المعجم الاشتقاقي المؤصل

محمد حسن جبل

المعجم الاشتقاقي في المؤصَّل لألفاظ القرآن الكريم مؤصَّل ببيان العلاقات بين ألفاظ القرآن الكريم بأصواتها وبين معانيها الأستاذ الدكتور محمد حسن حسن جبل أستاذ أصول اللغة بجامعة الأزهر العميد الأسبق لكلية اللغة العربية بالمنصورة حاليًا أستاذ غير متفرغ بكلية القرآن الكريم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الناشر مكتبة الآداب على حسن حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى بطاقة فهرسة فهرسة أثناء النشر إعداد الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية إدارة الشئون الفنية جبل، محمد حسن حسن المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم مؤصل ببيان العلاقات بين ألفاظ القرآن الكريم بأصواتها وبين معانيها / تأليف محمد حسن حسن جبل - ط 1 - القاهرة مكتبة الآداب 2010 4 مج، 24 سم المحتويات: جـ 1 (ب- خ) - جـ 2 (د-ش) - جـ 3 (ص- ف) - جـ 4 (ق- هـ) و (أوي) تدمك 2 231 468 977 978 1 - القرآن -ألفاظ- معاجم أ- العنوان 224.3 عنوان الكتاب: المعجم الاشتقافي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم مؤصل ببيان العلاقات بين ألفاظ القرآن الكريم بأصواتها وبين معانيها تأليف: محمد حسن حسن جبل رقم الإيداع: 13657/ 2010 الترقيم الدولي: 2 231 468 977 978 مكتبه الآداب 42 ميدان الأوبرا - القاهرة هاتف: 3900868 (202) e-mail: [email protected]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)} [يوسف: 2] • "وليست العربيةُ بأحدِكم من أبٍ ولا أمٍّ، وإنما هي اللسانُ؛ فمن تكلَّم بالعربية فهو عربي "حديث شريف. [رواه ابن عساكر مرسلًا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو تابعي ثقة (ت 94 هـ) (من الجامع الكبير للسيوطي- مخطوط تصوير الهيئة المصرية العامة للكتاب 1: 958)]. • "تعلَّموا العربيةَ؛ فإنها تُشَبِّبُ (*) العقلَ وتَزيد في المروءة ". عمر بن الخطاب رضي الله عنه [طبقات النحويين واللغويين لأبي بكر الزبيدي ص 13]. وله رواية أخرى بلفظ "تُثَبِّتُ العقل " (الجامع الكبير للسيوطي 1/ 1113) وهي تحريف. "خُذ الناسَ بالعربية؛ فإنه يزيد في العقل، ويثبت المروءة ". عمر بن الخطاب رضي الله عنه في كتاب منه إلى أبي موسى الأشعري عامله على البصرة. [تاج العروس: مرأ]. • "أصحابُ العربيةِ جنُّ الإنس ". الإمام الشافعي رواه الإمام الواحدي بسنده في تفسيره (البسيط 1/ 4) مخطوط. [عن: (الواحدي ومنهجه في التفسير د. جوده محمد المهدي ص 210)].

_ (*) تُشَبِّب العقل: تُشعِل ذكاءه.

الإهداء • إلى السادة: علماء تفسير القرآن الكريم ودارسيه، وأهل القرآن عامة. • إلى السادة: علماء أصول اللغة، والباحثين في فقه اللغة العربية، وفي متنها، وفي أصواتها وسائر قضاياها. • إلى كل من اعتز باللغة العربية، وتحمس لها، وناصرها ببحوثه أو عمله: في مجامع اللغة العربية، وفي الجامعات، والمدارس.

المقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومَن تبعهم بإحسان. وبعد .. فإن بيان معاني القرآن الكريم حقٌّ على كل ذي أهلية، وشرف عظيم لكل من يقوم بهذا الحق. وقد شُغلت بمعاني ألفاظ القرآن الكريم منذ ستينيات القرن الماضي، لكن على فترات متباعدة. وكان الهدف هو ضبط عملية تحديد المعاني، وإخراجها من دوّامة الأقوال الكثيرة في معنى كل مفردة قرآنية. والحمد والفضل لله الذي أعان ووفق للوصول إلى هذا الضابط، وهو ربط مفردات كل ترتيب بمعنى عامٍّ واحد، سميته "المعنى المحوري لمفردات التركيب "، وطبقتُ ذلك المعنى على كل ما ورد من مفردات التركيب في القرآن الكريم، مبينًا وجه انتمائه إلى ذلك المعنى العام، وكذلك مبينًا وجه انتاء كل مفرَدة غير قرآنية من التركيب إلى ذلك المعنى؛ ليكون ذلك برهانًا على سلامة تحديد ذلك المعنى. فمعاني المفردات القرآنية هي لبُّ هذا العمل وصميمه، والعلاقاتُ روابطُ مؤيِّدة، وما زاد عن ذلك هو تأصيل من نتائج المعايشة الممتدة، لم أحتجِنه؛ لأنه حقُّ اللغة وحق أهلها، وإنما ميزته ليختار القارئ ما يريد أن يدرسه. فهذا الذي بين يديك -أيها القارئ الكريم- معجم لمفردات القرآن الكريم موثقٌ ومؤَصَّل لغويًّا وتفسيريًّا، وفيه -مع ذلك- من العلاقات الاشتقاقية الصحيحة قدرٌ قلَّما يجتمع في كتاب آخر. ثم هو يطلعك على الكثير من تكييفات العرب لعناصر بيئتهم. وهو -باختصار- يضع في يدك مفتاحًا لفقه اللغة العربية، ويقدم أمامك رائدًا راشدًا إلى أسرارها: حروفًا، وكلماتٍ، وعباراتٍ. وبعد، ففي ختام هذه المقدمة لهذا المعجم، يحق عليّ أن أذكر بالعرفان التام فضل شيخين جليلين: أولهما أستاذي فضيلة الأستاذ الدكتور إبراهيم محمد نجا

النائب الأسبق لرئيس جامعة الأزهر، الذي أجرى الله هذه النعمة على يديه، فأشرف على أصل هذا العمل حتى تم، وَرَأَسَ لجنة مناقشته بعضوية الأستاذ الجليل الدكتور إبراهيم بسيوني، والعلَّامة الجليل الأستاذ الدكتور عبد الصبور شاهين. رحم الله الشيخين الدكتور إبراهيم محمد نجا والدكتور إبراهيم بسيوني، وأمد الله في عمر الدكتور عبد الصبور شاهين، وجزى الله الجميع خير الجزاء. وثانيهما شيخي فضيلة الأستاذ الدكتور جودة محمد أبو اليزيد المهدي نائب رئيس جامعة الأزهر، حيث كانت تزكيتُه -بل حثُّه المشكور على استمداد أجزاء من هذا العمل لتدريسها على طلاب كلية القرآن الكريم بطنطا- في مادة "الدلالات اللغوية والقرآنية "لثلاث فرق، وذلك حين كان فضيلته عميدا لكلية القرآن الكريم- كانت تزكيته تلك وحثه ذاك، حافزين عظيمين لي لمراجعة هذا المعجم؛ من أجل تيسير مادته للطلاب -مراجعةً شملت مادته كلها تقريبًا، مع إضافة تطبيقات قرآنية كثيرة بقدر الوسع- حتى صار على صورته الحالية خَلْقًا جديدًا. فجزى اللهُ شيخنا الدكتور جودة خير الجزاء. كما أذكر لفضيلة عميد كلية القرآن الكريم الحالي الأستاذ الدكتور سامي عبد الفتاح هلال تحمسه الشكور لإنجاز مراجعة هذا المعجم وطبعه، ودأبه في السؤال عن إتمامه، مشجعًا بعروضٍ كريمة. وأنوِّه بحماس أخي الحميم فضيلة الأستاذ الدكتور الموافي الرفاعي البيلي عميد كلية اللغة العربية بالمنصورة، وتحقيه البالغ بأن أُنْجِز مراجعة هذا المعجم وأطبعه. وهو الذي أعتز به رفيقًا في درب الجهاد العلمي، ومراعيًا في تعامله حق هذه الرفقة دماثةَ خلقٍ ونبلًا وفضلًا - فجزاه الله خير الجزاء. وأدعو الله أن يحفظ أبنائي الأعزاء ويزيدهم من فضله: الدكتور عبد الوهاب والمهندس عبد الفتاح لتنافسهما في تحمل نفقات طبع هذا المعجم ونشره.

والدكتور عبد الكريم لمتابعته المدققة لوضوح المراد بالعبارة، ومتابعة إنجاز كتابة المعجم وسلامتها، كما أنوه بجهد ابنتي العزيزة الأستاذة سماء، ورفيقة الحياة لحرصهما وجهدهما في تهيئة الظروف لإنجاز عملي هذا وكل مؤلفاتي. جزى الله الجميع خير الجزاء. كما أشكر ابني الفاضل الأستاذ الدكتور وحيد عبد المقصود زايد رئيس قسم أصول اللغة بكلية الدراسات الإسلامية بدسوق لمساعدته إياي في ترتيب ثبت المعجم. كما أشكر الأخ الكريم الأستاذ أحمد علي حسن صاحب مكتبة الآداب على اهتمامه بإنجاز هذا العمل على خير وجه. كما لا يفوتني أن أشكر الأستاذ طارق طه، على كريم استجابته وهمته في نسخ هذا العمل. إنني -في ختام هذا التقديم- أسأل الله عزَّ وجلَّ أن يشرح لهذا العمل الصدور، ويلقي عليه القبول الحسَن، وأن ينفعني به والمسلمين، وكل دارس مخلص، في الدنيا والآخرة، اللهم آمين. وصلِّ اللهمَّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان، والحمد لله رب العالمين. طنطا في 25 من المحرم 1431 هـ 11 من يناير 2010 م وكتبه: أ. د. محمد حسن حسن جبل أستاذ أصول اللغة بجامعة الأزهر (العميد الأسبق لكلية اللغة العربية بالمنصورة) أستاذ غير متفرغ بكلية القرآن الكريم بطنطا

بين يدي هذا المعجم

بين يدي هذا المعجم هذا العمل الذي بين يديك أيها الدارس والقارئ الجاد معجم اشتقاقي مؤصل لمعاني ألفاظ القرآن الكريم. والمقصود بإخراجه على هذه الصورة الاشتقاقية هو تقديم تفسير لمفردات القرآن الكريم موثَّقٍ ومؤصل؛ لأن "الاشتقاق هو أكمل الطرق في تعريف مدلولات الألفاظ "كما قال الفخر الرازي (¬1)، وذلك حسمًا للتردد الذي يقع فيه دارس تفسير القرآن الكريم أو الباحث في معاني مفرداته، عندما يواجَه بأن هناك أقوالًا كثيرة في بيان معنى المفردة أو العبارة القرآنية، فيُضطر للاجتزاء بصورة مهتزة أو مُلْتَبِسة عن ذلك المعنى. وهذا يقدح في وثاقة التفسير، ويسيء إلى اللغة أيضًا. وإنما كان الاشتقاق "أكمل الطرق في تعريف مدلولات الألفاظ "؛ لأنه يقوم على استمداد معاني الألفاظ من استعمال العرب لها -مع أخذ تكييفاتهم (¬2) في ¬

_ (¬1) ينظر مفاتيح الغيب (تفسير) الفخر الرازي، المسألة الأولى من الباب الأول من الكتاب الأول في الاستعاذة (الغد العربي 1/ 37). (¬2) التكييف هو اعتبارٌ في الشيء أو تصنيفٌ له، تعتبر عنه صفته أو اسمه مثلًا: العرب يعُدّون جَرْي الدابة (بَذْلًا) منها لمذخور قُوّتها، ومن هنا يصفون الفرس بأنه (جواد)، (سَكْبٌ) (فيض). إلخ، ويعدُّون رائحة الابل من الطُيوب (: الروائح العَطِرة) [ينظر المزهر 2/ 278] .. وهذا التكييف هو أحد أهم أسس اختلاف اللغات، فالعرب يصفون مَنْ عَدِمَ إحدى عينيه بأنه (أعور) من تركيب (عور) المعبِّر عن انكشاف ثغرة في الشيء، فمعنى (أعور) أن له بؤرة عين خالية. في حين أن الإنجليز يسمونه one-eyed (ذا عين واحدة) نظروا إلى العين الصحيحة، فاختلف التكييف. ينظر (علم الاشقاق) للمؤلف ص 151.

الحسبان -ولا يخفى أن استعمال العربي للفظ في معنى مُعَيّن هو الحجة- في هذا؛ لأن العربي هو أهل اللغة، وهو هكذا عبَّر بها عما في نفسه. وشأن العرب في هذا شأن أهل كل لغة. وعلماء اللغة القدماء عايشوا العرب، وعرفوا ما يقصدون بكلامهم: مفرداته وعباراته، فرصدوا ذلك في المعاجم. ودراسة علماء اللغة المتأخرين للاستعمالات العربية وتفسيراتها تتيح تحرير معانيها عند الحاجة إلى ذلك. ثم إن كل لفظٍ مشتقٍّ من تركيب ما فإنه يحمل معنى ذلك التركيب أو فرعًا منه ضرورة؛ لوحدة الأصل التي هي خَصِيصةٌ للغة العربية (¬1)، ولأن ذاك هو معنى ¬

_ (¬1) اللغة العربية تعد من أنقى اللغات التي نعرف أصولها -أعني من أقلها اقتراضًا للكلمات الأجنبية عنها؛ فقد أغنتها قابلها للصوغ المنضبط المتمثلة في كثرة صِيَغِها المحددة (نحو 400 صيغة) المرِنة الدلالات، مع اتساع قدرة أهلها على لمح مميزات الأشياء والمعاني، وسبك الألفاظ اتتي تعبِّر عنها اشتقاقًا أو ارتجالًا -ساعدها ذلك على الاستغناء عن الاقتراض من اللغات الأعجمة وما يسمَّى الساميات. فقد ذُكر في مقدمة (المعجم الوسيط) أنه يحتوي على أربعين ألف كلمة. وقد أحصيت الكلمات المعَرَّبة والدخيلة فيه فلم تبلغ ألف كلمة. أي أن نسبتها فيه لا تزيد عن 2.5 في المئة. ويؤكد ذلك أن "جامع التعريب "للبشبيشي (ت 820 هـ / 1417 م)، وهو مخطوط حققه د. محمود عبد العزيز عبد الفتاح -تحت إشرافي- بلغت كلماته سبع مئة وألف كلمة. وهو (جامع) كما ترى، ومعرَّباته هذه تقف إزاء كلمات العربية كلها. فالمفروض أن سائِر كلمات العربية نَقِيُّ العروبة. ولا شك؛ أن المعرَّبات زادت بعد هذا (الجامع)، لكنها في ضوء ما ذكرنا عن الوسيط وجامع التعريب لن تصل نسبتها إلى خمسة بالمئة، فتكون نسبة النقاء 95 في المئة على أقل تقدير. وفي مقابل هذا فإن إحصاءً لأحد معاجم الفرنسية بين أن الكلمات الأصيلة فيه لا تصل إلى خمسين في المئة من كلماته. ينظر: من أسرار اللغة د. إبراهيم أنيس (ط 6) ص 120. والإنحليزية ليست أحسن حالًا من الفرنسية في هذا.

الاشتقاق. وبذا تبيَّن وجهُ صحة قول الفخر الرازي إن الاشتقاق هو أكمل الطرق في تعريف مدلولات الألفاظ. يضاف إلى ذلك أن الاشتقاق يُعَدُّ فيصلًا في الحكم بعروبة اللفظ؛ فقد "أطبقوا على أن التفرقة بين اللفظ العربي والعجمي (تكون) بصحة الاشتقاق " (¬1) أي أن اللفظ المشكوك في عروبته تثبت عروبته -إذا كان على إحدى صيغ العربية- بصحة اشتقاقه من لفظ صحيحِ العروبة، بأن يكون معنياهما متجانسين. ووجهُ ذلك (الإطباق) أن المأخذ الاشتقاقي (= اللفظ الذي تُشتق منه كلمات أخرى) له معنى عربي وأريج عربي (= رائحة البيئة). فإذا تناسب اللفظان في المعنى وأريج البيئة، وكان أحدهما ثابت العروبة، كان ذلك المناسب دليلا على عروبة اللفظ الآخر. -والسبيل إلى تحرير المعنى الدقيق لكل مفردة من المفردات القرآنية بالاشتقاق تخطِّيًا للخلاف اللفظي (والأقوى من اللفظي في حالة المشترك): هو إيجاد ضابط، أي معيار، يوزن به ويُطمأن إلى سلامة تحديد معاني المفردات القرآنية. ومن البَدَهيّ أن يكون ذلك المعيار مستمَدًّا من لغة العرب، أي من كلمات اللغة العربية وعباراتها؛ لأن القرآن نزل {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}. - وقد تبين لعدد من أئمتنا المتقدمين من العلماء باللغة العربية الاشتقاقيين (¬2)، ومن العلماء بمعاني المفردات القرآنية (¬3)، أن كل أُسْرةِ كلماتٍ، أي كل تركيب ¬

_ (¬1) الكليات، لأبي البقاء الكَفوي (تح. د. عدنان درويش، محمد المصري، مؤسسة الرسالة ص 117). (¬2) أقصد في المقام الأول: الزجّاج (ت 310 هـ)، وابن فارس (ت 395 هـ). (¬3) كالراغب الأصفهاني (ت 425 هـ تقريبًا) في المفردات، والسمين الحلبي (ت 756 هـ) في كنز الحفاظ.

بمفرداته (أي كلماته كلها قياسيةً وغيرَ قياسية) له معنى محوري جامع. وقد ثبت لمؤلف هذا المعجم ثبوتًا علميًّا صحة هذا الذي تبينه عدد من أئمتنا، كما ثبت له أن هذا المعنى المحوري الجامع يكون معنى واحدًا لا يتعدى (¬1). وكان ذلك من خلال معالجةٍ تطبيقية لما يقرب من (2300) ألفين وثلاث مئة تركيب شملت جميع كلمات كل تركيب. فهذا المعنى المحوري الجامع هو الضابط وهو المعيار الذي نحتكم إليه في تقرير ما هو الدقيق من تفسيرات الأئمة للمفردة والعبارة القرآنية، أو قولهم إنه المراد بها (¬2)، وفي تقرير ما اخترناه أو عدّلناه من الأمرين (: التفسير والمراد) وإنما كان هو الضابط؛ لأنه مُستخلَص من كل الكلمات والعبارات التي وردت عن العرب في هذا التركيب، فالمفروض أنه يحمل معنى جامعًا لمعاني كل مفردات التركيب، ذا مذاق خاص به -بحيث يصلح أن تُفسر به كل كلمات التركيب وعباراته. ومن هنا كان لزامًا أن أبيِّن في هذا العمل وجهَ تحقق هذا المعنى المحوري في كل استعمالٍ لهذا التركيب أوردتْه المعاجم. - وتوضيحًا لمعنى "أسرة كلمات "نقول: إن كلمات اللغة العربية جِدُّ كثيرة، لكنها تتجمع في مجموعات هي التي سمياها أُسَرًا. والأسرة الكلمية تشميتها المشهورة هي (مادة)، وتسميتها المستعملة في هذا المعجم هي (تركيب). - والذي يقضي بأن آية مجموعة من الكلمات تُعَدُّ من أسرةٍ كلمية واحدة، أي ¬

_ (¬1) الإمام ابن فارس كان كثيرًا ما يردُّ استعمالات التركيب الواحد إلى معانٍ متعددة، والإمام الراغب الأصفهاني كان عملُه يتيح ذلك التعدد. وفي هذا المعجم الذي بين يديك التزمت بوحدة المعنى المحوري. (¬2) لكن في حالة (المراد) فإن جانبًا من الدقة يتمثل في كون ذلك المراد غير خارج عن دائرة المعنى اللغوي للتركيب.

من تركيب واحد، هو أن تكون كلٌّ من تلك الكلمات مكونة من أحرف أصلية بعينها، مرتبةً ترتيبًا معينًا. فمثلًا تركيب (كتب) مكون من (ك+ ت+ ب) بهذا الترتيب -بصرف النظر عن الأحرف الزائدة التي قد تتخلل أو تنضم إلى هذه الأحرف الثلاثة. فتركيب (كتب) هذا يضم الأفعال: كتب، كتَّب، أكتبَ، كاتبَ، تكاتبَ، تكتَّبَ، انكتبَ، استكتبَ ... ، وكلٌّ من هذه الأفعال له مصدر أو مصادر، واسما مرةٍ وهيأةٍ (¬1)، وأسماء فاعل، ومفعول، وتفضيل، ومكانٍ وزمان، وآلة، وصفةٌ مشبهة، وصفاتُ مبالغة، وأفعالُ تعجُّب. وكل هذه الكلمات هي من مفردات تركيب (كتب)، وهي قياسية أو كالقياسية، وهناك من كلمات هذا التركيب أيضًا ما هو غير قياسي، وهو كثير كذلك. إن المعنى المحوري للتركيب إذا أُحكم استخلاصه، فإنه يمكننا من إحكام تفسيرنا لمفردات التركيب في سياقاتها القرآنية، ويمكننا كذلك من تقويم التفسيرات المَرْويّة للفظ؛ لنختار منها ما نطمئن إلى صحته، ونستبعد ما يتجافى مع المعنى المحوري. وهذه جدوى بالغة القيمة؛ لأن كثيرًا من الألفاظ رُويت لها تفسيرات مختلفة، ولا يسعنا الاختيار العشوائي، وبخاصة إذا كان السياق يسمح بأكثر من تفسير. وهذا المعنى المحوري هو أهم مستويات التأصيل هنا. وبهذا الاستشعار لقيمة المعنى المحوري، ولأن مجال تطبيقه هنا هو مفردات القرآن الكريم، فقد حشدتُ لصياغته كلَّ الخبرة والصبر، وراجعتُ -عند التطبيق على المفردات القرآنية- أقوال المفسرين؛ لأميز ما ينبغي الأخذ به في تفسير المفردات القرآنية في سياقها؛ فآخذ به، أما ما ينبغي أن يُستبعد؛ فلا أشغل القارئ ¬

_ (¬1) أخذت بهذا الرسم للهمزة تقليلًا للمستثنيات من القواعد. وهذا هو أساس كل مخالفة لقواعد الرسم الإملائي في هذا المعجم.

به، وما كان له وجهٌ ضعيف فإني أذكره مؤخَّرًا أو أُغفله، وتحديد موضع المراجعة يتيحها، ويمنع التثريب. إن التوثق من أن معنى مفردة أو عبارة قرآنية هو كذا، أو ليس كذا = هو حقُّ الله تعالى مُنزِل القرآن، وهو حق القرآن، وحق المسلمين، وحق اللغة العربية أيضًا؛ لأن معنى الكلمة القرآنية تعتمد عليه المقررات والأحكام العَقدية والتشريعية التي أرادها الله تعالى بالتعبير بتلك المفردات أو الكلمات العربية في قرآنه الكريم. ومن هنا، وإمعانًا في التوثيق والتأصيل جئت -على رأس كل تركيب عالجتُه في هذا المعجم الاشتقاقي- بشيئين قبل أن آتي بمعاني المفردات القرآنية: أولًا: مجموعة من الكلمات والعبارات الواقعية، أي التي استعملها العرب فعلًا في عصر الاحتجاج في نثرهم وشعرهم، وأثبتها اللغويون في المعاجم القديمة، مع تفسير علماء اللغة المتقدمين لها. وذلك بيانًا للاستعمالات اللغوية العربية التي استنبطنا منها المعنى المحوريَّ الجامع الذي سنتحدث عنه في الفقرة (ثانيا) الآتية. وقد تحريت في كل مجموعة جئت بها على رأس التركيب أن تكون من الاستعمالات المادية الحسية التي ذكرتْها أوثق المعاجم العربية وبخاصة: لسان العرب وتاج العروس (¬1)، وإنما اخترنا الاستعمالات الحسية خاصة؛ لأنها أوضح في ¬

_ (¬1) أوسع المعاجم العربية: (أ) تاج العروس فهو شرح للقاموس الذي هو أجمع المعاجم العربية للمفردات ومعانيها، وقد أضاف إليه الشرح المزيد من المفردات والمعاني. (ب) لسان العرب وهو يكاد يجمع أكبر معاجم العربية في القرون الهجرية الخمسة الأولى جمعًا مباشرًا بالنسبة لتهذيب اللغة للأزهري والصحاح للجوهري والمحكَم لابن سيده، وغير مباشر بالنسبة للعين من خلال التهذيب، ويضم لسان العرب -إضافة لما سبق- معجم "النهاية في غريب الحديث والأثر "، لابن الأثير، وحواشي ابن بري على صحاح الجوهري ولسان العرب تتميز مادته بالوضوح والوثاقة؛ لأن مادته مصحوبة بسياقاتها.

معانيها وأبعد عن الهلامية، كما أنها أثبتُ وأوضحُ في استخلاص المعاني المحورية منها. والعلماء الذين فسَّروا تلك الاستعمالات هم من الذين عاصروا عربَ عصر الاحتجاج في البادية، أو كانوا أقرب ما يكون إلى معاصرتهم وفهمِ معاني كلامهم وما يقصدون منه. والقصدُ من تقديم ذكر المفردات والعبارات العربية التي حددنا نوعها أن تكون تلك الاستعمالات أمام الدارس مباشرةً؛ ليرجع إليها ويتوثَّق بنفسه من صحة ما استخلصناه منها في المعنى المحوري، وليتيسر له نقد استخلاصنا، أو نقد التعبير عنه، إذا شاء. وهذا تأصل لأساس استنباط المعنى المحوري. إن مسئوليتي في فقرة الاستعمالات العربية هذه تنحصر في اختيارها، وقد اخترتها على أساس أنها حسية -كما قلت، وحَرَصتُ على أن تكون مغنيةً عن غيرها، فإذا تعدد التعبير عن المعنى نفسِه اخترت من كل تعبير ما يكون جامعًا، وأفصِل بين التعبيرات المختارة عن المعنى الواحد بشرطة مائلة هكذا /، مستمِدًّا من لسان العرب أساسًا، وأحيانًا من تاج العروس. والتزمتُ بنص ما أخذته، وعزوتُه. وإنما التزمتُ بنص ما أخذته من المعاجم في نطاق الاستعمالات الحسية دون أي تغيير؛ لتظل لما نقلتُه حُجِّيتُه؛ لأن المعاني المحورية تُستنبط منه. فإنه إذا غُيِّر عما هو به في للعاجم سقطت حُجيته، وصرنا إلى وضع مزيف: نختلق كلاما نعزوه إلى العرب، ثم نستنبط منه معنى محوريًّا ندّعي أنه مستنبَط من كلام العرب -نعوذ بالله من كل زيف. لقد عدَدتُ كلامَ العرب الوارد في المعاجم القديمة نصوصًا كالمقدسة، وتفسيرَ علماء اللغة له يليه في القداسة. ثانيًا: المعنى المحوري الجامع لمعاني الكلمات والعبارات التي استعملها عرب عصر الاحتجاج من هذا التركيب. وهو كما قلت مستخلص من الاستعمالات التي أوردتها في الفقرة (أولًا) المذكورة قبل هذا. وهذا الاستخلاص جهدي أنا بناءً على

خبرة ومعايشة طويلة لكلام العرب في الشعر الجاهلي وما بعده إلى آخر عصر الاحتجاج، وفي المعاجم القديمة الأصيلة. وقد اعتمدتُ في استخلاص المعاني المحورية للتراكيب من استعمالاتها العربية التي تحدثتُ عنها في الفقرة (أولًا) -على المَلاحظ المشتركة بين هذه الاستعمالات الحسية. وكان للاستعمالات المعنوية -أعني غير الحسية- سهمُها في هذا الاستخلاص، وهو أنها تلفت إلى هذه الملاحظ. إن الملاحظ المشتركة التي يبنى عليها استخلاص المعنى المحوري قد تكون صريحة مباشرة، كأن تكون صفةً بعينها متحققة في كل الاستعمالات الحسية التي اخترناها: طولًا أو قصرًا، سَعةً أو ضيقًا، خفةً أو كثافة، ضخامةً أو دقة جسم، صفاءً أو شَوبًا ... الخ. وهنا يكون الأمر قريبًا، أعني أنه يُلحَظ بأدنى تأمل (¬1). ولكنه في كثير من الأحيان يكون غامضًا يحتاج إلى فضل تأمل وإلى تأويل ينبغي أن يُحذر فيه من التكلف. وهنا يتحول الأمر إلى إدراك العلاقاتِ بين المعاني المختلفة لكلمات التركيب. وإدراك العلاقات بين معاني كليات التركيب هذا، هو قوام الجانب الاشتقاقي في هذا المعجم. ولتمثيل المعنى المحوري باختصار نقول: إن تركيبَي (عصو عصى) أوضح استعمالاتهما المادية هي "العصا "المعروفة، وقد عرّفها المعجم بـ "العُود "، والمقصود عُود الشجر أي الغصن منه الذي جف واتُّخذ عصا. وهناك ما حُمل عليها مثل "عصا الساق: عظْمها تشبيهًا بالعصا "، ثم قالوا: "عصا الشيء: إذا صلُب، اعتَصَت النَواةُ (¬2): اشتدت، عَصَوْت الجُرْحَ: شدَدته "؛ فالمَلْحَظ في تسمية العصا وعظم ¬

_ (¬1) ينظر تاج العروس (لمم) مثلًا. (¬2) عن عدم وضع شدة على النون تنظر ص 48 هنا رقم (5).

الساق هو صلابتها مع امتدادها. وسائرُ ما في التركيبين كله من العصيان: ضد الطاعة. فما المعنى الجامع بين العصا والعصيان؟ الجامح هو الصلابة كما تتمثل في طبيعة العصا، ثم كما تتمثل في صلابة من يعصي ربَّه أو أميرَه، بمعنى أنه يجمُد ويَصلُب على موقفه وعلى ما يريد هي، لا يطيِع ولا ينثني إلى ما أراده منه ربه أو أميره. هذه العلاقة بين العصا والعصيان هي الاشتقاق. والتعبير عن المعنى الجامع بين معاني مفردات التركيب هو المعنى المحوري. وعلى ذلك فالعصيان مأخوذ من معنى الصلابة، والصلابة تتمثل في حال العصا، وفي عظم الساق، وفي النوى الصُلب، وفي شَد الجرح (عَصبِه). واختار العرب التعبير عن العصا بهذه الأحرف (ع+ ص+ و) حسب ذوقهم للغتهم بحروفها في كل مواقع تلك الحروف. فإذا تعددت الاستعمالات اللغوية الحسية فالأصل أحدها: تعيينًا أو بلا تعيين، أو بعضُها أو كلها، هذه مسألة محدودة الأثر. وتمثيلًا للتكلُّف الذي حذرنا منه أن بعضهم قال: "أصل العصا: الاجتماع والائتلافُ، أخذًا من قولهم عصوتُ القومَ أعصوهم: إذا جمعتَهم على خير أو شر ". ثم لما أراد قائل هذا أن يبين سر تسمية العصا باسمها قال: "سُميت العصا عصا لأن اليد والأصابع تجتمع عليها " (¬1) يعني عند إمساكها. وقد أسلفنا أن العصا سُميت كذلك لصلابتها مع امتدادها. أما قولهم: "شَقَّ عصا المسلمين: أي جماعتهم، وكذلك عصوت القوم: جمعتهم "فلأن الجماعة قوة وصلابة. وفي مثلٍ آخر نقول: إن (المرح) معروف أنه النشاط والخفة. وفي تركيب (مرح) من الاستعمالات الحسية "مَرِحتْ العينُ: اشتد سيلان دمعها. المَرَح: خروج ¬

_ (¬1) ينظر لسان العرب (عصا).

الدمع إذا كثُر. مزادة (: قِرْبة) مَرِحة: لا تمسك الماء، (¬1)، فالمعنى المحوري الجامع هو: تسيُّب ما بالباطن وعدمُ ضبطه. فالأصل والمفروض أن العين تضبط دمعها، فلا ينساب إلا عند المناسبة المُبكية، وأن القِربة تضبط الماء المحتوَى فيها فلا يتسرب. لكن الذي أمامنا أن العرب كانوا إذا رأوا عين أحدٍ من الناس يسيل منها الدمع كثيرًا دون مناسبة، أو قِربةً يتسرب منها الماء الذي بداخلها من ثقوب دقيقة في جلدها -وصفوا كلًّا منهما بأنها "مَرِحة "، وعَبَّروا بالفعل من نفس التركيب فقالوا: "مرِحت العينُ ومرِحت القربة ". فأخذتُ أنا من هذا ومن سورة المرح (النشاط) أن تركيب (مرح) يعبر عن تسيب المختزَن في الباطن وعدم ضبطه. ونحن نرى بأنفسنا أن الإنسان في حالة مَرَحِهِ يتخلى عن وقاره وانضباطه، وكثيرا ما يأتي ما لا يليق به. وفي أحد تعريفات المرح أنه شدة الفرح والنشاط حتى يجاوز قدره (¬2)، ومن هنا نُهي عنه إذا كان عن اختيال {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} (¬3). وفي مَثل خفيف أخير نعلم أن الرَبوة من الأرض بقعة مرتفعة عن مستوى ما حولها، أي زائدة عنه إلى أعلى، وأن الرِبا الذي حرَّمه الله تعالى هو زيادة يفرضها صاحب المال على المقترِض مقابل فك عسرته؛ فالمعنى المحوري لتركيب (ربو) هو: الزيادة أو الارتفاع عن الأصل أو المعتاد، كما ترتفع الربوة عن مستوى ما حولها من الأرض، ومستوى الأرض هذا هو الأصل؛ لأنه المعتاد الطبيعي، كما أن الربا زيادة على المبلغ المقترض الذي هو الأصل. والزيادة من جنس الارتفاع. ولا يخفى -بعد ما قدمناه- أن استخلاص المعنى المحوري لكل تركيب هو أعوص ما في هذا العمل: من حيث إنه مبني على إدراك علاقات، ومن حيث إن ¬

_ (¬1) نفسه (مرح). (¬2) نفسه (مرح). (¬3) الإسراء 37، لقمان 18، والفعل في سورة غافر 75.

هذه العلاقات لا بد أن تُبيَّن مع خلوِّها من التكلف، ومن حيث إن هذه العلاقات لا بد أن تكون متَّسقة مع تكييف العرب ونظرتهم لأمور حياتهم بكل ما فيها، ثم من حيث إن المعنى المحوري المستخلَص لا بد أن تكون صياغته جامعةً (تصلح أن ينضوي تحتها معنى كلٍّ من مفردات التركيب)، ومحرَّرةً (بأن تكون خاصةً بهذا التركيب ومفرداته)، وموجزةً؛ ليمكن التعبير عن المعنى المحوري للتركيب بجملة واحدة. ومن هنا فإن كل كلمة في عبارة المعنى المحوري هي مقصودة، ويمكن أن يقربها لفظٌ أو أكثرُ من مفردات التركيب. ثالثًا: بعد الأمرين السابقين جئتُ بمعاني مفردات كل تركيب قرآني في سياقاتها -مع بيان وجه انضوائها تحت المعنى المحوري وانتمائها إليه- وهذا مستوى آخر من التأصيل. وقد التزمتُ في استقراء المفردات بالقدر الذي رجَحت أنه كافٍ -سواء كان السياق قرآنيًّا أو كان لغويًّا ليس من النص القرآني الكريم. وفي حالة السياق القرآني فإني أختار من المعاني التي تذكرها التفاسيرُ ما أعتقد أنه الأوْلَى أن يفسَّر به اللفظ القرآني في سياقه. وقد آتي بمعنًى لم تذكره التفاسير إذا اطمأننت إلى أنه الأدق أو الأوْلى بتفسير اللفظ الكريم. وقد حرصت على أن أعزو ما أخذته من التفاسير إليها، وكذلك ما كان من لسان العرب أو غيره من المعاجم، كما ميزتُ ما كان من كلامي أنا تحملًا للمسئولية. وأسأله تعالى مغفرةَ ما يمكن أن يكون فاتني من ذلك التمييز. ولم أترك من المفردات القرآنية إلا أسماء الأعلام الأعجمية، وربما بعض أحرف المعاني، وأسماءَ الإشارة والموصول والشرط. رابعًا: جئت ببيان العلاقة في المعنى بين تراكيب الفصل المعجمي الواحد. والفصل المعجمي يتمثل في التراكيب التي تبدأ بحرفين بعينيهما مرتَّبَيْن، سواء كانت تلك التراكيب ثلاثيةً أو رباعة. وقد ألحقنا بهذا الفصل ما توسَّطَ الحرفين فيه أو سبقهما أو تلاهما فيه حرفُ علة أو همزة، (مثلًا: بيان أن التراكيب: بدد، بدو، بيد، بدأ، أبد، بدر، بدع، بدل، بدن -وهي كلها من فصل (بدْ) - كلٌّ منها كلماته تعبر عن سورة من

الفراغ والاتساع -وما إلى ذلك- بين الأشياء). ومعنى الفصل المعجمي هذا لفتَ إليه عدد من الأئمة في فصول جِدِّ محدودة، على ما سأفصّل في المبحث التالي. لكن دراستنا هذه كشفت اطِّراده، فكان من حق لغة القرآن ودارسيها، وحقِّ علماء اللغات أن نبرز هذه الخصيصة للغة العربية. وهذه الدراسة أحق بها؛ لأن هذه الخصيصة لا تثبت إلا بتطبيقٍ موسَّع كالذي نحن فيه، فالتقطناها حتى لا تضيع، وقد عزلنا سورة اطرادها في كل فصل في فقرة خاصة في آخره، لمن شاء أن يدرسها أو يغفلها. وتفصيل ذلك أنه تكشَّف لنا في أثناء الدراسة التي ذكرنا أمرها من (أولًا) إلى الآن: أن الحرفين الأول والثاني الصحيحين بترتيبهما من كل تركيب، وهما اللذان سميتهما الفصل المعجمي = يستصحبان المعنى الذي كانا يعبران عنه، وهما في صورة الثلاثي المضعَّف (فتّ) مثلًا، عندما يتصدران ثلاثيًّا منبسطًا، أو يشتركان في بناء ثلاثي منبسط تكوَّن منهما مع ثالثٍ غير ثاني المضعفين (فتح، فتر، فتش، فتق، فتك، فتل، فتن، فتو، فتى، فتأ) في هذا المثال، بل إن ذلك المعنى يظل معهما بصورةٍ ما، حتى لو سبقهما أو توسطهما حرفُ علة أو همزة، كما في (فوت) هنا، ولا يوجد تركيب (أفت ولا فأت) في هذا المثال. وأمرُ اطِّراد معنى الفصل المعجمي هذا له إيضاحات: الأول أنه من الطبيعي أن المعنى الذي كان الثلاثي المضعَّف يعبر عنه لا يوجد كاملًا في الثلاثي المنبسط الذي مثلنا له؛ لأن في الثلاثي المضعف حرفا مكررا هو الثاني والثالث، وهذا التكرار له قيمته في التعبير عن المعنى. في حين أن في الثلاثي المنبسط من التركيب المضعف حرفين فقط ("فت "مكون من ف+ ت+ ت، و "فتح "مكون ف+ ت+ ح). وبذا فإن المعنى الذي تعبر عنه (فت) يوجد ثلثاه فحسب في (فتح) وهكذا الأمر في (فتر) ... إلخ .. وهذا واضح وطبيعي؛ لأن لكل حرف في هذه اللغة قيمته. كما سأذكر قريبا هنا.

تأصيل تاريخي لفكرة الفصل المعجمي

الإيضاح الثاني أن الحرف الثالث (الحاء في فتح مثلًا) له هو أيضًا معناه. وسيأتي الكلام عن معاني الحروف مفصَّلًا. الإيضاح الثالث أن معاني الأحرف التي يتكون منها التركيب تتفاعل معًا حسب معنى كلٍّ منها، وحسب موقعه في التركيب، أي كونه هو الحرف الأول أو الثاني أو الثالث. والمعنى الكامل لأي تركيب أو كلمة من تركيب هو حصيلة هذا التفاعل. ولا شك أن العرب كانوا يشعرون بالمعنى الجُملي الذي هو حصيلة هذا التفاعل عندما اختاروا كل لفظ من أحرف معينة، بترتيب معين، ليعبر عن معنًى بعينه: تسميةً لشيء مادي في البيئة، أو قوليةً صوتية لمعنى في نفوسهم. والفصل المعجمي هذا مستوى بالغ الأهمية من مستويات التأصيل للألفاظ والمعاني في هذا المعجم. خامسًا: جئت -في أول معالجة كل فصل معجمي- ببيان معنى كل من حروف الهجاء المشتركة في بناء ذلك الفصل وتراكيبه. (وسيأتي قريبا تفصيل ذلك). وهذا هو المستوى الأخير من التأصيل في هذا المعجم. تأصيلٌ تاريخيّ لفكرة الفصل المعجمي: إن اطِّراد معنى الفصل المعجمي في التراكيب الثلاثية المصدرة به قد سبق إلى ملاحظته ثلاثةٌ من الأئمة، لكن في نطاق بالغ المحدودية. فالإمام أحمد بن فارس (ت 395 هـ) نبه على ذلك في تركيب (زلل)، في معجمه: مقاييس اللغة، والإمام محمود بن عمر الزمخشري (ت 538 هـ) نبه على ذلك في تركيبي (نفق)، و (فلح)، وذلك في تفسيره "الكشاف "، عند كلمتي (ينفقون) و (المفلحون) في أول سورة البقرة، والإمام شهاب الدين محمود الآلوسي (ت 1127 هـ) تبع الزمخشريَ في ملاحظته على التركيبين، ثم نبه على مثل ذلك في تركيب واحد (حسب اطلاعي) عند كلمة "دلوك "في قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ} [الإسراء: 78]. وكلام ابن فارس والزمخشري كالإشارة فحسب ط وكلام الآلوسي عن الدلوك

زاد فيه أمثلة التراكيب الثلاثية. لكن لا أحد من الأئمة الثلاثة نبه إلى اطراد الظاهرة، أو إلى أن التراكيب الثلاثية من الفصل المعجمي يتأثر المعنى العام لكل منها بالحرف الذي يَثلِثها. وفي أواخر القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين الميلاديين تطرق إلى فكرة الفصل المعجمي -من حيث هي سورة لثنائية الأصول اللغوية- ثُقة من كبار لغويي العربية (¬1) في بحوثهم عن الصورة الأولى لنشأة اللغة. لكن شابت معالجاتِهم أمور تقدح في علميتها: (أ) ادعاء الإبدال والقلب كثيرا، بلا سند؛ من أجل تأييد الفكرة، (ب) افتراض إضافة أحرف- في مواقع كثير مطردة لتكوين الثلاثيات وما فوقها، (ج) الانتقائية، والبعد عن الاطراد في التطبيق، (د) إغفال بيان وجه تقارب المعاني في ما ادَّعَوْا فيه ذلك ... وبذلك كله كان قسط هذه الحقبة في التأصيل لفكرة الفصل المعجمي محدودا. وقد وضح أثر تلك المحدودية في اقتصار لغوي أواسط القرن العشرين وآخره على عدد جِدّ محدود من أمثلة الفصل المعجمي يتمثل فيها اطراد معناه - دون سائر ما تناولته أو أثارته جهود الحقبة المذكورة. أما هذا العمل الذي بين يديك أيها القاريء الجاد، فإن التطبيق الموسع في السعي لبيان معاني ألفاظ القرآن الكريم بيانا موثقا، هو الذي أبرز -بل فَرَضَ- فكرة الفصل المعجمي فيه، وحدّد معالمها، حيث اتضح به أن قسط الحروف الصحاح في التعبير عن المعاني أعظم من قسط حروف العلة والهمزة، وأن بناء فصل معجمي شطره أحد حروف العلة يصعب معه بروز معنى مشترك مطرد، فتجنبت بناء هذا النوع. وقد استوفى هذا العمل (أ) سعة التطبيق (بيان المعنى المحوري لحوالي 2300 تركيب، تحديد المعنى المشترك لتراكيب نحو 370 فصلًا معجميا .. (ب) مع بيان وجه انضواء كل استعمال (أورده القرآن أو المعاجم ¬

_ (¬1) أعني الشدياق والكرملي والدومينكي وزيدان واليازجي والعلايلي.

اللغوية) تحت المعنى المحوري لتركيبه، وكذلك وجه تحقق معنى الفصل المعجمي في معنى كل من تراكيبه - مع البعد عن التكلف. (ج) انتفاء الانتقائية بالالتزام بمعالجة كل تركيب وردت منه كلمة في القرآن الكريم. (د) ومع الاطراد في بيان معنى التركيب، والمعنى اللغوي والصوتي للحرف الألفبائي. ثم إني رأيت أن أبرز الفكرة تطبيقيا باستثمار سعة معالجة معاني المفردات القرآنية، وذلك بعرض معالجة تراكيب تلك المفردات في سورة فصول معجمية، وأن ذلك أولى من إغفال الفكرة وتضييعها، وأقرب من عزلها بالمعالجة مع تكرار التطبيق. وشجع على ذلك أن استدراك ما يُعَدّ مخالفة للجاري في عصرنا في اطراد ترتيب التراكيب في المعجم حسب الترتيب الألفبائي = متاحٌ: باستيعاب طريقة ترتيب التراكيب في هذا المعجم، وبمسرد التراكيب (الفهرس). ... • إن تبيُّن صحة فكرتَيْ المعنى المحوري والفصل المعجمي وتحققهما باطراد في آلاف التراكيب ومئات الفصول المعجمية = لا يفسَّر إلا بوجود ارتباط علمي يقيني بين الألفاظ ومعانيها بصورة مجملة، ثم بين مكونات الألفاظ ومعانيها بصورة مفصَّلة. ومكونات الألفاظ هي الحروف الألفبائية. إن اطِّراد معنى التركيب ذي الأحرف المعينة بترتيب بعينه - في مفردات هذا التركيب يثبت ارتباطًا محدودًا بين أحرف هذا التركيب ومعناه [كلما وُجدت أحرف كذا بترتيب معين وُجد معنى كذا = كلما وُجد (أ) وجد (ب)]. ثم إن اطراد ذلك في آلاف التراكيب (حيث لا بد أن تستعمل كل أحرف الهجاء، وفي كل المواقع: صدرًا ووسطًا وآخِرًا ضرورةً، تفاديًا للتكرار) -مع اطِّراد تغير المعنى تبعا لتغير الحروف ولتغير مواقعها = كل ذلك يثبت أن لكل حرف ألفبائي معنى مستقلًّا، وبخاصة مع ثبوت التلازم بين جنس المعنى ووجود الحرف. واطرادُ سورة من معنى الحرف المعين، ومن

معنى الفصل المعجمي في ثلاثياته، مع وجود مقابل الحرف الثالث، هو أيضًا يثبت أن لكل حرف ألفبائي معنى مستقلًّا. ثم تبين إمكان ربط معنى الحرف بجرسه الصوتي، وخصائصه الصوتية المتمثلة في مخرجه، وكيفية خروجه بصفاته؛ فحاولت تحديد ذلك أخذا بالأصل، وهو التعبير لا العشوائية. وهذا التعبير هو ما يُسَمى المناسبة بين أصوات اللغة ومعانيها، وقد سبق إلى بيانه وإثباته الإمام ابن جني (¬1). هذا مع كون المعنى اللغوي للحرف ومناسبته صوتيا لمعناه متعدِّدَي الصور، في نطاق المعنى نفسه والمناسبة (¬2). وذلك طبيعي، لاشتراك الحرف في تراكيب بالغة الكثرة، متنوعة المعاني. وقد حددنا لكل حرف معناه؛ تحقيقا وخروجا عن الهلامية. وبثبوت ذلك كله بما يشبه رَأْيَ العين، فإنه ما كان يسوغ لي ولا لغيري أن يغفل هذه الخصيصة للعربية، فتندفن وتغيب عن أهلها -في حين أنها حق العربية، وحق لأهلها، وهي من ذكرهم الذي امتن الله به إذ أنزل القرآن بالعربية {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44)} [الزخرف: 44]. • وحرصًا على الهدف الأساسي للمعجم عزلنا المعالجة التطبيقية لبيان المعاني اللغوية والصوتية، حرف الفصل مطبقة في تراكيبه، لتكون في حاشية في أول كل فصل معجمي، فيبقى المتن خالصًا لمعنى كل تركيب من تراكيب الفصل، مع التطبيق على مفردات كل تركيب في سياقاتها القرآنية وغير القرآنية. وذيّلنا متن الفصل بالمعنى المشترك بين تراكيب الفصل، مع إيجاز سورة تحقق ذلك المعنى في كل تركيب. ¬

_ (¬1) ينظر (الخصائص) لابن جني. تحـ الشيخ محمد على النجار 2/ 145 - 168، والمزهر 1/ 47. (¬2) أعني نسبه تحقق المعنى وتنوع صوره. مثلا تماسك العجين عند إجادة عجنه في قول سيدنا عمر: "املكوا العجين "يعدُّ من باب الشدة والاشتداد، واستعمل له الفعل (ملك) كما استعمل في قول الشاعر (ملكت بها كفي فأنهرت فتقَها) الضمير في (بها) للقناة (الرمح). فإمساك الرمح للطعن به يكون في غاية الشدة، لكنهم استعملوا له نفس اللفظ المستعمل لتماسك العجين: ملك. أما تنوع صور المعنى الواحد فسيتكشف لدارس المعالجات هنا.

المعاني اللغوية للحروف الألفبائية في اللغة العربية

المعاني اللغوية للحروف الألفبائية في اللغة العربية استخلصتُ المعاني اللغوية العامة للحروف الألفبائية العربية استخلاصًا علميًّا، اعتبرت فيه الأساسين التاليين: الأول: هو معاني كلمات التراكيب المكونة من الحروف المراد تحديد معناها، سواء استغرق ذلك التكوين كلّ أحرف التركيب، أو غلب عليها، بأن يتكون التركيب من حرفين مع حرف علة. وذلك مثل: "الببَّة بمعنى الشاب الممتلئ البدن نَعمةً وشبابًا / السمين / الكثير اللحم "فإن كلمة الببَّة هنا مكونة من ثلاث باءات هي الحروف الأصلية لهذه الكلمة، فيمكن أن يؤخذ منها المعى اللغوي لحرف الباء وحده، ولا يكون في ذلك تكلف، وكما في كلمة (ادد): "أددُ الطريق: دَرَرُهُ " (أي مَتْنُه ومَدرَجَته) فإن كلمة (أَدد) مكونة من همزة ودالين، فيمكن أن يؤخذ منها ومن مثلها المعنى اللغوي لحرف الدال دون تكلف، وبخاصة عندما نعرف المعنى اللغوي للهمزة ونطرحه من معى كلمة (أدد) وهكذا. واستنباط المعاني اللغوية للحروف الألفبائية أخذًا من التراكيب المكونة من حرف مكرر هو منهج ليس فيه خروج عن العِلْمية، لولا قِلَّة هذا النوع من التراكيب، وإنما شرطه إحكام الاستنباط. أما التراكيب التي يغلب في بنائها حرف معين فحاجتها إلى إحكام الاستنباط أشد. وهناك من نوع هذا المنهج صور أخرى لم نذكرها هنا. الأساس الثاني لتحديد معنى الحرف: هو هيأة تكونه في الجهاز الصوتي؛ فإن هيأة التكون هذه يشعر بها الإنسان عند التنبه لذلك، ويستطيع أن يُحس منها بمذاقٍ للحرف يُسهم مع الاستعمالات اللغوية له في تحديد معناه. وقد كان الخليل (ت 170 هـ) ومَن بعدَه من الأئمة يسمون تجربة نطق الحرف من أجل تحديد مخرجه: "ذَوْقا "و "تذوقا ". ولا يخفى أن هذا الأساس الثاني الصوتي ليس في قوة الأساس الأول الاستعمالي.

وإنما استمد قوّته من إمكان ربطه به -أي من إقامة الصوتي على الاستعمالي. وهذه هي المعاني اللغوية للحروف الأبجدية حسب الأساسين المذكورين: فالهمزة: تعبّر عن ضغط كما يتمثل في "الآء (تركيبه: أوَأ): ثَمَرُ شجر السَرْح / يأكله النعام، وهو يشبه الزيتون (وثمرة الزيتون دقيقة صلبة كأنها مضغوطة). فهذا الضغط الدقيق المتمثل في الصلابة هو الملحوظ لمعنى الهمزة. ويتمثل صوتيًّا في تكوين الهمزة بضغط الزمير أثناء خروجه من الوترين الصوتيين في الحنجرة ضغطًا يؤدي إلى انطباقهما وتوقف الزمير، أو بضغط الزمير آنَ انطلاقه من الوترين عند انفتاحهما بعد إغلاق. والضغط الذي تعبر عنه الهمزة ينصَبُّ (في الاستعمالات اللغوية) على ما تعبر عنه الحروف التي تصحبها في نفس الكلمة (كما في أكل / كلأ؛ فالكَلَال فَقْد الحدّة، والهمزة قبله تقويه فِعْلا، وبعده تقويه انفعالا؛ لأن الكلأ يؤكل)، أو على معنى العبارة التي تليها كما في همزة الاستفهام. والخلاصة أن الهمزة ليس لها معنى لغوي مستقل بل يظهر معناها في غيرها، ومن أجل ذلك خففها الحجازيون بتسهيل نطقها أو بحذفها تمامًا بحيث لا يبقى محقَّقَ الهمز حتمًا في كلامهم إلا ما وقع في أول النطق بكلامٍ ما. ولو كان لها معنًى لغويٌّ مشقل ما أمكنهم حذفها حتى لا يستعجم كلامهم. والباء تعبّر عن تجمعٍ تراكميٍّ رخوٍ -مع تلاصقٍ ما: كما في "البَبَّة: الشاب الممتلئ البدن نَعمةً وشبابَا / السمين / الكثير اللحم " (لحم وشحم متراكم تعبر عنهما باء مكررة، فيؤخذ منه معنى الباء الذي ذكرناه)، وصوت الباء يتكون بانطباق الشفتين انطباقًا تامًّا في نقطة أقرب إلى باطنهما من نقطة التقائهما حين نطق الميم. وواضح أن الشفتين كُتلتا لحم رخو، وما تلتقيان من قرب باطنهما في نطق الباء مع إحساسٍ بالتصاق خفيف، والشعور بنطقها هكذا يلتقي مع الاستعمال

اللغوي للباء، كما في لفظة البَبَّة، ويُصَدِّق تعبير الباء عن تجمع تراكمي رِخو. والتاء: تعبّر عن ضغط دقيق (يؤدي إلى حبس ضعيف أو غير شديد، وقد يؤدي إلى قطع) كما يتمثل عند الاستعمال اللغوي في "التِيتاء وهو الزُمَلِق الذي يَقذِف قبل أن يخالِط، وكذا في قولهم: أتَّه أي غتَّه بالكلام أو كبته بالحجة وغلبه ". فإسكات الخصم بالكلام والحجة حبسٌ بضغط، ولكنه ضعيف نسبيًّا؛ لأنه حبس غير مادي، والتاء تتكون صوتيًّا بالتقاء طرف اللسان (وهو دقيق) بأصول الثنايا العليا التقاءً يحب النفَس، وهو حبسٌ ضعيف لدقة نقطة الالتقاء، ولأنه بطرف اللسان وحده. وأيضًا بالنسبة للحبس في أختي التاء، وهما الدال والطاء، فالشعور بنطق التاء هكذا يلتقي مع المعنى المستنبط لها من الاستعمالات التائية. والثاء: تعبّر عن نفاذِ دِقاقٍ بكثافة وانتشارٍ ما كالتفشي، أخذًا من قولهم: "شَعرٌ أثيث: غزير طويل، وكذلك النبات. وقد أثَّ النبتُ: كَثُر والْتف. ولحية أثَّة: كَثَّةُ أثيثة " (يُلحظ دِقَّة الشعر والنبت). وهذا يلتقي مع الشعور بتكون الثاء صوتيًّا بمد طرف اللسان بين أطراف الثايا العليا والسفلى، وخروج النفَس خيوطًا هوائية دقيقة منتشرة من منافذ الفم التي يسمح بها وضع اللسان ذاك من جانبيه وحول طرفه. والجيم: تعبّر عن تجمُّعٍ هَشّ له حدة ما. أخذًا من "أَجِيج النار: تلهُّبها / توقدها. وماء أجَاج: شديد الملوحة والحرارة " (فهذا وذاك تجمع هش لأن لهب النار هش وكذلك الماء. والحدة هي الحرارة والملوحة). وكذلك "الجاجَة: الخرزة الوضيعة التي لا قيمة لها "فعدم قيمتها هشاشةٌ وضعفٌ معنوي. ومن ضعفها الحسي أنها جِرمٌ مثقوب أي فارغ الجوف، أما حدّتها فتتمثل في قوة أثرها في تزيين شكل مَن تَتَحلَّى بها. ومعنى الجيم ذاك يلتقي مع الشعور بتكون صوت الجيم الفصحى بارتفاع وَسَطِ مُقَدَّم اللسان بعَرْضه إلى ما يحاذيه من الحنك الأعلى حتى

يلتقي به التقاءً محكمًا يحبس الهواء. فهذا الوضع يُشعر بنوع من امتلاء الفم بالجيم - وهذا تجمُّع هش، أما تعبير صوتها عن الحدة فمأتاه جهرها، وأيضًا تعطيشها، والتعطيش هو صدى الين الذي يخالط صوتها، وبخاصة عندما ينفجر هواؤها، وهو صَدَى قَوى يَغشى الأُذُن. والحاء: تعبر عن جفاف في الباطن مع احتكاك بِعِرَض يبرِز وجود الممر الجاف في الجوف. وذلك أخذا من "الأُحاح-: العَطش (جفاف في الباطن)، ومن "أَحَّ بمعنى: سَعَلَ " (احتكاك). ومن جفاف الباطن هذا جاء (الأُحاحُ: الغيظُ والضِغْن ". وهذا يلتقي مع الشعور تكون صوت الحاء باحتكاك الهواء المار لإخراجها بوسط الحلق احتكاكًا جافًّا ليس فيه نعومة العين وبَلالها، لكن فيه إحساسٌ بوجود ممر باطني (يؤخذ منه وجود اتساع في الباطن). والحاء: تعبّر عن تخلخل ونحوه في أثناء غِلَظ، وذلك أخذًا من "الخَوخَة: وهي كوَّة في البيت تؤدي إليه الهواء، ومُخترَق ما بين كل دارين لم يُنصَب عليه باب، وباب صغير كالنافذة الكبيرة تكون بين بيتين " (فالخوخة في جدار البيت وبين الدارين الملتحمين فراغٌ هو التخلخل). وهذا المعنى يلتقي مع الشعور بتكون الخاء بارتفاع أقصى اللسان حتى يماسّ أقصى الحنك الرخو صانعًا حاجزًا رخوًا مُتخلالًا، مع مرور هواء نَفَسِ الخاء متخللا ذلك التجمع الرخو محتكًّا به، فيتموج جانباه لرخاوتهما، ويُسمَع صدى ذلك الاحتكاك برخو يتموج: خاءً. والدال: تعبّر عن امتدادٍ طولي دقيق مع انحصار، أي احتباس عن العِرَض. وذلك أخذا من "الدَد: اللهو واللعب "الذي يُغْري بالاستمرار مع الانصراف عن غيره، ومن "الدُود المعروف، والدَوْداة، (وهي عُود، دقيق نسبيًّا)، ممتدٌّ أفقيًّا يُركز وسطه على مرتفع ويتأرجح الصبيان على طرفيه) وما ممتدان ولا فرصة فيهما للعِرَض، ومن "أدَد الطريق: دَرَره (أي متنه ومدرجته) حيث يمتد واضحا من

كثرة الوطء والمرور عليه دون ما حوله، والطُرق قديما لم تكن عريضة. وهذا يلتقي مع الشعور بخروج الدال بالتقاء متنِ مقدَّمِ اللسان إلى طرفه بما فوقه من سقف الحنك حتى أصول الثنايا العليا مع الجهر وحبس المس. ويتميز التقاء اللسان مع سقف الحنك في الدال بأن ارتكازه على متن اللسان من مقدَّمه إلى نهاية طرفه، أي لمسافة أطول كثيرا مما مع التاء، وهذا يشعر بالامتداد. والذال: تعبِّر عن ثخين رطب أو غض (محتوى) ينفذ: وذلك أخذًا من قولهم "شفرة أَذوُذٌ: تقطع الشحم والكبد "، ومن التعبير عن المحتوى في البطن بـ ذي البطن: "ألقت ذا بطنها: ولدت ". "الذئبُ مغبوطٌ بذي بَطْنه ": أي جَعْوه، وكذلك من الآذِيّ: موج البحر الشديد. (وهو ينتبر منه). وهذا الذي تعبر عنه الذال يلتقي مع الشعور بتكون صوتها بمد طرف اللسان مستعرضًا حتى يتوسط ما بين الثنايا العليا والسفلى، فيبرز قليلا، ويخرج صوتها مجهورا، على ذلك. والراء: تعبر عن سيولة الجرم مع استرسالٍ، أي شيء من التماسك يجعل الاتصال والامتداد واضحين. وذلك أخذًا من قولهم: "مُخٌّ رَارٌ، ورِيرٌ -بالفتح والكسر: ذائب رقيق من الهُزَال / كان شحمًا في العظام ثم صار ماء أسودَ رقيقًا. والرَير -بالفتح: الماء يخرج من فم الصبي "ومن قولهم: "أرَّ سَلْحُه: استطلق حتى يموت، والإرّة- كهِرّة: النار " (تمتد ألسنة لهبها). وهذا يلتقي مع تكوُّن صوت الراء بامتداد طرف اللسان حتى يمس طرفُه المرتعدُ لثةَ الثنايا العليا أكثر من مَسَّةٍ سريعة التوالي، ويخرج صوتها على ذلك كأنه موجات متتالية تكرارا، وهذا هو معنى الاسترسال فيها. والزاي: تعبِّر عن شدة اكتنازٍ بازدحام أشياء أو أجزاء بعضها إلى بعض. وذلك أخذًا من "الزِيزَى والزِيزاء والزِيزاءة: ما غلُظ من الأرض / القُفّ الغليظ المشرِف الخشن " (الغليظ من الأرض هو الصُلب المرتفع. والصلابة والارتفاع تكُون من

انضغاط مكوناتها من تراب الأرض بعضها في بعض اتضغاطا شديدا فيتداخل ويصلُب). وكذلك أخذا من قولهم: "بيت أزَز: مليء بالناس، ومجلس أزَزٌ: ضيق كثير الزحام ". وهذا المعنى اللغوي للزاي يلتقي مع الشعور بخروج الزاي حُزْمَةَ هواء مشحونةً بزمير الجهر، ومضغوطة في المضيق بين طرف اللسان من ناحية، وصفحات الثنايا العليا إلى ما بين أطراف الثنايا العليا والسفل من ناحية أخرى. والسين: تعبِّر عن امتدادٍ دقيق (حادٍّ أو قوي) نافذ في جرم أو منه. وذلك أخذا من "السِيساءة: المنقادة من الأرض المستدقة، والسِيساء -بالكسر فيهما: ظهر الحمار، ومنتظَمُ فِقار الظهر (كل منها خطٌّ أو نتوءٌ طويل صُلب). ومن السُوس والساس: العُثّة التي تقع في الصوف والثياب والطعام (= حب القمح) (وهي دقيقة تَخترقُ وتنفذ) والحَوَاسُ: شجر كالمرخ من أفضل ما اتخذ منه زَنْد، يقتدَحُ به (يستخرج به شرر النار) ولا يَصلِدُ ". (= لا يتوقف عن إخراج الشرَر إذا قُدِح) ومن "الأُسّ -بالضم وكسحاب: أصل البناء " (يمتد في الأرض إلى أسفل). وهذا المعنى للسين يلتقي مع الشعور بخروج السين خيطَ هواءٍ دقيقًا قويًّا ينفُذ -ممتدًّا- من المضيق الذي بين طرَف اللسان المستند إلى اللثة السفلى وبين صفحة الثنايا العليا. ثم من المضيق بين أطراف الثنايا العليا والسفلى التي تتقارب حتى تكاد تلتقي. والشين: تعبّر عن تسيُّب وتفرقٍ أي انتشار وتفشٍّ وعدم تجمع أو تعقد. وذلك أخذًا من قولهم: "ناقة شَوْشاة: أي خفيفة سريعة (الانتقال الخفيف تفرق وانتشار)، ومن الشيشاء- بالكسر، وهو التمر الذي لا يشتد نواه / التمر الذي لا يَعقِد نوى، وإذا أنوى لم يشتد ... " (هشاشةٌ وتسيب)؛ ومن "الأَش -بالفتح: الخبز اليابس الهش، وأشت الشَحمةُ: أخذت تتحلَب " (تذوب- وهذا تسيب). وهذا المعنى للشين يلتقي مع الشعور بتكونها بخروج الهواء متفشيا منتشرًا - بعد المضيق

الذي يعترضه بسبب ارتفاع وسط مقدم اللسان قرب طرف إلى ما يحاذيه من الحنك. وقد وصفوها بالتفشي، وهو أقوى أوصافها، ويمثل معناها. والصاد: تعبِّر عن كونِ الشيء غليظًا قويًّا في ذاته خالصًا مما يخالطه -أو نفاذٍ كذلك. وذلك أخذا من "صَياصي البقر: قرونها، واحدها صِيصة. والصِّيص من ثمر النخل: الذي لا يشتد نواه أو لا يكون له ثوى أصلا، والصِيصاء- بالكسر: حَبُّ الحنظل الذي ليس في جوفه لبٌّ، الرجل الصُوص -بالفم- وهو اللئيم / المنفرد بطعامه لا يؤاكل أحدًا ". ومن قولهم: "بناء أصيص: محكَم، وناقة أصوص: شديدة موثقة، وقد أَصَّت: اشتد لحمُها وتلاحكت ألواحها ". وذلك المعنى للصاد يلتقي مع الشعور بتكونها بخروج هواء الزفير حُزْمَةً كثيفة (غليظة) ممتدة بين اللسان الذي يتقعر حينئذ، وأعلى الحنك الذي يصير كالطبق له، فيحس الناطق بها حزمة كثيفة (غليظة) من الهواء الخالص، لا يخالطها زمير الجهر، ينفذ من الفم بأثر الإطباق. والضاد: تعبِّر عن غِلظٍ وثقلٍ له حِدَّةٌ ما، يخالط فيَضغَطُ بغِلَظِهِ وثقله ما خالطه. وذلك أخذا من "الضَوْضى والضَوضاء: الجلَبة وأصوات الناس " (توحي بتجمع كثيف ثقيل على الأذن)، ومن "الأَض: الكسر، وناقة مُؤْتَضَّة: أخذها كالحرقة عند نِتاجها فتصلَّقت (أي تقلبت) ظهرا لبطن. والأَضُّ -بالفتح: المَشَقّة، وأَضَّهُ: أحزنه وأجهده. وأضَّته إليه حاجة: أجهدته / ألجأته واضطرته " (وكل هذا فيه حدة وغِلظ مخالط وضغط). وهذا المعنى يلتقي مع الشعور بتكون صوت الضاد: حيث يمتد طرف اللسان إلى لثة الثنايا العليا، مع استعلاء أقصاه، وتقعر وسطه تقعرا واصلا إلى ترب طرفه، واستعراض جوانبه، فيملأ الفم؛ فلا يجد النفَسُ سبيلا للخروج إلا جانبي اللسان أو أحدَهما. فامتلاءُ الفم، وخروج النفَس بجُهد من الجانبين أو أحدهما، وغِلَظ الصوت الخارج، كل ذلك يُشعر بالغلظ والثقل وسائر

ما تعبر عنه الضاد. والطاء: تعبر عن نوع من الضغط بغلظ وثقل مع حدة مخالطة. وذلك أخذًا من قوله "الأَطّاط: الصَيَّاح، قال يصف إبلًا امتلأت بطونها: يَطحرن ساعاتِ إِنَى الغُبُوق ... من كظَّةِ الأَطَاطة السَنُوق [يَطحَرن: أي يتنفسن تنفسًا شديدًا كالأنين، والإنَى: وقت الشرب، والأطّاطة التي تسمع لها صوتًا]: وقال الآخر: {على مُلَحَّبِ أَطَّاط} يعني الطريق. و "الأطيط: صوت الرَحلِ الجديد، والإبلِ مِنْ ثِقَلها من ثقل أحمالها ". وقال علي بن حمزة: "الأطيط: صوت أجوافها من الكِظّة إذا شربت. وأطَط -بالتحريك: بلد، سُميت بذلك لأنها في هَبْطة من الأرض، ... والأَطّ: نقيض صَوتِ المحامل والرِحال إذا ثقل عليها الرُكبان. والأطيط: صوت الباب من الزحام عليه، وصوت تمد لي النِسع، وصوت القَناة عبد تقويمها. والأَطّ الثُمَام " (ويلحظ أن تفسير الاستعمالات هنا صُبَّ في جُلِّه على صوت الأشياء من ضغطٍ (: الكِظة امتلاء البطن، صوت الباب من ضغط الزحام، تمدد النسع من زيادة الشدِّ وهو ضغط، ضغط القناة عبد تقويمها)، لكني نظرت إلى سبب ذلك الصوت، وهو الضغط الشديد في كل، كما هو واضح. وأما الأَط: الثُمَام، فضغطه أنه يُحْشى به. هذا واستعمالات جذر (طوط) و (طيط) فيها شيء من هذا المعنى، فمنها: "الطوط بمعنى القطن، وأرجِّح أنهم نظروا إلى جَوزه، المَحشوِّ بالقطن. فقد ذكروا قول أمية بن أبي الصلت: والطُوطُ نزرَعه أغنَّ جِراؤُه ... فيه اللباسُ لكل حَول يعضَدُ فالجِراء هنا هي جَوْزه. ومعنى الطاء ذاك الذي استخلصناه من الاستعمالات اللغوية يلتقي مع الشعور بتكون الطاء بالتقاء ظهر مقدم اللسان مستعرضًا بما فوقه من الحنك ولثة الثنايا العليا، مع ارتفاع أقصى اللسان (استعلاء)، فتكون هناك بين وسط اللسان

المتقعر وما فوقه من الحنك طبقةٌ من الهواء المجهور (حِدة عرصة مضغوطة). والظاء: تعبر عن حِدة تخالط الشيء الكثيف، أي هي تَسري في أثنائه. وذلك أخذا من قولهم: "الظياةُ -كقناة: الرجلُ الأحمق، وأظوى الرجلُ: حمُق، والظيان - كحسّان: نبت باليمن يُدْبغ بورقه "-وهذا كله يعني حدةً في أثناء الشيء: فالحمق حِدة فساد، والدبغ حِدَّةُ حَرَافة يُدبَغ بها الجلد "أديم مُظيًّا: مدبوغ بالظيَّان ". وهذا المعنى للظاء المستخلص من الاستعمالات اللغوية يلتقي مع الشعور بتكون الظاء بامتداد طرف اللسان بين أطراف الثنايا العليا والسفلى، مع استعلاء أقصاه، وتقعر وسطه، ومرور الهواء مجهورًا- والجهر حدة في الأثناء، وتقعر وسط اللسان ووجود الهواء بينه وبين سقف الحنك يوحي بكثافةٍ واحتباسٍ ما. لكن الإحساس بالكثافة والاحتباس هنا أقل مما مع الطاء والضاء، لأن تقعر وسط اللسان أقل؛ لامتداده إلى ما بين أطراف الثنايا، وسبيل الهواء هنا أكثر يسرًا منه مع الضاد. أما الحدة فهي في الضاد أقوى. والعين: تعبر عن رخاوة جرم ملتحم (اتساعا أو امتدادا). وذلك أخذا من قولهم: "عَيَّعَ القوم تَعْييعا: عَيُوا عن أمرٍ قصدوه (فهذه رخاوة ضعف)، ومن قولهم: "الوعْوع: الرجل الضعيف / الجبان ". وهذا التحديد لما تعبر عنه العين مستخلَصًا من الاستعمالات (العينية) المتاحة، يلتقي مع الشعور بمذاق تكوُّن العين في وسط الحلق، بمرور زمير الجهر بين المضيق من أثناء السد البليل الرخو الذي يعترضه من تراجع جذع اللسان مع الغشاء العريض الرخو الذي يتصل به- إلى الجدار الخلفي الرخو، وبسبب نفاذ الصوت من ذلك التجمع الرخو يشعر الناطق بتلك الرخاوة الملتحمة، ويكتسب الصوت عِرَض صداه ورقّته ونصوعه. والغين: تعبر عما يشبه الغشاء الذي له شيءٌ من كثافةٍ أو قوة وحدة، مع تخلخلٍ ما. وذلك أخذا من قولهم: "الغَوغاء: الصَوت والجلَبة، والجراد حين (ينبت

جناحه) ويخف للطيران. والغاغ: الحَبَق (وهو نبتٌ طيب الرائحة حديد الطعم، ورقه عريض منه سُهْلي ومنه جبلي، وليس بمَرعى) ويكثر نباته على الماء " (¬1). فالجراد يبلغ ذلك الطور في الموضع الذي بِيضَ فيه، وهو يكون كثيرًا جدا، يغطي مساحة عريضة من الأرض، ويطير معًا كأنه سحابة صغيرة مخفضة، فهو كالغشاء، والحَبَق بوصفه هذا يشبه ما يسمّى ورد النيل، وهو يغطي الماء كالغشاء -والجلبة تحس كذلك بالنسبة للأذن، وفي كل من تلك الطبقات تخلخل ما. وهذا كله يلتقي مع الشعور بتكون الغين بوصول الهواء زامرًا إلى المضيق بين أقصى اللسان بما عليه من أغشية رقيقة وبين الحنك الرخو، وهما ملتقيان أو كالملتقيين، ويمر الهواء الزامر من بينهما بتموج محدثًا ما يشبه الغرغرة حسًّا وصوتا، كأنه ينفذ من غشاء له شيء من الكثافة والقوة مع تخلخل ما. والفاء: تعبّر عن النفاذ بقوة (كالطرد والإبعاد) إلى ظاهر الشيء مع اتساع النافذ أو انتشاره. وذلك أخذًا من "الفُوفة -بالضم: القشرة الرقيقة تكون على النواة / (على) النواة دون لحمة الثمرة، والقشرة التي على حبة القلب (قشرة الشيء مُفرَزةٌ منه إلى ظاهر). والفُوف أيضًا: البياض الذي يكون في أظفار الأحداث (كأنه ذاك). ومن "الفَيف والفَيفاء- بالفتح فيهما: المفازة التي لا ماء فيها مع الاستواء والسعة " (تبخر الماء الذي يتوقع أن يكون في جوفها)، ومنه "الأُف: وسخ الأذن، والوسخ الذي حول الظفر " (وسخ الأذن إفراز منها، والآخر شبيه به). و "اليأفوف: الأحمق الخفيف الرأي (فارغ العقل). واليأفوفة: الفراشة " (جسمها دقيق هي كأنه دقيق، وأبرز ما فيها أجنحتها المنتشرة وطيرانها). وهذا المعنى ¬

_ (¬1) هذا النوع من الحبق هو المراد هنا [ينظر غوغ وحبق في تاج العروس، وذُكر في تاج العروس (حبق) أنواع أخرى].

الاستعمالي للفاء يلتقي مع الشعور بتكون الفاء بدفع الهواء بقوة بين المضيق المعترض بالتقاء الثنايا العليا بباطن الشفة السفلى، ويوجِّهه وضع الشفة العليا بالنسبة له. ويُلحظ الشعور بدفع الهواء إلى الخارج. وهذا يؤكد التعبير عن معنى الطرد والإبعاد. والكاف: تعبر عن تجَمُّعٍ (متعقد) ذي حدَّة في باطن السيء أو عمقه (قد ينفذ منه). وذلك أخذا من "القَقَّة: العِقْي الذي يخرج من بطن الصبي حين يولد، والقَقَّة أيضًا: حَدَث الصبي كالقَقَقَة -بالتحريك. والمعنى فيه واضح، ومن اليققة- بالتحريك: جُمَارة النخلة (وهي قُلبها وشَحمها: تُقطع قمة رأس النخلة ثم يُكشط عن جُمَّارةٍ في جوفها بيضاء، كأنها قطعة سَنام ضخمة، وهي رَخْصة تؤكل .. والكافور يخرج من الجمارة بين مَشَقّ السَعفتين) (¬1) - والتجمع المتعقد في الجوف واضح هنا أيضًا، وحِدَّتها أنها يخرج منها الكافور الذي يضم جنين تمر النخل، ومن "القُوق والقاق: الطويل القبيح الطول، والقُوقة: الصلعة) (حدة باطنية تُنتج الطول، ونَفْيَ شعر الرأس)، ومن "القِيقاءة: مكان ظاهر غليظ كثير الحجارة / الأَظِرّة .. (الظِرار: حجرٌ له حافة حادة يمكن أن تستعمل للذبح) لا تكاد تستطيع المشيَ فيها .. وتحت الحجارة الأظِرّة حجارة عاضٌّ (¬2) بعضها ببعض لا تقدر أن تحفر فيها. والقِيقَة -بالكسر أيضًا: القِشرة الرقيقة التي تحت القَيض من البيض " (غِلَظُ ما بالباطن هنا هو كتلة البيضة المتماسكة بالسلق ونحوه / أو أنها تحوي جنينا)، وقشرة البيضة الداخلية متينة نسبيًّا (وهذا هو غلظها)، إذ يمكن نزعها متماسكة بعد سلق البيض أو شيِّه. وهذا المعنى اللغوي للقاف يلتقي مع الشعور بتكون ¬

_ (¬1) الكلام عن الجمار من تاج العروس (جمر). (¬2) أي متداخل.

صوت القاف بالتقاء أقصى اللسان بما فوقه من الحنك اللين (أي في عمق الفم) التقاءً شديدًا محكَمًا في سبيل الصوت الزامر، مشعرا بكتلةٍ معقدة شديدة في جوف جهاز النطق. والكاف: تعبر عن ضغط غئوري مع حِدّة أو دقة. وذلك أخذًا من "الكَيكَة: البيضة "، فقشرها متماسك لكنه دقيق، وكذلك إمساكها (حفظها) ما بداخلها "والكَيكاءُ: من لا خير فيه من الرجال " (للضعف المأخوذ من دقة التماسك). ومن "الأَكّة: شدة الحر مع سكون الريح (سكون الريح وقوف وثبات كالتماسك، والعامة تقول في مثل هذه الحالة: الجو ماسك / الهوا محبوس) والحر حِدة، وسكون الريح مع الحر جو يحيط بالناس في أثنائه. ومن الحدة في الأثناء "الأكة: سُوء الخُلُق، والحِقدُ، وضيقُ الصدر، والزحمة " (لأن المزاحَم يشعر أنه معصور محصور في أثناء ما زحمه). ومن تماسك الأثناء أيضًا: "رجل كُواكيةٌ، وكَوكاة: قصير " (غير مُنبسط- وهو تماسك متوهَّم). وهذا المعنى اللغوي للكاف يلتقي مع الشعور بنطق الكاف بالتقاء جزء دقيق من قرب أقصى اللسان بما فوقه من الحنك الصلب التقاءً محكَمًا يمنع تسرب الهواء، ويُشعر بسدٍّ وحبسٍ دقيق (تماسك) في الأثناء، أي في عمق جهاز الصوت. واللام: تعبر عن نوع من الامتداد من شيء كالتعلق مع تميز أو استقلال. وذلك أخذًا من قولهم: "أُذُن مُؤلَّلَةٌ: محددة منصوبة ملطفة (دقيقة ممتدة إلى أعلى)، وألَلَا السكينِ والكتفِ وكلِّ شيء عريض: وَجْهَاه " (الوجه للشيء العريض ذي الوجهين جانبٌ منه متميز كالمستقل)، "والألَّة -بالفتح: الحربة في نَصْلها عِرَض " (والامتداد في السكين والحربة والكتف عَرْضي، وهو لدعم عملهن). ومن الامتداد من الشيء مع تميزه عن حقيقته: "ألَّ لونُه لَيلُ: صفا وبرق (امتداد بريق)، والأَلِيل: صليل الحجر أيًّا كان (امتداد صوت)، وألِلَ السقاء- كتعب: تغير ريحه

(بسبب امتداد زمني). أما "أل فلان: سأل فأطال المسألة "فهذا الإلحاح من الامتداد والتعلق. وهذا المعنى اللغوي للّام يلتقي مع الشعور بنطق اللام بامتداد طرف اللسان حتى يلتقي بأعلى اللثة كالمعلَّق مفسحًا جانبيه لمرور صوت اللام مجهورا قويا. والميم: تعبر عن تضامٍّ أو استواءٍ ظاهريٍّ لشيء أو على شيء. وذلك أخذًا من "أم الرأس: الخريطة / الجلدة التي تجمع الدماغ " (= المخ). فهذا ضم وجمع في كيس جامع، ومنه "أمَّةُ الطريق وأمُّه: معظمه، والإمام- ككتاب: الصُقع من الطريق والأرض " (مساحة أو مسافة متصلة تجمع وتضم من فيها). ومن "الموُم: المفازة الواسعة الملساء التي لا ماء بها ولا أنيس (تَضامٌّ ظاهري مع جفاف). وكذلك "المُوم: الجُدَرِي الكثير المتراكب (تضامٌّ على الظاهر مع جفاف)، وشَمع العسل (يَضُم العسل في جوفه وهو متماسك كالصُلب). ومن (اليَم: البحر / ... الذي لا يدرك قعره ولا شطّاه "- فهذا أيضًا تجمع في مساحات ظاهرة لا نهاية لها. وذلك المعنى اللغوي للميم يلتقي مع الشعور بتكون الميم بالتقاء الشفتين في نقطة أقرب إلى ظاهرهما- مع خروج زمير الجهر من الأنف. فالضم والاجتماع هنا أقل قوةً مما مع الباء. والنون: تعبِّر عن امتدادٍ لطيف في جوفٍ أو باطن جرمٍ أو منه. وذلك أخذًا من "النَنّ: الشعر الضعيف " (ينفذ من الجلد بلطف). ومن "النُونة: الثُقبة في ذقن الصبي الصغير، والسمكة، (غئور في جلد الذقن وفي الماء). ومن قوله: "أُنَّ ماءً ثم أغْلِه "أي صُبَّه (في إناء) ثم أغله، فهذا صب في جوف شيء: وهذا المعنى اللغوي للنون يلتقي مع الشعور بخروج النون زميرًا يمر في الخياشيم وقصبة الأنف حتى يخرج منها -مع التصاق طرف اللسان بأعلى لثة الثنايا العليا. والهاء تعبِّر عن فراغ الجوف أو إفراغ ما فيه بقوة "وذلك أخذًا من قولهم: "هَه

الرجل: لُثِغَ واحتبس لسانه " (هذا الاحتباس انقطاع لما يُتوقَّع صدوره من المتكلم يوحي بفراغ جوفه كأنه ليس عنده (في جوفه) كلام، ومن "الهوهاة- بالفتح: البئر التي لا مُتعلَّقَ بها، ولا مواضع فيها لرِجْل نازلها لبعد جَالَيْها، (= جوانبها من الداخل) (كأنها جُبٌّ لا قاع له، فهذا فراغ كامل). وهذا المعنى يلتقي مع الشعور بتكون صوت الهاء بإخراج هواء الرئتين دفعة كبيرة إلى الخارج بلا عائق؛ إذ يكون مجرى الهواء متسعًا ونُحِسُّ بإفراغ الهواء من الجوف بقوة. والواو: تعبِّر عن اشتمال واحتواء. وذلك أخذًا من "الواو "وهو اسم للبعير الفالج، وهو ذو السنامين (¬1). ولما كانت الإبل المعتادة المتعارَفة عند العرب ذات سنام واحد، فإن ذا السنامين يُعَدُّ جامعًا ومشتملا على أكثر من غيره. وهذا يتفق مع المعنى الاستعمالي للواو الذي استخلصناه من استعمالها حيثما وقعت، كما سيتضح في المعالجات التفصيلية. وهذا المعنى يلتقي مع تكوُّن الواو باستدارة الشفتين (مع ارتفاع في أقصى اللسان). والمستدير يضم ويشمل ما يحيط به. ومعنى الشمول والضم في الواو هو الذي عَبَّر عنه النحاة بالعطف؛ لأن العطف يُدخِل المعطوف في حكم المعطوف عليه ويضمه إليه، فيشمله المعنى المنسوب للمعطوف عليه وهذا المعنى أيضًا متحقق في واو الجمع، وواو القسم (تُدْخِل المقْسَمَ به في ¬

_ (¬1) جاء هذا في مستدرك الزبيدي على الفيروز آبادي (واو)، وجاء له بشاهد. وقد نقله الزبيدي عن البصائر وعن البرماوي في شرح اللامية، وفسره أي البرماوي بأنه الذي ليس له سنام. ولا شك أنه وهم لا هذا التفسير؛ لأن الشاهد الذي جاء به يتمدح صاحبه بإغنائه المجتدي، ولا يُتمَدَّح بمنح / إبل ليس لها أسنمة. والشاهد هو: وكمْ مجتدٍ أغنيتُه بعد فقره ... فآب بواوٍ جمةٍ وسَوامِ

الأمر كأنه شاهد -كقوله تعالى {وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ} وكقولهم: شَهِدَ اللهُ، عَلِمَ الله، وواو الحال (تقرن بين الأمر والحال)، وواو المعيَّة .. كذلك. والياء: تعبِّر عن اتصال الممتد شيئًا واحدًا، وعدم تفرقه أو تسيبه. وذلك أخذًا من "الإيَاء- كسَماء وبناء ورِضا: شُعاع الشمس (يمتد كالخيط). وآية الرجل: شخصه (جِرم وكتلة واحدة). وقولهم: تأيّا: توقف وتمكث / تلبّث وتحبس، تأنّى في الأمر. ليس ذلك المنزل بدارِ تَئِيَّة أي: بمنزلةِ تلبُّثٍ وتحبُّس ". وكل ذلك تماسك وعدم تسيب. وهو من صور الاتصال. ومعنى الياء هذا يلتقي مع الشعور بتكونها بامتداد الزمير، مارًّا -دون أن ينقطع- من المضيق الذي يسببه ارتفاع مقدم اللسان، مقتربًا مما يوازيه من الحنك.

ملخص المعنى اللغوي العام لكل من الحروف الهجائية بإيجاز

ملخص المعنى اللغوي العام لكل من الحروف الهجائية بإيجاز الهمزة تؤكد معنى ما تصحبه في التركيب. ب تجمعٌ رخوٌ مع تلاصق ما. ت ضغطٌ بدقة وحدَّة يتأتى منه معنى الامتساك الضعيف ومعنى القطع. ث كثافةٌ أو غلظ مع تفشٍّ. ج تجمعٌ هش مع حدة ما. ح احتكاكٌ بعرض وجفاف. ح تخلخلٌ مع جفاف. د احتباسٌ بضغطٍ وامتداد. ذ نفاذ ثخين ذي رخاوة ما وغلظ. ر استرسالٌ مع تماسك ما. ز اكتناز وازدحام. س امتدادٌ بدقةٍ وحدة. ش تفشٍّ أو انتشار مع دقة. ص نفاذ بغلظٍ وقوة وخلوص. ض ضغطٌ بكثافه وغلظٍ. ط ضغط باتساعٍ واستغلاظ.

ظ نفاذ بغلظ أو حدة مع كثافة. ع التحامٌ على رقة مع حدَّةٍ ما. غ تخلخلٌ مع شيء من رخاوة. ف طردٌ وإبعاد. ق تعقدٌ واشتداد في العمق. ك ضغطٌ غئوري دقيق يؤدي إلى امتساك أو قطع. ل تعلقٌ أو امتدادٌ مع استقلال أو تميز. م امتساكٌ واستواء ظاهري. ن امتدادٌ لطيف في الباطن أو منه. هـ فراغٌ أو إفراغ. واشتمالٌ. ي اتصالٌ.

أثر ترتيب حروف التركيب في معناه

أثر ترتيب حروف التركيب في معناه ما ذكرناه من معاني الحروف بأن حددنا لكل حرف ألفبائي معنى لغويًّا لا يعني أن التركيب مجمل المعنى اللغوي الكامل لكل حرف من حروفه بحيث يكون معنى التركيب هو مجموع معاني حروفه. كلا، فنحن لا نقول بهذا؛ ذلك أن الدراسة التطبيقية بيَّنتْ أن ترتيب موقع الحرف بين حروف التركيب له تأثير قوى في معناه المحصَّل في التركيب: فقد يبقى معنى الحرف كما هو، وقد يتأكد ويتقوى بما مجاوره، وقد يضعف معنى الحرف بتأثير معنى الحرف الذي يسبقه أو يليه في التركيب. وتقريبًا لهذا الأمر فإني أشبه مسألة أثر الترتيب هذه بترتيب خلط المواد المكونة لشرابٍ من عصير الليمون المُحَلَّى؛ فالمواد هي ماء وسكر وعصير ليمون: فإذا وضعنا عصير الليمون أولًا على الماء فإنه يختلط به، ثم إذا جئنا بالسكر ووضعناه على ذلك الخليط فإنه لن يذوب كله في خليط الماء والليمون، بل ربما لا يذوب منه إلا القليل، وبذا سيكون طعم الخليط قليل الحلاوة. أما إذا خلطنا السكر بالماء أولًا وقلّبناه حتى ذاب، ثم وضعنا عصير اللمون فإن عصير الليمون سيختلط بالماء المحلَّى اختلاطًا تامًّا، وبذا ترتفع درجة حلاوة المشروب المذكور. أي أن حصلية خلط الماء بالسكر والليمون تغيرتْ بسبب ترتيب خلط المواد -أيُّها يُخلط قبل الآخر. فكذلك الأمر في تكوُّن تركيب لغوي من مادة ثلاثة أحرف مثلًا -أي أنه بتغير معناه بتغير أسبقية الحرف المعين في صياغة التركيب. وقد كنا تعرضنا لمسألة أثر ترتيب حروف التركيب في معناه عند مناقشتنا نظرية ابن جني في الاشتقاق الأكبر (¬1) (وهي تتطابق في أهم وجوهها مع مسألتنا ¬

_ (¬1) أفردت لـ "علم الاشتقاق "كتابًا مستقلًّا نشرته "مكتبة الآداب "وقد احتوى (ص 247 - 268) على تقويم مفصل لنظرية ابن جني هذه، فراجعه إن شئت.

هذه) حيث زعم -غفر الله لنا وله- أن تقاليب المادة الثلاثية (مثلًا)، وهي ستة، تعطي كلها معنى مشتركًا بينها جميعًا يوجد في كل تركيب منها، ومثّل لذلك بمادة (ق ول)، فزعم أن تراكيبها (قول / قلو / وقل / ولق / لقو / لوق) كلها تدل على معنى "الخفوف والحركة "، وأن هذا المعنى متحقق في كل منها على حِدَة، كما مثل بمادة (ب ج ر) زاعمًا أن تراكيبها (بجر / برج / جر / جرب / ربج / رجب) كلها تدل على القوة والشدة. وكذلك فعل في مثال مادة (ك ل م). وقد ناقشنا هذه النظرية حتى نقضناها. وكان من مناقشتنا التطبيقية لها أن شرحنا معاني تلك التقاليب الثمانية عشر وبيّنا عدم تطابق معنيي أي تركيبين من أي مادة من المواد الثلاث، وأن أقصى ما هناك أن يتقارب معنيا تركيبين فحسب، وأن تقارب معاني التراكيب الستة هو مجرد دعوى وتكلف وخِلابة، دفع إليها طغيان الفكرة على ذهن ابن جني رحمه الله. ثم كان من مناقشتنا التطبيقية أيضًا أن جئنا بعشرة تراكيب مضعَّفة، وبينا أن مقلوباتها المضعّفة أيضًا (حسب ما أخذ به الخليل في بنائه معجم العين) تحمل معاني مضادة لمعانيها إلا مطابقة ولا مقاربة)، وهو أمرٌ ينقض نظرية ابن جني في الاشتقاق الأكبر -من ناحية، ويثبت إثباتًا تامًّا ما قلنا به من أثر ترتيب موقع الحرف في تركيبه في معنى هذا التركيب (ومن ثم في كل مفردات هذا التركيب) من ناحية أخرى. وها هي تي كما جئنا بها في كتابنا عن الاشتقاق (جعلنا الأمثلة على شكل مثاني من التراكيب المقلوبة الترتيب نوازن بين معنى التركيب ومعنى مقلوبه، لنتبين أثر قلب الترتيب في المعنى): 1 - دَرَّ، رَدَّ: "دَرَّ اللبنُ والدمع: سال كثيرًا ". فهذا سيلان واسترسال. وفي مقابل ذلك: "رَدَّ الشيءَ صرفه عن وجهه "أي صرفه عن الاسترسال في اتجاهه.

ومن صور ذلك: "الرَدّة: تقاعسُ الذقن، "أي غئوره في الوجه ورجوعه إليه وعدم انبساطه إلى مداه المعتاد. 2 - بَعَّ - عَبَّ: "بع السحابُ: ألح بمطره، وبع المطرُ من السحاب: خرج ". فهذا إخراج الماء بقوة. ومقابله: "العبُّ: شرب الماء غيرَ مص "! أي أن يشرب الماء صبًّا، وهذا إدخال الماء بقوة. 3 - مجّ - جم: "مج الشرابَ من فيه: رماه "فهذا طرحٌ للماء وإذهاب له. ومقابله: "جَمَّت البئر: كثر ماؤها واجتمع "فهذا تجمع للماء. 4 - لحّ- حلّ: "اللحَحُ في العين: صُلاق يصيبها والتصاق، وقيل هو التزاقها من وجع أو رَمَض "فهذا لزوق وتماسك، ومقابله: "حَلَّ العقدة: فتحها ونقضها "فهذا فك للتماسك. 5 - كدَّ- دَكَّ: "كدَّ الشيءَ واكتدّه: نزعه بيده. وكد الطبيخَ اللاصق في أسفل القِدْر: نزعه بأصابعه "فهذا نزعُ اللاصق واستخراجه - وفي مقابله: "دك الترابَ: كَبَسه وسوّاه، واندكّ الرمل: تلبّد "فهذا ضغط للشيء بعضه على بعض حتى يتداخل ويلتصق. 6 - نَدَّ - دَنَّ: "نَدَّ البعير: شرد "فهذا مفارقة للمقر ومباعدة. ومقابله: "أدنّ الرجل بالمكان إدنانا: أقام "فهذا لزومٌ للمقر. 7 - نَضَّ- ضَنَّ: "نَضّ الماءُ: سال قليلا قليلًا / خرج رَشْحا "فهذا: نفاذ وخروج. ومقابله: "ضَن بالشيء: بَخِل به "فهذا إمساك وعدم إخراج. 8 - ضَفَّ- فَضَّ: "الضَفّ: ازدحام الناس على الماء "، فهذا اجتماع، ومقابله: "الفَضُّ: تفريقك حلقة من الناس بعد اجتماعهم "فهذا تفريق المجتمعين. 9 - زَلّ- لَزّ: "زل الرجل عن الصخرة: زَلِق "فهذا انزلاق وعدم امتساك أو ثبات. ومقابله: "لزّ الشيء بالشيء: ألزمه إياه / ألصقه "فهذا امتساك ولصوق.

10 - لَفَّ- فَلَّ: "لف الشيء: جمعه، وامرأة لفّاء: ضخمة الفخذين مكتنزة "فهذا اجتماع وتضام واكتناز. ومقابله: "الفَلّ: الثَّلمْ في السيف وفي أي شيء كان، فَلَّ السيف: كَسرَ حَدَّه، وفلَّ الصَفاة: كسرها "فهذا تفريق. ويمكن لهذه المعارضة بين التراكيب أن تستمر لتستوعب كل تراكيب اللغة، ليثبت أن بين معنى كل تركيب ومقلوبه فرقًا - قد يكون إلى درجة التضاد كالأمثلة التي سقناها آنفًا، وقد يكون مجرد اختلاف يسير، ولكن لن يكون هناك مطابقةٌ، ولن يشترك أكثرُ من تركيبين من تقاليب المادة الستة في صورة أو جزء من المعنى. والسر هو كما قلنا -تأثر القيمة التعبيرية للحرف في التركيب أو الكلمة بموقعها فيها.

إيضاحات

إيضاحات (1) ترتيب التراكيب (: المواد = الجذور) في هذا المعجم: ترتيب التراكيب في هذا المعجم يتلخص في النظر إلى صدر الأحرف الصحيحة في التركيب؛ ثم ما يلي هذا الصدر من الحروف الصحاح ثواني ثم ثوالث. والأحرف غير الصحيحة هنا هي الهمزة، والواو، والياء، والألف المنقلبة عن أيّ منهما. فمثلًا (أقام) يُبحث عنها في باب القاف فصل القاف التي بعدها ميم، و (بات) في باب الباء فصل الباء التي بعدها تاء. و (أبد) في باب الباء فصل الباء التي بعدها دال. وستكون في الموضع نفسه في هذا المعجم كل التراكيب التي فيها هذا الترتيب متوالية. مثلًا ستجد (بدد)، (بدا)، (باد)، (بدأ)، (أبد) متوالية هكذا. أما التراكيب التي فيها حرفٌ واحد صحيح فهي في أوائل أبواب تلك الأحرف الصحيحة. مثلًا (أبي) في أوائل باب الباء، (ودى) في أوائل باب الدال وهكذا .. ، والتراكيب المكونة من أحرف صحيحة -ثلاثية أو أكثر- وُضعت في الترتيب الهجائي لحروفها؛ مثلًا (برك) في باب الباء فصل الباء والراء. وهذا الفصل -أعني الباء والراء مثلًا- رتبتُ فيه التراكيب هكذا: برر، برى، بور، برأ، بأر، وبر، ثم برج، برح، برد، برز، برص، برق، برك، برم، بره. وهكذا. والذي دعا إلى استعمال هذا الترتيب هو إبراز فكرة حمل الفصل المعجمي معنى مشتركًا، باستثمار معالجة مئات الفصول المعجمية من تراكيب القرآن الكريم لإبراز صحة هذه الفكرة، بدلًا من اللجوء إلى عرض الفكرة إثباتًا قابلًا للنقد بالانتقاء. وبخاصة أن ما فات الترتيب الألفبائي المعتاد قد استدركناه بثبت

(2) التوثيق

(فهرسٍ) للتراكيب الواردة في هذا المعجم مرتبٍ ألفبائيًّا. إن فكرة الفصل المعجمي بالغة النفاسة؛ لأنها تثبت قياسية ثروة المفردات في اللغة العربية، وتسهم في إثبات أن لكل حرفٍ ألفبائي في اللغة العربية معنًى لغويًّا محددا. وهذا حق لهذه اللغة الكريمة لا يسوغ إغفاله. (2) التوثيق: المادة اللغوية في هذا المعجم مأخوذة من معجم (لسان العرب) أساسًا، وما أُخذ من غيره فقد رمزنا لمصدره بعد الاستعمال المأخوذ مباشرةً. وتفسير المفردات القرآنية موثَّقٌ من كتب التفسير في أكثره، ومن لسان العرب في بعضه -مع الإشارة إلى المصدر. وما خرج عن ذلك، أي ما كان من كلام مؤلف هذا المعجم فقد وُضع بين قوسين هلاليين، إلا إذا كان واضح النسبة إليه بحيث لا يحتاج أقواسا، أو تُركت أقواسه سهوًا. (3) الرموز: أساس = أساس البلاغة للزمخشري بحر = البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي تاج = تاج العروس للزبيدي ض= فعل مضعّف طب= تفسير الطبري ق= القاموس المحيط قر= تفسير القرطبي ل= لسان العرب، والرقم الذي يصحب هذا الرمز أحيانًا هو رقم الصفحة (وأحيانا السطر أيضًا) في معالجة طبعة بولاق للتركيب موضع الدراسة.

(4) الأقواس

متن = معجم متن اللغة للعلامة أحمد رضا العاملي. مصباح = المصباح المنير (4) الأقواس: (): أ- للباب الصرفي. ب- لإضافات المؤلف شرحًا. []: للمرجع. {}: لأنصاف الأبيات الشعرية أو أجزائها. (5) الضبط بالشكل: أخذتُ في ما كان من غير النص القرآني الكريم بالضبط اللغوي الذي ينصَبُّ على بعض البنية والإعراب على ما هي في اللغة؛ فلم أراعِ ما يطرأ على اللفظ عند نطقه في سياقه من نحو وضع الشدة علامة على إدغام لام (ال) عندما تدخل على كلمة تبدأ بأحد حروف طرف اللسان، ونحو وضع حركة التخلص من التقاء الساكنين كفتح النون في مثل: من البيت، وكسر العين في نحو: ارفع الكتاب، وكسر التاء في نحو: قالت اذهب. وإنما أخذت بذلك لأنه الأصل الضبط، ولأن الضبط القرآني يراعي النطق حسب المذهب القرآني (حفص عن عاصم أو ورش عن نافع الخ)، فيختلف حسب المذهب. والانتقاء ليس علميًّا. وعلى كلّ فالخطب هنا سهل إن شاء الله.

باب الباء

{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} باب الباء التراكيب البائيَّة • (بوب): {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَال لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73] "الباب: مدخل المكان، كباب البيت، والدار، والمدينة " (¬1) "البَوْباة - بالفتح: الفلاة / المفازة الواسعة الملساء ". Qلاستعمالات هذا التركيب هو: انفتاحٌ مع اتصالٍ دائم (¬2): كما أن الباب فتحةٌ توصل إلى ما كان محجوبًا، وهي تتيح الاتصال دائما، ¬

_ (¬1) من المفردات للراغب 64 بتصرف يسير. وفي تاح العروس. الباب: المدخل والطاقُ الذي يدْخَل منه. قال في [ل بصر 132]. "أَبصَرَ: إذا اعتق على باب رَحله بَصيرة، وهي شُقّةٌ من قطن أو غيره "وواضح أن كلمة باب هما تعني الفتحة. وفي كشاف اصطلاحات الفنون (1/ 155، 156) "سُمِّي أول (أي فمُ) عِرْقٍ في الكبد بابا، وفمُ الاثنا عشر بوابًا ". (¬2) صوتيًّا: الباء تعبر عن تجمع رخو مع تلاصق ما، والواو تعبر عن الاشتمال، ويعبر التركيب الثلاثي (بوب) عن فتحة مكنوفة من جانبيها بحائط. فالحائط تعبر عنه الباء، والرخاوة كونه غير مصمت. والاشتمال يتمثل في ما تحجبه الحوائط وراءها. "ثم إن معنى الباء "يتمثل في تركيب (أبب) في تجمع المرعى الغض متهيئًا، أي متاحًا للتناول، =

وكما أن البَوْباة مفتوحةٌ مكشوفة واسعة أي دائمة الاتصال كأنما إلى غير نهاية (¬1). ثم إن كلمة باب تستعمل أيضًا لما تُسدُّ به تلك الفتحة، وذلك للمجاورة. ذكر الزَبيدي في [تاج] أنا الباب يُعْنَى به أيضًا ما يُغْلَق به ذلك المدخل من الخشب وغيره "اهـ وهو ما يتعلق به الفتح والإغلاق. ومِن معنوي هذا الانفتاح قيل: "بَوَّبَ الرجلُ - ض: حَمَل على العدو " (هجم واقتحم كأنه فتح بابًا في صف العدُوّ لنفسه، ولمن وراءه). ومن (الاتصال) في المعنى المحوري: "البابة: الوجهُ من الشيء. وهذا مِن بابتي أي: من الوجه الذي أريده ويصلح لي " (يناسبني كأنه من جنس ما أريد). "والبابةُ كذلك: الخَصْلة " (= عادة معينة في مواجهة نوع من الأمور. فهي من نفس المعنى السابق كأن هذه العادة هي ما يناسبه عنده). والباب من أبواب الكتاب والعلم هو من هذا المعنى؛ لأنه "مسائل معدودة من جنس واحد ... " [كشاف اصطلاحات الفنون 1/ 147]. وكذلك "البابة: الشرط ... هذا بابة هذا أي: شرطه "المقصود هنا أنه يجرى به ومعه، وأنه لا يكون إلا هكذا. فكل هذا من الاتصال المعنوي أي المناسبة والمجانسة. وكذلك "البابيّة: الأعجوبة "هي من ¬

_ = أي ليُرعَى، وكذا تجمُّع الأباب (: الموج). وفي (أبو) في الغَذْو وهو حشو الباطن. وفي (بوأ) في المستقَرّ. وفي (أوب) في المرجع. والرجوع إلى المقر حصول فيه، فكل ذلك تجمع. (¬1) ما جاء في [ل] عن أبي حنيفة الدينوري أن "البَوبابة (أيضًا): عَقَبة كئود "الخ نُقِضَ بما نقله [تاج] عن مراصد الاطلاع أنها "صحراء بأرض تهامة "الخ، فيصدق عليه ما قلنا عن البَوْبَاة: الفلاة.

(بيب)

المجانسة لكن في صورة تشابه والتباس. وكل ما جاء من استعمالات هذا التركيب في القرآن الكريم هو: الباب: المدخل أو المنفذ إلى المكان، كما في آية الرأس {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} [البقرة: 58] {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ} [يوسف: 25] الخ. أما في قوله تعالى {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا} [النبأ: 19] فهذه تعني تمزقات وخروقا واسعة في أديم السماء، كما عُبِّر عنها بالشق، والفَطْر، والفرج، في قوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق]، {انْفَطَرَتْ} [الانفطار] , {فُرِجَتْ} [المرسلات: 9]، وأيضًا {كُشِطَتْ} [التكوير: 11]. وفي قوله تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 44] جاء في [طب - شاكر 11/ 354 - 358] أخذًا مما في الآيتين السابقتين لهذه الآية وما فيها - أن الله سبحانه كان قد ابتلاهم بالبأْساء والضراء، وسدّ عنهم أبواب الرخاء والسلام؛ ليتضرعوا، ويُخلصوا العبادة له سبحانه. فلما نَسُوا، أي تركوا العمل بما ذُكِّروا به على ألْسِنَة الرسل، ولم يَتَضرعوا، ولم يَنْصاعوا ويؤمنوا = فتح اللهُ عليهم أبواب الرخاء والسعة استدراجًا. ونحو هذا في [قر 6/ 426]، لكنه عبّر عن فتح الأبواب بالإكثار من النعم والخيرات [وانظر كذلك قر 12/ 143]. وواضح أن فتح الأبواب هنا مجاز عن إطلاق النعم التي كانت محبوسة عنهم. وأما قوله تعالى {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ} [القمر: 11] فهو تصوير لغزارة انهمار المطر من السحاب. • (بيب): [نعالج هذا التركيب بالرغم من أنه لم تأت منه استعمالات قرآنية - لأنه أقرب

(أبب)

التراكيب إلى تركيب (بوب)، ودارسو ألفاظ اللغة يعلمون أن الواو والياء كثيرًا ما تعاقبان، ولأن معنى هذا التركيب اليائي يكاد يكون صورة من التركيب الواوي، وهو ما يؤكد ارتباط معاني التراكيب بمادة بنائها]. "البِيبُ - بالكسر: مَجْرَى الماء إلى الحوض. البِيبة: المَثْعَبُ الذي ينصبّ منه الماء إذا فُرّغ من الدلو في الحوض. البِيب: كُوَّة الحوض، وهو مَسيل الماء، وهي الصُنبور. بابَ فلانٌ: حفر كُوّة " [هذا الفعل ذكره التاج في (بوب) وقال إن محله (بيب) على الأفصح]. Qلهذا التركيب هو: منفذ دقيق يجرى منه أو فيه الماء: كمجرى الماء إلى الحوض، ومنفذه من الدلو إليه، والكُوّة التي ينفذ بها الماء من الحوض = الصنبور). يلحظ أن المعنى المحوري لكل من (بوب) و (بيب) هو فتحة أو منفذ، لكنه في (بوب) في الاستعمال المشهور وهو الباب: منفذ في شيء يحجب ويحيط بما وراءه كالجدار. وهذا الحجب هو مقابل الاشتمال الذي تعبر عنه الواو. وفي (بيب) منفذ ضيق ممتد ولا بدّ، لأنه مجرى يوصل الماء إلي غير موضع تجمعه. وهذا الامتداد هو مقابل الياء. • (أبب): {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} [عبس: 31] "أَبّ للسير يَئِبّ ويَؤُبّ .. : تهيّأ للذهاب وتجهَّز/ عزم على المسير وتهيّأ. وهو في أَبابه وأَبابته أي في جَهازه. الوَبّ: التهيُّؤ للحملة في الحرب، والأصل فيه أَبّ، فقلبت الهمزة واوًا. أبّ يدَه إلى سيفه: ردّها إليه ليستلّه ".

Qلاستعمالات هذا التركيب هو: التهيؤ للأمر تقدما أو ارتفاعا: كالتهيؤ للمسير (البعيد). وقَيْد البعد هذا مهم، ويؤخذ من إدخالهم العَزْم ضمن تفسير الأبّ، ومن التعبير بالمفارقة في تفسير قول الأعشى: ........................ {وكصارم ... أخٌ قَدْ طَوَى كَشْحًا وأبّ ليذهبا} [الكَشْحُ: الخاصرةُ. طَوَى كشحًا: أَعرَض وقاطع. يقول إن من تهيأ للمفارقة هو كمن صَرَمَ أي فارق]. وكالتهيؤ للحملة أي الهجوم على العدو في الحرب - والسير والهجوم تقدم، وكحركة اليد لاستلال السيف الذي يعلقه المقاتل إلى كَشْحه، فيردّ يده إلى الخلف قليلًا؛ ليمسك مقبضه، ويجذبه إلى أعلى لاستلاله. ومن ذلك (الأبّ) في قوله تعالى: {أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} [عبس: 25 - 32]. وقد ذكروا في المراد بالأبّ أكثر من عشرة أقوال [ينظر تاج]. وهي تَئُول إلى خمسة: (المرعى أو الكلأ، كلّ ما أنبتت الأرضُ، ما تأكله الأنعام، هو للدواب كالفاكهة للناس، الخَضِر). ويؤخذ من الآيات الثلاث الأول: أن الأبّ هو مما تنبته الأرض، ومن الآية الأخيرة: أنه هو وبعض القَضْب متاعُ الأنعام، كما يقنضيه توزيع النباتات المذكورة بين المخاطبين والأنعام، حسب المعروف من مواد غذاء كلٍّ منهما. "فالقَضْب يقع على القُرط (البرسيم المصري)، وعلى الرَطْبَةَ (: البرسيم الحجازي)، وعلى ما أُكِلَ (أي ما تأكله الدواب والأنعام) من أوراق الشجر ومن النبات المقتضب غضًّا "، وعلى ما قطع من أغصان الشجر للسهام والقِسِيّ. والأَبّ هو المرعى "والعُشْبُ وكلّ ما

ترعاه الماشية مما يَنْبُت من الأرض "، والكلأ كذلك، إلا أنه نُصّ في معنى الكلأ على أنه يقع على العُشْب الرَطْب كما يقع على اليابس منه، ولم يُنَصّ في معنى المرعى على ذلك، لكن الواقع يشهد أن المرعى يختلط فيه اليابس بالرَطْب. فالأبّ، والكلأ والمرعى كأنهن سواء من هذه الناحية، وتفسير الأبّ بأيٍّ منهما هو الدقيق. ويؤيد هذا ما أنشده ابن دريد: جِذْمُنا قَيْسٌ، ونَجدٌ دارُنا ... ولنا الأبُّ به والمَكْرَعُ فَقَرَنه بالكَرْع الذي هو شُرب الأنعام؛ فدل ذلك على أن الأَبَّ هو مرعاها [جذمنا قيس: أي أصلنا قبيلة قيس]. وكذلك قوله: {فأنبتَّ أَبًّا وغُلْبَ الشجر} فقرنه بغُلْب الشجر، وهي عظامها، فدلّ على أنه من صغارها، كالغالب في حالة المَرعَى. والقَضْبُ أغصان دقيقة أيضًا. وفي حديث قُسّ: "فجعل يَرْتع أبّا، وأَصيدُ ضبّا "والرتْع للبهائم في المرعى (¬1). ¬

_ (¬1) أ: لتوثيق ينظر [ل أبب]، [قر 19/ 223]، والغريبين للهروي 1/ 27، والتهذيب للأزهري 15/ 599 والمعاني للفراء 3/ 283. ب: وبما حررناه - يستبعد تفسير (ثعلب) الأبّ بـ "كل ما أنبتت الأرض "؛ لأن مما تنبته ما ليس متاعا للأنعام، أي ما ليس مرعى أساسيًّا لها كالفواكه، ومنه ما هو سمٌّ لها كالدِفْلَى، وكذا يستبعد تفسير الفراء إياه بـ "كل ما تأكله الأنعام "؛ لأن التِبْن ليس من الأبّ، والبقرة الجلالة مثلًا تأكل الجِلة. ويستبعد تنظير (مجاهد) إياه بالفاكهة للناس؛ لأن الأَبّ علف أساسي - لا كالفاكهة، ثم إن هذا تخصيص لا أصل له. أما الخَضِر فإذا قُصِد المرعى الأخضر خاصة فهو تخصيص غير مؤصَّل، وإن كان يدخل في المرعى والكلأ. وأما ما قاله الزَبيدي [في أبب] من أن صواب كلمة (الخضر) أنها بالصاد المهملة الساكنة, وأنها هُذَلية = فإنه لم يفسر هذه الكلمة في (أبب)، ولا في (خصر)، =

هذا، وصورة تحقق المعنى المحوري، وهو التهيؤ .. في الأبّ: المرعَى، أنه متاح دائمًا. فهو ينبت بَعْليّا: أي دون أن يزرعه أحد، ولذا عرّفه صاحب المصباح بأنه "المَرْعَى الذي لم يزرعه الناس "، وهذا جيد لكنه ليس قيدًا في معنى الأب. ثم إن الأبّ ينمو أي يطول ويرتفع حتى تتمكن منه الدواب والأنعام، وليس كاللُسَاس: البقل الصغير الذي تنتفه الراعية بجحافلها، وهذا جانب آخر من كونه متاحًا، يُكْمِل تصديق تعريف بعضهم إياه بأنه المرعى المتهيئ للرعي. ومن معنوي التهيؤ: "أبّ إلى وَطَنه: نَزَع (أي اشتاق) "فهذا تهيؤ نفْسيّ: اتجاه إلى الوطن، ونزوع نفسيّ إليه. وفي التاج "أَبَّ أَبَّهُ أي قَصَدَ قصْده "فهذا من التهيؤ إقبالًا، و "أَبْت أَبابته - كسحابة ورسالة: أي استقامت طريقته "هو كذلك من التهيؤ إقبالًا وتقدمًا واستمرارَ اتجاهٍ. وقالوا عن الظِباء: "إن أصابت الماء فلا عَباب (أي لا تشرب كثيرًا)، وإن لم تُصِب الماءَ فلا أَباب - كلاهما كسحاب: أي لم تأتبّ له ولا تتهيأ لطلبه "أي لا تَنْزِع إلى طلبه. وقد ذكر صاحب المصباح هنا "الإِبّان: وقتُ الشيء. إبّانُ الفاكهة أي أوانُها "وهو من التهيؤ أي الوقت الذي تتاح فيه. أما "الأُباب - كرخام: مُعْظَم السيل، والموجُ: كالعباب، فقد قال أبو حيان وابن أم قاسم إنهما من إبدال العين همزة [تاج]؛ فلا يكونان من هذا التركيب. ولكن ارتفاع الموج - وكذا السيل - جيث يغطِّى، ويتوقع القريب منه أنه قد يغطيه - وهذا تهيؤ للتناول - يجوز أنهما من هذا التركيب. ¬

_ = ولعل المقصود النبات القصير أو النَجْم - ولا وجه لهذا التخصيص أيضًا. وأخيرًا فإن تفسير الأبّ بـ (التبن) [التاج أَبب] تخصيص غريب؛ لأن كثيرًا مما يتأتى منه التبن ليس أصله مرعى كنبات القمح والشعير.

• (أبو): {وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف: 82] [قال الفيروز آبادي إن "الأبَ "- يعني الوالد - أصلُه أَبَوٌ]. "يقال فلان يَأْبو هذا اليتيم إِباوةً: يغذوه كما يغذو الوالد وَلَده. ومالَهُ أبٌ يأْبوه، أي يَغْذوه ويربيه ". Qلاستعمالات هذا التركيب هو: الغَذْو: كما هو واضح من الاستعمالين المذكورين. والغَذْو: إمدادُ البطن بما يقُوت البَدَن وينميه. ويؤيد ذلك ما جاء في تركيب [أبى] وسيأتي - من استعمالات تعبر عن امتلاء البطْن، ورفض الأكل أو شرب اللبن بسبب هذا الامتلاء. ومع القرب الصوتي بين الياء والواو، فإن هذا يُسَنِّى لنا الاحتجاج بما ورد من أحدهما في الآخر. وكذلك تركيب (أبب) الذي يعبّر - ضمنَ ما يعبّر - عن المرعى الذي هو غذاء للماشية. والخلاصة أن الأَبَ سُمَّى أَبًا لغذوه أولادَه ومَنْ يعُوله، أي إطعامهم، والسعي عليهم؛ من أجل ذلك. والذي جاء في القرآن من هذا التركيب هو (الأب) بمعنى الوالد مفردًا ومثنى وجمعا حقيقة أو تغليبا. وهو في كلها مضاف. وقوله تعالى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ} [يوسف: 4] التاء بدل من ياء الإضافة [قر 9/ 121] {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} [البقرة: 133] تغليب. جاء في [قر 2/ 138] "سمى الله كلًّا من الجدّ إبراهيم، والعم (إسماعيل) أَبًا، وبدأ بذكر الجد، ثم إسماعيل العم لأنه أكبر من إسحاق "، وكذا {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} [النساء: 11] تغليب. وهذا كثير ومشهور. وأما {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ} [الأنعام: 74] فانظر (أزر).

(أبى)

• (أبى): {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة: 32] "الآبية من الإبل: التي تَعاف (شربَ) الماء، وهي أيضًا التي لا تريد العَشاء. أَخَذَه أُباء من الطعام أي كَراهِيَةٌ له. أُوبِىَ الفصيلُ - للمفعول - عن لبن أمه أي: اتّخَم عنه لا يَرْضَعُها. الأَبيّ من الإبل: الممتنعة من العَلَفِ لسَنَقِها، والممتنعةُ من الفَحْل لقلة هَدَمها (الهدَم - محركةً: اشتهاؤها أن تُضرَب). ويقال: أخذ الرجلَ أُبَاءٌ من الطعام أي كراهية له ". "والأُباء - كرُخام: داء يأخذ العَنْزَ الأهليةَ من شَمّ أبوال الماعز الجبلية وهي الأَرْوَى ... ؛ فتمتنع من شرب الماء، ويقتلها الداء، فلا يكاد يُقْدَر على أكل لحمها من مرارته ". Qلاستعمالات هذا التركيب هو: الامتناع عن الشيء امتناعًا تامًّا كراهةً له (أو إحساسًا بالاستغناء عنه وعدم الحاجة إليه): كحال الإبل المذكورة، والفصيل المتَّخِم، وكذلك الإِبِل السَنِقة (المُتْخَمة)، وكالممتنعة من الفَحْل، والعَنْز التي أَخذها الأُباءُ؛ فلا تشرب. هذا، ومن جنس الاستعمالات المذكورة يقال: "أَخَذَ الرْجلَ أُباءٌ: إذا كان يأبى الطعامَ فلا يشتهيه. وأَبِيتُ من الطعام واللبن (كرَضِيت): إذا انتهيتَ عنه من غير شِبَع ". ومن ماديّ الامتناع: "الأَبَاء - بالفتح والمد: القَصَب (وهو ما نسميه البُوص أو الغاب)، ويقال هو أَجَمة الحَلْفاءِ والقَصَب خاصة ". وقد رد ابن السراج (316 هـ) تسميتها إلى الامتناع "وذلك أنها تمتنع وتَأْبَى على سالكها "ونظّر أبو الحسن الأخفش (210 هـ) لهذه التسمية بقوله: "وكما يقال لها أَجَمة، من

قولهم: أَجِم الطعامَ: كَرِهه " [ل] (أي فلا يقبله أي لا يُنْفِذه في جوفه). وأضيف أنا تَنظيرًا آخر، وهو تسميتهم جماعة الشجر الكثيفة التي لا يُنْفَذ إلى ما بينها: "حَرَجة " (الحَرَج: الضِيق الشديد). ومن هذه الوجهة قولهم: "آبَى الماءُ: إذا امتنع؛ فلا تستطيع أن تنزل فيه إلا بتغرير " (أي بمخاطرة، من كثرته، أو عدم الوسيلة للخروج منه). وأما قولهم: "كَلأٌ لا يُؤْبَى، أي لا ينقطع من كثرته، وفلان بحر لا يُؤْبَى، وعنده دراهم لا تُؤْبَى، أي لا تنقطع "، "وماء مُؤْبٍ: قليل، وآبَى أي نَقص "، فهذا كله من باب النقص والنفاد (يلحظ النفي في الاستعمالات الثلاثة الأولى) والنقص والنفاد يلزمهما عدم التناول، وهو مساوٍ للامتناع. ومن ذلك "الإِباءُ: أشدُّ الامتناع. ورجل أبَّاء - كشدّاد: إذا أَبَى أن يُضام "وقد مر بنا أن سبب الامتناع كراهيةُ الشيء الممتنَع عنه. وبذا نستطيع تعريف الإِباء بأنه الامتناع الشديد من الشيء كراهةً له. وهذه الكراهة تتمثل - بعد استعمالها الأصلي الحسّيّ الذي ذكرناه - في معنويٍّ، هو الاستنكافُ من الضَيْم، أي كراهتُه ورفضُ ما يَمَسّ العِزّة. فإذا نقلنا ذلك إلى الكلام عن الجانب الأقدس في قوله تعالى: {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} [التوبة: 32] أصبح المعنى: يمتنع بكل السبل ألّا يتم نور الله، أي أن الله سبحانه يَعْظُم ويجِلّ سلطانه عن أن يعوق تمامَ نوره عائق، ولا يَقدِر شيءٌ ولا يتأتى لشيء، أو أمرٍ ما، أن يَمْنَع إتمام اللهِ نورَه، أي لا بد أن يتم نوره عز وجل. وإذا انحدرنا إلى الإباء الباطل - إباء إبليس - وجدنا قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ} [البقرة: 34]. وعرفنا

من آيات أخرى أن ذلك كان إباءَ ما ظنه ضَيمًا في حقه، وهو السجود لآدم عليه السلام حيث قال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12، ص: 76]. وقد أضاف الإمام الرازي قيدًا مهمًّا لتحقق معنى الإباء، وهو "الاختيار "أي الامتناع اختيارًا، أي مع وجود القدرة على الامتثال. ولم أذكر هذا القيد قبلًا؛ لأنه ضروري عامّ، كالبَدَهِيّ، إذ لا يَصْدُق على من حالت ضرورةٌ بينه وبين عملٍ ما أن يعمله أنه أَبَى أن يعمله. هذا، وإذا عدنا إلى تطبيقات الإباء في القرآن الكريم فإننا نجد امتناع الأَنَفة أو الكراهة، أي رفض ما عدّه إبليس والكفار ضَيْمًا (أو ما يقرب من هذا الباب) في إباء الكفار الإيمان كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا} [الإسراء: 89] [ونحوها آية الإسراء: 99 والفرقان: 5]. وعن فرعون خاصة {وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى} [طه: 56] وقريب من هذا المستوى موقف المنافقين {يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ} [التوبة: 8]. ثم تأتي "أبى "بمعنى الامتناع مجردًا عن قيد الاستنكاف وكراهة الضيم: كما في قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا} [الأحزاب: 72]، لكن يبقى معنى كراهة الأمر سببًا للامتناع في قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا} [الكهف: 77]، وقوله تعالى: {وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} [البقرة: 282]، {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282].

(بوأ)

وهذا التخلص من بعض قيود المعنى منهج عربي صحيح، يُعَدّ من باب استعمال اللفظ في جزء معناه، أو من باب التعميم بإسقاط بعض قيود المعنى. • (بوأ): {وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ} [الزمر: 74] "البيئة والباءة والمباءة: منزل القوم في كل موضع/ حيث يتبوءون من قُبُل وادٍ أو سَنَد جبل. تَبوَّأَ منزلًا: أصلَحه وهيَّأَه/ نظر إلى أَسْهل ما يَرى وأَشَدِّه استواء وأمْكَنِه لمبيته فاتخذه. والمباءة أيضًا: بيت النحْل في الجبل، وكِناسُ الثَوْر الوحشي، وهو كنٌّ يتخذه أسفل جِذْع شجرة، ومُرَاح الإبل الذي تبيت فيه. والباءة من الرحم: حيث تبوأَ الولدُ ". Qلاستعمالات هذا التركيب هو: حيز للاستقرار مهيّأ ومسوًّى أو مناسب لما يستقر فيه: كمنزل القوم الموصوف، فهو سَهل مستوٍ مكين للميت في قُبُل واد (أي أوله القليل الانحدار)، أو سَنَد جبل (أي حِضنه) حيث المكان منبسط، ووَراءَه مرتفَع يُكِنّ، وبعده منخفَض يُزال إليه الغثاء. وكمباءة النحْل والثور والإبل والجنين، وكلها مهيأة مناسبة لهذه الأَحياء. ومن مادّيّ ذلك أيضًا قولهم: "للبئر مباءتان: إحداهما مَرجِعُ الماءِ إلى مَجَمّها (البؤرة التي يثوب إليها الماء ويتجمع بعد ما يُنْزَح)، والأخرى موضعُ وقوف سائق السانية (السانية: آلةٌ لرفع دِلاء الماء من البئر جَرًّا بواسطة الجِمال، وهناك قابل يستقبل الدلاء ويدفق ماءها في الجدول). وقالوا: "بوّأَ الرْمحَ نحوه: قابله به وسدّده نحوه " (أي ليبيت فيه - كما نقول نحن الآن). ومن استعمال الباءة والمباءة في المنزل الذي يُستَقَرَّ فيه، جاء الحديث الشريف "يا معشر الشباب من

استطاع منكم الباءةَ فليتزوج .. "، فالباءة هنا: أن يُعِدّ بيتًا مناسبًا له ولزوجه ويقوم بمتطلباته، أو بعبارة أخرى: من استطاع تكاليف الحياة الزوجية ومتطلباتها. وقد جاء في اللسان "والأصل في الباءة المنزل، ثم قيل لعقد التزويج باءة؛ لأن من تزوج امرأة بوأها منزلًا ". ثم إن اللفظ استعمل في التعبير عن الخِلاط، وحذفت منه التاء، وأبدلت الهمزة هاء، فقيل: الباه "فلان حريص على الباء والباءة والباه أي على النكاح. [بيت - زواج - خِلاط]. ومن استعمال المباءة وغيرها في المنزل والمَقَرَّ أُخذ معنى الرجوع؛ من حيث إن المنزل أو المقرّ هو المرجع الذي يَرجع إليه مَن فارقه - كما قيل: "أباء على فلان مالَه: إذا أراح عليه إبله وغنمه "فكأن من قال: باء إلى مكانٍ، يقول: استَقَرّ فيه. ومن الاستقرار أيضًا قالوا: "باء بـ "بمعنى احتمل وأقرّ واعترف، وهي كلها متقاربة. وردها الزجاج إلى الاحتمال، فكأنّ من باء بشيء تحمَّله فاستقر الشيء عليه. كذلك قالوا: "في أرضِ كذا فلاةٌ تُبئ في فلاة "أي تَذْهب (أي تتصل بها وتمتد إليها، فكأنها تستقر فيها، إذ تنتهي إليها). ومن الاستواء والمناسبة في المقرّ، أُخذ معنى التكافؤ والمعادلة، كما يقال: فلان بمنزلة فلان. فقيل: "باء دمه بدمه بَوْأً وبَوَاءً: عَدَله، وفلان بَوَاءُ فلان أي كْفْؤُه إن قُتِلَ به، وما فلان بِبَواء لفلان أي ما هو بكُفْءٍ له، والقوم بَواءٌ أي سواء (متكافئون)، وقَسَّم المال بينهم على بَوَاء أي على سواء. بَاوَأْتُ بين القتلى أي ساوَيت. باء به إذا كان كُفْأً، والجراحات بَوَاء أي متساوية في القصاص، وأنه لا يُقتص للمجروح إلا من جارحه، ولا يؤخذ إلا مثلُ جراحته سواء ".

"وكلَّمناهم فأجابونا عن بَوَاء واحد، أي جواب واحد ". وقد جاء في القرآن الكريم من استعمالات هذا الجذر صيغتان: "باء بـ ": {كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ} [آل عمران: 162] يريد بكفر أو غلول أو تولٍّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحرب [قر 4/ 262]، أي رجعوا بالسخط بسبب كفر .. الخ {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ} [المائدة: 29]: تنصرف متحمِّلَهما، وترجع بها قد صارا عليك دوني [طب 2/ 138]. (أي تحمُّلَ استقرار تام عليك، لا أشاركك فيه؛ لأني ما تعديت أوّلا، ولا قصّرتُ في تحذيرك إذْ تعديتَ، ولا أحاول قتلك حتى لو حاولت قتلي). والصيغة القرآنية الأخرى من هذا التركيب هي "بوّأ "- ض، وكلها بمعنى الإقرار في مكان مهيأ مناسب: {وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا} [الأعراف: 74]. قال [طب 12/ 541]: وأنزلكم في الأرض تتخذون فيها مساكن وأزواجا اهـ. [كأن الطبري عدّ الباءة (الزواج) مأخذًا للفعل بوّأ في الآية. وقد أسلفنا أن معنى التزويج مأخوذ من معنى اتخاذ البيت المهيّأ المناسب] والآية مخصصة للامتنان بجعل الأرض طيّعة يَسْهُل للإنسان أن يتخذ البيوت المناسبة له في سهولها وجبالها على السواء. كان الأعراب يسكنون أعالي الجبال أحيانًا، والآن طوّعت الآلات الجبال فأمكن اختراقها وتمهيدها) وفي قوله تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} [آل عمران: 121] قال [طب 7/ 162]: التبوئة: اتخاذ الموضع. اهـ. ولو قال: إقامته - صلى الله عليه وسلم - المؤمنين في أماكن مناسبة للقتال لكان أدق. {وَإِذْ بَوَّأْنَا

(أوب - أيب)

لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} [الحج: 26] [أي هَيّأناه؛ فعَرف المكان، ويسرنا له رَفْع قواعده، فصار بناءً خالدًا - صانه الله عز وجل، ورزقنا زيارته). • (أوب - أيب): {يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} [سبأ: 10] "الأَوْبُ - بالفتح: النحْلُ. ومآبة البئر: حيث يجتمع إليه الماء فيها ". Qللتركيبين (أوب/ أيب) هو: رجوع الشيء إلى مستقره: كما يئوب النحل (وهو فَراش العسل) إلى خلاياه مهما ابتعد عنها في سروحه إلى حقول الزهور ليمتص رحيقها، وكما يتجمع ماء البئر إلى أعمق موضع منها، كلما نقص الماء أو نُزِحَ. ومنه: آب الغائب يَئُوب أَوْبًا ومَآبا وإيابا وأَوْبة وأَيْبة: رَجَع. {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ} [الغاشية: 25]. والمآب أيضًا: مكان الإياب {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران: 14]، {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِلطَّاغِينَ مَآبًا} [النبأ: 21، 22]، إلا أن الكلمة في [الرعد 36] مضافة لياء المتكلم. وفي {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا} [النبأ: 39] أي مرجعًا. (والمقصود مقرًّا طيبًا يرجع إليه عندما يلقى الله). وقيل: سبيلا [قر 19/ 188 بتصرف]، وصيغة (مكان) الرجوع تصلح لطريق الرجوع، لكن السياق يتطلب القيد. "جاءوا من كل أَوْبٍ: من كلّ ناحية/ من كل وجه " (أي من كل مستقَر أو مرجع). والأوّاب - كشداد: الكثير الرجوع - رجوعا ماديا في مثل {وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ} [ص: 19] كأن المراد أن الطير لا تبتعد عن حضرة سليمان عليه السلام، أو عن امتثال أمره، أينما كانت، أو رجوعًا إلى حضرة الله عز وجل، وحظيرة طاعته {فَإِنَّهُ كَانَ

الباء والتاء وما يثلثهما

لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} [الإسراء: 25]، ومثل هذا الأخير كل {أَوَّابٌ} مفردًا أو جمعًا. والليل هو زمن السكون والاستقرار؛ فبينهما تلازم. ومن هنا قيل: "التأويب: سير النهار كله إلى الليل. وتأوّبه وتأَيَّبه: أتاه ليلًا. وأُبْتُ الماءَ وتأَوّبتُه وائْتَبْته: ورَدْته ليلًا ". ومن طريف استعمال التركيب في معنى الرجوع المادي "أوَّب الرجلُ الأديم: قَوَّره ودَوَّره " (يعود في صنع الدائرة إلى الموضع الذي بدأ منه بحكم الاستدارة) "وما أحسن أَوْبَ دَوَاعِي هذه الناقة: ترجيعَها أيدِيَها وقوائمَها في السير. والأيّاب - كشداد: السَّقّاء " (يعود ليزوّدهم بالماء مرة بعد مرة). الباء والتاء وما يثلثهما • (بتت): "البَتُّ: كساء غليظ مُرَبَّع من وَبَرٍ وصوف. والبَتَات - كسحاب: متاع البيت، (والبَتات كذلك): الزادُ ". "بَتَّ الحبل: قطعه ". Q (¬1) هو: منع امتداد الشيء يجعله قصيرًا (¬2): كالبَتّ فإنه ¬

_ (¬1) سنقتصر - من هنا فصاعدا - على عبارة (المعنى المحوري) والمقصود به في كل حالات استعماله (المعنى المحوري الذي تدور عليه كل استعمالات التركيب المدروس). (¬2) (صوتيًّا): الباء للتراكم أو التجمع الرخو مع تلاصق ما، والتاء للضغط بدقّة أو حدّة. والضغط بدقة وقوة على موضع رخو قد يتولد منه القطع - كما يُقْطَع الحَبْل بالدَّقِّ، وقد يتولد منه التماسك. وهنا عبّر الفصل (بتت) عن القطع الذى قد يتمثل في قِصَر الشيء كما في البَتّ. وفي (بيت) تعبر الياء عن معنى الاتصال، ويعبر التركيب عن المأوى =

(بيت)

مرّبعٌ أي طولُه بقدر عَرْضه فيكون قصيرًا، إذ الأصل في الثوب أن يُنْسجَ طويلًا ممتدًا (يُلَفّ وتسميه العامة التوب). وكقَطْع الحْبل. ومتاعُ البيت (: منقولاته) نسميها نحن الآن قِطَعًا. ومنه "البَتَات: الزاد "قال ابن فارس: "لأنه يُنقَطَع به ويفارَق " (أي هو عُدّة للسفر لأنه يُمَكّن منه. وأرجّح - إن كان البتاتُ قِرَصَة - أن تكون علة التسمية أنها ليست منبسطة كالرقاق). ومن ذلك المعنى المحوري: "الطَلْقة تبُتّ عَقْد النكاح (تقصّره وتقطع امتداده)، وانبتَّ الرجل: عَطِبَ ظهرُه فبقى منقطَعًا به (لا يواصل السير) ". (والمراد بـ "ظهره "هنا الدابة التي يركبها). • (بيت): {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: 64] "بَيْتُ الرجل: دارُه، وقَصْرُه. والبَيْت من الشَّعَر: ما كان أكبر من الخِبَاء أي ما زاد على شُقَّة واحدة. ثم هو مِظَلّة إذا كَبِر عن البيت وهي تسمَّى بيتًا أيضًا إذا كان ضَخْمًا مُرَوّقًا. والبيت أيضًا بيت العنكبوت. وجُحر السبع، وما تبنيه السُرْفة (دودة تبني لنفسها بيتًا كما تبني دودة القز) لنفسها ". ¬

_ = الذي يقر فيه الشيء ويَسْكُن (والاستقرار اتصال وَضْع ودوامُه)، وبذا يتقطع عن التجوال هنا وهناك. وفي (بتر) أضافت الراء معنى الاسترسال فانصبّ القطع على المسترسل من الشيء كبتر الذيل وما شابهه مما يسترسل. وفي (بتك) تعبر الكاف عن ضغط غئوري دقيق فيعبر التركيب عن وقوع القطع على ما هو دقيق متماسك كغضروف الأذن. وفي (بتل) تعبر اللام عن التعلق والاستقلال أو التميز. وبها يعبر التركيب عن كون المقطوع وافرًا قائمًا بذاته مستغنيًا بما عَلِق به كالبتيلة والبتول.

Qهو: حَيِّز محيط يُسكَنُ فيه أي يُسْتَقَرّ: كالبيت في ما وُصِف. قال تعالى: {وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا} [الأعراف: 74]، {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا} [النحل: 68]، {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ} [العنكبوت: 41]، {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا} [النحل: 80] فكل تلك مستقرات ومساكن، ومنها كل كلمة (بيت) وجمعه (بيوت). وهو لكل شيء بحسبه. وينبغي التنبه إلى أن "البيت "عند العرب هو ما يعرف عندنا بالحجرة. ولأن الكعبة شَرَّفها الله تعالى على صورة الحُجرة سميت بيتًا. وهي المراد بكل كلمة (بيت) إذا وردت في الكلام عن بناء إبراهيم البيت، أو عن عبادة رب البيت، أو عن الحج، أو وُصِف البيت بالمبارك، أو الحرام، أو العتيق، أو تقبيح المُكاء عنده. {وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ} [الطور: 4] هو بيت في السماء مُسامت للكعبة، وقيل هو الكعبة [بحر 8/ 143 - 144]. وبما قدمنا من أن معنى البيت هو الحجرة يفهم قوله تعالى: {... لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53] مع قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} [الحجرات: 4]. وقد فُسّر البيت في قول نوح عليه السلام {وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا} [نوح: 28] بالسفينة - واللغة تجيزه، لأنها وهي بين الأمواج توفر لمن فيها أَمْنًا يساوي استقرار البيت. وفي {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} [هود: 73] فهذا دعاء لآل بيت سيدنا إبراهيم لأنه بيت معهود من سياق القصة. وهو يشمل آل بيت سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -لأنه - صلى الله عليه وسلم - حفيد الخليل عليهما صلوات الله وسلامه. {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ}

(بتر)

[الأحزاب: 33] فهذه في آل مولانا سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -. والبيت معهود كذلك. ورُجِّح أن {مِنْ بَيْتِكَ} [الأنفال: 5] يعني به المدينة [بحر 4/ 458]. وأما {فِي بُيُوتٍ} [النور: 36] فهي مساجد الجماعات [بحر 6/ 421]. ومن ملحظ السكون والاستقرار: "بات: أدركه الليل (زمن السكون)، وبات يفعل كذا: ظل يفعله ليلًا {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: 64]، {إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا} [يونس: 50] أي في جَوْف الليل. وبيّتَ فلان بَنى فلان - ض: أوقع بهم لَيْلًا {لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} [النمل: 49]، وبيّت الأمر - ض: عَمِله أو دَبَّره ليلًا [ل، وطب 8/ 562]. {بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ} [النساء: 81] زوّرت وسوَّت غير الذي تقوله لك من الطاعة، أو دبّرت غير الذي تقوله وترسم به يا محمد [بحر 3/ 317] {إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [النساء: 108]: يُدَبِّرون ويقدِّرون من السوء ليلًا [ل] ومثلها ما في [النساء 81]. ثم استعمل التركيب في ما لا يقع إلا بتدبير هاديء طويل وإن لم يكن ليلًا. و "بيّت رأيه - ض: فكّر فيه وخمَّره " (من استمرار التدبر فيه حتى نضج. والاستمرار دوامُ زمنٍ في أمر واحد، وهذا من باب الاستقرار. ويتأتى أيضًا أن يكون من تعميم التبييت، أي إطلاقه عن قيد الليلية). • (بتر): {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3] "الأَبترُ: المقطوعُ الذَنَب من أي موضع كان من جميع الدواب، والذي لا عُرْوة له من المزاد، ومن الحيَّات: الذي يقال له الشيطانُ قصيرُ الذَّنَب ".

(بتك)

Qقطع ما يمتد من الشيء دقيقًا أو ضعيفًا: كقطع الذنب من الدواب. وعُدَّ قِصَرُ الذنب بَتْرًا، لأن الشأنَ استطالةُ ذَنَب الحية، وكذا عدّ عدمُ وجود العروة - وهي تمتد من المزادة - بترًا. ولأجل وقوع القطع في هذا التركيب على ما يمتد من الشيء قالوا: "بترتُ الشيء: قَطعتُه قبلَ الإتْمام " (كأنما قطعتَ استرساله وامتداده الطبيعي). والأُباتر - كتماضر: القصيرُ (كأنه انقطع امتداده). وكان له - صلى الله عليه وسلم - دِرْع تُسمَّى البتراء لقصرها. والأبتر من الناس هو المقطوع السلالة، وهي تتفرع ممتدة منه نامية {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} نَعَم. شائنه - صلى الله عليه وسلم - هو المقطوع الذِكْر والأثَر، أما ذِكْرُه - صلى الله عليه وسلم - وأثرهُ فيحملهما اليوم أكثر من ألف مليون مسلم، بل إن ذريته من أولاد سيدتنا فاطمة بنته - صلى الله عليه وسلم - ربما جاوز عددهم (مليون) نسمة. أما قولهم: "تَبَتَّر لحمُه: انْمار (¬1) "فهو من المعنى المحوري؛ أي صار كتلا متميزة، لذهاب تماسك لحمه. والصيغة تعبر عن كثرة. • (بتك): {فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ} [النساء: 119] "البَتْكُ بالفتح (مصدر): أن تقبض على شَعَر، أو نحو ذلك، ثم تجذبَه إليك، حتى ينقطعَ، فيَنْبتك من أصله وينتَتِف. وكل طائفة من ذلك صارت في يدك بِتْكةٌ - بالكسر والفتح - أي قِطعة من الشيء. وسيف باتك وبَتُوك: قاطع صارم ". ¬

_ (¬1) (انمار) في اللسان بالراء، وهو عن المحكم 10/ 175. وفي التاج بالزاي. والأشبه أنه تصحيف.

Qهو: القطع بدقة وحدة: كانقطاع الشعر ونحوه نَزْعًا بقوة فينبتك من أصله، وكانبتاك الريش في قول زهير (في وصف غلام حاول إمساك قطاة): حتى إذا ما هَوَتْ كفّ الغُلام لها ... طارت وفي كفّه من ريشها بِتَك وكما يقطع السيف ضريبته. وعبارة الراغب "لكن البتك يستعمل في قطع الأعضاء والشعر. يقال: بتك شَعَره وأُذنه. ومنه سيف باتك: قاطع للأعضاء "اهـ. وهو قريب مما قلناه لأن الأعضاء أطراف دقيقة نسبيًّا. أ - المفسرون على أن المراد بتبتيك الآذان هنا هو تبحير البحائر (¬1). ب - بَحْر الناقة أو الشاة هو شق أذنها بنصفين، وقيل بنصفين طولًا. [تاج] علامةً على أنها نُتِجَتْ عشرة أبطن، أو خمسة أبطن آخرها ذكر (أو نحو ذلك من شروطهم) فيعفونها من الركوب والحمل والذبح، ولا تُمنع من مَرْعًى أو ماء (¬2). ¬

_ (¬1) الطبري 9/ 214، وابن عطية 4/ 230 - 331، 5/ 68 - 72، وأبو حيان (العلمية) 3/ 369، القرطبي 5/ 389. (¬2) أ - ينظر مزيد من التفاصيل في تفسير ابن عطية للآية 103 من سورة الأنعام ثم الآية 119 من سورة النساء. ب - كانوا أيضًا يقرضون من آذان بعض الأنعام قطعًا "شاة مقابلة - بفتح الباء: قُطِعت من طرَف أذنها قطعة لم تُبَن وتُركت معلقة من قُدُم، فإن كانت من أُخُر فهي مدابَرة. ناقة مقابَلة إذا شُقّ مقدَّم أذنها وفُتِلت كأنها زنمة وكذلك الشاة " [تاج قبل]، وفيه (خرق) "نَهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُضحَّي بشَرْقاء أو خَرقاء او مقابلة أو مدابَرة أو جَدْعاء "الخرقَاء من الغنم التي في أذنها خَرْق مستدير/ نافذ ". وفي (شرق): "شَرِقت الشاة - كفرح: انشقت أذنها طولًا ولم يَبِن فهي شرقاء، وقيل هي التي يُشَق باطنُ أذنها شقًّا =

(بتل)

• (بتل): {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 8] "البُتُل - بضمتين: كالمسايل في أسفل الوادي واحدها كأمير. والبَتُول والبَتِيلُ والبَتِيَلةُ من النخْل: الفَسِيلة المنقطعةُ عن أُمِّها المستغْنيةُ بنفسها. والبَتِيلة: العَجُز (في بعض لغاتهم)، وكلُّ عُضْو بلحمه مُكتنزٍ من أعضاء الجسم على حياله ". Qهو: تميّز الشيء أو انفصاله عن أصله جامعًا لما يجعله وافرًا قائمًا بذاته: كالمَسِيل بالماء الذي فيه، والفسيلة بذاتها، والعضو بما تجمع عليه من اللحم وكذا العجز. ومنه تَبتَّل إلى الله تعالى: انقطع وأخلص نفسَه له تعبدًا؛ فلا ينزِعه شُغل عنه ما كان {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 8]، والصيغة ¬

_ = بائنًا ويترك وَسَطُ أُذُنِها صحيحًا. وقال أبو علي: الشَرْقاء: التي شُقَّتْ أذناها شَقين نافذين فصارت ثلاث قطع متفرقة ". وفي (جدع) "الجدع: القطع البائن، وقيل هو قطع الأنف أو الأذن أو اليد أو الشفة ونحوها. ناقة جَدْعاء: قُطِع سُدُس أذنها أو رُبُعها أو ما زاد على ذلك إلى النصف، والجدْعاء من المَعز: المقطوع ثلثُ أذنها فصاعدا. وعم به ابن الأنباري جميع الشاء المجدّع الأذن ". وفي (صلم) "الصلْم: قطع الأذن (أو) الأنف من أصلهما ". (فهذه كل صور قطع الآذان أو جُلّها. وأكثرها علامات. والذي له علاقة معروفة باعتقاداتهم الدينية هو التبحير). ج - البتك بمعناه الذي حددناه مناسب لكل أنواع القطع الذي من هذا القبيل، وبخاصة كل قطع في الأذن ولو كان شقًا، وذلك من حيث إن الأذن طبقة غضروفية رقيقة، أي ليست كتلة غليظة، فتتمثل الدقة في رقة طبقتها، والقوة المقتضية لحدّة القطع تتمثل في كونها غضروفية.

° المعنى المشترك بين معاني تراكيب الفصل المعجمي (بت)

تعبر عن الاجتهاد اللازم لتحقيق هذا. والبَتُول من النساء: المنقطعة عن الرجال لا أَرَبَ لها فيهم. والتبتل: ترك النكاح والزهد فيه والانقطاع عنه. وامرأة مُبَتَّلة الخَلْق - كمعظَّمة: منقطعة الخَلْق عن النساء، لها عليهن فضل (فريدة أو مفصَّلة الأعضاء لم يركب بعض لحمها بعضًا). وسيدتنا فاطمة الزهراء بنت سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَتُول لانفرادها عن نساء العالمين عفافًا وفضلًا ودينًا وحسبًا (كما نقول الآن فلان متميز عن الناس). ° المعنى المشترك بين معاني تراكيب الفصل المعجمي (بت): يلحظ أن معنى القطع والانقطاع أو ما بمعناه كالقِصَر متحقق ومضمَّنٌ في معاني التراكيب التي عالجناها من هذا الفصل المعجمي (بتت) كما يتمثل في البتّ وبت الحبل - في (بتت)، وفي الانقطاع عن التجوال - في (بيت)، وفي قطع المسترسل الممتد - في (بتر)، وفي قطع الكزّ المتماسك - في (بتك)، وفي انفصال الشيء عن غيره - في (بتل). الباء والثاء وما يثلثهما • (بثث - بثبث): {الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: 1] "تمر بثٌّ: منثورٌ متفرق ليس في جراب ولا وعاء. بثَّ الخيلَ في الغارة، وبَثَّ الصيادُ كلابه. وبثّ الخبرَ وأبثه فانْبثّ: فرّقه فتفرق ونشره. وانبثَّ الجرادُ في الأرض: انتشر. بَثْبَثَ الترابَ: استثارهُ وكشفه عما تحته ". Qنَشْر ما كان مجتمعًا منضمًّا وتفريقه (¬1): كالتمر وسائر ¬

_ (¬1) صوتيًّا: الباء لتجمع الشيء وتلاصقه، والثاء تعبر عن انتشار الشيء متفرقًا، والفصل =

ما ذكر {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} [الواقعة: 5، 6]: غبارًا منتشرًا. {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} [القارعة: 4]، {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} [البقرة: 164] أي فرّق ونشر (وكلمة دابة تجمع الحيوان كله ومنه الطير) [قر 2/ 196 بتصرف]، ومثلها ما في [لقمان 10، الشورى 29، الجاثية 4]. {وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: 1]: فرّق ونشر في الأرض [قر 5/ 2] , وكأن كثيرًا صفة مؤكدة، فإن الكثرة من لوازم النشر في المعنى الأصلي. {وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} [الغاشية: 16]: كثيرة منتشرة. والبَثّ: الحزن والغم والمرض الشديد المجتمع في النفس الذي (يضطر صاحبه من شدته إلى أن) يُفْضِي به إلى أصحابه. وهذا (الإفضاء) بث ونشر (والعامة تقول: فضفض). {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86]: "حقيقة البث في اللغة: ما يَرِدُ على الإنسان من الأشياء المهلكة التي لا يتهيأ له أن يخفيها. وهو من بثثته، أي فرّقته، فسُميت المصيبة بثًّا مجازًا "اهـ[قر 9/ 251]. والخلاصة أن البثّ هنا هو الحزن المبثوث. وهو يشكو إلى الله، أي يرفع هذا الأمر أي سببه، أو أنه يشكو إلى الله أنه يبث ولا يستطيع أن يكظم، كأنما يطلب المعونة على الكظم. ¬

_ = منهما يعبر عن نشرٍ (أو تفريق) لما كان مجتمعًا منضمًّا، أو متوقفًا، أو الأصل فيه أن يكون كذلك كالتمر البث، وبث الخيل والكلاب.

الباء والجيم وما يثلثهما

الباء والجيم وما يثلثهما • (بجج - بجبج): "رَمْل بَجْباج - بالفتح: مجتمع ضخم. والبَجْباج - بالفتح، وبهاء: السمين المضطرب اللحم. ورجل بُجَابج - كعُلابِط: بادنٌ. وتبجبج لحمه: كثر واسترخى. والبَجَج - محركة: سَعة العين وضِخَمُها. والبَجّة - بالفتح: بثرة في العين ". Qهو: تفتق أثناء الشيء، أو تفتحها واتساعها؛ فيضخم ويكون رخوًا هَشًّا (¬1): كالرمل المتجمع تجمعًا ضخمًا (وهو متسيب لا يتماسك)، وكالسِمَن الموصوف. ومنه: "انْبجَّت الماشيةُ من الكلأ: فَتَقها السِمَن عن العشب فأوسع خواصرها ". وسَعة العين تكون باتساع مَشَقّ الجفنين؛ فتبرز الحدَقة، والعين رخوة. ومن ذلك المعنى: "بَجّ الجُرحَ والقَرحة (رد): شقها. وكذا بجّ المزادة. وبَجَّهُ: طَعَنه فخالطت الطعنة جوفه ". • (بجس): {فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} [الأعراف: 160] "ماء بَجِيس: سائل. البَجْسُ (مصدر): انشقاقٌ في قِربة أو حَجَر أو أرض ينبع منه الماء، فإن لم ينبع فليس بانبجاس. بَجَسْتُ الماء (ضرب ونصر) فانبجَسَ: ¬

_ (¬1) صوتيًّا: الباء للتجمع الرخو مع تلاصق ما، والجيم لتجمع مادة هشة رخوة، والفصل منهما يعبر عن تفتق أثناء الشيء فيضخم كحال البَجباج، أو فتق المتضخم. وفي (بجس) تعبر السين عن نفاذ بامتداد وحدة أو دقة، ويعبر التركيب عن تسرب ونفاذ لذلك المجتمع (المتضخم) بقوة ودقة، كما في انبجاس الماء.

£° معنى الفصل المعجمي (بج)

فَجَرته فانفجر. وبجَسَ الماءُ بنفسه وانبجس وتبجّس: تفجر ". Qهو: تفجر سائل بقوة من شيء كثيف الجرم: كالأرض، والقِرْبة، والحَجَر {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} [الأعراف: 160]. ° معنى الفصل المعجمي (بج) (¬1): التضخم الرخو، كما يتمثل ذلك في البَجْباج: السمين المضطرب اللحم - في (بجج)، وفي تجمع الماء في القِربة - في (بجس). الباء والحاء وما يثلثهما • (بحح - بحبح): "بُحْبوحة المَحَلَّة والدار - بالضم: وَسَطُهما. وبَحْبَاحِ - مبنية على الكسر: كلمةٌ تنبئ عن نفاد الشيء وفنائه. وقال أعراب في امرأة ضَرَبها الطَّلْق: تركتها تَبَحْبَحُ على أيدي القوابل (القابلة: الداية). وتَبَحْبَحَ الحَيا: اتّسع الغيثُ وتمكن من الأرض ". بُحَّ الرجل - للمفعول: أخذته بُحّة - بالضم - وخشونة وغلظ في صوته فهو أبحّ. كِسْرٌ أَبَح: كثير المخ (الكسْر: جزء مكسور من قصبة عظم ساق أو ساعد إلخ). Qفراغ الشيء أو تفرغه مما يُشغَل به عادةً أو توقعًا (¬2): ¬

_ (¬1) بدءًا من هنا سنقتصر في التعبير عن عنوان المعنى المشترك بين معاني تراكيب الفصل المعجمي على هذه الصيغة المختصرة. (¬2) (صوتيًّا): الباء تعبر عن التجمع الرخو مع تلاصق ما، والحاء تعبر عن نفاذ باحتكاك وجفاف مع عرض أو اتساع، والفصل منهما يعبر عن إفراغ الشيء مما يشغله (يتجمع =

(بحث)

كبحبوحة الدار والمحلة فهي فارغة خالية من البناء الذي يشغل به ما حولها من الدار. وكلمة بَحْباحِ تعني النفاد، وهو فراغ. والولادة تفريغ للحمل، وكثرة الغيث واتساعه هو إفراغ السحب ماءها. والبُحّة كأنها انقطاع للصوت المعتادِ صدوره، أي فراغ. والكِسر الأبح: الكثير المخ منقطعُ الصوت المعتاد خروجه عندما لا يكون فيه مخ. فقَصَبةُ العظم الخالية من المخ تصوت إذا قُرِعَت). • (بحث): {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ} [المائدة: 31] "البَحُوث من الإبل: التي إذا سارت بحثت التراب بأخفافها أُخُرًا، أي ترمي بالتراب إلى خلفها. والبَحْث - بالفتح: المَعْدِن يُبْحَث فيه عن الذهب والفضة، والحيةُ العظيمة لأنها تبحث التراب. وفي تفسير مَثَل "كباحثة عن حَتفها بِظِلْفها "قالوا: إن "شاة بحثت عن سكين في التراب بظلفها، ثم ذُبِحت به ". Qفحص التراب المتراكم ونحوه وإخراجه نثرًا متفرقًا: كبحث التراب في ما سبق. ومنه {يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ} [المائدة: 31] في آية الرأس. ويلزم من بحث التراب - أي كشفه - أن يظهر ما تحته؛ ومن هنا استُعمل التركيب في التفتيش الحسي، ثم المعنوي، عن شيء أو خبر. قال [في ق]: "الفتش والتفتيش: طلَبٌ في بحث ". هذا، ويُلحظ تقييدهم تسمية الحية بَحْثًا بأنها ¬

_ = فيه) بإتساع أو قوة (كأنما حُكّ وأزيل): كفراغ بحبوحة الدار وإفراغ الحيا ماءه. وفي (بحث) تزيد الثاء أن الذي أخرج باحتكاك أو قوة، وهو هنا التراب - يخرج متفرقًا منتشرًا مبعثرًا. وفي (بحر) تعبر الراء عن الاسترسال، ويعبر التركيب عن استرسال الإفراغ باحتكاك أو قوة، كامتداد شق البحر، وكشق البَحيرة واسترساله.

(بحر)

عظيمة. فكأنهم ميزوها بأنّ أثر زحفها في الرمل ونحوه يكون عظيمًا، كأن أحدًا سحا منه التراب، أي بحثه، في حين أن غيرها يكون أثره خفيًّا لدقته وخفته. • (بحر): {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} [الرحمن: 19، 20] [اختلف اللغويون في أصل مسمى لفظ البحر: أهو الشق العظيم الذي فيه الماء، أم الماء نفسه؟ ثم أهو ما كان ماؤه ملحًا، أم يشمل ما كان ملحًا وما كان عذبًا؟ وليس هناك دليل يحسم أمر الجزئية الأخيرة]. والذي أرجحه أن العرب كانوا يستعملون لفظ البحر للشق العظيم المنبسط المملوء ماء: مِلحًا أو عذبا كدجلة والنيل. وفي الصحاح: "البحر: خلاف البرّ "، وقال الأزهري: "كل نهر لا ينقطع ماؤه، مثل دجلة والنيل وما أشبههما من الأنهار العذبة الكبار، فهي بحار "، لكن سياق أكثر ما في القرآن من (البحر) يصدق في الملح أكثر؛ من حيث إنه مَضِلَّة يحتاج إلى هداية وفُلك الخ. ومن هذا استعماله في العمق الذي يستنقع فيه الماء: "البَحْرة: الأَوقة (رَكِيّة واسعة عمقها نحو قامتين) يستنقع فيها الماء. أَبحرت الأرضُ: كثرت مناقع الماء فيها ". ثم استعمل في الشق، أو الفجوة العظيمة بلا ماء "البَحْرة: الأرض والبلدة. بَحْرتنا: بلدتنا "ومن هذا "البَحْر: عُمق الرحم. ومنه قيل للدم الخالص الحُمرةِ: باحِرٌ وبَحْراني "؛ لأنه من هذا العمق. Qهو: شَقٌّ عظيم، أو فَجْوة عظيمة، في جرم شديد، تَشْغلها مادة مسترسلة الحركة: كالبحر، وهو شق عظيم يلزمه ماؤه الملح (واستعمل في ذي الماء العَذْب عندما يُشبه ذا الماء المِلْح في السَعة وكثرة الماء).

£° معنى الفصل المعجمي (بح)

والأرض والبلدة ظَرْفٌ (فراغ يمكن أن يُشْغَل) لأهلها، وكشق الأُذُن الواسع الدائم. ومن ذلك الأصل "البَحَر - محركة: السُّلّ. رجل بَحِير وبَحِر - كتَعِب: مسلولٌ ذاهب اللحم ". يُلْحَظ ذهاب لحمه، أي فراغ بدنه منه شيئًا بعد شيء، كما هو الشأن في المسلول (وذلك استرسال - أي توال - للإفراغ). ومن الأصل: "الباحر: الأحمق الكذاب " (لفراغ العقل أو القول مما يعتد به - كما نقول عما لا نصدقه: كلام فارغ). ثم قالوا من البحر المعروف "بَحِرَ (كتعبَ): رأى البحرَ ففَرِقَ ودَهِشَ ". فمن البحر ضد البر: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الروم: 41]، {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرحمن: 19] فسرت بالماءين الملح والعذب [ل مرج]. وأما البَحِيرة فالناقة التي يشقون أُذُنها على ما تبين قبلُ، وتُعْفَى من الركوب والذبح إلخ؛ لأنها ولدت خمسة أبطن آخرها ذَكَر {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ} [المائدة: 103] (وانظر الأقوال الأخرى في البحيرة: [طب] 11/ 119 وما بعدها] وليس في التركيب إلا (البحر) و (البَحيرة). ° معنى الفصل المعجمي (بح): هو الشق والإفراغ، كما يتمثل في فراغ بحبوحة الدار - في (بحح)، وفراغ المكان الذي بُحِث - في (بحث)، وشق البحر - في (بحر). الباء والخاء وما يثلثهما • (بخخ - بخبخ): "رجل بَخْباخ - بالفتح: إذا استرخى بطنه واتسع جلده. وقد تبخبخ لحمه: صوّت (كذا) من هُزال بعد السمَن ".

(بخس)

Qهو: عِظَم ظاهر الشيء مع تخلخله وذهاب الحدّة أو الغلظ من أثنائه (¬1): وذلك كذهاب (نفاد) الشحم من بَدَن من كان سمينًا. ومن ذلك: "تبخبخ الحَرُّ: سكن (ذهبت حِدّتُه)، والغَنَمُ: سَكَنَتْ حيث كانت (ذهبت حدّة نشاطها)، وبَخّ الرجلُ: سَكن من غضبه، والبَخّ: الرجل السَّرِيّ " (كأنه عظيم لكن بلا حِدّة أو غلظة). ومن ذلك قولهم عند الإعجاب: "بَخٍ: أي عَظُم الأمر وفَخُم " (حسب ما عُلِم). وأما "بَخْبَخَة البعير: هديرٌ يملأ الفم شقشقتُه، وبَخَّ الرجلُ في نومه: غَطّ كبخبج "فيترجح لدى أنها حكاية صوتية، برغم أن خروج الشقشقة والصوت الغليظ إفراغ للأثناء. • (بخس): {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا} [الجن: 13] "الأَباخِسُ: الأصابع. والبَخْس من الزرع - بالفتح: ما لم يُسْقَ بماء عِدّ .. إنما سقاه ماءُ السماء. وبخّس المخ (= نخاع العظام) تبخيسًا: دَخل في السُلامَى والعَين فذهبَ، وهو آخر ما يبقى. والبَخيسُ من ذي الخفّ: اللحم الداخل في خُفّه ". ¬

_ (¬1) صوتيًّا: الباء للتجمع الرخو مع تلاصق ما، والخاء لمعنى التخلخل، والفصل منهما يعبر عن تخلخل أثناء الشيء الجسيم لذهاب ما كان يشغله، كالمسترخي البطن. وفي (بخس) تعبر السين عن نفاذ بامتداد ودقة، ويعبر التركيب عن نقص في أثناء الشيء مع امتداد - كالأصابع تمتد دقيقة، وكما في بخس قيمة الشيء. وفي (بخع) تعبر العين عن النحام رخو، ويعبر التركيب عن خروج رِخْوِ الشيء الذي هو قوامه أي إفراغه منه, كبخْع الأرض والنفْس. وفي (بخل) تعبر اللام عن تعلق واستقلال، ويعبر التركيب عن إمساك ما وجب خروجه، أي التعلق به مع تميزه وتحدده، وهذا هو البخل.

(بخع)

Qهو: نقص في الأثناء (لنفاذ ما كان، أو ما العادة أن يكون فيها) مع امتداد: كالأصابع تمتد دقيقةً من الكف، وكالزرع يمتد غيرَ ريّان لعدم سَقْيه، وكالمخ الداخل في السُلامَى والعين تقلُّصًا من موضعه، وكموضع اللحم الداخل في الخُفّ. ومن هذا النقص في الأثناء: "بَخْسُ الكيل والميزان: نقصُه، وثَمَن بَخْس: دون ما يجب " (ناقص) {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يوسف: 20]، {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} [الأعراف: 85، هود: 85، الشعراء: 183]، {نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ} [هود: 15] ومثلها في معنى البخس ما في [البقرة 282، الجن 13]. • (بخع): {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ} [الكهف: 6] "بَخَعْتُ الرَكِيّة (منع): حفرتها حتى ظهر ماؤها، وبَخَعْتُ الأرضَ بالزراعة: نهكتهَا وتابعت حراثتها ولم تُجِمَّها عامًا. وفي قول أم المؤمنين عائشة في عمر - رضي الله عنهما -: بَخَعَ الأرضَ فقاءَت أُكُلَها ". (الأُكُل: ثمر النَخْل والشَجر، وكل مأكول فهو أُكُل). Qهو: استفراغ قوة الشيء أو قوامه الغض الذي في باطنه منه بقوة: كاستخراج ماء الركية بالمبالغة في الحفر، وكما في بَخْع الأرض (إنهاكها) بمتابعة زرعها دون إجمام. ومنه: "بخعَ الذبيحةَ: بالغ في ذبحها " .. (فخرج بذلك أقصى دمها ونفْسها). ومنه "بخَعَ نفْسَه غمًّا " (استهلك مُنَّتَه الباطنة) {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ} [الكهف: 6]: مُخْرجُها أشد الاستخراج وقاتلُها أسفًا على عدم إيمانهم. ومثلها ما في [الشعراء: 3]. "وبَخَع له بحقه: أَقَرَّ

(بخل)

به وخضع له " (أخرجه) وكذا: "بَخَعَ له بالطاعة ". (أذهب ما في باطنه من الإباء والصلابة). • (بخل): {فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} [محمد: 38] "البُخل: ضد الكَرَم. بخل (كفر: وكرم) بُخلًا - بالضم والتحريك ". Qهو: إمساكُ ما يُتَطلب ويمكن إخراجه - أي عَدَمُ إرساله: كالبخل بالمستحَقّ. وهذا معنى قول أبي هلال: "البُخْل: مَنْع الحق "وقول الراغب: البخل: إمساك المقتنيات عما لا يحق حبسُها عنه ". (واللام تعطي معنى التعلق والإمساك فكونت المعنى رغم ما في "بخ "من معنى خروج ما في الجوف) وعبارة (قر 4/ 282) "منع الإنسان الحق الواجب عليه " {فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ} [التوبة: 76] أي بإعطاء الصدقة وبإنفاق المال في الخير، وبالوفاء بما ضمِنوا والتزموا [قر 8/ 212] وليس في القرآن من التركيب إلا (البخل) بهذا المعنى المشهور. ° معنى الفصل المعجمي (بخ) التخلخل والنقص كما يتمثل ذلك في البطن المسترخي المتسع الجلد - في (بخخ)، وفي دقة جرم الأباخس الممتدة، وكذا في خروج ماء الركية الذي هو قوامها، ونَهْك نَعْمة الأرض وخصوبتها - في (بخس)، ولا بد أن إحساس (البخيل) بأن ما يراد منه أن يخرجه سيَنْقُصه هو الذي يدفعه إلى البخل به أي تعلق نفسه به فلا يخرجه.

الباء والدال وما يثلثهما

الباء والدال وما يثلثهما • (بدد - بدبد): "البِدَادان في القَتَب - الواحد ككتاب: شِبْهُ مِخْلاتين تُحْشَيان وتُشَدَّان بالخيوط إلى ظَلِفَات القَتَب وأَحْنائه - تحت الخشب - لئلا يُدْبِرَ الخشبُ البعيرَ. وهما أيضًا البِدّان، الواحدُ بِدٌّ - بالكسر. والبَدَدُ - محركة - في الناس: تباعد ما بين الفخذين من كثرة لحمهما. رجل أَبَدّ وأمرأة بداء: كثيرة لحم الفخدين. والبَدِيدة: المفازة الواسعة ". Qهو: تفريقٌ ممتدٌ أو إبعادٌ دائم يلزمه حدوث فراغ (¬1): كما ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الباء للتجمع الرخو مع تلاصق، والدال للضغط الممتد والحبس، والفصل منهما يعبر عن التفريق بين الأشياء (أي حبس بعضها عن بعض كما يفعل البداد إذْ يُشَدُّ على خشب القتب ليحول بينه وبين بدن البعير. ويلزم التفريقَ الفراغُ. وفي (بدو) تعبر الواو عن اشتمال؛ ويعبر التركيب عن احتواء ذلك المتفارق الممتد على ما بينه كبدوتي الوادي. وفي (بدأ) عبرت الهمزة عن ضغط، وعبر التركيب عن وجود الشيء (اندساسًا) في الفراغ أي لأول مرة، كالبئر البدئ. وفي (أبد) سبقت الهمزة بالضغط وعبر التركيب عن البقاء بلا حد (امتداد) كأنه في فراغ بلا حد. وفي (بيد) عبر التركيب بتوسط الياء عن اتصال الفراغ امتدادًا كالبيداء. وفي (بدر) تعبر الراء عن الاسترسال، ويعبر التركيب عن تزايد الطارئ (المندس الممتد في الفراغ) مسترسلًا نحو الكمال كالبدر. وفي (بدع) عبرت العين عن التحام مع رقة ولمعان، ويعبر التركيب عن جدّة الطارئ - أخذًا من حدّة اللمعان أو عدم السبق = طروءٌ على فراغ). وفي (بدل) عبرت اللام عن الاستقلال، ويعبر التركيب عن حلول شيء وقيامه في مكان آخرَ (غابَ). =

يُبْعد البِدادان الظَلِفاتِ عن بدن البعير، وكما في البَدَد والبادَّين حيث يتباعد الفخذان بعضُهما عن بعض عند المشْي من كثرة لحمهما. والبديدةٌ فراغٌ ممتد، أي مفارقة ممتدة. وهناك استعمالات أخرى بمعنى التفريق أو المفارقة والمباعدة، قالوا: "بَدَّدَ - ض: نَعَس وهو قاعدٌ لا يرقد " (مفارقة ومجافاة للفراش)، "أَبَدَّ يده إلى الأرض فأخذ منها شيئًا (مدها فأبعد المد)، وأبدَّ نظره: مَدَّه. كذلك "، "كان يُبِدُّ ضبعيه في السجود (من أَبَدّ): أي يجافيهما. والتبديد: التفريق (بعثرة، وعبر به عن لازمه وهو الإتلاف والتضييع). والتفريق يلزمه انفراد كل مما تفرق. ومن هنا "استبد بالأمر: انفرد به دون غيره "والسين والتاء للاجتهاد في تحصيل ذلك. وقولهم: "لا بُدَّ من ذلك: لا فراق منه " (أي هو لازم لا يُتَخَلَّى عنه - كقولهم في الملازمة والاستمرار: ما زال وما انفك وما برح. فعبروا عن الملازمة بنفي الزوال والمفارقة) "والبديدة: الداهية " (تُفَرق - وتجتاح فتُفْرِغ). أما قولهم: "البَدّ: التعب. بدّد - ض: أَغْيا وكَلّ "فهو: إما من فراغ القوة، وإما من التوقف عن العمل (كَلالًا) وهو فراغ، وصيغة فعّل هنا بمعنى تفعّل - كبيّن بمعنى تبين [ينظر ل بين، وتسهيل ابن مالك 198]. ¬

_ = وفي (بدن) تعبر النون عن امتداد لطيف في الباطن، ويعبر التركيب عن تكتل الشيء وتجسُّمه (كأنما دُسّ في فراغ باطنه ما جسّمه - كما في كتلة بَدَن الحي التي تتفرع منها أعضاؤه).

(بدو)

• (بدو): {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة: 271] "بَدْوَتا الوادي - بالفتح: جانباه. البادية: اسم للأرض التي لا حَضَر فيها. وإذا خرج الناس من الحَضَر إلى المراعي في الصحاري قيل قد بَدَوْا، والاسم البَدْو إذا بَرَد الزمان ظعنوا عن أَعْداد المياه وبَدَوْا طلَبًا للقرب من الكلأ، فالقوم حينئذ بادية بعدما كانوا حاضرة وهي مباديهم "وهي المناجع "والقوم بواد جمع بادية ". Qهو بروز بقوة أو تجسم مع امتداد وجَوْز: كجانبي الوادي يبرزان جسيمين قويين ممتدين ويحوزان ماء المطر، وكالبادية ببروزها (ظهورها القوي) وامتدادها، وبما تحوي من الكلأ والمناجع. جاء في [تاج] "سمِّيت بادية لبروزها وظهورها ". وكلمة (بَدْو) بالفتح مصدر للفعل بَدَا، واسم لمكان البَدْو (أي للبادية)، وللمتصفين بالبداوة [تاج] {وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ} [يوسف: 100]، {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج: 25] أي ساكن البادية، {يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ} [الأحزاب: 20] يتمنون أن لو كانوا في البادية مع الأعراب (أي بعيدين عن المشاركة في المعركة) حذرًا من القتل وتربصًا للدوائر [قر 14/ 154] وسائر ما في القرآن من التركيب هو من البروز والظهور: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران: 118] , {وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} [البقرة: 33]، {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب: 37] [قر 14/ 194]: قيل أعلمه بأن زيدا سيطلقها .. " {وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ

(بيد)

وَالْبَغْضَاءُ} [الممتحنة: 4] (أي ليس إلا المجاهرة بالعداوة دون مداراة) {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284]. {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} [هود: 27] أي في ظاهره (أي بوضوح بلا حاجة إلى إعمال فكر في أمرهم - على ما زعموا). وفسرها الزجّاج في [ل] على أن مقصود الكافرين بيان حال المتَّبِعين أي اتبعوك ظاهرًا وباطنهم على خلافك - زعموا. {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} [يوسف: 35] (أي برزَ لهم ذلك الرأيُ وظهرَ على ما سواه). ويقال "رجُل ذو بَدَوات أي ذو آراء تظهر له " (أي دون غيره، وهي غير متوقعة. فهذا وذاك قوة بروز). • (بيد): {قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا} [الكهف: 35] "البَيْداء: المَفَازةُ المستويةُ يجرى فيها الخيلُ/ المكانُ المستوي المُشْرفُ/ قليلةُ الشجرِ جَرْداء/ تَقُودُ اليومَ ونصفَ اليوم وأقل (= أي تمتد بحيث تسير فيها الإبل فلا تقطعها إلا في يوم أو نصف يوم) وإشرافها شيء قليل لا تَراها إلا غَليظةً صُلْبةً لا تكونُ إلا في أرضِ طين. بادَ الشيء: انقطع وذهب/ هلك ". Qهو: خلو البراح الواسع الممتد مما ينبت في مثله مع جلادة ظاهره: كالمفازة الصُلْبة الغليظة الشديدة التماسك، لأنها طينية لا رملية. ومنه: "بادت الشمس بُيُودا: غَرَبت "لخلاء الأفق منها. وفي الحديث: "فإذا نزلوا بالبيداء - أرض بين مكة والمدينة - شرفهما الله تعالى - بعث الله جبريل فيقول بِيدِي بهم - وفي رواية أبِيدِيهم - فتخْسِف بهم " (تبلعهم فيصير ما كانوا يشغلونه

(بدأ)

من الأرض براحًا خاليًا). ومن خلو الأرض مما ينبت فيها عادة: "باد الشيء: هلك " (فَنِى وانقطع) {مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا} [الكهف: 35] أي أن يهلك شجرها. ومن المعنى المذكور: (بَيْدَ)، في مثل الحديث الشريف "أنا أفصح العرب بيد أني من قريش ونشأت في بني سعد "عليه أفضل الصلاة والسلام. قالوا: بمعنى "غير أني "، فهذا كأن معناه - أخذًا من معنى التركيب - بَلْهَ أي دع ذلك، فهذه الغيرية والترك تؤخذ من الخلاء (وكأن حصيلة هذا ترجع إلى أن أفصحيته - صلى الله عليه وسلم - مصدرها رباني، أي مع توفر المصدر القَبَلي، لكنه - صلى الله عليه وسلم - لا يَعتدّ به، كما قال - صلى الله عليه وسلم - "أدبني ربي فأحسن تأديبي "، وكما جاء في الحديث الذي أخرجه ابن عساكر في تاريخه "كانت لغة إسماعيل قد درست فجاء بها جبريل عليه السلام فحفّظنيها فحفظتها " [ينظر المزهر 1/ 35]. وقيل معنى بيد أنّ: "على أن "، فتكون من معنى الجمع، وهذا أبعد تأويلًا؛ ولذا قالوا: الأول أعلى [ل]. • (بدأ): {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49] "البَدِئ: البئرُ التي حُفِرَتْ في الإسلام حديثةً وليست بعادِيّة (العاديّ: القديم جدًّا كأنه منسوب إلى قوم عاد) ". بُدِئ الرجل - للمفعول: خَرَج به بَثْرٌ شِبْهُ الجُدَرِيّ، أو حُصِبَ. أبدأ الصبيُّ: خرجت أسنانه بعد سقوطها ". Qهو: ظهور الشيء أو تكونه لأول مرة: كالبئر المستحدثة، وكذلك البَثْر الذي يظهر جديدًا على الجلد، وأسنان الصبي التي تخرج بعد سقوط الأولى هي الأسنان الدائمة، وكأن نباتها بدءٌ آخر؛ ولذا عبروا

بـ (أبدأ) دون (بدأ)، كان المعنى: صار صاحب بدء حقيقي للأسنان. ومن الظهور أو التكون لأول مرة جاء معنيان للبدء: الأول: إنشاء الشيء أي إيجاده لأول مرة {اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [الروم: 11]، {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [يونس: 34]، {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [العنكبوت: 19]، {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} [السجدة: 7]. وكل ما جاء في القرآن من التركيب هو من معنى الإيجاد هذا، ويستعمل فيه (بدأ) و (أبدأ) وذلك عدا ما أتى بالمعنى الآخر الآتي. والآخر: هو كونُ الشيء أَوَّلَ فعل الفاعل في أَمْر ما {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ} [يوسف: 76]، أو سبقُه آخرَ في أمر {وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [التوبة: 13]. وقوله تعالى {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49] في [قر 14/ 313] "ويجوز أن يكون استفهاما بمعنى: أي شيء. أي جاء الحق فأي شيء بقى للباطل حتى يعيده ويبدئه؟ أي فلم يبق له شيء. اهـ. ومما في الأوّلية من معنى السبق والتقدم قالوا: "البَدْءُ: السيد/ السيد الأول في السيادة. والثُنْيانُ: الذي يليه في السؤدد ". وقولهما البَدْءُ: الشابّ المستجاد الرأي المستشار "تشبيه بالسيادة أو هو صورة منها. ومن الجدّة التي في إنشاء الشيء لأول مرة جاء معنى العجب: "جاء بأمر بدئٍ أي عجيب. والبدئُ: الأمرُ البديع، وأبدأ الرجل: إذا جاء به "وهذا كقوله تعالى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 9].

(أبد)

• (أبد): {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا} [الطلاق: 11] "الأوابد: جمع آبدَة، وهي البهيمة التي قد توحّشَتْ ونَفَرت من الإنْس. أَبَدت البهيمة (جلس وقعد): تَوَحَّشَت ". (أي كما لوْ نَدّ بعيرٌ من صاحبه وشَرَد إلى الصحراء، ولم يُقْدَر على إعادته؛ فعاش مع الوحوش أي الحيوانات غير الأليفة التي تعيش في البيداء). Qهو: البقاء الدائم أو الإقامة الدائمة بلا حدَّ مع عدم الأُلفة أي الأُنس: كما هو واضح في الاستعمال المذكور. ونقصد بالحدّ المنفي الحدّ المكاني؛ فالصحراء لا حدود لها. وقد ذكر الأصمعي معنى زمنيًا يضاف إلى الحدّ المكانيّ وليس بديلًا له. فقال: "لم يمت وحْشِيٌّ حتفَ أنفه قط إنما موته عن آفة "وقد قالوا من الأوابد "تَأَبّد المنزلُ: أقفر وأَلِفَتْه الوحوش ". ومن صور البقاء الدائم زمانيًّا "الإِبِد - بكسرتين: الجوارح (أي الكواسب) من المال: الأَمَة والفَرَس والأَتان، يُنْتَجْن (= يلدْن) كلَّ عام (توالد متصل، وكل جيل يلد جيلًا بعده، وهكذا). ومن انتفاء الحد الزمني: "الأَبَد - محركة: الدهر أو آخر الدهر (فهو ظرف زمني للدوام بلا حدود) {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} [النساء: 57] أي إقامة دائمة لازمة بلا مفارقة، {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا} [النور: 21] أي في أي وقت وبأي حال. وكل ما في القرآن الكريم من هذا التركيب هو هذا الظرف (أبدا) بمعناه هذا. وهنا صورة اقتُصِر فيها على جزء المعنى وهو التوحش: (عدم الألفة): "أَبِدَ

(بدر)

الرجلُ: توحش "، وفي [تاج] "تَأَبَّد الرجل: طالت عُزْبَتُه "، فهذا يفسر ما قبله لأن العُزْبة انفراد وانعدام ألفة. ومن هذا الباب "تأبَّد الوجْه: كَلِفَ ونَمِشَ " [تاج] فغرابة صورة الوجه هكذا مُوحشة. وأما "أَبِدَ عليه (تعب): غَضِب "فهو كذلك من عَدَم الأُلفة في المعنى المحوري، فعدم الألفة نُفُور ورفض يشمل صورة الغضب. • (بدر): {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} [آل عمران: 123] "البَدْرُ: القمرُ إذا امتلأ. وبادِرَةُ النبات: رأسُه أولَ ما ينفطر عنه، وبادِرَة السيف: شَباته (: حدّ طرَفه/ حدّه). والبادِرة من الإنسان وغيره: اللَّحْمة التي بين المَنْكِب والعُنُق. وغلام بَدْر: ممتلئ ". Qهو: زيادة في جرم الشيء وسبقٌ يبلغ به كمال حاله: كما في بادرةِ النبات (مرحلة نُمُوٍّ. والعامة تسميها السَبَّاقة)، والبَدْرِ الذي تزايد حتى تم، ورِقّة بادرة السيف (منسحبة كأنها سائلة منه سابقة مسترسلة، وبها يبلغ كماله)، وكذا بادرة الإنسان ناتئة بين الكتف والعنق، فهذه زيادة وسبق. ومن السبْق (لتحصيل الكمال أو النفع): بَدَرْتُ إلى الشيء وبادرت إليه: أسرعت {وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا} [النساء: 6] أي (مسارعين قبل أن يكبروا). وتبادر القومُ: أسرعوا. وابتدروا السلاح: تبادروا إلى أخذه. ومنه: البادرة من الكلام: التي تسبق من الإنسان في الغضبِ، والبديهةُ. وناقة بَدْرِية: بَدَرَت أمُّها الإبلَ في النتاج؛ فجاءت بها في أول الزمان ". ومن المعنى المحوري: "بَدْرُ القوم: سيدهم (لتقدمه عليهم كما يسمى:

(بدع)

البدْء). والبدرة: مَسْك السَخْلة إذا فُطِم (¬1): (إما باعتبار أن الفطام تمام وزيادة، وإما باعتبار ما يوضع في هذا المَسْك من اللبن أو الدراهم، وهو كثير، كأنه أكثر مبلغ أو أكمل مبلغ). والبَيْدَر: كُدْس القمح (هو كمال أو مرحلة إليه)، أو الموضع الذي يُدْرس فيه ويُذَرَّى " (وهي مراحلُ نحوَ كمال حاله). وبدر: موضع معروف شرفه الله تعالى بنصر المسلمين فيه {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ} [آل عمران: 123]. • (بدع): {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 117] "البديع: حَبْل ابتُدِئ فَتْلُه، ولم يكن حَبْلًا فنُكِث ثم غُزِل ثم أُعِيد فتلُه. سِقاء بديع: جديد. باع الرَكيّة (منع): استنبطها وأحدثها ". Qهو: إنشاء الشيء جديدًا على غير أصل سَبَق: كالحبل الذي لم يكن مفتولًا قبل ذلك، والسقاء الجديد، والركية المُحْدَثة. ومنه عُدّ كل مُحْدَث بدعة. "وفلان بِدْعٌ في هذا الأمر - بالكسر: أي أَوَّلُ {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 9] (سبقني رسل دعَوا إلى الله مثلي، فكذبهم أقوامهم كما تكذبونني، والله هو الشاهد والحَكَم). "وبَدَع الشيءَ (منع) وابتدَعهُ: أنشأه وبدأه " {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} [الحديد: 27] (أما عن معنى ¬

_ (¬1) السَخْلة: ولد الشاة من المعز والضأن ذكرًا كان أو أنثى. والمَسْك هو جلده. كانوا - إذا ذبحوه بعدما فُطِم - يتخذون جلده قِربة للبن أو كيسًا للدنانير والدراهم (سبعة آلاف دينار أو عشرة آلاف درهم)، ويسمون هذا الجلد - قربة أو كيسًا: بَدْرة.

(بدل - بأدل)

البدعة في الشرع "فما كان في خلافِ (أي ضد) ما أمر الله به ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فهو في حيز الذم والإنكار، وما كان واقعًا تحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه أو رسوله فهو في حيز المدح " [ل]. وأضرب لذلك مثلًا: ذكر الله عز وجل فإنه يدخل بهيئاته تحت الأمر بذكر الله ذكرًا كثيرًا. وقد جاء في نحو عشرين آية، منها [الأحزاب 41]). "والبديع من أسماء الله عز وجل بمعنى مُبْدِع الأشياء ومُحْدِثها لا عن مثال سابق " {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 117]. ووصفوا مَنْ بَلَغ الغاية في صفة ما خيرًا أو شرًّا بأنه بِدْعٌ أو بديع كأنه أول من كان كذلك (¬1). ومن الأصل: "أبْدَع بالسفر والحج: عزم عليه " (استحدث هذا الأمر وهذه العَزْمة)، و "أَبْدع يمينًا: أوجَبَها " (استحدثها). ومن ذلك المعنى المحوري تمامًا: "أَبْدَعَت الإِبلُ - للفاعل: كَلَّتْ أو عَطِبت وأُبْدِعَت - للمفعول: بَرَكت في الطريق من هُزال أو داء أو كلال " (وصححوا أنه لا يكون إبداعُها إلا بظَلْع وهو كالعرج، فهو حادث جَدّ لها، كأنه أمر غريب لا يُتَوَقَّع أو لم يكن من عادتها، ثم استُعمل اللفظ في كل داء وكلال). ومن هذا: "أُبْدِعَ بالرجل - للمفعول، وأَبدَعَ: كَلَّتْ راحلتُه أو عَطِبت وبقى مُنقَطَعًا به وحَسِر عليه ظهره " (أي صار ذا راحلة حدث لها حادث). ومن مجاز ذلك: "أَبْدَعَت حجتُه: بَطَلت ". • (بدل - بأدل): {ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا} [الأعراف: 95] "البَأْدلة: لحمة بين الإبط والثَنْدُوَة (ثَدْي الرجل). والبَدّال: الذي ليس له ¬

_ (¬1) رجعنا في كثير من استعمالات هذا الجذر إلى ما في تاج العروس منه.

مال إلا بقدر ما يشتري به شيئًا فإذا باعه اشترى به بَدَلًا منه. تبادَلًا ثوبيهما. وبادلتُه السلعةَ: إذا أعطيتَه شَرْوى ما أخذتَ منه كاستبدلته ". Qهو: حلول شيء محل شيء (وجود هذا لاختفاء ذاك): كما في عمل البَدَّال، وفي تبادل الثوبين، وشراء السلعة. أما البأدلة فهي سمينة تُعوّض فراغ الإبط وتختفي إذا امتلأ عند رفع الذراع مثلًا. فمن ذلك الإحلال: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} [النحل: 101] {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} [النساء: 56]، {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ} [النساء: 20]، {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} [البقرة: 61]. {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ} [سبأ: 16] (والباء تدخل على المتروك في الأعم الأغلب). واستُعمل في مجرد تغيير الشيء عما كان عليه إلى وضع جديد غير الأول {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} [البقرة: 59] قيل لهم قولوا حطة فقالوا حنطة [قر 1/ 411، 415]. {بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا} [إبراهيم: 28] جعلوا بدل نعمة الله عليهم الكفر في تكذيبهم محمدًا - صلى الله عليه وسلم -[قر 9/ 364]، وقريب منه ما في البقرة 211]. {لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [يونس: 64] لا خلف لوعده [قر 8/ 59] {وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [الأنعام: 34]: لا نقض لحكمه ولا خلف لوعده [قر 6/ 417]. {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [الكهف: 50] البَدَل - محركة وبالكسر: البديل.

(بدن)

• (بدن): {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} [الحج: 36] "بَدَن الإنسان - محركة: جَسَدُه .. ما سوى الرأس والشَّوَى. ورجَلٌ بادِن ومبدَّن - كمعظَّم: سمينٌ جسيم. والمِبْدان - كمنحار: الشَّكورُ السريع السِّمَن ". Qكتلة عُظْم الحيّ التي تتفرع منها أطرافه وتمتد: كجِذْع الإنسان، وسِمَنِ الجسم "بَدُنَ الرجل (كقعد وكرم): ضَخُم وسَمِن ". ومنه: البَدَن - محركة: الدِّرْع القصيرة على قدر الجسد (يملؤها الجسم وتمتد منها أطرافه، أو سُمِّيَتْ باسم ملبوسها للمجاورة). {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} [يونس: 92]: بدِرْعك، أو بجسمك أي بلا روح. ومن الامتلاء: "بدّن الرجل - ض: كبِر وأَسَنّ. والبَدَن - محركة: الوَعِل المُسِنّ " (تراكم زمني يلزمه عادة عِظَم الجسم). ومن ذلك المعنى: "البَدَنة: ناقة أو بقرة تُنحَر بمكة ج بُدْن - بالضم " (لعله لُحظ في تسميتها أنهم كانوا يستسمنونها، أو أن المقصود من تقديمها بَدَنُها (فالبَدَنة: ذات البَدَن ناقة أو بقرة) {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}. ° معنى الفصل المعجمي (بد): هو الفراغ والخلو الذي يلزم التفريق أي الفصل بين الأشياه: كما يتمثل في البَدَد وما يلزمه من مسافة بين الفخذين - في (بدد)، وفي امتداد البرّية ظاهرة كالخالية - في (بدو)، وفي وجود الشيء لأول مرة أي بعد خلو منه (بدأ)، وفي البراح الواسع الخالي في (بيد)، وفي البقاء أو الانطلاق بلا حدّ أي في خلاء مطلق - في (أبد)، وفي قوة السبق إلى الوجود بعد خلاء - في (بدر)، وفي وجود المستحدث ليبقى - في (بدع)، وفي كون البدل يحل محل المبدل منه أي بعد الخلو منه في (بدل)، وفي تجسم البدن بِشَغْل فراغه - في (بدن).

الباء والذال وما يثلثهما

الباء والذال وما يثلثهما • (بذذ): "تمرٌ بذٌّ - بالفتح: متفرق لا يلزَق بعضه ببعض. ورجل باذّ الهيئة وبذّ الهيئة: رثُّها شَعِثٌ ". Qهو: عدم اتّساق الشيء بعضِه مع بعض بتماسكه (¬1): كالتمر الذي لا يلتزق بعضه ببعض. والأصل أو الأنسب عندهم أن يلتزق. ومن "رجل بَذُّ الهيئة وباذّ الهيئة: رَثُّها شَعِثٌ "حيث المفروض أن يُرجَّل الشَعرُ، وتُهندَمَ الملابس. وأما "بذهم: فاقهم أو غلبهم "فكأن أصلها نتأ عنهم لم يجانسهم، ثم غلب في التفوق. أو هو تميز مأخوذ من التفرق. • (بذر): {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} [الإسراء: 26] "البَذْر - بالفتح: ما عُزِل من الحبوب للزراعة، وبالفتح والضم: أولُ ما يخرج من الزرعِ والبَقْلِ والنباتِ لا يزال ذلك اسمه ما دام على ورقتين. بَذَرْت الحب: نثرته ". ¬

_ (¬1) (صوتيًّا) الباء تعبر عن التجمع الرخو مع تلاصق ما، أما الذال فتعبر عن نفاذ شيء له ثخونة ورخاوة ما وغلظ، والفصل منهما يعبر عن تفرق المتجمع مع رخاوة فيه كالتمر البذ. وفي (بذر) زادت الراء معنى الاسترسال؛ فعبر التركيب عن استرسال التفرق وعدم التماسك بالانتشار الواسع - مع دقة الحب والزرع. ورخاوة حب البذر أنه يتفلق فينبت زرعًا.

£° معنى الفصل المعجمي (بذ)

Qهو: نثر الدقاق المتجمعة او انتشارها وتفرقها منشورة على الأرض: كبَذْر الحب، وكالزرع الموصوف يخرج متفرقًا، والحب يخرج متفرقًا من اليد عند بذره. ومن ذلك "بَذَر الشيء: فرّقه. وبذّر ماله تبذيرًا: فرّقه وأفسده وأنفقه في السَّرَف (ومنه ما في آية الرأس). ورجل بَيْذارة: يبذّر ماله. وبَذُور (وكحَذِر): يذيع الأسرار ولا يكتم سرًا. ولو بَذَّرْتَ فلانًا لوجدته رجلًا: لو جَرَّبته زاد في [الأساس]: وقسّمت أحواله "أي لو نثرْت أموره ونظرت في كل منها. ° معنى الفصل المعجمي (بذ): تفرق الرخو الدقيق: كما يتمثل في تفرق التمر - في (بذذ)، ونثر الحب وتفرق الزرع - في (بذر). الباء والراء وما يثلثهما • (برر): {رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} [آل عمران: 193] "البَرّ: خلافُ البحر/ خرج فلان بَرًّا إذا خرج إلى البرّ والصحراء. البَرّية: الصحراء نسبت إلى البرّ، والبَرّية من الأَرِضِين: خلاف الريفيّة، والبَرُّ: نقيضُ الكِنِّ المَتْنُ الظاهر ". Qانبساطٌ عظيم مع تجرد أو انكشاف وجفاف ما (¬1): ¬

_ (¬1) صوتيًّا: الباء للتجمع الرخو مع تلاصق ما، والراء للاسترسال - وهي هنا مضعفة، والفصل منهما يعبر عن استرسال الجسم منبسطًا مع الانكشاف والتجرد كالبَرّ (بالفتح) ينبسط انبساط عظيمًا مع انكشافه. وفي (برى) تعبر الباء عن اتصال، ويعبر التركيب =

كالبَرّ - بالفتح - بصفاته المذكورة. ومنها أن "البَرّ خلافُ الريف ". والريف هو ¬

_ = عن اتصال نحو القَشر (= الكشف والتجريد) لظاهر الشيء الممتد حتى تتبين أو تُسَوّى حقيقته. وفي (برأ) تعبر الهمزة عن ضغط يؤكد فيعبر التركيب عن التسوية القوية سلامة أو خَلْقًا. وفي (بور) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن جمود (= امتداد) ما يشتمل عليه الشيء من منفعة لا تُسْتَغل كالأرض البوُر التي لم تُزرع. وفي (بأر) توسطت الهمزة فعبر التركيب عن الاسترسال الرأسيّ ممتدًا في عمق الكثيف - كالبئر. وفي (وبر) سبقت الواو بمعنى الاشتمال، فعبر التركيب عما يكسو وجه الظاهر الممتد اتساعًا كالوبر الذي ينمو من الجلد ويغطيه - وهذه الكسوة اشتمال. أما في (برج) فعبرت الجيم عن تجمع هش أو ضعيف لكن له حدّة ما تتمثل هنا في بريق يُرى على الظاهر الممتد كما في التبرج. وفي (برح) تعبر الحاء عن احتكاك بجفاف وعرض يؤكد الانبساط فيعبر التركيب عن الزوال والفراغ. وفي (برد) تعبر الدال عن ضغط واحتباس، ويعبر التركيب عن جمود وتقلص من حدة تعرو ظاهره الممتد وتمثل ذلك في جمود البَردَ وفي البَرْد بالمبرد. وفي (برز) تعبر الزاي عن اكتناز وازدحام ويعبر التركيب عن خلوص الشيء مما يكتنفه ويزحمه قويًا أو خالصًا كالذهب الإبريز. وفي (برص) تعبر الصاد عن غلظ، ويعبر التركيب عن غلظ يعرو الظاهر العريض يتمثل في ذلك المرض الجلدي بلمعانه المنفر. وفي (برق) تعبر القاف عن نفاذ شيء قوي من العمق، ويعبر التركيب عن شيء قوي في العمق يخترق الظاهر العريض ويتمثل في البَرْق. وفي (برك) تعبر الكاف عن ضغط غئوري دقيق، ويعبر التركيب عن ضغط أو اعتماد يقع على متسع ويتمثل في الِبرْكة والبروك ويؤخذ منه الثبات. وفي (برم) تعبر الميم عن لأم الظاهر وتسويته، ويعبر التركيب عن لأم الممتد وتسويته على ذلك كما في بَرْم الحبل. وفي (بره) تعبر الهاء عن فراغ، ويعبر التركيب عن رقيق أو لطيف (يشبه الفراغ) يملأ البدن مناسبًا له فيضفي عليه القبول كبدن البَرَهْرَهة ومن هذا أخذ البرهان.

ما قارب الماء من الأَرضِين، فالبَرّ يتصف بالجفاف وأنه "نقيض الكِنّ "فهو يتصف بالانكشاف. ومنه: البر - بالضم: الحنطة. ويسمى بُرًّا بعدما ينضج ويجف ويُذرّى، فإنه عندئذ يكون مجرَّدًا من قشره ويغلب عليه اسم (الطعام) أما قبل التجرد فهو قمح. جاء في [ل قمح]: "القمح: البُرّ حين يجري الدقيق في السنبل "أي قبل أن يتم امتلاؤه وجفافه وتصلبه. أما البِرّ - بالكسر - فإنه فسّر بالطاعة والخير. والطاعة تؤخذ من انبساط البَرّ؛ لأن الطاعة انقياد، والانقياد من الامتداد والانبساط بلا توقف ولا عَقَبات. ولذا يقال: "بَرَّتْ سِلعته: إذا نَفَقت "ونَفاق السِلْعة ذهابها هنا وهناك بأن يشتريها الناس. هذا، والخير يرجع أصل معناه إلى السهولة والرخاوة المتمثلة في اليسر (أو الطاعة) وعدم التعقد؛ فهر يؤخذ من الانبساط أيضًا. فمن البِرّ الصلة والإحسان والنفع المتسع {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44] وكذا كل (البِرّ) في القرآن الكريم. فمن بِر الوالدين: {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ} [مريم: 14]. والله هو البَرّ: المستجيب لحاجات عباده (يفيض عليهم عطاياه التي تيسر حيواتهم، كما أنه تعالى يكشف عنهم ران ذنوبهم وأثقالها {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور: 28]. وهناك نوع من البِرّ - بالكسر أيضًا - يغلب فيه جانب التجرد والخلوص من الغلظ {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى} [البقرة: 189] (أي بِر من خاف الله فلم يرتكب المعاصي أي تجرد منها وأُخلِص) ومنه {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا} [البقرة: 224] (أي تجنبوا ذلك حتى تكونوا أبرارًا). "والأبرار كثيرًا ما يخص بالأولياء والزهّاد والعبّاد "هؤلاء مجردّون من المعاصي

(برو - برى)

مبرّءون منها {وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ}. وكذا كل (الأبرار) و (بررة) في [عبس: 16] وهم الملائكة. ومن هذا التجرد "البيع المبرور: الذي لا شبهة فيه ولا كذب ولا خيانة " (خالص غير مشوب). أما قولهم في بعيرٍ إنه "أبرَّ على أصحابه أي استصعب عليهم وغَلَبهم "فذلك من الانبساط مع جفاف؛ لأن معنى الاستصعاب أن يركب رأسه فلا يتوقف ولا ينقاد لهم كأنما ذهب في البَرّ. • (برو - برى): {أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 7] "البرى - كالفتى: التراب. بَرَى العُودَ والقلم والقِدْحَ (رمى): نَحَته، وبرى المطرُ الأرضَ: قَشَرها ". Qهو: تسوية الشيء بقَشْر ما يعرو ظاهره: كالبَرْى وهو نَحْت العود أو طَرَفِه، وكالتراب وهو منحوت من سطح الأرض دقيقًا (فهو فَعَل بمعنى مفعول). ومنه " .. بَرَيتُ البعير: حَسَرْته وأذهبت لحمه (أي من كثرة السفر كأنما قَشَرته). وبعير ذو بُراية - كرخامة: ذو بقاء على السير (ما يزال عنده ما يُبْرَى ويُستخرج منه). وبَرَى له (رمى) وانْبَرَى: عَرَض له (قام كاشفًا عن نفسه أو سويا أي مُنادًّا). وباراه: عارضه " (وقد قيل إن أصله المنافسة في البَرْى ثم عمم). أما البريّة: "الخَلْق "فهي من برأ - بالهمز - وستأتي وذكرناها هنا رعاية لما قد يتبادر {أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}. وأما البُرَة - ككرة: كل حَلْقة من سِوار وقُرْط وخَلخال. فلامها واو؛ إذ قالوا بُرْوة أيضًا، ولعل سر تسميتها هو دقتها لكن على هيئة الحلقة خاصة. والحلقة تشمل ما بداخلها. فالكلمة واوية اللام تعبيرًا عن هذا.

