض طرقه في غير كتاب مسلم: "فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ الحِجَارَةِ صَرَخَ بِنَا يَا قَوْمُ رُدُّونِي إلَى النَّبِيءِ - صلى الله عليه وسلم - فَإنَّ قَوْمِي هُمْ قَتَلُونِي وَغَرَّونِي مِنْ نَفْسِي وَأخْبَرُونِي أن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - غير قَاِتلِي فَلَمْ نَنْزِعْ عَنْهُ حَتَّى قَتَلْنَاهُ، فَلَمَّا رَجَعْنَا إلَى النَّبيء - صلى الله عليه وسلم -، قال: فَهَلاَّ (¬4) تَرَكْتُمُ الَّرجُلَ وَجِئْتُمُونِي بِهِ لِيَسْتَثْبِتَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - منه فأما ترك حَدًّ فلا". وعند أبي داود: "ألاَ تَرَكْتُمُوهُ حَتَّى أنظر في شأنه". وعنده: "هَلاَّ تركتموه فلعله يتوب فيتوب الله عليه". فقد صرح في بعض هذه الطرق أنه لا يترك الحد. 763 - وقوله: "نَبِيبٌ كَنَبِيب التَّيْسِ يَمْنَحُ إحْدَاهُنَّ الكُثْبَةَ" (ص 1310). له نبيب التَّيْسِ: صوته عند السَّفاد. ويمنحُ: يُعطي، والكُثبة: القليل من اللَّبن. قال أبو عبيد: وكذلك من غير اللَّبن، وكل ما جمعتَه من طعام أو غيره بعد أن يكون قليلا فهو كُثْبة، والجمع كُثَب، وقد كَثَبْتُه أكثُبُهُ، أيْ جَمَعْتُهُ. 764 - وقوله: "فَرَمَيْنَاهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى سَكَتَ" (ص1320). يعني: مات. قال الشاعر: [الكامل] ولَقَدْ شَفَى نَفسِي وَأبْرَأ دَاءَهَا ... أخْذُ الرَّجَالِ بحِلْقِهِ حَتَّى سَكَتْ 765 - قوله: "أشَرِبَ خَمْرَاً؟ فَقَامَ (¬5) رَجُل فَاسْتَنْكَهَهُ فَلَمْ يَجدْ مِنْةُ ريح خَمْرٍ" (ص 1321). قال بعض الناس: فيه دلالة عَلَى أنّ طلاق السكران لا يلزمه. ¬

_ (¬4) في (ب) و (ج) "هَلاَّ". (¬5) في (ب) "فقام إليه".

766 - وقوله: "لَمَّا وَضَعَتِ العَامِرِيَّةُ، وَيُرْوَى الْغَامِدِيَّةُ (¬6)، إذًا لاَ نَرْجُمُهَا وندع ولدها صغيرا ليس له مَن يُرْضِعُهُ. فَقامَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ فَقَال: إلىَّ رَضَاعُهُ يَا نَبِيءَ الله. قَالَ: فَرَجَمَهَا" (ص 1322). قال الشيخ -وفقه الله-: إذا كان (¬7) لا يقبل غيرها ويُخشى عليه التلف إن رُجِمت يكون حالها حينئذ كحال الحامل في التأخير بل هذه أشد لأن حياة الولد مقطوع بها وحياته في البطن غير مقطوع بها. وقد قال بعض الشيوخ. لو كان في جيش المسلمين في أرض الحرب من زنى ويخاف إذَا رجم أن يهلك الجيش لأُخَّرَ حدّهُ قياسا على الحامل. 767 - وقوله: "فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا فَرُجِمَتْ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا" (ص 1324). قال الشيخ: مالك يَكْرَهُ صلاة الإِمام على من قُتل في حدّ، وإنما ذلك على جهة الودع، وقد ذكر - صلى الله عليه وسلم - لعمر ها هنا وَجْه صلاته عليها. وقوله "شُكْت" أي جمعت. 768 - قال الشيخ: خرّج مسلم في هذا الحديث: "عن محمد ابن العلاء عن يحيى بن يعلى بن الحرث عن غَيْلان وهو ابن جامع، هكذا في نسخة أبي العلاء وغيره" (ص1321). والصواب ما في نسخة الدّمشقي فإن فيها عن يحيى بن يعلى عن أبيه عن غيلان (فزاد في الإِسناد رجلاً. وكذلك خرَّجه أبو داودَ في كتاب السنن والنسائي في مصنفه من حديث يحيى بن يعلى عن أبيه عن غيلان) (¬8) وهو الصواب. ¬

_ (¬6) في (ج) "الغامدية" ويروى "العامرية". (¬7) في (أ) و (د) "إذا كانت". (¬8) ما بين القوسين ساقط من (ب).

وقد نبه عبد الغني على الساقط من هذا الإِسناد في. نسخة أبي العلاء. ووقع في كتاب الزكاة من السُّنن لأبي دَاود: عثمان بن أبي شيبة نَا يحيى بن يعلى نا أبي نا غيلان عن جعفرٍ عن مُجاهد عن ابن عباس قال: لما نَزَلَتْ. {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} الآية (¬9). فهذا السند يَشهدُ بِصحّة ما تقدم. قال البخاري في تاريخه: يحيى بن يعلى سمع أباه وزائدة بن قدامة. 769 - قوله: "إن ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذا فَزنَى بِامْرَأتِهِ ... " الحديث المشهور (ص 1324). قال الشيخ: أما قوله: "لأقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكتاب الله" يَحْتَمِل أن يكون المراد به قضية الله، والكتاب يكون بمعنى القضاء. ومن الناس من قال بأن الرَّجم مشار إليه في الكتاب بقوله: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} (¬10). وقد قال في الحديث المتقدم: "قد جعل الله لهنّ سبيلا" وذكر الرجم، وقيل: قد كان الرجم ممّا يُقرأ في القرآن، ثم نسخ وهو قوله: {الشَّيْخ والشَّيْخَةُ إذَا زَنَيَا فَرْجُمُوهُمَا البَتَّةَ} (¬11). وقولى: "فسألت أهل العلم" (ص 1325). ولم ينكر عليه فيه جواز الاستفتاء لِمَنْ كان مع النبيء - صلى الله عليه وسلم - في مصرٍ واحدٍ وإن كان يَجُوز على غَيْر النبيء - صلى الله عليه وسلم - من الخطإ والحيف عن الحق ما لا يجوز عليه. وهذا كالاقتصار على الظن مع القدْرة على اليقين. وقد يتعلّق به من أهل الأصول من يجيز استفتاء الفقيه وان كان هناك أفقه منه؛ ¬

_ (¬9) (34) التوبة في كافة النسخ {الذين يكنزون} والتلاوة {والّذين يكنزون} وهو ما أثبتناه. (¬10) (15) النساء. (¬11) "البتة" ساقطة من (ب) و (ج).

وقد قال بعضهم: لِمَ لَمْ يحده للمرأة؟ وقد قال: فزنى بامْرَأتِهِ، وهذا لأنها اعترفت فرجمها. والعَسِيف: الأجير، وجمعه عُسَفَاء نَحْو أجير وأُجراء وفقيه وفقهاء. 770 - قوله في حديث اليهوديين: "إنّه - صلى الله عليه وسلم - رَجَمَهُمَا" (ص1326). قال الشيخ: من الناس من يقول: إن إحصان الكافر يُعَدُّ إحصانا، ويتعلق بهذا الحديث, ومالك لا يراه إحصانا ويحمل هذا على أنه لم تكن له ذمة فكَان دمه مماحًا؛ ولكنه يُعترض على هذا عندي برجمه المرأة ولعلّه يقول كان هذا قبل النهي عن قتل النساء. وأما قوله: "مُرَّ عليه بيهودي مُحَمَّمٍ" (ص 1327). فالمُحَمَّم المُسَوَّدُ الوجه، وهو مفعَّل من الحُمم، والحُمَمُ الفَحْم، واحدتها حُمَمَة. 771 - قوله: "إذَا زَنَتْ أمَةُ أحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا الحَدَّ وَلا يُثَرِّب عَلَيْهَا" (ص 1328). قال الشيخ: فِيه حجة لنا في أنَّ السيَّد يُقيم على عبده الحدّ خلافا لمن منعه. وأما قوله: "وَلاَ يُثَرَّبْ (¬12) عَلَيْهَا". فالتَّثريب التعيير والتوبيخ , ومعناه: لا يقتصر على اللّوم والتوبيخ خاصة ويظن ذلك مغنيا عن إقامة الحَدَّ ¬

_ (¬12) في (أ) "فلا يُثّربْ".

772 - قَوْل علي -رضي الله عنه-: "أَقِيمُوا عَلَى أَرِقَّائِكُمُ الحَدَّ، مَنْ أحْصَنَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يُحْصِنَ" (ص1330). قال الشيخ: هذا قولنا في إقامة الحد على الأمة وإن لم يكن لها زوج خلافا لمن أبى ذلك واعتقد أن من شرط حدّها إحصانها بالتزويج، وتأول قراءة من قرأ: {أُحْصِنَّ} (¬13) بفتحِ الهمزة والصاد على معنى التزويج. وقد تقدم الحديث المذكور فيه: "إذَا زنت فاجلدوها" ولم يفرق. وفي بعض طرقه: " (أنه - صلى الله عليه وسلم -) (¬14) سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن قال: إن زنت فاجلدوها". 773 - قوله: "كَانَ النَّبيءُ - صلى الله عليه وسلم - يَضْرِبُ فِي الخَمْرِ بالجَريدِ وَالنِّعَالِ أرْبَعِينَ. وذكر أنَّ عُمَرَ -رضي الله عنه- ضَرَبَ بَعْدَهُ ثمانين" (ص 1331 - 1332). قال الشيخ: لو فهمت الصحابة عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - حدّا محدودا في الخمر لما أعملت فيه رأيها ولا خالفته كما لم تفعل ذلك (¬15) في سائر الحدود. ولعلهم فهموا أنه - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك على موجب اجتهاده فيمن فعل ذلك فيه. 774 - ذكر مسلم الحديث الذي فيه: "لاَ يُجْلَدُ أحَدٌ فَوْقَ عَشَرَةِ أسْوَاطٍ إلاّ فِي حَدًّ مِنْ حُدُودِ الله" (ص 1332). قال الشيخ -وفقه الله-: هذا خلاف مذهب مالك -رضي الله عنه- لأنه يجيز في العقوبات فوق هذا وفوق الحدود لأن عمر ضرب من نقش على خَاتمه آية، وضرب صَبيغًا أكثر من الحد. وقد أخذ ابن حنبل بظاهر الحديث فلم يزد في العقوبات على العشرة. وتأول أصحابنا الحدث على ¬

_ (¬13) (25) سورة النساء. (¬14) ما لين القوسين ساقط من (ج). (¬15) "ذلك" ساقط من (أ).

أنه مقصور على زمن النبيء - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان يكفي الجاني منهم هذا القدر. وتأولوه أيضاً على أن المراد بقوله: "في حدّ من حدود الله"، أيْ حق من حقوقه وإن لم يكن من المعاصي المقدر حقوقها لأن المحرمات كلها من حدود الله. وقال أبو حنيفة: لا يبلغ في التعزير أربعين. وقاله الشافعي، وقال أيضاً: لا يبلغ عشرين لأنه أدنى في حدود العبد في الخمر. وقال بعضهم: لا يبلغ به ثمانين. 775 - خرّج مسلم هذا الحديث من حديث سليمان بن يسار: "عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه عن أبي بردة الأنصاري" (ص 1332). قال بعضهم: هكذا روي عند ابن مَاهان بالدال المهملة وهو الصواب. ورويَ عن الرازي وغيره عن الجلودي عن أبي برزة بالزاي وهو خطأ. ويقال في اسم أبي بُردَة هذا: هانىء بن نيار الحارثي، ويقال: هو رجل آخر من الأنصار. 776 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تُبَايعُونِي عَلَى أنْ لاَ تُشْرِكُوِا بِالله شَيْئًا وَلاَ تَزْنُوا وَلاَ تسْرِقُوا ولاَ تقْتُلُوا النفْسَ الًّتِىٍ حَرَّمَ الله إلِاَّ بِالْحَقِّ فمَنْ وَفَى (¬16) مِنْكُمْ فَأجْرُهُ عَلَى الله وَمَنْ أصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فعُوقِبَ بِهِ فَهْوَ كَفَّارَة لَهُ وَمَنْ أصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ الله عَلَيْهِ فَأمْرُهُ إلَى الله إنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإنْ شَاءَ عَذَّبَهُ " (ص 1333). قال الشيخ: هذا الحديث ردٌّ على من يكفّر بالذنوب وهُمُ الخوارِجُ، وردٌّ على من يقول: لا بد من عقاب الفاسق المِلِّي إذا مات على كبيرة ولم يتبْ مِنها، وهم المعتزلة, لأن النّبيء - صلى الله عليه وسلم - ذكر هذه المعاصِيَ وأخبر أنْ أمر فاعلها إلى الله سبحانه إن شاء عفا عنه وإن شاء عذّبه ولم يقل: لا بدّ أن يُعَذّبَهُ. ¬

_ (¬16) في (ج) "وفّي" بتشديد الفاء وكذا فيما يأتي.

وفيه تكفير الذنب بإقامة الحدّ، وقد قال في طريق بعد هذا الحديث فزاد فيه: "وَلاَ نَنْتَهِبَ وَلاَ نَعْصِيَ فَالْجَنَّةُ إنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ" (ص 1333). فتأمل تحرير نَقَلَةِ (¬17) الشريعة، وذلك أنَّه قال في الحديث الأول: "فمن وَفَى منكم فأجره على الله" ولم يقل: فالجنة. لأنه قد يعصي بغير هذه الذنوب كَشرب الخمر وأكل الربا وشهادة الزور. وقال في الحديث الآخر: "ولا ننتهبَ ولا نعصيَ" فعم سائر المعاصيَ، ولا شك أن من لا يعصي أصْلاً له الجنة. 777 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "العَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ وَالبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الركاز الخُمُس" (ص 1334). قال الشيخ -وفقه الله-: إنّما جاء الشرع بتضمين المتلف لنفس غيره أو ماله مباشرا أو كالسَّبب (¬18) في ذلك على شروط في كونه سببا يطول استقصاؤها ومن لم يباشره (¬19) ولا كان سببا فيه فلا يضمنه. وهذا أصل الشريعة سوى ما استثنته من هذا من تضمين العاقلة وإن لم تجْن ولا كانت سبب الجناية؛ والدابة إذا أصابت إنسانا ففعلها غير منسوب لمالكها فلا ضمان عليه، فإن كان راكبها أو سائقها أو قائدها ضمن على الجملة على تفصيل في ذلك لأن له في فعلها مشاركة لإِمكان أن يحيد بها أحد هؤلاء عن طريق الإِتلاف. وكذا البئر إذا استأجره لحفرها فانهارت عليه فلا ضمان على المستأجرِ وكذلك المَعدِنُ الذي (¬20) يُعمل فيه. والعلة ما ذكرناه. والركاز: دَفْنُ الجاهلية. وقد قدَّمنا في كتاب الزكاة لِمَ خُصّ بالخُمُس؟ وأشرنا إلى أن التعب كلما كثر خُفّف عن الإِنسان أمر الصدقة، ولهذا كان ¬

_ (¬17) في (أ) "نقله" وفي (ج) "نقل الشريعة". (¬18) في (ب) "وكان السبب"، وفي (ج) "كان المسبب". (¬19) في (ب) و (ج) "وما لم يباشره". (¬20) "الذي" ساقط من (ب).

في المعادن الزكاة إلاَّ أن يكون يُوجد فيها مئل النَّدرة فتخَمَّسُ لعدم التعب فيها. "جُبار" معناه هَدرٌ. والرِّكاز في اللغة أصله الثبات والدوام من قولهم: زَكَزَ الشَّيْءُ في الأرض إذا ثبت أصله؛ والكنز يُرْكَزُ في الأرض كما يُرْكَزُ الرُّمْح وغيره، وهو عند أهل الحجاز: المال المدفون خاصة مِمَّا كنزه أهل الجاهلية. وعند أهل العراق: المعادن وكل محتَمل في اللغة.

22 - كتاب القضاء والشهادات

22 - كتاب القضاء والشهادات (¬1) 778 - قوله - صلى الله عليه وسلم -"لَوْ يُعْطَى الناسُ بَدعْوَاهُمْ لاَدَّعى النَّاسُ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ اليَمِينَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْه" (ص 1336). قال الشيخ -وفقه الله-: اليمين في الشريعة على أقوى المتداعيين سَبَبًا. وَلَمَّا كان الأصل عدم الأفعال والمعاملات (استصحبنا ذلك فَكَانَ القائل بمَا يطابق هذا الأصل هو المدَّعى عليه فوجب تصديقه، ولكن لم يقتصر الشرع على الثقة بهذا الأصل) (¬2) في كثير من الدعاوي حتى أضاف إِليه يمين المدعى عليه المُتَمَسِّك (¬3) بهذا الأصل لتتأكد غَلَبَةُ الظن بِصدقه. وقد نبه - صلى الله عليه وسلم - على وجه الحكم في هذا فقال: "لَوْ يعطَى الناسُ بدعْوَاهم لادَّعى ناس دماءَ رجال وأمْوَالهم". ولا شك في هذا ولو جعل القول قول المدعي لاستبيحت الدماءُ والأموال ولا يمكن أحد أن يصون ماله ولا دمه. ¬

_ (¬1) العنوان من (ج) وهامش (أ). (¬2) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬3) في (ب) و (ج) "المستمسك".

وأما المدعون فتُمكِنُهم صيانَةُ أموالهم بالبينات، فلهذا استقر الحُكْمُ في الشّرع على ما هو عليه، وقد يتعلق بهذا الحديث من يوجب اليمينَ على المدَّعَى عليه من غير اعتبار خلطة أخذًا بعُمومِهِ وظاهره من غير تقييد بخلطة. ومذهبُ مالك مراعاتها لضربٍ من المصلحة، وذلك أنه لَوْ وجبت لكل أحد على كل أحد لابتذل السّفَهَاءُ العلماءَ والأفاضلَ بتحليفهم مرارا كثيرة في يوم واحد فجعَل مراعاة الخلطة حاجزًا من ذلك. وقد يتعلق بهذا الحديث من يرى أن لا يقسم مع قول الميّت: دمي عند فلان، لأنه نبه في هذا الحديث على صيانة الدماء عن إِراقتها بالدعاوي. وقد قدمنا الكلام على هذا في القسامة. 779 - قول ابن عباس: "إن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قضى بِيَمِين وشَاهِدٍ" (ص 1337). قال الشيخ -وفقه الله-: اختلف الفقهاء في قبول الشاهد في بعض الحقوق والمطالب؛ فَنَفَى بَعْضهم قبوله أصلا، ورأى أن قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} (¬4) فوجب الاقتصار على هذا المذكور في القرآن. وإِذا جاء هذا الحديث بخلافه وَسلم من القدح فيه باحتمال لفظه وأن القضية لم تُنقل صيغتها فَإِن ذلك زيادة على النص والزيادة على النص نسخ والنسخ لا يكون بأخبار الآحاد. وأما نحن فإنا نقبل الشاهد واليمين في الأموال، ونرى أن الزيادة على النص لا تكون نسخا في كل موضع. وهذا من المواضع التي لا تكون فيها نسخا. وأظن أنا قدّمنا بسط القول في هذا الأصل. وإِذا ثبت قبولُهُ فُيقبل في المال المحض من غير خلاف عندنا ولا يقبل في النكاح والطلاق المحضين من غير خلاف. وإِن كان مضمون الشهادة ما ليس بمال ولكنه ¬

_ (¬4) (282) البقرة.

يؤدي إلى مالٍ كالشهادة بالوصية والنكاح بعد الموت حتى لا يُطلبَ من ثبوته إِلا المال إلى غير ذلك مما في معناه، ففي قبوله اختلاف فمن رَاعَى المال قبِلَهُ كما يقبل في المال، ومن راعى الحال لم يقبله كما لا يقبله في الطلاق والعَتَاقِ. 780 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنكم تختصمون إلَىَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بحُجَّتِهِ مِنْ بَعْض فَأقْضِي لَهُ عَلى نَحْو مِمَّا أسْمَعُ منه (¬5) فَمَنْ قَطعْتُ له مِنْ حَقِّ أخِيهِ شيئًا فَلاَ يَأْخذهُ فَإنَّمَا أقْطعُ لَهُ قِطْعةً مِنَ النَّارِ" (ص 1337). قال الشيخ: مَذْهبنا أن حكم الحاكم لا يُحِلُّ الحرام، وسَوَاءٌ الدماء والأموالُ. وعند أبي حنيفة أنه يحل الحرام في الفروج، ووافقنا على الأموال وَزَعَمَ أنه لو شهد شاهدَا: زورٍ على رجل بطلاق زوجته وحكم الحاكِمُ بشهادتهما فإن فرجها يحل لمتزوجها ممن يعلم أن بَاطِنَ القضية باطل. وقد بشّع (¬6) عليه بأنه صان الأموال ولم ير استباحتها بالأحكام الفاسدة في الباطن ولم يصن الفروج عن ذلك، والفروج أحق أن يُحتاط لها وتصان. وقد احتج أصحابنا عليه بعموم هذا الحديث. وقوله "أَلْحَنُ بحجته من بعض" أي أفطن لها. ومنه قول عُمر بن عبد العزيز: عجبت لمن لاَحَنَ الناس كيف لا يعرف (¬7) جوامع الكلم، أي فَاطَنَهُمْ. وقال أبو الهَيْثَمَ: العنوان واللحْنُ واحد، وهما العلامة تشير (¬8) بهما إلى الإِنسان ليَفْطن بهما، تقول: لَحِنَ لي فلان فَفَطَنْتُ، ويقال للَّذِي يعرّض ولا يصرّح: قد جعل كذا لحاجته لحنا وعنوانا. ¬

_ (¬5) في (أ) و (ج) "منه" ساقطة، وما أثبتناه في (ب) وهو ما في أصول مُسلم. (¬6) في (ب) "شنع ". (¬7) في (ج) "لا يفهم". (¬8) في (ب) "يشير".

781 - قول: "هند بنت عتبة امْرَأةِ أبِي سفيان: يَا رَسُولَ الله إنَّ اُبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ لاَ يُعْطِينِي مِنَ النَّفَقَةِ (¬9) مَا يَكْفِينِي ويَكْفِي بنيَّ إلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ بِغيْرِ عِلْمِهِ فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ جُنَاحٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ" (ص 1338). قال الشيخ: نَبه الناس في هذا الحديث على فوائد: منها وجوب نفقة الزوجة ونفقة البنين. ومنها: أن الإنسان إذا أمسك آخرُ حَقَّه وعثر له على ما يأخذ منه فإِنه يأخذه لَأنها ذكرت أنها تأخذ بغير علمه. ومنها (¬10): جواز إِطلاق الفتوى، والمراد تعليقها بثبوت ما يقول الخصم لأنها ذكرت أنه يمنعها حقَّها فقال - صلى الله عليه وسلم - لَهَا: "خُذِي". وهذه إِباحة على الإِطلاق: ولم يقل: إن ثبت ذلك (ولكنه هو المراد ولهذا لا يقول كثير من المفتِين في جوابهم: إِذا ثبت ذلك) (¬11) ويحذفونه اختصارًا. ومنها: أنه علّق النفقة بالكفاية، وهو مذهبنا خلافا لمن زعم أنها مقدرة. وهذا حجة عليه. وفيه: إِشارة إلى أن لها مدخلا في كفاله بَنِيها في الإِنفاق عليهم. 782 - قوله "لاَ يَحْكُمْ أَحَدٌ بَين اثْنَيْنِ وَهْوَ غَضْبَانُ " (ص 1342). قال الشيخ: قال الحُذَّاق من الأصوليين: إن هذا جار مجرى التنبيه بالشيء على ما في معناه، وَإنَّ المراد بذكر الغضب ها هنا العبارة عن كل حالة تقطع الحاكم عن السَّدادِ وتمنع من استيفاء الاجتهاد، كالشّبَع المُفرط الموقع في ¬

_ (¬9) في (ب) "من النفقة" ساقط. (¬10) في (أ) "ومنه". (¬11) ما بين القوسين ساقط من (ب).

القلق وجمود الفهم، وكالجُوع المفرط المودي إلى مَوْت الحس وانحلال الذهن، وكالرَّوع العظيم المشغل للنَّفْس المُغيِّر للحس وكالحزن الشديد المُؤدي إلى نَحْوٍ من ذلك، إلى غير ذلك (¬12) مما يطول تعداده (¬13). وإنما نبه على الغضب لأنه أكثر ما يعرض للحاكم لأنه لا بُدَّ مع مراجعة العوامّ أن تقع منهم الهفوة وتسمعَ منهم الجفوة، فلهذا خُص بالذكر وإن عورض هذا بحديث شِراج الحرة وأنه - صلى الله عليه وسلم - حَكَم بعد أن أُغضِبَ، قيل: هو - صلى الله عليه وسلم - معصوم، وأيضاً فلعلّه عَلِمَ الحكم قبل أن يُغْضب، وأيضاً فلعله لم ينتَهِ الغضب به إلى الحَدّ القاطع عن سلامة الخواطر. 783 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهْوَ رَدٌّ" (ص 1343). قال الشيخ: يَحتج بهذا من أهل الأصول مَن يقول: إن النهي يدل على فساد المنهي عنه لأنه أخبر أن كل ما أُحدث مما ليس من الدين فهو ردّ، والمنهيات المحرمات كلها ليست من أمره - صلى الله عليه وسلم - فيجب رَدُّهَا. ومن أنكر من أهل الأصول كون النهي يدل على فساد المنهي عنه على الإِطلاق يقول: هذا خبرُ واحد يتطرق إِليه الاحتمال والتأويل فلا يستمسك به في مثل هذه المسألة 784 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أَلاَ أُخْبِركُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ الَّذِي يَأْتِي بشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلهَا (ص 1344). قال الشيخ: يحتمل أن يراد به مَن يُحَمَّل شهادة ولم يعلم (بها المشهود له فإنه ينبغي أن يُعلمه ليكون مستعِدّا بشهادته يفعل ما يفعل مع خصمه) (¬14) وهو على ثقة بما له وعليه. ¬

_ (¬12) في (أ) "إلى نحو ذلك"، و"إلى غير ذلك" ساقط. (¬13) في (ج) "اعتداده". (¬14) ما بين القوسين ساقط من (ب).

785 - "ذِكْرُ قِصَّةِ سُلَيْمَان وَدَاوُدَ -عليهما السلام- فِي المَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَدَاعَتا فِي وَلَد لَمَّا أَكَلَ الذِئْبُ وَلَدَ إِحْدَاهُمَا فتَدَاعَتا فِي البَاقِي فَقَضَى دَاوُدُ لِلْكُبْرَى وَقَالَ سُلَيْمَانُ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أشُقُّهُ بَيْنَكُمَا فَسَلَّمَتِ الصّغرى لِلْكُبْرَى" (ص 1344). قال الشيخ: هذا يكون أصلا في استعمال الحُكامِ طُرُقًا مِن الحِيَلِ المباحة في استخراج الحقوق إذا وقع الإِشكال. وكأن داود رجّح بالكبر فقضى به، وهذا ليس في شرعنا. وأما سليمان فعلم أن الطّبِاع مجبولة على الإِشفاق على الولد فأراد اختبار (¬15) المشفقة عليه ليستدل بذلك على الأم منهما. وقد حُكِي بعد هذا "أن رجلاً اشترى أرضا فوجد فيها دفين ذهبٍ فتبرأ منه المشتري وتبرأ منه البائع فتحاكما إِلى من قال لهما: يُنْكح مَن لَه الغُلام منكما ولَده ممن له الجارية وأنفقاه على أنفسِكُمَا وَتَصدّقا " (ص 1345). وهذا أيضاً على جهة الصُّلح والتسديد. وَأما الأول (¬16) فالمشهور من مذهبنا أن الأم لا تستلحِق ولو كانت منفردةً لا ينازعها أَحد فكيف بهذه التي نوزعت ولا يكون عندنا الولد لإحداهما إلا بينة. واختلف عندنا فيمن باع أرضا فوجد فيها مشتريها شيئاً مدفونا هل يكون ذلك للبائع أو للمشتري؟ فيه قولان. ¬

_ (¬15) في (أ) "اختيار". (¬16) في (ج) "وأما الأولى".

23 - اللقطة

23 - اللقطة (¬1) 786 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في اللقطة: "اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلاَّ فَشَأْنَكَ بِهَا، قَالَ: فَضَالَّةُ الغَنَمِ (¬2)؟ قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: لَكَ أوْ لَأخِيكَ أوْ لِلذِّئْبِ. قال: فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟ قَالَ -عليه السلام-: مَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ المَاءَ وَتَأْكُلُ الشجر حتَّى يَلقَاهَا رَبُّهَا". وَفي بعض طُرقة: "عَرَّفْهَا سَنَةً ثُمَّ اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا ثُمَّ اسْتِنْفِقْ بِهَا فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَذِّهَا إِلَيْهِ". وَفِي بعض طرقه: "ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ (¬3) فَاسْتَنْفقْهَا وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ فَإنْ جَاء طَالِبُهَا يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ فَأَدِّهَا إِلَيْهِ ". وفي بعض طرقه: "بَعْد التعريف أَنْ يَعْرِفَ عِفَاصَهَا وَعَدَدَهَا ووِكَاءَهَا فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ وإِلاَّ فَهْيَ لَكَ ". وفي بعض طرقه: "بَعْد التعريف أَنْ يَعْرِفَ العِفَاصَ وَالوِكَاءَ. قال: ثُمَّ كُلْهَا فإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ ". ¬

_ (¬1) هذا العنوان جاء بهامش (أ) خاصة ومثله ما ثبت في أصول مسلم. (¬2) في (ج) " فضلّت الغنم" وهو تحريف. (¬3) جاء في (أ) ضبط "لم تعرف" بالبناء للنائب.

وفي بعض طرقه "وَجَدْتُ سَوْطًا فَأَخَذْتُهُ فَقَالاَ لِي: دَعْهُ. فَقْلُتَ: لاَ وَلَكنِي أَعَرِّفُهُ، فَلَقِيتُ أُبَىّ بن كعب فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا جَرَى فَقَالَ: وَجَدْتُ صُرَّةً فِيهَا مَائِة دِينَارٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُ بِهَا النَّبِيَء - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: عَرِّفْهَا حَوْلاً قَال: فعَرّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا ثُمَّ أَتَيْتُهُ - صلى الله عليه وسلم - فَقَال: عَرِّفْهَا حَوْلاً. فَعَرّفْتُهَا فَلَمْ أجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، ثم أتيته - صلى الله عليه وسلم - فقال: عرِّفها حولا فعَرَّفتُهَا فلم أجد من يَعْرِفُهَا. فَقَالَ: احْفَظ عَدَدَهَا وَوِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا فَإنْ جَاءَهَا صَاحِبُهَا وَإلاَّ فَاسْتَمْتِعْ بِهَا". وفي بعض طرقه: "قَالَ شَعْبَةُ: فَسَمِعْتُهُ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ يَقُولُ: عَرَّفَهَا عَامًا وَاحِدًا" (ص 1346 إلى 1350). قال الشيخ- اختلف الناس في اللقطة هل يجوز أخذها ابتداء أو يكره؟. واختلف الناس أيضاً إذا جاء صاحبها فوصف العفاص والوكَاء على ما ذُكِر في الحديث هَلْ يجب إعطاؤها له وهو مَذهب مالك أو لا يحكم له بها إلا حتى يقيم بينة (وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي؟ (¬4). واختلف الناس أيضاً إذا عَرَّفها حَوْلاً هل يجوز له أكلها أم لا؟ فعندنا يَجُوزُ عَلى كراهية فيه، وعند أبي حنيفة إنما يجوز بشرط أن يكون فقيرا. واختلف الناس أيضاً إذا اكلها بعد الحول وجاء صاحبها هل عليه غرامتها له أم لا؟ فعندنا عليه الغرامة، وعند دَاوُدَ لا غرامة عليه. واختلف الناس أيضاً في الشاة إذا كانت بالفلاة فأكلها ملتقطها ثم جاء صاحبها: هل يغرمها له أم لا؟ فعندنا: لا غرامة عليه خلافا لأبي حنيفة والشافعي في إيجابهما الغرامة. واختلف المَذْهب أيضاً إذا أعطاها بالصفة: هل يحلف آخذها أم لا؟ فتضمن ما ذكرناه في كتاب مسلم الرَّدَّ على أبي حنيفة في اشتراطه الفقر ¬

_ (¬4) ما بين القوسين ساقط من (ب).

لأنه قال: "ثم كلْها" ولم يشترط الفقر، وحديث أبَيْ وقد كان غنيّا وقد أباح له الاستمتاع بها، وتضمن أن الشاة لا غراهة فيها ردًّا على المخالف لأنه قال: "هي لك" وظاهر هذا التمليك والمالك لا يغرم. وأيضاً فقد قال: "أو للذئب" فنبه - صلى الله عليه وسلم - على أنها كالتّالفَة على كل حال ومما لا ينفع صاحبها بقاؤها. وتضمن الرد على المخالف في اشتراطه البيّنة لأنه قال: "فعرف عفاصها وعددها ووكاءها فأعطها إياه" ولم يشترط البينة بل أمر بإعطائها. ولا معنى لقولهم: إنه يجوز له أن يعطيها إذا ظهر لَه صدق الواصف، وهو المراد بالحديث. وأما أن يحكم عليه فلا لأن قوله: "فأعطها" أمر وظاهره خلاف ما قالوا. وتضمن الرد على داود في قوله: لا يغرمها بعد الحول لقوله: "فإن لم يَجِيءَ صاحبها كانت وديعة عندك". وقوله: "فَاستنفقها ولتكن وديعة عندك فإن جاءَ طالبها يوما من الدهر فأدّهَا إليه". وتضمن ترجيح أحد القولين عندنا في نفي اليمين عن الواصف لأنه قال: "فأدّها إليه" ولم يشترط يمينا كما لم يشترط بيّنة. وها هنا سؤال يقال: إذا كانت الصفة إنما أُعِطْيَ بها الواصف لأنها دلالة على صدقه في غالب الظن وإن جاز أن يكون سَمِع الصفةَ من غيره كَما أن البينة دِلاَلَةٌ؛ وَإنْ جاز أن تكذب فهل تطلقون هذا الاستدلال وتحكمون به في كل مال؟ قلت: أمّا المال الذي في يد حائز يدعيه لنفسه ويحوزه زمانا فهذا لا سبيل إلى إخراجه من يده بالصفة لأن دلالة اليد أقوى من دلالة الصفة. وأما إذا كان لا يحوزه لنفسه فليس هناك دلالة تعارض دلالة الصفة فحُكِم بدلالة الصفة. فإن قيل: فإن سَرَق مالاً ونسي من سرقه منه أو أودعَ مالاً ونسي من أودعه إياه ثم أتى مَن وصفه: هل يُعطاه كاللّقطة أمْ لا؟ قلنا: أمَّا السرقة فالْتزَمَ ذلك فيها أصحابنا، ورأوا أن يعطاها مدعيها إذا وصفها.

وأما الوديعة فاضطرب أصحابنا فيها؛ فمنهم من أجراها مُجْرى اللّقطة والسرقة، ومنهم من فرَّق بينهما. والفرق عنده أن كل موضع تعذر فيه على المالك إِقامة البينة اكتُفِي فيه بالصفة ولا يمكن أن يسقط للإِنسان (¬5) ماله ببيّنة فاكتفي فيه بالصفة. وكذلك السرقة لأنه لا يُسرق له ماله ببيّنة فاكتفي أيضاً فيها بالصفة إذا جهل المالك. وأما الوديعة فيمكن مودِعَهَا أن يتَحرز بالإِشهاد ففارقت اللقطة والسرقة فصارت مسألة اللُّقطة أصلا في الرد بالصفة. فمن رأى أن العِلة كونُ المال لا يدعيه حائزه لنفسه أجرى الثلاث المسائل مُجْرًى واحدًا ومن أضاف إلى هذه العلة أن مالكه لا يمكنه الإِشهاد عليه أيضاً فارقت الوديعة اللُّقْطة والسرقة. وأما اليسير من اللقطة فلم يُجْرِه مالك مُجرَى الكثير (¬6) واستخف فيه التعريف ولايبلغ تعريفه سنة. وقد تقدم: "أنه - صلى الله عليه وسلم - مر بثمرة في الطريق فقال -عليه السلام-: لولا أني أخاف أتكون من الصدقة لأكلتها". وهذا تنبيه على أن اليسير الذي لا يرجع إليه أهله يُؤكل. وعند أبي داود عن جابر: "رخَّص لنا النبيء - صلى الله عليه وسلم - في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به. وقد حد بعض الناس القليل بنحو الدينار فيما أظن تعلقا بما خرّج أبو داود عن عليّ -رضي الله عنه-: "أنه دخل على فاطمة -رضي الله عنها- وحَسَنٌ وحسين -عليهما السلام- يبكيان فقال: ما يبكيكما؟ قالت: الجوع. فخرج علي -رضي الله عنه- فوجد دينارا في السوق فجاء إلى فاطمة -رضي الله عنها- فأخبرها. فقالت: اذهب إلى فلان اليهودي فخذ لنا دقيقا، فجاء اليهوديَّ فاشترى به دقيقا. فقال: اليهودي: أنت ختَن الذي يزعُم أنه رسول الله؟ فقال: نعم. فقال: فخذ دينارك ولك الدقيق، فخرج علي حتى جاء إلى ¬

_ (¬5) في (ج) "الإِنسان". (¬6) في (أ) "الكبير".

فاطمة فأخبرها. فقالت: اذهب إلى فلان الجزار فخذ لنا بدرهم لحما فذهب فرهن الدينار بدرهم لحما فجاء به، فعجنتْ ونصبت وخبزت وأرسلت إلى أبيها - صلى الله عليه وسلم - فجاءهم فقالت: يَا رسول الله أذكر لك فإِن رأيته حلالاً أكلناه وَأَكْلَتَ معنا مِنْ شأنه كذا وكذا فقال - صلى الله عليه وسلم -: كلوا باسم الله، فأكلوا منه، فبينما هم مكانهم إذا غلام ينشد الله والإِسلام الدينار فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدُعِي له فقال: سقط مني في السوق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا علي اذهب إلى الجزّار فقل له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لك: أرسِل بالدينار ودرهمك عليّ، فأرسل به فدفعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه"، فوجْهُ تعلقهم من الحديث أن عليا -رضي الله عنه- لم يُعَرِّفْه. وقد ذكرت للنبيء - صلى الله عليه وسلم - فقال: "كلوا باسم الله" ولم يوبخهم -عليه السلام- على ترك التعريف. وقد اختلف المذهب عندنا في الدينار هل يُعطَى لمدّعيه أنه سقط له؟ فقيل: لا يعطاه حتى يصف شِقًّا فيه أو علامة. وقد وقع في هذا الحديث أنه لم يطلب منه الصفة، ويمكن أن يكون اختصرها الراوي عند من قال: لا يرد الدينار إلّا بعلامَة. والعِفاص هو الوعاء الذي تكون فيه النفقة جلدا كان أو غيره، وكذلك يسمّى الجلد الذي (¬7) يلبّس رأس القارورة العفاص لأنه كالوعاء لها، فأما الجلد الذي يُدخل في فم القارورة فهو الصِّمام بكسر الصاد. والوكاء هو الخيط الذي يُشَدّ به الوعاء، يقال: منه أوكيته إيكاء. وتقول: عفصته عفصا، إذا شددت العِفَاصَ، فإن جعلت العفاص قلت: أعفصته إعفاصا. وحذاء الإِبل أخفافها لأنها بها تقوى (¬8) على السير وقطع البلاد. ¬

_ (¬7) "الذي" ساقط من (ب). (¬8) في (أ) "لأن بها تقوى".

وقوله "سقاؤها" يعني أنها تقوى على ورود المياه لتشرب والغنم لا تقوى على ذلك. 787 - وقوله "نَهَى عن لُقْطة الحاجّ" (ص 1351). قال الشيخ: قد تقدم الكلام على قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا تحل لقطتها إلا لمنشد"، وأن الشافعي تعلق بظاهر هذا ورأى أن لقطة الحرم بخلاف غيره. 788 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من آوى ضالّة فهو ضال ما لم (¬9) يعرفها" (ص 1351). قال الشيخ: إذا أخذ الضالة وأخفاها فقد أضرّ بصاحبها وكان سببا في تضليله عنها فإذا عرَّفها أَمِن من ذلك. 789 - قوله في الحديث "فيُنْتَثَلَ طَعَامُه" (ص 1352). النثل: نثر الشيء (¬10) بمرّة واحدة. يقال: نثل ما في كنانته إذا صبّها. 790 - قوله في الضيف: "ولا يحل لأحدكم أن يقيم عند أخيه حتى يؤثّمه". وفسّر النبيء - صلى الله عليه وسلم - هذا بأن يقيم عنده ولا شيء له يقْرِبهِ به (ص 1353). قال الشيخ: إنما يطلق التحريم في الإِقامة فوق الثلاثة على أنه ألجا صاحبَ القِرَى إلى فعل ما لا يحل من طلب القِرَى من غير حِلّه أو انطلاق لسانه عليه بما لا يحل لتثقيله. فهذا قد يقال فيه: إنه لا يحل إذا علم ¬

_ (¬9) في (ب) "إن لم". (¬10) في (ب) "نشر الشيء".

أنه يُوقِعُه فيما لا يحلّ من إطعامه الأموال المحرّمة أو يكون كالمكره له على إطعامه ولا يقدِر على التخلص منه. 791 - قول "عُقْبَةَ بن عامر قلنا: يا رسول الله إنك تبعثنا فننزِل بقوم فلا يقْرُوننا فما ترى؟ فقال لَنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا فإن لم يفعلوا (¬11) فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم" وفي بعض الروايات "لكم" (ص 1353). قال الشيخ: أشار الشيخ أبو الحسن رحمه الله إلى أن المراد بقوله "فخذوا منهم حق الضيف" العتبُ واللوم والذمّ عند الناس. ويحتمل عندي أن يُحمل على ضيافة واجبة فإنه إذا أبوا من بذلها أُخذت منهم إذا قدِر على ذلك. وأما الشيخ أبو الحسن فإني رأيته قال على هذا الحديث حق الضيف ما ذكرناه عنه. ولعله أراد حمله على ما يعُمّ لأن ما قلناه نحن يخص ولكنه مع خصوصيته أرجح من جهة أن العتب واللوم والذم عند الناس ربما كان الشرع يندب إلى تركه لا إلى فعله. وإذا تعين على قوم مواساة آخرين فإنه لا يكره لهم إذا اضطروا وخافوا على أنفسهم الأخذ من طعامهم. 729 - قوله: "فأَمَرَنا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَجَمَعْنَا مِنْ أَزْوَادِنَا فَبَسَطْنَا لَهُ نِطَعًا فَاجْتَمَعَ زَادُ الْقَوْمِ فتَطَاوَلَتُ لَأخْزُرَهُ فَحَزَزْتُه كَرَبْضَةِ العَنْزِ وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً فَأكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا ثُمَّ حَشَوْنَا جُرُبَنَا فَقَال نبيءُ الله - صلى الله عليه وسلم -: هَلْ مِنْ وَضُوء؟ فَجَاءَ رَجُلُ بِإِداوةِ فِيها نُطْفَةٌ فَأَفْرَغها فِي قَدَحٍ فَتَوَضَّأْنَا كُلُّنَا نُدَغْفِقُهُ (¬12) دَغْفَقَةَ أَرْبَعَ عَشْرة مِائَةً" (ص 1354). قال الشيخ -وفقه الله-: هذا أحد معجزاته - صلى الله عليه وسلم - تكثير الماء وتكثير الطعام والباري سبحانه قادر على خرق العادات فيمكن أن يكون كلما أُكل ¬

_ (¬11) في (أ) "فإن لم تفعلوا". (¬12) جاء في (أ) "نُدَغْفِقُهُ" بالنون والياء "يدعفقه" معا وكلاهما صحيح.

منه جزء خلق الباري جلّت قدرته جزءا آخر يخلفه، وكذلك في الماء. ومعجزات النبيء - صلى الله عليه وسلم - ضروب. فأما القرآن فمنقول تواترا، وأما مثل هذه المعجزة ذلك فيها طريقان: أحدهما: أن تقول تواترت على المعنى كتواتر جود حاتم وحلم الأحنف فإنه لا تنقل قصة بعينها في ذلك تواترا ولكن تكاثرت القصص من جهة الآحاد حتى صار محصولها التواتر بالكرم والحلم، وكذلك تواترت معجزات سوى القرآن حتى ثبت انخراق العادة له - صلى الله عليه وسلم - بغير القرآن. والطريقة الثانية: أن تقول فإن الصاحب إذا روى مثل هذا الأمر العجيب وأحال على حضوره فيه مع سائر الصحابة وهم يسمعون روايته ودعواه حضورهم معه، ولا ينكرون ذلك عليه فإن ذلك تصديق له يوجب العلم بصحة ما قال. وقوله "كَرَبضة العنز". فيشبه أن يريد كمبرك العنز. وقد وقع في بعض الأحاديث: "أنه بعث - صلى الله عليه وسلم - إلى قومه وقال -عليه السلام-: إذا أتيتهم فاربض في دارهم ظبْيًا". قال ابن الأعرابي: أراد أقم في دارهم آمنا كأنَّكَ ظبي في كناسه قد آمن من حيث لا يرى إنسيا (¬13). قال غيره: وفيه وجه آخر أنه أمره أن يأتيهم كالمتوحش لأنه بين ظهراني الكفَرة فمتى رابه منهم ريب نَفَرَ عنْهم. وفي حديث آخر "فدعا بإناء يُربِضُ الرهط"، أي يُرويهم حتى ينامُوا ¬

_ (¬13) في (أ) و (ب) "أنيسا".

ويمتدّوا على الأرض. وأربضت الشمس اشتد حرها حتّى تربِض الوحش في كناسها، وفي الحديث "مثل المنافق مثل الشاة بين الربيضين" فالربيض الغنم نفسها، أراد إنّه مذبذب. ويُروى "بين الربضين"، ومعنى هذه الرواية بين مربضي غنمين. وفي حديث آخر لمّا ذكر أشراط الساعة "وأن تنطق الرُّوبيضة في أمر العامة" (قيل: "وما الروبيضة يا رسول الله؟ فقال: الرجل التافه ينطق في أمر العامة") (¬14). قال الأزهري: هي تصغير الرابضة كأنه جعل الرابضة راعيا لربيض، والهاء فية للمبالغة. وقيل: إنه قيل: للتافه من الناس رابضة ورُوَبْيِضَة لِرُبُوضه في بيته وقلة انبعاثه في معالي الأمور. يقال: رجل رَبَضَ عن الحاجات والأسفار لا ينهض فيها. وقوله: "فيها نطفة"، العرب تقول: للماء الكثير نطفة، وللماء القليل نطفة. ومنه الحديث: "حتى يسير الراكب بين النطفتين لا يخشى جَوْرا"، أراد بَحْر المشرق وبحر المغرب. والنَّطْفُ: القطر. يقال. نَطَف الشيء ينطِف بكسر الطاء وضمها أيضاً في المستقبل. وبفتحها في الماضي لا غير. ومنه الحديث "أن رجلاً أتاه فقال: يا رسول الله إني رأيت ظُلَّة تنطف سمنا وعسلا" أى تَقْطُرُ. وقوله "نُدَغْفِقُه دغْفَقَهً" الدغفقة: الصب الشديد، ويقال: فلان في نعيم دَغْفَقٍ، أي واسع. ¬

_ (¬14) ما بين القوسين ساقط من (أ).

الفهارس

الفهارس فهرس الآيات القرآنية فهرس الأحاديث النبوبة فهرس الأشعار فهرس الأعلام (الرجال) فهرس أعلام النساء فهرس الطوائف والقبائل والأمم فهرس البلدان والأماكن فهرس الكتب والمصادر الفهرس العام

فهرس الأحاديث مع تخريجها

فهرس الأحاديث مع تخريجها 1 - " حتى آل السُّلامى": 388 (¬1). من حديث خُزَيمة كما ذكره الهروي في كتاب الغريبين، النهاية (ج2، ص 396). 2 - "ما أعطيت من كسبه من غير أمره فإن نصف أجره له": 393. أخرجه مسلم في كتاب الزكاة 83. 3 - "من أنفق من ماله زوجين في سبيل الله ابتدرته حجبة الجنّة. قيل وما زوجان؟ قال: فرسان أو عبدان أو بعيران": 393. هناك حديث "من أنفق زوجين في سبيل الله نودى ... ". رواه البخاري ومسلم والترمذي. ورواه النسائي: باب الجهاد 45، الدارمي: الجهاد 13. 4 - "صدّقوا السائل ولو أتى على فرس": 397. ابن عدي عن أبي هريرة بلفظ "أعطوا السائل وإن جاء على فرس". كنز العمال: ج 3، ص 271. ¬

_ (¬1) الأرقام التي أثر الأحاديث تشير إلى الفقر.

5 - حديث ابن عمرو الأعرابي "شهدت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -": 425. 6 - قال - صلى الله عليه وسلم - عن القبلة للصائم: "أرأيت لو تمضمضت": 432. الدارمي، الصوم 21، أحمد 21، سنن أبي داود، باب القبلة للصائم: ج 2، ص 311. 7 - "لا تقدّموا الشّهر بيوم ولا يومين": 453. أبو داود: ج 2، ص 298، باب من قال: فإن غُمّ عليكم فصوموا ثلانين. 8 - في بعض الأحاديث: "في تاسعة تبقى وسابعة تبقى وخامسة تبقى": 456. صحيح البخاري: ج 3، ص 102، باب تحرّي ليلة القدر في الوتر مع العشر الأواخر. 9 - "ليخرجنّكم الروم كفرا كفرا": 488. جاء هذا الحديث في الفائق: ج 2، ص 420. 10 - وفي حديث: "أهل الكفور هم أهل القبور": 488. هذا حديث معاوية كما في الفائق: ج 2، ص 420. 11 - عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: "إذا نظر إلى عروش مكة قطع التلبية": 488. جاء هذا الحديث في كتاب الغريبين ومنه حديث ابن عمر أنه كان يقطع التلبية إذا نظر إلى عروش مكة: ج 2، ص 208، والفائق: ج 2، ص 138. 12 - حديث عائشة -رضي الله عنها-: "ما أتمّ الله حج امرىء ولا عمرته لم يطف بالبيت والمروة": 490. 13 - "فما مضت إلاّ توّة": 506. جاء في كتاب الغريبين وفي حديث الشعبي: "فما مضت إلا توة حتّى قام الأحنف من مجلسه". وهو ما نقله ابن الأثير في النهاية: ج 1، ص 201.

14 - في بعض الطرق في غير مسلم: "سعيت قبل أن أطوف": 508. سنن أبي داود ج 2، باب: فيمن قدم شيئا على شيء في حجّه. 15 - "من كسر أو عرج فقد حلّ": 511. جاء في الفتح الكبير بلفظ "من كسر أو عرج فقد حلّ". ورواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة والحاكم في المستدرك. 16 - "أرأيت إن كان على أبيك دين":521. مسلم كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت. 17 - وفي بعض طرق حديث هذه الفقرة في غير مسلم: "أن الصبّي كان صغيرا": 522. وهو من حديث جابر بن عبد الله. 18 - "إذا وقعت في آل حميم وقعت في روضات": 525، جاء في الفائق، ومنه حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-: "فإذا وقعت في آل حم فكأني وقعت في روضات دَمِثَات" ج 1، ص 292. 19 - " لو رأيت الظباء ترتع بالمدينة ما ذعرتُها":542. مسند أحمد بن حنبل: ج 2، ص 279. 20 - "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طلب الحسن فقال: أثمّ لكع" أثم لكع": 545. مسلم: ج 4، ص 1882، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل الحسن والحسين والبخاري، البيوع 49. 21 - "لا رهبانية في الإسلام ولا تبتّل": 562. مسند أحمد: ج 6، ص 226. وجاء في كتاب الغريبين: "لا رهبانية في الإسلام". بنقل ابن الأثير: ج 2، ص 280. 22 - "لا تزهدنّ في جفاء الحقو": 568.

وجاء في كتاب لابن أبي موسى ومن الفرع حديث عمر قال للنساء: "لا تزهدنّ في جفاء الحقو" من نهاية ابن الأثير: ج 1، ص 417. 23 - حديث فاطمة بنت قيس: 573. الحديث في مسلم: "فإنها ذكرت للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن معاوية وأبا جهم خطباني" مسلم كتاب الطلاق، باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها. 24 - حديث: "لا نكاح إلا بوليّ ": 576. رواه أحمد، انظر الفتح الكبير: ج 3، ص 349، الترمذي في سننه: ج 3، ص 407. 25 - "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فإن اشتجروا فالسلطان ولى من لا وليّ له": 576. أحمد وأبو داود والترمذي. انظر الفتح الكبير: ج 1، ص 495، سنن أبي داود، كتاب النكاح، باب في الوليّ: ج 2، ص 229، الترمذي: ج 3، ص 407. 26 - حديث المرأة: "إذا تزوجت بغير إذن وليّها فإن أصابها فلها مهرها": 576. وعند الترمذي "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليّها فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر" ج 3، ص 407. 27 - حديث: "من كان يؤمن باللة واليوم الآخر لا يسق ماءَه ولد غيره": 595. الترمذي: ج 3، ص 437 باب ما جاء في الرجل يشتري الجارية وهي حامل. 28 - حديث "نهي وأد البنات": 597. مسلم: ج 3، ص 1341، كتاب الأقضية، باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة وهو الباب الخامس. 29 - "لا يحرّم من الرضاعة إلاّ ما فتق الأمعاء والندى وكان قبل الفطام": 605. الترمذي عن أمّ سلمة، الفتح الكبير: ج 3، ص 355.

30 - " اللهم أبْدِلْهُ بالعهر العفّة ": 609. الحديث في الغريبين للهروي بنقل ابن الأثير في النهاية: ج 3، ص 326. 31 - "ورونق الجلال يطّرد في أسّرة جبينه": 611. 32 - "من كان له امرأتان يميل لاحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة شقه مائل": 612. أخرجه الترمذي بلفظ "إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط" ج 3، ص 447، كتاب النكاح، باب ما جاء في التسوية بين الضرائر. 33 - "كان - صلى الله عليه وسلم - يقسم بين نسائه فيعدل ويقول: اللهم قسمتي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك": 612. الترمذي: ج 3، ص 446، كتاب النكاح، باب ما جاء في التسوية بين الضرائر. 34 - "كرم الرجل دينه وحسبه خلقه": 613. جاء في فتح الكبير ج 2، ص 317 بلفظ "كرم المرء دينه ومروءته عقله وحسبه خلقه"، أخرجه أحمد والحاكم والبيهقي في شعب الإِيمان. 35 - قوله - صلى الله عليه وسلم - لوفد هوازن "اختاروا إمّا المال وإمّا السبي. قالوا: أمّا إذ خيّرنا بين المال والحسب فإنا نختار الحسب واختاروا أبناءهم ونساءهم": 613. البخاري أحكام 62 خمس 15 مغازي 54. وأخرج حديث التخيير أبو داود ج 3، ص 62 في كتاب الجهاد، باب فداء الأمير بالمال. وجاء في أبي داود بلفظ "فقالوا نختار سبينا" وأما ما ههنا فجاء في الفائق ج 1، ص 259. وفي النهاية ج 1، ص 382. 36 - حديث سماك "ما حسّبوا ضيفهم ": 613. جاء في النهاية ج 1، ص 382. 37 - حديث طلحة: "هذا ما اشترى طلحة من فلان قتادة بكذا درهما وبالحسب والطيب": 613. النهاية ج 1، ص 302 نقلا عن الغريبين للهروي.

38 - "أيّ المؤمنين أكيس": 615. سنن ابن ماجه ج 2، ص 1422، كتاب الزهد، باب ذكر الموت والاستعداد له. 39 - حديث أبي داود عن أبي الصهباء: "كان الرجل إذا طلق امرأته قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة": 622. سنن أبي داود ج 2، ص 261 كتاب الطلاق، نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث. 40 - حديث "فليأخذ سبع تمرات من عجوة المدينة فليجأهن": 626. أبو داود ج 4، ص 7 كتاب الطب، باب في تمرة العجوة. 41 - حديث "الأنصار كرسي وعيبتي": 627. مسلم ج 4، ص 1949 كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل الأنصار. البخاري عن أنس وهو حديث متفق عليه. انظر زاد المسلم ج 1، ص 97. 42 - حديث أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لبعض من وجهه ساعيا فرجع بمال: "هلا قعد في حِفشِ بيت أمّه ينتظر هل يهدى إليه أم لا": 628. أخرج هذا الحديث ابن الأثير عن أبي حميد الساعدي قال: "استعمل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ابن اللتيبية رجلا من الأزد على الصدقة فجاء بالمال فدفعه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال هذا لكم وهذه هدية أهديت إليّ " الحديث أخرجه ابن منده وأبو نعيم وذكره عنهما ابن الأثير في أسد الغابة ج 5، ص 329. 43 - حديث جابر أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أعتق عبدا له فيه شركاء وله وفاء فهو حرّ ويضمن نصيب شركائه بقيمته لما أساء من مشاركتهم وليس على العبد شيء": 652. غير موجود في البخاري وأبى داود وابن ماجه. 44 - حديث معاذ: "أجاز بين أهل اليمن الشرك": 562. ذكره ابن الأثير في النهاية نقلا عن الغريبين للهروي ج 2، ص 467. 45 - "من أحدث في ديننا ما ليس منه فهو ردّ": 653.

متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب اصطلحوا على صلح الجور فالصلح مردود. ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة وردّ محدثات الأمور. وانظر زاد المسلم ج 3، ص 201. 46 - خرّج الترمذي والنسائي وأبو داود عن سمرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ملك ذا رحم مَحْرَمٍ فهو حرّ": 655. وعند الترمذي ذات محرم. أبو داود ج 4، ص 26 كتاب العتق، باب فيمن ملك ذا رحم محرم. الترمذي ج 3، ص 646 كتاب الأحكام، باب ما جاء فيمن ملك ذا رحم محرم. 47 - "إن الذي حرّم شربها حرم بيعها": 656. مسلم ج 3، ص 1205 كتاب المساقاة، باب تحريم بيع الخمر. 48 - "الحديث الآخر الذي لعن فيه اليهود لما حرّم عليهم الشحم فباعوه وأكلوا ثمنه" 656. أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب تقليم الأظفار. انظر زاد المسلم ج 1، ص 179، وتكرّر في مسلم. 49 - "أرأيت إن منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه": 657. الموطأ ج 2، ص 618، كتاب البيوع، باب النهي عن بيع الثمار حتّى يبدو صلاحها. 50 - حديث "الخراج بالضمان": 658. الترمذي ج 3، ص 581 كتاب البيوع، باب ما جاء فيمن يشتري العبد فيستغله ثم يجد به عيبا. ابن ماجه ج 2، ص 753 كتاب التجارات، باب الخراج بالضّمان. 51 - وعنه - صلى الله عليه وسلم -: "من ابتاع محفَّلة فهو فيها بالخيار ثلاثة أيام فإن ردّها رّد معها مثل أو مثلي لبنها قمحا": 658. ابن ماجه ج 2، ص 753 كتاب التجارات، باب بيع المصرّاة.

52 - "قضى - صلى الله عليه وسلم - في الجنين بالغرة ولم يفصل بين الذكر والأنثى": 658. جاء هذا من الإمام المازري إشارة إلى الحديث الشهير الذي رواه أبو هريرة في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتا بغرّة عبيد أو أمة. وأخرج له مسلم روايات أخرى، مسلم ج 3، ص 1309. وكذا أخرجه غيره مثل الترمذي ج 4، ص 23 كتاب الديات، باب ما جاء في دية الجنين. 53 - " نهى عن ربح ما لم يُضمَن": 659. بلفظ "لا يحلّ بيع ما ليس عندك وربح ما لم يُضمن" أخرجه ابن ماجه ج 2، ص 737، كتاب التجارات، باب النهي عن بيع ما ليس عندك وعن ربح ما لم يُضمن. 54 - وقع في الترمذي والنسائي وأبي داود قوله: "البيّعان بالخيار ما لم يفترقا إلاَّ أن تكون صفقة خيار ولا يحلّ له أن يفارق صاحبه": 662. الترمذي ج 3، ص 550، كتاب البيوت، باب ما جاء في البيّعين بالخيار ما لم يتفّرقا. 55 - "ما تصنعون بمحاقلكم ": 665. مسلم ج 3، ص 1182 كتاب البيوع، باب كراء الأرض بالطعام. 56 - وقع في كتاب غير مسلم عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه: " أنه - صلى الله عليه وسلم - رخص في بيع العرايا بالتّمر والرّطب" بالواو بخلاف ما رواه مسلم بحرف "أو بالتمر أو بالرّطب": 665. سنن أبي داود ج 3، ص 251 كتاب البيوع، باب في بيع العرايا. وما في البخاري مثل ما في مسلم بأو لا بالواو. 57 - "من أعتق عبدا وله مال فماله له إلاّ أن يشترطه السيّد": 666. أبو داود ج 4، ص 28 كتاب العتق، باب من أعتق عبدا وله مال. ابن ماجه ج 2، ص 845 كتاب العتق، باب من أعتق عبدا وله مالٌ. 58 - حديث: "أيّما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً فوجد متاعه بعينه فهو أحق به فإن مات المشترى فصاحب المتاع اسوة الغرماء": 676.

أخرجه مالك في الموطأ ج 2، ص 678 كتاب البيوع، باب ما جاء في إفلاس الغريم. 59 - وفي الترمذي حديث "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استُؤذن في إجارة الحجام فنهاه عنها فلم يزل يستأذنه حتّى قال له: اعلفه ناضحك، وأطعمه رقيقك": 681. أبو داود ج 3، ص 266 كتاب البيوت، باب في كسب الحجّام. الترمذي ج 3، ص 575 كتاب البيوع، باب ما جاء في كسب الحجّام. 60 - حديث: "إباحة الانتفاع بالسمن الذائب إذا وقعت فيه الفأرة": 683. 61 - حديث بلال: "لمّا باع الصّاع بالصاعين فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوّه عين الرّبا ": 684. من حديث أبي سعيد في مسلم ج 3، ص 1215 كتاب المساقاة، باب بيع الطعام مثلا بمثل. 62 - "فمن زاد أو استزاد فقد أربى": 684. جاء في صحيح مُسلم "فمن زاد أو ازداد" ج 3، ص 1210 كتاب المساقاة، باب الصّرف وبيع الذهب بالورق نقدا. 63 - روى البخاري "لا ربا إلا في النّسيئة": 684. البخاري ج 3، ص 155 كتاب البيوع، باب منع الدينار بالدينار نَسَاء. 64 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تفعلوا، ولكن مثلا بمثلٍ وبيعوا هذا واشتروا من ثمنه من هذا وكذلك الميزان": 684. مسلم ج 3، ص 1215 كتاب المساقاة، باب بيع الطعام مثلا بمثلٍ. 65 - "الطعام بالطعام مثلا بمثل": 684. مسلم ج 3، ص 1214 كتاب المساقاة، باب بيع الطعام مثلا بمثل. 66 - "إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم ": 684.

إشارة إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا اختلف الأصناف فبيعوا كيف شئتم". مسلم ج 3، ص 1211 كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا. 67 - "إنّما أمرتكم بذلك حتّى يحصل الذهب بالذهب سواء بسواء": 688. 68 - ذكر الترمذي: "بيعوا البّر بالشعير": 691. الترمذي ج 3، ص 541 كتاب البيوع، باب ما جاء أن الحنطة بالحنطة مثلا بمثل كراهية التفاضل فيه. 69 - "نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثنيا": 692. جاء نهيه - صلى الله عليه وسلم - في حديث جابر ج 3، ص 1173 كتاب البيوع، باب النهي عن المحاقلة والمزابنة وعن المخابرة وبيع الثمرة قبل بدو صلاحها وعن بيع المنداومة وهو بيع السنين. الترمذي ج 3، ص 585 كتاب البيوع، باب ما جاء في النهي عن الثنيا. 70 - "نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع وشرط": 692. رواه الطبراني في المعجم الأوسط وهذا الحديث من رواية أبي حنيفة من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع وشرط. ورواه الحاكم في كتاب علوم الحديث. وذكره عبد الحق في أحكامه وسكت عنه قال ابن القطّان: علته ضعف أبي حنيفة في الحديث. نصب الراية ج 4، ص 17. 71 - "حديث بريرة": 692. البخاري ج 3، ص 302 كتب المكاتب، باب ما يجوز من شروط المكاتب ومن اشترط شرطا ليس في كتابه الله. مسلم ج 2، ص 1141 كتاب العتق، باب إنما الولاء لمن أعتق. 72 - "أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يُعطَى بعيرا في بعيرين إلى أجلٍ": 695. احتج بهذا الحديث بعض أصحاب الشافعي. وأخرجه البخاري تعليقا ج 3، ص 170 كتاب البيوع، باب بيع العبيد والحيوان بالحيوان نسيئة.

73 - في غير كتاب مسلم "الشفعة في كل ما لم يُقسم فإذا ارفقت الحدود وصرفتْ الطرق فلا منفعة": 699. الموطأ ج 2، ص 713 كتاب الشفعة، باب ما تقع فيه الشفعة. البخاري ج 3، ص 280 كتاب الشركة، باب الشركة في الأرضين وغيرها وإنما عوض فإذا ارفقت الحدود فإذا وقعت الحدود. وكذلك في كتاب الشفعة وفي الموطأ وفي أبي داود ج 3، ص 285. 74 - "الجار أحق بصقبه": 699. أبو داود ج 3، ص 286. 75 - خرّج الترمذي وأبو داود قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "جار الدار أحق بدار الجار الأرض":609. أبو داود ج 3، ص 286 كتاب البيوع، باب في الشفعة. الترمذي ج 3، ص 650 كتاب الأحكام، باب في الشفعة. 76 - خرّج أبو داود والترمذي قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الجار أحق بشفعته ينتظر به وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدًا": 699. أبو داود ج 3، ص 286 كتاب البيوع، باب الشفعة. الترمذي ج 3، ص 651. 77 - خرّج الترمذي: "الشريك شفيع والشفعة في كل شيء": 699. الترمذي ج 3، ص 654 كتاب الأحكام، باب ما جاء أنّ الشريك شفيع. 78 - "لا يتوارث أهل ملتين": 705. أبو داود ج 3، ص 125 كتاب الفرائض، باب هل يرث المسلم الكافِرَ. 79 - " الإِسلام يعلو ولا يُعلى عليه": 705. حديث عائذ بن عمر: "الإِسلام يعلو ولا يُعلى" الدارقطني في السنن والفتح الكبير ج 1، ص 507.

80 - في حديث معاذ قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الأسلام يزيد ولا ينقص":705. أبو داود ج 3، ص 126 كتاب الفرائض، باب هل يرث المسلم الكافِرَ. 81 - حديث "النهي عن الرجوع في الصدقة": 708. الموطأ ج 1، ص 282 كتاب الزكاة، باب اشتراء الصدقة والعود فيها. مسلم ج 3، ص 1240 كتاب الهبات، باب كراهية شراء الإِنسان ما تصدّق به ممّن تصدق عليه. 82 - "إن لهم عليك من الحقّ أن تعدل بينهم كما أن لك عليهم من الحق أن يبّروك": 709. سنن أبي داود ج 3، ص 292 كتاب البيوع، باب في الرجل يفضّل بعض ولده في النُّحْلِ. 83 - "كان - صلى الله عليه وسلم - لما سحر يخيّل إليه أنه عمل الشيء وما عمله": 718. البخاري ج 7، ص249 كتاب الطبّ، باب السّحر. مسلم ج 4، ص 1719 كتاب السلام، باب السّحر. 84 - "من عمل عملا أشرك فيه غيري فهو له ": 720. أحمد بن حنبل ج 2، ص 301، ج 2، ص 435.

فهرس الشعر

فهرس الشّعر (*) 1 - أنشد الخليل: 376. [الوافر] إذا نزل الشتاء بأرضِ قَوْمٍ ... تجنّب جَارَ بيتهم الشتاء البيت للحطيئة أنشده في التاج على أن الشتاء بمعنى القحط (ج 10، ص 193). وهذا البيت من قصيدة الحطيئة يمدح بها بغيضا ومطلعها: ألا أبلغ بني عوف بن كَعْبٍ ... وهل قومٍ على خَلْقٍ سواء ديوان الحطيئة بشرح أبي الحسن السكّري (ص25). والحطيئة: هو جرول بن أوس ويكنّى أبا مليكة، جاهلى إسلامي. الشعر والشعراء (ج 1، ص 280). 2 - قول الشاعر:379. [الرجز] .................................... الأفْعَوانِ والشّجَاعُ الشجْعَمَا أنشده في التّاج في ما استدركه على القاموس في مادة الشّجعم وصدر هذا العجز: قد سَالَمَ الحَيّات منه القَدَمَا .................................... التاج (ج8، ص 356). 3 - قال النابغة: 384. [الطويل] كِلينِي لِهَمٍّ يَا أُمَيمَةَ ناصِبِ .................. ¬

_ (*) الرقم يشير إلى الفقرة المروي فيها البيت.

هذا الصدر هو من مطلع قصيدة له وهو: كليني لِهَمٍّ يا أمَيمَة ناصِب ... وليل أقاسِيهِ بطَيِّ الكَواكِبِ يمدح بها عامر بن الحارث الأصغر. ديوان النابغة (ص 11) ط. بيروت. هو زياد بن معاوية ويكنّى أبا أُمَامَه ويُقال: أبا أُئَامة. الشعر والشعراء (ج 1، ص 108). 4 - قال زهير: 421. [الوافر] لِمَنْ طَلَلٌ بِرَامَةَ لاَ يَرِيمُ ... عَفَا وخَلاَ لَهُ حُقُبٌ قَدِيمُ وهذا البيت مطلع قصيدة له يمدح بها هرمًا وهي في ديوانه بشرح يوسف بن سليمان المعروف بالأعلم (ص 78). والقصيدة في مختار الشعر الجاهلي (ج 1، ص 274). وزهير هو زهير بن أبي سُلْمَى بن رِيَاح المُزَني وكان جاهليّا لم يدرك الإِسلام. وهو من أصحاب المُعَلّقات. الشعر والشعراء (ج 1، ص 86). 5 - قال زُهير: 442. [الطويل] كأنّ فُتاة العِهن في كل منزل ... نزلنَ به حبُّ الفَنَا لم يُحطِّم هذا البيت عن قصيدته التي هي عن المعلقات ومطلعها: أمِنْ أُمِّ أوْفَي دِمْنَةٌ لَمْ تَكَلَّمِ ... بحَوْمَانَةِ الدَّرَاج فالمُتَثَلَّمِ والقصيدة في ديوانه مَشْرُوحة بشرح الأعلم الشنتمري وفي مختار الشعر الجاهلي (ج 1، ص 227). 6 - قال الشاعر: 450. [الرجز] .................................. كَمَا تَهادَى الفَتَيات الزَّورُ في القاموس والتّاج. والزَّور: الزائرون، اسم للجمع، وقيل: جمع زائر، رجُلٌ زوزٌ وامرأة زَوزٌ ونساء زور، ويكون للواحد والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحدٍ: حُبَّ بِالزَّوْرِ الذي لا يُرَى ... مِنْهُ صَفْحَةُ عن لِمَام وقال في نسوةٍ: ومشيُهُنّ بِالكَثيبِ مَوْر ... كما تَهَادَى الفتيات الزّورُ

7 - قال الشّاعر: 450. [الرجز] التمرُ والسّمْنُ جميعًا والأقطِ ... الحيسُ إلاَّ أنَّهُ لم يختلِط جاء في التّاج: "قال الراجز: التمرّ ... البيتُ ... ". قال شيخنا: هذا البيت مشهور تنشده الفقهاء أو المحدثون. ومفهومه أن هذه الأجزاء إذا خلطت لا تكون حيسًا وهو ضدّ المراد، وقد استشكله الطيبي أيضاً في شرح الشّفاء، وأبقاه على حاله والظاهر أنه يريد إذا حضرت هذه الأشياء الثلانة فهي حيس بالقوّة لوجود مادّته وإن لم يحصل خلط فيما عناه. وقد أشار إليه شيخنا الزرقاني في شرح المواهب وإن لم يحرره تحريرا شافيًا وعرضتُه كثيرا على شيوخنا فلم يظهر فيه شيء حتّى فتح الله بما تقدم. اهـ. التّاج (ج 4، ص 135). 8 - قال الشاعر:461. [السريع] يَذْهَبُ بِي في الشِّعْرِ كُلَّ فَنَّ ... حتّى يَرُدَّ عَنِّيَ التَّظَنِّي استشهد به المازري على أن أصل لَبَّيْكَ لَبَّيَكَ فآستثقلوا الجمع بين ثلاث بَاآتٍ فأبدلوا من الثالثة يَاءً كما قالوا من الظنّ: تظنّيتُ، ومنه: حتّى يردّ عني التظنّي. 9 - قال طفيل: 461. [الطويل] رَدَدْنَ حُصَينًا مِنْ عَدِيٍّ ورهْطِهِ ... وتيمٍ تلبّي بالعَرُوجِ وتَحلُبُ أنشده في التاج شاهدًا على أن لبّيك من لبّ بالمكان وألبّ إذا أقام به ... قال: ومنه قول طفيل: رَدَدْنَا حُصَينًا ... البيت (التاج ج 1، ص 464). وطفيل هو طفيل بن كعب الغَنَوي وكان من أوْصَفِ الناس للخيل من شعراء الجاهلية. الشعر والشعراء (ج 1، ص 422). 10 - وقال آخر: 461. [الوافر] مَحَلُّ الهَجْرِ أنت به مقيمُ ... مُلَبٍّ مَا تزُول ولاَ تَريمُ ذكره المازري على أنَّ لب وألَبَّ بالمَكَانِ بِمعنَى أقَامَ.

11 - ومنه قول ابن أبي ربيعة: 490. [الطويل] ولمَّا قَضَينَا مِنْ مُنَّى كُلَّ حَاجَةِ ........... ومَسَّحَ بالأركَانِ مَنْ هُوَ مَاسِحُ البيت لعمر بن أبي ربيعة، هكذا جاء في المعلم. وهو عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المَخزُومِي، ويُكنَّى أبا الخطَّاب، وكان مشهورا بالتهتّك والتعرّض للنساء. وخُتِم له بالشّهادة إذ غَزَا في البحر فأحرقت سفينته (-93). الشعر والشعراء (ج 2، ص 535). وفتّشت عنه في ديوانه فلم أجده ثم بعد ذلك وقفت في معجم شواهد العربيّة لعبد السلام هارون أنّه ليزيد بن الطثريّة، وجاء هذا البيت في أمالي القالي في الذيل (ص 166). وجاء بعد هذا البيت قوله: أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ........... وسالت بأعناق المطيّ الأبَاطِحُ 12 - قال الرِياشي: 506. رأيت أحمد بن أبي المعذّل في يوم شديد الحرِّ فقُلتُ: يا أبَا الفضل هَلاّ استظلَلْت فإن ذلك توسعة للاختلاف فيه فأنشد: [الطويل] ضَحيتُ له كيِ أستظل بظلِّهِ ... إذ الظلّ أضْحَى في القِيامَةِ قَالِصًا فيا أسَفِي إن كَان سَعيُكَ باطِلاً ... ويا حَسْرَتي إن كان حَجُّكَ ناقِصًا الرياشي هو أبو الفضل العبّاس بن الفرج الرياشي البصري. روَى عنه المبرد في الكَامِل من اللّغة والرواية (-257). البغية (ج 2، ص 27). 13 - وينشد للحطيئة: 525. [الطويل] ألاَ حَبَّذَا هند وأرضٌ بِهَا هندُ ... وهندٌ أتَى مِنْ دونِهَا النّأيُ والبُعْدُ البيت من قصيدة للحطيئة مطلعها: ألا طرقتنا بعد ما هجعت هند ... وقد سرن خمسًا واتلأبّ بنا نجدُ ديوانه بشرح السكري (19). 14 - وقال آخر: 525. [البسيط] يُبْكِيكَ نَاءٍ بعيدُ الدّارِ مُغترِبٌ .......... يا للكُهولِ وللشبّان للعَجَبِ

قال عبد القادر البغدادي: هذا البيت لم ينسبه أحدٌ إلى قائِلِهِ. الخزانة للبغدادي (ج 1، ص 296). 15 - قال الشاعر:531. [السّريع] يهِلُّ بالفَدْفَدِ رُكْبَانها ... كما يُهِلُّ الرَّاكِب المعتمِر استشهد به المازري على أن معنى اعتمر البيت: زاره. 16 - قال الشاعر: 531. [الرجز] لقد سما ابن معمر حين اعتمر ... مغزى بعيدا من بعيد وصَبَرْ البيت للعجاج الراجز. وتقدت ترجمته في (ج 1، ص 520) وأنشده في التّاج (ج 1، ص 422). 17 - قال الشاعر: 532. [الكامل] قتلوا ابن عفّان الخليفة مُحْرِمًا ... وَدَعَا فلَمْ يُرَ مِثلُه مخذُولاً البيت للرّاعي أنشده الجوهري في صحاحه (ج 5، ص 1897) وعنه نقله في التاج (ج 8، ص 239). وورد العجز فيهما هكذا: .................................... ودَعَا فلَمْ أرَ مثلُه مَخْذولا وروى عوض مخذولا مقتولاَ. 18 - ومنه قول زهير: 542. [الكامل] ولأْنتَ أشجَعُ من أُسَامَةَ إذْ ... دُعيتَ نَزَالِ ولجَّ في الذُّعْرِ البيت أنشده سيبويه في الكتاب على ما جاء اسما للفعل وصار بمنزلته وجاء صدر البيت هكذا: ولنِعْمَ حَشْوَ الدِّرع أنت إذا .................................... سيبويه (ج 2، ص 37). وأمّا المازري فاستشهد به على أنّ الذعر بمعنى الفزع. وأشار الشنتمري في شرح شواهد سيبويه أن هذا البيت من قصيدة مدح بها زهير هرم بن سنان المرّي (ج 2، ص 37) وهو في ديوانه (ص 89). ومطلع القصيدة:

لِمَن الديار بُقنّةِ الحَجْرِ ... أقْوَيْنَ مِنْ حِجَجٍ ومِنْ شَهْرِ وهي في مختار الشّعر الجاهلي (ج 1،ص 263). 19 - قال الحطيئة: 545. [الوافر] أطوفُ ما أُطوّفُ ثَم آوِي ... إلى بيتٍ قعيدته لَكَاعِ ذكر هذا البيت المبرد في الكامل في باب (هذا باب فُعَل). وجاء الصدر في الكامل هكذا: أجول ما أجوِّلُ ثمَّ آوي .................................... (ج 3، ص 302). وجاء في ديوانه أنّه يهجو به امرأته. وشرحه السكري بأنّه من شواهد النحو. والشاهد فيه مجيء فعال في سب غير منادى، وذلك قليل. الديوان (ص 120). 20 - وأنشد غيره أي ابن القُوطيّة لقيس بن ذريح: 567. [الطويل] تَلوحُ مغانيها بحجر كأنّها ... رِدَاء يَمانٍ قدْ أمَجَّ عَتِيقُ وقيس بن ذريح هو من بني كنانة من بني ليث وهو أحد عشاق العرب المشهورين بذلك، وصاحبته لبنى. وذريح (بفتح الذّال). الشعر والشعراء (ج 2، ص 610). 21 - قال الشاعر: 373. [الطّويل] فألقت عصاها واستقرّ بها النَّوَى ... كَمَا قَرَّ عَيْنًا بالإِيابِ المُسَافِرُ البيت أنشده الجوهري في الصّحاح ذاكرا أنّ قولهم ألقى عصاه أي أقام وترك الأسفار. وكذلك أنشده في التاج وفي كليهما جاء الصّدر هكذا: فألقت عصاها واستقرت بها النّوى .................................... ولم يُنسب لقائله فيهما. وقبل هذا البيت: وحَدَّثهَا الرُّوّاد أن ليس بينها ... وبين قُرى نجْرَانَ والشّام كَافِرُ والكافِرُ: المطر. الصّحاح (ج 6، ص 2428). التاج (ج 10، ص 244). 22 - قول الشّاعر: 573.

تركتُ أهْلَ الصِّبَي وشَأنَهُمُ ... فلم تَعُدْ لِيَ العَصَا وَلَمْ أعُدِ أنشده المازري على أن العصا بمعنى الأدب. 23 - وأنشد ثعلب: 578. [الطويل] وقُولا لها يا حَبَّذَا أنْتِ هَلْ بَدَا ... لَهَا أوْ اُرَادت بَعْدَنَا أن تأيَّمَا هذا البيت لم أجده في الفصيح، ولعله في بعض كتبه الأخرى، وهي كثيرة ولم أقف عليها. 24 - قول الشاعر:578. [الطويل] لقد إمْتُ حَتَّى لاَمَنِي كُلُّ صَاحِبٍ ... رَجَاء لسَلمَى أن تَؤُومَ كَمَا إِمْتُ في التاج أنشد بن جزي، أي في تعليقه على الصّحاح المسمّى الإِيضاح في حاشيته الصّحاح. وجاء العجز في التّاج بتغيير خفيف هكذا: .................................... رَجَاءً بِسلمى أن تئِيمُ كَمَا إِمْتُ التاج (ج 8، ص 195). 25 - قول ابن الأكوع: 603. [مجزوء الرجز] .................................... فاليومُ يومُ الرُّضَّعِ ابن الأكوع هو سلمه بن عمرو بن الأكوعِ رضي الله عنه كان من الشّجعان ويسبقُ الفَرَسَ عَدْوًا وبايع النبيء - صلى الله عليه وسلم - عند الشجرة على الموت وكانت وفاته سنة أربع وسبعين على الصحيح وكان يُكنّى بأبي إياس وصدر هذا العجز: خذها انا ابن الأكوع ... واليومُ يومُ الرّضّع كما في النهاية عن الهروي (ج 2، ص 230). 26 - قال طرفة بني العبد: 616. [الرّمل] ثمَّ لا يَخْزُن فينا لَحْمُهَا ... إنّما يُخْزَنُ لحْمَ المُدَّخِرْ ويُرْوَي: إنَّمَا يَخْزُنُ لَحْمَ المدَّخِرْ هذا البيت من قصيدة لطرفة مطلعها: أصَحَوت اليومَ أمْ سَاقَتْكَ هِرْ ... ومِنَ الحبِّ جنونٌ مُسْتَعِرْ

وهر اسم امرأة. وهذه القصيدة تبلغ ستّة وسبعين بيتًا. مختار الشعر الجاهلي (ج 1، ص 330). وتقدت ترجمة طرفة (ج 1، ص 540). وأوسع ترجمة له في (أشعار الشعراء الستّة الجاهليين) لمحمد عبد المنعم الخفاجي (ج 2، ص 5). 27 - قَال ابن أبي ربيعة: 618. [الطّويل] فَكَان مِجَنِّي دُونَ مَا كنت أتّقي ... ثلاثُ شُخوصٍ كاعِبَانِ ومَعصر هذا من قصيدته التي مطلعها: أمِنْ آل نعْمٍ أنت غاد فمبكِرُ ... غداة غدٍ رائِحٌ فمُهَجِّرُ وهي من طوال قصائده حيثُ تبلغ خمسة وسبعين بيتًا. (الديوان، ص 92). وتقدّمت ترجمته 28 - قول الشاعر: 618. [الطّويل] أتهجر بيتا بالحجاز تلفّعت ... به الخَوْفُ والأعْدَاءُ أم أنتَ زائِرُه لم أقف على قائله ولا تخريجه، وذكره المازري شاهدًا على تأنيث الفعل وهو تلفَّعَت والفاعل الخوف لأنه أراد المَخافَة. 29 - قال آخر: 618. [الطّويل] غفرنا وكاتت من سجيتنا الغَفرُ .................... البيت في دلائل البلاغة (ص 330). 30 - قال النابغة: 636. [البسيط] إلّا سليمان إذ قال الإِله له ... قُمْ في البرية فاحْدُدها عن الفند هذا البيت من قصيدة للنابغة الذبياني يمدح بها النعمان ويعتذر له ومطلعها: يا دارميّة بالعلياء فالسند ..... أقوت وطال عليها سالف الأمد ديوانه (ص 42). وتقدمت ترجمته هنا. 31 - قال الشاعر: 648.

[المتقارب] فإن كُنتَ سيدنا سُدتنا ... وإن كُنت للخَالِ فاذهب فَخَلْ استشهد به المازري على أنّ السيد بمعنى الرئيس. 32 - أنشد ابن قتيبة: 648. [مجزوء الرمل] قتلنا سيّد الخزرج سَعْدَ بْنَ عُبادَهْ وأنشد هذا البيت ابن عبد البر في الاستيعاب بدون خرم كما هُنا، ونصّه: نحن قتلنا سيّد الخَزْ ... رَجِ سعْد بن عبادَه رَمَيناهُ بِسَهْمَيْنِ ... فلم نخط فُؤاده ذاكر أن سعدًا وجدَ في مغتسله ميّتا، ولم يشعُرُوا بموته حتّى سمعوا قائلا يقول، ولا يرَون أحدًا، وأنشد البيتين ثمّ قال: ويقال إن الجنَّ قَتَلتْه روى ابن جريج عن عطاء أنّه قال: سمِعتُ أنَّ الجنَّ قالت في سعد بن عبادة ... فذكر البيتين. الاستيعاب (ج 2، ص 40). وهو سعد بن عبادة بن دُلَيم بن حارثة الخزرجي الأنصاري الساعدي يُكنّى أبا ثابت. وكانت راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح بيد سعد، ومات سعد لسنتين ونصف من خلافة عمر. وابن قتيبة تقدمت ترجمته (ج 1، ص 233). 33 - قال أوس بن حجر:653. [الطويل] فَأشْرَطَ فِيها نَفْسَهُ وَهْوَ مُعْصِمٌ ... وَألْقَى بأسْبَاب لَهُ وتوكَّلاَ أنشد هذا البيت في التاج شاهد على أنّ معنى أشرط فلان نفسه لكذا من الأمر، أي أعلمها له وأعدها، ومن دلك أشْرَطَ الشّجاع نفسه أعلمها للموت. قال أوس بن حجر، وأنشد البيتين (ج 5، ص 167). وأوس بن حجر: هو أوس بن حجر بن عتاب وكان فحلَ مُضر حتى نشأ النابغة وزُهير فأخمداه. الشعر والشعراء (ج 1، ص 154). وأظن هذا البيت من قصيدته الّتي يقول فيها: كَتُوم طلاع الكَفِّ لاَ دُونَ ملْئِهَا ... ولاَ عَجْسُهَا عن موضع الكَفِّ أفْضَلاَ وقد ذكر منها ابن قتيبة أبياتا في الشعر والشعراء (ج 1، ص 156). 34 - قال الشاعر: 667. [الطويل] إذا ما جعلتَ الشّاةَ للنَّاسِ خُبْرَةً ... فشأنَكَ إنِّي ذَاهِبٌ لِشُؤُونِي

قال في القاموس وشرحه: والخبيرة الشاة تُشترى بين جماعة فتذبح ثمّ يقتسمونها فيسهمون كل واحد على قدر ما نقد كالخُبرة بالضمٌ، والفعل منها تَخَبَّروا خُبْرة فعلوا ذلك أي اشتروا شاة فذبحوها واقتسموها. التاج (ج 3، ص 167). 35 - قالت امرأة تمدح زوجها: 681. [الرجز] لا يأخذ الحلوان من بناتِيَا جاء هذا الشطر في الصّحاح. والحلوان أيضاً أن يأخذ الرجل من مهر ابنته لنفسه وكانت العرب تعيّر به قالت امرأة: لا يأخذ الحلوان من بناتيا. الصحاح (ج 6، ص 2318). وجاء في التّاج هذا الشطر مثل ما في المعلم: من بناتيا، بخلافه حيث جاء: من بناتنا. التّاج (ج 10، ص 96). 36 - أنشد ابن الأنباري للبيد: 683. [الرمل] أوْ نَهَتْهُ فأتَاهُ رِزقُهُ ... فاشْتَوَى ليلَةَ ريحٍ واجْتَمَل البيت في التّاج (ج 7، ص 264) وقبله: وغلام أرسلته أمُّهُ ... بألُوكٍ فَبَذَلْنَا مَا سألْ وهو من قصيدة للبيد مطلعها: إن تقوَى ربَّنَا خيرُ نفَلْ ... وبِإذنِ الله ريثِي وعَجَلْ وهو (17) من أبيات القصيدة. مختار الشعر الجاهلي (ج 2، ص 502). ولبيد تقدمت ترجمته (ج 1، ص 517). 37 - قال الراجز أنشده يعقوب: 683. [الرجز] يَهمُّ فِيهِ القَوْمُ هَمَّ الحَمَّ جاء في القاموس وشرحه: والحمة واحدة الحَمَّ لما أذبت إهالته من الألية إذا لم يبقَ فيه ودك، قال الأصمعي: وما أذبت من الشّحم فهو الصهارة والجميل وقال غيره: الحَمُّ ما اصطهرت إهالته من الألية، والشحم قال الراجز: يهمّ فيه القوم هَمَّ الحَمَّ التاج (ج 8، ص 260).

38 - قال الأعشى: 699. [الطويل] أجارتنَا بِينِي فإنَّكِ طالِقَهْ .................... هذا الشطر من طالع قطعة خاطب بها امرأته الهزَانيّة حين طلّقها وهو: أجارتنا بيني فإنّك طالِقَهْ ... كَذَاكَ أمُورُ النّاسِ غَادٍ وطَارِقَهْ ديوان الأعشى (ص 263) وهي القطعة (41). 39 - قال الشاعر: 699. [السريع] .................................... لا أمَمٌ دَارُها ولا صَقبُ هو لقيس الرقيّات جاء في القاموس وشرحه. والصقب بالتحريك القريب ... والقرب والصقب أيضاً: البعد ضدٌّ. وأنشد ابن الأنباري لابن الرقيّات: كوفيّة نازِحٌ مَحَلَّتُهَا ... لاَ أمَمٌ دَارُهَا ولا صَقَبُ وقيس الرقيات هو عبيد الله بن قيس أحد بني عَامِر بن لؤى. وإنّما سمْي الرقيات لأنّه كان يُشيّبُ بثلاث نسوة يقال لهنّ جميعاً: رقيّة. وكان متصلاً بمصعب بن الزبير. الشعر والشعراء (ج 1، ص 523). الرّوض الأنف (ج 1، ص 50). 40 - قول الشاعر: 721. [الكامِل] الشّاتِمَيْ عِرْضِي ولم أشتِمهما ... والنّاذِرَينِ إذَا لَمْ ألقَهُمَا دَمِي البيت من قصيدة لعنترة بن شداد مطلعها: هل غَادَرَ الشّعَرَاء من مُتَردَّمِ ... أم هَلْ عَرَفْتَ الدَّار بعدَ نوهُّمِ وهي في مختار الشعر الجاهلي (ج 1، ص 369). وهي معلقته المشهورة وهي أجود شعره وهو عنترة بن عمرو بن شدّاد العبسي وهو أحد أغربة العرب أي سودانهم. الشّعر والشعراء (ج 1، ص 204). 41 - قول جميل: 721. [الطّويل] فَلَيْتَ رِجَالاً فيكَ قَدْ نَذَرُوا ... وهَمُّوا بقَتْلِي يا أُمَيْمَ لَقَوْنِي جاء الصدر كما أثبِتَ، وفيه نقصٌ وصوابه: فليت رجَالاً فيك قَدْ نذَروا دمِي وجاء هذا البيت في ديوانه:

فليتَ رجالا قد نذروا دَمِي ... وهَمُّوا بِقَتْلِى يا بُثينَ لقوني وهو من قصيدة مطلعها: حَلَفْتُ بِرَبّ الراقِصَاتِ إلى منى ... هَوَيَّ القطا يَجتَزْنَ بَطْنَ دَفِينِ وهو جميل بن معمر بن عبد الله العذري، ويُكنّى أبا عَمْرو، وهْوَ أحد عُشّاق العرب وصاحبته بثينة وهما جميعاً من بني عُذْرَة والجمال في عذرة والعشق كثير. الشعر والشعراء (ج 1، ص 400). 42 - قال الأعشى: 733. [المتقارب] فَلَنْ يَطلبُوا سِرَّهَا لِلْغنَى ... ولَنْ يُسلِمُوها لإِزهَادِهَا البيت من قصيدة للأعشى الكبير بمدح سلامة ذائش الحِمْيَرِي. ومطلع القصيدة: أجِدْك لم تَغْتَمِضْ ليلَة ... فَتَرْقُدَهَا مَعَ رُقَّادِهَا الديوان (ص 69) القطعة الثامنة. وتقدّمت ترجمته هنا. 43 - قال أبو ذؤيب: 744. [الكامل] والعين بَعْدَهُمُ كأن حِدَاقَهَا ... سُمِلَتْ بِشَوْكٍ فهي عُورٌ تَدْمَعُ البيت من قصيدة لأبي ذؤيب الهُذلِى يرثي بها أبناءه الأربعة الذين مَاتُوا بالطاعونِ. ومطلع القصيدة: أمِنَ المَنُون وريبها تَتَوجَّعُ ... والدّهر ليسَ بمعتب من يجرع ديوان الهذليّين (القسم الأوّل ص 1). وتقدمت ترجمة أبي ذؤيب في (ج 1، ص 533). 44 - قال الشاعر: 764. [الكامل] ولقَدْ شَفى نَفْسِي وأبْرَأ دَاءَها ... أخْذُ الرِّجَالِ بِحَلْقِهِ حَتّى سَكَتْ استشهد به في المعلم على أنّ سكت بمعنى مَاتَ، ولم أقف عليه في غيره.

فهرس الأعلام (الرجال)

فهرس الأعلام (الرجال) (*) - الهمزة - ابن آدم: 400، 449، 681، 720، 748. المراد به الإنسان. أبان بن عثمان: 572، 703. جاء في الفقرة 103 ولعله أبان بن عثمان المتقدم. وهو أبو سعيد أبان بن عثمان بن عفان الأموي المدني رضي الله عنه، عن آبيه رضي الله عنه، وزيد بن ثابت. أخرج له مسلم والأربعة والبخاري في الأدب (-105). الجمع (ج 1، ص 42)، الخلاصة (ص 1). أبان العطار: 633. أبو يزيد أبان بن يزيد العطار البصري أحد الأثبات توفي بعد الستين ومائة. الجمع (ج 1، ص 42)، الخلاصة (ص 15). إبراهيم (عليه السلام): 464، 520، 749. تقدم (ج 1، ص 522). إبراهيم عن الأسود عن عائشة: 513. هو أبو عمران بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي الفقيه يرسل كثيرا. أخرج له الستة (-96) أو (-95). الجمع (ج 1، ص 18)، الخلاصة (ص 23). إبراهيم بن دينار: 654. أبو إسحاق إبراهيم بن دينار التمار البغدادي من شيوخ مسلم (-232). الجمع (ج 1، ص 21)، الخلاصه (ص17). ¬

_ (*) الرقم (أو الأرقام) الموالي للأسم يشير إلي الفقرة (أو الفقرات) الوارد فيها الأسم.

إبراهيم بن عبد الله بن سعيد: 560. هو إبراهيم بن عبد الله بن معبد في (أوب) ابن سعيد بن العباس عن ابن عباس رضي الله عنهما. الجمع (ج 1، ص 22)، الخلاصة (ص 19). الأبهري: 610. تقدم (ج 1، ص 522). أبَيّ بن كعب: 786. تقدم في (ج 1، ص 523). أحمد أو أحمد بن حنبل: 431، 443، 503، 634. تقدم (ج 1، ص 523). أحمد بن سعيد بن إبراهيم: 672. الأشقر أبو عبد الحافظ من شيوخ البخاري ومسلم والترمذي والنسائي (-246). الجمع (ج 1، ص 6)، الخلاصة (ص 6). أحمد بن صالح: 610. أبو جعفر الطبري المصري أحد شيوخ البخاري وأبي داود. كان يقوّم كل لحن في الحديث (-248). الجمع (ج1، ص 10)، الخلاصة (ص 7). أحمد بن أبي المعذل: 506. أبو الفضل أحمد بن المعذل بن غيلان البصري. من أصحاب عبد الملك بن الماجشون. مالكي المذهب ويقرض الشعر. المدارك (ج 4، ص 5). أحمد بن يحيي: 562، 590. ن: ثعلبا. أحمد بن يوسف الأزدي: 674. أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزدي السلمي النيسابوري الحافظ. روى عنه مسلم في غير موضع (-264). الجمع (ج 1، ص 15)، الخلاصة (ص 4). الأحمر: 461. علي بن الحسن المعروف بالأحمر. شيخ العربية اشتهر بالتقدم في النحو والحفظ (-194). وذكر السيوطي في البغية: حيث أطلق في جمع الجوامع فهو. البغية (ج 1، ص 158). الأحنف: 792. أبو يحيى الأحنف بن قيس بن معاوية السعدي المنقري التميمي سيد تميم أحد الدهاة الفصحاء الشجعان مضرب المثل في الحلم. ابن خلكان (ج 2، ص 599). الأعلام (ج 1، ص 262). أبو الاحوص: 654. مولى بني ليث عن أبي ذر. وعنه الزهري صحَّح حديثه الترمذي. الخلاصة (ص 442). أرسطا طاليس: 690. من أشهر فلاسفة اليونان الأقدمين. من تلاميذ أفلاطون، وصاحب فلسفة خاصة،

ويلقب بالمعلم الأول (-322 ق. م) ويسميه المحدثون أرسطو. دائرة المعارف لوجدى (ج 1، ص 164) ط 2. أبو الأزهر: 672. أحمد بن الأزهر بن منيع النيسابوري الحافظ، عنه النسائي وابن ماجه وغيرهما (-261). الخلاصة (ص 3). الأزهري: 373، 403، 404، 464، 543، 585، 639، 667، 792. محمد بن أحمد بن الازهر الأزهري أبو منصور. كان رأسا في اللغة. وأخذ عنه الهروي صاحب الغريبين. له التهذيب في اللغة (ط) كان عارفا بالحديث (-370). البغية (ج 1، ص 19). أسأمة بن زيد: 506، 519، 576، 610، 634. أبو محمد، وأبو زيد أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي رضي الله عنه، حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له مائة وثمانية وعشرون حديثا (-54). الجمع (ج 1، ص 40)، أسد الغابة (ج 1، ص 84)، الخلاصة (ص 26). أبو أسامة: 439، 488، 510. حمّاد بن أسامة الهاشمي مولاهم الكوفي الحافظ (-201). الجمع (ج 1، ص 103)، الخلاصة (ص 91). إسحاق: 431، 443، 513، 703. لعله ابن منصور كما جاء فى بعض الفقر. تقدم (ج 1، ص 524). إسماعيل (القاضي): 558. تقدم (ج 1، ص 524). إسماعيل بن أمية: 572. ابن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي المكي. أحد العلماء والأشراف. أخرج له الستة (-144) وفي الجمع (-139). الجمع (ج 1، ص 24)، الخلاصة (ص 32). إسماعيل بن أبي أويس: 674. أبو عبد الله إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله ابن أبي أويس الأصبحي المدنبي ابن أخت مالك بن أنس وسع مالكا (-226). الجمع (ج 1، ص 25)،الخلاصة (ص 35). أخو إسماعيل بن أبي أويس: 674. أبو بكر عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله أويس المدني عن أبيه ومالك وغيرهما، وعنه أخوه إسماعيل. أخرج له الستة إلا ابن ماجَهْ (-202). الجمع (ج 1، ص 318)، الخلاصة (ص 222). إسماعيل بن إبراهيم: 572، 677، 696.

هكذا جاء هنا الفقرة (677) وهو إسماعيل بن إبراهيم ابن مقسم، يعرف بابن علية، واستفدت أنه ابن علية من ترجمة ابن أبي عروبة لأنه روى عنه هنا، ثم وقفت على الجمع فاستفدت أنه يروي عن ابن أبي عروبة، وذكره المازري في غير هذه الفقرة بابن علية. الجمع (ج 1، ص 23)، الخلاصة (ص 32). إسماعيل بن سالم: 696. سمع ابن علية. روى عنه مسلم، وهو إسماعيل بن سالم الصائغ البغدادي ثم المكي. الجمع (ج 1، ص 28)، الخلاصة (ص 34). إسماعيل بن علية بن إسماعيل بن إبراهيم الأسود: 513. تقدم (ج 1، ص 524). أشهب: 608، 622، 656). تقدم (ج 1، ص 524). الإصطخري: 679. تقدم (ج 1، ص 525). الأصمعي: 387، 392، 434، 538، 540، 611. أبو سعيد عبد الملك بن قُريب البصري اللغوي أحد أئمة اللغة صاحب المصنفات العديدة. وكان من أهل السنة (-216). ابن خلكان (ج 3، ص 170)، البغية (ج 2، ص 112). ابن الأعرابي: 373، 615، 638، 664، 667، 792. أبو عبد الله محمد بن زياد الأعرابي ويعرف بابن الأعرابي. كان نحويا عالماً باللغة والشعر (-230). ابن خلكان (ج 4، ص 306)، البغية (ج 1، ص 105). الأعشى: 699، 733. مراده بالأعشى ميمون بن قيس أبو بصير، وكان جاهليا قديما أدرك الإِسلام، ولم يسلم ويسمى صناجة العرب. قال أبو عبيدة: الأعشى هو رابع الشعراء المتقدمين. الشعر والشعراء (ج 1، ص 212). الأعمش: 654. تقدم (ج 1، ص 525). أفلح أخو أبي القعيس: 600. هو أفلح بن قيس أبو الجعد عم عائشة رضي الله عنها من الرضاعة عداده في بني سليم أو الأشعريين. الإصابة (ج 1، ص 57). ابن الأكوع: 603. شاعر وهو القائل: فاليوم يوم الرضع أمية بن بسطام: 565. العبسي هكذا جاء هنا والذي ذكره سائر الحفاظ العيشي، وقال القاضي عياش العائشي وهو أبو بكر البصري، وممن أخذ عنه البخاري ومسلم (-231).

الجمع (ج 1، ص 46)، الخلاصة (ص 40). ابن الأنباري: 461، 518، 627، 648، 657، 683. أبو محمد وقد تقدم في (ج 1، ص 227). أنس (رضي الله عنه): 492. تقدم (ج 1، ص 525). أنَيْس الأسلمي: 760. جاء في حديث هذه الفقرة "واغد يا أنيس لرجل من أسلم على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها" قال ابن السّكن: لست أدري مَن أنيس المذكور، وجزم ابن عبد البر بأنه أنيس بن الضحاك الأسلمي، وقال ابن حجر: وفيه نظر. الاصابة (ج 1، ص 76 و 77). الأوزاعي:633. تقدم (ج 1، ص 526). ابن أبي أوفى: 716. أبو إبراهيم عبد الله بن أبي أوفى علقمة بن خالد الأسلمي. صحابي ابن صحابي روي له (95) حديثا توفي سنة (86)، وهو آخر من بقي بالكوفة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. الجمع (ج 1، ص 242)، أسد الغابة (ج 3، ص 131)، الخلاصة (ص 191). أوْس بن حَجَر: 653. هو أوس بن حجر بن عتّاب. كان أوس فحل مضِر حتى نشأ النابغة وزهير فأخملاه. وكان عاقلا في شعره. كثير الوصف لمكارم الأخلاق. الشعر والشعراء (ج 1، ص 154). أيوب: 668. أبو بكر أيوب بن أبي تميمة كيسان السَّختَياني العنزي البصري الفقيه. أحد الأئمة الأعلام، وقال شعبة: أيوب سيد الفقهاء. روى عنه مالك (-131). الجمع (ج 1، ص 34)، الخلاصة (ص 42). أيوب بن موسى: 572. أبو موسى أيوب بن موسى بن عمرو ابن سعيد الأموي الكوفي الفقيه جاء في الخلاصة أصيب مع داود بن علي (-133). الجمع (ج 1، ص 34)، الخلاصة (ص 44). - الباء - الباهلي: 617. يونس بن جبير أبو غلاب الباهلي البصري. عن ابن عمر. مات قبل أنس رضي الله عنه وأوصى أن يصلي عليه، وأنس مات سنة تسعين (90) أو بعدها. الجمع (ج 2، ص 583)، الخلاصة (ص 440). البتّي: 641، 659. أبو عمرو عثمان بن مسلم البتّي (بفتح الباء وكسر التاء المثناة) البصري، وهو

ممن جمع بين الفقه والرواية، أخرج له أصحاب السنن الأربعة (-143). اللّباب (ج 1، ص 96)، الخلاصة (ص 262). البخاري: 467، 526، 560، 581، 594، 599، 614، 632، 668، 674. تقدمت ترجمته (ج 1، ص 213). البراء: 707. تقدم (ج 1، ص 526). أبو بردة الأنصاري: 775. قال المازري يقال: اسم أبي بردة هذا هانىء بن نيار الحارثي، ويقال هو رجل آخر من الأنصار. والصحيح ما قاله المازري أولاً من أنه هانىء بن نيار لأن حديث عدم الجلد فوق عشر في غير حد هو من رواية هانىء بن نيار كما ذكره ابن الأثير في أسد الغابة. وهانىء بن نيار بن عمرو أبو بردة البلوي حليف الأنصار (-45) أو (-41). الجمع (ج 2، ص 555)، أسد الغابة (ج 5، ص 53 و 146)، الخلاصة (ص 443). ابن بسّام: 565. تقدم (ج 1، ص 526). بشير بن سعد: 709. ابن ثعلبة الأنصاري الخزرجي. البدري له حديث واحد. توفي (12) بعد انصرافه من اليمامة وهو والد النعمان بن بشير. أسد الغابة (ج 1، ص 195)، الخلاصة (ص 50). بشير بن نَهِيك: 677. أبو الشعثاء بشير بن نَهِيك (بكسر الهاء) السدوسي البصري عن أبي هريرة. الجمع (ج 1، ص 55)، الخلاصة (ص 50). بشير بن يسار: 739. بُشير (بالتصغير) الحارثي الأنصاري المدني الفقيه. سمع أنس بن مالك. الجمع (ج 1، ص 55)، الخلاصة (ص 51). بعضهم: 398، 426، 433، 439، 505، 526، 560، 565، 572، 596، 598، 599، 606، 607، 703، 704، 739، 775. هو أبو علي حسين بن محمد الغساني (-498). تقدم في (ج 1، ص 208) ضمن مصادر المعلم في السند. أبو بكر (رضي الله عنه) أو الصديق: 622، 707، 709، 728، 749. تقدم (ج 1، ص 526). أبو بكر: 372، 384، 573، 590. هو محمد بن القاسم الأنباري. تقدم (ج 1، ص 227). أبو بكر بن عبد الرحمن: 433. هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن

الحارث المخزومي أحد الفقهاء السبعة. اسمه محمد أو المغيرة (-94). الجمع (ج 2، ص 591)، الخلاصة (ص 444). ابن بُكير: 511، 606. تقدم (ج 1، ص 527). بلال: 506، 519، 684. تقدم (ج 1، ص 525). بلال بن جرير: 545. هو ولد جرير الشاعر المشهور، وهو شاعر قال ابن قتيبة: وكان أفضل من جرير. الشعر والشعراء (ج 1، ص 435). بَهْز: 668. أبو الأسود بَهْز بن أسد العمي (بالعين) البصري. وإليه المنتهى في التثبت. مات قبل المائتين. الجمع (ج 1، ص 62)، الخلاصة (ص 53). - التاء - الترمذي: 612، 655، 662، 681، 691، 699، 709، 721، 736. تقدم (ج 1، ص 214). - الثاء - الثعالبي: 376، 615. تقدم (ج 1، ص 227). ثعلب: 461، 562، 578، 590. أبو العباس أحمد بن يحيى الشيباني البغدادي الإِمام في النحو واللغة وشهرته بثعلب (-297). البغية (ج 1، ص 396). أبو ثور: 425، 570، 706. تقدم (ج 1، ص 558). الثوري: 504. تقدم (ج 1، ص 528). - الجيم - جابر، أو جابر بن عبد الله الأنصاري: 475، 479، 484، 501، 511، 515، 565، 591، 614، 615، 652، 667، 668، 669، 672، 681، 692، 707، 775، 786. تقدم (ج 1، ص 528) ابن جريج: 433، 560، 572، 676. تقدم (ج 1، ص 529). جرير: 687. ابن عبد الحميد المتقدم في (ج 1، ص 529). جعفر بن ربيعة: 674. تقدم (ج 1، ص 529). الجلودي أو أبو أحمد أو أبو أحمد محمد بن عيسى بن محمد: 426، 433، 439، 464، 488، 492، 510، 513، 526، 465، 607،

640، 672، 676، 677، 687، 696، 713، 775. من رواة مسلم. تقدم في (ج1، ص 161). أبو جهل: عمرو بن هشام المخزومي القرشي رأس الشرك قتل في بدر سنة (-2). الأعلام (ج 5، ص 261). ابن الجهم: 573، 625. له: الرد على الشافعي في قوله بصحة بيع النجس. أبو جهم: 573، 634. هو ابن حذيفة بن غانم القرشي العدوي من معمري قريش ومن مشيختهم. مات آخر خلافة معاوية. وتقدم في (ج 1، ص 530). الإصابة (ج 4، ص 35). - الحاء - حاتم: 792. هو حاتم بن عبد الله، وكان جوادا شاعرا، وهو أحد أجواد العرب الثلاثة حاتم، وكعب بن مامة، وهرم بن سنان. الشعر والشعراء (ج 1، ص 193). أبو حاتم: 596. سهل بن محمد بن عثمان أبو حاتم السجستاني. كان إماما في علوم اللغة والشعر. له إعراب القرآن (-250) وقيل في غيرها وهو من المعمرين. البغية (ج 1، ص 606). ابن أبي حاتم الرازي: 668. أبو محمد عبد الرحمن بن محمد أبي حاتم الرازي. حافظ الري وابن حافظها، صاحب التصانيف العديدة منها الجرح والتعديل، وهو كتاب يقضى له بالرتبة المنيفة (ط) (-327). تذكرة الحفاظ (ج 3، ص 829)، الرسالة المستطرفة (ص 72 و 147). الحاكم أبو عبد الله: 668. أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمَّد الضبي الأصبهاني المعروف بالحاكم النيسابوري، وكذلك يعرف بابن البيّع. إمام أهل الحديث في عصره (-405). الوفيات (ج 4، ص 280). أبو حامد في بعض كتبه: 576. من القريب أنه أبو حامد الغزالي (-505) ولعل في المازري: في بعض كتبه، يقصد الوجيز. حَبّان:604، 703. (بالفتح) وهو حبان بن هلال الباهلي أبو حبيب البصري. روى عن همام بن يحيى وشعبة (-216). الجمع (ج 1، ص 113)، (الخلاصة ص 70). ابن حبيب: 512، 558. أبو مروان عبد الملك بن حبيب بن سليمان السلمي كان حافظاً للفقه على

مذهب مالك، له الواضحة (-238)، الديباج (ج 2، ص 8). حجّاج: 433، 505. توفي سنة (-186) تقدم (ج 1، ص 530). الحجّاج بن أرطأة: 622. أبو أرطاة النخعي الكوفي قاضي البصرة. خرّج له الخمسة والبخاري في الأدب المفرد (-147). الجمع (ج 1، ص 100)، الخلاصة (ص 72). حجّاج بن الشاعر: 594. أبو محمد حجاج بن يوسف يعرف بابن الشاعر البغدادي الحافظ عند مسلم وأبو داود (- 259). الجمع (ج 1، ص 99)، الخلاصة (ص 73). ابن الحذاء: 426، 439، 607، 640. أبو عبد الله محمد بن يحيى القرطبي له عناية بالموطأ وله في شرحه تأليف في ثمانين جزءاً، وتقدم بعض ترجمته في (ج 1، ص 180). الديباج (ج 2، ص 237). حذيفة: 678. تقدم (ج 1، ص 530). الحربي: 373، 487. تقدم (ج 1، ص 530). الحسن: 540، 545، 593، 669، 706. هو الحسن البصري لأنه إذا أطلق لم ينصرف إلا إليه، وما جاء من الفقرة (445) يؤيد أنه الحسن البصري. وتقدمت ترجمته (ج 1، ص 530). وانظر الوفيات (ج 2، ص 71). الحسن (رضي الله عنه): 545، 786. تقدم (ج 1، ص 531). الحسن (من القراء): 639. إنما قلنا إنه من القراء لقول المازري قرأ الحسن، والأقرب أنه الحسن البصري لأنه من القراء كما أفاده في غاية النهاية (ج 1، ص 235). أبو الحسن: 791. هو علي بن محمد بن خلف المعافري القروي المعروف بابن القابسي أو القابسي. كان إماما في علم الحديث ومتونه وأسانيده مع المتقدم في الفقه. وله الكتاب الشهير الملخص وغيره من المؤلفات وهي كما قال القاضي عياض بديعة مفيدة. المدارك (ج 7، ص 92)، الوفيات (ج 3، ص 320). الحسن بن محمد: 565. تقدم (ج 1، ص 531). الحسين (رضي الله عنه): 786. تقدم في (ج 1، ص 531). حصين: 461. جاء في شعر الطفيل، وأظنه حصين ابن ضمضم بن عدي. قبائل العرب (ج 2، ص 764).

الحطيئة: 525، 545. جرول بن أوس من بني قُطَيْعَة بن عبس، وهو جاهلي إسلامي وكان هجاء. نحو (-45). الشعر والشعراء (ج 1، ص 280)، الأعلام (ج 2، ص 110). الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة: 513. هو الحكم بن عُتيبة الكندي أبو محمد، ثقة ثبت مات سنة (-113) وقيل بعدها. تهذيب التهذيب (ج 2، ص 433)، الخلاصة (ص 89). حماد بن زيد: 572، 668. تقدم (ج 1، ص 531). أبو حمزة: 525. من علماء اللغة. حميد بن عبد الرحمان: 529. هو حميد بن عبد الرحمان بن عوف أبو إبراهيم الزهري المدني، وهو الذي روى عنه ابن شهاب. أخرج له الستة (-95) وفي الجمع (-105) وهو ابن ثلاث وتسعين. الجمع (ج 1، ص 88)، الخلاصة (ص 94). حميد بن نافع: 640. وجاء في نسخة ابن الحذّاء حميد بن رافع والصواب حميد بن نافع الأنصاري المدني أبو أفلح، ويروي عن أبي أيوب وعبد الله بن عمر وزينب بنت أم سلمة. التهذيب (ج 3، ص 50)، الجمع (ج 1، ص 90)، الخلاصة (ص 95). ابن حنبل أو أحمد بن حنبل: تقدم (ج 1، ص 523). أبو حنيفة: 371، 372، 375، 377، 425، 444، 459، 460، 461، 468، 473، 474، 498، 507، 511، 517، 520، 524، 532، 535، 576، 581، 605، 608، 610، 612، 617، 618، 619، 634، 641، 652، 653، 655، 659، 664، 665، 666، 667، 669، 670، 675، 679، 680، 684، 688، 690، 692، 695، 699، 705، 706، 709، 725، 735، 737، 744، 747، 758، 774، 780، 786. تقدم في (ج 1، ص 532). حُويصة: 737. حويصة بن مسعود الأنصاري. شهد أُحُدًا والخندق وقد تكلم في قصة قتل عبد الله بن سهل بن قيس. الإِصابة (ج 1، ص 363). حويطب: 398. ابن عبد العزى ابن أبي قيس. أسلم زمن الفتح وشهد حنينا مات عن مائة وعشرين سنة (-54). الإِصابة (ج 1، ص 364)، الجمع

(ج 1، ص 114)، الخلاصة (ص 99). حيوة: 598. هو حيوة بن شريح التميمي التجيبي المصري أحد الأئمة كان مستجاب الدعوة (-158). تهذيب التهذيب (ج 3، ص 69)، الخلاصة (ص 96). - الخاء - خارجة بن زيد: 665. ابن ثابت الأنصاري، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة. أدرك عثمان (-100). تهذيب التهذيب (ج 3، ص 74)، الخلاصة (ص 99). خالد: 444، 704. هكذا ورد غير منسوب فيهما. وهو خالد بن مهران الحذاء. يروي عن أبي المليح كما جاء فى الفقرة (444) وأما في الفقرة (704) فإنه ذكر أنه خالد الحذاء (-141) وقيل (-142). الجمع (ج 1، ص 120)، التهذيب (ج 3، ص 120). خالد بن الوليد: 373، 410. ابن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشي أبو سليمان سيف الله، وعنه ابن عباس وجماعة، قاتل أهل الردة وتولى الفتح (-21). أسد الغابة (ج 2، ص 3). أبو خالد الأحمر: 678. تقدم (ج 1، ص 532). خالد بن عبد الله: 698. تقدم (ج 1، ص 532). خالد بن أبي زيد: 505. وهو خال محمد بن سلمة. وهو خالد ابن أبي زيد بن سماك (أو سمّاك) أبو عبد الرحمن (أو أبو عبد الرحيم) الأموي مولاهم (-144). الجمع (ج 1، ص 123)، الخلاصة (ص 104). ابن خالويه: 568. أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذاني النحوي له مؤلفات في العربية (-370). البغية (ج 1، ص 529). خزيمة: 388. تقدم (ج 1، ص 532). الخليل: 376، 461. أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو الفراهيدي البصري صاحب العربية والعروض، وهو صاحب كتاب العين على إحدى الروايات (-175) أو (-170). البغية (ج 1، ص 557)، الوفيات (ج 3، ص 244). أبو الخليل: 607. صالح بن أبي مريم الضبعي البصري. الجمع (ج 1، ص 222)، الخلاصة (ص 171). الخُوارزمي: 749.

الأقرب أنه محمد بن موسى الذي ذكره صاعد في طبقات الأمم (ص 16) وهو من المنجمين (-235). تاريخ الحكماء (ص 286)، معجم المؤلفين (ج 12، ص 83). ابن خَويْز منداد: 622، 655. محمد بن أحمد بن عبد الله المعروف بابن خُزَيْز مِنْداد أبو عبد الله. وله كتاب كبير في الخلاف، وأحكام القرآن وغيرهما. وجاء في المدارك أن عنده شواذ عن مالك. المدارك (ج 7، ص 77)، الديباج (ج 2، ص 229). - الدال - الدارقطني: 526، 560، 572، 578. أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد البغدادي الدارقطني الحافظ المشهور. وقد انفرد بالإمامة في علم الحديث (-385). الوفيات (ج 3، ص 297). داود: 371، 375، 532، 561، 576، 601، 602، 605، 665، 670، 679، 705، 707، 711، 716، 786. أبو سليمان داود بن علي بن خلف الأصبهاني الإِمام المشهور المعروف بالظاهري. وكان صاحب مذهب مستقل وتبعه جمع يعرفون بالظاهرية (-270) وتوفي ببغداد. الوفيات (ج 2، ص 255). داود (عليه السلام): 785. تقدم (ج 1، ص 533). أبو داود: 426، 572، 576، 581، 610، 612، 622، 655، 662، 675، 698، 699، 721، 722، 736، 752، 762، 768، 786. سليمان بن الأشعث الأزدي السّجستاني. أحد حفاظ الحديث وعلمه وعلله. صاحب كتاب السنن (-275). الوفيات (ج 2، ص 404). الداودي: 446، 511، 708. أبو جعفر أحمد بن نصر الأسدي كان بطرابلس، ثم انتقل إلى تلمسان وكان فقيهاً فاضلاً مؤلفاً مجيداً له النامي في شرح الموطأ (-402). الديباج (ج 1، ص 165)، المدارك (ج 6، ص 102). دحية: 585. دحية بن خليفة الكلبي الصحابي. وكان جبريل عليه السلام يأتي الرسول في صورته وهو الرسول إلى قيصر، شهد ما بعد بدر (-45). أسد الغابة (ج 2، ص 130)، الخلاصة (ص 112)، الأعلام (ج 3، ص 13). أبو الدرداء: 705. تقدم (ج 1، ص 533). ابن دريد: 378، 450، 587، 647.

محمد بن الحسن الأزدي اللغوي الإِمام. انتهت إليه بعد البصريين. له الجمهرة الكتاب المشهور (-321). البغية (ج 1، ص 76). الدمشقي: 672. تقدم في مصادر المعلم (ج 1، ص 219). الدولابي: 633. أبو بشر محمد بن أحمد بن حمّاد الدولابي، صاحب كتاب الأسماء والكنى وغيره (-310). الرسالة المستطرفة (ص 120). - الذال - ابن أبي ذئب: 526. تقدم (ج 1، ص 533). أبو ذؤيب: 744. تقدم (ج 1، ص 533). أبو ذرّ: 393، 411. تقدم (ج 1، ص 533). أبو ذرّ: 614. هو عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله الهروي المالكي شيخ الحرم. روى الصحيح عن ثلاثة من أصحاب الفربري، وأخذ عن أبي بكر الباقلاني (-434). شذرات الذهب (ج 3، ص 254). - الراء - الراجز: 683. الرازي: 513، 581، 610، 672، 775. من رواة مسلم تقدم في رواة مسلم (ج 1، ص 168). رافع بن خديج: 669. هو رافع بن خديج بن رافع الأوسي الصحابي شهد بدرًا وما بعدها كذا في الخلاصة. وفي أسد الغابة: أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - رده يوم بدر لأنه استصغره وأجازه يوم أُحُد (-74). أسد الغابة (ج 2، ص 151)، الخلاصة (ص 113). ابن راهويه: 652. إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المروزي أبو يعقوب. جمع بين الحديث والفقه، وهو من أصحاب الشافعي (-238). الوفيات (ج 1، ص 199)، الخلاصة (ص 27). ربعي بن حراش: 678. أبو مريم الكوفي مخضرم (-100) في خلافة عمر بن عبد العزيز. الجمع (ج 1، ص 140)، الخلاصة (ص 114). ربيعة: 421، 622. ابن الحارث بن عبد المطلب أبو أروة صحابي (-23) بالمدينة. أسد الغابة (ج 2، ص 166)، الخلاصة (ص 116). ابن أبي ربيعة: 490، 618.

عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي أبو الخطّاب. وكان شاعرا ماجنا (-93). الشعر والشعراء (ج 2، ص 535). رفاعة: 590. ابن سِمْوَال وهو الذي طلق امرأته ثلاثاً على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أسد الغابة (ج 2، ص 181). رُكانة: 622. ابن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب وهو من مَسلمة الفتح (-42) أول خلافة معاوية، وقيل: إنه توفي في خلافة عثمان. أسد الغابة (ج 2، ص 188)، الخلاصة (ص 119). ابن رمح: 560. محمد بن رمح بن المهاجر التُّجيبي أبو عبد الله المصري الحافظ وعنه أخذ مسلم (-242). الجمع (ج 1، ص 471)، الخلاصة (ص 336). روح بن عبادة: 672. ابن العلاء القيسي أبو محمد البصري الحفظ (-205). الجمع (ج 1، ص 137)، الخلاصة (ص 118). روح بن القاسم: 565. التميمي العنبري أبو غِياث البصري الحافظ. بعد (-150). الجمع (ج 1، ص 137)، الخلاصة (ص 118). الرّياشي: 506. العبّاس بن الفرج أبو الفضل الرّياشِي اللّغوي النحوي (-257). البغية (ج 2، ص 27). - الزاي - زائدة بن قدامة: 768. الثقفي أبو الصّلت الكوفي أحد الأعلام (-162). الجمع (ج 1، ص 155)، الخلاصة (ص 120). الزبيدي: 398. تقدم في (ج 1، ص 534). الزبير (رضي الله عنه): 394. أبو عبد الله الزبير بن العوام القرشي الأسدي حواريّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأحد العشرة المبشرين بالجنة وأحد الستّة أصحاب الشورى وابن عمّه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أوّل رجل سلّ سيفه في الإسلام (-36). أسد الغابة (ج 2، ص 196). الإِصابة (ج 1، ص 545). الزبير بن بكّار: 572. أبو عبد الله الزبير بن بكر بن بكّار القرشي له كتاب أنساب قريش (-256). الوفيات (ج 2، ص 311).

ابن الزبير: 484، 520. أبو حبيب عبد الله بن الزبير بن العوام، وأمه أسماء بنت أبى بكر الصديق ذات النطاقين. بويع له بمكة، وقتل (-73). الوفيات (ج 3، ص 71). أبو الزبير: 668، 672، 740. تقدم (ج 1، ص 543). الزبيري: 594. أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الزبيري الكوفي أخرج له الستّة (-203) وفي الجمع (-103) والصواب الأولى. الجمع (ج 2، ص 141)، الخلاصة (ص 344). زُفَر: 564، 605، 679. أبو الهذيل زُفر بن الهذيل العنبري الفقيه الحنفي كان من أصحاب الحديث والرأي (-158). الوفيات (ج 2، ص 317). زكرياء بن إسحاق: 672. زكرياء بن إسحاق المكي سمع عمرو ابن دينار وغيره. أخرج له الستّة. الجمع (ج 1، ص 150). (الخلاصة (ص 122). زمعة: 608. هو والد سودة قتل يوم بدر كافرًا. أسد الغابة (ج 3، ص 164). الزهري: 398، 457، 666، 705. تقدم في (ج 1، ص 534). زهير: 510. ما جاء فى سند المبيت بمكة زهير في رواية هو وهم إنما هو نمير. زهير بن حرب: 677. تقدم في (ج 1، ص 534). زهير بن أبي سلمى: 421، 422، 442، 542. وابن سلمى هو ربيعة بن رياح المُزَني حكيم الشعراء في الجاهلية (-13) قبل الهجرة. الشعر والشعراء (ج 1، ص 86 - 103). ابن زياد: 514. هكذا في كتاب مسلم من جميع الطرق. والمحفوظ أنه زياد بن أبي سفيان كما جاء في جميع الموطآت. وهو زياد بن أبيه استلحقه سيدنا معاوية بأبيه، أحد دُهَاة العرب (-53). الأعلام (ج 3، ص 89). زيد بن الأرقم: 468. ابن زيد الأنصاري الخزرجي أبو عمر شهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 17 غزوة (-68). أسد الغابة (ج 2، ص 219). زيد بن أبي أنَيْسة: 505، 668. أبو أسامة الجزري عن الحكم وغيره وعنه مالك (-125). الجمع (ج 1، ص 145)، الخلاصة (ص 127). زيد أو زيد بن ثابت: 665، 706، 707. تقدم (ج 1، ص 535).

زيد بن حارثة: 610، 705. ابن شراحيل بن كعب أبو أسامة وهو مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحِبُّه استشهد في مؤتة من أرض الشام (-8). أسد الغابة (ج 2، ص 224). زيد بن الخطّاب: 632. ابن نفيل أخو عمر لأبيه قتل في وقعة اليمامة (-12). أسد الغاية (ج 2، ص 228). - السين - السائب: 398. ابن يزيد بن سعيد الكِنْدِي يُعرف بابن أُختِ نَمِر صحابي ابن صحابي (-86) أو (-91) هو آخر من مات بالمدينة من الصحابة رضي الله عنهم. أسد الغابة (ج 2، ص 257)، الخلاصة (ص 132). سالم:605. مولى أبي حذيفة بن عبيد بن ربيعة كان من فضلاء الصحابة يُعدّ في القراء (-12) يوم اليمامة. أسد الغابة (ج 2، ص 245). سالم بن عبد الله: 665. تقدّم (ج 1، ص 535). السِّجزي: 672. تقدم في رواة مسلم (ج 1، ص 174). بن سحنون: 622. تقدم (ج 1، ص 535). سرَاقة: 479. ابن مالك بن جُعشُم الكِنَانِي المدلجي أبو سفيان. وهو الذي طلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين هاجر فساخت به فرسه (-24). أسد الغابة (ج 2، ص 266)، الخلاصة (ص 161). سُريج بن يونس: 444. ابن إبراهيم المروزي أبو الحارث وعنه مسلم وأكثر (-235). الجمع (ج 1، ص 198)، الخلاصة (ص 133). سعد بن طارق: 678. تقدم (ج 1، ص 535). سعد بن عبادة: 644، 648، 719. تقدم (ج 1، ص 535). سعد بن أبي وقاص: 608، 712. تقدّم (ج 1، ص 536). أبو سعيد: 526. مولى المهري سمع أبا سعيد الخدري في الجهاد وأبا ذرّ، وعنه ابنه سعيد. الجمع (ج 2، ص 596)، الخلاصة (ص 451). أبو سعيد الأشجّ: 678. عبد الله بن سعيد الكندي الكوفي الحافظ أخرج له الستّة (-257). الجمع (ج 1، ص 252)، الخلاصة (ص 199).

سعيد بن أبي أيوب: 596. الخزاعي مولاهم أبو يحيى بن مِقْلاص المصري (-161). الجمع (ج 1، ص 170)، الخلاصة (ص 136). سعيد بن حسّان: 594. قاص أهل مكّة المخزومي، وثقه ابن معين عن مجاهد وغيره. الجمع (ج 1، ص 175)، الخلاصة (ص 137). أبو سعيد الخدري: 371، 410، 411، 456، 607. تقدم (ج 1، ص 536). سعيد بن زيد: 701. ابن عمرو بن نفيل العدوي أحد العشرة المبشرين بالجنّة (-51). الجمع (ج 1، ص 162)، الخلاصة (ص 138). سعيد بن أبي السعيد المقبري: 526. تقدم (ج 1، ص 536). سعيد بن عبيد: 739. تقدم (ج 1، ص 536). سعيد بن أبي عروبة: 607، 677. أبو النضر سعيد بن أبي عروبة مهران اليشكري مولاهم البصري الحافظ (-156). الجمع (ج 1، ص 169)، الخلاصة (ص 141). سعيد بن المسيب: ن: ابن المسيب. سعيد بن مينَاء:668. أبو الوليد مولى البختري المكّي سمع جابر بن عبد الله وأبا هريرة. الجمع (ج 1، ص 169)، الخلاصة (ص 143). سعيد بن أبي هلال: 572. الليثي مولاهم أبو العلاء المصري نزيل المدينة (-130). الجمع (ج 1، ص 172)، الخلاصة (ص 143). ابن سفيان: 510. هو إبراهيم بن سفيان، وقد تقدم في رواة مسلم. أبو سفيان: 640، 781. صخر بن حرب بن أميّة القرشي الأموي أسلم ليلة الفتح وشهد صفين أو الطائف واليرموك (-31) وعمره (88). أسد الغابة (ج 3، ص 12)، الخلاصة (ص 224). ابن السِّكِّيت: 371، 377، 384، 389، 415، 481، 468، 496، 603، 629، 683. يعقوب بن إسحاق أبو يوسف كان عالما بنحو الكوفيين وعلم القرآن واللّغة والشعر (-244). البغية (ج 2، ص 349). سلمة بن الأكوع: 565. سلمة بن عمرو بن الأكوع أبو مسلم

المدني بايع تحت الشجرة (-74) عن ثمانين سنة. أسد الغابة (ج 2، ص 333)، الخلاصة (ص 148). أبو سلمة: 633، 672، 703، 710. تقدم (ج 1، ص 537). ابن أبي سلمة: 653. عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون التيمي المدني الفقيه (-164) أو (-166). الجمع (ج 1، ص 309)، الخلاصة (ص 240). سَليم بن حيّان: 492، 668. وقع في (أ) خطأ سليمان الهذلي البصري أخرج له الستّة. الجمع (ج 1، ص 206)، الخلاصة (ص 162). سليمان (عليه السلام): 636، 785. تقدم (ج 1، ص 537). سليمان بن يسار: 775. أبو أيوب مولى ميمونة المدني أحد الفقهاء السبعة. روى عن زيد بن ثابت وعائشة وأبي هريرة ومولاته ميمونة (-107). الجمع (ج 1، ص 177)، الخلاصة (ص 155). سِماك:613. الظاهر أنّه سِماك بن حرب الذّهلي أبو المغيرة الكوفي التابعي. الجمع (ج 1، ص 203، الخلاصة (ص 155). سَمُرة بن جُندُب: 426، 655. الفزَارِي نزيل البصرة كان من الحفاظ المكثرين سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - توفي سنة 59 أو (-60). الجمع (ج 1، ص 202)، الخلاصة (ص 156). سهل: 526. جاء في احتجاج الدارقطني على أن أبا سعيد المقبري لم يرو حديث "لا يحل لامرأة" الحديث عن أبيه عن أبي هريرة وإنما رواه سعيد عن أبي هريرة قائلا بأن مالكا ويحيى بن كثير وسهلاً. سهل: 740. أبو محمد سهل بن أبي حثمة عامر بن ساعدة الأنصاري صحابي صغير توفي زمن معاوية. أسد الغابة (ج 2، ص 363)، الجمع (ج 1، ص 186)، الخلاصة (ص 157). سهل: 641. هو سهل بن سعد بن مالك الأنصاري أبو العباس المدني (-91) عن 100 سنة. وقال ابن الأثير ويقال: إنه آخر من بقي من أصحاب النبيء - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة. أسد الغابة (ج 2، ص 366)، الجمع (ج 1، ص 186)، الخلاصة (ص 157). سَوَادة: 426. ابن حنظلة القشيري البصري عن سمرة

ابن جندب وعنه ابنه عبد الله. الجمع (ج 1، ص 206)، الخلاصة (ص 158). سيبويه: 461. اسمه عمرو بن عثمان بن قنبر أبو بشر. ولقب سيبويه إمام البصريين أخذ عن الخليل، وهو صاحب التأليف الشهير في النحو المعروف بالكتاب (-180). البغية (ج 2، ص 229). ابن سيرين: 617، 706. تقدم (ج 1، ص 538). - الشّين - الشاعر: 573، 578، 618، 648، 667، 699، 721، 764. الشافعي: 382، 395، 425، 450، 457، 459، 460، 461، 467، 469، 473، 504، 507، 508، 511، 512، 517، 520، 522، 524، 529، 532، 573، 576، 581، 582، 585، 608، 610، 617، 619، 638، 639، 641، 643، 653، 655، 659، 662، 665، 666، 667، 669، 670، 675، 678، 679، 680، 681، 684، 691، 692، 695، 705، 706، 709، 721، 723، 735، 736، 737، 744، 747، 774، 786، 787. تقدم (ج 1، ص 538). أبو شاة: 534. الصحابي الذي طلب أن تكتب له خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - لمّا فتح مكة وهو من أهل اليمن. أسد الغابة (ج 5، ص 224). شباك: 687. شباك الظّبي الكوفي له ذكر في صحيح مسلم يروى عن إبراهيم النخعي. أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه. الخلاصة (ص 168). ابن شبرمة: 692. أبو شبرمة عبد الله ابن شبرمة فقيه الكوفة الضبي القاضي. روى عن أنس والتابعين (-144). شذرات الذهب (ج 1، ص 215). شريح: 705، 706. ابن الحارث بن قيس أبو أميّة الكوفي مُخضرم ولي لعمر الكوفة كان من جِلّة العلماء (-80) عن 110 سنين. الوفيات (ج 2، ص 460)، الخلاصة (ص 165). شريك ابن سَحْمَاء: 643، 705. والسمحاء أمّه، وأبوه عبدة بن معتب، وهو حليف الأنصار وقيل إنه شهد مع أبيه أُحُدًا فهو صحابي. وما جاء في المعلم من أنه يهودي غير صحيح. أسد الغابة (ج 2، ص 397). ابن شعبان: 709.

تقدم (ج 1، ص 538). شعبة: 426، 565، 595، 604، 607، 640، 677، 786. تقدم (ج 1، ص 538). الشّعبي: 506، 634، 705. تقدم (ج 1، ص 639). شعيب: 398. ن: شعيب بن أبي حمزة. شعيب بن أبي حمزة: 572. الأموي مولاهم أبو بشر الحمصي أحد الأثبات. عنده عن الزهري ألف وستمائة حديث (-162). الجمع (ج 1، ص 210)، الخلاصة (ص 166). شَمِر: 371، 613. ابن حمدويه الهروي أبو عمرو اللغوي الأديب صاحب كتاب الجيم (-255). البغية (ج 2، ص 4). ابن شهاب: 398، 435، 606، 618، 633. أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله ابن عبد الله بن شهاب القرشي الزهري المدني. أحد الأئمة الأعلام وعالم الحجاز والشام. وعنه أمم منهم مالك (-124). الجمع (ج 2، ص 449)، الخلاصة (ص 359). شيبان: 633، 654. ولعله الذي جاء في الفقرة (654) وهو النحوي أبو معاوية كما نصّ عليه المازري وهو شيبان بن عبد الرحمان التميمي أبو معاوية النحوي البصري الكوفي ثم البغدادي (-164). الجمع (ج 1، ص 214)، الخلاصة (ص 168). ابن أبي شيبة: 439، 488، 510، 713. أبو بكر عبد الله بن محمد بن إبراهيم العبسي مولاهم الكوفي الحافظ أحد الأعلام صاحب المصنف. وعنه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه (-235). الجمع (ج 1، ص 259)، الخلاصة (ص 212). - الصاد - صاحب الأفعال: انظر: ابن القوطية. أبو صالح: 654. الأقرب أنه ذكوان السمان الزيّات المدني كان من أثبت النّاس في أبي هريرة. وقلنا الأقرب لما جاء في هذه الفقرة عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من تولى قوما بغير إذن مواليهم الحديث. ولم نجزم لكثرة المشاركين في أبي صالح (-101). الجمع (ج 1، ص 132)، التهذيب (ج 3، ص 219)، الخلاصة (ص 112).

الصعب بن جثّامة: 467. الليثي الحجازي صحابي وتوفي في خلافة أبي بكر رضي الله عنه. أسد الغابة (ج 3، ص 19)، الخلاصة (ص 173). أبو الصهباء: 622. صهيب الهاشمي المدني. عن مولاه ابن عباس وعلى غيرهما. ثقة. الخلاصة (ص 175). الصيرفي: 576. أبو حفص عمرو بن علي أبو حفص الحافظ. أحد الأعلام أخرج له الستّة (-249). الجمع (ج 1، ص 367)، الخلاصة (ص 291). - الضاد - الضحّاك: 792. ابن سفيان كما ذكر ذلك الهروي العامري الكلابي أبو سعيد وقد ولاّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من أسلم من قومه وكان من الشجعان الأبطال. أسد الغابة (ج 3، ص 36)، الخلاصة (ص 176). - الطّاء - الطّابثي: 699. في سائر نسخ المعلم الطابثي وفي ج الطافثي. والصواب الطابثي نسبة إلى طابث بليدة عن أعمال الخالص عن نواحي بغداد. والطابثي هذا من الرواة عن مالك. ولعله أبو الحسن الطائبي. التاج (ج 1، ص 631). أبو الطاهر: 698. تقدم (ج 1، ص 540). طاوس: 669. تقدم (ج 1، ص 540). الطبري: 683، 706. أبو جعفر محمد بن جرير الإِمام في التفسير والحديث والتاريخ الشهير (-310). الوفيات (ج 4، ص 191). الطحاوي: 688. أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي الفقيه الحنفي انتهت إليه رئاسة أصحاب أبي حنيفة بمصر له كتب منها معاني الآثار (-321). الوفيات (ج 1، ص 71). طَرَفة بن العبد: 616. تقدم (ج 1، ص 540). طفيل: 461. هو طفيل بن الغنوي من فحول الشعراء. وكان يقال له المحبِّر. الشعر والشعراء (ج 1، ص 422). طلحة: 450، 613. ابن يحيى بن عبيد الله هكذا في مسلم وفي الجمع والخلاصة طلحة بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله القرشي الكوفي المدني

الأصل (-148). الجمع (ج 1، ص 234)، الخلاصة (ص 180). طلحة بن عمر:572. وهو ابن عمر بن عبيد الله الذي أراد أبوه أن يزوّجه بنت شيبة بن عثمان. القاضي ابن الطيب: 412. تقدم (ج 1، ص 527). - العين - عاصم: 527. هو أبو عبد الرحمن عاصم بن سليمان الأحول البصري كان من حفاظ الحديث وهو الذي يقصده أبو عبيد بقوله سُئل عاصم (-141) ولا أظنّ أن أبا عبيد يقصد غيره. الجمع (ج 1، ص 383)، الخلاصة (ص 182). عاصم: 641. هو عاصم بن عدي القضاعي العجلاني شهد أحدا والمشاهد كلها وكان يوم بدر أميرا على قُبا والعالية من المدينة (-45). أسد الغابة (ج 3، ص 75)، الخلاصة (ص 132). العبّاس: 373، 510. تقدم (ج 1، ص 540). ابن عبّاس: 425، 440، 458، 468، 484، 489، 493، 511، 514، 518، 558، 9560، 595، 622، 634، 653، 659، 681، 684، 706، 707، 712، 713، 724، 768، 779. تقدم (ج 1، ص 540). أبو العبّاس: 488، 757. هو أبو العباس المبّرد. تقدم في المصادر اللّغوية (ج 1، ص 231). عبد الحميد أو شيخنا وكذلك أبو محمد عبد الحميد: 572، 658، 690، 707. أبو محمد عبد الحميد المعروف بابن الصّائغ القيرواني سكن سوسة وتفقّه على مشائخ الفقه المالكي. وله تعليق على المدوّنة أكمل به الكتب التي بقيت على التونسي وبه تفقه المازري (-486). الديباج (ج 2، ص 25). عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق: 473. أبو محمد التيمي. أسلم قبل الفتح (-53) أخرج له الستّة. الجمع (ج 1، ص 281)، الخلاصة (ص 224). عبد الرحمان في جابر: 775. أبو عتيق عبد الرحمان بن جاير بن عبد الله الأنصاري المدني. الجمع (ج 1، ص 284)، الخلاصة (ص 225). عبد الرحمان بن الحارث: 433. أبو محمد عبد الرحمان بن الحارث بن

هشام. كان يوم قُبض النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن عشر سنين كان من فضلاء المسلمين وهو ممّن أمرهم عثمان بكتابة المصاحف. توفي في خلافة معاوية سنة 43. أسد الغابة (ج 3، ص 283)، الخلاصة (ص 225). عبد الرحمن بن عوف: 582. أبو محمد عبد الرحمان بن عوف بن عبد عوف القرشي وأمّه الشفاء بنت عوف وكان أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإِسلام وشهد بدرا والمشاهد كلها، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنّة (-31). أسد الغابة (ج 3، ص 313)، الخلاصة (ص 232). عبد الرحمان بن هرمز: 674. أبو داود الهاشمي مولاهم المدني الأعرج القارىء أخرج له الستّة (-110). الجمع (ج 1، ص 288)، الخلاصة (ص 236). أبو عبد الرحيم: 505. خالد بن يزيد، وذكر المازري أنه ابن أبي يزيد والذي في الجمع والخلاصة ابن يزيد الأسكندراني الفقيه المفتي (-139). الجمع (ج 1، ص 121)، الخلاصة (ص 104). عبد الرزاق: 433، 672. تقدم (ج 1، ص 218). عبد بن زمعة: 608، 610. ابن الأسود (كذا قال أبو نعيم) أخو سودة بنت زمعة، وكان شريفا سيّدا من سادات الصحابة. أسد الغابة (ج 3، ص 335). عبد الصمد: 513. ابن عبد الوارث بن سعد العنبري، أبو سهل الحافظ أخرج له الستّة (-207). الجمع (ج 1، ص 328)، الخلاصة (ص 239). عبد العزيز بن أبي سلمة: 622. أبو تمام عبد العزيز بن أبي حازم سلمة ابن دينار المدني من أصحاب مالك بن أنس (-186). الديباج (ج 2، ص 23). عبد الغنّي: 668، 768. أبو محمد عبد الغني بن سعيد الأزدي المصري الحافظ النسابة، وهو صاحب مشتبه الأسماء ومشتبه الأنساب (-409). الرسالة المستطرفة (ص 116). عبد الله: 591. هو عبد الله بن مسعود كما في الغريبين ن: عبد الله بن مسعود. عبد الله بن أبي بكر: 514، 640. تقدم (ج 1، ص 541). عبد الله الحارث: 704. والد يوسف هو أبو الوليد تابعي. عن عائشة وأبي هريرة وابن عبّاس، وعنه ابنه يوسف عند مسلم. الجمع (ج 1، ص 248)، الخلاصة (ص 194).

عبد الله بن رواحة: 436. أبو محمد عبد الله بن رواحة بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي شهد العقبة وبدرا وأُحُدا والمشاهد كلها. مات قبل الفتح بمؤتة، وكان من الشعراء المناضلين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (-8). أسد الغابة (ج 3، ص 156). عبد الله بن السعدي: 398. القرشي العامري صحابي له ثلاثة أحاديث وله عندهما فرد حديث عن عمر (-57) الجمع (ج 1، ص 243)، الخلاصة (ص 199). عبد الله بن مسعود: 488، 502، 525، 564، 635، 654، 705، 706، 707. تقدم (ج 1، ص 542). عبد الله بن هاشم: 668. ابن حيّان العبدي الطوسي روى عنه مسلم (-255). الجمع (ج 1، ص 280)، الخلاصة (ص 217). عبد الله بن يزيد: 633. مولى الأسود بن سفيان المدني المقرىء (-148). الخلاصة (ص 219). عبد المطلب: 420. ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب القرشي الهاشمي كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً أو غلاماً (-61). أسد الغابة (ج 3، ص 331). عبد الملك بن أبي بكر: 433. تقدم (ج 1، ص 543). عبد الملك بن عمير: 672. أبو عمر عبد الملك بن عُمير القُرشي (بفتع الفاء) الكوفي القبطي أخرج له الستّة (-136). الجمع (ج 1، ص 313)، الخلاصة (ص 245). عبد الملك بن الماجشون: ن: ابن الماجشون. عبد الوهاب: 664، 708. تقدم (ج 1، ص 543). أبو عبيد: 371، 378، 386، 388، 403، 415، 417، 476، 482، 488، 491، 494، 525، 527، 563، 566، 578، 589، 591، 603، 615، 624، 638، 665، 681، 746، 749، 763. تقدم (ج 1، ص 231). عبيد الله: 510. الأقرب أنّه عبيد الله بن عمر بن حفص ابن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري أبو عثمان المدني أحد الفقهاء السبعة. وأخذ عن أمّة منهم نافع (-147) وفي الجمع (-144) أخرج له الستّة. الجمع (ج 1، ص 302)، الخلاصة (ص 252).

عبيد بن حنين: 632. مولى العبّاس كما قال ابن عيينة. قال البخاري: ولا يصحّ قول ابن عيينة. وقال مالك: إنه مولى زيد بن الخطاب، وقال محمد بن جعفر: إنه مولى بني زريق. وهو أبو عبد الله المدني (-105). الخلاصة (ص 254). عبيد الله بن عبد الله: 654. تقدم (ج 1، ص 543). عبيد الله بن موسى 654. هو عبيد الله بن موسى بن باذام العبسي مولاهم أبو محمد الكوفي الحافظ صاحب المسند. أخرج له الستّة. روى عنه البخاري (-213). الجمع (ج 1، ص 304)، الخلاصة (ص 253). أبو عبيدة: 606. أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزّى ابن قصي. الخلاصة (ص 454). أبو عبيدة: 377، 540. هو معمر بن المثنى تقدم (ج 1، ص 232). عتبة بن أبي وقاص: 608، 610. أخو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ذُكر في الصحابة وقيل: إنه مات كافرًا. أسد الغابة (ج 3، ص 368). عثمان بن أبي شيبة: 768. أبو الحسن عثمان بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم العبسي الكوفي الحافظ. روى عنه البخاري ومسلم وغيرهما (-239). الجمع (ج 1، ص 349)، الخلاصة (ص 262). عثمان بن طلحة: 519. ابن أبي طلحة القرشي العبدري الحجَبي. وهو الذي دفع إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - مفتاح الكعبة. هاجر إلى المدينة ثم انتقل إلى مكّة وبها مات (-41). أسد الغابة (ج 3، ص 372). عثمان بن عمر القرشي: 572. روى عنه محمد بن راشد هكذا جاء في المعلم وهو عثمان بن عمر بن موسى التيمي من أهل المدينة وكان على قضائها. التهذيب (ج 7، ص 143). عثمان بن مضعون: 562. عثمان بن مضعون بن حبيب الجمحي يكَنّى أبا السائب وهو قد أسلم أول الإسلام وهاجر إلى الحبشة وهو أول رجل مات بالمدينة من المهاجرين (-2). أسد الغابة (ج 3، ص 385). العجلاني: 610. هو عويمر بن أبيض العجلاني الأنصاري صاحب اللعان وقيل هو عمويمر ابن الحارث بن زيد. أسد الغابة (ج 4، ص 158).

ابن عرفة: 377، 393، 395، 543، 721. هو نفطويه تقدم (ج 1، ص 232). عروة: 488، 561. أبو عبد الله عروة بن الزبير. وهو أحد الفقهاء السبعة واحد أعلام التابعين سمع عائشة واستوعب عنها (-94) كما في الجمع وقيل في غيرها. الجمع (ج 1، ص 394)، الخلاصة (ص 265). عروة بن عياض بن عدي بن الخيار: 594. النوفلي وذكر البخاري أن عروة بن عياض بن عدي غير محفوظ وإنما هو عروة بن عياض بن عمرو القاري القرشي المكّي وإليها لعمر بن عبد العزيز. الجمع (ج 1، ص 394)، الخلاصة (ص 265). ابن عفّان: 532. هو سيدنا عثمان رضي الله عنه. تقدم (ج 1، ص 544). عقبة: 678، 722، 791. هو عقبة بن عامر الجهني. تقدم (ج 1، ص 544). علقمة: 687. هو علقمة بن قيس. تقدم (ج 1، ص 545). أبو علقمة الهاشمي: 607. مولى بني هاشم المصري. قال أبو حاتم: أحاديثه صحاح. الخلاصة (ص 455). علي (كرم الله وجهه): 412، 413، 421، 449، 468، 485، 492، 570، 705، 706، 707، 772، 786. تقدم (ج 1، ص 546). علي بن زياد التونسي: 574. أبو الحسن علي بن زياد العبسي التونسي سمع من مالك، وعدّه القاضي في المدارك من أهل الطبقة الأولى من أصحاب مالك (-183). المدارك (ج 3، ص 80) ومقدمة القطعة من موطئه بتحقيق كاتبه. أبو علي بن السكن: 398. أبو علي سعيد بن عثمان بن سعيد بن السكن البغدادي المصري. له الصحيح المسمى بالصحيح المنتقى. الرسالة المستطرفة (ص 25). أبو علي القالي: 414. تقدم (ج 1، ص 233). علي بن هشام: 599. هكذا وقع هنا في النسخ وفي أصل مسلم علي بن هاشم وكذلك في الخلاصة وهو أبو الحسن علي بن هاشم بن البريد العائذي، وفي الخلاصة العابذي (بواحدة) الكوفي الخزاز (-180). الخلاصة (ص 278).

ابن عمر (رضي الله عنهما): 374، 425، 445، 462، 463، 464، 468، 488، 504، 506، 509، 510، 592، 600، 617، 620، 652، 657، 659. تقدم (ج 1، ص 542). ابن أبي عمر: 439. تقدم (ج 1، ص 546). عمر بن الخطاب: 398، 484، 488، 496، 563، 568، 617، 622، 634، 705، 706، 707، 708، 714، 718، 724، 761، 767، 773، 774. تقدم (ج 1، ص 546). عمر بن عبد العزيز: 780. تقدم (ج 1، ص 546). عمر بن عبيد الله: 572. هو ابن عبيد الله بن معمر وعبيد الله اختلف في صحبته. روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث الرفق. وابنه عمر هذا أحد الأجواد وله أخبار مرويّة. أسد الغابة (ج 3، ص 345). عمرو بن الحارث: 398. أبو أميّة عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري المصري الفقيه أحد الأئمة (-148). الجمع (ج 1، ص 364)، الخلاصة (ص 287). عمرو بن دينار: 565، 672. أبو محمد عمرو بن دينار الجمحي مولاهم المكي الأثرم أحد الأعلام عن العبادلة وغيرهم (-125) أو (-126). التهذيب (ج 8، ص 28)، الجمع (ج 1، ص 364)، الخلاصة (ص 288). أبو عمرو بن حفص: 633. وجاء عند بعضهم أنه أبو حفص بن عمرو واسم أبي عمرو أحمد قاله في المعلم. وهو أبو عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع علي كرَّم الله وجهه إلى اليمن. أسد الغابة (ج 5، ص 261). عمرو بن عون: 698. أبو عثمان عمرو بن عون بن أوس الواسطي البزَّاز نزيل البصرة وأخذ عنه البخاري وأبو داود وغيرهما (-225). الجمع (ج 1، ص 368) وفيه عمرو بن أوس، الخلاصة (ص 292). أبو عمرو بن العلاء: 618. تقدم (ج 1، ص 233). عمرو بن يحيى: 698. ابن عمارة بن أبي حسن المازني المدني. أخذ عنه مالك وخلق (-140). الجمع (ج 1، ص 370)، الخلاصة (ص 294). أبو عمير: 535. ابن أبي طلحة، وأبو عمير هذا هو أخو أنس بن مالك لأمّه أمهما أم سليم، ومات

صبيا، وهو الذي قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا أبا عُمَير ما فعل النّغير. أسد الغابة (ج 5، ص 264). ابن عمّ سلمة ابن المحبق الهذلي: 444. سيأتي في نبيشة. عويمر العجلاني: 641. هو عويمر بن أبيض العجلاني الأنصاري. صاحب اللعان وذلك في شعبان سنة تسع. أسد الغابة (ج 4، ص 158). أبو العلاء: ن: ابن ماهان. عيَّاش بن عبَّاس: وهو القتْبَاني (بكسر القاف وإسكان التاء) المصري يكنى أبا عبد الرحيم (-133) الخلاصة (ص 300). ابن عيينة: 434، 594، 632، 696. سفيان تقدم (ج 1، ص 348). - الغين - غيلان وهو ابن جامع: 768. المحاربي أبو عبد الله الكوفي قاضيها، قتله المسوّدة سنة اثنتين وثلاثين ومائة كما في التهذيب (-132). الجمع (ج 2، ص 410)، التهذيب (ج 8، ص 252)، الخلاصة (ص 307). - الفاء - الفراء: 378، 392، 495، 540، 574. يحيى بن زياد بن عبد الله أبو زكرياء المعروف بالفراء وهو صاحب كتاب معاني القرآن (-207). البغية (ج 2، ص 333). أبو الفرج: 459، 622. من أصحاب مالك. الفضل بن عباس: 433. تقدَّم (ج 1، ص 548). - القاف - ابن القاسم: 656. أبو عبد الله عبد الرحمان بن القاسم بن خالد بن جنادة العُتَقي الإِمام المشهور روى عن مالك والليث وعبد العزيز بن الماجشون وغيرهم، روى عنه أصبغ وسحنون ويحيى بن يحيى الأندلسي ومحمد بن الحكم. وخّرج عنه البخاري في صحيحه، وعنه روى سحنون المدوّنة (-191). المدارك (ج 3، ص 244)، الديباج (ج 1، ص 465)، الخلاصة (ص 233). أبو القاسم الزجاجي: 680. عبد الرحمان بن إسحاق الزجاجي نسبة إلى شيخه إبراهيم الزجاج وهو صاحب كتاب الجمل في النحو (-339).

البغية (ج2، ص 77). القاسم بن زكريّاء: 654. أبو محمد القاسم بن زكرياء بن دينار القرشي الطحّان. روى عنه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه. الجمع (ج 2، ص 421)، الخلاصة (ص 312). قتادة: 607، 652، 677. تقدم (ج 1، ص 548). أبو قتادة: 468. تقدم (ج 1، ص 548). القتبي أو ابن قتيبة: 377، 482، 639، 648. تقدم (ج 1، ص 233). قتيبة: 526، 560. تقدم (ج 1، ص 548). ابن القصّار: 608، 612، 625، 653، 655، 709. تقدم (ج 1، ص 549). أبو القعيس: 600. عم عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - من الرضاعة وقيل أبوها وكان أبو قعيس أخا ظئر لعائشة. أسد الغابة (ج 5، ص 277). ابن القوطيّة: 394، 431، 506، 511، 516، 529، 567، 631. هو أبو بكر محمد بن عمر بن عبد العزيز المعروف بابن القوطيّة القرطبي النحوى كان إماما في اللغة والعربية صنّف تصاريف الأفعال والمقصور الممدود وغيرهما (-367). البغية (ج 1، ص 198). قيس بن ذريح: 567. هو من بني كنانة أحد عشاق العرب المشهورين بذلك وصاحبته لُبنى. الشعر والشعراء (ج 2، ص 610). - الكاف - أبو كريب: 488، 713. تقدم (ج 1، ص 549). الكسائي: 563، 751. علي بن حمزة بن عبد الله الإِمام أبو الحسن الكسائي، إمام الكوفيين في النحو واللّغة وأحد القراء العشرة المشهورين صنّف معاني القرآن ومختصر في النحو والقراءات (-282) وقيل غير ذلك. البغية (ج 2، ص 162). الكسائي: 488، 505، 510، 513، 526، 565. وهو أبو بكر محمد بن إبراهيم الكسائي من رواة مسلم. تقدم (ج 1، ص 179). كعب: 376، 469، 473، 733. أو كعب بن عُجرة. تقدم (ج 1، ص 550). الكعبي: 387. أبو القاسم عبد الله بن أحمد الكعبي

البلخي قال ابن خلكان العالم المشهور كان رأس طائفة من المعتزلة يقال لهم الكعبيّة وهو صاحب مقالات (-317). الوفيات (ج 3، ص 45)، الأعلام (ج 3، ص 189) وفيها أنه توفي سنة 319. ابن كنانة: 669. أبو عمرو عثمان بن عيسى بن كنانة كان من فقهاء المدينة أخذ عن مالك وغلبه الرأي وهو الذي جلس في حلقة مالك بعد وفاته (-186). المدارك (ج 3، ص 21). - اللام - لَبيد: 683. تقدم (ج 1، ص 550). اللحياني: 379. أبو الحسن علي بن المبارك اللّحياني له النوادر المشهورة. البغية (ج 2، ص 185). الليث بن سعد: 486، 526، 560، 562، 617، 665، 672، 674. تقدم (ج 1، ص 550). ابن أبي ليلى: 658، 692، 705. تقدم (ج 1، ص 551). ابن الماجشون: 508، 511، 576، 622، 708. ابن الماجشون: 508، 511، 576. أبو مروان عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون المالكي تفقه على الإِمام مالك رضي الله عنه (-213). الوفيات (ج 3، ص 166)، الديباج (ج 2، ص 6). مالك: 371، 425، 441، 444، 445، 446، 450، 458، 459، 461، 467، 468، 469، 473، 475، 477، 489، 497، 498، 504، 506، 507، 511، 514، 515، 518، 519، 520، 524، 526، 529، 532، 533، 535، 556، 558، 559، 561، 572، 573، 575، 579، 581، 585، 596، 602، 606، 610، 612، 618، 622، 623، 632، 633، 634، 637، 640، 643، 652، 653، 655، 658، 659، 662، 664، 665، 666، 667، 669، 670، 673، 675، 679، 680، 684، 688، 690، 691، 691، 692، 695، 699، 702، 705، 706، 708، 709، 710، 720، 722، 737، 738، 762، 767، 774، 778، 786. تقدم (ج 1، ص 551). مالك بن الحارث: 654. هو مالك بن الحارث السلمي الرقي وقيل الكوفي وثقه ابن معين (-94).

الجمع (ج 2، ص 482)، الخلاصة (ص 366). أبو مالك سعد بن طارق: 678. الأشجعي الكوفي وثقه أحمد. بقي إلى حدود الأربعين ومائة (140). الجمع (ج 1، ص 162)، الخلاصة (ص 134). ابن ماهان: 433، 444، 488، 492، 505، 510، 513، 526، 565، 607، 654، 672، 676، 677، 687، 696، 703، 704، 713، 739، 768، 775. أبو العلاء عبد الوهاب بن عيسى البغدادي ثم المصري. روى صحيح مسلم عن أبي بكر أحمد بن محمد الأشقر سوى ثلاثة أجزاء من أجزاء الكتاب يرويها عن الجلودي (-388). شذرات الذهب (ج 3، ص 128). ابن المثنى: 426. هو أبو موسى البصري الحافظ محمد ابن المثنى بن عبيد العَنَزي. أخرج له الستة (-252). الجمع (ج 2، ص 451)، الخلاصة (ص 357). مجاهد: 450، 570، 768. تقدم (ج 1، ص 551). مجزّز: 610. المدلجي القائف وهو مجزز بن الأعور ابن حجوة الكناني وهو الذي نظر إلى زيد ابن حارثة وابنه أسامة فقال: هذه الأقدام من بعضها. أسد الغابة (ج 4، ص 303). محمد بن إبراهيم: 703. هو أبو عبد الله محمد بن إبراهيم ابن الحارث التيمي المدني أحد العلماء المشاهير وثقه ابن معين (-120). الجمع (ج 2، ص 434)، الخلاصة (ص 324). محمَّد بن إسحاق: 709. أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن يسار المطّلبي المدني. أحد الأيمّة الأعلام لا سيما في المغازي والسير. رأى أنسا قرنه مسلم بآخر وهو صاحب السيرة المشهورة (-151). الوفيات (ج 4، ص 276)، الخلاصة (ص 326). محمد بن جُحَادَة: 513. محمد بن جُحَادَة الأودي الكوفي ومِمّن يروي عنه أنس (-131). الجمع (ج 2، ص 437)، الخلاصة (ص 330). محمد بن جعفر: 565، 640. تقدم (ج 1، ص 552). محمد بن جعفر بن أبي كثير: 632. مولى بني زريق المدني. وثقه ابن معين أخرج له الستّة. الجمع (ج 2، ص 436)، الخلاصة (ص 330)

محمد بن حاتم: 492. تقدم (ج 1، ص 552). محمد بن الحسن: 653. أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني تفقه على أبي يوسف صاحب أبي حنيفة وصنّف الكتب الكثيرة النادرة (-189). الوفيات (ج 4، ص 184). محمد بن رائد: 572. أبو عبد الله محمد بن راشد الخزاعي الدمشقي المكحولي وثقه أحمد وابن معين والنسائي. توفي سنة نيّف وستين ومائة. الخلاصة (ص 336). محمد بن رافع: 433. تقدم (ج 1، ص 552). محمد بن سلام: 395. محمد بن سلام بن عبيد الله الجمحي من الطبقة الخامسة من اللّغويين البصريين له طبقات الشعراء وله غريب القرآن (-231). البغية (ج 1، ص 115). محمد بن سلمة: 505. أبو عبد الله محمد بن سلمة بن عبد الله الباهلي مولاهم الحرّاني. له في مسلم فرد حديث (-191). الخلاصة (ص 338). أبو محمد عبد الحقّ: 412. أبو محمد عبد الحق بن محمد بن هارون السهمي القرشي من أهل صقلية تفقه بالشيوخ القرويين ولقي في حجّته الثانية إمام الحرمين أبي المعالي فبحثه عن أشياء كما أشار إلى ذلك المازري في كتابه المعلم (-466). المدارك (ج 7، ص 71)، الديباج (ج 1، ص 56). محمد بن عبد الحكم: 622. أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخذ عن تلاميذ مالك. كان من العلماء الفقهاء المبرزين له تآيف كثيرة (-268) الديباج (ج 2، ص 163). محمد بن عمرو بن عطاء: 698. أبو عبد الله محمد بن عمرو بن عطاء القرشي العامري المدني وثقه ابن سعد وقال: مات في آخر ولاية هشام. أخرج له الستّة. الجمع (ج 2، ص 446)، الخلاصة (ص 354). محمد بن العلاء الهَمْدَاني: 768. أبو كريب محمد بن العلاء الهمداني الكوفي الحافظ أحد الأثبات المكثرين وأخذ عنه الستّة (-248). الجمع (ج 1، ص 447)، الخلاصة (ص 355). محمد بن مثنى: 640. تقدم (ج 1، ص 552).

محمد بن المنكدر: 446. أبو بكر محمد بن المنكدر بن عبد الله ابن الهدير التيمي المدني سمع جابر بن عبد الله وأنَسًا وغير واحد من الصحابة روى عنه مالك وشعبة والثوري وابن عينية. أخرج له الستة (-130). الجمع (ج 2، ص 449)، الخلاصة (ص 360). محمد بن المواز: 612، 658، 708. أبو عبد الله محمد بن سعيد الموثق يعرف بابن المواز له تأليف حسن مشهور توفي في صدر أيام الأمير عبد الله الأموي. تاريخ ابن الفرضي (ج 2، ص 14)، الديباج (ج 2، ص 222). محمود بن لبيد: 641. ابن عقبة الأنصاري الأشهلي أبو نعيم (-96). الخلاصة (ص 371). محمية بن جَزء: 420. ابن عبد يغوث الزبيدي. وكان قديم الإِسلام من مهاجرة الحبشة وتأخّر عوده منها وكان على الصدقات. أسد الغابة (ج 4، ص 334). مُحَيّصِة: 737. أبو سعد محيّصِة بن مسعود الأنصاري الأوسِي ثم الحارثي وهو أخو حُوَيّصَة الأصغر أسد الغابة (ج 4، ص 334) مروان: 492، 660. وهو أبو خلف مروان الأصغر البَصْري عن أبي هريرة وابن عمر أنس رضي الله عنهم. الجمع (ج 2، ص 500)، الخلاصة (ص 373). المُزني: 665. تقدّم (ج 1، ص 553). المستَملي: 614. أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملي البلخي سمع الكثير وخرّج لنفسه معجما وحدث بصحيح البخاري مرّات عن الفريري وقد اشتهرت روايته هذه ورواها عنه أبو ذرّ الهروي وكاذ ثقة صاحب حديث (-376). شذرات الذهب (ج 3، ص 86). مسروق: 705. أبو عائشة مسروق بن عبد الرحمن ويقال: ابن الأجدع الهمداني الكوفي الإِمام القدوة تابعي عن أبي بكر وعمر وعلي. سمع عبد الله بن مسعود وعبد الله ابن عمر والمغيرة بن شعبة وعائشة وغيرهم (-62). الجمع (ج 2، ص 516)، الخلاصة (ص 374). ابن مسعدة: 738. ذكر المازري أنه سأل النسائي عن اشتراط مالك اللّوث في القسامة.

ابن مسعود: ن: عبد الله بن مسعود. أبو مسعود الأنصاري: 678. تقدم (ج 1، ص 553). أبو مسعود الدمشقي: 526، 560، 607. تقدم (ج 1، ص 219). مسلم: 382، 398، 420، 425، 426، 431، 433، 439، 444، 488، 492، 505، 508، 510، 512، 514، 526، 533، 556، 558، 560، 565، 572، 577، 593، 598، 599، 604، 605، 607، 617، 622، 632، 633، 634، 640، 652، 653، 654، 657، 658، 665، 668، 669، 672، 674، 676، 677، 678، 684، 687، 691، 696، 698، 699، 701، 703، 704، 707، 712، 713، 739، 745، 746، 768، 774، 775، 786. تقدمت ترجمته مفضلة في (ج 1، من ص 157 إلى ص 187). ابن المسيّب: 590، 634، 697، 698، 705. أبو محمد سعيد بن المسيّب بن حزن المخزومي المدني رأس علماء التابعين وفقيههم كان خدن أبي هريرة على ابنته روى عن عمر وأبي ذرّ وعلي وعثمان وغيرهم ومرسلاته صحاح (-93). الجمع (ج 1، ص 168)، الخلاصة (ص 143). أبو مصعب: 622. أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث وهو من ذريّة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه. روى عن مالك الموطأ. وله كتاب مشهور في قول مالك، روى عنه البخاري ومسلم وبقيّة الستّة. تولى قضاء المدينة وهو راوي حديث "السفر قطعة من العذاب" وليس له في كتاب مسلم غير هذا الحديث. وكان أبو مصعب إماما في الستّة. الجمع (ج 1، ص 8)، المدارك (ج 3، ص 397). معاذ بن جبل: 652، 705. تقدم في (ج 1، ص 553). أبو المعالي الجويني: 412. عبد الملك ابن الشيخ أبي محمد بن عبد الله الجويني إمام الحرمين، الفقيه الشافعي أعلم المتأخرين من أصحاب الشافعي والمصنف في كل فنٍّ، ومن أشهر كتبه (البرهان) في أصول الفقه الذي شرحه الإِمام المازري (-478). الوفيات (ج 3، ص 167). معاوية (رضي الله عنه): 413، 425، 491، 634، 665، 705. تقدّم (ج 1، ص 554).

ابن معمر: 531. جاء في قول الراجز: لقد سما ابن معمر حين اعتمر معمر: 691، 677، 697، 698. هو معمر بن عبد الله بن نافع القرشي أحد بني عدي بن كعب الصحابي هاجر إلى الحبشة روى عنه ابن المسيب. أسد الغابة (ج 4، ص 400)، الخلاصة (ص 384). المغيرة: 581. هو أبو هاشم المغيرة بن عبد الرحمان ابن الحارث قال الزبير بن بكار: كان المغيرة فقيه أهل المدينة بعد مالك بن أنس كما كان عليه بالمدينة مدار الفتوى في آخر زمن مالك (-186). الانتقاء لابن عبد البرّ (ص 53)، التهذيب (ج 10، ص 264). مغيرة: 687. هو مغيرة بن مقسِّم مولاهم أبو هشام الكوفي عن إبراهيم النخعي. أخرج له الستّة (-133). الجمع (ج 2، ص 499)، الخلاصة (ص 385). ابن مقاتل: 622. هو من الفقهاء ولا يبعد أنه أبو الحسن محمد بن مقاتل الكسائي. له رواية عن مالك وروى عنه جماعة منهم البخاري (-226). الجمع (ج 2، ص 463)، الخلاصة (ص 360). مقداد بن الأسود: 576. تقدم (ج 1، ص 555). ابن أمّ مكتوم: 425، 694. عمرو بن قيس بن جدي بن عدي وهو ابن خال خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، استخلفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المدينة ثلاث عشرة مرّة. مات بالقادسيّة. أسد الغابة (ج 4، ص 127). أبو المليح: 444. الهذلي اسمه عامر بن أسامة بن عمير عن أبيه وأنس وعائشة ونبيشة وجماعة (-98). الجمع (ج 1، ص 377)، الخلاصة (ص 460). ابن المنذر: أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري كان فقيها عالماً مطّلعا. صنف في اختلاف العلماء كتباً فائقة، ولم يتقلّد مذهباً، وإنما مذهبه مع الدليل، ومن كتبه المشهورة كتاب (الإِشراف) على مذاهب الأئمة أرخ ابن قطّان الفاسي وفاته (-318). الوفيات (ج 4، ص 207)، طبقات الحفاظ (ج 3، ص 4)، الأعلام (ج 6، ص 184).

منصور: 678. أبو عتّاب منصور بن المعتمر بن عبد الله الكوفي. روى عن أبي وائل وإبراهيم النخعي والحسن البصري وربعي بن حراش وغيرهم. كان أثبت أهل الكوفة (-132). التهذيب (ج 10، ص 312)، الجمع (ج 2، ص 495)، الخلاصة (ص 388). ابن مهدي: 492. أبو سعيد عبد الرحمان بن مهدي بن حسّان الأزدي مولاهم البصري اللؤلؤي الحافظ الإِمام العلم. وكان أعلم الناس بالحديث وكان يحجّ كل سنة رضي الله عنه (-198). الجمع (ج 1، ص 288)، الخلاصة (ص 235). ابن الموّاز: ن: محمد بن الموّاز. موسى (عليه السلام): 437. تقدم (ج 1، ص 555). - النّون - النابغة: 384، 636. أبو أمامة هو زياد بن معاوية وكان من أحسن الشعراء ديباجة شعر وقد فضّله عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الشعراء غير مرّة وكانت الشعراء تعرض عليه شعرها. الشعر والشعراء (ج 1، ص 108). نافع: 510، 560، 512، 517. تقدم (ج 1، ص 555). ابن نافع: 535، 653، 669. عبد الله بن نافع وكنيته أبو محمد. روى عن مالك وتفقه به وجلس مجلسه بعد وفاته. وله تفسير في الموطأ توفي بالمدينة (-186) وفي الخلاصة (-206). ترتيب المدارك (ج 3، ص 128)، الديباج (ج 2، ص 409)، الخلاصة (ص 216). نبيشة الهذلي: 444. نبيشة الخير بن عبد الله بن عمر بن عتاب هذا ما في الجمع. وفي أسد الغابة نبيشة بن عمر بن عوف بن عبد الله بن عتاب الهذلي يُكنّى أبا طريف صحابي له 11 حديثا. وعنه أبو المليح الهذلي. أسد الغابة (ج 5، ص 13)، الجمع (ج 2، ص 536)، الخلاصة (ص 405). نبيه بن وهب: 572. نبيه بن وهب بن عثمان بن أبي طلحة العبدري الحجبي. عن أبان ابن عثمان وغيره. توفي في فتنة الوليد بن يزيد. وكانت خلافته من سنة 125 إلى سنة 126.

الجمع (ج 2، ص 536)، الخلاصة (ص 405). النخعي: 504، 687، 705، 706. تقدم (ج 1، ص 556). النسائي: 398، 479، 560، 633، 641، 655، 662، 736، 738. تقدم (ج 1، ص 220). النضر بن أنس: 677. أبو مالك النضر بن أنس بن مالك البخاري الأنصاري سمع أباه وابن عباس. عداده في أهل البصرة. أخرج له الستّة. الجمع (ج 2، ص 529)، الخلاصة (ص 401). أبو النضر: 598. تقدم (ج 1، ص 556). النّعّالي: 511. لعله أبو بكر محمد بن إسحاق بن محمد النعالي. توفي قبل سنة سبعين وثلثمائة. والداودي الذي نقل عنه كان مالكيًا وهو غير مالكي كما تفيده عبارة المعلم. اللباب (ج 3، ص 230). النعمان بن بشير: 709. ابن ثعلبة الأنصاري أبو عبد الله الخزرجي. وهو أوّل مولود للأنصار بعد الهجرة وتولى ولاية الكوفة وحمص لمعاوية رضي الله عنه، قتل لما ثار عليه أهل حمص. أخرج له الستّة. (-64). أسد الغابة (ج 5، ص 32)، الجمع (ج 2، ص 530)، الخلاصة (ص 402). أبو نعيم: 594. أحمد بن عبد الله الاصفهاني الشّافعي. له تصانيف، وهو صاحب المستخرج على الصحيحين وحلية الأولياء (-430). الوفيات (ج 1، ص 91)، الرسالة المستطرفة (ص 29). نعيم بن عبد الله: 736. نعيم بن عبد الله المُجَمِّر أبو عبد الله المدني. عن أبي هريرة وجابر وجماعة وثقه أبو حاتم وغيره. روى عنه مالك وغيره. أخرج له الستّة. الجمع (ج 2، ص 533)، الخلاصة (ص 403). نعيم بن أبي هند: 678. نعيم بن أبي هند الأشجعي الكوفي. وثّقه النسائي وغيره. أخرج له مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه (-110). الجمع (ج 2، ص 534)، الخلاصة (ص 403). ابن نُمير: 676، 713. أبو هشام عبد الله بن نمير الهَمْداني الخارفي. روى عن خلق، وعنه أحمد وابنه محمد (-199). الجمع (ج 1، ص 260)، الخلاصة (ص 217). ابن نمير: 439، 510، 739. أبو عبد الرحمان محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني الكوفي الحافظ أحد الأعلام

عنه البخاري ومسلم وغيرهما عظّمه أحمد وأجلّه (-234). الجمع (ج 2، ص 442)، الخلاصة (ص 346). ابن نمير: 426. جاء غلطًا في نسخة ابن الحذّاء من مسلم ابن نمير والصواب ابن المثنّى. نوح (عليه السلام): 707. تقدم (ج 1، ص 556). - الهاء - الهروي: 372، 373، 393، 404، 414، 417، 449، 450، 464، 538، 568، 613، 624، 639، 645، 646، 647، 681، 683. تقدم (ج 1، ص 223). أبو هريرة: 433، 488، 515، 526، 652، 654، 660، 668، 675، 677، 701. تقدم (ج 1، ص 557). هشام بن سليمان المكّي: 676. هشام بن سليمان بن عكرمة المخزومي المكّي. الجمع (ج 2، ص 550)، الخلاصة (ص 409). هشام بن عروة: 653، 713. أبو المنذر هشام بن عروة بن الزبير بن العوّام الأسدي. أحد الأعلام، له نحو أربعمائة حديث (-145). الجمع (ج 2، ص 547)، الخلاصة (ص 410). هُشَيم: 444. أبو معاوية هُشيم بن بشير المُلَمي الواسطي، نزيل بغداد. الحافظ كان عنده عشرون ألف حديث (-183). الجمع (ج 2، ص 556)، الخلاصة (ص 414). همام بن يحيى: 604. همام بن يحيى الأزدي العَوذِي أبو عبد الله. ويقال: أبو بكر البصري. أحد الأئمة. وأخذ عنه الثوري وابن المبارك وابن مهدي. قال أحمد: ثبت في كل المشايخ (-164) أو (-163). الجمع (ج 2، ص 553)، الخلاصة (ص 411). أبو الهيثم: 487، 780. أبو الهيثم الرازي كان إماما لغويًا أدرك العلماء وأخذ عنهم وتصدّر بالريّ للإِفادة (-276). البغية (ج 2، ص 329). - الواو - والد عبد الصمد: 513. واسمه الوارث التميمي العنبري مولاهم البصري يكنّى أبا عبيدة. أحد الأعلام. روى عنه ابنه عبد الصمد والقطان وخلائق. قال الذهبي: أجمع المسلمون على الاحتجاج به (-180).

الجمع (ج 1، ص 326)، الخلاصة (ص 247). وكيع: 505. تقدم (ج 1، ص 557). وهب بن بقيّة: 698. أبو محمد وهب بن بقية بن عثمان ولقبه وهبان الواسطي، عنه مسلم وأبو داود (-239). الجمع (ج 2، ص 542)، الخلاصة (ص 418). ابن وهب: 398، 558، 610، 619. تقدم (ج 1، ص 558). وهب بن جرير: 672. أبو العبّاس وهب بن جرير بن حازم الأزجي البصري الحافظ (-206). الجمع (ج 2، ص 541)، الخلاصة (ص 418). ابن ولّاد: 561، 647. أبو العبّاس أحمد بن محمد بن ولّاد النحوي كان بصيرا بالنحو. صنّف المقصور والممدود (-332). البغية (ج 1، ص 386). يحيى بن أكثم: 653. أبو محمد يحيى بن أكثم التميمي المَزوَزي كان عالماً بالفقه بصيرا بالأحكام. قال الخطيب: كان يحيى بن أكثم سليما من البدعة. وقال إسماعيل القاضي: كان يحيى أبْرَأ إلى الله من أن يكون فيه شيء ممَّا يُرمى به ولكنّه فيه دُعَابَة وأخذ عنه الترمذي (-242) وقيل (-243). الوفيات (ج 6، ص 147). يحيى بن أيوب: 596. أبو العبّاس الغافقي المصري أحد العلماء. وعنه الليث وابن وهب وقد احتجّ به الستّة (-186). الجمع (ج 2، ص 569)، الخلاصة (ص 421). يحيى بن الحصين: 505. يحيى بن الحصين البجلي عن جدته أمّ الحصين ولها صحبة، وثقه أبو حاتم والنسائي. أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه. التهذيب (ج 11، ص 198)، الخلاصة (ص 422). يحيى بن سعيد: 665،632. أبو سعيد يحيى بن سعيد بن فرّوخ التميمي الأحول القطّان البصري، الحافظ الحجّة، أحد أيمة الجرح والتعديل (-198). الجمع (ج 2، ص 561)، التهذيب (ج 11، ص 216)، الخلاصة (ص 423). يحيى بن أبي كثير: 633،572،526، 703. أبو نصر يحيى بن أبي كثير الطّائي مولاهم اليمامي أحد الأعلام. عن أنس وجابر وغيرهما (-129).

الجمع (ج 2، ص 566)، التهذيب (ج 11، ص 268)، الخلاصة (ص 427). يحيى بن يحيى: 514، 526، 572، 696. هو النيسابوري تقدم (ج 1، ص 559). يحيى بن يعلى: 768. أبو زكرياء يحيى بن يعلى بن الحارث المحاربي الكوفي عن أبيه وغيره (-216). الجمع (ج 2، ص 565)، الخلاصة (ص 429). يحيى بن يَعمُرْ: 705. أبو سليمان أو أبو سعيد يحيى بن يعمر الجدلي قاضي مرو. روى عن عثمان وعلي وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم. وهو أوّل من نقط المصاحف، قال ابن الجوزي (-89). الجمع (ج 2، ص 565)، التهذيب (ج 11، ص 305)، الخلاصة (ص 429). يزيد بن خُمير: أبو عمر يزيد بن خُمير الرَّحَبِي الحمصي ذكره ابن حبَّان في الثقات. الجمع (ج 2، ص 578)، التهذيب (ج 11، ص 323)، الخلاصة (ص 431). يزيد بن زُريع: 565. تقدم (ج 1، ص 559). يعلى بن الحارث: 768. ابن حرب المحاربي الكوفي. وثقه ابن معين والنسائي وغيرهما. أخرج له البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وروى عنه ابنه يحيى (-168). الجمع (ج 2، ص 587)، الخلاصة (ص 437). أبو يوسف: 507، 653، 658. تقدم (ج 1، ص 559). يوسف (عليه السلام): 608. تقدم (ج 1، ص 559). يوسف بن عبد الله: 704. ابن الحارث ابن أخت ابن سيرين أبو الوليد يوسف بن عبد الله بن الحارث مولاهم البصري. عن أبيه وخاله محمد بن سيرين. وثقه ابن معين. أخرج له مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه. الجمع (ج 2، ص 583)، الخلاصة (ص 439). يونس بن حبيب: 461، 540. أبو عبد الرحمان يونس بن حبيب الضبي البصري من أصحاب أبي عمرو بن العلاء. عن عمر قارب تسعين سنة (-182). البغية (ج 2، ص 365). يونس بن عبد الأعلى: 395، 398. أبو موسى يونس بن عبد الأعلى بن

ميسرة بن حفص الصدفي المصري، أحد الأعلام. عن ابن عيينة والشافعي وغيرهما، وعنه مسلم والنسائي وابن ماجه وهو جدّ عبد الرحمن بن أحمد بن يونس صاحب التاريخ المشهور (-264) بمصر وفي الجمع تعليقًا (-274). الجمع (ج 2،ص 585)، الخلاصة (ص 441).

أعلام النساء

أعلام النِّسَاء الهَمزة أسماء بنت أبي بكر الصديق (رضي الله عنهما): 394. واسم أبي بكر عبد الله بن عثمان، التيميّة القرشيّة، زوج الزبير ابن العوّام رضي الله عنه، وهي أمّ عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما وهي ذات النطاقين. وكانت أسنّ من عائشة رضي الله عنها، وهي أختها لأبيها وشقيقة عبد الله بن أبي بكر (-73) عن مائة سنة. أسد الغابة (ج 5، ص 393). أسماء بنت عميس بن معبد بن الحارث: 472، 490. أسلمت قديما وهاجرت إلى الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب ثم هاجرت إلى المدينة وتزوجت أبا بكر الصديق ثم تزوّجها علي. وهي أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبيء - صلى الله عليه وسلم -. أسد الغابة (ج 3، ص 395). أميمة: 384. في شعر النابغة استهلّ باسمها قصديته في قوله: كليني لِهَمٍّ يا أمَيْمَةَ ناصِبِ ... وليلٍ أقاسِيه بطىء الكواكب قال ابن قتيبة: وهذا ممّا سبق إليه. الشعر والشعراء (ج 1، ص 124). بريرة: 606، 653، 692. مولاة عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وكانت مولاة لبعض بني هلال، وقيل: كانت مولاة أناس من الأنصار فكاتبوها ثمّ باعوها من عائشة، وكان يجالسها عبد الملك بن مروان. أسد الغابة (ج 5، ص 409). أمّ بشر: 672. وجاءت في بعض الرّوايات أمّ معبد أو أمّ مبشر وجاءت في حديث ابن جريج أمّ مبشر الأنصاريّة امرأة زيد بن حارثة ويقال

لها أم بشر بن البرّاء. روى عنها جابر بن عبد الله. واختلف في أمّ مبشر فقيل هي امرأة زيد بن حارثة، وقيل: إنها غير الأولى بنت البرّاء. انظر أسد الغابة (ج 5، ص 569، ص 617). الثّاء ثوبية: 601. هي مولاة أبي لهب أرضعت النبي - صلى الله عليه وسلم -، اختلف في إسلامها. أسد الغابة (ج 5، ص 414). الجيم جُدَامَةَ بنت وهب أو جُذَامَة: 596. اختلف فيمن روى حديث الغيلة جُدَامة (بالدّال المهملة) أو جُذامة (بالذّال المعجمة)، فروى مالك (بالدّال المهملة)، وروى سعيد بن أيّوب (بالذّال المعجمة)، والصّواب ما قاله مالك، لكن الذي في أسد الغابة (ج 5، ص 414): أن بنت وهب هي جذامة (بالذال المعجمة)، وهي التي روت حديث الغِيلة. ويؤيّد ما قاله مالك ما نقله ابن عبد البّر عن ذيل المذيّل للطبري: أن جُدامة (بالدّال المهملة) بنت جندل هي بنت وهب فإن المحدثين هم الذين قالوا فيها هي بنت وهب. الاستيعاب (ج 4، ص 265). جدّة يحيى بن الحصين: 505. جاء في أسد الغابة هي أمّ الحصين بنت إسحاق الأحمسيّة وذكر الحديث الذي رواه مسلم. أسد الغاية (ج 5، ص 575). الحاء أمّ حبيبة:601، 640. هي رملة تُكنّى بأمّ حبيبة بنت أبي سفيان القرشيّة الأمويّة إحدى أمّهات المؤمنين رضي الله عنها، وكنت من السابقين إلى الإِسلام، هاجرت إلى الحبشة مع زوجها عبد الله بن جحش فتنصّر بالحبشة ومات بها وقد أبت أن تتنصّر فتزوّجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (-44). أسد الغابة (ج 5، ص 459). حفصة: 676. بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وهي من بني عدي بن كعب ومن المهاجرات، وكانت زَوْجًا لحذَافة السّهمي البدرى فلمّا تأيّمت تزوّجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة (3) وتوفيت (-41). أسد الغايه (ج 5، ص 435). الخاء الخثعميّة: ن: أسماء بنت عميس.

الدّال درة بنت أبي سلمة بن عبد الأسد: 601 القرشية، المخزومية، ربيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمّها سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -. أسد الغابة (ج 5، ص 449). الزاي أمّ زرع: 378. أمّ زرع، جاء في حديث عائشة رضي الله عنها في قول المرأة الحادية عشرة وعرف الحديث بحديث أمّ زرع. رواه مسلم (ج 4، ص 1896). زينب: 606. أمّ أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة. وهي زينب بنت أبي سلمة بن عبد الأسد القرشي ربيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمّها أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كان اسمها برّة فسمّاها النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب. أسد الغابة (ج 5، ص 468). زينب بنت جحش: 640. زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، أخت عبد الله بن جحش الأسدي. وتكنّى أمّ الحَكَم، وكان توّجها زيد بن حارثة مولى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد زوّجها الله تعالى من الرسول - صلى الله عليه وسلم -. وكانت أوّل نساء النبيء لُحُوقًا به (-20). أسد الغابة (ج 5، ص 463). زينب بنت أم سلمة: 640. ن: زينب أمّ أبى عبيدة بن عبد الله بن زمعة. السّين سبيعة: 635. هي سبيعة بنت الحارث الأسلمية. كانت امرأة سعد بن خولة البدري فتوفي عنها في حجّة الوداع. وهي التي أفتاها النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها حلّت حين وضعت حملها. أسد الغابة (ج 5، ص 473). أم سعد بن عبادة: 719. توفيت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد ماتت والنبيء غائب فلمّا قَدِم صلى عليها وقد مضى لذلك شهر. أسد الغابة (ج 5، ص 587). أم سلمة: 433، 504، 605، 606، 612، 640. بنت أبي أميّة بن المغيرة القرشيّة المخزوميّة، واسمها هند. وكانت زوجًا لأبي سلمة قبل النبيء - صلى الله عليه وسلم - فولدت له سلمة وعمر ودرة وزينب وقيل غير ذلك وهي آخر أمّهات المؤمنين موتًا (-59). أسد الغابة (ج 5، ص 588)، الإِصابة (ج 4، ص 459). أمّ سليم: 585. هي بنت ملحان بن خالد الأنصارية الخزرجية أم أنس بن مالك. قيل إن اسمها سهلة وكانت زوجة لمالك بن النضر والد

أنس ثمّ تزوجت أبا طلحة الأنصاري. أسد الغابة (ج 5، ص 591). سودة: 503، 608، 610. هي سودة بنت زمعة بن قيس القرشيّة العامريّة. وهي زوجته - صلى الله عليه وسلم - تزوّجها بعد خديجة بمكّة، وتوفيت سودة آخر خلافة عمر رضي الله عنه. أسد الغابة (ج 5، ص 484). الشّين أمّ شريك: 634. القرشيّة العامريّة اسمها غُزيّة. يقال: إنها التي وهبت نفسها للنبيء - صلى الله عليه وسلم - ويقال: إنها المذكورة في حديث فاطمة بنت قيس في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اعتدّي في بيت أمّ شريك". الاستيعاب (ج 4، ص 464). بنت شيبة بن جبير بن شيبة بن عثمان الحجبي: 572. هذا ما ذكره مالك في الموطأ (ج 1، ص 348) وهو ما ذكره مسلم في باب تحريم نكاح المحرم أوّلا ثم عقب هذا الحديث بآخر جاء فيه شيبة بن عثمان والصواب ما ذكره مالك. الصّاد صفّية بنت حيي:476، 517، 518، 585. وهي صفيّة بنت حُيَيّ بن أخطب وقد تزوّجها النبيء - صلى الله عليه وسلم - في غزوة خيبر وقد أسلمت وحسن إسلامها وكانت عاقلة حليمة فاضلة (-50). الإِصابة (ج 4، ص 346). الضّاد ضُباعة: 471، 576 هي بنت الزبير بن عبد المطلب زوج المقداد بن الأسود وقد قتل يوم الجمل. أسد الغابة (ج 5، ص 495). العين عائشة: 432، 433، 449، 459، 466، 473، 474، 475، 477، 490، 498، 512، 513، 514، 518، 520، 530، 561، 577، 596، 600، 602، 605، 606، 610، 622، 625، 634، 653، 694، 701، 703، 709، 717. تقدمت في (ج 1، ص 561). العامرية: 766. هي الغامديّة المرجومة في الزّنا وقد أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واعترفت له بالزّنا. أسد الغابة (ج 5، ص 642). أخت عقبة بن عامر: 722. جاء في حديث أخيها عقبة بن عامر أنّها سألته أن يستفتي لها النبيء - صلى الله عليه وسلم - لأنّها نذرت أن تمشي إلى بيت الله عزّ وجلّ. أسد الغابة (ج 5، ص 628).

عمرة بنت عبد الرحمن: 514. ابن سعيد بن زرارة الأنصاريّة المدنيّة الفقيهة سيّدة نساء التابعين، عن عائشة وأمّ حبيبة وأمّ سلمة رضي الله عنها، وطائفة. توفيت قبل المائة. الخلاصة (ص 494). الفاء فاطمة الزّهراء: 562، 786. تقدّمت في (ج 1، ص 561). فاطمة بنت قيس: 513، 570، 633، 634. ابن خالد الأكبر القرشيّة الفهريّة أخت الضحّاك بن قيس وكانت من المهاجرات الأول، وهي التي طلقها زوجها البتة أبو حفص ابن المغيرة. أسد الغابة (ج 5، ص 526). أمّ الفضل بنت الحارث: 425. زوج العبّاس بن عبد المطلب واسمها لبابة، وولدت لَهُ الفضل وعبد الله ومعبدًا وغيرهم، وهي لبابة الكبرى أخت ميمونة زوج النبيء - صلى الله عليه وسلم -. وهي أوّل امرأة أسلمت بعد خديجة. أسد الغابة (ج 5، ص 608). الميم المخزوميّة: 759. قال القسطلّاني: هى فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد وفي أسد الغابة ابنة الأسد أو أبي الأسود بن عبد الأسد المخزوميّة نسبة إلى مخزوم وهي التي سرقت وكلّم فيها أسامة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أسد الغابة (ج 5، ص 548). ميمونة: 383، 557، 559، 560، 572. تقدّمت في (ج 1، ص 562). الهاء هند بنت عتبة: 525، 781. ابن ربيعة بن عبد شمس القرشيّة الهاشمية. وهي امرأة أبي سفيان بن حرب، وهي أمّ معاوية أسلمت في الفتح بعد إسلام زوجها أبى سفيان. وأقرّها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نكاحها وقد حسن إسلامها وكان لها رأي وعقل. أسد الغابة (ج 5، ص 562).

الطوائف والقبائل والأمم

الطوائف والقبائل والأمم الهمزة آل النبيء - صلى الله عليه وسلم -: 418، 420. وهم آل النبيء - صلى الله عليه وسلم - بنو هاشم على مشهور مذهب مالك وهو قول مالك وأكثر أصحابه أو والمطلب على قول آخر ورجحه المحلي. من شرح ابن كيران (ج 1، ص 178). بنو أسد: 420. حيّ من بني خزيمة من العدنانيّة وهم بطن كبير ذو بطون. نهاية الأرب للقلقشندي (ص 41). الأشعريون: 726. هو بنو أشعر بطن من سبا من القحطانيّة وذكر أبو عبيدة أن الأشعريين من الأشعر بن أدد. نهاية الأرب (ص 41). أصحاب داود: 711. هم أصحاب داود الظاهري أحد الأئمة المجتهدين، وتقدّمت ترجمته في (ج 1، ص 533). أصحاب الزّهري: 398. تقدّم ذكرهم في (ج 1، ص 563). أصحاب المعاني: 485. يقصد بأصحاب المعاني شرّاح الأحاديث. أصحاب أبي حنيفة أو الحنفيّون: 522، 608، 618، 619، 688، 695، 699. هم المتقلّدون لمذهب أبي حنيفة وقد ألفت في تراجمهم كتب كثيرة من أهمها الجواهر المضيئة لابن أبي الوفا (-775) وهو في جزأين. أصحاب مسلم: 674، 698. يقصد بهم شيوخه.

الأصوليون: 371، 410، 433، 434، 436، 561، 570، 391، 602، 606، 619، 622، 635، 652، 659، 666، 679، 695، 700، 709، 769، 782، 783. أو أهل الأصول. تقدّم الكلام عليهم في (ج 1، ص 563). الأطبّاء: 600، 745. هم أهل الطبّ. وقد اعتنى بتراجمهم ابن أبي أصيبعة (-668). الأفاضل: 778. يقصد بهم أهل الفضل. جمهور الأمّة: 655، 662، 663. أشار بهم إلى الإِجماع. الأنصار: 405، 407، 408، 498، 579، 627، 721، 735، 736، 746، 766، 775. ن: (ج 1، ص 503). جماعة الأئمة: 690. يقصد بهم الأئمة من المتكلمين مثل الأشعرية والمعتزلة. أهل البصرة: 462. يقصد بهم نحاة البصرة. ن: البصريين (ج 1، ص 564). الباء البغداديّون، بعض البغداديّين: 583، 622، 673. يقصد بهم المالكيّة من علماء بغداد، وقد أفاض في تراجمهم القاضي عياض في المدارك. وكذلك تحدّث عنهم الشيخ مخلوف في شجرة النور الزكية (ج 1). بنو بياضة: 681. بطن من الخزرج من الأزد من القحطانيّة. نهاية الأرب (ص 184). التّاء التابعون: 622، 705. ن: (ج 1، ص 565). تيم: 461. جاء في شعر طفيل الغنوي. ولعلّه يُريد بني تَيم الذين هم بطت من قريش، ومنهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه. نهاية الأرب (ص 190). الثّاء ثقيف: 721. بطن من هوازن العدنانية واشتهروا باسم أبيهم. والثقيف في اللّغة الحاذق. الجيم الجاهليّة: 610، 637، 657، 689، 731، 777. أطلقها المازري بإطلاقين بمعنى أهل الجاهلية وبمعنى الحال التي كانت عليها العرب قبل الإِسلام من الجهل بالله ورسوله

وشرائع الدين، والمفاخرة بالإنساب والكبر والتجبّر وغير ذلك. النهاية (ج 1، ص 323). أهل الجحفة: 552. هم سكّان الجحفة، وهي قرية كبيرة على طريق مكّة من المدينة وهي ميقات أهل مصر والشّام. مراصد الاطلاع (ج 1، ص 515). جديلة قيس: 487. بطن من قيس عيلان من العدنانيّة، وجديلة أمهم. معجم قبائل العرب (ج 1، ص 173). الحجازيّون: 639، 777. هم سكّان الحجاز، وهو أحد الأقسام الخمسة بجزيرة العرب. مراصد الاطلاع (ج 1، ص 380). الحاء الحمس: 487، 529. في القاموس والتّاج الحمس لقب قريش ومن ولدت وكنانة وجديلة قيس ومن تابعهم في الجاهليّة، وإنما سمّوا حمسا لتحمسهم في دينهم أي تشدّدهم أو للاتجائهم بالحمساء وهي الكعبة إلخ ... التاج (ج 4، ص 432). الخاء الخزرج: 648. بطن من مُزيقياء من الأزد، والخزرج هؤلاء هم المراد بالخزرج عند الإِطلاق، وهم أحد قبيلي الأنصار إخوة الأوس. نهاية الأرب (ص 52). الخلفاء -الخليفة: 475. الخلفاء مفرده الخليفة وهو أمير المؤمنين القائم بأمر الأمّة. وابتدأت الخلافة من عهد أبي بكر رضي الله عنه وألّف السيوطي تأليفا خاصًا بهم وهو تاريخ الخلفاء. طبع سنة 1371هـ. الخوارج: 410، 411، 412. تقدمت ترجمتهم في (ج 1، ص 565). أهل خيبر: 667، 670. هم اليهود القاطنون بخيبر وهي على ثمانية بُرُد من المدينة من جهة وهي التي غزاها النبيء - صلى الله عليه وسلم - وكان بها سبعة حُصون لليهود. مراصد الاطلاع (ج 1، ص 494). الرّاء ربيعة: 750. بطون كثيرة من العدنانيّة والقحطانيّة. نهاية الأرب (ص 258). بنو رافع: 622. هم بطن من هَمْوَان من القحطانيّة كانت فيهم ثروة. معجم قبائل العرب (ج 2، ص 414). بنو رحبة: 595. بطن من حمير وهي رحبة بن زرعة

الأصغر بن كعب بن زيد بن سهل. هذا ما جاء في المعلم ومثله في تاج العروس (ج 1، ص 268). الرّوم: 488، 596. تقدّم الكلام عليهم في (ج 1، ص 566). الزاي بنو زُبيد: 632. بطن من سعد العشيرة من القحطانيّة، ويعرف زبيد هؤلاء بزبيد الأكبر وهو زبيد الحجاز، وهناك زبيد الأصغر. نهاية الأرب (ص 268). بنو زريق: 632. بطن من الخزرج من القحطانيّة ومنهم أبو رافع بن مالك وهو أوّل من أسلم من الأنصار وجماعة غيره من الصحابة رضوان الله عليهم. نهاية الأرب (ص 271). السِّين السّامرة: 705. قوم ليسوا من بني إسرائيل وإنما هم قوم سكنوا بلاد الشام وتهوّدوا وكانوا لا يؤمنون بنبّي غير موسى وهارون ولا بكتاب غير التوراة وما عداهم من اليهود يؤمنون بالتوراة وغيرها من الكتب اليهوديّة. ن: الملل والنحل والتعليق عليه (ج 2، ص 28). السّلف أو إجماع السلف: 534، 707. يقصد بهم أهل العلم من القرون الأولى. السودان: 653. جيل من النّاس سود البشرة، واحده والنسبة إليه سوداني. المعجم الوسيط (ج 1، ص 464). الشّين الشافعية أو أصحاب الشافعي:511، 576، 699، 721، 744. تقدم التعريف بهم (ج 1، ص 566). الشيعة: 707. هم الذين شايعوا عليّا عليه السلام على الخصوص وقالوا بإمامته وخلافته نصّا ووصيّة واعتقدوا أن الإِمامة لا تخرج من أولاده، والإِمامة عندهم هي قضيّة أصوليّة رُكنٌ من الدّين وهم خمس فرق كيسانية وزيديّة وإماميّة وغلاة وإسماعيليّة وبعضهم يميل في الأصول إلى الاعتزال وبعضهم إلى السنّة وبعضهم إلى التشبّه. الملل والنحل (ج 1، ص 234). الشيوخ أو شيخنا: 653، 656، 658، 664، 690، 692، 699، 701. تقدم الكلام على ذلك (ج 1، ص 566). شيوخ مسلم: 696.

هم الذين روى عنهم مسلم وتفصيل الكلام عليهم في كتب عديدة أهمها تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر العسقلاني أحمد بن عدي بن محمد الكناني أو الفضل (-852). الصّاد الصائبة: 705. ذكر الشهرستاني أن الصبوة في مقابلة الحنيفيّة والصائبة هم الذين مالوا وزاغوا عن الحق ونهج الأنبياء. الملل والنحل (ج 2، ص 108). الصحابة: 398، 411، 444، 463، 473، 474، 478، 479، 498، 532، 570، 602، 606، 622، 623، 634، 636، 669، 672، 694، 695، 707، 721، 773، 792. تقدم الكلام عليهم (ج 1، ص 566). الظّاء أهل الظاهر أو أصحاب الظاهر: 435، 436، 473، 479، 655، 684، 758. هم فقهاء منسوبون إلى القول بالظاهر من الكتاب والسنّة، وهم أتباع داود بن علي بن خلف الأصبهاني المعروف بداود الظاهري (-270). الوسيط (ج 2، ص 584)، والأعلام (ج 3، ص 8). العين عدي: 461. بنو عديّ بطون كثيرة، وجاء ذكر عديّ في بيت للكفيل الغنوي. نهاية الأرب (ص 354 إلى 358). أهل العراق أو فقهاء العراق: 460، 692، 777. يقصد بأهل العراق في الفقرة الأولى والثالثة سكّان العراق ويقصد في الفقرة (692) العلماء العراقيّين. وتقدمت ترجمة أهل العراق (ج 1، ص 564). العرب: 375، 395، 440، 488، 489، 518، 525، 609، 618، 627، 656، 681، 683، 690، 706، 731، 745، 749، 756، 792. تقدّم الكلام عليهم (ج 1، ص 567). العرينيون: 744. بطن من أنمار بن أراس من كهلان، وفي نهاية الأرب: منهم الرهط الذين قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. نهاية الأرب (ص 361). بنو عقيل: 721. بطنان بطن من الطالبيين من بني هاشم وبطن من هلباء بن مالك بن سويد بن زيد.

نهاية الأرب (ص 365). العلماء أو جمهور العلماء أو أهل العلم أو العلماء: 371، 420، 430، 433، 436، 446، 455، 464، 490، 507، 516، 537، 551، 552، 568، 573، 574، 576، 590، 606، 613، 622، 623، 634، 637، 652، 653، 655، 656، 657، 658، 659، 665، 669، 679، 684، 690، 697، 700، 705، 707، 709، 712، 712، 720، 749، 759، 762، 769، 778. أراد بهذه التعبيرات بعض العلماء، قال ذلك أو أراد الكثير منهم، وتقدمت ترجمة أهل العلم (ج 1، ص 564). الفاء فارس: 596. يقصد بفارس أهل فارس، وهي مملكة فارس التي فتحها الله على المسلمين وتقدم الكلام على الفرس (ج 1، ص 567). الفقهاء أو فقهاء الأمصار أو أهل الفقه أو جمهور الفقهاء: 371، 422، 434، 443، 445، 446، 459، 471، 479، 501، 506، 561، 570، 573، 574، 585، 600، 601، 605، 622، 655، 657، 661، 669، 690، 706، 709، 721، 760، 779. تقدم الكلام عليهم في (ج 1 ص 567). الفلاسفة: 690. تقدم الكلام عليهم في (ج 1 ص 567). القاف قتبان: 598. بطن من رعين ورعين بطن من حمير. القرويّون: 573. نسبة إلى القيروان، وهي بفتح القاف وسكون التحتيّة وفتح الرّاء وبعد الواو ألف ونون وهي في اللّغة القافلة. ويقصد بالقرويّين فقهاء القيروان من المالكية وهم في مقابلة البغداديين. مراصد الاطلاع (ج 3، ص 1139). قريش: 487، 520. تقدمت ترجمتهم في (ج 1، ص 567). الكاف الكفّار أو هل الكفر: 705، 721، 744. يقصد بهم من هم على غير ملّة الإِسلام. كنانة: 487.

بطن من مضر، وكنانة هذا كان له من الولد على عمود النسب النبوي النضر، وخارجا عن عمود النسب مالك وملكان إلخ ... نهاية الأرب (ص 408). اللاّم اللّغويّون أو أهل اللّغة: 453، 523، 627، 658، 665، 667، 680، 685، 718، 745. تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 568). الميم المالكيّة: 382، 434، 451، 459، 506، 511، 526، 533، 535، 558، 561، 572، 576، 583، 585، 602، 608، 612، 618، 619، 620، 622، 625، 635، 641، 642، 643، 652، 653، 655، 656، 658، 659، 662، 663، 664، 666، 669، 675، 680، 681، 682، 684، 692، 694، 695، 697، 699، 702، 709، 710، 721، 736، 637، 744، 747، 774، 780، 786. تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 568). المتكلمون: 690. تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 569). المجوس: 705. الشهرستاني أنهم من أصحاب الأصلين أي النور والظلمة وقد فصّل الكلام عليهم في الملل والنحل (ج 2، ص 54). المحدّثون أو بعض المحدّثين: 685، 699. تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 569). أهل المدينة: 460، 549. يقصد بأهل المدينة سكانها. المرتدّون: 744. هم المارقون من الإِسلام الخارجون منه إلى الكفر. المسلمون: 541، 653، 656، 680، 688، 690، 697، 716، 718، 744، 766. تقدم الكلام عليهم (ج 1، ص 569). مُضر: 750. قبيلة من العدنانيّة، وهم من بنو مُضر ابن معد بن عدنان. قال في العبر: وكانت مُضر أهل الكثرة والغلب بالحجاز من سائر بني عدنان، وكانت لهم الرئاسة بمكّة والحرم. نهاية الأرب (ص 422). المعتزلة: 387، 412، 776. تقدّم الكلام عليهم (ج 1، ص 569). أهل مكّة: انظر: مكة.

الملحدة: 473. المفرد الملحد وهو الطاعن في الدّين المائل عنه. المعجم الوسيط (ج 2، ص 823). المنافقُون: 718. جمع المنافق من يخفي الكفر ويظهر الإِيمان. المعجم الوسيط (ج 2، ص 950). المنجّمون: 422. جمع المنجّم من ينظر في النجوم يحسب مواقيتها وسيرها ويستطلع من ذلك أحوال الكون. المعجم الوسيط (ج 2، ص 912). النّون النحاة أو أهل النحو: 545، 570، 666. تقدم الكلام عليهم (ج 1، ص 569). النصارى أو الكفرة: 655، 705. تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 569). أهل النقل: 535. يقصد بهم نقلة الحديث. الهاء بنو هاشم: 418. بطن من قريش من العدنانيّة، وهم بنو هاشم بن عبد مناف من عمود النسب النبوى واسم هاشم عمرو وسمِّي هاشما لهشمه الثريد لقومه. نهاية الأرب (ص 435). هوازن: 613. بطنان بنو هوازن من خزاعة من بني مُزَيقياء من الأزد القحطانيّة وبنو هوازن بطن من قيس غيلان من العدنانية. نهاية الأرب (ص 442). الياء أهل اليمن: 549، 652. أي سكّان اليمن، واليمن بالتحريك وسمّيت اليمن لتيامنهم إليها لمّا تفرّقت العرب من مكّة. والبحر محيط بأرض اليمن من المشرق إلى الجنوب ثمّ راجع إلى الغرب. مراصد الاطلاع (ج 3، ص 1483). اليهود أو بنو إسرائيل: 437، 591، 616، 656، 683، 694، 705، 737، 770. اليونانيّون: 745. مفرده اليونانّي منسوب إلى اليونان، وهي بلاد الإِغريق قديما، تقع في الجنوب الشرقي من أروبا، وتتألف بلاد اليونان من الجزء الجنوبي شبه جزيرة البلقان والجزر الواقعة في بحر إيجه والبحر الأيوبي. الموسوعة العربيّة الميسّرة.

البلدان والأماكن

البلدان والأماكن الهمزة الأبطح: 509. يُضاف إلى مكّة وإلى منى لأن مسافته منهما واحدة وربّما كان إلى منى أقرب وهو المحصّب. مراصد الاطلاع (ج 1، ص 17). أوطاس: 607. واد في ديار هوازن فيه كانت وقعة حنين. المراصد (ج 1، ص 132). الباء البيت أو البيت العتيق: 490، 511، 517، 519، 520، 521، 523، 531. سمّى الله الكعبة البيت الحرام وقال ابن سيدة وبيت الله تعالى الكعبة وقال في التاج هو أي البيت علم بالغلبة فيكون مجازا. التاج (ج 1، ص 530). البيداء: 461. اسم لأرض بين مّكة والمدينة. مراصد الاطلاع (ج 1، ص 239). التّاء تهامة: 532. تساير البحر منها مكّة. المراصد (ج 1، ص 283). التين: 724. التين جبل بالشام. المراصد (ج 1، ص 288). الثّاء ثور: 537. جبل بمكّة فيه الغار الذي اختفى به النبيء - صلى الله عليه وسلم -. المراصد (ج 1، ص 302).

الجيم جبل أحُد: 536، 537. (بضمّ أوّله وثانيه معا) اسم لجبل ظاهر المدينة كانت عنده الغزوة المشهورة وهو جبل أحمر في شمالي المدينة. المراصد (ج 1، ص 36). الجُحفة: 552. (بالضمّ ثمّ السكون) كانت قرية كبيرة على طريق مكّة، وهي ميقات أهل مصر والشام (أي والمغرب) بينها وبين البحر ستّة أميال. المراصد (ج 1، ص 315). جمرة العقبة: 500، 506، 508. إحدى الجمرات الثلاث بمنى. المراصد (ج 1، ص 344). الحاء الحجاز: 618، 624، 705. (بالكسر وآخره زاي) هو جبل ممتد يحجز بين غور تهامة ونجد وبلاد العرب على خمسة أقام: تهامة، والحجاز، ونجد والعروض واليمن. المراصد (ج 1، ص 380). الحجر: 520. حجر الكعبة وهي مصطبة محوطة بحائط، وهي ما تركت قريش من الكعبة حين بنوها والطواف من خارجه، وفيه قبر سارة أم إسماعيل. المراصد (ج 1، ص 381). الحديبية: 511. قرية سمّيت ببئر هناك عند مسجد الشجرة التي بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه عندها وبينها وبين مكّة مرحلة. المراصد (ج 1، ص 386). ذو الحليفة: 460، 472. الحليفة بالتصغير، ذو الحليفة قرية بينها وبين المدينة ستّة أميال أو سبعة منها ميقات أهل المدينة. المراصد (ج 1، ص 420). حنين -يوم حنين: 405. مكان بينه وبين مكّة بضعة عشر ميلا وهو الذي ذكره الله عزّ وجلّ في كتابه {ويوم حنين ...}. المراصد (ج 1، ص 432). الخاء خيبر: 564، 667، 670، 684، 688، 714. الموضع المشهور، والخيبر بلسان اليهود الحصن. وهو الذي غزاه النبيء - صلى الله عليه وسلم - على ثمانية برد من المدينة من جهة الشام، وكان بها سبعة حُصُون لليهود، وحولها مزارع ونخل. المراصد (ج 1، ص 494). دجلة: 680. النهر العظيم الذي يشق بغداد. المراصد (ج 2، ص 515).

الزاي الزيتون: 724. جبل بالشام وهو بلفظ المأكول. المراصد (ج 2، ص 678). الشّين الشام: 425، 457. يُهمز ولا يُهمز وحَدّها طولا من الفرات إلى العريش وعرضا من جبلي صلّي إلى بحر الرّوم. المراصد (ج 2 ص 775). شراج الحرة: 782. مسيل الماء من الحرة إلى السهل وهي بالمدينة وهي التي خوصم فيها الزبير إلي النبىء - صلى الله عليه وسلم -. المراصد (ج 2، ص 787). الشِّعب: 509. هو الطويل في الجبل، ومراده الذي مخرجه إلى الأبطح بمكّة. الصّاد الصّفا: 498. المذكور في القرآن مكان مرتفع من جبل أبي قُبيس، بينه وبين المسجد الحرام عرض الوادي الذي هو طريق وسوق ومنه يبتدي السعي بينه وبين المروة وهو الآن ضُمّ إلى المسجد الحرام. المراصد (ج 2، ص 843). صِفّين: 718. (بكسر أوّله وثانيه وتشديده) موضع بقرب الرقّة على شاطىء الفرات من غربيّها وبه كانت الوقعة بين عليّ ومعاوية رضي الله عنهما. المراصد (ج 2، ص 846). العين العراق: 665، 705. المشهور هو ما بين حديثة الموصل إلى عبادان طولا وما بين عذيل القادسيّة إلى حلوان عرضا. وهذا حدّه عند الفقهاء. المراصد (ج 2، ص 926). عرفة: 472، 487، 499، 529. (بالتحريك) وعرفة واحد وهو الموقف في الحجّ. المراصد (ج 2، ص 930). ذات عرق: 460. مهلُّ أهل العراق وهو الحدّ بين تهامة ونجد. المراصد (ج 2، ص 932). عَسْقَلاَن: 558. مدينة بالشام من أعمال فلسطين على ساحل البحر بين غزّة وجبرين. المراصد (ج 2، ص 940). العقيق: 460. هو كلّ مسيل ماء شقّه السّيل في الأرض فأنهره وأوسعه وفي ديار العرب أعقّة منها عقيق المدينة فيه عيون ونخل وفي العقيق دور ومنازل وقُرى.

المراصد (ج 2، ص 952). عَيْر: 537. جبل بالمدينة بلفظ حمار الوحش. المراصد (ج 2، ص 974). الكاف الكديد: 435. موضع بالحجاز على اثنين وأربعين ميلا من مكّة بين عُسْفَان وأمَج. المراصد (ج 3، ص 1152). كراع الغميم: 435. موضع بالحجاز بين مكّة والمدينة أمام عُسْفَان بثمانية أميال. المراصد (ج 3، ص 1153). الكعبة أو بيت الله: 519، 520، 722. ن: البيت العتيق. الميم المدينة المنوّرة: 425، 535، 537، 538، 542، 544، 546، 547، 549، 555، 556، 558، 615، 627، 692، 744، 745. هي مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهي مقدار نصف ميل في حردة سبخة وبها نخلٌ كثير على مياه الآبار والسواقي ومسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - في وسطها وقبره عليه الصلاة والسلام في زاويته الشرقية في بيت وعليه قبّة رصاص ومعه قبر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ولا باب له. المراصد (ج 3، ص 1247). وما جاء أنّها في مقدار نصف ميل إنما ذلك في عصر مؤلف المراصد أمّا الآن فهي في اتساع كبير. المروة: 490، 491، 498. جبل بمكّة ينتهي إليه السعي من الصفا. المراصد (ج 3، ص 1262). المزدلفة: 499، 501، 503. مكان نزول الحجّاج بين عرفات ومنّى وتسمّى جمعا لأنّه يُجمع فيها بين المغرب والعشا، وبها المشعر الحرام. المراصد (ج 3، ص 1265). مسجد إيليا أو بيت المقدس، أو الأقصى: 457، 557، 558، 559. هو ثالث المساجد التي تُشدّ إليها الرّحال، وهو بفلسطين وهو الذي في قوله تعالى: {إلى المسجد الأقصى} وهو الذي كان إليه الإِسراء وبينه وبين المسجد الحرام أربعون ليلة كما أفاده الخطيب الشربيني في تفسيره. المسجد الحرام أو مسجد مكّة: 457، 556، 558، 559، 731. هو الذى بمكّة حول الكعبة زادها الله شرفا، وقد كان الناس يبنون دورهم حتى بلغوا قريبا من الكعبة فهدم عمر الدور وعوّض أثمانها لأربابها وجعل للمسجد جدارًا ثم توالت العناية بالمسجد الحرام طوال السنين. المراصد (ج 3، ص 1268).

ولم تنته العناية بتوسيع المسجد الحرام إلى اليوم عمّره الله بالطائفين والركع السجود. مسجد قبا: 558. هو المسجد المؤسس بقبا وهي مساكن بني عمرو بن عوف من الأنصار وهي على ميلين من المدينة، ومسجد قبا هو مسجد التقوى. المراصد (ج 3، ص 1061). مسجد النبيء - صلى الله عليه وسلم - أو مسجد المدينة: 457، 556، 557، 558، 559. وهو المسجد النبوي الذي بناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السنة الأولى من الهجرة، وقد كان مربدًا لغلامين يتيمين من بني النجار في حجر معاذ بن عفراء وقد تولّى بناءه النبيء - صلى الله عليه وسلم - بنفسه وأصحابه من المهاجرين والأنصار. تاريخ الطبري (ج 2، ص 116). المشعر الحرام: 503. هو مسجد مزدلفة. مكّة -عرش مكّة: 464، 472، 488، 504، 510، 511، 532، 533، 537، 556، 558، 564، 594، 676. بيت الله الحرام هو الكعبة المشرفة قبلة المسلمين، ومكة في واد بين جبلين مشرفين عليها من نواحيها، وهي محيطة بالكعبة، والعُرش (بالضمّ في أوله وسكون ثانيه وآخره شين) قيل اسم لمكّة. وعرش مكة بيوتها. المراصد (ج 3، ص 1303)، (ج 2، ص 929). مِنى: 444، 464، 490، 504، 510،508. في درج الوادي الذي ينزله الحجّاج، ويرمى فيه الجمار وهي في داخل الحرم وفيها مساكن تسكن أيّام الموسم وتخلو بقيَّة أيّام السنة. ومسجدها مسجد الخيف. المراصد (ج 3، ص 1312). النون نجد: 532. قيل هى نجود كثيرة وهي قسم من جزيرة العرب. ن: المراصد (ج 3، ص 1358). الياء اليمن: 634. قسم من جزيرة العرب في جنوبها.

فهرس الكتب والمصادر

فهرس الكتب والمصادر الأمالي: 414. تقدم (ج 1، ص 233). تاريخ البخاري: 668. للبخاري تواريخ ثلاثة والمقصود هو التاريخ الكبير والبخاري توفي (-256). تقدم (ج 1، ص 213). تفسير أبي عبيد: 665. تقدمت ترجمته (ج 1، ص 231). تفسير يحيى: 665. هذا التفسير في أجزاء عديدة وتوجد منه أجزاء كثيرة، ويحيى بن سلاّم هو يحيى بن سلاّم بن أبي ثعلبة التيمي البصري ثم الإِفريقي. أدرك التابعين (-200). معالم الإِيمان (ج 1، ص 239، ط 1). الجمهرة لابن دريد: 647. تقدم (ج 1، ص 228). صحيح البخاري: 467. تقدم (ج 1، ص 213). كتاب الأسد لابن خالويه: 568. الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذاني النحوي إمام اللغة والعربية (-370). كتاب الأفعال: 506، 511، 516. تقدم (ج 1، ص 230، 231). كتاب ابن بُكير: 606. يحيى بن يحيى بن بُكير التميمي الحنظلي النيسابوري وكان محدّثا ثقة (-226). المدارك (ج 1، ص 216). كتاب ابن أبي داود أو سنن أبي داود: 622، 752، 768. تقدم (ج 1، ص 216). كتاب ابن أبي حاتم: 668. يقصد به كتاب الجرح والتعديل وهو

كتاب كبير في عدّة أجزاء وابن أبي حاتم هو أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد الرازي (-327). تذكرة الحفاظ (ج 3، ص 829). كتابٌ خير من زينته لعلي بن زياد: 574. أبو الحسن علي بن زياد العبسي ولد بطرابلس ثم انتقل إلى تونس فسكنها. وفضائله أكثر من أن تحصى (-183). المدارك (ج 3، ص 80) ومقدمة موطأ علي بن زياد. كتاب العلل للدارقطني: 560. والدارقطني هو أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني (-385). كتاب علي بن السكن: 398. تقدم (ج 1، ص 216). كتاب مسلم: 382، 508، 514، 520، 522، 537، 564، 576، 592، 594، 605، 614، 652، 653، 665، 667، 670، 681، 698، 699، 701، 707، 745، 762، 786. تقدم (ج 1، ص 157). كتاب النصيحة للداودي: 511. والداودي هو أبو جعفر أحمد بن نصر الدَّاوُدِي من أئمة المالكيّة في المغرب كان بطرابلس ثم انتقل إلى تلمسان وتوفي بها (-402) وقيل (-440). الديباج (ج 1، ص 165). كتاب الهروي وهو كتاب الغريبين: 639. تقدم (ج 1، ص 223). كتب النحاة: 666. يقصد بها الكتب المؤلفة في علم النحو مثل كتاب سيبويه وغيره. المبسوط لعبد الملك: 622. لعلّه يقصد عبد الملك بن حبيب أبا مروان الأندلسي (-238) لكن لم يذكر مترجموه أن له المبسوط بل كتابه المشهور الواضحة. وإنما المشهور أن المبسوط للقاضي إسماعيل (-282). مختصر المدوّنة: 460. المعروف بالتهذيب لأبي سعيد خلف ابن أبي القاسم الأزدي المعروف بالبرادعي ويكنى سعيد من كبار أصحاب ابن أبي زيد واختصاره للمدوّنة اتبع فيه طريقة شيخه ابن أبي زيد وله التمهيد لمسائل المدوّنة. والشرح والتتمّات لمسائل المدونة واختصار الواضحة. نحو (-400). المدوّنة: 460، 608، 656، 660، 664، 695. وتُسمَّى الأمّ والمختلطة للإِمام أبي سعيد سحنون بن سعيد التنوخي القيرواني وهذّبها سحنون عن ابن القاسم وأشار إلى ذلك ابن يونس في جامعه وتقدّمت عند المالكيّة على سائر الدواوين بعد الموطأ. وسحنون هو عبد السلام بن سعيد

التنّوخي القيرواني (-240). المدارك (ج 4، ص 45). مسند ابن أبي شيبة: 510. أبو يوسف السدوسي (-262) ومسنده هذا جمع فيه مسند العشرة وابن مسعود وعمّار وعبّاس. كشف الظنون (ج 2، ص 1678). المصنّف: 403، 566، 615، 624. تقدم (ج 1، ص 231). مصنّف النسائي: 479، 768. تقدم (ج 1، ص 320). الموازيّة: 656، 708. لمحمد بن الموّاز. وهو محمد بن إبراهيم بن زياد الاسكندري المعروف بابن الموّاز والموّازية هي أجلّ كتاب ألّفا المالكية وأصحّه مسائل وقد رجّحه القابسي على سائر الأمهات (-269). الديباج (ج 2، ص 166). الموطأ: 514، 526، 705. كتاب الموطأ هو عمدة المالكية الأول وقد اعتنى العلماء بشرحه وانظر فيما يتعلّق بروايته المدارك. وقد ذكر في كشف الظنون جملة من شروح الموطأ ومتعلقاتها وانظر مقدمة القطعة من موطأ علي بن زياد. تقدم (ج 1، ص 551). نسخة السِّجْزِي: 672. وهو أبو نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم السِّجْزِي (-444). الرسالة المستطرفة (ص 30).

الِامَام اَبي عَبْد اللهِ مُحَمدَ بِنْ عَلي بنْ عُمَر المَازْرِي 536 هـ - 1141 م المعلم بفوائد مسلم الجُزْء الثالثْ تَحقيقْ وتقديم فضيلة الشيخ محمد الشاذلي النيفر المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات بيت الحكمة 1991 فضيلة الشيخ محمد الشاذلي النيفر المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات بيت الحكمة 1991

"المعلم بفوائد مسلم" تحقيق وتقديم فضيلة الشيخ محمد الشاذلي النيفر. تونس: المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات "بيت الحكمة" 1991 (تونس: LAPLUME) ص597: 24سم- (تحقيق النصوص: علوم اسلامية) مسفر. ر. د. م. ك. 9973 - 911 - 58 - x سحب من هذا الكتاب 3000 نسخة في طبعته الاولى جميع الحقوق محفوظة للمؤسّسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدّراسات -بيت الحكمة- 1991

[الجهاد - التفسير]

كتاب الجهاد 793 - فيه قول نافع في الدعاء قبل القتال: "إنما كان ذلك في أوّل الإِسلام قد أغار النبيء - صلى الله عليه وسلم - على بني المصطلق وهم غارّون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلهم وسبا سبيهم" ص: (1356). قال الشّيخ وفقه الله: اختلف الناس في الدّعوة قبل القتال هل يؤمر بها على الإطلاق أولاً يؤمر بها أم يفصل الجواب فيؤمر بها إذا قوتل من لا يعلم وتسقط في قتال من يعلم وقد قال بعض النّاس إن هذه المسألة مبنية على أن العقل ماخلا من سمع (أو يجوز أن يكون خلا منه وهي مسألة اختلاف بين أهل الأصول وقد احتجّ من يقول أنه لم يخل من سمع) (¬1) بقوله تعالى {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى} (¬2) ¬

_ (¬1) ما بين القوسين ساقط من (ب) (¬2) 8/ 9 - الملك

وبقوله تعالى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (¬3) ومن ينكر القول بالعموم لا يسلم هذا الاستدلال وهذا البناء الَّذِي بناه بعض أهل الأصول فيه نظر وذلك أن قصارى ما فيه أنه ليس بالأرض أمة إلاّ وقد بلغتها دعوة رسول ما وقد يكون عند هؤلاء في الأرض قوم لم يعلموا ظهور النبيء - صلى الله عليه وسلم - ونبوءته ويظنون أن القتال على جهة طلب الملك فيأمرون بالدعوة وقد اختلف النّاس أيضاً إذا قاتل من يؤمر بدعوته ولم يدعه، فقتله هل عليه دية أم لا فمذهب مالك وأبي حنيفة لا دية عليه ومذهب الشافعي أنّ عليه الدية وحجّتنا أنّ النّهي عن قتالهم قبل الدّعوة لا توجب مخالفته الدية كقتل النّساء والصّبيان قال ابن القصّار ولو أقام المسلم بدار الحرب مختارًا وهو قادر على الخروج منها فوقع أيضاً قتله خطأ فإنه لاَ يُودَى. 794 - قال الشيخ: خرّج مسلم في باب قوله عليه السلام "لكل غادر لواء يوم القيامة" حدّثنا محمد بن المثنى وعبيد الله بن سعيد قالا نا عبد الرحمن بن مهدي نا شعبة عن خُلَيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - الحديث. وقع في نسخة أبي العباس الرازي شعبة عن خالد قال بعضهم: والصّواب خُليد كما تقدم وهو خليد بن جعفر. ص (1361). 795 - قوله: كان - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمَّر أميرًا على جيش أوصاه بتقوى الله الحديث وفيه ولا تَقْتُلوا وليدا وإذا لقيت عدوك من المشركين فَادْعُهُمْ إلى ¬

_ (¬3) 15 - الإسراء

ثلاث خصال أو خلال فأيّتُهُنَّ ما أجابوك فاقْبِل منهم وكفّْ عنهم ثم ادعهم إلى التّحوُّل من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين وان أَبَوا أن يتحولوا منها (¬4) فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين فإن حَصَرْتَ أهل حصن فأرادوك (¬5) أن تجعل لهم ذمَّة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمَّة الله ولا ذِمَّة نبيه ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك فإنَّكم إن تخفروا ذِممَكم وذمم أصحابكم أهون من أن تُخْفِرُوا ذِمَّة الله وذمَّةَ رسوله وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهْم على حكم الله ولكن انزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا" (ص 1357). قال الشيخ: قوله "ولا تقتلوا وليدا" إنما ذلك لأن الأطفال لا نكاية فيهم ولا قتال ولا ضرر بأهل الإِسلام بل هم لهم من جملة الأموال ولم يبلغوا التكليف فلهذا لم يُقتلوا، وفي هذا الحديث أنه امره بالدعوة إلى الإِسلام وقد قدمنا الخلاف في ذلك، وقوله ثم ادعهم إلى الإِسلام لفظ يوهم أنه غير الثّلاث الخصال التي أجملها أولاً لذكره لفظة ثمّ وإنما دخلت ها هنا لافتتاح الكلام والأخذ في تفسير الِخصَال الأول. وأما قوله في التحوُّل إنهم لهم ما للمهاجرين وإن أبوا فكالأعراب" فيمكن أن يريد (¬6) الإشارة لتمييز المهاجرين عن غيرهم ولو لم يكن إلا ¬

_ (¬4) في -ج- عنها. (¬5) في -ج- فأرادوا وكذا فيما يأتي. (¬6) في (ج) عوض أن يريد أن تكون.

بغزوهم مع النبيء - صلى الله عليه وسلم - وخروجهم معه كلّما خرج فيستحقّون الغنائم ولعله على هذا نبّه بقوله - صلى الله عليه وسلم - يكونون كأعراب المسلمين ولا يكون لهم من الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين. وأما نهيه - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل لهم ذمة الله وذمة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فإعظاما لذلك لئلاّ يكون منهم تقصير يكاد أن يوقعهم في إخفار الذمة فيكون ذلك إذا أَعطَوا ذمة أنفسهم أهون منه إذا أعطَوا ذمة الله. وأما نهيه أن يُنزلهم على حكم الله سبحانه، وإشارته للتعليل فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا؟ فقد يتعلّق بظاهر هذا من يقول من أهل الأصول إن الحق في مسائل الفروع واحد. وقد يجيب عن هذا من يقول من أهل الأصول ليس لله جلّت قدرته حكم يطلب في مسائل الفروع حتّى (يخطأ مرة ويصاب أخرى) (¬7) سوى ما أدى المجتهد إليه اجتهاده فهو حكم الله تعالى عليه (¬8) بأن يقول: فإنّ النبيء - صلى الله عليه وسلم - معرّض لنزول الأحكام عليه كل حين وساعة ونسخ الأحكام وتبديلها في كل وقت فلعلّه أراد ألاّ تُنزلهم على ما أنزل الله عليّ مما أنت غائب عنه لا تعلمه فإنك لا تدري إذا فعلت معهم فعلا هل تصادف ما أنزل عليّ وأنت غائب عنه أم لا؟. 796 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: الَحرب خُدْعة (1361). يقال خَدعة بفتح الخاء وإسكان الدّال على جهة المصدر المحدود كضربة ونفخة وخُدعة بضم الخاء وإسكان الدال وهو اسم على تقدير ¬

_ (¬7) ما بين القوسين محرّف في (ب). (¬8) عليه ساقطة من (ب).

لعبة ولا يراد به المرة الواحدة كما يراد بالمصدر المحدود وخُدَعة بضم الخاء وفتح الدّال وهو صفة لها ومعناها أنها تخدع الرجال كما يقال ضُحَكة للّذي يضحك بالنّاس وهُزَأة للّذي يهزأ بهم. 797 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَتَمَنَّوا لقاءَ العَدُوِّ فإذا لَقِيتموهم فاصبِروا" (ص 1362). قال الشيخ: قد يشكل في هذا الموضع أن يقال إذا كان الجهاد طاعة فتمنّي الطاعات حسن فكيف يُنهى عنه قيل قد يكون المراد بهذا أنّ التمنّيَ ربّما أثار (فتنة أو أدخل مضرة إذا تُسُهِّل) (¬9) في ذلك واستُخف به ومن استخف بعدوّه فقد أضاع الحزم فيكون المراد بهذا أي لا تَستهينوا بالعدوّ فتتركوا الحذر والتحفّظ على أنفسكم وعلى المسلمين أو يكون لا تتمنّوا لقاءه على حالة يشكّ في غلبته لكم أو يخاف منه أن يستبيح الحريم أو يُذهب الأنفس والأموال أو يدرك منه ضرر. 798 - قوله: "نَهَى - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء والصبيان" (ص 1364). قال الشيخ: قد تقدّم الكلام في قتل الصبيان وأمّا المرأة فلا تقتل أيضاً لأنها من جنس من لا يقاتل لكنها إن قاتلت قُتلت في حال القتال لأن المعنى المبيح لقتل الرجال قد وُجد منها وإن كانت قاتلت ثم برد القتال ففي قتلها خلاف بخلاف الرجل إذا بَرَدَ القتال فإنه يُقتل إذا شاء الإمام. ¬

_ (¬9) ما بين القوسين ساقط من (ب).

وأما قتل الشيوخ والرُّهبان فعندنا وعند أبي حنيفة أنهم لا يقتلون خلافا للشافعي ولنا قول الله تعالى (وَقَاتِلوا المشركين كَافَّة كَماَ يقَاتِلوبمم كَافَّة) (¬10) وهؤلاء ليسوا ممّن يقاتل وقد نبّه - صلى الله عليه وسلم - على علّة النّهي عن قتل المراة بأن قال عليه السلام ما كانت هذه تقاتل. وللشافعي قوله تعالى: (فاقتلوا المشركين حَيث وَجَدتموهم) (¬11) وهذان مشركان وقد قتل دريد بن الصمة وهو شيخ وخرَّج النسائي وأبو داود أنه - صلى الله عليه وسلم - قال (اقتلوا شيوخ المشركين واستَحيوا شَرْخَهم) ولأن الجزية تؤخذ منهم كما تؤخذ من الشبّان والجزية تحقِن الدِّماء فلولا أنّ دمه غير محقون ما أخذت منه الجزية وجوابنا أنّ الآية مخصوصة بما قدّمناه من أدلّتنا ودرَيد كان له رأي ونِكاية فقتل لها وعلى مثله يحمل ما تقدّم من الحديث والجزية لا نسلّم أنها لحقن الدم بل عوض المسكن والقرار تحت يد الإِسلام وقد التزم أبو حنيفة أنها لا تؤخذ من الشّيخ الفاني فالانفصال عنه ساقط (¬12) والمراد بقوله - صلى الله عليه وسلم - شَرْخهم أي صبيانهم وشرخ كلّ شيء أوله فالصّبا أول الشباب. 799 - وقوله: "سُئل - صلى الله عليه وسلم - عن الدار (¬13) من المشركين يُبيَّتُونَ فيصيبون من نسائهم وذراريهم فقال - صلى الله عليه وسلم - هم منهم" (ص 1364). ¬

_ (¬10) 36 - التوبة. (¬11) 5 - التوبة وما اثبتناه هو التلاوة وأمّا ما جاء في النسخ فهو اقتلوا بدون الفاء. (¬12) في (ب) و (ج) فالانفصال ساقط عنه. (¬13) في (ج) عن الولد، وفي الأصل عن الذّراري أو أهل الدّار.

قال الشيخ وفّقه الله: المراد بقوله هم منهم أنّ أحكام الكفّار جارية عليهم في مثل هذا والدّار دار كفر بكل من فيها منهم ومن ذراريهم، وإن اعتُرض هذا بالنّهي عن قتل النّساء والولدان قلنا هذا وارد فيهم إذا لم يتميّزوا وقتلوا من غير قصد لقتلهم بل كان القصد قتل الكبار فوقعوا في الذّراري من غير عمد ولا معرفة والأحاديث المتقدمة وردت فيهم إذا تميّزوا وقد قال في هذا الحديث "يبيّتون فيصيبون من نسائهم" وهذه إشارة لما قلناه. 800 - قوله: حَرَّق نَخْلَ بَنِي النَّضير (ص 1365). قال الشّيخ مِن الناس من تأوّل أن ذلك كان مقاتل المسلمين فاحتيج إليه لجَولاَن الخيل، وهذا تأويل من لم ير قطع الشجر على ظاهر ما وقع للصديق رضي الله عنه، والمشهور من مذهبنا جواز قطعِها إذا لم يُرْجَ مصيرها للمسلمين وكان قطعها يضر بالعدوّ ويؤذيه. 801 - قوله: "بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سريَّة فغنموا إبلا كثيرة فكانت سُهمانهم اثني عشر بعيرا أو أحد عشر بعيرا ونُفِّلوا بعيرا بعيرا" (ص 1368). قال الشيخ النّفل عندنا من الُخمُسِ يفعله الإِمام على حسب الاجتهاد وعند المخالف أنه من رأس الغنيمة قبل الخمس. 802 - قوله في حديث أبي قتادة إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قتل قتيلا له عليه بيّنة فله سَلَبه قال: فقمت فقلت من يشهد لي فقال عليه السّلام:

مالك يا أبا قتادة؟ فأخبرته، فقال رجل: صدق يا رسول الله السَّلب عندي فأَرْضِه من حقه، فقال أبو بكر رضي الله عنه: لآهَا الله إذًا لا يَعمِد إلى أسد من أُسد الله يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبَه فقال - صلى الله عليه وسلم - صدق فَأعطه إيَّاه فأعطاني" الحديث (ص 1370). قال الشّيخ وفّقه الله: اختلف الناس في السّلب فقالت طائفة هو للقاتل أخذا بظاهر هذا الحديث فجعله بعضهم له على الإطلاق واشترط الشافعي أن يقتله في حومة القتال مقبلا غير مدبر، ومذهب مالك أنه لا يكون للقاتل ضربة لازم ولكن للإمام أن ينفّله إيّاه إذا بردت الغنيمة من الخُمس وحمل قوله - صلى الله عليه وسلم - من قتل قتيلا على أنّ المراد به ابتداء إعطاءٍ الآن لا خبر عن حكم حَكَمَ الله به في هذه الوقعة وفي غيرها كما يحمله المخالف عليه واللّفظ يحتمل أن يقال خبرا عن الحكم في سائر الوقائع أو استئنافَ حكم في هذه الوقعة وخبرا عن التزام مالاً يلزم وإذا احتمل سقط التعلق به، وقال أصحابنا مما يؤكّد تأويلنا أنه أعطاه أبا قتادة من غير بيّنة ولم يحلّفه مع شهادة من هو في يديه ولو كان حقا تُستحق المطالبة به لم يُعْطَ إلا ببيّنة لحق أهل الجيش في المغنم، ولكن لما كان من الخمس على جهة الاجتهاد أدّاه - صلى الله عليه وسلم - اجتهاده إلى إعطائه إياه على هذه الصفة وقد أعطى سلبَ أبي جهل أحد قاتليه مع قوله - صلى الله عليه وسلم - كلاكما قتله وهذا لا يصح إلاّ على مذهبنا أنّه يصرفه حيث يشاء وقد كانت وقائع لم يعط فيها السّلب للقاتلين، وقد قال عزّ من قائل {واعْلَمُوا أَنَماَ غَنِمْتُمْ مِنْ شيءٍ فَأنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} (¬14) فعم السّلب وغيره. ¬

_ (¬14) 41 - الأنفال.

وقول أبي بكر "لاها الله إذًا". هكذا يروى وصحيحه عند أهل اللّغة لا ها الله ذا بغير ألف قبل الذّال وها بمعنى الواو التي للقسم فكأنّه قال: لا والله ذا، وفي الكلام حذف تقديره لا والله يكون ذا أو نحو هذا اللفظ. وقوله: فابتعت به مَخْرَفًا. الَمخْرَفُ بفتح الميم والراء البستان والِمخْرَف بكسر الميم وفتح الراء الوعاء الذي يجعل فيه ما يخُترف من الثمار. وقوله: إنه لأول مال تَأثَّلْتُهُ (¬15) أي تأصَّلته وأثلة الشيء أصله. 803 - قوله: في حديث قتل أبي جهل تَمَنّيتُ لَوْ كنْتُ بَيْنَ أضْلَعَ مِنْهُماَ (ص 1372). هكذا وقع في بعض الروايات والأشبه أنه أراد به لو كنت بين رجلين أقوى منهما ويقال للرجل الشديد الَخلْق إنه لضليع الخلق، وفي حديث علي رضي الله عنه في وصف النّبي - صلى الله عليه وسلم - كما حُمِّل فاضطلَع بأمرِك لطاعتك هو افتعل من الضّلاعة وهي القوة ويقال هو مضطلع بحمله أي قويّ عليه وقد تقدّم ذكر السّلب قبل هذا. ¬

_ (¬15) في (ب) تأثّلته في الإِسلام، وهو ما في أصل مسلم.

804 - قوله: في حديث خالد في السَّلَب لما منعه القاتل وهو رجل من حِمْيَرَ وأخبر عوفُ بن مالك به النبَّيء - صلى الله عليه وسلم - فأمر عليه السلام بدفعه فَجَرَّ عَوف برداء خالد فقال له هل انجزت لك ما وعدتك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمعه عليه السلام فَاسْتُغْضِبَ فقال لا "تُعْطِهِ يا خالد" الحديث. (ص 1373). قال الشّيخ هذا مع ما (¬16) وقع في حديث قاتل أبي جهل حجة لمالك في السّلَب وقد تقدّم ولو كان حقّا للقاتل على كلّ حال ما أمر به - صلى الله عليه وسلم - ثم رجع عنه فإن قيل وأنتم إذا قلتم بأنّه يعطيه على جهة الاجتهاد، فَلِمَ رَجَعَ عَنه؟ قلنا لتبدّل اجتهاده لأنه رآه أولاً أهلا لأن ينفل السّلبَ فلما وقع ما يدلّ على الافتيات على الأمير وتوقّع فيه أن يُجسر (¬17) على أمرائه فيما بعد رأى من المصلحة إمضاء ما فعلوه أولاً ليكون ذلك أبلغ في نفوذ (¬18) أوامرهم وأمنع من الجرأة عليهم. فإن قيل: قد صارت هبة والهبة لا يُرجع فيها قلنا: في الرجوع عنها خلاف مع أن هذه خارجة من هذا القبيل وإنما هو مال الله يعطيه بحسب الاجتهاد فإذا ظهر له اجتهاد آخر هو أولى رجع إليه. وقد وقع في بعض طرقه أن عَوْفاً قال يا خالد أما علمت أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قضى بالسلب للقاتل؟ فقال بلى ولكني استكثرته، فإن قال الشّافعي ظاهر هذا أنّه حُكم قُضي به وشرع خلاف تأويلكم قلنا بعد أن نسلّم أن ظاهر هذا اللّفظ هكذا فإنما هو قول الصاحب وفيه احتمال وقد قدمنا من فعل النبيء - صلى الله عليه وسلم - مادلَّ على ما قلناه. ¬

_ (¬16) مع ساقطة من (ب) وفي (ج) هذا وما وقَعَ. (¬17) في (ب) و (د) حتّى يُجسَرَ. (¬18) في (ب) و (ج) و (د) في نفود بالدّال المهملة.

805 - قوله: نحن نَتَضَحَّى إذْ جاء رجل على جَمَل أَحْمَرَ فأناخه ثم انتزعَ طَلقا من حَقَبِهِ (ص 1374). قوله تضحى مأخوذ من الضّحاء بالمدّ وأشار في الحديث إلى أنهّم كانوا يتغدُّون في ذلك الوقت. وقوله: طَلَقا. الطَّلَق القيد من الجلود. وقوله: من حَقَبِه. الَحقَبُ حبل يشدّ على حَقْو البعير. 806 - وقوله: "فَنَدَرَ رأسُه" (ص 1375). يشبه أن يكون أراد سقط وقد تقدّم الكلام على هذه اللّفظة وتصرفها فيما قبل. 807 - وقوله: "شنّ الغارَةَ (ص 1375). أي فرقها عليهم، وقيل شقّ عليهم الغارة أي صبّها عليهم صبّا كما يقال شنّ عليهم الماء أي صبه.

808 - وقوله: "وَأنْظُرُ إِلىَ عُنقٍ مِن النّاسِ" (ص 1375). أي جَمَاعَة وقد تقدّم ذكر حديث سلمة بن الأكوع. 809 - وقوله فيه: وفيهم امرأة معها ابنة لها من أحسن العرب فَنَفَّلنِيهَا أبو بكر رضي الله عنه فَقدِمنا المدينة فقال لي النبيء - صلى الله عليه وسلم - هب لي المرأة ففعلتُ فبعث بها عليه السلام إلى أهل مكة ففدى بها أناسا من المسلمين كانوا أسِّروا بمكة (ص 1375/ 1376). قال الشيخ: لِلإمام في الرجل الكافر إذا أسَّره أن يقتله أو يبقيه للجزية وله ان يمنّ عليه أو يُفَادِيَ به ومنع أبو حنيفة المنَّ والفداء، وفي هذا الحديث المفاداة بهذه المرأة وقد تقدم أنّه - صلى الله عليه وسلم - فادى بالرّجل الذي أظهر الإِسلام ولم يقبله منه برجل من أصحابه؛ (¬19) وقدّمنا الكلام على هذا الحديث، فإن كان يمنع المفاداة بالمرأة فهذا الحديث حجة عليه، قال بعض النَّاس: فيه التفرقة بين الأم وولدها خلافا لمن قال لا يفرّق بينهما أبدا لأنه لم يذكر أنه لما نفَّلها إياه جمع بينها وبين أمّها. وأمّا القَشْع فهو النّطع، وفيه لغتان كسر القاف وفتحها يقال: قَشعت الشيء إذا قشّرته. 810 - قوله: كانت أموال بني النَّضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يُوجِفْ عليه فكانت للنبيء - صلى الله عليه وسلم - خاصة ينفق على أهله منها (¬20) ويجعل الباقي في الكُراع والسّلاح (ص 1376). ¬

_ (¬19) في (ب) و (ج) برجلين، وفي (د) بالرجلين من أصحابه. (¬20) ما أثبت هو ما في (ج)، وفي (أ) و (ب) منه.

قال الشّيخ: أمّا ما غنمه المسلمون بالقتال فلا خلاف أنّه يخمس ويصرف خمسه حيث قال الله عزّ وجلّ. والأربعة الأخماس هي للغانمين على ظاهر القرآن وما أَجْلىَ عنه أهلَه من غير قتال فعندنا أنه لا يخمّس ويصرف في مصالح المسلمين كما كان - صلى الله عليه وسلم - يصرف ما يأخذ من (¬21) بني النضير. وعند الشافعي أنه يخمّس كالذي غنم بالقتال ويصرف خمسه فيما يصرف فيه خمس ما غنم بالقتال. قوله: "ما لم يُوجِفْ". الإيجاف الإسراع، ووجيف الخيل والركاب إسراعها في السير. 811 - قال الشّيخ: خرَّج مسلم سند هذا الحديث عن جماعة من شيوخه كلّهم عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن الزّهري، هكذا إسناده عند أبي أحمد الجلودي (¬22) وسقط ذكر الزّهري في هذا الإسناد من نسخة ابن ماهان والكسائي والحديث محفوظ لابن عيينة عن عمرو بن دينار عن الزّهري عن مالك بن أوس عن عمر (ص 1376). 812 - ذَكَرَ حديث مالك بن أوس في قِصَّة على والعباس رضي الله عنهما لَّمَا أتيا عمر رضي الله عنه في أمر مَا تركَ النبيء - صلى الله عليه وسلم - الحديث المَشهور (ص 1377). قال الشيخ: من أشدّ ما وقع فيه قوله: "هل لك في عباس وعلي" قال: نعم فأذِنَ لهما فقال عبّاس: يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا ¬

_ (¬21) في (ج) من مال بني النضير. (¬22) جاء الجلودي مشكولا في (أ) بفتح الجيم.

الكاذب الآثم الغادر الخائن. فقال القوم: أجَل يا أمير المؤمنين فاقض بينهما وأرحهم". وهذا اللّفظ الّذي وقع من العباس لا يليق بمثله وحاشا عَليا رضي الله عنه أن يكون فيه بعض هذه الأوصاف فضلا عن كلّها أو عن أن يُلمَّ بها ولسنا نقطع بالعصمة إلاّ للنبيء - صلى الله عليه وسلم - أو لمن شهد له بها، لكنّا مأمورون بتحسين الظنّ بالصحابة رضي الله عن جميعهم ونفي كلّ رذيلة عنهم وإضافة الكذب لرواتها عنهم إذا انسدَّت طرق التّأويل. وقد حمل بعض الناس هذا الرأي على أن أزال من نسخته ما وقع في هذا الحديث من هذا اللَّفظ وما بعده مما هو في معناه تورّعا عن إثبات مثل هذا، ولعلَّه يحمل الوهم على رواته. وإن كان هذا اللَّفظ لابد من إثباته ولا يضاف الوهم إلى رواته فأمثل ما حمل عليه أنه صدر من العبّاس على جهة الإدلال على ابن أخيه لأنّه في الشّرع أنزل مَنزِلَةَ أبيه وقال في ذلك: ما لا يعتقد وما يعلم براءة ابن أخيه منه. ولعله قصد بذلك ردعه وزجره عماَّ يعتقد أنه مخطىء فيه أو أنّ هذه الأوصاف وقع فيها على مذهبه من غير قصد إليها بل كان عليّ رضي الله عنه متأولا فيها فكأنّه يقول إنها على رَأيِي إذا فُعِلت عن قصد أَوْقَعَتْ في مثل هذا الوصف وإن كانت عند عليّ رضي الله عنه لا توجب على مذهبه وقوعَه فيها. وهذا كما لو قال المالكي في رجل شرب النَّبيذ: هو عندي ناقصُ الدّين ساقط العدالة لكان ذلك كلاما صحيحا على أصله، وإن كان الحنفي يعتقد أنه أتى من ذلك مباحا لا يُفسد مروءته ولا يسقط عدالته. ومن الدّليل على أنّ هذه الطريقة هي التي تسلك في التأويل أو ما في معناها أنّ مجلسا حضر فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو أمير

المؤمنين وقد عُرف من تشدّده في الحدود والأعراض وبعده عن المداهنة ما فات به الناس، وفيه عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزّبير وسعد رضوان الله عليهم ثم قال هذا ولا ينكره منكر ولا يزجر عنه عمر وهو الخليفة وإليه صيانة الأعراض وما ذاك إلاَّ لما تأوّلناه من أنهّم فهموا بقرينة الحال أنَّه قال: ما لا يعتقد على جهة المبالغة في الزّجر لعلي رضي الله عنه وزاد أنّ له حرمة الأب، والأب لا ينبغي أن يُنصف منه في العِرْضِ فهذا عندي وجه تأويل ما وقع في هذا. وكذلك قول عمر إنّكما جئتما أبا بكر وذكر ما قال لهما وذكر عقب ذلك فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا وكذلك أيضاً ذَكَر عن نفسه أنهما رأياه كذلك وتأويل هذا أيضاً نحوٌ "مما تقدّم ذكر المراد به أنكما تعتقدان أنّ الواجب أن يُفْعَل في هذه القصّة خلاف ما فعلته أنا وأبو بكر فنحن على موجب مذهبكما لو أتينا ما أتينا ونحن معتقدان ما تعتقدانه من هذه الأوصاف أو يكون المراد أنّ الإِمام إنّما يخالف إذا كان على هذه الأوصاف ويتّهم في قضاياه فكان مخالفتكما لنا تشعر من رآها أنّكما تعتقدان ذلك هذا أمثل ما تؤوّل عليهم رضي الله عنهم. وأمّا الاعتذار عن علي وعبّاس رضي الله عنهما في أنهما تردّدا إلى الخليفتين مع قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا نورث ما تركنا صدقة" (ص 1378) وتقرير عمر عليهما أنهّما يعلمان ذلك؛ فأمثل ما فيه ما قاله بعض الأيمّة أنهّما طلبا أن يقسماها بينهما نصفين ينتفعان بهما على حسب ما ينفعهما (¬23) الإِمام بها لو وليها بنفسه فكره عمر أن يوقع اسم القسمة عليها لئلا يظن بذلك مع تطاول الأزمنة أنّها ميراث وأنّه - صلى الله عليه وسلم - وُرِث لا سيما وقسمة الميراث بين العم والبنت نصفان فتكون مطابقة الشّرع لما يقع ¬

_ (¬23) في (ب) على حسب ما ينتفع بها الإِمام.

اتّفاقا واجتهادا من آكد ما يلْبِسُ ويوهم في ذلك أنّه - صلى الله عليه وسلم - وُرِث ما ترك، وإن كان منهما ومن فاطمة رضي الله عنهم قبل ذلك ما يوهم أنهم طلبوا التَّمليك فلعلّهم قبل سماعهم خبر "لا نورث". ومما يدل على ما قلناه ما قاله أبو داود أنّه لم يختلف على عليّ رضي الله عنه أنّه لما صارت الخلافة إليه لم يغيّرها عن كونها صدقة وبنحو هذا احتجَّ السفّاح. قال ابن الأعرابي: فإنه لماّ خطب أول خطبة قام بها قام إليه رجل معلق في عنقه المصحف فقال: أناشدك الله إلا حكمت بيني وبين خصمي بهذا المصحف فقال: من هو؟ قال: أبو بكر في منعه فدك قال: أظلمك؟ قال: نعم، قال: فمن بعده؟ قال: عمر. قال: أظلمك؟ قال: نعم. وقال في عثمان مثل ذلك. وسأله عن عليّ أظلمك؛ فسكت الرجل فاغلظ له السفّاح هكذا حكى ابن الأعرابي أو نحوا منه. 813 - قوله: "فقال لي يَامَالُ" (ص 1377). هو ترخيم مالك كما يقال: يا حار في ترخيم حارث وقد قرىء في الشاذة (ونادَوا يا مال). (¬24). ولك فيها وجهان إذا رخمّت مالك فتكسر اللام إشعارا بالمحذوف وتقديرا ان الضمة مع حذفه عليه وإذا ضممت قُدِّرَ المحذوف كأنّه لم يكن وكأن الباقِيَ هو الكلمة كلّها. فيقع الضمّ في آخرها. 814 - وقوله: "قد دَفَّ أهل أبيات" (ص 1377). ¬

_ (¬24) 77 - الزخرف.

الدفّ المشي بسرعة فكأنهّم جاءوا يسرعون لضرّ أصابهم. وقوله: "قد أمرت فيهم بِرضْخ". الرّضخ: العطيّة القليلة يقال: رضخت له من مالي رضيخة (¬25). وقوله: "أنشدكُما بالله" (ص 1378). معناه أسألكما بالله. يقال: نَشَدتكَ الله وَنَشَدتكَ بالله ذكرتك به مستحلفاً (¬26). والنّشيد رفع الصوت. 815 - ذكر حديث "بيعة عليّ لأبي بكر رضي الله عنهما لماّ توفيت فاطمة رضي الله عنها واستنكر علِي وجوه النّاس فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا معك أحد كراهية محضر عمر بن الخطاب. فقال عمر لأبي بكر والله لا تدخل عليهم وحدك فقال أبو بكر: وما عساهم أن يفعلوا بي" (ص 1380). قال الشّيخ: أمّا تأخُّر علي عن البيعة فقد ذكر عذره عنه في كتاب مسلم واعتذار الصديق عنه: ويكتفى في بيعة الإِمام بآحاد من أهل الحلّ ¬

_ (¬25) في (ج) رضخة. (¬26) ذكرتك به مستحلفا ساقط من (ج).

والعقد ولا تفتقر إلى بيعة كلّ الأمة، ولا يلزم كلّ الأمة أن يأتوا إليه يضعون أيديهم بيده وإنما يلزم إذا عقد أهل الحلّ والعقد انقيادُ البقيّة وأن لا يظهروا خلافا ولا يشقّوا العصا. وهكذا كان علي رضي الله عنه ما أظهر على أبي بكر خلافا ولا شق عصا (¬27) لكنه تأخّر عن الحضور عنده في هذا الأمر (العظيم مع عظيم قدره هو في نفسه لموجدة في نفسه ذكرها في هذا الكتاب وهو أنه قال: كنّا نرى لنا في هذا الأمر) (¬28) نصيبا فاستُبدَّ علينا به فوجدنا في أنفسنا. ولعلّه أشار إلى أن أبا بكر استبدّ عنه بقِصَصِ وأمور عِظَام حقّ مثله أن يحضر فيها ويُشَاوَرَ عَلَيهَا. وقد يوهم قول عمر لأبي بكر: والله لا تدخل عليهم وحدك، أنّه خاف عليه أن يغدروه، ومعاذ الله أن يظنَّ بههم ذلك. ولعلّه قدّر أنهّم قد يغلظون على أبي بكر في المعاتبة ويبدو منهم ما يكون عند أبي بكر جفاء فتغيّر نفسه عليهم أو يتأذّى بذلك فكره عمَر انفرادَه لذلك. وكذلك ما حكاه من كراهتهم (¬29) محضر عمر بن الخطاب إنّما ذلك لما كانوا يعلمون من تشدّده وتغلظه فيما يظهر له من الحق فخافوا أن ينتصر لأبي بكر فيُغلظ عليهم فتتغيرّ نفسهم عليه. وقوله: "ولم نَنْفَسْ عليك" (ص 1380). يقال نَفِسْتَ في الشّيء بكسر الفاء نفاسة (¬30) رغبته وأيضاً حسدتُك عليه ولم أرَك أهلا له. ¬

_ (¬27) في (ج) ولا شقّ عَصَاه. (¬28) ما بين القوسين في هامش أ. (¬29) في (ج) كراهيتهم. (¬30) في (أ) نُفاسة بضمّ النّون.

816 - قال الشيخ خَرَّج مسلم في بعض طرق حديث ميراث النبي - صلى الله عليه وسلم - "حدثنا زهير بن حرب وحسن الحلواني (¬31) قالا نا يعقوب بن إبراهيم قال نا أبي عن صالح عن ابن شهاب عن عروة" هكذا إسناده عند الجلوديّ. وفي نسخة أبي العلاء "حدّثنا ابن نمير نا يعقوب بن إبراهيم وخرّجه أبو مسعود عن مسلِم فقال نا زهير بن حرب وحسن الحلواني ومحمد بن عبد الله بن نمير ثلاثتهم عن يعقوب بن إبراهيم" (ص 1381). قال الشيخ: قال بعضهم: وأكثر ما يجيء مسلم بنسخة صالح بن كيسان هذه عن زهير وحسن الحلواني جميعاً عن يعقوب عن أبيه والله أعلم. 817 - قوله "إنه عليه السَّلام قسم في النَّفَلِ للفرس سهمين وللرّجل سهما" (ص 1382). قال الشّيخ: هكذا مذهب مالك في القسمة المستحقة في أصل القتال: يقسم للفرس سهمان وللرجل سهم، وقال أبو حنيفة: بل يقسم للفرس كما يقسم للرجل ولا يكون أعظم منه حرمة ولو كان معه ثلاثة أفراس (¬32) لم يسهم للثالث واختلف في الإسهام للثاني فقيل بإثباته وقيل بنفيه، وحمل أبي حنيفة ما وقع من الأثر على أن المراد بقوله: "سهمان للفرس" أي هو وفارسه خروج عن الظاهر لأنه إنما أضاف هذا للفرس. ¬

_ (¬31) في (ج) الِحلواني بكسر الحاء والصّواب الحُلواني بضمّ الحاء وهو ما في (أ) و (ب). (¬32) في ب ثلاث افراس.

818 - قال الشَّيخ أيّده الله: خرّج مسلم في قصة أهل الطائف "حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبَة وزهير بن حرب وابن نمير عن سفيان بن عُيَينة عن عمرو عن أبي العباس الشاعر عن عبد الله بن عمر بن الخطاب هكذا جعله ابن ماهان في مسند ابن عمر بن الخطاب وعند الرازي عن عبد الله بن عمرو بن العاص (ص 1402) وكذلك جعله ابن أبي شيبة في مسند عبد الله بن عمرٍو. 819 - ذكر حديث "ثمامة وأنه - صلى الله عليه وسلم - أطلقه فذهب فاغتسل وأسلم" (ص 1386). قال الشيخ: فيه دَلالة على جواز المنِّ على الأسير وقد تقدم ذكر الخلاف فيه. وأما غسله عند الإِسلام فإن مالكا يأمر به ويقول: الكافر جنب إذا أسلم اغتسل وبعض أصحابه يقول: إنّ جنابته في حال الكفر جبَّها الإِسلام وأبطل حكمها فلا يلزمه غسل وقد ألزمه بعض شيوخنا أن يصلي بغير وضوء (¬33) ويكون حدثه الأصغر أبطل حكمه الإِسلام. 820 - قال الشيخ: وقع في حديث "مصاب (¬34) سعد يوم الخندق أن الذي رماه رجل من قريش ابن العَرِقَة" (¬35) (ص 1389). بالعين المهملة وكسر الراء وبالقاف قال أبو عبيد: هي أمُّه قال ابن ¬

_ (¬33) في (أ) وَضوء بفتح الواو. (¬34) في (ب) سقط مصاب. (¬35) في (ج) ابن العريقة.

الكلبي: اسم هذا الرجل حِبّان بكسر الحاء ابن أبي قيس بن علقمة بن عبد مناف بن الحارث بن منقذ بن عمرو بن مَعِيص بن عامر بن لؤي بن غالب. قال واسم العرقة قِلابة بكسر القاف وبالباء المنقوطة بواحدة بنت سعيد بن سهم ابن عمرو بن هُصَيص وهي أم عبد مناف بن الحارث قال: وسمّيت العرقة لطيب ريحها. قال الشيخ: والعرقة هذه ثكنَّى أم فاطمة. 821 - قال الشيخ: خرَّج مسلم في غزوة أحد "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه أنه سمع سهل بن سعد يسأل عن جرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". هكذا إسناده عند الرَازي في بعض الطرق. وكذلك في رواية السجزي جميعاً عن أبي أحمد قال: "نا أبو بكر وفي نسخة أبي العلا قال مسلم حدثنا (يحي نا عبد العزيز ابن أبي حازم وكذلك في نسخة الكسائي وخرّجه أبو مسعود عن مسلم من حديث) (¬36) يحي بن يحيى عن عبد العزيز قال بعضهم وهو الصّواب (ص 1416). 822 - وقوله: "في جرح سعد وتحجّر كلمه" (ص 1390). الكَلْمُ الجرح: وتحجّر قيل يبس. وقوله: "جرحه يغذو دماً" (ص 1390). ¬

_ (¬36) ما بين القوسين ساقط من (ب).

أي يسيل 823 - قوله: "أمرهم - صلى الله عليه وسلم - أن لا يصلّوا الظهر إلا في بني قُرَيْظَةَ فخاف بعضهم فوات الوقت فَصَلىَّ قبلها وبعضهم خَاف مخالفة الرّسول - صلى الله عليه وسلم - فلم يصلّ حتى وصل ولم يعنّف صلوات الله عليه وسلامه واحدا منهم" (ص 1391). قال الشيخ: هذا فيه دلالة على أنّ الإثم موضوع في مسائل الفروع وأن كل مجتهد غير ملوم فيما أدّاه (¬37) اجتهاده إليه (¬38) بخلاف مسائل الأصول وكأن هؤلاء لما تعارضت الأدلة فالأمر بالصلاة لوقتها يوجب تعجيلها قبل بني قريظة والأمر بأن لا يصلي إلاّ في بني قريظة يوجب التّأخير وإن فات الوقت، فأيّ الظاهرين يقدّم وأيّ العمومين يستعمل هذا موضع الإشكال وللنظر فيه مجال. 824 - وقوله: "فإنّ الأنصار أعطوا المهاجرين نصف ثِماَرِ أموالهم وأعطت أمّ أنس النبي - صلى الله عليه وسلم - عِذَاقا لها"، وذكر بعد هذا "رَدَّ المهاجرين إلى الأنصار منائحهم وردّ إلى أمّ أنس عذاقها وأعطى النبي عليه الصلاة والسلام أمّ أيمن التي كان أعطاها إياه مكانهن من حائطه". (1391). قال الشّيخ: هذا فيه ردّ الهبة إن كانوا أعطوها على التّأبيد وقد كنّا ¬

_ (¬37) أدّاهُ في (أ) بالهامش. (¬38) في (ب) إليه ساقطة.

ذكرنا الاختلاف في المنافع الموهوبة (¬39) هل ينهى عن شرائها كما ينهى عن شراء الرّقاب الموهوبة والظّاهر أنّ أم أنس أعطت النّبيء - صلى الله عليه وسلم - العذاق ملكا وقد ردّه - صلى الله عليه وسلم - عليها، وقد كان بعض شيوخنا يقول إن كان شراء الهبة بسؤال من الموهوب ورغبة إلى الواهب والرّفق والحظ (¬40) للموهوب في ذلك فإنّه خارج عما نهي عنه، والأنصار لم يطلبوا ها هنا ردّ الهبة وإن كان أنس حكى عنه مسلم أنّ أهله أمروه أن يأتي النبيء - صلى الله عليه وسلم - فيسأله ما كان أهله أعطوه، قال: فأتيت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فأعطانيهن ولعله أعطاه لأنس وليس بواهب أو علم منه خفّة ذلك عليه ورغبتَه فيه. والعَذق بفتح العين النخلة. وبكسر العين: الكباسة. فلعل عذاقا جمع عذق المفتوح العين. 825 - قوله: "أصبت جِراب شحم فقلت: لا أعطي اليوم منه أحدا فإذا النبيء - صلى الله عليه وسلم - يتبسّم (ص 1393). قال الشّيخ: هذا لأنّه من قليل الطعام الذي يحتاج لأكله بعض أهل الجيش، (ومالك يبيح للواحد من الجيش) (¬41) أن يأكل قدر ما احتاج إليه من الطعام المغنوم ولا يرى ذلك غُلولا. 826 - ذَكرَ حَدِيثَ هِرَقْل بطوله وهو مشهور (ص 1393). ¬

_ (¬39) الموهوبة ساقطة من أ. (¬40) في (ب) والحطّ بالطاء المهملة. (¬41) ما بين القوسين ساقط من (ب).

قال الشّيخ: الذي استدل به هرقل على نبوته - صلى الله عليه وسلم - مما لا ينتصب دليلاً قاطعا عند المحقّقين وإنما الدليل القاطع على النّبوءة المعجزات الخارقة للعادات المعدوم فيها المعارضات. 827 - وأما قوله: "ذو حسب وكون أتباعه شرفاء أو ضعفاء ويزيدون أو ينقصون وهل الحرب سجال أم لا؟ " (ص 1393). فليس بأدلة قاطعة على نبوءة النبيء - صلى الله عليه وسلم - (كما قلنا ولَعَلّ هرقل كان عنده أخبار عن كون هذه علامات في هذا النبيء - صلى الله عليه وسلم -) (¬42) وقد قال في الحديث وقد كنت أعلم أنّه خارج ولم أكن أظنه منكم وكتابته - صلى الله عليه وسلم - إليه فيه دلالة على أنّ اليسير من القرآن كالآية ونحوها بخلاف حكم كثيره لأن القرآن لا يُسافر به إلى بلد الحرب، والجنب أبيح له منه الآية والآيتان على جهة التعوّذ. وقوله: "الحرب سجال" (ص 1393). أصله المستقيان بالسَّجْل يكون لكل واحد منهما سَجل والسَّجل الدلو الملأى. قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإن تَوَلَّيتَ فَإنَّ عَلَيك إثمَ الأرِيسِيِّيَن" (ص 1393). قال الشيخ: يروى اليَريسيِّين بالياء والأريسيين بالهمز وقد اضطُرب ¬

_ (¬42) ما بين القوسين ساقط من (ب).

في معنى هذه اللّفظة اضطرابا كثيرا، وأمثلُ ما أحفَظُ في ذلك أنَّ المراد به الأكّارون أو الملوك والرّؤساء. قال ابن الأعرابي: أرَسَ الرّجل يأرِس أرْسا صار أريسًا أي أكّارا وأرس يورس مثلُه وهو الأريسي وجمعه الاريسيّون، والأريس وجمعه الأريسيون وأرارسة. قال الشّيخ: فيكون المعنى على هذا أنّ عليك إثم رعاياك الذين يتبعونك وينقادون لك ونبّه بالأكّارين على الرعايا (¬43) لأنهّم الأغلب في رعاياه إذ هم أكثر انقيادا من غيرهم، وقد يراد به أيضاً الملوك والرؤساء فيكون المعنى على هذا التأويل فإنّ عليك إثم الملوك الذين يقودون النّاس إلى المذاهب الفاسدة ويأمرونهم بها وهذا يعود إلى قريب من المعنى الأول. وقوله: "أمر أمرُ ابن أبي كبشة" (ص 1393). يعني عظم أمره ونسبه لأبي كبشة قيل: لأنه كان جدّا من أجداده لأمّه، وقيل: لأنَّه خالف العرب وكان يعبد الشِّعرى العَبورُ (¬44)، ويقول: فإنها تقطع السماء عرضا وليس في النجوم ما يقطعها عرضا سوى هذا النّجم فعبده دونها لمخالفته لها والمنجمون ينكرون هذا القول وكأنّه أشار إلى أنه خالف مذهب العرب في العبادة كما خالف أبو كبشة. 828 - قال الشّيخ: خرّج مسلم في حديث جندب بن سفيان في ¬

_ (¬43) في (ب) والأكار نبّه به على الرعايا. (¬44) العبور ساقطة من (ب).

إبطاء جبريل عليه السلام بالوحي "عن إسحاق بن إبراهيم عن ابن عُيَيْنَةَ عن الأسود عن جندب" هكذا إسناده عند الجلودي (ص 1421) والكسائي إسحاق بن إبراهيم وحده وكذلك خرّجه الدّمشقي من حديث مسلم وفي نسخة ابن ماهان "حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم عن ابن عيينة زاد في الإسناد أبا بكر بن أبي شيبة، قال بعضهم رواية الجماعة أولى. 829 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: [مجزوء الرجز] أنَا النَّبيء لاَ كَذِب ... أنا ابن عبد المطَّلب (1400) قال الشّيخ: أنكر بعض النّاس أن يكون الرّجز شعرا لوقوعه من النّبي - صلى الله عليه وسلم - وقد قال تعالى {ومَا علَّمْنَاه الشّعر وما ينبغي له} (¬45) وهو مذهب الأخفش. واحتجّ بهذه الآية على فساد مذهب الخليل في قوله: إنه شعر، وجواب الخليل عن هذا أن الشعر ما قُصِدَ إليه واعتمد الإنسان أن يوقعه موزونا مقفَّى يقصد إلى القافية والروي وقد يقع من كثير من العوام ألفاظ موزونة وليست بشعر لأن الشعر إنَّما يسمّى ما قصد إليه مأخوذ من شَعَر الشاعر بالمعنى، فقد قال الناس (¬46): فإن الجزَّار يقول في ندائه على اللحم: "لحم الخروف بِزُبْد أمّه" وهذا موزون ولا يُضن بالجزار أنّه شاعر قصد إلى عمل الشعر، إلى غير ذلك مما يكثر التقاطه من ألفاظ العامّة. ¬

_ (¬45) 69 - يس. (¬46) في (ب) بعض الناس.

وهكذا وجه الجواب عما وقع في القرآن من الموزون أنه ليس بشعر لأنه لم يقصد إلى تقفيته وجعله شعرا كقوله تعالى {نصر من الله وفتح قريب} (¬47) وقوله {لن تَنَالوا البِرَّ حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبّون} (¬48) ولا شك أن هذا لا يسمّيه أحد من العرب شعرا لما قلناه، وقد أدى بعضَ الناس غفلتُه عن هذا الجواب إلى أن قال فإنّ الرّواية "أنا النبيء لا كذبَ" بفتح الباء حرصا منه على أن يُفسد الوزن فيستغني عن هذا الاعتذار. فإن قيل: فإن الاعتزاءَ إلى الآبَاءِ والافتخارَ بهم من عمل الجاهلية فكيف قال - صلى الله عليه وسلم -: "أنا ابن عبد المطلب" قيل: إنما كان هذا لأنه يحكى أن سيف بن ذِي يَزَنَ لما قدمت عليه قُرَيْش أخبر عَبدَ المطلب أنه سيكون جدًّا للنبيء - صلى الله عليه وسلم - وأنه يقتل أعداءَه وذلك مشهور عند العرب، فأراد - صلى الله عليه وسلم - ذكرَ هذا الاسم ليذكرهم بالقِصَّة فتقوَى مُنَّتهم في الحرب ورُبَّما ثارتِ الطبَاعُ في الحروب بهذا وأمثاله وقيل: بل رؤيا رآها عبد المطلب تدلّ على ظُهُوره - صلى الله عليه وسلم - وغلبته وكانت مشهورة عندَهم أراد أيضاً أن يذكِّرَهُم بها. 830 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الآن حِمَيَ الوَطِيسُ " (1398). قال أبو عُمر: الوطيسُ شبه التَّنُّورِ يُخْبَزُ فيه ويُضرب مثلا لشدّة الحرب يُشَبَّهُ حَرُّها بحرِّه. وقال غيره: الوَطيس التَّنُّور بعينه. وقال الأصمعي: الوَطيس حجارة مدوّرة إذا حميت لم يقدر أحدٌ أن يَطَأَ عليها فيقال الآن: حِمَيَ الوطيس على وجه المثل للأمر إذا اشتدّ، وقيل: الوطيس جمعٌ واحدَتُه وَطيسَةٌ. ¬

_ (¬47) 13 الصف. (¬48) 92 - آل عمران.

831 - وأما قوله: "فَرَشَقُوهُمْ " (1400). يقال: رشقت السّهم وأرشقت به إذا رَمَيْته. وأما قوله: "رِجْلٌ من جَرَادٍ" (ص 1401). فهي الجماعَةُ مِنْها. 832 - وأما قوله: "فَجَعَلَ يهتف بِرَبِّهِ" (ص 1383). فمعناه يدعوه. 833 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "شاهت الوجوه" (ص 1402). أي قَبُحت. 834 - قوله: "وَبَّشَت أَوْبَاشًا" (ص 1405). أي جمعت جموعا من قبائل شتّى وهم الأوباش والأوشاب. 835 - وقوله: "فَماَ ماط أحدهم" (¬49) (ص 1404). ¬

_ (¬49) في (أ) فما ماط أحد وما أثبتناه هو ما ورد في الأصل.

أي تباعد يقال: ماط الرجل إذا تباعد وأماط غيره إذا باعده، ويقال ماط الرَجل وأماط إذا تباعد لغتان. 836 - وقوله: "فَبَعَثَ دِحيَةَ" (ص 1393). هو دِحْيَة بن خليفة الكلبي يقال بفتح الدال وكسرها، قال ابن السكّيت: هو بالكسر لا غير (قال أبو حاتم: هو بالفتح لا غير) (¬50). قال المطرز: الدّحَى الرؤساء واحدهم دِحيَة. 837 - قوله: "يا معشَرَ الأنصار هل ترون أوباش قريش" قالوا نعم قال: انظروا إذا لقيتموهم غدا أن تحصدوهم حصدا" الحديث (ص 1407). قال الشّيخ: اختلف النّاس في فتح مكَّة هل كان صلحا أو عنوة؟ فذهب مالك وجمهور الفقهاء وأهل السّير أنهّا عنوة وقال الشافعي: بل هي (¬51) صلح. وانفرد بهذا المذهب ودليل الجماعة عليه قوله سبحانه وتعالى {إنَّا فتَحنَا لَكَ فَتحا مبِينا} (¬52) ومثل هذا اللّفظ لا يستعمل في الصلح وإنما يستعمل في الغلبة والقهر، وقولهم إن ذلك إنما أراد به صلح الحديبية لما ذكره مسلم في قصّة (¬53) (الحديبية قال: فنزل القرآن على ¬

_ (¬50) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬51) في (ب) بل هو. (¬52) 1) - الفتح. (¬53) في (ج) في صلح الحديبية.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالفتح فأرسل إلى عمَرَ فاقرأه إياه فقال: يا رسول الله أفتحٌ هو؟ قال: نعم. لا يصحّ لأن هذه الآية إنها نزلت والمراد بها فتح مكّة. وهذا الحديث يؤكد ما قلناه لأنّه قال فيه إذا لقيتموهم غدا أن تحصدوهم حصدا وهذا أمرٌ بقتلهم ولا يكون ذلك إلا مع العَنْوَة وقد اغتروا بقوله: "إذا لقيتموهم غدا" وظنّوا أنّ هذا القول كان منه قبل الفتح بيوم ثم وقع الصلح في غده هذا غير صحيح لأنه قال فما أشرف لهم يومئذ أحد إلاّ أناموه وقال أبو سفيان: أبيدت خضراء قريش لا قريش بعد اليوم وهذا يدلّ على القتال وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن ألقى السّلاح فهو آمن" فلو كانوا كلهم آمنين لم يحتج إلى هذا وهذا كلّه واضح في هذا الحديث دال على فساد ما قال الشافعي، وتأويلهم: أنّه إنما أمر - صلى الله عليه وسلم - بقتل من لم يُقل أمانه وأنَّ المعاقدة (على ذلك كانت دعوى وإضافة إلى الحديث ما ليس منه وكيف تتّفق المعاقدة) (¬54) على مثل هذا. ومن آكد أيضاً ما يدُلّ على ما قلناه حديث أم هاني وقد ذُكِر فيه أنَّ عليا رضي الله عنه أراد أن يقتل الرّجلين وأنها أجارت (¬55) وأمضى - صلى الله عليه وسلم - جوارها فكيف يدخل مكّة صلحا ويخفى ذلك عن عليّ حتى يحاول قتل الرّجلين وكيف يحَتاج أحد إلى أمان أم هاني وهو آمن بالصّلح. وقد تقدم ¬

_ (¬54) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬55) في (ب) وانهما أجارتهما.

حديث أم هاني وإنما شُبِّهَ على القوم لأجل أنّه - صلى الله عليه وسلم - لم يستبح أموالها ولا قسّمها بين الغانمين فلما رأى الشافعيّ هذا وخروجه عن الأصل اعتقد أنه صلح وهذا لا تعلق له فيه لأن الغنيمة لا يملكها الغانمون بنفس القِتال على قول كثير من أصحابنا وللإمام أن يخرجها عن الغانمين ويمنَّ على الأسرى بأنفسهم وحريمهم وأموالهم وكأنه - صلى الله عليه وسلم - رأى مِن المصلحة بعدَ إثخانهم والإستيلاء عليهم أن يبقيَهم لحرمة العشيرة وحرمَة البلد وما رجا من إسلامهم وتكثير عدد المسلمين بهم فلا يُردُّ ما قدمناه من الأدلة الواضحة بمثل هذا المحتمل. وقد قال بعض العلماء: يمنع من بيع بيوتها لقوله عز وجل {سَوَاءٌ العَاكف فِيهِ والبَادِ} (¬56). وقد حُكيَ منع بيعها وكراء دُورها عن مالك وذكر أبو جعفر الأبهري عنه أنه كره بيعَهَا وكراءها فإن بيعت أو أكريت لم يفسخ، وكان بعض شيوخنا يستقري من المدوّنة الجوازَ من قوله في فضّ الكِراء (¬57) إذا انهارت البئر: إنّه يُفضّ قال في مثل دُور مكة في نَفاقها أيام الموسم وقد اختلف هل مُنَّ بها على أهلها أو أقرت للمسلمين فعلى القول بأنهّا أقرت للمسلمين يجب الفسخ وعلى القول بأنّه مُنَّ بها على أهلها يجب الجواز وقد تقع الكراهَة حرصا على المواسَاةِ وندبا إليها لشدّة حاجة الناس وضرورتهم ومراعاة للخلاف، وذكر ابن عباس (¬58) عن النّبيء - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "مكة كلّها مباح لا تباع رباعها ولا تؤاجر بيوتها". قوله: "فما أشرف لهم يومئذ أحد إلاّ أناموه" (ص 1407). ¬

_ (¬56) 25 - الحج. (¬57) في (ج) في قبض الكِراء. (¬58) في (ج) عن ابن عبّاس.

أي قتلوه. يقال نامت الشّاة وغيرها من الحيوان إذا ماتت ونامت السّوق إذا كسَدَت، وقال الفرّاء: النائمة الميتة ومن حديث على رضي الله عنه أنه حثّ على قتال الخوارج فقال إذا أتيتموهم فأَنِيمُوهُمْ أي اقتلوهم. وأما قوله: "واحصِدوهم". يقال حَصَدت الشيء والقوم بالسّيف حصدا وحصادا وَحَصِد الأمر والحبل (¬59) حَصَدا صار وثيقا، وأحصد الشيء حان حصاده. 838 - وأما قوله: "أُبِيدَت خضراء قريش". قال أحمد بن عبيد معنى قوله: "أباد الله خضراءهم" أي جماعتهم قال الأصمعي: الخضراء اسم من أسماء الكتيبة. قال ابن الأعرابي: (معناه أباد الله سَوادَهم قال ابن الأنباري: سواد القوم معظمهم. قال ابن الأعرابي) (¬60): الخضرة عند العرب السواد: يقال لليل: أخضر لسواده. وأنشد: [الرجز] يَا نَاقُ خُبِّي خَبَبا زِوَرًّا ... وَعَارِضِ اللَّيل إذَا مَا اخضرَّا ¬

_ (¬59) في (أ) وحصَد الأمر والحبل بفتح الصّاد. (¬60) ما بين القوسين ساقط من (ب).

(ويقال: أباد الله خضراءهم أي حصدهم وشعبهم) (¬61). قال النابغة: [الطويل] يَصونونَ أبدَانا قَدِيما نَعِيمُها ... بِخَالِصةِ الأردان خُضرِ الَمنَاكِبِ 839 - وقوله: "كتب عليّ الصلح يوم الحديبيَة فكتب هذا ما كاتب عليه محمَّد رَسول الله فقالوا: لا تكتب رسولُ الله فلو نعلم أنك رسول الله لم نقاتلك فقال النّبيء - صلى الله عليه وسلم - لعليّ: امحُه" الحديث (ص 1409). قال الشّيخ وفّقه الله: أنكر بعض المتأخّرين أن يقال في افتتاح الوثائق هذا ما اشترى فلان وهذا ما أصدق فلان وشبه ذلك هروبا من أن يدل ذلك على الجَحْد والنفي وهذا الحديث حجة عليهم لأنّه كتب باللّفظ الذي كرهوه فقال: هذا ما كاتب. وفي هذا الحديث دلالة على أن للإمام أن يَعقِدَ الصلح على ما يراه صلاحا للمسلمين وإن كان يظهر في بادىء الرأي أنّ فيه ما ظاهره اهتضام للحق لأنّه - صلى الله عليه وسلم - محا اسمه، وعاقدهم على ما ذكر مسلم فيمن جاء منهم إلينا ومنّا إليهم وقد قال عمر: "يا رسول الله ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال: بلى قال أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى قال: فَلِمَ نُعطي الدَّنِيَّةَ في ديننا؟ " الحديث (ص 1411). ¬

_ (¬61) ما بين القوسين ساقط من (ب).

ومذهبنا أنّه إذا عاقد الإِمام على الردّ لمن جاء مسلما ينفذ عقده في الرّجال دون النساء لقوله تعالى {فإن علمتموهنَّ مؤمِنَات فَلاَ تَرجعوهنَّ إلى الكفَّار} (¬62) ولكن اختلف الناس إذا طلب زوجته التي جاءت مسلمة هل يَعاض عنها الصداق الذي كان أعطاها فقال بعض الناس يعاض عنها لقوله عز وجل {وآتُوهم ما أنْفَقُوا} (¬63) وقال بعضهم: لا يَعَاض عنها والآية منسوخة وقد قال بعض الناس إنَّ منع ردّ النساء بالقرآن (¬64) نسخ لما تقدم من السنة وفيه نسخ السنة بالقرآن. وفي ذلك خلاف بين أهل الأصول. 840 - وأمّا قوله: "ولا يدخلوها إلاّ بجُلبَّان السِّلاحِ السّيفِ وقِرابهِ" (ص 1410). قال الأزهري: القراب غِمد السّيف والجلبَّان شبه الجراب من الأدَم يوضع فيه السيف مغمودا فيطرح فيه الراكب سَوطه وأداته ويعلّقه في آخِرَة الرَّحل أو واسطته، وقال شَمِر: كأنَّ اشتقاق الجلبَّان في الُجلبة وهي الِجلدة التي تجعل على القَتِبِ والجلدة التي تغشي التَّميمة لأنهَّا كالغشاء للقراب يقال: أجلب قتبه إذا غشاه الُجلبة وروى ابن قتيبة في هذا الحرف جُلُبَّان بضم اللام وتشديد الباء قال: والجُلبَّان أوعية السّلاح بما فيها قال: ولا أراه يسمى به إلا لجفائه ولذلك قيل للمرأة الجافية الغليظة جُلُبّانة قال الهروي: والقول ما قال الأزهري وشَمِر. ¬

_ (¬62) 10 - الممتحنة. (¬63) 10 - الممتحنة. (¬64) بالقرآن ساقط من (ب).

841 - قوله: "مَا فتَحْنَا مِنْهُ من خُصْم إِلَّا انْفَجَرَ عَلَيْنَا" (ص 1413). قال الشّيخ: خُصْمُ كلّ شيء: طرفه وناحيته، ومنه قيل للخصمين خصمان لأن كل واحد منهما يأخذ في ناحية من الدعوى غير ناحية صاحبه. 842 - قوله: "لا تَذْعَرْهُمْ عليّ" (ص 1414). معناه لا تُنفِّرْهُمْ. 843 - وقوله: "قُرِرْتُ (ص 1414). أي أصَابَنِي القُرّ. يقال قُرَّ الإنسان قُرًّا. 844 - قول المُشركين: قد وُدّع محمّد فأنزل الله عزَّ وجلّ عليه {ماودَّعَك ربّك وما قَلىَ} (¬65) (ص 1421). قال الشّيخ وفّقه الله: قال ابن عباس: معناه ما قطعك منذ أرسلك وسمّي الوداع وداعا لأنه فراق ومتاركة. وفي الحديث "الحمد لله غَيْرَ مُوَدَّعَ ربي ولا مكفورٍ" أي غير تارك طاعة ربّي. ¬

_ (¬65) 3 - الضحى.

845 - قوله: "لقد اصطلح أهل هذه البُحَيْرةِ أن يتوّجوه" (ص 1422). البُحَيْرة مدينة النبيء - صلى الله عليه وسلم - والبِحَارُ القُرَى قال الشاعر: [الخفيف] وَلَنَا البَدْوُ كُلّه والبِحَار. أي والقُرَى. 846 - وقوله "يُعَصِّبُوه" (ص 1422). أي يُسوِّدوه كانوا يسمون السيّد المطاع معصَّبا لأنّه يعصَّب بالتّاج أو يعصَّب به أمور الناس وكان أيضاً يقال: المعمَّم والعمائم تيجان العرب وهي العصائب. 847 - وقوله "شَرِق بذلك" (ص 1422). أي غُصّ به. يقال: شَرِقَ بكسر الراء يَشْرق شرقًا فالشرق الغَصَص واسم الفاعل شَرِقٌ على مِثَالِ حَذِر قال الشاعر: [الرمل] لَو بغَير الَماءِ حلقِي شَرِق ... كنتُ كالغصَّان بالماء اعتِصَاري

848 - ذَكَرَ "قَتْلَ كعب بن الأشرف" الحديث المشهور (ص 1425). قال الشيخ: إنَّما قتل كعب على هذه الصّفة لأنه نقض عهد النبيء - صلى الله عليه وسلم - وهجاه وسبّه وعاهده أن لا يُعين عليه أحدا وجاءه مع أهل الحرب مُعينا عليه. وقد أشكل قتله على هذه الصفة على بعضهم ولم يعرف هذا الوجه والجواب ما قلناه. 849 - ذَكَرَ حديث "فتح خيبر" الحديث المشهور (ص 1426). قال الشّيخ: قوله: "انحسر الإزار عن فَخِذِ النّبِيء - صلى الله عليه وسلم - فإنيّ لأرى بياض فَخِذِهِ" استدلّ به بعض أهل العلم على أن الفَخِدَ ليس بعورة لانكشافه من النّبيء - صلى الله عليه وسلم - فإن كان عن قصد فذلك آكد في الدّلالة وإن كان عن غير قصد فكأنه منزّه عن انكشافها وقد ذكر الراوي أنّه رآه. وقوله: "أَصَبْنَاهَا عَنْوَةً (ص 1426). ظاهره أصبناها عنوة على الإطلاق. وقد قال ابن شهاب فيما حكى مالك عنه "بعضُها عنوة وبعضها صلح". والكَتِيبَةُ وهي أرض خيبر نفسها بعضها أيضاً صلح قال مالك وفيها أربعون ألف عَذق يريد نخلة، وقد تقدّم أن العَذْق بفتح العين اسم النخلة وبكسرها الكِبَاسة. وقد يشكل من هذا ما روي في كتاب أبي داود أنّه قسّمها نصفين نصفا لنوائبه وحاجته ونصفا للمسلمين. وقال بعضهم كان حولها من الضِّياع والقرى ما أُجلي عنه أهله. فكان خاصّا للنبى - صلى الله عليه وسلم - وما سواه للغانمين فكان تقدير ما أجلي عنه أهله النّصفَ فلهذا قسّمها نصفين.

850 - ذَكر شِعْرَ ابن الأكوع (¬66). [الرجز] اللَّهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدَّقنا ولا صلَّينا فاغفر فداء (¬67) لك ما اقتفينا (ص 1427). قال الشّيخ وفّقه الله: وقع في بعض النّسخ: فداء لك، وفي بعضها: فاغفر لنا بذاك ما ابتغينا. وهذه الرواية الثانية سالمة من الاعتراض وأما "فداء لك" فإنّه لا يقال أفدي الباري تعالى ولا يقال للباري سبحانه فديتك لأنّ ذلك إنّما يستعمل في مكروه يتوقع حلوله ببعض الأشخاص فيحب شخص آخر أن يحلَّ به ويفديه منه. ولعل هذا وقع من غير قصد إلى حقيقة معناه كما يقال: قاتَلَه الله، وكما قال - صلى الله عليه وسلم -: "تَرِبت يَمِينكِ" و"ويلُ أمّه مسعرَ حرب" وقد تقدم أو يكون فيه ضَرب من الاستعارة لأنّ الفادي لغيره قد بالغ في طلب (¬68) رضا الَمفْدِي حتى بذل نفسه في محابه فكَأنَّ المراد بهذا الشعر أنيّ أبذل نفسي في رضاك وعلى كل حال فإن المعنى وإن صرف إلى جهة يصح فيها فإطلاق اللّفظ واستعارته والتجوّز به يفتقر إلى شرع أو يكون المراد بقوله "فداء لك" رجلاً يخاطبه وقطع ¬

_ (¬66) في (ج) عامر بن الأكوع. (¬67) في (أ) و (ج) فدًا بدون مدّ والصدر لا يستقيم وزنه بدون مدّ. (¬68) في (أ) في طلب الاستعارة رضي المفدّى. لكن عليه علامة الحَذْفِ.