(برأ)

• (برأ): {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الحشر: 24] "البُرْأة - بالضم: قُتْرة الصائد التي يكمن فيها (¬1). والبريء: الصحيح الجسم والعقل المُتَفَصِّى من القبائح المتنحى عن الباطل. بَرِئ المريض من المرض: شُفِىَ وتخلص مما به ". Qهو: سلامة الحي وخلوصه مما يكتنفه أو ينقصه: كما تغطي البُرأةُ الصائدَ فيَسْلَم مما حوله. وكما يَبْرأ المريض من علته {وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ} [آل عمران: 49] ومنه التَفَصِّى والخلوص أو التخليص من الدَّيْن والعَيْب، والتهمة، وكل ما يظنُّ أنه شرّ: {فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} [الأحزاب: 69]، {تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ} [القصص: 63] {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} [الزخرف: 26]، {بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} [الأنعام: 19]. ومن خلوص الشيء سالمًا من بين ما يكتنفه يأتي معنى الخَلْق؛ لأنه استخلاصٌ أيًّا كان المستخلَص. ومنه {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 22] نخلقها. والظاهر أن الضمير يعود على المصيبة [بحر 8/ 224] ومنه: "برأ الله الخلق: خلقهم " (متميزًا بعضهم من بعض أنواعًا بل وأفرادًا. والتميز خلوص وعدم التباس)، "والله سبحانه البارئ " {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ} [البقرة: 54]، {الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر: 24]، {أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ}، ¬

_ (¬1) انظر: كتاب الأمثال لمؤرج السدوسي 41.

(بور)

{أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 6، 7] (أي الخليقة) وكل ما في القرآن من التركيب - عدا ما في هذه الفقرة - فهو بمعنى التفصّي المذكور في الفقرة الأولى. • (بور): {وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ} [فاطر: 29] "البُور - بالضم: الأرض التي لم تُزْرَع، والمَعامِى وأَغْفال الأرض. ومنازل بُور - بالضم: لا شيء فيها. بارت السوقُ والبِياعاتُ: كسَدت، بَوَار الأيِّم: كسادُها/ أن تبقى في بيتها لا يخطبها خاطب ". Qهو: توقف الشيء عن حصول جدواه رغم توافر هذه الجدوى فيه: كما يتمثل ذلك في الأرض التي لا تُزْرع، والمنازل التي لا تُسْكن، والسلع التي لا تُباع، والأيّم التي لا تخطب. ويلزم ذلك انقطاع خيرية الشيء وكونه هدرًا كأنه لا وجود له. ومن هنا قال الجوهري: "البُور: الرجل الفاسد الهالك الذي لا خير فيه "اهـ قال تعالى: {وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا} [الفتح: 12] وكذلك ما في [الفرقان: 18]، {وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [إبراهيم: 28]: دار الهلاك. ومن ذلك "بَوَار العمل: بطلانه "أي ضَياعه بلا تأثير ولا قيمة فهو هَدَر {وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ} [فاطر: 10] {يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ} [فاطر: 29] (أي لن تذهب هَدَرًا بل لها عند الله أطيبُ المثوبة). أما قولهم: "بار الفحل الناقة: جعل يتشممها لينظر: ألاقِحٌ هي أم لا "، و "بار ما عند فلان: اختبره "فالأشبه أن كليهما من بأر (بالهمز)؛ لأن معناها صريح في الوصول إلى عمق الشيء.

(بأر)

• (بأر): {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} [الحج: 45] "البئر: القليب. ويقال لإرَةِ النار: بُؤْرة. وبَأَرْتُ (منع): حفرت بؤرة يطبخ فيها ". (الإرَةُ: حُفرة كانوا يوقدون النار فيها حتى لا تبعثرها الريح). Qهو: حَفْر في ظاهر الأرض ممتد إلى جوفها: كالبئر والبُؤْرة {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ} [الحج: 45]. ومنه "بأر الشيءَ وابتأره: خَبَأَه وادّخره " (كأنما في بئر). ومنه ما ذُكر في (بور) "بار ما عند فلان: اختبره، وبار الفحلُ الناقة: جعل يَتَشَمَّمُها لينظر ألاقح هي أم لا "فهما من النفاذ إلى العمق. • (وبر): {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80] "الوبر - محركة: صُوف الإبل والأرانب ونحوها. قالوا وكذلك وَبَر السّمُّور والثعلب والفَنَك ". Qتغطَّى ظاهر الشيء بأجرام دقيقة ناعمة كالشعر تنفذ منه مسترسلة: كالوَبَر على الجلد {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا} [النحل: 80]. ومن ملحظ التغطية في المعنى المحوري: "وَبَّروا آثارهم - ض: عَفَّوْها ومَحَوْها. ووَبّر فلان الأمرَ عَلَى فلان: عَمَّاه ". • (برج): {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] "تباريجُ النبت: أزاهيرُه. والإبْرِيج: المِمْخضة. والبَرَج - محركة: تباعد ما بين الحاجبين، وسَعَة العين/ سَعَة بياض العين وعِظَم المُقْلة وحُسْن الحدقة ... ".

Qهو: بروزُ ناصعٍ قويٍّ من بين ما يكتنفه في ظاهر الشيء: كالأزهار وهي لفائف أوراق ذات لون ناصع متميز تَنْبت من جرم الشجرة، وكالزُبْد وهو كثيف ذو حدّة ينفذ من أثناء اللبن بواسطة المِمْخَضَة، وكما بين الحاجبين، وهو مساحة واسعة بَلْجاء (خالية من الشعر)، وكبياضِ العَيْنِ الواسِع. والعينُ بارزة من بين الجفنين. وكل ذلك مكتنَف بما يخالفه: الزهرُ بالورق، والزُبْد باللبن، وما بين الحاجبين بهما، والعين بالجفون. ومنه "تبرجت المرأة: أبدت محاسنَ جيدها ووجهَها أظهرت محاسنها وجسمها للرجال " (أجزاء واسعة ناصعة من عنقها وأعلى صدرها تكشف عنها الثوب) {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} , {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} [النور: 60] "وبروج السماء "أيضًا من هذا؛ إذ هي مساحات واسعة من حزام فضائيّ مُتَوهَّم ذات بياض أو خالية مكشوفة، ينزل فيها القمر والشمس [ينظر معجم الوسيط] {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} [البروج: 1] ومثلها ما في [الفجر: 16، الفرقان: 61]. والبروج كذلك: البيوت التي تبني على أركان سور القصر والمدينة. قال في [تاج] وقيل لها بروج لظهورها وبياضها وارتفاعها ". وهو مناسب. وكذلك البروج (: الحصون) {وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء: 78] وكذلك: "البوارج: السّفُن الكبار "، ولا بد أنها تبدو على وجه الماء غريبة تلفت بضخامتها وارتفاعها، فهي من الظهور (¬1). ¬

_ (¬1) قال في المعجم الكبير 1/ 20 إنها معربة عن الهندية بيره. وقد ذكر في 1/ 190 أن البرج: الحصن مذكور في السريانية. وأقول إنه بذا يكون له أصل في اللغات الأعرابية (: الجَزَرية: السامية). وعلة تسمية البُرْج الحصن متحققة في البارجة السفينة الكبيرة =

(برح)

• (برح): {لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} [الكهف: 60] "البوارح من الرياح: الشدائدُ التي تحمل التراب في شِدّة الهَبَوات. وبَرَاحِ - كقطامِ: اسم للشمس، وأرضٌ بَراحٌ - كسحاب: متسعة لا زرع فيها ولا عُمْران ". Qهو: زوال الشيء من مقره باتساع مع جفاف أو شدة: كانتقال التراب وهو جافّ من مكانه بقوة الريح في مساحة عريضة، وكانتقال قرص الشمس وهو دائم الحركة من حيث يبدو لاصقًا بالسماء. والأرض البراح خالية كأنما زال عنها ما كان - أو ما شأنه أن - يشغلها (فَعال بمعنى مفعول). ومنه: "البارحُ من الطير والوحش: ما مر من يمينك إلى يسارك فلا يمكنك أن ترميه حتى تنحرف " (ويغلب عدم إصابته والحِرمان فوات خير أي زوال له مع جفاف) - ومن هذا المعنى: بَرِح مكانه (كتعب): زال عنه {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي} [يوسف: 80] (لن أفارقها)، {لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ} [الكهف: 60] (لا أفارق أو أزول عما أنا عليه من السير)، {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ} [طه: 91] (لا يتركون العكوف عليه أي سيظلون عاكفين). "والبارحةُ: الليلةُ التي قد مضت. وَبرَّح الله عني: فَرَّج " (كشف وأزال الكرب). ومن زوال الشيء من أثناء مستقره بجفاف وشدةٍ: التبريح في نَهْى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن "التبريح "، وهو قتل السَوْء مثل أن يُلقَى السمك على النار حيًّا، ففيه إذهاب الحياة من بدن الحيّ بقسوة. "وبرّح به فلان، وأبرح: آذاه بإلحاح المشقة " (استهلكه). ¬

_ = للقتال. وقد تحدث عنها الأصمعي (ت 216 هـ) ينظر [تاج] (برج).

(برد)

ومن ذلك: "تباريح الشوق: تَوَهُّجُه. وضرب مُبرِّح: شاقٌّ شديد (مهلك). والبُرَحاء - كنفساء: شدة الحُمَّى وغيرها " (تُهلك أو تكاد - والإهلاك إزالة). ويقال لمن يخطئ عند الرمي: "بَرْحَى " (كأنما يَعنُون: أَفْلتَ السهمُ الرمِيَّة - أو بَطَلَت الرَمْية، أو يعنون: هلاكًا لك). وأما "بُرْحَة الشيء - بالضم: خِيارُه. يقال للبعير هو بُرْحَة من البُرَح: من خيارها "فهو من الزوال، كأن البُرْحة هو ما انكشف عنه غيره، فهو ما انتُقِىَ منه. "وأَبْرَحَ فلانٌ رجُلًا: إذا فَضَّلْته في ذلك "أي فارق غيره تفوقًا في هذه الصفة. • (برد): {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ} [النور: 43] "البَرَدُ - محرّكة: حبُّ الغمام، والبُرْدَة - بالضم: كساء يُلتَحف به كساء مربَّع أسود فيه صِغَرٌ تلبسه الأعراب ". Qهو: تقلّص (¬1) الشيء (المتسيب) فيتداخل أو يتجمد فلا يمتد: كما يتماسك الماء فيتجمد في حَبَّ الغمام {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ} [النور: 43]. وكالبُرْدة تُنسَج من خيوط متسيبة، وهي متقلصة أي قليلة الطول والعرض فقد شُبِّهت بالمنديل، ووُصِفَت بالصغر، كما وُصفت بأنها مُرَبَّعة غير ممتدة. (وقد ذكروا أن البُرْد مُخطط/ شَمْلة مخططة/ من بُرود العَصْب والوَشْى. ولم يذكروا قِصَره كما ذكروا قِصَر البُردة، فلعله اجتزاء أو تطور، أو أن تقلّصه أقل من تقلّص البُردة). ¬

_ (¬1) التقلص بسبب البرد لحظه وعلّل به الإمام ابن فارص في المقاييس (أرز).

(برز)

ومن الجمود وعدم الامتداد: "البَرَدَةُ - محركة: التُخَمَة (حيث يتجمد الطعام في المعدة فلا ينهضم ولا يتصرف). و "بَرَدَ لي على فلان حَقٌ: ثبت، ولي عليه ألفٌ بَارد: ثابت، والبَرْدُ - بالفتح: النوم. وضُرِب حتى بَرَدَ: حتى مات. وبَرَدَ: ضَعُف وفتر عن هُزال أو مَرَض. وبَرَدَ في أيديهم: أُسْلِم لا يُفْدَى ولا يُطْلَب ولا يُطْلق " (كل ذلك من الثبات أو الجمود وعدم الامتداد والتسبب والحركة). ويمكن أن يكون منه: "البريد: ما بين كل منزلين "مسافةٌ محدودة لتيسير الاتصال والإيصال (وهو تداخل)، والرسولُ على دواب البريد (تطور بالانتقال) لكنهم قالوا إنه معرّب. ينظر: [تاج] (برد)] (¬1). ومن المعنى المحوري: "البَرْد - بالفتح: ضد الحر "إذ هو يجعل الأجسام تتجمد وتتداخل بعكس الحر: {قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا} [الأنبياء: 69]، {هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} [ص: 42]، {لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ} [الواقعة: 44] وقوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا} [النبأ: 24] فُسِّر البردُ بالنوم، وببَرْد الشراب وغيره [قر 19/ 180] وكلٌّ صحيح. أما بَرْد الحديد (ونحوه): سَحْله ونَحْتُه، فهو من ذاك؛ لأنه معالجة الشيء الخشن (كالمتشعب) بالحك ونحوه حتى يستوي. واستواؤه يبدي تماسكه وتقلّص جرمه. • (برز): {وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [إبراهيم: 48] "الذهبُ الإبريز: الخالص. والبَرَاز - كسحاب - من الأرض: الفضاءُ ¬

_ (¬1) البَرْدِيُّ بالفتح نبت معروف - ربما يكون سمي بذلك لنباته في المستنقعات وهي ماء ثابت كالمتجمد [ينظر المعجم الكبير 2/ 208].

(برزخ)

البعيد الواسع ليس به خَمَر من شجر أو غيره ". "إذا تسابقت الخيل قيل لسابقها: قد بَرّز عليها ". Qهو: خلوص الشيء أو ظهوره ظهورًا قويًّا، أي نفاذه من بين ما يكتنفه بجَهد وقوة: كما يخلص الذهب مما هو شديد الامتزاج به (حال كونه تبرًا) بتعَمُّل، والفرس من بين الخيل بجُهد، والأرض من بين ما حولها مع سعتها وخلوصها من الخَمَر. ومن هذا بَرَز الرجل: إذا خرج إلى تلك الأرض البراز أي أَبْعَد {لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [آل عمران: 154] كأن المعنى لدُفعوا إلى الخروج إليها. ومثلها ما في [البقرة: 250]. {وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا} [إبراهيم: 21]: أُخِرجوا من القُبُور مع ملحظ الضيق، ومثلها ما في [إبراهيم: 48، غافر: 16]، {فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ} [النساء: 81]، {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى} [النازعات: 36]: كُشِفت وأظهرت، ومثلها ما في [النازعات: 36]، {وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً} [الكهف: 47]. وما لا ينضح فيه قيد (الجهد) في الاستعمالات الأخيرة فهو من إسقاطه. • (برزخ): {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} [الرحمن: 20] قالوا عن البرزخ: هو ما بين كل شيئين، أو الحاجز بين الشيئين كالبرزخ ما بين الدنيا والآخرة قبل الحشر، أي من الموت إلى البعث. وفسروه في الآية بالحاجز، ولا نوافقهم؛ لأن الحاجز يمنع الاتصال. وبالنظر إلى ما سبق في (برز) من دلالتها على خلوص الشيء من بين ما يكتنفه، ولسماح الخاء صوتيًّا بهذا الخلوص مع إضافة أن الخاء تعبر عن شيء من التخلخل يتحرر أن: Qمَعْبَر باطنيٌّ جوفي من خلال حاجز بين أشياء. وواضح

(برص)

أن الموت وفترة القبر توصل إلى يوم البعث، والروحُ فيها تنعم أو تُعذَّب {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 100]. وكذلك الحاجز بين البحرين (الماءينْ المِلح والعذب) وَهْمِىّ إذ العذب من (وإلى) المِلح. وقد فسر ابن جُريج البحرين بالملح والعذب. ومفهوم كلام قتادة ومجاهد وابن زيد أنهما يلتقيان ولا يبغي أحدهما على الآخر (¬1)، أي لا يحوله إلى جنسه. • (برص): {وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران: 49] "البُرْصة - بالضم: فَتْق في الغيم يُرَى منه أديمُ السماء، والبُلَّوقة - بضمتين وتضعيف اللام، وهي أمكنة من الرمل بيض ولا تنبت شيئًا. والبَرَص - محركة: داء وهو بياض يقع في الجسد ". Qهو: وَضَحٌ قوي البياض في أديم الشيء أي ظاهره العريض: كالجزء من أديم السماء الذي يظهر من بين الفتق في الغيم. وكتلك الأمكنة الرملية البيضاء المكشوفة لخلوها من النبت، وكذلك البرص {وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي} [المائدة: 110]. • (برق): {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ} [الواقعة: 17، 18] ¬

_ (¬1) [قر 17/ 162]. وعبارة الآية صالحة أن يفسر المروج فيها باختلاطهما في الأصل والمصير حيث يستخلص العذب من الملح بالتبخر، ثم يعود إليه بعد انتفاع الخلق به - دون أن يتحول أحدهما إلى جنس آخر.

"البَرْق - بالفتح ذاك الذي يلمع في الغيم (ويقارن الرعد) معروف. والأَبْرَق والبُرقة - بالضم: غَلْظٌ فيه حجارة ورمل وطين مختلطة. بَرَق النجم (كنصر): طَلَع، وبَصرُه: تلألأ، (وكفرح ونصر): تحيّر حتى لا يطرِفَ، أو دَهِشَ فلم يبصر. وبَرَّق فلان عينيه - ض: أوسَعَهما ولَأْلَأ بهما من شدة النظر. وبَرِق السِقاء (كفرح): أصابه الحرّ فذاب زُبْده وتقطع فلم يجتمع ". Qهو: حدّة تبرز إلى الظاهر (بقوة أو اندفاع) من عمق ما يكتنفها: كلمعان البرق من جوف السحاب، وكالحجارة الموصوفة تخرج من الأرض حادّة، وكالنجم من الأفق لامعًا، ولمَعَانِ العين أو بياضها من بين جفنيها، وتسلُّطِ الحرارة على الزبد فيذوب ويبرق على ظاهر السقاء أو اللبن. (يلحظ أن صيغة فَعِل قرية من المبني للمفعول). ومنه: "بَرَقَت المرأة (نصر): تحسّنت وتزينت (زينةٌ حادَّة الوقع على الناظر تلفته). وبرّق فلان (ض): سافر بعيدًا (وكأنما اندفع من مقره فأبعد). وأَبْرَقَ الصيدَ: أثاره (فاندفع فارًّا بأقصى سرعته). فكل ذلك فيه حدة مندفعة من جوف أو مُكتَنَف: {فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} [البقرة: 19]، (وكل كلمات {بَرْق} هي بَرْق السحاب هذا). ومنه: "بَرَقَ الرجلُ الطعام (نصر): صبّ فيه الزيت، وابرُقوا الماءَ بزيت: صُبُّوا عليه زيتًا قليلًا - وبَرَقَ الأُدْمَ بالزيت والدَسَم: جعل فيه شيئًا يسيرًا. والبَرِيقة: طعام فيه لبن وماء يُبْرق بالسمن والإهالة ". كل ذلك إصابة أو تزويد بخارج من الجوف قويّ الأثر، وهو الزيت والدسم. وقوة أثره أنه قليل ولكن عنه تكون القوة (¬1)، ¬

_ (¬1) جاء في [ل طرق]: "وما به طِرْقٌ أي قوة. وأصل الطِرْق الشحمُ، فكُنى به عنها لأنها أكثر ما تكون عنه "اهـ.

ويُصْلح ما يوضع فيه. ثم إن الزيت تتسع بقعته على الماء والطعام أكثر من حجمها، وكذا الدسم مع اللمعان. أما {بَرِقَ الْبَصَرُ} [القيامة: 7] فمعناه: فَزع وبُهت وتحير فلم يَطْرِفَ، وبرَق: لمع من شدة الشخوص فترةً لا يطرف [قر 19/ 95 - 96] وكلاهما فيه لمعان العين، ويتأتى عند الفزع العظيم للموت أو لقيام الساعة. ومن ذلك الإبريق: إناء له بلبل (قناة) يُصَبّ منها الشيء القوي الأثر كالخمر قليلًا قليلًا [انظر ل برق] تر الشواهد على استعمالهم الإبريق للخمر، وأنها كانت مثل الأباريق التي بأيدينا الوم في الشكل والمادة التي صنعت منها. ولم يكن صوغها على هذا الشكل إلا للتحكم في النازل منها بحيث يمكن صبُّ القليل منه - لحدة أثره، كما في بَرْق الطعام بزيت ونحوه مما سبق. زد على ذلك أن الخمر التي كانت تستعمل لها الأباريق توصف باللمعان والبريق كما قال أبو نواس: فَعَلَتْ في البيت إذ مُزِجَتْ ... مثلَ فِعْل الصُبح فيه الظُلَم ووزن إفعيل شائع في العربية (كإخريط وإبريج وإبريز ... الخ) ولا حاجة بعد ذلك إلى التماس أصل أجنبي عُرِّبَتْ عنه كلمة إبريق كما في [ق، ول، والمعرب 120] ... الخ) {بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ} [الواقعة: 18]. - أما الإستبرق: الديباج الغليظ الخشن/ ما غلُظ من الحرير والإبْرَيْسم {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} [الرحمن: 54 وكذا ما في الكهف: 31، الدخان: 53، الإنسان: 21] فقد قالوا أصله استبره/ استروه/ استفره [ل (برق) والمعرب للجواليقي شاكر 63، عبد الرحيم 108] وهذا قد يقبل، لكن للبحث فيه مجالًا:

(برك)

(أ) فإن فيه البريق، وقد صغروه على "أُبيرق "وجمعوه على أبارق فأعادوه إلى البرق. (ب) والوزن ليس غريبًا مع قولهم: استبرق المكان: لمع بالبرق. وتكون السين والتاء للمبالغة، مثل قوله: (يستبرقُ الأُفُقُ الأقصى إذا ابتسمت). ثم إنه قد جاءت أسماء كثيرة جدًّا على وزن الفعل كإثْمِد وأَفْكَل وينبُع ويَسْتَعُور (شجر تتخذ منه مساويك - كالفعل المسند يستقون). ج - هذا وقد ألحق ابن فارس، في المقاييس، بكل باب فصلًا للألفاظ المركبة من مقاطع ذوات معان مُزجت في معنى جديد. فإذا أخذنا بذلك وجدنا أن السَتاه والسَتَى - كالفتى، والأُسْتِىّ - كجندي: تعني السَدَاة (ضد اللُحْمة) فكأن النسيج إذا مُزِجَ بما له بريق عنى ما يَبْرُقُ سَتاه أي ما ستاه من حرير أيضًا كالإستبرق. وهناك أيضًا (السِبْر: الهيأة الحسنة) و (السَرَق: الحرير) وهما تأتيان بالاستبرق أيضًا. لكني مع ذلك كله أترك الحكم لاقتناع الدارس. • (برك): {فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61] "الِبرْكة - بالكسر: مستنقَع الماء. والبَرْك - بالفتح، والِبرْكة - بالكسر: الصَدْر (للبعير). وابتركَت السحابةُ: اشتدَّ انْهلالُها/ أَلّحتْ بالمطر ... وابتركت السمماء وأَبْركتْ: دام مطرها ". Qهو: ثبات واستمرار مع لطف: كالماء الكثير (وهو لطيف) يخرج ويبقى أو يستمر في الِبرْكة، وصدر البعير يعتمد عليه البعير في بروكه وقيامه؛ فهو من الثبات. ومنه "بارك على التجارة (وعلى الشيء): واظب. ورجل مُبْتَرِك: معتمد على الشيء مُلِحّ " (يأخذ منه باستمرار). ومن ذلك "البَرَكة

- محركة: النماء والزيادة " (في الشيء والحال بحيث يبقى وتدوم منفعته أطول مدة فلا ينفد سريعًا فهي من الثبات). "طعام بَريك: مبارك {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا} [فصلت: 10] (جعل فيها قِوام الحياة ماءً وهواءً وخيرات وكنوزًا لا ينقطع مدَدُها عن الإنسان رغم إلحاحه في استخراجها كالنباتات وثمارها والمعادن الخ)، ولبعض الأرضين بركة في طيبها لمن يقيم بها نَماء وأَمْنا. وبركات الله على بعض عباده اختصاص برعاية ونعم ظاهرة وباطنة. وبركة الزيتونة منافع زيتها العظيمة. وبركة الكتاب العزيز قيادته الخلق من الظلمات إلى النور. وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى البركة الذي ذكرناه. {أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} [النمل: 8] أي على من في قرب النار وهو موسى تحية من الله تعالى لموسى عل نبينا وعليه السلام، أو كلمة النار تعني نور الله أيْ قُدِّسَ من في النُور وهو الله عز وجل [ينظر قر 13/ 158]، {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]: كَثُر خيرُه ودام. وكذا كل (تبارك الله. تبارك الذي) فهي تنويه بعطائه الدائم خلقًا ورَزْقا وربوبية وهدايةً. {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: 18]، {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} [الرحمن: 78] فسّر الاسم بالرحمن الذي ذكرت آلاؤه في السورة منذ أولها [قر 17/ 193] والعموم أولى. {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} [آل عمران: 96]، لتضاعف ثواب العمل فيه، فالبركة كثرة الخير [قر 4/ 139] والأرض التي بارك الله فيها الشام وقيل مصر. ينظر عن كل ما ذكرنا هنا [بحر 2/ 546، 4/ 350, 375, 305, 420]. ومن الثبات المادّيّ وما إليه "برك البعير: اسْتناخ (ثبت)، وكل شيء ثبت وأقام فقد بَرَك. وابتركوا في القتال: جَثَوا على الركب. والبَراكاءُ: الثبات في الحربِ، والجِدُّ. والبُركة - بالضم: الحَمالة " (شيء يُلْتَزمُ ويثبت على من التزمه).

(برم)

• (برم): {أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ} [الزخرف: 79] "البريم: الحبل الذي جمع بين مفتولين ففُتِلا حبلًا واحدًا. والمُبْرَم من الثياب: المفتول الغزل طاقين. البريم: الحبل المفتول يكون فيه لونان، وربما شدته المرأة على وسطها وعضدها (وقد ينظم فيه خرز أو جوهر)، وقد يُعَلّق على الصبي تُدْفَع به العين. والبَريم (أيضًا): ثوبٌ فيه قَزّ وكَتّان، والماءُ الذي خالط غيره، والقطيع من الغنم يكون قيه ضَرْبان: من الضأن والمعز، وضوءُ الشمس مع بقية سواد الليل، والدمعُ مع الإثْمد، ... وكل شيئين اجتمعا واختلطا بريم ". Qلأْمُ شيئين (أو أشياء) معًا لأما شديدًا بحيث لا تتسيب ولا تنتشر: كالحبلين المفتولين حبلًا واحدًا، وكالثوب المفتول الغزل طاقين، وكالبريم بمعانيه المذكورة. وتتبين درجة اللأْم من الدقة (أعنى صِغَر الجرم) الواضحة في "البَرَم - بالتحريك: حبّ العنب إذا كان فوق الذرّ "وفي "بَرَمِة العُرْفُط: مثلُ زِرّ القميص أو أشفّ " (العُرفط شجرٌ وبَرَمته ثمرته). ومن الجمع والاختلاط الذي هو من صور اللأْم: "بَريم القوْم: لفيفهم، والبريم: الجيش فيه أخلاط من الناس ". ومن الصور الحسية الأخرى للَّأْم "البُرام - كرخام: القُراد " (يلصق بجلد البعير يكاد يلتحم به). "والبُرمة - بالضم: القِدْر مطلقًا، وهي في الأصل المتخذة من الحجر المعروف (يعني حجر البِرام) بالحجاز واليمن " (فهي تضم ما يُطبخ فيها ضمًا شديدًا ويختلط بعضه ببعض فيها اختلاطًا تامًا). ومما يبرز قيمة الطبخ في القِدْر أنهم كثيرًا ما كانوا يشتوون اللحم على النار مباشرة، ولهم في ذلك عدة

(بره - برهن)

طرق (ينظر فقه اللغة للثعالبي باب 24 فصل 7). ومن اللأم والالتئام وعدم التسيب أو التفكك والانتشار جاء "إبرام الأمر: إحكامه "بحيث لا يكون فيه خلل ولا انتقاض: {أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ} جاء في [قر 16/ 118] "قال مقاتل: نزلت في تدبيرهم المكر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في دار الندوة حين استقر أمرهم على ما أشار به أبو جهل (أن يشتركوا في قتله فتضعف المطالبة بدمه) فنزلت هذه الآية وقتل الله جميعهم ببدر " (فالمعنى أم أحكموا كيدًا فإنا محكمون لهم كيدًا). ومن ذلك اللأم والالتئام بمعنى الانكفاء على النفس وعدم الانبساط قالوا: "البَرَم - محركة: الذي لا يدخل مع القوم في المَيْسِر (ويأكل معهم من لحمه)، ثم قالوا: "الأبرام: اللئام ". ثم قالوا: "البُرُم - بضمتين: القوم السيئو الأخلاق ". ومن الكثافة اللازمة لالتئام أشياء واختلاطها قالوا: "بَرِم بالأمر (تعب): سئمه. أبرمه: أملّه وأضجره. المُبْرِم: الغثُّ الحديثِ/ الذي يحدث الناس بالأحاديث التي لا فائدة فيها ولا معنى لها/ الكَلّ على صاحبه لا نفع عنده ولا خير ". وأرى أن ذلك كله يرجع إلى معنى الثقل المأخوذ من الكثافة اللازمة للأصل. • (بره - برهن): {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} [البقرة: 111] [ترجم في التهذيب للبرهان في بره. وكذلك فعل ل، ق ووضعوا برهن أيضًا في باب خاص]. "البَرَهْرَهَة: الجارية البيضاء. وبَرَهُها: تَرَارتها وبضاضتها، كأن الماء يجري

£° معنى الفصل المعجمي (بر)

فيها من النَعْمة " (وعبارة ق في البَرَهْرَهة: "الشابّةُ الناعمة أو التي تُرْعَدُ رُطُوبَةً ونُعُومةً "). Qهو: امتلاء باطن البدن بلطيف يُصلحه ويُجمّل ظاهره: كما في امتلاء جسم الجارية بالنَعمة. ومنه "بَرِه الرجل (كفرح): ثاب جسمه (امتلأ) بعد تغيّر من عِلّة. وأبره الرجلُ: غلب الناسَ وأتى بالعجائب ". أقول ومن ذلك "البرهان: الحجة "؛ إذ به قِوام الدعوى وصُلوحها؛ لأنه يؤيدها فتقوى وتغلب، وبدونه تكون دعوى فارغة: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} [البقرة: 111] البرهان: الدليل الذي يوقع اليقين [قر 2/ 75] {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [المؤمنون: 117]. وتأمل قول الحق لموسى: {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ} [القصص: 32]، فواضح أن هاتين المعجزتين تؤيدان وتقويان بقوة نبوةَ موسى أمام فرعون. ولم يأت في القرآن من التركيب إلا (البرهان) بمعنى الحجة التي توقع اليقين. {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف: 24] أستريح إلى قول [قر 9/ 170] "وبالجملة فذلك البرهان آية من آيات الله أراها الله يوسف حتى قوى إيمانه وامتنع عن المعصية ". ° معنى الفصل المعجمي (بر): التجرد أو الانكشاف مع العِرَض أو الامتداد - كما يتمثل ذلك في انكشاف البَرّ منبسطًا - في (برر)، وقَشْر الطرَف ممتدًّا - في (برى)، وتسوية الظاهر وسلامته - في (برأ)، وبقاء الأرض البور بلا نبات - في (بور)،

الباء والزاي وما يثلثهما

والكشف والإزالة عمقًا - في (بأر)، ونعومة الوبر مع انبساطه على البدن - في (وبر)، وفي نصوع الظاهر لعدم تغطيه - في (برج)، وفي الزوال عن المكان - في (برح)، وفي التماسك كتلة عريضة مستوية - في (برد)، وفي بروز الشيء من بين ما يكتنفه - في (برز) (والاتصال في برزخ يمثل ذلك لكن عبرت الخاء عن كونه باطنيًّا)، وفي اللمعان المَرَضّي - في (برص)، وفي اللمعان الحادّ النافذ من العمق - في (برق)، وفي سعة صدر البعير والاستقرار - في (برك)، وفي امتداد الحبل مع شدة لأمه - في (برم)، وفي بضاضة البدن وبريقه - في (بره). الباء والزاي وما يثلثهما • (بزز - بزبز): "بَزُّ النهر - بالفتح: آخرُه. والبَزْباز - بالفتح: قَصَبة من حديد على فم الكير ينفخ النار ". Qهو: نفاذ الشيء من مَضِيق يحصره بضغط وعَصْر (¬1): كما ينفذ الهواء من بَزْباز الكِير بدفع من الخلف وحصر في قصبة الكِير حتى لا ينتشر، وكالماء في آخر النهر الذي يضيق ويَدِقّ فيضغط الماء. ومنه "بُزْبُوز الحوض: صُنبوره، وبِزّ الإنسان: ثديه [تاج] (يَنفذ منه اللبن قليلًا قليلًا بمص كالعصر). ومن هذا: "البَزّ: الثياب " (الملبوسة أو التي تلبس فعلًا)، واستعملت في السلاح: الدرع والمغفر والسيف مجازًا للحماية كحماية الثيابِ الملبوسةِ لابسَها، كما يسمى السيف رداء وعطافا. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا) الباء للتجمع مع تلاصق ما ورخاوة، والزاي للاكتناز والازدحام، والفصل منهما يعبر عن نفاذ الشيء بضغط وعصر كبزّ النهر والابتزاز. وفي (بزغ) تضيف الغين أن هذا النافذ جرم قوي غليظ الوقع على الحس كقرص الشمس والنجم.

(بزغ)

وأنا أعالج على أساس ما أطمئن إليه، وهو أن (البَزّ) يعني الملابس أي الثياب المخيطة حسب قدود اللابسين، أخذته من "البِزّة - بالكسر: الهيئة والشارة واللِبْسة. بِزّة حَسَنة: هيئة ولباس جيد "، ومن "بَزَّهُ ثيابه وابتزه منها: جَرَّده منها وغَلَبه عليها. ثم عُمّم هذا فقيل "ابتززتُ الشيء: استلبتُه. بَزَّ الشيء (رد): انتزعه " (أي بجفاء وقهر). ومن النفاذ بضغط وقوة استُعمل في القوة والشدة، وفي السرعة "والبَزباز - بالفتح وكتماضر: السريع في السير. والبزبزة: الشدة في السوق ونحوه. بزبز الرجل: انهزم وفرّ " [تاج]. ومن الحصر والتضييق عُبّر به عن التدقيق والإحكام "يقال للشيء الذي قد أُجيدت صنعته: قد بَزْبَزْته ". • (بزغ): {فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي} [الأنعام: 77] "بزغت الشمس (قعد) بَزْغا وبزوغا: بدا منها طلوع أو طَلَعت وشَرَقت، وبَزَغ النجم والقمر: ابتدأ طلوعهما، وبَزَغ نابُ البعير: طَلعَ، وبَزَغ البَيْطار أشاعرَ الدابة: وخز ذلك المكان بمِبْضَع " (الأشعر: ما أحاط بالحافر، وبَزْغُه ليخرج الدم أو الصديد المتجمعُ تحته مسببًا عَرَج الدابة). Qنفاذ جرم حاد من بين ما يغيبه ببطء وضغط: كالشمس والنجم والقمر حين بدء طلوعها - وحدّتها قوة وقع أجرامها وقوة ضوئها، وكالناب، ونحو الدم - وغلظها صلابة الناب وألم خروجه، وألم تجمُّع الدم الفاسد وخروجه. ثم إن بروز كل مما ذكر قليلًا قليلًا يوحي بعسر الخروج

£° معنى الفصل المعجمي (بز)

وضيق المنفذ كأنه يُعْتصَر، كما في النجم والشمس، وهو كذلك حقيقة في الناب والدم. {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ} [الأنعام: 78] فُسِّرَ البزوغ في [طب 11/ 486] بالطلوع. هكذا دون تقييد لكن وجود {هَذَا أَكْبَر} في السياق يدل على أن المقصود بالبزوغ هنا طلوع كل قرص الشمس (وكذا القمر) لا الحاجب فحسب - كما يؤخذ من [ل] وهو الأصل. ° معنى الفصل المعجمي (بز): نفاذ الشيء بضغط وعصر كما يتمثل في نفاذ الهواء مضغوطًا من قصبة الكير الحديدية - في (بزز)، ونفاذ قرص الشمس من المشرق ببطء يوحي بالضغط والعصر - في (بزغ). الباء والسين وما يثلثهما • (بسس - بسبس): {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} [الواقعة: 5] "البسيسة: أن يُلَتَّ (أي يُخْلَط) السَويق - أو الدقيق أو الأَقِطُ المطحون - بالسمن أو بالزيت أو بالماء ثم يؤكل ولا يطبخ. والبَسّ أشد من اللتّ بلَلًا. والبسيسة: خبز يُجفَّف ويُدَق (ويبس) ويُشرب " [الأقط لبن رائب مطبوخ ومجفف، والسويق: دقيق الحن أو الشعير]. [كل ما لا يمضغ يمكن أن يُعبَّر عن تناوله بالشرب. ل شرب]. Qهو: تسيب (كُثَب) الدقاق الجافة بتسريب مائع (سمن أو نحوه) بينها ييسر ابتلاعها (¬1): كما وصف. (لنا ملحظ هنا هو أن الأصل هو ¬

_ (¬1) (صوتيًا) الباء للتجمع الرخو مع تلاصق ما، والسين للتسرب بقوة وامتداد في خط دقيق =

تسيّب مادة الشيء ذرات دقيقة مهما كثفت أو كثرت مع جفافها. والتسيب هكذا يحقق تصور أن تصير هباء منبثًا. كما قال تعالى: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا}. فكأن الخلط بالسمن أو الزيت أو الماء هو لتيسير البلع لا لإحداث التسيب. وقد فسروا {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} أيضًا بأنها "فُتَّتْ خُلِطت بالتُرْب "فتكون صيرورتها هباء مرحلة أخرى تالية. وتسيب مادة الشيء يتأتى منه معنى الطواعية والانقياد والحركة الخفيفة، ومن هنا قالوا: "بَسَّ بالناقة وأبَسَّ بها: دعاها للحلب " (حاول إلانة صلابتها ¬

_ = قوي كخط الهواء الخارج عند نطق السين، والفصل منهما يعبر عن جعل الدقاق الجافة المجتمعة رخوة متسيبة بتسريب لطيف بينها كالبسيسة. وكأن الهمزة في (بأس) عبرت عن ضغط واشتداد في ذلك المتجمع مع قلة التسريب، فعبر التركيب عن الشدة في الأثناء جفافًا وجوعًا أو شدةً وصلابة. وفي (بسر) تضيف الراء معنى الاسترسال على ذلك، فيعبر التركيب عن كون الشيء فجًّا غير ناضج فيكون غير طيب الطعم وهذا معنى الجفاف والحِدّة هنا. وفي (بسط) تضيف الطاء معنى الضغط على ذلك المتسيب الأثناء فيعبر التركيب عن التوسيع عرضًا بالضغط. وفي (بسق) تضيف القاف معنى خروج الغليظ المتعقد من العمق، ويتمثل هذا - مع ما تعبر عنه السين من امتداد - في امتداد النخلة طولًا بقوة النمو التي في عمقها. وفي (بسل) تعبر اللام عن التعلق مع الاستقلال، ويعبر التركيب عن احتباس الجفاف الذي في بسس متمثلًا في مرارة كريهة. وفي (بسم) تعبر الميم عن استواء الظاهر، ويعبر التركيب عن اتساع ظاهر الشيء، وكأن الاستواء هنا يتمثل في بشاشة وجه المبتسم وانبساطه مع انفراج الشفتين، وهذا الانفراج من جنس التسيب في دلالة (بسس)، فالتسيب يكون بانفصال الدقاق ووجود فراغ بينها, وانفراج الشفتين انفصال وفراغ، والأصل أن تكونا ملتقيتين. فكأن اللفظ (بسم) عبّر عن واقع انفراج الشفتين بأن حدّة نفاذ السين تسلطت على انطباق الشفتين الذي في نطق الميم فانفرجتا.

(بأس)

بصوت لطيف)، وكذلك "بَسَسْتُ الناقة وأبْسَسْتُها: سُقْتُها سوقًا لطيفًا (السير حركة وانتقال فهو تسيب)، وبَسَسْتُ المالَ في البلاد فانبسّ: أرسلتُه فتفرق فيها، والرجلَ: طردتُه. وانبسّت الحيةُ: انسابت على وجه الأرض، والرجلُ: ذَهَب. وفي الحديث "يخرج قوم من المدينة ... يُبِسّون أي يَسِيحون في الأرض (وقد أُرجع البس بالناقة وإبساسها إلى قولهم لها بَسْ). "وبَسّ فلان لفلان من يتخبّر له خبره ويأتيه به: دَسَّه إليه " (كل ذلك من الحركة الخفيفة اللطيفة أو السريعة وهي صورة من التسيب). والبَسْبَسة: السِعاية بين الناس (دسٌّ بلطف أو خفاء وهما من باب واحد) والبَسباس - بالفتح - من النبات: الطيبُ الريح (ينتشر ريحه ويتسرب لطيفًا). • (بأس): {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} [الحديد: 25] "البأساء في الأموال وهو الفقر ... والبؤس - بالضم: شدة الفقر (¬1) / الشدة والفقر، والبأساء: الجوع. والبائس: الرجل النازل به بلية أو عُدْم يُرْحَم لما به. وبَئِس (كتعب): اشتدت حاجته. والتباؤس: التفاقر " [ق]. Qهو: حِدّةٌ أو جفافٌ يخالط الجوف أو الحوزة: كالفقر الشديد الذي عُبّر عنه بالعُدْمِ، وكالجوع بلذْعِهِ الجوف، وكحال معاناة الشدة. ثم إن هذه الحدّة قد تكون شدّة واقعة على الشيء كما في {وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28]، {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ} [البقرة: 177]: البأساء: الفقر/ الحاجة/ ¬

_ (¬1) كتاب الغريبين للهروي 1/ 118.

الجوع وكذلك كل {الْبَأْسَاءِ}، ومنه صيغة المطاوعة ابتأس {فَلَا تَبْتَئِسْ} [هود 36، يوسف 69]: فلا تغتم بهلاكهم أو بسوء فعلهم حتى تكون بائسًا أي حزينًا .. والابتئاس حزن في استكانة .. [قر 9/ 30 بتصرف] وقد يتصف بها الشيء متحققة فيه واقعة منه - كما في {وَحِينَ الْبَأْسِ} [البقرة: 177]: حين شدة القتال والحرب .. [طب 3/ 345، 354] (الحرب والقتال حِدّة وجفاف وشدة بالغة). ومن هنا أي من ذينك (الجفاف والحدّة) عُبَّر بها أيضًا عن الشدة بمعنى القوة "رجل بَئِس - كفرح، وشديد البأس: شجاع ". ومن هذا كان تعبير القرآن الكريم عن الحديد {فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} فإن ذرته هي أكثر الذرات التي نعرفها تماسكا. وله خواصّ طبيعية وكيمائية تجعل وصفه القرآني هذا إعجازيا [راجع خواصّ الحديد في أي مرجع علمي]، {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ} [الكهف: 2]. {وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا} [النساء: 84]، وكل ما جاء في القرآن على صيغة {بأس} فهو من هذا. وكذلك قوله تعالى: {وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} [الأعراف: 165]: شديد [طب 13/ 202]. ومن هنا فَسَّر بعضهم البأسَ بالحرب في قولة علىًّ كرم الله وجهه: " ... كنا إذا اشتد البأس اتقينا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - "والفعل من هذا: بَؤُسَ (ككرم) بَأْسًا - بالفتح - فهو بئيس: شجاع (أو شديد). ومن هذا: بِئسَ (ضِدُّ نِعْمَ) فهي تدل على الشقاء والفراغ من الخير كما أن نعم ضد ذلك .. {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102]. وكذا كل {بئس} و {بئسما} في القرآن.

(بسر)

• (بسر): {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ} [القيامة: 24] "بَسَرَ الحِبْنَ - بالكسر (أي الدُمَّل): نَكَأَه قبلَ وقته أي قَرَفَ عنه قشره قبل أن يتقيح، والسِقَاءَ: شرِبَ اللبنَ الذي فيه قبل أن يروب، والنهرَ: حفر فيه بئرا وهو جافّ. وتبسَّرَ: طَلَبَ النباتَ أي حفر عنه قبل أن يَخْرج ". Qطلب الشيء قبل تهيؤ ظروفه، أو استكراه الشيء على الانفتاح عما في باطنه قبل تَهَيُّئِه لذلك: كالقيح قبل نُضْج الدمل، وكالماء من النهر، واللبن من السقاء، والنبات من الأرض - على غير تهيؤ. ومنه: "بَسَرَ الفحلُ الناقة وابتسرها: ضَرَبها على غير شهوة منها. وبَسَر النخلةَ: لقَّحَها قبل أوَانِ التلقيح، وبَسَر غريمه: تقاضاه قبل مَحِلّ المال، وحاجتَه: طلبها في غير أوانها أو غير موضعها ". ومنه "البُسْر - بالضم: الغَضّ من كل شيء (يؤخذ قبل أوان أخذه). ومنه "البُسْر: التمر قبل أن يُرطب وقد لَوّن (البلح الأحمر يعد عند العرب غير ناضج). ورجل بُسْر وامرأة بُسْرة - بالضم: شابان طريان. وابتسر الشيءَ: أخذه غَضًّا طريًّا. وكذا بَسَرتُ النباتَ: رعيتَه غضًّا طريّا وكنتَ أول من رعاه ". وفي قوله تعالى: {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} [المدثر: 22] قال أبو عبيدة [2/ 275]: كرّه وجهه. واستشهد بقول تَوْبة: (وإعراضها عن حاجتي وبُسُورها) فهذا مصدر صيغةٍ لازمة، وتأويلها إلى المعنى المحوري أنها كَرَّهت وجهها لعدم تهيُّئها للقائه. وهذا وإن أمكن في الآية على أساس تحيره في الأمر وعدم استعداده لمواجهة القوم، فإنه يمكن أن يفسر بأنه كوّن رأيًا قبل أن يحقق الأمر

(بسط)

ويتهيأ لاستخلاص رأي صحيح .. {فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ} [المدثر: 24]. {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ} [القيامة: 24] كالحة كاسفة عابسة [قر 19/ 110]. • (بسط): {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الرعد: 26] "أذن بَسْطاء: عريضة عظيمة. وأرض بَساط - كسحاب، وبسيطة: منبسطة مستوية لا نَبَل فيها (النَبَل: عِظام المَدَر والحجارة). البَسْط: نقيض القَبْض، وبَسَط الشيء: نشره. وبَسَط ذراعيه في الصلاة: فَرَشَهما على الأرض ". Qهو: تفلطح الشيء وانفراشه أو اتساعه (ومن هذا امتداده): كالأذن والأرض - المذكورتين {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا} [نوح: 19]، {فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ} [الروم: 48] , {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} [البقرة: 247] (سعة في العلم، وطولًا وعرضًا في البدن). وكل ما في القرآن من البسط هو من الاتساع عدا الكنايات الآتية. وقوله تعالى: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي} [المائدة: 28]: مددتها بالعدوان، {إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} [المائدة: 11] , (: يمدوها بالضر والعدوان. ومثلها ما في [الممتحنة: 2] والعامة تستعمل (مدّ يدَه عليه) كناية عن الضرب ونحوه. {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [الإسراء: 29]، (كناية عن البخل ثم عن التبذير)، {إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ} [الرعد: 14] العرب تضرب لمن سعى في ما لا يدركه مثلًا بالقابض على الماء [قر/ 300]، {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64]: كناية عن الجود، والعطاء الذي شمل كل موجود {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ

(بسق)

شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: 50] (أما البسيط: مقابل المركب فإن قُصِدَ عدم التعقد فهو من الظهور اللازم للانفراش والاتساع، ويتأتى أن يستعمل بمعنى السهل، وإن قصد به القِلّة، فمن دقة سُمْك ما يُبْسط. وأصله من بسط المطْوِى أو فطح الثخين وهذا استعمالٌ مُوَلد). • (بسق): {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10) رِزْقًا لِلْعِبَادِ} [ق: 10، 11] "بَسَقَ النخلُ بُسُوقا: تَمَّ طولُه. وقالوا: بصق وبسق وبزق: واحد. وأَبسَقَت الناقةُ: أنزلت اللبن قبل الولادة بشهر أو أكثر فتُحْلَب ". Qهو: اندفاع الشيء نافذًا أو ممتدًا من عمقه بأقوى من المعتاد: كبسوق النخلة - ويلحظ وصفُ الطول بالتمام، والبُساق من الجوف فيخرج بدفع، واللبن الخارج قبل وقته. • (بسل): {أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا} [الأنعام: 70] "لَبَنٌ باسل: كريهُ الطعم حامض، وكذلك النبيذ إذا اشتد وحَمُض، وخَلٌّ باسل: طال تركه فأَخْلَف طعْمُه وتغير. البَسِيلة: عُلَيْقِمة (مرارة يسيرة) في طعم الشيء، والتُرْمُس (للعليقمة التي فيه). وبسَل اللحم (: تغير) ". Qهو: احتباس مع كراهة (= احتباس شيء كريه طعمًا أو رائحةً في أثناء الشيء): كالحموضة في اللبن والنبيذ، والمرارة في البسيلة، والتغير في الخل، وكالتغير في اللحم. ومنه: "أَبْسَلَ نفسَه للموت، واستبْسَل: وطّن نفسه عليه/ طرح نفسه في

الحرب يريد أن يَقْتُل أو يُقتَل لا محالة (حبس نفسه في موطن كريه). وأبسلته: أسلمته للهلكة {أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا} [الأنعام: 70] أُسْلِمُوا وارْتُهِنوا بجرائرهم "، كما يقال: أُخِذَ (أي أُمْسِك) بجُرْمه. {أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ} [الأنعام: 70]: تُسْلَم للهلاك والعذاب بعملها، كقوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38]. وكان عوف بن الأحوص رَهَنَ بنيه عند قوم - لما حَمَل ما كان لهم عند آخرين، وسعى هو للاصلاح بين الفريقين - فرهنهم بنيه ليثقوا في سعيه، وقال في ذلك: (وإبسالي بَنِيَّ بغير جُرْم ... بَعَوْناه) يعني رهْنَه إياهم. وأما الزعم بأن كلمة بَسْل من المتضاد، وتعني الحرام مرة، وتعنى الحلال أخرى، استشهادًا بقول الأعشى: (أجارتكم بَسْلٌ علينا مُحرَّمٌ) أي شيء محرم، في حين أنها في قول ابن همام: (دَمِي إن أُحِلّتْ هذه لكمُ بَسْلُ) أي حلال لكم، فذلك الزعم باطل، وهي تعني في الموضعين رهنٌ. ففي الأول رهن محبوسة عنا، وفي الثاني رهن محبوس لكم؛ ولا تضاد. ومن ماديّ المعنى المحوري: "البَسْل: نَخْل الشيء في المُنْخُل. ومنه كذلك: البَسْل: أخذ الشيء قليلًا قليلًا، وعُصَارة العُصْفُر والحناء. وأَبسَلَ البُسْرَ: طبخه وجففه ". فكل ذلك يتم بنوع من الحبس: في المنخل، أو بتحبسٍ، أو بالعَصْر والتجفيف لإمكان الاختزان، وهو حبس. "والبُسْلة - بالضم: أجرة الراقي خاصة " (نوع من الابتزاز فتُمْتَلك بكراهة). ومن المعنى المحوري أيضًا: "بَسَل الرجلُ بُسُولا وهو باسل وبَسْل - بالفتح، وبسيل، وتبسّل: عَبَس من الغضب أو الشجاعة. وتبسَّل لي فلان: إذا رأيتَه كريه المنظر فظيع المَرآة " (حبس حدةٍ في الباطن) - "والباسل: الأسد،

(بسم)

والشجاع " (يعبّرون عن الشجاع بأن لحمه مر، والمرارة شدة وهي - في الأثناء - أصيلة في معنى التركيب). وقد تكون الشجاعة هنا صمودًا، وهو تحبُّس. • (بسم) {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا} [النمل: 19] "بسم يبسِم بَسْمًا: إذا فتح شفتيه كالمكاشر "وجاء في [ل حوا] "الحُوَّاءة بَقْلة، وهي نوعان منها حُوّاء الكلاب، وهو من الذكور يَنْبت في الرِمْث خشنًا. قال (كما تبسَّم للحواءة الجَمل)، وذلك لأنه لا يقدر على قلعها حتى يكشر عن أنيابه للزوقها بالأرض "اهـ[البَقْل: الخَضِر كالجرجير والفجل، وذكوره ما غلظ منه وله مرارة، والرِمْث: مرعى له ملوحة] .. Qهو: كشر الشفتين عن الأسنان: كما وصف. ومن هذا استعمل وغلب في التبسم الذي "هو أقل الضحك وأحسنه "؛ لأنه يكون بفتح الشفتين قليلًا. ولأن حقيقته فتح الشفتين عن الأسنان قالوا "ابتسم السحاب عن البرق: انْكلّ عنه "وفي [تاج] "تبسم الطلع: تفلقت أطرافه .. ومن المجاز ما بَسَمْتُ في الشيء أي ما ذقته "اهـ. ° معنى الفصل المعجمي (بس) هو الجفاف (أو الجفاء) والحدّة في الأثناء كما يتمثل ذلك في تسيب دقاق البسيسة جافة - في (بسس)، وفي زيادة جفاف الأثناء في البأس والبؤس - في (بأس)، وفي غضوضة الثمر الذي لم ينضج - في (بسر)، وفي الضغط الواقع أو المتوقع على جرم الشيء حتى ينبسط - في (بسط)، وفي قوة النمو المذخورة في النبات وتندفع طولًا - في (بسق)، وفي مرارة أثناء الشيء - في (بسل)، وفي كشر الشفتين عن الأسنان والأنياب - في (بسم).

الباء والشين وما يثلثهما

الباء والشين وما يثلثهما • (بشش - بشبش): "أَبَشَّت الأرضُ: التفَّ نبتها، أو أنبتت أول نباتها " [ق]. Qهو: انتشارٌ وتفشٍّ لغض أو لطيف في ظاهر الجرم أو منه (¬1). كالنبت أول ما يخرج من سطح الأرض منتشرًا. ومنه: "البشاشة - كسحابة: طلاقة الوجه (انبساطُ أسارير الوجه انتشارٌ لها)، وقد بَشِشْتَ (بكسر العين). وتَبَشْبَشَ به: آنَسَه ". • (بشر): {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: 45] "البَشَرة - محركة: أعلى جلدة الرأس والوجه والجسد من الإنسان وهي التي عليها الشعر/ أعلى جلدة الوجه والجسد من الإنسان. البشرة والبشر - بالتحريك: ظاهر جلد الإنسان. يقال لظاهر جلدة الرأس الذي ينبت فيه الشعَر: البَشَرةُ، والأدَمة، والشَوَاة ". وبَشَرة الأرض: البقلُ والعشْب وما ظهر من نباتها. والتباشير: طرائق ضوءِ الصبح في الليل. وقال عوف بن الأحوص - جاهلي - يصف ناره: مُبَرَّزة لا يُجْعلُ السِتْر دُونَها ... إذا أُخمِد النيرانُ لاح بشيرها [المفضليات القصيدة رقم 36 والبيت رقم 6]. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الباء للتجمع الرخو مع تلاصق ما، والشين للتفشي والانتشار, والفصل منهما يعبر عن تفشي لطيفٍ في ظاهر الجرم، كأول النبات على وجه الأرض. وفي (بشر) تزيد الراء أن هذا المنتشر نامٍ مسترسل الحركة.

Qانتشار واسع على ظاهر الشيء: كانتشار جلد البدن على ظاهره، وانتشار الشعر على الجلد، وانتشار البقل والعشب والنبات على وجه الأرض، وانتشار ضوء الصبح على البسيطة وفي الأفق. والبشير في البيت هو الضوء المنتشر. ومن ذلك أيضًا قولهم: "بَشَر الأديمَ وأبْشَره: قَشَر بَشَرته التي ينبت عليها الشعر، وبَشَر الجرادُ الأرض (نصر): قشرها وأكل ما عليها " (أي من النبات. والفعل فيهما لعمل الشيء أي إيجاده أو إبرازه أو للإصابة). ومن البَشَرةِ (: ظاهرِ الجلد): المباشرةُ بين المرأة والرجل، قال [طب 3/ 504] "المباشرة: ملاقاة بَشَرة ببشرة .. وكنَى الله عز وجل بقوله: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187] عن الجماع "اهـ ومن ذلك: "باشر الأمر: وَلِيه بنفسه "كأنه - لعدم الواسطة - يماسّه. ومن المعنى المحوري: "البَشَر: الخَلْقُ/ الإنسانُ " (لأنه سلالة انبثت من آدم وانتشروا حتى صاروا أكثر ما على الأرض أو من أكثر ما عليها): {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ} [ص: 71]. وعند الراغب أنه سُمِّي كذلك "لظهور جلده (أي خلوه) من الشعر بخلاف الحيوانات التي عليها الصوف أو الشعر أو الوبر ". اهـ. وما قلته أصدق ملحظًا قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ} [الروم: 20] قال الزمخشري: (إذا) للمفاجأة وتقديره ثم فاجأتم وقت كونكم بشرًا منتشرين في الأرض، كقوله تعالى: {وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: 1] ". [الكشاف العلمية 3/ 457]. يعني: ثم ها أنتم بشر تنتشرون، يعجّبهم ويلفتهم سبحانه وتعالى إلى

£° معنى الفصل المعجمي (بش)

أمور: الأصل الترابي لهم وقد صاروا بشرًا سويًّا عاقلًا ناطقًا، والتزايد الذي لا يكاد يوقف أو يحدّ حيث بلغوا الآن عدة مليارات من البشر مع أن أصلهم فردان: أبونا آدم وأمنا حواء. والأحياء الأخرى لا يبقى منها إلا ما يريد البشر بقاءه. فهذا التزايد هو سر تسمية البشر بشرًا. وكل ما في القرآن من كلمة (بشر) فهي بمعنى بني آدم هذا. ومن المعنى المحوري: البِشْرُ - بالكسر: الطلاقةُ: بَشَرته بمولود، وبالأمر - مخففة ومضعفة، فبَشِرَ (كفرح) وأبْشَر واسْتَبشَر وتَبَشّر: فَرِح وسُرَّ (فظهر ذلك عل وجهه بانبساط أساريره، كما يعبّر عن قريب من ذلك بالبشاشة وبسط الوجه أي هو من الانتشار الظاهري: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} [الصافات: 101] , {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ} [فصلت: 30]، {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [الأعراف: 57]، {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [البقرة: 119]. وقد خصه [طب 1/ 383، 2/ 293] بالخير، ثم عممه فيهما [في: 3/ 221]. والمعنى المحوري يرجح التخصيص لما فيه من بسط الوجه، أما التبشير بالشر فهو من التهكم. وكل ما في التركيب - عدا المباشرة وكلمة، (بَشَر) - فهو من التبشير. ثم ما كان من أمر الفعل (بَشّر - ض - خاصة) فهو للخير أو الشرّ حسب السياق - على ما ذكرنا الآن، وجاء ماضيه المبني المجهول للتبشير بالأنثى. أما (أبشر) و (استبشر) وما اشتق منهما ومن المضاعف، وكذلك (بُشْرًا) و (بُشْرَى) فكلها في القرآن للبشارة بخير. ° معنى الفصل المعجمي (بش): التفشي الظاهر كما يتمثل في انتشار النبت أول ما يخرج - على وجه الأرض - في (بشش)، وفي تزايد الآدميين (البشر) على وجه الأرض حتى أصبحوا الآن بضعة بلايين من الناس، وهم في تزايد مستمر. وسائر الأحياء في تناقص - في (بشر).

الباء والصاد وما يثلثهما

الباء والصاد وما يثلثهما • (بصص - بصبص): "البَصيصُ: البريقُ. والبَصَّاصة: العين لأنها تَبِصّ. بَصّ الشيءُ يَبِصّ - بكسر عينه: بَرَق وتلألأ ولمع. وبَصّ كذلك: أضاء. وبَصَّصَ الجِرْو، وبَصْبَص: فتح عَيْنيه. وبَصْبَصَت البراعيمُ: تفتَّحتْ أَكِمَّة الرياض، والشجرُ: تفتح للإيراق ". Qهو انبعاث بريقٍ أو شيء. جديد من مصدره أو ما كان يحتويه بقوة (¬1): كالبريق، والتلألؤ، والزهور، وجوهرة العين. • (بصر): {هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 203] "البَصَر - محركة: العين حِسُّ العين. والبَصْرة - بالفتح: الطين العَلِكُ/ العَلِك الجيد الذي فيه حَصًى، وأرض حجارتها جصّ/ كأنها جبل من جصّ. وفي الشاة بُصْرة - بالضم - من لَبن: أي أَثَرٌ قليل يُبْصِره الناظر إليه، (كذا). وبُصْر الجِلْد، والسماءِ, والأَرْضِ بالضم: غِلَظها/ سُمْكها - وغَلَب في جِلْد الوجه. والبَصْر - بالفتح: أن تُضَمَّ حاشيتا أديمين فيُخْرَزا، كما تُخاط حاشيتا الثوبين. والباصر: الملفق بين شُقَّتَين أو خِرْقتين ". ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الباء عن تجمع رخو مع تماسك، والصاد عن نفاذ غيظ أو حادٍّ بقوة، والفصل منهما يعبر عن نفاذ شيء قوي أو حادّ من أثناء متجمعه، أي انبعاثه منها، كالبريق من العين. وفي (بصر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب معها عن امتداد في أثناء الشيء القوي (المتجمع) يمسك ويضم إليه كحس الرؤية مقلة مقلة العين، وعرق التماسك في الطين العَلِك والبصرة. وفي (بصل) تعبر اللام عن تعلق واستقلال ويعبر التركيب معها عن تركز النافذ الحادّ في الشيء فيلتف عليه، كالبصل.

Qهو: إمساكٌ أو التقاطٌ في أثناء المتجمع أو الممتد: كحس الرؤية في مُقْلة العين مع التقاط (صور) الأشياء أي رؤيتها وتحصيلها، وكالحصى في الطين العَلِك أو عرق التماسك الساري في الطين العَلِك والجصّ (¬1)، وكاللبن القليل يبقى في ضرع الشاة - فبقاؤه هذا كأنه امتساك في الضرع، وكقوة التماسك الساريةِ في الجلود. وسَرَيانِ خَيْط الخَرْز في الأديمين لجمعهما بإمساك بعضهما ببعض. ولعل هذا ما لحظ في "البصيرة: الشُّقة التى من قُطن أو غيره يعلقها الرجل على باب رحله، والتي تكون بين شُقَّتَي البيت ". ومنه "ثوبٌ جَيّدُ البُصْر - بالضم: قَوِيٌّ وَثِيجٌ (ثخين ومتين). والبَصيرةُ: الدِرْع، وكل مأ لُبِسَ جُنَّةً. والباصَرُ - كهاجَر: قَتَبٌ صغير مستدير " (فارغ الوَسَط للسنام)، (ينفذ اللابسُ في الدرع والجُنّةِ، والسنامُ في القَتَب. وحِفْظُ اللابس والراكب إمساك لهما). و "البصيرةُ: دم من الرميّة يستدير على الأرض " (تُتَّخَذ دلالة توصّل إلى مكان الرمية - وهذا الْتِقاطٌ وتوصيلٌ لحقيقة. (ويعبّر بالبصيرة عن دم القتل أخذًا من بصيرة الرمية). ومنه: "بَصَره بسيفه: قطعه، وأُمِر به فبُصِر رأسُه أي قُطع - للمفعول. والفعل هنا للإصابة، أي إصابة الكتلة المتجمعة أو عمل الكتلة من قولهم: "بُصْر ¬

_ (¬1) في المعجم الكبير أن (الجص) خامة الجبس تعالج معالجة خاصة وتعرف عند أهل صناعة البناء بالمَصّيص "وقال في (جبس): (الجبس هو الجص الذي تطلى به المباني/ يستعمل في تحضير المصيص الذي تبطن به جدران المباني قبل الطلاء ". وفي المنجد: الجصّ: ما يطبخ فيصير كالحجارة فيبنى به وتسميه العامة الجفصين (يونانية) اهـ

كل شيء - بالضم: غِلَظه "فالبَصْر: القَطْع يَفْصِل من المبصور كتلةً كما في بَصْر الرأس. ومن البصَر (: حِسّ الرؤية) جاءت استعمالات التركيب في القرآن الكريم بهذا المعنى ومشتقاته {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: 103]، {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ} [القصص: 11]، {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ} [الحاقة: 38, 39] {وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} [الإسراء: 12] أي مضيئة تمكّن من الإبصار. ومما هو بمعنى حسّ الرؤية بالعين هذا وما أخذ منه مباشرة كل كلمات (بَصَر) وجمعها (أبصار)، والفعل (بَصُر)، و (أَبْصَرَ) ومضارعاهما، والفعل (يُبَصّر)، والصفات (مُبْصِر)، (مبصِرة)، (بصير) - على ما يليق به تعالى إذا كان هو الموصوف، وصيغة التعجب (أبصِرْ). • ولما في البصر من الرؤية والكشف جاء "البصيرة: نظر القلب/ الفطنة "، فهي رؤية قلبية {عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108]: على معرفة وبيّنة ويقين، {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} [القيامة: 14] هو البصير كما تقول: أنت حجة على نفسك/ شاهدٌ [قر 19/ 99]. {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأنعام: 104]: آيات وبينات يُبْصَر بها ويُستَدَلّ، جمعُ بصيرة وهي الدلالة [قر 7/ 57] ومثلها كل (بصائر) في القرآن. {وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً} [ق: 7، 8] في [قر 17/ 6] أنها تعني: جعلنا ذلك تبصرةً لندُلَّ به على كمال قدرتنا أي تبصيرًا وتنبيهًا. {وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً} [الإسراء: 59]: آتيناه الناقة آية مبصرة، أي تمكنهم من الإِبصار والاهتداء، لوضوح المعجزة فيها غاية الوضوح.

(بصل)

{فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} [القلم: 5, 6]: فستعلم ويعلمون [قر 18/ 229] (والعلم من رؤية القلب). {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]: يعني بصر القلب ليعرفوا كمال قدرته [قر 17/ 40]. {وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} [الصافات: 175] "وأبصِرْهم وما يُقْضَى عليهم من الأسر والقتل والعذاب في الآخرة، فسوف يبصرونك وما يقضي لك من النصر والتأييد والثواب في العاقبة " [الكشاف 4/ 65]. وقال عن {وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} [الصافات: 175] تأكيد لوقوع الميعاد إلى تأكيد. وفيه فائدة زائدة وهي إطلاق الفعلين معًا عن التقييد بالمفعول وأنه يبصر، وهم يبصرون ما لا يحيط به الذكر من صنوف المسرّة وأنواع المساءة. {وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ} [العنكبوت: 38]: قد عرفوا الحق من الباطل بظهور البراهين [قر 13/ 344] أي أنهم ضلوا عنادًا رغم علمهم. • (بصل): {يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا} [البقرة: 61] "البصل: معروف ": Qهو: تجمع النامي في كُرَةٍ ذات حَرافة: كالبصل ... ° معنى الفصل المعجمي (بص): نفاذ شيء قوي (أو حادّ) في (أو من) أثناء الشيء كما يتمثل ذلك في بصيص العين - في (بصص)، وفي شعاع التقاط المرئيات وكذلك عرق التماسك في أثناء البُصْر - في (بصر)، والحرافة - في (بصل).

الباء والضاد وما يثلثهما

الباء والضاد وما يثلثهما • (بضض): "أمرأة باضّة وبَضّة وبَضِيضة وبَضَاض - كسحاب: تارّة ناعمةٌ مكتنزةُ اللحم في نَصَاعَة لَوْن. ورَكِيٌّ بَضُوض: قليلة الماء. بَضَّ الحِبْسُ يَبِضُّ - بالكسر: جَعَل ماؤُه يخرجُ قليلًا قليلًا. وبَضَّت العَينُ: دَمَعَتْ، والحجَرُ ونحوهُ: نَشَع منه الماءُ شِبْهَ العَرَق، والماءُ: سال قليلا قليلًا ". (الحِبْس: خزان الماء). Qاكتناز الباطن برقيق ينضح على الظاهر نصاعة أو رقة (¬1): كما يكتنز بدن المرأة الموصوفة بالشحم ويبدو على ظاهره نصاعة، وكما يتجمع الماء: حقيقة في الحِبْس، وتوهما بسبب خروجه رشْحًا في العين والحجر. أما قولهم "رَكِىٌّ بَضوض: قليلة الماء، وبضّ الماءُ: سال قليلا قليلا "فمن استعمال اللفظ في جزء معناه، وهو نضح ما بالباطن على الظاهر، فالنضح يخرج الماء به قليلًا قليلًا. • (بيض): {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} [الصافات: 49] "بيضة الطائر: معروفة. وبيضة الدار: وَسَطها. وبيضة القوم: ساحتهم. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الباء للتجمع الرخو مع تماسك ما، والضاد لتجمع مع غلظ أو ضغط، والفصل منهما يعبر عن تجمع رخو باكتناز شديد كما في المرأة البضة والرَكِيّ البضوض. وفي (بيض) تزيد الياء معنى الاتصال ويزداد أو يتأصل معنى التجمع المحتبس ويلزمه النصوع. وفي (بضع) تعبر العين عن التحام رخو، ويعبر التركيب عن أن ما تجمع واحتبس بعضه مع بعضه هو كتلة ملتحمة رخوة كبضعة اللحم.

أرض بيضاء: لا نبات فيها. بياض الجلد: ما لا شعر عليه، بياض الأرض: ما لا عِمارة فيه. وبيّضَ الإناءَ والسقاء - ض: ملأه ". Qهو: احتباسٌ في الباطن لما شأنه النفاذ إلى الظاهر فيكون الظاهر مجرّدا (ويلزم من تجرده لمعانه). كالبيضة في جوفها الفرخ مع تجرد ظاهرها، وكبيضة الدار مقصورة على أهلها، وكحبس ما يملأ الإناء فيه وما شأنه أن ينبت من الأرض والجلد مع تجرد ظاهرهن. ونُظر في "بياض الأرض "إلى تجرده. ومن اللمعان اللازم للتجرد - مع الاعتداد بالتجرد نفسه أيضًا - أُخذ معنى البياض: اللون المعروف. ويؤيد صحة هذا الأخذ: أ) أن السواد الذي هو ضد البياض مأخوذ من الكثافة (السَواد: الشخص. السواد: العدد الكثير من الناس، وعامتهم، وهم الجمهور الأعظم، وجماعة النخل والشجر). ب) أنهم عبروا عن الجائحة بما معناه التجريد كما عبروا عنها بالبياض "القَرْعاء: الشديدة من شدائد الدهر. أنزل الله به قَرْعاء وقارعة ومُقْرِعة، وأنزل الله به بيضاء ومبيّضه وهي المصيبة التي لا تدع مالًا ولا غيره ". [تاج سود، قرع]. فمن البياض اللون {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ} [آل عمران: 107]. وكل ما في القرآن من التركيب هو من بياض اللون هذا - ما عدا كلمة (بَيْض) في التشبيه الآتي بعد. وفي {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: 187] "إنما هو سواد الليل وبياض النهار "عنه - صلى الله عليه وسلم -[قر 2/ 319] أي بدء بياض النهار وهو الفجر. {بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} [الصافات:

(بضع)

46] خمر الجنّة أشدّ بياضًا من اللبن [قر 15/ 78]. ومن التشبيه بالبيض في الصيانة والرقة قال تعالى عن الحور العين: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} [الصافات: 49]. أما قولهم: "باض الحر: اشتد "فهو من احتباس الهواء والحرارة. وقولهم: "باض بالمكان: أقام به "هو من الاحتباس في المكان - كما هو واضح. • (بضع): {غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ} [الروم: 2 - 4] "البَضْعة من اللحم - بالفتح: قطعة مجتمعة. ودابة كثيرة البَضيع وهو ما ينماز من لحم الفخذ ". Qهو: فِلَذ اللحم ونحوها مما يتجمع في قطع رخوة: كقطعة اللحم، وكعُكَن الفخذ ونحوها. ومنه: "بَضَعْت الجُرْح: شققته (أصبت اللحم المجتمع، أو شققت وجعلت اللحم بَضْعة أي قطعة). والباضعة من الشجاج: التي تقطع الجلد وتشق اللحم (تبضعه بعد الجِلد) ". ومنه: "ملك فلان بُضْع فلانة أي عُقْدة نكاحها (البُضْع بالضم: كناية عن عضو المرأة)، و "باضع المرأة: عاشرها ". ومنه: "البِضاعة: القطعة من المال/ طائفة من مالك تبعثها للتجارة " (فهي قطعة، كما سموها سِلعة مع كون السلعة: كالعُقْدّة تخرج في الجسد، أو زيادة في البدن تكون من حمصة إلى بطيخة): {وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً} [يوسف: 19]، {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ} [يوسف: 88]. وسائر كلمة (بضاعة) في سورة يوسف والبَضْع

£° معنى الفصل المعجمي (بض)

- بالكسر والفتح - من العدد: ما بين الثلاثة إلى العشرة (مجموعة/ كتلة) {فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} [يوسف: 42 وكذا ما في الروم 4] , "ومرّ بِضع من الليل: وقت (قِطْعة). والبضيع: الجزيرة في البحر " (قطعة متميزة). وليس في القرآن من التركيب إلا (البِضع) و (بضاعة) بالمعنى المذكور لكل منهما. ولما في الأصل من انفصال الشيء الرخو قالوا: "جَبْهَتُه تَبْضَع وتَتبَضَّع: تسيل عرقًا (تتفتح أو تتفلق عن العرق) والبَضِيع: العَرق " (الذي يتفتح الجلد عنه). ° معنى الفصل المعجمي (بض) التجمع الرخو باكتناز ونصوع كما يتمثل في كون المرأة بضة - في (بضض)، وفي البيض والبياض - في (ببض)، وفي عُكَن الفخذ ونحوها من فلذ اللحم - في (بضع). الباء والطاء وما يثلثهما • (بطط): "بَطّ الدُمَّلَ والخُرَاج ونحوهما: شقه. بطَّ الوَرَمَ. (وأما البطّ: الطائر الداجن المعروف، فقالوا: إنه معرّب، وعربيته الإِوزّ). Qالشق عن المتجمع الرخو لإفراغه (¬1): كبطّ الدُمَّل والورم. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الباء لتجمع الرخو مع تلاصق، والطاء لتراكم الشيء بعضه فوق بعض حتى يكون له سُمك ولا يمتد، والفصل منهما يعبر عن الشق عن المتجمع الرخو لإفراغه (وقطع امتداده). وفي (بطأ) تضيف الهمزة الضغط، فيعبر التركيب عن ثقل الحركة (إما من ثقل التجمع الرخو وإما من الفراغ من القوة). وفي (بطر) تضيف الراء معنى الاسترسال، ويعبر التركيب عن تسيب مادة سائلة فاسدة بالشق عنها كشق البيطار العَضَد وهو كالدُمّل. وفي (بطل) تضيف اللام معنى التعلق والاستقلال، فيعبر التركيب عن حبس المختزن الحادّ المتجمع في الباطن =

(بطأ)

• (بطأ): {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} [النساء: 72] "بَطُوء في مشيه (ككرم) وأبطأ وتباطأ، وهو ضد الإسراع ". Qهو: ثِقَل حركة الشيء وانتقاله. وكأنما أصلُ ذلك ثقل جرمه من ضخامة. ومنه: "بطّأ عليه بالأمر - ض، وأبطأ به: أخّره {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ}، من بَطّأ - ض، بمعنى: بَطُؤ: أي ليتثاقلنَّ وليتخلفنَّ عن الجهاد، أو مر بَطّأ غيرَه، أي عوّقه [أبو السعود 2/ 200]. • (بطر): {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ} [الأنفال: 47] "قال الطرماح: (كبزغ البِيَطْر الثَقْفِ رَهْصَ الكَوَادِنِ) وقال النابغة (في ثَوْر طعن كلبًا بقَرنه): شكَّ الفريصةَ بالمِدْرَى فأنفذها ... طَعْنَ المُبَيْطِر إذ يَشْفِى من العَضَد [البِيطْر والمبيطِر هو البيطار طبيب الدواب. الفريصة: عضلة بين الجنب أو الثدي والكتف. والمِدْرَي: القرن. والرَهْص المقصود به هنا وَرَم العضُد من تجمع صديد أو نحوه فيه. والكَوْدَن: الفرس الهجين، والبغل، والبِرذَوْن الثقيل ... والعَضَد - محركة: داء يأخذ الإبل في أَعْضَادها فتُبَطّ - أي يشق العضُد ليخرج ذلك الماء والصديد. وذلك الشقّ هو ¬

_ = فلا ينصرف، ويتمثل هذا في صمود البطل، وتوقف المتبطل، وجمود الباطل لا يُقْبَل، وفي (بطن) تعبر النون عن امتداد باطني، ويعبر التركيب عن بطن الشيء، وهو الجزء الجسيم المجوف في وسطه.

البزْغ] وأورد [ل] (في تمم): وصُلْبٌ تميمٌ يَبْهَرُ اللِبدَ جَوْزُه ... إذا ما تَمَطّى في الحِزَام تَبَطّرا قال: "أي يضيق اللِّبْدُ عنه ". وفي (بطر) قال: "بَطَرَ الشيءَ (ضرب ونصر): شقّه "فتبطُّر الحزام: تفتقه وتمزقه. والبَطْر: الشق عن تجمع صديدي في البدن]. Qهو: تجمع مادة فاسدة في الباطن أو الأثناء فيشقُّ عنها: كما في إخراج الماء الذي في باطن الحافر وهو فاسد، وكذلك المادة الفاسدة في العَضُد. وكما يتمزق الحزام (هذا جزء المعنى). ومنه: "إذا جارى البعيرُ القَطوفُ (: القصير الخطو) بعيرا وَساعَ الخطو فقصُرت خُطاه عن مباراته قالوا: إن هذا الوَساع قد "أبطرَ القَطُوفَ ذَرْعَه، أي حَمَله على أكثر من طوقه "أي أهدر قوته. والأصل أن الطاقة المختزنة عد القطوف أدنى من أن تعادل طاقة الوساع. ويقال لكل من أرهق إنسانًا فحمّله فوق ما يُطيقه: "قد أَبْطَرَهُ ذَرعَه " (أي ضيّع واستهلك قوَّته). ومن ذلك: "ذهب دمه بِطْرًا - بالكسر والفتح - أي هَدَرا. ومنه: "بَطَرُ النعمة: قلةُ احتمالها والطغيانُ بها وعدمُ شكرها ". فهو في ضوء ما سبق فساد النفس إزاء تلقى النعمة، ببخس قيمتها، أو بالإفساد بها فتُهْدَر، بل تكون وبالًا: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} [القصص: 58] في [قر 13/ 300] "البَطَر: الطغيان بالنعمة .. وقيل معنى بَطِرت: جَهِلت. فالمعنى جَهِلت شُكْرَ معيشتها " (أي فاستعملتها في الفساد، فأهدرتها وقوله جهلت: ليس دقيقا). وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "الكِبْرُ بَطَر الحق " (أي رفضه تَعَظُّما أو أَنَفَةً، مما يعني عدم تقدير قيمته أو اعتداده بلا قيمة).

(بطش)

• (بطش): {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} [البروج: 12] "الرِكَابُ تبَطَّشُ بأحمالها تَبَطُّشًا: تزحف بها لا تكاد تتحرك ". Qهو: الثقَل الشديد أو الضغطُ الشديد للشيء حتى يكادُ يسحق ما تحته: كما تكاد الأحمال تفعل بالرِكَاب. ومنه: البَطْش: التناول بشدة عند الصَّوْلة، والأخْذُ الشديد في كل شيء بَطْش {وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} [الشعراء: 130]. و "عاد "الذين تصفهم هذه الآية هم القائلون: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} [فصلت: 15]. {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} [الدخان: 16] يحتمل أنها قيام الساعة لأنها خاتمة بَطَشاتِه (تعالى) في الدنيا [قر 16/ 134]. {وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا} [القمر: 36]: خوفهم لوطٌ عقوبتنا وأخذنا إياهم بالعذاب [قر 17/ 144]. وكل ما في القرآن من البطش فهو بمعنى الأخذ الشديد - صولةً أو عقوبة. • (بطل): {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء: 18] "البَطَلُ - محركة: الشجاع ". Qهو: اختزان قوة عظيمة: كما يتمثل في البطل الذي يواجه الأعداء والشدائد صامدًا. ومن هذا جاء: "بَطَلَ الأجير (كقعد) بَطالة - كسَحابة ورسالة: تعطّل " (كأنه جمَّدَ أو اخْتزَن قُوَّتَه لم يبذلها في عَمَلٍ). واختزان الشيء وعدم استعماله في أمر ظاهر واضح يُبْدي كأنه غير موجود أصلا. ومن هنا جاء استعمال التركيب في الهدر وما لا قيمة له: "بَطَل الشيءُ (قعد، وأيضًا بُطْلا وبُطْلانا - بالضمة): ذهب ضياعًا وخُسْرًا فهو باطل " (أُهْدِرَ ولم يُنْتَفَعْ به).

(بطن)

ثم من هذا: "بَطِلَ في حديثه (كتعب) وأَبْطَلَ: هَزَل (قول فيه معنى غير صحيح وغير مفيد) والباطل: ضد الحق ": {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 118]: (لم يُفد فأُهْدِرَ ولم يعط الثمرة التي رَجَوْها)، {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: 264]: (لا تُهدروها)، {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا} [ص: 27]: (كُتَلًا جامدة عبثا بلا غاية من وراء خلقها، بل لنقيم عالما تتجلى فيه قيُّومِيَّتنا وجلالنا وجمالنا، ولتستخرجوا منه الدلائل والآيات على وجود البارئ - عز وجل - وصفاته). "والمُبْطِل: الذي يأتي بالباطل " {أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: 173] يقصد المشركين من آبائهم [ينظر قر 7/ 316]. وكل ما ذُكر في القرآن من هذا التركيب فهو بمعنى المُهْدَر؛ لأنه غير صحيح أو غير نافع. • (بطن): {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان: 20] "البَطْن - بالفتح من الإنسان وسائر الحيوان: معروف، ومن كل شيء: جَوْفُه. وبَطْن الأرض وباطنها: ما غمَض منها واطمأن/ الداخلُ منها ". Qهو: التعبير عن الجوف الداخلي للشيء حيث يَخْفَى فيه ما يدخل إليه: {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: 35]، {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} [النحل: 69]. و "بَطَنَ الشيءُ: خَفِىَ " (كأنه في بَطْن): {وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد: 3] الذي لا تناله الحواس. وفُسّر (الباطن) أيضًا بأنه يعلم ما خفي (ينفذ علمه إليه). {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأنعام: 151] أي خفي {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}

£° معنى الفصل المعجمي (بط)

[لقمان: 20] (النعم الباطنة لا تحصى كثيرة منها راحة البال، والتوفيق للرَشَد في الفكر والتصرف، وصحة العقيدة ..). "ويِطانة الثوب: ضد ظِهارته ": {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} [الرحمن: 54]. ومن مجاز هذا: {لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} [آل عمران: 118] أي مقربين يعرفون دخائل أموركم. و "باطنة الكُورة (= المدينة): وَسَطُها " {بِبَطْنِ مَكَّةَ} [الفتح: 24]. ويقال: "بَطَنْتُ الوادي: دخلته (الوادي كالبطن كأنك دخلت بطنه). وبَطَنت هذا الأمرَ: عرفت باطنه ". وليس في التركيب إلا (البطن) وجمعها (بطون)، و (البطانة) وحمعها (بطائن)، و {بِبَطْنِ مَكَّةَ} وقد ذكرناهن. وسائر ما في القرآن منه فعلًا أو غيره فهو بمعنى الخفاء. ° معنى الفصل المعجمي (بط): التجمع باكتناز ورخاوة مع نوع من القطع أو ما يناسبه - كما يتمثل في بطّ الدمّل - في (بطط)، وفي الثقل وتعوق الحركة - في (بطأ)، وفي تجمع المادة الرخوة الفاسدة مع الشق عنها - في (بطر)، وفي التجمع الثقيل الساحق - في (بطش)، وفي تجمع القوة مع نوع من التوقف - في (بطل)، وفي تجمع رخو الجوف في وسطه - في (بطن). الباء والعين وما يثلثهما • (بعع - بعبع): "ألقت السُحُب بَعَاعها - كسحاب: ماءها وثِقَل مطرها. وفي الحديث: أخذها (أي الخمرَ) فَبَعَّها في البطحاء: صبَّها. وبعَّ السحابُ: أَلَحّ بمطره، والمطرُ من السحاب: خرج. والبَعْبعةُ: تتابعُ الكلام في عَجَلة. والبَعْبَع - بالفتح فيهما: حكاية صوت الماء المتدارك إذا خرج من إنائه ".

(بيع)

Qهو: خروج الماء ونحوه مما يضمه بغزارة (¬1): كالمطر والخمر ... والماءِ الخارج من الإناء. ومن ذلك: البعبعة: الفِرار من الزحف - لخواء القلب جبنًا - كقوله تعالى: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: 43]. وقال حسان: (فأنتَ مجوَّفٌ نَخِبٌ هواءُ) ومنه أيضًا: البعابعة: الصعاليك (فارغو الحوزة لذهاب مالهم). • (بيع): {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10] "باع الشيءَ: أخرجه من مِلْكه بعِوَض. وباعه من غيره: اشتراه ". Qهو: انتقال ما في الحوزة - بجِرْمِهِ كلِّه - إلى حوزة أخرى: وهذا ينطبق على البيع المعهود وعلى الشراء المعهود؛ ولذا قالوا إن الكلمة ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الباء للتجمع الرخو مع تلاصق ما، والعين تعبر عن التحام على رقة وضعف، والفصل منهما يعبر عن إخراج المائع بغزارة (لتجمعه وضعف حابسه) كإفراغ السحاب ماءه. وفي (بيع) تعبر الياء عن الاتصال امتدادًا، فيعبر التركيب عن امتداد الإخراج بانتقال الشيء إلى حوزة أخرى كما في البيع. وفي (بعث) تعبر الثاء عن كون النفاذ بقوة وانتشار ما - كما في بعث البعير. وفي (بعثر) تزيد الراء التعبير عن استرسال ذلك الذي بُعِث أي زيادة انتشاره كما في بعثرة الأشياء في كل اتجاه. وفي (بعد) تعبر الدال عن الضغط والحبس بامتداد، ويعبر التركيب معها عن حبس ما خرج أي الفصل أو الحجز بينه وبين غيره (بالمسافة) كما في البُعْد. وفي (بعر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب معها عن استرسال الخروج أو النفاذ شيئًا بعد شيء مع رتابة أو نظام كما في البَعَر والسَّيْر، وفي (بعض) تعبر الضاد عن غليظ الجرم ثخينة، ويعبر التركيب معها عن أن الخروج اقتطاعُ طائفة منه. وفي (بعل) تعبر اللام عن تعلق واستقلال، ويعبر التراب عن استقلال الشيء في تحصيل (أي استخراج) ما بهِ قوامه - وعلوقه كما يَعْلَق بَعْل النخل الماءَ من الأرض مصًّا، لا بالسقي.

(بعث)

من الأضداد، ولا تضاد على الحقيقة: إذ الأساس إخراج ما في الحوزة، وهذا يتحقق في البيع والشراء معًا؛ إذ الفرق بينهما اعتباري: فإذا اعتُبر المُخرَج ثمنًا فهذا شراء، وإذا اعتُبر سلعة فهذا بيع. وعبارة الراغب هنا: "البيع: إعطاء المُثْمَن وأخذ الثَّمَن، والشراء إعطاء المن وأخذ المُثْمَن، ويقال للبيع الشراء، وللشراء البيع بحسب ما يُتصور من الثَمَن والمُثْمَن ". فإذا أضفنا أن البيع والشراء نشآ أولًا مبادلةً ومعاوضةَ سِلعة بسلعة، وأن النقود التي استُعملت في البيع والشراء نشأت متأخرة = تبيَّن سلامةُ تحديد معنى التركيب: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]، {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282]. والمبايعة صفقة تُبذل فيها الطاعةُ مقابلَ الرعايةِ والأمنِ، أو ثوابِ الله وفضْله: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10]. وأما "ابتاع الشيء: اشتراه " [المعجم الكبير] فهو من الأصل ولكن صيغة افتعل للاتخاذ قلبت المعنى. وبِيعَة النصارى - بالكسر: مكانُ بذل الطاعة من القلب، أو بيع النفس لله، كما كانت فرقة "الشُراة "تسمى نفسها. ودلالة الصيغة عل المكان كدلالة الحِلّة - بالكسر - عليه. وليس في القرآن من التركيب إلا (البيع) و (المبايعة) و (البيعة) كل بمعناه الذي ذكرناه. • (بعث): {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] "بعثه من نومه فانبعث: أيقظه وأهَبَّه. وبَعَثَ البعيرَ فانبعث: حلَّ عقاله فأرسله، أو كان باركًا فهاجه وأثاره. وانْبَعث في السير: أسرع ". Qهو: إثارة (الحيّ) من مكان يلزمه بقوة فيندفع ناهضًا أو

مبتعدًا: كبعث النائم والبعير. ومن ذلك: (أ) بَعْثُ الموتى من القبور: {قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس: 52]. وهو في كل القرآن بهذا المعنى - عدا ما في الفقرات التالية: (ب) إنهاض رسول أو نبيّ، أو ملك، أو حَكَم، أو نقيب {ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ} [البقرة: 246]، {إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا} [البقرة: 247] , {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [البقرة: 213]، {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ} [الأعراف: 103] , {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} [الكهف: 19]، ومنه ما في [البقرة 129، 246، آل عمران 164، النساء 35، المائدة 12, 31، التوبة 46، يونس 74، 75: النحل 36، 84، 89، الإسراء 15، 94، الفرقان 41، 51، الشعراء 36، القصص 59، غافر 40، الجمعة 2]. (ج) والبَعْثُ: الإثارة والدفع نحو عمل شيء ما {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ} [المائدة: 31]، {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا} [الإسراء: 5] , {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} [الشمس: 12]. (د) بعث إنهاض بعد موت مؤقت أو نوم أو نحوه [البقرة 56، 259، الأنعام 60, الكهف 12, 19]. والبعث في آية الرأس هو إقامة ربنا - عز وجل - رسوله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك المقام العظيم، يوم القيامة للشفاعة العظمى، أو شفاعته - صلى الله عليه وسلم - لأمته خاصة، أو أنه - صلى الله عليه وسلم - أول مَدْعُوّ، أو عامٌّ في كل مقام حميد. والأول أقوى. وهناك خاص أتفق مع الرافضين له [ينظر بحر 6/ 70 - 71].

(بعثر)

• (بعثر): {وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ} [الانفطار: 4] "بعثرت التراب: قلّبته، والمتاعَ: قلته وفرَّقته وبدّدته، والحوضَ: هدمته وجعلت أسفله أعلاه ". Qهو تفريق الشيء المستقر أو تقليبه بلا نظام: كبعثرة التراب والمتاع والحوض بمعانيها المذكورة. {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ} [العاديات: 9]: أثير؛ فخرجوا على أحوال مختلفة. وكذلك بعثرة القبور نفسها فهو قلبها وإخراج من فيها. • (بعد): {فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 44] "البُعْد - بالضم: خلافُ القرب: بَعُد الرجل - بضم العين وبكسرها، وتباعد، وأبعده غيره، وباعده، وبعّده - ض ". Qمفارقة جرم الشيء آخر معيّنًا بمسافة ممتدة تحجزه عن ملاقاته: {وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ} [التوبة: 42] , {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} [سبأ: 19]، {قَالَ يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ} [الزخرف: 38]، {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} [الفرقان: 12]. ومثلها مما هو مستعمل للبعد المكاني (بعيد) [في هود 83، 89 الفرقان 12، ق 31، آل عمران 30] , وللبعد الزماني [الأنبياء 109، النمل 22، المعارج 6]، وللكناية بالبعد المكاني عن عدم الإمكان [سبأ 52, 53, فصلت 44؛ وكذلك ق 3]، ولنفي الوقوع في النار [الأنبياء 101]. كما صف بها الإيغال في الضلال، ونحوه من المفارقة على غير

رَشَد: {وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} [ق: 27]، {وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} [الحج: 53]. • ومن المفارقة بمسافة ممتدة تحجز عن اللقاء استعملت في الهلاك بلفظ (بَعِدَ) في [هود 95] وبلفظ (بُعْد) في كل ما وردت فيه عدا [الزخرف: 38]. ومن بعد المكان عبَّرت عن بعد العلاقة والصلة في القرابة بين الناس. ومن الترتيب الطبيعي بين الأشياء المتباعدة، بأن يُدرَك أو يُرَى أحدها متأخرًا عن الآخر، في المرور بهما سيرًا، أو نحوه، عبّرت (بَعْدَ) عن الظرفية المكانية، ثم الزمانية. [مكان أو توقيت قال بينهما مسافة] وبهذا جاءت كل (بَعْدَ) {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} [المائدة: 41] يتأولونه على غير تأويله بعد أن فهموه على وعرفوا مواضعه [التي أرادها الله عز وجل، وبين أحكامه]. {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ} [الجاثية: 6] أي بعد حديث الله، وقيل بعد قرآنه. {فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ} [الجاثية: 23] أي من بعد أن أضله الله [قر 6/ 81، 16/ 158، 169] {وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4] أي بعد نُصرة الله وناموسه وصالحي المؤمنين [كشاف 4/ 554]. {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القلم: 13] أي بعد ما عُدّ له من المثالب والنقائص [كشاف 4/ 575]. {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: 30] ذكر بعض أهل العلم أن (بعد) في موضع (مع) كأنه قال: والأرض مع ذلك دحاها كما قال تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [قر 19/ 205]. والأَوْلى تفسير (بعد ذلك) أي بعد خلق السماء وما فعل فيها {دَحَاهَا} أي بسطها يعني الأرض. أي أنه تعالى خلق الأرض، ثم السماء، ثم

(بعر)

دحا الأرض [بحر 8/ 414] وقال بهذا أيضًا مجاهد وغيره من المفسرين [ينظر قر 1/ 255، وكذا بحر 7/ 465 عن فصلت 9 - 12] وتقسيم خلق الأرض في آيات (سورة فُصّلت) إلى مرحلتين، ثم جمعها مع السماء في الخطاب بعد ذلك يوجه تلخيص أبي حيان. {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: 105] زبور داود، والذكر التوراة أو اللوح المحفوظ [بحر 6/ 318، قر 11/ 349]. • (بعر): {وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ} [يوسف: 65] "البَعْر - بالفتح وبالتحريك: رَجِيع ذَوَات الخُفّ والظِّلْف من الإبل والشاء وبَقَر الوحش إلا البقرة الأهلية، والأرنبُ تَبْعَر أيضًا ". "باعرت الشاة والناقة إلى حالبها: أسرعت ". Qهو: مفارقة للجوف أو الحيز مع تميّز (أو انتظام) وتوال: كما يخرج البَعْر كُرَاتٍ متواليةً منتظمة. ومنه أنه يقال لكل من "الجمل والناقة: بعير "إذا أَجْذعا (أي دخلا في السنة الخامسة)، لُحظ فيهما السير بهم وبأحمالهم بخُطّا واسعة تبديها سعتها متئدةً ومنتظمة رتيبة. والسير يُنظر إليه عندهم على أنه بذل لما في الجوف من قوة مذخورة. ويؤكد ما قلنا من أن سر تسمية البعير هو أنه كان وسيلة السفر والحمل عندهم قولهم: "باعرت الشاة والناقة إلى حالبها: أسرَعت " (وهذا سير)، وتسميتُهم كلَّ ما يحمل بعيرًا. والمراد بالبعير في: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} [يوسف: 72] الحمار "لأن إخوة يوسف كانوا بأرض كنعان، ولَيس هناك إبل، وإنما كانوا يمتارون على الحمير " [ل]. ومن المعنى كذلك: (البَعْر - بالفتح: الفقر التام الدائم (استفراغ ما في الحوزة تمامًا. وما في الحوزة كما في الجوف).

(بعض)

• (بعض): {أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران: 195]. "البَعُوض: البَقّ. بَعَضَه البَعُوض: عَضّه وآذاه " (بامتصاص بعض دمه). Qهو: أخذ (: اقتطاع) جزء مما يحتويه الشيء: كما يفعل البق (يمص الدم). ومنه: بَعْضُ الشيء: طائفة منه (كأنه جزء أو كتلة منه ذات جرم): {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} [البقرة: 85]. وفي آية الرأس قال [طب 7/ 489] "بعضكم أيها المؤمنون الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم مِنْ بَعْضٍ في النُصْرة والملة والدين. وحُكْم جميعِكم في ما أنا بكم فاعلٌ على حُكْم أحدِكم في أني لا أضيع عمل ذكر منكم ولا أنثى "اهـ. أقول: لما كان الجنس البشري فريقين ذكورًا وإناثًا، فالذكور بعضُه، والإناث بعضه، فالذكور من الإناث، والإناث من الذكور، فالوعد يشمل كل أفراد البشر بلا استثناء {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ} [الحجرات: 12] وهو ما خلا عن أمارة صحيحة أو سبب ظاهر [بحر 8/ 113]. وكل ما في القرآن من التركيب هو (بعض) بمعنى: جزء من شيء أو فريق من جماعة، وكلمة (بعوضة). وهي تستعمل لضرب من الذباب (يلسع)، وللبق، ولما نسميه في مصر الناموس. وكلها مما يمصّ الدم. • (بعل): {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ} [الصافات: 125، 126]. "البَعْل من النخل - بالفتح: ما شَرِب بعُروقه من الماءِ الذي تحتَ الأرض من غَيْر سَقْى أو ماء مطر ". Qهو: استقلالُ الشيء في تحصيل ما بِهِ قِوامُه مَصًّا: كما

£° معنى الفصل المعجمي (بع)

يمتص النخل الماءَ من الأرض بعروقه. ومنه: "بَعْل النخل: التي تُلْقَح فتَحْمِل " (كأن المقصود أنها التي لا تحتاج مزيد عناية بعد الإلقاح). ومن ذلك الاستقلال أُخِذ معنى السيادة (فهو معنى لزومي)، وبه سمي زوج المرأة بَعْلًا: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128]. ومن هذا: "البعال والتبعل: الجماع وملاعبة الرجل أهله " (ممارسة الزوجية). كذلك منه: "بَعْل الشيء: ربُّه ومالكه. وبَعْلٌ والبَعْل: صنم (سمى بذلك لأنه - في زعمهم - ربهم ومالكهم): {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ ...} [الصافات: 125, 126]. وبَعَلَ عليه (منع): أبى (اعتز واستعصى - استقلالا وسيادة). وليس في القرآن من التركيب إلا البعل: صنم، والزوج وجمعه بعولة. ومن ذلك (مع أثر صيغة فَعِل للمطاوعة، وهي كالمفعولية): بَعِل بالأمر (كتعب): دَهِش وفَرِق وبَرِم فلم يدر ما يصنع (مُلِكَ، كما يقال: أُخِذَ: إذا دَهِش) أي أخذه الأمر واستغرقه. وكذلك: البَعِلة - كفرحة: التي لا تحسن لبس الثياب (مذهولة). وقولهم: هو بَعْل على أهله - بالفتح: ثِقْل عليهم (كأنه من الامتصاص في الأصل أي هو عالة عليهم يمتص معاشه منهم). ° معنى الفصل المعجمي (بع): تجمع مائع أو متسيب (ومنه المتهيئ للحركة) في حيّز يخرج منه: كما يتمثل في الماء الذي يبعه السحاب - في (بعع)، والسِلعة التي في حوزة صاحبها وتخرج منها - في (بيع)، والبعير البارك قبل أن يبعث - في (بعث)، والأشياء الكثيرة قبل أن تخرج متفرقة بلا نظام في (بعثر)، وفي الشيء قبل أن يحتبس بسعة المفارقة في (بعد)، وفي البعير من حيث استعداده للسفر به - في (بعر)، والشيء القابل للانفصال في (بعض)، والماء الباطن الذي ينجذب إلى عروق النخل - في (بعل).

الباء والغين وما يثلثهما

الباء والغين وما يثلثهما • (بغغ - بغبغ): "بئر بُغْبُغ - بالضم، وبُغَيبِغ: كثير الماء قريب الرِشَاء. والبُغَيْبِغ - مصغرًا: التَيْس من الظباء إذا كان سمينًا. والبُغّ - بالضم: الجمل الصغير " [الرشاء: حبل الدلو]. Qهو: فوران الشيء أو امتلاؤه بما هو غَضّ له حدة ما (¬1): كالماء القريب الرشاء، وحِدَّتُه غَزارته بحيث يصل إلى حافة البئر. وكالجمل الصغير (الناشئ حديثًا)، وهو غَضّ، وحدته قوته (الكامنة). وكذلك تيس الظباء السمين، وحدتُه سِمَنه. ومنه: بَغَّ الدَّمُ: هاج، فهو مائع، وحِدَّتُه هياجه. • (بغو - بغى): {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ} [الكهف: 64] {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا} [الأنعام: 114] ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الباء للتجمع الرخو مع تلاصق ما، والغين لنحو الغشاء القوي، والفصل منهما يعبر عن امتلاء بماله حدّة أو قوة كامتلاء البئر وسمن التيس من الظباء. وفي (بغوبغى) تعبر الواو عن الاشتمال على ما له حدة مع تزايده، أو كونه في مرحلة التزايد. ومن هذا جاء تعبير (بغى) عن الطلب وعن البغى. وفي (بغت) أضافت التاء ضغطتها الدقيقة (والحدة والدقة من باب واحد)؛ فعبر التركيب عن المفاجأة (الصدمة) بشرّ. وفي (بغض) أضافت الضاد غلظًا مع الحدة، فعبر التركيب عن تجمع غلظ وحدة في الباطن، وهو حقيقة البغض. وفي (بغل) عبرت اللام عن تعلق واستقلال، وعبر التركيب عن تعلق حاد بأثناء الشيء مع بقائه وتميزه بذلك، كما هو حال البغل.

"البَغْوة - بالفتح: الطلعةُ حين تنشقّ فتخرُجُ بيضاءَ رَطْبة/ الثمرةُ قبل أن تَنْضَج/ قبل أن يستحكم يُبْسها. البَغْو والبَغوة: كل شجرٍ غضّ ثمرُهُ أخضرُ صغيرٌ لم يبلغ ". Qهو: تزايد الشيء نموًّا وقوةً أو توصّلا لاكتمال حاله: كالبغو الموصوف، فهو في طور النمو ليبلغ الاكتمال. ومنه: البَغِيّة - كهدية: الطليعةُ التي تكون قبل ورود الجيش (فهي تُهيِّئُ وتُمهد لبلوغ الجيش مأربه). ومن التزايد اتجاهًا وتهيؤًا لاكتمال الحال جاء معنى الطلب لأنه ازدياد: "بَغَى الشيءَ يبغيه: طلبه ". وبه جاءت كل صيغتي (ابتغى)، (ابتغاء)، {ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: 207]. وكذلك صيغة (بَغَى) التي ليست لمعنى التجاوز. "بَغَى الضالّةَ والحاجة وكذلك ابتغى الشيء وتبغّاه واستبْغاه. والبُغْية - بالكسر والضم: الحاجة المَبْغِيّة ": {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} [آل عمران: 83]، {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198]. ومن الطلب "بَغَت الأَمَةُ: عَهَرَت وزَنَت ". فهذا الأمر لا يكون إلا بقبولها - على الأقل، والرضا في باب الشهوة كالطلب، وقد يكون بسعيها حقيقة {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} [مريم: 28]، {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور: 33] (فالتي تريد التحصن ستقاوم فلا يجوز إكراهها. أما التي لا تريد التحصن فإنه لا يُستطاع منعها إلا بالحبس، وحبسها يُهْدر ما اقتُنِيت لأجله). ومن مطاوعة الطلب: التأتي والتيسّر: "انبغى له الشيء: تسهَّل وتيسر (أن يصل إليه) ما يصلح له ": {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69]، {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} [مريم: 92]: (لا حاجة به إلى ذلك، ولا يليق به،

(بغت)

هو سبحانه منزه عن هذا). ومن التزايد جاء معنى التجاوز، لأنه تعدٍّ وتزيّد: "بغى عليهم: عَدَل عن الحق واستطال " (التعدي تزيد وتخطٍّ توصلا إلى نيل ما لا يُستحق). و "بَغَى الوالي: ظَلَم. وكل مجاوزة وإفراط على المقدار الذي هو حد الشيء بَغْى " (كأن الأصل أن البغي لا يكون إلا عند التجاوز في استيفاء حق ما): وبه جاء كل لفظ (بَغَى)، (بَغْى)، (باغٍ) عدا ما أسلفنا من بغى التي للطلب. {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ} [القصص: 76]، {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ} [الشورى: 27]، {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا} [يونس: 90]. أما قولهم: "دَفْعنا بَغْىَ السماء خلْفَنا: أي شدتها ومُعْظم مطرها "فذلك من التزايد، كأنه كان يزداد ليبلغ أقصاه. ومعنى دفعوه خلفهم أنهم مروا واجتازوا المنطقة التي كان المطر يتزايد فيها فصارت خلفهم. • (بغت): {ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً} [الأعراف: 187] "يقال: هو لا يأمن بَغَتَات العدُوّ، أي: فَجَآته. وبَغَتَهُ الأمر: فَجِئه " Qهو: المفاجأة بشديد أو مكروه: كنزول العدوّ، أو أمر مكروه، فجأة: {حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا} [الأنعام: 31]. والضمير في آية الرأس للساعة أيضًا. وليس في القرآن من التركيب إلا كلمة (بغتة) بالمعنى المذكور.

(بغض)

• (بغض): {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة: 91] "البُغْض - بالضم، والبِغْضة - بالكسر: نقيض الحب ". Qهو: احتواء القلب على مشاعر غليظة (من باب الكره والعداوة): {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران: 118] وليس في القرآن من التركيب إلا كلمة {الْبَغْضَاءُ}. • (بغل): {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8] "البغل: دابة متولدة من الحمار والفرس. نكح فيهم فبَغَلهم - مخففة ومضعفة: هَجّن أولادهم. وتزوج فلان فلانة فبغل أولادها: إذا كان فيهم هُجْنة ". Qهو: اختلاط سلالة الحي بسلالة جنس أغلظ منه فيبقى أثره فيها: كما في البغل، وكذلك شوب الأولاد بهجنة من جفاء جنس الأب. ومن ذلك: التبغيل من مشى الإبل: مَشى فيه اختلاف واختلاط بين الهَمْلَجة (مشى فيه سهولة) والعَنَق (سير مُسْبَطِرّ أي إسراع). ° معنى الفصل المعجمي (بغ): الامتلاء بما له حدّة: كما في السِمَن وكثرة الماء - في (بغغ)، وفي غضاضة (البَغْوة) وتزايدها في سبيل النضج - في (بغو - بغي) وهذه قوة نمو من باب الحدة، وفي وقع المفاجأة عند عدم التوقع - في (البغت)، وفي مشاعر الكراهة - في (البغض)، وفي غرابة الخروج عن الجنس السوي المعتاد - في (البغل).

الباء والقاف وما يثلثهما

الباء والقاف وما يثلثهما • (بقق - بقبق): "البَقّ: البَعُوضُ أو العِظامُ منه. وبقَّ النبتُ: طَلَعَ، والمرأةُ: كثُر أولادُها، والسماءُ: كثُر مطرها وتتابَع وجاءت بمطر شديد. وبقَّ الرجلُ: كثُر كلامُه، كأبقَّ وبَقْبَقَ، وهو مِبَقّ وبَقَاق - كسحاب، وَبقْبَاق: كثيرُ الكلام ". Qهو: خروج ما في الجوف أو استخراجه بقوة: كثرة أو اتساع (¬1): كما تكون البَقَّة منتفخةً لكثرة ما تَمَصّ من دَم. والأولادُ الكثيرون، والمطرُ الكثير الشديد، والكلامُ الكثير، كل ذلك كان محتوى في الجوف حقيقةً أو تصورًا. ومنه يقال: بَقَّ عِيَابَهُ، ومالَه: فَرَّقَهُ. (وبَسَطَ الخيْرَ لنا وبَقّهْ): أوسع من العطية. والبَقَاقُ - كسحاب: أسقاط ما في البيت من المتاع (محتواة في جوفه). ¬

_ (¬1) (صوتيّا): الباء للتجمع مع رخاوة وتلاصق ما، والقاف للتعقد والغلظ في الجوف، والفصل منهما يعبر عن خروج المتجمع في الجوف بغلظ أو مع غلظة - كما يَسْتَخْرج البعوض الدم بالمص المؤلم، وكما يخرج النبت والأولاد والمطر والكلام بكثرة، والكثرة هي الغلظ هنا. وفي (بقو - بقى) تعبر الواو عن الاشتمال، والياء عن الاتصال، ويعبرّ التركيب عن استمرار وجود الشيء في الجوف قويًا سالمًا. وفي (بقر) تعبر الراء عن الاسترسال، ويعبر التركيب عن استرسال خروج الغليظ من الجوف بانفتاحه متسعًا كالبقير: الناقة التي شُقّ بطنها، والمهر الذي شُقّ عنه. وفي (بقع) تعبر العين عن ملتحم رخو لامع، ويعبر التركيب عن أن الذي يخرج ملتحم الجرم رقيق لامع كالبقعة البيضاء في اللون الأسود، وكلون أُروم الشجر المستوية بالأرض فيها. وفي (بقل) تعبر اللام عن التعلق والاستقلال، ويعبر التركيب عن أن ذلك الغليظ (القوي) يخرج عن الجوف عالقًا به متميزًا عنه: كالبقل وشعر اللحية وناب البعير.

(بقو - بقى)

• (بقو - بقى): {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] "المُبْقِيات - بضم فسكون: الأماكن التي تُبْقِى ما فيها من مناقع الماء ولا تشربه، ومن الخيل: التي يَبْقى جَرْيها بعد انقطاع جرى الخيل ". Qهو: دوام وجود الشيء في الجوف لا يفنى: كالماء في المبقيات، وكالقوة في مُبْقِيات الخيل. ومنه: "بقِىَ الرجلُ زمانًا طويلًا (كرضى): عاش " (ظل موجودًا على الأرض وهي ظرف كالجوف). ومن هذا قولهم للعدو إذا غَلَبَ عليهم: "البَقِيَّةَ أي: أَبْقُوا علينا ولا تستأصلونا (دعونا موجودين)، واستبقى الرجلَ وأبقى عليه: وجب عليه قتل فعفا عنه. وإذا أعطيت شيئًا وحَبَسْتَ بعضَه قلتَ: استبْقيت بعضه ". وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى دوام وجود الشيء أي عدم فنائه: إما في ذاته، وإما لأنه كان ضمن جمع من شيء، فذهب بعض الشيء أو أكثره، وبقي هو. • وقوله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ} [هود: 116] أي أولو تمييز وفهم [ل]، أي أولو عقل ولب، وهما في جوف الجسم (اللب والمخ كذلك) وكأن سبب هذا التعبير أن أغلب أهل تلك القرون كانوا محرومين من التمييز لغلبة الهوى والتقليد عليهم. ومن ذلك أيضًا {بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ} [هود: 86] أي ثوابه المدَّخَرُ لكم عنده عز وجل. ومن ذلك: "بقَوْت الشيء وبَقَيْته: نظرتُ إليه. بَقَاه بعينه بَقَاوَةً: نظر إليه "فالنظر بالعين، وجوهرة العين جرم غليظ سميك في جوف حِجَاجها، فالفعل أُخِذ من صفتها هذه إصابةً بها - كما يقولون: عانه وفَأَسَه. ويقال "ابقُهُ - بضم

(أبق)

القاف - بَقْوَتك مالكَ وبَقَاوتك مالك - بالفتح - أي احفَظْه حِفْظَك مالك ". (فالحفظ إبقاء للشيء في الحوزة سالمًا، أو هو من النظر السابق). ومن البقاء (بمعنى عدم الفناء) ما في آية الرأس، وقوله تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل: 96]، {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (50) وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} [النجم: 50، 51]، {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا} [الكهف: 46] المراد بها والله أعلم "كل عمل صالح يبقى ثوابه " [ل] {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} [الزخرف: 28]: لا يزال من ولده من يوحّد الله. [ل]. • (أبق): {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [الصافات: 140] "الأَبَق - محركة: الكَتّان. تَأَبّقَت الناقةُ: حَبَستْ لبنها ". Qهو: حَبْسٌ مكروهٌ في حيّز أو جوف شيء: كاللبن في جوف الناقة وحبسه شديد (يضرّها ويضير أصحابها). والكَتّان يَحبس ويُمسك ما يُشَدّ به، إذ كانوا يصنعون منه الحبال قال الأعشى: (قد أُحكِمَتْ حَكَماتِ الِقدّ والأَبَقا). ومنه: ألَا قالت بهانِ ولم تَأَبّقْ ... كَبِرْتَ ولا يليطُ بك النعيمُ أي لم تستَخْف (أي لم تُوَارِ ذلك وتحبسه في جوف أو لم تَقُلْهُ في خِفْية). ومنه: "أَبَق العبدُ وغيرُه: استَخْفَى ثم ذهب ": {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} (الاستخفاء يكون بالدخول في حيزٍ ما يستره أي الاحتباس فيه)، "وتأبَّق: استتر واحتبس ".

(بقر)

• (بقر): {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا} [الأنعام: 146] "البَقَرُ الأَهليُّ والوَحْشيّ: معروف. وناقة بقير: شُقّ بَطْنُها عن ولدها أيَّ شَقّ. والبَقِيرُ: المهرُ يولد في مَاسِكَة أو سَلى يُشقُّ عنه (والذي يولد في غير ماسكة ولا سَلَّى يُسَمَّى سَليلا)، وبُرْدٌ (= قطعة ثوب) يشق وتلقيه المرأةٌ في عُنُقها من غير كُمَّيْن ولا جَيْب. والمُبَقِّرُ (فاعل من بقّر - ض): الذي يَخُطّ في الأرض دارةً قَدْرَ حافر الفَرَس وتُدْعى تلك الدارةُ البَقْرة - بالفتح. وفي الحديث: "فأمر ببَقَرة من نحاس فأُحْمِيت .. قال الحافظ أبو موسى ربما كان قِدْرًا كبيرة واسعة، فسماها بَقَرة مأخوذًا من التبقر: التوسع، أو كان شيئًا يَسَع بَقَرة تامة بتوابلها فسميت بذلك "اهـ. وفي قول ابن الأعرابي: "فجاءَت فإذا البيتُ مَبْقُور .. أي منتشرٌ عَيْبَتُه " (العَيبة وعاء من أَدَم يكون فيها المتاع والثياب/ ينقل فيها الزرع المحصود إلى الجرين، وعِكْمُه الذي فيه طعامُه وكلّ ما فيه). "وقد بقّر القوم - ض أي: حَفَروا واتخذوا الركايا. وقالوا: عليه بَقَرة من عيال ومال أي: جماعة، وجاء يجُرّ بَقَرة أي: عيالًا ". Qهو: انفتاح جوف الشيء عما فيه باتساع: كالدارات، والركايا، والبيت المبقور، وجوف الناقة البقير، وبَقَرة النحاس، والبقير (الذي يُلبَس) مشقوقٌ في منتصفه فتحة ينفذ منها الرأس. والبقير (ذاك المولود) مبقور عنه. والعيال والمال في الحوزة مع كثرتهم وكون العيال (الأولاد) خارجين من بطن أمهم وصلب أبيهم، ثم اتُّسِع فشملت كلمة بَقَرة مالَ الرجل أيضًا. أما البَقَرة المعروفة فسميت كذلك لاتساع جوفها بالنسبة إلى الجوازئ من

(بقع)

الظباء. ويمكن أن تكون علة تسمية الأهلية كذلك بَقْرَها الأرْضَ، أي حرثها إياها. وقد وُصفت البقرة في القرآن الكريم بأنها تثير الأرض {إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ} [البقرة: 71]- ثم حُملت الوحشية الجازئة على الأهلية اتساعًا لشبهها بها. وليس في القرآن من التركيب إلا (بقرة) و (بقر) و (بقرات) بمعنى هذا الجنس من الأنعام. ومن ذلك المعنى المحوري قالوا: "بَقَرْتُ بطنَه: شققتُه وفتحته. وبقَرتُ الحديث: فتَحته وكشَفته ". ومن الاتساع: "بَيْقَرَ الرجل: خرج من أرض إلى أرض/ نزل الحَضَر وأقامَ هناكَ وترك قومَه بالبادية " (الخروج إخلاء حوزة. والإبعاد اتساع). "والبَيْقَرَةُ: إسراعٌ يطأطِئ الرجل فيه رأسَه. وتَبَقَّرَ في الأهل والمال والعِلْم: توسَّع. ومحمد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم هو الباقر: بَقَر العِلْم وعَرَف أصلَه واستنبَطَ فَرْعَه وتَبَقَّر في العلم ". ومن ملحظ الخلو (مع صيغة المطاوعة في الاستعمال الأول) "بَقِر كَلْبُ (الصيد) (تعب): رأى بَقَر الوحش التي ينبغي أن يصيدها فتحير - كما يقال غَزِلَ إذا رأى الغَزال فلهِيَ (ولم يحاول صيده)، وكذا "بَقِر: أَعْيا وحَسِر، وبيقر أيضًا: شك (تحير)، مات (خلا بدنه من الروح). وبيقر في ماله: أسرع فيه وأفسده (أخرجه تبذيرًا). وبَيْقَر: حرص على جمع المال ومنعه " (من إحساس بفراغ الحوزة، أي خوف الفقر - كأنه من لازم المعنى). • (بقع): {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ} [القصص: 30]. "غُرابٌ أَبْقع: فيه سَوَادٌ وبَياض. وذَوْدٌ بُقْع الذُرَى أي بِيضُ الأسنمة. ويقال

(بقل)

للأبرص: الأَبْقع. والبقيع: موضع فيه أُروم شَجَر من ضروب شتى " (= أصول شجر مقطوع مستوية بالأرض). Qظهور مساحات محددة الاتساع تتميز بحدةٍ في ظاهر نافذة إليه: كذلك اللون المخالف، وحدّته لمعانه ومخالفته لما جاوره، وكتلك الأروم وهي غليظة. ومنه: "أرض بَقِعة - كفرحة: نَبْتُها متقطِّع/ فيها بُقَعٌ من نَبْت أي نُبَذ. والبُقْعة - بالضم والفتح: قطعة من الأرض على غير هيئة التي بجنبها " (متميزة واضحة). ومنه ما في آية الرأس. ثم قد تُطلق تعميمًا على كل قطعه من الأرض. أما قولهم: "ما أدرى أين بَقَعَ، أى: ذهب "، وكذلك: "انْبَقَعَ: ذهب مسرعًا وعدا "، فإما أنها من نفاذ البقعة إلى الظاهر، وإما أنها من الذهاب إلى (بقعة) ما. • (بقل): {فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا} [البقرة: 61] "البَقْل: ما كان يَنْبُت في بَذْرِه ولا ينبت في أَرُومة ثابتة، وليس من دِقّ الشجر ولا جِلّهِ، وإذا رُعِى لم يبق له سوق. أبقل الشجرُ: خرج في أعراضه مثلُ أظفار الطير وأعيُنِ الجراد قبل أن يستبين وَرَقهُ وذلك إذا دنا أيامُ الربيع وجرى فيه الماء. بَقَل وجهُ الغلام: نبتت لحيته. وبَقَل نابُ البعير: طَلَعَ ". Qهو: نباتٌ (أو شيء ينبت) ضَعيفا في ظاهر شيء: كالشعر، والناب، وكما ينفذ النبت من الأرض، والوَرَقُ من أعراض الشجر (ممتدًا وممسكًا بما خرج منه). [وفي فقه اللغة لأستاذنا الدكتور إبراهيم نجا (ص 84): من أمثلة البقل: البرسيم، والحشيش والحِمْحم، والرُغْل، والنَجيل

£° معنى الفصل المعجمي (بق)

(وكلها مرعى للأغنام)، والرجلة، والخس، والجزر، والجِرجير. اهـ ملخصا] (وكلها أصلًا مما ينبت من بذور جِدّ دقيقة وليس يُقصد منها حَصَادُها أو اجتثاثها بل أوراقها. وبها يفسر مما في آية الرأس). ° معنى الفصل المعجمي (بق): تميز ما في عمق الشيء وتعلق الأحداث به بقوة: كدم البدن الذي يمتصه البعوض، والنبت الذي ينبت من بذور في باطن الأرض - في (بقق)، واستمرار الشيء في الحيّز - في (بقو بقى)، والذي كان في الجوف فخرج - في (بقر)، والذي أوجد اللمعان واضحًا - في (بقع)، وأصل ما نبت مستقلًّا مميزًا - في (بقل). الباء والكاف وما يثلثهما • (بكك - بكبك): {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران: 96]. "البَكْبَاك - بالفتح: القصير جدًّا إذا مشى تَدَحْرج من قِصَره. والبُكُك - بضمتين: الأحداث الأشداء. بَكَّهُ: زاحمه، وتباكّ القوم: تزاحموا. والبَكْبَكة: طرحُ بعض الشيء. وتباكّ: تراكم ". Qهو: ضغط يؤدي إلى تداخل جرم الشيء وانضغاطه بعضه في بعض (¬1): كما في المزاحمة، والقصيرُ يُتَوَهّم أنه مضغوط، كما عبروا عنه بالمتكاكئ. ¬

_ (¬1) (صوتيَّا): الباء للتجمع مع رخاوة والتصاق ما، والكاف للضغط الغئورى الدقيق، والفصل منهما يعبر عن تضاغط واندكاك يُشْبه احتباس الأشياء بعضها ببعض. وفي (بكى) تعبر الباء عن الاتصال، ويعبر التركيب عن خروج مائع من الشيء قليلا قليلا كأنما باعتصار وضغط كالبكاء. وفي (بكر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن أن يصدر أو يخرج من =

(بكى)

ومن ذلك: "بَكَّ الرجلُ: خَشُن بدنُه شجاعةً " (هذا الاستعمال اللازم غريب، لكن يتأتى قبوله باعتبار أن الشجاع كالمصمت المدكوك ليس فيه خور)، وافتَقَر (انسحق بالشدة). ومنه: بَكّه: خَرَقَه (كأنه ضغطه بشدة حتى خرق جرمه)، وفلانًا: رَدَّ نخوته ووضَعَه (دَكَّه - كَبَسه)، وعنقَهُ: دقها. و "بكّة "يطلق هذا الاسم على مكة المكرمة، أو ما بين جَبَلَيْها، أو المَطاف، للزحام، أو لدق أعناق الجبابرة: {لَلَّذِي بِبَكَّةَ}. وأرى أنه أطلق على ما بين جبليها حيث يبدو موضعُها وكأنه دُكَّ دَكًّا عن مستوى ما حوله، أو لمكانة زمزم منها؛ إذ نشأت بهَزْمَة (أي بَكّة) من جناح الملَك. والقصة معروفة. • (بكى): {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} [النجم: 43] "البَكَى - كالفتى: نَبْت أو شَجَر، واحدته كفتاة، إذا قُطِعَتْ هُرِيقَتْ لبنا أبيض ". Qهو: خروج المائع من جوف الشيء قليلًا قليلًا بنحو الاعتصار كما لو كان عن اكتناز وضغط شديدين: (كلمة "هريقت "هنا تعبر عن القوة النسبية لخروج ذلك اللبن على غير المعتاد لا عن أنه ينهمر) كخروج ذلك السائل خلال قطع البَكَاة. ومنه: "بكت عينه تبكي: خرجت دموعها (تتجمع الدمعة تسربًا من بين الجفن والبصر كالمعتَصَرة ثم تسيل) وإنما يكون ¬

_ = الشيء (بعد زمن امتناع) ما يكون أولًا لما يأتي بعد. من جنسه باسترسال. أما في (بكم) فإن الميم تعبر عن استواء الظاهر، ويعبر التركيب معها عن انسداد المنفذ الكبير للجرم وهو الفم، فالأبكم - كأنه مصمت الأثناء مسدود الفم لعدم نفاذ كلام منه.

(بكر)

عن ألم شديد محتبس في النفس، ويعلل حينئذ بأن فيه تنفيسًا عن النفس. والذي ورد في القرآن من هذا التركيب هو كله من البكاء: ذَرْف الدمع. {خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58] و (بكيا) جمع باك. وقوله تعالى {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} [الدخان: 29] في [قر 16/ 140] حديث "أن للمؤمن بابًا في السماء ينزل منه رزقه وبابًا يصعد منه عمله، فإذا مات فقداه فبكيا عليه "يعني أنهم لم يعملوا على الأرض عملًا صالحًا تبكي عليهم لأجله، ولا صعد لهم إلى السماء عمل صالح فتبكي فقد ذلك]. {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} [النجم: 43] المقصود حقيقتهما، أو هو كناية عن السرور بالضحك، وعن الحزن بالبكاء [بحر 8/ 165] أي هو سبحانه الذي يأتي بأسبابهما. • (بكر): {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: 62] "باكورة الثمرة: أولها مجيئًا وإدراكًا. والباكورة: أولُ الفاكهة، وأول كل شيء. وبِكْرُ أبويه: أَوَّلُ ولد يولد لهما، وبِكْر كل شيء أوله ". Qهو: صدور شيء من أصله (بعد زمن خال من الصدور) بحيث يكون أوّلًا لما يصدر بعده من جنسه: كالولد من أبويه لأول مرة، وكما تخرج الثمرة من شجرتها لأول مرة مطلقًا أو في عامها. ومنه: البَكَرة - بالفتح والتحريك: تلك التي يُستقى بها من البئر فتُخْرج الماء من العمق (والعمق يوازي الامتناع السابق لصدور الباكورة)، ثم إن البَكَرة تتيح دوام إمكان إخراج الماء من عمق البئر أي استرسال ذلك. ومنه: "البُكرة - بالضم: الغُدْوة " (أولُ النهار حيث يخرج أول الضوء من عمق الظلام ثم يسترسل

(بكم)

مستمرًا ومتزايدًا): {وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ} [القمر: 38]، {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: 11] ومثلها كل (بُكْرَة) في القرآن. {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} [غافر: 55] مصدر أبكر، ومثلها ما في [آل عمران: 41] وما فيه البكرة أو الإبكار ومقابلهما يصلح للتوقيت بهما، وللتعميم. ومن هذا عُمّم التبكير في المبادرة والإسراع، و "كل من أسرع إلى شيء فقد بكّر إليه "- ض. ومن ذلك المعنى: "البِكْر - بالكسر من النساء: الجارية التي لم تُفْتَضّ (تُباشَرُ لأول مرة): {ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [التحريم: 5] ومثلها ما في [الواقعة: 36]، "بقرة بِكْر: لم تحمل " {لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ} [البقرة: 68] (الفارض: المسنّة. فهي بينهما)، وأيضًا "التي ولدت بطنًا واحدًا (تلد لأول مرة) وبِكْرُها - بالكسر: وَلَدُها " (أول ولد). (وكل من ذلك يتلوه ما هو من جنسه). ثم استعمل في الصغير نقلًا من حداثة صدور الجنس من مصدره إلى حداثة الصادر نفسه "الفَتِيّ من الإِبل بِكْر. وأبكار النخل: أفتاؤها/ صغارها ". ويتأتى أن تكون البكر من النساء من هذا أيضًا. • (بكم): {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ} [الأنعام: 39] "شخص أبكم وبكيم. البَكَمُ (مصدر): الخَرَس، وقيل: هو أن يولد الإنسان لا ينطق ولا يسمع ولا يبصر ". Qهو: انسداد أعلى الشيء على ما يمتلئ به جوفه فلا ينفُذُ منه شيء (بك للامتلاء والازدحام، والميم للضم والإغلاق): وهذا يصدق على كلا التعريفين السابقين، ولكن بالنظر إلى ما في قوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [البقرة: 18]

£°معنى الفصل المعجمي (بك)

حيث جاء مع البكم بما يعني انسداد الأذن خاصة، وبما يعني انسداد العين خاصة، نجد أن البَكَم إنما يعني ما هو من قبيل انسداد الفم خاصة، أي الخَرَس. ويؤيد هذا أيضًا قولهم: "رجل بَكِيءٌ: قليل الكلام ". فالفصل قوي الصلة بحبس الكلام. ولم يأت في القرآن من التركيب إلا (الأبكم) وجمعه (بُكْم). ° معنى الفصل المعجمي (بك): الانضغاط والاندكاك بدقة أو حدّة: كما في البكّ: المزاحمة - في (بكك)، وكما في ما يشبه العصر الذي يتولد عنه مائع قليل - في (بكى)، وكما في بدء وجود الشيء أي تكونه صغيرًا كأنه مضغوط قبل أن يتزايد مسترسلًا - في (بكر)، وكما في انضمام أثناء الشيء على ما فيها فلا تتفتح في (بكم). الباء واللام وما يثلثهما • (بلل - بلبل): {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} [آل عمران: 169] "البَذْر والبُلَل - كصرد: واحد. يقال: بَلُّوا الأرضَ: إذا بَذَروها بالبُلَل. ويقال للإنسان إذا حَسُنت حاله بعد هُزال: قد ابتل وتبلّل. وقد بَلَّ فلان من مرضه وأبَلّ واسْتَبَلّ: بَرَأ. البُلْبُل - بالضم: قَناةُ الكوز، والهَوْدَجُ للحرائر ". Qهو: تحصل لطيف في الأثناء بتمكن (¬1): كالبَذْر في جَوْف ¬

_ (¬1) صوتيًّا: الباء للتجمع الرخو مع لصوق، واللام للتعلق مع التميز أو الاستقلال، والفصل منهما يعبر عن حصول شيء لطيف في أثناء، أي حوزه فيها بتمكن (مستقلة به) كالبذر في الأرض. وفي (بلو بلى) تعبر الواو عن الاشتمال، والياء عن اتصال، ويعبر التركيبان عن اتصال الاشتمال والحوز على شدة كما في البليّة وبِلَى الثوب ونحوه. وفي (بول) تتوسط الواو بمعنى الاشتمال، ويعبر التركيب عن كون المحتوى في الأثناء مظروفًا فيها متميزًا كالشيء في القارورة. وفي =

الأرض يَبْقَى وينبُتُ فيَظلّ عالقًا، وكالشحْم والسِمَن في الجوف، وكالماء في بُلْبُل الكوز لا يتسيب ولا يتبعثر، وكالحُرّة في الهودج يضمها. (ومنه البُلْبُلة التي تُعلّق في عنق الحمار ونحوه فيها حصاة). ومن ذلك: حديث لقمان: "ما شيء أَبَلّ للجسم من اللَهْو. والمعنى: ما شيء أشدّ تصحيحًا وموافقة للجسم منه " (أي يملأ البدن رِيًّا، والمقصود الانشغال عما يغمّ النفس بما لا يخالف الشرع). والحصول في الأثناء إمساك وامتساك فيها، وله صور كثيرة: "الأبلّ: الرجل المَطُول الذي يَمْنَعُ (يمسك) ما عندَه من حُقوق الناس بالحَلِف ". "وأَبَلّ الرجل: امتنع وغلب (تماسك). والمُبِلّ - بضم فكسر: الذي يُعْييك أن يتابعك على ما تريد (مستعص متماسك). وصفاة بَلّاء: ملساء (ويكون ذلك من شدة اكتناز جِرمها وتماسكه) والأبلُّ: الرجل الشديد الخصومة " (انظر لدد). ومن صريح ذلك قول ابن الأنباري في شرح قول طرفة: إذا ابتدر القومُ السلاحَ وجدتَنِي ... منيعًا إذا بَلَّتْ بقائِمِه يدي : "أي عَلِقَتْ بقائمه يدي وظَفِرَتْ به يقال: بَلِلتُ به: ظَفِرتُ به " [شرح ¬

_ = (وبل) تسبق الواو فيتحول الاشتمال ليصير كثافة وغلظًا للشيء كله كالوبيل. وفي (إبل) تسبق الهمزة بضغط يؤكد حصول اللطيف في الحوزة كما في رِيّ الإبل، أي صبْرها عن الماء بما يعطي انطباعًا بتخزينها الماء الذي تحتاجه. وفي (بلد) تضيف الدال معنى الضغط والحبس، ويعبر التركيب عن جلادة الظاهر بحيث يحبس في أثنائه ما يفترض أنه فيها فلا ينفذ منها كعدم نفاذ الشعر أو النبات من البَلْدة. وفي (بلس) تعبر السين عن حدة نافذة في أثناء ذلك المتجمع كما في البَلَس (التين)، والبُلُس: العدس. وفي (بلع) تعبر العين عن معنى الالتحام الرخو، فيعبر التركيب عن صحب مثل تلك المادة إلى الجوف. وفي (بلغ) تعبر الغين عن نحو الغشاء القوي الممتد، فيعبر التركيب عن وصول شيء إلى ما به قوة جرمه، أو وصول شيء قوي إليه.

(بلو - بلى)

القصائد السبع الطوال 216] أي صار في يدك. وبَلَّ إنسانًا وبل به (كفَرّ ومَلّ): لزمه وداوم على صحبته. ومنه: "البَلَل - محركة: النُدُوّة (علوق الماء أو النَدَى بأثناء الشيء، وقد كان طيُّ السقاء على بُلولته مما يكفل بقاء تماسكه وعدم تشقُّقه جفافًا). والبَليلة: ريح فيها مَطْرة ضعيفة أو نَدّى (تحمله في أثنائها)، والِبلَال - ككتاب: كل ما يُبَلّ به الحلق من الماء واللبن ". وقولهم: "بلِّ رحمه: وصلها "هو من هذا البلل: النداوة على المثل. و"بل "التي للإضراب هي بمعنى الحَبْس، أي إيقاف الأمر إبطالًا أو انتقالًا {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [الأعلى: 16]. [وينظر معجم حروف المعاني 2/ 497]. • (بلو - بلى): {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: 124] "البَلِيَّة: الناقة تُعْقَل عند قَبْر صاحبها (في حفرة مشدودةَ الرأس إلى الخلف) فلا تُعْلَفُ حتى تموت. وناقة بِلْوُ سَفَر وبِلْىُ سَفَر - بالكسر: أبلاها السفَر (كذا وإنما المقصود أنها دائمة الأسفار بدليل قولهم: هو بِلْىٌ وبِلْوٌ من أبلاء المال، أي قيّم عليه، وبِلْىُ شرٍّ وبِلْوُه: قوِيٌّ عليه ". Qهو: شدة تحُوز الشيء - أو حَوْز الشيء بشدة - لمدى طويل: (ويلزمه بيان حال الشيء الذي حِيزَ في شدة): كالناقة المُبْلاة للمنون أي المحبوسة له بتلك الصورة، والدائمة السفر (كما يفهم من قولهم ذاك). ومنه: مع بيان الحال "ابتلاه الله: اختبره (كأنما اختبر صبره وتحمُّلَه الاحتباسَ والبقاءَ على وضع شديد) ويقال أيضًا: بَلَوْته: امتحنته ". ومن هذا "البلاء: الاختبار والمحنة والغم ". وقد جاء التعريض لشدة مع لازمها، وهو تبيُّن الحال، صريحًا في آيات

كثيرة {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: 31]،. ومع اعتداد النعم هي أيضًا شدائد أي مجال اختبار من حيث إنها تستوجب شكرًا وحسن استعمال يؤدَّيان أو لا يؤَدَّيان، يتبين أن الفعل (بلا يبلو) جاء في القرآن الكريم للشدة ولازمها الاختبار معا، أو للشدة فقط أو للاختبار ولازمه العلم. فللشدة فقط، (عقوبة): {كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: 163]. وللعلم فقط: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} [يونس: 30]، {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق: 9]. وسائر ما في التركيب من الفعل (بلا يبلو) أو الاسم (بلاء) أو اسم الفاعل (مبتلى) فهو بمعنى الشدة مع الاختبار (تبيُّن الحال) ويُحتاج في بعضها إلى بعض التأمل. • ومن ماديّ المعنى المحوري قولهم: "بَلِىَ الثوب " (كرضى)، ولا يكون ذلك إلا عن طول استعمال مع امتهان - كما سموها: "ثياب المَهْنة "ويلحظ أثر الصيغة. هذا وقد فسر [طب 2/ 48] قوله تعالى: {وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} [البقرة: 49] بالنعمة. وقد ذُكِرَتْ بعدَ نِعَم كثيرة عدَّدَها الله عز وجل على بني إسرائيل. ثم رد [طب] استعمالات الجذر كلَّها إلى الاختبار مستشهدًا بقوله تعالى: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ} [البقرة: 168]، {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35]. وكذلك في {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: 124] قال: أي اختبره، كما في قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] [طب 3/ 7]. وأرى أن المعنى المحوري الذي حددناه أدق، لأن من الاستعمالات ما ليس اختبارًا، كما هو واضح في: الناقة البلية، وبِلْوِ السفر، وبِلْو المال. وإنما المعنى وقوع في حيزِ شدةٍ أو في حيزٍ مع شدة. وهي في آية [البقرة: 124] التكليف،

(بول)

فالتكليف فيه مشقة أداء العمل المكلَّف به، والمسئولية عن الأداء، وإحسان الأداء أمام العزيز سبحانه. ثم يترتب على تنفيذ التكليف بيان الحال. وقد سبق الراغب بكثير من هذا. أما "بلى "التي هي "جواب استفهامٍ معقودٍ بالجحد توجب ما يقال لك " [ق]، فهي من معنى الوقوع في حيز يحبس حبسًا قويًّا دائمًا. والحبس هنا واقع على المنفى بعد الاستفهام، كما يعبَّر الآن بإيقاف الأمر، أو تعليقه، أو تجميده، وكلها بمعنى الحبس. وذلك يؤدي معنى النفي، ونفي النفي إثبات؛ فهي لإثبات ما نفى: {قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى} [البقرة: 260]. وكل (بلى) في القرآن فهي ردٌّ أو نفيٌ لإنكار أو نفي. وفي قوله تعالى {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي} [الزمر: 59] قال [بحر 7/ 419] "ولما كان قوله {لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي} [الزمر: 57] وجوابه متضمنًا نفي الهداية كأنه قال: ما هداني الله: قيل له {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي} مرشدة لك (فكذّبْتَ بها). [وينظر معجم حروف المعاني في القرآن الكريم 2/ 502]. • (بول): {سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ} [محمد: 5] "البالة: القارورة، والجراب، ووعاء الطِيب. والبول - بالفتح: ذلك الذي يخرج من القُبُل ". Qهو: احتواء مادة لطيفة في الباطن تخرج أو يظهر أثرها: كتلك الأوعية تختزن ما يوضع فيها ويُخرَج، وكالبول وهو مائع مختزن يخرج، والقارورة يظهر ما في باطنها. ومنه: البال: الذي يُعتَمَل به في أرض الزرع (المسحاة) (يجمع التراب لتدفن البذور في باطنه لتنبت كأنه بمعنى اسم الفاعل). والبالة: عصا فيها زُجّ تكون مع صيادي البصرة يصيدون بها السمك يرمونه بها

(وبل)

(تنشب في السمك - وهو لطيف خفي في الماء - فتخرجه). ومن ذلك: "البال: النفس، والقلب (كما يسمى لُبًّا وحِجْرا). والبال: الحال التي تكترث بها " (¬1) أي التي تتعلق بأمور جوهرية (تُشغَل بها وتحتويك): {كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} [محمد: 2] أي حالهم وشأنهم بالتوفيق في الدين والتسليط في الدنيا [الكشاف 3/ 127]، (وفي ل: حالهم في الدنيا). "وكل أمر ذي بال .. "أي ذي قيمة في باطنه: {مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} [يوسف: 50]: سأله عن حال النسوة ... ليجدّ في التفتيش عن حقيقة القصة [الكشاف 2/ 141]، أي ما حقيقة أمرهن مع يوسف، والحقيقة باطنة مستقرة. وكذلك: {فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى} [طه: 51] أي ما حقيقة أمرها وأخبارها. وكذلك: ما بالك تفعل: ما حقيقة أمرك في هذا الذي تفعله؟ لم تفعله؟ والبال: الاكتراث (الهم الذي يشغل النفس بالأمر). • (وبل): {كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ} [البقرة: 265] "الوَبِيل والمَوْبِل - كمجلس: العصا الغليظة الضخمة. والوَبيل كذلك: خشبةُ القصّار التي يَدُقّ بها الثياب بعد الغَسْل، وخشبة يُضْرَبُ بها الناقوس. والوبيل والوبيلة والإبَالة - كإفادة، والمَوْبِلة - كمنزِلة: الحُزمة من الحَطَب. والوابلة: طَرفُ العَضُد في الكتف وطرَف الفَخِذ في الوَرِك. وقيل: الوابلتان: ما التفّ من لحم الفَخِذين في الوركين ". ¬

_ (¬1) هذا القيد من [تاج].

Qهو: غلظ الجرم مع امتداد ما - أو غلظ ما يتعلق به: كالعصا الغليظة الضخمة، وخشبة القصار - وهي كذلك، وكطرف العضد والفخذ وهما ممتلئان مكتنزان - ويلزم ذلك المعنى الثقلُ الشديد. ومن ذلك المعنى: "الوَبْل - بالفتح والوابل: المطرُ الشديدُ الضخمُ القَطْرِ (والمطر يبدو في نزوله كأنه ممتد): {كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} [البقرة: 265]. ومثل ذلك ما في [البقرة: 264] والوابلة: نسل الإبل والغنم " (ناتجة منها أي ممتدة فتكثر وتجتمع، والاجتماع من باب الغلظ؛ لأنه كِبَر حَجْم). ومن الثقل المعنويّ: "أرض وَبِلة - كفرِحة: وَبِئة وَخِمة. وماء وَبيل ووَبِئ: وَخِيم غيرُ مرئ. وقيل: هو الثقيلُ الغليظُ جدًّا (وفي قر: طعامٌ وَبيل: ثقيل). ومنه: "الوَبَلة - بالتحريك: الثِقَل والوخامة مثل الأَبَلة. والوبال - كسحاب: الشدة والثقل {فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا} [الطلاق: 9]: ثِقْله ووِزْره، {لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [المائدة: 95]: عقوبةَ ذنبه ... وأصل الوَبال: الشدة في المكروه. ومثله ما في [الحشر: 15، والتغابن: 5] هكذا رأى [طب 11/ 47] وقريب منه ما قال [قر 6/ 317]. والأدق في ضوء الأصل أن يقال: ليُحسّ أو يدرك ثِقَل ما اقترف أو وخامته. فالأمر هنا تكفير عن معصية بَهدْى بالغ الكعبة أو كفارةٍ طعامِ مساكين أو عَدْلِ ذلك صيامًا، وهي قُرُبات فيها معاناة أو تكلف وثِقَل، ولكنها محمودة العاقبة، وليست عقوبة صرفة تقارن بأخذ فرعون {أَخْذًا وَبِيلًا} في [المزمل: 16]. ومن المعنى كذلك: "ضرب وبيل: شديد " (ثقيل). "ووَبَل الصيدَ وَبْلا وهو الغَتُّ وشدةُ الطرد " (حتى يثقُل ويعجِز).

(أبل)

وأما قولهم: "للشاة وَبَلة شديدة - محركة أي شهوة للفحل. وقد استوْبَلَت الغنم "فهي من الغلظ، أو الثقل، كأن ذلك استحمال. • (أبل): {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ} [الفيل: 3] "الإِبل - بكسرة وبكسرتين: جِنسُ الجِمَال، والسحابُ الذي يحمل الماء. وقد أَبَلَت الإبل (قعد وكسمع وضرب): جَزَأَتْ بالرُطْب عن الماء. وبَعير أَبِلٌ - ككتف: لَحيم. وتأبيل الإبل: تسمينها ". Qهو: احتواء باطن الشيء على غضًّ أو لطيف كثير: كالماء في جوف إبل السحاب والجِمال، إذ الجِمال أطولُ الأنعام والدوابِّ رِيًّا؛ لأنها تصبر عن الماء ثمانية عشر يومًا (¬1)، كما هو معروف، لذا فُضّلت في التنقل في الصحراء. وكانوا إذا أعوزهم الماء في السفر يبقرون بطونها ليأخذوا الماء من أجوافها. فإذا توقعوا ذلك قبل السفر سَقَوْها ماءً كثيرًا على سبيل الاختزان [ينظر تاريخ طب 3/ 409 و 415 - 416]: {وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ} [الأنعام: 144]، {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية: 17]. ومنه "أبَل العُشْبُ أُبُولا: طال فاستمكنت منه الإبل " (كذا) والمقصود طال بقاؤه بالأرض مع رِيِّه وما تغذوه به الأرض فكَبِر وطال جرمه. و "أَبَلت الإِبل أبولا: أقامت بالمكان " (لزمت حَوْزته فسَمِنت وكثُرت، ثم هي من أشهر النعم عندهم). ومن الكثرة المحتواة في حوزةٍ: "الإبَالة - كرسالة: الحُزْمة الكبيرة من ¬

_ (¬1) كأن هذا عامّ أي ممكن في الإبل كلها. أما الإبل التي تصبر عن الماء أكثر من ذلك فتسمى جوازئ أي تجزأ عن الماء بما في المرعى الذي تأكله من ندّى ورطربة. ينظر: [ل تاج عشر]

(بلد)

الحطب " (تجمع وتماسك)، (وكإِجَّانة ويخفف وسِكِّيت وعِجَّوْل ودينار): "القطعة من الطير والخيل والإبل " (كثرة وتلازم)، والأبابيل جمعُها: {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ} [الفيل: 3]، والحُزْمة من الحشيش كالأبيلة. "ناقة أَبِلَةٌ: مباركة في الولد " (في بطنها كثير). و "الأَبلة - كفَرِحَة: الطَلِبَة "والحاجة (يراد ضمها واحتواؤها). ومثلُ أُبُول الإِبل أي اجْتِزائها بالرُطْب عن الماء: "أَبَلَ الرجل عن امرأته: امتنع عن غشيانها، كتأبّل " (اختزن أو أمسك ماءه). ومن هذا: "الأبيل: الراهب ". (لا يتزوج). أما "الأبلة - بالتحريك أو الفتح: الثِقَلُ والوخامةُ، كالأَبَل "- محركة - (كأنما من رخاوة في الجوف تسبب الفتور)، والإثمُ (وهو ثقل كالوِزْر). والإِبْلة - بالكسر: العَدَاوة " (كالحقد في القلب)، فمع أن الثقل لازم "للكثرة المحتواة "التي جاءت في المعنى المحوري، فإن الأشبه أنها من (وبل)، بإبدال الواو همزة. • (بلد): {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} [النحل: 7] "الأَبْلَدُ من الرجال: الذي ليس بمقْرُون الحاجبين. والبَلْدة - بالفتح: ما بين الحاجبين غير المقرونين/ نقاوة ما بين الحاجبين - وتضم، وراحةُ الكف، وثُغْرة النحر وما حولها، ومنزلة من منازل القمر خَلاءٌ لا نجوم فيها. والبَلَد - محركة: ما لم يُحْفَر من الأرض ولم يُوقَد فيه، والأَثرُ في الجسد (من حرق أو نحوه)، وقد بلّد السحاب - ض: لم يُمْطِر، والفرسُ: لم يَسْبِق، والإنسانُ: لم يجُد. ورجل أبلد: غليظ الخَلْق ". Qهو: إصماتُ ظاهرٍ متسعٍ بحيث يحتبس فيه (أي لا ينفذ

منه) ما يُتَوقَّع أو يُعتاد نفاذه: كتلك البقع الخالية من الشَعَر بين الحاجبين، وراحة الكف، وثُغْرةِ النحر، وخُلُوِّ منزلة القمر تلك. وكذلك الأرض التي لم تُحْفَر لم تُفْتح أي تُشَق ويُنفَذْ منها، وأثر الحَرق والجَرْح لا ينفُذ منه شَعَر. وكالمطر الذي لا يخرج من السحاب، والفرس الذي لم يَنفُذ من بين غيره، والإنسان الذي لم يبذل ويُخرِج شيئًا من ماله، والغليظ الخَلْق لا يكاد يُخْتَرق (أو هذا من إصمات الظاهر). ومن ذلك "البلد - محركة: كل موضع متحيز من الأرض عامر أو غامر (تحيّزه كأن عليه حاجزًا يحبس). وأرى أن أصل البلد المسكون أنه مساحة خالية متميزة تُتَّخذ للإقامة، والإقامة احتباس وقد جاء "البَلَد من الأرض: ما كان مأوى الحيوان وإن لم يكن فيه بناء ". وقد بَلَد بالمكان (قعد): أقام به {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} [التين: 3] هو مكة بلد الله الحرام، {حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ} [الأعراف: 57]: لبقعة من الأرض أو قُطْر ميت، {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} [النحل: 7]: قُطْر أو مدينة. وبمثل هذا المعنى جاء سائر ما ذكر من (بلد) و (بلدة) في القرآن ووصفها بـ (طيب) أو (ميت) يخصصها بقطر أي أرض من شأنها كذا. وجمعها (بلاد) هو للمدن والقرى {الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ} [الفجر: 8] والأقطار {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ} [آل عمران: 196] وكذا ما في [غافر 4، ق 36]. ومن هذا: "البَلَد: القبر " (حيز لا يغادره صاحبه). ومن ذلك المعنى البلادة: "رجل بليد وقد بلُد (ككرم): إذا لم يكن ذكيًّا (الذكاء حدة فكر ونفاذ)، والبليد من الإبل: الذي لا ينشِّطه تحريك " (لا يجعله يُنْفِذ شيئًا، والسير إنفاذ لمذخور القوة في الباطن).

(بلس)

• (بلس): {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 34] "البَلَس - محركة: ثمر التين إذا أدرك، واحدته بتاء، وبضمتين: العَدَسُ، وهو البُلْسُن أيضًا. والبَلَسان: شجر له دهن حار يتنافس فيه " [تاج]. Qهو: اشتمال باطن الشيء على حدَّة لا تظهر: كما تحتوي ثمرة التين على حُبَيبات دقيقة صُلْبة في جَوفها، وكما تحتوي جُبَّة العَدَس على حبته الصلبة الدقيقة، وكما يحتوي حب البَلَسان على دُهْن حارٍّ خَفِيٍّ فيه، وهذه الحرارة حدة تناسب الخشونة والصلابة. ومنه: "أبلَسَتْ الناقةُ: لم تَرغُ من شدة الضَبَعة، أي الشهوة للقاح، والناقةُ مِبْلاس " (فالشهوة الشديدة تسبب لها نوعًا من الألم الحادّ أو التوتُّر ينتشر في باطنها فلا ترغو). ومنه أيضًا: "أبلس الرجل: سكت غمًّا، أو حُزنًا، أو يأسًا وحيرة، أو ندمًا، أو لانقطاع حجته .. " (فالحزن وغيره من المشاعر الحادة القاسية التي تعتمل في جوفه تمنعه من الكلام يأسًا من جدواه). وهذا كما يقولون: سكت على مَضَض، أي على حُرقة وألم لاذع في الجوف .. وربما قيل في هذا: "ضَمِدَ ": {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ} [الروم: 12]، {أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44]، {لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} [الزخرف: 75] ومثلها ما في [المؤمنون: 77]، {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ} [الروم: 48, 49] ففي كل ذلك هناك حُرْقة في الجوف تحسُّرًا أو ندمًا أو يأسًا. وفي الآية الأخيرة يجوز أن تكون الحرقة حقيقيةً من شدة

الجفاف، كما قالوا: عام الرَمادة، من الرَماد: دُقَاق الفَحْم من حُراقة النار. بقى من هذا الجذر كلمة إبليس وهي عند الكثيرين معرَّبة [الجواليقي شاكر 71، ف عبد الرحيم 122)، دائرة المعارف الإسلامية 1/ 185] لكننا نتبين بوضوح أن اللفظ والتسمية هي من المعنى الذي ذكرناه: فقد ذكر القرآن الكريم إبليس في مواضع ذكره (أَحَدَ عَشَر موضعًا) - عارضًا إباءه السجود لآدم استكبارًا لأنه - في زعمه - خير من آدم، إذ هو خُلِق من نار وآدمُ من طين. ولما لُعن وطُرد قال: {لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: 39] فهذه طبائع مخلوق يُكنّ في طويته فسادًا وكفرًا بعصيانه ربه - وهذه محادّة وخشونة، ويكنّ كِبْرًا وهو غلظ ومشاعر حادّة نحو غيره، وحِقدًا جعله يُقسم أن يغوي ذرية آدم، والحقد غلّ وحرارةُ جوف. ثم إنه لقى من جزاء تكبره ما أمضّه وأحرق قلبه غيظًا ومزيد حقد وعجرًا - وهذا تأويل اسمه على الفاعلية والمفعولية معًا. وعلى الوجهين فاللفظ مأخوذ بوضوح من المعنى الذي ذكرنا. وهنا وجه آخر لتسميته قد يكون أوجه مما سبق وهو أنه مسمىَّ بعمله وهو الوسوسة، وهي الكلام الخفيّ، وحديث النفس، والحديث إلى النفس "وسوس في صدره الشيطان: حدّثه في نفسه "والتركيب أصيل في التعبير عن عدم التصويت وعدم إظهار صوت كما في "أبلس الرجل، وأبلست الناقة "وقد ذكرناهما. بقى من ركائز القائلين إن اللفظ معرّب أنه ورد في القرآن ممنوعًا من الصرف، ولا علة لذلك مع العَلَمية إلّا العُجمة - على دعواهم. وهذا مردود بأن العَلَمية وحدها تكفي علّةً لمنع الصرف عند كثيرين؛ لأن للعَلَمية من القوة ما ليس لغيرها، ولورود السماع (أي سياع منع العَلَم من الصرف لعلة العَلَمية

وحدها) في العَلَمية دون غيرها. ثم إنهم قالوا في جواز منع المصروف أربعة مذاهب أحدها الجواز مطلقًا ... والرابع جواز ذلك في العَلَم خاصة [شرح الأشموني وحاشية الصبان جـ 3/ 276]، ثم عللوا منع الصرف بثقل الاسم الممنوع من الصرف، وأن منعه يخففه [المصدر السابق ص 227 الحاشية] حيث وصف الذي لا ينصرف بالثقيل [وص 229/ الشرح] حيث قال إن المفرد الجامد النكرة/ كرجل وفرس/ خفيف فاحتمل زيادة التنوين. والذي يُشْبه الفِعلَ ثَقُل ثِقَله فلم يَدْخله التنوين. وأيضًا [ص 237/ الحاشية]، حيث قال إن فائدة منع العَلَم المعدول تخفيف اللفظ وتمحضه للعلمية). ولذلك قال [طب 1/ 510] تُرِك إجراؤُه (يقصد صَرْفه) استثقالًا، إذ كان اسمًا لا نظير له من أساء العرب (يقصد أنه نادر لا أنه منقطع النظير فسيأتي أن له نظائر) فشبهتْه العرب بأسماء العجم التي لا تُجْرَى اهـ. ونظير إبليس في المنع استثقالًا قولهم: نار إجْبيرَ - غير مصروفة، وهي نار الحُباحِب [ل جبر 186/ 12]. ثم إن للكلمة من حيث صيغتها نظائر في العربية مثل إبريق، وإبريج (الممخضة)، وإجفيل (: الجبان، والظليم ينفر من كل شيء، والقوس البعيدة السهم)، وإخريط (نبات من الحَمْض يُغْسل به)، وإبريز (الخالص من الذهب) وغيرهن .. فليست هناك أية حجة قائمة لزاعمي تعريب لفظ إبليس. ويضاف الآن أنه يؤخذ مما أورده د. ف. عبد الرحيم في تحقيقه لمعرب الجواليقي أن للكلمة صيغة سريانية غير مبدوءه بحرف (د) وهو نفس الحال في العربية، في حين أن ما يُدَّعَي أنه الأصل اليوناني مبدوء بالدال وكذلك الحال في أربع لغات أوربية. فهذا وجه جديد لإضعاف ادعاء تعريب الكلمة، ثم إذا كانت في السريانية فهي من المشترك السامي (= الأعرابي = الجزري). والعربية أصل الساميات (: الأعرابيات = الجزريات).

(بلع)

• (بلع): {وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي} [هود: 44] "البَلُوع: الشراب. والبُلْعَة - بالضم من الشراب: كالجُرْعة. والبالوعة - وكسَبّورة: بئر تحفر وَسط الدار ويُضيَّق رأسُها يجرى فيها المطر. بَلِع الشيء (كسمع) جَرَعه، وبلِعَ الطعامَ وابتلعه: لم يمضغه " (أي بلعه دون مضع). Qهو: جذب الشيء إلى الجوف بقوة: كما وُصِف: {وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ} [هود: 44]. ومنه: البُلَعَة - كهمزة: ثُقْب البَكَرة (الذي يَبْلَع المِحْوَر). والمَبْلَعُ والبُلْعُم والبُلْعوم - بالضم فيهما: مَجْرَى الطعام وموضعُ الابتلاع من الحلق. • (بلغ): {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} [الأنعام: 149] "بَلَغْت المكان: وصلت إليه، والتَبْلِغَةُ: حَبْل يُوصَل به الرِشاء إلى الكَرَب " [الرشاء هو الحبل الذي يُرْبط في الدلو ليُنْزَل به إلى البئر ثم يُرْفع به إلى أعلى، وأعلى الدلو خشبة أفقية مثبتة في فتحته، يربطون فيها حبلًا يسمَّى الكَرَب، وهم يربطون الرشاء في هذا الكرَبَ. فإذا قصر الرشاء وصلوه بحبل يسمى التبلغة، وربطوا التبلغة في الكَرَب]: والتبلغة أيضَا: "سير يُدْرَج (يلف) على السِيَة - أي طرف القوس المربوط فيه الوتر، حيث انتهى طَرَفُ الوتر - ثلاث مرات أو أربعًا، لكي يثبت الوتر. بلغ النبتُ: انتهى (أي تم نموه)، والنخلةُ وغيرها: حان إدراك ثمرها، والغلامُ: أدرك/ أحتلم، وكذا الجارية ".

Qهو: وصول الشيء إلى غاية له: مكان أو شيء أو مَدًى مقصود: كالوصول إلى المكان وكتبلغة الدلو، أما تبلغة الوتر فهم عدُّوا تثبيت الوتر في مكانه تبليغا له؛ لأنه بدونها يتقلص وكوصول النبت والنخلة إلى غايتهما، والغلام والجارية إلى طور الرجولة وكمال الأنوثة. فمن الوصول إلى المكان: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ} [الكهف: 86, وكذلك ما في 90، 93، 60، 61، البقرة: 196، المائدة: 95، التوبة: 6، الرعد: 14، النحل: 7، الأحزاب: 1، غافر: 36، الفتح: 25، الواقعة: 83، القيامة: 26]. ومنه الوصول إلى زمن أو مستوى عمري معين: {بَلَغَ أَشُدَّهُ} [القصص: 14]، {بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} [الصافات: 102]، {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ} [النور: 59]، وكذلك سائر ما في القرآن من التركيب عدا ما سبق وعدا ما هو من تبليغ القرآن والرسالة مثل {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19] ومن هذا ما في [المائدة 67، الأعراف 62، 68، 79، 93، هود: 57، الأحزاب: 39، الأحقاف: 23، الجن: 28] وكذلك كلمة (بلاغ) فالمقصود بها تبليغ الرسالة. ونقف عند ما لم نضمنه {وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ} [سبأ: 45] {وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} [الإسراء: 37] {ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} [النجم: 30] فكل منهن بلوغ أي وصول إلى قدْر {وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ} [غافر: 80] أي لتنالوها. و "بالغ: اجتهد ولم يُقَصِّر (ليصل إلى المقصود، كأن الصيغة للمحاولة) والبلاغ - كسَحاب: الكفاية (التي تُبَلِّغ) والبُلغة - بالضم: ما يُتَبلَّغ به من العيش (توصيل مؤقت) وقد "تبلغ بكذا: اكتفى به " (ليصل). ويقول من سمع خَبَرًا لا يعجبه: "اللهم سَمْعا لا بَلْغا "- بالفتح - أي نَسْمَعُ به ولا يَتِمّ " (أي لا يبلغنا/ لا ينالنا): {قُلْ

فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} [الأنعام: 149]: التامة الغالبة التي تَبهَتكم، ذلك أن الله عز وجل حكى عنهم في الآية السابقة لهذه {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 148]. ويترجح لدىّ أنهم يقصدون بهذا أن يقولوا إنك يا محمد تقول إن الله بيده كل شيء وهو على كل شيء قدير، فعلى ذلك فلو شاء ما أشركنا ولا حرّمنا ما لم يُحرِّمه. وكأنهم يحتجون على النبي - صلى الله عليه وسلم - بما في القرآن الكريم من أنه سبحانه {لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54] و {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ}، ثم يستظهرون بما هم فيه من الإمهال، وأنه تعالى لو شاء غَيْرَ ما هم عليه لما تركهم على تلك الحال. فرد عليهم سبحانه بأنهم بموقفهم هذا مكذِّبون معرّضون لأن ينزل بهم ما نزل بأمثالهم من قبل. ثم طالبهم بأن يأتوا بعِلْم يشهد بأن الله اضطرهم أن يشركوا وأن يحرّموا ما لم يُحرّم، ثم قرر أن موقفهم مبني على ظن وفرض وتخمين "استنتاج غلط "فالله حجته هي الغالبة. وحقيقةً أنه {وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [النحل: 9] لكنه سبحانه زوّد بالعقل، وأرسل الرسل وأيدهم بمعجزات تُطَمْئن أقوامهم على صدق كونهم مرسلين، وبينت الرسل العقائد الصحيحة والشرائع والحدود التي ارتضاها، وعلّق الثواب والعقاب على ما اختاره كلٌّ. فالتذرع بالمشيئة تسوّر وجزف. وعلم الله الأزلي كَشْفٌ لا قَهْر: [يراجع ابن عطية 5/ 386، قر 7/ 128، والبحر 4/ 248]. والقول البليغ هو الذي يُوصِّل المعاني المرادة إلى القلوب بكمال حال: {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا} [النساء: 63].

£° معنى الفصل المعجمي (بل)

وقولهم: رجل بِلْغ - بالكسر أي: خبيث "هو من الوصول، فالمقصود أنه يبلغ ما يريد بأي وسيلة وإن لم تكن مقبولة. ° معنى الفصل المعجمي (بل): الحصول في الأثناء بتمكن: كالبذر في الأرض - في (بلل)، وكالاحتباس على شدة - في (بلوبلى)، وكالمائع في الباطن - في (بول)، وتجسم القطر - في (وبل)، واختزان الماء - في (أبل)، وخصوبة الأرض التي تحبس فيها - في (بلد)، وعجم التين فيه - في (بلس)، والشيء الذي يُسْحب إلى الجوف - في (بلع)، والشيء الذي يصل إلى الحيّز أو المقرّ في (بلغ). الباء والنون وما يثلثهما • (بنن - بنبن): {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة: 4] "البِنّ - بالكسر: الطِرْق من الشَحْم (شريحة منه). والبَنان - كسحاب: الأصابعُ، وقيل: أطرافها، واحدتها: بَنانة. والبَنانة - كسحابة ورُخامة: الروضة المُعْشِبة. والبَنَّة - بالفتح: ريحُ مرابض الغَنم والظِباء والبَقر، والريحُ الطيبة كرائحة التفاح ونحوها، والمنتنة ". Qهو: امتداد الشيء اللطيف من أصله أو فيه (¬1): كطِرْق ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الباء للتجمع الرخو مع تلاصق ما، والنون للنفاذ بلطف أو نفاذِ اللطيف من باطن أو فيه، والفصل منهما يعبر عن امتداد بلطف في باطن أو منه: كطِرق الشحم في البدن والرائحة من التفاح. وفي (بنى) تعبر الياء عن الاتصال، ويعبر التركيب عن امتداد يَنصِب أو يُقيم كالبناء المادي وارتفاع السَّمْك. أما في (بين) فإن الاتصال الذي تعبر عنه الياء يتمثل في امتداد الحرم. وفي (بون) تعبر الواو عن الاشتمال؛ إذ نُظر في (البون) إلى الطرفين المتباعدين أي اعتُدّ بهما، وهذا اشتمال، والظرف (بين) هو الموقع الذي يتوسط الطرفين.

(بنو/ بنى)

الشحم، وهو ممتد في البدن لاصق به، وهو خَفِيٌّ؛ لأنه في باطن البَدَن. وكطَرَف الإِصْبع يبدو امتدادًا لأصله مع لطف هذا الامتداد؛ حيث لا يظهر الفاصل بين الأنامل (وهذا يؤيد مَنْ رأي أن البنان هو الأطراف)، ومنه ما في آية الرأس، وما في [الأنفال: 12]. وكذلك الحال في امتداد العشب من الروضة. وكنفاذ الرائحة وانتشارها (امتدادًا) مما هي ناشئة منه كالمَرْبِض والتفاح، وهو امتداد خفيّ؛ إذ لا يرى للرائحة جِرْم. ومن امتداد الشيء في أصله أي بقائه فيه زمنًا: بَنَنْتُ بالمكان: أقمتُ به. وكذلك: أَبْنَنْت. ورأيت حيًّا مُبِنًّا بمكان كذا - بضم فكسر: أي مقيمًا. والتبنين: التثبيت. وقال أعرابي لشريح حين خَشِىَ أن يَعْجَل شريح بالحكم عليه: "تَبَنَّن "أي تثبَّتْ. • (بنو/ بنى): {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التحريم: 11]. "البَوانى: قوائم الناقة، وأضلاع الزَور. وبُنَيّات الطريق: الطُرُق الصغار تتشعب من الجادّة. وجارية بَناة اللحم: مَبْنية ... بَنَى الطعامُ بَدَنه: سَمَّنه، ولحمَه: أنبته ". Qهو: زيادة قوية تنشأ للشيء فتقيمه وتنصبه أو تعظمه وتمد جرمه: كالقوائم للبدن، وكأضلاع الصدر له، وكشُعَب الجادّة؛ فوجود الطرق الصغار المتشعبة من الجادّة يعظمها ويمدّ وجودها واتساعها، وكالسِمَن واللحم يَنبتان من الجسم ويمدّان جرمه. ومنه: "البِناء: ما بنيته "وهو إنشاء

(بون - بين)

ونصب لجدران وبيوت وإقامتها على أساس: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} [الشعراء: 128]، {يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا} [غافر: 36]، {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} [البقرة: 22]. وقد ورد بناء السماء في القرآن الكريم سبع مرات، غير بناء الصرح والغرف، من ثنتين وعشرين استعمالًا في البناء؛ وذلك لما في البناء من ارتفاع واضح؛ ولذا جاء في [ل] "بَنا في الشرف يَبْنو "كأنه يعني: ارتفع. ومن هذا التركيب ومعناه: الابن (وأصله بَنَو أو بَنَى) إذ هو امتداد لأبيه ناشئ منه يمد ذريته ويقيمها: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 46]، والبنت: أصلها بِنْو أو بِنْي - بالكسر - أبدلوا من واوها أو يائها تاء (¬1). والذي جاء في القرآن الكريم من التركيب هو كله من أحد معنيين: البناء المقام بجدران أو عَمَد أو ما هو ممن قبيله، والابن: الولد مذكرًا أو مؤنثًا والجمع والمصغر منه. وسيَاق كل منهما يعيّنه بلا لبس. • (بون - بين): {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [ابقرة: 256] "البِينُ - بالكسر: القِطعة من الأرض قدرُ مَدّ البصر، والبانُ شجر يسمو ويطول في استواء مثلَ نبات الأَثْل. والبِوَان - ككتاب وغُراب: عمود من أعمدة الخباء ". Qهو: امتداد بين طرفين أو جانبين مع فصل كبير أو ¬

_ (¬1) ينظر [تاج بنى].

اتساع: كما يرفع البِوان سقف الخباء فيفصله عن الأرض ويُوسِّعه، وكشجَر البان بطوله، واستواؤه يُشْعِر بمزيد امتداده. والبين - بالكسر - ممتدٌّ كالفارغ لأن النظر ينصب على نهايته البعيدة. وفي صفته - صلى الله عليه وسلم -: "ليس بالطويل البائن "أي المفرط طولًا الذي بَعُد عن قدّ الرجال الطوال [ل]. ومن ذلك الامتداد والفصل أو الاتساع: "البائنةُ: البئر البعيدة القَعْر. بئر بَيُون: واسعة ما بين الجالين " (الجال والجُول: كل ناحية من نواحي البئر إلى أعلاها من أسفلها - فهذه السعة حقيقية، وقد يلزمها الامتداد عمقًا؛ لأنها تُسَنّيه). ومن ذلك أيضًا "البَون - بالفتح والضم: مسافة ما بين الشيئين "فهذه المسافة مساحة فاصلة. ومنها قالوا إن البَيْن يعني الفُرْقة كما يعني الوصل وإنه من الأضداد. وإنما الأصل ما ذكرنا، فالمسافة نفسها فَصْل لكنها هي مَوْصِلٌ للطرفين. ومن ذلك الفصل استُعملت في معنى التخصيص بشيء؛ إذ هو عزل وتمييز "طلب فلان البائنة إلى أبويه: إذا طلب منهما أن يُبِيناه بمال (أي يخُصَّاه به فيعزلاه له) وقد أبانه أبواه حتى بان يبين بيونا " (الغريبين 1/ 236). ومن ذلك الفصل والتمييز جاء معنى الوضوح والظهور؛ لأن المفصول المتميز عن غيره يلفت النظر، وهو المعنى الذي جاءت به كل مفردات التركيب القرآنية - عدا الظرف (بين): "بان الشيء: اتّضَح فهو بَيّن (كسيّد). والبَيَان: ما بُيِّن به الشيءُ من الدَلالة وغيرها ": {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ} [آل عمران: 118]، {تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا ...} [سبأ: 14]، {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} [البقرة: 160]: بَيّنوا الذي جاءهم من الله فلم يكتموه ..

فالآية التي قبلها: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} [انظر طب 3/ 260، والكشاف 1/ 248. قال (طب) في هذه [3/ 159]: "والبيّنات "التى أنزلها الله: ما بَيَّنَ من أمر نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ومَبْعثِه وصفته في الكتابين (التوراة والإنجيل). {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ} [البقرة: 87] "هي ما أُظْهِر على يديه من الحُجَج والدلالة على نبوته: من إحياء الموتى، وإبراء الأكمه، ونحو ذلك من الآيات التي أبانت منزلته من الله، ودلت على صدقه وصحة نبوته " [طب/ شاكر 2/ 318] (فالبينات هنا تعني المعجزات تثبت صدق دعوى النبوة بأمور ظاهرة واضحة للجميع). {كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ} [البقرة: 211]: "واضحة أنها من أدلتي على صدق نُذُرِي ورُسُلي " [نفسه 4/ 271] أي أنه يفسر البَيّن - كسيِّد - من المتعدي واللازم، وهي في [ق] من اللازم، كما يوافق القواعد، فهي آيات بينات أي ظاهرات واضحات في نفسها؛ فتُسَلَّم بلا جدال، أو في أنها من عند الله. {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19]: "ظاهرة بَيِّنة للناس أنها فاحشة، مبيَّنة (على المفعولية): قد بُيّنَتْ لكم وأُعْلِنَتْ وأُظْهِرت " [طب شاكر 8/ 121]. بان الشيء واستبان وبيّن وتبين وأبان: ظَهر ووضَح: {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام: 55] (تتبيّن)، {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة: 168] (واضح أمره تمامًا، وهو أيضًا مجاهر بعداوته لكم): {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 82 وينظر الأعراف: 15، 16]، وقد حذَّرَنا الله تعالى منه: {يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 27]، وآيات أخرى كثيرة في المعنيين.

£° معنى الفصل المعجمي (بن)

ومن ذلك الظهور "البيان: الإفصاح مع ذكاء " (أي إظهار المقصود وتمييزه بكلام واضح): {وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} [الزخرف: 52] (يشير إلى عقدة لسانه)، {خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 3، 4] البيان هنا هو اللّغة عامة - كما قال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31]. ومن هذا الباب {بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم 4، وكذا ما في الشعراء 195]. و"بين "الظرفية من الامتداد؛ إذ تدل على المسافة الممتدة بين طرفين (مثل: جلست بينهما - أي في المسافة التي بينهما، وبينما هو يكتب جاءته رسالة - أي في أثناء تلك المسافة الزمنية). وفي قوله تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] قرئ بالرفع أي اتصالُكم أو وُصْلتكم، وبالنصب على الظرفية، أي ما بينكم، وهو الشرك المفهوم من الشركاء قبل ذلك {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ} [الأنعام: 94]. وعلى تفسير البَيْن بالوصل [طب 11/ 548]. {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة: 102] [ينظر تفسير بحر 1/ 412 آية البقرة 68]. ° معنى الفصل المعجمي (بن): الامتداد بلطف في جوف أو باطن أو منه: متمثلًا في شريحة الشحم - في (بنن)، وفي أصل امتداد الولد والجدار مع الامتداد نفسه - في (بنو بني)، وفي الامتداد بين الطرفين مع الفصل - في (بون/ بين) مع كون ملاحظة الطرفين في (بون) أقوى منها في (بين).

الباء والهاء وما يثلثهما

الباء والهاء وما يثلثهما • (بهه - بهبه): "البَهْبَهَةُ: الهَدْرُ الرفيع، وقد بَهْبَه البعير في هديره. وحوله من الأصوات البَهْبَه - بالفتح: أي الكثير ". Qهو: عِظَم ما يُحَسّ من الشيء مع فراغٍ في الحقيقة (فهو عظم ظاهري) (¬1): كتلك الأصوات التي تزحَم مجال السمع بلا مادة تُجَسّ. ولعل هذا أساس ما ورد في [ل] من تفسيرهم الحديث: "بَهْ بَهْ إنك لضخم "بأنها كلمة إعظام كبخ بخ. فالمقصود إعظام المنظر، أي عدّه عظيمًا، ربما دون مخبر حقيقي أو أصيل يناسب المنظر. ومن عِظَم الظاهر هذا: "بهّ الرجلُ: نبُل وزاد في جاهه عند السلطان. وتبهبهوا: تشرّفوا وتعظموا ". ومن فراغ الجوف: "الأَبَهُّ: الأَبحُّ ". هذا. ويؤيد ما رأيناه شقائق الجذر: البوهة - بالضم. الصوفة المنفوشة ¬

_ (¬1) صوتيًّا: الباء للتجمع الرخو مع تلاصق ما، والهاء تعبر عن إفراغ الجوف، والفصل منهما يعبر عن عظم ظاهري مع فراغ حقيقي كالهدير المرتفع والأصوات الكثيرة التي هي مجرد ضوضاء. وفي (بهت) تعبر التاء عن ضغط دقيق حاد، ويعبر التركيب عن كسر حدة الشيء (إفراغ) لِقَهر كما في البهت. وفي (بهج) تعبر الجيم عن تجمع هلاميّ ذي حِدّة ما، ويعبر التركيب عن شيء لطيف المادة يعلو الشيء خارجًا من باطنه كنَوْر الروض. وفي (بهل) تعبر اللام عن تعلق وتميز أو استقلال، ويعبر التركيب عن زوال ما كان يغطي الشيء أو يحجزه فيبقى مجرّدًا كالناقة الباهل (وهذا التجرد فراغ واستقلال أو الاستقلال هو انحسار الغطاء). وفي (بهم) تعبر المم عن استواء الظاهر، ويعبر التركيب عن استواء ظاهر الشيء مع خلو من المعالم التي تكشف أو تميز.

(بهت)

تُعْمل للدواة قبل أن تُبَلّ. والبَهْو - بالفتح: الواسع من الأرض بين نَشْزين ليس فيه جبال (يلاحظ فراغ الجوف مع عظم الظاهر). • (بهت): {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا} [الأحزاب: 58]. "بَهَت الفحلَ عن الناقة: نَحَّاه ليحمل عليها فَحلا أكرمَ منه. والبَهْت - بالفتح مصدر: استقبالك الرجلَ بأمر تقذفه به وهو منه بريء. وقد بَهِت الرجل (تعب): إذا رأى شيئًا فبَهِت (كتعب) ينظر نَظَر المتعجِّب، وبُهت (للمفعول وكتعب وكرُم): دَهِشَ وخَرِق وتحير/ انقطع وتحير ". Qهو: انكسار الحدّة أو الصلابة والنخوة (لشدة أو قهر): كما تقدع الفحلَ عن الناقة بعد ما همَّ بها فتكبتُ شهوتَه وتقمعُه. وكما ينقطع من تَبْهته بتهمة هو بريء منها دهشةً من شدة وقع الاتهام أو لوقاحته، أو الشعور بتنزهه، وأن اتهامه يتجاوز ثوابت كثيرة عنه (دِينًا أو خُلقًا أو أمانةً أو عفة الخ). كما يقال في مثل التعبير عن بَهِتَ (القاصر): عَبِدَ، ضمد. ينظر [ل] في التركيبين. ومما يتمثل فيه الانقطاع الحقيقي أن يدَّعي مُبطل، طاقةً عظيمةً مثلًا فإذا طولب بأمر من مقتضى ما ادعاه عجز، وعَدِم الحيلهَ لمداراة عجزه. وهذا ما وقع للذي {حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} {إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} [البقرة: 258] ثم احتال حيلة ضحلة للتمويه بها لإثبات قدرته هذه. فنقله سيدنا إبراهيم إلى أمر لا يستطيع التمويه فيه {قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}

[البقرة: 258] أي انكسر شموخه، وذابت عِزّته، أمام هذا التحدي القاهر. ومن انكسار الحدّة وانقطاع الحيلة والتصرف دَهَشًا وخَرَقًا: {بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا} [الأنبياء: 40]. وهذا يذكّر بقوله تعالى: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى ...} [الحج: 2] أي أن هذا من المعنى الأصلي مباشرة. والعامة تقول: بَهِتَ الثوبُ، يعنون ذهاب حدّةِ لونه. وهو استعمال مادي صحيح دقيق، لكن لم أجده في [ل، تاج]. ومن هذا "البُهْتان: الافتراء الباطل الذي يُتَحَير من بطلانه "فهو الادعاء الذي يسبب ذلك الأثر، لزيادة القِحَة والفُحش فيه - مع كونه باطلًا لخلوه من الحقيقة، ومنه: {وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا} [النساء: 156]، {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: 16] في رَمْي اليهود والآفكين السيدتين مريم وعائشة الصديقة رضىِ الله عنهما. وفي قوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا ...} [النساء: 20] قال [طب 8/ 124]: فلا تَضُرُّوا بهن إذا أردتم طلاقهن ليفتدين منكم بما آتيتموهن - بهتانًا أي ظلمًا بغير حق. فهذه الحالة تجمع سلب حق البُضْع، وكسر الأنفة بالاستبعاد بعد الميثاق الغليظ. وذلك البهتان واضح أيضًا في التصرف الذي تحكيه الآية: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا} [النساء: 112]، فهذا فيه إثم ارتكاب الخطيئة وجُرْم رمى البريء مع العلم ببراءته {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا

(بهج)

مُبِينًا} [الأحزاب: 58]. فهذا حمل وزر عظيم، بسبب رمي الناس بالباطل {وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} [الممتحنة: 12] أن يُلْحِقن برجالهن أولادًا من غيرهم بزنى أو غيره [ينظر قر 18/ 72]. • (بهج): {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [ق: 7] "تباهج الروضُ: كَثُرَ نَوْره. والمِيْهاج: السمينة من الأسنمة " [ق]. Qهو: انشراح الصدر وسروره لبديع منظر ناشئ من باطن: كالشحم في السنام، وهو مستحبّ منظرًا ومخبرًا، ويبدو كأنه ناشئ من البدن. وكالنَّور، وهو طري بديع اللون ناشئ من أثناء النبات. والمنظر الحسن يُقِرّ العين وَيسُرّ النفس. والذي ورد في القرآن من استعمالات التركيب ثلاثة ألفاظ تصف النبات: {فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ} [النمل: 60]، {اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [الحج: 5] {وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [ق: 7]. ومن ذلك: "البهجة: الفرح والسرور كالابتهاج. والبَهْجة - بالفتح أيضًا: الحُسْن، والتبهيج: التحسين (وثلاثي الأولى كفرح، والثانية ككرم). وقولهم: "باهجه: أي باراه "هـ مما برز فيه معنى الإخراج من الباطن، فكل من المتباريين في أمرٍ ما = يُخْرج ويُبْرز أحسن ما عنده منه. • (بهل): {ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 61] "ناقة بَاهِلٌ: لا صِرَار عليها - وقد بَهِلَتْ (تعب): حُلَّ صِرَارُها وتُرك ولدُها برضعها. وأمرأة باهلة: لا زَوْج لها. وأبهل الراعى إبِلَه: أهملها. والإبهال:

إرسالك الماء في ما بذرته " [الصِرار: ما يُشَدّ على ضَرع الناقة لئلا تُرضَع]. Qهو: الخلو مما يَحْفظ حَجْبًا أو حِماية أو رعاية: كالناقة الباهل لبنها غير محجوب عن ولدها. والمرأة والإبل المذكورة لا راعي لها. والماءُ الموصوف مطلق مرسل ليس في دِبار (= جداول) تحوزه وتوجّهه. ومنه: "رجل باهل: لا سلاح معه، وأبهل الوالي رعيته: أهملهم، وبَهَلت الرجل (منع) وأبهلته: خليته ورأيَه/ وإرادَته ". والرجل البُهْلول - بالضم: الضحَّاك (غير متزمت ولا متحفظ)، والحيِيّ الكريمُ (لا يَحجُبُ ولا يَحْتَجِن). ومنه: ابتهل في الدعاء: اجتهد وتضرع (تكشف إلى الله بالتصريح بعجزه وحاجته إلى فضل الله عز وجل). وأما "باهل القومُ بعضُهم بعضًا وتباهلوا وابتهلوا: تلاعنوا "فإن أصل ذلك في المباهلة، وما بمعناها، أن المتباهلين يتحاكمان إلى الله عز وجل فكل منهما يعرّض نفسه ويكشفها لما يقضي به الله تعالى، ولسان حاله يقول إن كنت مبطلًا فلْتتخلّ عَني رحمتك يا الله. فإن كان كاذبا فهو كالمتحدّي المنكِر لوجود الله أو لقدرته. فهو حَرِيٌّ أن يُعاجَل بالعقوبة. وهذا التخلي هو استبعاد لرحمة الله عن المبطل، وهو معنى اللَعْن. ولذا قالوا: "بَهَلَه الله: لَعَنه، وعليه بَهْلة الله: لعنته "ومن هنا جاء {ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 61] يستنزلون لعنة الله على الكاذبين. أما البَهْل - بالفتح: المال القليل؛ فلأن شأنه أن يُسَيَّب ويُترَك لا يُهتَم به، أو لأن صاحبه خالٍ مكشوف. وقولهم: "بهلا "بمعنى مهلا: فإن لم تكن من الإبدال، فهي من عدم الجِدّ والاهتمام.

(بهم)

• (بهم): {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} [المائدة: 1] "حائط مُبْهم - كمُكْرَم: لا باب فيه. وباب مبهم: لا يُهتدى لفتحه إذا أُغْلِق. والبَهِيم من النعاج وغيرها: السوداء التي لا بياض فيها. والبهيم: الذي لا يخالط لونَه لونٌ سواه ". قال: (فَهَزَمَتْ ظَهْرَ السِّلام الأَبْهم). أي: الذي لا صدع فيه. (السِلَام: الحجارة الِعراض). وليل بَهيم: لا ضوءَ فيه إلى الصباح. والإبهام: أكبر الأصابع ". Qهو: خلو ظاهر الشيء العريض من الفتحات أو المعالم التي تميز أو تكشف: كما ذُكِر. والإبهام أعرض وأقصر، وقليلة الحزوز والمفاصل بالنسبة لبقية الأصابع. ومن ذلك: "أبْهَمْت الباب: أغلقته وسددته. والبَهيم: كل حيّ لا يميّز (كأنه مُغلَق لعدم وصول معافي كلامنا إليه، إذ لا يفهمه. وكذلك لا نعلم نحن ما وراء ظاهره أو أصواته). ومنه كلمة "بهيمة "، وليس في القرآن من التركيب غيرها. "والأَبهم: الأعجم لعَدَم تبيّن ما يقول. ومنه: طريق مُبْهَم: خفيّ لا يستبين. واستبْهَم الأمرُ وأَبْهَمَ: استَغْلَق. والبُهْمة - بالضم: الفارس الشجاع الذي لا يُدْرى من أين يُؤتَى من شدة بأسه (لا ثغرة فيه أوْ إليه) ". ° معنى الفصل المعجمي (به): الخلو أو الفراغ - كفراغ (بهبهة) البعير والأصوات الكثيرة من المعنى، وفراغ (البهتان) وما إليه من الحقيقة، وفراغ جوف النبت المنصور من خروج زهره - في (بهج)، وخلو (الباهل) من الساتر المعناد، وخلو (البهيم) مما يميز.

باب التاء

باب التاء التراكيب التائية • (أتت): "أَتَّ رأسَه يَؤُتّه: شَدَخ رأسه " Qهو: صَدْم الرأس بصُلب دقيق يؤثر بالقطع أي الجرح ونحوه: كشدخ الرأس بالضرب بعصًا أو عظم غير عريض. وما الضرب إلا صدم شديد، فإذا كان بصُلْب على الرأس وكان غير عريض فإنه يشدخه. والصدْم ضغط حادّ مباغت أي ليس متدرجًا. ومن هذا الصدْم في الرأس قيل "أَتَّه يؤته: غَتّه بالكلام أو غلبه بالحجة " [تاج]. • (أتو/ أتى): {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} [الذاريات: 24] "أتّى الماءَ/ أتّى للماء وللسيل - ض: هيّأ له طريقه/ أصلح مجراه حتى يجري إلى مقارّه/ سهّل سبيله من موضع إلى موضع ليخرج إليه ... الأَتيّ - فَعِيل: النهر يسُوقه الرجل إلى أرضه. أتَّى لأرضه أَتيًّا: ساقه. يقال للسيل الذي يأتي من بلد قد مُطِر فيه إلى بلد لم يمطر فيه: أَتِىّ ... ويقال: ما أحسن أَتْىَ/ أَتْوَ يَدَيْ هذه الناقة أي رَجْعَ يديها في سيرها. وقد أَتَت أَتْوًا ". [يقال. ما أحسن سَدْو رِجْلَىْ الناقة وأَتْوَ يديها " [ل/ سدو].

Qهو: وصولٌ (أو تقدم وحضور) إلى مكان (أو شيء) بتهيئة أو قوة تزيل ما يعوق، مع خفاء مصدر أي عدم تعيّنه أو توجيه الملاحظة إليه: كجريان الماء في الجدول المهيّأ بإزالة مَدَره أو حجارته إلى المقر أو المزرعة. وكاندفاع السيل من موقع نزول مطره إلى أرض أو بلدٍ أخرى وهو يكتسح أو يتخطى العوائق، وكدفع الناقة يديها إلى الأمام في يسر مع قوة (¬1). ومن الماديّ أيضًا: "الأتِىّ: الرجل يكون في القوم (= يأتي إلى القوم فيكون معهم) ليس منهم. "جاءنا أتاوىّ: إذا كان غريبًا في غير بلاده (الغريب مادة غريبة دخيلة كأنه دُسّ ودُفع بينهم). وأَتِيّة الجُرح وآتِيتُه: مادّته وما يأتي منه. أتت النخلة تَأْتُو أَتْوًا: طَلَع ثمرها. الإتاء: الغلّة وحَمْل النخل. يقال للسقاء إذا مُخِضَ وجاء بالزُبْد: قد جاء أَتْوه. أتت الماشية إِتاءً: نَمَتْ ". كل ذلك وصول شيء ذي بال قليلًا قليلًا بتهيُّؤ حتى يصير جِرما له غلظ مادي (كتلة كبيرة) أو معنوي كمِدّة الجرح. ووصوله قليلًا قليلًا يوحي بأنه وصل بعُسر كأنه دُفع حتى وصل، وذلك بين التهيئة والقوّة). ومن ذلك أيضًا: "الإتاوة: الرشوة والخراج ... وكل ما أُخِذَ بكُرْه أو قُسِم على موضع من الجِباية وغيرها إتاوة " (الرشوة تهيئة محرمة، والإتاوة كالغصْب وهي تهيئ السلامة. وكلتاهما غير مشروعة). {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت 11] (كونا، أو تكوّنا كما أريد) "فمعنى الإتيان الحصول والوقوع ". [كشاف، بحر 4/ 184، 7/ 466] والوجود من الحضور في الحيز. ¬

_ (¬1) جاء في المعجم الكبير عند هذا الاستعمال "قال مزاحم العقيلي: فلا سَدْوَ إلا سَدْوُه وهْو مُدبِر ... ولا أَتْوَ إلا أَتْوه وهو مُقبل فالأتو للإقبال أي التقدم.

ومما صُرّحَ فيه بملحظ الدَفع وهو إيصال بقوة: "كنا نرمي الأَتْوَ والأَتْوين أي الدُفعة والدُفعتين .. يريد رَمْي السهام عن القسيّ بعد صلاة المغرب "اهـ. (كأن المقصود التدرُّب وهو تهيوْ). ومن التهيوء: "آتاه على الأمر: طاوعه، والمُؤاتاة: حُسن المطاوعة/ الموافقة. والعامة تقول وَاتيته. وتأتّى له الشيء: تهيّأ. وتأتّى فلان لحاجته: إذا ترفّق لها وأَتاها من وجهها. واستأتت الناقة: طلبت الفحل (تهيأت لذلك) وجاء فلان يتَأَتَّى: أي يتعرض لمعروفك "اهـ. ومن إزالة العوائق يأتي معنى مجيءِ (شديدٍ) فجأة: "إن أتى عليّ أَتْو فغُلامي حُرٌّ أي إن مِتّ. أتى على فلان أَتْوٌ أي موت أو بلاء أصابه: أُتِىَ فلان: إذا أظل عليه العدُوّ. أُتِيتَ يا فلان. إذا أَنْذرَه عدُوًّا أشرف عليه ". ومن هذه المباغتة بشديد استُعْمل التركيب في إنزال عقوبات: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} [النحل: 26] {أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا} [يونس: 24]، {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} [الحشر: 2] وكذلك ما في [المائدة: 52، هود: 93، الرعد 41، الكهف: 55، النساء: 25، الشعراء: 165]. وهناك آيات أُخَر يُلحظ فيها معنى الوقوع بقوة. وما لا يلحظ فيه معنى الوقوع هذا فهو من إسقاط القيد, وهو الشائع الذي جاءت به سائر استعمالات التركيب في القرآن الكريم: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَامُوسَى} [طه: 11]، {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: 1] وآتى إليه الشيء: ساقه (= دفعه) وجعله يأتي إليه. وآتى فلانًا شيئًا: أعطاه إياه. {آتِنَا غَدَاءَنَا} [الكهف: 62] فآتى بالمد تستعمل في الإعطاء. وفي الإتيان بالشيء. وفي الكشاف: اشتهر الإيتاء في معنى الإعطاء

التاء والباء وما يثلثهما

فأصله الإحضار " {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12]، {وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [المائدة: 55]. {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23] المراد والله أعلم: من كل شيء تريده أو يريده مثلها. وبناء على ما سبق في معالجتنا يكون قول الإمام الراغب "الإتيان مجيء بسهولة "موضعًا لنظر، فلو قال: مجيء بتهيئة أو قوة تؤدي مؤداها. لسُلِّم. التاء والباء وما يثلثهما • (تبب - تبتب): {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1]. "الطريق المسْتَتِبُّ - اسم فاعل: هو الذي خَدّ فيه السيّارة خُدودًا وشُرُكًا، فوَضَح واستبان لمن يسلكه، كأنه يُبِّبَ - ض للمفعول - من كثرة الوطْء، وقُشِر وَجْهه؛ فصار ملحُوبا بَيِّنًا من جماعة ما حواليه من الأرض. وحِمار تابُّ الظهر: إذا دَبِر (أي عُقِر ظهره من حِمل بالغ الثقل أو الصلابة عليه)، وجَمَل تابٌّ كذلك. والتابُّ: الكبير والضعيف من الرجال. واستَتَبّ الرجلُ: ضَعُفَ وعَجَز. وأَتبَّ اللهُ قُوّتَه: أضعفه. [ق]، وتبْتَبَ الرجل: شَاخ ". Qهو: ذهاب غلظ الشيء وشدته من ضغط حادٍّ عليه (¬1): ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر التاء عن ضغط دقيق أو حاد (يتأتى منه القطع ويتأتى منه التماسك أيضًا)، والفصل منهما يعبر عن ضعف المتجمع المتماسك أي ذهاب قوته وغلظه وتماسكه من وقوع ضغط حاد عليه كما في استتباب الطريق، وكالجمل التاب الظهر. وفي (توب) تعبر الواو عن الاشتمال، ويعبر التركيب عن الاشتمال على ضعف يتمثل =

(توب)

كالطريق، فهو قَبْل أن يَسْتَتِبّ يكون وَعْرًا غليظًا (كتلًا متراكمة صُلبة أي متماسكة)، فيَسْتَتِبّ من ضَغْط كثيرٍ، أو حادٍّ عليه، يُذْهِب غِلَظه وشدته. فالشُرُك في الطريق تتكون بكثرة الوطء، والدَبَر من كثرة الحَمْل بثقل وحِدَّة (بلا حائل مثلًا)، وضعف الشيخوخة من كثرة ما مر بالشيخ من ضواغط. ومن هذا الأصل جاء التَبّ والتَبَبُ - محركة، والتَتْبيب: النَقْصُ والخَسَار والهلاك: {وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} [هود: 101]، {وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ} [غافر: 37]: أي خسار (أي هو ضعيف لا قيمة له) فهُدَّ الصرحُ وغَرِق عدوُّ الله [الغريبين 1/ 243، وقر 15/ 315]. {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} قالوا: هَلَكتا، أو هَلكَ تدبيرهما وهلك هو (فذهبت حِدّةُ كيده ومحاربته لله ورسوله هباءً، وأتم الله نوره). ومن ذهاب الوعورة ومشقتها وما يلزم ذلك من تيسر قالوا: استَتَبَّ الأَمرُ: استقام/ تَهَيَّأَ واستوى (تمهد وتيسر ولان بذهاب عُسْره). • (توب): {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31]. "تاب من ذنبه يتوب تَوْبا وتَوْبة ومَتَابا: أَقْلع (المصباح) / رجع عن المعصية ". ¬

_ = في التوقف عن الأمر (المعصية) من فتور عزمه عليها لخوف أو نحوه كما في التوبة. وفي (تبر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن استرسال الضعف أي زيادته بتفتت الشيء قِطَعًا دقيقة كأنما سُحِق بسبب ضغط كالتبر. وفي (تبع) تعبر العين عن التحام برقة، ويعبر التركيب معها عن التحام جرم بآخر غير متميزين كما في السِمَن والغصن المتتابع كأن ذلك لجبر ضعف المتبوع.

(تبت)

Qتوقف الشخص وانقطاعه عما كان يعمله من الذنوب ونحوها (لرقّة اعترته): فالتوبة ترك التمادي في المعاصي: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} [النساء: 16]. ومعنى التوقف واضح في الآية، لكن عبارة [طب 1/ 547 في تفسير البقرة 37 ثم في 2/ 72 عن البقرة 54]: "والتوبة معناها الإنابة إلى الله والأَوْبة إلى طاعته مما يُكْرَه من معصيته " [وكذلك في 8/ 88 عن النساء 16، قر في 1/ 324] تُبَيّن أنهما يفسران التوبة بالرجوع إلى الطاعة، وكلام المصباح هو الدقيق. لأن مجرد الإقلاع عن الذنب هو صورة من صور الطاعة والقرب إلى سراط الله ولعلهم نظروا إلى كثرة تعدية الفعل بـ (إلى). لكن في [8/ 88] فسر (طب) توبة الله على العبد برجوعه - عز وجل - إلى ما يحبه العبد من العفو والصفح، في حين فسرها هو في [1/ 547] بأنه سبحانه يرزقه التوبة والإنابة إليه. وعبّر [قر 1/ 34] بقبوله عز وجل للتوبة وتوفيقه العبد إليها - وهو الذي أراه، وكلام الطبري فيه جفاء: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 37]. وما في القرآن من التركيب كله من التوبة بالمعنى الذي بيناه. • (تبت): {إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 248]. [تناول ل، ق التابوت في (تبت) و (توب) - وروى فيه [قر 3/ 28] عن زيد بن ثابت تَيْبُوت، وفي [ل] أن تاءه أصلية كحاطوم، وفي [ق] أصله كتَرْ قُوة. كما قالوا فيه تَبّوت، ولغة الأنصار تابوه. وأقول إنه يمكن أن يكون تطورًا لفظيًا عن كلمة ثابوت]. "التابوت: الصندوق، والأضلاع وما تحويه كالقلب والكبد الخ تشبيهًا بالصندوق. وقد شبهوا به صدر الفرس [ل نزر] فهذا يشهد أنه كان معلومًا عندهم كالصندوق لأن صدر الفرس صورته هكذا ".

(تبر)

Qصندوق يحفظ فيه الشيء أي يثبت حفظًا وثباتًا دائمًا: {أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ} [طه: 39]. ومنه ما في [البقرة 248]. • (تبر): {وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا} [نوح: 28]. "التِبْر: الفُتات من الذهب والفضة قبل أن يُصاغا. قال ابن جني: لا يقال له تِبْر حتى يكون في تراب مَعدِنه أو مكسورًا. وقال الزجّاج: سُمى كل مكسّر تبرًا ". Qهو: تفتَّت الشيء قِطَعًا دقيقة كثيرة: كالتبر المذكور. ومنه التَبَار: الهلاك. وتبّره تتبيرًا: كسّره وأهلكه: {وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا} [الإسراء: 7]، {إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ} [الأعراف: 139]: يُسحقُ ويصير لا قيمة له ولا نفع. وما في القرآن من التركيب كلُّه من التبار بالمعنى الذي ذكرناه. • (تبع): {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 53] "تابَعَ المَرْتعُ المالَ: سَمَّن خَلْقها فسَمِنَت. والتُبَّع - كسُكّر، وبضم الباء أيضًا): الظِلّ. وغُصْن متتابع: إذا كان مستويًا لا أُبَنَ فيه " (الأُبَن: العقد كالتي تكون بينَ الأنابيب، والتي تكون مكانَ الغصنِ المقطوعِ). Qهو: لحُوق الشيء بمتقدم أو سابق بلا فصل (مع رقة ولين): كما يتربى الشحْم مع رقته على اللحم ويلحق به، وكاطّراد امتداد الغصن مع استوائه، فذلك لحوق لأوله بلا فصل، والاستواء رقة ولين؛ لأن الأُبَن غليظة. وكالظل يَلْحَق لطيفًا بأصله لا ينفصل عنه. ومنه: "التَبِيع: ولد البقر أول سنة " (يقفو أمه ولا يفارقها). ومنه: "تَبِع الشيءَ: سارَ في أَثَره. واتّبعه وأتْبعه وتتبعه: قَفَاه (كأنما لَحِق أو التصق به) وتَطَلَّبه متبعًا له ".

£° معنى الفصل المعجمي (تب)

ومنه قَفْو الائتمار والامتثال، وهو معنوي،: "اتَّبَع القرآنَ: ائتم به وعمل بما فيه - كأن القرآن أمَامه وهو يَتْبعه ويَتَهيّأ بهيئته التي يرسُمها: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعراف: 3]، {فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 38]، {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا} [الجاثية: 18]، {فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ} [الكهف: 70]. والإنصات من صور الاتباع {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: 18] أي استمع له وأنصت [قر 19/ 106]. ثم يُطلق في مجرد الملاحقة (دون قيد الرقة): {وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً} [القصص: 42]، {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات: 10]، {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ} [يونس: 90]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى اللحوق أو الملاحقة {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء: 92]، وكذا ما في [المجادلة: 4] أي متواليين بلا فاصل {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} [النور: 31] قيل هم الذين يتبعونكم ليصيبوا من فضل طعامكم، ولا حاجة لهم إلى النساء لأنهم بُلْه لا يعرفون شيئًا من أمرهن، أو شيوخ صلحاء إذا كانوا معهن غضّوا أبصارهم، أو بهم عَنانة [كشاف 3/ 226] {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ} [الدخان: 37, وكذلك ما في ق: 14] هو واحد من تبابعة اليمن [ينظر قر 16/ 144 - 145]. ° معنى الفصل المعجمي (تب): ضعف الشيء المتجمع أو ذهاب غلظه: كما في الطريق المستتب - في (تبب)، وفي فتور العزم والإصرار على المعصية - في (توب)، وفي أصل التفتت - في (تبر)، وفي المال (= الأنعام) التي لم تكن سمينة - في (تبع).

التاء والجيم وما يثلثهما

التاء والجيم وما يثلثهما • (تجر): {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37] [قال ابن فارس والراغب في هذا التركيب إنه ليس في كلامهم تاء بعدها جيم غير هذا اللفظ. وفي اللسان إن اسم التاجر غلب على الخَمّار. وفي الحديث الشريف أن رجلًا دخل المسجد وقد قضي النبي- صلى الله عليه وسلم- صلاتَه فقال - صلى الله عليه وسلم - "من يتجر على هذا فيصلي معه "وفي رواية "من يَتّجر يقوم فيصلي معه ". أجاز الهروىّ أن تكون "يتّجر "مضارع "اتّجر "افتعل من الأَجْر. والذي أراه أن الثلاثي الذي أوردوه في هذا التركيب من باب نصر هو صياغة مأخوذة من اتّجر أي من الأجر، لما سبق، ولصعوبة نطق المضارع بسكون التاء قبل الجيم. ولقصرها على هذا المعنى. وقد جاء في حديث الأضاحي: "كلوا وادخروا واتّجِروا "أي تصدقوا طالبين الأجر]. ° فمعنى التركيب "العمل طلبًا للأجر ". ولولا الربْح - وهو ثمرة تعب التاجر - ما تاجر. وكان أثرياء الجاهلية يتاجرون بواسطة أُجَراء يرحلون إلى الشام واليمن ليشتروا السلع حيث تباع في مكة أو ليبيعوا ما حَمَلوا من سلع. أما تغليب اسم التاجر على الخمّار فقد كان هو الذي يعتصرها ويختزنها ويشربون عنده ويعطونه الأجر. {قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ} [الجمعة: 11]. وليس في القرآن من التركيب إلا كلمة [تجارة].

التاء والحاء وما يثلثهما

التاء والحاء وما يثلثهما • (تحتح): "ما يتتحتح من مكانه أي ما يتحرك. والتحتحة: الحركة، وصوت حركة السير " [ق]. Qهو: تحرك الشيء من مكانه بثقل واحتكاك بالمكان (¬1) (أخذًا من هذا الوارد - مع الاستعانة بمعنى استعمال العامة للفظ). • (تحت): {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} [طه: 6]. "تَحْتُ نقيضُ فوقُ - وقومٌ تُحوت: أراذل سَفِلة ". Qهو: كون الشيء أسفل جرم آخر كأنه لاصق بأسفله: وواضح أن استعمال التحوت في السفلة مجازي. ومن الحقيقي في القرآن {وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا} [الكهف: 82] وكذا ما في [طه 6، الفتح 19، والزمر 16 بكيفية يعلمها الله، ومريم 24 لأنه نازل من بطنها]. وكل {مِنْ تَحْتِهَا}، {مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ} إما حقيقة - بكيفية نجهلها، وإما بالنسبة للسائر أو في أعلى والشجر يغطيها - كالتي في [الأنعام 6 والزخرف 51]. وأما {تَحْتَ عَبْدَيْنِ} [التحريم: 10] ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): التاء للضغط الدقيق، والحاء تعبر عن احتكاك مع جفاف وعِرَض ما، والفصل مهما يعبر عن التحرك بثقَلٍ واحتكاك بالمقر - كما وصف. وفي (تحت) تضيف التاء ضغطًا آخر وبه عبر التركيب عن نحو لصوق جرم (بأثر الضغط الدقيق) بجِرْمٍ آخر في أسفله.

£° معنى الفصل المعجمي (تح)

فهي كناية عن الزوجية، وأما {عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65] ومثلها ما في العنكبوت 55] فهي إما حقيقة بالخسف والزلازل ونبع الماء المهلك، أو مجازية كحبس النبات [بحر 4/ 155] وفيه أمثلة أخرى. {لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} [المائدة: 66] استعارة من سبوغ النعم وتوسعة الرزق عليهم [بحر 3/ 537] وفيه تعيينات أخري هي من باب التمثل. وليس في القرآن الكريم من التركيب إلا الظرف (تحت). ° معنى الفصل المعجمي (تح): الاحتكاك من أسفل كما هو واضح في معنيي (تحتح)، (تحت). التاء والراء وما يثلثهما • (ترر): "ترَّت النواةُ مِن مِرْضاخها: وَثَبَتْ ونَدّتْ. والتُرُور كذلك: وُثُوبُها من الحَيْس (الحيس: تمر وأَقِط يُدَقان ويعجنان بالسمن شديدًا حتي يَنْدُر النوي). ترّ النعامُ بسَلْحه: قَذَف به/ رَمَى به. وأترَّ الغلام القُلَةَ بِمقْلاته: نزّاها (هذه لعبة للصبيان. القُلَةُ: عود قصير يرفعه الغلام عن الأرض بطرف المقلاة، وهي عود طويل، ثم يضرب القُلةَ بالمقلاة لتنقذت القُلَةُ بعيدًا إلي غاية حدّدوها ". Qهو: طفر الشيء الدقيق مبتعدًا عن مقره أو منفصلًا منه باندفاع (¬1): كما تطفر النواة، والقلَة، والسَلْح. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): التاء تعبر عن ضغط بدقة، والراء عن استرسال، والفصل منهما يعبر عن الانفصال والابتعاد طفرًا بخفة ورقة، وهذا الابتعاد هو مقابل الاسترسال. وفي =

ولشدة اتصال الكف بالذراع ثم قوة قطعها وفصلها بضربة واحدة قيل: "ترّت يدُه ترورًا: بانت وانقطعت بضربها، وأترّها: ضربها بالسيف فقطعها ". ومن صور الابتعاد "رجل ترٌّ وتارٌّ: طويل ". ونُظِر إلى الشدّة في انفصال الإنسان عن وطنه أو نزعه منه فقيل: "ترّ الرجل عن بلاده: بعُد، وأترّه القضاءُ: أبعده ". كذلك نُظِر إلي انتبار البَدَن وانبساط حَجْمه وأبعاده إذا سَمِن بعد نحول فقيل: "الترارة: امتلاءُ الجسم من اللحم ورِيُّ العظم من السِمَن والبضاضة. التارّ: الممتلئ البدن "وهذا كما عُبِّر عن السمن بالتفتق، والفتق انقطاع وابتعاد بقوة كالترور. ¬

_ = (تور) يضيف الاشتمال الذي تعبر عنه الواو معنى الدور (وهو اشتمال لأنه يضم المدور بينهم) إلى الانفصال والطفر كما في التَوْر: الرسول. وفي (وتر) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال ويعبر التركيب عن اشتمال علي ما امتدّ ودقّ بسبب تجريده كالوتر وهذا التجريد فصل ونفي لما كان يغشاه، فالممتد الدقيق كأنه طفر عنه. وفي (ترب) تعبر الباء عن تجمع مع رخاوة وتلاصق ما، ويعبر التركيب عن تجمع هذا الذي دق وانفصل واسترسل كورق التَرْباء المُفَرَّض، وكالترائب، وكالتراب على وجه الأرض. وفي (ترف) تعبر الفاء عن إبعاد أو نفي بقوة وطرد، ويعبر التركيب معها عن الترارة، وهي رقة ورخاوة مع خلوص من الغليظ كأنما فُصل، وكالتُرفة كأن المقصود القصر عليها مع نفي ما عداها. وفي (ترك) تعبر الكاف عن ضغط غئوري دقيق بعد الانفصال والطفر، وبعبر التركيب عن الانصراف عما فُرق كأنما ثُبّت مكانه كالتريكة: البيضة بعدما يخرج منها الفرخ.

(تور - تير)

• (تور - تير): {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55]. "التَوْرُ - بالفتح: الرسولُ بين القوم. والتَوْرَة: الجاريةُ التي تُرسَل بين العُشّاق. والتيار - كشداد: موج البحر " [ذُكِرت التارة في ل في تور وتير، وقيل عن التيّار إن أصله فيعال من تاريتور]. Qهو: دَوْرُ الشيء راجعًا إلي ما فارقه، أو تردُّدُه عليه بخفة: كالتيار موج البحر، والمرسَل بين القوم. ومنه: "التارة: الحين والمرّة "، كما يقال: دَوْرة، أي جَرْية للأمر بعد أخرى سابقة: {أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى} [الإسراء: 69]. أما "التور - بالفتح: إناء صغير للماء يتوضأ به "فقال الزمخشري: "سُمي كذلك لمعاودة القوم إياه، أو باسم التور: الرسول ". وأراه من تردده في أخذ الماء به مرةً بعد أخرى. أما (التوراة) فتنظر في (ورى). • (وتر): {وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 35]. "الوَتَر - محركة: شِرعة القوس ومُعَلَّقُها [وتر القوس يؤخذ من عَصَب المَتْنَين أو الساقَين مختلِطًا باللحم فيُمشَق مَشْقًا ويُهَذّب ويُنقَّى من اللحم ويسوَّى منه الوَتَر]. وبتاء: جُلَيْدة بين السبابة والإبهام، وما بين كل إصبعين، والحاجزُ الذي بين المنخَرين. والوتيرة: الطريقةُ من الأرض/ قطعة تستدق وتطرّد وتغلظ وتنقاد ". Qهو: تجرد الشيء مما يحيط به أو انكشاف هذا عنه فيبقى دقيقًا ممتدًّا بين جاذبين: كوتر القوس بين السيتين. والجُلَيدات المذكورات

دقيقات بين الأصابع، وكالحاجز بين. جانبي المنخر. ومنه: الوَتْر - بالكسر والفتح: الفَرْدُ (أُفْرد وجُرِّد فليس معه ما يكثِّره من رفيق أو نظير أو شبيه وإنما هو فريد): {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [الفجر: 3] (الوتر يوم عرفة والشفع يوم النحر، أو الشفع الخلق {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} [النبأ] والوتر هو الله عز وجل. مع أقوال أخرى [قر 20/ 39]. ومنه: "وَتَرْت الرجل: قَتَلت له قتيلًا (جردته منه فأفردته ولو نِسْبِيًّا). والمَوْتُور: الذي قُتِل له قتيل لم يُدرَك بدمه. ووترت الرجلَ حَقَّه وماله: نقصتَه إياه " (كالتجريد منه): {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 35]: لن يُضيعها أو يُنْقِص أجرها. ومن الأصل: "تواترت الإبل والقطا وكلُّ شيء: إذا جاء بعضُها في إِثْر بعض ولم تجيء مصطفة (متجمعة) (مفردات واحدًا بعد واحد كالسلسلة الممتدة). والمتواتر: الشيء يكون هنيهة ثم يجيء الآخَر .. ولا تكون المواترة بين الأشياء إلا إذا وقعت بينها فترة (الفَجَوات تبدي الانفراد). ومن هذا: الحديثُ المتواتر. فالجانب اللغوي من معناه أن كل طبقة متميزة عن الطبقة الأخرى. وجاءوا تَتْرى وتَتْرًا أي مُتواترين: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} [المؤمنون: 44] فهذا من تتابع الأشياء وبينها فجوات وفترات؛ لأن بين كل رسولين فترة. ومن ملحظ الفجوات قيل: "ما في عمله وتيرة "، "وسَيْر ليست فيه وتيرة: أي فتور ". ومن الأصل: قولهم: ما زال على وتيرة واحدة (أي على طريقة واحدة مستمرة لا تتغير. فالتغير كثرة). أما "الوتيرة: حَلْقةٌ يتعلَّم عليها الطعن "؛ فلأنها تسوَّى من وَتَر. وأما "توتر عصبه وعروقه "فهو من التشبيه بوتر القوس في الاشتداد.

(ترب)

• (ترب): {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا} [النبأ: 31 - 33] "التراب: معروف. والتَرائب: عظام الصدر ما بين التَرقُوة إلى الثَنْدُوَة. والتَرِباتُ: الأنامل، الواحدة كفَرِحة. والتَرْباء - بالفتح: نبت سُهْلى مُفَرَّض الورق ". Qهو: تراكمٌ أو توالٍ لأشياء دقيقة (أو ناعمة) في ظاهر الشيء لاصقة أو عالقة به: كتراب الأرض (كالدقيق يتراكم على وجهها)، وكأضلاع الصدر مفرّقة ممسكة بعمود عَظْم الصدر (أو الترائب هي لحمُها اللطيف فرقها سمي للمجاورة)، وكشِقَق الورقة المفرَّضة، وكالأناملِ ممسكةً باليد: {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطارق: 7] (الترائب فُسّرت أعلاه). ومن ملحظ التراكم: "التِرب - بالكسر: اللِدَةُ والسِنُّ، هذه ترب هذه: لِدَتُها وُلدَتْ معها (أي في زمن واحد): {عُرُبًا أَتْرَابًا} [الواقعة: 37]. ومن التراب المعروف: {خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ} [الحج: 5] وكذا كل (تراب). ومنه يقال: "تَرِبَ الرجل (تعب): لزق بالتراب من الفقر. والمَتْربةُ: الفاقة: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 16]. و "تَرَبَ الإهاب والسقاء: أصلحه " (أصل هذا من دلْكه بالتراب المِلح - إصابة) وأما "أترب الرجل: استغنى وكثر ماله "- قالوا حتى صار كالتراب، فهو من الأصل، من كثرة ما يتعلق به ويملكه (ونظيره: أثرى). والذي في القرآن من التركيب هو (التراب) ومنه (المترْبة)، و (ترائب) الصدر، و (الأتراب) الجواري المتماثلات في العمر، وقد ذكرناهن. وأما "التُرتُبُ: الأمر الثابت "فهو من التوالي والتراكم في الأصل والانتظام والرتابة صورة منه.

(ترف)

• (ترف): {وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ} [هود: 116]. "التُرْفَة - بالضم: الهُنَهُ الناتئة في وَسَط الشَفَة العليا خِلْقة ". Qهو: امتلاء الشيء بالرِيّ والرخاوة حتي ينتبر متميزًا عمّا حوله: كتلك الهنة. ومنه: التُرْفة - بالضم: الطعام الطيب (الممتلئ نَعمة أو أنه يُتْرَفُ به). والتتريف: حُسْن الغِذاء (يمتلئ المغتذِى به رِيًّا ونَعمة). وأَتْرَفَ الرجلَ: أعطاه شهوته (الشهوات لا تُشْبَع بنيل الضروري فقط). والمُتْرَف: المتنعم المتوسع في ملاذّ الدنيا وشهواتها: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ} [الواقعة: 45]. وليس في القرآن من التركيب إلا الفعل (أترف) للفاعل والمفعول واسم المفعول منه، وكلها بمعنى الاتساع في التنعم بنعم الدنيا. • (ترك): {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة: 36]. "التَريكة: البيضة بعدَ ما يخرج منها الفَرْخ، وخَصَّ بعضهم به بَيْض النعام التي تتركها بالفلاة بعدَ خُلّوها مما فيها، وهي أيضًا التَرْكة - بالفتح. والتَرِيك: العنقود إذا أُكِلَ ما عليه، والكِبَاسة بعدما يُنْفَض ما عليها ". Qهو: مفارقة الشيء ما كان يعلق به: كالفرخ من البيضة، والتمر والعنب من الكباسة أو العنقود. ومنه: "التريكة: المَرْتَعُ الذي كان الناس رَعَوْه: إما في فَلاةٍ، وإمّا في جبل، وأَكَلَهُ المالُ حتى أبقى منه بقايا من عُوّذ " (كسُكّر: النبت في أصول الشوك أو بالمكان الحَزْن لا يناله المال). فمن المفارقة: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} [النساء: 7]: (خلّفوه من المال

£° معنى الفصل المعجمي (تر)

وذهبوا)، {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا} [الدخان: 24] (اخرُجْ من جوفه وفارقه وهو عل تلك الحال). ثم أُطلق في التخلي عن الشيء وعدم التعلق به، وعلى مجرد إبقائه على حاله دون مساس به كأن لا عُلْقة له بما يملك أمره: {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ} [الشعراء: 146]، {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة: 36]: يُخَلّى هَمَلا كالسائمة لا يُسأل عما يفعل، {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا} [الحشر: 5]، {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الصافات: 108، 109]: (سيّبنا ذلك لاحقًا باسمه). والذي في القرآن من التركيب كله بمعنى التخلي عن الشيء أو تخليته. لكن قد يكون تفسير الترك بإبقاء الشيء دون غيره ذاتًا، أو بإبقائه على حال ما: أوضح - كما في {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ} [البقرة: 17، وكذا ما فيها 264، يوسف: 17، النحل: 11، الكهف: 99، العنكبوت: 35، فاطر: 45، الصافات: 78، 108، 119، 129، الذاريات: 37، القمر: 15، الحشر: 5]. ° معنى الفصل المعجمي (تر): الابتعاد بقوة مع دقة، ويتمثل ذلك في ترور النواة - في (ترر)، وفي ابتعاد التور - في (تور)، وفي امتداد الوتر مع تجرده - في (وتر)، وفي انفصال التراب عن أصله وتفرق الترائب وشِقَق الورق - في (ترب)، وفي نتوء التُرفة وطولها تدليّا مع امتلائها رخاوة - في (ترف)، وفي فراغ التريكة مع بقائها - في الصحراء في (ترك).

التاء والسين وما يثلثهما

التاء والسين وما يثلثهما • (تسع): {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ} [ص: 23]. التِسْع والتِسْعة من العدد: معروف، وهذه هي دلالتها، إذ لا يوجد في التركيب أي استعمال آخر {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} وأرجح أن يكون هذا اللفظ مأخوذًا من السَعة (¬1). التاء والعين وما يثلثهما • (تعع - تعتع): "التَعُّ والتَعَّةُ: الاسترخاء. وتَعْتَعَةُ الدابة: ارتِطامُها في الرَمْلِ والخَبَارِ (: ما لان من الأرض واسترخى) والوَحَلِ. وتعتع البعيرُ وغيرُه: ساخ في الخَبَار، أي في وُعُوثة الرمال ". Qهو: رخاوة متكاثفة في الأرض يسوخ فيها ما يطؤها بحيث يعسر خلوصه منها ومفارقته إياها (¬2): كالجسم المسترخي على الأرض، ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): حسب ترجيحي أنها من (وسع) فالواو للاشتمال والسين والعين من السعسعة: الذهاب (ويؤخذ منه الامتداد) فهي تعبر عن الاشتمال على نوع من السعة. ومنها الكثرة ثم تكفل الاستعمال بعد ذلك لتحديد مدلولها بما دون العشرة بواحد. (¬2) (صوتيًّا): التاء تعبر عن ضغط دقيق أو حاد، والعين عن التحام ورقة، والفصل منهما يعبر عن الرخاوة المتكاثفة، والفعلُ عن سئوخ فيها كما في تعتعة الدابة. وفي (تعس) =

(تعس)

وكالدابة الوَحِلة. ومنه: تعتعه: عَتَلَه وأقلقه (وهذا لا يكون إلا في الثقيل الراسخ على الأرض). وكذلك السئوخ في الرمل ونحوه. • (تعس): {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 8]. "تَعِسَ فلان (تعب): انكبّ فعَثَر فسقط على يده وفمه/ عَثَر وانكب لوجهه ". Qهو: سقوط الإنسان والبعير مرتطمًا بانكباب على وجهه: كتلك الهيأة. ثم عُبِّر به عن الهُوِيّ المعنويّ انكبابا أي علي حال بالغة السوء. كما في الآية. ° معنى الفصل المعجمي (تع): الرخاوة التي يرتطم فيها - كما في ارتطام الدابة في الرمل - في (تعع)، وسقوط الشخص على فمه ووجهه من رخاوته حقيقة أوتوهما - كما في (تعس). التاء والفاء وما يثلثهما • (تفف - تفتف): "التُف - بالضم: وَسَخ الأظفار. وتَفْتَف الرجل: تَقَذَّر بعد تَنَظُّف. والتُفَفَة - كهمزة: دودة صغيرة تؤثر في الجلد ". Qهو: وسخ أو أذى يُفْرَز أو يَتَراكم على ظاهر الشيء (¬1): ¬

_ = تعبر السين عن نفاذ بدقه وقوة؛ فيصير السئوخ هُويًّا بحدة. (¬1) (صوتيًّا): التاء تعبر عن ضغط دقيق (يعطي هنا دقة أو حدة)، والفاء عن نفاذ إلى =

(تفث)

كالوسخ من إفراز العرق واخلاط التراب به؛ فيلصق بالجسم وبين الأظفار. وكدودة الجلد. • (تفث): {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [الحج: 29]. "رجل تَفِث - كفرح: متغيرٌ شَعِثٌ لم يَدَّهِن ولم يَسْتَحِدّ. وتَفَّثَت الدماءُ المكان - ض: لطّخته ". Qهو: انتشار الوَسَخ ونحوه - مما يفرزه الجسم أو يعلق به - عليه: كشعُّث الشعر والوسخ ونمو شعر العانة ... الخ، وتلطُّخ المكان بالدم. وقوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} أي ليزيلوا ذلك التفث بقص الشارب والأظفار ونتف الإبط وحلق العانة والحلق أو التقصير والأخذ من اللحية إذهاب الشعث والدرن والوسخ مطلقًا. ° معنى الفصل المعجمي (تف): الوسخ على الجلد أو نحو ذلك كما في وسخ الأظفار - في (تفف)، وكما في الرجل التفث الشعث الذي لم يدّهن ولم يستحد - في (تفث). ¬

_ = الظاهر بطرد وإبعاد، والفصل منهما يعبر عن أشياء (مستقذرة) تُفْرَزُ (تطرد) في ظاهر الشيء أو تتراكم عليه وهي غريبة كالتُفّ: الوسخ، وفي (تفث) تعبر الثاء عن دقاق كثيرة (ذات حدة) تنتشر، ويعبر التركيب معها عن انتشار الوسخ ونحوه على البدن أو الجسم.

التاء والقاف وما يثلثهما

التاء والقاف وما يثلثهما • (تقتق): "التَقْتَقة: الهُوِيّ من فوقُ إلى أسفل على غَير طريق. وقد تَتَقْتَقَ من الجبل، وفيه: انحدر. وتَقْتَق: هبط. وقَرَبٌ تقتاق ومُتَقْتِق - اسم فاعل، وكتُماضر: سريع " (القَرَب - بالتحريك: سَيْر الليل لوِرْدِ الغد فهو سير نشط من أجل سرعة الوصول إلى الماء). Qهو: اندفاع الشيء إلي العمق بشدة (¬1): كالاندفاع إلى سفح الجبل، والاندفاع في السير للوصول والنزول إلى الماء. ومنه التقتقة: الحركة (انتقال بدفع). • (تقن): {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: 88]. "التِقْنة - بالكسر: رُسَابة الماء وخُثَارته .. الطين الرقيق يخالطه حَمْأَةٌ يُخرَج من البئر/ "التِقْن - بالكسر: تُرْنوق البئر ورُسَابة الماء في الجدول أو المسيل. ويقال: تَقَّنُوا أرضهم: سَقَوْها الماء الخاثر لتجود. والتِقْن أيضًا: ما يقوم به المعاش ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): التاء تعبر عن ضغط دقيق، والقاف عن تعقد واشتداد في الجوف، والفصل منهما يعبَّر عن اندفاع إلى العمق أو فيه بشدة كأنما عن ضغط ودفع كالتقتقة: الهُوِيّ إلى أسفل، وفي (تقن) تعبر النون عن امتداد باطني لطيف، ويعبر التركيب معها عن تغلغل مادة الصحة والجودة في الاثناء والباطن (التعقد والاشتداد في العمق صلابة يؤخذ منها الصحة والجودة والنون تضيف التعبير عن لطف ذلك كالتِّقْنة والإتقان).

£° معنى الفصل المعجمي (تق)

ويَصْلُح به التدبير كالحديد وغيره من جوابر الأرض. وكل ما يقوم به صلاح شيء فهو تِقْنُه ") [تاج]. Qهو: مادة جودة الشيء في بابه أو جنسه: كالتقن بمعنييه. ويلزم من استعماله جودة الشيء: كجودة الأرض وخصوبتها بالغِرْيَن وهو الذي يُخثر الماء وهو الرُسابة والتقن، وكذلك "ما يقوم به المعاش ويصلح به التدبير ". ومن هذا: أتقن الأمر: أحكمه (صحّح صُنعَه وجوّده): {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: 88]. ومنه قيل: "رجل تِقْن - بالكسر: حاضر المنطق والجواب (اللغة ترجمان الفكر الذي هو خصيصة الإنسان، فالتفوق فيهما كمال يجمع صحة الذهن وكمال آلته). و "الفصاحة من تِقْنه أي من طبعه وسُوسه " (كأنها في مادة تكوينه). ° معنى الفصل المعجمي (تق): هُويّ الشيء إلى العمق كالهُوِيّ إلى أسفل في (تقتق)، وكما ترسب الرُسابة وهي الِتقنةُ في (تقن). التاء واللام وما يثلثهما • (تلل - تلتل): {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} [الصافات: 103]. "التلّ من التراب والرَمل - بالفتح: كَوْمَةٌ منه ... / الرابية ... مكبوسًا ليس خِلْقه ". Qهو: تكديس بالضغط إلى أسفل حتى يصير الشيء جُثًّا رابيًا متماسكًا (¬1): كتَلّ التراب المذكور (يُلحظ قوله: مكبوسًا ليس خِلْقة). ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): التاء للضغط الدقيق، واللام تعبر عن الامتساك والاستقلال، والفصل =

(تلو - تلى)

ومنه: "رجل تُلَاتِل - كتُماضر: قصير " (كأنما دُكّ وتماسك فلم يطل). وقول لبيد: (تَتَّقِيني بتَلِيل ذي خُصَل) أي عُنق ممتلئ. وعنق الدابة ونحوها يمكّنها من تناول ما على الأرض فسمّى تليلا لذلك. ومنه: "تلَّهُ (رد): صَرَعَه، وكلُّ شيء ألقيتَه إلى الأرض مما له جُثَّة فقد تَلَلْتَه " {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} أي صرعه. كما تقول: كبه لوجهه (والعامة تقول الآن كوّمه). وفي الحديث: "فجاء بناقة كوماء فتَلَّها أي أناخها ". وفي الحديث أيضًا: "أُتيت بمفاتيح خزائن الأرض، فتُلّت في يدي "أي صُبّت (أي بقوة وتكديس لأنها كثيرة). تل يتُل - بضم عين المضارع: أي صَبَّ، - وبكسرها: أي سقط اهـ[قر 15/ 105]. • (تلو - تلى): {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [البقرة: 121]. "التَوالي: الأعجاز: التِلْوُ - بالكسر: ولدُ الحمار، وولدُ الناقةِ، يتبعان أميهما، وكذا الجَدْى. ويقال: تَلِيَ فلان بعدَ قومه (كرضي): أي بَقِي. والتُلاوة - كرُخامة وكبَليّة: بَقيةُ الشيء عامة ". Qهو: اتّباع الشيء ما يسبقه لحوقًا به من خلفه: كالأعجاز، وكولد الحمار والناقة يتبعان أميهما، وكالباقي بعد ما ذهب سَلَفُه في ¬

_ = منهما يعبر عن تكديس الشيء بعضه فوق بعض حتى ينتبر جُثًّا رابيًا كتلّ التراب وغيره في (تلل). وفي (تلو - تلي) تعبر الواو عن الاشتمال، ويعبر التركيب عن لحاق الشيء الشيء من خلفه, كأن التابع مشمول ضمن المتبوع.

موضعه (كأنه خلفه). ومنه تَلَوته: تبعته، وفلان يتلو فلانًا: يحكيه ويتبع فعله: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} [الشمس: 1, 2]: تَبِعها. وتَتَلَّى الشيءَ: تتبّعه. ومن ذلك التلو المكاني يؤخذ التلو العملي أي التنفيذ: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} [البقرة: 102] قال [طب 2/ 566]: "يتبعونه حق اتباعه ويأخذون به عملًا ". والذي يصلح فيه تفسير (تلا) بـ (اتبع) مما جاء في القرآن من التركيب هو - مع ما سبق {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ} [فاطر: 29، وكذا ما في هود 17، ينظر قر 9/ 16 - 17]. وسائره من التلاوة القراءة. أما التلاوة بمعنى القراءة، كما في تلاوة القرآن والنشرات، فلعل أصل هذا من تتبع الكلام المكتوب عند القراءة أي اتباعه كلمة كلمة، فهذا يعني القراءة من مكتوب، وعليه: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت: 48] فهذا كالصريح في معنى قراءة المكتوب. ثم عمم في القراءة عن ظهر القلب أي من غير مكتوب. وقد يكون هذا من القراءة اللاحقة، أي المتَّبِعة لما وُعِيَ قَبلا، كما قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: 18] أو من التلاحق: تلاحق المتلوّ أي امتداده هذا يتبع هذا. {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا} [الأنفال: 31]، {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ} [المائدة: 27]، {تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [البقرة: 102] قال بعضهم: "تتلو: تُحدِّثُ وتَرْوِى وتَتَكلم به وتخبر نحو تلاوة الرجل أيّ كتاب؛

لأن الشياطين هي التي عَلّمت الناسَ السحرَ ورَوَتْه لهم .. وقال آخرون: ما تَتْبعُه الشياطينُ وتعملُ به .. كما يقال: تَلَوْتُ فلانًا: إذا مَشَيْتَ خلْفه وتَبِعْتَ أَثَره، كما قال جل ثناؤه: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} [يونس: 30]- على إحدي القراءتين - يعني بذلك تتبع، {عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [البقرة: 102] أي في (عهد) ملكه ". اهـ[طبري 2/ 412]. أما عن الفرق بين القراءة والتلاوة فهو حسب ما تكشفه الدراسة: أ) أن المعنى الأصلي الدقيق للقراءة هو وعي المادّة (المقروءة) في القلب تلقيًا بالسماع (ويدخل فيه الوحي)، أو من كتاب (بلا صوت). ويتفرع عن هذا لزوميا القراءةُ بمعنى إلقاء المحفوظ في القلب باللسان أي نطقه. والتلاوة تستعمل في هذا أي في نطق الكلام وإلقائه دون مطالعة من صحيفة، كما قال تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} [البقرة: 252]؛ فتستوي في هذا مع (القراءة): إما تطورًا، وإما أصالة، كما مرّ في الفقرة السابقة. وتستعمل في القراءة من كتاب - وهذا أصل في التلاوة - وعليه جاء قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ} [العنكبوت: 48]- كما سبق. وامتداد الكلام كالقيد فيها. ب) إذا استعمل الفعلان معديين فإن "تلا "لا تكون إلا قراءة بصوت، "وقرأ "تكون بصوت وبغير صوت. أما إذا عُدِّيا بالحرف "على "فإنهما تستويان في أنه لا بد فيهما من الإلقاء بصوت. الخلاصة في الفرق بين التلاوة والقراءة في الأصل: "تلا "تستعمل للقراءة من مكتوب بصوت، ويتسامح فيها فتكون من غير مكتوب لكن بصوت،

£° معنى الفصل المعجمي (تل)

و "قرأ "تستعمل للقراءة من مكتوب ومن غير مكتوب، بصوت وبغير صوت. فإذا عُدّيا بـ (علي) فهما بصوت ولا بد. وقد أشار أبو هلال (¬1) إلى فرق آخر خلاصته أن التلاوة تكون في ما يطول أي يكثر من الكلام. ووجود عنصر التلاحق أخذًا من الاتباع واللحوق في استعمالات التركيب = يتيح ذلك. وقال الراغب: إن التلاوة أخص من القراءة لأن التلاوة تختص بما يُتْبع. وقال في هذا السياق: "فكل تلاوة قراءة، وليس كل قراءة تلاوة [فإنه] لا يقال: تلوت رقعتك. وإنما يقال في القرآن في شيء إذا قرأته وجب عليك اتباعه "اهـ. وأنا أكاد أقطع بأن الأمر التبس علي الإمام؛ فإن الذي منع "تلوت رقعتك "هو أن التلاوة لا تكون إلا بصوت، والرقعة المرسلة من شخص إلى شخص خاصة ليس الشأن فيها أن تقرأ علنًا، فهذا هو الذي منع، لا أن الرقعة ليست مما يتبع. ° معنى الفصل المعجمي (تل): التكديس (ركما) كما يتمثل في التل المكبوس (ليس خلقة) في (تلل)، وفي معنى التراكم الذي في اللحاق - في (تلو)، بل إن معنى الضغط إلى أسفل متحقق في (تلو) أيضًا من حيث إن كون التلو من الخلف يناسب كون التكديس كبسًا إلى أسفل. التاء والميم وما يثلثهما • (تمم): {رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم: 8]. "قمرُ تَمام - كسحاب وكتاب: إذا تَمَّ ليلة البدر. وولدت المرأة لتَمام: إذا ¬

_ (¬1) في الفروق (تحـ عيون السود) 38 - 39، 75.

ألقته وقد تَمَّ خَلْقُه. وقد أتمّ القمرُ: امتلأ فَبَهَر، والنبتُ: اكتهل. والجَذَعُ التَمَمُ - محركة: أي التامّ الخَلْق. والتَميم: التامُّ الخَلْقِ الشديدُه من الناس والخيل، والطويلُ، والصُلْبُ والمستَتِمّ: الذي يطلب الصوف والوبر ليُتم به نسيجَ كسائه. والصوفُ أو الوبر الموهوب لهذا يسمي تُمة - بالضم ". Qهو استيفاء جِرم الشيء حَجْمه متميزًا عن غيره (¬1): كالقمر ليلة البدْر، وكالتامّ الخَلْق من الناس، والخيل، والنَبْت - تامة الجرم. ومنه: "التميمة: العُوذَة (أي الحافظة للجسم والشخص حالَه فلا يصاب بما ينقصه). وتتامت إليه قريش: أجابته وجاءت متوافرة متتابعة. وليل التَّمام - ككتاب: أطول ما يكون من ليالي الشتاء: {..... وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: 142] أي بلَغها كاملة، {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَي اللَّيْلِ} [البقرة: 187]. {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام: 115]: كَمُلَت من الصدق والعدل [طب 12/ 62]. {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا} [الأعراف: 137]: وَفَي وعدُ الله الذي وعد بني إسرائيل بتمامه على ما وعدهم [طب 13/ 77]. {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [هود: 119] نَفَذ قضاؤه وَحقَّ أمره (البحر). وفي {وَإِذِ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): التاء للضغط الدقيق، والميم لاستواء ظاهر الجرم، والفصل منهما يعبر عن التئام الجرم على كمال (أي انفصال وتميز عن غيره بسبب كماله) كقمر التمام. وفي (يتم) تعبر الياء عن الاتصال، وكأن الانقطاع الذي في (تم) وقع علي الاتصال، فعبر التركيب عن انفراد الشيء وانقطاعه عما يتصل به عادة كالرملة المنفردة عن غيرها، وكاليتيم الذي أُفرد بموت أبيه.

(يتم)

ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: 124]، قال [طب 3/ 18]: فأدّاهن/ عَمِل بهن فأتمهن (فتَمَام الكلمات في هذه الآيات يعني كمالَها بتصديقها أي تحقيق معناها حيث استوفت مضمونها كاملًا بنفاذها. والعامة تعد ما لم ينفذ من الكلام فارغا). {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: 8] اللهم آمين {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} [الأنعام: 154] أي تماما للكرامة والنعمة على من كان محسنا. أي زيادة على وجه التتميم [ينظر الكشاف 2/ 77 - 78، بحر 4/ 255] {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3] بظهور الإسلام وعزتكم حتى صار الأمر بين العرب أمركم [ينظر بحر 3/ 441] وكل ما في القرآن من التركيب هو بمعنى استيفاء الشيء حجمه أو كماله حسب ما ذكرنا. هذا، وتمام جرم الشيء يمثل أيضًا في انفصاله عن غيره؛ ومن هنا: "تُمّ الشيءُ: كُسِر - للمفعول فيهما. (انفصل قسمين) وظَلَعَ الدابةُ ثم تتَمَّم أي تَمَّ عَرَجُه كَسْرًا. والِتمُّ - بالكسر: الفأس (تكسر وتفصل). وتممّ على الجريح: أجهز عليه " (أكمل قتله = أنهى الأمر وفصله). • (يتم): {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} [الضحى: 6] صلى الله عليه وآله وسلم. "اليتيم: الرمْلة المنفردة عن غيرها. واليتائم: رمالٌ منقطع بعضها عن بعض. [ق]. وكل شيء فَرْدٍ بغير نظير فهو يتيم كالدرة اليتيمة ". Qهو: انفراد الشيء عن مجانسه مستقلًّا بذاته: كالواحدة من الرمال المذكورة مجتمعة في ذاتها ومنفصلة عن غيرها، وكالدرة اليتيمة المتفردة بقيمتها أو صفتها لا تشركها أخرى في هذه القيمة. ومن ذلك الأصل قالوا: يَتِمَ من هذا الأمر (كفرح) أي انفَلَتَ (انفصل وفارقه). ومنه: اليتيمُ من

£° معنى الفصل المعجمي (تم)

الصبيان: الذي مات أبوه (فأُفرِد بذاته): {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} [الضحى: 9]. وكل ما في القرآن من التركيب هو اليتيم - بهذا المعنى، ومثناه وجمعه. ومن المعنى المحوري قولهم: "في سيره يَتَمٌ - محركة: أي إبطاء، ويَتِمَ (كتَعِب): قَصّر وفَتَر ". فهذا من انقطاعه وانفراده عما يسايره، أو من عجزه عن مواصلة السير، فهذا انقطاع - كما جاء في الحديث الشريف: "إن المنْبَتَّ لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى ". ° معنى الفصل المعجمي (تم): تميز الشيء مستقلًّا كما يتمثل في البدر - في (تمم)، وفي اليتيم - في (يتم) لكنه مستقل كُرْهًا. التاء والنون وما يثلثهما • (تنن - تنتن) "التَن - بالفتح والكسر: الصبيُّ الذي قَصَعه المرض فلم يلحق بأَتْنانه فهو لا يَشِبّ (قَصْعُ الجِرّة: شِدّةُ المضغ وضم بعض الأسنان على بعض) كادِى الشباب/ إذا كان قميئًا لا يشبّ ولا يزداد. وقد أَتَنَّهُ المرض: قَصَعه فلم يلحق إلخ. وسيف كهام ومُتَنَّن أي كليل ". Qهو: انضغاط الشيء علي نفسه فلا يمتد جرمه (¬1): ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): التاء للضغط الدقيق، والنون تعبر عن امتداد لطيف في جوف أو باطن، والفصل منهما يعبر عن ضغط حاد علي القوة الباطنية التي بها يمتدّ الشيء فلا يمتد - كالصبي الذي قَصَعه المرض. وفي (تين) تعبر الياء عن اتصال، ويعبر التركيب عن رخاوة ثمر التين وحلاوته، فهما لُطْف سارٍ في أثنائه مع دقة بذوره في أثنائه. أما في (تنر) فانظر المعالجة.

(تين)

كالصبي الموصوف لا ينمو (أي لا يمتد) كأن قوة الشباب والنمو فيه قد ضُغطت؛ فلا تنطلق، ولا يبرز أثرُها. وكالسيف الكليل لا يبرز منه (أي لا يمتد) حدُّهُ الدقيق. ومن عدم الامتداد هذا: قولهم: "تَنَّ بالمكان: أَقام " (مفارقة المكان امتداد هنا وهنا)، وقولهم: "التِنُّ - بالكسر: الشخص والمثال (جامد لا ينمو)، والتِرْب " (نُظِر إلي عدم نموه عن تربه). ومن ذلك "التِنِّين: ضرب من الحيات (البحرية) من أعظها كأكبر ما يكون منها ....... " (فهو دائم الإقامة في البحر أو لأنه يَجْذب من يأخذه إلى عمق البحر ...). وقول ابن الأعرابي: "تنتن الرجل: إذا ترك أصدقاءه وصاحب غيرهم "يتأتّى من الأصل؛ حيث يمكن أن يستعمل الأَتْنان (جمع تِنّ بمعنى تِرْب) في الأصدقاء، وتتكفل صيغة المضاعف (تنتن) بالتعبير عن هذا بما فيها من تكرار. • (تين): {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ} [التين: 1, 2]. "التين: ذاك الذي يؤكل/ شجر البُلُس وقيل هو البُلُس نفسُه. وأجناسه كثيرة برية وريفية، وسُهْلية وجبلية. وهو كثير بأرض العرب "اهـ. أقول وقد أخبرنا من نثق به أن أهل اليمن ما زالوا يسمون التين البُلُس. وتينهم هو ذاك الذي نسميه البرشومي. وفي ضوء ما تقدم في (تنن) نقول لعله لُحظ فيه طراءة لحمه الحلو مع بذوره الدقيقة الممتدة في أثناء اللحم، أي وجود أشياء دقيقة قوية في أثناء شيء رخو لطيف، وهذا ينطبق على أنواع التين بأجناسه التي نعرفها.

(تنر)

• (تنر): {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} [هود: 40]. "كُلُّ مَفْجَر ماء: تَنُّور - كسَفُّود. والتَنُّور أيضًا: الذي يُخْتَبَزُ فيه ". Qهو: امتلاء الجوف بشيء لطيف الجرم أو الحركة - ينفذ منه: كالماء وهو لطيف الجرم والحركة - في مَفْجَره، وكالنار - وهي لطيفة الجرم والحركة أيضًا - في جوف التنور. وكلاهما يخرج من جوف: فالماء من الأرض والنار في تجويف التنور أو منه، كما أن النار أصلًا كامنةٌ تُستخرج بالاقتداح. وفي آية التركيب وكذا {وَفَارَ التَّنُّورُ} [المؤمنون: 27] فالمناسب للسياق والقصة الماءُ لا النار، كما قال تعالى في قصة نوح أيضًا: {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [القمر: 12]. والقول بأن التنور يطلق على تنوير الصبح له وجه من معنى التركيب - للُطف الضوء واسترساله - إن ثبت وروده عن العرب - لكن يبعد أن يكون هو المراد في آية التركيب؛ لأن الآية الأخرى تكاد تعيّن المراد، وبقرينة كلمة {فار}. هذا وقد مر بنا قولهم: "كل مَفْجَرِ ماءٍ تَنُّورٌ ". وقد قالوا أيضًا: "تنانير الوادي: محافلُه. والتنّور أيضًا جبل عين الورد بالجزيرة "، قال في [تاج] "وهذا الجبل يجري نهرُ جيحان تحته "ففي هذه الاستعمالات ارتبط اللفظ بمواضع اجتماع الماء، مما يؤكد شيوع إطلاقه علي مَفْجَر الماء. كما أن التنور (نوع من الكوانين/ الذي يختبز فيه) معروف تمامًا عند العرب، وورد في الحديث الشريف: "في تنور أهلك "، ولعله الذي قصده ابن دريد بقوله: "لا تعرف له العرب اسمًا غير هذا " (¬1) فاللفظ كان معروفًا وشائعًا عند العرب بالمعنيين. ¬

_ (¬1) المعرب للجواليقي تحـ ف. عبد الرحيم 213.

والصيغة التي ورد بها اللفظ معروفة أيضًا بل كثيرة مثل: سَبّورة، صَيُّور الأمر وصَيُّورته: عاقبته، وما بها دَيُّور: أحد، سَفُّود ... الخ، بل إن الصيغة شائعة عند العامة. أما ما قاله الأزهري من أن أصل بنائه "تنر "، ولا نعرفه في كلام العرب؛ لأنه مهمل، فقد قال ابن فارس والراغب في "تجر "إنه ليس في كلام العرب تاء بعدها جيم غير هذا اللفظ اهـ. ولم ينف هذا عربيته. ثم إن إرجاع تنور إلى تنر ليس ضربة لازب؛ فقد قال ثعلب إن أصلها تَنْوُور، أي أنه من النار، وهذا متوجه (¬1). ونضيف للمسألة أن كلام اللغويين في ما هو من كلام العرب وما ليس من كلامهم ينبغي أن يؤخذ بحذر، لسعة اللغة وعظمتها، وقد قال الشافعي - رضي الله عنه -: إن كلام العرب لا يحيط به إلا نبي - قال ابن فارس: وهذا كلام حَرِيّ أن يكون صحيحًا. لقد وصف "المُنْجِد "التنّور بأنه تجويفة أسطوانية من فَخَّار تُجْعَل في الأرض ويُخْبَز فيها. وانطباق الأصل الذي ذكرناه علي هذا واضح. ومن الناحية الصوتية فإن "تن "تعبر عن لزوم جوف (أو ظرف) كقولهم: تَنَّ بالمكان: أقام، والراء تعبر عن استرسال ينطبق على الماء والنار. بعد كل هذا نقول عن يقين إن لفظ تنّور عربي، وإنه - كان بكل لسان كما قالوا - فإنما عَن العرب أو العربية الأُوَلى أُخذ. ولا أجد ما يمنع من القطع ¬

_ (¬1) استنكر ابن جني قول ثعلب هذا (الخصائص 3/ 285). ولكن القول بأن النون ضوعفت تخلصا من ثقل الضمة علي الواو - مثلًا - أخف من ادعاء أصل ممنوع لأن فيه نونا قبل راء لإثبات كلمة ليس فيه إلا هي.

£° معنى الفصل المعجمي (تن)

بأن المراد به في الآية هو مفجر الماء - كما قال تعالى في قصة نوح {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} [القمر: 12]. ° معنى الفصل المعجمي (تن): الضغط على القوة الباطنية للشيء: كما يتمثل ذلك في الصبي الذي قصعه المرض في (تنن)، وفي رخاوة التين في (تين). التاء والهاء وما يثلثهما • (تهته): "التهاته: الأباطيل. تُهْتِهَ في الباطل - للمفعول: رُدِّدَ فيه ". Qهو: باطل يَغْمُر فيُتَرَدَّد فيه (¬1): كما يؤخذ مما ذكر. وأما التهتهة التي هي التواء في اللسان مثل اللكنة فهي كلمة حكائية. • (تيه/ توه): {يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 26]. "تاه في الأرض تَوْها وتَيْها: ذَهَبَ مُتَحيرا/ ضَلّ. وتاهت به سفينته. والتِيه - بالكسر: المفازة يُتَاه فيها. والتَيْهاء - بالفتح: الأرض المَضِلّة الواسعة التي لا أعلام فيها ولا جبال ولا آكام ". Qهو: التحير في فضاء أو فراغ لا معالم فيه: كالذي يتيه في ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر التاء عن ضغط بدقة، وتعبر الهاء عن فراغ (أو تجوف)، والفصل منهما يعبر عن الاحتباس في ما يشبه الفراغ كالذي تُهتِه في الباطل، وفي (تيه) تعبر الياء عن اتصال، فيعبر التركيب عن زيادة الاحتباس في الفراغ متمثلة في الانغمار في فضاء لا معالم فيه.

£° معنى الفصل المعجمي (ته)

مفازة لا أعلام فيها، أو في بحر {يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ}. ومنه: "التِيه: الهلاك "؛ إذ هذه عاقبة من يتيه في مفازة. فهذا معنى لزومي. وأما "التِيه: الصَلَف والكِبْر "فمن ذلك الفراغ، لأن "الصَلَف هو التمدح بما ليس عندك ""سحاب صَلِف: كثير الرَعْد قليل الماء " [ق]؛ فهو راجع إلى معنى الفراغ. ° معنى الفصل المعجمي (ته): الفراغ وما هو من جنسه كالباطل كما في التهاته: الأباطيل - في (تهه)، وكما في التيه: المفازة يتاه فيها - في (تيه).

باب الثاء

باب الثاء التراكيب الثائية • (أثث): {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80]. "شَعَرٌ أَثِيث: غزير طويل. ولِحْية أَثّة: كَثّة أثيثة. أَثَّ النباتُ أَثَاثة: كَثُر والتفّ. ونبات أثيثٌ: مُلْتَفّ. وأثّت المرأة: عَظُمت عَجيزتُها. وامرأة أثيثة (=: أثيرة وثيرة كثيرة اللحم. الأثاثُ .... الكثير من المال/ المالُ كله الإبل والغنم والعبيد والمتاع/ ما كان من لباس أو حشو لفراش أو دثار ". Qهو: تجمع الدقاق اللطيفة بكثافة في شيء أو حوله فتكوّن طبقة لينة: كالشّعر، والنبات الكثير الملتف، والمال الكثير، واللحم المجتمع. والأثاث - بمعانيه - أشياء كثيرة: مال أو متاع فيها رخاوة حسية أو معنوية لصاحبها: {هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا} [مريم: 74]. • (ثوى): {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [محمد: 19]. "الثَاية: أن تُجمَع شجرتان أو ثلاثٌ فيُلْقَي عليها ثوبٌ فيُسْتَظلّ به. والثَوِيّة والثاوَة والثاية: مأوَى الغنم والبقر. والثاية: مأوى الإبل ". Qهو: لمّ المنتشر المتفرق وجمعه في ما يؤويه: كتلك الثاية

الثاء والباء وما يثلثهما

والمأوى. ومنه: "ثَوَى بالمكان (رمى): نَزَل فيه " (السعي والانتقال والسفر: انتشار): {وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} [القصص: 45]. والمَثْوَى صيغة تصلح للمصدر الميمي من "ثوى "ولاسم الزمان والمكان {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ} [يوسف: 21] أي ثواءه. وفي [قر 9/ 109] أي منزله ومُقامه بطيب المطعم واللباس الحسن (فهو يقصد المصدر أيضًا). {وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} [محمد: 12] وهذا اسم لمكان ثوائهم، والعياذ بالله منها. وسائر ما في القرآن من التركيب هو (مثوى) بمعنى مكان الثواء والإقامة (جهنم) للكفار حسب السياق، وسائره للمصدر. والثَوِيّ - كغَنِيّ: البيت المُهَيّأ للضيف (يضمه ويثوِي فيه بعد سفره). وثُوِيَ الرجلُ: قُبِر - للمفعول فيهما. والثُوَى - كهُدَي: قماشُ البيت (أمتعة متفرقة لازمة للثَوَاء). الثاء والباء وما يثلثهما • (ثبب - ثبثب): الثَباب - كسَحاب: الجلوس، ثَبَّ وثَبْثَبَ: جَلَس جلوسًا متمكنًا. Qهو: استقرار الشخص علي الأرض متجمعًا بعد انتشار ما (¬1): كالجلوس عن قيام أو سعي. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الثاء تعبر عن دقاق كثيفة تنتشر، والباء للتجمع والتلاصق، فيعبر الفصل عن تجمع ما هو كثير أو منتشر كومة واحدة كتجمع الجسم بأعضائه الكثيرة على الأرض عند الجلوس المتمكن. وفي (ثبو) تعبر الواو عن الاشتمال، ويعبر التركيب عن التجمع الجزئي أو المتعدد، أي التجمع مع التميز (والجماعة المتميزة عن أخرى يُبرز معنى =

(ثبو)

• (ثبو): {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} [النساء: 71]. "الثُبة - بضم ففتح: وَسَطُ الحوض حيث يتجمع الماء، والجماعة من الناس كالأُثْبِيّة - كأُثْفِيّة. وجاءت الخيل ثُبَاتٍ: أي قطعة بعد قطعة ". Qهو: تجمع المتفرق تجمعًا جزئيًّا هنا وهنا أو مرة بعد أخرى: كتجمع الماء في الحوض مرة بعد أخرى، وتجمع الناس فِرَقًا. ومنه: الثُبَة: العُصبة من الفرسان: {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ} [النساء: 71] أي فِرقة فِرقة وعُصْبة عُصبة. ومنه يقال: "ثبَّيْت الشيء - ض: جمعته ثُبة ثُبَة، والمالَ: حفظته، والرجلَ: مدحته وأثنيت عليه في حياته .. (جمعت محاسن شتى أضفتها إليه وعظّمته بها). ومنه كذلك: "ثَبَّيْت على الشيء - ض: دُمْت عليه. والتثبية: أن تفعل مثلَ فعل أبيك وتلزم طريقَه (المداومة على الشيء تكرارٌ وكثرة تتجمع). ويقال: "ثَبِّ معروفك: أَتِمَّهُ وزِدْ عليه " (ضُمَّ إليه). وفي الجمع تعظيم ¬

_ = شمولها أفرادَها تحيزُها عن غيرها) كما في التثْبية فِرْقةً فِرْقةً. وفي (ثوب) تَتَوسط الواو بتعبيرها عن الاشتمال، فيعبر التركيب عن نوع من التجمع عَوْدًا أو تحوّلًا كما في تحول الخيوط ثوبًا، (وكلام الزجاج صحيح والمتهكمُ عليه دَعيّ - ينظر المزهر نوع الاشتقاق) وكما في عَوْد الماء بعد نفاده، وكما في بُعْد الرجل ثم عَوْده. أما في (ثبت) فإن التاء بضغطها تعطي رسوخًا لذلك الذي تجمع ولزم أو لصق. وكذلك الأمر في (ثبط) مع زيادة الغلظ والعِرَض الذي يعطى الثقل. وفي (ثبر) تعبر الراء عن الاسترسال، ويعبر التركيب معها عن الاسترسال والامتداد في التجمع والتحبس عن انتشار كما يتمثل ذلك في الثَبْرة والمَثْبِر.

(ثوب)

الجرم، ومنه تعظيم القدر، وعليه: (يُثَبُّون أرحامًا) - ض: يعظمونها ". • (ثوب): {فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ} [آل عمران: 148]. "مَثَابُ البئر: وَسَطها. وبئر ذات ثَيِّب - كسيّد: إذا استُقِي منها عاد مكانَه ماءٌ آخر. وثائب البحر: ماؤه إذا فاض بعد جزر. ثاب الماء: اجتمع في الحوض. والثَوب - بالفتح: اللباس. وأَثَبْتُ الثوب: كَفَفْتُ مخَايطه. وثاب إلى العليل جسمه: إذا حَسُنت حاله بعد نُحوله ورَجَعت إليه صحته. ثاب الرجلُ: رجع بعد ذهابه، والناسُ: اجتمعوا ". Qهو: رجوع الشيء المتفرق الذاهب وتجمُّعه في نفس مكانه ثانية - كمثاب البئر يتجمع فيه الماء بعد ذهابه، والثوب خيوط تتجمع (الثوب عندهم هو لفة النسيج = التوب عند القمّاشين). وكالمريض الذي شُفي يجتمع ويربو بعد نحوله. وكفُّ المخايط طَيٌّ وثَنْى للمنبسط أي ردّ وجَمْع. فمن المادي: "الثياب التي تلبس {وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ} [الكهف: 31]. ومثلها من حيث هي ثيات تلبس كل (ثياب) في القرآن حتى ما في [الحج: 19]، والمَثَابة: الموضع الذي يُثاب إليه أي يُرْجَع مرة بعد أخرى {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} [البقرة: 125]. ثوّب الداعي - ض: عاد (فدعا) مرة أخرى، والثيّب من النساء - كسيد: التي كانت ذات زوج ثم فارقته بموت أو طلاق ثم رجعت إلى النكاح (أو إلى أبيها) {ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [التحريم: 5].

(ثبت)

ومما هو صالح للمادي والمعنوي: "الثَواب: جزاء الطاعة، وكذلك المثوبة (لأن العمل ذهب وهذا عائِد مقابل له. كما يقال الآن: عائد العمل كذا. هذا أصله، ثم غلب في ثواب العمل الصالح): {فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ ...} [المائدة: 85] , {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ} [البقرة: 103]. المثوبة (هنا) الجزاء والأجر علي الإيمان والتقوى بأنواع الإحسان [بحر 1/ 487، 504] {بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ} [المائدة: 60] أي مرجوعا إليه في الحشر [بحر 3/ 528] والكلمة مصدر. {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المطففين: 36]، (هذا على الأصل: هل وجدوا عائد إجرامهم) وكل ما في القرآن من التركيب - عدا (ثياب) و (مثابة) و (ثيبات) هو من الثواب بالمعنى الذي ذكرناه. • (ثبت): {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 147]. "الثِبات - ككتاب: سَيْر يُشَدّ به الرَحْل. يقال للجراد إذا رَزَّ أذنابه ليبيض: ثَبَتَ، وأَثْبَتَ، وثَبَّت - ض. وأثبَتَ فيه الرمحَ: أَنْفَذَه. وثَبَتَ الرجلُ في المكان: أقام به ". Qهو: متانة ارتباط الشيء (المتنقّل) بما لُزّ به أو قام عليه لا يتحلحل: كما يرسخ الرحْل على ظهر الجمل بالثِبات. ومنه الثبوت في المكان رسوخًا حقيقيًّا: {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ} [إبراهيم: 24]، {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ} [الأنفال: 30] بحَبْس او إيثاق ونحوه "أُثْبِتَ - للمفعول: اشتدت به علة أو جراحة لا يتحرك أو يقوم معها "، و "ثَبْت المقام: لا يبرح ". ومنه عدم التحلحل في مواجهة العدو قتالًا: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} [الأنفال:

(ثبر)

45] ومثلها ما في [البقرة: 250، آل عمران: 147، الأنفال: 11، 12، محمد 7]. واستعمل في الثبات النفسي وما هو من بابه: {لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} [الفرقان: 32] بمعنى تسكين القلب - ونظيره: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260 ومثلها ما في هود 120، الإسراء 74، وربما إبراهيم 27، النحل 102]، {وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: 265] ثباتًا أو تثبُّتًا ومثلها [ما في النساء: 66، النحل: 94]. والقول الثابت في {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] هو لا إله إلا الله محمد رسول الله في الدنيا وفي سؤال القبر [قر 9/ 362 - 363] {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39] استظهر [قر: 9/ 329] أن تكون الآية عامة في جميع الأشياء: أي السعادة والشقاوة والأجل والرزق الخ فانظره. ومن صور الثبات المعنويّ: "رجل ثبيت: ثابت العقل، والثبَت - محركة: الحجة والبينة " (تُثَبَّتُ الأمرَ) "وثبّته عن الأمر - ض: ثبّطه ". • (ثبر): {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} [الفرقان: 13]. "ثَبَر البَحْرُ: جزر. وربما قيل لمجلس الرجل: مَثْبِر. الثَبْرة: حجارة بيض تقوّم ويبني بها. الثَبْرة: الحفرة في الأرض/ النُقْرة تكون في الجبل تمسك الماء يصفو فيها كالصهريج، إذا دخلها الماء خرج فيها من غثائه وصفا. الثَبْرة: تراب شبيه بالنُورَة (: الحجر المحترق الذي يُسَوَّى منه الكِلْسِ) يكون بين ظهري الأرض فإذا بلغ عرقُ النخلة إليه وقف ". Qهو: تجمع الشيء انقباضًا أو تقبُّضًا وعدمَ انتشار: كجَزْر ماء البحر بعد المدّ، وكالجلوس، وكما تتماسك كل من كتل الثبرة التي يُبْنَى بها.

وكما يجتمع غثاء الماء في النقرة بعد انتشاره في الماء. وكوقوف عِرْق النخلة لا يمتد. ومنه: المَثْبِر: مَسْقَط الولد (أي مستقرُّه علي الأرض بعد أن كانت أمه تجول به في بطنها)، وموضعُ نَحْر الناقة (انتهت حياتها عنده لا تجول). ومن الانقباض وعدم الانتشار أُخِذ معنى الحَبْس: "ثَبَره: حبسه ". ومن هذا: "المُثابرة على الأمر: المُواظبة عليه " (العكوف عليه وملازمته). وكذلك: "ثَبَرْتُه عن الشيء: رَدَدْته عنه "، و "ما ثَبَرك عن هذا؟ أي ما منعك منه وما صرفك "، "ما ثَبَر الناسَ؟ أي ما الذي صدَّهم ومَنَعهم من طاعة الله "، كل ذلك من الحبس، لكن المثابرة من الحبس أو الاحتباس (عَلَى)، والمنع من الحبس (عَنْ). أما قولهم: "تثابرت الرجال في الحرب: تواثبت "فمن التجمع، كأن المعنى: ركب بعضهم بعضًا في المغالبة. وقولهم: "ثَبِرت القُرحة أي انفتحت "هو من المعنى المحوري، على صيغة فَعِل، وهي هنا للمطاوعة بمعنى المفعولية، كأن تأويلها: أُنْهِيَ أمرها. وقوله تعالى على لسان سيدنا موسى: {وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسراء: 102] فُسَّر في [طب التركي 15/ 108 - 111] بـ: ملعونا، مغلوبا، هالكًا، مبدِّلا مغيِّرًا، مخبولا لا عقل له. واختار طب التفسير الأول، لكنه أضاف إليه فقال: ملعونا ممنوعا من الخير. فإن كان قصد بقوله "ملعونًا "المعنى اللغوي للعن، وهو الإبعاد، والمقصود الإبعاد من الخير مثل المنع من الخير، فهذا يتأتى من معنى الحبس، ويصح أن يوجِّه موسي معناه إلي فرعون مع التلطف عملًا بقوله تعالى: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا} [طه: 44] واتساقًا مع ما حكاه سبحانه عنه وعن أخيه {إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى} [طه: 45]. فيكون المعنى أنا

(ثبط)

جئت بخير أخشى أن تحرم منه. وأما تفسير "مثبورًا "بـ "مغلوبًا "أو "مبدَّلا مغيرًا "، فلا أصل له في اللغة. وتفسيرها بـ "لا عقل له "وبـ "هالكًا "قد يتأتيان من "ثبرت القُرحة "لكن لم يرد عن العرب استعمالُها في عدم العقل، ولا يتأتى مواجهة فرعون بأنه لا عقل له أو بأنه هالك، أي بأن الله تعالى سيهلكله بعذاب، أو نقمة، تنصبّ عليه في الدنيا. وفي قوله تعالى: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} [الفرقان: 25, وكذلك ما في "الانشقاق "11]: فُسِّرت بالهلاك. فإن كان بمعنى الفناء فإنه - وإن تأتي من "ثبرت القرحة "- فلا يتأتى من السياق، فهم يتمنون الفناء {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77] فالمقصود أنهم يضجون ويتوجعون من الحبس على العذاب، أي الدوام على حال العذاب الذي هم فيه، ولذا جاء بعد الآية {لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} [الفرقان: 14] والثبور مصدر، والمصادر لا تجمع، وإنما يعبَّر عن معنى الجمع بالوصف "كما يقال: قعدت قعودًا طويلًا، وضربته ضربًا كثيرًا "فكأن المعنى: ادْعُوا بالثبور دعاء كثيرًا، لأن حبسكم على العذاب سيدوم. ينظر [ل]. • (ثبط): {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ} [التوبة: 46]. "امرأة ثَبِطة - كفرحة: ثقيلة بطيئة. ثَبِطت شَفَةُ الإنسان: وَرِمَت. أثبطه المرض: لم يكد يفارقه ". Qهو: ثِقَل الشيء - في مكانه بحيث لا يكاد يفارقه: كالمرأة والمريض المذكورين. وورم الشفة غلظ يلزمه الثقل. ومنه قالوا: ثَبَطْتُ الرجلَ - مخففة: حَبَسْته. وثبّطه عن الشيء - مخففة ومضعفة: رَيَّثَه وثبّته. ومنه ما في آية التركيب.

£° معنى الفصل المعجمي (ثب)

° معنى الفصل المعجمي (ثب): التجمع بعد انتشار أو نحوه كما يتمثل في الجلوس المتمكن - في (ثبب)، وفي تجمع الماء بعد نزحه - في (ثبو)، وتجمع الخيوط في النسيج (الثوب) - في (ثوب)، وفي كتلة الشيء الذي يثبت - في (ثبت)، أو يَثْقُل - في (ثبط)، والذي يحتبس في (ثبر). الثاء والجيم وما يثلثهما • (ثجج): {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا} [النبأ: 14]. "عَين ثَجُوج: غزيرة الماء. واكتظّ الوادي بثَجِيجِه: امتلأَ بسيله. ومطر ثَجَّاج - كشداد: شديدُ الانصباب جدًّا. ثجّ الماءَ ونحوه: صبّه كثيرًا. وحَلَبَ ثَجًّا: أي لبنًا سائلًا كثيرًا ". Qهو: غزارة المائع الناشئ أو الخارج حتى يتجمع منه قدر كثيف (¬1): كالماء واللبن المذكورين. ومنه: الثَجُّ: سفك دماء البُدْن وغيرها في الحج "بكثرة ". فالماء الثجّاج في آية التركيب هو "المنصبّ بكثرة " [بحر]. الثاء والخاء وما يثلثهما • (ثخخ): "ثَخَّ الطينُ والعجين: إذا أُكْثِرَ ماؤهما ". ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الثاء عن نفاذ دقاق كثيرة منتشرة، والجيم عن جرم كثيف غير صلب او مصمت، والفصل منهما يعبّر عن طبقة كثيفة تتكون من أشياء هشة: كتجمع الماء، واللبن.

(ثخن)

Qهو: رخاوة الجرم الكثيف من كثرة الماء في أثنائه (¬1): كالطين والعجين إذا أكثر ماؤهما. • (ثخن): {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} [محمد: 4]. "ثوبٌ ثَخين: جَيّدُ النَسْج والسَدَى كثيرُ اللُحْمة. ثَخُن الشيء ... ثَخَانة وثُخُونة: كثُفَ وغلُظ. واستَثْخَنَ الرجلُ: ثَقُل من نوم أو إعياء ". Qهو: كثافة الشيء وغِلَظُ سَمْكه - مع رخاوة تتخلل أثناءه. ويلزم هذا الثقلُ. ومنه الثَخَنة - محركة: الثِقَل. وأَثْخَنَه: أثقله بإيثاق أو جَرح يمنع الحركة، أو غَلَبٍ وقَهْرٍ يُعْجِزه عن النكاية: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ}، {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67] أي بعد أن يصبح العدو عاجزًا عن القتال يكون الأسر - أو لا يكونُ أَسرٌ حتي يقوم أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ويعظُم ويتمكن [انظر قر 8/ 45 وما بعدها]. ° معنى الفصل المعجمي (ثخ): التجمع مع رخاوة أو تخلخل كما في العجين الذي أكثر ماؤه في (ثخخ)، وكثافة النسيج في (ثخن). ¬

_ (¬1) صوتيًّا: تعبر الثاء عن دِقاق كثيرة منتشرة، والخاء عن تخلخل الأثناء، والفصل منهما يعبر عن تجمع الدقاق في جرم رخو متخلخل الأثناء كالطين والعجين الموصوفين. وفي (ثخن) تعبر النون عن امتداد في الجوف، ويعبر التركيب معها عن أن تلك الأثناء المتخلخلة قد امتد فيها لطيف ملأها فكثُف الشيء وغلُظ سُمْكه كالثوب الثخين، وبذلك ثَقُل أيضًا كما يقال: أثخنته الجراح.

الثاء والراء وما يثلثهما

الثاء والراء وما يثلثهما • (ثرر - ثرثر): "عين ثرَّة وثَرّارة وثَرْثارة - بالفتح فيهن: غزيرةُ الماء. وسحاب ثَرٌّ: كثيرُ الماء. ومطر ثَرٌّ: واسع القَطْر مُتَدَاركهُ. وعَيْنٌ ثَرَّةٌ: كثيرةُ الدموع، وطعنةٌ ثَرَّة: كثيرة الدم، وشاة ثَرَّة وثَرُور: واسعةُ الإحليل ". Qهو: غزارة المائع المنبثق أو الخارج من شيء (¬1): كالماء والدمع والدم واللبن في ما ذكر. ومنه "ثَرَّ الشيءَ من يده (رد): بدَّده ". ولذا جاءت "ثرثر: تكلم في تخليط، فهو ثَرثار - بالفتح - مهذار " (كثير الكلام. والكلام لطيف الجرم كالمائع). • (ثرى): {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} [طه: 6] "الثَرَى - كالفتى: الترابُ النَدِيّ، وقد ثَرِيت الأرض (كَرِضيَ): نَدِيَتْ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر الثاء عن نفاذ دقاق كثيرة بكثافة، والراء عن استرسال، ويعبر الفصل منهما عن نفاذ المائع ونحوه بغزارة واسترسال: كالماء من العين الثَّرّة: الغزيرة الماء. وفي (ثرى) تزيد الياء معنى الاتصال؛ فيعبر التركيب عن امتداد النافذ: كامتداد نَدَى الماء في أثناء التراب في الثرى. وفي (ثور) تعبّر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب هنا عن تجمع الدقاق التي نفذت من الأثناء (اشتمال) فتظهر كما في الثَوْر: الطُحْلَب. وفي (أثر) سبقت الهمزة بالضغط؛ فحبر التركيب عن قوة النفاذ أو الانفصال باسترسال يتمثل في الاستمرار والدوام - كما في الأثر: بقية الشيء. وفي (ثرب) تعبر الباء عن تلاصق وتجمع، والتركيب معها يعبر عن لصوق ما نفذ من الشيء بسطحه منتشرًا: كالثرب على الكرش.

(ثور)

ولانت بَعْد الجُدُوبة واليُبْس. وقد ثرى التُربة - ض: بَلّها، والأَقِطَ: صَبَّ عليه الماءَ ثم لتّه، والمكانَ: رَشَّه [ق]. وقد بَدا ثَرَى الماء من الفَرس - وذلك حين يَنْدَى من العَرَق. وبقال الْتَقَى الثَرَيان: إذا رَسَخ المطرُ في الأرض حتى الْتَقَى ونَدَاها ". Qهو: تخلُّل الندى - ونحوه - أثناءَ جِرم باسترسال: كالماء في أثناء تراب الثَري النَدِيّ كالذي في آية التركيب. ولَبِس أعرابيٌّ فروة عرْيانًا فقال: التقى الثريان، يقصد: الصوفَ وشعرَ بدنه. • (ثور): {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ} [فاطر: 9]. "الثَوْر - بالفتح: الطُحْلَب، وقد ثار الطُحْلَب، ثارَ الماءُ: (ظهرت كدورته) وقد ثوّرت كُدُورته. وثار الغبار والدخان: سَطَع. وثارَت الحَصْبة به: انتشرت. وثار بالمحموم الثَوْر، وهو ما يخرج بفيه من البَثْر ". Qهو: انتشار (حادٍّ) كامنٍ في عُمْق الشيء إلى حيث يُريَ في ظاهره: كالطُحلَب النافذ على وجه الماء الراكد في بئر أو حوض، يكوّن طبقة خضراء أعلاه. وكالطين خلالَ الماء المكدَّر. وكالغُبارِ والدخان النافذ من الأرض والساطع في الأفق. وكحُبوب الحَصْبة والحُمّى طافحةً من باطن الجسم إلى ظاهره. وحدّة ذلك كله أنه يشوب الصفاء. {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} [العاديات: 4] النقع: الغبار {لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ} [البقرة: 71]: أي بتقليبها (فيخرج ما بباطنها إلى ظاهرها. والمقصود حرث الأرض بالمحراث). {وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا} [الروم: 9] (المقصود قلبوها للزرع واسخراج خباياها) {فَتُثِيرُ سَحَابًا} [الروم: 48, فاطر: 9] الرياح تَهِيج أبخرة الماء وتجمعها من هنا وهنا فتصير سحابًا. ومن مَادِّيِّ الأصل:

(أثر)

"ثار القطا من مَجْثَمِه، والجرادُ: انتشر. والثَوْر: حُمْرة الشفق الثائرة فيه. والثَوْرُ: البياض الذي في الظفر (يخرج من تحت الجلد مساحة عريضة). وثَوْر البقر "أغلظ مظهرًا من الإناث وأضخم وفيه عنف وحِدّة. وجعله الراغب [المفردات] والزجّاج [المزهر 1/ 206] من إثارته الأرضَ. وهو جائز. • (أثر): {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [الروم: 50]. "الأثر - محركة: بقيّة الشيء، وما بَقِي من رَسْم الشيء. وسَمِنت الإبلُ على أَثارةٍ أي عَتِيقِ شَحْمٍ كان قبلَ ذلك. والأُثْر - بالضم والكسر: خُلَاصة السمن إذا سُلِئَ. وأُثْر السيف - بالضم: جُرْحه. والأُثْرة - بالضم أيضًا: أن يُسحَى باطنُ خُفّ البعير بحديدة ليُقَصَّ أَثَرُه. أَثَرَ خُفَّ البعير: حَزَّه. (وذلك الحزّ أثَرٌ). Qهو: بقيةٌ (أو علامة) تبقى من جرم الشيء ثابتة تَخْلُفه: كالبقية من الشيء، وبقية الشحم الذي ذاب. وكخُلاصة السمن التي انفصلت من الثُفْل إلخ. ومنه أثر السجود في الجبهة: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: 29]. ومن أثر القَدَم وما إليه: {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ} [طه: 96]. حسب المسير المأثور، وفيه هنا غرائب. [ينظر بحر 6/ 255، آلوسي 16/ 254] وأرجح أن السامريّ مجرد ساحر خبيث، وألفاظ القصة تتيحه. ومنه جاءت عدة تعبيرات {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف: 64]، (رجعا متتبعين آثار سيرهما)، {هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي} [طه: 84]، (كناية عن أنهم آتون خلفه). ثم عُبّر بها عن المجيء بَعْدُ: زمنًا {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى} [المائدة: 46, ومثلها ما في الحديد: 27] , أو اقتداءً بسابقين فهم خلفهم: {فَهُمْ عَلَى

(ثرب)

آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ} [الصافات: 70، وكذا ما في الزخرف: 22، 23] وكذا عن الموقف عند تولي مُعْرِضٍ أي خلفه {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف: 6] {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ} [الروم: 50] (النعم الملموسة الباقية). ومن ذلك أو من الأَثَر: البقية من الشيء: {أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ} [غافر: 21, وكذا ما في 82]. ومنه {ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} [الأحقاف: 4] أي بقية منه تُؤْثر، أي تُرْوَى وتذكر [ل]. ومن ذلك المعنى المحوري: أَثَرْتُ الحديث عن القوم: حدّثت به عنهم (أخذته منهم وبقي معي)، وأَثَر عنه الكذب: رواه وحكاه: {سِحْرٌ يُؤْثَرُ} [المدثر: 24] يحكي عن سابقين. واستأثر بالشيء: خصّ به نفسه واستبدّ به (أخذه واستبقاه لنفسه)، "واستأثر الله بفلان ": إذا مات وهو ممن يرجي له الجنة (تَقَبّله إلى جواره الأكرم). وآثرتك: فضّلتك [التهذيب 15/ 1222] (استبقيتك أي تمسكت بك وحدك): {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا} [يوسف: 91] فضَّلك (أي بكل ما صار إليه) [ينظر قر 9/ 257] {وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [النازعات: 38] فضلها أي تمسك بها واستبقاها [وكذا ما في الأعلى: 16، طه: 72] {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الحشر: 9] (أي يفضلون غيرهم مستبْقين له الخير) وينظر [قر 18/ 26 - 29]. • (ثرب): {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} [يوسف: 92]. "الثَرْب - بالفتح: شحم دقيق يغشى الكَرِشَ والأمعاء مبسوط عليهما. والثَرْب كذلك: أرض حجارتها كحجارة الحَرَّة إلا أنها بيض ".

£° معنى الفصل المعجمي (ثر)

Qهو: لصوق طبقة دقيقة على ظاهر الشيء حادّة الوقع على الحسّ: كالشحم الموصوف، وكحجارة الأرض الموصوفة عليها. ومن ذلك: "التثريب: التأنيب والاستقصاء في اللوم والمعايرة بالذنب "وذكره (كأن اللائم يعرو الملوم بطبقة مستبقحة يلصقها به وذلك بذكر ذنوبه وما فعله): {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ}. ومنه: "المُثَرِّب - فاعل من ض: المَخَلِّطُ المفسد ". ومن المعنى المذكور: "يثرب ": اسم قديم لمدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ربما لأنها أرض زرع وخير، كما قالوا من الثرب: أثرب الكبشُ: زاد شحمه، وشاة ثَرْباء: سمينة، أو لأنها كانت أوبأ أَرْض اللهِ من الحُمَّى ثم صرف الله وباءها بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -[السيرة لابن هشام مجلد 1 ص 588] {يَاأَهْلَ يَثْرِبَ} [الأحزاب: 13]؛ ولذا غيّر النبي - صلى الله عليه وسلم - اسمها إلى طابة أو طِيبة، زادها الله طِيبًا، وصلى وسلم وبارك على من طابت بهجرته إليها. ° معنى الفصل المعجمي (ثر): نفاذ ما هو من جنس المائع غزيرًا أو منتشرًا كما في العين الثرارة - في (ثرر)، والندي بين التراب - في (ثري)، والطحلب والكدورة - في (ثور)، والبقية (اللطيفة) التي تبقى من الشيء - في (أثر)، وطبقة الشحم الرخوة - في (ثرب). الثاء والعين وما يثلثهما • (ثعع - ثعثع): "الثَعْثَع - بالفتح: اللُؤْلُؤ. ثَعَّ: قاءَ ". Qهو: خُروج ما تجمع (من دِقاق في باطن) كتلة ملتحمة

(ثعب)

الجرم رخوة (¬1): كاللؤلؤ يتجمع شيئًا فشيئًا في صَدَفِهِ ويخرج، والطعام وغيره يتجمع في البطن وبالقيء يخرج. • (ثعب): {فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ} [الأعراف: 107]. "الثعبان - بالضم: الحية الضخمة الطويلة الذَكَر - وقيل: كل حية ثعبان. وجَرَى فمُه ثَعابيب وهو أن يجري منه ماءٌ صافٍ فيه تمدُّد. وماء ثَعْب - بالفتح وبالتحريك، وأُثْعوب وأُثْعُبان - بالضم فيهما: سَائل. وكذلك الدَمُ. وجُرْحه يَثْعَب دمًا: يَجْرِي. وثَعَبَ الماءَ والدمَ ونحوهما: فَجَّره فانثعب كما ينثعب الدم من الأَنْف. وانثعب الماءُ: جَرَى في المَثْعَب (وهو ثقب ينفذ منه ماء الحوض والمطر) ". Qهو: خروج المائع أو شبهه متصلًا أو ممتدًّا متماسكًا من ثُقْب أو شبهه أو على هذه الهيئة: كالماء من المَثْعب، والدم من الجُرْح والأنف، والرُوالة من الفم. والثعبان سُمي كذلك لهيئة خلقته كأنه طُبع خارجًا من ثُقْب ¬

_ (¬1) أ - كلمة رخو تستعمل في اللغة بمعنى الطري غير الصلب، وبمعنى الناعم الملمس. وهي هنا بالمعنيين معًا. ب - (صوتيًّا): الثاء تعبر عن دقاق كثيفة تنفذ، والعين للالتحام على رقة أو رطوبة، ويعبر الفصل منهما عن نفاذ ما تجمع على رقة: كاللؤلؤة التي تتجمع شيئًا فشيئًا ثم تخرج كتلة صُلبة ناعمة، وكما يتجمع الطعام داخل المعدة من أصناف شتى ثم يخرج رطبًا. وفي (ثعب) تعبر الباء عن التجمع الرخو مع التلاصق الذي تمثل هنا في اتصال الخارج خيوطًا كالرُوالة والماء والدم ... الخ.

£° معنى الفصل المعجمي (ثع)

وكذلك هيئة جريه، أو لنفثه السُم أو لخروجه من ثُقبه ممتدًّا وقد أطلقوا على الفأر وسامِّ أَبْرَصَ ونوع من الوزغ: الثُعْبة - بالضم، وهي كلّها تخرج من الثقوب والشقوق. وزادوا في اسمه عنها لزيادة جرمه. وقد عرض الزمخشري - في تفسير قوله تعالى: {فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} [طه: 20] لتشبيه عصا موسي مرة بالحية، وأخرى بالجانّ، وثالثة بالثعبان فقال: إن الحية اسم جنس يشمل الذكر والأنثى والصغير والكبير، في حين أن بين الثعبان والجان تنافيا: فالثعبان: العظيم من الحيات، والجانّ: الدقيق منهما. ثم وجّه جمعهما في التشبيه بأمرين: الأول أنها تبدأ دقيقة كالجان ثم تتورم وتعظم كالثعبان، والثاني أنها في شخص الثعبان وسرعة حركة الجان. وهو كلام جيد. وأضيفُ أن ما قارن كل اسم في آيته يشير إلى شيء من هذا: فمع الثعبان - وقد وُصِفَ بالعِظَم - ذُكِرَ لَفْظ "مبين " {فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ} [الأعراف: 107، والشعراء: 32]، فالعِظَمُ أحدُ أسباب الوضوح والظهور. ومع الجانّ ذُكر الاهتزاز - الذي هو لازم خفة الحركة - ومع "الحية "ذُكر السعي أي الجري، وهو حركة مطردة من أهم مظاهر الحياة. ° معنى الفصل المعجمي (ثع): خروج مادة رخوة ملتحمة كاللؤلؤ والقيء - في (ثعع)، وكالرُوالة التي تسيل من الفم - في (ثعب). الثاء والقاف وما يثلثهما • (ثقق - ثقثق): "ثقثق: تكلم بكلام الحماقة ".

(وثق)

Qلهذا التركيب هو: خروج كلام فِجٍّ غليظ يوحي بثقل الذهن (¬1): ككلام الحماقة، وهو ثقيل غليظ يكشف عن غلظ فهم. • (وثق): {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [لقمان: 22]. "أرض وَثيقة: كثيرة العشب. وكَلأٌ مُوثِق - بالضم مع كسر الثاء: كثير مَوْثُوقٌ به أن يكفي أهله عامهم. وماءُ مُوثِق كذلك. والشَجَرُ المُوثِق: الذي يُعَوّلُ الناس عليه إذا انقطع الكلأ والشجر. وناقة وَثيقة الخَلْق ومُوَثَّقَة الخَلْق - كمعظمة: مُحْكَمة ". Qهو: بقاء الشيء إلى الأمد المرجوّ، لكثافته واشتداد بعضه إلى بعض: كالكلأ الذي يكفي العام لكثافته، وكالماء والشجر الموصوفين ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الثاء لنفاذ دِقاق بكثافة، والقاف للتعبير عن التعقد في العمق، والفصل منهما يعبر عن خروج شيء غليظ أو كثيف من العمق ككلام الحماقة. وفي (وثق) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال، ويعبر التركيب عن احتواء ما له غلظ وشدة أثناء: كالناقة الوثيقة والكلأُ المُوثِق. وفي (ثقب) تعبر الماء عن تجمع وتلاصق، ويعبر التركيب معها عن اختراق المتجمع الشديد أي مع بقاء تماسكه. وفي (ثَقَف) تعبّر الفاء عن نوع من الإبعاد والطرْد، ويعبر التركيب معها عن ذهاب الغلظ من الشيء فيُتَمَكّن منه ويَطْوع لما يراد: كتثقيف الرمح وكالخل الثقيف. وفي (ثقل) تعبر اللام عن امتساك واستقلال، ويعبر التركيب معها عن امتساك الجرم بغليظ في جوفه فيثقل ويهبط مستقلًا عن غيره - فهذا هو الثقل (ضد الخفة).

(ثقب)

وكالناقة الوثيقة الشديدة تماسك الأعضاء. ومما في المعنى المحوري من اشتداد الشيء بعضه إلى بعض استُعمل التركيب في الربط والارتباط وما هو من باب الشدّ والإمساك. ومن هذا: "الوِثاق - ككتاب وسحاب: حبل أو قيد يُشد (يربط) به الأسير والدابة: {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} [محمد: 4]، {وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ} [الفجر: 26]. ومن هذا: وثُق الشيء (كرم): صار وثيقًا (شديدًا متماسكًا) مُحكَمًا. وأوثق الشيء و "وثّقه - ض. ومن المعنوي: "المَوْثِق - بالفتح، والميثاق: العَهد (رباط). والمواثقة: المعاهدة: {وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ} [المائدة: 7]. وأَخْذ الميثاق: أي شدُّه بعقد وعهد: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: 83]، {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ} [يوسف: 66]. و {بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البقرة: 256]: الشديدة الإحكام (التي لا يسقط ولا ينقطع من استمسك بها). ومنه "وَثِق به (كفرح): ائتمنه " (ثبت في قلبه اتصافه بالأمانة). وليس في القرآن من التركيب إلا (الوثاق) القيد، والإيثاق (الشد بحبل ونحوه) والعروة (الوثقى). وما عدا ذلك فهو الموثق والميثاق بمعنى العهد وهو شدٌّ ورباط معنوي. • (ثقب): {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات: 10]. "الثَقْب - بالفتح: الخَرْق النافذ. دُرٌّ مُثَقَّب - كمعظم: مثقوب. ثَقَب الشيءَ (: خرقه) وتثقب الجِلدُ: ثَقَّبَه الحَلَم (= القُرادُ). (وثقَّبْنَ الوصاوص) (ج) وَصْوَص، وهو ثُقْب في الستر وغيره على مقدار العين يُنْظَر منه. وثَقَبَت النارُ

(ثقف)

(قعد): اتّقدَت. وثَقَب الزَنْد: إذا سقطت الشرارة. وزَنْد ثاقب: إذا قُدِح ظهرت نارُه. وثَقَبَت الرائحة: سطعت وهاجت ". Qهو: اختراقٌ دقيقٌ لعمق شيء متين: كثَقْب الدُرِّ والجلْد والسِتْر. ومن ذلك الاختراق استعمل في نفاذ اللبن من مصدره "الثقيب من الإبل: الغزيرة اللبن " (كأنه لا حاجز له)، وفي نفاذ النار من مصدرها لأنهم كانوا يعتقدون أنها كامنة فيه "ثَقَب الزَندُ: سَقَطَت الشرارة (منه) (الزند كان عودًا من شجر معين يحكّونه فيتولد الرر منه وبذا يحصلون على النار) وزَنْد ثاقب: إذا قُدِح (: حُكَّ) ظَهرتْ ناره ". كما استُعمل التركيب في نفاذ الرائحة: "ثقبت الرائحة: سطعت وهاجت "، وفي نفاذ الضوء "نجم ثاقب: مضيء " (ضوءه يخترق الأفق): {النَّجْمُ الثَّاقِبُ} [الطارق: 3]. وقد ثَقَب ثُقوبًا: أضاء: {فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات: 10] (من ثقوب الضوء أو ثقوب ناره فيُحرقه). ومن ثقوب النار - خروجها من الزند بالقَدْح -: "الثِقَاب - ككتاب، والثَقُوب: ما أَثْقبْتَ النارَ به وأشعلتها به من حُرَاق وبَعَر [الأساس] ودِقاق العيدان. (تُساعد كأنها آلة). والثقيب والثقيبة: الشديدُ الحمرة من الرجال والنساء (يبدو الدم من وجهه يكاد ينفذ منه أو كأنه مفعم الباطن بالدم). ومن معنوى ذلك: "رجل مِثْقبٌ: نافذ الرأي، وأُثقوبٌ: دَخّال في الأمور ". • (ثقف): {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} [الأنفال: 57]. "الثِقاف - ككتاب: حديدة أو خَشَبة تكون مع القوّاس والرمّاح قدرُ ذراع

(ثقل)

في طرفها خَرْق يتسع للقوس تُدْخَل فيه ويغمز منها حيث ينبغي أن يُغْمز حتى تصيرَ إلى ما يراد. خَلٌّ ثقيف - كأمير وسِكِّيت: حامض جدًّا ". Qهو: تمكّنٌ يُبْلَغُ به أتقنُ أحوال الشيء وأحكمها: كالخل الموصوف لإحكام تعتيقه، واستقامة الرمح والقوس على ما يراد منهما بتحكم الثِقَاف فيهما (تثقيف الرماح ونحوها بالثقاف الموصوف يسميه حدّادو المسلح: التقنيس). ومنه: ثقُف - ككرم وفرح: صار حاذقًا خفيفًا فَطِنًا. ومن تمكن ما يحيط بالشيء منه أشد التمكن: ثَقِفَه: ظَفِرَ به أو أدركه: {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً} [الممتحنة: 2]، {فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} [النساء: 91]. وسائر ما في القرآن من التركيب هو بمعنى التمكن التام من الشيء. • (ثقل): {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [القارعة: 6، 7]. "الثقل - كعنب: نقيضُ الخِفّة/ رجحان الثقيل. الثِقْل - بالكسر: الحِمْل الثقيل. مِثْقال الشيء: ما آذَن وزنَه فثقُل ثِقَله ". Qهو: انجذاب الشيء المحمول إلى الأرض أو إلى أسفل (بقدر وزن مادته): كما هو شائع في استعمال التركيب. واستعملت مفردات التركيب في القرآن لعدة مستويات من الثقل: منها الثقل المادي المعتاد {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ} [النحل: 7]، وثقل الموازين (وإن كانت الكيفية غير معروفة) {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} [المؤمنون: 102]، (أي بالأعمال الصالحة لأنها التي طولبنا بها) ومثلها ما في [الأعراف: 8، القارعة: 6].

وفي قوله تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} [الزلزلة: 2] قال الفرّاء: لَفَظت ما (كان مدفونًا) فيها من ذهب أو فضة أو ميت [ل] (المندفن في الأرض كأنها جذبته) ومن ذلك قول الخنساء: (حَلّت به الأرضُ أثقالَها) أي زينت موتاها به. ومن ذلك ثقل الحامل: "أثقلت المرأة: ثقُلتْ واستبان حملها "أي صار حَمْلها ثقيلًا: {فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا} [الأعراف: 189] (كبِر الجنينُ في بطنها فصار ثقيلًا وقرُب وقت ولادته)، وثقل السحاب بمعنى امتلائه بالماء {وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ} [الرعد: 12]: المْلأَى بالماء، ومثلها ما في [الأعراف: 57]، وثقل بدنيّ لعجز أو نحوه {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41]، وثقل نفسي من الغرم المالي {فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} [الطور: 40, القلم: 46] أو من فقد الحماس للجهاد {اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ} [التوبة: 38]. ثم ثقل حمل الأوزار والذنوب {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ} [العنكبوت: 13، ومثلها {مُثْقَلَةٌ} في [فاطر: 18]. أما {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: 5] (فمعناه: زاخرًا بالتشريعات والأحكام والعلوم والإشارات والمعاني العامة) (¬1) {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ} [الرحمن: 31]. أرجع ابن فارس [المقاييس 1/ 382] هذه التسمية إلى كثرة العدد، وأغفل ¬

_ (¬1) أجمل السُّدّى والفراء وابن زيد هذا المعنى في [قر 19/ 38]. وجعل غيرهم الثقل ثقل صلاة الليل لسبق الكلام عنها، وغيرهم ثقل الفرائض والتشريعات، وغيرهم لازم الثقل وهو الثبوت، فيكون ثابت الإعجاز لا يزول اعجازه أبدًا، وغيرهم ثقل القرآن نفسه محتجين بثقله على الرسول - صلى الله عليه وسلم - حال وحيه. وهذا الأخير فيه جفاء.

£° معنى الفصل المعجمي (ثق)

الراغب تفسير الآية. والأقرب إلى القبول قول قر "والثقلان الجن والإنس سُميا بذلك لعظم شأنهما بالإضافة إلى ما في الأرض من غيرهما بسبب التكليف ". ويمكن أيضًا أن يضاف أن الإنس هم الذين استُعْمِروا الأرض وسُخّر لهم ما فيها، وشاركهم الجنّ فيها. فتسميتهم ثقلين من الثقل المعنوي كما يوصف الشخص الكبير القَدْر بأنه ثقيل (¬1). ومِثْقالُ الشيء: ما ثَقُل ثِقَلَه: {إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ} [لقمان: 16]، {ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً} [الأعراف: 187]: روى [طب شاكر/ 3/ 295] عن السُدّى "خفيت في السموات والأرض " (لا يوصل إلى علمها فيحْمَلَ، أو من الخفاء اللازم لكون الشيء في باطن) ثم لما حاول [في ص 296] ردها إلى ما هو ضد الخفة جاء في قوله ... فالأَولَى أن يكون هذا خبرًا عن إخفاء علمها عن الخلق ... اهـ. والأقرب إلى لفظ "ثقلت "ما جاء في [بحر 4/ 432] "ويعبَّر بالثقل عن الشدة والصعوبة - كما قال تعالى: {وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا} [الإنسان: 27] أي شديدًا صعبًا "اهـ. وأقول أنا إن هذا أقرب "للفظ لأنه نظر عربي، فما زلنا إلى الآن نعبر عن المادة العلمية التي يعسر استيعابها بأنها صعبة وثقيلة. والمسئول عنه في أمر الساعة هنا هو أمرُ عِلْم ميقاتها. أما ذكر السموات والأرض هنا فلأنهما سيَطِيح بناؤهما بقيامها؛ فلا عجب من ثقل علمها عليهما كما هو على أهلهما. ° معنى الفصل المعجمي (ثق): الغلظ أو الشدة في الشيء (الخارج): كما في ¬

_ (¬1) وهذا تكييف عربي أصيل. قال النابغة أو زهير يمدح النعمان بن المنذر: تراك الأرض إمامِتّ خِفًّا ... وتحيا إن حييت بها ثقيلا وللبيت قصة تنظر في الموشح 47 - 48، والمعنى اللغوي د. محمد حسن جبل 23.

الثاء واللام وما يثلثهما

كلام الحماقة - في (ثقق)، ووثاقة خلق الشيء وإيثاقه - في (وثق)، واتقاد النار من الزند، والنفاذ في الصلب - في (ثقب)، والتمكن من الشيء وحموضة الخل - في (ثقف)، والكثافة المؤدية إلي الثقل - في (ثقل). الثاء واللام وما يثلثهما • (ثلل - ثلثل): {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: 39، 40] "الثَلَّة - بالفتح: الصوف. والثَلَّة: الصوف والشعر والوبر إذا اجتمعت، ولا يقال للشَعَر ثَلّة ولا للوَبَر ثَلّة، والترابُ أو الطين الذي يُخْرَج من أسفل البئر ". Qهو: تجمُّع من دقاق متنوعة تتناشب وتتميز أو تنفصل من أصلها (¬1): كالصوف وحده أو مع الشعر والوبر (بعكس شَعَر المِعْزَى ووَبَر الإِبل فإنها لا ينتشبان)، وكطين البئر وترابها منها. ومنه: الثَلَّة: جماعة الغنم قليلة أو كثيرة (متجمعة مترابطة) وبالضم: الجماعةُ من الناس (جَمَعهم وميّزهم أمر ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الثاء لنفاذ أجرام دقيقة كثيرة، واللام للامتساك والاستقلال، ويعبر الفصل منهما عن تماسك دقاق بعضها في بعض متناشبة مستقلة كثلة الصوف وتناشبها يقلل انتشارها وكثرتها. وفي (أثل) تزيد ضغطة الهمزة نفاذ مثل تلك الخيوط (كهَدَب الأثل) من أصلها بقوة دون تناشب أما في (ثلث) فإن إعادة الثاء يعيد التركز إلى التناشب ويحد من معنى الكثرة ويعبر التركيب عن تجمع بضع حبات عالقة في أصها. ومنه أخذ معنى الثلاثة.

(أثل)

واحد): {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} ومثلها ما في [الواقعة: 13]. ومنه: "ثَلَّت الدابة وكلُّ ذي حافر: راثت. وثَلَّ الدراهَم: صَبَّها (لاحظ تجمُّعَها. والصبُّ انفصالُ دقاقٍ مجتمعة). وثَلَّ البيتَ: هَدَمه/ حَفَر أَصْلَ الحائط ثم رفعه فانْقاضَ (قلع أصله أي فَصَله، فانهار كَوْمة من ركام متنوع متناشب). وثلَّ الله عَرْشَهم: هَدَم مُلْكهم، وثَلَّهم: أهلكهم (فَصْل من الأصل أو تحويل إلى ركام متناشب) والثُلْثُل - بالضم: الهَدْم، ومكيالٌ صغير " (ينقل أي يفصل - المكيل جُمعة بعد جمعة). • (أثل): {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ} [سبأ: 16]. الأَثْل: "شجر يشبه الطَرْفَاءَ إلا أنه أعظمُ منه وأكرمُ وأجودُ عودًا وورقه هَدَبٌ طِوال ". Qهو: شجر يلحظ منه تمكُّن أصوله واجتماعُ الدقاق (الهَدَب) حوله (مع عدم تفرعه): {وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ} [سبأ: 16]. فمن تمكن الأصول: "أثْلةُ كل شيء: أصله. وأَثَل (جلس) وتَأَثَّل وأَثّل مالَه - ض: أَصَّله. والتأثيل: اتخاذ أَصْل مال. وكلُّ شيء قديم مؤَصَّل: أثيلٌ ومتأثل "وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "غيرَ متأثل مالا "أي غيرَ جامع مالًا يدّخره. ومن تجمع الدِقاق: "الأثالة - كسحابة: متاع البيت وبِزّته، والميرة، والأثال - كسحاب: المالُ ". • (ثلث): {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: 7]

£° معنى الفصل المعجمي (ثل)

في التركيب: "الثَلِثَان - بفتح فكسر: عِنَب الثعلب. وأشجارُه قصيرة ولا يتجاوز ما يحمله عنقودُه بِضْعَ حبات ". Qهو: إمساكٌ وتعلُّق لبضع حبات أو أشياء: كما في الثَلِثَان. ولعل هذا مأخذ دلالة العدد ثلاثة أول الامر. ثم خصصت بالاستعمال بما بين الاثنين والأربعة: {قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} [مريم: 10]. ثم صرّفوا الكثير من الثلاثة كغيرها: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15]، {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11]. وثَلَثْتُهم - ضرب: كنتُ ثالثهم، وجعلتُهم ثلاثة، (نصر): أخذتُ ثُلُثَ أموالهم. وجاءوا ثُلاث ثلاثَ ومَثْلَث أي ثَلَاثَةً ثَلَاثَةً: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3]. وليس في القرآن من التركيب إلا الثلاثة (العدد) وما هو من معناها. ° معنى الفصل المعجمي (ثل): الدقاق المتناشبة. كما يتمثل في ثلة الصوف المتناشبة الشَعر في (ثلل)، وفي هَدَب الأَثْل العالق بأغصانه في (أثل)، وفي حَبّ الثلثان (وهو صغير وقد رأيته) عالقًا به في (ثلث). الثاء والميم وما يثلثهما • (ثمم - ثمثم): {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115]. "الثُمام - كرخام، واليثموم: نبتٌ معروف في البادية، وهو ينبت معًا خِيطانًا دِقاقًا صغارَ العيدان، تأكله الإبل والغنم. وطولُ الثمامة على قَدْر قِعْدة الرجل،

وربما كانت أطولَ من ذلك بشيء قليل ... وهو أبقى شجر نَجْد عند السَنَة (أي الجدْب)، يبقى بعد الكلأ، وذلك لكثرته. وهو نَبْت ضعيف (أي غير صُلْب، فهو شبيه بقش القمح والأرز) له خُوصٌ أو شَبيه بالخوص. وهو شبيه بالأَسَل تُتَّخذ منه المكانس، ويظلَّل به المَزَاد فيبرّد الماء. بَيت مثموم: مغطًّى به (سَقْفُه)، ثَمَمْت السِقَاء: فَرَشْت له الثمام وجعلته فوقه لئلا تصيبه الشمس. الثَمْثَمَة: تَغْطية رَأْس الإناء. وربما حُشِى به، وسُدّ به خَصاصُ البيوت أي ثقوبها وخللها " [ل والتاج وكتاب النبات لأبي حنيفة حـ 5/ 78 - 80]. [هذا التركيب قائم على نبات الثمام الموصوف وقد سُمَّي هذا النبات بوظيفته أي ما يستعمل فيه عندهم - وهو ما ذكرناه. وكثير من استعمالات هذا التركيب التي ذكرناها هنا أخذناها من [تاج]. Qهو: ضَمُّ دِقاقٍ بكثافة وتخَلْخُل مَا (¬1): كما يُحْشَى بالنبت المذكور ويُغَطّى به ويُفْرَشُ للأسقية. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الثاء للأشياء الكثيرة النافذة دقيقة من شيء، والميم لاستواء الظاهر بضم ما تحته، والفصل مهما يعبر عن ضم دقاق في حيّز بكثافة - (أي حشو الحيز) مع تخلخل أي عدم الإصمات التام الصلب، كالحشو بالثمام فيستوي ظاهر المحشو، وفي (أثم) زيدت ضغطة الهمزة، فعبر التركيب عن حمل ما يجتمع فيثقل. وفي (ثمد) عبرت الدال عن انضغاط وحبس لا يسمح بخروجٍ إلا لقليل كأنما بالاعتصار خرج، كما يخرج الماء من الثماد. ولا (ثمر) عبرت الراء عن الاسترسال، وعبر التركيب عن نمو هذا المجتمع بخروج ثمره من شجره وتزايده حجمًا وكثرة: كشأن الثمار. وفي (ثمن) عبرت النون عن امتداد باطني لطيف، وعبر التركيب عن جمع في الباطن لطيف، كان المقصود بالثَّمَن قيمة الشيء لا ظاهره.

فمن ضم الدقاق مع التخلخل "ثمَّ الشيء: جَمَعَه، وهو في الحشيش أكثر استعمالًا من غيره. الثُّمّة - بالضم: القَبْضَة من الحشيش. ثَمّتْ الشاةُ النَبْتَ والشيء بفيها: قَلَعته. ثمَّ الطعام: أكلَ جَيَدَه ورديئه (معًا - أي دون تمييز) إنه لمِثَمّ لأسافل الأشياء ". وواضح أن الضم هنا حشوًا أو تغطيةً لا يجعل المحشُوَّ صُلْبا مصمتًا لأن النبت لا ينْسبك معًا. ومن هذا أيضًا "ثمثمُ " (كفَدْفَد): كلبُ الصيد " (يصيدُ ويضُم لصاحبه). والثَمْثَمة: أن تُشْنَقَ القربة إلى العمود ليُحقَنَ فيها اللبن " (حقن اللبن فيها ضمٌّ له فيها). انْثَمّ عليه: انْثالَ وانصبّ ". ومن هذا الضم أيضًا: ثُمَّ - بالضم: حَرْف العطف المعروف، وتعبيره عن التراخي مأخوذ من التخلخل {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} [المؤمنون: 12، 13]. كذلك منه: ثَمَّ - بالفتح: ظرف يشارُ به للمكان بمعنى هناك. مبني لتضمنه معنى الإشارة. ووجود الشيء في المكان ضم له فيه {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115]: استحسن أبو حيان قول الزمخشري: ففي أي مكان فعلتم التولية .. يعني تولية وجوهكم شطر القبلة - بدليل {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 150] اهـ. قال فقيّد التولية التي هي مطلقة هنا بالتولية التي هي شطر القبلة. اهـ لكني أميل إلى ما استظهره أبو حيان قبل ذلك وهو أنه لما ذكر منع المساجد من ذِكر الله، والسعْيَ في تخريبها نبه على أن ذلك لا يمنع من أداء الصلوات ولا من ذكر الله، إذ المشرق والمغرب لله تعالى، فأي جهة أديتم فيها العبادة فهي لله. [ينظر بحر 1/ 529 - 530] فهناك تأويلات كثيرة. {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ

رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا} [الإنسان: 20] إذا رميت ببصرك هناك [بحر 8/ 390] وليس في القرآن من التركيب إلا (ثُمّ) العاطفة وهي تقتضي التشريك في الحكم، والترتيب، والمهلة (¬1). و (ثَمّ) الظرف (¬2). ومن الضم كذلك: "تثميم العظم: إبانته إذا كان عَنِتًا " (أي إذا جَبَر على غير الهيئة الصحيحة، فإنهم يكسرونه ليجبروه معتدلًا، فهذا الكسر الثاني هو التثميم. وسُمّى كذلك لأن المقصود به إعادةُ الضمّ والجبر). ومن التخلخل أيضًا: "لم يُثَمْثَمْ السنام: لم يُشْدَخ ولم يكسر. هذا سيف لا يُثمثَم نَصْله (= حدُّه). أي لا يَنْثني إذا ضُرب به ولا يرتد. انثمّ جسمه: ذاب مثل انهمّ. انثم الشيخ: ولّى وكَبِر وهَرِم (صار دِقاقا مجتمعة). والثمثمة. أن لا يُجادَ العمل " (مجرد جمع بلا إحكام). وأخيرًا فإن استعمالات الضمّ يؤخذ منها معنى الإصلاح: "والمِثَمُّ من الرجال: من يُفْقِر من لا ظهر له (لا ظهر له = لا ركوبة له. يفقِرُه: يُعيره رَكوبة)، ومن يُرعِى من لا رِعْىَ له، ويثُمُّ ما عَجَزَ عنه الحيّ من أمورهم ". كما يقال الآن: سدَّ الخلَل أو جبر النقص أو الثلمة. وقولهم: "ثم يده بالحشيش: مسحها به "هو من الإصابة. وكأن الأصل ¬

_ (¬1) وفي كل منهن خلاف ينظر مغني اللبيب بشأن الآيات: التوبة 118، الزمر 6، السجدة 7، الأنعام 154 وهذه رأي أبو حبان أنها لمجرد العطف. (¬2) كل منهما يجوز أن تلحقها الثاء ساكنة ومتحركة [ينظر ل، وعن العاطفة تاج ثمم، وعن الظرفية حاشية الصبان على شرح الأشموني 1/ 144] وتزيد الظرفية جواز أن تلحقها هاء السكت. والتاء المذكورة هنا تاء تأنيث [ينظر الصبان في الأمرين وكذلك المغني في آخر (ثم).

(أثم)

مسحها بالثمام، ثم استعمل في الحشيش لأنه كالجنس منه. • (أثم): {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا} [الواقعة: 25، 26] "ناقة آثمة ونُوق آثمات: بطيئات. وأَثَمَتْ الناقةُ المشيَ: أبطأت ". Qهو: البطء (ثقلًا أو من حمل ثقيل): وقد عنى بالإثم في قوله: شَرِبتُ الإثم حَتَّى ضلّ عقلي ... كذاك الإثمُ تذهبُ بالعقول الخمرَ، ولعل ذلك لما تحدثه من تخدر وثقل. والإثم: الوِزْر والذَنْب من ذلك، كقوله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ} [العنكبوت: 13] كذلك سمي "ذنبًا ", والذَنُوب: الدَلو الملأى ماء {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 173] ولعل في قوله تعالى: {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ} [الطور: 23] (لا يعكر لذتهم شعور بأنهم يأتون مأثمًا، بل شربهم نعيم كُرِّموا به). وقيل (تأثيم) كذب. ينظر [قر 17/ 69]. والمعنى الأقرب أولى. وفي قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68] قالوا يلق عِقاب الأثام وهو حسن. وبالنظر إلى الأصل فالسبيل مفتوحة لتفسيرات أخرى ترجع إلى الثقل والبطء: كالخذلان والأَنكال والسلاسل. وقد وصف القرآنُ العابدين المرضِيَّ عنهم بالسبق: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} [الواقعة: 10]، {وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} [فاطر: 32] وفي الحديث الشريف: "من أبطأ به عملُه لم يُسرع به نسبُه ". وكل ما في القرآن من التركيب هو (الإثم) الوِزْر والذَنْب، و (الأثام) حمله أو عاقبته و (التأثيم) تحميله، و (الآثم) مرتكبه، و (الأثيم) حامله.

(ثمد)

• (ثمد): {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} [الفجر: 9]. "الثَمَد - بالفتح وبالتحريك: الماءُ القليل الذي لا مادة له/ القليل يبقى في الجَلَد/ الذي يظهر في الشتاء ويذهب في الصيف/ أن يَعمِدَ إلى موضع يلزمُ ماءَ السماء يجعلُه صِنْعا (وهو المكان الذي يجتمع فيه الماء وله مسايل من الماء) يَحْفِر في نواحيه رَكايا، فيملؤها من ذلك الماء، فيشربُ الناس الماءَ الظاهر حتى يجفّ إذا أصابه بَوَارحُ القيظ، وتبقى تلك الرَكايا، فهي الثِمَاد. وثَمَده واستثمده: نَبَثَ عنه التراب ليخرج ". Qهو: قلة الماء الخارج لشدة احتباسه في مجتمعه: كما يخرج الماء القليل من الثماد. ومن هنا سُميت ثمود، فقد كانوا أصحاب زراعة {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ (146) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (147) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ} [الشعراء: 146 - 148] فلا بد أنهم كانوا حِراصًا على استبقاء المياه ومَهَرًة في استخراجها من باطن الأرض لزروعهم. ومن ذلك المعنى المحوري: "الإثْمِد: حَجَر يُتخذ منه الكحل "، وبالاكتحال تدمع العين أي تُخْرج الماء قليلًا قليلًا. "وماء مَثْمود: كثُر عليه الناس حتى فَنِي ونَفِد إلا أقلَّه. ورجل ثَمَدَته النساء: أنزفن ماءه "أي من كثرة الجماع ولم يبق في صُلبه ماء. وليس في القرآن من التركيب إلا اسم (ثمود) قوم صالح. • (ثمر): {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] "الثمر - محركة: حَمْل الشجر، ويقع على كل الثمار، وغلب على ثمر النخل.

(ثمن)

وثمّر النباتُ - ض: نَفَضَ نَوْرَه وعَقَد ثمَرُهُ. والثامر: اللوبياء ". Qهو: ما ينعقد على أطراف الشجر من حَمْله إذا بلغ يَنْعَه: كالبلح واللوبياء وغيرها من ثَمَر الشجر: {وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا} [فصلت: 47] , {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ} [النحل: 67]. وليس في القرآن من التركيب إلا كلمات (ثمرة)، (ثَمَر) (ثمرات) (أثمر) وكلها يعني بها الحب الذي يحصد من الزرع أو الجَنَي الذي يُجْنَي من شجر الفاكهة ونحوه. ومنه على التشبيه: "ثَمَرُ السِياط: عُقَد أطرافها، والثمير من اللبن: ما لم يُخرَجْ زبده وقد اجْتَمع "أي قارب أن يتجمد في كتلة هي الزبد. واللبن بعد الحلْب كان يوضع في قِرَب، وبعد حين تعلوه طبقة زُبد، أو يُخَضّ كثيرًا خضًّا متواليًا حتى تعلوه طبقة الزُبْد فهو حينئذ ثمير. وأَخْذ تلك الطبقة يسمى المَخْض، وهي تؤخذ وتُغْلَى فيخرج منها السَمْن). • (ثمن): {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة: 17] "المِثْمنةُ - بالكسر: المِخْلاة. وثمّنت الشيء - ض: "جمعته ". Qهو: ضم الشيء وجَمْعه في الجوف: كما تضُم المخلاةُ الشيء في جوفها. ومن ذلك: الثَمَن - محركة: ما يُسْتَحَقّ به الشيء، أي ثمن المبيع، لأن به يدخل الشيءُ في الحوزة: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} [يوسف: 20]. وقولهم: "شيءٌ ثمين، أي: مرتفع الثمن "، أُراه غيرَ دقيق، وإنما هو الشيء الذي له في ذاته قيمة وقدرٌ كبير ويلزم ذلك ارتفاع ثمنه. ومن معنى الجمع: "الثمانية ": العدد المعروف، لاضطمامه على كثير، ثم

£° معنى الفصل المعجمي (ثم)

تخصصتْ فيما بعد بما فوق السبعة بواحد. والثُمْن - بالضم وبضمتين: جزء من ثمانية: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الأنعام: 143] , {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء: 12] وليس في القرآن من التركيب إلا (الثَّمن) و (الثمانية وما هو منها) بمعانيها التي ذكرناها. ° معنى الفصل المعجمي (ثم): ضم الدقاق في حيّز حَشْوًا أو كالحشْو كما في ثَمّ خَصاص البيوت - في (ثمم)، وكما في الثقل اللازم للضم والحشو - في (أثم)، وكما في الماء المحبوس في بطن الأرض حقيقة أو توهمًا - في (ثمد)، وكالثمر الذي يخرجه الشجر ويتحصل منه - في (ثمر)، وكما في مادة الشيء أو جسمه الذي يثمَّن - في (ثمن). الثاء والنون وما يثلثهما • (ثنن): "الثُنَّةُ - بالضم - من الدواب: الشعر الذي على مُؤَخَّر الحافر في الرُسْغ. ومن الإنسان: ما دون السُرَّة فوق العانة أسفل البطن. والثِنان - ككتاب: النبات الكثير الملتف، والثِنّ - بالكسر: يَبيس الحشيش إذا كثُر ورَكِبَ بعضهُ بعضا ". Qهو: تبطُّنُ دقاق متجمعة طَيّ شيء (¬1): كالشَعَر في باطن ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الثاء للدقاق الكثيرة النافذة، والنون للامتداد في باطن أو منه، والفصل منهما يعبر عن زيادة في باطن الشيء (ما هو أسفل وفي الخلف يشبه الباطن) كشعر مؤخر الحافر وعُكَن ثُنَّة الإنسان. وفي (ثَنَى) تزيد الياء معنى الاتصال ويزيد معنى البطون؛ فيعبر التركيب عن دخول بعض الشيء في تضاعيف بعضه كثِنْى الثوب. وفي (وثن) =

(ثنى)

الحافر، وما في طَيّ ثُنَّة الإنسان من شحم وغيره (بحيث تتدلى أحيانًا)، والنباتِ الملتفّ. ويَبيسِ الحشيش المنضم بعضه في أثناء بعض. • (ثنى): {فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ} [التوبة: 40] "الثِناء - ككتاب: عِقَالُ البعير ونحو ذلك من حَبْل مَثْنِىّ. وثِنْىُ الثوب - بالكسر: ما كُفَّ من أَطْرافه. وأثناءُ الحيّة: مَطاويها إذا تحوّت. وأثناءُ الوادي ومثانيه: مَعَاطفه ومَحَانيه. وأمضيت كذا ثِنْىَ كتابي - بالكسر: أي في طَيّه. وثَنَيْت الشيءَ: عطفته، وكفَفْته ". Qهو: طيّ الشيء وإدخال أجزاء منه في أحنائه. ومنه: أثناء الوشاح: ما انثنى منه {ثَانِيَ عِطْفِهِ} [الحج: 9] (العِطف: المَنْكِب، الجانب) فهذا عبارة عن الكِبْر والإعراض نحو: {وَنَأَى بِجَانِبِهِ} [الإسراء: 83] (الراغب). {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} [هود: 5]: يَطْوُونها (أي على عداوة المسلمين) ففيه هذا الحذف .... يخفون ما في صدورهم من الشحناء [قر 9/ 5]. ومن الأصل: "الاثنان: ضِعْف الواحد؛ إذْ ما يُثْنَى من ثوب وحَبْل ووشاح وغيره يصبح مكوّنًا من طبقتين، فمن هنا دلت على هذا العدد: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} [التوبة: 40] , {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ} [النساء: 176] , {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3]. وفي قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} [الحجر: 87] أورد [قر ¬

_ = تزيد الواو معنى الاشتمال، ويعبر التركيب عن ضم أي شمل هذا الكثير المطوي في باطن كالمال المستوثن: السمين وكالإبل التي تنشأ معها أولادها.

10/ 54] حديثًا صحيحًا في أنها أُمّ الكتاب؛ فلا معنى لتجاوزه. هذا من حيث المراد، وأما من حيث المعنى اللغوي وسر التسمية فقد ردها مع آية {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} [الزمر: 23] إلى تثنية التلاوة والأحكام والقصص أي تكرارها. وأضاف الراغب .... "لما يُثَنَّى ويَتجدَّد حالًا فحالًا من فوائده .. "أقول: وهذا ينطبق على المعاني الخفية التي تستخرج أَنّا بعد آن من تضاعيف (: أثناء) آيات القرآن الكريم، وعلى المعاني الأخرى التي يتذوقها أصحاب البصائر النيرة وإمامُهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم عبادُ الله الصالحون. ومن الأصل: الاستثناء: استثنيتُ الشيء من الشيء: حاشَيْته (كأنك طَويته فأخْفَيته فلا ينطبق عليه الحكم): {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ} [القلم: 17، 18]: ولا يُبقون منها شيئًا. و "الثِنْوة - بالكسر: الاستثناء ". وليس في القرآن من التركيب إلا (ثَنْى الصدر) و (ثَنْى العِطْف)، و (الاستثناء) بمعانيها التي ذكرناها، ثم (الاثنان) ضعف الواحد ومؤنثها وما هو منها. وسياقاتها واضحة. و"الثَناء: ما تصف به الإنسانَ من مدح أو ذم "، هو مما في المعنى الأصلي من جمع وضم للشيء المطوي في جوف شيء؛ لأنك تضيف إليه وتجمع صفات. ونظيره: التَثْبِية: الثناء على الرجل في حياته، من الثُبَة: العصبة والجماعة. وفي الثناء تعظيم، وثَنْىُ الشيء يجعله سميكًا. كما يناظر ذلك أخذ "المدح "من قولهم: "تمدَّحتْ خواصر الماشية أي: اتسعت وامتلأت ".

(وثن)

• (وثن): {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج: 30]. "استوثن المالُ: سَمِنَ، والإبلُ: نشأت أولادُها معها، والنَحْلُ: صار فرقتين كبارًا وصغارًا، والمالُ: كثُر. وَثَن بالمكان: أقام. والواثن: المقيم الراكد الدائم ". Qهو: نمو الشيء كثرةً أو ضخامةً أو امتدادَ بقاء: كالسِمَن في البَدَن، وكالأولاد للإبل والنْحل معهما، وكالمقيم في المكان (يعمره أو يملؤه). ومن هذا: الوَثَن: الذي كانوا ينصبونه إلاهًا مع الله - جل وعلا - لُحظ فيه اتخاذه إلاهًا مع المعبود بحق سبحانه وتعالى عما يصفون. ووجه تسميته قيل انتصابه وثباته على حالة واحدة [تاج]، أو أن اتخاذه تكثير. لكن أسلوب القصر في قوله تعالى: {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا} [العنكبوت: 17] يتطلب وجهًا آخر، فأرى أن المقصود به الإشارة إلى أنها زيادات، ولا أصل لها، أو أن المقصود أنها مجرد حجارة أو أنصاب جامدة لا تعي شيئًا. فالأول من نمو الكثرة، والثاني من البقاء الدائم الراكد. وليس في القرآن من التركيب إلا كلمة (أوثان). أما عن الفرق بين الوثن والصنم: فهناك من وحّد بينهما كالجوهري والفيومي، وهناك من فرّق بينهما، وهو الراجح. وقد تناول الفرقُ مادة كلٍّ منهما، وهيأته من حيث كونُه مصورًا أو لا، ثم من حيث التجسم وعدمه. والذي أرجّحه بالنسبة لمادة كلٍّ منهما ما ذكره هشام الكلبيُّ (صاحب كتاب الأصنام) وهو أن الصنم ما كان مصنوعًا من خشب أو ذهب أو فضة أو غيرها

£° معنى الفصل المعجمي (ثن)

من جواهر الأرض، والوثن ما كان من الحجارة. كذلك فالمرجح لديّ أن الصنم مصوّر والوثن غير مصوّر، وعليه الفهرى وابن عرفة. وأخيرًا فقد قيل إن كليهما مجسم، وما ليس مجسمًا فهو صورة (¬1). ° معنى الفصل المعجمي (ثن): تبطُّن الشيء شيئًا كما في ثُنّة الإنسان وغيره - في (ثنن)، وثِنْى الثوب المطوي إلى الداخل - في (ثنى)، والسِمَن الذي في باطن المال (: الماشية) - في (وثن). ¬

_ (¬1) ينظر: المفردات للراغب، والمصباح المنير للفيومي، و [تاج] العروس (صنم، وثن).

باب الجيم

باب الجيم التراكيب الجيمية • (أجج): {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} [الفرقان: 53]. "أَجيج النار: تلهبها/ توقُّدها/ صوت تلهبها. ويقال جاءت أَجَّةُ الصيف: هي شدة الحر وتوهجه. والأَجيج والأُجاج - كصداع، والائتجاج: شدة الحر. وماء أُجاج - كصداع: شديد الملوحة والمرارة ". Qهو: حدّة وحَرَافة تَعُمّ أثناء شيء غيرِ صُلْب المادة: كتلهب النار وتوقدها، وكشدة حرارة الجو، وشدة ملوحة الماء: {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} [فاطر: 12]. ومنه: أجَّة القوم وأجيجُهم: اختلاط كلامهم مع حفيف مشيهم (أصوات كثيرة تُشْعِر بكثرة لها حدة). ومنه "أجّج: حَمَل على العدو (هجوم بحدة)، وأجّ الرجلُ: أسرع (حدّة)، وأجّ الظليمُ: سُمِع حفيفه في عدوه " (من شدة العدو وحدّته). ويأجوج ومأجوج: قبيلتان موصوفتان بالكثرة البالغة، وبأنهم يفسدون في الأرض أشد الإفساد. وهذه حِدّة بالغة وعامة. قال في [التهذيب 11/ 234]: وهما اسمان أعجميان واشتقاق مثلهما من كلام العرب يخرج من أَجّت النار، ومن الماء الأُجَاج، وهو الشديد الملوحة والمرارة، مثل ماء البحر المُحرِق من مرارته ... هذا إذا

(جوو - جوى)

كان الإسمان عربيين. فأما الأعجمية فلا تشق من العربية "اهـ. وليس في القرآن من التركيب إلا (أجاج) بمعناه المذكور، ويأجوج ومأجوج إن كانا عربيين. • (جوو - جوى): {أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ} [النحل: 79]. "الجُوّة - بالضم: نُقْرةٌ في الجبل وغيره. والجَوّ والجَوّة - بالفتح: المنخفِض من الأرض. والجِواء - ككتاب: البطن من الأرض، والواسع من الأودية. وجوُّ كل شيء وجَوّته - بالفتح: بَطْنُه وداخله. قال: (يجرى بجَوّته موجُ الفرات) .. أي ببطن ذلك الموضع ". Qتجوف قوي مُكتنَف الجوانب في جرم شيء: كما في النقرة الخ. ومنه الجوّ: ما بين السماء والأرض كما في آية التركيب (حيث يبدو فجوة عظيمة بينهما) وفي حديث علي - رضي الله عنه -: "ثم فَتَقَ الأجواء ". ويطلق على الهواء الذي بين السماء والأرض {مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ} [النحل: 79] وليس في القرآن من التركيب إلا هذا. والفعل (جَوِى) كالمطاوع لـ (جوو) فمنه: "الجوَى: السُلّ وتطاول المرض، وكل داء يأخذ في الباطن لا يُسْتَمْرأ معه الطعام، أو داءٌ يأخذ في الصدر وفعله (كتعب)، والماء المتغير المُنْتِن جَوٍ: فاسدٌ (فهن من فساد الجوف أي هلاكه وخرابه). جَوِيَت نفسي من الطعام وعنه (تعب): كرِهَتْه. وجَوِىَ الرجل الأرضَ والطعامَ (تعب) واجتواه: لم يوافقه وكَرِهَه. (كأنما فسد منهما جوفه). وفي حديث العُرَنيين: فاجْتَوَوْا المدينة أي أصابهم الجَوَى: وهو المرض وداء

(جيأ)

الجوف إذا تطاول ". (ويعبر عن المعنوى من هذا بالحُرْقة وشدة الوجد أي مرجعه إلى تجوف الباطن كأنما احترق أو تآكل). • (جيأ): {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} [مريم: 23]. "الجَيْأة - بالفتح، والجِيئَة - بالكسر، وكفِئَة: مجتمع ماء في هَبْطة حوالي الحصون، حفرة عظيمة يجتمع فيها ماء المطر .. وجَيْئة البطن - بالفتح: أسفل من السُرَّة إلى العانة. والجايئة: مِدّة الجُرْح والخُرَاج - كغراب/ ما اجتمع فيه من المدة والقيح ". Qانحدار إلى حيز أو تجوف سُفلي مُهَيّأ جامع: كالماء في الهبطة والحفرة وكالمِدّة قي الجرح والخُراج، والحَشا في جَيْأة البطن. وقولهم: "جَيّأتُ القِربة - ض: خِطْتها "من ذلك أي جعلتهما حيزًا مجوفًا مهيأ لحَوْز الماء واللبن. ومن هذا المعنى "المجيء: الإتيان إذ هو حضور الجائي من حيث كان إلى مكان (حيّز) للقاء أو لأمر. {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} [يس: 20] {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ} [مريم: 23] جاء بها واضطرها وألجأها. ولعله وضح أن أصل المجيء انحدار ومن هنا يتضح مأتى استعمال "أجاءه إلى كذا "بمعنى ألجأه واضطره، كأنه أحْدره أو دفعه. وأما الجيء - بالكسر وبالفتح: الدُعاء إلى الطعام والشراب، ودعاء الإبل إلى الماء = فهو من حكاية الأصوات. ولم يأت في القرآن من التركيب إلا المجيء (الحضور إلى حيز) فعلًا ماضيًا مبنيًّا للفاعل وفي آيتين للمفعول، وجاء ماضيًا مُعَدًّى بالهمزة مرة واحدة ذكرناها. وقد ذكر الإمام الراغب بين الإتيان والمجيء فروقًا تحتاج تمحيصًا.

الجيم والباء وما يثلثهما

الجيم والباء وما يثلثهما • (جبب - جبجب): {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ} [يوسف: 10]. "الجَبُوب: الأرض عامة/ وجه الأرض ومَتْنُها من سَهْل أو حَزْن أو جَبَل/ الأرض الصُلْبة. الجُبْجُب - بالضم: المستوى من الأرض ليس بَحزْن. والجُبْجُبة: أتان الضَحْل (= الصخرةُ بعضُها غَمَره الماءُ وبعضُها ظاهر). امرأة جَبّاء: لا أليتين لها/ رَسْحاء، (وأيضًا) جَبَّاء: لم يَعْظُم ثديها. بعير أجبّ: مقطوع السَنام. الجَبّ: استئصال السنام من أصله. المجبوب: الخَصِى الذي قد استُؤْصل ذكره وخُصياه. جُبَّةُ الدار - بالضم: وَسَطها. المَجَبَّة: المحجة وجادّة الطريق ". Qاستواء المتجسم ظاهريا (بالقطع) (¬1) (= استواء ظاهر ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الجيم عن جرم متجمع هش له حدّة ما، والباء عن تجمع رخو وتلاصق ما، والفصل منهما يعبر عن تجسم الشيء واستوائه بالقطع (حقيقة - كما في جب السنام والخصىّ والجُبّ، أوتوهما كما في سائر الاستعمالات). وفي (جبو - جبى) تعبر الواو عن الاشتمال والياء عن الاتصال فيعبر التركيبان عن الجمع والحوز كما في جَبْى الماء وجباية الخراج. أما في (جوب - جيب) فتتوسط الواو بمعنى الاشتمال والياء بمعنى الاتصال فيعبر التركيبان عن قطع متصل محوط في وسط الجرم المتماسك أي مشتمَل عليه أو يشتمل كالجيب والجوبة. وفي (وجب) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال والاحتواء، ويعبر التركيب معها عن احتواء جرم كبير في ظرف ويتمثل ذلك في سقوط الشمس في مغيبها ورسوخ بدن ما ينحر أو يذبح. وفي (جبت) تعبر التاء عن ضغط دقيق، فعبر معها التركيب عن أن ذلك الشيء المتجمع المستوي يتماسك جسمًا صنمًا أو ما بمعناه، وفي =

الشيء المتجسم بالقطع) - كما هو واضح في الاستعمالات المذكورة: وجه الأرض المستوى، وأتان الضحل نُصّ في التاج على ملاستها ولكن الأهم أن المرجَّح أن بعضها الظاهر مستو مع الماء [وينظر تاج أتن, ضحل]. واستواء ظاهر المتجسم بالقطع واضح في وصف المرأة والبعير بالجَبَب، وأيضًا في الخَصِىّ، وفي تسمية الجادّة مَجَبَّة ". ومن استعمال ألفاظ من التركيب كلٍّ في جوانب من معناه دون أخرى: أ) الاستواء الظاهري مع التجسم "الجُباب - كصُدَاع: شِبْه الزُبْد يعلو ألبانَ الإبل (طبقة تعلو)، وككتاب: تلقيح النخل (يكون بنشر دقيقِ عُنْقود اللِقاح الذي في جُفّ النخلة الذكر على عنقود جُفّ النخلة الأنثى. فهو ليُخرج (طبقة) من الثمر) "والجُبَّةُ - بالضم: حشو الحافر/ مغرز الوظيف في الحافر، جُبّة العين: حِجاجها، وجُبة السِنان: ما يدخل فيه (طرف) الرمح، وجُبَّة الرمح: ما يدخل فيه (سِنْخ) السّنان، والجُبّة: ضرب من مُقَطَّعات الثياب تُلبس، والدِرْعُ. ورجل جُباجِب: ضخم الجنبين "كل ذلك ¬

_ = (جبر) تعبر الراء عن استرسال ويعبر التركيب معها عن استرسال التماسك طولًا - كما في النخل الجبّار، والتحامًا كما في جَبْر الكسر. وفي (جبل) تعبر اللام عن تعلقٍ واستقلالٍ زيد على ما في الجيم والباء من التجمع والامتساك، ولذا عبر التركيب معها عن تجمع فيه ضخامة وغلظ وطول متميز كالجبل، وفي (جبن) تعبر النون عن امتداد لطيف في الباطن، وعبر التركيب معها عن تجمع وامتساك مع رقة وضعف أو فراغ في الباطن كخلو الجبن من الدسم وفراغ قلب الجبَان وكالميت في الجبّان, وفي (جبه) تعبر الهاء عن إفراغ وخروج فعبر التركيب عن انكشاف الجبهة صلبة عريضة والانكشاف من جنس الفراغ.

لظاهرٍ مستوٍ يُحْشَى فراغ جوفه (والفراغ قطع). وكذلك "الجُبْجُبة - بالضم: الزبيل من جُلود ينقل فيه التراب، وكذلك الزبيل اللطيف تحفظ فيه قطع ذهب كالنوى، وبالفتح: الكرش يُجعل فيه اللحم يُتزود به "كلها من الحشو. ب) ومن القطع اللازم للاستواء: "الجُبّ: البئر/ داخلُ الركية من أعلاها إلى أسفلها. يقال أنها لواسعة الجُبّ مطويةً كانت أو غير مطوية، وسميت البئر جُبًّا لأنها قُطِعَت قَطْعًا ولم يَحْدُث فيها غيرُ القَطْع من طَيٍّ وما أشبهه " {لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ} [يوسف: 10, وكذلك ما في 15] وقد جاء في بعض التعريفات التسع للجب في [ل]: (أ) أنها "البئر الكثيرة الماء البعيدة القعر "واعتداد كثرة الماء ضمن مسمَّى الجب خطأ، إذ لا مقابل له في اللفظ، وسيكون إلقاء يوسف عليه السلام فيها إغراقًا، وهم يريدون أن يلتقطه بعض السيارة لا أن يغرق. فجزء الوصف وهو بُعْد قعرها أي كونها بالغة العُمق هو الدقيق لأن هذا هو الذي تكون له "غَيابة ". (ب) كذلك وصفها بأنها "الجيدة الموضع من الكلأ "هو غير مناسب هنا، لأن مثل هذه يكثر الرعاة حولها فيرون إخوة يوسف أو يُخرجونه من قريب، وهذا عكس إرادتهم أن يخلو لهم وجه أبيهم. (ج) وأيضًا وصفها بأنها "غير البعيدة "أي غير العميقة لا يناسب، لأن مثل هذه لا تكون لها "غيابة "وتتيح خروج يوسف بنفسه. فالدقيق أن الجب هو البئر العميقة القليلة الماء، بحمل كثرة الماء المذكورة على أنها كثرة نسبية لا تُغرق، أو الأخذ بالتعريفات المطلقة من قيود تُنافي غرضَ إخوة يوسف. وقولهم "جَبَّه: غلبه "هو من القطع المعنوي للتجسم.

(جبو - جبى)

ج) "الجَبُوب: المدرة/ المَدَرة العليظة تُقْطَعُ من وَجْه الأَرْض. الجَبُوب المَدَرُ المفتَّت/ الترابُ. يَطْرَحُ إليهم الجَبُوبَ ويقول سدوا الفُرَج "كل تلك من أجزاء الأرض وهي من قطع المتحسم د) "والتجبيب: النّفار. جبّب: فرّ وعرّد/ مضى مسرعًا فارًّا من الشيء "هو من الذهاب في الأرض. أي من قطعها فرارًا، أو من فراغ الجوف جبنًا، والفراغ انقطاع. • (جبو - جبى): {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] "الجابية: الحوض الضَخْم الذي يُجْبَى فيه الماء (من البئر) للإبل، وهو أيضًا جَبًا - كفتى. والجِبا - كرِضًا وفَتىً: ما جُمِع في الحوض من الماء الذي يُسْتَقَى من البئر، وهو أيضًا الجُبْوة - بالكسر والضم ". Qاستخراج بقوة أو كثرة للماء ونحوه إلى حيز جامع كبير - كجَمْع الماء من البئر في الجابية {وَجِفَانٍ كَالْجَوَاب} [سبأ: 13]: جمع جابية. ومنه "الجِباية: استخراج المال من مظانه. جَبَى الخراجَ والمال يجبيه ويَجْباه ويجبوه " {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} [القصص: 57]. ومن الأصل أُخِذَ "الاجتباء: الاصطفاء والاختيار " (وأصله أخذٌ وضمٌ إلى حيز، والصيغة تجعله إلى النفس) {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} [يوسف: 6]. ومنه أيضًا جاء: "اجتبى الشيءَ: جاء به من عند نفسه " (تكلف استخراجه والصيغة تعطى الاجتهاد المتمثل في التكلف) {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا} [الأعراف: 203]

(جوب - جيب)

والذي جاء في القرآن من التركيب هو (جَبْى) الثمرات، و (الجوابي) الأحواض، و (اجتباء) الشيء اختلاقه من عند نفسه، وسائر ما جاء هو (الاجتباء) بمعنى الاصطفاء. وكله راجع إلى الاستخراج جمعا في حيّز. • (جوب - جيب): {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} [الفجر: 9]. "الجَوْبة - بالفتح: الحُفرة، وفَجْوة ما بين البيوت. والمكان المُنْجاب: الوَطئ من الأرض القليلُ الشجر مثلُ الغائط المستدير ... إنما يكون في أَجْلاد الأرض ". والجَوْب - بالفتح: الدِرْع تلبَسه المرأة، والدَلْو الضخمة. جَيْب القميص والدرع (: منفذ الرأس منه). - "جاب الصخرةَ يجوبها: نَقَبَها، والشيءَ خَرَقه، والنعلَ: قَدَّها، والقميصَ: قوّر جَيْبَه. وجابَ قرنُها: قَطَعَ اللحمَ وخرج. وانجابت الأرض: انْخَرَقَتْ. وكل مُجَوّف قَطَعْتَ وَسَطه (فقد) جُبْتَه ". Qقطع وسط الشيء المجتمع الصلب أو الشديد قطعًا مستديرًا - أي مع بقاء جوانبه ملتحمة كتلك الفروج التي وُصِفت. {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} [الفجر: 9] كما قال عنهم {وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا} [الأعراف: 74]. ومنه "الجوب: الخَرْق (قطع الوسط) المجازي "جاب المفازةَ والظُلمة والبلاد: قَطَعها سَيْرًا "/ (اخترقها). ومن هذا الأصل "الإجابة، والاستجابة: قبول الدعاء "ونحوه. كأن المُجِيب (تَجَوَّبَ) للشيء أي قَبِله في جَوْفه وحَوْزته. وتفسير الإجابة والاستجابة بقبول الدعاء وإيتاء السؤْل يوثَّق من قول [ل] "في أسماء الله المجيب وهو الذي يقابل الدعاء والسؤال بالعطاء والقبول .. والإجابة والاستجابة بمعنى. يقال استجاب الله دعاءه ". ومن هذا

(وجب)

أيضًا "الإجابة: رَجْع الكلام. الجواب: رديد القول " {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 65] "ما كان جوابكم لمن أُرسل إليكم من المرسلين لمّا بلغوكم رسالاتي؟ [قر 13/ 304] ومن بابها {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ} [المائدة: 109]. والجواب فيهما يشمل الكلام والعمل. "والمجاوبة والتجاوب كالتحاور والمحاورة، إذ الجَواب رَدٌّ للكلام أو السؤال الذي تلقاه المحاور واستوعبه قي نفسه، ثم هو يجيب من عند نفسه أيضًا. والنفس والقلب كالجوف {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ} [الأعراف: 82, ومثلها ما في النمل: 5، العنكبوت: 24، 29]. {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] قدّم [قر 2/ 308] أن الدعاء هنا بمعنى العبادة، والإجابة قبولها، ثم أكمل بما يعني أن الدعاء هو سؤال الحاجة والإجابة هي إعطاء السؤل، وهو الراجح، وعليه {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ} [الأنفال: 9]، وما في [النمل: 62، ويونس: 89]. أما ما في [إبراهيم: 3، الأحقاف: 31، 32] فهو من إجابة الدعوة إلى الله أي بالإيمان، {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [آل عمران: 172]. وكل ما في القرآن من الفعل استجاب ومضارعه وأمره فهو بمعنى إيتاء السؤل إمدادًا بالمطلوب كما في آية الأنفال، أو قبولًا بما يدعو الله إليه كما في آية آل عمران. • (وجب): {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: 36]. "وَجَبَت الشمس وُجُوبا: غابت. ووَجَبَتْ عَينُه: غارت "

(جبت)

Qغثور أو سقوط (شديد) في جوف أو ما يشبهه كالشمس تغيب في الأفق وتلزمه طويلًا وكذا العين تغور فتلزم مكانها (واللزوم هنا هو مقابل الشدة). ومنه "وَجَب البيتُ والحائطُ: سَقَط، ووَجَبَت الإبلُ: لم تَكَدْ تقوم عن مباركها/ أعيت {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} سقطت ساكنة أي همدت بعد النحر؛ لأنها تُنْحَر قائمة. ومن الأصل: "الوَجْبَة: الأَكْلَةُ في اليوم والليلة (مَلْء الجوف الخالي أي احتواؤه طعاما) ووجب القلبُ: خفق واضطرب (في الجوف) كصوت السقوط. ومنه كذلك "رجل وَجْب الجنان: جبان ": (ساقطه غائره فارغه. أو هو من كثرة خفقانه خوفًا. فهو استعارة على الأول، وكناية على الثاني). ومنه "وَجَبَ الشيء وجوبا: لزم وثبت (كأنما انغرس في فجوة فثبت ورسخ غير متحلحل. ونظيرها في هذا الأصل (فَرَضَ) من الثبات في الفُرْضة). • (جبت): {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [النساء: 51] "الجبت - بالكسر: كل ما عُبِد من دُون الله، وقيل هي كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر ونحو ذلك ". وبالنظر إلى عدم ورود استعمالات للتركيب غير ما سبق تفسيرها به في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ}، ولتفسيرها بصنم خاص أو عامّ، ولِما قيل من أن التاء فيها مبدلة من سين والأصل "الجبس " (¬1) فإنني أرى تفسيرها بالجبس الذي يُبْنَى به، ويكون معناها: الحجرَ وما يئول إليه. والمراد الصنم أو الأصنام التي تُسَوّي من ¬

_ (¬1) ينظر مفردات القرآن للراغب الأصفهاني، وتاج العروس (جبت) .....

(جبر)

معناها: الحجرَ وما يئول إليه. والمراد الصنم أو الأصنام التي تُسَوّي من الجص وهذا يكشف غموض الكلمة. ويكون توبيخُ اليهود بهذا أحَدّ وأخزى لهم. ومن هذا الأصل يعمم في كل باطل يُتَوهم فيه ما ليس له حقيقة. وفي الحديث الشريف: "الطِيَرة والعِيافة، والطَرْق من الجِبْت " (الطَرْق: تكهن بالضرب بالحصى). • (جبر): {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} [الحشر: 23] "الجبّار من النخل - كشداد: الطويلُ الذي فات يَدَ المتناول/ العظيم. ونخلة جَبَّارة: فتية قد بلغت الطولَ وحَمَلَت. والجمع بلا تاء. وتجبّر النبتُ والشجر: اخضرّ وأَوْرق وظهرت فيه المَشْرةُ بعد ما يَبِس أو أُكِل (المَشْرة - بالفتح: شبه خُوصة تخرج في العِضَاه وفي كثير من الشجر أيامَ الخريف لها ورق وأغصان رخصة) والجبَار - كسحاب: فِناء الجبّان ". Qاشتداد وامتداد (ذاتي) يتجاوز ضَعْفًا أو خللًا (طارئًا). كالنخلة تنمو عن صِغَر، تأمل قولهم عن الجبّار من النخل "فات اليَدَ .. فتيّة بَلَغَت الطُول " (أي الطول المعهود للنخل) وكذلك تجبُرُّ النبت الذي اخضرّ بعد قطعه أو يُبْسه (استرداد قوة). وفِناء الجبّان امتداد له متروك - عن رَهْبة - بعد الذي يُشغل منه. ومن "ذلك جَبَرَ العظمَ الكسير (ضرب): شدّه بالجبائر (: عيدان) ليلتئم وينمو، فجَبَر وانجبر. وعلى المثل: جَبَرَ الفقيرَ واليتيم: سدّ مفاقره ". ومن ذلك "جَبَره وأجبره: أكرهه وقهره (تجاوز بقوته إرادة الضعيف فأكرهه) {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} [ق: 45]. و "الجبَّار كشداد: المتكبر الذي لا يرق لأحد عليه حقًّا/ المتمرد العاتي {وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} [هود: 59] ,

(جبل)

{بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} [الشعراء: 130] وكذا كل صفة (جبار) في القرآن عدا ما يأتي. وقد فُسَّر اسمُه عز وجل الجبّار {الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} بالعظيم، وجبروت الله: عَظَمته (وتفسيره بذي العزة التي لا تتناهى أقرب إلى المعنى الاشتقاقي من العظمة)، كما فُسّر بالجَبْر: الإِصلاح من نحو "جَبَر الكسير "، وبالجبر القهر. [قر 18/ 47]. وهذا الأخير مُتَضَمَّنٌ في معنى العزة البالغة. و "الجَبْر - بالفتح وكشداد: المَلِك " (للسلطة والقهر الذي له ويبسطه على المملوكين). ومن الأصل "نارُ إجبير: نار الحُبَاحب "تظهر وتنطفئ مرة بعد أخرى أي باسترسال وامتداد. وأما "الجُبَار من الدم - كغراب: الهَدَر، وفي الحديث "المعدِن جُبَار، والبئرُ جُبَار، والعَجْماء جُبَار "فهو من ذاك الامتداد تجاوزًا أي بصورة تجاوز، على معنى أن الأمر يجرى مطردًا ويُمْضَى عما حدث لا يُتَوَقَّفُ عنده - فكأن لم تحدث إصابة - أو كأن إصابتها مَجْبُورة بنفسها. (والعامة تقول في السلعة التي نفقت وبيعت جَبَرت - ويقال كان زمان وجَبَر أي مضى وتُجُووز). • (جبل): {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} [النازعات: 32] "الجبل: اسم لكل وَتِد من أوتاد الأرض إذا عَظُم وطال من الأعلام والأطْواد. والجبل من الرمل: العريضُ الطويلُ. والجُبْلة - بالضم: السَنام. وثوب جيّد الجِبلة أي الغَزْل والنَسْج والفَتْل ". Qتجمع عظيم شديد الأثناء مع غلظ هيأة. كالجبَل والسَنام. والثوبُ الموصوفُ لا يكون إلا سميكًا مكتنز الأثناء. فمن جبال

(جبن)

الأرض .. {ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا} [البقرة: 260] ومن مادي غلظ الهيأة "رجل مجبول: مجتمع الخَلْق/ غليظ الجِبْلَة. وقد جَبِلَ: غَلُظَ. والجَبِل من السهام - كفرح: الجافي البَرْى. ورَجُل جَبْل الوجه - بالفتح - غليظ بَشَرة الوجه، وكذا جَبْل الرأس: غليظ جِلدتها ". ومن معنوى الغلظ "جَبَله وأجبله: جبره "أي غَلُظَ عليه. وقد يتمثل الغلظ في الكثرة "الجِبِلّ - كفلز، وبتاء ... : الخَلْق الكثير " (تجمع كبير كثيف من الناس مع ملاحظة اختلاف هيئاتهم) {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا} [يس: 62] , {وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ} [الشعراء: 184]. ومن التجمع قالوا: "جَبَله على الشيء: طبعه " (كوّن جرمه على هذا). ولم يرد في القرآن من التركيب إلا (جَبَل) وجمعه (جبال) و (الجِبِلّ) و (الجِبِلّة). • (جبن): {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} [الصافات: 103]. "الجُبْن: هذا الذي يؤكل. والجَبَّان كشداد، وبتاء: ما استوي من الأرض في ارتفاع ويكون كريم المنبت. وتسمى بهما المقابر. وكل صحراء جَبَّانة. والجبينان حرفان مكتنفا الجبهة من جانبيها فيما بين (طرفي) الحاجبين مُصْعدا إلى قُصاص الشعر ". وفي المصباح "الجبين ناحية الجبهة من محاذاة النَزَعة إلى الصُدْغ " (والنَزَعتان هما جانبا الجبهة اللذان ينحسر عنهما الشعر. فقُصاص الشعر هو أعلى النزَعة حدُّ أعلى الجبين أما حدّ أسفل الجبين فهو أعلى عظم الصدغ). Qتجمد ظاهر الجرم على خلاء أورقة في أثنائه: كالجُبْن مع خلوه من الدَسَم (إذ كانوا يمخضون الزبد أولًا)، والأرض المذكورة على

(جبه)

خصوبتها وهي رقة أثناء ورخاوة، وعلى الأموات في باطنهما (فراغ لهم) والجبينان مستويا الظاهر على رخاوة في باطنهما تُحسّ {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ}. ومنه "الجَبَان من الرجال الذي يهاب التقدم على كل شيء ليلًا كان أو نهارًا (مُحْجِم أو منخوب القلب) وتجبّن الرجل: غَلُظ (من التماسك والجمود الظاهريين). • (جبه): {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ} [التوبة: 35]. "الجَبْهَة للإنسان وغيره. وهي للإنسان موضع السجود، وللفرس ما تحت أذنيه وفوق عينيه ". Qالمواجهة بصلب عريض في مقدّم الشيء ليس فيه رخاوة - كجبهة الفرس والإنسان {فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ} والعياذ بالله تعالى. ومن تلك المواجهة بصلابة وعرض مع عدم الرخاوة أخذ معنى مواجهة الشدة "وَرَدوا ماء له جَبِيهة: إذا كان مِلْحًا لم ينضح ما لَهم الشربُ، أو آجنا، أو بعيد القعر "ومنها أيضًا "جَبَه الماءَ: ورَدَه وليس عليه قامةٌ ولا أداةٌ للاستقاء، (الحاجة إلى ماء البئر مع فقد ما يتناول الماء به = شدة) وجَبَه الرجلَ: ردّه عن حاجته واستقبله بما يكره ". وقد اشتقوا من جبهة الإنسان والفرس إلخ كثيرًا مثل "رجل أجبه بين الجَبَه: واسع الجبهة حَسَنُها، وجَبَهه: صك جبهته، والجابه: الذي يلقاك بوجهه أو بجبهته من الطير والوحْش. وجَبْهة القوم: سيدهم على المثل ". ومن العِرَض مع الصلابة "الجَبْهة الجماعة الذين يسعون في حَمالة أو مغرم أو جَبْر فقير، وجاعة الخيل, والجماعة من الناس ".

£° معنى الفصل المعجمي (جب)

أما قولهم "رجل جُبّه وجُبّأ "كلاهما بوزن سُكّر فأرجح أن الهائية مبدلة من المهموزة. ° معنى الفصل المعجمي (جب): هو التجسم (مع الاستواء أو القطع) كما يتمثل في الجَبوب وجَبّ السنام - في (جبب)، وكالمجتمع من الماء - في (جبوجبي)، وكما في جَوْب الصخر وحَفْر الأرض - في (جوب جيب)، وكما في سقوط الجسم الكبير - في (وجب)، وكما في كتلة الصنم - في (جبت)، وفي امتداد جسم النخلة والتئام الكسر - في (جبر)، وفي تجمع جسم الجبل - في (جبل)، وكتلة الجبن (الخالية من الدسم) - في (جبن) وصلابة الجبهة وعِرَضها مستوية - في (جبه). الجيم والثاء وما يثلثهما • (جثث - جثجث): {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ} [إبراهيم: 26] "الجَثِيثةُ: النخلةُ التي كانت نواةً فحُفِرَ لها وحُمِلت بجُرثومتها. والجُثّ - بالضم: ما ارتفع من الأرض حتى يكون له شخص مثل الأَكَمَة الصغيرة، وغلافُ الثمرة. وجَثُّ الجراد - بالفتح: مَيْتُه، وجَثُّ العسل: الشَمْع. والمِجَثة كمظلة ومفتاح: حديدة يقلع بها الفسيل ". Qتميز كتلة كثيفة ذات حجم اقتلاعا أو ارتفاعا (¬1) ¬

_ (¬1) (صوتيًا): الجيم للجِرم العظيم الذى ليس صُلبًا، والثاء للدقاق الكثيفة النافذة، والفصل منهما يعبر عن قلع كتلة عظيمة غير صلبة كجرثومة النخلة (القلع عبرت عنه هشاشة الجيم)، وفي (جثو - جثى) تعبر الواو عن اشتمال والياء عن اتصال، ويعبر =

(جثو - جثى)

كالنخلة المذكورة بجرثومتها، والجُثّ الموصوف كأنه مقلوع، وغلاف الثمرة: (إذا كان غليظًا) وشأنه أن ينزع، وكذا جَثّ الجراد الميت: جماعةٌ منه ميتة على الأرض وكونه ميتًا يوحي بأن الكلام عن كمٍّ كبير منه، والشَمْع بالنسبة للعسل كالغلاف ليس منه. فمن القَلْع {كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ} ومنه - مع تجاوز قيد عَدَم القيمة الحيوية - "بعير جُثَاجِث - كتماضر: ضَخْم. ونَبْتٌ جُثاجث: ملتفّ ". • (جثو - جثى): {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: 72]. "الجُثْوة - مثلثة: حجارة من تراب متجمع/ الحجارة المجموعة/ الربوة الصغيرة/ الكومة من التراب. الجُثوة: القبر، وجُثوة كل إنسان: جسده. وجُثَى الحَرَم - بالضم والكسر مع القصر - ما اجتمع فيه من الحجارة التي توضع على حدود الحرم، أو الأنصاب التي تذبح عليها الذبائح ". Qتحجُّم تراكميٌّ يغلظ من فقد الارتفاع أو عدمه - كالجُثَا من الحجارة والتراب، وكجثوة القبر، وجُثا الحرم. ومنه "جثا يجثو ويجثِى جِثِيا وجُثُوّا - فُعول: جلس على ركبتيه للخصومة ونحوها {وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: 72]. وأما ما جاء في [ل، تاج] أن من معاني جثا (قام) على ¬

_ = التركيبان عن تجمع تراكمي مكون من (= مشتمل على) حجارة أو تراب كجُثا التراب والحجارة/ وجُثى الحرم. وفي (جثم) تعبر الميم عن استواء ظاهر وتضامه، والتركيب معها يعبر عن تلبد جرم الشيء المتجمع الكثيف بالأرض متجمعًا بارتفاع ما كجثوم الأرنب وكالأكمة.

(جثم)

أطراف أصابعه، فإن حقيقة قام فيه نَصَبَ جِذْعه جالسا على عقبيه قائم القدمين على أطراف أصابعهما (¬1) (وليست الخصومة قيدًا وإنما هو لتمثيل هيئة الجاثي، والقيام الحقيقي هنا يعبَّر عنه بـ جذا). {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا} [الجاثية: 28] {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا} [مريم: 68] وبتصور إحضار الفرس تتبين شدة هذا العذاب. نعوذ بكرم الله تعالى ورحمته منه. • (جثم): {فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [الأعراف: 78]. "الجَثَمَةُ - محركة، والجَثُوم: الأَكَمةُ. وجَثَّم الطينَ والترابَ والرمادَ: جمعها. جثمَ الإنسانُ والطائرُ .. والأرنبُ: لزم مكانه وتلبّد بالأرض ". Qتلبُّد الشيء الكثيف بالأرض متجمعًا بارتفاع ما كالجُثْوة - كجثوم الأرنب والطائر، وكَجَثَمات الطين والتراب والرماد {فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} جُثثًا ملقاه على وجوها. ومن التجمع الكثيف مع بعض التجاوز (الجَثْم - بالفتح وبالتحريك: الزرع إذا ارتفع عن الأرض شيئًا واستقلّ (أقول ولا يصدق التعبير إلا إذا كان كثيفًا). "والجَثْم - بالفتح: العِذْقُ إذا عَظُم بُسْرُه ". ° معنى الفصل المعجمي (جث): الكتلة الكثيفة ذات الحجم كما يتمثل في ¬

_ (¬1) وهذا كما قيل إن قعد تأتي بمعنى قام [ينظر تاج قعد] وهو كلام ليس دقيقًا وتأمُّل الشواهد هناك يُصدّق ما قلنا.

الجيم والحاء وما يثلثهما

الجُثّ: الأَكَمة الصغيرة الشاخصة - في (جثث)، وفي تجمع الحجارة والتراب - في (جثو جثى)، وفي تجمع الطين والشيء المتماسك - في (جثم). الجيم والحاء وما يثلثهما • (جحح - جحجح): "أجَحّت الكَلْبة والسَبُعة والمرأة: حَمَلَت فَأَقْرَبَتْ وعَظُم بطنها فهي مُجِحّ. والجُحّ - بالضم: حَمْل البِطِّيخ والحَنْظَل/ صِغَارُ البطيخ والحنظل قبلَ نضجه، وكلُ شجر انبسط على وجه الأرض. والجُحْجح - بالضم: الكبش العظيم ". Qعِظَم الشيء من امتلاء باطنه بغليظ أو حادّ (والحدّة من الغلظ) (¬1): كَحَمْل الكلبة إلخ. وصغار الحنظل لها طعم حادّ، وطعم البطيخ قبل نضجه غير طيب، والشحم (في الكبش السمين) له حدة. ومن معنوىّ ذلك: "الجحْجَح - بالفتح: السيد، لعظمه ". ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الجيم تعبر عن الجرم العظيم الهش ذي الحدة، والحاء عن عرض مع جفاف (وهذا غلظ)، والفصل منهما يعبر عن امتلاء باطن الشيء بما له غلظ أو حدة. كالكلبة المجحّ والحنظل. وفي (جحد) تعبر الدال عن ضغط ممتد يتأتى منه الاحتباس، ويعبر التركيب معها عن احتباس الغليظ الجاف في الجوف فلا يتأثر بما يدخله من نعمة أو علم كالفرس الجحد وجحود النعمة. وفي (جحم) تعبر الميم عن التئام الظاهر واستوائه على ما فيه، ويعبر التركيب معها عن الالتئام: الاضطمام على غلظ وحدة في الجوف كحُمْرة عين الأسد وحدّتها في مكانها وكحدّة النار في الجحيم - وقانا الله إياها.

(جحد)

• (جحد): {وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ} [العنكبوت: 47]. "فرس جَحْد - بالفتح - والأنثى بتاء: غليظٌ قَصِير. والجُحَادِىّ - كبخاري: الضَخْم. وأرض جَحْدة - بالفتح: يابسة لا خير فيها. وجَحِد النبات (تعب): قلّ ولم يَطُلْ ". Qجفاف الباطن ويبسه على ما يتجمع فيه من قُوَى فلا تنبسط إلى ما يُتَوقع منها. كالفرس القصير .. لم يمتد إلى طولِ مثله كأن قوة النمو فيه جَمُدت، وكذلك النبات. والأرض الجَحْدة يُتَوقّع أن تُنْبت ككل أرض لكن باطنها يَبِس خيرُه وجمُد. ومن معنويه "جَحِد الرجل: إذا كان ضيقًا قليل الخير. وجَحِدَ عيشه: ضاقَ واشتدّ (جفاف وعدم انبساط) وعام جَحْد: قليلُ المطر (جاف يابس ويقلّ أن تنبت الأرض فيه)، جَحِد الرجل: أنفَضَ وذهب ماله " (جَفّ معينه). ومن ذلك: "الجُحُود (منع): الإنكار مع علم "أي مع علم قلبه حقِّيَّةَ ما ينكره (جفاف باطن فلا يتأثر ولا يستجيب لما يطرأ عليه من علم أو خير): {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14]. ومن ذلك جُحُود النعمة: كُفرانها {فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [النحل: 71]. وليس في القرآن من التركيب إلا (الجحود) بهذا المعنى. • (جحم): {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} [غافر: 7] "جَحْمَتَا الأسد والإنسان: عينَاه. والأَجْحم: الشديد حُمْرة العينين مع سَعَتهما. والجاحم: المكان الشديد الحر ".

£° معنى الفصل المعجمي (جح)

Q(بؤرة متوقدة الأثناء) توقد أثناء الشيء الجسيم حِدّة مع غلظه في نفسه - كحُمْرة جَحْمَتى الأسد (والحمرة شدة) إذْ تبدُوان في صفائهما مع الحمرة والحدّة كجَمْرتي نار، وكالحرارة في المكان. ومنه الجحيم: كل نار عظيمة في مهواة {قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ} [الصافات: 97] وليس في القرآن من التركيب إلا (الجحيم). ° معنى الفصل المعجمي (جح): وجود الغلظ أو الحدة في باطن الشيء كما يتمثل في عظم بطن الكلبة المُجحّ، وحدّة طعم الحنظل - في (جحح)، وفي جفاف باطن الأرض الجحدة - في (جحد)، وفي حمرة عيني الأسد والإنسان في (جحم). الجيم والدال وما يثلثهما • (جدد - جدجد): {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا} [الجن: 3]. "الجَدَدُ - محركة: الأرض الغليظة/ الصُلْبة/ ما استوى من الأرض وأصحر لا رمل فيه ولا جَبَل ولا أَكمَة. والجَدْجَدُ - بالفتح: الأرض الغليظة/ الصُلْبة المستوية. والجَدّ - بالفتح والكسر وكسبب وجميل: وجهُ الأرض. والجُدّة - بالضم: ساحل البحر وضِفّة النهر وشاطئه. ومفازة جدّاء: يابسه/ لا ماء بها ". Qعِظَم الجرم مع تماسكه مستويا ممتدًّا أو منبسطًا (¬1) ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الجيم للجرم الكبير غير الصلب، والدال للضغط الممتد الذي يتولد منه الحبس ومن صوره استواء السطح والفصل منهما يعبر عن كثافة الجرم واستوائه كأنه ضُغط فكثُف وامتد وصلُب واستوى كالجَدَد من الأرض، والاستواء بحيث لا ينتأ =

كالأرض المذكورة فهي مادة كثيفة متماسكة فيعظم جرمها، وهي ممتدة طولًا أو اتساعًا كشاطئ البحر والنهر، وكالأرض المستوية والمفازة المذكورة. والاستواء منصوص عليه في أكثر الاستعمالات. ومن مادى ذلك "الجادّة: المَحَجَّة المسلوكة (امتداد طولي مع استواء) وكذلك الجُدّة - بالضم: الطريقة في الجبل. (وفي السماء) وجمعُها كزُمَر {وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ} [فاطر: 27]. ومن المتانة اللازمة للتماسك "الجِدّة - بالكسر: نقيض البِلى ""ثوب جديد ومِلْحَفَة جديدة ". ولارتباط المتانة بالحداثة استعمل الجديد في المحدَث {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} [فاطر: 16]. وتأمل {أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [الرعد: 5] , {أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [السجدة: 10] ¬

_ = الشيء عما يجاوره هو صورة الحبس هنا، وفي (جود - جيد) تعبر الواو عن الاشتمال ويعبر التركيب عن قوة امتداد المحتوَى أي أو خروج (= امتداد) ما هو عظيم (في بابه) بقوة كالمطر الجود. وفي (وجد) تسبق الواو بمعنى الاشتمال، ويعبر التركيب عن وقوع ما هو مادي أصلًا (قوي أو صلب) في الحوزة، وهو معنى الوجود، وكونه في الحوزة اشتمال. وفي (جدث) تضيف الثاء معنى خروج الغليظ منتشرًا، فيعبر التركيب عن نبث التراب ونحوه بقوة من أرض مستوية كما في حفر الجَدَث. وفي (جَدَر) تعبر الراء عن الاسترسال، ويعبر التركيب عن استرسال امتداد الصلب العريض (ارتفاعًا) كحال الجدار. وفي (جدل) تعبر اللام عن التعلق والاستقلال ويعبر التركيب عن التفاف الشيء بعضه على بعض باشتداد وتماسك مع تميز - كجَدْل الحَبْل وكما في المجادلة من اشتباك وعدم تيسر.

10]، {إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [سبأ: 7]، {أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} [الإسراء: 49]. يستبعدون التئام أجسامهم وتماسكَها وعَوْدَها صحيحة مَتينة بعد ارفتاتها. وكذا سائر ما في القرآن من كلمة (جديد). ومن الامتداد في المعنى المحوري "الجد أبو الأب "لأنه أصل تمتد منه الفروع. ومن العِظم المادي يأتى عظم القدْر "الجَدّ - بالفتح بمعنى الحظ في الدنيا/ الحظّ والغنى في الدنيا/ الحُظوة والرزق " [تاج] فهذا انبساط حال. ومنه يؤخذ أيضًا معنى جلال القَدْر الذي عبروا عنه بالعظَمة. "الجَدّ: العَظَمة ""إذا قرأ سورتي البقرة وآل عمران جدّ فينا "أي جلّ قدره وعظُم. أما قوله تعالى: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا} [الجن: 3] فقد ذكر [طب التركي 23/ 312 - 317] في معنى (جد ربنا) أقوالًا: أ) أمرُ ربنا أي تعالى أمره (= شأنه) عن أن يتخذ صاحبة أو ولدًا. ب) جلال ربنا وعظمته. ج) غِنَى ربنا (أي هو غني عن ذلك - أخذًا من أحد معاني الجدّ في اللغة وهو الغنى). د) الجدّ أبو الأب - على أن ذلك كان جهْلةً من كلام الجن أو كان من كلام جَهَلة الجن. هـ) ذكرُه عز وجل. وأقول إن الصواب هو تفسير {تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} بـ (تعالى جلالُه وعظمته) وهو التفسير رقم ب هنا. أولًا: لأن هذا يؤخذ مباشرة من معنى العِظم المادي مع الاتساع والانبساط الذي استعمل العرب لفظ (جدد) فيه: "الأرض الغليظة الصُلبة/ ما استوى من الأرض وأصحر " (الاتساع لازم للاستواء). وثانيًا: لأن

لهذا نظيرًا صحيحًا هو أخذ (الجلال) و (الجلالة) - كسحاب وسحابة: بمعنى عِظَم القدر من الجِلال - ككتاب وهو ثوب عظيم الاتساع يغطَّي به كالحَجَلة، وكذلك، الجِلّ - بالكسر من المتاع: البُسُط والأكسية. وثالثًا: لأن لفظ جَلّ يستعمل للتنزيه [ينظر تاج جلل] والآية هنا أيضًا للتنزيه عن اتخاذ الصاحبة والولد. وتفسير {جَدُّ رَبِّنَا} بـ (جلال ربنا) هو الذي انتهى إليه [قر 19/ 9] بعد ذكره أقوالا أخرى. أما تفسير {جَدُّ رَبِّنَا} بأمره وشأنه فهو قريب وليس كافيًا، وتفسيره بالغنى أقل قربًا، وبالذكر - لا يؤخذ من ألفاظ الآية، والتفسير رقم (د) ذُكر في [قر] أيضًا، وهو سهو، ونسبته إلى الجن تتطلب من ناسبيه إليهم توثيقا. وليس في القرآن من التركيب إلا (الجُدَد)، و (الجديد)، و (الجَدّ) ومن استواء الظاهر يتأتى "الجَدّ بمعنى القطع "الذي يتمثل في تجريد الشيء مما تفرع منه فيبقى على استوائه وعدم تشعبه (ينظر تم، وجبّ هنا). فمن ذلك "الجَدَاد - كسحاب وكِتاب: صِرَام النخْل، وهو قطع ثمرها (كانوا يقطعون العُذوق المتدلية من أصلها) و "الجَدّاء: الشاة المقطوعة الأذنين " (فيبقى رأسها أجمَّ مستويًا لا تشعب فيه) ومِلحفة جديد وجديدة: حين جدّها الحائك (النسّاج) أي قطعها، وثوب جديد في معنى مجدود يراد به حين جدّه الحائك أي قطعه (كذا قالوا، وقد قلنا إنه من المتانة) وحَبْل جديد أي مقطوع ". فكأنهم توسعوا فاستعملوا التركيب في مطلق القطع. ومما يتأتى أن يؤخذ من الاستواء (أو من القطع اللازم له) مع الجفاف (اللازم للكثافة أو الصلابة) قولهم "امرأة جدّاء: قصيرة الثديين. حَلُوبة (شاة، ناقة، أتان) جدّاء: لا لبن لها، لآفة أيبست ضرعها، وسنة جَدّاء: مَحْلة ".

(جود - جيد)

ومن هذا الاستواء والجفاف أيضًا جاء "الجِدّ - بالكسر: ضد الهزل ". لما فيه من عدم الرخاوة والتميع. يقال "جدّ في السير وفي الأمر ". أما "الجُدْجُد - بالضم: بثرة تخرج في أصل الحدقة "فهي من الصلابة والشدة اللازمة للتماسك؛ لأنها زيادة في ذلك الموضع الحساس مع شدة وقعها خَشِنَةً جافة كالشوكة هناك، وكذلك "الجُدْجُد: صرّار الليل " (لحدة صوته وشدته مع تقطيعه)، وكذا "الجُدْجُد: الحرّ العظيم "لشدته أيضًا وعمومه. وانتشارُه امتداد وانبساط. • (جود - جيد): {وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود: 44]. "الجَوْد - بالفتح: المطر الواسع الغزير./ الذي لا مطر فوقه ألبتّه. جاد المطر: وَبَلَ، والعينُ: كثُر دمعها. والجِيدُ - بالكسر: العُنق ". Qقوة خروج الماء (وما هو سلس) من جوف الشيء. كالمطر الغزير من السحاب والدمع الكثير من العين. والعنق (أملس) ناتئ أي نافذ قوي من وسط البدن إلى أعلى {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} [المسد: 5] ومنه "الجُود - بالضم: الكرم " (بذل المال (خروجه) بكثرة من الحوزة) ومنها "يَجُود بنفْسه عند الموت (خروج نفْسه)، وإنه ليُجَاد إلى كل شيء يَهْواه - للمفعول: (تكاد تخرج نفسه تعلقًا به). وجِيدَ الرجل - للمفعول: عَطِش، والجودة - بالفتح: العَطْشة، وكغراب: جَهْد العَطَش " (كل ذلك لذهاب الماء من جوفه، ومثله "الجُود - بالضم: الجوع "لنفاد الغِذاء من بدنه. ومنه "فرس جَوَاد - كسحاب بين الجُودة - بالضم. وقد جاد يجود أي صار رائعًا سريعًا " (يبذل

(وجد)

الكثير من قوّته في الجري، كما قالوا فرس بَحْر وفَيْض). {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ} [ص: 31] والجُودِيّ جَبَل والجبال ونحوها ناتئة (أي خارجة) من جَوْف الأرض (أو هو عَلَم) {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود: 44]. وأما "جادَه النعاس: غلبه "فمن "الجَوْد: المطر الغزير "على التشبيه كما يقال "غَرِقَ في النوم ". • (وجد): {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 44] "وَجَدْتُ المال - كوعد، والمصدر الوُجْد - مثلثة، والوِجدان - بالكسر وكعِدة - أي صرتُ ذا مال. ووَجَد الضالّة والمطلوبَ: (ظَفِر به). وأوجده الله مطلوبَه: أظفره به. ووُجِدَ الشيءُ من عَدَمٍ "- للمفعول. Qتحصل شيء ذي بال في حَوْزة كانت خالية منه. كالمال والضالة والتحقق المادّي عن عدم. ومن صُوَره العثورُ على الشيء في الحوزة دون معرفة مسبقة بذلك {قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} [يوسف: 75] , {وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا} [آل عمران: 37] , {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا} [الكهف: 65] , {فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [النساء: 89] وفي كل هذه (وجد) فعل تام معناه إصابة ذات الشيء أي العثور عليه في الحيز، ومثلها كثير [البقرة: 283، النساء: 43، المائدة: 6، التوبة: 57، 79, 91]. وفي آيات أخرى تكون بمعنى العلم (وجود الشيء على صفَةٍ أو حال أي العلم بوجودها فيه) {ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ} [النساء: 65] {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ

(جدث)

شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا} [الكهف: 69]. وكثير غيرهما يتيسر تمييزها من الأولى. وأخيرًا هناك الوُجد - بالضم: بمعنى الوُسْع والطاقة أي الموجود في الحوزة من الشيء {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6] من سَعتكم وما ملكتم. فهذا ونحوه تحصيل شيء مادّي في حوزة أي اشتمال تلك الحوزة عليه. • (جدث): {يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ} [القمر: 7]. "الجَدَث - محركة: القبر ". Qنَبْث التراب وإخراجه بقوة من قطعة عريضة من الأرض (كما يحتفر القبر) {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} [يس: 51]. • (جدر): {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ} [الكهف: 77] "الجَدَرَةُ - محركة وكهُمَزة: أَثَرٌ من ضَرْب أو جِراحة مرتفعةٌ عن الجلد، ووَرْمة في أصل لَحي البعير وعُنُق الحمار. والجَدْر - بالفتح وككتاب: الحائط. والجُدُر - بضمتين: الحواجز التي بين الدِبار المُمْسِكةِ الماء. والجَدِير: المكان يُبْنَى حوله جِدار. والحَظِيرة إذا كانت من حجارة فهي جَدِيرة، وإن كانت من طين فهو جدار. جدّر النبت والشجر - ض، وكقعد: طَلَعَت رءوسه في أول الربيع، والعَرْفجُ والثُمامُ: طَلَع في كُعُوبه وعيدانه مثلُ أظافير الطير ".

(جدل)

Qنتوء جرم غليظ إلى أعلى فوق ظاهر شيء: كجَدَرة الجلد والرَقَبة، ورُءوسِ الشجر في الأرض، ورءوُس الفروع والثمر في الشجر، والجِدار الطيني يبدو على الأرض كالناتئ منها {أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ} [الحشر: 14]. ومنه "الجِدْر - بالكسر: نَبْتٌ كالحلَمة. والجُدَرِيّ: قُرُوح في البدن تَنَقَّطُ عن الجلد ممتلئة ماءً وتَقَيّحُ ". ومن المعنوي "هو جَدير بكذا وبكذا: خَلِيق له (كأنه مكان محوط (محل) يمكن أن يستوعب الشيء المذكور - كما يقال هو (موضع ثقة ومحل ثقة) {وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [التوبة: 97] وليس في القرآن من التركيب إلا هذه (الجدارة) و (الجِدار) وجمعه (جُدر). • (جدل): {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]. "الجَدَالَةُ: الأرض. والجِدْل - بالكسر والفتح: كُلُّ عظم موفَّر كما هو لا يُكْسَر ولا يُخْلَط به غيره. والجَديل: حَبْلٌ مفتول (شديد الفتل أو محكمه) من أَدَم أو شَعَر. وجَدَالة الخَلْق: عَصْبه وطَيُّه. وهو مَجْدول الخَلْق: لطيف القَصَب مُحْكَم الفَتْل. وغلام جادل: مُشْتَدّ. جَدَلْت الحبل (ضرب): شَدَدْت فَتْله. وجَدَل وَلَدُ الناقة والظبية (قعد): قَوِيَ وتَبِع أمه ". Qامتداد الشيء شديدَ الأثناء - بالتفاف بعضه على بعض أو التفاف مثله عليه - كما في الحَبْل، والأعضاء المفتولة، والأرضِ شديدةً وممتدة. ومنه "جَدَله: (صرعه: فَتَلَهَ ولواه فامتدّ على الأرض وقالوا:) صَرَعه على الجَدَالة. وجَدّله - ض: كذلك. ومنه جَادَله: خاصمه في شدة ولَدَد (فالمجادلة التفاف كل على الآخر بإصرار. {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ

£° معنى الفصل المعجمي (جد)

أَحْسَنُ} [العنكبوت: 46] وكل ما في القرآن من التركيب فهو من هذا الجِدال. ومن الأصل "الجَدَالة: البَلَحة إذا اخْضَرّتْ واستدارت (اشتدت ملتفة) وعَناق جَدْلاء: في أُذُنِها قِصَر (فيبدو رأسها ملتفًّا مع امتداد عنقها)، وكمنبر: القصرُ المُشْرِفُ (لوثاقة بنائه واستطالته). والاجْتِدال: البُنْيان (المقصود مصدر بَنَى، فهو إقامة بناء من لبنات مشدود بعضُها إلى بعض ممتدة) ودِرْع جَدْلاء: مُحْكَمةُ النَسْج. والأجدل الصقر (لانفتال لحمه وعصبه) والجديلة: الناحية (أرض ممتدة متصل بعضها ببعض) والجدول: النهر الصغير (مجتمع فيه ماء ممتد جار - كل ذلك من وثاقة التجمع مع الامتداد). "والجديلة: القبيلة والرهط " (عدد كبير ملتف ومترابط) والمَجدل - بالفتح: الجماعة من الناس ". ° معنى الفصل المعجمي (جد): الكثافة صلابةً أو عِظمًا مع الامتداد والاستواء - كما يتمثل في الجَدَد من الأرض - في (جدد)، وفي قوة المطر الواقع (ووقوعه امتداد ونفاذ) - في (جود)، وكما في الشيء المتحصل - في (وجد)، وكما في الأرض التي تُحفر جدثًا - في (جدث)، وفي جسم الجِدار وبَثر الجُدَرِيّ والعياذ بالله - في (جدر)، وكما في جسم الجَدالة والحبل الذي يفتل - في (جدل). الجيم والذال وما يثلثهما • (جذذ): {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود: 108] "الجُذاذ - كغراب: قِطَعُ ما كُسر كقِطَع الفضة الصغار، وحجارة الذهب، والقُراضات. والجَذّان - بالفتح: الحجارة الرِخْوة، الواحدة جَذَّانَةٌ. والجَذِيذ: السويق. جَذَذْت الشيءَ الصُلْبَ: كَسَرتُه. والنخلَ: صرمتُه، والحبلَ: قطعتُه ".

(جذو - جذى)

Qكَسْرُ الصُلْبِ أو قَطْعُ الشديد الغليظ (¬1): ككسر حجارة وقراضات الذهب، وجَذاذ ثمر النخل وهو يكون عذوقًا كثيرة. {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا} [الأنبياء: 58] (كسّر الأصنام الحجرية كِسَرًا كثيرة). ومن الكسر أخذ معنى القطع {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} أي غير مقطوع. ومن مجاز هذا القطع "رَحِمٌ جَذَّاء: لم توصل " (أي مجذوذة). • (جذو - جذى): {لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ} [القصص: 29]. "الجذوة - مثلثة: القطعة الغليظة من الخشب/ العمود الغليظ يكون أحدُ رأسيه جَمْرة (وفي الصحاح: كان فيه نار أو لم يكن). ومِجْذَاءُ الظليم: مِنْقاره - (ينزع به الكمأة من الأرض). ويقال لأصل الشجرة جِذْية - بالكسر، وجَذاة كفَتَاة. والجِذَاء (¬2) كِرعَاء: أصولُ الشجر العظامُ العاديّة التي يَلىَ أعلاها وبَقِى أسفلُها. والأَرْزة المُجْذية - كمُحسِنة: الثابتةُ المنتصبَة. يقال: جَذَتْ تجذُو ¬

_ (¬1) (صوتيًا): تعبر الجيم عن جرم كبير غير شديد، والذال عن نفاذ جرم ذي غلظ وتسيب ما، والفصل منهما يعبر عن كسر جرم صلب أو قطع متين التعلق ككسر الحجارة وجَذاذ عذوق النخل (الكسر والقطع تسييب والكثرة هنا هي مقابل الغلظ). وفي (جذو) تعبر الواو عن الاشتمال، ويعبر التركيب عن غلظ ما يشبه أصل الشجرة عظيمًا منتصبًا، وغلظه هو ما عبر عنه اشتمال الواو. وفي (جذع) تعبر العين عن التحام ورقة، ويعبر التركيب معها عن مقاربة النامي انتصابًا كمالَ نموه مع رقة فيه تتمثل في الفتاء كجَذَع الإبل وغيرها. (¬2) ذكر القاموس الجَذاة والجِذاء في التركيب الواوي.

(جذع)

وأَجْذَت تُجْذِى ". Qامتدادُ الشيء الصلب قائمًا مستغلظًا بنفسه أو بحمل شيء. كأصول الشجر المذكورة من الأرض وكالمنقار يَقْلع (يرفع إلى أعلى) قِطَعًا غَليظة مما ينقره. وكالجَذْوة الموصوفة {لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ} [القصص: 29]. والذي في القرآن مع هذه الآية [طه 10، النمل 7] يقضي أن الجذوة في رأسها نار. ومن القيام (: الانتصاب إلى أعلى) "جَذَا: ثَبَت قائمًا. وقوله (وصناجة تجذو عل كل منسم) يبين أن الجاذي هو القائم واقفا على أطراف أصابعه، أما الجُثُوّ فهو الجلوس على الركبتين كما سبق. وقد نبه عليه ثعلب [تاج جذو] وجَذَا السَّنَامُ: حَمَلَ الشحم [تاج] (أي فارتفع منتصبًا)، وجَذا القُرَاد في جنب البعير: لَصِق. (أي ثبت وأقام) وأَجْذَى الرجلُ الحجَر العظيم: أشَاله ورفعه. والجواذى من النُوق: التي تجذو في سيرها كأنها تقلع السير [تاج] (القلع رفع إلى أعلى). • (جذع): {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} [مريم: 25]. "الجَذَع من أولاد الإبل: ما دخل الخامسة، ومن الخيل: ما دخل الثالثة، ومن البقر: العِجْلُ إذا دخل الثالثة وزادَ قَرْنه عن القبضة ". Qمقاربةُ النامي انتصابًا كمالَ نمو - كجَذَعِ الإبل وغيرها ومنه "جِذْع النخلة - بالكسر: ساقُها " (قائم، وهو الجزء الذي يتمثل فيه النُمُو فكأنَّ صيغة اسمه. بمعنى اسم الفاعل أي النامي {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} [مريم: 23] وجمعه جذوع {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71].

£° معنى الفصل المعجمي (جذ)

وقولهم "جَذَع الرجل عِيَالَه: حَبَس عنهم خيرًا، وجَذَع الدابة: حبسها على غير عَلف ". هو من المعنى المحوري، كأنه أوقفهم عند مقاربة النمو ومنع عنهم كماله. وقريب من هذا قوله "جذع بين البعيرين: قرنهما في حبل "لأن ها تقييد لحركتهما، ومنع لكل منهما من الاسترسال في المرعى. فكأن معنى الفعل في هذين هو جعل المفعول في حالة معنى الفعل. ومن مجاز المعنى المحوري "جُذْعان الجبال - بالضم: صِغارها. واحدها كسَبَب ". ° معنى الفصل المعجمي (جذ): الاستغلاظ مع الجزئية (كَسْرًا، أو بقاءً بعد ذاهب، أو عدم اكتمال نمو) كما في كِسَر الفضة - في (جذذ)، وجسم الجِذوة - في (جذو)، وكجَذَع الإبل وغيرها - في (جذع). الجيم والراء وما يثلثهما • (جرر - جرجر): {وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ} [الأعراف: 150]. "الجُرّ - بالضم: المَكّوك الذي يثقب أسفله يكون فيه البَذْر ويمضي به الأكّار وهو ينهال؛ وبالفتح والضم: جُحْر الضبع والثعلب واليربوع والجُرَذ. والجَرور من الركايا والآبار: البعيدة القعر. والجارور: نهر يشقه السيل فيَجُره. وجَرّ الفصيلَ: شق لسانه لئلا يرضع. وفي تركيب (طلح) أورد [ل] قوله مخاطبًا شجرة الطلح: لاقيتِ نَجّارًا يَجُرُّ جَرَّا ... بالفأسِ لا يُبقِى عَلى مَا اخْضَرّا

يقال إنه ليَجُرُّ بفأسه جَرًّا إذا كان يقطع كل شيء مرّ به وإن كان واضعها على عنقه ". Qسحب الجِرم المتجمِع (قطعًا أو نقلًا) باسترسال وامتداد (¬1): كالبَذْر من الجُرّ، وانقطاع جِرْم الأرض في الجُحْر والرَكِيّة والنَهْر الموصوفات، وشَق لسان الفصيل، واقتطاع الأشياء بالفأس - مع الامتداد في ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الجيم للجرم الكثيف الهش الذي تخالطه حدّة، والراء للاسترسال، والفصل منهما يعبر عن الاسترسال سحبًا أو حَفرًا أو قَطعًا أو نَثرًا كاسترسال خروج الحبوب عن المكوك. وفي (جرى) تضيف الياء معنى الاتصال, ويؤكد ذلك استرسال الجرّ بوضوح كما في الجرى. وفي (جور) أعطت المدة الواوية بعد الجيم اشتمالًا يتمثل هنا في كون القطع للاحتواء كما في حفر الجوّار (الأكّار) فجوة في الأرض لبذر وفي الجَوْر أيضًا. وفي (أجر) زيدت ضغطة الهمزة متقدمة فعبر التركيب عن نحو مقابل الجرّ وهو الأجر. وفي (جأر) توسطت الهمزة فعبر التركيب عن خروج الشيء الغض من مقره العميق - بقوة واندفاع كالنبات الكثير من الأرض. وفي (جرح) تضيف الحاء الاحتكاك بجفاف وعِرض، ويعبر التركيب عن القطع من ظاهر بدن الحيّ، وفي (جرد) تعبر الدال عن ضغط ممتد يتأتى منه الاحتباس, ويعبر التركيب عن تعرية ظاهر الشيء إما كتما كالأرض الجرداء وإما تعرية كما يفعل الجراد, وفي (جرز) تعبر الزاي عن الاكتناز بضيق وشدة، ويعبر التركيب عن انكشاف الظاهر إما لكزازة فلا ينفذ منه شيء يغطيه كالأرض الجرز أو لجمع ما يغطيه كسْحا، وفي (جرع) تعبر العين عن التحام ورقة ويعبر التركيب عن أن ذلك المسحوب يؤخذ إلى الجوف قليلًا قليلًا في الجرْع. وفي (جرف). تعبر الفاء عن إبعاد بقوة وطرد، ويعبر التركيب عن قطع بنحو ذلك كما تُجْرف اللثة عن الأسنان. وفي (جرم) تعبر الميم عن استواء الظاهر، ويعبر التركيب عن تجريد الظاهر بحصد ما عليه بعد يبسه كجرم النخل.

(جرى)

كل ذلك. والاسترسالُ في الجُرّ سقوط الحَبّ كذلك، وفي الجُحْر إلخ الامتداد. ومنه "جَرَّتْ المرأةُ والناقةُ: بَقِى ولدها في بطنها بعد تمام مدة الحمل أيامًا في المرأة ونحو شهرين في الناقة " (تبقيه وتأخذه معها مدة من الزمن استرسالًا لما سبق). "والجرير: الحبلُ المفتول من أَدَم " (لامتداده جرمًا كثيفًا، أو لجر البعير ونحوه به). ومنه "جَرَّ الشيءَ: سحبه خلفه ". {وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ} "والجَرَّة - بالفتح: الخُبْزَة التي في المَلّة (لأنها تستمر مدة ولا تُخْرَج بسرعة كالتي تَوضَع في التنور)، وجَرَّت الإبلُ: رَعَتْ وهي تَسِير (شيئًا فشيئًا: امتداد) وجَرَّ على نفسه وغيره جَرِيرة: جنَى عليهم (سحب الأمر ومَدَّه حتى لحقهم) واجتر البعيرُ من الجِرّة - بالكسر: وهي ما يخرجه من بطنه ليمضغه ثم يبلعه (يسحبه من جوفه شيئًا بعد شيء على دفعات متوالية) وجَرْجَرَ الماء: جَرَعه جَرْعا متواترًا له صوت. والتجرجرُ والجَرْجَرة: صَبّ الماء في الحلق ". وأما "الجرجرة: صوت يردده البعير في حنجرته ". فهي لفظ حكائي. • (جرى): {لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [آل عمران: 15]. "جرى الدم والماء ونحوهما: سال خفيفًا متتابعًا ". Qانتقال بحركة خفيفة سريعة مسترسلة متصلة - كسيلان الماء والدم وكذا جرى الفرس. "وجرت الشمس وسائر النجوم: سارت من المشرق إلى المغرب "وكذا السفينة والرياح (وكلها فيه خفة الحركة) {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [البقرة: 25] , {وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ} [البقرة: 164] {وَالشَّمْسُ تَجْرِي} [يس: 38] , {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي} [ص: 36]

(جور)

"والجارية: السفينة: صفة غالبة " {حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} [الحاقة: 11] وجمعها (الجواري) {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ} [الشورى: 32 وكذا ما في الرحمن: 24] وبها فسرت (الجاريات) في [الذاريات: 3] [قر 17/ 29 - 30] أما {الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} [التكوير: 16] فهي الكواكب الخمسة الدراري. والآية تصلح لكل الكواكب [ينظر قر 19 - 236 - 237]، وعين كل حيوان (يجري منها الدمع). ونعمة جارية: دَارَّة (متصلة) والجِرَايةُ: الجاري (المتصل) من الوظائف. والإِجْريّاء والإِجْريّا: الوَجه الذي تأخذ فيه وتجرى عليه، والعادة (يسترسل في عملها آنا بعد آن) والجَرِيّ - كغنى: الرسول والخادم (ترسله وتُجريه هنا وهنا)، والأجير " (لنحو ذلك). والذى في القرآن من التركيب كله من الجَرْى الموصوف مسندًا إلى الأنهار. وإلى عيون الماء، وإلى السفن، والرياح، والشمس والقمر {كُلٌّ يَجْرِي} [الرعد: 2] والنجوم. وسياقاتها واضحة. • (جور): {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف: 31]. "الجار: الذي يجاورك. الجوّار - كشداد: الأَكّار (الأكّار: الحرّاث. الأُكْرة: الحُفْرة في الأرض). الجائر والجيّار: حَرٌّ في الحلق والصدر من غيظ أو جوع. جائر ضَخْمُ: دَلْو عظيم. وقِرْبة جائرة وغَرْب جائر: واسعان عظيمان ". Qدخول في حيز شيء بقوة للإقامة، أو افتجاءٌ للاحتواء كما ينزل الرجل في حيز غيره والجانب مكان كالظرف، وهو حَرَم لصاحبه، وكما يحفر الأكار الأرض ليضع البذور، وكجَوْبة الدَلْو والِقْربة المذكورين للماء. ومنه "الجوَار - كسحاب: الماء الكثير القعير (محتوى عظيم). أجار المتاع: جعله في

الوعاء فمنعه من الضياع " [تاج]. ومن صور الافتجاء (دون احتواء) "سَيْل جِوَرّ - كهِجَفّ: مُفْرِطُ الكثرة "يحفر الأرض في طريقه "وجَوَّرَ البناء والخِباءَ - ض: صَرَعه وقلبه، (أزال جسمه الشاخص فانخفض) وتجورّ هو تَهَدّم. وضَرَبَه فجَوَّره: صَرَعه، فتَجَوّر: سَقَط. وبازِلٌ جِوَرّ - كهِجَفّ: صُلْب شديد (يكتسح). ومن معنوى الافتجاء في المعنى المحوري "الجَوْر - بالفتح: نقيض العدل (اقتطاع من حَقّ كالحيف) وقد جار عليه في الحُكم، والجَوْر: الميلُ عن القَصْد (انتقاب طريق غير الطريق المسلوك كما يقال الآن: خَرّم) " {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ} [النحل: 9]: بيان قصد السبيل أي استقامة الطريق، وهو الإسلام يبينه تعالى بالرسل والحجج. ومنها جائر أي عادل عن الحق [ينظر قر 10/ 81]. ومن "ذلك المجاورة: المساكنة " (المسكن بجانب المسكن كأن أحدهما في فجوة الآخر أي حَيّزه، لأنه يليه) {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} [النساء: 36]، {ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب: 60] {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ} [الرعد: 4] وللتلازم والتداخل بين الجارين، ولما كان عند العرب من حقوق الجيرَة استُعملت المجاورة والإجارة في معنى الحماية "جاور بني فلان: تَحَرَّمَ بجوارهم. أجاره: خفره "كأن "أجاره "أصلها قَبِلَ جواره أو عدّه جارًا له {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] "أجار الرجلَ (منعه من أن يُظلَم) كأن الفعل أجار أصله صار صاحب حَيّز قبل فيه المستجير. {وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف: 31] , {وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ}

(جأر)

[المؤمنون: 88]. وكل ما لم نذكره من التركيب فهو من الإجارة الحماية أو طلبها. • (جأر): {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: 53] "عُشْب جَأْر - بالفتح: كثير، وهو من النبات: الغَضُّ الريّان. غيث جُؤَر - كنُغَر: غزير المطر. جأر النبتُ: طال وارتفع ". Qاندفاع الشيء الغض من مصدره بقوة: كثرةٍ أو امتداد. كالنبات الخارج من الأرض بكثرة، وكالمطر الغزير. (والنبات والماء كلاهما غض طري مسترسل). ومنه "جَأَر الثورُ والبقرةُ: صَاحا (صوت قوي ممتد خارج من الجوف). وجَأر يجْأر جُؤارا: رَفَعَ صوته مستغيثًا متضرعًا ". {إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ} [المؤمنون: 64]. يِضجّون ويستغيثون ". [قر 12/ 135] ومثلها ما في [النحل: 53] وقيل أيضًا: "رجل جَأْر: ضخم "فالضخامة انتبار واندفاع لحدود البدن إلى محيطه، وهي صادرة من قوة النمو الباطنية. • (أجر): {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 179]. "الأَجور (وفيه لغات): طَبيخ الطين. والإجَّار - كإجَّاص: السَطْح. والأُجَراء: الحافرون بالفئوس في الجبل [ل: حدث]. أَجِرَتْ يَدُه (كفرح - وقَعَد): جبرت على غير استواء فبقى لها عقدة كهيئة الوَرَم وأَوَدٌ ". Qأَثَرٌ أو حصيلةٌ لجُهْد مادي فيه صنعة - كالأَجُور وهو حصيلة طَبْخ الطين والإِجَّار كذلك. وأُجُور اليد نتيجةٌ لجُهْد الجبر, كأن الاستواء طبيعي غير مصنوع، لأنه الأصل، وكذلك الحفر بالفئوس جهد بدني

يحدث شيئًا ماديًّا. ومنه "المئجار: المخراق - لأنه يتكون من خِرَق (مأخوذة من ثياب) تُفْتَل وتُلْوَى بعضُها على بعض أي تُجْدلُ وتتماسك، أو لأنه يؤدَّب (يجازَى) به. ومن ذلك الأُجرة - بالضم، والإجارة - كرسالة ورُخامة: ما أَعْطيتَ من أَجْر (ما يُحَصّله العامل من صاحب العمل لقاء العمل، فكأن الأَجْر أَخَذ اسمه من سببه وهو الأَجْر: الحَفْر كما يسمَّى أجر العمل عُمالة) {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: 26] , {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27]: تكون أجيرًا لي أي تأجُر لي. {لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} [القصص: 25]. وما لم نذكره من التركيب كله (الأجر) الذي هو مقابل العمل. ومنه مقابل إرضاع المطلقة ولدها كما في [الطلاق 6] وقد استعمل في الصداق - كما في سائر كلمة {أُجُورَهُنَّ}. وقد أُصْحِب اللفظ بما يؤكد أنه صداق أي مهر زواج وذلك بذكر قصد الإحصانِ ونفي السفاح في آيتي [النساء 25, والمائدة 5]. ومن ناحية أخرى فإن الصداق يستحق أن يسمى أجرًا، لا لأنه أجر الاستمتاع، وما يقابل المنفعة يسمى أجرًا "كما في [قر 5/ 129] فحسب، ولكن لأن الزوجة تعاني أيضًا في الممارسة أمورًا منها حرج المبادرة وفقد اختيار التوقيت - وهما حق للزوج، وتتحمل تعبير الزوج عن فحولته مع تحرجها عن التعبير عن عدم الإشباع، ثم تتحمل عناء الحمل إلخ. وهو يسمى عند العقد (صداقًا) لأنه تعبير عن صدق الرغبة في الزواج. ويسمى مَهْرًا، لأنه يُسنِّي سلاسة خروج المرأة من بيت أهلها، أو سلاسة تسليمها نفسها للرجل.

(جرح)

• (جرح): {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4]. "الجراحة - كرسالة: الواحدة من طعنة أو ضربة. جَرَحه: أثر فيه بالسلاح ". Qقَطْعٌ أو قَشْرٌ لجزء من ظاهر جسم باحتكاك أو نحوه كالجروح في الجسد. {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] و "الجوارح من الطير والسباع والكلاب: ذوات الصيد " (أخذُها ما يقابلها من صيد يكون على وجه الأرض هو كالقشر) {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4]. و "جَرَح له من ماله: قَطَع له منه قطعة. ومنه "فلان يجرَح لعياله ويجترِح ويقْرِش ويقْتَرش وفلان جارحُ أهله وجارحتُهم: أي كاسبهم (يأخذ من هنا وهنا ويجمع لهم) وجَرَحَ الشيءَ: كَسَبه " {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} [الأنعام: 60] , {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ} [الجاثية: 21] كما يقال اقترفوا واكتسبوا. • (جرد): {يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ} [القمر: 7]. "الجَرَد - محركة: أرض فَضَاء لا نَبْتَ (فيها). والجُرْدة - بالضم: أرض مستوية مُتَجَرّدة. ورجل أجْرد: لا شَعَر عليه. وثوبٌ جَرْد - بالفتح: خَلَقٌ قد سقط زِئْبِره. والجراد - كسَحاب معروف. ولَبَن أجْرد: لا رُغْوَةَ له ". Qتَكَشُّفُ ظاهر الجسم الممتد (طولًا أو عرضًا) أو عُرْيه مما يغطيه: كالأرض المذكورة والجسم الذي لا شَعَرَ عليه، والثوبِ الذي سقط زئْبرُه فبقى قائمًا على خيوطه الأصلية، واللَبنِ العاري من الرُغْوة. والجراد يأكل خَضِر الأرض التي يمر بها ويتركها جَرْداء يقال: "جَرَد الجرادُ الأرضَ: احتنك

(جرز)

ما عليها " {كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ} [القمر: 7] {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ} [الأعراف: 133]. ومن هذا المعنى "جَرَدَ الجِلدَ (نصر): نَزَع عنه الشَعَر، والشيءَ: قَشَره، والجَرْد (بالفتح مصدر): أَخْذُك الشيءَ عن الشيء حَرْقًا وسَحْفًا. والجريدة: السَعَفة التي تُقْشَر من خوصها، والتجريدُ من الثياب ". ومنه: "تجريدُ السيف (: سلُّه من غمده عاريًا) وجُرْدان ذي الحافر (يمتد من غِمْده)، وتجرَّدت السنبلة: خرجت من لفائفها، والنَوْرُ: خرج عن أكمامه، والحِمارُ: تقدم الأتن فخرج عنها " (سبقها فخلص من بينها فانكشفت عنه كثافتُها حوله). ومن هذا: "جَرِيدة من الخيل: مَجْموعة من الفُرْسان لا رَجّالة بينهم " (لعل الأصل أنهم طليعة من بين جيش كثيف تتقدمه - ثم إنها خالية من الرَجَّالة الذين هم كالغشاء الكثيف حول الفرسان). ومن المعنوى: "تجرّد للأمر: جدّ فيه " (خلّص نفسَه له واستمر في العمل بقوة وصلابة). • (جرز): {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا} [السجدة: 27] "أرضٌ مجروزة وجُرُز: لا تُنبِت/ قَدْ أُكل نباتُها/ لم يصبها مَطَر، وجاوزة: يابسة غليظة يكتنفها رَمْل أو قاع. وامرأة جارزَةٌ: عاقر. والجَرُوز الذي إذا أكل لم يترك على المائدة شيئًا ". Qتجرد سطح (الأرض) ليُبْس باطنها فلا تنبت شيئًا: كالأرض المذكورة، وشُبِّهَتْ العاقرُ بها. والجَرُوز يَجْرُد المائدة. ومن معنى

(جرع)

التجريد هذا. قيل "سيف جُرَاز - كغراب: قاطع مَاضٍ (يحصد)، وقد جَرَزَه (نصر): قطعه ". ومن جفاف الباطن مع جلادة الظاهر: "رَجُل ذو جَرَز - محركة: غِلَظ/ قُوة وخَلْق شديد يكون للناس والإبل. والجَرَز كذلك: الجسمُ/ صدر الإنسان (كتلة مجردة الظاهر ليست كالبطن رخوة الباطن). وأما "الجارزُ: السعال "فمن جفاف الباطن حسب شعور من يعانيه. ومن تجرّد الظاهر قوله تعالى: {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا} [الكهف: 8]- أي: أجرد. والضمير للأرض - كأن وجه الأرض طبقة مستقلة. • (جرع): {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} [إبراهيم: 17] "الأجرعُ: كَثِيبٌ جانبٌ منه رمل وجانبٌ حجارة. والجَرَع - محركة: الْتِواء في قوة من قوى الحبل أو الوتر تَظْهر على سائر القوى. والمجرَّع - كمعظم - من الأوتار: الذي اخْتَلَف فَتْلُه وفيه عُجَر/ لم يُجَدْ فتلُه ولا إغارته فظهر بعضُ قواه على بعض. وأجرعَ الحبلَ والوتر: أغلظ بعض قواه ". Qتعاقب الغلظ والرقة في مادة الجسم الممتد - كالحجارة والحزونة مع الرمل (السهل) في الأجرع، وكالعُجَر والأجزاء المستوية الملساء في الحبل والوتر الموصوفين. ومن هذا: "جَرَع الماء (فهم - فتح) واجترَعَه وتجرَّعه: بَلِعه مرةً بعد أخرى كالمتكاره وشَرِبه قليلًا قَليلًا (دُفعةَ ماء بعدَ دُفعة بينهما فراغ). والجُرْعة - بالضم: مِلءُ الفم (فالجَرْع تعاقب دُفَع من المائع المكروه بَيْنَها فراغ. والتعاقب نفسه

(جرف)

استرسال. {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} [إبراهيم: 17] هذا تصوير لهيئة ابتلاعه الماء الصديد الذي ذُكر في الآية السابقة لهذه. • (جرف): {أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [التوبة: 109]. "الجُرف - بضمة وبضمتين: ما أَكَلَ السيلُ من أسفل شِقّ الوادي والنهر، فإن لم يكن من أسفل شقه فهو شط وشاطئ "- جَرَفَ السيلُ الوادي (كنصر) جوّخه. وكانت المرأة ذاتَ لِثَة فاجترفها الطبيب أي استحاها عن الأسنان. وجَرَفت الطينَ: كَسَحته، والشيءَ: ذهبت به كله ". Qقطعٌ وإزالةٌ من أصْل جِسْم الشيء الرخو كتجويخ السيل الوادي، وجرْف اللثة المسترسلة على الأسنان (تحت الشفة) والطين وكلٌّ منها رخو. • (جرم): {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا} [المائدة: 8]. "جَرَمَ التمرَ: صَرَمَه (أي قَطَع عُذُوقَه المتدلية من النخل جَنْيًا له). جَرَم النخل: صَرَمه/ خَرَصه وجَزَّه. والجريم والجرام - كسَحَاب: النَوَى، والتَمْرُ اليابسُ. وتمر جريم: مجروم. وأجرم: حان جِرامه. والجُرامة: ما سقط من التمر/ ما التُقِط من التمر بعد ما يُصْرَم يُلقط من الكَرَب. وجَرَمْتُ صوفَ الشاة: جززته ". Qحَصْدُ عُذُوق التَمْر المعلَّقة بالنخل (تجريدًا) بعد تمام حاله. كما هو واضح من الاستعمالات ومن إدخال الخَرْص وهو حَزْر الكَمِّية

التي سَتُحْصَدُ قبل الجزّ، وكذلك من تفسير الجريم بالتمر اليابس، وبالنوىَ وهو صُلْبٌ، ومن تفسير أَجْرم بالحينونة، وتفسير الجُرامة. وقد صُرّح بملحظ يُبْس التمر المجروم في تفسير المرزوقي للمفضليات عند قول سلمة: (فَرَاشُ نُسُورها عَجَمٌ جَريم). وجَرْم صُوفِ الشاة محمولٌ على جَرْم التمر، وهو يبين دخول ملحظ التجريد ضمن معنى الجرم. ومن معنوى القطع أو الانقطاع بعدَ التمام قولهم: "تجَرَّمَ القَرْنُ (من الزمان) أي انْقَضَى وانصرم ""حَوْلٌ مُجَرَّم - كمعظم: تامْ، وسنة مجرّمة: تامة. والعام المُجَرّم: الماضي المكمَّل. سنة مجرَّمة، وشهر مجرَّم وكَريتٌ فيهما، ويوم مجرَّم وكريت وهو التامّ. تجرَّمت السَنَةُ: انْقَضَت، وتجرَّم الليل: ذهب. وجرَّمنا هذه السنة - ض: أي خَرَجْنا منها. وجرّمنا القومَ - ض: خَرَجْنا عنهم ". وتلك الاستعمالات تعطي معنى الانفصال. ونقول إن منه قولهم "لا جَرَم "أي لا فكاك ولا انفصال كما قالوا "لا بُدَّ "ومعنى البَدّ التفريق. وهذا أسلوب عربي. فقد قالوا ما زال، وما انفك، وما برح - وكلها تعبيرات عن اللزوم، وأصلها نفي المفارقة. وهذا يحقق تفسير لا جرم بـ لا بد ولا محالة {لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ} [النحل: 62] وكذلك كل {لَا جَرَمَ}. وقولهم إن معناه حقًّا هو مأخوذ من ذلك. فإن ما لا بد ولا مفر منه هو واقع حقًّا. وأما من أرجعها إلى أن جَرم فِعْل بمعنى (وجب وحق) أو أنها من جَرَمْت بمعنى كسبت وأن "لا "موقوفٌ عليها [ينظر تاج] فتأويل لا ضرورة له. وما أصّلنا هو ما سبق الفراء إلى خلاصته بأن (لا جرم) كلمة كانت في الأصل بمنزلة (لا بد) و (لا محالة)، فجرَت على ذلك وكثُرت حتى تحولت إلى معنى القسم، وصارت بمنزلة حقًّا،

فلذلك يجاب عنها باللام، كما يجاب بها عن القسم. ألا تراهم يقولون لا جرم لآتينك ". ومن وجوه المعنى المحوري جَرَم بمعنى كسب (كما أن الجَرْح الذي أصله كشط الظاهر يستعمل في معنى الكسب "فلان مجرح لعياله. والجوارح: أعضاء الإنسان التي تكتسب وهي عوامله من يديه ورجليه. والجوارح: ذواتُ الصيد من السباع والطير ". [تاج] يقال "فلان جَريمة أهله أي كاسبهم. وخرج يَجرِم أهلَه أي يكسِبُهم. ويجْتَرم: يكتسب ويطلب ويحتال ". ومنه قالوا "جَرَم إليهم وعليهم جريمة "كما قالوا جَنَى عليهم جناية وجر عليهم جريرة. ثم من هنا يفسَّر {لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ} [هود: 89]، وكذلك {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا} [المائدة: 2 وكذا ما في 8] بـ لا "يَكْسِبنكم "والفعل معدًّى لمفعولين. وأما بضم ياء المضارعة فلا إشكال. لكنها فسرت في [ل] بـ "لا يُدْخِلنكم في الجُرْم "أي من الإجرام. ومن العذوق (التي تقطع) في المعنى المحوري - وكل منها تجمع كثيف للتمر اليابس - يتأتى "الجِرْم بمعنى الجَسَد/ البَدَن/ ألواح الجسَد وجُثْمانه. ألقى عليه أَجْرامه أي ثِقَل جِرْمه ". ثم منه أن "المُدّ "من الحب يسمى جَريما وذلك في الحجاز، يقال "أعطيته كذا وكذا جَرِيمًا من طعام ". وأخيرًا فإن ما سبق من معنى الجِرم وأنه كتلة كبيرة ثقيلة، ومع ملحظ الجفاف يجعلني أؤيد تمامًا ما جاء في [الكليات 41] أن "الجُرم لا يطلق إلا على

£° معنى الفصل المعجمي (جر)

الذنب الغليظ "أي لا على مطلق الذنب - كما جاء في كتب اللغة ومفردات الراغب "ونظيره في هذا: الثِقْل. فالمُجْرِم: من حمل جُرمًا كالآثم والوازر {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: 13]. وقد فُسَّر لفظ "المجرمين "في قوله تعالى: {وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ} [الأعراف: 40]- بالكافرين. ولا وِزْر أثقل من الكفر والعياذ بالله تعالى. وما لم نذكره هو الفعل (أَجرم) ومضارعه ومصدره واسم الفاعل (مُجرم) وجمعه. وهي بما فسرناها به. ° معنى الفصل المعجمي (جر): الاسترسال في حقيقة الشيء أي استصحابها سحبًا أو امتدادًا أو قطعًا كالبذر والجُحر وسحب الشيء - في (جرر)، والجسم الذي يتحرك بسرعة - في (جرى)، والذي تقطع فيه حوزة - في (جور)، والعقدة الدائمة وطين السطح والأَجُور - في (أجر)، وخروج النبات من قلب الأرض (من باب السحب) - في (جأر)، وكون الاقتطاع الممتد في بدن يحس - في (جرح)، والجسم الذي يُحْبَس أو يفقد ما ينفذ منه إلى ظاهره - في (جرد)، والذي يجترز - في (جرز)، والذي يتعاقب دخول الغليظ فيه - في (جرع)، والذي يُقتَطَع منه - في (جرف) و (جرم). الجيم والزاي وما يثلثهما • (جزز - جزجز): "جِزَّة الشاة: صُوفها المجزوز عنها. والجَزَاجِزُ: المذاكير، وحُصَل العهن والصوف المصبوغة تُعَلّقُ على هَوادج الظعائن يَوْمَ الظَعْن. وجَزّ التمرُ يَجِزّ بالكسر، وأَجَزّ: يَبِس. وتمر فيه جُزوز أي يُبْس ".