بذلك من الفعل والمفعول فكأنّه يقول: فاغفر: ثم عاد إلى رجل ينبهه فقال: فداء لك ثم عاد إلى الأوّل فقال ما اقتفينا وهذا تأويل يصح معه اللّفظ والمعنى لولا أنّ فيه تعسفا اضطرَّ إليه تصحيح الكلام إن صحت الرواية وقد يقع في لسان العرب من هذه الفواصل بين الجملة المعلّق بعضها ببعض ما يسهل هذا التأويل. 851 - وأما ما وقع بعد هذا من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "على أيّ شيء توقدون؟ قالوا: على لحم. قال: أي لحم؟ قالوا: لحم الحمر الإنسية فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أهْريقُوها واكسروها فقال رَجل أو يُهرقونها ويغسلونها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو ذاك" (ص 1427). فإن من الناس من تأوّل في ذلك أنهّم أخذوها من المغنم قبل القسمة ومنهم من يقول: أراد استبقاءها للحاجة إليها ومنهم من يقول لأنها حرام لحمها. 852 - قوله: [مجزوء الرجز] أنَا ابن الاكوعِ ... واليوم يوم الرضَّعِ (ص 1432) معناه يوم هلاك اللّئام من قولهم لئيم راضع. ومعنى لئيم راضع أي رضع اللّؤم في ثدي (¬69) أمّه وقيل: إنه يمتص الدّرَّ حتى لا يسمع للّبن وقع في الحلاب فَيُسْتقْرَى. ¬

_ (¬69) في (أ) في ثِدي أمّه بكسر الثّاء.

853 - وقوله: "ورآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عُزُلاً" (ص1433). بمعنى ليس معه سلاح، قال الشيخ: كما يقال: ناقة غلظ وجَمَلٌ فُنُق والجمع أعزال. كما يقال: جنب وأجناب، وماء سدم ومياه أسدام. 854 - وقوله: "فجَاشَت" (ص 1433). معناه ارتفعت يقال: جاش الشيء إذا ارتفع يجيش جيشانا قال الشّاعر: [الطويل] وقولِي كلَّما جَشأت وجاشت ... مكانك تحُمدي أو تستريحي وقوله: "جَبَا الرَّكِيَّةِ" (ص 1434). الجبا: ما حول البئر والماء والجبا الماء والركيّة البئر. 855 - وقوله: "وأحسُّه" (ص 1433). معناه: أنفض عنه التّراب يريد عن الفرَس.

856 - وقوله: "فَكَسَحتُ شوكَهَا" (ص 1433). قال ابن القوطية: كَسَح الشيء كَسحًا كنسه وكَسِحَ كَسَحا عَرِجَ. 857 - وقوله: "فأخذتُ سلاحهم فجعلته ضغثا في يدي" (1433) الضّغث في اللّغة الحزمَة. 858 - وقوله: "وخرجت معه بفرس طلحة (¬70) أندِّيهِ مع الظَّهر" (1433). قال الشّيخ: قال أبو عبيد عن الأصمعي التندية أن يوردَ الرجل الإبل حتى تشَربَ فتشرب قليلاً ثم يرعاها سَاعَة ثم يردّها إلى الماء وهو في الإبل والخيل أيضاً قال الأزهري وأنكره القُتَبِي وقال الصَّواب لأبَدِّيَه. أي لأخرجه إلى البدو قال: ولا تكون التّندية إلا للإبل قال الأزهري: أخطأ القتبي والصواب ما قال الأصمعي. وللتندية معنى آخر وهو تضمير الفرس وإجراؤه حتى يسيل عرقه ويقال لذلك العرق إذا سال النّدى (¬71). 859 - وقوله: "أردّيهم بالحجارة" (ص 1433). أي أرميهم بها. ¬

_ (¬70) في (ج) أبي طلحة. (¬71) في (أ) و (ج) النداء.

860 - وقوله: "جَعَلت عليها أراما من الِحجَارة يعرفها رَسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ص 1433) يشبه أن يريد بها الأعلام. قال الأعشى: [المتقارب] وبيداءَ تحَسِب آرامَهَا ... رِجَالَ إيَاد بأجلادهَا يعني بأشخاصها. فالآرام الأعلام والأرآم بالهمز بعد الراء الظباء قال زهير: [الطويل] بها العِين والأرآم يمشين خِلفةً ... وأطلاؤها ينهضنَ من كل مجثَم وقوله: "لقينا من هذا البَرْح" (ص 1433). يعني الشدّة وقد تقدم. 861 - وقوله: "يَتَخَلَّلُون الشَّجَرَ" (ص 1433).

أي يدخلون بين خلال الشَّجر وخلالهُا أوساطها والخلال جمع خَلَل مثل جبل وجبال ومنه {وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ} (¬72) يَعنِي وَسَطَكم. 862 - قوله: "مَذقَة لَبَن" (ص 1433). يقال: مذقت اللَّبَنَ أي خلطته بالماء ومذق المودّة لم يخلصها ومذقها أيضاً ملّها. 863 - وقوله: "شاكُّ السّلاح" (ص 1433). أي تام السلاح يقال: رجل شَائِك السلاح وَشَاك السلاح، وشاكي السلاح وشاكٌ في السلاح من الشكة وهي السلاح أجمع وشوكة الإنسان شدته وقال الله سبحانه {غير ذَاتِ الشَّوكة} (¬73) أي غير ذات السلاح. 864 - وقوله: "بَطَلٌ مغَامر" (ص 1433). يشبه أن يكون أراد يركب غمرات الحرب وهي شدائدها. وقول علي رضي الله عنه: [الرجز] أنَا الَّذي سَمَّتني أُمِّي حَيدَرهْ (ص 1433). ¬

_ (¬72) 47 - التوبة. (¬73) 7 - الأنفال، التّلاوة أن غير ذات الشوكة.

قيل: إنما تمثل عليّ بهذا عند مبارزة مَرْحَبٍ هذا لأنه كان رأى في المنام أن مرحبا يقتله سبع، وكان عليّ سمّي أول ما ولد أسدا أو سبعا وحيدرة الأسد فارتجز بذلك ليُنَبّهه على المنام ويذكِّره به حتى تضعف مُنَّتُهُ ويخاف. 865 - وقوله: "أُوفِيهُمُ بالصّاع كَيْلَ السَّندَره" (ص 1433). معناه اقتلهم قتلا واسعا لأن السَّندرة مكيال واسع وقيل السَّندرة العَجَلَة فيكون معناه على هذا أقتلهم قتلا عاجلا قال القتَبِي ويحتمل أن يكون مكيالا اتخذ من السّندرة وهي شجرة يعمل منها النَّبل والقِسِيُّ. 866 - قولها: "بَقَرتُ بِهِ بَطنَه" (ص 1442). أصل التبقّر التوسّع والتفتح، ومنه يقال: بقرت بطنه وفي الحديث: "نِهيَ عن التبقّر في الأهل والمال قال أبو عبيد: يراد به الكثرة والسعة. 867 - وقوله: "مجوِّب" (ص 1443). يعني مترِّسا يقيه بالَحجَفَةِ وهي التُّرْسُ والَجوْبُ الترُّس. 868 - وقوله: "شَديدُ النَّزعِ" (¬74) (ص 1443). ¬

_ (¬74) في (أ) شديدُ بالضم وفي الأصل شديدَ النّرع بفتح الدال.

يعني شديد الرّمي بالسهم. 869 - وقوله: "أَرَى خَدَم سوقِهِماَ" (ص 1443). الَخدَم الَخلاَخيل وفي حديث سلمان (¬75): "أنه رُؤي على حمار وخدمتاه تَذَبذَبَان" أراد بخدمتيه ساقيه فسمّيتا بذلك لأنهّما موضع الخدمتين وهما الخلخالان. ويقال: أريد بهما مخرج الرِّجل من السرَّاويل ومنه الحديث: "بَادِية خِدَامهن" أي ظاهرة خلاخلهن. ومنه قيل: فرس مُخدَّم إذا كان أبيض الرّسغين. 870 - وقوله: "يحُذينَ من الغنيمة" (ص 1444). أي يُعطَين. قال ابن ولاَّد: الحذْيا والحُذَيَّا، ما يعطى الرَّجل من الغنيمة أو من الجائزة وكذلك الحُذوة. 871 - قال الشّيخ: خرَّج مسلم في غزوة خَيبر: "حدّثنا أبو الطاهر أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن أبي شهاب قال أخبرني عبد الرحمن قال مسلم ونسبه غير ابن وهب فقال ابن عبد الله بن كعب بن مالك أن سلمة ابن الأكوع قال لما كان يوم خيبر" الحديث (ص 1429). قال الشّيخ: قال بعضهم: كان ابن وهب يهم في إسناد هذا الحديث فيقول عن الزهري عن عبد الرحمن وعبد الله ابني كعب فغيرَّه مسلم ¬

_ (¬75) في (ج) وفي حديث سليمان.

وأصلحه. ولذلك قال ونسبه غير ابن وهب قال: هكذا قال أحمد بن صالح وغيره عن ابن وهب وقال الدارقطني: خالف ابن وهب في هذا القاسم بن مبرور رواه عن يونس عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب قال: وهو الصواب. قال الشّيخ: قال بعضهم وقد نبّه أبو داود في كتاب السّنن على وهم ابن وهب في هذا الإسناد وكذلك فعل أبو عبد الرحمن النّسائي وذكر الصواب في ذلك. 872 - قال الشّيخ: وخرّج مسلم في عدد غزوات النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال: "حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال نا يحي بن آدم نا زهير عن أبي إسحاق (¬76). قال بعضهم: هكذا روي هذا الإسناد عن الكسائي على الصواب. وفي نسخة السّجزي والرّازي عن أبي أحمد (¬77) نا يحي بن آدم نا وهيب، وكذلك كان في نسخة ابن ماهان فغيره. قال عبد الغني: الصواب زهير وأما وهيب فخطأ لأن وهيبا لم يلق أبا أسحاق. ¬

_ (¬76) في (ج) عن إسحاق. (¬77) أمّا رواية الفارسي عن أبي أحمد -أي الجلودي فهي حدّثنا يحيى بن آدم، حدثنا زهير كما في (ص 1447)، وهي الرواية التي هي الصواب.

كتاب الإمارة والجماعة

كتاب الإمارة والجماعة (¬1) 873 - قوله: "ما نقمنا شيئًا" (ص 1458). أي ما كرهنا أو ما في معناه. 874 - وقوله: "شَرُّ الرِّعَاء -الحُطمة" (ص 1461). يعني الّذي يكون عنيفا برعيه الإبل يحطّمها يلقي بعضها على بعض ويقال أيضاً: حُطَم بلا هاء. ومنه قول الحجّاج في خطبته: [الرجز] قَد لَفَّها اللَّيل بِسَوَّاق حطَم ¬

_ (¬1) ثبت هذا العنوان في ج خاصة وجاء في أبخط مغاير بالهامش.

875 - وقوله: "بعير له رُغَاء" (ص 1461). الرُّغاء صوت البعير وكذلك ما ذكر بعده صوت كل شيء وَصَفَه به. 876 - وقوله: "لاَ يأتي أحَدكم وَعَلىَ رَأسِهِ رِقاعٌ تخفِق" (ص 1461). فيه دلالة على زكاة العروض. وقد يَستَدلّ أيضاً من يَرى الزّكاة في الخيل بذكره الفرس في هذا الحديث، وقد تقدّم الكلام على ذلك. 877 - وقوَله "حَتَّى رَأَينَا عُفرتيَ إبْطَيْهِ" (ص 1463). قال الأصمعي: العُفرة هو البياض وليس بالناصع ولكنه لون الأرض. ومنه قيل للظِّباء عُفْر سمّيت بِعَفَرِ الأرض وهو وَجههَا قال شَمِر: هو البياض إلى الحمرة قليلاً. 878 - قوله: بايعنا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - على السَّمعِ والطَّاعَةِ (الحديث ص 1470). 879 - وفيه "ولا تنازع (¬2) الأمرَ أهلَه" قال: "إلا أن تَروا كفرا بَوَاحا، عندكم من الله فيه برهان" (ص 1470). قال الشّيخ الإِمام العدل: لا يحلّ الخروج عليه باتفاق، والإِمام إذا ¬

_ (¬2) في (أ) و (ج) ولا تنازع كما اثبتناه، وفي الأصل ننازع بالنون.

فَسَقَ وجار (¬3)، فإن كان فسقه كفرا وجب خلعه، وإن كان ما سواه من المعاصي فمذهب أهل السنّة أنّه لا يخلع واحتجّوا بظاهر الأحاديث وهي كثيرة ولأنه قد يؤدّي خلعه إلى إراقة الدّماء وكشف الحريم فيكون الضرّر بذلك أشَدَّ من الضرّر به وعند المعتزلة أنّه يخلع وهذا في إمام عُقد له على وجه يصحّ ثم فَسَق وجار، وأمّا المتغلّبون على البلاد فالكلام فيهم يتّسع وليس هذا موضعه. وقوله: "إلاَّ أن ترَوا كفرا بَوَاحا" (ص 1470). هذا الاستثناء يؤكّد ما قلناه من التّفرقة بين الكفر وغيره. وقوله: "بَواحا" البواح الِجهار يقال: باح بالشّيء (¬4) وأباحه جهر به. 880 - قوله: "وَمِنَّا من يَنْتضِل وَمِنَّا من هو في جَشَرِه" (¬5) (ص 1472). المناضلة معروفة وهي المراءاة والَجشر خروج القوم بدوابّهم للمرعى فلعلّه هذا المعنى أراد. 881 - قوله: "قال: نَعَم وَفيهِ دَخَن" (ص 1475). ¬

_ (¬3) في ج وخان. (¬4) في (ج) باح الشيء. (¬5) في (أ) في جشرة

قال أبو عبيد: أصل الدّخن أن يكون في لون الدّابة كدورة إلى سواد وفي الحديث "هُدنة على دَخَن" يريد، لا تصفو القلوب بعضها لبعض ولا ينصع حبُّها كما كانت. وتفسيره في الحديث وهو قوله: "لا ترجع قلوب قوم على ما كانت عليه"، والدخن أيضاً الدخان. ومنه الحديث وذكر فتنة فقال: "دَخَنُها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي" يعني إثارتها وهيجها. شبّه (¬6) بالدخان الذي يرتفع. 882 - وقوله: "ومن قاتل تحت راية عُمِيَّة يَغضَب لِغَضَبِهَا" (ص 1476). قيل: هو الأمر الأعمى كالعَصَبِيَّة لاَ يَستَبِين مَا وجهه قاله ابن حنبل. وقال ابن إسحاق: هذا في تجارح (¬7) القوم وقتل بعضهم بعضا وكأنه أصله من التّعمية وهو التّلبيس وفي حديث الزبير "لئلا يموت ميتَةً عِمّيّة" أي ميتة فتنة وجهل. 883 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بويع لخلِيفَتَين فاقتلوا الأخير (¬8) منهما. (ص 1480). قال الشّيخ رحمه الله: العَقْدُ لإمامين في عصر واحد لا يجوز. وقد أشار بعض المتأخرين من أهل الأصول إلى أنَّ ديار المسلمين إذا اتّسعت ¬

_ (¬6) في (ب) وتهييجها شَبَّهَهَا. (¬7) في (ج) في تخاوج، وفي (أ) تحتمل تخارج. (¬8) في (ج) الآخِر بكسر الخاء، وفي الأصل الآخَر.

وتباعدت وكان بعض الأطراف لا يصل إليه خبر الإِمام ولا تدبيره حتى يضطرّوا إلى إقامة إمام يدبّرهم فإن ذلك يسوغ لهم. ومحمل هذا الحديث على أنّ الثَّاني امتنع من العزلة ودعا إلى طاعته حتى صار ذلك سببا للفتنة وشقَّ العصا فإنه يقاتل لينخلع وإن أدّى قتاله إلى قتله، ولو كان عقد لهما ولم يعلَم الأول لم يستحق أحَدهما الاستبداد بالإمامة (¬9) لجواز أن يكون هو الثاني والعقد له باطل ويكون كمسألة المرأة زوَّجها وليَّاها من رَجلين ولم يعلم الأوَّل منهما فإنه لا يثبت نكاح أحدهما إذا لم يقع دخول. 884 - قوله: "فَجَثَا على ركبَتَيه واستقبل القبلَةَ" (ص 1482). يقال: جَثَا يجَثو جثوّا إذا جلس على ركبتيه وأما جذا بالذّال المعجمة فأن (¬10) يجلس على أطراف أصابعه والجاذي أشد استيفازا من الجاثي. وقد وقع في بعض الروايات فإذا بذال معجمة. 885 - قال الشّيخ أيَّده الله خرّج مسلم في باب كَرَاهية الإمارة: "حدّثنا عبد الملك نا أبي نا اللّيث حدّثني يزيد بن حبيب عن بكر بن عمرو عن الحارث بن يزيد هكذا روي هذا الإسناد عن أبي أحمد" (ص 1457). ¬

_ (¬9) في (ب) بالإمارة. (¬10) في (ب) بان.

ووقع عند ابن ماهان: "حدّثني يزيد بن أبي حبيب وبكر بن عمرو بواو العطف والصواب عن بكر بن عمرو كما تقدّم قاله عبد الغني. 886 - قال الشّيخ أيده الله: خرّج مسلم في هذا الباب أيضاً: "حدثنا زهير وإسحاق كلاهما عن المقرىء قال زهير نا عبد الله بن يزيد نا سعيد ابن أبي أيوب (¬11) عن عبيد الله بن أبي جعفر عن سالم ابن أبي سالم عن أبيه عن أبي ذرّ". قال الدّارقطني في كتاب العلل: وذكر الحديث (ص 1458). اختلف فيه على عبيد الله بن أبي جعفر فرواه سعيد بن أبي أيوب عنه فذكر كما تقدم قال: وخالفه عبد الله بن لهيعة فرواه عن عبيد الله عن مسلم بن أبي مريم عن أبي سالم الجيشاني عن أبي ذرّ، والله أعلم بالصواب. قال الشيخ قال بعضهم: لم يحكم الدارقطني فيه بشيء، قال بعضهم وأبو سالم هو سفيان بن هاني الَجيشَانيِ يروي عن عليّ وأبي ذرّ. 887 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا هجرة ولكن جهاد ونيّة وإذا استُنفِرتم فانفِروا" (ص 1487). قال الشّيخ: كانت الهجرة فرضا في أوّل الإِسلام لِيَسلموا بها مِن ذلّ الكفار لغلبتهم على الدار وليكونوا له - صلى الله عليه وسلم - من الأعوان والأنصار يشدّون ¬

_ (¬11) في (ب) عن أيّوب.

أزره ويدفعون عنه فلماّ فتحت مكة سَقَطَ فرض الهجرة لزوال الذّلِّ عَمَّن يسكنها من المسلمين ولاستغناء النّبيء - صلى الله عليه وسلم - بمن معه عمّن يحامي عنه. وصارت ندبا لما في القرب من النّبيء - صلى الله عليه وسلم - ومشاهدته والصّلاة معه وتلقّي الوحي منه من الفضيلة على الغيبة عن ذلك. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإذا استنفرتم فانفِروا" فإنه إذا استنفِر النّاس للجهاد وجب عليهم إذا كان قعودهم عنه يؤدّي إلى استباحة الحريم والأموال، وان كان طلبا للاستظهار على العدوّ وقد قام بالجهاد من يكفي كان ندبا في حقّ الباقين. 888 - قوله: "فإنّ الله لن يَتِرَك من عملك شيئاً" (ص 1488). يعني ينقصك ومنه قوله تعالى: {وَلَن يَتِرَكم أعمالَكم} (¬12) يقال: وترته إذا نقصته. 889 - قال الشّيخ أيَّده الله: وخرّج مسلم في باب المسابقة بين الخيل: "حدّثنا عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر، ثم ذكر من حديث اللّيث عن نافع وحماد بن زيد عن أيوب عن نافع، ثم قال وحدّثني زهير بن حرب قال نا إسماعيل عن أيوب عن نافع قال بعضهم: هكذا في الكتاب من جميع الطّرق التي رويناها (ص 1491 - 1492). وذكره أبو مسعود الدمشقي: "عن مسلم عن زهير عن إسماعيل عن ¬

_ (¬12) 35 - محمد.

أيّوب عن ابن نافع عن نافع فزاد في الإسناد ابن نافع وهو المحفوظ عن جماعة من أصحاب ابن علية. 890 - قوله: "كانَ يَكرَه الشِّكَالَ مِنَ الخَيل" (ص 1494). قال أبو عبيد: يعنِي أن تكون ثلاث قوائم منه مُحَجَّلَة وواحدة مطلقة أخِذ من الشِّكال الذّي تشكَّل به الخيل. شبّهه به لأنّ الشِّكال إنّما يكون في ثلاث قوائم وقد فسرَّه في كتاب مسلم. 891 - قوله: "فَهوَ عليّ ضَامِنٌ أن أدخِلَه الَجنَّةَ" (ص 1495). قال الشّيخ: قد يجيء فاعل بمعنى مفعول كقوله {مِن مَّاء دافِق} (¬13) أي مدفوق و {عيشة رَاضِيَة} (¬14) بمعنى مرضية فعلى هذا يمكن أن يكون "ضامن" بمعنى مضمون. 892 - قوله: "وجُرْحُه يَثْعَبُ دَما" (ص 1496). يقال: ثَعبت الَماء إذا فجّرته فانثعب. 893 - قال الشّيخ أيّده الله: خرَّج مسلم في فضل الشُّهَدَاء: "حَدَّثَنَا أبو بَكر بن أبي شيبة نا أبو خالد الأحمر عن شعبة عن قتادة وحمُيد عن أنس عن النبيء - صلى الله عليه وسلم -" (ص 1498). ¬

_ (¬13) 6 - الطارق. (¬14) من قوله تعالى (فهو في عيشة راضية) 21/ الحاقة.

قال الشيخ: قال بعضهم: ظاهر هذا الإسناد أن شعبة يرويه عن قتادة وحميد عن أنس، وباطنه أن أبا خالد الأحمر يرويه عن حميد عن أنس وعن شعبة عن قتادة عن أنس. وهكذا قال فيه عبد الغني بن سعيد. 894 أ - قوله: "كلما سمع هَيْعَةً طَارَ إلَيهَا" (¬15) (ص 1503). قال أبو عبيد: الهيعَة الصّوت الذّي يفزع منه. يقال: هاع يهيع هيوعا وهَيَعَانا إذا جَبُن، وهاع يهاع إذا جاع وإذا تهوّع. 894 ب - قوله: "في رأس شَعَفَة" (ص 1503). الشَّعَفَة بعين غير معجمة واحدة الشَّعَفِ (¬16) وهي رؤوس الجبال. 895 - قوله: "إنيّ بُدِّعَ بيِ" (¬17) (ص 1506). أي هَلَك فَرَسيِ يقال للرّجل: إذا كلّت ركابه أو عَطِبت وبقي منقطَعًا به قَد بدِّعَ بِهِ. 896 - قوله: "فأخرَجَ تَمَرات مِن قَرَنهِ" (ص 1509). ¬

_ (¬15) طار إليها ساقط من (ب). (¬16) جاء في (ج) واحدة السعف هكذا وهو تحريف. (¬17) هذه الرواية عن جمهور رواة مسلم، وفي بعض النسخ أُبْدِعِ بي وهو الصواب كما قال القاضي عياض.

أي مِن جَعبَة وفي حديث "صَلِّ في القَوس واطرَحِ القَرَنَ" قال الهروي: القَرَن جعبة من جلود تشقّ ثم تخرز وإنما تشقّ كي يصل إليها الرّيح ولا يفسد الرّيش، وأمره بنزع القَرَن لأنّه كّانَ من جِلد غير ذَكيّ وَلاَ مَدبوغ ومن حديث عمر رضي الله عنه قال للرجل: مَا مَالُكَ؟ فقال: أقرن وأدَمَةٌ من الَمنِيئَةِ. الأقْرُنُ (¬18) جِمع قَرَن وهي جَعبَة من جلود تكون للصيّادين فيشق جانب منها كما فسَّرْنا. 897 - قوله: "فقال له نَاتِل أهلِ الشّامِ" (ص 1513). قال الهروي: في الحديث "أنَّه رأى الحسين يلعب ومعه صبية في السكّة فاستَنتَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمام القوم" أي تقدّم، قال أبو بكر: وبه سمّي الرّجل ناتلا ونتيلة أمّ العباس بن عبد المطلب. ومنه حديث أبي بكر "أنه ارتاب بلبن شربه" أي لم يحل له فاستنتل يتقيّا أي يتقدّم. وذكر الهروي أنّه يقال: نتل أيضاً إذا تقدّم ومنه أنّ عبد الرحمن بن أبي بكر برز يوم بدر فقال: هل من مبارز؟ فتركه النّاس لكرامة أبيه رضي الله عنه فَنتل أبو بكر ومعه سيفه، أي تقدَّم. 898 - قوله: "ما مِن غَازِيَة أو سرِيَّة تخَفِق" (ص 1515). ¬

_ (¬18) في نهاية ابن الأثير خلاف ما فسرّ به المازري حيث جعل قوله أقرن فعلا مضارعا بينما جعله المازري جمع قَرَن.

قال أبو عبيد: الإخفاق أن يغزو فلا يغنمَ شيئاً وكذلك كل طالب حاجة إذا لم يقضها فقد أخفق وأخفق الصائد إذا خاب. 899 - قوله: "يَركَبونَ ثَبَجَ هَذَا البَحرِ" (ص 1518). الثَّبج الوسط قال أبو زيد: ضرب بالسيف ثبج الرجل، أي وسطه، والثَّبَج ما بين الكتفين، وفي حديث وائل بن حجر وأنطوا الثَّبَجَةَ (¬19) يقول: أعطوا الوَسَطَ في الصدقة لا من خيار المال ولا من رذَالته. 900 - قوله: "الشّهَدَاء خمَسَة "المَطعون والمَبطون" الحديث (ص 1521). قال الشّيخ: المطعون هو الذّي يموت في الطّاعون ولم يرد المطعون بالسّنان لأنه قال في آخره والشّهيد في سبيل الله وفي طريق آخر ومن مات في الطّاعون فهو شهيد. 901 - قوله: "إذَا سَافَرتم في الِخصب فأعطوا الإبِلَ حَظَّهَا من الأرض وإذَا سَافرتم في السَّنَةِ فبادروا بها نِقيها وإذَا عَرَّستم فاجتنبوا الطريق فإنّها طرق الدوَابِ ومَأوى الهَوَامِّ باللَّيل" (ص 1525). قال الشيخ: أما قوله: "إذا سافَرتم في السَّنة" فالمراد به القَحط قال ¬

_ (¬19) في (ج) (وانظروا نتيجة) وهو تحريف.

الله سبحانه {ولَقَد أخَذنا آل فِرعَون بِالسِّنينَ} (¬20)، أي بالقحوط والسَّنَة الأزمة ومنه حديث عمر رضي الله عنه "كان لا يجيز نِكَاحَ عَام سَنَة يقول: لعلَّ الضَّيقة تحملهم أن ينكِحوا غَيَر الأكفَاءِ" وكذلك حديثه كان لا يَقطَع في عَامِ سَنَة. وأمّا قوله: "فبادروا بها نِقْيَهَا يعني مخها. يقال: نقوت العظم ونقيته وانتقيته إذا استخرجتَه. 902 - قال الشّيخ -أيَّدَه الله-: وخرّج مسلم في باب لَغَدْوَةٌ في سبيل الله أو روحَة "قال حدثنا ابن أبي عمر نا مروان بن معاوية" (ص 1500). قال بعضهم في نسخة أبي العلاء: "حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا مروان بن معاوية جعل ابن أبي شيبة بدل ابن أبي عمر والصواب ما تقدم أنه من رواية ابن أبي عمر وهي رواية الجلودي. 903 - وخرّج أيضاً مسلم في باب أرواح الشّهداء عن يحيى بن يحيى وأبى بكر بن أبي شيبة كلاهما عن أبي معاوية قال وحدثنا إسحاق ارنا (¬21) جرير وعيسى عن الأعمش ونا ابن نمير واللّفظ له ونا أسباط وأبو معاوية قال نا الأعمش عن عبد الله بن مرَّة عن مسروق قال سألنا عبد ¬

_ (¬20) 130 - الأعراف. (¬21) كذا في (أ) و (ج) أي أخبرنا.

الله عن هذه الآية {ولا تحسبَنَّ الَّذينَ قتِلوا فيِ سَبِيل الله أموَاتا} (¬22) الآية (ص 1502) الحديث موقوف. وهكذا أتى سألنا عبد الله غير منسوب قال بعضهم قال أبو مسعود الدِّمشقي. ومن النّاس من ينسبه فيقول: عبد الله بن عمرو والله أعلم وذكره أبو مسعود في مسند ابن مسعود. 904 - وخرّج أيضاً مسلم في باب ركوب البحر للغزو حدّثنا محمد بن رمح نا اللَّيث. وفي نسخة الرّازي: "حدّثنا محمد بن رمح ويحي بن يحيى قال (¬23) أخبرنا اللّيث وسقط ذكر يحي بن يحيى لابن ماهان وللسّجزي عن أحمد (¬24) (ص 1519). 905 - وخرّج أيضاً مسلم في باب السّفر قطعة من العذاب: "حدّثنا عبد الله بن مَسْلمَةَ بن قعنب وإسماعيل بن أبي أويس وأبو مصعَب ومنصور وقتيبة قالوا حدثنا مالك" هكذا عن الجلودي والكسائي (ص 1528). وأمّا عند ابن ماهان فقال: "عن مسلم نا عبد الله بن مسلمة وابن أبي الوزير وأبو مصعب ومنصور وقتيبة قالوا حدّثنا مالك بهذا هكذا عنده جعل ابن أبي الوزير بدل إسماعيل بن أبي أويس واسم ابن أبي الوزير إبراهيم بن عمر بن أبي الوزير يكنّى أبا إسحاق ممّن روى عن مالك قال بعضهم: لم يدركه مسلم ولا أعلم لمسلم عنه رواية قال. وأما البخاري فقد خرّج عنه عن عبد الله الجعفي عن ابن أبي الوزير مقرونا بالحسين بن الوليد عن ابن الغسِيل في كتاب الطلاق حديث الَجوْنيّة التّي تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستعاذت منه. ¬

_ (¬22) 169 - آل عمران. (¬23) كذا في النسخ الثّلاث، قال بالإفراد وفي الأصل قالا وهو الصّواب. (¬24) في (ب) وللسجزي عن أبي أحمد، وفي (ج) والسِجزي عن أحمد.

كتاب الصيد

كتاب الصّيد (¬1) 906 - قول عدي (¬2) ابن حاتم: "يا رسول الله إنيّ أرسل الكِلاَبَ المعَلَّمَة فيمسكن عَليَّ وأذكر اسم الله عَزَّ وَجَلَّ فقال: إذا أرسلت كلبَكَ المعَلَّمَ وَذَكَرتَ اسم الله فكل قلت: وان قَتلنَ قال: وان قتلن ما لم يشركها كلب ليس مَعَهَا (¬3). قلت له: فإني أرمِي بالِمعراض الصَّيدَ فَأصيب قال: إذا رَمَيْتَ بالِمعراضِ فَخَرَقَ فَكُله وإن أصابه بِعَرْضه فلا تأكله. ¬

_ (¬1) ثبت هذا العنوان في النّسخ الثلاث. (¬2) في (ب) فيه قول عدي بن حاتم وفي (ج) قال عدي بن حاتم. (¬3) في (ب) ليس معَلَّما.

وفي بعض طرقه: "إلاَّ أن يَأكل الكَلب فَإِنْ أَكَلَ فَلاَ تَأكل فإنيّ أَخَاف أن يَكونَ إنَّماَ أمسك عَلى نَفسه". وفي بعض طرقه: "فَإنَّه إنَّماَ أمسَكَ على نفسه قلت فإن وجدت مع كلبي كلبا آخر لا أدري أيهما اخَذَه قال: فلا تأكل فإنَّماَ سَمَّيتَ على كلبك وَلمَ تسمِّ عَلى غيره. وفي بَعض طرقه في المِعرَاض: "إذا أصَابَ بِحَدِّهِ فَكل وإذا أصاب بعرضه فَقَتَلَ فإنَّه وَقيذ فَلاَ تَأكل" (ص 1529 - 1531). قال الشّيخ وفّقه الله: الحيوان الذي يحلّ أكله لا يُستَبَاح في الشّرع إلا بتذكية والتّذكية عقر أو ذبح أو نحر، فأمّا الذّبح والنَّحر ففي المقدور عليه وأمّا العقر فكلّ حيوان مأكول اللّحم متوحّش طبعا غير مقدور عليه فذكاته العَقر: فقلنا حيوان لأنَّ ما ليس بحيوان لا يذَكَّى، وقلنا مأكول اللّحم لأنّ الخنزير وما يحرم من الحيوان لا تصحّ تذكيته، وقلنا متوحش احترازا من الإنسي كالبقر والشّاة فإنه لا يذكَّى بالعقر. وقلنا طبعا احترازا من الإنسي إذا نَدَّ (¬4) فإنّه لا يستباح بالعقر لأنّ التوحش ليس من طبيعته وقلنا غير مقدور عليه احترازا من الوحشي إذا حصل في قبضة الصّائد فإنه لا يذكّى بالعقر. [هذا ضبط ما يذكّى بالعقر] (¬5). وأمَّا الآلة التي يعقربها فكلّ حيوان يصيد ويقبل التّعليم فإنّه يجوز به الصيد عندنا وما وقع من النّهي عن التصيّد ببعضه في المذهب فمحمول على أنّه لا يقبل التّعليم هذا مذهب مالك وأصحابه ومن النّاس من قصر ¬

_ (¬4) في ب إذا توحش. (¬5) ما بين المعقّفين ساقط من ب.

الاصطياد على الكلاب خاصّة تعلّقا بقوله تعالى {وَمَا عَلَّمتم مِنَ الَجوَارِحِ مكَلِّبين} (¬6) ومنهم من يستثني الكلب الأسود. والدّليل عليه قوله في كتاب مسلم: "وان رميت سهمك فاذكر اسم الله "الحديث: وخرّج التّرمذي عن عدي بن حاتم: سألت النبيء - صلى الله عليه وسلم - عن صيد البازي فقال ما أمسك عليك فكل فثبت بهذه الأحاديث جواز الصيد بالرّمي والطير. وأما قوله: "وإن أكل فلا تأكل" فمذهب مالك أنه يأكل وإن أكل ومذهب الشافعي في أحد قوليه: أنه لا يأكل، وهو مذهب أبي حنيفة وهذا الحديث الذي ذكره مسلم من آكد ما يحتجّون به ويتعلقون أيضاً بظاهر قوله تعالى {فكلوا مماّ أمسكن عليكم} (¬7) ولو أراد كلّ إمساك لقال: فكلوا مما أمسكن. فزيادة "عليكم" إشارة لما قالوه لما كان الإمساك يتنوّع عندهم خصّص الجائز منه بهذه الزيادة قالوا: ولو كان القرآن محتملا لكان هذا الحديث بيانا لأنه أخبر أنه إنَّما أمسَكَ على نفسه وأمَّا أصحَابنَا فلا يسَلِّمون كون الآية ظاهرة فيما قالوه ويرون أن الباقي بعد أكله ممسك علينا. وفائدة قوله "عليكم" الإشعَارُ بأنَّ مَا أمسكه من غير إرسَال لا نأكله. وأمّا الحديث الّذي خرجه في مسلم فيقابلونه بحديث أبي ثَعلَبَة (¬8) وقد ¬

_ (¬6) 4 - المائدة. (¬7) 4 - المائدة. (¬8) في (ج) أبي ثعيلة.

ذكره أبو داود وغيره وفيه: "إباحة الأكل مما أمسك وإن أكل" ومحمل حديث مسلم في النهي عن التَّنزيه والاستحباب. وحديث أبي ثعلبة على الإباحة حتى لا تتعارضَ الأحاديث. وأما قوله: "وذكرتَ اسم الله" [فكل فإن التّسمية عند] (¬9) التذكية اختلف الناس فيها. فمن الناس من ذهب إلى أنّ الحيوان المذكَّى إن تركت التّسمية عند تذكيته سهوا أو عَمدا لم يؤكل، وهذا مذهب أهل الظاهر، ومنهم من لا يحرّم أكله وإن تركها عمدا. قاله بعض أصحاب مالك في تاركها عمدا غير مستخِفّ، ومنهم من منع الأكل مع العمد وأباحه مع النسيان وهو المشهور من مذهب مالك وأصحابه، فأمَّا أهل الظاهر فتعلّقوا بظاهر قوله سبحانه وتعالى {ولا تأكلوا مِمَّا لمَ يذكَرِ اسم الله عليه} (¬10) ولم يفرق، وأصحابنا يرون الآية إنما وردت في تحريم الميتة ويذكرون قول الجاهلية واعتراضهم على الشرع بأنا نأكل ما قتَلناه ولا نأكل ما قتله الله فردّ الله عليهم بهذه الآية. وقد يتعلَّق أهل الظاهر بهذا الحديث وقد علَّق إباحة الأكل بذكر اسم الله تعالى والنّاسي غير ذاكر وقال أيضاً فيمن وجد كلبا آخر مع كلبه لا يدري أيهما أخذه فَلا تأكل إنما ذكرت اسمَ الله على كلبك ولم تذكره على غيره وهو في تركه التسمية على كلب غيره أعذرُ من تركه إيّاها على كلب نفسه نسيانا، وأصحابنا يحملون التّسمية في هذا وأمثاله على ذكر القلب وقصده فيكون المراد ها هنا قصدَ القلب إلى التَّذكية ولا شك أنّ الصّائد الغير المقاصد إلى الاصطياد لا يأكل ما صاد وإذا لم يسلِّم أصحابنا كون هذه الظواهر دلالة على منع ¬

_ (¬9) ما بين المعقّفين ساقط من (ب). (¬10) 121 - الأنعام.

الأكل مع النسيان وقد ورد رُفع عن أمّتي خطؤها ونسيانها وقد أباح كل ما يأتي من اللّحوم ولا يدرى هل سمَّى الله عليه أهله أم لا الحديث المشهور قالوا: ولو كانت شرطا لم يستبح ذلك للشكّ في حصول التّذكية، والجمهور من أصحابنا المانعون من أكلها مع العمد يَتَمَسَّكون بالظواهر المتقدّمة ويرون أنَّ العامد غير معذور قاصدا لمخالفة ما عليه الشرع وعمل المسلمين فوجب أن يمنع. وأمّا قوله: "فَإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه"، وقوله: "فإن وجدت عنده كلبا آخَر فخشيت أن يكون أخذه معه وقد قتله فلا تأكل". فإنّ ذلك أصل في أنّ الشك في التّذكية يمنع من تأثيرها ويبقي الحيوان على المنع وهو الأصل الذي كان عليه فيما قبل لأنَّه علق هذا بالشك والجواز ومحمَل قوله: "فإن وجدت عنده كلبا آخر" على أنّه كلب غير مرسل على الصّيد، وأما لو كان كلبا معَلَّما أرسله رجل آخر على هذا الصّيد فأخَذَاه معا لكان مذَكّى ويكون شركة بينهما. وقوله: "وإن وجدت عنده كلبا آخر فخشيت أن يكون أخذه معه وقد قتله فلا تأكل". وقوله في الِمعرَاضِ: "إذا أصَابَ بِعَرضِه فقتل فإنَّه وَقيذ". فيه إشارة إلى أحد القولين في أن الموقوذة والمنخنقة وما صار إلى حالة لا تدوم حياته معها فإنه يذكّى لأنّه قَيّدَهَا هنا بالقتل وذلك يشير إلى أنّ

القتل إذا لم يقع لم يحرم الأكل بالتّذكية وقد ذكر مسلم أيضاً: "وما أصبت بكلبك الذّي ليس بمعَلّم فأدركت ذكاته فكل" ولم يشترط أن يدركها وبها حياة تدوم مع أنّ قوله "أدركت" إشارة إلى أنّه لو لم يدرِكه لفات. وأمّا قوله في الِمعرَاض: "إذا أصاب بعَرضه فإنه وقيذ" فإنّ من شرط العقر عندنا أن يقع على صفة فيها تنييب (¬11) وإدماء أو ما في معنى ذلك فإن مات الصيد انبهارا أو روعا من غير مماسة أداة الصائد لم يؤكل بغير خلاف وإن كان بعد مُماسَّة أدَاة الصَّائد وإدمائها على ما ذكرناه أكل بغير خلاف وإن كان بمماسّتها مصادمة أو ما في معناها ففي أكله قولان إذا كان ذلك من الكلاب فوجه المنع قوله سبحانه {ومَا عَلَّمتم منَ الَجوَارِحِ مكَلِّبِين} (¬12) وظاهر ما جرح ولأنّه في معنى المعراض، وقد ورد به الحديث ووجه الجواز قوله تعالى {فَكلوا مِماَّ أمسَكنَ عَلَيكم} (¬13) وهذا إمساك. وقوله - صلى الله عليه وسلم - لعديّ: "فإنَّ ذكاته أخْذه" أورَدَه مسلم (ص 1530) ولأنّه فعل حيوان غير مميّز ولا مضاف للصايد الذّي هو مميِّز وهو مما يقتل أحيانا فوجب أن لا يمنع قياسا على التّنييب والإدماء بخلاف المعراض الوارد به الحديث الذي يصير الصيد به موقوذة قال الهروي: المعراض سهم لا ريش فيه ولا نصل. ¬

_ (¬11) في (ب) تسبيب. (¬12) 4 - المائدة. (¬13) 4 - المائدة.

وقوله "خَزَق" معناه نفذ يقال سهم خازق وخاسق للنّافذ. والوقيذ والموقوذة يعني التي تقتل بعصا أو حجارة لا حدّ لها فتموت بلا ذكاة يقال وقذتها أقذها إذا أثخنتها ضربا وفي حديث عائشة رضي الله عنها "تصف أباها رضوان الله عليه فوقذ النّفاق" تريد أنه دمغه وكَسَّره. 907 - قوله: "فإن رَمَيت سَهما فاذكر اسم الله فإن غاب عنك يوما فلم تجد فيه إلاّ أثر سهمِكَ فكل إن شئت، وإن وجدته غريقا في الماء فَلاَ تأكل، وفي بعض طرقه إلاّ أن تجده قد وقع في ماء فإنّك لاَ تَدرِي الَماء قتله أو سهمك وفي بعض طرقه وقال في الكلب كُلْهُ بَعَدَ ثَلاث إلاّ أن ينتنَ فدعه" (ص 1531 - 1533). قال الشّيخ وفّقه الله: من شرط استباحة الصّيد أن يتبعه الصائد رجاء أن يدركه فيذكّيه فإن لم يفعل وتأخَّر عنه من غير عذر ثم أتاه فوجده ميتّا وفيه أثر سهمه أو كلبه فالمشهور من المذهب أنه لا يؤكل لجواز أن يكون لو اتبعه لأدركه وصار أسيرا له حتى لا تجوز (¬14) تذكيته بالعقر. وحكى ابن القصّار جواز أكله وكأنّه رأى أنه لا تسقط التّذكية المحقَّقة بهذا الأمر المجوِّز، وقد قال في كتاب مسلم فإنَّ أخذه ذَكَاته ولم يشترط أيضاً في هذا الذي بات ولم ينتن أن يكون اتبعه أو لم يتبعه. وأمّا إن بات عنه الصّيد ثم وجده بعد ذلك وفيه أثر سهمه أو كلبه ففي المذهب ثلاثة أقوال أحدها أنه يؤكل لهذه الأحاديث والثّاني أنه لا يؤكل لقول ابن عباس: "كل ما اصْمَيْتَ ولا تأكل ما أنميت". ومعنى ما أصميت ما لم يغب عنك وما أنميت ما غاب عنك والقول الثالث إجازة ذلك في السّهم ومنعة في ¬

_ (¬14) في (ب) و (ج) حتى لا تكون.

الكلب لأن السّهم يقتل بالرمية الواحدة والكلب يقتل على جهات مختلفة. وأمَّا قوله: "ما لم يُنْتِنْ" فإنّ ذلك لأنَّ النفوس تعافه وتستقذره الطباع فنهي عنه تنزيها أو يكون ذلك يضر بالأجسام ويسقمها فينهى عنه تحريما. وقد روي أنَّه - صلى الله عليه وسلم - أكل إهالة سَنِخَة والسَّنِخَة المتغيرة ومحملها على أنهّا لم تضر ولم تستقذر فلا يكون ذلك مخالفا لهذا الحديث. 908 - قوله: "نهَىَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل كلّ ذي ناب من السباع وفي طريق آخر كلّ ذي ناب من السباع أكله حرام". (وفي طريق آخر: "نَهَى عن كل ذي ناب من السّباع) (¬15) وكل ذي مخلب من الطَّير (ص 1533 - 1534). قال الشيخ. وفّقه الله: اختلف النّاس في السباع ففي ذلك روايتان التّحريم والكراهية وبالتّحريم قال أبو حنيفة والشّافعي، وهذا الحديث الذي أورده مسلم نصّ في التَّحريم. وكأنَّ أصحابنا تعلّقوا في الكراهية قوله سبحانه {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} الآية (¬16). ¬

_ (¬15) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬16) 145 - الأنعام.

وليس فيها ذكر السِّباع. وهذا فيه نظر لأنه إنَّما أخبر عن أنه لا يجد محُرَّما إلاَّ مَا ذُكر وقد يمكن أن يوجد فيما بعد وقد ذكر أنّ الحديث ورد بعد لأنَّ الآية مكيّة وهو مدنيّ، وأيضاً فَإنّ الآية خَبَرٌ عن أنه لم يجد، وتحريم السّباع حكم والأحكام يصحّ نسخها (والأخبار لا يصح نسخها) (¬17) ولا يمكن تعارضها إلاَّ على وجه يمكن فيه البناء فإذا أخبر أنه لا يجد محرّما ووجدنا نحن محرّما حملناه على أنّه أوحي إليه به فيما بعد لأنّه لو كان أوحي إليه به فيما قبل وكان الخبر عاما صار الخبر كذبا وهذا لا يصح. وأيضاً فإن قوله {قل لاَ أجِد في ما أوحي إلى محُرَّما} لا يقضي بتحليل سوى المستثنى (¬18) لأنه إذا نفي التّحريم لم يكن ذلك نصا في إثبات التحليل ونحن نقول: إنّ الأشيَاء قبل ورود الشّرع لا نثبتها محرمة ولا يكون ذلك مِنَّا تصريحا بأنهَّا محلَّلَة بل الغرض نفي ورود الحكم وتكون باقية على أصلها قبل الشّرع، وفيه خلاف بَين أهل الأصول لكن إن كان المراد من الاحتجاج بالآية نَفيَ وجود التّحريم الشّرعي في زمن نزولها فهذا صحيح ولكن إثبات حكم معيّن أو نفي نزول حكم فيما بعد لا يصح ادّعَاؤه. وأمّا نهيه عن كلّ ذي مخلب من الطّير، فيه قال أبو حنيفة والشّافعي، ومذهبنا أن أكلها ليس بحرام ولعلّ أصحابَنَا يحملون هذا النّهي على التّنزيه ويرون أنهّا قد تكون تتصيّد من السّموم ما يخشى منه على أكلها. ¬

_ (¬17) ما بين القوسين ساقط من (أ). (¬18) في ب المستثنى منه.

وهذا ضعيف ولا يمكن ترك الأحاديث بمثل هذا التّقدير؛ لكن إنَّما يجب النّظر بين الآية وهذا الحديث وهل تكون الآية تقتضي جوازَ أكل كل ذي مخلب أو لا تقتضيه وقد نبَّهنا على التّحقيق في ذلك فإن كانت لا تقتضيه نُظِر في النّهي. هل يحمل على التّحريم أو الكراهية وفيه خلاف بين أهل الأصول ونُظر أيضاً في قول الرَّاوي نهي ولم ينقل لفظ النبيء - صلى الله عليه وسلم - هل يؤخذ بذلك على ظاهره أم لا؟ وهذا أيضاً مشروط (¬19) في كتب الأصول فهذا التّحقيقّ فيه. 909 - قوله: "فَرُفِعَ لَنَا عَلىَ سَاحِل البَحر دَابَّة تدعَى العَنبَرَ". قال أبو عبيدة ميتة ثمَّ قال: "لاَ بَل نحن رُسُل رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي سَبِيل الله وَقَدِ اضطُررتم ثم قال فأقمنا عليها شهرا ونحن ثلاثمائة حتّى سَمِنَّا" الحديث. وفيه: "فلماّ قدمنا المدينة أتينَا النَّبيءَ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرنَا ذَلِكَ له فقال: هو رزق أخرَجه الله لكم فَهَل مَعَكم من لحَمِهِ شيء فَتطعِمونا؟ قال: فأرسَلنَا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه فَأكَلَه" (ص 1535). قال الشّيخ وفّقه الله: جميع ما في البحر مباح عند مالك على الجملة على اختلاف أشكاله وأسمائه حيّة وطافية لكنّه توقّف في خِنزير الماء واستثنى الشّافعيّ الضَّفدَعَ وقال أبو حَنِيفة: ما سوى السمك لا يؤكَل وَمَنَعَ من أكل الطَّافي وأجاز ما مات لسبب كالذي يجزر عنه الماء فيموت ¬

_ (¬19) في (ب) و (ج) مبسوط.

أو يموت من شدة حَرٍّ أو بَرد ولَنَا في إبَاحة جميع ما فيه على الإطلاق قَوله تعالى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} (¬20) فَعَمَّ وَإنَّما توقَّف مالك في خنزير الماء لأنَّ هذه الآية يقتضي عمومها إباحته، وقوله عزّ وجل {وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} (¬21) يقتضي تحريمه إن صَحَّ أنه يسمَّى خِنزيرا في اللّغة فلماّ تعارض العمومان توقّف أو يكون لم يتوقّف من ناحية التّعارض لكن من ناحية التّسمية هل هي ثابتة في اللّغة أم لا؟. ولنا في إباحة الطّافي منه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "هو الطَّهور مَاؤه الِحلّ مَيْتَتُهُ ". وحديث أبي عبيدة هذا وقد ذَكر أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - أكل منه اختيارا. وتضمَّن حديث أبي عبيدة أيضاً الردّ علي أبي حنيفة في منعه ما سوى السمك لأنّ هذه الدَّابة التي تسمى العنبر الظّاهر أنها ليست من السَّمك. وأما منع الشافعي وأبي حنيفة الضَّفدعَ فلعلَّهما تَعَلَّقَا بما خرَّجه النسائي أن طبيبا ذكر ضفدعا في دواء عند النبيء - صلى الله عليه وسلم - فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتله ولعل هذا لم يثبت عند مالك أو يحمل إن ثبت على الاستحباب. 910 - وأمَّا قوله: "كنّا نَضِرب بِعِصِيِّنَا الَخبَطَ " (ص 1535). هو ان يضرب الشّجر بِعِصِيٍّ لِتَتَحَاتَّ ورقه واسم الورق المخبوط خَبَطٌ وهو من علف الإبل. ¬

_ (¬20) 96 - المائدة. (¬21) 173 - البقرة أو آية المائدة الثّالثة لأنّه جاء شكل الميم بضمّة في (أ) و (ج).

911 - قوله: "من وقبِ عَينِه" (ص 1535). يعني داخل عينه من قوله سبحانه {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} (¬22) يعني دخل في الظّلمَة. 912 - وقوله: "تَزوَّدنَا مِن لحَمِه وَشَائقَ" (ص 1535). قال أبو عبيد: هو اللّحم يؤخذ فيغلى إغلاء (¬23) ويحمل في الأسفار ولا ينضج فيتهرّأ يقال وشقت اللّحم فاتَّشق والوشيقة القدّيد ومنه الحديث "فتواشقوه بأسيافهم" أي قطّعوه كما يقطع اللّحم إذا قدّد. 913 - وقوله: "حَتَّى ثَابت أجسامنا" (ص 1536). أي رجعت إلى ما كانت عليه والرَّاجع وهو الثائب من ثاب يثوب. 914 - وقوله: "في حجَاجِ عَينهِ" (ص 1536). يقال: حَجاج وحِجاج بفتح الحاء وكسرها. 915 - قوله: "نَهَى عن أكل لحَمِ الحمر الأهليَّة وفي بعض طرقه حرّم لحومَ الحمر الأهليّة" (ص 1538). ¬

_ (¬22) 3 - الفلق. (¬23) في (ب) فيغلى بلا ماء.

قال الشّيخ وفّقه الله: المذهب عندنا على قولين في الحمر الإنسية فقيل بالتّحريم وقيل بالكَرَاهية المغلظة فمن قال بالتحريم تعلق بالحديث المذكور فيه التحريمُ وهو نصّ في بابه فيكون هذا النصّ مؤكّدًا لظاهر القرآن وهو قوله عزّ وجلّ {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَ} (¬24) فذكر المنافع التي ذكرها لها (¬25) ولو كان أكلها مباحا لنَبَّه عَلَيه سبحانه وذكر وجه المنة به على عباده كما ذكر غيره من المنافع ووجه القول بالكراهية ما وقع من الاضطراب بين الصّحابة في هذا النّهي فذكر مسلم قال: "تحدّثنا بيننا فقلنا حرّمها البتة أو حرّمها من أجل أنّها لم تَخمّس". وفي بَعض طرقه "فقال ناس: إنما نَهَى عنها لأنهّا لم تخمّس وقال آخرون: نهى عنها البتّة". وذكر عن ابن عباس قال: لا أدري أنَهَى عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أجل أنها كانت حمَولَةَ النّاس فكره أن تذهب حَمُولَتُهُم أو حَرّمه في يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية. وفي بعض طرقه: "جَاءَ فقال يا رسول الله أُكِلَت: ثم جاء آخر فقال يا رسول الله أفْنِيت الحمر فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا طلحة فنادى أنّ الله ورسولَه يَنْهَيانكم (¬26) عن لحوم الحمر فإنها رجس أو نجس". وفي بعض طرقه: "لماّ فتح خيبر أصبنا حمارا خارجا من القرية فنادى منادي رسول ¬

_ (¬24) 8 - النحل. (¬25) في (ج) خلقها. (¬26) في (أ) ينهاكم.

الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا إنّ الله ورسوله ينهيانكم عنها فإنهَّا رجس من عمل الشيطان فأكفئتِ القدور بِما فيها" (ص 1537 - 1540). وقد خرّج أبو داود: "قلت يا رسول الله أصابتنا سَنَة ولم يكن في مالي ما أطعم أهلي إلا سِماَنُ حُمُرٍ وَإنَّك حَرَّمتَ لحوم الحمر الأهليَّة فَقَال: أَطعم أهلَكَ من سمين حمرك وإنّما حرّمتها من أجل جَوَّال القَرْية". فلما رأى بعض أصحابنا هذا الاضطراب في علّة النّهي هل لأنها لم تخمّس أو لأنهّا فنيت أو من أجل جوّال القرية قالوا بالكراهة المغلظة دون التّحريم لأنّ هذه العلل قد تذهب فيذهب التّحريم بذهابها، ولكن يبقى على هذا سؤال يقال: لو كانت هذه علّة التحريم لما أمر بإكفاء القدور وكسرها ولا عدل عنه لمّا روجع إلى غسلها بل هذا يشير إلى ما وقع في الطريق الأخرى في قوله فإنهّا رجس أو نجس قيل لأجل هذا التعليل الآخر قوي التّحريم عند بعض أصحابنا وقد تكون العلل المتقدّمة أسبابًا نزل عندها الحكم معلَّلا بما ذكر مناديه - صلى الله عليه وسلم -. وقوله في حديث أبي داود: من أجل جوال القرية مأخوذ من الجَلَّة وهي العَذِرة سمّيت بذلك لأكلها لها وأشدّ ما في هذا قوله عند أبي داود: "أطعِم أهلَكَ من سمين حمرك" ولعلّ الحديث لم يثبت عند أصحابنا أو تكون قضية في عين لا تَتَعدَّى أو القَصد منه نفي التحريم وإن كان لحومها مكروهة وقد ذكر أنه ما عنده ما يطعم أهله إلّا الحمر وهذه ضرورة. 916 - قال الشّيخ وفقّه الله خَرّج مسلم في حديث البراء "أصَبنَا يَومَ خيبر حُمرا" الحديث عن ابن مثنّى وابن بشَّار وذكر السّند قال البرَاء:

"أصَبنا يوم خيبر حمرا فنادى منادي النّبيء - صلى الله عليه وسلم - أن اكفؤوا القدور" (ص 1539). وقال أبو مسعود: لهذَا الحديث تعليل وهو مرسل. قال الشّيخ وفّقه الله: وهذا مما يجب النّظر فيه لأنّه لم يعين المنادي ولا ذكر إضافة نصّ قوله للنّبيء - صلى الله عليه وسلم -. ولكنّ الأظهر أنّ النّداء في الجيش لا يخفى عن الإِمام، والصاحب أضافه إلى النَّبِيء - صلى الله عليه وسلم - فهذا مّما يعلم بقرينة الحال وقد قال بعد هذا: فأمر النّبيء - صلى الله عليه وسلم - أبا طلحة فنادى أن الله ورسولَه فأضاف الأمر إلى النّبيء - صلى الله عليه وسلم - على الجملة وسمَّى المنادي وذكر ما نادى به والظّاهر أن النّبيء - صلى الله عليه وسلم - أمره بذلك اللّفظ. قوله: "اكفؤوا القدور". يقال: كفأت القِدر كببتها وقلبتها لتُفرغ ما فيها وكفأت الإناء إذا أملته، قال ابن السكّيت: يقال كفأت وأكفأت. 917 - قوله: "نَهَى عن لحوم الحمر الأهليّة وأذن في الخيل (ص 1541). قال الشّيخ وفّقه الله: أمّا الحمر فقد فرغنا من ذكرها وأما الخيل فاختلف النّاس فيها فأباح أكلها الشافعيّ ومذهبنا أنهّا مكروهة وقال الحكم: حرّم القرآن الخيل وتلا الآية فتعلّق الشافعي بقوله وأذن في الخيل والإذن إباحة. وقد خرَّج النسائيّ وأبو داود عن خالد بن الوليد

أنه سمع النبيء - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يحل أكل لحوم الخيل والبغال والحمير" قال النّسائيّ: يشبه إن كان هذا صحيحا أن يكون منسوخا لأنّ قوله أذن في لحوم الخيل دليل على ذلك ولما رأى أصحابنا اختلاف هذه الأحاديث وكان حديث جابر أصحّ قدّموه في نفي التّحريم وقالوا بالكراهية لأجل ما وقع من معارضته بالحديث الآخر ولما يقتضيه ظاهر الآية وقد ذكر فيها الخيل كما ذكر الحمير ونبّه على المنة بما خلقت له ولم يذكر الأكل. 918 - ذكر أحاديث الضبّ (¬27). قد ذَكَر أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا آكله ولا أحَرِّمه". وفي بعض طرقه "أحرام هو يا رسول الله قال: لا ولكنّه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه" (ص 1541 - 1543). قال الشّيخ: اختلفت طرق الأحاديث في علّة امتناعه - صلى الله عليه وسلم - من أكله فذكر مسلم أنّه تركه لأنّه عليه السلام عَافَه وذكر في طريق أخرى أنّه قال: "لا أدري لعلّه من القرون التي مسخت" (ص 1545). وفي غير كتاب مسلم أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: "إني تحضرني من الله حاضرة يريد الملائكة عليهم السّلام فأحترمهم لأنّ له رائحة ثقيلة" واتّقاه لأجلهم كما يتّقى الثّوم وأمَّا التّعليل بأنه يخاف أن يكون من المسوخ فإنّ هذا لم يتحقق وفيه التوقّي لأجل الشك وقد تقدم أصل هذا. ¬

_ (¬27) جاء قوله ذكر أحاديث الضبّ بالحرف الغليظ في النسخ الثلاث.

وقوله: "أعافه" معناه أكرهه يقال: عفت الشيء أعافه عَيْفا إذا كرهته وعفته أعيفه عيافة من الزّجر وعاف الطّير يعيف إذا حام على الماء ليجد فرصة فيشرب (ص 1543). والمحنوذ المشويّ وقيل المشوي على الرَّضْفِ وهي الحجارة المحماة قال أبو الهيثم: أصل المحنوذ من حِنَاذ الخيل وهي أن يظاهر عليها جُل فوق جُل لتعرق تحته، قال ابن عرفة في قوله عز وجل {فَجاء بِعجْل حَنيذ} (¬28) أي مشوي بالرّضاف حتى يقطر عرقا يقال: حنذته الشمس والنّار إذا شوته. 919 - وقوله: "في غائط مَضَيّة" (ص 1546). يريد أرضا متطامنة ذاتُ ضباب. 920 - قوله: "غزونا مع النبيء - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات نَأكل الجراد" (ص 1546). قال الشّيخ وفقه الله: اضطرب المذهب عندنا فيه واختلف النّاس أيضاً هل تحرم ميتته لعموم قوله عزّ وجلّ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (¬29) أو يحلّ لقوله عليه الصّلاة والسلام: أحلّت لي مَيتَتَان الحوت والجراد" والمشهور عندنا افتقاره إلى الذَكاة وقال مطرِّف: يؤكل بغير ذكاة، عامّة ¬

_ (¬28) 69 - هود والتّلاوة: أن جاء. (¬29) 3 - المائدة.

السلف أجازوا أكل مَيِّت الجراد وعلى القول بافتقاره إلى الذّكاة اختلف في ذكاته فقال ابن وهب: أخذه ذكاته، وابن القصار يقول: لا يؤكل ميّته ولو وقع في قِدر أو نار وهو حيّ لأكُل وفي المدوّنة لا يؤكل إلاَّ أن يموت من فعل من يفعله بها بقطع أرجلها وأجنحتها أو بطرحها في نار فيسلقها أو يقليها، وقال أشهب في مدوّنته: لا يؤكل إذا قطعت اجنحته أو أرجله ثم مات قبل أن يسلق فلا يؤكل إلاَ أن يقطع رأسه. أو يعتمل حيّا يريد يطرح في نار أو ماء واختلف إذا سلقت الأحياء مع الأموات أو الأرجل معها فقال أشهب في مدوّنته: يطرح كله وجميعه حرام وقال سحنون: تؤكل الأحياء بمنزلة خشاش الأرض يموت في القدور وقد روي عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - أنّه سئل عن الجراد فقال: "أكثَرُ جنودِ الله لاَ آكله ولا أحرّمه". 921 - قوله: "فاستَبعجْنا (¬30) أرنَبًا بمَرّ الظَّهرَانِ فَسَعوا عليه فَلَغَبوا" (ص 1547). قال ابن القوطية: بعَجَ بطنَه بَعْجًا شَقَّه تَبَعَّج السَّحاب بالمطر وبعجه حبُّ كذا اشتدّ وجده به (¬31). وقوله: "فلَغَبوا" اللّغوب الإعياء يقال: لغَب بفتح الغين يلغَب لغوبا ولَغِبَ بكسر الغين لغة. ¬

_ (¬30) في (ج) فاستنفجنا، وهو ما في أصول مسلم، لكن في (ج) مثل ما اثبتناه من أنّ المازري في شرحه للحديث ذكر تفسير بعج لا استنفج ومعنى استنفج أثار ونفَّر. (¬31) في (ب) قال ابن القوطية بعج الأرنب وغيره بُعوجًا جرى بسرعة والرّجل افتخر بما ليس عنده ولا فيه، والشّيء عظّمته والريح جرت بغتة ومنه تبعج السّحاب المطر وبعجت حب كذا اشتد وجده به.

922 - قوله: "نَهَى عن الَخذْفِ" (ص 1547). قال اللّيث: الَخذْفُ رميك حصاة أو نواة تأخذها بين سَبَّابَتَيك أو تجعل محِذَفة من خشَبة ترمي بها بين إبهامك والسَّبَّابة. 923 - قوله: "نهانا أن نَصبر البَهَائمَ" (ص 1549). معناه أن نحبسها وهي حيّة ثم نَرميها وكلّ من حُبس لقتل أو يمين فهو قتل صبر أو يمين صبر.

كتاب الضحايا

كتاب الضحايا (¬1) 924 - قوله: "شَهِدتُ الأضْحى مع النبّيء - صلى الله عليه وسلم - فَلَم يَعْدُ أن صَلىَّ وفرغ من صلاته وسلّم فَإذا هو يرى لحم أضاحيَّ قد ذُبِحَت قبل أن يفرغ من صَلاَتِهِ فقال: من كان ذَبَح أضحيته قبل أن يصلِّيَ أو نُصليَ فلْيذبح مكانها أخرى ومن كان لم يذبح فليذبح باسم الله (ص 1551). قال الشيخ: اختلف النّاس في الأضحية فعندنا أنهّا سنة مؤكّدة وقال أبو حنيفة والأوزاعي واللَّيث: إنهّا واجبة واشترط أبو حنيفة في الوجوب أن يكون المضحّي يملك نصابا، وقد زعم بعض شيوخنا أنّ المذهب على قولين في وجوبها وخرَّجَ القول بالوجوب من قوله في المدوّنة: "إذَا اشتراها ولم يضحّ حتى ذهبت أيام الأضحَى أثِم" وكان شيخنا ينكر هذا الاستقراء ويقول لعلّه رآه باشترائها ملتزما بذبحها فأثم ¬

_ (¬1) جاء هذا العنوان في (ج) خاصة وثبت بالهامش في (أ) بخط مغاير لخطّ الأصل.

لترك ما التزم وخرّجوا القول بالوجوب أيضاً من قوله في الموازية: هي سنّة واجبة وهذا قد يقال فيه أيضاً إنهّم ربّما يطلقون هذا اللّفظ تأكيدا للسنّة لكن ابن حبيب نصّ على هذا التّأثيم وهو من كبار أصحاب مالك ولكن قد وقع أيضاً لأصحابنا التأثيم بترك السّنن على صفةٍ، وقد يكون هذا النّحوَ نحا ابن حبيب وإن كان الأظهر حمل مثل هذا الجواب على إفادة الإيجاب وقد تعلّق من نَفَى الوجوب بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من رأى هلال ذي الحجّة وأراد أن يضحّي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتّى يضحّي فوكَّل الأضحية إلى إرادته وذلك يدلّ على نفي وجوبها وهذا قُدح فيه بأنه قد يستعمل مثله في الواجب فيقال: من أراد أن يحجّ فليلبّ ومن أراد أن يصليّ الظّهر فليتوضّا، وتعلّقوا أيضاً بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت بالنّحر وَهو لكم سنّة" وروي "ثلاث هنَّ علي فرائض وهنَّ لكم تطوع النّحر والوتر وركعتا الفجر" وتَعلّق من أثبت الوجوب بقوله - صلى الله عليه وسلم لأبي بردة: "اذبحها ولن تجزي عن أحد بعدك" (ص 1553). وقوله فيمن ذبح قبل الصلاة: "فليذبح مَكَانَهَا أخرى" (ص 1551). وهذا الأمر وذكر الأجزاء يدلان على الوجوب وقُدح في هذا بأنّه لما خالف السّنة بأن أوقعها على غير الجهة المشروعة بيَّن له الجهة المشروعة فقال اِذبح مكانها وقال لن تجزي يعني عن السنَّة التي شرعت، وقد خرّج التّرمذي والنسائي وغيرهما "على أهل كل بيت في كل عام أضحية وعَتِيرة أتدرون ما العتيرة؟ هذه التي يقول الناس الرّجبية" ولفظة على تفيد الوجوب. وهذا الحديث لعلّه لم يثبت عند من أنكر الوجوب. وقد قال بعض المحدثين هو ضعيف المخرج وأظنه لكون أحد رواته مجهولا لا سيما وقد عطف على الأضحية العتيرة وهي غير واجبة باتّفاق ولو صح

نسخ وجوب العتيرة كما قال أبو داود لأمكن أن يحمل قوله "على أهل كل بيت أن المراد به عليهم إذاَ أرادوا إقامة السنّة وقد قال في المتعة {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} (¬2) وقال "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم" ولم يحمل ذلك مالك على الوجوب لأدلّة قامت عليه فكذلك هذا وأما العتيرة فقد فسرها في الحديث بأنهّا الشاة التي تذبح في رجب وهو الذي يشبه في معنى الحديث وأما العتيرة التي يعرفها الجاهلية فهي الشاة التي تذبح ويصبّ من دمها على رأس الصنم والعتر بمعنى الذبح قال الحارث بن حلِّزة. [الخفيف] عَنَتًا بَاطِلاً وَظلمًا كما تُعْتَرُ ... عن حَجرة الرَّبيض الظّباء قال أبو عمرو الشيباني: سمعت الأصمعي ينشد هذا البيت. فصحف تُعتر بتعنز فقلت له وما تعنز فقال: تنحر بالعَنَزة وهي الرّمح الصغير فقلت إنما هي تعتر فصاح علي فأكثر فقلت له إنك لا ترويها بعد اليوم إلاَّ كما قلت لك وذكر بقية الحكاية وفيها أنّ الأصمعي أيضاً ألقى عليه بيتا غلَّطه فيه ذُكر فيه الفرّاء ففسّره الشيباني على أنّه جمع فرو، فقال الأصمعي: أخطأت. إنما هو جمع فَرَاء وهو حمار الوحش. ¬

_ (¬2) 241 - البقرة.

هذا الكلام في وجوب الضحيّة، وأمَّا تفسير البيت فمعنى عنتًا إعراضا وكانوا في الجاهليّة إذا طلب أحدهم أمرا نذر إن ظفر به ذَبَحَ عددًا من غنم في رَجَبٍ وهي العَتَاير فإذا ظفر به قد يَضَنُّ بغنمه وهي الرّبيض، فَيذبَح عددها ظباء فيُضْرب مثَلاً لمن أُخذ بذنب غيره، وأمّا ما تضمّنه الحديث من إعادتها إذا ذَبَح قبل الصّلاة فاختلف النّاس فيه فعند مالك لم يشرع (¬3) الذبح إلا بعد صلاة الإمام وذبحه إلا ان يؤخّر تأخيرا يتعدّى فيه فيسقط الاقتداء به، وعند أبي حنيفة الفَراغ من الصلاة دون مراعاة ذبح. وعند الشّافعي إذا حلّت الصلاة وذهب مقدارما توقّع فيه فبانصرام وقتها شرعت الذّبيحة فأعتبر الوقت دون الصلاة. وأعتبر أبو حنيفة الصّلاة (دون الوقت واعتبر مالك) (¬4) الصّلاة والذبح جميعاً، فأمّا أصحابنا فيتعلّقون بما ذكره مسلم عن جابر قال صلىَّ بنا النبيء - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر بالمدينة فتقدم رجال فنحروا وظنوا أنَّ النبيء - صلى الله عليه وسلم - قد نحر فأمر النّبي - صلى الله عليه وسلم - من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر ولا تنحروا (¬5) حتى ينحر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا نصّ في مذهب مالك لأنه أمر بالإعادة من نحر قبله ونهى عن النّحر قبله وذكر أنهّم ظنوا أنه عليه السّلام نحر فلهذا نحروا فدلَّ على أنّ هذا الحكم (¬6) مشهور عندهم ولم يعذرهم لظنّهم وغلطهم وهذا يؤكّد ما قاله مالك. وأما أبو حنيفة فتعلّق بهذا الحديث الذي أخذنا في الكلام عنه وهو ¬

_ (¬3) في (ب) و (د) انه لم يشرح. (¬4) ما بين القوسين ساقط من (ب) وفي (ج) واعتبر أبو حنيفة الصلاة دون الذبح. (¬5) وفي (ج) ولا ينحروا، وهو ما في الأصل. (¬6) الحكم ساقط من (أ).

قوله من ذبح قبل أن يصلي أو نصلي فليذبح مكانها أخرى وفي بعض طرقه: "من ذبح قبل الصّلاة فليذبح شاة مكانهَا"، وفي بعض طرقه: "ومن ذَبح بعد الصّلاة فقد تَمَّ نسكه وأصاب سنَّة المسلمين فاعتبر في هذه الأحاديث الصّلاة دون الذبح وقد قال في بعضها: "فمن ذبح بعد الصلاة فقد تمَّ نسكه واشتراط الذبح زيادة تفتقر إلى دليل. وأما الشّافعي فرأى أنّ المراد بذكره الصلاة الوقت وجعل الفراغ منها علماً عليه (¬7) فلهذا اعتبر الوقت. هذا الكلام في مبتدأ زمن الذّبح وأما منتهاه فمن الناس من قال: يوم النحر خاصة ومنهم من قال: يوم النحر ويومان بعده وهو مذهب مالك ومنهم من قال: يوم النّحر وثلاثة بعده ومنهم من قال: إلى آخر الشهر. وقال أصحابنا: قوله: عزّ وجل {وَيَذْكُرُوا (¬8) اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} (¬9) يردّ قول من قال يوم النّحر خاصة لأنَّ الأيام جمع لا يعبرّ به عن اليوم الواحد وأقل الجمع ثلاثة على رأي كثير من أهل الأصول فيحمل على هذا المتيَقَّنِ وزيادة أيام عليه تفْتقر إلى دليل. 925 - وقوله في بعض طرقه: "إنّ عندي جذَعة من المعزِ فقال - صلى الله عليه وسلم -: ضحّ بها وَلاَ تَصلح لِغَيركَ". ¬

_ (¬7) من هنا ساقط في (ب) إلى قوله أي على الاستحباب كما سيأتي. (¬8) في (أ) و (ج) ليذكروا، والتّلاوة ويذكروا، وهو ما أثبتناه. (¬9) 28 - الحجّ.

وفي بعض طرقه: "إنّ عندي عَنَاقَ لَبَنٍ هي خير من شاتَيْ لحمٍ فقال هي خير من نَسِيكَتَيْك (¬10) ولا تجزي جذعة عن أحد بعدك" (ص 1552). ففيه دلالة على أنّ الجذع من المعز لا يجزي في الضّحايا. وأمّا الجذع من الضّان فيضحَّى به خلافًا لمن منعه والحجّة في الإجزاء ما ذكره مسلم بعد هذا عن عقبة بن عامر أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه غنما يقسمها على أصحابه ضحايا فبقي عَتُود فذكره لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ضحّ به أنت (ص 1555). وفي بعض طرقه "عن عقبة بن عامر قال قَسَمَ فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضَحَايَا فأصَابَنِي. جذع فقلت يا رسول الله إنَّه أصَابَنِي جَذَع فقال ضحّ به" (ص 1556). وعند النَّسائي وأبي داود أنّه عليه السلام كَان يقول: (إنَّ الجذَعَ يوفي بما يوفي منه الثّنيّ، وعند التّرمذي عن أبي هريرة سمعت النبيء - صلى الله عليه وسلم - يقول: "نِعْمَ أو نِعْمَتِ الأضحِيَة الَجذَع مِنَ الضّأن فإن تعلّق المخَالف بقوله في كتاب مسلم" لا تذبحوا إلاَّ مسنَّة إلاَّ أن تعسر عليكم فتذبَحوا جَذَعَةً من الضَّأن (ص 1555). ¬

_ (¬10) في (أ) - نسيكتك.

قيل يصحّ حمل هذا (¬11) على الاستحباب للمُكثر أن يذبح فوق سنّ الجذعة لا على أنهّا لا تجزي اصلا كيف وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إلاّ أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن فلو كانت لا مدخل لها في الأضاحي لم يقل هذا كما لم يقل ما لا يجزي من الحيوان. والأصناف الّتي يضحّى بها غنم وإبل وبَقَر، وعندنا أن الغنم أفضل اتّباعا لفعل النّبيء - صلى الله عليه وسلم - في أضحيته وعند المخالف الإبل أفضل لأنهّا أكثر ثَمَنًا وأعمّ نفعا ولم يُرِد عند مالك في الشرع هذا الذّي ظَنَّه المخالف وإنّما أراد ما هو أرطب لحماً واختلف المذهب عندنا إذا عدل عن الغنم ما الذي يليها في الفضل فقيل الإبل وقيل البقر. وقوله: "هي خير من نَسِيكَتَيْكَ " (¬12) (ص 1552). قال الشيخ أبو الحسن بن القابسي. (¬13) رحمه الله: فيه دلالة على أنَّ ما ذبح قبل الإمام أنه لا يباع وإن كان لا يجزي لأنّه سماَّه نَسيكة والنَّسيك لا يباع. 926 - قول أنس "وقام النَّاس إلى غنيمةٍ وتوَزَّعوهَا وقال فَتَجَزَّعوهَا". قال الشيخ: أما توزّعوها فمعروف وأمّا تَجَزَّعوها فبمعنى اقتسموها قطعة قطعة والجَزْعَة القطعة وقيل البَقِيَّة. ¬

_ (¬11) إلى هنا ينتهي ما سقط من (ب). (¬12) جاء في (أ) نسيكتك، ثم صُحّحت بالهامش بما اثبتناه. (¬13) في (ج) أبو الحسن القابسي.

927 - قوله: "ضحَّى بكبشين أملَحين" تقدّم تفسيره، وقوله "وَضَعَ رجله على صفاحهما (ص 1556). صفح كلِّ شيءٍ وجهه وَنَاحِيَته. 928 - قوله: "يا رسول الله إنّا لاَقو العدوِّ غَدّا وليست معنا مُدّى قال أعجل أو أَرِنْ (¬14) ما أنهر الدَّم وذكر اسم الله فكل ليس السِّنَّ والظّفر وسأحدِّثك أمَّا السِّنّ فعظم وأما الظّفر فَمُدَى الَحبَشَةِ. قال: وأصبنا نهب إبِلٍ وغَنَمٍ فَنَدَّ منها بَعِير فَرَمَاه رجل بِسَهمٍ فَحَبَسَه. فقال له النبيء - صلى الله عليه وسلم -: إن لهذه الإبل أوَابِدَ كَأوَابِدِ الوحش فإذا غَلبَكم منها شيء فاصنعوا به هكذا. وفي بعض الطرق: "وإنا لاقو العَدوّ غَدّا وليس معنا مدى فنذكّي باللِّيطِ فَذَكَر الحديث وقال: "فنَدَّ علينا بعير عنها فرمينَاه بالنَّيْل فَوَهَصنَاه". وفي بعض طرقه "أفنذبح بالقَصَبِ" (ص 1558 و1559). قال الشّيخ: كلّ ما تمكن التّذكية به وينهر الدّم وليس فيه معنى يمنع من حصول التّذكية فالتّذكية به تصحّ. وأما مَا استثناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من السنّ والظُّفُر فقد اضطرب العلماء ¬

_ (¬14) في (أ) وقع ضبط (أرِنْ) بكسر الرّاء وسكون النّون، ولم يذكر ياء الإشباع بعد النون وجاء في الأصل أرْني.

في ذلك والذي وَقَع في مذهبنا منصوصا التّفرقة بين المتّصل في ذلك والمنفصل فيمنع حصول التّذكية بالسنّ والظفر المتّصلين بالإنسان (¬15)، وتحصل التّذكية بالمنفصلين عنه إذا تأتّت بهما التّذكية وقد وقع في بعض ما نقل عن مالك المنع مطلقا. ووقع لبعض أصحابنا ما يشير إلى صحّة التّذكية مطلقا إذا أمكنت بهما فمن منع على الإطلاق أخذ الحديث على عمومه لا سيما والإشارة للتّعليل فيه بالعظم تدلّ على المساواة بين المتّصل والمنفصل لكون السنّ عظما في الحالين، وأمّا الإجازة على الإطلاق فيحمل الحديث على أنّ المراد به سنّ يصغر عن التّذكية به ولا يسلَّم القول بالعموم فيه وكذلك ندعي (¬16) التّخصيص في التعليل فيقول لما علم أن العظم لا تتأتّى به الذّكاة وأن ذلك مما يعلمونه أحال التّعليل عليه. وأمّا المنصوص من المذهب فهو التّفرقة فكأنَّه يرجع إلى هذا القول الآخر الذي هو الإجازة على الإطلاق لأنّ المجيز على الإطلاق يشترط كون التّذكية متأتّية بهما ولكنه لم يعينّ وجه التّأتيّ وَعَيَّنه في المنصوص فرأى أنّ كونه متّصلاً يمنع من التأتي وكونه منفصلاً لا يمنع منه فلهذا فرَّق بينهما. وأمّا العظم فإنه تحوز التّذكية به إذا أمكن ذلك ولم أر فيه نصَّ خلاف، وتعليل النّهي في الحديث به يقتضي أن يقال فيه ما قيل في السنّ ¬

_ (¬15) في (ب) و (ج) بالأسنان. (¬16) في (ب) و (ج) يدعى بالياء وكذلك فيقول.

وقد كان بعض شيوخنا يشير إلى هذا ويجريه مجرى السنّ ويعتلّ بما ذكرناه من التّعليل به في الحديث. فإن قيل ما وجه أمره - صلى الله عليه وسلم - الذّابح ها هنا بالعجلة قيل: يحتمل أن يكون ذلك لأنّ الحديد يجهز القتل لحدّته وغيره لا يفعل ذلك فإذا لم يسرع الذبح به خُشي أن تقتل (¬17) الذّبيحة بالضغط والخنق فكان الأحوط الإسراع في الفعل وهذا يظهر صوابه للحِسِّ. وأمَّا قوله: "فنَدَّ علَينا بَعِير منهَا فرماه رَجل بسهم فحبسه". فقد اختلفْ النّاس في الإنس إذا توحّش حتى صار غير مقدور عليه فمذهب مالك أن لا يذَكّى إلاّ بما تذكّى به الإنسية والحجّة له استصحاب الأصل الذي كان عليه قبل استحاشه ولأنّ الأحكام باقية عليه كبقاء الملك إلى غير ذلك فكذلك يجب أن يبقى عليه حكم المنع من التّذكية بالعقر، وأمّا أبو حنيفة والشّافعي فإنهّما أخرجاه عن الأصل ورأيا تذكيته بما يذكّى به اعتبارا بالحالة التي هو عليها ووجود العلّة الّتي من أجلها أبيح العقر في الوحش وهو عدم القدرة عليه. وكذلك هذا المستوحش قد صار غير مقدور عليه، واعتمد على هذا الحديث وقد قال فيه - صلى الله عليه وسلم -: إنّ لهذه الإبل أوابدَ كأوابد الوحش فإذا غلبكم منها شيء فاصنعوا به هكذا فقد أباح - صلى الله عليه وسلم - اصطياد البعير إذا ندّ بالرَّمي وهذا نفْس ما قالا، وقد قال بعض أصحابنا في الانفصال عن هذا إنّ الحديث خبر عن فعلة واحدة لا يُدْرَى كيف وقعت وجوابه - صلى الله عليه وسلم - محال عليها فيقع في جوابه في الاحتمال ما وقع فيها. ويحتمل أن يكون هذا البعير حبسه السّهم ولم يقتله فكأنّه - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬17) في (ب) و (ج) ان يقتل الذّبيحة.

أخبرهم أنّ حبسه بالرّمي وغيره مماّ فيه ألم له وتعريض لتلفه يجوز لا على أنّه تحصل التّذكية به وإذا احتمل الحديث سقط التعلّق به، وقد يتعلّق المخالف بما خرّجه الترّمذي عن رجل ذكره "قلت: يا رسول الله أما تكون الذّكاة إلاّ في الحلق واللَّبَّة؟ قال: لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك. قال يزيد بن هارون هذا في الضرورة وهذا الحديث لم يسلِّم بعض أصحابنا ثبوته وقال بعضهم يمكن أن يراد به الصّيد الذي لا يقدر عليه وكأنّه - صلى الله عليه وسلم - فهم عن السّائل بقرينة حال أنّه سأله عن صيد أراد أن يتصيّده هل لا يذكّى إلا في الحلقْ واللّبّة؟ فأجابه - صلى الله عليه وسلم - بما قال. وأمّا ابن حبيب المجيز لقتل ما سقط في مهواة بالطّعن في الجنب ونحوه فإنّه قد يحمل هذا الحديث على مثل هذا الذي انفرد بإجازته دون أصحاب مالك، وقد أُلزم على هذا الذي انفرد به جواز صيد البعير إذا ندّ بالعقر كما حكيناه عن المخالف وقد لا يلزمه ذلك لأنّه إذا سقط في مهواة تَيَقَّنَّا تلفه فقد تبيح (¬18) صيانة المال عن التّلف هذا النوع من التذكية والبعير إذا نَدَّ قد يعود إلى التأنّس وإلى الملك كما كان أول مرّة فيذكّى ذكاة الإنسية وقد يتحيّل عليه قبل أن يعود بنفسه حتى يحصل سليما أو جريحا جرحاً يؤمّن عليه معه فَيذَكَّى حينئذ ذكاة الإنسية فلا يلزمه عندي أن يقول فيما نَدَّ ما قاله المخالف. وأما قوله: "عجّل أو أَرِنْ" (¬19). ¬

_ (¬18) في (أ) يبيح. (¬19) في أصل مسلم أرْنيِ بياء الاشباع كما تقدَّم، وجاءت هنا في (أ) مشكولة بفتح الهمزة، وسكون الرّاء، وكسر النّون، هذه اللفظة مشكلة كما ذَكر ذلك ابن الأثير في النهاية.

فإنّ هذه اللّفظة تفيد قريبا من معنى الأول وهي بمعنى النْشاط والسّرعة من قولهم أرِن المُهْر يَأرَنُ وقال بعض أهل اللّغة صوابه أن يكون مهموزا. وقوله: "أوابد كأوابد الوحش". فإنّ الأوابد التّي تأبدت أي توحّشت ونفرت من الإنس وقد أبِدَت تَأبِد وتأبُد وتأبَّدت الدّيار توحّشت وخلت من قطانها ومنه قولهم جاء بأبدة أي بكلمة أو بخصلة يُنفر منها ويستوحش قال ابن الأنباري: وقد أبَدَ الشّاعر إذا أتى بالعويص في شعره ومالا يكاد يعرف معناه، وهي أمثال موبدة إذا كانت وحشيّة معتاصة على المخرج بها والباعث عنها. 929 - وأمّا قوله: "تُذكّى باللّيط" (ص 1559). قال عيسى اللِّيطة فلقة القصبة والشطير فلقة العصا والظُرَر فلقة الحَجر فكلّ ما ذبح به من هذا فلا بأس به إذا قطع الأوداج والحلقوم قال: والشظاظ عود محدّد الطّرف، والذّكاة به جائزة في حال الضرورة. 930 - وأمّا قوله: "وهَصنَاه" (ص 1559). فإنّ في الحديث "إلاَّ وَهَصه الله إلى الأرض" قال بعض أهل اللّغة: أي حطَّه ودقَّه يقال: وهصت الشيء ووقصته ووطسته ومنه الحديث "أنّ آدم عليه السّلام حين أُهبط من الجنّة وهصه الله إلى الأرض" قال أبو حمزة رُمي رَميًا عَنِيفُاً وكلّ من وضع قدمه على شيء فشدخه فقد وهصه.

931 - قوله: "كنَّا لا نمسِك لحومَ الَأضَاحِي فَوق ثلاث فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتزوّد منها ونأكل منهَا" (ص 1562). قال الشّيخ وفّقه الله: جمهور الفقهاء على أنّ الأكل من الأُضحية غير واجب وشذّ بعضهم فأوجَبَ الأكل منها لظاهر هذه الأوامر، والجمهور لما كانت عندهم جاءت بعد الحظر حمُلت على الإباحة كقوله تعالى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} (¬20) {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا} (¬21). 932 - قال الشّيخ: خرَّج مسلم في حديث لحوم الأضاحي: "حدّثنا محمد بن مثنى نا عبد الأعلى نا سعيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الُخدْري هكذا عند أبي العلاء وأما عند الُجلودي والكسائى فهو: "حَدَّثَنَا ابن مثنى نا عبد الأعلى نا سعيد عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد" فزاد في الإسناد قتادة (ص 1562). قال بعضهم: الصّواب عندي ما عند أبي العلاء وكذلك خَرَّجه الدّمشقي في كتاب الأطراف عن مسلم عن محمد بن مثنى عن عبد الأعلى عن سعيد عن أبي نضرة ليس فيه عن قتادة. 933 - قوله: "لاَ فَرَعَ وَلاَ عَتِيَرةَ" (ص 1564). أمّا الفرع فقد فسرّه مسلم بأنّه أول النَّتاج في سياق الحديث كان يُنتج ¬

_ (¬20) 2 - المائدة. (¬21) 10 - الجمعة.

لهم فيذبحونه قال غيره يذبحونه لآلهتهم، قال أبو عُبيد عن أبي عمرو: الفَرع والفَرَعة بنصب الرّاء هو أوّل ما تلده النّاقة وكانوا يذبحون ذلك لآلهتهم فَنُهي المسلمون عن ذلك وقد أفرع القوم إذا فعلت إبلهم ذلك وقال شَمِر: قال أبو مالك: كان الرَّجل في الجاهليّة إذا تمّت إبله مائة قدّم بكرا فنحره لصنمه فذلك الفَرَع. وذكر أبو عبيد: تفسير العتيرة التي ذكر أنهّا الرّجبيّة ذبيحة كانت تذبح في رجب يتقرّب بها أهل الجاهلية ثم جاء الإِسلام فكان ذلك ثم نسخ بَعْدُ وذكر أنّ هذا الحديث فيما يُرى هو النّاسخ لقوله: "على كلّ مسلم في كلّ عام أضحَاة وعتيرة وذكر في موضع آخر من كتابه في حديث النّبيء - صلى الله عليه وسلم - أنّه سئل عن الفَرَعِ فقال: حقّ وإن تتركه حتى يكون ابن مخاض وابن لبون زُخْزُيًّا خير من أن تكفأ إناءك وتولّه ناقتَكَ وتذبحه يلصق لحمه بوبره، فقال: الفَرَع أول شيء تنتجه الناقة وكانوا يجعلونه لله فقال النّبيء - صلى الله عليه وسلم -: "هو حق" ولكنهم كانوا يذبحونه حين يولد وفيه من الكراهية أنَّه لا ينتفع به ألا ترى قوله "وتذبحه يلصق لحمه بوبره" وفيه أيضاً أنَّ ذهاب ولدها يرفع لبنها ألا ترى قوله: "خير من أن تكفا إناءك" يعني إذا فعلت ذلك فكأنَّك كفأت إناءك وهَرَقته وإشارته إلى ذهاب اللّبن قال وفيه أيضاً أن يكون فجَعَهَا به فيكون إثما ألا تراه يقول: "وتولّه ناقتك" ومنه الحديث في السّبي "أنه نهى أن تُوَلَّهُ والِدَة عَلىَ وَلَدِها" فأشار - صلى الله عليه وسلم - بتركه حتى يكون ابن مخاض وهو ابن سنة ثم يذبح وقد طاب لحمه واستمتع بلبن أمه سنةً ولا يشقّ عليها مفارقته لأنّه استغنى عنها والزُخزبّ هو الذي غلظ جسمه واشتد لحمه. 934 - قوله: "من كان له ذِبح يذبحه فإذا أهلَّ هلال ذي الحجة فلا

يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي" وذكر بعد هذا قال: "كنَّا في الحماَّم فاطَّلىَ بعضهم فقال بعضهم: إنّ ابن المسيَّب يكره هذا أو ينهى عنه يعني في الأضحى فلقيتُ ابن المسيّب فذكرت ذلك له فقال: يابن أخي هذا حديث نُسي وترك حدّثَتني أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: قال النّبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر الحديث (ص 1566). قال الشيخ: مذهبنا أنّ الحديث لا يلزم العمل به واحتجّ أصحابنا بقول عائشة -رضي الله عنها- كان النبّي - صلى الله عليه وسلم - يهُدي من المدينة فأفتل قلائد هديه ثم لا يجتنب شيئا مما يجتنب الُمحْرِم وظاهر هذا الإطلاق أنّه لا يحرم تقليم الأظفار ولا قصّ الشعر، ومذهب ربيعة وأحمد وإسحاق وابن المسيّب المنع أخذا بالحديث المتقدّم ويرون أنَّ النَّصَّ على ما ذكر فيه أولى من التمسّك بالإطلاق الذي وقع من لفظ عائشة -رضي الله عنها- ومذهب الشّافعي حمله على النّدب وحُكي عن مالك، ورَخَّص فيه أصحاب الرأي. 935 - ذكرَ حديثَ "حمَزَة وإنشادَ القَينَة له [الشِّعر] " [الوافر] ألاَ يا حمزُ للشُّرُفِ النِّوَاء ... وهنَّ معَقَّلاَت بالفِنَاءِ (ص 1568) (¬22) ¬

_ (¬22) جاء حديث حمزة وإنشاد القينة له قبل كتاب الأشربة في (أ) و (ب) إلاّ نسخة (ج) ففيها بعد كتاب الأشربة وهذا ما في الأصل، ثم إنّ قوله الشعر ساقط من (أ).

قال الشّيخ رحمه الله الشّارف المسنّ من الإبل وكذلك النّاب وجمع الشارف شرف والنِّواء السّمان يقال: نوت الناقة تنوي إذا سَمِنَت.

كتاب الأشربة

كتاب الأشربة 936 - ذَكَرَ حَديث أنس وكَوْنَهُ يسقي الَخمر في بيت أبي طَلحَة يوم حُرِّمت وما شرابهم إلاّ الفَضِيخُ البُسْرُ والتَّمر فإذا منادٍ ينادي (¬1) أن الخمر قد حرِّمَت فقال لي أبو طَلحَةَ أهرِقهَا وفي بعض طرقه جاء رجل فقَال هَل بَلَغَكم الَخبُر؟ قلنا: لا قال إنّ الَخمر قد حُرِمِّت فَقَال يا أنس أرق هذه القِلاَل وفي بعض طرقه قم إلى هَذِه الجرَّة فاكسرها فَفَعَلتُ" (ص 1570 إلى 1572). قال الشّيخ وفّقه الله: قد حصل الاتفاق على تحريم عصير العنب إذا اشتَّد فأسكر. واختلف النّاس فيما سواه فمذهب مالك والشّافعي وجماعة من الصّحابة والتّابعين لا يحصون كثرَةَ تحَريم كلّ مسكر من أيّ نوعٍ كان مطبوخًا كَانَ أونَيّا، وذهب قوم من البَصريّين إلى قصر التّحريم على عصير ¬

_ (¬1) ينادي محذوفة من (ج).

العِنب ونقيع الزَّبيب النَّي فأما المطبوخ منهما والنّي والمطبوخ مما سواهما فحلال ما لم يقع الإسكَار. وذهب أبو حنيفة إلى قصر التّحريم على المعتصر من ثمرات النّخيل والأعناب وتحليل ما سواهما ما لم يقع الإسكار وله في ثمرات النّخيل والأعناب تفصيل فيرى أنّ سُلافة العِنَب يحرم قليلها وكثيرها إلاّ أن تطبخ حتى ينقص ثلثاها وأما نَقِيع الزَّبيب والتّمر فيحل مطبوخهما وإن، مسّته النَّار مسًا قليلاً من غير اعتبارٍ بحدٍّ كما اعتبر في سُلافة العنب، وأمّا النّيّ منهما فحرام ولكنّه مع تحريمه إياه لا يوجب الحدَّ فيه، وهذا كلّه ما لم يقع الإسكار فإن وقع الإسكار استوى الجميع عند الجميع. فالحجة لجمهور العلماء الاستنباط من الكتاب وظواهر الآثار، فأمّا المستنبط من الكتاب فإنّ الله سبحانه نَبّه على أنَّ علّة تحريم الخمر كونها تصدّ عن ذكر الله عز وجل وعن الصّلاة وتوقع العداوة والبغضاء على حسب ما قال الله عز وجل {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ} (¬2) وهذا المعنى بعينه موجود في كل مسكر على حدّ سواء لا تفاضل بين الأشربة فيه فيجب أن يكون حكم جميعها واحداً فإن قيل إنّما يتوقّع هذا في الإسكار المغيرّ للعقل وتلك حالة اتّفق الجميع على منعها قلنا قد اتّفق الجميع على منع عصير العنب وإن لم يسكر وقد علّل الباري سبحانه تحريمه بما ذكرناه فإذا كان ما سواه في معناه فيجب أن يجري في الحكم مجراه وصار التّحريم للجنس وعلّلَ بما يحصل من الجنس على الجملة وهذا ¬

_ (¬2) 91 - المائدة.

وجه صحيح هذا مأخذ التّعليل من تنبيه الشرع وتلقّي التّعليل من سياق التنزيل أولى وآكد من سائر ما يُتعلّق به في هذا النوع، وللتّعليل مأخذ ثان وهو أنّا نقول: إذا شُربت سلافة العنب عند اعتصارها ولم تشتدّ وهي حِلوهٌ (¬3) فهي حلال إجماعا فإن اشتدّت وغلت وأسكرت حرِّمَت إجماعا فإن تخلّلت من قبل الله سبحانه حلَّت أيضاً فنَظَرنَا إلى تبدّل هذه الأحكام وتجدّدها عند تجدّد صفات وتبدّلها فاشعر ذلك بارتباط الأحكام بهذه الصفات وقام هذا مقام النّطق بذلك، فوجب جعل ذلك علّةً وَحُكم يكون الشدّة والإسكار علّة للتّحريم لماَّ رأينا التّحريم يوجد بوجودها. ويفقد بفقدها وإذا وَضَح ذلك ثبت ما قلناه هذه إحدى الطريقتين من تصحيح ما عليه الجمهور، والطّريق الأخرى الأحاديث الكثيرة منها ما ذكره مسلم كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "نَهَى عن كلّ مسكر أسكر عن الصّلاة وقوله إن الله عَهِد لمن شرب المسكر أن يَسقِيَه من طينة الخبَال قالوا: يا رسول الله وما طينة الَخبَال؟ قال: عَرَق أهل النّار أو عصارة أهل النّار"، وقولِه - صلى الله عليه وسلم - "كل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدّنيا فمات وهو يدمنها لم يتب منها لم يشربها في الآخرة، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام" (ص 1587) (¬4). والحديث الذي بدأنا بذكره أنها حرمت وما شرابهم إلا الفضيخ وبادر الصحابة -رضي الله عنهم- لإراقته عند نزول التحريم وهم أفهم عن الله بما يقول وقد شاهدوا التنزيل وحاضروا الرسول، واللّغة لغتهم واللسان لسانهم والتّحريم نزل وهذا شرابهم وهذا كله واضح جليّ. وهذه ¬

_ (¬3) في (ج) وهي حارَّة. (¬4) هناك اختلاف في الأحاديث المسرودة هنا بين (أ) و (ج) والأصل.

الأحاديث كلها التي خرَّجها مسلم ترد على المخالف من كل وجه لأنهّم إن منعوا التّسمية حتى لا يتعلّق بظاهر القرآن فقد قال - صلى الله عليه وسلم - "كلّ مسكر خمر وكلّ خمر حرام" فهذا إثبات التّسمية ومبادرة الصّحابة لإراقة الفضيخ عند نزول الآية يدلّ أيضاً على إطلاق التّسمية عندهم على ما أراقوه، وقد قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على المنبر: أمّا بعد فقد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة: العنب والتّمر والعسل والحنطة والشعير. والخمر ما خامر العقل. والحديث مشهور ولأنّ الاشتقاق يوجبه لأنّ الخمر مشتقّ من التغطية ومنه سمّي خمار المرأة ومنه خمِّروا الإناء أي غطّوه ودخلت في خمار النّاس أي في كثرتهم حتى غطوه فقد ثبت انطلاق التّسمية من جهة الاشتقاق ومن جهة فهم الصحابة ومن جهة نصّ الحديث الذي ذكرناه، وفي الترمذي وأبي داود عن النَّبيء - صلى الله عليه وسلم - أنَّ من الحنطة خمرا ومن الشَّعير خمرا ومن التمر خمرًا ومن الأرز خمَرًا ومن العَسل خمرا، زاد أبو داود ومن الذّرة وقال ولكن أنهاكم عن كل مسكر وهذا يؤكد ما نحن فيه. 937 - وخرّج مسلم سئل عن البِتعْ من العسل والِمزر من الشّعير فقال "كلّ مسكر حرام" (ص 1585 و 1586). ولا وجه لتعسّفهم مع هذا كلّه وحملهم بعض هذه الظواهر على أنّ المراد القدر الذي يقع به الإسكار وأن قوله: "كلّ ما أسكر كثيره فقليله حرام" يعني قليل ما يقع به الإسكار لأنّ هذا خروج عن الظّاهر وقد قال: "كلّ مسكر" وهذا إشارة لجنس الشراب ولم يقل كلّ إسكار. وقد خرّج أبو داود "كلّ مسكر حرام وما أسكر منه الفَرَق فملء

الكفّ منه حرام" وتحديده بملء الكفّ يمنع من تأويلهم ويبعده ويستدلّ أيضاً بنهيه عن الخليطين وعن الانتباذ في الأوعية وما ذاك إلاَّ مخافة أن يبلغَ الإسكار وإن لم يُتحقّق فيهما فلو كان التّحريم معلّقا بالسكر خاصّة، والقليل الذي لا يسكر حلال لم يكن في النهي عن الخليطين والأوعية معنى يعلَّل به ويصير كالشرع الذي لا يعلَّل. وإن تعلّقوا بما خرَّجه مسلم الخمر من هاتين الشَّجَرتين النَّخلَةِ والعِنَبَة (ص 1573). قلنا قد قدّمنا ما يدلّ على أنهّا تكون من سواهما فلا بد من حمل هذا الحديث على أنّ المراد به الخمر المستعمل عندكم أو ما يقرب من هذا المعنى لئلا تتعارض الأحاديث، وإن تعلقوا بقوله سبحانه وتعالى {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} (¬5) ففيه ثلاثة أجوبة: أحدها أن يكون ذلك زَمَن إباحتها، والثّاني أن يكون السكر النحل أو غيره مماّ أبيح (¬6)، والثالث أن يكون نَبَّه على المنفعة وإن لم تكن محلّلَة بدليل تخصيصه الرزق بوصفه حسنًا. وأما قوله في كتاب مسلم "كلّ مسكر خمر وكل خمر حرام" فإن نتيجةَ هاتين المقدمتين أن كلّ مسكر حرام وقد أراد بعض أهل الأصول أن يمزج هذَا بشيء من علم أصحاب المنطق فيقول: إن أهل المنطق يقولون لا يكون القياس ولا تصحّ النّتيجة إلا بمقدّمتين فقوله "كل مسكر خمر" مقدمة لا تنتج بانفرادها شيئا وهم يسمّون اللفظة الأولى من المقدمة موضوعا. واللفظة الثانية محمولا بمعنى أنّ اللّفظة الأولى وضعت لأن ¬

_ (¬5) 67 - النحل. (¬6) في (أ) أن يكون السكر أو غيره مماَّ يباح.

تحمل الثانية عليها فيكون المحمول في المقدمة الأولى هو الموضوع في المقدمة الثانية وتكون النتيجة موضوع المقدمة الأولى ومحمول الثانية فيصير كل مسكر حرام. ويجعل أصحاب المنطق هذا أصلا يسهّلون به معرفة النتائج والقياس، وهذا وإن اتفق لهذا الأصولي ها هنا وفي موضع أو موضعين في الشريعة فإنّه لا يستمرّ في سائر أقيستها، ومعظم طرق الأقيسة الفقهية لا يسلك فيها هذا المسلك ولا يعرف من هذه الجهة وذلك أنّا مثلا لو علّلنا تحريمه - صلى الله عليه وسلم - التفاضل في البُرّ بأنه مطعوم كما قال الشّافعي لم يقدر أن يعرف هذه العلّة إلا ببحث وتقسيم فإذا عرفناها فللشّافعي أن يقول حينئذ كل سفرجل مطعوم وكل مطعوم ربوي فتكون النتيجة السّفرجل ربوي على حسب ما قلناه من كون النّتيجة موضوع الأولى ومحمول الثّانية ولكن هذا ما يفيد الشّافعي فائدة لأنّه إنّما عرّف هذا وصحة هذه النّتيجة بطريقة أخرى فلماَّ عرّفها من تلك الطريقة أراد أن يضع عبارة يعبرّ بها عن مذهبه فجاء بها على هذه الصّيغة ولو جاء بها على أيّ صيغة أراد مماّ تؤدي عنه مراده لم يكن لهذه الصيغة مزيّة عليها وإنما نبّهنا على ذلك لماَّ ألفينا بعض المتأخرين صنّف كتابا أراد أن يردَّ فيه أصول الفقه لأصول علم المنطق وقد وقع في بعض طرق مسلم "كلّ مسكر حرام" وهذا نتيجة تينك المقدّمتين من غير أن تذكرا وتانِك المقدمتان ذكرتا في طريقة أخرى من غير نتيجة وفي طريق ثالثة "كلّ مسكر خمر وكلّ مسكر حرام" وهذا ذكر فيه إحدى المقدّمتين مع نتيجتهما لو اجتمعتا وهذا يشعرك بأنّ الشرع لا يلتفت إلى النّاحية التي نحا إليها هذا المتأخّر. 938 - وذَكَرَ مسلم بعد هذا أنّه - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أن ينبذ الزّبيب والتّمر جميعاً ونَهَى أن يُنبَذ البُسر والتّمر جميعا وفي بعض طرقه من شربَ النّبيذ منكم فليشربه زَبيبا فردا أو تمرا فردا أو بسًرا فردًا وقد اختلف العلماء في الخليطين

ومذهبنا النّهي عنهما وبعض المتقدّمين من أصحابنا يشدّد في ذلك ويعاقب عليه وبعض المتأخّرين منهم يشير إلى أن لا يبلغ به ذلك، وقد يتعلّق من يرخّص في ذلك بقول عائشة -رضي الله عنها- أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان ينبذ له زبيب فيلقَى فيه تمر أو تمر فيلقَى فيه زبيب. وهذا إذا كان الخليطان كلّ واحد منهما لو انفرد صار منه نبيذا فأما إذا كان أحدهما لو انفرد لم يصر منه نبيذ فاضطرب المذهب في ذلك في مسائل ذكروها. 939 - وكذلك ذَكَر مسلم أنَّه عليه السّلام نهى عن الدُّبَّاء والَحنْتَمِ والمزَفَّتِ والنَّقِير (ص 1577). وبالنّهي عن الانتباذ (¬7) في الأوعية التي ورد النّهي عنها قال مالك -رضي الله عنه- وأجاز ذلك ابن حبيب فقال: لم يكن بين نهيه عن ذلك واباحته إلا جمعة. 940 - وقد ذكر مسلم: "نهيتكم عن الظّروِف وان الظُّروف -أو ظرفُا لا يحِلُّ شيئا ولا يحرِّمه (¬8) وكلّ مسكر حرام (ص 1585). فنهاهم أوَّلاً حمايةً للذَّريعة لِئَلاَّ يقع الإسكار لكون هذه الأوعية معِينَة عليه وأباح مرّة ووكّلهم إلى أمَانَتِهم ولهذا قال في آخره وكلّ مسكر حرام. ¬

_ (¬7) في (ب) ونهى عن الانتباذ. (¬8) ولا يحرمه ساقط من (ب).

وأما ما وقع في الحديث الذي قدّمناه أوّلا أنّه لما جاء رجل بتحريم الخمر أراقوها وكَسَّروا الِجرار فإنّه إن كان التّحليل ثابتا عندهم بالشرع المقطوع به فإن هذا قبول نسخ من خبر الآحاد وقد قدَّمنا أنّ الإجماع على مَنع النَّسخ به (¬9) بعد زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن بعض الأيمة زعم أن النّسخ كان يجوز به في زمن النّبي - صلى الله عليه وسلم - هذا على أنّه يتأوّل (¬10) الأمر في ذلك على تأويلات يصحّ معها ما فعلوه من منع النسخ. 941 - وأمّا ما ذكره مسلم من أنّه عليه الصّلاة والسلام سئل عن الخمر تتّخذ خلاّ فقال: لا (ص 1573). فقد اختلف النّاس في تحليلها فمنعه قوم والمشهور عندنا أنّه مكروه فإن فعل أكلت وقال بعض أصحابنا لا تؤكل وهذا الحديث حجّة في النّهي. 942 - وقد خرَّج مسلم في حديث الفضيخ حدّثنا يحي بن أيوب نا ابن عليَّة ارنا عبد العزيز بن صهيب قال سألوا أنس بن مالك عن الفضِيخ (ص 1571). ووقع في بعض النّسخ حدَّثنا يحي بن يحيى بدل يحي بن أيوب وهو وهم ووقع في أصل ابن ماهان حدثنا ابن عيينة بدل ابن علية وهو وهم والصّواب ابن عليّة نبّه عليه عبد الغنيّ وقال: (¬11) ليس عند ابن عيينة عن عبد العزيز بن صهيب شيء. ¬

_ (¬9) في ج (فيه). (¬10) في (أ) يتناول. (¬11) جاء في (ج) زيادة نصها: وقال: وكان في أصل العلاء أبي عيينة.

943 - وخرّج مسلم في الأشربة أيضاً: "نا ابن أبي شيبة وابن أبي عمر قال نا سفيان عن سليمان الأحول عن مجاهد عن أبي عياض عن عبد الله بن عمر قال: لماّ نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن النّبيذ في الأوعية" الحديث هكذا عند ابن ماهان ووقع في النّسخة عند أبي العباس الرازي عن عبد الله بن عمر يعني ابن الخطاب -رضي الله عنه- قال بعضهم هكذا عند السّجزي والكسائي كلّهم قال فيه: عن عبد الله بن عمر بن الخطاب والمحفوظ لعبد الله بن عمرو بن العاص وكذلك جعله الحميدي وابن أبي شيبة عن سفيان بن عيينة في مسند عبد الله بن عمرو بن العاص" (ص 1585). 944 - وخرّج مسلم في حديث تغطية الإناء: "حدّثنا عمرو الناقد نا هاشم بن القاسم نا اللّيث بن خالد نا يزيد بن عبد الله عن يحي بن سعيد عن جعفر هكذا إسناده عن الرّازي والكسائي وفي النّسخة المقروءة على الجلودي حدّثني يزيد بن عبد الله ويحي بن سعيد بواو العطف (¬12) (ص 1596) وكذلك عند ابن ماهان والمحفوظ في هذا الإسناد اللّيث عن يزيد عن يحي وهكذا خرَّجه أبو مسعود عن مسلم. 945 - وخرّج مسلم أيضاً في حديث التّنفس في الإناء: "حدّثنا ابن أبي عمر نا الثّقفي عن أيّوب عن يحي بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه (ص 1602). قال بعضهم هكذا روي إسناده مجوَّدا ووقع في النّسخة عن الجلودي ¬

_ (¬12) الموجود في الأصل عن يحي بن سعيد لا بواو العطف.

فيه وهْم قال عن يحي عن أبي كثير عن عبد الله عن أبي قتادة (¬13) وليس هذا بشيء وإنّما هو عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه. واتّفق الرّازي مع الكسائي وابن ماهان على الصواب. 946 - قوله: "فلماّ فرغ من الطعام أماتته فسقته" وقع في بعض النّسخ أماتته بتاءين كل واحدة منهما معجمة باثنتين فوقها (¬14)، وفي بعض النّسخ أماثَتْهُ بالثّاء المعجمة ثلاثا وتاء بعدها معجمة باثنتين (ص 1591). ومعناه أذابته قال ابن السّكيّت: يقال ماث الشيء يميثه ويموثه موثا (¬15) وموثانا أذابه ولكن ابن السِّكيّت حكاه ثلاثيا والذي وقع في الحديث ها هنا رباعيا. 947 - وقوله: (وفَحمة العشاء) أي سواده. (والفواشي): البهائم ثم هكذا فسره بعض النّاس (ص 1595). 948 - "ذكر أنّه عليه الصّلاة والسلام نهَى عن اختناث الأسقية وفسره بأن يقلب رأسها ثم يشرب منها. ¬

_ (¬13) في الأصل عن عبد الله بن أبي قتادة وليس كما أثبت هنا. (¬14) في (ب) و (د) فوقهما. (¬15) موثا ساقط من (أ) و (د).

قال الشيخ وفّقه الله: أصل هذه الكلمة من التكسر والتثنّي واللّين ومنه سمّي الرجل المشبّه بالنساء في طبعه وكلامه مخنّثًا لتكسرّه ولين معاطفه. ويحتمل أن يكون نهى عنها لئلا ينال الشارب أذى لما يكون في الماء ولا يشعر به لأنّه يشرب ما لا يبصر أو يكون ذلك لأنه يغيرّ رائحة السقاء ممَّا (¬16) يكتسبه من نكهة الشارب. 949 - قال الشّيخ وفّقه الله: خرَّج مسلم في كتاب الأطعمة: "حدّثنا أبو بكر ابن أبي شيبة نا خَلَف بن خَلِيفة عن يزيد بن كَيسَان عن أبي حَازم عن أبي هريرَة قال خَرج علينا (¬17) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوم أو ليلة فإذا هو بأبي بكر وعمر الحديث ثم عقب بعده: "حدّثنا إسحاق بن منصور نا أبو هشام (¬18) يعني المغيرة بن سلمة نا عبد الواحد بن زياد نا يزيد بن كيسان نا أبو حازم قال: سمعت أبا هريرة الحديث (ص 1609 و1610). هكذا روي هذا الإسناد الثاني مجوّدا عن أبي أحمد الجلودي (¬19) من طريق السّجزيّ وسقط عنه في رواية ابن ماهان والرّازي رجل وهو عبد الواحد بن زياد ولا يتّصل السند إلاَّ به، وكذلك خرَّجه أبو مسعود عن مسلم عن إسحاق عن مغيرِة عن عبد الواحد عن يزيد عن أبي حازم عن أبي هريرة. ¬

_ (¬16) في (ب) و (ج) بما يكتسبه. (¬17) في (ج) خرج علينا كما أثبت وفي (أ) بالهامش. (¬18) في (ب) و (ج) أبو هاشم. (¬19) في (أ) ضبط الجلودي بفتح الجيم.

قال الشّيخ وفّقه الله: قال بعضهم (¬20) والذي عند ابن ماهان خطأ بين قال البخاري: مغيرة بن سلمة أبو هشام سمع عبد الواحد بن زياد ووهيبا، ومروان الفزاري مات سنة مائتين. ¬

_ (¬20) قال بعضهم ساقط من (ج).

كتاب الأطعمة

كتاب الأطعمة 950 - ذَكَر نَهيَه - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب قائما وفي بعض طرقه: "لاَ يَشَربَنَّ أحد منكم قَائِماً فَمَن نسي فَليَتَقَيَّأ". وفي بعض طرقه "سَقَيت النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - من زَمزَمَ فَشَرِب وهو قائم" (ص 1601). قال الشّيخ: اختلف الناس في الشرب قائما فأجَازه عمر وعثمان وَعَلي وجمهور الفقهاء -رضي الله عنهم- ومالك بن أنس وكرهه قوم لهذا الحديث المذكور في كتاب مسلم وحجة الجمهور قوله ها هنا شرب من (¬1) زَمزَمَ وهو قائم وما خرّجه البخاري والترّمذي وأبو داود عن علي -رضي الله عنه- أنه شرب قائماً وقال إنّ ناسا يكره أحدهم أن يشرب وهو قائم وإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل كما رأيتموني فعلت، وقد قال بعض شيوخنا: لعل ¬

_ (¬1) في (ج) من ماء زمزم.

النّهي منصرف لمن أتى أصحابَه بماءٍ وبادَر ليشربه قائما قبلهم استبدادًا به وخروجًا عن الأحسَن من كون (¬2) ساقي القوم آخرهم شربا، وأيضاً فإنّ في حديث أبي هريرة فمن نسي فليستقىء ولا خلاف بين أهل العلم أنّ من شرب قائما ناسيا فليس عليه أن يستقيء قال بعض الشّيوخ: والأظهر أن هذا موقوف على أبي هريرة، ولا خلاف في جواز الأكل قائما وإن كان قتادة قال: فقلنا والأكل قال ذلك شر أو أخبَث ولكن هكذا (¬3) حَكَى بعض شيوخنا أن لا خلاف في جواز الأكل قائما (¬4) والذي يظهر لي أنّ الأحاديث الواردة بشربه - صلى الله عليه وسلم - قائماً تدلّ على الأباحة والَجواز إن قلنا بتعدّي أفعاله، ويحمل حديث النّهي على جهة الأستحسان والحثّ على ما هو أولى وأجمل أو يكون لأن في الشرب قائما ضررًا ما فكُرِهَ من أجله، وفعله عليه السلام لأمنه منه وعلى هذا التّأويل يكون قوله: ومن نسي فليستقي محمله على أنّ ذلك حرّك منه خَلطا يكون الشفاء منه في قيئه وقال النَّخعي في النّهي عن ذلك إنّما ذلك لِداء في البطن وهذا نحو ما قلناه هذا الأظهر عندي إن كان لا بد من بناء الحديثين. 951 - ذَكَر أنّه - صلى الله عليه وسلم -: "كان يتنفّس في الشّراب ثلاثاً ويقول إنه أروى وأبرأ وأمرأ" (ص 1602). قال الشّيخ وفّقه الله: مذهبنا جواز الشرب في نفَسٍ واحد (لقوله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬2) من كون ساقط من (ج). (¬3) في (ج) ولكن هذا. (¬4) في (أ) و (ب) قائما ساقط.

للذي شكى إليه أنّه لا يروَى من نفس واحد (¬5): أبِنِ القَدَح عن فيك ثم تنفس). فظاهره أنّه أباح له الشّرب في نفس واحد إذَا كان يروى منه وقد استحبّ بعض العلماء الحديث الوارد في كتاب مسلم في (¬6) التَّنَفّسِ ثَلاَثًا. 952 - قوله: "أُتِيَ بِلَبَنٍ قَد شِيبَ بِماَءٍ وعن يَمِينِهِ أعرَابّي وَعن يساره أبو بكر، فَشِرَبَ (¬7) ثمّ أعطى الأعرابي وقال الأيمَنَ فَالأيمنَ" (ص 1603). قال الشّيخ وفّقه الله: هذا مطابق لأصول الشرع من استحباب التيامن فَإِنْ عورض هذا بما وقع في الحديث الآخر من تقدمة الأكبر، قلنا هذا مع تساوي الأحوال فيرجح بالسن وهكذا الرواية عندنا استحباب التيامن في الشّهادات المثبتة في الكتاب وفي الوضوء وغيره يقدم الأيمن، وشوب اللَّبن بالماء لشربه (¬8) يجوز وشوبه لبيعه لا يجوز لأنه تدليس ومعنى شيب بماء أي خلط بماء. 953 - وقوله: فَتَلَّه فيِ يَدِهِ (ص 1604). قال ابن الأنباري في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بينا أنا نائم أُتِيتُ بمفاتح خزائن ¬

_ (¬5) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬6) في (ب) من التنفيس. (¬7) في (ب) فشرب الصّديق. (¬8) في (ج) لتشربه وكذا لتبيعه.

الأرض فَتُلَّت في يدي معناه ألقيت في يدي يقال تللتَ الرجل إذا ألقيتَه. وقال ابن الأعرابي معناه فصبت في يدي والتلّ الصبّ يقال: تلّ يتُل إذا صبَّ وتَلَّ يَتِلّ بكسر التاء إذا سقط وقوله تعالى: {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} (¬9) أي صرعه والتّلّ الدّفع والصرع قاله غير ابن الأعرابي. 954 - ذكر حديث أبي شعيب وأنه دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - خامس خمسة واتَّبَعَهم رَجل فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن شِئتَ أن تَأذَنَ لَه وإن شئتَ رجع فقال: بل آذن لَه يا رسول الله (ص 1608). قال الشّيخ وفّقه الله: ذكرها هنا أنه - صلى الله عليه وسلم - استأذن صاحب الَمحلّ وَذَكَر في حديث أبي طلحة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لمن معه قوموا وهم سبعون أو ثمانون ولم يستأذن (ص 1612). وعن هذا ثلاثة أجوبة: أحدها أن يقال: علم من أبي طلحة رضاه بذلك فلم يستأذِن ولم يعلم رضا أبي شعيب فاستأذنه. والجواب الثاني: أن أكل القوم عند أبي طلحة مما خَرقَ الله عزّ وجلّ به العادة لنبيه - صلى الله عليه وسلم - وبركةٍ أحدثها سبحانه وتعالى لا ملك لأبي طلحة عليها وإنما أطعمهم مما لم يملكه فلم يفتقر لاستئذانه، والجواب الثّالث أن يقال فإنّ الأقراص جاء بها إلى (¬10) النبيء - صلى الله عليه وسلم - لمسجده ليأخذَها منه فَكَأنَّه قَبِلَها وصارت مِلكًا له فإنما استدعى لطعام ملكه فلا يلزمه أن يستأذن في ملكه. ¬

_ (¬9) 103) الصافات. (¬10) إلى ساقطة من (أ) و (د).

955 - وقوله: "بُهيمة دَاجِن" (ص 1610). لعله أراد تصغير بَهْمَة والبَهم صغار الغنم والداجن ما ألف البَيت. 956 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن جَابِرا قَد صَنَع لَكم سورًا (¬11) فحيّ هلا بكم (ص 1610). السّور هو الطَّعَام بالفارسية. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "حيّ هَلاَ بكم". ذكر الَهرَوي في الحديث الذي فيه إذا ذُكر الصالحون فَحَيَّ هلاً بِعمَر أنّ معناه هَلمَّ وَهَلاَ حثّ فجُعلا كلمة واحدة يريد إذا ذكروا فَهَاتِ وَعَجّل بعمر وذَكَر في موضع آخر من كتابه معنى حيّ أي أسرع بذكره ومعنى هَلاَ أي اسكن عند ذكره حتى تنقضي فضائله ومنه قول ليلى: [الطويل] وأيّ حَصان لا يقال لها هلا ¬

_ (¬11) جاء في (أ) سؤرا بالهمز وفي الشرح لم يهمزه، والسّور غير مهموز وفي كتب اللغة السّور بدون همز الضيافة فارسيّة.

أي اسكني للزّوج فإن شَددت اللاَّم من هلا صارت للّوم والتّحضيض. 957 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل مما يليك" (ص 1599). قال الشّيخ: قال بعض أصحابنا: هذا إذا كان الطّعام جنسا واحدا فإنّ العدول عما يليه شَرَه لا فائدة فيه وإذا كان مختلفا استخف ذلك فيه. 958 - وحديث تَتبّعِهِ - صلى الله عليه وسلم - الدُّبَّاءَ (ص 1615). يحتمل أن يكون أنّه من باب الطعام المختلف أولأنّه كان يأكل مع من يعلم سروره بذلك وأنّه لا يستثقله. 959 - قوله: "فأدَمَته" (ص 1612). معناه جعلت فيه إدَامًا يقال منه أدَمَ الطعام. وآدمه. 960 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الكَمأة مِنَ الَمنِّ ومَاؤها شِفَاء لِلعَين (ص 1619). قال أبو عبيد: يقال إنّما شبّهها بالَمنِّ الّذي كان يسقط علي بني إسرائيل لأنّ ذلك كان ينزل عليهم عفوا بلا علاج منهم إنّما كانوا يصبحون وهو بأفنيتهم فيتناولونه، وكذلك الكمأة ليس على أحد منها مؤونة في بَذرٍ وَلاَ سَقيٍ ولا غَيِرهِ وإنّما هو شيء ينشئُهُ الله عزّ وجلّ في الأرض حتّى يصير إلى مَن يجتَنِيه.

وقوله: "وماؤها شفاء للعين" يقال: إنّه ليس معناه أن يؤخذ ماؤها بحتًا أي صرفا فيقطر في العين ولكنّه يخلط ماؤها في الأدوية التي تعالج بها العين فعلى هذا يوَجَّه الحديث. 961 - قوله: "كنَّا نَجنِي الكَبَاثَ" (ص 1621). هو النَّضِيجُ من ثمر الأرَاكِ. 962 - وقوله: "فَشَرِبْتُها فَلَماَّ وَغَلَتْ في بَطني" (ص 1625). الوغول الدّخول في الشَّيء وإن لم تبعد فيه، وكل داخل فهو واغل يقال منه وَغَلت أغِل وغولاً وَوَغْلاً ولهذا قيل للداخل على الشَّرْب مِن غَير أن يدعَى وَاغِل وَوَغْل والّذي جاء في الحديث أنّ هذا الدّين مَتِين فأوَغل فيه بِرِفقٍ قال الأصمعي وغيره الإيغَال السَّير الشَّديد والإمعان فيه يقال أوغَلت إيغَالاً. 963 - وقوله: ثم جاء رجل مشرك مشعانٌّ (ص 1626). قال الأصمعي: رجل مشعَانٌّ وَشَعر مشعَانٌّ وَهو الثَّائِر المتفرِّق. 964 - وقوله: "يَا غُنثَرُ" (ص 1627). قال الهروي: أحسبه الثَّقِيل الوَخِم وقيل هو الجاهل والغَثَارة الجهل يقال رَجل غثَر والنُّون زَائِدَة.

965 - قوله: "إنّ النّبيء - صلى الله عليه وسلم - ضَافَه ضَيف وهو كافر فأمر النّبي - صلى الله عليه وسلم - بشَاةٍ فَحلِبَت فشربَ حتى شَرِبَ حلابَ سَبعِ شِيَاهٍ ثم أصبحَ فأسلمَ فأمر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاةٍ فَحلِبَت فَشربَ حِلابَهَا ثم أمر بأخرى فَلَم يستَتِمَّهَا فقال النبيء - صلى الله عليه وسلم - المؤمِن يَشْرب في مِعى واحد والكَافِر في سَبعَةِ أمعاءٍ" (ص 1632). قال الشّيخ: قيل إنّ هذا في رجل بعينه وقيل: إنه على جهة التَّمثِيل. وقيل المراد به أنّ المؤمن يقتصد قال الله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} (¬12) ويمكن أن يراد به أنّ المؤمن يسمي الله عزّ وجلّ عند طعامه فلا يَشْركه الشّيطان فيه والكافر لا يسمّي الله عزّ وجلّ عند طعامه، وقد روى مسلم أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ الشَّيطانَ يَستَحِل الطَّعَام أن لا يذكَرَ اسم الله عليه" (ص 1597). فإذا شاركته الشّياطين فيه تضاعف الأكل وأربى على أكل المؤمن، وقوله "ضافه ضيف" أي صار ضيفه وأضفتَه أنزلته على نفسك، وفيه ضيافة الكافر ولعلّه استيلاف له ليسلم أو لأنّ له عهدًا فخاف أن يضيع. وقيل: إنّه ثمامة بن أُثالٍ وقيل جَهجَاه الغفاري وكره مالك أن يأكل مع النّصراني في إناء واحد. 966 - قوله: "كان ابن الزّبير يرزقنا التّمر وكان أصاب النّاسَ يومئذ ¬

_ (¬12) 12) محمد - صلى الله عليه وسلم -.

جهد فكنّا نأكل فيمر علينا ابن عمر ونحن نأكل فيقول: لاَ تُقَارِنوا فإنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن القِران (¬13) إلاّ أن يستأذن الرّجل أخاه" (ص 1617). قال الشّيخ وفّقه الله: يحتمل أن يكون إذا علم من أصحابه أنّ ذلك مما يرضونه ويخفّ عليهم ألاّ يمنع منه وقد قال: إلاّ أن يستأذن أخاه ولا فرق بين أن ينطق بإذن أو يفهم عنه. ويقال: قرنتُ بين التّمرتين أكلتهما بمرةٍ وقرنت بين الحجّ والعمرة جمعتهما والشيء بالشيءِ شَدَدته إليه. 967 - قوله: "من أكل سَبع تمرات عَجوةً مماّ بين لاَبَتَيهَا حين يصبح لم يضرّه سمّ حتى يُمسي، وفي بعض طرقه من تصبَّح بسبع تمرات عجوَةً لم يضرّه ذلك اليوم سم ولا سحر" (ص 1618). قال الشّيخ وفّقه الله: هذا مما لا يعقل معناه في طريقه علم الطّبّ وَلَو صحّ أن يخرج لمنفعة التّمر في السمّ وجه من جهة الطبّ لمَ يقدر على إظهار وجه الاقتصار (¬14) على هذا العدد الّذي هو سبعٌ ولا على الاقتصار على هذا الجنس الذي هو العجوة ولعلّ ذلك كان لأهل زَمَانه - صلى الله عليه وسلم - خاصةً أو لاكثرهم إذ لم يثبت عِندي استمرار وقوع الشّفاء بذلك في زمننا (¬15) غالبا وإن وجد ذلك في زماننا في أكثر النّاس حمل على أنّه أراد وصفَ غالبِ الحال. ¬

_ (¬13) جاء في الأصل الإقران، وكتب فوقه القِرآن، والاقران هو الذي جاء في الأصول، والمعروف في اللغة القِران. (¬14) في (ج) على هذا الاقتصار. (¬15) في (أ) في زماننا وكذلك فيما بعد.

كتاب اللباس والزينة

كتاب اللّباس والزينة (¬1) 968 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الَّذِي يَشرب في آنِيَةِ الفِضَّةِ إنَّماَ يُجَرْجِرُ في بَطنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ وفي بَعض طرقِهِ إنَّ الذي يأكل وَيَشرب في آنيَةِ الفِضَّةِ والذّهَبِ" (ص 1634). قال الشّيخ وفّقه الله: النَّهي عن ذلك لأنه من السرف والتشبّه بفعل الأعاجم، والمذهب عندنا كراهية الشرب في إناء مضبّب بالفضة كما كره أن ينظر في الِمرآة فيها حلقة فضة. قال عبد الوهاب: يجوز استعمال المضبّب إذا كان شيئاً يسيرا. وأما قوله: "يجرجر" فقد يريد به يصوّت والجرجرة صوت البعير عند الهدير فعلى هذا تكون الرواية نار جهنم بالرّفع وقد يكون "يجرجر" بمعنى يتجرّع فتكون الرواية على هذا نارَ جهنم بنصب الراء. ¬

_ (¬1) جاء هذا العنوان وهو كتاب اللّباس والزّينة في (ج) خاصة، وفي (أ) بالهامش بخط حديث.

وقال الزجاج: يجرجر في جوفه أي يردّه (¬2) في جوفه. 969 - قوله في النّهي عن الميَاثِر والقَسِّيّ وعن لبس الحرير والإستَبرق والدِّيباج (ص 1635). المياثر سمِّيت بذلك لِلِينِهَا وإذا حمل النَّهي فيها على كونها حريرًا كان فيه دلالة على النّهي عن الجلوس عَلى الحرير لأنهّا إنما تكون في السروج والسروج مما يجلس عليها والمشهور عندنا منع الجلوس عَلى الحرير وقال عبد الملك بإجازته وعلّق المنع باللّبس المذكور في الحديث، وفي الحديث النّهي أن يجلس عليه خرّجه البخاري وهذا يردّ ما قاله عبد الملك، وكذا المذهب عندنا النّهي عن الجلوس عليه وإن كان بطانة لما يجلس عليه أو محشوًّا فيما يجلس عليه كما يحشى الصّوف. والقَسّيِّ قيل إنه القَزِّي أبدلت الزّاي سينا وقيل منسوب إلى موضع يقالى له القَسُّ؛ قال بعض أصحابنا: وهي ثياب يخالِطها حَرِير. 970 - قال الشّيخ وفّقه الله: خرّج مسلم في الأطعمة نا حسن الجُلواني قال: نا وَهب بن جري نا أبي قال سمعت جرير بن يزيد: يحدّث عن عمرو بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس قال رأى أبو طلحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضطجعا في المسجد الحديث (ص 1614). هكذا وقع في نسخة أبي العلاء جرير بن يزيد (¬3) بزيادة ياء على مثال ¬

_ (¬2) في (ج) يردده. (¬3) في (ب) و (ج) جرير بن زيد.

يعيش وهو وهم وإنّما هو جرير بن زيد وهو عمّ جرير بن حازم ذكره البخاري وابن أبي حاتم الرّازي. 971 - وقوله: "أُمرنا بسبع فذكر تشميتَ العاطس" (ص 1635). وتشميت العاطس هو الدّعاء له يقال: شَمَّتُّ العاطسَ وسَمَّتُّه والشّين أعلى اللّغتين. قال ابن الأنباري: يقال: شمّت فلانا وسمَّتُّ عليه وكل داع بالخير فهو مسمّت ومشمّت. قال ثعلب: الأصل السّين من السّمت وهو القصد والهدي ومنه الحديث فدعا لفاطمة وسمَّت عليها. 972 - ذَكَر قَولَ عمر رضي الله عنه في الحلة السِّيرَاء: يا رَسولَ الله لَو اشتريتَها فَلَبِستَها يوم الجمعة وللوفود (¬4) فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخِرة، وفي بعض طرقه فقال له: إنّما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة. وفي بعض طرقه: "وَجَدَ عمر حلّةً من إستبَرق تباع". وفي بعض طرقه: "فلبث عمر ما شاء الله ثم أرسل إليه النّبيء - صلى الله عليه وسلم - بجبة ديبَاجٍ فأتَى عمر النّبيء - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رَسولَ الله: قلت هذه لباس من لا خلاق له (¬5). ¬

_ (¬4) في (ب) إذا قدموا عليك. (¬5) في (ج) من لا خلاق له في الآخرة.

(وفي بعض طرقه: "أنّ عمر -رضي الله عنه- رأى عَلى رَجلٍ من آلِ عطارد قباءً مِن ديباج أو حرير) (¬6) وفي بعض طرقه "رأى على رجل حلّة من استبرق" (ص 1638 إلى 1640). قال الشّيخ وفّقه الله: اختلف النّاس في لباس الحرير فذهب قوم إلى منعه على الإطلاق وآخرون إلى جوازه على الإطلاق وجمهور العلماء على إباحته للنساء ومنعه للرّجال، والدّليل على صحّة ما ذهب إليه الجمهور قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّما يلبس الحرير في الدّنيا من لا خلاق له في الآخرة". 973 - وخَرَّج مسلم في حديث الحلَّة قال: فلما كان بعد ذلك أُتِيَ النّبي، - صلى الله عليه وسلم - بحلَلٍ سِيَراء فبعث إلى عمرَ بِحلَّةٍ وبعث إلى أسامة بِحلَّةٍ الحديث، وفيه: أنَّ أسامة رَاحَ في حلّتِهِ فَنَظَر إليه النَّبِيء - صلى الله عليه وسلم - نظرًا عَرَفَ أنَّ النبيء - صلى الله عليه وسلم - أنكَرَ ما صَنَعَ فقال يا رسول الله، ما تنظر إليّ أنت بعثت بها إلّي فقَال - صلى الله عليه وسلم - إنيِّ لم أبعَث إليك بها لتَلبَسَها ولكن بعثت بها إليك تشققها (¬7) خمرا بين نسائك ففرّق في هذا بين الرّجال والنّساء وفي بعض طرقه أهدي إليه - صلى الله عليه وسلم - ثوب حرير فأعطاه عَلِيّا -رضي الله عنه- فَقَال: شَقِّقه خمرًا بين الفَوَاطِمِ وفي بعض طرقه فَأَمَرَنيِ فأطرتُهَا بين نسائي وأظهر النّكير على أسَامَةَ فلما اعتذر إليه بأنّه بعثها أخبره - صلى الله عليه وسلم - أنّه بعَثَها ليشققها خمرًا بين نسائه (ص 1639 - 1644). هذا حكم الحرير المحض وأمّا المختلط كالذي سَداه حرير ولحُمته قطن ¬

_ (¬6) ما بين القوسين ساقط من (أ). (¬7) في (ب) و (ج) لتشققها.

أو كِتَّان فروي عن مالك أنّه يكره من الثياب ما كان سداه حريرا أن يلبسه الرِّجال وهو مذهب ابن عمَرَ وأجازه ابن عباس قال بعض أصحابنا اختلف فيه فأجيز وكُره وإجازته أكثر. وأمّا الخزُّ فذكر ابن حبيب عن خمسة عَشَرَ من الصحابة إجازته ويذكر عن مالك جَوَازه قال عبد الوهاب: يجوز لبسه وكرهه مالك لأجل السّرف. وأما العَلَم يكون في الثوب فذكر ابن حبيب أنّه يرخّص في لبسه والصّلاةِ فيه وإن عظم وقد روي عن مالك في غير كتاب ابن حبيب اختلاف في قدر إصبع من الحرير يكون علماً في الملاحف أو الثياب فَنَهى عنه مرّة وأجازه أخرى. ودليل إجازة اليسير منه ما خرّجه مسلم: "أنّ عمر -رضي الله عنه- خَطَب فقال نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لبس الحرير إلاَّ موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع، وفي بعض طرقه فَجَاءَنا كِتَاب عمر أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال: "لاَ يَلبَس الحرير إلاّ من ليس له منه شيء في الآخرة إلا هكذا قال أبو عثمان باصبعين اللَّتين تَلِيان الإبْهَامَ فرتبهما إلاَّ أزرَار الطَّيَالِسَةَ (ص 1642 - 1643). فَدَلَّ هَذا على جَواز العَلَم اليسير يكون في الثوب. وأما لو كان حريرًا محضا فَإنَّه يحرم منه القليل والكثير، وفي كتاب ابن حبيب النّهي عن اتخّاذ الَجيْبِ منه وقد عورِضَ ما في كتاب ابن حبيب بما خرّجه مسلم عن عبد الملِك مولى أسماء قال: أرسلتني أسماء إلى ابن عمر فقالت: بلغني أنّك تحرّم أشياء ثلاثة العَلَم في الثَوب وذكرت ما سواه

فأجابها ابن عمر سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول سمعت النّبيء - صلى الله عليه وسلم - يقول إنما يلبس الحرير من لا خلاق له في الآخرة فَخِفت أن يكون العَلَم منه قال فرجعت إلى أسماء فأخبرتها فقالت هذه جبَّة النّبيء - صلى الله عليه وسلم - فأخرجت إلى جبَّه طَيَالِسَةٍ كِسروانِيَّةً لَهَا لبنة ديباج وَفَرجَاهَا مكفوفَان بالدّيباج فقالت: هذه كانت عند عائشة -رضي الله عنها- حتى قبضَت فلما قبِضَت قبضتُها وكان النبيء - صلى الله عليه وسلم - يلبسهَا فَنَحن نغسلهَا للمَرضى نستَشفي بها" (¬8) (ص 1641). وهذا خلاف ما ذكر ابن حبيب وقد أجاب بعض أصحابنا عن هذا بأن قال لعلّ هذا الحرير أُحْدث فيها بعد موت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لبسها وفيها هذا الحرير فليكون في ذلك حجةّ على جوازه. وإذا احتمل سَقَطَ التعلّق به. وقد قال بعض أصحابنا: ما وقع في الحديث من استثناء العلم يدلّ على جواز اتخاذ الطوق منه واللّبنة. وأما السِّيرَاء فَعند النّسائي أنه المضَلَّع بالقِزّ. قال الخليل: هو المضلّع بالحرير، قال بعض شيوخنا: والأشبه أنها حرير مختلف الألوان سمّيت سِيرَاء لاختلافِ ألوانها، وقد ذكِرَ في بعض الطرق أنهّا من إستبَرق وهو كلّه حرير واختلف في علّة النّهي عن لبس الحرير، فقال الأبهري لئلا يتَشَبَّهَ بالنّساء، وقال غيره لما فيه من الخيَلاَءِ. واختلف في لباسه في الغَزو فمذهب مالك المنع واستخَف ابن الماجشون لباسه في الغزوِ إذ لا يقصد به فيه الخيلاء الممنوعة وأمّا لبسه للحِكَّةِ فَرخَّصَ فيه - صلى الله عليه وسلم - لبعض أصحابه ¬

_ (¬8) في (ب) و (ج) و (د) يستشفى بها.

وقال القاضي عبد الوهاب: يجوز لبسه للضرورة والحاجةِ وظاهر كلام مالك النّهي عنه، والحلَّة ثوبان إزار ورِداء. قوله: "فكساه عمر -رضي الله عنه- أخًا له مشركا بمكّة" (ص 1638). قيل: كان أخاه لأمّه وفيه جواز صلة الكافر وكان يقال الذي المذاكرة إنّ هذا إنّما يظهر وجهه على القول بأنّ الكافر غير مخاطب بفروع الشريعة فلهذا استجاز عمر -رضي الله عنه- أن يَكسوَهَا المشرك. 974 - وذكر مسلم في حديث آخر أنّه - صلى الله عليه وسلم - أرسَل إليه قَبَاء دِيبَاج فقال: يا رسول الله كرهتَ أمرًا وأعْطيْتَنيه فقال إنيّ لم أعطكه لتلبَسَه إنَّما أعطيتكه تَبِيعه فباعه بألفي درهم (ص 1644). وإنَّما أجَاز لَه بَيعَه وإن كان محرّما لباسه على الرّجال لأنّه يحل لبسه للنِّسَاء وهي منفعَة مقصودة تصح المعاوضة عليها. 975 - وأما قوله: "إنّما يلبس الحرير في الدّنيا من لا خلاق له في الآخرة" (ص 1638). الخلاَق النّصيب الوافر من الخير ومنه قوله عزّ وجلّ {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ} (¬9) أي انتفعوا به وقال تعالى {أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ} (¬10). ¬

_ (¬9) 69 التوبة. (¬10) 77 آل عمران.

976 - وأمّا قوله "فأطَرتُهَا بين نِسائي" (ص 1644). فَمَعنَاه قسّمتها يقال: طار لي في القسمة كذا أي صار لي. قال الشّاعر: [الطويل] فَماَ طَارَ ليِ فيِ القَسْمِ إلاَّ ثَمِينُهَا 977 - وأمّا قوله: "شَقِّقه خمرا بَين الفَوَاطِمِ" (ص 1645). قال ابن قتيبة الفَوَاطِم ثَلاَث إحداهن فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و-رضي الله عنها- وأرضاها والثانية فاطمة بنت أسد بن هاشم (¬11) أمّ علي -رضي الله عنهما- وهي أوّل هاشميّة وَلَدَت لهاشِمِيٍّ. قال: ولا أعرف الثالثة قال الأزهريّ هي فاطمة بنت حمزة الشّهيد -رضي الله عنهم-. 978 - قول عبد الله بن عمرو بن العاص: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليَّ ثَوبَيِن معَصفَرَينِ فَقَال: إنَّ هذا من ثياب الكفّار فلا تَلبَسهَا"، وفي طريق آخر "قال أمّك (¬12) أمَرَتكَ بهِذا قلت أغسِلهما قال بَل أحرِقهما". وفي بعض طرقه "نهَى عن لبس الذَّهب والمعصفر" (ص 1647 - 1648). ¬

_ (¬11) في (ب) و (ج) بنت أسد بن هشام. (¬12) في الأصل أأمّك بهمزتين.

قال الشّيخ وفّقه الله: وروِيَ عن مالك أنَّه أجاز لبسَ الَملاَحِفِ المعصفَرة للرّجال في البيوت وفي أفنية الدّور وكره لباسها في المحافل وعند الخروج إلى الأسواق، فكأنّه رأى أنّ التصرف بها (¬13) بين الملإ من النّاس اشتهار فَلِهَذا نهى عنه وفي الدّيار ليس فيها اشتهار فأجازه، وأمّا المصبوغ بالِمشْقِ وهو المغْرة فيجوز لباسه. وأمّا المغيّر بالزّعفران فاختلف النّاس فيه وبالجواز قال مالك لما وقع في حديث ابن عمر رأيتك تصنع أربعاً وفيه الصِّبغ بالصّفرة وقد تقدّم الحديث، وحجة من نهى عنه ما ورد من النّهي أنَ يَتَزَعفرَ الرّجل ومحمل هذا عندنا على أنّه غيّر بدنه بالزعفران تَشَبُّهًا بالنّسوان وهو الأظهر من مثل هذا اللّفظ هكذا قال بعض أصحابنا. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - "بل اِحرقهما" فلعلّه على جهة التّغليظ أو العقوبة في المال. 979 - قال الشّيخ وفّقه الله: خرج مسلم في كتاب اللّباس حدَّثَنا يحي ابن يحيى نا خالد بن عبد الله عن عبد الملك عن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنه- (¬14) وكان خَالَ ولَدِ عَطَاءٍ هكذا رواية ابن ماهان والكسائي ووقع في أصل الجلودّي كان خالَ ولد عطارد بزيادة راء ودال بدل عطاء (ص 1641). قال بعضهم: والصّحيح ما رواه أبو العلاء ابن ماهان. ¬

_ (¬13) في (ب) و (ج) فيها. (¬14) في (ب) و (د) رضي الله عنهما.