(جزى)

Qانجفال الشيء عن غيره أو تميزه ناشبًا بعضُه في بعض (¬1) بقوة كجِزّة الشاة وهي شَعْر كثيف ناشِبٌ بعضه في بعض ينجفل بالجزّ كطبقة واحدة، وخُصَل العهن كل منها متميز كذلك، والمذاكير متميزة عن البدن وكل منها له قوة ذاتية، ويُبْسُ التمر يكون بتداخل لحم التمرة بعضه في بعض من جَفافه ونفاذ مائه ورطوبته منه حتى يبس - كما أن يُبْس التمر يُهَيّئه لاستحقاق الجزّ. • (جزى): {وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} [الإنسان: 12]. "يقال: اللحمُ السمينُ أَجْزَى من المهزول. والجِزْيَةُ - بالكسر: خَراجُ الأَرْض ". Qتحصيل شيء مقصود من تناول شيء أو معالجته. كالشحم والغذاء من اللحم فهما مقابل أكله المقصود منه، وكالخراج من الأرض ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الجيم عن تجمع هلامي له حدة ما، والزاي عن مادة متكاثفة مكتنزة، والفصل منهما يعبر عن إنفصالٍ أو تميز لمَا مادَّتُه متداخلة بعضها في بعض كجِزَّة الصوف وهو كثيف من دقاق متناشبة. وفي (جزى) تعبر الياء عن الاتصال، ويعبر التركيب عن تحصل مقابل (أي متصل) بتلك المادة الكثيفة (المهمة). وفي (جوز) تعبر الواو عن الاشتمال ويعبر التركيب عن جمع جانبين متميزين (كثيفين) بالعبور من أحدهما إلى الآخر. وفي (جزأ) تضيف الهمزة الضغط ويعبر التركيب معها عن نوع من تمييز طرف من ذلك الكثيف يتمثل في جُزْء الشيء. وفي (جزع) تعبر العين عن التحام ورقة، ويعبر التركيب معها عن انقطاع وسط الشيء الكثيف (الانقطاع مقابل الرقة)، مع اتصال ظاهره أي التحامه كفراغ وسط الخرز.

(جزأ)

مقابل العمل فيها. ومنه "الجِزية المال الذي يؤخذ من أهل الذمة (مقابل حمايتهم، وعدم حشرهم، وتوفير الخدمات المجتمعية لهم - كما تنفق فيها زكاة المسلمين) " {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]. ومنه "الْجَزاء: المكافأة على الشيء " (كلمة مكافأة عامة في الخير والشر) ويصدق في الثواب والعقاب، لأن ما يستخرج من الشيء جزء منه وهو من جنسه حلوًا أو مرًّا {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40]، {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو من الجزاء بالمعنى الذي ذكرناه. "ومنه جَزَيْتُه حقَّه: قضيتُه ". ولمعنى المقابلة والقَصْد قيل "جزى الشيءُ كَفَى. وجَزَى عنك الشيء: قضى " (أي تم المراد به) {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48]. • (جزأ): {ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا} [البقرة: 260]. "الجُزْأة - بالضم: نِصاب السِكَين والإشْفَى والمِخْصَف والمِيثَرَة، وأصلُ مَغْرِز ذَنَب البعير ". Qطرف أو بعض من الشيء مقدَّر - يُقْبَض أو يحاط به. كالذي يحيط به أصل مغرز الذنب منه، وكالذي يحيط به النِصَاب من حديد السكين الخ. ومنه الجُزْء - بالضم والفتح: البَعْض/ النَصيب والقِطْعة من الشيء {ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا} [البقرة: 260] وقد تكون التجزئة باعتداد حكم لبعض الشيء دون سائره. {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا} [الزخرف: 15]

(جوز)

هو جعلهم الملائكة - وهم من عباده عز وجل - بناتِ الله. {لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} [الحجر: 44]. ومن الأصل قولهم طعامٌ لا جَزْء له - بالفتح: أي لا يُجْتَزأ بقليله " (الغذاء عصير يؤخذ من الطعام. فالمراد: لا يُتحصّل منه بما يكفي). ومنه "جَزأَتْ الإبلُ: اكتفَتْ بالرُطْب (العُشْب) عن الماء. والجوازئ: البقرُ والظباءُ التي جَزَأَتْ بالرُطب عن الماء " (ومن هذه كانوا يسمون البنت جازية أي جازئة - تشبيهًا بالظبية). ومن قبض البعضية أُخِذ الإجزاء الذي عبروا عنه بالكفاية والغَنَاء "أجزأت عنك شاة: أي قَضَتْ. أجزأه: كفاه. ماله جَزْءٌ وإجزاءٌ أي كفاية "والتحرير أن تعبيرهم بالكفاية والغناء تسامح، لأنه لا يقال في الشيء إنه "يُجزئ "إلا إذا كان أقل من المعتاد أو الأمثل ولكنه يقبل. • (جوز): {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ} [الأحقاف: 16]. "الجائز من البيت: الخشبةُ التي يُوضَع عليها أطرافُ الخشب في سقف البيت. وأجْواز الإبل: أَوْساطها. جاز الطربقَ والموضعَ: سار فيه وسلكه. وأجازه: خَلَّفه وقَطَعه [تاج] وأجاز غيره: أَنْفَذَه. وأجازوا الحاج: أنفذوهم ". Qعُبُورٌ أو نفاذ من طَرَف الى طَرَف. كالجائز يمتد فوق وسط البيت من أوله إلى آخره لتوضَع عليه أطراف خَشَب السَقْف من الجانبين. ووَسَطُ البعير وغيره يمتد عبر المسافة بين يديه ورجليه. وهذا نفاذ أيضًا، كما أن سلوك الطريق نفاذ فيه. ومنه جاوزت الموضع بمعنى جُزْته {فَلَمَّا جَاوَزَا قالَ

(جزع)

لِفَتَاهُ} [الكهف: 62]، {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ} [الأعراف: 138]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو من هذا الجواز. والتجاوز الذي في آية الرأس (ونتجاوز عن سيئاتهم) تخطًّ للسيئات أي عبور دون نظر إليها ومنه "الجَوَاز: صَكّ المسافر (به يجوز من قطر إلى آخر). والمَجَازة: الطريقُ إذا قَطَعْتَ من أحد جانبيه إلى الآخر. وتجاوزت الشيء إلى غيره. والجِيزَة: عِبرُ النهر (أي ما يعبر إليه) وكذلك الناحية من الوادي. وجِيزَةُ المسافِر من الماء: مقدارُ ما يَجُوز به من الماء من مَنْهل إلى مَنْهل. وفي المثل "لكل (جابه) (¬1) جَوْزَةٌ ثم يُؤذن "أي لكل مُسْتَقٍ وَرَدَ علينا سَقْيةٌ ثم يُمنْع من الماء. وأرى أن هذا هو أصل "الجائزة "ثم كثر حتَّى سَمَّوا العطية جائزة. وقد ذَكَر في [ل] شيئًا من هذا. لكن ردّه إلى قصة أخرى، أو أكثر. ومن المعنوى "إجازة البيع، والنكاح، والرأي "إنفاذه وإمضاؤه (أي تركه يمضي ويستمر - لا إيقافه ومنعه) وتجاوز الله عن ذنبه: عفا، وتجاوز عن الشيء: أغضى (كأنما عَبَر فلم يتوقف عنده). • (جزع): {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: 19 - 21] ¬

_ (¬1) في [ل] "جائل "لكن ذكر جابه في جَبَه. والجابه هو الذي يرد الماء وليست عليه قامة ولا أداة. وأرى أن اللفظ استعير للمسافر العابر لأنه ليس له حق في الماء. فكأنه ليس معه أداة تناوله.

£° معنى الفصل المعجمي (جز)

"جِزْع الوادي - بالكسر: وَسَطُه أو مُنْقَطَعُه/ حيث يُجْزَع أي يُقْطع (¬1). والجَزْع بالفتح: الخَرَز اليماني الصيني الذي فيه سواد وبياض [تاج] ". "جَزع الأرضَ والواديَ والمفازةَ والموضع: قَطَعه عَرْضًا. والجازع خَشَبة معروضة بين خشبتين منصوبتين عَرْضًا يُسْتَوضَع عليها سُروع الكرم وعُروشها وقُضبانها. وقد جزّع البُسْر - ض: بَلغَ الإرطابُ نصفَه أو ثلثيه ". Qانقطاع وسط الشيء مع التئام ظاهره أو اتصاله - كالخرز يكون مثقوب الوسط متصل الظاهر، والوادي فارغ الوسط لكنه يُعْبر، وكفراغ ما تحت الخشبة المعروضة، مع اتصالها هي. وإرطابُ السر إلى نصفه رخاوةٌ وذهابٌ لصلابة وسطه. ومنه "انجزع الحبل: انقطع بنصفين. والجِزْعة - بالكسر والضم - من الماء واللبن: ما كان أقل من نصف السقاء والإناء والحوض (فراغُ نصفِه: وَسَطِه) وتجزَّعوا الغيمة: اقتسموها، واجتزع من الشجرة عودًا: اقتطعه (من بين عيدانها أي من وسطها)، وجزع لي من المال جِزْعة - بالكسر أي قِطعة ". ومن ذلك الأصل "جَزِع (تعب): ضد صَبَر " (وحقيقة الجزع الخَوَر وعدم الصمود والتماسك عند المصيبة فهذا الخور رقة وفراغ في الباطن). {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} ويقول الكفار وهم في العذاب يوم القيامة {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ} [إبراهيم: 21]. ° معنى الفصل المعجمي (جز): تميز الشيء الكثيف أو انفصاله كجِزَّة الشاة ¬

_ (¬1) هم يستعملون القطع هنا بمعنى العبور وأنا أنظر إلى فراغ وسط الوادي والخرز.

الجيم والسين وما يثلثهما

- في (جزز)، وكالغِذاء الناجع الذي ينتقل من اللحم السمين إلى البدن - في (جزى)، وكبعض الشيء الذي يُقْبض دون سائره - في (جزأ)، وكالعبور من جانب إلى آخر - في (جوز)، وكفراغ الوسط - في (جزع). الجيم والسين وما يثلثهما • (جسس): {وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [الحجرات: 12]. "جَسَّ الشخص بعينه (رد): أحدّ النظر إليه ليسْتَبينه ويسْتثبته ". Qنفاذٌ إلى باطن الشيء بدقة ولطف (¬1). كما ينفذ حِسّ العين منها خلال المرئي. ومنه "التجسس: التفتيش عن بواطن الأمور (في لطف). وجس الخبر وتجسسه: بحث عنه وفحص (في خفية) والجاسوس: العيْن يتجسس الأخبار ثم يأتي بها {وَلَا تَجَسَّسُوا} وأما قولهم: "جَسّه بيده: مسه ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الجيم تعبر عن تجمع هش له حدة ما، والسين تعبر عن نفاذ بحدة ودقة وامتداد والفصل منهما يعبر عن نحو ذلك النفاذ كجس الجسم بالإصبع وبالعين. وفي (جوس) تعبر الواو عن الاشتمال (وهو هنا دَوْرٌ خلال الشيء)، ويعبر التركيب عن دور الجس خلال الشيء فيشمله كما في الجوس خلال الديار وبالليل. وفي (وجس) تسبق الواو بالتعبير عن اشتمال يرد هذا الاختراق إلى الداخل بوقوعه في النفس كالصوت الخفي يقع في الحس أو في النفس. وفي (جسد) تعبر الدال عن ضغط ممتد وحبس ويعبر التركيب عن تجمد الجرم بإصمات مسامه (حبس ما يحشوها فيها)، وفي (جسم) تعبر الميم عن التضام والاستواء لذلك الجرم ويتمثل ذلك في تشخص ما له عمق فيصير ذا أبعاد وهو الجسم.

(جوس)

ولمسه "فالمراد غمزه بالأصابع لتبين السمن مثلًا، فهو تعرّفٌ على باطن الشيء بطريقة خفية أي دون كشفه كأنما اخترقه. ولا يقصد مجرد التحسس لظاهره. يؤيد هذا قولهم "واسع المَجَسّ وضيق المَجَسّ " (بمعنى واسع الصدر وضيقه) حيث يفسر المَجَس بالسَرْب وهو الصدر - وهو تجويف خلال الجسم. وقد جاء في تاج العروس "الجَسّاس: الأسدُ المؤثر في الفريسة ببراثنه " (يغرس براثنه في بدنها). (وجس البهائم البقر والجواميس الآن يكون بدس الجساس يده في حيائها إلى رحمها ليتبين إن كانت عُشراء). • (جوس): {فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ} [الإسراء: 5]. "الجُوْسُ - بالضم: الجوع. وجاء يجوس الناسَ أي يتخطاهم ". Qتخلل واختراق بحدة لشيء. كفراغ الجوف مع حدة الجوع، والتخطي يكون من مظان الفُرَج وحِدّته الأذى. ومنه "الجَوَسان: الطَوَفان بالليل. وجَوْسة الناظر الذي لا يحار - بالفتح: شدة نظره وتتابعه (اختراق بحدة). والجَوْس - بالفتح: طلب الشيء باستقصاء (خلال الأثناء) ومنه {فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ}: تخللوها فطلبوا ما فيها كما يجوس الرجل الأخبار أي يطلبها، أو قتلوهم بين بيوتهم. والجَوْس أيضًا: الدَوس (دَسُّ الرِجْل بقوة فتخترق). • (وجس): {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} [طه: 67، 68]. "الوَجْس - بالفتح: الصوت الخفِيّ. أوجست الأذن وتوجست: سَمِعَت

(جسد)

حسًّا (خفيًّا). تَوَجَّسْت الطعام والشراب: تذوقته قليلًا ". Qتحصل شيء دقيق الوقع في أثناءٍ - كالصوت الخفي في السمع وقليلِ الطعام في الفم. ومنه الوَجْس - بالفتح: فَزَع يقع في القلب أو في السمع من صوت أو غير ذلك. وأوجَس القلب فزعًا: أحس به، وأوجس وتوجس منهم خِيفة: أضمر خوفًا (أحسه في نفسه) {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} [الذاريات: 28] أي استشعر. ومثلها ما في [هود 70, والذاريات 28]. • (جسد): {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} [الأنبياء: 8] "الجَسَدُ - كسبب وفَرِح وعالِم وعَليم: الدمُ اليابس الجامد. والجاسد من الشيء: ما اشتدّ ويَبِس. ويقال على فلان ثوب جَاسِد: مُشْبَع من الصِبْغ .. فإذا قام قياما من الصبغ قيل قد أُجْسِد ثوبُ فلان - للمفعول. Qتجمد الجرم كتلة مشبعة المسامّ يابسة - كالثوب والدم. {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ} [طه: 88]. أي كتلة لا روح فيها. {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} [الأنبياء: 8]. أي ما جعلناهم كتلًا صماء لا تحتاج إلى طعام "الجسد يقع على ما لا يتغذى من الجماد. وقيل يقع على المتغذى وغيره ". [بحر 6/ 277] ردًّا لقولهم {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} [الفرقان: 7] وفي [الكشاف 2/ 322] أي ما داموا أجسادًا فلا بدَّ أن يأكلوا ما يقوت {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} [ص: 34] قيل جاءته امرأته بشق رجل لكن ما معنى إلقائه على الكرسي؟ إذا تجاوزنا الروايات،

(جسم)

وأخذنا بقول بعضهم في آية الكرسي إنه السلطان والقدرة، فإنه يمكن أن يفسَّر إلقاء الجسد على كرسيه بحلول بلاء ما بسلطانه أو مملكته، ثم أناب فجاءه الفتح الواسع حسب ما في [ص 36 - 39] وأوافق أبا حيان [ينظر بحر 7/ 381]. • (جسم): {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} [البقرة: 247]. "الجسم: جماعة البدن من الناس والإبل والدواب إلخ. والجُسْمان: جماعة الجِسم. ورجل جُسْماني: ضَخْم الجثة. والأجسم: الأَضْخم. وقد جسُم الشيء (كرم): عظُم، وتجسمتُ الرملَ والجبل: رَكِبْتُ أعظمه ". Qتكتل مادي (له طول وعرض وعمق) كالبَدَن، وضَخْم الجثة، وكالرمل والجبل {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} [البقرة: 247]. {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} [المنافقون: 4]. ° معنى الفصل المعجمي (جس): الاختراق بحدّة كما يتمثل في جسّ الشخص بالعين - في (جسس)، والجوسِ خلال الديار - في (جوس)، ووصولِ الحسّ إلى النفس شعورًا خفيًّا - في (وجس)، وصلابة باطن الشيء وجفافه متماسكًا - في (جسد)، وتماسك الشيء شاخصًا ذا أبعاد - في (جسم). الجيم والعين وما يثلثهما • (جعع - جعجع): "الجَعْجَع - بالفتح: ما تطامن من الأرض ". Qتجوف أرضي واسع كالانخفاض في جرم الأرض بين

(جوع)

المرتفع الذي يحيط به (¬1). ومنه "جَعْجَعُوا نزلوا في موضع لا يُرْعَى فيه (فراغ) والجَعْجَاع: المَحْبِس (فراغ محاط)، والجَعْجَعَة: الحَبْس. وقد جَعْجَعَ البعيرُ: برك واستناخ " (تحبس). أما "الجعجعة: صَوْتُ الرَحَى، وأصوات الجِمال إذا اجتمعت "فهي لفظ حكائي. • (جوع): {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى} [طه: 118]. "رجل جائع وامرأة جَوْعى. وهو ضِدّ الشِبَع. وهو جائع القِدْر: إذا لم تكن قِدْره ملأى. وجائعة الوشاح: ضامرة البطن ". Qفراغ في جوف الشيء (من ذهاب ما كان يملؤه) كما في الجُوع والفراغ في القِدْر وضُمور البطن من قلة ما فيها. {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 4]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو (الجوع) ضد الشبع. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الجيم للجسم الهش مع حِدَّةٍ فيه، والعين للجرم الملتحم عرضًا أو تكتلًا مع رقة، والفصل منهما يعبر عن تجوف أرضي واسع كما في فراغ الأرض المطمئنة كأنما ذهب من جوفها كتلةٌ فانخفضت. وفي (جوع) يضيف اشتمال الواو معنى الاحتواء على الفراغ كالجوع. وفي (جعل) تعبر اللام عن امتداد واستقلال، فيعبر التركيب عن التحول إلى هيئة أو صورة معينة مستقلة عن غيرها كالفسيلة نخلة وكالخشب بابًا والطين خزفًا.

(جعل)

• (جعل): {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا} [البقرة: 22] "الجَعْلة - بالفتح: الفَسِيلة أو الوَدِيَّة. والجُعَل - كزفر: دابة سَوْداء من دَوابّ الأرض. جَعَلْتُ هذا الباب من شَجَرة كذا: صَنَعْته. وجَعَلْت الطين خزفًا. وجعلت الشيء: صَنَعته وصوَّرته. والجعال - ككتاب ورسالة: ما تُنْزَل به القِدْر (عن الموقد) من خرقة أو غيرها ". Qتحويل الشيء إلى وضع أو هيئة معينة (بعد تحول كتلته أو انتقالها): كالفسيلة تُحَوَّل وتصير نخلة، والجُعَل مشهور بالتحول والتجبية، فيقال: "جَبَّى جُعَلُ "ثم هو (يُدَهْدِهُ) دائمًا شيئًا يجمعه - (تحويل)، وكجَعْل خشب الشجرة بابًا إلخ. {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30]: خَلَقْنَاه (الغريبين) (والخلق يعد تحويلًا لأنه تسوية على هيئة) {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا} [الأنبياء: 32] {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} [البقرة: 22]: صيّر أو خلق. وجعل الكوفة بغداد: ظنها: اعتقدها في نفسه كذلك. {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: 19]: قالوا ذلك وحكموا به [قر 16/ 73]. ومعنى (جعل: وما تصرف منها) في القرآن يكون للتحويل والتهيئة على وضع، أو للخلق، وهو تحويل للهيئة بإنشاء هيئة جديدة، فهو إيجاد يتأتّى منه النَصْبُ (: الإقامة)، ومن هذا النصب: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} [الأنعام: 112, وكذلك ما في 123] أي انتصب لك أعداءٌ كما انتصبوا للأنبياء من قبلك؛ فتأسّ بهم، أو للاعتقاد والظن من أفعال القلوب، وينصبّ فعل القلب فيهما على الهيئة التي يظن أن الشيء صار إليها. وكثير من سياقاتها التي بلغت نحو 350 موضعًا تسمح بأكثر من معنى.

£° معنى الفصل المعجمي (جع)

"وجعل يفعل كذا: طَفِقَ وعَلِقَ " (تحول إلى هذا فاستمر عليه). ومن ذلك: "أَجْعَلَتْ الكلبة والذئبة والأسَدة وكلُّ ذات مِخْلب واستَجْعَلَتْ: أحَبَّت السِفَاد واشتهت الفحل (من تحول الحال كما يقال حائل. والعامة تقول الآن في البقر "صارف "، وهما من التحويل). والجُعْل - بالضم: الأجر على الشيء فعلًا أو قولًا (فهو أجر الجَعْل كما قلنا في الأجرة إنها مقابل الأَجْر، وقالوا في أجر العمل عمالة). ° معنى الفصل المعجمي (جع): تجوف وسط الشيء كما يتمثل في الجعجع من الأرض - في (جعع)، وفي فراغ البطن - في (جوع)، وفي ترك الشيء المتحوَّل عنه - في (جعل). الجيم والفاء وما يثلثهما • (جفف - جفجف): "الجُفُّ - بالضم: شيء من جلود الإبل كالإناء أو الدلو يؤخذ فيه ماء السماء يسع نصف قربة، وشيءٌ يُنْفَر من جُذوع النخل. والجَفْجَفُ بالفتح: الغليظُ من الأرض، والقَاعُ المستديرُ الواسع. والجف - بالضم للطلعة: وعاؤها الذي تكون فيه. والجَفَف محركة: الغليظ اليابس من الأرض ". Qيُبْس الشيء المحيط برقيقٍ وغلظُه بحيث لا يكون في أثنائه أو ينتَح منه بَلَلٌ أو ما إليه (¬1): كالدلو، والجذع المَنْقُور، والقاع المذكورات ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الجيم عن جسم هش له حدة ما، والفاء عن نفاذ بإبعاد وطرد، والفصل منهما يعبر عن نفي البلل وما إليه من أثناء الشيء كما في انسداد مسام الجُف وكجفاف =

(جفو)

وكالجَفَف والجَفْجَف من الأرض، وكجُفّ الطلعة يحفظ ما بداخلها من شبه المائع فلا يتسرب. ومنه "جَفَّ الشيءُ: يَبِس. وجَفَّ الثوبُ (نشف). وتجفجف: جَفّ وفيه بعض النداوة ". • (جفو): {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16]. (في وصف المعزى بأن ذيلها جُفاء - كصداع) قالوا "هو من النُبو والتباعد وقلة اللزوق ". "والجُفَاية - كرُخامة: السفينةُ الفارغة، فإذا كانت مشحونة فهي غَامِد. وهو يجافي عَضُديه عن جنبيه في السجود أي يباعدهما. وجَفا السرجُ عن ظهر الفرس والقَتَبُ عن ظَهر البعير: نبا/ لم يلزم مكانه ". Qتباعد الشيء عن مقره الذي حقه أن يستقر فيه كذيل المعزى على غير معتاد أمره في الحيوانات الأخرى، والسفينةُ الفارغةُ تطفو فوقَ الماء لا تَنغمِس كالملأى، وكتباعُد العضدين عن الجنبين، والسرجِ عن ظهر الفرس، والقَتَب عن ظهر الجمل. ومنه تجافى جنبه عن الفراش: نَبَا {تَتَجَافَى ¬

_ = الثوب، وفي (جفو) تعبر الواو عن الاشتمال، ويعبر التركيب معها: عن الاشتمال على جفاف فلا يتصل (: أي لا يلتصق) الجسم بشيء كمجافاة العضدين. وفي (وجف) تسبق الواو بالاشتمال، ويعبر التركيب عن الاشتمال على ما هو خفيف الحركة (لجفافه) كما في وجيف القلب وإيجاف البعير. وفي (جوف) يعبر التركيب عن نحو فراغ وسط الشيء (بأثر/ الاشتمال عل الهشاشة وطرد المادة) وهو معنى التجوف. وفي (جفأ) تضيف دفعة الهمزة ما يجعل التركيب يعبر عن أن ذهاب ما في الجوف ونفيه يتم بدفع وقوة كجفْء. القدر بزبَدها. وفي (جفن) تعبر النون عن امتداد جَوفي ويعبر التركيب معها عن حوز لشيء في باطن ذلك الجرم الجاف كجفن العين والسيف.

(جفأ)

جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}. (تتباعد لسهرهم في قيام الليل والعبادة). ومن معنويه "الجَفاءُ: تَرْك الصلة والبر " (لمن حقه أن تتصل به وتَبَرَّه). • (جفأ): {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً} [الرعد: 17]. "الجُفَاء - كصداع: ما نفاهُ السَيْل. جَفَأَ الوادي غُثاءَه يجفَؤُه: رَمَى بالزَبَد والقَذَى. وجَفَأَت القِدْرُ: رَمَت بما يجتمع على رأسها من الزَبَد والوسخ. وجَفَأْتُها: مسحتُ زَبَدَها الذي فَوْقَها من غَلْيها ". Qدَفْعُ الشيء بعيدًا بما يخرج من أثنائه أو يتجمع على سطحه من نحو الغثاء الموصوف والزَبَد. {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً} أي باطلًا لا خير فيه ولا بقاء له. • (جوف - جيف): {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4]. "الجَوف - بالفتح من الأرض: المطمئِنّ الواسع/ أوسعُ من الشِعْب تسيل فيه التِلاع والأَوْدية وله جِرَفَةٌ، وربما كان أوسع من الوادي وأقْعَر. وجَوف الإنسان: بطنه معروف. والأجوفان: البطنُ والفرج ". Qفراغٌ واسع في قلب الشيء وباطنه. كجوف الإنسان وغيره فهو غير مُصْمَت وما فيه رِخْوٌ كله. {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4] و "الجَوَف - محركة: خلاءُ الجوف كالقَصَبة الجوفاء ". وليس في التركيب ما يحوج إلى التفصيل. و"الجِيفَة - بالكسر: جُثَّة الميْت " (خالية من الروح إذ خرجت منها).

(وجف)

• (وجف): {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6] "وَجَفَ البعيرُ والفرس - كوعد: أسرع في السير، والقلبُ: خاف/ خَفَق من الخوف. وأوجف الذِكْرَ بلسانه: حَرَّكه ". Qخفة حركة الشيء ومباعدته مقره. (بسبب خفة ما يحتويه) كارتفاع اللسان عن مَقَرّه بالذكْر بخفَّة، وارتفاع الفرس وغيره عن الأرض عند الإسراع. {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} أي ما أعملتم وما أجهدتم خيلًا ولا ركابًا من أجل تحصيله فيكونَ لكم سهم فيه ". ومن خفة الحركة تلك "وَجَفَ القلبُ: خفق من الخوف {{قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ} [النازعات: 8] قال الزجاج: شديدةُ الاضطراب [ل]. ومن ملحظ الخروج من أثناء إلى بعيد بدفع قالوا "جَفَأَ البقلَ: قلعه من أصله ". "جفن ": {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ} [سبأ: 13] "الجَفْن - بالفتح: غِطاء العين من أعلى وأسفل، وغِمْدُ السيف ". Qغلاف للشيء العظيم أو المهم يسعه ويغطيه أو يحفظه. كجَفْن السيف والعين لهما. ومنه الجَفنة - بالفتح: أعظم ما يكون من القصاع (تضم الطعام في بطنها مع انكشاف وجهها) {وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ} أي تشبه الحياض الضخمة. ومنه "الجَفْن: ورق العنب، لتغطيته ما تحته. وجَفْنا الرغيف: وَجْهاه " (كالغلاف للتجوف الذي بينهما) ومن ذلك "جَفَن نفسه عن الشيء:

£° معنى الفصل المعجمي (جف)

مَنَعها وظَلَفَها " (حَجَبها وغَلّفها). ° معنى الفصل المعجمي (جف): يبس الشيء المحيط بغريب عنه أو مباعدته إياه كما في جُفّ الطلعة وجُف ماء السماء - في (جفف) وهما غليظان بالنسبة للرقيق الذي يحيطان به (وهذا الاختلاف في طبيعتهما مباعدة)، وكما في تباعد العضدين عن الجنبين والسرج عن ظهر الفرس - في (جفو)، وكما في فراغ جوف الشيء أو رقته بالنسبة لمحيطه - في (جوف/ جيف)، وكما في الحركة السريعة (وهي انتقال عن الحيز وإفراغ له) في (وجف)، وكما في دفع الشيء بعيدًا - في (جفأ)، وكما في غطاء العين لها وهو جِلد غريب عنها - في (جفن). الجيم واللام وما يثلثهما • (جلل - جلجل): {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 78] "الجُلّة - بالضم: وعاء يُتَّخَذُ من الخُوص يُوضَع فيه التمر يُكْنز فيها. وجُلّ الدابة - بالضم والفتح: الذي تُلْبَسُه لتُصان به. وجِلال كل شيء - ككتاب: غطاؤه نحو الحَجَلة. والجِلّ - بالكسر من المتاع: القُطُف والأكسية والبُسُط (ج: كرجال). Qتغطية عظيمة أي واسعة (يقصد بها الصون) (¬1) كالجُلة ¬

_ (¬1) (صوتيًا): تعبر الجيم عن جرم عظيم غير كثيف، واللام عن امتداد واستقلال، والفصل منهما يعبر عن تغطية عظيمة متسعة. وفي (جلو) تصبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن نحو انزياح شامل كالطيّ والحوز إلى بعيد لمتسع عظيم كما في جلاء القوم =

المذكورة وجُلّ الدابة والجِلال الحَجَلة، والقُطُف والبسط والأكسية واسعة ويقصد بها الصون. ومن ذلك "الجليل: الثُمام "فهو نبت ضعيف (ينبت بَعْليا بانتشار) يُحشى به ويُسَدّ به خَصاص البيوت وتُغَطَّى به سُقُفها. وسدّ الخصاص، والحشو، وتغطية السُقُف كل ذلك يُقْصَد به الصون. ومن التغطية الواسعة دون قيد الصون "الجِلّ - بالكسر: قصب الزرع وسُوقه إذا حُصد عنه السنبل " (فبقى هو يغطي وجه الأرض فحسب) وجَلَّلَ المطر الأرض: عمها وطبقها فلم يدع شيئًا إلا غطى عليه " (المصباح). ومن ذلك الاتساع العظيم استعمل التركيب في التعبير عن العِظم المادي. "الجِلّ: نقيض الدِقّ - بالكسر فيهما. وفي عظم الكَمّ "جُلّ الشيء - بالضم: مُعْظَمُه "، وفي عِظَم المِساحة (العِرَض) "المَجلة: الصحيفة: فيها الحكمة " (عِرَض نسبي)، وفي عظم السنّ مع عِظَم البدن والقَدْر (وبينها نوع من التلازم) "تجالّت المرأة: أسنت وكبرت. وجَلّ الرجل: أسنّ واحتنك. وجَلّت الناقة: أسنّت، ¬

_ = وكما في الجَلَى: انحسار الشعر من مقدم الرأس، وفي (وجل) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال ويعبر التركيب معها عن اشتمال على خفيف الجرم من شأنه الاضطراب كالماء المستنقع في الوَجيل والموجِل. وفي (أجل) تسبق الهمزة بما لها من دفع ويعبر التركيب معها عن تجمع مؤقت (أي زائل منتقل غير دائم) كما في المأجِل الحوض لجمع الماء ... وفي (جلب) تعبر الباء عن تجمع تلاصق مع رخاوة ما، ويعبر التركيب معها عن إلحاق (= إلصاق) بعد نقل أو امتداد (= اتساع. وفيه أيضًا غرابة) كجلب الإبل وكجُلْبة السكين (وهي ليست منها). وفي (جلد) تعبر الدال عن ضغط ممتد وحبس، ويعبر التركيب عن تماسك وتحبس، فينشأ الشيء مجسمًا عظيمًا كالجَلْس: الجبل. (عظم الشيء المتماسك يمثل التحبس واتساع الحيز معًا).

وجِلّة الناس والإبل - بالكسر: مسانّهم " (ج جليل). ومن هذا العِظَم المادي مع الشمول جاء العِظَم المعنوي كما في "الجُلّى: الأمر العظيم "، وكما في وصفه تعالى بالجليل "وجلال الله تعالى: عظمته {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27 ومثلها ما في 78] وملحظ (الصَون) الذي ذكرناه في الأصل ثابتٌ بمعنى التنزيه له سبحاته فيقال "جَلّ عن كذا أي تنزه "قال الراغب "الجَلالة عظم القدر، والجلال بغير الهاء: التناهي في ذلك، وخُصّ بوصف الله تعالى فقيل ذو الجلال. والجليل: العظيم القدر ووصفه تعالى بذلك لأنه يجل عن الإحاطة به أو لأنه يجل عن أن يدرك بالحواس "اهـ. "وجل فلان في عيني: عظُم، فهو جليل وأجْللته في المرتبة: عظّمته ". ومن تلك التغطية مع أثر الصيغة "الجُلْجُل - بالضم: الجرس الصغير (كرة نحاسية في جوفها حجر صغير أو نحوه تصوت إذا حُرّكت). وكذلك الجُلْجُلان: السِمْسِمُ في قشره، والحب الذي في جوف التين. وتجلجل في الأرض: ساخ فيها ودخل (فجلّلته أي أحاطت به)، وجَلْجَل الشيءَ: خلطه "فهي تغطية مترددة متكررة. أما إطلاقهم الجَلَل - محركة على الشيء العظيم، والصغير الهيّن فقد جاء من الصيغة مع ما في الأصل من تغطية وإمساك في الجوف. فالجَلَل تكون بصيغتها صفة مشبهة باسم الفاعل كحَسَن وبَطَل وتدل على الشيء العظيم عِرَضًا أو سُمكًا في نفسه أو الذي يشمل شيئًا في جوفه ويغطيه، وتكون اسمًا دالًا على المفعولية كالحَصَد والنَفَض والحَفَر إلخ أي المحصود والمنفوض والمحفور فهي تدل على الشيء المشمول في الجوف المغطى كالسمسم في قشره. ومن هنا جاء

(جلو - جلى)

استعمال الكلمة بمعنى الصغير الهين. وليس ذاك التضاد من أصل الوضع. وكأن حقيقة معنى جَلَل هنا أن الموصوف بها محدُود الخطر يمكن أن يحاط به (على عكس ما يعطيه معنى التغطية العامة). • (جلو - جلى): {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} [الأعراف: 187]. "الجَلَى - كالفتى: انحسار مقدَّم الشعر. والمَجَالى: مقاديم الرأس وهي مواضع الصَلعَ. جَلا القومُ عن أوطانهم: خرجوا من بلد إلى بلد، واجْتَلَيْتُ العِمامة عن رأسي: رفعتُها مع طيّها عن جبينك. والجَلا - كفتى (ورضا) وسماء: الكُحل. جلا الصيقلُ السيفَ والمرآة ونحوهما: صَقَلهما. وجلوت بصري بالكحل ". Qانزياح ما هو كالطبقة (الواسعة) عما يغطيه فينكشف. كانحسار مقدَّم الشعر، وجَلاءِ المَوم عن أوطانهم، وزحزحة العمامة عن الجبهة. وإزالة الصدأ عن المِرآة والسيف، وما هو كالغشاء عن العين. ومن الجلاء عن الوطن {وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا} [الحشر: 3] و "جلا الأمرَ وجلّاه - ض، وجلّى عنه - ض: كشفه وأظهره {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} وتجلي الشيءُ تكشف {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف: 143]. {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا} [الشمس: 3 ومثلها ما في الليل 2] أي جلّي الظلمة - ض، كما يقال أصبَحَتْ باردة وهَبَّت شَمَالًا دون ذكر مرجع الضمير لأن معناه معروف -[ل 166/ 10]. والجِلْيُ - بالكسر - كعِذْى: الكَوَّة من السطح لا غير (جزء أزيل ويَكْشِف). وجَلَيت الفضة: جَلَوتها - والمُجَلِّى من الخيل: السابق في الحَلْبة (ينفذ

(وجل)

من بين الخيل أمامَها فينكشف) وقولهم "أجلى يعدو: أسرع بعض الإسراع ". هو أيضًا زوال عن المكان مع قيد السرعة. وليس في سائر الاستعمالات ما يحتاج تفصيلًا. • (وجل): {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الأنفال: 2]. "الوجيل والموجِل - كمنزل: حُفْرة يستنقع فيها الماء ". Qالاحتواء على مائع وما إليه (في الضعف وخفة الجرم) زمنًا طويلًا. كالماء المستنقع المذكور. ومن الزمن الطويل مع الضعف "وَجُل - ككرُم: كَبِر. والوُجُول: الشيوخ [ق]. وفي الحديث الشريف "وَعَظَنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة وَجِلَتْ منها القلوبْ ". فسرت المعاجمُ الوَجَل بالفزع والخوف. وهما ضَعْف واضطراب {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الأنفال: 2 ومثلها ما في الحج: 35] فهذا وَجَل خشية واستحضار جلال الله {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون: 60] فالوَجَل هنا من خشية أن يكون إيتاؤهم مشوبًا بما يبطله، وهم سيُرَدَّون إلى ربهم فيحاسبهم. وفي تفسير الأولى قال ابن عباس [طب 13/ 386]: إن المنافين لا يدخل قلوبَهم شيءٌ من ذكر الله عد أداء فرائضه ... "ثم لم يصرح بأن الوَجَل الفزعُ أو الفَرَقُ. وفي قوله تعالى: {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52) قَالُوا لَا تَوْجَلْ} [الحجر: 52، 53] فالوَجَل هنا تَوَجُّس شَرّ وهو من الضعف كقوله {نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} [هود: 70].

(أجل)

• (أجل): {ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [هود: 3] "المأْجَل - كَمَسْكَن: "شِبْهُ حوض يُجْمَع فيه الماء إذا كان قليلًا ثم يُفَجَّر إلى المَشَارات. والإجْل - بالكسر: وَجَعٌ في العنق من تَعَادِى الوِساد في النوم (تصلب) والقطيعُ من بقر الوحش والظباء " (المَشارات: الجداول). Qتجمع أو تماسك مؤقت كتجمع الماء إلى أن يُفَجَّر إلى الجداول. وتَصَلُّب العنق تماسك وهو مؤقت، وتجمع القطيع مؤقت أيضًا، إذ قد ينفرط لتنضم أفراده إلى قُطْعان أخرى. ومن الجمع "أجَل عليهم (نصر وضرب): جَنَى وجَرَّ، وأجَلَ لهم: كَسَب وجَمَع واحتال ". ومن الجمع كذلك "فعلت ذلك من أجل كذا (أي تحصيلًا له) {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [المائدة: 32]. وقولهم "أَجَلْ "بمعنى نعم هي من هذا المعنى في أي (حَصَل) كما نقول الآن. والحصولُ في حوزةٍ تجمعٌ. ومن التوقيت: "الأجلُ - محركة: غايةُ الوقت في الموت وغيره وحلولُ أجله " {حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235]، {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ} [الأعراف: 34]، {وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا} [الأنعام: 128]. وكل لفظ (أَجَل) ومثناه، والفعل (أجّل) - ض: للفاعل والمفعول و (مؤجّل) فهو من هذا المعنى. • (جلب): {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} [الإسراء: 64]. "الجَلْب: سَوْق الشيء من موضع إلى آخر/ يَجْلِبون الإبل والغنم للبيع. والجَلَب - بالتحريك: ما جُلب من خَيل وإِبِلٍ ومتاع/ من غَنَمٍ أو سَبْى.

والجليب: الذي يُجْلَب من بلد إلى غيره. الجُلْبة - بالضم: الجِلدة التي توضع على القَتَب. وجُلُبَّانُ السلاح: شبه الجراب من الأَدَم يوضع فيه السيف مُغْمَدًا في جرابه، ويَطْرح فيه الراكب سَوطه وأداته ويعلقه من آخرة الكَوْر أو في واسطته ". Qإلحاق الشيء بمكان أو مقر غريب عنه يلزمه مع اتساع في ذلك أو كثاقة ما. كجَلْب الإبل والغنم من مقرها عند أصحابها إلى حيث تباع في سوق أو نحوه (ومن الشواهد على أن الأصل كان أن يقع ذلك الجلب بالجملة (أي بكثرة لا فرادى وهذا اتساع) قولهم في المثل "النفاض (كسحاب وغراب) يُقَطِّر الجَلَب "أي أنه إذا أنفضَ القومُ أي نفِدَت أزوادهم قَطّروا إبلهم (أي ربطوا بعضها في إثر بَعض قُطُرًا لكثرتها ثم ساقوها لتباع)، وكالجُلْبة المذكورة تُقْطَع من إهاب، ثم تُلْصَق على القَتَب فتغشاه وتمسكه (وكذلك جُلْبة السكين التي تَضُمُّ النِصَاب على الحديدة, وجُلْبَة القَدَح: حديدة صغيرة يُرْقَع بها (بدل الجلدة)، والجُلْبة العُوذة التي تُخْرَز عليها جلدة. وكذلك "تجليب الضرع "هو تغطيته بطبقة كثيفة من طين أو عجين تشمل جميع أَطْبائه لمنع الإرضاع، وجُلُبّان السلاح: جراب واسع لحفظه عند السفر يه وهو يغطيه تغطية كاملة، وكل ذلك غريب عن مقره الأصلي. ومن ذلك الجِلْبابُ وجمعه جلابيب، وهو ثوب يلزم ما يغطَّى به كأنه لاصق. لكن هناك اختلافًا في صورته التي سماها العرب جلبابا: أهو "الثوب الذي تغطى به ما عليك من الثياب نحو المِلْحَفَة "أي "المُلاءة التي تشتمل بها المرأة "أي فوق ثيابها. فهذا بيان للجلباب يمكن أن نضم معه تفسير الجلباب بالقميص، لأن القميص عند العرب قريب مما نسميه الآن جلابية إلا أن طوق القميص عند العرب لم يكن له شق رأسي أي فتحة أمامية طويلة كالتي توجد في

ما يسمى الآن جلابية أفرنجي. والذي له فتحة طويلة هكذا كان يسمى الدِرع وهو من ملابس النساء. المهم أن القميص قريب من معنى الجلباب من حيث الشمول، فهذا هو التفسير الأول للجلباب. والتفسير الآخر هو أن الجلباب "خمار واسع تغطي به المرأة رأسها وصدرها [وفي ل إضافة]: وظهرها). والذي يؤدي إليه التحرير أن الجلباب هو الملحفة أي الملاءة التي تغطي تغطية خارجية شاملة. وليس هو الخمار بأي حال. ووصف الجلباب بأنه كالملحفة هو الذي قال به الأخفش الأوسط (226 هـ) والجوهري، وهو قول الأزهري حيث فسّر قول ابن الأعرابي إن الجلباب: الإزار بأن قال إن ابن الأعرابي لم يُردْ به إزار الحَقْو (أي الذي يشد في الخَصْر ويغطَّى به نصفُ البدن الأسفل) ولكنه أراد به "الإزار الذي يُشْتَمَلُ به فيجَلِّلُ جميع الجسد، وكذلك إزارُ الليل هو الثوب السابغ الذي يشتمل به النائم فيغطي جَسَده كله "اهـ وفي نظام الغريب للربعي ص 110 "التلفّع: التغطِّى بالثوب، ومثله التجلبُب والتزمُّل والتدثّر "اهـ وفي المخصص 4/ 77 "الجلباب: الملاءة, وفي 84 منه "الجلباب: القميص، وقد تقدم أنه الملاءة "اهـ. فهذه أقوال الأئمة. والقول بأن الجلباب هو الخمار منسوب لأعرابية تسمى العامرية. وهذه الأعرابية ليس لها في معجم لسان العرب إلا ثمانية نقول - أي أنها ليست ذات إسهام يعتدّ به في المعرفة باللغة. وليس معها في قولها إلا قول الليث "الجلباب ثوب أوسع من الخمار - دون الرداء تغطي به المرأة رأسها وصدرها "والخلاصة إلى هنا أن الجلباب ثوب يغطَّى به البدن كله فوق الثياب، ثم هناك من قال إن التغطية به تشمل الرأس. والخطب هنا سهل. وتحريرنا لغوي مبني على أن صدر التركيب (جل) أي الفصل المعجمي يعبر عن الاتساع العظيم كما مر، (والباء للإلصاق)

وهذا يناسب أقوال الأئمة الذين ذكرناهم [ينظر الألفاظ لابن السكيت تح قباوة 493، والمقاييس 1/ 470 وتهذيب اللغة واللسان وتاج جلب، وقر 14/ 243]. ولم نأخذ بتأويلهم للشاهد في تشبيه مشي النسور إلى القتيل بـ (مَشى العذارى عليهن الجلابيب) فإن القائلة تشبه النسور في مشيتها إليه من حيث إرخاء أجنحتها على جوانبها بالعذارى اللاتي يجررن جلابيبهن السابغة على أرجلهن وخلفهن. لا من حيث "إنها آمنة لا تعجل "كما قالوا. هذا وفي قوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59] يمكن أن يفسر إدناء الجلابيب على أنه كناية عن لزومها لا استبعادها الذي يؤدي إلى التكشف وإلى أن يُوصَفَ بدنُها، ويمكن أن يقصد بها سبوغ الجلابيب على السوق. لكن في [طب التركي 19/ 181] ما خلاصته أن المقصود تغطية ما عدا عينا واحدة. وفي [بحر 7/ 240] عدة أقوال لابن عباس وبعض التابعين تؤيد ما في الطبري. وبعضها يتسق مع معنى الجلباب الذي حررناه، أقْرَبُها ما يؤخذ من قول الكسائي "يتقنعن بملاحفهن منضمة عليهن " (أراد بالانضمام معنى الإدناء) اهـ. والقناع كالخمار فمعنى عبارته أن الجلباب يشمل الرأس مع البدن، وهذا ما يتأتى بالملاءة. لكن ليس في عبارة الكسائي، ولا في ما أسلفنا عن اللغويين من معنى الجلباب ما يصرح أو يقضي بتغطية الوجه عدا عين أو عينين. وهنا ترجع المسألة إلى علم الفقه، وتقوّم الأدلة، ويُتبع ما يقضي به الشرع. وقوله تعالى: {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} [الإسراء: 64] فسر بـ "اجْمَع عليهم وتوعدهم بالشر "وفي [الغريبين 1/ 373] "اجْمع عليهم ما قَدَرْت من جندك ومكائدك "والجمع هنا حشر (نقل طبقة كثيفة) من مواطن وجهات.

(جلد)

وقالوا أيضًا: "أَجْلَبَ عليه: إذا صاح به واستحثه في الرِهان: يأتى المراهن بفرس آخر ويُركِبُه رجلًا فإذا قَرُبَ من الغاية تبع ذلك الآخر فرسَ الرِهان المقصود فجَلّب عليه وصاح به (حثًّا) ليكون هو السابق "، ولعل استعمال الجَلَبة في اختلاط الأصوات والصياح مأخوذ من جَلْب ذلك الفرس الآخر ثم الصياح خلف فرس الرهان لأن الصياح هو المقصود هنا. • (جلد): {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} [الزمر: 23] "الجِلْد - بالكسر وبالتحريك: المَسْك من جميع الحيوان، وبالتحريك: الغيظُ من الأرض، والأرضُ الصُلْبة. والجليد: ما سقط من السماء على الأرض من الماء والندى فجمد ". Qغلاف بالغ التماسك والشدة يكسو ظاهر الشيء لاصقًا به، كجِلْد الحيوان وجَلَد الأرض والجَلِيد في ذاته {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا ...} [النحل: 80] وكل {جُلُودُ} في القرآن عدا هذه فهي جلود البشر. ومنه "جَلَده (ضرب جِلْده أو ضربه بالجِلْد) {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4 وكذا ما في 2] ومنه اجتلدْتُ الإناء واجتلدت ما فيه: شربته كله (إلى جلده). ومن الاشتداد والتماسك في صورة جفاف "الجَلَد - محركة وكسحابة: الصلابة، والقوة والشدة. والجَلَدة من النوق - محركة: الكبيرة التي لا أولاد لها ولا ألبان لها. والجَلْدة - بالفتح - من النخل: اليابسة اللحاء الجيدة، وثمرة جَلْدة "صُلبة مكتنزة.

(جلس)

• (جلس): {إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا} [المجادلة: 11] "الجَلْس - بالفتح: الصخرة العظيمة الشديدة, وما ارتفع عن الغَوْر ". Qارتفاعٌ أو نتوءٌ (محدود) مع تجمع جرم وشدة تماسك. كالصخرة. والجَلْسُ من الأرض ناتئ عما حوله من الأرض، ويعبَّر بالجَلْس عن الجبل تغاضيا عن قيد المحدودية. ومنه "ناقة جَلْس شديدةٌ مشرفة، وقَدَح جَلْس: طويل، وشُهْد جَلْس: غليظ (لا يبدو تماسكه إلا إذا كان متراكمًا مرتفعًا) ومنه الجلوس: القعود (حيث يجتمع الجسم ويتضام مرتفعًا عن وضع الاتكاء ونحوه). والمجلس - كمنزل موضع الجلوس "جمعه {الْمَجَالِسِ} كما في آية التركيب. هذا. وقد قال ابن فارس - مثبتًا للفرق بين الجلوس والقعود "ونحن نقول إن في "قعد "مَعْنى ليسَ في "جلس ". ألا تَرَى أنّا نقول: "قامَ ثم قعد "و "أخذه المُقيم المُقْعد "ونقول لناس من الخوارج "قَعَدٌ ". ثم نقول: "كان مضطجعًا فجلس "فيكونُ القعودُ عن قيام، والجلوس عن حالةٍ هي دون الجلوس، لأن "الجلس: المرتفع. فالجلوس ارتفاعٌ عما هو دونه " [الصاحبي 116]. وقال الراغب: "وجلس "أصلُه أن يَقْصد بمقعده جَلْسا (أي مرتفعًا) من الأرض. ثم جُعِل الجُلوس لكل قعود، والمَجْلِسُ لكل موضع يقعد فيه الإنسان. قال الله تعالى: {إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ} فابن فارس يبين الأصل، والراغب ينبّه على تطور الدلالة. ° معنى الفصل المعجمي (جل): الاتساع انبساطًا أو انكشافًا وابتعادًا كما في الجِلال: الغِطاء للحجلة - في (جلل)، وكما في الجلا انحسار الشعر عن مساحة واسعة

الجيم والميم وما يثلثهما

وكذا جلاء القوم عن مقرهم - في (جلو جلى)، وكما في فراغ حفرة الوجيل وفَرَق القلب في (وجل)، وكما في الامتداد الزمني - في (أجل)، وكما في استحضار الشيء من مكان بعيد - في (جلب)، وكما في التغطية العامة المتمثلة في جلد الإنسان والحيوان - في (جلد)، وفي الارتفاع عن تمدد أو معه - في (جلس). الجيم والميم وما يثلثهما • (جمم - جمجم): {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} [الفجر: 20]. "جَمُّ الماءِ - بالفتح: معظمُه إذا ثاب. وبئر جَمَّة وجَموم: كثيرة الماء. والجُمّة بالضم: مجتمع شعر الرأس وهي أكثر من الوَفْرة. والحميم: النَبْت الكثير ". Qتجمع الرقيق اللطيف مع استواء ظاهر (¬1): كالماء والشعر والنبت المجتمع. والاستواء لازم لتجمع نحو الماء والشعر ومن معنويه ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الجيم عن جرم كثيف غير صلب، والميم عن استواء ظاهر والتئامه، والفصل منهما يعبر عن تجمع (والتئام) للمادة غير الكثيفة مع استواء الظاهر كجمّ الماء. وفي (جمح) تعبر الحاء عن احتكاك بِعَرضٍ وجفاف، ويعبر التركيب معها عن اندفاع مع صلابة أو يُبْس وجفاء كما في جِماح الفرس والجموح، وفي (جمد) تعبر الدال عن ضغط ممتد يؤدي إلى احتباس، ويعبر التركيب معها عن تصلب المجتمع المائع (أي تحبسه) كالماء الجامد، وفي (جمع) تعبر العين عن التحام ورقة ويعبر التركيب معها عن تضام أشياء كثيرة بالتحام أو نحوه كالجَمْع الصمغ الأحمر. وفي (جمل) تعبر اللام عن امتداد واستقلال ويعبر التركيب معها عن عظم الجرم مع تمام (استقلال) كالجَمْلاء التامة الجسم من كل حيوان.

(جمح)

الحُبّ الجم الكثير العظيم كما في آية التركيب. ومن ماديه أيضًا "جمَّ المالُ وغيرُه: كثُر، والبئرُ: كثر ماؤها ". "جَمّ الفرسُ: ترك الضِراب فتجمع ماؤه. والجَمَمُ - محركة: الكيل إلى رأس المكيال. والجَمَام: الراحة (لتجمع القوة في الجسم) وجَمّ الفرس وأَجَمّ: تُرِك فلم يُرْكَب فعفا من تعب وذهب إعياؤه. ودخلوا على القوم وبهم جَمَامة: راحةٌ وشِبَعٌ ورِيٌّ. والمَجَمّ - بالفتح: الصدر " (مجمع لما وعاه). "والجمم محركة: مصدر الشاة الأَجَمّ الذي لا قَرن له " (لأن رأسه لم يَشْعَبْه القَرْن فظل مجتمعًا مستويًا). و "قَصْر أجمّ: لا شُرَف له "من ذلك. "ومَرَةٌ جماء العظام: كثيرة اللحم عليها. والجمّاء الغفير: جماعة الناس المجتمعون الكثيرون. والجُمْجُمة بالضم: عَظْم الرأس المشتمل على الدماغ وغيره. والجَمْجَمة - بالفتح أن لا يُبِين كلامَه من غير عِىّ (يجمع الكلام في فمه). وجَمْجَم في صدره شيئًا: أخفاه ولم يُبْده " (جمعه وختم عليه). • (جمح): {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} [التوبة: 57] "الجُمَّاح - كتُفَّاح: شيء يُتَّخذ من الطين الحُرّ أو التَمْر والرماد فيُصَلَّب ويكون في رأس الِمعْراض يُرْمي به الطَير [وفي ق: جمح الصبي الكعب بالكعب: رماه حتى أزاحه من مكانه]. وفرس جَموح: إذا لم يَثْن رأسه .. / من عادته ركوب رأسه لا يثنيه راكبه/ يعتزّ راكبَه ويغلبُه ". [المِعراض عود تثبّت الحصاة في رأسه لتُقْذف به. والكعب حصاة مكعبة، وكانوا يلعبون بالكعاب]. Qاندفاع مع صلابة (في الشيء المجتمع) بحيث لا ينثني: كالجُمَّاح الموصوف يندفع حتى يصيب الطائر، وكالفرس الجموح يندفع ولا يلين

(جمد)

ليدِ راكبه. {لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} [التوبة: 57] (تصوير لشدة حرصهم على الفرار والاختباء دون أي تراخ). • (جمد): {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [النمل: 88] "الجَمَد - محركة: الماء الجامد. جَمَد الماء والدم وغيرُهما من السَيَّالات: قام/ يبس. ومُخّةٌ جامدة: صُلْبة ". Qتصلب المائع وما يشبهه بتماسك بعضه في بعض مع يبس الأثناء. كالماء والدم والمخ إذا جمدت. ومنه شَهرا جُمادى لجمود الماء فيهما زمن التسمية. ومنه (تضمنًا) "أرض جماد: غليظة يابسة لم تمطر. وكرِجال: الحجارة. والجَمَد كأسد وقفل وعنق: ما ارتفع من الأرض وصَلُب. والجوامد: الأُرَف وهي الحدود بين الأَرَضين (ارتفاعها وثباتها تماسك). {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [النمل: 88]. (الثبات في المكان صلابة وجمود) "هذه الحال للجبال عقيب النفخ في الصور، وهي أول أحوال الجبال: تموج وتسير، ثم ينسفها الله فتكون كالعهن، ثم تكون هباء منبثا في آخر الأمر " [بحر 7/ 94] وفيه تفصيل للمراحل أكثر من هذا. "وناقة جماد: لا لبن فيها " (يابسة). • (جمع): {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [الأنعام: 35] "الجَمْع - بالفتح: الصَمْغُ الأحمر، ولبنُ كلَّ مصرورة. وجُمْع الكف - بالضم: هو حين تقبضها. والمَجْمعة - بالفتح: ما اجتمع من الرمال، والأَرْضُ القَفْر. والجميع: الجيش، والحي المجتمع. جمع الشيء: جاء به من هنا وهنا.

واستجمع السيلُ: اجتمع من كل موضع ". Qتضامُّ أشياء متجانسة كثيرة تلاقيًا أو تلاحمًا أو تراكمًا. كما يُلْحَم بالجَمع: الصمغ المذكور، وكما يَتَكون من لَبَن المصرورة من مَرَّات حلب كان ينبغي أن تتم، وكالكف المقبوضة، والرمال المجتمعة، وكسطح الأرض القفر (ملتحم لا ينفذ منه نبات). ثم عُمِّم في كل جمع لمال أو ناس إلخ. {الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ} [الهمزة: 2] {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23]. (أي أن يجمع الرجل في عصمته زوجتين أختين في نفس الزمن) {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] سمي كذلك لاجتماعهم فيه. {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] كله، ويتأتى في جميعه ما ينفعكم {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عمران: 173] أي جموعًا لقتالكم {فَجَمَعَ كَيدَهُ} [طه: 60]: حِيلَه وسِحْرَه [قر: 11/ 214] {فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ} [طه: 64]: اعزموا وجِدّوا [11/ 220] وكذا {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ} [يونس 71] [قر 8/ 362] {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: 62] الأمر الذي يشمل الناس نفعُه وضُرُّه فيجمعهم الإمام للتشاور [ينظر قر 12/ 320] {جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ} [المرسلات: 38] هذا جمع الحشر، وكذا ما في [آل عمران 25، النساء: 87، الأنعام: 12، الكهف: 99، الشورى: 7، 29، الجاثية: 26، التغابن: 9] {نَجْمَعَ عِظَامَهُ] [القيامة: 3]، للإحياء والبعث {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: 17] جمعه في صدرك وتقرؤه [قر: 19/ 106] {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا} [العاديات: 5] استظهر [في بحر 8/ 501] أنه جمع المغزويين.

(جمل)

• (جمل): {وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر: 85] "الجَمْلاء - بالفتح: التامّة الجسم من كل حيوان. وكصبور: المرأة السمينة. والجامل: الحيّ العظيم. والجمَل - محركة: الذكر من الإبل إذا بَزَل (في تاسع سِنِيه)، والحَبْلُ الغليظ كالجُمّل (كسُكّر وصُرَد وقُفْل وعُنُق). وجَمَلُ البحر: سمكة من سمكه قيل طوله ثلاثون ذراعًا. والجميل: الشَحْمُ يذاب ويُجْمَل أي يُجْمَع. وجَمَلْت الشيء: جمعته. وجمّل الجيشَ - ض: أطالَ حبسه ". Qعِظَمُ الجِرْم مع تمامٍ وتجانس حال بحسبه فيهما، كالجَمْلاء التامة الجسم/ وكالمرأة السمينة، وكالحيّ العظيم. (على ما ينبغي للحيّ) وكالجمَل إذا بَزَلَ (تمامُ جسم وسِنّ)، والحبْل الغليظ (عِظَم مع امتداد)، والشحم الذى أذيب وتجمَّد (عِظَم) ليُخْزن (طول زمني). والتجانس في ذلك كله أن العظم فيه ليس من تجمع أشياء مختلفة. ومنه "الجَمَال "- كسحاب: وهو من تمام الجسم كما صرحوا، مع السِمَن وامتلاء الجسم بالشحم كما قالوا "الجَمُول: المرأة السمينة (والسِمَن كان وما زال يهيئ للجسم الامتلاء واستواء الجلد بلا تجاعيد. جاء في مثل عربي "قيل للشحم أين تذهب؟ قال: أُقوِّمُ المعوج - يعني أن السِمَن يستر العيوب " (¬1) وعن الشعبي قال "حَلْىُ النساء الشَحْم "وفي شرح قوله (جَبَّتْ نساء العالمين بالسبب) ما يؤكد ذلك (¬2)، ومن الجمال ¬

_ (¬1) المثل رقم 2904 من مجمع الأمثال جـ 2/ 109. (¬2) ينظر معجم الأدباء لياقوت 1/ 83، و [ل جبب].

£° معنى الفصل المعجمي (جم)

التناسب (المأخوذ من التجانس) في مقادير الأعضاء وهيئآتها بعضها مع بعض {وَلَكَمْ فِيهَا جَمَالٌ} [النحل: 6]، {فَاصْبِرْ صَبرًا جَمِيلًا} [المعارج: 5] والأشبه هنا هو تمام الصبر طولًا مع عظم التحمل. وهذا صالح لتفسير وصف الصبر، والصفح، والسراح، والهَجْر بالجَمال في القرآن الكريم. ومن عظم الجِرْم "جُمْلة الشيء - بالضم: جاعته، وأجمل الشيءَ: جمعه عن تفرقة: {لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} [الفرقان: 32] "ومن هذا أُخذت "الجملة "في النحو لأنها مجموعة كلمات، وكذلك البيع بالجملة في مصطلح التجار. والجَمَل في قوله تعالى: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40]: الحبل الغليظ. بقرينة سم الخياط. وقوله تعالى: {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [المرسلات: 33] فُسِّر في هذا وفي قراءة "جمالات "بجمع الجمل ذكر الإبل، لكنها فى الثانية جمع جمع. كما قرئ جُمالات بضم الجيم وهي الحبال الغليظة من حبال السفينة وهن من الجَمْل: الجمع ويلزمه العِظَم فتكون من الأصل وتعني كتلًا غليظة طويلة أو دائمة التماسك أو نحو ذلك. وكلٌّ جائزٌ لغويًا. [انظر الغريبين 1/ 398، قر 19/ 165 والمعاني للفراء 3/ 225]. ° معنى الفصل المعجمي (جم): التجمع اللطيف كما في جموم الماء في (جمم)، وكما في تركز الصلابة إصرارًا على ما في الرأس أو القلب في (جمح)، وكما في التماسك والاحتباس في (جمد)، وكما في تضام الأشياء المتجاتسة في (جمع)، وكما في عظم الشيء في (جمل).

الجيم والنون وما يثلثهما

الجيم والنون وما يثلثهما • (جنن - جنجن): {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} [النجم: 32] "الجَنَّة - بالفتح: الحديقةُ ذاتُ الشجر والنخل/ والعنب، - وبالضم: الدِرْعُ وكلُّ ما وقاك/ ما دَارَاك من السلاح واستترت به منه، والسُتْرة. والمِجَنُّ: التُرْس يُواري حامله. والجَنين: الولد ما دام في بَطْن أمه، والمقبور. والجَنَن - محركة: القبر، جَنَّ الشيء يَجُنّه: سَتَره ". Qسَتْرُ الشيء بكثيف يعلوه أو يكون الشيء في أثنائه (¬1) ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الجيم عن كثيف غير صلب، والنون عن امتداد باطني والتركيب منهما يعبر عن ستر الشيء في الأثناء بكثيف يغشاه كالجنين. وفي (جنى) تعبر الياء عن الاتصال، ويعبر التركيب معها عن كون الستر هنا تحصيلًا في الحوزة كجَنْى الثمر، أو أن الجنْى إصابة للجنَى الذي كان مستجِنًا وتولد. وفي (جنب) تعبر الباء عن تجمع رخو مع تلاصق ما، ويعبر التركيب معها عن ناحية خارجة قوية غليظة (تجمع لكن في ناحية) من الشيء كجنْب الإنسان وجَنْبتى الوادي. وفي (جنح) تعبر الحاء عن احتكاك بجفاف وعرض ويعبر التركيب معها عن امتداد او اندفاع في جانب بقوة كجناح الطائر وجناحي النصل. وفي (جند) تعبر الدال عن ضغط ممتد وحبس ويعبر التركيب معها عن صلابة الشيء وتماسكه (احتباس) كأنما ضُغِط على ما فيه كالجَنَد الأرض الغليظة. وفي (جنف) تعبر الفاء عن نفاذ بإبعاد وطرد (انقطاع)، ويعبر التركيب معها عن نقصٍ أو ذهاب جزء من سُمك جانب الشيء فيعوج ويميل كالجنف في الزَّوْر: غئور أَحَد شِقّيه وانهضامه مع اعتدال الآخر.

كالشجر والنخل والعنب تُظِلُّ ما تحتها وتستره، وكالدِرْع يستر ستر حماية، وكالجنين في البطن {وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ} والميت في القبر .. ومنه "جنّ عليه الليل وأجنّه: ستره بظلمته " (الظلام ساتر كثيف يغشى) {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا} [الأنعام: 76]. وقد ذكرنا الجُنة - بالضم {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [المجادلة: 16 والمنافقون: 2] أي يسترون جرائمهم بأيمان تنفي وقوعها منهم، فتدرأ عنهم العقوبة كما يرد المِجَنّ سيفَ العدو. [وينظر قر 17/ 304]. ومن ذلك "الجِنّ والجِنّة - بالكسر فيهما: نوع من العالم استَجَنُّوا عن الأبصار. {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الرحمن: 33] , {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} [الناس: 6]. {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} [الإسراء: 88] أدرج الجن هنا، لقدراتهم المستغربة فيكون عجزهم أبلغ في التعجيز. {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} [الصافات: 158] وأُجِيزَ تفسيرها هنا بالملائكة. والاشتقاق لا يأباه. ومثل الجِنّ والجِنة (مقابل الإنس) (الجانّ) في سياق مقابلته بالإنسان أو الإنس. أما (جانّ) في [النمل: 7, والقصص: 31] فهو الحية الدقيق الجسم، لأنه يستكن في البيوت - لا في الصحارى مثلًا. ومن ذلك "الجُنُون وهو الجِنة "بالكسر أيضًا، لأنه استتار العقل أو غيابه {وَقَالُواْ مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ} [الدخان: 14] وكل كلمة (مجنون) و (جنّة) {مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ} [سبأ: 46 وكذا (جِنّة) في الأعراف: 18، المؤمنون: 25، 79، سبأ: 8، 46]. وسائر كلمة (جِنّة) معناها الجِنّ. وذكرنا "الجنة - بالفتح: الحديقة ذات الشجر والنخل والأعناب، وأن كثافة فروع الشجر والنخل وكروم العنب المرفوعة تَجُنّ أي تُظِلّ وتستر من يسير

(جنى)

أثناءها {جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ} [الكهف: 32]- فهذه لحدائق الدنيا وكذا ما في [البقرة: 265، 266، الإسراء: 91، الكهف: 32, 33, 35، 39، 40، المؤمنون: 19، الفرقان: 8، 10، الشعراء: 57، 134، 147، سبأ: 15، 16، يس: 34، الدخان: 25، ق: 9، النبأ: 16] {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر: 29، 30] وهذه لجنة الثواب في الآخرة وبمعناها سائر كلمات (جَنة)، و (جنتين)، و (جنات). والجنة التي أُسكِنها أبونا آدم أول ما خُلق مقرها موضح خلاف بين العلماء. أهي جنة الثواب أم جنة أي مكان ظليل بشجر على هذه الأرض [ينظر بحر علمية 1/ 308]. ° ومن المعنى المحوري استعمل التركيب في ما كان مجتنًّا فخرج فقالوا "جِنُّ النبت: زَهْرهُ ونَورْه. ومنه - لكُمون قُوَى الشيء فيه في أول نشأته - قيل "كان ذلك في جِنَّ صباه أي حداثته ". و "جِنُّ الشباب أوله وقيل جِدَّتُه ونشاطه. وجِنُّ كل شيء أول شدته ". وأما "الجَناجِنُ: عِظامُ الصدر "فإنها كالقفص الذي يحمل غشاء الساتر لما تحته ويجعله كالصندوق له. وفي التركيب استعمالات أخرى كثيرة لا تخرج عن معنى الستر والاستتار في الأثناء. • (جنى): {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} [الرحمن: 54] "الجنَى - كالفَتَى: الكَمْأَةُ، والرُّطَبُ، والقُطْن، والعسلُ إذا اشْتِير، وكل ما يُجْنَي من الشجر. وجَنَى الثمرةَ: تناولها من شجرتها. وقد اجْتَنَوْا الكمأة " Qتحصيل (أو أخذ) ثَمَر الشجر وما يشبهه من الأثناء التي تُكنّه أو تُقِرّه. كالكَمْأَة والقُطْن والرُطَب والعسل خارجةً من الأرض

(جنب)

والأكمام وخلايا النحل أو أجوافها. {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} هو الثمر نفسه. والجَنِىَّ كغَنِىّ: الثمر المُجْتنَى ما دام طريًّا {تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} [مريم: 25] ومنه قالوا جَنَى الذنبَ عليه: جَرّه إليه "فهي من الأخذ والجمع (كجَرَّ وجَرَم وكسب). ومن الأصل "الجَنَى كفتى: الذهب (يستخرج من جوف الأرض) والوَدَع " (من البحر) ويستخرج من جوفه ما يستخرج. • (جنب): {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم: 52] "الجَنْب - بالفتح، والجانِب، والجَنَبة - محركة: شِقُّ الإنسان وغيرِه. وجَنبَتَا الوادي - محركة، وجانباه: ناحيتاه. والمِجْنب - بالكسر: (أداة كالمِجرف) يرفع بها التراب على الأعضاد والفُلْجان. والجَنْبة - بالفتح: ما كان في نِبْتَتِهِ بين البَقْل والشجر/ يبقى أصله في الشتاء ويَبيد فرعه .. ويتربل في الصيف أو القيظ "- أي يخرج من تحت اليبيس منه نبات أخضر. Qناحية من الشيء خارجية غليظة أو شديدة تُكْمِل تجوُّفه وتحفظ ما بأثنائه. كشِقّ الإنسان يُكْمِل بناء جوفه وبدنه، وكجانِبَيْ الوادي يُكْملان تجوُّفه ويحفظان ماءه - وكلاهما خارجي شديد غليظ. والمِجْنب المذكور أداة لصنع الجوانب كما هو واضح. أما الجَنْبة الموصوفة فهي نوع (: ناحية) ثالث من النبات لا هي من الشجر ولا من البقل. ثم إن بقاء أصلها حفظ للنبات بحيث يعود للإيراق في الصيف. فمن (الجانب) جانب البرّ والطور وكل جانب {أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ} [الإسراء: 68]، {أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ} [الإسراء: 83، فصلت: 81] أي تكبر وتباعد، ناء مقلوب منه. أي بعد عن القيام

بحقوق الله [فر 10/ 321] ومن الجنب: شِقّ الإنسان وغيره {دَعَانَا لِجَنْبِهِ} [يونس: 12] أي على جنبيه مضطجعًا، وجمعه (جنوب) كما في [آل عمران: 191، النساء: 103، التوبة: 35، الحج: 36، السجدة: 16] {وَالْصَّاحِب بِالْجَنْبِ} [النساء: 36] الرفيق في السفر [قر 5/ 188] {يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر: 56] أي قربه وجواره [قر 15/ 271] أي في أسباب ذلك. ومن كون الجَنْب ناحية غليظة من الشيء قيل "الجَنب - بالفتح: القطعة العظيمة من الشيء تَكُون مُعْظَمَهُ أو كثيرًا منه. وطعام مَجْنَب - بالفتح أي كثير. وريح الجَنوب واحدة (أي جانب أو ناحية) من الرياح القُوم وهي تقترن بالخير العظيم ". قال الأصمعي "إذا جاءت الجنوب جاء معها خير وتلقيح وإذا جاءت الشَمال نَشِفَت ". ومن غلظ الجنب أيضًا جاء معنى الجفاف "جَنَّب الرجلُ - ض: إذا لم يكن في إبله ولا غنمه دَرّ. يقال: إن الإبل جَنّبت قِبَلنا العامَ أي لم تَلْقَح فيكون لها ألبان ". ويتأتى أن يكون هذا من تَنَحِّى الجنْب كالآتي. ومن كَوْن الجَنْب ناحية خارجية جاء معنى البُعد والإبعاد {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى} [الليل: 17] ومثلها ما في [الأعلى: 11] يبعد عنها كما قال تعالى: {أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] , {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا} [الزمر: 17] .. ابتعدوا عنها جانبًا ومثلها {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} [النساء: 31] وكذلك ما في [المائدة: 90، النحل: 36، الحج: 30، الشورى: 37، الحجر: 122، النجم: 32] {وَالْجَارِ الْجُنُبِ} [النساء: 36] فُسِّر باللازق إلى جنبك [ل 268]- وبالذي ليس ذا قرابة [270] {فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ} [القصص: 11] أي عن

(جنح)

بُعْد أو عن مجانبة لها منه، فلم يعرفوا أنها (أُخته) [قر 13/ 257] والأجنب والأجنبي والجانب: الغريب. والجُنُب - كعنق: الذي عليه الغُسْل لإنزال أو جماع - نُهِىَ أن يقرب مواضع الصلاة وأن يخالط الناس ما لم يتطهر (أي عليه أن يَجْتَنب) {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43] وكذا ما في [المائدة: 6]. ومن الجَنْب - بالفتح قالوا "جَنَب الفَرَس والأسيرَ (كنصر): قاده إلى جَنْبه فهو جنيب. والجَنْبة - بالفتح جلدة من جَنْب البعير يُعْمَل منها عُلبة ". • (جنح): {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: 88]. "جناح الطائر، معروف. وجناحا النصل: شفرتاه، وجناحُ الرجل: عَضُدُه/ يدُه. والجوانح: أوائل الضلوع تحت الترائب مما يلي الصدر ". Qامتداد - أو اندفاع - من الجوانب قوي أو حادّ. كالجَناح من جسم الطائر {وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: 38] {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ} [فاطر: 1] وكشفرتي النصل من جِرمه، والعَضُد من جانب الصدر، وكأوائل الضلوع من مصدرها. ومنه "جِنْحُ الطريق - بالكسر: جانبه، وجِنْح القوم: ناحيتهم. وجَنَحت السفينة جُنوحًا: انتهت إلى الماء القليل فلزِقَتْ بالأرض فلم تمض " (انحرفت إلى الماء الضحل وهو يكون في جوانب المجرى). ومن ذلك "الجُناح - كغُراب: الجناية والجُرْم (انحرافٌ عن الجادة المستقيمة إلى الجوانب)، وكذلك الإثم والذنب. {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158]، في [طب 3/ 230 وما بعدها] أنه كان عليهما في الجاهلية أصنام، وكانوا يَطُوفون بهما

(جند)

لذلك تعظيمًا، فَتَأثَّموا أن يطوفوا بهما في الإسلام لذلك، فأُعْلِمُوا أن السعي بينهما من شعائر الإسلام ولا جناح فيه (أي لا ذنب). وكذلك كل نفي للجناح فمعناه نفي الإثم والذنب. وفي {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ} [طه: 22]. فسّر بالعَضُد والصواب: إلى جيبك كما قال قطرب [قر 11/ 191، 13/ 284، الغريبين 408]. وذلك كما قال {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} [النمل: 12] , {اسْلُك يَدَكَ فِى جَيْبِكَ} [القصص: 32]. {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} [القصص: 32] (فسرها الفراء في معاني القرآن) 2/ 306 بالعصا والأقرب أنه أمر بضم يده إلى صدره ليذهب عنه الخوف [قر 13/ 284]. وقوله تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: 88] أي لِنْ لهم [قر 13/ 144] , وذَلَّلْ وكُفّ ما (قد) يتأتى من الخشونة والحدة " [ل] (كما يعبرون في هذا بلين الجانب والحواشي) وكذلك ما في [الإسراء 24، الشعراء: 215]. ومن الامتداد إلى جانب وشق جاء معنى الميل {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: 61]- أي مالوا كما يميل الإنسان في جانب وشِقّ. يقال: "أنا إليك بجُناح - كغراب: أي متشوق " (أي مائل جدًّا). • (جند) {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: 173] "الجَنَد - محركة: الأرض الغليظة، وقيل هي حجارة تشبه الطين ". Q " صلابة الشيء وغِلَظه (كأنما ضغط على ما فيه). كتلك الأرض والحجارة وسمي "الجُنْد: العسكر "كذلك لغلظهم وصلابتهم كما رأى الراغب. {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ} [الملك: 20].

(جنف)

وكذلك كل (جند) و (جنود) في القرآن. والمقصود بهم في قوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ} [البروج: 17، 18]. جموع الكفرة والمكذبين الذين من أشهرهم هؤلاء [ينظر قر 19/ 297] وفي {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ} [يس: 28]. قيل الجند العساكر أي لم أحتج في هلاكهم إلى إرسال جنود ولا جيوش ولا عساكر [قر 15/ 20]. وأما "الجُنْدُ: المدينةُ "فإن كثيرًا من المدن نشأت في الأصل معسكرات كالفسطاط والقطائع والكوفة. • (جنف): {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 3] "الجَنَفُ - بالتحريك في الزَوْرِ: دُخول أحد شِقَّيه وانهضامه مع اعتدال الآخر ". (الزور - بالفتح: ملتقى أطراف عظام الصدر حيث اجتمعت من الأمام). Qميل بسبب انخساف أو نقص في جانب من الشيء: كما وُصف. ومن هذا الجَنَفُ: الميل والجور {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا} [البقرة: 182]. جورًا أو حيفًا -[طب 3/ 405] (وانظر جور). {غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ}: غير مائل إلى حرام -[الغريبين 1/ 411]. ° معنى الفصل المعجمي (جن): الكثافة التي تستر كما تتمثل في كثافة شجر الجنة - في (جنن)، وفي الثمر الذي كان مستجنًا في شجره وتولد منه - في (جنى)، وفي عدم المواجهة - في (جنب)، وفي قوة الجناح وجانبيته وغلظ الجنوح - في (جنح)، وفي تركز الكثافة إلى درجة الصلابة في (جند)، وفي الميل وعدم الاستقامة (التي هي مواجهة) - في (جنف).

الجيم والهاء وما يثلثهما

الجيم والهاء وما يثلثهما • (جهه - جهجهه): "سأله فجَهّه: رده ردًّا قبيحًا. وجَهْجَهَ الرجلَ: ردَّه عن كل شيء. تجَهْجَهْ عَني: انْتَه ". Qردٌّ ومنعٌ أو حرمانٌ شاملٌ بِغِلَظٍ كإبعاد السائل بالرد القبيح (¬1). • (وجه): {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115]. ¬

_ (¬1) صوتيًّا: الجيم للجرم الكثيف غير الصلب، والهاه للإفراغ بقوة، والفصل منهما يعبر عن ذلك الإفراغ كما يتمثل في الحرمان من كل شيء. وفي (وجه) تسبق الواو بمعنى الاشتمال ويعبر التركيب عن المساحة المكشوفة (الفارغة) التي يشتمل عليها الشيء في أعلى مقدَّمه وهي الوجه. وفي (جهد) تعبر الدال عن ضغط ممتد وحبس، ويعبر التركيب عن إفراغ المحتبس في جوف الشيء بقوة كما لو كان من ضغط كالأرض الجَهاد: الصلبة التي لا نبات بها كأنما دكت فأُصْمِت وَجْهُها أو أُفْرِغَت على ذلك، ومنه الاجتهاد بذل كل مذخور القوة بمعاناة. وفي (جهر) تضيف الراء ان ذلك الإفراغ مسترسل يتمثل استرساله هنا في دوام انكشاف (زوال/ إفراغ) الكثيف كالجهراء الرابية السهلة العريضة (ليست وعرة) وكما في جهر البئر ..... وفي (جهز) تعبر الزاي عن نفاذ بقوة واكتناز أو تجمع، ويعبر التركيب معها عن (نفاذ) بغلظ وتجمع كالعين الجَهْزاء. وفي (جهل) تعبر اللام عن امتداد واستقلال، ويعبر التركيب معها عن استقلال الشيء على فراغ باطنه وجفافه أي تميزه عن غيره مستقلًا عن هذا كالناقة المجهولة والأرض المجهولة. وفي (جهنم) تزيد النون امتداد الفراغ الباطني والميم الاضطمام على ذلك كما في البئر الجِهِنّام: البعيدة القعر (= أي البالغة العمق).

"وَجْهُ البيت: الحد الذي يكون فيه بابه. ووَجْه الكعبة (زادها الله تشريفًا وتكريمًا): الحد الذي فيه الباب. ووَجْه الإنسان وغيره: معروف. وجّه السُدْفة أي الحجاب - ض: كشفه وأزاله، والمطر الأرضَ: قَشَر وجهها وأثر فيه - كَحَرصَها (قشرها)، والريح الحصى: ساقته ". Qمُقْتَبَل ملامح الشيء ومقدَّمه المكشوف الذي يُعرف به وتعرف حقيقته. كوجه البيت والكعبة والإنسان والحيوان، وكتبين ما وراء الحجاب وما تحت الحصى من سطح الأرض. ومنه "الوجيه من الخيل: الذي تخرج يداه معًا عند النتاج (يخرج بمقدمه). فمن الوجه المعروف {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: 144 وكذا 149، 150]، {فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي} [يوسف: 93] , وسائر كلمة (وجه) في القرآن إما حقيقة وإما كناية مع التوسع في معناها - مثل {يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} [يوسف: 9] وكذا {أَقِمْ وَجْهَكَ} [يونس: 105، الروم: 30، 143] {وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 29] انصبوا قلوبكم مع وجوهكم عند كل داعية سجود (أخذًا من الإقامة ومن الوجه الذات) [وينظر قر 7/ 188، بحر 4/ 289]. {أَسْلَمَ وَجْهَهُ} [البقرة 112، النساء 125، وكذا ما في آل عمران 20، لقمان 22]، {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ} [الأنعام: 79]، {انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} [الحج: 11]، {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ} [طه: 111] خص الوجوه لأن آثار الذل إنما تظهر أولا في الوجوه [بحر 6/ 260] أقول وكذا غير الذل. {مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ} {سِيْئَتْ وُجُوهُ} [الملك 22، 27]، {لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} [الإسراء: 7]. وسائر ما بقى أيضًا تصلح فيه الكناية {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا} [المائدة: 108] أي على ما شهدا (وانكشف لهما) حقيقة دون إنكار،

(جهد)

ولا تحريف، ولا كذب [بحر 4/ 51] {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115]: أي قِبلةُ الله. [طب 2/ 536] وتفسير هذا بأنه تعبير عن قرب المولى عز وجل من عباده في كل مكان وزمان وحال أنسب للإطلاق في (أينما)، {وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ} [البقرة: 272] (أي طلبًا للوصول إليه أي إلى رضوانه عز وجل وكذا كل {ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ} {وَجْهِ رَبِّهِمْ} وما بمعناها {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27] ذاته عز وجل): قبلة [طب 3/ 148]. ووَجْهُ النهار: أوله (ملتقاه) {آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ} [آل عمران: 72]. والوجهة - بالكسر: القبلة (طريق ومنحى إلى الملتقى) .. {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} [البقرة: 148] ووجّهه - ض: أرسله (الأصل: أداره إلى ملتقَى) {أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ} [النحل: 76] {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ} [القصص: 22]. وأما توجه الرجل: كَبِر سِنُّه وولّى. فمن المعنى وكأن المراد توجه إلى لقاء ربه. و "الوِجَاه والتِجاه: الوجه الذي تقصده. والجاه: المنزلة والقدر عند السلطان (مقلوب من الوجه: أي هو ذو وَجْه يُقْصَد أو هو جِهة تُقْصَد). ورجل مُوَجَّه - كمعظم ووجيه: ذو جاه ". {وَكَانَ عِندَ اللهِ وَجِيهًا} [الأحزاب: 69] , {وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [آل عمران: 45]: ذا وجه ومنزلة عالية عند الله وشرفٍ وكرامة. يقال للرجل الذي يَشْرُفُ وتعظّمُه الملوكُ والناسُ وَجِيه [طب 6/ 415]- كأن أصل المراد: ذو وجه كريم أو شريف). • (جهد): {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: 78] "الجَهاد - كسَحَاب: الأَرْضُ الصُلْبَةُ لا نباتَ بها. الجَهْد - بالفتح: الهُزال.

وجُهِد الرجل - للمفعول: هُزِل. وجَهَده المرض والتعبُ والحبُّ (فتح): هَزَله "لا يَجْهَدْ الرجلُ مالَه ثم يَقْعد يسأل الناس ": أي يفرقه جميعَه ههنا وههنا - حتى لو كان في البرّ). Qإفراغُ قُوة الشيء وقِوامه الذي في باطنه فيَيْبَس ويَجِفّ. كالأرض الجَهَاد التي ذَهَبَتْ خُصُوبتُها فيَبِست، وكالذي جَهَدَه المرض إلخ، وكالذي جَهَد مالَه. ومنه "جُهِدَ الطعامُ: اشْتُهِىَ - للمفعول فيهما (أي فأُكِل كله أو جُلّه). وجَهَدَها الحَلْبُ: أَنْهَكَ لَبَنهَا. ومَرْعًى جَهِيد: جَهَده المال ". ومن ذلك الأصل "جِهاد العدو أي بذل الطاقة واستفراغها في مدافعته " (أو إضعافه) {وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} [الصف: 11] فالجهاد يكون ببذل المال وببذل النفس. ويؤخذ من {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} [التوبة: 73، والتحريم: 9] ومن {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الفرقان: 52]، أن الجهاد بالكيد والتدبير والفكر لمقاومة المنافقين والكافرين، وبالعلم بكل مجالاته هي كلها صور شرعية للجهاد ينبغي عدم التقصير في أي منها. وكل فعل (جاهدَ) ومضارعه وأمره ومصدره جِهاد هي في القرآن للجهاد بالأنفس والأموال. أما {وَإنْ جَاهَدَاكَ} [العنكبوت: 8، ولقمان: 15] فهما لمحاولة الوالدين جرّ ولدهما إلى الشرك. والجهاد والاجتهاد في العلم وفي طلب الأمر: بذل الوسع (وغاية القوة) في طلبه، {وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} [التوبة: 79]: غايةَ وسعهم وطاقتهم. {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} [الأنعام: 109] غاية أيمانهم وأقواها.

(جهر)

• (جهر): {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] "الجَهْراء - بالفتح: الرابية السَهْلَة العريضةُ. والجهيرُ: اللَبَن الذي أُخْرِج زُبْده. جَهَر البئرَ (فتح) واجتهرها: نقَّاها وأخرج ما فيها من الحَمْأَة إذا كان ماؤُها قد غُطَّى بالطين، فنقَّى ذلك حتى يَظْهرَ الماءُ ويصفو/ كَسَحها إذا كانت مندفنة. وجهروا البَصَل والثوم: استخرجوه وأكلوه ". Qظهور الشيء وانكشافه واضحًا بروزًا أو بزوال الكثيف الذي كانَ يغْشاه أو شأنه كذلك: كظهور وجه الرابية العريضة لأنها سهلة مستوية فيكون سطحها ظاهرًا وليست جبلا شاهقا، ولا هي وعرة السطح فيخفى سطحها، وكماء البئر المجهورة نقيًّا صافيًا، وكاللبن الذي أُخرج زُبْده، وكالبصل والثوم حيث يستخرجان من بطن الأرض. ومن صور ذلك الخلوص والانكشاف: "جَهَرَ الشيءُ: عَلَن وبدا. وجَهَرتُه واجْتَهَرْتُه: رأيتُه بلا حجاب ". "والجهرة - بالفتح: ما ظهر ليس بينك وبينه ستر " {فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} [النساء: 153] (أي بلا حجاب) وكذلك ما في [البقرة: 55] {إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً} [الأنعام: 47] (كأن المراد: يُرَى من بعيد كالعارض وهذا فيه إيحاش ورعب شديدان). ومن هذه العلانية ما في [النحل: 75] ويمكن [الأنعام: 3]. وجَهَر بكلامه ودُعائه وصَوْته وصَلاته، وأجهرَ، وجَهْوَر: أَعْلَن به وأظهره {وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ} [الحجرات: 2]، {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} [الإسراء: 110]، {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا} [نوح: 8]. وما لم نذكره من التركيب هو في القرآن من جهر القول هذا.

(جهز)

ومن لازم ذلك المعنى "الجُهر -بالضم: حُسْنُ المنظر (نقاء مما يشوب) وهو أجهر، وقد جَهَرْتَه: عَظُم في عَيْنك. وجَهَر الجيشَ: كثُر الجيشُ في عينه " (أو كل ذلك من لازم النصوع الذي يؤخذ من النقاء والخلوص من الكثيف الذي يحجب الشيء فلا يبرز عَظَمُه). و"الأجهر: الذي لا يبصر بالنهار "من ذلك لأن الأجهر يخيل إليه أن أمام عينيه طبقة بيضاء أو غشاء أبيض فلا يرى الأشياء. ومن ذلك أيضًا: "الجَوْهر: كُلّ حَجَر يُسْتَخرج منه شيءٌ ينتفع به (كالحديد والذهب والفضة. وأصولها مدفونة في بطن الأرض تستخرج منها. وكأن معناه: ما شأنه أن يستخرج مما هو مدفون والاستعمال يصلح أن يلحظ فيه الأمران: أن منفعته كأنها مدفونة فيه، وأن الحجر نفسه قد يكون مدفونا). • (جهز): {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ} [يوسف: 70] "عين جَهْزاء -بالفتح: خارجةُ الحَدَقَة. وأَرْضٌ جَهْزاء: مُرْتَفعة ". Qبروز ما شأنه أن يكون مكتنَفًا بقوة من بين ما يكتنفه. كنتوء الحدقة من بين الحِجَاج الذي يكتنفها وكنتوء الأرض الجَهْزاء عما حولها. ومن هذا "جَهاز المسافر والعروس والميت (أمتعة مما في المقر يستصحبها المسافر ونحوه كل إلى وجهته) {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ} [يوسف: 59 وكذا ما في 70]. أما جَهاز المرأة فلعله من البروز في صورة (نتوء)، أو اللفظ كناية. ومن بروز الشيء بقوة من بين ما يكتنفه وهو مفارقة عَبّر التركيب عن

(جهل)

المفارقة في صورة إنهاء الأمر المعلق "جَهَز على الجريح -كمنع- وأجهز: أسرع قَتْله وتممه، وموت مُجْهِز -كمحسن: وَحِيٌّ " (أي سريع). • (جهل): {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: 54] "ناقةٌ مجهولة: لم تُحّلَبْ قط. وأرض مَجْهل -بالفتح، ومجهولة: لا أعلام بها ولا جبال. (واستجهلت الريحُ الغُصْن: حرّكته فاضطرب). Qخلو الباطن (مما يفيد أو يُطْلب) مع جفاف، ويلزم ذلك الخفةُ. كالناقة الموصوفة تعدّ خالية الباطن أو جافّته، إذ لم يُر لها لبن قط، وكالأرض المجهولة الخالية مما يستدل به، ولاستغراقها من يسلكها صَلَح أن يعد سطحها ظرفًا (بطنًا)، وكالغصن الذي يتحرك بالهواء الذي يهب عليه حركة قوية لخفته. ومن هذا "الجهل ضدُّ العلم "لأن الجاهل خالي الذهن من المعلومات {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} [البقرة: 273] وكذا ما في [الأنعام: 35] وربما ما في [الحجرات: 6]، ككل لفظ (جهالة)، وكذلك ضد الحلم لما في الباطن من فراغ يتمثل في السلوك بخفة وطيش وسفه، أو من جفاف يتمثل في السلوك بجفاء، وغلظة {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [النمل: 55]، {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: 138]. وكذا ما لم نذكره من التركيب عدا (الجاهلية) و "الجاهلية: الحال التي كان عليها العرب قبل الإسلام من الجهل بالله ورسوله

(جهنم)

وشرائع الدين، والمفاخرة بالأنساب والكبر والتجبر وغير ذلك "اه [ل]. أما "الجَيْهلة: الخشبةُ التي يحرَّك بها الجمر "فهي لتهوية النار وتقويتها بتحريك الجمر فينفذ الهواء (الفراغ) بين أثنائه. • (جهنم): {أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ} [آل عمران: 162]. "بئرٌ جَهَنّم -بفتحتين فشدّ، وجَهَنّام (بتثليث الجيم والنون مشددة): بعيدة القعر ". Qبُعْد قَعْر الشيء وعُمق تجوفه مع اضطمامه على هذا التجوف. كالبئر الموصوفة. ومن هذا جَهَنّم التي يعذّب فيها الكافرون -نعوذ بالله منها ومما يؤدي إليها. وقد تكرر في الأحاديث وصفها بالعمق السحيق مثل " .. يهوي بها في جهنم سبعين خريفًا، وقد سماها الله عز وجل هاوية {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} [القارعة: 9]- "والهاوية: كُلُّ مَهْواةٍ لا يُدْرَك قعرُها " [ل]. ومن الناحية الصوتية فإن الجيم تعبر عن هيكل غير مصمت، والهاء عن فراغ جوفه، والنون عن امتداد ذلك الفراغ في الباطن والميم عن تضامها واستوائها على ذلك بقيام هيكلها هكذا أو بأن عمقها الشديد جدًا يُبْرِز تضامّ ظاهرها على جوفها أو على ما يُلقى فيها. ولا أظننا -بعد استعمال اللفظ وصفًا للبِئْر وعَلَمًا ولقبًا [ق]، وبعد انطباق المقاييس الصوتية العربية على اللفظ- بحاجة إلى الإطالة في تزييف ادعاء تعريب اللفظ عن الفارسية أو العبرية كهنام (المعرب ص 155). بل نضيف تأكيدًا لأصالة عروبته أن من الاستعمالات العربية "كل نار عظيمة في مهواة فهي جَحيم "والصلة الصوتية بين الجحيم وجهنم واضحة، فالحاء والهاء أختان

معنى الفصل المعجمي (جه)

والنون تزيد الامتداد العمقي. واجتمع في معناها العمق والنار. ° معنى الفصل المعجمي (جه): الفراغ وما يلزمه من انكشاف كما يتمثل في حرمان السائل حرمانًا تامًا -في (جهه)، وفي انكشاف ما يواجَه ويظهر في أعلى الشيء ومقدَّمه- في (وجه)، وفي إفراغ أقصى القوة -في (جهد) وفي كشف الشيء وتنقيته- في (جهر)، وفي خروج المندفن وخلوصه مما يغطيه -في (جهز) وفي فراغ قلب الجاهل- في (جهل) ثم في فراغ (جهنم) وإعدادها للإطباق على أهلها والعياذ بالله.

باب الحاء

باب الحاء التراكيب الحائية • (حوى): {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} [الأعلى: 5]. "الحَوِيّة -كغنية: كساءٌ محشو حول سَنام البعير، وما تحوَّي من الأمعاء أي الدُوَّارَة التي في بطن الشاة وهي بنات اللبن- كالحاوية والحاوياء. وحُوّة الوادي بالضم: جانبه، وكغَنِىّ: الحَوْض الصغير يُسَوّيه الرجل للبعير يسقيه فيه. حَوَى الشيء يَحْوِيه: جَمَعَه وأحرزه، واحتوى عليه: أَلمْاَ عليه ". Qالانعطافُ على الشيء في الأثناء وحوزُه فيها بقوة كالحوِيّة حولَ السنام، والأمعاءِ بتحوِّيها في نفسها ولما فيها، وحُوّة الوادي ترُدُّ ماءَه فيه فيَحْويه، وحَوِى البعير يَحْوي الماء. ومنه الحوايا: حفائر للماء في القيعان. أما في قوله تعالى: {إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا} [الأنعام: 146] فهي جمع حَوِيّة: الأمعاء. ومنه "الحِوَاء -ككتاب: أخبية للناس تجمعهم، وهم يجتمعون على ماء. وتحوّي: تجمع واستدار. والحَوّة -بالفتح: الكلمة من الحق (ليست فارغة) .. وقالت الأم عن ابنها "كان بطني له حِواء "- ككتاب أي مكانًا يجمعه ويضمه ". ومن هذا فيما أرى تسمية أمنا حواء زوج أبينا آدم عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام -لحملها الأولاد في بطنها (وهذا- صحيح علميًّا. وما ذكر في [قر 1/ 300] نقلًا عن العهد القديم= لا يوثق به). ومن الأصل "الحُوّة-

بالضم: لَوْنُ سواد بظهر مع لون آخر خُضْرة أو حُمْرة " (لون معتم، فهما لونان مختلطان كأن السواد محتوى في أثناء الخضرة أو الحمرة فالأحوى الأسود من شدة الخضرة أو من القِدَم والعِتْق) {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} يمكن في ضوء الآيات السابقة التي تبين نعمة الله في إبلاغه ما خلق إلى كمال حاله .. {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} أن نفر الغُثَاء الأحوى بالنبات الشديد الخضرة حتى يَسْوَدّ قوله تعالى: {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] واللغة لا تمنع أن يراد بالغثاء المرعى نفسه، إذ هو خَضِر غضٌّ ليس أشجارًا ولا أعوادًا صُلْبة ولا هو مُحَمَّل بحب يُؤْكَل كالقمح والشعير، وهو يؤكل غضًا وجافًا. ثم قد جاء تسمية النبتة الضعيفة غُثَاء في حديث القيامة "كما تَنْبُتُ الحِبَّة في غُثَاء السيل. ثم جاء في مسلم "كما تنبت الغُثاءة "يريد ما احتمله السيل من البزورات " [ل غثا] وفي رواية "كما ينبت البقل [التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول 5/ 329] فهذه تفسر تلك. وفي [ق] يقال "غَثِيت الأرض بالنبات -كرضى: كثُر فيها "اه فسمي النبات الكثير غثاء. ومما يشبه ذلك ويؤيده قولهم للضبع: غَثْواء- لكثرة شعرها [ل] والشَعَر من الجِلْد كالبَقْل من الأرض. وعلى ذلك يكون المعنى أخرج المرعى فأبلغه كمال حاله بأن جعله طبقة كثيفة غَضَّة حَوّاء وهذا كماله حال المرعى. {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6)} أي لا تخف ألا نصل بنعمتا عليك إلى كمالها بأن تنسى بل سنقرئك فلا تنسى أبدًا. فهذا كمال هذه النعمة. ويجوز غيرُ هذا: أن تكون أحوى بمعنى أسود أي من البِلَى وصفًا للغثاء الذي يصير إليه المرعى بعد تجاوز مرحلة التمام، والكلام على ترتيبه مع طيّ المرحلة الوسطى لأنها معلومة، وأخيرًا مجوز أَن تكون (أَحْوىَ) حالًا من المرعى بتقدير تقديمه على {فَجَعَلَهُ غُثَاءً}.

(حيي)

• (حيي): {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97] "الحيّة: الحَنَش. والحيّ من النبات: ما كان طريًّا يهتز. وأرض حَيَّة: مُخْصِبة. وأحْيَيْناها: وَجَدْناها حَيّة النبات غَضّة. وحياءُ ذوات الظلف والخف: رَحِمُها ". Qامتلاء بالطراءة التي لها حِدّةٌ ما أو فاعلية تتمثل في رهافة الحسّ وفي النمو حركة أو امتدادًا: كجِرْم الحية ممتدَّا يتحرك (والامتداد يصور النمو)، وتتجلى طراءته في مرونته وتَلَويِّه دُونَ أن ينقطع كأنه مليءٌ بمانع. والتلوِّى دون انكسار يعطي التماسكَ أيضًا، وكالنبات الطري ينمو، واهتزازه دون أن ينكسر يبدي تماسكه. والحياءُ مجتمعُ الجرم على طراءة وهو حادّ الحس (وهو للمرأة حَيّ -بالفتح. وقد ارتبط تركيب (حيي) في القرآن الكريم بالماء في أكثر من عشرة مواضع مثل {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30]، {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [النحل: 65]. ومن ذلك أيضًا "الحيا: المطر " (به تكون الطراءة والنمو، وفُسِّر أيضًا بالخِصْب). ومنه أيضًا: "المحاياة: الغِذَاء للصبي " (به نموه وغضاضته) (وعند الفلاحين أول سَقْية لبعض ما يزرعون تُسَمى رَيَّة المحاياة). "وأحيا القومُ: أُمطِروا فأصابت دوابُّهم العُشْب حتى سَمِنت. وحَيُوا هُمْ أنفسُهم بعد الهزال ". (السِمَن عن شحم متراكم وهو طري) وقالوا "حَيَّ الطريقُ: استبان " (وهو حينئذ ممتد متصل متماسك) ومن ذلك الأصل "الحياة نقيض الموت " (قوة سارية تتمثل في الحِسّ والنموّ وهو حركة واتصال وامتداد مع الطراءة. وجسمُ الميت يتصلب). {قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ} [الأعراف: 25] {وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ

يُمِيتُكُمْ} [الحج: 66] "والحيوان: الحياة الدائمة الباقية " {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ} [العنكبوت: 64]. وكل ما في القرآن من التركيب هو من الحياة ضد الموت -عدا التحية والحياء. وعنه الاستحياء إبقاء الشخص حيًّا أي عدم قتله {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} [البقرة: 49، الأعراف: 141، إبراهيم: 6] وكذلك ما في [الأعراف: 127، والقصص: 4، وغافر: 25]. ومن "الأصل التحيّة: البقاء "إذ هو امتداد واتصال مع رقة الحياة والحركة ومنه قول زهير بن جناب الكلبي: ولَكُلُّ ما نالَ الفَتَى .. قد نِلْتُه إلا التحية (أي الخلود) والتحيةُ: السلامُ من ذلك أيضًا فالشائع بين عرب الجزيرة إلى الآن: "حَيّاك الله "ومعناها أحياك الله أي أبقاك، "وأعمرك الله " [ل 236/ 237] وهذا المعنى مازال شائعًا إلى الآن (أطال الله عمرك وأبقاك وعافاك إلخ) وقد كان شائحًا قديمًا عند العرب والعجم [ل 237] وما أظنه كان خاصًّا. والتحيةُ في هذا صِنْو السلام من حيث المعنى فهو من السلامة وهي بقاء أو سبب للبقاء {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] ومثلها ما في [المجادلة: 8]، وكل كلمة (تحية). وقولنا في التشهد "التحياتُ لله "معناها البقاء والدوام والسلامة (من كل نقص) كقوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27] وفيها معنى التنزيه مثل (سبحان الله، وتعالى الله). وفُسّرت بأنها جَمْع أنواع التحية: السلام. وقوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا} [البقرة: 26] (أي لا يستبقى ذلك ولا يمنع منه ولا يحجزه -وأنا

أستريح لهذا التفسير هنا) وفي [طب 1/ 398، ول 238/ 18] جُعِلَتْ من الحَياء الذي هو نحو الخجل. ومما في الأصل من تجمع مع رقة في الباطن قالوا: "الحَيّ: الواحدُ من أحياء العرب، والبطنُ من بطون العرب " (فهذا تجمع لقوم يربطهم الدم والرحم وهما رقة تضادّ جَفَافَ الأجانب وجفاءهم، مع التعاطف (إحساس)، ولتجمع القوم حركة كثيرة ونمو أيضًا). والحياءُ الذي هو ضد الوقاحة هو من الامتلاء بالغضاضة والطراءة والحس المرهف المتمثل في سرعة التأثر. والعامة تصف الحيِىّ بأنه عنده دم وأنه حسّاس، ومن توقح بأنه فاقد الدم والإحساس، ويقال لمن عانَى مخجلًا: أراق ماءَ وجهه. قال الشاعر: عساها تنجلي وخلاك ذم ... وماء الوجه في الوَجَنات جار ومن وقع في ما يُستحيا منه يقول إنه مَبْلول، والشوام يقولون مَغْسول) {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} [القصص: 25]، {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب: 53]. وتأثر المستحْيي يغلب أن يكون انقباضًا، وقد عُرّفَ الحياءُ بأنه التوبةُ والحشمةُ. والتوبة انقباض وإمساك. وقالوا "لا حَيَّ عنه ولا حَدَدَ: أي لا مَنْعَ منه لا يَحُدّ عنه شيء " [ل 233/ 10] والمنع إمساك وقبض. ومن الصفة (حيّ) ولوازمها استعملوا كلمة (حَيّ) بمعنى شَخْص ذي حياة قال: {وَحَيَّ بَكْرٍ طَعَنّا}، "أدركتُ حَيَّ أبي حفص "، "إن حيَّ ليلى لَشاعرة "يريدون ليلى، "أتانا حيُّ فلان أي أتانا في حياته "، "وسمعت حَيّ فلان يقول كذا

(وحي)

أي سمعته يقول "في حياته، {بعد حَيّ أبي المغيرة} أي بعد أبي المغيرة "، و "قاله حيُّ رياح: أي رياح "ثم قالوا: "حَيُّ فلان: فلان نفسه ". ومن هذا أيضًا قولهم "صليت العصر والشمس حَيَّة "أي فيها حدّتها وفاعليتها لم يصبها الفتور بدنو الغروب (غروبها انطفاء وموت). وقولهم حيَّ على الصلاة أي ائتوها، وكذلك على الغداء أي هلموا وأقبلوا -وهو من المعنى المحوري أي تحركوا إلى مكانها. • (وحي): {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52] "الوحْي -بالفتح: المكتوب، والكتاب. ومن أمثالهم "وَحْيٌ في حَجَر "، وسمعت وَحَاة الرعد وهو صوته الممدود الخفي. وَحَى إليه وأوحى: كلّمه بكلام يُخْفيه. واستوح لنا بني فلان ما خبرهم: أي استخبرهم. والوَحَي: النارُ ". Qتحصيل شيء في الأثناء لطيف المادة حادّ الأثر أو قويه: كوجود النار في حجرها، ومعنى المكتوب في الحجر (أو في أي مادة شديدة)، وكالشعور باقتراب المطر بسماع صوت الرعد، وكالخبر المُحَصَّل بالتلطف أي بطريقة خفية غير مباشرة علنية. ومن ذلك الإيحاء: إيقاع المعنى في القلب بطريقة خفية: كالإفهام بالإشارة {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: 11]، وبالإلهام {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [النحل: 68] ونحوه {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [الزلزلة: 5]، ونحو الوسوسة {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} [الأنعام: 121]، والإسرار {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ

زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: 112]. وفي ضوء ذلك المعنى يمكن فهم {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} [القصص: 7] وكذا ما في [طه: 38]، {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ} [المائدة: 111]: قذفت في قلوبهم: ألهمتهم: [طب 11/ 218]، ويشمل الوَحْيَ بالكلام المباشر، وبواسطة الرسل {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشورى: 51]، والإلهام، والإلقاء في الرُوع، والغرز في الطبع كما في {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} ونحوها. {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} [فصلت: 12] (وضع وأوعى) وقال الفراء: جعل فيها ملائكة فذلك أمرُها (المعاني 3/ 13). وكل ما في القرآن من التركيب هو من الوحي بأي من الطرق السابقة، والسياق يوضح الطريقة المرادة. ومن حصول الشيء القوي في الحوزة بلطف: "أَوْحَى الإنسان: صار مَلِكًا بعد فقر (ويجوز صار ذا وَحْي أي أمر أو سلطة)، والوَحَي -كالفتى: السيد من الرجال " (المالك شيئًا مادِّيًّا أو معنويًّا). ومن "اللطف مع الحدة في الأثناء "في المعنى المحوري جاء معنى الإسراع في معنى "وَحَي ذبيحته: ذبحها ذبحً سريعًا وَحِيًّا. وموت وَحِيّ -كغني: سريع. والوحا الوحا: السرعةَ السرعةَ. وتوحّ في شأنك: أَسْرِع ". ومما سبق يتبين أن الذي ذكروه [ل 258 وفي المقاييس] من أن الأصل هو الإعلام في خفاء= قاصر غير جامع، إذ لا يشمل معاني حصول الملك والسيادة إلخ.

الحاء والباء وما يثلثهما

الحاء والباء وما يثلثهما • (حبب - حبحب): {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] الحَبّ -بالفتح: حَبّ البُرّ والشعير والعَدَس والأُرْز إلخ معروف. أَحَبّ الزَرْعُ وأَلَبَّ: دخل فيه الأُكُل وتَنَشَّأَ فيه الحَبّ واللُّب. وتحبَّبَ الحمارُ وغيره: امتلأ من الماء. واستحَبّت كَرِشُ المال: أَمْسَكَت الماءَ وطال ظِمْؤها " (المال هنا: الإبل). Qتجمع الدقيق أو اللطيف مكتنزًا معًا (¬1): كما في حَبّ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الحاء للاحتكاك بجفاف واتساع فيعطي معنى العرض والصلابة، والباء للتجمع مع تلاصق ما والفصل منهما يعبر عن التجمع والتماسك الشديد مع رقة ما، كما في حب الحنطة ونحوه (كأنه دقيق متماسك)، وفي (حوب) تعبر الواو عن اشتمال (جمع) ويعبر التركيب عن التجمع مع جفاف نضوبٍ ويلزمه العجز والثقل كالحوبة بالفتح أو الضم: المرأة الضعيفة الزَمِنة. ومنه أخذ تعبير التركيب عن الإِثم. وفي (حبر) تعبر الراء عن الاسترسال، ويعبر التركيب عن أثر يدوم من تجمع لطيف كالحِبْر الوشي والأرض المحبار، وفي (حبس) تعبر السين عن نفاذ بدقة وحدّة والتركيب معها يعبر عن وقوع الجمع على ما نفذ في الأثناء فيتجمع بذلك ولا يتصرف كما في حِبْس الماء. وفي (حبط) تعبر الطاء عن ضَغْط وغلط، ويعبر التركيب معها عن انضغاط ذلك المتجمع من كثرته على فَساد وانقطاع كما في الحَبَط. وفي (حبك) تعبر الكاف عن ضغط فتوري دقيق في الأثناء والتركيب معها يعبر عن أن الجمع يتم بشد الشيء من وسطه وهو كأثنائه كما في الحَبْك. وفي (حبل) تعبر اللام عن امتداد واستقلال والتركيب معها يعبر عن تحصل ما تجمع في الأثناء بامتداد متميزًا (= مستقلًا) كالحبل في ذاته وشَدِّه الأشياء وكما تعْلَق الحُبْلَى جنينًا في بطنها.

الزرع. وكامتلاء كرش الحمار، وإمساك كرش البعير الماء. فمن حب الزرع {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ} [الرحمن: 12]. ومن المعنى "حَبُّ الغمام: البَرَدُ (ماء متجمع متجمد)، وحَبَاب الماء: موجُه الذي يتبع بعضه بعضًا " (فهو تجمعات لطيفة متوالية، وقد فُسِّر الحَبَاب بالفقاقيع فإن ثبت ذلك فيكون لأنها تنشأ على رءوس الأمواج أي للمجاورة). ومنه "حَبّ البعيرُ: وَقَف. وحُبَّ -للمفعول: أُتْعِبَ. وأَحَبَّ: بَرَك فلم يَثُرْ لكسر أو مرض أو حِران " (الوقوف والبروك تجمع وتماسك ولزوم وعدم انبساط). ولهذا التماسك وعدم الانبساط قيل "الحَبْحبة: جرى الماء قليلًا قليلًا ". والحُبُّ ضد البغض من ذلك التجمع والتلازم إذ هو تعلق القلب بالمحبوب، وملازمته إياه ماديًّا أو فكريًّا، وهذا تجمع وتلازم {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54]. وكل ما في القرآن من التركيب هو من الحُبّ عدا كلمة (حَبّة) فهي من حَبّ البرّ ونحوه والخردل. وفي قوله تعالى: {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} [ص: 32] لعل المعنى قَعَدْتُ أو لَزِمْت مكاني حُبًّا في الخير بسبب تذكري نعمةَ ربي. أي جلس يتمتع بمنظر الخيل على أنها من نعمة الله عليه. ومن قصه مع النمل {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ} [النمل: 19] قد نستطيع أن نقول إن تلك كانت عادة سليمان عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام أن يتذكر المنعِم عند تجلى النعمة له ويفرح بها فهذا من شكرها. (انظر مسح). والتفسير الأخر (أحببت) بقلبي، وتكون (حب الخير) لبيان النوع.

(حوب)

• (حوب): {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} [النساء: 2] "الحَوبة: كلُّ حُرمة تضيع إن تركها من أم أو أخت أو ابنة أو غيرها، والرجل الضعيف، وكذلك المرأةُ إذا كانت ضعيفة زَمِنة، والحاجةُ والمسكنة والفقر. ابن حُوب: رجلٌ مجهولٌ محتاج " [تاج]. Qعجز أو ثقل من ضعف: ككل من أولئك النسوة العاجزات عن التصرف القليلات الحيلة (يُلتفت إلى قوله "إن تركها ")، وقوله "ضعيفة زَمِنة "وعَدَمُ المال إلى درجة الحاجة والمسكنة والفقر يُعْجِز عن التصرف. ومن ذلك "الحَوْبة: الهمّ والحزَن ". ومن ذلك الثقل في صورة العجز عُبّر بالحُوب عن الإثم من حيث إن الإثم ثِقْل -كما عُبِّر عن الذنوب بالأثقال والأوزار {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: 13]، {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [فاطر: 18]، {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ} يعني اليتامى {إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} أي إثمًا عظيمًا، وكل مأثم حُوْب- بالضم والفتح. وقد حاب مجوب: أَثِم ". و"التحوب: التوجع والشكوى والتحزن "إنما يكون من بلاء بالغ الإضعاف أو الإيلام. وقولهم: "الحَوْبُ: الجمل الضخم "عن الليث فقد قال هو إنه سُمِّي حَوْيا برجره كما سُمِّيَ البغل عَدَسًا والغراب غاقًا. فكأن اللفظ حكائي.

(حبر)

• (حبر): {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} [الروم: 15] "الحَبِير من البرود: ما كان موشيًّا مخططًا. الحِبر -بالكسر: الوَشْى. ثوب حَبِير: جديد ناعم. أرض مِحْبار: سريعة النبات حَسَنته السهلة الدَفِئَة ببطون الأرض وسَرَارتها وأَراضَتها. الحَبْرة -بالفتح: النَعمةُ- بفتح النوَن، وسَعَةُ العيش النَعمة التامة ". Qأثر ظاهر يستحسن من تجمع لطيف (في الأثناء): كالوَشْى وهو محيط في الثوب، والثوب الناعم من رقة خيوطه ونَسْجه. والأرضُ المِحْبارُ خَصْبة الباطن والنباتُ يزينها. وكالحَبْرة النَعْمة، فإن النَعمةَ التَرَفُّهَ والتنعمَ ترجع لرِيّ الباطن بما هو حسن مفيد. وقوله تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} [الزخرف: 70] وكذلك آية الرأس جاء في [ل] "يُجبرون أي يُسَرّون يُنعَّمون ويُكْرَمون يكرمون إِكرامًا يبالَغ فيه ". فهذا كله يتمثل في طيب أنفسهم وريّها بالسعادة مع بهجة الظاهر وجماله. ومن ذلك "الحَبْر -بالفتح: العالِم "لأن قلبه زاخر بالعلم والمعاني اللطيفة، ثم هو يخرجه للناس هداية ونورًا {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ} [المائدة: 63]. وليس في القرآن من التركيب إلا الفعل (يُحْبَر) و (الأحبار). واستعمل التركيب في جمال الظاهر أي في الأثر الظاهر المستحسن "حَبّرت الشِعرَ والكلام -ض: حسّنته، التحبير: حسن الخطّ، سهم محبّر: حسن البَرْى، فلان حسن الحِبْر والسِبْر: جميل حسن الهيئة. لو علمت أنك تسمع لقراءتي

(حبس)

لحبَّرتها لك تحبيرًا: يريد تحسين الصوت. كل مما حَسُن من خط أو كلام أو شعر أو غير ذلك فقد حُبِرَ حَبْرًا وحُبِّر ". ثم استعمل في مجرد الأثر الظاهر أي بصرف النظر عن قيد الاستحسان. ومن ذلك "الحِبرُ: الذي يكتب به، والأثر من الضرب إذ لم يَدْمَ، وصفرةٌ تشوب بياض الأسنان. ورجل محبَّر -كمعظم: أكل البراغيث جلده فصار له آثار في جلده ". ويمكن أن يُلْحَظ أن وراء كل من ذلك هنا تَجمُّعًا لطيفًا بدرجة ما: حِبْر الكتابة من خلط السِنَاج أو نحوه بالماء وبما يصلحه ليكون حبرًا، وتجمع الدم تحت موضع الضرب وأكل البراغيث، وصفرةُ الأسنان طبقة. أما ما جاء في [ل] عن أبي عمرو "الحِبْر من الناس: الداهية "فهو من الجمع اللطيف في المعنى المحوري، ذلك أن الداهية ماكر، والمكر اختزان فكر. ومن تركيب (مكر) "هي ممكورة السارق أي مرتوية الساق خَدْ لة "وسِمَن الساق يكون من اختزانها الشحم. • (حبس): {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: 106]. "المحبِس -بكسر الباء، والحابسُ: مثلُ المَصْنعة يُجْعَل للماء (المصنعة ما يسمى الآن خَرَانًا)، حجارةٌ أو حشبٌ تبنَى في مجرى الماء (في واد أو نهر) لتحبسه كي يَشْرب القومْ ويُسْقُوا أموالهم. زِقٌّ حابس: ممسك للماء ". Qامتساك الشيء في حيّزٍ لا يتسيب أو ينفذ منه، لسدّ السُمُوم والمنافذ التي يمكن أن يتسرب منها. كإمساك تلك السدود المذكورة الماء. ومن الإمساك عن الانطلاق: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ}،

(حبط)

{وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ} [هود: 8] ومنه "حَبْس اللص، والمحبِس -بالكسر: مَعْلَفُ الدابة (يحبسها أو يمسك علفها فلا يتبدّد)، والمِقرمة- بالكسر: ثوب يطرح على ظهر الفراش للنوم عليه يحبس الزوائد) و (الحَبْسُ: ما وُقِف لا يورث ولا يباع ولا يوهب، (منع تصرف). • (حبط): {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] "الحَبَط -محركة: أن تأكلَ الماشيةُ فتُكْثِرَ حتى تنتفخَ لذلك بطونُها ولا يخرج ما فيها فتهلِك. وحَبِط الجُرح: عَرِب (كتعِب) ونُكسٍ- للمفعول: (بقى فيه أَثَر بعد الُبرء وغُفْرٌ، ويقال عَرِبَ السَنام: وَرِمَ وتقيح). Qفساد ما تجمع في الجوف بكثافة لعدم تصرفه: كضغط الطعام في الجوف من تجمعه بكثافة وعَدَم تصرفه في البدن أي عَدَم قبول البدن له فيفسُد وتهلِك الماشية، وكالدم يتجمع في الجُرْح ولا يقبله الجسم أي لا يمتصه فيفسد ويتقيح فيُبَطّ ليَذْهب. ومن هذا "حَبِط عمل الرجل -كتعب وضرب: عَمِل عملًا (صالحًا) ثم أفسده بسوء النية أو غير ذلك فلا يقبله الله تعالى. وأحبطه الله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة: 5]، ونعوذ بالله تعالى من حبوط العمل. وكل ما في القرآن من التركيب فهو من حبوط العمل هذا. • (حبك): {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ (7) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ} [الذاريات: 7] "الحُبْكة -بالضم: الحَبْل يُشَّدُّ به على الوسط. والحِبَاك- ككتاب: أن يُجْمع

(حبل)

خَشَب كالحظيرة ثم يُشَدّ في وَسَطه بحبْل مجمعه. والحُبْكة والحِباك أيضًا: القِدّة التي تضم الرأس إلى الغراضيف من القتَب والرَخل. والحَبْك -مصدر: الشدّ والإحكام وتحسين أثر الصنعة في الثوب " [ق]. Qشَدُّ أَسْر المتجمع من وَسَطه شدًّا دقيقًا متينًا. كما وُصِف. ومنه "حَبَكتُ عُرُوش الكَرْم بالحِبال. والحَبِيكَةُ: كلُّ طريقة من خُصَل الشعر (مجدولة مشدودة في الوسط) أو البيضة " (= الخُوذة. والحبيكة هنا وشيٌ عليها). وعلى التشبيه في التماسك مع الاطراد: "في رأسه حُبُك بضتين أي شعر رأسه متكسرٌ من الجعودة مثل الماء الساكن أو الرمل إذا هبت عليهما الريح فتجمعت على وجهيهما طرائق ممتلئة كالأمواج فتصنع ما يشبه الموجات الدقيقة الممتدة في وسط تلك المساحة {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} ج حِباك أي المشدودة الوثيقة، أو ذات طرائق النجوم المترابطة الممتدة كالحُزُم. أو (ج) حبيكة أي طرائق النجوم. • (حبل): {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103] "الحَبْل -بالفتح: الرِبَاط، والرَسَن. والحِبَالة- كرسالة: تلك التي يُصادُ بها (مصنوعة) من حِبَال. وكرُخام: الشعر الكثير. وحَبْل الرمل: قطعة من الرمل ضخمة ممتدة. وحَبِلت المرأة: امتلأ رحمها ". Qجع وثيق أو عظيم مع امتداد: كحبل الرمل وهو متجمع ممتد، وكعُلوق ما يصاد بالحبالة ليصير إلى حوزة الصائد، وما يربط بالحبل ليظل زمنًا كذلك، والحُبْلى تجمع الجنين في بطنها زمنًا طويلًا، والشعر

الكثير متجمع ممتد. {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} [المسد: 5]: الحبل هنا هو الرباط. والمسد ليف النخل أو المُقل حقيقيّ ليساعدها على حمل الشوك ذُكر تحقيرا، أو وعيدًا: فقد ماتت مختنقة بحبلها إن صح هذا، أو في الآخرة يشتعل نارا [ينظر بحر 8/ 526 - 528]. ومن الحبْل: الرباط المفتول من قطن أو كتان إلخ ما في [طه: 66، والشعراء: 44]. وللربط به استعير فعبّر به عن العَهْد والذمة، لأنه جمع بين فريقين وتقييدٌ لهما، أو لأن بالعهد يكون الأمان أي الحجز والإمساك عن العدوان {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} [آل عمران: 112]، {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} [آل عمران: 103] أي تمسكوا بدين الله .. وعهده الذي عهده إليكم في كتابه إليكم [طب 7/ 70] أي ما جعله سبحانه ووضعه ليشُدّ بعضَكم إلى بعض في دينه. ومن مادّى الأصل "حبل الوريد: عِرْقٌ في العنق "وعروق الدم أوعية للدم تجمعه في باطنها طويلًا، وهي ممتدة أيضًا {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16] "وحبال الساقين: عصبهما ". ("وهو على حبل ذراعك أي في القرب منك) "حَبِل من الشراب واللبن إلخ (تعب): امتلأ. والحُبْلة -بالضم: ثَمَر السَلَم والسَمُر (هنة مُعَقَّفة فيها حَبٌّ صِغار كأنه العَدَس مثل اللوبياء). والحبَل: شجر العنب، والقضيبُ من الكَرْم. ويقال للكَرْمة حَبَلة- بالتحريك. ويبين دخولَه ضمن المعنى المحوري للتركيب "حديثُ أَنَس رضي الله تعالى عنه أنه كانت له حَبَلَةٌ تَحْمِل كُرًّا (الكُرّ كيل قدره ستون قفيزًا) (¬1) وكان يسميها أم ¬

_ (¬1) ينظر معجم متن اللغة 1/ 89 وما حولها.

معنى الفصل المعجمي (حب)

العيال "فهي من الجمع مع امتدادها. ومن مجاز الحَبَل امتلاءِ الرَحِم او امتلاء البطن من الماء واللبن أُخذ "الحَبَل: الغضب "و "الحَبْلَ: الداهية من الرجال " (¬1). (يختزن تدابير). و"حَبَالّة الشيء -بتشديد اللام: زمانه وحينه، فالشيء مرتبط بتوقيته وأوانه. وهي على حَبَالّة الطلاق أي مشرفة عليه " (وقوع الشيء حُصُول في حيز هو الزمان هنا وهو ممتدّ. واستعمالات التركيب غزيرة ولكن كلها ترجع إلى ما ذكرنا). ° معنى الفصل المعجمي (حب): التجمع في حيز باكتناز مع جفاف أو لطف -كما يتمثل في تجمع دقيق الحب- في (حبب)، وفي الثقل اللازم لتجمع -في (حوب)، وفي تراكم الوشْى- في (حبر)، وفي الانحصار في المحبس -في (حبس)، وفي جمود العلف في البطن لا يتصرف- في (حبط)، وفي الشيء المتجمع الذي يُحْبَك -في (حبك)، وفي وجود الجنين في البطن- في (حبل). الحاء والتاء وما يثلثهما • (حتت- حتحت): {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ...} [الزمر: 73] "جاء بتَمْرٍ حَتٍّ -بالفتح: لا يلتزق بعضُه ببعض. والحَتُوت من النخل: التي يَتَناثَرُ بُسْرها. وأَحَثَّ الأَرْطَى (وهو من شَجَر الرَمْل يُدْبَغُ بوَرَقه): يَبِس. ¬

_ (¬1) كثير من استعمالات هذه الفقرة وتاليتها مأخوذة من [تاج].

والحَتَت- محركة: داءٌ يصيبُ الشجرَ تحات أوراقُها منه. والحُتات -كصُداع: أن يأخذ البعيرَ هَلْسٌ (: سُلال شديد من الهُزَال) فيَتَغَيرَ لحمُه وطَرْقه ولونُه وَيتَمَعَّطَ شَعَرُه. وانحتّ شَعَره عن رأسه، وانحَصَّ: تَسَاقط. وحَتُّ الجَرَاد بالفتح: مَيْتُه. حَتَّ الدَّمَ اليابِسَ والمَنِىَّ ونحوَه عن الثَوْب: فَرَكَه وقَشَرَه فَرَكه شَيئًا بعد شيء وحَكّه ". Qتفتت ما هو كالطبقة الرقيقة الجافة أو تسيبه شيئًا بعد شيء دقاقا متفرقة بحكّ أو ضغط (¬1): كحكّ الدم اليابس والمنى، وكتسيب ذلك التمر الذي شأنه أن يتماسك ولكنه ليس كذلك في حاله هذه، وكانحتات ورق الشجر إذا جف -لهبوب الريح مثلًا. والأرْطي ينحت هَديْه في القيظ [ينظر النبات لأبي حنيفة 5/ 25]. فالصيغة هنا لدخول زمن انحتاته. وكتمعط الشعر. والاستعمالات التي ليس فيها حكّ حقيقي استعملت ألفاظ التركيب فيها لجزء المعنى. ومن ذلك أُخِذ "الحَتّ: العَجَلةُ في كل شيء (تسيب) وحته دراهم: عجّل له النقد (سيَّبَها له بيسر). وفرس حَتٌّ: جَوَاد سريع كثير العدْو (تسيب، كما أن ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الحاء تعبر عن الاحتكاك على جفاف وعرض. والتاء للضغط الدقيق والفصل منهما يعبر عن تفتت الشيء اليابس دقاقًا بالحكّ ونحوه كما في حك الدم اليابس. وفي (حوت) تضيف الواو معنى الاشتمال، والتركيب يعبر عن تضخم من اللقم كالحوت كان معنى اسمه أنه يقشر (الدقاق) من هنا وهنا فيضمها (يشتمل عليها) في بطنه. وفي (حتم) تعبر الميم عن تضام واستواء ظاهري، والتركيب يعر عن وقوع الحتّ على ما هو متماسك الظاهر مُستويه كالحَتْم كسر الزجاج.

(حوت)

الجري بذل لمذخور القوة) وكذا بعير وظليم حَتٌّ وحَتْحَتٌ "-بفتح الحاءات. ومن هذا التركيب (على رأي ابن سيده والجوهري) حَتّى وهي بمعنى الغاية والانتهاء (وهو انقطاع للمُغَيّا وفراغٌ منه شيئًا بعد شيء -إلى بلوغ الغاية) {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ} [الكهف: 86]، {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 32]. • (حوت): {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا} [الأعراف: 163] "الحُوت -بالضم: ما عَظُم من السمك معروف. والحَوْتاء من النساء: الضَخْمة الخاصِرتين المُسْتَرْخِيةُ اللحْم. حات الطائر على الشيء: حام حَوْله. وقد حات الطائرُ والوحشُ حَوْل الماء أو غيره يَحُوت: حامَ. وقد حات به يحوت ". Qاستدارةُ الجرم عِظَما والتفافًا أو دَوَرانا: كذلك الحَوَمان. وكجسم الحوتاء الموصوف، واسترخاؤه يبديه كما لو كان فارغ الأثناء. والحوت عظيم الجرم مستديره وهو مشهور باللَقْم وهو يؤدي إلى عظم الجرم ويصلح لتعليل تسميته. قال تعالى: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ} وقال الشاعر: كالحوت إن لم يلقَ شيئًا يلقَمُه .. يصبح ظمآنَ وفي البحر فمه وقال آخر: {حُوتًا إذا مازادُنا جئنَا به} وهو بذلك أَصْدَقُ ما يُطْلَقُ على ما يسميه [المُنْجِدُ] (البال) انظر لوحة الأسماك فيه. ووجه إطلاقه في الأسماك عامة هو التشبيه به في الحركة الخفيفة المتعرجة دائمًا (.. غير مستقيمة) فهي أشبه بالدوارة. وليس في القرآن من التركيب إلا الحوت وجمعه حيتان. ومن الأصل "حَاوتَه: رواغه (دَاوَرَه) والحائت: الذي يُكْثِر العَذْل) (يداور لثبت استحقاق المَلُوم اللومَ وما إليه).

(حتم)

• (حتم): {كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم: 71] "الحَتَمة -محركة: القارورة المفتتة. والتحتم: تكسُّر الزجاج بعضه على بَغض، وتفتُّت الثُؤْلول إذا جف، والهَشَاشة- كسحابة. والحُتامة- كرخامة: فُتَات الخبز الساقط ". Qتفتت المتماسك ظاهريًا (على ضَعْفٍ) قِطَعًا منفصلةً محدودة الامتداد: كتكسر الزجاج وتفتت الثؤلول ركل ما هو هش كالخبز الرقيق الجاف. ومنه "الحاتم: الحاكم (يفصل بحكمه ويجزم ويقضى ويقطع) والحتم: القضاء من ذلك " {كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا}: قضاءً قضاه وحكم به وفَصَل القول فيه. ومن الأصل "الحاتِم: المشئوم (الذي يَقْطع الخير) وسَمَّوا الغراب لذلك حاتمًا لأنه كان عندهم نذير فراق (والغراب أسود عادة. ومنه قالوا الحُتْمة -بالضم: السواد كأنهم يقصدون (الغُرَابية) أي السواد الغرابي). ° معنى الفصل المعجمي (حت): هو تفتت الرقيق الجاف حكًّا، كما في التمر الحتّ- في (حتت)، وفي الدِقاق أو الكثير الذي يلتقمه الحوت فيضخم -في (حوت)، وفي كسر الزجاج ونحوه في (حتم). الحاء والثاء وما يثلثهما • (حثث- حثحث): {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} [الأعراف: 54] "الحُثّ -بالضم: الرمْلُ الغليظُ اليابسُ الخَشِنُ، وحُطامُ التِبْن، والمدْقُوقُ من

(حوث- حيث)

كل شيء. وسويق حُثٌّ ليس بدقيق الطحن، وكُحْل حُثٌّ كذلك، وتمر حُثٌّ: لا يلزق بعضه ببعض ". Qتسيب الشيء قطعًا جافة خشنة -أو نفاذه ونشوءه كذلك (¬1): كما هو واضح في الحُثّ بمعانيه، ومنه "حَثّه: أعجله في اتصال (كأنما جعله أو دفعه ليتسيب أي يسرع، فالبطيء كالمقيد، وقد يُؤَوَّل الحث بالمخاشنة). وحثْحَثه كحَثه وحَثَّثه: حَضَّه. والحثحثة: الحَرَكة المتداركة (تسيب متوال) وقَرَب حثحثات: شديد ليس فيه فتور. {ولَّىَ حَثِيثًا}: مسرعًا حريصًا. ورجل حثيث ومحثوث: جادٌّ سريع {يَطْلُبُهُ حَثِيثًا}. ومن الحركة الخشنة: "حثحثت المِيلَ في العَيْن: حَرّكه " (حساسية العين تجعل كل حركة فيها خشنة) [المِيل: قضيب من الزجاج دقيق ناعم]. ثم قالوا: "ما ذقت حَثاثًا أي نومًا "وأرى أن المقصود به النومُ القليل بدليل قوله "نَومٌ حِثاث -ككتاب أي قليل "فمثل هذا النوم متقطع عن قلق أو انزعاج أو تعب. • (حوث- حيث): {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 149]. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الحاء للاحتكاك على جفاف وعِرَض، والثاء للتعبير عن قِطَع دِقاق كثيفة، والفصل منهما يعبر عن تسيّب الشيء قطعًا خشنة كما في الحُثّ: الرمل الغليظ اليابس الخَشِن. وفي (حوث - حيث) تعبر الواو عن اشتمال والياء عن اتصال فعبرت (حوث) عن اشتمال ما يشبه الرمل من تراب ونحوه - تركمًا كالحوثاء الكبد فهي دم متجمد، أو تغطية لشيء. وعبرت (حيث) عن المكان الذي يصدر منه الشيء (أو يستمد).

[قال كثيرون إن حيث أصلها حَوْث (ل، تاج] كما أنه ليس في باب حيث إلا استعمالها هي ظرف مكان]. "أحاث الأرض واستحاثها: أثارها [ق]، استحاث الأرضَ: إذا ضاع فيها شيءٌ وطَلَبَه منها. والاستحاثة: الاستخْراج. [تاج]. استَحَثْثُ الشيءَ: إذا ضاع في التراب فطلبته، وهي كالانتباثة ". Qإثارة التراب المتراكم ونحوه طلبًا لما هو موجود تحته. كما هو واضح. ومنه (حيث) ظرف مكان للشيء أي المكان الذي يوجد فيه الشيء ويُخرَج أو يصدر منه -كما في آية الرأس. وهو لازم للظرفية، و (ما) بعدها تجعلها لعموم الأماكن التي يحلها الإنسان {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 150] أي في أي موضع كنتم [ينظر بحر 1/ 305، 603 - 604] وكذلك كل {وَحَيْثُ}، (حيثما) في القرآن. {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222]: من الجهة التي أمر الله تعالى وهو القبل، لأنه هو المنهي عنه في حال الحيض [بحر 2/ 179]. {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124] هذا إنكار على الذين قالوا {لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ} [الأنعام: 124] فالله تعالى هو الأعلم بالجهة التي يضع فيها رسالته، وقد وضعها في مَنْ اختاره لها وهو محمد - صلى الله عليه وسلم -. وظرفية (حيث) هنا مجازية. المقصود بها شخصه - صلى الله عليه وسلم -[ينظر بحر 2/ 218] وأرى أن ظرفية (حيث) تشمل اللغة التي صيغت بها هذه الرسالة. ومن يبث المتراكم يتأتى معنى التَفْريق. "أحاثه: حَرَّكه وَفرَّقه. تركهم حَوْثًا بوثًا: إذا فَرَّقَهم وبددهم ".

معنى الفصل المعجمي (حث)

أما الحَوْثاء الكَبِد، أو الحَوْثُ عِرْق الحَوْثاء للكبد -فلعل سر تسمية الكبِد حوثاء أنها دم متراكم متجمد معًا. وقام التجمد مقام خشونة التراب وجفافه. ° معنى الفصل المعجمي (حث): تسيب الشيء قطعًا جافة صغيرة كالرمل اليابس الخشن -في (حثث)، وكالتراب المتراكم- في (حوث). الحاء والجيم وما يثلثهما • (حجج- حجحج): {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ} [آل عمران: 20] "الحَجَج -محركة: الوَقْرة في العظم (¬1). والحُجُج- بضمتين: الطرُقُ المُحَفَّرة. وحِجَاج العين- ككتاب وسَحَاب: العظم المُطْبِقُ على وَقْبَتِها "كَنَّت الضَبُعُ أولادَها في حِجَاج عَيْن رجل من العماليق (زعموا): أي عَظْمِ العين المحيط بالحدقة. وجلس كذا وكذا نَفَرا في حِجاج عين السمكة التي قَذَفَ بها البَحر " [انظر ل]. Qتجوف كهفي صُلب أو مَتين (يحمي ضعيفًا في داخله) (¬2) - كحِجاج العين (يحمي مُقْلَة العين بكل ما حولها) وكوقرة العظم ¬

_ (¬1) جاء في ل "الحجة -بالفتح والكسر: ثُقبة شحمة الأذن أو خَرزة أو لؤلؤة تعلق في الأذن "اه وكلاهما معنى احتمالي مستنتج. قال [في المقاييس 2/ 31] "وفيه نظر ". (¬2) (صوتيًّا): الحاء للاحتكاك بجفاف وعرض (يتحصل منهما هنا عرض الشيء مع جفافه) والجيم للجرم المتجمع الهشّ مع حرافة ما، فيعبر الفصل منهما عن نحو الكهف الصُّلْب للشيء الضعيف كالحِجاج للعين. وفي (حوج - حيج) زيد معنى الاشتمال أو الإمساك فعبر التركيب عن فراغ حوزة يتطلب الملء كما عند المُحْوِج. وفي (حجب) =

وحُفَر الطريق. ومنه "رأس أَحَجّ: صُلب (شديد محكم على ما فيه. وأعلى الرأس قِحْف صُلْب تحته تجوّف كهفي) واحتجّ الشيءُ: صَلُب (ظاهره). ومه "حَجَّ الجُرْحَ: سَبَره ليعرف غوره ". (فهذا دخول لشيء صلب في تجوف كالكهف فهو من الإصابة. (والعامة تقول الشمس حَجَّتْ أي غَرَبت أي أنها دخلت في تلك الفَجْوة التي في نهاية الأفق) ومنه "حَجَّ البيت: قصده (زاره) (دخل حَوْزَته وحَرَمه. ولعل الأصل كان دخول البيت (: الكعبة) كما في الآية الآتية. وفي تخصيص الحجّ بزيارة بيت الله الحرام -زاده الله تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابة وبرًّا- إشارة إلى أنه كهف ومأْمَن (صُلْب) لمن دخله قال تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] ويترجح لدىّ -أخذًا من أن المعنى اللغوي المحرر للحج هو الدخول، ومن هذه الآية أيضًا، أن الحج كان يحصل في الزمن الأول بدخول الحاج البيت (الكعبة نفسها) دخولًا حقيقيًا، ثم طرأ ما جعلهم يقتصرون على دخول حيّزه وحَرَمه. ويؤيد هذا ما روى عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تمنى أن يعيد بناء البيت ليضيف إليه ما تركت قريش منه، وليجعل له بابين يلصقهما بالأرض، لأنهم رفعوا بابها "تَعَزُّزًا لئلا يدخلها ¬

_ = تعبر الباء عن معنى التجمع مع تلاصق ما، ويعبر التركيب عن حائل لاصق بالشيء يستره كالحجاب، ولا (حجر) عبرت الراء عن الاسترسال، ويعبر التركيب عن صلابة تمنع النفاذ والاختراق كأن ذلك من التداخل الشديد. ولا (حجز) تعبر الزاي عن معنى الاكتناز والازدحام، ويعبر التركيب عن حائل شديد بين شيئين أو بين الشيء وما يراد حجزه عنه كما في حُجَز الثياب والأُزُر والحجْز بين المتقاتلين.

(أي الكعبة) إلا من أرادوا " [الجامع الكبير للسيوطي مخطوط جـ 2/ 736 و 746] ويؤخذ مما في [الدر المنثور 2/ 270 - 272] أنه منذ الجاهلية كان مَنْ جَرَّ جريرة قَتَل أو سَرقَ إلخ ثم لجأ إلى الحرم لم يُهيَجْ ولم يعاقَب حتى يخرج بنفسه، فقطعوا السبيل إلى ذلك برفع باب البيت فلا يُدْخَل إلا بسُلّم. وهذا يتطلب إجازة السَدَنة ومن بيده مفتاح الكعبة. {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} [البقرة: 125] {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158]. والذي في القرآن من هذا التركيب هو (أ) حج البيت كما في هذه الآية، وكلمة (الحجّ) وما في [آل عمران 97، والتوبة: 19] وكلمة {حِجَجٍ} جمع حِجَّة بمعنى عام- وهي من أن الحج لا يكون إلا مرة كل عام ب). "الحُجّة -بالضم: البرهان "وهي من المعنى المحوري كأنها ظرف قوي صلب للرأي يحفظه ويدعمه. و "المحاجّة: المجادلة "من هذا كلٌّ يأتي بحُجَّته {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} [البقرة: 258]. ومنه كل الفعل {حاجّ} ومضارعه، و {يتحاجون} وكل كلمة {حُجَّة} بالضم. ومن الأصل "حَجَّجَ الرجل: نَكَص " (تراجُعٌ وغثورٌ إلى الخلف أو إلى ما يظنه مأمنًا) -وكذا "حَجْحَجَ ": أراد أن يقول أو يندفع وَفْقَ ما في نفسه ثم أمسك (تراجع وارتداد إلى الجوف)، "وعن الشيء: كفّ وتوقف وارتدع. وتحجحجوا بالمكان: أقاموا به فلم يبرحوا ". وأما حَجَّ بمعنى قصد، وزار فمن الغثور في جِرمٍ تجمَّعَ أي الاتجاه إلى وسطه وهي في هذا قريبة من عَمَد [انظر التركيب] إلا أن (عَمَد) نصٌّ في عقد النية بالقلب على شيء وأقوى في ذلك.

(حوج- حيج)

• (حوج- حيج): {وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ} [غافر: 80] "الحاجُ: نبت. قال أبو حنيفة وهو الذي يسميه أهل العراق العاقول. وله شوكة حادة .. وشوكُه طوال مستوية حادّة " [النبات 5/ 120، وتاج وقد ذكره في الواوي واليائي]. Qنقص منفعة أو طَلِبة أو التعوق عنها ويلزم عنه طلبها: كما يعوق ذلك النبت ذو الشوك الحادّ من يريد أن يَعْبُره خشية من أذى شوكه، لأنه ليس شجرًا مرتفعًا إنما هو مرعى أرضى. قال الزبيدي عن العاقول "نبت معروف له شوك ترعاه الإبل يطلع على الجسور والترع "فالذي يطلع على الجسور والترع يكون كالنجيل أو أطول قليلًا -لا شجرًا. وقد رأيت العاقول. ثم أقول إن "الحَوْج -بالفتح: الطلب، والحُوج -بالضم: الفقر، والمأرُبة "هي من ذلك العوق فهو تعبير باللازم وأصله ما يشعر المرء بأنه مَعُوقٌ عنه أو يَنْقُصه من مال أو غيره. وقد عرّف أبو هلال (الحاجة) بأنها القصور عن المبلغ المطلوب، وفرق بينها وبين النقص بأن النقص سببها [تاج] فالقصور صورة من التعوق أو الاستعاقه. وفي [الخصائص لابن جني 2/ 127] عن الحاج هذا أنه يعتاق من مرّ عليه، وردّه ابن جني إلى معنى الجذب، وهو بمعنى الطلب، أي طلب ما نقص. هذا، والثلاثي منه حاج يَحُوج ويَحيج: احتاج {إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا} [يوسف: 68]، {وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا} [الحشر: 9]-أي لا يجدون مسّ حاجة من فَقْدِ ما أُوتوا- أي لا يحسُد الأنصارُ المهاجرين على ما خُصُّوا به من مال الفيء وغيره [قر 18/ 23]. و (حاجة) في آية الرأس: رغيبة كانت تنقصهم.

(حجب)

• (حجب): {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 32]. "الحَجَبَتان -بالتحريك: حَرفَا الوَرِك اللذان يشرفان على الخاصرتين. والحاجبان العَظْمان اللذان فوق العينين بلَحْمِهما وشَعْرهما. وحجاب الجوف: ما يحجب بين الفؤاد وسائره لحمة رقبقة كأنها جلدة قد اعترضت مستبطنة بين الجنبين تحول بين السَحْر (= الرئة) والقُصْب (= الأمعاء) " [تاج]. Qحماية أو ستر للشيء بحائل قوي يحجز غيره عنه. كما تحيط الحجبتان بقاع البطن وما فيه كالحَوْض له، وكما يُغطِّى الحاجبان مُقلةَ العين. وكما يحجز حجابُ الجوف القُصْبَ عن القلب والرئة. ومعنى {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 32] "غابت الشمس واستترت بما يسترها من الأفق " {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53]. {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ} [الأعراف: 46] أي بين النار والجنة -لأنه جرى ذكرهما- حاجزٌ أي سور، وهو السور الذي ذكره الله له قوله {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ} [الحديد: 13 - قر 7/ 211]. {وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} [فصلت: 5] أرى أن هذا تعبير ثالث عن الإعراض [ينظر قر 15/ 339] {جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسراء: 45] في (مستورا) قولان: أحدهما أن الحجاب مستور عنكم لا ترونه، والثاني أن الحجاب ساتر عنكم ما وراءه. ويكون مستورًا بمعنى ساتر " [قر 10/ 371] والأول أقوى معنى. ولم يبق من ألفاظ التركيب القرآنية إلا (حجابا) في [مريم: 17، (محجوبرن) المطففين: 15] وهما واضحان.

(حجر)

• (حجر): {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ} [البقرة: 74] "الحاجِر: ما يُمسك الماءَ من شَفَة الوادي ويحيط به، والجَدْرُ الذي يمسك الماء بين الدبار (الدَبْرة= مجرى الماء في المزرعة) والحُجْرةُ -بالضم: من البيوت معروفة، وحَظِيرة الإبل. والمَحْجِر- كمجلس: الحَدِيقة. وحَجَرْت الأرضَ واحتجرْتها: إذا ضَرَبْتَ عليها مَنَارًا تمنعها به من غيرك ... " (والحِجَار -ككتاب: سور أو نحوه على ظهر البيت يمنع السقوط) والحَجَر -محركة: الصَخْرة. ومَحْجِر العين- كمجلس: ما دار بها من العظم الذي في أسفل الجَفْن ". Qالحفظ ومنع الاختراق لصلابة مسترسلة تَحول- كما يمنع الحاجرُ والجَدْرُ والمنارُ والسورُ ومحجر العين العينَ. والحَجَر شديدُ التماسك لا يُخترق. {فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ} [البقرة: 60] وهو معروف وكل (حَجَر) و (حِجَارة) فهي من هذا، والحُجرة محجورة عن غير أهلها. {وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} [الحجرات: 4]. ومن ذلك "حَجَر عليه (نصر): منع منه. والحِجْر- مثلثة وكمجلس: الحرام (الممنوع) {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ} [الأنعام: 138]، {وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا} [الفرقان: 22]: حَرَامًا محرمًا [أبو عبيدة 2/ 73] وفي آية 53 منها {بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا} أي سترا مستورا يمنع أحدهما من الاختلاط بالآخر [قر 13/ 59] وحِجْر البيت الحرام -بالكسر: ما حواه الحطيمُ المُدَارُ بالبيت من جانب الشمال. و "حِجْر الإنسان- بالكسر والفتح- ما بين يَديه من ثوبه. نشأ فى حَجْره أى حفْظه وسَتره (وموضعه يجعله مثاليًّا للحفظ) {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] والحِجْر كذلك:

(حجز)

الفَرَس التي تُتخذ للنسل، جَعَلوها كالمحرَّمةِ الرَحِم إلا عل حِصان كريم ". وقد تكون التسمية لأنها (عقيلة) لصاحبها لاتباع. ومن ذلك أيضًا "الحِجْر: العقل "لأنه يحفظ ويمنع كما سمى عقلا {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} [الفجر: 5] وأخيرًا فهناك الحِجْر: عَلَم على منطقة في الجزير {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ} [الحجر: 80]. • (حجز): {وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا} [النمل: 61] "حُجزة الإزار -بالضم: حيث يُثْنَى طَرَفه في لُوْثهِ، وهي للسراويل: موضع التِكَّة. ويقال لكل شيء يَشُدّ به الرجلْ وَسَطه ليُشَمِّرَ ثيابَه: حِجاز- ككتاب ". (وحَجْزُ العِدْل وهو حِمْل أحد جانبي الدابة) أن يُدْرَج الحَبْل عليه ثم يُشَدّ (يعْقَذ). والحجاز- ككتاب: حَبْل يناخ عليه البعيرُ ثم يُشَدُّ به رُسّغَا رجليه إلى حقويه وعَجُزه؛ لتُداوَى دَبَرتُه فلا يستطيع أن يمتنع، إلا أن يَجُرَّ جنبَه على الأرض ". Qمنعٌ "شديد "للشيء من أن يتسَيّب عن وضع ما أو إلى شيء آخر: كالحُجْزة والحجاز بمعنييه. ومن مادى ذلك أيضًا: "الحُجْز -بالضم: الناحية (حيّز خاص لا يختلط بغيره)، والحَجْز -بالفتح: الفصل بين الشيئين أو المتقاتلين. والحاجز والحجاز- ككتاب هو اسم ما فَصَل بينهما ". {وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا} أي حجازًا بين ماء مِلْح وماء عذبٍ لا يختلطان وذلك الحجاز قدرة الله " [ل] {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة: 47] (يحجز أي يدفع ويردّ العذاب عمّن يراد أن

£° معنى الفصل المعجمي (حج)

يناله ويخالطه). وفُسر الحجاز في قوله: {ونحن أناس لا حجاز بأرضنا) بالجبال فالجبل يمنع ويردّ ما في جانب منه لا يخالط الجانب الآخر. وسُمّيت أرض الحجاز شرفها الله تعالى بأن فيها سلسلة من الجبال حجزت بين نجد وتهامه [ينظر ل 196]. ومن ذلك أيضًا "حُجْز الرجل -بالضم: فصل ما بين فَخِذه والفخذ الأخرى من عشيرته " (الفخذ، هنا أحد تفرعات القبيلة. فالشخص الذي يتميز عنده الفرع كأنه حاجز عن الفرع الآخر) ومن هنا "حُجْز الرجل -كذلك: أَصْلُه ومنبته "لأن الفرع ينسب إليه أيضًا. و "رجل شديد الحُجزْة -بالضم: صبور على الشدة والجَهْد " (حجزة الإنسان: معقِد السراويل والإزار- كناية). أما "الحَجَز -محركة: أن تتقبض أمعاء الرجل ومصارينه من الظمأ فلا يستطيع أن يكثر الشرْبَ ولا الطّعمّ "فهو من المنع الشديد لكن بمعونة الصيغة فالحَجَز -محركة مصدر لفَعِل بكسر العين وهي قد تأتي للمطاوعة كما هنا. والمطاوعة من باب المفعولية. ° معنى الفصل المعجمي (حج): الحيلولة بصُلب أو شديد كما يتمثل في حجاج العين -في (حجج)، وكما يتمثل في تعويق نبات (الحاج) من يريد أن يجتازه- في (حوج)، وفي (حاجب) العين الذي يحميها -في (حجب)، وفي منع اختراق (الحجَر والحجرة) - في (حجر)، وفي منع (الحاجز) تسيبَ الشيء إلى ما هو محجوز عنه -في (حجز).

الحاء والدال وما يثلثهما

الحاء والدال وما يثلثهما • (حدد): {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} [سبأ: 10] "حدّ كل شيء: طَرفُ شَباته كحدّ السكينِ والسيف والسِنان والسَهم. وقيل الحدّ من كل ذلك: مارَقّ من شَفْرته. ومُنْتَهَى كلِّ شَيء حدُّه. ومنه أحد حدود الأَرَضِين وحدود الحرم. وحد كل شيء: منتهاه. حدَّ الشيءَ من غيره: ميّزه. الحدّ: الفصْل بين الشيئين لئلا يختلط أحدُهما بالآخر أو لئلا يتعدى أحدُهما على الآخر. وفَصْلُ ما بين كل شيئين حدٌّ بينِهما ". Qإيقاف الامتداد والتخطى للشيء أي إنهاؤه أو منعه (¬1): كحد السكين والسيف في ذاتهما برقتهما إلى الانقطاع أو بعملهما وهو قطع الامتداد، وكحدود الأرضين وحدود الحرم. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الحاء للاحتكاك بعرض وجفاف والدال للضغط الممتد والحبس، والفصل منهما يعبر عن نهاية الامتداد أي إيقافه وحبسه. وفي (حيد) تعبر الياء عن الاتصال فيعبر التركيب عن تباعدٍ (انتهاءٍ) عن الوجه مع الامتداد (= اتصال) فِى اتجاه آخر. وفي (وحد) تعبر الواو عن اشتمال ويعبر التركيب عن التفاف الشيء على ذاته كأنه طرف منقطع عن غيره فهو منفرد. وفي (أحد) تؤكد الهمزة (المبدلة من الواو) بضغطتها معنى الانتهاء فيتأكد معنى الانفراد. وفي (حدث) تعبر الثاء عن نفاذ دقاق بكثافة، ويعبر التركيب عن نوع من كشف الكثيف وإظهار ما تحته وهو معنى الجدة والاستحداث. وفي (حدق) تعبر القاف عن غلظ وتعقد في العمق، ويعبر التركيب عن نحو إحاطة (الحد) شيء ذي بال في عمقه كالحدقة بإنسان العين والحديقة بما فيها.

ومن ذلك "الحدود: النهايات، والعقوبات الي تَحُدّ أي تمنع من ارتكاب الكبائر وتُوقِف عن ارتكابها. "قال الأزهري: فحدود الله عز وجل ضَرْبان ضرب منها حدود حدّها للناس في مطاعمهم ومشاربهم ومناكحهم وغيرها مما أحلَّ وحرّم وأمر بالانتهاء عما نَهَى عنه منها ونَهَى عن تعديها. والضرب الثاني عقوبات جُعِلَت لمن رَكِب ما نُهِى عنه كحد السارق، وهو قطع يمينه في ربع دينار فصاعدًا .. سميت حدودًا لأنها تَحُدّ أي تمنع من إتيان ما جُعِلت عقوبات له. وسميت الأولى حدودًا لأنها نهاياتٌ نَهَى الله عن تعديها {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187] والانتهاء توقف عن التخطي والامتداد. ومن هذا كل كلمة (حدود) في القرآن الكريم. ووقف الامتداد والتخطي منعٌ منه. قالوا "حَدّ الرجلَ عن الأمر: منعه وحبسه، والحدّاد: البواب، والسجّان يمنعان، وهذا أمر حَدَد -محركة أي منيعٌ حرام لا يحل ارتكابه. وحُدّ الإنسان- للمفعول: حُرِم الظفر. وحَدَّ الله عنا شرَّ فلان: كفه وصرفه. وحَدّهْ صرفه عن أمر أراده ". ومن هذا حِداد المرأة "المُحِدّ هي المرأة التي تترك الزينة والطيب بعد زوجها للعدة ". أي هي ممنوعة منها. وقولهم "مالك عن ذلك حَدَد أي مصرَف ومَعْدل "، الأصل لا انقطاع ولا انتهاء عنه، كما قيل (لابُدّ) وأصلها (لا فراق). والحديد: الجوهر المعروف سمي بذلك "لأنه منيع "أي صُلْب. وتأويل هذا اشتقاقيًّا أنه لا يقبل الانشقاق أو التفتت بالضغط المعتاد. أي بما ينشق ويتفتت به غيرُه. والتفتت والتشقق تسيب وانتشار، فهو من امتناع الانتشار الذي هو من جنس الامتداد {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [الحديد: 25]

(حيد)

{وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} [سبأ: 10] [انظر (بأس) هنا]. و"إحداد السكين ونحوها " (: جعلها حادّة، ويكون ذلك بترقيق حدها أي طرَفها بشحذها ومسحها بحجر أو مبرد فتكون ذات حد يقطع وُينْهي). ومن معنوى هذا: {سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ} [الأحزاب: 19] تؤذي فتمنع التواصل. ومن هذا: الفعلُ حادّ {يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22] وكذلك مضارعه (أي حارب الله ورسوله برفض الإيمان، والصد عن سبيل الله، وتعذيب من آمن) إلخ. وقد فُسِّرَت المحادّة بأنها مفاعلة من الحَدّ كأن كل واحد منهما يجاوز حَلَّه إلى الآخر فهي معاداة ومخالفة ومنازعة. ويمكن أن تكون من الحِدّة السابقة {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [المجادلة: 5]. ولنفاذ الحادّ في الأشياء واختراقه إياها (وهو من صور قطع امتداها) وُصِفَت به قوة البصر {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: 22] والرائحة الحادّة: ذكية (نفاذة أيضًا) ومن هذا أيضًا "الحِدّة (المعنوية): النشاط والسرعة في الأمور والمضاءُ فيها ". وليس في القرآن من التركيب إلا (الحدود) و (الحديد) والحدّة والمحادّة وقد ذكر ناهن. • (حيد): {ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق: 19] "الحَيْد -بالفتح: حرفٌ شاخص يخرج من الجبل فيتقدم كأنه جَناح. وجَبل ذو حُيُود وأحياد. وحُيود العُودِ: عُجَره. وحُيود القَرن: ما تلَوَّى منه- وحَيْد الرأس: ما شخص من نواحيه ".

(وحد)

Qشخوص متباعد عن الاتجاه الأصلي: كحُيود الجبل والعود والقرن. ومنه "حادَ عن الطريق والشيء يَحُود ويَحِيد: عَدَل (شخص عنه جانبًا) {ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} و "حايَده: جانَبه ". • (وحد): {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163] "الواحد أولُ عدد الحساب بُني على انقطاع النظير وعوز المثل. صلينا وُحدانًا أي منفردين جمع واحد. فجعله في قبر على حدة أي منفردًا وحدَه. رأيته وحده، جلس وحدَه أي منفردًا. توحّد برأيه: تفرد. ورجل وَحَد -محركة مُتَوحد منفرد لا أحد معه يؤنسه، وأَوْحَدَت الشاةُ: وضعت واحدًا "، ورجل واحدٌ: متقدم في بأس أو علم ". Qانفراد الشيء فلا يكون معه مثله: {حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: 4]، {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 11]، {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} [المدثر: 11]. هذه حال من الخالق سبحانه وتعالى أو من المخلوق. وكل ما في القرآن من التركيب هو بمعنى الانفراد الصريح هذا عدا {وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ} [العنكبوت: 40، وكذلك ما في البقرة 33] فالمقصود أنه هو هو عينه، فالاختلاف درجة من التعدد. وذلك أرادوا في قولهم "أصحابي وأصحابك واحد، الجلوس والقعود واحد "وكذلك {يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ} [الرعد: 4] فالمقصود بنفس نوع الماء. وكذلك كل {أُمَّةً وَاحِدَةً} [البقرة 213] وسائرها. على نفس الملة والمعتقد لا على ملل مختلفة.

(أحد)

• (أحد): {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] [في ل (أحد) أن (أَحَدًا) هنا أصلُها (وَحَد) أُبدلت الهمزة من الواو. وقال في معنى اسم الله الأحد: إنه هو "الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر "اه وفيه "استأخذ الرجل: انفرد ". وقد جاء في شعر النابغة في وصف ثور {بذي الجليل على مُسْتأْنِسٍ وَحَد} ومعنى الوَحَد هنا المنفرد] وأقول إنهم جعلو هنا تركيبين (وحد) و (أحد) وجعلوا لكلٍّ أحكامًا [ينظر حاشية الشهاب 2/ 246] وخلاصة ما أرى أنه تركيب واحد معناه الانفراد، لكنه انفراد مقترن بشيوع، فإذا وقع في غير سياق الإيجاب بأن كان في سياق نفي أو نهي أو استفهام أو شرط فإن معناه (أيّ واحد) ولمعنى الشيوع هذا جاز {بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} [البقرة 136 ومثلها ما فيها 185، 285] آل عمران 84، النساء 152]. وإذا وقع في سياق إيجاب وكان مضافًا ظل معناه (أيّ واحد)، لكن من أفراد المضاف إليه. والشيوع يتحقق بعدم قصد التعيين وهو بذلك المعنى في القرآن كله في الحالتين. وإن وقع في سياق إيجاب وهو غير مضاف تحول معنى الشيوع إلى إطلاق، وعبّر لفظ (أحد) عن الانفراد المطلق، كما في {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. وما أورده [ل] يعني أن المبالغة في تعبير (أحد) هنا عن الوحدانية تتمثل في أنها أزلية. وهذا وجه جيد، لكن هناك وجهًا آخر لهذه المبالغة يؤخذ من تفسير الأحد بالمنفرد هو التفرد أي تفرده سبحانه بالتصرف في كل أمور ملكه ومخلوقاته، كما قال سبحانه {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]. وذلك بالإضافة إلى التفرد الذاتي. {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] (أي واحد)، {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} [الأحزاب: 32] أى ليست

(حدب)

أي واحدة منكن كأي واحدة من النساء من حيث إن الواحدة منكن أم للمؤمنين، وزوجة لخير المرسلين، ونزل القرآن فيها وفي بيوتكن [ينظر بحر 7/ 221]. {لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ} [فاطر: 42] أي ليكونن أكثر اهتداء من أي أمة ممن كذب الرسل من أهل الكتاب [ينظر قر 14/ 358] والذي في [بحر 7/ 304] غريب. {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} [يوسف: 4] [ينظر حاشية الشهاب 2/ 246 و 8/ 411، ومواضع لفظ أحد في فهرس الدر المصون، والآلوسي 30/ 271 - 272]. • (حدب): {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96] "الحَدَب -محركة: خروج الظهر ودخول البطن والصدر. موضع الحدب في الظهر الناتي. وقد حَدِبَ ظهره واحدَوْدب وتحادب. الحَدَبة: ما أشرف من الأرض وغلظ وارتفع، ولا تكون الحدَبة إلا في قُفٍّ أو غِلظ أرضٍ. حَدَبُ الماء: موجُه. الأَحْدب: النُؤْي لِاحْدِيدابه ". Qانحناء الشيء بنتوء وسطه عن سائره. كنتوء الظهر عن جانبى البدن ونتوء النؤى والحُدوب الموصوفه. وقوله تعالى {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} أي من كل أَكَمة وكل موضع مرتفع ". ومن معنويه: "حَدِب فلان على فلان وتحّدب: تعطف وحنا عليه يقال هو له كالوالد الجَدِب. والمتحدِّب: المتعلق بالشيء الملازم له ". فهذا من الانحناء كما يقال حنا عليه وتعطف عليه وجنأَ عليه ".

(حدث)

• (حدث): {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11] "شابٌّ حَدَث -محركة: فتِيّ السنّ. والحَدَثانُ- محركة: الفأس التي لها رأس واحدة. ومُحادَثة السيوف: جِلاؤها. وأحدث الرجل سيفَه وحادثه: جلاه ". Qالكشف عن الشيء وإظهاره بالنحت أو الكشط أو ما إليهما من القطع: كالسيوف التي تُجْلَى، والفأس تكشف وجه الأرض، والشاب الفتى: ناشئ (مستجد) كأنما كُشِف عنه وظهر الآن (وكذا الشيء الحديث ضد القديم) ناشئ الآن. ومن الكشف يأتي "الحديث: الخبر (يكشف عما في النفس) {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} {حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الأنعام: 68] {وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ} [المؤمنون: 44] {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا} [الزمر: 23] {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة: 4] في [بحر 8] حديث حسن صحيح غريب أخرجه الترمذي أن أخبارها أن تَشهدَ على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها تقول عمل كذا يوم كذا وكذا. قال - صلى الله عليه وسلم - فهذه أخبارها "ومنه يُعْلم أن التحديث حقيقي، أما الكيفية فالله أعلم بها. وما في القرآن من الفعل (تُحدّث) المضارع، وأمره، و (حديث) وجمعه (أحاديث) فهو بمعنى الإخبار هذا. جاء في [قر 9/ 129] {وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} [يوسف: 6] أي أحاديث الأمم والكتب ودلائل التوحيد "اه وفي [بحر 5/ 282] أنها أو منها عبارة الرؤيا. ومن إظهار الأمر يتأتى الإيجاد: "حَدَث أمر أي وقع. والحدَث -محركة: الأمر الحادث. وأحدثه الله: أوقعه وأظهره. {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}

(حدق)

[الطلاق: 1]، {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ ..} [الأنبياء: 2]، (أتاهم بعد ما سبق من ذِكْر) وكل ما لم نذكره من التركيب فهو من الإحداث الإنشاء أو الجِدّة. و (محدَث) في هذه الآية، وكذلك [الشعراء: 5] يراد: في النزول وتلاوة جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه كان ينزل سورة بعد سورة، وآية بعد آية، لا أن القرآن مخلوق [قر 11/ 267]. • (حدق): {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا} [النبأ: 32] "حَدَقة العين: سَوادُها الأعظم. والحديقةُ من الرياض: كلُّ أرضٍ استدارت وأَحْدقَ بها حاجزٌ أو أرضٌ مرتفعة. وكلُّ بستانٍ عليه حائطٌ فهو حديقة، وما لم يكن عليه حائط لم يُقَل له حديقة ". Qالإحاطة بشيء في الوسط أو العمق: كسواد العين يحيط بإنسانها في وسطه وجوفه، وكالحاجز بالحديقة وسطه {وَحَدَائِقَ غُلْبًا} [عبس: 30] ومثلها ما في [النمل: 60] ومنه "حَدَق بالشيء وأحدق به: استدار وأحاط به ". ومن حدقة العين: "حَدَقُوه بأبصارهم: رَمَوْهُ بها. والتحديق شدة النظر بالحَدَقَة " (من باب الإصابة بالشيء). ° معنى الفصل المعجمي (حد): قطع ومنع لما شأنه الامتداد كعمل حدّ السكين -في (حدد)، والشخوص من أثناء الشيء خلوص كالانقطاع مع الامتداد- في (حيد)، والانفراد -في (وحد)، والتفرد- في (أحد) دقة كالانقطاع، والوجود امتداد. والكشط ونحوه الذي في (حدث) قطع، وتجلي الشيء بلا صدأ ثبوت وامتداد. والإطار الخارجي للشيء يمتد حوله في الحدقة والحديقة وهو دقيق السمك أو القيمة بالنسبة لما في وسطه.

الحاء والذال وما يثلهما

الحاء والذال وما يثلهما • (حذذ- حذ حذ): "قطاة حَذّاء: قصيرةُ الذنَب قليلةُ الرِيش. ويدٌ حَذَّاء: قصيرة. والحَذَذ: خِفّة الذَنَب واللِحْية. والحُذة -بالضم: القطعة من اللحم، وامرأة حُذْحُذ -بالضم: قصيرة ". Qقِصَرُ نِبْتَةِ (أو بِنْيَةِ) ما شأنه الامتداد وسرعة انقطاعها (¬1): كالشعر والريش وما ذُكر. ومنه: "أمر أحذّ: سريع المَضاء، وصَريمة (أي عَزيمة) حَذّاء: ماضية (سرعة نفاذ وتمام دون ذيول أو تراخ) ورَحِمٌ حَذّاء: لم توصل (قُطِعت). وقَرَبٌ (= سَيْرٌ) حَذْحَاذٌ -بالفتح وكتُماضِر: سَرِيع " (خفيف ماض أو بخُطًا قصيرة سريعة). • (حوذ): {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ} [المجادلة: 19] "الحاذُ: طريقةُ المتن من الإنسان، والحاذان: ما وقع عليه الذَنَبُ من أدبار ¬

_ (¬1) (صوتيًا): تعبر (الحاء) عن احتكاك بعرض مع جفاف، و (الذال) عن نفاذ جرم على شيء من الغلظ والقصر، والفصل منهما يعبر عن قصر نِبْتة الغليظ أو قطع امتدادها كقصر اليد والريش. وفي (حوذ) تعبر الواو عن الاشتمال والاحتواء، ويعبر التركيب معها عن إحاطة ذلك النافذ الغليظ الشيءَ بموازاته كالحاذ والحاذين. وفي (حذر) تعبر الراء عن الاسترسال، ويعبر التركيب عن شدة (التوتر) (= استرسال الغلظ) كما في الحِذْرية وأعلى الجبل ومنه أخذ الحَذَر.

(حذر)

فَخِذَى الدابة. الحاذ والحال: ما وقع عليه اللِبْد من ظهر الفرس ". Qضم مع تواز وامتداد: كما هو حال الحاذ من الإنسان والفرس بما فيه من إحاطة ممتدة متوازية، وكذلك الحاذان ممتلئان ومتوازيان (عرّفهما في اللسان بأنهما "لحمتان في ظاهر الفخذين تكونان في الإنسان وغيره "أي أن الامتلاء ملحوظ وهو ضَمٌّ. ومن ذلك "حَاذَ: حَاطَ. أَحْوَذَ ثوبه: ضمه إليه. وأمر مَحُوذ: مَضْمُوم محكم " {أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 141]: نَحُطكم ونَضُمّكم "استحوذ عليهم الشيطان "استولَى عليهم وغلبهم. وردهما [قر 5/ 419] إلى الغَلَب، وهو لازم المعنى. ومن المادّي "أحوذ الصانع القِدحْ: أخَفّه "فهذا ضمور وهو تضامٌ. ومن الضم المعنوي "الأَحْوذِيُّ: المنكمش الحادّ الخفيف في أمره المشمِّر في الأمور القاهر لها لا يَشِذ عليه شيء. وأحوذ قصيدته: أحكمها. ومن استعمال "الحاذ "على المثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليأتين على الناس زمان يُغْبَط الرجلُ فيه لخفّة الحاذ كما يُغْبَط اليومَ أبو العشرة "ضرب - صلى الله عليه وسلم - قِلّةَ لحم الحاذ (= متن الظهر) مثلًا لقلة ما يضمه الرجل (أو يحمله على ظهره) من الأولاد. وحال زماننا هذا يجعل هذا الحديث من أعلام نبوته - صلى الله عليه وسلم -. • (حذر): {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: 71] "الحِذْر: -بالكسر: الأرضُ الغليظةُ من القُفِّ الخَشِنَة، وأعلى الجبل إذا كان صُلبًا غليظًا مستويًا ". Qتَوَتُّرُ أثناءِ الشيء أي اشتدادها وتداخلُ بعضِها في

بعض مع غلظة ظاهره -كتلك الأرض والجبل. ومن ذلك الأصل "الحَذَر- محرّكة وبالكسر: الاحزاز ورجل حذر- ككتف .. : متيقظ شديد الحذر ". (فالاحتراز والتيقظ: انتباه وتوتر أعصاب وشدها كما يقال، ويلزمه إعداد السلاح لمواجهة العدو المباغت). وليس في التركيب تعبير عن الفزع أو الخِيفة إلا بقدر أنّ هذه تسبب الحذر -على عكس ما في عبارة [ل]. قال تعالى: {خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: 71 وكذا ما في 102] أي احذَروهم أو خُذُوا السلاحَ حَذَرًا -[قر 5/ 273] {وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ} [الشعراء: 56] قرئت حَذِرون أي مُجْتَمِع مستعدّ قد أخذنا حِذْرنا وأسلحتنا. وقرئ "حاذرون "قال [قر 13/ 101] ومعناه معنى حَذِرون أي فَرِقُون خائفون. كذا قال: وما كان فرعون وحاشروه ليعترفوا بأنهم فَرِقُوت خائفون، فالمعنى الأول أَدَقّ وأوفقُ لمعنى التركيب. وفي قوله تعالى: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ} [البقرة: 19] أي تحرُّزًا من الموت أو اتقاءَه كما يؤخذ من [طب 1/ 353، 54] وكذلك ولم يعلق عليهما [قر 1/ 220، 3/ 231] (أي تحرُّزًا منه) {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور: 63] فليتحرزوا من ذلك أو فليتقوه بعدم المخالفة. {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28] قال [طب 6/ 317]: يخوفكم الله من نفسه أن تركبوا معاصيه (هو كذلك وإنما الأصل في ما أرى: ينبّهكم اللهُ أن تتحرّزوا من عِقابه بطاعته في ما أمر ونهى حيث المصير إليه. ويشهد لما قلت قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 30] إذ التنبيه إلى التحرّز مما يوجب العقوبة أنسب وأولى بالرؤوف، بينما التخويف يباعد الرأفة.

معنى الفصل المعجمي (حذ)

ولذا لم يصرح الطبري هنا بتفسير التحذير بالتخويف. ونظير هذا ما في تركيب (وقى) فكثيرًا ما فسرت التقوى بالخوف ومما هي به في الأصل. وكل مفردات التركيب القرآنية هي بمعنى التحرّز -حسب ما أسلفناه. ° معنى الفصل المعجمي (حذ): القِصَر أو الانقطاع مع الغلظ كما في القطاة الحذّاء- في (حذذ)، وكما في الإحاطة (وهي قَصْر من جنس القِصَر) بغليظ كما يتمثل في الحاذَيْن -في (حوذ)، وكما في أعلى الجبل حيث يتضامّ مع صلابته- في (حذر). الحاء والراء وما يثلهما • (حرر- حرحر): {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} [الإنسان: 12] "حَرّ الأرض يجَرها -بالفتح: سوّاها بالمِحَرّ، فأَخَذ المُثار من المكان المرتفع (أزاحه إلى المكان المنخفض) ". "طين -حُرٌّ- بالضم: لا رَمّل فيه. ورَمّلَة حُرّة: لا طينَ فيها. والحَرّة -بالفتح: أرض مستديرةٌ- مَسِيرةُ ليلتين أو ثلاث- فيها حجارةٌ أمثالُ الإبلِ البُروك كأنما شُيِّطَت بالنار (أو .. أُلْبِسَتْها حجارةٌ سُودٌ نَخِرةٌ كأنما مُطِرَت) وما تحتها أرض غليظةٌ من قاعٍ ليس بأسود وإنما سَوّدها كثرة حجارتها وتدانيها ". Qخلوص الشيء من الغليظ الذي يعروه أو يخالط أثناءه (بأن يخرج منها) فيصفو ويَنْقَى (¬1): كحَرّ الأرض الموصوف، وكخلوص الطين ¬

_ (¬1) صوتيًّا: الحاء للاحتكاك بجفاف وعرض، والراء للاسترسال، والفصل منهما يعبر عن خلوص الشيء من الغليظ بكشفه وإزاحته بعيدًا كما في حَرّ الأرض، وخلوص الحرير =

من الرمل، والرملِ من الطين. وحجارة الحرة تعد خارجةً نافذة من أثناء الأرض، والأرض تحتها قاعٌ أي ليست وعرة، وإنما هى طين متماسك. وتماسكه هو المقصود بوصفه بالغلظ هنا. ومن مادى ذلك "الحَرِير من الثياب "فهو رقيقٌ ناعم ليس فيه غلظ ¬

_ = من الخيط الغليظ، وفي (حرو- حرى) تعبر الواو عن الاشتمال والياء عن الاتصال، ويعبر التركيبان عن نقص (يناسب الخلوص) يكون فجوة (للاشتمال) في (حرو) ويعم الجرم في (حرى)، وفي (حور) يحوّل توسط الواو التركيب إلى التعبير عن استدارة الجِرم المنتقَص كالحَور القعر. وفي (حير) تضيف الياء بتعبيرها عن الاتصال معى إمساك المسترسل كالماء في الحائر. وفي (حرب) تضيف الباء التعبير عن ضمٍّ أو تضامٍّ بعد ما أُخذ أو خَرج من الشيء -كشكل الحربة. وفي (حرث) تعبر الثاء عن ثوران ذاك الخارج كتلًا كحرث الأرض. وفي (حرج) تعبر الجيم عن تجمع (هلامي) له حدّة ما، ويعبر التركيب عن وجود جرم عظيم يزحَم كما في الحَرَجة، وفي (حرد) تعبر الدال عن ضغط وحبس، ويعبر التركيب عن جفاف الباطن بعد الذاهب كأنما ضُغِط فحبس عنه الماء. وفي (حرس) تعبر السين عن نفاذ بدقة وحدة وامتداد، ويعبر التركيب عن البقاء بالحفظ من الانتقاص، وفي (حرص) تعبر الصاد عن النفاذ بغلظ، ويعبر التركيب عن قشر الدقيق المنتشر قشرًا غليظًا أي بقوة كحَرْص المرعى، ومنه جاء معى الجمع. وفي (حرض) تعبر الضاد عن غلظ وحدة، ويعبر التركيب عن خَرْط مادة غليظة حادة محتواة كما في الحُرْض وتأثيره. وفي (حرف) تعبر الفاء عن نفي وطرد، ويعبر التركيب عن انتهاء يتمثل في نهاية امتداد الجرم. وفي (حرق) تعبر القاف عن التعقد في الجوف، ويعبر التركيب عن وصول الذهاب والهلاك إلى عمق الشيء فيحوله فيصير بلا تماسك كالشيء المحترق، وفي (حرك) تعبر الكاف عن ضغط عثوري دقيق فلا يتم النفاذ إلا بعسر وضعف كما في الحركة والحارك. وفي (حرم) تعبر الميم عن تضام الظاهر أي (الغلاقه) على هذا الباقي بعد الذاهب مساحة نقية ممنوعة مما لا يناسبها كالحَرَم.

{وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [الحج: 23، فاطر: 33] وما في الإنسان: 12]. والحُرّ -بالضم: حَيّة دقيقة مثلُ الجانّ أبيضُ، وفرخُ الحمام، ووَلَدُ الظبي (كلها رقيقة ذاهبةُ غِلَظِ الجسم). وحُرّ الوجه -بالضم: مسايلُ أربعةِ مدامع العينين أو الخَدّ (أجزاء غائرة نسبيًّا ورقيقة كأنما أُخِذ غَلْظُها ونتوؤها) وكذا الحُرّتان: الأذنان (رقيقتان خاليتان من العظم). وحُرّة الذِفْرَى: مَوْضعُ مجال القُرْط (فجوةٌ ذَهَبَ ما يملؤها) وحُرّ الفاكهة: خِيارها (خالصة من رديئها) وحُرُّ كل أرض: وَسَطُها وأطيَبُها. وحُرّ الدار: وسطها وخيرها (مكشوف لا غَلْظ عليه) وفَرَسٌ حُرٌّ: عتيق. والحُرّ من كُلِّ شيء: أعْتَقُه ". و"الحُرُّ من الناس: أخيارهم وأفاضلُهم، ونقيضُ العبد (لا إصْر ولا غلظ عليه خالص) {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: 178] وحَرَّر العبد: (أعتقه وجعله حرًّا) - {وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] وكذا كل (تحرير رقبة). والمحرَّر- كمعظّم: النَذِير من الأولاد لخدمة الله في مُتَعبّداته {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: 35]: "عتيقًا من خدمة كل شيء سواك " [طب 6/ 329]. "لخدمة بيتك، لا يعمل للدنيا، ولا يتزوج، ويفرّغ لعمل الآخرة، ويكون في خدمة الكنيسة البِيعة " [آلوسي 3/ 133]. ومن الأصل "الحَرّ -بالفتح: ضد البرد (إما من خلوص الشمس بأشعتها إلى الناس عند عَدَم الغيم، وإما من أنها تحَرُّ الأبدان تكاد تسلخها وتُخْرِجُ عَرَقها المِلَح) والحَرُور: حَرّ الشمس، وقيل: استِيقادُ الحر ولَفْحُه نهارًا أو ليلًا {وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ} [فاطر: 21]، {وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا} [التوبة: 81]، وكذا ما في النحل: 81]. والحِرّة -بالكسر وكسحابة: أشدُّ العطش (حرارة في الجوف) وامرأة حريرة: حزينة مُحْرَقَة الكبد. ومن الأصل "اسْتَحَرّ القتلُ والموتُ:

(حرو- حرى)

اشتدّ (أَخَذ مجموعات كبيرة من بين الناس) والحارّ: الشاق المتعِبُ الشديد " (غِلْظَةٌ مُبرْحة). • (حرو- حرى): {فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} [الجن: 14] "الحَرا، كفتى: موضع البَيْض، وكِناسُ الظبْي. والحارَبةُ -كبادية: الأَفْعَى التي قد كَبِرت ونَقَص جسمُها من الكبر ولم يبق منها إلا رأسُها ونَفَسها وسُمُّها. والحَروة -بالفتح وكسحابة: حرافة في طعم نحو الخردل " (والفلفل وكالإحساس بحرقة الكحل). Qانتقاص من (ظاهر) جرم الشيء مع حوز لمهم فيه. كنقص جسم الأفعى مع بقاء سمها، وكموضع البض وكناس الظبي فكل منها فجوة تحوز، والحرافة كالقَشْر) ومنه "مازال جسمه يَحْرِي "أي ينقض، والقمر يَحْرِي (رمى) أي بَعْدَ أن يَتِمّ): يَنْقص الأولُ منه فالأول. ومنه الحراة -كفتاة: الساحة والعَقْوة (خالية كالفجوة بين البيوت) ومنه "الحَرَا: جَناب الرجل وما حوله ". ومن ذلك تحرّي فلان بالمكان: تلبث " (كأنه وَجَد حراة أي فجوة تحيز فيها). ومن المعنوى "تحرَّى الأمرَ: قَصَدَه وتوخّاه. التحري: القصْد والاجتهاد فى الطلب والعزم على تخصيص الشيء بالفعل والقول " (كتحري القِبلة، وتحري طلوع الشمس فهو اجتهاد فى طلب الشئ كأنما يَنْبُثُ عنه والنبث انتقَاص من ظاهر جرم الشيء كالبحث). {فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} قَصَدُوه وتَوَخَّوْه [قر 19/ 17] (اجتهدوا في طلبه والوصول إليه. ومنه تحرى الشرطة الآن) وقولهم "فلان حَرِىّ بكذا: خليق به وحَرَى أن يكون كذا أي عسى للرجاء (كأنما فُحِص له موضع وهُيِّئ) أي تهيّأ له وتمهد.

(حور)

• (حور): {كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} [الدخان: 54] "الحَوْر -بالفتح: القعر، والعمق. والحَوْراء: الكَيّة. والمحارة: الصَدَفة أو نحوها من العَظْم، وباطِنُ الحنك، وجَوْف الأذن ". Qتجوف مع استدارة: كما هو واضح في القعر وأثر الكية إلخ. ومن التجوف يؤخذ الغئور نحو الجوف وهو من صور النقص. كما يؤخذ من الاستدارة الدَوْرُ والرُجوع إلى ما بُدئ منه. فمن الغئور والنقص "حارَ عامته: نَقَضَها. وحوّر الخبازُ الخَبُزَ بالمحور -ض: بَسَطه " (بعد أن كان كتلة كالكرة) "والحَوْر- بالفتح والضم: النُقْصان بعد الزيادة. وحارت الغُضَّة: انْحَدَرت في الجوف. واستُحِير الشرابُ -للمفعول: أُسِيغ. والمِحْور- بالكسر: الحديدة التي تدور عليها البكرة، وهنة يدور فيها لسان الإبزيم " (غائران في الباطن). "وما أحار له جوابًا: مارَدّ (من جوفه -كالإجابة من الجوبة) والمحاورة المجاوبة من هذا: سمعت حِوارَهما وحَوِيرَهما. واستحارَه: استنقطه (استخرج ذلك من جوفه) {وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} [المجادلة: 1]، وكذا {يُحَاوِرُهُ} في [الكهف: 34، 37]. ومن الاستدارة وهي عَوْدٌ على بدء (تتبّعُ خط الدائرة يعيد إلى نقطة البداية) {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} [الانشقاق: 14] (لن يرجع حيًّا أو لن يرجع إلينا). وحُوار الناقة -كغراب: "ولد الناقة من حين يولد إلى أن يفطم ويُفْصَل ". (من الْتفافه حول أُمّه تعلقًا بها. كما قالوا له بعد فطامه فصيل).

وقد استعملت بعض مفردات التركيب بمعنى "البياض "وهو يتأتى من الانكشاف بعد الانتقاص من الظاهر -كما عبروا عن شديد البياض بالأقشر، ويتأتى البياض أيضًا من الخلاء المرتب على الغئور إلى الباطن (فقد عبروا عن الخالي بالأبيض، واستعملوا السواد في التجسم وانشغال الظاهر -ينظر سود، بيض) كما يتأتى (البياض) من لزوم الجوف (أي البيوت) بالنسبة لنساء المدن، أمما اللاتي يخرجن إلى المرعى في البادية فتُلَوّحُهُنّ الشمسُ. كما قال العرب لابنته. {فالزَمِي الخُصّ واخفِضِي تبيضِضِّي} [ل بيض]، والأعراب يسمون نساء الأمصار: الحَواريات "لبياضهن وتباعدهن عن قشف الأعراب بنظافهن. والأحورِىّ: الأبيض الناعم من أهل القرى، والحوراء: البيضاء لا يقصد بذلك حَوَر عينها "وجمعهن حُور {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن: 72] وكذا كل (حُور). وقالوا أيضًا في الحُور إنهن الشديداتُ بياضِ بياضِ العين أو هذا مع شدة سَواد السواد (وهذا يتضح أكثرَ بالعَيَن وهو اتساع العين) وقد ربطوا ذلك ببياض البَدَن أيضًا. وقد قال الأصمعي لا أدري ما الحَوَر في العين. وما جاء في [قر 16/ 153] أن الحَوَر أن تسود العين كلها "= لا وجه له. و"الحُوَّارَى -كشُقارى: الدقيق الأبيض وهو لباب الدقيق وأجوده وأخلصه (من القِشْر) (فهو باطن الحَبّ) والجَفْنة المحوَّرة التي يعلوها الشحم ". (لبياضه، وأنه من الجوف). و"الحَواريون: صفوة الأنبياء الذين قد خَلَصوا لهم "يترجح لدى أنه من الاستدارة أي لقربهم منهم ومداخلتهم والالتفاف حولهم (ولا سند لزعم تعريبها) وتعريف بعض اللغوين إياهم "بخُلَصاء الأنبياء وصَفْوتهم "هو تعبير

(حير)

آخر عن هذا إلا أنهم نظروا إلى خُلوص اللون أي نقائه في لُباب البُرّ [التهذيب 5/ 229] {قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} [آل عمران: 52] وكذا كل (الحواريون/ الحواريين). أما أنهم كانوا قَصَّارين يحوِّرون الثياب أي يبيضونها غَسلًا فلو صح لكانت ظاهرة لا تُغْفل. وإنما. أوردوا في الأناجيل الموجودة أنه كان منهم الصياد والصيرف والطبيب. • (حير): {كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ} [الأنعام: 71] "الحائر: مجتمعُ الماء/ حوضٌ يُسَيَّب إليه مَسِيلُ الماء من الأمطار/ المكانُ المطمئنُّ (الوسطِ المرتفعُ الحروف) يجتمع فيه الماء فيتحير لا يخرج منه. واستحارَ المكانُ بالماءِ وتَحَير: تَمَلَّأ. وتَحَيّر فيه الماءُ: اجتمع ودارَ. وتحيَّرت الدِبار (أي مجاري الماء في المزرعة) كأنها زَلَف -بالتحريك أي خزانات. والحائر: الوَدَك. ومَرَقة متحيرة: كثيرة الإهالة والدَسَم. والمحارَة: الصَدَفة. والحير -بالفتح: شِبْه الحظيرة أو الحِمَى ". Qتردّد المائع ونحوه في مكان (مجوف) يحيط به فيُمْسكه (لا ينصرف منه): كالماء في الحائر ومجاري الماء، وكالوَدَك في اللحم والمرق. وكالذي يستقر في جوف المحارة من أحياء مائية أو لآلئَ دهرًا. ولملحظ الاحتباس وعدم التصرف قال الأزهري [ل 304] "والعرب تقول لكل شيء ثابتٍ دائمٍ لا يكاد ينقطع: مستحيرٌ ومتحيرٌ ". ومن التجمع (بسبب الاحتباس وعدم التصرف) "مال حَيَر -بالتحريك وكعنب: كثير. وكذا الأهل: (فهب له أهلًا ومالًا حِيَرا)

(حرب)

وهذه أنعامٌ حِيَرات أي متحيرة كثيرة، وكذلك الناس إذا كثروا ". ومن ذلك: "حارَ بَصَرُه وتحيّر: إذا نظر إلى الشيء فعَشىَ بَصَرُه " (فيثبت بصره ولا يرى) وكذا "حار وتحير واستحار: لم يهتد لسبيله/ وقف لا يعرف وجهًا يسلكه " (ينصرف منه). قال سيبويه: وحَيران في معنى سَكران، لأن كليهما مُرتَجٌ عليه [أدب الكاتب لابن قتيبة ص 467] {كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ} وقالوا: لا أفعل ذلك حَيْرِيَّ دَهرٍ -بالفتح: أي طُولَ الدهر (بقاء لمدة طويلة). • (حرب): {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ} [سبأ: 13] "الحَربة -بالفتح: الآَلَّةُ دون الرمح. وسِنَان مُحرب -كمعظم- إذا كان محددًا مؤَلَّلًا. والحِرْباء -بالكسر: دُوَيبة معروفة. والحارب: المشلِّح أي الغاصب الناهب الذي يُعْرِى الناسَ ثيابهم. حرَب الرجلَ يحرُبه (طلب): أخَذ مالَه وتركه بلا شيء. وحَرِبَ هو (فرح): أُخِذَ ماله كله ". Qسَلْبُ الشيء أي سَحْبه وأخذه بقوة أو حدّة. كسِنّ الحرْبة يكون محددًا دقيقًا رأس المثلث، فكونه عريضًا عند أصله ثم يستدق شيئًا بعد شيء كأنما يُسلب أو يقتَطَع إلى سِنِّه، والحِرْباء مُسنَّمة الظهر والرأس، وكالذي يفعله الحارب. ومن هذا "حَرابيّ الظهر: سَناسِنُه (أى حروف فَقاره)، أو لَحْمُ المتن (مسنم رقيق). والحُرْبة -بالضم: الجوالق والغرارة (مجمع فيها ما حُرِب). ومن ذلك "حَرِبَ الرجل (فرح): اشتد غضبه كأنما سُلب شيئًا فاحتدَ. والحرْب ضد السلْم من الأصل فقد كان السَلْب من أهم أهدافها. قال أبو تمام:

[والحرْبُ مشتقة المعنى من الحرَبَ} (¬1) وهي تتم بحدّة. وفعلُها حَارَبَهُ. والمفاعلة للمحاولة أو لتبادل السلب بين الطرفين. {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ} [الأنفال: 57] ولم يَرِدْ فعلها ثلاثيًا (ويمكن أن تكون من المحادّة) ومن هذا: الفعل (حارب)، (يحارب)، (الحرب) في القرآن. ومن الأصل "المحراب: عُنُق الدابة (يمتد من الجسم مستدِقّ الأعلى أي مسَنَّمة كظهر الحرباء) وكذلك المحراب: ماوى الأسد " (زُبيَة الأَسَد تكون في قمة الجبل) ومن ذلك كله نفسر المحراب في قوله تعالى: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ} {وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ} [آل عمران: 37 - 39] {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ} [مريم: 11] {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} [ص: 21] بأنه "خلوة مرتفعة (غرفة) (¬2) ينفرد فيها الرجل أو المرأة عن الناس فذاك هو الذي يتأتى معه استعمال: دخل، وخرج، تَسَوَّرَ. وفي [ل] شاهد آخر "دخل محرابًا له فأشرف عليهم عند الفجر "وقد فُسر المحراب في مواضع أخرى في [ل] بالقَصْر (وهذا يجوز للانفراد) وبالمسجد (وهذا لا يجوز إلا تسامحًا) ويصح إطلاقه على المكان الذي يُخَصَّص لكبير القوم أو كبارهم بكونه مرتفعًا أو في الصدر أو نحو ذلك (ومحراب المسجد اليوم من ذلك لأنه يسمح للإمام وحده بالتقدم أمام الناس)، ¬

_ (¬1) في الأمالي ط 1 ص 4 .. عن أب بكر بن الأنباري (أنهم -أي عرب الجاهلية كانوا يكرهون أن تتوالى عليهم ثلاثة أشهر لا تمكِنُهم الإغارةُ فيها لأن مَعَاشهم كان من الإغارة ... ". (¬2) الغرفة: الحجرة التي تكون في الطابق الثاني أي فوق حجرة أرضية.

(حرث)

أما ما كان الجن يعملون لسليمان {مِنْ مَحَارِيبَ} [سبأ: 13] فلعلها كانت غُرَفا أوَ خَلَوات أو قصورًا. • (حرث): {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} [الشورى: 20] "أرض مَحروثة ومُحرَثة -كمُكرَمة: وُطِئت حتى أثاروها. (والحرث: شق الأرض بالمحراث، وإثارتُها قَلْبها من أجل زرعها) (¬1) والحُرثة -بالضم، والحَراث- كسحاب: الفُرضة التي في طرف القوس للوتر. والحُرثة أيضًا: ما بين منتهي الكمَرة ومَجْرى الختان. وحَرَثتُ النارَ: حَرّكتها، والمحراث: خشبة تحرك بها النار في التنور ". Qشقُّ السطح الملتئم وإثارتُه بإخراج بعض ما استوي به ظاهرُه كُتَلًا. كالأرض المذكورة وأماكن الحوافر فيها. وكفُرضة القوس والعضو، وكتحريك حَطَب النار وإثارته. ومن ذلك الحَرْث والحِراثة: العمل في الأرض زرعًا كان أو غرسًا لأنه يسبقه إثارة الأرض. {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: 63، 64]، والحرث: الزرع لأنه يخرج من الأرض بذلك {كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ} [آل عمران: 117]، وكل {حَرْثَ} في القرآن فهو بهذا المعنى الآية الآتية. {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: 223] فهذا على التمثيل لأنهن مزدرع بذور ¬

_ (¬1) هذا استعمال لم تذكره معاجمنا القديمة، مع أنه عربي صحيح، ويؤخذ من استعمالات التركيب كما هو واضح. وينظر تعليق بهذا على طرة [تاج] (حرث).