980 - قول عايشة -رضي الله عنها- وَعَليهِ مِرْط مرحَّل (¬15) (ص 1649). المرحّل بالرّاء والحاء المهملة الموشَّى سمّي مرحّلا لأنّ عليه تصاوير الرّحال وجمعها المراحل ومنه الحديث حَتَّى يبني النّاس بيوتا يوَشُّونها وشَيْ المراحل ويقال لها المراجل بالجيم أيضا ويقال لذلك العمل الرَّجيل والِمرط الكساء وجمعه مرط. 981 - وقوله: "يَتَجَلجَل فيها" (1653) أي يتحرّك فيها يعني في الأرض والجلجلة الحركة مع صوت أي يسوخ فِيهَا حين يخسف به. 982 - وقوله: إلاّ المخِيلَة (ص 1652). يعني الكبرياء يقال: خَالَ الرَّجل خالا واختال اختيالا إذا تَكَبرَّ وهو رجل خالٌ أي متكبرّ وذو خَالٍ أي ذو تكبرّ ومنه قول ابن عبّاس كل ما شئت والبس ما شئت إذا أخطاتك خَلَّتَان سرف وَمَخِيلَة ومنه قول طلحة لعمر -رضي الله عنهما- ولا يتخوّل عليك أي لا يتكبر عليك. 983 - قال الشّيخ: خرّج مسلم في الانتعال عن علي بن مسهر عن الأعمش عن أبي رَزِين وأبي صالح (عن أبي هريرة/ (ص 1661) قال بعضهم: هكذا وقع في جميع النّسخ عندنا عن أبي رزين وأبي صالح (¬16) ¬

_ (¬15) في (ج) المُرَجَّل وكذا فيما بعد وهو تحريف. (¬16) ما بين القوسين ساقط من (ب).

مقرونين قال أبو مسعود الدّمشقي إنّما يرويه أبو رزين عن أبي صالح عن أبي هريرة وكذلك خرّجه في كتابه عن مسلم وذكر أنّ علي بن مسهِر انفرد بهذا. 984 - قوله: نهى - صلى الله عليه وسلم - عن اشتمال الصَّمّاء (ص 1661). قال الأصمعي: هو أن يشتمل الرّجل بالثّوب حتّى يجلّل به جسده لا يرفع منه جانبا فَتَكونَ فيه فرجة يخرج منها يده قال القُتَبِي: إنّما قيل لَهَا الصّماء لأنّه إذَا اشتمل به انسدّت على يديه ورجليه المنافذ كلّها كالصّخرة الصَّمَّاءِ التّي ليس فيها خرق ولا صاع. قال أبو عبيد: أمّا تفسير الفقهاء فهو أن يشتمل بثوب واحد ليس عليه غيره ثمّ يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على أحد منكبيه، قال غيره من فسّره هذا التّفسير ذهب به إلى كراهة التكشّف وإبداء العورة ومن فسره تفسير أهل اللّغة فإنّه كَرِهَ أن يَتَزَمّل به شاملا جَسَدَه مخافة أن يدفع منها إلى حالةٍ يداخله بعض الهوام المهلكة فلا يمكنه نفضها عنه. 985 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا تَضَع إحدى رجليك على الأخرى إذا استَلقيت" وفي بعض طرقه "لا يستلقين أحدكم ثم يضع إحدى رجليه على الأخرى. وفي بعض طرقه أنّه رأى النّبيء - صلى الله عليه وسلم - مستلقيا في المسجد واضعا إحدَى رجليه على الأخرى (ص 1661 - 1662). قال بعض أهل العلم: يجب أن تبنى هذه الأحاديث فيحمل النّهي على حالة تبدو فيها العَورة وفعله - صلى الله عليه وسلم - على حالة كان مستترا فيها وقد

أدخل مالك في موطّئه حديث استلقائه - صلى الله عليه وسلم - في المسجد واضعًا إحدى رجليه عَلىَ الأخرى قال بعض أصحابنا: وإنّما قصد بإدخاله الردّ على من كرهه من فقهاء الأمْصار. وخرج مسلم في باب الاستلقاء في المسجد: "حدّثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد عن عبد الرزّاق عن معمر" (ص 1662). هكذا في رواية الجلودي والكِسَائي وكذلك خرّجه الدّمشقي عن مسلم، ووقع عند ابن ماهان حدّثنا إسحاق بن منصور وعبد بن حميد فجعل إسحاق بن منصور بدل إسحاق بن إبراهيم، قال بعضهم والذي أعتقد صوابه رواية من قال: إسحاق بن ابراهيم لأنهما كثيرا ما يجيئان مقرونين في رواية مسلم في هذه النّسخة عنهما عن عبد الرزّاق وإن كان إسحاق بن منصور أيضًا يروي عن عبد الرزاق. 986 - وقوله: "نهى عن التَّزعفر" (ص 1662). تقدّم الكلام فيه، وفي بعض طرقه نهي عن أن يتزعفر الرّجل ومحمله عندنا على تغيير بدنه بالزعفران تشبّها (¬17) بالنسوان. 987 - قوله: "ورَأسُه ولحيَته مِثل الثَّغَامِ وقال - صلى الله عليه وسلم - غَيِّروا هذا بِشيء واجتَنِبوا السَّوَادَ وفي طريق آخر أنّ اليهود والنّصارى لاَ يَصبَغونَ فخالفوهم" (1663). ¬

_ (¬17) في (ج) تشبيها والكلمة ممحوة من (أ).

قال أبو عبيد: هَو نَبت أبيَض الزّهر والثمر شبّه بياض الشّيب به، وقال ابن الأعرابي: هي شجرة تبيضُّ كأنهّا الثَّلجة. قال الشّيخ: لم يحرّم مالك -رضي الله عنه- التّغيير بالسّواد ولا أوجب الصِّباغ، ولعلّه يحمِل النّهي عن التّغيير بالسّواد على الاستحباب والأمر بالتّغيير على حالةٍ هجَّن المشيبُ صاحبها، قال عبد الوهّاب يُكره السّواد لأنّ فيه تدليسًا عَلىَ النّساء فيوهم الشّباب فتدخل المرأة عليه. 988 - قوله: "أصبح واجمًا" (1664). الواجم: المهتمّ (¬18) يقال وجم يِجم وجوما ووجَم أيضا حزن وأجم الطّعام إجما إذا كَرِهه. 989 - قوله في الصُّوَر ألم تسمعه حين قال - صلى الله عليه وسلم - إلاّ رَقْمٌ (¬19) في ثَوبٍ (1665). قال الشّيخ: قال بعض أصحابنا: إنّما وقع في حديث عائشة -رضي الله عنها- من كراهة الصّور المرقومة يحتمل أن يكون كان ذلك أوّلا عند كونهم حديثي عهد بالجاهليّة وعبادة الصُّور فلماّ طال الأمر وأمِن عليهم أباح الرّقم في الثّوب ويكون ذلك كالنّاسخ لما وقع في حديث عائشة -رضي الله عنها-، ولم يحرّم مالك من الصّور المرقومة ما كان يمتهن لأنّ امتهانه ينافي تعظيمه على حسب ما كانت الَجاهلية تعظّم بعض الصور. ¬

_ (¬18) في (أ) و (ب) المتهم. (¬19) في الأصل إلاّ رقماً بالنّصب وهو الصواب.

990 - وقول عايشة -رضي الله عنها-: "وقد سترتُ سَهْوَةً لي بِقِرامِ فيه تماثيلُ" (1668) قال الأصمعي: "السَّهوة كالصُّفَّة تكون بَيَن البَيت، وقال غيره: السّهوة شبيه بالرُّفّ أو بالطّاق يوضع فيه الشيء، قال أبو عبَيد: وسمعت غير واحدٍ من أهل اليَمَنِ يقولون. السّهوة عندنا بيت صغير منحدر في الأرض، وسَمكه مرتفع من الأرض شبيه بالخزانة الصّغيرة يكون فيها المتاع، قال وهَذَا عندي أشبه ما قيل في السّهوة والقرام السّتر الرّقيق فإذا خيط فصار كالبيت فهو كِلَّة وقال لبيد يصف الَهودَج: [الكامل] من كلِّ محَفوفٍ يظِلُّ عَصِيَّه ... زَوج عَلَيهِ كِلَّة وَقِرَامها العَصي عِيدان الَهودَج والزّوج النّمط. 991 - قال الشّيخ أيّده الله: خرّج مسلم في باب كراهية الصّور: "حَدَّثَنَا ابن أبي شَيبة نا علي بن مسهر عن سعيد بن أبي عروبة عن النّضر بن أنس قال كنت جالسًا عند ابن عباس هكذا إسناد هذا الحديث رواه سعيد بن أبي عروبة عن النّضر بن أنس وَوَهِمَ بعضهم فأدخل بينهما قتادة وليس بشيء فإنّه قد سمع سَعِيدٌ مِنَ النّضر هذا الحديثَ وحدَه ذكره البخاري (¬20) في الجامع: "حدّثنا عياش نا عبد الأعلى نا سعيد بن أبي عروبة قال سمعت النّضر بن أنس يحدّث قتادة قال كنت عند ابن عباس فذكر الحديث -قال البخاري سَمع سعيد بن أبي عَروبة من النّضر هذا الحديث الواحد. ¬

_ (¬20) في (ج) وذكر البخاري في الجامع.

992 - قوله - صلى الله عليه وسلم - "لاَ يَبْقَيَّنَ فيِ رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلاَدَة من وَتَرٍ أو قلادة إلاّ قطعت". قال مالك: أرَى ذَلِكَ مِن العَين (1672). قال الشّيخ وفّقه الله: الظاهر من مذهب مالك، قصر النّهي على الوَترَ خاصّة وأجازه ابن القاسم بغير الوَتَر وقال بعض أصحابنا فيمن قلّد بعيره شيئاً ملوّنًا فِيه خَرَز قال: إن كان للجمل (¬21) فلا بأس به، وقد اختلف النّاس في تقليد البعير وغيره من الحيوان والإنسان أيضا ما ليس بتعاويذ قرآنية مخافة العين فمنهم من نهى عنه ومنعه قبل الحاجة إليه (وأجازه عند الحاجة إليه) (¬22) لنفي ما أصابه من ضرر العين وشبهه ومنهم من أجازه قبل الحاجة وبعدَها كما يجَوز الاستظهار بالتّداوي قبل حلول المرض، قال عبد الوهّاب تكره للمسافرين الأجراس والأوتار، احتجّ بقوله لا تصحب الملائكة رفقة فيها جَرس قال وأمّا الأوتار فقد تؤدّي إلى جناية تكره يعني الاختناق بها وشبه ذلك وقد خرّج مسلم لا تصحب الملائكة رُفْقَةً فِيها كَلب وَلاَ جَرَس (ص 1672). وقد قال بعض النّاس: إنّ النّهي عن تقليد الأوتار محمول على الدخول وما اعتادوا من طلب الدّماء عليها. 993 - وقول الرّاوي: قلادة من وتر أو قلادة يحتمل أن يكون على ¬

_ (¬21) في (ب) و (ج) و (د) وإن كان للجمال. (¬22) ما بين القوسين ساقط من (ب).

الشكّ بين التّخصيص للوتر أو التّعميم لسائر القلائد فيكون الوتر ثابتا في الحالين مع القول بالعموم ولهذا قصر مالك النّهي عن الوتر كما قدّمنا. 994 - قوله: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القَزَع " (ص 1675). قلت لِنافع: وما القزع؟ قال: يحلَق بَعض رَأس الصّبي ويترك بَعضة. قال الشّيخ وفّقه الله: إذا كان ذلك في مواضع كثيرة فمنهيٌّ عنه بلا خلاف وإن لم يكن كذلك كالنّاصية وشبهها فاختلف في جوازه. 995 - وقوله: "عَلَيه خَمِيصَة" (ص 1674). قال الأصمعي: الخمائص ثياب خَزٍّ أو صوفٍ مُعْلَمَةٌ كانت من لباس النّاس. 996 - وقوله: "نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضّرب في الوَجهِ وعن الوَسْمِ فيِ الوجهِ (ص 1673). (قال عَبد الوهاب تكره السّمة في الوجه) (¬23) ولا تكره في غيره لأنه عليه الصلاة والسّلام نهى عن السّمة في الوجه وأرخص فيها في الأذن قال: ويجوز في غيره لأنّ بالنّاس حاجة إلى علامات يعرفون بها بهائمهم. ¬

_ (¬23) ما بين القوسين ساقط من (أ).

997 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَعَنَ الله الوَاصِلَةَ والمستَوصِلَةَ" (ص 1676). قال الشّيخ: وَصْل الشَّعَر عِندَنَا مَمنوع للحديث قال القاضي عبد الوهاب: والمعنى فيه أنّ فيه غرورًا وتدليسًا. وأمّا الواشمة والمستوشمة (1677) فقد قال أبو عبيد: الوَشم في اليَد وذلك أنّ المرأة كانت تغرز ظهر كفها أو مِعصَمِهَا بإبرة أو مِسَلَّةٍ حتى تؤثّر فيه ثم تحشوه بالكحل أو بالنَّؤُورِ (¬24) فيخضرّ بفعل ذلك بدارات ونقوش يقال منه قَد وَشَمَت تَشِم وشماً فهي وَاشمة والأخرى موشومة ومستوشمة. 998 - وقوله: "والمتَنَمِصّاتِ" (ص 1678). قال أبو عبيد: النّامصة التّي تنتف الشعر من الوجه ومنه قيل للِمنقاش المِنماص لأنّه ينتِف والمتَنمِّصَة التي يفعل ذلك بها. 999 - والمتَفَلِّجَاتِ" (ص 1678). الفلج في الأسنان والمراد أنها تعالج أسنانها وكذلك الواشرة المذكورة في غير هذا الموضع هي الّتي تَشر أسنانها تُفلّجها وتحدّدها حتى يكون لها أُشرُ والأشر تَحَدّد وَرِقَّة في أطراف الأسنان ومنه قيل ثغر مؤشر وإنما يكون ذلك في أسنان الأحداث تفعل ذلك المرأة الكبيرة تشبّها بأولئك. ¬

_ (¬24) بالنَّؤورِ هو ما جاء في (أ) و (ج) وهو كصبور وفي (ب) بالنّورة.

1000 - قوله: "المتَشَبِّع بِماَ لمَ يعطَ كَلاَبِسِ ثَوبَي زورٍ (ص 1681). المتشبّع المتكثّر بأكثر مماّ عندهِ يَتَصَلَّف به وهو الرّجل الذي يرِي أنّه شَبعان وليس كَذَلِكَ وتفسير ثَوبي زورٍ هو أن يَلبس المرائي ثياب الزهّاد يرِي أنّه زاهد وقال غيره هو أن يلبس قميصا يصل بكُمّيه كُمين آخرين يرِي أنّ عليه قَمِيصَين. 1001 - قال الشّيخ وفّقه الله: خرّج مسلم هذا الحديث: "عن محمّد ابن عبد الله بن نُمَير قال حدّثنا وَكِيع وَعبدة عن هِشَام عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- أنّ امراة قَالَت: يَا رسول الله إن تشبّعت من زوجي الحديث (ص 1681). ثم أردف عليه أبو العلاء ابن ماهان عن مسلم حدّثنا أبو بكر (¬25) نا أبو أسامة ونا إسحاق بن إبراهيم نا أبو معاوية كلاهما عن هشام. بهذا الإسناد قال بعضهم (¬26) هذه المتابعة لا تصحّ أن تكون على أثر حديث ابن نمير هذا وإنّما أتت في رواية الجلودي وغيره على أثر حديث ابن نمير عن عبدة عن هشام عن فاطمة عن أسماء قالت (¬27) جاءت امراة إلى النّبيء - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَت إنّ لي ضَرَّةً الحديث، قال عبد الغني وقع في نسخة ابن ماهان حديث أبي بكر وإسحاق على أثر حديث ابن نمير عن وكيع ¬

_ (¬25) في (ب) أبو كريب. (¬26) قال بعضهم ساقطة من (ب) وجاءت في (أ) مزادة بالهامش. (¬27) في (ب) قال.

عن هشام عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- يزعم أنّه مثل الأوّل وهذا خطأ قبيح لأنّه عند غيره يعقب حديث فاطمة عن أسماء قال: وليس يعرف حديث هشام عن أبيه عن عائشة إلاّ من حديث مسلم عن ابن نمير من رواية معمر بن راشد، وقال الدّارقطني في كتاب العلَل في حديث هشام عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- إنّما يروي هذاَ معمر ومبارك بن فضالة ويرويه غيرهما عن فاطمة عن أسماء وهو الصّحيح، وقال في إخراج مسلم حديث هشام عن أبيه عن عائشة لا يصحّ والصّواب حديث عبدة ووكيع وغيِرهما عن هشام عن فاطمة عن أسماء (¬28). ¬

_ (¬28) وقع هنا خلط كبير في كلام الدّارقطني وما أثبتناه هو ما ثبت في ثلاث نسخ وهي (أ) و (ب) و (هـ).

كتاب الأدب

كتاب الأدب (¬1) 1002 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (تَسَمَّوا بِاسمِي وَلاَ تَتَكَنَّوا بِكُنْيَتي) (¬2) فإنّما بعثت قاسما أقسم بينكم" (ص 1682 - 1683). قال الشّيخ: ذهب جماعة من أهل العلم إلى أنّ هذا مقصور على حياة النّبيء لأنه قد ذكَر سَبَبَ الحديث أنّ رجلا نادى يا أبا القاسم فالتفت النّبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لم أعْنك إنّما دعوت فلانا فقال النّبي - صلى الله عليه وسلم - تَسَمَّوا باسمي الحديثَ، وقد أجاز مالك أن يتسمّى محمّدا ويكتنيَ بأبي القاسم وقد كان محمد ابن أبي بكر جَمَع الأمرين الكنية والإسم وجماعة من المحمَّدين ولم يُنْكَرْ ذلك عليهم وقد أخذ بعض النّاس بظاهر هذا الحديث ولم يقصره على زمن النّبي - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) لم يجىء هذا العنوان إلاّ في (ج) وهو ما ثبت في بعض نسخ مسلم. (¬2) ما بين القوسين ساقط من (ب).

1003 - قوله: نَهَانَا أن نسَمِّيَ رَقِيقَنَا أربَعَةَ أسماَءٍ أفلَحَ وَرَبَاحٍ وَيَسَارٍ ونَافِعِ (ص 1685). قال الشّيخ: هذا لأنّه قد يدعى فيقال أثَمَّ أفلح أثَمَّ رباح فيقال: لا فيستثقل ذلك لأجل كراهية فقد مَعَاني هذه الأسماء وقد ذكر مسلم هذا التّعليل في بعض الطّرق والأسماء تكرهَ لمعان أحدها ما ذكرناه. والثاني كما ذكره مسلِم أنَّه غَيرَّ عاصية بِجَميلة (ص 1686) لقبح المعنى المشتقّ منه لفظ عاصية. وقد يكره أيضا لأنّ فيه تَزكِيَة للنفس وذكر مسلم أنه - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن هذا الاسم وسمّيت برّة فقال - صلى الله عليه وسلم -: لا تزكُّوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم فقالوا: بِمَ نسمّيها؟ قال سَمُّوهَا زَينَبَ" (ص 1687). وفي بعض طرقه فحوَّل اسمها جويرية (ص 1687) وكان يكره أن يقال خرج من عند برّة وهذا يعود إلى المعنى الأوّل. 1004 - وقد يكره لما فيه من التعظيم والكبر كالتسمية بِمَالِكِ الأملاَكِ وقد جاء فيه حديث ذكره مسلم أنّ أخنَعَ اسمٍ عند الله عزّ وجلّ رَجلٌ تسمّى مَلِكَ الاملاك (ص 1688) ومعنى أخنعَ أذَلُّ وأوضعٌ. 1005 - وقوله في بعض طرقه: أغيَظ (ص 1688). مصروف عن ظاهره والباري سبحانه لا يوصف بالغيظ وقد يريد به

ها هنا معنى الغضب وقد تَقَدَّمَتِ الإشارة إلى معنى الغضب والرّحمة وبسطنا القول في إطلاق هذه التّسميات والمراد ما يكون عنها على حسب ما تقدّم بيانه في مواضعه. 1006 - وقوله: يهنأ بعيرا له (ص 1689). قال أبو عبيد: يقال: هَنَأت البعير أهنؤهُ، وأهنئه والِهناء القَطِرَان قال الشاعر. [الكامل] متبَذِّلاً (¬3) تبدو مَحَاسِنُهُ ... يَضع الِهنَاءَ مَواضِعَ النُّقْبِ ومعنى فغرفاه أي فتحه (ص 1689). 1007 - قال الشّيخ: خَرّج مسلم في باب تسمية المولود حديث أنس ابن مالك قال ذهبت بعبد الله بن أبي طلحة الحديث ثم قال نا أبو بكر نا يزيد ابن هَرون أرنا ابن عَون عن ابن سيرين عن أنس بن مالك هكذا في الإسناد ابن سيرين غير مسمّى (ص 1689). وأخرجه البخاري عن مَطَرٍ عن يزيد عن ابن عون عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك فسماّه. ¬

_ (¬3) في (أ) متبدّلاً وهو تحريف.

1008 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أبَا عُمَيْر مَا فَعَل النُّغَير" (ص 1692). قال الشّيخ: فيه جواز الصَّيد في المدينة وقد تقدّم ذكره وجواز التكنية للصّغير ولا يكون كذبا واستعمال التّسجيع في بعض الأحايين. 1009 - قول أبي موسى: إنّ عمر أرسل إليّ أن آتِيَه فأتَيت بَابه فسلّمت ثلاثًا فلم يردّوا علي فرجعت (¬4) وقد قال -عليه السلام- إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذن له فليرجع فقال عمر اقِم عليه البَيّنَةَ وإلاّ أوجَعتكَ (ص 1694). قال الشّيخ الاستئذان مشروع وقد جاء الحديث بكونه ثلاثًا واختلف أصحَابنَا إذا ظنّ أنّه لم يُسمع هل يزيد على هذا العدد فقيل لاَ يزيد عليه أخذا بظاهر الحديث وقيل له ان يزيد عليه لأنّ التكرير المذكور في الحديث قد يكون يراد به الاستظهار في الإعلام فإذا ظنّ أنّه لم يُعْلَمْ به فَلَه الزّيادة. ليُعلم به، وقال بعض أصحابنا هذا إذا كان الاستئذان بلفظ السّلام وأما إذا كانَ أن يستدعيَ رجلا باسمه فلَه أن يدعوَه فوق (¬5) الثلاث. والاستئذان صورته أن يقول السّلام عليكم وهو بالخيار بَين أن يسمى نفسه مع هذا أو يقتصرِ على التّسليم وقد ذكر مسلم في بعض طرقه أنّ أبا ¬

_ (¬4) ها هنا سقط من الحديث في النّسخ كلها، وهو كما في الأصل (فقال ما منعك أن تأتينا فقلت إنيّ أتيتك فسلّمت على بابك فلم يَرُدّوا علي، فرجعت). (¬5) في (أ) قبل الثلاث.

موسى قال السّلام عليكم هذا عبد الله بن قيس السّلام عليكم، هذا أبو موسى السّلام عليكم، هذا الأشعري (ص 1696) فأضاف إلى السّلام تسميته وخالف بين ألفاظها طلبًا للتعريف لئَلاَّ يكون جُهل الأول فعرف بالثاني وكنّى نفسه لعلّه ظن أنَّ به يعرف. وقد تعلّق من ردَّ خَبرَ الواحد بقول عمر لأبي موسى أقم عليه البَيّنة وإلاّ أوجعتك وهذا لا تعلّق فيه لأنّ من يرد خبر الواحد لا يلزمه أن يضرب المخبِّر إذا لم يتبين كذبه وعمر قد تهدّده ها هنا. فقال بعض النّاس إنّما هذا حرص على التّقليل من الخبر عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - ولئلاّ يكون إكثار الثقات سببا لتَقَوُّل الكَذَبَة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لمَ يُقل، وقد رويَ عن عمر -رضي الله عنه- أنّه قال أقلّوا الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا شريككم قيل معناه شريككم في التّقليل. ومما يؤيد أنّه لم يذهب المذهب الذي ذهبوا إليه أنّه قال له في بعض طرق مسلم يا أبا موسى أَوَجَدتَ؟ قال: نعم أبيّ بن كعب قال عَدْل؟ قال يا أبا الطفيل ما يقول هذا قال سمعت النّبيء - صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك يا ابن الخطّاب فلا تكوننّ عذابا على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال سبحان الله إنّما سمعت شيئا فأحببت أن أتَثَبَّت (ص 1696). وقيل: إنّما ذلك لأنّه صار كالدّافع عن نفسه والمعتذر عن فعله فَطلَبَ شهادة غيره. وقوله: ألهْانيِ عنه الصَّفق بالأسواق (ص 1695). قال الأزهري الصَفَّاق الكثير الأسفَار والتصرف في التجارة، قال غيره لعلّهم كانوا يصفِّقون أيديهم عند المبايعة فسمّيت المبايعة بذلك، فيكون المراد ألهاني التَّجر في الأسواق.

1010 - وأمّا الحديث الآخر في المطَّلِعِ من باب النّبيء - صلى الله عليه وسلم -. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَو أعلم أنك تَنظر لَطَعَنت بِهِ في عَينِك." وفي بعض طرقه من اطَّلَع في بَيتِ قَومٍ بِغَير إذنِهِم فقد حلّ لهم أنَ يَفقؤوا عينه، وفي بعض طرقه لو أَنّ رجلاً اطّلع عليك بغير إذن فَحذفتَه بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك من جناح (ص 1698 - 1699). فقد تقدّم الكلام على هذه الأحاديث وذكرنا الخلاف بين العلماء وبين أصحابنا في ضمان العين لو فقِئت على هذه الصّفة عند كلامنا على المعضوض إصبعُه فأندَر ثَنِيَّة العاضّ فيطالَع هناك. وقوله - صلى الله عليه وسلم - ها هنا: فقد حلّ لهم أن يفقَؤوا عينه محمله على أنّه لم ينزجر ولا قَدروا على كفّه عن النّظر إلى عورتهم إلاّ بفعل أدّى إلى ذهاب عينه. 1011 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: يسَلِّم الرّاكب على الَماشيِ والماشي على القاعدِ والقليل على الكثير (ص 1703) (¬6). قال الشّيخ وفّقه الله- ابتداء السّلام سنّة وردّه واجب هذا المشهور عند أصحابنا أو هو من عبادات الكفاية التي فِعل الواحد ينوب فيها عن الجميع ولهذا يجزىء أن يبتدىء من الجماعة واحد وَيَردّ منها وَاحد، وقال أبو يوسف لابدَّ أن تَردَّ الجماعة كلُّها، وإنّما شُرِع سلام الرّاكب على ¬

_ (¬6) جاء في الأصل قبل هذا الحديث كتاب السلام ولم يرد هذا العنوان في أية نسخة.

الماشي لفضل الرّاكب عليه من باب الدّنيا فَعَدَّل الشرع (¬7) بأن جعل للماشي فضيلة أن يبَدَّأ، واحتياطا على الرّاكب من الكبر (¬8) والزَّهو إذَا حاز الفضيلتَين وإلى هذا المعنى أشار بعض أصحابِنَا وإذا تلاقى رجلان كلاهما مَارٌّ في طريق بَدَأ (¬9) الأدنى منهما على الأفضل إجلالا للفضل وتعظيما للخير لأنَّ فضيلة الدّين مرعية في الشّرع مقدمة. وأمّا بدء (¬10) المارّ للقاعد فلم أرَ في تعليله نَصًّا ويحتمل أن يجري في تعليله على هذا الأسلوب. فيقال إنّ القاعِدَ قد يتوقّع شرًا من الوارد عليه أو يوجس في نفسه خِيفةً فإذا ابتدأه بالسّلام آنس إليه، ولأن التصرف والتردد في الحاجات الدنيوية وامتهان النفس فيها ينقص من مرتبة الُمتَصَاوِنين والآخذين بالعزلة تورعا فصار للقاعدين مزيّة في باب الدين فلهذا أمر ببِدَايتهم أو لأنّ القاعد يشقّ عليه مراعاة المارين مع كثرتهم والتشوّف إليهم فسقطت البداية عنه وأمر بها المار لعدم المشقة عليه. وأمّا بداية القليل للجماعة الكثيرة فيحتمل أيضا أن تكون الفضيلة للجماعة، وَلهِذا قال الشَّرع عليكم بالسواد الأعظم، ويد الله مع الجماعة فَأمر ببدايتهم لفضلهم أو لأنّ الجماعة إذا بدؤوا الواحد خيف عليه الكبر والزّهوّ فاحتيط له بأن لا يُبدأ وقد يحتمل غير ذلك لكن ما ذكرناه هو الذي يليق بما قدّمناه عنهم من التّعليل، ولا تحسن معارضة مثل هذه ¬

_ (¬7) في (ب) من باب عدل الشرع. (¬8) في (ب) من العُجْبِ والكبر. (¬9) في (ج) بدر الأدنى منهما الأفضل. (¬10) في (ب) براءة.

التعاليل بآحَادِ مسائل شذّت عنها لأنّ التّعليل الكليّ لوضع الشرع لا يتطلّب فيه ألاّ يشذ (¬11) عنه بَعض الجزئيَّات. 1012 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا سَلَّم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم، وَفيِ بعض طرقه أن اليَهود إذا سلَّموا عَلَيكم يقول أحدهم السّام عليكم فقولوا وعليك (ص 1705 - 1706). قال الشّيخ وفّقه الله: اختار بعض النّاس في الردّ أن يقول عليك بغير واو ورأى أنّ إثبات الواو يفيد إثباته على نفسه حتى يصِحَّ العطف عليه، وقاله ابن حبيب من أصحابنا ووقع لغيره من أصحابنا إثبات الواو في الردّ وهكذا وقع في كتاب مسلم إثباتها إلاّ في بعض طرقه في ردّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنّه قال قلت عليكم وفي بعض طرقه قلت وعليكم، والانفصال عما قاله ابن حبيب أن تكون الواو للاستئناف لا للعطف والتّشريك بين الأوّل والثاني، واستعمالها للإستئناف كثير فاستعملت له ها هنا، واختار بعضهم أن يردّ عليهم السِّلام بكسر السِّين وهي الحجارة قال القاضي عبد الوهاب والأوّل أَوْلىَ لأنّ السنة وردت بما ذكرناه، ولأن الردّ إنّما يكون بجنس المردود لا بغيره. وقد تعلّق بعض النّاس في إباحة لفظ السلام بقوله سبحانه وتعالى {سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي} (¬12) وبقوله عزّ وجلّ {وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} (¬13)، والجواب عن هذا أنّه لم يقصِد بهذا التّحيّةَ وإنّما ¬

_ (¬11) جاء ما قبل هذه الكلمة ممحوًّا في (أ) وفي غيرها محرّفًا. (¬12) 47 - مريم. (¬13) 89 الزّخرف، قرىء تعلمون بالياء والتاء.

قصد المبَاعَدَةَ والُمتَاركَةَ ولهذا قال بعض النّاس في قوله جلّت قدرته (وقل سلام فسوف تعلمون) إنهّا منسوخة بآية السيف لمَّا كان القصد بها المتَارَكَةَ. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اجتَنِبوا مجَالِسَ الصُّعُدَاتِ" (ص 1703). قال أبو عبيد: هي الطّرق مأخوذ من الصَّعيد وهو التّراب وجمعه صُعُد ثم صُعُدَات جمع الجمع مثل طريق وطرق ثم طرقَات (¬14). 1013 - قال الشّيخ أيّده الله: خرّج مسلم في باب النّهي عن الجلوس في الطرقات: "حدثنا سويد بن سَعِيد نا حفص بن ميسرَة عن زَيد بن أسلم الحديث ثم أردفَ عليه حدثنا يحي بن يحي نا عبد العزيز بن محمد الحديث ونا محمد بن رافع نا ابن أبي فُدَيك عن هشام بن سعد كلاهما عن زيد بن أسلم هكذا روى الرَازي عن الجلودي (ص 1704) (وأمّا السّجزيّ فلم يتكرر عنده ولا عند ابن ماهان ولا غيرهما ثم تكررت عند الجلودي) (¬15) والكسائي في مواضع أخر من كتاب الأدب فذكرا حديث (¬16) سويد ثم أعقبا بعده فقالا حدّثنا يحي بن يحي حدثنا عبد الله ابن يزيد عن زيد فجعلا مكان عبد العزيز بن محمد عبد الله بن يزيد قال بعضهم والصواب ما تقدم وكذلك خرّجه الدِّمشقِي في كتاب الأطراف عن ¬

_ (¬14) (ج) و (هـ). وطرقات. (¬15) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬16) في (أ) أحاديث.

يحي بن يحي عن عبد العزيز وكذلك رواه ابن ماهان في الموضعين معا لم يكن عنده فيه خلاف. 1014 - وقوله: "السام عليك" (ص 1706). هو الموت ومنه الحديث الآخر (لكل دَاءٍ دَوَاء إلا السَّامَ قيل: يا رسول الله وما السَّام قال: الموت). 1015 - قوله في سَوْدَةَ: "تَفْرَع النِّسَاءَ" (ص 1709). يعني تطولهن يقال فرعت (¬17) القوم أي طُلْتُهُم. 1016 - وقوله يعني البَرَاز (ص 1709). بفتح الباء والعامّة تغلط فيه فتكسر الباء وكسر الباء إما يستعمل في المبارزة والبَراز بفتح الباء هو المكان الظّاهر الواسع. 1017 - قوله: "كنَّ يخرجن إذا تَبَرَّزْنَ إلىَ المناصِع" (ص 1709). وهو صعيد أفيح قيل هي المواضع التي يتخلىّ فيها لبول وحاجة، الواحد مَنْصَعٌ. ¬

_ (¬17) في (أ) فَرعت كانها فرحت.

1018 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الَحمْوُ الموت" (ص 1711). قال أبو عبيد: يقول. فَلْتَمُتْ ولا تفعل ذلك فإذا كان رأيه هذا في أبي الزّوج وهو محرَم فكيف بالغريب وقال ابن الأعرابي: هذه كلمة تقولها العرب كما تقول الأسد الموت أي لقاؤه مثل الموت، قال الأصمعي الأحماء من قبل الزوج والاختان من قِبَل المرأة. 1019 - قوله في ابنَةِ غَيلان إِنهّا تقبِل بأربع وتدبر بثمان (ص 1715). قال أبو عبيد يعني أَرْبَعَ عُكَنٍ في بطنها تقبل بهنّ ولهن أطراف أربعة من كلّ جانب فتصير ثمانية تدبر بهن (¬18) وإنّما أنّث فقال بثمان ولم يقل بثمانية، وواحد الأطراف طَرَف وهو مذكّر لأنّه لم يذكرها فلو ذكر الأطراف لم يجد بدّا من التَّذكير، وهذا كقولهم هذا الثوب سبع في ثمان والثمان يراد بها الأشبار فلم يذكرها لما لم يأتِ بِذِكرِ الأشبار والسّبع إنّما تقع على الأذرع فلذلك أنّث والذّراع أنثى، ووجه دخول المخنَّثِ على أزواج النّبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه يمكن أن يكون عند النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير أولى الإربَة فلماّ وَصَفَ هذا عَلِمَ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه ليسَ من أولئك فأمر -عليه السّلام- بإخرَاجه ألا تراه يقول ألا أرى هذا يعرف ما ها هنا. 1020 - قوله: إذا كنتم ثَلاثَةً فَلا يتناجى اثنَانِ دون الآخر حتى يختَلِطوا بالنَّاسِ من أجلِ أنَّه يحُزِنه (ص 1717). ¬

_ (¬18) في (أ) كأنّه تدبرهن.

قال الشيّخ وفّقه الله وكذلك الجماعة عندنا لا يَتَنَاجَونَ دون الواحد لوجود العلّة في ذلك لأنّه قد يقع في نفسه أنّ الحديث عنه بما يكره (¬19) وأنّه لم يَرَوه أهلا لإطلاعه على ما هم عليه ويجوز إذا شاركه جماعة لأنّه يزول الحزن عنه بالمشاركَة ¬

_ (¬19) في (أ) ثم أنكره.

كتاب الطب

كتاب الطّب (¬1) 1021 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "العَين حَقُّ ولو كان شيء سَابَقَ القَدَرَ سَبَقَته العَين وإذا استغسِلتم فاغسلوا" (ص 1719). قال الشّيخ وفّقه الله: بظاهر (¬2) هذا الحديث قال أهل السنّة والجمهور من علماء الأمّة وقد أنكره طوائف من المبتدعة والدّليل على فساد ما قالوه أنّ كل معنى ليس بمحال في نفسه ولا يؤدّي إلى قلب حقيقة ولا إفساد بدليل (¬3) فَإنَّه من مُجَوَّزَات العقول فإذا أخبر الشّرع بوقوعه فلا معنى لتكذيبه وهَل فَرق بين تكذيبه في هذا إذا ثبت جوازه وبين تكذيبه فيما ¬

_ (¬1) هذا العنوان انفردت به (ج). (¬2) بظاهر ساقط من (ج). (¬3) في (ج) ولا إفساد دليل وفي (هـ) ولا فساد دليل.

يخبر من أخبار الآخرة؟ وقد زعم بعض الطّبائعيين المثبتين لما أثبتناه من هذا أنّ العائن تنبعث من عينه قوّة سُمِّيَة تتّصل بالمعيون فيهلك أو يفسد قالوا: لا يستنكر هذا كما لا يُستنكر انبعاث قوّة سميّة من الأفعى والعَقرب تتصل باللّديغ فيهلك وإن كان ذلك غَيَر محسوس لَنا فكذلك العين، وهذا عندنا غير مسلّم لأنّا بيّنا في كتب (¬4) علم الكلام ان لا فاعل إلاّ الله تعالى وَبيَّنَّا إفساد القول بالطّبائعِ وبَيَّنا أن المحدَث لا يفعَل في غيره شيئا وهذه الفصول إذا تقرّرت لم يكن بنا حاجة معها إلى إثبات ما قَالوه، ونقول هل هذا المنبعث من العين جوهر أو عرض فباطل أن يكون عرضًا إذ العرض لا ينبعث ولا ينتقل وَبَاطل أن يكون جوهرا إذ الجواهر متجانسة فليس بعضها أن يكون مفسدا لبعض أولى من أن يكون الآخر مفسدا له فإذا بطل كونه عرضا أو جوهرا مفسدا على الحقيقة بطل ما يشيرون إليه. وأقرب طريقة يسلكها من ينتحل الإسلام منهم أن يقول: غير بعيد أن تنبعث جواهر لطيفة غير مرئيّة من العين فتتّصل بالمعيون وتتخلّل مسامَّ جسمه فيخلق الباري عزّ وجلّ الهلاك عندها كما يخلق الهلاك عند شرب السُّموم عادةً أجراها الله سبحانه وتعالى لا ضرورة وطبيعة ألجأ العقل إليها. وهكذا مذهب أهل السنّة أن المعيون إنما يَفسد أو يهلك عند نظر العائن بعادة أجرَاها الله سبحانه أن يخلق الضرر عند مقابلة شخص لشخص آخر، وهل ثَمَّ جواهر تخفى أم لا من مجوزات العقول والقَطع ¬

_ (¬4) في (ب) في كتاب.

إنما يختص بنفي الفعل عنها وبإضافته إلى الله سبحانه، فمن قطع من الأطباء المنتحلين للإسلام على انبعاث الَجواهر بلابدّ فقد أخطأ في قطعه وإنّما التّحقيق ما قلناه من تفصيل موضع القطع والتّجويز، هذا القدر كاف فيما يتعلق بعلم الأصول. وأمّا ما يتعلّق بعلم الفقه فإنّ الشرع ورد بالوضوء له في حديث سهل ابنِ حنَيفٍ لمّا أصيب بالعين عند اغتساله فأمر - صلى الله عليه وسلم - عائنه أن يتوضأ خرّجه مالك -رضي الله عنه- في الموطأ، وصفة الوضوء للعائن عند العلماء أن يؤتى بقَدحٍ من ماء ولا يوضع القدَح في الأرض فَيَأخذ منه غرفَةً فَيتَمَضمَض بها ثم يمجّها في القَدَح ثم يَأخذ منه ما (¬5) يغسل به وجهه ثم يأخذ بشماله ما يغسل به كفّه اليمنى ثم بيمينه ما يغسل به كفّه اليسرى ثم بشماله ما يغسل به مرفقه الأيمن ثم بيمينه ما يغسل به مرفقه الأيسر ولا يغسل ما بَين المرفقين والكفّين ثم قدمه اليمنى ثم اليسرى ثم ركبته اليمنى ثم اليسرى على الصّفة المتقدّمة والرّتبة المتقدّمة وكل ذلك في القَدَحِ ثم دَاخِلة إزاره وهو الطرف المتدلّي الذي يلي حَقوَه الأيمن، وقد ظنّ بعضهم أنّ داخلة الإزار كناية عن الفرج، وجمهور العلماء على ما قلناه فإذا استكمل هذا صبّه خلفه من على رأسه وهذا المعنى مما لا يمكن تعليله ومعرفة وجهه وليس في قوّة العقل الاطلاع على أسرار المعلومات كلّها فَلا يَدفَع هَذَا أن لا يُعْقَلَ معناه. وقد اختلف في العائن هل يجبر على الوضوء للمعيون أم لا؟ واحتجّ من قال بالجبر بقوله في الموطأ توضّأ له، وبقوله في مسلم إذا استغسِلتم ¬

_ (¬5) في (ج) مَاءً.

فاغسِلوا وهذا أمر يحمل على الوجوب ويتَّضِح عندي الوجوب ويبعد الخلاف فيه إذا خُشي على المعيون الهلاك. وكان وضوء العائن مما جرت العادة بالبرء به أو كان الشرع أخبر به خبرا عامّا ولم يمكن زوال الهلاك عن المعيون إلا بوضوء هذا العائن فإنه يصير (¬6) من باب من تعين عليه إحياء نفس مسلم وهو يجبر على بذل الطّعام الذي له ثمن ويضرّ بذله فكيف هَذا مما يرتفع الخلاف فيه (¬7). 1022 - قوله: "سَحَر رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رَجل يهَودِيّ الحديث" (ص 1719). قال الشّيخ -وفّقه الله- أهل السنة وجمهور العلماء (من الأمة) (¬8) على إثبات السّحر وأن له حقيقةً كحقائق غيره من الأشياء الثابتة خلافا لمن أنكره ونَفَى حقيقته وأضاف ما يتّفق منه إلى خَيَالاتٍ باطلةٍ لا حقائق لها، وقد ذكره الله سبحانه في كتابه العزيز وذكر أنّه مما يتَعَلَّم، وذكر ما يشير إلى أنّه مما يكفَّر به وأنّه يفَرَّق به بين المرء وزَوجِه وهذا كلُّه مما لا يمكن أن يكون فيما لا حقيقة له وكيف يتعلّم ما لا حقيقة له. وهذا الحديث أيضا فيه إثباته وأنّه أشياء دفنت وأخرجت وهذا كلّه يبطل ما قالوه. والّذي يُعرَف بالعقل من هذا أن إحالة كونه من الحقائق محال وغير ¬

_ (¬6) - في (ب)، (هـ) فيصير. (¬7) - في (ب) فكيف بهذا هذا مما يرفع الخلاف فيه. (¬8) ما بين القوسين ساقط من (ب).

مستنكر في العَقل أن يكون الباري سبحانه يخرق العادات عند النّطق بكلام ملفّقٍ أو تَركِيبِ أجسَامٍ أو المزج بين قوًى على ترتيبٍ مالا يعرفه إلاّ السّاحر ومن شاهد بعض الأجسام منها قتّالة كالسّموم ومنها مسقّمة كالأدوية الحادّة، ومنها مصحّة كالأدويةِ المضادّة للمرض لم يبعد في عقله أن ينفرد السّاحر بعلم قوًى قتّالة أو كلام مهلك أو مؤدّ إلى التّفرقة. وقد أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث من طريق ثابتة (¬9) وَزَعَموا أنّه يحطّ مَنصِب النُّبوة ويشكّك فيها وَكلُّ مَا أدَّى إلى ذلك فهو بَاطل وزَعَموا أن تجويز هذا يعدم الثقّة بما شرعوه من الشرائع ولعله يتخيل إليه جبريل -عليه السلام- ولَيس ثمّ ما يراه أو أنّه أوحى إليه وَمَا أوحِيَ إلَيه وهذا الذي قالوه باطل وذلك أنّ الدّليل قد قام على صدقه فيما يبلّغه عَنِ الله سبحانه وعلى عصمته فيه والمعجزة شاهدة بصدقه وتجويزُ ما قام الدّليل على خلافه باطل، ومَا يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث بِسَبَبِهَا ولا كان رسولا مفضّلا من أجلِهَا هو في كثير منه عرضة لما يعتِرض البشَر فَغير بعيد أن يخيّل إليه في أمور الدّنيا ما لا حقيقة له، وقد قال بعض النّاس إنَّما المراد بالحديث أنّه كان يخيّل إليه أنه وطِىءَ زوجاتِهِ وليس بواطىء وقد يَتَخَيَّل في المنام للإنسان مثل هذا المعنى ولا حقيقة له فلا يبعد أن يكون - صلى الله عليه وسلم - يَتَخَيَّله في اليقظة وإن لم يكن حقيقةً وقال بعض أصحابنا يمكن أن يكون يُخيَّل إليه الشيء أنّه فعله وما فعله ولكنه لا يعتقد ما تخيّله أنّه صحِيح فتكون اعتقاداته كلّها على السَّداد فلا يبقى لاعتراض الملحد طريق وإذا ثبت السّحر فاختلف النّاس في القدر الذي يقع عن السّحر ولهم في ذلك اضطراب كثير، وقد رأيت بعض النّاس ذهب إلى أنّه لا يبلغ الأمر فيه ¬

_ (¬9) في (أ) و (ب) ثانية.

إلى غريبة (¬10) تربيِ على التَّفرقة بين المرء وزوجه وَذَكَر أنّ الله سبحانه إنّما ذكر ذلك تعظيما لما يكون عنه وتهويلا له في حقّنا فلو كان يقع عنه ما هو أعظم منه لذكره إذ لا يضرب المثل عند المبالغة إلاّ بأعلى أحوال المذكور ومذهب الأشعريّة أنه يجوز أن يقع عنه ما هو أكثَر من ذلك والذي قالته الأشعرية هو الصّحيح عقلا وإذا قلنا أن لا فاعل إلاَّ الله سبحانه وإنّما يقع من ذلك عادة أجراها تعالى فلا تفترق الأفعال في ذلك وليس بعضها أولى من بعض وهذا واضح لكن إن ورد السّمع بقصوره عن مرتبةٍ ما وجب اتباع السمع في ذلك، وسمع قاطع يوجب الاقتصار على ما قاله من حكينا قوله لا يوجد. وذكر التّفرقةِ بين الزّوجين ليس بنصّ جليّ فيما قاله ولكنّه إنّما يبقى النّظر في كونه ظاهرا والمراد في المسألة القطع فلهذا لم نشتغل ها هنا (¬11) بتحرير ما تعلّق به من الآية. فإن قيل إذا جَوّزت الأشعرية خرق العادة عَلىَ يدي السّاحر فبماذا يتميّز من النبيّ الصادق قيل: العادة تنخرق على يد النّبي وعلى يدِ الوليّ وعلى يَدِ السّاحر إلاَّ أن النبيّ يتحدَّى بها ويستعجز سائر الَخلق ويحكي عَنِ الله سبحانه خرقَ العادة لتصديقه فلو كان كاذبًا لم تخرق العادة على يديه ولو خرقها لأظهر على يد غيره من المعارضين له مثلَ ما أظهر على يده، والوليّ والسّاحر لا يتحَدَّيان ولا يستعجزان الخليقة ليستدلاّ على صدقهم وعلى نبوّتهم (¬12) ولو حاولوا أشياء من ذلك لم تنخرق لهم العادة أو تنخرق ولكنّها تنخرق لمن يعارضهم، وَأمّا الوليّ والسّاحر فإنهّما يفترقان من طريق أخرى وهي أنّ السّاحر يكون ذلك عَلَما على ¬

_ (¬10) في (أ) غريبة بحذف إلى. (¬11) - في (ب) و (ج) لم يشتغل. (¬12) في (ج) وعلى ثبوتهم.

فِسقه وكفره والوليّ لا يكون علما على ذلك فيه فافترق حال الثلاثة بعضِهم من بعض، والسّاحر أيضا يكون ذلك منه عن أشياء يفعلها وقوًى يمزجها ومعاناة وعلاج. والوليّ لا يفتقر إلى ذلك وكثير ما يقع له ذلك بالاتفاق من غير أن يستدعِيَه أو يشعر به، هذا القدر كاف فيماَ يَتعلَّق بعلم الأصول من المسألة. وأما ما يتعلّق بعلم الفقه فالسّاحر عندنا إذا سحَر بنفسه قتِل فَإن تَاب لمَ تقبَل توبته خلافا للشّافعي وهذه المسألة مبنية على الخلاف في قبول توبة الزِّنديق لأنّه مُسِرٌّ لما يوجب قتله كالسّاحر، وإنّما قلنا إنه يقتل على الجملة لأنّ من عمل السِّحر وعلَّمه فقد كفر والكافر يقتل قال الله تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (¬13) فإذا ثبت كونه كفرا (¬14) وجب القتل به، قال بعض أصحابنا وقد قال تعالى: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} (¬15) يعني باعوها وبيعه لنفسه يتضمّن قَتلَه وقال الشّافعي: إنْ عَمِل السِّحرَ وقال به سئِل فإن قال تعمّدت القتل به قتل وإن قال لمَ أتعمّد القتل به كانت فيه الديّة، وإذا ثبت أنه كافر استغني عن هذا التّفصيل الذي قاله الشافعي. 1023 - قوله: "مَا وَجَعُ الرَّجلِ؟ قال: مطْبُوبٌ" (ص 1720). المطبوب المسحور، قال: طُبَّ الرّجل إذا سُحر (فكنّي بالطبّ عن السّحر) (¬16) كما كَنَّوا بالسّليم عن اللّديغ، قال ابن الأنباري الطبّ حَرْف ¬

_ (¬13) 102 البقرة. (¬14) في (ج) كافرا وجب القتل له. (¬15) 102 البقرة. (¬16) ما بين القوسين ساقط من (ب).

من الأضداد يقال لعلاج الدّاء طبّ، وللسّحر طبّ، وهو من أعظم الأدواء ورجل طبيب حاذق، سمّي طبيبًا لفطنته وحذقه. 1024 - وقوله "في مشَاطَةِ" (ص 1720). الُمشاطة الشَّعر الذي يسقط من الرّأس، واللّحية عند التَّسريح بالمشط. 1025 - وقوله "في جُفِّ طلعَة ذَكَرٍ (ص 1720). الجُفُّ وعاء الطَّلع وهو الغِشاء الذي عليه ويروى جُبُّ طلعَةٍ أي في جوفها قال شمِر أراد بالجبّ داخلها اخرج عنها الُجفُرَّى كما يقال لداخل الركيّة من أسفلها إلى أعلاها جبٌ. 1026 - قولها: "كان -عَليه السلام- يَأمرنيِ أن استرَقِيَ من العَيِن" (ص 1725). قال الشّيخ -وفّقه الله- ذكر أحاديثَ في الرّقي وذكر ما رَقى به النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وجميع الرّقى عندنا جائزة إذا كانت بكتاب الله عزّ وجلّ وذِكرِ الله وينهى عنها بالكلام الأعجمي ولا مالا يعرف معناه لجواز أن يكون فيه كفر أو إشراك وقد كره مالك أن يحلف بالأعجميّة وقال وما يدريه أن الذي قال؟ كما قال. وأمّا رقية أهل الكتاب فاختلف فيها وأخذ مَالك بكراهيتهما على أنه رَوَى في موطّئه عن الصّديق -رضي الله عنه- أنّه أمر الكتابيّة التي وجدها

ترقي أن ترقي بما في كتابها، ولعلّ مالكًا -رحمه الله- رأى أن التّبديل لما دخلها خيف أن تكون الرقية بما بدّل منه مما ليس بكلام الله سبحانه، ويكون المجيز لذلك رأى أن التبديل لم يأت عليها ولعلّهم لم يبدلوا مواضع الرّقى منها إذ لا منفعة لهم في ذلك. وقد قال في كتاب مسلم لا بأس بالرقي ما لم يكن فيها شرك وذكر مسلم أيضا في بعض طرقه أنّه - صلى الله عليه وسلم - أتاه رجل فقال: يا رسول الله إنك نهيت عن الرّقي وأنا أرقي من العقرب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل (ص 1726). فيحتمل أن يكون النّهي كان ثابتا ثم نسخ أو يكون كان النهي لأنهّم كانوا يعتقدون منفعتها بطبيعة الكلام كما كانت تعتقد الجاهلية فلماّ استقرّ الحق في أنفسهم وارتاضوا بالشّرع أباحها لهم مع اعتقادهم أنّ الله هو النّافع والضّار أو يكون النهي عن الرُّقَى الكفريّة (¬17). ألا تراه يقول للّذي قال له: نهيت عن الرقي قال: فعرضوها عليه - صلى الله عليه وسلم - فقال ما أرى بأسا (ص 1727). وقد وقع في بعض الأحاديث (لاَ رقية إلاَّ من عَيِن أو حُمَةٍ) ص 1724) وهذا تأوَّله أهل العلم على أنّه لم يرد به نفي الرُّقَى عما سواهما لكن المراد به لا رقية أحق وأولى من العين (¬18) والحمَة. وقد وقع قي بعض الأحاديث (أنه سئل عن النّشَرة فأضافها إلى الشَّيطَانِ). ¬

_ (¬17) - في (ج) بالكفرية. (¬18) في (أ) من الحين.

والنَّشرة أمر معروف عند أهل التّعزيم وسمّيت بذلك لأنها تنشر عن صاحبها أي تخُليِّ عنه (¬19) وقال الحسن هي من السّحر ومحمل هذا على أنهّا أشياء خارجة (¬20) عن كتاب الله وعن ذكره، وعن المداواة المعروفة التي هي من جنس الطبّ المباح ولعلّها ألفاظ لا تجوز واستعمال بعض الأجساد على غير جهة صناعة الطبّ والتداوي بل على حسب ما كانت تعتقده الجاهلية من إضافة الأفعال لذوات هذه الأشياء وقد رأيت بعض المتقدّمين مالَ في حلّ المعقودين (¬21) إلى نحو من هذه الطريقة وإن كان البخاري حكى عن سعيد بن المسيّب أنّه قيل له: رجل به طبّ أو يؤَخَّذ عن امرأته أيحل له ان يُنْشِر؟ (¬22) قال: لا بأس به وإنما يريدون به الإصلاح فأمّا ما ينفع فلم ينه عنه. قوله: "من كلِّ ذِي حمُةٍ". والحمة بضمّ الحاء وفتح الِميم وتخفيفها السمّ. والنّملة قروح تخرج في الجنب، قال ابن قتيبة وغيره كانت المجوس تزعم أنّ ولد الرّجل من أخته إذا خطّ على النّملة شفِى صاحبها، ومنه قول الشاعر. [الطويل] ولاَ عَيْبَ فِينَا غَيَر عِرْقٍ لِمَعْشَرِ ... كِرَامٍ وَإنَّا لاَ نَخطُّ عَلىَ النَّملِ ¬

_ (¬19) في (ب) و (ج) تجلى عنه. (¬20) في (ب) على أنها شيء خارج. (¬21) في (أ) حل العقود. (¬22) في (ب) و (ج) أو يُنشر.

1027 - قوله: "مَا كنَّا نَأبِنُهُ بِرُقيَةٍ" (ص 1728). أي مَا كنَّا نَتَّهِمه بها قال الهروي وفي حديث أبي الدَّرداء نُؤبَن بِماَ لَيس فِينا أي نُتَّهَم يقال: أبَنت الرّجل أَبِنُه وأُبنه إذا رميتَه بِخَلَّةِ سَوءٍ وقال ابن الأنباري ورجل مأبون أي معيب والأُبْنَةُ في كلام العَرَب العَيب ومنه قولهم عُود مَأبون إذا كانت فيه أُبنة وهي العقدة يعاب بها وتفسده قال الأعشى: [المتقارب] سَلاَجم كَالنَّخل أَلبَستُهَا ... قَضِيبَ سَرَاء (¬23) قَلِيلَ الأبن السَّلاجِم النّصال العِراض وقال غيره: يقال: أبَنْت الرَّجلَ بخَير أو شَرِّ إذا قَرفتَه بِه. 1028 - قولها: "وأَخرِز غَرْبه" (ص 1716). الغَرب بفتح الغين وإسكان الرَّاء الدّلو العظيمة وأمّا الغَرَب بفتح الرّاء فهو الماء السّائل بين البِئر والَحوض. ¬

_ (¬23) في (ج) قضيب سَوَاءٍ.

1029 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لكلّ دَاءٍ دَوَاء فإذَا أصيبَ دَوَاء الدَّاءِ بَرَأَ بإذن الله"، وذكر في حديث آخر قال - صلى الله عليه وسلم - إن كان في (شيءٍ من) (¬24) أدوِيَتكم خَير فَفِي شرطة محِجَم أو شرْبَةٍ من عَسَل أو لَذعَةٍ بِنارٍ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ما أُحِبُّ أن أكتَوِيَ، وذكر في حديث آخر رمِيَ سَعد بن معَاذٍ -رضي الله عنه- في أكحَلِهِ فَحَسَمَه النَّبِيء - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِه بِمِشْقَصٍ ثم وَرِمَت فَحَسَمَه الثَّانيَة، وفي طريق أخرى رمِي أبَيُّ بن كَعبٍ يَوم الأحزاب على أكحَلِهِ فكَوَاه - صلى الله عليه وسلم -، وذكر في حديث آخر الحمَّى من فَيح جَهَنَّمَ فاطفِؤوهَا بالَماء، وذكر في حديث آخَرَ فَدَخَلتُ عَلَيه بِابنٍ لي وَقَد أعلَقت عليه مِن العُذرَةِ فقال: عَلاَمَ تدغَرنَ أولاَدَكنَّ بهِذا العِلاق عَليكنَّ بَهِذا العودِ الِهندِيّ فَإِنَّ فيه سَبعَةَ أشفِيَة منها ذَات الَجنْبِ يُسعط من العذرَةِ وَيُلَدُّ من ذَاتِ الَجنب. وفي بعضِ طرقِه قال: "يونس أعلقت غَمَزت فَهيَ تَخَاف أن يكون به عُذرَةٌ فقال - صلى الله عليه وسلم - عَلاَمَ تَدغرن بهذه الأعلاقِ عليكم بهذا العودِ الهندِيّ يَعنِي به الكُسْتَ فإنَّ فيه سَبعة أشفيَةٍ منها ذات الجنب. وَذَكَرَ في حَدِيثٍ آخَرَ أنَّ في الَحبَّةِ السَوداء لَشِفَاءً (¬25). من كلّ دَاء إلاّ السَّام، والسَّام الموت، والحبَّة السَّودَاء الشونيز، وفي حديث آخر عن عائشة -رضي الله عنها- إذا مَات الَميِّت مِن أهلِها وَتَفَرَّقَ النِّسَاء إلاَّ أهلَهَا وَخَاصَّتَهَا أَمَرَت بِبرمَةٍ من تلبينةٍ ئم صُنع ثَرِيد فَصُبّتِ التَلبينة عليها ثم قالت كلن مِنهَا فإني سمِعت النَّبيء - صلى الله عليه وسلم - يقول التَّلبينة مُجِمَّةٌ لفؤاد الَمرِيض تُذهِب بَعضَ الحزن، وذَكَر في حديث آخَرَ قال رجل يَا رسول الله إنَّ أخي اسْتَطلَق بَطنه فقال - صلى الله عليه وسلم - اسقِهِ عَسَلاً فسقاه ثم جَاءَه فقال: إني سَقَيته فَلَم يَزِد إلاَّ استطلاَقًا فَقَال له ثَلاثَ مَرّاتٍ ثم جَاءَه الرَّابِعَة فقال اسقِهِ عَسلا فَقَال لَقَد سقيته فَلَم يزِده ¬

_ (¬24) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬25) في (ب) شفاء من كلّ داء.

إلاَّ استطلاقًا فَقَال - صلى الله عليه وسلم - صَدَقَ الله وَكَذَبَ بَطن أخِيكَ فسقاه فَبَرَأ (ص 1729 الى 1736). قال الشّيخ -وفّقه الله-: ذكر ها هنا هَذِه الفصول من الطّبِّ والعِلاَج وقد وقع في بعضها تشنيع ممن في قَلبِه مرض ومن ناشئة المتلاعبين من يلهج بذكر هذه الأحاديث استهزاءً ويقول الأطبّاء (مجمعون على أنَّ العَسَل مسَهِّل فكَيفَ يوصف لمن به الإسهال ما يسَهِّل (¬26) ويقولون الأطبَّاء أيضا مجمعون على أنَّ استعمال المحموم الاغتسال بالماء البارد خَطَر وقرب من الهلاك لأنه يجمع الَمسَامَّ ويحقن (¬27) البخارَ المتَحَلّل ويعكس الحرارَة لِداخل الجسم فيكون ذلك سببا للتلف، وكذلك أيضا يقولون: إنّ الأطبَّاء ينكرون مداواة ذات الجَنبِ بالقسط مع ما فيه من شدّة الحرارة والحرافة ويرون ذلك خطرا وهذا الذي قالوه جهالة وهم فيها كما قال الله سبحانه {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} (¬28) ونحن نبدأ بقوله - صلى الله عليه وسلم - فيِ الحديث الأوّل لكل دَاءٍ دواء فإذا أصَبتَ دَوَاء الدَّاءِ بَرَأ بإذن الله فهذا فيه تنبيه حَسَن وذلك أنه قَد علم أن الأطبّاء يقولون إن المرض خروج الجسم عن المجرى الطبيعي والمداواة ردّه إليه وحفظ الصحّة بقاؤه عَلَيه فحفظها يكون بإصلاح الأغذِيةِ وغيرها وردّه يكون بالموافق من الأدوية المضادّة للمرض، وبقراط يقول الأَشياء تداوى بأضدادها ولكن تَدقّ وَتغمض حقيقة الَمرض وحقيقة طبع العَقَّارِ والدواء المرَكَّب فتقلّ الثقة بالمضادّة التي هي الشّفَاء ومن ها هنا يقع الخطأ من الطّبيب فقد يظنّ العلّة عَن مادة ¬

_ (¬26) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬27) في (أ) يحفن بالفاء. (¬28) 39 يونس.

حارة وتكون عن غير مادّة أصلا، أو عن مَادّة باردة أو حَارّة دون الحرارة التي قدَّر فلا يكون الشفاء فَكَأنَّه - صلى الله عليه وسلم - تلافى بآخر كلامه ما قد يعَارض به أوّله بأن يقال لكلّ داء دواء، ونحن نجد كثيرا من المرضى يداوون فلا يَبْرَؤُونَ فنبَّه على أنَّ ذلك لفقد العلم بحقيقة المداواة لا لفقد الدّواء، وهذا تتميم حسن في الحديث وما قلناه واضح حتى نظمه الشعراء فقالوا: [الكامل] والنّاس يَلْحَوْنَ الطِّبيب وإنّما ... غَلَطُ الطَّبِيبِ إصَابَةُ الِمقدَارِ وأمّا الحديث الآخر وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - إن كان في شيء من أدويتكم خَير فَفِي شرَطَة محِجَم أو شرْبةٍ من عَسَلٍ أو لَذعَةٍ بِنَارٍ. فإنّ هذا مِنَ البَديع عند من عَلِمَ صِنَاعَةَ الطّبِّ وذلك أنّ سائر الأمراض الامتلائِيَّة إنّما تكون دمويّة أو صفراوية أو سوداوية أو بلغمية، فإن كانت دمويّة فشفاؤها إخراج الدَّم وإن كانت من الثّلاثة الأقسام الباقية فشفاؤها بالإسهال بالمسهِل الذي يليق بكلّ خلط منها؛ فكأنّه - صلى الله عليه وسلم - نبّه بالعَسَل على المسهلات وبالحجامة على الفصد ووضعِ العَلَق وغيرهما مما (¬29) في معناهما وقد قال بعض النّاس بأن الفَصد (¬30) قد يدخل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: شرطة محجم، وإذا أعيا الدواء فآخِر الطب الكَيُّ فذكره - صلى الله عليه وسلم - في الأدوية لأنه يستعمل عند غَلَبةِ الطباع لقُوَى الأدوِيَةِ وحيث لا ينفع ¬

_ (¬29) مما ساقطة من (ج). (¬30) في (أ) القصد بالقاف وهو تحريف.

الدّواء المشروب فيجب أن يتأمَّلَ ما في كلامه صلوات الله وسلامه عليه من هذه الإشارات. وتعقيبه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: لا أحبّ أن أكتويَ إشارة إلى أن يؤخَّر العلاج به حتى تدفع الضرورة إليه ولا يوجد الشفاء إلاَّ فيه لما فيه من استعجال الألم الشديد في دفع ألم قد يكون أضعفَ من ألم الكيّ. ثم نعود إلى الانفصال عما طعنت به الملحدة من المطاعن التي ذكرناها عنهم. فنقول قَلَّ ما يوجد في عِلمٍ الافتقار إلى التَّفصِيل مثلَ ما يوجد في صناعة الطبّ حتى أنَّ الَمريض يكون الشيء دواؤه في هذه الساعة ثِم يعود داءً في السّاعة التى تليها لعارض يعرض له من غَضَبٍ يحُمي مِزاجه فينتقل علاجه، أو هَواءٍ يتغيرّ ينقل علاجه إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرةً فإذا وجد الشّفاء بشيءٍ ما في حالةٍ ما فلا يطلب به التشفّي (¬31) في سائر الأحوال في سائر الأشخاص، والأطبّاء مجمعون على أنّ المرض الواحد يختلف علاجه باختلاف السنّ والزَّمن والعادة والغِذَاء المتقدّم والتدبير المألوف وقوّة الطِّباع، فإذا أحطت بهذا علماً فينبغي أن تعلم أنَّ الإسهال يعرض من ضروب كثيرة لو كان كتابنا هذا كتاب طبّ لذكرناها لكن منها الإسهال الحادث من التّخم والهيضات والأطبّاء مجمعون في مثل هذا على أنّ علاجه بأن تترك الطّبيعة وفعلَها وإن احتاجت الى معين على الإسهال أعينت مادامت القوّة باقية، فأما حبسها فضرَر عندهم ¬

_ (¬31) في (ب) و (ج) الشفاء.

واستعجال مرضٍ فإذا وضح هذا قلنا يمكن أن يكون هذا الذي أصابه الإسهال أصابه من امتلاءٍ وهيضة على حسب ما قلنا فدواؤه تركه والإسهالَ أو تَقوِيَته فَأَمره - صلى الله عليه وسلم - بِشربِ العسَل [فزاده فزاد منه فزاده إلىَ أن فنيت المادّة فوقف الإسهال فيكون الِخلط الَّذي كان بالرّجل يوافق فيه شرب العسل] (¬32) فإذا خرج ذلك على صناعة الطبّ فإنما يؤذِن الاعتراض عليه بجهل المعترض. هذا ولسنا نستظهر على قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بِأن تصدّقه الأطِبَّاء بل لَو كذّبوه لكذّبناهم وكَفَّرنَاهم وصَّدقناه - صلى الله عليه وسلم - حتى (¬33) يوجدونا (المشاهدة بصحّة ما قالوه فنفتقر حينئذ إلى تأويل كلامه - صلى الله عليه وسلم - وتخريجه على ما يصح إذ قامت الدّلالة على أنّه لا يكذب فجعلنا هذا الجواب ومَا بَعده عدّة للحاجة إليه إن اعتضدوا بشيء من المشاهدة أو لِيَظهر به جهل المعترض بالصّناعة الّتي اعترض بها وانتسب إليها. وكذلك القول في استعمال الماء للمحموم فإنهم قالوا عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقل وهو - صلى الله عليه وسلم - لم يقل أكثر من قوله أبردوها بالماء ولم يبيّن الصّفة والحالة فمن أين لهم أنّه أراد الانغماس، والأطبّاء يسلّمون أنّ الحمّى الصفراويَّة يدبّر صاحبها بسقي الماء البارد الشّديد البرد نعم ويسقونه الثّلج ويغسلون أطرافه بالماء البارد فغير بعيد أن يكون - صلى الله عليه وسلم - أراد هذا النّوع من الحمّى والغسل على مثل ما قالوه أو قريبًا منه وقد خرّج مسلم عن أسماء -رضي الله عنها- أنهّا كانت تؤتى بالمرأة الموعوكة فتدعو بالماء فتصبه في جيبها. ¬

_ (¬32) ما بين المعقفين ساقط من (ب). (¬33) في (ب) حتى يوجدون.

وتقول إنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال (أبردوها بالماء) فهذه أسماء شَاهدت النّبيء - صلى الله عليه وسلم - وهي في القرب منه على ما علِم فأوّلت الحديث على نحو ما قلناه فلا يبقى للملحد إلاّ أن يتقَوَّلَ الكَذِب ويعارض كذبه بنفسه وهذا مماّ لا يلتفت إليه. وأمّا إنكارهم التشفّي من ذات الجنب بالقُسْطِ فغير صحيح وقد ذكِر عن بعض قدمَاءِ الأطباء أنّه قال بأنّ ذات الجنب إذا حدثت من البَلغم كان القُسْط من علاجها، وَقد رأيت في كلام دِييسْقُورِيدُوسَ أنّه قال إذا شرب نفع من أوجاع الصَّدر. وذكر جالينوس أنه ينفع من وَجَعِ الكزازِ ومن وجع الجنبَين وذَكَر ابن سينا في كتابه أنه ينفع من وجع الصّدر، وهذا خلاف ما حكاه هؤلاء الملحدون من الأطِبَّاء وقد ذكر بعض القدماء منهم قال قد يستعمل بالجملة حيث يحتاج إلى إسخان عضو من الأعضاء أو حيث يحتاج إلى أن يجَذِبَ (¬34) الِخلطَ من باطن البدن إلى ظاهره وبهذا أيضا وصفَه ابن سينا في كتابه وغيره وهذا يحقّق ما قلناه ويبينّ كذبهم على الأطبَّاءِ. وأمَّا قوله - صلى الله عليه وسلم -: فيه سبعة أشفية قال الزّهري بيّن اثنين ولم يبيّن الخمسة. وقد رأيت الأطباء تطابقوا في كتبهم على أنّه يدرّ البَول والطمث وينفع من السموم ويحرّك شهوة الِجماعَ ويقتل الدُّود وحبّ القَرع في الأمعاء إذا شُرِبَ بعَسل ويذهب بالكلف إذا طلي عليه وينفع من ضعف الكبد ¬

_ (¬34) في (أ) جاء يجذُب بضم الذال والصواب كسر الذال لأنّ جذب من باب (ضرب).

والمعدة وَبَرْدِهمِا ومن حمى الورد والرِّبعْ، قال بعضهم يَنفَع من النّافض لطوخا بالزيت وكذلك قال جَالِينوس: ينفع من البرد الكائن بالدور غير أنهّم يدهنون البدن قبل تهييج (¬35) البرد وكذلك يفعلون في أصحاب عِرقِ النَّسَا يسخِّنون بَعضَ أعضَائهم وقال بعضهم: يعمل منه لطوخ بالزيت لمن به نافض قبل أخذ الحمّى ولمن به فالج واسترخاء وهو صنفان بحريّ وهنديّ والبحريّ هو القسط الأبيض يؤتى به من بلاد العَرَبِ، وزاد بعضهم فيه على هذين الصّنفين، وبعضهم ينصّ على أَن البحريَّ أفضل من الهنديِّ وهو أقلّ حرارة منه قال إسحاق ابن عمران هما حَارّان يابسان في الدرجة الثالثة والهنديُّ أشدّ حرا في الجزء (¬36) الثّالث من الحرارة وقال ابن سينا القُسْط حار في الثّالثة يابس في الثانية فأنت ترى هذه المنافع التي اتّفق عليها الأطبّاء فقد صار ممدوحًا شرعا وطبّا (¬37). وأما ما وصفه في الحبّة السّوداء فيحمل أيضا على الأعلال الباردة على حسب ما قلناه في القسط وهو - صلى الله عليه وسلم - قد يصف بحسب ما يشاهد من غالب أحوال أصحابه في الزّمن الذي يخاطبهم فيه. وإنّما عَدَّدنا هذه المنافع في القُسط من كتب الأطبَّاء لذكر النّبي - صلى الله عليه وسلم - عددًا عَلى الجملة لم يفصِّله وقول الزُّهرِي: لم يبينّ لنا الخمسة فبيّنا نحن منها ما يمكن أن يراد بالحديث. ¬

_ (¬35) ما اثبتناه هو ما في (ب)، وأما ما في (أ) فكلمة غير واضحة ولعلّها تهييج. (¬36) في (أ) على حسب ما يبدو في الصورة، هكذا في (الجُزِّ) وما اثبتناه هو ما في (ب) و (ج) وما في شرح النّووي نقلا عن المازري. (¬37) في (أ) وطبعا، واضيف في الهامش، وطبّا.

وقد اختلف الرّواة في أعلقتْ عليه فقال أحدهم أعلقت عنه وقال آخر اعلقت عليه، وقال ابن الأعرَابي أعلقت عنه إشارة إلى أنّه هو المختار ومعناه عَالَجَتْ رفعَ (لهاته بإصبعها، وقوله: تَدغَرنَ معناه ترفعن ووقع في بعض طرقه) (¬38). العِلاق وفي بعضها الإعلاق قال بعض أهل اللّغة: والصّواب الإعلاق. والعُذرَة وجع يهيج في الحلق فإذا عولج منه صاحبه يقال عذرته فهو معذور (¬39). وقوله: فَحَسَمه أي قطع الدّم عنه بالكيّ وقد تقدّم ذكره وذكر المشقص وذكر فيح جهنّم. وقولها التّلبينة مجمّة معناه أي تَسرو همّه وهو كالحديث الآخر الحَساء يسرو عن فؤاد السَّقيم، وفي حديث طلحة -رضي الله عنه- رمى (¬40) النبيّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسفرجلة وقال: دونكها فإنهّا تُجِمُّ الفُؤاد قال ابن عائشة: معناه تريحه. (وقال غيره: معناه تجمعه) (¬41) وتجمل صلاحه ونشاطه. ¬

_ (¬38) - ما بين القوسين ساقط من (ج) -. (¬39) في (ب) غدرته فهو مغدور بالغين والدال. (¬40) في (ب)، و (ج) رمى اليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (¬41) - ما بين القوسين ساقط من (ب) -.

كتاب الطاعون

كتاب الطاعون (¬1) 1030 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا عَدوَى وَلاَ صَفَر ولاَ هَامَة". فقال أعرابي: فَماَ بَال الإبِل تكون في الرّمل كأنها الضِّباء فيجيء البعير الأجرب فَيَدخل فيها فيُجْرِبهُا كلَّها؟ قال فمن أَعدَى الأوَّل، وفي بعض طرقه لاَ عَدوَى ولا طِيرة ولاَ هَامَة وفي بعض طرقه لاَ عدوَى ويحدِّث أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لاَ يورد مُمْرِضٌ على مصحِّ قال أبو سَلمَةَ كان أبو هريرة يحدّثهما كلتيهما (¬2) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم صَمت أبو هريرة عن قوله لا عدوى وأقام على أن لاَ يورِد ممرض على مصحّ فقيل له قد كنت تحدّثنا مع هذا لا عدوى فأبَى أن يَعرِفَ ذلك فَمورِيَ حتّى غضب قال أبو سلمة ¬

_ (¬1) - هذا العنوان لم يأت إلاّ في (ج) دون (أ) و (ب)، ثم إنّ الأحاديث المذكورة تحت هذا العنوان لا تتعلّق بالطاعون وإنّما تتعلّق بقوله - صلى الله عليه وسلم - لا عدوى ولا صفر ولا هامة وما يتعلّق بهذا الحديث هو ما عنون له النّووي بقوله باب لا عدوى الخ. (¬2) في (أ) كليهما وما اثبثناه هو ما جاء في (ب) وفي كلّ الأصول.

لا أدري أنَسِيَ أو نَسَخَ أحدُ القولين الاَخر، وفي بعض الطّرق لاَ نَوءَ ولا صفر وأبدِل في بعض الروايات نَوءَ بِبُوم وزاد في بعض الطّرق ولا غولَ، قال أبو الزبير فسر جابر قوله ولا صَفَرَ قال أبو الزّبير الصَّفَر البَطن وقيل لجابر -رضي الله عنه-: كيف قال؟ قال كان يقال دوابُّ البطن قال: وَلمَ يفَسِّرِ الغول قال أبو الزّبير: هذه الغول التي تغوَّل، وفي بعض الطّرق لا طِيَرة وخَيْرُهَا الفَأل قيل يا رسولَ الله: وما الفأل؟ قال: الكلمة الصّالحة يسمَعها أحدكم، وفي، بعض طرقه الشُّؤم في الدَّار والَمرأةِ والفَرَسِ وفي طريق آخر إن كان الشؤم في شيء ففي الفَرَسِ والَمسكَنِ والمرأة وفي طريق آخر إن كان في شيء ففي الرَّبع والَخادِم والفَرَس، وفي أخرى يا رسول الله أمورًا كنّا نصنعها في الجاهليّة كنَّا نَأتيِ الكهَّان قال: فلاَ تأتوا الكهّانَ قال: قلت: كنّا نتطيّر قال: ذلك شيء يجده أحَدكم في نَفسه فَلاَ يَصدَّنَّكم، وفي بعض طرقه ومنَّا رِجَال يَخُطُّونَ قال كان نبي من الأنبياء يخطُّ فَمَن وافَقَ خَطُّه فَذَاك (ص 1742 إلى 1749). قال الشّيخ وفّقه الله: اضطرب النّاس فيما ذكِر عن أبي هريرة من الحديثين اللَّذين أسقط أحَدَهما فقال بَعض أصحابنا لا يورد ممرض على مصحّ منسوخ بقوله: لاَ عَدوَى (¬3) وقال آخَرُون ليس بينهما تناف فَيفتقَرَ إلى النّسخ ولكن نَفَى العَدوَى وهي اعتقاد كون بعض الأمراض تفعَل في غيرها بطبيعتها وَإمَّا أن تكون سببا لخلق الباري سبحانه عندها مرضَ ما وردت عليه فلم ينفه فإنّما نهى أن يورد الممرِض علىِ المصِحِّ لئلا تمَرض الصِّحاح من قبل الله جلّت قدرته عند ورود الَمرضَى فتكون المرضى كالسّبب فيها، وقال آخرون: إنَّما المراد بهذا الاحتياط على اعتقاد النّاس لئلاّ يُتَشَاءَمَ بِالإبل المريضة ويَعتقد أنها أمرضت إبِلَه فيأثم في هذا الاعتقاد، وقال آخرون إنّما ذلك لِلتّأذّي بمشاهدة المرضى وما قد يكون ¬

_ (¬3) - في (ب) لا عدوى ولا طيرة.

فيها من رائحة تؤذي وهو المراد بما وقع في بعض الأحاديث فإنّه أذَى. وقال بعض أصحابنا في هذا إن كانت مندوحة عن مخالطة من يتأذّى كره (¬4) للوارد وإلاّ فلا وكذا في أهل الجذام إذَا تأذّى النّاس بمخالطتهم في البئر فإن كان لهم مندوحة بماء آخر ينصرفون إليه (أمِروا أن ينصرفوا إليه) (¬5) رفعا للضّرر عن هؤلاء وإن لم تكن لهم مندوحة (قيل للآخرين) (¬6) أوجدوهم العوض وإلا فيشاركونكم (¬7) لأنّ كلّ ذي مال أحق بماله. وقوله: لاَ عَدوى. تفسيره أن العرب كانت تعتقد أنّ المرض يعدي (¬8) وينتقل إلى الصحيح فأنكر - صلى الله عليه وسلم - اعتقادهم. وأما قوله: ولاَ صَفَر. ففيه قولان قيل تأخيرهم المحرّم إلى صفر في النّسيء الذي كانوا يفعلونه وإلى هذا ذهب مالك وأبو عبيدة وقيل الصُفَار دَوابٌّ في البَطن فكَانوا يعتقدون أنّ الصَّفر دَابَّه في البَطنِ تهيج عند الجوع وربماَ قَتلت وَتَراها العرب أعدى من الجرَب وَإلى هَذَا ذَهَب مطرِّف وابن وهب وابن حَبيب من أصحاب مالك وهو اختيار أبي عبيد وقد تقدّم ما في مسلم من التَفّسير لهذا. ¬

_ (¬4) في (ب) من يتأذّى ذكره. (¬5) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬6) - ما بين القوسين ساقط من (أ). (¬7) في (أ) فبشاركونهَم. (¬8) - في (ج) أن المرضى تعدي وتنتقل إلى الصحيح.

وأمّا قوله: ولا هَامَةَ. فاختلف فيه فقيل كانتِ العرب تتشاءم بالَهامة إذا سقطت على دار أحدهم فتراها ناعية له نَفْسَه أو أحدًا من أهله وَإلى هَذا التّفسير ذَهَبَ مَالك وقيل كَانَتِ العرب تعتقِد أنَ عِظامَ الَميّت تنقلب هَامة تطير فأنكر - صلى الله عليه وسلم - هذا كلّه وأبطله ويسمّى الطائر الذي يعتقد خروجه من هامة الميّت صدًى (¬9) وَجمَعه أصدَاء وقد قيل إنّ المراد بالحديث هذا الطائر (¬10) الذي يخرج من الرأس قال لَبيد: [الوافر] فَلَيسَ النَّاس بَعدَكَ في نَفِيرٍ ... وَلَاَ هم غَير أصدَاءٍ وَهَامِ وقال أبو زيد: هامّة مشدّدة الميم. وأما الفَأل (¬11) بالهمز وجمعه فؤول فَقد فَسّرَه فيِ كِتَاب مسلِمٍ. والطِّيرة: مَأخوذ مما كانوا يعتادونه في الطير ويعتقدونه في البوارح والسّوانح وكان لهم في التّشاؤم والتّيامن طريقة معروفة، وقيل منها أخذ اسم الطّيرة وَقَال بعضهم: فإنّ الفأل رجوع إلى قول مسموع وأمر محسوس يحسن معناه في العقول فيخيّل للنّفس وقوع مثل ذلك المعنى ¬

_ (¬9) في (ب) صداء وكذلك في (ج) مع حذف قوله وجمعه أصداء. (¬10) في (أ) هذا اللّفظ. (¬11) في (أ) وقال الفأل.

وَيحسن الظنّ بالله سبحانه ورجاء الخير منه بأدنى سَبَب لا يقبح، والطيرة أخذ المعاني من أمور غير محسوسة ولا معقولة ولا معنى يشعر العقل بما يتوقّع من ذلك فَلِهذا فَارَقَت الفأل وإنهّا (¬12) لا تقع إلاّ على توقّع أمرٍ مَكروه والفأل يقع على ما يحبّ ويكره والمستحسن منه ما يحبّ وما يكره يتّقى فالاً كان وهو أحد قسمي الفأل أو طيرةً هكذا قال بعضهم. وأمّا ما ذَكَرَه: الشُّؤم في الدَّارِ وَالَمرأةِ والفَرَسِ فإنّ مَالِكًا -رضي الله عنه- أخذ هذا الحديث على ظاهره ولم يَتأوّله فذكِر في كتاب الجامع من المستخرَجَةِ أنه قال: ربَّ دَارٍ سَكَنها قوم (فَهَلَكوا) (¬13) وآخرون بعدهم فهلكوا وأشار إلى حمل الحديث على ظاهره وقال غيره فإنّ هذا محمَله على أنّ المراد به أن قدر الله سبحانه ربّما اتفق بما يكره عند سكنى الدّار فيصير ذلك كالسّبَب فيتَسَامَح في إضافة الشؤم إليه مجازًا واتْسَاعًا قالوا وقد قال في بعض طرَق مسلم إن يكن الشؤم وهذا لفظ (¬14) ينافي القطع ويكون محمله إن يَكنِ الشّؤم حقا فهذه الثّلاث أحقّ به بمعنى أنَّ النّفوس يقع فيها التّشاؤم فهذه أكثر مما يقع بِغيرها. وقد وقع في بعض الأحاديث أنّه - صلى الله عليه وسلم - لما شكي إليه في بعض الدِّيار ذهاب الأهل وَالَمالِ قال دَعوها ذميمة. وقد اعترض بعض أهل العلم في هذا الموضع بأن قال فإنَه نَهَى - صلى الله عليه وسلم - عن الفِرار من بلد الطّاعون وَأباح الفرار من هذه الدّار فما الفرق قيل (¬15) ¬

_ (¬12) في (ب) و (ج) بأنها. (¬13) فَهَلَكوا سَاقِط من (أ). (¬14) في (أ) وهذا أصل. (¬15) في (ب) قيل الفرق ما الخ.

قال بعض أهل العلم إنّ الجامع لهذه الفصول كلّها ثلاثهَ أقسَام فأحد الأقسام ما لم يقع التأذّي به ولا اطردت عادتهم فيه خاصّةً ولا عامّة نادرة ولا متكرّرة فهذا لا يصغى إليه، والشّرع أنكر الالتفات إليه وهو الطِّيرة لأنّ لقيا الغراب في بعض الأسفار ليس فيه إعلام ولا إشعار بما يكره أو يختار لا على جهة النُّدُور ولا التّكرار فلهذا قال - صلى الله عليه وسلم - لا طِيَرَةَ. والقسم الثّاني ممّا يقع به الضرّر ولكنّه يعمّ ولا يخصّ ويندر ولا يتكرّر كالوباء فإنّ هذا لا يقدَم عليه احتياطا ولا يفرّ منه لعدم أن يكون وصل الضّرر إلى الضارّ على النّدور أو التّكرار. والقسم الثالث سبَب يخصّ ولا يعمّ ويلحق منه الضرّر كالدّيار فإنّ ضَرَرَها مختصّ بساكنها وقد ذهب فيها أهله وَمَاله على حسب ما قال الشّاكي للنّبيء - صلى الله عليه وسلم - فهذا يباح له الفرار فهذا التّقسيم الذي قسّمه بعض العلماء يشير إلى الفروق بين هذه المسائل بعضها من بعض. وأمّا الكهّان فهم قوم يَزعمون أنهَّم يعلمون الغيب بأمورٍ تُلقَى في نفوسهم وقد أكذب الشّرع من ادّعى علم الغَيب ونهى عن تصديقهم وقد ذكر في كتاب مسلم عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - (وَجهَ إصابة بعضهم (¬16) في بعض الأحايين وأنّه من استراق السّمع يسترقه ولي الكاهن ويوصله إلَيه. وأمّا الَخطُّ فقد تقدمَ الكَلاَم عليه فيما سبق. وأمّا النوء فقد تقدّم الكلام عليه أيضًا. ¬

_ (¬16) جاء في (أ) شكل ما بين القوسين بما يأتي (وجه أصَابه بَعضهم).

وأما البوم فالأنثى منه تسمى الهامة والذكر يسمّى صدًى. وأمّا قوله: "ولا غولَ" فإنّ العرب تقول إنّ الغيلان في الفلوات تراءَى للنّاس فتتغوّل تغولا أي تتلوّن تلوّنا فتضلّهم عن الطريق فتُهلكهم وقد ذكروها في أشعارهم فأبطل - صلى الله عليه وسلم - ذلك. وأمَّا التَّنجِيم: فمن اعتقد اعتقادَ كثير من الفلاسفة في كون الأفلاك فاعلةً لما تحتها وكلُّ فلك يفعل فيما تحته حتى ينتهي الأمر إلَينا، وسائر الحيوان والمعادن والنَّبات ولا صنعَ للباري سبحانه وتعالى في ذلك فإنّ ذلك مروق مِنَ الإسلام. وَأمَّا مَن قال لاَ فاعل إلاَّ الله جلّت قدرته وهوَ عزّ وَعَلا فَاعِل الكلّ ولكن فَعَل (¬17) الباري سبحانه في هذه الجواهر قوىً طبيعِيَّةً تفعل بها فِينَا كما خلق في النّار قوَّةً وطبيعة تحُرق بها ويحتجّون على ذَلك بمشاهدتهم الشَّمس تسخن وتصلح أكثر النَّباتِ فيقولون على هذا غير مستنكر أن يكون امتزاج قوّة المشتِرَي وزحَل في قرانهما الأصغر يكون من التّأثير عنه كذا وكذا ويَكون التّأثير عن قرانهما الأوسط أعظم لزيادة القوة الطبيعيّة وقرانهما الأعظم يكون (¬18) فيه التأثير مَهولاً عَظِيماً لعظم قوّتهما وزيادة الطبيعة المؤثِّرة بانتقالِهِما على صفة أخرى. ويعتذر الحذّاق منهم المنتسبون إلى الإسلام الغالطون بهذه الشّبهة التي ¬

_ (¬17) في (ب) ولكن جعل الباري. (¬18) في (أ) يكون ساقطة.

هِيَ القياس على ما شوهد من الشّمس على خطئهم في كثير من القضايا بأن يقولوا فإنّ القوّة الحادثة عن امتزاج الكوكبين أو اتّصالهما على بعض صفات الاتصال التي يذكرونها لا يوقف على حقيقتها وإنّما تؤخذ بالحدس والتّخمين فيقع الغلط لأجل ذلك كما يعرف الطّبيب قوّة كل عقَّار على انفراده ولكنّه إذا مزَج الكثير منها لا يقف على حقيقة المزاج المركّب فلهذا لا يقع الشّفاء بكل دواء يَسقِيه ويقولون أيضا وربّما صادمت بعض القوى الأرضيّة القوّى السماوية فمنعتها التأثِيَر فَيغلَط المنَجِّم حِينَئِذٍ وهذا كما أنّ السّم قتال يقضي بذلك الطَّبيب فإذا تقدم شاربه فشرب بَازَهِرَ ذلك السمّ ودرياقه (*) بطل تأثيره وهذا مسلك الحذّاق منهم. والردّ عليهم بأن يبطل القول بالطَّبيعة أصلاً وهذا مستقصىً في كتب الأصول ومن أقَرَّ به أنّ الفاعل مِن شرطِهِ أن يَكون عَالمِا قَادرا حيّا والطبيعة ليست كذلك عندهم ولو صحّ إضافة الفعل إلىَ قوّة مّا وليست بحيّة ولا عالمة صحَّ إضافة الفعل إلى الموتى منّا، ويقع هؤلاء في نفي الَباري سبحانه وَلاَ حاجةَ على أصلهم إليه ولا دليل يقوم على إثبات فاعل عالمٍ مختار وما المانع على أصلهم من أن يكون الذي يسَمُّونَه واجبَ الوجود يفعل بقوّة فيه من غير (¬19) أن يكون عالما ولا حيّا كما صحّ أن تفعل الطَّبَائع عندهم وليست بحيّة ولا عالمة ومن صرّح بهذا وَضَحَ (¬20) كفره وأيضا فَإنّ هذه القوّة لاَ يَقدِرونَ عَلىَ بَيَانهِا ولانزال نضطرُّهم إلى تفسيرها حتّى يلحقوها بالجواهر أو بالأعراض وكلاهما لا يصحّ منه خلق الأجسام ولا الفعل في غيره وأيضا فإنّ المعوَّل عندهم على القياس على المشاهدة على حسب ما قالوه في الشّمس ومن شرط أفعال المحدثات بعضها في بعض أن تكون باتصال ومماسة أو بوسائط، وزحل في الفلك ¬

_ (¬19) غير ساقطة من (ج) -. (¬20) في (أ) وصحَّ كفره. (*) قال معد الكتاب للشاملة: كذا في المطبوعة، ولعلها: "ترياق"، وانظر إكمال المعلم (7/ 160).

السّابع عندهم والإنسان في الأرض التي هي غير (¬21) محسوسة عندهم بإضافتها إلى فلك زحَل لا اتصال بينه وبين زحل ولا وسائطَ يتّصل بعضها ببعض حتّى ينتهي الأمر إلى الإنسان، وقصارى ما يشبّهون به الهواء فإنه يتّصل بالإنسان في كلّ مكان وهو يتّصل بما فوقه هكذا إلى زحل. وهذا باطل من طريقتين إحداهما أنّ القوّة التي يقبلها الهواء (¬22) التبريد والتسخين والرطوبة واليبس فهب أنا سَلَّمنا لهم وقوع بعض الأمراض لتغير الهواء بفعل زحَل فيه فلِمَ اختصّ المرض بهذا الإنسان والهواء شامل؟. وما الحيلة فيما يجري على الإنسان من غير الأمراض كضرب عنقه أو زوال رياسته أو ذهاب مالِه هذا بَعيد أن يظن به أنّه من قِبل تغيرّ الهواء، وأيضا فإنّ الكرَة التي عندهم تعلو الهواءَ وهي النّار يجب إذا وصلت قوّة زحَل إلَيها أن تنقلب إلى طبيعَةِ النّار وتتغيرّ عن حقيقتها بمصَادمة قوّة ثانية مضادّة لها فلا تصل القوّة إلى الهواء (¬23) على حالها فتفعل فيه، وأيضا فإنّه ما حَصَل لهم أكثَر من اقتران جِسمين زعموا أنهّما يؤثّران فيما تحتهما فلو ادَّعى مدّع أنّ ما تحتهما أثَّر فيهما ما الذي يكون جوابه؟، وكون الشّيء فوق أو تحت لا حظَّ له عندهم في القوّة الفاعلية، ولو زعم زاعِم أن بَعض اتصَالات الزُّهرَةِ وعطَارِد أو الشّمس أثَّر ما أضافوه إلى زحل أو كَسبَ زحلاً قوّة على التَأثير، ماذا يكون جوابه؟ وليس لهم (¬24) جواب ¬

_ (¬21) غير ساقطة من (ب). (¬22) الهواء ساقط من (ب). (¬23) إلى الهواء ساقط من (ج). (¬24) في (أ) وليس له، وكذا في (ج).

إلا أن يقولوا فإنّا نشاهد هذا التّأثير عند قِران هذين الثقيلين سواء كان ما تحتهما على ما قلتموه أو لم يكن، قلنا وأنتم أيضا تشاهدون هذا القِرانِ يكون ولا يؤثّر (¬25) ما يجب تأثيره عندكم فإذا سئلتم عن هذا قلتم كان في البرج من الكواكب الثّابتة (¬26) ما أبطل فعله فإذا أريناكم في قران آخر تلك النصبَة بعينها ولم تؤثّر قلتم كان قبله من قوَّة الاجتماع أو الاستقبال ما أبطل فِعلَه فإذا أريناكم هذه النصبة أيضا بعينها (¬27) ولم تؤثّر قلتم كان طالع التحويل يمنع هذا التأثير فإذا أيضا عدنا للمناقضة قلتم كان برج الانتِهاءِ من صفته كذا وكذا معاذير لا تفرغ فلا تنكروا (¬28) على من يقول فإن ما تحته من الكواكب إنما تؤثّر هذه المرّة لعلّة (¬29) كذا وكذا ولا أقلَّ من أنّه يدَّعِي أمرا (¬30) ويذكر اتصالا ويحيل عليه ولا قدرة لكم على منعه منه إلاّ بفوائد تَطَّرد في ذلك النّصب وهذا لا يتّفق تكرّره مع عَدَم المعاذير وكيف يتَصور تأثِير الطَّبيعَةِ بأنّ انتهاء عمرِ المولود كذا وكذا وهذا (¬31) لا مدخل له في الطّبيعة حتى يقدّر فاعلا أو مانعا وهذه الطريقة أيضا تضعِّف طريقة الإسلاميّين منهم الذين يقولون لا خالق إلا الله عزّ وجلّ وإنّما هي دلالة (¬32) على الغيوب بدلالة أجراها الباري جلّت قدرته كما أجرَى الغيوم والسُّحبَ الثقيلة دلالة على الأمطار وإن كانت ربما خابت لأنّ ما يذكرونه من الطرق التي تتحصل المعرفة منها تتسع جدّا ولا تنضبط والحذّاق منهم يعترفون بهذا. ¬

_ (¬25) في (ج) فيكون ويؤثر ما يجب تأثيره. (¬26) في (ج) المثابتة. (¬27) بعينها ساقط من (ب). (¬28) في (ج) فلا نُكر. (¬29) في (أ) لعلّه. (¬30) في (ج) من أن يدعى ويذكر اتصالا. (¬31) في (ج) وهذا الأمر. (¬32) في (ج) دلالات.

وقد حاول القاضي ابن الطيّب الاعتضاد في الردّ عليهم بالسّمعيات وما وقع من العمومات في أن لا يعلم الغيب إلاّ الله عزّ وجلّ وما وقع أيضا من الآثار عن النّبيء - صلى الله عليه وسلم - في النّجوم بالتّخصيص وهذا القدر كافٍ وإنّما نشير إلى اللّباب في كل طريقة. 1031 - وأمّا قوله: يَقُرُّهَا فيِ أذُنِ وَلِيِّه قَرَّ الدَّجَاجَةِ (ص 1750). يقال قررت الخَبرَ في أذنِه أقُرّه قَرًّا أودَعته وَقر الطّائر قَرِيرًا صوّت قاله بعضهم وقال غيره، قرّت الدّجاجة قرًّا وقريرا وفي رواية الفِرَبرِي عن البخاري قِرَّ الدجاجة بكسر القاف وهو حكاية صوتها قال الخطابي في غريبه قرّت تقرّ قرّا وقريرا وإذا رَجَّعَت فيه قيل قرقرت قرقرة وقريرا. قال الشاعر: [الطويل] وإن قرقرت هاج الَهوَى قَرقَرِيرهَا وقال آخر: [الرمل] صوت الشِّقراق إذ (¬33) قال قرر فأظهر التّخفيف على حكاية، قال والمعنى أنّ الجنيّ يقذف بالكلمة (¬34) إلى وليّه الكاهن فيتسامع بها الشّياطين كما تؤذّن الدّجاجة بصوتها صواحباتها فتتجاوب، قال: وفيه وَجه آخر وهو أن تكون الرّواية كقرّ الزّجاجة تدلّ عليه رواية البخاري فَيقِرُّها في أذنه كما تَقِرّ القارورة فذكر القارورة في هذه الرواية يدلّ على ثبوت الرّواية بالزجاجة. ¬

_ (¬33) في النسخ الثلاث إذا قال قَرَرْ، وبإذا لا يستقيم هذا الشَطر وإنما يستقيم بإذ. (¬34) في (ج) يقذف الكلمة.

كتاب قتل الحيات وغيرها

كتاب قتل الحيّات وغيرها (¬1) 1032 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اقتلوا الحيات وذا الطُّفيَتَين (¬2) والأبتر فَإنّهماَ يستسقِطَان الَحبَل وَيَلتَمِسَان البَصَرَ". وفي بعض طرقه [اقتلوا الَحيَّاتِ والكِلاب واقتلوا ذا الطُّفيَتَين والأبتر، وفي بعض طرقه قد نَهَى عن دَوابّ (¬3) البيوت وفي بعض طرقه] (¬4) نهي عن قَتل الِجنَّان التي تَكون في البيوت إلّا الأبترَ وذا الطُّفيَتَين. وذكر حديثَ الفتى الذي قتَل الحيّة فمات فقال - صلى الله عليه وسلم - إنّ بالمدينة جِنًّا قد أسلموا فإذا رأيتم منها شَيئًا فَآذِنوه ثلاثة أيّام فإن بدا لكم بَعد ذلك فاقتلوه فإنّما هو شيطان، وفي بعض طرقه أنّ لهذه ¬

_ (¬1) جاء هذا العنوان في (ج) وأمّا في (أ) فجاء باب قتل الحيّات وغيرها بالهامش وهو ما في الأصول. (¬2) في (ب) ذا الطفتين وكذلك كلّما تكرر هذا اللّفظ. (¬3) في (ج) ذوات البيوت وهو ما في الأصول. (¬4) ما بين المعقّفين ساقط من (ب).

البيوت عوامر فإذا رأيتم شيئا منها فحرّجوا عليها ثلاثا. فإن ذَهَب وإلاّ فاقتلوه فإنّه كَافِر (ص 1752 الى 1757). قال الشّيخ وفّقه الله: أمَّا حيات المدينة فإنها لا تقتل بغير إنذار لهذا الحديث المذكور فيها، وأمّا ما سواها من البلاد فإنّ مالكا يَنهى عن قتل حيّات البيوت بغير إنذار ولكنّه يرى ذلك في حيّات المدينة آكد وابن نافع قَصرَ الحديث على ما ورد فيه من حيّات المدينة ورأى سائر البلاد بخلافها لِماَ ورد من إباحة القتل عامّا وقد قال - صلى الله عليه وسلم - اقتلوا الحيّات وذكرها - صلى الله عليه وسلم - في الَخمس التي يقتلها المحرم والحلال في الحلّ والحرم ولم يذكر إنذارا فأخذ هذه الأحاديث على عمومها وخصَّ المدينة بالحديث الوارد فيها من هذا العموم. وأمّا صفة الإنذار فحكى ابن حيب عن النبّي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال انشدكنّ بالعهد الذي أخذ عليكن سليمان أن تؤذيننا وأن تظهرن لَنَا (¬5) وأما مالك فإنّه قال يكفي في الإنذار (أن تقول) (¬6) أحَرِّج عليكِ بالله واليَومِ الآخر أن لا تَبدوَ لنا ولا تؤذِينَا وأظنّ مالكا إنّما ذكر هذا لما وقع في كتاب مسلم فحرّجوا عليها ثلاثا فلهذا ذكر أحرّج عليك. وأمَّا قوله: "ذَا الطُّفيَتَين". فقال أبو عبيد الطُّفْيَةُ خوصة الُمقْلِ وجمعها طفىً وأراه شبّه الخطين ¬

_ (¬5) في (ب) أن لا تؤذوننا وأن لا تظهرن لنا، وذلك تحريف وكذلك فيما يأتي. (¬6) ان تقول ساقط من (أ).

اللّذين على ظهرها بخوصتين من خوص المقل وقال بعض أصحابنا هما خطّان أبيضان على ظهر الحيّة. والِجنَّان الحيّات وهي جمع جَانّ والَجانُّ الحيّة الصغيرة. وأمّا الأبتر فهو الأفعى وحكى ابن مزين عن عيسى أنّه حمل على المذهب أنّ الأبتر وذا الطُّفيَتَين يقتلان ولا ينذران وقد تقدّم استثناؤهما في كتاب مسلم. 1033 - وَتقتَل الوَزَغ وقد ذكر مسلم أنه - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بِقَتلِه وَسَمَّاه فوَيسِقًا وذكر عنه - صلى الله عليه وسلم - أنّه قَال من قتَل وَزَغَةً في أوَّلِ ضرَبَةٍ فَله كذا وكذا حسنة وَمَن قتَلَها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة دون الأولى وقال في الثّالثة دون الثانية وفي بعض طرقه في الأولى مائة حسنة. (ص 1757 - 1758). 1034 - وأمّا النّمل فيكره قتلهم (¬7) إلا أن يؤذوا وَلاَ يقدَر (¬8) على دفعهم إلاّ بالقتل فيستخفّ (¬9) ولا تحرق بالنَّار ولا القمّل لا تحرق وقد ذكر مسلم أنّ نملة قرصَت نبيًّا من الأنبِيَاءِ عَلَيهِم السلام فَأَمَر بقرية النّمل فَأحرِقت فَأوحى الله عزّ وجلّ إليه أفي أن قَرَصَتكَ نَملَة أهلَكتَ أمَّةً من الأمَم تسبّح وفي بعض طرقه فَهَلاّ نَملَةً وَاحِدَةً (ص 1759). ¬

_ (¬7) في (ب) فكره قتلهم. (¬8) في (ب) أو لا يقدر. (¬9) في (ب) فيستخف قتله ولا يحرق.

قال بعض أصحابنا: ويُكره قتل الضفدَع لِلنَّهي عنه ولأِنه لا أذِيَّة فيه. 1035 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قال الله سبحانه (¬10) يؤذِيني ابن آدمَ يَسبّ الدّهر وَأنَا الدَّهر. أقَلِّب اللَّيلَ والنَّهَارَ." وفي بَعضِ طرقِهِ يقول: يا خَيبَةَ الدَّهر فَلاَ يقولنَّ أحَدكم يَا خَيبَةَ الدَّهر فإنيّ أنَا الدَّهر أقلِّب لَيلَه وَنَهَاره فَإذا شئت قَبَضتهما وفي بعض طرقِه لاَ يَسبُّ أحدكم الدّهر فَإنِ الله هو الدَّهر ولا يَقولَنَّ أحَدكم لِلعِنَبِ الكَرم فَإنَّ الكَرم الرّجل المسلم وفي بعض طرقه لا تَقولوا كَرم فَإن الكَرْمَ قلب المؤمن وفي بعض طرقه لاَ تسَمُّوا العِنَبَ الكَرْمَ فإن الكَرْمَ المسلِم ولكن قولوا: العِنَب والَحبْلَةَ (ص 1762 إلى 1764). قال الشيخ: أمّا قوله: فإن الله هو الدهر فإنّ ذلك مَجَاز والدّهر إن كان عبارة عن تعاقب اللّيل والنَّهار واتصالهِما سرْمَدًا فمعلوم أنّ ذلك كلَّه مخَلوق وأنّه أحَد أجزَاء العَالمَ المخلوقة فلا يصحّ أن يَكونَ الَمخلوق هو الخَالِق، وإنّما المراد أنهم كانوا ينسبون الأفعَال لِغَير الله سبحانه وتَعالى جَهلاً بكونه عزّ وجلّ خَالِقَ كلّ شيءٍ ويجَعلون له شريكًا في الأفعال فأنكر عليهم وأراد أنّ الذي يشيرون إليه بأنّه يَفعَل هذه الأفعال هو الله جلَّت قدرَته ليس هو الدهر وَهذا كما لو قال قَائِل: القاضي فلاَن قَتَل فلانا الزّاني فيقول الاَخر: الشّرع قَتَله لم يقتله القاضي (¬11) أو يقوك: الشَّرع ¬

_ (¬10) وقع في أصول مسلم كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها ولم يقع في أيّة نسخة، لأنه من تبويب النّووي وهو متأخّر عن المازري. (¬11) القاضي ساقط من (ب).

هو القاضي وإنّما يعني أنَّه يِجَب إضَافَة الشيءِ إلى مَا هو الأصل فيه أو التّنبِيه على غلط القائل وإرشادِه لِمَوضِع الصَّوَابِ إذا ظُنَّ به أنَّه خفي عَنه. وأمّا قوله: "يؤذِيني ابن آدَمَ". فمجاز والباري سبحانه لا يَتَأذّى مِن شيءٍ فيحتمل أن يريد أنّ هَذَا عِندكم أذًى إذَا قَالَه بَعضكم لِبَعض لأنّ، الإنسان إذا أحَبّ آخَرَ لمَ يَصِحَّ أن يَسبَّه لِعِلمِه أنَّ السَّبَ يؤذِيهِ وَالَمحَبَّة تمنع من الأذَى ومن فعل ما يكرهه المحبوب فكأنّه قال يفعل ما أنَهاه عَنه وما يخالفني فيه والمخالفة فيها أذى فيما بينكم فتُجوِّز فيها في الباري سبحانه. وأمَّا نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن أن يسمَّى العِنَب كَرْمًا وَذَكَر أنَّ الكَرم قلب المؤمن فإنّما محَمَله عند أهل العلم علىَ أنّه لماّ حرّم الخمر عليهم وكانْت طباعهم تحثّهم على الكَرم ونفوسهم مجبولة عليه كره (¬12) - صلى الله عليه وسلم - أن يسمَّى هذا المحرَّم باسمٍ وضِع لمَعنَى يِهيج طِبَاعَهم إلَيه عند ذكره وَتَهَشُّ نفوسهم نحوه عند سماعه فيكون ذلك كالمحرّك على الوقوع في المحَرّمَات ولهذا ختم بقوله - صلى الله عليه وسلم - إنما الكرم قَلب المؤمِنِ يَعنِي أن الكَرم حبس النّفس عن شَهَواتها وإمسَاكهَا عَن المحرمات عليها فَهذه الَحالَة أحَقُّ بأن تسَمّى كَرمًا. 1036 - قال الشّيخ -أيّده الله: خرّج مسلم في باب قتل الوَزَغ (حديث سهَيل ابن أبي صالح عن أبيه (¬13) عن أبي هريرة عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬12) في (ب) و (ج) فكره. (¬13) عن أبيه ساقط من (أ) وثابت في (ج) وهو ما في الأصل.

قال: من قتلَ وَزَغَة في أوَّلِ ضربة فله كذا وكذا الحديث ثم عقب بعد ذلك بقوله) (¬14) حدّثنا محمد بن الصَّبَّاح نا إسماعيل بن زكرياء عن سهَيل حدّثني أخي واختي (¬15) عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال في أوّل ضربة سبعين حسنة (ص 1758 - 1759). هكذا روي هذا الإسناد عن أبي أحمد الجلوديّ سهيل حدّثني أخي عن أبي هريرة وفي نسخة أبي العبّاس الرّازي عند أبي أحمد حدّثتني أختي (¬16) وكذلك وقع في نسخة عن الكسائي (ووقع في نسخة أبي العلاء في هذا الإسناد سهيل قال حدّثني أبي عن أبي هريرة وفي كتاب الأطراف لأبي مسعود الدّمشقي قال سهيل حدّثني أخي عن أبي هريرة) (¬17) ووقع في كتاب أبي داود في السّنن بهذا الإسناد عن سهيل قال حدّثني أخي أو أختي ووقع في نسخة أبي العلاء بن ماهان قال سهيل حدّثني أبي (قال بعضهم: وهو خطأ قال عبد الغني: إسماعيل بن زكريا يقول في هذا الإسناد: وحدّثني أخي ولكن كذا وقع في أصل أبي العلاء حدّثني أبي) (¬18). ¬

_ (¬14) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬15) اختلفت النسخ كما قال القاضي ففي بعضها أخي بالتّذكير وفي بعضها أختي فقط. (¬16) وقع في (ج) ومن رواته الرّازي عنه حدثتني أختي وكذلك وقع في نسخة عن الكسائي. (¬17) وقع في (أ) سقوط ما بين القوسين لكن أضيف بالهامش وإنّما عدا عليه الترهّل. (¬18) ما بين القوسين ساقط من (ج) ووقع في الفقرة اختلاف بين النسخ ولكن وقع تحريره على ثلاث نسخ استخلاصا للصواب.

1037 - قوله في الحديث: "إنَّ امرأة بَغِيًّا رأت كلبا قَد أدلَعَ لِسَانَه من العطش" (ص 1761). البَغِيُّ الفَاجِرة وقد تقدّم ذكرها. وقوله: قد أدلع لسانه أي أخرج لسانه يقال دَلَعَ لِسَانه وَأدلَعَه فَدَلع اللّسان أي فَخَرَجَ. قوله: ولكن قولوا الحبْلَةَ. يعني العنب الحبلة هي أصل الكَرمة. 1038 - وقوله: "لَقِسَت نَفسي" (ص 1765). أي غَثَت. 1039 - وقوله: "استَجمَرَ بألوّة غيِر مطَرّاةٍ" (ص 1766). قال الأصمعي الألوّة العود الذي يتبخّر به وأراها كلمة فارسية عرّبت. قال أبو عبيد وفيها لغتان الأَلوّة والأُلوّة بفتح الهمزة وضمّها قال الشّيخ: وحكى غيره عن الكسائي عود أَلُوّة وَأُلُوَّة وإليّة، وقال غيره: الألوّة وفيه لغات مخفّف ومشدّد وبكسر الهمزة وبضمّها وفي كتاب الهروي وقال بعضهم لوّة وليّة وتجمع الألوّة ألاَويَّة.

1040 - قوله: "لاَ يَقولَنّ أحَدكم عبدي وأمتي كلُّكم عَبيد الله وكلّ نسائكم إماء الله ولكن ليقل غلامي وخادمي وفَتَاي وَفَتَاتيِ، وفي بعض طرقه ولا يقول (¬19) العبد ربيّ ولكن ليقل سيّدي، وفي بعض طرقه ولا يقول العبد لسيّده مولاي وفي طريق آخر لا يقل أحدكم اسقِ رَبّكَ أطعِم رَبَّكَ وَضِّىء ربّك وليقل سَيِّدي وَمَولاَي (ص 1764 - 1765). قال الشّيخ: قال ابن شعبان في الزّاهي: لا يقل السيّد عبدي وأمتي ولا يقل المملوك ربيّ ولا ربّتي وذكر حديثا في ذلك رواه وهو نحو مِماّ في كتاب مسلم. ¬

_ (¬19) في (ب) ولا يقل.

باب الشعر

باب الشعر (¬1) 1041 - قال الشّيخ -أيّده الله-: خرّج مسلِم في باب الشّعر والإنشاد حدّثنا زهير بن حرب، وأحمد بن عبدة جميعًا عن ابن عيينَةَ عن إبراهيم ابن ميسرَة عن عمرو (¬2) بن الشريد أو يعقوب بن عاصم بن الشريد عن الشريد قال أرْدَفَني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلفه" (ص 1767). هكذا إسناد هذا الحديث ووقع عند أبي العلاء بن ماهان عن الشّريد عن أبيه وَهَذَا وَهم والشَّرِيد هو الرّاوي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا أبوه وهو الشّريد بن سوَيد الثَّقفي. ¬

_ (¬1) لم يجيء هذا العنوان إلاّ في (ج) مع أنّ الشيخ صرّح بهذا الباب حيث قال خرّج مسلم في باب الشعر والإنشاد، وجاء في الاصل -كتاب الشعر. (¬2) في (ب) عن عمر.

1042 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لأن يمتَلىِءَ جَوف أحدكم قَيْحًا حتى يَرِيَه خَير مِن أن يَمتَلىِءَ شِعرًا" (ص 1769). قال أبو عبَيد: قال الأصمَعِي هو من الوَري على مثال الرَّمي وهو أن يَدوَى جوفه يقال منه رجل مَورِيُّ مشددّ غير مهموز، وقال أبو عبَيدة هو أن يأكل القَيح جَوفَه، قال صَاحِب الأفعال وَرِيَ الإنسان والبعير دَوِيَ جَوفه ووراه الدّواء وَريًا أفسد جَوفَه وَوُرِي الكلب سعِرَ أشَدَّ السُّعار، قال أبو عبيد وقوله - صلى الله عليه وسلم - خَير له من أن يَمْتَلىءَ شِعرًا قال بعضهم يعني من الشّعر الذي هُجِيَ به النّبي - صلى الله عليه وسلم -، والذي عندنا في هذا الحديث غير هذا القول لأنّ الذي هجي به النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لو كان شطرَ بيت لكان كفرا فكأنّه إذا حمل وجه الحديث على امتلاء القلب منه فقد رخّص في القليل منه ولكن وجهه عندي أن يمتلىء قلبه حتى يغلب عليه فيشغله عن القرآن وعن ذكر الله عزّ وجلّ فيكون الغالب عليه من أي الشعر كان فإذا كان القرآن والعلم الغالبين عليه فليس جوف هذا عندنا بممتلىء من الشعر. 1043 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن لَعِبَ بالنَّردشيِر فكَأنّماَ صَبَغَ يَدَه في لحمِ خِنزِيرٍ وَدَمِه (ص 1770). قال الشيخ: مالك -رضي الله عنه- ينهى عن اللّعب بالنَرد والشِّطرنج، ويرى الشّطرنج شرّا من النّرد وألهى منها وهذا الحديث حجّة له وإن كان ورد في النّردشِير قيسَت الشّطرنج عَلَيها لاشتراكهما في كونهما شاغِلَين عَماَّ يفيد في الديّن والدُّنيَا موقِعَين في القِماَر أو التَّشَاجر الحادث فِيهِماَ عِند التّغالب مَعَ كَونِهماَ غير مفِيدَين.

وقد نَبَّه مالك على هذا بقوله الشطرنج ألَهى وَينهى عن اللّعب القليل والكثير بِقِماَرٍ أو غَيِر قِماَر لأنّ القَلِيل يوقِع في الكَثِير واللاَّعب وإن ترك القِماَر قد يَقَع في القماَر لَكِن ردّ الشهادة لا يكون بركوب كلّ محرم أو مكروه فإن كان لاعب الشِّطرنج قامَر عليها ردَّت شهادته وإن قلّ فعله لذلك، وقال أبو حنيفة: إن كانت محاسنه أكثر من مساويه واجتنب الكبائر جازت شهادته على الجملة، والقمار إذا كان محرّما وتحريمه مشتهرا ويؤذن ركوبه بسقوط المروءة فلا معنى لقبول الشّهادة. وإن لم يقامر عليها فمالك يشترط في ردّ شهادته الإدمان عليها وفسر بعض أصحابه الإدمان بلعبها مرّة في السّنة وهذا تعسّف وبعيد (¬3) من لفظ مالك وراعى بعض أصحابنا في ردّ الشهادة انقطاعه بلعبها عن صلاة الجماعات (¬4) وراعى بعضهم الحالة الّتي يقع اللّعب عليها فإن أذنت بسقوط المروءة كلعب المتصوّن الملحوظ بعين الَجلاَلَة معَ سَفَلَةِ النّاس معلِنًا بذلك سقطتِ الشهادة وإن كان مستَترا بها ملاعبًا لأمثاله من أهل الصَّون في بعض الأحايين لم تردّ الشهادة. وراعى بعض الأصوليّين القصدَ باللَّعب فإن كان لتسلية النّفس وَشغلِهَا عن هموم لزِمتها أو تجويد القريحة وشحذ الذّهن الكَالِّ لم تسقط الشهادة بل يَميل هؤلاء إلى الَجوَازِ على هذه الحالة. وقد حكيَ عن أفاضل من التّابعين لعبهَا وقال بعض شيوخنا لا يثْبت ذلك عنهم وإنّما يتقوّل ذلك أهل البَطَالَة ليجعلوا لأنفسهم أسوة في بطالتهم. ¬

_ (¬3) في (ب) بعيد بدون واو. (¬4) في (ب) الجماعة.

والشِّطرنج لعب معروف والنَّردشير جنس اَخر من اللَّعب وقد قال بعض الحكماء: كان الأوائل لما نظروا إلى أمور الدنيا فوجدوها تجري على أسلوبين مختَلِفَين منها ما يجري بحكم الاتِّفاقِ ومنها مَا يجَري بحكم السَّعي والتَّحيُّلِ فَوضَعوا النّردَ مِثالا لمِا يجري من أمور الدّنيا بحكم الاتّفاق لتشعر به النفس وتتصَدّاه، ووضعوا الشطرنج مثالاً لما يجري من أمور الدّنيا بحكم السَّعي والاجتهاد لتشعر النفس بذلك وتنهض الخواطر إلى عَمَل مثله في المطلوبات. وإنّما ذكرنا هذا ليعرف منه على الجملة حقيقة اللّغَتَين (¬5) حتى يعلَم مِن عِلم حكمِهِماَ حقيقَتهما على الجملة إن لم يكن يعرفهما تفصيلاً. ¬

_ (¬5) هكذا جاء في (أ) وفي (ب) اللعبين وهو الأقرب.

كتاب الرؤيا

كتاب الرّؤيا (¬1) 1044 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الرُّؤيا من الله وَالحلم مِن الشَّيطَان فإذا حَلَم أحدكم حلماً يكرهه فَليَنفث عن يَسَاره ثلاثًا وَليتعوّذ بالله من شّرها فإنهّا لن تضره". وفي بعض طرقه: "الرُّؤيا الصَالحِة مِنَ الله والرُّؤيَا السّوء من الشَّيطَانِ فمن رَأى رؤيَا فكَرِه منها شَيئًا فَليَنفِث عن يَسَاره وليتعوذ بالله مِن الشَّيطان فإنهّا لا تضرّه ولا يخبر بها أحَدًا فإن رأى رؤيَا حسنة فليستر (¬2) وَلا يخبر بها إلاّ من يحبُّ" (ص 1771 - 1772). قال الشّيخ: كثر كلام النّاس في حقيقة الرؤيا. وقال فيها غَير الإسلاميّين أقَاويل كثيرةً منكرةً لمّا حَاولوا الوقوف على حقائق لا تعلم ¬

_ (¬1) لم يأت هذا العنوان إلاّ في (ج) وجاء في (أ) بالهامش. (¬2) في (ب) فليستبشر، والذي في الأصول فليبشر وهو ما في (ج).

بالعَقل ولا يقوم عليها برهان وهم لا يصدّقون بالسمع فاضطربت لذلك مقالاتهم. فمن ينتمي إلى الطبّ يَنسب جمَيع الرّؤيا إلى الأخلاط ويستدلّ بالمنامات على الِخلطِ الغالب ويقول من غلب عليه البلغم رأى السِّباحة في الماء (¬3) أو ما يشبهه لمناسبة الماء في طبيعته طبيعة البلغم، ومَن غلب عليه الصّفراء رأى النّيران. والصعود في الجوّ وشِبهِهِ لمِناسبة النّار في الطّبيعة طبيعة الصفراء ولأنّ خفّتها واتّقادها يخيّل إليه الطَّيرَان في الجوِّ والصُّعود في العلوّ، وهكذا يصنعون في بقيّة الأخلاط، وهذا مذهَب وإن جوّزه العقل وأمكن عندنا أن يجرِيَ البَاري جلَّت قدرته العادة بأن يخلق مثلما قالوه عند غلبةِ هذه الأخلاط فإنّه لم يقم عليه دليل ولا اطَّردت به عادة. والقطع (¬4) في موضع التّجويز غَلط وجَهالة، هذا لو نسبوا ذلك إلى الأخلاط على جهة الاعتياد، وأما إن أضافوا الفعل إليها فإنّا نقطع بخطئهم ولا نجَوّز (¬5) ما قالوه إذ لا فَاعل إلاّ الله سبحانه. ولبعض أيمَّة الفلاسفة تخليط طويل في هذا وكأنّه يرى أنّ صور ما يجري في الأرض في العالم العلويّ كالمنقوش وكانّه يدور بدوران الأكر (¬6) فما حَاذى بعض النّفوس (¬7) منه انتقش فيها. وهذا أوضَح فَسَادًا من ¬

_ (¬3) في (أ) السياحة، وجاء في (ب) من غلب عليه البلغم والسّباحة في الماء وما يشبهه. (¬4) في (ب) وانقطع. (¬5) في (ب) ولا يحوز. (¬6) في (ب) الكرة. (¬7) في (ب) النقوش.

الأوّل مع كونه تحكّما بما لم يقع عليه برهان، والانتقاش من صِفَات الأجسَام وكثِير ما يجري في العالم الأعراض، والأعراض لا تنتقش ولا ينتقش فيها. والمذهب الصّحيح ما عليه أهل السنّة وهو أنّ الله سبحانه يخلق في قلب النّائم اعتقادات كما يخلقها في قلب اليَقظان وهو تبارك اسمه يفعل ما يشاء ولا يمنعه من فعله نوم ولا يقظة فإذا خلق هذه الاعتقادات فكأنّه سبحانه جعلها عَلَماً على أمورٍ أخر يخلقها في ثاني حال أو كان قد خلقها. فإذا خلق في قلب النّائم اعتقاد الطّيران وليس بطائر فقصارى ما فيه أنّه اعتقد أمرًا على خلاف ما هو عليه وكم في اليقظة من يعتقد أمرًا على غَير ما هو عليه فيكون ذلك الاعتقاد عَلَما [على غيره كما يكون] (¬8) خلق الله سبحانه للغيم عَلَماً على المطر والجميع خَلْقُ الله سبحانه، ولكن يخلق الرؤيَا والاعتقادات التي جَعَلها عَلما على ما يسرّ بحضرة الَملَك أو بغير حضرة الشيطان ويخلق ضِدّها مِمَّا هو عَلَم على ما يضرّ بحضرة الشيطان فتنسب إليه مجازا واتّساعا وهذا المعنيّ بقوله - صلى الله عليه وسلم - "الرّؤيا من الله والحلم من الشّيطان" لاَ على أنّ الشّيطان يفعل شيئا في غيره، وتكون الرُّؤيا اسماً لما يُحبُّ والحلم لما يكره. وأمّا قوله - صلى الله عليه وسلم - "فإنهّا لَن تَضرَّه" فقيل معناه أنّ الرّوعَ يذهب بهذا النّفثِ المذكور في الحديث إذا كان فاعله مصدّقا به متَّكِلاً على الله جلّت قدرَته في دفع المكروه عنه وقيل يحتمل أن يريدَ أن هذا الفعل منه يمنعَ من نفوذ ما دلّ عليه المنام من المَكروه ويكون ذلك سَبَبا فيه. كما تكون الصّدقة تدفع البلاء إلى غير ذلك من النّظائر المذكورة عند أهل الشريعة. ¬

_ (¬8) ها هنا محو في (أ).

وأمّا قوله - صلى الله عليه وسلم - "لاَ يُخْبِرْ بها إلاَّ مَن يحبُّ". فيحتمل عندي أن يكون حَذَرًا مِن أن يَعبرَهَا له من يبغضه على الصّفة المكروهة فيحزنه ذلك، أو يتفق وقوعهَا على ما عبر، ويكون وصفها بأنها حسنة بمعنى حسنها في الظاهر. وأهل العبارة يقولون في تقاسيمهم من المنامات ما هو حسن في الظاهر مكروه في الباطن ومنها عكسه إلى بقية الأقسام التي يعدُّونها. 1045 - وأما قول أبي سلمة: "إني لأرى (¬9) الرُّؤيَا أعرى مِنهَا وَلاَ أزَمَّل (ص 1771). فلم أقف على تفسيره عند أهل الغريب غير أن صاحب الأفعال قال: عرِي الرجل عِريَةً وعِروَةً (¬10) صار عريَانًا واللّيلة اشتَدَّ بَردهَا فهي عَرِية وعرَوتك عَروًا نزَلت بك والأمر نَزل به والحمَّى لذعته وهي العُرَوَاء فيحتمل أن يكون أراد أنّه أرعدته الحمّى أو اشتدّ برده فَزَعًا مماّ رَأى إن لمَ يَكن من التَّعَرّي. وأمّا أزمَّل فالَمعروف أنّ التَّزمِيل التَّدثِير. 1046 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا اقترب الزّمان لم تكَد رؤيَا المسلمِ تكذب ¬

_ (¬9) في (ب) لا أرى. (¬10) هكذا جاء شكل عِريَةَ وعِروة بكسر العين في (أ) وهو خطأ والصواب ضم العين.

وأصدَقكم رؤيَا أصدقكم حَدِيثا ورؤيَا المسلمِ جزء من خمَسَةٍ وأربعين جزءًا من النبوءَةِ والرّؤيَا ثلاث فَرؤيَا صالحة بشرى من الله عزّ وجلّ ورؤيَا تحَزِين مِن الشَّيطَانِ ورؤيا مِماّ يُحدِّث الَمرء نفسه فإذا رأى أحدكم ما يَكرَه فليقم فَليصَلِّ ولا يَحدِّث بها النّاس" وفي بَعض طرقه: "رؤيا المؤمِنِ جزء من سِتَّةٍ وأربعين جزءًا من النُّبوءة (ص 1773 - 1774). قال الشّيخ -وفّقه الله-: اختلف النّاس في معنى قوله إذا اقترب الزّمان لمَ تكن رؤيَا المسلم تكذب فقال بعضهم المراد به إذا اقترب من اعتدال اللَّيل والنّهار فإن الرّؤيا حينئذ لم تكَد تكذب. وبهذا فسره أبو داود. وقال بعضهم بل المراد آخر الزّمان والقرب من القِيَامة. وأما قوله رؤيا المسلم جزء من ستة وأربعين جزءًا من النّبوة فإنّه مما قال بعض الناس فيه: إنّه - صلى الله عليه وسلم - أقام (¬11) يوحَى إليه ثلاثة وعشرين عامًا عشرة بالمدينة وثلاثة عَشَرَ بمكة وكان قبل ذلك بستة أشهر يَرى في الَمنَامِ ما يلقيه إليه الملك عَلَيهِما السلام. وذلك نصف سنة، ونصف سَنَةٍ من ثلاث وعشرين سنة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النّبوءة، وقد قيل إن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قد خصَّ دون الخليقة بضروب وفنون وجعل له إلى العلم طرق لم تجعل لغيره فيكون المراد أن المنامات نِسبتها مما حصل له وميّز به جزء من ستة وأربعين فلا يبقى على هذا إلا أن يقال بَيِّنُوا هذه الأجزاء ولا يلزم العلماءَ أن تعرف كلّ شيء جملة وتفصيلاً (وقد جعل الله سبحانه للعلماء حدّا تقف عنده فمنها ما لا تعلمه أصلا ومنها ما تعلمه جملة ولا تعلمه تفصيلا) (¬12) وهذا منه ومنها ما تعلمه جَملة وتفصيلا لا سِيّما ما ¬

_ (¬11) في (ب) قام. (¬12) ما بين القوسين ساقط من (ج).

طريقته السّمع ولا مدخَلَ للعقل فيه فإنّما يعرَف منه قَدر ما عرّف به السّمع، وقد مال بعض شيوخنا إلى هذا الجواب الثّاني وقدح في الأوّل بأنه لم يثبت أن أمَد رؤيَاه - صلى الله عليه وسلم - قبل النّبوءة كانت ستّةَ أشهر وبأنه بعد النّبوءة رأى مناماتٍ كثيرة فيجب أن يلفّق منها ما يضاف إلى الستّة أشهر فيتغيرّ الحساب وتَفسد النّسبة ولا وجه عندي لاعتراضه بما كان من المنامات خلال زمن الوحي لأنّ الأشياء توصف بما يغلب عليها وتنسب إلى الأكثَرِ منها فَلَماَّ كانت الستَّة أشهر محَضة في المنامات والثَّلاث والعشرون سنة جلّها وحي وإنما فيها منامات شيء يسير يعَدُّ عدًّا صَحَّ أن يطرح الأقَل في حكم النّسبة والِحسَاب. ويحتمل عندي أن يراد بالحديث وجه آخر وهو أنّ ثمرة المناماتِ الخبر بالغَيب لا أكثَر وإن كان يتبع ذلك إنذار وَتَبشِير والإخبار بالغيب أحَد ثمرات النبوّة وأحد فوائدها وهو في جنب فوائد النبوّة والمقصود بها يسير لأنّه يصح أن يبعَثَ نَبيء ليشرع الشرائع ويبينّ الأحكام ولا يخبر بغيب أبدا، ولا يكون ذلك قادحا في نبوّته ولا مبطلا للمقصود منها وهذا الجزء من النبؤة وهو الإخبار بالغيب إذَا وقع فلا يكون إلاَّ صدقا ولا يقع إلاّ حقا، والرّويا ربما دلّت على شيء ولم يقع ما دلّت عليه إمّا لِكَونهَا مِن الشّيطان أو من حَدِيثِ نَفسٍ أو من غَلَطِ العَابِر في أصل العبارة إلى غير ذلك من الضُّروب الكثيرة التي توجب عدم الثقة بدلالة المنام فَقد صار الَخبر بالغَيب أحَدَ ثمرات النّبوءة وهو غير مقصود فيها ولكنه لا يقع إلا حَقًّا، وثمرة المنام الإخبار بالغيب ولكنه قد لا يقع صدقا فتقدر النّسبة في هذا بقدر ما قدَّره الشرع بهذا العدد على حسب ما أطلعه الله سبحانه عليه ولأنه يعلم من حقائق نبؤته ما لا نعلمه نحن. وهذا الجواب وإن كان فيه ملاحظة لما قدمناه من الجواب الثاني عن بعض أهل العلم فإنهم لم يكشفوه هَذا الكشف ولاَ بَسَطوه هَذا البَسطَ.

وأمَا اختلاف الرِّوايات في هذا القدر ففي كتاب مسلمٍ "خمسة" وفيه "ستة" وفيه "من سبعين جزءًا من النّبوّة" وقد أشار الطَّبري إلى أن هذا الاختلاف راجع إلى اختِلاَف حَالِ الرَّاوي فالمؤمن الصالح تكون نسبة رؤياه من ستة وأربعين والفاسق من سبعين، ولهذا لم يشترط في رواية السَّبعين في وصف الرائي ما اشترطه في وصف الرائي في الحديث المذكور فيه ستة وأربعون" فقد قال في بعض طرق مسلم "رؤيا الرّجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة" وإن كان قد أطلق في بعض طرقه فقال: "رؤيا المؤمن جزء من ستّة وأربعين" وقال: "في السّبعين الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءًا من النبوءة" ولم يشترط كون الرائي صالحًا، وقد يحمل مطلق قوله الرؤيا الصالحة جزء من ستةٍ وأربَعِيَن عَلىَ أن المراد به إذا كانت من رَجلٍ صالح بدليل الحديث الآخَر، وقد قيل: إن المنامات دلالات والدلالة منها خفيّ ومنها جَلِيٌّ فَماَ ذكر فيه السبعون أريد به أنّه الخفيّ منها، وما ذكر فيه الستة والأربعون أريدَ بِه الجلي منها. 1047 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن رآني فيِ الَمنَام فَقد رَآني حَقّا فَإنَّ الشَيطَانَ لاَ يَتَمَثَّل بيِ" وفي بعض طرقه: "مَن رَآنيِ في الَمنَام فَسَيرَاني في اليَقَظَةِ (أو كأنّما رآنيِ في اليَقَظَةِ) (¬13) لاَ يَتَمَثَّل الشَّيطَان بي". وَفيِ بعض طَرقه: "من رآني فقد رأى الحقّ" (ص 1775 - 1776). [قال الشّيخ -أيّده الله- اختلف المحقّقون في تأويل هذا الحديث فذهب القاضي أبو بكر بن الطيب -رحمه الله- إلى أنّ المراد بقوله - صلى الله عليه وسلم - "من رآني في المنام فقد رآني أنه رأى الحق"] (¬14). ¬

_ (¬13) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬14) ما بين المعقّفين ساقط من (ب).

وأنَّ رؤياه لا تكون أضغاثا ولا من تشبيهات الشّياطين. ويعضد ما قاله بقوله - صلى الله عليه وسلم - في بعض الطُّرق: "من رآني فقد رأى الحقّ" إن كان المراد به ما أريد في الحديث الأول من المنام. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَإنَّ الشَّيطانَ لا يَتَمثَّل بي". إشارة إلى أنّ المراد أنّ رؤياه لا تكون أضغاثا وإنّما تكون حقّا. وقد يراه الرّائي على غير صفته المنقولة إلينا كما لو رآه شَيخا أبيض اللّحية أو على خلاف لونه أو يراه رائيان في زمان واحد أحَدهما بالَمشرق والآخر بالمغرب ويراه كلّ واحد مِنهما مَعَه في مكانه. وقال آخَرون: بل الحديث محمول على ظاهره. والمراد أنّ مَن رآه فقد أدركه - صلى الله عليه وسلم - ولا مانع يمنع من ذلك ولا عَقل يحيله حتى يضْطرّ إلى صرف الكَلامِ عَن ظَاهِرِه. وأمَّا الاعتلال بأنّه قد يرى على خلاف صفته المعروفة وفي مكانين مختلفين معًا فإنّ ذلك غَلَط فيِ صفاته وتخيّل لها (¬15) على غير ما هيَ عليه وقد تظنّ بعض الخيالات مرئيات لكون ما يتخيّل مُرْتَبِطًا بما يرى في العادةِ فتكون ذاته - صلى الله عليه وسلم - مرئيةً وصفاته متخَيَّلةً غير مرئية والإدراك لا يشترط فيه تحديق الأبصار ولا قرب المسافات ولا كون المرئيِّ مدفونًا في الأرض ولا ظاهرا عليها وإنّما يشترَط كونه موجودًا ولمَ يقم دَلِيل على فناء جِسمه - صلى الله عليه وسلم - بَل جاء في بعض الأخبار ما يدلّ على بُقْيَاهُ صلوات الله وسلامه عليه (ويكون [اختلاف] (¬16) الصّفات المتخيّلة ثمرتها اختلاف الدّلالات. ¬

_ (¬15) في (ب) ويخيّل له. (¬16) اختلاف ساقط من (ب) وكذلك فيما بعد.

وقد ذكر الكِرماني في بَابِ رؤية النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (¬17) قال: وقد جاء في الحديث "أنه - صلى الله عليه وسلم - إذا رئي في المنام شَيخًا فهو عام سَلم وإذا رئي شابّا فهو عام حَرب، وكذلك أحد جوابَيهم عنه - صلى الله عليه وسلم - لو رئي آمِرًا بقتل من لا يحل قتله فإن ذلك من الصّفات المتخيّلة لا المرئية، وجوابهم الثاني مَنع وقوع مثل هذا، ولا وَجه عندي لمنعهم إيَّاه مَعَ قولهم في تخيل الصفات فهذا انفصال هؤلاء عما احتَجَّ به القاضي، وللمسألة تَعلّق بغامض الكلام في الإدراكات وحقائق متعلّقاتها وَبَسطه خارج عن طريقة هذا الكتاب. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من رآني في المنام فَسَيراني في اليقظة (أوكأنّما راَني في اليقظة". فإن كان المحفوظ "كأنما رآني في اليقظة" فتأويله مأخوذ مما تقدّم، وإن كان المحفوظ "فسيراني في اليقظة") (¬18) (فيحتمل أن يريد أهل عصره ممن لم يهاجر إليه - صلى الله عليه وسلم - فإنه إذا رآه في المنام فَسَيراه في اليَقَظة) (¬19) ويكون الباري سبحانه جعل رؤية الَمنَام عَلَماً على رؤية اليقظة وأوحى بذلك إليه - صلى الله عليه وسلم -. 1048 - قول الأعرابّي لما جاء إلى النبى - صلى الله عليه وسلم -: إني حَلَمت أن رأسي قطِع (فأنا أتبعه) (¬20) فقال: لا تخبر بتلعّب الشيطان بك في المنام (ص 1776). ¬

_ (¬17) ما جاء بين القوسين ساقط من (ج). (¬18) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬19) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬20) ما بين القوسين ساقط من (ب).

قال الشيخ -أيّده الله: يحتمل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - علم أنّ منامه هذا من الأضغاث بوحي أوحي إليه أو دلالة من المنام دلّته على ذلك، أو على أنّه من المكروه الذي هو من تحزين الشّيطان. وحكي عن بعض العابرين أنّه قال: يمكن أن يكون اختصر من المنام أو سقط من بعض الرّواة منه ما لو ذكر لدلّ على أنّه من الأضغاث، وأمّا العابرون فيتكلّمون في كتبهم على قطع الرّأس ويجعلونه على الجملة دلالة على مفارقة ما فيه الرائي (¬21) من النّعم ويفارق من هو فوقه ويزول سلطانه وتتغير حاله في جميع أموره إلاّ أن يكون عبدا فيدلّ على عتقه أو مريضا فعلى شفائه أو مديانا فعلى قضاء دينه أو صرَورة فعلى (¬22) حجّه أو مغموما فعلى فَرَجِه أو خائفا فعلى أمنه. وينظرون أيضا في اتّباع هذا له ويصرفون دلالة ذلك فيما مضى مما ذكرناه عنهم وفي غيره مما لم نذكره حتى يخلص لهم معنى مما قلناه أو معنى آخر تقتضيه دلالة الحال وهذا مصروف للعابرين، وإنّما ذكرنا دلالة قطع الرّأس على الجملة لا الحكم بِعَبْرِ (¬23) هذا المنام بعينه. وقد ذكر ابن قتيبة في كتابه كتاب الأصول لعبارة الرّويا أنّ رجلا قال: يا رسول الله رأيت فيما يرى النّائم كأنّ رأسي قطع فجعلت انظر إليه بإحدى عينيّ فضحك النّبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: بِأَيهّما كنت تنظر إليه؟ فلبث ما شاء الله ثمّ قبض النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فعبرَ الناس أنّ الرّأس كان النبيء - صلى الله عليه وسلم -، والنّظر إليه اتّباع السنّة. ¬

_ (¬21) في (ب) الرأس. (¬22) في (ب) فعلى قضاء حجّه. (¬23) في (ب) بغير.

1049 - قوله: "يا رسول الله إنيّ كنت أرى اللَّيلة في المنام ظُلّة تنطف السَّمن والعَسَلَ فأرى النَّاسَ يَتَكَفَفَّون منها بأيدِيهم فالمستكثِر والمستقل وأرَى سَبَبًا واصلاً من السَّماَءِ إلى الأرض فَأراك أخذت به فَعَلَوتَ ثم أخذ به رجل من بعدِكَ فَعَلاَ ثمَّ أخَذ به رجل آخَر فعلا ثمَّ أخَذ به رجل آخر فانقَطَع به ثم وُصِلَ له فَعَلا ". فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: "بأبي أنت [وأمّي] (¬24) لتدَعَنِّي فَلُأَعَبِّرَنهَّا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اعبرها، قال أبو بَكر: أمَّا الظُّلَّة فظُلَّة الإسلاَم وَأمّا الذي ينطف من السَّمن والعَسَل فالقرآن حَلاَوَته وَلينه، وأمَّا ما يتَكفَّف النَّاس مِن ذَلِك فالمستكثر من القرآن والمستقلّ وأمَّا السَّبب الوَاصِل من السَّماَءِ إلى الارض فالَحقّ الذي أنت عليه تأخذ به فيعليك الله ثم يأخذ به رجل بعدك فيَعلو به ثم يأخذ به رجل آخر فيعلو به ثم يأخذ به رجل آخر فينقطع به ثم يوصل له فيعلو به، فأخبرني يا رسول الله بِأبي أنت أصبتُ أم اخطأت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصبتَ بعضا وأخطأت بعضا فقال: فوالله يا رسول الله تحدّثني ما الذي أخطأت قال: لا تقسم (ص 1777). قال الشّيخ: اختلف النّاس في قوله - صلى الله عليه وسلم -: أصبت بعضًا وأخطأت بعضا، فقال بعضهم: المراد بأنّه أصاب في عَبْرهَا (¬25) وأخطأ في تقدّمه بين يديّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لِيَعبَر الَمنَام (¬26) ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاضر وردَّ بعض ¬

_ (¬24) وأمي ساقط من (أ). (¬25) في (ب) في غيرها. (¬26) في (ب) في تعبير المنام.

العلماء هذا التّأويل بأن قالوا (¬27) قد أذن - صلى الله عليه وسلم - له في ذلك وقال له: اعبرها فلا ملام في التقدّم. وقال آخرون إنّما وقع الخطأ عليه من أمر أغفَلَه وأضرب عن تفسيره فَصَار كأنّه قصَّر في العبارة لاعلى أنّه قال قولا أخطأ فيه. واختلف أصحاب هذه الطّريقة على قولين فيماذا أغفل فقال بعضهم: ذَكَرَ الرّائي (¬28) أنّه رأى ظلّة تنطف السّمن والعسل. فعبر الصّديق -رضي الله عنه- ذلك بالقرآن حلاوته ولينه وذلك عَبْرُ العَسَل (¬29) ولم يعبر السَّمن وأغفل ذكره قالوا: وقد يكون العَسَل كِنَاية عن القرآن والسّمن كناية عن السنّة فكأنّه كان من حقّه أن يقول: أمَّا الذي تنطف فالقرآن وما سننت أنت من السّنن وإلى هذا التأويل أشار الطّحاوي. وقال بعضهم: فإنّ المنام يدلّ على خلع عثمان لأنّه ذكر أنّه اخذ بالسبب فانقطع به وذلك يدلّ على زواله عن الولاية قهرًا لا اختيارًا لأنّه لو رمى بالسّبب بنفسه لدلّ على انخلاعه بنفسه، ولماّ انقطع به دلّ على خلعه قهرا. وإذا كان عثمان -رضي الله عنه- قد خلع قَهرًا وقتل حمل الوصل للسّبب على ولاية غيره من بعده من قومه. قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقسم" لَماَّ سأله أن يبينّ له موضِعَ خطئه. يشير قول هؤلاء (¬30) إلى ما قلناه لأنّه - صلى الله عليه وسلم - كره أن يحدث بما يجري من ¬

_ (¬27) في (ب) بان قال. (¬28) في (ب) الراوي. (¬29) في (ب) غير العسل، وفي (ج) عين العسل. (¬30) في (أ) قال هؤلاء، وفي (ج) يشير إلى ما قلناه.

الفتن بين أصحابه ويذكر لعثمان ما به يبتلى. وقال بعض أهل العلم (¬31): فإنّه - صلى الله عليه وسلم - حضّ على إبرار المقسم (ولم يبرّ قسَمَ أبي بكر وما هذا إلاّ لما رآه من المصلحة في تركها، وإبرار المقسم) (¬32) إذا منع منه مانع خرج من الحديث المذكور فيه الحضّ عليه. وأمّا الظّلَّة فهي سَحابة وتنطِف معناه تقطر، ويتكفَّفون يأخذون بأكفّهم، وسببًا واصِلا من السّماء إلى الأرض بمعنى موصول ويكون فاعلا بمعنى مفعول كقوله تعالى {مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} (¬33) بمعنى مدفوق و {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} (¬34) أي مرضية، والسّبب الحبل. ¬

_ (¬31) جاء هنا في (أ) إشارة إلى شيء اضيف في الهامش لكن غطّي في التجليد. (¬32) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬33) 6 - الطّارق. (¬34) 21 - الحاقة.

كتاب المناقب

كتاب المناقب (¬1) 1050 - قوله: "فأُتِيَ بِقَدَحٍ رَحرَاحٍ" (ص 1783). يعني واسعا. 1051 - قوله: (¬2) "فكان منها أجَادِب أمسكَتِ الَماءَ" (ص 1787). قال الخطابي: الأجادب صلاب الأرض التي تمسك الماء فلا يسرع إليه النّضوب. وقال بعضهم: أحازب بالحاء المهملة (¬3) والزّاي وليس بشيء. وقال بعضهم: أجَاذب بالجيم والذّال. وهو صحيح إن ساعَدَته ¬

_ (¬1) هذا العنوان جاء بهامش (أ). (¬2) في (ب) قوله ساقط. (¬3) المهملة ساقط من (أ) و (ج).