(حرج)

الرجال. ومن الأصل "حرث: تَفَقه وفَتَّشَ (يفحص في العلم ويقلبه) وفي الأثر "احرثوا هذا القرآن "أي فتشوه وثَورو .. والحرّاث -كشداد: الكثيرُ الأكل (يقتطع كتلًا من الطعام فيفنيها). وحَرَث ناقته وأحرثها إذا سار عليها حتى تُهزَل " (يذوب شَحمها وَيذهب). أما (الحرثُ: الكَسبُ "فمن إثارة المستكن الملتئم واستخراجه- كما في المعنى المحوري. {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِ} [الشورى: 20] "الحرث: العمل والكسب .. ، والمعنى: من طلب بما رزقناه حرثًا لآخرته، فأدّى حقوق الله، وأنفق في إعزاز الدين (فإننا) نعطيه ثواب ذلك للواحد عشرًا إلى سبعمائة فأكثر. [قر 16/ 18] .... ". • (حرج): {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: 6] "الحَرَجة -محركة: الغَيضَةُ. الشجرُ الملْتَف .. / تكون من السَمُر والطلْح والعَوسَج والسَلَم والسِدْر .. ملتفَّة لا يقدر أحد من الراعية أن يَنْفُذَ فيها. ومكان حَرَج -محركة وكتعِب: ضَيّق كثير الشجر ". Qضيق المكان من كثافة الشجر العظيم المرتفع فيه فيعسر النفاذ فيه أو منه. كما هو واضح من تفسير الحرَجَة. ومن ذلك الحِرْج -بالكسر: قلادة الكلب وكل حيوان (تمسكه في المكان وتضيّق عليه فرصة النفاذ منه). ومن معنوى ذلك "الحرج -بالكسر وبالتحريك: الإثم أي الحُرْمة المانعة من اقتحام أَمْر {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا} أي مانع أي ليس إثم ولا حرمة في {أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ} [النور: 61] [وانظر قر 12/ 313]. وحَرِج صدره

(حرد)

(كتعب): ضاق "كأنما زَحَمَه هَمٌّ وتجمع فيه {فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ} [الأعراف: 2]، {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]: تضييق {لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ} [النساء: 65]: ضيقًا. وكل (حَرَج) في القرآن فهو بمعنى الضيق الشديد أو المنع {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام: 125] وهو شدة الضيق. الحرَج: موضع الشجر الملتفّ، فكأن قلب الكافر لا تصل إليه الحكمة -كما لا تصل الراعية إلى (ما في) الموضع الذي التف شجره (من مرعى) [قر 7/ 81]. و "الحرِج -كفرِح: الذي لا ينهَزِم ولا يبرح القتال (صامد يَضِيق على نفسه أن يتقهقر)، والذي يهاب أن يتقدم على الأمر " (يضيق على نفسه سبيلُ التقدم). ومن مادّيه "الحرجة -محركة: مئةٌ من الإبل، والحرَج- محركة: خشب يُشَدُّ بعضه إلى بعض (كثافة) تحمل فيه الموتى، والناقة الطويلة الجسيمة على وجه الأرض كالحُرجُوج -بالضم (تزحم)، والحِرج- بالكسر: جماعة الغنم، والثياب التي تبسط على حبل لتجف (كالسَدّ) وحَرَج أنيابَه (نصر): حَكَّ بعضها إلى بعض من الحَرَد " (زحم بعضها ببعض ضغطًا بقوة من الغيظ). • (حرد): {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} [القلم: 25] "الحَريد: السمك المقدّد. وحاردت الإبلُ: انقطعت ألبانها أو قلّت. والحارد والحَرُود: القليلةُ اللبنِ من النُوق ". Qجفاف الباطن ويُنسُه بذهاب الندَي والطراءة منه. ومنه: "الحرَد -محركة: أن ييبس عصب إحدى يَدَي البعير من العقال: وحبل

(حرس)

فيه حُرود: اشتدت إغارة قُواه حتى تعقدت وتراكب (القُوّة هنا: أحد الحبال الدقيقة التي تفتل معا فتكوّن الحبل الغليظ، وبشدتها يَيْبَس، وهي له كالباطن) ومنه "المُحَرّد من الأوتار -كمُعَظَّم: الذي يظهر بعض قواه على بعض وهو المُعَجر. وبيت محرّد: مسنَّم (كان غليظًا في جوفه جعل وسطه ناتئًا) والحِرد -بالكسر: مَبْعَر البعير والناقة (مخرج الشيء الندِيّ والغض) وحَرَدت من سنام البعير حَردًا: قطعت منه قطعة " (شحم السنام طرى في باطنه والقطع إذهاب). ومن معنوى ذلك "حَرِد الرجل: غَضِبَ أو اغتاظ فتحرَّشَ بالذي غاظه وهمَ به (جفافٌّ وحِدّة فى الجوف) وحَرَد الرجلُ (ضرب): قصَد ". (النية عمدة في القلب) {فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} [القلم: 23 - 25] على نية عقدوها {أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ} وجفاف الباطن في المعنى المحوري يتأتى منه (المنع) أيضًا، وهو أولى في الآية كحِرَاد النوق. والغضب يتأتى من جفاف الباطن أيضًا، ولكن لا وجه له في الآية إلا لمعنى المنع أو القسوة المؤدية إليه. ومن الأصل "حَرَد حرودًا: تنحّى عن قومه ونزل منفردًا " (جفاف أو جفاء قلبي). • (حرس): {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا} [الجن: 8] "بناء أَحْرَسُ: أصم قديمٌ عَادِيّ أتى عليه الحَرسُ وهو الدَهْر. والحريسة: جدار من ججارة يُعْمَل للغنم لأجل الحراسة لها والحفظ ". Qبقاء الشيء بحفظه من أن يُنفذ (إليه): كالبناء الأصم، وكعمل جدار الغنم. والواضح أن المقصود أنه حائط يحوطها. ومن هذا حَرَسَ

(حرص)

الشيءَ (ضرب ونصر): حَفِظه. واحترس منه: تحَرز. وتحرّس منه واحترس: تحَفَّظَ. والحرَسُ: (الحفَظَة) "ومنه ما في آية الرأس. وقد جاء "حَرَسَ الإبلَ والغنمَ (ضرب) واحترسها: سَرَقها ليلًا فأكلها ""احترس الغِلمَةُ ناقة لرجل فانتحروها. الاحتراس: أن يؤخذ الشيءُ من المرعى. ويقال للذي يسرق الغنمَ مُحْتَرِسٌ، وللشاة التي تُنرَق ليلًا حَرِيسة. ويقال للشاة التي يدركها الليل قبل أن تصل إلى مُراحها: حَريسة. وفي الحديث: حريسةُ الجبل ليس فيها قطع، أي ليس في ما يُحرَس بالجبَل إذا سُرق قطع لأنه ليس بحِرز. سُئل عن حريسة الجبل فقال: فيها غُرْم مثلها وجَلَدات نكالًا. فإذا آواها المراح ففيها القطع ". وفي [تاج] أن الزمخشري قال: هو مما جاء على طريق التهكم والتعكيس، ولأنهم وجدوا الحُراس فيهم السرقة. ونحوه: كلُّ الناس عدول إلا العدول. فقالوا للسارق حارس، وحسبناه أمينًا فإذا هو حارس "أي أنه جعل هذا من تطور دلالة الكلمة بأثر ما اقترن بمعناها الأصلي. وبالنظر إلى القيود: أ) أنها تؤخذ من المرعى. ب) أو ليلًا. ج) في الجبل. د) تذبح أو تنحر فتؤكل. يترجح لديّ أنها سميت كذلك لبقائها في الجبل أي تخلفها عن القطيع ضلالًا، وكأن أصل هذا "التي تركت في الجبل فبقيت فيه ". • (حرص): {حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} [التوبة: 128] "الحرصِيان: جلدة حمراء بين الجلد الأعلى واللحم تُقْشَر بعد السلخ. والحارصة والحريصة أولى الشِجاج وهي التي تحرِصُ الجلد أي تشقه قليلًا.

وحُرِص المرعى -كعُني: لم يُترَك منه شيء [ق] حَرَص القصار الثوب (نصر وضرب): شَقَّه وخرقه بالدق " [ق]. Qقَشْر الشيء عن مَقرّه قَشرًا مبالغًا فيه: كقَشر الحِرصيان والمَرعَى، وكالحارصة، وحَرْص الثوب. ومنه "الحارصة: السحابة التي تقشر وجه الأرض وتؤثر فيه ". بمطرها من شدة وقعه، "وأرض محروصة: مرعية مدعثرة ". ومن ذلك الأصل يتأتى تفسير الحرص بمعنى جمع الشيء كله "الحرص: الإرادة والشَرَهُ إلى المطلوب الجشع " (فالحريص يقشر ويأخذ كل ما يستطيع أخذه ولا يفرط فيه ولا تسمح نفسه بإفلاته أو تضييعه) وهذا -لا الشَرَه ولا الجَشع- هو التعبير المناسب لتفسير قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 128]، وفي قوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103]، والغرض أن الحرص على الشيء بمعنى التمسّك بوجوده أو تحصيله، والمحافظةِ عليه، وبمعنى الضن به وعدم إفلاته -صحيح ومستعمل في القرآن الكريم {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [النساء: 129]، {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ} [النحل: 37]، {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاة} [البقرة: 96]. ولكن لم يصرحوا به في المعاجم. وقد صرح بحمل التركيب لمعنى الجمع الكثير في [ل حسم] قال: ومن أمثالهم: "وَلْغ جُرَي كان محسومًا "يقال عند استكثار الحريص من الشيء لم يكن يقدر عليه، فقدر عليه "وصرح في [قر 8/ 302] بحمل التركيب معنى الضن بما في اليد. قال "حريص عليكم "أن تدخلو الجنة: أن تؤمنوا. وقال

(حرض)

الفراء شحيح بأن تدخلوا النار. والحرص على الشيء: الشح عليه أن يضيع ويتلف ". اه وقال قيس بن الحطيم. ولا يُعطَى الحريصُ غِنَى لحِرصِ ... وقد يَنْمِى لذى الجود الثراء [ل نوك] فهذا واضح في معنى الإمساك والضنّ بما في اليد. وأضيف أخيرًا أن التعبير عن معنى الحرص بـ الشره والجشع فيه جفاء ومجافاة للدقة أيضًا. • (حرض): {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [الأنفال: 65] "الحُرض -بالضم: الجِص (والحرّاض -كشداد: الذي يوقد على الصخر يتخذ منه الجص) (¬1) والإحريض: العُصْفُر. ثوب محرّض -كمُعَظم: مصبوغ بالعُصفُر، والحَرض -بالفتح، وبالضم، وبضمتين: شَجَرُ الأُشنان (تُغسَل به الأيدي علي إثر الطعام) وهو من الحَمض، ومنه يُسَوّى القِلى الذي تُغسَل به الثياب (يحرق الحَمضُ رَطْبًا ثم يُرَش الماءُ على رَمَاده فينعقد ويصير قِليًا .. للصبَّاغين) ويسمى مُحرِقُه الحرّاض كشدّاد أيضًا ". Qخرطُ مادة التماسك والحدّة مما هي فيه. كمادة التماسك التي في الصخر وهي تقترن بحدة بالغة كما يلحظ في (الجير غير المطفأ) والجِص مادة تماسك. والعُصفُر يصبَغُ به فيمسك بالثوب، وحِدَّته أنه يهرِئ اللحم الغليظ إذا طُرح منه فيه شَيء [تاج عصفر] والأُشنان يزيل الوَسَخَ اللاصق، ¬

_ (¬1) فيكون الجص هو الجبس. والجير تخذ بمثل هذا أيضًا.

(حرف)

وحِدته أنه يَصير قِلْيا بالإحراق. ومن ذهاب مادة التماسك جاء الاستعمال: "الحرَض -محركة: الذي أذابه الحُزْنُ أو العِشقُ (أو أَلحّ عليه المَرَضَ فأشرف على الهلاك) {حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ} [يوسف: 85]. ومنه "الحُرضة -بالضم: الذي يَضرِب للأيسار بالقِداح (لا يكون له منها نصيب مفروض إنما يُبين أنصبة غيره) وكذلك الحرَض- محركة وكمُكرَم: الساقط الذي لا يقدر على النهوض ". ومن معنوى هذا: "الأحراض: السَفِلة. ورجل حارض: فاسد في جسمه وعقله ". (غير متماسك). ومن خَرط الحدة والتماسك (أي إخراجها) استُعمل التركيب في استثارة الحدة "التحريض: الحثّ على القتال والإحماءُ عليه "وفيه أيضًا معنى التسيب إقدامَا واقتحامًا (وهذا من إزالة التماسك) ومنه كذلك يقال: "حارض فلان على العمل: واظب وواصب وداوم عليه {حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ}. • (حرف): {إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ} [الأنفال: 16] "حَرْفا الرأس: شِقَّاه. وحَرْفُ الجَبَل والسفينة: جانبهما. وحَرْف الشيء: جانبه. وحَرْف كل شيء: طَرَفه وشفيره ". Qنهاية جانبٍ أو وجهٍ من الشيء يبدأ به جانب آخر -كالحرْف في ما ذُكر، وانتهاءُ الجانب انقطاع له. ومن هنا عبر التركيب عن نحو القطع من جانب الشيء أو منه، ومنه "حُرِف في ماله حَرفَه -للمفعول: ذهب منه شيء. والمُحرَف- كمُكرَم: الذي ذهب ماله، والمحارَف -بفتح الراء:

المحروم المحدود الذي إذا طَلَب لا يُرْزَق. والحرف -بالفتح: الناقة الضامرة أو المهزولة " (كأنما ذهبت طبقة من سُمكلها) ومنه أيضًا (الحُرَاف- كغراب حَيّة إذا أخذ الإنسانَ لم يبق فيه دم إلا خرج " (يذهب شطر البدن). ومن الحرف: الجانب: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} [الحج: 11]: على ناحية وجانب من أمره على حالة معينة لا على كل حال {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} [الحج: 11] ومن الجانبية: "حَرَف عن الشيءِ (ضرب) وانحرف وتحرف واحرورف: عَدَل ومالَ إلى حَرْف أو جانب {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ} [الأنفال: 16]. وتحريف الكلم عن مواضعه مَيلٌ به يَصدُق بتغيير المعنى كما يصدق بتغيير اللفظ نفسه {ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ} [البقرة: 75] هم علماء اليهود يحرفون التوراة فيجعلون الحرام حلالًا والحلال حرامًا اتباعًا لأهوائهم [قر 2/ 3] وينظر [قر 5/ 243، 6/ 115، 118 - آيات النساء: 46، المائدة: 13، 41] يتأولونه على غير تأويله. ومن نحو الكشط من وجه الشيء: "الحرَافة: طعم يُحْرِقُ اللسان (كالكشط) والحُرفُ -بالضم: حبُّ الرَشَاد (لاذع). ومن هذا "فلان يَحْرِفُ لعياله (كضرب) ويحتَرِف: يكتسب من هاهنا وههنا (يكشط من هنا شيئًا ومن هناك شيئًا) والحِرفة -بالكسر: الصناعة (وِجهةُ الكسب- من ذاك). وكمنبَر ومسمار: المِيلُ الذي يقاس به الجُرح (مقياس النقص والانقطاع أو الجانب) والحرفُ من حروف الهجاء " (قطعة صوتية غير مستمرة الامتداد، ويُطلق أيضًا على الكلمة وهو في هذه آصل).

(حرق)

• (حرق): {.. ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ} [البروج: 10] "الحَرَق -محركة: النارُ، ولهَبُها، كالحريق، والنَقبُ في الثوب من أثر دق القصّار (= مبيّض الثياب بنحو الغسل)، والحَروق -وكغراب وسفود: ما يُقدَحُ به النارُ ما نَتَقتَ به النارَ من خِرقة أو نَبْج -بالفتح (وهو أصول البَردِي إذا جَفّ). والحارقة: عَصَبة في رأس أَعْلي الفخذ تدخل في نُقْرَة الورك ملتزقة نابتة في النُقرة. وهي موصل ما بين الفخذ والورك. وإذا زالت الحارقة عَرِج فلا يستطيعُ أن يمشيَ إلا على أطراف أصابعه. والحِرقُ. -بالكسر وككتاب وصبور وغراب: الشِمراخ الذي يُلقَحُ به النخل يُؤخذ من الفَحل فيُدَس في الطَلْعة ". Qتحويلٌ حادٌّ أو بالغ ينال مادة الشيء وحقيقته -كالنار وهي تُفْنِى حقيقةَ ما تُخرقه وتحوله رمادًا، وكالحارقة العصبة المذكورة، وهي التي تمكن الفخذ والرِجْلَ من الحركة والتحوّل، وكالشِمراخ في عُمْق الطلعة هو محوّلٌ، ويُفْنِى حَقيقَة ما في العُمق بتحويله إلى حقيقة جديدة. ومن ذلك "نَصْلٌ حَرِقٌ: حديد (حادّ ينفذ إلى العمق ويقطعه فيحول حقيقته). وحَرَق الحديد بالمبرد نصر وضرب): بَرَده (إذ البَرْد يحوّله ذَرات ذاهبة وهو يتجه إلى داخل جسم الشيء أي إلى عمقه). والحرْق -بالفتح: الأَكْل المسْتَقصِي " (إفناء) وتأمل كذلك "الحريق: ما أحرق النباتَ من حرّ أو برد أو ريح أو غير ذلك من الآفات " (فليس الإحراق خاصًّا بالنار). ومن ذلك أيضًا "ماء حُرَاق -كغراب وتفاح: مِلْح شديد الملوحة ليس بعده شيء في شدة الملوحة (يُهْرئ). والحُرقان -بالضم: المَذَح- بالتحريك وهو

(حرك)

اصطكاك الفخذين (يسلخ، وألمه كالحرق). وكذا حَريق الناب: صَريفه عن سَحقه على غيره غيظًا وغضبًا (سَحق كالَبرد بالمبرد، وهو في جوف الفم، والصريفُ صوته) والحُرق -بالضم: الغُضابَى من الناس (حدة في القلب) وحرق الرجل (كنصر): ساء خلقه " (من حدة فيه أو من إيقاعه أذى حادًّا). ومن التحريق بالنار {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ} [البقرة: 266]، {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ} [الأنبياء: 68] وكذا كل (حرّقوه)، (حريق) هما من الإحراق بالنار. وتفسير {لَنُحَرِّقَنَّهُ} [طه: 97]، أي العجل الذهبي الذي صنعه السامري -بِبَرْدِه بالمبرد أنسب لتلك المادة وقد قرئت لنَخرِقنه (نصر) على هذا المعنى، كما قرئت من (أحرق) على معنى الإحراق بالنار، لإذابته. وهنا يكون نَسْفُه مجرد إلقائه في اليم. وهناك من قال إنه كان عجلا حقيقيا، وذُبح وأحرق [ينظر بحر 6/ 257]. • (حرك): {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16)} [القيامة: 16]. "الحارك: أَعلى الكاهل (أي من الدواب) وهو مُقَدَّم ظَهر الدابة مما يلي العُنُق. وهو من الفَرَس منبِتُ أدنى العُرف إلى الظهر، وهو الذي يأخذ به الفارس إذا رَكب/ عليه مُعتمَدُ الفارس. (وهو من الإنسان ما بين كتفيه موصِلُ العُنُق في الصُلْب). والحَراكيك (جمع حَرككة -بالفتح: الحراقيف وهي رءوس الوركين مما يلي الأرض إذا قعدت ". Qنُقْلة يسيرة (لطيفة) ومُقيدة مترددة: كحركة الحارك الذي هو طرف كتف الدابة وهي حركلة يسيرة ومقيدَة لرجوعها وتكرارها.

(حرم)

ولحظ في حراكيك الإنسان مناظرتها لحارك الدابة. ومنه (غلام حَرِك -ككتف: أي خَفِيف (الحركة) ذَكِيٌّ، والحَرِيك: العِنّين (الذي لا يأتي النساء عجزًا أو لا يريدهن [ق]) أي لضعف حركة عضوه يتجه إلى الجوانب ولا ينفذ. ومنه. كذلك "حَرَك: إذا منع الحق الذي عليه (لا يندفع لأداء الحق) وهو ميمون الحريكة والعريكة (كأن المقصود وصفه بالدماثة ولطف التعامل). ومن ذلك الأصل: "الحركة: ضد السكون "فهي انتقال قليل (¬1) ضعيف كأنما لتماسك هذا المتحرك بموضعه لا يكاد يفارقه. ومنه آية الرأس مع ملاحظة أن أصل اللسان مدود فهو لا ينتقل كلية إنما يتحرك وأصله مشدود في موضعه. ومن هذا "المِحراكُ: الخشبةُ التي تحرّك بها النار ". أما قولهم "حَرَكت مَحرَكَهُ بالسيف "فهو من إصابة الحارك، إذ ليست هناك "حرك "بمعنى "قطع ". • (حرم): {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3] "الحَرَمانِ: مكةُ والمدينةُ. الحَرَم: حَرَمُ مكة وما أحاط إلى قريب من الحَرَم قد ضُرب علي حدوده بالمنار القديمة التي بين خليلُ الله عليه السلام مشاعرها. وكانت قُريش تعرفُها .. ويعلمون أن ما دون المنار إلى مكة .. حَرَمٌ لا يحلّ صيده ولا يُقطَعُ شجره، وما كان وراء المنار فهو من الحِل يحِل صيده إذا لم يكن صائده مُحْرمًا ". "حريم الدار: ما دخل فيها مما يغلق عليه بابُها ما أُضِيف إليها وكان من ¬

_ (¬1) يحقق هذا القيدَ تعريفُهم الحركة بأنها "كونٌ أول في مكان ثان، أو كونان في آنين في مكانين "كشاف التهانوي 2/ 91 وتعريفات الجرجاني. فأخذوا المكان الثاني في الحسبان.

حُقوقها ومَرافِقِها. وحريم النهر: مُلقَى طينِه والمَمشَى علي حافتَيه. وحريم البئر .. هو الموضعُ المحيطُ بها الذى يُلقَي فيه ترابُها أي أن البئر التي يحفرها الرجل في مَوات فحريمُها ليس لأحد أن ينزل فيه ولا ينازعه عليها ". Qحيّز ممنوع تابع لشيء، أي نطاق من الأرض تابع تُمنع فيه أمور وتصرفات معينة. كما يُمنع الصيدُ وقَطْعُ الشجَر ... في حَرَم مكة المكرمة والمدينة المنورة حفظهما الله تعالى، وكما يُمنع دخولُ حريم دار غيرك والتصرف فيه، وكذلك النزول والتصرف غير المأذون فيه في حريم البئر والنهر. ومن ذلك المعنى المحوري استُعْمل التركيب في المنع اللغوي وله صور كثيرة. أ) "حَرَمُ الرجل وَحريمه: ما يقاتل عنه ويحميه " (يمنعه). ب) "حَرَمَهُ: مَنَعَه العطية. والمحروم: الذي لا يَنمِى له مال المحارَف الذي لا يكاد يكتسب {لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذريات: 19، المعارج: 25 وكذا ما في الواقعة: 67، القلم: 27]. حَرَمَهُ الشيءَ: منعه إياه. الحريمةُ: ما فات من كل مطموع فيه. (ممنوع منه). {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ} [القصص: 12] أي منعناه من الارتضاع من قبل مجيء أمه وأخته [قر 13/ 257]. {وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا} [الأنعام: 138] المراد البحيرة والوصيلة والحامي [قر 7/ 95] أي لأنهم كانوا يمنعون ركوبها. والحَروم: الناقة المعتاطة الرحم (ممنوعة من الحمل) (أحرَمَت قومها) (امتنعت (منعت نفسها) أن تتزوج منهم). ج) "ناقة مُحرمة: لم تُرَضْ. بعير مُحرَّم: صَعب (كأنهما ممنوعا الركوب). المُحَرّم من الجلود: ما لم يُدْبغ. سوط محُرَم: جديد لم يُلَين بعد " (لا يستعملان).

د) "محارم الليل: مخاوفه التي يَحْرُم على الجبان أن يَسلكها " (أي يمتنع عليه لا يقدر لجبنه). هـ) "الحُرْمة: الذمة (حماية تمنع الأذى) أحْرَم الرجلُ: إذا كانت له ذمة دخل في حرمة من عهد أو ميثاق أو صحبة دخل في حرمة لا تهتك ". و) "حَرِمَت المعزى وذوات الظلف (كتعب): أرادت الفحل " (أحست بحاجة لها لم تُشْبع فكأنها ممنوعة منها) وفي بعض الحديث "الذين تقوم عليهم الساعة تُسَلّط عليهم الحِرْمة -بالكسر- أي الغُلْمة ويُسْلَبون الحياء ". ويقال كذلك "استَحْرَمَتْ الذئبةُ والكلبة ". ومن مثل هذا الإحساس بالمنع جاء قولهم "حَرِم (كتعب): لَجّ ومَحِك "واستعمالات التركيب في ذلك كله تعتر عن السبب. ز) "أحْرَمْتُ عن الشيء: أمسكتُ عنه. كل مسلم عن مسلم مُحْرِم ". أي أن المسلم ممسك عن مال المسلم وعرضه ودمه. ح) كما استعمل في المنع الشرعي. "فالحِرْم -بالكسر، والحرام: نقيض الحلال ما حرمه الله " (أي منع منه أو جعله ممنوعًا ويأثم من يتخطى إليه) ومن هذا كل (حرّم) ومضارعها، و (حُرِّم) و (محرّم ومحرّمة) عدا {عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} [إبراهيم: 37] وعدا {رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا} [النمل: 91] أي جعلها حرمَا آمنًا لا يسفك فيها دم ... [قر 13/ 246]. وكل كلمة (حرام) في القرآن معظمها وصف للكعبة وهي محور (الحرم الآمن) المذكور في [القصص: 57، العنكبوت: 67] وذلك عدا كلمة (حرام) في [النحل: 116، ويونس: 59] فإنها بمعنى ضد الحلال. وقوله تعالى في [الأنبياء: 95] {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا

معنى الفصل المعجمي (حر)

أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} إما أن (لا) صلة و (حرام) بمعنى يمتنع، وإما أن (لا) ثابتة و (حرام) بمعنى واجب [قر 11/ 340] والقول الأخير أصله افتراض أن ما هو حرام يجب ضده. وهذا سائغ وأولى من القول بزيادة (لا). ومنها (الأَشهُر الحُرُم)، كانت العرب لا تستحل فيها القتال (أي تمتنع عنه فيها) إلا قبيلتان خثعم وطيئ {.. مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة: 36]. "أحرم الرجل إحرمًا إذا أهل بالحج أو العمرة وباشر أسبابهما وشروطها من خَلْع المخيط وأن يجتنب الأشياء التي منعه الشرع منها كالطيب والنكاح والصيد وغير ذلك. ورجل حرام أي مُحْرم بالحج أو العمرة ج حُرُم -بضمتين {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 1]. وكذا سائر (حُرُم) في القرآن الكريم. والصلاة "تكبيرها هو الإحرام والتحريم به يصير المصلى ممنوعًا من الكلام والأفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأفعالها ". وحُرُمات الله -بضمتين: ما وجب القيام به وحرم التفريط فيه ... " {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج: 30] {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} [البقرة: 194] الحُرْمة ما مُنِعْتَ من انتهاكه: من انتهك حرمتك نلتَ منه مثل ما اعتدى عليك [ينظر قر 2/ 355 ففيه تفصيل]. ° معنى الفصل المعجمي (حر): الخلوص من الغلظ (أي أنه نوع من النقص) كما يتمثل في حر الأرض -في (حرر)، وفي إذهاب غلظ الشيء (جلادة سطحه) باللذع- في (حرو)، وبتجويفه -في (حرى)، وكما فِي الانتقاص من الظاهر .. مع الاستدارة- في (حور)، وكما في التجوف الذي يتحير فيه الماء- في (حير)، وكما في دقة سن الحربة مع زيادة عِرَض أصلها عن المعتاد -في (حرب)، وكما في شَق وجه

الحاء والزاي وما يثلثهما

الأرض وإخراج- مَدَرها -في (حرث)، وكما في الفرجة التي تكتنفها الأشجار فتضيقها- في (حرج)، وكما في ذهاب غضاضة باطن الشيء ذات القيمة أو التي كانت تعظمه قبل أن يجف علي ذلك -في (حرد)، وكما في الضعف المحوج للحراسة -في (حرس) وكما في قشر الظاهر قشرًا مبالغًا- في (حرص)، وكما في خرط مادة التماسك من الجص والوسخ من الثياب -في (حرض)، وكما في قطع الامتداد -في (حرف)، وكما في اختراق الحدة إلى قلب الشيء -في (حرق)، وكما في الزوال اليسير -في (حرك)، وكما في خلو الحيز ومنع التصرف فيه لغير أهله- في (حرم). الحاء والزاي وما يثلثهما • (حزز): "الحَز -بالفتح: غامضٌ من الأرض ينقاد بين غليظين. والفَرضُ (نحت دقيق) في العُود والمسواك والعَظم (المستعمل) غيرُ طائل (أي غيرُ عميق) والتحزيز: كثرة الحزّ كـ "أسنان المِنْجَل. والحزيز ما غلُظ وصلُب من جَلَد الأرض مع إشراف قليل ". Qشقٌّ دقيق غيرُ نافذ في شيء صلب (¬1) - كذلك الغامض ¬

_ (¬1) (صوتيًا): تعبر الحاء عن احتكاك بعرض وجفاف، والزاي عن تجمع واكتناز أو نفاذ كذلك، والفصل منهما يعبر عن شق دقيق (نتيجة فحو الحك) في ما هو شديد مكتنز الجرم كالحزّ في الأسنان وبين غليظين. وفي (حوز - حيز) تضيف الواو معنى الاشتمال والدور، ويعبر التركيب عن الإحاطة كأن القَطع استدار بالشيء. وعزله عما حوله كما في الحوز الذي حولَه مُسَناة. وفي (حزب) تعبر الباء عن تجمع رخو مع تلاصق ما، ويعبر التركيب معها عن ترابط وتجمع لهذا الذي تميز عن غيره -بعضه مع بعضه جُملة=

(حوز- حيز)

بين الغليظين وكفُروض العُود والمنجلِ والأسنانِ. والإشراف القليل للحزيز عما حوله يميزه منه كالانقطاع. ومن الشق أخِذَ القَطع "الحُزةُ -بالضم: ما قُطِعَ من اللحم طُولًا (وهذه الاستطالة تحقق الدقة فلا تكون القطعة غليظة). • (حوز- حيز): {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ} [الأنفال: 16] "الحَوز -بالفتح: موضعٌ من الأرض يَحُوزه الرجل يَتَّخِذ حَوَاليه مُسَناة (كالجَدر) فيستحقه هُوَ دون غيره من الناس. وحَوز الدار وحَيزها -بالفتح: ما انضمَ إليها من المَراقق. وكل ناحية علي حِدَة حيّز " (كسيد). Qإحاطةٌ قوية بسطح عريض كالأرض وما عَلِقَ بها -كذلك الحوز والحيز ومنه "تحوَّز عنه وتحتز: كتَنَحّى (من الناحية -كأنما اتخذ لنفسه حَوْزًا بعيدَا عن غيره {أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ} والحوزِي -بالضم: المُتنزهُ في المَحَلّ: الذي يحتمل ويحل وحده ولا يخالط البيوت ". (معتزِل). ومن الإحاطة: "حاز الشيء يحوزه: ضمَّه إلى نَفْسه قَبَضه وملَكه واستبد به جمعه. وحَوْز الرجل -بالفتح: طبيعته من خير أو شر " (ما هو مَحُوز في باطنه من الخلُق). ومنه "حاز الإبل يحوزها ويجيزها: ساقها رويدًا (السَوق يجمع المسوق أمام السائق كالإحاطة). والأخوزي والحُوزي: الحسن السياقة (-لذلك ثم ¬

_ =كالحزباءة، وفي (حزن) تعبر النون عن امتداد في الباطن وبهذا تتجه خشونة (الحز) إلى الجوف كما في حُزون الأرض.

(حزب)

مِثْلُه يستبقِي إبلَه: لا تهلك معه) ومن الإحاطة "التحوّز والتحيّز: التَلَوّى يقال هي تتحوّز تحيّز الحية. وتحوّز الرجل وتحيز إذا أراد القيام فأبطأ ذلك عليه (تلوّى أو أمسِك في حيزه ". • (حزب): {أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22] "الحِزْب والحِزْباءة -بالكسر فيهما: الأَرْضُ الغليظةُ الشديدةُ .. من أغلظ القُف مرتفع ارتفاعًا هينًا في قُف أير شديد مكان غليظ مرتفع " [تاج]. Qتجمع الشيء متماسكًا متكتلًا شديدًا أو مميزًا عما حوله -كتلك الأرض الشديدة جدًّا المتميزة بالارتفاع عما حولها. ومنه الحزابِي والحزابِية من الرجال والحمير: الغليظُ إلى القِصر ما هو " (متجمع متماسك). ومن ذلك "حِزب الرجل -بالكسر: أصحابه وجُنده الذين على رأيه (مجموعة متماسكة متميزة عن الآخرين) والحِزْبُ: الجماعة، والطائفةُ من الناس (تشاكلت قلوبهم وأعمالُهم. مترابطون وهَوَاهُم واحد) {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 56]، {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: 53]، {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ} جماعات قريش وغطفان وبني قريظة {قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [الأحزاب: 22]. أما الأحزاب في {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ (12) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ} [ص: 12 - 13] فهم الكفرة من أقوام الأنبياء وكذلك ما في [ص: 11، غافر: 5، 30، هود: 17]. وأما الفرق المختلفه من اليهود والنصارى فكل منها حزب [المؤمنون: 53، الروم: 32]

(حزن)

والخلاصة أن الحزب جماعة من البر متماسكة على مذهب أو دين حق أو باطل. و "حزب القومَ -ض: قواهم وشدهم إلى نفسه، وجَعَلَهم أحزابا ". ومنه "الحِزْب: الوِرْد من القرآن والصلاة (مجموعة من الآيات والصلوات محدردة كالمربوطة). والحِزْب من المال: النصيب والحظّ، والنَوبة في وُرُود الماء (كَمِّية من الماء أو الوقت محدودة) والحازب من الشغل: ما نابك " (نزل بك فشغلك وشدك إلى دومته). • (حزن): {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] "الحُزَنُ -كزُفَر: الجبالُ الغِلاظُ واحدها حُزنة -بالضم. والحَزْن- بالفتح ما غَلظ من الأَرْض وخَشن في ارتفاع ". Qجفاف وخشونه تخالط باطن الشيء أو تمتد فيه قيغلظ ويخشن. كتلك الجبال الغلاظ وكحُزُون الأرضِ الموصوفة. ومنه "الحُزْن -بالضم والتحريك: نقيض الفَرَح وخلافُ السرور (ألمٌ ومشاعر شاقه يجدها الإنسان في قلبه لفقد شيء أو نحوه) حَزِن الرجل (تعب) وتحازن وتحزن. وحَزَنَه الأمر (كنصر) وأحزنه ". وفي قوله تعالى: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} المعنى لا يشقّن عليك ما نحن فيه. ولعل هذا هو المعنى المحرّر للحزن أعني الشعور بقسوة الأمر وشدته وخشونته. وليس فيه قيد فوات شيء في الماضي -حسب ما اشتُهر في التفريق بينه وبين الخوف. وقد ذُكِر هذا في تعريفات الجرجاني والمناوي، وحكى أبو حيان عن المفسرين في تفسير {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 38]

£° معنى الفصل المعجمي (حز)

اثنى عشر قولًا، منها عشرة فيها النص على أن الحزن يكون لفوات شيء في الماضي، ولكن الآية التي معنا واقعة في أمر حاضر. وفي {إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ} [يوسف: 13] هي في حاضر أو مستقبل. وكل ما في القرآن من (الحُزن) ومضارع (حزِن) و (حزَن) فهو بمعنى الشعور بالألم والخشونة في النفس والغَمّ ولا يتأتى فيه قيد فوات شيء إلا بتكلف. ؤلذا فقول الراغبَ الحزَن والحزونة خشونة في الأرض وخشونة في النفس لما يحصل (فيه) من الغم "أدق مما اشتهر. وقوله تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر: 34] هذا يقوله الذين استقروا في الجنة. وفي المراد ذكروا أمثلة من هموم الدنيا (المعيشة وكراء الدار وخوف عدم تقبل الأعمال ...) وهموم الآخرة (أهوال الموقف وطول المكث على الصراط ...) والصواب أنه يعم كل حزن من أحزان الدنيا والآخرة [ينظر بحر 7/ 300]. ° معنى الفصل المعجمي (حز): ما يشبه الشق الدقيق في شيء صُلب وما يلزمه من التميز كالحز في العود والعظم. -في (حزز)، وكإحاطة الشئ بما يفصله عن غيره بمسنّاة أو غيرها- في (حوز) و (حيز)، وكالتجمع مع ضدة وتميز عما يجاور كالحزباءة: الأرض الغليظة، والحزب من الناس -في (حزب)، وكالحزون: ما غلظ من الأرض في ارتفاع يميزها- في (حزن). الحاء والسين وما يثلثهما • (حسس- حسحس): {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عمران: 152]

"حَسّ الرأسَ (أي رأس الذبيحة) (ودّ): جعلَه في النار فكلما شيط أخذ (الشعر) بشفرة. الجراد يحُسُّ الأرضَ: يأكل نباتها "البرد مَحَسّة للنبات: يُحرقه (يجففه). جراد محسوس: حَسته النار أو البرد فقتله ". Qوصولٌ إلى ظاهر جسم الشيء بإزالة ما يعروه بحرق أو نحوه (¬1) - كما يكشف الحَس جِلد الرأس والجرادُ سَطح الأرض، ونُظر في الجراد المحسوس إلى قتله فحسب أو إلى انكشاف وجه الأرض بعده. ومما يشبه الإحراق وحده "حسّ اللحمَ وحَسحسَه: جَعَله على الجمر. وقد حَسحَسَته النار. والحُسَاس -كغراب: سمك صغير يُجفف حتى لا يبقى فيه شيء من مائه ". ومنه: "حَسُّوهُم بالسيف: استأصلوهم قتلًا: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عمران: 152] وسَنَةٌ حَسُوس: تأكل كل شيء. ومنه إزالة ما يعرو الظاهر مطلقًا: "انحسّت أسنانه: تساقطت وتحاتت. وتحسَّستْ أوبارُ الإبل: تطايرت ¬

_ (¬1) (صوتيًا): الحاء للاحتكاك بعرض وجفاف، و (السين) للنفاذ الدقيق الحادّ الممتد، والفصل منهما يعبر عن النفاذ إلى الظاهر العريض بحدة بإزالة ما ينتشر عليه كَحسّ البرد النبات. وفي (حسب) عبرت الباء عن التجمع مع لصوق ما ويعبر التركيب معها عن جمع ما ينتشر حشوًا كما يتمثل في الحُسبانة، وفي (حسد) عبرت الدال عن الضغط الحابس الممتد، ويعبر التركيب عن احتباس الحاد في الجوف كمشاعر الحسد، وفي (حسر) عبرت الراء عن استرسال، وعبر التركيب عن زوال بحدّة متوال أو مبالغ فيه (وهذا يقابل معنى الاسترسال). وفي (حسم) عبرت الميم عن استواء ظاهر الجرم علي ما فيه، وعبر التركيب عن منع ما كان يمتد من البدن كحسم العِرق. وفي (حسن) عبرت النون عن تغلغل لطيف في الباطن برقة، فعبر التركيب عن نقاء أثناه الجرم -كما في الحُسن.

(حسب)

وتفرقت، وحَسّ الدابة: نَفَضَ عنها التراب بالمِحَسّة: الفِرجَون، والحاسة: الريح تَحُسّ الترابَ في الغُدُر (تزيله من سطح الأرض إلى أثناء الماء). والحِس -بالكسر: وَجَع الوِلادة (الم زوال المحمول) ويقال عند لذعة الألم حَس. وحَسِست له -بالكسر والفتح: رَقَقت " (من ألم نفذ إليك). و"الحواس: مشاعر الإنسان كالعين والأذن والأنف واللسان واليد (هي في الظاهر يماسُّها أي يصل إليها مس الأشياء فتلتقط معارفَ عنها: مرآها أو أصواتها إلخ أو تنفذ إليها. وقريب من هذا "حِسُّ الشيء صوته أن يمر بك قريبًا فتسمَعَه ولا تراه كالحسيس " [ق]. أحس به: شعر به {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} [آل عمران: 52]: علم ووجد [قر 4/ 97] {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا} [الأنبياء: 12] لَقُوه ورَأوه [أبو عبيدة 2/ 35] {فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} [يوسف: 87] التحسُّس طَلَب الشيء بالحواس [قر 9/ 252] ولابد فيه من ملحظ استعمال ما يتاح من الحواس المناسبة {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الأنبياء: 102]: صوتها وحركة تلهبها [أبو عبيدة 2/ 42، قر 11/ 345]، ولو قالوا: صوت أحراقها لحوم الكافرين لكان معنى. • (حسب): {حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 59] "الحُسبانة -بالضم وكمِكنسة: الوِسادة من الأَدَم (وتسمى مِسورة لارتفاعها). ولأُحسِبَنكم من الأسودين: لأُوسِعَنّ عليكم من التَمر والماء. وأَحسَب الرجلَ: أطعمه وسقاه حتى يَشبع وَيروَى. وإبل مُحْسِبه -كمحسنة: لها لحم وشحم كثير ".

Qجمع ما هو منتشر في حيّز يضمه حتى يمتلئ به -كما يجمَع الثُمَام الجاف ونحوه فتحشى به الوسادة، وكما يمتلئ بطنُ من أحسِب طعامًا وشرابًا، وكما يمتلئ بدن الإبل الموصوفة. ومنه الحسبان -بالضم: سهام صغار واحدها بتاء يخشى نحوُ عشرين منها في جَوف قصبة ويرمي بها {وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ} [الكهف: 40]: مرامى [غريب القرآن لابن قتيبة 267]. ومن ذلك الأصل حَسْبُ بمعنى يَكفِي " {حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 59] وكذا كل حسْب بسكون السين. وأحسَبَه: أعطاه فأكثر، أو أعطاه ما يُرضِى: {عَطَاءً حِسَابًا} [النبأ: 36]: كثيرًا [ابن قتيبة 510]. ومنه "الحسَب -محركة- ذو حَسَب: أي ذو قَدر (أي عظيم) وتكون هذه العظمة بالفَعال الحسن كما فسَّر به ابن الأثير حديثَ "تُنكح المرأة لأربع "ويجزِم به حديثُ "وحَسَبُه خُلُقه "وعبارة عُمَر "حَسَبُ المرء: دِينه "وقال المتلمس: ومَنْ كان ذا نسبٍ كريم ولم يكن ... له حَسَب كان اللئيمَ المذمما فالحسَبُ العظمة للفَعَال كالشجاعة والوَفاء والجُود وحُسن الخلق. ومن ذلك "الحَسْبُ: العَدّ " (إذ هو جمع للمتشابهات وتبيين لما تحصل وتقدير لكميات المحسوب {عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [يونس: 5]، {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [الرحمن: 5]: بِحِسَاب ومنازل [ابن قيبة 436] أي بحساب وتقدير تجريان أي لا عشوائيًّا. وكذا كل (حساب) عدا (حسابا) في النبأ، و (حاسيين). "والمحاسبة: (عَرْض كل أعمال الشخص (= جمع) وتقويمها) {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284] وكذا كل (حاسَبَ)، (يحاسِب)، (يحاسَب) و (حسيب) أي محاسِب و (حسابيه). والِحسبة في الأمر

(حسد)

بالكسر: التدبير والنظر فيه " (جمع وتقدير لقيمة العمل) ومنه "مُحتسب البلد ". و"هو يتحسب الأخبار: يتحسسها ويطلبها، (يتلقطها ويجمعها). ومن ذلك الجمع: "حَسِبه كذا -بكسر السين وفتحها: ظنه (استحضر ذلك في رأسه). {يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ} [الهمزة: 3]، {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 3] (أي من حيث لم يضع ذلك (لم يجمعه) في رأسه ولم يُقَدّر أن يأتيه الرزق من هذا الجانب). ومن ذلك كل فعل (حَسِب) والمضارع (تحسَب)، (يحسَب) وكل (يحتسب). واسم الله عز وجل (الحسيب) أي الكافي، فعيل بمعنى مُفْعِل، من "أحسَبَ ": يكفي عبده في جميع أحواله وأشغاله، أو بمعنى المحاسب، من "حاسَبَ " [التحبير]، ومال [قر 5/ 45، 5/ 305] إلى أنه بمعنى فاعل، من الحساب. • (حسد): {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 54] [لم يذكروا فيه معاني حسية) ورأى ابن الأعرابي أنه من الحسدَ ل: القُراد الذي يَقشر الجلد فيَمتص دَمَه. وبالنظر إلى ما سبق في حس، وإلى صوت الدال نقول] Qالتركيب يعبر عن: شعور حاد يحتبس في جوف الحاسد فيكرَه وُجُودَ النعمة عند المحسود إن كانت موجودة، وصيروتَها إليه إن لم تكن. وصورته في القرآن الكريم تُحِق هذا التحديد. {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: 109] فهم يودون ذلك السوء للمؤمنين غيظًا من تمتعهم بنعمة الإيمان دونهم، لأنهم كانوا يعرفون أن المؤمنين على حق. وكذلك ما جاء في طلب المخلّفين إلى المؤمنين إذا انطلقوا إلى مغانم

(حسر)

ليأخذوها {ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ} [الفتح: 15] أخبر الله عز وجل أنهم عند الرد {قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا} [الفتح: 15]، فإن المخلفين سيقولون {بَلْ تَحْسُدُونَنَا} [الفتح: 15] فهم لما اعتقدوا أن المؤمنين يريدون حِرمانهم من الفوز بالغنيمة سَمَّوا ذلك حسدًا. وانظر [قر 2/ 71] ومنه {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق: 5]. • (حسر): {وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ} [الأنبياء: 19] "انحسرت الطير: خرجت من الريش القديم إلى الحديث. وتَحسَّر الويرُ عن البعير والشعرُ عن الحمار: سَقَط. وحَسَر الغصنَ (ضرب): قشره، والبيتَ: كنسه. والحاسر (من الحاربين) خلافُ الدارع، والذي لا بيضةَ علي رأسه ". Qزوال ما ينبت أو يلزم لتغطية الشيء تغطيه لازمة لحفظ قوامه زوالًا متواليًا أو بالغًا. كزوال الريش والوبر والشعر مرة بعد أخرى، وقَشر الغصن، وعدم الدرع والبيضة، إذ المفروض أو المعتاد أن يلبسهما المحارب فكأنهما كانا فزالا. ومن زوال ما له أثر من جنس الحفظ والحماية (الريش والوبر إلخ) قالوا "حَسرَت الدابة (تعب): أعيت وكَلّت تَعِبت حتى تُنْقِى: يذهب نخاع عظمها ويَدِق قَصَبها. وحَسَرُ البصَر: كَلالُه " {يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك: 4] واستحسرت لناقة: أَعْيَتْ. {وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ} [الأنبياء: 19]: لا يَعْيَوْن [ابن قتيبة 285، طب 9/ 17، قر 4/ 247، 18/ 210، 11/ 277، وقال في [5 1/ 23] {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} [مريم: 39]: حقيقة الحسرة أن يلحقه من الندم ما يصير به حسيرًا. (وأرى ذلك من تبين

(حسم)

انقطاع القوة والحَول بعد فَوت الفرصة أي شعور باطني بالغ الحدّة بالندم لإضاعتهم سبب السعادة الأبدية الذي كان متاحًا، مع عدم فرصة استدراك الأمر) وهذا معنى كل كلمة (حسرة). وفي {فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء: 29] فتبقى محسورا منقطعا عن النفقة والتصرف كما يكون البعير الحسير، وهو الذي ذهبت قوّته فلا انبعاث به .. [قر 10/ 251] ثم استبعد أن يكون من الندم لأن الوصف من الحسرة حَسِر وحسران لا محسور. • (حسم): {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} [الحاقة: 7] "حِسمي -كذكري: أرضٌ بالبادية فيها جِبالٌ شواهقُ مُلس الجوانب لا يكاد القتامُ يفارقُها. حَسَم العِرقَ: قطعه ثم كواه لئلا يسيل دمُه. والصوم محسَمَة للعِرق: مَقْطَعة للنكاح. وحَسَمتْه أُمه الرضاعَ: منعته ". Qإيقاف أي قطعٌ لما يخرج أو يمتد من الشيء عادة فيستوي ظاهره على حدوده. كَلام فتحة العِرق لحبس الدم. وقطْعُ النكاح يوقف خروج الماء عادة، وكذلك الجبال المُلْس الجوانب. ومنه "حَسَم الأمر على فلان: قطعه عليه لا يظفر منه بشيء (منعه لا يسترسل له منه شيء) {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} قطعت دابرهم فلم تبق منهم أحدًا. وهذا ما أوافق عليه المبرد وأبا زيد [قر 18/ 260 والزجاج ل 24] وفسرها أبو عبيدة [267] والفراء وغيرهما [في فر، ل] بالمتتابعة. وليس بشيء ولا مدخل له هنا، إلا أن يعنوا بذلك: كاملة تامة فيكون لها وجه. والأول أقرب وأحكم وأنسب لما بعده.

(حسن)

• (حسن): {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا} [آل عمران: 37] في التهذيب [وبل جـ 15 ص 386] "قال أبو الهيثم: الوابلة: الحَسَن -محركة: وهي طرَفُ عَظم العَضُد الذي يلي المنكب. سُمىَ حَسَنا لكثرة لحمه اهـ (ونقل هذا في ل: وبل) -والحَسَن -محركة: الكثيب (= الجبل من الرمل) النَقِي العالي، والحاسِن: القمَر. والحِسنة -بالكسر: رَيد -بالفتح أي حرف ينتأ من الجبل ". Qنَقَاءُ الشيء ورقته بخروج الخَشن أو الغليظ -الذي يخالطه فيَشُوبُ رِقتَه- منه. كما يخرج الرَيد من وَسَط الجبل، وكنقاء الكثيب من الصخور، وكالقمر ذي الضوء والبياض النقي، وكلَحمة الوايلة الخالية من العظم. ومنه "حسن الحلاق رأسه- ض: زيَنه، وما رأيت مُحَسِّنًا مثلَه. ودخل الحمام فتَحَسن: اختَلق (فالتخلص من شَعَث الشعر: نقاء يبقي الجسم نقيًّا). ومن هذا عبر التركيب عن الحُسن أي جمال المنظر ونقائه {وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} [الأحزاب: 52] (نقاؤهن، والمعنوى منه أعجب لمثله - صلى الله عليه وسلم - {فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [غافر: 64]، {عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} [الرحمن: 76] ثم عُمم في الطيب الرقيق من الصُحبةِ: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]، والنِعمةِ: {قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا} [الطلاق: 11]، والعملِ {ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا} [المائدة: 93]. (ومن هذا: الحسَنَة ضدّ السيئة) {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] "والقول {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83]. "والحسنى: التي تَفْضُل سواها في الحُسن، فأطلقتْ على الجنة {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}

معنى الفصل المعجمي (حس)

[يونس: 10] وعلى كل ما فاق في الحسن: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى} [الأعراف: 137]، {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأعراف: 180]، {وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى} [التوبة: 107]. وقد ورد في صفة الحور العين أنهن (يرى مُخّ سُوقهن منْ الحسن). فهذا يؤكد أن الحسن هو النقاء وصفاء البَشَرة أو البدن مع رقة (أما الجمال فيعني السمن واكتساء الأعضاء بما يناسبها من اللحم) وهذا يوضح لنا حديث الإيمان "الإحسانُ: أن تعبد الله كأنك تراه "فهذا يستلزم منتهى إخلاص العبادة وخلوصها من كل شائبة مُعتِمة في نيتها أو إتقان أدائها. وصرح في [ل 272] بأن هذا الحديث السابق هو تأويل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: 90]. قال: وأراد بالإحسان الإخلاص "اه. ثم أقولْ أيضًا إن ما قررناه يوضح مصدر حمل كلمة الإحسان لمعنى الصدقة ونحوها رغم أن هذا المعنى لم يرد في [ل أو ق] فإن ذلك من النقاء والرقة كقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: 103] وهو نفس المأخذ الذي منه حمل تركيب (كرم) معنى الجود. وكل ما جاء في القرآن من التركيب فأصله من التقاء الظاهري والباطني ويفسّر بالطيّب المستحلَي أو المستحب صورة كان أو مُقاما أو قولًا أو عملًا أو أداء أو تصرفًا ومعاملة مع الناس. ° معنى الفصل المعجمي (حس): انكشاف الظاهر وبدؤُه من زوال ما يعروه كما في حَسّ الشعر وحس البرد النبات -في (حسس)، وكما في انتبار الحسبانة بسبب حشوها وظهور أثر الشحم في أبدان الأبل المحسِبة- في (حسب)، وكما في (تمني) الحاسد قشر نعمة المحسود وزوالها (أو قشرها فعلًا بعينه) -في (حسد)، وكما في سقوط قشر الطير تأثرًا بما يجري في بدنه حسب طبيعته- في (حسر)، وكما في

الحاء والشين وما يثلثهما

تماسك الدم وتجمده بحرارة الكلي فلا يسيل -في (حسم)، وكما في نقاء الحَسَن: لحم الوابلة من العظم، وكذا الحسن جبل الرمل من الحجارة والطين فيبدو نقيًّا ذا نصوع ندِي في (حسن). الحاء والشين وما يثلثهما • (حشش - حشحش): "الحشيشُ: يابسُ الكلأ (أو البقلُ كله رَطْبًا وبابسًا). والحُش -بالفتح والضم: النخل المجتمِع. وحَشّت اليد: يَبِستْ، والولدُ في بطن أمه: جووِزَ به وقتُ الولادة فيبس في البطن ". Qجفاف ما كان غضًّا منتشرًا (¬1)، كالحشيش اليابس وهو منتشر، واليد -وانتشارها طولها، والجنين فرع. والنخل المجتمع كثيرًا ما يحيط بأسفله وأعلاه جريد وسَعَفٌ كثير جاف. (وقد يقال إن جفاف النبات يكون بانتشار ندى أثنائه منه، لكن ما قلناه هو القريب الواضح) ولا يخفى أن معنى ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الحاء تعبر عن احتكاك بعرض وجفاف، والشين للانتشار والتفشي، والفصل منهما يعبر عن جفاف كثير منتشر كالحشيش اليابس مع الخشونة اللازمة، وفي (حشى) تعبر الياء عن الاتصال، ويعبر التركيب عن اتصال الانتشار كما في حاشية الثوب مع متانتها أكثر من سائر الثوب، وهذه المتانة قوة من باب الخشونة. وفي (وحش) تبادر الواو بالتعبير عن الاحتواء ويعبر التركيب عن الاحتواء علي ما فيه معنى الجفاء وعدم الراحة والقرار وهو الخلو مع عدم أنس أو سكون نفس كالوحش والجائع. وفي (حشر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن قشر المنتشر الحادّ أو الخشن عن مقره باسترسال كحشر السنان ويلزمه تجمع ما قُشر كحشر الناس.

(حوش- حيش)

الخشونة لازم للجفاف كما في الحشيش الجاف. وما يحيط بالنخل من سعف وغيره جاف. • (حوش- حيش): {قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ} [يوسف: 31 - 51] "الحائش: جماعة النخل والطرفاء، وهو في النخل أشهر النخل الملتفّ المجتمع لا منفذ له. حُشْنا الصيد وأَحَشناه: أخذناه من حواليه لنصرفه إلى الحبالة. احتوش القوم الصيد: إذا نفره بعضهم على بعضهم حُشْت عليه الصيد (والطير): إذا نفرته نحوه وسقتَه إليه وجمعته عليه ". Qاحتياز الشيء أو الأشياء المتباعدة نحو حيّز لتنضم اليه أو تجتمع فيه. كحائش النخل فهو مجتمع فى حيز واحد. حتى كاد لا يكون بينه منفذ، وكحَوش الصيد والطير نَحْوَ حيّز معين ". ومن هذا "احتوش القوم فلانًا وتحاوشوه بينهم: جعلوه وسطهم. تحوّش القوم عني: تنحّوا. انحاش عنه أي نفر "ومنه كذلك "الحائش: شق عند منقطع صدر (باطن) القدم مما يلي الأَخمص " (المقصود هو الحدّ الذي ينتهي عنده الجزء الرابي من باطن صدر القدم فهو عند نهايته كأنه يحوزه). ومن معنى الاحتياز عُبِّر عن الانقباض "التحوّش: الاستحياء. (وكذا) الحوَاشة "وقولهم إن "الحوش -بالضم بلاد الجن "هو من الاحتياز والتحيز .. أي التنحي بعيدًا. ولذا يقال: "رجل حُوِشيٌّ. لا يخالط الناس ولا يألفهم، وفيه حُوشية. وحُوشتيْ الكلام. وَحْشِيُّهُ وغريبه وعُقْمِيُّه ". ويقال: "حاش لله: تنزيهَا له "فالنزاهة: التباعد عن كل مكروه.

هذا، وقد ذكرت "حاش لله وحاشى لله في تركيب (حشى) أيًا في [ل، وتاج] وفيهما "حاشة الثوب: جانبه الذي لا هُدب له "ومن هذه الجانبية يؤخذ "حاش لله .. أي براءة لله ومعاذًا لله ". وفيه عن الزجاج في قوله تعالى {وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ} اشُتق من قولك كنت في حشا فلان أي في ناحية فلان. والمعنى في "حاش لله، براءة لله من هذا. وقالوا إن أصلها (حاشي) فكثر في الكلام وحذفت الياء وجعل اسما وإن كان في الأصل فعلًا "، قال ابن الأنباري معنى "حاشى "في كلام العرب: أعزل فلانًا، وصف القوم بالحشى. وأعزله بناحية ولا أدخله في جملتهم. ومعنى الحشى الناحية ". وفي قوله تعالى: {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ} [يوسف: 51] لحظ ابن عطية أن النساء أجبن "بجواب جيد تظهر منه براءة أنفسهن جملة، وأعطين يوسف بعض براءة. وذلك أن الملك لما قرّر لهن أنهن راودنه قلن جوابًا عن ذلك {حَاشَ لِلَّهِ} ..... وقولهن {مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ} ليس بإبراء تام، وإنما كان الإبراءُ التام وصفَ القصة على وجهها (أي حكاية القصة بتفاصيلها) حتى يتقرر الخطأ في جهتهن، ولو قلن "ما علمنا عليه إلا خيرًا لكان أدخل في التبرئة ". هذا، وقد جاء في [ل حيش] "الحيش: الفزع، تحيشت نفوس أصحابه: نَفَرت وفزِعت. الحيشانة: المرأة الذعور من الريبة. الحَيْشان: الكثير الفزع "ويلحظ أن الفزع هنا أقرب إلى النفور كما في تحيش النفوِس وذعر المرأة من الريبة. فهو ليس فزع رعب. وبذا فإن معنى (حيش) من جنس معنى (حوش)، لكن حوش تحوز (في)، وجيش تحوز (عن).

(وحش)

• (وحش): {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} [التكوير: 5] "باتَ وَحشًا -بالفتح وكفَرِح: جائعًا لم يأكل شيئًا فخلا جوفُه. والوَحْش بالفتح وكمُوقن: الجائع من الناس وغيرهم لخلوه من الطعام. وتَوَحّش جوفُه: خلا من الطعام، وتوحش للدواء: أَخْلي معدته. مكان وَحش: خال. أرض وَحْشة: قفر ". Qخلو الجوف أو الحيز مع جفافٍ وجفاءٍ أي هو خلو لا يستحب ولا يريح النفس -كما في الجوع والمكان القفر ومنه "أوْحَش المكانُ من أهله وتوحش: خلا وذهب عنه الناس (والمكان ظرف كالجوف) والوَحْشة: الفَرَقُ من الخَلْوة (أي بسببها). والوَحش -بالفتح: كل شيء من دواب البرّ مما لا يَسْتَأنِسُ بالناس (يعيش في القفار والأماكن الخالية وكل ذلك معه جفاف أو جفاء فالغزلان ونحوها تعدّ من الوحش) وجمعه وحوش {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ}. • (حشر): {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم: 85]: "أُذُن حَشْرة: دقيقة الطَرَف. والحَشر من القذَذ والآذان: المؤللة الحدِيدة ما لَطف كأنما بُرِى بَريًا. وحَربة حَشْرة: حَدِيدَة. وسِنَان حَشْر -بالفتح فيهن: دقيق. حَشر السِنَانَ والسِكِّينَ: أَحَدَّه فأرَقَّه وألْطَفَه. وحَشَر العودَ: براه. وحُشر عن الوَطْب- للمفعول: إذا كَثُر وَسَخُ اللبن عليه فقُشِر عنه. والحَشَرة -محركة: القشرة التي تلي الحبة " (أما القشرة التي فوق هذه فهي قَصَرة). والحَشَرة أيضًا: واحدة صغار دواب الأرض كاليرابيع والقنافذ والضِباب ونحوها، وكل ما أُكِل

من بَقل الأرض كالدّعَاع والغَث " (أعشاب بعلية ذاتُ حَب). Qقَشر ظاهر الشيء أو انتشر علي ظاهر الشيء. كما يقع في إحداد السكين والسنان، وبَرى العود، وقشر الوَسَخ عن الوَطب. وقشرة الحب شأنُها أن تُزال. وبقل الأرض ينتشر على وجهها كالقِشرة الدقيقة ويزول سريعَا بالجفاف، أو بأن يؤكل، فليست له أصول تبقى في الأرض. والحشرات دقاق الأجسام خفيفة الحركة فهي كالزائلة. ويلزم من قشر طبقة من ظاهر الشيء أن يدق جسمه ويرق، ومن هنا قالوا "اذُن حَشرَة: دقيقة الطَرَف. الحشْر من القُذَذ (: الريش الذي يُلْصَق بالسهم على هيئة تساعد على استقامته وسرعته) والأذان: المؤلَّلَةُ (المنصوبة بعِرَضٍ ورِقة ليست مثنية الحافة) الحديدة، ما لطُف كأنما بُرىَ بَريا. حرْبة حَشرَة: حديدة. وسنان حَشر -بالفتح فيهن: دقيق ". كما يلزم من القَشر جمع ما قُشر من هنا وهنا، فاستعمل الحشر بمعنى جلاء الجاعة معًا وإزالتهم من مقرهم {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا} [الحشر: 2] هم بنو النضير "ثم أجْلىَ آخرُهم أيامَ عمر -رضي الله عنه- ". وربما غلب جانب الجمع دون نظر إلى قَشر أي إزالة. قالوا في {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} [التكوير: 5] أي جُمعت بالموت، أو جُمعت للقصاص ثم أميتت، أو اجتمعت إلى بني آدما تأنُّسًا بهم في أول هول القيامة. [بحر 8/ 424]. وحَشر الناس يوم القيامة فيه أمور، لأنه يقع بَنشْرهم من قبورهم، وسَوْقهم إلى الموقف، وجمعهم فيه {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} [الكهف: 47]. وتأمل قوله

£°معنى الفصل المعجمي (حش)

تعالى: {يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ} [ق: 44] فالحشر سَوق من المقارّ ويزيد عليه الجمع: التضام في المكان المشحور إليه. فهذا هو حشر يوم القيامة أي جمع الخلائق للحساب. وهو الذي جاء له لفظ الحشر فعلا واسمًا في كل القرآن عدا ما جاء لمعنى الجمع في هذه الدنيا. ومن حشر الدنيا هذا ما في [الأعراف: 111، طه: 59، الشعراء: 36، 53، النمل: 17، ص: 19، النازعات: 23] حَشر السَحَرة أي جمعهُم من شتَّى البلاد في قوله تعالى: {وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ} [الأعراف: 111]، والطير أيضًا {وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ} [ص: 19]. ° معنى الفصل المعجمي (حش): الجفاف (والخشونة) مع الانتشار كما يتمثل ذلك في الحشيش: يابس الكلأ -في (حشش)، وفي حاشية الثوب حافته الممتدة- في (حشي) وهذا الامتداد هو صورة من الانشار وقوة الحاشية هي التي تمثل الجفاف والخشونة هنا. وكما في الخلو مع كراهة وعدم أنس أو إلف- في (وحش)، وكما في قشر المنشر وإزالته- في (حشر) (والقَشر حدث خشن يقابل الجفاف هنا) بل إن القشر كثيرًا ما يترتب على الجفاف كما نلحظ من موت البقل ونحوه، وتقشر الطلاء عندما يتعرض للشمس مدة طويلة- دون رِيّ ذاتي أو حماية خارجية فالقشر يمكن أن يعد من لوازم الجفاف. الحاء والصاد وما يثلثهما • (حصص- حصحص): {الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} [يوسف: 51] "حَصّتْ البَيْضَة (= كُمّة حديدية للرأس) رأسه: أذهبَتْ شعره سَحْجا. تَحصحَصْ الوبَر والزِئبِر (= ما يشبه الشعر على وجه القطيفة والثوب الجديد):

انجَرَد. ناقة حَصّاء: إذا لم يكن عليها وَبَر. والأَحَص من الرجال: الذي لا شَعَر في صدره. إذا ذهب الشَعَرُ كله قيل رجل أحَصّ وامرأة حَصّاء. وذنب أحص: لا شعر عليه ". Qانسحاف الشعر ونحوه من اللطيف عن ظاهر الشيء الغليظ أو المتين فيظهر واضحًا قويًا أو صُلبًا خالصًا مما يغشاه (¬1) (جنس من القطع+ كشف وظهور+ غلظ أو متانة) (الغليظ كتلة كبيرة صلبة أو جافة) كانسحاف الشعر والوبر والزئبر عن الرأس والبدن ونسيج الثوب، فيظهر الرأسُ كتلةَ صُلْبة، ¬

_ (¬1) (صوتيًا): تعبر الحاء عن احتكاك بعِرَض وجفاف، و (الصاد) عن غلظ وقوة، فحبر الفصل منهما عن صَلد أصم أملس، لكشف ما كان يغطيه كالأحص والحجارة. وفي (حصو - حصى) تعبر الواو عن الاشتمال والياء عن الاتصال وعبر التركيبان عن كون الصّلد ملتئمًا على نفسه صغير الجِرم كالحصى، وفي (حيص) تعبر الياء عن الاتصال ويعبر التركيب عن الحيود الشديد (امتداد مع استصحاب الشدة، والالتواء يبرز الاتصال). وذلك الالتواء هو مقابل الاشتمال والواو هي الأصل، وفي (حصب) تعبر الباء عن تجمع برخاوة وتلاصق ما، ويعبر التركيب عن لصوق نحو الحصا بظاهر الشيء ويتمثل ذلك في البَثْر والحصب. وفي (حصد) تعبر الدال عن حبس، ويعبر التركيب عن جفاف أو تمام ونهاية كالحصد. وفي (حصر) تعبر الراء عن الاسترسال ويعبر التركيب عن امتداد (= استرسال) الشدّ والشدة كما في الحَصر والحَصِير. وفي (حصل) تعبر اللام عن الاستقلال، ويعبر التركيب عن التجمع استخلاصًا في حيز مع تميز (استقلال) كما في الحصول. وفي (حصن) تعبر النون عن الامتداد في الباطن بلطف ويعبر التركيب عن كون تلك الشدة والصلابة محيطة بلطيف في الباطن تحصنه أو كونها سارية في الأثناء فيكون الشيء متين الأثناء كالحصن والدرع.

(حصو - حصى)

والبدنُ لامعًا، ونسيجُ الثوب منتسق الخيوط. ومنه "الحاصّة: علة تَحُصّ الشعر (= الثعلبة)، وانحصّ وَرق الشجَر: تناثر، وطائر أحصّ الجناح ". ثم قالوا كذلك "يوم أحص: شديد البرد لا سحاب فيه " (السحاب طبقة تُغَطي كالشعر) جاءت السنة (= القحط) فحَصّت كل شيء: أذهبته " (قَشرَته كسَخف الشَعر). أما قولهم "الحِصحص -بالكسر: الحجارة، والحجر، والتراب "فالتراب كأنه محصوص عن وجه الأرض كالشعَر، وكذلك الحجارة أصالة أو تشبيها. ومن الظهور القوي بعد ذهاب ما كان يغطي {الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} [يوسف: 51]، قال ابن عطية "تبين بعد خفائه- ونسب للخليل وغيره اه أي تبين قويًّا لا مغمز فيه. ومن هذا أيضًا "رجل حُصحُوص -بالضم: يتتبع دقائق الأمور فيعملها " (العامة تقول مصحصح). ومن الظهور أيضًا ما قالوا إن "الحُص -بالضم هو الورس " (نبات له دقيق يصبُغُ بالصُفْرة) وفُسّر الحصّ أيضًا بالدُر: قال الزمخشري: لملاسته [التاج] ونضيف: مع صلابته ولمعانه. أما "الحِصّة -بالكسر: النَصيب من الطعام والشراب والأرض وغير ذلك "فهو من جنس معنى القطع مع التجسم والصلابة التي في المعنى المحوري. وقولهم "الحَصّ -بالفتح وكصداع: شدة العدو في سرعة. وقَرَبٌ (= سيرٌ إلى الماء) حَصْحاصٌ -بالفتح: سريع ليس فيه فتور "هو من الشدة والصلابة في المعنى المحوري. وأصرح منه في هذا "حتى حصحص فيها " [ينظر ل]. • (حصو - حصى): {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34]

"الحَصَى: صغارُ الحجارة: مثلُ بَعَر الغنم (أي في القَدْر) وحصاة المسك: قطعة صُلبة توجد في فأرة المسك ". Qتماسك الشيء في عُقَد صغيرة صلبة. كحصاة المسك وكحَمَى الحجارة. ومن التماسك قالوا: "حَصَاهُ حَقَّه يحصوه: مَنَعه (إمساك كأن الأصل: حصا عنه حقه). والحصاة: العقل " (يمسك المعلومات -كما سَمَّوْه عَقْلًا وحِجرًا. وفيهما معنى الإمساك) وقالوا "حَصَاة اللسان: ذَرابته " (قوة تعبير وتأثير- من جنس الشدة والصلابة). ومن كثرة الحصى نفسه: "الحصى: العدد الكثير. والإحصاء: العدّ والحِفْظ " (قال الراغب إن مأتى استعمال هذا اللفظ في العدّ أنهم "كانوا يعتمدونه أي الحصا في العدّ كاعتمادنا على الأصابع "اه. وهذا جيد، وقد أثِر في عد التسبيح [ينظر التاج الجامع 5/ 92] وتأويل الفعل (أحصى) على هذا: عارَضَ الأشياء بالحصا أي جعل لكل معدودةِ حصاةً، وبهذا يتحقق العدّ وكونه حاصرًا. فالإحصاء غير الحزر وبابه {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} [المجادلة: 6]. {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس: 12]، {لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف: 49] وكل ما في القرآن من (أحصى) ومضارعه وأمره فهو من هذا، إلا ما في قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20]: فقد صحح [قر 19/ 35] أن المقصود احصاءُ قدْر الليل، وحقائقه، وضغف القول بأن المراد الإطاقة. في حين أن هذا الأخير أولى وأجدر بالمراد؛ لأن المراد ليس عدّ ساعات الليل

(حوص - حيص)

ومواقيته، وإنما قيام الليل بقدر نصفه أو ثلثه، وما في ذلك من نَصَب هو الذي يعتبر عنه لفظ الإحصاء بما فيه من صلابة اليقظة والانتباه. كذلك فإن معنى الامتساك الذي هو من صلب معى التركيب -يتأتى منه معنى الإحاطة وهي من صور الإطاقة. • (حوص - حيص): {وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ} [الشورى: 35] "الحَوَص -محركة: ضيق في مُؤْخِر العين حتى كأنها خيطت. عين حَوصاء: ضيقة/ ضاق مَشَقُّها -غائرة كانت أو جاحظه. حاص الثوبَ يحوصه: خاطه (خياطة متباعدة) ومنه قيل للعين الضيقة حَوصاء كأنما خيط بجانب منها. الحائص: الناقة التي لا يجوز فيها قضيب الفحل كأن بها رَتَقًا. والحائص من النساء: الضيقة. حاص الفرسُ يحيصُ حَيصَا وحُيوصًا: عدل وحاد. الأحيص الذي إحدى عينيه أضيق من الأخرى ". [التركيبان يشتركان في التعبير عن ضيق العين وضيق الحياء. وتنفرد اليائية بالتعبير عن الحيود. وجمعت بينهما لأن الضيق في الواوية يحدث بانحناء واعوجاج هو من صور الحيود]. Qضيق الفتحة في الشيء أو بين الشيئين ضيقا شديدًا: كالعين الحوصاء يحيد جفناها أو أحدهما عند مُؤْخِرها -متقاربين- فيكادان يتضامان، وقريب من هذا ما يحدث في فتحة حياء الحائص، وكالحَوْص: الخياطة المتباعدة. وقوله تعالى عن المشركين: {أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا

(حصب)

مَحِيصًا (121)} [النساء: 121] جاء في [بحر 3/ 364] "محيص "مَفْعِل من حاص يحيص: زاغ بنفور .. والمحاص مثل المَحِيص. ويقال حاص يَحُوص حَوصًا وحِياصًا: إذا نفر وزايل المكان الذي فيه. والحوَص في العين: ضِيق مُؤْخرها "ثم قال [ص 370] في تفسير الآية (أخبر تعالى أن المكان الذي يأوون إليه ويستقرون فيه هو جهنم، وأنهم لا يجدون عنها مراغًا يروغون إليه "ويلحظ أنه جمع في معنى الحيوص الروغان مع النفور -وهو تعبير أقوى من مجرد العدول والحيود. ثم إنه جاء بالفعل واويًا أيضًا (حاص يحوص) لمعنى النفور والحيود الذي هو معنى (حاص يحيص). وأبو حيان ثقة في النقل عن اللغويين فالتركيب واوي يائي. وأخيرًا فإن صيغة (مفعِل) من هذا الفعل اليائي هي اسم للمكان أو الزمان وهي هنا للمكان أي لا يجدون مكانًا (مَأوًى أو طريقًا) يحيدون. عنها إليه، ولو كان ضيقا. وفي قوله تعالى: {وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ} [الشورى: 35]. قال ابن عطية: (والمحيص: المنْجَى وموضع الروغان: يقال حاص إذا راغ، اه وكل [محيص] في القرآن فهو بهذا المعنى. • (حصب): {فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ} [العنكبوت: 40] "الحَصبة -بالفتح وبالتحريك وكفَرِحة: البَثْر الذي يخرج باليدين ويظهر في الجلد. والحَصَب -محركة والحَصْبة -بالفتح: الحجارة والحصا. والحَصباء: الحصا/ صغارُها وكبارُها. يقال للريح التي تحمل التراب والحصا: حاصبٌ، وللسحاب يرمي بالبرَد والثلج: حاصب. المحصَّب: موضع رمي الجمار بمِنًى ". Qرَمْى (ظاهر) الشيء بدقاق شديدة الوقع -كالبثر على

(حصد)

الجلد، وكالحصا الذي يُرْمَي به ويُفْتَرش. ومنه حَصَبه: رماه بالحصباء. وقد ذكرنا الحاصب. وقوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا} [القمر: 34]: عذابًا يحصِبهم -كما قال تعالى عن قوم لوط {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ} [هود: 82] وكل (حاصب) في القرآن فهو بهذا المعنى. و "الحصَب -محركة: كل ما ألقيتَه في النار من حَطَب وغيره {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98]. قال الأزهري: الحصَبُ: الحطَبُ الذي يُلقى في تنور أو في وَقُود. فأما مادام غير مستعمل للسَجُور فلا يُسمَّى حَصَبًا "اه. [ل]. • (حصد): {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)} [الأنعام: 141] "الحَصد: جَزُّك البُرّ ونحوه من النبات. حَصَد الزرع وغيره من النبات (نصر وضرب): قطعه بالمنجل. والحصاد -كسحاب وكتاب، والحَصِيد والحَصَد- محركة: الزرعُ والبُرّ المحصود بعدما يُحْصَد. والمُحصِد -كمحسِن: الذي قد جفَّ وهو قائم. والحَصَد -محركة: ما أحصد من النبات وجفَّ. والمِحْصَد (آلة): المنجل ". Qجزّ النبات (ونحوه من الممتد) بعد جفافه واكتمال حاله. كجَزّ البُر ونحوه من الزرع بعد أن يجف. والمُحصِد وأحصَدَ إنما هما من استحقاق الجز بعد الجفاف. فمن الجزّ نفسه: {فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ} [يوسف: 47] وقوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141]، أي يوم حَصْده وجزازه. وقوله تعالى: {فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ} [ق: 9] قال الفراء: هذا مما أضيف إلى نفسه. وهو مثل قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ

الْيَقِينِ} [الواقعة: 95] ومثله قوله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)} [ق: 16] لم والحبل هو الوريد فأضيف إلى نفسه لاختلاف لفظ الاسمين. اه [ل] .. وأقول إن الإضافة هنا للتخصيص إذ ليس كل حبل وريدًا. وعن نفس الآية قال الزجاج: نصب قوله {وَحَبَّ الْحَصِيدِ} أي وأنبتنا فيها حب الحصيد، فجمع بذلك كل ما يقتات من حب الحنطة والشعير وكل ما حُصِد كأنه قالِ وحب النبت الحصيد " [ل]. ومن جفاف الممتد مع اكتمال حاله "الحصَد: اشتداد الفتل واستحكام الصناعة في الأوتار والحبال والدروع. استحصد الحبل: استحكم. دِرْع حَصْداء: صُلبة شديدة محكمة "ويقال للخَلق الشديد أحصَدُ مُحصَدٌ حَصِدٌ مُستَحصِد ". ومن معنوى هذا المعنى الجزئي ومجازه "رجل مُحْصَد الرأي: محكَمه سديدُه -على التشبيه بذلك (أي بالحبل المحصد) واستحصد حَبلُه: اشتد غضبه. واستحصد القومُ: اجتمعوا وتضافروا ". ومن مجاز الجزّ والمجزور {فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} [يونس: 24]، {حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ} [الأنبياء: 15] {مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ} [هود: 100] القائم العامر أو الخاوي على عروشه، والحصيد الخراب المستأصل كالزرع المحصود، [قر 9/ 95]. وجاء في قوله - صلى الله عليه وسلم - وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم، أي ما قالته الألسنة من الكلام الذي لا خير فيه. واحدتها حصيدة، تشبيهًا بما يحصد من الزرع إذا جُزّ، وتشبيها للسان وما يقتطعه من القول بحدّ المنجل الذي يُحصَد به "اه [ل].

• (حصر): {أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران: 39]. "الحَصِير: البِساط الصغير من النبات. والحَصُور من الإبل: الضيقة الأحاليل التي نَشِبَ دَرّها في عروقها. وحَصِر الرجل (تعب): لم يقدر على الكلام .. / عَىَّ في منطقه. وحُصِر غائطُه -للمفعول: احتبس ". Qأن يحتبس في الشيء ما شأنه التسيب كالمائع فلا يتسيب ولا ينطلق. كامتساك عيدان النبات في الحصير بالخيوط، والدَرِّ والكلام والبَداءِ في مخارجها فلا تخرج أو تتحرك. وقد سمَّوْا وجه الأرض حصيرًا كأنهم لحظوا تماسكه وثباتَه مقابل الماء. ومن ذلك "رجل حَصِر -ككتف: كتوم للسر لا يبوح به،، وكذا ممسك ضيق بخيل كالحصير والحصور من الإبل. و "الحصور: الذي لا إربة له في النساء " (ممسك على مائه). {وَسَيِّدًا وَحَصُورً} [آل عمران: 39] و "الحصُور منهن: الرتقاء (محصورة أو محصور عنها). والحصير: المَلِك (يمسك الرعية)، والمَحبِس {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} [الإسراء: 8]. وحَصَره وأحصره المرض ونحوه: حبسه أو منعه من السفر (الحركة تسيب) - {وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ} [التوبة: 5] "قيدوهم وامنعوهم من التصرف في البلاد، وقيل: استَرِقُّوهم، وقيل معناه: حاصِروهم إن تحصَّنُوا .. [بحر 5/ 12] {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] الإحصار هو المنع بأي عذر كان من مرض أو عدو أو جور سلطان [ينظر قر 2/ 371] (أي مُنِعْتم من إتمام الحج بعد أدائكم بعض مناسكه) {أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: 273] حُبسوا ومَنعوا أنفسهم عن التصرف في معايشهم خوفَ العدُو .. لكون البلاد كلها كفرا مطبقا

(حصل)

[قر 3/ 340 وانظره] وحَصِر صدرُه (تعب): ضاق (كأنما التحم ولم يقبل) {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ} [النساء: 90]. • (حصل): {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} [العاديات: 10] "الحَوصَل والحَوصلَة والحَوصَلاَء -بالفتح فيهن- والحَوصَلَّة -بتشديد اللام: من الطائر والظليم بمنزلة المعدة من الإنسان: وحَوْصَلة الإنسان وكل شيء: مُجتمَعُ الثُفْل أسفلَ السرة. وحَوصَلَة الحَوض: مُستَقَرّ الماء في أقصاه. والحاصل: ما خَلَص من الفضة من حجارة المعدن. والحاصل من كل شيء: ما بقئ وثبت وذهب ما سواه ". Qخلوص المقصود من الشيء إلى المقر مجموعًا ثابتًا -كالطعام والثُفْل في الحَوصَلَة، وحجارة الفِضة في المعدن. ومنه "الحصَل- محركة: البلَح قبل أن يشتد وتظهر ثفاريقه (¬1) (كأن تسميته بذلك لبدء تميز ما سيتحصل منه تمرًا أو للتفاؤل)، وما يخرج من الطعام من دَنَق وزُؤان (دخيلٌ حاصل في أثناء الطعام -وهي كالحيز له). وأن يثبت الحصَى في لاقطة الحَصَى فلا يخرج في الجِرّة فربما قتل " .. ومنه (الحاصل من كل شيء: ما بقى وثبت وذهب ما سواه، يكون من الحساب والأعمال (حاصل الجمع والضرب وبعد الطرح) وحصّله -ض: جَمَعه {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} جُمع. وتحصل الشيء: تجمع وثبت ". ¬

_ (¬1) الثفروق: قِمَع البُسرة والتمرة.

(حصن)

• (حصن): {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ} [الأنبياء: 80] "الحِصن -بالكسر: كُلّ مَوضِع حَصين لا يوصل إلى ما في جوفه، والهلالُ، والقُفْل، والمكتلة التي هي الزبيل. ودِرع حَصين وحصينة: مُحكَمَة أمينة متدانية الحِلَق لا يحيك فيها السلاح ". Qقوة محيط الشيء -أي جوانبه على ما في باطنه من لطيف فلا يُوصَل إليه فيه بما لا يراد. كالحصن، وكما تبدو دائرة الهلال قوية متألقة محيطة (بفراغ) جوفه، والقفل والمكتل لحفظ الشيء في الأثناء بقوة الإحاطة به. وكالحصن الموصوف {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ} [الحشر: 2]: مبنى حولها كالحِصن. ومنه "حَصُن المكان (كرم): منُع وأحصنه وحصّنه- ض. وأحصنَ الرجلَ: منعه وأحْرزَه (أي جعله منيعًا لا يوصَل إليه) {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ} (الدرع الحديدي يُحْصِن البدن فلا يصل إليه سيف أو رمح إلخ) وقوله تعالى: {يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ} [يوسف: 48] أي تحبسون لتزرعوا لأن في استبقاء البذر تحصين الأقوات تحرزون تدخرون [قر 7/ 204] "والحصَان -كسحاب: والحاصن: العفيفة (المنيعة التي لا يوصل إليها بريبة) يكون ذلك بعفة ودين، أو بزواج .. إلخ. والمُحْصِنة -بفتح الصاد وكسرها: التي أحصنت نفسها وفرجها بالعفة الكاملة وتمام التحفظ، والتي أحصنها زواجها {الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا}

معنى الفصل المعجمي (حص)

[الأنبياء: 91]، هذه بالعفة، وكذا ما في [التحريم: 12 و (محصنات) في النساء: 24، والأولى والأخيرة من 25، والمائدة: 5] {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] هي هنا للزواج وكذا (محصنين) في [النساء: 24، والمائدة: 5 و (محصنات) الوسطى في النساء: 25، وما في النور: 4، 23 صالح للحالين] {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور: 33]: تعففًا وامتناعًا عن البغاء (أما إن أردن البغاء فلن يُمنعن إلا بالحبس التام، وهو يلغي جدوى وجودهن، فالشرط لضبط الواقع). أما "الحِصان -ككتاب: الفحلُ من الخيل "فمن الأصل لأنه مُحْرز لفارسه (به يكُرّ وَيفر آمنا). ° معنى الفصل المعجمي (حص): هو الغلظ وما إليه من تجمع مع التئام أو جفاف مع الجزئية قطعًا أو صغرًا كما في رأس الأحص إذ تبدو كتلة غليظة لامعة كأن جلدها مصمت لا ينفذ منه شعر، وكما في الحِصحِص الحجارة -في (حصص)، وفي صلابة الحصا مع دقته التئامًا علي نفسه- في (حصوحصي)، وفي الضيق وهو من جنس الالتئام- في (حوص وحيص) وثمرته التي هي مستوى من تجمع جرم الشيء -في (حوص) وسلامة كتلته متجمعة في (حيص)، وفي الحصب في شدته وشدة الحَصب به -في (حصب)، وفي جمع الجاف جزًّا -في (حصد)، وفي شدة الضم- في (حصر)، وفي الجمع النهائي مع تميز النتيجة والخلاصة- في (حصل)، وفي حفظ المتحصن بصلابة ما يحيط به- في (حصن).

الحاء والضاد وما يثلثهما

الحاء والضاد وما يثلثهما • (حضض): {وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الفجر: 18] "الحضيض: قَرارُ الأرض عند سَفْح الجبل ومُنقَطَعِه "وعبارة الأصمعي "القرار من الأرض بعد منقطع الجبل "قال ... {زلت به إلى الحضيض قدمه} [ينظر تهذيب اللغة]. والحُضُض -كعُنُق وعُمَر: صِمغ من نحو الصَنَوبر والمُرّ .. وقيل هو عصارة الصَبر ". Qاندفاع إلى أسفل بثِقَل وضغط شديد (¬1): كقرار الأرض عند أصل الجبل ومنه "حَضَّه: حثه على السير وغيره (دفعه وضغط عليه)، {وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الحاقة: 34] ومثله ما في آية الرأس. وأما الحُضَض الصِمغ المذكور فالراجح أخْذ اسمه من كونه يتحلب من شجره قليلًا قليلًا كأنما باعصار وضغط، وقد يكون لفوائده الطبية أنه يَفُش الأورام وما إلى ذلك أي يذهبها ويزيلها [ينظر تاج]. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر (الحاء) عن احتكاك بعرض وجفاف و (الضاد) عن خروج بضغط وغلظ، والفصل منهما يعبر عن انحدار بقوة الحضيض. وفي (حيض) تعبر الياء عن اتصال. ويعبر التركيب عن سيلان بنحو الاعتصار كالحيض. وفي (حضر)، زادت الراء التعبير عن الاسترسال. وعبر التركيب عن انتقال بخفة (سرعة اندفاع) إلى مجمع كالحضور والحضير.

(حيض)

• (حيض): {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] "حاضت المرأة حَيضًا ومَحيضًا: سال منها الدم في أوقات معلومة ... وحاضَت السَمُرَة وهي شجرة يسيل منها الدُوَدِم -كعُلَبط- وهو شيء كالدم. Qسيلان مائع نحوِ الدم -يتجمع في الجوف- منه بشدة أو عُسر. كدم الحيض والدُوَدِم {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] وكلمة (محيض) صيغتها تصلح للمصدر الميمي واسمى الزمان والمكان. والأساس اعتدادُ الأولى مصدرًا. ثم إني أرى أنه يراد به اسم المفعول أي الدم فهو الأذى. وتعد الثانية اسم زمان وتقدر كلمة وطء، وحملها على اسم المكان تخصيص بلا دليل لأن الكلمة تكررت بغيره. ويفتح الباب لغير مكان الحرث. ينظر [بحر 2/ 177]. • (حضر): {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا} [آل عمران: 30] "المحَاضِرُ: المنُاهل. والحاضر: القومُ النزول على ماء عِدٍّ يقيمون به ولا يَرْحَلون عنه صيفًا ولا شتاء. والمَحضَر: المرجع إلى أعداد المياه. وكنا بحَضرة ماء: أي عنده. والحَضير: ما اجتمع من جايِئة المِدّة في الجُرح، وما اجتمع من السُخْد في السَلَى ونحوه ". Qانتقال بكثافة أو قوة إلى مجمع يدوم. كانتقال الماء سرَيانَا، أو الناس إلى المناهل، والحضير بمعنييه حقيقته مدّة وماء كثيف ويتجمع في الجرح وفي السَلَى حول الجنين. والتجمع حول المناهل هو أصل الحضَر-

محركة: خلاف البدو، إذ كانوا مجتمعون ويقيمون حول مياه المناهل وبجذبها {عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} [الأعراف: 163] هي أيلة أو طبرية أو ... أي كانت بقرب البحر تقول كنت بحضرة الدار أي بقربها [قر 7/ 305] كأنها تقابل محاضر البرّ أي القرى التي في البادية. ومن الانتقال بقوة (إلى مَجْمع) "حَضَر بمعنى جاء " [البقرة: 196، 282، آل عمران: 30، النساء: 8، الكهف: 49، المؤمنون: 98، الأحقاف: 29] ومن هذا أيضًا {وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} [يس: 75] يمنعون منهم ويدفعون عنهم [قر 15/ 57] واستعمل الإحضار للإتيان بالخلق إلى موقف الحساب يوم القيامة فكانه بمعنى الحشر. ومنه {فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس: 53]: مجموعون أُحضِروا موقف الحساب [قر 15/ 43] وكذا ما في [القصص: 61، يس: 32، الصافات: 127/ 158] ومنه حضور العذاب أي صُلِيُّه كما في [الروم: 16، سبأ: 38، الصافات: 57]. وبعض ما سبق هذا الأخير يصلح فيه هذا المراد أيضًا. و "حُضِر المريض واحتُضر -للمفعول: نزل به الموت (تحضره ملائكة لا يُرَوْن) وبهذا المعنى ما في [البقرة: 133، 180، النساء: 18، المائدة: 106] وكذا المحتضَر-بفتح الضاد: الرجل يصيبه اللمم والجنون (جنٌّ لا يُرَون). والحُضر -بالضمْ من عَدْو الفَرس هو من ذلك الانتقال بقوة. وفي قوله تعالى: {... ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا} [مريم: 68] يمكن أن يكون المعنى أنهم يُكَلَّفون الجرْي حولها وهم جثّى -والعياذ بالله، ولم أر من ذكر هذا. ومن معنوى ذلك {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} [النساء: 128]، "رجل حَضْر -بالفتح: ذو بيان " (فكر حاضر ولسان مُواتٍ والفكرُ مادة لطيفة وهي

£°معنى الفصل المعجمي (حض)

هنا غزيرة حاضرة في الذهن). ° معنى الفصل المعجمي (حض): الدفع أو الاندفاع بقوة -كموقع الحضيض بالنسبة لما ينحدر إليه من الجبل- في (حضض)، وكسيلان دم الحائض بما يشبه الاعتصار لقلته أو ألمه -في (حيض)، وكاندفاع الإسراع في (حضر). الحاء والطاء وما يثلثهما • (حطط- حطحط): {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: 58] "كَعب حَطيطٌ: أَدرَمُ " (الكعب هو ما يسمى بزّ الرجل، والأَدْرَم المستوى مع الساق أي غير المنتبر). "أَليَة محطْوطة: لا مأكمة لها ". (أي ليست رابية منتبرة إلى الخلف). حُطّ البعيرُ -للمفعول: طَنِيَ فالتزقت رئته بجنبه " (فالطنَى مرض يتمثل في هذا). "المِحَط والمِحَطّة (آلة): حديدةٌ أو خَشبةٌ يُصْقَل بها الجِلْد حتى يلين وَيبرق، ويُنقَش بها الأديمُ. الحَطوط: الأكمة الصعبة ". "احتط الرَحْلَ: وضعه " [متن]. Qانضغاطُ الجِزم بثِقَل إلى أسفل أو إلى الداخل فلا ينتبر (¬1): كالكعْب الحطيط -والمعتاد أن يكون منتبرًا، وكذلك الأَلية، والمرض ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الحاء تعبر عن احتكاك بعرض وجفاف، و (الطاء) تعبر عن الضغط العريض مع الغلظ، والفصل منهما يعبر عن ضغط بقوة إلى أسفل كما في حط الجلد وكما في زُبْد اللبن والكَعْب الأَدرم. وفي (حوط) عبرت الواو عن الاشتمال وعبر التركيب معها عن نحو الحائط من جرم شديد يحيط بشيء (أي يشتمل عليه) بقوة وحصر كالضغط، وفي=

المذكور تنضغط منه الرئة فتلتزق بالجنب والمعتاد أنها متميزة في وَسَط صُندوق الصدر. والآلة المذكورة تَنْقُش الجلد بضغْطه فتَغُورُ فيه خطوطٌ ورسوم حسب الشكل المراد، والأكمة الحطوط يندفع النازل منها بقوة كأنما ضُغط. وحَط الرحل: إنزاله الأرض (إلى أسفل). ومن ذلك الحطاط -كسحاب: زُبد اللبن " (مبادئه طَبقة رغوية تكثُف بما يَتَجَمَّع فيها حتى تصير طبقة كثيفة ثخينة كأنها كُثفَت وضُغطت حتى صارت كذلك). ومن ذلك الضغط "الحُطائطة: بثرة صغيرة حمراء (تكاد تستوي بالجلد كالمضغوطة)، و "الحطائط -كتُماضر أيضًا: الذرّ " (النمل الصغير فهو لدقة حجمه كالمضغوط المسحوق، وكذلك "الحَطَاطةُ الجاريةُ الصغيرة. قال في [تاج] "كل شيء يُستَضغَر يقال له حَطاطة ". ومن الأصل المذكور حَطْحَط في مشيه وعمله: أسرع (في ضغط كالانصباب) ومنه "الانحطاط: الانحدار "إذ "حَطُّ كلِّ شيء حَدرُه ". ومنه "الحَطُّ: وضع الأحمال عن الدواب ونحو ذلك، اذ هو إهباط لارتفاعها بنقل جرمها من أعلى إلى أسفل مطاوعة لضَغط ثقلها. وقوله تعالى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ ¬

_ = (حطب) عبرت الباء عن تجمع وتلاصق ما، والتركيب يعبر عن عيدان خشبية غليظة (غلظًا حقيقًا أو غلظها جفافها) توقد بها النار (مقابل الباء هو جفافها الذي يجعلها تضمر فتنضام مكوناتها أو لزومها للنار أو كونها عالقة بشجرها رغم ذلك)، وفي (حطم) عبرت الميم عن التئام ما، وجاءت دلالة الكسر من تسلط الغلظ والضغط (اللذين تعبر عنها الحاء والطاء) على الجرم ذي التماسك الضعيف.

(حوط)

سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: 58]، فُستَرَت بالحَطّ وَضْعِ الحِمل أي حُطَّ عَنا ذنوبنا [طب 2/ 105، قر 1/ 410]. وفي ضوء ما سبق يمكن أن يتأتى في تفسيرها أن معناها الخشوع من الضغط أي ادخلوا سُجّدًا خاضعين لله تعالى. ويكون الأمر بالقول هنا أمرًا باستحضار ذلك في القلب، وهذا قوي أخذًا من استعمال القول في المتصوَّر في النفس، وفي الاعتقاد، وفي العناية الصادقة بالشيء (¬1). • (حوط): {وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: 12] "الحُوَّاط كتُفاح: حظيرةٌ تُتّخذ للطعام. والحائط: الجِدار -والمَحاط: المكان الذي يكون خلف القوم والمالِ يستدير بهم ويحوطهم ". Qالاستدارة حول الشيء بنحو الجدار: كالحائط والحظيرة للطعام والمال (: الماشية). ومنه "حوّط على الشيء وحيّط عليه- ض: أقام عليه حائطًا. {أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29] ثم إن (الإحاطة بالشيء) استعملت كناية عن العلم بالشيء من جميع جوانبه، وعن حفظه، وعن التمكن منه والقدرة عليه وإهلاكه. فمن معنويه "حاطه: حفظه وتعهده. وأحاط بالأمر: أحدق به من كل جوانبه (حفظًا أو علمًا أو تمكنَا وقدرة): أحرزه كلْه وبلغ علمُه أقصاه {وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا} [النمل: 84]، {أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا} [الكهف: 91]، ¬

_ (¬1) انظر [تاج]، (قول).

(حطب)

{لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ} [الجن: 28] أحاط بما عند الرسل من الحكم والشرائع " [بحر 8/ 349]. وأضيف: وكل ظروفهم مع الدعوة ومع أقوامهم ومن هذه الإحاطة العلمية ما في [البقرة: 25، آل عمران: 12، النساء: 108، 126، الأنفال: 47، يونس: 39، هود: 92، الكهف: 68، 91، طه: 110، النمل: 22، 84، فصلت: 54، الطلاق: 12، الجن: 28، {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (19) وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} [البروج: 19، 20] أي هو قادر على أن ينزل بهم ما أنزل بفرعون وثمود. ومن كان محاطًا به فهو محصور في غاية لا يستطيع دفعًا. والمعنى دنو هلاكهم " [بحر 8/ 485]. ومما يصلح للعلم والقدرة والإهلاك ما في [الإسراء: 60، الفتح: 21. والإهلاك هو الراجح في البقرة: 19 {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} [البقرة: 81]، أخذته من جميع نواحيه، لأنه وافى على الشرك، أو لأنه أصر على الكبيرة " [ينظر بحر 1/ 445 - 446]. {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} [الكهف: 42]: "أي هلك ماله كله [قر 10/ 409] ومن الإهلاك ما في [التوبة: 49، يونس: 22، هود: 84، العنكبوت: 54] وفي {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} [يوسف: 66] إلا أن تهلكوا أو تموتوا/ إلا أن تغلبوا عليه [قر 9/ 225]. • (حطب): {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الجن: 15] "الحطب: ما أُعِدّ من الشجر شَبوبًا للنار. والحِطَاب في الكرم -ككتاب: أن يُقْطَع حتى ينتهي إلى ما جرى فيه الماء (أي يقطع الجاف فقط).

(حطم)

Qقضبان وأغصان من الشجر (خشبية) جافة توقد بها النار (أي توضع فيها لتُشَب بها): كالحطَب والجاف من فروع الكروم {فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4]. ومن الشبيه بالحطب وصفهم الشديدَ الهُزال بالأحطب. • (حطم): {ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ} [النمل: 18] "الحطام -كغراب: ما تكسر من اليبيس. وحُطَام البيض: قشره. وصَعْدة حِطَم -كعنب: كِسَر. وإبل وغَنَم حُطَمة -كهُمَزة: كثيرة تحطِم الأرض بأخفافها وأظلافها. والحَطْم (مصدر): الكَسْرُ والدَقّ ... يَحْطم كل شيء: يدُقّه ". Qتَكَسُّر اليابس قِطَعًا لضغطٍ شديد أو ثقيل وقع عليه كقِشر البيض، وكالصَعْدة، وتكسر ما يبس مما كان مُسَوَّى على هيئة خاصة {لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ} لا يَسحَقَنكم. {ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا} [الزمر: 21] (هشيما)، ومثله ما في [الواقعة: 65، والحديد: 20] {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ} [الهمزة: 5، 6] (ولفظ الحَطْم من أوقع تصوير ما تفعله النار بمن يُلْقَي فيها). والحطيم جدار الكعبة المشرفة -زادها الله تشريفًا وتعظيمًا: القصيرُ المواجه للميزاب، لأن البيت رُفع وترُك هو كالمحطوم. والحاطوم: الهاضوم (يهضم الطعام الذي يُشْعَر به كأنه صُلْب لتوقفه في البطن) وماء حاطوم: مُمْرئ (يُجْري الطعام كأنه هاضوم).

£°معنى الفصل المعجمي (حط)

° معنى الفصل المعجمي (حط): الضغط بشدة أو ثقل ومنه الغلظ كما في حَطّ الحِمل -في (حطط)، وإحاطة الشيء من خلفه بغليظ- في (حوط)، وفي غلظ الحطب مع جفافه -في (حطب) وفي الضنط الذي يحط -في (حطم). الحاء والظاء وما يثلثهما • (حظظ): {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)} [فصلت: 35] "الحظ: النَصيب والقِشم وهو حَظيظ ومَحْظوظ: ذُو حظّ من الرزق. وفي التاج "الحظ: النصيب والجَدّ، أو خاص بالنصيب من الخير. الحظ النصيب من الفضل والخير. الجظيظ: الغَنش الموسر ". Qتميز قِسم أو قطعة (كبيرة) من الشيء الطيب لشخص ما (¬1) {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (من الخير والفضل والكرامة عند الله). وكل (حظ) في القرآن فهو بهذا المعنى. • (حظر): {وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} [الإسراء: 20] ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر (الحاء) عن احتكاك بعرض وجفاف، و (الظاء) عن نفاذ بغلظ وكثافة، والفصل منهما يعبر عن تميز (= نفاذ وانقطاع) قسم من الشئ يُستَعظم. وفي (حظر) عبرت الراء عن استرسال مع تماسك ما، وعبر التركيب معها عن ركم نحو عيدان الشجر الجافة جدارًا ممتدًّا ومستمًّرا (مسترسلًا) يصدّ عن الشئ كما في الحظار.

£°معنى الفصل المعجمي (حظ)

"الحظار: الجِدَار من الشجر يوضَع بعضُه على بعضه ليكون ذرّى للمال يَرُدّ عنه بَرد الشَمال. وكلُّ ما حال بينك وبين شيء كحائط الحظيرة حِظَارٌ -ككتاب وسَحاب. والحظيرة: ما أحاط بالشيء ". Qالمنع عن الشيء بنحو الجدار يصدّ عنه. كالحظار يمنع الهواء البارد ونحوه عن المال أي الأنعام وكذلك الحائط. ومنه "حَظَر الشئَ (نصر) وحَظَر عليه: مَنَعه {وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا}. والمحتظَر -بفتح الظاء: الحظيرة، وبكسرها: صاحبها أو صانعها ". ولما كانت الحظيرة تُبْتَى من شجر يابس وحَطب ونحو ذلك من غصون مقطوعة من شجرها فإن مادة بنائها هذه يصدق عليها اسم (الهشيم) وعليه: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} [القمر: 31] بفتح الظاء أي حُطام الاحتظار -فتكون مصدرًا ميميًا باقيًا على المصدرية أو بمعنى اسم المفعول أي الحظيرة، وبكسرها -أي الحطام الذي يبنى منه الرجلُ الحظيرة. ° معنى الفصل المعجمي (حظ): عظم الجرم كما يتمثل في عظم القسم أو النصيب في (حظظ)، وفي عظم ركام الشجر الجاف الممتد كالجدار -في (حظر). الحاء والفاء وما يثلثهما • (حفف- حفحف): {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} [الزمر: 75] "حَفَّ القومُ بالشيء/ بسيّدهم يحُفّون حَفًّا: أَحْدَقوا به وأَطَافوا به وعَكَفوا واستداروا. حِفافَا الجبل وكل شيء: جانباه. حِفَافُ الرمل: منقطَعُه -والحِفَافان:

ناحيتا الرأس والإناء وغيرهما. بقى من شعر الأصلع حِفَافٌ وهي الطُرّة من شعره حول رأسه. والمِحَفّة: رَحْل/ هَوْدَجٌ يُحَفّ بثوب ثم تركب فيه المرأة ". Qإحاطةٌ بجفاف تُنهِى امتدادَ الشيء أو الامتدادَ إليه (¬1). كما يحُفّ القوم بسيدهم، وكما يحف الهودج بالمرأة أو الثوب بِعيدَانِه، وكحِفَاف الرأس والإناء والجبل. ومن حَفّ القوم بسيدهم {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ}. ومن إحاطة شيء شيء {وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ} [الكهف: 32]. ومن لحظ الانتهاء إلى الحافة المحيطةِ "إناء حَفان: بلغَ الماءُ وغيرُه حِفافَيه. وهو على حَفَفِ أمْرٍ أي ناحية منه وشرَف ". ومنه "حَفّان الإبل والنعام: صغارُها (حواليها) والحَفّان: الخدَم " (حول سادتهم). ومن هنا قالوا في تفسيره "مَنْ حَقنا ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر (الحاء) عن احتكاك بعرض وجفاف، والفاء عن نفاذ الكثيف أو إبعاده بقوة وطرد، والفصل منهما يعبر عن منقطَع جرم الشيء كحِفاف الجبل والإناء والرأس عندها ينقطع الجِرم. وفي (حفو حفى) تضيف الواو معنى الاشتمال، ويعبر التركيب عن نحو القشر والإزالة لما على محيط الشيء ووجهه كالمغطى له المشمل عليه كاحتفاء المرعى. وفي (حيف) ترسط الياء بمعنى الاتصال، ويعبر التركيب عن الاقتطاع من الجانب (المحيط) بالشيء كما في التحيف. وفي (حَفَد) عبرت الدال عن الاحتباس، ويعبر التركيب عن زيادة خارجية على الشيء تحتبس أي تُمسك وتثبت كالوشى في ظاهر الشيء مع ثبوته، والمكيال يضاف به مقدار ثابت، والمحفِد مستقرّ (= محبس) السنام المرتفع (زيادة). وفي (حفر) عبرت الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن استرسال الاقتطاع من وجه الأرض كما في الحفيرة البئر. وفي (حفظ) عبرت الظاء عن نفاذ بغلظ، وعبر التركيب عن أن النافذ المحيط بالشيء قوي غيظ أي عن إحاطة الشيء بقوى غليظ يحفظه فلا يضيع.

أورَفّنا فليقتصد ": حَفّهم أي أكرمهم/ خدمهم وتعطف عليهم ". ومن الإحاطة مع الجفاف قالوا "الحفَف: قلة المأكول وكثرة الأَكَلة ". "لم يشبع من طعام إلا على حَفَف: أي ضيق وقلة معيشة ""وعنده حَفّة من متاع أو مال: أي قوت قليل ليس فيه من فضل عن أهله ". ومن صور الإحاطة تجريدًا وإنهاء جعلُ الحافة ملساء غير منتشرة -كما في قولهم "حَف رأسه وشاربه: أحفاه. حفّ اللحيةَ: أخذ منها. حفه: قشره. المرأة تحُف وجهها: تزيل عنه الشعر بالموسى/ أو نَتفًا بخيطين "ومن هذا أيضًا "الاحتفاف: أكل جميع ما في القِدْر. واحتفّت الإبل الكلأ: أكلته "وكل ذلك يمكن أن يكون من إصابة الحافَة أو إبرازها. وكذلك "رجل حافّ العين بيّن الحُفوف أي شديد الإصابة بها/ يصيب الناس بالعين ". أما "حَفُّ الحائك وهو القصبة التي تجيء وتذهب. أو التى يضرب بها الحائك كالسيف فهي إحاطة ضبط ومنع تشعث أي هي إنهاء أيضًا ". ومن الجفاف وحده "سويق حافّ: يابس غيرُ ملتوت. حفَّت أرضُهم تَحِف حُفوفًا: يبِس بَقلُها. وحَفَّ بطنُ الرجل: لم يأكل دسمًا ولا لحمًا فيبس. وحفت الثَريدة إذا يبس أعلاها فتشققت. وحَفَّت اللحية والرأسُ حفوفًا: شَعِث (شعرهما) وبَعُد عهدُه بالدُهن ". أما الحفيف: صوت الشيء كالرمْية، وطيرانِ الطائر -فهو صوت احتكاك الهواء بحِفاف الشيء. يقال "حفّ الشيءُ وحفحف. واحففت الفرس: حملته على الخُضْر الشديد حتى يكون له حفيف ".

(حفو)

• (حفو): {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} [مريم: 47] "الحَفَا: المشي بغير خُفٍّ ولا نَعل، ورِقّة القَدَم والخُفّ والحافر. وقد حَفِي (كتعب): انسَحَجَت قدمه. وأحفَى شاربَه ورأسه: ألزقَ حَزه. واحتَفَى البقلَ: اقتلَعه (بالأظافير) من وَجه الأرض. واحتفَى القومُ المرعَى: رَعَوْه فلم يتركوا منه شيئًا ". Qرقة سطح الشيء أو ظاهره بانسحاف الكثيف الذي كان يعروه: كرقة جلد القدم بذهاب جلادتها أو قوتها، وكذلك رقة الجلد بذهاب شعر الشارب والرأس وهو كثيف، وكذلك ذهاب المرعى وهو غطاء كثيف على وجه الأرض. ومن معنويه "حَفِيَ به (كتعب) وتحفَّى واحْتفَى: بالغ في إكرامه/ بالغ في بِرّه والسؤال عن حاله. وهو حَفِيُّ به: بَرٌّ مبالغٌ في إكرامه (من الرقة أي معاملة رقيقة) ومن هذا البِرّ قالوا: "حفاه: أعطاه " {إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا}، {يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا} [الأعراف: 187] بمعنى مهتم بها حَسَّاس رقيق الشعور نحوها -أو شاعرٌ أي عالم بها. وكُلاَّ قد قيل [ل 205] (وكلاهما من رقة السطح. والأول مردود، لأنه - صلى الله عليه وسلم -كان مهتما بها أقصى الاهتمام. فالتفسير المقبول: كأنك عالم بها). قال الجوهري "الحفِي: العالم الذي يتعلم الشيء باستقصاء/ المستقصي في السؤال،. اه وتعبيره بالاستقصاء مأخوذ من قولهم "أحفاه: أي ألح عليه في المسألة، (كما في قوله تعالى: {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا} [محمد: 37] أي يجهِدْكم " (فهذه من الأخذ بكثافة) وفعيل حينئذ بمعنى مُفْعِل، ويكون الوصف

(حيف)

"بالعلم "في هذا كوصف "الباحث "به لأن أخذ الغليظ الكثيف الذي يعرو -كالبحث. فتفسير الحفى بأنه الذي يعلم الشيء باستقصاء- هو المناسب ومن مجاز سَحْف الكثيف الذي يعروا "احتُفِي القوم -للمفعول: استُؤصِلوا "، وحَفَاه من كل خير: منعه " (كأنما اقتطع منه أو أرق حاله- إذ منعه). ومن الأخذ بغلظ: "حافاه: ماراه ونازعه " (كل يحاول أن يأخذ من الآخر). • (حيف): {أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ} [النور: 50] "الحَيف -بالفتح: حَدُّ الحَجَر، والحائف من الجبل: الحافَة [ق] وحافَتا اللسان: جانباه. وحافَتا الوادي، وحافَةُ كل شيء: ناحيته. والحِيفة -بالكسر: خَشَبه مِثالُ نصف قَصَبة في ظهرها قصبة تبري بها السهام [ق]. Qانقطاع امتداد الشيء عَرْضًا أي من جوانبه. والحدّ والحافَة عندها ينقطع امتداد الشيء، والحِيفة يُقطع بها. ومنه "الحيف -بالفتح: الجور (وهو اقتطاع وانتقاص من جانب الشيء. ومنه ما في آية الرأس). ولذا قالوا: "تحيّف الشيءَ: أخذ من جوانبه ونواحيه. وتحيف مالَه: نقصه وأخذ من أطرافه ". • (حفد): {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل: 72] "محافد الثوب: وشْيه واحدها مَحفِد -بالفتح. الحَفْد -بالفتح: الوَشى. ويقال لطرَف الثوب محفَد -بالكسر. والمَحفِد -كمنزل: أصلُ السَنام، وبالكسر والفتح: شيء تعلف فيه الإبل كالمِكتَل ".

Qإحاطة بالشيء فيها لطف وخفة. كالوشي بظاهر الثوب، وكطرف الثوب له، وأصلُ السنام كالمحيط بظهر البعير، وهو شحم لطيف. والمِغلف يكون قريبا من الدابة وفيه علفه. ومن الخفة واللطف: "حَفْد الظليم والبعير -بالفتح وكغليان: وهو تَدَارُك السير (حركة خفيفة متقاربة الخَطو يقع التباعد بها قليلا قليلا) ومنه: "حَفَد واحتفد: خَفّ في العمل وأسرع " (زيادة في الحركة). وفي قوله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} قيل إن الحفدة الخدَم والأعوان، والبنات، وأولاد الأولاد، والأصهار، وبنو المرأة من زوجها الأول -نظروا في الكل إلى معنى السرعة وخفة الحركة في الخدمة. وبالنظر إلى معنى الإحاطة مع اللطف والخفة في المعنى المحوري نجد أن أقربها إلى هذا المعنى هم أولاد الأولاد- إذ ينشئون حول جدهم. ويقوي هذا ذكر الأزواج في الآية. ويليه تفسير الحفدة بالبنات ثم بالأصهار. والتفسيرات الأخرى تجوز لأنها مبنية على خفة الحركة مع الإحاطة لكن دون اللطف. قال [قر 10/ 144]: ما قاله الأزهري من أن الحفدة أولاد الأولاد هو ظاهر القرآن بل نصه، ألا ترى أنه قال: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ ...} فجعل الحفدة والبنين منهن. اه. وعليه آخرون. [وانظر ل، والمعاني للفراء 2/ 110] وأقول إن هذا كقوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} [الأنبياء: 72] وأما "محمد الرجل -كمنزل: محتده وأصله "فالأقرب أن هذا مأخوذ من المحفِد: أصل السنام.

(حفر)

• (حفر): {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [آل عمران: 103] "الحَفِير والحَفِيرة والحَفَر -محركة: البئر الموسَّعة فوق قدرها. حَفَر الأرض بالمِخفَر- وهي المِسحاة ونحوها مما يُحتَفَر به ". Qقلع وإخراج بجفاف وقوة من جرم الشيء إلى خارجه: كحَفْر البئر الموسعة. ومن ماديه أيضًا "الحفَر في الأسنان -محركة: وهو أن يحفِرَ القَلَحُ أصولَ الأسنان بين اللِثَة واصْل السِن من ظاهر وباطن يُلحُّ على العظام حتى تتقشَر العظام. . وحَفِرَت رواضعُ الصبي، وأحفر الصبيُّ: سقطت ثناياه. وكذا أحفَرَ المُهْرُ. والحافرُ من الدواب يكون للخيل والبغال والحمير، (يحفر الأرض في المشي -لا كالخف). ومن المعنوى: "الحافرةُ: الخلقُ وبَدْءُ الأمر (كما قيل في فاطر السموات والأرض: مبتدئهما وخالقهما، من فَطر البئر: شَقِّها ابتداء) {أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ} [النازعات: 10]: تمامًا كقوله تعالى: {وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} [الإسراء: 49]، {أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} [الإسراء: 49]، وآيات أخرى كثيرة تحمل معنى إنكارهم البعث بعد فناء الجسد. ويؤدي إلى هذا أيضًا تفسير الحافرة بالأرض، فاعلة بمعنى مفعولة، أي تُحفَر. وقد قيل بهذا بمعنى ما. ويتأتى هذا أيضًا من قولهم: "رجع على حافرته أي من حيث جاء ". وانظر في الآية وما حولها: [ل، قر 19/ 196، بحر 8/ 413]. وقولهم: "النقد عند الحافرة "أراه بمعنى عند التسليم وإخراج المبيع من الحوزة.

(حفظ)

• (حفظ): {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} [الحجر: 9] "الحافظ: الطريق البيّن المستقيم الذي لا ينقطع، فأما الطريق الذي يَبِين مَرّة ثم ينقطع أثُره ويَمّحى فليس بحافظ. حَفِظ المالَ والسِرَّ: وَعَاه. وحَفِظ ما سَمِع. (: لم ينسه). وحِفظَ الشيءَ: حَرَصَه، وحَفِظَ القرآن: استَظْهره. وهو حافظُ العينِ: لا يغلبه النوم ". Qحياطة قوية ضابطة للشيء فلا يضيع ولا يتفلت. كذلك الطريق الذي يحفظ سالكيه فلا يتيهون ولا يُهْدَر جُهدُهم، وكحِفْظ المال لا يضيع ولا يُنتَقَص بخيانة أو سرِقة أو سُوء تدبير، وكحفظ الكلام والقرآن: وَعيه. وحِفظُ العين تَنبَةٌ لما تُراعيه وعَدَمُ غفلة عنه. ومن حِفْظِ المال بحسن تدبيره {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55]. ومن حِفْظ الحراسة {وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ} [الحجر: 17]، {فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [يوسف: 63]، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] {حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34]، ومن عدم النسيان والغفلة أي حفظ الضبط {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ} [الانفطار: 10، 11]، ومن حفظ الضبط والهيمنة {وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80] {وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} [الأنعام: 104] كقوله تعالى {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [الغاشية: 22]، وهكذا كل {حَفِيظٌ} في القرآن هي بمعنى ضابط مهيمن. ومن هذا أيضًا {وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} [المطففين:

£°معنى الفصل المعجمي (حف)

33]، ومن حفظ الضبط هذا {وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ} [الأنبياء: 82]، ومنه مع تنوع الصورة ما في [البقرة: 255، الأنعام: 61، يوسف: 81، الطارق: 4]. ومن ذلك المعنى جاءت "الحفيظة: الغضب لحرمة تنتهك من حرماتك ". (وحقيقة ذلك حميّة مختزنة في القلب محوطة فيه تستثار. ونظيرها الحقد المحفوظ في القلب. لكن الحفيظة كأنها مشاعر فطرية طبيعية، ولذا فسرت هي والمحافظة والحِفَاظ بالذَبّ عن المحارم ومنعها من العدُو. وأهل الحِفَاظ: المحامُون على عوراتهم الذابّون عنها. ثم قيل "المُخفظات: الأمور التي تُحفِظُ الرجلَ أي تغضبه إذا وُتر في حَمِيمه أو في جيرانه. ثم قالوا حَرَمُ الرجل: مُخفِظاته ". أما الحقد فيكون عن إساءة قديمة لم تُردّ. ° معنى الفصل المعجمي (حف): الإحاطة بالشئ من خارج -كما يتمثل في حِفاف شعر الأصلع ومن يحفون بسيدهم -في (حفف)، وفي قَشر ما هو كالغشاء أو الغطاء -في (حفو/ حفى)، وفي القطع من الجانب -في (حيف)، وفي الإحاطة بلطف وخفة -في (حفد)، وفي الحفر من وجه الشيء مع التعمق والتوسع -في (حفر)، وفي عزل الشيء بحياطته لا يقتطع منه ولا يزاد عليه أي ما ليس منه في (حفظ). الحاء والقاف وما يثلثهما • (حقق- حقحق): {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون: 116] "الحُق -بالضم من الوَرِك: مغرِزُ رَأس الوَرِك، والنُقْرةُ التي في رأس الكتِف، وذاك المنحُوت من الَخَشب والعاج. والمَختَقّ من الطَعن: النافذ إلى الجوف ".

Qتمكن الشيء في عمق مقره أو وسطَ مقره (¬1) -كما يتمكن رأس الورك- وهو كالكرة العظمية في حُقه، وهو فجوة عظمية تتحرك فيها تلك الكرة، وكذا رأس الذراع، وكما يتمكن الشيء في حُق الخَشَب. وكغُثُور الطَعن في وسط الجوف. والتمكن في العمق دخول فيه. فمن صوره "احتقّ الفرسُ: ضمُر (فتداخلت أثناؤه بعضُها في بعض) والأحق من الخيل: الذي لا يعرق (كأن جلده مُصمَتٌ من تداخله). وحَقَّتْ الناقَةُ: سمنت. واستَحَقَت لقاحًا: لَقِحت " (تغلغل في الجوف أو الوسط) "والحِق من أولاد الإبل -بالكسر: الذي بلغ أن يُركب ويُحمَل عليه ويُضرَب " (اشتد بدنه من تداخل نيانه وقوة عضلاته) ومنه كذلك "حقيقةُ الرجل: ما يلزمه حِفظه ومَنْعُه ومحق عليه الدفاعُ عنه من أهل بيته " (الذين في حوزته وكنفه كباطنه). ومن ذلك "الحَقّ: نقيض الباطل " (الشيء الثابت الراسخ المتمكن بشريعة ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الحاء عن احتكاك بعرض وجفاف، والقاف عن تعقد شديد في العمق أو الأثناء، والفصل منهما يعبر عن غثور إلى عمق وَسطِ جِرمٍ صُلْبٍ كما في حُق الورك والكتف وحُقّ الخشب. وفي (حيق) عبرت المدة اليائية عن اتصال، والتركيب معها يعبر عن اتصال تأثير الغئور في الجِزم إحاطة أو امتدادًا. وفي (حقب) عبرت الباء عن تجمع رخو مع تلاصق ما، ويعبر التركيب معها عن جمع الشيء وشدّه في آخر الوسط من جهة الخَلف كشد الحقَبِ الرَحْلَ إلى مؤخّر الظهر. وفي (حقف) تعبر الفاء عن إبعاد بكثافة وطرد، ويعبر التركيب معها عن إبعاد من جوف الشيء الشديد بكثافة فيتمثل ذلك في اعوجاج حِقْف الرمل مثلا مع استطالته. ومأتى الأعوجاج ان الطرد والانتقاص الذي تعبر عنه الفاء يحدث في وسط جانب الشيء وهو يبدي الشيء الممتد معوجًّا.

صحيحة أو عرف عامّ مسلّم "حَق الشيء: ثبت/ وجب {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس: 32 {قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} [القصص: 63]، أي ثَبَت. {وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [الزمر: 71]: وَجَبت وثبتت (كلاهما بالاستحقاق والأهلية بسبب مخالفتهم صاحب الأمر سبحانه). ومن صور تمكن الشيء واستقراره على ما وضع عليه: مطابقة الشيء الشيء. ومن هذا "الحقُّ: الصِدْقُ {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ} [آل عمران: 62]، (المطابق لما وقع)، {لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء: 171] الصدق والصواب. وتحقق الخبرُ: صحّ " (طابق الكلام الحدث المخبَر عنه) "حقق قوله: صدّقه ". واستعمالات (الحق) غير المادية تدور على الثبات، لكن التعبير عن معناها يختلف مناسبته لها حسب السياق: فقد يفسر بالصحيح الصواب أي ضد الباطل الزائف وهذا أشيع استعمالاتها في القرآن {فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ} [البقرة: 26 {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 42] وكل ما في سياق الدين وإنزال القرآن. وقد يفسر بالصدق {أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} [يونس: 55] وكل ما كان في سياق وعد أو خبر. وقد يفسر بالعدل {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ} [غافر: 20] وكل ما كان في سياق حكم أو قضاء أو فصل كذلك. أما (حق عليه) مثل {وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} [الأعراف: 30] فكلها بمعنى ثبت ووجب و {بِغَيْرِ الْحَقِّ} [البقرة: 61] أي بغير استيجاب. وهكذا. بقى أن الوجوب أصله الاستقرار، والصواب أصله من إصابة الشيء أي

(حيق)

الالتقاء به نزولًا عليه بقوة وهذا استقرار، وأن الصحة والصدق هما من التماسك وعدم التسيب وهذا ثبات، والعدل من التوازن وهو يؤدي إلى الثبات. فكل ما يفسر به الحق يرجع إلى الثبات. ومن الأصل: "له في هذا الأمر حق " (كأن له جزءًا منه ثابتًا في وسطه) {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} [البقرة: 282]. و"حقيق عليه ذلك " (واجب ثابت): {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [الأعراف: 105] "وهو حقيق بكذا: خليق له "كأنما هو ثابت لازم له {الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ} يريد القيامة، لأن الأمور تُحَق فيها [قر 18/ 257] عن [طب]، وهناك تعليلات أخرى لتسميتها. والحَقْحَقَةُ: أرفع السير وأتبعه للظهر " (وهي من التنْزِيَة في وَسَط الظهر -أي تكرار الارتفاع عنه والسقوط عليه بأثر ذلك السير. ووسط الظهر مقر الراكب كالفجوة أو الظرف يُتَمَكَّن فيه). • (حيق): {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43] "حاق فيه السيف كحاك: أَثَّر وقَطَع ". Qالقطع الغائر في الشيء. كما يحيق السيف في الضريبة. وقد جوز الأزهري أن يكون "الحُوق -ما استدار بالكمرة من حروفها "- أصلُه حُيْقًا فقلبت الياء واوًا لمناسبة الضمة، ويترجح أن أصل المسمى هو الدائرة الغائرة خلف الناتئة، ليتسق مع "حاقَ السيف: أَئَّر وقطع "ومن هذا يضاف إلى المعنى المحوري معنى الإحاطة، وبه يفهم "الحَيْق: ما يشتمل على الإنسان من

(حقب)

مكروه فعله "- وقد يأتي معنى الاشتمال من التعدية بالباء، لأنه إذا اشتمل عليه إحاطةً فقد جَمَعه ولَصِق به، وهذا معنى الباء. فالتفسير بالإحاطة اجتلافًا وإهلاكًا وارد. {فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الأنعام: 10] وكل (حاقَ) في القرآن فهو من هذا. • (حقب): {لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} [الكهف: 60] "الحَقَب -محركة: حَبْلٌ يُشَدُّ به الرَحْل في بَطْن البعيرِ مما يلِي ثِيلَه. والحِقاب ككتاب: شَيئٌ تُعَلِّق به المرأة الَحلْي وتشدّه في وسطها، وخيط يشد في حَقْو الصَبِيّ تُدْفَع به العَيْن. والحاقب: الذى احتاج التبرز فحَصَر غائطَه ولم يتبرز، وقد حَقِب البعير (تَعِبَ): احتَبس بوله. والحقيبةُ: الرِفَادةُ في مؤخَّر القَتَب، وكلّ شيء شُدَّ في مُؤَخَّر رَحْل أو قَتَب، والوعاءُ الذى يَجْعل الرجلُ فيه زاده. وأحقب فلانًا: أرْدَفَه خلفه على حقيبة رَحْلِه، وزادَه: جعله خلفَه حقيبةً ". Qشدّ الشيء -أي جمعه وربطه- في أول مُؤَخّر مائ يحمله من جهة الوسط: كما يَشُدّ الحَقَبُ الرحْلَ إلى وسط البعير لئلا يجتذبه التصدير إلى الأمام. وهكذا حبس البراز والبول في الباطن. والحقيبة مشدودة في المؤخر، أو تشدّ الراكب أي تمكّنه. ومنه: "الحِقاب -ككتاب: البياض الظاهر في أصل الظفر "لكونه في جِذْعه بينه وبين اللحم. ومنه على التشبيه بحِقَاب الصبِيّ والمرأة "الأَحْقَبُ: الحمار الوَحْشي الذي فى بَطْنه بَياض. ويسمَّى الثعلبُ مُحْقَبًا -كمُكرَم لبياض بطنه ". ومن الشدّ المعنوي قيل: "احْتقَب فلانٌ الإثمَ واستَحْقَبه: احْتَمَله "كأنه جمعه

(حقف)

واحتقبه من خلفه - "واحتقب خيرًا أو شرًا. وحَقِبت السماء -كتعب: لم تمطر " (كأنما احتُقِبَ المطر واخْتُزِن- فالصيغة للمفعولية). ومن الشد والجمع: "الحِقبة -بالكسر: مُدّة من الدهر لا وقت لها، والسنةُ (جماعة وكَمّيّة من الزمن) وكذا الحُقْب -بالضم وبضمتين: ثمانُون سنة. {حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} [الكهف: 60]. وقيل أكثر {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} [النبأ: 23] • (حقف): {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ} [الأحقاف: 21] "الحِقْف -بالكسر- من الرَمْل: المُعْوجُّ المستطيلُ الرَمْلُ العظيم المستدير. [ق]. وقد احْقَوْقَفَ الرملُ إذا طالَ واعوجّ، واحقوقف الهلال: اعوجّ. وكل ما طال واعوجّ فقد احْقَوقَف -كظهر البعير وشَخْص القَمَر. وجَمَلٌ أحْقَفُ: خميصٌ ". Qانحناء الشيء الممتد لنقص في وسطه: كالرمل الموصوف، وكالهلال، والجمل الأجقف. وواضح أن خُمْصَ بطن الجمل هو الذي يُبْديه أحقف وكذلك طىّ شخص الهلال (أي انظماس وسطه بإظلامه) ما عدا حافَته. وقالوا "ظَبْىٌ حاقف: مُنْطَوٍ كالحِقْف، أو رَابض في حِقْف ". أما "أحقاف "عاد ففي [تاج]: "واد بين عُمَان وأرض مَهرة رملٌ بين عُمَان إلى حَضْرَمَوْت رمال مشرفة على البحر بالشِحْر من أرض اليمن. قال ياقوت وهي أقوال غير مختلفة المعنى "اه. ولعل أصل التسمية أن تلك الرمال كانت حبال رملٍ مستديرة معوجة.

£° معنى الفصل المعجمي (حق)

° معنى الفصل المعجمي (حق): يُلحظ أن معاني تراكيب هذا الفصل التي عالجناها متعلقة بأوساط الأشياء مع غثور إلى الجوف أو نحو ذلك (يُتمكن فيه) كحُقّ الورك -في (حقق)، ونفاذ السيف في البدن، وإحاطة حز الكمرة بها -في (حيق)، وفي كون شد المحمول أي المأخوذ واقعَا إلى الوسطَ في (حقب)، وفي كون الانتقاص من الرمل المتجمع واقعًا على وسط جانبه بجث يبدو مكان الانتقاص وكأنه حَنْية أو اعوجاج في الرمل المتجمع الممتد -في (حقف). الحاء والكاف وما يثلثهما • (حكك): "تَحَاكّ الشيئان: اصْطكّ جِرْماهما فحكَّ أحدُهما الآخر. والحُكَاكة: ما تحاكّ بين حَجَرين إذا حُكَّ أحدُهما بالآخر لدَواء ونَحْوه ثم اكْتُحِل به من رَمَد. والجِذْل المُحَكَّك: الذي يُنْصَب في العَطَن لتحْتَكَّ به الإبل الجَرْبى. والحِكّة بالكسر: الجَرَب ". Qدَلْكٌ سَطْحِى بصُلب مع جفاف (أو شِدةٍ كالجفاف) يلزمه جمع المنحوت (¬1). كاصطكاك ظاهِرَىْ الجِرْمين والحَجَرين، وجِلْدِ الإبل ¬

_ (¬1) (صوتيًا): تعبر الحاء عن الاحتكاك بعِرَض وجفاف، والكاف عن ضغط عثوري دقيق يتأتى منه القلع (كما يتأتى الامتساك) والفصل منهما يعبر عن ذلك جاف أو دلكٍ بجفاف يلزمه الانتحات كما في احتكاك الحجرين، وفي (حكم) تعبر الميم عن التضام الظاهري، ويعبر التركيب عن ضبط للشيء مع لأم له يتمان بنوع من الإحاطة به من خارجه بشدة (هذه صورة الاحتكاك هنا) كحكمة الدابة تضبط رأسها، وبها يتم توجيهها وردّها عما لا يراد.

(حكم)

بالجِذل. ويلزم من الدَلْك الموصوف ذهابُ النتوء. ومنه قالوا الحَكيكُ: الكعبُ (وهو ما يسمى بَزّ الرجل، وعُقْدة القَصَبة أو الأنْبوب) المحكوك (المقصود: غيرُ المنتبر)، والحافر النَحِيتُ ""وكلُّ خَفِى نحيتٍ حكيكٌ " (الخفاء يُعْنَى به هنا الاستواء وعدم الانتبار كقولهم "رجل خَفِىّ البطن: ضامره خفيفه ". ومنه الأَحَك: الذي لا سِنّ في فمه الأدْرَد " (كلمة أَحَك مصوغة من الفعل (حكك) بكسر العين. وصيغة الفعل هذه معناها هنا المطاوعة، وهي هنا قريبة من معنى المفعولية. فالأحكّ كأن أسنانه حُكَّتْ أي نُحِتت أو أزيلت). ومن الدَلك السطحي المجازي: "جاء بالحُكَيْكَات -على صيغة التصغير، وبالأَحَاجىّ وكذلك الحَكَّاكات- بالتضعيف: المشْتَبِهات ووَسَاوس الشيطان ". وكذلك "ما حَكّ هذا الشيءُ في صدري أي ما عَمِلَ "أي لم يقشر الظاهر وينفذ إلى قلبي). • (حكم): {إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} [غافر: 48] "حَكَمة اللجام -محركة: ما أحاط بحَنكَى الدابّة، وفيها العِذاران (حبلان من جانبيها يَشُدّانها إلى الرأس) وحكمة الإنسان: أسفلُ وجهه، وحكمة الضائنة: ذَقَنها ". Qضَبْطٌ يمنع التسيب ويمكّن من جَعْل الشيء -أو جريانه- على ما ينبغي ويراد. كحكمة اللجام تضبط الدابة وتمنعها من التسَيب أي تمكن من إيقافها وتوجيهها حسب مراد راكبها (وحَكَمةُ الإنسان والضائِنَة مشتبَّهَةٌ بموضع حَكَمة الدابة، وربما نظر إلى أن الفك الأسفل يُحِكم الاطباق على الحنك).

ومن ذلك الضبط استُعمل التركيب في ضبط المُرَكَبات بعضها مع بعض أي مَنعها من التفكّك والتسيب سواء كانت مادّية أو معنوية أو كلاما "أحكمتُ البناء: بنيته بناه لا يتداعى " [الزينة لأبى حاتم 2/ 103]. ومن الضبط حكمة اللجام التي ذكرناها. و "حَكمتُ الفَرَس (نصر) وأحكمته وحكّمته -ض: وَزَعْتُه وكفَفْته ". ومما يصدق ماديًّا ومعنويًّا بالمنع من الفساد "حَكَمت السفيه وأحكمته: أخَذْت على يده، وحكَم الشيءَ وأحكمه: منعه من الفساد وأصْلحه "كانوا يعضلون المرأة فأَحْكَمَ اللهُ عن ذلك ونَهَى: أي مَنع منه -وأحكمْتُ الشيءَ فاستحْكَم: صار محُكَمًا، واحْتكم الأمر واستحكم: وَثُق ". وفي قوله تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ} [هود: 1] قال الزمخشري "نُظِمتْ نظما رصينا محكمًا لا يقع فيه نقض ولا خلل. كالبناء المحكم الرصْف، ويجوز ان يكون نقْلا بالهمزة من حكُم بضم الكاف إذا صار حكيما أي جُعِلت حكيمة كقوله تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} [يونس: 1] وقيل مُنِعت من الفساد ". كما تُفَضل الفرائد، من دلائل التوحيد، والأحكام، والمواعظ والقصص، أو جُعلت فُصُولًا سورة سورة، وآية آية، وفُرّقت في التنزيل ولم تُنزل جملة واحدة، أو فُصِّل فيها ما يحتاج إليه العباد أي بُيّن ولُخّص ... و "ثم "ليس معناها التراخي في الوقت، ولكن في الحال (أي أنها للعطف فحسب). كما تقول: "فلان كريم الأصل ثم كريم الفعل "اه. باختصار. والذي جاء في [مفاتيح الغيب للرازي الغد العربى 8/ 465 و 4/ 83 - 85] وفي [بحر 5/ 201] غير بعيد مما قال الزمخشري، وقريب منه ما في المحرر الوجيز [قطر 7/ 234] والخلاصة أنهم يعبرون عن:

أ) توفر الإحكام اللفظي (المفردات الدقيقة المناسبة، والصياغة المتينة البليغة). ب) والإحكام من جهة المعنى (دقة التعبير عن المعاني بالمفردات ومناسبة الأحكام واتساق المقررات الكريمة بعضها مع بعض لا تختلف اختلاف تناف). ج) ثم إن كلامهم يسمح بأن يشمل الإحكامُ الإجمالَ المَغنىَّ به جوامع الكلم. وقد فصّل الرازي كون الإحكام من جهة المعنى في قوله تعالى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [آل عمران: 7] يشمل ما دلالته نص أو ظاهر راجح (باصطلاح الأصوليين) [الغد العربي 4/ 83 - 85] أي أنه نظر إلى حسم المعنى بأن يكون المراد بالآية منها محددًا واضحًا ليس فيه احتمالات) وهن هذا {مُحْكَمَةٌ} [محمد: 20]، وكل {حَكِيمٌ} في وصف القرآن {وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ} [آل عمران: 58] وكذا ما في [يونس: 1، لقمان: 2، يس: 2، الزخرف: 4] وكذا {كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4] محكم من قضاء الله عز وجل. أما في وصف الله عز وجل فهي بمعنى (المحكِم) في ما يقضي به ويجريه سبحانه. ومن الضبط ومنع التسيب جاء "الحكم: القضاء "لأن القاضي يَضْبط أمر كل من الفريقين وَيفْصِل، مانعًا أن يدخل أيّ منهما على الآخر في حقَه. وكذا الحاكم: السلطان هو من الضبط العام، وإن كان معنى تسميته يمكن أن يُؤْخذ من الحُكم بمعنى القضاء أيضًا {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58]، {حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65]، وكل (حَكَم) ومضارعها وأمرها فهو بمعنى القضاء والفصل في خصوعات أو نحوها، ما عدا {تَحْكُمُونَ} في {كَيْفَ تَحْكُمُونَ} أي لأنفسكم وتقضون بهذا الباطل

£°معنى الفصل المعجمي (حك)

الصراح [قر 8/ 1342] و {لَمَا تَحْكُمُونَ} (أي ما تقضون به لأنفسكم) {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} أي ساء الحكم حكمهم أي ما سبق ذكره في الآيات من تصرفهم. ومن ذلك المعنى المحوري كذلك (الحِكْمة -بالكسر: وهي معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم ". (معرفة جامعة مُتْقَنة) (والحِكَم كذلك عبارات جامعة تصدق في كل التطبيقات التي تنضوَي تحتها. و (الحُكْم) -بالضم بعضه مصدر (حَكَم) بمعنى قضى وفصل، وبعضه بمعنى الحِكمة. والسياق واضح. و {أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} [هود: 45، التين: 8] تجمع الحِكمة والحكْم {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص: 20]، {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12]. و "الحكَم -محركة، والحكيم في أسماء الله عز وجل الحُسْنَى بمعنى الحاكم القاضي، أو محُكم الأشياء ومُتقِنها أو بمعنى ذي الحكمة. وقد سبق تعريفها. وكل ذلك متحقق النسبة إليه عز وجل. ° معنى الفصل المعجمي (حك): الدلك وهو يقع بضغط على الصُلْب (قَشرًا) من الظاهر كما في حك الحجرين أحدهما بالآخر -في (حكك)، وكما في جمع سيور اللجام رأس الدابة من ظاهره مع ضبطها إياه -في (حكم)، (والضبط هنا يكون بالجذب ونحوه. فهذه صورة الاحتكاك هنا). الحاء واللام وما يثلثهما • (حلل- حلحل): {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ} [فاطر: 34، 35]

"الحِلّة -بالكسر: شَجَرة إذا أكلتها الإبل سَهُل خُرُوج ألبانها. والإِحْلِيل -والتِحْليل -بالكسر: مَخْرج البَوْل من الإنسان ومخرج اللبن من الثَدْي والضَرْع. والحَلَل -بالتحريك: رَخَاوَةٌ في الكعب (في عصب رجل الدابة). حَلّ العُقّدة (رد): فتَحها. وكلّ جامد أُذِيبَ فقد حُلَّ "-للمفعول. Qفَكّ ما كان مَشدُودًا (أي مَرْبوطًا مُوثَقًا) أو تَسْييبُه فيَسْلَسُ هو أو يَسْلَسُ أمرُ ما كان يضمه (¬1). كتسيب اللبن والبول والمتجمد والعقدة وليونة الكعب ومن مجاز العقدة {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي} [طه: 27]. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الحاء تعبر عن احتكاك بعرض وجفاف، واللام عن امتداد واستقلال، والفصل منهما يعبر عن تسيب ما كان معقودًا مشدودًا (التسيب استقلال) كفكّ عقدة الحبل وتسيب اللبن والتسيب والتفكك يلزمه كثرة (الأجزاء)، ومن الكثرة يؤخذ معنى الزيادة وفي (حلو وحلى) تعبر الواو عن الاشتمال والياء عن الاتصال فيعبر التركيب الواوي عن الاشتمال في الأثناء على ما هو متميز كطعم الحلاوة أي مذاقها في الشيء، والتركيب اليائي عن زيادة تعلق بالشيء فَيَخلَى بها، وفي (حول) تتوسط الواو بمعنى الاشمتال ويعبر التركيب عن نوع من الاشمتال يتمثل في الإحاطة بالشيء من خارج جوانبه، وفي (حلف) تزيد الفاء التعبير عن نحو الطرد والإبعاد بقوة، والتركيب يعبر عن حدّة أو قوة خارجية تزاد إلى الشيء -كحد السنان الحيف وكالحلِف والمحالفة. وفي (حلق) تعبر القاف عما في العمق ويقع التسيب -وهو ها هنا القطع- عليه كحلقة الحديد ونحوها وكحلق الشعر. وفي (حلم) تعبر الميم عن تضام ظاهر الجرم، ويعبر التركيب عن تضام ظاهر الشيء على رخاوة في باطنه (الرخاوة هي التسيب هنا) كالسِّمَن في البعير الحليم، وكالماء في صلب المحتلم، وكالحلمة في أثناء الجلد أو الدم فيها.

ومن ماديه أيضًا: "الحُلّة -بالضم: رداء وقميص ولا تكون إلا ثوبين " (من كونها اثنين كأنها لباس واحد مفكوك أو من الاختيار لأن الضروري لازم لا فكاك عنه) ومنها التحلحل: التحرك والذهاب. حلحلتهم: أزلتهم عن مواضعهم، (تسييب وفك من لزوم الموضع واللزوق به). ومن ذلك: "حَل المُحْرم من إحرامه يحل -بالكسر- حُلولًا وحِلًّا -بالكسر: خرج من حُرمه (انطلق من قيود الإحرام) فهو حلال {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2]- وأحَل: حَل له ما حَرُم عليه من محظورات الحج، وخرج إلى الحِلّ من الحَرَم أو إلى شهور الحل من الأشهر الحُرُم. {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] "الموضع الذي يحِل فيه ذبحه " [قر 2/ 379]. و"حَل الشيءُ محل حِلًّا -بكسر الحاء في المضارع والمصدر: ضد حَرُم وأحلّه له وحَلّله. والحِلّ- بالكسر، وكسحاب وأمير: نقيضُ الحرام (الذي هو ممنوع منه محظور {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} [النساء: 19]، {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275]، {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ} [الممتحنة: 10]، {هَذَا حَلَالٌ} [النحل: 116] أما (محله) في [البقرة 196، والفتح: 25] ففي [قر: 2/ 379]: "الموضع الذي يحل فيه ذبحه ". وكل ما في القرآن من التركيب فهو من الحلال ضد الحرام عدا ما ننص عليه بعد. وحَلَّلَ اليمينَ تَحْلِيلا وتحِلّةً وتحِلًّا: كَفَّرها (كأنما فك ما كان معقودًا بها) والتَّحِلّة: ما كَفر به {تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2]. أما "حلّ بالمكان وحلّه (يَحِلّه) بضم الحاء وكسرها -حلولًا: نزل "فهو من

(حلو- حلى)

حَلّ المسافر عُقَد أحماله لينزِل بالمكان. وأُرجّح أن تعديته بالباء هي الأصل. قال الراغب "ثم جرّد استعماله للنزول "اه لعله يقصد ثبوت هذا الاستعمال تطورًا. والحِلّة -بالكسر: هيئة النزول، ومكانه، والنازلون. والمَحَلة -بفتح الميم والحاء: المنزل {أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ} [الرعد: 31]، {وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ} [هود: 39]، {الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ} [فاطر: 35]، ومنه ما في [هود: 39، إبراهيم: 28، طه: 81، 86، الحج: 33، فاطر: 35، الزمر: 40] والحليلة: الزوجة؛ لأنها شريكته في الحلول. وقد نبه الزبيدي في [تاج] إلى قِدَم هذا الاستعمال وأنه ليس اسمًا شرعيًّا يعني مما استُحْدِث بالإسلام. وجمع الحليلة حلائل: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ} [النساء: 23]. • (حلو- حلى): {وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: 21] "الحُلْو: نقيض المرّ/ الحُلْو: كل ما في طعمه حلاوة. وقد حلا الشيء في فمي وعيني وقلبي، وحَلِى كذلك. وحَلى الصوتَ وتَحَلَّاه واستحلاه. حَلَتْ الجارية في عيني وبعيني تحلو. والحَلواء: كل ما عولج بحلو من الطعام. والحلواء أيضًا الفاكهة الحلوة ". Qطيب قبول الحواس والنفس الشيءَ (أي دخوله حاسته) لموافقته لها، والتذاذها به. كما في وَقْع ما ذُكِر على النفس والحواس. ومن ذلك: "حلوت فلانا مالا على كذا إذا وهبت له شيئًا على شيء يفعله لك غير الأجرة. وحُلْوان المرأة -بالضم: مهرُها أو ما كانت تُعْطَى على متعتها

بمكة، والحُلوان أيضًا: أُجْرة الكاهن، والدَلَّال، وما كان يأخذه الرجل من مهر ابنته لنفسه (وكانت العرب تعيب ذلك). كل هذا يُستَحلى لأنه زيادة بلا مقابل تدخل الحوزة. (¬1) وحَلاَوة القفا: حاقُّ وسط القفا/ فأس القفا " (فأس القفا هو الغئور العام أو الرأسيّ الذي تحت النتوء الخَلفيّ وتكون تسميته حلاوة لموافقته متن الظهر في امتداده وغثور وسطه ونتوء جانبيه أو متانتهما متساويين متفقين). "وأرض حَلاوة: تنبت ذكور البقل " (وذكور البقل ما غلظ منه وإلى المرارة هو) [تاج]، فهو كالحمض بعد الخُلّة (تستلذ الماشية أكله وتستحليه) (¬2). والحِلْو بالكسر: حَفٌّ صغير ينسج به " (= الخشبة التي ينسق بها الحائك اللُحمة بين السَّدَى أو القصبة التي تجيء وتذهب) فذلك الحِلْو يتخلل السَدَى فيدخل خيوط اللُحمة بين السَدَى فهو يوفق بينهما. فهذه الثلاثة تحقق فيها الموافقة. ومن الحَلْى اليائية "الحَلى -بالفتح: ما يزيَّن به من مَصُوغ الحجارة والمعدنيات وكذا الحِلية بالكسر- كحلية السيف. حَلِيتْ المرأة. كرضى: استفادت حَليا -بالفتح، أو لَبِسته وحلّاها -ض: ألبسها حَلْيًا. والحُلَيّا- كالحُمَيّا: هو من الأطعمة ما يُدْلك فيه التمر [كل ذلك من تاج]. وتأويله اشتقاقيًّا أنه زيادة تضاف للشيء فتجعله مقبولًا مستحسنًا لارتياحها له ولموافقته لها كحِلْية المرأة والسيف والطعام الذي يضاف إليه التمر. ¬

_ (¬1) أخرت هذه وما بعدها مع أنها أكثر مادية لأنها تحتاج مزيد توضيح. (¬2) الحَمْض كل نبت ملح أو حامض. وهو ضروري للإبل، لأنها إذا استمرت عل رَعْي الخُلّة رَقت وهُزِلَت ينظر [ل] (حمض، خلل) فذكور البقل يُشتهى أكلها رغم ملوحتها ففيها صورة من استطابة مذاق الشيء.

(حول)

فمن التحلية بمصوغ الحجارة والمعدنيات وما إلى ذلك {وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ} [الإنسان: 21]، {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا} [الحج: 23]، وكذا سائر (يُحَلَّون) {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} [النحل: 14]، {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} [الزخرف: 18]، (يعنون البنات) وكذا سائر (حِلية). {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ} [الأعراف: 148] [الحُلِيّ جمع حَلْى وهو ما يُزيّن به من مصوغ المعدنيات والحجارة الكريمة. متن اللغة]. [العلاقة بين التركيبين: يلاحظَ أن المَجد ذكر الحُلَيّا (بوزن الحُمَيّا) الطعام المدلوك في التمر في اليائي هنا. وبما أنه من حلاوة المذاق فانا أرجح أنه من الواوي، وأنه ذَكَر هنا أيضًا حَلِى في عيني وصدري تبعًا لما قبل إنه من الحَلى الملبوس وليس من الحلاوة. ونقل الزبيدي عن التهذيب حَلِيَت المرأة بعيني وفي عيني وبقلي أو صدري وفي قلبي أو صدري، وأنه يقال أيضًا حَلَتْ تَحْلُو (من الواوي). وأرى أنه يتأتى منهما أصالة من الواوي، ومجازًا من اليائي. ومعنى التركيبين يرجع إلى ما يوافق النفس فتستطيبه وتستريح له. • (حول): {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} [الزمر: 75] "المُسْتَحِيلة من العِصىّ: المعوجَّة. ورِجْل -بالكسر- مُسْتَحَالة: في طرَف ساقها عوج [تاج]، وكل ما تحوّل من الاستواء إلى العِوَج فقد حال واستحال كالأرض المُسْتَحِيلَة. وحَوَلُ العين -محركة: أن يظهر البياضُ في مؤخِرها (الذي يلي الصُدْغ) ويكونَ السوادُ من قِبَل الموق (الذيِ يلي الأنف) وقيل بعكس ذلك.

والحال: الدَرَّاجَة التي يَدْرُج عليها الصبيُّ إذا مَشى، والتُراب الليّن الذي يقال له السَهلة -بالفتح. والحِوَل- كعنب: الأخدود الذي تُغْرَس فيه النخلُ على صَفَّ. والحائلُ كلُّ شيء تحرك في مكانه ". Qعدول جِرمِ الشيء عن مكانه أو اتجاهه المعتاد إلى آخرَ قريب (مع عدم انقطاع). كاعوجاج القوس والرِجل والأرض، ومَيل الحدَقة عن موضعها المألوف عند الناس، وكانتقال الحال، وذلك التراب الذي يتحوّل لسهولته. والحِوَلُ: أخدودُ النخل .. تُحوَّل إليه النخلُ أي تُنْقَل إليه. ومنه "حال الماءُ على الأرض: انْصَبّ (فانتقل وجرى)، واحَلتُه من الدلو: صَبَبْته وقَلَبْتها، وحالَ من مكان إلى آخر حِوَلًا -بالفتح وكعنب وقعود: تحوّل {لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا} [الكهف: 108]، {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر: 43] وكذا ما في [الإسراء: 56، 77]. و"الحَوْل والحَيل والحَولة -بالفتح فيهن، والحِيلة- بالكسر، والحويل والحِوَل كعِنَب: الحِذْق في تدبير الأمور وهو تقليب الفكر حتى يهتدي إلى المقصود [تاج عن المصباح] وعبارة ابن فارس "لأنه (يعني ذا الحيلة) (يدور حَوالَي الشيء ليدركه " {لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً} [النساء: 98]، ومنه التعبير عن التقلب والتغير وما إليه "كالحال: ما عليه الإنسان في الزمن الجاري. وحَوَالُ الدهر -كسحاب: صروفه إلخ. وحال بينه وبين كذا: حجز "كأنما تَحوَّل إلى المكان الذي بينهما أي وقف فيه فحال بينهما {وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ} [هود: 43] ومثله (يحول) [في الأنفال: 24، (حِيل) في سبأ: 54]. ومنه الظرف: حَوْلَ (الذي يعبر عن المنطقة المحيطة بجوانب الشيء

(حلف)

واتجاهاته أي مجال تحوله) {مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} [الزمر: 75]، {وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [العنكبوت: 67] ومثله كل (حَوْل) في القرآن. عدا الآتي. "والحَول -بالفتح: السنة " (دورة زمنية يعود إليها من بقى) {مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} [البقرة: 240] وكذا مثناه {حَوْلَيْنِ} [البقرة: 233]. • (حلف): {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ} [التوبة: 62] "سنان حَليف: حَديد ماضٍ. والحَلْفاء: نَبات (خشن ذو أطراف حادة "غليظة المسّ لا يكاد أحد يقبض عليها، مخافة أن تقطع يده " [التاج] "ناقة مُحْلِفة السَنَام (كمحسنة) لا يُدْرَى أفي سنامها شَحْمٌ أم لا (أي شُك في مدى سِمَنها) وفرس كُمَيتٌ مُحلِف كمحسن وهو الذي يَغْلب سوادُه على حُمرته أو يعلوها. قال ابن كلحبة اليربوعي في وصف فرس: "كميتٌ غيرُ مُخلِفَةٍ ولكن ... كلون الصِرف عُلَّ به الأديم " (الصِرف شيء أحمر يُدْبَغ به الجلد) فالكميت المُخلِف هو (الغامق). وأحلَفَ الغلاُم إذا جاوز رِهاق الحُلم " (راهق الغلام: قارب الاحتلام). Qحدّة في الشيء تكون من ظاهره (= خارجه). كأطراف الحلْفاء وخشونة ظاهرها، وكالشحم (وهي مصدر القوة عندهم [ينظر ل طرق] ولا يُشكُّ فيه إلا ويوجد قليل منه (وإلا لكانت مهزولة ولم يقل أحد ذلك) ثم إن سِمَنَها يجسّ من الظاهر)، وكذلك الكُمَيت المُخلِفُ يغلب سوادُه على حمرته، والسواد لون كثيف قوي وهو ظاهريٌّ خارجي. والغلام الذي جاوز رِهاق الحُلمُ أصبحت له إربة في النساء يطلبهن ويُتَحفظ منه بالنسبة لهن، أي يُخشَى

(حلق)

منه، فليس بالنسبة لهن كالطفل. والخشية من انفراده بهن حدّة منه تحيط به. والطاريء كالخارجي. ومن ذلك المعنى المحوريّ: "الحِلْف -بالكسر: العَهْد بين القوم. والمحالفة: معاقدة ومعاهدة "على التعاضد والتساعد [تاج] (تَقَوٍّ بآخرين) (والحَلِفُ -بالكسر وككتف: القَسم ". (تقوية للكلام أي لمحتواه بشيء خارج عنه وهو اليمين). {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ} يؤكدون بالحلف إنكارهم أنهم آذوا الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو يؤكدون بالحلف أنهم كانوا ذوي أعذار في التخلف عن تبوك، أو أنهم مع المؤمنين في كل أمر وحرب [بحر 5/ 65]. وفي قوله تعالى: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} [القلم: 10] "هو الكثير الحَلِف أي القَسَم " [قر 18/ 231]. وكل ما في القرآن من التركيب هو من الحَلِف: القسم. • (حلق): {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] "الحَلْق -بالفتح: مَسَاغ الطعام والشراب في المريء. وحُلُوق الأرض: مجاريها وأوديتها. والحَلْقة -بالفتح: كل شيء استدار (فارغَ الجوف) كلحَلْقَة الحديد والفضة والذهب ". Qزوال وَسَط مادة قوية -مع بقاء مُحِيطه شديدًا: كذهاب المادة من وسط الحَلْق (والمتبادر بالنسبة لما هو كالقصبة أن يمتلئ وَسَطه) - وكذهاب التراب من المجاري والأودية. وكذهاب جَوْف حَلْقة الحديد. ومنه "الحُلُق- بضمتين: الأَهْوِيَة بين السماء والأرض واحدها حالق (فراغ جوف الأفق المحيط "وهو كالدائرة) ومن هذا (حَلَّق الطائر -ض: إذا ارتفع في الهواء.

وحقق النجْم: ارتفع، والشمس مُحَلِّقةٌ: مرتفعة في الأفق "أي وقت العصر. "والحالق: الجبل المنيف المشرف " (كل ذلك من جريانها أو نفاذها في الحُلُق أي الأهوية: جوف الأفق). ومن ذلك "حلق الشعر " (أي إزالته، وكثافة الشعر تكون في أعلى الرأس، وهو وسطه، وفي [بحر 1/ 401] أن الصابئة -وربما كان آخرون أيضًا- يحلقون أوساط رءوسهم، والأشبه أن حلق وسط الرأس هو الأصل؛ لأنه يحقق غرض الحلق) {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] ومنه {مُحَلِّقِينَ} في آية الرأس. ومن هذا "سكين حالق: حَديد " (يحلق أو يقطع كالحلْق). ومنه "حلق الشيءَ (ضرب): قَشَره (القِشْر طبقة غليظة نافذة من داخل الشجرة أو الثمرة، أو يُحْمل على حَلْق الشعر) وهن هذا "حَلِقَ الفرسُ والحمار (تعب): أصاب قضيبَه تقشُّر واحمرار " (هذا من ذهاب ما أصله من جوف الشيء وهو جلد القضيب هلاكًا والصيغة للمفعولية). "والحالقة: المنية -وتسمَّى حَلاَقِ- كقَطام معدولة عن الحالقة. والحالوق: الموت (من قشر الأحياء عن الأرض). والحالقة: السنة التي تحلق كل شيء. والقوم يَحْلِق بعضهم بعضًا أي يقتل بعضهم بعضًا ". أما "الحَلْقة -بالفتح: الدُرُوع "، فالدرع الحديدية من المعنى المحوري لأنها خالية الوسط تحيط بالجسم- وربما نظر إلى أنها تُسْرَد من حَلَقات، ثم أطلق اللفظ على السلاح كله. وأما قولهم: "ضَرْع حالق: ممتلئ ضخم "فهو من الاستدارة (تضمن).

(حلقم)

• (حلقم): {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ} [الواقعة: 83] "الحُلقوم -بالضم-: مجرى النَفَس والسعال من الجوف، وهو أطباقُ غراضيفَ. ليس دونه من ظاهر باطن العنق إلا جلد، وطرفه الأسفل في الرئة وطرفه الأعلى في أصل عَكَدة اللسان، ومنه مخرج النفس والريح والبصاق والصوت ". ° ليس في التركيب إلا هذا الحلقوم وما اشتق منه أو شُبِّه به. وهذا الموصوفُ أعلاه الحنجرةُ يليها إلى أسفل: القصبة الهوائية وشُعَبها، ومنه ما في آية الرأس، والمراد من بلوغ الروح الحلقوم قرب خروجها. • (حلم): {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 34] "بعير حليمٌ: سَمين. وشاة حليمة: سَمينة. والحَلَمة -محركة: دودةٌ تكون بين جِلْد الشاة الأعلى وجلدها الأسفل، والصغيرةُ من القِردان، والثؤلول الذي في وسط الثدي ". Qرخاوة أو لطف متميز في باطن الجرم يستوي عليه ظاهره: كالشحم في البعير والشاة المذكورين، وكالدودة بين الجِلْدين وكحَلَمة الثدْي في وسطها خرق يجري منه اللبن عند الإرضاع. وكذلك الحَلَمة: القُرادة لامتصاصها فى دم البدن. ومنه "تحلّمت القربة: امتلأت ماء وقد حَلّمتُها -ض. وتحلّم المالُ (والصبىُّ والضبُّ واليربوع والجُرَذ والقراد): أقبل شَحْمه وسَمِن واكتنز). ومنه "الحالم المحتلم: البالغ المدرك " (جرى الماء في صلبه أو تكون).

£° معنى الفصل المعجمي (حل)

{وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: 59 وكذا ما فى 58] ومنه "الحِلْم -بالكسر: العقل والأناة " (رفق ونوع من الرخاوة في الأثناء يتمثل في التروِّي والتدبُّر قبل الحكم {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا} [الطور: 32] والصفة من هذا حليم كما يقال لبيب أو ذو لب، {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: 114] {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود: 87]. وصفة اللطف في هذا المختزن هي مأخذ الصبر في التركيب. ويقاس العقل بالأناة والتثبت والصبر أي عدم التعجل. ومن هنا قالوا إن "الحليم في صفة الله عز وجل معناه الصَبور الذي لا يستخفه عِصْيان العصاة ولا يستفزه الغضب عليهم الذي لا يعجل بالعقوبة " {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 218] وكذا كل صفة (حليم) في القرآن لله عز وجل، أو للبشر {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى}. ومنه "الحُلْم -بالضم وبضمتين: الرؤيا في المنام " (أمور لطيفة أي خفية تجري في عَقْل النائم- أي لا تظهر)، {قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ} [يوسف: 44]. ° معنى الفصل المعجمي (حل): التسيب والتفكّك (وما هو من لوازمه كالزيادة) كما يتمثل في حل العقدة -في (حلل)، وفي موافقة الشيء الحسّ كالحلاوة وزيادة الطعم المميز -في (حلو)، والحِلية التي تحبِّب الشيء -في (حلى)، والاعوجاج -في (حول) وهو من التسيب [ينظر كلام ابن جني عن اللقوة في الوجه في الخصائص 1/ 11]، وزيادة القوة من خارج الشئ -في (حلف)، وإفراغ جوف الشئ (وهذا من التسيب) -في (حلق) والرخاوة في الباطن (وهي من التسيب أيضًا) -في (حلم).

الحاء والميم وما يثلثهما

الحاء والميم وما يثلثهما • (حمم- حمحم): {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34] "الحميم: الماء الحار. والمِحَمّ -بالكسر: قُمْقُم صغير يُسَخَّن فيه الماء. والحَمّ -بالفتح: ما أُذيبَ من الألية إذا لم يَبْقَ فيه وَدَك (: قطع الدهن). وقد حَمَمْتُ الألْية: أَذَبْتُها. حَمّ التنُّور: سَجَره وأوقده ". Qحرارة أو حدّة تسري في أثناء الشيء البارد حتى تعمه (¬1) كما في تسخين الماء وحَم ّالشحْم والتنَّور. وقوله تعالى: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ} [الواقعة: ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الحاء تعبر عن احتكاك بجفاف مع عرض، والميم تعبر عن التئام ظاهري بلطف ما، والفصل منهما يعبر عن حدّة تسري في الشيء حتى تشمله كالحميم والحَمّ. وفي (حمو) تزيد المدة الواوية معنى الاشتمال (على حِدّة) ويعبر التركيب عن حدة ذاتية في الشيء تمنع من قُربه كحمو الشمس. وفي (حمأ) تؤدي ضغطة الهمزة إلى التعبير عن كون الحدّة متولدة بالبقاء الطويل (ضغطًا) كما في الحمْأة: وفي (حمد) تعبر الدال بضغطها الممتد عن معنى الحبس ويعبر التركيب عن وجود المادة التي تكون بها القوة والشدة أصيلة أو لازمة (= محتبسة) في الشيء كالمنتجع الحمد. وفي (حمر) تزيد الراء التعبير عن الاسترسال ويعبر التركيب عن استرسال الشدة -كما في القشر المنتشَر وجلادة الحمار الدائمة على الحمل نقلًا. وفي (حمل) تعبر اللام عن امتداد واستقلال، ويعبر التركيب عن حوز الشيء، إقلالًا (أي رفْعًا) أو تعليقا كحمل الزبيل الشيء، وكالجنين في بطن الحامل.

41 - 43] فالحميم الحارّ من الماء (أو غيره)، وفُسّر اليحموم بالدخان الأسود، وبأنه ظُلةٌ من النار. كما قال تعالى: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} [الزمر: 16] [ل]. وهذا أقرب إلى المعنى المحوري. ومن هذا (حميم) في [الأنعام: 70، يونس: 4، الحج: 19، الصافات: 67، ص: 57، غافر: 72، الدخان: 46، 48، محمد: 15، الرحمن: 44، الواقعة: 42، 54. 93، المعارج: 10، النبأ: 25] وسائره من الحميم: القريب الأتي بعد. ومن ذلك المعنى المحوري "الحُمَّى والحُمَّة: عِلّة يَسْتَحِرّ بها الجسم "فهذه سخونة حقيقية. أما "احْتمّت عينُه: أرِقَتْ من غير وجع "فمن التوتر والحدّة أي عدم الفتور اللازم للحرارة. ومن السواد اللازم اللاحتراق "حَمَّت الجمرة تَحَمّ -بفتح الحاء: صارت حُمَمَة أي فَحْمة ورَمادًا [التاج]، والحَمَّة -بالفتح: حجارةٌ سُود لازقة بالأرض تقود فيها (أي تمد فيها) الليلةَ إلى الثلاث (أي بقدر ما يقطعه السائر تلك الليالي) والحُمّة -بالضم: لون إلى السواد (بين الدُهمة والكُمْتة) والحِمحم -بالكسر وكتماضر، واليحوم: الشديد السواد ". ومن سريان الحرارة وعمومها أثناء الشيء عُبّر بالتركيب عما تأخذ الإنسانَ فيه حرارةٌ "حَمَّه الأمر وأحَمَّه وأمر مُحِمّ: إذا أخذه منه زَمَع واهتمام " (كالحُمَّى) ومنه "الحامّة: خاصّة الرجل من أهله وولده وذي قرابته. والحَمِيم: القريب الذي تهتم لأمره " {وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا} [المعارج: 10]. ومن معنى سريان الحدّة في الشيء بعد ما كان باردًا لا يُشعَر به يتأتى معنى حينونة وقت الشيء وحضوره. كأن أصل ذلك أنه لما حان وقته شُعر به وقوى

(حمو- حمى)

أمر وجوده بعد ما كان مغفولًا عنه كأنه عَدَمٌ أو مَيت، فهذا الشعور القوي بالشيء حدّة له، فعُبّر عن حينونته بما يعني الحدّة (ينظر أنى يأنِي). "أَحَمّ الأمرُ: حان وقته. أحم الشيء: دنا وحضر. حُمّة الفراق: قَدَرُ الفراق. حُمّ له ذلك: قُدّر. الحِمام- ككتاب: قضاءُ الموت وقَدَره " (ويلحظ الانتقال من معنى حينونة الشيء إلى معنى الحكم به). ومن هذا القرب وحضور الوقت استعمل في القصْد "حَمَمْتُ حَمّه: قصَدْت قصْدَه. حممت ارتحال البعير: قصدت ". ونظير أخذ القصد من قرب الشيء هنا قولهم "أمَّة: قَصَد ": مع "الأَمَم: مقابل الشيء، القُرْبُ. أخذته من أمم: من كثب ". هذا و "التحميم: المتعة " (كأنه من الغسل بالماء الحميم: الحار -لأنه صورة من براءة الساحة). أما "الحمام "كسَحَاب: فقالوا هو البَرِّيّ (¬1) وهذه الدواجن يمام، وميل بالعكس، وأرى أن ذلك البرّىّ هو الذي يسمىّ حَمَاما من نِفاره وعَدم (¬2) إلْفهِ، كما وُصِفت المرأة النفور من الريبة بأنها شموس، وحُرّة. وكلاهما من الحرارة. • (حمو- حمى): {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} [المائدة: 103] "حَمْوُ الشمس وحَميُها -بالفتح فيهما: حَرُّها. وقد حَميت الشمسُ، والنارُ، والتنورُ -كرَضِى: اشتدَّ كُلٌّ منها. وحَمِى المسمارُ وغيره في النار: سَخُن. وحُمة العقرب والحَيّة والزُنْبُور ونَحْو ذلك (كقُلَة وأصلها حُمَوٌ أو حُمَىٌ والهاء عوض): شمُّها. ¬

_ (¬1) عليه الجوهري وابن سيده وغيرهما ينظر ل. (¬2) ينظر عن فوائده الطبية القاموس وتاج العروس، وتذكره داود 1/ 118.

Qحدّة بالغة في الشيء تمنع الاقتراب منه: كالحرارة للشمس والنار {نَارٌ حَامِيَةٌ} [القارعة: 11] وكذا ما في الغاشية 4]، {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [التوبة: 35] وكسُمِّ العقرب وغيرها يؤلم وَيضُرّ ويخيف منها. ثم استعملت الحمة في إبرة العقرب للمجاورة، لأن السُم منها يخرج " [التاج]. ومن تلك الحدة البالغة "حَمِىَ من الشيء وعنه -كرضى: أَنِف وغضب واغتاظ. وهو ذو حَميّة -فعيلة: غَضَبٍ وأنَفة {الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 26] وحُميّا الكأس: سَوْرتها وشِدَّتُها. يقال سارت فيه حُمَيّا الكأس أي ارتفعت إلى رأسه ". ومن تلك الحدة المانعة من الاقتراب: "حَمَى الشيءَ (رمى): مَنَعَه ودفع عنه. وحَمَاه الناسَ يحْمِيه إياهم: مَنَعه " (منهم) ومن ذلك "الحِمَى: موضع فيه كلأ يُحمَى من الناس أن يُرْعَى لا يُقْرَب ". ومنه أيضًا "حَمَى المريضَ الطعامَ الذي يضره: مَنَعَه إياه، وهي الحِمْية -بالكسر ". ومن الحدّة المانعة من الاقتراب أُخِذَ معنى الحفظ. "الحامية: الرجلُ يحمِى أصحابه في الحرب. الحَوامي: صَخْر عِظام تُجْعل في مآخير طيّ البئر (حتى لا) ينقلع قُدُمًا، يحفرون له نِقارًا فيغمزونه فيها، فلا يدع ترابًا، ولا يدنو من الطيّ فيدفعه ". ومن هذا أيضًا "حَمُو المرأة وحمَاها: أبو زوجها وأخوه وكل من كان من قِبَله " .. فهذا من الحماية والحمُوّ أي أنهما يحمَيان لها. "والحامي: الفحل من الإبل يَضْرِب الضِرابَ المعدود (عشرة أبطن -أو يُلقِح ولدُ ولدِه) فيقال قد حَمَى ظهرَه (أي منعه) فلا يُرْكب ولا يمنع من ماء ولا مرعى {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا

(حمأ)

سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} [المائدة: 103]. وأما "احْمَوْمَى السحابُ: تراكمَ واسْودّ. والليلُ: اسودّ "فقد مرّ في (حمم) أن السواد لازم للاحتراق من الحرارة ". • (حمأ): {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [الحجر: 26] "الحمأ -محركة- والحَمأة، بالفتح: طينُ البئر الأسودُ المنتن ". Qحدّةٌ ما تخالط عُمْقَ الشيء: كهذا الطينِ في جَوْف البئر، وحِدَّتُه نَتْنُه. ومنه: "حَمِئْتُ عليه أي غَضِبْتُ " (الغَضَب شعورُ حادٌّ في الجوف) {مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [الحجر: 26، 28، 30]، {وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الكهف: 86] فسرت بذات الطين، وقرئت: حامية [قر 11/ 469]. ويمكن تفسير الحمئة بالحامية كما في قولهم: "حَمِئْتُ عليه أي غضبت "أي عين ذات حِدّة يَتَصوَّرُها من يراها. ويُقَرِّب ذلك أن ضوءَ الشمس وأشعَّتَها الحمراء تنعكس في ماء المحيط عند غروبها فتكون في رَأي الواقف على شاطئه في تلك الساعة كنارٍ عَظيمة. ومنه "الحَمْء -بالفتح ومحركة: أبو زوج المرأة " (حدّته أنه يعد حاميًا لها يمنعها ويغضب لها (ينظر حمو). ومن تلك الحدّة أيضًا "رجل حَمِئُ العين -كفرح: عَيُون "أي يصيب بعينه. • (حمد): {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29] "أنشد في ل:

وكانتْ من الزوجات يُؤمَنُ غَيْبُها ... وترتادُ فيها العينُ مُنتجَعًا حَمْدا ويقال: أَحْمَدْتُ موضعًا أو أرْضًا: رَضِيتُ سكناه أو مرعاه. ويقال طعام ليست عنده مَحْمِدَة -كمنزلة. أي لا يُحْمَد. [وفي تاج]: الرِعَاء يتحامدون الكلأ. فسره في المعجم الكبير بـ "يرتضونه ". Qغِنَى باطن البَدَن بما يناسبه من غذاء يَقُوته ويقويه وينميه: كالمنتجَع، وهو موضع الكلأ، فإن كونه حَمْدًا يعني أنه كثير الكلأ مُشبع يُستقَرّ فيه. وفي ضوء هذا يُفهم أن الطعامَ الذي ليست عنده مَحْمِدَة هو الذي لا يُغَذِّى ولا يَنْجَعُ في آكله أي لا يَقُوته ولا يُنَمِّيه. فيكون الذي عنده محمدة هو الذي يَغْذُو وَينجع ويُقَوِّى. والرعاء الذين يَتَحامدون الكلأ، أي يرتضونه، إنما يتوخون أو يدل بعضهم بعضا عليه من حيث كونُه حمدًا، أي عنده مَحمِدة، أي له نجوع في الماشية التي يرعونها. فأصل الحَمد، بإيجاز هو الإشباع والتجوع وما يلزمه من قوة، ويتوسع في لازمه فيكون: الإعطاء والإنعام والإفضال. "نَجع الطعام في الإنسان: هَنَأَ آكلَه أو تبَينَتْ فيه تنميته واستمرأه وصلح عليه. نجع العلَفُ في الدابة. طعام يُنجَع عنه، وبه: إذا نفع واستُمرئ فيُسمَنُ عنه. ماء ناجع: مريء/ نمير ". ويؤيد أن أصل الحمد هو ما قلناه: أ) تفسيرهم إياه بالرضا (في المعجم الكبير خمسة تفسيرات بذلك)، والرضا أصبل معناه الامتلاء برخو، وهذا قريب من الامتلاء بالطعام الناجع. ب) تفسيرهم إياه بالشكر، وتركيب (شكر) يعبر عن امتلاء باطن الشيء بطيّب امتلاءٌ يظهر ويتبين "شَكِرَت الناقةُ: امتلأ ضَرعُها لَبَنًا، والشَكِرَةُ الممتلئة

الضرع من النوق "، والتصريح بامتلاء الضرع باللبن. ووضوح ذلك الامتلاء هو الذي أبرز معنى عرفان النعمة في تركيب (شكر). ج) كذلك ذُكِر المَدْح في تفسير الحمد، والمدْح أصله يناسب أصل الحْمد: يقال: "تمدَّحت خواصر الماشية: اتّسعت شِبَعًا ". د) معنى الحمد على ما ذكرناه يحقق التصاقب في المعنى بين (حمد) و (عمد) مقابل تصاقب لفظيهما. فـ (عمد) تعبر عن انتصاب شيء قويٍّ في الأثناء كالعمود. والشِبَع يَعْمِدُ الحيّ من الداخل أي يقيمه. هـ) وأخيرًا فإن نظير أخذ الحمد من الشِبَع أخذُ المَجْد (الشرف) من الشبع أيضًا: "أمجد الإبلَ: ملأ بطونَها عَلَفا وأشْبعها "وفي الجمهرة "وأصل الْمجد أن تأكل الماشية حتى تمتلئ بطونها. يقال راحت الإبل مُجَدًّا ومواجد "والشِبَعُ وما إليه مصرَّح به في معنى تركيب (مجد) أكثر من مرّة [ينظر ل]. أما الثناء فهو من الثَتى والتثنية التي هي المستوى الأقل في باب الجمع، وهي تراكم ظاهري وليس تجمعًا في الباطن، فهي أقل مناسبة لتفسير الحمد، كما أن الثناء اللفظي ليس مقصورًا على الذكر بخير، فإنهم استعملوه في الشرّ والذمّ "الثناء: ما تصف به الإنسانَ من مدح أو ذم .. أثنى إذا قال خيرًا أو شرًا. وأثنى إذا اغتاب " [ل]. ومما سبق يتبين أنه في التعبير بالحمْد ينبغي أن يُسْتَشْعَر أنه يحمل شيئًا من معنى الإنعام المُقيت المُقيم، وكذا القوة والتمكين اللازمين عن الشبع والنجوع، وكذا معنى العظم اللازم عن الشبع والنجوع أيضًا، أخذًا من كون الطعام ذي المحمِدة هو الذي ينجع أي يغذي ويقوي، ولا يتأدّى معنى الحمْد بالثناء

الكلامي المجرد من استشعار هذه المعاني. ومن الاستعمالات العربية القديمة التي يبرز فيها جانب مما قلناه الآن قول امرئ القيس [شرح ديوانه 187]: متى عَهْدُنا بطعان الكُما ... ةِ والحمْد والمجْد والسُؤْدُد فالحمد هنا تعبير عن مستوى من العظمة يتمثل في انتصارٍ أو غيره، ولا يتأتى أن يكون أنهم يُمْدَحون. بَلْهَ أنهم يَمدحون غيرهم. وفي قوله تعالى: {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 52] في [طب التركي 14/ 632] رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما أي "بأمره "وهذا يكاد يكون هو ما قصدناه بقولنا، إن القوة والتمكين لا زمان لمعنى الحمد. وقول قتادة: "بمعرفته وطاعته "غريب، فإن معنى المعرفة هنا بعيد عن معنى اللفظ، والطاعة إنما هي من طرفهم، ويغني عنها "تستجيبون ". وارتضى [طب] أن معناه "فتستجيبون لله من قبوركم بقدرته ودعائه إياكم، ولله الحمد في كل حال "وكأنه -بعد أن ذكر القُدْرة وهو الدقيق هنا، ويلتقي مع قول ابن عباس- تذكر المعنى المشهور للحمد فقال، ولله الحمد في كل حال. وقد ردّ ابن عطية التفسيرين بناء على أن لفظ الآية لا يعطيهما، وأن "جميع ذلك بأمر الله "اه. فكأنه حمل كلمة "بأمره "في كلام ابن عباس على الإرادة العامة لا على (القضاء بكُنْ) الذي نحمل نحن لفظَ ابن عباس عليه، ثم فسّر هو (بحمده) بالمعنى المشهور للحمد كما قال ابن جبير. وفسّر الزمخشري اللفظ بالمعنى المشهور لكنه قال إنه مبالغة في انقيادهم للبعث. فاستعمل لفظ الانقياد الذي هو الطاعة، وسياق كلامه يقضي أنه يفسّر به الاستجابة. واستعمل الرازي نفس العبارة [الغد العربى 7/ 113] وفي

[قر 10/ 246] "وقيل: المعنى بقدرته "وفي [أبو السعود 5/ 198] "بحمده: حال من ضمير (تستجيبون) أي منقادين له حامدين لما فعل بكم غير مستعصين ". فهم يحومون حول القدرة ثم يأسرهم المعنى المشهور وهو الثناء. والخلاصة أني أرى أن معنى (بحمده) هو بأمره وقدرته وعظمته. فالآيات الثلاث السابقة تذكر إنكارَ الكفار لبعثِهم "خلقًا جديدًا "بعد أن صاروا "عظامًا ورفاتًا "، وتساؤلَهم عمّن له القدرة على أن يعيدهم أحياء، فقيل لهم هو {الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}. فتساءلوا {مَتَى هُوَ} فجاءت الآية التي نحن فيها لتجيب بالتوقيت وتضيف الكيفية، لأن الكيفية يتعلق بها شطر الإنكار. فبينَتْ أن ذلك يكون بمجرد دعائه تعالى الأَموات أن يقوموا، فيقومون بقدرته تعالى استجابة لدعائه دون مستحيلات مما توهموه. فأقرب تفسير لقوله تعالى: {يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} تستجيبون للدعاء فتقومون من قبوركم بقدرته أحياء بعد أن صرتم ترابًا بَقِى أو تحول إلى حجارة أو حديد أو غيرهما. وما دام معنى التركيب يسمح بهذا المعنى المناسب، فإن الاستئسار للمعنى المشهور يكون تفريطًا وهضمًا لحق القرآن. ولا أدري كيف غاب عن أئمتنا -غفر الله لنا ولهم- أن هؤلاء الذين تحكي حالهم في قيامهم من قبورهم آيةُ الإسراء هذه هم أنفسهم الذين تحكي نفس حالهم هذا [يس 51 - 52]: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51) قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} فهذا ما يقولون عند قيامهم من قبورهم لا أنهم يثنون. وفي قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} [الإسراء: 111] تكاد الآية تنطق بأن معناها العظمة لله. وقد أحس الزمخشري بالقلق في مناسبة الحمد (أي بمعناه

المشهور وهو الثناء) لنفي الولد والشريك والذل، لكنه تخلص بأن لواهما إلى أن هذا هو الذي يقدر على إيلاء كل نعمة. وأحس ابن المنيّر بنفس القلق وظن أنه مهّده، لكنه لم يفعل شيئًا لا هنا ولا في أول سورة الأنعام [ينظر الكشاف (العلمية) 2/ 674، 4]. وهناك كثير من الآيات التي لا يسوغ تفسير الحمد فيها إلا بالتعظيم مثل [النحل: 75، النمل: 93، العنكبوت: 63، سبأ: 1، الزمر: 29] بل وكل (تسبيح بحمد الله). وأقول أيضًا إن معنى الإعطاء أصيل في هذا التركيب من الناحية الاشتقاقية وذلك من جهتين: الأُولَى وجود أصل هذا المعنى، كما في قولهم "منتجع حَمْد "أي فيه من الكلأ ما يَنْجع ويُشبع ويُستقَرَ عليه. والجهة الثانية: الصيغة. فقد كررنا أن صيغة فَعِل للمطاوعة قد تعطي معنى المفعولية فكأن مَنْ حَمِد (كفرح) أُعْطِى ونَجعَ فيه ما أُعْطيه، ويلزم ذلك معنى الشكر. فهذا مدخل هذا المعنى في التركيب وهو أصيل كما هو واضح. وفي [تاج] "الحمْد: الرضا، والجزاء، وقضاء الحق. وقد حَمِده -كسمعه: شكره وجَزَاه وقَضَى حقه ". فمعنى الرضا واضح الأصالة هنا، لأن حقيقته وجود نعمة ورخاوة في الباطن فهو مناظر للحمد. والفعل بمعناه قاصر، وبالمعنيين الآخرين معدًّى. والثناء لازم للشكر وقد يكون تعبيرًا عنه أو عن الجزاء وقضاء الحق، لكنه ثناء مقيد بأنه من نوع المدح، وبأن سبب المدح هو الإعطاء والإفضال. وفي قوله تعالى: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} [البقرة: 30] قال في [بحر 1/ 291]: "الحمد هو الثناء، والثناء ناشئ عن التوفيق للخير والإنعام على المثنى " (يلحظ أن العبارة الأخيرةَ هي الدقيقة). {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} [آل عمران: 188] ينظر [قر 4/ 306 - 307] فهناك كثير

مما يؤيد ما قلنا. وفي اسمه سبحانه وتعالى "الحميد "الصيغة يمكن أن تكون بمعنى مُفْعِل (اسم فاعل) كالحكيم بمعنى المحكِم ويكون المعنى: الذي يعطى ما يَنْجَع وُيغْنى ويُعين ونحو ذلك. وهذا معنى جديد، ويلزمه معنى الشكر. فهذا يبرز لمعنى اللفظ رصيدًا آصلَ وأبرزَ حدودًا من الثناء بالكلام الهلاميّ بلا حدود {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة: 267] وكذا كل صفة (حميد) في القرآن الكريم. وفي تفسير طب "قال أبو جعفر: ومعنى {الْحَمْدُ لِلَّهِ} الشكر لله خالصًا ... بما أنعم على عباده. . النعم التي لا يحصيها العدد ... "ثم جاء طب بحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال "قال جبريل لمحمد - صلى الله عليه وسلم - قل يا محمد {الْحَمْدُ لِلَّهِ} قال ابن عباس: الحمد هو الشكر لله، والاستخذاء لله، والإقرار بنعمته وهدايته وابتدائه ". ثم قال الطبري "وقد قيل إن قول القائل "الحمد لله "ثناءٌ على الله بأسمائه وصفاته الحسنى، وقوله "الشكر لله "ثناء عليه بنعمه وأياديه "وعزا هذا التفسير إلى كعب الأحبار، ولم يرتض طب هذا التفسير. وبمراجعة ما قلنا يتبين أن ما استخلصنا أنه معنى الحمد هو معنى كلام ابن عباس رضي الله عنهما. ونلفت إلى قوله "والاستخذاء لله، والإقرار بنعمته "فالاستخذاء معناه الخضوع. والخضوع يكون إزاء قوة قاهرة. وهذا يزكي ما لمحناه ورجّحناه في معنى قوله تعالى: {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 52]. لكن القوة القاهرة هنا في {الْحَمْدُ لِلَّهِ} هي قوة المنعم الذي يُمِدّ بما يغذو ويقيم ويُنَمِّي، وبكلِّ ما يُصْلح الحياة. فأنسب تفسير لعبارة "الحمد لله "هو: الفضل والتعظيم والفعل لله. فهذا يؤدي معنى الشكر على النعم، والإقرار بأنه القاضي بكل أمر،

الممكّن منه، وهو ما عبر عنه ابن عباس بالاستخذاء. ومع أن الفخر الرازي لم يقف عند الأصل الاشتقاقي، وإنما ذكر أن "الحمد لا معنى له إلا الثناء على الإنعام ""الحمد عبارة عن مدح الغير بسبب كونه منعمًا متفضلًا [الفائدة السادسة والسابعة في الكلام عن "الحمد لله "في سورة الفاتحة - الغد العربي 1/ 373] فإنه لما عرض لعبارة {الْحَمْدُ لِلَّهِ} ثانية في أول سورة الأنعام ذكر عدة معالم: أ) أن الحمد "لا يحصل (أي لا يوجّه) إلا للفاعل المختار على ما يصدر عنه من الإنعام والإحسان ". ب) "الحمد عبارة عن تعظيم الفاعل لأجل ما صدر عنه من الإنعام ". ج) "قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} تصريح بان المؤثر في وجود هذا العالم فاعل مختار خلقه بالقدرة والمشيئة " [المسألة الأولى في الكلام عن الحمد لله جـ 11 - الغد العربي مجلد 6/ 208 - 209] فما ذكره من الإنعام في (أ) و (ب) هو جانب، وهو المعنى المباشر. وما ذكره في (ج) - وكان قد أغفله: أن الذي يوجّه إليه الحمد فاعل مختار خلق العالم بالقدرة والمشيئة= هو المعنى اللازم. فالتعظيم الذى يخص معنى عبارة (الحمد لله) ليس مقصورًا على التنويه بأنه سبحانه هو المتفضل بالنعم، وإنما يشمل الإقرار بأنه سبحانه هو الفاعل القاضي بكل أمر، الممكّن منه -على ما يؤخذ من عبارة ابن عباس، وهو الذي يزكيه الأصل الاشتقاقي للكلمة. فهذا عن معنى الحمد، وبه معنى {الْحَامِدُونَ} [التوبة: 112]. وفي قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] المحمود: المثني عليه- حسب ما وقفوا

عنده، وقد بينوا المراد بـ (المقام) بأنه الشفاعة العظمى العامة، أو رفعه - صلى الله عليه وسلم - لواء الحمد يوم القيامة وغير ذلك [قر 10/ 309/ 311، بحر 6/ 70 - 71] والتفسيران هما المناسبان للمقام. وأرى أن تفسير صفة (محمود) هنا بالمثنى عليه هو دون ما يستحق هذا المقام بكثير. والمناسب تفسير (محمود) هنا بأنه عظيم أو معظّم -بل بالغ العظم والتعظيم. بل و "لواء الحمد "لا يناسب أن يكون هو لواء (الثناء)، بل لواء اعتراف المؤمنين بعظمته سبحانه، يحمله ويتقدمهم كبير رسل الله إلى البشر، ممثِّلًا للمؤمنين من جميع الأمم، في يوم الحساب الختامي لمسيرة آدم وذريته على الأرض. وسيدنا (محمد) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اسمه الشريف هذا يعني الممجَّد أي المُعْطَي خيرًا عظيمًا مستقرًّا. ويتأتى أن يكون معناه المفَضّل، وأن يكون معناه العظيم أو المعظّم. وقد فسّره: ابنُ دريد [الاشتقاق 8] وغيرُه بالحَمْد بمعنى الثناء. وكذا الاسم الشريف أحمد: رأى [قر 18/ 83] أنه منقول من أفعل التفضيل أي أحمد الحامدين لربه. ولو قُصِدَ بهذا معنى الشكر والتعظيم والتمجيد لله. عز وجل لكان تفسيرًا صحيحًا. لكن هناك جانبًا آخر هو معنى الصيغة. فإنى أرى أن الاسم الشريف (أحمد) ليس من الفعل المتعدى، وإنما هو من فُعلَ المبني للمفعول بمعنى المحمود، وأجاز هذا ابن القيم -كما نقل عنه الإبياري في [دائرة المعارف الإسلامية 264 - 265] فتلتقي صيغة أحمد مع صيغة محمّد على معنى المحمود. فإنّ أخذ التفضيل من المبني للفاعل غالب لا حَتْمي [ل- جدّ 78] فقد يأتى مما هو بمعنى المفعول، كما قالوا: هو (أجَدُّ) منك أي (أَحَظّ): من مجدود وجَديد وهما بمعنى مفعول، و (الأَحَكُّ) من الناس الذي ليس في فمه سن كأنما

(حمر)

حُكّتُ أسنانه. وكما قالوا (أجْرَد) من جَرِد (كتعب) وانْجَرد، ورجل (أحَصّ): مُنْحَصّ الشعر و (الأحطَبُ) والحَطِب -كتَعِب: الشديد الهزال [وانظر الدرّة الفاخرة 56، 59] وقد قالوا في "العَوْدُ أحْمَدُ "إنه أفعَلُ من المفعول أي أحق بأن يُحْمَد. وللسخاوي في سفر السعادة رأي يصير إلى ما رأيناه [انظر خزانة الأدب للبغدادي 1/ 227] وفائدة ذلك تتبين في التقاء اسمه الشريف محمد باسمه الشريف الوارد في البشرى: أحمد {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6]. • (حمر): {وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا} [فاطر: 27] "حمراء الظهيرة: شدتها. حَمَارة القيظ -كسحابة، وتشدد الراه: شدة حرّه. حَمّارّة الصيف: شدة وقت حره. غيث حِمِرّ -كفلز: شديد يقشر وجه الأرض. حَمَر الخارز سيره (نصر). سَحا بطنه بحديدة، ثم لينه بالدهن، ثم خرز به فسَهُلَ. حَمَرْتُ الجلد: قشرته وحلقته. حَمَرت المرأة جلدها. حَمَر رأسه: حَلَقه. الحَمْر في الوَبَر والصوف. وقد انحمر ما على الجلد. الحَمْر بمعنى القشر يكون باللسان والسوط والحديد. المِحْمَر والمِحْلَأ -بالكسر: هو الحديد والحجر الذي يُحْلَأ به/ يحلأ الإهاب وينتق به ". Qحدة تقشر الظاهر قشرًا قويًا -كما في كل استعمالات القشر الصريحة المذكورة. والحر الشديد يلذع الجلد كأنه يقشره بل أحيانًا يقشره فعلًا كما يحدث للمصطافين. أما معنى الحُمْرة اللون المعروف فعلاقته بالمعنى المحوري:

أ) أنه لون شديد أي شديد الوقع على الحس، ومن هنا عُبّر به عن الشدة. جاء في [ل] "وكثيرًا ما يطلقون الحُمْرة على الشدة .. والعرب إذا ذكرت شيئًا بالمشقة والشدة وصَفَتْه بالحمرة. ومنه قالوا "سنة حمراء للجَدْبة "، "احْمرّ البأس: اشتدّت الحرب. موت أحمر أي شديد/ يعني القتل لما فيه من حُمْرة الدم أو لشدته ". "والحمرة: داء يعتري الناس فيحمرّ موضعها وتُغالَب بالرقية (كأن المعنى أنها لا علاج لها) ... الحمرة من جنس الطواعين، أعاذنا الله منها ". "الحُسْن أحمر، أي شاق، أي من أحب الحُسْن احتمل المشقة ". ب) أنها كثيرًا ما تَلْزم الحدّة التي تحدث في أثناء الشيء فالذي "يتحرق غضبًا وغيظّا "يحمرّ وجهه وعيناه. والحديد يحمرّ إذا أُحْمى، والجلد الذي يُحْمَر أي يُحفّ أو يحلق شعره يحمرّ، والجلد الذي يُسْلخ يكون ما تحته أحمر. كما أن الإبل الحُمْر أصْبر على الهواجر "أي على حرّها. ومن هذا اللون قوله تعالى: {وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ} [فاطر: 27]. ونقل الأشياء من مواضعها إلى مواضع أخرى هو قَشْر وإزالة لها من مواضعها، وهذا يتم بحملها. فالنّقْل من صور القَشْر. وللجلادة على الَحمل والنقل سُمي "الحمار: النهّاق من ذوات الأربع أهليا كان أو وخشيا "وهو معروف بالشدة والجلادة (وصِف بالشدة والصبر في حياة الحيوان الكبرى للدميري في الكلام عن البغل). والأعراب الرحّل إلى الآن يستصحبونه -لحمْل أمتعتهم، ومروان بن محمد بن مروان آخر ملوك بني أمية لقَّبه أهل عصره (وهم من عصر الاحتجاج) بمروان الحمار. أرى أن ذلك لتحمله هزائم كثيرة متوالية دون كلل (: الزاب، فالموصل، فحرّان، فحمص، فدمشق، ففلسطين، فبوصير

(حمل)

بصعيد مصر حيث قتل 132 هـ. وفي [الأعلام للزركلي] تعليل آخر، {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8]. وكذا سائر ما في القرآن من التركيب من (حمار)، (حمر). ولملحظ شدة الخمل سميت بذلك عدّة أدوات وأحجار. "الحمائر حجارة تنصب حول الحوض/ تردّ الماءَ إذا طغى (تدعم حوائط الحوض)، وتُنْصَب حول قترة الصائد. الحِمَارة ثلاثة أعواد من جريد يشد (أطرافها من ناحيةٍ معا وتنصب مع المخالفة) بين أرْجلها تعلق عليها الإداوة لتبرد الماء تسمى بالفارسية سهباى " (العامّة تسميها سِيبْيا). ومن هذا الحمل أيضًا حِمَارّة القدم -بكسر الحاء وتشديد الراء: ما أشرف بين مفصلها وأصابعها من فوق " (= عَيْر القدم: الناتئ لا ظهرها) فهو الذي يَدْعم القدم لا حملها الجسم). ومن القشر أيضًا لكن الصيغة عبرت عن كونه في الباطن "حَمِر الفرس (تعب): سَنِقَ من أكل الشعير (= اتّخم). الحَمَر -بالتحريك: داء يعتري الدابة من كثرة (أكل) الشعير فينتن فوه. المُحْمِر -بالضم مع كسر الميم الأخيرة وفتحها: الناقة يلتوي لا بطنها ولدها فلا يخرج حتى تموت " [تاج]. • (حمل): {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [الإسراء: 70] "حَمَل الشيءَ على ظهره وعَلَى الدابة وحمله هو واحتمله. المِحْمل -كمِنْجَل، والحاملةُ: الزَبيلُ الذي يُحْمل فيه العِنب إلى الجَرِين. والحَمْل -بالفتح: ما يُحْمَل في البطن، والحَمِيل: الولَد في بطن أمه .. والحمالة -كرسالة وسفينة: عِلاقة السيف ".

Qحوز أو ضم بإقلال رفعًا أو تعليقًا. كالحِمل على الظهر .. وكالعِنب في الزَبِيل والوَلد في البطن والسيف على الكتف أو الحائط {حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا} [الأنعام: 146]،، أي ما عَلِقَ بها من الشحم {أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [يس: 41] والحِمْل -بالكسر- ما حُمِل (على ظهر أو نحوه) {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} [يوسف: 72] "والحَمُولة: كلُّ ما احتَمَل عليه الحيُّ من بعير أو حمار عليها أثقال أوْلا "- أي هو ما يمكن أن يُحْمَل عليه {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا} [الأنعام: 142] "أما الحُمول كطُبول فهي الأَحْمال أنفسها ". ومن ذلك "احتمل القومُ وتحمّلوا: ذَهَبُوا وارتحلوا. (حملتهم رواحلهم) وحَمَله: أعطاه ظهرًا يركبه (يحمل نفسه عليه) {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} [التوبة: 92]، {وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}، {فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا} [الذاريات: 2] هي السحاب يحمل الماء [قر 17/ 30]، "والحِمالة كرسالة: الغُرْم تَحْمِلُه عَن القوم ". ومن معنوى ذلك حَمْل الخطايا ونحوها {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} [العنكبوت: 12]، {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} [النور: 54]. ومن الكناية "حَمَل به: كَفَل -كأنما تَعَلَّقَهُ في حوزته، والحميل الكفيل {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ} [العنكبوت: 60] أي لا تدّخر [قر 13/ 360]. أو لا تضمنه .. كما قيل عن المحمولات في البطن: المضامين. {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا}

£° معنى الفصل المعجمي (حم)

[الجمعة: 5]: كُلّفُوا العملَ بها ثم لم يعملوا بها [قر 18/ 94]. وهذا التركيب معناه قريب واضح في أغلب ما استعمله القرآن منه. ولذا اكتفيت بأمثله منه ضمّنتها ما يحتاج بيان المراد. "واحْتَمَل الصنيعةَ: شكرها (كما يقال حَفِظَ له الجميل) وحَمَل عَلَيه في الحرب: كَرَّ " (كأنما حَمَّلَ نفسه على الآخَر وأَلْقَى ثِقَل نفسه عليه) .. ° معنى الفصل المعجمي (حم): الحدة السارية في أثناء شيء كلما يتمثل ذلك في حَمّ الماء والشحم -في (حمم)، وفي الحرارة التي تشمل عليها الشمس والنار -في (حمو/ حمى)، وفي نتن الحمأة -في (حمأ)، وفي الغذاء الذي يَقُوت ويُنَمِّي -في (حمد)، وفي الحدّة التي تقشر الظاهر -في (حمر)، وفي الشدة والقوة التي تمكن من الحمل في (حمل). الحاء والنون وما يثلثهما • (حنن- حنحن): {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً} [مريم: 13] "الحَنُّون كتَنُّور: نَوْر كل شَجرة وَنْبت. وَحنَّنَ الشجرُ والعُشْب -ض: أخرج ذلك. والناقةُ تِحنّ في إثْر وَلَدها: تُطَرّب. قوسٌ حَنّانة: تَحِنّ عند الإِنْباض وكذلك السهم الذي إذا نَفَّزْته حَنَّ أي صوّت لعِتْق عُوده والتئامه. والطسْتُ تَحِن إذا نُقِرَتْ (وزَيْتٌ حَنين: مُتَغير الريح وكذلك الجَوْز). Qرقيق أو لطيف يصدر ممتدًا عن باطن جرم جامد أو صُلب (¬1): كخروج النَورْ من الشجر، والنَورُ لطيف رقيق ويبقى إلى أن يتحول، ¬

_ (¬1) "صوتيًّا ": الحاء تعبر عن احتكاك مع جفاف وعرض، والنون تعبر عن امتداد لشيء =

وكصوت الناقة مع ما توحيه ضَخامة جسمها من شِدّة لا تأتى بذلك الصوت الرقيق الممتد، وكصوت القوس والسهم والطسْت الرقيق الممتد مع إِصْماتهن. وكذا ريحُ الزيت والجوز حادّة من فَساد لطيف أي خَفِيٍّ يتخلل باطنها. ومنه: "الحنّان كشداد: الطريق الواضح " (خط دقيق واضح ممتد بين ما حوله من الأرض). ومن ذلك الأصل: "الحَنَان -كسحاب: الرَحْمة والعَطْف (فعل أو شعور رقيق من رَحْمة في قلب فاعله) {وَحَنَانًا مِن لَّدُنَّا} أي وفعلنا ذلك رحمة لأبويك [تاج] والحنّان في صفة الله تعالى ذو الرحمة والتعطف " [تاج] "والحِنّة -بالكسر: رقة القلب، حَنْحنَ: أشفق. والحَنين: الشوق وتَوَقان النفس " (مشاعر رقيقة لطيفة تخامر النفس بقوة). ¬

_ = لطيف في الجوف (أو منه)، والفصل منهما يعبر عن امتداد لطيف من جوف صلب أو قوي كالزهر من الشجر، وكالصوت الرقيق من الناقة والقوس إلخ. وفي (حين) تتوسط الياء بمعنى الاتصال ويعبر التركيب عن اتصال اللطف (فراغًا) في أثناء الشيء تتأتى منه الظرفية والهلاك. وفي (حنث) تزيد الثاء التعبير. عن (نفاذ) الخشن أو الغليظ الكثير، ويعبر التركيب عن ثقل بالغ كأنما بنفاذ الغليظ إلى أثنائه كالحِنْث: العِدْل الثقيل وفي (حنج) تعبر الجيم عن جرم كبير لكن هلامي وله حدة ما، ويعبر التركيب عن ميل التواء وانثناء. والشيء إذا انثنى أضعف حجمه وكبر. وفي (حنجر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن استرسال الالتواء والانثناء حتى يَكوّن ما يشبه القناة المتسعة كما هي حال الحنجرة. وفي (حنذ) تعبر الذال عن نفاذ شيء ذي غلظة ولزوجة، ويعبر التركيب عن نفاذ الرطوبة والغضوضة من أثناء اللحم ونحوه بالحرارة كما في الحَنْذ. وفي (حنف) تعبر الفاء عن إبعاد بطرد وقوة، ويعبر التركيب عن ابتعاد النافذ من الأثناء بقوة عن الاستقامة في اتجاه نفاذه كالرِّجْل والقوس الحنفاوين. وفي (حنك) تعبر الكاف عن ضغط غئوري دقيق تتأتى منه شدة التماسك كما في باطن الحنك.