الرّواية، قال الأصمعي: الأجادب من الأرض ما لم يُنبت الكَلأَ معناه أنها جرداء بارزة لا يسترها النّبات، وقال بعضهم: إنّما هي أخاذات سقط منها الألف والأخاذات مسّاكات (¬4) الماء واحدتها أخاذة، وهي أمثال ضُربت لمن قبل الهدي فتعلَّم وعلّم ولمن لم يقبل، ولمن انتفع ولم ينفع، وفي حديث البخاري: "فكان منها ثغبة قبلت الماء"، والثغبة مستنقع الماء في الجبال والصّخور وهو الثَّغَبُ أيضا وتجمع على الثغباتِ (¬5). 1052 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلي وَمَثَل ما بعثَنِي الله تعالى به كمثل رجل أتَى قَومه فقال: يا قَوم إنيّ رأُيت الجيش بِعَينَيَّ وإنيّ أنَا النّذير العُريان" (ص 1788). قال الهروي: خصّ العريان لأنّه أبينُ في العين، قال ابن السِّكِّيت، والنّذير العريان: رجل من خَثعم حمل عليه يوم ذي الَخلَصة عوف بن عَامر اليشكري فقطع يده ويد امرأته وكانت كنانية. 1053 - وقوله: "فَأدلجوا" (ص 1788). أي سَاروا من أوّل اللّيل يقال: أدلجت إدلاجا، والاسم الدَّلَج والدَّلجْة (¬6) بفتح الدّال فإن أنت خرجت من آخر اللّيل قلت: ادَّلجَت ¬

_ (¬4) في (ب) ماسكات. (¬5) في (ب) الثغابات. (¬6) جاء في (أ) الدَّلجة بفتح اللاّمِ.

بتشديد الدّال أدَّلِج ادِّلاجا والاسم الدُّلْجة بضمّ الدّال. قال ابن قتيبة: ومن النّاس من يجيز الدَّلْجة والدُّلجة في كلّ واحد منهما كما يقال بُرهَة من الدّهر وَبَرْهَة. 1054 - وقوله "سَقَوا وَرَعَوا" (ص 1787). يقال: سقيت وأسقيت بمعنى واحد قال لَبِيد: [الوافر] سَقَى قَومي بَنِي مجَدٍ وأسقى ... نُمَيْرًا. والقَبَائِلَ مِن هِلال (¬7) وقوله: "وَرَعَوا" يقال: رَعَتِ الماشِيَة النّبات أكلته وأرعاها الله، أي أنبت لها ما ترعاه. وأنشد ابن قتيبة: [البسيط] كأنهّا ظبية تعطو إلى فنن (¬8) ... تأكل من طيب والله يُرْعيها وقوله: "فالنجاء" (ص 1788). قال ابن ولاَّد: يقال بالمدّ والقصر وهو مصدر انجُ. ¬

_ (¬7) في (ب) من كلاب. (¬8) في (ب) إلى منن.

وقوله: "فجعل الَجنَادب والفراش يَقَعنَ فيها" (ص 1790). الجنادب (¬9) جمع جندب وهو الجراد. وفيه لغتان بضمّ الدال وبفتحها قال الفرّاء: والفراش غوغاء الجراد (¬10) الذي يتفرّش ويتراكب، قال غيره: الفراش الطّير الذي يتساقط في النّار والسراج. 1055 - وقوله: "وَمَن شربَ لمَ يَظمأ" (ص 1793). أي لم يعطش قال ابن ولاّد: الظّمأ بالهمز والقصر: العطش يقال ظمىء يظمأ وضماءة فهو ضمآن والجمع ضِماء. 1056 - قوله: وماؤه أبيض من الورق (ص 1793). خَرَج هذا اللّفظ عَماَّ أصّلته النحويّة من أنّ فِعل التعجب يكون ماضيه على ثلاثة أحرف فإذا صار على أكثر من ثلاثة أحرف فلا يتعجّب من فاعله وإنما يتعجّب من مصدره فلا يقال: ما أبيضَ زيدا ولا زيد أبيض من عمرو إنما يقال: ما أشدّ بَيَاضَه وَهو أشد بياضا من ذلك. قالوا وقول الشاعر. [الرجز] جارية في دِرعهَا الفَضفَاضِ ... أبيض من أختِ بَنِي إباض ¬

_ (¬9) جاء في (أ) قبل قوله الجنادب الحنادب الحنادب وهو تحريف. (¬10) في (ب) هو غوغاء الجراد وكذا في (ج).

إنّماَ جاء شَاذّا ولا يقاس عليه ومنه قول الآخر: [البسيط] إذا الرّجال شَتَوا واشتدّ أكلُهم ... فَأنتَ أبَيَضهم سربال طَباخِ وهذا الذي وقع في الحديث يصحّح كَونَ ذَلك لغةً وكذلك قول عمر -رضي الله عنه- "ومن ضيعها فهو لماسواها أضيَع" قد احتجّ به بعضهم في أنَّ التَّعَجّبَ قد يكون من الزّائد على الثّلاثي وأنشدوا لذي الرمّة: [الطويل] فَما شَنَّتَا خَرقَاءَ وَاهِيتَا الكلى ... سَقَى بهِما ساقٍ وَلمَّا تبلّلا بِأضيعَ من عينيك للماء كلّما ... توهمّتَ ربعا أو تذكرت منزلا (¬11) 1057 - قوله: "اختُلِجُوا دوني" (ص 1800). أي انْتُزِعُوا. ومنه الحديث الآخر "فحنَّت الَخشَبَة حنين النَّاقَةِ الخلوج" يعني التي اختِلجَ ولدها، أي انتزع عَنهَا. ¬

_ (¬11) هذا البيت الثاني ساقط من (ب).

1058 - وقوله: "كانوا زهَاء ثلاثمائة" (ص 1783). أي مقدار ثلاثمائة (¬12). 1059 - وقوله: "والعَين تَبُضُّ بِشيءٍ من مَاءٍ" (ص 1784). من رواه بالصّاد المهملة فمعناه تَبرق، يقال: بصّ يبصُّ بَصيصًا ووَبَصَ يَبِصُ وَبِيصًا بِمعنى. ومن رَوَاه بالضَّاد المعجمة فمعناه تَسِيلُ يقال: بَضًّ وَضَبَّ بمعنى (¬13) أي سال. 1060 - وقوله: "بِماَءٍ منهَمِرٍ" (ص 1784). أي كثير شديد الاندِفَاع ومنه قوله تعالي {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ} (¬14)، أي كثير سريع الانصباب. 1061 - قوله: "فَشَام السَّيف" (ص 1786). أي أغمَدَه. يقال شام السّيف بمعنى سلّه وبمعنى أغمده وهو من الأضداد. ¬

_ (¬12) في (ب) أي مقدار وهم ثلاثمائة. (¬13) في (ب) بمعنى واحد. (¬14) آية (11) القَمَر.

1062 - قوله: "فَلَم أشعر إلاَّ وَالسَّيف صُلتًا في يده (ص 1786). أي مجردًا. قال ابن السِّكيت: فيه لغتان بِفَتحِ الصَّادِ وضَمِّهَا. 1063 - خرّج مسلم حديث: "إنَّ الله إذا أراد رَحَمةَ أمَّةٍ مِن عِبَادِه قَبَضَ نَبِيّهَا قَبلَهَا" (ص 1791) الحديث مقطوع السّند. قال حُدِّثْتُ عن أبي أسَامَةَ ومِمَّن رَوَى عنه ذلك إبراهيم بن عبد الله الجوهريّ حدّثنا أبو أسامَة حدَّثَنِي يزيد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. 1064 - قوله "وهو على فرس لأبي طلحة عُرْي" (ص 1802). يقال: فرس عري وخيل اعراء. وقد اعرورَاه ركبه عُريًا ورجل عُريَان. 1065 - قوله: "وجدناه بَحرا" (ص 1802). قال أبو عبيد: يقال للفرس، إنه لبحر وإنّه لِحَثّ أي واسع الجري. 1066 - وقوله: "ما قال لي أفًّا قَطّ" (ص 1804). الأفّ كلمة معناها التبرم، وهي اسم فعلٍ وأتي بها في الكلام للاختصار والإيجاز لأنك تستعيله للواحد والاثنين والمؤنّث والمذكّر بلفظ واحد ومنه قوله تعالى {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} (¬15). ¬

_ (¬15) 23 الاسراء - جاء هنا ولا تقل لهما والتّلاوة فلا تقل لهما.

وفيها لغات كثيرة فإذا لم ينوَّن فهو معرفة وإذا نوّن فهو نكرة فمعنى المعرفة؛ لا تقل لهما القبيح من القول، (ومعنى النكرة؛ لا تقل لهما قبيحًا من القول) (¬16). قال الهروي: يقال لكل ما يضجر منه ويستثقل: أفٍّ له، وقال بعضهم معنى أفٍّ الاحتقار والاستثقال، أخِذَ من الأفَفِ وهو القليل، وفي الحديث "فَألقَى طَرَفَ ثَوبِهِ على أنفِه ثم قال: أفٍّ أفٍّ قال ابن الأنبَارِي معناه الاستقذار لما شَمَّ. 1067 - قوله: "وكان ظئره قَيْنًا" (ص 1808). الظّئر المرضعة وجمعه ظُؤار وهو جمع شاذّ. قال ابن السّكيّت لم يأتِ فُعال بِضمّ الفاء جمعًا إلاَّ تؤام جمع تُؤم وضؤار جمع ظِئرٍ وعُرَاق جمع عَرْقٍ وَرُخَال جمَع رَخِلٍ وفرَار جمع فَرِير (¬17) وهو ولد الظّبية، وَغَنَم رُبَات جمَع شاة رُبَّى. قال ابن ولأَد: وهي الشّاة الحديثة العَهد بالنّتاج. والقين: الحداد، وأيضا العبد. والقينة الأمة وأيضا المغنيّة، وأيضا الماشطة. 1068 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أنجَشة روَيدَك سَوقًا بالقوارير" (ص 1811). رويدك معناه رِفقَك. يقال: سَارَ سَيًرا روَيدا أي سيًرا رَفِيقا (¬18) ¬

_ (¬16) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬17) في (ب) وقُرار جمع قرير. (¬18) في (ب) رقيقا.

وأصله من رَادَتِ الرّيح تَرودَ رَوَدَانًا إذا تَحَرّكت حَرَكة خَفِيفةً وروَيد تصغِير رَوْد وقد يوضع روَيدَ موضع الأمر فيقال: روَيدَ زَيدًا (أي أروِد زَيدًا) (¬19). والإرواد: الرّفق في الَمشي وغيره. وقوله: "سوقكَ بالقوارير" شَبّهَهنّ بها لضعف عزائمهن والقوارير يسرِع إليها الكَسر، وكان أنجَشَة يحَدو بِهِنّ وينشد من القريض والرّجز ما فيه تَشبيب فلم يأمن أن يَفتِنَهَنَّ أو يقعَ بِقلوبِهِنّ حدَاؤه فَأمَرَه بالكَف عن ذلك. قال الشّيخ -رضي الله عنه-: وجاء في كتاب مسلم "لا تكسِر القوارير" (¬20) يعني ضعفة النساء (ص 1812). فكأنَّ هذا قد يخرج على غير ما تأوّله الهروي. 1069 - وقوله: "كُرِبَ لِذَلِكَ وَتَرَبَّدَ وَجهه" (ص 1817). يقال: كَرَبَه الأمر كَربًا أخذ بنفسه، وتربّد وجهه أي تَغَيرَّ، وفي كتاب الهَرَوي يقال: تَرَبَّد لونه واربَدَّ (¬21) أي تَلَوَّن وصار كَلَونِ الرّمَاد. قال ومنه الحديث "كان إذا نزل عليه الوحي اِرْبَدَّ وجهه" ومنه حديث عمرو ابن العاص فقام من عند عمر مربَدَّ الوجه قال أبو عبيد: الرُّبدة لون بين السواد والغبرةِ ومنه قيل للنّعام ربد جمع رَبدَاءَ. ¬

_ (¬19) في (ب) رويدا رويدا، وما بين القوسين ساقط من (ج). (¬20) في (ب) لا تكسروا القوارير. (¬21) في (ب) اربد بدون واو.

وقوله "كصلصلة (¬22) الَجرَسِ" (ص 1817). أي صوته. 1070 - قوله: "فَلَما أُتْلِيَ عنه (1817). قال الشّيخ -أيّده الله- الظّاهر أنّه أراد خُلّي عنه وترك، ولكن حكاه ابن القوطيّة في كتاب الأفعال ثلاثِيًّا فقال: تلِيَت لي مِن حَقِّي تَلِيَّة وتُلاوَة تَلًى (¬23) ومن الشّهر كذلك بقيت، وتلوت القَرآن تِلاوة وتُلاوة، أي أتبعت بعضَه بَعضا، والَخبرَ أخبرَتكه. والشيءَ تَلْوًا تبعته، والرجل خذلته وتركته، وأتْلت كلّ أنثَى تَبِعَهَا ولدها والرّجل أعطيته، التّلاَء وهو الذمّة، وأيضا جعلتَه تاليا لك. 1071 - قوله: "عظيم الُجمّة إلى شَحمَةِ أذنَيه" وفي طريق "مَا رَأيت مِن ذِي لِمَّةٍ أحسَنَ فيِ حلّةٍ حمَراء مِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (ص 1818). قال شَمِر: الُجمَّةُ أكثَر من الوفرة، وهي الجمّة إذا سقطت على المنكبين والوفرة إلى شحمة الأذنَين واللِّمة التي ألمت (¬24) بالمنكبين. 1072 - قوله: "كَانَ شَعَره رَجِلا " (ص 1819). (يقال: شَعَر مرجّل) (¬25) أي مسرح. ¬

_ (¬22) في (أ) صَلصَة. (¬23) كذا في كتاب الأفعال لابن القوطية (ص 135) وليس فيه وتُلاوة. (¬24) في (ب) لمت. (¬25) ما بين القوسين ساقط من (ب).

1073 - وقوله: "ضَلِيعَ الفَمِ" (ص 1820). قال: شَمر يعني عِظَم (¬26) الأسنان وتراصفَها. ويقال: للرّجل إنّه لضليع الثّنايا، أي غَلِيظها وشدِيدهَا. ويقال: إنّه لضليع الَخلقِ، أي شَدِيده. قال أبو بكر الرَازي سألت ثعلبا عن ضليع الفم فقال: واسعَ الفَمِ، قال غيره: ضليع الفَم: أي عَظيم الفم، والعرب تحمد ذلك وتذمّ صغر الفم، ومنه قوله في وصف منطقه كان يفتتح الكلام ويختتمه بأشداقه وذلك لرحبِ شِدقَيه (¬27) ويقال للرّجل إذا كان كذلك: أشدق. 1074 - وقوله: "أشكَلَ العَينَين" (ص 1820). قالى أبو عبيد: الشُّهَلة حمرة في سواد العين، والشُّكْلَة حمرَة في بياض العين وهو محمود قال الشّاعر: [الطويل] ولاَ عيبَ فِيهَا غَير شُكلَةِ عَينهَا ... كذاك عِتَاق الطير شِكلاً عيونها ويروى شُكْلٌ، قال صاحب الأفعال: يقال شكِلَتِ العين بكسر الكاف شُكْلَةً وَشَكَلاً خالط بَيَاضَهَا حمرة. ¬

_ (¬26) في (ب) عظيم الاسنان وكذلك في (ج). (¬27) في (ب) شدقه.

1075 - وقوله: "منهوس العَقِبِ" (ص 1820). قال: ابن الأعرابي يقال: رجل مَنهوس القَدَمَيِن ومنهوش القَدَمَيِن، وقال أبو العبّاس: النَّهس بأطراف الأسنان والنَّهْشَ بالأضَراس. قال سماك في كتاب مسلم: مَنهوس العقب، أي قليل لحَم العقب، وكذلك قال أيضا: إن ضليع الفم معناه عظيم الفم. وقال أيضا: إنَّ أشكَل العَينَين معناه طويل شقّ العينين. 1076 - قوله: "كان أبيَضَ مَلِيحًا مُقَصَّدًا" (ص 1820). المقَصَّد الّذي ليس بجسيم ولا قصير، وقال شمر: هو القَصد (¬28) من الرّجال نحو الرَّبعَةِ. 1077 - خرّج مسلم حديث أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن النّاس خُلُقًا عن شيبان وأبي الرّبيع قالا (¬29) نا عبد الوارث عن أبي التَّيَّاح عن أنس، هكذا عند الجلودي وغيره (ص 1805). ووقع في نسخة أبيِ العَلاَء قال: نا عبد الواحد عن أبي التّيّاح، فجعل عبد الواحد بَدَلَ عبد الوارث. وَقال بعضهم والصّواب عبد الوارث، وهو ابن سعيد التّنورِي صاحب أبي التّيّاح. ¬

_ (¬28) في (ب) القصير. (¬29) في (ب) قال.

قال الشّيخ: وخرّج بعد هذا بيسير حديث جابر قال: "ما سئل رسول الله عن شيء قطّ فقال: لا. قال: نا أبو كريب عن الأشجعي. قال: وحدّثني محمد بن حاتم قال نا عبد الرحمن، يعني ابن مهديّ، هكذا في نسخة أبي العلاء ووقع عند الجلودي. نا محمَّد بن مثَنَّى (ص 1805) بدل محمد بنِ حاتم ثم عن عبد الرحمن بن مهدى قال بعضهم: وعن محمد بن حاتم خرّجه أبو مسعود الدمشقي عن مسلِم. 1078 - قول أنَسٍ: "يكره أن يَنتِفَ الرّجل الشَّعرَةَ البَيضَاء مِن رَأسِه ولحِيَتهِ" (ص 1821). قال الشّيخ -أيّده الله-: المذهب عندنا أنّه ليس بحرام وإن كان تركه أحَبَّ فَقد ذكِر في بعض الأحاديث أنّه - صلى الله عليه وسلم - "نَهَى عن نَتفِ الشَّيبِ وقال إنَّه من نور الإسلام ". رواه ابن شعبان في الزّاهي. 1079 - ذَكَر حديث شِراج الَحرَّة وقضيّةَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - للزّبَير أن يسقيَ ثم يحبس حتَى يرجع الماء إلى الَجِدْرِ (1829). قال الشّيخ: تقدّم الكلام على هذا الحديث وذكرنا الاختلاف في مراعاة بلوغ الماء إلى الكعبين هل إذا بلغ الماء إليهما (¬30) أرسل الجميع أو حبس هذا المقدار منه وأرسل ما زاد؟ والواجب أن يقضى لكل أرض بقدر كفايتها، وتحمل قصّة الزّبير على أنّه كان قدر كفاية أرضه وهل يراعىَ بلوغه الكعبين في السّاقية أو في أرض الحأئط؟. ¬

_ (¬30) اليهما ساقطة من (ج).

وذَكرنا قضاءَه - صلى الله عليه وسلم - مع غضبه وقد نَهَى عن ذلك وذكرنا أنّه معصوم في الغضب والرّضا إلى غير ذلك من الأعذار التي ذكرناها وإنّما أذكّر تلك بهذه الجمل لتطالعها هناك. 1080 - قوله: "جَاءَ رَجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا خَير البريَّةِ، فقَال - صلى الله عليه وسلم - ذَاكَ إبرَاهِيم" (ص 1839). قال الشّيخ وفّقه الله: قد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - أفضل من سائر المرسلين فيحتمل أن يكون هذا منه - صلى الله عليه وسلم - على جهة التّواضع واستثقهالاً لأن ينَادى بهذا. وقد كان إبراهيم عليه السلام من اّبائه - صلى الله عليه وسلم -، ويكره إظهار المطاولة على الآباء قد يكون فهِم من مناديه هذا المعنى، وأخبر في موضع آخر بكونه سَيِّدَ وَلد آدَمَ غَير قاصد التعاظم والتطاول على من تقدّمه - صلى الله عليه وسلم - بل ليبينّ ما أمره الله تبارك وتعالى، ببيانه، ولهذا عقب كلامه بأن قَال: "ولا فخر" ليزيلَ ما قد يظَنّ بمطلق هذا الكلام إذا أطلقه غيره من النّاس في نفسه، وقد يحتمل قوله ذاك إبراهيم قبل أن يوحى اليه بأنه هو خير منه. فإن قيل: هذا خبر ولا يقع إلاّ صدقا (¬31) والنّسخ لا يصِحّ فيه فلا وجه لعذركم هذا، قلنا: قد يريد - صلى الله عليه وسلم - أن إبراهيم خير البريّة فيما يدلّ عليه ظاهر حاله عندي، وقد يقال: فلان خير قومه وأصلح أهل بلده: والمراد فيما يقتضيه ظاهر حاله، وقد مال إلى هذه الطريقة بعض العلماء في تفضيل الفاضل من الصحابة أنه تفضيل على الظاهر لا على القطع على الباطن، وقد تكون لإبراهيم فضيلة تميّز بها عن سائر الرسل ولكن نبيّنا ¬

_ (¬31) إلا قبل صدقا ساقطة من (ب).

- صلى الله عليه وسلم - له من مجموع الفضائل ما يربي عليها حتى يكون أفضلَ على الإطلاق ولا يكون المراد بقوله - صلى الله عليه وسلم - (في ابراهيم عليه السلام "خير البرّية" الإطلاقَ ولكن) (¬32) في معنى اختص به. 1081 - قوله: "نَحن أحَقّ بِالشَكِّ مِن إبرَاهِيمَ إذ قَال: {ربِّ أرِني كيف تحي الموتَى. قال: أوَلمَ تؤمِن قَالَ بَلىَ وَلكِن لِيَطمئِنَّ قَلبِي} (¬33) (ص 1839). قال الشّيخ -رضي الله عنه-: من النّاس من ذهب إلى أن إبراهيم عليه السّلام إنما أراد بهذا اختبار منزلته واستعلام قبول دعوته فسأل الباري جلّت قدرته في أن يخرق له العادة ويحيي الموتَى ليعلم بذلك قدر منزلته عند الله سبحانه ويحَمل هَؤلاء قوله {أوَلمَ تؤمِن} على أنّ المراد به بقربك مني وبتفضيلك لديّ فيكون التقدير لو ثبت حمل الآية على هذا المعنى نحن أولى أن نختبر حالنا عند الله تعالى من إبراهيم على جهة الإشفاق منه - صلى الله عليه وسلم - والتواضع لله سبحانه. وإن قلنا بما يقتضيه أصل المحققين وأن المراد أن ينتقل من اعتقاد إلى اعتقاد أخر هو أبعد من طريان الشكّ وَنَزغات الشَّيَاطِين لانّا نساوي بين العلوم الضرورية والعلوم (¬34) النظرية ونمنع التفاضل بينهما في نفس التعلّق وإنما يصرف التفاضل إلى أنّ الشكّ لا يطرأ على الضروريّ في العادة، والنظري فقد يطرأ عليه فيكون إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - سأل زيادة في الطمأنينة وسكون النفس حتى تنتفِيَ الشّكوك أصلا أو ¬

_ (¬32) ما بين المعقفين ساقط من (ب). (¬33) لم يَقصد التلاوة لقوله تعالى وإذ قال إبراهيم ... (260) البقرة. (¬34) العلوم ساقط من (ب).

يكون المراد من نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - أنّا نحن أحقّ بالسّؤال في هذا منه على جهه الاشفاق أيضا أو يكون المراد بذلك أمته - صلى الله عليه وسلم - لِيَحضَّهم على الابتهال إلى الله سبحانه بالتعوّذ من نَزَغَات الشياطين فيِ عقائد الدين. 1082 - قوله: - صلى الله عليه وسلم -: "لم يكذب إبراهيم قَطّ إلاَّ ثلاثَ كَذَبات ثِنتَيِن في ذاتِ الله (¬35) عزّ وجلّ قوله {إنيِّ سَقِيم} (¬36) وقوله {بَل فَعَلَه كَبِيرهم هَذَا} (¬37) وواحدة في شَأنِ سَارَةَ فَإنَّه قَدِم أرضَ جَبَّارٍ وَمَعه سَارَة وكانت أحسَن النَّاسِ فقال لهاَ: إنَّ هذا الَجبَّار إن يَعلَم أنَّكِ امرَأتيِ يغلبني عليكِ فإن سَألَكِ فَأخبرِيه أنَّكِ أختِي (فَإنَّكِ أختِي) (¬38) فى الإسلام إني لا أعلم مسلما في الأرض غَيري وغَيركِ" (ص 1840). قال الشّيخ: أمَّا الأنبِيَاء عليهم السّلام فمعصومون مِنَ الكذب (¬39) فِيماَ طَريقه البَلاغ عن الله سبحانه قَلّ ذلك أو جَلّ لأن المعجزة تدلّ على صدقهم فيِ ذلك. وأمَّا ما لا يتعلق بالبلاغ ويعَدّ من الصَغائر كالكذبة الواحدة (¬40) في شيء من أمور الدّنيَا فيجري ذلك على الخلاف في عصمتهم من الصغائر وقد تقدّم الكلام عليه. ¬

_ (¬35) في (ب) في كتاب الله. (¬36) 89 - الصافات. (¬37) 63 سورة الأنبياء. (¬38) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬39) في (ب) من الكبائر. (¬40) في (أ) الوحدة.

وقد وصف - صلى الله عليه وسلم - أن اثنتين من كذبات إبراهيم عليه السلام كانتا في ذات الله سبحانه، والكذب إنّما يترك لله، فإذا كان إنما يفعل لله انقلب حكمه في بعض المواضع على حسب ما ورد في الشريعة، والقصد بهذا التقييد منه - صلى الله عليه وسلم - نَفي مَذَمَّةِ الكذب عنه لجلالة قدره في الأنبياء صلوات الله عليه وعليهم أجمعين. وقد تأوّل بعض النّاس كلماتِه هَؤلاء حتى تخَرجَ عن كونها كَذِبًا ولا معنى لأن يتحاشى العلماء مماّ لم يتحاشَ منه النبّي - صلى الله عليه وسلم-؛ ولكن قد يقال: إن المراد بتسميتها كذبا على ظاهرها عندكم في مقتضى إطلاقكم عند استعمالكم اللفظ على حقيقته ألا تَرَاه يحكي عن إبراهيم عليه السَّلام أنه قال لسَارَةَ: "أخبريه أنكِ أختي فإنَّكِ أختي في الإسلام". ومن سَمَّى المسلمة أختًا له قاصدًا أخوة الإسلام فليس بكاذب لكنه - صلى الله عليه وسلم - إنّما أطلق عليه لَفظَة الكَذِب لما قلناه من (¬41) أن الأخت في الحقيقة المشاركة في النسب وأما المشاركة في الدِّين فَأخت عَلىَ المجاز وأرَادَ أنها كذبة على مقتضى حقَيقة اللفظة في اللّغة، وعلى أن قوله: "إنها أختي" قد يكون في ذات الله إذا أراد بَهِا كفّ الظلم وصيانة الحريم لكن لما كان له فيها منفعة مَيَّزها - صلى الله عليه وسلم - عَن الأوليَنْ اللَّتين (¬42) لا منفعة له فيهما هذا الذي يظهر لي في تأويل هذا الحديث. 1083 - قوله: "كان موسى رجلا حَيِيًّا لا يرَى متَجَرّدًا فقال بَنو إسرائيل: إنّه آدَر فاغتسل عِند موَيهٍ ... " الحديث (ص 1842). ¬

_ (¬41) ان ساقطة من (أ). (¬42) في (ب) الاولتين التي.

قال الشَيخ: جعل بعض المحدّثين هذا الحديث حجةً في جواز نزول الماء عريَانا. وَجمهور العلَماَء على إجازته وَنَهَى عَنه ابن أبيِ لَيلىَ وقال: إنَّ لِلماَءِ سكّانًا، واحتج للنهي بحديث ضَعَّفه أهل العلم. وَمويه تَصغير مَاءٍ. 1084 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "جَاءَ مَلَك الموت إلى موسى فقال له: أجِب رَبّك. قَال: فَلَطَم موسَى عَيَن مَلَكِ الَموتِ فَفَقَأهَا قال: فرجَعَ الَملَك إلىَ الله عَزَّ وَجَلَّ فقال: إنَّكَ أرسَلتَنِي إلى عبدٍ لكَ لاَ يريد الَموت وَقَد فَقَأ عَينِي قال (¬43): فرد الله عَينَه، وقال لَه: ارجع إلي عَبدِي فَقل الحياةَ تريد فَإن كنت تريد الحياةَ فَضَع يَدَكَ عَلىَ مَتنِ ثَور فَماَ تَوَارَت (¬44) يَدكَ مِن شَعرة فَإنّك تعيش بها سنةً، قال، ثمَّ مَهْ؟ قًالَ. ثمَّ تمَوت قال: "والآن مِن قريب" (ص 1843). قال الشّيخ- وفّقه الله: هذا الحديث مما تَطعَن به الملحدة وتتلاعب بِنقلَة الآثار (¬45) بسببه وتقول: كيف يجوز على نبيّ مثل هذا أن يَفقَأ عَيَن مَلَكٍ؟ وَكيف تَنفَقِىء عين الملَك؟ ولعلّه لَماّ جَاءَ عِيسَى أذهب عينه الأخرى فَعمِيَ. ولأصحابنا عن هذا ثلاثة أجوبة قال بعضهم: إن الَملَك يتصوّر في أيّ الصوّر شاء مما يقدره الله عَزّ وجلّ عليها، وقد قال الله سبحانه {فَأرسَلنَا إلَيها روحَنَا فتَمَثَّل لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} (¬46). وقيل إنّه تمثّل ¬

_ (¬43) قال ساقطة من (أ) وهي في أصل مسلم. (¬44) في (أ) فماوارت يدك وما أثبتناه هو ما جاء في (ب) وفي أصل مسلم. (¬45) في (ب) وتتلاعب بنقله الآثار بسببه. (¬46) 17) مريم.

لها بصورة رجلٍ يسَمَّى تقيًّا وَلَهِذَا {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} (¬47) وقد تَمثَل جِبِريل عَليه السلام بصورة دِحيَة. وقال أصحاب هذه الطريقة: إن هذه الصوّر قَد يمون تخيّلا فَيَكون موسَى عليه السّلام فَقَأ عَينًا متَخَيَّلَةً (¬48) لا عينًا حَقِيقَةً، وهذا الجواب عندي قد لا يقنِعهم وقد يقولون: إن علم أنّه مَلَك وأنّ ذَلِك تَخَيّل (¬49) فكيف يَصكّه ويقابله (بهذه المقابلة) (¬50) وهذا لا يليق بالنّبي. وقال آخرون من أصحابنا: الحديث فيه تجوّز وإذا حمل عليه اندفع طعن الملحدة ومحمله عندنا على أنّ موسى عليه السّلام حاجَّه وَأوضَحَ الحجّة لَديه وقد يقال في مثل هذا: فَقَأ فلان عَين فلان إذا غَلَبَه بالحجة. ويَقال: عوّرت هذا الأمر بِمعنى أدخلت نَقصًا فيه فإذا صرِف ذلك إلى غلبة موسى عليه السلام بالحجة سَقَط الاعتراض. وهذا أيضا قد يبعد عن ظاهر هذا اللّفظ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَرَدَّ الله إليه عينَه". وإن قالوا: (¬51) معناه ردّ الله إليه حجّته كان بعيدا عن مقتضى سياق اللّفظ. وجواب ثالث مال إليه بعض أيمتنا من المتكلّمين وهو أمثل ما قالوه فيه وهو أنّه لا يبعد أن يكون موسى صلىّ الله على نبينا وعليه وسلّم أذِنَ الله لَه في هذه اللّطمة محنة للملطوم وهو سبحانه يَتَعَبَّد خَلقَه بما شاء ولا ¬

_ (¬47) 18) مريم. (¬48) في (ب) مخيلة، وكذلك في (ج). (¬49) في (ب) تخييل. (¬50) ما بين القوسين ساقط من (ج) وجاء عوض يقابله يقاتِله. (¬51) في (ب) وإن قال ومعناه.

أحَد من عباده تقنعه فضيلَته من أن يتصّرف بحكم التكليف فيما سَاء وسرّ ونفع وَضَرَّ فإذا سلمنا لهم (حقيقة الحديث، وحملناه على هذه الطريقة) لم (¬52) يبق لهم تعلّق. ويظهر لي جواب رابع وهو أن يكون موسى عليه السلام لمَ يَعلم أنه مَلَك من قبل الله عزّ وجلّ وظن أنه رَجل أتاه يريد نَفسَه فدافعه عَنها مدافعةً أدَّت إلى فقء عينه. وهذا سائغ (¬53) في شريعتنا أن يدافع الإنسان عن نفسِهِ مَن أراد قتله وإن أدَّى إلى قَتلِ المطالب له فضلا عن فَقءِ عَينه. وقد قدّمنا في كتاب مسلم إباحته - صلى الله عليه وسلم - فَقءَ عين من اطَّلَع على قَومِ وأنّه حلال لهم (فقء عَينه إذا اطّلع عليهم بغير إذنهم) (¬54) على ما تقدّم ومضى (¬55) الحديث فيه فكيف بهذا. وإنّما يبقى على هذا الجواب أن يقال: فقد رجع إليه ثانية واستسلم موسى إليه فدلّ على معرفته به قلنا قد يكون أتاه في الثّانية بآيَةٍ وعَلاَمة عَلِمَ بها أنَّه مَلَك الَموت وأنّه مِن قِبَل الله عزّ وجلّ فاستسلم لأمر الله ولم يَأتِهِ أوّلاً بآية يعرّفه بها فكان منه ما كان، وأَحسَن ما اعتمد عليه في المسألةِ هذا الجواب الذي ظهر لنا أو الجواب الثّالث الذي ذكرناه عن بعض أيمّتنا، وعِندِي أنّ جوابنا أرجح منه. 1085 - قوله - صلى الله عليه وسلم - لِلّذي لَطَم وجه اليهوديّ فشكى إليه، "لِمَ لطمتَ ¬

_ (¬52) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬53) في أ/ شائع. (¬54) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬55) في (ب) ونص الحديث فيه.

وجهَه؟ قال: فقال: (¬56) يا رسول الله والذي اصطفى موسى على البشر وأنت بَين أظهرنا قال: فَغَضِب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حتى عرف الغضب في وجهه ثم قال لا تفضّلوا بين أنبياء الله فإنّه ينفخ في الصور فيصعَق مَن في السماوات ومَن في الأرض إلاّ من شاء الله. قال: "ثم ينفَخ فيه أخرى فَأكون أوّلَ من يبعث أو من أوّل من يبعث فإذا موسى آخذ بالعرش فلا أدري أحوسِبَ بصَعقَتِهِ يَوم الطور أو بعِثَ قَبليِ، ولا أقول: إنّ أحدًا أفضل من يونس بن مَتَّى صلى الله عليه" (ص 1843). قال الشّيخ -وفقه الله-: أمّا قوله: "لا تفضلوا بين أنبياء الله فيحتمل أن يكون ذلك قبل أن يوحى إليه بالتّفضيل. وكان بعض شيوخي يقول: يحتمل أن يريد لا تفضلوا بين أنبياء الله تفضيلا يؤدّي إلى نقص بعضهم، وقد خرجَ الحديث على سبب وهو لَطم الأنصاريّ وجهَ اليهودي فقد يكون - صلى الله عليه وسلم - خاف أن يفهم من هذه الفعلة انتقاص حقّ موسى عليه السلام فنهى عن التّفضيل المؤدّي إلى نقص بعض الحقوق. وأمّا قوله: "ولا أقول: إن أحدا أفضل من يونس بن متّى، فيحتمل أن يكون ذلك قبل أن يوحى إليه بأنّ غير يونس أفضل منه فلهذا امتنع أن يقول بالتّفضيل ولم يوحَ إليه به وهو - صلى الله عليه وسلم - لم يقل ها هنا إنّ يونسَ أفضل من سائر الأنبياء (¬57) حتى يكون ذلك معارضا في ظاهره لقوله: "أنا سَيِّد ولد آدم " فيفتقر إلى التّأويل، ولكنه إذا قال: "لا أقول: إنّ أحدًا أفضل من يونس" وحملناه على أنّ ذلك قبل أن يوحى إليه بالتفضيل ثمّ أوحىَ ¬

_ (¬56) في (ب) فقال قال. (¬57) في (ب) سائر المسلمين.

إليه بالتّفضيل فقال به: لم يكن في ذلك من التّعارض ما يغمض ويفتقر إلى التّأويل. 1086 - قوله: "فنظرت إلى خَاتَمِ النّبوَّةِ بين كَتِفَيهِ عند (¬58) نَاغِضِ كَتِفِه" (ص 1823). قال: شَمِر النّاغض (من الإنسان أصل العنق حيث ينغِض رَأسَه ونغض الكتف هو العَظم الرقيق على طَرفِهَا. قال غيره: الناغض) (¬59) فرع الكتف سميّ نَاغِضًا لتَحَرّكِهِ، ومنه قيلَ للظَّلِيم نَغض لأنَّه يحرك رَأسه إذا عَدا. 1087 - قوله: "لَيس بالطويل البائن" (ص 1824) من صفته - صلى الله عليه وسلم - (ولا بالقصير)، أي ليس بالطويل المتفاوت ولم يكن بالقصير كان رَبعَة (¬60) القامة. 1088 - وقوله: "لَيسَ بالأبيَض الأمهَقِ " (ص 1824). يعني لم يكن بالشّديد البياض الذّي يتوهم الناظر إليه برصًا (¬61) كان بياضه مشربا بالحمرة. ¬

_ (¬58) عند ساقطة من (ب). (¬59) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬60) في (ب) كان ربع القامة، وكذلك في (ج). (¬61) في (ب) أنه برص.

ولم يكن "بالادم" يعني لم يكن شديد السمرة. ولا "بالجعد القَطَطِ" يَعنِي الشَّدِيد الجعوَدةِ. "ولاَ بالسَّبِطِ" يَعنِي المرسَل الشَّعَرِ. 1089 - قوله: "كَانَ قَد شَمِطَ مقَدَّم رَأسِهِ" (ص 1823). قال ابن الأنبَاري: الشَّمَط معناه في كلام العرب اختلاط البَيَاضِ بالسَّوَادِ فَإذَا كَانَ البَيَاض والسّوَاد نصفين أو شبيها بهما قيل: قد أخلَسَ الشَّعر فهو مخلِس فإذا غَلَبَ السَّوَاد على البَيَاضِ قيل: أغثَم (¬62). 1090 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَأنَا العَاقِب" (ص 1828). يعني أنّه آخر المرسلين وأنه أرسِل عَقِبَهم. 1091 - وقوله: "فَلَماَّ سَمِعَ ذَلِكَ القَوم أرَمّوا" (1834). قِيلَ معناه سَكَتوا، قال صاحب الأفعال: أرَمَّ القوم سكتوا لشيء هابوه. والعَظم صار فيه رِمّ وهو المخّ، والأرض صَارَ شَجَرها رَمِيماً مِنَ الَجدبِ (¬63). ¬

_ (¬62) في (ب) و (ج) فهو أغثَم. (¬63) في (ب) من الجذب بالذال المعجمة.

وقوله: "فَخَرَجَ شِيصا فَمَرّ بهم" (ص 1836). أي نَاقِصًا، والشِّيص البُسر الذي لا نَوَى له. 1092 - وقوله: "فَجَمَحَ موسَى بأثَرِهِ" (ص 1841). يقال جَمح الرّجل إذا أسرع في مَشيه إسراعا لاَ يَردّ وَجهَه، ومنه قوله عزّ وجلّ {وَهُمْ يَجْمَحُونَ} (¬64). 1093 - وقوله: "والله إنَّه بِالَحجَر نَدَبًا" (¬65) (ص 1842). يَعني أثرا والنَّدَب أيضا اثر الجرح. 1094 - وقوله: "فَيَصعَق" (ص 1844). يقال صَعِق الرّجل إذا خَرَّ مَغشِيًّا عليه لأمرٍ يهَوله. 1095 - وقوله: "حَمَلونَا بِغَيِر نَولٍ" (ص 1849). يعني بغير جعل وَالنّول والنّوال (¬66) العطاء. ¬

_ (¬64) 57) التَّوبة. (¬65) في النسخ الثلاث نَدَبًا، وفي أصل مسلم نَدَب، وما في النسخ خبر إنّه بالحجر اي كائن بالحجر، فندَبًا حال. (¬66) في (أ) والنول والنول.

1096 - وقوله: "لَقدَ جِئتَ شَيئًا إمرًا" (ص 1849). الإمر العجب، والإمر اسم من أسماَء الدّواهي. 1097 - وقوله {مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} (ص 1849). أي عِلماً. 1098 - قوله: في حديث الخَضِر: "سئل موسى أيّ النَّاس أعلم؟ فَقَال: أنا. قال: فعتب الله سبحانه عليه إذ لمَ يَردّ العِلمَ إلَيه جَلَّت قدرته" (ص 1847). 1099 - قال الشّيخ -أيّده الله-: وقع في بعض الأحاديث "هل تَعلَم أحدًا أعلَمَ منك" (ص 1852) فعلى هذا لاَ يكون عليه عتب إذ حكى عَماَّ يَعلَم. وَأمَّا على هذه الرّواية "أيّ النَّاسِ أعلَم؟ " فقال: أنا أعلم (والنّبيء لا يقع منه الكذب. وقد أوحى الله إليه أنَّ عبدا من عباده أعلم منه فيكون المحمل) (¬67) أنَا أعلم فيما يظهر إلي (¬68) ويقتضيه شاهد الحال ودلالة نبوّته - صلى الله عليه وسلم - لأنّه كان من النبوّة بالمكَانِ الرّفيعِ، والعلم من أعظم المراتبِ فقد يعتقد أنه أعلم النّاس لهِذه الجهة. وإذا كان قوله "أنا أعلم" مراد به في اعتقادي لم يكن خبره به كذبا. ¬

_ (¬67) في (ب) المحتمل، وما بين القوسين ساقط من (ج). (¬68) في (ب) فيما يظهر لي.

وقد اضطرب العلماء في الَخضرِ هل هو نبيء أم لا؟. واحتجّ من قال بِنبوَّته بقوله: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} (¬69) فدلّ على أنّ الله عزّ وجلّ يوحي إليه بالأمر، وهذه النبوّة. وينفصل الآخرون عن هذا بأنّه يحتمل أن يكون نبيء غيره أمَرَه بذلك عن الله تعالى وقصَارى ما في الآية أنه ما فعله عن أمره ولكن إذا كان المراد عن أمر الله تعالى فمن المبلغ له ليس في الآية تعيين فيه (¬70)، وقد يحتجّ من قال بنبوته بكونه أعلمَ من موسى. ويبعد أن يكون الوليّ أعلم من النبيء. وقوله: "عتب الله عليه" فيشبه أن يراد به أنه لمَ يَرضَ قوله شرعًا ودينا، وأمَّا العَتب بمعنى الَموجدة وتغيرّ النّفس فلا يجوز على الله سبحانه. 1100 - قوله: "سئِلت عائشة -رضي الله عنها- من كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستخلفا؟ أو كان استخلف؟ قالت: أبو بكر. فقيل لها: ثم مَن بعد أبي بكر؟ قالت: عمر، ثم قيل لها من بعد عمر؟ قالت: أبو عبيدة ابن الجرّاح". وذكر عنها مسلم أيضا أنهّا قالت: قال لي - صلى الله عليه وسلم - في مرضه أدعِي لي أبا بكر أباكِ وأخاكِ حتى أكتب كتابا فإني أخاف أن يتمنَّى متَمَنٍّ ويقول (¬71) قائل: أنا أولى ويأبى الله عزّ وجلّ والمؤمنون إلاّ أبا بكر (ص 1856 - 1857). ¬

_ (¬69) 82) الكهف. (¬70) في (ب) تعبير فيه. (¬71) في (أ) غطّى التجليد على قوله ويقول.

قال الشّيخ: اختلف الناس فيمن يستحق الإمامة بعد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فذهب أهل السنّة إلى أنه الصدّيق، وذهبت الشّيعة إلى أنه علي، وذهبت الراوندية إلى أنّه العبّاس. فمن خالف أهل السنة رأى الترجيح بالقرابة فقال بعضهم: عليّ لقربه ومصاهرته وما ظهر من علمه وشجاعته وقال بعضهم: العباس لأنه المستحق للميراث وَهو أولى به من عليّ فكان أولى بالخلافة، وأنكر أهل السنة أن يكون مجرّد القرابةِ يوجب الخلافة وإنما يوجبها الحصول على مرتبةٍ مّا من الدِّين والعلم وغير ذلك من الأوصاف التي ذكرها العلماء في كتب الإمامة. وقد قال عزّ وجلّ {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (¬72) {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} (¬73) ولسنا نقول: إنّ أحدا من قرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظالم ولكن وجه الاستدلال أنّ مجرد القرابة لاَ يوجب الولاية إذا منع منها مانع وهو الظلم فكذلك إذا منع منها مانع وهو وجود أفضل. وأمَّا غلوّ الشّيعة في قولهم (¬74) بأنّ عليّا -رضي الله عنه- وصيّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فباطل لا أصل له. وأمَا الصديق -رضي الله عنه- فإذا أثبتنا ولايته باتفاق الصّحابة عليه على وجه يوجب إمَامَتَه فإنّ المحقّقين من أيّمتنا أنكروا أن يكون ذلك بِنَصٍّ قاطع منه - صلى الله عليه وسلم - على إمامته وقالوا: لو كان النصّ عند الصحابة لم يقع منها ما وقع عند إقامته والعَقدِ لَه ولا كان ما كانَ من الاختلاف فدَلَّ ذلك على أنه رأي منهم وقع فيه تردّد من طائفةٍ ثم استقر ¬

_ (¬72) 30) البقرة وقوله تعالى هذا ليس في (أ) ولا في (ج) وإنما هو في (ب) خاصة، وليس فيها ما يشهد لما ذكره المؤلف. (¬73) (124) البقرة. (¬74) في (ب) بقولهم.

الأمر فانجزَم الرَّأي عليه ويجعل هؤلاء ما وقع في هذا الحديث ويأبى الله والمؤمِنون إلاّ أبَا بكر مع ما وقع من أمثاله من الظواهر التي لا تبلغ النصّ الجلي القاطع الذي لا يسوغ خلافه ولا الاجتهاد معه. وأما تفضيل الصّحابة بعضهم على بعض فقد ذهبت فرقة إلى الإمساك عن هذا، وأنه لا يفضَّل بعضهم على بعض وقالت: هم كالأصابع في الكفّ فلا ينبغي أن يتَعَرَّض للتّفضيل بينهم، وقال مَن سِوَى هَؤلاَء (¬75) بالتَّفضِيل واختلفوا فيه اختلافا كثيرا فالخطابية تفضِّل عمر بن الخطَّاب، والراوندية تفضّل العبّاس، وأهل السنة تفضل أبا بكر، والشِّيعة تفضل عليًّا -رضي الله عنهم-. اختلف القائلون بالتّفضيل: هل الذي يذهبون إليه منه مقطوع به أم لا؟ وهل هو في الظّاهر والباطن أم في الظّاهر خاصة؟ فذهبت طائفة إلى أنّ المسألة مقطوع بها وَحكِيَ عن أبيِ الَحسَنِ الأشعري مَيل إلى هذا وأنّ الفَضل مرتب في الأربعة على حسب ترتيبهم في الإمامة. وأمّا القاضي أبو بكر بن الطيب (¬76) فإنَّه يراها مسألة اجتِهَاد ولو أهمل أحد العلماء النّظر فيها أصلا حتى لم يعرف فاضلاً (¬77) من مَفضولٍ ما حَرِجَ ولا أثِمَ بِخلاف مسائل الأصول التي الَحق فيها في واحد ويقطع على خَطَإ المخالف وهذه لا يقطع فيها على خطإ من خالف من المجتهدين. ¬

_ (¬75) في (ج) مَن سَوى بين هؤلاء بالتفضيل. (¬76) في (ب) أبو بكر بن الخطيب. (¬77) في (ب) فاضل.

وفي المدوّنة: سئل مالك أيّ الناس أفضَل بعد نبيّهم - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال أبو بكر وَعمر (¬78). ثم قال: أوَفي ذلك شك؟ فقيل له: فعليّ وعثمان؟ قال: ما أدركت أحَدًا ممن اقتدي به يفضل أحَدَهما على صاحبه ويرَى الكَفَّ عن ذلك. وقول مالكٍ "أوَفي ذلك شك؟ " يكاد يشير به إلى المذهب الذي حكيناه عن القائلين بالَقطع ولكنه أشار إلى التوقّف بين علّي وعثمان. وهذا مساهمة لمن (¬79) حكَينا عنه التوقّف في الكلّ، ولكنّه خصّه مالك بهذين. وقد مال إلى قريب 8من هذا أبو المعالي فقال: أبو بكر ثمّ عمر وتَتَخَالَج الظّنون في عثمان وعليّ (¬80) -رضي الله عنهم- وهذا اللَّفظ نحو ما وقع لمالك. وأما الحكم بالتفضيل ظاهرا خاصة أو باطنا وظاهرا فإنّ في ذلك قولين للعلماء وللقاضي ابن الطيّب نصر كلّ واحد من المذهبين واحتجّ له ولكن تعويله في ظاهر كلامه على أنه حكم بالظاهر لا بالباطن عند الله سبحانه وقَد يكون من يَظهر لنا أنه أفضل من غيره ذلك (¬81) الغير عند الله تعالى أفضل منه، وكذلك وقع الاختلاف بين العلماء في عائشة وفاطمة -رضي الله عنهما- أيتهما أفضل واحتجّت كلّ طائفة بما وقع من التّفضيل لمن فَضَّلته في بعض الأحاديث والمسألة لا تَبلغ القطع. وقد وقف الشّيخ أبو الحسن الأشعري في هاتين وَتَردَّدَ فيهما ولا معنى ¬

_ (¬78) وعمر ساقط من (ب). (¬79) في (ب) مساهمة من حكينا. (¬80) في (ب) تقديم عليّ عَلىَ عثمان. (¬81) في (ب) وذلك الغَير.

للتّعويل على تقدمةِ عائشة بكونها مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في الَجنَّة في درجته وكون فاطمة -رضي الله عنها- مع عليّ في درجته ودرجة النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلىَ من درجة عليّ لأن ذلك إنما حَصَلت عليه لأجل النبي - صلى الله عليه وسلم - وكون الزوجة تابعةً لزوجها لا لأجل نَفسِهَا لو انفردت. وكذلك قولهَ في عائشة رضوان الله عليها إنها فضّلت على النساء كَالثَّرِيد على الطَّعَام (¬82) الحديث (ص 1895) كما وقع لأنه أخبار الآحاد وقد يعارض أيضا بما وقع في فاطمة -رضي الله عنها- وأرضاها من الأحاديث، وقَولِهِ - صلى الله عليه وسلم - لها "أما تَرضَيَن أن تكونيِ سيّدةْ نساءِ هذه الأمَّة (الحديث ص 1905) كما وقع. وأما عثمان -رضي الله عنه- فخلافته صحيحة وقَتَلَتُه فَسَقَة ظَلَمَة نَقَمَت عليه أن حَمَى الِحمَى وقرّب أقَارِبَه (¬83) في العطاء وآوى طريد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. وقد ذكر العلماء المخرج من هذا كلّه ولو كان مما ينقم به ولا عذرَ فيه لم يوجب إراقة دمه وقد وقفت المعتزلة فيه وفي قَتَلَتِهِ (¬84). وهذا من جهلهم بالآثار وقلّة رجوعهم إلى الأخبار وإضرابهم عن تأويلها واتّباع العلماء في مسالكهم فيها. وكذلك عليّ -رضي الله عنه- العقد له وقع بوجه صَحِيحٍ والعقد لغيره في أيام خلافته وحياته لا ينعقد ولا يصح. ولو اتّفق لمعاوية -رحمه الله- العقد في زمانه لم يكن ذلك بعقد يعوّل عليه حتى يتجدد له بعقد بَعدَ موته -رضي الله عنه- ومعاوية من عدول الصحابة ¬

_ (¬82) في (ج) على سَائر الطعام، وهو ما في الأصل. (¬83) في (ب) و (ج) وفضّل. (¬84) في (ب) و (ج) وفي قَتلِهِ.

وأفاضلهم وما وقع من الحروب بَينه وَبين عَلِيّ وما جرى بين الصّحابة من الدِّماء فعلى التأويل والاجتهاد، وكلُّ يعتقد أنّ مَا فعله صواب وَسَداد. وقد يختلف مالك وأبو حنيفة والشافعي في مسائل من الدّماء حتّى يوجب بعضهم إراقة دم رَجلٍ وَيحرمه الآخر ولا يستَنكَر هذا عند المسلِمِين ولاَ يستَبشَع لماَّ كَان أصله الاجتهاد وبه تعبَّدَ الله عزّ وجلّ العلماءَ وكذلك ما جرى بين الصحابة -رضي الله عنهم- في هذه الدّماء ومَن حاول بسط طرق اجتهادِهِم فيما وقع لهم طالع ذلك من الكتب المصنّفة فيه فقد أفرد القاضي (أبو بَكر بن الطّيّب) (¬85) فيه كتابا وذكره في كثير من كتبه وغيره من العلماء المصنفين. 1101 - وأمّا قوله: "فَالتفَتَ إلَيه الذِّئب فقال له: مَن لها يَوم السَّبعْ يَومَ لَيس لَهَا رَاعٍ غَيِري" (ص 1858). قال الشّيخ -رضي الله عنه-: بعض أهل العلم (¬86) يقول: يوم السّبعْ، بإسكَانِ الباء ويفَسرِّه بِأنه أرَادَ يومَ القِيَامَةِ، قال بعضهم: "من لها يوم السبع" السبع الموضع الذي عنده المحشر يوم القيامة أرَادَ مَن لَهَا يَومَ القيَامَة. (قال الشيخ -وفقه الله- وقد سألت بعض أيمة اللّغة عن هذا فقال لي: مَا أعرِف لتسمِيَةِ يوم القيامة) (¬87) بهذا الاسم وجها ولكني أعرف في اللّغة سَبَعت الرّجلَ أسبَعه سَبعًا إذَا طَعَنت عليه فلعلّه لما كان يوم القيامة يَومَ الكَشفِ عن المساوىء سمِّي ذلك سَبعا. هذا الذي ذَكَر لي من سألته ¬

_ (¬85) ما بين القوسين ساقط من (أ) و (ج). (¬86) في (ب) و (ج) أهل اللّغة. (¬87) ما بين القوسين ساقط من (ج).

وقد رأيت في بعض كتب اللّغة يقال: سبعت الأسد إذا ذعرته. قال الطِّرماخ: [الطويل] فَلَماَّ عوى لَيث السِّمَاك سَبَعتَه ... كما أنَّا أحيانا لهن سَبَوع (¬88) يصف الذئب. ويكون المعنى على هذا: من لها يوَم الفَزَع، ويوم القيامة أيضًا يَوم الفَزَع. وَحَكَى صاحب الأفعال سَبَعت الرجلَ سَبعًا وَقَعت فِيهِ، والقومَ صرت سَابِعَهم، وأيضا أخذت سُبُعَ أموالِهِم، والذئاب الغَنَم أكلَتهَا، وأسبَعت الرَّجلَ أهَملته، وأيضًا أطعمته السَّبُع، وَالرَاعِي وَقَعَ السبع في غنمِهِ، والمرأة وَلَدَت لِسَبعَةِ أشهرٍ، وَالقَوم صَاروا سَبعَةً. هَذَا جملَة مَا حَكَاه مِن تَصِريف هَذِهَ اللَّفظَةِ فيِ مَعَانٍ مختَلِفَةٍ ويحتَمِل مِماَّ ذَكَرنَاه أن يرِيدَ يَوم السَّبع يَومَ أكليِ لَهَا لِقَولِه: سَبَعَ الذِئب الغَنَمَ أكلَهَا وإن صَحَّ أن يستعمَلَ الثُّلاثيُّ هَا هنَا مَكَانَ الرباعي كَماَ قَالَ عَزَّ وجَلّ {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} (¬89) صَحّ أن يريدَ مَن لَهَا يَومَ الإهمالِ كَماَ حكِيَ أسبَعته أهَملته وَيَكون المرَاد بِهِ نحوَمَا يرَاد بروايَةِ مَن رَوَى مَن لَهَا يَومَ السُّبعِ يَومَ لا رَاعِيَ لَهَا سِوَايَ إذَا كَان الَمعنَى فقدَ الَحارِسِ لَهَا وَالَمانِعَ مِنهَا. 1102 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بَينَا أنَا نَائِم رَأيْتُنِي عَلىَ قَلِيبٍ عَلَيهَا دَلو" (الحدِيثَ) (ص 1860). ¬

_ (¬88) جاء سَبُوع في (أ) بفتح السين. (¬89) 17 نوح.

قال الشّيخ -أيّدَه الله- تَقَدَّمَ تَفسِير القَلِيبِ وَالغَرْبِ، وَالذَّنوبِ. وأمَّا العَبقَرِيّ فَقَالَ أبو عبَيد: قال الأصمَعِي: سَألت أبَا عَمرو بن العَلاَء عَنِ العَبقَرِيّ فَقَالَ: يقَال هَذَا عَبقَرِيّ قومِهِ كَقَولهِم سَيِّد قَومِهِ وَكَبِيرهم وَقَويهّم 1103 - وأما قوله يفري فريه (ص 1862). أي يعمل عملَه ويقوَى قوّته ويقطع قطعه والعرب تقول: تركته يفرِي الفري إذا عمِل العمل فأجَادَ. 1104 - وقوله "ضرب النّاس بعَطَن" (ص 1862). قال ابن الأنباري معناه رَوُوا وَأروَوا إبلَهم فأبركوها فضربوا لها عَطَنًا، يقال: عطَنَتِ الإبل فهيَ عَاطِنَة وَعَوَاطِن إذا بركت عند الحياض لتعادَ إلى الشرب مرّة أخرى وأعطنتها أنا. 1105 - قوله قَد كَان يَكون في الأمم قبلكم مُحدَّثونَ" وذكر مسلم عن ابن وهب أنّ تفسيره ملهمون (ص 1864). فقال غيره: يريد بقوله: "محدّثون" قومًا يصيبون إذا ظنّوا فكأنهّم حُدِّثوا بشيء فقالوه. 1106 - قوله دخل مالاً فجلس في القُفّ (ص 1869).

القفّ شجر النّخل والقفّ أيضا الشجرة اليابسة، والقف أيضا شبيه الزَبِيل (¬90) من الخوص. والمراد بهذا الحديث في الظاهر القفّ الذي يسقط فيه ماء الدّلو ثم يمضي منه الى الظفيرة وهي محبس الماء كالصِّهرِيجِ. 1107 - قول معاوية لسعد: "ما منعك أن تسبّ أبا تراب" فذكر سعد رحمه الله فضائل عليّ -رضي الله عنه- وأنّه - صلى الله عليه وسلم - قال له: "أما ترضى أن تكونَ مني بمنزلة هارون من موسى" عليهما السلام. وقوله - صلى الله عليه وسلم - "الأعطيّن الرّاية غدًا رَجلا يحبّ الله ورسولَه ويحبّه الله ورسوله فأعطاها علِيًّا رضوان الله عليه، ولما نزلت {نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} (¬91) دعاهُ - صلى الله عليه وسلم - وفاطمة وابنيهما عليهما السّلام فقال: اللهم هؤلاء أهلي" (الحديث) (ص 1871). قال الشّيخ -أيّده الله-: مَذهَب أفَاضِل العلَماَءِ أنّ ما وقع من الأحاديث القادحَةِ في عدالة بعض الصّحابة والمضيفة إليهم مالا يليق بهم فإنهّا تردّ ولا تقبل إذا كان رواتها غيَر ثقاتٍ فإن أحبّ بعض العلماء تأويلها قطعًا للشّغب ترِكَ ورأيَه وإن رواها الثقات تؤولت على الوجه اللائق إذا أمكن التأويل ولا يقع في روايات الثّقاتِ إلاّ ما يمكن تأويله، ولا بدّ أن نتأوّل قَولَ معاوية هذا فنقول: ليس فيه تصريح بأنّه أمره بسبّه وإنّما سأله عن السّبب المانع له من السبّ. وقد يسأل عن مثل هذا السّؤال من يستجيز سبّ المسؤول عنه ويسأل عنه من لا يستجيزه. وقد يكون معاوية رأى سَعدا بين قوم يسبّونه ولا يمكن الإنكار عليهم فقال: ما منعك أن تسبّ أبا تراب لتستخرج منه مثل ما استخرج مماّ حكاه عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيكون له حجّة على من يسبّه حتى ينضاف إليه من غوغاء جنده ¬

_ (¬90) في (ب) و (ج) الزنبيل. (¬91) 61 آل العمران.

فيحصل على المراد على لسان غيره من الصَّحَابة ولو لم نسلك هذا الَمسلَك وحملنا عليه أنّه قصد ضدّ هذا مَما تثيره الموجدة ويقع في حين الَحنَق لأمكن أن يريد السّب الذي هو بمعنى التفنيد (¬92) للمذهب والرأي، وقد يسمى ذلك في العرف سبّا ويقال في فرقة إنها تسبّ أخرى إذا سمع منهم أنهم أخطؤوا في مذاهبهم وحادوا عن الصّواب وأكثروا من التّشنيع عليهم، فمن الممكن أن يريد معاوية من سعد بقوله: ما منعك أن تسبّ أبا تراب، أي تظهر للناس خطأه في رأيه وَأنَّ رأينا وما نحن عليه أسدّ (¬93) وأصوب هذا مما لا يمكن أحَد أن يمنع من احتمال قوله له وقد ذكرنا ما يمكن أن يحمل عليه قوله ورأيه فيه جميل أو غير جميل في هذين الجوابين، بمثل هذا المعنى ينبغي أن يسلك فيما وقَعَ من أمثَال هذا. 1108 - قوله: "فَبَاتَ النَّاس يَدوكون لَيلَتَهم" (ص 1872). أي يخوضون يقال: النّاس في دَوكَة، أي في اختلاط وخوض. 1109 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأنَا تَارِك فيكم ثَقَلين كتابَ الله فيه الهدَى والنّور فخذوا بكتاب الله واستَمسِكوا به فَحَثَّ - صلى الله عليه وسلم - على كتاب الله ورغَّب فيه ثم قال: "وَأهل بيتي أُذَكِرّكم الله في أهل بَيتِي" (الحديث) (ص 1873). قال أبو العباس ثعلب سَماهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ثَقَلَين" لأنّ الأخذ بهما ¬

_ (¬92) في (ج) التقييد. (¬93) في (ب) أمثل، وفي (ج) أشدّ.

والعمل بهما ثَقِيل. والعرب تقول لكلّ خطير نفيس ثَقَل. فجعلهما ثقلين إعظاما لقدرهما وتفخيما لشأنهما. 1110 - وقوله: "فَأتَيتُهم فيِ حَشٍّ (ص 1877). الَحشّ بستان النخل وفيه لغتان ضم الحاء وفتحها، ويقال في جمعه: حُشَّان قال ابن الأنباري: والحشّ أيضا مواضع الخلاء. وَإنما سُمّي مواضع الخلاء حشًّا لأنهَّم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين. قال أبو عبيد: والَحائش جماعة النخل وهو البستان أيضًا. 1111 - قال الشّيخ -أيّده الله-: خرَّج مسلم في فضائل سعد -رَضي الله عنه- قال: "نا أبو كريب وإسحاق عن محمد بن بِشر عَن مِسعَرٍ قال ونا ابن أبي عمر عن سفيان عن مِسعَرٍ كلهم عن سعد بن إبراهيم". قال بعضهم قال أبو مسعود الدّمشقي ... هكذا رواه مسلم حدّثنا أبو بكر نَا وكيع وأسقط منه سفيان (ص 1876). وتوهّم النّاس أنه وَكيع عن مِسعَر وإنّما رواه أبو بكر في المسند وفي المغازي وغير موضع عن وكيع عن سفيان عن مسعَر (¬94). 1112 - قوله "شَجَروا فَاهَا بِعصًا ثمَّ أوجَروهَا" (ص 1878). شَجَروا، أي فتحوا. ويقال: وجرته وأوجرته إذَا ألقيت الوَجُور في فِيهِ وَهو الدَّوَاء. ¬

_ (¬94) في (ب) عن سَعدٍ.

1113 - قوله: "نَدَبَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ يَومَ الخندَقِ (ص 1879). أي دَعَاهم. قال صاحب الأفعال: ندبتهم إلى الحرب والأمر وَجَّهتهم، وإلى الشيء دَعوتهم. 1114 - قوله: "لِكلِّ نَبِيٍّ حَوارِيّ وَحَوَاريَّ الزّبَير" (ص 1879). أي خاصّتي والمفضّل عندي ونَاصري، قال الأزهري: لِكلّ نَاصِرٍ نَبِيَّه حَوَارِيّ تشبيهًا بِحَوارِيِّ عيسى - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن الأنباري: وَحَوِارِيّ عيسى هم المفضَّلونَ عنده وخاصّته. وقال الأزهريّ: الحواريون خُلْصَان الأنبِياء عليهم السّلام وتأويله الّذين أخلصوا وأنقوا من كل عَيب، والدّقيق الُحوَّارَي الذي سُبك ونخِل كأنه روجع في اختباره مرّة بعد أخرى، قال ابن وَلاّد: حواريّ (الرّجل خلصَانه وخَاصّته، ورجل حَوَاريّ) (¬95) أي نظيف، وسمى القَصَّار حوّارا (¬96) لتنظيفه الثّياب، قال الهروي: وُيسمّى خبز الُحوّارى لأنّه أشرف الخبز وأنقَاه. 1115 - قوله: "فيِ أُطُمِ حَسّانٍ " (1879). الأطم بناء مرتفع وجمعه آطام، ومنه الحديث "حتى توارت بآطام المدينة" يعني أبنيتها المرتفعة. ¬

_ (¬95) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬96) في (ب) حَوَاريًا.

1116 - وحِرَاء (ص 1880). بالمدّ جَبَل بمكة. 1117 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أثَمَّ لُكَع" (ص 1882). قال الهروي: سئل بلال بن جرير عن اللُّكع فقال: هي في لغتنا الصّغيرة. قال الأصمعيّ: الأصل في لُكَع مِن الَملاَكع وهي التي تخرج مع السَّلىَ عَلىَ الولد. وفي حديث الَحسَن أنّه قال لإنسَانٍ: "يَا لُكع " يرِيد يا صَغِير (¬97) فيِ العِلمِ. 1118 - قول عائشة -رضي الله عنها-: "وعليه مِرط مُرَحَّل من شَعرٍ أسوَدَ " (ص 1883). المِرْطُ كساء وجمعه مروط والمرحل بالراء والَحاء المهملتين (¬98) [هو الوَشي سمي مرحلاً لأنّ عليه تصاويَر الرِّحال وَجمعه الَمراحل ويقال لها الَمراجِل بالجيم أيضًا. 1119 - قوله: "وبَشِّرْ خَدِيَجةَ بِبَيتٍ فيِ الجَنَّةِ مِن قَصَبٍ لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ " (ص 1887). ¬

_ (¬97) في (ب) و (ج) يا صغيرا. (¬98) من هنا إلى قوله وقول الرابعة ساقط من (ب).

قال الَهروي في قوله "بِبَيتٍ من قصب" هو في هذا الحديث لؤلؤ مجوَّف واسع كالقصر المنيف. والصخب الصوت المرتفع، وأيضا اختلاط الأصوات، والنّصب المشقة والعناء والتعب. وفيه لغتان نُصْب وَنَصَب مثل حُزْنٍ وَحَزَن. قال صاحب الأفعَال: نَصِبَ الرَّجل بِفَتح النون وكسر الصاد أعيا من التَّعَبِ. 1120 - قوله - صلى الله عليه وسلم - لِعَائِشَةَ "جَاءَنيِ بِكِ الَملَك فيِ سَرَقَةٍ مِن حَرِيرٍ" (1889). قال أبو عبيد: هي الشُّقَق إلاَّ أنهَّا هِي البيض منها خاصة الواحدة سَرَقَة، قال: وأحسبها فارسية أصلها سَرَط، وهو الجيّد. وأنشد غير أبي عبيد للعجاج-: [الرّجَز] ونَسَجَت لَوَامِعُ الَحرورِ ... سَبَائِبًا كسَرَقِ الَحرِير 1121 - وَقولها: "فأشخَصَ بَصَرَه" (ص 1894). أي رفعه. 1122 - قول عائشة: "جَلَسنَ (¬99) إحدى عشرة امرأة فتعاهدنا وتعاقدنا أن لا يكْتمنَ مِن خَبَرِ أزوَاجِهِنّ شَيئًا" (¬100) (الحَدِيثَ بِطولِه) (ص 1896 - 1902). ¬

_ (¬99) في أصل مسلم جَلَسَ إحدى عشرة امرَأة. (¬100) شيئا ساقط من (ج).

قال الشّيخ أيّده الله: قَول الأولى من النسوة اللاَّتيِ اجتمعن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا "زَوجِي لحَمُ جَمَلٍ غَثٍّ". تعنِي المهزولَ على رأس جَبَل. تصف قِلَّة خيره وَبعدَه مع القلّةِ كالشيء في قُلَّةِ الجبل الصَّعب لا ينال إلاّ بِالمشقة. قال الخطَّابي. معنى البعد في هذا أن تكون قد وصفته بسوء الخلقِ والترفّع لنفسه والذهابِ بهِا تيها وَكِبرا، تريد أنه مع قلة خيره وَنَزَارته قد يتكَبر عَلىَ العشير فيجمع إلى منع الرِّفد الأذى وسوءَ الخلقِ. قَال أبو عبَيد: وقولها "سَمِين فينتقي" أي يستخرج نِقيه والنِّقي المخ يقَال: نَقَوت العَظمَ ونَقَيته وأنقيته إذا استخرجت نقيه. وَمَن رواه فَينتَقَل أي ليس بِسَمِين ينتقله الناس إلى بيوتهم يأكلونَه ولكنهم يَزهَدونَ فِيه. قال الخطابي: يريد أنَّه ليس في جانبه ظرف فيحتمَل سوء عِشرته لذلك، يقال: انتقلت الشيءَ أي نقلته. قال أبو عبيد: قول الثانية "أَذْكُرُ عُجَرَهُ وبُجَرَهُ ". العُجَرُ أن يَتَعَقَّدَ العَصَب أو العروق حتى تَرَاهَا نَاتِئةَ من الجسد والبُجَر نَحوُهَا إلاّ أنهّا في البطن خاصةً واحدتها بُجْرَة. ومنه قيل رَجل أبجَر إذا كان عظِيم البَطنِ وامرَأة بَجرَاء والجمع بُجَر، ويقَال: رَجل أبجَر، أي ناتىء السّرة عظيمها. قال الهروي: قال ابن الأعرابي: العُجْرَةُ نَفخَة في الظهر فإذا كانت في السُّرة فهي بُجْرَة ثم ينقلان إلى الهموم والأحزان. قال الَخطّابي: أرادت بالعُجْرِ والبُجَر عيوبه الباطنة وأسراره الكامنة. وقال الأصمعي في قول علي -رضي الله عنه- إلىَ الله أشكو عُجَري وَبُجَري أي همومي وأحزاني.

قال أبو عبيد قول الثالثة "زَوجِي العَشَنَّق". هو الطويل تقول، ليس عنده أكثر من طوله فلا نفع، "إن ذكرت ما فيه من العيوب طلّقني وإن سَكَتّ تركني معلقة لا أيِّم وَلاَ ذَات زَوجٍ" (¬101). ومنه قول الله تعالى {فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} (¬102). وقول الرَّابِعَةِ "زَوجِي كَلَيلِ تِهَامة". تقول: ليس عنده أذى ولا مكروه وإنّما هو مثل لأنّ الحرّ والبرد كلاهما فيه أذى إذا اشتدّ وقولها "ولا مخافة ولا سآمة". تَقول لَيس عنده غائلة وَلا شرّ أخافه ولا يسأمني فَيَمَلَّ صحبَتِي. وقول الخامسة "زَوجي إن دخل فَهد" تصفه بكثرة النوم والغَفْلة في مَنزِله على وجه المدح له وذلك أنَّ الفَهد كَتِير النَّوم، يقَال: أنوَم مِن فَهدٍ. والذي أرَادَت أنَّه لَيس يتفقَّد ما ذهبَ مِن مَالِه ولا يلتفت إلى جانب البيت ومَا فيه. فَهو (¬103) كَأنَّه سَاهٍ عن ذلك. ومماّ يبيِّنه قولها "ولا يَسأل عما عَهِد" تعني عما كان عندي قَبل ذلِكَ. ¬

_ (¬101) في (ج) ولا ذات بَعلٍ. (¬102) 129) النّساء، وإلى هنا ينتهي النقص من (ب) الذي أشير إليه برقم التعليق (98). (¬103) فهو ساقط من (ب) و (ج).

وقولها "أسِدَ". تصفه بالشجاعة تقول. إذا خرج إلى النّاس ومباشرة الحرب وَلقاء العدوّ أسِدَ فيها. يقال: أسِدَ الرجل واستأسَدَ بِمَعنًى (¬104). وقول السّادسة "زوجي (¬105)، إن أكَلَ لَفَّ وإن شَرِبَ اشتَفّ". اللفّ في المطعم الإكثار منه مع التّخليط من صنوفه حتَّى لاَ يبقِيَ مِنه شَيئًا، والاشتِفَاف في المشرب أن يستقصي مَا في الإناء ولا يُسْئِرَ شَيئًا وإنما أُخذ من الشُفَافَةِ وهَي البقية في الإناء من الشَّرَاب فإذا شَرِبَهَا صاحبها قيل اشتفَّها. وَقولها "ولا يولِجُ الكَف لِيَعلَمَ البَثَّ". قال أبو عبيد أحسبه: كان بِجَسَدها عيب أو دَاء تَكتَئِب بِه لأن البثّ هو الحزن فكان لا يدخل يَدَه في ثَوبهِا ليَمسَّ ذلك العيب فَيَشقَّ عَلَيهَا تصِفه بالكَرم قال الهَروي: قال ابن الأعرابي: هذا ذمّ لزوجها وإنّما أرادت وإن رَقَد التَفَّ في ناحية ولم يضَاجِعنِي ليعلَم ما عندي من مَحَبَّتي لِقربه. قال: ولا بثَّ هناك إلا محبَّتهَا الدّنوَّ مِن زَوجِهَا فَسَمَّت ذلك بَثّا لأن البثّ من جهته يكون، قال أحمد بن عبيَد: أرَادت أنه لا يتفقد أُمُوِرِي ومصالِحَ أسبَابيِ وَهو كقولهم: مَا أدخل يده في الأمر، أي لم يَتَفَقَّده. ¬

_ (¬104) في (ب) المعنى واحدٍ. (¬105) زوجي ساقط من (أ).

(قال ابن الأنباري رَدَّ ابن قتيبة (¬106) على أبي عبيد تأويله لهذا الحرف قال: وكيف تمدحه بهِذا وقد ذَمَّته في صَدرِ الكَلاَم) (¬107). قال ابن الأنباري: ولا حجة على أبي عبيدٍ فيه لأن النِّسوة كنَّ تعاقدنَ أن لا يكتمنَ مِن أخبَار أزوَاجِهِن شيئا وَمِنْهُنّ منَ كانت أمور زوجها كلّها حسنة فوصفتها ومنهنّ من كانت أمور زوجها كلّها قبيحةً (فَبيّنَتها وَمنِهن مَن كان بعض أمور زوجها حسنة وبعضها قبيحة) (¬108) فأخبرت به. قال الشّيخ -رحمه الله-: وإلى قول ابن الأعرابي وابن قتيبة ذَهَب الَخطّابيِ في تفسير هذا. قال أبو عبيد: وقول السّابعة: "زوجي عَيَايَاء طباقاء". العَيَايَاء بالعَين المهمَلَةِ هو الذي لا يضرب ولا يلقّح من الإبل، وكذلك هو في الرجال. والطَّباقاء العيي الأحَمق الفَدْمُ. قال الخطّابيِ: أصل الطَّباقاء ما قَاله الأصمَعِيّ: وهو الذي أمْرُه منطبق عليه قال ابن ولاّد يقال: فلان طَبَاقَاء إذا لم يكن صاحب غَزو ولا سفر قال والعياء (¬109) من الإبل الذي لا يحسن الضِّرَابَ ولا يقال ذلك للرجل. وأمَّا الَعيَايَاء فيقال في الإبل والرّجال وهو الذي لاَ يحسن الضراب أيضًا. قال أبو عبيد وقولها "كلّ دَاءٍ لَه دَاءٌ". ¬

_ (¬106) في (أ) زاد ابن قتيبة. (¬107) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬108) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬109) في (ب) و (ج) والعياياء.

أي كلّ شيء من أدواء الناس فهو فيه ومن أدوَائه. قول الثّامنة "زوجي (¬110) المسّ مسّ أرنب" تصفه بحسن الخلق ولين الجانب كَمَسِّ الأرنب إذا وضعت يدك على ظهرها. قال: وفي قولها "والرِّيح رِيح زَرنَبٍ". معنَيَانِ قد يمكن أن تريد (طيب ريح جسَده ويمكن أن تريد) (¬111) طيبَ الثّناء في النّاس وانتشاره فِيهم كريح الزّرنَب وَهو نوع من أنوَاع الطيب معروف. وقول التّاسعة "زوجي رفيع العماد". تصفه بالشّرف وسناء الذّكر. وأصل العمادِ عِماَد البيت وجمعه عَمَد (¬112)، وهي العيدان التي تعمَد بها البيوت وإنّما هذا مَثلٌ تقول: إن بيته قي حَسَبٍ رَفِيعٍ في قومه. وأما قولها "طويل النّجاد". فإنَهَّا تصفه بامتداد القامة، والنِّجَاد حمائل السَّيف، فَهو يحتاج إلى قدر ذلك من طوله وَهذا ممّا تمدح به الشّعَراء. ¬

_ (¬110) زوجي ساقط من جاء. (¬111) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬112) وعَمَد بفتحتين اسم جمَع.

وقولها: "عظيم الرّماد". تصفه بالجود وكثرة الضيافة من لحم الإبِل وغيرها من اللّحوم فإذا فعل ذلك عظمَت ناره وكثر وَقودها فيكون الرّماد في الكثرة على قدر ذلك. قال الخطَّابي: قد يكون إيقاد النّار لمعالجة الطّعام واشتواء اللَّحم ليطعمه الأضياف ("كرما وأمدح له أن تكون ناره لا تطفأ ليلا ليهتديَ بها الضِّيفان") (¬113) فيكثر غشيانهم إليه والأجواد يطعمون ويعظّمون النار في ظلام الليل (¬114) ويوقدونها على التّلال ومشارف الأرض ويرفعون على الأيدي الأقباس ليهتدي بسناها الأضياف. قال أبو عبيد: وقول العاشرة "زوجي مالك" الحديث. تقول إنّه لا يوجّه إبِلَه يسرحن نهارا إلاَّ قليلا ولكنّهن يُترَكن بِفِنَائه (¬115) فإن نزل به ضيف لم تكن الإبل غائبة عنه ولكنَّها بحضرته فَيَقرِيه مِن ألبَانهِا ولحومها، والِمزهر العود الذي يضرب به أرادت أن زوجها قد عوَّدَ إبله إذا نَزَل به الضِّيفان أن ينحر لهم وَيَسقيهم الشراب ويأتيهم بالمعازف فإذا سمعت الإبل ذلك الصوت عَلِمنَ أنهَّن منحورات فذلك قولها: "أيقَنَّ أنهَّن هَوالك". قال أبو عبيد: وقول الَحادِية عَشرة "أنَاسَ مِن حُلي أُذُنَيَّ". ¬

_ (¬113) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬114) في ظلم الليالي في (ب). (¬115) في (ب) و (ج) يَبْرُكنَ بفنائه.

تريد حَلاني قِرَطَةً وَشُنُوفًا تنوس بأذني، والنَّوس الَحرَكَة من كل شيء متدلٍّ يقال: منه نَاسَ يَنوس نَوسًا وأناسه غَيره إنَاسَةً قال ابن الكَلبِي: إنما سمِّيَ مَلِك اليَمَنِ (ذَا نُوَاسٍ) (¬116) لِضَفِيَرتَين كانتا له تنوسان على عَاتِقِهِ. وقولها "وَملأَ مِن شَحْم عَضُدِي". لم ترد العضد خاصّة إنما أرادت الَجسَد كلَّه تقول: إنّه أسمنني بإحسانه إليّ فإذا سَمِنَتِ العَضُد سمِن سائر الجسد. قولها وَبجَّحَنِي فَبَجَحت". أي فرّحني ففرِحتُ. وَقَالَ ابن الأنبَاري مَعنَاه عَظّمَنِي فَعَظُمت عند نفسي. يقال: فلان يَتَبَجَّح بكذا، أي يتعظم ويترفع ويفخر. قال: ومنه قول الشّاعر: [الطويل] وَمَا الفَقر عَن أرض العشيرة ساقنا ... إلَيكَ وَلَكِنَّا بقرْبَاك نَبجَح أي نفخر ونتعظّم بقرابتنا منك. ¬

_ (¬116) ذا نواس ساقط من (ب).

قال أبو عبيد: وقولها: "وجدني في أهل غُنَيمة بِشَقٍّ ". تعَنِي أنّ أهلها كانوا أهل (¬117) غنَم ليسوا بأصحاب خَيل ولا إبل لأن الصَّهيل أصوات الخيل. والأطِيط أصوات الإبِل وحَنينُها قال: وقد يكون الأطيطُ أيضا غير صوت الإبل واحتجّ بِحَديثِ عُتْبَةَ بن غَزوَان "ليأتينّ عَلىَ بَابِ الجَنَّة وَقتٌ لَه فِيه أطِيط " أي صوت بالزّحام، وَشَقٍّ مَوضِع. وقولها "وَدَائس ومنقٍّ". تريد أنهّم أصحاب زَرع فيدوسونَه (¬118) إذا حصِد وينقونه من خِلطٍ وَزُؤانٍ وَنَحوِ ذَلك. وقولها "أقول فَلاَ أقَبَّحُ ". تقول: لا يقبح عليّ قولي يقبل منّي. وقولها "وأشَرب فَأتَقَمَّح". التقمّح في الشّرب مأخوذ من النَّاقَة المُقَامِح. قال الأصمعي: وهي التي تَرِد الحوض فلا تشرب. قال أبو عبيد: وأحسِب قولهَا "فأتقمّح" ¬

_ (¬117) أصحاب غَنَيم في (ب) و (ج). (¬118) في (ب) و (ج) فهم وفي (ب) عوض يدوسونه يدرسونه.

أي أروى حتى أدَعَ الشَّرَابَ من شدّة الرّيّ قال: ولا أراها قالت هذا إلاّ من عِزّة المَاء عندهم قال: وبعض النّاس يَروِي هذا الحَرف (¬119) "فأتَقَنَّح" بالنّون وَلاَ أعرِف هذا الحرف ولاَ أرى المْحفوظ إلاّ بِالِميمِ. قال أبو عُبيد: العُكوم الأحمال والأعدَال التي فيها الأوعِية من طرف الأطعمة والمتاع، واحدها عِكم وَرداح عظام كثيرة الحشو، ومنه قيل للمرأة إذا كانت عظيمة الأكفال رَدَاح وللكتيبة إذا عظمت رداح. وقولها "كَمَسَلّ الشَّطبَة". الشّطبة أصَلهَا مَا شُطِب من جريد النَّخل وهو سَعَفه وذلك أنَّه يُشَقَّق مِنه قضبان رقاق تنسج منه الحُصُرُ فأخبرت المرأة أنّه مُهفهف ضَرْب اللّحم شبّهته بتلك الشطبة. وهذا مماّ يمدح به الرجل. وقولها: "تُشبعه ذِرَاع الجَفرة". الَجفرة الأنثى من أولاد الغنم، والذّكر جَفر، والعرب تمدح بقلّة الطّعم والشرب. وقولها "لا تَبثّ حَدِيثَنَا تَبثِيثًا". معناه لا تشيعه ولا تظهره ويروى لا تَنُثّ بالنّون ومعناه قريب من الأوّل، أي لا تظهر سِرَّنَا. ¬

_ (¬119) ما بين القوسين فقرة تكررت في (ج).

وقولها "ولا تُنَقّث مِيرَتنَا تَنِقيثًا". تعني الطّعام لا تأخذه فَتَذهب به، تصفها بالأمانة والتّنقيث الإسراع بالسير. وقولها "لا تملأ بيتنا تعشيشا". قال الخطَّابي لم يفسره أبو عبيد، والتّعشيش بالعين غير معجمة مأخوذ من قولهم: عشَّش الخبز إذا فسد تريد أنهّا تحسن مراعاة الطعام المخبوز. قال أبو عبيد: والأوطاب أَسقية اللَّبن واحدها وَطب. وقولها "يلعبان تحت خِصرها برمَّانتَين". تعني أنها ذات كفل عظيم فإذا استلقت (¬120) نَتَأ الكِفل بها من الأرض حتى تصير فجوة تحت خصرها يجري فيها الرّمَّان. والشَّرِيُّ تعني به الفرس أنّه يستشري في سيره، أي يلِحُّ وَيمضي بِلا فتور ولا انكسار، والخطيّ الرّمح يقال له ذلك لأنّه يأتي من بِلاَد ناَحية البحرين يقال لها: الخَطّ، والثريّ الكثير من المالِ وغيرهِ، ومنه الثّروة في المال وهو الوفُور والكَثرة فيه (ص 1896 إلى 1901). قال بعضهم فيه من العلم حسن العشرة معَ الأهل واستحباب محادثتهن بما لا اثم فيه. ¬

_ (¬120) في (أ) و (ج) استقَلَّت.

وفيه أنّ بَعضهن قد ذكرن عيوب أزواجهن فلم يكن ذلك غِيبَة إذ كانوا لا يعرفون بأعيانهِم وأسمائهم وَإنما الغِيبَة أن يقصَد لأعيان من الناس فَيذكروا بِما يَكرهون من القول ويتأذّون به. قال الشّيخ وفَّقه الله: وإنّما يفتقر عندِي إلى الاعتذار عن هذا لو كان النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - سَمِع امرَأة تغتَاب زَوجَهَا من غير أن تسمّيه فَأقرُّهَا على ذلك. فأمّا حكاية عائشة -رضي الله عنها- عن نساء مجهولات لاَ يدرَي مَن هنّ في العالمَ (ولسن بحاضراتٍ ينكر عليهن فلا يكون حجّة على جواز ذلك وَحَالها في ذلك كحال من قال في العالمَ) (¬121) من يَعْصي الله ومن يسرق فإن ذلك لا يكون غيبة لرجل معين. وهذا يغني عَنِ الاعتذار الذي حكيناه عن بعضهم. لكن المسألة لَو نزلت وَوَصفَتِ امرأة زوجها بما هو غِيبة وهْو معروف عند السامعِين (¬122) فإن ذلك ممَنوع وَلاَ فَرقَ بين قولها فلان بن فلان من صفته كذا وكذا أو زوجي من صفته كذا وكذا وهو معروف لكن لو كان مجهولا وممّن لا يعرف بعد البحث عنه (فهذا الذي لا حرَج فيه على رأي بعضهم الذي قَدَّمناه وكأنه يتنزّل عِنده منزلة من قال في العالم من يعصي ويسرق وللنظر) (¬123) فيما قال مجال. 1123 - ذكر مسلم: قول أنس: "جَمَع القرآن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعة كلّهم من الأنصارِ معاذ بن جبل وأبيّ بن كعبٍ وزيد بن ثابت وأبو زيد أحد عمومِة أنس" (ص 1914). ¬

_ (¬121) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬122) في (ب) من معروف عند النساء، وفي (ج) وهو معروف عند الناس. (¬123) ما بين القوسين ساقط من (ج).

قال الشّيخ -وفّقه الله-: هذا الحديث مما ذكره بعض الملحِدة في مطاعِنها وحاولت بذلك القدح في الثقة بنقل القرآن ولا مستَرْوحَ (¬124) لها في ذلك لأنّا لو سلّمنا أن الأمر كما ظَنّوه وأنه لم يكمل القرآن سِوَى أربَعَةٍ فَإنَّه قدَ حفِظ جميع أجزائه مئون لا يحصون وما من شرط كونه متواترا أن يحفظ الكل الكلّ بل الشيء الكثير إذا روى كلّ جزء منه خلق كثير علم ضرورة وحَصَل متواترا ولو أن "قفا نبكي" روى كلّ بيت مائة رجلٍ مثلا لم يحفظ كل مائة سوى البيت الذي روته لكانت متواترة فهذا الجواب عَن قَدحِهم.8 وأمَّا الجواب عن سؤال من سأل عن وجه الحديث مِن الإسلاميّين فإنه يقال له: قد علم ضرورة من تَدَيّنِ الصَحابة -رضي الله عنهم- ومبادرتهم إلى الطّاعَاتِ والقُرَبِ التي هي أدنى منزلة من حفظ القرآن ما يعلم منه أنّه محال مع كثرتهم أن لا يحفظه منهم إلاّ أربعة، كيف ونحن نرى أهل عصرنا يحفظه منهم ألوف لا تحصى مع نقصِ رَغبتِهِم في الخير عن رَغبَةِ الصّحابة -رضى الله عنهم- فكيف بالصّحابة على جلالة أقدارهم، هذا معلوم بالعادة. ووجه ثانٍ وهو أنّا نعلم أنّ القرآن كان عندهم من البلاغَة بحيث هو، وكان الكافرون في الجاهلية يعجبون من بلاغته وَيحَارون فيها حتى ينسبوها تارة إلى السّحر وتارة إلى أساطير الأوّلين ونحن نعلم من عادة (¬125) العرب شدّة حرصها على الكلام البليغ وتحفّظها له ولم يكن لها ¬

_ (¬124) في (ب) ولا دليل لها في ذلك. (¬125) عادة ساقطة (أ).

شغل ولا صنعَة سوى ذلك فلو لم يكن للصّحابة باعث على حفظ القرآن سِوى هذا الذي ذكرناه لكان من أدلّ الدلائل على أنّ الخبر ليس على ظاهره. فإذا ثبت بهاتين العادتين أنّ الخبر متأوّل وثبت ذلك أيضا بطريقة أخرى وهي ما نقله أهل السّيرة وذكره أهل الأخبار من كثرة الحافظين له في زَمَان النّبي - صلى الله عليه وسلم - وقد عدّدنا من حفظ منهم وسمّينَا نحو خمسة عشر صَاحبا ممّن نقل عنه حفظ جميع القرآن في كتابنا المترجم بـ "قطع لسان النّابح في المترجم بالواضح" وهو كتاب نقضنا فيه كلام رجل وصف نفسه بأنّه كان من علماء المسلمين ثم ارتدّ وأخذ يلفّق قوادِح في الإسلام (¬126) فنقضنا أقواله في هذا الكتاب. وأشبعنا القول في هذه المسألة، وبسطناه في أوراق، فمن أراد مطالعته فليقف عليه هناك، وقد أشرنا فيه إلى تأويلات لهذا الخبر وذكرنا اضطراب الرّواة في هذا المعنى فمنهم من زاد في هذا العدد، ومنهم من نقص عنه، ومنهم من أنكر أن يجمعه أحد، وأنه قد يتأول على أنّ المراد به لم يجمعه بجميع قراءاته السبع وفقهه وأحكامه والمنسوخ منه سوى أربعة. ويحتمل أيضا أن يراد به أنّه لم يذكر أحد عن نفسه أنّه أكمله في حياة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - سوى هؤلاء الأربعة لأنّ من أكمله سواهم كان يتوقّع نزول القرآن مادام - صلى الله عليه وسلم - حيّا فقد لا يستجيز النّطق بأنّه أكمله، وأكمله هؤلاء (¬127) وَمُرَادهم أنهّم أكملوا الحاصل منه ويحتمل أيضًا أن يكونَ من سواهم لم ينطق بإكماله خوفا من المراءات بِه واحتياطا على النيّات كما يفعل الصّالحون في كثير من العبادات وأظهر هؤلاء الأربعة ذلك لأنهم أمِنوا على أنفسهم أو لرأيٍ اقتضى ذلك عندهم وكيف يعرف النقلة أنه لم يكمله سوى أربعة وكيف تتصوّر الإحاطة بهذا ¬

_ (¬126) في الإسلام ساقط من (ج). (¬127) في (ب) و (ج) عوض وأكمَلَه هؤلاء،. واستجازه هؤلاء.

وأصحاب النّبيء - صلى الله عليه وسلم - مفترقون (¬128) في البلاد وهذا لا يتصوّر حتى يلقى النّاقل كلّ رجل منهم فيخبره عَن نفسه أنَّه لمَ يكمِل القرآن وهذا بعيد تصوّره في العادة كيف وقد نقل الرّواة إكمال (¬129) بعض النّساء لِقِرَاءته. وقد اشتهر حديث عائشة -رضي الله عنها- وقولها: "كنت جاريةً حديثة السّنّ لاَ أقرأ كثيرًا من القراّن ولم يذكر في هؤلاء الأربعة أبو بكر الصديق، ولا عمر بن الخطّاب -رضي الله عنهما-، وكيف يظَنّ بهذين اللَّذين هما أفضل الصّحابة أنهّما لم يحفظاه وحفظه من سواهما وهذا كلّه يؤكد (¬130) ما قلناه. على أنّ الذي رواه مسلِم ليس بنصّ جلي فيما أراده القَادِح وذلك أنه قُصَارَى مَا ذَكَر أنَّ أنَسًا قال جمع القرآن عَلى عهد النّبيء - صلى الله عليه وسلم - أربعة كلّهم من الأنصارِ، فقد يكون المراد أنيِّ لا أعلم سوى هؤلاء الأربعة ولا يلزمه أن يعلم كلّ الحافظين لِكِتَاب الله تعالى أو يكون أراد من أكمله من الأنصار وإن كان قد أكمَلَه من المهاجرين خلق كثير التي أوضحناها لم يبق فيه للخصم تعلّق. 1124 - قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبَيٍّ -رضي الله عنه-: "إنّ الله قد أمرنيِ أن أقرأ عليك". الحَدِيثَ (ص 1915). قال الشّيخ -وفّقه الله-: محمَل هذا الحديث على أنّ الله سبحانه أمَرَه ¬

_ (¬128) في (ج) متفرقون. (¬129) في (ب) كمال بعض. (¬130) في (ج) يوجب.

أن يقرأ عليه ليعلِّمه لا ليتَعَلَّم مِنه، وقد يعَلّم المعلِّم القرآن ويرَوِّي المحدِّث الحديث إما بقراءته على المتعلّم وتكريرِ ذلك عليه حَتَّى يضبطه وهوِ أصل التعلّم أو بقراءة المتعلّم عليه وهي الحالة الثانية في التّعليم التي تكون للضَّبط أو اختبار حال المتعلّم، أو يكون المراد أنّ الله عزّ وجلّ أمَرَه بالقراءَةِ عَلَيه ليعلِّمه رتبة القراءة ومواضعَ المواقف وصيغة (¬131) النغم فإنّ نغمات القرآن على أسلوبٍ ونظام قد ألِفه أهل الشَّرعِ وقرؤوه عليه يخالف ما سواهَا من النّغم المستَعمَلَةِ فيما سواه ولكلّ ضرب من النّغم تأثير في النفس تختَصّ به. وإلى هذا أشار بعض أهل العلم في تأويل هذا الحديث. 1125 - قوله - صلى الله عليه وسلم - "اهتزّ عرش الرّحمن لِموت سَعدٍ" (ص 1915). قال الشّيخ -وفّقه الله-: ذهب بعضى أهل العلم إلى إجرَاء هذا الحديث على حقيقته وَزَعم أنّ العرش تحرّك لموته وَهَذا الذي قاله لا ننكره من ناحية العقلِ لأنّ العَرش جِسم من الأجسام يَقبل الحركة والسّكون ولكنّه لا يحصل المراد به من تفضيل سعدٍ إلاّ أن نَقول بأن حركة العرش عَلَم على فضله عند الله عزّ وجلّ، وأنّ الله سبحَانه يحرّكه على عِظَمِهِ إشعارًا لِلملائكة بِفضل هذا الميّت فيصِحّ. وحمَله بعض أهل العلم على أنّ المراد به حَمَلَة العَرشِ وحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه كما قال تعالى {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (¬132) وقال - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬131) في (ج) وصنعة النّغم. (¬132) 82) يوسف.

في أحد "جَبَل يحبّنا ونحبه"، والمراد بهذين الأهل ويكون الاهتزاز بمعنى الاستبشار والقبول، والعرب تقول: فلان يهتزّ للمكارم ولا تَعنِي اضطرابَ جسمه وإنّما تعني ارتيَاحَه إليهَا وقبوله عليها وذلك مشهور في الأشعار. وقد قال بعض أهل العلم: إنّ المراد بذلك السرير الذي حمل عليه سعد وسمّيَ ذلك عَرشا وما أرى هؤلاء تأوّلوا هذا إلاّ على ما وقع في بعض الرّوايات (¬133) بِحذف اسم الرّحمن جلّت قدرته وأمَّا مع ذكر اسمه سبحانه وتعالى كما رواه مسلم فيبعد هذا التّأويل. 1126 - قوله - صلى الله عليه وسلم - "أسَرعكنَّ لَحَاقًا بيِ أطولكنَّ يَدًا" (ص 1907). قال الهروي يقال: فلان طويل اليد طويل الباع إذا كان سمحًا جوادا، وفي ضدّه قصير اليد والباع (وجعد الكفّ وجعد الأنامل) (¬134). 1127 - وقوله - صلى الله عليه وسلم - "فَسَمِعت خَشْفَةً" (ص 1908). قال أبو عبيد: الخشفة الصّوت ليس بالشّديد يقال: خَشَفَ يخَشِف خَشفًا إذا سمعت له صوتا أو حركة. وقال شَمر: يقال خَشْفَة وخَشَفَة. وقال الفرّاء الَخشفَة الصّوت الواحد والَخشَفَة الحركة إذا وقع السّيف على اللّحم. ¬

_ (¬133) في (ب) في بعض الروايات اهتز عرشَ الرحمن بحذف الخ، وفي (ج) وفي بعض الرّوايات اهتز العرش فحذف. (¬134) ما بين القوسين ساقط من (ج).

وقوله: "ثمّ سمعت خَشخَشَة" (ص 1908). أي حركة قال الهروي في حديث علي وفاطمة -رضي الله عنهما-: "دَخَل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَتَخَشخَشنَا". أي تحرّكنا. 1128 - قوله: "فصادفته وَمعه مِيسَم" (ص 1909). الِميسم مَا يوسم به البَعير، والسّمة العلامة. ومنه قوله تعالى {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} (¬135) أي سنجعل على أنفه سوادًا يوم القيامه يعرف به. وقيل عبر عن الوجه بالخرطوم لأنّه منه، والمعنى سنسوّد وجهه. والخرطوم من الإنسان الأنف ومن السّباع موضع الشَّفة. 1129 - قوله: "قَرَأت عَلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِضعًا وَسَبعِيَن سورَةً" (ص 1912). البِضع والبِضعة وَاحد ومعناهما القِطعَة من العدد، قال ابن السّكّيت: البِضع والبَضع لغَتان بمَعنى واحدٍ في العدد بكسر الباء وبفتحها؛ وقال الهروي: العرب تستعمل البضع فيما بين الثّلاث إلى التّسع. وقال ابن الأنباري: قال قتادة: البضع يكون بين الثلاث والتّسع والعشر. وقال ¬

_ (¬135) 16) القلم.

أبو عبيدة (¬136): البِضع ما بين ثلاث وخمس. وحكى عَنه غير ابن الأنباري البضع من الواحد إلى الأربعةِ. قال ابن الأنباري: وقال الأخفش: البِضع من واحد إلى عشرة. وقال الفرّاء: البِضع ما دون العشرة. قال غير ابن الأنباري: قال ابن عبّاس: البضع من الثلاث إلى العشر. وقال مجاهد: من الثَلاث إلى السّبع. وَحَكَى ابن الأنباري: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر -رضي الله عنه-: "لمّا نزلت {سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} (¬137): البِضع مَا بَين السَّبع والتِّسعِ، وقال ابن سلام في التَّفسير: فلماّ مَضَت سبع سنين ظهرت الرّوم على فارسَ. وقال ابن الأنباري: ويقال: في عدد المؤنّث بضع وفي عدّة المذكر بِضعَة فمجراه مجرى خمس وخمَسَةٍ وست وستة، وأمّا البَضعة من اللّحم فمفتوحة الباء وجمعها بَضع وبِضَع. قال الهروي: والبضاعة القِطعة من المال يتّجر بها. يقال: بضعت الشيء، أي قطعته. قال الزَّجَّاجِي: البضائع قِطَع الأموال مشتق من البَضْعِ وهو القَطع. 1130 - قوله: "فَكُنَّا حِينًا" (ص 1911). الحين اسم كالوقت يصلح لجميع الأزمان كلِّهَا طَالَت أو قَصُرَت. وقال ابن عَرَفَة: الحين القطعة من الدّهر كَالسَّاعَة فما فوقها. 1131 - قوله: "فأحجَمَ القَوم" (ص 1917). ¬

_ (¬136) في (ج) وقال أبو عبيد. (¬137) 3 - 4 الروم.

أي تأخّروا. يقال: أحجمت عن الأمر إذا تأخّرتَ عَنه. 1132 - قوله: "فَنَثَا علينا الذِي قِيلَ لَه" (1919). أي أشَاعَه. يقَال: نَثَوت الحديثَ أنثوه إذا أذَعتَه وأشَعتَه. 1133 - وقوله: "فقرّبنا صِرْمتنا" (1919). الصِّرْمَةُ القِطعة من الإبِل وصاحبها مُصْرِمٌ وقد تكون الصِّرمة في غير هذا القطعة من النّخلِ. قال ابن السِّكّيت: والصرم أبيات مجتَمِعَة. 1134 - وقوله: "نَافَرَ أُنَيس" (1919). قال أبو عبيد في هذا الحديث المنافرة أن يفتخر الرَّجلاَنِ كلّ واحدٍ منهما على صَاحبه ثم يَحكِّماَ بينهما رجلاً (¬138). وقال غيره (138): المنافرة المحاكمة، تنافرنا إلى فلان تحاكمنا أيُّنَا أعزّ نفرًا وأخْير. 1135 - وقوله: "كَأنيِّ خِفَاء" (ص 1919). قال أبو عبيد: الِخفاء ممَدود وهو الغِطاء وكل شيء غَطَّيتَه بشيء من كساء أو ثوب أو غيره فذلك (¬139) الغِطاء هو خِفَاء وجمعه أخفية. ¬

_ (¬138) رجلاً ساقط من (ج) وغيره ساقط من (ب). (¬139) في (أ) فلذلك.

1136 - وقوله: "فَرَاثَ عَليَّ" (ص 1919). أى أبطَأَ وهو رائث: أي مبطىء محتبس (¬140). 1137 - وقوله: "على أقرَاءِ الشِّعر" (ص 1919). أي على طرقه وأنواعه واحدها قرء وهذا الشّعر على قَرء هذا، أي عَلىَ طَريقَتِهِ. 1138 - وقوله: "لَيلَةٍ قَمرَاء إضحِيَانَ" (1919). أي مضيئة. حكى ابن عاصم في كتاب الأنواء يقال قمر إِضحيان وليلة إِضحيان إذا كانت مضيئة بالقمر وإضحيانة وضَحيانَة. قال الهروي وضَحيَاء أيضَا وَيَوم ضَحيَان. 1139 - (وقوله: "فَقَدعَنِي صَاحبه" (ص 1919). أي كفَّنِي. يقَال قدعتَه وأقدعتَه إذَا كَفَفتَه ومنعتَه) (¬141). 1140 - وقوله: "قد شَنِفوا لَه " (ص 1919). ¬

_ (¬140) مبطىء ساقط من (ج)، محتبس ساقط من (ب). (¬141) ما بين القوسين ساقط من (ج).

أي أبغَضوه. يقال شَنِفَ لَه شَنَفًا إذَا أبغَضَه والشَّنِف الشّانىء المبغض. قال صاحب الأفعال: شَنِفته بكسر النّون، أي أبغضته واشتنفت الجارية جَعَلت لَهَا شِنَافًا. 1141 - وقوله: "فتَنَافَرَا إلىَ رَجلٍ من الكهَّانِ" (ص 1923). أي فتحاكما. يقال: نافرته نفارا أي حاكمته. قال زهَير: [الوافِر] فإنّ الحَقّ مقطعه ثلاث ... يمِين أو نِفَار أو جَلاَء 1142 - وقوله: "ما أجِد سُخْفَةَ الجوع" (1920). يعني رقّته وهزاله. قال أبو عمرو: والسُّخف رقّة العَيش وأيضا رقّة العَقل. 1143 - قوله: "فَثَار القوم" (ص 1923). يقال: ثار القوم يَثورون.

1144 - وقوله: "كَقَرْنَيْ البِئر" (ص 1927). قال الَهرَوِي: قرنا البئر هما منارتان تبنَيَان مِن حِجَارَةٍ أو مَدَر على رأس البئر من جَانبيها فإن كانا (¬142) من خشب فهما زُرنوقَانِ. ويقال للزرنوقِ أيضًا القامة والنّعَامة. قال الزجّاج: النّعائم الَخشَب التي تكون على البئر تعلّق فيها البَكرة والدّلاء. 1145 - قال الشّيخ -وفّقه الله-: خرّج مسلم في فضائل عبد الله بن عمرو بن حَرَام. قال مسلم: حدّثنا محمد بن أحمد نا زكرياء نا عبيد الله عن عَبد الكريم عن محمد (بن المنكَدِرِ عَن جابر هكذا روِيَ عن الجلوي والكسائي (ص 1918). وعنِد أبي العلاء بن ماهان عبد الكريم عن محمد) (¬143) بن علي عن جابر جعل بدل (¬144) محمد بن المنكدر محمد بن علي وهو ابن الحسَين بن علي أبي طالب -رضي الله عنهم-. ومن حديث محمّد بن المنكدر عن جابر خرّجه أبو مسعود الدّمشقي قال بعضهم وهو الصواب. 1146 - وخرج مسلم أيضا في فَضَائل جَرير بن عبد الله البَجَلي قال: "فجاء بشير جرير أبو أرطَاة حصين بن رَبِيعَةَ" وفي بعض النّسخ بالسّين وكذلك وقع عند الجلودي والكِسَائي وروايتهما (¬145) بالسّين قال بعضهم ¬

_ (¬142) في (ب) و (ج) كانتا. (¬143) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬144) بدل ساقط من (أ). (¬145) في (ب) و (ج) حسين بالسّين.

وليس بشيء. وقد وقع عند ابن ماهان وحده حصين بالصّاد المهملة وهو الصّواب (ص 1926). 1147 - قول عائشة -رضي الله عنها- في حَسَّانٍ: "كان ينَافِح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ص 1933). أي يدافع ويذبّ. يقال: نَفَحتِ الدَّابَّة بِرجلها إذَا رَمَحَت بِه. 1148 - وقوله: "ثم أدلَعَ لِسَانَه" (ص 1935). تقدّم ذكره. 1149 - وقَوله: "لأفْرِيَنَّهم فَريَ الأدِيمِ" (ص 1935). أي لأقطَعَنّهم قَطع الجلد. قال صاحب الأفعال: فَرَيت الأديم قطعته على جهة الإصلاح والتّقدير، وأفريت الشيءَ قطعته على جهة الإفساد، وأفريته أيضا شققته. 1150 - وقوله: "شَغَلَهم الصَّفق بالأسوَاق" (ص 1939). قال الهروي: يقال أصفَق القَوم على الأمر وصفَقوا البَيع والبَيعَة. 1151 - وقوله: "فَبسَطت بردَةً عَليَّ " (ص 1940).

قال شمر: البردة هي الشّملة المخطّطة وجمعها برد وهي النَّمِرةُ. 1152 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنّ بها ظعينة" ص (1941). الظَّعينة الَهودَج: وسمّيت المرأة ظعينة لأنهّا تكون فيه. 1153 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنّ الأشْعَرِيّين إذا أرملوا في الغزو" (ص 1944). أي نَفِدَ زادهم. يقال: أرمل الرّجل وأقوى وأنفض إذا فَنِيَ زَاده. 1154 - قول أسماء: "يَأتونَنِي أرسَالاً يَسألونَنِي" (ص 1947). تعنِي أفوَاجًا فِرَقًا منقطعة. يقال: أوردَ إبِلَه أرسَالاً إذا أوردها متقطّعة، وأوردها عِرَاكا إذا أوردها جَمَاعَةً. 1155 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الانصار كَرِشي وَعَيبَتِي" (ص 1949). أي جماعتي وخاصّتي الذين أثِق بهِم وأعتمدهم في أموري. قال الخطَّابي: ضرب المثل بالكَرِش لأنه مستقر غِذاء الحيوان الذي يكون به بقاؤها. والعَيبَة هِي التي يخزُن فِيها المَرء حرّ ثيابه ويصونها. ضرب المثل بها: يريد لأنهم موضع سره. قال: والكَرِش أيضا عِيال الرجل وأهْلُه. 1156 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَفي كلِّ دورِ الأنصار خَير (ص 1949).

قال الَهرَوِيّ: الدّور هَا هنَا قبائل اجتمعت في محلة فسميّت المَحَلَّة دارًا. ومنه الحديث الآخر "فما بقيت دار إلا بني فيها مسجد" أي ما بقيت قبيلة. 1157 - قول حسان في شعره يَمدَح عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: [الطويل] حَصان رَزَان ما تزنُّ بِرِيبة ... وتصبِح غَرثَى مِن لحوم الغوافل (ص 1934). يقال: امرأة حَصَان بفتح الحاء بيّنة الحصن (¬146) إذا كانت عَفِيفَةً، وفرس حِصان بكسرها بَيِّن التحصّن (¬147) إذا كان منجيا (¬148)، وبناء حَصِين بَيّن الحصانة إذا كان محكَما منيعا ويقال: رجل رَزين، أي حَصِيف العقل وامراة رَزَان. وقوله "لا تزنّ بريبة" (ص 1934). أي لاتتّهم بريبة (يقال أزننت الرّجل بالشر إذا اتهّمتَه به. قال صاحب الأفعال) (¬149): يقال: زَنَنت الرّجل وأزننته ظننت به خيرا أو شَرًّا أو نسبتهما إليه. ¬

_ (¬146) في (ب) الخصر. (¬147) في (ب) بينة التحصّن، وفي (ج) بينة التحصين. (¬148) في (ب) و (ج) إذا كانت منجيا. (¬149) ما بين القوسين ساقط من (ج).

وقوله: "غَرثَى" (ص 1934). يعنِي جائعة. يقال: رجل غرثَان وامرَأة غَرثَى يريد أنهّا لا تَغتَاب النَّاس فَتَكونَ بمنزلة من يأكل لحومهم وَيَشبَع منها لكنها غَرثَى جائعة منها. 1158 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأحنَاه عَلىَ وَلَدٍ (ص 1959). يعني أشفَقَه. قال الهروي: يقال حَنَا عليه يحَنو وحَنَى يحَنِي وأَحْنَى يُحْنِي إذا أشفق عليه وعطف عَلَيه. قال الَهرَوِي: وفي الحديث أنا وَسَفعَاء (¬150) الخدين الَحانِيَة على ولدها كهاتين يَومَ القيامة. الَحانية التي تقيم على وَلدِهَا لا تَتَزَّوج. يقال: حَنَت عليهم فإن تزوّجت فليست بحانية. 1159 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يأتيِ على النّاس زَمَان تَغزو فِئَام مِنَ النَّاس" (ص 1962). أي جماعة. 1160 - قَول ابنِ عمَرَ "فَوَهَلَ النَّاس" (ص 1965). يقال: وَهَل بفتح الهاء يَهِل وهلا مثل ضرب يضرب ضربا: ومعناه غَلِط، وأيضا الوهْل بإسكان الهاء أن يذهب وهمك إلى الشيء وليسَ كذلك. وأمَّا وَهِلت بكسر الهاء أوْهَلُ وَهَلاً على مثال حذِرت أحذَر حذَرًا فمعناه فزعت. قال: والوَهَل بفتح الهاء الفَزَع. ¬

_ (¬150) في (ج) وسَعفَاء الخدين، والصواب ما أثبتَ.

1161 - قال الشّيخ -وفّقه الله-: حديث حاطب بن أبي بلتعة شرحناه بعد هذا مع حديث جُرَيج وغيره. 1162 - قال الشّيخ -وفّقه الله-: خرّح مسلم في الفضائل أيضا "حدّثنا يحيى بن يحيى، وأبو بكر بن أبي شَيبَة، ومحمّد بن العلاء كلّهم عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تَسبّوا أصحابي". (الحديث ص 1967). هكذا قال مسلم في إسناده هذا الحديث عن شيوخه عن أبي هريرة قال أبو مسعود الدّمشقي: هذا وهم. والصّواب من حديث أبي معَاوية عن الأعمش عن أبي صَالِحٍ عن أبي سعيد الخدري لاَ عَن أبي هريرة. وكذلك رواه يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شَيبَةَ وأبو كرَيبٍ (¬151). وَسئِل الدّارقطني عن إسناد هذا الحديث فقال: يرويه الأعمش واختلف عليه، فرواه زيد ابن أبي أُنَيْسة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة (وقال أبو مسعود عن أبي داود عن شعبة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة) (¬152) كذلك أيضا واختلف عَلىَ أبي عوانة فرواه عَفّان ويحيى بن حماد عن أبي عوانة عن الأعمش كذلك، ورواه مسدّد وأبو كامل وشيبان عن أبي عوانة فقالوا عن أبي هريرة أو أبي سعيد وكذلك قَال نصر بن علي عن أبي داود الحرَيبي عن الأعمش وقال مسدّد عن الحرَيبِي عن أبي سعيد وحدَه بغير شكّ. وهو الصّواب عن الأعمش. ورواه زَائدة عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة والصحيح عن أبي صالحٍ عن أبي سعيد. ¬

_ (¬151) في (ب) وإلياس وفي (ج) والناس. (¬152) ما بين القوسين ساقط من (ج)، ثم في (ب) زيادة نصها (سقطت هذه الرواية إلى هنا قال أبو مسعود عن أبي هريرة) لعله يشير الى ما حذف في نسخة (ج).

1163 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا أدرَكَ مُدَّ أحَدِهِم وَلاَ نَصِيفَه" (ص 1967). العرب تسَمِّي النِّصْف النَّصيف كما قالوا في العُشْر عَشير وفي الخمْسُ خِمَيس وفي الثّمن ثَمِين وفي التُّسْعِ تَسِيع. قاله أبو زيد والأصمعي. قال أبو عبيد: واختلفوا في السُّبْع والسّدْسُ والرّبْعُ فمنهم من يقول: سَبِيع وَسَدِيس وَرَبِيع، ومنهم من لاَ يقول ذلك ولم أسمع أحَدًا منهم يقول في الثّلث شَيئًا. 1164 - قال الشّيخ: خَرّج مسلِم فيِ آخر كتاب الفضائل حديثًا مقطوعا "نا عبد الله بن عبد الرحمن الدَّارِمِيّ نا أبو اليمان نا شعيب" ثم قال "ورواه اللّيث بن سَعدٍ عن عبد الرحمن بن خالد بن مسَافر كلاهما عن الزّهري بإسناد معمَرٍ بمثل حديثه. وهذا الحديث يرويه الزّهري عن سالم وأبي بكر بن عبد الرحمن عن ابن عمر قال (¬153): "صلىّ رَسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العِشَاءِ فَلَماَّ سلَّم قام فقال أرَأيتَكم لَيلَتكم هذه" وذكر الحديث (ص 1965). قال الشّيخ -وفّقه الله- قال بعضهم (¬154): فهذا أحد الأربعة عشر حديثا التي خرّجها مسلم مقطوعة الأسانيد. 1165 - وقوله: "يأتيِ عَلَيكم أوَيس بن عَامِرٍ مع أمدَادِ أهلِ اليَمَنِ مِن مرَادٍ ثمَّ مِن قَرَنٍ" (ص 1969). ¬

_ (¬153) في (أ) بعد قوله قال اشارة إلى الرجوع إلى الهامش ولكن عند التجليد غطِّيَ. (¬154) قال بعضهم ساقط من (ج).

قال الشّيخ -وفّقه الله- قَرَن بفتح القاف والراء حيّ من مراد وهو قَرَن ابن رَدمَان بن ناجية بن مراد قال ابن الكلبي ومراد اسمه بجابر (¬155) بن مالك بن أدَد بن زيد بن يَشجب بن عَرِيب بن زيد بن كَهلاَن بن سبأ. 1166 - قوله في الَحجّاجِ: "ثم انطلق يَتَوَذّف" (¬156) (ص 1971). قال أبو عبيد: معناه يسرع والتوذّف الإسراع. وَقَال أبو عمرو: هو التَّبَختر. 1167 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "النَّاس كَإبل مِائَةٍ لاَ يجدُ الرَّجل فِيهَا رَاحِلَةً" (ص 1973). قال القتبي الرّاحلة هي التى يختارها الرجل لمركبه وَرَحله على النَّجَابة وَتمَام الخَلق وحسن المنظَر فإذا كانت في جماعة الإبِلِ عرِفَت. يقول: فالنّاس متسَاوون ليسَ لأحد منهم فَضل في النَّسب ولكنهم أشباه كإبل مِائةٍ ليس فيها راحلة، قال الأزهري: الرَّاحلة عند العرب تكون الَجمَل النَّجِيبَ والنَّاقة النَّجِيبَة والهاء فيه للمبالغة كما يقال: رجل دَاهِيَة ونَسّابة. قال: وليس المعنى الذي ذهب إليه ابن قتيبة من التّساوي في النسب بشيء والمعنى عندي أنّه أراد - صلى الله عليه وسلم - أنّ الزّهد في النّادر القليل من ¬

_ (¬155) هكذا جاء في (أ) و (ج)، وفي (ب) جابر، والذي في التاج هو مالك بن أدد. (¬156) في (ب) يتودَّف بالدال المهملة، وفي (ج) يتردف.

النّاس والكامل منهم في الزّهد في الدّنيا والرّغبة في الآخرة قليل قال: والرّاحلة سمّيت بذلك لأنها ترَحَّل فهي فاعلة بمعنى مفعولة كعيشة راضية أي مَرضِيةٍ وماءٍ دافق أي مدفوق. 1168 - ذكَرَ حديث حاطب بن أبي بلتعة وكتابه إلى ناس من المشركين من أهل مكّة يخبرهم ببعض أمر النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقال - صلى الله عليه وسلم -: "يا حاطب ما هذا؟ قال: لا تعجَل عليّ يا رسول الله، إنيّ كنت امرأ ملصقا في قريش وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النّسب فيهم أن أتخذَ فيهم يدًا يحمون (¬157) بها قرابتي ولم أفعله كفرًا وَلاَ ارتدادًا عن ديني ولا رِضا بِالكفر بعد الإسلام، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عليه وسلم: صَدَقَ. فقال عمَر -رضي الله عنه-: دعني يا رسول الله أضرب عنقَ هذا المنافق. فقال: إنّه شهد بدرًا وما يدريك لعلَّ الله اطلع على أهل بدر فقال: اِعملوا ما شئتم فقد غَفَرت لَكم" (ص 1941). قال الشّيخ -وفَقه الله: اختلف المذهب في المسلم يُطَّلَع عليه أنّه جاسوس على المسلمين فقال مالك: يجَتَهِد فِيه الإمام. وقال ابن وهب: يقتَل إلاَّ أن يَتوبَ. وقال ابن القاسم: يقتل ولا أعرف له توبةً، وفرَّق عبد الملك بَين من عرف بالغَفلَة وكانت منه مرّة وليس من أهل الطّعن على أهل (¬158) الإسلام وبين المعتادِ لذلك فَقتِل (¬159) من اعتاد ذلك وَنُكّلَ (159) الآخر. وقال سحنون: قال بعض أصحابنا: يجلد جلدًا ¬

_ (¬157) في (ج) يحبون. (¬158) أهل ساقطة من (أ). (¬159) في (ب) يقتل، وكذلك ينكَّل.

منَكَّلا ويطال حبسه وَينفَى من موضع يقرب (¬160) فيه من المشركين. واختار بعض شيوخنا اعتبار ما كان عن فعله فإن قتِل المسلمون بفعله ولولاه لم يقتلوا قتِل، وإن لم يقتَلوا عوقب وإن خشيِ أن يعود لمثلها خلِّد في السِّجن، ومذهب الشّافعي التّجافي عن ذِي الهيئة الغير المتهم (¬161) الفاعل ذلك بجهالةٍ. ويحتج في مثل هذه الصورة بحديث حاطِبِ. ولعلّ من أمر بقتله من أصحابنا رآه كالمحارب الذي طال أمره وأراق الدِّمَاءَ لعظم ضرر هذا بالمسلمين فَيقتَل إلاّ أن يتوب، ومن لم يثبت التوبة له يراه كالزنديق والساحر لماّ كانا مسرَّين لفعلهما لم تقبل توبتهما فكذلك هذا لمَّاَ كان مسرا لفعله، ومن لم ير قتلهم واقتصر على التَّنكيل لم يره كالمحارب لأنه لم يباشر الفعل وإنما صار كالمغري بذلك أو الآمر بذلك (¬162) من لاَ تلزمه طاعته فلا يستوجب القتل. ومن فرق بين المعتاد وغيره رأى أن باعتياده، يعظم جرمه ويشتَدّ ضرره فَيَحسن قياسه عَلىَ المحَارِبِ وإذا كانت منه الفلتة لم يحسن قِيَاسه على المحارب. وتجافىَ الشافعي عن ذي الهيئة الغير المتَّهم أخذا بظاهر حديث حاطب ولأن الاجتهاد إذا أدى لإقالة عثرة هذا لمَ يكن تضييعًا ولا تفريطًا ولما رأى مالك تَفاوت هذا الجرم بتفاوت أحوَاله وما يجنَى من ثمرته لم يمكنه تعيين حدّ فيه وصرفه للاجتهاد (على حَسَب ما حكيناه عنه هذا وجه اختلاف هذه الأقوال. والذِي يظهر لي أن حديث حاطب) (¬163) لا يستقل حجة فيما نحن فيه لأِنّه اعتذر عن نفسه بالعذر الذي ذَكر فقال - صلى الله عليه وسلم - "صَدَق" فقطع على ¬

_ (¬160) في (أ) بقرب فيه، وكذلك في (ج). (¬161) في (ب) غير المتهم، وكذا فيما يأتي. (¬162) في (أ) اشارة على قوله بذلك إلى الهامش وفيه به، وهو ما في (ب). (¬163) ما بين القوسين ساقط من (ج).

صِدق حاطب لتصديق النبيّ - صلى الله عليه وسلم - له، وغيره ممن يتجسَّس لا يقطع على سلامة باطنِهِ ولا يتيقن صِدقه فيما يعتذر به فصار ما وقع في الحديث قَضية مقصورة لا تجري فيما سِوَاها إذ لم يعلم الصدق فيه كما علم فيها وَيَتَنَزَّل عِندي هذا منزلةَ ما قاله العلماء من أهل الأصول في الحكم إذا كان معلّلاً بعلة معَيّنةٍ (¬164) فإنّه لاَ يقَاس عليه كتعليله - صلى الله عليه وسلم - في المحرم بأنه يحشر ملَبِّيا إلى غير ذلك مما ذكرناه في موضعه فيما تقدم من هذا الكتاب. ولو كان من اطّلع على تجسسه كافرًا فإن كان ذمِّيّا علم أنه عين لهم فكاتبهم بأمر المسلمين انتقض عهده. وقال سحنون: يقتل ليكون نكالاً وإن كان حربيا نَزل بأمان سقط ما كان له من الأمان، وللإمام قتله أوِ استرقاقه. قال سحنون: ولا خمس فيه إلاَّ أن يسلم فلا يقتل ويبقى كأسير أسلم. 1169 - ذَكَر حديث جريَج "وأن أمَّه صادفته يصليّ فدعته فقال: اللهم أمِّي وصلاتي فاختار صَلاَتَه " (الحديث) (ص 1976). قال الشّيخ -وفّقه الله- ذكر أنها دعت عليه أن لا يموت حتى يرِيه المومِسَاتِ. قال وَلَو دَعَت عليه أن يفتَنَ لفتِنَ. وهذا مما ينبغي أن يتأمّل (¬165) لأنّه إن كان تماديه عَلىَ الصّلاة هو أولى من إجابة أمّه فإنه غير عاص في فعله ولا ملومٍ فكيف تدعو عليه فتستجاب دعوتها فيه وهو لم يظلمها، وإن كان عنده أن قَطع الصّلاة هو الواجِبَ في شرعه فحينئذ يكون ملومًا على أن قوله: اللهم أمّي وصلاتي، يؤذن بتردده في هذا وأنه لم يكن ذلك عندَه شرعا بيّنا. ولعل أمّه تأوّلت أنه عَقَّها فدعت عليه ¬

_ (¬164) في (ب) مغيبة، وكذلك في (ج). (¬165) في (ب) أن يتأمَّل فِيه.

فوافق القدر وكذلك قَوله - صلى الله عليه وسلم - "ولو دَعَت عليه أن يفتَن لَفتِن" فيكون ذلك بمعنى أنه كان سبق في معلوم الله عزّ وجلّ أن يفتن بدعائها إلاّ أن يكون عاصيا بالتّمادي فلا يحتاج ذلك إلى الاعتذار. وهذا الحديث على صحته يؤكد قول الأشعرية في إثبات كرامات الأولياء وانخراق العادة لهم. 1170 - قَوله: "إنّ رجلاً أتَاه وَعَلَيه شَارَة حَسَنَة" (ص 1976). الشّارَة الَهيئَة واللِّباس يقَال مَا أحسَن شَوَارَ الرجل وَشَارَتَه، أي لِبَاسَه وَهيئَتَه. قال ابن الأعرابي: الشُّورة الجمال بضم الشّين، والشَّورَة بفتح الشين الخَجل.

كتاب البر والصلة

كتاب البرّ والصّلة (¬1) 1171 - قوله: "رَغِمَ أنفه" (ص 1978). أي ذَلَّ قَالَ ابن الأنباري: الرَّغم كلّ ما أصاب الأنفَ مما يؤذيه. وقال ابن الأعرابي وأبو عمرو: رغم أنفه، أي لَصِقَ بالرَّغام وهو ترَاب مختَلِط بِرَملٍ والرَّغْم أيضا المساءة والغَضب. يقال: فعلت كذا عَلىَ رَغم فلان، أي عَلىَ غَضَبِه ومَسَاءتِه. 1172 - وقوله: "كَانَ له حمار يَتَرَوَّح عَلَيه" (ص 1979). أي يسير عليه. يقَال: رَوَّح القَوم إذا ساروا أيّ وقت كان، وفي الحديث "من راح إلى الجمعة" أي من خف إليها ولم يرد رواح النّهار، ¬

_ (¬1) -جاء هذا العنوان في (ج) وفي (أ) بالهامش-.

هَكَذا قال الهروي. وقد قدّمنا نحن الكلام على مقتضَى قوله مَن رَاح. واختلافَ المَذهب فيه في موضعه من هذا الكتاب. 1173 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الإثم مَا حَاكَ في صَدرِكَ" (ص 1980). قال اللَّيث: الحَيك أخذ القول قلبك يقال: ما يحيك قولك في فلان وَلاَ يِحَيك الفأس والقَدوم في هذه الشجرة. قال شَمِر: الكلام الحائك هو الرّاسخ في قلبك الذي يهمك. 1174 - قال الشيخ وفّقه الله: خرّج مسلم سند هذا الحديث عن النَّوَّاس بن سَمعَان الأنصاري. (ص 1980). هكذا قال في إسناده الأنصاري والمشهور في نسب النواس الكلابي إلا أن يكون حليفا لِلانصار. وهو النَّوَّاس بن سمعان بن خالد بن عمرو بن قريط (¬2) بن عبد بن أبي بكر بن كلاب هكذا نسبه الغَلاَبيِ (¬3) عن يحيى بن معين. 1175 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَبَاغَضوا وَلا تَدَابَروا" (ص 1983). والتّدابر المعاداة يقال: دابرت الرّجل عاديته. وقيل معناه: لا تقاطعوا ولا تهاجروا لأنّ المتهاجِرين إذا ولى أحدهما عن صاحبه فقد ولاّه دبرَه. ¬

_ (¬2) محي من (أ) ولم يبق منه الاحرف ط. (¬3) في (ب) العلاء، وفي (ج) الغلاّبي بتشديد اللاّم والظاهر أنه بتخفيفها.

1176 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَجَسَّسوا وَلاَ تَحَسَّسوا" (ص 1985). التجسّس عن بواطن الأمور، وأكثر ما يقال ذلك في الشرّ. والجاسوس صاحب سرّ الشّر. وقال ثعلب، التَّحسِيس (¬4) بالحاء أن تطلبه لنفسك، وبالجيم أن تطلبه لغيرك. وقال غيره التجسّس بالجيم البحث عن العورات والتحسّس بالحاء الاستماع. 1177 - قال الشّيخ -وفقه الله: خرّج مسلِم -وفقه الله- في بعض طرق هذا الحديث: "حدثنا محمد بن المثَنّى نا أبو داود نا شعبة عن قتادةَ عن أنس أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تَحَاسَدوا" ثم عقَّب بعده بقوله: "حدّثنيه علي بن نصر الَجهضَمي" هكذا عند أبي أحمد (ص 1983). وهو الصواب وفي نسخة (¬5) أبي العلاء حدّثنيه نصر بن علي جعل بدلَ علي بن نصر نصر بن علي. وذكر مسلم بعد هذا بأحاديث "نا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة" ثم أردف على هذا "نا علي بن نصر نا وهب بن جرير (ص 1985) " ولم تختلف النسخ في هذا الموضع في هذه المتابعة أنها عن عليّ ابن نصر وهو أبو الحسن علي بن نصر بن علي بن نصر الجَهضَمِي ومات (علي بن نصر هذا مع أبيه نصر بن علي في سَنة واحدة سنة خمس ومائتين مات الأب في ربيع الآخر) (¬6) ومات ابنه في شعبان من السنة المذكورة. ¬

_ (¬4) في (ب) التحسس. (¬5) في (أ) حديث. (¬6) ما بين القوسين ساقط من (ج).

1178 - وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "التَّقوَى هَا هنا وَيشِير إلى صَدره" (الحديث) (ص 1986). قال الشيخ -وفقه الله: جعل بعض الناس هذا حجة على أن العقل مَحَلّه القَلب. وقد تقدم الكَلاَم على هذا وذكر خلاف النَّاس فيه مبسوطا فأغنى عن إعادته ها هنا. 1179 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ارْكُوا هَذَينِ حَتَّى يَفِيئَا" (ص 1988). يَعنِي أخروهما. قال ابن الأعرابي: رَكَاه يَركوه إذا أخَّره. 1180 - وقوله: "عائد الَمرِيضِ فيِ مخَرَفَةِ الَجنَّةِ" (ص 1989). قال أبو عبيد قال الأصمعي: واحد المخارف مخَرَف وهي جنى النّخل سمي بذلك لأنه يختَرَف، أي يجتَنَى، قال شمِر: المخرفة سِكَّة بين صفين من نخل يخترف من أيهما شاء. قال غيره: المخرفة الطريق. فمعنى الحديث أنه على طريق يؤديه إلى طريق الجنة ومنه قول عمر -رضي الله عنه- تركتم (¬7) على مثل مخرفة النعَم، أي على مثل طرقها. 1181 - قال الشّيخ: خرّج مسلم في حديث "من عاد مريضا لمَ يزل في خُرفَة الجنّة حتى يرجع" خرّجه عن حماد بن زيد عن أبي قِلاَبة، ومن حديث هشيم ويزيدَ بن زريع كلاهما عن خالد الحذاء عن أبي قلابة أيضا ¬

_ (¬7) في (ب) تركتكم.

عن أبي أسماء (قال بعضهم يروى إسناد هذا الحديث أيضا عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن أبي أسماء) (¬8) وذكره مسلم أيضا من حديث يزيد بن هارون عن عاصم الأحول عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن أبي أسماء (¬9) قال الترمذي: سألت البخاريَّ عن إسناد هذا الحديث فقال: رواه عاصم الأحول وأبو غفار عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن أبي أسماء قال: وأحاديث أبي قلابة عن أبي أسماء ليس فيها أبو الأشعث الاّ هذا الحديث الواحد. قال الشيخ -وفقه الله- قال بعضهم: وذكر الأثرم عن أحمد بن حنبل أنه قال: وقع (¬10) أبو قلابة إلى الشام وهو يروي عن أبي الأشعَثِ وأبي أسماء وأراه قد سمع منهما وروى أيضا عن أبي الأشعث عن أبي أسماء. 1182 - قوله - صلى الله عليه وسلم - "إن الله يقول يَومَ القِيَامَةِ: يا ابنَ آدَمَ مَرِضت فَلَم تعدنيِ. قال: يارب كَيفَ أعودكَ وأنت ربّ العالمين قال: أما عَلِمتَ أنَّ عَبدِي فلانا مَرِضَ فَلَم تَعده؟ أما علمت أنك لَو عدتَه لَوَجَدتَنِي عنده؟ يَا ابنَ آدَمَ استَطعَمتكَ فلم تطعِمنِي. قال: يارب كَيف أطعمك؟ وأنت رب العالمين؟ (قال أما علمت أنّه استَطعَمَكَ فلان فلم تطعِمه؟) (¬11) أمَا علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي" الحديث (ص 1990). ¬

_ (¬8) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬9) في (ج) زيادة نصها عن أبي أسماء الرحبي عن الثوبان وهو ما في أصل مسلم. (¬10) في (ب) رجع. (¬11) ما بين القوسين ساقط من (ج).

قال الشيخ -وفَّقَه الله- قد فسر في الحديث معنى المرض وأنّ المراد به مرض العبد المَخلوقِ وَأَضَافَ البَارِي سبحَانه ذَلِكَ إلى نَفسِهِ تشريفًا للعبد وتقريبا له والعَرب إذَا أرادت تشريفَ أحَدٍ أحَلَّته مَحَلَّهَا وعَبرَّت عنه كما تعَبر عَن نفسِهَا. وأمَّا قوله "لَو عدتَه لَوَجَدتني عنده" فَإنه يريد ثَوَابِي وكَرَامَتِي. وعبرَّ عن ذلك بوجوده على جهة التجوّز والاستعارَةِ وهذا سَائِغ شائع (¬12) في لسان العرَب. وقد قدَّمنا ذكر أمثاله وعلى هذا المعنى يحمل قوله تعالى: {وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ} (¬13) يعني مجازاة الله سبحانه ومثل هذا كثير. 1183 - قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما يَروي عن الله تعالى أنه " (قال يَا عِبَادي إنيِّ حَرَّمت الظّلمَ على نَفسيِ وجَعَلته محرَّما بَينكم فَلاَ تَظَالمَوا) (¬14) يَا عِبَادي كلّكم ظالّ إلاَّ مَن هَدَيته فَاستَهدوني أهدِكم" الحَدِيثَ (ص 1994). قال الشّيخ -وفّقه الله- معنى قوله: "حرمت الظلم على نفسي" أي تَقَدَّست (¬15) عنه وَتَعالَيت، والظّلم مستحيل منه سبحَانَه وَتَعالى جَدّه لأنه إنّما يكون إذَا تعدّيت الحدود وتجوّزت المَرَاسِم والبَارِي جلّت قدرته لَيسَ فَوقه أحَد يحدّ لَه حَدًّا أو يَرسم له رَسماً حتى يكون متجاوزا لذلك ظالما، ولا فوقه من يستحِق أن يطيعَه حتّى يحلّل له الحلالَ وَيحرّم عليه الَحرَامَ ¬

_ (¬12) شَائع ساقط من (ب) و (ج). (¬13) 39) النور. (¬14) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬15) في (ب) تنزَّهَت.

ولَكِن تحريم الشّيء يقتضي المنعَ منه والكفّ عَنه فسَمَّى الباري سبحانه تَقَدّسه عن الظلم بهذا اللّفظ فقال "حرَّمت على نفسي". وأما قوله "يا عبادي كلّكم ضَالّ إلاَّ مَن هَديته" فكَانَ ظاهره أنّ الناسَ على الضلال يخلفون إلاَّ مَن هداه سبحانه وَقَد ذكر في الحديث الآخر أنهم على الفِطرة يولدون وقد يراد بهذا ها هنا وصفهم بما كانوا عليه قَبل بعثةِ النبيء - صلى الله عليه وسلم - إليهم أو أنهّم إن تركوا وما في طباعهم من إيثار الراحة (¬16) وإهمال النظر ضَلّوا إلاَّ مَن هداه الله سبحانه. وظاهر هَذَا يطابِق مذهب الأشعريّة في قولهم: إن المهتدي بهدي الله اهتدى وإنه سبحَانَه إنَّما أرَاد هداية من اهتدَى من خلقه. والمعتزلة تقول: بأنه سبحانه أرادَ من سائر الخليقة أن يهتدوا ولكن منهم من استحبّ العمى عَلىَ الهدَى. وقوله - صلى الله عليه وسلم - ها هنا "وكلكم ضال إلاَّ من هَدَيته". فجعل من هداه مستثنى من الجملة يدلّ على بطلان قولهم: إنّه أراد هداية الجملة. 1184 - قوله - صلى الله عليه وسلم - "ما يصيب المؤمِنَ وَصَب (¬17) وَلا نَصَب" (1992). ¬

_ (¬16) في (ج) الرحمة. (¬17) في (ج) من وصَبَ ولا نصب وهو ما في الأصل.

الوصب لزوم الوجع ومنه قوله عزّ وجلّ وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ} (¬18) أي لازم ثابت. والنَّصَب والنُّصُب (¬19) التعب. 1185 - وقوله - صلى الله عليه وسلم - "مَالَكِ يَا أمَّ السَّائِب ترَقرِقِين" (¬20) (ص 1993). قال أبو عبيد: قوله في الحديث "إن الشّمس تَرَقرَق مَعناه تَدور وتجيء وتذهب وَرَقرقت الثَّريد بالسَّمن إذَا أكثرتَه. 1186 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تؤَدُّنَّ الحقوق إلىَ أهلِهَا يَومَ القِيَامة حتى يقاد لِلشَّاةِ الجَلحَاءِ مِنَ الشّاة القَرنَاءِ" (ص 1997). قال الشّيخ -وفّقه الله-: اضطربَ العلَماَءُ في إعَادة البَهَائِم، ووقف الشّيخ أبو الَحسَنِ الاشعَرِي في ذلك وَجَوَّزَ أن يعاد المجانين ومن لمَ تبلغه الدَّعوة ويدخلون الجنة. وَجَوَّز أن لاَ يعَادوا ولم يَرِد عنده قَطع في ذلك والمسألة موقوفة على السمع. وأقوَى ما يتعلق به من يقطَع بإعادة البَهَائم قوله عزّ وجلّ: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} (¬21) ومن لم يقطع على الإعادة يقول معنى حشرت، أي ماتت. والأحاديث الوَاردة عنده في ذَلِكَ من أخبار الآحاد إنّما توجب الظَّنَّ والمراد من المسألة القطع وقد قال ¬

_ (¬18) 9) الصافات. (¬19) ما أثبتناه من ضم النون والصّاد هو ما جاء في (أ) وجاء في (ج) فتح النون وإسكان الصاد، وكلاهما صحيح. (¬20) في (أ) و (ب) و (ج) ترقرقين بالراء والقاف وقال القاضي عياض بالزَاي والفاء، وهو ما في الأصل. (¬21) 5) التكوير.

بعض شيوخنا في قوله: يقَاد لِلشَّاةِ الجَلحاء من الشّاة القرناء إن المراد به ضَرْب مَثَلٍ ليشعِر الباري سبحانه الخليقة أنَهَّا دار قِصاصٍ وَمجازَاةٍ وأنّه لا يبقى عندَ أحدٍ لأحدٍ حقّ فَضرَب الَمثَل بالبهائم التي ليست بمكلفة حتى يسْتَحَقَّ فيها القصاص لِيفهَم منه أن بني آدم المكلَّفين أحَقّ وأولى بالقِصاص بينهم ويصِحّ عندي أن يخلق الباري سبحانه هذه الحركة في البَهَائم في الآخِرة ليشعر أهل المَحشر بما هم صائرون إلَيه من العدل بينهم وسمَّى ذلك قصاصا لا على معنى قصاص التكليف ولكن على معنى قصاص المجازاة. والقَطع في هذا لاَ سبيل إليه، وإجراء الكلام على ظاهره إذا لم يَمنعَ منه عقل ولا سَمع أولىَ وأوجب. والجلحاء هي الجماء التي لا قرن لها. ويقال: قرية جلحاء لا حصن لَهَا والأجلَح مِنَ النَّاسِ الذي (انحسر الشَّعر عَن جَانِبَيْ جبهَتِهِ وَسَطح أجلَح الذي) (¬22) لم يحجَب بِجِدَارٍ ولا غَيِره ومنه حديث أبيِ أيّوب "مَن بَاتَ عَلىَ سطح أجلح فَلاَ ذِمَّةَ لَه وهودج أجلَح لِلّذِي لاَ رَأس له". 1187 - وقوله: "إنّ الله تَعالىَ يملي لِلظَّالِمِ" (ص 1997). أي يمهِل وَيؤَخِّر وَيطِيل له المدّة. قال ابن الأنباري في اشتقاقِهِ من المَلْوَةِ وهي المدّة والزَّمان. قال غيره: يقال ملوة بفتح الميم وضمّها وكسرها. 1188 - قوله: "فَكَسَعَ رَجلاً مِنَ الأنصار" (ص 1198). ¬

_ (¬22) ما بين القوسين ساقط من (ب).

يقال: كسعت الرّجل إذا ضربتَ مؤخره فاكتسع، أي سقط على قفاه، وفي حديث آخَر فضرَب (¬23) عرقوبَ فَرَسِه حتى اكتسعت، أي سقطت مِنْ مؤَخّرها. قال الَهروي: كسع رجلاً من الانصَار، أي ضَرَبَ دبره. 1189 - قوله: "وإن لمَ يَكن فيهِ فَقَد بَهَتَّه" (ص 2001). يقال: بَهَتَ فلاَن فلاَنًا إذا كذب عليه فَبَهَتَه، أي تحير في كذبه {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} (¬24) أي قطعت حجته فتحيّر. والبهتان الباطل الذي يتحير من بطلاَنِهِ. 1190 - قوله: "إنّ شَرَّ النَّاسِ منزلَةً عند الله يَومَ القيامة مَن وَدَعَه أو تَرَكَه النَّاس اتّقَاءَ فُحْشِهِ " (ص 2002). قال شَمر: زعمتِ النّحوية أنَّ العرب أمَاتوا مصدر يَدَع وماضيَه والنَّبي - صلى الله عليه وسلم - أفصَح العرب وقد قال: "لَينتهينّ النَّاس عَن وَدْعِهِم الجمعات أي تَركِهم". 1191 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله رَفِيق يحبّ الرّفقَ وَيعطِي على الرِّفقِ مَا لا يعطِي علىَ العنفِ (وَمَا لاَ يعطِي على ما سواه) (¬25) (ص 2003). ¬

_ (¬23) في (1) قصرت، ولعله محرف من فضربت كما في حديث طلحة يوم أحد فضربت. (¬24) 258) البقرة. (¬25) ما بين القوسين ساقط من (ب).

(قال الشيخ -وفّقه الله-: الباري سبحانه لاَ يسمَّى إلاّ بِماَ سمى به نفسَه أو سَماَّه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو اجتَمَعَت الأمَّة عَلَيه) (¬26). قال الشيخ أبو الحسن الأشعري أو على معناه (وما لم يرد فِيه إذن في إطلاقه ولا وَرَدَ فيه مَنع ولمَ يستِحل وصف الباري تعالى به ففيه اختلاف هل يبقى على حكم العقل لا يوصف بتحليل ولا) (¬27) تحريم أو يمنع لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (¬28) فأثبت كونَ أسمائه الحسنى وَلاَ حَسَن إلاّ ما ورد الشرع به، وبين المتأخّرين من الأصوليّين اختلاف أيضا في تسمية الباري سبحانه بما ورد عن رسوله - صلى الله عليه وسلم - مِن جهة أخبار الآحاد. فقال بعض المتأخّرين من حذَّاق الأشعرية: يجوز أن يسمّى بذلك لأن خبر الواحد عنده يقتضي العملَ به. وهذا عنده من باب العَملِيّات لكنه يمنع من استعمال الأقيسة الشرعية فيه، وإن كانت يعمَل بها في المسائل الفقهية، ومال بعض المتأخّرين منهم إلى المنع من ذلك ولم يَر خبَر الواحد (عَنِ الواحد يجيز إطلاق التّسمية عَلىَ الله سبحانه والأصل في قبول خبر الواحد) (¬29) والعَمَلِ بِه إجَماع الصحابة -رضي الله عنهم- وما فهم عنهم من المسائل المنقولة عنهم استعمال خبر الواحدِ فيها فكان من أجاز قَبول خبر الواحد في تَسمية الله سبحانه فَهِم من مسالك الصّحابة قبولهم ذلك في مثل هذا، ومن منع منه لمَ يفهم من مسالكهم قبول مثل هذا ولا ثبت الإجماع عنده على قبوله فلحق بما لم يقم عليه دَليل، فقوله في هذا الحديث "إن الله رفيق" إن لم يرد في الشريعة بإطلاقه سوى هذا جَرَى على ما ¬

_ (¬26) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬27) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬28) 180) الأعراف. (¬29) ما بين القوسين ساقط من (ج).