(حين)

ومن ملحظ الرقة التي تخالط الباطن رغم ما يبدو من صلابته: "حَمَل فحنّن: (أي هجم على العدو ثم حنَّن أي) جَبُن. وحُنَّ عَنّا شَرَّكَ: اصرفه (كأن أصل المعنى أَضْعِفْه أي خفّفه) والمحنونُ من الحقّ: المنقُوص (ذهبَ بعضُه فَرَقّ ونَقَص) والمحنون: المجنون أو المصروع (منتقص العقل أو ضعيفه، كما يقال فلان رقيق الدين). • (حين): {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17] "حان سنبل الزرع: يبس فآن حصاده ". Qيُبْس الشيء أي ذهاب الندى والبلل من أثنائه لبلوغه وقت تحصله. كيبس السنبل المذكور. ومن يبس الأثناء وفراغها من الندى يتأتى معنى هلاك الحيّ. فجفاف الحي هلاك له {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30] "الحَيْن -بالفتح: الهلاك. التحوّن: الذل والهلاك ". أما معنى الظرفية فهو أصيل من بلوغ الزرع وَقْتَ حصاده، وبلوغ كل شيء وقت ما يراد به أو منه، أما عن تحديد مدى هذا الوقت فقد خلص الأزهري والراغب والمناوي إلى أن "الحِين اسم كالوقت يَصْلُح لجميع الأزمان. وأن معنى قوله تعالى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم: 25] أنه ينتفع بها في كل وقت لا ينقطع البتة "وهذه عبارة الأزهري. وعبارة الراغب "الحين وقت بلوغ الشيء وحصوله "وأضاف أنه "مبهم المعنى ويتخصص بالمضاف إليه "نحو قوله تعالى: {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص: 3]، ثم قال "ومن قال إن حين تأتى على أوجه:

للأجل نحو {فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [الصافات: 148] والسنة نحو {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم: 25]، وللساعة نحو {حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17]، وللزمان المطلق نحو {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: 1]، {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} [ص: 88] فإنما فسر ذلك بحسب ما وَجَدَه وعُلِّق به "انتهى كلام الراغب. والعبارة الأخيرة هي كالتفصيل لقوله هو يتخصص بالمضاف إليه "فهما متفقان. وعبارة المناوي "الحين في لسان العرب يطلق على لحظة فما فوقها إلى ما لا يتناهى، وهو معنى قولهم الحِين لغة: الوقت يطلق على القليل والكثير "اه. لكن عبارة الراغب ومن معه أدقّ بدليل استعمال الفعل "حان "لبلوغ وقت الأمر والحدث، والحين في الآية الأولى {إِلَى حِينٍ} [الصافات: 148] تعني إلى الوقت الذي أُجِّلُوا إليه، وفي الآية الثانية {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم: 25] تعني كلّ حينِ أُكُلٍ لا تتخلف، والآية الثالثة واضحة في التقييد أي حين الإمساء وحين الإصباح. كما أنه يمكن أن يقال هذا حينُ الحصاد وحينُ الرحيل وحينُ البدء في كذا. ثم إن "الحِين "قد يطلق عن قيد "وقت الأمر والحدث "إلى "مدة من الزمن مطلقًا "أي "لحظة فما فوقها "بتعبير المناوي -أي من حيث الطول. لكن قول المناوي إلى ما لا يتناهى "مردود، فإن التناهي أساسي في دلالة الحين لأن الظرف حيز محدَّد. والإطلاق عن تعيين الوقت المحدد لا يعني امتداده إلى ما لا نهاية. بقيت كلمتا "حانة "و "حانوت "وقد عالجتهما المعاجم في (حون/ حين) وفي (حنت) وقيل عن "حانة "إنها معرّبة عن الفارسية. والمقصود بكل منهما

(حنث)

دكان الخمار. فإن كانتا عربيتين فأقرب ما يتأتى به دخولُهما هنا هو الحِين: الزمان أو المدة الطويلة من الدهر، حيث إن سبيل إجادة صنع الخمر أن تُعَتّق دهرًا قبل أن تجودَ لشاربيها. فالحانة والحِانوت هما المكانُ الذي تتاح فيه الخمر مُعَتَّقة هكذا. • (حنث): {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص: 44] سئل أعرابي فصيح عن الحِنْث فقال "هو العِدْل الثقيل. قال والأحناث عندنا: الأعدال الثقال " [غريب الحديث للخطابي 1/ 539] العِدْل هو الحِمْل الذي يكون في أحد جانبي البعير ونحوه معادِلًا ومثاقِلًا لحِمل في الجانب الآخر). Qثِقَلُ الشيء ثقلًا بالغًا (ولا يكون ذلك إلا بسبب احتوائه على غليظ جَسِيم جاف ثقيل). كالعِدْل الموصوف بأنه ثقيل (مع أن العِدل سمي كذلك لأنه يثاقل شيئًا في الجانب الآخر فهو ثقيل في نفسه). ومن ذلك "بلغ الغلام الحِنْث أي الإدراك والبلوغ/ الحُلُم "المستيقن أن المعنى أنه بلغ مبلغ الرجال. فالتعبير كناية. إما لثقل الرجولة من حيث الاعتداد بما يصدر عنه موقفًا أو كلامًا أو تصرفًا مقارنة بخفة أمره قبل ذلك، وإما لتكوّن مادة الإلقاح فيه، وثقلُها عظم أثرها. ولا أرى ضرورة لربط بلوغ الرجولة بارتكاب إثم حسب تفسير اللغويين لبلوغ الحنث. ومن ذلك "حَنِثَ في يمينه - (تعب): لم يَبَرّ فيه (أي حلف على كذب). الحِنْثُ: الخُلْف في اليمين/ نقضُها/ النَكْث فيها "ومآل كل ذلك إلى الخُلْف. والخُلْف تخلّف وثقل عن الأداء {فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ}.

(حنج)

وفي قوله تعالى: {وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 46] قال في [قر 17/ 213] أي يقيمون على الشرك العظيم الذي لا يتوبون منه اه. والذنوب أثقال وأوزار {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: 13]. وذلك كما سموها آثامًا [ينظر أثم]. والشرك أثقل الأثقال: وقولهم: "تحنث بمعنى تعبد واعتزل الأصنام "قال ابن سيده "هذا عندي على السلب كأنه ينفي بذلك الحنث الذي هو الإثم عن نفسه. كقوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79]، أي ألق الهجود عن عينك. ونظيره تأثم وتحوب "اه. وأنا لا أسلم بمجيء الصيغة لنفي ما وُضعت له، فهذا خلاف الأصل. وهذه الصيغ تأتي للتكلف وللعمل المتكرر في مهلة ففيها معنى الاجتهاد، وصورته هنا مقاومة الِحنْث أي مقاومة الوقوع فيه بالتعبد ونحوه. وذلك كما قالوا مَرّضه. فالتمريض ليس سلب المرض وإنما مقاومته والتعامل معه. هذا وقد فسر بعض اللغويين الخث بأنه الميل من باطل إلى حق وعكسه أي الميل من حق إلى باطل، وأنه يقال حنثتَ مع هواك على الحق أو مع الحق على هواك "وأقول إن تفسر الحنث بالميل متأت لأن الميل يكون من الثقل كالهُوِىّ، كذلك تفسيره بالميل مع الهَوَى ضد الحق متأت بل هو من جنس المعنى المحوري. أما كون الحنث ميلًا مع الحق فلا يتأتى إلا بشاهد صريح أصيل. فإذا ثبت كان من تعميم الميل. • (حنج): "الحَنْجُ: إمالة الشيء عن وجهه. حَنَج الحَبْل حَنْجا: شدّ فَتْله: المُحنِجُ: الذي

(حنجر)

إذا مشى نظر إلى خلفه برأسه وصدره ". Qالميل أو الإمالة ليًّا وفتلا: كفتل الحبل فهو ليّه أولىّ كلٍّ من قُوَّتَيْه على الأخرى. وكذلك فعل المحْنِج فهو التواء والتفات. ومن معنويه: "الإحناج: أن تلوي الخبر عن وجهه. المُحْنَجُ الكلام الملْوِيُّ عن جهته كيلا يُفْطَن (إليه) يقال: أَحْنَجَ كلامه أي لواه كما يلويه المخنّث. ويقال أَحْنَجَ علىّ أمرَه أي لواه "ومنه كذلك "الأَحْناجُ: الأصول واحدها حِنْج -بالكسر. رجع فلان إلى حنجه أي رجع إلى أصله "فهذا الحِنْجُ الأصلُ مرجوع إليه، والرجوع التواء إلى الخلف. • (حنجر): {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: 10] "الحُنجُورة -بالضم: شِبُه البُرْمَة هن زُجاج يُجْعل فيه الطيب، قارورة طويلة يجعل فيها الذريرة. والحَنْجَرة -بالفتح: جَوْفُ الحُلْقُوم. Qفراغٌ مستطيلٌ كأنه قناة يمتد في جَوْفِ كثيف: كما في الحنجورة والحنْجَرة. فمن حنجرة الإنسان: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ}. وبلوغ القلوب الحناجر مبالغة في اضطرابها ووجيبها دون أن تنتقل من مقرها إلى الحنجرة، ... ، ... ، وقيل إذا انتفخت الرئة من شدة الفزع والغضب ... رَبَتْ وارتفع القلبُ بارتفاعها إلى رأس الحنجرة، ومن ثمّ قيل للجبان: انتفخ سَحْرُه. [بحر 7/ 211] (والسَحْر هو الرئة) وفي مثل هذا جاءت أيضًا {إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} [غافر: 18].ومنه "حنجرت عينه: غارت " (أي في الفراغ الذي خلفها).

(حنذ)

• (حنذ): {فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود: 69] "حَنَذ اللحمَ: شَواه على الحجارة المُحْمَاة واستَحْنَذتُ في الشمس: استَعْرَقْتُ بأن أُلْقِى فيها عليكَ الثيابُ حتى تَعْرَق. وحَنَذْتُ الفَرَسَ حِناذًا إذا جَلَّلْتَه بعد أن تَسْتَخضِرَه ليعرق ". [الأساس]. Qحَرَارة تُذْهِب رُطُوبة الشيء وغُضُوضَتَه نَفَاذًا من أثنائه. كما في الاسِتحْنَاذ وحَنْذ اللحم والفرس. {فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود: 69]: مشوِىًّ على الحجارة المُحْماة [قر 9/ 63] ومنه "إذا سَقَيْتَه (أي الخمر والعياذ بالله) فاحنِذْ له: أي اسقِهِ صِرْفًا قليل المِزَاج يَحْنِذُ جَوْفه "والعجل الحنيذ في آية الرأس هو المشوي على الحجارة المحماة. • (حنف): {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا} [الأنعام: 79] "رَجُلٌ أحنفُ: يمشي على ظهر قَدَمِه مِن شِقِّها الذي يلي خِنْصَرها. الحَنَف في القدمين: إقبال كل واحدة منهما على الأخرى بإبهامها، وكذلك هو في الحافر في اليد والرجل ". Qالتفات الشيء أو اعوجاجه عن معتاد الحال: كالأخف الموصوف أولا، والصورة الأخرى فيها التفات واعوجاج أيضًا. ومن الاعوجاج في صورة انحناء "الحَنْفاء: القوس، والموسى، والسلحفاة، والحرباء "فكل تلك معوجة ماديًّا لانحناء هيئتها. ومن معنوى هذا "الأَمَةُ الحنفاء: المتلونة تكسل عرة وتنشط أخرى ". ومن الالتفات عن معتاد الحال "حَنَف عن الشيء وتحنف: مال. والحنيف:

(حنك)

المسلِم الذي يتحنّف عن الأديان (الباطلة) أي يميل (عنها) إلى (الدين) الحق "فقد كانت عبادة الأصنام هي الشائعة. وكان هناك أفراد نصارى وربما كان هناك غير ذلك. فمن مال عن ذلك كله، وعَبَد الله وحده كان حنيفًا. وكان مَنْ تعلق بشيء من ملة إبراهيم "فاختتن وحج البيت سُمِّي حنيفًا ". {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [البقرة: 135]، فسرها [طب 3/ 104] بالاستقامة على الدين، و [قر 2/ 139] بالميل عن الأديان الباطلة إلى دين الحق. وأورد [طب، ل] تفسيرًا بالإخلاص وبالاستقامة. واللغة (الاشتقاق) يؤيد ما قال قر. وعبارة ابن عطية قبله "الحنيف في الدين الذي مال عن الأديان المكروهة إلى الحق ". والمراد بدين الحق تعيينًا هو الإسلام، ففي الحديث الشريف "أحب الأديان إلى الله الحنيفية السمحة " [ل، والجامع الكبير 1/ 21 مخطوط] وفي ل: الدين الحنيف: الإسلام، والحنيفية ملة الإسلام ". وكل ما في القرآن من التركيب هو (حنيف) بهذا المعنى وجمعه حنفاء. • (حنك): {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 62] "الحَنَك من الإنسان والدابة: باطنُ أعلى الفَم من داخل، وما تحت الذَقَن من الإنسان وغيره. والحِناك -ككتاب: الخشبة التي تضم غراضيف الرَحْل " (غُرضوفَا الرحْل خشبتان تشدان يمينًا وشمالًا بين واسط الرْحل وآخرته). Qتجوفُ باطنٍ صُلب مجرد الوجه محاطٍ بغليظ: كباطن الحنك الأعلى (: الحنك الصلب) وفي حافته القريبة من خارج الفم تجاعيد شديدة أيضًا. وأما الحنك الأسفل فهو تجوف أيضًا وشدّته هي عظام اللحيين المحيطة به. والحِناك يشد غراضيف الرحل بعضها إلى بعض لتكوّن الرحل الذي

£° معنى الفصل المعجمي (حن)

يلبس السنام. ومن الحنك نفسه "استحنك الرجلُ: قَوِىَ أكْلُه واشتد بعد ضعف. وحَنَكَ الفرس: جَعَل في حَنكه الأسفل حبلًا يقوده به، وكذا حَنَك الدابة (كنصر وضرب): جعل الرسن في فيها (فهذا وذاك من إصابة الحنك). ومن كناية ذلك "حنّكَتْه السنُّ والتجاربُ وأحنكته: أَحْكَمَتْه (صيرّته حكيما موفق الاتجاه) واحتنكَ الرجلُ: استحكم. والرجل حُنُك -بضمتين: لَبِيب عاقل ". ومن التجرد أو من الإصابة بالحنك الذي يجتمع تحته ما يؤكل "احْتَنَك الجَرادُ الأرض: أتى على نَبْتها وأكل ما عليها. وفي آية الرأس. {لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا} يجوز أن يفسر بأخذه إياهم إلى حزبه مثل احتناك الجراد الأرض، وأن يفسر بقيادته إياهم وتحكمه فيهم كما يقال "احتنكت دابتي: ألقيت في حنكها حبلًا وقدتها ". وقد ذكر هذين الوجهين في [ل 298] عن يونس. ومن الأول "ما ترك الأحناك في الأرض شيئًا يعني الجماعات المارّة ""وقد حَنكتُ الشيء: فهمته وأحكمته " (كما يقال استوعبته/ هَضَمته)، ومن الثاني (القيادة) "أحنكه عن هذا الأمر إحناكا أي ردّه ". ° معنى الفصل المعجمي (حن): تتعلق معاني التركيب بجوف الشيء القوي أو أثنائه -كما يتمثل في امتداد الصوت اللطيف من الناقة والقوس -في (حنن)، وفي جفاف ندى الحب الذي في الأثناء -في (حين)، وفي الثقل المترتب على اكتناز الأثناء بثقيل -في (حنث)، وفي التفاف الحبل والتواء الشيء فيكون له تجوف في موضع الانثناء -في (حنج)، وبزداد ذلك التجوف حتى يصير كالقناة الواسعة -في (حنجر)، ويتمثل كذلك في إخراج الغضوضة والطراءة التي في أثناء المحنوذ -في (حنذ)، وفي انصباب الانحراف عن الاتجاه على الخارج من الأثناء -في (حنف)، وفي كون الصلابة منصبة على التجوف الذي في باطن الحنك -في (حنك).

باب الخاء

باب الخاء التراكيب الخائية • (أخخ): "الأَخِيخَية: دقيقٌ يُصَبّ عليه ماء فيُبْرَق بزيت أو سمن، ولا يكون إلا رقيقًا ". Qرقة أثناء الشيء بحيث يشرب كالسوائل -كالأخيخة الموصوفة. وفي التركيب كلمات أخرى كثيرة لا تدخل في التأصيل. "أخّ -بالتضعيف: كلمة تَوَجُّع وتَأَوّهٍ من غَيْظٍ أو حُزْن "فإن لم تكن محدثة كما رجح ابن دريد فهي انفعالية. ويمكن عزوها إلى المعنى المحوري على أساس أن المرض الذي يُتَوجَّع ويُتَأَوِّه منه ضعف يناسب الرقة. وكذلك "إخ -بالكسر: زجر للبعير ليبُرك، ولا فعل له "على أساس أن البروك يَقَع برَخَاوة الأثناء. ولكني أميل إلى استبعاد أصوات الزجر من حمل المعنى المحوري. وكذا ما قالوه عن الأَخّ -ض مع فتح الهمزة: بمعنى القَذَر فأرجح أنه إن ثبت -صوت انفعالي. واختيار تلك الألفاظ لما قُصِد بها وراءه خشونة الخاء. • (خوخ): "الخَوْخَةُ -بالفتح: كُوَّةُ في البيت تُؤَدِّي إليه الضوء، ومُخْتَرَقُ ما بين كل دارين لم يُنْصَب عليها باب/ هي باب صغير كالنافذة الكبيرة تكون بين بيتين يُنْصَب عليها باب ".

(خوو - خوى)

Qخَرْقٌ أو فَرَاغ نافذٌ في عَريضٍ صُلْب أو بين عريضين. كخوخة الباب والخَوْخة بين البيتين، ومنه الخَوْخة الثمرة المعروفة. فهي من أن البذرة الصُلبة التي في وسط الثمرة لا تؤكل فلا قيمة لها (فكأنها فراغ). ومن ذلك (الخَوْخَاة: الرجل الأحمق (فارغ المخ) والخويخية -مصغرة: الداهية "فإن صحت الكملة فوجهُها أنها جَائحة تُخْرِبُ فتُفْرغُ الحَوْزة. • (خوو - خوى): {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا} [النمل: 52] "الخَوَاء -كسماء: الهَواَء بين الشيئين، والهَوَاء الذي بين الأرض والسماء. ودخل الفارس في خَوَاء فَرَسِه: يعني ما بين يديه ورجليه. (أي حال جريه به فلا يتمكن منه عَدُوه). خَوَاية الرحْل: متسع داخله (= تجويف البرذعة ونحوها الذي يلتقم ظهر الدابة) وخواية السِنان: جبته (السنان جِذْعُه أنبوبة حديدية هي الجبّة يدسُّ فيها طَرَفُ الرمح. ومُقَدّم السنان عريض كالسكين ذات الحدّين أو مذبَّب). الخَوّ -بالفتح: الوادي الواسع/ الأرض المتطامنة. الخُوة -بالضم: الأرض الخالية " [الأخيران من تاج]. Qفراغ أثناءٍ مُكتنَفَةٍ مُحاطة: كالخَوَاء الموصوف، وكخَوَاية السِنان والرحْل، وكالوادي. والأرضُ المتطامنةُ والخاليةُ ظرف شأنها أن تشغل. ومنه خوّت الدار- بتضعيف الواو، وخَوِيَت (كرضى): أَقْوَتْ وخَلَتْ من أهلها. قال تعالى: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا} أي خالية بعد بَوَارهم " (هلاكهم) {وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} [الكهف: 42]، {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} [البقرة: 259] وكذلك [ما في الحج: 45، والنمل: 52]

(أخو: أخي)

خالية من الناس والبيوتُ قائمة، أو استُعْمِل الخَواء في سقوط الحيطان نفسها (كأنما فَرَغت أثناؤها وما بين لبناتها) فسقطت العروشُ ثم انهارت الحيطان عليها [من قر 3/ 290 بتصرف] {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: 7] تفسر بخاوية الجوف، شأن جذوع النخل، وبالمنقلعة الساقطة. ومن الأصل "خَوَى الزَنْدُ (كرمى) وأخْوَى: لم يُورِ (الزَند عُود شجر تتولد منه النار بالحكّ، فإذا لم يُورِ أي لم يولّدْ نارّا فكأنه فارغ). واختوى الشيءَ: اخْتطفه (أخذه في خَوَايته أي جَوفه وحَوْزته) وخَوِيَت المرأة -كرضى: وَلَدت. والخَوَى -كالفَتَى: الرُعاف (يَخْرجُ فَيَخِفُّ الضغط عن العِرْق كأنما خلا) وكذا الخَوّ: العسل الخارج من جوف النحل " (شأنه أن يخرج فيخلو الجوف بعده). • (أخو: أخي): {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] "الأَخِيّة -كهدية- وتُمدُّ هَمْزتُها، وكفَرِحة: أن يُدْفَنَ طَرَفا قطعة من الحبل في الأرض وفيه عُصَيَّة أو حُجَيْر ويَظْهر منه عُروة تشد إليه الدابة " (تستعمل في الرمل بديلًا للأوتاد التي لا تثبت فيه). Qعُرْوة او نحوها يُشَدُّ فيها الشيء أي يُرْبَط كما تُرْبط الدابة في عروة الآخية. ومن هذا الأَخُ والأُخت من النسب. فالأخوان مرتبطان بخروج كل منهما من نفس الصلب أو البطن التي خرج منها الآخر أو منهما معًا. ولأخذ الأخوة من ملحظ الارتباط هذا وردت عبارة طريفة في [ق] (عرو) حيث قال "والعُرْوَةُ من الثوب أُخْتُ زِرّه "اه كأنه يريد: ممسكةُ زره، أو رفيقته حيث صُنعت لتحيط به. {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ} [النساء: 23].

الخاء والباء وما يثلثهما

ولملحظ الارتباط عُبّر بها عن الصداقة والصحبة، وفي المقترنين المتلازمين في عقيدة أو حال {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 10]، {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [الإسراء: 27]، {وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ} [ق: 13]- أي قومه. وفي لحظ التناظر والتساوي {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11]. وفي التعبير عن ملازمة شخص لعمل أو عادة، كما يقال: أَخُو حرب وإخوان عَمَل، أي ملازمون له. وكل ما في القرآن من التركيب هو من الأخوة المذكورة: حقيقة كانت، أو بمعنى الاقتران أو المجانسة الملازمة. الخاء والباء وما يثلثهما • (خبب - خبخب): "الخُبّ -بالضم: الغامِضُ من الأرض، وبالفتح: سَهْل بين حَزنَيْن يكون فيه الكمأَةُ، وبالكسر: هَيَجَان البَحْر واضطرابه. خبخب الرجُل: سَمِنَ ثم هُزِل حتى يسترخيَ جلده. خبائب اللحم: طرائق تُرَى في جلد (الحيّ) من ذهاب اللْحم. يقال: لحم خَبائب أي: كُتَل وزِيَم وقطع ونحوه ". Qتخلخل (أو فراغ يتخلل) باطنَ مجتمِع منضم. (أو ما يفترض أو يتوهم أنه مجتمع منضم) (¬1): كالغامض والسهل من الأرض بين ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الخاء تعبر عن تخلخل في جوف الشيء أي فراغ وانسداد متواليين، وتعبر الباء عن تجمع وتلاصق ما مع رخاوة، والفصل منهما يعبر عن تخلخل في ما كان أو يْتَوَقع =

المستوى المرتفع، وكالتخلخل في بدن المهزول ولحمه، وكأمواج البحر عند هيجانه ترتفع وبينها انخفاضات. ومنه "خَبَّ الرجلُ ما عنده (أخفاه في باطنه)، ورجلٌ خَبّ -بالفتح والكسر: خَدّاع (يخفى في باطنه ما يدبره ويحيكه فلا يبديه) وخَبْخَبَ: غَدَر (أخلف -أي ترك وأخلى) ما عاهد عليه أو تُوقع منه) ومنه الخَبب -محركة: ضَرْبٌ من العدْو/ السُرْعة " (كالقفز ففيه فجوات بين الخطوت). ¬

_ = أو يفترض أنه مُصْمَت كالخَبّ: السهل بين حزنين وكالأمواج المتوالية. وفي (خبو) تضيف الواو معنى الاشتمال فيعبر التركيب عن اختفاء ما كان موجودًا كأنما اشتمل عليه الشئ كخمود النار. وفي (خبأ) تزيد الهمزة الضغط، ويعبر التركيب عن نوع من دسّ الشيء أي دفعه في فراغ متاح حتى يخفي ويستتر كالبُرّة في غشائها والإنسان في الخِباء. أما في (خوب خيب) فتتوسط الواو بمعنى الاشتمال والياء بمعنى الاتصال، ويعبر التركيبان عن خلو الجوف أو الحرزة مما ناله ما حوله أو مما كان متوقعًا أن يناله كأنما اشتمل على فراغ. كالخوبة الجوع والخيبة الحرمان. وفي (خبت) عبرت التاء عن الضغط الدقيق، وعبر التركيب عن انخفاض سطح الشيء كأنما لخواء في باطنه فانخفض بالضغط عليه كالخَبْت عن الأرض. وفي (خبث) تعبر الثاء عن نفاذ أو انتشار بغلظ، وعبر التركيب عن انتشار ما قُطع (: أفرغ) عن مادة (رديئة) كانت عالقة بالجرم المتجمع كخَبَث الحديد. وفي (خبر) أضافت الراء معنى الاسترسال وعبر التركيب عن النفاذ باسترسال في جوف الجرم المتجمع المخلخل كسئوخ القوائم إلى عمق الخبّار من الأرض. أما في (خبز) فإن الزاي عبرت عن اكتناز وزحم (مع حدة ما) والتركيب يعبر عن إذهاب غلظ الشئ وتكتله بضغْطه (زحْمه) حتى ينبسط كالخبز. وفي (خبط) عبرت الطاء عن ضغط بغلظ، وعبر التركيب عن غلظ يخالط الفراغ كالزكمة، وفي (خبل) عبرت اللام عن استقلال، ويعبر التركيب معها عن احتباس العضو والشيء عن التصرف (توقف وانفصال عن غيره) لما أصابه عن فساد يتلفه كاختبال العضو.

(خبو)

• (خبو): {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} [الإسراء: 97] "خَبَتْ النارُ (سما ..): سَكَنَت وطَفِئَت، وخَمَد لهبها ". Qخُمُود لهب النار ونحوها. {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} "قيل معناه سكن لهيبها، وقيل معناه: كلما تَمَنَّوْا أن تخبو وأرادوا أن تخبو "اه [تاج]. وكأن القول الأخير نظر إلى أنها لا تخبو حقيقة أبدا. نعوذ بوجه الله الكريم من النار. • (خوب - خيب): {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 9، 10] "الخَوْبَة -بالفتح: الأَرْض التي لم تُمْطَر بين أَرْضَيْن ممطورتين. أصابتهم خَوْبَة أي جُوع/ أي ذَهَب ما عندهم فلم يَبْقَ عندهم شيء. وخاب يخوب خَوْبا (قال): افتقر ". Qخُلُوّ حَوْزة الشيء من (طَيّب) يُتَوَقَّع أو يُطْلبُ أن يشغَلها. كالأرض التي لم تُمْطَر (دون ما حولها) وكخُلُو جَوف الجائع وحَوْزة الفقير. ومنه "القِدْحُ الأَخْيبُ هو السهمُ الخائب الذي لا نَصيبَ له بين قِداح الميسر. والخَيْبة: الحرمان والخسران. وخاب يخيب: حُرِم ولم يَنَلْ ما طَلَب. {وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} [طه: 61]،، {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}، {أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ} [آل عمران: 127] وكل ما في القرآن من التركيب فهو من الخيبة بهذا المعنى.

(خبأ)

• (خبأ): {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النمل: 25] "الخِبَاء: ما كان من الأبنية من وَبَر أو صوف أو شَعَر ... ، وغِشَاءُ البُرّة والشعيرة في السنبلة ". Qإخفاء الشيء وتغطيته في كِنٌّ مناسب التجوّف: كما يخفي الخباء مَن بداخله، وكما يَسْتُر غِشاءُ البُرّة ما في جوفه سَتْرًا تامًّا. ومنه خَبأت الشيء (فتح): سَتَرْتُه. والخَبْءُ -بالفتح: ما خُبِئَ، وكذلك الخبيء والخبيئة. {الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: هو كل ما غاب واستتر. فيصدق على الغيب، والمطر في السماء، وعلى النبت والمعادن في الأرض. • (خبت): {فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} [الحج: 34] "الخَبْتُ -بالفتح: ما اتَّسَعَ من بُطون الأَرْض/ ما اطْمأنَّ من الأرض واتسع ". Qانخفاض باتساع واستقرار -مثل الخَبْت الموصوف (وقيد الاستقرار يؤخذ من الاتساع ومن الاستقرار المعتاد في المنخفَض). ومنه "أخْبَت الرجل: اطمأنّ وتواضع وخَشَع -كمن نَزَلَ الخبْتَ ينخفض ويَقْصُر {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} [الحج: 54]: وكل ما في القرآن من التركيب فهو من الإخبات بهذا المعنى.

(خبث)

• (خبث): {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} [المائدة: 100] "خَبَثُ الحديد والفضة -محركة: ما نَفَاه الكِيرُ إذا أُذيبا، وهو ما لا خير فيه. ويقال في الشيء الكريه الطعم أو الرائحة خبيثٌ مثل الثَوْم والبَصَل والكُرّاث. والأخبثان: الرجيع والبَوْل أو القيءُ والسَلْحُ ". Qرديء مكروه ينتشر من الشيء أو يتأتى منه: كصدأ الحديد ونحوه وكطعم الثوم ورائحته الخ وقَذَر الرجيع الخ. {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267]: الرديء. ومن هذا يطلق الخبيث على ما استقبحه الشرع كالحرام من المال والقبيح من الأفعال: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} [النساء: 2]، (فالمال المأخوذ بغير حق حرامٌ خبيث، وذكر اليتامى هنا إنما هو لزيادة تشنيع الفعل مع الإشارة لواقعةٍ. والتبدل قد يراد به حقيقته، وقد يراد به مجرد أخذ المال الحرام الخبيث هذا مع إمكان الحلال الطيب [ينظر المحرر الوجيز 3/ 486] {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]: الدمَ والميتةَ ولحمَ الخنزير والخمرَ إلخ أو ما تستخبث العرب أَكْله كالعقرب والحية والحشرات [بحر 4/ 403]، {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ} [الأنبياء: 74]: القرية هي سدوم. والخبائث الفواحش وهي في هذه القرية اللواط [وينظر قر 11/ 306]. {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا} [الأعراف: 58] البلد (= الأرض) الخبيث: الذي في تربته حجارة أو شوك [قر 7/ 231] (لعل الأدق: الفاقد

(خبر)

الخصوبة لأمرٍ ما) {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179] على ما أنتم عليه أيها المؤمنون من اختلاطكم بالمنافقين وإشكال أمرهم وإجراء المنافق مجرى المؤمن، ولكنه ميز بعضا من بعض بها ظهر من هؤلاء وهؤلاء من الأقوال والأفعال [بحر 3/ 130] وقريب منه ما في [الأنفال: 37]. {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ} [النور: 26] الخبيثات الزواني أو الكلمات الخبيثات من القول للخيثين من الرجال [قر 12/ 211] {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ} [إبراهيم: 26] الكلمة الخبيثة كلمة الكفر، والشجرة الخبيثة شجرة الحنظل [قر 9/ 361]. • (خبر): {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: 59] "الخبار -كسحاب: أرض رِخوة تَتَتَعْتَع فيه الدوابُّ/ ما استرخى وتحفّر/ وساخت فيه القوائم. الخَبْراء -بالفتح: قاع مستدير يجتمع فيه الماء/ مَنْقَع الماء في أصول السِدْر (= شجر النَبِق الذي ينبت على الماء ويُسمَّى العُبْرى). والخَبْر -بالفتح أيضًا: الناقة الغزيرة اللبن، والمَزَادة (= قربة الماء) العظيمة ". Qوصول الرخاوة إلى عمق الشيء، أو رخاوة الشيء بحيث يوصل إلى عمقه. كما تسوخ القوائم في الأرض الرخوة وكما يصل الماء إلى القاع وإلى أصول السدر، وكما يتوهم في الناقة الغزيرة أنها مملوءة لبنًا والقربة العظيمة يلفت عظمها إلى كثرة الماء في جوفها. ومنه "خبر الطعام (نصر). دَسَمه، والخُبْرة -بالضم: الإِدام (¬1) والمخبوز: "ألطيب الإدام (أي من الطعام) ¬

_ (¬1) هو ما نسميه الغموس -أيًّا كان، يخلط بالخبز أو الأرز الجافين فيلينهما.

ومن هذا "الخُبْر -بالضم: اللحم يشتريه الرجل لأهله (قطعة اللحم غضة رخوة مأخوذة من جسم الذبيحة، أو يُقْصد أنها يؤتدم بها). والجبْر -بالفتح: الزرع (كأنه التعامل مع الأرض الرخوة الحَيَّة لا الصَلْدة، وأيضًا فإن الزرع يكون بحرْثها ووضع البذور فيها ثم سَقْيها ماء فتسترخي وينفذ منها النبات -كما يقال استنبت، والنَباتُ نفسه رخو). "والمخابرة: المزارعة. والخبير: النبات والوَبَر " (لنشوئهما نفاذًا من الباطن الغض). ومن ذلك الأصل قيل "خَبَرْتُ الأَمْر (كنصر): عَرَفتُه على حقيقته " (كأنك تغلغلت في باطنه حتى عرفته) وفي حديث الحديبية أنه "بعث عينًا من خزاعة يتخبر له خبر قريش أي يتعرف. والخابر: المختبِر المجرِّب. والمَخْبَر خلاف المَنْظَر والمَرْآة (أي هو الحقيقة الباطنة). والخِبْر والخِبْرة -بالكسر والضم فيهما: العِلْم بالشيء (أي على حقيقته) والخَبَر -بالتحريك: النبأ (مخبور عنه) والخبير: العالم الذي يَخبُر الشيء (أي ينفذ إلى باطنه) بعلْمه ". ولعل هذا يفسر أن عُظْم صفة الخبير جاء في القرآن للمَوْلى عز وجل {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] {إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 16]، وكل {خَبِيٌر} في القرآن هي صفة لله تعالى عدا ما في [الفرقان 59] ففي أحد تفسيريها أن المراد بها جبريل والعلماء وأهل الكتب المنزلة. أي اسأل عن الله عز وجل هؤلاء [ينظر بحر 6/ 465 - 466] {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} [الكهف: 68 {قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ} [القصص: 29]. {قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} [التوبة: 94]. وليس في

(خبز)

القرآن من التركيب ما يخرج عن (الخُبْر) و (الخَبَر) و (الأخبار) و (الخبير) بمعنى العلم بالحقيقة. {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة: 4]، أورد في [قر 20/ 148] حديثًا عن الترمذي أن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها ... كما أورد حديثًا بأنه إخراجها الموتى من بطنها. ولكنَّ سَبْقَ آية "وأخرجت الأرض أثقالها "تلقي ظلاًّ على صحة هذا الحديث الأخير. ورأى أطب، أن الأخبار هي ما سبق من الزلزلة وإخراج الأثقال: وهو غير متوجّه، وحديث الترمذي صريح. • (خبز): {إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا} [يوسف: 36] "الخَبَزُ -محركة: الرَهَل، والمكان المنخفِض المطمئِنّ من الأرض [ق] والخُبَّازَى كشقارى ... بقلة معروفة ". والخَبْزُ -بالفتح: ضَرْبُ البَعير الأرض بيديه كمن يبسط خبزة، وقد تخَبَّزَتْ الإبل العشب: خبطته بقوائمها ". Qبسط الشيء بإذهاب غلظه أي تكلتله وذلك مع التئام أطرافه أي عدم انتشارها. كما في ترهل البدن من ذهاب ما كان تحت الجلد من لحم وشحم، والمكان المنخفض المطمئن ذهب غلظه، والخُبَّازَى وَرَقُها مُنْبَسِطٌ مُسْتَدير. ومنه الخُبْز الذي يؤكل ذَهَبَ غِلَظُ كتلته ببَسْطه، وغلظُ طعمه بإنضاجه أي وَضْعه في مَلَّة أو تَنَّور حتى ينضج كأن الخَبْزَ يشمل الأمرين البسطَ والإنضاجَ بالنار، وإلا فالخَبزُ هو البسط، والإنضاج بالنار أو الحر لازم. "والخُبْز بالضم الخَبيزُ المخبوز من أيّ حبّ كان {أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا}.

(خبط)

• (خبط): {لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: 275] "خبط البعير بيده/ بِخُفِّ يَده: ضَرَبَ الأرضَ بها (إذا أحس بشوكة أو نحوها) والخَبْط: الوَطْءُ الشديد. والخَبِيط: الحَوْض الذي خَبَطَتْه الإِبِل فهَدَمته، وقيل سُمِّي بذلك لأن طينَه يخُبَط بالأرجل عند بنائه. والخَبْطة -بالفتح: الزّكْمة تأخذ في قُبُل الشتاء أي أوله [ق]. والخَبِيطُ: لَبَنٌ رائب أو مَحِيضٌ يُصَبّ عليه الحَليب من اللبن ثم يُضْرَبُ حتى يختلط. وخَبَطَ الشجرةَ/ العِضاهَ من الطَلْح ونحوه/ بالعصا: شَدَّها (أي حزمها أو حزم بعض فروعها) ثم ضَرَبَها بالعَصَا ونَفَضَ وَرَقَها منها ليَعْلِفها الدوابّ/ ثم يُسْتَخْلَفُ (الورقُ) من غير أن يَضُرّ ذلك بأصل الشجرة وأَغْصانها ". والخَبَط -بالتحريك: هو الورق المتناثر بذلك ". Qصَدْمٌ أو مُخَالطة بِغَليظٍ قوي يَخْتَرق أو يَكَاد. فالذي يخترق كخبط الطين أي يخلطون التبن ونحوه به بواسطة دَوْسِه واخْتراقه بالأرجل، والزُكمَةُ تَسُدُّ الأَنْف كأن كتلة اخترقته فحَشَتْه. واللبن الرائب يكون غليظًا في أثناء الحليب حتى يُضْرَبَ فيصيرُ الخليطُ غليظًا أيضًا، والذي يكاد يخترق هو خبط البعير الأرضَ بخُفّ يده وهو ضرب غليظ قوي. ولغلظه قيل "خَبْطَ عشواء الليل، وهي الناقة التي في بصرها ضعف تَخْبِط إذا مَشَتْ لا تَتَوَقَّى شيئًا " (هي لا تتوقى لأنها لا ترى ما يجب توقيه فهي تمشي مجازفة). ومن هذا عُبِّر بالخْبط في الآية الكريمة عن مسّ الشيطان. "الخُبَاط -كصداع: داء كالجنون وليس به. خَبَطَه الشيطان وتَخَبَّطَه مَسَّه بأَذىَ وأَفْسَدَهُ " {كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} وذلك لشدة أثر ذلك المس على الممسوس.

(خبل)

ومن صور الاستعمال المادي "الخَبْطُ: الضَرْبُ الشديد بالعصا، والسَيْف. وخبط فلان (الأرض) -كضرب: طرح نفسه (عليها) لينام ". ق .. ونظرًا لأهمية خَبْط الشَجَر من حَيْثُ هو وسيلةٌ للرعي محدودة الحصيلة عُبرِّ بالخِبْطة -بالكسر عن القلة. "الخِبْطة: اللبنُ القَلِيل يبقى في مَزادة أو حَوْض، وما بقى في الوعاء من طعام وغيره ". ومن الحصول على مرعى بخَبْط الشجر -وهو مَصْدَر غيرُ المصادر المشهورة للمرعى قالوا: "خَبَطه واختبَطه: طلبَ معروفه بلا وسيلة من قرابة أو معرفة، وخَبَطَه: أعطاه على ذلك ". • (خبل): {لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} [آل عمران: 118] "خَبِلَتْ يده (تعب): شَلَّتْ. والمخبَّل -كمعظم: من الوَجَع: الذي يمنعه وَجَعُه منْ الانبساط في المشي. والخَبْل -بالفتح: فسادُ الأعضاء حتى لا يَدْري كيف يمشي فهو مُتَخَبِّل/ الفَالج وفسادُ الأعضاءِ والعَقْلِ. والخبل -محركة: القربة الملأى ". Qتَعَطُّلُ العُضْوِ أو الشيء واحتباسه عن الانبساط والتحرك لمعتاد أمره (لسبب في أصله): كخبل اليد والقوائم إلخ. والقربة الملأى نُظِر في تسميتها -إن صحت- إلى احتباس مائها وعدم انصرافه. ولعل أصل تسميتها هذه كانت مخصصة بقصد اختزان الماء فيها. ومنه قيل "خَبَله عن كذا (نصر): عَقلَه ومنعه وحبسه ". ومن التعطل عن العمل استعمل في فَسَاد العمل لتقارب نتيجتيهما "الخَبَال -كسحاب: الفساد في الأفعال والأبدان والعقول.

£° معنى الفصل المعجمي (خب)

{لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا}، {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا} [التوبة: 47]. ومن تَعَطُّل الأعضاء بشلل ونحوه استُعْمل الخبْل في قطعها "لنا في بني فلان دِمَاء وخُبُول. الخُبُول قَطْع الأيدي والأرجل ""الخَبْل -بالفتح: قَطْع اليد أو الرجل، والخَبْل: الجرْح " (أي المؤدى لهذا أو نحو). ومن الحبس والاحتباس أيضًا: "الإخبالُ أن يُعْطَى الرجلُ البعيرَ أو الناقةَ ليركبها ويجتزّ وَبَرها وينتفع بها ثم يردها " (فهذا وقف وحبس لكلن مؤقت) والخبل -بالفتح: القَرْض والاستعارة (من هذا) والخابلان: الليل والنهار " (ظرفان حابسان يحيطان بكل شيء في باطنهما). ° معنى الفصل المعجمي (خب): تخلخل باطن الشيء المتجمع -كما يتمثل في الفراغ الذي يسبب استرخاء جلد من كان سمينًا فهُزل -في (خبب)، وفَناء وقود النار أو لهبها -في (خبو) والفراغ الذي يُخْبأ فيه الشيء -في (خبأ)، وفراغ الحيز والحوزة مما يُتَوقع أي عدم المطر في بقعة أُمطِر ما حولها -في (خوب)، وعدم حصول الخائب على شيء -في (خيب)، وفي الفراغ الجوفي أو الظاهري أي فراغ المنخفض -في (خبت)، وفي انتشار (= اقتطاع وانتقاص) الغليظ من جسم الشيء كصدأ الحديد -في (خبث)، وفي تخلخل أثناء الأرض الرخوة حتى تسوخ فيها القوائم -في (خبر)، وفي ذهاب غلظ الأثناء (كأنما أفرغت من غليظها -كالجلد المترهل -في (خبز)، وفي النفاذ بغلظ في أثناء الشيء ولولا تخلْخُلُه ما نُفِذَ فيه كزُكمة الأنف -في (خبط)، وفي فساد العضو (اليد أو الرجل ..) فلا يتحرك حسب المراد كأنما فرغ من القوة التي كانت -في أثنائه في (خبل).

الخاء والتاء وما يثلثهما

الخاء والتاء وما يثلثهما • (ختت): "الخَتَت - محركة الفُتُور في البدن. والخَتِيت: الخسيس، والناقص. وأخَتَّ فلانا: أخس حظه ". Qنَقْصٌ من قِوَام الشيء وحِدَّته (¬1): كذلك الفتور والخسة والنقص. ومنه "الختّ: الطَعْن بالرماح مُدَارَكا " (إنقاص للبدن وللحدة والقوة بتدارك الطعن) ومن المعنوى "أَخَتَّ: استحيا ". • (ختر): {وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} [لقمان: 32] "الخَتَر -محركة: كالخَدَر وهو ما يأخذُ عندَ شُرْب دَواءٍ أو سُمِّ حتى يضعفَ أو يُسْكِر. وقد خَتَّرَه الشرابُ -ض: أفسدَ نفسَه وتركه مُسْترخيا. وشَرِبَ اللبنَ حتى تخَتّر: فَتَر بدنُه واسترخَى من هذا أو من مرض ". Qزيادة استرخاء الباطن وضعفِه وتخدّرِه مما دخله فلا يَعِي ولا يَحْفظ. كالختر الموصوف. ومنه الخَتْر: الغدر/ أقبحُ الغدر (استرخاء ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الخاء تعبر عن جرم متخلخل، والتاء تعبر عن الضغط الدقيق، والفصل منهما يعبر عن نقص ذإت الشيء أو نقص حدّته كالختيت الناقص في (ختت)، وفي (ختر) تعبر الراء عن استرسال لى ذلك، فيعبر التركيب معها عن نحو الخدر، وفي (ختم) تعبر الميم عن استواء طاهري، ويعبر التركيب معها عن تغطية ظاهر الشيء بطبقة كالشمع للعسل والتراب للبذور.

(ختم)

وعدم مبالاة أو اكتراث ففيه أيضًا معنى الاستهانة، وهذا أقبح من مجرد عدم الوفاء). {وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} فُسِّر الختر هنا بأقبح الغدر [أبو عبيدة 2/ 129 وابن قتيبة 345]. وإرداف صفة الختر بصفة الكفران يؤيد تأسيس مأخذ الختر على الخَدَر ونحوه لأن كفران النعمة يكون بجحدها وإغفال قيمتها وعدم المبالاة بها. • (ختم): {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطففين: 25، 26] "الخَتْم أن تجمعَ النَحْلُ من الشَمَع شيئًا رقيقًا أرق من شَمع القُرص فتطليه به. والختام: الطين الذي يختم به على الكتاب. وخِتام الوادي أقصاه. جاء مُتَخَتِّما: متعمما. ختم الشيءَ: بلغ آخرَه. خاتِم كل شيء، وخاتمته: عاقبته وآخره ". Qإنهاءُ الشيء ومنع الزيادة عليه بتسوية ظاهره وتغطيته على ما في أثنائه -كما في تغطية ظاهر قرص العسل، وكالطين الذي يختم به على الكتاب (قديمًا كانت الكتابة حفرًا في ألواح صلصالية فكانوا يغطون الرسائل بطبقة من الطين حتى لا يُعرَفَ ما فيها أو يُزاد عليه. ولما كتبوا في الجلد والورق كانت الطينة عجينة خاصة كالجمع الأحمر الآن يطبعون في آخرها أو على طيّها خاتَم المُرسِل)، وأقصى الوادي يرتفع فيسد مجراه وينهيه. ومن التغطية وحدها: "خَتْم البَذْر للزرع، وهو أن يغطَّي البذرُ بتسوية التراب عليه ثم تُسقى الأرض ". ومن ذلك: "الختم -محركة، والخاتم -ككاتِب وهاجَر: حلية الإصبع

المعروفة قال في [ل]: "كأنه أول وهلة خُتِم به فدخل بذلك في باب الطابعَ، ثم كثر استعماله وإن أُعِدّ الخاتم لغير الطبع "وأضيف أنه يقوَى جدًّا في نفسي أن سر إلزام الخاتم الإصبع هو ضمان حفظه تحرزًا من أن يتمكن منه غير صاحبه، فيختم به ما لا يريد صاحبه ومن هذا الإلزام اتُّخذ زينة. [وينظر التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول جـ 3 ص 143]. وعلى ذلك فتفسير بعض النِحَل كالأحمدية القاديانية قوله تعالى: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} بذاك الذي يُطْبَع به على الورق هو على ما فيه من جفاء غيرُ مقبول. وإنما المعنى الصحيح هو تفسيرها بآخر النبيين، لأن هذا هو المعنى الأصلي الذي من أجله استعمل الخَتْم للطَبْع على الشيء وهو أن ينهيه، ولا يترك فرصة لتسرب شيء إليه أو زيادة شيء عليه، كما هو واضح في ختم الزرع والختم بالشمع على العسل وختم الكتاب وختام الوادي. وتأمل أيضًا: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} [البقرة: 7] أي فلا تصل إليها هداية. وهذا كما قال تعالى: {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24]. ومثله قوله تعالى: {وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ} [الجاثية: 23]، قال في [قر 1/ 186]: ومعنى الختم التغطية على الشيء والاستيثاق منه حتى لا يدخله شيء. حتى لا يوصل إلى ما فيه ولا يوضع فيه غير ما فيه اه. فالختم هنا كالطبع والتغليف. ثم إن هذا يلزم منه عدم خروج شيء أيضًا. ومثل هذا ما في [الأنعام: 46، الشورى: 24] ومنه قوله تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ} [يس: 65]. وقوله تعالى: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطففين: 25، 26]، هو من الأصل على معنى أن ريح المسك الذي يسطع من هذا الرحيق

£° معنى الفصل المعجمي (خت)

يجعل فوقه ما يشبه الطبقة من هذه الرائحة الطيبة الذكية. وتفسير {خِتَامُهُ} بـ (خِلْطه) كما قال بغضهم [ينظر ل] ليس متسقًا مع المعنى اللغوي للختم، وليس هناك ما يدعو إلى التأويل به. ° معنى الفصل المعجمي (خت): نقص الحِدّة أو الجرم -كما يتمثل ذلك في الختيت: الناقص، والخَتَت الفتور -في (ختت)، وفي الخَتَر: الخَدَر -في (ختر)، وفي منع الزيادة على الشيء -في (ختم). الخاء والدال وما يثلثهما • (خدد) {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} [لقمان: 18] "والخَدّ: الجَدْوَلُ. والمِخَدَّة -بكسر الميم: حديدة تخُدّ بها الأرضُ أي تشق. والخَدّ -بالفتح، وكدُرّة، والأُخْدُود: الحُفْرَة تَحْفِرُها في الأرض مستطيلة. خَدَّ -الأَرضَ (رد)، وخَدَّ السيلُ في الأرض: شَقّها بجَرْيه، وخَدّ الجَمَلُ الشيء بنابه: شقّه ". Qالشق المستطيل الغائر في الشيء: كالجدول (¬1) ... الخ. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الخاء عن تخلخل الجرم، والدال عن ضغط مستطيل حابس، والفصل منهما يعبر عن شق مستطيل (يحبس ما فيه) كالخدّ الجدول. وفي (خدع) تزيد العين التعبير عن جرم عريض يخفي وراءه ما يشبه الأخدود كما في المخدع. وفي (خدن) تعبر النون عن الامتداد في داخل ما يشبه الاخدود فيعبر التركيب عما يشبه المداخلة كما في المخادنة.

(خدع)

{قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ} [البروج: 4] (شق طويل سعّروه نارًا وكانوا يُلقون فيه من يَتَمَسّك بدينه الصحيح ويرفض التحول إلى دينهم الباطل (عبادة الملك) أو هم يهود فعلوا هذا بنصارى [ينظر قر 19/ 287 - 293]. ومن ذلك "الخدّان: جانبَا الوجه وهما ما جاوز مؤخر العين إلى منتهى الشدق "وهما غائران، لكن يكسوهما لحم الوجه. فإذا هُزِل المرء ظَهَر غئورهما {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} (تصعير الخد للناس إمالته. وهذا كناية إما عن التكبر بالإعراض احتقارًا، وإما عن إذلال المرء نفسه للناس) [ينظر قر 14/ 70]. ومن الشق المستطيل "الخدّ من الناس: الجماعة. مضى خَدٌّ من الناس أي قرن/ طبقة/ طائفة " [تاج] (كما يقال فريق). • (خدع): {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 62] "المخْدَع - بالفتح والضم: البيت الصغير الذي يكون داخل البيت الكبير (يجعل بين حائطي البيت (من شعر أو جلود) حائط (طولي) يسمى العَرْس - بالفتح - لا يُبْلَغُ به أقصاه ثم يوضع الجائز من الطرف الداخل لذلك الحائط إلى أقصى البيت ويسقف البيت كله، فما كان بين الحائطين فهو سَهْوة، وما كانت تحت الجائز فهو المخدع). وكمِنْبر: الخِزَانة. وبعير به خادع وهو أن يَزُول عصبُهُ في وظيف رجله إذا برك. والأخدعان: عِرْقان في جانِبَى العُنُق قد خَفِيا وبَطَنا ". Qاخفاء الشيء في باطن يلتئم ظاهره عليه فلا يُظَنّ وجودُه فيه. كما يُسْتَخْفَى في المَخْدَع الموصوف. ومن ماديّه أيضًا "خدع الضب:

(خدن)

دخل في وِجاره ملتويًا (لئلا يُحتَرَش)، والظبىُ: دخل في كِناسِه (يختفيان في الفجوة فلا يُرى إلا ظاهر الوجار والكناس) وخَدَع فلان: توارَى، وخَدَع الرِيقُ: نقص (غاض في منابعه) وخَدَعَتْ عين الرجل: غارت. وخدع الثوبَ: ثناه (فأخفى أكثره). وخدع الشيءَ: كتمه وأخفاه، وكان فلان يُعطِي ثم خَدَع: أمسك ومنع (انقطع أي اختفى ما كان يعطيه). وخدعَ الزمانُ: قَلّ مطره " (كأنما انقطع فاختَفَى). ومنه "خَدَعْتُ فلانًا (لأنك تُخفى له غير ما يظهر). {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} [الأنفال: 62]، {يُخَادِعُونَ اللَّهَ} [البقرة: 9]، والمفاعلة قد تقع للواحد نحو عاقبت اللص وطارقت النعل [ل 415] وفيها الجهْد والتكلف في تحصيل الفعل ومثلها ما في [النساء: 142] .. • (خدن): {غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} [المائدة: 5] "الخِدْن -بالكسر، والخَدِين: الصديقُ. وخَادَنَه: صَادَقَه ". Qفي ضوء ما سبق في خدد، وما هنا فالتركيب يعبر عن المداخلة والمباطنة. ففي المخادنة عن السِرّية والتخفي ما ليس في المصادقة. ويصدّق ذلك أن النون تعبر عن امتداد شيء في باطن و (خَدّ) تعبرّ عن التجوف الممتد. فكأن الخِدْن يَدْخل في باطن عن يخادنه. فهذا يعطي شدة التداخل كما يعطي خَفَاء هذه العلاقة أي سِرّيتها وعَدَم الجهر بها. قال في [قر 5/ 143] عند قوله تعالى: {غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} [النساء: 25]: وقيل المسافِحة: المجاهِرة بالزنى أي التي تُكْرِي نَفْسَها لذلك، وذات الخِدْن هى التي

£° معنى الفصل المعجمي (خد)

تَزْني سرًا .. وكانوا يعيبون الإعلان بالزنى ولا يعيبون اتخاذ الأخدان اه ". ومثل هذا يقال عما في [المائدة: 5]. ° معنى الفصل المعجمي (خد): هو التجوف الممتد -كما يتمثل ذلك في الأخدود -في (خدد)، وفي المُخدَع الموصوف -في (خدع)، وفي العلاقة المتغلغلة في الباطن (والباطن هنا كالتجوف، إذ هو يستر) كما في المخادنة -في (خدن). الخاء والذال وما يثلثهما • (خذذ). "خَذّ الجُرْحُ خذيذا: سال منه الصديد ". Qخروج الغليظ أو سيلانه من جوف الشيء كالصديد من الجرح (¬1). • (أخذ): {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [الإنسان: 29] "الأَخِذُ من الإبل -ككتف: الذي أَخَذ فيه السِمَن. وأَخِذَ الفصيل (تعب): ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الخاء تعبر عن تخلخل باطن الجرم، والذال تعبر عن نفاذ شيء فيه ثخانة ورطوبة، وبهما عبر فصل (حذذ) عن نحو سيلان الصديد وهو، ثخين غض من (داخل) الجرح. وفي (أخذ) عبرت ضغطة الهمزة مع الفصل عن إنفاذ ذلك الثخين من مقرّه إلى "مقرّ آخر، كأخد الشيء إلى النفس، وكالآخِذ من الإبل: السمين وكالبَشِم منها. وفي (خَذَل) عبرت اللام عن استقلال وعبر التركيب عن انقطاع ذلك النافذ بعيدًا عما انقطع منه كالجَذُول من الخيل.

أكثرَ من اللبن حتى فَسَد بطنه وبَشِم واتَّخَم. والأُخُذ -كعُنق: الرَّمَد. وقد أَخِذَت عينه (تعب). والإَِخْذ - بالكسر والفتح، والاِخذة -بالكسر: ما حفرته لنفسك كهيئة الحوض تمسك الماء/ صَنَعُ الماء يجتمع فيه ". Qحَوْزُ الشيء في الأثناء ضمًّا أو قبضا على غِلَظ ماديّ أو معنوى كبدء السمن في البعير -وغلظه هنا هو حِدّة الشحم أو عُسْر البدء، وكاللَّبَن الزائد عن الحاجة في الفصيل، وحُبُوب الرَمَد في العين وغلظها كونها على سبيل المرض، وكالماء الكثير في مصنعة الماء. ومنه التأخيذ: حَبْس السَوَاحر الأزواج عن النساء (حبسهم في حوزة الزوجة التي تُؤَخذُهم. وهو غلظ معنوي لما فيه من قهر). ومنه "الأَخْذُ خلافُ العطاء " (تحصيل الشيء في الحوزة بقوة): {وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ} [الأعراف: 150]، {قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ} [يوسف: 80] (المواثق كالقيد وهو سبيل ضمان شيء أي حوزه بقوة). {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ} [الحجر: 73]، {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} [العنكبوت: 37]، {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ} [النساء: 153] (كل ذلك أحاطت بهم في جوفها وبلعتهم وأتت عليهم. من غلظ الحوز في الأصل). وكذا "أَخَذَه بذَنْبه وآخذَه: عاقبه ". أصلها: ضبطه أو تمكن منه فعاقبه {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] {فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 11] (وتلاحَظ الغلظة في كل ذلك حتى في الأخذ خلاف العطاء لأن تقبل الشيء عطاءَ أَرْفَق). ومن ذلك التحصيل في الجوف "اتّخَذَ فلان مالًا وتَخِذه: كَسَبه. {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ} [البقرة: 116] {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ

(خذل)

الْجِبَالِ بُيُوتًا} [النحل: 68] (اجعلي من الفجوات التي تناسبك فيها بيوتًا). تلخيص لمعاني ما جاء في التركيب في القرآن: قلنا إنه يعبر عن حوز في الأثناء بغلظ أي قبض بقوة. وقد جاء أكثر (أخذ) بمعنى القبض الحقيقي أو المجازي (55 مرة)، وجاء نحو 78 مرة الأخذ فيها بمعنى إنزال عقوبة إهلاك، وهذا قبض لأنه جَوْح واجتلاف، ومنها 18 مرة في أخذ الميثاق وهو تقييد من باب القبض، وجاءت صيغة المؤاخذة للمحاسبة والمعاقبة تسع مرات وهي نيل بالعقوبة من باب القبض، وأخيرًا جاء على صيغة افتعل (اتخذ) وما تصرف منها نيفا ومئة مرة. وأصل معناها أخذ لنفسه فهي قبض أيضًا. • (خذل): {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا} [الإسراء: 22] "الخَذُول من الخَيل: التي إذا ضربها المخاض لم تَبْرح من مكانها. ورجل خَذُول: تَخْذُله رِجْلُه من ضَعْف أو عَاهة أو سُكْر. وتخاذَلَت رِجْلا الشيخ: ضَعُفَتا. خَذَلَت الظَبْيَة ونحوُها (نصر) وخِذْلانا -بالكسر: تَخَلّفت عن القطيع وأقامَتْ على وَلَدِها وكذا أَخْذَلَت. وأَخْذَ لهَا ولدُها ". Qالتخلف أو التوقف عن الصحبة المعتادة (لغياب القوة أو الإرادة): كتلك الفرس يمسكها المخاض. وكرِجْل الشيخ تكاد تَعْلَق بالأرض، وكالظبية تعلق بولدها. ومنه: "خَذَل اللهُ العبد: لم يَعْصِمْه من الشُّبَه والعياذ بالله ". وأصله أنه تركه فلم يُصْحبه توفيقَه. "وخَذَله: ترك نُصْرته وعونه "أصلها تركه في الشدة ولم يقف معه. {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران: 160]، {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان:

£° معنى الفصل المعجمي (خذ)

29] ومن صور هذا ما في [الأنفال: 48] {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا} [الإسراء: 22] لا ناصر لك ولا وليا [قر 10/ 236]. ° معنى الفصل المعجمي (خذ): النفاذ بقوة من الحوزة أو إليها بغلظ -كما في سيلان الصديد من الجُرْح -في (خذذ)، وكما في حوز الشيء بما يشبه النزع من المقر أو بالتناول بغلظ أو قوة كما في الأخذِ بالرأس والأخذِ خلاف العطاء -في (أخذ)، وكما في التخلف عن الصحبة على غير المعهود. أو المرجو كخذل الظبية عن القطيع وخذلان الصديق ونحوه -في (خذل). الخاء والراء وما يثلثهما • (خرر - خرخر) {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58] "خرّ الماءُ يَخِرّ: اشتد جَريُه. والخُرّ -بالضم: الموضع من الرَحَى الذي تُلقِى فيه الحنطة بيدك، وأَصْلُ الأذن (وفي المقاييس: ثُقْبها). الخريرُ: المكان المطمئن بين الربوتين ينقاد (أي يمتد مسافة طويلة). خرّ الحَجَر يَخُِرّ خُرورًا: تَدَهْدَى من الجبل ". Qهُوِى الشيء بقوة وتدارك لتسيُّبه أو تسيب أثنائه (¬1). ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الخاء عن تخلخل الجوف والراء عن الاسترسال والفصل منهما يعبر عن سقوط الشئ مسترسلًا لتسيبه أو تسيب أثنائه كخرير الماء وخرور الحجر. وفي (خور) تعبر الواو عن الاشتمال ويعبر التركيب عن الاشتمال على تخلخل كالخَوْر مصب الماء في البحر وكالناقة الخَوّارة والأرض الخوّارة. وفي (خير) عبرت الياء عن الاتصال وعبر =

كالماء المشتد الجرْى (لانحداره عادة) وكالحنطة التي تُلْقَى في لَهْوة الرحى (أي فتحتها) وكالأصوات في خُرّ الأذن -مع التدارك أي الاسترسال في جريان الماء والتكرار في القاء الحنطة ومرور الأصوات، والخرير الموصوف مطمئن أي منخفض هابط عما حوله، وتداركه هو امتداده المنصوص عليه، واجتزئ فيه عن قيد التسيب. ومنه "خر البناء: سقط، {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 26]، {فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ} [الحج: 31]، {وَخَرَّ رَاكِعًا} [ص: 24]، {خَرُّواْ ¬

_ = التركيب عن الرخاوة المتمثلة في الخير، وفي (أخر) تضيف ضغطة الهمزة ما يجعل التركيب يعبر عن تخلف الشيء عن مثله كأنما دُفع فتسيب إلى الخلف، وفي (خرب) تعبر الباء عن تلاصق، والتركيب معها يعبر عن التئام الجِرْم (أي التصاقه وتجمعه) على فراغ (من جنس التخلخل) كخُرْبة الأذن والإبرة. وفي (خرج) تعبر الجيم عن تجمع ما، والتركيب معها يعبر عن تجمع ذلك الخارج جرمًا كالخرَاج. وفي (خرد) تعبر الدال عن احتباس بامتداد، ويعبر التركيب عن بقاء الشيء على فطرته أي احتباسه عليها كاللؤلؤة التي لم تثقب، وفي (خردل) عبرت اللام عن استقلال وعبر تركيب (خردل) عن قطع صغيرة متفرقة (أي مستقلة كلّ وحدها). وفي (خرص) يعبر التركيب مع الصاد عن استغلاظ الخارج أي تجمعه لكن مع تحدد أو استواء كقضيب الشجرة والخريص شبه الحوض. وفي (خرط) تعبر الطاء عن استغلاظ الخارج من تماسكه ويعبر التركيب عن نزع الشيء جذبًا وضما وسلتا، وفي (خرطم) تعبر الميم عن الاستواء ويعبر التركيب عن استواء ذلك المسحوب كما في الخرطوم. وفي (خرق) تعبر القاف عن أن ذاك الذي خرج هو الغليظ الذي هو عمق الشيء وحشو وسطه كالحَزق الفرجة في الحائط، وهي تحدث بذهاب ما كان يسدّ مكانها.

(خور- خير)

سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58]، {وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} [مريم: 90]، {فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ} [سبأ: 14]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى السقوط البحت أو السقوط لحال كالسقوط صعقًا أو للركوع أو السجود. وقوله تعالى: {لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} [الفرقان: 73] النفي متوجه للقيد أي لم يكونوا صما ولا عميانا بل يقبلون على استماعها بقلوب واعية [ينظر بحر 6/ 473]. واستعمل التركيب في الجريان بتدارك اجتزاءً أي دون قيد السقوط "الخَرَّارة عين الماء الجارية، خَرّ الناس من البادية: أتوا مسترسلين. وخرّوا: مرّوا. والخرارة: المارة ". ومن ذلك "خَرّ الرجل يخُرُّ -بضم العين (على صيغة فعُل المعبرة عن الصيرورة): تنعم، والخُرْخور -بالضم: الرجل الناعم في طعامه وشرابه ولباسه وفِراشه (رخاوة وليونة أخذًا من تسيب أثناء الشيء، ويتأتى هذا من الهوِى والانخفاض أيضًا كما أنهم يعبرون عن الرخاء بالخفض. وقد استعمل التركيب في المطمئن من الأرض "كما سبق. وأما "الخرخرة غطيط النائم والمختنق. وقد خر في نومه "فهي محاكاة صوتية). • (خور- خير): {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} [طه: 13] "الخَوْر -بالفتح: مَصَبُّ الماءِ في البَحْر، ناقة خَوَّارة: سَبِطَة اللَحْم هَشّة العَظْم، وغَزيرة اللبن. وجَمَلُ خَوَّار: رقيق. وأرض خَوَّارة: لينة سَهْلة. ونخلة خوارة: غزيرة الحَمْل، وزَنْدٌ خَوَّار: قَدَّاح. ورُمْحٌ خوار: ضَعيف. وخارَ الحرُّ،

والبردُ، والرجُلُ: ضَعُف وانْكَسَر وفَتَر ". Qتخلخل أثناء الشيء أو رخاوتها بحيث يُنْفَذ منها (أو فيها) بغزارة. كالخَوْر وهو شَقٌّ (تخلخل) في الأرض مُفْضٍ إلى البحر، وكالناقة، والأرض، والنخل، والزند بأوصافها، وقد اجتزئ في الجمل، والرمح، والحر، والبرد بتخلخل الأثناء أي دون قيد خروج شيء منها. ومن ذلك "استخار الرجلَ: استعطفه " (رجا أن يلين قلبه وباطنه ويسهل، واللين السهل الباطن ينعطف وينثني): "أَخَرْنا المطايا إلى موضع كذا: صرفناها وعطفناها ". أما "الخُوار من أصوات البقر والغنم والظباء "فهي تنبئ عن فراغ كبير أو تخلخل في البناء تمر فيه الريح. خار الثور والبقرة {عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ} [الأعراف: 148]. وقولهم خار السهم هو تشبيه بخوار البقر والثور في إحداث الصوت. و"الخَيْر ضدُّ الشرّ " (نفع مستحسن يجيزه الشرع) هو من الرخاوة والطراءة كما أن الشر من الجفاف والحِدّة وتأمل قول عمر بن الأهتم [في المفضليات 7/ 123]. وأن المجد أولُه وُعُورٌ ... ومصدر غِبّه كَرَم وخِيرُ -بالكسر، فإنه بالمقابلة يفسر بالسهولة والرخاوة. ويجمع الخير على خيرات {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148] وكذا كل {الْخَيْرَاتِ} عدا ما في [الرحمن 70] "الخِير -بالكسر: الكَرَم. وامرأة خَيْرة -بالفتح في جمالها ومِيسَمِها، حَسَنةُ الوجه (رقة وقبول)، الكريمة النسب (خارجة من قوم كرام) الحَسَنة الخُلُق (سهولة)

الكثيرةُ المال (رخاوة وغزارة) التي إذا وَلَدت أنجبت " (جاءت بما يُرضِي ويسعد. ووصف الرضا يرجع إلى الرخاوة أيضًا)، {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} [الرحمن: 70]. و "رجل خَيْر وخَيّر: كثير الخير " [متن] وجمعه أخيار {لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ} [ص 47، وكذا ما في 48 منها]. ويطلق الخَيْر على المال لأنه ليونة في الحياة وطراءة وسهولة {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: 180] ومثله ما في 215، 272، 273 منها، والعاديات 8، وغالبا ما في التغابن 16، والقصص 24، وص 32، لكن في الأخيرين لجنس منه. ومن الخير ضد الشر: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] (رفق). وسائر ما في القرآن من لفظ (خير) هو إما من الخير الذي هو ضد الشر، وأما بمعنى أفضل (أي أخير) كالذي في. [البقرة: 61، 103، 106] وبخاصة إذا جاء بعدها (مِن) أو اللام، أو تمييز مثلا {وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 216]، {خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا} [الكهف: 44]، أو كان السياق مفاضلة: {خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: 54]، والسياق والتأمُّل يهديان. و"خاره على صاحبه: فَضّله (استحسنه واستطابه عدّه الأخير) وخار الشيء وَاختاره: انتقاه {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا} [الأعراف: 155] وكذا ما في [طه: 13، الدخان: 32] وتخيّره: اختارَه {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ} [الواقعة: 20]، {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 68] (هو الذي يقضي بما يكون من الإمكانات المتوقعة أو غيرها). و (الخيرة) -كعنبة: الاسم من (اختاره وتخيره) بمعنى: انتقاه واصطفاه: {مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [القصص

(أخر)

68] وكذا ما في [الأحزاب 36]. وزعموا أن الخيار (ضرب من القثاء) ليس بعربي. وهذا العرض والأصل بقطع يعربيته. ويميزه عن القثاء امّلاس ظاهره بالمقارنة مع تشنج جلد القثاء وتغضنه، وفيهما معًا رخاوة باطن. • (أخر): {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201] "آخِرة الرحْل ومُؤَخَّرته -كمُعَظَّمَة ومُؤْمِنة، وآخِرُه: خلافُ قادمته وهي الخَشَبَة التي يَسْتَنِد إليها الراكب. وآخِرا الناقة: خِلْفاها (حلمتا ضرعها) اللذان يليان الفخذين. جاء في آخِر الناس، وأُخْرة الناس -بالضم، وأُخْرَى الناس- بالضم أيضًا. مُؤْخِر العين -كمؤمن: الذي يلي الصدغ. ضرب مقدَّم رأسه ومؤخَّره. مُؤخَّر كل شيء -بالتشديد: خلافُ مُقَدَّمه. نخلةٌ مِئخار: يَبْقى حَمْلُها إلى آخِر الصِرام. بعتُه سِلْعَة بأَخِرة -كنَظِرة وزنًا ومعنى ". Qتخلف الشيء (في المكان أو الزمان) عن مقارنه: كخشبة الرحل الناتئة في مُؤَخَّرته، وكخِلْفَى الناقة ومُؤخِر العين ومُؤَخَّر الرأس والنخلة المئحار. ومنه "شَقَّ ثوبه اُخُرًا -بضمتين: أي من خَلْف. والآخِر خلاف الأول والأنثى آخرة ". {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة: 4] صفة غالبة للدار أو الحياة التي بعد دار الدنيا. وهي في كل القرآن بهذا المعنى (عدا ما في [ص: 7] {الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ} و {وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} هو زمنها. وهو كذلك في كل القرآن عدا [يونس: 10] {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ} و [الحديد: 3] {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} سبحانه وتعالى. و "الآخَر -كهاجر: أحد الشيئين وهو اسم على أفعل، وهو

(خرب)

بمعنى (غير) كقولك: رجل آخَر، وثوب آخَر، إلا أن فيه معنى الصفة، فأصله أفعل من التأخر: {وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ} [المائدة: 27]، والأنثى أُخْرى: {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 20]. وكل ما في القرآن من (آخَر) ومثناه وجمعه و (أُخرى) وجمعها (أُخَر) فهو من هذا المعنى. {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} [آل عمران: 153] أي في آخركم [قر 4/ 240] (أي في من بقى بعد ما فرّ أكثرهم). و "أخّرته فتأَخّر واسْتَأخر " {يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} [القيامة: 13]. أميل إلى أنه كناية عن كل قول وعمل وتصرف للإنسان لأنه ينبأ بكلٍّ ويُسْأَل عنه. {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} [المدثر: 37] أي نذيرًا لمن شاء منكم أن يتقدم إلى الخير والطاعة أو يتأخر إلى الشر والمعصية. نظيره {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ} أي في الخير {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ} [الحجر: 24] أي عنه [قر 19/ 86]. ومن مجازه "الأخِر -ككتِف: المؤَخَّر المطروح ". • (خرب): {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} [البقرة: 114] "خُرْبة الأُذُن والإِبْرة -بالضم: ثُقْبها، وكذلك خُرَّابة الإبرة -كتفاحة وخُرْبُ الأذن. والخُرْبة كذلك: عُرْوة المزادة. وكلُّ ثُقْبٍ مُسْتديرٍ خُرْبة. والخُرْبُ: ثُقْب رأس الورك " (فجوة عظيمة يدور فيها رأس عظم الفخذ). Qخلاءٌ أو فراغُ في وَسَط الجرم الملتئم: كثُقْب الأُذن وفراغ العُرْوة مع تماسك حَلْقَتها، وكالفجوة العظمية موضع رأس الورِك. ومنه "خَرَبَ الشيءَ (نصر): ثَقَبه أو شَقَّه. ومنه الخُرْب -بالضم: مُنقَطَع الجمهور من

(خرج)

الرمل. وككَتِف: حَدّ من الجبل خارج (تحته فراغ). واللَجَف من الأرض (تجوف مغطًّى). ومنه "الخارب: اللص. وخَرَب إبِلَ فلان خِرَابةَ: سرقها (مثل كَتَب كِتابة -أخلى وأفرغ حوزة المسروق) والخَرَابُ: ضدُّ العُمْران. خَرِبَ الشيء (فرح)، وأخربه وخرّبه، ض {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ} [الحشر: 2] {وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} يصدق أؤلا بمحاولة إفراغها من المصلين والذاكرين. ثم بالتخريب المادّى. ومنه (النخاريب: الثُقَب المهيَّأة من الشمع يَمُجُّ النحلُ العسلَ فيها. ونخرب الشجرة: ثَقَبَها ". • (خرج): {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 149] "الخُرَاج -كغُراب: وَرَم يخرج بالبَدَن من ذاته/ وَرَمُ قَرْح يخرج بالدابة أو غيرها. والخَرْجُ -بالفتح وكفلوس: أَوّلُ ما ينشأ من السحاب. (والخُرْج من الأوعية معروف) ". Qنفاذ من الحيّز أو الأثناء بتجمع: كالوَرَم من الجسم والسحاب من جَوْف الأفق. والُخرْجُ يُنْفَذ إلى فراغه أي يُعْبأ فيه ما أُخِرجَ ليُحْمَل أو يُنقَل أي هو مُخْرَجٌ إليه أو فيه. ومن ذلك الخروج بمعناه المشهور {خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} [البقرة: 243]، {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ} [البقرة: 74] واختَرَجَ تَمرَات من قِرْبَةٍ: أخْرَجَها {فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ} [البقرة: 22]. {ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} [ق: 42] أي من القُبُور. {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} [الكهف: 5]، {وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} [النازعات: 29] أبرز نهارها وضوءها وشمسها [قر 19/ 204] أي بعد أن كان ظلامُ الليل يشمل

الأرض فأنفذ منه الضوء والخَرُوج من الإِبل: المِعْناق المتقدِّمة (تنفذ من بين مجموعة الإِبل). والخَرج -بالفتح وكسحاب: الإتاوة تُؤْخذ (تُخْرج) من أموال الناس {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا} [الكهف: 94] {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} [المؤمنون: 72] واستُخرجَتْ الأرض: أصْلِحتْ بالزراعة أو الغراسة " (لتُخرِج الحب والثمر). وسائر ما في القرآن من مفردات التركيب فهو من معنى نفاذ الشيء من أثناء كانت تحوطه. {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأعراف: 32] أي أبرزها وأظهرها [بحر 4/ 293] (أي من موادّ خلقها سبحانه مباشرة أو مكّن عباده من صنعها منها كالثياب وسائر ما يُتَزَيَّنُ به) {وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} [آل عمران: 27] حقيقة كالجنين من النطفة، والنطفة من الرجل، أو استعارة كالمؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن [ينظر قر 4/ 56] {وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} [الأنعام: 93] أي أخرجوها كَرها، أو خلصوها من العذاب إن أمكنكم [قر 7/ 42] (والتفسير الثاني بعيد) {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] ومعنى أُخرجت أظهرت وأبرزت، ومخُرجها هو الله تعالى [بحر 3/ 31] {أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ} [محمد: 29]. أن لن يُظهِر الله عداوتهم وحقدهم لأهل الإسلام [قر 16/ 252] ومثلها ما في [محمد: 37] {إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ} [التوبة: 64] أي مظهر ما مجذرون ظهوره [قر 8/ 196] {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] ينجيه

(خرد)

من كل كرب في الدنيا والأخرة [قر 18/ 159]. ومن ذلك "الخَرَج -محركة: لونان من بياض وسواد. الخرجاء من الشاء: التي ابيضت رجلاها مع الخاصرتين، وفرس أخرج: أبيض البطن والجنبين إلى منتهى الظهر ولم يصعد إليه، ولونُ سائرِه ما كان "فهذا بياض يخالف السواد أو غيره يتصل به من الخلف كالنافذ منه، ونصوع البياض يُقَوِّي تصور ذلك، وبذا يزداد وضوح وجه {وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} [النازعات: 29]. ومن معنوى ذلك: "الاستخراج: كالاستنباط ". • (خرد): "الخريدة: اللؤلؤة قبل ثقبها/ التي لم تثقب. الخرد -بالتحريك: طول السكوت. أَخْرَدَ: أطال السكوت. الخارد: الساكت من حياء لا ذل، والخرِد: الساكت من ذل لا حياء ". Qبقاء الشيء على فطرته أو أصله دون استعمال أو امتهان: كاللؤلؤة التي لم تثقب، وكالساكت سكوتًا طويلًا كأنه لا يتكلم أبدًا أي لا يتعامل مع الناس، لأن أصل تعامل الإنسان مع الناس إنما هو بالكلام. ومن ذلك "الخريدة من النساء: البكر التي لم تمسس قط/ الحيية الطويلة السكوت الخافضة الصوت الخفرة المتسترة، قد جاوزت الإعصار ولم تَعْنَِسْ "وصوت خريد: ليّن عليه أثر الحياء ". • (خردل): {وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا} [الأنبياء: 47] "خردل فلان اللحم: قطّع أجزاءه صغارًا وفرّقه. وخَرْدَلت النخلة فهي

(خرص)

مُخَرْدِل ومُخرْدِلة -بكسر الدال: كَثُرَ نَفَضُها وعَظُم ما بقى من بسرها ". (النَفَض: ما يسقط قبل الجنْى). Qتفرق مع دقة جِرْم: كقطع اللحم الصغار، وكنَفَض النخلة الذي يَسْقُط فانقطاعه تفرق، وهو يكون صغيرًا ولا بد، لعدم اكتمال نموّه. ومنه الخرْدل المعروف لتفرقه حبوبًا مع علوقه طعم الحرافة {مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ} [الأنبياء: 47، لقمان: 16]. • (خرص): {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات: 10] "الخُرْص -مُثَلَّثة: كل قَضيب من شجرة/ كل قضيب رطب أو يابس كالخُوط. والخُرْص -بالضم: الجريدة، وسنانُ الرمح. والمَخَارِص: مشاور العسل. والخَرِيص: شِبْه حَوْض واسع يَنبُثِق فيه الماء من النهر ثم يعود إليه والخَرِيص ممتلئ (أي امتلأ تجوفه فالعائد إلى النهر ما زاد عن ملء الخريص). وخَرِيصُ البحر: خليج منه ". Qخلوص الشيء من آخَر مجتمعا في استواء أو تحدُّد: كالقضيب فهو ملتف الجِرم ممتد من الشجرة في استدقاق، وكالسنان يمتد من الرمح بتضام حتى يدِقّ. وكالخريص يجمع الماء بقدر محدود، وكجَنْى العسل قدْرَا فقدرًا. ومنه "الخُرص -بالضم والكسر: القُرْط بحبة واحدة (تبدو خارجة من الإذن متجمعة دقيقة، والدرعُ (يضم الجسم وهو منفصل يُخْلع). ومن ذلك الأصل: "خَرْصُ العَدَد: حَزْرُه " (استخلاص مقدار تجمعه تقديرًا من النظر إليه) كخرص النخل والكرم. وكذلك: "الخَرْص والتخرُّص:

(خرط)

الكذب " (وحقيقته كلام ينسجه مؤلفه تخمينًا من عند نفسه يقدّره ويسويه بلا أساس صحيح) {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ}، {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} [الأنعام: 148] [وكذلك ما في 116 منها، ويونس: 66، الزخرف: 20]. • (خرط): "الخَرْط: قَشْرُك الورق عن الشجر اجتذابًا بكفك. خرطت الوَرَق: حَتَتُّه، وهو أن تقبض على أعلى (العود) ثم تُمِرّ يدك عليه إلى أسفله. خرطت العنقود: إذا اجتذبت حبه بجميع أصابعك ". الخَروُط: الدابة الجموح الذي يجتذب رَسَنَه من يَدِ ممسكه، ثم يمضي عائرًا خارطًا ". Qانتزاع العالق الممتسك بممتدٍّ ضمًّا وجذْبًا وسَلْتا بقوة. كما وُصِف في خرط الورق والعنقود. والدابة الموصوفة تنزع رَسَنَها وتمضي قُدُما (امتداد) حسب ما تريد. ومنه: "اخترط السيف: سلّه من غمده. والإخْريطُ: من أَطْيب الحَمْضْ سُمي إخريطا لأنه يُخَرّط الإبل أي يرقق سلحها -كما قالوا لبقلة أخرى تُسْلح المواشي إذا رعتها: إسليح ". وذلك الجذب الشديد بضم وقوة يوازيه الاندفاع بقوة، مع الامتداد في كليهما؛ لأن كليهما يقع بضغط قوي: الجذب ضغطُ قَلْعٍ، والاندفاع ضغطُ تقدمٍ. "انخرط الصقر: انقض. خرَط البازيّ: أرسله من سيره (الذي يقيده). خرط الدلو في البئر: ألقاها وحدرها، الخارط والمنخرط في السير: السريع. استخرط في البكاء: لجّ فيه، واشتد. الخَرُوط: الذي يتهور في الأمور ويركب رأسه في كل ما يريد بالجهل وقلة المعرفة بالأمور. انخرط علينا فلان: إذا اندرأ عليهم بالقول السيئ ". أما "الخَرّط -بالتحريك -في اللبن: أن تصيب الضرْعَ عينٌ أو داء أو تربُضَ الشاة أو تبرُك

(خرطم)

الناقة على نَدًى فيخرج اللبن متعقدًا كقطع الأوتار ويخرج معه ماء أصفر، أو أن يخرج مع اللبن شُعلة قيح "فذلك من أن غلظ اللبن الموصوف يجعل رائيه يتصور أنه لا ينزل من السَمِّ الدقيق المستطيل لحلمة الضرع إلا بضغط شديد. وقد تبين أن الامتداد أصيل في المعنى المحوري كما في خَرْط ورق الغصن وحب العنقود واختراط السيف، وكلٌّ يبرُزُ امتداده أكثر بعد الخرط والاختراط. ومن مراعاة هذا الامتداد قالوا: "خرط الحديد: طؤله كالعمود "، "والمخروطة من اللحى التي خفّ عارضاها وسَبط عُثْنونها وطال. ورجل مخروط الوجه واللحية إذا كان فيهما طول من غير عرض. واخروّط بهم الطريق والسفر امتد. واخروطت الشَّرَكة في رِجل الصيد: عَلِقَتْها فاعْتَقَلَتها. واخْرِوَّاطُها: امتداد أنشوطتها. وأما "الخريطة: هنة كالكيس تكون من الخِرَق والأَدَمْ تُشْرج على ما فيها ومنه خرائط كتب السلطان وعماله، وأخرطها: أشرج فاها "فهي لجمع ما يخرط أي هي مخروط فيها. • (خرطم): {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} [القلم: 16] "الخرطوم: الأنْفُ، وخُرْ طُوم الفيل معروف ". Qامتداد الشيء من مقدم شيء متضامًّا أو مستوِى الظاهر: كخرطوم الفيل والأنف {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} [القلم: 16]. إذلالًا وإهانة يوم بدر، أو في الدنيا والآخرة [ينظر بحر 8/ 305]. • (خرق): {وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 100]

£° معنى الفصل المعجمي (خر)

"الخَرق -بالفتح: الفُرجة أو الشَقُّ في الحائط أو الثوب ونحوه. والخِرقة من الثوب -بالكسر: المِزقة منه ". Qنفاذ في العمق أو منه بغِلَظٍ وقوَّة: كذهاب الكتلة التي كانت تسد فرجة الحائط والثوب {حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا} [الكهف: 71]، {إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ} [الإسراء: 37] ومنه "اخترقَ دارَ فلان: جعلها طريقًا ". ومنه "الخَرِيق: الريح الشديدة الهبوب تخترق ما بين الجبال: (خريق بين أعلام طِوَال). و"الخَرْق -بالفتح: الفلاة الواسعة (فارغة). وبالكسر: الكريمُ من الرجال السَخِي (سَمْح يُخْرج مما في حوزته لا متشددٌ كزّ) كالمِخراق. وبالضم: الجهلُ والحُمقُ (فراغ من العقل). وخَرِق الظبيُ والإنسانُ (تعب): دَهِشَ فلَصِق بالأرض (ذهبت قوته الداخلية فانهار) وقد أخْرَقه الفَزَع أو الحيَاء. والمِخْراق من الرجال: الطويلُ الحسَنُ الجِسم (ينفذ في الجو)، والذي لا يقع في أمر إلا خرج منه (ينفذ/ يسلك)، وتلك الخِرَق المفتولة التي يضرب بها، (من خِرَق، أو لأن المقصود بها أن يلوح بها في الجو). ومن الأصل "الخِرْقَة -بالكسر: القطعة من الجراد " (قطعة منفصلة من تجمع الجراد). ومنه "خَرَقَ الكذب وتَخَرّقه وخَرّقه: اختَلَقَه " (أخرج من جوفه الفارغ -لا من الواقع- كلامًا غليظًا ألّفه) {وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 100]. ° معنى الفصل المعجمي (خر): تخلخل الأثناء وتيبها وهو مستوي من النقص -كما يتمثل ذلك في خرور البناء وخر الماء -في (خرر)، وفي الخَوْر الشق في

الخاء والزاي وما يثلثهما

الأرض المتصل بالبحر -في (خور)، ومنه الرخاوة -في (خير)، وفي تخلف الشيء عن مثله أو نظيره -في (أخر)، وفي فراغ جوف الشيء المجتمع الظاهر كخُربة الأذن وخراب المكان بعد سرقة ما فيه أو تلفه -في (خرب)، وكما يتمثل في نفاذ ما في داخل الشيء منه (فيخلو باطن الشيء منه) -في (خرج) وفي بقاء الشيء والإنسان على فطرته لم يَعمل أو يُعمَل به عمل مثله- وهذا يُعَد نقصًا لأن الكمال يكون بممارسة ما خُلق له -في (خرد)، وفي تقطيع أجزاء الشيء مستقلة بعضها عن بعض -في (خردل)، وفي الخريص الحوض أو الخليج -في (خرص)، وفي نزع الورق من الغصن والحبّ من العنقود -في (خرط)، وفي خروج الخرطوم عظيمًا من الرأس في (خرطم)، وفي الفرجة في الجدار أي الخرق فيه -في (خرق). الخاء والزاي وما يثلثهما • (خزز): "الخَزيزُ: الشوك الجاف. خَزَّه بسَهْم واختزه: إذا انتظمه وطعنه ". Qنفاذُ حادّ مؤلم بدن الحيّ (¬1): كذلك الشوكِ عندما ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الحاء تعبر عن تخلخل في باطن الجرم والزاي تعبر عن اكتناز وزَحْم (يتمثل هنا في دقة جرم الشيء حتى يصير حادًّا) والفصل منهما يعبر عن نفاذ حادّ في بدن الحي كما يفعل الخزيز. وفي (خزو خزى) تزيد الواو معنى الاشتمال، ويعبر التركيب عن بلوغ الحاد أثناء الحي أي اشتمالها عليه فتنكسر حدّته هو ويذل ويطوع كما في خَزْو الفصيل. وفي (خزي) يعبر التركيب بصيغته عن المفعولية للمعنى المذكور فيعني فقد الحدّة. وفي (خزن) تضيف النون التعبير عن الامتداد أو السريان في جوف، فيعبر التركيب عن دَس الشئ في باطن شيء دسًّا قويًّا (أي ممتدًّا) كما في الاختزان.

(خزو - خزى)

يَشُوك، وكالطعن بالسهم. ومنه "تمر خازّ: فيه شيء من الحموضة (لاذع) ". • (خزو - خزى): {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87)} [الشعراء: 87] "خَزَوْتُ الفصيل: اَجْرَرتُ لسانه فشققته لئلا يرتضع. خزا الدابة: ساسها وراضها ". Qذُلّ الحيّ وطواعيته وانقياده لما يراد (لكسر حدّة استعصائه أو رغبته). مثل خَزْو الفصيل أي إحداث شَقّ طوليّ في لسانّه ليؤلمه إذا رضع فيتوقف عن الرضاع، وخَزْو الدابة يكون بركوبها مع إلجامها، ثم قهرها بالضرب ونحوه على ما يراد منها حتى تتعود الطاعة. ومنه "خَزَا نفْسَه: مَلَكها وكفها عن هواها ". ومن الأصل "خَزِى منه (كرضى)، وخَزِيَه: استحيا " (انقبض وانكسرت حدته وشموخه لقاهر: وُقُوع عذاب عليه يقهره، أو قبيح منه يعيّر به أو عجْز عن المواجهة. ويُلحظ أن الصيغة للمطاوعة بمعنى المفعولية)، {لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134)} [طه: 134]، {فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ}. وكل ما في القرآن من التركيب فهو من الخِزْي بالمعنى المذكور. • (خزن): {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [المنافقون: 7] "الخِزانة -كرِسالة: الموضع الذي يُخْزَن فيه الشيء- وخَزَنت الشيء (نصر): أحرزته وجعلته في خزانة ".

£° معنى الفصل المعجمين (خز)

Qدس الشيء في باطن شيء حَريز لمدّة طويلة. كالخزْن في الخزانة {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ} [يوسف: 55]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو من الخَزْن بالمعنى المذكور. ومنه "خَزِنَ اللحمُ (كتعب): تغَيَّرَ وأنتن ". (لتكوّن تلك الرائحة الحادة في أثنائه، أو سَرَيان الفساد في أثنائه بطول الاختزان). ° معنى الفصل المعجمين (خز): نفاذ الحاد أو النفاذ بحدة في أثناء الشيء -كما يتمثل في نفاذ الشوك والسهم في البدن -في (خزز)، وفي تغلغل الحاد في الأثناء باقيًا أو باقي الأثر كما في خَزْو الفصيل -في (خزو)، وكما في امتداد أثر الحدّة الواقعة انكسارًا -في (خزى)، وكما في وصول الشيء المختزن إلى باطن حريز -في (خزن). الخاء والسين وما يثلثهما • (خسس): "الخُسَاسة -كرُخامة: القليل من المال. [ق]. والخَسِيس: القليل التافه من الشيء قال البحتري: (ونلت خسيسًا منه ثم تركته) وقد خَسَّ نصيبَه (رد): جعله خسيسًا. وخسّ الحظُّ فهو خسيس، وأخسه: قلَّله ولم يوفِّرْه ". Qنقص جرم الشيء (لذهابٍ وانتقاصٍ منه بحدة) (¬1) ¬

_ (¬1) (صوتيًّا)؛ الخاء تعبر عن تخلخل الجرم، والسين لنفاذ دقيق ممتد يقوة، والفصل منهما يعبر عن قلة (بذهابٍ وانتقاصٍ منه كالقليل من الماء. وفي (خسأ) عبر الدفع الذي في الهمزة عن شدة النفاذ، وعبر التركيب عن إخلاء الحوزة أو الأشياء من الشيء الدقيق =

(خسأ)

كالقليل من المال ومن لحم الذئب الذي قتَله البُحتُريّ. ومنه (امرأة مستخِسّة (بكسر الخاء وفتحها)، وخَسّاء: قبيحةُ الوجه " (أري ذلك من نقص لحمه وبروز عظامه -كما في قبح، وكما أن الجمال سِمَن واكتساءٌ بالشحم) وفي حديث الفتاة " .. وأراد أن يرفعَ بي خَسيسته "أرادات: أن يُذهِبَ فقرَه بمالِ ابن أخيه الذي زوجها أبوها منه. وما أظنها كانت تصف أباها بالدَناءة كما فَسّروا قولتها. وكذلك "جاوزت الناقة خَسِيسَتها: إذا ألقت أسنانها دون الإثناء وذلك إذا بلغت السادسة "فالمعنى أنها جاوزت الصغر. والخس البقلة المعروفة من أحرار البقول لحظ فيه عدمُ الحدة أي عَدَم اللذع في طعمه. ومن نقص الجِرم دل على نقص القيمة في "الخسيس: الدنيء الحقير ". • (خسأ): {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166)} [الأعراف: 166] "خسأ الكلبَ: طرده/ زجره. الخاسئ من الكلاب والخنازير والشياطين: البعيد الذي لا يُتْرك أن يدنو من الإنسان ". Qإبعاد ما هو دقيق القدر عن الحوزة أو الأثناء -كما في طَرد الكلب والخنزير من الحوزة، وكمنعه من الدنو منها كذلك. ومن الصور المادية لهذا المعنى أيضًا "تخاسأ القوم بالحجارة: ترامَوا بها "فهذا الترامي دفع بقوة ¬

_ =القَدْر طردًا أو انتفاء كخَسء الكلب وخُسوء ضوء البصر. وفي (خير) عبرت الراء عن استرسال ذلك الذهاب والنقص، فعبر التركيب عن نقص باقتطاع يتمثل في نقص جرم المكيل والموزون، وفي (خسف) عبرت الفاء عن الابعاد بقوة، وعبر التركيب عن انقطاع قوام الشيء ومتنه -كخسف البئر وخسف الأرض تحت مَن عليها فيسوخ فيه.

(خسر)

للحجارة يراد به إبعاد المرمى لكن بإصابته. وفي قوله تعالى: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108)} [المؤمنون: 108] هو من ذلك الإبعاد عن الحوزة؛ لأن خروجهم من النار يُقرّب احتمال العفو والقرب، وتكفل الظرف "فيها "ببيان موقعهم بعد ذلك. وقوله تعالى: {فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: 65] ومثلها ما في [الأعراف: 166] أي مُبْعدين اه لكن في [ل]، "الخاسئ المبعد، ويكون الخاسئ بمعنى الصاغر القميء "هـ والمعنى الثاني لازم للأول فالمعنيان تتأتى إرادتهما معًا. ومن ذلك "خسأ بصرُه (منع) إذا سَدِرَ وكلّ وأعيا "فخلاصة هذا تعطل قوة البصر، وهي قوة دقيقة خفية أي انتفاؤها ولو مؤقتًا. وهذا الانتفاء من باب الإبعاد من أثناء الحوزة التي هي هنا جوهرة العين {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4)} [الملك: 4] "لم يَرُد با يهوَى (فكأنه فقد قوة الإبصار) أو خاشعًا صاغرًا " [قر 18/ 209] {اخْسَئُوا فِيهَا} [المؤمنون: 108] ابعَدوا في جهنم [قر 12/ 153]. وفي [ق] "الخسئ: الرديء من الصوف "فهذا من فقد تماسك الأثناء وهي قوة يتميز بها الصوف الجيد. • (خسر): {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178)} [الأعراف: 178]. "الخاسر: الذي يَنْقُص المكيال والميزان ... والخاسر: الذي ذهب مالُه وعقلُه أي خَسرهما. خَسَرتُ الميزان وأخْسَرته: نقصتُه. وكذا خَسَرتُ الشيء (ضرب):

(خسف)

نقصته وخَسِرَ التاجر (فرح): وُضِع في تجارته ". Qنقص الشيء بذهاب أجزاء منه فقدًا: كنقص المَكِيلات ولا تكون إلا مُتَسَيِّبَة كالحبوب -والموزونات وهي كذلك غالبًا، وكنقص مال التاجر. ومنه "خَسِر (تعب): هلك {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)} [العصر: 2]. قيل الإنسان الكافر وقيل كفار بأعيانهم، وقيل الإنسان عامة. وفُسِّر الخُسر بالهلكة، والغَبن، والعقوبة، وبالنقص المادي، والضعف [قر 20/ 180] والراجح الإنسان عامة، وخُسره غَبْنه بسوء تصرفه في نعم الله عليه. {قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (14)} [يوسف: 14] عَجَزة، ومستحقون للهلاك [ينظر بحر 5/ 287] (نقص قوة وقيمة). {وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119)} [النساء: 119] {فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ (78)} [غافر: 78]، فالخسران في هذا وذاك. وسائر ما في القرآن من التركيب هو بمعنى فَوْت ما كان يمكن أن يفوز به من ثواب ونعيم لو آمن بالله واتبع شرعه. • (خسف): {لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا} [القصص: 82] "الخَسِيف: البئر التي تُحفَرُ في الحجارة فلا ينقطعُ ماؤها/ نُقِبَ جبلها عن عَيلَم الماء فلا يُنزَح أبدًا. وقد خَسَفَ البئرَ: حفرَها في حجارة فنبعت بماء كثير، وخَسفُها -بالفتح: مخرَجُ مائها. وبات على الخَسف: أي جائعًا. والخَسف في الدوابّ: أن تُحْبَس على غير عَلَفٍ. والخاسِف: المهزولُ، والمتغير اللون، والناقِهُ. وخَسَفَ السقفُ وانخسفَ: انْخَرق. وخَسَفَ الشيءَ: خرقه، وعينَه: فقأها ". Qانخراق القاع أو الباطن الذي يقوم عليه أو به الشيء فيَخوِي -كنَقْب حَجَر قاع البئر بسعة (حتى يخرج الماءُ بغزارة)، وكالخَرق في السقف والشيء، وكالجوع

£° معنى الفصل المعجمين (خس)

والهزال تذهب بها صَلابة الجسم وقِوامه. ومنه "ناقة خَسِيف: غَزيرة سريعة القطع في الشتاء (فالغزارة هنا هي خروج اللبن من باطنها بكثافة وتسمى خَوارة) وخَسَف المكانُ: ذَهَب في الأرض. وخَسفَ الله به الأَرضَ: غَيَّبَه فيها " (كأنما خرقها تحته فغار فيها)، {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} [القصص: 81] {وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8)} [القيامة: 8]: ذهب ضَوْءُه " (الضوء يسطع من وسط جرمه، فإذا خسف كأنه انخرق). وسائر ما في القرآن من التركيب هو من خسف الأرض. ومن معنويه: "رَضِىَ بالخسف أي بالنّقِيصَة. وسِيمَ الخسف: النقصان والهوان " (ذهاب القيمة والقوام المعنوي). ° معنى الفصل المعجمين (خس): القلة والنقص -كما يتمثل في قلة الشيء- في (خسس)، وفي إخلاء الحوزة أو الأثناء من الشيء الدقيق القدر في (خسأ)، وفي الانتقاص من جرم الشيء كنقص المكيل والموزون -في (خسر)، وفي زوال قوام الشيء ومتنه فيخوي كخسف حجر البئر -في (خسف). الخاء والشين وما يثلثهما • (خشش خشخش): "الخَشَّاء -كسرَّاء: موضع النَحل والدَبر. وأرضٌ فيها طينٌ وحَصَي. والخِشاش -ككتاب: عُودٌ يُدخَل في أنف البعير. وخشه (رد): طَعَنه. وخش في الشيء وخشخش: دخل ". Qنفاذُ الدِقاق الحادٌة إلى حَيزٍ أو تجمعُها فيه (¬1). كوجود ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الخاء للتخلخل والشين للانتشار بكثافة (وجفاف)، والفصل منهما (يعبر =

(خشو- خشى)

النَحلَ والدَبر في موضعهما -وحِدتُهما اللَسع، وكالحصى (الصُلْب) في أثناء الطين، وكالعود في أثناء لحم الأنف -وهو حَساس، وكالطعن. والدخول وصول إلى أثناء حيز. ومنها "خَشاش الأرض: هَوَامُّها ودوابٌّها "لانتشارها وأذاها واستخفائها في أثناء الأرض أو دخولها جِحَرتها. و "الخشخشة: صوت السلاح والينبوت، وكل شيء يابس يحك بعضه بعضًا خَشخاش. والخَشْخاش: الجماعة عليهم سلاح ودروع ". • (خشو- خشى): {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] "الخَشو -بالفتح: الحَشفُ من التَمر. ونَبتٌ خَشيّ كغَنيّ: يابسٌ قال: (صوتُ أفاعٍ من خَشيِّ القُفّ)، وقال: {ذراريح رِطاب وخَشيّ} (ج ذَرُّوح كسَفّود: دُوَيبة أعظم من الذباب شيئًا ..) .. والخَشَا -كالفتى: ¬

_ = عن تجمع الدقاق الحادة كالخشاء. وفي (خشو) تعبر الواو عن الاشتمال ويعبر التركيب معها عن الاشتمال على جَفَاف ونوع من الجدّة في الأثناء كما في الحشف والنبت اليابس والقُفّ. وفي (خشى) يعبر التركيب بصيغته عن المفعولية هذا المعنى تتمثل في استشعار مهابة وتعظيم في قلب من يخشى. وفي (خشب) تعبر الباء عن التجمع والتلاصق مع رخاوة ما، ويعبر التركيب معها عن التجمع والتماسك على تلك الحدة والخشونة المتمثلة في صلابة الخشب، وكالأخشب من القُفّ أي الصُلْب من الأرض الغليظة. وفي (خشع) تعبر العين عن التحام برخاوة، ويعبر التركيب عن نوع من الرخاوة يتمثل في هبوط ما شأنه أن يكون شامخًا مع صلابته وجفافه كالخاشع من الأرض والأكمة اللاطئة بالأرض. وكأن الأرض الخاشعة والأكمة الخاشعة سُيبت أثناؤها فهبطت، وكخشوع الجِدار والسنام.

الزَرعُ الأسود من البَرْد (أي الذي جَفّ واسودّ من شدة البرد). Qجفافٌ ويُبْس في باطن الشيء وأثنائه لذهاب الرطوبة منه. كذهاب الرطوبة والبلال من النبات والتمر الجافين، وكالنبات أو القُف الخشِى والذراريح الخشِيّة. ومن ذلك -مع أثر صيغة المفعولية- تفسيرهم الخشية بالخوف. لكن الخوف فراغُ باطنٍ قريبٌ من الرُعْب والفَرَق. أما الخشية ففيها استشعار النفس حِدة تقع لا مَهرَبَ منها إذا اسْتُوجبَت، وفيها -مع ذلك- استيحاشٌ وجَفْوة وخُشُونة قد يعبر عنها التوتّر الحادّ، وإذا تفهم الخشية في {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25]، {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ} [الأحزاب: 39]. فالخشية فيها استشعار شيء مع الخوف أساسه تلك الخشونة والجفاف، ولذا قال الراغب: الخشية خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك عن عِلم بما يخشَى منه. ولذا خُصّ العلماءُ بها في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] اه وأفضل أن يكون المصاحب للخوف في تفسير الخشية هو التنبُّه وبابه، فهو توتر مناسب للخشونة والجفاف ومنه يتأتى معنى (العلم) والرجاء -كما في مثل قول الشاعر: ولقد خَشيتُ بأنّ من تَبعَ الهدَى ... دخل الجِنانَ مع النبي محُمد أي عَلِمْت. وفي قولة ابن العباس لابن عمر رضي الله عنهم: "حتى خَشيتُ أن يكون ذلك (الموت) أسَهلَ لك عند نزوله. قالوا أي رَجَوْت ". وهذا يعطي الأساس اللغوي العلمي للتفسير الذي رواه الطبري عن ابن عباس في قوله تعالى: {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا} [الكهف: 80] على أن ضمير

(خشب)

العظمة هو لرب العزة، و {فَخَشِينَا} بمعنى عَلِمنا [قر 11/ 34] بل وعلى أن الضمير للخَضِر فهذا التفسير أيضًا أنسب بلا شك؛ فما كان الخضرُ ليقتل نفسًا (من باب الاحتياط) أي تجنبًا لشر متوقع غير معلوم بدرجة تُسَوّغ القتل. ولكن في [بحر 6/ 146 - 147] كرر تفسير (خشينا) بـ (كرهنا)، وهو أقرب لمعنى التركيب من (علمنا)، مع أن كراهة الشيء تستلزم العلم به، فتفسير (خشينا) بـ (كرهنا) أحق، والخضر منفذ لمراد الله. هذا وما قدمناه يعطي أساسًا آخر طيبًا لتفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] فقد فسروها بالخوف. ولنا أن نقول: أليس للعلم بحكمة الله وقدرته، وبه عَزَّ وَجَلَّ ثمرة إلا الخوف؟ بلى، إن العلم به عَزَّ وَجَلَّ يُثْمر الالتفات إلى حكمته الباهرة في كل شيء. وهذا يثمر التعظيم الذي قال به الراغب، كما يتأتى منه العلم بقدر ما يوثق به في البيت وتفسير آية الكهف السابقة. وقد فسروا قراءة {يَخْشَى اللَّهَ} [فاطر: 28]-برفع لفظ الجلالة -بالتعظيم والإجلال [قر 14/ 344]. وإنما هو توقير يرجع إلى قبوله عَزَّ وَجَلَّ جهادهم. من باب الحديث الشريف "إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع "وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى الخوف المشوب بتنبه لأمر أو أمور. • (خشب): {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} [المنافقون: 4] "الخَشَبة: ما غَلُظ من العِيدان. والخَشِيب من الرجال والِجمال: الطويلُ الجافي العارِي العِظام مع شِدة وصلابة وغِلَظ. والخَثِيبُ: اليابِسُ، والغليظُ الخشِنُ من كل شيء. والأخشبُ من القُف: ما غلُظ وخشُن وتحجّر. وجبهة

خَشْباء: كريهة يابسة. ووقعنا في خَشباءَ شديدة وهي أرض فيها حجارة وحَصًى وطين ". Qغلظ الجرم وصلابته مع امتداد وخشونة. كالخشَب، والرَجُل ذي العظام، والسَقْف، والأرض الخشباء. {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} [المنافقون: 4]. ومن الغلظ والخشونة في الأصل استعمل في ما هو غليظُ الهيئة جافٍ غيرُ مُسَوى ومنه "خَشَبَ القوسَ (ضرب): عَمِلَها عَمَلَها الأَوَّل، والنبلَ: براها الَبرىَ الأَول ولم يَفْرُغ منها. والخشيب: السهمُ حين يُبرى البَرْىَ الأول. ويقول الرجل للنبال: أفَرَغْتَ من سَهمِي؟ فيقول قد خَشَبته أي قد بَرَيتُه البَرىَ الأول ولم أسَوِّه. فإذا فَرَغ قال قد خَلّقته أي سَويته من الصفاة الخلْقَاء وهي الملساء. وجَفْنَةٌ مَخْشُوبة هي التي لم يحكَم عملها " (كل هذا من مد جسم الشيء أي هيكله صلبَا غليظًا خشنًا). ثم تطورت دلالة عملية الخَشْب -بالفتح. قال الأصمعي: سَيْفُ خشيب وهو عند الناس الصقيل، وإنما أصله بُرِدَ قَبْل أن يُلَين " (يليّن: ينَعَّم وُيصْقَل -ومعنى كلامه أنه يقال له قَبْلَ الصَقْل خشيبٌ وبعد الصقل صَقِيلٌ. لكن نظرًا إلى كان البَرْيَةَ الأُولَى وهي الخشب تعنى أنه صُنِعَ جديدًا، فإنهم استعملوا الخشب بمعنى الجديد، والجديد يكون صقيلا ولابد. فهذا هو أساس ذلك التطور). ومن معنى الغِلَظ والجفاء قولهم "طَعام مَخْشوب: إذا كان حَبا فهو مفَلَّقٌ قَفَار (خَشِن)، وإن كان لحَما فَنِيءٌ لم ينضَجْ "اهـ.

(خشع)

• (خشع): {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد: 16] "الخُشعة -بالضم: أكمة لاطئة بالأرض. وجِدَارٌ خاشع: إذا تَدَاعي واستَوى مع الأرض. وخَشَع سَنَامُ البعير إذا أُنضِيَ فذهب شَحمُه وتطأطأ شَرَفُه. والخاشع من الأرض: الذي تثيره الرياح لسُهُولته ". Qهبوط ما شأنه الارتفاعُ والغِلَظ، لتسيب أثنائه. كالأكمة والجدار والسنام كلهن هابط عما ينبغي له لتسيب أثنائه. والذي تثيره الرياح تراب متسيب. {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً} [فصلت: 39] يابسة جَدْبة [قر 15/ 365] والدقيق أن يضاف أنها تَرِبَة جافة مطمئنة بالنسبة لارتفاعها بعد نزول الماء عليها {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [الحج: 5]، {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا} [الحشر: 21]: (هابطا ومتسيبا)، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2)} [الغاشية: 2]، منكسة ذليلة {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)} [المؤمنون: 2]: لا تطمح أبصارهم مُكبون لا يلتفتون. [أبو عبيدة 2/ 55] {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا} [طه: 108] (انخفضت) {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ} [القلم: 43]: (منكسرة، وكذا كل خشوع الأبصار). {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد: 16]: (تسكين/ تطمئن) وكذا ما في [البقرة: 45، آل عمران: 199، الإسراء: 109، الأنبياء: 90، الأحزاب: 35]، {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ} [الشورى: 45] (منكسرين). ° معنى الفصل المعجمي (خش): تجمع الدقاق الخشنة أو الحادة في أثناء

الخاء والصاد وما يثلثهما

الشيء -كما يتمثل في الخَشاء موضع النخل والدَبر -في (خشش)، وفي قَشَفِ التمر والنبت الخشِى اليابس -في (خشو) (الجفات واليبس من الخشونة والحدة)، وفي استشعار ذلك في (خشِى)، وفي تجمع جرم الخشب مع صلابته وخشونته -في (خشب)، وفي الأكمة والجدار اللذين وقع عليهما الخشوع -في (خشع). الخاء والصاد وما يثلثهما • (خصص): {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105)} [البقرة: 105] "خَصَاصُ المُنْخُلِ والبابِ والبُرقُعِ وغيره -كسحاب: خَلَلهُ، وكذلك كُلُّ خَلَل وخَرقٍ يكون في السَحَابِ، وشِبْهُ الكَوَة في القبة إذا كان واسعًا قدر الوجه، والفُرَجُ بين الأثافِيّ، وبين الأصابع. والخُص -بالضم: بيت من شَجَرٍ أو قَصَبٍ سُمي كذلك لما فيه من الخَصاص وهي التفاريجُ الضيقة. والخُصَاصَةُ -كثُمالة: غُصن الكرم إذا لم يُروَ وخرج منه الحب متفرقًا ضعيفًا ". Qفرجة تحصر النافذ أو النفاذ ليكون دقيقًا حسب القدر المراد (¬1) كخروق المنخل تُنْفِذ الدقيق فحسب، وخلل الباب والبُرقع يُنفذ النظر، ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الخاء تعبر عن تخلخل جوف الجِرم، وتعبر الصاد عن نفاذ بقوة أو غلظ، والفصل فهما يعبر عن نفاذ من منفذ ضيق قصد به الحصر كخَصَاص المنخل والباب والبُرقع والقبة والأثافي. وفي (خصف) فإن الفاء تعبر عن طرد وإبعاد، ويعبر التركيب عن جمع دقاق منفصلة متناسبة القدْر كالخَصفة القطعة مما تخصف به النعل، وفي =

(خصف)

والكَوّة في القبة تنفذ الشمس أو الضوء بقدَر، وكالخُص لمن فيه. ومن ذلك الحصر والمحدودية في المعنى المحوري قيلا خَصَّ فلانًا بكذا يخُصّه: آثره به على غيره كاختصه (كأنما أنفذه إليه من خلال فرجة تصل إليه -دون غيره ممن حوله). {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 105، وكذا ما في آل عمران: 74]، واختص الشيءَ: اصطفاه واختاره، والشيء لنفسه: خصها به ". ومن الأصل كذلك "خصَّ الشيءُ (قاصر): "خُصُوصًا: نقيض عم (نفذ إلى عدد محدود)، والخاصة: خلافُ العامة/ من تخصُّهم الأمور " {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]. ونُظِر إلى خلو الفرجة الوسطية وحدَه (أي إلى جزء المعنى) فقيل "خَصَّ يَخَصّ -بفتح العين- خَصاصًا وخصاصة: افتقر كاختص " (فرغت حوزته وخلت {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] أي فاقة وحاجة [قر 18/ 29]. • (خصف): {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 22] "الخَصف والخَصْفَةُ -بالفتح: قِطعةٌ مما تُخْصَف به النَعْل. والخَصَف ¬

_ = (خصم) تعبر الميم عن استواء الظاهر، ويعبر التركيب عن استواء الظاهر، ويعبر التركيب عن استواء ذلك النافذ الغليظ مستقلا في جانبٍ مناظرًا لغيره كخصْم المزادة والعِدل.

(خصم)

-محركة: سَفائِف تُسَف من سَعَف النخل فيُسَوى مِنها شُقَق تُلبَسُ بيوتَ الأعراب، وربما سُويت جِلالا للتَمر، الواحدة بهاء ". Qضم دِقاق منفصلة متناسبة العِرَض بعضِها مع بعض لتكثُف أو تمتد. كالجُلة وسفائف الخوص المذكورة. ومن هذا "الخَصِيفُ: اللبن الحليب يُصَبّ عليه اللبن الرائب " (فيكُثف). ومنه "الاختصاف: أن يأخذ العُريان وَرَقًا عِرَاضا فيخصفَ بعضَها على بعض (طبقة كثيفة أو عريضة) ويستتر بها {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 22، طه: 121]. ومن صور الضم المذكور "الأَخْصَفُ والخَصِيفُ من الحِبَال ما كان أبرقَ بقُوةٍ سَودَاء (حَبل دقيق أسود) وأخرى بَيضاء (حبل دقيق أبيض -يُقتَلان معًا فذلك الأخصف والخصيف)، و "الأخصف من الخَيل والغَنَم: الأبيضُ الخاصرتين والجنبين- وسائرُ لونه ما كان، (جمع ألوان مختلفة) ويقال: خَصفَت الناقة: إذا ألقت ولدَها وقد بلغ الشهرَ التاسع "أي أنها لم تحمله إلا حوالَي نِصفِ مُدَّة الحمل التي قد تبلغ خمسة عشر شهرًا، فكأنها يمكن أن تأتي بولدين في زمن ولد واحد. • (خصم): {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4)} [النحل: 4] "أخصام المزادة وخصومها -ج خُصْم -بالضم: زواياها ". والخُصم كذلك: جانب العِدْل وزاوَيتُه. وَقَع المتاعُ في خُصْم الخُرج أو الجُوالق أي في جانبه ".

£° معنى الفصل المعجمي (خص)

Qتحيز الشيء في جانب مناظرًا لمثله. كزوايا المزادة وكالعِدل يوازِن العِدل المقابل. ومن هذا الخصومة، إذ يكون كل خَصم في جانب مضطم الجوف على غِلَظٍ إزاءَ الآخر {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21)} [ص: 21] الخَصم يقع على الواحد، والاثنين، والجماعة. والمراد به هنا ملكان [قر 15/ 165] وكذا ما في [ص: 22]. أما ما في [الحج: 19] فالمراد علي وحمزة وعبيدة بن الحارث ومبارزوهم يوم بدر [قر 12/ 25]، والخَصِيم: المخاصم {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [النحل: 4] وكذا ما في [يس: 77]، {وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105]، (لهم) أي مخاصمًا مدافعًا عنهم. [ينظر قر 5/ 377]، واختصموا: تخاصموا {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19]، {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (64)} [ص: 64]، {مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ} [يس: 49]: أي يختصمون. وكذا كل (اختصموا) ومضارعها، (والتخاصم). و (الخصام) مصدر كالمخاصمة {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} [البقرة: 204] وكذا ما في [الزخرف: 18]. والعناد مع المجادلة عن الموقف المعاند قد يعطى معنى المنادة، ومن هنا قيل رجل خَصِم -ككتف: مجادل شديد الخصومة {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58)} [الزخرف: 58]. ° معنى الفصل المعجمي (خص): دقة الشيء ومحدوديته كما يتمثل ذلك في الدقيق النافذ من خصائص المنخل -في (خصص)، رفي قطعة النعل التي يخصف بها، وورق الشجر الذي يخصف به -في (خصف)، وفي كون الشيء في جانب مناظرًا شيء في جانب أخر أي هو واحد من اثنين أو أكثر -في (خصم).

الخاء والضاد وما يثلثهما

الخاء والضاد وما يثلثهما • (خضض - خضخض): "الخَضْخَاضُ -بالفتح: ضَربٌ من النِفطِ أسودُ دَسمٌ رقيق. وبعير خُضَاخِض -كتُماضر، وخُضْخُض -بالضم: يَتَمَخَّضُ من لين البَدنِ والسِمَن. والخَضِيض: المكان المتترِّب تبُله الأمطار. وخَضْخَضْت الأرضَ: قَلَبتها حتى يصير موضعها مُثَارًا رِخْوًا إذا وصل إليها الماء أنبتت ". Qرخاوة مع خثورة (¬1). كالِنفْط، والمكان المذكور، وجسم البعير الموصوف. • (خوض): {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} [الأنعام: 68] ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الخاء تعبر عن تخلخل الجرم، والضاد تعبر عن خاثر أو كثيف رخو، والفصل منهما يعبر عن رخاوة مع خثورة كالخَضْخاض: ضرب من النفط، وكالخضيض: ترابٌ سهل يختلط بالماء. وفي (خوض) الواو تعبر عن الاشتمال، ويعبر التركيب عن صورة من اشتمال هذا الرخو الخاثر أي اختراق كثيف رخو كالخوض، وككثرة النابت من المرعى والتفافه في قولهم اختاض المرعى. وفي (خضد) تعبر الدال عن حبس، ويعبر التركيب عن الثئام (= احتباس) الظاهر وتماسكه مع رخاوة الباطن كما في خَضد الغصن. وفي (خضر) تعبر الراء عن استرسال الرخاوة وهو معنى الغضاضة كما في الشيء الخضر. قالوا "كل غض خضر ". فأما في (خضع) فإن العين تعبر عن التحام ورقة (على ما فيه من رخاوة قبل ذلك) فلا يصلب أو يشمخ كما في الخَضَع: تطامن العنق.

"سيف خَيِّض -كسَيِّد: مخلوطٌ من حديد أَنِيثٍ (= مطاوع) وذَكير) = صلْب). والمِخوَض (آلة): مِخدَحٌ يُخاضُ به الشرابُ والسَوِيقُ. واخْتَاضَ المَرعَى: كثُر عُشْبه والتَفّ ". Qمخالطة (الرخو) بغلظ أو كثافة كخَلْط الحديد الأنيث بالذكير، وهو خلط قوي، إذ لا يتميزان. ويقع خلطهما حين ذوبانهما، وكخلط الشراب والسويق -ولا يكون إلا بقوة. والمرعَى الكثيرُ العشب الملتفُهُ كثيفٌ رخوٌ مختلط، ورَعيُه مُخالطة أيضًا. ومنه "خاضه بالسيف: وضعَ السيف في أسفل بطنه ثم رفعه إلى فوق (فالجوف رِخْو غض يتخلله السيف الغليظ الحاد) والخِيَاض والخِوَاض: أن تُدْخِل قِدْحًا بين قِدَاح الميسر يُتيمَّن به (خَلْط، ولابد أن يكون بقوة حتى لا يُعرف) وخاض الماءَ بالعسل: خَلَطه [قر 7/ 12] ومنه "خَاضَ الماءَ يخوضه واختاضه وتخوّضه: مَشَى فيه " (مشيه فيه مخالطة للماء بغلظ وكثافة لأن المني في المال ثقيل). ومنه "رُبَّ مُتَخَوِّضٍ في مال الله "أي مُتصرفٍ فيه بما لا يرضاه (غلظة في التناول والاستعمال). ومنه "الخوض من الكلام: ما فيه الكذبُ والباطلُ " (غلظ)، {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا} [الأنعام: 68] (أي بالتكذيب والرد والاستهزاء -[قر 7/ 12] {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الأنعام: 68] ذلك أن غير آيات الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - من كلام أو خبر أو أمر ليس له من الحُرمة ما يستوجب التنزيه والتَقديس كآيات الله تعالَى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وبمثل معى الخوض هذا سائر ما في القرآن من التركيب. أما قولهم إن "الخوضَةَ -بالفتح: اللؤلؤة "فمن خوض البحر لأنه يُخاض إليها.

(خضد)

• (خضد): {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ} [الواقعة: 27، 28] "الخَضَدُ -محركة: ما تراكم وتكسر من البَردِيّ وسائر العِيدان الرَطبة، ووَجَعٌ يصيب الإنسانَ في أعضائه لا يبلغُ أن يكونَ كَسرًا/ تكسر البَدَن وتوجعه مع كسل. وقد خَضَد الغصنَ (ضرب) فانخضد: كسَره فلم يُبِنْه أي ثناه فانثنى من غير كَسر. والخَضَد -محركة وكسحاب: شَجَر رِخْو بلا شَوك ". Qلينُ باطن الشيء الغليظ السَوِيّ الظاهر. أي عدمُ صلابته كما في خَضْد الغُصن، وكالخَضَد الموصوف، وكما يشعر به صاحب الوجع المذكور، وكالشجر الموصوف. ومنها "انخَضَدَت الثمارُ الرَطْبة: إذا حُمِلت من موضع إلى موضع فشُدِخَت. وقد فسرت عبارة: "تأتيهم ثمارهم لم تُخضد "أي بطراءتها لم يصبها ذبول ولا انعصار. وخَضِدَت الثمرة (كتعب): غَبَّتْ أيامًا فضمُرت وانزوت " (التغضن تثنٍّ ظاهري). ومن هذا أيضًا "خضد الإنسانُ (ضرب): أكل شيئًا رطبًا نحو القِثّاء والجزَر وما أشبهها (الأكل هنا معالجة ذلك الرخو الكثيف). وسئل أعراب عما يعجبه من القِثاء فقال: خَضدُه -بالفتح- يقصد غَضاضته ورطوبته في الأكل) (ولسهولة أكل مثل هذا الغض قالوا) الخضد: الأكل الشديد ". وقوله تعالى: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ} فُسِّرَ بأنه الذي لا شوك فيه [أبو عبيدة 2/ 250] ذلك أن السدر المعروف في الدنيا (والمقصود هنا العُبْرى وثمره النَبِق الجيد الحلو الطيب الرائحة -لا الضالُ) له سُلَّاءٌ، فناسب أن يَعرف الناس أن سِدرَ الجنة خال من الشوك [انظر قر 17/ 207].

(خضر)

• (خضر): {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76)} [الرحمن: 76] "كل غَضٍّ خَضِرٌ -كفرح-. وشجرة خضراء وخَضِرَة -كفرحة: غَضّة. والخُضَيرة -كالمصغرة: النِعمة "يملأ القبر عيه خَضِرًا "أي نِعَمًا غضة. خَضِرَ الزرعُ (فرح): نَعِمَ، وأخضره الرِيُّ ". Qالامتلاء بالغضاضة والري مع ذلك اللون المريح. كما في النبات الغض. {وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ} [يوسف: 43]، {فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا} [الأنعام: 99] نباتا غضّا {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا} [يس: 80] وملاحظة الأصل تبدى المفارقة التي تثير الإيمان بالقُدرة. والخُضرة اللون المعروف هي من جنس الغضاضة، للُطف وقعها على حس العين، مع اقترانها الدائم أو الغالب بالنبات. {وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ} [الكهف: 31]. وسائر ما في القرآن من التركيب هو من خضرة اللون هذه. • (خضع): {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4)} [الشعراء: 4] "الخَضَعُ -محركة: تطامُنٌ في العُنق ودُنوٌّ من الرأس إلى الأرض- يكون في الإنسان والبعير والفرس. ورجل أخضع: فيه جَنَأ. ومَنْكِب أَخضَعُ وخاضع: مطمئن. والخَيْضَعة: غبارُ المعركة. ونَعَامٌ خواضعُ: مميلاتٌ رؤسَها إلى الأرض في مَرَاعيها، وخَضَعه الكِبَر وأخضعه: حَنَاه ".

£° معنى الفصل المعجمي (خض)

Qانحناء ما شأنه أن ينتصب (لرخاوة أثنائه). كالعُنق الأَخضع. وكذا الظهر والمَنْكِب الأخضع يتبادر أنها رخوة الأثناء. والغُبار فارغ الأثناء يسقط بعد قليل. ومن ذلك "الخضوع: الذُل والانقيادُ والمطاوعة " (انحناء معنوي ورخاوة) {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} حقيقة أو كناية. وفسرت الأعناق بالكبراء والجماعات [قر 13/ 89]. ومنه خَضَع الرجل وأخْضَع: ألان كلامه للمرأة وكذلك خَضَعَت المرأة بالقول {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} [الأحزاب: 32]. ° معنى الفصل المعجمي (خض): رخاوة الأثناء مع خثورتها كما يتمثل في الخَضْخاض: النفط -في (خضض)، وفي ما يخاض أي يُخْلط من السويق -في (خوض)، وفي ليونة باطن الشيء الذي يخْضَد فلا يكر أي لا ينفضل بل ينثني فحسب -في (خضد)، وفي غضاضة النبات الأخضر الريان -في (خضر)، وفي العنق الذي يتطامن وشأنه أن يكون منتصبًا مما بوهم إنّه رخو الأثناء، -في (خضع). الخاء والطاء وما يثلثهما • (خطط): {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت: 48] "الخَط: خَط الزاجر (الحازي = الكاهن) وهو أن يخط بإصبعه (أو بعود) في الرمل أو في أرض رخوة وَيزْجُر. والخَطُوط من بَقَر الوْحش: التي تخَط الأَرْض بأظلافها. والماشي يخُط برجله الأرض ".

Qشق سطحيّ دقيق مستطيل في ظاهر الشيء (¬1). كخط الحازي، وخط ظلف البقرة، وخط القدم. ونظرًا إلى الشق الممتد قالوا "خَطه بالسيف نصفين ". ومن هذا أيضًا -مع الامتداد الذي يبديه الاستواء -قيل لسِيف عُمَان أي الساحِل خَطّ، ولمَرفأ السفن بالبحرين خَط -بالفتح فيهما. فكل منهما شِق -بالكسر- أي جانب ممتد. ونظرَا إلى أن الشق المذكور علامةٌ في وجه الأرض قالوا "الخِط والخِطة -بالكسر فيهما: أرضٌ (غير مملوكة) ينزلُها الرجلُ قَبْلَ غيره فيُعلِمُ عليها علامة بالخط ليُعْلِمَ أنه قد احتازها ليبْنيها دارًا. واختلط فلان خِطة -بالكسر: إذا تحَجَّر موضعًا وخَط عليه بجدار ". وقولهم "فلان يَخُطّ في الأرض إذا كان يفكر في أمره ويدبره "= هذا تطور عن خط الزجر. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الخاء لتخلخل الجرم، والطاء تعبر عن ضغط بغلظ وامتداد، والفصل منهما يعبر عن شق سطحي تمد في ظاهرٍ رخو كالخط في الرمل. وفي (خطو) أضافت الواو التعبير عن اشتمال، وعبر التركيب معها عن (جَوْز) مسافة فارغة وهي مسافة الخطوة من الأرض. وفي (خيط) عبرت الياء عن اتصال مع الشق نحو ما في الخيط والخياطة من امتداد واستعماله لوصل الثياب بالنفاذ فيها. وفي (خطأ) أضافت ضغطة الهمزة ما عبر معه التركيب عن التخطي باندفاع. وفي (خطب) عبرت الباء عن تجمع رخو وتلاصق ما، وعبر التركيب معها عن ضم أو محاولته (أي أن الشق في (خطط) صار هنا اجتلافا) كما هو هدف الخطبة -بالكسر والضم. وفي (خَطف) تعبر الفاء عن طرد وإبعاد، ويعبر التركيب عن وقوع ذلك الأخذ (من القطع في خطط) نَزْعًا بخِفّة كما في الخطف.

ومن الدقة مع الامتداد قالوا "الخط: الطريقة المستطيلة في الشيء. الكلأُ خُطُوطٌ في الأرض أي طرائق " (متميزة بلون أو غيره، وإن لم تكن شقا) ... ومن هذا "خَط القَلَمُ: كَتَبَ. خط الشيءَ: كتبَه بقلَمٍ أو غيره. {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت: 48] وذلك للشبه بين سطور الكتابة في وجه الصحيفة والخُطوط في وجه الأرض من حيث الدقة والامتداد وكونهما في ظاهر الشيء (¬1) وقالوا "التَخطيط: التسطير، وكساء مخطط: فيه خطوط. واختط الغلامُ: نبت عِذَارُه " (: خَطُّ اللحية في وجهه). ومن المجاز "الخُطّة -بالضم: شِبْهُ القصةِ والأمرِ " (أمور مرتبة متسلسلة كالخط). • (خطو): {كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [الأنعام: 142] "الخُطوة -بالضم: ما بين القدمين. وبالفَتح: الفِعْل والمَرّة خَطَا خَطوا -بالفتح- واختَطَى: مَشى ". Qجَوْزُ مَسافة بالقَدَم إلى الأمام مبتعدة عن القدم الأخرى. كالخَطو المعروف {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}: لا تتبعوا أثره. وكل ما في القرآن مثله. ¬

_ (¬1) كان الخط المسماريّ خَدْشا في ألواح طينية، والمصري نَقشا في الصخور، وكذا كانت آثار الخط العربي الجنوبي والشمالي. وتأمل "النقْر: الكتابة في الحجَر "وانظر: تراكيب: وحي، كتب، وسفر. ومن أمثالهم: "إنما خَدَش الخدُوشَ أنوش ": أحد أبناء آدم -على ما قيل.

(خيط)

• (خيط): {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40] "الخيط -بالفتح: السِلْك. والمِخيط -كمنبر: الإبرة، المَمَرُّ والمَسلك. خاطَ الحيةُ: انسابَ على الأرض. " (السِلكة- بالكَسر: الخيط الذي يخاط به الثوب) Qامتداد الجِرم -دقيقًا متصلًا ينفذ خلال أثناءه كما يُفْعَل بالخيط، وكانسياب الحية ممتدًّا، وقد يَشُقْ الرمل ونحوه. {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40]، الخِيَاط هو ما يخاط به (: الإبرة). يقال خِيَاط ومخِيُط. وسَم الخياط: ثُقْب الإبرة [قر 7/ 207]. {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]، أي حتى يتبين الليل من النهار. ويمكن حملهما على المعنى المادي، إذ "الصبح طريقه (من الضوء) معترضة في الأفق " [طب 3/ 510]. (فهو ضوء يمتد عَرْضا بعد ظلام ممتد عرْضا أيضًا). "ومن ذلك المعنى "الخِيط "-بالفتح والكسر: جماعةُ النعام (سِرْب ممتد، وكما تقول العامة حَبْل من الطير). • (خطأ): {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286] "الخِطءُ -بالكسر: أرض يُخْطِئُها المطر ويُصِيبُ أخرى قُرْبَها. وخَطَأَتْ القِدْرُ بزبدها: رَمَت [ق] وخَطِئ السهمُ -كتعِب، وأخطأ: لم يُصِب. وأخطأ الرجلُ الطريقَ: عدل عنه ". Qتخطِّي مَوقع الشيء أو تجاوزُه باندفاع. كالمطر يتخطى

تلك الأرض، وكزَبَد القِدْر يندفع منها خارجًا عنها، وكالسهم يتخطى الهدف مبتعدًا عنه. ومنه ما ورد في تفسير حديث: ولا يدخلُ منهم في دين الله إلا الخطيئةُ بعدَ الخطيئة: أي النادرُ القليل [ل حجل 152] (كأنه تخطّى موقع الجمهور ومآلهم). ومنه "الخَطَأ ضد الصواب "إذ هو تَخَط للوضع المقصود (كما يقال: فَاته كذا. والمكان الذي لم يُصَبْ وَسَطَ شيءٍ عامّ نسميه فَوْتة). ولملحظ التخطى هذا استُعمِل التركيبُ كثيرًا في الخطأ ضد العمد {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} [النساء: 92] {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5]، {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286]. ولملحظ الاندفاع في تجاوز الموقع أو الحد في الأصل حمل التركيب معنى التَعَدِّي (عمدًا) أيضًا ولازمه الإثم. {إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [الإسراء: 31]، {إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} [يوسف: 97]، {إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} [يوسف: 29]، {لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (37)} [الحاقة: 37]، {كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)} [العلق: 16] {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} [نوح: 25]، كل ذلك وسائر ما في القرآن من التركيب يفسر بالجرم والإِثم والذَنب. وليس في الأصل ولا الاستعمالات ما هو نص في التعمد إنما هو تعد وتجاوز. ويتأتى ملحظُ التعمد من الاندفاع. ونظيره {يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} [النساء: 17]، وتفسير الجَهَالة بالعمد [قر 8/ 90]. وأسهم الفرق في الصيغة بين خَطِئَ وأخْطَأ في صنع الفرق في المعنى.

(خطب)

• (خطب): {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص: 20] "الخُطبة -بالضم: لَونٌ يضرب إلى الكُدرة مُشرَبٌ حُمْرةً في صفرة كَلوْن الحَنْظَلة الخَطباء قبل أن تَيْبس، وكلون حُمُر الوحش. والخُطبة -بالضم أيضًا: الخُضرة، وقيل غُبرَة تَرْهَقُها خُضْرة. وقيل الأَخطَبُ الأَخْضَرُ يخالطه سواد. وأَخطَبَ الحنظلُ: اصفرّ أي صار خُطْبانا وهو أن يَصْفَرَّ وتصيرَ فيه خطوط خضر ". Qلفتْ وجذب بلطف مع نوع من المغالبة: كتجمع الألوان المذكورة، واللفْتُ والجذْبُ لاختلاف هذه الألوان المجتمعة، مع شيء من تغلب بعضها على بعض. وعبر الكشاف بـ (الطلَب) وهو يتأتى من الجذب. ومنه: "خَطَب المرأةَ " (طَلَبَها زوجةَ له). فالخِطبة طلب للموافقة على اتخاذ الفتاة أو المرأة زوجة، وهو لفت بتلطف، لبناء هذا الأمر على الرضا والانجذاب، فهو ليس شراء ولا غصبًا. ومنه كذلك "الخَطب: الشأن أو الأمر " (أمر طارئ يتطلب التفاتًا خاصًّا هو جَمْع للذهن والهمة في مواجهته) {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ} [الحجر: 57، الذاريات: 31] وقد ذكر في [ل] أن "الخَطْب هو الشأنُ أو الأمرُ صَغُر أو عَظُم "وقال الراغب: "الخَطْبُ: الأمرُ العظيم الذي يكثر فيه التخاطب "وهو يعود إلى اللَفْت، فقد سمِّي كذلك لشَغْلِه مَنْ يَنْزل بهم. والشَغْل لفت وجذب. والاستعمال القرآني جاء بذلك {قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَاسَامِرِيُّ (95)} [طه: 95]: ما دعاك إلى ما جِئتَ به -وكان قد أضل بني إسرائيل [ينظر بحر 6/ 254] حيث

محاولة تحرير معنى (ما خطبك) {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ} [الحجر: 57، الدّاربهات: 31]، أي ما الأمر العظيم الذي ابتَعَثكم. {قَالَ مَا خَطْبُكُمَا}: ما الذي جعلكما تقفان بغنمكما العطْشى ناحيةَ والبئر قَرِيب؟ {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ} [يوسف: 51]: ما دفَعكُن إلى هذا المسلك. أمَّا إجابتهن {قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ} [يوسف: 51]، ففيها تحول عن إجابة السؤال إلى الكلام عن براءة يوسف وطهارته ليكتسبن البراءة في ظله هو [وينظر المحرر الوجيز]. وفي قول الحارث بن حلزة ... (فأتانا ...... خَطْبٌ نُعْنَى به ونُسَاء) وقول المرقش الأصغر. ... (... جاهرَتْ بخَطْب جليل) [شرح السبع الطوال 445، 446] تأييدٌ لرأي الراغب. ومن المعنى المحوري المذكور خُطْبة الخطيب (على المنبر) لأن هدف الخطبة لفت الناس (أي جذبهم بلطف) إلى أمْرٍ أو فكرة. ومن هذا أيضًا المخاطبة: مراجعة الكلام والمشاورة (كلٌّ يريد أن يلفت أو يجذب صاحبه إلى وجهة نظره)، {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63] أي خاطبوهم بما لا يسوغ الخطاب به " [بحر 6/ 469] (وهذا كما يقال: نال منه)، {وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا} [هود: 37، المؤمنون: 27]: لا تسألنى لهم نجاة أو غيرها [ينظر بحر 6/ 372]. {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا} [النبأ: 37] الضمير لذوي القدر الذين يُظَن أنهم يملكون، وغيرهم من باب أولى -لا يملكون أن (يسألوه) سبحانه إلا في ما أُذِن لهم فيه. [ينظر قر 19/ 186، بحر 8/ 407]. {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ

(خطف)

الْخِطَابِ} [ص: 20] الخصومة أو الموضوع المختلط المُشْكل، ولفظة الفَصْل تبين أن هناك ما هو مُشْتَبِك مُشْتَبه مجتاجُ الفَضل. وفي [ل]: هو أن يحكُم بالبينة أو اليَمين، وقيل أن يفصل بين الحق والباطل ويميز بين الحُكم وضده. والقول الأخير أولى. أما تفسير "فَصْل الخطاب بأنه عبارة "أما بعد "فلا يبلغ هذا المقام " {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} [ص: 23] أراد بالخطاب مخاطبة المحاج المجادل (أي في خصومة) أي جاء بحجاج لم أقدر أن أورد عليه ما أردّه به [بحر 7/ 376 عن الكشاف] أي هو ألحن بحجته مني -كما في الحديث الشريف. • (خطف): {تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ} [الأنفال: 26] "الخاطوف: شَبيه بالمِنجَل يُشدّ في حِباَلة الصائد يختَطِف الظَبي. والخُطاف -كرُمّان: حديدة حَجْناءُ كالكلُّوب يُخْتَطَفُ بها الشيء. والخَطفة -بالفتح: ما اختَطَفَ الذئبُ من أعضاءِ الشاةِ وهي حَيّة، أو اختطفَه كلْب من أعضاء حيوان الصيد ". Qنزعُ الشيء مما يمسكه بخفةٍ: سُرعةٍ أو لُطْف. كأَخْذ الخاطوف للظبي، والخطاف للشيء، والذئب لعُضْو الشاة. يقال خَطِفَ الشيءَ (كسمع وضرب): اجْتَذَبه بسرعة/ أخذه بسرعة واستلاب {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ} [الصافات: 10]، ومنه بَرْق خاطف لنور الأبصار {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} [البقرة: 20]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى الخطف المذكور. ومن المعنى المحوري: "فرس مخطَفُ الحَشَا: مَطْويُهُ (شديد الضمور

£° معنى الفصل المعجمي (خط)

كأنما اختُطِفَ هذا الجزءُ منه). واخْطَفَ السهمُ الرميةَ: أخطأها " (زاغ عنها فأفلتت منه) ومثله "أخطفَ الرجل: مَرِضَ يسيرا ثم بَرِئ سريعًا. وأخطَفَته: الحُمَّى: أقْلَعَتْ عنه. والخطيفة: دقيق يُذَرّ على لَبَن فيطبخ (أي ينْثَر بخفة ليمتزج باللبن شرابًا. وقد قالوا في سبب التسمية "يختطفونها بسرعة ". والمَخَاطِف: المهاوى (تأخذ فجأة بسرعة). والخُطَّافُ كرُمّان: طائر يحاول خطف ظله في الماء (يبدو كأنه يحاول ذلك)، والرجل اللصُّ الفاسقُ. والخَيطَف: الرجُل الخاطف ". ° معنى الفصل المعجمي (خط): الامتداد السطحيّ الخفيف مع أَخذٍ ما -كالخط الممتد في الرمل في (خطط)، والمسافة المَجُوزةَ (أي تُعبَر بالخطو) -في (خطو)، والسلك الممتد -في (خيط)، والمسافة التي يبتعد بها السهم عن الرمية -في (خطأ)، وخطوط الألوان الممتدة -في (خطب)، والمسافة التي يفارق بها الشيءُ المنتزع بخفة موضعَه -في (خطف). وفي كل منها معنى الأخذ أيضًا. الخاء والفاء وما يثلثها • (خفف): {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} [الأنفال: 66] "الخُفُّ للبعير: كالحافر للفرس. والخُفّ الذي يُلْبَس معروف. وخَفَّ القومُ: قَلُّوا، وعَنْ منزلهم: ارتَحَلُوا. وخِفة الرجل: طيشُه ". Qقلة كثافة الشيء في نفسه أو قلة كثافته وتركزه على حامله (¬1). كخُفِّ البعير فإن انبساطه يوسع المساحة التي تحمل ثِقْله فيخف ولا ¬

_ (¬1) (صوتيًّا)؛ الخاء تعبر عن تخلخل باطن الجرم، والفاء تعبر عن خروج بقوة وإبعاد، =

يغوص في الرمل بعكس الحافر. والخُفّ الذي يُلبَس يخلو من النَعل الغليظ. وقِلَّة القوم من ذَهاب مُعظمهم وأكثرهم. والطائش كأنما لا لُبَّ في رأسه يُثَقّله ويُعقِّله. {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} [الزخرف: 54] (تفسر بخفة العقول، وبالرحيل لإدراك موسى) {وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الروم: 60]، (لا يجرُّنَكَ إلى الخفة وعدم الصبر والثبات) {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ} [النحل: 80]، (تجدونها خفيفة الحَمل)، {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} [القارعة: 8، 9] (المقصود خفة أعماله الصالحة المقبولة)، {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} [الأنفال: 66] (بقية الآية تبين أن التخفيف أن المسلم الواحد يكلَّف في الحرب بمواجهة اثنين بعد أن كان مكلفًا بعشرة. وكل ما في القرآن من التركيب فهو من الخفة بمعنى ضد الثقل). ¬

_ = والفصل منهما يعبر عما يشبه فراغ جِرم الشيء فلا تكون له كثافة وثقل. وفي (خفو خفي) أضاف اشتمال الواو (واتصال الياء) ما جعل التركيبين يعبران عن درجة من شفافيةِ (= خفة أثناءِ) ما شأنه أن يشتمل (= يَسْتر) فيظهر ظهررا ضعيفًا -كظهور البرق ظهورًا ضعيفًا من وراء السحاب. وفي (خوف وخيف) فإن الاشتمال الذي تعبر عنه الواو والاتصال الذي تعبر عنه الياء جعلا التركيبين يعبران عن فراغ في جوف الشيء كالخافة أو جانبه -كالخَيْف. وفي (خفت) تُضِيفُ ضغطُّه التاء الدقيقةُ (الحادة) على مثل ذلك الجِرم المخلخل رِقَّةَ سَمكه وبلوغَه غاية ضعفه كما في الخُفَات: الضَّعف من الجوع. والخَفُوت: المهزولة. وفي (خفض) تفيد الضاد الضغط العريض بإثقال فإذا وقع هذا على ذلك الجرم الفارغ هبط كالخفض: المطمئن من الأرض.

(خفو- خفي)

• (خفو- خفي): {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ} [النساء: 108] "خَفا البَرقُ يخفُو خَفْوًا وخُفُوًّا، وخَفَى يخفِي (كرمى) وخَفِيَ يخفَى (كرضى) خَفْيا فبهما: برَقَ بَرْقًا خَفِيًا ضعيفًا معترضًا في نواحي الغيم [ل، تاج] فإن لمع قليلًا ثم سكن وليس له اعتراض فهو الوميض وإن شق الغيم -واستطال في الجوّ إلى السماء من غير أن يأخذ يمينًا ولا شمالا فهو العقيقة ". Qاستتار الشيء استتارًا ضعيفًا بحيث يظهر من وراء الساتر ظهورًا ضعيفًا أيضًا. كالبرق الموصوف. ومن هذا الظهور الضعيف بعد استتار "الخفيّةُ: الركيّة التي حُفِرت ثم تركت حتى اندفنت ثم انتُثِلَت واحتُفرِت ونُقيت (لا تكون بقوة ظهور المستحدثة). خفَى المطرُ الفِئارَ يخفِيهن: أخرجهن من جِحرَتهن (يلحظ أن الفئران دقيقة الأحجام فظهورها ضعيف) المختفى: النبّاش الذي يستخرج أكفان الموتى. وأخفِية النَوْر: أكِمّته واحدها خِفاء. والخِفَاء (أيضًا): رداء تَلبسه العروس على ثوبها فتخفيه به. والخوافي (من ريش جناح الطائر): ريشات إذا ضم الطائر جناحيه خَفِيت "الخ. ومن ذلك الأصل استعمل التركيب في الستر والظهور الضعيف. ولدينا هنا تلخيص مستحسن: ففي قوله تعالى: {وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} [الرعد: 10]، "قال الأخفش المستخفي: الظاهر والسارب: المتوارى. وقال الفراء {مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ} أي مستتر و {وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} ظاهر. كأنه قال الظاهر والخفي عنده جَلَّ وعزّ واحد. قال أبو منصور (: الأزهري) قول الأخفش: المستخفى الظاهرُ خطأ. والمستخفي بمعنى المستتر كما قال الفراء. وأما الاختفاء (يعني صيغة افتعل) فله

معنيان أحدهما بمعنى خَفِىَ (أي استتر) والآخر بمعنى الاستخراج، ومنه قيل للنباش المختفي. وجاء خَفَيْتُ بمعنيين وكذلك أخفيت. وكلام العرب العالي أن تقول خَفَيت الشيء أخفِيه أي أظهرته واسخفيت من فلان أي تواريت واستترت ولا يكون بمعنى الظهور. اه ويتمم. كلام الأزهري أن خَفِى (من باب تعب) تكون بمعنى الاستتار فحسب. {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18)} [الحاقة: 18]، {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [النساء: 108]، {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ} [إبراهيم: 38] كل هذا بمعنى الستر. وفي قوله تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} [طه: 15] قراءة الجمهور بضم الهمزة. والأقرب الأشيع أن تكون بمعنى أسترها. فيكون المعنى. أنها ظاهرة أي مقدماتها. وواقع التحلل من القيم العامة دينية وأخلاقية، وظهور الفساد، ودعمه على مستوى العالم، مع تسمية الفواحش والمنكرات بما يحسنّها (الحريات الشخصية وحقوق الإنسان إلخ) بل والظروف الطبيعية كل ذلك يؤكد أنها آتية، واللام في "لتجزى متعلقة بآتية على هذا التفسير لأخفيها. وجملة (أكاد أخفيها) اعتراضية ... وهناك على هذا التفسير -أثر يقول أكاد أخفيها من (نفسي). وأرى فيه جفاء وأرجح أن تكون معرفة عن (نبيي)، وأما على تفسير أُخفيها المضمومة الهمزة بـ أظهرها، وكذلك على قراءة فتح الهمرة بهذا المعنى فهي خفية أي خفيةُ مَوعدِ الوقوع، والمعنى أكاد أظهرها أي أوقِعها، ولام (لتجزى) متعلقة حينئذ بـ أخفى. وفي [بحر/ علمية 6/ 218 - 219] تفصيل لبعض ما أجملته هنا. وسائر ما في القرآن من التركيب فهو من الخفاء الاستتار.

(خوف - خيف)

• (خوف - خيف): {فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 38] "الخافة: خَريطةٌ من أَدَمٍ ضَيّقةُ الأعلى واسعة الأسفل يُشتار فيها العَسَلُ، رجُبّةٌ من أَدَم يلبسُها العَسّال والسقاء. والخَيفُ -بالفتح: جِلد الضَّرْع حين يَخْلو من اللَبَن ويَسترخِى، ووِعاءُ قضيبِ البعير. وناقة خَيفاء ويعبرٌ أَخيف: واسعاهما ". Qفراغٌ كبير في جَوف الشيء (لذَهابِ ما كان يشغله أو انتقاصِه). كجَوْف الخَافَة وخُلُو الضرع والوِعاء بذَهاب اللَبَن وغُئُور القضيب. ومنه "تَخَوف السَفَنُ (وهو ما تُبْرَدُ به القِسي) عُودَ النبعَة: تَنَقَصَه (أي بردَه وأكل منه متجها إلى مَتْنِه وهو صُلبُهُ وجَوفُه) وكذلك خَوَّفَه وخَوَّفَ منه -ض. وهو يتخوفُ المالَ: يتنقَّصه ويأخذ من أطرافه وكذلك يتخَيَّفه. وخَوف غَنَمه -ض: أرسلها قِطعة قِطعة. وخُفِّيتْ عُمُور اللِثَة بينَ الأسنان -ض للمفعول: فرِّقَتْ (باعتار الفجوات أو باعتبار التجزئة والتفريق اقتطاعًا) {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ} [النحل: 47] أي تَنَقُص (أي من شيئًا بعد شيء حينًا بعد آخر). ومن الأصل: الخَوف: الفَزَع. خافَه يَخَافُه خَوْفًا وخِيفة ". كأن الذي يخاف منخوبُ الفؤاد. كما قال تعالى. "وأفئِدَتهُمْ هَواء "وقال حسان: (فأنت مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاء) وخوفه -ض: جَعَلَ فيه الخوفَ وكذلك جَعَلَ الناسَ يخافونه. {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} [آل عمران: 175] أي يجعلكم تخافون أولياءه. {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 4] {تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} [الأعراف: 205]. وسائر ما في القرآن من التركيب هو من الخوف ضد الأمن.

(خفت)

ومن الماديّ "الخَيفُ: ما ارتفع عن موضع مجرَى السَيل ومَسِيل الماء وانحدَرَ عن غَلْظ الجبل (كأنه اقتُطِع له جزء من أعلى جانب الجبل إلى وسطه) ومن هذا: الخيف الذي فيه المسجد في مِنَى، والخيفُ أيضًا: السكين (تَقتَطِع) والخَيفاء: حشيش ليس له وَرَقٌ، له سَنَمةُ (طرف كالسنبلة) صُبَيْغاءُ (ملونة) بيضاءُ السُفل (كأنه خال من قوة إخراج الورق. أو لتجرده). أما "خَيِفَ البعيرُ والإنسانُ والفرسُ وغيرُه (فرح): كانت إحدى عينيه سَوداء كَحلاء والأخرى زَرقاء "= فمن الأصل لاعتبار ذلك نقصًا. فالكمال أن تكونا سواء ". ومنه عُمِّمَ في الأَخْياف: الضُرُوب المختلفة في الأخلاق والأشكال. • (خفت): {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110] "الخَفْتُ -بالفتح وكغراب: الضَعْف من الجُوع ونحو .. والخافِتُ: السَحَابُ الذي ليسَ فيه ما:. والخَفُوتُ من النساء: المَهزُولة. والخافتة من الزَرع: ما لان وضَعُف من الزَرْع الغضّ ". Qدِقَّةُ جِرم الشيء وضَعفُه من فَرَاغ جوفه. كالجائع والسحاب والمرأة والزرع الموصوفات. ومنه "خَفَتَ الرجلُ خُفوتًا: مات (خرجت روحه فبقى جسمه فارغًا) والخُفَات -كغراب: موتُ الفَجأة (كأنه سقوط للخلو من القوة) وخَفَتَ من النُعاس: سكن ". ومن ذلك "الخُفوتُ: ضعفُ الصَوت من شدة الجوع. واستعمِلَ في إخفاء الصوت. دون قيد الجوع {فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23)} [القلم: 23]. (يتعمدون

(خفض)

إخفاء أصواتِهم في كلامِ بعضِهم بعضًا) ومثلها ما في [طه: 103]. • (خفض): {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: 88] "الخَفْضُ -بالفتح: المُطْمَئِن من الأرض. والخافضة: التَلْعة المطمئنة من الأرض. والخَفْض: خِتَان الجارية ". Qغُئُور السَطْح الناتئ أو المعتاد نتوءُه عن مُعتاد حاله: كذلك المطمئن وكالتَلْعة الموصوفة، وكخفض الجارية. ومن هذا الغئور: "الخفْضُ: ضد الرفع {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} [الواقعة: 2، 3]، {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء: 24]، هي كناية عن لين الجانب كما في [الحجر: 88، الشعراء: 215] {خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3)} [الواقعة: 3] خفضَتْ أعداء الله في النار، ورفعتْ أولياء الله في الجنة [قر 17/ 195] والتَخفِيضُ: مَدُّكَ رَأسَ البعير إلى الأرض ". ° معنى الفصل المعجمي (خف): تخلخل أثناء الشيء وقلة كثافته كما يتمثل ذلك في قولهم "خف القومُ: قَلُوا "-في (خفف)، وفي ضعف ظهور الشيء كأنما خُلخل أو انتُقص كما في لمعان البرق من خلف السحاب وكما في فراغ جوف الخافة ونقص الخيف -في (خوف، خيف)، وكما في دقة الجرم من جوع ونحوه كالهزال -في (خفت)، وكما في انخفاض سطح الأرض وهو نقص عما حولها -في (خفض).

الخاء واللام وما يثلثهما

الخاء واللام وما يَثْلِثُهما • (خلل- خلخل): {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67)} [الزخرف: 67] "الخَلَّة -بالفتح: الفُرْجة في الخُص، والثُقْبة ما كانت. والخَلَل -بالتحريك الفُرجَة بين شيئين. والخَلُّ -بالفتح: الطريقُ النافذُ بين الرمال المتراكمة. والخَلْخَل -بالفتح ويضم وكبَلبال: حَليٌّ معروف ". Qفراغ يخترق أثناءً متماسكة من حوله. (¬1) كالفُرجة في ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الخاء عن تخلخل، واللام عن استقلال، والفصل منهما يعبر عن تخلخل (فراغ) في أثناء متماسك يتميز -كالطريق النافذ بين الرمال مكتنفا بها. وفي (خلو) تعبر الواو عن الاشتمال، وعبر التركيب عن فراغ المكان مما كان يشتمل عليه، كأن الخلخلة انصبت على ما كان يشغل المكان. ومثل ذلك الخلى الحشيش ونحوه الذي يُخْتلى أي يقلع. وفي (خول) أبرزت الواو اشتمال هذا الجوف الخالي على ما يَعلَق في حوزته بلطف كالخائل: الراعي مَجوزُ ما يرعاه -والخلُو باق لأنه حَوزُ رعاية لا مِلْكٌ. وفي (خيل) تعبَر الياء عن الاتصال ويعبر التركيب عن وجودْ لطيف في الأثناء الخالية كاحتواء الخالِ السحاب الماطر على الماء، وكاحتواء الضرع على اللبن. وفي (خلد) تعبر الدال عن احتباس ويعبر التركيب عن بقاء الشيء ممتَسكًا (= محتسبا) في مكان لا يزول رغم زوال ما يقارنه. أما في (خلص) فالصاد تعبر عن غلظ نافذ ويعبر التركيب معها عن نفاذ جرم غليظ من أثناء الشيء كالسمن من الزبد. وأما في (خلط) فإن الطاء تعبر على الضغط بغلظ ويعبر التركيب عن الدخول في أثناء (المخلخل) بقوة كما في الخلط. وفي (خلف) فإن الفاء تعبر عن الطرد والإبعاد ويعبر التركيب عما بعد انقطاع الشيء أي انقضائه (تخلخله) كالخلَف الباقي بعد الذاهب. وفي (خلق) تعبر القاف عن غلظ =

الخص والثقُبة بين ما يحيط بها، وكالطريق الذي يخترق الرمال المتراكمة. والخَلخال حَلقة فارغة. فمن اختراق الأثناء المتماسكة بالنفاذ فيها أو منها وضنعْ خَلَل "خَلَلت الشيء (رد): ثَقَبتُه ونَفَذْتُه. فهو مخلول وخَليل. وخَلَلْت الفصيل: شَقَقْتُ لسانه ثم جعلتُ فيه عُودًا لئلا يرضع. وهذا العود هو الخِلال -ككتاب. وخَل الكساءَ وغيره: شَكه بخِلال. وخَلَلته بالرمح: طَعَنْته به. وتخلل الشيء نَفَذَ {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} [النور: 43]: جمعُ خَلَل -كسب وقرئ بهما. ومن فراغ الأثناء (خُل الرجلُ -للمفعول: افتقر وذهب ماله، وكذا أخِلّ به -للمفعول، فَرَغَتْ حوزته) فهو مخَل ومُختَل وخَلِيلْ وأخل "أي مُعْدم فقير محتاج ". ومن شَغْل الفراغ والدخول في الأثناء (الخلة -بالضم، وكسَحابة ورسالة .. والمخالة: المصادقة، وكذا الخِلال. (لتداخل الأصدقاء واهتمام بعضهم بدخائل بعض). {لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ} [إبراهيم: 31] أي ولا مخالّة. {لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ} [البقرة: 254] هي الاسم من اتخاذ الخليل: الصديق. {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125]، (هذا مقام جليل لسيدنا إبراهيم أن يُلْقِى أزِمة أموره كلها إلى الله، وأن تكون أموره كلها بعين الله ورعايته. وقد جعله الله ¬

_ =وتعقد في الأعماق، ويعبر التركيب عن تهيئة مادة غُفْل لتكون شيئًا معينًا مرادا وبهذا يزول ويُمحى (= يختَل) ما كانت عليه المادة وكأن الهيئة الجديدة كانت هي عمقها أو كانت في عمقها.

(خلو- خلى)

للناس إمامًا وجعل أكثر الرسل بعده من ذريته). {وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا} [الإسراء: 73] (صديقًا وحبيبا). وأما {لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)} [الفرقان: 28] فهذا من قول ظالم نفسه عندما يتكشف له في الآخرة أن الذي أرداه هو اتخاذه خليلا أصله. وجمع الخليل (أخلاء) كما في [الزخرف: 67]. ومن شَغْل الفراغ أيضًا لكن كناية عن الإفساد {فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ} [الإسراء: 5]، (أي عمُّوها بالتدمير والإهلاك) {وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ} [التوبة: 47] (لأسرعوا في السعي للإيقاع بينكم) ومثل هاتين في الظرفية كل كلمة (خلال) عدا ما في [إبراهيم: 31]. ومن النفاذ من الأثناء "الخلة -بالفتح: الخَصلة صالحة أو سيئة " (جنس من التصرف يصدر (= ينفذ) من صاحبها مرة بعد أخرى). أما "الخُلّة -بالضم- من المرعى: ضِد الحمض " (فهي من الفراغ لخلوها من الحموضة). "والخل- بألفتح: ما فسد من الخمر، لخلوه من قوة الإسكار. • (خلو- خلى): {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: 24] "خَلَت الدارُ وأَخلَت: لم يبق فيها أحد. وخلا المكانُ يخلو وأخلى: لم يكن فيه أَحَد ولا شيءَ فيه. والخَلِية -كهَدِية، وبلا تاء: خشبة نُنْقَرُ فيعسل فيها النحل. الخلاء من الأرض: قرار خالٍ. مكان خلاء: لا أحد به ولا شيء فيه ". Qفراغ الحيّز أو الظرف مما كان (أو شأنه أن) يشغله مع بقائه هو متماسكًا. كالمكان والدار الخاليين وكالخلاء من الأرض. ومنه "خَلا بصاحبه، وإليه، ومعه: اجتمع معه في خَلوة {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا

مَعَكُمْ} [البقرة: 14 ومثلها ما في 76] وخَلاَ: انفرد في مكان خالٍ إلا مِنه " {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ} [آل عمران: 119]. {يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} [يوسف: 9] (فلا يشارككم يوسف في اهتمام أبيكم فتَخْلُص لكم عنايته وأمره). ومن ذلك "خَلى الشيء: تركه (فلم يعد محوزًا لديه) {فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5]، "وخلى عن الشيء -ض: أرسله (= أطلقه -كذلك) وتخلّى: تفزغ: {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4)} [الانشقاق: 4] (أي منهم وعنهم فهي لم تعد قرارًا لهم)، وعَنِ الأمرِ، ومنه: تَبرأ ". ومن الفراغ "خلا الشيءُ (سما): مَضَى " (ذَهَبَ فخلا منه المكانُ والزمانُ الذي كان يشغله) {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} [البقرة: 134] {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144]، {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: 24]، (أي في زمن حياتكم الدنيا التي مضت). "وخَلاَ فلان: مات " (هو من هذا). وكل ما في القرآن من التركيب فهو من (خلا) بمعنى مضى - عدا ما نص فيه على خلاف ذلك. "وخَلا على اللبن وأَخْلَى: اقتصر عليه لم يأكل معه شيئًا " (خلا مما سواه إليه). ومن الأصل "الخَلاة: كُلّ بقلة قَلَعْتَها (أخليت مكانها منها) وخَلَى الخلَى واخْتَلاه، وخَلَي في المِخْلاة: جَمَع، وعَلَى القِدْر وأخلاها: ألقى تحتها حطبًا "- فهو من إلقاء الخلى: المقتلع من الحشيش ونحوه من الحَطَب تحتها. وأما "خَلَيْت القدر: طَرَحت فيها اللحم "فهو من ذلك على أن كلا منهما (إطعام) للقِدْر وتزويد لها: الخَلَى من تحتها وقودًا، واللحم فيها شَغْلا.

(خول)

وقولهم "جاءوا خلا زيدًا وما خلاه "-من الأصل أي مع تخليته من حكم المجيء مثلًا وإخراجه منه. • (خول): {ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ} [الزمر: 49] "الخائل: الراعِي للشيء الحافظُ له. والخَوَل -محركة: الرُعَاة. ويقال مَنْ خالُ هذا الفرس؟ أي مَنْ صاحِبُه؟ والخَوَل -محركة: العَبيدُ والإماءُ وغيرُهم من الحاشية. والاستِخوال مثل الاستِخبَال من اَخبَلته المالَ إذا أعَرته ناقةَ لينتفع بألبانها وأوبارها أو فَرَسا يغزو عليها، (ثم يردها). Qحَوْزٌ لطِيفٌ مع بُعد أو تباعد (واللطف أنه خفيف أو مؤقت لعدم بقاء المَحُوز في جوف الحَوزة) -كحَوز الرَاعِي للمال فهو حَوز حِفظ لا مِلْكٌ، وكحَوز العبيد والإماء ومُستعيرِ الناقة والفرس، وربما نُظِر إلى إمكان خروج هؤلاء عن الحوزة بالبيع أو الهرب. ويلحظ تخصيص الفَرَس، أو لعل الاستعمال في المِلكية تطورٌ عن حَوْز الرعاية. ومن هذا "تخويل الله عَزَّ وَجَلَّ عبدَه المالَ ونحوه: إعطاؤه إياه " (مؤقتًا وهو مجرد راع كما قال تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد: 7]، {ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ} [الزمر: 49] وكذلك ما في 8]، {وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ} [الأنعام: 94]. و "الخالُ: أخو الأم "من الأصل لما لَه من العلاقة بأولاد الأخت كأنهم أولاده، ولما يحس به نحوهم من لزوم الرعاية ولذا تقول العامة: الخال والد. {وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ} [الأحزاب: 50] وكذلك كل (أخوال) و (خالات).

(خيل)

ومن ذلك الأصل قيل: "خالَ الرجلُ يَخُول: تكبَّر (تَعَظَّم لمِلْكله -أو ظنِّ مِلكِه- شيئًا). • (خيل): {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60] "الخال: السحاب الماطر/ لا يُخلِفُ مطرُه. وأخالت الناقةُ: إذا كان في ضَرعها لبن. والخَال: شامة سوداء في البدن لها شَخْصٌ (فإذا لم يكن لها شخص فهي شَامَةٌ)، والبعيرُ الضخم. والخِيلُ -بالمد: الحِلْتيت (وهو صِمغ يخرج من الشجر). أرض مُتَخَيِّلة ومُتَخَايلة: بلغ نبتُها المَدَى/ أن تُرَى وخَرَجَ زهرُها ". Qأن يظهر على الشيء ما يشي باحتوائه شيئًا زائدًا متميزًا: كالماء في السحاب، واللبن في الضَرع، وكالشامة الناتئة من البدن تشير إلى وجود شيء غريب خلفها، وكالسِمَن في البعير، والحِلتيت من الشجرة، وكبلوغ النبت مداه، والزهر بشائر كمال. ومنه "الخالُ والخَيْل -بالفتح وكِسيراء ونُفَساء وأجْدَل ومَكِيدَة وأيْلة: الكِبر " (تعظمٌ ظاهر بما عنده حقيقة أو ادعاء): {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18] وكذا ما في [النساء: 36، والحديد: 23]. و "المُخَايلة: المباراة والمفاخُرة) (مكابرة ومعاظمة). النبات والزَهْر بُشْرَى كمال). ومن الأصل كذلك: "الخيال لكل شيء تراه كالظِلّ، وكذلك خيالُ الشخص في المرآة وخيالُه في المنام: صورةُ تمثاله (صورة ناشئة عن الأصل زائدة عليه وظاهرة) وربما مرّ بك الشيءُ شبهُ الظِلِّ فهو خَيَال يقال تَخَيَّل لي خَيَاله "اه - ومنه "تخيل الشيءُ له: تشبّه وتخيل له أنه كذا: تَشَبه (تصورتْ له صورة زائدة - نسخة ظاهرة). والخيالُ أيضًا: خشبةٌ عليها ثياب سُودٌ تُنْصَب للطير والبهائم

(خلد)

فتظنه إنسانًا (صورة تشبه الإنسان فهي نسخة زائدة ظهورها مقصود) تكون علامات لمن يراها ليَعلم أن ما في داخلها حمًي من الأرض. والخالُ: اللواء الذي يُعقَد لوِلاية الأمير (علامة ظاهرة. وربما نُظِر إلى أن وراءه سُلْطَةً لصاحبه). ومن ذلك "خال الشيءَ يخاله: ظنه (نسب إليه -في نفسه- شيئًا ما، أخذًا من ظاهره) وخيّل عليه -ض: شَبه " (لحظ في الظاهر شبها): {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: 66]. "خُيِّل إليه كذا: من التخييل والوهم " [تاج]. (توهُّم مرتبط بالظاهر). "وأخال الشيءُ: اشتبه فهو مخيل كمُقِيم أي مشكل. والرجل يمضي على ما خَيلَت -ض: أي ما شَبهت يعني على غَرَرٍ من غير يقين، (حسب ما يخيل إليه). ومن الأصل "الخيل: جماعة الأفراس، جعلها أبو عمرو من الاختيال [المزهر 1/ 353] والذي أراه أنها سميت كذلك لادخارها قوة على الجري زائدة عُرِفَتْ - بها وفاقت غيرها فيها، وهذه القوة المذخورة تظهر عند الحاجة إلى الجري وعند الجري نفسه. ومأخذ هذا من الأصل واضح {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8] وذكِرَتْ في [آل عمران: - 14، والأنفال: 60، والإسراء: 64، والحشر: 6]. • (خلد): {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19)} [الإنسان: 19] "الخوالد: الأثافيّ في مواضعها، والخوالد: الجبال، والحجارة، والصخور لطول بقائها بعد دروس الأطلال. قيل لأثافي الصخور خوالد لطول بقائها بعد

دروس الأطلال. خَلَد وأخلد إلى الأرض: أقام فيها. أخلد بفلان: لزمه. أخلد إلى الدنيا: لزمها. يقال للرجل إذا بقى سواد رأسه ولحيته على الكِبَر "إنّه لمُخْلِد -كمحسن و (كذا يقال له) إذا لم يسقط أسنانه من الهَرَم ". Qبقاء الشيء لازمًا موضعه أو حاله أمدًا طويلًا رقم زوال نظيره أو قرينه. كما هو واضح في بقاء الخوالد المذكورات رغم دروس الأطلال التي قارنتها في منازل القوم، وكذلك بقاء الأسنان وسواد الشعر لبعض الناس (رغم سقوط أسنان مقارنيهم في السن وتغير شعورهم ". ومن ذلك "أخلد إلى الأرض وإلى فلان أي ركن إليه ومال إليه ورضى به (لصوق دائم) {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} [الأعراف: 176]- السياق واضح في أن المراد بالإخلاد إلى الأرض هنا هو الرضا بالدونية والركون إليها. فقول ابن عباس رضي الله عنهما: لرفعناه بها أي لشرّفنا ذكره ورفعنا منزلته لدينا بهذه الآيات (التي يعود عليها الضمير في بها. وهي قوله تعالى في الآية السابقة {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} [الأعراف: 175]، هو الصواب. والقول بأن رفعناه معناها أهلكناه أو توقيناه هو جَزف. وقوله {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ} المراد لازَمَ وتقاعس وثبت (أي لزم الأرض) اما إلى شهواتها ولذاتها، وإما أن المراد أنه لزم الأسفل والأخس -كما يقال فلان في الحضيض. [ينظر المحرر الوجيز- قطر 6/ 145 - 146]. ومن المعنى المذكور "الخُلْد -بالضم: دَوام البقاء في دار لا يخرج منها. {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129)} [الشعراء: 129]، {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} [طه: 120] {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 93]،

(خلص)

{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82)} [البقرة: 82] وكل ما في القرآن من التركيب هو من الخلد البقاء الدائم وإن اختلفت بعض صوره. {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17)} [الواقعة: 17]. قالوا: مُحلون، وقالوا مُقَرطُون -أخذًا من الخُلد: بالضم وكشجرة: السِوَار، والقُرط -والجمع كعِنبَة أي للزوم القرط والسوار ما عَلِقا به بأوضح وأقوى من لزوم حلية العنق مكانها. [ولأبي عبيدة 2/ 249]: لا يهْرَمون: يَبْقَوْنَ عَلى حَالهم لا يَتَغَيرون ولا يَكبَرون. اه وفي [ل]: وُصَفاء لا يجوز واحد منهم حدّ الوَصافة الفراء: على سن واحد لا يتغيرون. اه (والمراد من قول أبي عبيدة وما بعده: لا يجاوزون حد الوِلْدانية وهو أنسب لحال الجنة من لُبس القِرَطة). ومن الأصل "الخلَدُ -محركة: البالُ والقَلْب والنَفس (مختزَنٌ داخلَ الجوف ملازمٌ له) كالحِجر والعَقْل واللُبِّ ... الخ. • (خلص): {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [غافر: 65] "خُلاَصَة السَمْن -كرخامة .. : ما خلَص منْه من الزُبد الذي أذيب، وثُفلُه الخُلوص كسجود. والخِلاص -ككتاب: ما أخلصَتْه النارُ من الذهب والفضة وغيرها ". Qنفاذ الشيء نقيا من أثناء ما كان يُخالطه أو يَشوبه: كالسَمن والذَهَب والفِضَة بعد تميّزهن مما كن يختلطن به. قال عَزَّ وَجَلَّ: {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا} [النحل: 66]، (نافذًا من بينهما نَقِيًّا)، {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} [يوسف: 80] (انفصلوا وبعدوا

(خلط)

عن الناس يتناجون) {أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي} [يوسف: 54]: أصطفيه (انتقيه وأتخذه من بين من حوله) {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40)} [الحجر: 40]: المُصطَفَيْن {وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ} [النساء: 146] جَعَلوُهُ خالصًا صافيًا له. ومن هذا كل (مخلِص) و (مخلِصون) بكسر اللام. وأما بفتحها {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24]: فهم الذين أخلصهم الله لرسالته [قر 9/ 170]، وهذا أو نحوه معنى كل المخلَصين في القرآن. {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46)} [ص: 46]-[قر 15/ 218]: مصدر لخلَصَ -أي بأن خَلَصَت لهم ذِكرَى الدار (أي والناس عنها يُشْغَلون)، أو مصدر لأَخْلَصَ أي بإخلاصهم ذِكْرَى الآخرة ". ولو فُسر ببقاء ذكرهم الحسن في هذه الدار الدنيا = لكان وجهًا حسنًا، فالذكر الحسن هو من مكافآت الله لعباده الصالحين -كما قال تعالى {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الصافات: 108، 109] [وينظر بحر 7/ 386 وهو عن ابن عطية]. ومن كون مُخّ العظم ماذة رِخوة متميزة في أثناء قَصَبِهِ قيل "أخْلَصَ العظمُ كُثر مُخه " (كألبن بمعنى صار ذا لبن). ومن الأصل: "الخلَص -كسبب: شجر طيب الريح له ورد طيب ذكى "فهذا لحدَة ريحه الذكية التي تسطع نافذة منه. • (خلط): {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: 220] "الخِلْط -بالكسر: ما خالط الشيءَ، وأَحَدُ أخلاط الطيب والدواء ونحوه، ولبن خليط: من حُلْو وحَازِر، وسَمْن خليط: فيه شَحْم ولحَم ".

Qدخول شيء في أثناءِ أو خَلَلِ شيء أخر ممتزجين فيغلظ أو يحتدّ أو يكثر. كأخلاط الدواء والطيب. والحدة واضحة في الحازر من اللبن (= الحامض)، وفي قِطَع الشحم واللحم في السَمن. ومنه: (خَلَط الشيءَ بالشيءِ (ضرب)، وخلَطه -ض، فاختلط: مَزَجه. وخالطه: مازجه {خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} [التوبة: 102] (السيئات حادّة). ومنه "الخَلِيط: المخالِطُ، والمشارِكُ في حقوق المِلْك كالِشرب -بالكسر، والطريق ونحوه (له حق فيها) ج خلطاء {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [ص: 24] الشركاء. {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: 220] هو خلط مال اليتيم بمال كافله وكذلك نفقات المسافرين معًا [ينظر قر 3/ 65] وألفاظ الآية تعم العامل الاجتماعي. {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ} [ص: 24] الشركاء [قر 15/ 178 - 179]. ومن الأصل "خُولِطَ في عقله أي تغير عقله، (كأنما دخل عقلَه شيء غليظ أي مُفْسِد). وعلى الأصل الذي وضحناه يتبين تفسير قوله تعالى: {كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ} [الكهف: 45]: أي اشتد وزكا والتفَّ واستغلظ -كما وصف عَزَّ وَجَلَّ الزرْعَ الذي ضربه مثلًا لسيدنا محمَّد - صلى الله عليه وسلم - والذين معه {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ} [الفتح: 29]. وكذلك في قوله تعالى: {كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا ....} [يونس: 24]: أي شَرِبَ منه فتنَدَّيْ وحَسُن ونضُر [قر 8/ 327] وفي [10/ 412] أن النبات إنما يختلِطُ ويَكثُر بالمطر. اه

(خلع)

• (خلع): {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه: 12] "خَلَع النعلَ، والثوبَ، والرداءَ (منع): جرّده. والخِلْعةُ من الثياب: ما خلعته فطرحته على آخر أو تطرحه. خلع دابته: أطلقها من قيدها، وكذا خلع قيده. خلع الشيء واختلعه: كنَزَعه إلا أن في الخلع مهلة، وسوّى بعضهم بين الخلع والنزع. رجل مخلَّع الأليتين: منفكهما. الخَلْع -بالفتح والتحريك: زوال المَفْصِل من اليد أو الرجل من غير بينونة. خلع أوصاله: أزالها ". Qانفصال الشيء -مما يلابسه (أو ينشدُّ إليه) ملابسة قوية: كخلع الثوب والنعل والقيد وزوال المفصل {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ}. ومن مادّيه: "خَلَع الزرعُ: أسْفَى سنبلُه/ صارفيه الحب " (وفي هذه الحالة تخرج السنبلة من أثناء لُفافةِ ورق الزرع التي كانت تغطيها وتقوم بساقها مجردة من الورق). "وخلع العِضا: سقط وَرَقه. وخلع الشجر: إذا أنبت ورقًا طريًّا " (أي بعد تجرده من الورق، أو عُدَّ ذلك كالنشأة الجديدة والاستقلال أخذًا من الانفصال) (ويحمل على كل من الأمرين ما يناسبه من استعمالات قيل بها). و "الخَلْع -بالفتح: القديد المشوي يُتَزَوَّد به في الأسفار " (له تفاصيل تنظر، فهو للسفر به والسفر انفصال). و "تخلع القوم: تسلّلوا وذهبوا ". ومن ذلك: "الخَوْلِ: المقامر المجدود الذي يَقْمُر أبدًا. والخليع: المقمور مالَه، والشاطر الخبيث (الذي خلعه قومه لكثرة جناياته فتبرءوا منه)، والصياد لانفراده، والذئب " (للانفراد، أو لأنه يجرد الراعي من غنمه. أو يشبه الشاطر). ولبعض ذلك: "الخليعُ: لغُول ". أما "التخلع: التفكك في المِشية "فهو من أن

(خلف)

أعضاءه كأنها متفككة منفصل بعضها من بعض. • (خلف): {وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194)} [آل عمران: 194] "الخَلْف -بالفتح: الباقي بعدَ الهالك. والخِلْفَة -بالكسر: ما يجيء بعد الشيء كغُصن يَنْبت في جِذْع الشجرة بعدَ يُبسه (أخلفَ النباتُ: أخرجَ الخِلْفة)، وما يرقع به الثوب إذا بَلىَ، وبقيةُ كل شيءٍ: أَكَل طعاما فبقِيتْ في فِيهِ خِلْفة: أي بقية من الطعام. وبَقِيَتْ في الإناء خِلفة من ماء. والخِلفة -بالكسر كذلك: ما عُلقَ خَلْفَ الراكب. والخَلْفُ -بالفتح: الظَهْرُ، والمِربَدُ يكون خَلْفَ البيت. والخالفة: العمود من أعمدة البيت في مُؤَخرِه ". Qكَوْن أو بقية بعد ذاهب أو وراءه في ظهره. كالغُصن في الجِذْع بعد يبسه، وكالرقعة بعد ما يليَ من الثوب في مكانها، وبقيةُ الطعام في الفَمِ بَعْد ما بُلِعَ، وبقيةُ الماء في الإِناءِ بعد ما ذَهَبَ منه. وظَفرُ الإنسان قائم وهو وراؤه، والخالفة في الظهر، وكالمِربَد خَلْفَ البيت، وما عُلقَ خَلف الراكب. ومنه "خَلَف فلانا (نصر): جاءَ بعدَه، صار خلفه، كان بعده خلَفًا منه وبَدَلا {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} [الأعراف: 169 وكذا مريم: 59 وما في الأعراف: 142، 150، الزخرف: 60] ومنه {فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} [التوبة: 83]. (الذين يَبْقَوْنَ بعد الذاهبين إلى الغزو) وما في [التوبة: 81، 87، 93 ومنه أيضًا ما في الإسراء: 76]. "وخَلَّفَ الشيءَ -ض: تركه خلفه {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118] {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ} [الفتح: 16]، وكل (مخلفون) مرفوعة أو منصوبة. والتخلف فعل مطاوع ل (خَلف -ض) {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ

حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} [التوبة: 120]. و"خَلَفَتْ الفاكهةُ بعضُها بعضًا خِلْفة -بالكسر وكسبب: صارت الثانيةُ خَلَفا من الأولى. ورَجُلان خِلْفَةْ: يخلُفُ أحدُهما الآخر: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} [الفرقان: 62]، {وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَار} [البقرة: 164]. تعاقبهما كل يَخْلُفُ الآخر. ومنه: "الاختلاف: عدم الاجتماع على رأي أو موقف أو حكم الخ كأن كلًّا يذهب إلى ما جعله الآخر خَلْفه. وبه كل (اختلف) ومضارعها للفاعل والمفعول، والمصدر (اختلاف) واسم الفاعل (مختلف)، ومنه أيضًا التضاد في القطع (اليمنى من اليدين مع اليسرى من الرجلين مثلًا) كما في [المائدة: 33، الأعراف: 124، طه: 71، الشعراء: 49]. ومن الأصل: "الخلَفُ -بالتحريك: البَدَل (يبقى أو يجيءُ بعد الذاهب: مكانه) مصدر سمى به ""أخلفه: أعطاه خَلَفًا عما ذهب منه {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ: 39]، وكذلك الخلف -بالفتح. وتصلح هذه أن تكون مصدرًا وأن تكون جمع خَالِف كصَحْب وصاحب {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} [مريم: 59] ومنها ما في [الأعراف: 169]. وسائر ما في القرآن من كلمة (خلف) فهي ظرف بمعنى وراء، محولة عن المصدر، كما في (جَنبَ) و (قُرْبَ) إلخ ظروفا. ومنه: "خَلَفَه: صَار خليفَتَه {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي} [الأعراف: 142] واستخلفتُه: جعلتُه خليفتي، والخليفة الذي يُستخلَف ممن قَبلَه {وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ} [الأعراف: 129] ومنه كل (استخلف)، (يستخلف) و (مستخلفين) في [الحديد: 7]. والخليفة: الذي يخلفك ويكون بعدك ". ومنه كل (خليفة) وجمعه (خلفاء)

(خلق)

و (خلائف)، {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ} [الأنعام: 165] ومن هنا "الخِلافة: الإمارة، والمخْلاف: الكُورةُ يُسْتَخلف عليها ولاة ". * ومنه إخلاف الموعد - {فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي} [طه: 86]. (ذهاب الأمر الموعود به أو ذهاب زمنه والصيرورة إلى الزمن الذي بعده) وبهذا المعنى كل (إخلاف الوعد) ومنه ما في [طه: 97]. "وخالفه إلى الأمر وعنده: قَصَدَه بعدَ ما نهاه عنه {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88] و "خَالَفَ عنه: تخَلَف " {يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: 63] (المنهي عنه ممنوع كأنه ذَهَبَ. فعملُه كونٌ بعد ذهاب). وأما "خَلَفَ فَمُه خُلوفًا وكذلك اللبن: تَغَيَّرتْ رائحته "فخلوف الفم من رائحة خِلْفة الطعام أي ما يتولد عنه في المعدة وجودًا أو عَدَمًا. وخلوف اللبن من مُضِىّ زَمَنٍ عليه. • (خلق): {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} [الأنعام: 73] "خَلَقَ الأديمَ (: الجلد): قَدَّره قبل القطع، وقاسه ليقطع منه مزادة أو قِرْبة أو خُفًّا. الخَلِيقة: النُقرة في الجبل يَسْتَنقِع فيها الماء، والبئرُ ساعة تحفر. نشأت لهم سحابة خَلِقَة -كفرحة، وخليقة أي فيها أثر المطر. واخْلَوْلَق السحاب بعد نفرُّق: اجتمع وارْتَتَقَت جوانيه وتهيَّأ للمطر. الأخلق: الأملس. سهم مُخَلَّق- كمعظّم: مملّس مُسْتَوٍ. خَلقة الغار الأعلى: باطنه. والخلائق: حَمَائر الماء وهي صُخُور أَرْبغ عِظَامٌ مُلْس كون على رأس الركيّة يقوم عليها النازع والماتح ". Qتهيئة مادة (غُفْل) لتكون شيئًا مُعَيَّنًا مرادًا. كتهيئة

الأديم بالقياس والتقدير ليكون قِرْبة ... وحفر الأرض لكون بئرًا يخرج الماء، وتجمُّع السحاب تهيؤًا للمطر، وتسوية السهم ليَتَّخِذ تمام هيئته الصالحة لقوة انطلاقه ونفاذه، والغار الأعلى للفم مجوّف مع ملاسة ليسع اللقمة ويسمح بتقليب اللسان، وكالصخور المذكورة مُسَوَّاة ومُهَيأةٌ لقيام النازع والماتح عليها. ومن هذا "خَلْقُ الله الخَلْق ": تهيئته مادة ما لتكون كائنًا سويًا بشرًا أو حيوانًا أو نباتًا أو نهرًا ... {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالمِينَ} [الأعراف: 54]، (والعامة تقول عن السِقط إنه تخَلّق إذا كانت صورة أعضائه -الرأس والوجه بما فيه واليدين والرجلين- قد تحدَّدَت ووَضَحت، وإلا قالوا إنه لم يتخلق). والله عَزَّ وَجَلَّ يقول {ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ} [الحج: 5]. وقالوا "رَجُل خَالق أي صَانِع (يركِّبُ ويهيِّئ الأشياء على هيئاتها). وفي المعاني ذات المراحل يمكن أن يستعمل لفظ الخلق في كل مرحلة تُهيّئ لما بعدها كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المومنون: 12 - 14] فكل طَوْر خلق كما ترى. ومن هذا الخَلْق بمستوياته كل ما في القرآن من تركيب (خلق) عدا ما يأتي. وقالوا "فلان خليق بكذا، وله: جدير به " (كأنه مهيأ وأهل له). و"الخُلق -بالضم وكعنق: الدِينُ والطبعُ والسَجِيَّةُ "- من هذا. كأنه الهيئة التي سُوِّىَ (طُبع) وصُوِّرَ عليها، من حيث إن سلوك الإنسان يضاف إلى صورته في الذهن عنصرًا من مكوناتها {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4].

معنى الفصل المعجمي (خل)

ومن التسوية على هيئة ما: "خَلَقَ الكذبَ والإفك وتخلَّقه واختلقه وافتراه: ابتدعه {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} [العنكبوت: 17]. {إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ} [ص: 7]، وقصيدة مخلوقة: منحولة إلى غير قائلها ". كل ذلك من التهيئة -كما يقال "مصطنع ". ومن الأصل "الخَلاق -كسحاب: النصيب (قَدْرٌ مُهَيَّأ ومُسَوًّى على قَدْر عمل) {وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة: 200] وكل كلمة (خَلَاق) في القرآن. أما "الخَلُوق: الطِيبُ يُتَّخَذُ من الزعفران وغيره من أنواع الطِيب "فهو من الأصل من حيث إن رائحته تغطي غيرها وتجعل الريح مقبولًا. أي من ملحظ التهيئة (النفْسِية) وإذهاب الغِلَظ. أو هو فَعُول بمعنى مفعول أي مسوّى بالخَلْط من أنواع ليصبح طيبًا. ° معنى الفصل المعجمي (خل): الخلخلة أي الفراغ في الأثناء -كما يتمثل في الخَلّة: الفرجة في الخُصّ -في (خلل) وكخلوّ الدار وقلع الحشيش -في (خلو وخلى)، وفي عدم المِلكية رغم مظهرها -في (خول)، وفي فراغ ما في الأثناء بعد ما يخلص من الشيء -في (خلص)، وفي الأثناء التي يتخللها الخليط -في (خلط)، وفي انتهاء الشيء وانقضائه والنظر إلى ما بعده -في (خلف)، وفي كون المادة غُفْلًا ليست معدودة ضمن الأشياء المعروفة قبل أن يهيأ منها شيء -في (خلق).

الخاء والميم وما يثلثهما

الخاء والميم وما يثلثهما • (خمم- خمخم): "ضَرْع: خِمْخِم -بالكسر: كثيرُ اللَبَن غزيرُه. والخَمّ -بالفتح: البكاء الشديد. والخِمامة -كرسالة: ريشَةٌ فاسدَةٌ رديئة تحت الريش (الصحيح). والخَمَّان من الرِمَاح -كحَسّان: الضعيف. والخِمّ: بالكسر: البستانُ الفارغُ، وبالضم: قَفَص الدَجاج. خَمّ اللحمُ يخُمّ -بالكسر والضم- خَمًّا وخُمُومًا. وهو خَمٌّ وأخمُّ: أَنْتَنَ أو تغيرت رائحته ". Qالاضطمام على مائع كثير أو خَوَرٍ أو ما يناسب ذلك من ضعف وفساد (¬1): كالضرع الممتلئ باللبن، والعين بالدمع، والريش الفاسد ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الخاء تعبر عن تخلخل جرم، والميم تعبر عن استواء ظاهره والتئامه على ما فيه، والفصل منهما يعبر عن الاضطمام على تخلخُل رخاوة أو ضعف كالضَّرْع الخِمْخِم: كثير اللبن. فاللبن مائع رخو في أثناء الصَّرْع. وفي (خيم) تعبر الياء عن الاتصال، ويعبر التركيب عن الامتداد (وهو اتصال) مع صورة من صور الضعف والرخاوة كالخامة من الزرع والدبس الخام والجلد الذي لم يدبغ، فإن الصنعة هي التي تُحِكم ما هو خام ليكون على مراد متعاطيه. وفي (خمد) فإن الدال تعبّر بضغطها عن نحو الحبس الممتد، والتركيب يعبر عن نحو السَدّ على فراغ أو تخلخل في الأثناء كما يتمثل في خمود النار بذهاب لهبها. وفي (خمر) فإن الراء تعبر في الاسترسال (هو هنا سَرَيان متوال) والتركيب يعبر عن تسلُّل لطيف الجرم والحركة في أثناء الشيء المستوي الظاهر (أو منها) كرائحة الطيب وكما يحدث عند اختمار العجين وكأثر الخمر. وفي (خمس) تعبر السين عن نفاذ بدقة أو حدَّة، ويعبر التركيب عن نفاذ دقيق قوي من الجرم المخلخل =

(خيم)

تحت الصحيح، وكالرمح مع خَوَره والبُسْتان مع فراغه. والقَفَص غيرُ محكم بل ذو خصاص وكذلك فساد اللحم بالإنتان. ومنه "خَمَّان البيت -كحَسّان ورُمّان: رديء متاعه، وخَمَّان الناس -أيضًا: رُذالهم (غثاء). وقد خَمَّ البئرَ والعينَ: كَسَحها ونَظّفها، والبيتَ: كنسه (أخْذ أو جَمْع للرديء الفاسد فيهما) وخمَّ الناقةَ: حلبها. والفعل فيهن للإصابة) والخميم: اللبن ساعة يحلب ". • (خيم): {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن: 72] "الخامةُ: الزرْعُ أولَ ما يَنْبت منه على ساق واحدة. والخام: الدِبْس الذي لم تمسَّه النار وهو أفضله (الدِبْسُ: عَسَل الرُطَب الذي يسيل منه). والخامُ من الجلود: ما لم يُذبغ أو لم يبالَغ في دَبغه. والخَيْمة -بالفتح: أعوادٌ تُنْصَب في القيظ وتُجْعل لها عوارض .. يُلقَى عليها الثُمَام تُظَلَّلُ بالشجر يُسْتَظَل بها في الحَرّ تكون أَبْرَدَ من الأخبية (وكونُها تُظَلل بالثمام ونحوه هو رأى الأصمعي ومن تبعه. ويذهب غيره إلى أن الخيمة تكون من الخِرَق المعمولة بالأطناب). Qكونُ الشيء غَضًّا على أول فطرته لم تمسّه صنعة: كخَامة ¬

_ = الباطن المستوي الظاهر كالأصابع من راحة اليد. وفي (خمص) تعبر الصاد عن نفاذ قوي غليظ، ويعبر التركيب عن نفاذ قوي غليظ من مثل ذلك الجرم ذهابًا فينقص سمكه كخمْصة الأرض وأخمص القدم والخُمْص. وفي (خمط) تعبر الطاء عن ضغط بغلظ، ويعبر التركب عن غلظ في أثناء الشيء يتمثل في فجاجة طعم الشيء غير الناضج كما في أكل اللحم الذي لم يُنْضَج وشرب اللبن الحامض ورائحة السقاء المتغير الرائحة.

(خمد)

الزرع، والجِلْد الذي لم يُدْبغ والدِبْس الذي لم تَمَسَّه النارُ، وكالخيمة بصورتها الفطرية التي وصفها الأصمعي. وفطرية الشيء محَببَة إلى النفوس (بعض العرب الآن ينصُبون خيامًا فوق أسطح قصورهم أو عمائرهم الشاهقة)، {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن: 72]. ومن غضاضة أول الفطرة وضعفها، أو من الخيمة أُخِذ معنى "الإخَامَةُ وهي أن يصيب الإنسانَ أو الدابةَ عَنَتٌ في رجله فلا يستطيع أن يُمَكن قدمَه من الأرض، فيُبْقِى عيها، فيرفعها عَلى طَرَفِ (أصابعه أو) حافره (أي ويقف. ولنلحظ أنه وقوف ضعيف خال من قوة الثبات). وَجاء أيضًا قولهم "خام عن القتال يَخيم: جَبُن " (فهذا خَوَر مَن ليس لقلبه صلادة يُقْدم بها على القتال). • (خمد): {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ} [يس: 29] "الخَمُّود -كتَنُّور: موضعٌ تُدْفَنُ فيه النارُ حتى تَخمُد. والمُخْمِد -كمُحْسِن: الساكت الساكن لا يتحرك. خَمَدت النار (قعد): سكن لهبها ولم يَطفأ جمرها ". Qانقطاعٌ للحادّ الذي شأنه أن ينفذ من الشيء -كانقطاع اللهب الذي كان ينفذ من النار بالدفن أو غيره مع عدم انطفاء الجمر، وانقطاع الكلام مع بقاء القدرة عليه. ومنه "خَمَد المريض: أُغْمِى عليه أو مات {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ}، {حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ} [الأنبياء: 15]، "قوم خامدون: لا تَسْمع لهم حِسًّا. وخَمَدَت الحمَّى: سكنَ فورانها ".

(خمر)

• (خمر): {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} [محمد: 15] "الخُمْرة -بالضم وبالتحريك: ما خامرك من الريح/ الرائحة الطيبة. يقال وَجَدْتُ خُمْرَة الطِيب أي ريحَه. والخمير والخميرة: التي تُجْعل في الطين والعجين. وبقال اختمر الطيب والعجين. وخُمْرَة اللبن -بالضم: رُوبتُه التي تُصَبُّ عليه ليروب سريعًا. ويقال "توارَى الصيدُ عنى في خَمَر الوادي ". الخَمَر -بالتحريك: ما واراه من جُرُفٍ أو حَبْلٍ من حبال الرمل .. أو شَجَرٍ أو جَبلٍ أو نحوها. ومكان خَمَر -بالتحريك أيضًا: ساتر بتكاثف شجره ". Qجنس من السَتْر اللطيف: كما تستر الرائحة الطيبة الشيء بأن تغشاه فتغلبه وتحول دون غيرها، وكاختمار الطيب والنبيذِ وكذا العجين والطين واللبن بتولُّد غازات نَفَّاذَةٍ في أثنائها تحُسُّ شَمًّا أو ذوقًا ولا تظهر للعَين، وكاستتار الصيد في أثناء الشجر وبَطْنِ الجُرُف ووراءَ الرمل والجبل فتُخفيه أي تستره. ومن هذا الأصل سميت الخَمر لإسكارها وهو شعور بالتخدّر أو نحوه يسري في الجسم فيضعف إحساسه، وفي العقل فيضعف وعيه. وعبارتهم في هذا أن خُمْرتها -بالضم، وخُمَارها -كصداع: "ما خالط من سُكرها ". وكلام ابن الأعرابي أنها "تُركت فاختمرت، واختمارها تغير ريحها "لكن الأثر في خمر الدنيا السكر وفي خمر الآخرة اللذة، كما قال عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} [محمد: 15]، وقد جاء في القرآن بشأنها .. {كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا} [الإنسان: 17]، وأنها {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [الصافات: 47]. وكل ما في القرآن من التركيب هو (الخَمْر)، (خمُر) جمع خمار، وستأتي.

(خمس)

ومن الأصل قالوا "خامره الداء: خالط جوفه. وخامر الرجلُ بيتَه، والمكانَ: لَزِمَه فلم يبرحه، وكذلك خَمره -ض. (ملازمة المكان استتار فيه) وخَمَرت الشيء (نصر): سترته. وأَخْمَرَ ظِنّةً: أضْمَرها (في باطنه) وأخمَر: حَقَد. خَمِرَ عَنِّي (تعب): خَفِى وتوارى. وخَمِر الرجلَ (شرب): استحيا منه (هابه كأن عليه حجابًا دونه -يلحظ أثر الصيغة) - والخِمَار: ما تغطى به المرأة رأسها وجمعه خُمُر -بضمتين {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور 31]. والخُمْرة -بالضم: حصيرة تنسج من سَعَفٍ يُسْجَد عليها (تغطى الأرض أو تقي الوجه التراب عند السجود، وقالوا لأن خيوطها مستورة بسعفها). وأخمَرهُ الشيءَ: أعطاه أو ملّكه إياه (أدخله في حَوْزَته والحَوْزَة كالجوف والأثناء). وكذا: "استَخمَرَ الرجلَ: استعْبَدَه وهو حُرٌّ " (أخذه في حوزة نفسه). وقد قالوا إن العنب يسمى خَمْرَا أيضًا، وبه فسروا {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36]، فإن كان ما ورد من ذلك على الحقيقة فعلى اعتبار ما يكون. • (خمس): {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجادلة: 7] "الخميس: الجيش. وما أدري أيّ خميس الناس هو: أي جماعتهم. Qتجمع يضم أفرادًا كثيرين (أي كتلة تضم أجزاءً دقاقًا): كما في الجيش والجماعة. وأرى أنه مِن هذا، ومن أنّ الخاء والميم تعبر عما ما يضطم على خور وعدم صلابة -وهذا ينطبق على ما يضم أشياء دقيقة ليس "كتلة واحدة "كخُمّ الدَجاج، ومن دلالة السين على خروج (أو نفاذ) شيء دقيق: أن هذا ينطبق تمامًا

(خمص)

على اليد التي تخرج منها الأصابع الخمس دِقاقًا. وأن هذا أساس دلالة التركيب على العدد المحدد خمسة. واستعمال اليد بأصابعها في العدّ كان مألوفًا لديهم تثبته رواية تحديد الشهر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - .. عندما أنهى إيلاءه. قال إن الشهر يكون تسعة وعشرين يومًا ""ثم طبق النبي - صلى الله عليه وسلم - بيديه ثلاثًا: مرتين بأصابع يديه كلها والثالثة بتسع منها " [التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول ج 2 ص 51] وكل ما في القرآن من التركيب بعد ذلك مشتق من الخمسةِ العددِ {وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ}، {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14]، {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41]. • (خمص): {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة: 120] "الخَمْصَة -بالفتح: بَطنٌ من الأرض صغير ليّن الموطئ. وأَخْمَصُ القَدَم: ما رَقّ من أسفلها وتجافي عن الأرض. والمخمصة: الجوع (وهو خلاء البطن من الطعام جوعا). والخُمصان -بالفتح والضم: الجائع. وخميص الحشا: ضامر البطن. وخمص الجرح (قعد) وانخمض: ذهب ورمه. " Qضمور الشيء ورقةُ جِرمه لذهاب ما بداخله من غَلْظٍ: كالأرض المذكورة، وكأخْمص القدم، وكما في حالة الجوع وضُمْرِ البطن وذَهابِ الوَرَم {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ} [المائدة: 3]، أي مجاعة وكذا ما في [التوبة: 120]. ومنه "تخَامَصَ الليلُ: رقتْ ظلمتُه (ذهبت كثافة الظلام) وتخامَصَ للرجل عن حقه: تجافي عنه (أخرجه لا يمسكه). ومنه "الخميصة: كساء، يُنْسَجُ من

(خمط)

المِرْعِزَّى " (الزغب الذي تحت شعر العنز -الصوف اللين أو الخزّ الإبريسم- وكلاهما رقيق فالخميصة رقيقة النسج ليست كثيفة -من الأصل) لكنّ البَتّ- مَثلا- غليظٌ كَثِيف. • (خمط): {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ} [سبأ: 16] "خَمَطَ اللحمَ (ضرب): شَوَاه فلم يُنْضجْه. والخمْطَة -بالفتح: الخَمْر التي أَخَذَت شيئًا من الريح وأُعْجِلَت عَنْ الاستِحْكامِ في دَنّها/ أَوَّل ما تبتدئ في الحُمُوضة قبل أن تَشْتَدّ. وكلّ طَرِيّ أخَذَ طَعْمًا ولم يستَحْكِمْ فهو خَمْطٌ. ولبن خَمطٌ: حامض. وخَمَطَ السِقاءُ: تغيرت رائحتُه ". Qفقد الشيء طِيبَه أو قبولَ النفس له لعدم سَوَاء الأثناء أو تغيرها. كطعم اللحم واللبن وكل ما لم ينضج، وكريح السقاء المتغير الرائحة {ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ} أي مسيخ أو حامض، والسياق والتركيب يُحيلان تفسير الخمْط بالطيّب. ومن ذلك "الخَمْطَةُ: ريح نَوْر الكَرْم وما أشبهه مما له ريحٌ طيبة وليست بشديدة الذكاء طِيبًا (ريح نَور الكرْم ضعيفة أصلا). وأرض خَمْطَة: طيبة الرائحة (طيب نسبِيٌّ من رُبُوض الغَنَم بها مثلًا، وتُقبَل رائحتها عندهم -لا أنها عطرية [ينظر ل بنن]). وليس في هذا تضاد مع نحو "خمط السقاء "، إذ ليس الأمر مقابلة بين ريح خبيثة وطيبة، بل هي في الحالين ريحٌ عاديّة مشوبة بخبْثٍ ما. ومن الأصل كذلك "خَمِطَ الرجل (تعب) وتَخَمَّط: غَضِبَ وتكبر وثار. وهو مُتَخَمّط: شديدُ الغضب له ثَوْرَةٌ وجَلّبَة " (الغضب مشاعر حادة في الباطن، لنقص ما يُرضِي).