أصَّلته لَكَ ها هنا من الاختلاف. ويحتمل أن يكون قوله "رفيق" يفيد صفةَ فِعلٍ وَهو ما يخلقه (¬30) سبحانه من الرفق لعباده كأحد التّأويلين في تسميته لَطِيفا بمعنى أنَّه ملطف. وإلى هذا مال بعض أصحابنا. وقال بعضهم: يحتمل أن يريد أنه ليس بعجول. وهذا يقارب معنى الحلم. 1192 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهم إنَّماَ أنَا بَشر فَأيُّماَ رَجلٍ مِنَ المسلِمين سَبَبته أو لَعَنته أو جَلَدته فاجعله لَه زكاةً ورحمةً، وفي بعض طرقه إنّما أنَا بَشر أرضَى كما يرضَى البَشرُ وأغضَب كَماَ يغضَب البَشرُ فَأيّماَ أحَدٍ دَعَوت عَلَيهِ مِن أمَّتِي بِدَعوةٍ ليس لَهَا بِأهلٍ ... " الحَدِيثَ (من ص 2007 إلى 2010). قال الشّيخ -وفّقه الله-: إن قيل كيف يدعو - صلى الله عليه وسلم - بدعوةٍ على من ليس لَهَا بِأهلِ. وهذا مما لا يليق به - صلى الله عليه وسلم - قِيل المراد بقوله "ليس لها بأهل عِندك في باطن أمَره لاَ على ما يظهر إلَيه - صلى الله عليه وسلم - (مِماّ تقتضيه حالته وجنايته حين دعائه عليه) (¬31) فكَأنَّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: من كان باطِن أمره عِندَك أنه ممَّن ترضى عنه فاجعل دَعوتيِ عليه التي اقتضاها ما ظهر إليَّ من مقتضى حاله حينئذ طَهورًا وزكاة. وهذا معنى صحيح (لا إحالة) (¬32) فيه وهو - صلى الله عليه وسلم - متَعَبَّد بالظواهر، وحساب النّاس في البواطن على الله تعالى، فَإن قيل: فما معنى قوله "وأغضَب كَما يَغضَب البشر" وهذا يشير إلى أن تلك الدعوة وقعت بحكم سَورة الغضب لا عَلىَ أنها من مقتضى الشرع فبقي السؤال على حاله. قيل: يحتمل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - أراد أنَّ دَعوَتَه عليه أو سَبَّه أو جَلدَه ¬

_ (¬30) في (ب) و (ج) وهي ما يخلقه. (¬31) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬32) في (ج) لا بإحالةٍ.

كان مما خير بين فعله له عقوبة للجاني أو تركِه والزجر له بما سوى ذلك فيكون الغضب لله سبحانه بعثه على لَعنته أو جلدِه ولا يكون ذلك خارجا عن شرعِه ولا موقِعًا له فيماَ لا يجَوز. ويحتمل أن يكون خرج هذا مخرج الإشفاق منه - صلى الله عليه وسلم - (وتعليمِ أمته الخوف من تعدّي حدودِ الله تعالى فكأنّه - صلى الله عليه وسلم -) (¬33) يظهر الإشفاق من أن يكون الغضب يحمله على زيادة يسيرة في عقوبة الجاني لولا الغضب ما زادها وَلاَ أوقعها ويكون ذلك من الصغائر على القول بجواز وقوعها من الأنبياء عليهم السلام أو إشفاقا منه - صلى الله عليه وسلم - وان لم يقع فيه. وقد يقع اللّعن والسّباب من غير قصد إليه فلا يكون في ذلك نَازلا منزلة اللّعنة الواقعةِ رغبةً إلى الله سبحانه وطلبًا للاستجابة فمثل هذه الطرائق ينبغي أن يسلكَ في مثل هذا الحديث. 1193 - وكذلك قوله بعد هذا في معاوية -رضي الله عنه- لاَ أشبَع الله بَطنه لما دعاه فقيل له - صلى الله عليه وسلم - "هو يَأكل" فقال: ادعه لي مرّةً أخرى. فقال: "هو يَأكل" (ص 2010). قد يحمل على أنه من لقول السابق إلى اللّسان من غير قصد إلى وقوعِهِ ولا رغبةٍ إلىَ الله سبحانه في استجابته. وقوله: "فَحَطَأنِي حَطْأةً" (ص 2010). ذكر مسلم عن أميّة في معناه. قال قفدني قفدة قال الَهروي في حديث ¬

_ (¬33) ما بين القوسين ساقط من (ب).

ابن عباس -رضي الله عنه-: "أتاني النّبِي - صلى الله عليه وسلم - فَحَطَأنيِ حَطوَةً" جاء به غير مهموز. وقال ابن الأعرابي: الحَطو تحريكك الشيء مزَعزَعًا، ورواه شمر بالهمز. وحكي عن غيره لا تكون الحَطأة إلاَّ ضربَةً بالكَفِّ بَيَن الكَتِفين. 1194 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ألاَ أنَبِّئكم مَا العِضَة (¬34) هِي النَّمِيمَة" (ص 2012). قال الشّيخ -وفّقه الله-: قيل في قوله تعالى {جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} (¬35) جمع عِضَة مِن عَضَّيتُ الشيءَ إذا فرقتَه. قال ابن عباس: آمنوا ببعض وكفروا ببعض. قال الشّيخ -وفقه الله-: فلَعَلَّ النميمة سمّيت عضة لأنها تفَرِّق بين النّاس. 1195 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما تَعُدّون الرَّقوبَ فِيكم؟ قال: قلنا الذي لاَ يولَد له. قال: ليس ذاك بالرَّقوبِ ولكنّه الرَّجل الذي لمَ يقَدِّم من ولده شيئًا" الحديث (ص 2014). قال أبو عبيد معناه في كلامهم فقد الأولاد في الدّنيا فجعله - صلى الله عليه وسلم - فقدهم في الآخرةَ فكانّه إنّما حوّل الوضع (¬36) إلى غيره قوله: فجعل إبليس يطيف به (¬37) يقال: طاف بِالشيء طَوْفًا وأطَاف استَدَارَ حَولَه. ¬

_ (¬34) هذه الرواية إحدى الروايتين، والثانية العضْهُ، وهي المشهورة في الروايات. (¬35) 91) الحجر. (¬36) في (ب) و (ج) الموضع. (¬37) به ساقطة من (أ).

1196 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا قَاتَل أحَدكم أخَاه فَليَجتَنِبِ الوجهَ فإنّ الله خَلقَ آدمَ عَلىَ صورَتِه" (ص 2017). قال الشّيخ -وفّقه الله- هذا الحديث ثابت عِند أهل النقل. وقد رَوَاه بَعضهم: "أنّ الله خلق آدمَ على صورة الرَّحَمنِ" وَلاَ يثبت هذا عند أهل النقل. ولعله نَقْل من راويه بالمعنى الذي توهمه: وظنّ أنّ (الضمير عائد) (¬38) على الله سبحانه فأظهره وقال على صورة الرحمن. واعلم أن هذا الحديث غلِط فيه ابن قتيبة وأجراه على ظاهره (وقال: فإن الله سبحانه له صورة لا كالصور وأجرى الحديث على ظاهره) (¬39) والذي قاله لا يخفى فساده لأن الصورة تفيد التركيب وكلّ مركبٍ محدث والباري سبحانه وتعالى ليس بمحدث فليس بمركب وما ليس بمركّب فليس بمصوّر. وهذا من جنس قول المبتدعة إن الباري عزّ وجلّ جسم لا كالأجسام لما رأوا أهل السنة يقولون: البارىء سبحانه شيء لا كالأشياء طردوا هذا فقالوا جسم لا كالأجسام وقال ابن قتيبة صورة لا كَالصّوَر. والفَرق بَين مَا قلنَاه وَمَا قَالوه أن لفظة شيء لا تفيد الحدوث ولا تتضمن ما يقتضيه (¬40). وقولنا: جسم وصورَة يتضمَّنَان التأليف والتركيب وذلك دليل الحدوث. وعجبًا لابن قتيبة في قوله: صورة ¬

_ (¬38) ما بين القوسين ممحو من (أ). (¬39) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬40) في (أ) ما تقتضيه.

لا كالصّوَر، مع كون هذا الحديث يَقتضي ظاهره عنده خَلق آدم على صورته فقد صارت صورة الباري سبحانه على صورة آدم عليه السلام على ظاهر هذا على أصله فكيف يكون على صورة آدم ويقول: إنها لا كالصوّر. هذا تناقض. ويقال له أيضا: إن أردت بقولك صورة لا كالصور أنّه ليس بمؤلف ولا مركب فليس بصورة على الحقيقة وأنت مثبت تَسمِيَةً (¬41) تفيد في اللّغة معنى مستحِيلاً عليه تعالى مع نفي ذلك المعنى فَلم تعط اللفظ حقّه وَلمَ تجرِه على ظاهره فإذا سلمت أنه ليس على ظاهره فقد وافقت على افتقاره إلى التَّأَويل. وهذا الذي نقول به فإذا ثَبَت افتقاره إلى التأويل قلنا اختلف الناس في تأويله فمنهم من أعاد الضمير إلى المَضروب وذكر أن في بعض طرق الحديت أنه سمعه - صلى الله عليه وسلم - يقول: قبح الله وجهك ووجه من أشبهك أو نحو هذا فقال - صلى الله عليه وسلم - ما قال إما عَلىَ هذه الرواية وهي شتم من أشبهه فبينَّ وجه هذا التعليل لأنه إذا شتم من أشبهه (¬42) فكأنّه شتم آدم وغيره من الأنبياء عليهم السلام وإنما ذكر الأول تنبيها عليه وعلى بنيه وأما على هذا الذي وقع في كتاب مسلم فيحتمل أن يكون تعبد الله سبحانه بتخصيص الوجه بهذه الكرامة لشبهه باَدم إجلالا لآدم - صلى الله عليه وسلم - ولا يبقى على هذا إلاّ أن يقال (¬43) فيجب أن يجتنب ما سواه من الَأعضاء المشبهة لآدم. وجواب هذا: أنّه لاَ يبعد أن يكون الله سبحانه يتعبد بما شاء ولم يجعل هذه العلة جارية مطردة، وقد اختصَّ الوجه بأمور جليلة ليست في غيره من الأعضاء لأن فيه السمعَ والبصر، وبالبصر يُدرك العالمَ وُيرَى ما فيه (من العجائبَ الدّالة على عظم الله ¬

_ (¬41) في (ج) تقسيمة. (¬42) وفي (ج) زيادة نصها (إذا شتم من أشبهك وآدم يشهبا) ولعله يشبهك. (¬43) في (ج) زيادة نصها (إنّه لا يبعد ان يكون الله سبحانه).

سبحانه، وبالسمع تُدرَك الأقوال، وتسمع أوامِر الرسول عليه السلام ونواهيه ويتعلم بهم سائر العلوم) (¬44) التي منها معرفة الله عزّ وجلّ ومعرفة رسله عليهم السلام وفيه النطق الذي يتميز به عن البهائم ويشرف به الإنسان على سائر الحيوان ومثل هذا التميز لا يبعد أن (¬45) يجعل سببا في تمييزه بهذا الحكم. وقال آخرون: إن الضمير عائد على آدم نَفسِه. وَعورِض هؤلاء بأن هذا يجعل الكَلاَمَ غثا لغوا لا فائدة تحته وأي فائدة في قولك: خلق زيد على صورة نفسه والشجرة على صورتها نَفسِها. وهذا معلوم بالعقول ولا يفتقر إلى خبر منقول. وأجاب أصحاب هذا التأويل عن هذا الاعتراض بِأن الفائدة فِيه التّنبيه على من خالف الحق من أصحاب المذاهب كالطبائعين القائلين بأن تصوير آدم كان عن بعض تأثيرات النجوم أو العناصر أو غير ذلك مما يهَذون به فأكذبهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبر أنّ الله سبحانه خلق آدم على صورته أو أكذَب الدّهرية في قولهم: ليس ثم إنسان أول وإنما الإنسان من نطفةٍ ونطفة من إنسان هكذا أبدا إلى غير أول فأخبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن الله سبحانه اخترع صورة آدم ولم يكن مصورا عن أب ولاكائنا عن تناسل، أو يكون أكذب القدرية في قولهم: إن كثيرا من أعراض آدم وصفته خلق لآدم فأخبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه مخلوق بجملة صورته، وهذا التأويل الذي ذهب إليه هؤلاء من إعادة الضمير إلى آدم بِنَفسِه (¬46) ¬

_ (¬44) ما بين القوسين ساقط من (ب) وفي (ج) نقص بعد قوله أوامر الرسول عليه السلام إلى قوله وفيه النطق. (¬45) (لا يبعد أن) حذف من (أ). (¬46) المثبت في (أ) بنفسة.

إنما يحسن إذا روي لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - مَجرَّدا من السبَبِ مقتصرا منه عَلىَ قَوله: "إنَّ الله خَلَقَ آدَمَ على صورته" وأما ذكر السبب أو ذكر جميعِ مَا حَكَاه مسلِم عنه - صلى الله عليه وسلم - "إذا قَاتَل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته" فإنه لا يحسن صرف الضمير لآدَمَ لأنه ينفي أن يكون بين السَّبَب أو صَدرِ الكلام وآخره ارتباط ويصيرَ الكلام وما وقع في كتاب مسلم من معنى (¬47) المتنافر. وقد روي أنه روي مختصرا مقتصرا فيه على ما قلناه فقال فيه بعض ائمّتنا هو من اختصار بعض الرواة. وقال اَخرون فإن الضمير يعود إلى الله سبحانه ويكون له وجهان: أحدهما أن يراد بالصورة الصفة كما يقال: صورة فلان عند السلطان كذا بمعنى صِفَته كذا. ولما كان آدم عليه السلام امتاز بصفات من الكمال بتميزٍ بالعقل والنّطق عن البهائم وبالنبّوة عن سائر بَنِيه سوى النّبيئين منهم (وله فضائل اختصّ بها فكأنّه شبّهه من هذه الجهة باختصاص الله سبحانه) (¬48) بالرفعة والجلال لا سيما وقد أمر الملائكة بالسجود له والسجود لا يكون إلاَّ لله وإن كانت الملائكة إنما سجدت له طاعة لله عزّ وجلّ. هذا المعنى ذكره بعض أصحابنا وفي التشبيهِ بُعْدٌ. والوجه الثاني عند أصحاب هذا التّأويل أن تكون إضافة الصورة إضافةَ تشريفٍ واختصاصٍ كما قيل في الكعبةِ بيت الله وإن كانت البيوت كلّها لَه عزّ وجهه وكما قال تعالى {نَاقَةَ اللَّهِ} (¬49) إلى غير ذلك مما وقع في ¬

_ (¬47) في (ب) و (ج) في معنى. (¬48) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬49) (13) الشمس.

الشريعة من أمثال هذا وقد تميَّز آدَم - صلى الله عليه وسلم - بِأن خلقه الله جلّت قدرته بيده ولم يقَلّبه في الأصلاب ولا درَّجه من حالٍ إلى حال فتكون الإضافة إضافة اختصاصٍ لهذا المعنى ولغيره. وأما مَن صرّح بهذا الضمير وأخرجه الرحمن (¬50) فإنه يردُّ من جهة النقل وأنه ضعيف عند المحدثين. واختلف أصحابنا في رده من جهة اللّسان فقال بعضهم: ما يحسن مثل هذا في الكلام لأنّ اللفظ الظاهر إذا افتتح به وأعيد ذكره فإنه إنما يعاد بالضمير ولهذا يقال: ضربَ زَيد عَبدَه، ولا يقال: ضَرَب زيد عَبدَ زيد ومرادهم بزيد الثاني زيدًا الأول قالوا فلو كان ما قالوه صحيحا لكانت العبارة عنه "خلق آدم على صورته" كما وقع في الطّرق الثابتة. وقال بعض أصحابنا: لا يستبعد هذا في اللِّسان وقد قال سبحانه وتعالى {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} (¬51) ولم يقل يوم نحشر المتّقين إلينا، وقال بعض النحاة أيضا: من هذا أيضا قوله تعالى {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا} (¬52) وأنشد في ذلك قول عدي بن زيد (¬53): [الخفيف] لا أرَى الموت يسبق الموت شيء ... نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا وفي هذا كفاية. ¬

_ (¬50) في (ب) و (ج) وأخرجه للوجود. (¬51) 85) مريم. (¬52) 59) البقرة. (¬53) قول عدي بن زيد سقط من (أ).

1197 - (قوله في الِهرَّةِ "فَلاَ هِيَ أطعَمَتهَا وَلاَ هِيَ أرسَلَتهَا تَرَمَّم مِن خَشَاشِ الأرضِ وَفيِ بَعضِ النسَخِ تَرَمرَم") (¬54) (2023). قال صاحب الأفعال: رَممَت الأمر والشيءَ رَمًّا أصلحته، والعظم رِمّة صار رميما والحبل انقطع والشاة تناولت النّبات بشفتيها ومنه سميت الِمرمَّتَان. 1198 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "العِزّ ازَاره والكِبريَاء رِدَاؤه فَمَن ينَازِعنِي عَذَّبته" (ص 2023). قال الشَّيخ -وفّقه الله-: هَذَا مجاز واتِّسَاع عَلىَ عَادَةِ العَرَبِ وَهم يقولون: فلان شعاره الزهد والورَع ودِثَاره التَّقوى ولا يريدون بِذَلك الثوبَ الذي هو شِعَار ودثار وإنما يريدون أنه صفته ونعته. ووجه الاستعارة في هذا أن الرِّدَاء والإزَارَ يَلصَقَان بِالإنسان وَيلزمانه بجملته وفيهما سِتر له وجمال فضرب ذلك مثلا لكون العز والكبرياء بالباري تعالى أحَقَّ وله ألزَمَ وأوجَبَ واقتضاءُ جَلاله لهما آكد، وكذلك العرب يقولون: فلان غَمْرُ الرّدَاء إذا كان واسع العطية تجوّزا أيضا بذلك، فَعَلىَ هَذَا يحمل هذا الحديث لأن الدليل العقلي قام على أن اللباس من صفات الأجسَام وهو سبحانه ليس بِجِسم فلا يَمَسّه جسم ولا يَستره جِسم وهذا واضح لكلّ متأمل. 1199 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قَالَ الرَّجل هَلَكَ النَّاسُ فَهوَ أهْلَكُهم" (ص 2024). ¬

_ (¬54) ما بين القوسين ساقط من (ج).

قال الشّيخ -وفّقه الله-: محمل هذا عند بعض العلماء على أنّ القائل قال ذلك ازدِرَاءً بالناس واحتقارًا لهم وإعجابًا بِنَفسه. فَأمَّا قوله على جهة الإشفاق والتَّفَجّع لِذَهاب الصَّالحين وَتفضِيلِ من مضى من الأولين فإنه خارج عن هذا، والقصد يغَير أحكام اللفظ والأوّل عِنوان الكِبر والاستهزاء بالنّاس وهو مذموم، والثاني عنوان الإشفاق والتَّقصِير بالنَّفسِ وتعظيم السلف، وذلك لا يكون مَذمومًا. 1200 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّماَ مَثَل جَلِيس الصَالِح وَجَلِيسِ السوء كحامِلِ الِمسك وَنَافِخِ الكِير فَحَامِل الِمسكِ إمَّا أن يحذِيَك وإما أن تَبتَاع منه وإمَّا أن تِجَدَ مِنه رِيحًا طَيِبَّةً ونافخ الكِير إمَّا أن يحرِق ثِيَابَكَ وإما أن تجَدَ ريحًا خَبِيثَةً" (ص 2026). قال الشيخ: جمهور الفقهَاء على طهارة المسك وجواز بيعه. وقال قوم بنجاسته والدليل عليهم قوله ها هنا: وإما أن تبتاع منه والنَّجَس لا يباع ولأنه - صلى الله عليه وسلم - استعمله ولو كان نَجسًا لم يستعمله والناس في الأعصار الماضية ما أحَد منهم ينكر استعماله فدلّ ذلك كلّه على طَهَارته. وقوله: "إمَّا أن يحذِيَك" يقال: أحذيت فلانا بمعنى أعطيته. 1201 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من عَالَ جَارِيَتَين حَتَّى تَبلغَا جَاءَ يوم القِيَامَةِ أنا وهو وَضَمَّ أصَابِعَه" (ص 2027). قال صاحب الأفعال: عَالَ الَحاكِم عولا جار، والسهم عن الَهدَفِ والِميزان مَالاَ، والفَريضةُ زَادت، والرّجلَ قمت بِمَؤونَتِهِ عَولا، والشيء

عولا عليك ثَقُل، وعال الرجل عَيْلَةً افتقر، والشيء عَيْلاً (¬55) أعجزك، والضالة عَيلاً وَعَيلاَنًا لمَ أدر أين أطلبها، وعيل الصَّبر غلب، والذي يصح أن يراد من هذا الحديث القِيَام بِالَمؤونَةِ. 1202 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يموت لأحَدٍ من المسلمين ثَلاَثَة مِن الوَلَد فَتَمسَّه النَّار إلا تِحَلَّةَ القَسَم". وفي بعض الطّرق ثَلاَثَةً لمَ يَبلغوا الحِنثَ" (ص 2028 - 2029). قال بعض أهلِ العِلم: المراد به قوله تعالى {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} (¬56) فالمراد ها هنا الوقوف عليها. وقيل: يمرّون عليها وهي خامدة (وَقِيل يَمرّون على الصراط وهو جسر عليها) (¬57). وقيل: هو ما يصيبهم في الدنيا من الحمى لقوله - صلى الله عليه وسلم - "إنَّ الحمَّى مِن فَيحِ جَهَنَّمَ". وجعله أبو عبيد أصلاً في الرجل يحلف لا يفعلن كذا فإنه يبر بالقليل وهو خلاف مذهب مالك -رَضيِ الله عنه-. وأمَا قوله: "لم يَبلغوا الحِنث". قيل: معناه قبل أن يبلغوا فَيُكتَبَ عليهم الإثم. 1203 - قوله قلت لأبِي هريرة "إنه قد مَاتَ لي ابنَانِ فما أنتَ مُحدِّثي ¬

_ (¬55) في (ج) عَبلَة. (¬56) 71) مريم. (¬57) ما بين القوسين ساقط من (ج).

عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحديث "يطيّب أنفسنا عَن مَوتَانَا قال: نعم صِغَارهم دَعَاميص الجَنَّة" (ص 2029). قال الشّيخ -وفّقه الله-: أمّا أطفَال المؤمنين الذين لم يبلغوا الحلم فأولاد الأنبياء صلوات الله عليهم منهم قد تقرر الإجماع على أنهم في الجنة. وكذلك جمهور العلماء على أن أولادَ من سواهم من المؤمِنِين في الجنة. وبعضهم ينكر الخلاف في ذلك ويتعلقون بظاهر القرآن وما ورد في بعض الأخبار قال الله عزّ من قائل {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (¬58) وبعض المتكلمين يقف فيهم ولا يرى نصّا قاطعًا مقطوعًا به ورد بكونهم في الجنة ولم يَثبت عنده الإجماع فَيَقولَ به. وقوله: "دَعَامِيص الَجنَّة". قيل: الدّعاميص من دواب الماء. 1204 - قوله: "فَلقِينا رَجلاً عند سُدَّة المَسجِد فقال يَا رَسولَ الله ... " (الحديث ص 2033). قال الشّيخ: قال الهروي: في حديث المغيرة بن شعبة أنه قال: لا يصلى في سدّة المسجد الجامع يعني الظلاَلَ وبه سمّي إسماعيل السدّي لأنه كان يبيع في سدّة المسجد الجامع. ¬

_ (¬58) 21) الطور وجاء قوله تعالى وألحقنا بهم ذرياتهم بالجمع وهي قراءة نافع والبصري والشامي، والباقون على التوحيد.

وفي الحديث "أنّ أم سَلَمة قالت لعائشة -رضي الله عنها-: إنّك سُدَّة بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمّته". أي باب. فمتى أصيب ذلك الباب بشيء فقد دُخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حَريمه، ومنه الحديث في "الذين يَرِدونَ الحوض الذين لا تفتح لهم السّدد" الحديث يقول: لا تفتح لهم الأبواب.

كتاب القدر

كتاب القدَر (¬1) 1205 - قوله "أتَانَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَعد وَقَعَدْنا حَولَه ومعه مخصَرَة فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنكتُ بِمِخصَرَتِهِ ثم قَالَ: مَا مِنكم مِن أحَدٍ مَا مِن نَفسٍ منفوسَةٍ إلاَّ وقد كَتَبَ الله مَكَانَهَا فيِ الَجنَّة والنَّار وَإلاَّ قد كتِبَت شَقِيَّةً أو سَعِيدَةً، قال: فَقَالَ رَجل: يَا رسول الله أفَلاَ نَمكث عَلىَ كِتَابِنَا وَنَدَع العَمَل فقال: مَن كان مِن أهلِ السَّعَادَةِ فَسَيصِير إلى عَمَلِ أهلِ السَّعَادَة ومن كان من أهل الشقاوة فَسَيَصِير إلى عَمَلِ أهل الشَّقَاوَةِ، اعمَلوا فَكلّ ميَسرَّ لِماَ خلِقَ (أمَّا أهل السّعادة فَيُيَسّرُون لعملِ أهل السّعادة وأمَّا أهل الشقاوة فَيُيَسّرُون لِعَمَل أهلِ الشَّقَاوَة) (¬2) ثمّ قَرَأ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} إلىَ قَولهِ عَزَّ وَجَلَّ {لِلْعُسْرَى} (¬3) (ص 2039). ¬

_ (¬1) جاء هذا عنوانا في (ج) وبالهامش في (أ). (¬2) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬3) 5 إلى10) اللَّيل.

قال الشّيخ -رضي الله عنه-: قول الرَجل للنبيء - صلى الله عليه وسلم - لماَّ سمِع منه "أن الله تعالى قد كتب السعادة والشقاوة" على ما وقع في هذا الحديث أفَلاَ نَمكث على كتابنا وندع العمل يلاحظ تَشنيع المعتزلةِ عَلَينَا بقولهم: إذا قلتم إنَّ الله سبحانه خلق معصية العاصي فَلِمَ يعذِّبه على ما خلقه فيه وقدّر عليه؟ وما فائدة التَكليف وكيف يطلب الإنسان بفعل غيره وأي فائدة في العمل وقد وقع في نفس هذا الرجل شبهة من فائدة العمل أو أراد أن يؤكد ما عنده بقول النبيء - صلى الله عليه وسلم - فأجابه - صلى الله عليه وسلم - بهذا الجواب ودفع اعتراضه ولم يقل له إنَّه صحيح بل أخبره ان الله جلّت قدرته ييَسر أهل السعادة لعمل أهل السعادة وأهل الشقاوة لعمل أهل الشقاوة وتلا - صلى الله عليه وسلم - القرآن مصدقا لما قال، وأخبر أن الله سبحانه وتعالى إذا نَفَذ قدره بشقاوة عبد يَسَّر له عمل أهل الشقاوة وهيأه له وسهّله عليه وأتاحَ (¬4) له أسبَابَه التي تعينه وتَبعثه على اكتساب المعاصي فالإنسان عندنا مكتسب لفعله لاَ مجَبور عليه. وتحقيق القول في الكسب يَتَّسع وموضعه كتب الأصول ولا يبعد في العَقل أن يجعل الله سبحانه وتعالى هذه الأعماَل أمَارة على استحقاق الجَنَّة والنار ويسهِّل لكل عبد ما قُضي لَه أو عَلَيه من ذلك والغَرض ها هنا الإشارة إلىَ ما قلناه من أن الأسلوب الذي تقدح به المعتزلة قد وقع ما يلاحظه من هذا السائل ولم يصححه - صلى الله عليه وسلم - بل أجاب عنه بما ذكر. ولعل السائل له - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يعلم حقيقة الانفصال أو تأكيد ما وقع في نفسه منه على ما قلناه ولم يقصد الاعتراض على قول النبيء - صلى الله عليه وسلم - بالرد والتشكّك فيه كما تَقصِد المعتزلة باعتراضها القدح في الحق الذي بيّناه. وكذلك قول الرّجلين مِن مُزَينَةَ بَعد هَذا: يا رسول الله أرَأيتَ ما ¬

_ (¬4) في (ب) و (ج) أباح.

يعمَل النَّاس اليَومَ ويكدَحون فِيه أشيء قُضِيَ عَلَيهِم ومَضَى فِيهم مِن قَدَرٍ سَبَقَ أو فِيماَ يَستَقبِلونَ به مِماَّ أتَاهم بِهِ نَبِيّهم - صلى الله عليه وسلم - وثَبَتَتِ الحجّة عَلَيهِم؟ فقال: لاَ بَل شيء قضي عليهم وَمَضَى فِيهم وَتَصدِيق ذلك في كتاب الله عزّ وجلّ {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} (¬5) (ص 2041). هذا أيضا مطابق لقول الأشعَرِيَّة أهل السنة في أن كل شيء بقضاء الله وقدره وأنّ المعاصي قضاها الله وَقَدَّرَهَا ألا ترى قولَ السَّائل أرَأيت ما يعمله الناس اليوم ويكدحون فيه؟ ولم يفرق بين خير وَشَرٍّ ولا طاعةٍ ولا مَعصِيَةٍ وكذلك جوابه - صلى الله عليه وسلم - لمَ يفرق فيه بل قال: بل شيء قُضِيَ عليهم وَمَضَى فيهم، وتلا كتاب الله مصدّقا لما قال ومسويا بين الفجور والتقوى بقوله {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} فأخبر سبحانه وتعالى عن النفس وما فعل فيها، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في كتاب مسلم: "كلّ شيء بِقَدَرٍ حتى العَجزَ وَالكَيْسَ" مطابِق أيضا لقول الأشعَرِيَّةِ في هذا، وكذلك قوله: "جاء قوم مشركون يخاصمون النبيء - صلى الله عليه وسلم - في القَدَر فنزل {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ} إلى قَوله عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (¬6) وَهَكَذا الأحَادِيث كلّهَا مطابقة لِقولِ أهلِ الَحقِّ، وإنّما سمِّيتِ الأشعرية أهلَ السنة لاتباعهم السنة هكذا وَموافقتهم لها. والمعتزلة تتجاسر على ردّها وتصغي إلى شبهة تقع في عقولها فيَهون عليها ¬

_ (¬5) 7 - 8) الشمس. (¬6) 48 - 49) القمر.

معها ركوب العظائم من رد السنن الواردة والازدراء على رواتها وتكذيب الثِّقَات من المحدثين. وهذا مجانبٌ لِفِعل أهل التَّحصيلِ والدين أعاذَنَا الله من ضلالة الملحدين. وأمّا قوله: "ومعه مخِصَرَة". قال الهروي: قال أبو عبيد: هي ما اختصره الإنسان بِيَدِه فَأمسكَه من عَصا أو عنزة أو عكّازة. وفي حديث آخر "فإذا تخصرّوا بها سجد لهم" قال القتبِي: التخصرّ هو إمساك القضيب باليد وكانت الملوك تتَخَصَّر بقضبان لها تشير بها وتصل كلامها. وهي المخاصر واحدتها مِخصرة وقد خَاصرَت فلانا إذا أخَذتَ بِيَده وَتَمَاشَيتماَ. وفي حديث آخر "المختصرون (¬7) يوم القيامة على وجوههم النّور". قال أبو العَبَّاس معناه: المصلّون باللّيل فإذا تعبوا وضعوا أيديهم على خواصرهم من التّعب قال: ويكون معناه أنهم يأتون يوم القيامة ومعهم أعمال يتكئِون عليها مأخوذ من الِمخصرة. أخبرنا بذلك الثّقة عن أبي عمر عنه وفي حديث أبي هرَيرة "نِهيَ أن يصَلي الرجل مختصرا" قيل: هو أن يأخذَ بيده عَصَا يتكىء عليها وقيل معناه أن يَقرَأ من آخر السورة آيَةً أو آيَتَين وَلاَ يَقرأ السّورَة بكمالها في فرضه. هكَذا رواه ابن سِيرينَ عنه ورواه غيره مختصرا. ومعناه: أن يصلي الرّجل واضعا يده على خصره. ومنه حديث "الاختصار راحة أهل النّار"، ونهي عن اختصار السجدة، وتفسيرها على وجهين: أحدهما: أن يختصر الآية الّتي فيها السّجدة ¬

_ (¬7) في (ب) المتخصّرون وكلتاهما رواية.

فيسجد فيها، والثّاني أن يقرأ السورة فإذا انتهى إلى السجدة جَاوَزَهَا ولم يسجد لها. ومنه أحد مختصرات الطريق. وأمّا قَوله: "يَكدَحون فيه" الكدح السعي في العمل لِدنيا كان أو لآخرةٍ. 1206 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "احتج آدَم وموسَى فقال موسَى يَا آدَم أنتَ أبونَا خيّبتنَا وَأخرَجتَنَا مِنَ الَجنَّةِ. فقال لَه آدَم: أنت موسَى اصطَفَاكَ الله بِكَلاَمِهِ وَخَطَّ لَكَ بِيَدِه أتلومنِي على أمر قَد قدّره الله علي قَبل أن يخلقَنِي بِأربَعِين سَنَة: فَحَجَّ آدم موسى وَفي بَعض طرقِهِ فَبِكم وَجَدت الله كَتَبَ التوراة قَبلَ أن أخلَقَ؟ قال موسَى: بِأربَعِين عَامًا. قال آدَم: فهل وجدت فيها {فعصى آدم ربه فَغَوَى}؟ (¬8) قال: نعم (ص 2042 - 2043). قال الشيخ: قال بعض أهل العِلم: لماَّ كان الله سبحانه قد تَابَ على آدم عليه السلام من معصيته لمَ يِجَب لومه عليها وَالاّ فالعاصي منّا لا ينجيه من اللّوم والعقاب. قوله "إن الله قدّر ذلك عليّ" لأنه أيضا قد قدّر عليه العقوبة واللَّومَ إذا وقعا به ولما كان الله تعالىَ تاب عَلى آدم - صلى الله عليه وسلم - وسلم صار ذكر ذلك له إنّما يفيد إذا مباحَثتَه عن السّبب الذي دعاه إلى ذلك فأخبر آدم أنَّ السبب قضاء الله وَقَدَره (وهذا جواب صحيح إذا كانت المبَاحَثَة عَن الموقع فيِ ¬

_ (¬8) 121 - طه، والتلاوة وَعَصَى.

ذلك ولم يكن عند آدم سَبَب موقِع فيه على الحقيقة إلاّ قَضَاء الله وَقَدَره) (¬9). ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "فَحَجّ آدَم موسى" ولهذا قال آدم لموسى صلىَّ الله عليهما: "أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه". وذكر فضائله التي أعطاه يريد بذلك أنّ الله سبحانه قدّر ذلك وقضى به فنفذ ذلك كما قدر علي ما فَعَلت فَنَفذَ فيّ. وأما قوله: "قدره الله عليّ قبل أن يخلقَني بأربعين عَامًا" فالأظهر أن المراد به أنّه كتبه قبل خلقه بِأربعين سنة وأظهره أو فعل فِعلاً ما أضَافَ هذا التاريخ إليه وَإلاّ فَمَشِيئَةُ الله سبحانه أزلِيَّة وما قضاه وقدره بمعنى شاءه وأراده فينا (¬10) لم يزل ولم يزل سبحانه مريدًا لما أراده من طاعة المطيع ومعصية العاصيِ فأربعون سنة قبل خلق آدم عليه السلام زمن محدود مبتدأ (¬11) فيجب صرف هذا التاريخ إلى ما قلناه. والأشبه أنه أراد بقوله: قدره قبل أن يخلَق بأربعين سنة، أي كتبه في التّوراة، ألا تراه يقول في بعض طرقه "فبِكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق؟ قال موسى: بأربعين عاما قال آدم: فهل وجدت فيها فعصى آدم ربه فَغَوَى. وهذا يشير إلى أنّ المراد بذلك المطلقِ ما قيّد في هذه الطريق. وأما قوله: "فهل وجدت فيها {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}. ¬

_ (¬9) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬10) جاء في (أ) أولا ففيما ثم صحح فينا، وفي (ب) كما جاء اولا في (أ) ففيما، وفي (خ) يقينا. (¬11) في (أ) مبتدأ ساقطة.

فيصح أن يراد به أن فيها معنى هذا اللفظ مكتوب بلسان غير هذا اللسان العربي إذا كان النبيء - صلى الله عليه وسلم - إنما قصد إلى العبارة بلسان قومه عن معنى ذكر بلسان غيرهم. قال الهروي: والحَجّ الغلبة بالحجّة ومنه الحديث "فَحَجَّ آدم موسى" أي غلبه بالحجّة. 1207 - قال الشيخ: خرّج مسلم في آخر كتاب القدر حديث "لتركبنّ سَنَنَ مَن قَبْلكُم". فقال حدثنا عدة من أصحابنا عن سعيد بن أبي مريم نا أبو غَسَّان محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي سعيد عن النبيء -صلى الله عليه وسلم- الحديث (ص 2054). وهذا أحد الأحاديث المقطوعة التي نَبّهنَا عليها وهي أربعةَ عَشَرَ هذا آخرها. قال الشيخ: قال بعضهم: وقد وصله أبو إسحاق إبراهيم بن محمد ابن سفيَان. 1208 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن قلوبَ بني آدَمَ كلَّهَا بَين إصبَعَين من أصابع الرّحمان كقلب واحد يصرّفه حَيث شَاء ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: اللَّهم مصَرِّفَ القلوب صرِّف قلوبَنا عَلىَ طَاعَتِكَ" (ص 2045)

قال الشيخ: هذا تجوّز وتوسّع كما يقول القائل: فلان في قبضتي وبكفّي، ولا يريد أنه حالٌّ بكفه وإنما المراد أنه تحت قدرتي وكذلك يقال: ما أفعل هذا إلاّ بإصبَعِي أو فلان بين إصبَعَيَّ أصرفه كيف شئت ولا يريد أنه حال بين الإصبَعَين وإنّماَ يريد أنّه هَيِّن عليه القَهرُ له والغَلَبَة وتصريفه كيف شَاء فكذلك المراد بقوله "إصبَعَيِن من أصابع الرّحمن" أي أنه متصرف بحسب قدرته ومشيئته سبحانه وتعالى لا يعتاص عليه (¬12) ولا يفوته ما أراد منه كما لا يعتاص على الإنسان ما كان بين إصبَعَيه ولا يفوته وخاطَب العرب من حيث تَفْهم ومثّل بِالمعاني المحسوسة تأكيدا للمعاني في نفوسها فإن قيل: فإن قدرة الله سبحانه واحدة والإصبَعَان ها هنا اثنان. قيل: قد أخْبَرْنَا أن ذلك مجاز واستعارة وتمثيل فوقع الكلام على حسب ما اعتادوه في هذا الِخطَاب غير مقصود منه إلى تثنية أو جمع، ويحتمل أن يراد بالإصبَع ها هنا النعمة ويقال: عندي لفلانٍ إصبَع حسنة أي يد جميلة (¬13) ولكن يقال على هذا فَلِم ثنّى النّعمة وَنِعَم الله لا تحصَى؟ قيل: لا تحصى آحادها والأجناس قد تحصى فيكون المراد بالنعمتين اللّتين عبر عنهما بالأصبعين نعمة النفع ونعمة الدفع فنعمة النفع هي الظاهرة ونعمة الدفع هي الباطنة. وقد قيل في قوله تعالى {وَأسبَغ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرة وَبَاطِنَةً} (¬14) إِن الظاهرة نعمة النفع والباطنة نعمة الدفع وقلب العبد للباري سبحانه عليه نعمة نفع ونعمة دفع فلا يبعد ان يراد بالنعمتين هاتان أو غَيرهما من الأجناس التي تليق بِهَذا. ¬

_ (¬12) في (أ) لا يعتاض عليه، وكذا فيما سيأتى. (¬13) في (ب) اي يد جَمُلَتْ. (¬14) 20) لقمان.

1209 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا مِن مَولود إلاّ يولد على الفِطرَة فَأبَوَاه يُهَوِّدَانِهِ وَيُنصِّرَانِه ويُمَجِّسَانه كَماَ تُنتَج البَهِيمة بهيمة جمَعَاء هل تُحِسُّون فِيهَا مِن جَدعَاء ثمَ يَقول أبو هريرة: واقرؤوا وإن شِئتم {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} (¬15) وفي بعض طرقه: "فقال رجل: يا رسول الله أرَأيتَ لَو مَاتَ قَبْلَ ذلك؟ قال الله أعلم بِماَ كانوا عَامِلِين" من بعض طرقه: "ما مِن مولود يولد إلا وهو على الِملَّةِ" (وفي بعض طرقه "الاّ على هذه الِملَّةِ (¬16) حتى يُبَيِّنَ عَنه لِسانه". وفي بعض طرقه (من يولد) (¬17) يولد على هذه الفطرة فأبواه يهوِّدانِه ويُنَصَرِّانِه كما تَنتِجون الإبِلَ فَهَل تِجَدون فِيهَا جدعاء حتى تكونوا أنتم تجْدَعونَهَا (¬18) قالوا: يا رسول الله أفَرأيت من يموت صغيرا قال: الله أعلَم بِماَ كانوا عاملين وفي بعض الطرق، "سئِل عن أولاد المشركين فقال، "الله أعلم بما كانوا عاملين" (وفي بعض طرقه "مَن يموت مِنهم صَغِيًرا؟ قال الله أعلَم بِماَ كانوا عاملين") (¬19) وفي بعض طرقه "أن الغلام الذي قتله الخضر عليه السلام طبع كافرا ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا". وعن عائشة -رضي الله عنها-" توفي صبي فقلت طوبى له عصفور من عصافير الجنة. فقال - صلى الله عليه وسلم - أوَلا تَدرين أن الله خلق الجنة وَخَلَقَ النار فخلق لهذه أهْلاً ولهذه أهلا" وفي بعض طرقه "لم يَعمَلِ السُّوء وَلمَ يدرِكه" وفيه أن الله خَلَق ¬

_ (¬15) 30) الروم. (¬16) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬17) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬18) في (ج) تدعونها. (¬19) ما بين القوسين ساقط من (ب).

للجَنَّةِ أهلاً خلقهم لها (¬20) وهم في أصلاب آبائهم (وخلق للنّار أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم") (¬21) (ص 2047 - 2050). قال الشيخ: ذهب بعض الناس إلى أن المراد بالفطرة المذكورة في الحديث ما أخذ عليهم وهم في أصلاب آبائهم وأن الولادة تقع عليها حتى يقع التغيُّر بالأبوين. وذهب بعض الناس إلى أن الفِطرة هي ما قُضي عليه من سعادة أو شقاوة يصير إليها. وهذا التأويل إنما يليق بما في بعض الطرق وهو قوله " (على الفطرة مطلقا". وأما ما وقع في بعض الطرق وهو قوله: "على) (¬22) هذه الفطرة" وقوله في أخرى: "إلاّ وهو على هذه الملة فإن هذه الإشارة إلى فطرة معينة وملة معينة تمنع هذا التأويل. وقد يتعلق هؤلاء بقوله: "إن الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا". وظاهر هذا يمنع من كون كل مولود يولد على هذه الفطرة. وقد ينفصل الآخرون عنه بأن المراد به حالة ثانية طرأت عليه من التهيّؤِ للكفر وقبولهِ عَلَيه، (وَقَبولُه عَلَيه) (¬23) غير الفِطرة التي ولد عليها. وقال آخرون: يحتمل أن يريد بالفطرة ما هيّء لَه وكان مناسبا لما وضع في العقول، وفطرة الإسلام صَوَابها كالموضوع في العقل وإنما يدفع العقلَ عن إدراكِه آفة وتَغيِير من قِبل الأبَوَين وغيِرهما. ¬

_ (¬20) خلقهم ساقط من (ج)، وكذا فيما يأتي. (¬21) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬22) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬23) ما بين القوسين ساقط من (ج).

وأما قوله: "الله أعلم بما كانوا عَامِلِين". وقوله، مثل هذا لما سئِل عن أولاد المشركين وقوله لعائشة لما قالت: عصفور من عصافير الجنة: "إنّ الله خَلَقَ لِلجَنَّة أهلاً" (الحديث). فقد قدمنا الكلام في أولاد المؤمنين وذكرنا أن الإجماعَ على أن الصغار من أولاد النّبِيئِين في الجنة وذَكرنا أن جمهور العلماء على أن أطفَال المؤمِنِين في الجَنَّة أيضا، وأن بعض العلماء وقف فيهم. وحديث عائشة -رضي الله عنها- هذا وقوله عليه السلام أو غير ذلك "إن الله خلق للجنة أهلا" (الحديث) مما يقدح عنده في القطع كما قطع جمهور العلماء إذا كان الصبي المذكور في الحديث من أولاد المؤمنين وأما أولاد الكافرين فاضطرب العلماء فيهم والأحاديث وردت ظواهرها مختلفة. فمنها قوله ها هنا "الله أعلم بما كانوا عاملين" ومنها "هم من آبائهم" ومنها "لو شِئتِ أسمَعتكِ تَضَاغيَهم (¬24) في النار" الحديث كما وقع. ومنها "أنّه تؤجج لهم نار فيقال لهم: اقتحموها" (الحديث أيضا) واختلاف هذه الظواهر سبب اضطراب العلماء (¬25) في ذلك والقطع ها هنا يَبعد وقد حاول بعض الناس بناءَ هذه الأحاديث فجعل الأصل فيها حديث "تؤجج لهم نار ويقال لهم اقتحِموها" فيكون من عصى ولم يقتحمها هو المراد بقوله "أسمعتكِ تَضَاغِيَهم في النار" وبقوله "هم من آبائهم" ويكون قوله "الله أعلم بما كانوا عاملين" يشير به إلى عملهم هذا من الاقتحام والإحجام. ¬

_ (¬24) في (ج) تضاغتهم، وكذلك فيما يأتي. (¬25) في (أ) سببه اختلاف العلماء وجاء على لفظ اختلاف اشارة إلى تصحيح لكنه طمس، ولعله اضطراب العلماء.

وأما قوله "بهيمة جمَعَاء" فالجَمعاء السليمة من العيوب سميت بذلك لاجتماع سلامة أعضائها لاَ جَدَعَ بها ولا كيّ (¬26) وكأنه - صلى الله عليه وسلم - شبه السلامة التي يولد عليها المولود من الاعتقادات الفاسدة بالبهيمة الجمعاء التي هي سليمة من العيوب ثم يَطرأ عليها العَيب بِفعل يُفعل فيها كما يطرأ إفساد الاعتقادات على المولود بتربية يرَبَّى عَلَيها. 1210 - قول (¬27) عائشة -رضي الله عنها- تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} إلى قَولِه {أُولُو الْأَلْبَابِ} (¬28) قالت قال - صلى الله عليه وسلم -: إذَا رأيتم الذَين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سَمَّى الله (¬29) فاحذروهم. وفي طريق أخرى قال: "هَجَّرت إلى النبيء - صلى الله عليه وسلم - فَسَمِعت أصوَاتَ رجلين اختلفا في آية فخرَج علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يُعرَف في وَجهِهِ الغضب فقال: إنما هَلَكَ مَن كَانَ قَبلكم باختلافهم في الكتاب". وفي حديث آخر "اقرؤوا القرآن مَا ائتَلفَت عَلَيه قلوبكم فاذا اختلفتم فيه فقوموا" (ص 2053). قال الشيخ اختلف الناس في المتشابه المذكور في هذه الآية اختلافا كثيرا. فمنهم من قال: هو حروف التّهَجِّي المفتتح بها بعض السور كحم ¬

_ (¬26) في (ب) ولا كمي. (¬27) جاء بهامش (أ) بخط مغاير كتاب ولم يظهر ما بعد كتاب ولعلّه إشارة إلى كتاب العلم. (¬28) -7 - آل عمران. (¬29) في (ج) سمّامهم الله.

وطس وشبهِهِماَ، ومنهم من قال: هو ما تَسَاوى لفظه واختلف معناه وَغَمُضَ إدراك اختلاف معانيه مثل قوله عزّ وجلّ {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} (¬30) {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى} (¬31) فحقيقة اختلاف الإضلالين يَعسر دَركه من ناحية اللّفظ وإنما يدرك بالعقول افتراق هذه المعاني وما يصحّ منها وما لا يصحّ (ويلحق بهذا أي الوعيد والغفران للعاصي أو تعذيبه فقد وقع في القرآن في ذلك ظواهر تتعارض) (¬32) وتفتقر إلى نظر طويل وكذلك ما ينخرط في هذا السلك مما يقع في القرآن من هذا المعنى وقيل غير ذلك مما يكثر تَتَبّعه. واختلف الناس في الراسخين في العلم هل يعلمون تأويل هذا المتشابه وتكون الواو في قوله عزّ وجلّ {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} عاطفةً على اسم الله سبحانه أو لا يعلمونه وتكون الواو لافتتاح جملة ثانية واستينافها ويكون قوله {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} (خبرا لهذا المبتدإ ويكون على مذهب الأوَّلينِ في موضع نَصب على الحال تقديره: والراسخون في العلم قائلين آمنَّا به) (¬33) والوجهان جميعا مِماَّ يحتملهما الكلاَم وإنما يعتضد كل تأويل بترجيح لاَ يبلغ القطع ويكاد أن يكون عِلم الراسخين في العلم بالمتشابه من المتشابه، وتحذيره - صلى الله عليه وسلم - من الذين يتَّبعون ما تشابه منه لما نَبَّه الله عزّ وجلّ عليه وهو قوله {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} ومعلوم أن هذا كثير مما يوقع في الفتن ويوقع في فساد الاعتقاد وهذا مِماّ يجب أن يحذر. ¬

_ (¬30) -23 - الجاثية. (¬31) -79 - طه. (¬32) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬33) ما بين القوسين ساقط من (ج).

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب، وقوله "اقرؤوا القرآن ما ائتلَفَت عَلَيه قلوبكم فَإذَا اختَلَفتم فِيهِ فَقوموا" (ص 2053 إلى ص 2054). فهذا مما تَتعلق به الحُشْوِية ونُفَاة النَّظَر (¬34) ومحَمله عند أهل العلم عَلىَ أنَّ المرَاد به اختلاف لا يجوز أو يوقع فيما لا يجوز كاختلافهم في تفسير القرآن واختلافهم في معانٍ لا يسوغ فيها الاجتهاد أو اختلاف يوقع في التشاجر والشّحناء. وأمّا الاختلاف في فروع الدين وتَمَسّك كل صاحب مذهب بظواهرَ من القرآن وتأويله الظَّاهِر على خلاف ما تأوّله صاحبه فَأمر لا بد مِنه في الشّرع وَعَليه مضى السلف وانقرضت الأعصَار. ¬

_ (¬34) في (ج) وبغاة النظر وما أثبت هو ما في (أ) و (ب) وهو الصواب وجاء ضبط الحشوية في نسخ المُعلم بضم الحاء، وفي أقرب الموارد الحَشوية بفتح الحاء.

كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار

كتاب الذّكر والدّعاء والتّوبة والاستغفار (¬1) 1211 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: " (يقول الله عز وجل) (¬2) أنا عِندَ ظنّ عبدي بي وأنا معه حِين يَذكرني إن ذَكَرَنيِ في نَفسِهِ ذَكَرته فيَ نَفسيِ وإن ذَكَرَنيِ في مَلإ ذَكَرته في مَلاءٍ خَير مِنهم وأن تَقرَّبَ مِنَّي شِبًرا تَقرَّبت مِنه ذِرَاعًا وإن تقرب إليَّ ذِراعا تَقَربْت منه بَاعًا وإن أتَاني يَمشيِ أتيته هَروَلَة" (ص 2061). قال الشيخ -وفقه الله-: النفس تُنطق (¬3) في اللغة على معان شتَّى، منها نفس الإنسان الحيوانية وذلك لا يليق بالله سبحانه، ومنها النفس بمعنى الدَّم ولا يليق بالله تعالى أيضا، والنفس بمعنى الذات والباري سبحانه له ذات على الحقيقة وتكون النفس بمعنى الغيب وهو أحد الأقوال في قوله تعالى {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} (¬4)، أي ¬

_ (¬1) جاء هذا العنوان في (ج) وأما في (أ) فجاء بالهاهش بخط مغاير لخط النسخ. (¬2) ما بين القوسين ساقط من (أ). (¬3) في (ب) تطلق. (¬4) 116) المائدة.

تعلم غَيبِي ولا أعلم غيبك فيصح أن يراد بالحديث ها هنا أن العبدَ إذا ذكر الله عز وجل مُخْلِيًا بحيث لا يطّلع عليه أحد (أثابه وقضى له من الخير بما لا يطَّلِع عليه أحد) (¬5) وقد قَال عَزَّ مِن قائل {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} (¬6). فأخبر الله سبحانه أنه يَنفَرِد بعلم بعض ما يجزي به المتقين. وقد اضطرب العلماء في الأنبياء والملائكة عليهم السّلام أيهم أفضل؟ ويتعلق من قال بتفضيل الملائكة بظاهر هذا الحديث وقال: "فإنه قد ذكرته في ملإ خير منهم" وأجاب الآخرون: بأن المرادَ به بذكرٍ خير من ذكره وهذا بعيد من ظاهر اللفظ ولكن الأوّلِين إنما تمسكوا بخبر واحدٍ ورَد بلفظ يتعلق فيه بالعمومِ. وفي التعليق بالعموم خِلاَف وخبر الواحد لا يؤدي إلى القطع وهذا يمنع من القطع بما قالوه. وأمّا قوله: "وإن تَقَرَّب مِنّي شِبرا تقرّبت منه ذراعا" وَقَوله: "وإن أتَاني يمشي أتيته هرولة" فمجاز كله وإنما هو تمثيل بالمحسوسات وتفاوتهِا في الإسراع والدنوّ فإنما المراد أن من دنَا منّي بالطاعة دنوت منه بالإثابة (وكنت بالإثابة) (¬7) أسْرعَ منه بالطاعةِ وأن من أتاني بحسنةٍ جازيته بعشر فكنّى عن التضعيف بالسرعة ودنوّ المسافة. فهذا الذي يليق بالله سبحانه. وأما المشي بَطِيُّه وسريعه، والتقّرب بالذراع والباع فَمِن صفات الأجسام والله سبحانه ليس بجسم ولا يجوز عليه تنقُّل ولا حركهّ ولا سكون وهذا واضح بَيِّنٌ. ¬

_ (¬5) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬6) 17) السَّجدة. (¬7) ما بين القوسين ساقط من (ج).

وقوله - صلى الله عليه وسلم - "ومن لَقِيني بقُرَاب الأرض خطيئَةً" (ص 2068). أي مَا يقارب مِلأهَا. 1212 - قول أمّ حبيبة -رضي الله عنها- زوجِ النبيء - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم أمتِعنِي بِزَوجِي رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَبِأبي أبي سفيان وبأخِي مُعَاوِيَة فقال - صلى الله عليه وسلم -: لقد سَألتِ الله لآجَالٍ مَضروبَةٍ وَأيّام معدودَةٍ وأرزاقٍ مَقسومَةٍ أن يعَجِّلَ شَيئًا قَبلَ مَحَلِّهِ أو يؤَخِّر شَيئًا عَن أجَلِهِ وَلَو كنت سألت الله أن يعيذَكِ من عَذَابِ النار أو عذَابٍ في القَبِر كان خَيرا وأفضَلَ " (ص 2050). قال الشيخ: إن قال قائل: قد أثبت في هذا الحديث أنّ الأجل لاَ يزاد فيه (ولا يُنقَص) (¬8) وقد قال في حديث آخر "إن صلة الرحم تزيد في العمر" فكيف الجَمع بين هذين الحدِيثين؟ قلنا: أول ما يجب أن تعلم أنَّ الأجل عبارة عن الوقت الذي قدر موت الميت فيه فإذا كان عبارةً عن هذا وعليه نتكلم ها هنا فلا بد أن يقال: إن البارىءَ سبحانه يعلم هذا الوقت أولاَ يعلمه (فَواضح إحالة القول إنّه لا يعلمه فَإذا ثبت أنه يعلمه) (¬9) قلنَا: حد العِلمِ وحقيقته معرفة المعلوم على ما هو عليه، فَإذا فَرَضنا أنَّ زيدا عَلِم الله أنه يموت سنة خمسمائة ثم قدّرنا أنه مات قبلها أو مات بعدها أليس تطلب حقيقة ذلِك العلم ولم يكن علما بل كان جَهلاً لأنه تعلق بالأمر على خلاف ما هو عليه وقد فرضنا أنَّ الباري سبحانه ¬

_ (¬8) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬9) ما بين القَوسين ساقط من (ج).

يستحيل الجهل عليه فَوجب ضرورةً من مقتضى هذه المقدمات أنّ مَا عَلِمَه الباري عزّ وجلّ من الاجال لا يتبدل ولا يَتَغَيرَّ فإن كان السؤال عن الزِّيَادَةِ في الأجل الذي علمه الباري سبحانه أو النقص (¬10) منه. فالجواب: أن ذلك لا يصح لهذا الذي بيّناه، وإن كان السؤالُ الزيادة والنقصَ (¬11) في آجال غير الأجل الذي عند الله تعالى في غَيبِه فذلك مما لا يمنع الزيادة فيه والنقصان لأن ما سوى الباري وصفاتِه من سائر الأشياء مخلوق والمخلوق يتغير ويتبدَّل ويزيد وينقص. فقال الحذاق من أهل العلم بناءً على هذا ما وقع من الظواهر والزيادة في العمر والنقصان منه فيُحمل ذلك على ما عند مَلِكِ الموت أو من وَكّله الباري بقبض الأرواح وأمره فِيها بآجال محدودة فَإنه سبحانه بعد أن يأمرَه بذلك أو يثبته (في اللوح المحفوظ لملك الموت فَيَنقُص منه أو يزيد فيه) (¬12) على حسب ما شاء حتى يقع الموت على حسب ما علم تعالى في الأزَلِ وقد قال عز من قائل {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} (¬13) فأثبت المحو والإثبات وأخبر أن عنده أمّ الكتاب. وهذا تنبيه (¬14) إلى ما قلناه وان كان قد قيل في الآية محو اللّيل بالنهار والنَّهارِ باللَّيل وقيل محَو الأحكام المنسوخة بالناسخة لها ولكن لا يبعد دخول ما قلناه تحت العموم إذا ثبَت أصله أو تكون الآية مصداقًا لما قلناه على الجملة دون التفصيل وكذلك ¬

_ (¬10) في (ب) و (ج) والنقص. (¬11) في (ب) و (ج) عن الزيادة والنقص. (¬12) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬13) 39) الرَّعد. (¬14) في (ب) و (ج) هذا يشير.

قوله تعالى {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ} (¬15) يَصح أن يحمل على ما قلناه وإن كان قد قيل فيه أيضا تأويل آخر، كما أن بعضَ أهل العلم أيضا تأول قوله تعالى {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} (¬16) على أن المراد به ينقص مِن عمرِه عن أبناء جنسه وأترابه وكذلك تأول بعضهم قوله في صلة الرحم "إنها تزيد في العمر" أن المراد بِه الرّزق لأنّ الفَقر يعَبرَّ عنه بالموت وأنكر بعضهم ذلك وقال الرزق مفروغ منه كما فرغ من الأجل فلا معنى للاعتذار بما يحتاج إلى الاعتذار. وقال آخرون إنما المعنى أن الله سبحانه علم أنه يعَمّره مائة لأنه علم أنه يَصِل رَحِمَه وعلم أنه لو لم يَصِله لَعَمَّره ثَماَنين والباري سبحانه مَوصوف بأنه يعلم ما لا يكون لو كان كيف كان يكون وأمثل ما فِيما ذكرناه من التأويلات هذا التأويلُ أو ما قلناه أولاً إن الزيادة والنقص يرجعان إلى المَلَك وما كُلِّفَه فيكون التَّغيِير فيه، وَصَرْفُ ذَلك إلى المَلَكِ إليه يَمِيل بعض المحققين مِن أئمتنا. وعلى هذا الذي قرّرناه عندنا أن المَقتول مات بأجله خلافا للمعتزلة في قولهم: إنه قَطَعَ عليه أجلَه بالقتل ولو قيل لنا نحن هل يقال: إن بقاءه وزيادته على ذلك الأجَلِ مقدور (للباري سبحانه لقلنا ذلِك مقدور ولكنه مع كونه مقدورًا لم يمت إلاَّ بأجله وقولنا أيضا فيه: إنه مقدور) (¬17) جار ¬

_ (¬15) 2) الأنعام. (¬16) 11) فاطر. (¬17) ما بين القوسين ساقط من (ج).

على اختلاف أصحابنا في خِلافِ المعلوم هل يقال: إنه مقدور أم لا؟ والأصَحّ عِندِي أن خِلافَهم قد يرجع إلى عبارة والأولى إطلاق القول بأنه مقدوْر وقد قال تعالى {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} (¬18) فأثبت أنه قادر على خلق مثلهم، ومعلوم أنه لا يخلق مثلهم. وكذلك اضطرب أصحابنا في المقتول لو لم يَقضِ الباري عزّ وجل القتلَ عليه مَا يكون حكمه بعد زَمنِ القتل الذي فرضنا وقوعَه فيه والأصح في هذا أن يحال على الباري سبحانه ويقال: نحن لا نَعلَم كَثِيرا مِماَّ يكون بِلابدٍّ فكيف نعلم ما لا يكون لو كان كيف كان يكون والباري سبحانه يعلم لو لم يكن قَضَى بموت هذا عند ثمانين من عمره كيف كان يَقضي فيه ويقدِر له؟ وهذا السؤال لا معنى له ولا وجه للتشاغل به لأنّا إذَا أثبتنا أن المقتولَ مات بأجله وأن الباري لا يتغير عِلمُه فلا معنى لقولهم هذا إلاَّ كَمَعنَى من يقول: لو لم يكن أجل فلان ستين ماذا يكون من السِّنين وهذا مما لا جواب لنا عليه إلاَّ بإحالته على علم الله سبحانه فَإن قيل: فما معنى صرفه لها عن الدعاء بالزيادة في الآجال لأنها فُرغ منها إلى الدعاء بالعياذة من عذاب النّار وقد فُرغ منه كما فرغ من الأجل. قلنا: صدقتَ في أن الله فَرغ من الكلّ ولكن هذا الاعتراضُ من جنس ما قدمناه (من قول) (¬19) من قال للنبيء - صلى الله عليه وسلم - أفلا ندع العمل لَماّ أخبرهم أن الله قضى بالسعادة والشقاوة فأجابه - صلى الله عليه وسلم - بما قدَّمناه. وقد أمر الله بأعمالَ برّ وطاعات جعلها قربى إليه وَوَعد بأنها تُنجي من النار وييسر أهل السعادة لها فالدعاء بالنجاة من النار من ¬

_ (¬18) 81) يس. (¬19) من قول ساقط من (ج).

جملة العبادات التي ترجى بها النجاة منها كما يرجى ذلك بالصَّلاةِ والصَّوم ولاَ يحَسُن ترك الصلاةِ والصومِ اتكالا على القدر السّابق وكذلك هذا الدعاء ها هنا مع أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما قال لها "لَو سألتِ الله أن يعِيذَكِ مِن عذاب النّار أو عذاب القبر كَان خيًرا وأفضل" (ولا شك أن السؤال بالعياذة من النار خير وأفضل) (¬20) من الزيادة في العمر معَ عذاب النار نسأل الله السلامة والعياذ من ذلك. 1213 - وقوله: مَن أحَبَّ لِقَاءَ الله أحَبَّ الله لِقَاءَه وَمَن كَرِهَ لِقَاءَ الله كَرِهَ الله لِقَاءَه (ص 2065). قال الشيخ: من قضى الله تبارك وتعالى بموته فلا بد أن يموت وان كان كارها في لقاء الله ولو كره الله موته ما مات ولا لَقِيَه، فيحمل الحديث من مثل هذه الصورة على كراهة الله سبحانه للغفران له وإرادته لإبعاده من رحمته. 1214 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: " (وما اجتَمَعَ قَوم) (¬21) في بيت من بيوت الله يَتلون كِتَابَ الله ويَتَدَارَسونَه بَينَهم إلاَّ نَزَلَت عليهم السَّكِينَة" (ص 2074). قال الشيخ: هذا ظاهره يُبيح الاجتماع لقراءة القرآن في المساجد وإن كان مالك قد قال في المدوّنة بالكَراهِيَةِ لنحو ما اقتضى هذا الظَّاهر جوازَه ¬

_ (¬20) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬21) ما بين القوسين ساقط من (ج).

وقال: يقامون. ولعلّه لما صَادفَ العمل لم يستمرّ عليه ورأى السّلف لم يفعلوه مَعَ حرصهم على الخير كَرِه إحداثه ورآه من محدثات الأمور وكان كثير الاتّباع لعمل أهل المدينة وما عليه السلَف وكثيرا ما يَترك بعض الظواهر بالعمل. 1215 - قوله: "إنه لَيُغَانُ عَلىَ قلبِي" (ص 2075). قال أبو عبيد: يعني أنّه يَتَغشى القلب ما يلبسه يقال: غَيِنَت السماء غَيْنا وهو إطباق الغيم السَّماَء، والغيمُ والغَين وَاحِد. 1216 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "للذي علَّمه ما يقول إذا أوَى إلى فراشه: آمَنت بِكِتَابِكَ الذِي أنزَلتَ وَبِنَبِيِّك الذي أرسَلتَ الحديث، قال: فردَدَّتُهنَّ لأستَذكِرَهنَّ فَقلت آمَنت بِرَسولِكَ الذي أرسَلت قال قل آمَنتُ بِنَبِيِّكَ الَذي أرسَلتَ" (ص 2081). قال الشيخ: يحتمل أن يكون أراد - صلى الله عليه وسلم - أن يقول كماَ عَلّمه من غير تَغيير وإن كان المعنى لا يختلف في المقصود ولَعَلَّه - صلى الله عليه وسلم - أوحِيَ إليه بهذا اللفظ فاتَّبع ما أوحيَ إلَيه به لأنَّه لا يغير ما أوحي إليه به لا سيما والموعود به على هذه الدعوات أمر لا يوجبه العقل وإنَّما يعرف بالسَّمع فينبغي أن يتبع السَّمع فيه على ما وقع على أن قوله: "ورسولِك الذي أرسلتَ" لا يفيد من جهة نطقه إلاَّ معني واحدًا وهو الرِّسالة. وقوله "وَنَبِيِّك الذي أرسلتَ" يفيد من جهة نطقه النبوة والرسالة وقد يكون نبيّ ليس برسول والمعتمد على ما قلناه من اتباع اللفظ المسموع من الشرع.

وإنما ذكرنا هذا الفرق لنشِير إلى معنى ما يفترق فيه اللَّفظان. 1217 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فيَسْتَحْسر عند ذلك ويدع الدعاء" (ص 2096). يقال حسر واستحسر إذا أعيَا. وقال تعالى {لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ} (¬22). أي لا ينقطعون عن العبادة. 1218 - قوله (¬23): "الله أشَدّ فَرَحًا بِتَوبَةِ أحدِكم من أحدِكم بضَالَّتِهِ إذَا وَجَدَهَا" (ص 2102). قال الشيخ: الفرح يتصرف إلى مَعانٍ منها أن يرَادَ به السرور ولكنِ السرور يقارنه الرضا بالمسرور به فالمراد ها هنا أن الله سبحانه يرضى توبة العبد أشد مما يرضى الواجد لناقته بالفلاة فعبر عن الرضا بالفرح تأكيدا لمعنى الرضا في نفس السامع ومبالغة في معناه. وأمَّا قَوله "في أرضٍ دَوِّيَّةٍ" (ص 2103). فهي الفلاة وجمعها دَوِّيّ (¬24) قال الشاعر. ¬

_ (¬22) 19) الأنبياء. (¬23) جاء بهامش (أ) كتاب التوبة بخط مغاير، وهو ما في الأصل. (¬24) في (ب) و (ج) داوِّى.

[الرجز] قد لفّها اللَّيل بِعَصلَبِيّ ... أروَعَ خَرَّاجٍ من الدَّوِّيِّ والتوبة من الذنب هي الندم عليه رعايَةً لحقً الله سبحانه ويجب على التائب أن يضيف إلى الندم عن الذنب العزمَ على أن لا يعود إليه إذا كان متأتيا منه العودة إليه وتعجيل التوبة عند الذنب هو المَأمور به وتأخيرها عنه مَنهيّ عنه وربَّماَ غَلِط بعض المذنبين ودام على الإصرار خوفا من أن يتوب فينقض، وهذا اغترار وجهالة ولا يحسن أن يَترك واجبا عليه على الفور خوفا ان يقع منه بعده مَا يَنقضه، وتصح التوبة عندنا عن الذنب مع البَقَاء عَلي ذَنب آخر خلافه خِلافا لمِن مَنَعَه من المعتزلة لأن بواعثَ النفس إلى المعاصي تختلف والشهوات في الفسوق تختلف باختلاف أنواعه وَطِباع العصاة وحضور الأسباب المعينة على الشر والصَّادَّة عنه فصحَّ لذلك التوبة عن الذَّنب (¬25) مع البقاء على خلافه ونحن نرى عيانا العصاة يَكفّون عن شرب الخمور ليالي رمضان احتراما له ويشربونها في ليالي شوال لاعتقادهم أن الذنب في رمضان أعظم فَإذا صح اختلاف الأغراض والأسباب لم يبعد التروع عن ذَنبٍ مع البقاء على غيره على ما قلناه. وإذا وقعت التوبة عن الذنب عن شروطها فإن كَانَت عَنِ الكفر قُطع بقبولها وإن كَانت عَماَّ سِوَاه من المعاصي فمن العلماء من يقطع على قبولها ومنهم من يظن ذلك ظنًّا ولا ينتهي إلى القطع لأن الظواهِرَ التي جاءت بقبولها ليست بنصوص عنده، وإنما هي عمومَات معرضة للتأويل، والتوبة يقارنها الحزن والغم على ما تقدم من الإخلال بحق الله تعالى لأن الفَرِح المسرورَ بما فرط من زلاته لا يندم عليها. ¬

_ (¬25) في (أ) على الذنب.

1219 - قال الشيخ: خرّج مسلم في التوبة "حدثنا يحيي بن يحيى وجعفر بن حميد كلاهما عن عبيد الله بن إياد عن البراء بن عازب قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف تقولون بفرحِ رجل انفلتت منه راحلته تجر زمامها" (ص 2104). هكذا خرج مسلم هذا الحديث عَن يحيى بن يحيى وجعفر بن حُمَيْد في رواية ابن ماهان والكسائي وجعفر هذا هو شيخ لمسلم لم يرو عنه إلا هذا الحديث وهو كوفي يعرف بِزنْبَقَةَ حدّث عنه تقي بن مخلد الأندلسي وخرجه أبو مسعود عن جعفر بن حميد وهو الصواب (¬26) وروي عن أبي أحمد الجلودي حدثنا يحيى بن يحيى وعبد بن حميد مكان جعفر بن حميد وهو وَهم. 1220 - قوله: "عَافَسنَا الأزوَاجَ والأولاَد" (2106). قيل: معناه لاعَبْنَا. 1221 - قوله: "إنّ رَحمتِي تَغلِب غَضَبِي"، وفي بعض طرقه "سَبَقَت رَحْمتِي غَضَبِي" (ص 2107). قال الشيخ: غضبُ الله عز وجل وَرِضَاه يرجعان الى إرادته لاثابة المطيع ومنفعة العبد أو عقاب العاصي (¬27) فالأول منهما يسمى رحمة ¬

_ (¬26) جاء في (ج) كذلك على الصواب عوض قوله عن جعفر بن حميد وهو الصواب. (¬27) في (ب) و (ج) وعقاب العاصي.

والثاني يسمى غضبا، وإرادة الله سبحانه قديمهّ أزليّة بها يريد سائر المرادات فتستحيل فيها الغلبة والسبق وإنما المراد ها هنا متعلق الإرادة من النفع والضر فكان رِفقه بالخلق ونعمه عندهم أغلب من نقمه وسابقةَّ لها فإلى هذا يرجع معنى الحديث. وقد اختلف شيوخنا في معنى الرّحمان، هل ذلك راجع إلى نفس الإرادة للتنعم أو إلى التنعيم بنفسه وإنما يحتاج إلى هذا الاعتذار على القول بأن ذلك راجع إلى نفس الإرادة. 1222 - قوله "أسرف رجل على نفسه لماَ حضره الموت أوصى بَنِيهِ فقال إذا أنا متّ فأحرِقوني ثمَّ اسحَقونيِ ثم اذرونيِ في البَحر فَوَالله لَئِن قَدَرَ عَليَّ ربي لَيعَذِّبنِي (عَذَابًا مَا عَذَّبَه أحَدًا الحديث. (ص 2110). قال الشيخ (¬28) لا يصِح حمل هذا الحديث على أنه أراد بقوله "قدر عليَّ" من القدرة لأنّه من شك في كون الباري سبحانه قادرًا عليه فهو كافر غير عارف به وقد ذكر في آخر الحديث أنَّ الله قال له: "ما حَمَلَك على ما حَمَلَك على ما صنعت؟ قال: خَشْيَتُك يَارَبّ أو مَخَافَتكَ" فغفر لى بذلك، والكافر لا يخشى الله ولا يغفر الله له، فإذا ثبت أنه لا يصح حمل الحديث على هذا المعنى فيحمل على أحد وجهين إما أن يكون المراد به لئن قدرَ عَلَيَّ بمعنَى قدَّر علي العذاب يقال: قَدَر وَقَدَّر بمعنى واحدٍ، أو يكون أراد قدر عليَّ بمعنى ضَيَّق عليَّ قال الله تعالى {فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} (¬29) وهكدا القول في قوله تعالى {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} (¬30). ¬

_ (¬28) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬29) 16) الفجر. (¬30) 87) الأنبياء.

1223 - وأما قوله: "رَاشَه مَالاً" (ص 2111). قال ابن الأعرابي: الرياش المال المستفاد، والرياش أيضا الأكل والشرب، وفي حديث عائشة -رضي الله عنها- "كان يَريش مملِقَها" أي كان يُفضل على المحتاج فتحسن حالته. قال القتَبِي: أصله الريش كأنَّ المعدم لا نهوض به مثل المقصوص من الطير وجعل الريش مثلا للباس. 1224 - وأما قوله في بعض طرقه: "رغسه الله مالا وولدا" (ص 2112). قال أبو عبَيد: (قال الأموي: معناه أكثر له منه وبارك له فيه. قال أبو عبيد) (¬31): يقال منه رَغَسَه الله يَرغَسُه رَغْسًا إذا كان ماله كثيرًا ناميًا وكذلك هو في الحسب وغيره. وأما قوله في بعض الطرق: "فلَم يَبتَئِر عِندَ الله خَيرًا" قال مسلِم فَسَّرَهَا قَتَادَة، لمَ يَدَّخِر عِند الله خَيرا. وفي بعض طرقه "ما ابتَأرَ عِندَ الله خَيرا" وَفي بعض طرقه: "مَا امتَأرَ بِالميِمِ " (ص 2112). قال الهروي: لم يبتئر خيرا، أي لم يقدم خَبِيئةَ خَيرٍ لنفسه ولم يدخرها يقال: بَأرت الشَّيء وابتَأرته إذا أخرته (¬32) وخبأته، ومنه قيل للحفرة البؤرَة يقال أيضا ابترت (¬33) بمعناه. ¬

_ (¬31) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬32) في (ب) و (ج) ادّخرته. (¬33) في (ب) ابتأرت.

1225 - قوله: "إن الله يَبسط يَدَه باللَّيل لِيَتوبَ مسيء النَّهَار وَيَبسط يَدَهَ بِالنَّهَار لِيَتوب مسيء اللَّيلِ حتى تطلعَ الشَّمس مِن مَغربها" (ص 2113). قال الشيخ: المراد بهذا القبولُ على التائب لأنه قد جرت العادة أن الإنسَان إذَا نووِلَ مَا يَقبَله بَسَطَ يَدَه إلَيهِ وإذَا نووِلَ مَا يَكرَه قَبَضَ يَدَه فخاطب العرب من حيث تعلم (¬34) وذكر أمثَالاً محسوسة ليؤكد مَعنى ما يريده في النفس. وأمّا يَد الَجارِحة فمستحيلة على الله سبحانه والقبض والبسط من صفات الأجسام واليَد قد تنطلق في اللغة على النعمة. وهذا المعنى المشهور في اللسان يقارب ما قلناه لأن ما يفعله سبحانه من قبول تَوبة عباده من أحد نعمه عليهم وكذلك ما يفعله من النعم بالتائبين. وأما إثبات اليدين لله سبحانه من غير أن تكون يَدي جارحة بل صفتين من الصفات قديمة أزلية فأثبتها أبو بكر القاضي ابن الطيب وغيره من أيمتنا لِقوله تعالى {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (¬35) فأثبت اليدين ها هنا صِفَتَين قَدِيمَتَين لأن صرف اليد ها هنا عنده إلى النعمة لا يليق بهذا المَوضع لأن النعمة مخلوقة ولا يخُلق مخلوق بمخلوق وصرفها إلى القدرة يمنع منه التثنية والقدرة واحدة بلا خلاف. وأبو المعالي مال إلى نفي ذلك وحمل القرآن على التَّجَوّز وأن المراد أن الله خلق آدم بغير واسطة بخلاف غيره من بنيه فَكَنَّى عن ذلك بأنه خلقه بيديه لأنا إذا لم يكن بيننا وبين ما يكون من الأفعال وسائط عُبر عن ذلك بأن يقال فعلته بنفسي وتولّيته بِيَدَيّ والقصد تمييز آدم بالاختصاصِ وقد يجُمع الشيء تَفخِيماً وإن كان واحدا والعرب ¬

_ (¬34) في (ب) و (ج) تَفهم. (¬35) 75) صَ.

تفعل ذلك فهذا المعنى سلك الأيمَة في هذه الآية وان قلنا بإثبَاتِ اليَدِ على طريقة القاضي فلا بد من تأويل الحديث على نحو ما قلناه لذكر البسط فيه وإنما يبقى النظر في معنى اليد وإضافةِ هذا الأمر إلَيهِماَ. 1226 - وأمّا قوله: "لَيسَ أحَد أغيَرَ مِنَ الله" (ص 2113). فقد تقدم الكلام عَلى مَعناه. 1227 - قوله: "يُدنَى المؤمِن من رَبِّه يَومَ القِيامَةِ حتى يَضَع عليه كَنَفَه فَيقَرِّره بذنوبه فيَقول (¬36) هل تعرف؟ فيقول: أيْ رَبِّ أعرِف قال: فَإنيّ قد سَتَرْتُها عَلَيكَ في الدّنيَا وإني أغفِرهَا لك اليوم" الحديث (ص 2120). قال الشيخ: الدّنوّ ها هنا دنوّ كرامة لا دنوّ مَسَافة لأن البَارِي سبحانه في غير مكان فلا يصح منه دنوّ المسافة ولا بعدُها. والمراد بقوله "حتى يضع عليه كنفه" أي سِتره وعفوه وما يتفضل عليه به حينئذ وقد صحَّفها بعض الرواة فَرَواها بالتاء وهو تصحيف لاَ ينبَغي أن يُشتغل به؛ وقد قال بعض أهل العلم: لو كان ثابتا لكان استعارةً وتأوَّلناه كما تأوَّلنا ما وقع في أمثاله مِماَّ ذكرنا في أسماء الجَوارح. 1228 - قول كَعبِ بن مالك: "فأنا (¬37) إلَيها أصعَر" (ص 2122). ¬

_ (¬36) فيقول ساقط من (ج). (¬37) في (أ) فإنها وما أثبتناه هو ما في (ب) وكذا في أصل مسلم.

أي أميَل. 1229 - وقوله: "وَتَفَارَطَ الَعدو" (¬38) (ص 2122). أي فات وتقدم. 1230 - وقوله: "إلاَّ رَجلاً مَغموصًا عَلَيه" (ص 2122). أي متَّهما مستحقرًا (¬39) يقال: غمصت فلانا وأغمصته (¬40) إذا استحقرتَه واستَصغَرتَه. 1231 - وقوله: "وهو يَنظُر فيِ عِطفَيه" (ص 2122). قال الهروي: عِطفا الإنسان نَاحِيتا جَسَده، وقال في موضع آخر: العِطفان نَاحِيَتا العنق ومنكب الرجل عطفه. وقال المبرد: العِطف ما انثنى من العنق قال غيره العرب تضع الرداء موضع البَهجة والحسن والبهاء وتسمّي الرِّداء عِطَافًا لوقوعه على عِطفي الرجل. 1232 - قوله: "قَافِلاً" (ص 2123). ¬

_ (¬38) في النسخ الثّلاث وتفارط العدوّ، والذي في أصل مسلم وتفارط الغَزو أي تقدم الغزاة وسبقوا وفاتوا. (¬39) في (أ) كلمة متداخلة. (¬40) في (ب) و (ج) واغتمصته.

يعني راجعا من سفره يقال: قَفَلَ الرجل قفولا إذَا رَجع مِنَ السفر والقافلة التي هي راجعة من سفرها وما دامت ذاهبة في السفر فلا تسمى قافلة حتى ترجع. 1233 - قوله: "حضرنيِ بَثِّي" (ص 2123). البَثّ أشد الحزن. 1234 - قوله: "قلت من هما قالوا مرارة بن الربيع العامري" (ص 2124). هكذا قال العامري وإنما هو العَمرِي من بني عمرو بن عوف. 1235 - وقوله حتى تَسَوَّرت الِجدَارَ (ص 2125). أي عَلَوت سورَه وَهو أعلاه. 1236 - قوله: "فتيمَّمتُ بها التَّنُّورَ فسجرتها" (ص 2125). أي قصدت التَّنُّور. يقال: قصدت الشيء وتيممته واعتمدته بمعنى واحد، ومعنى سَجَرتهُا أحرقتها. (قال مجاهد في قول الله تعالى {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} (¬41) معناه الموقد) (¬42). ¬

_ (¬41) 6) الطور. (¬42) ما بين القوسين جاء بعضه بهامش (أ) والبعض الآخر غطي حين التجليد.

1237 - قولها: "من جَزْعِ ظَفَارِ" (ص 2130). قال ابن السّكّيت: الَجزْع بفتح الجيم وإسكان الزاي الخَرَزُ اليماني وظَفَارِ بفتح الظاء وكسر الراء قرية باليمن. وقول عائشة "لم يَهُبَّلْن" (¬43) (ص 2130). أي لم تكثر شحومهن ولا لحومهنّ. 1238 - وقولها "العلقة من الطعام" (¬44) (2130). أي الشيء القليل منه ومثله البُلْغة. 1239 - وقولها: "نَزَلوا موغِرِين" (ص 2131). أي وقت الوغرة (¬45) وهي شدة الحر. 1240 - قولها: "فيأتي الداجن" (ص 2133). ¬

_ (¬43) في (أ) لم يَهُبِّلْنَ. (¬44) جاء في (ج) العَلْقة بفتح العين. (¬45) جاءت كلمة الوغرة محرفة في (ب) و (ج).

يقال لكل ما ألِف البيوت من الطير والشّاءِ وغيرها دواجن وقد دَجَن في بيته إذَا لَزِمَه وكلب داجن ألِف البيت والمدَاجَنَة حسن المخالطة. 1241 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن يَعذِرني مِن رَجلٍ" (ص 2133). أي من يقوم بعذري ان كافأته على سوء صنيعه فلا يَلُمنِي. 1242 - وقولها: "يستوشيه" (ص 2138). أي يستخرجه بالبحث والمسألة كما يَستَوشيِ الرجل جَريَ الفرس وهو ضَرْبُه جَنَبيه بعقبيه وتحريكُه ليجري يقال: أوشى فرسه واستَوشاه بمعنى واحد. 1243 - قولها: "من البُرحَاء" (ص 2135). تعني الشدّة. قال ابن وَلاَّد: البُرحاء بضم الباء هو ممدود من التبريح وبلوغ الجَهَد من الإنسان. 1244 - قوله: "أبَنُوا أهليِ" (ص 2138). أي اتهموها قاله أبو العباس. وقول أمِّ مِسطَح: تعس مسطح قال أبو الهيثم معناه انكب وعثَر. 1245 - قوله: "إن رجلا كان يُتَّهَم بِأمّ وَلَدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَال

رَسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِعَلي اذهَب فَاضرب عنَقَه فَأتَاه عليّ فإذا هو في رَكِيّ يَتبَرَّدُ فيها. فقال له عليّ: اخرج، فناوله يده فأخرجه فإذا هو مجَبوب لَيس له ذَكَر فَكَفَّ عَليٌّ عنه، ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يَا رَسول الله إنَّه لمَجبوب مَا لَه ذَكَر (ص 2199). قال الشيخ -أيده الله- الظاهر أن هذا الحديث فيه حذف بَسطِ السبب فلعلّه - صلى الله عليه وسلم - ثبت عنده بِالَبِيّنَةِ مَا أوجَبَ قتله فلما رَأى عليّ كَونَه مجَبوبًا أبقاه ليراجع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيه ولم يذكر ما قال له عليّ (¬46) ولو ذكر السّبَبَ الموجب لقتله وجواب النبي عليه السلام لعليّ لعلم منه وجه الفقه. ولعل الرجل أيضا كان منافقا ممن يحلّ قتله فيكون هذا السبب محركا عَلىَ قتله. ¬

_ (¬46) في (ج) ما قاله عليّ.

كتاب ذكر المنافقين

كتاب ذكر المنافقين (¬1) 1246 - قوله: "مَثَل المنَافِق كَمَثَلِ الشَّاةِ العَائرة بيَن الغَنَمَين" (ص 2146) يعني المترددة بينهما لا تدري أيتّهما تتبع. 1247 - قوله: "على أرض بيضاء عفراء" (ص 2150). قد تقدم شرح عفراء. 1248 - قول أُسَيد لِسَعدٍ يَا منِافِق (ص 2134). ¬

_ (¬1) جاء هذا العنوان في (ج)، وفي (أ) بالهامش بخطّ مغاير.

قال الشّيخ -أيّده الله-: قد تقدّم الكلام على أمثال هذا اللّفظ الذي يقع بين الصحابة وأنه يجب أن يحمل على ما يليق بهم. والأشبه أنّ أُسَيدًا إنما وقع ذلك منه على جهة الغيظ والحنق وبالغ في زجر سعد ولم يرد النفاق الذي هو إظهار الإيمان وَإبطان الكفر (ولعله أراد أن سعدا كان يظهر إليه وإلى الأوس من المودة ما يقتضي عنده أن لا يقول لهم ما قال فاستلوح من هذا الكلام أن باطنه فيهم خلاف ما ظهر إليه، والنفاق في اللغة ينطلق على إظهار ما يُبْطَن خلافه دينًا كان أو غيره ولَعله - صلى الله عليه وسلم - لأجل هذا لم ينكر عليه إن كان سمع قَولَه هذا.

كتاب صفة القيامة والجنة والنار

كتاب صفة القيامة والجنة والنار (¬1) 1249 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله يمسك السّماَوَاتِ عَلىَ إصبَعٍ والأرَضِيَن عَلىَ إصبَع والشَّجَرَ والثَّرَى عَلىَ إصبَعٍ والَخلاَئِقَ عَلىَ إصبَعٍ ثم يَقول أنَا الَملِك أنَا الملِك" (2147). قال الشيخ -أيده الله-: تقدم القول في بيان المراد بالإصبَع في حديث سبق وأنه قَد يراد به معنى الاقتدار، وأنه قد يراد به معنى النعمة. وهذا الحديث قد يراد به أنَّ الله خَلَق السَّماَوَات على عظمها مقتدرًا عليها من غَير ان يَمَسَّه (¬2) تعبَ ولُغُوبٌ، كما أن الإنسان منا لا يشقّ عليه ولا يتعبه ما يصرفه على إصبعه والناس يذكرون الإصبع في مثل هذه المعاني احتقارًا، ويقولون: بإصبع واحدة أقتلك أو أفعل كذا أو كذا فقد يراد ¬

_ (¬1) جاء هذا العنوان في (ج)، وفي (أ) بالهامش وعدا على بعضه السّوس. (¬2) أن يمسَّه ساقط من (ج).

ها هنا هذا المعنى أن الله سبحانه لم يتعبه خَلق ما ذكر ولا شق عليه على عِظَمِ مخلوقاته هذه. وقد قال بعض الناس قد يكون بعض المخلوقات (اسمه إصبع فأخبر بخلق هذه الأشياء عليه، وقال بعضهم: يحتمل أن يراد أصبع بعض خلقه وهذا غير) (¬3) مستنكرٍ في قدرة الله سبحانه والغرض المنع أن يكون لله سبحانه إصبَع الجارحة لإحالة العقل له ثم بعد هذا يتأوّل على ما يجوز وقد أرينا طرقا من التأويل. 1250 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يَطوِي الله سبحَانه السَّماَوَاتِ يَومَ القِيَامَة ثمَّ يَأخذهنَّ بيَده اليمنى ثم يقول أنَا المَلِك أينَ الجَبَّارون أينَ المتكَبرون؟ ثم يطوِي الأرَضِيَن بشِماَلِهِ ثمَّ يَقول أنَا المَلِك أينَ الجَبَّارون أينَ المتَكَبرونَ؟ " (ص 2148). قال الشيخ -وفّقه الله-: تقدم القول في ذكر اليَد واختلاف الأصوليين في إثبَاتهِا بمعنى الصفةِ لا بِمعنى الجارحةِ وتنازعهم في مقتَضى قوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (¬4) وَذكرنَا تَأوِيل ما وقع في ذكر اليد في حديث قبل هذا. ولكن لما ذَكَرَ ها هنا اليَمِين والشِّماَل كان آكَد في إيَهام الجَارحة. فَإذَا ثبتَ استحالة يد الجارحة عليه وَوَصفه باليمين والَشِّمال فلابد من حمَل هذا على ما يجَوز، وَأمثل ما تؤوّلِ عليه عندي أنّ الله سبحانه أرَاد أنه يطوِيَ السماوات والأرضين بِقدرته وكنّى عن ذلك بذكر اليد لأنّ بها فِعلنَا نحن وبها تَصَرّفنا فَخَاطب بما يفهم وبما يخرج إلى الحس واَلوجود ليكون أوكَدَ وَأرسَخَ في نفس السامع وذكر اليمين ¬

_ (¬3) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬4) 75) ص.

والشّمال حتى يورد المثال على كماله، ولَما علم أنا نحن نتناول ما نكرم باليمين وما دونه بالشِّمال وأنا نقوى بأيماننا على أشياء لا نقوى عليها بشَماَئلتا وكانت السماوات أعظَم بما لا يتقارب ولا يَتدانى من الأرَضِيَن أضَاف فعلَه فيها إلى اليَمِين وفعله في الأرض إلى الشِّمال على حسب ما قلناه من أنا نحاول الأصعب باليمين والأخَفَّ بِالشِّمال وإن كان الله سبحانه لَيس شيء عليه أخف من شيءٍ ولا شيء أصعَبَ من شيءٍ ولكنه تعالى خاطبنا بماَ نَفهم ولما ذكر اليد تمثيلاً أتم الَمعنَى عَلىَ التمثيل بعينه ولا يبعد أن يكون في السماوات ما هو أفضل من الأرض وكلِّ ما فيها لا سِيَّما إذا قلنا بتفضيل الملائكة على ما تقدم ذِكر الخلاف فيه أو يكون البَارِي سبحانه يفضل السَّماَوَات لأمور تخفى عَنَّا فيكون أضافها إلى اليمين لما قلناه من اختصاص اليمين بالأشرفِ، والشِّمال بما هو دونها وَجَرى في ذلك على حكم التمثيل الذي به افتتح فَخَتم عليه وهذا الذي ظهر إليّ في هذا الحديث (¬5). 1251 - قوله فيِ أهل الجَنَّة: "ألاَ أخبركم بإدَامِهِم. قالوا: بلى قال: إدَامهم بَالاَم وَنونْ قَالوا وَمَا هَذَا قَالَ ثَوْر وَنون يَأكل مِن زِيَادَةِ كَبِدِهمِا سَبعون ألفًا". الحديث المذكور فيه قول اليهودي للنبيّ عليه السلام (ص 2151). قال الشيخ -أيده الله-: ذَكَر الخطابي أن النون هو الحوت على وفاق ما فسر في الحديث وأن بَالام (¬6) يَدلّ جواب اليهودي على أنّه اسم للثّور قال: ¬

_ (¬5) في (ب) في هذا الجواب. (¬6) في (أ) يَالام بالياء.

ولعلّ اليهوديّ أراد التَّعمِية فقطَّع الهجاء وقدم أحد الحرفين وإنما الرتبة لام ياء هِجَاء لأَى (¬7) عَلىَ وَزنِ لعًا، أي ثور يقال للثور الوحشي اللَأى فصحّف الراوي فقال بَالاَم وإنما هو يالاَم بحرف العلة (¬8) هذا أقرب ما يقع لي فيه إلاَّ أن يكون إنما عبر عنه بلسانه ويكون ذلك في لسَانهم يلا وأكثر العبرانية فيما يقولونه مقلوب على لسان العرب بتقديم الحروف وتأخيرها وقد قيل إن العبران هو العرباني فقدموا الباء وأخروا الراء. 1252 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ أحَدَ أصبرُ عَلىَ أذًى سَمِعه من الله إنه يشرك بِهِ ويُجْعَلُ لَه الوَلَد ثمّ يعَافيهِم ويرزقهم" (ص 2160). قال الشيخ -وفّقه الله-: المراد بهذا أن الله سبحانه واسع الحلم عن الكافر الذي يضيف إليه الولد والصبر منع النَّفس من التَّشَفِّي والانتقام، أو منعها من غير ذلك، فلما كان الامتناع نتيجة الصّبر عبر عن تركِ الباري سبحانه الانتقام بهذه العبارة وجرى الأمر في ذلك على حسب ما قلناه مرارا فيما تقدم من مثل هذا. 1253 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَل المؤمِنِ كمَثَل الخَامَة مِنَ الزَّرع" (ص 2163). يعني الغضة الرطبة. وقوله: "حتى تهيج" أي تجفَّ يقال: هاجَ الزرع هَيجا إذا يَبِسَ. ¬

_ (¬7) في (أ) لأبي وهو تحريف، وما أثبت هو ما في (ب) وفي شرح النّووي. (¬8) في (ب) بحذف العلة.

1254 - وقوله: "مثل المنافقِ كمثل الأرزَةِ المجذِيَةِ" (ص 2163). قال أبو عبيد: الأرزَة بفتح الألَفِ وتسكين الراء شجر معروف بالشام ويسمى بِالعِرَاق الصَّنَوبَرَ، وإنَّما الصَّنَوبَر ثمر الأرزِ فسمي الشَّجر صنوبرًا من أجل ثَمَرته والمجذية الثابتة في الأرض يقال جذت تجذي (وأجذت تجذي) (¬9) والانجِعَاف الانقِلاَع. يقال: جَعَفتُ الرَّجل إذا صَرَعتَه قَال أبو عبيد: شَبّه المؤمن بالخامة التي تميلها الرياح لأنه مُرَزَّأٌ في نفسه وَأهله وماله. وأمَّا الكافر فمثل الأرزة التي لا تميلها الرِّياح والكافر لا يرزَأ شَيئا حتى يَموت وان رزىء لمَ يؤجَر عليه فشبه موته بانجعاف تلك حتى يلقى الله بذنوبه جمّةً. 1255 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يقول الله لأَهْوَنِ أهلِ النَّارِ عَذَابًا لو كانت لَكَ الدّنيَا ومَا فِيهَا أكنتَ مفتَديًا بها؟ فيقَول: نَعَم، فَيَقول: قَد أرَدت مِنكَ مَا هو أهوَن مِن هَذَا وأنتَ فيِ صُلبِ آدَمَ أن لاَ تشرك (أحسِبه قَالَ) وَلاَ أدخِلَكَ النَّارَ فَأبَيتَ إلاّ الشركَ" (ص 2160). قال الشيخ -أيّده الله- مذهب أهل الحق أن الله سبحانه أرادَ إيمان المؤمن وكفر الكَافرِ ولم يرد من الكافرِ الإيمان فامتنعَ عليه ولو أراده عندنا لم يكن كافرا، والمعتزلة تخالف في هذا الموضع وترى أن الله سبحانه أراد من الجَمِيع الإيمان فاستحبّ الكافر العَمَى على الهدى وأبَى إلاَّ الشرك اغتَرارا منها بِرَدّ الغائب إلى الشاهد من غير جامع ولا رابط، وقد ثبت في الشّاهد أن مريد السَّفه والشّرِّ مِنَّا سفيه شرّير. قالوا: فلما كان الكفر ¬

_ (¬9) ما بين القوسين ساقط من (ج).

سفهاً وشّرا لم يصح أن يريده الباري سبحانه وأخطؤوا في هذا الاستدلال في مواضع. منها: أن الكفر سَفَه وَشَر في حَقِّنا وفي حقّ من يكلف لا في حق الباري سبحانه، ومنها: أن مريد السَّفَه والشَّرِّ إنما كان سفيها لنهي الله سبحانه لَه أن يريد السّفه والشرَّ والباري سبحانه لا أحد فوقه ينهاه ويأمره فلم يصح أن يقاسَ عَلَينَا في هذا، ومنها أن المريد منّا لفعل ما إذا لم يحصل له ما أراد فإن ذلك يؤذن بعَجزه وضعفه فهلاّ قالوا: إن الباري سبحانه إذا أراد من الكافر الإيمان فلم يؤمن أذِنَ ذلك بضعفه وعجزه كما قالوا: إن مريدَ السفه منّا سفيه فلو أراده الباري لكان سفيها -تعالى الله عن ذلك. وهذا يوضح لك فساد ما بنوا عليه. وهذا الحديث إن تعلق به بعضهم في تصحيح المذهب الذي حكيناه عنهم. وقال: قد أخبر - صلى الله عليه وسلم - ها هنا في الصحيح أن الله تعالى يقول للكافر: أردت منك أن لا تشركَ وأبيت إلا الشركَ. قلنا: هذا خبر واحد والمسألة مسألة أصل ومع هذا فإنه قد يصح أن يراد به ما أُخذ من العهد على الخليقة وهم في صلب آدَمَ. ولهذا قال: أردت منك ما هو أهون من هذا وأنت في صلبِ آدمَ. 1256 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لا يَظلم مؤمِنًا حَسَنَةً يُعطَى بها في الدّنيَا ويجزَى بها في الآخِرَة، وَأمَّا الكَافِر فَيُطْعَم بحسناتِ مَا عَمِلَ بها لله في الدّنيَا حَتَّى إذا أفضَي إلى الآخِرَة لم تكن لَه حَسَنَة يجزَى بها" (ص 2162). قال الشيخ -وفّقه الله-: قد تقدَّم الكلام على ما يقع من الكافر في حالةِ كفره من حسنات وَبينَّا أنَّ مذهَب المحَقِّقِين أنه غَير عَارِفٍ بالله سبحانه وأنّ بَعض النَاسِ ذَهَبَ إلى أنه يخفف عنه من العذاب لأجل ما قَدَّم من حسنات.

وقوله: "هَا هنَا فَإذَا أفضَى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها" يشير إلى أنه لا منفعة له في الآخِرة أصلاً بما عمل من ذَلِكَ. ومحمل قوله بحسناتِ ما عَمِل لله بها عِند من قال: إنه لاَ يعرف الله أصلاً على معنى أنه يعتقد أنه يعمل لله وإن كان اعتقاده ليس بعلم ولا معرفةٍ بالله سبحانه. 1257 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "سَدِّدوا وَقَارِبوا (وأبشرِوا) (¬10) فَإنّه لن يُدخِلَ الجنة أحَدًا عملُه. قَالوا: وَلاَ أنتَ يا رسولَ الله؟ قَالَ: وَلاَ أنَا إلاّ أن يَتَغَمَّدَني الله منه بِرَحمةٍ واعلَموا أن أحَب العَمل إلىَ الله أدوَمه وإن قَلَّ" (ص 2171). قال الشيخ -أيده الله-: مذهبنا أنّ إثابة الله سبحانه لمن أطاعه ولم يعصِهِ (¬11) تَفَضّل وَلاَ تَثبت (¬12) إلاّ بالسمع وكذلك انتقامه ممن عصاه ولم يطِعه عَدل وَلاَ يثبت منه شيء إلاَّ بالسَّمع والباري سبحانه عندنا لَه (¬13) أن يعَذِّب النَّبِيئِين وَيُنعِّم الكافرين ولكنه أخبرنا أنه خلافَ ذلك يَفعَل. والمعتزلة تثبت بعقولها أعوَاضَ الأعمال، ولها في ذلك خُبَاط طويل وتفصيل كثير. وظاهر هذا الحديث يشير إلى مَذهب أهل الحق أنه لا يستحق أحد بطاعته الثَّوَاب. وأما قوله: "إلاّ أن يتغمدني الله بِرَحْمةٍ منه". ¬

_ (¬10) وابشروا ساقط من (أ). (¬11) في (أ) لمن يعصه. (¬12) في (ب) ولا يثبت. (¬13) له ساقطة من (أ) و (ج).

أي يلبِسُنِيهَا وَيَسترني بها وذلك مأخوذ من غمد السيف لأنّكَ إذَا أغمَدتَه فقد ألبسته الغِمد وغَشّيتَه بِه، يقال غَمدتَ السَّيف وأغمدته بمعنى واحد. 1258 - وقول عائشة -رضي الله عنها-: "حَتَّى تَفَطَّرَتْ رِجلاَه" (ص 2171). أي تشقّقتا ومنه أخذ فطر الصائم وإفطاره شقّه صومَه بالفطر، والله فاطر السماوات والأرض لأنهما كانَتا رَتْقا ففتقهما. 1259 - (قوله "كان يَتَخَوَّلنَا بالمَوعِظَةِ" (ص 2172). أي يتعهدنا) (¬14). ¬

_ (¬14) ما بين القوسين ساقط من (ج).

كتاب الجنة والنار

كتاب الجنة والنار (¬1) 1260 - قوله: "لَيسَ في الجَنَّةِ عَزَب" (ص 2178). العَزَب البعيد عن النساء والعَازِب البعيد المرعَى. 1261 - قوله صلى الله عليه وسلم "فَأَما النَّار فَلاَ تمتَلىءُ حَتّى يَضَع الله تَعالى رِجْلَهُ تَقول قَطِ قَطِ، وَفي بعض طُرُقِهِ حق يَضَع رَب العِزَّة جَلَّ وَعَزَّ فِيهَا قَدَمهُ فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إلى بَعضٍ" (ص 2186 - 2188). قال الشيخ -أيدّه الله-: هذا الحديث من مشاهير الأحاديث التي وقعت موهمة (للتشبيه ولما نقله الأثبات واشتهر عند الرواة تكلُّف العلماء ¬

_ (¬1) لم يأت العنوان إلا بهامش (أ) وهو موجود في أصل مسلم وجاء هنا منقوصا لتجديد التجليد

قديما وحديثا الكلام عليه والنظر في تأويله) (¬2) فمنهم من حمل القَدَم على السابق المتقدم. ويقال: للمتقدم (¬3) قَدَم فيكون تقدير الكلام حتى يضع الجبار فيها من قدم لها من أهل العذاب وهذا كقوله تعالى {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} (¬4) معناه التقدم والسبق لا قدم الرِّجل فَإذا وقع مثل ذلك في القرآن حملنا ما وقع في السنّة عليه، وإلى هذا التأويل مال النَّضر ابن شمَيل. وقد أشار ابن الأعرابي إلى أن القدم يعبر به عن هذا المعنى ولكن في الشرف والجلالة ويحتمل أن يكون المراد ها هنا بالحديث قدمَ بعض خلقه وتكون الإضافة ها هنا إلى الله سبحانه إضافة فِعلٍ لاَ إضَافَة جَارِحَةٍ. وقد قال بعضهم: يحتمل أن يريد أن الله سبحانه يخلق في الآخرة خلقا يسمّى بهذه التسمية فلا تمتلىء النار إلا به. ويحتمل وجها آخر على رواية من رواه (¬5) حتى يضع الجبّار أن يريد به الشيطان لأنه أصل الجَبّارين أو يريد به أحد الكفرة من الجبابرة فيكون المعنى لا تمتلىء حتى يضع إبليس فيها قدمه، أو هَذَا المشَار إلَيه. وأما مَا خَرّجه مسلم في بعض طرقه حتى يضع الله رجله فَقد أنكر هذه اللفظة بعض أهل العلم. وزعم ابن فُورَك أنها غير ثابتة عند أهل النقل ولكن لابد من تأويلها لأجل تخريج مسلم لها وهو كما وصفناه في كتابنا هذا أولا ووصفنا أحاديثه فيصح أن يكون المراد ها هنا رجل بعض خليقته. وأضاف ذلك إليه عزّ وجلّ إضافة فعل لاَ إضافة جارحةٍ كما قدمناه في ¬

_ (¬2) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬3) في (ج) للسابق. (¬4) 2) يونس. (¬5) في (ب) و (ج) من روى.

القدم ويصح فيه تأويل آخر أيضا، وهو أن يكون المراد بالرّجل ها هنا الجماعة من الناس كما يقال: رجل من جراد، أي جماعة من جراد وقد وقع ذلك في أشعار كثيرة. وإذا أمكن حمل الحديث على هذه التأويلات الصحيحة الجائزة على الله سبحانه لم يصح حمله على ما تقوله المجَسِّمة من إفادته إثبات الجارحة لله تعالى عن قولهم وقد قام الدليل القاطع العقلي على استحالة ذلك عليه جلّ وعلا وهذا واضح فتأمله. وأما قوله: "فتقول قط قط أي حَسبُ وَقَطْنِي بمعنى حَسبي" وَمِنه قول الشَّاعر: [الرّجز] امتَلأ الَحوض وقَالَ قَطْنِي أي حسبي 1262 - قوله: "فَسَمِعْنَا وَجْبَتَهَا" (ص 2184). أي سَقْطتها يقال: وجب الشيء وجبا سقط ومنة قوله تعالي {وَجَبَتْ جُنُوبُهَا}. (¬6) أي أسقطت. 1263 - قال الشيخ -أيده الله-: خَرّجَ مسلم في بَاب مَثَل المؤمن مثل النخلة:"حدثنا ابن نمير قال نا أبي نا سَيف قال سمعت مجاهدًا يقول" الحديث (ص 2166). ¬

_ (¬6) 36) الحَجّ.

وفي نسخة ابن الَحذَّاء: "حدثنا سفيان قال سمعت مجاهدا" فجعل بدل سيف سفيان قال بعضهم: والصواب سيف وهو سيف (بن أبي سليمان يروي عن مجاهد. ويقال فيه أيضا: سيف) (¬7) بن سليمان وسيف أبو سليمان كل محفوظ. قال البخاري: وكيع يقول: سيف أبو سليمان وابن المبارك يقول: سيف بن أبي سليمان ويحيى القطان يقول سيف بن سليمان. 1264 - قال الشيخ -أيده الله-: خرّج مسلم في باب صفة الجنة: حدثنا حجاج بن الشاعر قال نا أبو النضر نا إبراهيم بن سعد نا أبي عن أبي سلمة عن أبي هريرة (ص 2183). هكذا إسناد هذا الحديث عند أبي العلاء وفي نسخة السجزي عن أبي أحمد مثله ووقع في نسخة الرازي والكسائي: حدثنا أبي عن الزّهري (عن أبي سلمة بزيادة رجل في السَّنَد وهو الزّهري) (¬8) قال بعضهم: والصواب رواية أبي العلاء ومن تابعه وكذلك خرّجه أبو مسعود من طريق مسلم من حديث إبراهيم عن أبيه عن أبي سَلَمة قال: ولا أعلم لسعد بن إبراهيم رواية عن الزّهري. والله أعلم. وقال الدارقطني في كتاب العلل: لم يتابع أبو النضر على وصله عَن أبي هريرة والمحفوظ عن إبراهيم عن أبيه عن أبي سَلَمة مرسلا كذلك رواه يعقوب وسعد اِبْنَا إبراهيم بن سَعد قال: والمرسل الصواب. ¬

_ (¬7) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬8) ما بين القوسين ساقط من (ب).

1265 - قال الشيخ -أيده الله-: خرَّج مسلِم في أوّل باب صفة النار: حدّثنا عمر بن حَفص قال: نا أبي عَن العَلاَء (بن خالد الكاهلي عن سفيان (¬9) (ص 2184) ووقع في نسخة أبي العلاء) (¬10) بن ماهان بدل الكاهلي الباهلي وهو وَهم. وصوابه الكاهلي وكاهل من بني أسد بن خزَيمَة. 1266 - قوله: "سألَه عَنِ الرّوح قَالَ: فَأسكَتَ (¬11) النَّبِيء - صلى الله عليه وسلم - فَلَم يَرُدَّ عَلَيه شَيئًا فقلت: إنه يوحَى إليه. قال: فَقمت مكاني قال: فلما نزل الوحي: قال {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} (¬12) (ص 2152). قال الشيخ -وفقه الله-: الكلام في الروح والنفس مما يَغمُض ويدقّ ولكنه مع هذا أكثرَ النَّاس الكلام فيه حتى ألف بعضهم فيه التواليف ولكن مشاهير المقالات في الروح قَول أبيِ الحَسَن الأشعري أنه النفَس الداخل والخارج. والقاضي أبو بكر بن الطيِّب يراه مما يتردد بين هذا الذي قاله أبو الحسنِ الأشعري وبين الحياة وبعض الناس يرى أنه جسم مشابك (¬13) للأجسَام الظاهرة والأعضاءِ الظاهرة وَمَال بعض المتكلمين من أيمتنا إلى أن الأظهر فيه أنه جسم لطيف خلقه الباري تعالى وأجرى ¬

_ (¬9) في (ج) عن شقيق، وهو ما في أصل مسلم. (¬10) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬11) وقع في (ب) بعد قوله فأسكت صوابه سكت وهو خطأ. (¬12) 85) الإسراء. (¬13) في (ج) متشابك.

العادة بِأن الحياة لا تكون مع فقده وإذا شاء موت إنسان أعدم هذا الجسم منه عند إعدَام الحياة وهذا الِجسم إن كان حيًّا فلا يحيى إلاَّ بِحَيَاة تختَصّ به أيضا وهو مما يصح صرف القَبضِ إليه والبلوغ إلى مكان مّا من الجسم وكونه في مكان في العالم أو حواصل طير إلى غير ذلك مما وقع في الظواهر ويصح في العقل صرف ما أشرنا إليه من الظواهر إلى غيره من جواهر القلب أو الجسم الحَيّة والمسألة تحتمل الاتِّساع الكثير وإنما ذكرنا في هذا الموضع ما يليق به. وأما قوله: "فاسكت النبيء - صلى الله عليه وسلم -". يقال: سَكَت سُكوتا وأسكَتَ صمت. ويقال في أسكت أطرق. 1267 - قوله: "يُجاء بِالمَوتِ يَومَ القِيَامة كأنَّه كَبش أملَح" (ص 2188). قال الشيخ -أيده الله-: الموت عرض من الأعراض عندنا يضادّ الحياة وقال بعض المعتزلة ليس بمعنى وهو يرجع إلى عدم الحياة وعلى المذهبين وأن كان الثاني منهما خطأ لقوله تعالى {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} (¬14) فاثبت الموت مخلوقا ولغير ذلك من الأدلة لا يصح أن يكون الموت كبشا ولا جِسماً من الأجسام وإنما المراد بهذا التَّشبيه والتَمثِيل وقد يخلق الباري سبحانه هذا الجسم ثمَّ يُذبَح ويجعل هذا مثالا لأن الموت لا يطرأ على أهل الآخرة ¬

_ (¬14) 2) الملك.

وقوله: "فَيَشْرئبّون" (ص 2188). قال الهروي من حديث عائشة -رضي الله عنها- "واشْرأبَّ النفاق" أي ظهر وعلا وكل شيء رافع رأسه فهو مشرئِبّ ومنه فَيَشْرئِبّون لِصَوتِه. 1268 - وقوله: "ألاَ أخبركم بأهل النَّارِ؟ قالوا: بَلىَ قَالَ: كلّ عتلٍّ جَوَّاظٍ مستَكبِرٍ (ص 2190). قال الهروي: قال أحمد بن عبيد: الَجوَّاظ الَجموع الَمنوع. قال غيره: الكثير اللَّحم المختَال في مشيته، وقد جاظ يجوظ جَوَظَانًا. ويقال: لِلقصير البطن كُلٌّ قَد قِيلَ، وأمَّا العُتُلُّ فقيل هو الجافي الشديد الخصومة بالباطل. وأما الزنيم فهو الملصق بالقوم المدعي، ذكر هذا في تفسير قوله تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} (¬15) وعن ابنِ عباس قول آخر في الزّنِيمِ المذكور في الآية إنه رجل من قريش كانت له زنمة كزنمة الشَّاة. وَرَوَى عنه ابن جبير أنه الذي يعرف بالشرّ كما تعرف الشاة بزَنمَتِهَا. 1269 - وقوله: "يَجُرُّ قُصْبَه في النَّارِ" (ص 2191). قال أبو عبيد: الأقصَاب هي الأمعاء واحدها قُصْب. 1270 - قوله (¬16) رأيت عَمرو بن عَامر الخُزَاعي يجَر قُصبَه في النَّار وكان أوَّل من سَيّبَ السّوائِبَ (2192). ¬

_ (¬15) 13) القَلَم. (¬16) في (أ) زيادة قوله (يجر قُصبه في النار قال أبو عبيد) وهو تكرار.

قال الشيخ -أيّده الله-: ذكر ابن المسيب في كتاب مسلم أن السَّائبة التى كانوا يسَيِّبونهَا لآلَهِتِهِم فَلاَ يحمَل عليها شيء والبحيرة التي يمنع دَرّهَا لِلطُّواغِيت فلا يحلبهَاَ أحد من الناس. قال الشيخ -أيَّده الله-: والبَحيرة فيما ذكره المفسرون الناقة كانت الجاهلية إذَا نتِجَت خمسة أبطن فكان آخرها ذكرًا بَحَروا أذنها أي شَقّوها وَلمَ يذبَحوها ولم يركبوها ولم تُطْرد عن ماء ولم تمنع مرعًى ولم يَركبها أحد. قال الكلبي: كانوا إذا نتجَت خمسةَ أبطن فإن كان الخامس ذكرًا أكَلَه الرِّجال دونَ النِّسَاء وإن كَانت أنثَى بَحَروا أذنها، أي شقوها لا يشرب لها لبن وَلاَ تُركَب وإن كَانَت مَيِّتَةً اشترك فِيها الرّجال والنِّسَاء وسمِّيت بَحِيرةً لشقِّهم أذنها؛ بُحرت إذا شقِّقت شَقّا وَاسعًا والناقة بحيرة ومبحورة، وأما السائبة فقيل: هو ما كان أحدهم يفعله إذَا مَرِض فَيَنذِر إن شُفي أن يسيب ناقته فإذا فعل ذلك لم تمنع مِن مَاءٍ ولا كلإٍ ولا يسيبون غير الناقة كانوا إذا سَيَّبوا العبدَ لم يكن عليه ولاَء، وقيل كانت الناقة إذا تابعت اثنتي عشرة انثى ليس فيها ذَكَر سُيِّبَت ولم تركب ولم يُجزَّ وَبرها وما نُتجت بعد ذلك من أنثى شُقت أذنها وخليت مع أمها فَهيَ البحَيرة بِنت السائِبة. 1271 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "نِسَاء كَاسِيَات عارِيَات مِميلات (¬17) مَائِلاَت (رؤوسهنّ كَأسنِمَةِ البُخْت المَائِلَةِ (¬18) " (ص 2193). ¬

_ (¬17) في (ب) متميلات. (¬18) ما بين القوسين ساقط من (ج).

قال الشيخ -أيّده الله-: فيها ثلاثة أوجه. أحدها كاسيات من نعم الله عزّ وجلّ عاريات من الشكر. والثاني كاسيات يَكشِفن بعض جَسَدهن وَيَسدلن الخمر من ورائهن فتنكشف صدورهن فهن كاسيات بمنزلة العاريات إذ كنَّ لا يَستر لِبَاسهن جميعَ أجسادهن والثالث: يَلبسن ثيابا رقاقا تصف ما تحتها فهنّ كَاسِيَات في ظاهر الأمر عاريات في الحقيقة. وقوله: "مِميلات مائلات" فمائلات أي زَائغات على استعمال طاعة الله عز وجل وما يلزمهن مِن حِفظ الفُروج ومُميلات يعلِّمن غَيرهن الدخول في مثل فعلهن، وقيل: "مائلات" متبخترات في مشيهن. "مِميلاَت" يملن أكتَافَهن وأعطَافهن وقيل: يمتشطن بمشطة الميلاء وهي مشطة البغايا. وجاءت كراهتها في الحديث."والمميلات" اللواتي يمشطن غيرهن المشطة المَيلاَءَ ويجوز أن يكون "المائلات المميلات" بمعنى واحد كما قالوا: حادّ محدّ (¬19). وقوله "رؤوسهن كأسنمة الإبل البُختِ" معناه أنهن يعَظِّمن رؤسهن بالخمُر والعَماَئم حتى تشبه أسنمة البخت، ويجوز، أنهن يَطمَحنَ إلى الرِّجَال لا يَغضضنَ مِن أبصارهن ولا يَنكِّسِن رؤسَهنَّ. ¬

_ (¬19) في (ب) جاء مجد، وفي (ج) جاء محدود.

1272 - قوله: "يحشر النَّاس يَومَ القِيَامَةِ حفَاةً عرَاةً غُرْلاً" (ص 2194). الغُرل جمع أغرل وهو الأقلَف والغُرْلة القُلفة. 1273 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في خطبته: "إن رَبيِّ جَلَّ وعز أمَرَنيِ أن أعَلّمَكم مَا جَهِلتم بِما عَلَّمَنِي يَومِي هذا كلّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبدا حَلال وإنيّ خَلَقت عِبَادِي حنَفَاءَ كلَّهم وَإنهم أتتهم الشَّيَاطِين فاختالتهم (¬20) عَن دِينِهم" الحديث. وفيه وأنَّ الله نَظَر إلى أهلِ الأرض فَمَقَتَهم عَرَبهَم وَعَجَمَهم إلاَّ بَقَايَا مِن أهلِ الكِتَابِ وفيه وأنزَلتُ عَلَيك كِتَابًا لاَ يَغسِله المَاء تَقرؤه نَائمِا وَيَقظَانًا" (¬21) الحديث (ص 2197). قال الشّيخ -أيده الله-: أما قوله: "كل مال نحلته عبدا حَلال" فالمراد به ما لا حقَّ فيه لأحدٍ ولا سَبَب يحرمه؛ والقَصد أنّ مَا خَلَقه الباري سبحانه في الأرض وَغيِرها مما يَنتَفِع النَّاس به فإنه حلال وَلمَ يُرِد أنّه لا يرزق الحرام كما قالتِ المعتزلة وَلا يغتر بظاهر هذا أن كل ما نحله حَلال. وَهذا يَدل على أنه لا يَنحل الَحرَام لأن المّصد بالحديث ما قلناه. وقد قامَ الدّليل عَلى أنَّ الله سبحانه يرزق الحَلالَ والحرام لأن الرزق عندنا هو ما ينتفع به وكُلّ مَنفعةٍ قَائِمَةٍ (¬22) فَالله خَالِقها. ¬

_ (¬20) فى (ب) فاجتالتهم بالجيم وهي رواية الاكثرين. (¬21) في الأصول الثلاثة هكذا (ويَقْظَانًا) وهي في بعض نسخ مسلم، وفي البعض الآخر (ويقظانَ). (¬22) قائمة ساقطة من (ب).

وأما قوله "فَمَقَتَهم عَربهَم وَعَجَمَهم إلاَّ بقايا من أهل الكتاب" فالأظهر أنه أرادَ قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن العرب كانت حينئذ ظُلاَّلاً والعجم إلاَّ بقايا من أهل الكناب كما قال - صلى الله عليه وسلم -. وَأمَّا قَولَه: "وأنزَلتُ عَلَيكَ كِتَابًا لا يَغسِله المَاء تقرؤه نَائماً ويقْظانا". فيحتمل أن يشير إلى أنه أودعه قلبَه وسهّل عليه حِفظَه وَما في القُلُوب لا يخشَى عليه الذّهاب بالغَسْلِ ويحتمل أن يريدَ الإشارةَ إلى حفظه وبقائه عَلى مرّ الدَّهر فكنى عَن هَذَا بهذا اللَّفظ. وقوله "نائما ويقظانا" يحتمل أن يريد به أنه - صلى الله عليه وسلم - يوحى إليه في مَنامِه كَماَ يوحَى إلَيه في يَقظَتِهِ وأن مَا يَرَاه في مَنامه من ذلك حق موثوق به كما يوثق باليَقَظَة ولا يَبعد أن الباريَ سبحانه يريه في المنام آيَةً من القرآن يقرؤها تقدم إنزالها أو يكون أعلم بصحتها يقظانا وقد يحتمل أنه يَقرؤه مضطَجعا كما يقرؤه قائما. ويسمى المضطجع نَائماً مجازا لأنَّ المضطجع يصلي كذلك إذا عَجَزَ عن القيام أو لِعذرٍ لكن قوله "يقظانًا" لا تكون فيه مقابلة إلى قوله "نائما" إذا تأولناه على المضطجع فيكون التأويل الأول يرجح بما في لفظه من المقابلة هذا الذي يظهر لي في تأويل هذه الألفاظ وَلمَ أقف فيها لأهل العلم على شيء غير أن الشيخ أبا بَكر بن فورك -رضي الله عنه- تَكَلّم على قوله - صلى الله عليه وسلم - "لو جعل القرآن في إهَابٍ ما احترق" وذكر فِيه تَأويلات منها أن الإنسان الواعى للقرآن لا يحترق. ومنها؛ أن ذلك مخصوص بعصر النبيء - صلى الله عليه وسلم - علامة لنبوته. ومنها: أن المراد أن القرآن في نفسه لا يحترق وإن احترق الإهاب والمداد قال: وهذا كقوله "كتابا لا يغسِله الماء" يعني أنه لا يفنى ولا يندرس وتأويله هذا نحو من تأويلنا. وكنت تأولت الحديث على ما قدمته قَبل أن أقف للشيخ أبي بكر على هذا الفصل.

1274 - وأما قوله: "الضعيف الذي لا زَبْرَله" (ص 2197). معناه: لا عقل له. 1275 - وقوله: "وَالشِّنظِير الفَحّاش" (ص 2197). الشنظير هو السيء الخلق. 1276 - وأما قوله: "الذين هم فيكم تبعا لا يبتغون أهلا ولاَ مالاً". فذكر معناه في كتاب مسلم وهو قوله: فقلت: ويكون ذلك يا أبا عبد الله؟ فقال: نعم والله لَقَد أدْرَكتُهم في الجاهلية وإن الرَّجل ليرعى على الحيّ ما به إلا وَليدَتهُم يَطَؤهَا" (ص 2198). 1277 - قال الشيخ -أيده الله-: خرج مسلم هذا الحديث عن يحيى ابن سعيد عن شعبة (عن هشام صاحب الدَّستَوَاني) (¬23) (ص 2198). عن قتادة سمعت مُطَرِّفًا يقول الحديث هكذا يروَى عن الجلودي والكسائي. وفي نسخة ابن ماهان قال يحيى قال سعيد عن قتادة؛ سمعت مطرِّفا جَعَلَ سَعيدًا بدل شعبة. ¬

_ (¬23) ما بين القوسين ساقط من (ج) وجاء هنا الدَّستواني بالنون والذي في الأصل الدستوائي بالهمز.

1278 - قول النبيء - صلى الله عليه وسلم -: قال تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} (¬24) قال: نزلت في عذاب القبر يقال له! "من ربّك " الحديث (ص 2201). قال الشيخ -أيّده الله-: عذاب القبر ثابت عند أهل السنة وقد وردت به الآثَار وقال تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ}.الآية (¬25) وقال: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} (¬26) ولا يبعد في العقل أن يعِيدَ البَاري الحَيَاةَ في بَعضِ أجزاء الجَسد ولا يُدفع هذا بالاستبعاد لما بينَّاه ولا بقوله تعالى {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} (¬27) لأنه يحتمل أن يريد الموتة التي فيها جُرَع وغُصَص وَموتَة القَبر ليسَت كذلك ويحتمل أيضًا أن يريد جِنسَ الموت ولم يرِد مَوتَةً واحدةً وإذا احتمل لم يردَّ به ما قدمناه من الظواهر والأخبار. 1279 - قوله: فَرَدَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "رَيطَةً كَانَت على أنفِه هَكّذا" (ص 2202). الرَّيطة كل مُلاَءة لم تكن لِفْقينَ وجمعها ريط. قال ابن السكيت: كلّ ثوب رقيق لَيِّنٍ فهو رَيط. ¬

_ (¬24) 27) إبراهيم. (¬25) 46) غافر. (¬26) 11) غافر. (¬27) 56) الدّخان.

1280 - قوله: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تَرَكَ قتلىَ بَدرٍ ثَلاثا ثم أتَاهم فقام عليهم فَنَاداهم" الحديث (ص 2203). قال الشيخ -أيده الله-: ذَهب بعض الناس إلى أن المَيّتَ يَسمَع أخذًا بظاهر هَذَا الحديث والذي عليه المحَصِّلون من العلماء أنَّ الله تعالى خرق العادة بأن أعاد الحياة إلى هؤلاء الموتى لِيُقرّعهم - صلى الله عليه وسلم - وإلى هذا ذهَبَ قتادة. وقد ذكر الحديث لعائشة فقالت: إنما قال النبي عليه السلام إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم الحق ثم قَرَأَت {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} الآية (¬28). فأنتَ ترى عائشة كيف أنكرت ظاهر هذا الحديث وحولته إلى لفظ آخر والتَّشكك في سماعِ سائر الموتى وحسّهم يخرم (¬29) الثقة بالعلوم الضروية. ¬

_ (¬28) 80) النمل. (¬29) في (ج) يخرق.

كتاب الفتن وأشراط الساعة

كتاب الفتن وأشراط الساعة (¬1) 1281 - قوله: "أنَهْلِكُ وَفينا الصَّالحون؟ قال: إذا كَثُر الخَبَث" (ص 2207). أي إذا كثر الفسوق والفجور. 1282 - قوله: "أشْرف عَلىَ أُطُمٍ من آطَامِ المَدِينَة" (ص 2211). الأطم بناء من حجارة مرفوع بالقَصِّ (¬2) وآطام المدينة حصونها قاله الخَطّابيِ. وقد ذكِر قبل هذا بشرح غيره. ¬

_ (¬1) جاء هذا العنوان في (ج) خاصّة. (¬2) في (ب) بالجصّ.

1283 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "زُوَيت بي الأرض" (ص 2215). أي جمعت يقال: انزوى القوم: تَدَانوا وتَضَامّوا. 1284 - قال الشيخ خرَّج مسلم -أيّده الله- في بابِ قَول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقتلىَ بَدرٍ {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا}. حدثنا إسحَاق بن عمَر بن سَليط الهذلي نا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال ونا شيبَان بن فَرّوخ قال نا سليمان عن ثابت عن أنس" الحديث (ص 2202). قال بعضهم: في نسخة ابن الَحذَّاء: "نا شيبان بن عبد الرحمن نا سليمان" وهو خطأ فاحش. وصوابه: شبيان بن فروخ وهو الأبلي (¬3) من شيوخ مسلم وأما شيبان بن عبد الرحمن فهو النّحويّ يكنّى أبا معاوية وليس هو في طبقة من يروي عنه مسلم هو أعلى من ذلك. 1285 - وخرَّج مسلم أيضًا في كتاب الفتن في باب إذا تواجَهَ المسلمان بِسَيفهما "حدثنا أبو كامل فضَيل بن حسَين قال نا حماد بن زيد عن أيوب ويونسَ عن الحسن عن الأحنف بن قيس عن أبي بكرة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 2213). هكذا إسناد هذا الحديث. ووقع في نسخة أبي العلاء: "حدثنا أبو ¬

_ (¬3) في (أ) الأيلي.

كاهل نا حماد بن سلمة" جَعَل الحديث لحماد بن سَلَمة والمحفوظ حماد بن زيد، وكذلك خرّجه أبو دَاود عن أبي كامل عن حماد بن زيد. (وَخَرَّجه البخَاري عن عبد الرحمن بن المبَارك عن حماد بن زيد) (¬4) عن أيوب ويونس. 1286 - قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لابن صيّادٍ: اِخسَأ فَلَن تَعدو قَدْركَ (ص 2240). يحتمل وجهين: أحَدهما أنه لا يبلغ قَدْركَ أن تطَالع الغَيبَ من قبل الوحي الذي يوحَى إلىَ الأنبِيَاء والإلهام الذي يلهم الأولياء وإنما هو شيء جَرَى من إلقاء الشيطان إليه حِيَن سَمِعَ النّبي - صلى الله عليه وسلم - يراجع به أصحَابَه في النَّخيل، والآخَر أنَكَ لَن تَسبِقَ قَدَر الله سبحانه فِيكَ وفي أمرك. وقد استدل به قوم على أن إسلام غير البالغ قَد يَصِحّ ولولا ذلك لما كشفه النبيء - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الإيمان وقد قال (¬5) أهل العلم: يمكن أن يكون إنّما أقَرّه النبيء - صلى الله عليه وسلم - معه في المدينة وهو يدعي النّبوءة لأجل أن النَّبِيء - صلى الله عليه وسلم - حالَفَ اليهود على أن يسَالمها هي وَحلَفَاءَها فلهذا أبقاه. 1287 - وخرّج مسلم أيضا في كتاب الفتن في باب "لا تذهب الدّنيا حتى يأتي على النَّاس زمان لاَ يدري القَاتِل فِيه في أيِّ شيءٍ (¬6) قَتَلَ ولا المَقتول في أيّ شيء قُتِلَ" الحديث. ¬

_ (¬4) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬5) في (ب) بعض أهل العلم. (¬6) في ساقطة في (ج).

قال: حدثثا ابن أبي عمر نا مروان عن يزيد بنِ كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا ثم عقَّب بعده بأشياء أخر (¬7) قال: "حدثنا عبد الله بن عمَر بن أبان وواصل بن عبد الأعلى قالا نا محمد بن فُضيل عن أبي إسماعيل الأسلمي (عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -" هكذا وقع في النسخ (ص 2231) يريد مسلم أن شَيخَيهِ اختلفا (¬8) فقال: واصل عن ابن فضيل عن أبي إسماعيل ولم يذكر الأسلمي) (¬9) يعني به بشير بن سليمان. وقال عبد الله بن عمر بن أبان عن ابن فضيل عن أبي إسماعيل ولم يذكر الأسلمي يعني به يزيد بن كَيسان اليشكري. قال بعضهم: وهذا يحتاج إلى مقدمة تذكر ها هنا وهي أن تعلم أن يزيد بن كيسان يكنى أبا إسماعيل وأن بشير بن سليمان يكنى أبا إسماعيل أيضا وكلاهما يروي عن أبي حازم وقد اشتركا في غير حديث عن أبي حازم الأشجعي. وقد ذكر منها أبو محمد بن الجارود عدة أحاديث منها: ما رواه أبو حازم عن أبي هريرة أن رجلا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني تَزَوَّجت امرأة على ثمان أوَاقٍ" الحديث. ومنها: حديث آخر يرويه أبو حازم عن أبي هريرة أن عمر خرج من بيته وذكر ذَهاب النبيء - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر إلى بَيت رجل من الأنصار وَقولَه لهما "وَمَا أخرَجَكماَ قالا الجوع" الحديث بطوله. ومنها: ما رواه أبو حازم عن أبي هريرة في تعريس النبيء - صلى الله عليه وسلم - في طريق مكة وأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - (قضى ركعتي الفجر بعد ما طلعتِ الشمس. ¬

_ (¬7) في (ب) باسناد آخر، وفي (ج) ثم عقّب بعده بأبي بكر آخر. (¬8) في (أ) أن شيخه اختلفا والصواب أن شيخيه اختلفا. (¬9) ما بين القوسين ساقط من (ج).

ومنها حديث أبي حازم عن أبي هريرة عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - (¬10) قال: "وَالذي نفسى بيده لن تذهب الدنيا حتى يتَمَرَّغ الرجل على القبر يقول: يا ليتني صاحب هذا القبر". وخرّج مسلم من هذه الأحاديث المشترك فيها مما لم يذكره ابن الجارود (حديث "قل هو الله أحد" من حديث يزيد بن كيسان وبشير بن أبي إسماعيل كلاهما عن أبي حازم عن أبي هريرة". قال ابن الجارود) (¬11) فقد بَانَ بما ذكرناه أن أبا إسماعيل بَشِيًرا غَير أبي إسماعيل يزيد وإن اتفقا في الرواية قال بعضهم: كذلك هذا الحديث الواقع في كتاب الفتن أخرجه مسلم أولا من حديث يزيد بنِ كيسان ثم أخرجه بعد ذلك من روإية أبي إسماعيل (الأسلمي إلا في رواية عبد الله بن عمر بن أبان فإنه جعله عن يزيد بن كيسان أبي إسماعيل) (¬12) ولذلك لم يذكر الأسلمي في نسبه والله أعلم. 1288 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تَقوم السّاعة حَتَّى تقَاتِلوا قَومًا كَأنَّ وجوهَهم المَجَانُّ المُطرَقَة" الحديث (ص 2233). الَمجَانّ المُطرَقَة يعني التِّرَسَةَ التي أطرقت بالعقَب، أي ألبست به. يقال: طارق النعل إذا صير خَصيفًا على خَصيف، وأطرق جناح الطائر إذا وقعت ريشة على التي تحتها فألبستها وفي ريشها إطراق إذا وقع بعضها على بعض. ¬

_ (¬10) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬11) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬12) ما بين القوسين ساقط من (ج).

1289 - وقوله: "ذُلْفُ الأُنوف" (ص 2233). الذُّلْف في الأنف قصرُه وَتَأخُّر أرنَبَتِه حكاه ابن قتيبة وغيره. وقال أبو مالك الأعرابي: الأذلف الذي في طرف أرنبته همزة وهو يعتري المِلاح. قال أبو النجم: [الكامل] وَأُحِبّ بَعضَ مَلاَحَةِ الذَّلفَاءِ 1290 - وقوله: "وَيْسَ ابن سُمَيّةَ تَقتله الفِئَة البَاغية" (ص 2235). قال الأصمعي: الوَيل قَبوح والويح تَرحُّم وَوَيْسَ تَصغِيرها أي دونهَا. قال الهروي: وَيح كلمة تقال لمن وَقَعَ في بَليَّةٍ لا يستحقها فيترحم عليه ويرثَى له. وويل تقال للذي يستحقها ولا يترحم عليه. 1291 - قوله: "في قَطِيفَةٍ لَه فِيهَا زَمزَمَة" (ص 2244). يقال: زمزم يزمزم زَمزمة إذا صوت. قال الخَطَّابيِ: قوله له "فيها رَمرَمَة" هي تحريك الشَّفَتَين والمَرِمَّة الشَّفَة فأمَّا الزمزمة بالزاي فمن داخل الفم إلى نَاحِيَة الحَلق كالصفير ونحوه.

1292 - وقوله: "في بعض الأحاديث فَرَفَصه" (ص 2244). قال بَعض أهل اللغة: وإنما هو فَرصّه. أي ضَغَطَه حتى ضَمَّ بعضه إلى بعض. ومنه بنيَان مَرصوص وأقرَب منه أن يقَال: فَرَفَسَه بالسين التي تقارب الصَّاد في اللفظ مثل رَكَلَه وَالدّخّ الدّخَان. قال الراجز: [الراجز] عِندَ رِوَاقِ البَيتِ يَغشى الدُّخَّا وقيل: أراد أن يقول الدخان فَزَجَره النَّبيء - صلى الله عليه وسلم - فلم يستطع أن يتِمَّ الكَلِمَة قال الخَطَّابي: لا معنى للدّخان هَا هنَا لأنّه لَيسَ مما يمكن أن يُخَبَّأَ فيِ كَفٍّ أو كمِّ وقد قال: خَبَّأت لَك خَبِيئًا بَل الدّخ نَبت موجود بين النخيل والبساتين إلاّ أن يحمَل قَوله - صلى الله عليه وسلم -: "خَبَأْتُ لَك خَبِيئا" أي أضمَرت لك اسمَ الدخان فيجوز. قال الشيخ -أيده الله- قيل إنه أضمَر له {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} (¬13) والسكة الطريق وجمعها سِكَك. قال أبو عبيد: السِّكَّة الطريقة المصْطَفَّة من النَّخل، وسميت الأزِقَّة سككا لاصطِفَاف الدّورِ فِيها. ¬

_ (¬13) 10) الدّخان.

1293 - وقوله في حديث ابنِ صَيّاد "يَخْتِلُهُ " (ص 2244). أي يطلب أن ياتيه من حيث لا يشعر. ومنه خَتَلْت الصيد. 1294 - وقوله: "نَفَرَت عَينُه" (ص 2246). أي شقَّت عينه طَافِية تقدم شرحها وشرح المسيح. 1295 - قوله: "تَعَلَّموا أنَّه لَن يَرَى أحَد مِنكم رَبَّه حَتَّى يَموتَ" (ص 2245). قال الشيخ -أيده الله-: هذا يشير إلى مذهب أهل الحق أن الله سبحانه يُرَى في الآخِرَة. ولو كانت رؤيته تستحيل كما قالتِ المعتزلة لم يكن للتَّقيِيد بِالموت مَعنًى. والأحاديث في هذا كثيرة وقد عوّل عليها بعض أيمتنا في إثبات الرّؤية فى الآخرة على طرق بسطوها في كتب الأصولِ. 1296 - قَوله: "إنّ الدّجَّالَ ممَسوح العَين عَلَيهَا ظَفَرَة غَلِيظَة" (ص 2249). قال الأصمعي: الظَّفرَة لحَمة تنبت عند المآقي.

وأنشد: [الرجز] بِعَيْنِهَا من البكَاءِ ظَفَره ... حَلَّ ابنها فيِ السِّجن وَسْطَ الكَفَره 1297 - قوله الدَّجَّال جُفَال الشَّعَرِ" (ص 2248). أي كثيره قاله الهروي (¬14). 1298 - قال الشيخ -أيّدَه الله- خَرَّج مسلِم في قِصَّةِ ابن صَيَّادٍ الدَّجَّالِ: "حَدّثنا حَرملة بن يحيى أخبرني ابن وَهبٍ أخبرَني يونس عن إبن شِهَاب أن سَاَلمِ بن عبد الله (أخبره أنَ عبد الله) (¬15) بنَ عمر أخبره أنّ عمر انطلق" الحديث (ص 2244). وقع هذا الإسناد في رواية أبي العلاء بن ماهان منقطعا ذكره فقال عن الزّهري عن سالم أن عمر بن الخطاب لم يَذكر فيه عبد الله بنَ عمر. والصواب قول من أسنده. 1299 - قال الشيخ -أيّدَه الله-: خرّج مسلم في كتاب الزهد في حديث عائشة إنْ كنَّا آلَ محمَّدٍ لَنَمكت شهرا ما نَستَوقِدُ النار: حدثنا عَمرو الناقد نا عَبدة بن سليمان قال ويحَيى بن يَماَن قال نا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة هكذا إسناده عند الجلودي (ص 2282). ¬

_ (¬14) قاله الهروي ساقط من (ج). (¬15) ما بين القوسين ساقط من (ج).

قال: ويحيى بن يمان نا عن هشام ومعناه أن عبدة وابن يمانٍ (¬16) يرويان الحديث عن هشام بن عروة والقائل ويحيى بن يمان حدثنا هو عمرو الناقد وفي نسخة ابن الَحذَّاء حدثنا عمرو الناقد قال نا عبدة قال نا يحيى بن يمان عن هشام وهذا وَهم وَلَيس يروي عبدة عن يحيي بن يمان والصواب رواية الجلودي. 1300 - قال الشيخ -أتّدَه الله-: وخرج مسلم بعد هذا: "حدثنا محمد بن عباد وابن أبي عمَرَ قالا نا مَروان عن يزيد بن كيسان عن أبيِ حازم عن أبي هريرة قال والذي نفسي بيده" الحديث (ص 2284). وقع في نسخة ابن الَحذَّاء عن ابن ماهان نا محمد بن غسان وابن أبي عمر جعل غسان موضع عباد وهو وَهم، والصواب محمد بن عباد وهو المكي. 1301 - قوله: "فَترَوح عَليهم سَارِحَتهم" (ص 2250). السارحة هي (الماشية التي تسرح بالغداة إلى مراعيها قال خالد بن جنبة) (¬17) السارحة الإبل والغنم والسرح والسارحة واحد. 1302 - قوله: "كَيعاسِيب النَّحل" (ص 2250). هِيَ فحول النَّحل وفي الحديث ضَرب يَعسوب الدِّين بذنبه أراد رئِيس ¬

_ (¬16) في (ج) ابن ماهان. (¬17) ما بين القوسين ساقط من (ج).

الدِّين وسيد الدّين ومعناه فَارَقَ أهلَ الفِتنة. وفي حديث آخر هذا يعَسوب قرَيشٍ، أي سَيّدها. 1303 - قوله في حديث عيسى: "مَهرودَتَين" (ص 2250). أي في شُقّتَين أو في حلَّتين. وقال شمر: قال بعض العرب إن الثّوب يصبغ بالورس ثم بالزعفران فيجيء لونه مثل لون زهرة الحَوذَانَةِ فذلك الثوب المَهرود. قال القتَبي: وَهو عندي خطأ من النقلة وأراه مَهروَّتين أي صَفرَاوين، يقال: هرّيت العمامة إذا لبستَها صفراء وكان فَعلت منه هروت، وقد روي هذا الحرف مهرودين بالدال ومَهروَذين بالذال مأخوذ من الهرد، والهرد (الشق فكأن المعنى بين شقتين قال: والشقة نصف) (¬18) الملاءة. قال أبو بكر قول من قال إن صوابه مهروَّتين فيه خطأ لأن العرب لا تقول: هروت الثوب ولكن تقول: هرَّيت، ولا يقال: أيضا هرَّيت إلا في العِماَمَة خَاصَّة فليس له أن يقيس الشقة على العمامة لأن اللغة رِوَاية وقوله: الهرد هو الشق خطأ، لأن العرب لا تُسَمّي الشق للإصلاح هَردًا بل يسمون الإحراق والإفساد هردًا. قال ابن السكيت: هَرَد القَصار الثَّوب وهرَتَه، فهذا يدل على الإفساد، والقول في الحديث عندنا بين مهرودتين بالدال والذال، أي بين مُمَصَّرَتَيْنِ على ما جاء في الحديث كما لم يسمع الصِّير الصِحناة إلا في الحديث وكذلك الثُّفَّاءُ الحُرْفُ (¬19) إلى غير ذلك مما لم يسمع إلا في الحديث والممصرة من الثياب هي التي فيها صفرة خفيفة. ¬

_ (¬18) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬19) جاء الحُرْفُ في (ج) بضم الحاء وسكو الراء ومعنى الثفاء والحرُف حبّ الرشاد.

1304 - قوله: "فَيرسِل الله عَلَيهم النَّغَفَ" (ص 2250). هي دود في أنوف الإبل والغنم واحدتها نَغَفَةٌ. ومنه يقال: للرجل المحتقر إنما أنت نَغَفة. 1305 - وقوله: "فيُصبحون فَرْسَى" (ص 2250). أي قتلى، واحدهم فرِيس من فرسَ الذّئب الشَّاةَ إذَا قَتَلَها. 1306 - وقوله: "فَيغَسِل الأرض حتَّى يَتركَهَا كالزَّلَقَة" (¬20) (ص 2250). هي الأرض التي لا نبات فيها، والصَّعِيد الزَّلَق الذي تَزل عَنه الأقدام. 1307 - قوله فيِ حديث الدّجّال: "أرأيتم إن قَتَلت هَذَا ثم أحيَيته أتشكّون فيِ الأمر؟ فيقولون: لا فيقتله ثم يحييه" (ص 2256). قال الشيخ -أيده الله-: إظهار المعجزة على يد الكَذّاب لا تصح فيقال: لم ظهرت على يد الدجَّال وهو كذاب؟ فيقال: لأنه يَدَّعِي الرّبوبِيَة وأدلة الحدوث تحيل ما ادعاه وتكذّبه، والنَّبِيء يَدَّعِي النبوة وهي غير مستحيلة في البشر وأتي بالدليل الذي لم يعارضه شيء فصدق، وقد بسطنا الكلام في هذه المسألة في كتابنا المترجم بقطع لسان النابح. ¬

_ (¬20) في (ب) الزّلفة، وكلاهما مروي.

1308 - قوله: "عَلىَ أنقَابِ المَدِينَةِ مَلاَئِكَة" (ص 2265). قال القنَازِعي، قال الأخفش: أنقاب المدينة طرقهَا وَفِجَاجهَا. 1309 - وقوله: "يُصغِي لِيتًا" (ص 2258). أي يميل، يقال: صَغَى يَصغَى وصغِي يَصغَي؛ وَيقال: صَغَاك معه وصَغوكَ وصِغوك أي ميلك واللِّيت صَفحة العنق وَهو جانبه. 1310 - وقَوله: "يلُوط حَوضَ إبِلهِ" (ص 2258). أي يطيّنه ويصلحه وَأصل اللّوط اللّصوق والمستلاط لا يورّث أي الملصق بالقوم في النَّسَب قَالَ صاحب الأفعال: لآطَ الَحوض لوْطا ولَيْطَا، أي أصلحه والشيء بالشيء ألصقَه وألاط الولد بأبيه نَسَبه إليه. 1311 - قوله: "ثمّ أرفَؤوا إلىَ جَزِيرَةٍ فيِ البَحرِ" (ص 2261). قال صاحب الأفعَال: أرفَأت إلى الشيء لجأت إليه وأرفأت السفينة قربتها إلى مرفئها حيث تصلح. 1312 - قوله: "فَجَلَسوا في أَقرُب السَّفينة" (ص 2261). يريد أحد القوارب الصغار التي تكون مع السفينة كَالجَنِيبَةِ يَتَصرف

فِيهَا ركّاب السَّفِينَةِ لقضاء حاجتهم (¬21) والواحد قارب ولكنه ها هنا جاء على غير قياس. 1313 - وقوله: "فصَادَفْنَا البَحرَ حِيَن اغتَلَمَ" (ص 2261). قال الكسائيّ: الاغتلام أن يَتَجَاوَزَ الإنسان حَدَّ (¬22) مَا أمِرَ بِه من الخير والمباح. ومنه: قول عمر -رضي الله عنه-: إذا اغتلمت عليكم هذه الأشربة فاكسروها بالَماء معناه إذَا جاوزت حدها الذي لا يُسكر إلى حدها الذي يُسكر. 1314 - قوله: "بِيَدِهِ السَّيف صَلْتًا" (ص 2261). أي مجردا قال ابن السّكِّيت: فيه لغتان صَلْتًا بفتح الصاد وصُلْتًا بضمها. 1315 - قوله: "إلاَّ عَجْب الذَّنَب" (ص 2270). هو العظم الذي في أسفل الصلب وهو العَسِيب قال أبو مَالِك الأعرابي: وهو رأس العصعص. ¬

_ (¬21) في (ج) لبعض حاجَاتهم. (¬22) في (ج) حرمًا.

كتاب الزهد والرقائق

كتاب الزهد والرقائق (¬1) 1316 - قوله: "لأنَّه أسَكُّ " (ص 2272). يعني صَغيَر الأذنين. 1317 - قوله: "وَلمَ يَبقَ منها إلاَّ صُبَابَة كَصُبَابة الإناء يتصابُّهَا صَاحِبها (ص 2278). قال أبو عبيد: الصبابة البقية اليسيرة تبقى في الإناءِ من الشَّرَاب وقد تَصَابَبتهَا إذَا شربتَها. 1318 - قوله: "وَوَلَّت حَذَّاءَ" (ص 2278). ¬

_ (¬1) جاء هذا العنوان في (ج)، وفي (أ) بالهامش بخط مغاير.

قال أبو عبيد: هي السريعة الخَفِيفَة (¬2) التي انقطع آخرها، ومنه قيل للقطاة حذّاء لقصر ذنبها مع خِفَّتها وحمار أحذّ، أي قصير الذنب. 1319 - قوله: "وهو كَظِيظ من الزِّحَامِ" (ص 2278). (أي ممتلىء يقال: كَظِّه الشراب وكَظَّه الغيظ إذا امتلأ صدره والكظيظ الزِّحام) (¬3) يقال: رأيت على بابه كَظِيظًا، وفي حديث الحسن حين ذَكَر الموت فقال: "كَظٌّ ليس كَالكَظٌّ"، أي همّ يملأ الجوف ليس كسائر الهموم ولكنه أشدّ، يقال كظني الأمر إذا ملأني وَشَغَل قَلبِي (¬4). 1320 - وقوله: "مَا لَنَا طعَام إلاَّ الحُبْلَةِ وَوَرَق السَّمُرِ" (ص 2277). قال أبو عبيد: هما ضربَان مِن الشَّجَر قال ابن الأعرَابيِ: الحُبْلَةُ ثمر السَّمُر يشبة اللّوبيا. وقال غيره: الحُبلَة ثَمَر العِضَاه. 1321 - قوله: "فَيُقَال لأركانِه انطِقِي" (ص 2280). أي نَوَاحِيهِ (ورُكُنُ الجَبَل وغَيره نَاحِيَته وَيوضع الرّكن أيضًا مَوضِعَ العَشِيرَة) (¬5) والقوّة ومنه قوله تعالى: {أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} (¬6) أي إلى عِزّ العَشيرَةِ. ¬

_ (¬2) في (ج) الحقيقة. (¬3) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬4) في (ج) وشغلني. (¬5) ما بين القوسين ساقط من (ج). (¬6) 80) هود.

1322 - قوله: "السَّاعِي على الأرمَلَة" (ص 2286). قال ابن السِّكِّيت: الأرَامِل المَسَاكِين مِن جَمَاعة رِجَالٍ وَنسَاءٍ قال (ابن الأنباري: الغالب على الأرامل أنهنَّ النِّسَاء دون الرَّجَالِ. قال ابن قتيبة) (¬7): سمّيت المرأة التي مات عنها زوجها أرملَة لما يقع بها من الفَقر وذهاب الزاد بعد موت قَيِّمِهَا. يقال: أرمَل الرّجل فَنِيَ زَاده. قال ابن الأنباري: يقال لِلرّجل إذا مَاتَت امرأته أيِّم ولا يقال له أرمَل لأنه ليس سبيلُ الرجل أن يفتقرَ ويذهبَ زاده لِمَوتِ امرَأته فدلَّ ذلك على أنه اسم وَاقع لِلنّسَاء إذا كان الرجال هم المنفقون عليهنَّ وقول جرير: [البسيط] فَمَن لحاجة هَذَا الأرمَلِ الذَّكَرِ أراد الفقير الذي فَنِي زاده (¬8) ثم بين المعنى بقوله الذّكر يقال هذا رَجل أرمل والرجل الأرمل كما يقَال الأنبَل والأفضَل. 1323 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَتَندَلِق أقتَاب بَطنِهِ" (ص 2290). قال أبو عبيد: الأقتاب الأمعَاء وقال الكِسائي واحدها قِتْب. قال الأصمعي واحدها قِتْبَةٌ قال: وبها سمي الرّجل قُتَيبَة وهو تصغيرها. قال أبو عبيد (¬9) القِتْبُ ما تحوّى من البطن يعني استدار وَهي الحوايا. وأمَّا ¬

_ (¬7) ما بين القوسين ساقط من (ب). (¬8) في (ب) و (ج) نفد. (¬9) في (ب) أبو عبيدة، وفي شرح النووي ابن عيينة.

الأمعاء فهي الأقصَاب وَاحدها قُصْب. قال أبو عبيد، وأما قوله: فتندلق قال: الاندلاق خروج الشَّيء مِن مكانه وكل شيء نَدَر خَارجًا فقد اندلق. ومنه قيل للسيف: قد اندلق من جفنه إذَا شَقَّه حتى يخرج منه. وَيقَال للخيل: قد اندلقت إذا خرجت فأسرعَتِ السير. 1324 - قوله: "مَن سَمَّعَ سَمَّعَ الله بِه" (ص 2289). قال الشيخ أيّدَه الله يريد أن من رَاءَى بعمله وسمع به الناس ليُكرموه ويعظموه شَهَّره الله يَوم القيامة حتى يرى الناس ويسمعوا ما يحل بِه من الفَضيحة وقد وقع في بعض الأحاديث {ومن يشَاقِق يشقِّقِ الله عليه} وهذا يحتمل أن يريد به المشاقة بمعنى الخلاف أو يَحْمِل على الناس ما يَشقّ عليهم. 1325 - قوله في: "المتَثَاوِبِ فَلْيَكظِم مَا استَطَاع" (ص 2293). قال ابن عرفة في قوله تعالي {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} (¬10) الكاظم الممسك على ما في قلبه. والأصل في الكظم للبعير وهو أن يزدرد ما في حلقه وَكَظم فلان غَيظَه إذا تَجرَّعه وكظم خصمه إذا أجابه بالمسكت فَأفحَمه وكَظَّه. 1326 - كذلك أيضًا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُلدَغ المؤمِن مِن جحرٍ مَرَّتَين (ص 2295). ¬

_ (¬10) 134) آل عمران.

هذا يروى على وجهين: أحدهما: ضَمّ الغين على جهة الخبر ومعناه أن المؤمن المَمدوح هو الكَيِّس الحَازِم الذي لا يُستَغفل فَيخدَع مَرَّة بعد مرة وهو لا يفطن لذلك وقيل: إنَّه إنّما أرَاد به الخِدَاع فيِ أمرِ الآخِرَةِ دونَ الدّنيَا. والوَجه الآخر أن تكون الرواية بِكَسر الغَين عَلىَ جهة النَّهي عن أن يؤتى من ناحية الغفلة وهذا يصحّ أن يتوجه أيضًا لأمر الدّنيا والآخِرَة. 1327 - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تكتبوا عَنِّي وَمَن كَتَبَ عَنِّي غَيَر القرآن فَليَمحه وَحَدِّثوا عَنِّي وَلا حَرَجَ" (ص 2298). قال الشيخ -أيده الله-: وقد روِي أن زيد بن ثابت دخل على معاوية فسأله عن حديث فأمر إنسانا فَكَتَبه فقال له زيد: إن النبيء - صلى الله عليه وسلم - أمر أن لا تكتب (¬11) شيئا من حديثه فَمَحاه. وهذا النهي قال فيه بعض العلماء: إنما نَهَى أن يُكتب الحديث مَعَ القرآن في صحيفة واحدة لئلا يختلطَ به فَيشبِه (¬12) على القارىء ويحتمل أن يكون النهي منسوخا (وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في خطبة خطبها: "اكتبوا لأبي شَاةٍ لما استكتبها") (¬13) وقال - صلى الله عليه وسلم - لرجل شَكَا إليه سوء الحفظ: "استعن بيمينِك" وكتب عليه السلام كتابا في الصَّدقات والدِّيات أو كُتبت عنه فَعَمِلَت بها الأمة ولم ينكرها أحد وَقَد أمَر عليه السلام أمَّتَه بالتبليغ فإذا لم يكتب ذَهَبَ العِلم. ¬

_ (¬11) في (ب) و (ج) أن لا تكتب، وجاء في (أ) بعد أن لا تكتب محو وهو قوله شيئًا من حديثه. (¬12) في (ب) فيشتبه. (¬13) ما بين القوسين ساقط من (ج).

1328 - قوله: "وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ" (ص 2294). المَارج اللَّهَب المختلِط بِسَوَادِ النار، وقال الفَرَّاء: المَارِج نار دون الحجاب. ومنها هذه الصواعق ويرى جلد السَّماَء مِنها. 1329 - قال الشيخ -أيّده الله-: خَرَّج مسلِم في حديث قامَ رَجل يثني على أمِيرٍ مِنَ الأمراء فَجعل المقداد يحَثِي عليه التُّرَابَ: حدّثنا "أبو بكر بن أبي شيبة وابن مثنّى جميعًا عن ابن مهدي عن سفيان عن حبيب عن مجاهد عن أبي معمر قال قام رجل الحديث (ص 2297). هكذا إسناده عن حبيب عن مجاهدٍ وفي نسخة ابن ماهان عن حُميد عن مجاهد جعل حميدا مكَان حبيب وهو تصحيف والصواب حبيب وهو ابن أبي ثابت. 1330 - قوله: "اذهَبوا به فاحِملوه فيِ قُوقُورِ" (ص 2299). القُرقور أعظم السّفنِ وجمعه قَرَاقِير. 1331 - وقوله: "فجَمَع النَاس في صَعِيدٍ وَاحِد" (ص 2299). الصعيد الطريق الذي لا نبات فيه وكذلك الزَّلَق والصعيد أيضًا وجه الأرض والتّرَاب. 1332 - قوله: "فَرَجَفَ بِهِمُ الجَبَل" (2299).

أي تحَرك حركة شديدة ومنه قوله تعالى {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ} (¬14) أي تتزلزل. 1333 - وقوله: "إذَا بَلَغتم ذُروَتَه" (ص 2299). أي أعلاه وذِروة الشيء أعلاَه. 1334 - قوله: فَأمَرَ بالأخْدُودِ" (ص 2299). هو الشَّقّ العظيم في الأرض وجمعه أخادِيد. وقد تقدم ذكر السِّكَك. 1335 - قوله: "وعَلى أبي اليَسرَ بُرْدَةٌ وَمعَافِرِيٌّ " (ص 2301). البُردَة قد تَقَدَّم ذِكرها والمَعَافِري بفتح المِيم منسوب إلى معافر اسم قرية. 1336 - قوله: "ومعه ضِماَمَة مِن كُتُبٍ" (ص 2301). أي رزمة ضمَّ بَعضهَا إلىَ بَعضٍ. 1337 - قوله: "أرَى في وَجهِكَ سُفعَةً (¬15) من غَضَبٍ" (2301). ¬

_ (¬14) 14) المزمل. (¬15) في (أ) سعفة من غضب وكذلك فيما يأتي وما أثبتناه هو ما في (ب) و (ج) والأصول ونهاية ابن الأثير.

أي علامة قال أبو بكر: يقال سَفَعت الشّيء إذا أعلمته ومنه قول الشّاعر: [الطويل] وَكنتُ إذَا نَفْسُ الجَبَان نَزَت لَه ... سَفَعتُ عَلَى القَرْنَيْنِ مِنه بِمِيسَمِ 1338 - قوله: "فَخَرَجَ عَلَيَّ ابن لَه جَفْر" (ص 2301). قال الهروي في حديث حليمة التي أرضعت النبيء - صلى الله عليه وسلم - "أنه كان يَشِبّ في اليوم شبابَ الصبي في الشهر فبلغ ستَّا وهو جفر" يقَال: استجفر الصَّبِيُّ إذَا قَوِيَ عَلىَ الأكل فهو جَفْر وأصله في أولاد الغنم فإذا أتى على ولد العنز أربعةُ أشهر وَفُصِل عن أمه وأخَذ في الرَّعيِ قيل له جَفْر والأنثى جفرة. ومنه حديث أم زَرْع "يكفيه ذِرَاع الجَفْرة". 1339 - قوله: "فدَخَلَ أرِيكَةَ أمِّي" (ص 2301). قال أحمد بن يحي: الأريكة السرير في الحَجَلَةِ ولا يسمى منفرداً أريكة وقال الأزهَرِيّ: كل ما اتكىء عليه فهو أرِيكَة. 1340 - قوله: "من أنظَر معسِرًا" (ص 2301).

أي من أخّره يقال: أنظرتك بالدَّين وغيره أخرتك والنظرة التأخير ومنه قوله تعالى {قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (¬16) وفي آية أخرى {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (¬17). 1341 - قوله: "وَفيِ يَدهِ عُرْجُونُ ابنِ طَابٍ" (¬18) (ص 2303). العرجون عود الكِبَاسة والكِباسة العِذق بكسر العين والعِثَكال والعشكول كلّه واحد وكل غُصن من أغصان الكِبَاسة فيه شمراخ والشِّمراخ هو الذي عليه البُسر من خمس تَمَرات إلى ثمان وابن طَابْ نَوعٌ من الرُّطب طيب. قال ابن حمزة ابن طاب عَذق بالمدينة والعَذق بفتح العين هو النخل نفسه. 1342 - قوله: "أَيُّكُمْ يحبّ أن يُعرِض الله عنه قال: فَخَشَعنَا" (ص 2303). الخُشوع السّكون والتذلُّل وأيضا الخُضوع وأيضا الخَوف وأيضا غَضّ البصر في الصلاة، وقول الله تعالى {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ} (¬19) أي انخفضت وسكتت، وقوله {فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬20) أي ¬

_ (¬16) 14) الأعراف. (¬17) 280) البقرة. (¬18) جاء في (أ) ابن طابَ مشكولا بفتح الباء. (¬19) 108) طه. (¬20) 2) المؤمنون.

خاضعون وقيل خائفون، قال ابن سِيرين كان المسلمون يَلتفتون في صلاتهم فنزلت هذه الآية فَغَضّوا أبصارهم فكان أحدهم ينظر إلى موضع سجوده. ويقال: خَشَع له ويخْشَع، أي تذلّل قال ابن سلاَّم الخشوع الخوف الثابت في القلب. قال الليث: الخشوع قريب المعنى من الخضوع إلاَّ أن الخضوع يكون في البدن والبصر والصوت. 1343 - قوله: "أَرُوني عَبِيًرا" (ص 2303). قال أبو عبيد: العَبِير عند العرب الزَّعفَرَان وحده. وقال الأصمَعِي: العبير أخلاط تجمَع بالزعفران. قال ابن قتيبة: ولا أرى القول إلا ما قاله الأصمعي لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتَعجِز إحدَاكنَّ أن تتخذ تُومَتَين تَلطَخَهماَ بِعَبِير أو زَعفَران" ففرّق بين العَبِير والزَّعفَران والتّومة حَبّة تعمل من فضّة كالدرّة. 1344 - قوله: "وَكَانَ النَّاضِح يَعْتَقِبُهُ مِنَّا الخَمسَةُ والسِّتَّهُ والسَّبعَةُ" (ص 2304). الناضح جمل السقي. وقوله: "يعتقبه"، أي يَتَدَاول ركوبَه. وقال صاحب الأفعال: اعتقبت الرّجل ركبت عُقْبهُ وركب أخرى وَعَقَبْت بعده، أي جِئت بَعده. 1345 - قوله: "فَأنَاخَه فَرَكِبَه" (ص 2304).

قال ابن خَالَوَيْه وغيره يقال: أنخت الإبِل فَبَرَكَت ولا يقال: ناخت. وكذلك حكَى صاحب الأفعال، وقوله: فَرَكِبه يقال: رَكِبتُه بكسر الكاف أركَبُه ركُوبًا أي علوته وَرَكَبته بفتح الكاف أرْكُبُهُ رَكبًا ضَربته برُكبتك أو ضربت ركبته. 1346 - قوله: "فَتَلَدَّنَ عَلَيه بعضَ التَّلَدُّنِ" (ص 2304). أي تَلَكّأ ولم يَنبَعِث. 1347 - وقوله: "فَيَمْدُرُ (¬21) الحَوضَ" (ص 2305). يقال مدرتُ الحوض مَدْرا إذا طَيَّنْته لئلا يشربَ منه الماءَ. 1348 - قوله: "فَنَزَعْنا في الحَوضِ سَجْلاً أو سَجْلَين" (ص 2305). قال صاحب الأفعال: نزعتُ الدلو جَذَبتُها وَنَزَعت بِالسَّهم رَمَيت به ونزعتُ بآيةٍ من القرآن. أي تَلَوتها محتجًّا بها. قال الهَرَوِيّ: والسَّجْل الدَّلو مَلأى. 1349 - قوله: "حَتَّى أفْهَقْنَاه" (ص 2305). ¬

_ (¬21) في (أ) فَتَمْدُرُ، وما أثبتناه هو في (ب) وفي أصل مسلم.

أي ملأناه والفهق الامتلاء، يقال: أفهَقت الإناء فَفَهِقَ وبئر مِفْهَاق، أي كثيرة الماء (¬22). 1350 - قوله: "فَأشْرعَ نَاقَتَه" (ص 2305). يقال: شَرَعَت الدواب في الماء إذا شَرِبَت منه وأَشرعْتُها أنَا فِيهِ. 1351 - وقوله: "شَنَقَ لَهَا" (ص 2305). يقال: شَنَقتُ النَّاقَة وأشْنَقْتُهَا كَفَفتها بِزِمامها. 1352 - وقوله: "وَكَانَ لَهَا ذَبَاذِب (ص2305). الذباذِب أسافل الثَّوب. قال الهروي: قال ابن عَرفة: المُذَبذَب المضطرب الذي لا يبقى على حالة مستقيمة يقال: تذبذب الشيء إذا اضطرب ومنه قيل لأسَافِل الثوب: ذباذب (¬23). 1353 - قوله: "ثمَّ تَوَاقَصْتُ عَلَيهَا" (ص 2305). يقول: أمسكتُ عَلَيها بعنقي وهو أن يحَنِيَ عليها عنقَه وَالأوْقص الذي قصُرت عنقه والوقَص بفتح القاف قِصر العنق وباسكانها دق العنق قاله ابن السِّكِّيت وغيره. ¬

_ (¬22) في (أ) عوض كثيرة الماء كبيرة. (¬23) في (ب) بعد قوله ذباذب قال ابن عرفة.

1354 - قوله: "فَجَعَلَ رَسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَرْمُقُنِي وَأنَا لا أشعر" (ص 2305). يقال: رَمَقْتُ الشيء رَمْقًا أبلغت النظرَ إليه. 1355 - وقوله: "يَخْتَبِطُ" (ص 2306). أي يَضرب الشجر بِعَصًا ليتحاتَّ ورقه واسم الورق المخبوط خَبَطٌ بفتح الباء وهو من علف الإبل والمِخبط العصا التي يخبط بها أوراق الشجر. 1356 - قوله: "يَنعَشُه" (ص 2306). قال صاحب الأفعال: نَعَشَ الله فلانا نَعْشًا، أي جبره، والرجل غيره كذلك وأنعشه لُغَيَّة. قال غيره: النَّعش الارتفاع وبه سمي نَعْش الجنَازَة لارتفاعه ونعشت الرجل، أي رفعت منزلتَه. قال الهروي: وقالت عائشة في أبِيها -رضي الله عنهما-: فانتاش (¬24) الدِّينَ بِنعشه إيَّاه، أي استدركه بإقامته إياه من مصرعه وانتعش العليل إذا افاق. 1357 - قوله: "فَخَرَجتُ أحْضِرُ" (ص 2306). أي أجري قال في الأفعال: أحضرَ جَرَى شَدِيدًا والحَضْر الطلق. قال الهروي: أحضر إذا عدا واستحضر دابته إذا حملها على الحُضر وهو العَدْو. ¬

_ (¬24) في هامش (ب) جاء فانعاش.

1358 - قول جَابِر: "وَحَسَرْتُهُ" (ص 2307). يَعنى غصنًا من أغصان الشَّجَرة يريد قَشَرْتُهُ، ومنه، يقال. حَسرْت الدَّابَّه إذا أتعَبتَهَا في السَّير حتى تتجرد (¬25) من بدانتها. 1359 - قوله: "وَأَعْظَمِ كِفْلٍ في الرَّكب" (ص 2309). الكِفْل بإسكان الفاء وكسر الكاف الكساءُ الذي يحوّيه راكب البعير على سَنَامِه إذا ارتدفَه لئلا يسقُط فيحفَظ الكفلُ الراكب. قال الهروي: قال أبو منصور: ومنه اشتق {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} (¬26) أي نَصيبين يحفَظانكم من هَلَكَة المعاصي كما يحفظ الكفل الراكب. 1360 - قوله: "مَعَه كُثبَةً مِن لَبَن" (ص 2309). قد تقدم شرحها في كتاب الرجم. 1361 - قوله: "فَارتَطَمَت فَرَسُه" (ص 2309). أي ذهبت في أرض وَسَاخَت. 1362 - قول عائشة -رضي الله عنها-: "فَيَعضُلُهَا" (ص 2315). ¬

_ (¬25) في (أ) تتحَرد كما يبدو. (¬26) 28) الحديد.

العَضْل التَّضيِيق والمنع يقال: عضلني عن الأمر، أي منعني عنه وأعضل بي الأمر إذا ضاقت عليك الحيل فيه وأصله من عضلت الناقة نَشِب ولدها فلم يسهل مخرَجه والدّجاجة نشِب بيضها والمسألة المُعضلة الضَّيّقة المخرج الصعبة وداء عُضال أي شَدِيد. وقَول علي -رضي الله عنه- (¬27): مُعضلة ولاَ أبَا حسن، قال الفَرَّاء: هذه معرفة وُضعت موضِعَ النكرة كأنه قال: وَلاَ رجلَ لها كَأبي حَسَنٍ لأن التبرئة لا تقع على المعارِف. قال غيره من البصريين في الكلام حَذْفُ مُضافٍ نكرةٍ لا يتعرف بما أضيف إليه والتقدير مُعضِلة ولا مِثل مُعضلة أبيِ حسن قال والمعنى يقتضي ذلك. ¬

_ (¬27) جاء في النهاية: ومنه حديث معاوية وقد جاءته مشكلة فقال: معضلة ولا أبا حسن وهو الصواب.

كتاب التفسير

كتاب التفسير (¬1) 1363 - قال الشيخ -أيّده الله-: خَرَّج مسلم حديث ابن عَبّاس تَعلَمُ آخِرَ سورة نَزَلَت من القرآن جمَيعًا قلت: نعم إذا جَاءَ نصر الله والفتح. قال صدقتَ: "حدثنا أبو بكر بن أبي شَيبة وهارون بنُ عبد الله وعبد بن حميد عن جَعفَر بنِ عون قال أرنا أبو عُمَيْس عن عبد المجيد بن سُهَيل" (ص 2318). قال بعضهم: هكذا هو الصواب عبد المجيد (بن سهيل قال بعضهم) (¬2) بتقديم الميم على الجيم ووقع في نسخة ابن ماهان في إسناد هذا الحديث عبد الحميد مكان عبد المجيد والأول الصواب إن شاء الله عز ¬

_ (¬1) جاء هذا العنوان في (ج) وأمّا (أ) فجاء فيها بالهامش، وقول عائشة -رضي الله عنها- المتقدم من كتاب التفسير، ولكنه جاء قبله كما أثبت. (¬2) ما بين القوسين ساقط من (ب).

وجلّ وبه التوفيق وصلى الله على محمد المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما (¬3). كمل السّفر الثاني من المعلم بفوائد مسلم بحمد الله حق حمده والصلاة على محمد رسوله وعبده وعلى آله وصحبه وسلم تسليما، وكان الفراغ منه في السادس عشر من شهر رمضان المعظم للذي من سنة ثمان وسبعين وخمسمائة والله المشكور على كل حالٍ. ¬

_ (¬3) جاء بعد هذا (بلغت المقابلة جُهد الاستطاعة والحمد لله كثيرا).

الفهارس

الفهارس - فهرس "الآيات". - فهرس "الأحاديث". - فهرس "الأشعار". - فهرس "اعلام الرّجال". - فهرس "اعلام النّساء". - فهرس "الأمم والقبائل". - فهرس "البلدان والأماكن". - فهرس "الكتب".

فهرس الأحاديث

فهرس الأحاديث 1 - اقتلوا شُيُوخَ المشركين واسْتَحْيُوا شَرْخَهُمْ: 798. أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب في قتل النساء (2670) - (ج 3، ص 54) وفي صحيح الترمذي، في باب ما جاء في النزول على الحكم (ج 7، ص 81) بالعارضة. 2 - من وَصْفِ عَلِيٍّ للرسول صلى الله عليه وسلم: كما حُمِّل فاضْطَلَع بأمرك لطاعتك: 803. جاء في النهاية لابن الأثير ومنه حديث علي في صفة النبيء صلى الله عليه وسلم: كما حمل فاضطلع بأمرك (ج 3، ص 97). 3 - الحمد لله غير مودعّ رَبِّي وَلاَ مَكْفُورٍ: 844. البخاري: كتاب الأطعمة، باب ما يقول إذا فَرغَ من طعامه (1542) (ج 5، ص 2078) دار الفكر لكن جاء بلفظ (الحَمْدُ لله كَثِيرًا طَيّبًا مُبَاركًا فيه غَيْر مَكْفِيٍّ ولا مُوَدَّعٍ وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا). وفيَ أبي دَاود: كتاب الأطعمة، باب ما يقول الرجل إذا طعم (3849) (ج 3، ص 366) وهو مثل ما جاء في البخاري. 4 - في النهي عن التَّبِقُّرِ فِي الَأهْلِ والمَالِ: 866. أحمد (ج 1، ص 439). 5 - في حديث سلمان (أنّه رَأَى عَلَى حِمَارٍ وخَدَمَتَاه تَتَذَبْذَبَانِ": 869. 6 - حديث بادية خِدَامُهُنَّ: 869.

في البخاري (أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا): الجهاد (64) (ج 4 ص 40)، مناقب الأنصار (18)، المغازي (18). مسلم: الجهاد (136). 7 - وفي الحديث (هُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ): 881 أحمد (5، 336/ 403). أبو داود، كتاب الفتن، باب ذكر الفتن ودلائلها (4246)، (ج 4، ص 96). 8 - حديث (وذَكَر فِتْنَةً فقال دَخَنُهَا من تحت قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتي): 881 أحمد (ج 2، ص 133). أبو داود: كتاب الفتن، باب ذكر الفتن ودلائلها (4242) (ج 4، ص 94)، ولفظه: ثم فتنة السراء دَخَنُهَا من تحت قدمي رَجُلٍ من أَهْل بَيْتِي. 9 - وفي حديث الزُّبير: لِئَلاَّ يَمُوتَ مِيتَةً عِمِّيَّةً: 882. في النّهاية لابن الأثير عن كتاب الغريبين للهروي ومنه حديث الزبير كما هنا (ج 3 ص 304) وقريب منه حديث ابن عباس: من قتل في عمية أو عصبية. ابن ماجه (2635) (ج 2، ص 880). 10 - وفي حديث (صَلِّ في القَوْسِ واطْرَحِ القَرَن: 896. جاء في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد لابن أبي بكر الهيثمي عن سلمة بن الأكوع: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في القوس والقرن، فقال: صل في القوس واطرح القرن، يعني الكنانة. رواه الطبراني في الكبير وفيه موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي وهو ضعيف. مجمع الزوائد (ج 2، ص 57).

11 - ومن حديث عمر -رضي الله عنه- قال للرجل: مَا مَالُكَ، فقال أَقْرُنٌ وآدِمَة من المَنِيئَة: 896 جاء في نهاية ابن الأثير عن كتاب الغريبين للهروي ومنه حديث عمر قال لرجل: ما مالك قال: أقرن لي وآدمه في المنيئة فقال قوّمها وزكها. النهاية (ج 4، ص 55). 12 - قال الهروي في الحديث أنه رأى الحسين يلعب ومعه صبية في السكة فاسْتَنْتَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَامَ القوم: 867. جاء في غريب الحديث للخطّابي قوله يَسْتَنْتِل أي يتقدم أمام القوم يقال نتَلَ واسْتَنْتَلَ يعني تقدم وبه سمي الرجل ناتلا: (ج 3، اللوحة 259). وجاء في النهاية عن الغريبين للهَرَوي فيه أنه رأى الحَسَن يلعب ومعه صبية في السِّكِّة فاسْتَنْتَل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أمام القوم. والنَتْل: الجَذب إلى قدام. النهاية: (ج 5، ص 13). اختلف ما ذكره المازري مع ما في النهاية فالذي في المعلم أنه رأى الحسين والذي في النهاية أنه رأى الحسن. 13 - حديث أبي بكر أنه ارتاب بلبن شربه فاسْتَنْتَل يتقيأ: 897. جاء في النهاية عن الغريبين للهروي ومنه حديثه الآخر أي أبي بكر: شرب لبنا فارتاب به أنه لم يحل له فاستنتل يتقيأ أي يتقدم. النهاية: (ج 5، ص 13). 14 - وفي حديث وائل بن حُجْر: "وأنْطُوا الثَّبَجَة" 899. هو من كتاب النبيء صلى الله عليه وسلم لوائل كما جاء في النّهاية لابن الأثير عن الغريبين للهروي ومنه كتابه لوائل وأنْطُوا الثّبَجة أي أعطوا الوسط في الصدقة لا من خيار المال ولا من رذالتها وألحقها تاء التأنيث لانتقالها من الاسمية إلى الوصفية. النهاية (ج 1، ص 206).

ووائل بن حجر كان قَيْلا من أَقيال حضرموت وكان أبوه من ملوكهم وقد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل الكوفة في الإسلام وعاش إلى أيام معاوية. أسد الغابة (ج 5، ص 81). 15 - ومنه حديث عمر -رضي الله عنه- كان لا يُجيز نكاح عَامِ سَنَةٍ: 901. جاء في نهاية ابن الأثير عن الغريبين للهروي ومنه حديث عمر أنه كان لا يجيز نكاحًا عام سَنَةٍ أي عام جدب. النهاية (ج 2، ص 414). 16 - وكذلك حديثه: كان لا يَقْطَعُ فِي عَام سَنَةٍ: 901. جاء في نهاية ابن الأثير عن الغريبين للهروي وكذلك حديثه الآخر -أي عمر- كان لا يقطع في عام سنة. (ج 2، ص 414). 17 - حديث الجَوْنِيَة التي تزوجهَا الرسول صلى الله عليه وسلم فاستعاذت منه: 905. أخرجه البخاري في كتاب الطلاق باب من طلق وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق وهو من حديث عروة عن عائشة -رضي الله عنها- أن ابنة الجَوْن لما أدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ... البخاري (ج 7، ص 53) ط. الاستانة. 18 - (ما أَمْسَكَ عَلَيْكَ فَكُلْ): 906. أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الذبائح والصيد والتسمية على الصيد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- (ج 7، ص 110) ط. الاستانة. وفي صحيح الترمذي في كتاب الصيد باب ما جاء في صيد البزاة عن عدي بن جاتم (1467) (ج 4، ص 66).

19 - إبَاحَةُ الأكْلِ مِمَّا أمْسَكَ وإنْ أَكَل: 906. وهو حديث أبي ثعلبة وقد ذكره أبو داود، جاء هذا الحديث في كتاب الصيد ... عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن أعرابيا يقال له أبو ثعلبة، قال: يا رسول الله إنّ لي كلابًا مكَلَّبَة فَأَفْتِنِي في صيدها فقال النبيء صلى الله عليه وسلم: إن كان لك كلابٌ مُكَلَّبَة فكل مما أمسكن عليك، قال: ذَكِيًّا أو غير ذكي قال: نعم، قال فان أكل منه، قال: وإن أكل منه. أبو داود (ج 3، ص 110)، حديث (2857). 20 - حديث عائشة -رضي الله عنها- في وصف أبيها رضوان الله عليه: فَوَقَذَ النِّفَاقَ: 906. في نهاية ابن الأثير عن الغريبين للهروي ومنه حديث عائشة فوقذ النفاق، وفي رواية الشيطان. (ج 5، ص 213). 21 - روي أنه صلى الله عليه وسلم أكل إِهالَة سنِخَة. 907. جاء هذا الحديث في البخاري في كتاب البيوع في باب شراء النبيء صلى الله عليه وسلم بالنسيئة ... عن قتادة عن أنس -رضي الله عنه- أنه مشى إلى النبيء صلى الله عليه وسلم بِخُبْزِ شَعِيرٍ وإهَالَةٍ سَنِخَةٍ. (ج 3، ص 74)، وكذلك أخرجه غيره. 22 - هو الطَّهُورُ ماؤُهُ الحِلُّ مَيْتَتَهُ: 909. مالك في الموطأ، كتاب الطهارة، باب الطهور للوضوء ... عن أبي هريرة هو الطهور ماؤه الحل ميتته (ج 1، ص 22). الترمذي، أبواب الطهارة، باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور (69) عن أبي هريرة ... هو الطهور ماؤه الحل ميتته. (ج 1، ص 100).

أبو داود، كتاب الطهارة، باب الوضوء بماء البحر (83) وهذا الحديث قال عنه أبو عيسى الترمذي حديث حسن صحيح. وهو قول أكثر الفقهاء من أصحاب النبيء صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر وعمر وابن عباس ولم يروا بأسا بماء البحر وقد كره بعض أصحاب النبيء الوضوء بماء البحر منهم ابن عمر وعبد الله بن عمرو. الترمذي (ج 1، ص 101). وكتب عليه الشيخ أحمد شاكر وذكر أخيرا أن هذا الحديث صححه الحاكم وكذا صحّحه ابن خزيمة وابن حبان وغير واحد. (تعليق على الترمذي (ج 1، ص 101). 23 - "فَتَوَاشَقُوه بأسْيَافِهِمْ": 912. جاء في النهاية لابن الأثير عن الغريبين للهروي وفي حديث حذيفة أن المسلمين أخطأوا بأبيه فجعلوا يضربونه بسيوفهم وهو يقول أبي، أبي فلم يفهموه حتى انتهى إليهم وقد تواشقوه بأسيافهم أي قطعوه وشائق كما يقطع اللحم إذا قدد (ج 5، ص 189). 24 - "قلت: يا رسول الله أصَابتْنَا سَنَةٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِيِ مَا أُطْعِمُ أَهْلِيِ إلا سِمَانَ حُمُرٍ، وإِنَّكَ حَرَّمْتَ لُحُومَ الحُمُرِ الَأهْلِيَّةِ، فَقَالَ: أَطْعِمْ أَهْلَكَ مِن سَمِينِ حُمُرِكَ، وَإنَّمَا حَرَّمْتُهَا مِنْ أَجْلِ جَوَّالِ القَرْيَةِ: 915. أبو داود، كتاب الأطعمة، باب في لحوم الحمر الأهلية (3809)، (ج 3، ص 356). وكذلك أخرجه البيهقي (ج 9، ص 332)، وابن سعد (ج 6، ص 31). 25 - لاَ يَحِلُّ أَكْلُ لُحُوم الخَيْلِ والبغَال والحَمِيرِ: 917. خرجه أبو داود في كتابَ الأطعمةَ في باب أكل لحوم الخيل (3790) عن خالد بن الوليد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحوم

الخيل والبغال والحمير ... قال أبو داود وهو قول مالك. سنن أبي داود (ج 3، ص 352). والنسائي في كتاب الصيد والذبائح، باب تحريم أكل لحوم الخيل (ج 7، ص 202). 26 - إني تحضرني من الله حاضرة/: 918. هذا الحديث من مراسيل موطأ الإمام مالك وقد وصله ابن عبد البر ذاكرا أنه رواه بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار عن ميمونة. الموطأ، كتاب الاستئذان: باب ما جاء في أكل الضب (ج 2، ص 967) وجاء في الفتح الكبير للسيوطي: أُحِلت لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ فَأمَّا المَيْتَتَانِ فَالحُوتُ وَالجَرَادُ وَأمَّا الدَّمَانِ فالكَبدُ وَالطِّحَالُ. الحديث أخرجه ابن ماجه في كتاب الصيد، باب صيد الحيتان والجراد عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أُحلت لنا مَيْتَتَان: الحوت والجراد. وعبد الرحمن بن زيد ابن أسلم ضعيف. (3218) (ج 2، ص 1073). وقال أخرجه ابن ماجه -أي أوّله- وهو قوله أحلت لنا ميتتان الحوت والجراد والحاكم والبيهقي. 28 - "أكْثَرُ جُنُودِ اللهِ لاَ آكُلُهُ وَلا أُحَرِّمُهُ". أخرجه أبو داود في كتاب الأطعمة وباب في أكل الجراد عن سلمان قال: سئل النبيء صلى الله عليه وسلم عن الجراد، فقال: أكثر جنود الله لا آكله ولا أحرمه. أبو داود (3813) (ج 3، ص 357). وكذلك أخرجه ابن ماجه في كتاب الصيد في باب صيد الحيتان والجراد (3219) (ج 2، ص 73). وجاء في الفتح الكبير للسيوطي وأخرجه البيهقي (ج 1، ص 222).

29 - "من رَأَى هِلاَل ذِي الحِجَّة وَأرَادَ أنْ يُضَحِّيَ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْ شَعَرِه وَلاَ مِن أَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ": 924. جاء هذا الحديث في مسلم بهذا اللفظ: "إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره". مسلم (ج 3، ص 1565). والحديث الذي ذكره المازري ذكره الترمذي في كتاب الأضاحي في باب ترك أخذ الشعر لمن أراد أن يُضَحِّيَ (1523)، (ج 4، ص 102). وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح. 30 - "أُمِرْتُ بِالنَّحْرِ وَهْوَ لَكُمْ سُنَّةٌ": 924. جاء هذا الحديث في سنن الدَّارَقُطْنِي بهذا اللفظ: أمِرْتُ بالنحر وليس بواجب (ج 4، ص 282). وجاء في التعليق المغني أن في سند هذا الحديث جابرا أي الجعفي وهو ضعيف جدا. 31 - وروي: ثَلاَثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ وَهُنَّ لَكُمْ تَطَوُّعٌ: النَّحْرُ وَالوِتْرُ وَرَكْعَتَا الفَجْرِ: 924. وفي الفتح الكبير (ثَلاَثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ وَهُنَّ لَكُمْ تَطَوُّعٌ: الوِتْرُ وَرَكْعَتَا الصُّحَى وَرَكْعَتَا الفَجْرِ). وجاء في التعليق المغني: وروى أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك وسكت عنه من حديث أبي جناب الكلبي يحيى بن أبي حيّة عن عكرمة عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ثلاث هن علي فرائض وهن لكم تطوع الوتر والنحر وصلاة الضحى، وقال الذهبي في مختصره: سكت الحاكم عنه وفيه أبو جناب الكلبي وقد ضعّفه النسائي، والدارقطني ولذلك لم يخرجه في سننه التّعليق المغني بذيل سنن الدارقطني (ج 4، ص 282).

32 - حديث: عَلَى أهْلِ كُلّ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضحِيَةٌ وعتيرة، أتدرون ما العتيرة؟ هذه التي يقول الناس الرجبية.: 924. خرج هذا الحديث الترمذي في سننه في كتاب الأضاحي معنونا بقوله: باب. (1518)، (ج 4، ص 99) ولفظه: يا أيُّها الناس على كل أهل بيت في كل عام أُضحية وعتيرة، هل تَدْرُونَ مَا العَتِيرَةُ؟ هي التي تسمونها الرَّجَبيَةَ. ثم قاَل الترمذي هذا حديث حسن غريب ولا نعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه من حديث ابن عون. وجاء في سنن أبي داود، أول كتاب الضحايا: باب ما جاء في إيجاب الأضاحي (2788) (ج 3، ص 93). 33 - "غُسْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ": 924. خرجه مالك (ج 1، ص 102) وأبو داود في كتاب الطهارة، باب في الغسل يوم الجمعة (341) (ج 1، ص 94) وغيرهما. 34 - "إِنَ الجَذَعَ يُوَفِّي بمَا يُوَفِّي مِنْهُ الثَّنيِيُّ": 925. خرجه النسائي في كتاب الضحايا، في باب المسنة والجذعة (ج 7، ص 219). وأبو داود في كتاب الضحايا، باب ما يجوز من السن في الضحايا (2797) (أ 3، ص 96). والترمذي في كتاب الأضاحي، باب ما جاء في الجذع من الضأن في الأضاحي (1499) (ج 4، ص 88). 35 - "نِعْمَ أَوْنِعْمَتِ الُأضْحِيَةُ الجَذَعُ منَ الضَّأْنِ": 925. جاء في الترمذي في كتاب الأضاحي باب ما جاء في الجذع من الضأن من الأضاحي (1499): عن أبي هريرة: سمعت رسول الله صلى الله

عليه وسلم يقول: نِعْمَ أَوْنِعْمَتِ الُأضْحِيَةُ الجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ فانتهبه الناس، (ج 4، ص 87). وأخرجه أحمد (ج 2، ص 445). والبيهقي في كتاب الضحايا، باب لا يجزي الجذع إلا من الضأن وحدها ويجزىء الثَّنِيَّ من المعز والإبل والبقر (ج 9، ص 271). 36 - حديث: "قلت يا رسول الله أمَا تكُونُ الذَّكَاةُ إِلاَّ فِي الحَلْقِ واللَّبَّةِ؟ قال: لَوْ طِعَنْتَ فِي فَخِذِهَا لَأجْزَأ عَنْكَ": 928. خرّجه الترمذي في كتاب الأطعمة في باب ما جاء في الذكاة في الحلق واللبة، وجاء بعد هذا الحديث: قال أحمد بن منيع قال يزيد بن هارون هذا في الضرورة (ج 4، ص 75) وجاء في أبي داود في كتاب الأضاحي باب ما جاء في الذبيحة المتردية (2825)، وجاء بعد لفظ هذا الحديث قال أبو داود وهذا لا يصلح إلاَّ في المُتَرَدِّيَةِ والْمُتَوَحِشِ (ج 3، ص 103) والنسائي في كتاب الضحايا، باب ذكر المتردية في البئر التي لا يوصل إلى حلقها (ج 7، ص 228). 37 - "إلاَّ وَهَصَهُ اللهُ إلَى الَأرْضِ": 930. هذا الحديث أظنه من الحديث الذي أشار إليه ابن الأثير عن الغريبين للهروي وهو حديث عمر: إِن العبد إذَا تَكَبَّرَ وعَدا طَوْرَه وهَصَهُ اللهُ إلَى الأرْض، ولعله إلا وهصه الله إلى الأرض. (ج 5، ص 232). 38 - "إنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَم حِينَ أُهْبِطَ من الجَنَّة وَهَصَهُ الله إلى الأرض": 930 جاء في النهاية لابن الأثير عن الغريبين للهروي أن آدم حين أهبط من الجنة وهصه الله إلى الأرض -أي رماه رميا شديدا- (ج 5، ص 232). 39 - "عَلَى كُلّ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحاة وَعَتِيرَةٌ": 933.

أبو داود: "إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية وعتيرة، أتدرون ما العتيرة؟ هذه الَّتِي يقول الناس الرجبية. قال أبو داود: العتيرة منسوخة هذا خبر منسوخ. أبو داود: أول كتاب الضحايا (ج 3، ص 93). 40 - حديث "أنَّهُ سُئِلَ عن الفَرَع فَقَال: حَقٌّ وَإن تَترُكَه حَتّى يَكُون ابن مخاضِ وابْنَ لبون زُخْرُبًّا خير من أن يكْفَأَ إنَاءَكَ وتُوَلِّه نَاقَتَك وتَذْبَحَهُ يَلْصِقُ لَحْمُهُ بَوبَرِه": 933. وفي سُنن أبي دَاود بما يأتي: "وسئل عن الفَرَع قال: والفرع حق وَإنْ تتركوه حتى يكون بَكْرًا شُغْزُبًّا ابن مَخَاضٍ أو اَبن لَبُونٍ فَتُعْطِيَهُ أرْمَلَةً أَوْ تَحْمِلَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرُ مِنْ أنْ تَذْبَحَهُ فَيَلْزِقَ لَحْمُهُ بِوَبَرِهِ وَتَكْفَأ إنَاءَكَ وَتُوَلِّهَ نَاقَتَكَ". أبو داود: كتاب الأضاحي (ج 3، ص 107). وجاء في الفتح الكبير: الفَرَعُ حَقُّ وَإِنْ تَتْرُكُوهُ حَتى يَكُون بَكْرًا شَعْرِيًّا ابنَ مَخَاضٍ أو ابنَ لَبُونٍ فَتُعْطِيَهُ أرْمَلَةً أوْ تَحْمِلَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنْ أنْ تَذْبَحَهُ فُيَلْزِقَ لَحْمُهُ بِوَبَرِهِ وَتُكْفِيءَ إِنَاءَكَ وَتُوْلِّهَ نَاقَتَكَ. خرجه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم في المستدرك. 41 - ومنه الحديث في السَّبْي: (أنَه نَهَى أَنْ تُوَلَّه وَالدة على ولدها): 933. جاء في نهاية ابن الأثير عن الغريبين للهروي: لا تولَّه والدة على ولدها أي لا يفرق بينهما في البيع وكلّ أنثى فَارقت ولدها فَهْيَ وَالِهٌ. (ج 5، ص 227). 42 - "قول عائشة -رضي الله عنها-: (كَانَ النَّبِيءُ صلى الله عليه وسلم يَهْدِي مِنَ المَدِينَةِ فَأَفْتِلُ قَلاَئِدَ هَدْيِهِ ثم لاَ يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُ المُحْرِمُ): 934. هذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الحج باب فَتْل

القلائد للبدن والبقر، عن عروة وعن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَهْدِي مِنَ المَدِينَةِ فَأفْتِلُ قَلاَئِدَ هَدْيِهِ. الحديث. (ج 2، ص 207) الترمذي (ج 4، ص 102). 43 - "إنَّ مِنَ الحِنْطَةِ خَمْرًا وَمِنَ الشَّعِيرِ خَمْرًا وَمِنَ التَّمْرِ خَمْرًا وَمِن الأرز خمرا ومن العسل خمرا": 936. جاء في مسند أحمد عن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبيء صلى الله عليه وسلم قال: من الحنطة خمر ومن التمر خمر ومن الشعير خمر ومن الزبيب خمر" (ج 2، ص 118)، وأخرجه الترمذي في كتاب الأشربة، باب ما جاء في الحبوب التي يتخذ منها الخمر (1872) (ج 4 - ص 297). 44 - "وكل مسكر حرام": 937. هذا الحديث الذي ذكره المازري أخرجه أبو داود: عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن مات وهو يشرب الخمر يدمنها لم يشربها في الآخرة. في كتاب الأشربة باب النهي عن المسكر (3679)، (ج 3، ص 327)، وأخرجه بأسانيد أخرى. وأخرجه أحمد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- (ج 1، ص 274). وأخرجه أيضا عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أن الله حرّم عليكم الخَمْرَ والمَيْسَر والكوبة وكل مسكر حرام. (ج 1، ص 289). وأخرجه البخاري (ج 5، ص 205) ... فقال أبو موسى: يا نَبِيء الله إنَّ أَرْضَنَا بِهَا شَرَابٌ مِن الشَّعِيرِ المِزْرُ وَشَرَابٌ مِنَ العَسَلِ البتع. فقال: كل مسكر حرام. 45 - "أَبِنِ القَدَحَ عَنْ فِيكَ ثُمَّ تَنَفَّسْ": 951.

عن أبي سعيد الخدري، أخرجه سيمويه في فوائده، والبيهقي في شعب الإيمان. أخرجه الترمذي عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- ... قال: فإني لا أروى من نفس واحد، قال: فأبن القدح إذن عن فيك. الترمذي كتاب الأشربة باب كراهية النفخ في الشراب (1887) (ج 4، ص 303). وأخرجه أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري ... فأبن القدح عن فيك ثم تنفس. (ج 3، ص 57). وجاء في الفتح الكبير: سِمَوَيْه في فوائده، والبيهقي عن أبي سعيد (ج 1، ص 19). 46 - "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الَأرْضِ فَتُلَّتْ فِي يَدِي": 953. أخرجه البخاري في باب قولَ النبيء صلى الله عليه وسلم نُصرتُ بالرُّعب مَسِيرة شهر إلخ ... عن أبي هريرة -رضي الله عنه- ... فبَيَنْاَ أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفاتِيحِ خَزَائِنِ الَأرْضِ فوُضعت في يدي (ج 4، ص 65). وأخرجه في المساَجد. وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة (ج 1، ص 371). جاء في البخاري ومسلم وضعت في يدي، وفي المعلم تلت في يدي. جاء في النهاية عن الغريبين للهروي فيه (أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فتلت في يدي) أي ألقيت. (ج 1، ص 195). 47 - "إذَا ذُكِرَ الصَّالِحُونَ فَحَيَّ هَلاً بِعُمَر": 956. ذكر البسيوني في الموسوعة أنه في كشف الخفا ومزيل الألباس ولم أجده فيه، وإنما جاء في النهاية عن الغريبين للهروي، ومنه حديث ابن مسعود (إذا ذكر الصالحون فَحَيَّ هَلاً بعمر) أي ابدأ به وعجل يذكره. وهما كلمتان جعلا كلمة واحدة. النهاية (ج 1، ص 472).

48 - "إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْق": 962. جاء هذا الحديث في مجمع الزوائد، عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا الدين مَتِينٌ فأَوْغِلُوا فيه برفق. رواه أحمد ورجاله موثقون إلاَّ أن خلفَ بنَ مهران لم يدرك أنسا والله أعلم. مجمع (ج 1، ص 62). 49 - وأما السِّيراء فعند النسائي أنه المضلع بالقَزّ: 972. جاء في مجتَبى النسائي في كتاب الزينة في باب ذكر الرخصة للنساء في لبس السيراء عن أنس -رضي الله عنه- رأيت على زينبَ بنتِ النبيء صلى الله عليه وسلم قميص حرير سيراء ... أنه رأى على أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم برد سيراء. والسيراء المضلع بالقز. (ج 8، ص 197). 50 - حديث: (حتى يبني الناس بيوتا يوشّونها وشي المراحل): 980. لم أجد هذا الحديث في كثير من كتب الحديث، وإنما ذكر ابن الأثير في نهايته في شرح غريب الحديث عن الهروي في الغريبين ومنه الحديث (حَتى يَبْنِيَ النَّاسُ بُيُوتًا يُوَشُّونَهَا وَشْيَ المَرَاحِلِ. (ج 2، ص 210). 51 - قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ: (كُلْ مَا شِئْتَ والْبَسْ مَا شِئْتَ إذًا أخطأتك خَلَّتانِ سَرَفٌ ومَخِيلَةٌ): 982. جاء قول ابن عباس هذا في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: إلاَّ المَخِيلَة. النهاية (ج 2 - ص 94). 52 - (لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ إِلاَّ السَّامَ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا السَّامُ؟ قال: المَوْتُ): 1014. وجاء الحديث في مسلم بلفظ: لكل داء دواء، فإذا أصيب داء الداء بَرَأَ بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. مسلم (ج 4، ص 1729).

وجاء في باب التداوي بالحبة السوداء إِنَّ فِي الحَبَّةِ السّودَاءِ شِفَاءً من كُلِّ دَاءٍ إِلاَّ السَّامَ. والسام: المَوْتُ. (ج 4، ص 1735). وفي البخاري عن عائشة ... أنها سمعت النبيء صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ هَذه الحَبَّةَ السَّوْدَاءَ شِفَاءٌ مِنَ كُلِّ دَاءٍ إلاَّ مِنَ السَّامِ قُلْتُ: وَمَا السّامُ؟ قال: المَوْتُ. كِتابُ الطب: باب الحبة السوداء (ج 7، ص 160). 53 - "حديث سَهْلِ بنِ حُنَيْف لما أُصِيبَ بِالْعَيْن عِند اغْتِسَالِهِ فَأَمَرَ صلى الله عليه وسلم عَائِنَهُ أنْ يَتَوَضَّأَ": 1021. خرَّجه مالك في الموطأ (ج 2، ص 938). وهذا الحديث (العَيْنُ حَقٌّ) رواه الشيخان مَوْصُولاً عن أبي هريرة، فأخرجه البخاري في كتاب الطب في قوله باب العين حق (ج 7، ص 171). وأخرجه مسلم في كتاب السلام، باب الطب والمرض والرقى (ج 4، ص 1718). 54 - حديث سُئِل عَنِ النُّشرَةِ فَأضَافَهَا إِلَى الشَيْطَان: 1026. جاء هذا في سنن أبي داود ولفظه: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النشرة فقال هو من عمل الشيطان. وهو جابر بن عبد الله (ج 4 ص 6). 55 - حديث حَكَى البخاري عن سعيد بن المسيَّب أنه قيل له "رجل به طِبٌّ أو يُؤَخَّذُ عن امْرَأَتِهِ أَيُحَلُّ لَهُ أن ينشر، قال: لا بأس به إنما يريدون به الإصلاح فأما ما ينفع الناس فلم ينه عنه.: 1026. البخاري الطب، باب هَلْ يَسْتَخْرِجُ السِّحْرَ (ج 7، ص 177). 56 - حديث (الحِسَاءُ يَسْرُو عَنْ فُؤَادِ السَّقِيمِ): 1029. الحديث في ابن ماجَهْ بما يأتي: عن عائشة قالت: قال النبيء صلى الله

عليه وسلم: إذا أخذ أَهْلَهُ الوَعَكُ أَمَرَ بِالحِسَاء، وكان يقول: إِنَّهُ لَيْرْتُقُ فُؤَادَ الحَزِينِ وَيسْرُو عَنْ فُؤَادِ السَّقِيمِ كَمَا تَسْرُو إِحْدَاكُنَ الوَسَخَ عَنْ وَجْهِهَا بِالمَاءِ". كتاب الطب، باب التلبينة (ج 2، 1140). وجاء في التِّرمذي في كتاب الطب باب ما جاء ما يُطْعَمُ المَرِيضُ (2039) عن عَائِشَةَ أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول إنه -أي الحساءَ- لَيَرْتُقُ فُؤَادَ الحَزِينِ وَيَسْرُو عَنْ فُؤَادِ السَّقِيمِ كَمَا تَسْرُو إِحْدَاكُنَّ الوَسَخَ بِالمَاءِ عَنْ وَجْهِهَا. قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح (ج 4، ص 383). 57 - وفيِ حديث طَلْحَةَ -رضيَ الله عنه- (رَمَى النَّبِيَء صلى الله عليه وسلم بِسَفرْجَلَةٍ، وقال دُوَنَكَهَا فَإِنَّهَا تُجِمُّ الفُؤَادَ): 1029. هذا من حديث ذكره ابن ماجه في السنن عن طلحة: دخلت على النبيء صلى الله عليه وسلم وبيده سفرجلةٌ فقال: "دُوَنَكَها يَا طَلْحَةُ فَإِنَّهَا تُجِمُّ الفُؤَادَ" ابن ماجه (ج 2، ص 1118)، كتاب الأطعمة، باب أكل الثمار (3369). 58 - فِي عِبَارَة الرُؤْيَا أنَّ رَجُلاً قال: يا رسولَ الله رَأيتُ فِيمَا يَرَى النَائِمُ كَأَنَّ رَأْسِي قُطِعَ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إليهِ بِإِحْدَى عَيْنَيَّ فَضَحِكَ النَبِيءُ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: بِأَيِّهِمَا كُنْتَ تنْظُرُ إِلَيْهِ، فَلَبثَ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَ قُبِضَ النَّبِيءَ صلى الله عليه وسلم فَعَبَرَ النَّاسُ أَنْ الرَأْسَ كَانَ النَبِيءَ صلى الله عليه وسلم وَالنَّظَرَ إِلَيْهِ اتباع السنة. نقل ذلك المازري من كتاب الأصول لعبارة الرؤيا لابن قتيبة: 1048. لم أظفر بهذه الرؤيا في غير المعلم، والكتاب الذي نقل عنه هو كتاب الأصول لعبارة الرؤيا لم يذكره له مترجموه الذين اعتنوا بكتبه مثل هدية العارفين فالكتاب نفسه الذي نقل عنه المازري غير معروف.

59 - "فكان منها ثَغِبَةٌ قَبِلَتِ المَاءَ": 1051. جاء هذا الحديث في البخاري في كتاب العلم في فضل من علم وعلَّم عن أبي موسى عن النبيء صلى الله عليه وسلم قال: مَثَلَ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ مِنَ الهُدَى والعِلْم كَمَثَل الغَيْثِ الكَثِيرِ أصَابَ أَرْضًا فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ المَاءَ فأَنْبَتَتِ الكَلَأَ وَالعُشْبَ الكَثِير. الحديث. ووقع عند الخطابي والحميدي وغيرهما: (ثَغِبَةٌ)، قال ابن حجر بفتح الثاء المثلثة وكسر الغين المعجمة وبعدها موحدة خفيفة مفتوحة. فتح الباري (ج 1، ص 176)، وفي صحيح البخاري (ج 1، ص 30). جاء في الترغيب والترهيب عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل ما بعثني الله به .. الحديث. قال المنذري رواه البخاري ومسلم (ج 1، ص 63). 60 - قول عمر -رضي الله عنه-: "فَمَنْ ضيَّعَهَا فَهْوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعِ": 1056. جاء هذا فيما كتب به عمر إلى عماله: إن أهَمّ أمْرِكُمْ عِنْدِي الصَّلاَة فَمَنْ حَفِظَهَا وَحَافَظَ عَلَيْهَا حَفِظَ دِينَهُ وَمَنْ ضَيَّعَهَا فَهْوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ". الموطأ من باب وقوت الصلاة (ج 1، ص 6). 61 - "فَحَنَّتِ الخَشَبَةُ حَنِينَ النَاقَةِ الخَلُوج": 1057. جاء في البخاري عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبيء صلى الله عليه وسلم كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة فقالت امرأة من الأنصار أو رجل: يا رسول الله ألا نَجْعَلُ لَكَ مِنْبَرًا قَالَ: إنْ شِئْتُمْ فَجَعَلُوا لَهُ مِنْبَرًا فَلَمَا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ دُفِعَ إِلَى المِنْبَرِ فَصَاحَتِ النَّخْلَةٌ صِيَاحَ الصَّبِيِّ ثُمَ نَزِلَ النَّبِيء صلى الله عليه وسلم فَضَمَهَا إلَيْهِ تَئِنُّ أنِينَ الصَّبِيِّ الذِي يُسَكَّنُ، قَالَ كَانَتْ تَبْكِي عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ عِنْدَهَاَ.

باب علامات النبوة (ج 4، ص 237). وأخرجه الترمذي في أبواب الصلاة في باب ما جاء في الخطبة على المنبر (505) (ج 2، ص 379) ثم قال الترمذي وفي الباب عن أنس وجابر وسهل ابن سعد وأبي بن كعب وابن عباس وأم سلمة وقال أحمد شاكر وفي الباب أحاديث كثيرة وصحح كثير من العلماء بالسنة أن حديث حنين الجذع من الأحاديث المتواترة. وأخرجه الدارمي في المقدمة في الباب السادس باب ما أكرم الله النبيء بحنين المنبر (ج 1، ص 30). وجاء في فتح الباري أنه أخرجه النسائي في الكبير. 62 - حديث: (فَأَلْقَى طَرَفَ ثَوْبِهِ عَلَى أَنْفِهِ ثُمَ قَالَ: أُفٍّ أُفٍّ): 1066. هذا الحديث ذكره ابن حجر في لسان الميزان في ترجمة عمار بن غنيم الذي ذكره البخاري والعقيلي في الضعفاء وذكر حديثا له عن أم سلمة جاء فيه ما ذكره المازري في هذه الفقرة وهو حديث طويل وقال الحافظ ابن حجر هذا حديث منكر لظلمة إسناده وجهالة عمار وأمه. (ج 4، ص 273) ترجمة عدد 771. وتبع المازري في إيراد هذه الفقرة الهروي في الغريبين وقد نقلها عنه ابن الأثير في النهاية (ج 1، ص 55) وما كان من حقهما أن يذكرا هذه الفقرة من هذا الحديث المنكر. 63 - (كَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ ارْبَدَّ وَجْهُهُ): 1069. في كتاب الهروي حين كلامه على "تربد" ذكر الحديث وهو حديث مسلم الذي كان المازري بصدد شرحه، أخرجه مسلم في كتاب الفضائل وفي باب عرق النبيء صلى الله عليه وسلم في البرد وحين يأتيه الوحي (ج 4، ص 1817) كما أخرجه أحمد في مواضع كثيرة من مسنده، منها عن عُبَادَة بن الصامت أن النبيء صلى الله عليه وسلم كان

إذا نزل عليه الوحي كَرَبَ له وَتَرَبَدَّ وَجْهُهُ وَإذَا سُرِّيَ عنه قال: خذوا عني، ثلاث مرار. الحديث (ج 5، ص 317)، وذكر هذا الحديث برواية أخرى عن ابن الصامت في الجزء نفسه ص 318. 64 - فَقَامَ مِنْ عِنْدِ عُمَر مُرْبَدَّ الوَجْهِ": 1069. هذا الأثر نقله المازري عن الهروي وقد نقله عنه ابن الأثير في النهاية: ومنه حديث عمرو بن العاص أنه قام من عند عمر مربد الوجه في كلام أُسْمِعَهُ. النهاية (ج 2، ص 183). 65 - نَهَى عَنْ نَتْفِ الشَّيْبِ وقَالَ: إنَّهُ مِنْ نُورِ الإِسْلاَمِ: 1078. هذا الحديث ذكره الترمذي في سننه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبيء صلى الله عليه وسلم نهى عن نتف الشيب، وقال إنَّهُ نُورُ المُسْلَمِ (2821)، قال الترمذي هذا حديث قد روي عن عبد الرحمن بن الحارث وغير واحد (ج 5، ص 125). وذكره النسائي عن عمرو بن شعيب مقتصرا على قوله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نتف الشيب (ج 8، ص 136). وأخرجه أحمد في (ج 2، ص 206/ 207/ 212). وقال المازري رواه ابن شعبان في الزاهي، وابن شعبان هو أبو إسحاق محمد بن القاسم بن شعبان وكان رأس الفقهاء المالكية بمصر، وألف (كتاب الزاهي الشعباني) في الفقه، توفي سنة (-355). الديباج (ج 2، ص 194). 66 - "إنَّ لِلْمَاء سُكَّانًا": 1083. هذا الحديث ذكره السيوطي في جمع الجوامع بلفظ: إِن لِلْمَاء عَامِرًا، أَوْ عَوَامِرَ. قال المازري هذا الحديث ضعفه أهل العلم.

67 - "حَتَّى تَوَارَتْ بآطَامِ المَدِينَةِ": 1115. يبدو أن قوله هذا من حديث جابر -رضي الله عنه- قام النبيء صلى الله عليه وسلم وأصحابه لجنازة يهوديّ حتى توارت، وليس فيه بآطام المدينة. والحديث في مسلم في كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة (ج 2، ص 661) وفي النسائي في كتاب الجنائز، باب الرخصة في ترك القيام (ج 4، ص 47). 68 - حديث الحسن أنه قال لإِنْسَانٍ: يَا لُكَع: 1117. هذا الأثر ذكره الهروي في الغريبين ونقله ابن الأثير عنه ونصه، ومنه حديث الحسن قال لرجل: يا لُكَعُ، يريد يا صغيرًا في العلم والعقل. (ج 4، 268) ما شرح به ابن الأثير في النهاية تبعا للهروي ونقله عنه المازري هو خلاف ما جاء في مسلم وفي البخاري في كتاب اللباس في باب السِّخَابِ للصِّبْيَانِ (ج 7، ص 204) من قوله صلى الله عليه وسلم: أين لكع؟ وفي مسلم: أثم لكَع؟ فإنه أراد به الصغير، ويقصد به الحسن -رضي الله عنه-. 69 - "ليأتينَّ عَلَى باب الجنة وقتٌ له فيه أطِيطٌ": 1122. هذا الحديث لعتبة بن غزوان نقله عن كتاب الغريبين وعنه ابن الأثير. (ج 1، ص 54). وليس من أحاديث الصحاح الستة ولا الموطأ ولا الدارمي ولا أحمد بن حنبل. 70 - "دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فتَخَشْخَشْنَا": 1127. وفي المعلم قال الهروي في حديث علي وفاطمة -رضي الله عنهما-: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فتَخَشْخَشْنَا. لم يذكره أبو عبيد ولا ابن قتيبة، ولم ينقله ابن الأثير عن الهروي.

71 - "حديث أن الرَسُولَ صلى الله عليه وسلم قال لَأبِي بَكْر لَمَّا نَزَلَتْ (سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ): البضع ما بين السبع والتسع": 1129. هذا الحديث ذَكرهَ المازري عن ابن الأنباري وهو ما جاء في الترمذي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر في مُنَاحَبَةٍ (وهي الالتزام): (آلم غُلِبَتِ الرُّومُ) أَلاَ أخْفَضْتَ يا أبا بكر فان البضع ما بين الثلاث إلى التسع، وقد أطال الترمذي في الرواية عن هذه المناحبة. الترمذي مع العارضة (12، ص 66). 72 - "فَمَا بَقِيَتْ دَارٌ إِلاَّ بُنِيَ فِيهَا مَسْجِدٌ": 1156. هذا الحديث ذكره الهروي في الغريبين ونقله عنه ابن الأثير في معنى أن الدار بمعنى القبيلة. النهاية (ج 2، ص 139). 73 - "أنَا وَسَفْعَاءُ الخَدَّيْنِ الحَانِيةِ عَلَى وَلَدِهِا كَهَاتَيْنَ يَوم القِيَامَةِ": 1158. حديث أخرجه أبو داود ونصه: عن عوف بن مالك الأشجعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنَا وامرأة سفعاء كهاتين يوم القيامة -وأومأ يزيد بالوسطى والسبابة- امرأةٌ آمَتْ من زوجها ذَاتُ مَنْصِبٍ وجمال حبست نفسها على يتاماها حتى باتوا أو ماتوا. (ج 4، ص 338). 74 - "مَنْ رَاحَ إِلَى الجُمُعَةٍ": 1172. جاء هذا من حديث رواه أبو بكر بن أبي شيبة في "المصنف في الأحاديث والآثار". وهو حدثنا أبو بكر حدثنا غندر عن شعبة عن الحكم عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب يوم الجمعة فقال: من راح إلى الجمعة فليغتسل. وفي سنن أبي داود ما هو قريب منه وهو قوله (وعلى كل من راح إلى الجمعة الغسل) (342) (ج 1، ص 94).

75 - قول عمر -رضي الله عنه-: ترَكْتُكُمْ عَلَى مِنْلِ مَخْرَفَةِ النَعَمْ: 1180. جاء هذا في النهاية عن الهروي ومنه حديث عمر: (تركتكم على مثل مخرفة النعم -أي طرقها التي تُمَهِّدُهَا بِأَخْفَافِهَا-). النهاية (ج 2، ص 24). 76 - مَنْ بَاتَ عَلَى سَطْحٍ أَجْلَحَ فَلاَ ذِمَّةَ لَهُ: 1186. نقله المازري عن الهروي وقد ذكر أنه من حديث أبي أيوب، والذي في أبي داود (مَنْ بَاتَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَيْسَ لَهُ حِجَارٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَةُ) لكن عن عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه لا عن أبي أيوب -رضي الله عنه-. وفي أبي داود رواية أخرى عوض حجار حجاب. أبو داود بشرح عون المعبود، طبعة هندية (ج 4، ص 469). 77 - "فَضَرَبَ عُرْقُوبَ فَرسه حَتَّى اكْتَسَعَتْ": 1188. هذا مأخوذ من الغريبين للهروي ولفظه: ومنه حديث طلحة يوم أحد: فَضَرِبْتُ عُرْقُوبَ فَرسه فَاكْتَسَعَتْ به. أي سقطت من ناحية مؤخرها ورمت به. النهاية (ج 4، ص 173). وجاء في مسند أحمد فضرب عرقوب فرسه بالسيف فوقع (ج 6، ص 26) لكن هنا عوض حتى اكتسعت (فوقع). 78 - "إنَّ اللَهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ": 1196. فتشت عن هذه الرواية المذكورة هنا وهي "أن الله خلق آدم على صورة الرحمن" في جملة وافرة من كتب الحديث فلم أجدها. ولهذا قال المازري: ولا يثبت هذا عند أهل النقل. وغلط المازري ابن قتيبة في إجراء هذه الرواية عند تفسيرها على ظاهرها وجاءت في فتح الباري إشارة إلى هذه الرواية: وقيل الضمير

لله -أي لا لآدم- وتمسك قائل ذلك بما ورد في بعض طرقه (على صورة الرحمن). فتح الباري (ج 11، ص 3). 79 - "إن الحمى من فيح جهنم". هذا الحديث أخرجه البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالمَاء، أو قال بِمَاء زَمْزَم شك همام، وهو أحد رواة الحديث. البخاري في كتاب بدء الخلق، باب صفة النار وانها مخلوقة (ج 4، ص 146)، وأخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الحمى من فيح جهنم (ج 7، ص 167). وأخرجه أحمد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحمى من فيح جهنم فأبردوها بماء زمزم (ج 1، ص 291). 80 - لا يُصَلِّي في سدة المسجد الجامع: 1204. ذكره الهروي في الغريبين وحديث المغيرة أنه كان لا يصلي في سدة المسجد الجامع يوم الجمعة مع الإِمام. وفي رواية أنه كان يصلى يعني الظلال التي حوله وبذلك سمي إسماعيل السدي لأنه كان يبيع الخُمُرَ في سدة مسجد الكوفة. النهاية (ج 2، ص 353) والمغيرة شهد الحُدَيْبِيَة ولاه عمر البصرة ثم الكوفة (-50 هـ). 81 - حديث: "إِنَّكَ سُدَّةٌ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلم وَأُمَّتِه": 1204 هذا الحديث جاء في الغريبين عن أم سلمة أنها قالت لعائشة لما أرادت الخروج إلى البصرة: إِنَّكَ سُدَّةٌ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلم وَأُمَّتِه. النهاية (ج 2، ص 353). 82 - حديث في الذين يَرِدُونَ الحَوْضَ، الذِينَ لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ السُدَدُ: 1204.

الحديث في الترمذي عن ثوبان عن النبيء صلى الله عليه وسلم قال: "حَوْضِي مِنْ عَدَنَ إلَى عَمَّانْ البَلْقَاءِ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ العَسَلِ وَأَكَاوِيبُهُ عَدَدُ نُجُوم السَّمَاءِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَضْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا، أَوَّلُ النَاسِ وُرُودًا عَلَيْهِ فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ الشُعْثُ رُؤُوسًا الدُنْسُ ثِيَابًا الذِينَ لاَ يَنْكِحُونَ المُتَنعِّمَاتِ وَلاَ تُفْتَحُ لَهُمُ أبْوَابُ السُّدَدِ". الترمذي بشرح العارضة، أبواب صفة القيامة: باب ما جاء في صفة أواني الحوض (ج 9، ص 271). وجاء مثله في الترمذي (ج 4، ص 629). قال أبو عيسى هذا حديث غريب من هذا الوجه. 83 - كُلُّ شَيءٍ بقَدَرٍ حَتَّى العَجْزِ وَالكَيْسِ: 1205. الموطأ، كتاب القدر النهي عن القول بالقدر (ج 2، ص 899). هذا الحديث في مسلم في كتاب القدر وفي باب كل شيء بقدر (ج 4، ص 2045) وأحمد (ج 2، ص 110). 84 - "فَإِذَا تَخَصَّرُوا بها سُجد لهم": 1205. هذا الحديث ذكره الهروي في الغريبين فهو: (فَإِذَا أَسْلَمُوا فَاسْأَلْهُمْ قُضُبَهُم الثَلاَثَةَ التِي إِذَا تَخَصَّرُوا بِهَا سُجِدَ لَهُم). أي كانوا إذا أمسكوهَا بأيديهم سجد لهم أصحابهم لأنهم إنما يمسكونها إذا ظهروا للناس، والمخصرة كانت من شعار الملوك والجمع المخاصر. النهاية (ج 2، ص 36) ولم أقف عليه. 85 - المُخْتَصِرُون يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهم النُّورُ: 1205. هذا الحديث ذكره الهروي في الغريبين ونقله عنه ابن الأثير ونصه ومنه الحديث (المُخْتَصِرُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهم النُورُ) وفي رواية (المُتَخَصِّرُونَ) أراد أنهم يأتون ومعهم أعمال صالحة يتكئون عليها. النهاية (ج 2، ص 36).

86 - نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا: 1205. أخرجه مسلم أنه نهى أن يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِرًا، وفي رواية أبي بكر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ... في كتاب المساجد، باب كراهة الاختصار في الصلاة (ج 1، ص 887). جاء في الترمذي في أبواب الصلاة، باب ما جاء في النهي عن الاختصار في الصلاة عن أبي هريرة أن النبيء صلى الله عليه وسلم نهى أن يُصَلِّيَ الرجل مختصرا. قال وفي الباب عن ابن عمر. قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. وقد كره بعض أهل العلم الاختصار في الصلاة. وكره بعضهم أن يمشي الرجل مختصرا. والاختصار أن يضع الرجل يده على خاصرته في الصلاة، أو يضع يديه جميعا على خاصرتيه. ويُرْوَى أن إبليس إذا مشى مشى مختصرا. الترمذي (ج 2، ص 222). والحديث رواه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الرجل يصلي مختصرا (ج 1، ص 249). 87 - الاختصار في الصلاة راحة أهل النار): 1205. هذا الحديث ذكره الهروي في الغريبين ونقله عنه ابن الأثير في النهاية وهو الاختصار في الصلاة راحة أهل النار أي أنه فعل اليهود في صلاتهم وهم أهل النار على أنه ليس لأهل النار الذين هم خالدون فيها راحة. النهاية (ج 2، ص 37). وأخرجه ابن حبان: فقد جاء في موارد الضمآن إلى زوائد ابن حبان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الاختصار في الصلاة راحة أهل النار. (قلت) في الصحيح النهي عن الصلاة مختصرا. موارد الضمآن رقم (480).

وجاء في مجمع الزوائد، باب الاختصار في الصلاة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الاختصار في الصلاة استراحة أهل النار. رواه الطبراني في الأوسط فيه عبد الله بن الأزور ضعفه الأزدي وذكر له هذا الحديث وضعفه به. (ج 2، ص 85). 88 - "نَهَى عَنْ اخْتِصَارِ السَّجْدَةِ": 1205. هذا الحديث ذكره الهروي في الغريبين ونقله عنه ابن الأثير في النهاية (ج 2 - ص 36) لم أقف عليه في كتب الحديث. 89 - (قوله عليه السلام: أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ إِنَّ اللهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا: 1209. الحديث في مسلم وتمامه (خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُم في أَصْلاَبِ آبَائِهِمْ، وَخَلَقَ لِلْنَّارِ أَهْلًا خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلاَبِ آبَائِهِمْ. كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، وحكم موت أطفال الكفار، وأطفال المسلمين) (ج 4، ص 2050). وفي سنن ابن ماجه مثل ما في مسلم الحديث (82) (ج 1، ص 32). 90 - حديث (الله أعلم بما كانوا عاملين): 1209. أخرجه مسلم بطرق متعددة في كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موت أطفال الكفار (ج 4، ص 2048 - 2049). وخرجه البخاري في باب ما قيل في أولاد المشركين عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين فقال: الله إذ خلقهم أعلم بما كانوا عاملين (ج 2، ص 125). وأخرجه الترمذي عن أبي هريرة، وقال حديث حسن صحيح (2138) (ج 4، ص 447).

91 - حديث: هُمْ مِن آبائِهِم: 1209. الحديث في مسلم وهو أن النبيء صلى الله عليه وسلم قيل له لو أنَّ خَيْلا اغارت من الليل فأصابت من أبناء المشركين قال (هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ). كتاب الجهاد باب جواز قتل النساء والصبيان في البَيَاتِ من غير عمد (ج 3، ص 1365) وأخرجه أبو داود عن عائشة قالت: قلت يا رسول الله ذراري المؤمنين، فقال هم من آبائهم، فقلت يا رسول الله بلا عمل، قال: الله أعلم بما كانوا عاملين. قلت: يا رسول الله فذراري المشركين، قال: من آبائهم، قلت بلا عمل قال: الله أعلم بما كانوا عاملين. (4712) (ج 4، ص 229). 92 - حديث لَوْ شِئْتِ أَسْمَعْتُكِ تَضَاغِيَهُمْ فِي النَّارِ: 1209. الحديث في أحمد (ج 6، ص 208)، عن عائشة أنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أطفال المشركين، قال: إِنْ شِئْتِ أَسْمَعْتُكِ تَضَاغِيَهُمْ فِي النَّارِ. 93 - حديث أنه تؤجج لهم نار فيقال لهم اقتحموها: 1209. يبدو من صنيع الإمام المازري أن هذا الحديث يتعلق بأطفال المشركين وبعد التتبع لكثير من كتب الحديث لم أظفر به. وما ورد في تأجيج نار والأمر باقتحامها جاء في أبي دَاوُدَ بِان رَجُلًا أَمَّرَهُ النَّبِيُء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَيْشٍ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْمَعُوا لَهُ وَيُطِيعُوا فَأجَّجَ نَارًا وَأمَرَهُمْ أَنْ يَقْتَحِمُوا فِيهَا فَأبَى قَوْمٌ أَنْ يَدْخُلُوهَا، وقالوا: إنَّمَا فَرَرْنَا مِنَ النَّارِ وأرَادَ قَوْمٌ أَن يَدْخُلُوهَا. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَء صلى الله عليه وسلم فَقَال: لَوْ دَخَلُوهَا أَوْ دَخَلُوا فيها، لمْ يَزَالُوا فيها، وقال: لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ. (ج 3، ص 40) الحديث (2625) وكذلك ما ورد في مسند أحمد (ج 1، ص 282) في حرق الزنادقة.

94 - حديث عائشة -رضي الله عنها-: كَانَ يَرِيشُ مُمْلقَهَا: 1223. هذا الحديث ذكره الهروي ونقله عنه ابن الأثير في النهاية. حديث عائشة تصف أباها -رضي الله عنهما- (يَفُك عَانِيها وَيَرِيشُ مُمْلِقَهَا) أي يكسوه ويعينه وأصله من الرّيش. النهاية (ج 2، ص 288). 95 - حديث لَوْ جُعِلَ القُرْآنُ في إِهِابٍ مَا احْتَرَقَ: 1273. أخرجه الدارمي في سننه عن عقبة بن عامر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لَوْ جُعِلَ القُرْآنُ فِي إِهِابٍ مَا احْتَرَقَ)، في كتاب فضائل القرآن، باب فضل من قرأ القرآن (ج 2، ص 522). وأخرجه أحمد في المسند (ج 4، ص 155) ومجمع الزوائد (ج 7، ص 158) وجاء في الجامع الكبير (ج 3، ص 43): (لو جمع القرآن في أهاب ما أحرقه الله بالنار). عن البيهقي في الشعب عن عصمة بن مالك. 96 - أن رجلًا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى ثَمَانِ أَوَاقٍ.: 1287. قال المازري الحديث أخرجه أبو محمد بن الجارود عن أبي حازم عن أبي هريرة أن رَجُلًا أَتَى النبيء صلى الله عليه وسلم الحديث المتقدم. وابن الجارود هو عبد الله بن علي النيسابوري (-307) صاحب المنتقى في الأحكام. التّذكرة (ج 3، ص 15) ط. أولى. 97 - حديث يرويه أبو حازم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ عُمَر خرج من بيته، وذكر ذهاب النبيء صلى الله عليه وسلم إلى بَيْتِ رجل من الَأنْصَار.: 1287. هذا الحديث اختصره المَازَرِي من حديث مسلم المروي عن أبي حازم عن أبي هريرة: قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ أو ليلةٍ فإِذَا هُوَ بِأَبِي بكر وَعُمَر، فقال: ما أَخْرَجَكُمَا من بيوتكما هذه

الساعة؟ قالا: الجُوعُ يا رسولَ الله، قال: وَأَنَا والَّذِي نفسي بيدِه لَأخْرَجَنِي الّذي أخرَجَكُما، قُومُوا فَقَامُوا معه، فَأَتى رجلًا من الأنْصَارِ فإِذَا هوَ لَيْس في بَيْتِه، فلمَّا رَأَتْهُ المرْأَةُ قَالَتْ: مرحبًا وأهْلًا، فقالَ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وَسَلمَ: أيْنَ فُلانٌ؟ قالَتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِن المَاءِ. إِذْ جَاءَ الَأنْصَارِيُّ فَنَظَرَ إِلي رسول اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّمِ وَصَاحِبَيْهِ، ثُم قالَ: الحَمْدُ لِلَّه، مَا أَحَدٌ اليَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنّي، قال فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ: فقال كُلُوا مِن هذِهِ وَأَخَذَ المُدْيَةَ، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صَلى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ إِيَّاكَ وَالحَلُوبَ، فَذَبَحَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمنْ ذَلِكَ العِذْقِ وَشَرِبُوا. فَلَمَّا أنْ شَبعُوا وَرَوُوا، قالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَسَلم لَأبِي بَكر وعُمر: والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ القِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الجُوعُ ثُم لَمْ تَرْجِعُوا حَتّى أَصَابَكُمْ هَذا النَّعِيمُ. مسلم (ج 3، ص 1609). وأخرج هذا الحديث الإِمام أحمد في مسنده لكن باختلاف وزيادة وبإسناد آخر (ج 5، ص 81). 98 - ومنها ما رواه أبو حازم عن أبي هريرة في تعريس النبيء صلى الله عليه وسلم في طريق مكة، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَضَى رَكْعَتَيْ الفَجْر بَعْدَمَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ: 1287. نقله المازري عن ابن الجارود صاحب المنتقى. 99 - والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَنْ تَذْهَبَ الدُّنْيَا حَتَّى يَتَمَرَّغ الرَّجُلُ عَلَى القبر يقول: يَا لَيْتَنِي صَاحِبُ هَذَا القَبْرِ": 1287. أخرجه مسلم عن أبي هريرة، وتمامه (وَلَيْسَ بِهِ الدِّينُ إِلاَّ البَلاَءُ). كتاب الفتن، باب لا تقوم الساعة حتى يَمُرَّ الَرَّجلُ بقبرِ الرَّجُلِ فَيَتَمَنَّى أنْ يكونَ مَكَانَ الميِّتِ مِنَ البَلاَءِ. (ج 4، ص 2231)، ولفظه باختلاف يسير مع ما رواه المازري ونصه: والذِي نفْسِي بِيَدِهِ لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمُر

الرَّجل بالقَبْرِ فَيَتَمَرَّغُ عَلَيْهِ وَيَقُولَ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَكَانَ صَاحِبِ هَذَا القَبْرِ ولَيْسَ بِهِ الدِّينُ إِلاَّ البَلاَءُ. جاء في ابن ماجه بمثل ما في مسلم سندًا ولفظًا. (الحديث 4037) (ج 2، ص 1340). 100 - ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّينِ بذَنَبِهِ: 1302. ذكره الهروي من حديث علي ونقله ابن الأثير وهو أنه ذكر فتنة فقال: (إِذَا كَانَ ذَلِكَ ضَرَبَ يَعْسُوُب الدِّينِ بذَنِبه). أي فارق أهل الفتنة وضرب في الأرض. ويعسوب الدين رئيسه وسيده. النهاية (ج 3، ص 234). 101 - حديث هَذَا يَعْسُوبُ قُرَيْشٍ: 1302. من حديث علي كما ذكره الهروي ونقله ابن الأثير وهو أنه مر بعبد الرحمن ابن عتاب قتيلا يوم الجمل فقال: (لَهْفِي عَلَيْكَ يَعْسُوبَ قُرَيْشٍ، جَدَعْتَ أَنْفِي وَشَفَيْتَ نَفْسِي). النهاية (ج 3، ص 235). 102 - قول عمر -رضي الله عنه- إذا اغتلمت عليكم هذه الأشربة فاكسروها بالماء: 1313. هذا ما ذكره الهروي ونقله ابن الأثير في النهاية (ج 3، ص 382) وجاء في سنن النسائي عن ابن عمر ثم قال: إِذا اغْتَلَمَتْ عَلَيْكُمْ هَذِه الَأشْربَةُ فاكْسِرُوهَا بِالمَاءِ. في كتاب الَأشْرِبَة في ذِكْرِ أخْبَارِ الَّتِي اعْتَلَّ بِهَا مَنْ أَبَاح السُّكْرَ (ج 8/ ص 324) وجاء مثل هذا لكن ببعض اختلاف عن النبيء صلى الله عليه وسلم، وسنن البَيْهَقِي الكُبْرى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا اغْتَلَمَتْ أَشْرِبَتُكُمْ فاكْسِرُوهَا بِالمَاء. (ج 8، ص 305).

103 - حديث "كَظُّ لَيْسَ كَالكَظِّ": 1319. وهو حديث الحسن وذكر الموت فقال: كظ ليس كالكظ. أي هم يملأ الجوف. ليس كسائر الهموم ولكنه أشد. ذكره الهروي ونقله ابن الأثير. النهاية (ج 4، ص 177). 104 - حديث: "مَنْ يُشَاقِقْ يَشْقُقِ اللهُ عَلَيْه": 1324. هذا الحديث أخرجه البخاري في الصحيح، قال جندب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، قال: وَمَنْ يُشَاقِقْ يَشْقُقِ اللهُ عَلَيْه يَوْمَ القِيَامَةِ. البخاري، كتاب الأحكام، بَاب من شَاقَّ شَقَّ اللهُ عَليه (ج 9، ص 80). 105 - (كَانَ يَشِبُّ فِي اليَوْم شَبَابَ الصَّبِّي في الشَّهْرِ، فَبَلَغ سِتًّا وَهْوَ جَفْرٌ): 1338. وهذا الحديث في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد بما يقرب من هذا. (وقالت حليمة السعدية: وكان صلى الله عليه وسلم يشِبُّ في اليوم شباب الصبي في شهر ويشب في الشهر شباب الصبي في سنة فبلغ ستا وهو غُلاَمٌ جَفْرٌ. باب ما جاء في مولده ورضاعه وشرح صدره صلى الله عليه وسلم (ج 8، ص 221). 106 - (يَكْفِيهِ ذِرَاعُ الجَفْرَةِ): 1338. من حديث أم زرع الذي أخرجه مسلم في كِتَاب فضائل الصَّحابة في باب ذكر حديث أُمِّ زَرْعٍ. (ج 4، ص 1900). وأخرجه البخاري في باب حسن المعاشرة مع الأهل (ج 7، ص 34). 107 - (أَتَعْجِزُ إِحْدَاكُنَّ أَنْ تَتَّخِذَ تُومَتيْنِ تُلَطِّخُهُمَا بِعَبِيرٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ): 1343.

ذكره أبو موسى في كتابه غريب الحديث ونقله ابن الأثير في النهاية (ج 1، ص 200). 108 - فانْتَاشَ الدِّينَ بنَعْشِهِ إِيَّاهُ: 1356. ذكره الهروي في الغريبين ونقله ابن الأثير في النهاية ونصه: حديث عائشة تصف أباها -رضي الله عنهما-: (فانْتَاشَ الدِّينَ بِنَعْشِهِ) (ج 5، ص 81).

فهرس الشعر

فهرس الشعر - قوله صلى الله عليه وسلم: 829. (مجزوء الرجز) انا النبيء لا كذب ... انا ابن عبد المطلب جاء قوله هذا على وزن مجزوء الرجز مع أنه ليس شعرا كما أفاده المازري وهو ما قصد الإنسان إليه واعتمد أن يوقعه موزونا مقفى يقصد إلى القافية، كما جاء في شرح هذه الفقرة وقد اعتمده القاضي عياض في الاكمال ونقله عنه النووي. شرح النووي (ج 12، ص 118). - أنشد ابن الأعرابي: 838. (الرجز) يَا نَاقُ خُبّي خَبَبًا زِوَرَّا ... وَعَارِضَ اللَّيْلَ إذَا مَا اخْضَرَّا البيت للقُطامي ويمكن أن يكون هو عمير بن شييم بن عمرو بن عباد التغلبي الملقب بالقطامي وهو شاعر إسلامي مقل فحل (-130). التاج (ج 11 ص 188) ط. الكويت، الشعر والشعراء (ج 2، ص 701) ومعاهد التنصيص (ج 1، ص 180)، وكذلك الأعلام (ج 5، ص 264)، وجاء في خزانة الأدب أن من يقال له بالقطامي ثلاثة: أولهم عمير، والثاني القطامي الضبعي، والثالث القطامي الكلبي. الخزانة (ج 2، ص 371). وجاء هذا البيت في التاج: يَا نَاقُ خُبِّي خَبَبًا زِوَرَّا ... وَقَلِّبي مَنْسِمَكِ المُغْبَرَّا ... وَعًارِضِ اللَّيْلَ إذَا مَا اخْضَرَّا - النابغة: 838. (الطويل) يَصُونُونَ أَبْدَانًا قَدِيمًا نَعِيمُهَا ... بِخَالِصَةِ الَأرْدَانِ خُضْرِ المَنَاكِبِ

هذا البيت من قصيدته التي يمدح بها عمرو بن الحارث الأصغر ومطلع القصيدة: كِلِينِي لَهَمٍّ يَا أُمَيْمَةُ نَاصِب والقصيدة في ديوانه بشرحَ البطليوسي (ص 2). تقدمت ترجمته (ج 2، ص 482). - الشاعر: 845. (الخفيف) وَلَنَا البَدْوُ كُلُّهُ والبِحَارُ ... وَلَيْلٍ أُقَاسِيه بِطَيِّ الكَوَاكِبِ البيت لأبي دؤاد الإيادي وهو جارية بن الحجاج الأيادي المعروف بأبي دؤاد كان في عصر كعب ابن أمامة الإيادي ولم تعرف وفاته. الشعر والشعراء (ج 1 - ص 189). وأنشد هذا العجز الهروي في الغريبين (ج 1 - ص 134). - الشاعر: 847. (الرمل) لَوْ بغَيْرِ المَاءِ حَلْقِي شَرِقٌ ... كُنْتُ كَالغَصَّانِ بِالمَاءِ اعْتِصَارِي هذاَ البيت لعدي بن زيد أنشده سيبويه في كتابه (ج 3، ص 121) وكذلك أنشده غيره وعدي هو ابن زيد بن حماد بن أيوب وكان يسكن بالحيرة، ويدخل الأرياف، وبلغ عن عدي شيء للنعمان بن المنذر فهرب منه حتى وقع في يده فحبسه حتى مات وقيل قتله. الشعر والشعراء (ج 1، ص 176)، وأنشد البيت الذي في المعلم مع بيت آخر: أبْلِغ النُّعْمَانَ عَنِّي مَأْلُكًا ... أنَّنِي قَدْ طَالَ حَبْسِي وانْتِظَارِي لَوْ بَغَيْرِ المَاءِ حَلْقِي شَرِقٌ ... كُنْتُ كَالغَصَّانِ بِالمَاءِ اعْتِصَارِي

الشعر والشعراء (ج 1، ص 181). - ابن الأكوع: 850. (الرجز) اللَّهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا فَاغْفِرْ فِدَاءً لكَ مَا اقْتَقَيْنَا جاء في مسلم أن عامر بن الأكوع حدا بهذا الرجز، وهو عامر بن سنان وهو الأكوع بن عبد الله بن قشير. وارتجز بهذا الرجز في غزوة خيبر يحدو به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحمك ربك فقال عمر بن الخطاب وجبت -أي وجبت له الشهادة- فقتل في غزوة خيبر (-7). أسد الغابة (ج 3، ص 82). - ابن الأكوع: 852. (مجزوء الرجز) أنَا ابْنُ الَأكْوَع ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ ابن الأكوع هو سلمة بنَ الأكوع، وقيل سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي يكنى أبا مسلم، والأكثر أنه يكنى أبا إياس وهو ممن بايع تحت الشجرة، سكن المدينة ثم الرَّبذة ورجع للمدينة وبها توفي سنة (74) وقيل (64) وهو ابن ثمانين سنة، وهو الذي استنفذ لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذي قَرَد. أسد الغابة (ج 2، ص 333) - الشاعر: 854. (الوافر) وَقَوْلي كُلَّمَا جَشَأَتْ وَجَاشَتْ ... مَكَانَكِ تُحْمَدِي أوْ تَسْتَرِيحِي قائل هذا البيت عَمْرو بن الاطْنَابَة وقد ذكره ابن جني في الخصائص (ج

3، ص 35) واستشهد به على أن مكانك اسم فعل بمعنى أثْبِتْ. وكذلك ذكره ابن هشام في شرح شذور الذهب مع ثلاثة أبيات أخرى: أبَت لِي عفَّتِي وَأَبَى بَلاَئِي ... وأخْذ الحَمْد بالثَّمَنِ الرَّبِيحِ وَإِمْسَاكِيِ عَنِ المَكْرُوهِ نَفْسِي ... وَضَرْبِي هَامَةَ اَلبَطَلِ المُشِيحِ وَقَوْلِي كُلَّمَا جَشَأتْ وَجَاشتْ ... مَكَانَكِ تُحْمَدِي أوْ تَسْتَرِيحِي لَأدْفَعَ عَنْ مَآثِرَ صَالِحَاتٍ ... وَأحْمِي بَعْدُ عَنْ عِرْضٍ صَحِيحِ وَذكر أنها لعمرو بن الاطْنَابَة وغلط أبو عبيدة فنسبه إلى قطري بن الفجاءة شرح شذور الذهب (ص 345)، الأعلام (ج 5، ص 251). - الأعشى: 860. (المتقارب) وَبَيْدَاءَ تَحْسِبُ آرَامَهَا ... رِجَالَ إِيَّادٍ بِأجْلاَدِهَا هذا البيت من قصيدة للأعشى يمدح سلامة ذا فائش الحميري أحد اذواء اليمن أي أمراءها ومطلع القصيدة: أَجِدَّكَ لَمْ تَغتَبضْ لَيْلةً ... فَتَرْقُدَهَا مَعَ رُقَّادِهَا والبيت في الدَيوان بصفحة 71. وتقدمت ترجمة الأعشى (ج 2، ص 450) - زهير: 860. (الطويل) بِهَا العِينُ والآرَامُ يَمْشِينَ خِلْفَةً ... وأطْلاَؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلّ مَجْثَم هذا البيت من قصيدته التي مطلعها: أمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَةٌ لَمْ تَكَلَّمِ ... بحَوْمَانَةِ الدَّرَّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ وهي آحدى المعلقات السبع. انظر ديوان زهير بشرح أبي العباس ثعلب (ص 5).

- علي -رضي الله عنه-: 864. (الرجز) أنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَه ارتجز علي -رضي الله عنه- حين بارز مرحبا اليهودي فقال: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الحُروبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ فقال علي: أَنَا الذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَه ... كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ المَنْظَرَهْ أُوفِيهِمُ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ مسلم (1441)، وتقدمت ترجمته -رضي الله عنه- في (ج 1، ص 546). - الحجاج: 874. (الرجز) قَدْ لَفَّهَا اللَّيْلُ بِسَوَّاقٍ حُطَمْ هذا الشطر ذكَره الطبري من خطبة الحجاج بن يوسف لما أولاه عبد الملك بن مروان على الكوفة، فحين دخلها بدأ بالمسجد فدخله ثم صعد المنبر فخطب خطبته الشهيرة وقيل هذا الشطر قوله: هَذا أَوَانُ الشَّدِّ فَاشْتَدِّي زِيَمْ ... قَدْ لَفَّهَا اللَّيْلُ بِسَوَّاقٍ حُطَمْ وكان ذلك سنة 75 هـ. تاريخ الطبري (ج 6 ص 203) كَما ذكر هذه الخطبة ابن عبد ربه الأندلسي في كتابه العقد الفريد وذكر هذا العجز (ج 4، ص 120). وهذا العجز لرويشد بن رميض العنبري. والحجاج تقدمت ترجمته في فهرس الأعلام. - الحارث بن حلزة: 924. (الخفيف)

عَنَنًا بَاطِلاً وَظُلْمًا كَمَا تُعْتَرُعَنْ ... حَجْرَةِ الرَّبِيضِ الظِّبَاءُ هذا البيت للحارث بن حلزة كما ذكر المازري وهو الحارث بن حلزة ابن مكروه وهو من بني يشكر من بكر بن وائل وهو القائل للمعلقة التي مطلعها: آذَنَتْنَا بِبَيْنِهَا أَسْمَاءُ ... رُبَّ ثَاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّوَاءُ قال ابن قتيبة: ويقال أنه ارتجلها بين يدي عمر بن هند ارتجالا. الشعر والشعراء (ج 1، ص 150)، وذكرت هذه المعلقة في مختار الشعر الجاهلي بشرح محمد سيد كيلاني (ج 2، ص 338) وتوفي الحارث بن حلزة نحو 50 قبل الهجرة. وهذا البيت أنشده ابن منظور في لسان العرب في مادة عتر. إنشاد القينة: 935. (الوافر) أَلاَ يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ ... وُهَنَّ مُعَقَّلاَتٌ بِالفِنَاءِ هذا البيت انشدته القينة لحمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه- وهو في بيت في شرب من الأنصار فلما غنته ثأر إلى شارفين مناخين إلى جنب الحجرة وهما لعلي ابن أبي طالب فجبَّ أسْنِمَتَهُما وبَقَر خواصرهما ثم أخذ من أكبادهما. صحيح مسلم (ج 3، ص 1568). وبعد هذا البيت بيتان هما: ضَعِ السِّكِّينَ فِي اللَّبَّاتِ مِنْهَا ... وَضَرِّجْهُنَّ حَمْزَةُ بِالدِّمَاءِ وَعَجَّلْ مِنْ أَطَايِبِهَا لِشُرْبٍ ... قَدِيدًا من طَبِيخٍ أَوْ شِوَاءِ شرح النووي على صحيح مسلم (ج 13، ص 144). - ليلى: 956. (الطويل) وَأَيُّ حَصَانٍ لاَ يُقَالُ لَهَا هَلاَ هذا عجز بيت صدره:

أَعَيرْتَنِي دَاءً بِأُمِّكَ مِثْلُهُ وهو لليلى بنت الأخيل وهي أشعر النساء لا يقدم عليها غير خنساء وكانت هاجت النابغة الجعدي وكان هجاها. وهذا البيت من إجابتها وقد فاقته وذكر هذا البيت في ابيات ابن قتيبة في الشعر والشعراء لكنه جاء هكذا: أَعيرْتَنِي دَاءً بامك مثلُه ... وايّ جوادٍ لا يقال له هَلاً (ج 1، ص 416) - الشاعر: 976. (الطويل) فَمَا طَارَ لِي في القَسْمِ إِلاَ ثَمِينُها ذكر هذا الشطر المازري استشهادا على أن ما يقال "طار لي في القسمة كذا" أي صار لي. جاء في التاج وأطار المال وطيَّره بين القوم قسمه فطار لكل منهم سهمه، أي صار له وخرج له به سهمه ومنه قول لبيد يذكر ميراث أخيه بين ورثته وحيازة كل ذي سهم منه سهمه: تَطِيرُ عَدَائِدُ الَأشْرَاكِ شَفْعًا ... وَوِتْرًا وَالزَّعَامَةُ لِلْغُلاَمِ والأشراك: الانصباء وفي حديث علي -رضي الله عنه- فأطرت الحلة بين نسائي قسمتها. التاج (12، ص 457)، ولم أقف على قائل الشطر الذي استشهد به المازري. - لبيد: 990. (الكامل) مِنْ كُلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عَصِيَّهُ ... زَوْجٌ عَلَيْهِ كِلَّةٌ وَقِرَامُهَا استشهد بهذا البيت المازري على أن القرام إذا خيط فصار كالبيت فهو

كلة وهذا البيت من معلقة لبيد التي مطلعها: عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا ... بِمِنًى تَأَبَّدَ غَوْلُهَا فَرِجَامُهَا وهذه القصيدة مشروحة ضمن المعلقات. ولبيد تقدمت ترجمته (ج 1، ص 550). - الشاعر: 1006. (الكامل) مُتَبَذِّلاً تَبْدُو مَحَاسِنُهُ ... يَضَعُ الهِنَاءَ مَوَاضِعَ النُّقْبِ هذا البيت من أبيات لدريد بن الصمة من أبيات قالها في تماضر بنت عمر بن الحارث ابن الشريد مطلعها: حَيُّوا تُمَاضِرَ وَارْبَعُوا صَحْبِي ... وَقِفُوا فَإِنَّ وُقُوفَكُمْ حَسْبِي أمالي أبي علي القالي (ج 2، ص 161). دريد بن الصمة هو دريد بن الصمة من جشم بن معاوية يكنى أبا قرة وهو أحد الشجعان المشهورين وشهد يوم حنين مع المشركين من هوازن وقتل مشركا الشعر والشعراء (ج 2، ص 725). - الشاعر: 1026. (الطويل) وَلاَ عَيْبَ فِينَا غَيْرَ عِرْقٍ لِمَعْشَرٍ ... كِرَامٍ وَإِنَّا لاَ نَخُطُّ عَلَى النَّمْلِ أنشده الجوهري في الصحاح شاهدا على ما ذكره المازري عن ابن قتيبة على ما تقوله المجوس من أن ولد الرجل إذا كان من أخته ثم خط النملة شُفي صاحبها وقال ولا عيب فيهم غير عرق لمعشر البيت، وأنشده الزبيدي في التاج نقلا عن الجوهري، وتوسع في شرحه. الصحاح (ج 5، ص 1836)، والتاج (ج 8، ص 146). - الأعشى: 1027. (المتقارب)

سَلاَجِمَ كَالنَّخْلِ أَلْبَسْتَهَا ... قَضِيبَ سَرَاءٍ قَليلَ الُأبَنْ هذا البيت من قصيدة للأعشى يمدح بها قيس بن معد يكرب الكندي ومطلع القصيدة: لَعَمْرُكَ مَا طُولُ هَذَا الزَّمَنْ ... عَلَى المَرْءِ إلاَّ عَنَاءٌ مُعَنْ وما جاء في هذا البيت: "سلاجم كالنخل" بالخاء المعجمة يخالفه ما جاء في الديوان "سلاجم كالنحل" ويظهر أنه الصواب وجاءت هذه القصيدة في ديوان الأعشى الكبير (ص 15) ديوان الأعشى الكبير بشرح وتحقيق الدكتور م. محمد حسين. وترجمة الأعشى تقدمت (ج 2، ص 450). - الشعراء: 1029. (الكامل) والنَّاسُ يَلْحَوْنَ الطَّبِيبَ وإِنَّمَا ... غَلَطُ الطَّبِيبِ إِصَابَةُ المِقْدَارِ استشهد به المازري على قوله صلى الله عليه وسلم: لكَل داء دواء فإذا فقدت المداواة لا لفقد الدواء وإنما لفقد العلم بحقيقة المداواة. لَبِيد: 1030. (الوافر) فَلَيْسَ النَّاسُ بَعْدَكَ فِي نَفِيرٍ ... وَلاَ هُمْ غَيْرُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ ويروى بدل قوله في نفير في نقير، وهذا البيت من قصيدة للبيد طالعها: أَلا ذَهَبَ المُحَافِظُ والمُحَامِي ... وَمَانِعُ ضَيْمِنَا يَوْمَ الخِصَامِ وَأيْقَنْتُ التَّفَرُّقَ يَوْمَ قَالُوا ... تُقُسِّمَ مَالُ أَرْبَدَ بِالسِّهَامِ وهذه القصيدة ذكرها الأعلم الشنتمري في مختار الشعر الجاهلي (ج 2، ص 471) بتحقيق سيد كيلاني. وهذا المختار من شعر لبيد جمع أكثر شعره. (ط. البابي الحلبي سنة 1379/ 1959). وتقدمت ترجمة لبيد (ج 1، ص 550).

- الشاعر: 1031. (الطويل) وَإنْ قَرْقَرَتْ هَاجَ الهَوَى قَرْقَرِيرُهَا هذا الشطر جاء في الصحاح عجزا لصدر وهو. وَمَا ذَاتُ طَوقٍ فَوقَ عُودِ أَرَاكَةٍ وجاء هذا الشطر هنا: وأن قرقرت هاج الهوى قرقريرها وفي الصحاح إذا قرقرت، وكذلك أنشده الزبيدي في التاج عن ابن القطاع وهذا البيت لم يعرف قائله. الصحاح (ج 2، ص 791)، تاج العروس (13، ص 399). - الشاعر: 1031. (الرمل) صَوْتُ الشِّقِرَّاقِ إِذَا قَالَ قِرِرْ هذا الشطر جاء في غريب الحديث الخطابي كما نقله المازري. وأنشد ابن منظور هذا الشطر مع صدره قائلا وأنشد يصف ابلا وجرعها ونصه: كَأَنَّ صَوْتَ جَرْعِهِنَّ المُنْحَدِرْ ... صَوْتُ شِّقِرَّاقِ إِذَا قَالَ قِرِرْ غريب الحديث للخطابي (ج 1، ص 611) لسان العرب (ج 5، ص 3584). - لبيد: 1054. (الوافر) سَقَى قَوْمِي بَنِي مَجْدٍ وَأَسْقَى ... نُمَيْرًا وَالقَبَائِلَ مِنْ هِلاَلِ ذكر هذا البيت الجوهري في الصحاح مستشهدا به، كما جاء هنا من أن سقى وأسقى بمعنى واحد، الصحاح (ج 6، ص 2379). وكذلك أنشده الزبيدي في التاج (ج 10، ص 180).

وهذا البيت من قصيدة للبيد مطلعها: أَلمْ تُلْمِمْ عَلَى الدِّمَنِ الخَوَالِي ... لِسَلْمَى بِالمَذَانِبِ فَالقُفَالِ وجاءت هذه القصيدة في مختار الشعر الجاهلي (ج 2، ص 550). وأنشد ابن قتيبة: 1054. (البسيط) كَأنَّهَا ظَبْيَةٌ تَعْطُو إلَى فَنَنٍ ... تَأْكُلُ مِنْ طَيِّبٍ وَاللهُ يُرْعِيهَا أنشده الجوهري في الصحاح (ج 6، ص 2359) غير منسوب وأنشده في التاج (10/ 153). - الشاعر: 1056. (الرجز) جَارِيَةٌ فِي دِرْعِهَا الفَضْفَاضِ ... أَبْيَضُ مِنْ أُخْتِ بَنِي إِبَاضِ جاء في الجمل للزجاجي وأما قوله: جارية في درعها الفضفاض ... أَبْيَضُ مِنْ أُخْتِ بَنِي إِبَاضِ فشاذَ. قال الشيخ أبو الشنب في شرح شواهد الجمل القائل هو رؤبة بن العجاج وهو راجز مشهور مات سنة (-145) وله ديوان مطبوع في برلين سنة (1903) وترجم لرؤبة ابن قتيبة في الشعر والشعراء (ج 2، ص 575). - شاعر: 1056. (البسيط) إِذَا الرِّجَالُ شَتَوْا وَاشْتَدَّ أُكْلُهُمُ ... فَأَنْتَ أَبْيَضُهُمْ سِرْبَالَ طَبَّاخِ هذا البيت أنشده الزجاجي في الجمل وذكر أن قوله: "فأنت أبيضهم شاذ" - الجمل (116) قال الشيخ أبو الشنب في شرح شواهد الجمل قيل إن البيت لطرفة بن

العبد البكري يهجو ملك الحيرة عامر بن هند (الجمل 116) وطرفة تقدمت ترجمته في (ج 1، ص 540). ذَو الرمة: 1056. (الطويل) فَمَا شَنَّتَا خَرْقَاءَ وَاهِية الكُلَى ... سَقَى بِهِمَا سَاقٍ وَلَمَّا تَبَلَّلاَ بِأَضْيَعَ مِنْ عَيْنَيْكَ لِلْمَاء كُلَّمَا ... تَوَهَّمْتَ رَبْعًا أَوْ تَذَكَّرْتَ مَنْزِلاً البيتان لذي الرمة وقد أنشدهما القالي في الأمالي (ج 1، ص 208) كما جاءا في معاهد التنصيص (ج 3، ص 262)، باختلاف قليل عما هنا. وذو الرمة هو غيلان بن عقبة بن بُهيشن ويكنى أبا الحارث (-117) ترجمته في الشعر والشعراء لابن قتيبة (ج 1، ص 506) والبيتان لا يوجدان بديوانه الذي جمعه بشير يموت. - الشاعر: 1074. (الطويل) وَلاَ عَيْبَ فِيهَا غَيْرَ شُكْلَةِ عَيْنِهَا ... كَذَاكَ عِتَاقُ الطَّيْرِ شُكْلاً عُيُونُهَا جاء هذا البيت في لسان العرب عن أبي عبيد القاسم بن سلام الهروي. وقال ابن منظور بعدما أنشد هذا البيت عتاق الطير هي الصقور والبزاة ثم قال: وروى هذا البيت غير شهلة عينها. لسان العرب (ج 4، ص 2311). ومثل ما في اللسان جاء في التاج (ج 7، ص 393). وهذا البيت غير منسوب لقائله. - الطرماح: 1101. (الطويل) فَلَمَّا عَوَى لَيْثُ السِّمَاكِ سَبَعْتَهُ ... كَمَا أَنَّا أحْيَانًا لَهُنّ سَبُوعُ

جاء هذا البيت في التاج: (ج 5 - ص 374). فَلَمَّا عَوَى لَفْتُ الشِّمَالِي سَبَعْتُهُ ... كَمَا أنَّا أَحْيَانًا لَهُنّ سَبُوعُ ومعنى سبع الذئب رماه أو ذعره. والطرماح هو ابن حكيم بن نفر بن قيس بن حجدر، ويكنى أبا نفر وكان خطيبا وكان يرى رأي الخوارج، وفاته نحو (-125). الشعر والشعراء لابن قتيبة (ج 2، ص 566) المقاصد النحوية للعيني (ج 2، ص 276)، الأعلام (ج 3، ص 325). العجاج: 1120. (الرجز) وَنَسَجَتْ لَوَامِعُ الحَرُورِ ... سَبَائِبًا كَسَرَقِ الحَرِيرِ جاء في الصحاح: والسرق شُقَق الحرير قال أبو عبيد إلا أَنها البيض منها وأنشد للعجاج: وَنَسَجَتْ لَوَامِعُ الحَرُورِ مِنْ رَقْرَقَانٍ آلِهَا المَسْجُورِ سَبَائِبًا كَسَرَقِ الحَرِيرِ الصحاح: (ج 4، ص 1496). أفاد ها هنا أن الذي أنشد ما للعجاج هو أبو عبيد بينما في المعلم أن الذي أنشد هو غير أبي عبيد ومثل ما في الصحاح جاء في التاج (ج 6، ص 379). وتقدمت ترجمة العجاج في (ج 1، ص 520). - الشاعر: 1122. (الطويل) وَمَا الْفَقْرُ عَنْ أَرْضِ العَشِيرَة سَاقَنَا ... إلَيْكَ وَلَكِنَّا بِقُرْبَاكَ نَبْجَحُ هذا البيت للراعي كما جاء في التاج (ج 6، ص 298).

الراعي هو حصين بن معاوية من بني نمير، وهو من أشراف قومه ويكنى أبا جندل، وهو شاعر فحل مشهور من شعراء الإِسلام في الطبقة الأولى. الشعر والشعراء (ج 1، ص 377)، الخزانة (ج 1، ص 504). - زهير: 1141. (الوافر) فإنَّ الحَقَّ مَقْطَعُهُ ثَلاَثٌ ... يَمِينٌ أوْ نِفَارٌ أَوْ جِلاَءُ هذا البيت من قصيدة لزهير مطلعها: عَفَا مِنْ آلِ فَاطِمَةَ الجِوَاءُ ... فَيُمْنٌ فالقَوَادِمُ فَالحِسَاءُ وهي في ديوانه (ص 56) بشرح أبي العباس أحمد بي يحيى ثعلب، وزهير تقدمت ترجمته في (ج 2، ص 461). - حسان في مدح عائشة -رضي الله عنها-: 1157. (الطويل) حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الغَوَافِلِ من أبيات سيدنا حسان في ديوانه (ج 1، ص 292) و (510) برواية السيرة. وحسان -رضي الله عنه- هو حسان بن ثابت بن المنذر الأنصاري، ويكنى أبا الوليد وأبا الحسام، جاهلي إسلامي متقدم الإِسلام، قال ابن قُتَيْبَة: عاش ستين سنة في الجاهلية وستين في الإِسلام، وهو من المخضرمين عمي في آخر عمره. وقد تولى الإجابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هجاه مشركو قريش فأفحمهم. وقد أشبع الكلام في ترجمته ابن عبد البر في الاستيعاب (ج 1، ص 341). - عدي بن زيد: 1196. (الخفيف) لاَ أَرَى المَوْتَ يَسْبِقُ المَوْتَ شَيْءٌ ... نَغَّصَ المَوْتُ ذَا الغِنَى وَالفَقِيرَا

البيت لعدي بن زيد، انظر الفقرة 53 من شرح أبيات سيبويه لأبي سعيد السيرافي وهذا البيت من قصيدة مطلعها: طَالَ لَيْلِي أُرَاقِبُ التَّنْوِيرَا ... أَرْقُبُ الصُبْحَ بِالصَّبَاح بَصيرَا وهذه القصيدة قالها عدي بن زيد في سجنه الذي سجنه فيه النعمان. ديوان عدي بن زيد (63)، وذكر هذا البيت سيبويه في كتابه في باب تكرار الظاهر دون ضميره في كلامهم (كما) مستشهدا به على ذلك كما جاء في كلام المازري. شرح أبيات سيبويه لأبي محمد السيرافي (ج 1، ص 125) (الفقرة 53). الشاعر: 1218. (الرجز) قَدْ لَفَّهَا اللَّيْلُ بِعَصْلَبِيِّ ... أَرْوَعَ خَرَّاجٍ مِنَ الدَّوِّيِّ جاء هذا الرجز في خطبة الحجاج بن يوسف، حين قدم الكوفة واليا عليها سنة (75 هـ) وقد ذكر الطبري هذه الخطبة في كتابه تاريخ الرسل والملوك، والحجاج ذكرت ترجمته في فهرس الأعلام. - ومنه قول الشاعر: 1261. (الرجز) اِمْتَلَأ الحَوْضُ وَقَالَ قَطْنِي جاء قول الراجز هذا في الخصائص لابن جني في باب القول على الفصل بين الكلام والقول (ج 1، ص 23) كما ذكره ابن الناظم أي ابن مالك بما نصه: اِمْتَلَأَ الحَوْضُ وَقَالَ قَطْنِي ... مَهْلاً رُوَيْدًا قَدْ مَلأْتَ بَطْنِي وقال العيني في شرح الشواهد: لم أقف على اسم قائله. كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد الالفية (ج 1، ص 361). وجاء هذا الرجز في الكامل للمبرد بألفاظ اخرى ونص ذلك:

قَدْ خَنَّقَ الحَوْضُ وَقَالَ قَطْنِي ... سَلاَ رُوَيْدًا قَدْ مَلأتَ بَطْنِي الكامل للمبرد (ج 2، ص 91). - أبو النجم: 1289. (الكامل) وَأُحِبُّ بَعْضَ مَلاَحَةِ الذَّلْفَاءِ وجاء هذا العجز لأبي النجم في اللسان وصدره: لِلَّثْمِ عِنْدِي بَهْجَةٌ وَمَزِيَّةٌ ... وَأُحِبُّ بَعْضَ مَلاَحَةِ الذَّلْفَاءِ اللسان (ج 3، ص 1511)، وجاء مثل هذا في التاج (ج 6، ص 112). وأبو النجم ذكرت ترجمته في فهرس الأعلام. الراجز: 1292. (الرجز) عِنْدَ رِوَاقِ البَيْتِ يَغْشَى الدُّخَّا ذكره ابن منظور في اللسان في مادة دخا وذكره مع غيره من أبيات بهذا النص اولا عِنْدَ سُعَارِ النصارِ يَغْشَى الدُّخَّا والدخ هو الدخان بالفتح والضم. اللسان (ج 2، ص 1339). وفي التاج ذكر قول الراجز بالرواية الأولى دون الثانية: التاج (ج 2، ص 265). - أنشد الأصمعي: 1296. (الرجز) بعَيْنِهَا مِنَ البُكَاءِ ظَفَرَهْ ... حَلَّ ابْنُهَا فِي السِّجْنِ وَسْطَ الكَفَرَهْ جَاء هذا الرجز في اللسان هكذا قال أبو الهيثم: مَا القَوْلُ في عُجَيِّزٍ كَالحُمَّرَهْ

بعَيْنهَا مِنَ البُكَاءِ ظَفَرَهْ حَلَّ ابْنُهَا فِي السِّجْنِ وَسْطَ الكَفَرَهْ ونقل عن الفراء أن الظفرة لحمة تنبت في الحدقة. اللسان (ج 4، ص 2750) وأبو الهيثم مالك بن التيهان الأنصاري الأوسي البدري، وكان أحد النقباء ليلة العقبة، وكان شاعرا له قصيد في رثائه صلى الله عليه وسلم (-20). الاستيعاب (ج 4، ص 1773)، الأعلام (ج 6، ص 129). جرير: 1322. البسيط) فَمَنْ لِحَاجَةِ هَذَا الَأرْمَلِ الذَّكَرِ استشهد بقول جرير هذا ابن منظور وجاء بالبيت كله ونصه: كُلُّ الَأرَامِلِ قَدْ قَضَّيْتَ حَاجَتَهَا ... فَمَنْ لِحَاجَةِ هَذَا الَأرْمَلِ الذَّكَرِ وجاء هذا البيت في الصحاح وكذلك في التاج. اللسان: (ج 3، ص 1735) - الصحاح (ج 4، ص 1713) - التاج (ج 7، ص 352). ولم أجد هذا البيت في ديوان جرير الذي جمعه الصاوي ولعل هذا البيت من قصيدته التي يمدح بها عمر بن عبد العزيز التي مطلعها: لَجَّتْ أُمَامَةُ فِي لَوْمِي وَمَا عَلِمَتْ ... عَرْضَ السَّمَاوَةِ رَوْحَاتِي وَلاَ بُكَرِي جرير ذكرت ترجمته في أعلام الرجال. - الشاعر: 1337. (الطويل) وَكُنْتُ إِذَا نَفْسُ الجَبَانِ نَزَتْ لَهُ ... سَفَعْتُ عَلَى القَرْنَيْنِ مِنْهُ بِمِيسَمِ جاء هذا البيت في لسان العرب لكن كان الصدر هكذا: وَكُنَتُ إِذَا نَفْسُ الغَوِيِّ نَزَتْ بِهِ ... سَفَعْتُ عَلَى العِرْنِينِ مِنْهُ بِمِيسَمِ

والذي هنا: نفس الجبان: وبمثل ما جاء في لسان العرب جاء في التاج وفي كليهما غير منسوب لسان العرب (ج 3، ص 2028) - التاج: (ج 5، ص 380).

أعلام الرجال

أعلام الرّجال الالف آدم: 930/ 1080/ 1088/ 1196/ 1206/ 1225/ 1254 تقدم في (ج 1، ص 522). ابن آدم أو بنو آدم: 1035/ 1085/ 1182/ 1208 تقدم (ج 2 ص 447). إبراهيم: 1080/ 1081/ 1082 عليه السلام. تقدم (ج 1، ص 522) إبراهيم بن سعد: 1263. هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أبو إسحاق المدني نزيل بغداد وقاضيها وأحد الأعلام عن أبيه والزهري وصالح بن كيسان وغيرهم (-183) أو (-184) الجمع (ج 1 ص 16). الخلاصة (ص 17). إبراهيم بن عبد الله: 1063. والمعروف أنه إبراهيم بن سعيد الجوهري لا ابن عبد الله، أبو إسحاق البغدادي الحافظ ومن شيوخه أبو أسامة (-249) الجمع (ج 1 ص 21). التهذيب (ج 1، ص 123). إبراهيم بن ميسرة: 1041. هو الطائي ثم المكي الحافظ مات قريبا من سنة (132)، أخرج له الستة. الخلاصة (ص 22). الأبهري: 972. تقدم (ج 1، ص 522). أبي بن كعب: 1008/ 1029/ 1123/ 1124 تقدم (ج 1، ص 523) الأثرم: 1181. هو حكيم الأثرم البصري ذكره ابن حبان في الثقات. الخلاصة (ص 91). أحمد: 934/ 1181

هو أحمد بن حنبل. تقدم في (ج 1، ص 523). أحمد بن صالح: 871. تقدم في (ج 2، ص 448). أحمد بن عبدة: 1041. تقدم في (ج 1، ص 523). أحمد بن عبيد: 838/ 1122/ 1268. هو أحمد بن عبيد بن ناصح أبو جعفر النحوي الكوفي، كان من أيمة اللغة، وله مصنفات، (-278). البغية (ج 1، ص 333). أبو أحمد الجلودي: 811/ 821/ 872/ 885/ 1177/ 1263 تقدم في (ج 1، ص 162). الأحنف: 1285. ابن قيس. تقدم (ج 2، ص 448). الأخفش: 829/ 1129/ 1308. لعله سعيد بن مسعدة أبو الحسن وهو الأخفش الأوسط وهو أحفظ من أخذ عن سيبويه (-215). البغية (ج 1، ص 590). أبو أرطاة: 1146. حصين بن ربيعة. ابن عامر البجلي الأحمسي أبو أرطاة وهو كما قال مسلم هو الذي جاء بشيرا من جرير بن عبد الله البجلي حين أحرق الخَلَصَة. أسد الغابة (ج 2، ص 24). الأزهري: 840/ 858/ 977/ 1008/ 1114/ 1167/ 1339/ 1359 أو أبو منصور. تقدم (ج 1، ص 226) أسامة: 972. تقدم في (ج 2، 449). أبو أسامة: 1001/ 1063 تقدم (ج 2، ص 449).

أسباط: 903. هو اسباط بن محمد بن عبد الرحمن مولى السائب بن يزيد أبو محمد الكوفي وممن يروي عنهم الأعمش (-200). الخلاصة (ص 26) إسحاق بن إبراهيم، الحنظلي: 828/ 903/ 934/ 985/ 1001 تقدم في (ج 1، 524) في إسحاق بن راهويه. إسحاق بن عمران: 1029. ويعرف بسمّ ساعة طبيب بغدادي الأصل دخل إفريقية في دولة زيادة الله بن الأغلب (-251) عيون الأنباء لابن أبي أصيبعة (ج 2، ص 35). معجم المؤلفين (ج 2، ص 236). إسحاق بن عمر بن السليط الهذلي: 1284. أبو يعقوب البصري من شيوخ مسلم (-230). الجمع (ج 1 ص 33) الخلاصة (ص 29). إسحاق بن منصور: 949/ 985 تقدم (ج 1، ص 524). أبو إسحاق: 872/ 882/ 886 تقدم في (ج 1 ص 523). أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان: 1207. تقدم (ج 1، ص 522). أبو أسماء: 1181. هو عمرو بن مرثد الرَّحَبِي الدمشقي عن ثوبان وشدّاد بن أوس وعنه أبو قلابة وغيره، وثقه العجلي أخرج له مسلم وأصحاب السنن. الجمع (ج 1 ص 374) الخلاصة ص 293). إسماعيل: 889. تقدم (ج 2، ص 449). إسماعيل بن أبي أُويس: 905. تقدم (ج 2، ص 449).

إسماعيل بن زكريا: 1036 تقدم (ج 524،1). إسماعيل السدي: 1204. هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي مولى قريش أبو محمد الكوفي (-127) الجمع (ج 1، ص 28) الخلاصة (ص 35). أبو إسماعيل الأسلمي: 1287. قال ابن حجر في تهذيب يروي عن أبي حازم عن أبي هريرة في الفتن وعنه ابن فضيل (تهذيب التهذيب ج 12، ص 10). لم يذكر الحافظ في التهذيب ولا الخزرجي في خلاصة الكمال على أنه اخرج له مسلم بل اقتصرا على أنه من رواة ابن ماجه مع أنه ذكره مسلم في الفتن. الأسود: 828. هو الأسود بن قيس العبدي وقيل البجلي أبو قيس يروي عن جماعة منهم جندب بن عبد الله، وثقه ابن معين والنَّسائي. تهذيب التهذيب (ج 1، ص 341)، الخلاصة (ص 37). أُسَيْد: 1248. هو أُسَيْد بن حُضَيْر بن سِماك له كنى منها أبو يحيى وأبو عتيك صحابي مشهور شهد العقبة وبدرا، والجابية وبيت المقدس (-20). التهذيب (ج 1، ص 347)، الخلاصة (ص 38). الأشجعي: 1078. هو عبُيد الله بن عُبيد الرحمن ويقال ابن عبد الرحمن الأشجعي أبو عبد الرحمن الكوفي وممن روى عنه أحمد بن حنبل وخلق (-182). الجمع (ج 1 ص 302) الخلاصة (ص 252). أبو الأشعث: 1181. جاء في تهذيب التهذيب أبو الأشعث شراحيل الجرمي عن النعمان بن بشير وعنه أبو قلابة الصواب في نسبته الصنعاني ولم يقل فيه الجرمي غير الترمذي (ج 12، ص 12)، وفي الخلاصة (443).

وجاء في صحيح مسلم عن أبي الأشعث الصنعاني وهو الصواب كما ذكره الحافظ بن حجر. الجمع (ج 1 ص 220). الأشعري: 1008. تقدم في (ج 1، ص 524). أشهب: 920. تقدم في (ج 1، ص 524). الأصمعي: 830/ 838/ 858/ 877/ 924/ 962/ 963/ 983/ 990/ 995/ 1018/ 1039/ 1042/ 1051/ 1102/ 1117/ 1122/ 1163/ 1180/ 1290/ 1296/ 1323/ 1343 تقدم في (ج 1، ص 226). الأعرابي: 1030. هو الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظّباء فيجيء البعير الأجرب فيدخل فيها فَيُجْرِبها كلها. فأجابه النبيء صلى الله عليه وسلم بقوله (فمن أعدى الأول). الأعرابي: 1048. هو الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له إني حلمت رأسي قُطع وأنا اتبعه فقال: لا تخبر بتلعب الشيطان بك. ابن الأعرابي: 812/ 827/ 838/ 953/ 987/ 1018/ 1029/ 1075/ 1122/ 1170/ 1171/ 1179/ 1193/ 1223/ 1260/ 1320 تقدم في (ج 2، ص 450). الأعشى: 860/ 1027 تقدم في (ج 2، ص 450). الأعمش: 903/ 982/ 1162/ 1177 تقدم في (ج 1 ص 525). صاحب الأفعال: 1042/ 1074/ 1091/ 1101/ 1113/ 1119/ 1140/

1149/ 1157/ 1197/ 1201/ 1310/ 1311/ 1344/ 1345/ 1348/ 1356. تقدم في (ج 2، ص 475) في ابن القوطية. ابن الأكوع: 850/ 852. هو عامر بن سنان وهو الأكوع بن عبد الله وكان عامر شاعرا وسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فقتل بها. أسد الغابة (ج 3، ص 82). الأُموي: 1223. هو عبد الله بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص أبو محمد الُأموي روى عنه أبو عبيد وغيره البغية (ج 2، ص 43). أُمية: 1193. تقدم في (ج 2، ص 450). أمير المؤمنين: 812. هو لقب الخلفاء وأول من لقب به ثاني الخلفاء عمر بن الخطاب. (الفاروق عمر بن الخطاب لمحمد رضا). ابن الأنباري: 838/ 928/ 953/ 971 / 1023/ 1027/ 1066/ 1089/ 1104/ 1110/ 1114/ 1122/ 1129/ 1171/ 1187/ 1322 تقدم (ج 1،ص 227). أنْجَشَةَ: 1086. هو العبد الأسود وكان حسن الصوت بالحداء فحدى بأزواج النبيء صلّى الله عليه وسلم في حجة الوداع فأسرعت الإبل فقال النبيء صلى الله عليه وسلم يا أنجشةُ رويدك رفقا بالقوارير. أسد الغابة (ج 1، ص 121). أنس: هو أنس بن مالك: 824/ 892/ 936/ 942/ 970/ 1007/ 1077/ 1078/ 1123/ 1177 /1284 تقدم في (ج 1، ص 525). أنس بن سيرين: 1007.

هو أخو محمد مولى أنس وكنيته أبو عبد الله أو أبو حمزة البصري عن مولاه وابن عباس وابن عمر، (-118) أو (-120) الجمع (ج 1 ص 36) الخلاصة: (ج 1، ص 40). الأنصاري: 1085. هو رجل من الأنصار لطم وجه يهودي لما قال والذي اصطفى موسى عليه السلام على العالمين فشكاه اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم. مسلم: (ج 4، ص 1843). الأوزاعي: 924. تقدم في (ج 1، ص 526). أويس بن عامر: 1165. هو أويس بن عامر القرني مخضرم أرسل، شهد صَفّيِن مع علي وقتل يومئذ. الخلاصة (ص 41). أيوب: 889/ 945/ 1285. تقدم (ج 1، ص 526). أبو أيوب: 1186. تقدم في: (ج 1، 526). *الباء* البخاري: 905/ 949/ 969/ 970/ 991/ 1007/ 1026/ 1031/ 1051/ 1181/ 1262/ 1285 تقدم في (ج 1، ص 213). البراء: 916/ 1219. ابن عازب. تقدم (ج 1، ص 526). أبو بردة: 924/ 1063. تقدم في (ج 2، ص 452).

ابن بشار: 916. تقدم في (ج 1، ص 526). بشير بن أبي إسماعيل: 1287. هكذا جاء ها هنا والصواب بشير أبو إسماعيل لأن بشير بن أبي إسماعيل غير معروف اصلا ثم أن حديثه ها هنا إنما هو عن أبي إسماعيل بشير بن سليمان وأبي إسماعيل يزيد بن كيسان، وحرّر. وقد أطال المازري ها هنا في التفرقة بين أبي إسماعيل بشير بن سلمان، وجاء هنا ابن سليمان، وأبي إسماعيل يزيد بن كيسان. بشير بن سليمان: 1287. يكنى أبا إسماعيل الكوفي عن أبي حازم الأشجعي وثقه أحمد وابن معين. الخلاصة (ص 50). بعضهم: 794/ 816/ 821/ 828/ 839/ 871/ 872/ 886/ 889/ 892/ 902/ 903/ 905/ 931/ 934/ 943/ 945/ 949/ 979/ 982/ 985/ 991/ 1001/ 1011/ 1013/ 1029/ 1030/ 1031/ 1036/ 1039 / 1043/ 1046/ 1049/ 1051/ 1056/ 1066/ 1077/ 1078 /1084/ 1100/ 1111/ 1145/ 1146/ 1164/ 1181/ 1196/ 1207/ 1262/ 1363/ 1284/ 1287/ 1263. تقدم في (ج 1، ص 208) وهو أبو علي الغساني صاحب تقييد المهمل. بقراط: 1029. هو ابن اقليدس كان من بيت شريف من أشهر الأطباء الأقدمين عاش 95 سنة ولد قبل الميلاد بـ 46 سنة وهو أول من دون في الطب ترجم له ابن أبي اصيبعة وقد ترجمت بعض كتبه إلى العربية دائرة معارف (14 - 20) (ج 1 ص 26). بقي بن مخلد الأندلسي: 1219. هو أبو عبد الرحمن القرطبي الحافظ المحقق وله مسند شهير وكان إماما مجتهدا. (-276) له تفسير قرآن أبدع فيه وله مصنف في فتاوي الصحابة والتابعين روى عنه جماعة الصلة (ج 1 ص 118).

بكر بن عمرو: 885. هو أبو بكر بن عمرو المعافري إمام جامع مصر ومن تلاميذه يزيد بن أبي حبيب وهو أكبر منه مات بعد (-140) في خلافة المنصور. الجمع (ص 57) الخلاصة (ص 51). أبو بكر: 802/ 809/ 812/ 815/ 897/ 949/ 952/ 1049/ 1100/ 1123/ 1129/ 1287/ 1356. أو الصديق أو أبو بكر الصديق. تقدم في (ج 1 ص 526). أبو بكر بن الأنباري: 897/ 1111/ 1303/ 1337. تقدم في (ج 1، ص 227). أبو بكر الرازي: 1073. لعله أبو بكر بن مجاهد. وهو الذي قال له ثعلب يا أبا بكر اشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا ... واشتغلت أنا يزيد وعمرو ... فراى له رؤيا مبشرة. البغية (ج 1، ص 397). أبو بكر بن أبي شيبة: 1162/ 1329/ 1363. (ن ابن أبي شيبة) تقدم في (ج 1، ص 527). أبو بكر بن الطيب: 1047/ 1100/ 1225/ 1265. أو القاضي أبو بكر. تقدم في (ج 1، ص 527). أبو بكر بن عبد الرحمن: 1164. الذي في مسلم ابن سليمان (ج 4، ص 1965). أما أبو بكر بن عبد الرحمن فهو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي أحد الفقهاء السبعة قاله أبو الزناد اسمه محمد أو المغيرة (-94). وأما أبو بكر بن سليمان فهو أبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة المدني عن جدته الشفاء وهو من علماء قريش. الجمع (ج 2 ص 593) الخلاصة (ص 444). أبو بكرة: 1285. هو نُفَيْع بن الحارث بن كلدة الثقفي أبو بكرة اعتزل الجمل وصَفِين (-

51). الجمع (ج 2 ص 533) الخلاصة (ص 404). بلال بن جرير: 1117. تقدم في (ج 2، ص 453) التاء أبو تراب: 1107. (ن علي بن أبي طالب). تقدم في (ج 1، ص 546). الترمذي: 906/ 924/ 925/ 936/ 950/ 1181. تقدم في (ج 1، ص 214). أبو التَّيّاح: 1077. هو يزيد بن حُمَيْد الضُّبعي أبو التَّيَّاح البصري أحد الأيمة عن أنس وغيره (-128). الجمع (ج 2 ص 619) الخلاصة (ص 431). الثاء ثابت:1284 هو ثابت البُنَاني، هو ثابت بن أسلم البُناني مولاهم أبو محمد البصري أحد الأعلام عن ابن عمر وعبد الله بن مغفّل وأنس وخلق من التابعين، كان من أعبد الناس (-127) عن ست وثمانين سنة. الجمع (ج 1 ص 65) الخلاصة (ص 56). ثعلب: 1073/ 1075/ 1109/ 1176/ 1205/ 1244/ 1339. أو أبو العباس أو أبو العباس ثعلب أو أحمد بن يحيى. تقدم في (ج 2، ص 453). أبو ثعلبة: 906. الخشني في اسمه واسم أبيه اختلاف صحابي شهد موقعة حنين مات

وهو ساجد (-75). أسد الغابة (ج 5 ص 154) الجمع (ج 1ص 79) الخلاصة (446). الثقفي: 945. هو عبد الوهاب بن عبد المجيد بن الصلت الثقفي أبو محمد البصري أحد الأيمة ومن شيوخه أيوب، أخرج له الستة (-194) الجمع (ج 1 ص 326). الخلاصة (ص 248). ثُمامة بن أُثال: 965. هو ثمامة بن أثال بن النعمان بن مسلمة وهو الذي عفا عنه النبيء صلى الله عليه وسلم حين أُسر فأسلم، قتله بنو قيس بن ثعلبة. أسد الغابة (ج 1، ص 246). *الجيم* جابر: 917/ 924/ 965/ 1030/ 1078/ 1145/ 1358. -رضي الله عنه- وهو جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري السَّلَمِي الصحابي المشهور. تقدم (ج 1 ص 528) جالينوس: 1029. طبيب وكاتب يوناني وعمل جراحا وينسب له خمسمائة مؤلف أغلبها في الطب والفلسفة وله اكتشافات طبية (-200م) الموسوعة العربية الميسرة (ص 597). جبريل: 828/ 951/ 1084. عليه السلام. تقدم في (ج 1 ص 529). ابن جبير: 1268. هو نافع بن جبير بن مطعم المدني أبو محمد (-99). الجمع (ج 2 ص 527) الخلاصة (ص 399). جريج: 1161/ 1169.

هو عابد من بني إسرائيل الذي تكلم الصبي ببراءته كما في حديث مسلم باب تقديم بر الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرها من كتاب البر والصلة والآداب. مسلم (ج 4 ص 1976). جرير: 903. الأقرب أنه جرير بن عبد الحميد بن جرير الرازي، وقد تقدم في (ج 1 ص 529). جرير: 1322. الشاعر، هو جرير بن عَطِيَّة بن حُذَيْفَة يكنى أبا حَرْزَة وعمر نيفا وثمانين سنة (-110). الشعر والشعراء (ج 1 ص 435) وفيات الأعيان (ج 1، 321) الأعلام (ج 2، ص 111) جرير بن حازم: 970. هو جرير بن حازم بن عبد الله الأزدي ثم العتكي أبو النضر البصري ويروي عن جماعة منهم الأعمش وثابت البناني (-175) تهذيب التهذيب (ج 2، ص 69)، الخلاصة (ص 61) جرير بن زيد: 970. هو جرير بن زيد بن عبد الله الأزدي أبو سلمة البصري قرنه البخاري بآخر وأخرج له مسلم والنسائي قال أبو حاتم لا بأس به. الجمع (ج 1، ص 75) الخلاصة (ص 61) وهو الذي غلط فيه أبو العلاء. جرير بن عبد الله: 1146. البجلي أبو عمرو وقيل أبو عبد الله اليمان وروى عن النبيء صلى الله عليه وسلم وعن عمر ومعاوية أسلم في السنة التي توفي فيها النبيء صلى الله عليه وسلم (-51) وقيل سنة (-54). أسد الغابة (ج 1، ص 279) والتهذيب (ج 2 ص 75) الخلاصة (ص 61). جرير بن يزيد: 970. هذا ما ذكره أبو العلاء في حديث أنس بن مالك أنه راى رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في المسجد والصواب جرير بن زيد

وقد تقدم في ترجمة (جرير بن زيد). جعفر: 944. هو جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع الأنصاري الأوسي المدني، قال البخاري في التاريخ رأى أنسا -رضي الله عنه- وذكره ابن حبان في الثّقات. التهذيب (ج 2، ص 99)، الخلاصة (ص 63). جعفر بن حميد: 1219. شيخ مسلم لم يرو عنه إلا حديثا واحدا وهو حديث فرح الله بتوبة عبده وهو كوفي يعرف بزنبقة (-240). الخلاصة (ص 62)، التهذيب (ج 2، ص 87) الجمع (ج 1 ص 71). جعفر بن عون: 1363. هو ابن جعفر بن عمرو بن حريث أبو عون الكوفي (-206 أو-207) وهو ابن 97 سنة. الجمع (ج 1ص 70) الخلاصة (ص 63). أبو جعفر الأبهري: ليس هناك من هو أبو جعفر الأبهري إلا أحمد بن محمد الأبهري أبو جعفر المحدث. تذكرة الحفاظ (ج 3، ص 215) طبعة أولى. الجُلودي: 816/ 828/ 902/ 905/ 932/ 944/ 945/ 949/ 979/ 985/ 1001/ 1013/ 1036/ 1077/ 1078/ 1145/ 1146/ 1219/ 1277/ 1299. أبو أحمد محمد بن عيسى. تقدم في (ج 1، ص 162). جندب بن سفيان: 828. هو جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي يكنى أبا عبد الله له صحبة ومن الراوين عنه الأسود بن قيس توفي من (-60) إلى (-70). التهذيب (ج 2، ص 117)، الخلاصة (ص 64). جَهْجَاهُ الغفاري: 965. وهو وابن قيس بن سعد بن حرام بن غفار وهو من أهل المدينة شهد بيعة الرضوان وهو الكافر الذي استضافه النبيء صلى الله عليه وسلم وأسلم وهو ممن خرج على عثمان -رضي الله عنه-. أسد الغابة (ج 1 ص 309).

أبو جهل: 802/ 803/ 804. تقدم في (ج 2 ص 454). أبو حاتم: 836. هو محمد بن إدريس بن المنذر الرازي المحدث الحافظ (-277). هدية العارفين (ج 2، ص 19)، معجم المؤلفين: (ج 9، ص 35). ابن أبي حاتم الرازي: 970. تقدم في (ج 2، ص 454). الحارث بن حلزة: 924. هو الحارث بن حلزة اليشكري من بني يشكر (ويشكر بطون متعددة) (-50 قبل الميلاد) وهو من شعراء الجاهلية وهو صاحب القصيدة المشهورة إحدى المعلقات. الشعر والشعراء (ج 1، ص 150)، الأعلام (ج 2، ص 155). الحارث بن يزيد: 885. الحضرمي أبو عبد الكريم المصري وثقه أحمد وأبو حاتم (-130). الجمع (ج 1 ص 96) الخلاصة (ص 69). أبو حازم: 821/ 949/ 1287/ 1300. هو سلمة بن دينار مولى الأسود بن سفيان أبو حازم الأعرج، أحد الأعلام أخرج له الستة، وروى عنه ابنه عبد العزيز ومالك (-135)، قاله خليفة وقيل في غيرها. الجمع (ج 1، ص 191)، الخلاصة (ص 147). حاطب بن أبي بلتعة: 1161/ 1168. هو عمرو بن عمير بن سلمة أبو عبد الله وقيل أبو محمد وشهد بدرا والحديبية وهو صاحب الكتاب إلى قريش لما اراد النبيء صلى الله عليه وسلم المسير إلى فتح مكة وتوفي (-30). (أسد الغابة ج 1 ص 360). حبان: 820. -بكسر الحاء- ابن أبي قيس بن علقمة وهو وابن العَرِقة الذي رمى سعد بن معاذ يوم الخندق -رضي الله عنه-. المعلم (ف 820).