معنى الفصل المعجمي (خم)

ومن حدّة الأثناء تغيرها عن السَواء تلك "تخمَّطَ الفحلُ: هَدَر، بحر خَمْط الأمواج: مضطربها ملتطمها. وقد تخمط: التطم " (فهذا الالتطام حدّة فيه لأنه غير مريح). ° معنى الفصل المعجمي (خم): الاضطمام على رخاوة أو ضعف في الأثناء -كما يتمثل ذلك في الضرع الخِمْخِم الكثير اللبن -في (خمم)، وفي ضعف أثناء الخامة من الزرع وقلة صلاحية الجلد غير المدبوغ -في (خيم)، وفي ضعف النار -وهي أحدّ الحوادّ- بحيث يمكن أن يخمد لهبها -في (خمد)، وفي الأثناء المتفتقة التي تسري فيها غازات التخمر -في (خمر)، وفي التخلخل الناتج عن خروج الدقاق -في (خمس)، وفي فراغ الأثناء المترتب على ذهاب شريحة غليظة ممتدة منها -في (خمص)، وفي الأثناء التي لم تنضج -وعدم النضج مستوى من الفساد والضعف -في (خمط). الخاء والنون وما يثلثهما • (خنن- خنخن): "الخِنّ -بالكسر: السفينة الفارغة. والخُنَّة بالضم: الغُرْلَة. والمَخَنّة -بفتحتين فشد: طَرَفٌ الأنف، ومَضِيقُ الوَادي، ومَصَبُّ الماء من التَلْعَةِ إلى الوادي، ووَسَطُ الدار أي فِناؤها ". Qتجوُّفٌ ضَيِّقٌ يمتد في باطنٍ (مَعَ خَشونة ما أو غلظ في غايته) (¬1). كجوف السفية الفارغة وقاعها، والغُرْلة والعُضْوُ في قاع امتدادها. ¬

_ (¬1) (صوتيَّا): الخاء تعبر عن التخلخل، والنون تعبر عن الامتداد اللطيف في باطن، والفصل منهما يعبر عن تخلخل أو تجوف يمتد في باطن كما في الخِنّ: السفينة الفارغة، = = وفي الخُنّة الغرلة. وفي (خون) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب معها عن سريان

(خون)

وكذا طَرَف الأَنف والمضيقُ والمَصَبّ في كل منها تَجَوُّفٌ عميق أقصاه غِلَظٌ ما، وفِنَاء البيت فراغٌ في وَسَطه. ومنه "الخَنِين: خروج الصوت من الأَنف بُكاء أو ضَحِكًا، والخُنّة -بالضم أشدُّ من الغُنَّة وأقْبَحُ "كأَنَّ الأَخَنَّ والخَنّاء خيشومهما فيه ما يسبب غلظ الصوت- لا رقته كما في الغنة. و "قد خَنْخَن: أخرج الكلام من أنفه ". ومن ذلك الأصل "خَنَّ مَاله: أخَذه، والجُلَّةَ: استخرج منها شيئًا بعد شيء " (انتقاص وضم إلى الحوزة بعمق (استبقاء فيها) وغلظٍ ما (أنه بغير حق). • (خون): {وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} [الأنفال: 71] "خان يخون: كان به ضَعْفٌ وفي نَظَرِه فَتْرةٌ: وخانَتْه رِجْلاه: لم يقدر على المَشْي. وخانَ الدلوَ الرشاءُ: انقطع (المُنْجد). خَوّنَهُ. وخَوَّنَ منه وتخَوّنَه: تنَقَّصَه وتخون التَرْحَالُ الناقَةَ: تَنَقَّصَ لحمها وشَحْمها. واخْتَان المالَ: سَرَقه ". ¬

_ = وفي الخُنّة الغرلة. وفي (خون) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب معها عن سريان التخلخل أو الفراغ إلى ما هو مشتمل عليه كنقص قوة النظر من العين وكذا قوة المشي من الرِّجل. وفي (خنز) تعبر الزاي عن الاكتناز والازدحام ويعبر التركيب عن الاكتناز برائحة كريهة من طول مكث (وهذا تراكم) كما يخنز اللحم. وفي (خنزر) عبرت الزاي عن نفاذ مكتنز غليظ، والراء عن استرسال في ذلك، ويعبر التركيب عن غلظ دائم يمتد من مقدم الشيء. وفي (خنس) يعبر التركيب بأثر السين عن التسرب القوي إلى الداخل كخَنْس الإبهام وخنَس الأنف. وفي (خنق) يعبر التركيب بأثر القاف عن غليظ صلب في العمق يعترض الامتداد الجوفي الفارغ. كما في الخانق والخنْق.

(خنز)

Qنقصُ خطيرٍ -في خِفْيَةٍ أو لُطْفٍ- مِنْ بَاطِنٍ أو حَوْزَةٍ كان في داخِلِها: كذَهَابِ الحِدَّة مِنَ النَظَر، والقُوّة من الرِجْلَين ومن الرِشَاء، وكذَهابِ اللَحْم والشحم من الناقة، وكسَرِقةِ المال. ومنه "خَوّنه وخَوَّنَ منه -ض، وتخوّنه: تَنَقَّصَه 175. ومن ذلك خَوْن الأمانة المادية بانتقاصها أو أخذها في خفية كالسرقة. ومن معنويه: خيانة العهود والمواثيق، فعدم الوفاء نقص، كما أن إتمام الكيل استيفاء "يقال: خَانَه العهدَ أو الأمانةَ أي في العهد أو الأمانة. وخانَه في كذا: أُوتُمِنَ فلم يَنْصَحْ. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27] {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 187]: يَخُونُ الواحد منهم نفسه من حيث كان ضَرَرُ معصيته عائدًا عليه. [قر 2/ 317]. [وانظر طب 3/ 493] {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ} [غافر: 19]- هِىَ التي تسترق النظر كما يقال أخذته عيني. وهذه تزيد أن ذلك يتم خفية. {فَخَانَتَاهُمَا} [التحريم 10] انتقصتا حقهما بالكفر، إذ كانتا تعايشانهما وتعرفان صدقهما، فكان ينبغي أن تصدقاهما وتؤازراهما [ينظر بحر 8/ 689]. • (خنز): "خنِز اللحم، والتمر والجوز بالكسر - "خُنوزًا وخَنَزًا: كلاهما فَسَد وأنتنَ. لولا بنو إسرائيل ما أنتن اللحم ولا خنِز الطعام- كانوا يرفعون طعامهم لغدهم: أي ما أنتن وتغير ريحه. والخُنَّاز: اليهود الذين ادخروا اللحم حتى خنِز ". Qريح خبيثة حادّة تتولد في أثناء الشيء تُشَمّ أي تعرف منه: كنتن ريح الأشياء المذكورة. ومن مادّى ذلك -مع اختلاف جهة الإنكار:

(خنزر)

"الخَنزوان -بالفتح وضم الثالث: الخنزير/ ذكر الخُنَّازير. والخناز -بالضم وتشديد النون: الوزغة "كلاهما منكر الشكل. والخنزير منكر الريح قذر المأكل أيضًا. ومن المعنوي "في رأسه خُنزوانة أي كبر "وهو من الكبر المكروه المرفوض كأنه ما يكون من فاقد أيّ أهلية لذلك. قالوا "لأنها أي الخنزوانة تغيّر عن السمت الصالح "وهذا تعبير مخفف عما تؤديه الشواهد التي ذكروها. والكبر شيء في نفس المتكبر منكر ممقوت، وبخاصة إذا كان بلا أساس حقيقي (¬1). • (خنزر): {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3] "الخِنزير: حيوان معروف. والخنازير: قروح صلبةْ تَحْدُثُ في الرقبة/ غُدَد صُلْبة تكون غالبًا في العُنُق وَيظْهر على سَطحها دَرَنٌ شبيه بالعنق (المنجد). وخِنزير البئر: خشبة فوقَ فم البئر يلتف عليها الحبل عند الاستقاء. والخَنْزَرة -بالفتح: فأس عظيمة تكسر بها الحجارة ". Qشيء غيظ المنظر والمخبر دائم الغلظ: كتلك الغُدَد الموصوفة وهي غليظةٌ جِرمًا، قبيحة كريهة مَرْأى (أي حادة الوقع على الحس). وخِنْزِيرة البئر تمتد من حافة منه إلى مقابلها، وهي بالغة القوة يتجمع حبل الدلو عليها تجمعا غليظا يشبه رأس الخنزير. وفأس الحجارة يمتد منها سِنُّ مُذَبَّبٌ كأقوى ما يكون، وكفِنْطِيسَة الخنزير التي يتميز يها وهي واضحة الامتداد ¬

_ (¬1) ذكر الخنيز نوع من الثريد، لكنه في التاج بالباء أيضًا (خبيز) وهو الصواب، إذ لا وجه له هنا.

(خنس)

والغِلَظ والقُبْح. ومنه "الخَنْزرة -بالفتح: الغِلَظ ". • (خنس): {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ} [التكوير: 15] "الخَنَسُ في الأنف: تأخُّرُه عن الوجه مع ارتفاع قليل في الأرنبة [ق]. وخَنَس إبهامَه: قَبَضَها ". Qتأخُّرُ الناتِيء الدقيق غائرًا في ما نَتَأ منه: كخَنَس الأَنْف وتَأَخُّر الإِبْهام بقَبْضِها. ومنْه "خَنَس مِنْ بَينِ أصْحابه: انقَبَضَ وتَأَخَّر واسْتَخْفَى/ تَوارىَ وغَاب. وخَنَسَ زيدًا: أَخَّرَه. وأَخْنَسْتُ عنه بعضَ حقه: أَخَّرْته {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ} الكواكب كلها (أو السيارة، أو الدرارى الخمسة) تَخنِسُ أحيانًا في مجراها حتى تَخفَي تحت ضَوْء الشمس. {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} [الناس: 4]: الذي يُكْثِر الخَنْس والذي يُوَسْوِس ثُم يَخْنِس وهو الشيطان. • (خنق): {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ} [المائدة: 3] "مُخْتَنَقُ الشِعْبِ: مَضِيقُةُ. والخَانِقٌ: مَضِيقٌ في الوادي. والخُنَاق -كصُدَاع: دَاءٌ أو رِيحٌ يأخذ الناسَ والدوابَّ في الحلوق ". Qضيق شديد يعترض في التجوف الممتد في الباطن بحيث يكاد يسده: كمضيق الشِعْب والوادي يكون بتقارب الجانبين فيعترضان التجوف المسترسل. ومنه الخَنْق المعروف لأنه يتم بسَدّ مسلك الهواء {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ} [المائدة: 3].

معنى الفصل المعجمي (خن)

° معنى الفصل المعجمي (خن): التخلخل الممتد في الباطن -كما يتمثل في فراغ جوف السفينة وفراغ الغُرْلة -في (خنن)، وفي ضعف قوة إبصار العين وانتقاص الشيء -في (خون)، وفي الأثناء التي زخرت بالغازات المنتنة -في (خنز)، وفي الأثناء التي احتفظت بذلك النتن وزادت عليه قبح المنظر -في (خنزر)، وفي الفراغ الذي رجع فيه جسم الأنف وإليه الإبهام -في (خنس)، والتجوف الذي يسده أو يعترضه غليظ صلب -في (خنق).

باب الدال

باب الدال التراكيب الدالية • (ودد): {إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود: 90] "الود -مثلثة: الحُبّ ". ولم يوردوا مع هذا إلا "الوَدّ: الصنم "وسنعلق عليه. [ونظرًا إلى معنى الحُبّ (انظر حبب)، وإلى استعمالات (أدد- أدى- أود ... الخ) أقول إن]. Qالتلازم والتماسك الممتد -مع رفق أو لين- للاحتواء على مادة ذلك: كما في الود: الحُبّ. ومنه ما أنشده ابن الأعرابي [ل ودد] في ناقة: وأَعْددتُ للحرب خيفانة: ... جَمُوم الجِرَاءِ وَقاحًا وَدودًا فُسِّرت أخذًا من الوُدّ: الحُبّ بأنها باذلة ما عندها. وأرى أن الشاعر يقصد استمرار عطائها أي قدرتها على الاستمرار في السير ونحوه. والاستمرار اتصال وتماسك قوى. ومن ذلك "الوَدّ -بالفتح: الصنم أي أنه في زعمهم ممسكهم (أي ملكهم، وسيدهم انظر: ملك) أو راعيهم وحافظهم. ويأتي بالضَمّ على مَعْنى أنهم به يُمسَكون. {وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا} [نوح: 23] ومن الود الحب {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 69]. أي حبًّا عظيمًا عنده أو في قلوب عباده فينجذبون إليهم ويتمسكون بهديهم. {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} [البروج: 14]: المحبُّ لعباده يصلهم ويُمِدّهم برحمته

(أدد)

ونِعمته. {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم 21] محبةً وشفقة [قر 14/ 17] فالرحمة هي الحدّ الأدنى إذا فُقِدَت المحبة. مروءة الإِسلام. ومنه "المَوَدّة: الرسالة "لأن بها الصلةَ والاتصال {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة: 1]. وتفسر هذه أيضًا بالمحبة أي بأسبابها، وهذا آصل فإنه يبدو أن استعمالها في "الرسالة "تفسير بالمراد. • (أدد): {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا} [مريم: 89] "أَدَدُ الطريق: دَرَرُه -بالتحريك فيهما. (أي مَتْنُه ومَدْرَجَتُه الممتدّة) والأَدُّ: صَوْتُ الوطء. وأَدَّ الحَبْلَ: مَدّه. والأَدِيد: الجَلَبة. وأَدُّ الناقة -بالفتح: حَنينُها ومَدُّها لصوتها. وأَدَّ البعيرُ: هدر. وقال البحتري في وصف الذئب: {ومتن كمتن القوس أَعْوج مُنْأَد "} Qضغط عظيم مع امتداد: كأَدَد الطريق: ما يمتد منه ويستقم ويكثر عليه المرور. فهو منضغط شديد من كثرة الوطء، وواضح، لأنه متصل بين ما حوله، من كثرة السير عليه. ومتن القوس لا ينحنى إلا من ضغط شديد. ومَدُّ الحبلِ يكون بشَدّه، والشدُّ يجعله يَدِقّ ويتوَتّر كالمضغوط مع كونه ممتدًّا. ومن ذلك قولهم: "أدَّ في الأرض: ذَهَب/ نَدَّ "فهذا ابتعاد وهو من الامتداد، ووراءه نفورٌ وغَضَب أو نحوه مما هو من باب الضَغْط والتَوَتر. أما الاستعمالات الصوتية المذكورة، فالراجح أنها من ضغط إصدار الصوت كما هو واضح في الهدير، أو مما هو كالضغط الداخلي والتوتر كما في حالة الحنين. ونعود إلى الأصل فنقول إن منه: "الأَدّ -بالفتح: الغلبة والقوة (القوة تضغط وتقهر). قال: {نضون عني شِدّةً وأَدّا} والإدّ: الأمر العظيم الشدة. أدّه الأمر:

(ودى)

دَهاه. وقد أدَّته داهية {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا}: منكرًا عظيمًا -[قر 11/ 156، وابن قتيبة 276] وقد جعله الراغب من الجلَبة. وهذا مَسْخ للمعنى الذي تقول الآيات التالية عنه. {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} [مريم: 90]. • (ودى): {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه: 12] "الوادي: كُلُّ مَفْرَجٍ بَينَ الجبالِ والتِلالِ والأَكَم .. يكون مَسْلَكًا للسَيْل ومَنْفَذًا. والوَدِىّ -كغَنِيّ: فَسِيلُ النَخْل وصِغَارُه، والسائلُ اللَزِجُ الذي يخرج من الذَكَر بعد البَول، وهو الوَدْىُ -بالفتح -أيضًا. وَدَىَ الحمار والفرس: أدلى ليبوك ". Qحَيّزٌ يمتدّ دقيقًا منصوّبًا يسيل فيه مائع برفق. كالوادي فهو مسيل منحدِر هابط يسيل إليه ماء المطر فيحوزه ويجرى فيه ممتدًّا برفق وهوادة لأنه يتجمع من ماء المطر شيئًا بعد شيء. والوَدِيّ الذي يسيل من عضو الرجل بعد البول سائل يخرج بلا دَفْق، والوَدِيّ الذي هو فسيل النخل وصغاره ينبت أي يمتد من أصل النخلة قليلًا قليلًا وهو ممتد البقاء، وكلاهما كان مَحُوزًا في باطن مصدره. وقولهم وَدَي الحمارُ بمعنى أدْلَى هو من ذلك، والدِيَة (أصلها اللفظي. وِدْيَة) مالٌ كان محوزًا يخرجه القاتل إلى وَلى الدم بيُسْر، لأنه ينقذ به نفسه من القصاص، ولعل المقصود بالاسم هو حَوْزُ الولِيّ إياها. {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92]. ومن أودية الماء قوله تعالى {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} [الرعد: 17]، {إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ}

(يدي)

[إبراهيم: 37]. وكل ما في القرآن من التركيب عدا (الدية) هو (الوادي) وجمعه أودية. ومن ذلك الامتداد بإبعاد قولهم "أوْدَى بالشيء: ذهب به، وكذلك أوْدَى به المنون: أهلكه ". والتعبيران لا يعرضان لكيفية الذهاب والهلاك. وكأن المقصود بهما هو التعبير عن مجرد ذهاب الشيء والشخص من الحيز أخذًا من الامتداد في الأصل. • (يدي): {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10] "اليَدُ (أصلها يَدْي -بالفتح): الكف. ويد السبف مَقبِضُه. وكذا يَدُ الفأس ويَدُ الرحى: العُودُ الذي يقبض عليه الطاحن ". Qامتداد من الشيء يمكّن من الإمساك به. كما تُمسِك الكف بالأشياء وكما تُمسَك الفأس والرحى إلخ بأيديها بتمكن {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]. ومنه يَدُ الرجل: جماعة قومه وأنصاره (امتداد له يمكّنه). ثم أُطْلِق في الجماعة دون قيود: "جاءني يَدٌ من الناس: أي فرقة. والفلاحون يقولون اليَدّ الغَرْبىّ أو القِبْلىّ من الأرض أو البلد إلخ يعنون الجانب أو الناحية (امتداد وتماسك). ومنه "اليَدُ: القوة والقدرة والطاقة (شدة يتأتى بها الإمساك والتناول بتمكن) كقولهم ما لي به يدان أي طاقة ". وبه فسر {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}، {أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ} [ص: 45]، وبه فسر {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ

(أدو/ أدى)

صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] أي عن قَهْر وقُدْرة وتمكّن منكم. وكذلك "اليَدُ: المِلْك والغِنَى (إمساك بالأشياء وبالمال)، وكذا النِعْمَة والإحسان، والمنّة والصَنِيعة " (صلةٌ وإمدادٌ وتمكين ومعونة). ولما كانت يَدُ الإنسان أمامه في عمله استعمل التعبير (بيْنَ يَدىْ) كذا -للدلالة على ما تقدم الشيءَ أمامه {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} [سبأ: 31]-أي الذي تَقَدّمه وسَبَقه من الكتب. وقوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} [سبأ: 46] أي هو يتقدم ويسبق عذابًا سيأتي بعده لمن لا يقبله ويؤمن به. وقوله تعالى: {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ} [إبراهيم: 9]، فُسِّر بِعَضِّهم الأناملَ غيظًا لما في دعوة الرسل من تسفيه آراء الكفار وآلهتهم، كما فُسِّرَ بإسكاتهم الرُسُلَ إعراضًا عما يقولون [قر 9/ 345]. وليس في القرآن من التركيب إلا اليد ومثناها وجمعها بمعنى الجارحة أو الكناية بها. • (أدو/ أدى): {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] "الإداء -ككتاب: الوِكَاءُ وهو شِدَاد السِقَاء. والإداوة -كرسالة: إناءٌ صغير من جِلْد يُتَّخَذ لماء الوضوء ونَحْوه. وأَدَا اللبنُ أدُوًّا وأُدِيّا (بوزن قعود فيهما): خَثُر ليروب. وأَدَوْته (قتل): مَخضْته أي أَخَذْت زُبْدَه. وثوبٌ أَدِىّ -كغَنيّ: واسع ". "أَدَت الثمرةُ تأدو (قعد) وهو اليُنوع. وأَدَى السقاءُ يأدِى (جلس): أمْكَن ليُمْخَض. وأَدَا السبُعُ للغزال يأدُو أَدْوًا (قتل): خَتَله ليأكله ".

(أود)

Qالتمكن والتمكين من الشيء حَوْزًا أو إتاحة انتفاع. كالإِداء يمكن من حَمْل السِقَاءِ مع حفظه ما فيه، ويتيح الانتفاع بما فيه، والإداوة تيسر الوضوءَ ونحوه ليُسْر تناول الماء بها، وخُثُورة اللبن ورُءُوبُه هو المرحلة التي تتيح مَخْضَه لاستخراج الزُبْد والسمْن، وكذلك أُدُوّ الثمرة، وأدْوُ السبع للغزال: احتيال للتمكن منه وحوزه، والثوب الأَدِىّ الواسع يتيح حرية الحركة والستر وهذا تمكن. ومن ذلك "آدَى القومُ وتآدَوْا: كَثُروا بالموضع وأخْصَبُوا (فهذا تمكن عظيم في حياة البدو القائمة على المغالبة). وآدَى الرجل: قَوِىَ، وآدَاه على كذا: قَوَّاه عليه وأعانه. واستأدَى السلطانَ عليه: اسَتْعداه " (استمد قوته). وواضح أن "إداوة الشيء -كرسالة، وسحابة، وأَدَاته: آلته " (هي من ذلك التمكين) وكذلك أدّى الشيءَ -ض: أَوْصَله (إلى شخص ما فتمكن ذلك الشخص من الشيء {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، {أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ} [الدخان: 18] قال ابن عباس جاءهم فقال: اتَّبِعُوني. [قر 16/ 134]. • (أود): {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} [البقرة: 255] "آد العودَ يئوده: حَنَاه وعَطَفه. وتَأَوَّد العودُ: تثنى. قال الراغب وتحقيق آدَه: عَوَّجه من ثِقَله. وتأَوَّدَت المرأة في قيامها: تَثنَّتْ لتثاقلها ". Qالضغط بثقل شديد على الممتد حتى ينثني. كما هو واضح في الأمثلة المذكورة. ومنه "آدَه الأمر: بلغ منه المَجْهُودَ والمشقة. وقوله

(أيد)

تعالى: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} قال أهل التفسير واللغة معًا: ولا يَكرُثُه ولا يُثْقِله ولا يَشُقّ عليه. ومنه المآوِدُ: الدواهي (تُثْقِل وتبْهظ). ومن الثَنْى وحده -دون قيد ضغط الثقل- "آدَ النهارُ: رَجَع في العَشِىّ. وآدَ عليه: عَطَف (كما قالوا: حنا، حَدِب، جنأ عليه). • (أيد): {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 62] "الإِياد -ككتاب: الترابُ يُجْعَل حولَ الحَوْض أو الخباءِ يقوَّى به أو يَمْنع الماء. والإياد كُلُّ مَعْقِل أو جَبَل حَصينٍ أو كَنَفٍ وسِترٍ ولجَأٍ، وكل ما يُحْرَزُ به فهو إياد. وإياد العسكر: الميمنة والميسرة ". Qتحصين الشيء وتقويته من حوله (أي من جانب أو جانبين): كالتُرابِ حَوْلَ الحَوْض والخِبَاءِ والمَعْقِل وتلك الأشياء التي تَحْمِي وتَحْفَظ الشيء. ومن ذلك قيل لميمنة المعسكر وميسرته إياد (لأنها تحفظ قلب الجيش من الجانبين). ومنه "الآدُ: الصُلْب " (قُوَّةٌ من جانب الظَّهْر). ثم قالوا: "الأيْد والآد: القُوّة - (أي مطلقًا) {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ} [ص 17]: "ذا القوة في الدين والشرع، والصدْع بأمر الله، والطاعة لله، وكان مع ذلك قويًا في بدنه " [بحر 7/ 378]. وآدَ يَئِيدُ: اشتدّ وقَوِىَ. {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات: 47]: بقوة [أبو عبيدة 2/ 179، 255]. وأيّدته -ض: قَوَّيْته: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ}. {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [البقرة 87]: قويناه [بحر 1/ 467]. وقد ورد التأييد تسع مرات، وُصِل ثلاث مرات بروح القدس، وكانت بشأن سيدنا عيسى، وثلاثا بنصر الله بشأن سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى جميع

(وأد)

النبيين: عطف عليه المؤمنون في [الأنفال 82] وفسّر في [التوبة 40] {بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا} وأُيِّد مخلصو أتباعه - صلى الله عليه وسلم - بنصره تعالى في [آل عمران 13] و (بروح منه) {بِرُوحٍ مِنْهُ} في [المجادلة 22]. وكانت [الصف 4] لمخلصي أتباع سيدنا عيسى عليه السلام. • (وأد): {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} [التكوير: 8] "سَمِعتُ وَأدَ الإبل -بالفتح- ووَئِيدَها: شدَّةَ الوَطْءِ على الأرض يُسْمَع كالدَوِىّ من بُعْد، وكصَوْت الحائط إذا سَقَط -ونحوِه ". Qالضغط إلى أسفل بِثقَل عظيم: كضَغط الإبل على الأرض في وَطنها مع ثِقَل جِسْمها وثقل أحْمالها، وكالحائط يسقط بِثقَله الذاتي وثقَل الهُوِى. ومنه: "وَأدَ ابْنتَه: دَفَنَها في القبر وهي حَيّة (أثقلها بتراب ورمل كثير ضاغط وكلمة (قبر) غير دقيقة، لأن القبر فجوة تُعَدّ، في حين أن الأمر هنا دَسّ {يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} [النحل 59]). {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8 - 9]. الدال والباء وما يثلثهما • (دبب - دبدب): {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: 6] "ناقة دَبوب: لا تكاد تمشي من كثرة لحمها، إنما تِدبّ. الدَبوب: السَمين من كل شيء (أي من كل حيوان) الدَبَّةُ -بالفتح: الموضع الكثير الرمل/ الكثيب من الرمل، لأن الجمل إذا وقع فيه (أي صادفه في طريقة فسار فيه) تعبَ (أي لأن

رجله تغوص فيه فلا يكاد ينتقل). دب القوم إلى العدُوّ دبيبًا إذا مشوا على هِينتهم لم يسرعوا. دَبَّ الشيخ: إذا مشى مشيًا رويدًا. غُلَيّمٌ يُدَبَّب: أي يُدَرَّج في المشي رويدًا ". Qحركة بطيئة أو خفية لثقل عظيم (¬1) (أي تكون من بطئها لا تكاد تلحظ): كالناقة الدَبُوب، وكالجمل إذا وقع في الرمل، وكما يَدِبّ الشيخ والطفل لزيادة ثقلهما عن طاقتهما، ودبيب القوم الموصوف قد يكون حقيقة وهم ثقال لأنهم (قوم) أي كثيرون، وقد يكون البطء مُتَوهَمًّا من كثرتهم فلا تبدو حركة جماعتهم قوية -كما يسمى الجيش زَحْفا، وليس من شأنه الزحف، ولكن كثرته تبدي حركته بطيئة. وأرى أن من ذلك تسمية "الدُبّ "ذلك "الضرب من السباع "لأنه بَدِين "ثقيل الحركة، وكذلك "الدبابة التي كانوا "يتخذونها للحروب يدخل فيها الرجال ثم تدفع في أصل الحصين فينقبونه وهم في جوفها (أي مستترون بها من سهام العدو) سميت بذلك لأنها تُدْفَع فتدب " (وهي مع ذلك ثقيلة بما تجهز به لتحميهم من السهام وتمكنهم من النقب). ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الدال تعبر عن الضغط الممتد والاحتباس ويتأتى من الامتداد الحركة لأنها امتداد من مكان لمكان، والباء تعبر عن تجمع مع تلاصق ما، والفصل منهما يعبر عن ثقل عظيم مع بطء الحركة أو خفائها. (الثقل يكون من تجمع كتلة الشيء كالناقة الدبوب) وفي (دأب) تضيف الهمزة مزيدًا من الضغط والدفع، فيعبر التركيب عن استمرار الحركة ونحوها بجدّ واجتهاد في السير والعمل كأنما عن دفع وضغط. وفي (دبر) تزيد الراء التعبير عن الاسترسال، ويعبر التركيب عن الامتداد (= الاسترسال) بقوة حتى أقصى الشيء أو نهايته كالدَّبَرة والدُّبُر.

ومن ذلك الثقل: "الدَبَب -محركة: الزَغَبُ على وجه المرأة، وكثرة الشعر والوبر (الكثافة من الثقل) امرأة دَبّاء: كثيرة الشعر في جبينها، وبعير أدبّ أزبّ: كثير وَبَر الوجه " (الشعر والزغب والوبر في وجه المرأة والبعير يبدو كثيفًا ثقيلًا). وكذلك "الدَبَّة -بالفتح: التي يجعل فيها الزيت والبزر والدُهْن " (فهي ظرف لهذه المواد الكثيفة). ومن الحركة البطيئة الخفية -حسب ما بينّا: "دَبّ النمل وغيره من الحيوان على الأرض: مشى على هِينته. ودبَبْتُ دَبَّة خفية. ودبّ الشراب في الجسم، وفي الإنسان: سَرَى. (وكذا في الإناء إذا صُبّ شيء على مائع أو نحوه في الإناء فسَرَى فيه) وكذا "دب السُقْم في الجسم، والبِلَى في الثوب والصبحُ في الغَبَش "وكل ذلك سريان بخفية وبطء. ومن المعنى الأصلي: "الدابّة ": اسم لما دَبّ من الحيوان مميّزِهِ وغير مميّزِه " {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} [النور: 45]. وقد غلب اسم "الدابة "على ما يركب لأنه يتحرك بصاحبه إذ يحمله (نُظر فيها إلى الحركة على الأرض لأنها عملها بصرف النظر عن البطء، أو نُظر لبطئِها نِسْبيًا مهما كانت سريعة أي مقارنة بالطيور). وليس في القرآن من التركيب إلا (الدابّة) وجمعها (الدواب). ومن الحركة: "مدِبّ السيل -بكسر الدال: موضعُ جَرْيه ". ومنه كذلك "دُبة الرجل -بالضم: طريقه الذي يَدِبُّ عليه. وتُجُوِّزَ به فقيل الدُبَّة -بالضم: الحالُ. ركبتُ دُبَّتَه ودُبَّه: أي لَزِمْتُ حاله. وأدَبَّ البلادَ: ملأها عَدْلًا فدَبَّ أهلُها، لما لَبِسُوه من أَمْنه " (أي فلم يعد هناك قطع طريق ولا ما يشبهه). ومنه كذلك: "الدَبْدَبة -بالفتح: العُجْرُوف من النَمْل. الدَبْدَب -بالفتح مَشْىُ العُجْرُوف من النمل " (العُجْروف: النَمْل ذو القوائم الطوال وهو لا يتوقف عن

(دأب)

الحركة أبدًا وحركته خفيفة. والخفة والخفاء من باب واحد). "والدَبُوبُ: النمَّامُ لأنه يَدِبَّ بالنمائم بين القوم، وكذلك الدَيْبُوب: الذي يجمع بين الرجال والنساء لأنه يَدِبّ بينهم وَيسْتَخْفي ". أما الدبدبة بمعنى "كل صوت أشبه صوت وقع الحافر على الأرض الصُلْبة "فهو محاكاة صوتية. ومنه على التشبيه "دَبْدَبَ الرجل إذا جَلَبَ ". • (دأب): {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} [إبراهيم: 33، 34] "الدُءوُب: المُبالَغَة في السير. أَدْأب الرجُلُ الدَابّة: أتعبها. الدَأَب: السَوْق الشديدُ والطرْد. دأبَ في عمله: جدّ وتَعِبَ. وكل ما أَدَمْتَه فقد أَدْأَبْتَه ". Qالاستمرار في إتيان الشيء بِجدّ لدفعٍ يمنع الفتور -كما في الاستعمالات المذكورة. ومنه "الدَأب -بالفتح وبالتحريك: العادة الملازمة {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} [آل عمران: 11]، (قوم يليهم قومٌ كلٌّ يكذبون رسولهم كما في قوله تعالى {أَتَوَاصَوْا بِهِ} [الذاريات: 53]، قال الأزهري إن {دَأْبِ} هاهنا: اجتهادهم في كفرهم وتظاهرهم على النبي - صلى الله عليه وسلم - كتظاهر آل فرعون على موسى عليه السلام ... دأبت: اجتهدت في الشيء "اه. فأبرز معنى الجِدّ والاجتهاد. {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا} [يوسف: 47]، (بِجِدِّ واجتهاد وعلى التوالي بلا انقطاع)، {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} [إبراهيم: 33]، (مستمرين في جريانهما لا يَنِيَان). وليس في القرآن من التركيب إلا (دأْب) و (دأَب) أي بالفتح وبالتحريك.

(دبر)

• (دبر): {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص: 29] "الدَبْرة -بالفتح: الساقيةُ بين المزارع " (تُسَّمى أيضًا مَشارة وجَدْولا والعامة تسميها "مِسْقَى "و "قَنَاة "). والدُبُر -بضمتين: نقيض القُبُل من كل شيء. والأَدْبار لذوات الحافر والظِلف والمِخْلب: ما يجمع الاسْتَ والحياءَ. ودابِرة الطائر: الإِصبع التي من وراء رجله. وهي للحافر مُؤَخَّرُه، وللانسان عُرْقوبُه، وللرَمْل آخره ". Qامتداد (غائر) إلى آخر الشيءِ أو خلفه بقوة (ضغط أو اندفاع). كالدَبْرة بين المزارع تَخَتَرقها (يندفع فيها الماءُ) حتى أقصاها، والدُبُر أقصى جُزْءٍ من قَناة تخترق الجسْمَ ويجري فيها الطعامُ والشراب). ودابرة الطائر تمتد من رِجْلِهِ خَلْفَها قوية، ونحو ذلك في دَابِرة ذي الحافر، والإنسان، ومنه "الدِبْرة -بالفتح، وبالكسر: المال الكثير الذي لا يحصى كثرة "لأنه لا يُفْنيه صاحبه فيَبْقَى بعده. و "الدَبَر -بالتحريك: الجُرْحُ الذي يكون في ظهر الدابة "يُسَبِّبُه الحِمْل أو القَتَب بثقله وهو في الظهر الذي هو الخَلْف، ورُبما نُظِر أيضًا إلى أنه جُرْحٌ أي فَتْحة. وأما "الدَبْر -بالفتح: النَحْل والزنابير (وقيل هُوَ من النَحْل ما لا يأْرِى " (أي لا يعَسِّل) لكن جاء في (عسل)، (أرى) {وأَرْي دُبور ...} والأَرْى هو العسل. فالقول الأخير مرجوح) فتسمية نحل العسل دَبْرًا قد تكون لأنهم تبينوا أنه إذا أقام في مكان فإنه يُخلّف وراءه العسل، أو لأنه يرجع إلى مقره مهما بعُد عنه، عن "دَبَره إذا تبعه ".

وبالأدبار: الظهور أو الأسْتاه يفسَّر قوله تعالى: {يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [الأنفال: 50]. وأُطْلقت في أواخر الأشياء وما هو إلى الخلف منها ونهاياتها أي دون قيد الامتداد {وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ} [يوسف: 25]، {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 40]: هو ركعتان بعد المغرب أو التسبيح بعد الصلوات وهو أوضح. {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطور: 49]: صلاة الفجر [قر 17/ 25، 80]. "وأدبر، ووَلَّى دُبُرَه أي جَعَل دُبره وظَهْرَه إلى ما ينبغي أن يواجهه "، {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: 16] (يفر فيكون ظهره للعدو). وارتَدّ على دُبُره: رَجَعَ متجهًا إلى عَكْسِ ما كان عليه {وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ} [المائدة: 21]، {تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى} [المعارج: 17] (تجذب من أعرض عن دين الله)، {وَلَّى مُدْبِرًا} [النمل: 10]، {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ} [المدثر: 33]: "دَبَرَ النهارُ والصيفُ وأدْبَر: وَلَّى وذَهَب. (فلم يبق -أو لا ننظر إلا آخرَه = خَلْفَه). ودابِرُ الرجُلِ: عَقِبُه (أي ذريتُه التي تأتي وتبقى بعده)، {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنعام: 45]. "ودَبَر السهمُ الهدفَ: جاوزه وسقط وراءه، والرجلُ غيرَه (كنصر): تَبِعَه من ورائه ". ومن مجازه "دابَرْت فلانًا: عَادَيتُه. وتدابروا: تعادَوْا (أعطى كل منهم ظهره لصاحبه) "ودَبَر الرجلُ: ولّى وشَيَّخ ". (اتجه للآخرة وظهره للدنيا). ومن ذلك "دَبّر الأمر -ض، وتدَبّره: نظر في عاقبته وفيما تئول إليه عاقبته {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ} [السجدة: 5]، (يَعْلَم ويُحْكم أعقابَ الأمور ومآلها) (والتدبر يكون من الإنسان بإمعان الفكر في عاقبة الأمر)، {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ} [المؤمنون: 68]، {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص: 29].

معنى الفصل المعجمي (دب)

والذي في القرآن من التركيب هو الفعل (يدبّر) و (يتدبّر) و (المدبّرات) وهن بمعنى التدبير. وفيه الفعل (أدبر) ومصدره (إدبار) واسم فاعله (مُدْبِر) بمعنى التولي والذهاب، وفيه (الدُبُر) آخر الشيء من الخلف وجمعه (الأَدْبار) وسياقاتها واضحة. و "الدَبُور: ريحٌ تأتي من دُبُر الكعبة (جهة ظهرها) تهب من نحو المغرب مما يذهب نحو المشرق، ويزعمون أنها تُزْعج السحاب وتُشْخِصُه في الهواء ثم تَسُوقه [ل جنب]. فتَسْمِيتُها (لهبوبها من جهة ظهر الكعبة. وقد ينظر إلى سَوْقها السحابَ من خلفه). ° معنى الفصل المعجمي (دب): الثقل أو الضغط والحركة البطيئة، ويلزمها التخلف كما يتمثل في الناقة الدبوب الثقيلة من كثرة لحمها -في (دبب)، وفي الاستمرار (وهو عبور زمن من باب الحركة) مع الاجتهاد وهو من باب الضغط -في (دأب)، وفي الخلفية والتأخر -في (دبر). الدال والثاء وما يثلثهما • (دثث): "الدَثُّ -بالفتح: الضَّرْب المؤلم. دَثَّهُ بالعصا: ضَرَبه. ودَثَّهُ: رماه رميًا مُتقَاربًا من وراء الثياب. والدثّ: الرَمْىُ بالحجارة. دَثَّه بالعصا والحجر: رَماه. والدُثَّاث: صَيّادُو الطير بالمِحْذَفَة ". ودُثَّ فلان -للمفعول: أصابه التواء في جنبه أو بعض جسده من غير داء. دثّتْه الحُمَّى: أوجَعَته ". Qإصابة بدفعٍ متسع الوقع أو كثيفٍ يؤلم الأثناء (ولا يقتل) (¬1): كالضرب بالعصا والرمى المتقارب بالحجارة من وراء الثياب أي من ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الدال عن ضغط بامتداد وحبس والثاء عن نفاذ بكثافة وانتشار ما، =

(دثر)

فوقها والالتواءُ في الجنب (دون داء) ألم (في الأثناء). ومنه "الدَثّ -بالفتح: أضعفُ المَطَر وأخفُّه " (المطر يسمى صوبًا وهو هنا خفيف) ومنه "الدُثة -بالضم: الزكام القليل "فاحتشاء الأنف يُشْعر بأنه (اندفع) فيه ما حشاه. • (دثر): {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: 1 - 2] "دَثَر الشجرُ: أورقَ وتشعبت خِطْرته (= قُضبانه الدقاق الخُضْر) وَدَثَرَ السيفُ (قعد): صَدِئ، والرسْمُ: قَدُم ودَرَس وهو أن تهب الرياح على المنزل فتُغَشِّى رسومَه بالرمل وتغطيها بالتراب. دَثّر الطائرُ تدثيرًا: أصلح عُشّهُ ". Qتغطى الشيء بِطبقة كثيفة من دِقاق: كورق الشجر يغطيه، وكما يغطي الصدأُ السيف، والرملُ الرَسْم. والطائر يصلح عشه بدقاق كالحشيش يفرشه فيه طبقة وثيرة. ومنه "تَدَثَّر بالثوب: اشْتَمَل به داخلًا فيه. والدِثَار: ما يُتَدَثَّر به. وهو الثوب الأعلى، وتحته الشعار، وهو الذي يلي الجسد/ الثوب الذي يستدفأ به من فوق الشعار ". {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} أصلها المتدثر. والآية نزلت لما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على جبل حراء -سيدنا جبريل (عليه السلام) لأول مرة فرُعبَ ورجع إلى بيته فقال دَثّروني دَثِّروني. أي غطوني بما أدفأ به. [ل وينظر الكشاف]. ¬

_ = والتركيب يعبر عن إصابة بدفع متسع الوقع. كما في الدَثّ الضرب (الكثير) بالعصا والرمى المتقارب من وراء الثياب .. إلخ. وفي (دثر) تزيد الراء الاسترسال، ويعبر التركيب عن استرسال ذلك الكثير تراكمًا وكثافة حتى يغطي ما تجمع عليه شاملًا كالدثار.

معنى الفصل المعجمي (دث)

ومن مجاز ذلك المعنى: "تدثر فرسَه: وثب عليها فركبها، وتدثر الفحلُ الناقة أي تسنّمها " (كما يقال تغشاها) و "مال دَثْرٌ: كثير ". ° معنى الفصل المعجمي (دث): غشيان الشيء بضغط أو كثافة -كما يتمثل في الدثّ: الرمى رميّا متقاربًا من وراء الثياب (أي أن المرمى عليه ثيابٌ والرمْىُ يقع عليها غير خالص إلى لحم بدنه) -في (دثث)، وفي كثافة تجمع أكثر من ثوب على البدن، وتغطى رسوم الديار بالرمل والتراب -في (دثر). الدال والحاء وما يثلثهما • (دحح- دحدح): "رجل دِحْدِح -بالفتح والكسر، ودَحْداح ودَحْدَاحة -بالفتح، وكتماضر، ودُحَيدِحَة: قَصيرٌ غليظ البطن/ سمين/ مستدير مُلَمْلَم. والدَحُّ: الضربُ بالكف منشورة أيَّ طوائف الجسد أصابَتْ. والدحُّ: الدفع وإلصاقُ الشيء بالأرض. دَحَّهُ: وضعه على الأرض ثم دَسَّه حتى لَزِقَ بها ". Qصدمٌ أو ضغطٌ بعرض على جرم الشيء حتى يتداخل بعضه في بعض ويَعْرُض مُلَمْلمَا دون أن يرتفع (¬1): كالدح بمعانيه المذكورة. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الدال للضغط الممتد والحبس، والحاء تعبر عن جرم عريض جاف، والفصل منهما يعبر عن انضغاط الجرم، مستعرضًا فلا يرتفع كالرجل الدحداح وكالدح: ضغط الشيء حتى يلصق بالأرض، وفي (دحو دحى) أضافت الواو معنى الاشتمال والياء معنى الاتصال والتماسك فعبر التركيبان عن نوع من كف الانبساط بجعل الشيء كالقرُص وهذا كالجمع في الاشتمال وفيه معنى الاتصال بالاستدارة أي عدم الانقطاع مع البسط المحدود. وفي (دحر) عبرت الراء عن الاسترسال، ويعبر التركيب عن=

(دحو- دحى)

والقصير الغليظُ البطن كالمضغوط المُلَمْلَم، كما عبّروا عنه بـ "المتكأكئ ". • (دحو- دحى): {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: 30] "المَدْحَى -كمَسْعَى، والأُدْحِى والأُدْحِيّة -بالضم والكسر فيهما، والأُدحُوّة -بالضم: مَبِيضُ النعام في الرمل. ودَحَا الخبَّاز الفَرَزْدَقة (وهي القطعة من العجين): بَسَطَها ومَدَّها ووسَّعَها [الأساس] والمداحِى: حجارة أمثالُ القِرَصَة كانوا يَحْفِرُون حُفرة وَيَدْحُون فيها بتلك الأحجار، فإن وقع الحجر فيها غَلَبَ صاحبُها وإلا قُمِرَ. والدَحْو: استرسال البطن إلى أسفل وعِظَمه ". Qبسط الشيء بسطًا جزئيًا بنحو الضغط مع كف أطرافه (فتستدير ولا تنتشر متسيبة). كما يفعل الخبَّاز بالفرزدقة، وكالأُدْحِىّ وهو فجوة في الرمل تحدثها النعامة بجثومها وإزاحتها ما تحتها من الرمل لتَحُوز البيض. ولُعْبَةُ المداحي، سُمّيت لوضع الحجارة المذكورة في الحُفَر الغائرة التي تشبه المَدَاحي، أو لأن الحجارة كالقِرَصَة المبسوطة المستديرة. وكالبطن المتدلية مع استدارة. ومنه: "تَدَحَّى: اضطجَع في سَعة من الأرض (انبسط) {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} بسطها وهي فعلًا مبسوطة بالقدر الذي يتعايش فيه أهل كل قطر، وهذا لا يمنع أن تكون في مجملها كالكرة. وفعل (دحو) يعبّر عن الأمرين. و "الدَحْية -بالفتح: رئيس القوم " (يجمعهم ويمسكهم كتلة واحدة ¬

_ = اطراد الابتعاد أو قوته لعنف الدفع كما في الدحر. وفي (دحض) تعبر الضاد عن مخالطه بغلظ أو كثافة، ويعبر التركيب عن انزلاق بثقل وغلظ كالانزلاق عن القلعة الصخرة العظيمة. أي فالضغط هنا من ثقل الشيء وزلق مكانه.

(دحر)

(كالحاكم) فهو من إمساك المنبسط. أي لمّه فلا يتسيب. • (دحر): {وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا} [الإسراء: 39] "دحره (فتح): دفعه بعنف وأبعده. الدَحْر: الدفع بعنف على سبيل الإهانة والإذلال ". Qدفع الشيء بقُوَّة لإبعاده كراهةً ونفورًا منه. {وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا} [الصافات: 8 - 9] مفعول لأجله أو حال أي مدحورين (الكشاف) {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا} [الأعراف: 18]، (هذا في إخراج إبليس من الجنة دار الكرامة وهو ليس لها أهل) ومنه ما في [الإسراء: 18، 39]. • (دحض): {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [الشورى: 16] "دَحَضَت رِجْلُه (فتح، دحوضًا): زَلِقت. وأدحضه: أزلقه. مكانٌ دَخض -بالفتح والتحريك: زَلْق. والدَحْض -بالفتح: الماء الذي يكون عند الزَلَق. وفي صفهَ مطر "فدَحَضَت القِلاَعَ ": أي صيَّرتها مُزْلِقَة ". Qانزلاق الجسم بثقله كله لزَلَقِ مَقرّه وانحداره: كما يُدْحَض عن القِلاع (= الحجارة الضخمة) الزْلِقة لملاستها مع بللها وربما انحدار سطحها أيضًا. {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: 141]: الأنسب تفسيرها بالإدحاض المادي أي إزلاقه في البحر. وفي الكشاف "المُدْحَض:

معنى الفصل المعجمي (دح)

المغلوب المقروع " {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} [غافر: 5]: وكذا ما في [الكهف: 56] فهذا معنوى لا شك أي ليُزيلوه ويبطلوه. وفي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [الشورى: 16]، معناه أنها زائلة لا تثبت أمام الحق فلا قيمة لها. وقولهم "الدّحيض: اللّحيم "هو من تراكم اللحْم على اللحيم حتى صار بدنه مستديرا زلقا، أو كأنما رُمِىَ اللحْم عليه رَمْيًا. كما قال في وصف ناقة: {مَقْذُوفَة بدَخِيسِ النَحْضِ}. فدخيس النحض هو اللحم المكتنز. والشاهد هنا أنه عبّر عن تراكم اللحم عن الناقة بأن الناقة مقذوفة به. وقذف الشيء بالشيء هو من باب إزلاقه عليه من حيث إن كلا من القذف والإزلاق إلقاء ودفع. ° معنى الفصل المعجمي (دح): الضغط القوي على الشيء. كما في دحّ الشيء وضعه على الأرض ثم دسّه حتى يلزق بها -في (دحح)، وفي (دَحْو) الخباز الفرزدقة القطعه من العجين أي بسطها بعض الشيء مستديرة، والدحو: استرسال البطن إلى أسفل مع عظمه -في (دحو) (فالدحو يتحقق بالاستدارة الكاملة كالكرة -كما في البطن الموصوفة، وبالاستدارة مع شيء من البسط كدحو قطعة العجين قُرْصة)، وكما في دفع الشيء بعنف لإبعاده -في (دحر)، وكما في اندفاع الشيء بقوة وغلظ لثقله مع زلق مكانه -في (دحض). الدال والخاء وما يثلثهما • (دخخ- دخدخ): "الدَخّ -بالفتح والضم: الدخان ".

(دخر)

Qتخلل أثناء الشيء المنتشر وخفة كثافته (¬1): كالدخان. ومنه: "تدخدخ الليل: اختلطَ ظلامه (أي صار متخلخلًا غير كثيف كالدخان)، ودَخدَخَهم: دَوَّخهم. ودَخْدَخَ البعيرُ (قاصر): رُكِبَ حتى أعيا وذلّ. والدَخْدَخَةُ: الإعياء (ذهاب الطاقة من البدن تخلخل وفراغ). • (دخر): {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} [النمل: 87] "دَخِرَ الرجل (تعب -وكفتح: دخورًا): ذَلّ وصَغُر، وهو الذي يَفْعَلُ ما يؤْمَر به يشاء أو أبى صاغرًا قميئًا. والدَخَر -محركة: التحَيُّر. والدُخُور: الصَغَار والذُلُّ ". Qتغلغل الضعف والرخاوة في الشخص فلا يكون فيه شدّة ولا عِزّة: كنفْس الداخِر خالية من العزة ومن الشدّة التي تساعد على المقاومة: {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]، ومثلها ما في [الصافات: 18، النمل: 87]. {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الدال تعبر عن الضغط الممتد والحبس، والخاء تعبر عن تخلخل، والفصل منهما يعبر عن تخلخل أثناء الشيء مع انتشاره -كالدخان. وفي (دخر) تزيد الراء التعبير عن استرسال هذا الخلخل إلى الباطن كما في نفسية الداخر. وفي (دخل) تعبر اللام. عن علوق جرم واستقلاله في أثناء هذا المخلخل وهو الدخول. وفي (دخن) زادت النون التعبير عن أن هذا التخلخل هو في التكوين الداخلي للشيء والفرق بين هذا وبين دخر أن هناك تماسكًا مرتخيًا في دخر وتسيب المكونات ليس ماديًا وليس هو الأصل بخلاف الدخان في كل ذلك.

(دخل)

وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ} [النحل: 48]، قال ابن عطية: "الداخر المتصاغر المتواضع "اه وأنا أميل إلى تفسير الدخور هنا بمجرد الانقياد، فالانقياد بمعنى الطاعة وعدم الاستعصاء يكفي في المعنى اللغوي هنا. والسياق في الآية يذكر أن كل شيء يسجد لله تعالى، وفي الآية التالية يذكر سجود ما يدب في السموات والأرض، وسجود الملائكة. فكأن الآية الأولى للجماد. وسجود الجماد- إيًّا كانت هيئته يذكرنا بقوله تعالى للسموات والأرض {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] ولذا أميل إلى تفسير {دَاخِرُونَ} هنا بـ (منقادون). أما هيئة السجود فينظَر عنها ابن عطية والزمخشري وتعليق ابن المنير. • (دخل): {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا} [نوح: 28] "الدُخَّل -كسُكَّر- من اللحْم: ما عاذَ بالعَظْم، وما دَخَل العصَبَ من الخصائل، وما دخل من الكَلأ في أُصول أغصان الشجر، ومن الريش: ما دخل بين الظُهْران والبُطْنان، وصغارُ الطير أمثالُ العصافير تأوِى الغِيرانَ والشجرَ الملتف ". Qوُلوج الشيء -أو تغلغله -في أثناء شيء: كذلك اللحم، والكلأ، والريش، والعصافير في ما وُصفت به. ومن ذلك: "دَاخِلة الأرض: خَمَرُها وغامِضُها. (يُدْخَل فيها فتَسْتُر أو تستر ما وراءها كأنه دخل فيها)، وداخلُ كل شيء: باطنه. والدخول: نقيض الخروج. {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} [يوسف: 36]. {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ

(دخن)

مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} [التوبة: 57]: نَفَقًا يندسّون فيه وينجحرون. وهو مفتعلَ من الدخول " [الكشاف]. وكل ما في القرآن من التركيب هو من الدخول المعروف -عدا ما في [النساء: 23] فإنه كناية عن مخالطة الرجل المرأة لأول مرة بعد تزوجه إياها. ومنه الدخول {فِي دِينِ اللَّهِ} أي الإِسلام، و {فِي السِّلْمِ} أي الصلح مع العدو، و {فِي أُمَمٍ} أي الانضمام إليهم، و (في رحمة الله) أي الجنة أو مغفرته، و {مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ} [المائدة 84]، أو فيهم، أي جعل الداعي بذلك منهم). إلخ. وقوله تعالى: {تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ} [النحل: 92]: كل أمر لم يكن صحيحًا فهو دَخَل/ الدَخَل: الدَغَل والخديعة والغش أي تكون أيمانهم مدخولة مغشوشة ليست خالصة ولا صريحة [قر 10/ 171]، أو تكون للخديعة {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ} [الإسراء: 80] هو الإماتة على صدق (أي حق)، أو دخول المدينة عند الهجرة أو مكة عند العودة -وأقوال أخرى [ينظر قر 10/ 312 - 313] والقول الأول لا يناسب السياق {وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء: 31]: الجنة. (مُدخل) يحتمل المصدرية واسم المكان، وكذلك في فتح الميم [ينظر قر 5/ 161، بحر 3/ 244]. • (دخن): {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] "دُخَان النار معروف. ودَخَنَ الغبارُ دُخونا: سَطَعَ ". Qتجمع مخلخل من ذرات كثيرة تسطع في الجو نافذة من أثناء: كدخان النار وكالغبار الساطع {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ}

معنى الفصل المعجمي (دخ)

[الدخان: 10]. ومن ذلك الدَخَن -محركة: الكُدُورة إلى السواد (كأن هناك ذرات من لون آخر تخالط السواد أو نحوه -أو هو من لون الدخان والغبار) وأما "هُدْنَة على دَخَن "-بالتحريك- فالمقصود أنها على غير صفاء، ولا إخلاص. أي مشوبة بغش -كما يشوب الدخانُ الهواء. ° معنى الفصل المعجمي (دخ): تخلخل مادة الشيء وأثنائه -كما يتمثل ذلك في تخلخل مادة الدخان، ومادة ظلام الليل -في (دخخ)، وكما في خلو أثناء الداخر وباطنه من الشدة والعزة (تركيب عزز يعبر أيضًا عن الشدة البالغة واكتناز المادة في الشيء) كما في الداخر الصاغر القميء -في (دخر)، وكما يتمثل في الأثناء الخالية أو الظرف الخالي الذي يدخله أو يتغلغل إليه الشيء -في (دخل)، وفي تخلخل أثناء مادة الدخان -في (دخن). الدال والراء وما يثلثهما • (درر- دردر): {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: 52] "الدَرُّ -بالفتح: اللَبَن. ودرت الناقة بلبنها: إذا حَلَبَت وأقبل منها على الحالب شيء كثير. والدِرَّة -بالكسر- في الأمطار: أن يَتْبَعَ بعضُها بعضًا. ودَرَّت العروق: امتلأت دَمًا أو لبنًا، والمِغزَلُ دَرَّارة، ومدَرَّة كمِظَلة. وأدرّت المرأة المِغْزَل: فتلَتْه فَتْلًا شديدًا (أي فَتَلت طرفه الأسفل بقوة وخفة ليدور) فرأيته كأنه واقف من شدة دَوَرانه. ودَرّ السهمُ: دارَ دَوَرانًا جيدًا ".

Qجَرَيانُ المائع ونحوه باندفاع واسترسال أي استمرار (¬1) كاللبَن والمطَر وهما مائعان كثيران يسيلان بغزارة واستمرار نسبي فلا يكون "الشيء الكثير "من اللبن عند حَلْبِه إلا باستمرارِ مجَيئه. والاستمرار واضح في الأمطار المتتابعة، وكالعُروق الممتلئة دمًا أو لبنًا وهي ممتدة، وكدَوَران المِغزل الذي يفتل به القطن والصوفُ خُيوطًا. وحركة دورانه البالغة السرعة والخفّة مع استمرارها زمنًا جعلته يشبه المائعات الجارية. ومن دُرور المطر الموصوف {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} ومثلها ما في [الأنعام: 6، هود: 52]. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الدال تعبر عن ضغط مستطيل وحبس، والراء للاسترسال، والفصل منهما يعبر عن جريان المائع ونحوه بتوال واسترسال -كخروج اللبن غزيرًا مسترسلًا من ضغط كثرته، وكالدوران تأثرًا بالدفع كما في المغزل. وفي (دَرَى) تعبر الياء عن اتصال وامتداد، ويعبر التركيب عن امتداد بتغلغل في باطن شيء كثيف كالمدرى في الشعر. وفي (دور/ دير) تعبر الراو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن الاشتمال على الشيء بالاستدارة حوله كجدار الدار ودائرة الدارة. والاستدارة استرسال دائم لاتصال الدائرة. وفي (درأ) تضيف ضغطة الهمزة التعبير عن الدفع، ويعبر التركيب عن الدفع الممتدّ إبعادًا. وفي (درج) تعبر الجيم عن تجمع خفيف لكن له حدّة ما، ويعبر التركيب عن الاسترسال انتقالًا حتى الغياب في مضم كدُرْج المرأة. وفي (درس) تعبر السين عن نفاذ بحدة وقوة، ويعبر التركيب معها عن نوع من البِلىَ وذهاب الصعوبة وقُوَّةِ الجِدَّة من الشيء بمخالطة الحدة إياه كالدروس. وفي (درك) تعبر الكاف عن ضغط غئوري يؤدي هنا إلى اللصوق، ويعبر التركيب معها عن الاسترسال حتى اللحاق بشيء أو الالتحام به. وفي (دره) تعبر الهاء عن فراغ، ويعبر التركيب معها عن الاندفاع إلى الإمام كأنما في فراغ ليس فيه ما يصدّ.

ومن الأصل "دَرَّ الفرسُ: عدا عَدْوًا شديدًا فهو دَرير: سريع " (يجري بخفة واسترسال). و "دَرَرُ الطريق -بالتحريك: مَتنُه وقَصْدُه " (لتتابع السير عليه وهو ممتد) ودِرَّةُ السلطان -بالكسر (لالتفافها رخوة في استرسال). "درّ النباتُ: التَفَّ " (خروجه من الأرض بقوة واسترسال -أي استمرار نمو مع كثرة فروعه وفراخه). أما "درّتْ السوقُ: نفق متاعها " (فمن ذهاب السلع بتتابع واسترسال). ومنه الدُرَّةُ -بالضم: اللؤلؤةُ العظيمةُ (إما من استرسال تراكم جرمها في صَدَفَتِها دهرًا طويلًا حتى تكونت- وهذا أنسب لأن الصيغة للمفعولية، أو من نفاذ بريقها منها باسترسال لصفائها الدائم وتُؤَوّل الصيغة إلى الفاعلية، إذ قالوا: دَرّ السراجُ: أضاءَ. وقد قالوا في تعليل تسمية الدُرَّة: "للصفاء والحُسْن والبياض "ونفاذ البريق لازم لذلك. ونُسب إليها "الكوكب الدُرِّيُّ: الشديدُ الإنارة/ الثاقبُ المضيء " {كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} [النور: 35] فلعلهم نظروا إلى شدة ضوئه ونفاذ هذا الضوء ودوامه فنسبوه إلى الدُرَّة التي تتميز بهذا. وقال الفراء "هو العظيم المقدار ". اه [وفي ل -درأ- عبّر أبو عمرو بن العلاء بالضخم]، وأرى أن مرادهم عِظَم ضوئه. ويُلْحظ أنّ معنى الدوران أصيلٌ، لأنه من أهمّ صُور الاسترسال والدوام، لعودة الدائر -بدورانه- إلى نقطة بدئه ثم استمرار دَوَرانه كذلك كما في المغزل. و"الدُرْدُر -بالضم: موضع في وسط البحر يَدُور ماؤه ويُخَافُ منه الغرق " (دوّامة تَدُور -والدَوَرَان جَرَيان- وهي مسترسلة الدوران أي دائمته). والدُرْدُور: مغارز أسنان الصبي "لدورانه أي أحاطته بتجويف الفم، ودوامه، إذ هو الأصل أي المغرز الدائم للأسنان.

(درى)

• (درى): {آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} [النساء: 11] "المِدْرَاة شَيء كالمِسَلّة يُعْمَلُ من حَديد أو خَشب على شَكل سِنٍّ من أسنان المُشْط وأطول منه، يُسَرَّح به الشعر المتلبّد ويستعمله من لم يكن له مُشط ". Qتغلغل الشيء بدقة وقوة خلال جرم كثيف فيصل إلى عمقه: كالمِدْرَى في الشعر المتلبّد. ومنه "دَرَيت الصيد وادَّرَيْتُه وتَدَرّيته: خَتَلْتَه بأن تَسْتَتِر من الصيد بناقة أو بَقَرة (وهذه هي الدريّة) حتى إذا أمْكَنك رَمَيتَه " (الدَرِيَّة كالحائل الكثيف يختفي الرامي وراءَها حتى يصلَ إلى المصيد) ومن هذا "ادرَوْا فلانًا أو مكانًا: اعْتَمَدُوه بالغارة " (الاحتيال واتخاذ الوسائل يثْبت القصد). ومن الأصل: "المداراة: المداجاة والملاينة وحُسْن الخُلُق ". وإنما يكون ذلك بالإغضاء عن سُوءِ فِعْل أو خُلُق اتقاءً لشرٍّ فهي تَسَتُّر من أجل أن الذي يُدَارِى يعلم بِحقٍّ (باطنَ) مَن يُداريه. ومن ذلك الأصل: "دَرَيت بالشيء ودَرَيتُه: علِمته بضرْب من الحيلة " [تاج] وهذا متحقق في درْى الصيد أي خَتْله. فالدراية: عِلْم فيه نفاذ إلى ما خَفِيَ. وقد عرّفها الراغب بأنها نحوُ الفطنة. وفي [كليات الكفوى 67] جعلها نتيجة "تردد مقدمات "وفي [451 منه] جعل من وسائلها "قواعد العقل ". ويتلخص كل ذلك في المجال الأدبي في فقه معاني الكلام، ولذا فإن علم الفقه يسمى علم الدراية [ينظر كشاف اصطلاحات الفنون] وفي المجال المادي في النفاذ إلى ما وراء الظاهر. {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 109]، {وَمَا أَدْرَاكَ مَا

(دور- دير)

الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 3]. وورد التركيب بهذا المعنى في كل القرآن مسبوقًا دائمًا بنفي أو استفهام لتعلق الفعل بغيبي أو مجهول أو شيءٍ يعظم عن أن يحيط الإنسان به. وهذا يحقق ما قلنا في دلالتها. ومن أجل قيد كون العلم فيها مسبوقًا بخفاء قيل إنها لا تُسند إلى الله عَزَّ وَجَلَّ؛ لأنه تعالى لا يخفي عليه شيء، ولا يحتاج إلى احتيال (¬1)، فإن استُعْملت فعلي سبيل الاتساع في استعمال الألفاظ فحسب. • (دور- دير): {الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ} [فاطر: 35] "الدارَةُ: كلُّ جَوْبة تنفتح في الرَمْل وجمعها دُوْر. والدائرة: الحلقة. والدائرة والدارة: ما أحاط بالشيء كدارة القمر: هالته، وكل موضع يدار به شيء يحجُره فاسمه دارة. ودَوَّارة النَقَّاش والنَجَّار: (آلة) لها شعبتان ينضمان وينفرجان لتقدير الدارات " (فرجار). Qتحوِّى الشيء أو إحاطتُه حولَ شيء: كالدارة والدائرة. ومنه: "دارَ العمامةَ حولَ رأسه: لَفّها. ودار بالشيء وحولَه وعليه: طافَ حوله " [وسيط]: ومنه. "الدَارُ: المَحَلّ يجمع البناء والساحة، والمنزلُ المسكون (يحيط بساكنيه). وكل موضع حل به قوم فهو دارُهم (كلُّ موضع حلولٍ له حَرَم يحيط به وإن لم يكن جِدارًا): {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} [القصص: 81]، {فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ} [الإسراء: 5]. وكل ما جاء في القرآن بلفظ (دار) أو (ديار) مضافًا فهو من دُور هذه الدنيا. {بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ} [ص 46]: الحمد الباقي في هذه ¬

_ (¬1) ينظر (الفروق) لأبي هلال (دار الآفاق الجديدة 84).

الدار الدنيا [بحر 7/ 386] وفيها (دار السلام)، (دار المقامة) و (دار البوار). وما عداه فجمهوره الأعظم بمعنى الدار الآخرة وذلك عدا {تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [الحشر: 9] فهي المدينة المنورة، {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} [الأعراف: 145] ديار عاد وثمود، أو فرعون بعد هلاكه، أو منازل الكفار التي سكنوها قبلكم (وكل تلك من ديار الدنيا) وقيل جهنم [ينظر قر 7/ 282]. والدَيّار -كشدّاد وتنُّور ورُومىّ (ساكن الدار أو مَنْ شأنه كذلك) لا يستعمل إلا في النفي: ما بها ديّار أي أحد. {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26]. أي أحدا. {فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ} [الأحزاب: 19]، قيل معناه فإذا قَوى الخوف من العدو، وتُوُقّع أن يُسْتأصلَ جميعُ أهل المدينة لاذ هؤلاء المنافقون بك ينظرون نظر الهلع المختلط، كنظر الذي يُغشَى عليه من (معالجة) سكرات الموت "، [المحرر الوجيز قطر 12/ 13] وهناك قَولٌ آخر أنهم يخافون سطوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهم أي حين يكون المؤمنون في قوة وظهور. {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} [البقرة: 282]، [ابن عطية، وقر] على أن المقصود حالة المبايعة نقدًا أي التقايض والبينونة بالمقبوض، وذلك في المبيعات الخفيفة لامثل العقارات، وتسمة ذلك إدارةً مأخوذةٌ من الدَوْر، فالثمن يخرج من يد المشتري ويعود إليه سلعة، والسلعة تخرج من يد البائع وتعود إليه نقدًا، ويقع ذلك بيسر وتكرار، فظهر فيه معنى الدور. "والدائرة الداهية " (تحيط بمن نزلت بهم)، {وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} [التوبة: 98]. وفي (دير) قال في ل عن التهذيب إن دَيْر النصارى أصله الواو أي من (دور).

(درأ)

• (درأ): {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} [القصص: 54] "الدريئة -كبريئة: الحلْقة التي يَتَعلم الرامي الطعنَ والرْمى عليها. ودروء الطريق: كُسوره وأخاقيقه/ طريق ذو دُرُوء: ذو كسور وحَدَب وجِرَفَة. (الخَقّ والأُخْقوق: شق أو حفرة غامضة في الأرض قدْر ما يختفى فيه الدابة أو الرجُل) الدَرْءُ -بالفتح: نادرٌ يَنْدُر من الجبل، والعَوَج في القناة والعصا ونحوها مما يصلب وتصعب إقامته. دَرَأ الوادي بالسيل: دَفَع. درأ السيل وانْدرأ: اندفع من مكان لا يُعلم به فيه. دَرَأ علينا فلان دروءًا: خرج مفاجأة/ طلع من حيث لا ندري ". Qدَفع أو اندفاع بقوة عظيمة بلا صدٍّ أو تدرج: كالرمى في الدريئة ويلحظ أنها حلقة لا تصُدّ، ودروء الطريق انخفاضات عن المستوى بالغة العمق لا تدرج فيها، وعوج القناة ونحوها قوته وعنفه أنه يصعب تقويمه. والسيل الموصوف اندفاع عظيم يفاجئ وهذا مقابل عدم التدرج، والنادر من الجبل يشخص عظيمًا عنيفًا بلا تدرج. والمفاجأة والاندفاع واضحان في طلوع الشخص على القوم من حيث لا يتوقعون. ومن ذلك "أدرأت الناقة بضرعها إذا أنزلت اللبن عند النتاج (أي فور الولادة لا شيئًا فشيئًا). ودرأ الدريئة للصيد: ساقها ليستتر بها فإذا أمكنه الصيد رَمَى ". (فالدريئة تُدْفع وتمكّن من مفاجأة الصيد). ومن الدْرء بمعنى الدفع بقوة تغني عن المفاجأة "درأتُ الشيء عني (نصر): دَفَعته. وما زال يدارئ البَهْمة أي يدفعها. (حتى لا تمر بين يديه وهو

(درج)

يصلي) - صلى الله عليه وسلم -كقوله "ادْرَءُوا الحدود بالشبهات " (فهو دفع بالتماس ما يُسْقط الحدّ. وفي ضوء معنى التركيب ينبغي أن يكون الدفع بقوة). قال عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور: 8]، ومثها: {فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ} [آل عمران: 168]. {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} [القصص: 54]، {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} [البقرة: 72] اختلفتم وتنازعتم [قر 1/ 456] والأدق تدافعتم التهمة كل يدفعها عن نفسه أو عن حميمه. • (درج): {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] "الدُرْج -بالضم: سُفَيْط صغير تَدَّخر فيه المرأةُ طِيبها وأداتها. والمِدْراج من النوق: التي تجرُّ الحَمل إذا أتت على مَضْرِبها أي يتأخر وِلادُها بعد موعده أيامًا ". والمَدارج: الثَنايا الغِلَاظُ بين الجبال، وطُرُق السيل ومُنْحَدَرُه في معاطف الأودية. والدُرْجة -بالضم- مُشَاقَة وخِرَقٌ تُدْرَج وتُدْخَل في رحم الناقة ودُبُرِها لَترْأم غَيْرَ ولدها، أو يوضَعُ فيها دواءٌ ثم تُدْخَل في حياء الناقة. وأدْرَجْت الدلو: مَتَحْتُ به برفق. وأدرجتُ الميت في الكفن والقبر: أدخلته. وبالناقة: صَرَّ أخلافَها ". Qضم أو احتواء في مَضَمٍّ للنقل (أو معه) برفق أي شيئًا بعد شيء. كذلك السُفَيْطِ الصغير تضع فيه المرأة طيبها وأداتها مرة بعد أخرى وتصحبه، وكالجنين يستمر في بطن الناقة أيامًا بعد توقيت ولادته، ومعاطف الأودية والثنايا بين الجبال يمر منها ماء السيل والمطر شيئًا بعد شيء، والخِرَق

تُكور معًا ثم تُدَسّ في حياء الناقة شيئًا فشيئا، وكأخذ الدلو الماء من البئر برفق، ولفّ الميت في الكَفَن والقبر برفق، وكاللَبَن يَتَجمع في ضَرَّة المُصَرَّاة شيئًا بعد شيء .. ومنه "دَرَجُ البناء -محركة وكسُكّر: مراتبُ بعضها فوق بعض (أي السلم المجسم الدَرَج من حجر أو خشب، فدرجاته تشبه بتكتلها وتتاليها .. المدارج: أي الثنايا الغلاظ بين الجبال، ثم إنها يُرْتَقَى بهما إلى غرفة أو سطح شيئًا بعد شيء) ومن معنوى هذا {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} [الأنعام: 165]، {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228] (هي القوامة، وعند الاختلاف كلمته). وكذلك سائر ما في القرآن من (درجة) و (درجات). ومن معنى الضم والطيّ "دَرَجَ الشيءَ وأدْرجه: طواه وأدخله. والدَرج بالفتح والتحريك: الذي يكتب فيه " (صحيفة تلف كالأسطوانة أي يطوى بعضها في بعض كذلك حفظًا لها). ومن معنوى هذا "دَرَج فلان: مضى لسبيله، وفلان: لم يُخَلّفْ نسلًا، والقوم: انقرضوا ". (كل ذلك انطواء ذهاب). وقالوا "استدرجت الريح الحصا: صيّرته إلى أن يَدْرُج على وجه الأرض من غير أن تَرْفعه إلى الهواء. واستدرجه: أدناه منه (أو إلى الشيء) بالتدريج {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 182، القلم: 44]، نَدَعهم يتمادَون رغم أوزارهم بأن لا نأخذهم بها أولا بأول. وبأن نُمِدّهم بالنعم رغم ذنوبهم حتى يُطوَوْا في شرّ عاقبة. كقوله تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ} [المؤمنون: 56]، وكما استعاذ عمر من الاستدراج لمّا حُمِلَت إليه كنوز كسرى.

(درس)

• (درس): {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران: 79] "الدَرْس -بالفتح والكسر، والدرِيس: الثوبُ الخَلَق. وقد دَرَسْ الثوبُ: أَخْلَق. والدَرْسُ -بالفتح: الجَرَب أول ما يظهر بالبعير. دَرَس البعير (نصر): جَرِبَ قليلًا، واسم ذلك الجرَب الدَرْس. ودَرَسَت الجارية (قعد): طَمَثت ". Qذهاب جِدّة الشيء الفطرية وقُوّته (أو صلابته وصعوبته) بما يعتريه. كما يَفْعَل الجرَبُ بالبعير، إذ يُبْلِى جِلْدَه وقوته التي نشأ بها، ويضيّع قِيمته ومنفعته ويجعله مصدر بلاء مستطير لصاحبه (¬1)، وكذهاب القوة من أثناء الثوب الخَلَق بعد جِدّته، وكما تحيضُ الفتاة فتلين للنكاح (تصلح وتميل وتنكسر للرجل). ومنه "دَرَسُوا الحنطة دَرْسًا: داسُوها (رَفتوا العيدان والسنبل بدَوْس البقر إياها دَوْسًا كثيرًا حتى تصير تبنًا وحَبًّا) (¬2) والدرْس -بالفتح: الطريقُ الخفيُّ (ذَهَبَتَ مَعَالمه الحادّة الواضحة) ودَرسَ الناقةَ: راضَها (أذهب حدّتها وصلابتها الفطرية). دَرَسْتُ الصعبَ حَتَّى رُضْتُه. ودَرَسَ الكتابَ " (استخرج معانيه وأذهب صعوبة غموضه والجهلِ به، وغرابتِه وهي شدائد ¬

_ (¬1) ينظر في بعض ذلك الأشباه والنظائر للخالديين 2/ 85. (¬2) كانت طريقة القدماء لإخراج حب الحنطة من سنابله أن تُجمع عيدانها الجافة حُزَما وتكدس قائمة -سنابلها إلى أعلى، على مُسَطح من الأرض صُلْب، ثم تَدُوسُها البقر وغيرُها مختلفةً عليها حتى يخرج الحب من السنبل (ثم ابتكروا النَوْجَر بديلًا للدَوْس)، ثم يُذَرَّى الحطام المَدُوس لفصل الحَبّ من التبن. والآن هناك ماكينات تحصد وتُخرِجُ الحب نقيًا من التبن، في عملية واحدة.

(درك)

أُنشِيءَ عليها -بالنسبة لدارسه)، {مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا} [سبأ: 44] وكل ما في القرآن من التركيب هو من دَرْس الكتاب هذا. "وإدريس "قد يعني اسمُه: الكثيرَ الدرْس مبالغةً (أو المُدَرّس). ويمنعه من الصرف العلمية (انظر بلس) {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ} [مريم: 56]. أما "الدِرْواس -بالكسر: الغليظ العنق من الناس والكلاب والإبل، والعظيم الرأس، ومن الأُسْد: الغليظ أو العظيم ". فذلك كله من الأصل من حيث إن الصيغة فيها واو جعلتها تعبر عن المبالغة في الفاعلية أي القَوِيّ الذي يقهر قوة الشيء ويذهب جدته. • (درك): {لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى} [طه: 77] "الدَرْك -بالتحريك وبالفتح: أقصى قَعْر الشيء كالبحر والرَكِيّة ونحوها، وبالتحريك: حبل يشد في طرف الرِشاء إلى عَرقُوَة الدلو ليكون هو الذي يلي الماء فلا يَعْفَنَ الرِشاءُ. وتدارك الثَرَيان: أي أدرك ثرى المطر ثرى الأرض ". Qلحاقٌ أو تعلقٌ بطرَفِ الشيء أو أقصاه: كالقَعْر في عُمْق البئر وأقصاها الممتد، وكما يتعلق الدرَك الموصوف بطرَف الرِشَاء الأعمق، وكما يتلاقى الثريان ويتصلان. فمن أقصى الشيء الذي يلحق به كل هاوٍ فيه {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: 45]. ومن اللحاق والالتحام جاء "الإدراك والدَرَكُ: لحَاقُ المطارِد بالمطارَد {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ}، {ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ} [النساء: 78، 100]. {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} [يس: 40] (تعاقُب جريهما في الأفق في نفس

(دره)

المسار هو كالمطاردة). {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ} [يونس: 90] (لحقه وتمكنّ منه) {لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى} [طه: 77]، {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء: 61]، {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا} [الأعراف: 38] (أي تداركوا: لحق بعضهم بعضًا). ومنه: "طعْنٌ دِرَاكٌ: متلاحق "أي متتابع يلحق التالي سابقَه {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ} [النمل: 66] أي تلاحق وتتابع على إنكارها [قر 13/ 266]. ثم أضرب عنه إلى شكهم، {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا}، ثم إلى عماهم {بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ}. [بحر 7/ 87 - 89]. ومن ذلك "تدارُك ما وقع من أمر غير مرغوب: لحاقه بما يتلافاه أو بما يُصْلح قبل أن يَثْبُتَ ما وقع به {لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ} [القلم: 49]. وعن ذلك اللحاقِ والالتحامِ جاء معنى إدْراك الحاجة والمَطْلَب، والإدراكُ بالبَصَر (التقاطٌ وتحصيل للشيء أو لصورته أي إمساك بها) وكذا الإدراك العِلْمي إمساكٌ أو لحاق بالمعنى أو المدرَك في العقل {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: 103]. (ويعبر الدارس الآن عن فهمه فيقول: وصل المعنى أو وصلت الفكرة). • (دره): "دَرَه على القوم: هَجَم من حيث لم يحتسبوه. هو ذو تُدْرأ وذو تُدْرَهٍ: إذا كان هجّامًا على أعدائه عن حيث لا يحتسبون. درهَ القومَ: جاءهم من حيث لم يشعروا به ".

(درهم)

Qالاندفاع للمخالطة مفاجأة: كما هو واضح. ومن هذا الاندفاع جاء معنى التقدم: "المِدْرَهُ: المقدَّم في اللسان واليد عند الخصومة/ رأسُ القوم الدافعُ عنهم/ زعيم القوم وخطيبهم والمتكلم عهم والذي يرجعون إلى رأيه/ لسان القوم والمتكلم عنهم "فكل ذلك من التقدم عملًا. • (درهم): {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} [يوسف: 20] "المُدْرَهِمّ: -كالمشمَئِزّ: الساقطُ من الكِبَر. وقد ادْرَهَمّ: سَقَطَ من الكِبَر. وادْرَهَمّ بصره: أَظلم ". Qذهاب ما به قوة الشيء عن أثنائه مع بقاء ظاهره: كالقوة والشدة الذاهبة من الشيخ، وكقوة الإبصار وحدته الذاهبة. أما "الدرهم -كهِجْرَع وزِبْرِج وبِرْسام ": تلك العملة الفضية فالأشبه أن الكلمة معربة عن اليونانية dirham أو عن الفارسية (¬1). أو تكون هذه عُجّمت عن العربية القديمة، فخفى وجهها. ° معنى الفصل المعجمي (در): الجريان باسترسال أو الامتداد بتوال -كخروج اللبن غزيرا (ولا يكون ذلك إلا باسترسال نزوله) -في (درر)، وكامتداد المِدْرَى الدقيق متغلغلًا في أئناء الشعر -في (درى)، وكامتداد جدار الدار -في (دور)، وفي الامتداد إبعادًا -في (درأ)، وفي الانتقال اللطف (وهو من الامتداد) شيئًا بعد شيء - في (درج)، وفي بقاء الشيء دهرًا إلى أن يبلى -في (درس)، وفي المتابعة الدَءُوب (المؤدية ¬

_ (¬1) ينظر المعرب للجواليقي (تحـ د. ف. عبد الرحيم) 309.

الدال والسين وما يثلثهما

إلى اللحاق) -في (درك) وفي الاندفاع والتقدم -في (دره). الدال والسين وما يثلثهما • (دسس): {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} [النحل: 59] "الدسّاسة -كسيّارة: حية صماء تندس تحت التراب. دَسَسْتُ الشيء في التراب: أخْفيته فيه. ودسّ الشيءَ في الشيء (رد): أدخله فيه بقهر وقوة. واندسّ: اندفن ". Qدفع الشيء أو اندفاعه في أثناء تراب أو نحوه مما هو طبقة من دقاق متسيبة حتى يغيب فيها (¬1) كالحية في أثناء التراب والرمل قال تعالى: {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} [النحل: 59]، ومن هذا الأصل "دسَّ البعيرَ: هنأ مَسَاعرَه وهي أصولُ آباطه وأفخاذه " (لأنها مضايق خفية يُدَسُّ إليها الهِناء دَسًّا) ومنه "الدَسيس: الصُنَان الذي لا يقلَعه الدواء (نفاذُ الريح في الأثناء فيكون أصيلًا فيها وينفذ منها أيضًا) والدَسِيسُ: المثوى (لدسّه في النار) واندسّ إلى فلان يأتيه بالنمائم، والدَسِيس: من تَدُسّه (بين قوم) ليأتيك ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الدال تعبر عن الضغط الممتد والحبس، والسين عن النفاذ بدقة وحدة، فعبر الفصل عن الاندفاع في أثناء شيء بحدة كأنما عن ضُغِط -كدس الشيء في التراب. وفي (دسو/ دسى) عبّرت الواو عن اشتمال والياء عن اتصال، فعبر التركيبان عن شدة الانغماس والاستخفاء في أو تحت ما نُفِذَ فيه كما في الاستخفاء، وفي (دسر) تزيد الراء معنى الاسترسال، ويعبر التركيب عن دفع الدقيق الشديد ممتدًّا في أثناء ليبقى فيها (والامتداد والبقاء كلاهما استرسال) كالسَمْر بالمسامير.

(دسو - دسى)

بالأخبار شبيهٌ بالمتجسس ". • (دسو - دسى): {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 9 - 10] "دَسَا فلان يَدْسُو ويَدْسِي -أي بضم عين المضارع وكسرها: استخفى. ودسّى نَفْسَه - ض: أخفاها وأخملها لُؤمًا مخافة أن يُتَنَبَّه له فيُسْتَضَاف ". Qاختفاء الشيء باندساسه أو تواريه في كِنٍّ أو عُزْلة. {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} قالوا إنها مخففة من دسَّسَها. [وانظر قر 20/ 77] فالمعنى: دَفَنها وبَخَسها بالانغماس في المعاصي، كقوله تعالى: {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} [الأعراف: 176]، وهو المعنى المناسب. وقد قالوا: دَسَا الليلُ دَسْوًا ودَسْيًا -بالفتح فيهما: خلافُ زكا. وأرى أن المقصود: قَصُرَ الليل؛ فخَفِىَ، وذلك أخذًا من مقابلة "دسا "ب "زكا "التي تعبر عن النمو والزيادة. • (دسر): {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} [القمر: 13] "الدِسار: المسمار. دَسَرْت المِسْمارَ (ضرب ونصر). وكلُّ شيء يكون نحو السَمْر وإدخال شيء في شيء بقوة فهو الدَسْر. والدَسْر: خَرْزُ السفينة. ودَسَره بالرُمح: طعنه ". Qدفع الصلب الدقيق في ثنايا الشيء ليبقى فيه أي باسترسال: كما في السَمْر وخَرْز السفينة. {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} جمع دسار، وهو المسمار. ومنه: "الدُواسر -كتُماضر: الماضي الشديد (نافذ بحدة)، وجَمَل دَوْسَر: ضَخْم شديد مجتمع ذو هامة ومناكب " (لتَداخل أعضائه). ومنه:

معنى الفصل المعجمي (دس)

"الدَوْسَر -بالفتح: الزُؤان في الحنطة (حبوب غريبة وحَصَى تختلط بحبوب الحنطة فهي دخيلة تخالط أثناءها). أما "الدَوْسَر: القديمُ "فلنفاذه أي بقائه عَبْر أزمنه متوالية أي في أثنائها. والصيغة في الثلاثة للفاعلية. ° معنى الفصل المعجمي (دس): النفاذ بدفع مع دقة أو حدة في أثناء شيء -كما في دس الشيء في التراب -في (دس)، وكما في الاستخفاء في مكان أو خلف شيء -في (دسو/ دسى)، وكما في تغلغل المسمار ونحوه -في (دسر). الدال والعين وما يثلثهما • (دعع- دعدع): {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} [الماعون: 1 - 2] "دَعْدَعَ الشيءَ: حرّكه حتى اكتنز كالقصعة. ودَعْدَعها: ملأها من الثريد واللحم. ودَعْدَع السيلُ الوادي: ملأه، والشاةُ الإناءَ: ملأته (لينًا). والدُعَاعة - كثمامة: عُشْبَةٌ تُطْحَن وتُخبز، وهي ذات قُضُب ووَرق متسطحة النِبْتة. والدَعادِع (جمع دَعْدَع) وهي الأرض الجرداءُ التي لا نبات فيها ". Qدفع الجرم الرخو (في حيز) بضغط فيكتنز وبتداخل بعضُه في بعض فلا ينتأ (¬1): كدَعْدَعة القصعة بالثريد، والوادي بالماء، والإناء ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الدال للضغط الممتد والحبس والعين لتجمع الجرم الرخو ملتحمًا، والفصل منهما يعبر عن دكّ أو اندكاك والتحام كالدعاع: الأرض الجرداء (الملتحمة السطح من اكتنازه) وكدعدعة الجفنة وكالدع الدفع. وفي (دعو) تزيد الواو معنى الاشتمال ويعبر التركيب عن نحو الضم والجمع جَذْبًا. وفي (ودع) تسبق الوار بتعبيرها عن الاشتمال والضم، فيعبّر التركيب عن الانغمار في قرارٍ أي في مستقر (كالمضغوط) كما في الودَع.

(دعو)

باللبن. والبقلة المذكورة متسطحة النِبْتة كالمضغوطة، أو هي سميت كذلك لأنها تُطحنُ -والطحن ضغط، وهي ضعيفة، أو لأنها تؤكل في الجدب (¬1) [ل] ربما لمجرد حشو البطن. والأرض المذكورة كالملتحمة السطح من ضغط فلا تسمح بخروج النبات. ومنه "دَعّه (رد): دَفَعَه في جَفوة (ضغط جسمه بشدة) كما يُفْعَل بالحَبِّ في المكيال " (2)، لكن لوقوع هذا على ما شأنه الحركة فإنه يندفع مبتعدًا بأثر الضغط والدفع {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} [الطور: 13]: يُدْفَعُون دَفْعًا عنيفًا {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} [الماعون: 2]: يَعْنُفُ به انتهارًا ويصدق أصالة بدفعه إبعادًا. ومنه "الدَعَاعُ -كسحاب: عِيالُ الرجل " (طبقة ضعيفة) ومنه "قولهم للعاثر وللصبي إذا عثر دَعْ َدَعْ أي قم وانتعش (أي تماسَكْ وتَجَمع واشتّد). والدَعْدَاع -بالفتح: القصير من الرجال كالدحداح " (مضغوط). • (دعو): {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] "داعِيَةُ اللَبَن: ما يُتْرَك في الضَرْع ليدعُوَ ما بعده، والدَعْوة -بالفتح: الوليمة. وتداعى القوم: دعا بعضهم بعضًا حتى يجتمعوا. دعاه إلى الأمير: ساقه. ماذا دعاك إلى هذا الأمر: ما الذي جَرّك إليه ". Qجَذْب الشئ أو محاولة ضمه إلى حيز أو أمر: كجذب اللبَن إلى حيّزه أو حيّز الحالب، وجذب الناس إلى الوليمة والاجتماع، والسَوْق إلى الأمير. ومنه الدعوة لأداء شهادة مثلًا {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا ¬

_ (¬1) فيه "دَعْدَع الشيءَ: حرّكه حتى اكتنز كالقصعة أو المكيال والجوالق ليسع الشيء "اه.

شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [البقرة: 23]، أي ادعوا ناسًا يشهدون لكم أي يشهدون أنكلم عارضتموه (أي القرآن) [قر 1/ 232 - 233]، والدعوة إلى الله عز رجل أي طلب اتخاذ عبادته دينًا {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ} [الأحزاب: 46]. وكل ما عُدّى بـ (إلى) أو باللام فهو من الدعوة إلى دين أو عمل وبعض ما هو بهذا المعنى مُعَدًّى بنفسه. والوسيلة المادية المألوفة لدعاء شخص ليحضر أو ليعمل شيئًا هي الصياح به "دعوتُ فلانًا: صحت به واستدعيته "، وبمعنى الصياح ما في [البقرة 171، الأعراف 5، يونس 10، الأنبياء 15، 45، الشعراء 72، النمل 80، فاطر 14]. ومنه بمعنى النداء استلفاتا أو استحضارا، أو استنهاضا ما في [البقرة 221، 260، 282، آل عمران 61، 153، الأنفال 24، إبراهيم 10، الإسراء 71، 152، النور 48، 63، القصص 25، 41، الروم 25، الأحزاب 53، فاطر 6، 18، ص 51، فصلت 31، 49، الجاثية 28، القمر 6، الملك 17]. ومن صور هذا: الاستغاثة كما في [الأعراف 193، 195، هود 13، القصص 64، سبأ 22، الأحقاف 5، العلق 18]. وفى قوله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً} [البقرة: 171]، ذكر في [قر 2/ 214 - 215] أن المراد: أ) إما تشبيهه - صلى الله عليه وسلم -في دعوته الكفار الذين لا يستجيبون بالراعي الذي ينعق بالغنم والإبل فلا تسمع إلا دعاءه (أي صياحه) ونداءه ولا تفهم ما يقول، ونسب قر هذا التفسير إلى ابن عباس ومجاهد وغيرهما ونقل عن سيبويه قوله "لم يشبّهوا بالناعق وإنما شُبِّهوا بالمنعوق به "اه.

ب) وإما تشبيه الذين كفروا في دعائهم الآلهة الجماد بالصائح في جوف الليل فيجيبه الصدى ... الذي لا حقيقة فيه ولا منتفَع. ج) وإما تشبيه الكلفار في دعائهم الأصنام بالراعي الذي ينعق بالغنم ولا يدرى أين هي، أو الذي ينعق بشيء بعيد لا يسمع. والشطر الأخير عن الطبري. ولم يختر القرطبي أحدها. وأري أن الأول فيه جفاء ويصادم صدر الآية ويصادم تكليفه - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة. فالثاني وصدر الثالث أنسب. ويدخل في هذه المجموعة ما كان بمعنى الولولة مثل {دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} [الفرقان: 13، 14] ومثله [الانشقاق 11]. ولم يبق إلا الدعاء بمعنى التّضرع إلى الله عز وجل في طلب أمر مثل {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ} [آل عمران: 38] وهو كثير، وسياقاته واضحة. و "الدعاء: العبادة "؛ لأن العبادة تَقَرّب إلى المعبود، واعتزاء إليه، واستكفاء به فهي من الجذب والانجذاب، وسياقاته واضحة. وكثير منها تصحبه عبارة (من دون الله) أو نحوها: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا} [الحج: 73]، {أَتَدْعُونَ بَعْلًا} [الصافات: 125]. في دعاء النسب {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5]. ومنه ادّعاء النسب -فهو ضم المدعِي نفسَه بالنسب إلى أب أو قوم. والمدعي حينئذ دَعِىّ: فعيل بمعنى مفعول -أي هو مدعو أي مُدَّعّى له وليس أصيلًا- والجمع أدعياء {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} [الأحزاب: 4] (هم هنا المتبنَّوْن). وربما يسوغ ضم الادعاء في مثل {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا} [مريم 91]. ومن الصورة الظاهرة لهذا الادعاء: "الادّعاء والتداعي: الاعتزاء في

(ودع)

الحرب كأن يقول: أنا فلان بن فلان "فهذا إعلان وتنويه بالنفس قُصِد يه أنه معروف عنه شدة البأس، وأنه سيأتي بما يناسب هذا. ومن صور ذلك الجذب و (محاولة) الضم: الطلب والتمني: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} [فصلت: 31]. ويقال "فلان في حيّز ما ادّعى أي ما تمنى ". و"الجذب "الذي في معنى التركيب قد يكون جذبًا إلى أسفل -وهو أصيل؛ لأنه من معطيات "الضغط "الذي في معنى تركيب الفصل المعجمي (دعع)، وله شاهد كالصريح في قوله: تزوّدَ مِنّا بين أُذْناه طعنةً ... دَعَتْه إلى هابي التراب عقيم وهذا المعنى بارز في قوله تعالى عن جهنم: {تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى} [المعارج: 17]. [وينظر قر 18/ 289]. وبه يتضح قولهم: "تداعَت الإبل: تَحطَّمَتْ هُزالًا (فكادت تسقط مكومة على الأرض كأنما يجذب بعضها بعضًا)، وتداعى الحائط: تكسَّر وآذن بانهدام، وداعيناها عليهم: هَدَمْناها (جعلناها تسقط)، ودعاه الله بما يكره: أنزله به، ودواعِي الدهر: صروفه " (تنزل وتصيب. ففيها معنى الضمّ أيضًا - لكن إهلاكًا). أما "الأُدْعِيّة -بوزن أحجية: اللغز "فمن استدعائه الالتفات والاهتمام والظنون لحلّه. • (ودع): {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 3] "الوَدْعَ -بالفتح وبالتحريك: خَرَزٌ أبيض جُوف في بطونها شَقٌّ كشق النواة

تَخرج من البحر تتفاوت في الصغر والكبر (في جوفها دويبة كالحلمة). والوَدِيعُ: المقبَرة. والوَدع -بالفتح: حائرٌ يُحاطُ عليه/ حائط يدفن القوم فيه موتاهم ". Qبقاء الشيء ساكنًا قارًّا في مقر أو مقام بلا حركة ولا استعمال: كالذي في جوف وَدعَ البحر، ومن في المقبرة. ومنه: "الوَدْع -بالفتح: اليربوع (لبعده عنهم قارًّا في جِحَرته)، والغَرَضُ يُرْمَى فيه (لثبوته للرماة وسكونه. لا كالصيد). ورجل وديع: هادئ ساكن ذو تُدْعَة. وودَّع الثوب -ض: أودعه صانه في صِوانه لا يصل إليه غبار ولا ريح. واستَوْدعه مالًا كأودعه -دفعه إليه ليكون عنده ودَيعة، وودّع الشيء -ض: رَفّهه. والمِيدَعة -بالكسر: الثوبُ الذي تبتذله تودِّع به ثياب الحَفْل ". ومن الأصل: "وَدَعه (كوضع): تركه لم يتصل به (أبقاه قارًّا). وقد استغنَوْا عن الماضي بتَرك. {وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ} [الأحزاب: 48] (اتركه). والوَدَاع: توديع الناس بعضهم بعضًا في المسير. وتوديعُ المسافر أهلَه: تخليفُه إياهم خافِضين وادعين ". (يتركهم قارين لا يُشرِكُهم في مَشاقّه). ثم يتأتى من مطلق الترك وعدم الاصطحاب معنى الهجر فقالوا: "ودّعته -ض: هجرته "، وقوله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 3] لنفي ادّعاءات الكفار في ذلك الظرف بكل مستوياتها: الترك والهجر والقِلَى. وقوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا} [هود: 6] ومثله ما في [الأنعام: 98] من نحو استيداع المال السابق. واختلفوا في المراد بالمستودّع: الأرض التي تموت فيها، أو الأصلاب، أو عند الله [قر 7/ 46]. وقوله تعالى: {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا

معنى الفصل المعجمي (دع)

تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [القمان: 34]، يرجح الأول. ° معنى الفصل المعجمي (دع): الدفع بضغط على رخو فيتداخل ويتجمع (أو يبتعد) كما في دعدعة الثريد في القصعَة والحّب في المكيال -في (دعع)، وكما في جذب الشيء بقوة لضمّه (والجذب شد من الأمام يحقق معنى الدفع من الخلف) وكذلك تداعي الحائط -في (دعو)، وكما في استقرار الساكن في موضعه -في (ودع). الدال والفاء وما يثلثهما • (دفف- دفدف): "الدفّ والدفة -بالفتح: الجنب من كل شيء (البعير والرجُل). ودَفّتا الطبل: جلداه اللذان على رأسه. والدفُّ والدَفْدَفَه من الرمل والأرض: سَنَدُهما [ق] (جانب مرتفع). ودَفَّتَا الرحْل والسّرْج والمصحف: جانباه وضِمَامَتا. من جانبيه. والدُفّ -بالضم ويفتح: ذاك الذى يُضْرَب به ". (أى لإعلان الزواج ونحوه). Q(ضم الشيء من جانبه): مقابلة جانب عريض من الشيء جانبا آخر منه فيدعم هيأته ويتمها (¬1) كدفّ البعير والرجل يدعم بدنه ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الدال للضغط الممتد والحبس، والفاء للإبعاد والطرد، والفصل منهما يعبر عن مقابلة جانب خارجي عريض لآخر، وبهذه المقابلة يتم ضم الشيء بعضه إلى بعض بما يشبه الدفع كما يفعل دف البعير والرجل بالنسبة لبدنهما. وفي (دفأ) تضيف الهمزة ضغطًا، فيعبر التركيب عن كثافة تعرو ظاهر الشيء كالصوف والوبر عل الغنم والإبل. وفي (دفع) تعبر العين عن الالتحام على رقة، ويعبر التركيب عن صب أو إزاحة لما هو (رقيق) خفيف الحركة كالماء وكتل الناس، وفي (دفق) تعبر القاف عن تعقد وغلظ =

(دفأ)

من الجنب ويتم هيأته. وكذلك السَنَدُ من الأرض والرمل جانب مرتفع يدعمه فلا يهيل ويُنْهيه، وكدفتي المصحف تضمانه. وكدفتي الرحل والسرج تضمان جانبي الدابة - مع العِرَض وإتمام الهيئة في كل. ومن ذلك "دَفَّ الطائر وأَدَفّ: ضَرب جَنْبيه بجَناحَيْه/ حرّك جناحيه ورجلاه في الأرض (إصابة الدفِّ الجنب) وفي الحديث "كُلْ ما دَفَّ "هو كل ما حرّك جناحيه في الطيران كالحمام (وأصله ضرب الدفَّين الجنبين بالجناحن، وما لا يدف هو ما يَصُفّ جناحيه في الطيران أي يبسطهما ولا يحركهما كالنسور والصقور وهو لا يؤكل) "واستدفَّ بالموسى: حَلَق عانته واستأْصل حَلْقها (إبراز الدَفّ الجزئي أو إزالة طبقة تعرو كالدَفّ). ومن المقابلة وإتمام الهيئة قيل "دَفّ الأمرُ يَدِف (ضرب) واستدَفَّ: تهيأ وأمكن. "يقال خذ ما دَفّ لك واستَدَفّ أي خذ ما تهيأ وأَمْكن وتَسهَّل. واستدف أمرهم أي استتبّ واستقام " (أخذ هيأته). وقولهم "الدافّة والدفّافة: الجيش أو القوم يسيرون جماعة سيرًا ليس بالشديد " (فهذا من العِرَض لأنهم فرقة أو طائفة تشغل مساحة عريضة من الأرض). • (دفأ): {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [النحل: 5] "الدِفْءُ -بالكسر: ما أدفأَ من أَصْوات الغنم وأوبار الإبل، ونِتاجُ الإبل وألبانُها والانتفاعُ بها، ونَسْلُ كل دابة. والدَفَأ -محركة: الجَنَأُ. رجل أَدْفَأُ: فيه انحناء ". ¬

_ = في العمق، ويعبر التركيب عن اندفاع غليظ في العمق حتى يخرج منه بقوة كالأسنان من الفم والماء من وعائه.

(دفع)

Qتراكم شعر أو دقاق بكثافة على ظاهر الشئ، ويلزمه الحماية من البرد ونحوه: -كالصوف والوبر يتكاثف على جلود الغنم والإبل، والنتاج والنفع زيادة (من باب الكثافة) وتحسب معها. والأدفأ كالمنثنى أعلاه على أسفله، والانثناء يعطي صورة التراكم. ومعنى كلامهم أن الصوف والوَبَر .. هما الدِفْء. فيكون استعمالهما في الحرارة استعمالًا للفظ في مسبَّب معناه الحقيقي: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ}. ومنه: "اقعُدْ في دِفْءِ هذا الحائط أي كِنّه. والدفْأَة -بالفتح: الذَرَى " (= كل مرتفِع يُكِنّ من الريح والمطر، وهو سبب لوجود الحرارة بمنع الهواء البارد). ومن التراكم والكثافة: "أدْفَأَتْ الإبلُ على مائة: زادت، وأدفأتُ القوم: أي جمعتهم حتى اجتمعوا، والدِفْء -بالكسر: العطية، وأدفأته: أعطيته " (العطية زيادة وإضافة). ومن التكاثف والتراكم في المعنى الأصلي: "أدفأت الجريح ودافأته: أجهزت عليه " (أكملت قتله بمزيد الطعن والجرح). • (دفع): {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج: 38] "الدُفْعَةُ -بالضم: مثل الدُفقة من المطر وغيره [تاج]، ما دُفِعَ من سِقَاءٍ أو إناء فانصبّ بمِرّة. والدافعة: التَلْعَة من مَسايل الماءِ تَدْفَعُ في تَلْعة أُخْرَى إذا جرى في صَبَبٍ وحُدُورٍ من حَدَب ثم دَفَع في أخرى أَسْفَلَ منها فكل واحد دافعة. والدُفَاّع -كتُفّاح: طَحْمَةُ السَيْل العَظيم، والموجُ، والكثيرُ من الناس. جاء دُفَّاعٌ من الرجال والنساء: إذا ازْدَحَمُوا فركب بعضهم بعضًا ".

(دفق)

Qاندراءٌ "انصباب للأمام "بكثافة مع تقطع أي يحدث مرة بعد أخرى وليس مصلًا: كانْدِرَاءِ الماءِ من السِقَاء أو الإناء مرة (من مرات)، وكاندفاع الماء من تلعة إلى أخرى، وهجوم السيل والموج موجة بعد موجة، وهجوم جماعة الناس الموصوف. ومنه "الدافع والمِدْفَاع من النوق: التي تَدْفَعُ اللبن على رأس وَلَدها لكثرته ". ومن هذا استعمل في نقل ما في الحوزة إلى حوزة أخرى بقوة، وتتمثل القوة في الحماس ونقل كل المستحَق {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 6]. ومن الاندراء بتقدم استُعْمِل في الصَدِّ ورَدّ المتقدم المهاجم "دَفَعَ العدوَّ: رَدَّه على أعقابه وصدّه (لأن التقدم للأمام في مواجهة العدو المهاجم يترتب عليه صدّه وردّه) وعبارة ل "الدفع: الإزالة بقوة ". ومن الصدّ والردّ: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة: 251]، وكذا ما في [آل عمران 167، 38، 40، الطور 8، المعارج 2]. ودَفَع السيئَة: رَدّها كذلك {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ} [المؤمنون: 96]: هنا صورة معنوية من الصدّ والردّ. فإن الكلام الحسن والتصرف الحسن ني مواجهة الإساءة إذا كانت من نوع الشتم غالبًا ما تكسر شِرّة الشاتم فيراجع نفسه وينكشف له عيب نفسه فيفيء ويصبر -كما جاء في ختام آية بنفس السياق تقريبًا - {كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت 34]. • (دفق): {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: 6] "فَمٌ أَدْفَقُ: إذا انصبَّت أسنانه إلى قُدَّام. وسَيْلٌ دَفَّاقٌ: يملأ جَنْبَتَى الوادي. ودفَقْت الكوزَ فاندفق. ودَفَقَ الماءُ والدمعُ (جلس) واندفقَ واستدفقَ: انصب بمرة ".

معنى الفصل المعجمي (دف)

Qاندفاع المحتوَى في جوف إلى خارجه بقوة: كانصباب الأسنان من الفم إلى خارجه وهي صُلبة. وتنبت قائمة، فيوهم من ميلها إلى خارج الفم اندفاعها بضغط قوي، والسيل الذي يملأ جنبتي الوادي ارتفع عن وسط الوادي إلى جنبتيه ولا يكون ذلك إلا لِعظم قوته. وكذلك انصباب الماء بمرة، وذكر الدمع مجاز محمول على دفق الماء. ومن ذلك قوله تعالى: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} فهذا الماء يخرج من العمق في دفعات متوالية بقوة تخرج عن التحكم أحيانًا. ° معنى الفصل المعجمي (دف): الضغط من الظاهر أو إليه -كما يتمثل ذلك في دعم جانب الشيء المجسَّم لما يقابله منه فيضمان الشيء ويكونان هيأته -في (دفف)، وفي كثافه الصوف والوبر على ظاهر الغنم والإبل -في (دفأ)، وفي اندراء المائع الكثيف من السقاء أو التلعه -في (دفع)، وفي اندفاع ما في العمق إلى الخارج بقوة -في (دفق). الدال والقاف وما يثلثهما • (دقق - دقدق): "الدَقّ: الكسر والرضّ/ أن تضرب الشيء بالشيء حتى تهشمه. دققت الدواء. والمِدَقّ: حَجَر يُدَقُّ به الطيب. والدَقّاقة -كسَبّابة: شيء يدق به الأرز. والدَقُوقة والدواقّ: البقر والحمر التي تدوس البُرّ. وقالوا في شأن الكيل: لا دقَّ ولا زلزلة: وهو أن يدُق ما في المكيال من المكيل حتَّى ينضمَّ بعضُه لبعض ". Qصدم الشيء بصلب أو نحوه أو ضغطه بقوة؛ فيتفتت

أو يتداخل (¬1): كهشم الشيء، ودق الدواء والطيب، وقَشْر الأُرْز بالدق، وفصل حبرب البُرّ من السنبل، بضغط دَوْس البقر والحُمُر على السنابل. ودق الكيل هو في الحقيقة ضغط بالكف على الحب فيتداخل في ما يتخلله من فراغات دقيقة. ويلزم الدقَّ والضغطَ الشديدَ دِقةُ سُمك الشيء أو تفتته أجرامًا دقيقة أي بالغة الصغر، وكذلك يترتب على الضغط تفصي الحب من السنابل ونحوها. ومن هذا اللازم "سيف دقيق المضرِب، ورمح دقيق (السن)، وغصن دقيق، وحبل دقيق: ضد الغليظ، ومستدِقّ الساعد مقدَّمه مما يلى الرسغ (= مفصل الكف عن الذراع). ومستدقّ كل شيء: ما دَقّ منه، وقد استدق الهلال: صار دقيقًا، والدقْداق -بالفتح: صغار الأنقاء المتراكمة. والدِقّ -بالكسر: كل شيء دَقّ وصَغُر كدِقّ الشجر: صغاره، وكانوا رِعاء "الدقائق "أي الشاء والبَهْم (صغيرة بالنسبة للإبل)، وما رزأتُه دِقًّا ولا جِلًّا. وفي حديث الدعاء: اللهم اغفر لي ذنبي كله: دِقَّه وجِلّه ". أما قولهم: "دَلَّ الشيءَ: أظهره، لأَدُقَّنَّ شقُورك (وهي الأمور الملتصقة بالقنب المهمة له/ ما يُسِرّه الإنسان) أي لأُطْهِرَنّ أمورك " (والمقصود معايبك الخفية) فهذا من إصابة ما هو دَقِيق أي خَفِىّ أي التعامل معه فيظهر. والعامة تقول في هذا هو يُدَقِّقُ يقصدون يهتم بأمور صغيرة. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الدال للضغط الممتد مع حبس، والقاف لغلظ في العمق، فعبر الفصل عن الصَّدْم بصلب يسحق العمق كالدقّ. وفي (ودق) سبقت الواو بتعبيرها عن الاشتمال، فعبر التركيب عن احتواء الشئ على ما له حدّة (وهي تناسب شدة الصدم) كالبشر في العين.

(ودق)

• (ودق): {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} [النور: 43] "الوَدْقَةُ -بالفتح والتحريك: بَثْرة أو نُقْطة في العين شَرِقَةٌ بالدم. ووَدَقَ البطنُ: اتسع ودنا (أي تدلى) من السِمَن. وإبلٌ وادقة البُطون والسُرَر: انذلقت لكثرة شحمها. الوديقة: حرّ نصف النهار شدة الحرّ ردوّ حَمىْ الشمس. والوِداق في كل ذات حافر: إرادة الفحل. وسيف وادق: حديد. وَدَقَ السيف: حَدَّ. الوديقة: الموضع فيه بقل أو عشب ". Qوجود حِدّة أو حادّ في باطنٍ أو حيزٍ (يبرز منه): كالبثرة في العين -وحدّتها أذاها وهي بارزة تُرى. والشحم والسمن حادّ، وتدلى البطن بروزُ خروجٍ، وحَمْى الشمس حِدّة في الجوّ وهي مُحَسّة، وإحساس الأتان ونحوها بالحاجة الشديدة إلى نزو الحمار عليها يكون من حدّةٍ ما في حيائها. والبقل والعشب شيء ذو بال في الموضع، ولعله كثير بدليل قولهم: "حَلُّوا في وديقة منكرة ". ويتأتى أن يكون اسم (الوديقة) من سببها وهو الودْق. ومنه: "الوَدْق: المطر الشديد خاصة "، كما فُسّر "ذات وَدْقَين "في شعر سيدنا علي -كرم الله وجهه - بسحابة ذات مَطرَتَيْن شديدتين. وهذا يتفق مع المعنى المحوري للتركيب فلا التفات للقول بأن الودق عام في كل مطر إلا من باب التسامح، والمطر يكون محتوى في السحاب والآية تحقق ذلك {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} وكذا ما في [الروم: 48] وشدة المطر هي مقابل معنى الحدّة هنا. "ويقاله مارسنا بني فلان فما وَدَقُوا لنا بشيء أي ما بذلوا لنا شيئًا من مأكول أو مشروب "والبذل

معنى الفصل المعجمي (دق)

يكون مما في الحيز. ومن ذلك أيضًا "المَوْدِق: معتَركُ الشر، والحائل بين الشيئين (كأن المقصود حائل صعب أي غير مرغوب فيه فتكون هذه حدته). "وفلان وادق السِنَة أي كثير النوم في كل مكان "كما نقول الآن "رأسه ثقيلة ". فهو من امتلاء الحوزة بثقيل. ومن الوجود في الحيز أُخِذَ معنى القُرب "وَدَق إلى الشيء: دنا. وَدَق الصيدُ يَدِقُ: دنا منك "، وقولهم: "وَدَق العَيْر إلى الماء يقال هذا للمستخذي الذي يطلب السلام بعد الإباء ". "وَدَق: أحب وأراد واشتهى. وَدَقْت به وَدْقًا: استأنست به "يكون من القرب، ويكون من وداق الأتان لما يكون هناك من إقراد (استحلاء) يقال أتان وديق وبغلة وديق وقد ودقت تدق إذا حرصت على الفحل ". ° معنى الفصل المعجمي (دق): الصدم الذي يكسر أو يرض، وما يناسبه من حدة أو شدة. كما يتمثل ذلك في الصدم بصلب يفتت -في (دقق) وفي البثرة في العين (وهي حادة الألم والأثر) -في (ودق). الدال والكاف وما يثلثهما • (دكك): {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [الأعراف: 143] "أَكمَةٌ دَكَّاء: اتسعَ أعلاها. وناقة دَكّاء وجَمَلٌ أَدَكّ: افتُرِشَ سناماهما في جنبيهما دَكَّ الترابَ: كَبَسه وسَوَّاه والترابَ على الميت: هَالَه، والركِيّةَ: طمّها ودَفَنها، والأرضَ: سوّى صَعودَها وهَبوطها، والحائطَ والجبلَ ونحوهما (رد):

الدال واللام وما يثلثهما

هَدَمه، والشيءَ: ضربهَ وكسرَه حتى سَوّاه بالأرض ". Qالضغط الشديد على متماسك متسنم أو نحوه حتى يتداخل غائرًا ويستوي سطحُه بما حوله (¬1): كالأَكَمة الدكّاء والجمل الأَدَكّ ... إلخ. {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً} [الحاقة: 14] ومثلها ما في [الفجر 21]، {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف: 143] (بمعنى مفعول) {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ} [الكهف: 98]، ومن الأصل "رجل مِدَكّ: شديد الوطء على الأرض. وحول: دَكِيك أي تام - (كأنه دُكّ فَمُلِئَ أيامًا). ومنه "أَمَة مِدَكّة: قوية على العمل " (شديدة البدن ونشطة تؤدى عملها بقوة كأنها تدك الأشياء). الدال واللام وما يثلثهما • (دلل- دلدل): {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الصف: 10] "أدلّ البازي على صَيْدِه: انْقَضّ عليه من أعلى. وأدلّ الرجل على أقرانه: أخذهم من فوق. وفي الوسيط "انَدلّ الماءُ: انصبّ " [في تاج: اندلى: انصب]. التدلْدُل: كالتهدُّل. تدَلْدَلَ الشيءُ: تحرك مُتَدَليًّا ". ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الدال تعبر عن الضغط الممتد والحبس والكاف عن ضغط غئورى عميق والفصل منهما يعبر عن ضغط المتسنم أو ما يرى في موضعه كذلك حتى يستوي غائرا.

Qالامتداد من أعلى إلى أسفل اتجاهًا إلى شيء أو مقر بقوة أو اندفاع (¬1): كانقضاض البازي على الصيد، (والرجل مشبه به في ذلك) وكانصباب الماء وكالتهدل والتدلي. وتلحظ المسافة والقوة متمثلة في الثقل المسبب للتهدل والتدلي، وفي الانقضاض لأنه جهد اتجاه إلى أسفل باندفاع وضغط من باب الثقل. فالثقل أصيل في معنى التركيب جاء في (ألل) [غمامة تُرْعَدُ من دلال] والسياق يقضي بأنه يعني بالدلال هنا الثقل بسبب الامتلاء بالماء، لأنه يشبه ناقة بها في الغُزْر. ولمعنى الثقل استُعْمِل "الدَلّ في السكينة والوقار "فالوقار ثقل ورزانة "ينظرون إلى دَلّه وهديه "، وفي "دَلِّ المرأة ودَلالها: تدللها على وجها وذلك أن تريه جراءة عليه في تغنج وتشكل كأنها تخالفه، وليس بها خلاف "، وفي الجرأة لأنها إقدام على مهيب فهي ضغط كالثقل "ما دلك عليّ: ما جرّأك عليّ " [أظن الحلم دل على قومي] أي جرّأهم. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الدال للضغط المستطيل والحبس، واللام للتعبير عن الامتداد والاستقلال، والفصل منهما يعبر عن امتداد قوي (من أعلى إلى أسفل) مع وصول إلى الشيء وهو الحبس لأنه إمساك كالدليلة المحجة (الطريق) وكإدلال البازي على الصيد. وفي (دلو) تعبر الواو عن الاشتمال، ويعبر التركيب عن اشتمال الممتد في نهايته على شيء يحمله كما يحمل الدلو ما فيه. وفي (دول) عبرت الواو عن معنى الاشتمال وهو هنا إحاطة (دوران)، فعبر التركيب عن نوع من التحول من حيز أو جانب إلى آخر، وفي (دلك) عبرت الكاف عن ضغط غئوري دقيق وعبر التركيب عن حركة زوال بطيء، لما هو ممتسك كالتراب الذي تسفيه الريح، وكثريد الزبد واللبن ينزلق.

(دلو)

ومن الاتجاه من أعلى باندفاع إلى شيء استعمل في الدلالة "دلّه على الشيء على الطريق يدله (ردّ) دَلًّا ودَلاَلة: سَدَّدَه إليه ". قال في [تاج]: "ثم إن المراد بالتسديد إراءة الطريق "اه. فهذا كأنه إشارة من أعلى عبر مسافة ما. "والدليل: ما يُستَدَل به، والدليل: الدالّ ". "والدليلة: المحجة البيضاء الواضحة "فالمحجة الواضحة طريق ممتد موصل، والتوصيل دلالة وزيادة. وملحظ النزول من أعلى يتحقق فيها كما يقال عن المسافر إنه نازل القاهرة مثلًا. والدلّال -كشداد: الذي مجمع بين البيعين "فهذا من توصيل كل إلى الآخر. ومن الدلالة على الشيء: الإرشاد إليه {فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ} [القصص: 12] ومثلها ما في [طه 40، 120، الصف 10] وفي [سبأ: 7] تهكم]، {مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ} [سبأ: 14]، فهذه دلالة بالاستنتاج العقلي {ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا} [الفرقان: 45] أي أن الظل تابع للشمس يمتد خلف الأشياء التي تحجز أشعة الشمس. وفي [قر (13/ 37]: أي جعلنا الشمسَ بنسخِها الظِلَّ عند مجيئها دَالةً على أنّ الظل شيء ومعنى، لان الأشياء تُعرَف بأضدادها، ولولا الشمس ما عُرِفَ الظل، ولولا النورُ ما عُرِفَت الظلمة ". • (دلو): {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 8 - 9] "الداليَة: المنجنون (الدولاب يستقي به) والدوالي: عنب .. عناقيده أعظم العناقيد كلها .. كأنها: تُيوس مُعَلقة. والدَلْو -بالفتح: والدَلاَة تلك التي يُسْتَقَى بها. والدالي: النازعُ في الدَلْو المسْتَقِي بِه من البئر. أَدْلَيْتُ الدَلْو: ألقيتُها في البئر

(دول)

لتَسْتقي بها (وكذلك دَلَيْتُها). ودَلَوتها: أخرجتها وجَذَبتها من البئر ملأى. والإنسان يُدْلى شيئًا في مَهْواة -من أدلى، وَدلّى الشيءَ في المهواة، -ض: أَرْسَلَه فيها. وتَدَلَّى من الشجرة. ولا يكون التدلي إلا من عُلْوٍ إلى سُفْل ". Qامتداد الشيء إلى سُفْل بِثَقل محدود ليتصل بشيءٍ نيلًا له أو اشتمالًا عليه: كالدَلْو وحده فهو مُعَدٌّ في الدالية لغَرْف الماء، وكالعِنَب بعناقيده تلك {فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَابُشْرَى} [يوسف: 19]، {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم: 8]، (الضمير لسيدنا جبريل وانظر ل 292)، {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} [الأعراف: 22]: أوقعهما في الهلاك بالوسوسة مع القَسَم وقيل (أصله) دَلَّلَهما من الدالّة وهي الجُرْأة أي جَرَّأهما على المعصية (بخديعته) [قر 7/ 180] (وهذا جزفٌ معناه أنهما أكلا وهما في تمام وعيهما أن الله نهاهما عن الأكل من الشجرة، في حين أن {فَنَسِيَ} [طه: 115] تعطي نقص درجة هذا الوعي على الأقل). ولو قيل على هذا إنه من الدلالة لتوجّه بما في [طه: 120] "وأدلى بحجته: أحضرها (أوردها كإنزال الدلول في البئر) وأدْلَى إليه بالمال: دَفَعه إليه {وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ} [البقرة: 188]: أي لا تُصانِعوا الحكام (بالمال أو الجاه) ليَقْتَطعوا لكم حقًا لغيركم .. "وقالوا "دَلَوت الرجل ودَاليته: رَفَقْت به ودرايته (تركت له فرصة تَزَيّد لعله يَرْزُن ويثقُل بعدها فيمكن التعامل معه) وكذا دَلَوْت الإبل: سقتها سوقًا رفيقًا " (الوسوسة والخديعة والمصانعة والرفق كل ذلك من محدودية الثقل في معنى التركيب). • (دول): {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: 140]

(دلك).

"اندَالَ ما في بطنه من مِعًى أو صِفَاق: طُعِن فخَرج ذلك. واندَالَ بطنُه: اتسعَ ودنا من الأرض واسترخى، والشيءُ: ناسَ وتعلق ". Qتحول الشيء الغليظ بعيدًا عن مكانه حتى يتميز: كالخارج من مكانه في البطن يتعلق بعيدًا. ومنه "الدَوَلُ -محركة: النَبْل التمداول ". ومنه "الدُولة -بالضم: العُقْبة في المال (يَعْلَقُه -أي يملكه- هذا ثم يخرج منه ويعلقه ذاك ...). {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7] (يملكه هذا ثم هذا من الأغنياء وحدهم)، {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}. مسارّها لهؤلاء حينًا ولغيرهم حينا. ومنه: "الدولةُ -بالفتح وتضم، والإدالة: الغَلَبةُ في الحرْب (كَسْبُها وحَوْزُها). أدالنا اللهُ من عدونا: جعل لنا الدَوْلة أي كَسَبْنا وغَنمْنا (وينبغي أن يضاف هنا قيد (بعد أن كان عَدُوّنا غالبًا لنا وغانمًا منا. لأن هذا هو (معنى التحول في دلالة التركيب، وهو معنى أصيل فيه ففي [ل] "الدولة (أي بالفتح والضم): العُقْبَة في المال والحَرْب سَواء، وقال الفراء "إنما الدَوْلة -أي بالفتح- للجيشين يهزم هذا هذا، ثم يُهْزَمُ الهازم ". وفيه استعمالات أخرى تؤيد هذا، وكذا في [الفروق (تحـ عيون السود 213] تصريحًا بالنسبة للمال. ومن ذلك المعنى الأصلي: الفعل القاصر: "دَال الثوب يدول: يَلِىَ " (تحول من الجِدّة إلى البِلَى). • (دلك). {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء: 78] "دَلَكَ الشيءَ بيده: مَرَسَه وعَرَكه، دَلَكَ السُنْبُلَ حتى انْفَرَكَ قِشْرهُ من حبه، ودَلَكَت المرأة العجين، ودَلَك الثوبَ باليد. وفَرَسٌ مَدْلوُك الحَرْقَفَة أي عَظْم

معنى الفصل المعجمي (دل)

الحَجَبَة: (حَرْف الوَرِك المشرف على صفاق البطن): ليس لحجَبَته إشراف فهي مَلْساء مستوية. والمَدْلوك: المصقول. دُلِكَت الأرض: أُكِلَت "-للمفعول فيهما. Qزوال غِلَظ الشيء (ارتفاعه أو صلابته) أو حِدَّته (خشونته) (بنحو العَرْك) فيكون لَيّنًا أو أَمْلَس: كعَرْك السُنْبل، والعَجين والثوب، وكالحرقفة المدلوكة، والشيء المصقول، والأرض التي زال ما كان يعروها إذ أُكِل. ومنه "الدَليك: التراب الذي تَسْفيه الرياح (تحكه وتقشره من وجه الأرض)، وطعامٌ يُتَّخَذ من الزُبْد أو اللَبن والتمر شِبْهُ الثريد (لين رخو كأنه دُلِك حتى صار كذلك)، وثَمَرُ الوَرْد كأنه البُسْر كِبَرًا وحُمْرة حُلْوٌ لذيذ كأنه رُطَبٌ يُتَهادى ". ومن ذلك الأصل "دَلَكت الشمس: زالت عن كبد السماء، أو غَرَبت " (أَصْدَقُ تفسير للدلوك هو الزوال، لأنها تبدو ساعة الظهيرة ثابتةً قائمة. ولذا قالوا عن ذلك الوقت قام قائم الظهيرة. ثم إن المعنى الأصلي يتأتى منه تفسير الدلوك بذهاب حِدّتها أي حرارتها قبل الغروب أو به. وإعادة دلوك الشمس إلى دلك العين حين الزوال [بحر 6/ 66، ل تاج] = سطحية فِجّة). ومن العَرْك ونحوه من الدَفْع في المعنى الأصلي قالوا "دَلَكَ الرجلُ غَريمه: ماطله (يدفعه من موعد إلى موعد)، كما قالوا: رجل دَليك: دَلَكه الدهر أي حنّكه وعلّمه، قد مارس الأمور وعرفها " (كما قالوا: عَرَكه الدهر). ° معنى الفصل المعجمي (دل): الامتداد (من أعلى) اتجاهًا إلى شيء أو مقرٍّ بقوة -كما يتمثل في التدلدل: التهدل، وكانصباب الماء من وعائه -في (دلل)، وكامتداد الدلو إلى ماء البئر -مثلًا- للاغتراف منه -في (دلو)، وكانتقال المال من حوزة إلى حوزة -وهو امتداد -في (دول)، وكدلْك الشيء مَرْسه وعركه ولا يكون ذلك إلا

الدال والميم وما يثلثهما

بضغط اليد أو غيرها على الشيء من أعلى لمسافة ما مع التكرار (وهذا هو الحك) من اجل الإزالة. فالمسافة امتداد، والملاسة اللازمة للدلك امتداد، وكذلك الزوال اللازم للدلك امتداد. فكل ذلك -في (دلك). الدال والميم وما يثلثهما • (دمم - دمدم): {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا} [الشمس: 14] "دَمَّم اليربوعُ جُحْرَه: سدَّ فاه بنَبِيثَتِه (وهي التراب المُخْرَج من حفر الجُحر)، والسفينَةَ: طلاها بالقار (فسَدَّ شقوق خشبها وذلك بعد حشو الشقوق عند صنعها جديدة)، والبُرْمةَ (هي القِدْر من حجارة): سدّ خَصَاصَاتها (وهي الشقوق ونحوها) بدِمَم -كعنب، وهو دَمٌ أولِبأ يُعَدُّ لذلك، والأرضَ: سَوّاها (بالمِدَمَّة بعد الكِراب أي بعد الحَرْث والإثارة)، والبيتَ: طيّنه جَصَّصَه، والثوبَ: طلاه بالصبغ ". Qتسوية ظاهر الشيء بما يُشْبه كَبْسَ الشُقُوق أو الفَجَوات الظاهرة فيه (¬1): كما في الاستعمالات المذكورة. ومنه: "المَدْموم: الممتلئ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الدال للتعبير عن ضغط ممتد وحَبْس، والميم عن استواء الظاهر أو تسويته، والفصل منهما يعبر عن تسوية الظاهر حشوًا لشقوقه كدمّ شقوق ظاهر السفينه، وفي (دمى دمو) تزيد الياء معنى الاتصال (أو الواو معى الاشتمال)، ويعبر التركيب عما يشبه حشو الجوف بامتدادٍ كالدَّمِ يملأ العروق والجسمَ، وكالتدْمية: التسمين. وفي (دوم وديم) تتوسط الواو (أو الياء على المعاقبة) ويتحول الاشتمال في التركيب إلى حَشْو دائم: مكاني كما في الديمومة، ثم زماني كدِيمة المطر، أو تكويني كالدَوْم. وفي (أدم) =

شَحْمًا المتناهي السِمَن. وقد دُمّ البعيرُ -للمفعول: كَثُر شَحْمه ولَحْمُه حتى لا يجدُ اللامسُ مسَّ حَجْم عَظْيمٍ فيه ". ومنه "الدَيْموُم: المفازة لا ماءَ بها (ملتئمةُ السَطْح لا آبارَ فيها -والآبارُ خُروق في سَطْح الأرض) ودَمْدَمْتُ عليه القبرَ ونحوه: سَوَّيته (بالأرض بعد سد فجوته) وتَدَمْدَم الجُرْح: أي (التأمتْ فتحتُه) ودَمْدَمْت الشيءَ: ألزقته بالأرض (سويته بها أو فوقها بضغط شديد). {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا}: أَرْجَفَ الأرضَ بهم -[قر 20/ 79] (أي فهُدِّمَت مساكنهم عليهم ودُفِنُوا تحتها، أو ابتلعهم الأرض واندَمَّتْ عليهم). ومن الأصل: "الدُمَادِم -كتُمَاضِر: شَيءٌ يشبه القَطِران يسيل من السَلَم (السَلَم شجر) (فهذا الدُمادم يُطْلَى بِه ظاهرُ الشيء فيسدّ شقوقَه) وكذلك الدَمُّ (بتضعيف الميم بمعنى الدَم المعروف فهو حشو لأجواف العروق) ومثله الدِمَّةُ بالكسر: البَعْرة (أو لأن الأرض تُدَمّ بالبعر أي تغطَّي به تسميدًا لها)، والقَمْلة الصغيرة (بين الشعر أو الثياب). ومن الأصل "الدُمَادِمُ من الأرض -كتُمَاضر: رَوَابٍ سَهْلَةٌ (مدكوكة على ¬

_ = أضيفت دفعة الهمزة، فعبر التركيب عن نحو دَسّ الشئ في نحو الغلاف كالأديم والإدام. وفي (دمر) تعبر الراء عن الاسترسال فيعبر التركيب عن استرسال غشيان الظاهر حتى يعم ما يغشاه كدخان المدمر. وفي (دمع) تعبر العين عن التحام مع رقة. ويعبر التركيب عن سيلان رقيق (مائع) من جسم يبدو ملتحمًا كالدمع من العين. وفي (دمغ) تعبر الغين عن نحو الغشاء الغليظ، ويعبر التركيب عن غليظ أو شديد يغشى الشيء من أعلاه، كالدماغ في الجمجمة ودوامغ الطلع والرَّحْل والسقاء.

(دمى - دمو)

ظَاهر الأرض لَيْست واضحة التسنم) والدَمِيمُ: القبيح "- (من المعنى الأصلي كان وجهه مُسْتَوي السطح، حيث إن من الجَمال القَسَامةَ بمعنى أن كل عضو فيه له قِسْم متميز غُئُورًا أو نُتُوءًا واتساعًا أو تَضامًّا مع التناسب بينها). • (دمى - دمو): {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل: 66] "الدَمُ معروف. وتثنيته دَمَيان، ودَمِيَت يده: تدمى ". وقيل إن أصل التركيب واوي [تاج] وإلا، فـ (دَمَوان) معاقبة. Qمائع أحمر تمتلئ به أثناء بدن الحيّ فيتجسم الحيّ ويتماسك: كالدم المعروف في أثناء البدن وعروقه {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: 3]، ومنه "الدُمْية: الصَنَم/ الصورةُ المُنَقَّشَة من العاج ونحوه (للتجسم أو لأن تصويرها ونقشها يوحيان بحياتها وأنها ذاتُ دَمٍ) ودَمَّى الراعي الماشيةَ -ض: أَرْعَاها فسَمِنَتْ حتى صارت كالدُمَى. وقولهم: خُذْ ما دَمَّى لك أي ظهر "فهذا الظهور من التجسم؛ لأنه لازم له. وليس في القرآن من التركيب إلا (الدم) و (الدماء). • (دوم - ديم): {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [هود: 108] "الدَيْمُومةُ: الفَلاَةُ يدوم السير فيها لبُعْدها/ الأرضُ المستوية التي لا أعلامَ بها ولا طريقَ ولا ماءَ ولا أنيسَ وإن كانت مُكْلِئة. الدياميم: الصحاري المُلْسُ المتباعدةُ الأطراف، الماءُ الدائم: الراكِد الساكن، والدِيمةُ: مَطَر يكونُ خَمسةَ أو ستة أيام وقيل يَومًا وليلة أو أكثر. وما زالت السماء دَوْمًا دَوْمًا ودَيْمًا دَيْمًا

(أدم)

-بالفتح فيهن - على المعاقبة: أي دائمة المطر. دامَ المطر يَدُوم: تتابع نزوله، ودَامت السماءُ (باع) ودَوَّمَت ودَيمّت -ض ". Qامتداد مكاني (ثم زماني) مع ثباتٍ على حال واحدة لا تتغير أو تنقطع -كالديمومة البالغة السَعة مع استواء سطحها، والماءِ الراكد الساكن، وكدوام المطر أيامًا. ومنه "المُدَام -كرُخام: المطر الدائم، والمُدام والمُدامة كذلك: الخَمْر لإدامتها في الدَنّ. وأدامَ القِدْرَ: سَكَّن غَلَيَانَها بإضافة ماءٍ أو غيره. ودَوَّمَت الكلابُ: أَمْعَنَت في السير " (استمرت على حال واحدة جريًا). ومن الامتداد مع الثبات التّدْوير لأن الذي يُدَوّر ينطلق من مكان مبتعدًا عنه في دَوَران حتى يمر بنفس المكان ثانية. "دَوَّموا العمائم: أَداروها حول رءوسهم. دَوَّمت الشمس: دَارَت في السماء (تهيؤًا) ودُوّامة الصبي. دَوَّم الطائر: حلّق (أي دار) في السماء ومنه دَوّمَ الزعفرانَ -ض: أداره في الماء وأذابه فيه. ودُوَام الرأس -كصداع: دُوارها. ومن الدَوَام عَدَمُ الانقطاع {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [الرعد: 35]، {عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 23]. (مواظبون لا ينقطعون عنها) وكل ما في القرآن من التركيب هو بهذا المعنى. و"ما "في "ما دام "ظرفية ومعناها: مدةَ بقائه (ذاتًا أو على حال) {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [هود: 108]. • (أدم): {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31] "أَدِيمُ الأرض: وجهُها. وأديمُ السماء: ما ظَهَر منها. وأديمُ كل شيءٍ ظاهرُ جِلْده. والأَدَمة -محركة: باطنُ الجِلدة الذي يَلي اللَحْم. والإدام: ما يُؤتدم به مع

الخبز كاللَحم والسَمْن والعَسَل والرُبّ والزَيت والخَلِّ ونحوها ... " [انظر قر 12/ 116]. Qغلافٌ أو نحوُه (طيب أو مناسب) يُمْسِك الشيءَ ويطيْب ظاهرَه أو يُسِيغُه ويجعله مألوفًا. كأديم الأرض والسماءِ. وجِلْدُ كلّ شيءٍ يصوّر هيئته ويُخْرجه من الفَجَاجة، وكالإدام يحيط بالخبز ويُسِيغه. ومنه "الإيدامة، الأرضُ المستوية الصُلْبة من غير حِجارة، والأَدَم -محركة: القَبْر (ظاهر مستو يستر الميت تحته) وأديم الليل: ظلمته وأديم النهار: بَيَاضه " (كلاهما كالغشاء: الأسود أو الأبيض يحيط بالأرض ومَنْ عليها). ومن معنوى الأصل "الأُدْمَةٌ -بالضم: القرابة والوسيلة والخُلْطة. بينهما أُدْمة أي خُلْطة، وهو أُدْمَتِى إليك أي وَسِيلتي (إيصال = إمساك من إمساك الغلاف الشيء، مع طيب ذلك ولطفه) وأَدَمَ (بينهم): لأَمَ وأَصْلَح ووَفَّقَ وأَلَّف. وفي الحديث "فإنه أحرى أن يؤدم بينكما "أي يُلْأمَ وتكونَ بينكما محبةٌ واتفاق " (تماسك مع صلاح). ومن الأصل جاءت "الأُدْمَة -بالضم في الإبل: لونٌ مُشْرَبٌ سَوَادًا أو بياضًا (فهي لون يُحِيط وَيضُمُّ لونًا آخر تحته) وسيدنا آدم - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - قالوا سمي كذلك لأُدْمة أي سُمْرة جَعَلها الله فيه، أو لأنه خُلِقَ من أديم الأرض [ل، قر- 1/ 179] والقول الثاني وجيه له سند، ويمكن أن يكون سُمِّي كذلك لأنه الْتَأَمَ وصارَ بشرًا سويًا بنفخ روح الله فيه حتى صار البدن غلافا لأَنْفس محتوى {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: 29]، وبالعقل الذي زَوَّدَه به الباري عز وجل ومَيّزه على سائر الحيوانات، وبعبارة أخرى فإنه

(دمر)

وعاء مُكَرّمٌ يَضُم في أثنائه رُوحًا وعقلًا تكوّنا بنفخة الله عز وجل، وبهما تميّز عن سائر أحياء الأرض. والوعاء كالغلاف، والصيغة بمعنى المفعول أي المأدوم. وليس في القرآن من التركيب إلا لفظ (آدم). • (دمر): {دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} [محمد: 10] "المدمِّر -كمحدّث: الصائد يُدَخِّن في قُتْرَته للصَيْد بأَوْبار الإبل كي لا تجد الوحشُ ريحَه. جاء السيل بالبطحاء حتى دَمَّر المكان الذي كان يصلي فيه ابن عمر -ض: قالو ا: أي أهلكه. ودَمَر عليهم (قعد): دخل بغير إذن/ هجم ". Qغِشْيانٌ بفسادٍ مُحيط: كما يَغْشَى الدُخان الهواءَ فيُفْسِد نقاءَه فلا يُوصِل الرائحة، وكما يَغْشَى السيلُ المكانَ فيُهلكُ ما فيه. والداخلُ بغير إذن باطلاعه على حالهم ومخالطته إياهم يُفْسِد مجلس مَن دخل عليهم (كابوس). ومن ذلك الأصل: "الدَمَارُ: الهلاكُ المستأصِلُ " (العاتم) دَمَرهم الله (ككتب) ودَمَّرهم -ض: {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} [الأعراف: 137]، {رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 24 - 25]. وليس في القرآن من التركيب إلا (التدمير) بهذا المعنى. • (دمع): {تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} [المائدة: 83] "المَدامِعُ من المياهِ: ما قَطَر من عُرْض جَبَل. ودُمَاعُ الكَرْم -كرخام: ما يَسيل منه أيام الربيع، دَمَعت العين (فتح، فرح -ودُموعًا ودَمَعانًا- بالتحريك): سَال ماؤها. وأدمعَ الإناءَ: ملأه حتى يفيض. وقَدَحٌ دَمْعان -كفرحان: امتلأ فجَعَل

(دمغ)

يَسيل من جوانبه ". Qسيلان المائع قليلًا قليلًا من جِسم يبدو ملتئمًا: كالسائل من عُرْض الجبل وهو ملتئم، ومن الكرْم، والعين كذلك. والإناءُ الملآنُ مستوى السطح كالجسم الملتئم {تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ}. وليس في القرآن من التركيب إلا (دمع) العين هذا. • (دمغ): {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء: 18] "الدامِغة: طَلْعَةٌ طويلة صُلْبة تَخْرج من بين شَظِيّات (= أي فِلَق) قُلْب النخلة تفسدها إن تُرِكَت فإذا عُلِمَ بها امتُصِخَت (أي انتُزِعت، وقُلْب النخلة لُبّها وشحمتها وهي كالسَعَفة رخْصَةٌ بيضاءُ تكون في وسط أعلى رأْسها تؤكل أحيانًا. وفي [ل قلب: "وقلوب الشجر ما رَخُص من أجوافها وعروقها التي تقودها "اه. والدامغة أيضًا: حديدة تُشدّ بها مؤخِّرةُ الرحْل فوق طرفَيْ الحِنْوين (من أعلى) وتُسْمَرُ بمسمارين "، وفي [ق] "الدامغة (أيضًا) خَشَبة معروضة بين عَمُودين يُعَلَّق عليها السِقاء "اهـ. والدِمَاغ: حشو الرأس [في ق: مُخّ الرأس] وأم الدماغ: الهامَة، وقبل الجلدة الدقيقة المشتملة عليه (أي على المخ). Qالتمكن والتحكم في الشيء من أعلى: كما أن دامغة الطلع يمكن أن تُفْسده، فلا تثمر النخلة لأن الطلع هو نَوْر النخلة (أول ما يُرىَ من عِذْق النخلة). والحديدة المذكورة تَشُدّ الرحل -من أعلى- بعضَه إلى بعض بإيثاقها الحِنْوين. وخشبة الدامغة تضبط العمودين، ويعلَّق عليها السقاء، ليرجّ فيمْكِنَ مخضُه. والدماغ: المخ، هو المتحكم في كل وظائف البدن الحسية والحركية

معنى الفصل المعجمي (دم)

والذهنية بل والحيوية. ومن التمكن من الشيء من أعلى قيل: "القهر والأخذ من فوق دَمْغٌ كما يَدْمَغ الحقُ الباطل، ودَمَغه: أخذه من فوق. وفي التنزيل {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ} [الأنبياء: 18]، أي يعلوه ويغلبه ويبطله ". ويتأتى أن يكون هذا من مجاز الدمغ إصابة الدماغ الذي في الرأس، قالوا: "دَمَغَه (فتح): كسر الصاقورة (وهي باطنُ القِحْف المشرفُ على الدماغ) عن دماغه ". وإصابة الدماغ قاضية. ° معنى الفصل المعجمي (دم): استواء الظاهر وبروزه كذلك كما يتمثل في دمّ اليربوع جُحرَه في (دمم)، وفي الدم وحشوِه العروقَ فتستوي وتبرز -في (دمي)، وفي التئام ظاهر الديمومة وركود الماء الدائم وسكونه، واستمرار الدِيمة على وتيرة واحدة عدة أيام -في (دوم/ ديم) (السكون والاستمرار استواء حال لا تتغير)، وفي أديم الأرض والسماء -في (أدم)، وفي انتشار الدخان والسيل حتى يغطي الجوّ والمكان بحال واحده عامة -في (دمر)، وفي التئام ظاهر العين وظاهر الجبل اللذين ينفذ منهما المائع القليل -في (دمع)، وفي ضبط الشيء والتحكم فيه من أعلى (= الظاهر) -في (دمغ). الدال والنون وما يثلثهما • (دنن - دندن): "الدَنُّ -بالفتح: أصغرُ من الحُبِّ له عُسْعُس فلا يَقْعُد إلا أن يُحْفَر له. والدِنْدِن بالكسر: أصولُ الشجر البالي ". Qرُسُوخٌ وثباتٌ في الموضع (¬1): كما تَرْسَخ في الأرض ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الدال للتعبير عن الضغط الممتد والحبس، والنون للامتداد اللطيف في =

(دنو)

تلك الأصول وكذلك الدَنُّ الذي يُدَسُّ عُسْعُسُه في الأرض فَيَثْبُت، ومنه "الدَنَن محركة: انحناءٌ في الظهر. وهو في العنق والصدر دُنُوّ وتطامُنٌ من أصلها خِلقة " (تقوس مع اتجاه إلى أسفل كأنما للانغراس ثانية). ومنه "الدِندِن -بالكسر- والدنْدَنة -بالفتح- صَوْتُ الذُباب والنَحْل والزنابير ونحوها من هينَمة الكلام الذي لا يُفْهم (خفيض جدًا، أو يظن أنه داخل أجسامها فلا يتبين). ودَنْدَنَ إذا اختلف في مكان واحد مجيئًا وذهابًا (الحركة تبرز لزومه المكان وهو ظرف كالجوف). وأدَنَّ بالمكان: أقام ". • (دنو): {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} [الرحمن: 54] "دَنَت الشمسُ للغروب وأدْنت. وأدْنَت الناقةُ والمرأةُ: دنا نِتاجها فهي مُدْنية - كمحسنة، ومُدْنٍ- بالحذف ". Qقُرْب الوصول إلى المقر المراد أو المعتاد نزولًا: كسُقُوط الشمس في الأفق متجهةً إلى مغيبها. وكالناقة والمرأة حانَ نزولُ وليدِها (إلى مستقره في الأرض وهي ظرف). ومنه قولهم هو ابن عمي دِنْيًا ودِنْيَةً -بالكسر: ¬

_ = الجوف أو الأثناء، والفصل منهما يعبر عن رسوخ في الموضع -باندساس طرف أو أطراف في الأثناء مع الاستقرار (احتباس) كالدنّ في حفرته، وأصول الشجر في الأرض. وفي (دنو - دنى) تعبر الواو عن الاشتمال، ويعبر التركيب عن قرب النزول إلى مقر (مشتمل). وفي (دون) صار الاشتمال في صورة التحتية لشيء. وفي (دين) تتوسط الياء بمعنى الاتصال، ويعبر التركيب عن لزوم الشيء ذمة أو حَوْزة (اللصوق اتصال وامتداد) أما في (دنر) فالأشبه أن الدينار معرّب.

أي لَحًّا (شقيق -كأن الملحظ أنهما من مقر واحد). وقوله تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم: 8]، أي دنا جبريل (بعد استوائه بالأفق الأعلى) من الأرض فتدلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى كان - {قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} فأوحى الله إلى جبريل ما يوحيه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. وكان دنو جبريل بأمر الله تعالى بعد أن هالت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صورتُه على حقيقته [قر 17/ 88 بتصرف]، وهناك أقوال أخرى. {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ}، {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} [الحاقة: 23] كلتاهما من القرب للتناول، {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا} [الإنسان: 14] تغشاهم. وفي قوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ} [السجدة: 21]، فُسّر الأدنى بالأقرب فقيل بمصائب الدنيا وبلاياها، وبيوم بدر، وبالجوع سبع سنين الخ. ولا خلاف أن العذاب الأكبر عذب جهنم. [ينظر قر 14/ 107]. وكل ما في القرآن من التركيب هو من الدنو: القرب، لكن هناك صُوَر خاصة له ستأتي. فالأصل في الدنو أن يكون إلى سُفْل، ومن هنا استُعْمل الدُنُو في الهبوط المعنوي (قلة قيمة الشيء) في مثل {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} [البقرة: 61]. ومن هذا قالوا للخسيس الساقط: "إنه لدَنِيٌّ من أدنياء، وإذا طلب الرجل أمرًا خسيسًا قالوا: قد دَنَّى -ض ". كما قالوا في ضده: الشريف والسامي والعالي. ومن هذا: {عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى} [الأعراف: 169] الرشا والمكاسب الخبيثة [بحر 4/ 414]. كما استُعْمِل الدنو في قلة الكم، وهو من النزول؛ لأنه نقص {وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ} [المجادلة: 7]، {أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ} [المزمل: 20]. أما "الدنْيا: نقيض الآخرة "فشَقُّوها من الدُنُوّ:

(دون)

القرب، وهو صالح لحضورها أو حضورنا فيها، ويؤازر هذا وصف السماء الأولى المرئية بالدنيا. وكلمة (الدنيا) من أشيع مفردات القرآن. أما قولهم "المُدَنِّي من الناس -كمحدّث: الضعيف الذي إذا آواه الليل لم يبرح ضعفا "فأنا أرجح أن أصلها "المدنِّن ". • (دون): {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 28] "دُون: نقيضُ فوق " (أي أنها بمعنى تحت) وهذه التحتية هي أصلها عندي. Qكَوْن الشيء منخفضًا في أسفل شيء. وقد استُعملت في مجاز ذلك مثل "التَدَوُّن: الغِنَى التام (كما قالوا هو في خَفْضٍ من العَيش) وثوبٌ دُونٌ: رَديء. ورجل دُون: ليس بلاحق (= خسيس) دان يَدُون: خَسَّ وحَقُر "، وتأمل {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، 116]، أي ما كان أقلَّ أي أخفض في درجة الذنب {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} [الجن: 11] غير صالحين أو أقل في الصلاح {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} [الرحمن: 62] أقل أو أقرب لكن أفضل. {وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ} [الأنبياء: 82] (أقل أو غير)، {وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ} [المؤمنون: 63] الضمير في (لهم) لمكذّبي الرسل المذكورين قبل ذلك ببضع آيات أي من دون الغمرة والضلال المحيط بهم: سعايات فساد، وأعمال سيئة دون الشرك، لا يفطمون عنها حتى يأخذهم الله بالعذاب. وقيل الضمير للمؤمنين والأعمال النوافل مقابل الفرائض [بحر 6/ 380]. والقول الأخير متكلف على السياق. ومنه قولهم "دُونَ ذلك خَرْطُ القَتَاد "أي أنَّ مكابدة خَرْط أي سَلْت شوك القتاد بالكفّ عارية يُصادَفُ

(دين)

مثلُها قبل الوصول إلى المشار إليه. فهو بالغ الصعوبة أو يفسّر بأن خرط القتاد أقل أذى من المشار إليه. ولأن المنخفض قريب التناول استُعملت في معنى قرب المسافة قبل شيء آخر: {وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ} [القصص: 23]، أي قبل أن يصل إلى الناس وجدهما تكفّان غنمهما عن الذهاب في اتجاه الماء. ومثل هذه ما في [الفتح 27، الطور 47]. ومن كوِن الشيء أقربَ من شيء بعدَه، استعملت في معنى الاختصاص بالشيء من حيث إن الأقرب إلى الشيء يحوزه أولًا قبلَ غيره، ثم دونَ غيره. {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ} [البقرة: 94]، وكذا في قوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}. ويئول هذا الاختصاص إلى معنى الغيرية {مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} = من غير المؤمنين {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50] أي هبة النساء أنفسهن مختص بك لا يجوز أن تهب المرأة نفسها لغيرك [بحر 7/ 234]. وبهذا جاء التركيب (من دون الله) (من دون الرحمن) (من دونه) في سياق التعبير عن اتخاذ الكفار آلهة غير الله تعالى. • (دين): {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: 82] "الدَيْن -بالفتح- معروف (مال يلزم المدينَ في ذِمَّته). قال في [ق]: هو ما لَه أجل. وما لا أجل له فقرض "والمَدِين: العبد، والمدينةُ: الأمة المملوكة. ودِنْته: مَلكته ".

Qحقٌّ للغير يلزم ذِمَّةً (أو حوزةً) بقوة أو تمكن شديد: كالدَيْن في ذمة المدين، وكالمملوك في حوزة المالك {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282]. ومنه كل دَين -بالفتح. ومن حق الغير وقوع صاحب الذمة ضمن سلطة حاكم ما: {مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [يوسف: 76]: أي في سلطانه (حَوْزَةِ طاعته)، أو في حُكمه وهو استرقاق السُرَّاق [قر 9/ 228]. وفُسّر قوله تعالى: {فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الواقعة: 86 - 87] في [قر 17/ 231] بالمَمْلُوكن المَقْهُورين (لأن إنكارهم للبعث وللإله يعني أنهم يَعْتقدون أنه لا سلطان عليهم فهم غير مقهورين) وقد فُسِّر بمحاسَبين [طب 1/ 155] = لكن التحدي هنا بإرجاع الروح أي إمساكها عن الخروج يرجح أن كَوْنَهم مَدِينين يعني مَقْهُورين في أمر الروح. لكن في قوله تعالى {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ} [الصافات: 53] يرجَّح أن تكون بمعنى: محاسبين، ويلزم للحساب البعث. ومن الأصل: "الدِين -بالكسر: المِلّة (عقيدة لازمة في القلب) {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6]، {وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ} [التوبة: 29] وكل دين -بالكسر فهو بمعنى الملة والعقدة إلا ما نذكره بعد بمعنى الحساب. ومنه: "ديّنت الرجل في القضاء وفيما بينه وبين الله -ض: صَدَّقته (اعتقدت فيه)، وديّنت الحالف -ض: نوّيته فيما حلف " (والنية محلها القلب). ومن الأصل: "الدين -بالكسر كذلك: الحساب " (الأعمال معلقة بأصحابها في ذمهم كالدَيْن يُسألون عنها، وفيها أيضًا قَهْر الخضوع للمحاسبة): {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}

(دنر)

[الفاتحة: 4] "الحساب والمجازاة بالأعمال "ومن ذلك قول الله جل ثناؤه {كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ} [الانفطار: 9]، يعني بالحساب والجزاء {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ} [الانفطار: 10]، يحصون ما تعملون من الأعمال لتحاسبوا عليها. وأيضًا ما في [الذاريات: 6، والماعون: 1]. • (دنر): {وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران: 75] "فَرَسُ مدنَّر -كمعظم: فيه تدنير: سواد يخالطُه شُهْبة. وبِرْذَون مُدَنّر اللونِ أشهَبُ على مَتْنَيه وعجزه سوادٌ مستدير يخالطه شُهْبة/ المدنَّر من الخيل الذي به نُكَت فوق البَرَش ". كل ذلك مأخوذ من لفظ الدينار تشبيهًا به. والدينار بصورته وقيمته مُعَرَّب كما جاء في المعاجم. وفي [المعرّب 187 وهامشها، وتاريخ التمدن الإسلامي 1/ 141 لجرجى زيدان وهامشها للدكتور حسين مؤنس ...] أن الدينار معرب عن الرومية. ولم يقف مع عربية اللفظ فيما أعلم إلا العلامة أحمد شاكر [المعرب 188 هامش]. وبصرف النظر عن أن الدينار عندهم بدأ فضيًا -والعرب عرفته ذهبيًّا فقط. فإن رَدَّه إلى الرومية denarius (بمعنى المحتوى على عشرة) يبدو أقرب. قال ابن دريد: "وهو وإن كان مُعَرَّبًا فليس تَعْرف العربُ له اسمًا غير الدينار، فقد صار كالعرب، ولذا ذكره الله تعالى في كتابه، لأنه خاطبهم بما عرفوا ". فيراجع تحقيق ف عبد الرحيم لمعرب الجواليقي. ومعجم الإنجليزية المرجعي The Elizabethan Dictionary,Denarius ° معنى الفصل المعجمي (دن): اندساس الشيء في أثناءٍ -كما يتمثل ذلك في

الدال والهاء وما يثلثهما

الدَن الذي له عُسْعُس فلا يثبت إلا أن يُدَسّ في الرمل مثلًا -في (دنن)، وفي قرب غئور الشمس في مغيبها -في (دنو)، وفي كون الشئ تحت شيء -في (دون)، وفي كون اليء لازمًا ذمَّة أي حَيّزًا باطنيًا -في (دين). الدال والهاء وما يثلثهما • (دهده): "دَهْدَه الحجرَ فتدَهْدَهَ وتدهدَى: حَدَرَه -أو قَذَفه- من أعلى إلى أسفل تدحرجًا. ودُهْدُوه الجُعَل -بالضم: ما يُدَحْرجه ". Qانحدارُ شيء غليظ -أو ثقيل- في منحدر بضغط أو قوة (¬1): كانحدار الحجر ذاك. ومنهَ "الدَهْدَاه -بالفتح: صِغَار الإبل، فالإبل ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الدال عن ضغط ممتد وحبس، والهاء عن نحو فراغ أو إفراغ من جوف، والفصل منهما يعبر عن حَدْر أو دفع في منحدر (فراغ). وفي (دهى) تزيد الياء معنى الاتصال والامتداد، ويعبر التركيب عن استيعابٍ وأخذِ كثير يندفع في تجويفٍ يشبه الفراغ كالغَرْبِ الدَّهْي. وتعبر الراء في (دهر) عن استرسال، ويعبر التركيب معها عن استرسال الاندفاع الانضغاط وتَوَاليه كما في دَهْوَرَة اللُّقَم، وتوالي مرور الزمن. وفي (دَهَق) تعبر القاف عن غِلَظ أو شدة في العمق، ويعبر الزكيب معها عن نحو تجمع في العُمْق (أي دفع إليه) كما في الكأس الدِّهاق: المترعة أو دفع المتجمع فيه. وفي (دهم) تعبر الميم عن استواء الظاهر، ويعبر التركيب عن (كثيف) يعمّ الظاهر فيجعله سواء كالدُّهْمة ودَهْماء الناس وفي (دَهَن) تعبر النون عن شيء لطيف يمتد في الباطن، ويعبر التركيب عن امتساك مائع (لطيف) في أثناء الشيء، فيصعب خروجه، كلبن الناقة البكئة ودهن الزيتون.

(دهى)

ضخام حتى وهي صغيرة. وخروجها من أمهاتها مع تَبَعها إياها يمثل الانحدار في الأصل. والدَهْدَهَة من (جماعة) الإبل: المائة فأكثر تجمعها. • (دهى): {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 46] "غَرْب دَهْيٌ -بالفتح: ضخم " (الغرب: الدلو العظيمه. فإذا وصف بالضخامة أيضًا فهو بالغ السعة). Qجَرْف الشيء المجوف كثيرًا يندفع فيه بقوة لسعة تجوفه: كما في الغَرْب الضَخْم (والغَرْبُ الضَخْمُ يُتَّخذ من مَسْك ثور). ومن هذا: "الداهية: النائبة العظيمة من نوب الدهر تصيب الناس " (تجترف عظيمة هائلة فتُدْهِش من نزلت به لقوة نزولها المتمثلة في ضخامة حجمها أو في مفاجأة نزولها -كما قالوا: "كلُّ ما أصابك من نُكْر من وَجْه المأمن فقد دهاك ": {وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرّ}. ومن الأصل أيضًا: "الدَهاء: العقل (أي العظيم الواسع الذي يستوعب الأحداث والمواقف مهما عظمت ويُحْكِم التدبير والتصرف إزاءها)، كما قالوا "الدَهاء: النُكْر وجَودة الرأي. رَجُل داهٍ وداهيةٌ إذا كان بصيرًا بالأمور منكَرًا ". • (دهر): {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الإنسان: 1] "دَهْوَرَ الرجلُ لُقمة: أَدَارَها ثم الْتَهَمَها، وكلامَه: قَحَمَ بعضه في إِثْر بعض، ودَهْوَرَ الحائط: دَفْعه فَسَقط. والدَهْوَرَة: جمعُك الشيءَ وقَذْفك إياه في مهواة ". Qمرور بسلاسة واندفاع إلى جوف أو مَهواة: كاللُقَم

(دهق- دهدق)

المتتابعة في الفم إلى الجوف، والحائطِ يهوِى كلُّه إلى الأرض. ومنه: "الدَهْر: النازلة. دَهَرَهُم أمرٌ: نزل بهم مكروه، وما دَهْرى كذا: ما همِّي وغايتي " (النازل من المكروهات يشغَل ويستوعِبُ حقيقةً بالجَوْح ونحوه من النقص أو مجازًا بالشَغْل به والاهتمام كما يعبر عن ذلك بالأخذ). ومنه: "الدَهْر: الأمد الممدود "، كأنه ظرف أو جوف لا قاع له يسترسل مرورنا فيه أو مروره علينا تظهر فيه الأمم والأجيال ثم يبتلعهم ويغيبون {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24]. وعنه آية الرأس. • (دهق- دهدق): {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا} [النبأ: 31 - 34] "الدَهَق -محركة: خَشَبتان تُغْمَز بهما الساق (أي تعصر بهما الساق أو الساقان وهي المِقْطَرَة والفَلَقَة). وكأسٌ دِهَاق -ككتاب: مُزعة ممتلئة. وقد أدْهَقْتُ الكأسَ إلى أصْبارها: شَدّدْتُ مَلأَها (إلى أعاليها)، ويستعمل في هنا أيضًا دَهَقَها. والدَهْق: شدة الضفط. وادَّهَقَت الحجارة (افتعل): اشتد تلازُبُها ودخل بعضُها في بعض مع كثرة ". Qصَبُّ الشيء في فَجْوة أو أثناءٍ بحيث ينضغط فيها أشد الانضغاط: كما تُصَبّ الرِجْل (¬1) (أي تُدْخَل وتُحْبَس) في الدَهَق مع غِلظة ذلك ¬

_ (¬1) استعمال الصبّ في وضع الرجل في الفلقة صحيح. قال الفرزدق: وما صبَّ رِجْلِى في حَديد مُجاشع ... مَعَ القَدْر إلا حاجةٌ لي أريدها ل (قدر). والقدر -بالفتح- يراد به هنا القدَر -بالتحريك.

(دهم)

وقسوته. وكما في ادّهاق الحجارة الموصوف. وإتراع الكأس يشغل فراغَها ويُشْعِر باكتنازها بما فيها واحتباسه فيها أيضًا {وَكَأْسًا دِهَاقًا} كأن المعنى دائمة الامتلاء فهذا مقابل شدّة الصبّ والامتلاء. وأما "دَهَقْت الماء: أفرعة إفراغًا شديدًا "فهو -إن صح بإطلاقه هذا- من الصَبِّ الشديد دون قَصْد الحيّز أو الظرف، ويمكن اعتداد سطح الأرض ظرفًا كالفجوة. وقريب منه "دَهَقْت الشيء: كسرته وقطعته، وكذا دَهْدَقْته ". وذلك للضغط الشديد عليه بغلظ، إذ لا يتم الدهق والكسر إلا بذلك. و "الدهق والدهدقة: الكسر "وهو الكسر يحدث بالدق، والدق ضغط بالغ لكن متقطع. وفي [تاج] "نطفة دهاق "والنطفة إنما تُصَب في رحم، وكذا "دهق لي دهقة من مال أي أعطاني منه صدرا "فهذا صب في حيز أيضًا، وليس إفراغًا في غير حيز فيعَدَّ تضادّا. • (دهم): {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] "الأَدْهَم: الأسود يكون في الخيل والإبل وغيرهما أي هما مما يوصف بهذا اللون، وفي الإبل أن تشتد الوُرْقة حتى يذهب البياض الذي فيه/ لا يخالطها شيء من البياض. والدَهْماء من القُدور: السَوْداء، ومن الليالي: ليلةُ تسع وعشرين، ومن النبات: عُشْبَةٌ ذات ورَق وقَضْب كأنها القَرْنُوَة (: عُشْبة وَرَقها عريض أخضرُ أغْبرُ) لها نَوْرة حمراءُ يُدْبغ بها ". Qسوادٌ أو كثيف مُعْتِمٌ يغشى ظاهرَ الشيء حتى يعمه. كالسُخام الذي يَعْرُو القُدُورَ ويلصق بها عامًّا إياها، وكلون الدُهمة الذي يَعُمْ

(دهن)

الأدهم - وهو لون مُعْتِم قويّ الوَقْع، وكلون ورق العُشْبة المذكورة أو للدبغ بنَوْرها، لأن الدَبغ يَغْشَى (باطن) الجلد فيَصْلُح أن يظهر. ومن هذا الغِثْيان العام "الدَهماء من الضَأْن: الحَمْراء الخالصة الحمرة ". ويلحظ أن حمرة الضأن لا تكون فاقعة أبدًا. ومن الأصل "الدَهْم -بالفتح: الجماعة الكثيرة. ودَهْماءُ الناس -بالفتح: جَمَاعتهم وكَثْرتهم (طبقة كثيفة عريضة) وكما يقال أيضًا: "السَوَاد الأَعْظم من الناس ". ومن مجاز هذا الغِشْيَان بِكَثَافة قيل: "دَهَمَهم أَمْرٌ (فتح): غَشِيَهم فاشيًا. والدُهَيماء وأم الدُهَيْم: الداهية ". ومن الدُهْمة التي هي قريبةٌ من السَواد المُعْتِم قالوا: "ادْهامَّ الزرعُ: علاه السوادُ رِيًّا. وحديقة دَهْماء مُدْهَامّة: خَضْراء تَضْرِبُ إلى السواد من نَعْمَتها ورِيّها. {مُدْهَامَّتَانِ} والعَرَبُ تقول لكل أخْضَر أسود، وسُمِّيت قُرَى العراق "السواد "لكثرة خضرتها. والأدْهم: القيد لسواده ". • (دهن): {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9] "دُهن الزيتون: زيته. الدهين من النوق: البكيئة القليلة اللبن [ق]. وفَحْل دَهِين: لا يكاد يُلْقِح أصلًا. والدَهْنَاءُ: الفَلاة .. قليلة الماء. والمُدْهُن -بالضم: نُقْرة في الجَبَل يَسْتنقِع فيها الماءُ/ كلُّ موضعٍ حَفَره سَيْلٌ أو مَاءٌ واكفٌ في حَجَر ". Qمائع ذو لزوجة ما وأثر قوي ينشأ في مصدره بقلة أو عسر ويليَّن به. كما لا ينفذ الزيت من الزيتون إلا باعتصار شديد، وكالناقة البكيئة التي لا ينفذ منها لبن إلا بعسر وقلة. والفحل الذي لا يُلْقِحُ ماؤُه قيل

القيمة ولو كثر، والنقرة في الحجر، والفلاةُ ماؤها قليل. والماء الذي يغذو النبات واللبنُ والزيتُ وماءُ الفحل كلها موانعُ قويةُ الأثر. ومنه "الدهان -كرجال- من الأمطار: الضعيفة " (قليلة). فمن معنى التليين: (الإدْهان: المقاربة في الكلام والتليين في القول " (كأن أصل ذلك احتواء مائع لزجٍ يجعل المُدْهن يلين كالمُلْبِن والمُتْمر والمُلْحم الذي عنده لبن وتمر ولحم) {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9] أي لو تَلينُ فيلينون أي أنهم كانوا يريدون منه التساهل في أمر الدين وعدم أخذه بالجِدّ والصلابة التي رَأوْها منه. وكذلك أصل "المداهنة المصانعة "أي إلانَةُ الظاهر فقط فهي إيهام بوجود ودٍّ ورقة في الباطن نحو المداهَن، والأصل في صيغتها المشاركة والمبادلة. لكن تفسير الآية بها بعيد، فلا أظن أنهم كانوا يودون منه اللين الظاهري فحسْب. وقوله تعالى: {أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ} [الواقعة: 81]: أي مُكَذِّبون كافرون [قر 17/ 227] فهو من احتواء الباطن على مائع. والكذبُ والتكذيب رخاوة. كما أن الصدق صلابة (ينظر صدق، كذب). ومن هذا قولهم "دَهَن غلامه: ضَرَبه. وكذا دَهَنه بالعصا (بمعنى ليّنه وروّضه وأزال تَصَلُّبه وعِصْيانه). والدِهن -بالكسر من الشجر: ما يُقْتَل به السباع " (يَفرى باطنها أو كأنه -يخفف عنهم حدة السباع). أما قوله تعالى: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} أي هو محتوى فيها والمقصود زيت الزيتون. ولحال الدهن دهن الزيتون ودهن البان وما إليهما من حيث التميع أي عدم صلابتها، وربما من حيث اللون أيضًا وقع

معنى الفصل المعجمي (ده)

التشبيه في قوله تعالى: {فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} [الرحمن: 37] [جمع دهن]. تمور كالدهن صافية [أبو عبيدة 2/ 245] وهذا كقوله تعالى: {يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ} [المعارج: 8]، وكقوله تعالى: {فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ} [الحاقة: 16]. ° معنى الفصل المعجمي (ده): الحدْر أو الدفع في فراغ أو مهواة -كما يتمثل ذلك في دهدهة الحجر من أعلى إلى أسفل -في (دهه)، وفي جرف الماء في الغرب الضخم -في (دهى)، وفي دهورة اللُقَم في الجوف ودهورة الحائط إسقاطه دَفعًا -في (دهر)، وفي فراغ عمق الكأس ونحوها التي تُملأ بقوة أو تفرغ بقوة أيضًا -في (دهق)، وفي طمس السواد الكثيف كل لون آخر أي إخلاء الشيء من الألوان الأخرى في (دهم). وكالتليين وكسر حدّة الخصم بحيث يقبل المجاراة ولا يعتصم برأيه -في (دهن).

باب الذال

باب الذال التراكيب الذالية • (أذى): {وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ} [الأحزاب: 48] "الآذِىّ -بالمد وتضعيف الياء: مَوجُ البحر الشديدُ. وفي حديث العقيقة "وأميطوا عنه الأذى "يريد الشَعَر وما يَخْرج على رَأْش الصبيّ حين يولَدُ يُحْلق عنه يوم سابعه ". Qإفرازٌ أو نحوه منفر (للنفْس) أو مقلق: كموج البحر يَنْتأ من عُظْم الماء ويُقْلق، وكذلك الشعر والإفراز الكثيف الذي يخالطه من رأس الوليد حيث يَكُون طَبَقَةً كثيفة على جِلْدة الرأس غيرَ مقبولة ولا دائمة. وقد سَمّى الأعشَى الهنة الناتئة من البُضْع أذى (¬1). ومما يمثل ذلك المعنى الأصلي أيضًا قول الشاعر: نقد أُذُوا بك وَدُّوا لو تُفارقُهم ... أَذَى الهَراسة بين النَعْل والقَدَم (الهراسة: الشوكة. فإذا دخلت تحت القدم بينه وبين النعل آذَتْ أذًى لا قَرار معه). ومن ذلك أيضًا "ناقة أَذِيَة -كفرحة- لا تستقر في مكان من غير وجع ولكن خِلْقة كأنها تشكو أَذًى (بها ما يظْهر منه هذا). {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ ¬

_ (¬1) ينظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 2/ 89.

الذال والباء وما يثلثهما

يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ} [التوبة: 61]، {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ} [الأحزاب: 53]، والمشار إليه هو دخول بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير طَلَبه، ولو استِئْناسًا لحديث. هذا وفي ضوء الأصل يمكن تفسير الأذى في قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: 222] بأنه بالنسبة للمرأة -إفراز- كما هو بالنسبة للرجل أذًى نَفْسِيٌّ مقزز. كذلك يصلح في قوله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} [النساء: 16]، تفسيرُ الإيذاء بأن يكون مَعْنويًا بالقول المؤلم وبأن يكون حسيًّا بالضرب ونحوه -[وَانظر طب 8/ 84]. وكل ما جاء في القرآن من (الأذى والإيذاء) فمعناه الإيلام النفسي (التكرّه)، أو البدني غير المبرح. وتأمل {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ} [النساء: 102] {أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: 196] أي هوامّ الشعر [ينظر قر 2/ 383]. هذا، وكَوْن الأَذَى البدني غير مبرح يناسب التهوين من شأن مكروهه بالنسبة للضرر -كما قد يؤخذ من قوله تعالى: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى} [آل عمران: 111]. وفي [تاج]: أن "الأذى هو المكروه اليسير/ الشر الخفيف ". الذال والباء وما يثلثهما • (ذبب- ذبذب): {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ} [الحج: 73] "ذُبَاب السيف -كصُدَاع: حَدُّ طَرَفه الذي بين شَفْرَتيه، ومن أُذُنَيْ، الفَرَس: ما حَدّ من طرفيهما. وذُباب أسنان الإبل: حَدّها. وأذبُّ البعير: نابُه ".

Qحادٌّ دقيقُ الجِرم يسبق أو ينفذ باندفاع (¬1): كحَدّ طَرَف السيفِ وكالنابِ وحَدّ الأسنان، وطَرَف أُذُنّى الفرس مجمع الدقة والجفاف. ومن الحدّة في صورة الجفاف: "ذَبَّتْ شَفَتُه: يَبِسَتْ وجَفَّتْ وذَبُلَتْ من شدة العطش أو لغيره، وكذا ذَبَّ لسانُه، وجسمه: ذَبُل وهُزِل، والنَبْتُ: ذَوَى، والغديرُ: جَفَّ في آخر الجَزْء، والرجُلُ: شحُب لونُه. وصدَرَت الإبلُ وبها ذُبابة أي بقية عطش ". ومما لحُظت فيه الطَرَفية (أو الدقة) وفيه حِدّة ما: "ذبابُ العين: إنسانُها (الصورة الدقيقة في وسط سواد العين). والذُبَابة: بقيةُ الدَيْن " (ثقل الدين جَفاء). أما "الذباب الذي يكون في البيوت يسقط في الطعام " (هكذا عرّفوه) فقد لَحَظُوا فيه دِقّته وحِدَّة اندفاعه (امتداد) ولَدْغَه أحيانًا، والاشمئزازَ منه -وكل ذلك حدة)، {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج: 73]. ومن الملحظ ذاته: "الذُبَابُ: الطاعون " (يخْتَرق بحدة، ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الذال عن نفاذ ثخين رطب بدقة وقوة، والباء عن تجمع رخوُ وتلاصق، ويعبر الفصل منهما عن نتوء أو نفاذ بقوة من/ أو فى/ جرم متجمع كما في ذباب السيف والأسنان إلخ (ثخانة النافذ اعتبرت هنا غِلظا. والغِلظ عام يؤخذ منه الجفاف والحدّة). وفي (ذأب) تزيد ضغطة الهمزة قوة الخروج فيعبر التركيب معها عن قوة النفاذ من الأثناء كما في ذؤابة الجبل. واما في (ذَبَح) فتعبر الحاء عن احتكاك بجفاف وعرض، ويعبر التركيبُ معها عن شَقٍّ غائر (نفاذ) في جرم ملتحم ليس أجوف (يحقق الاحنكاك) كما في ذَبح الشاة وغيرها من رقبتها (فلا يعبر بالذبح عن بقر بطنها مثلًا).

إذ لا يُفْلت من أصابه). وكذلك الذُّبَاب: الجُنون " (حدة تنفذ فتدمر العقل). ومن مجاز ذلك "رجل مخشى الذُّبَاب: أي الجَهْل، وأصاب فلانًا من فلان ذُبابٌ لاذع: أي شر ". أما ما جاء أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا طويل الشعر فقال "ذباب "فقد فسروه بالشؤم وهذا واضح بالنظر إلى استعمال اللفظ في الطاعون والحدة إلخ في ما سبق. والتفسير المادي (أن الرجل ترك شعره طويلًا مُشَعَّثًا يؤذي النظر) أليق برفق النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فما كان ليصم أحد أصحابه بالشؤم. ومن معنى الاندفاع مع حدّة في المعنى الأصلي، جاء استعمال "الذَبّ بمعنى الدَفْع والطَرْد. "فلان يَذُبّ عن حريمه "أي يدفع عنهم. وقالوا كذلك: "ذَبْذَبَ الرجلُ: مَنَع الجِوَار والأهلَ أي حَماهم (: دافع عنهم -وكأن التضعيف تعبير عن المداومة)، والذَبِّىّ- بتضعيف الباء والياء: الجِلواز " (وفُسِّرَ بالشُرطيّ. والنظر إلى معنى تركيب جَلَز يَقْضِي أن يفسر الجلواز بالوازع وهو الذي يدفع الناس عن الحاكم). والصيغة القاصرة (ذَبّ يَذِبّ -بكسر عين المضارع- تعطي معنى المطاوعة فتفسر ب): اخْتَلَف، (أي سارَ ذهابًا وجيئة لم يستقر على اتجاه كأنه يُدْفع إلى هنا ثم إلى هنا) و "بعير ذَبٌّ: لا يتقارّ في موضعه ". ويوصف الثور الوحشي بأنه "ذَبُّ الرِياد " (كأن المقصود أنه حَادّ الرِياد قصيرُه، لأنه لا يستقر في اتجاه، بل يختلف فيندفع في اتجاه ويعود في عكسه يَرُود بِحِدّة فيذهب ويجيء). ومن هذا مع المضاعفة "بُرْدة لها ذَباذب أي أهداب وأطراف (تتذبذب) واحدها ذِبْذِب -بالكسر ". وَ "الذبذبة: -بالفتح: تَرَدُّد الشيء المعلَّق في الهواء "كأن الأصل أنه يُدْفَع إلى اتجاه ثم إلى عَكْسه على التوالي. "رَجُل مُذَبذِب

(ذأب)

ومُتَذَبذِب -بصيغة اسم الفاعل: مُتَردد بين أمْرين أو بَين رجلين لا تثبت صحبته لواحد منهما. والمُذَبْذَب -بصيغة اسم المفعول: المُطَرَّد المدفوع من هؤلاء وهؤلاء "وفي صفة المنافقين {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} [النساء: 143]. المعنى مُطَرَّدين مُدَفَّعين عن هؤلاء وهؤلاء. • (ذأب): {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} [يوسف: 13] "ذؤابة الجَبَل: أعلاه المتسنم. الذؤابة: الشعر المضفور من شعر الرأس. وذُؤابة الفَرَس: شَعَر في الرأس في أعلى الناصية: والذِئْبانُ -بالكسر: الشَعَرُ على عنق البعير ومِشْفَره ". Qامداد من الشيء إلى أعلى باندفاع: كذؤابة الجبل تنتأ منه كذلك، وكالشعَر الموصوف. ومن ذلك الاندفاع استعملوه في الدفع فقالوا: "ذأب الإبلَ: ساقها، والرجلَ: طَرَدَه. وذأبت الشيء: جمعته " (ضممت بعضه إلى بعض دَفْعًا). والامتداد من بين ما يحيط (أي في الهواء) مع الاندفاع يلزمه النَوْس "تَذَأّبَتْ الريحُ وتذاءبت: اختلَفَتْ وجاءتْ من هَاهُنا مرة ومن هاهنا مرة، والذُؤَابَةُ: الجلدةُ المعلقة على آخر الرحْل وهي العَذَبة، وذؤابة السيف: عِلاقة قائمِهِ. والمتذائب الضطرب. وغَرْبٌ (= دَلو كبير) ذَأبٌ -بالفتح: مُختلَفٌ به كثيرُ الحركة بالصعود والنزول " (التردّد وتَنَوُّع اتجاه الحركة هو من جنس حركة النَوْس). ومن هذا تَسْمية "الذِئْب الذي هو كَلْبُ البَرّ (قالوا): لأنه يأتي (في هجومه) مَرَّةً من هنا ومرة من هنا إذا حَذِرَ مِنْ وجه جاء من آخر "حتى قالوا في المثل: "أَحْوَل من

(ذبح)

ذئب " [ل حول]، وحتى قالوا بشأن التعبير عن اختلاف اتجاه هبوب الريح بالتذاؤب إنه أُخِذ من فعل الذئب {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ}. لكني أُرجح أن (الذئب) أخذ اسمه من هجومه على الغنم ونحوها. والهجوم اندفاع، وما ذكر من أوصاف فهي لازمة له هو. ولأهميته في حياتهم شبهوا به وبأوصافه فقالوا "الذئبة من الرحْل والقَتَب والإِكاف ونحوها: ما تحت مُقدَم ملتقى الحِنْوين، وهو الذي يَعَضَ منسِج الدابة/ فُرجة ما بين دفتي الرحْل والسرج والغبيط "فهي تلتقم منسبح الدابة. ويتأتى أصل التسمية هنا إنما هي لنتوء المنسج، ثم نقل الاسم (اندفاعه) إلى ما يلزم النتوء. وأما قولهم: "ذُئِب الرجل -للمفعول: وَقَعَ الذِئْب في غنمه، فَزِعَ من الذئب، والمذءوب: الفَزِع، وقد ذَئِبَ (تعب). فَزِعَ من أي شيءٍ كان، وكذا ذَؤُب -ككرم وتعب: خَبُثَ وصار كالذئب خُبْثًا ودهاء: فتلك ونحوها مشتقات من اسم العين "الذئب ". • (ذبح): {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107] "المَذْبَحُ: الذي يغادره السيل في الأرض -بالفتح: شَقٌّ فيها مقدارُ الشبر ونحوه (أي عَرْضًا). والمَذبَحُ من الأنهار: ضَرْبٌ كأنه شُقَّ أو انشق. وذَبَحَ الشاة وغيرها: قَطَعَ حُلْقُومها من باطن عند مَوضع الذبح. والذُبَاح -كصُداع: تَحَزُّزٌ وتَشَقُّقٌ بين أصابع الصبيان من التراب/ حَزٌّ في باطن أصابع الرجل عَرْضًا. وكصُرَد وعِنَب: نَبَات له أَصْلٌ يُقْشَر عنه قِشْرٌ أَسْود فيَخْرج أبيض كأنه خَرَزَة بيضاءُ حُلْو طيب يؤكل. والذَبْح -بالفتح: الشق. وكل ما شُقَّ فقد ذُبِحَ ".

£°معنى الفصل المعجمي (ذب)

Qشَقٌّ يغور دقيقا فى جرم ملتحم: كالشَقِّ في الأرض بدقته الموصوفة، وكالشقوق في أصول الأصابع، وأصول ذلك النبات يشق عنها لتؤكل. وكالذَبْح المعروف {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة 71]، {يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ} [القصص: 4]، والتضعيف للتكثير {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} "الذبح -بالكسر: ما أُعِدّ للذَبْح، وما ذُبح ". وكل ما في القرآن من التركيب فهو من ذَبْح الحيّ هذا. ومن المعنى المحوري: "الذُبَاح -كصُدَاع: داءٌ -وَجَعٌ أو قُرْحَة- يَأخُذُ في حَلْق الإنسان -كالذِئْبَة للحمار/ ينسد معها الحَلْق وينقطع النفَس " (فالملحظ هو قتلها المصاب وأنها في مكان الذبح). ومنه "ذَبَحْتُ الدَن أي بَزَلْتُه "، إذ البَزل هو ثقب الدن أو إناء الخمر بحديدة للوصول إليها بعدما كانت مختومة لتَعْتُق. ومنه كذلك: "ذَبَحت فأْرَة المسك "، وهي سُرَّة حيوان كالخِشْفِ (وهو أصغر أولاد الظباء أو ما بعدَ أصغرها وهو الطَلَا) تُعْصَب جيدًا فيتجمع دمه فيها، ثم يُذْبح وتُقطَع وتُدْفَن في الشعير، فيصير ذلك الدم مسكًا، فيقال ذبحت فأرة المسك أي فَتَقْتها وأخرجت ما فيها من المسك ". وتُسمَّى المقاصير في الكنائس مذابح؛ لأنهم كانوا يذبحون فيها القرابين. ° معنى الفصل المعجمي (ذب): النتوء والاندفاع بحدّة أو قوة -كما يتمثل في نتوء ذباب السيف وناب البعير -في (ذبب)، وفي نتوء ذؤابة الجبل -في (ذأب)، وفي عئور السكين الحاد ونحوه في عُنق المذبوح (والغثور من باب النفاذ كالنتوء لكنه إلى الداخل) وكذلك كالشق الذي يتكون بنحر ماء السيل ذلك الموضع، وغئوره فيه -في (ذبح).

الذال والخاء وما يثلثهما

الذال والخاء وما يثلثهما • (ذخخ- ذخذخ): "رجل ذَخْذَاخ -بالفتح: يُنْزل قبل الخلاط- وكذلك الذَوْذَخ -بالفتح: الزُمَّلِق ". Qتسيبٌ بسهولة للمذخور في باطن الشيء -مما الشأن صعوبة تسيبه (¬1): كحالة ذلك الزُمَّلِق، إذ الأصل أن يضبط المرءُ ماءه. • (ذخر): {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ} [آل عمران: 49] "المَذْخَر -كمَسْكَن: المِعَى. مَلأَ مذاخِره أي أمعاءه/ أسافلَ بطنه. والذاخر: السمين. والإذْخِرُ -بالكسر: حشيشٌ طيّبُ الريح أطول من الثيل .. يُطْحَن فيدخل في الطيب ". Qحفظ الشيء في جوف أو ظرف زمنًا ممتدًّا: كما يضم المِعَى ما يصل إليه من مَهْضُوم الطعام آنا بعدَ آخرَ، وكالسِمَن في البَدَن، وكما يحتوي الطيب على الإذْخِر فتبقى ريحُه فيه. ومنه: "ذَخَر الشيءَ (كنصر) واذّخره اذّخارًا: اختاره اتخذه (وعبارة المُنْجد: خَبَأه) لوقت الحاجة (فهو ضم وإيعاء ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الذال عن نفاذ ثخين رطب، والخاء عن تخلخل، والفصل منهما يعبر عن سولة تسيب (نفاذ) المذخور في الباطن لتخلخله (تصورًا) كما. الذَّخْذاخ. وفي (ذخر) تعبر الراء عن استرسال مع اتصال، ويعبر التركيب معها عن النفاذ (في) باطن جرم باسترسال أو دوام كالمَذْخَر: المِعَى -للطعام، والسمن في الذاخز: السمين.

£°معنى الفصل المعجمي (ذخ)

للشيء في ما يحفظه) ومنه {وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ} في آية التركيب. (أصلها تَذْدَخرون). ° معنى الفصل المعجمي (ذخ): إنفاذ بقوة (غلظ) من أثناء أو فيها كما يتمثل ذلك في نفاذ ماء الذخذاخ منه دون أن يقدر على ضبطه -في (ذخخ)، وفي نفاذ الطعام إلى المِعَى -في (ذخر). الذال والدال وما يثلثهما • (ذود): {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ} [القصص: 23] "مِذْوَد الثور: قَرْنه. ومِعْلَف الدَابّةِ مِذْوده. الذَوْد -بالفتح- من الإبل: من الثلاثة إلى العشرة " [المقاييس]. Qدفعُ رَدٍّ أو ضَمٍّ بقوة (¬1): كدَفْع الثور بقرنه نَطْحًا، والمِذوَد: المِعْلف يَدْفع العلف ويرده عن الانتشار والتبدد (بضغطه) من جوانبه ليظل مجتمعًا أمام الدابة. ومنه: "الذَوْدُ: السوق، لأنه دفع للمسوق، وبه يلحق المتأخر المتقدم وينضم إليه. وقد نُظِر إلى هذا الضم في تسمية جماعة الإبل ذَؤدًا. وأشهر تحديداته من الثلاث إلى التسع أو العشر. فكان أصل التسمية إبل مَذُود بعضُها إلى بعض أي مضموم، أي جماعة إبل كما قالوا. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الذال عن نفاذ ثخين غض بقوة ودقة، والواو عن الاشتمال، والدال تعبر عن ضغط ممتد وحبس، والتركيب منهن يعبر عن دفع ورد بضغط يتأتى منه الجمع كما في الذود الدفع، والذود من الإبل. وفي كليهما اشتمال.

الذال والراء وما يثلثهما

الذال والراء وما يثلثهما • (ذرر- ذرذر): {وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} [يونس: 61] "الذَريرة: فُتات من قَصَب الطِيب. والذَرُور: ما يُذرّ في العين وعك القُرْحُ من دواء يابس (كالكحل). ذَرَّ المِلْح المسحوق على الطعام: أخذه بأطراف أصابعه ثم نَثَره عليه. وذَرَّ الحب، والمِلْحَ، والدَواء: فَرّقه. وذرّ الدقيق على ماء القِدْر لعمل الحَرِيرَة. والذَرْذَرَةُ: تَفْريقُك الشيء وتبديدُك إياه ". Qنثر الدقاق البالفة الدقة كأنها مسحوقة (¬1): كالفُتات المذكور، والمِلح المسْحوق، والدقيق، والكحل. ومنه: "ذَرَّ البَقلُ: طلع من الأرض (دقيقًا منتشرًا)، والرجلُ: شاب مقدَّم رأسه ". (الفعل القاصر هنا كأنه مطاوع). ومنه كذلك: (الذَرّ -بالفتح: النمل الأحمر الصغير (لُحِظ فيه دقةٌ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الذال عن نفاذ ثخين رَطْب بقوة، والراء عن استرسال -وهي هنا مضاعفة، والفصل منهما يعبر عن نفاذ دقاق كثيرة (الكثرة مقابل الثخانة) تنتشر (= تسترسل) كالذَّرور ما يذر في العين إلخ. وفي (ذرو - ذرى) تعبر الواو عن اشتمال، والياء عن اتصال، والتركيب يعبر عن نفاذ بامتداد إلى أعلى مع تجمع. ودقه ما -كما في ذِروة الرأس والسنام. وفي (وذر) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال، ويعبر -التركيب معها عن تميز الشيء بِضَعًا (= انتشار.= استرسال) كالوذر من اللحم: القطع الصغيرة لا عظم فيها. وفي (ذرأ) تعبر الهمزة عن ضغطة تعود على الانتشار فيتم بقوة ودفع كما في ذَرْء الأرض: بذرها. وفي (ذرع) تعبر العين عن التحام على رقة ويعبر التركيب معها عن كون الامتداد بالتحام واتصال كالذراع الممتد من الساعد أو البدن.

(ذرو- ذرى)

جرمه- مئةٌ منه تزن حبة شعير [ل. 25/ 39]. ومنه: "ذرّت الشمسُ: طَلَعت أول طلوعها أول ما يسقط ضوءُها على الأرض والشجر " (تبدو أشعة دقيقة منتشرة ويزداد انتشارها قليلًا قليلًا). وفي قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: 40] فُسِّرَت الذرّة بالنملة الصغيرة، وقيل إن النملة المذكورة لا وَزْن لها (أي لا توُزن)، وإن المقصود بالذرة واحدة مما يُرى من دِقاق في أثناء شُعاع الشمس الداخل من النافذة، وأقول إن التفسير بهذا الأخير أولى؛ لأنه يحقق المبالغة في الدقة والخفة. وليس في القرآن من التركيب إلا (ذرة) بمعناها هذا. وأما الذرية فقد جَرَيتُ على أنها من (ذرأ) وإن كانت تتأتى من هذا التركيب. ويقال: "ذرّ الله الخلق في الأرض: نَشَرهم (انتثار مسترسل مع دقة)، وذرّية الرجل: وَلَدُه (ينشئون عنه دقاقًا - تنتشر باسترسال) وهي على زنة فُعْلِيّة " {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} [آل عمران: 38]. وأما "ذَرِّىُّ السيفِ -بالفتح على صيغة المنسوب: فِرِنْدُه وماؤه "فمن الأصل أيضًا، لأن الفرند وصف بأنه وَشْىٌ بالغ الدقة كمَدَب النمل [ينظر ل ربد]. ومن ملحظ الدقة أخذت الحِدّة لأنها صورة منها، وانتشار الحدة في الحيّ يتأتى منه الغضب ونحوه "الِذرَار -كقِتَال: الغَضَب والإنكار. ذارّت الناقة مذارّة: ساءَ خُلُقها ". • (ذرو- ذرى): {كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} [الكهف: 45]

"ذُِرْوة الرأس والسَنَام -كلمة ذِروة بالكسر والضم: أشرفُهما. وقد ذَرَّى الشاةَ والناقةَ -ض: وهو أن يَجُزَّ صوفَها ووَبَرها ويدع فوق ظهرها شيئًا تعرف به (أي يترك على ظهرها (ذِرْوة) مساحة صغيرة غير مجزوزة الصوف أو الوبر بشكل يعرّف بها) والذُرة -كثُبة: ضَرْبٌ من الحب معروف أصله ذُرَو، أو ذُرَى -كصُرَد. والمِذْرَوَان: أطراف الأليتين، وجانبا الرأس (وموضعَا الوتر من طَرَفَى القوس). والذَرَى -كلفتي: ما كَنَّك من الريح الباردة من حائط أو شجر ". Qنفاذ إلى أعلى أو إلى الظاهر بامتداد ما مع شيء من التجمع والدقة: كذِرْوة الرأس والسنام، وكالبقية من صوف أو وَبَر فوق ظهر الشاة والناقة، وكحَبّ (كوز) الذُرَة في محُيطِه أي أعلاه إلا في الجوف كالبُرّ)، وكما تنتأ أطرافُ الأَليتين وجوانبُ الرأس، وطرفا القوس وكل تلك أطراف جانبية ظاهرة وملتئمة في دقة ما أيضًا، والذَرَى فيه أكثر ذلك فهو مرتفع كالناتئ، ومحدود، ويحمي كأنه يضم ويجمع. ومن الرفع الحِسّيّ وحده "ذَرَت الريح التراب وغيره تذرُوه وتَذْريه ذَرْوًا وذَرْيًا: أطارَتْه وسَفَتْه وأذهبَته/ حَمَلته فأثارته (رفعته في مستقره ودفعته بعيدًا بعيدًا) {فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} [الكهف: 45]، ومن الرفع الحسي "ذَرَّيْت الحنطة -ض- بالمِذري والمِذْراة (وهي خشبة طويلة ذات كف أو أصابع يُذَرَّى بها الطعام (: البُرّ) بقذْفه إلى أعلى فيطير التبن ويسقط الحب متجمعًا). وكذا ذَرَّيْتُ تراب المعدنِ: إذا طلبت منه الذهب (بنحو هذا). ومن المعنوى "فلان يُذَرِّى فلانًا -ض: يرفع أمره ويمدحه ". وفي قوله تعالى {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} [الذاريات: 1] في [بحر 8/ 132] الذاريات: الرياح ..

(ذرأ)

وذَرْوُها تفريقها للمطر أو للتراب ". وليس في القرآن من التركيب إلا (الذاريات) و (الذَرْو) بمعنييهما المذكورين. وقالوا أيضًا "ذَرَا نابُه: انكسر حَدُّه (طار رأسه، ويلحظ أن الفعل قاصر، وكأنه محول من ذَرِىَ). "وضربه بالسيف فأَذْرَى رأسَه (: أطاره)، وطَعَنه فأذْراَه عَنْ فَرَسه: صَرَعَه وألقاه. (كل ذلك من إطارة الذِروة). وأَذْرَت العينُ الدمعَ: صَبَّته ". وقد قيل إن (الذُرِّية) من هذا التركيب. وهو ضعيف، لأن النسل امتداد نزوليّ، وهذا صعودي، كما قيل إنها من (ذرأ) أو (ذرر) وقد جريت على أنها من (ذرأ) لأنه أقرب. • (ذرأ): {قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الملك: 24] "ذَرَأْنا الأرضَ: بذرناها. والزرعُ أولَ ما تَزرعه يسمى الذَرِيء. والذُرْأة -بالضم: الشَمَط/ أولُ بَياض الشَيْب. ذَرِئَ رأسُه (تَعِبَ): ابْيَضَّ/ شَاب مقدّمه. وأَذْرأَتْ الناقةُ وهي مُذْرِئ -كمُحْسن: أَنْزلَت اللبن (أي لأول مرة -كما يفهم من السياق). Qنشر أشياء دقيقة أو انتشارها ناشثة (من أثناء شيء). كالبَذْر والزرع في الأرض، وكبياض الشيب (أو غيره) في الشعر الأسود، وكإنزال الناقة اللبنَ لأول مرة فيكون قليلًا والأمر في الكل نشوء. ثم قالُوا "كبْش أَذْرأ ونَعجة ذَرْآء: في رءوسهما بياض ". ونظروا لبياض الشيب وغيره في عديم البياض فقالوا "مِلْح ذَرْآنىّ -بالفتح والتحريك: شديدُ البياض ".

(وذر)

ومن ذلك الأصل: "ذرأ الله الخلق: خلقهم (أنشأهم ونشرهم في الأرض بتناسلهم)، {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا} [الأنعام: 136]، ولذا يقال: (أنمى الله ذَرْأك -بالفتح أي ذُزيتك {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ} [الشورى: 11]، (أي لتكثروا أنتم ولتكثر الأنعامُ بهذا التزاوج ويه بمعنى به [من معاني القرآن للفراء، واللسان، والتكاثر يسبب الانتشار، وكل كثير منتشر يبدو دقيقًا. وأرى آن لفظ (ذُرّية) هو من هذا التركيب "الذرية نسل الثقلين وكان ينبغي أن تكون ذُرِّيئة فكثرت فتركت العرب همزها. والذَرْء -بالفتح: عدد الذرية. تقول أنمى الله ذَرْأك "هذا قول ثعلب، وأؤيده، لأن الدفع القوي الذي تعبر عنه الهمزة يتحقق في الذرية بصورة أقوى. [وينظر عن الرأي الآخر: ل- ذرأ]. وليس في القرآن من التركيب إلا (ذرأ) ومضارعها بمعنى نشر الأشياء الدقيقة الكثيرة، و (الذُرّية) وقد ذكرناهما. ومن معنى الدقة يقال: "بلغني ذَرْءٌ من خبر أي طَرَف منه ولم يتكامل " (شيء يسير من القول). ومن نشوء الحِدّة (والدقة المادية يلزمها الحدة): "أذْرَأَه: أغْضَبَه، وبصاحبه: حَرَّضَه عليه وأوْلَعه به. وأذرأته أيضًا: ذَعَرْته "- وذلك كما سبق أن ذكرنا مجيء "الذِرَار: الغضب والإنكار "من تركيب (ذرر) المعبر عن الدقة أيضًا. • (وذر): {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء: 89] "الوَذَرة -بالفتح- من اللحم: القِطْعة الصغيرة لا عظمَ فيها/ ما قُطِع من

(ذرع)

اللحم مجتمعًا بغير طول. عَضُدٌ وَذِرَة -كفرحة: كثيرة الوذر (عُجَر العَصَب). وقد وَذَر اللحمَ (كوعد): بَضَعه، ووَذّره -ض: قطّعه، والجُرْحَ: شَرَطه. والوُذَارة -كرُخَامة: قُوَّارة الخيّاط. والوَذَرَتان: الشفتان ". Qتَبَضُّع اللحم (أو الشيء) قِطعًا محدُودة الحجْم -كقطع اللحم بالصفة المذكورة (يلحظ كونها بغير عَظْم فلا غِلَظ لها، وأنها "بغير طول "فليست شرائح)، وكقصاصات الثياب عند الخياط فهي بلا عِرَض ولا قيمة، وأشفارُ الجُرح المشقوق والشفتان تبدو كفِلْذات مقطوعة من جانب. ومن ذلك التبضّع والتقطع عُبّر بالتركيب عن معنى الترك إذ هو مفارقة للشيء وانفصال أو تخل عنه {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة 234]، {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ} [الأعراف: 73]: أي خلُّوا عنها لا تمسوها بسوء {اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البقرة: 278] (اتركوه)، {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء: 89] (لا تتركني على تلك الحال)، {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ} [القلم: 44]. كِلْهُ إليّ ولا تشغَل قلبك به فإني أجازيه [ل] (أي خَلّ بيني وبينه). {فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام 112] يتضمن الوعيد والتهديد، وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى (الترك)، ولا يتأتى أن يطبق الإمام الراغب الأصل الذي حدده على مثل هذه الآية حيث قال: يَذَرُ الشيء: يقذفه لقلة اعتداده به. [انظر (وذر) في المفردات]. • (ذرع): {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} [الكهف: 18] "الذراع (للإنسان): ما بين طَرَف المِرْفق إلى طرف الأصْبع الوسطى. وهو

(من يَدَى البعير) فوق الوظيف (أي هو من الركبتين إلى الرسغين)، وكذلك من الخيل والبغال والحمير كالمِذْرَع -بالكسر. وذَرِعات الدابة -بفتح فكسر: قوائمُها ". وذِرَاع القناة: صَدْرها ". Qامتداد بقوة من شيء مع الْتِحام ودقةٍ نسبية -كامتداد الذراع من البدن أو الساعد قويًّا مستدقًّا {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ} [الكهف: 18]، ومنه "فَرَس ذَرُوع وذَرِيع: سريعٌ بعيد الخُطا (الصيغة يؤخذ منها طول الذراع ويلزمه السرعة) والذَرَعُ -محركة: وَلدُ البقرة الوحشية إذا قَوِىَ على المشي " (كأن المعنى أصبح ذا ذراع أي قَوِى على المشي، أو من كونه امتدادًا لأمه). وقد اتُّخِذ ذراع الرجُل مقياسًا لتقدير الأبعاد أي الامتدادات. فقيل "ذَرَع الثوب (فتح): قَدَّرَه بالذراع. وذَرْع كل شيء: قَدْره {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ} [الحاقة: 32]، وكذلك التَذَرُّع لَقدير الشيء بذراع اليد ". وقد اشتقوا من الذراع كثيرًا كقولهم: " (الإبِلُ) تُذارع الفلاة أو تَذْرَعها: إذا أسْرَعت فيها كأنها تقيسها، وكالتذريع رفع الذراعين إنذارًا آو تبشيرًا، وكالتذريع في السباحة والمشي "إلخ. ومن ذلك "الذَرْع: الوُسْع والطاقة (أصله مَدَى امتداد الذراعين أو القوة كل السير) ضاق بالأمر ذَرْعُه: لم يُطِقْه ولم يقو عليه (قصرت طاقة تحمله عنه) {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا} [وهود: 77 وكذا ما في العنكبوت 33]. ويقال "أبْطره ذرعّه: كَلَّفه أكثرَ من طَوْقه. وكَسَر من ذَرْعه: ثَبَّطه عَمَّا أراد. وهو رَحْبُ الذراع: وَاسِعُ القوة والقدْرة والبَطش وكذلك واسع الذَرْع أي الخُلُق " (وكل هذه كنايات ويصلح أكثرها للحقيقة) و "المذرِّع -كمحدث:

£°معنى الفصل المعجمي (ذر)

المطر الذي يرسخ في الأرض قدر ذراع ". ومن صور الامتداد بقوة (= الاندفاع) "الذريعة: حَلْقَةٌ يُتَعَلَّم عليها الرمي (تُرْمَى إليها السهام). ذَرَعَهُ القَىْء: كلبه وسبق إلى فيه. والذَرع -ككتف: الطويلُ اللسان بالشر، وأذرَع في الكلام وتذَرَّع: أكْثَرَ وأفْرَط، وذَرَّع بالقتل -ض: أَقَرّ به. (اندفع الإقرار منه) والذَرَع -بالتحريك: الطَمَع (وهو امتداد النفس تطلعًا كما قال تعالى: {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} [الحجر: 88]. ومن الامتداد بقوة إلى الشيء للتوصل إليه "الذريعة: جَمَل يُخْتَل به الصيدُ (يمشي الصَيَّاد إلى جنبه فيستتر به ويرمي الصيدَ إذا أمكنه، وذلك الجمَل يُسَيَّبُ أولًا مع الوحش حتى تألفه) ومن هذا أخذت "الذريعة: الوسيلة السبب إلى الشيء " (توصِّل إليه). ومن هذا الامتداد بمعنى الاتصال "المَذارع: ما دانَى المِصرَ من القُرَى الصغار (الضواحي- امتدادات المدن) ومَذارع الوادي: أَضْواجُه (معاطفه) ونواحيه ". ومن ذلك الامتداد استعمل التركيب في المخالطة إذ هي اتصال بالشيء كما في "رجل ذَرع -كفرح: حسن العشرة والمخالطة. وذارعته: خالطته ". ° معنى الفصل المعجمي (ذر): النفاذ بامتداد او استرسال مع دقة -كما يتمثل ذلك في رّ الملح المسحوق على الطعام وذرّ الدقيق على ماء القِدْر -في (ذرر)، وفي نتوء ذروة الرأس والسنام وحبوب الذرة على كوزها -في (ذرو- ذرى)، وفي نثر البذر في الأرض -في (ذرأ)، وفي تفرق قطع اللحم الدقيقة نسيبًا -في (وذر)، وفي امتداد الذراع من الساعد والقائمة من البدن مع الدقة النسبية -في (ذرع).