حبيب: 1329. هو ابن أبي ثابت الكاهلي مولاهم أبو يحيى الكوفي وممن روى عنهم ابن عباس وابن عمر (-119). التهذيب (ج 2، ص 178) الخلاصة (ص 70). ابن حبيب: 924/ 928/ 939/ 972/ 1011/ 1030/ 1032. تقدم في (ج 2، ص 454). الحجاج: 874/ 1166. ابن يوسف هو الحجاج بن يوسف بن الحكم الثقفي أبو محمد من ولاة الدولة الأموية السفاك وهو مبير ثقيف الوفيات (ج 2 ص 29) وجاء في تهذيب التهذيب تميزا. حجاج بن الشاعر: 1263. تقدم في (ج 2، ص 455). ابن الحذاء: 1262. تقدم في (ج 2، ص 455). حرملة بن يحيى: 1298. هو ابن عبد الله بن حرملة التوجيبي أبو حفص المصري صاحب الشافعي عن ابن وهب وعنه مسلم والنسائي وابن ماجة (-243) الجمع (ج 1 ص 112) الخلاصة (ص 74). حسان: 1147/ 1157. هو حسان بن ثابت بن المنذر الأنصاري النَّجَّاري شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو عبد الرحمن أو أبو الوليد (-54) عن 120 سنة هو وأبوه ثابت وجده المنذر وجد أبيه عاش كل واحد منهم 120 سنة. التهذيب (ج 2 ص 247)، الخلاصة (ص 75). الحسن البصري: 1026/ 1285/ 1319. تقدم في (ج 1، ص 530). الحسن الحُلواني: 816/ 970. هو الحسن بن علي الحُلواني الريحاني المكي أبو علي وقد أخذ عنه

البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة (-242). التهذيب (ج 2 ص 302)، الخلاصة (ص 79). الحسن بن علي: 1117. -رضي الله عنهما- تقدم في (ج 1 ص 531). أبو الحسن الأشعري: 1100/ 1186/ 1191/ 1265. تقدم في (ج 1، ص 524). أبو الحسن بن القابسي: 925. تقدم في (ج 2، ص 455). الحسين: 897. هو ابن علي -رضي الله عنهما- تقدم في (ج 1، ص 531). الحسين بن الوليد: 905. هو مولى قريش أبو علي أو أبو عبد الله النيسابوري الفقيه. أخذ عن مالك وغيره (-203) أو (-202). الخلاصة (ص 85). حفص بن غياث: 1264. ابن طلق بن معاوية النخعي أبو عمر قاضي الكوفة. (-194) أو (-195) أو (-196) الجمع (ج 1 ص 92) الخلاصة (ص 88). حفص بن ميسرة: 1013. العُقيلي أبو عمر الصنعاني صنعاء الشام ثم العسقلاني (-181) وثقه أحمد وابن معين. الجمع (ج 1 ص 92) الخلاصة (ص 88). الحكم: 917. يقول بتحريم لحوم الخيل ولعله الحكم بن عتيبة -مصغرا- أبو محمد أحد الأعلام من الفقهاء وهو صاحب سنة واتباع (-115) الجمع (ج 1 ص 100) الخلاصة (ص 89). حماد بن زيد: 889/ 1181/ 1285. وجاء في نسخة ابن ماهان: حماد بن سلمة في الفقرة (1285) والمحفوظ حماد بن زيد. تقدم (ج 1، ص 531).

حمزة: 935/ 977. هو ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي أبو يعلى وقيل أبو عمارة كني بابنيه يعلى وعمارة، وأمه هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة وهي أبنة عم آمنة أم النبيء صلى الله عليه وسلم وهو شقيق صفية بنت عبد المطلب أم الزبير وهو عم الرسول صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة ولما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عزّ ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدرا وأبلى فيها بلاء حسنا مشهورا، وشهد أحدا فقتل بها يوم السبت نصف شوال (-3). أسد الغابة (ج 2، ص 46). ابن حمزة: 1341. من علماء اللغة ولم أقف له على ترجمة أبو حمزة: 930. يبدو أنه من علماء اللغة. حميد: 892/ 1329. تقدم (ج 1، ص 531)، الجمع (ج 1، ص 90). الحميدي: 943. الجمع (ج 1، ص 265) وتقدم (ج 1، ص 531). ابن حنبل: 882. تقدم في: (ج 1، ص 523). الحنفي:812. أراد المتمذهب بالمذهب الحنفي. أبو حنيفة: 793/ 798/ 809/ 817/ 906/ 908/ 909/ 924/ 928/ 936/ 1043/ 1100. تقدم (ج 1، ص 532). حيدرة: 864. من أسماء علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وكرم وجهه وقد سمي به أول ما وجد. تقدم في (ج 1، ص 546)، وترجمته من أوسع التراجم.

*الخاء* خالد بن جنبة: 1301. من علماء اللغة نقل عنه المازري بيان السارحة، والظاهر أنه أخو عبد الوهاب ابن جنبة شيخ أبي العبّاس المبرد، والمبرد توفي سنة (-285). خالد الحذاء: 1181. هو خالد بن مهران المجاشعي أو القرشي أو الخزاعي مولاهم أبو المُنَازِل البصري الحذاء الحافظ (-141). الخلاصة (103) وتقدم (ج 2، ص 457). خالد بن عبد الله: 979. تقدم في (ج 1، ص 532). خالد بن الوليد: 804/ 917. تقدم (ج 2، ص 457). أبو خالد الأحمر: 892. هو سليمان بن حَيَّان الأسدي الكوفي. تقدم في (ج 1، ص 532). ابن خالويه: 1345. تقدم في (ج 2، ص 457). الخضر: 1209. الخَضَرْ والخِضْر ككَبِدْ وكِبْد قال الجوهري وهو افصح. وكنيته أبو العباس والاصح أن اسمه أحمد وقيل بليا. وأختلف في نبوته وهو ما ذهب إليه صاحب القاموس حيث قال وخضر النبيء عليه السلام وانكر نبوته جماعة من المحققين. وكذلك اختلف في حياته وأنكر حياته جماعة منهم البخاري وابن المبارك والحربي وابن الجوزي. ومال إلى حياته جماعة منهم ابن عبد السلام وابن عرفة والأبي وأورد الأبي في اكمال الأكمال أدلة على ذلك. انظر القاموس وشرحه التاج (ج 11، ص 183 وما بعدها) ط الكويت.

الخَطّابي: 1031/ 1050/ 1122/ 1155 /1250/ 1282 / 1291/ 1292. حَمَدَ بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي من مؤلفاته (غريب الحديث) والكتاب المشهور معالم السنن: في شرح سنن ابن داود، وإصلاح غَلَطِ المحدثين، وغير ذلك. كان فقيها أديبا محدثا له شعر رائق، توفي سنة (-388) بمدينة بست. الوفيات (ج 2 ص 214) ط بيروت. خلف بن خليفة: 949. ابن صاعد الأشجعي مولاهم أبو أحمد الكوفي ثم الواسطي ثم البغدادي (-181) وهو ابن مائة سنة وسنة. ويقال إنه راى عمر بن حزيب صاحب النبيء صلى الله عليه وسلم. الجمع (ج 1 ص 125)، الخلاصة (ص 105). خُليد بن جعفر: 794. ابن طريف الحنفي أبو سليمان البصري وثقه ابن معين. انفرد عنه بالرواية مسلم دون البخاري. الجمع (ج 1 ص 129) الخلاصة (106). الخليل: 829/ 972. تقدم في (ج 2 ص 457). الدال الدارقطني: 871/ 886/ 1001/ 1162/ 1263. تقدم في (ج 2، ص 458). أبو داود: 798/ 812/ 849/ 871/ 906/ 915/ 917/ 924/ 925/ 936/ 937/ 950/ 1046/ 1162/ 1177/ 1285. تقدم في (ج 2، ص 458). أبو داود الحُرَيْبي: 1162. هكذا جاء في (أ) عن أبي داود الحريبي ويمكن أن يكون الحديبي. وجاء في النووي عن أبي داود والخرشي بعطف الخرشي. والظاهر أن الصواب عن أبي داود والخريبي، والخريبي هذا من رواة الأعمش كما جاء في تهذيب التهذيب (ج 4، ص 222) أن الرواة عن الأعمش منهم

الخريبي: والخريبي عبد الله بن داود بن عامر الهَمْداني الشعبي أبو عبد الله الكوفي والخريبي بالتصغير. (-213). من تهذيب التهذيب (ج 4، ص 222) الجمع (ج 1، ص 265) الخلاصة (ص 196) ويدل على أنه الخريبي أن رواته نصر بن علي كما جاء في المعلم وليس هناك الحريبي ولا الحديبي. الدجَّال: 1297/ 1307. تقدم في (ج 1، ص 533). دحية: 836/ 1084. تقدم في (ج 2، ص 458). أبو الدرداء: 1027. تقدم في (ج 1، ص 533). دُريد بن الصمة: 798. من جشم بن معاوية بن بكر بن هوزان يُكَنَّى أبا قرَّة وهو من غزية وهو القائل: [الطويل] وهل أنا إلا من غُزَيّة إن غوت ... غَوَيْت وإن ترشد غزية أرْشُدِ وهو من المعمرين، قتل في غزوة حنين. الشعر والشعراء (ج 2، ص 725)، الأعلام (ج 3، ص 16). ديسْقُوريدُوس: 1029. مَن قدماء الأطباء اليونانيين. -الذّال- أبو ذر: 886. تقدم في (ج 1، ص 533). ذُو نُواس: 1122.

(ملك اليمن)، وذو نُواس بالضم زُرعة بن حسان تُّبَع الحِمْيري من أذواء اليمن وملوكها سمي بذلك لذؤابة كانت تنوس على ظهره أو على عاتقيه. القاموس مع تاج العروس (ج 16، ص 584) ط. الكويت. -الراء- الراجز: 1292. من يقول الرجز، وهو أحد بحور الشِّعْر الرازي: 872/ 904/ 944/ 945/ 949/ 1013/ 1036/ 1263. من رواة مسلم، تقدم في (ج 1 ص 168). الراوي: 849. للحديث هو سيدنا أنس بن مالك -رضي الله عنه-. تقدم (ج 1، ص 525). أبو الربيع: 1077. هو أبو الربيع الزهراني، تقدم في (ج 1، ص 534). ربيعة: 934. هو ربيعة الرأي، تقدم في: (ج 1، ص 534). رجل من الأنصار: 1287. هو الذي ذهب إلى بيته النبيء صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر -رضي الله عنهما-. الرجل المرتد: 1123. المنتقد على الإِسلام، ويبدو أنه انتحل الارتداد، وهو مسيحي أحب أن ينقد الإِسلام مظهرا أنه كان مسلما فاستهوته المسيحية وقد ألف في الرد عليه المازري كتابه (قطع لسان النابح في المترجم بالواضح. وقد أفاض المازري في الرد عليه بما يشفي الغليل. رجل يهودي: 1022.

وهو لبيد بن الأعصم من يهود بني زريق سحر النبيء صلى الله عليه وسلم في مشط ومشاطة وجب طلعة ذكر، والجب هو وعاء طلع النخل، وهو الغشاء الذي يكون عليه، مسلم (ج 4، ص 1719). أبو رزين: 983. هو مسعود بن مالك الأسدي الكوفي عن علي وابن مسعود -رضي الله عنهما- وهو مولى أبي وائل وثقه أبو زرعة. أخرج له مسلم وبقية أصحاب الصحاح، والبخاري في الأدب المفرد. الجمع (ج 2، ص 509). الخلاصة (ص 374). الرسل: 1080/ 1196. جمع رسول والرسول إنسان بعثه الله تعالى ومعه شريعة سواء أمر بتبليغها أو لا، وهذا إذا قلنا إنه مرادف للنبيء وقد يختص بالتبليغ إلى الخلق أو بصاحب كتاب أو بصاحب شريعة، والمشهور أن الرسول إنسان بعثه الله بتبليغ الأحكام ومعه كتاب وشريعة قال السيد قدس سره الرسول أفضل بالوحي الخاص فوق وحي النبوة. دستور العلماء (ج 3، ص 394) ط. الهند، مطبعة دائرة المعارف النظامية بحيد آباد الدَّكَن. -الزاي- زائدة: 1162. ابن قدامة الثقفي أبو الصلت الكوفي أحد الأعلام، وثقه أبو حاتم وغيره مات غازيا بأرض الروم سنة (-162) هذا ما في الخلاصة، وفي التهذيب سنة (-160) أو (-161). الجمع (ج 1، ص 155). الزبير: 812/ 882/ 1079/ 1114. هو الزبير بن العوام القرشي. تقدم في (ج 2، ص 460). ابن الزبير: 966.

هو عبد الله بن الزبير. تقدم في (ج 2، ص 461). أبو الزبير: 1030. هو محمد بن مسلم. تقدم في (ج 1، ص 534). الزجاج: 144. إبراهيم بن السري بن سهل أبو إسحاق الزجاج، كان من أهل الفضل والدين علاوة على علمه الجم وهو صاحب كتاب معاني القرآن وغيره، (-311). البغية (ج 1، ص 413). الزَّجَاجي: 1129. أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي البغدادي لزم الزجاج فنسب إليه وهو صاحب الجمل الكتاب المشهور في النحو، (339). البغية (ج 2، ص 77). زكرياء: 1145. ابن عدي بن الصلت التيمي مولاهم أبو يحيى الكوفي الحافظ وهو من رجال الصحيحين (-211) أو (-212). الجمع (ج 1، ص 151)، الخلاصة (ص 122). الزُّهْرِي: 811/ 871/ 1029/ 1078/ 1164/ 1263/ 1298. تقدم في (ج 1، ص 534). زُهَيْر: 860/ 1141. الشاعر. تقدم في (ج 2، ص 461). زهير بن حرب: 816/ 818/ 886/ 889/ 1041. تقدم في (ج 1، ص 534). زهير بن معاوية: 872. هو أبو حنيفة زهير بن معاوية بن حديج ومعاوية هذا غير معاوية بن خديج أو حُدَيج الذي غزا إفريقية، كان زهير بن معاوية هذا أحد الحفاظ والأعلام (100 - 173). الجمع (ج1، ص 152) الخلاصة (ص 123).

زيد بن أسلم: 1013/ 1207. أبو أسامة العدوي مولاهم المدني، أحد الأعلام عن أبيه وابن عمر وثقه أحمد وغيره وعنه مالك وغيره (-136). الجمع (ج 1، ص 144)، الخلاصة (ص 126). زيد بن ابن أنيسة: 1162. تقدم في (ج 2، ص 461). زيد بن ثابت: 1123/ 1327. تقدم في (ج 1، ص 535). أبو زيد: 1123. أحد عمومة أنس، وهو أوس وقيل معاذ وهو أحد الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. أسد الغابة (ج 5، ص 203). أبو زيد: 899/ 1030/ 1163. الأقرب أنه سعيد بن أوس الإِمام المشهور صاحب التصانيف (-215). البغية (ج 1، ص 582). -السين- سالم بن أبي سالم الجَيْشَاني: 886. المصري واسم أبي سالم سفيان روى عن أبيه وعبد الله بن عمر وغيرهما وعنه ابنه عبد الله، ذكره ابن حبان في الثقات. الجمع (ج 1، ص 189)، التهذيب (ج 3، ص 435)، الخلاصة (131). سالم بن عبد الله: 1164/ 1298. تقدم في (ج 1، ص 535). أبو سالم الجَيْشَاني: 886. هو سفيان بن هانىء أبو سالم المصري مخضرم سمع زيد بن خالد الجهني وأبا ذرّ، وعنه بكر بن سوادة وابنه سالم المتقدم. الجمع (ج 1، ص 166)، الخلاصة (ص 146).

السَّجزي: 821/ 872/ 904/ 943/ 949/ 1013/ 1263. تقدم في (ج 1، ص 174) في رواة مسلم. سحنون: 920/ 1168. تقدم في (ج 1، ص 535). سعد: 1248. هو ابن عبادة -رضي الله عنه-. تقدم في (ج 1، ص 535). سعد: 812/ 1107/ 1111/ 1263. هو سعد بن أبي وقاص. تقدم في (ج 1، ص 536). سعد بن إبراهيم: 1111/ 1263. ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري عن أنس وعبد الله بن جعفر وغيرهما، (-125). الجمع (ج 1 ص 160) الخلاصة (133). سعد بن معاذ: 820/ 822/ 1029/ 1123. ابن النعمان الأنصاري الأوْسي ثم الأشهلي أبو عمرو أسلم على يد مصعب بن عمير، وقد أسلم على يديه بنو عبد الاشهل، صاحب المواقف المشهودة في الإسلام أصيب بسهم يوم الخندق ومات بسببه وقد اهتز لموته عرش الرحمن. وكانت وفاته بعد يوم قريظة سنة خمس من الهجرة، أخرج له البخاري حديثا الجمع (ج 1، ص 161)، أسد الغابة (ج 2، ص 296)، الخلاصة (ص 125). سعيد: 932/ 991. هو ابن أبي عروبة تقدم في (ج 2، ص 463). سعيد بن أبي أيوب: 886. تقدم في (ج 2، ص 463). سعيد بن أبي مريم: 1207. هو سعيد بن الحكم المعروف بابن أبي مريم، أبو محمد المصري روى عن مالك والليث وأبي غسَّان محمد بن مطرف وروى عنه البخاري، قال أبو داود: هو ججة ووثقه أبو حاتم وكان فقيها (-224) عن ثمانين

سنة. تهذيب التهذيب (ج 4، ص 17)، الجمع (ج 1، ص 165)، الخلاصة (137). سعيد بن المسيب: 1026. تقدم في (ج 2، ص 480). أبو سعيد الخدري: 794/ 932/ 1162/ 1207. تقدم في (ج 1، ص 536). السفاح: 812. أول خلفاء بني العباس وهو أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، قتل مروان إبراهيم أخا السفاح فعهد إلى أخيه عبد الله وهو السفاح وبويع بالخلافة بالكوفة سنة (132)، ومات بالجدري سنة (-136) وكان قد عهد إلى أخيه أبي جعفر المنصور وكان سريعا إلى سفك الدماء. تاريخ الخلفاء للسيوطي (ص 256). سفيان بن عيينة: 811/ 818/ 943/ 1111/ 1262/ 1264/ 1329. تقدم في (ج 1، ص 548). أبو سفيان: 837/ 1212. تقدم في (ج 2، ص 463). ابن السكيت: 836/ 916/ 946/ 1052/ 1062/ 1067/ 1129/ 1133/ 1237/ 1279/ 1303/ 1314/ 1322/ 1353. تقدم في: (ج 2، ص 463). ابن سلام: 1129/ 1342. يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة التيمي البصري ثم الإفريقي، صاحب التفسير الشهير، قال ابن الجزري في غاية النهاية في طبقات القراء (نزل المغرب وسكن إفريقية دهرا وسمع الناس بها كتابه في تفسير القرآن، وليس لأحد من المتقدمين مثله وكتابه الجامع، وكان ثقة ثبتا ذا علم بالكتاب والسنة ومعرفة اللغة والعربية صاحب سنة. توفي في صغر سنه (-200) قال أبو العرب وكان من الحفاظ طبقات أبي

العرب (طابي الشنب) (ج 1 ص 37). غاية النهاية (ج 2 ص 373). الأعلام (ج 3 ص 182). سلمان: 869. هو سلمان الفارسي، تقدم (ج 1 ص 537). سلمة بن الأكوع: 808/ 871. تقدم في (ج 2 - ص 463). أبو سلمة: 1030/ 1045/ 1263. هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني ليس له اسم روي عن أبيه واسامة بن زيد وأبي أيوب. وقال الحاكم إنه أحد الفقهاء السبعة (-94 أو 104)، (الخلاصة ص 451) وتقدم في (ج 1، ص 537). سليمان: 1032. هو سليمان بن داود، تقدم (ج1 ص 537). سليمان الأحول: 943. هو سليمان بن مسلم المكي الأحول أخرج له الستة وقال أحمد وابن معين وأبو حاتم وأبو داود والنسائي: ثقة. وذكره ابن حِبَّان في الثقات. -الجمع (ج 1 ص 180) -التهذيب (ج 4 ص 218)، -الخلاصة (ص 154). سليمان بن المغيرة: 1284. هو أبو سعيد سليمان بن المغيرة القيسي مولاهم البصري، قال أحمد: ثَبْتٌ، ثَبْتٌ أخرج له الستة (-165هـ) -الجمع (ج 1، ص 183) -الخلاصة (ص 154). سماك: 1075. تقدم في (ج 2، ص 464). ابن سمية: 1290. هو عمار بن ياسر بن عامر المذحجي ثم العنسي أبو اليقظان. من السابقين الأولين إلى الإِسلام وهو حليف بني مخزوم، وأمه سمية،

وهي أول من استشهد في سبيل الله عز وجل. قتل في موقعة صِفِّين مع علي -رضي الله عنه- سنة (37) وعمره اربع وتسعون سنة وشهد بدرا وأُحدا والخندق وبيعة الرضوان أخرج له الستة. أسد الغابة (ج 1 ص 43) الجمع (ج 1 ص 399) الخلاصة (ص 279). سَهل بن حُنَيف: 1021. ابن واهب أبو ثابت ويقال أبو الوليد المدني، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وزيد بن ثابت. شهد بدرا والمشاهد كلها وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله يوم أحد وكان بايعه على الموت ثم صحب عليا وشهد معه صفين ومات (-38 هـ). -الجمع: (ج 1 ص 186) -الخلاصة (ص 157). سهل بن سعد: 821. تقدم في (ج 2 ص 464). سهل بن أبي صالح: 1036. تقدم في (ج 1 ص 538). والد سهيل: 1036. هو أبو صالح ذكوان السمان الزيات شهد الدار زمن عثمان -رضي الله عنه-. روى عن أبي هريرة وأبي الدرداء وأبي سعيد الخدري وغيرهم من الصحابة روى عنه أولاده، ومنهم سهيل وصفه الكثير بالثقة (-101)، وكان من أثبت الناس في أبي هريرة -التهذيب (ج 3 ص 219) الجمع (ج 1 ص 132) الخلاصة (ص 112). سويد بن سعيد: 1013. هو أبو محمد سويد بن سعيد الهروي الأنباري روى عنه الإِمام مسلم وابن ماجه وقال أبو حاتم صَدُوق مدلس وهو من أفراد مسلم (-240) -الجمع (ج 1 ص 200) -الخلاصة (ص 159). ابن سيرين: 1007/ 1205/ 1342. تقدم في (ج 1، ص 538).

سيف: 1263. ابن أبي سليمان أو سيف بن سليمان. أو سيف أبو سليمان. المكي روى عنه جماعة منهم ابن المبارك قال أحمد: إنه ثقة وذكره ابن حِبَّانَ في الثقات. - (151 هـ) -الجمع (ج 1 ص 207) -التهذيب (ج 4، ص 294) -الخلاصة (ص 161). سيف بن ذي يزن: 829. ابن ذي أصبح الحميري من ملوك العرب اليمنيين استعان بالفرس على الحبشة وملك نحو خمس وعشرين سنة (-50 قبل الهجرة). الكامل لابن الأثير (ج 1، ص 263)، الأعلام (ج 3، ص 218). ابن سينا: 1029. أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا مشرف الملك الفيلسوف الرئيس صاحب التصانيف التي منها القانون والشفا (-428). الوفيات (ج 2، ص 157)، الأعلام (ج 2، ص 261). -الشين- أبو شاة: 1327. تقدم في (ج 2، ص 465). الشاعر: 845/ 847/ 854/ 928/ 976/ 1006/ 1026/ 1031/ 1056/ 1074/ 1122/ 1218/ 1261/ 1337. الشافعي: 793/ 798/ 802/ 810/ 837/ 906/ 908/ 909/ 917/ 924/ 928/ 934/ 936/ 937/ 1022/ 1100/ 1168. تقدم في (ج 1، ص 538). الشاكي: 1030. هو الذي شكى إلى النبيء صلى الله عليه وسلم: ذهاب أهله وماله من سكنى داره

الشريد بن سويد الثقفي: 1041. هو أبو عمْرو شهد بيعة الرضوان له أحاديث انفرد له مسلم بحديثين وقيل أن اسمه مالك وسماه النبيء صلى الله عليه وسلم الشريد، روى عنه ابنه عمرو. الجمع (ج 1، ص 220)، أسد الغابة (ج 2، ص 396)، الخلاصة (ص 169). ابن شعبان: 1040/ 1079. تقدم في (ج 1، ص 538). شعبة: 794/ 892/ 1162/ 1177/ 1277. هو شعبة بن الحجام العتكي المحدث تقدم في (ج 1، ص 538). الشعراء: 1029. جمع شاعر، وهو من نظم الشعر. شعيب: 1164. هو ابن أبي حمزة. تقدم في (ج 2، ص 466). أبو شعيب: 954. الأنصاري روى عنه أبو مسعود الأنصاري قال كان رجل من الأنصار يقال له أبو شعيب وكان له غلال لحام أي يبيع اللحم فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف في وجهه الجوع فقال لغلامه ويحك اصنع لنا طعاما لخمسة نفر فإني أريد أن ادعو النبيء صلى الله عليه وسلم خامس خمسة قال: فصنع له ثم أتى النبيء صلى الله عليه وسلم فدعاه الحديث الذي ذكره المازري. صحيح مسلم (ج 3، ص 1608)، أسد الغابة (ج 5، ص 226). شمر: 840/ 877/ 933/ 1025/ 1071/ 1073/ 1076/ 1086/ 1127/ 1151/ 1173/ 1180/ 1190/ 1193/ 1303. شَمِر بن حَمْدَوَيْه الهروي اللغوي في القاموس مع التاج بأنه شَمر بفتح الشين وكسر الميم كَكَتِف وقال الصاغاني والعامة تقول شِمْر. وقد تقدم في (ج 2، ص 466).

ابن شهاب: 816/ 849/ 871/ 1298. تقدم في (ج 2، ص 466). شيبان بن عبد الرحمن: 1284. النحوي أبو معاوية، جاء هذا في نسخة ابن الحذَّاء وهو خطأ لأنه ليس ممن يروي عنه مسلم إذ لم يكن من شيوخه وقد توفي سنة (-164) ترجمته في الخلاصة (ص 168) والصواب شيبان بن فروخ. شيبان بن فروخ: 1077/ 1162/ 1184. الأُبلي من شيوخ مسلم، هو أبو محمد بن فروخ الحَبَطِي مولاهم الُأبُلّي بضم الهمزة والموحدة وتشديد اللام وعنه مسلم وأبو داود قال أحمد: ثقة (-235) أو (-236) وفي الجمع (-238) أو (-237). الجمع (ج 1، ص 215)، الخلاصة (ص 168). ابن أبي شيبة أو أبو بكر: 818/ 821/ 828/ 872/ 892/ 902/ 903/ 943/ 949/ 991/ 1001/ 1007/ 1111/ 1162. تقدم في (ج 1، ص 527)، وفي (ج 2، ص 466). الشيطان أو إبليس أو الشياطين: 1260/ 1273/ 1286. إبليس هو أعجمي ولذا لم يصرف أو هو مشتق من إبلس أي يئس من رحمة الله قال في القاموس والتاج من ابلس إبليس لعنه الله لأنه يئس من رحمة الله تعالى وندم وكان اسمه عزازيل، والصحيح أنه أعجمي وأن وافق معنى إبليس لفظا ومعنى. التاج (ج 4، ص 111)، والشيطان معروف فيقال من شطن إذا بعد فيمن جعل النون أصلا وقولهم الشياطين دليل على ذلك وقيل من شاط يشيط إذا احترق غضبا قال الأزهري والأول أكثر، وقال أبو عبيد الشيطان كل متمرد من إنس أو جن أو دابة والمراد هنا اللعين. التاج (ج 9، ص 253).

-الصاد- صالح: 816. هو صالح بن كيسان وقد تقدم في (ج 1، ص 539). أبو صالح: 983/ 1162/ 1177. هو ذكوان السمان الزيات، تقدم في (ج 2، ص 466). ابن صياد: 1286/ 1293/ 1298. قال البيهقي في كتابه البعث والنشور "اختلف الناس في أمر ابن صياد اختلافا كثيرا هل هو الدجال؟، وقال ومن ذهب إلى أنه غيره احتج بحديث تميم الداري في قصة الجساسة الذي رواه مسلم"، ثم قال البيهقي يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان كالمتوقف في أمره ثم جاءه البيان أنه غيره، وقد أفاض في شأنه الإِمام النووي (ج 18 ص 47) وذكر مسلم روايات متعددة منها ادعاؤه الإِسلام وتبريه من أنه الدجال حتى أنه حج وقال الخطابي واختلف السلف بعد كبره فروى عنه أنه تاب، وكان ابن عمر وجابر يحلفان أن ابن الصَيَّاد هو الدجال لا يشكان فيه. -الطاء- أبو الطاهر: 871. تقدم في (ج 1، ص 540). الطبري: 1047. تقدم في (ج 2، ص 467). الطحاوي: 1049. تقدم في (ج 2، ص 467). قال الطِّرْمَاحُ: 1101.

فلما عوى ليث السماك سبعته ... كما أنا أحيانا لَهُنَّ سُبُوعُ. هو الطرماح بن حكيم من طيء ويكنى أبا نَفْرٍ، نحو (-125هـ) وهو شاعر إسلامي فحل وترجمته في الشعر والشعراء (ج 2 ص 566) الأعلام (ج 3 ص 225). أبو الطفيل: 1008. هي إحدى كنيتي أبي بن كعب -رضي الله عنه- فإنه يكنى أبا المنذر، وأبا الطفيل وتقدمت ترجمته أبي بن كعب (ج 1 ص 523). طلحة: 981/ 1029. تقدم في (ج 2، ص 467). أبو طلحة: 915/ 916/ 936/ 954/ 970/ 1064. هو زيد بن سهل بن الأسود النجاري الأنصاري المدني شهد العقبة وبدرا والمشاهد كلها، وهو أحد الفقهاء. روى عن النبيء صلى الله عليه وسلم عنه ابنه عبد الله وربيبه أنس بن مالك وأخرج عنه الستة. واختلف في وفاته ما بين (-34) و (51) وصحح ابن حجر أن الصواب في وفاته أنه مات سنة (-51). أسد الغابة (ج 5 ص 334) الجمع (ج 1 ص 142) التهذيب (ج 3 ص 414) الخلاصة (ص 128). ابن الطيب: 1030 تقدم في (ج 1، ص 527) ن القاضي أبو بكر الباقلاني ابن الطيب. -العين- عاصم: 1162. لعله عاصم بن بهدلة مولاهم أبو بكر الكوفي أحد القراء السبعة يروي عن جماعة منهم أبو صالح السمان ثم تبين قطعا أنه عاصم بن بهدلة هذا (-129). الجمع (ج 1، ص 384)، الخلاصة (182). ابن عاصم: 1138.

صاحب كتاب الانواء، تعدد التأليف في الانواء في كتب متعددة ولكن ليس فيها كتاب الانواء لابن عاصم. ابن عائشة: 1029. هو عبيد الله بن محمد بن حفص المعروف بابن عائشة ويقال له العيشي نسبة إلى عائشة بنت طلحة، وهذا على لغة من يقول من العرب في عائشة عيشة، كان عالما بالعربية وأيام الناس (-228) تهذيب التهذيب (ج 7، ص 45)، الخلاصة (ص 253). العباس: 812/ 1100. هو ابن عبد المطلب. تقدم في (ج 1، ص 540). ابن عباس: 837/ 844/ 907/ 915/ 972/ 981/ 991/ 1129/ 1193/ 1194/ 1268/ 1363. تقدم في (ج 1، ص 540). أبو العباس: (ن. ثعلبا). أبو العباس الرازي: 794/ 818/ 821/ 943. تقدم في (ج 1، ص 168). أبو العباس الشاعر: 818. هو أبو العباس السائب بن فروخ المكي الشاعر الأعمى، عن عبد الله بن عمرو وابن عمر خرّج له الستة. الجمع (ج 1، ص 202)، الخلاصة (ص 132). عبد الأعلى: 932/ 991. تقدم في (ج 1، ص 540). عبد بن حميد: 985/ 1363. تقدم في (ج 1، ص 541). عبد الحميد بن سهيل: 1363. هذا ما جاء في نسخة ابن ماهان غلطا والصواب عبد المجيد.

عبد الرحمن: 871. هو عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري أبو الخطاب المدني روى عنه الزهري مات في خلافة هشام بن عبد الملك. الجمع (ج 1، ص 285)، تهذيب التهذيب (ج 6، ص 214)، الخلاصة (ص 230). عبد الرحمن بن أبي بكر: 897. تقدم في (ج 2، ص 468). عبد الرحمن بن خالد: 1164. ابن مسافر بن ميسرة وهو أبو خالد أبو الوليد الفهمي المصري روى عن الزهري وهو أمير مصر لهشام بن عبد الملك وكانت ولايته سنة 118، (-127). الجمع (ج 1، ص 291) التهذيب (ج 6، ص 165) الخلاصة (ص 226). عبد الرحمن بن عوف: 812. تقدم في (ج 2، ص 469). عبد الرحمن بن المبارك: 1285. هو أبو بكر عبد الرحمن بن المبارك العيشي الطفاوي البصري أخذ عنه البخاري وأبو داود والنسائي وهو من أفراد البخاري لم يرو عنه مسلم (-228)، هذا هو الصواب وجاء في تهذيب التهذيب سنة (-90) وهو تحريف. تهذيب التهذيب (ج 6، ص 264)، الخلاصة (ص 234). عبد الرحمن بن مهدي: 794/ 1078. تقدم في (ج 1، ص 541). أبو عبد الرحمن النسائي: 871. تقدم في (ج 1، ص 220). عبد الرزاق: 985. تقدم في (ج 1، ص 218). عبد العزيز بن أبي حازم: 821.

تقدم في (ج 2، ص 469). عبد العزيز بن صهيب: 942. البُناني البصري سمع أنس بن مالك عند البخاري ومسلم، أخرج له الستة (-130) الجمع (ج 1، ص 309)، الخلاصة (ص 240). عبد العزيز بن محمد: 1013. تقدم في (ج 1، ص 541). عبد الغني: 872/ 885/ 893/ 942/ 1001/ 1036. تقدم في (ج 2 - ص 469). عبد الكريم: 1145. هكذا جاء في مسلم عبد الكريم فقط. وهو عبد الكريم بن مالك أبو سعيد الأموي مولاهم جاء في الجمع سمع طاوسا ومحمد بن المنكدر عند مسلم .. وروى عنه عبيد الله بن عمرو الرقي عند مسلم. وهو ما جاء في هذا الحديث في فضائل عبد الله بن عمرو بن حرام فإنه روى هذا الحديث عن محمد بن المنكدر ورواه عنه عبيد الله بن عمرو وتوفي عبد الكريم بن مالك سنة (-127). وأخرج له الستة الجمع (ج 1 ص 324) والتهذيب (ج 6 ص 373). عبد الله: 973/ 979. هو أبو عمر عبد الله بن كيسان القرشي التيمي المدني مولى أسماء بنت أبي بكر، روى عنها وعن ابن عمر وروى عنه صهره عطاء بن أبي رباح، قال الحاكم هو من اجلة التابعين أخرج له الستة، الجمع (ج 1 ص 258) التهذيب (ج 5 ص 371) الخلاصة (ص 211). عبد الله الجعفي: 905. هو عبد الله بن محمد بن عبد الله الجعفي أبو جعفر البخاري الحافظ المسندي -بفتح النون أخرج له البخاري والترمذي (-229) الجمع (ج 1 ص 266) الخلاصة (ص 212). عبد الله بن أبي طلحة: 1007.

أبو يحيي عبد الله بن أبي طلحة زيد بن سهل بن الأسود بن حرام أنصاري من الخزرج ثم من بني مالك بن النجار وهو أخو أنس بن مالك لأمه امهما أم سليم بنت ملحان وهو الذي حنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه عبد الله، قال أنس: فما كان في الأنصار منا شيء أفضل منه ولد له عشرة من الذكور كلهم قرأوا القرآن وروى أكثرهم العلم وشهد عبد الله بن أبي طلحة مع علي رضي الله عنهما صفين. وأخرج له مسلم والنسائي: قال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث توفي بفارس شهيدا (-84) أسد الغابة (ج 3 ص 138) التهذيب (ج 5 ص 369) الخلاصة (ص 202). عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي: 1164. أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل التميمي الدارمي السمرقندي الحافظ صاحب المسند والتفسير والجامع روى عن خلق وعنه مسلم وأبو داود والترمذي والبخاري في غير الجامع وغيرهم (-255) وهو ابن 74 سنة الجمع: (ج 1 ص 270) التهذيب (ج 5 ص 294) الخلاصة (ص 204). عبد الله بن عمر بن أبان: 1287. أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن محمد بن ابان بن صالح الأموي مولاهم لقبه مُشْكُدَانة (-239) الجمع (ج 1 ص 269) التهذيب (ج 5 ص 332) الخلاصة (ص 207). عبد الله بن عمرو: 903. جاء في هذه الفقرة بعد ذكر الحديث الذي ساقه مسلم: الحديث موقوف وهكذا أتى سألنا عبد الله غير منسوب، قال بعضهم قال أبو مسعود الدمشقي ومن الناس من ينسبه فيقول عبد الله ابن عمرو والصواب عبد الله بن مسعود كما جاء في نسخ مسلم وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- تقدم في (ج 1 ص 542). عبد الله بن عمرو بن حرام: 1145.

أبو جابر عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام الأنصاري الخزرجي السُّلمي كان عبد الله عَقَبِيًّا، بدريا نقيب بني سلمة شهد بدرا وأحدا وقتل يوم أحد. أسد الغابة (ج 3 ص 231). عبد الله بن عمرو بن العاص: 818/ 978. تقدم في (ج 1 ص 542). عبد الله بن أبي قتادة: 945. أبو إبراهيم عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري السلمي المدني روى عن أبيه وجابر وعنة ابناه وغيرهما. قال النسائي ثقة (-99) وقيل (-95) الجمع (ج 1 ص 248) التهذيب (ج 5 ص 360) الخلاصة (ص 210). عبد الله بن قيس: 1008. هو عبد الله بن قيس بن سليم بن حَضَّار أبو موسى الأشعري اليماني استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على زبيد وعدن واستعمله عمر على الكوفة (-42) أو (-44) أو (-50) وقيل غير ذلك الجمع (ج 1 ص 241) التهذيب (ج 5 ص 363) الخلاصة (210). عبد الله بن لَهيعة: 886. هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي الغافقي المصري قاضيها وعالمها ومسندها عن عطاء والأعرج وعكرمة وخلق وعنه خلق. قال أحمد هو صحيح الكتاب لكن احترقت كتبه، قال ابن معين ليس بالقوي أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي (-174) قارنه مسلم بآخر. الجمع (ج 1 ص 278) تهذيب التهذيب (ج 5 ص 373) الخلاصة (ص 211). عبد الله بن مرة: 903. الهمْداني الخارفي الكوفي روى عن ابن عُمر والبراء وأبي الأحوص ومسروق وغيرهم، وعنه الأعمش ومنصور، ذكره ابن حبان في الثقات توفي (-100) -الجمع (ج 1 ص 59) التهذيب (ج 6 ص 24) الخلاصة (ص 214) وجاء فيه عبد الله بن أبي مرة والصواب ابن مرة.

عبد الله بن مسعود: 903. تقدم في (ج 1 ص 542). عبد الله بن مسلمة بن قعنب: 905. التميمي الحارثي القَعْنَبي أبو عبد الرحمن أصله مدني وسكن البصرة. روى عن مالك وابن أبي ذئب وأبيه وشعبة والليث والحمادين وغيرهم وأخذ عنه الكثير وأخرج عنه البخاري ومسلم. لزم مالكا عشرين سنة وهو معدود في الفقهاء من أصحاب مالك وهو صاحب الرواية المشهورة للموطأ وهي رواية القعنبي عن مالك. (-220) بمكة أو (-221) الجمع (ج 1 - ص 260) تهذيب التهذيب (ج 6 ص 31) الديباج (ج 1 ص، 411). عبد الله بن يزيد: 886/ 1013. تقدم في (ج 2 ص 470). ابن عبد الله بن كعب بن مالك: 871. هو عبد الرحمن أبو الخطاب المدني عن جده وأبيه في توبة كعب وثقة النسائي مات في خلافة هشام، الجمع (ج 1 ص 285) الخلاصة (ص 230). أبو عبد الله: 1276/ 1277. هو مطرف بن عبد الله بن الشخير العامري الحَرَشي أبو عبد الله البصري أحد سادة التابعين (-95) أخرجه له الستّة، الجمع (ج 2 ص 502) الخلاصة (ص 378). عبد المجيد بن سهيل: 1336. هو ابن عبد الرحمن بن عوف المدني أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود الترمذي، وعنه مالك ذكره ابن حبان في الثقات، الجمع (ج 1 ص 325) الخلاصة (243). ابن عبد المطلب: 829. جرى على لسان النبي صلى الله عليه وسلم قوله أنا النبي لا كذب أنَا ابن عبد المطلب انتسب النبي صلى الله عليه وسلم إلى جده لأنه كان

زعيم قريش وعبد المطلب هو ابن هاشم بن عبد مناف أحد سادات العرب وهو جدُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابنه عبد الله قال الطبري: وكان إلى عبد المطلب بعد مهلك عمه المطلب بن عبد مناف ما كان إلى من قبله من بني عبد مناف من أمر السقاية والرفادة وشرف في قومه، وعظُم فيها خطره فلم يكن يعدل به منهم أحد. وهو الذي كشف عن زمزم بئر إسماعيل بن إبراهيم، واستخرج ما كان فيها مدفونا وذلك غزالان من ذهب كانت جُرهم دفنتهما فيما ذكر حين اخرجت من مكة، واسياف قلعية، وادراع فجعل الاسياف بابا للكعبة، وضرب في الباب الغزالين صفائح من ذهب فكان أول ذهب حليته فيما قيل الكعبة، وكانت كنية عبد المطلب أبا الحارث، وتوفي وعمر النبيء صلى الله عليه وسلم ثمان سنين أي قبل الهجرة (45) سنة. الطبري (ج 3، ص 1082)، الأعلام (ج 4، ص 299). عبد الملك: 885/ 969/ 972/ 979/ 1168. أو ابن الماجشون. تقدم في (ج 2 ص 476). عبد الملك مولى أسماء: 973. هكذا جاء ها هنا والذي في مسلم عن عبد الملك عن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر (ج 3، ص 1641) فما هنا تحريف لأن مولى أسماء بنت أبي بكر هو عبد الله بن كيسان (بن عبد بن كيسان). أبو عبد الملك: 885. شعيب بن الليث بن سعد الفهمي المصري عن أبيه وغيره وعنه ابنه عبد الملك (-199)، وثقه ابن حبان. الخلاصة (ص 167). عبد الواحد بن زياد: 949/ 1077. تقدم في (ج 1، ص 543). عبد الوارث: 1077. ابن سعيد التنوري هو ابن سعيد بن ذكوان التميمي العنبري مولاهم البصري أبو عبيدة أحد الأعلام أخرج له الستة (-180). الجمع (ج 1، ص 326)، الخلاصة (247).

عبد الوهاب: 968/ 972/ 987/ 992/ 996/ 997/ 1011. تقدم في (ج 1، ص 543). عبدة: 1001/ 1299. هو عبدة بن سليمان الكلابي اسمه عبد الرحمن ولقبه عبدة فغلب عليه أبو محمد الكوفي، عن هشام بن عروة وغير واحد، (-187) أو (189)، أخرج له الستة. الخلاصة (ص 249). عبيد الله بن اياد: 1219. هو أبو السليل عبيد الله بن اياد بن لقيط السدوسي الكوفي، وثقه ابن معين (-169) تهذيب التهذيب (ج 7، ص 4)، الخلاصة (ص 249). عبيد الله بن أبي جعفر: 886. هو عبيد الله بن أبي جعفر الكناني مولاهم أبو بكر المصري (-135) أو (136). الجمع (ج 1، ص 305)، التهذيب (ج 7 ص 5)، الخلاصة (ص 249). عبيد الله بن سعيد: 794. ابن يحيى اليشكري مولاهم السرخسي أبو قدامة الحافظ نزيل نيسابور، (-241). الجمع (ج 1، ص 301)، التهذيب (ج 7، ص 16)، الخلاصة (ص 250). عبيد الله بن عمرو: 1145. ابن أبي الوليد الأسدي مولاهم أبو وهب الجزري أحد الأئمة وثقه ابن معين والنسائي وابن سعد وقال ربما أخطأ، (-180) أخرج له الستة. الجمع (ج 1، ص 303)، الخلاصة (ص 252). أبو عبيد: 820/ 858/ 866/ 881/ 890/ 893/ 898/ 909/ 912/ 933/ 960/ 983/ 987/ 990/ 997/ 998/ 1006/ 1012/ 1018/ 1019/ 1030/ 1032/ 1039/ 1042/ 1065/ 1069/ 1074/ 1100/ 1102/ 1110/ 1120/ 1122/ 1127/ 1134/ 1135/ 1163/ 1166/ 1180/ 1185/ 1195/ 1202/ 1205/ 1215/ 1223/ 1253/ 1269/ 1292/ 1317/ 1318/ 1320/ 1323/ 1343.

تقدم في (ج 1، ص 231). أبو عبيدة: 1042/ 1129. تقدم في (ج 1، ص 232). عتبة بن غزوان: 1122. هو عتبة بن غزوان بن جابر بن وهيب المازني أبو عبد الله بدري جليل له أربعة أحاديث انفرد له مسلم بحديث، أسلم بعد ستة رجال، فهو سابع سبعة في الإِسلام وهو الذي اختط البصرة في مدة عمر بن الخطاب (-17). أسد الغابة (ج 3، ص 363)، تهذيب التهذيب (ج 7، ص 100)، الخلاصة (ص 258). عثمان: 812/ 950/ 1049/ 1100. ابن عفّان. تقدم في (ج 1، ص 544). أبو عثمان: 972. هو عبد الرحمن بن مُلِّ -بضم الميمْ وفتحها وكسرها- بن عمرو بن عدي النهدي ادرك الجاهلية واسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلقه روى عن عمر وعلي وسعد وسعيد وطلحة وابن مسعود ... وعائشة وأم سلمة وغيرهم وعنه ثابت البُناني وقتادة وعاصم الأحول وسليمان التيمي وغيرهم، وهو من المعمرين عاش مائة سنة وثلاثين وقيل أكثر من ذلك، (-95) وقيل (-100) الجمع (ج 1، ص 282)، تهذيب التهذيب (ج 6، ص 277)، الخلاصة (ص 235). العجاج: 1120. هو عبد الله بن رؤبة يكنى أبا الشعثاء وكان لقي أبا هريرة وسمع منه أحاديث، وهو من رجّاز العرب وله ديوان شعر مطبوع (-90) الشعر والشعراء (ج 2، ص 572)، الأعلام (ج 4، ص 217). عدى بن حاتم: 906. ابن عبد الله الطائي وأبوه حاتم الموصوف بالجود الذي يضرب به المثل ويكنى عدي أبا طريف وفد على النبيء صلى الله عليه وسلم فأسلم وكان نصرانيا (-67). أسد الغابة (ج 3، ص 392).

عدي بن زيد: 1196. تقدم في (ج 1، ص 544). ابن عرفة: 918/ 1130/ 1325/ 1352. وهو الملقب بنفطويه. تقدم في (ج 1، ص 232). ابن العَرقَةَ: 820. هو حبَان -بكسر الحاء- ابن أبي قيس بن علقمة بن عبد مناف بن الحارث ابن المنقذ بن عمرو ابن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب، والعرقة بالعين المهملة وكسر الراء وبالقاف، وهو الذي رمى سعد بن معاذ -رضي الله عنه- يوم الخندق. مسلم (ج 3، ص 1389)، المعلم (ف 820). عروة: 816/ 1299. هو عروة بن الزبير. تقدم في (ج 2، ص 472). عطاء: 1207. هو عطاء بن يسار الهلالي أبو محمد المدني أحد الأعلام، أخرج له الستة (-97 أو -103) الجمع (ج 1، ص 384)، الخلاصة (ص 267). عفان: 1162. هو عفان بن مسلم الأنصاري أبو عثمان البصري أحد الأئمة الأعلام وروى عنه البخاري وأحمد وغيرهما، أخرج عنه الستة (-220)، الجمع (ج 1، ص 407)، الخلاصة (ص 268). عقبة بن عامر: 925. تقدم في (ج 1، ص 544). علي بن أبي طالب أو أبو الحسن: 803/ 812/ 815/ 837/ 839/ 864/ 886/ 950/ 972/ 1100/ 1107/ 1122/ 1127/ 1245/ 1362. تقدم في (ج 1، ص 546). علي بن مُسْهر: 983/ 991. أبو الحسن الَقرشي الكوفي الحافظ، وثقه ابن معين، أخرج له الستة

تولى قضاء بعض نواحي الموصل، (-189). الجمع (ج 1، ص 355)، الخلاصة (ص277). علي بن نصر الجهضمي: 1177. قال المازري وهو أبو الحسن علي بن نصر بن علي بن نصر الجهضمي، قال المازري: مات هو وأبوه نصر ابن علي في سنة واحدة (-205)، وهو الجهضمي الصغير الحافظ وثقه ابن معين. الجمع (ج 1، ص 360)، الخلاصة (ص 278). ابن علية: 889/ 942. هو إسماعيل بن إبراهيم متقدم (ج 1، ص 524) ويزاد في مصادر ترجمته: الجمع (ج 1، ص 29) التهذيب (ج 1، ص 275)، الخلاصة (ص 32). عمر: 811/ 812/ 815/ 816/ 837/ 839/ 896/ 901/ 936/ 943/ 949/ 950/ 956/ 972 / 973/ 981 / 1008/ 1026/ 1056/ 1069/ 1100/ 1123/ 1168/ 1180/ 1287/ 1298/ 1313. تقدم في (ج 1، ص 546). عمر بن حفص: 1265. هو عمر بن حفص بن غياث الكوفي عن أبيه أخذ عنه البخاري وأحمد (-222). الجمع (ج 1، ص 340)، الخلاصة: (ص 281). ابن عمر: 889/ 966/ 972/ 978/ 1160/ 1164/ 1298. -رضي الله عنه-، هو عبد الله. تقدم في (ج 1، ص 542). ابن أبي عمر: 902/ 943/ 945/ 1111/ 1287/ 1300. محمد بن يحيي بن أبي عمر العَدَني. تقدم (ج 1،ص 546). أبو عمر: 1205. اشتهر بهذه الكنية كثيرون عدّدهم ابن حجر في تهذيب التهذيب ذاكرا اسماءهم: أما من ذكر باسم أبي عمر، ولم يعرف له اسم فاسمه كنيته وهو أبو عمر الصِيني الشّامي حديثه في أهل الكوفة، يقال اسمه نشيط. التهذيب (ج 12، ص 176).

عمرو بن دينار: 811. تقدم في (ج 2، ص 473). عمرو بن الشريد: 1041. ابن سويد الثقفي أبو الوليد الطائفي عن أبيه وأبي رافع، وثقه العجلي. الجمع (ج 1، ص 366) الخلاصة (290). عمرو بن العاص: 818/ 943/ 1069. تقدم في (ج 1،ص 547). عمرو بن عامر الخزاعي: 1270. في حديث مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار وكان أول من سيب السوائب وجاء شرح السائبة في الحديث وهي التي كانوا يسيبونها لآلهتهم فلا يحمل عليها شيء. صحيح مسلم (ج 4، 2192). عمرو بن عبد الله بن أبي طلحة: 970. الأنصاري سمع أنس بن مالك في الأطعمة، أخرج له مسلم وأبو داود في فضائل الأنصار. الجمع (ج 1،ص 373) الخلاصة (ص 291). عمرو الناقد: 944/ 1299. هو أبو عثمان عمرو بن محمد بن بكير بن شابور الناقد البغدادي نزيل الرقة روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود، قال أبو حاتم ثقة مأمون (-232). الجمع (ج 1، ص 368)، التهذيب (ج 8، ص 96)، الخلاصة (ص 293). أبو عمرو: 830/ 933/ 1102/ 1142/ 1166/ 1171. أو أبو عمرو بن العلاء. تقدم في (ج 1، ص 233). أبو عمرو الشَّيْبَاني: 924. هو إسحاق بن مَرَار -بكسر الميم مع تخفيف الراء- أبو عمرو الشيباني الكوفي كان أبو عمرو واسع العلم باللغة والشعر ثقة في الحديث عُمِّرَ طويلاً. وهو صاحب كتاب الجيم (-206) وقد بلغ مائة سنة وعشر سنين. البغية (ج 1، ص 439).

أبو عمير: 1007. هو أبو عمير بن أبي طلحة زيد بن سهل هو أخو أنس بن مالك لأمه، أمهما أم سليم وعن أنس -رضي الله عنه- قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أبا عمير حزينا فقال يا أم سليم ما لأبي عمير؟ قالت: مات نُغَرُهُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا عمير ما فعل النغير، وقد مات أبو عمير وهو صبي. (أسد الغابة ج 5، ص 264). أبو عميس: 1363. هو عتبة بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي المسعودي أبو العميس وجاء في مسلم وهنا أبو عميس بالتنكير، وثقه أحمد وابن معين. الجمع (ج 1، 399)، الخلاصة (ص 257). العلاء بن خالد: 1265. الكاهلي، الكوفي أبو شيبة عن أبي وائل وعنه الثوري، قال أبو حاتم صدوق، أخرج له مسلم والترمذي. الجمع (ج 1، ص 380)، الخلاصة (ص 299). أبو عوانة: 1162. هو الوضاح بن عبد الله اليشكري مولى يزيد بن عطاء سمع عن خلق منهم الأعمش، وروى عنه الكثير منهم يحيى ابن حماد أخرج له الستة، (-176). الجمع (ج 2، ص 545) التهذيب (ج 11، ص 116)، الخلاصة (ص 420). عوف بن عامر اليشكري: 1052. جاء في المعلم هنا أن عوف بن عامر اليشكري حمل على رجل من خثعم يوم ذي الخلصة، فقطع يده ويد امرأته وكانت كنانية، فقال الخثعمي أنا النذير العريان والذي في مجمع أمثال الميداني أنه الذي قال ذلك أمراة رقبة ابن عامر حين أرسل إلى قومها المنذر بن ماء السماء كتيبتين. مجمع الأمثال (ج 1، ص 31). عوف بن مالك: 804.

هو عوف بن مالك بن أبي عوف الأشجعي يكنى أبا عبد الرحمن وأول مشاهده الخيبر: وكانت معه راية أشجع يوم الفتح (-73). أسد الغابة (ج 4، ص 156)، الجمع (ج 1، ص 397)، التهذيب (ج 8، ص 168). ابن عون: 1007. تقدم في (ج 1، ص 547). عياش: 991. تقدم في (ج 2، ص 474). أبو عياض: 943. هو عمرو بن الأسود العنسي ويقال الهمداني أبو عياض ويقال أبو عبد الرحمن الدّمشقي روى عن عمر وعبد الله بن عمرو ابن العاص وأبي هريرة وعائشة وجماعة مات في خلافة معاوية. الجمع (ج 1، ص 372) التهذيب (ج 8، ص 4) الخلاصة (287). عيسى: 1084/ 1114/ 1303. عليه السلام. تقدم في (ج 1، ص 547). عيسى: 903. هو أبو عمرو عيسى بن يونس الكوفي أحد الأعلام روى عن خلق وعنه ابن وهب وغيره (-191) الجمع (ج 1، ص 392) الخلاصة (ص 304). عيسى: 1032. هو عيسى بن دينار وتقدم في (ج 1، ص 547)، ويضاف إلى مراجع ترجمته الديباج (ج 2، ص 64) وفي أنه يكنى أبا محمد. عيسى: 929. هو أبو محمد عيسى بن إبراهيم الربعي اللغوي كان نحويا لغويا صنف نظام الغريب (-480). البغية: ج 2، ص 235. ابن عيينة: 828/ 942/ 1041. تقدم في (ج 1، ص 548).

-الغين- أبو غسان محمد بن مطرف: 1207. هو محمد بن مطرف بن داود بن مطرف التيمي المدني نزيل عسقلان، أخرج له الستة. الجمع (ج 2، ص 450)، التهذيب (ج 9، ص 461)، الخلاصة (ص 359). ابن الغسيل: 905. ذكره هنا المازري بابن الغسيل. وهو عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة الأنصاري الأوسي أبو سليمان المدني، قال ابن حجر المعروف بابن الغسيل والغسيل جد أبيه حنظلة بن أبي عامر غسلته الملائكة يوم أحد لأنه استشهد وهو جنب، أخرج له البخاري ومسلم وغيرهما (-172). الجمع (ج 1، 284) التهذيب (ج 6، ص 189)، الخلاصة (ص 228). أبو غفار: 1181. هو المثنى ابن سعد ويقال ابن سعيد الطائي البصري يروي عن أبي قلابة وغيره. التهذيب (ج 10، ص 34)، الخلاصة (ص 368). الغلابي: 1174. لعله محمد بن زكرياء بن دينار أبو عبد الله الغَلاَبي بتخفيف اللام كما في اللباب لابن الأثير، كان اخباريا (-298). اللباب (ج 2، ص 395)، الأعلام (ج 6، ص 364). -الفاء- الفتى: 1032. المقصود به الفتى الذي رجع إلى أهله فوجد أمرأته بين البابين قائمة فهم بقتلها حين أصابته غيرة فقالت له اكفف وأدخل البيت حتى تنظر ما

الذي أخرجني فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش فانتظمها بالرمح ثم خرج فوكزه في الدار فاضطربت عليه فقتلته. انظر الحديث (139) من كتاب السلام (ج 4، ص 1756). ابن أبي فديك: 1013. هو أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك المدني، أخرج له الستة، ذكر البخاري أنه مات سنة 200. الجمع (ج 2، ص 434)، التهذيب (ج 9، ص 61) الخلاصة (328). الفراء: 837/ 1127/ 1129/ 1328/ 1362. تقدم في (ج 2، ص 474). الفَرَبَرْي: 1031. أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري راوية صحيح البخاري وهو اخر من روى الجامع الصحيح عن البخاري (-320) والفربري بفتح الفاء والراء وسكون الباء. العبر (ج 2، 183) الوفيات (ج 4، ص 290). فرعون: 1210. أصل لقب فرعون لمن ملك مصر في التاريخ القديم والمقصود هنا في الآية التي من سورة طه فرعون موسى وقد مات غريقا لما ادرك بني إسرائيل حين انفلق لهم البحر فلما توسط الأرض المنحسر عنها الماء انطبق البحر عليه فغرق هو وجنوده. معجم الألفاظ والأعلام القرآنية (ص 394). ابن فُورك: 1260/ 1273. هو أبو بكر محمد بن الحسن المتكلم الأصولي الأصبهاني له قريب من 100 مصنف في أصول الفقه والدين ومعاني القرآن (-406). وفورك بضم الفاء وسكون الواو وفتح الراء وبعدها كاف وهو اسم علم. الوفيات (ج 4، ص 272).

-القاف- القاسم بن مبرور: 871. الايلي قال ابن يونس مات بمكة سنة (-158) أو (-159). التهذيب (ج 8 ص 333) الخلاصة (313). ابن القاسم: 992/ 1168. تقدم في (ج 2، ص 474). يا أبا القاسم: 1002. أبو القاسم كنية رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أجاز النبيء صلى الله عليه وسلم التسمية باسم محمد دون التكنية بأبي القاسم والمنادي يقول المنادى: يا أبا القاسم رجل من الأنصار، لم يقصد النبيء صلى الله عليه وسلم الحديث الأول من كتاب الأداب (ج 3، ص 1682). قتادة: 892/ 932/ 950/ 991/ 1129/ 1177/ 1224/ 1277/ 1280. تقدم في (ج 1، ص 548). أبو قتادة: 802/ 945. تقدم في (ج 1، ص 548). قتيبة: 905. هو قتيبة بن سعيد الثقفي مولاهم أبو رجاء أحد أئمة الحديث عن مالك والليث وغيرهما (-240) وتقدم في (ج 1، ص 548). ابن قتيبة: أو القُتَبِي: 840/ 858/ 865/ 977/ 1026/ 1048/ 1053/ 1054/ 1122/ 1167/ 1196/ 1205/ 1223/ 1289/ 1303/ 1322/ 1343. تقدم في (ج 1، ص 233). ابن القصار: 793/ 907/ 920. تقدم في (ج 1، ص 549). أبو قلابة: 1181.

هو عبد الله بن زيد بن عمرو أبو قلابة الجرمي البصري أحد الأعلام روى عن ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة وأنس بن مالك وغيرهم وهو تابعي ثقة أخرج له الستة مات بالشام سنة (-104). الجمع (ج 1، ص 251)، التهذيب (ج 5، ص 224)، الخلاصة (ص 198). القنازعي: 1308. لعله من رجال القرن الثالث من تلاميذ الأخفش الوسط المتوفي سنة (-210) أو (-215) أو (-221). ابن القوطية: 856/ 921/ 1070. تقدم في (ج 2، ص 475). -الكاف- أبو كامل: 1162/ 1285. هو فضيل بن الحسين بن طلحة البصري يروي عن حَمَّاد بن زيد وأبي عوانة وغيرهما وروى عنه البخاري تعليقا ومسلم وأبو داود والنسائي وغيرهم ذكره ابن حبان في الثقات (-237). الجمع (ج 2، ص 414)، التهذيب (ج 8، ص 290) الخلاصة (ص 310). ابن أبي كبشة: 827. هذا من قول أبي سفيان حين دعاه هرقل قال فقلت لأصحابي أَمِر أَمْر أبي كبشة وقد اختلف فيمن هو المراد بأبي كبشة، فقيل أنه رجل من خزاعة كان يعبد الشعري فشبه به النبيء صلى الله عليه وسلم لمخالفته ديانة العرب. وقيل أن أبا كبشة جد النبيء صلى الله عليه وسلم من قبل أمه وقيل أن أباه من الرضاعة كان يدعى أبا كبشة. شرح النووي على مسلم (ج 12، ص 110) ط. سنة (1349). الكرْمَاني: 1047. الكِرْمَانَي -بكسر الكاف- والمعروف بهذه النسبة كثير، والأقرب أنه

الإمام أبو يعقوب يوسف ابن يعقوب. الفقيه الحافظ (-287). اللباب (ج 3، ص 93)، وهو غير أبي يوسف القاضي صاحب الإمام أبي حنيفة. أبو كريب: 1078/ 1111/ 1162. تقدم في (ج 1، ص 549). الكسائي: 811/ 821/ 828/ 872 / 905/ 932 / 943/ 944/ 945/ 979 / 985/ 1013 / 1036/ 1039 / 1145/ 1146 / 1219/ 1263 / 1277/ 1313/ 1323. تقدم في (ج 1،ص 179). كعب بن الأشرف: 848. هو طاغوت اليهود الذي كان يؤذي النبيء صلى الله علي وسلم فأشار النبيء صلى الله عليه وسلم بقتله فقتله محمد بن مسلمة. انظر مسلما في باب قتل كعب ابن الأشرف (ج 3، ص 1425). كعب بن مالك: 1228. تقدم (ج 1، ص 550). ونضيف إلى ترجمته أنه أحد الصحابة وقد شهد المشاهد مع النبيء صلى الله عليه وسلم ولم يتخلف إلا عن بدر وتبوك وهو أحد الثلاثة الذين نزل في توبتهم القرآن (انظر في ترجمته أسد الغابة (ج 4، ص 247)، والتهذيب (ج 8، ص 440)، والأصابة (ج 3، ص 302). الكلبي: 1270. هو محمد بن السائب الكلبي أبو النضر الكوفي النسابة المفسر أخرج له الترمذي وهو معروف بالتفسير وحدث عنه ثقات من الناس ورضوه في التفسير وأما في الحديث ففيه مناكير (-146). التهذيب (ج 9، ص 178)، وقال ابن الأثير في اللباب أبو النضر محمد بن السائب صاحب التفسير والوفيات (ج 4، ص 309). ابن الكلبي: 820/ 1122/ 1165. هو أبو المنذر هشام بن أبي نضر محمد الكلبي النسابة الكوفي كان من

أعلم الناس بعلم الإنساب وله كتاب الجمهرة في النسب وهو من محاسن الكتب (-204). الوفيات (ج 6، ص 82). -اللام- لبيد: 990/ 1030/ 1054. تقدم في (ج 1، ص 550). الليث: 885/ 889/ 904/ 922/ 924/ 944/ 1164/ 1173/ 1342. ابن سعد. تقدم في (ج 1، ص 550). ابن أبي ليلي: 1083. تقدم في (ج 1، ص 551). -الميم- الماجشون: 972. (ن. عبد الملك بن الماجشون). تقدم في (ج 2، ص 476). مالك بن أنس تقدم في (ج 1، ص 551): 793/ 802/ 804/ 817/ 837/ 849/ 889/ 905/ 906/ 909/ 924/ 925/ 934/ 936/ 939/ 950/ 965/ 972/ 978/ 984/ 987/ 989/ 992/ 993/ 1002/ 1021/ 1026/ 1030/ 1032/ 1043/ 1100/ 1168/ 1202/ 1214. مالك: 811/ 812/ 813. هو مالك بن أوس (ن. ص 1377). هو أبو سعيد مالك بن أوس بن الحَدَثَان المدني، مختلف في صحبته روى عن النبيء صلى الله عليه وسلم مرسلا وروى عن عمر وعثمان (-

92). الجمع (ج 2، ص 479)، التّهذيب (ج 10، ص 10) الخلاصة (ص 366). أبو مالك: 933/ 1289/ 1315. هو عمرو بن كركرة، أبو مالك الأعرابي وجاء في الفقرة 1289، أبو مالك الأعرابي. البغية (ج 2، ص 232). ابن ماهان: 811/ 816/ 818/ 821/ 828/ 872/ 885/ 902/ 904/ 905/ 932/ 942/ 943/ 944/ 945/ 949/ 970/ 979/ 985/ 1001/ 1013/ 1036/ 1041. أو أبو العلاء 1077/ 1078/ 1145/ 1146/ 1177/ 1219/ 1263/ 1264/ 1298/ 1300 تقدم في (ج 2، ص 477). مبارك بن فضالة: 1001. هو أبو فضالة مولى زيد بن الخطاب البصري أخرج له البخاري تعليقا وأبو داود والترمذي وابن ماجه (-164). التهذيب (ج 10، ص 28)، الخلاصة (ص 368). ابن المبارك: 1262. أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي التميمي مولاهم المروزي، وكان ابن مهدي لا يقدم عليه وعلى مالك في الحديث احدا له مؤلفات (-181) وله 63 سنة وله ترجمة كبيرة في الحلية لأبي نعيم. الجمع (ج 1، ص 259)، التهذيب (ج 5، ص 382)، الخلاصة (ص 211). المبرد: 1231. أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر بن عمير الثمالي الأسدي البصري المعروف بالمبرد وهو صاحب الكامل الكتاب المشهور (-286) ببغداد. الوفيات (ج 4، ص 313). مجاهد: 943/ 1129/ 1236/ 1262/ 1329. تقدم في (ج 1، ص 551).

محمد بن أحمد: 1145. هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي خلف محمد السلمي مولاهم البغدادي القطيعي وروى عنه مسلم وأبو داود وغيرهما (-237). الجمع (ج 2، ص 468)، التهذيب (ج 9، ص 22)، الخلاصة (ص 324). محمد بن بشر: 1111. أبو عبد الله محمد بن بشر بن الفرافصة الحافظ العبدي أبو عبد الله الكوفي، قال عثمان الدارمي عن ابن معين أنه ثقة (-203). الجمع (ج 2، ص 435)، التهذيب (ج 9، ص 73)، الخلاصة (ص 328). محمد بن أبي بكر: 1002. هو أبو القاسم محمد بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي المدني ولد عام حجة الوداع، ولي أمارة مصر لسيدنا علي، قتله معاوية بن حديج سنة 38 رحمه الله. التهذيب (ج 9، ص 80) الخلاصة (ص 329). محمد بن حاتم: 1078. تقدم في (ج 1، ص 552). محمد بن رافع: 1013. تقدم في (ج 1، ص 552). محمد بن رمح: 904. ابن المهاجر بن المحرر بن سالم التُّجيبي مولاهم أبو عبد الله المصري الحافظ، روى عنه مسلم وابن ماجه وغيرهما وكان ثقة مامونا (-243). الجمع (ج 2، ص 471)، التهذيب (ج 9، ص 164)، الخلاصة (ص 336). محمد بن الصباح: 1036. تقدم في (ج 1، ص 552). محمد بن عباد: 1300. المكي. تقدم في (ج 1، ص 552). محمد بن عبد الله بن نمير: 1001. (ن. ابن نمير).

محمد بن علي بن الحسين بن علي: 1145. ابن أبي طالب -رضي الله عنهم-: قاله المازري، الهاشمي أبو جعفر الباقر أمه بنت الحسن بن علي بن أبي طالب، قال العجلي مدني تابعي ثقة كان فقيها فاضلا وذكره النسائي في فقهاء أهل المدينة من التابعين (-114)، أخرج له الستة. الجمع (ج 2، ص 446)، التهذيب (ج 9، ص 350)، الخلاصة (ص 352). مُحمد بن العلاء: 1162. تقدم في (ج 2، ص 478). محمد بن غسان: 1300. هذا وهم في محمد بن غسان من ابن ماهان، وهو محمد بن عباد المكي كما وضحه المازري. محمد بن فضيل: 1287. أبو عبد الرحمن محمد بن فضيل بن غزوان الضبي مولاهم الكوفي روي عن خلق وأخذ عنه الكثير كان شيعيا إلا أنه كان ثقة صدوقا في الحديث صنف مصنفات في العلم قال البخاري وغير واحد، (-295) أخرج له الستة. الجمع (ج 2، ص 447)، التهذيب (ج 9، ص 405)، الخلاصة (ص 356). محمد بن المثنى: 794/ 916/ 932/ 1078/ 1177/ 1329. تقدم في (ج 1، ص 552). محمد بن المنكدر: 1145. تقدم في (ج 2، ص 479). أبو محمد بن الجارود: 1287. هو أبو محمد عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري الحافظ صاحب كتاب المنتقى وهو كالمستخرج على صحيح ابن خزيمة (-306). الرسالة المستطرفة (ص 25). مراد: 1165.

اسمه بجابر بن مالك، ابن ادد بن زيد بن يشجب بن عريب ابن زيد بن كهلان بن سبا هذا ما جاء في المعلم في نسخة (أ) و (ج) و (ب) اسمه جابر والذي في قبائل العرب: مراد بن مذجح وهو مالك ابن ادد إلخ (ج 3، ص 1066). مرارة بن الربيع العامري: 1234. هكذا جاء وإنما هو العمري من بني عمرو بن عوف. وقيل ابن ربيعة الأنصاري العمري من بني عمرو بن عوف شهد بدرا وهو أحد الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فنزل القرآن في شأنهم (وعلى الثلاثة الذين خلفوا، الآية). أسد الغابة (ج 4، ص 343). مرحب: 864. هو مرحب اليهودي الذي خرج من أحد حصون خيبر يرتجز: قد علمت خيبر إني مرحب ... فبارزه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فقتله، وانظر ما يتعلق بخيبر ومن قتل مرحبا. سيرة ابن هشام (ج 3، ص 343) وصحيح مسلم (ج 3، ص 1440). مروان بن معاوية: 902/ 949/ 1287/ 1300. هو مروان بن معاوية بن الحارث الفزاري أبو عبد الله الكوفي الحافظ، أخرج له الستة (-193) الجمع (ج 2، ص 501)، التهذيب (ج 10، ص 96)، الخلاصة (ص 373). ابن مزين: 1032. هو تلميذ عيسى بن دينار فقيه الأندلس وهو الذي نقل عنه عياض قولة: قال ابن مزين وابن لبابة فقيه الأندلس عيسى وتوفي عيسى بن دينار (-212). المدارك (ج 4، ص 106). مسدد: 1162. هو أبو الحسن مسدد بن مسرهد بن مسربل البصري الحافظ، روى عنه

البخاري وأبو داود (-228) الجمع (ج 2، ص 522)، التهذيب (ج 10، ص 107)، الخلاصة (ص 396). مسروق: 903. تقدم في (ج 2، ص 479). مسطح: 1244. هو مسطح بن اثاثة بن عباد ابن المطلب القرشي المطلبي يكنى أبا عباد شهد بدرا، كان ممن خاض في الافك على عائشة -رضي الله عنها- وكان أبو بكر ينفق عليه فاقسم أن لا ينفق عليه فأنزل الله. تعالى: (ولا يأتل اولو الفضل منكم والسعة، الآية) فعاد أبو بكر ينفق عليه (-34) وقيل (-37) أسد الغابة (ج 4، ص 354). مسْعر: 1111. اَبن كِدام بن ظهير بن عبيدة الهلالي الرَّوَّاسي أبو سلمة الكوفي أحد الأعلام أخرج له الستة، (-153) الجمع (ج 2، ص 519)، التهذيب (ج 10، ص 113)، الخلاصة (ص 374). أبو مسعود الدمشقي: 816/ 821/ 828/ 889/ 903/ 916/ 932/ 944/ 949/ 982/ 985/ 1036/ 1078/ 1111/ 1145/ 1162/ 1219/ 1263. تقدم في (ج 1، ص 219). مسلم: 794/ 811/ 816/ 818/ 821/ 824/ 828/ 837/ 839/ 871/ 872/ 885/ 886/ 889/ 892/ 902/ 903/ 904/ 905/ 906/ 908/ 915/ 916/ 918/ 924/ 925/ 932/ 933/ 936/ 937/ 938/ 939/ 940/ 941/ 942/ 943/ 944/ 945/ 949/ 951/ 965/ 970/ 972/ 973/ 979/ 982/ 985/ 991/ 993/ 1001/ 1003/ 1004/ 1007/ 1008/ 1011/ 1013/ 1021/ 1026/ 1029/ 1030/ 1033/ 1034/ 1036/ 1041/ 1047/ 1063/ 1077/ 1078/ 1100/ 1105/ 1111/ 1123/ 1125/ 1145/ 1146/ 1162/ 1164/ 1174/ 1177/ 1181/ 1193/ 1196/ 1207/ 1218/ 1224/ 1260/ 1262/ 1263/ 1264/ 1277/ 1284/ 1285/ 1287/ 1298/ 1299/ 1300/ 1329/ 1363.

تقدمت ترجمته في (ج 1، ص 157). مسلم بن أبي مريم: 886. السلولي المدني، روى عن أبي سعيد الخدري وابن عمر وروى عنه مالك وكان يثني عليه وذكره ابن حبان في الثقات مات في ولاية أبي جعفر. الجمع (ج 2، ص 493) التهذيب (ج 10، ص 138) الخلاصة (ص 376). ابن المسيب: 934/ 1270. تقدم في (ج 2، ص 480). المسيح: 1294. هو عيسى بن مريم تقدم (ج 1، ص 547). أبو مصعب: 905. تقدم في (ج 2، ص 480). مطر: 1077. مطر بن طهمان الوراق أبو رجاء الخرساني ثم البصري روى عن أنس ويقال روايته مرسلة وروى عن عكرمة وعطاء وغيرهم ذكره ابن حبان في الثقات (-125). الجمع (ج 2، ص 526)، التهذيب (ج 10، 167) الخلاصة (ص 378). المطرز: 836. تقدم في (ج 1، ص 235). مطرف: 920/ 1030. من أصحاب مالك وهو مطرف بن عبد الله بن مطرف بن سليمان بن يسار الهلالي أبو مصعب المدني الفقيه عن خاله مالك (-220). الجمع (ج 2، ص 502)، التهذيب (ج 10، ص 175)، الخلاصة (ص 379)، الديباج (ج 2، ص 340). معاذ بن جبل: 1123. تقدم في (ج 1، ص 553).

أبو المعالي: 1100/ 1225. هو الجويني عبد الملك. تقدم في (ج 2، ص 480). معاوية: 1100/ 1107/ 1193/ 1212/ 1327. -رضي الله عنه-. تقدم في (ج 1، ص 554). أبو معاوية: 903/ 1001/ 1162. تقدم في (ج 1، ص 554). معمر بن راشد: 985/ 1001/ 1164. تقدم في (ج 1، ص 554). أبو معمر: 1329. عبد الله بن سَخْبَرة الأسْدِي الكوفي روى عن عمر وعلي -رضي الله عنهما- والمقداد وابن مسعود -رضي الله عنهما- وغيرهم وعنه مجاهد وإبراهيم النخعي وغيرهما توفي في ولاية عبيد الله بن زياد وهو ثقة، أخرج له الستة الجمع (ج 1، ص 253)، التهذيب (ج 1، ص 230)، الخلاصة (ص 199). المغيرة بن سلمة: 949. أبو هشام المغيرة بن سلمة المخزومي القرشي البصري أخرج له البخاري تعليقا ومسلم وغيرهما ذكره ابن حبان في الثّقات. (-200). الجمع (ج 2، ص 500)، التهذيب (ج 10، ص 261) الخلاصة (ص 385). المغيرة بن شعبة: 1204. تقدم في (ج 1، ص 554). المقداد: 1329. تقدم في (ج 1، ص 555). المقرىء: 886. هو عبد الله بن يزيد العدوي مولى آل عمر أبو عبد الرحمن المقري القصير أصله من ناحية البصرة سكن مكة وروى عنه البخاري وذكره ابن

حبان في الثقات (-213) أخرج له الستة. الجمع (ج 1، ص 262)، التهذيب (ج 6، ص 84)، الخلاصة (ص 290). منصور: 905. أبو نصر بن أبي مزاحم بشير التُّركي البغدادي الكاتب من رواة مالك وروى عنه مسلم وأبو داود والنسائي وعبد الله بن أحمد بن حنبل. (-235). الجمع (ج 2، ص 497) التهذيب (ج 10، ص 311)، الخلاصة (ص 388). ابن مهدي: 1329. تقدم في (ج 1، ص 555). موسى: 1083/ 1084/ 1085/ 1092/ 1098/ 1107/ 1206. عليه السلام. تقدم في (ج 1، ص 555). أبو موسى: 1008/ 1063. (ن. عبد الله بن قيس). مولى أسماء بنت أبي بكر: (ن. عبد الله بن كيسان). النون النابغة: 838. تقدم في (ج 2، ص 482). نافع: 793/ 889/ 994. ابن عاصم. تقدم (ج 1، ص 555). ابن نافع: 889/ 1032. تقدم (ج 2، ص 482). وقد ذكرنا هُنَاك أن وفاته سنة (-186) عن المدارك وفي الخلاصة

(-206) والظاهر أن وفاته حسبما جاء في الخلاصة إذ في التهذيب كذلك نقلا عن البخاري. النبىء: 795/ 804. أو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 1338/ 1354. أبو النجم: 1289. هو الفضل بن قدامة من عجل وكان ينزل بسواد الكوفة وهو من أكابر الرجاز، نبغ في العصر الأموي (-130). الشعر والشعراء (ج 2، ص 584)، الأعلام (ج 5، ص 357). النخعي: 950. تقدم في (ج 1، ص 556). النسائي: 798/ 909/ 917/ 924/ 925/ 972. تقدم في (ج 1، ص 220). نصر بن علي: 1162/ 1177. هو نصر بن علي بن نصر بن علي بن صهبان الأزدي أبو عمرو البصري الصغير وثقه الكثير وأخرج له الستة (-250). الجمع (ج 2، ص 531)، التهذيب (ج 10، ص 430)، الخلاصة (ص 401). النضر بن أنس: 991. تقدم في (ج 2، ص 483). النضر بن شميل: 1260. أبو الحسن المازني البصري ثم الكوفي النحوي شيخ مرو وثقه النسائي الجمع (ج 2، ص 530)، التهذيب (ج 10، ص 437)، الخلاصة (ص 401)، البغية (ج 2، ص 316). أبو النضر: 1263. تقدم في (ج 1، ص 556). أبو نضرة: 794/ 932.

تقدم في (ج 1، ص 556). ابن نمير: 816/ 818/ 903/ 1001/ 1263. هو محمد بن عبد الله بن نمير. وتقدم (ج 2، ص 483). النَّوَّاس بن سمعان الأنصاري: 1174. هو النَوَّاس يُقال بن سمعان بن خالد بن عمرو بن قريظ الكلابي، قال المازري نسبه مسلم بأنه الأنصاري والمشهور الكلابي لكن جاء في التهذيب الكلابي ويقال الأنصاري، قال ابن عبد البريقال إن اباه وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فدعا له. التهذيب (ج 10، ص 480)، الخلاصة (ص 406). -الهاء- هارون: 1107. هو أخو موسى بن عمران عليهما السلام وقد شد الله به أزر أخيه، وقد جعله أخوه موسى خليفته لما ذهب لميقات ربه. معجم الألفاظ والأعلام القرآنية (ص 553). هارون بن عبد الله: 1363. تقدم (ج 1، ص 556)، ووفاته (-243). هاشم بن القاسم: 944. ابن مسلم الليثي أبو النضر البغدادي الحافظ ولقبه قيصر روى عن عكرمة وشعبة وغيرهما وعنه خلق، وكان صاحب سنة (-205) أو (-207). الجمع (ج 2، ص 554) التهذيب (ج 1، ص 18)، الخلاصة (ص 408). هرقل: 826/ 827. تقدم في (ج 1، ص 557). الهروي: 840/ 896/ 897/ 906/ 956/ 964/ 1027/ 1052/ 1066/ 1068/ 1114/ 1117/ 1119/ 1122/ 1126/ 1127/ 1129/ 1138/

1144/ 1150/ 1156/ 1158/ 1172/ 1188/ 1193/ 1204/ 1205/ 1206/ 1224/ 1231/ 1267/ 1268/ 1290/ 1290/ 1297/ 1338/ 1348/ 1352/ 1356/ 1357/ 1359. تقدّم في (ج 1 , ص 223). أبو هريرة: 925/ 949/ 950/ 982/ 1030/ 1036/ 1162/ 1177/ 1203/ 1205/ 1209/ 1263/ 1287/ 1300. تقدم في (ج 1، ص 557). هشام: 1001. هو ابن عروة بن الزبير (-145). تقدم في (ج 2، ص 484). هشام بن سعد: 1013. أبو عباد المدني القرشي مولاهم أخرج له مسلم في الشواهد والبخاري تعليقا (-160) الجمع (ج 2، ص 550)، التهذيب (ج 11، ص 39)، الخلاصة (ص 409). هشام صاحب الدستوائي: 1277. هو هشام بن أبي عبد الله سَنْبَرَ الدستوائي أبو بكر البصري ودستواء من كور الأهواز روى عن قتادة وطائفة وعنه ابناه وأبو داود الطيالسي (-154). الجمع (ج 2، ص 547)، التهذيب (ج 11، ص 43)، الخلاصة (ص 410). أبو هشام: 1001. تقدم في (ج 2، ص 484). هشيم: 1181. تقدم في (ج 2، ص 484). أبو الهيثم: 918/ 1244. تقدم (ج 2، ص 484).

-الواو- وائل بن حجر: 899. ابن سعد بن مسروق الحضرمي أبو هنيدة ويقال أبو هند، روى عن النبيء صلى الله عليه وسلم له واحد وسبعون حديثا وهو فيمن نزل الكوفة من الصحابة. الجمع (ج 2، ص 546)، التهذيب: (ج 11، ص 108)، الخلاصة (ص 415). واصل بن عبد الأعْلَى: 1287. أبو القاسم الكوفي عنه مسلم والأربعة من أصحاب الصحاح الستة وثقه النسائي (-244) الجمع (ج 2، ص 543)، التهذيب (ج 11، ص 104)، الخلاصة (ص 414). ابن أبي الوزير: 905. إبراهيم بن عمر بن مطرف مولى بني هاشم أبو إسحاق بن أبي الوزير المكي ثم البصري توفي بعد أبي عاصم، وتوفي أبو عاصم (-212) وروى له البخاري مقرونا. الجمع (ج 1، ص 20) التهذيب (ج 1، ص 147)، الخلاصة (ص 20). وكيع: 1001/ 1111/ 1262. ابن الجراح بن مليح الرؤاسي أبو سفيان تقدم (ج 1، ص 557). وهب بن جرير: 970/ 1177. تقدم في (ج 2، ص 485). ابن وهب: 871/ 920/ 1030/ 1105/ 1168/ 1298. تقدم في (ج 1، ص 558). وهيب: 872/ 949. هو وهيب بن خالد بن عجلان الباهلي مولاهم أبو بكر البصري أثبت شيوخ البصريين قال ابن مهدي كان من أبصر أصحابه بالحديث والرجال

وهو الرابع من حفاظ البصرة (-165) وقيل (-169) الجمع (ج 2، ص 542)، التهذيب (ج 11، ص 169)، الخلاصة (ص 419). ابن ولاد: 870/ 1054/ 1055/ 1067/ 1114/ 1122/ 1243. تقدم في (ج 2، ص 485). -الياء- يحيى: 821. هو ابن يحيى التميمي. تقدم في (ج 1، ص 559). يحيى بن آدم: 872. ابن سليمان الأموي مولى آل أبي معيط أبو زكريا الكوفي عن معين أنه ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات (-203). الجمع (ج 2، ص 557)، التهذيب (ج 11، ص 175). يحيى بن أيوب: 942. تقدم في (ج 1، ص 558). يحيى بن حماد: 1162. ابن أبي الزناد الشيباني مولاهم أبو بكر البصري ختن أبي عوانة, روى عن عكرمة بن عمار وعبد العزيز بن مختار وغيرهما، أخرج له البخاري ومسلم وقال العجلي بصري ثقة (-215). الجمع (ج 2، ص 559)، التهذيب (ج 11، ص 199)، الخلاصة (ص 422). يحيى بن سعيد: 944/ 1262/ 1277. تقدم في (ج 1، ص 558) و (ج 2، ص 485). يحيى القطان: 1262. (ن. يحيى بن سعيد).

يحيى بن أبي كثير: 945. تقدم في (ج 2، ص 485). يحيى بن معين: 1174. تقدم في (ج 1، ص 558). يحيى بن يحيى: 903/ 904/ 942/ 979/ 1013/ 1162/ 1219. تقدم في (ج 1، ص 559). يحيى بن اليمان: 1299. العجلي أبو زكرياء الكوفي عن الأعمش وهشام بن عروة وغيرهما (-189). الجمع (ج 2، ص 572)، التهذيب (ج 11، ص 306)، الخلاصة (ص 429). يزيد بن حبيب: 885. الذي في صحيح مسلم يزيد بن أبي حبيب وهو يزيد بن أبي حبيب مولى شريك بن الطفيل الازدي أبو رجا المصري عالم مصر، أخرج له الستة (-128). التهذيب (ج 11، ص 318)، الخلاصة (431). يزيد بن زريع: 1181. تقدم في (ج 1، ص 559). يزيد بن عبد الله: 944/ 1063. وهو ابن أسامة بن الهاد أبو عبد الله المدني الأعرج روى عن ابن عمر وأبي هريرة وغيرهما، مات بالمدينة (-122) عن تسعين سنة. الجمع (ج 2، ص 575)، التهذيب (ج 11، ص 342)، الخلاصة (432). يزيد بن كيسان: 949/ 1287/ 1300. اليشكري يكنى أبا إسماعيل الكوفي روى عنه ابن عيينة وغيره قال علي ابن المدني عن القطّان صالح وسط، قال أحمد بن حنبل ثقة، أخرج له مسلم. الجمع (ج 2، ص 579)، التهذيب (ج 11، ص 356) الخلاصة (ص 434). يزيد بن هارون: 928/ 1007/ 1181.

ابن وادي السلمي مولاهم أبو خالد الواسطي أحد الأعلام الحفاظ المشاهير روى عنه أحمد بن حنبل وابن معين وابن المدني وغيرهم، كان حافظاً للحديث، صحيح الحديث وكان متعبداً حسن الصلاة (-206) الجمع (ج 2، ص 576)، التهذيب (ج 11، ص 366)، الخلاصة (ص 435). أبو اليَسَرَ: 1335. هو كعب بن عمرو بن عباد بن عمرو الأنصاري أبو اليسر شهد العقبة وبدراً وهو الذي اسر العباس روى عن النبيء صلى الله عليه وسلم، مات بالمدينة (-55) وقيل أنه آخر من مات من أهل بدر بالمدينة وله عشرون ومائة سنة وفي التقريب زاد عن المائة. الجمع (ج 2، ص 430)، التهذيب (ج 8، ص 437)، الخلاصة (ص 321). يعقوب بن إبراهيم: 816/ 1263. ابن سعد الزهري أبو يوسف المدني وروى عنه أحمد وابن معين وغيرهما عن ابن معين ثقة، (-208) وأخرج له الستّة. يعقوب بن عاصم بن الشريد: 1041. هو يعقوب بن عاصم بن عروة لا ابن الشريد كما وقع عند أبي العلاء ابن ماهان، ابن مسعود وروى عن الشريد بن سويد الثقفي وعبد الله بن عمر بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص ذكره ابن حبان في الثقات أخرج له مسلم. الجمع (ج 2، ص 590)، التهذيب (ج 11، ص 389)، الخلاصة (ص 436). أبو يعقوب بن إبراهيم: 816. هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أبو إسحاق المدني نزيل بغداد روى عنه ابناه يعقوب وسعد وجماعة قال أحمد ثقة وأحاديثه مستقيمة واختلف في وفاته فقيل (-182) أو (183) وقيل (-185) وأخرج له الستة. الجمع (ج 1، ص 16) التهذيب (ج 1، ص 121) الخلاصة (ص 17). أبو اليمان: 1164.

الحكم بن نافع البهراني مولاهم الحمصي روى عنه البخاري وغيره، أخرج له الستة (-222)، وهو ثقة صدوق. الجمع (ج 1، ص 101)، التهذيب (ج 2، ص 441)، الخلاصة (ص 90). اليهودي: 1085. هو الذي لطمه أحد الصحابة لما قال ذلك اليهودي "والذي اصطفى موسى على البشر" فلما شكى اليهودي إلى النبيء صلى الله عليه وسلم غضب صلى الله عليه وسلم. الحديث. مسلم (ج 4، ص 1843). اليهودي: 1251. هذا اليهودي الذي قال للنبيء صلى الله عليه وسلم: يا أبا القاسم ألا أخبرك بِنُزُلِ أهل الجنة يوم القيامة. الحديث. مسلم (ج 4، ص 2151). أبو يوسف: 1010. تقدم في (ج 1، ص 559). يونس: 871/ 1029/ 1285/ 1298. هو يونس بن زيد بن أبي النجاد أبو يزيد مولى معاوية بن أبي سفيان (-159) وذكره ابن حبان في الثقات. الجمع (ج 2، ص 584)، التهذيب (ج 11، ص 450)، الخلاصة (ص 411). يونس بن متى: 1085. يونس عليه السلام من المرسلين يعرف عند أهل الكتاب باسم يونان، أرسل إلى أهل نينوي كما قاله بعض المفسرين ولما يئس من هدايتهم تركهم وآوى إلى سفينة ولما كادت تغرق اقترعوا على من يلقى في البحر فخرجت القرعة عليه فألقي في اليم فالتقمه الحوت إلى أن انجاه الله من بطن الحوت، ثم ارسله الله إلى مائة الف أو يزيدون. معجم الألفاظ والأعلام القرآنية (ص 598).

أعلام النساء

أعلام النساء الالف أسماء: 972/ 1001/ 1029. هي أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما-، تقدمت في (ج 2، ص 488). أسماء: 1154. بنت عميس. تقدمت في (ج 2، ص 488). أم أنس: 824. وهي أم سليم والدة أنس بن مالك. تقدم الكلام عليها، في (ج 1، ص 561) وفي (ج 2، ص 490). أم أيمن: 824. مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاضنته واسمها بركة حبشية وأسلمت قديما أول الإِسلام وهاجرت إلى الحبشة وإلى المدينة، وكان النبيء صلى الله عليه وسلم يزورها في بيتها. وتوفيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر وقيل غير ذلك. الإصابة (ج 4، 433). الباء برة: 1003. هي بنت أبي سلمة بن عبد الأسد ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت أم سلمة سماها النبيء صلى الله عليه وسلم زينب وكانت من أفقه نساء زمانها وقيل سماها جويرية. ن. أسد الغابة (ج 5، ص 409 - 468).

الجيم أم جريج: 1169. جاء الحديث عنها في حديث أبي هريرة أن جريجا كان يتعبد في صومعة فنادته ثلاث مرات فلم يجبها فدعت عليه فقالت: اللهم لا تمته حتى تريه المومسات، وكان راعي غنم يأوي إلى ديره، وقع على امرأة فحملت فولدت غلاما، فقيل لها: ما هذا؟ قالت ابن صاحب هذا الدير فجاء الناس وأخذوا يهدمون ديره فنزل إليهم فقالوا له سل هذه فتبسم ثم مسح رأس الصبي فقال: من أبوك؟ قال: أبي راعي الضأن فلما سمعوا ذلك منه قالوا لجريج: نبني دَيْرَك بالذهب والفضة فقال لهم أعيدوه ثم علاه. مسلم (ج 4، ص 1776). جميلة: 1003. في مسلم عن حماد بن سلمة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن ابنة لعمر كانت يقال لها عاصية فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة (مسلم: ج 3، ص 1687). وجاء في أسد الغابة أنها امرأة عمر وهي بنت ثابت كان اسمها عاصية فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة. أسد الغابة (ج 5، ص 419). الجَوْنية: 905. قيل أنها أسماء بنت النعمان بن الجون بن شراحيل وقيل أسماء بنت النعمان بن الأسود وقيل غير ذلك تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعاذت منه فطلقها وقد بسط الخلاف فيها ابن الأثير في أسد الغابة (ج 5، ص 396)، وانظر السيرة الحلبية (3/ 418).

جويرية: 1003. -رضي الله عنها- بنت الحارث من بني المصطلق، وقعت في سهم ثابت ابن قيس فكاتبها على تسع أوراق، فأداها عليه الصلاة والسلام فتزوجها، وكان أسمها برة فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية وتوفيت بالمدينة (56) وقد بلغت سبعين سنة. إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون لبرهان الدين الحلبي (ج 3 - ص 413). الحاء أم حبيبة: 1212. بنت أبي سفيان بن صخر بن حرب القرشية الأموية، إحدى أمهات المؤمنين (-44) تقدمت (ج 2، ص 489). حليمة: 1338. التي أرضعت النبيء صلى الله عليه وسلم، وهي حليمة بنت أبي ذؤيب من بني سعد، وقد وقع في إرضاعه عندها معجزات مشهورة، وقد اقبلت حليمة على النبيء صلى الله عليه وسلم حين كان بالجعرانة فلما دنت منه بسط لها رداءه فجلست عليه لأنها أمه من الرضاعة. أسد الغابة (ج 5، ص 426). أم حيدرة: 864. وحيدرة من أسماء علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وكرم وجهه لأنه سمي أول ما ولد أسدا وحيدرة وقد ارتجز عند مبارزة مرحب اليهودي: "أنا الذي سمتني أمي حيدرة" وأمه اسمها فاطمة بنت أسد بن هاشم، وهي أول هاشمية ولدت

لِهاشميّ توفيت مسلمة قبل الهجرة. مسلم (ج 3، ص 1441)، الاستيعاب (ج 3، ص 1089). الخاء خديجة -رضي الله عنها-: 1119. بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية -رضي الله عنها- زوج النبيء صلى الله عليه وسلم كانت تدعى في الجاهلية الطاهرة وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم وتزوجت قبل النبيء صلى الله عليه وسلم بأبي هالة بن زرارة ثم عتيق بن عائذ ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي إذ ذاك بنت أربعين سنة وهو ابن خمس وعشرين سنة على الأشهر، ولدت له أربع بنات كلهن أدركن الإِسلام وهاجرن وهن زينب وفاطمة ورقية وأم كلثوم وغلامين وهما القاسم وعبد الله وكان يقال له الطيب ويقال له الطاهر، ولد بعد النبوة. وهي أول من آمن بالله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم. وتوفيت قبل الهجرة بثلاث سنين وهي بنت خمس وستين سنة ودفنت بالحجون بمكة. الاستيعاب (ج 4، ص 1817). الزاي زينب: 1003. غير النبيء صلى الله عليه وسلم اسم برة إلى زينب وكان ذلك لزينب بنت أم سلمة ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك لزينب بنت جحش أم المؤمنين وتقدم الكلام عليهما في (ج 2، ص 490).

السين أم السائب: 1185. الأنصارية وقيل أم المسيَّب وهي التي دخل عليها النبيء صلى الله عليه وسلم وقال لها مَا لَكِ تُزَفْزِفِينَ أو تُرقرقين أي ترتعدين، قالت الحمى لا بارك الله فيها فنهاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب الحمى وجاء في الاستيعاب أنها روى عنها أبو قلابة. مسلم (ج 4، ص 1993)، والاستيعاب (ج 4، ص 1938). سارَة: 1082. هي زوجة إبراهيم وهي التي رحلت معه إلى مصر في عصر العماليق وأظهر سيدنا إبراهيم أنها اخته حين دعاها جبار مصر إليه، كما جاء في الحديث الذي في الفقرة 1082 فلما بسط الجبار يده إليها قبضت فطلب منها أن تدعو الله لاطلاق يده وحصل ذلك ثلاث مرات فصرفها عنه واعطاها هاجر لتخدمها وهي أم إسحاق. مسلم (ج 4، ص 1840). وقد تكلم عليها عبد الوهاب النَّجار بما ادى إلى محاكمته من قبل رجال الأزهر في كتابه قصص الأنبياء، ص 84. أم سلمة: 934/ 1204. تقدمت في (ج 1، ص 560) وفي (ج 2، ص 490). العين عائشة: 906/ 934/ 938/ 972/ 979/ 989/ 990/ 1001/ 1029/ 1100/ 1118/ 1120/ 1122/ 1123/ 1147/ 1157/ 1204/ 1209/ 1210/ 1223/ 1237/ 1257/ 1267/ 1280/ 1299/ 1356/ 1362. تقدمت في (ج 1، ص 561). عاصية: 1003.

ن. جميلة العَرِقة: 820. وهي قلابة -بكسر القاف وبالباء المنقوطة بواحدة بنت سعيد بن سهم ابن عمرو بن هصيص أم عبد مناف بن الحارث وسميت العرقة لطيب ريحها، قال المازري تكنى أم فاطمة (ج 3/ ص 18). أم علي: 977. ن. فاطمة بنت أسد. الغين ابنة غيلان: 1019. من الطائف وهي التي وصفها المُخَنَّث الشبيه بالنساء لأخي أم سلمة فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنع دخول المخنث على النساء واسم هذا المخنث هيت. مسلم بشرح النووي (ج 14، ص 162). الفاء فاطمة بنت أسد: 977. ابن هاشم بن عبد مناف أم علي بن أبي طالب وإخوته، أسلمت وهاجرت إلى المدينة وتوفيت بها وهي التي قال في حقها صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن أحد بعد أبي طالب أبر بي منها. الاستيعاب (ج 4، ص 1891)، أسد الغابة (ج 5، ص 517). فاطمة بنت حمزة الشهيد: 977. -رضي الله عنهما-، القرشية الهاشمية ابنة عم النبيء صلى الله عليه وسلم وتكنى أم الفضل وهي إحدى الفواطم الثلاث أو الأربع. أسد الغابة (ج 5، ص 518).

فاطمة: بنت الرسول صلى الله عليه وسلم: 812/ 815/ 971/ 977/ 1100/ 1107/ 1127. تقدمت في (ج 1، ص 561). فاطمة بنت المنذر: 1001. هي فاطمة بنت المنذر بن الزبير بن العوام زوجة هشام بن عروة تروي عن جدتها أسماء بنت أبي بكر وأم سلمة وغيرهما. ويروي عنها زوجها هشام بن عروة الذي هو أصغر منها بثلاث عشرة سنة. الجمع (ج 2، ص 611)، التهذيب (ج 12، ص 444). الميم أم مسطح: 1244. بنت أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف القرشية المطلبية وهي ابنة خالة أبي بكر الصديق أمها بنت صخر بن عامر يقال اسمها سلمى بنت صخر. ومسطح شهد بدرا ولكنه خاض في الإفك -رضي الله عنه- وتوفي سنة (-34). أسد الغابة (ج 5، ص 618)، الاستيعاب (ج 4، ص 1472). النون نتيلة أم العباس بن عبد المطلب: 897. وذكر ابن هشام في السيرة أنها أم العباس وضرار، وهي بنت جناب ابن كليب، وفي الروض وهي من بني عامر الذي يعرف بالضحيان وكان من ملوك ربيعة. وجاء في الروض وهي نتيلة بتاء منقوطة باثنتين وهي تصغير نتلة واحد النتل وهي بيض النعام. سيرة ابن هشام (ج 1، ص 114). والروض الانف (ج 1، ص 435)، بتعليق عبد الرحمن الوكيل.

الهاء أم هاني: 837. تقدمت في (ج 1، ص 562). الواو أم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم: 1245. هي مارية القبطية -رضي الله عنها- بنت شمعون أهداها المقوقس صاحب الاسكندرية ومصر للنبيء صلى الله عليه وسلم وأهدى معها اختها سيرين، وهي أم ولده إبراهيم وأما سيرين فوهبها النبيء صلى الله عليه وسلم لحسان ابن ثابت فولدت له عبد الرحمن وقد اتهمت بمأبور الذي اهداه المقوقس فتبين أنه خصي، وكان ابن عم مارية. وتوفيت في خلافة عمر بن الخطاب سنة (-16) وحشر الناس لشهود جنازتها وصلي عليها. الاستيعاب (ج 4، ص 1912)، أسد الغابة (ج 5، ص 541).

فهرس الأمم والقبائل

فهرس الأمم والقبائل الالف - آل عطارد: 972. آل الرجل أهله، وخص الآل بالإضافة إلى أعلام الناطقين دون النكرات ودون الأزمنة والامكنة كما غلبت إضافته إلى من فيه الشرف. معجم ألفاظ القرآن الكريم (م 1، ص 68). وهم بطن من تميم بن مرة من العدنانية وهم بنو عطارد بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد ... إلخ كانوا يقطنون اليمامة. معجم قبائل العرب (ج 2، ص 787). آل فرعون: 901. فرعون لقب ملك مصر في التاريخ القديم وأصله باللغة المصرية القديمة برعو ومعناه البيت العظيم وقد ورد في القرآن مرارا كثيرة والمراد به فرعون موسى عليه السلام، وهو الذي غرق في اليم. معجم الألفاظ والأعلام القرآنية (ص 393). - آل محمد صلى الله عليه وسلم: 1299. تقدم الكلام عليهم في (ج 2، ص: 493). - بنو إباض: 1056. هم فرقة الاباضية التي تقول بإمامة عبد الله بن إباض وهم فرق يجمعها القول بأن أهل السنة كفار ليسوا مؤمنين ولا مشركين وأجازوا شهادتهم وحرموا دماءهم في السر واستحلوها في العلانية إلى غير ذلك من مقالاتهم. الفَرْق بين الفِرَق (ص 103). - الأريسيون 327.

جمع اريس كجليس، وفي الحديث وعليك إثم الأريسيين، وفي فتح الباري قال ابن سيد الأريس الأكار أي الفلاح، وقال الجوهري هي لغة شامية وليست عربية وقال أبو عبيد المراد بالفلاحين أهل مملكة هرقل، وقال الخطّابي أراد أن عليك إثم الضعفاء والاتباع لأن الأصاغر أتباع الأكابر. فتح الباري (ج 1، ص 39). - أزواج النبيء: 1019. تقدم الكلام عليهن في (ج 1، 569). - بنو أسد بن خزيمة: 1264. تقدم ذكرهم (ج 2، ص 493). ويضاف إلى المصدر السابق مصدر آخر وهو معجم قبائل العرب لرضا كحالة (ج 1، ص 23). - بنو إسرائيل: 960/ 1083. هم ابناء يعقوب وذراريهم وإسرائيل لقب لنبي الله يعقوب. ويعقوب هو ابن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وبنو إسرائيل يطلق بصفة عامة على قوم موسى وهم اليهود أو العبرانيون. معجم الألفاظ والأعلام القرآنية (38). - من الإسلاميين: 1030/ 1123. اراد بالإسلاميين في الفقرة (1030) فلاسفة المسلمين وأراد بهم في الفقرة (1123) من يتساءل من المسلمين عن حصر حفاظ كتاب الله الكريم في أربعة. - الأشعرية: 1022/ 1169/ 1183/ 1911/ 1205. تقدم الكلام عليهم (ج 1 ص 563). - الأشعريون: 1153. تقدم الكلام عليهم (ج 2 ص 493). - أصحاب مالك: 906/ 924/ 928/ 1030.

تقدم الكلام عليهم (ج 1 ص 568)، ن: أصحابنا. - أصحاب المنطق: 937. هم علماء المنطق وهو من العلوم الآلية ورسمه آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن عن الخطإ في الفكر فهو علم عملي آلي كما أن الحكمة علم نظري غير آلي. ومن أشهر كتبه منطق الشفاء لأبي علي بن سينا (-428). دستور العلماء (ج 3 ص 335)، مفتاح السعادة (ج 1 ص 243). - أصحابنا: 802/ 837/ 908/ 915/ 917/ 924/ 928/ 934/ 938/ 941/ 957/ 969/ 972/ 978/ 985/ 989/ 992/ 1008/ 1010/ 1011/ 1032/ 1034/ 1043/ 1168. ن: أصحاب مالك. - أصحابه صلى الله عليه وسلم: 1029/ 1049/ 1162/ 1286. ن: الصحابة. تقدم الكلام عليهم (ج 1 ص 566). - أصحابنا من الأشاعرة: 1022/ 1030/ 1084/ 1911/ 1196/ 1212. ن: الأشعرية. - الأطباء: 1021/ 1029. علماء الطب، ن: كتب الطب. - أطفال المؤمنين: 1203/ 1209. أولاد المؤمنين بأنهم في الجنة. - أعراب المسلمين: 795. جاء في القاموس وشرحه العُرْب بالضم كقفل، وبالتحريك كجبل جيل من الناس معروف خلاف العجم وهما واحد مثل العَجْم والعجم مؤنث ... وهم سكان الأمصار أو عام. والأعراب منهم أي بالفتح هم سكان البادية خاصة والنسبة إليه أعرابي لأنه لا واحد له. التاج (ج 3 ص 332) ط الكويت وعليه فالمراد باعراب المسلمين سكان البادية من العرب.

- الأنبياء أو النبيئون: 1082/ 1085/ 1114/ 1192/ 1196/ 1211/ 1256/ 1286. في القاموس وشرحه والنبيء بالهمز مكية فعيل بمعنى مُفْعِل كذا قاله ابن بَرِّي هو المخبر عن الله تعالى فأن الله تعالى أخبره بتوحيده واطلعه على غيبه واعلمه أنه نبيه ... وترك الهمز المختار ... والرسول اخص من النبيء لأن كل رسول نبيء وليس كل نبيء رسولاً، يجمع على أنبياء ... ونُبآء وأنباء، والاسم النبوة قال الراغب النبؤة سفارة بين الله عز وجل وبين ذوي العقول الزكية لازاحة عللها. التاج (ج 1 ص 444) وتقدم الكلام عليهم باختصار (ج 1 ص 564). - الأنصار: 824/ 837/ 886/ 1123/ 1155/ 1156/ 1188. تقدم الكلام عليهم (ج 1 ص 563). - أهل الأخبار: 1123. أي أهل التاريخ لعطفه أهل الأخبار على أهل السيرة حيث قال: وهي ما نقله أهل السيرة وذكره أهل الأخبار. - أهل الإِسلام: 795. المراد بهم المسلمون. - أهل الأصول: 883/ 1191/ 1249. وهم علماء الكلام. ن: كتب علم الكلام. - أهل الأصول: 793/ 795/ 839/ 954/ 937/ 1043/ 1168. المراد بالأصوليين هنا علماء أصول الفقه وهو علم يتعرف منه استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها الإجمالية اليقينية. مفتاح السعادة (ج 2 ص 53) وتقدم الكلام عليهم (ج 1 ص 563). - أهل بدر: 1168. هم الصحابة الذين حضروا الغزوة الكبرى التي كانت يوم الجمعة سبعة عشر من شهر رمضان ذكره الطبري.

قال أبو جعفر الطبري: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني عن غير ابن إسحاق ... في ثلاث مائة وبضعة عشر رجلا من أصحابه فاختلف في مبلغ الزيادة على العشرة فقال. بعضهم كان ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا. وكان المهاجرون يوم بدر سبعة وسبعين رجلا وكان الأنصار مائتين وستة وثلاثين رجلا وكان صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب عليه السلام وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة. وهذا ما اعتمده الطبري في عدد أهل بدر حيث صدر به. تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك (ج 2 ص 431) وكانت هذه الغزوة في السنة الثانية من الهجرة. فقد ساهم هؤلاء في جهاد الله ورسوله في موقعة كانت أعظم المواقع اعز الله فيها الإِسلام وأذل الكفر وأهله. - أهل بيتي: 1109. وهم آل البيت أي الأشراف، جاء التعريف بهم في الحديث الذي في فضائل علي -رضي الله عنه-، فقد جاء فيه: وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ... ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي قال ذلك ثلاثا. وسأل حصين زيد بن أرقم من أهل بيته؟ فقال ... ولكن أهل بيته من حُرِم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر، وآل عباس. قال: كل هؤلاء حُرِم الصّدقة، قال نعم. قال النووي المراد بالصّدقة الزكاة وهي حرام عندنا على بني هاشم والمطلب، وقال مالك: بنو هاشم فقط. (ج 15 ص 180). وقال الحطاب في شرح خليل: وآله صلى الله عليه وسلم بنو هاشم فقط على المشهور وقيل وبنو عبد المطلب وهو الذي مشى عليه المطنف في الزكاة قال الدماميني وهو المختار عندنا.

وقال الشيخ زروق هو المذهب في شرح مختصر الشيخ خليل، شرح الحطاب مواهب الجليل (ج 1، ص 22). - أهل التعزيم: 1026. أهل العزيمة أي أهل الرقية وفي التاج عزم الراقي قرأ العزائم أي الرقي كأنه أقسم على الداء. تاج العروس: (ج 8، ص 397). - أهل الجذام: 1030. المرضى بالجذام، والجذام علة تتآكل منها الأعضاء وتسقط. المعجم الوسيط (ج 1، ص 113). - أهل الجيش: 825. المراد بهم جماعة الناس في الحرب. - أهل الحرب: 848. المراد بأهل الحرب الأعداء. - أهل السنة: 879/ 1002/ 1022/ 1044/ 1100/ 1196/ 1205/ 1254/ 1255. أو أهل الحق 1256/ 1278/ 1295. هم الأشاعرة والماتريدية في أصول الدين، وأصحاب الأئمة الفقهاء من مالكية وحنفية وشافعية وحنابلة وغيرهم من أئمة الحديث في الفروع وفي التصوف طريقة الحنيد السالك. ن: كتب التوحيد. - أهل السير: 837/ 1123. أو أهل السيرة. هم علماء السير وهي من علوم التاريخ, وتتعلق بالسيرة النبوية، وفي طالعة الكتب سيرة ابن إسحاق (-151) وهذبها ابن هشام (-218)، وشرحها شرحاً حافلاً السهيلي (-581)، وعناية المؤلفين بالسيرة عناية بالغة لذلك كثرت كتب السيرة. ن: كشف الظنون (ج 2، 1012). - أهل الشام: 897.

تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 564). - أهل الشريعة: 1044/ 1124. أو أهل الشرع. المراد علماء الشريعة والشريعة ما سن الله من الدين وأمر به كالصوم والصلاة والحج والزكاة. التاج (ج 5، ص 394). - أهل الصون: 1043. يقصد بهم أهل المروءة والتحفظ في السيرة الذين يصونون عرضهم. والصون مصدر صان، يقال صان عرضه وقاه مما يعيبه. (الوسيط: ج 1/ ص 532). - أهل الطائف: 818. الطائف هي ناحية ذات نخيل وأعناب ومزارع وأودية وهي ظهر جبل غزوان. كانت تسمى وجّا. مراصد الأطلاع (ج 2، ص 877). - أهل الظاهر: 906. تقدم الكلام عليهم في (ج 2، ص 497). - أهل العبارة: 1044. العبارة مصدر عَبَر الرؤيا يعبرها عبرا بالفتح وعبارة بالكسر، وعبّرها تعبيرا فسرها واخبر بما يؤول كذا في المحكم وغيره. التاج (ج 12 ص 500). - أهل الغريب: 1045. المراد بالغريب الغامض من الكلام الذي يحتاج إلى تفسيره. وقد اعتنى بتفسير الغريب جمع من علماء اللغة، وقيل أن أول من جمع في هذا الفن شيئا أبو عبيد معمر بن المثنى التيمي البصرة (-210) فجمع في ذلك كتاباً صغيراً وحدث هذا العلم لما استعجم اللسان. من كشف الظنون (ج 2، ص 1203) بتصرف. وقد ساق الكثير من هذه الكتب صاحب الكشف، ومن أجمع هذه الكتب مع الأختصار النهاية لابن الأثير الجزري (-606).

- أهل الكتاب: 1011/ 1026/ 1273. تقدم الكلام عليهم (ج 1، 564). - أهل اللغة: 802/ 930/ 983/ 1029/ 1292. تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 568)، و (ج 2، ص 499). - أهل المدينة: 1214. تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 564)، و (ج 2، ص 499). - أهل مكة: 809. تقدم الكلام عليهم في (ج 2، ص 499). - أهل النقل: 1196/ 1260. تقدم الكلام عليهم في (ج 2، ص 500). - أهل اليمن: 990/ 1165. تقدم الكلام عليهم في (ج 2، ص 500). - الأوس: 1248. نسبة إلى أوس بن حارثة بن عمرو بن عامر من الأزد وكان الموطن الأصلي للأوس بلاد اليمن فهاجروا إلى يثرب وعاشوا مع الخزرج والقبائل اليهودية، ودام ذلك مدة وكانت بينهم وبين الخزرج حروب فلما جاء الإِسلام وحد بينهم ولما نصروا الإِسلام مع الخزرج سموا جميعا بالانصار، دائرة المعارف الإِسلامية (ج 3، ص 150) ومعجم قبائل العرب (ج 1، ص 50). - أولاد الأنبياء: 1203/ 1209. تقدم الكلام على الأنبياء في (ج 1، ص 564). - أولاد المشركين: 1209. تقدم الكلام على المشركين في (ج 1، ص 569). - الأولياء: 1169/ 1286. كراماتهم. الولي عند أرباب السلوك هو العارف بالله تعالى وصفاته المواظب على

الطاعات المجتنب للمعاصي، المعرض عن الانهماك في اللذات والشهوات. دستور العلماء (ج 3، ص 468)، وكراماتهم ظهور أمر خارق للعادة من قبله غير مقارن لدعوى النبوة. النص السابق. - بعض الأيمة: 940/ 1084. تقدم الكلام عليهم (ج 2، ص 494). ونزيد ذلك تحقيقا بأن المراد هم أئمة السنة، وهم ينقسمون إلى أشاعرة وماتريدية. والمذهب الذي أخذه المازري هو مذهب الأشعري، وهو الذي عليه أكثر المسلمين وخاصة علماءهم. - أئمة الفلاسفة: 1044. تقدم الكلام عليهم في حرف الفاء (ج 1، ص 567). - بعض أيمة اللغة: 1101. هم الذين اعتنوا بعلم اللغة وهم ينقسمون إلى بصريين وكوفيين ومصريين وقرويين وأندلسيين حسب تقسيم الزبيدي في كتابه طبقات النحويين واللغويين وقد ترجم لجميعهم وتوفي الزبيدي سنة (-379)، وقد طبع كتابه مرتين بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، والثانية بمطبعة دار المعارف. - المحققون من أيمتنا: 1100/ 1196/ 1212/ 1225/ 1265. انظر بعض الأئمة. الباء قوم من البصريين: 936. هم قوم من فقهاء البصرة أي من فقهاء العراق من المالكية وليس هذا المقام محل لبسط الكلام على مذهب العراقيين والقرويين. - من البصريين: 1362.

المراد بهم النحاة. وتقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 564). التاء التابعون: 936. تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 565). الجيم الجان: 1328. تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 565). الحاء الحَشْويَّة: 1210. جاء في مستدرك التاج: والحشوية طائفة من المبتدعة والذي يفهم من كلام المازري أنهم من نفاة النظر في الدين أي بمعنى لا يجيزون النظر في الدين. التاج (ج 10، ص 90). أقرب الموارد (ج 1 ص 197). - بعض الحكماء: 1043. الحكماء -ج. حكيم- والحكيم هو العارف بالحكمة وهناك اختلاف في تعريفها والمشهور أن الحكمة علم بأعيان الموجودات على ما هي عليه في نفس الأمر بقدر الطاقة البشرية. ن: دستور العلماء (ج 2، ص 45)، فهناك بسطة في الكلام عن الحكمة وأقسامها.

- حمير: 804. تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 565). الخاء - خَثْعَم: 1052. هي قبيلة تقع ديارها على طريق الطائف. (معجم قبائل العرب: (ج 1، ص 361). - الخطابية: 1100. أصحاب أبي الخطّاب محمد بن أبي زينب الأسدي الأجدع من فرق الشيعة. نسب نفسه إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق، وقد تبرأ منه ولعنه. وزعم أبو الخطاب أن الأئمة أنبياء ثم آلهة. وقد قتل في خلافة المنصور الملل والنحل (ج 1، ص 300). - الخوارج: 837. تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 565) وفي (ج 2، ص 495). الدال - الدُّهرية: 1196. والدَّهري بالفتح والضم الملحد الذي لا يؤمن بالآخرة القائل ببقاء الدهر، وهو مولد، قال ثعلب والدَّهري والدُّهري جميعا منسوبان إلى الدهر وهم ربما غيروا في النسب كما قالوا سُهْلي للمنسوب إلى الأرض السهلة. وأقتصر الزمخشري على الفتح. تاج العروس (ج 11، ص 349)، وقد ألف جمال الدين الأفغاني (-1315) ردا عليهم في رسالته ط. الكويت رسالة الرد على الدَّهريين وجاء في دستور العلماء الدهري من يقول

بقدم الدهر واستناد الحوادث إليه ولكنه يقول بوجود الباري تعالى. (ج 2، ص 118). الراء - الراوندية: 1100. عرَّف بالرّاوندية الإِمام أبو منصور البغدادي (-429) في كتابه الفَرْق بين الفِرَق: وأما أهل التناسخ فأن البيانية والجناحية والخطابية والراوندية من الروافض الحلولية كلها قالت بتناسخ روح الإله في الأيمة بزعمهم. ثم قال وكذلك دعوى قوم من الرّاوندية في أبي مسلم صاحب دولة بني العباس. الفَرْق بين الفرق: (ص 272). - الرواة: 1029. أراد بهم رواة الحديث وقد أُلفت في تراجمهم كتب متعددة من أوسعها من المتقدمين: تاريخ البخاري الكبير (-256)، ومن المتأخرين تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر (-852). - الروم: 1129. تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 566). الشين - الشيعة: 1100. تقدم الكلام عليهم في (ج 2، ص 496). - بعض شيوخنا: 819/ 824/ 837/ 924/ 928/ 950/ 972/ 1046/ 1085/ 1168/ 1186/ 1221. تقدم الكلام عليهم (ج 1، ص 566).

الصاد - الصالحون: 1199. هم الذين التزموا تعاليم الشريعة المطهرة وطبقوها على أنفسهم فحفظهم الله تعالى من المعاصي، ووفقهم إلى الطاعات لأنه تولاهم (وهو يتولى الصالحين) (196) الأعراف. - الصحابة: 812/ 936/ 1080/ 1100/ 1107/ 1123/ 1191/ 1248. أو أصحاب النبيء صلى الله عليه وسلم. تقدم ذكرهم في (ج 1، ص 566). الطاء - الطبائعيون: 1196. يقصد المازري بهؤلاء الذين يثبتون أن خلق الإنسان من تأثيرات النجوم أو العناصر. ولم يقصد المازري علماء الطبيعة الذين يبحثون عن الخواص العامة للمادة مما أدى إلى إزدهار العلوم. العين - عامة السلف: 920. أراد بهم سلف الفقهاء: وهم الصحابة وفيهم الخلفاء الراشدون والتابعون وفيهم الأئمة السبعة. وقد اعتنى بفقههم محمد المنتصر الكتاني في كتابه معجم فقه السلف

عترةً وصحابة وتابعين، ومنهم استمد الأئمة الأربعة. وقد طبع في تسعة أجزاء سنة 1405. - العبرانية: 1250. هي اللغة العبرية، وهي إحدى اللغات السامية وهي لغة اليهود. المعجم الوسيط (ج 2، ص 586) والموسوعة العربية، مطبعة الريحاني (488) وقد لاحظ المازري التقارب بين العربية والعبرية وعبر عنه بالقلب بين أحرف الكلمات. - العجم: 1273. تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 567). - العرب: 827/ 829/ 838/ 846/ 1026/ 1030/ 1089/ 1103 /1109/ 1123/ 1129/ 1163/ 1167/ 1182/ 1190/ 1198/ 1225/ 1231/ 1250/ 1273/ 1303/ 1343. تقدم الكلام عليهم في (ج 1, ص 567). - العلماء أو أهل العلم أو بعض العلماء: 837/ 849/ 936/ 950/ 951/ 984/ 1002/ 1026/ 1030/ 1035/ 1046/ 1049/ 1080/ 1082/ 1083/ 1099/ 1100/ 1101/ 1107/ 1123/ 1124/ 1125/ 1186/ 1199/ 1202/ 1206/ 1209/ 1210/ 1211/ 1212/ 1218/ 1227/ 1260/ 1273/ 1280/ 1286/ 1327. تقدم في (ج 2, ص 498) أنه تارة يريد أن بعض العلماء, قال ذلك كما في الفقرة الأولى هنا وكذا الثانية. وتارة الكثير منهم كما في الفقرة 936 ... إلخ. - جمهور العلماء: 972/ 1021/ 1022/ 1203. تقدم الكلام عليهم (ج 1، ص 564)، وفي (ج 2، ص 498). - بنو عمرو بن عوف: 1234. ابن مالك بطن من الأوس وهم أفخاذ من منازلهم قباء. معجم قبائل العرب (ج 2، ص 834).

الفاء - فارس: 1129. أمة من الناس وهم الفرس. تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 567) و (ج 2، ص 498). - جمهور الفقهاء: 837/ 931/ 950/ 1200. تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 567) وفي (ج 2، ص 498). - الفواطم: 972/ 977. ذكر المازري من هن نقلا عن ابن قتيبة وغيره وهن ثلاث إحداهن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها وأرضاها والثانية فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي -رضي الله عنها- وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي وقال الأزهري الثالثة هي فاطمة بنت حمزة الشهيد -رضي الله عنهما-. القاف - قبائل من هلال: 1054. القبائل واحدها قبيلة وقد أخذت قبائل العرب من قبائل الرأس، وقبائل الرأس شُعبه -وهم بنو أب واحد أو بنو آباء مختلفة أو أعم أو قبيل كل شيء نسله أو نوعه سواء كانوا من نسله أو لا. والشعب أكبر من القبيلة ثم القبيلة ثم العمارة ثم البطن ثم الفخذ. التاج (ج 8/ ص 72). يقصد هلال بن عامر من العدنانية كانوا يقطنون الحجاز وبسائط الطائف وأقاموا بالشام إلى أن ظعنوا إلى مصر والمغرب معجم قبائل العرب (ج 3، ص 1212).

- القدرية: 1196. تقدم الكلام عليهم (ج 1، ص 567). - قريش: 820/ 829/ 837/ 838/ 1168/ 1268/ 1302. تقدم الكلام عليهم (ج 1، ص 567) وفي (ج 2، ص 498). - بنو قريظة: 823. وقريظة كجهينة قبيلة من يهود خيبر وكذلك بنو النضير وقد دخلوا في العرب على نسبهم إلى هارون أخي موسى صلوات الله عليهما وعلى نبينا صلى الله عليه وسلم. وقد أبيد بنو قريظة لنقضهم العهد ومظاهرتهم المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم. التاج (ج 20، ص 258) ط. الكويت. الكاف - الكفار: 840/ 1256. تقدم الكلام عليهم في (ج 2، ص 498). - الكهان: 1030. تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 568). الميم - بعض المبتدعة: 951. وهم أهل البدعة وهي البدعة المذمومة وهي المحدثة في الدين من غير أن يكون في عهد الصحابة والتابعين ولا عليه دليل شرعي وجاء في شرح المقاصد ومن الجهلة من يجعل كل أمر لم يكن في زمن الصحابة بدعة مذمومة وإن لم يقم دليل على ذمه. دستور العلماء (ج 1، ص 232). - المتأخرون: 839/ 938.

هم من طبقة الشيخ أبي محمد عبد الله بن أبي زيد النفزي القيرواني (-386) من الفكر السامي: (ج 2، ق 3، ص 115). - بعض المتقدمين: 938/ 1026. - هم المتقدمون من المالكية من الطبقات التي سبقت الشيخ ابن أبي زيد القيرواني (-386)، أي الطبقات التي قبل السادسة من الذين قسمهم القاضي عياض. والذي أفاد أن ابن أبي زيد هو أول المتأخرين، الحجوي في الفكر السامي (ج 2، ق 3، ص 115). - المجسمة: 1260. فرقة من المبتدعة وهم من جملة أمة الإسلام وأطلق عليهم المجسمة لأنهم أثبتوا الجارحة لله سبحانه وتعالى وهو منزه عنها. الفَرْق بين الفرق: (ص 142)، المعلم (ج 3، ف 1260). - المجوس: 1026. تقدم الكلام عليهم في (ج 2، ص 499). - المحدثون: 1196. تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 569) وفي (ج 2، ص 499). - المحققون: 826. من حقق الشيء والأمر احكمه. المعجم الوسيط (ج 1، ص 187). - جماعة من المحمدين: 1002. يقصد بهم المازري المسمين باسمه صلى الله عليه وسلم. - مزينة: 1205. بطن من مضر من العدنانية وقال السهيلي مزينة هم بنو عثمان بن لاطم ابن أُدِّ بنِ طابخة ومزينة أمهم بنت كلب بن وَبَرَة. معجم قبائل العرب (ج 3، ص 1083). - المسلمون: 800/ 810/ 837/ 839/ 849/ 1100/ 1168/ 1192/ 1342. تقدول الكلام عليهم في (ج 1، ص 569) وفي (ج 2، ص 499).

- المشركون: 795/ 798/ 799/ 844/ 1168/ 1205. أو المشركون من أهل مكة. تقدا الكلام عليهم في (ج 1، ص 569). - بنو المصطلق: 793. واسمه جذيمة بن سعد بن عمرو بن ربيعة ومن ديارهم راحة فَرْوَعَ ومن مياههم الشُّهْدَةَ. معجم قبائل العرب (ج 3، ص 1104). - المعتزلة: 1100/ 1183/ 1205/ 1212/ 1218/ 1254/ 1256/ 1266/ 1273/ 1295 تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 569) وفي (ج 2، ص 499). - المفسرون: 1270. هم أهل التفسير والتفسير عرفه أبو حيان: علْم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي تُحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك. الإتقان في علوم القرآن (ج 4، ص 169). - الملائكة: 918/ 992/ 993/ 1125/ 1211/ 1249/ 1308. واحدها الملك بفتحتين، والملائكة هم أصحاب أجسام لطيفة نورانية يستطيعون أن يتشكلوا فيما يشاؤون من الصور. دستور العلماء (ج 3، ص 322)، معجم الألفاظ والأعلام القرآنية (ص 504). - الملحدة: 1084/ 1123. تقدم الكلام عنهم في (ج 2، ص 500). - المنافقون: 1246. تقدم الكلام عليهم في (ج 2، ص 500). - المنجمون: 827. تقدم الكلام عليهم في (ج 2، ص 500). - المهاجرون: 795/ 824/ 1123/ 1168. في التاج: وسمي المهاجرون مهاجرين لأنهم تركوا ديارهم ومساكنهم التي نشأوا بها لله ولحقوا بدار ليس لهم بها أهل ولا مال حين هاجروا

إلى المدينة والهجرة هجرتان هجرة إلى الحبشة وهجرة إلى المدينة. (ج 3، ص 611). النون - النحوية: 1190/ 1196. أو النحاة. تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 569) وفي (ج 2، ص 500). - النصارى: 987. تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 569) وفي (ج 2 ص 500). - بنو النضير: 810. والنضير كأمير حي من يهود خيبر من آل هارون أو موسى عليهم السلام وقد دخلوا في العرب، كانت منازلهم وبني قريضة خارج المدينة في حدائق وآطام لهم، وغزوة بني النضير مشهورة التاج. (ج 3، ص 571). - نمير: 1054. الظاهر أنهم نمير بن عامر بطن من عامر بن صعصعة من العدنانية كانت منازلهم بنجد وكانت لهم كثرة وعزة في الجاهلية والإِسلام. معجم قبائل العرب (ج 3، 1195). الياء - اليهود: 987/ 1011/ 1286. تقدم الكلام عليهم في (ج 1، ص 570) وفي (ج 2، ص 500).

فهرس البلدان والأماكن

فهرس البلدان والأماكن الألف * أحد: 1125. اسم الجبل الذي كانت عنده غزوة أحد، وهو جبل أحمر، وغزوة أحد لسنتين وتسعة أشهر من الهجرة أي سنة ثلاث. وفي الحديث وهو جبل يحبنا ونحبه. معجم البلدان (ج 1، ص 133). أرض جبار: 1032. هي أرض مصر فإن إبراهيم عليه السلام والذين آمنوا به أجمعوا على فراق قومهم بعد أن أنجاه الله من النار فخرج مهاجرا حتى قدم مصر وبها فرعون من الفراعنة الُأوَّل كان اسمه سنان بن علوان وهو الذي حاول سارة لمواقعتها, ولكن الله سبحانه عصمها منه: الكامل لابن الأثير (ج 1، ص 57). * أطم: 1282. من آطام المدينة (ن. أطم حسان). وقد بين المازري في هذه الفقرة بقوله: الأطم بناء من حجارة مرفوع بالقص وفي نسخة بالجص. * أطم حسان: 1115. في المعجم الأطم بضمتين وبضمة ثم سكون، والأطم والأجم بمعنى واحد والجمع آطام وآجام، وهي الحصون وأكثر ما يسمى بهذا الاسم حصون المدينة، وقد يقال لغيرها أيضا. معجم البلدان لياقوت (ج 1، ص 287). أطم حسان هو سيدنا حسان بن ثابت الأنصاري شاعر النبيء صلى الله عليه وسلم وجاء في مقدمة الديوان أنه كان له أطم في المدينة، وآطام المدينة تلك الحصون أو البيوت المحصنة التي عرفت بها.

مقدمة ديوان حسان بن ثابت الذي حققه الدكتور وليد عرفات (ج 1، ص 13). الباء * البحرين: 1122. هكذا يتلفظ بها في حال الرفع والنصب والجر وتعرف فيما سبق في عصر المازري وقبل ذلك بأنها اسم جامع لبلاد على ساحل بحر الهند بين البصرة وعمان قيل هي قصبة هجر. معجم البلدان (ج 2، ص 72). وأما البحرين اليوم فتتألف من مجموعة من الجزر في الخليج العربي ما بين قطر والاحساء أكبرها جزيرة البحرين وطولها 48 كم وعرضها 16 كم بهم عيون ماء عذبة. الموسوعة العربية الميسرة (ص 330). * بدر: 897/ 1168/ 1280/ 1284. قال الزجاج بدر أصله الامتلاء. وبدر ماء مشهور بين مكة والمدينة أسفل وادي الصفراء بينه وبين الجار وهو ساحل البحر لَيْلَةٌ. وبها كانت الوقعة المباركة التي أظهر الله بها الإِسلام وفرق بين الحق والباطل في 17 من شهر رمضان لسنة اثنتين من الهجرة وبين بدر والمدينة سبعة برد. وقد نسب إلى بدر جميع من شهدها من الصحابة الكرام. معجم البلدان (ج 2، ص 88). وهي الآن قرية صغيرة قرب المدينة بين مكة والشام. الموسوعة العربية الميسرة (ص 332) -وتقدمت في (ج 1، ص 571). الحاء * الحديبية: 837/ 839. تقدمت في (ج 1، ص 571) -وفي (ج 2، ص 502).

الخاء * الخندق: 1113. مراده بالخندق الذي حفر حول المدينة المنورة فإنه لما خرجت قريش وغطفان لقتال النبيء صلى الله عليه وسلم في شوال سنة 5هـ، وسمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أجمعوا له من الأمر ضرب الخندق على المدينة فعمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ترغيبا للمسلمين في الأجر وعمل المسلمون فيه حتى أحكموه. سيرة ابن هشام (ج 3، ص 224). * خيبر: 849/ 871/ 916. تقدم الكلام عليها في: (ج 2، ص 502). السين * سدة المسجد النبوي: 1204. السدة بالضم باب الدار وقيل هي السقيفة، وقال أبو عمرو السدة كالصّفّة تكون بين يدي البيت والظلة تكون لباب الدار، التّاج (ج 8، ص 182) ط الكويت وقد تكلم على السدة الإمام المازري في المعلم. والمراد بالسدة هنا الظلال المسقفة عند باب المسجد. الشين * الشام: 1181/ 1253. تقدمت في (ج 2، ص 503).

الظاء * ظَفّارِ: 1237. بفتح الظّاء وكسر الراء، قرية باليمن، وهي مبنية على الكسر بمنزلة قطام وحذار وهي مدينة باليمن وإليها ينسب الجزع الظفاري وبها كان مسكن ملوك حمير. معجم البلدان (ج 6، ص 85). العين * العراق: 1253. تقدم في (ج 2، ص 503). الفاء * فَدَك:812. بالتحريك وآخرها كاف قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان وقيل ثلاثة أفاءها الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم صُلْحا، فيها عين فوارة ونخل. مراصد الأطلاع (ج 3، ص 1020). القاف * القَسّ: 969. بالفتح موضع في حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس القَسِّيّ وقال أبو بكر بن موسى ناحية من بلاد الساحل قريبة إلى ديار مصر وقال ياقوت في بلاد الهند بين نهر وارا بلد يقال له القس مشهور يجلب منه أنواع الثياب والمآزر الملونة وهي أفخر

من كل ما يجلب من الهند من ذلك الصنف. معجم البلدان (ج 8، ص 85). الميم * المدينة: 934/ 1031/ 1046/ 1286/ 1308/ 1341. تقدمت في (ج 1، ص 571)، وفي (ج 2، ص 504). * مَعَافِر: 1335. اسم قرية هكذا جاء في المعلم وهي مخلاف باليمن ينسب إليه الثياب المعافرية وعند الأصمعي يقال ثوب معافر غير منسوب فمن نسب وقال معافري فهو عنده خطأ لكن قد جاء في الرجز الفصيح منسوب. معجم البلدان (ج 8، ص 92)، والصحيح أنه منسوب كما جاء هنا في مسلم (ص 2301). * مكة: 837/ 886/ 973/ 1046/ 1287. تقدمت في (ج 1، ص 571)، وفي (ج 2، ص 505).

فهرس الكتب

فهرس الكتب الألف - اشتقاق: 1187. ابن الأنباري. ابن الأنباري وهو محمد بن القاسم بن محمد أبو بكر بن الأنباري (-328)، تقدم (ج 1، ص 227) وكتابه الذي ذكره له المازري لم يذكره له السيوطي في البغية (ج 1، ص 214). التاء - التوراة: 1206. ما أنزله الله تعالى على سيدنا موسى من الوحي ليبلغه قومه. معجم ألفاظ القرآن (ج 1، ص 170) أو العهد القديم. ن. الموسوعة العربية الميسرة (ص 556)، ترجم للعربية وطبع سنة (1671) في رومة. وأعيد طبعه في لندن سنة (1860) مع العهد الجديد. الزاي - الزاهي: 1040. لابن شعبان. وهو أبو إسحاق محمد بن القاسم بن شعبان. رأس فقهاء المالكية بمصر ومن أحفظهم لمذهب مالك وألف كتبا عدة منها:

الزّاهي قال ابن فرحون وألف كتاب الزاهي وهو المشهور في الفقه. الديباج المذهب (ج 2، ص 194). الغين - في غريبه: 1031. أي كتاب الغريب للخطابي. الخطابي هو حَمَد، بفتح الحاء والميم وكتاب غريب الحديث من كتب الغريب الحديثة وهذا المؤلف (غريب الحديث) من أشهر مؤلفات الخطابي وهو ذيل لما فسره أبو عبيد وابن قتيبة وطريقته: أنه يورد الحديث بسنده ... ثم يفسر الكلمات بتوسع وبدأ بالأحاديث النبوية، ثم أحاديث الصحابة ثم أحاديث التابعين. وقد طبع هذا الكتاب من جملة مطبوعات أم القرى سنة 1402 في ثلاثة أجزاء. القاف - قطع لسان النابح في المترجم بالواضح: 1123/ 1307. وهو كتاب للمازري وقد عرف بكتابه في الفقرة الأولى من الفقرتين المتقدمتين بما نورده: (وسمينا خمسة عشرة صاحبا ممن نقل عنه حفظ جميع القراّن في كتابنا المترجم بقطع لسان النابح في المترجم بالواضح، وهو كتاب نقضنا فيه كلام رجل وصف نفسه بأنه كان من علماء المسلمين ثم ارتد وأخذ يلفق قوادح في الإِسلام فنقضنا أقواله في هذا الكتاب. وهو كتاب غير معروف في فهارس الكتب. وكما ذكره المازري في الفقرة التي ذكرنا ذكره في الفقرة بعدها.

الكاف - كتاب الأصول: 1048. لعبارة الرؤيا، لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري صاحب المصنفات (-276) وقيل غير ذلك، وهو كتاب في تعبير الرؤيا. غير معروف. - كتاب الأطراف: 932/ 1013/ 1036. لأبي مسعود الدمشقي: والمراد بكتب الأطراف الكتب التي يقتصر فيها على ذكر طرف الحديث الدال على بقيته مع الجمع لأسانيده أما على سبيل الاستيعاب أو على التقيد بكتب مخصوصة، كما تقدم في الجزء الأول في المقدمة حين التحدث على مصادر المعلم (ج 1، ص 219) وتقدمت ترجمة الدمشقي هناك. كتاب الأفعال: 1070/ 1356. لابن القوطية وهو أبو بكر محمد بن عمر بن عبد العزيز المعروف بابن القوطية (-367)، وتقدم في (ج 1، ص 231) وكتابه الأفعال من أقدم المعاجم العربية في هذا الباب وقد قام بطبعه المستشرق (جويدي) في ليدن سنة (1894) واعيد طبعه سنة (1952) بتحقيق الأستاذ علي فوده. كتاب الانواء: 1138. لابن عاصم. لم يذكره في كشف الظنون ضمن كتب الانواء ولا في إيضاح المكنون والقريب أنه لسلمة بن عاصم أبي محمد النحوي من تلاميذ الفراء (-312) صاحب التصانيف الكثيرة. معجم الأدباء (ج 11، ص 242)، معجم المؤلفين لكحالة (ج 4، ص 240). كتاب ابن حبيب: 973. هو عبد الملك بن حبيب أبو مروان (-238)، تقدم (ج 2، ص 454) والمشهور أن كتابه هو الواضحة وقد فصل الكلام عليه ابن فرحون (ج 2،

ص 11) وذكر أنها كتب عديدة في أغراض شتى توجد منها قطع في المكتبة العتيقة بالقيروان وغيرها. كتاب السنن: 871/ 1036. لأبي داود. تقدم في (ج 1 - ص 216) وفي (ج 2، ص 458). وقد أكثر المازري من النقل عنه. كتاب ابن سينا: 1029. والأقرب أنه يقصد كتابه القانون إذ هو المشهور في الطب وقد طبع، وابن سينا هو الحسين ابن عبد الله بن سينا أبو علي، وكان من الإسماعيليين. الأعلام (ج 2، ص 261). كتاب الصدقات والديات: 1327. هو كتاب حديث عمرو بن حزم الذي فيه الفرائض والسنن والديات، وكتاب الصدقة ونُصُب الزكاة الذي بعث به أبو بكر -رضي الله عنه- انسا -رضي الله عنه- حين وجهه إلى البحرين، شرح النووي نقلا عن القاضي عياض، (ج 18، ص 130). كتاب العلل: 1001/ 1263. من كتب الحديث التي عُني فيها بعلل الحديث، والعلة عبارة عن سبب غامض خفي فاضح في الحديث مع أن الظاهر السلامة منه والدارقطني أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني. تقدم في (ج 2، ص 458). وكتابه العلل اجمعُ كتاب في علل الحديث مرتب على المسانيد في اثني عشر مجلدا، وهو ليس من جمعه بل الجامع له تلميذه الحافظ أبو بكر البرقاني. وتوفي الدارقطني (-385). الرسالة المستطرفة (ص 148). كتاب الله: 936/ 1109/ 1214/ 1327/ 1363. أو القرآن:

هذان اسمان من أسماء القرآن وهو الكتاب المنزل من الله تعالى المتعبد بتلاوته. وقد تكلم على هذين الأسمين الزركشي في البرهان وخصوصاً لفظ القرآن. وهو مهموز، وترك الهمز فيه من باب التخفيف. البرهان في النوع الخامس عشر (ج 1، ص 273). كتاب مسلم: 815/ 890/ 906/ 907/ 918/ 925/ 937/ 950/ 1026/ 1030/ 1032/ 1040/ 1068/ 1075/ 1084/ 1196/ 1205/ 1270/ 1276. تقدم في (ج 1، ص 157). كتاب الهروي: 956/ 1039/ 1069. وهو الغريبان. تقدم في (ج 1، ص 223). وهو من أهم مصادر الغريب ولذا أكثر أعتماده في المعلم. كتب الأصول: 1030/ 1295. المراد بكتب الأصول ها هنا كتب علم الكلام. ن: كتب علم الكلام. كتب الأطباء: 1029. وهي الكتب الموضوعة في علم الطب: وهو علم يبحث فيه عن بدن الإنسان من جهة ما يصح وما يمرض لحفظ الصحة وإزالة المرض. وعرفه جالينوس بأنّه حفظ الصحة وإزالة العلة. وللمازري عناية بكتب الطب حتى التي بغير العربية كما يظهر من بحوثه. وفي مقدمة الكتب العربية القانون لابن سينا وقد تقدم قريبا. كتب الإمامة: 1100.

وهي الكتب المتعلقة بالأئمة الخلفاء. ومن أشهر هذه الكتب (مناقب الأئمة) للقاضي أبي بكر محمد بن الطيب (-403) وقد أكثر من النقل عنه المازري، وتقدمت ترجمة ابن الطيب (ج 1، ص 527). كتب علم الكلام: 1021. وهي كتب تبحث في علم الكلام وهو علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج عليها ورفع الشبه عنها (مفتاح السعادة، (ج2 ص 20). واشتهر بأن رئيسي أهل السنة في علم الكلام إمامان أحدهما مالكي وقيل شافعي وهو شيخ السنة ورئيس الجماعة أبو الحسن الأشعري، والمازري من ناصري مذهبه. وثانيهما حنفي وهو أبو منصور محمد بن محمد الماتريدي، ومن أشهر ما كتب في علم الكلام ما كتبه أبو بكر بن الطيب المتقدم الذكر. كتب اللغة: 1101. وعلم اللغة علم باحث عن مدلولات جواهر المفردات وهيأتها الجزئية التي وضعت تلك الجواهر معها لتلك المدلولات بالوضع الشخصي على وجه جزئي، وعن معانيها الموضوع لها بالوضع الشخصي، مفتاح السعادة (ج 1، ص 89)، وقد عد جملة منها طاش كبرى زاده (-962) في كتابه المذكور عند كلامه على اللغة. الميم المدونة: 837/ 920/ 924/ 1100/ 1214. تقدم الكلام عليها في (ج 2، ص 507). كتاب الجامع: 1030. من المستخرجة.

المستخرجة من الأسمعة المسموعة من الإمام وأصحابه وكما تسمى بالمستخرجة تسمى بالعتبية أستخرجها محمد بن أحمد بن عبد العزيز العتبي الأندلسي القرطبي غالبها من الأسمعة المسموعة من مالك وأكثر فيها من الروايات المطروحة والمسائل الغريبة ولكن اعتمدها علماء المالكية كابن رشد وغيره، توفي العتبي (-255) وسمع من سحنون وغيره، الديباج (ج 2، ص 176). وهي التي شرحها ابن رشد في كتابه البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في مسائل المستخرجة، وقد طبع هذا الكتاب أخيراً في 20 جزءاً سنة (1404)، وانظر فيما يتعلق بالمستخرجة في نفح الطيب. المسند: 1111. هو المسند لابن أبي شيبة. وهو أبو بكر عبد الله بن محمد ابن أبي شيبة إبراهيم صاحب المسند والمصنف (-235) تقدم. ويضاف إلى المصادر في ترجمته تذكرة الحفاظ (ج 2، ص 18). مسند ابن مسعود: 903. لأبي مسعود الدمشقي. وأبو مسعود الدمشقي إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقي (-401). تقدم في (ج 1، ص 219). وابن مسعود الذي جمع مسنده أبو مسعود الدمشقي هو سيدنا عبد الله ابن مسعود بن غافل تقدمت ترجمته في (ج 1، ص 542)، ويزاد في مصادر ترجمته الاستيعاب في معرفة الأصحاب (ج 3، ص 987)، وهي ترجمة حافلة. المغازي: 1111. لابن أبي شيبة، وتقدم في مسند ابن أبي شيبة. الموازيَّة: 924. تقدم الكلام عليها في (ج 2، ص 508).

الموطا: 1021/ 1026. وتقدم الكلام عليه في (ج 2، ص 508). النون نسخة ابن الحذَّاء: 1284/ 1299/ 1300. تقدم الحديث عنها في (ج 1، ص 180). نسخة ابن ماهان: 1277/ 1285/ 1329/ 1368. هو أبو العلاء، وتقدم الحديث عن ابن ماهان في (ج 1، ص 180). الواو الواضح: 1123. هو كتاب كتبه بعض الملاحدة المدعي أنه من علماء المسلمين ثم ارتد، وقد رد ما فيه من ادعاءات الإمام المازري وتقدّم ذكر هذا الكتاب في قطع لسان النابح من هذا الجزء.

§1/1