الذال والعين وما يثلثهما

الذال والعين وما يثلثهما • (ذعع- ذعذع): "تَذَعْذَع شَعَرُه: تشعَّثَ وتمرَّط. (تَمرُّط الشَعَر: تحاتُّه وانْتِتافُه)، ذَعْذَعَت الريحُ الشجر: حَرّكته تحريكًا شديدًا، والترابَ: فَرَّقَتْه وذَرَتْه وسَفَتْه. وتذعذع البناءُ: تَفَرَّقَتْ أجزاؤُه، وذَعْذَعَتْ النوائبُ الإبلَ: فَرَّقَتها. والذَعَاعُ -كسحاب: الفِرَق واحدها ذَعَاعَة ". Qتفرق الشيء أجزاء (متصلة) من ضعفٍ أو رقةٍ (¬1). كما يتمرّط الشَعَر فتخلو منه بقع واسعة، وكالفِرَق، والتحريك الشديد للشجر تتمايل به الشجرة كلها، وكما تتفرق أجزاء البناء. وذعذعةُ النوائبِ الإبلَ استهلاكُها مجموعة بعد أخرى. ومنه "الذَعاع -كسحاب: ما تفرق من النخل، ويقال الذُعاع -كصداع: ما بين النخلتين ". ومن معنويه "ذَعْذَعَةُ السر: إذاعته " (كأن نقله إلى هذا وذاك تفريق له بينهما). ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الذال عن نفاذ ثخين رطب، والعين عن التحام على رقة، والفصل منها يعبر عن تفرق الشيء فِرَقًا أي أجزاء متصلة (من ضعف أثنائه) كتمرط الشعر، وتحرك الشجر وتفرق أجزاء البناء. وفي (ذيع) تعبر الياء عن اتصال وامتداد، ويعبر التركيب عن إذهاب الشيء متفرقًا بامتداد أي تباعد كما يَذِيع الناس بالشيء. وفي (ذعن) تعبر النون عن امتداد في الباطن، ويعبر التركيب عن الانقياد وعدم الاستعصاء -كأن الرقة نفذت في باطنه فألانته.

(ذيع)

• (ذيع): {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ} [النساء: 83] "أذاعَ الناسُ والإبلُ بما في الحَوْض: شربوا ما فيه. وتركتُ مَنَاعي في مكانٍ فأذاعَ الناسُ به: ذَهَبُوا به. وكل ما ذُهِبَ به فقد أُذِيعَ به ". Qإذهاب الشيء (أي أخذه) كله متفرقًا هنا وهنا بحيث لا يُسترجَع: كذهاب الناس بالماء والمتاع المذكورين. ومن معنويه "ذاع الخبرُ يَذيع: فشا وانتشر. وقد أذاعَه وأذاع به: ومنه {أَذَاعُوا بِهِ} في الآية، أي أفشوه ونشروه. وأذاع السِرَّ: أفشاه وأظهره، ورجل مِذْياع لا يستطيع كَتْمَ خَبَر (فُشُوّه وانتشارُه ذَهابٌ وتَفَرُّقٌ بابتعاد أي إلى أماكن بعيدة ولا يحاصر). • (ذعن): {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} [النور: 49] "ناقة مِذْعان: سَلِسةُ الرَأْسِ منقادةٌ لقائِدها. وأذعنَ الرجلُ: انقاد وسَلِسَ. وأذعَنَ له: خَضَع وذل ". Qانقيادٌ بسلاسة مع في الباطن (أي عدم تصلبه أو استعصائه): كتلك الناقة السَلِسة الرأس وهو معنى الخضوع والذُل. ومنه "أَذْعَنَ لي بحقي: أقرَّ به طائعًا غيرَ مُكره " (فهو إقرار مع تسليم باطني) وفي آية التركيب {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} [النور: 48 - 49] واضح أن الإذعان في الموقف الأخير يقابل الإعراض في الحالة الأولى. وفي الإعراض كِبرٌ وعِصْيان

£°معنى الفصل المعجمي (ذع)

من كراهية الأمر، فيكون معنَى إذعانِهم في الحالة الأخيرة هو اللين والذل والطاعة وعدم الكراهة. ولذا ذمرها الفراء [في المعافي 2/ 257] بمطيعين غير مُسْتكرَهين. ° معنى الفصل المعجمي (ذع): النفرق الجُمْلي الضعف أو رقة -كما يتمثل في تذعذع الشعر حسب ما فصّلناه، وكما في تذعذع البناء -في (ذعع)، وكما في نفاذ ماء الحوض وذهاب المتاع -في (ذيع)، وكما في انقياد الناقة لقائدها أي سيرها خلفه مفارِقةً موقفها أو مقرها -في (ذعن). الذال والقاف وما يثلثهما • (ذقذق): "الذَقْذاقُ -بالفتح: الحديدُ اللسانِ الذي فيه عَجَلة ". Qنفاذ أشياء شديدة الوقع من باطن بقوة (¬1): كالذي يصدر من فم حديد اللسان. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الذال تعبر عن نفاذ ثخين رطب، والقاف عن تعقد وصلابة في الجوف، والتركيب منهما يعبر عن نفاذ ما هو شديد الوقع (كأنه صُلْب حديد) كالذَقْذَاق الحديد اللسان. وفي (ذوق) تزيد الواو معى الاحتواء أو الاشتمال -فيعبر التركيب معها عن نفاذ إلى الأثناء مع وجود شيء قوي فيها (أي احتوائها عليه) كما في ذوق طعم الشيء. وفي (ذقن) تعبر النون عن امتداد باطني لطيف، ويعبر معها عن احتواء باطن الشيء وأثنائه على صُلب يخفى (وخفاؤه هو اللطف) كعظم اللحيين تحت طبقة اللحم التي تغطيهما.

(ذوق)

• (ذوق): {وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا} [الشورى: 48] "المذاق: طعم الشيء "ولم يكن يَذُم ذَواقًا ". وما ذُقْتُ ذَواقًا -كسحاب أي شيئًا وهو ما يذاق من الطعام المأكول والمشروب ". Qمعرفةُ طَعْم الشيء أي وقعه على الحس بالتناول منه (أي إدخاله مَنْفَذَ الباطن): كمعرفة طَعْم المطعوم والمشروب بتناوله. {فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} [الأعراف: 22]-كقوله تعالى: {فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} [طه: 121]، ومن هذا الإحساس الماديّ المباشر {بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء: 56]، {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا} [النبأ: 24] {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ} [ص 57]. لكن معظم ما جاء في القرآن من التركيب ذوق مجازي: ذَوْق عذاب {فَذُوقُوا الْعَذَابَ} [آل عمران: 106]، {فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا} [الطلاق: 9]، {حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا} [الأنعام: 148]، {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى ...} [السجدة: 21]، {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} [النحل: 112]، {فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ} [الزمر: 26] أو ذوق نعمة ورحمة {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ} [يونس: 21]، {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ} [هود: 10]. وذوق أمور أخرى {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} [الروم: 41] أي عقوبته، {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185] أي مُلاقته. وليس في القرآن ما يخرج فيه الذوق عما ذكرنا. ويتأتى من الإحساس بالطعم معرفة الأمر اختبارًا وتجربة قالوا: "ذاقَ

(ذقن)

القوسَ أي نَزَع فيها ليَخْبُر لينها من شدتها/ جذب وترها لينظر ما شِدَّتُها ". والتناول تحصيل، ولذا يقال: "أذاق فلانٌ بعدَك سَرْوًا أو كَرَمًا أي صار سَرِيًّا أو كريمًا (أي عرف طعم ذلك فهي كناية). وكذلك أذاق الفرسُ بعدَك عَدْوًا أي صار عدّاء (أي تَربَّتْ فيه هذه الصفة وحازها) • (ذقن): {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} [الإسراء: 107] "الذاقنة: طَرَف الحلقوم الناتئ والذَقَن -محركة وتُكسر: مجتمع اللَحْبَيْن من أسفلهما. ودَلْوٌ ذَقَنَى -محركة، وذَقُون: مائلة الشفة ". Qنتوءٌ دقيق عن السَواء له أصل عريض مع صلابة في الباطن: كذقن الإنسان وجمعها أذقان (ومنه آية التركيب، وسائر كلمة (أدقان) في القرآن، وكالدلو الموصوفة تكون في شفتها زاوية مثلثة (صُلْبة). ولهذه الهيئة قالوا: "الذَقْنَاء: الملْتوية الجهاز ". ومن صلابة الباطن قالوا: "الذِقْن -بالكسر: الشيخ الِهمّ "- لُحظ فيه جفافه من طول عمره أو صلابته حتى طال عمره. وهنا استعمال مشكوك فيه: ذَقَنه: قفده (صفع قفاه) وقال صاحب القاموس "ذَقَنَه: قَفَدَه أو أَصَاب ذَقَنه "اه. والتردد بين ما له أصل وهو على القياس (أصاب ذقنه)، وما لا أصل له= يقضي بردّ الأخير. ° معنى الفصل المعجمي (ذق): وجود شديدٍ، (أو شديد الأثر) في عمق الشيء كما يتمثل في حذة لسان الذَقذاق -في (ذقق)، وفي طعم المذوق الذي تُميَّز به حقيقة -في (ذوق)، وفي عَظم الذقن -في (ذقن).

الذال والكاف وما يثلثهما

الذال والكاف وما يثلثهما • (ذكذك): "الذَكْذَكَة -بالفتح: حياة القلب " [ق]. Qحيوية وانتباه في الباطن (¬1). • (ذكو): {.... وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] "ذَكَتْ النار تذكو واستَذْكت: اشتدّ لهبها. والذُكْوة -بالضم: ما ذكّاها به من حَطَب أو بَعَر. وقد أذكاها وذكّاها -ض: أَلْقَى عليها ما تَذْكُو به. والذَكاء كسحاب: شدةُ وهَجَ النار. ربلغَت الدابةُ الذَكاء: أي السِنّ. ذَكَّى الرجلُ -ض: أَسَنَّ وبدّن. والمُذَكِّى -كمحدث: المُسِنّ من كل شيء ". Qحدّةٌ بالغة الشدة في أثناء الشيءِ يظهر أثرُها -كلَهب النار الشديدة أو حَمْيِها، وكبلوغ المُسِنّ سِنًّا يكون عندها في أقوى حالاته وأشدها. ومن حدة الشمس ضوءًا وحَرارةً سُمِّيَتْ ذُكاء -كصداع. وابنُ ذُكاء: ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الذال عن نفاذ ثخين رطب، والكاف عن ضغط غثوري دقق، والفصل منهما يعبر عن نوع عن التماسك الدقيق يتمثل في الحيوية كالذكذكة: حياة القلب. وفي (ذكو) زادت: الواو معنى الاشتمال فيعبر التركيب عن احتواء الشيء على حدّة وشدة مادية تامة كذكاء النار شدة وهجها، وكالذكاء تمام السن والشدة، وفي (ذكر) تعبر الراء عن استرسال ويعبر التركيب معها عن الاسترسال في الشدة صلابة كالحديد الذكر والذكير وهو أيبسه وأشده وأنفذه (الفولاذ).

(ذكر)

الصبحُ لابتدائه بها. ومن هذا الأصل أيضًا حِدّة الرائحة: "ذَكَاءُ الريح: شدّتُها من طِيبٍ أو نَتْن. ومِسْكٌ ذَكِىٌّ: ساطع الرائحة ". "والذَكاة والتَذْكية: الذبح "من هذا الأصل أيضًا إذ هي مخالطة الحيوان بِحَادّ يُذبَح به (إصابة) {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}. ومنه أيضًا: "الذَكَاء في الفهم: سُرْعة القِطنة ". إذ هو حِدَّة في الذهن يتمثل أثرها في سُرْعة الفهم ولمح الجوانب والبدائل. • (ذكر): {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4] "الذَكَر: خلاف الأنثى. والذكَر -محركة، والذكير من الحديد: أَيْبسُه وأشدُّه وأجوده. وبذلك سُمِّيَ السيف مُذَكَّرًا: أي شَفْرتُه حديدٌ ذَكَر. ويُذكّر به القَدُوم والفأسُ ونحوُه أعنى بالذَكَر من الحديد. والذُكْرة -بالضم: القطعة من الفولاذ تُزادُ في رَأْسِ الفَأْس وغبره، وقد ذَكَّرْتُ الفأسَ والسيفَ- ض. وذُكور البقل: ما خَشُن منه وغَلُظ وإلى الحرارة ما هو. ومَطَر ذكر -محركة: شديد وابل ". Qقوة الشيء وصلابة مادته بحيث ينفذ: كالحديد الفولاذ يُزاد في السيف وغيره لينفذ ولا ينثني، والذكر خلاف الأنثى أصْلب وأخشن منها {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} [آل عمران: 36] ومثناه ذَكران، وجمعه (ذكور) و (ذُكْران). {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} [الشورى: 49]، وقد قالوا "رَجُل ذَكَر أي قوقي شجاع أنِفٌ أَبِيّ. وقَوْلٌ ذَكَر: صُلب متين، وشِعْر ذَكَر: فحل، ويوم مُذَكّر -كمعظم إذا وُصِف بالشدة والصعوبة، وطريق مُذَكَّر: مَحُوفٌ صَعْب ". ومن ذلك: "الذِكْر -بالكسر: الصيت في الخَيْر (وهو به أنسب؛ لأن شهرة

اسم شخص أو عمله وجود قوي له، ونفاذ وانتشار أيضًا). وواضح أن أصل هذا هو الذكر باللسان أي جريانه بالاسم، وذكر الشيء بالصوت وجود قوي لى يتبعه وجوده في الأسماع والقلوب {سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ} [الأنبياء: 60]، {أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ} [الأنبياء: 36]، {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ} [الإسراء: 46]. وجاء بهذا الذكر اللساني جمهور ما في القرآن من التركيب، ومنه ذكر الله، وذكر اسم الله، وبه كل (ذُكِر) المبني للمفعول ومضارعه. وفعل الأمر مه أكثره لذكر اللسان وبعضه للذكر ضد النسيان، أو يصلح لهما معًا. ومن الذكر باللسان وأنه قوةُ وجودٍ وإعلانُ اسم يتأتى "الذِكْر: الشرف {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: 44]، {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4]. ومن ذلك "ذِكْر الحق -بالكسر: وهو الصَكُّ (لحفظ الحق فيه ثابتًا قويًّا لا يُجْحَد ولا ينسى). والذِكْر: الكتابُ الذي فيه تفصيل الدين ووضع الملل، وبه سميت كتب الله لخلقه {وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ} [آل عمران: 58] {أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعراف: 63]. ومنه الذِكر -بالكسر: الحفظ للشيء تَذْكره (بمعنى ضد النسيان، لأن ذكر الشيء يعني بقاءه قويًّا واضحًا في الذهن). وكثير من صيغ (التذكير) و (التذكّر) تصلح لما هو ضد النسيان ولمعنى الوعظ وهو منه، لأنه إذا تذكر قد يزدجر {فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282] {تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 201] وصلاح اللفظ في موضعه لمعنيين مطلوبين معًا هو أرفع بلاغة من جوازهما جوازًا، بدليًا. {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف: 45] (أصلها اذدكر)، {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55]. والاستذكار: الدراسة. للحفظ والذكر.

£°معنى الفصل المعجمي (ذك)

° معنى الفصل المعجمي (ذك): وجود نوع من الشدّة والحدّة -كحياة القلب حيوية أو نشاطًا -في (ذكك)، وكحدّة النار وشدّة نمام السنّ -في (ذكو)، وكالصلابة البالغة -في (ذكر). الذال واللام وما يثلثهما • (ذلل- ذلذل): {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ} [يونس: 26] "طريق مُذَلَّل -كمعظم: مَوْطوءٌ سهل. وذِلُّ الطريق -بالكسر: ما مُهِّدَ منه وذُلِّل. (وذَلَّ أعلَى الحَوْضِ من لِطامها) أي تَثلَّم وتهدَّم. وحائط ذليل: قصير. وبَيْت ذليل: قريبُ السَمْك من الأرض. ورُفح ذليل: تصير. وذُلِّل الكرمُ -ض للمفعول: دُلِّيَتْ عناقيده. وأسنّة ذُلُل -بضمتين: مُذَلَّلة بالإحداد أي أُدِقَّتْ وأُرِقَّتْ. وذَلاذِلُ القميص الطويل: ما يلي الأرض من أَسافله إذا ناسَ فأخلق، واحدها ذُلْذُل "-بالضم، والكسر، وكعُلَبِط. Qنقص ارتفاع الشيء (¬1) فيقرب ويتيسّر التعامل معه: كالطريق الموطوء أَذْهَبَتْ كثرةُ وطِئه، أي السير فيه، وُعُورَتَه (= نتوءات من صخر أو أحجار أو مَدَر جافّ أو رمل وعث)، وكجدار الحوض المتثلم. وكالحائط والبيت والرمح الموصوفة (الرمح يُحْمَل رأسيًا ويُقْصَد طولُه فيبدو القصير ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الذال عن نفاذ ثحين غض، واللام عن تعلق واستقلال، والفصل منهما يعبر عن انخفاض الشيء أو تدليه رخوًا متميزًا بذلك عما حوله كذلاذل القميص، وكالطريق المذلَّل بين ما حوله.

منخفضًا، وإحداد السِنان يكون بترقيقه فينقص سمكه، وكالذلاذل المخلَقة والعناقيد المتدلية. {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} [الإنسان: 14]: سُوِّيَتْ ودُلِّيَتْ -كقوله تعالى: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} [الحاقة: 23]، كلما أرادوا أن يقطِفُوا منها شيئًا ذُلَل ذلك لهم فدنا منهم- قعودًا أو قيامًا أو مضطجعين. اه ل. ومن هذا "دابة ذَلول: غيرُ صعبة {وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ} [يس: 72] (جعلناها أليفة يقرب تَطويعها وترويضها ليستعملوها وينتفعوا بها كما يشاءون)، {فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} [يس: 72]، {بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ} [البقرة: 71]- أي كا أن شأن الذلول المطوَّعة أن تفعل ذلك)، {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا} [الملك: 15]- (قابلة للتمهيد، وغنية التربة قابلة للاستغلال بالزراعة واستخراج كنوزها)، {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ}، {فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا} [النحل: 69]، (فالهواء الذي يغمرها يحمل المعالم التي تتيح التعرف على السبل من روائح وذبذبات ونحو ذلك). ومن معنويه "الذُل: الرفق والرحمة/ ضد الصعوبة "فهو أصلًا من نقص العلو -وله جانب نفسي فإن قُصِدَ بلا إلجاء قهري يُغجِز فهو خفض جناح ولين جانب "رفق ورحمهَ، وهو "ضد الصعوبة "حينئذ، ومنه في وصف المؤمنين مع إخوانهم {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} أي رحماء رفقاء على المؤمنين/ جانبهم لين لهم ليس أنهم أذِلّاءُ مهانون "، {أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة: 54] أي غلاظ شداد عليهم. ومع الوالدين {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء: 24]، فهو مقصود للرفق والرحمة كما قلنا. وإن كان عن عجز ووقوع تحت قهر لا

الذال والميم وما يثلثهما

فكاك منه فهو ذهاب الشموخ، وهو ضعف كذلك لأنه رخاوة ونسيب وعجز عن التماسك (التماسك يتأتى منه الارتفاع، والتسيب المادي يلزمه الانخفاض) و "ضده العزّ "حينئذ (يلحظ أن العز من التماسك كالأرض العَزَاز الشديدة) ومنه {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} [البقرة: 61]، {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ} [الشورى: 45]، فهو ذل انخفاض من تسيب الأثناء. وسائر ما في القرآن من التركيب فهو بهذا المعنى الأخير. الذال والميم وما يثلثهما • (ذمم- ذمذم): {لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ} [القلم: 49]. "بئر ذَمَّةٌ وذميمةٌ، وذميمٌ: قليلة الماء. أَذَمَّت ركابُ القوم: أعيت وتخلفت وتأخّرت عن جماعة الإبل، ولم تلحق بها. فَرَسٌ أذمّ: كالٌّ قد أعيا فوقف (رجل) به ذميمة أي عِلّةٌ من زمانة أو آفة تمنعه الخروج. رَجُل مُذِمٌّ: لا حَراك به. الذَمَم: سيء كالبثر الأسود أو الأحمر شبه ببيض النمل يعلو الوجوه والأنوف من حرّ أو جرب، وندًى يسقط على الشجر فيصيبه التراب فيصير كقطع الطين ". Qدقيق. (قليل أو لطيف أي غير مجسم أو حادّ) فى الباطن له أثر فى الظاهر (¬1): كالماء القليل في البثر الدَمّة، وإلطاقة الضعيفة للإبل ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الذال عن نفاذ ثخين غض، والميم عن تضام ظاهري والفصل منهما يعبر عن تضمن حاد في الباطن (الحدة من جنس الغلظة) يظهر منه أثر ضئيل كالدَّمَم، وسببه وسائر الاستعمالات المادية. وفي (ذأم) تعبر الهمزة عن ضغط يعبر التركيب معه =

(ذأم)

والفرس المعيية والرجل المُذِمّ، وكالحرّ أو الجرب (وهو حمىّ)، وأثرهما على الظاهر الذي هو الذَمَم الموصوف. أما الذَمَم: الندى الذي يصير طينا، و "ما يسيل على أفخاذ الإبل والغنم وضروعها من ألبانها "فهو مشبه بذلك البثر الأسود. ومن القلة "ذم المكانُ: أجدب وقل خيره ". ومن ذلك الأصل أُخِذت "الذمة -بالكسر: العهدُ والكفالة/ الحُرْمة (عقد وضمان في الضمير)، {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً} [التوبة: 10 وكذلك ما في 8]. ومن الأصل أيضًا "الذَمُّ -بالفتح: نقيض المدح/ اللَوْم في الإساءة " (أي الإساءة التي صدرت من المذموم) فهو من إلصاق ما يُكْرَه كالذَمَم، لما تربى من المذموم في نفس الذامّ نحوه {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا} [الإسراء: 22 وكذا ما في 18 وما في القدم 49]. ومن الذم نقيض المدح. "التذمُّم: الاستنكاف مما يجلب الذم "فهو من معالجة ذلك لتجنبه كالتحنُّث والتحرُّج والتمريض. • (ذأم): {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا ....} [الأعراف: 18] "ذَأَم الرجُلَ ذَأْما: أخزاه. ذَأَمه: عابه. ذَأَمه: حقره وعابه وقيل حقره وطرده ". Q. حَقْر الشيء (الحيّ) اي تصغير حجمه بنحو الضغط. كما في انقباض الخَزْيان باستشعار القماءة. والحَقْر أيضًا تصغير وتقليص بضغط ¬

_ = عن الحَقْر (الضغط في داخل الحيز الذي يؤخذ من تعبير الميم عن استواء الظاهر).

معنى الفصل المعجمي (ذم)

[ينظر ل حقر]، حيث استعمل الضغط في كلامه عن الحروف المحقورة]. وفي المقاييس: "أذأمه عَلَى كذا: أكرهه عليه "والإكراه ضَغْط ودَفْع. وقد فُسِّرت {مَذْءُومًا} في آية التركيب بالحَقْر، وبالطرْد. والحقر أولى لتعبير آية أخرى عن نفس المقام بالصغار {فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} [الأعراف: 13]، وقد فسر الراغب الذأم بالذّمّ. ° معنى الفصل المعجمي (ذم): دقة ما في الباطن قلةً كالبئر الذمة أو ضَعفًا كضعف الركاب المُذِقة أو لطفًا كالذمة: العهد -في (ذمم)، وكلما في ضَعْف قَدْر المذءوم وقيمته في النفس -في (ذأم). الذال والنون وما يثلثهما • (ذنن): "الذَنِين: المُخاط الرقيق الذي يسيل من الأَنف. والذُنَانَى كحُبَارَى: شِيْه المُخاط يقع من أُنوفِ الإبل. والذَنَن -محركة: سَيَلان العين. والذنَّاء -كصمَّاء: المرأة لا ينقطع حيضها ". Qنفاذُ سائل أو نحوه من باطن أو أثناءٍ بامتداد مع غلظ (¬1): كالمُخاط من الأنف، والدموع المتوالية السيلان من العين مرَضًا (وهذا ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الذال عن نفاذ ثخين رطب او غضّ، والنون عن الامتداد اللطيف في الباطن أو منه، ويعبر الفصل منهما عن نفاذ بغلظ (: كثافة أو كراهة) من الباطن كالذنين، وفي (أذن) تسبق الهمزة بالدفع فيعبر التركيب عن قوة النفاد تلك كما تتمثل في ئقب الأذن نفسه أو نفاذ الأصوات منه وفي (ذنب) تعبر الباء عن الالتصاق بتجمع=

(أذن)

هو غلظها)، وكذلك الحيض الذي لا ينقطع. • (أذن): {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور: 36] "الأُذُن -كقُفْل وعُنُق: التي يُسمع بها. والأَذَنة -محركة: خوصة الثُمام يقال أذّن الثمام -ض: خرجت أَذَنته ". (الثمام نبت ضعيف له خوص أو شبيه بالخوص (= أوراق دقيقة مستطيلة)، وهو أنواع بعضها تُحشى به بَراذِعُ الحُمُر ونحوها وبعضها تتخذ منه المكانس). Qمرور لطيف من منفذ خلال أثناءٍ مرورًا له أثر قوي -كمرور الأصوات خلال الأذن فيُسمع الصوت ويتأدّى منه معنى ما يُسمع، ومرور خوصة الثمام منه. وعُمِّم في المرور فقالوا الكل جابه جَوْزَة ثم يؤَذّن "أي يُمَرَّر أي يؤمر بالرحيل. فمن الأذن الجارحة {وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ} [المائدة: 4]، وكل ما في القرآن من (أُذُن) بضمتين، ومثناها، وجمعها (آذان) فهو من الأذن الجارحة هذه. وقالوا رجل أُذُن: مستمع لكل ما يقال له، قابل له {وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ} [التوبة: 61]، يصدّق ما ينزله عليه عز وجل. ومن ذلك "أذِن له (فرح): استمع مُعْجَبًا (قبول، بأثر صيغة فَعِل ولذا قيل: أَذِن لرائحة الطعام: اشتهاه، وطعام لا أَذَنَة له؛ لا شهوة لريحه) وبه {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا ¬

_ = ما. فيعبر التركيب عن التصاق ذلك الغليظ النافذ بالشيء كالذنب بجسم الدابة ممتدًا من مؤخرها.

وَحُقَّتْ} [الانشقاق: 2، 5] المراد استمعت استماع المطيع [ينظر بحر 8/ 438] وأضيفُ: المرحِّب. ومن هذا جاء الإِذن -بالكسر- بمعنى الإباحة أو القَبُول والتمكين، "مع العلم بقدر ما مُكن فيه " [بحر 3/ 295] وبه جاء كل (أَذِنَ) ومضارعها وأمرها (عدا آيتي الانشقاق وآية البقرة 279)، وكل (استأذن) ومضارعها، وكل (إِذن). "استأذن فلانًا في أمر كذا فأَذِنَ له فيه أي أباحه "، {فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ} [النور: 62]، {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 102]، بتمكينه إياهم وتيسيره وعدم منعه إياهم. ولما لَمْ يَحُل فيما بينه وبينهم وظلوا يفعلونه كان كأنه أباحه مجازًا {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور: 36]، أي أمر أن ترفع. ومن نفاذ الأصوات إلى الذهن من خلال الأُذُن عبر بالتركيب عن العلم بأمر، لأن الأصل فيه وصول الخبر به إلى الذهن: "أذِن بالشيء (فرح)، وإذْنًا بالكسر وكسحابة: عَلِمَ {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279] أي كونوا على علم. وآذَنه بالأمر إيذانًا وإذنًا -بالكسر: اعلَمه. {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنبياء: 109]. وكذا ما في [فصلت: 47]. وأذّن تأذينًا. أعلم، والأذان: الإعلام {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ} [التوبة: 3]، {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [الأعراف: 144] (أعلم بأن أعلنه بينهم) وتَأذَّنَ ليَفْعَلَنّ: أقسم (من عبارات القسم "عَلِمَ الله ") {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]: قضى وكل (أَذّن)، (تأذّن)، (مُؤَذّن)، (أذان) فهي من معنى الإعلام هذا.

(ذنب)

• (ذنب): {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} [غافر: 3] "ذَنبُ الفرس والعَيْر، وذُنَاباهما. وفرس ذَنُوب: وافر هُلْب الذنب. والمِذْنَب كمنجل: المَسيلُ في الحضيض إذا لم يكن واسعًا. وذُنَابة الوادي -كرخامة ورسالة وذَنَبه: مِذْنَبُه ". Qامتدادٌ مع دقة إلى الخلف وإلى أسفل: كذَنَب الفرس والعَيْر يمتد من آخر ظهره وثيقَ الاتصال به وهو جسم طويل مستدِقٌّ متدلٍّ، وكالمِذْنب المَسِيل، وذُنابة الوادي، كلاهما يمتد مستدقًّا منحدرًا، ويتصل بالماء أصلًا أو دائمًا. ومن ماديّه: "المِذْنبة -بالكسر: المِعْرفة (دقيقة طويلة تنال ما في (أسفل) القِدْر)، وذِنَابة الطريق -كرسالة: وَجْهُه (ممتد متميز بين ما حوله من الأرض. به يوصل إلى الغاية)، والذَنُوبُ: لحم المتن (المتن هو اللحم الناتئ دقيقًا ممتدًّا في وسط الظهر من أعلاه إلى أسفله، وهما متنان بينهما سلسلة فقار الظهر)، والدَلو (العظيمة) التي فيها ماء يملؤها أو أقل من ملئها ". (ثقيلة تجذب إلى أسفل). ومن أخذ الماء بالذَنوب (= الدلو الموصوفة) عُبّر بهذا اللفظ عن الحظ، أي النصيب من الشيء، {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ} [الذاريات: 59]: أي حظًّا (عظيمًا) من العذاب، كما نزل بالذين من قبلهم. ومن كون ذَنب الدابة خَلْفها، أو من مجاز إصابة الذَنَب، قالوا: "ذَنبَ الإبلَ واستذْنَبَها: اتَّبَعها. وأذنابُ الناس: أَتْباعهم وسَفِلتهم دون الرؤساء ". (وللتركيب تصرفات جدُّ كثيرة، لكن كلها مبنية على معنى الذَنَب واضحة العلاقة به).

معنى الفصل المعجمي (ذن)

أما "الذَنْب -بالفتح: الإِثم والجُرْم والمعصية "فهو يؤخذ من دلالة التركيب على التأخر والتخلف وهبوط الرتبة (السفول) -كما في موقع الذيل، كما سُمِّي إثمًا، وكما سُمِّيت الجريمة جريرة [ينظر (أثم)، (جرر)]. وقد أَذْنَبَ الرجلُ. {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} [الشعراء: 14] وهو قَتْلُه الرجل. {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} [غافر: 3]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو (ذَنْب) وجمعه (ذنوب) ثم (ذَنوب). وقد ذكرناه. {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [غافر 55]، {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح 2] ذنوبه - صلى الله عليه وسلم - هي الكمالات التي يترقى منها إلى كمالات أعلى. فتسميتها ذنوبا إنما هي بالنسبة لمقامه لا أنها كذنوبنا، أي من باب: حسنات الأبرار سيئات المقربين [ينظر المحرر الوجيز في تفسير {وَتُبْ عَلَيْنَا} البقرة 128، قر 1/ 308 - 309، 2/ 130، 15/ 324، بحر 1/ 313 - 314، 7/ 451] (ذكر الله مع غياب القلب هو منّا حسنةٌ ما، ومنه - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز). ° معنى الفصل المعجمي (ذن): الامتداد من الأثناء أو فيها -كما يتمثل ذلك في امتداد الذنين (المخاط) من الأنف في (ذنن)، وفي مرور الأصوات في ثقب الأذن وامتداد خوصة الثُمام في (أذن)، وفي امتداد جِرْم الذنَب من مؤخر الدابة مستدِقًّا في (ذنب). الذال والهاء وما يثلثهما • (ذهه): "الذَهّ -بالفتح: ذكاء القلب وشدة الفطنة " [ق]. ليس في التركيب استعمالات حسية، ويمكن أن نأخذ مما ذُكر المعنى التالي:

(ذهب)

Qالفطنة وحدّة الذهن والثقوب في لمح ما هو خَفِيّ غير منظور (¬1)، لأن الذكاء حِدّة والفطنة لمح فيؤخذ منهما ذلك النوع من النفاذ. • (ذهب): {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر: 34] "الذَهَب: معروف/ التِبْرُ. والقطعة منه ذَهَبة. ويقال: ذَهَب الرجل في القوم، والماءُ في اللبن: ضَلّ، وذَهَبَ من داره إلى المسجد [الأساس]، وذَهَب الأَثَر: زَال وامَّحى ". Qانتقال الشيء أو خلو حيزه منه (إلى حيز آخر) -كخلو حيزّ الرجل والماء منهما بانتقالهما إلى ما غابا فيه، والبر يُحوّل من هيئته إلى سبائك وحُلِيّ. وقد يكون سمي كذلك لذهابه في الأرض، أي غيابه فيها قبل التقاطه، أو لذهابه بين الناس أي جريانه بينهم لقبولهم إياه، أو لذهابه في الحجَر امتدادًا: "السام: عروق الذهب والفضة في الحجر " [انظر سوم، سيب، والخصائص 2/ 123 - 124] وامّحاء الأثر خلوٌّ لحيزه منه: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} [الحج: 23]. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الذال لنفاذ ثخين رطب، والهاء للفراغ وما إليه، والفصل منهما يعبر عن نفاذ بحدة عبر الفراغ (الحدة تؤخذ من الثخانة لأنها غلظ)، كما في الفطنة التي هي لمح الخفى الذي يشبه الفراغ. وفي (ذهب) تعبر الباء عن تجمع رخو مع تلاصق ما، ويعبر التركيب معها عن انتقال يخلو به حيز الشيء منه ويمسكه حيز آخر أي يلصق هو فيه ويغيب كما في الذهاب والذهب حسب ما شرحنا وجه تسميته، وفي (ذهل) تعبر اللام عن الاستقلال، ويعبر التركيب عن استقلال الذاهل عن الأشياء أي غيابه عنها أو غيابها عنه: لا يلحظها.

(ذهل)

وقد ذكر (الذهب) ثماني مرات. وقد اشتقوا الكثير من (ذهب) الحِلْية هذا. ومن الأصل "الذِهْبة -بالكسر: المطْرة " (فتفسيرهم إياها باسم المرّة (مَطْرة) يعني أنها مَطْرة منقطعة ليست ديمة، وانقطاعها خلُوّ، والذهَب مكيال يَمَنِىٌّ للبر والشعير " (ينقل به الحب المكيل شيئًا بعد شيء من حوزة إلى غيرها). ومنه الذَهاب الانتقال من مكان إلى آخر {إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا} [يوسف: 17] ومن مجازه {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} [فاطر: 8]. ومن الذَهاب -وهو سير واتجاه وتحيز في مكان آخر- أُخِذ "المذْهب: المُعْتَقَد الذي يُذْهَب إليه " (أي الاتجاه أو الموقف أو وجهة النظر المستقَر عليها في مجالٍ ما) "والمُذْهِب -كمحسن: الوسوسة في الماء وكثرة استعماله في الوضوء "الذهاب ما سبق غسله أي نسيانه). ومن ذلك "ذهب بكذا: صاحبه في الذهاب {إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} [المؤمنون: 91] أي لانفرد كل إله بخَلْقه الذي خلق واستبدّ به، وتميز مُلك كل واحد عن ملك الآخر. [بحر 6/ 386]، وذهب به: أزاله {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17]. وأذهب الشيء: أزاله [متن اللغة] {أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر: 34] وسائر ما فى القرآن من (ذهب)، (ذهب ب)، (أذهب)، ومضارعاتها، واسم الفاعل منها -فهي بمعانيها هذه (الانتقال والزوال أو الإزالة). • (ذهل): {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} [الحج: 2] "ذَهِلَ عن الشيء -بكسر الهاء وفتحها، ويُعَدَّى بهما: تركه على عمد أو غَفَل عنه أو شَغَله عنه شُغل ".

معنى الفصل المعجمي (ذه)

Qنوع من الطفر والتخطَّي جملة: كما يَطْفِر الذاهل الأشياء لا يتنبه إليها وهي أمامه {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} وقد قالوا: الذُهلول من الخيل: الجواد الدقيق [وفي تاج: الرقيق بالراء]، ولم يزيدوا فإذا كان جوادًا فالطفر الحسيّ أبرز عمله. ° معنى الفصل المعجمي (ذه): النفاذ في فراغ كما يتمثل في الفطنة إلى الخفي الذي يشبه الفراغ أو العدم -في (ذهه)، وفي الحَيز بعد ذهاب الشيء منه -في (ذهب)، وكما في خفاء الشيء عن اللاحظ فلا يلحظه -في (ذهل).

باب الراء

باب الراء التراكيب الرائية • (ورى): {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا} [العاديات: 2] "الزَنْد الوَارِى: الذي تَخْرُج نارُه سريعًا. وقد وَرِىَ (كوَلِيَ وقَضَى وسَعَى): اتّقَدَ/ خَرَجَتْ نارُه. والرِيَة -كعِدَة: ما أَوْرَيْتَ به النار من خِرْقَةٍ أو قُطْنة. والوَرْى -بالفتح وبالتحريك: قَيْحٌ يكون في جَوْفٍ/ قُرْحٌ شَدِيد يَقاء منه القَيْح والدم. وفي الحديث "لأَنْ يمتِلئ جوفُ أحدِكم قَيْحًا حتى يَرِيه خير له من أن يمتلئ شِعْرًا ". والوَارِى: الشحْمُ السمين. وقد وَرَت الإبل وَرْيًا -بالفتح: سَمِنت فكثُر شَحْمُها ونِقْيُها. ووَرِىَ المخّ: اكتنز ". Qاحتواء جوف الشيء على رقيق له حِدّة يَخْرج أو يَبْرز. كالزَنْد الواري (الزند أداة الحصول على النار قديمًا. وكان يتكوّن من عودين من شجر معين يُحَكّ أحدهما بجوف الآخر فتتولد النار) فالوارى تخرج ناره سريعًا فكأنه يختزن تلك النار التي هي أحدّ الحوادّ ولهبُها هُلامي، وكالقَيح يتربَّى في القُرْح وهو من فساد الدم، والفساد حِدّة، وماذة القيح حادّة تخرج، وكالشحم والسِمَن في البدن -وهو حادّ لأنه مصدر الحرارة والقوة [ينظر ل طرق]- يمتدّ بينَ اللحم وَيظهَرُ على البدَن بَضَاضةً وبَريقًا في مَرْأى العين. ومنه "مِسْك وارٍ: رفيع جيد [ق] (تسطع منه الرائحة وهذا نفاذ بحدّة وهي لطيفة) والتَريّة. كتَحِيّة:

ما تراه الحائض (علامة لانقطاع الحيض. وهو سائل قليل بيْن الصُفرة والكُدْرَة كأنه كان مُخْتزنًا وحدته أنه علامة. ويتأتى أن تكون هذه الكلمة من رأى). فمن وَرْى الزند {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ} [الواقعة: 17]، {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا} [العاديات: 2]، هي الخيل تُورِي النار بأن تصدم الحجارة والحصى بحوافرها صَدْما قويا حين جريها فتخرج النار [ينظر قر 20/ 156 - 157]. ومن معنى الخروج من الجوف: "الوَرَى -محركة: الخَلْقُ (: المخلوقون- سُلالاتٌ كانت مختزنة في الأصلاب- يتناسلون كُلٌّ من صُلْب آخر)، وعلى هذا قالوا الوَراء -كسَمَاء: وَلَدُ الوَلَد. وبه يفسر {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: 71]، أي من ولد إسحاق يعقوب. ومن كون الشيء في الجوف -أي مستترًا فيه-كما يؤخذ من الأصل- حمل التركيب معنى الاستتار: "وَرى الي "ووَارَاه: أخفاه وتوارَى: استَتَر "، "ووراء "بمعنى "خَلْف "من ذلك، لاستتار ما هو خلف شيءٍ أو خَلْفَ الرائي. ومن معْنى الاستتار {وُورِيَ} [الأعراف 20]، {تَوَارَتْ} [ص 32]، {فَأُوَارِيَ} {يُوَارِي} [المائدة 31]، {يَتَوَارَى} [النحل 59]. كل في آيتها، وبمعنى (خلف) كل (وراء) عدا ما في [النساء 24، والمؤمنون 7، المعارج 31] فهي فيهن بمعنى (غير) وما في [البقرة 91، هود 71، الكهف 79] فهن بمعنى (بعد). أما في [البقرة 101، آل عمران 187، هود: 92] فهي كناية عن الإعراض. وأساس استعمالها بمعنى (بعد) و (غير) أنه إذا كان المقصود على مسافة مكانية أو زمانية تقع أو تأتي بعد الموقع أو الآن الحالي بحيث لا يُعايَنُ فإنه يكون مستترا غائبا ومن هذا الاستتار يكون مثل الذي هو خلف شيء، ويكون مغايرا، لأنه ليس هو. وبمجمل هذا قال

(رأى)

المفسرون. {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ} [المؤمنون: 7، المعارج: 31]، فسرت {وَرَاءَ ذَلِكُمْ/ ذَلِكَ} بـ (بعد/ سوى/ خلاف) [بحر 3/ 223، 224، 267]. {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ} [الكهف: 79] [في قر 110/ 34] أن وراءهم على بابه، وذلك أن هذه الألفاظَ إنما تجيء مُرَاعًى بها الزمانُ، فالحدَثُ المقدَّم الموجود هو الأمام، والذي يأتي بعده هو الوراء. فهؤلاء وعملُهم وسعيُهم يأتي بعده في الزمان غَصْب هذا الملك اه. وقد أسلفنا خلاصته. أما الذين فسرو (وراءهم) بـ (قدامهم) فلم ينظروا إلى الاستتار، وإنما نظروا إلى تسلسل ما جرى لأصحاب السفينة وما هم مقبلون عليه. ومن الكنايات {وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} [البروج: 20] فالمحاط به كالمحصور، فهو سبحانه قادر على أن ينزل بهم ما أنزل بفرعون [ينظر قر 19/ 298]. أما لفظ "توراة "فقال الفراء [ل ورى 268]: إنها تَفْعِلَهٌ، كأنها أُخِذت من أوْريت الزِنَادَ على لغة طيئ الذين يقولون في التَوْصِيَة تَوْصَاة: وللجارية: جاراة اه. وعند النار كان بدءُ رسالة موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، وللاستضاءة والاهتداء بها {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} [المائدة: 44]، فكان أصلها من وَرْيِ الزند: خروجِ النار منه. • (رأى): {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18] "الرؤية بالعين. الرؤيةُ: النظرُ بالعين والقلب. ولهذا البعير رَأْسٌ مُرْأًى -اسم مفعول من أَرْأَى: طويلُ الخَطْم فيه شَبِيه بالتصويب/ مُنْتَكِبٌ خَطْمُه على حَلْقِه/ كهيئة الإبريق " (الخَطْمُ من الطائر: منقاره، ومن كل دابة: مُقَدَّم أنفها وفمها).

Qلُحظ العينِ الشيءَ حال اتجاهها إليه -كالرؤية وهي انتقال صورة المَرئى من خلال عين الرائي- حين اتجاهها إليه إلى قلبه أو ذهنه، وكما في انْثناء خطم البعير متجهًا إلى بدنه. ومن الرؤية بالعين أخذت الرُّؤْية العِلْمية (اعتقاد في القلب) والرَأْى (وجهةٌ فِكرية تكونت في القلب عن أمرٍ ما)، والرُؤْيا المنامية (صورة تظهر للقلب منامًا) وأصلها صور لطيفة تنفذ إلى القلب أو تتكون فيه. {فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي} [الأنعام: 77]، {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ} [الشعراء: 61]، رأى كل منهما الآخر (كلتاهما بصرية). وبالرؤية البصرية جاء جمهور ما في القرآن من التركيب. ويحمل عليها مثل {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [الفرقان: 12] (الرائي هو النار). {يُرَاءُونَ النَّاسَ} [النساء: 142]، {كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} [البقرة: 264]: وهو مراءاته إياهم بعمله، وذلك أن ينفق ماله في ما يَرَى الناسُ في الظاهر أنه يريد الله تعالى ذِكْرُه فيَحْمَدونه عليه، وهو (في الحقيقة) غيرُ مريدٍ به اللهَ ولا طالبٍ منه الثواب .. [طب/ 5/ 521]. "وأَرْأَت الحاملُ من غير الحافر والسَبُع: رُئِى في ضَرْعها (أَثَرُ) الحَمْلِ واستبانَ وعَظُم ضرعها " (أي أنه من رؤية العين)، وكذا تراءى النخل: ظهرت ألوان بُسره. والرِئى -بالكسر: ما يقع عليه النظرُ من الشيء ويُرَى منه {هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا} [مريم: 74] أي أحسن منظرًا بالهيئة والملابس. والروَاء -كغراب: حُسْن المَنْظَر. والرَئىّ -كغَنِىّ: الجِنِّيّ يراه الإنسان "أي هو مَرْئِىٌّ له وحدَه دُونَ سائر الناس. {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} [فاطر: 8]، {فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} [الصافات: 102]. (كلتاهما قلبية) ومثلها {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ

ضَلُّوا} [الأعراف: 147]، {إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 74] {وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} [هود: 29، الأحقاف: 23] وهكذا كل (رأى ومضارعها) حين تطلب مفعولين الثاني حُكْم. وسياقات البصرية والقلبية (العلمية) واضحة. ومن العِلْميه كلّ (أرأيت. أفرأيت. أرأيتم. أفرأيتم. أرأيتك. أرأيتكم) كلها من راى العِلْمية. و "أرَأيْتَك ": بمعنى أخْبرني -من رَأَى العِلْمية كأنما المقصود تأملْ وكوّن رأيك في الأمر المعروض وأَخْبرني ما رأيُك، أو ما الرأيُ والعمل. "ولا تلحق كاف الخطاب هذه إلا إذا كانت بمعنى أخبِرْني " [بحر 6/ 54] {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ} [الأنعام: 40]، {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ} [الأنعام: 46]. [وانظر قر 6/ 422، 3/ 230 وابن قتيبة في المشكل 381 وفي تفسير غريب القرآن 128 ل 12]. وخلاصة المعنى في الآية الأولى (والثانية على نمطها): أخبروني هل إذا وقع بكم عذاب الله أو وقعت الساعة هل تدْعون غيرَ الله أي تلك الأصنام التي تعبدونها؟ وهو سؤال مقصود به أن يَتَبَيَّنوا بأنفسهم زيف عقيدتهم، وأنهم لن يدْعوا الأصنام حينئذ {بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ} [الأنعام: 41] و [ينظر بحر 4/ 124]. وأما (ألم تر) فكل منها لَفْت إلى أمر للتعجب منه [ينظر بحر 2/ 258 ي فهي قريبة المعنى من (انظر كيف). * وأخيرًا فإن الرؤيا المنامية واضحة السياق {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: 4، وكذلك ما في 36، 43، 100 منها، والصافات 102، 105] أما {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60] فالمسألة خلافية. هناك مَنْ جَعَلها بشرى بدخول مكة فهي منامية

الراء والباء وما يثلثهما

{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} [الفتح: 27]، والفتة ما حدث من صلح الحديبية والعودة دون دخول مكة، ومَنْ جعلها للإسراء وهؤلاء فريقان: فريق عدّه رؤيا منامية، وفريق قال إنه رؤية عين، وعبر بـ (رؤيا) لأنها مصدر لـ (رأى) مثل (رؤية)، ولوقوع الإسراء ليلًا، وسرعة تَقَضِّيه كأنه منام. [ينظر بحر 6/ 52 - 53]. الراء والباء وما يثلثهما • (ربب- ربرب): {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ} [الفاتحة: 2] "الرُّبّ -بالضم: الطِلاء الخاثر (الطِلاء -ككتاب: هو الشراب الذي طُبِخَ حتى ذهب نصفه. فالرُبّ هو ما نسميه المُرَبَّى). الرُبّ: عصارة التمر المطبوخة ونحوُها من المربَّيات. ارتُبَّ العنبُ -للمفعول: طُبِخ حتى يكون رُبًّا يؤتدم به. رُبُّ السَمْنِ والزيت: ثُفْلُه الأسود. رَببْت الزِقَّ بالرُبّ والحُبَّ بالقِير والقَارِ: مَتَنْتُه دَهَنْتُه وأصلحته ". (الحُبّ هنا هو الزِير -وعاء الماء المعروف). Qاستغلاظ المائع ونحوه حتى يتماسك من أجل الإصلاح أو الانتفاع (¬1): كاستغلاظ رُبِّ العنب وعُصَارة التمر وصُلُوحهما ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الراء للدلالة على الاسترسال بالسيولة ونحوها، والباء تعبر عن التجمع والتلاصق الرخو، فيعبر الفصل منهما عن استغلاظ ما كان سائلًا وتماسكه كالرُّب (المربَّى). وثُفل السمن، وفي (ربو) أضاف الاشتمال الذي تعبر عنه الواو إلى معنى التجمع (= الاستغلاظ) أي زاده فعبر التركيب عن زيادة تتمثل في النمو مع التجمع=

للائتدام، وكتجمع ثُفْل السَمنِ والزيتِ في أسفلهما فيصلح الزيت والسمن بذلك، أي يخلصان من الشوائب. ورَبُّ الزقّ والحُبّ بالقار (وهو يشبه المربَّى في الرخاوة مع الغلظ والتماسك) يصلحهما بسدّ مسامهما. والاستعمال من باب الإصابة بالشيء كرَكَبْتُه: ضَرَبته بالرُكْبة). ومما تجمعت فيه ملاحظ الأصل "الرَبْرَب: القطيع من بقر الوحش (تجمع كالاستغلاظ وتماسك في صورة تحوّز أعني .. عدم انتشار وتبعثر) ومثله الربابة -ككتابة وهي سُلْفَةُ القداح (جُعبة كالكِنَانة). والمِرْباب من الأَرَضِين: التي كثر نبتها ونأمتها (تجمُّعٌ مع غِنًى بالخصوبة يجعلها تكثّر النبات وتقويه) والرُبَّى كالجُلّى: العُقدة. ومن معنوى هذا "الرِباب -ككتاب: العهد والميثاقه. (إمساك)، ¬

_ = كما في الرَبْوة والشيء الذي يربو أي ينمو ويزيد. أما في (روب - ريب) فإن ما تعبر عنه الواو من اشتمال والياء من تماسك جعل التجمع أقوي بشكل ما إذ صار خثورة وكثافة مع كونه تحولًا ذاتيًا بعد مُدّة كاللبن الراثب. وفي (أرب) سبقت الهمزة بمعنى الضغط فعبّر التركيب عن تعقد وشَدٍّ وتجمع لما هو متسيب واقعًا أو يسيب عادة كما في العُقدة والعضو المؤَرَّبَيْن. وفي (ربح) عبرت الحاء عن احتكاك بعرض وجفاف، وعبر التركيب عن نفاذ زيادة من الشيء بجهد كالرَبَح الفصيل وكالرِبْح في البيع. وفي (ربص) عبّرت الصاد عن غلظ زاد التجمع، فعبر التركيب عن جثوم أو ثبات للشيء كأنما لثقلَ كما في الاحتكار وحبس السلعة حتى الغلاء، وكما في التربص: الانتظار مع الترقب، وفي (ربط) عبرت الطاء عن غِلَظ من تجمع وامتداد، وعبر التركيب عن نحو شد الشيء لجمعه بعضه مع بعض كتلة متماسكة إلى غير أجل منظور. وفي (ربع) عبرت العين عن التحام مع رقة، وعبر التركيب عن التحام المتجمع مع تناسب أبعاده المرتفعة (وهذا التناسب هو الرقة) كالرجل الربعة والرمل الذي تراكم حتى ارتفع.

والرُبَّى: الحاجة " (يطلب الحصوله عليها أي ضمّها). ومن الإمساك والجمع في صورة إصلاح رعاية وإنماء: "رَبَّ الرجلُ ولدَه والصبيَّ (رد): ربّاه. والصبيُّ مربوب ورَبيب. والسحابُ يَرُبُّ المطر: يَجْمعه وُينَمّيه. والمطرُ يَرُبُّ الثَرَى والنباتَ ويُنَمّيه. والرَبُّ -بالفتح: المربِّى (فَعْل بمعنى فاعِل- ويشمل الإصلاح والرعاية)، والمالكُ، والسيدُ (ممسك بالشيء جامع له عنده كما يقال مَلِك من مَلْك الشيء: الإمساك به)، {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: 42]، كما يطلق على المدبِّر، والقيِّم، والمُنْعِم من معنى الجمع في صورة حَوْزٍ مع الإصلاح. ووصفه عز وجل بالرَبِّ يشملُ كل هذه المعاني، فهو المنشئ بدءًا والمربِّي، والمنعِمُ، والمالِك {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ} والجمهور الأعظم من التركيب في القرآن هو (ربّ) بهذا المعنى {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 164] وجمعه أرباب {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [يوسف: 39]، {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23]، (الخلاف في المراد .. أَهُو الله عز وجل -وهو الأليق به صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم، أم سيده الذي اشتراه، وهما من المِلْك أو السيادة وتبعاتهما؟ وليس الخلاف في المعنى. ورَبَبْتُ القومَ: سُسْتهم، (فهذان من السيادة الرياسة وهي إمساك). والربيبة: بنتُ امرأة الرجل من زوجها السابق (تلحق بأمها عند زوجها الجديد فيُرَبّيها)، {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] (فعيلة هنا بمعنى مفعولة). و"الربيب أيضًا: الرابُّ، والملِكُ، وبهاءة المربِّية " (بمعنى فاعله).

(ربو- ربى)

ومما برز فيه معنى التجمع (الاستغلاظ) "الرِبِّى -بالكسر والتضعيف: الجماعة الكثيرة منسوب إلى "الرِبَّة: الفِرقة من الناس عشرة آلاف أو نحوها، {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} [آل عمران: 146]. والرِبابة -كرسالة: جماعة السهام، وكسحابة: السحابة التي ركب بعضها بعضًا، والمِرَبّ: مجمع يجمع الناس، والربب -كسبب: الماء الكثير المجتمع ". أما كلمة "رباني "فهي منظور فيها لزيادة التصاق المتصف بها بالربّ سبحانه فنسب إليه كما في الحديث الشريف "أجعلك عبدًا ربانيًّا "وفي الوسيط أنه "الكامل في العلم والعمل "أي هي من معنى الجمع. {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} [آل عمران: 79]. ودعوى تعريبها عن العبرية تبدو غريبة في ضوء هذا التصرف الواسع للتركيب، وأصالة الشعب العربي قبل العبرانيين بآلاف السنين. • (ربو- ربى): {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 24] "الربْوة والرباوة -مثلثتين- والرابية والرَبَاة والرَبْو: كل ما ارتفع من الأرض. رَبَتْ الأرضُ: زادت واتتفخت ". Qنمو الشيء مستغلظًا مرتفعًا. كالرابية ورَبْو الأرض {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [الحج: 5، فصلت 39]، (انتفخت فارتفعت) {كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ} [البقرة: 265] ومثلها ما في [المؤمنون: 50] {فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا} [الرعد: 17] طالعا عاليا مرتفعًا فوق الماء {فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً} [الحاقة: 10] نامية شديدة يريد أنها زادت على

(روب)

غيرها من الأَخَذات وهي الغزق وقلب المدائن [بحر 8/ 316]، ومنه "ربَّى الصبيَّ: غَذَاه ونشّأه (فنما وكبِرَ) كربَّةُ وربَّبَهُ {كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} ومثلها ما في [الشعراء: 18] والرَبْوَة: الجماعة الكثيرة نحو عشرة آلاف. (الكثرة زيادة تدخل في باب النمو). ومنه: "ربا المال: زادَ ". ومنه الربا المعروف؛ لأنه زيادة على رأس المال، ولكنها زيادة تمحق: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]. وقوله تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ} [الروم: 39]، أي ليزيد بما يؤخذ من أموالهم استغلالًا لحاجتهم {فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} [الروم: 39] أي فإنه لا يزيد على الحقيقة بل ينقص؛ لأن هذه الزيادة تمحقه كله. ومن الزيادة الزمنية: "أربى على الخمسين "أي زاد سِنُّه عليها. • (روب): "لبن رَوْب -بالفتح، ورائب: كَثُفَت دُوَايَتُه (وهي القِشرة التي تعلوه) وتكبَّد لَبَنُه وأَنَى مَخْضَه/ خاثِرٌ. ويقال قَطَّع اللحمَ رُوبة رُوبة -بالضم: أي قطعة قطعة) ". Qتخثر المائع ونحوه (تحولًا) للتجمع فِلَذًا رخوة: كاللبن الرائب، وقطع اللحم وهي رخوة. ومنه الروبة -بالضم والفتح: خميرة اللبن تُلْقَى فيه من الحامض ليروب (أي ليتخثر كان صيغتها بمعنى فاعل)، وجَمام ماء الفحل .. في رَحِم الناقة (يكثف ويتخثر). والتخثر كثافة وتماسك .. فمنه "الرُوبة -بالضم: مَكْرُمةٌ من الأرض كثيرة النبات والشجر هي أبقى الأرض كلأً (كثافة وامتساك)، وكَلُّوبٌ يُخْرَج به الصيد

(ريب)

من الجُحْر (إمساك ما يشبه المائع في كونه متسيبًا). "غلام ليس له رُوبة -بالضم أي عَقْل (لب يمسك المعلومات ويحصّلها معًا)، والطائفة من الليل (ظلام كثيف). وراب الرجل: أعيا وكسِل، وفَتَرَت نفسه من شِبَع أو نُعاس، واختُلِط عَقْلُه ورأيُه وأمْرُه، وتحَيّر ". (ثقل وكثافة). • (ريب): {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ} [النساء: 87] "مرّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وهم محرمون بظبي حاقف في ظل شجرة -وهو الذي نام وانحنى وتثنى في نومه- فقال: لا يريبه أحد بشيء أي لا يتعرض له ويزعجه ". "يُريبني ما يُريبها أي يسوءني ما يسوءها ويزعجني ما يزعجها ". Q[مع النظر إلى ما في روب أيضًا] هو أن ينزل بالقارّ الساكن ما يزعجه (= يثيره) ويسوءه: كحال الظبْي والأميرة الكريمة إذا أُريبا. ومنه: "الرَيْب والريبة: الشك والظِنّة والتُهمة "ينزل بالنفس الساكنة أمر غير متبين الوجه أو غير مبرَّر فيثيرها أحق هو أم باطل (= شك)، وما الخديعة أو الغاية (المكروهة) من ورائه (تهمة). كما يقال: اخْتَلَط عليه الأمر والتبس. {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2] (أي الشأن فيه كذلك، لما حوى من الإعجاز). وارتاب: شَكّ (بتهمة) ففي {إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت 48] صدر الآية يبين الشُبهة التي تسوّغ الارتياب لو كانت متحققة لأنها تُلبِس. ففي كل ارتياب شبهة حقيقية أو مفتعلة. وبهذا المعنى كل (ارتاب) ومضارعها، و (مرتاب)، {وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ} [التوبة: 45]. والشك المريب هو الذي تصحبه شبهة تزيد الإلباس: {وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} [هود 110] "وَريْب الدهر: صَرْفه (المقصود بذلك نوازله). {رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور 30] (نازلة الموت) كانوا يقولون هو - صلى الله عليه وسلم - شاعر سيموت كما مات غيره من الشعراء [ينظر بحر 8/ 148].

(أرب)

• (أرب): {وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} [طه: 18] "الأُربة -بالضم: العقدة التي لا تَنْحَلُّ حتى تُحَلَّ حَلًّا (أي حتى يُقْصَد ويُجْتَهَدَ في حَلّها لانها مُحْكَمة قوية). أرَب العقدة (ضرب): عَقَدها وشدّها. والإرب بالكسر: العُضْو الموفَّر الكامل الذي لم ينقُصْ منه شيء (أي من أعضاء الذيحة -فَخِذٌ او كَتِف إلخ)، أرّب العُضْوَ -ض: قَطَعَه مُوَفّرًا. يقال أعطاه عضوًا مُؤرّبًا -كمُعَظَّم: أي تامًّا لم يُكَسّر. والأربة -بالضم: أَخية الدابة " (: عروة مشدودة في حائط أو في عود مدفون في الرمل فتكون كالوتَدِ للدابة). Qجمع المتفرق (أو ما شأنه التفرق) أي ربطه معًا بضبط وإحكام -كربط العقدة من طَرَفَي الحبْلين، وكما تَشُدّ الأَخِيّة الدابة، وكتجمع العضو المنفصل من الذبيحة مُوَفَّرًا تامًّا لم ينقص منه شيء. ومن معنويه: "الإرْبُ -بالكسر والفتح، والأُِربة -بالكسر والضم: الدهَاء والبَصَر بالأمور وهو من العقل/ الدَهاءُ والمكرُ/ الدهاءُ والفِكرْ/ الفطنةُ. أرِبْتُ بفلان أي احْتَلْتُ عليه. أَرِبَ في ذلك الأمر -بكسر الراء فيهما: بلغَ فيه جُهده وطاقَتَه وفَطِنَ له، وقد أرُب -بضم الراء- في العقل أي صار ذا فِطنة. والأريب: العاقل " (هذا المعنى كله من لمح كل جوانب الأمر والفِطنة لها مع رَبْط بعضها ببعض فيُحسن الاستخلاصَ ويبنى عليه). ومن الربط والجمع: "الأُرَبى -بضم ففتح فقصر: الداهيةُ. والمُسْتَأرَب- بفتح الراء: الذي أحاط الدَيْنُ أو غيرُه من النوائب به (كأنه جمعه واجتاحه). ومن المفعولية (حسب الصيغة): "أَرِب الرجل (تعب): احتاجَ إلى الشيءِ

(ربح)

وطلبَه " (ارتبط به فَطَلبه -والحاجة والطلَب إرادة ضم وحوز). والإِربُ والإربة -بالكسر فيهما، أو كسبب، والمأرُبة -بضم الراء وفتحها: الحاجة والبُغْيَة {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} [النور: 31]، أي الحاجة إلى النساء {وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى}. أي في العصا. وفي [بحر 6/ 221] تفصيل لتلك المآرب بعضها يتأتى من العصا، وبعضها إعجازي يحتاج سندا. وهناك من معنى المفعولية "أرِب الرجل (تعب) قُطِع إرْبه/ تساقطت أعضاؤه " (كأنه إصابة). • (ربح): {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} [البقرة: 16] "الرَبَح -محركة: الفَصيل أو الفُصْلان الصِغار، والشَحْمُ. وأربحَ الناقةَ: حَلَبها غُدْوةً ونصفَ النهار ". Qزيادةٌ تتولد عن الشيء من جِنسه -بجُهْدٍ ما -كما لولد الفُصْلان من أمهاتها وهي تَزيد عَدَدَ الإبل، وكالشَحْم يتكون من أثناء اللحم ويربو به البدن ويزيد، وكحَلْب الناقة في نصف النهار، وهي حَلْبة زائدة، لأن الحلْب يكون في أول النهار وآخره، فالتي في نصف النهار ثالثة. وكل منها محصَّل بجُهد ما (الحمل والولادة، وزيادة الرَعْي، والحلب في نصف النهار إجهاد). ومن ذلك "الرُبَّاح -كرمان: القرد الذكر، والجَدْي " (لقوة الإلقاح فيُولِدان إناثَهما). ومن ذلك الأصل (الرِبْح -بالكسر وبالتحريك: اسم ما رَبِحْتَه في التجارة " (زيادة على رأس المال متولدة منه بجهد). ومنه {رَبِحَتْ} في آية الرأس.

(ربص)

• (ربص): {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} [التوبة: 52] "أقامت المرأة رُبْصَتَها -بالضم- في بيت زوجها: وهي الوقت الذي جُعِل لزوجها إذا عُنِّنَ عنها. َ وتَربَّصَ في المكان: لَبِث، وتربص بِسلْعته الغَلاء: أبقاها لوقته/ وتربَّصَ: احتكر ". Qجثوم أو ثباتٌ للشيء في مكانِه مع استغلاظ أو حدّة ما -كانتظار المرأة صلاح حال زوجها المعنَّن عنها، واللُبث في المكان، واختزان السلعة. ويتمثل الغلظ هنا في التحفُّزِ والترقُّب وهو تَوَتُّر. وفي الاحتكار مع ذلك قصد سوء. {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ}، {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]: التربص هو التوقف عن النكاح (التزوج) وحَبْسُ. النفس عنه. وزاد -تعليقًا على {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]- الاحتباسَ عن الطِيبِ. والزينة والنُقلة. ومن ذلك مع احتمال التخفف من قيد الترقب والتحفز (الحدّة): "تَرَبَّصَ عن الأمر: توقف، ورَبَصه أمر: (حبسه). وسائر ما جاء في القرآن من التركيب فهو بمعنى الثبات انتظارًا مع حدّة. • (ربط): {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا} [الكهف: 14] "الرِباط: ما تُشَدّ به القربةُ والدابةُ وغيرهما. والرَبيط: التمرُ اليابس يوضع في

(ربع)

جِراب ثم يُصَبّ عليه الماء. وترابط الماء في مكان كذا: لم يبرحه ولم يخرج منه. وماء مُتَرابط: دائم لا يُنْزَح: ورَبَط الدابة (نصر وضرب): شدّها ". Qشَدُّ الشيء أي تثبيته وإمساكه لا يتسيب أو يبرح: كالدابة والماء كلٍّ في مكانه، وكالتمر في الجراب. ومنه (الرِباط والمرابطة: ملازَمة الثغور بالخيل -أو بغيرها- لمواجهة العدو {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60]. ومن معنويه: "الرباط: المواظبة على الأمر. (الملازمة والاستمرار ثبات وارتباط)، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} [آل عمران: 200]، فُسِّرَت بلزوم الثغور وهذا أصله مادي من رباط الخيل، وبانتظار الصلاة بعد الصلاة بملازمة المسجد أو نحو ذلك وكلٌّ صالحٌ لغويًّا. [وانظر قر 4/ 323]. و "ربط الله على قلبه بالصبر: ألهمه الصبر وشدّه وقوّاه ثبَّتَه،، {وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} [الأنفال: 11]. ومنه ما في [الكهف: 14، القصص: 10]. • (ربع): {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} [فصلت: 10] "رجل رَبْع -بالفتح، ورَبْعَة -بالفتح والتحريك: مربوع الخلق لا بالطويل ولا بالقصير. الرَبْع -بالفتح: طرَف الجبل. والرَبْعة -بالفتح: بَيْضة السلاح الحديد. الربيع: النهر الصغير. استربع الرملُ: تراكم فارتقع. تَرَبَّع في جلوسه "تربعت الناقةُ سنامًا طويلًا: حَمَلته. الرَبْعة: المسافة بين الأثافِىّ التي يجتمع فيها الجمر. والربيعة: الحجَرُ الذي يشال ". Q(تجمع مع تحبس وتناسب أبعاد): التئامُ الشيء متجمعًا

متناسب الأبعاد مع عدم انتشار انتقالًا او امتدادًا وطولا. كالرجُل الربْعة، وبيضة السلاح (تكون مُكَعَّبة على قدر الرأس) والنهر الصغير (يتجمع فيه الماء دون أن يمتد بعيدًا كسائر الأنهار)، وكالرمل المُستَرْبع. والمتربِّعُ في جلوسه يجمع رجليه لا يمدهما. وكالسَنام الطويل (كتلة متراكمة). والمسافة بين الأثافي يتجمع فيها الرماد فيرتفع ولا ينتشر، وطرَف الجبل جزء فه محدود الارتفاع والاتساع أي غير منتشر. والحجر المذكور لا يكون إلا كتلة مرتفعة مكعبة أو قريبة من هذا. ومن التجمع بالتئام في المعنى العام: "المرابيع من الخيل: المجتمحه الخَلْق، وارتبَعَت الناقة: استغْلَقَتْ رحمُها فلم تَقْبل الماء (كثافة مع التئام)، والرَبْعة -بالفتح: جُؤْنَة العطار. والرَبيعَةُ: العتيدَةُ، والروضةُ، والمزادةُ. رجل مُرَبَّع الحاجبين: كثيرُ شعرِهما كأن له أربعَ حواجب " (كل منها مع عدم انتشار) والرَبَاع -كسحاب- وَصْفًا للغنم في سنتها الرابعة، وللبقر والحافر في سنتها الخامسة، وللخف في السابعة= هو مِنْ تجمع أبدانها مُرَبَّعة حينذاك. ومن الإقامهَ أو الوقوف والتحبس (وهو صورة من التجمع بمعنى عدم الانتشار انتقالًا في المعنى العام) (ربَع بالمكان: اطمأن/ أهامَ. الرَبْع: المنزلُ ودار الإقامة/ الدارُ بعينها، الوطنُ ما كان وبأيّ مكان كان ". ومن هذا (الرَبْعُ: أهلُ المنزل "ثم قيل: "الرَبْع: جَمَاعة الناس ". ومن الإقامة كذلك "تربَّعت الإبل بمكان كذا وكذا أي أقَامت به (وقيل في أصل هذا إنه الإقامة في الربيع). غَيْث مُرْبع: عامٌّ مُغْنٍ عن الارتياد والنُجْعة (يجعلهم يبقَون متجمعين). أخذَ الفصيلَ رَوْبعٌ أو رَوْبَعة: أي سُقوطٌ من مرض أو غيره ". وقالوا: "رَبَع عليه: وقَفَ وتَحبَّسَ/ رَفَقَ/ عَطَفَ، وعنه: كَفَّ. ارْبَع على نفسك أي كُفَّ وارفُقْ ". و "اربَعْ

عليك واربَعْ على ظَلْعك كذلك معناه انتظر ". ولمَا سبقت حليمة السعدية رفيقاتِها حين عَوْدتها بأكرم رضيع كُنَّ يقلن لها "اربَعي عليا أي ارْفُقِى واقتَصِري ". (التوقف عن أمر ما والاقتصاد فيه يجعله محدودًا أشبه بالقصير. أما المبالغة فهي زيادة وهي والاستمرار من جنس التطويل). وفصْل الربيع سمي كذلك لكثرة الكلأ الذي يغنيهم عن الارتحال لطلبه. وعندهم ربيعان "الثاني -عند العراقيين وهو موافق لربيع الفُرس وهو الشائع عند العرب -عدا أهل اليمن- هو الفصل الذي تأتي فيه الكمأة والنَور وهو ربيع الكلأ (يبدأ في شهر مارس)، والفصل الذي يليه تدرك فيه الثمار وهو الصيف عندهم. وربيع اليمن (الأول) يبدأ في 3 من سبتمبر "وهو الخريف عند العراق ويُعد الربيعَ الأول، وبعده الشتاء. و "ربما سمي الكلأ والغيث ربيعًا "وقد حُمِل على هذا الربيع استعمالات كثيرة "الربيع: المطر الذي يكون في الربيع. والرُبَع -كعمر: ما وُلد من الإبل في الربيع إلخ ". و"الأرْبعة "العدد أخذت من التجمع مع تناسب الأبعاد (كالذي نسميه اليوم المكعب) فنُظِر إلى أن للشيء أربعة جوانب من أعلاه. جاء في [ل زوى] "كل شيء تامٍّ فهو مُرَبَّع كالبيت، والأرض، والدار، والبساط له حدود أربعة، فإذا نَقَص منها واحد فهو أزْوَرُ مُزَوَّى " (ويلحظ التسوية بين المكعب كالبيت والمسطح المتساوي الأضلاع كالأرض والبساط) وجاء في (لبن) "لبّن الشيء: ربّعه. واللبِنَةُ التي يُبنَى بها، وهو المضروب من الطين مُرَبَّعًا " (وهذا سمي مُرَبَّعا وهو ما نسميه اليوم مكعبًا). وقد أُخِذَت من الأربعة استعمالات كثيرة. ويمكن أن يكون من هذا قولهم "أرباع الرأس: نواحيه ".

معنى الفصل المعجمي (رب)

وقولهم "ربع الحجرَ: شاله ورفَعه "هو من "الربيعة الحجَر "وهو مكعب من باب الإصابة (التعامل) أو من الارتفاع المأخوذ من التجمع مع الالتئام الذي تلزمه الكثافة والارتفاع. وأخِذَ من هذا "المِرْبعة -بالكسر: الخشبة التي يستعين بها المشاركون في رفع الشيء. "والمُسْتَربع: المُطِيقُ للشيء. وفلان يَرْتَبع أمر القوم: ينتظر أن يُؤَمَّر عليهم ". ويجوز أن يكون هذا من الانتظار أي الإقامة. وكل ما جاء في القرآن من التركيب هو من العدد أربعة وما أُخِذ منه (أربعة، أربع، رُباع، أربعون، رابع، رُبْع). أما "اليربوع ": دويبة فوق الجرذ الذكر "فتسميته مأخوذة من كون بَدَنه مربعًا (مكعبًا) حسب هذا الوصف. ° معنى الفصل المعجمي (رب): الاستغلاظ وما إليه من تماسك وتجمع كما يتمثل في استغلاظ الرُب وتماسكه -في (ريب)، وفي تجمع الربوة ونمو من يُرَبَّى -في (ربو)، وفي تخثر اللبن -في (روب)، وفي التباس الأمر وتداخله -في (ريب) (هل نظر العرب في لفظ الرب ومعناه إلى روب؟ مسألة تبحث في علم متن اللغة) وفي عقد طرفي الحبلين في الأُرْبة وتجمع العضو موفرًا -في (أرب)، وفي الأصل الذي تخرج منه الزيادة -في (ربح)، وفي الجثوم ولزوم المكان -في (ربص) وفي تجمع ما يربط كجراب التمر وتجمع الماء -في (ربط)، وفي تجمع جسم الرجل الرَبْعة، والرَبْع طرف الجبل -في (ربع). الراء والتاء وما يثلثهما • (رتت- رترت): "الأرتُّ الذي في لسانه عُقْدة وحُبْسة وَيَعْجَل في كلامه فلا يطاوعه لسانهُ. الرُتة -بالضم: كالريح تمنعُ من الكلأ في أوله فإذا جاءَ منه اتّصل به. رَتْرَتَ

(رتع)

الرجل: تعتع في التاء وغيرها ". Qتحبسٌ بسبب امتساكٍ دقيق وتعوّق الانطلاق (¬1) كتحبُّس اللسان والكلام عند الأرتّ ونحوه. ومن معنى الامتساك قالوا "الرتُّ -بالفتح: الرئيسُ من الرجال في الشرف والعطاء (التماسك يؤدي إلى التجمع وعظم الجرم، ومنه عِظَم القَدْر. ثم إن معاني السيادة والرئاسة تأتي مما يعبر عن الامتساك مثل (مَلِك، رَبّ، حاكم). • (رتع): {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [يوسف: 12] "أَرْتعَتْ الأرضُ: كَثُر كَلَؤُها. والقومُ: وَقَعُوا في خِصْب ورَعَوْا. والرَتّاع كشداد: الذي يَتَتّبع بإبله المَرَاتع المُخْصِبَة. والرَتْع: الأَكْل والشُرْب رَغَدًا في الريف/ الرَعْى في الخِصْب/ الأكلُ بشَرَه ". Qالإقامة على مرعى خَصْب كثير الكلأَ. {أَرْسِلْهُ مَعَنَا ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الراء تعبر عن الاسترسال، والتاء تعبر عن تماسك دقيق، والفصل منهما يعبر عن تحبس (تماسك) ما شأنه التسيب والاسترسال -كما في لسان الأرتّ وكلامه -وفي (رتع) تعبر العين عن التحام مع رقة، فيعبر التركيب عن تحبس على رخاوة كما في كثافة المرعى وتحبسُّ الراتع على المرعَى الكثيف الرِّعْى. وفي (رتق) تعبر القاف عن غلظ وتعقد في عمق الشيء أي باطنه، ويعبر التركيب عن التحام باطن الشيء غير المعتاد التحامه -كما في الرَّتْقَاء والرَّتَق الذي بين الأصابع. وفي (رتل) تعبر اللام عن التعلق والاستقلال، ويعبر التركيب معها عن انتظام توالي الأجزاء مستقلة مع فراغات بنيها كما في أسنان الثغر الرتِل.

(رتق)

غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} قرئت على أنه مضارع رَتَع، وأَرْتَع، ارْتَعَى والضمير للمفرد الغائب: (يوسف عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام) وللمتكلمين [قر 9/ 138] ويلحظ أن (ارتعى) أصولها (رعى). أما على أنها مضارع (رَتَع) فالمقصود: يشارك في جَعْل غَنَمهم أو إبلهم تَرْتع. وقد جاء [في شرح ديوان امرئ القيس بتحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم ص 196] أن أصل الرَتْع من الرَعْى (أصل المعنى) ثم كثر في كلامهم حتى صيّروه إلى اللهو واللعب. اهـ. وفيه مجال للنظر - ضمن علم (متن اللغة). • (رتق): {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} [الأنبياء: 30] "ناقة وامرأة رَتْقاء: مُلْتَصِقَةُ الموضع. والراتق: المُلتَئِمُ من السحاب. والرَتَق ج رتَقة -بالتحريك فيهما: خَلَل ما بين الأصابع (حيث تلتحم أوائلها كل بما يجاوره). والرَتْقُ: ضدُ الفَتْق. رَتَقه (ضرب ونصر): ألحَمَ فَتْقه فارْتَتَق أي التأم). Qالتحام جوف الشيء الرطب أو الندِىّ. نحو اللحم كما هو واضح في ما سبق. والرَتْق -بالفتح: المرتوق. {كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} أي كانتا شيئًا واحدًا ملتزقتين ففصل الله بينهما بالهواء (وهذا يذكر بقوله عز وجل: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] أو فَتَق السماء بالمطر والأرضَ بالبات. واختار هذا [طب/ قر وانظر قر 11/ 283].

(رتل)

• (رتل): {... كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان: 32] "ثغر رَتَلِ -كسبب وفَرح: حَسَنُ التنضيد مُسْتَوِى النبات، وقيل مُفَلَّجٌ بينَ أسنانه فُرُوجٌ لا يَرْكَبُ بعضُها بعضًا [وبهذا فسره ابن قتيبة ص 262]. والرَتَل بياضُ الأسنان وكثرةُ مائها. (ولا تنافى بين الثلاثة والأخير قد يلزم ما قبله). Qانتظامُ أفراد النابت من شيء في تواليها (مع مسافات بينها) متساوية كالأسنان المفَلَّجَة. ومنه الرُتَيْلى مصغرة وتمد: ضرب من العناكب، (لعله لحظ في تسميتها انتساق خيوط بيتها الذي تنسجه وهو جدّ واضح فيه). ومن ذلك "رَتَّل لكلام -ض: أَحْسَنَ تأليفَه وأبانَه وتمهل فيه "بأن يُبين جميع الحروف ويوفيها حقها من الإشباع بلا عجلة فتتميز أصوات كل كلمة، وتتميز كل كلمة عن الأخرى. وقد وصفت السيدة أم سلمة قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "فإذا هي تَنْعَت قراءة مفسَّرَةَ حَرْفًا حَرْفًا " (النسائي وأبو داود والترمذي) [الوجيز في فضائل الكتاب العزيز للقرطبي 67] (حرفًا حرفًا أي كلمة كلمة). ومن صور هذا ما روى عن السيدة عائشة رضي الله عنها في وصف هيئة كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه "كان يُحَدِّثُ حديثًا لو عدّه العادّ لأحصاه " [الجامع الصغير] فهذا في وصف حديثه المعتاد. ومنه نستطيع أن نقدّر كيفية ترتيله القرآن {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل 4]. فكان - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} يمد " {بِسْمِ اللَّهِ} ويمد بالرحمن ويمد بالرحيم .. وكان يقطع قراءته يقول {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ}، ثم يَقِف {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ثم يقف .. اه كما روى البخاري والترمذي [انظر قر 1/ 1] (والمدّ في لفظ الجلالة مقصود به المد

معنى الفصل المعجمي (رت)

الطبيعي، لأن من العرب من كان يقصره، وله شاهد في [ل أله]. والمد في {الرَّحْمَنِ} طبيعي، أما في {الرَّحِيمِ} فيزيد عند الوقف. أما قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان: 32]، فالمعنى ورسّلناه ترسيلًا .. شيئًا بعد شيء [قر 13/ 29] فالترتيل هنا يعني تنجيم القرآن وإنزاله دفعة بعد دفعة. ° معنى الفصل المعجمي (رت): الامتساك الدقيق وما إليه -كما يتمثل ذلك في امتساك لسان الأرت (تصورًا من تعوّق تسيبه إلى ما يراد نطقه) -في (رتت)، وكما في الإقامة والدوام والثبات على المرعى الخصب -في (رتع)، وفي التصاق مَجاز العضو في الرتقاء -في (رتق)، وفي انتظام توالي الأسنان على نسق واحد أي بفروج بينها ثابتة القدْر - وهذا انضباط وامتساك -في (رتل). الراء والثاء وما يثلثهما • (رثث): "الرَثّ والرِثَّة: الخَلَق الخسيس البالي من كل شيء/ رديء المتاع وأسقاط البيت من الخُلْقان. ثوب رَثٌّ وحَبْل رَثّ. متاع رث أي خَلَقٌ بالٍ. وأكثر ما يستعمل في ما يلبس ". Qبِلَى ما كان متماسكًا من حبل وثوب وغيرهما وما يلزم البِلَى من تهرؤ وسوء حال (¬1). ¬

_ (¬1) صوتيًّا: الراء للاسترسال، والثاء لنوع من الانتشار أو التفشي مع غلظ ما، والفصل منهما يعبر عن بِلَى الشيء الذي كان في الأصل متماسكًا (استرسال) كالثوب والحبل =

(ورث)

ومنه على التشبيه في البِلَى "المرتَثُّ: الصريع الذي يُثْخَنُ في الحرب (أي في أثناء المعركة) / الذي يُحْمَل من المعركة وبه رَمق، فإن كان قتيلًا (أي حُمل وهو قتيل) فليس بمرتثّ ". ومنه في البِلَى أيضًا "ارتث بنو فلان ناقة لهم أو شاة: نحروها من الهزال ". وكذلك "رآني مرتثة: ساقطة ضعيفة ". ومنه على التشبيه في قلة الاعتداد به "الرِثّة: خشارة الناس وضعفاؤهم. شُبِّهوا بالمتاع الرديء ". • (ورث): {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ} [الزمر: 74] "وَرِث فلان أباه. وَرِثْتُ فلانا مالًا. إذا مات مُوَرّثك فصار ميراثه لك ". Qحوز الإنسان ما كان يملكه آخر بعد موت هذا الآخر (استحقاقًا بالشرع) -كما هو واضح. وقد تكرر في ل أن الصيغة المضعفة "ورّث فلان فلانًا "تعني أنه "أدخله في ماله مع ورثته "أي في حين أنه ليس له نصيب في المال حسب الشرع. ولكن جاءت في ل استعمالات للصيغة لا يتحقق فيها هذا القيد. والذي جاء في القرآن من التركيب بالمعنى المشهور للميراث هو ما في [البقرة 233، النساء 11، 12، 19، 176، الفجر 19، وربما مريم 6]. وقوله تعالى ذاكرًا دعاء زكريا: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} [مريم: 5 - 6]، أي يبقى بعدي فيصير له ميراثي. يؤيده ما في [الأنبياء ¬

_ = حتى يصير (رِثة) أي يتسبب خيوطًا أو يكاد -مع جفاء البِلَى أي سوء وقعه على النفس وهو الغلظ هنا. وفي (ورث) تسبق الواو بمعنى الاشتمال ويعبر التركيب عن الاشتمال على ما كان يملكه من مات وهو يُعَدّ رِثّة لأن الميت استعمله وأخذ جِدّته فكأنه أبلاه.

89] أيضًا {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} وفي آية مريم نوعان من الميراث، وآية الأنبياء فيها إشارة للميراث. وقول ابن سيده: "إنما أراد يرثني ويرث من آل يعقوب النبوة "ونفى أن يكون خاف أن يرثه أقرباؤه المال، لقوله - صلى الله عليه وسلم - إنا معاشر الأنبياء لا نورث. ما تركنا فهو صدقة "= فيه نظر بالنسبة لقصره الميراث هنا على النبوة. وقوله عز وجل: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل: 16]، قال الزجاج: ورثه نبوته وملكه. وفي النفس شيء من القطع بتفسير الموروث هنا بأنه النبوة. وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: 180]، أي الله يُفْنِي أهلهما فيبقيان بما فيهما وليس لأحد فيهما مِلْك، فخوطب القوم بما يعقلون لأنهم يجعلون ما رجع إلى الإنسان -بما مُوَرِّثٍ ميراثًا له، ومِلكًا له. {وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ} أي أرض الجنة {نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ} (نتبوأ منها من المنازل حيث نشاء) والوارث صفة من صفات الله عز وجل، وهو الباقي الدائم الذي يرث الخلائق ويبقى بعد فنائهم. والله عز وجل يقول {إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا} [مريم 40] ويقول {وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ} [الحجر 23] {وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} القصص: 58] وهو خير الوارثين أي يبقى بعد فناء الكل، ويفني ما سواه فيرجع ما كان ملك العباد إليه وحده لا شريك له. وقوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 10 - 11]. "والتراث: ما وُرِث " {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا} [الفجر: 19]. وسائر ما في القرآن من التركيب عدا ما هو من الوراثة بمعنى حوز تركة الميت أو قسط منها، فهو بمعنى أن يئول إليه ما كانه بيد غيره بخلافة فيه أو تقلب أو بمعنى أن تكون العاقبة له فيه تشبيهًا بأيلولة الموروث إلى الوراث {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ} [الأعراف: 169]

معنى الفصل المعجمي (رث)

{أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا} [الأعراف: 100] {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ} [الأحزاب: 27] {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا} [مريم: 63]. ° معنى الفصل المعجمي (رث): مستوى من البِلى -كما في الرث الخَلَق في (رثث)، وحوز ما كان ملكًا لآخر فمات عنه في (ورث). الراء والجيم وما يثلثهما • (رجج - رجرج): {إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا} [الواقعة: 4] "الرِجْرِجَة -بالكسر: بقيةُ الماء في الحوض الكَدِرةُ المختلطة بالطين. وناقة رَجَّاء -بالفتح والجيم مضعفة- مضطربة السنام. وامرأة رَجْرَاجة -بالفتح: مُرْتَجَة الكَفَل يَتَرَجْرَجُ كَفَلُها ولحْمُها. والرِجْرج -بالكسر: اللُعاب، والثَريدُ المُلَبَّق " (أي المخلوط بدسم كثير). Qاضطراب الجرم (المتجمع) من رخاوته (بسبب سريان مائع أو نحوه في أثنائه الكثيفة) فلا يكون صُلْبًا ولا مكتنزًا (¬1) كبقية الماء المختلطة ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الراء عن الاسترسال (حركةً متوالية أو سيلانًا)، والجيم عن جرم كبير ليس صُلبًا، والفصل منها يعبر عن اضطراب الجرم لرخاوة فيه كالرِّجْرِجة بقية الماء الكدِرة المختلطة بالطين، وكاضطراب السنام. وفي (رجو) تعبر الواو عن الاشتمال ويعبر التركيب عن كون الشيء في حيز قابل للاضطراب ككونه جدار مشرفًا على مهواة أعمق منه فالاشتمال هنا موقعه. وفي (رجأ) تضيف الهمزة الضغط، ويعبر التركيب عن نحو الصدّ والدفع لما يتقدم نحو الخلف أي تأخيره وهو معنى الإرجاء. وفي (رجز) =

بالطين، وكالسنام، والثَرِيد الموصوفَين. ومنه ارْتَجّ البحر: اضطربت أمواجه، ورجَّ البابَ: زَعْزَعهُ وحَرَّكه، وكذا ارتَجَّ الحائط. (ارتجاج الأشياء الصلبة يكون من ضعفها بالنسبة لما يَرُجُّها -والضعف رخاوة) {إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا}: زُلزلت وحُرّكت [قر 17/ 196] أي حركة شديدة. ومن اضطراب الجرم بسب ضعف البنية: "نعجة رَجَاجة -كسحابة: مهزُولة. والرَجَاج -كسحاب: المهازيلُ من الناس والإبل/ الضعفاءُ من الناس والإبل، ورِجْرِجَةُ الناس -بالكسر: الذين لا خير فيهم/ لا عقول لهم ". ومن اضطراب المتسيب الذي يشبه الرِخْو في تسيب الأثناء "كتيبة رَجْراجة -بالفَتْح- تمَوجُ من كَثْرتها/ تَمَخَّضُ في سَيْرها ولا تكاد تسير لكثرتها ". ¬

_ = تعبر الزاي عن اكتناز وازدحام، ويعبر التركيب عن ثقل عظيم يؤدي إلى اهتزاز قوائم ما يحمله كما ترتعد أفخاذ البعير عند قيامه بالحمل من ثقله حقيقة أو تصورًا. وفي (رجس) تعبر السين عن نفاذ بدقة وحدّة، ويعبر التركيب عن ثوران مستفذر أو منفّر لحدّة فيه: رائحة منتنة نفاذة أو صوت مزعج كذلك -كحمأة البئر بنتنها، والهدير الشديد من البعير. وفي (رجع) تعبر العين عن التحام برقة، ويعبر التركيب عن تحول الشيء نفسه (أخذًا من الالتحام) عن اتجاه أو حالة إلى عكس الاتجاه (أو غير العكس) كرجوع الجائي. وفي (رجف) تعبر الفاء عن نحو الطرد والإبعاد، ويعبر التركيب عن الاضطراب الشديد الذي يكاد يقلع الشيء من أصله كالشجرة إذا رجفتها الريح وكرجفان السن. وفي (رَجَل) تعبر اللام عن معنى التعلق والاستقلال والإقلال، ويعبر التركيب عن ذلك مع صورة من الاضطراب ويتمثلان في عمل الرِجْل: السَّعْي (الاختلاف) مع إقلال البَدَن أي حمله. وفي (رجم) تعبر الميم عن الاستواء الظاهري مع ضم، ويعبر التركيب معها عن رَضْخ ما شأنه الاضطراب بأثقال تُطْرَح عليه فيثبت كالرِّجَام للنخلة وخَشَبة الدلو.

(رجو)

ومما اقتصر فيه على معنى الاضطراب دون قيد الرخاوة وما يشبهه "ترجرج الشيءُ: جاء وذهب ". • (رجو): {أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ} [البقرة: 218] "الرَجَا -كفَتَى: ناحيةُ البئر من أعلاها إلى أسفلها وحافَتَيها. وكل ناحية رَجَا، وأرجاء الوادي: نواحيه ". Qإشرافُ الجسم القائم على مَهْواة فيها مادّة نافعة - كجوانب البئر والوادي. ومن النظر إلى جوانب المهواة فحسب "رَجَوا القبر: جانبا حفرته ". ومن الشكل العام لذلك "أرجاءُ السماء جَوَانبُها " {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا} [الحاقة: 17]. (أي بعد تفتحها أبوابًا). وإشراف الجدار ونحوه على الماء يؤخذ منه الإشراف عل نَيْل خير، كما يشعر بنقص الاطمئنان إلى يقينية الحصول عليه، وهذا هو الرجاء بمعنى الأمل والطمع، لأن الراجي ليس مطمئنًّا متيقنًا بحصول ما يرجو، بل تخالجه درجة من توقع الحرمان. وذلك واضح في تفسير قوله تعالى عن المؤمن {يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر: 9] وهو معنى الطمع الذي يفسّر به {أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ} [البقرة: 218] وكذلك ما في [النساء 104، هود 12، الإسراء 28، 57، النور 60، القصص 86، فاطر 29] [ينظر بحر 2/ 161] أما في قوله تعالى {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ} [الكهف: 110] {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} [الفرقان 21] وكذا سائر الآيات التي تثبت أو تنفي الرجاء في لقاء الله واليوم الآخر أو النشور أو الحساب أو أيام الله = فإن الرجاء فيها بمعنى التوقع، وهو صورة من الطمع.

(رجأ)

[ينظر بحر 6/ 160، 7/ 137] والتعبير بالرجاء هنا يوازن التعبير عن نفس لقاء الله واليوم الآخر بالظن في آيات كثيرة كما في {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 46، وكذلك ما في 249، الحاقة 20، الجن 12]. {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} [الفرقان: 21]. ومن الإشراف على مهواة عميقة ومن الاضطراب الذي يتأتى من ذلك جاء معنى الخوف، وكأن مأتاه استشعار المهابة. وبالخوف فُسِّرَ {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح: 13]، والعرب تقول: ما رَجَوْتك: أي ما خِفْتك، وبه فُسِّرَ قول الشاعر: [إذا لَسَعَتْه النَّخْل لم يَرجُ لَسْعَها] لكني أرجح تأويلًا أنسب لآية (نوح) هذه، ويتأتى من الطمع وهو: لا تضمرون/ لا تعتقدون. وواضح أن الإضمار والاعتقاد شيء في النفس كالرجاء والطمع والظن. وأما (أرجه)، (مرجون)، (ترجى) فهن من المهموز. وجاء من الإشرافِ على مهواة أيضًا: "رَجِىَ -كرضى: دَهِش (ملأه التهيب). • (رجأ): {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: 51] "أرجأت الناقة: دنا نتاجها -يهمز ولا يهمز. وقال أبو عمرو هو مهموز .. أرْجَأَتْ الحامل: إذا دَنَت أن تُخْرج ولدها فهي مرجئ ومرجئة. "خرجنا إلى الصيد فأرجأنا كأرجينا أي لم نصب شيئًا ". Qتأخّرُ المقبل مسافةً ما -أو تأخيره- كحال المرجئ التي دنا نتاجها حيث بقيت مسافةٌ بينها وبين وقوع النتاج فيُتَوقَّع اليومَ ثم يُرجأ إلى

(رجز)

غد، وكذلك الذين لم يصيبوا صيدًا هم لابد سيصيبون في مرة قادمة. فالإرجاء تأخير ما حَلّ وقته أو تُوُقِّع حلوله. "أَرْجَى الأمرَ: أَخَّره كأرجأه. {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ} [التوبة: 106]، {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} [الشعراء: 36]. (أي أَخِّرْه إلى أن تجمع له السحرة). وقوله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} [الأحزاب: 51]، أي تؤخر وتؤجل دَور من شئت ممن حضر دورهن. وبقية الآية تأتي بضد الإرجاء {وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} ثم {وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} وأرى أنه بعد ما تقرر ورسخ من وجوب العدل بين الزوجات، فإن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أمته أعظم بما لا حدّ له من حَظ أُمِّ هي أيضًا حريصة على حَظ الأُمة منه - صلى الله عليه وسلم -. فإطلاق حق الإرجاء له - صلى الله عليه وسلم - ثم حق ابتغاء من أرجأها يكفيه منازعة حقوق أمهاتنا الكريمات حقوقَ الأمة في نفسه - صلى الله عليه وسلم -. • (رجز): {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 5] "الرَجَز -محركة: ارتعادٌ يصيب البعيرَ والناقة في أفخاذهما ومُؤَخَّرِهما عند القيام. وناقةٌ رَجْزاء: ضعيفةُ العجُز إذا نهضت من مَبْرَكها لم تستقلّ إلا بعد نَهْضَتَين أو ثلاثٍ. وقِدْرٌ رَجْزاء: كبيرة ثقيلة. والرِجَازة -كرسالة: ما عُدِل به مَيْلُ الحِمْل والهودَج -وَهو كِساء يُجْعَل فيه حِجَارةٌ ويُعَلَّق بأَحَدِ جانبي الهودَج ليَعْدِلَه إذا مال. وتَرَجَّزَ السحابُ: تَحرَّك تحركًا بطيئًا لكثرة مائه. وارتجز الرعدُ: سمعت له صوتًا متتابعًا متداركًا ".

Qارتعادٌ (= حركة ترددية واهتزاز) عند النهوض أو الحمل بسبب الثقل العظيم -كالبعير (المثقل) يرتعد فَخِذاه عند القيام، وكذا السحابُ يتحرك ببُطءٍ وثِقَل، والقِدْر الثقيلة لا تُحْمَل إلا بجَهْد، والرِجَازة ثِقْل يعلَّقُ في الجانب الخفيف وتهتز (أو لأنها تقاوم الاهتزاز والميل)، وصوت الرعد غليظ شديد كأنه صوت حركة أشياء بالغة الثقل. والرجز -بالكسر: العذاب (المُثْقِل المعجز) تأمل {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ} [الأعراف: 133]، {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَامُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ} [الأعراف: 134]. [وانظر قر 7/ 267] وكل (رِجز) عذاب منزل من السماء فهو من هذا. ومن هذا الثقل قوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ} [الأنفال: 11]، أي ما يجعلهم يشعرون به من ثِقَل نفسي بوسوسته المثبِّطة. فأذهب الله ذلك فنَشِطَت نفوسهم ولَقُوا عَدُوَّهم على هذا فنصرهم الله. وفسر [ابن قتيبة 177] الرِجْز بالكيد [وانظر قر 7/ 372] وفي قوله تعالى: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 5]، ذكر [قر 19/ 66] في تفسيره: الأوثان، إساف ونائلة- على ضم راء {وَالرُّجْزَ}، وهو رأي بالغ الإيحاش، والوعيد (على فتح الراء) وهو بعيد للزوم الوعيد ووقوعه. كلما فُسِّرت بالنجاسة، والمعصية والمأثم -وهذا جيد على أنها مُثْقِلات (انظر أثم)، وبالعذاب أي أسبابه. والذي أراه أن معنى الرُّجْز هنا هو الثقَل ونحوه. أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن لا يَنِي ولا يَفْتُر في أمر الدعوة تأثرًا بما يَلْقَى من إعراض ونحوه. وسياق السورة من أولها وإلى الآية السابعة يؤيد هذا. {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ ...} [المدثر: 1 - 2]. أما الرَجَز من

(رجس)

الشعر فهو شعر كل بيت فيه ذو قافية في شطره الثاني تتسق مع قافية شطره الأول، وهكذا. وهذا شبيه بالتردد. فهو من التردد وحده. • (رجس): {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] "المرجاس -بالكسر: حَجَر يُشَدُّ في طَرَف الحَبْل ثم يُدْلَى في جوف البئر فتُمْخَضُ الحَمْأةُ (هي طين أسود منتن يكون في جوف البئر) حتى تثور، ثم يُسْتَقَى ذلك الماء (يعني يُخْرَج) فتُنَقَّى البئر (بذلك). وبعير رَجَّاس -كشداد ومنبر: شديد الهدير ". Qمستقذَر (أو مُنَفَّرٌ) حادٌّ يثُور (في الجوف أو منه) لحركة عظيمة -كحمأة البئر بِنتْنِها وعَكَرها، والهدير من جوف البعير. ومن هذا: الصوت الجوفي "الرّجْس -بالفتح: صوتُ الرعد وتمخُّضه (وقد وصف القرآن صوت الحمير في نُهاقها المرتفع بالنُكْر. وهو تعبير عن استقباحه). والارتجاسُ: صوت الشيء المختلط العظيم كالجيش والسيل والرعد. وارتجس إيوانُ كسرى: اضطرب وتحرك حركةً سُمع لها صوت. فهذان من الصوت العظيم الناتج عن حركة عظيمة ". ومن مخض ماء البئر، واستخراج الحمأة، وهي قذرة كما هو واضح، استُعمل الرِجْس -بالكسر- في معنى (القَذَر) ومنه الحديث: "نَهَى أن يُسْتَنْجَى بَرْوثة وقال إنها رِجْس "أي مستقذرة [ل]. "ورَجُس الشيء (صعُب) فهو رِجْس -بالكسر، وكل قَذَر رِجْس ". وقد ورد الرجس في القرآن بمعنى الأوثان وبمعنى التنجس بعبادتها: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج: 30]، كما قال تعالى

(رجع)

{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28]، ويلحق بهم المنافقون {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} [التوبة: 125]، وأهل الكبائر. {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المائدة: 90] وكل (رِجْس) فهو بمعنى النَّجِس. وأما قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]، فالرجس هنا ليس أصنامًا ولا نفاقًا ولا كبائر، وإنما هي ذنوب عادية عبّر عنها بهذا تضخيمًا لها لصدورها من ذوي القَدْر. وسياق الآية يرجح ذلك كما قال تعالى فيه: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: 30]، والله أعلم. • (رجع): {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى} [العلق: 8] "الرَجْع -بالفتح، والرجيع والراجعة: الغَدير يتردد فيه الماءُ. والرجيع ما رجع بعد ما كان/ العَرَق بعد ما كان ماءً، وكذا النَجْوُ والرَوْثُ وكل مُردَّد من قول أو فِعْل ". Qتحوّلٌ عن الاتجاه أو الحال إلى عكسه -كما يتردد الماء في الغدير لأنه محتبس فيه لا يسترسل بعيدا، وكما يتحول الماء الصافي العذب المُرْوي إلى عَرَقٍ كريه الريح، والطعامُ إلى نَجْو. فهاتان صورتان للمعنى. فمن التحول عن الاتجاه "رَجَعْتُ الشيءَ (ضرب) فرجَعَ رُجوعًا ورُجعى ورُجعانًا بالضم، ومَرْجِعًا: رَدَدْتُه فارتدَّ وعاد {لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى

أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [يوسف: 62]، {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10]، {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا} [يونس: 4]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى الرجوع العود -مع اختلاف الصور أحيانًا. و "ارتجعَ المرأة وراجعَها إلى نفسه بعد الطلاق {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا ...} [البقرة: 230] والرَجْع: جواب الرسالة " (راجع عنها). {فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} [النمل: 28] (أي ما ردُّهم على كتاب سليمان إليهم) {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا} [طه: 89] مثل {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ} [الأعراف: 148] {فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ} [الأنبياء: 64] إلى عقولهم حين ظهر لهم صحة ما قال إبراهيم أن الأصنام التي أهّلوها للعبادة ينبغي أن تسأل قبلُ/ أو رجع بعضهم إلى بعض. {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون: 99] أي إلى الدنيا [بحر 6/ 250، 303، 388]. ومن ذلك عبر به عن العَوْد أي الترديد مع التخفف من بعض القيود "رجّع النقْشَ والوَشْمَ والكتابة -ض: أعاد عليها السواد مرة أخرى. ترجيع الإنسان صوته، والبعير في شقشقته، والناقة في حنينها، والحمام في غنائه: ترديدُه. ارتجع مالا وهو أن يبيع إبلا مُسِنة أو صغارًا ويشتري بثمنها الفِتْية والبِكَار. الرجْع: المطر (لرجوعه مرة بعد أخرى أو لتحوله من ماء إلى بخار إلى ماء) {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ} [الطارق: 11]، والرواجع الرياح المختلفة لمجيئها بعد ذهابها. وكل ما في القرآن من (تُرْجع، تُرْجَعون، يُرْجع، راجعون، مرجعكم، مرجعهم) فهي إلى الله عز وجل. وقولهم "رجع العلف في الدابة: نجع "هو من الصورة الأخرى أعني التحول، إذ تحول العلف إلى لحم وشحم فسمنت.

(رجف)

• (رجف): {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} [العنكبوت: 37] "الرَّجَّاف: كجَزّار: البحر. الرَجفان -بالتحريك: الاضطراب الشديد (قعد) كرَجَفان البعير تحت الرحْل، والشجرة إذا رَجَفَتْها الريح، والسنِّ إذا نَغَضَ أصلها. ورَجَفَتْ الأرض وأرجفت -للفاعل والمفعول: اضطربت، وزُلزِلَت ". Qاضطراب الشيء من أصله شديدًا بحيث يكاد ينقلع منه كالسِنِّ ترجف لضعف إمساك أصلها وتخلخلِها، والشجر يكاد ينقلع، والبعير كذلك ويكاد يقلع الرحل. ولُحِظ في تسمية البحر بالرجّاف اضطراب أمواجه). ومن هذا الاضطراب {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ} [المزمل: 14]، {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} [النازعات: 6]، فهما كما قال تعالى {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة: 1] كلها عن يوم القيامة، أما {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [الأعراف: 78، 91، وكذا العنكبوت 37، وما في الأعراف 155]. فهن عما أوقعه الله بكفار قوم صالح وشعيب، وبقوم موسى. على الأنبياء وعلى نبينا الصلاة والسلام. ومن معنويه "أَرْجَفَ القَوْمُ: خَاضُوا في الأخبار السيئة وذكر الفتن "، فاضطربوا هم أو أثاروا الناس {وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ} [الأحزاب: 60]. • (رجل): {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] "الرِجْل -بالكسر: من أَصْل الفَخِذ إلى القَدَم والإنسان وغيره. وفي حديث

عائشة: أُهْدِىَ لنا رِجْلُ شَاة .... : تريد نصفَ شاة طولًا ". Qاختلافٌ (أي حركة في كل اتجاه) مع امتداد ونَصْب أو إقلال (أي حَمْل) رَأْسِيّ وإن شئت قلت: سَعْى مع نصْب أو حمل -كاختلاف الرِجْل بالمشي ذَهابًا وإيابًا، مع نصبها البدن. وتسمية نصف الشاة طولًا رِجْلًا لأن الرِجْل (الفخذ) هي أهم ما فيها، ولأن نصف الشاة طوليًّا يكون كالرِجْل مُسْتدِقًّا من طَرَف وغليظًا من آخر. وأرجح أن من هذا إطلاق لفظ "رِجْل "على كلٍّ من "خَليج البحر، ومَسيل الماء من الحَرَّة إلى السِهلة، والقِطْعَةِ العظيمةِ من الجَرَاد، ومن الوَحْش " (= الظباء وما إليها). فكل منها يتحقق فيه هذا الشكل. ومن ذلك "المِرْجل -بالكسر: القِدْر من الحجارة أو النحاس (تنصب على الأثافي مقابل أنواع الإنضاج الأخرى على النار مباشرة كالحَنْذ على الحجارة المحماة والشىّ) والمِرْجَل: المُشْط الذي يسّرح به الشعر " (يبسطه بلا تجعد من أعلى إلى أسفل، أي أنه من الطول الرأسي فهما من النصب أي القيام). ومن الرِجْل التي يُمْشَي عليها قالوا: "حَرَّةٌ رَجْلاء -بالفتح: مستوية بالأرض كثيرة الحجارة يَصْعُب المَشي فيها/ صُلْبة خشنة لا تَعْمَل فيها خَيْل ولا إبل ولا يسلكها إلا راجل (أي ماش لا راكب). والرَجيل من الخيل: الذي لا يَحْفَى (قوي الرِجْل)، ورجل رَجِيل: قَويٌّ على المشي صبور، وهي رجيلة والرُجْلة -بالضم: القوةُ على المَشْي ". ومن الامتداد (مع الارتفاع أخذًا من النصْب أو الإقلال): "ترجَّل النهار: ارتفع "والرِجْل -بالكسر- من الرجال: القاذورة (الذي لا يخالط الناس فهو مستقلٌّ بنفسه). والرِجْل كذلك: القِرْطاسُ الخالي (عريض ممتد إلى أسفل إذ

الكتابة فيه تكون من أعلى لأسفل. أخذًا من الانتصاب) و "أمرُك ما ارتجلت "أي ما استبْدَدْتَ به (استَقْللت)، و "ارتجل الكلام: تكلم به من غير أن يهيئه (كأنما أقامه بإخراجه من عند نفسه لأنه فوريّ دون تأسيس). والرِجْلة - بالكسر: النئوم " (يمتد على الأرض مع فقد قيد النصب). ومن الأصل "الرَجُل: الذكَر من نوع الإنسان/ خلاف المرأة " (فهو الساعي على الرزق (اختلاف)، وهو الأشدّ، والقائم الجادّ في الأمور المنتصب لها وفيها. جاء في الفروق "قولنا (رَجُل) يفيد القوة على الأعمال. ولهذا يقال في مدح الإنسان إنه رَجُل. و (المرء) يفيد أَدَب النفس "). {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34]. ولذا قالوا: "هذا أَرْجَلُ الرَجُلين: أي أشدُّهما ". وقد وُصِفَت أُمُّنا السيدة عائشة رضي الله عنها بأنها "كانت رَجُلَة الرأي " (قويتَه ناضجتَه كرأي الرجال). ثم إن تسمية الرجل ليست بعيدة عن الذكورة، فالذكورة صلابة (وهي من باب الانتصاب) وقالوا "أَرْجَلْتُ الحصان في الخيل: أرسلتُه فيها فَحْلًا ". ومن الرِجْل التي نمشى بها اشتقوا الكثير: "ترجَّلَ البئرَ وترجل فيها: نزل من غير أن يُدْلَى، وهو رَجِل -بزنة كَتِف: إذا لم يكن له ظهر يركبه {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] (أي مشاة)، {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} [الإسراء: 64]، بكسر الجيم وهما لغتان -يقال رَجْل- بالفتح وككتف بمعنى راجل. (أي ماش) [قر 10/ 289]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو إما (الرجُل) خلاف المرأة ومثَناه وجمعه -عدا (رَجِل) و (رجال) اللذين ذكرناهما، وإما الرِجْل التي يُمْشَى عليها ومثناها وجمعها، والسياق لا يلتبس.

(رجم)

• (رجم): {وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ} [الحجر: 17] "الرُجْمة -بالضم: واحد الرُجَم والرِجَام، وهي حجارة ضخام دون الرضام (الرَضْمة -بالفتح والتحريك: الصخرة العظيمة مثل الجَزُور (أي أنها في حَجْم البعير المنحور). وربما وضعت على القبر ليُسَتَّم. وقد رَجّموا القبر: جعلوا عليه الرَجَم وهي الحجارة. فَرس مِرْجم: يَرْجُم الأرض بحوافره وكذا البعيرُ. جاء يَرْجُم: مرّ يضطرم عَدْوُه. الرَجْمُ: الرمى بالحجارة. ورجل مِرْجم -بالكسر: شديد كأنه يُرْجَمُ به معاديه ". Qثِقْل عظيم يُثْقَل به الشيء بنحو الطرح والقذْف: كتلك الرُجْمة. (ويتحقق عِظَم الإثقال بقوة قذف الشيء، ولو لم يكن عظيم الثقل في ذاته، كرجم الفرس الأرض بحوافره عند ما يجتهد في جَريه)، ومن هنا جاء في ل "الرَجْم: القتل ... ، وإنما قيل للقتل رَجْم لأنهم كانوا إذا قتلوا رجلًا رموه بالحجارة حتى يقتلوه ". وبه قيل في تفسير قول قوم نوح له: {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَانُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ} [الشعراء: 116]، أي بالحجارة "اه. (فكأن الأمر هنا تهديد بالقتل) [وينظر ل، قر 13/ 121]. وكذا معنى (الرجم) في [هود 91، الكهف 20، يس 18، الدخان 20] يتردد بين القذف بالحجارة والقتل بها، ورجح الأول في يس 18 خاصة لأن بعدها {وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ}. [ينظر بحر 5/ 256، 6/ 108] وفيه أن القتل رميًا بالحجارة كان عادة السابقين في مَن خالفهم، [7/ 313، 8/ 36]. وكذا في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} [الملك: 5]، الرجوم جمع رَجْم وهو مصدر سُمّي به، ويجوز أن يكون مصدرًا لا جمعًا. ومعنى

كونها رجومًا للشياطين أن الشهب التي تنقضّ في الليل (هي) منفصلة من نار الكواكب ونورها (كذا) لا أنهم يُرْجَمون بالكواكب نفسها. لأنها ثابتة لا تزول "اه. وقوله تعالى: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98]، فسرت صفته هذه بالمرجوم بالكواكب (أي شأنه وشأن قَبيلِه أن يُرْجموا بالكواكب) "وقيل رجيم ملعون مرجوم باللعنة مبعد مطرود "وفسرها [قر 1/ 90] بالمبعد من الخير المهان. وكل (رجيم) في القرآن فهو بهذا المعنى. ومن معنوى الرجم: الطَرْح "الرَجْم: القول بالظن والحدس "، {وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ} [الكهف: 22] (أي حَدْسًا وتخمينًا لا عن أساس. وهذا كما نقول الآن: كلام مُرْسَل) ومن هذا: "الرجم: السب والشتم. والمَراجم: الكَلِمُ القبيحة. وقول أبي سيدنا إبراهيم أو عمه {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ} [مريم: 46]، فسرت بالسب وبالهجر، وبـ لأهجرنك ولأقولن عنك بالغيب ما تكره اه [ل]. تفسير لأرجمنك بـ لأسبنّك سائغ، أما تفسيرها بالهجر وحده أو بالهجر والكلام بالغيب فلا وجه له، لأنه هو طلب منه أن يهجره ويبتعد عنه دهرًا فقال بعد الكلمة السابقة {وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا} [مريم: 46]، ثم إنه هو أبوه أو عمه فله عليه دَرجة تتيح أن يشتمه مواجهة لا أن يهدده بأن يشتمه غيبًا. ويسوغ في تفسير اللفظ أن تكون تهديدًا بأن يقذفه بشيء مادّي تناله يده. بقى من الاستعمالات المادية (الرجم -محركة- القبر، والحفرة، والتنور، والبئر "فهذه الشأن أن يقذف فيها (أو عليها) شيء (الميت أو الحجارة فوق القبر، والخبز، والدلو). "الرِجام: المِرْجاس (وقد وُصف في (رجس) وأضيف هنا "وذلك كله إذا كانت البئر بعيدة القعر لا يقدرون على أن ينزلوا فيُنقّوها "

معنى الفصل المعجمي (رج)

"وقيل هو حجر يُشَدّ بعَرقُوَة الدلو ليكون أسرع لانحدارها " (فكلاهما من الإثقال للوصول إلى عمق البئر) وكذا "الرجامان خشبتان تنصبان على رأس البئر ينصب عليهما القَعْو ونحوه من المساقي " (أي أنه لتمكين قذف الدلو لتصل إلى عمق البئر) وأيضًا "الرُجمة: الدُكّان (: دعامة مبنية) الذي تعتمد عليه النخلة الكريمة " (فهو دعم لها حتى لا تسقط. والدعم إسناد وتثبيت من باب الإثقال). والتَرجمان: الذي ينقل الكلام من لغة إلى لغة "ترجم كلامَهُ إذا فسره بلسان آخر "هو من باب الظن والترجيح (أي الرجم) في بيان مراد صاحب الكلام الأول. ولا أدري كيف استساغ ابن جني أن يقول إن التاء أصلية ثم يحاول إدخالها في صيغ الكلام العربي. ° معنى الفصل المعجمي (رج): الاضطراب المادي أعني اضطرب الجِرم وتردده. كما يتمثل في ارتجاج السنام والكفل -في (رجج)، وفي احتمال انهيار الجدار المشرف على مهواة أعمق منه -في (رجو)، وفي دفع المقبل إلى الخلف فيرجع -في (رجأ)، وفي ارتعاد أفخاذ البعير لثقل الحمل -في (رجز)، وفي نفور النفوس من القذَر -في (رجس)، وفي رجوع الشيء من حيث جاء -في (رجع)، وفي اضطراب موج البحر واضطراب الأرض الشديد -في (رجف)، وفي اختلاف الماشي برجليه جيئة وذهابًا -في (رجل)، وفي اضطراب النخلة لولا دعمها بالرجمة والحيّ لولا إثقاله بالحجارة -في (رجم). الراء والحاء وما يثلثهما • (رحح - رحرح): "الرَحَحُ -محركة: عِرَض القدم في رقّة، وانبساطُ الحافر في رقة. كِرْكِرة

(روح - ريح)

رحّاء: واسعة. وجَفْنة رحّاء: واسعة كرَوْحاء عريضة ليست بقَعِيرة. وطَسْت رَحْرَاح -بالفتح: مُنْبَسِطٌ لا قَعْرَ له، وإناءٌ رَحْرَح ورَحْرَاح ورَحْرَحان: واسعٌ قَصِيرُ الجَدْر. وشيءٌ رَحْراح: فيه سعة ورقة ". Qانبساط جرم الشيء أي اتساعه أو عِرَضه مع رقة سمك (¬1) كالأشياء المذكورة، ومن معنويه: "عش رحراح: واسع ". • (روح - ريح): {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ} [الواقعة: 89] "الراحة: الكف، وقَصْعة رَوْحَاء: قريبة القعر، وقَدَح وإناء أرْوَحُ: متسع مبطوح. والرَوَح -محركة: تباعدُ صدور القدمين، وفي أَيْمانِهم رَوَح: سَعَةٌ، وقد رَوِح الرَجُلُ، والشيءُ (فرح): اتسع ". "الراحة من الأرض: المستوية فيها ظهور ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الراء تعبر عن استرسال الجرم أو الحركة، والحاء عن احتكاك بجفاف يأتي بِعرَض، والفَصل منهما يعبر عن انبساط الجرم وعِرَضِه مع رقته كالرَّحَح فى القَدَم والحافر: عِرَض مع رقة فيهما. وفي (روح ريح) تزيد الواو معنى الاشتمال (على نحو هذا) ويعبر التركيب معها عن انبساط الشيء الذي يشتمل أي يضم غيره كالأوعية والكف وهي تقبض على الأشياء والبيت .. (الرقة هنا النعومة وعدم وجود غلظ نتوء أو عُقَد أو صُخُور إلخ)، وهي واسعة قليلة الثخانة، وفي (رحب) عبرت الباء عن اللصوق واللزوم، فعبر التركيب عن سعة ما هو لاحق لاصق بشيء كرحبة المسجد والدار. وفي (رحل) تعبر اللام "عن الاستقلال ويعبر التركيب عن الانتقال (استقلال) ركوبًا (زاحة الركوب مقابل الرقة) كما في الرحيل، وفي (رحم) تعبر الميم عن استواء ظاهر الجرم وضمه ما فيه فعبر التركيب عن رقةٍ وانبساط (= اتساع) في باطن هذا الظاهر الضامّ كما في الرحِم (: كيس الجنين).

واستواء. وراحة البيت: ساحته. رَوِحَ الشيء (فرح) اتّسع " Qانبساطٌ أو اتساع وانتشار مع شمول ولطفٍ ما استواء أو نحوه: كالراحة (كف اليد) فهي تشمل، أي بها يُقْبَض على الأشياء، وكالأوعية المذكورة وهي غير عميقة (وكلها مستوية القاع تحوز)، واتساع ما بين صدور القدمين عن المألوف (وكأنما تحاصران شيئًا)، وكالراحة من الأرض، وراحة البيت. ومن هذا: "الريح " (أصلها رِوْح، ومادتها متخلخلة وهي تشمل الأرض وأهلها، أو هي مشمولة في كل خلاء بيننا. فهي على صيغة (فِعْل): الصالحة لمعنى الفاعلية والمفعولية): {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ} [البقرة: 164]. "والريح كذلك: نسيم كل شيء/ الرائحة/ نسيم الشيء طيبًا كان أو غير ذلك. (ينتشر منه مع لطف جرمه): {إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ} [يوسف: 94]. وكل (ريح) -عدا هذه- و (رياح) في القرآن فهي هذا النسيم الجاري. وقد قيل "الريحُ: القُوّة (كأن المراد نفوذ التأثير أخذًا من الانتشار. والعامة تقول: له نَفَس -محركة- يعنون التأثير، أو من الحَوْز والشمول فالريح تحيط بكل شيء): {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46]. والرَوْح -بالفتح: نسيم الريح. وَجَد رَوْح الشَمَال: بَرْدَ نسيمها ". ثم تأتي بمعنى الراحة، والرحمة والسرور، والفَرَج (لانبساط النفس وخفتها كما يقال: نفّس عنه): {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87]. والريْحَان: كل بقل طيب الرائحة (له رائحة تشرح النفْس): {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ}، فُسِّرا بالرحمة والرزق [ل] والنفْس تنبسط بهما {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ} [الرحمن: 12]: الرزق (سعة وراحة).

ومن ذلك "الروح -بالضم: النَفَس- محركة. ملأ قِرْبةً من رُوحِه أي نَفَسِه (والنفَس هواء أي ريح). (ولأن التنفس هو أهم علامات الحياة عُبِّر لنا بلفظ الرُوح عن الحياة): "الرُوح -بالضم: النفْس (بسكون الفاء) ما به حياة النفْس/ هو الذي يعيش به الإنسان. قال الفراء سمعت أبا الهيثم يقول: الرُوح إنما هو النَّفَس الذي يَتَنَفَّسُه الإنسانُ وهو جَارٍ في جميع الجسد ... "وقول أبي الهيثم هذا منصب على الظاهر لنا. أما حقيقة الرُّوح فقد قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] اه وفي القرآن الكريم {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: 29]، المنفوخ فيه هو آدم عليه السلام. ومن هذا الروح المنفوخ ما في [النساء 171، الأنبياء 91، ص 72، التحريم 12]. وأُطْلِقتَ على الوحْي، وهو تغلغل لطيف إلى النفس بخبر السماء، وعلى جبريل عليه السلام لأنه حامل وحي الله إلى رسله في [البقرة 87، 253، المائدة 110، النحل 10، مريم 17، الشعراء 193، المعارج 4، النبأ 38، القدر 4] وفي هذه خلاف: جبريل أم رحمة] [ينظر بحر 1/ 468، 5/ 518، 6/ 170، 7/ 38، 8/ 327، 493]، وعلى القرآن {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52]، لأن حياة النفوس به وهو من عند الله، وكذا هي بمعنى الوحي في [النحل 2، غافر 15] {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة: 22]: الهدى والنور واللطف [بحر 8/ 237]. ومن الأصل "الراحة ضد التعب (من انبساط النفس وسعها وخِفّتِها) أراح وارتاح واستراح. والرَوَاح: العودة للراحة في المُراح عشيًّا "من هذا أو من العود إلى المقر وهو انبساط وحُلول (انظر حلل) "راحَت الإبل وأرَحْتها: رددتها إلى مراحها {حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} [النحل: 6]، {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ

(رحب)

غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} [سبأ: 12]، (وعُمِّمَ في الرجوع ونحوه) "أَرَحْتُ على الرجل حقَّه: رَدَدْته إليه. وتروَّحَ الشجرُ وراح: تفطر بالورق قبل الشتاء من غير مطر " (كما يقال تَرْجيعة). ومن الأصل "الأَرْيَح الواسع من كل شيء: والأريحيّ الواسع الخُلُق المنبسط إلى المعروف. وراح للأمر يَراح رَوَاحًا: أشرق له وفرح به وأخذته له خِفة. وراحت يده بالسيف: خفت إلى الضرب به (انبساط). وراح إلى الشيء وارتاح: نَشِطَ وسُرَّ به ". • (رحب): {حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ} [التوبة: 118] "رَحَبة المسجد والدار -بالتحريك: ساحتُهما ومُتَّسَعُهما. ورِحَاب الوادي: مواضعُ مُتَواطئة يَسْتَنْقِع فيها الماءُ تكون عند منتَهَى الوادي وفي وَسَطه، وقد تكون في المكان المُشْرِف، والرَحَبة أيضًا: موضعُ للعِنَب بمنزلة الجَرِين للتمر. وامرأة رُحاب -كغراب: واسعَة. ورجل رَحْب الصَدْر -بالفتح والضم، ورحيب الصدر والجوف: واسعهما ". Qانبساط الحيز اللاحق بشيء، كرَحَبَة المسجد والدار لاحقين بهما، ويحوزان الناس، ورِحاب الوادي تحوزُ الماء، ورَحَبَة العنب تحوزه. وذلك من المرأة لاحق يحوز. ومنه "رحُبتْ الدَار (كرم) وأَرْحَبت: اتسعت (لحَوْز كثير) وأرض رحيبة: واسعة {حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} [التوبة: 118 وكذا ما في 5 منها]، {هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِم} [ص: 59 وكذا ما في 60]، (لما كان العرب يعبرون عن قبول الزائر والسرور به بقولهم

(رحق)

مرحبًا أي يسعك المكان والقلب -عُبِّر عن الغضب على داخلي النار بـ (لا مرحبا) لأنهم ما جاءوا إليها إلا لأنهم حادّوا الله ورسوله). • (رحق): {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطففين: 25 - 26] "الرحيق من أسماء الخمر وهو من أعتقها وأفضلها صَفْوةُ الخمر السَهْل من الخمر، الشَرَاب الذي لا غِشَّ فيه. والرحيق والرُحاق -كغراب: الصافي ". Qصفاء الشيء وسهولته بذهاب غلظه وحِدّته من أثنائه: كتلك الخمر بصفاتها المذكورة، فهي صافية سلسة ليس فيها حُمُوزة -كما قال تعالى عنها: {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ}، وأيضًا {لَا فِيهَا غَوْلٌ} [الصافات: 47]، {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطففين: 25 - 26]، فهذه هي خمر الجنة. • (رحل): {رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} [قريش: 2] "رحلَ: سار. رحلَ عن المكان: انتقل، رَحَلْتُه: أظعنته من مكانه وأرسلته. التَرْحيل والإرحال: الإزعاجُ والإشخاصُ، والتَرَحُّل والارتحالُ: الانتقالُ. الراحلة: المَرْكَب من الإبل ذكرًا كان أو أنثى. وناقة رَحِيلة أي شديدة قوية على السَيْر. جمل رَحِيلٌ: قويٌّ على الارتحال والسير ". Qالانتقال أو السفر إلى مكان بعيد ركوبًا: كما هو واضح. وقيد البعد يؤخذ من الركوب والتجهز له -فقد سَمَّوْا ما يُجَهَّز به البعير كالبرذعة ليُرْكَب عليه (ومعه كلُّ ما يلحق به من متاع الراكب وزاده) رَحْلًا -

(رحم)

بالفتح، ورِحَالةً، والجملَ نفسَه رَاحلة. وسمَّوْا الوجهَ الذي تأخذ فيه وتريده عندما تَرْحَل، وكذلك الإنسانَ الذي تقصده بسفرك: رُحْلة -بالضم، وسَمَّوْا منزلَ الرجل ومسكنَه وبيتَه رَحْلًا -بالفتح (كما سُمِّىَ مَنْزلًا- من نزول المسافر) وفي الأفعال قالوا "رَحَل البعيرَ: شدَّ عليه الرَجْلَ، ورَحَلَه وارْتَحله: ركِبه بقَتَب أو اعْرَوْرَاه. ورجُل مُرْحِل -كمحسن: له رَوَاحل كثيرة. وبعيرٌ مُرْحِل: سَمِين (كأن عليه رَحْلًا - وقالوا سمين يُطيق الرحْلة) ومِرْط مُرَحَّل -كمعظم: عليه صور الرَحْل. وشاة رَحْلاء -بالفتح: سوداءُ بيضاءُ مَوْضِع الراكب من مآخير كتفيها ... (أي أن البياض يغطي الموضع الذي يغطيه الرحْل من ظهر البعير، فهذه الشاة كأن عليها رَحْلا). ومن الرَحْل متاع الراكب والذي يوضع على ظهر البعير {جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ} [يوسف: 70 وكذا ما في 62، 75]. {إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} [قريش: 2] إلى الشام في الصيف وإلى اليمن في الشتاء للتجارة [وينظر بحر 8/ 515]. • (رحم): {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر: 7] "الرَحِم -ككتف، وبِئْر: مَنْبِتُ الوَلَد ووِعَاؤه في البَطْن. ورَحِمَ السقاءُ (تعب): ضيَّعه أهلُه بعدَ عِينَتِه (اتساع مسامّه كالعيون) فلم يَدْهَنوه حتى فَسَد فلم يَلْزَم الماءَ ". Qاتساعٌ في باطن الشيء المتضامّ أو أَثْنائه مع رقة وبلال -كالرَحِم (كيس الجنين) وهو رِخْو رطب ويتسع للجنين، وكالسِقَاءِ المذكور تكونت فيه عيون ينفذ منها الماء.

ومن سَعة الباطن مع التَنَدِّي والرِقَّة: "الرحمة: رقةُ القلب "والعطفُ ونحوهما من الشخص على من يَضُمّ. وهي من الله عز وجل كلُّ ما يناسب البَلال والرقة من إحسان ورزق وحَنان ومَغفرة لعبادِه وهُمْ في حوزته عز وجل. و "الرُحْم -كقُفْل وعُنُق ": الرَحْمة. وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى الرحمة هذا - عدا ما نفسره بغيرها. {وَأَقْرَبَ رُحْمًا} [الكهف: 81]، {وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [البلد: 17]، "والرَحِم: القَرابة (وأصله خروجهم من رَحِمِ أمٍّ واحدة) ثم يقولون وصَلَتْكَ رَحِم لا يريدون قرابة الأُمّ خاصة " {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} [آل عمران: 6] وهي جمع رَحِم: كيس الجنين وبمعناها كل كلمة (أرحام) عدا ما يأتي. {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75]، المراد بها هنا العصبات -[قر 8/ 58]. لكن خصت بعدُ بالقرابة من جهة النساء. ومن الأرحام: القرابة ما في [النساء 1، الأحزاب 6، محمد 22، الممتحنة 3]. وقد قيل الكثير في الفرق بين اسميه عز وجل: الرَحْمَان الرحيم [ابن قتيبة 6 والكَشاف 1/ 16 - 18، قر 1/ 13، والتاج الجامع للأصول 5/ 84] وخلاصة ما أراه أن الرحمان صفة ذات. أي ذو الرحمة أخذًا من صيغة فَعْلان من فَعِلَ المكسور العين حيث يَغْلبان في الأَعْرَاض المستقرة من الأدواء الباطنة والعيوب الظاهرة والحِلَى أي الصفات الخِلْقية والألوان وما شاكل ذلك مما يطول بقاؤه [تصريف الأسماء للشيخ محمد الطنطاوي ص 103 - 105] وانظر في صفات الذات والفعل [ص 12 من مقدمة التحبير في التذكير للإمام القشيري تحقيق وتقديم الدكتور إبراهيم البسيوني] فالرحمان تعني ذا الرحمة الممتلئ بها الملازمة له. وهذه الملازمة وأنها صفة ذاتية باطنة سِرُّ اختصاص هذا الاسم به تعالى، لأنه الرحمن الحقُّ الدائم الرحمة العامّ

معنى الفصل المعجمي (رح)

برحمته المؤمن والكافر. ولذا قامت هذه الصفة مقام اسم الذات في مثل {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} [الإسراء: 110]، {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ} [الفرقان: 60] إلى 57 موضعًا يصلح فيهن اسم "الرحمن "أن يقوم مقام اسم الذات العَلِيّة. في حين يرد اسمه "الرحيم "115 مرة يُلحظ فيهن جميعًا تطلُّب الموضِع لوقوع الرَحْمة ومسبوقٌ بما هو يناسبها كالغفور والرءوف والتوّاب والبَرّ. وفي بضع مواضع سُبِق بالعزيز، وبالتأمل تراها للجمع بين صفتي القوة والرحمة معًا. فالرحيم صفة فِعْل. وكل منهما فيه مبالغة في مجاله فهناك الرحمة الذاتية العظمى الدائمة. وهنا الرحمة الفياضة العظمى التي يتقلب في كنفها عبادُه، وللمؤمنين منها الحظ الأوفى، إذ هُم مَيْدانها ومجالها بوعده وبفضله تبارك وتعالى. لكن وقوع الرحمة أكثرُ تذكيرًا بفضل الله. وبه يتحقق الترقي من "الرحمن "إلى "الرحيم ". عند اجتماعها كما في البسملة والفاتحة وغيرهما. ° معنى الفصل المعجمي (رح): الاتساع والانبساط مع نوع من الرقة -كما يتمثل في القدم الأرحّ مع رقة باطنه -في (رحح)، وفي تخلخل الريح وخفتها وانتشارها، وانبساط الكف ونعومتها ودقة سمكها -في (روح)، وفي اتساع الرحبة وخلوها -في (رحب)، وفي صفاء الرحيق (وهو تخلخل أثناء) مع سهولته وعدم لذعه -في (رحق)، وفي بعد مسافة المفارقة مع راحة الركوب -في (رحل)، وفي اتساع مسامّ جلد السقاء وكيس الجنين مع بَلالهما -في (رحم).

الراء والخاء وما يثلثهما

الراء والخاء وما يثلثهما • (رخخ - رخرخ): "أرض رَخاء -كدَكَّاء: منتفخة تَكَسَّرُ تحت الوطء/ رِخْوة لينة. الرَخَاخ - كلسحاب: الليّن من الأرض. رَخَاخُ الثَرَى: ما لانَ منه. طين رَخْرخ -بالفتح: رقيق. رَخَّ العجينُ -بكسر عين المضارع: كثُرَ ماؤه. ارتَخَّ العجين: إذا استرخى ". Qرخاوة الشيء لكثرة النَدَى والرطوبة في أثناءِ جوفه (¬1). ومن معنويه: "عَيْشٌ رَخَاخٌ: رَغَدٌ ليّن واسع ناعم ". • (رخو- رخى): {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} [ص: 36] "الرِخْو - مثلثة: الهَشُّ من كل شيء، وهو الشيء الذي فيه رخاوة. وريح رُخاء -كغُراب: لينة سريعة لا تُزَعْزِع شيئًا. وأرْخَتْ الناقة: اسَتَرْخَى صلاها وراخت المرأة: حان ولادها ". Qطراوة الشيء (المنتفخ) لتَنَدّى أثنائه وعَدَم جفافها واشتدادها -كالريح الرُخَاء. وإذا كان الرخو جسمًا فإنه يَتَهَدّل ويَتَدَلَّى كصلا ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الراء تعبر عن استرسال الجرم ورقته كالماء وما إليه، والخاء تعبر عن تخلخل الجرم. فعبر الفصل منهما عن طراوة أثناء الجِرم من وجود الماء أو الندى والرطوبة في خلاله -كالطين الرخرخ الرقيق ورَخّ العجين: كثر ماؤه. وفي (رخو رخى) تزيد الواو معنى الاشتمال، فيعبر التركيب عن زيادة احتواء الطراءة والليونة كما في صلا الناقة المسترخي.

معنى الفصل المعجمي (رخ)

الناقة المستَرْخِي، والمرأة القريبة الولادة يسترخي ثديها فهذا تعبير عن المعنى بلازمه {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} (سريعة لينة نَدِيَّة) والفعل منه رَخِىَ الشيءُ ورَخُو (كفرح وكرُم) واسترْخَى. وأرْخَى الرباطَ (والحبلَ والقيد) وراخاه: جعله رِخْوًا (ليس مشدودًا). وقولهم "أرخيت الشيء: أرسلته ". كأن المراد أنه كان مشدودًا (= مربوطًا) فأطلقته. ومن معنويه "الرَخْاء -كسماء: سعة العيش ". ° معنى الفصل المعجمي (رخ): طراءة الشيء المتجسم لتندى أثنائه -كما يتمثل في الأرض الرخّاء -في (رخخ)، وفي صلا الناقة المسترخي في (رخو- رخى). الراء والدال وما يثلثهما • (ردد): {وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} [يونس: 107] "الرَدة -بالفتح: تَقَاعُسٌ الذَقَن إذا كان في الوجه بَعْضُ القَباحة وفيه شيءٌ من جمال. والقصيرُ المَتَرَدِّدُ: المتناهي في القصر. وعضوٌ رِدِّيد -كسكير: مُكْتَنِزٌ. ورجل مُرِدّ -كمُقِلّ: طالَت عُزْبته فترادّ الماءُ في ظهره. والرَدَد -كسَبَب وهِمّة: أن تشرب الإبل الماءَ عَلَلًا فترتَدّ الألبانُ في ضروعها/ امتلاء الضرع ". Qصدُّ استرسالِ ما يمتدّ أو ينتشرُ فينعكسُ اتجاههُ أو يتراكم ويكثُف (¬1) كرجوع -الذَقْن عن غاية امتدادها المعتاد، وتجمع القَصير ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الراء تعبر عن الاسترسال (جرمًا أو حركة) والدال تعبر عن ضغط ممتد مع =

والعُضْو. وتراكم الماء (المتصور) في الظهر واللبنِ في الضَرْع. ومنه "ردَّ الشيءَ: رَجَعَه (أي بعد ما ذهب مسترسلًا) {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ} [القصص: 13]، ورده عن وجهه: صرفه {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ} [الأحزاب: 25]، والارتداد: الرجوع، والاسم منه الرِدَّة "بالكسر {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ ...} [البقرة: 217]، وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى الرجوع والإرجاع هذا (انعكاس الاتجاه) {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} [النحل: 70] (يفهم التعبير بالرد هنا من تفسير أرذل العمر بأنه اختلال النطق والفكر وفساد الحواس فهذه تكون في الطفولة [ينظر بحر 5/ 498]. وكذلك الأمر في {كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا} [النساء: 91] فالفتنة هي المحنة في إظهار الكفر. [بحر 3/ 332]. ¬

_ = حبس، والفصل منهما يعبر عن صدّ ما يمتد مسترسلًا فيرجع أو يكثف ويغلظ كما في القصير المتردد وكما في رَدّة الذقن. وفي (ردى) تضيف الياء معنى الاتصال (استمرارًا أو زيادة ضغط) فيعبر التركيب عن الضغط والانضغاط الشديدين كعمل الرَّدَاة الصخرة والمرداة. أما في (رود) فإن الواو تعبر عن الاشتمال، ويعبر التركيب عن حركة كثيفة مع رجوع أو تردد كأنما الذي يَرُود (من إبل أو دواب أو رجل أو امرأة) اشتمل على ما يدفعه إلى ذلك أصلًا، أو تعد كثافة الحركة في نفس الموضع اشتمالًا منه. وفي (ردأ) تضاف دَفعة الهمزة، فيعبر التركيب عن أن الكثيف يَدْعَم كما في رَدْء الحائط ببناء. وفي (رأد) تتوسط الهمزة بمعنى الضغط، ويعبر التركيب عن بلوغ الشيء والتمكنِ منه كالاشتمال عليه. وفي (ردف) تعبر الفاء عن طرد وإبعاد، ويعبر التركيب عن تجمع في الخلف كأن الكثيف صار إليه، وفي (ردم) تعبر الميم عن استواء ظاهر، ويعبر التركيب عن تراكم مادة في ثلمة الشيء أو جوفه فتسدها ويستوي ظاهره مع ما حوله. كما في الردم السَّدِّ العظيم.

(ردى)

{وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا} [مريم: 76] (مصدر أو مكان، لأنهم يُرَدُّون إلى مكان فيه ثمرة أعمالهم الصالحة) لكن كلمة (مَرَدّ) في سائر الآيات مصدر. واستردّه الشيءَ: سأله أن يرده عليه. وأردَّ البحرُ: كثرت أمواجه وهاج (لارتداد أمواجه بأخرى أو بالريح أو بالشاطئ) وجاء مُرِدَّ الوجه: غضبان (لانتفاخ الوجه كأن الدم رُدّ فيه -كما قالوا وَرِمَ أنفه) ورُدُود الدراهم: ما زُيِّفَ فرُدَّ على ناقده، وكل ما رُدَّ بغير أخذ فهو رَدٌّ -بالفتح. وشيء رَدٌّ: رديء " (يُرَدّ). ومنه: "الردّ -بالكسر: ما كان عمادَ الشيء (يرتد الشيء إليه فيدعمه فلا يسقط). والكَهْفُ " (يحمي ويحفظ ما أوى إليه فلا يهلك). • (ردى): {فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى} [طه: 16] "الرَداة -كفتاة: الصَخْرة. المِرْداة: الحجَر الذي لا يكاد الرجل الضابط يَرْفَعه بيده يُرْدَى به الحَجَرُ والمكانُ الغليظ يحفرونه فيضربونه يُليّنونه، ويُردَى به جُحْر الضبّ إذا كان في قلعة فيُليّن القَلْعة ويهدِمُها، ورَدَيْت الحَجَر بصخرة أو بمعْوَل (رمن): ضربته بها لتكسره ". Qصدم بشدة وثقل عظيمين: كما يُرْدَى الجُحْرُ والمكانُ الغليظُ بالحَجَر الموصوف أو الصَخْرة العظيمة فيتصدع كالصخرة المذكورة. والمِرْداة أداة ذلك. ومن مادى الأصل: "المَرادِى: قوائمُ الإبل والفِيَلة (لثِقَلها فكأن الرِجْل مِرْدَاةٌ إذ هي تضغط بثقل عظيم له أثر الصدم بالمرداة) ورَدَى الفرس يَرْدِى (رَمَى): عدا فرَجَم الأرضَ رَجْمًا (دَقَّها بشَّدةِ وَطْئه). وكذا رَدَى

الغلامُ: رَفَع إحدى رجليه وقفز بالأخرى " (فيهبط على الأرض بشدة لتركز ثقل جسمه في هبوطه على رِجْل واحدة). ومنه "رَدِىَ في الهُوَّة (= بئر أو نهر أو مَهواة) - من جَبَل أو مُرْتَفعْ (تعب) وتردَّى: تَهَوَّر في مَهْواة (سقط بثقله حتى اصطدم بالقاع) {وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ} [المائدة: 3]: هي التي تَقَع من جَبل أو تَطِيح في بئر. وأرداه وردّاه فتَرَدَّى: قَلَبه فانقلب ". ومن معنويه ولازمه (مع أثر الصيغة) "رَدِى (تعب): هَلَك (كالساقط يُدَكُّ فيَهْلِك) وتَرَدَّى. وأرْداه: أهلكه "، {فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى} [طه: 16]، {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ} [فصلت: 23]. وكل ما في القرآن من التركيب هو من (الردى) الهلاك هذا -عدا التردي فهو سقوطٌ ماديٌّ يلزمه الهلاك. والصدْم بشدة وثِقَلٍ هو ضَغط شديد يقع على المصدوم فيزيح جِرمه، وبهذا يتأتى معنى الدفع، أو يزحم بعضه بعضًا فيتأتى معنى التراكم ثم الزيادة. فمن الدفع "المُرْدِىّ -كالكُرْسِيّ: خَشَبَة تُدفع بها السفينةُ تكون في يد الملّاح ". ومن الزيادة "رَدَى على المائة (كرمى) وأردى: زاد " (أي في سنّه). و"الرِدَاء: الغِطاء الكبير/ المِلْحَفَة. (هو من معنى الرَمْى والإلقاء الذي هو صورة من رَدْى القَلْعةِ بالحجَرِ العظيم أي إلقائه عليه. لأنه) كساء يلقى على المَنكِبين والكَتِفين والعاتق/ مُجْتَمَعِ العنق "، وسمي بهذا الملحظ لأنه لا يُتَأنّق في التلفع به. ثم لهذا الإلقاء على الكتف .. سمَّوا السيف رداء والقوس رداء. [انظر تعليق شارحَىْ المفضليات ص 67 في شرح جو قصيدة متمم في أخيه مالك بن نويرة رقم 67] قال ابن سيده "تشبيهًا بالرداء الملبوس في التعلق بالجسم "اه. ولتعلق

(رود)

الرداء بالرقبة سموًا الدَين رِدَاء، كما جعلوا كُلًّا من العقْل، والجهْل، والشباب رداءً لمن يتصف بأي منهن. وذلك لكثرة استعمالهم الرداء وملازمته إياهم، فهو كالسّمة لصاحبه. • (رود): {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ} [يوسف: 23] "رادَتْ الإبلُ: اختلَفَت في المرعى مقبلة ومدبرة. والروائد: المختلفة من الدوابّ. راد الرجلُ: إذا جاء وذهب ولم يطمئن. امرأة رَوَاد -كسحاب: طوّافة في بيوت جاراتها. ريح رَادة ورائدة: إذا كانت هَوْجاء تجيء وتذهب. والمِرْوَد - بالكسر: مِيلُ المِكْحَلة، ومحْوَرُ البَكَرة إذا كان من حَديد، وحديدةٌ تَدُورُ في اللجام، ويَدُ الرَحَى، والمِفْصَلُ، والوَتد. Qحركة انتقال أو تردد بخفّة وعدم ثبات واستقرار. كالإبل، والدَوابّ، والمرأة الموصوفات، وكالرجل والريح الموصوفة. والحرف الناتيء من الجبل خارج منه فكأنه لعدم استوائه مع جسم الجبل متحرك مفارق كما قال ابن جني عن اللقوة [الخصائص 1/ 11] ومرود المكحلة شأنه أن يُخْرَج ويُدْخَل كثيرًا وكذلك الوتد، ومِرْوَد البكرة واللجام تدور عليه حركتهما، ويد الرحى أداة تحريكها، والمفصل موضع الحركة، ومنه "الرائد: الذي يتقدَّم القوم يُبْصِرُ لهم الكلأَ ومساقط الغيث "فهو يتقدمهم ليتكشف له الحال ويعرف المنتجَع المناسب. ومن هذا الأصل أيضًا "رائدُ العين: عُوَّارُها الذي يَرُود فيها (يتحرك هنا وهنا) ورجل رائد الوساد: إذا لم يطمئن عليه لم يستقر -لَهمٍّ أقلقه " (حركة مرددة لفقد الارتياح).

(ريد)

ومن ذلك مراودة الرجل امرأة عن نفسها (أو المرأة الرجل عن نفسه) فهي مجارّة ومجاذبة، فالمراود يحاول جذْب الآخر مَرّة بعد مَرّة، وجاء معنى المحاولة من صيغة المفاعلة {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ} [يوسف: 23]. وكل (مراودة) في القرآن فهي مجارّة ومجاذبة. ومنها {قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ} [يوسف: 61] أي ليأخذوه إلى العزيز كما اشترط عليهم. • (ريد): {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] "الرَيْد -بالفتح: الحَيْد في الجبل كالحائط، وهو الحرف الناتئ منه. الترييد في الحرث: رفع الأعضاد بالمِجْنَب "عَضُد الجدول: ضفتاه الناتئتان بجانبيه. المجنب: الرفش (أداة لرفع التراب). Qتقدم أو نتوء واتجاه إلى غاية أو حدٍّ معيّن: كذلك الحَيْد الموصوف، وكعضد الجدول. ومن ذلك المعنى "الإرادة: المشيئة. أراد الشيءَ: أحبه وعُنِىَ به " (ذهاب النفس إلى الشيء طلبًا ورغبة قوية في تحصيله) {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233]، {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} [البقرة: 185]، {قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً} [الأحزاب: 17]. وكل ما جاء في القرآن من التركيب فهو من الإرادة بهذا المعنى عدا (المرادوة)، (رُوَيدا). وفي قوله تعالى {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ} [الكهف: 177]- وُجِّه في [ل] إسنادُ الفعل "يريد "إلى الجِدار -وإنما تكون الإرادة من الحيّ- بأنّ تَهيُّؤ الجِدار للسقوط قد ظهر كما تظهر أفعال المريدين "ولو فسَّره بالميل لأن المَيْل اندفاعٌ كالحركة لكان أدق. [راجع أيضًا كلام ابن جني عن اللقوة في الخصائص 1/ 11].

(ردأ)

• (ردأ): {فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي} [القصص: 34] "ردأ الحائط ببناء: أَلْزقه به. دَعَمه بخَشَب أو كَبْش يدفعه (خشية) أن يسقط ". Qدفع المرتفع الذي يُخْشَى سقوطه (من جانبه) بقوة تجعله يتماسك ويتجمع (لا يتفكك) كما في ردْء الحائط. ومنه "الردء -بالكسر: العون والناصر (لأنه يُسْند صاحبه)، وردأت فلانًا بكذا وكذا: جعلته له قوة وعمادًا كالحائط تردَؤُه (ببناء تُلزِقه به)، وأردأته أي ردأته وصرت له رِدءًا أي معينًا. {فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا} والرِدْءُ كذلك: العِدْل "-بالكسر فيهما. (يُسْنِد العِدْلَ المقابل لئلا يسقط) ومنه "رَدَأه بحجر: رماه به وكذا رَدَاه (دفعه نحوه فأثبته أي أعجزه عن الحركة أو الهرب مثلًا). ومنه "الرديء: المنكر المكروه (يُدْفَع لرداءته كقولهم "بضاعة مزجاة ". ردؤ الشيء (كرم): فسد. وأردأته: أفسدته، وأردأ الرجلُ: أتى شَيئًا رديئًا أو أصابه ". فهذا تفسير ما زعمه ابن فارس من تباين شديد فقد ظهرَ أن الأصل واحد لا تباين فيه. أما "أردأ الرجل على الستين: زاد عليها، وأردأ الأمرُ على غيره: أرْبَى "، فهو من معنى الدعم في الأصل، لأن المعنى هنا هو من باب التمكين في السن والقَدْر فحسب، فالذي أَرْبىَ على الستين يكون في الحادية أو الثانية والستين لا في الخامسة أو السابعة والستين.

(رأد)

• (رأد): {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} [الطارق: 17] "الرَأْد -بالفتح: أصلُ اللَحْى الناتئ تحت الأُذُن. الرئد -بالكسر: فرْخُ الشجرة وقيل هو ما لان من أغصانها. يقال للغصن الذي نبت من سَنَتِه أَرْطَبَ ما يكون وأَرْخَصَه رُؤْد. وقيل طرَفُ كل غُصن رُؤد -بالضم. رَؤد الغصن (ككرم)، وترأَّدَ. وتَرَؤُّدُه: تفيؤه وتَذَيُّله، الترؤُّد: الاهتزازُ من النَعْمة. وتراؤده: تميّله وتميّحه يمينًا وشمالًا. ترأّد الرجل في قيامه ترؤدا قام فأخذته رعدة في قيامه حَتّى يقوم. وترأّدت الحية: اهتزت في انسيابها ". Qتثنى الشيء من طراءته أو حداثته فلا يَصْلُب ولا يشتدّ -كحال فرخ الشجرة والتميل من النعمة، وكما يبدو من حركة الرَأْد -بالفتح، وكحال الرجل والحية الموصوفين. وطرف الغصن أحدث ما نما منه. ومنه "ترأدت الجارية ترؤدا وهو تثنيها من النَعْمة ". أما "الرِئد -بالكسر: التِرْب ". فأرى أن صيغة (فِعل) هنا بمعنى مفاعل كخِلّ بمعنى مخالل فالرِئد هو المشارك في الطراءة والغضاضة والحداثة أي النشأة. ومن الحداثة والطراءة قالوا: "الرأْد -بالفتح: رَوْنَق الضُحَى/ بعد انبساط الشمس وارتفاعها ولا تكون الشمس حينئذ شديدة. فبَعْد الرَأْد فَوْعَةُ النهار، ثم نَحْرُ الظهيرة أي أولها. ومن الطراءة وعدم الاشتداد يأتي معنى التمهل، لأنه رخاوة وعدم اشتداد قالوا: "الرُؤْد -بالضم: التؤدة "فالأشبه أن يكون من هذا "رويدا "في قوله تعالى: {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا}، وقد ذكرت في (رود).

(ورد)

• (ورد): {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16] "وَرَدْتُ الماء: حضرتَه لتَشرب. ورد الماءَ وغيرهَ، وورد عليه (أي على الماء): أشرف عليه -دَخَلَه أَوْ لَمْ يَدْخُلْه [فلما وَرَدْنَ الماء]: بلغْنَ الماء. والموردة-بكسر الراء: مأتاة الماء، والجادّة. وكل من أتى مكانًا -منهلًا أو غيره- فقد وَرَدَه. ورد فلانٌ ورُودًا: حضر ". Qبلوغ الماء أو الشيء تدلِّيًا أو تقدُّمًا إليه: كورود الماء أي الوصول إليه وانتهاء السير عنده. وكالحضور في المكان. ومن ذلك قولهم "أرنبة (= طرف مارن الأنف) وَارِدةٌ: إذا كانت مقبلة على السَبَلة (= الشارب للرجل)، وشَعر وارد: مسترسل طويل: [وعلى المتنَيْن منها واردٌ] (يسترسل على متني الظهر)، وشجرة واردة الأغصان أي أغصانها متدلية إلى الأرض ". ومن ورود القوم الماء (وهو أمر بالغ القيمة عندهم) استعملوا لفظ الوِرد -بالكسر في ورود القوم (أي مصدرًا)، وفي الماء الذي يُورَد، وفي الإبل الواردة، وكذا في الطير ثم في الجيش، وفي يوم الورد (لأنه كان عندهم بتوقيت منظم) ثم في الحُمَّى التي تأتي لوقت منتظم، وفي النصيب من الماء (ثم في النصيب من القرآن). ومما في القرآن من ورود الماء أو أصله كذلك: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ} [القصص: 23]، {فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ} [يوسف: 19]. وأما قوله تعالى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} [هود: 98]، وقوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ} [الأنبياء:

98 - 99]، فهذه وتلك لمعنى الدخول في جهنم قطعًا. ومأتاه اللغوي ثلاثة أمور: شمول المعنى اللغوي للدخول جوازًا، والسياق، واللزوم من بلوغها. وهناك أمر رابع هو ما يؤخذ مما قاله الزجاج في قوله تعالى: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم: 86]، قال: مُشاةً عطاشا "اه. [تاج]. وهو موفق [ينظر قر 11/ 152] فالثلاث للدخول. وأما قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] ففي [ل] أن الإجماع على أن الورود ليس بدخول (أي حتمًا)، وأُضيفُ سندًا ودعمًا لهذا: أن القَدْر المستيقن من معنى الاستعمالات اللغوية للتركيب هو مجرد الوصول إلى المكان. (والمستعمل لمعنى دخول الماء هو الشروع لا الورود)، كما أن قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الأنبياء: 101 - 102]، يقطع بعدم شمول الورود في آية [مريم 17] عباد الله الأخيار. هذا والورود إلى الماء أو المكان تقدُّمٌ إليه وإقبال، ومن هنا استعمل التركيب في معنى الإقدام جاء في [تاج] "والوَرْد: الجريء من الرجال كالوارد وهو الجِريء المقبل على الشيء "اه. ويتأتى هذا أيضًا في تفسير قوله تعالى: {فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ} [يوسف: 19] أي سابقهم " [تاج]. أما "الوَرْد -بالفتح: وهو نَوْر كل شجرة "فهو من معنى البلوغ المذكور أي مَجيء ثمرة الشجرة، لأن النَوْر هو مقدمة الثمرة. والعرب تستعمل الإتيان في هذا أيضًا فيقولون: "أتت النخلةُ والشجرةُ تأتو أَتْوًا -بالفتح، وإتاءً: طلع ثمرها أو بدا صلاحه. والإتاء -ككتاب: ما يخرج من أَكال الشجرة "- (مع ملاحظة تداخل معاني التركيبين وتلاقيها، وأنّ أتوت لغة في أتيت بمعنى جئت).

(ردف)

وقد اشتهر استعمال "الوَرْد "في الحوجم خاصة، للفته النظر بحمرته وطيب ريحه. وبه من هذه الحمرة قيل للأسد وَرْد، وللفرس وَرْد، ويجوز أن تكون تسميتها بذلك للإقدام. وفي قوله تعالى في وصف السماء {فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} [الرحمن: 37]، قيل صارت كلون الورد وهو لون غريب أن يعم السماء، وفي [ل] أنّ الوَرْد يتغير لونه "فيكون في الشتاء خلاف لونه في الصيف، وأراد أن السماء تتلون من الفزع الأكبر كما تتلون الدهان المختلفة ". ولكن جاء في [ل] أيضًا: "عشيةٌ ورَدْة إذا احمرّ أُفقها عند غرُوب الشمس وكذا عند طلوع الشمس وذلك علامة الجَدْب ". ويتأتى أن يكون هذا من بلوغ الشمس مغربها، وحُمِل عليه بلوغها مطلعها. وأما الوريد في قوله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16]، ففي [ل] أن الوريدين عرقان تحت الودجين. والودجان عرقان غليظان عن يمين ثُغْرة النحر ويسارها، والوريدان ينبضان أبدًا من الإنسان، وكل عرق ينبض فهو من الأوردة التي فيها مجرى الحياة " (بتصرف في ترتيب العبارة)، فهو من ورود الماء لأنه يسقى البدن بالدم وكأنه فعيل بمعنى مُفْعِل. • (ردف): {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] "الرِدْف -بالكسر: الكَفَل والعجُز، والراكبُ خلفَك، والحقيبةُ ونحوها مما يكون وراءك. ورِدْف كل شيء: مُؤَخَّره. ردِف الرجل صاحبه (نصر وسمع): ركِبَ خلفَه، وتبعه ". Qتجمع أو كتلة تلحق شيئًا من خَلْفه أو آخره كالكَفَل

(ردم)

من صاحبه، والراكبِ خلفَ صاحبه، وكالحقيبة على مؤخر ظهر البعير {تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} [النازعات: 7]، في [قر 19/ 195]، أن الرادفة هي الساعة تقوم بعد زلزلة، وقيل هي صيحة (نفخة) أخرى يحيا بها الجميع الذين ماتوا بالصيحة (النفخة) الأولى. وانظره. ومنه "أرْدَف القوم: توالوا وتتابعوا. وأرْدف فلانًا: ركبَ خَلْفه، وتَبِعه، وجاء بعدَه. وأرْدَفَ الشيءَ الشيءَ: أتبعه (إياه) {بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9]، قرئ بكسر الدال أي متتابعين فرقة بعد فرقة وهو أَهْيَب في العيون والقلوب، وقرئ بفتح الدال أي أن الله أردف المؤمنين بالملائكة. [وانظر مزيدًا من التفاصيل في قر 7/ 370] {قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ} [النمل: 72]، أي اقْتَرب لكم ودنا منكم {بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ} [النمل: 72]: أي من العذاب. [قر 13/ 230]- أي لعله يلحقكم ويدرككم ذلك العذاب الذي تستبعدونه. وقبل هذه الآية {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [النمل: 71]. • (ردم): {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا} [الكهف: 95] "الرَدْم -بالفتح: السَدُّ العظيم. وقد رَدَم الباب (ضرب): سدّه كله وكذا الثُلْمة، والمَدْخَل، ونحو ذلك. وقيل الردْم أكثر من السد، لأن الردم ما جُعِل بعضُه على بعض. ورَدَمت الثوبَ وردَّمته -ض، وهو رَديم ومردَّم كمعظم أي مُرَقَّع. ورَدَم الشيءُ: سال ". Qتراكم مادة مناسبة في ثُلْمة أو فَجْوة حتى تُسَدَّ وتستويَ مع ما حولها. كالسدّ بمادة تُجْمَع في فجوة بين صَدَفين أو فريقين، أو في شيء متماسك كالثوب المرقَّع {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا} أي سدًا.

معنى الفصل المعجمي (رد)

وقد وصف المادة في الآيات التالية {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ...} [الكهف: 96]، ومن الأصل: "الرَدْم -بالفتح: ما يسقط من الجدار المتهدم "باعتباره كان من الجدار ويشغل الفراغ الذي يسقط منه ويسده، ومثله "رَدَم الحمارُ والبعيرُ. (قعد): ضَرِط، وكذلك رَدَمَ القوسَ: صَوَّتها بالإنباض ". ومن التراكم ولزوم هذا المتراكم الفجوة: "أَرْدَمَتْ عليه الحمَّى: دامت، وأرْدَمَ عليه المرضُ: لزمه. وسحَاب مُرْدِم ووِرْد مُرْدم -كمحسن. وتردَّم القومُ الأرضَ: أكلوا مَرْتعها مرة بعد مرة ". (أي أكلوا ما شغل وجه الأرض -وهو المرعى) الذي ينبت ثانية كلما أُكِل، كتَردِيم الثوب: تَرْقيعه. فكان الصيغة هنا للإصابة. ° معنى الفصل المعجمي (رد): التراكم المترتب على صدّ الشيء المسترسل كما يتمثل في القصير المتردد أي البالغ القصر -في (ردد)، وفي الضغط العظيم في رَدْى الحجر بالمرداة -في (ردى)، وفي كثافة الحركة جيئة وذهابًا -في (رود)، وفي تراكم البناء الداعم للحائط في (ردأ)، وفي التثني من الطراءة -في (رأد)، وفي الاجتماع بالشيء المورود أي بلوغه والكون معه في حيز واحد -في (ورد)، وفي التجمع خلف الشيء -في (ردف)، وفي حشو فراغ وسط الشيء أو ما بين الأشياء -في (ردم). الراء والذال وما يثلثهما • (رذذ): "الرذاذ: المطر الساكن الدائم الصغار القطر ". Qمادة رقيقة تنتشر منتثرة مع سكون ودوام (¬1). ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الراء عن استرسال جرم أو حركة، والذال عن رَطْب ينفذ بدقة وانتشار، والفصل منهما يعبر عن انتشار الشيء ضعيفًا مسترسلًا كالرذاذ. وفي (رذل) تعبر اللام =

(رذل)

• (رذل): {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} [النحل: 70] "الرذال -كغراب ورخامة: ما انتُقِىَ جيدُه وبقِىَ رديئه ". Qتميز الشيء ضعيفًا (رديئًا أو فاسدًا) بعدَ ذهاب جيده منه ". كالرُذَال المذكور. {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ}، (أي حيث تذهب الصحة والقوة ولا يبقى إلا الثِقَلُ وضَعْف الجسم والعقل {لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} [الحج: 5] ومثلها ما في [النحل: 10]، {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} [الشعراء: 111]، {إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} [هود: 27]، يقصدون بالأرذلين والأراذل: ضعفاء القدر والقمة الذين لا يعتد بآرائهم ولا مواقفهم (أي في رأي الكفرة). وهناك الثقل المعنوى أيضًا -ثقل أهل الحق على نفوس أهل الباطل. ° معنى الفصل المعجمي (رذ): قلة القدر وضعف الأثر والقيمة. كما يتمثل في الرذاذ بوصفه -في (رذذ)، وفي رديء الباقي من الحَبّ ونحوه الذي بقى بعد ما انتُقِىَ جيده -في (رذل). الراء والزاي وما يثلثهما • (رزز): "الإرزيز: بَرَدٌ صغار شبيه بالثلج -والرزُّ: الأرْز معروف. ورَزَّ السكينَ في ¬

_ = عن استقلال، ويعبر التركيب عن تميز الشيء برداته منزولًا عن جيده كرُذال الحب.

(رزق)

الحائط (رد): أثبته فيه فارْتَزّ أي ثَبَتَ. ورزَّت الجرادة ذنبها في الأرض وأرَزَّته/ أَثْبَتَته لتبيض ". Qتداخل أو دخولٌ باكتنازٍ وثَبات (¬1) كالسكين في الحائط وذنب الجرادة في الأرض. ولوحظ في الإرزيز تداخل بعضه في بعض وتماسك جِرمه ثَلْجًا بعد أن كان ماء، ولعله لحظ في الرزّ: الأُرْز أن حَبَّه متمكن في غلافه لا يخرج الحب من الغلاف إلا بمعالجة خاصة (الدق أو الحك الشديد حتى يُفْرَك) وذلك مقابل سهولة انفصال حب البُرّ من غُلُفِه. • (رزق): {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [البقرة: 212] "الرزق -بالكسر: ما يصل إلى الجوف ويُتَغَذَّى به ". Qما يدخل الجوف من طعام ونحوه باسترسال أي دائمًا. كالرزق وهو دائم. ومنه "رَزَقَ الطائرُ فرخه (نصر): كَسَبَ له ما يَغْذُوه (والطائر يَزُقّ فِراخه أي يُدخل بمنقاره الطعامَ في مناقيرها، لكن لم يفسروا رَزْقه إياها إلا بهذا الكسب)، {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا} [آل عمران: 37]، {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ} [الكهف: 19]، ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الراء عن الاسترسال، والزاي عن الاكتناز والازدحام والتجمع، والفصل منهما يعبر عن تداخل شديد أو دخول في شديد مكتنز كالإرزيز: البَرَد الصغار كالثلج (البَرَد بالتحريك ماء ولكنه تجمع وتماسك حتى صار بَرَدًا) في (رزز). وفي رزق تعبر القاف عن التجمع الشديد في العمق، فيعبر التركيب معها عما يدخل الباطن (العمق) ويتجمع فيه كالطعام في جوف آكله.

معنى الفصل المعجمي (رز)

وواضح من هاتين الآيتين وغيرهما، ومن الأصل الذي حددناه أن الرزق هو الغذاء (أصلًا) كما قال [قر 1/ 177]، ثم يطلق على ما يحطيه الله العبد من مال وخير يَطْعَم منه ويَنْتَفِع (إدخال في الحوزة). "رَزَقَه الله: أعطاه " (وكلّ مَن أَجْرَيْتَ عليه جِرَاية فقد رَزَقْتَه [الوسيط]. والله تعالى: {هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58]، يرزق الخلق أجمعين {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: 6]. وكل ما جاء في القرآن من التركيب فهو بمعنى الرزق الذي ذكرناه. {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 82]، أي شُكْرَ رزقكم. وقالوا إن الرزق معناه الشكر بلغة أزد شنؤة. والعلاقة اللغوية بين (رزق وشكر) لا تمنع ذلك لأن في كليهما دخولَ شيء في الباطن (انظر شكر) ولكن الشاهد الذي أورده [قر 17/ 228] على لغة أزد شنؤة تلك وهو "ما رِزْقُ فلان أي ما شكره "مُريب. وقد وردت رواية أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ "وتجعلون شكركم "كما في قر والمعنيان متحققان. فما أكثر الذين يرتزقون بالتكذيب بالله وبصلاحية ما شرعه لعباده. ° معنى الفصل المعجمي (رز): التداخل الشديد كما تمثل في تداخل مادة الإرزيز (البَرَد) فيتماسك ويصلب بعد أن كان ماء -في (رزز)، وفي دخول الطعام فتحة الفم أي في سبيله إلى أن يصل إلى عمق الجوف -في (رزق). الراء والسين وما يثلثهما • (رسس - رسرس): {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} [الفرقان: 38] "الرَسُّ -بالفتح: المَعْدِن (= المَنْجم كمنجم الحديد)، وكلُّ ركيّةٍ (= بئرٍ) لم

تُطوَ (= لم يُبْنَ لها جِدار من الداخل)، أو مطوية. سَبَقتُ إلى فَرَطٍ ناهِلٍ ... تنابلةً يحفِرون الرِساسا أي المعادن. [المجاز 2/ 75، 223]. Qالنفاذ إلى عمق الشيء أو أثنائه بقوة ودقة (¬1) كالجواهر في المعدن (المنجم) وكما يُتَعَمَّق في حفر البئر "رَسَسْتُ رَسًّا: حفرت بئرًا. رَسُّوه في بئر: دَسُّوه فيها ". {وَأَصْحَابَ الرَّسِّ} [الفرقان: 38] وكذا ما في [ق 12]، هو كل حَفْر احْتُفِرَ كالقبر والمعدِن والبِئر. والمراد قوم رَسُّوا داعيَهم إلى الله في بِئْر، أو هم أصحابُ الأخدود. [قر 13/ 32]. ومنه "الرَسَّة -بالفتح: السواري المُحْكَمة (نافذة مثبتة في الأرض). وبالضم: القَلَنْسُوَة " (لفراغها ودَسّ الرأس فيها). ومن ذلك "الرَسِيس: الشيء الثابت الذي قد لَزِمَ مكانه. ورَسْرَس البعيرُ ورَسَّسَ: ثَبَّتَ ركبتيه في الأرض لينهض. والرَسّ: العلامة " (كأنما غُرِسَت فوق المُعْلَم). ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الراء عن الاسترسال، والسين عن النفاذ في دقة وقوة وامتداد، فعبر الفصل منهما عن نفاذ إلى الأثناء بقوة ودقة كالرس الموصوف. وفي (رسو) زادت الواو التعبير عن الاشتمال أو الاحتواء، فعبر التركيب عن (سئوخ) الشيء بقوة في ما يمسكه ويحتويه كالرَسِىّ: العمود في الأرض. وفي (رأس) زادت دفعة الهمزة، وعبر التركيب عن نتوء طرف من الشيء دقيق فيه قوامه كالرأس. وفي (رسخ) عبرت الخاء عن تخلخل وعبر التركيب عن تغلغل قاعدة الشيء في ما يشبه المتخلخل فيتمكن. وفي (رسل) عبرت اللام عن التميز والاستقلال وعبر التركيب عن تميز النافذ وانفصاله ممتدًّا كالشيء المرسَل.

(رسو)

ومن الأصل "رَسُّ الحُمَّى ورَسِيسُها: بَدْؤُها وأولُ مَسِّها (أي أول الإحساس بسخونتها تدب في أثناه البدن وتَتَغلغل فيه قويةً حادة). وبَلَغَه رَسٌّ من خَبَر، وذَرْءٌ من خَبَر أي طَرَفٌ منه (دقيق نفذ إليه). وأَهْلُ الرَسِّ الذين يبتدئون الكذبَ ويُوقِعُونه في أَفْواه الناس " (يبُثّونه ويُنْفِذُونه بينهم دقيقًا لإخفائه وقويًا لإحكامه). ومن الأصل "رَسَّ بينهم: أصلح. إنك لتَرُسّ أمرًا ما يلتئم (كأنما وضع في الفجوة والصَدْع ما يجعله يلتئم ويلتحم)، وأَفْسَد " (كأنما أنفذ بينهم ما يُفْسد) (كلاهما دَسُّ شيءٍ في الأثناء، فهو معنى عامّ لا تضادّ فيه، وإنما قد تتضاد التطبيقات الجزئية اتفاقًا). • (رسو): {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} [النازعات: 32] "الرسِىّ -فعيل: العمود الثابتُ في وَسَط الخِباء، والرَسْوة: السِوار من الذَبْل أو من خَرَز " (الذَبْل دَرَقة السُلَحْفاة). Qثبات الشيء بلزوم أسفله أو باطنه ما يمسكه بتمكن. كالعمود في الأرض والسِوَار في الذراع. ومنه "رَسَا الجَبَلُ: ثَبَت أصله في الأرض {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا}، {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ} [الرعد: 3]، ورَسَت السفينة: بلغ أسفلُها القَعْرَ وانتهى إلى قَرَار الماء فثبتَتْ وبقيت لا تسير {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هود: 41]. وقِدْرٌ راسية: لا تبرح مكانها ولا يطاقُ تحويلها لعظمها. {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} [سبأ: 13]. والذي في القرآن من التركيب هو (رواسي) الجبال، (راسيات) القدور، و (مُرْسَى) السفينة أي رُسُوّها، ومنها (مُرْسَى)

(رأس)

الساعة [الأعراف 178، النازعات 42] أي وقت وقوعها. كما سميت (واقعة)، (حاقة). ومن معنويه "رسا الصومَ: نواه (أثبت العزم عليه في قلبه)، رسا عنه حديثًا: رَفَعه وحدّث به عنه " (التقطه فاستوعبه ثم نقله، أو أسنده إليه فأثبته له). • (رأس): {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} [الفتح: 27] "الرأْسُ رأْسُ الإنسانِ وغيره. ورَائس النهرِ والوادي: أعلاه .. وكل مُشْرفٍ رائسٌ، ورأسُ كل شيء: أعلاه ". Qالطرف الجامع لقوام الشيء في أعلاه أو مقدمه. كالرأس {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6]. وكل ما في التركيب هو (رأس) الحيّ وجمعها (رءوس) عدا {رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [البقرة: 279] وهي مشبهة برأس الحي في جمعه قوامه. ومنه "رَأَسَ السيلُ الغُثاء (كفتح): جَمَعَه، أو جمعه واحتمله (أعلاه). والرَأْس: القوم إذا كثُروا وعَزّوا (صاروا جمعًا فاكتمل قِوامهم) ورَأَسَ الرجلُ قومَه ورأس عليهم (كفتح): صار رئيسَهم ومقدَّمهم (ارتفع عليهم وصار قِوَامهم) ورِئَاسُ السيف ورِياسه: مَقْبِضُه (قوامه أي يقيمه وينصبه) وأنت على رِئاس أَمْرك: أي أَوّله " (طرفه وأول قوامه). • (رسخ): {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [النساء: 162] "رَسَخَ الدِمْنُ (وهو الزِبْل المتلبِّد والبَعَر): ثبَت، ورَسَخَ المطر: نَضَب نداه في داخل الأرض (أي غار) والتَقَى الثَرَيان. ورَسَخ الشيءُ: ثبت في موضعه ".

(رسل)

Qتمكن ثبوت الشيء بتغلغله في مخلخلٍ أسفلَه. -كتغلغل ماء المطر وتراكم الدِمْن في الأرض. ومنه "رَسَخَ الغديرُ: نَضَب ماؤه (غار في الأرض) ورَسَخ الحِبْر في الصحيفة. والراسخُ في العلم: (الذي تغلغل في العلم، أو تغلغل العلم في باطنه فعَرَف خفاياه). {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} [آل عمران: 7] وكذا ما في آية التركيب. وخلاصة القول في آية آل عمران هذه أن الراسخين يعلمون من المتشابه ما يتاح إجمالًا، بالآثار أو بمعاني اللغة، ثم يسلمون الأمر لله في ما غاب من تفاصيل قائلين كل من عند ربنا، فلا يعلقون رسوخ إيمانهم على التفاصيل والكيفيات المغيبة. [ينظر بحر 2/ 400 - 401]. • (رسل): {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة: 33] "أرسلْتُ الطائر من يدي: أطلقته (مصباح). الرِسْل -بالكسر والتحريك: اللَبَن ما كان. وقوائم البعير رِسَال واحدها كذِئْب. رَسِل الشَعَر (فرح): كان طويلًا مسترسلًا. الرَسَلُ -محركة: قطيعٌ من الإبل والغنم بعد قطيع ". Qتسيب من المقر أو الحيز مع امتداد وتميز -كانطلاق الطائر من اليد، واللبن من الضرع، وامتدادُ الطائر ابتعادُه، واللبنِ تتابعه، إذ يتاح حَلْبُه صباحًا ومساء، وقوائم البعير تبدو ممتدة من بدنه قوية، وهي متميزة كالمستقلة لطولها، وكقطيع الإبل والغنم يبدو متسيبًا متميزًا من غيره وهو ممتد. يقال "أورد إبله أرسالًا: جماعة بعد جماعة ". ومنه "المُرْسَلة -كمُكْرمة: قِلادة تَقَعُ على الصدر عالقة بالرقبة، (ممتدة

ليست على قدر العنق فقط). وترسَّل في الركوب: بسط رجليه على الدابة حتى يُرْخِىَ ثيابه على رجليه (امتداد). (والرسول ينطلق من طرف من أرسله برسالة متميزة عنه أي ليس هو منشئها) {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} [الفتح: 29]، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107] وهكذا المعنى بالنسبة لكل (إرسال) الله (رسولا) أو (رُسُلا) إلى أقوامهم. أو (إرسال) أحد أحدًا في أمر {فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ} [يوسف: 19] {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ} [الشعراء: 53] أو (تكليفه) بأمر {وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً} [الأنعام: 61] {وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} [المطففين: 33] وكل ذلك كثير في القرآن. و "أرسل الشيءَ: أطلقه وأهمله (= خلّاه)، وأرسل الكلابَ على الصيد {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ} [مريم: 83]، {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا} [القمر: 19]، {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا} [القمر: 34]. (كأنها تشارك في الغضب لله عز وجلّ ثم يطلقها الله) {فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الأعراف: 105] (أي أطلقهم ليخرجوا معي). (والرسول) يكون مرسلًا من الله، وقد يمون ملَكًا {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ} [مريم: 19] {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} [الأنعام: 61] {إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ} [يونس: 21] وكل ذلك كثير في القرآن، وقد يكون مجرد رجل مبعوث من شخص آخر {فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} [يوسف: 50]. والسياقات واضحة. والحمد لله. ومن التسيب في الأصل عُبِّر بالتركيب عما فيه معنى الاسترخاء ومنه "على رِسْلك -بالكسر: على هِينَتِك، وناقة رَسْلَة القوائم -بالفتح: سَلِسَة لينة

معنى الفصل المعجمي (رس)

المفاصل. ورجل فيه رَسْلَة أي كَسَل. والتَرَسُّل في الكلام والقراءة: التَمَهُّل والترفُّق .. من غير أن يرفع صوته شديدًا ". ° معنى الفصل المعجمي (رس): النفاذ بامتداد كما يتمثل ذلك في نفاذ البئر أو الجوهر (أي المادة حديدًا أو ذهبًا) في الأرض -في (رسس)، وفي سئوخ الشيء الراسي. في ما يمسكه كسئوخ عمود الخيمة في الأرض -في (رسو)، وفي امتداد الرأس كالمنسحبة من البدن إلى أعلى -في (رأس)، وفي تغلغل الشيء الراسخ أو أصله (في ما تحته) -في (رسخ)، وفي تسيب الشيء نافذًا مما هو فيه باستطالة أو توالٍ كالقوائم من البدن واللبن من الضرع -في (رسل). الراء والشين وما يثلثهما • (الرَشّ) - بالفتح: المطر القليل/ أولُ المطر. رَشَّتْ العينُ والسماءُ وأَرَشَّتْ: جَاءَت بالرشّ. وأَرَشَّت الطعنةُ .. ورَشَاشُها: دَمُها. وتَرَشْرَشَ الماءُ: سال. وشِوَاءٌ مُرِشّ- بضم فكسر، ورَشْرَاش -بالفتح: خَضِلٌ نَدٍ يقطرُ ماؤه أو دَسَمُه ". Qانتشارُ أشياء طرية دقيقة وكثيرة من الشيء (¬1) كالمطر ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الراء عن الاسترسال والشين عن انتشار أشياء دقيقة، فيعبر الفصل منهما عن انتشار دقاق طرية كالرش: المطر القليل. وفي (ريش) تعبر الياء عن نوع من الاتصال،. فيعبر التركيب عن أن ذلك المنتشر الدقيق ممتسك كريش الطائر يخرج متشرًا في امتداد. وفي (رشد) تعبر الدال عن الضغط الممتد والحبس، وبوقوع هذا على المسترسل المنتشر يتجمع ويجمد ويصلب كالرشادة ورشد القاصر.

(ريش)

ودم الطعنة وقَطْر الشِوَاء. ومنه "عَظْمٌ رَشْرَاشٌ: رِخْو " (كأن المقصود أنه يرشح منه الودك). • (ريش): {قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا} [الأعراف: 26] "الريش: كُسْوة الطائر معروف، والرَيَش -كسبب: كثرة الشعر في الأذنين ". Qما ينبت منتشرًا على ظاهر جلد الحيّ فيكسوه -كالريش والشعر من بدن الطائر والحيوان. ومن مجازه "راشَ الرجلُ: استغْنَى، وراشَه اللهُ مالًا: أعطاه، وراش صديقَه: أطعمه وسقاه وكساه. وراشه الله: نَعَشه، ورِشْتُه: قَوّيتُه وأعنتُه على معاشه وأصلحت حاله. وكل من أوليتَه خيرًا فقد رِشْتَه (كل ذلك تزويد بما يكسو ويحفظ). والرِيشُ والرياش: الخِصبُ، والمعاشُ، والمالُ، والأثاثُ، واللباسُ الحسن الفاخر {وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ}، وذات الريش: ضَرْب من الحَمْض .. ينبت خِيطانًا من أصل واحد. (فهذه الخيطان تشبه شعر الريش). • (رشد): {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10] في [تاج] "الرَشادة: الصخرة. وسمع الأزهري غير واحد من العرب يقول: الرَشَادة: الحَجَر الذي يملأ الكف. قال وهو صحيح ". Qصلابة أثناء الشيء وتماسكها تماسكًا شديدًا -كالحجر والصخرة. (وليس هناك استعمالات مادية إلا هذا وقولهم "حَبّ الرشاد بقلة لها

حَبٌّ حِرّيف: هو الحُرْف. لكن الأزهري قال إن هذا -يعني لفظ "حب الرشاد "-اسم بديل لاسم الحُرْف لتشاؤمهم منه. فيسْتَبْعَد لأنه بذلك لا يعبر عن المسمَّى. أما الرُشْد والرَشَد في الاستعمال المعنوى أي غير المادي فقد غلب -في [ل، تاج]- تفسيرُه بالهداية بمعنى الدلالة على الطريق مطلقًا، وغلب على سائر المعاني، كما أنه أُجمل فعُرِّفَ بنقيض الغَىّ، وأن مراشد الطريق مقاصدُه. ولبعد الهداية إلى الطريق (مطلقًا) عن المعنى المحوري (الصلابة ..)، ولأن الراغب لم يحسم المعنى فقال "الرُشْد والرَشَد: خلاف الغيّ، ويستعمل استعمال الهداية "ثم علق على آيتَى رُشْد التيم، ورُشد إبراهيم عليه السلام بأن بين الرُشْدين بونا بعيدًا، ولم يبيّنْه، وحكى عن (بعضهم) أَن الرُشْد يقال في الأمور الدنيوية، والرشَد -أي بالتحريك -في الأخروية لا غير- لذا تحولتُ عن المصدرين الأساسيين: [ل، تاج]، ونظرت في غيرهما. جاء في [الفروق] عن أبي عمرو بن العلاء أن الرُشْد: الصلاحُ ومنه قوله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6]، وأضاف أن الرَشَد -بالتحريك: الاستقامة في الدين ومنه {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66]، (قراءة أبي عمرو بالتحريك). وهذا مناسب للمعنى المحوري، لأن الصلاح من باب الصلابة، لأن الصلاح صحة وسلامة، كما أن الصلاح مناسَبةٌ لما يراد "أديم يصلح للنعل "، [تاج] (أي بمتانته ومقداره]. وفي [لفروق] أيضًا "المرشد: الهادي للخير والدالّ على طريق الرشد. إذا دَلّه على الطريق المؤدي إلى الغرض المطلوب فقد أرشده، وإذا قَبِل هو قولَ الدالّ فسلك قَصْدَ السبيل فهو

راشد، وإذا بَعَثَتْهُ نفسه على سلوك الطريق القاصد فهو رشيد " [ينظر الفروق باب 6 1 الفقرتين 1، 10، وفي تحقيق عيون السود 235، 238]. وفي المصباح "الرُشْد: الصلاح، وهو خلاف الغي والضلال، وهو إصابة الصواب. وهو لِرَشْدة أي صحيح النسب "وفي الأساس "هو يمشي على الطريق الأسدّ الأرشد، وتقول للمسافر "راشدًا مهديًّا "ولا يَعْمَى عليكَ الرَشَدُ. إذا أصاب وجه الأمر ". فالتحرير أن معنى الرُشْد هو صلاح الأمر وكونه على الوجه الصحيح، ويصح تفسيره بنقيض الغيّ، وبالهداية إلى ما هو صواب خاصة. ورُشْد الصبي استحكام صواب نظرتِه إلى الأمور وتقويمها وتصريفه مع الجِدّ والصلابة على ذلك. وتفسير الإرشاد باهداية ينبغي أن يكون مقيدًا بالهداية إلى الطريق الأسدّ الصحيح الصائب الأقصد، لا مطلق الهداية إلى طريق ما. فإن الهداية قد تستعمل في هذه الدلالة المطلقة لما لا يستحبّ الوصول إليه {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 23]. ويؤيد أن الهداية في أصلها: دلالة مطلقة وأن الرُّشْد أخصّ قوله تعالى: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} [الجن: 2]. حيث استعمل الهداية في الدلالة والرُشْد بمعنى الحق والصواب أو الخير. {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة 256] استبان الإيمان من الكفر [بحر 2/ 292] (أي تبين الصواب والحق وهو لزوم الإيمان بالله ولذا فلا إكراه، بل كل يتحمل مسئولية موقفه) ومثلها في معنى الرُشْد ما في [الأعراف 146، الجن: 2] {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ} [الأنبياء: 51] أي من قبل النبوة هدينَاه للحق والصواب من أمر الدين. وفسر أيضًا بالنبوة مغ أقوال أخرى [ينظر قر 11/ 296، بحر 9/ 298]. وأما {عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66] فقد كان علم الخضر معرفةً

معنى الفصل المعجمي (رش)

ببواطنَ قد أُوحِيت إليه، وعلم موسى الأحكام والفتيا بالظاهر [بحر 6/ 139] أقول: ومجال علم الخضر غامض، فكان موسى يشترط. وعن موقف الأئمة من رُشْد الصغير {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6]، أهو العقل أم إحكام التصرف؟ [ينظر قر 5/ 37]. وفي قوله تعالى على لسان الجن: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [الجن: 10]. (أي بإرسال النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم، لأنهم إنْ أَبَوْا هلكوا كالأمم السابقة، وإن آمنوا اهتدوا (- أي رَشَدوا) عن [قر 19/ 14]. {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة 186] يتهدون لمصالح دينهم ودنياهم [بحر 2/ 54، قر 2/ 314] {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} [هود: 87] أي ذو رشد أو بمعنى راشد أو مرشد أي صالح أو مصلح .. [قر 9/ 177]، وفيه "شديد يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر "وهذا كأنه ناظر إلى الصلابة والحدة في الأصل اللغوي، ومثلها يقال في ما في [هود 87 تهكما، 97]. {وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} [الكهف: 17]، ومن تعرض للخذلان فلن مجد من يليه ويرشده بعد خذلان الله (إياه) [الكشاف 2/ 681]، {أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} [الحجرات: 7]: الرشَد: الاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه من الرشادة الصخرة. اهـ[قر 16/ 314] وبالاهتداء لمصالح الدين والدنيا يفسَّر الرشَد -بالتحريك؛ والرشاد في كل آياتهما. ° معنى الفصل المعجمي (رش): انتشار الأشياء الدقيقة الطرية كالرش المطر القليل -في (رشش)، وكالريش بانتشاره على البدن مع لينه ودقته -في (ريش) وكأثناء الحجر (قبل أن يتحجر) فهو ذرات ضعيفة تجمعت وتحجرت فصارت رشادة، وكالصبي بضعفه وطراءته قبل أن يشتد ويرشُد في (رشد).

الراء والصاد وما يثلثهما

الراء والصاد وما يثلثهما • (رصص- رصرص): {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4] "الرَصَاص من المعدنيات معروف. والرَصّاء والرَصُوص من النساء: الرَتْقاء ". Qالْتِحام المادة (اللينة) مع غلظ وقوة (¬1) كحال الرتقاء، والرَصَاصُ ثقيل جدًّا وليّن (طري) وثقله يوحي بامتلاء أثنائه أي شدة اكتنازه. ومنه "رصّ البنيانَ ورَصْرَصه: أحكمه وجَمَعه وضمّ بعضَه إلى بعض، والشيءَ: ألصق بعضه ببعض. وكل ما أُحْكِم وضُمَّ فقد رُصّ " {صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} ومنه "الرَصَّاصة -كنَشَّابة والرَصْرَاصة: حجارة لازمة لما حوالَيْ العين الجارية ". (بالغة الصلابة لا يؤثر فيها الماء الجاري). • (رصد): {فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [الجن: 27] "الرَصِيدُ: السبع الذي يَرْصُد لِيثِب. ومراصدُ الحيات: مكامنها. الرصود من الإبل: التي ترصُد شُرْبَ الإبل ثم تشرب هي. فلان يرصُد فلانًا (نصر) ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الراء تعبر عن استرسال الجرم أو حركته، والصاد عن الغلظ امتلاءً أو صلابة، فيعبر الفصل منهما عن امتلاء مسامِّ -الطريّ فيتماسك شديدًا ويصلُب أو يَثْقل ويشتد كالرَّصَّاء وفي (رصد) تعبر الدال عن الضغط الممتد بحبس، فيعبر التركيب معها عن نوع من التحبس في مكان ترقبّا لأمر ذى بال.

معنى الفصل المعجمي (رص)

ورَصَدًا -بالتحريك: يقعد له على طريقه. الرُصْدة: الزُبية (= حفرة في أعلى ربوة تُغَطَّى ليقع فيها الأسد أو الذئب، وأيضًا يستتر فيها الصائد). Qلزوم مكان للترقب مع تحفُّزٍ للأخْذ أو الإصابة كالسبع والحيات في مكامنها، وكالناقة التي تنتظر شرب الإبل. والزُبية مكان للارتقاب. ومنه في الحديث "إلا دينار أُرْصِده لدَيْن: أْمْسِكه أو أُبْقِيه. المَرْصَد والمِرْصاد: المكان الذي يُرْصَد فيه العدو {لَبِالْمِرْصَادِ}: يراقبك ولا تفوته [وسيط] {وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [التوبة 107] (إنشاء مسجد الضرار مركزًا لهم) {وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} [التوبة: 5] ومثلها ما في [النبأ 21، الفجر 14]. والرَصَد -محركة: الراصد يستوي فيه الواحد والجمع .. {يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} [الجن: 9]، {يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [الجن: 27]. ° معنى الفصل المعجمي (رص): الالتحام بغلظ أو متانة كما يتمثل في التحام الرصاص وحال المرأة الرتقاء -في (رصص)، والغلظ هنا أن هذا عيب يحرم المرأة من الأمومة، وكما في لزوم المترصد مكانه مع تحفز ليهجم أو ياخذ، والزبية مرصدة للأخذ أيضًا -في (رصد). الراء والضاد وما يثلثهما • (رضض - رضرض): "الرَضُّ: الدقُّ الجَرِيش (= الخَشِن). رَضَّ الشيء: لم يُنْعم دَقَّه. رَضّ رأس الجارية بين حجرين. والرَضُّ -بالفتح: التَمْر الذي يُدَقُّ فيُنَقَّى عَجَمُه (= نواه) ويلقى التمر في المَخْض أى في اللبن (الرائب). والمُرِضّة -بضم الميم وكسر الراء: الرَثِيئَة الخاثرة. وهي لَبن حليب يُصَبّ عليه لبن حامض، ثم يُتْرك ساعة فيُخرج

ماءً أصفرَ فيُصَبّ منه (أي يُصَفَّى ويُطْرَح، ويُشْرَبُ الخاثر). وقد أَرَضَّت الرثيئةُ: خَثُرت ". Qرخاوة الشيء الغليظ لإذهاب غلظ أثنائه بالدق ونحوه (¬1). كرض رأس الجارية يجعله كتلة رخوة، وكالرضّ والمُرِضّة الموصوفين. ومن الصور المادية لمعنى الرخاوة مع الغلظ "بعير ورجلٌ رَضْراض: كثير اللحم ". ومنها "الرَضْراض: الحصا الذي يجرى عليه الماء " (فالحصا كالغليظ المفتت، والماء الجاري عليه يمثل الرخاوة) وكذلك منها "أرضّ التعبُ العَرَقَ: أساله ". فالتعب هو الغلظ والعَرق رخاوة لأنه ماء. ويلزم من الرخاوة مع الضخامة الارتجاج "امرأة رَضْراضة من السمن، وكفل رَضْراض ". ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الراء عن استرسال الجرم برقته أو حركته، والضاد عن الغلظ مع طراءة وليونة، فيعبر الفصل منهما عن تضخم الشيء مع طراءة ورطوبة كالبعير الرضراض الكثير اللحم. وفي (رضو- رضى) تضيف الواو والياء معنى الاشتمال أو اتصال الشيء، فيعبر التركيب معهما عن التملّؤُ بطرى غض -كترطُّب الباطن (بَرْد القلب) عند الرضا. وفي (روض ريض) عبرت الواو عن نحو من الاشتمال والاحتواء أيضًا، ويعبر التركيب عن احتواء الماء احتواء حقيقيًا كما في استنقاع الماء في المكان حتى يتشبع به. وفي (أرض) سبقت الهمزة بضغطها الذي يعطي التجمع والتكتل، وعبر التركيب معها عن زيادة تجمُّع تتمثل في الضخامة أو الكثافة مع رخاوة ما كالأرض، وفي (رضع) تعبر العين عن التحام الجرم مع رقّة، وبذا يعبر التركيب عن نحو جذب ما هو رقيق من ذلك التجمع الرخو كما في الرَّضاع.

(رضو - رضى)

ويلزم من الضخامة مع الرخاوة الثقلُ والإبطاءُ، أو لزوم المكان كما في "أرَضّ: ثَقُل وأبطأ، وأرَضّ بالأَرْض: أَرَبَّ بها فلم يبرح ". • (رضو - رضى): {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة: 100] "الرضا: خلاف السُخط رَضِيتُ به وعنه، وربما قالوا عليه، ثم قالوا رضيته ". Qتشبع النفس وامتلائها بَلالًا ورقة نحو شيءٍ، أخذًا من (رضض) ومن مِثْل "أراضَ: شرِب عَلَلًا بعد نَهَل حتى نَقَع رِيّا. {وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ} [الأحزاب: 51]، {خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ} [آل عمران: 15]. {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: 207] أى رضوانه و (التراضى: رضا كل من أفراد جماعة بأمرٍ ما اتفقوا معا عليه) {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} [النساء: 24] وكذا ما في البقرة 232] و (ارتضى) أرى فيها مبالغة في الرضا {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28] لا يجسرون على أن يشفعوا إلا لمن ارتضاه الله وأهّله للشفاعة [بحر 6/ 285]. {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة 3] كانهم في يوم مباهاة الله ملائكتَهُ بهم هذا حققوا أهليتهم لإنعام الله عليهم بهذا الدين. • (روض- ريض): {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} [الروم: 15] "المَراض -كسحاب: المكانُ السهلُ لا يمسك الماءَ (اي هو يشرب الماء إذا سُكب عليه ولا يُبْقيه ظاهرًا) وأسفلَ السهولة صلابة تُمْسِك الماء (أي تحبسه فلا يتسرب إلى الأعماق ويفنى). والرَوْضَة -بالفتح: الموضع المنخفض يجتمع إليه

(أرض)

الماء، يكثر نَبْته من البَقْل والعُشْب. وهي أيضًا الرِيضَة -بالكسر، والأَرِيضة والأَرَاضة، والمستريضة .. ولا تكون رَوْضَةً إلا بماء معها أو إلى جنبها. وأراضَ الوادي والحوضُ: استنقع فيه الماء. وأراضوا: شربوا عَلَلًا بعد نهل ". Qرخاوة الأَرْض من تشبُّعها بالماء والرطوبة: كأرْض الرَوْضة الموصوفة، ويلزم مثلَها كثرةُ النبت والخضرة: {فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ} [الشورى: 22]، وكذا ما في آية الرأس. كما أن كثافة النبت والخضرة في مكان تعد رخاوة ورطوبة له. ومن رخاوة الأرض استُعمل التركيب في رخاوة ما هو كثيف له صلابة معنوية. ومن هذا: "رُضْتُ الدابَة أرُوضُها: وَطَّأْتها وذَلَّلْتها (جعلتها ذليلة طيْعة). ورَاوَضْتُه في البيع والشراء وهو ما يجرى بين المتبايعين، كأن كل واحد منهما يُرَوِّض صاحبه. والرَيِّض -كسيِّد- من النُوق: ما بدأ رَوْضُها وهي صَعْبَةٌ بعدُ ". • (أرض): {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} [العنكبوت: 56] "الأرض التي عليها الناس. أرض أرِضةٌ وأريضةٌ بيّنَهُ الأراضة: زكية كريمة مُخِيلة للنبت والخير/ هي التي تَرُبُّ الثرى وتَمرَحُ بالنبات. الأَراضة: الخِصْبُ وحسن الحال. ما آرض هذا المكان: ما أكثر عشبَه. ما آرض هذه الأرض: ما أسهلها وأنبتها وأطيبها ". Qكثافة الجرم مع غِنَى باطنه بلطيف تقوم به وعليه الأشياء: كهذه الأرض التي نحن عليها، فهي كثيفة الجرم وتحمل كل ما عليها، وغنية الباطن بما ينبت النبات. وهذا ملحوظ في الاستعمالات المعبرة عن

الخصوبة. ومنها امرأة رَيّضة أريضة: وَلود كاملة (قالوا) على التشبيه بالأرض "ومن صور خصوبة الباطن كذلك "جَدْىٌ أريضٌ: سمين ". ومما يُحمَل على خصوبة الباطن هذه "رجل أريض بيّن الأَراضة: خليق للخير متواضع. هو آرضهم أن يفعل ذلك أي أخلقهم. وهو أريض بكذا: خليق به " (في إمكاناته المذخورة ما يؤهله لذلك). ومن جنس هذا الفرع "لا صيام لمن لم يُؤَرّضه من الليل أي لم يهيئه ولم ينوه ". ومعنى القيام على الأرض، والإقامة متمكن في التركيب. ومن صوره: أ) "تأرض النبت: أمكن أن يُجَزّ " (تمكن في الأرض وارتفع وأمكن فيه ذلك). ب) (تأرض في المكان ثبت فلم يبرح/ أقام به ولبث. تأرض المنزلَ: ارتاده وتخيره للنزول. استأرض السحاب: انبسط، أراض الوادي: استنقع فيه الماء ". ج) "بَعير شديد الأَرْض: شديد القوائم. الأرض: أسفل قوائم الدابة. أرض الإنسان: ركبتاه فما بعدهما " (إلى أسفل) كل ذلك دفع وحمل إلى أعلى. ولعله وضح أن ما في الفقرة السابقة (صور للقيام والإقامة) يمكن أن يردّ كله إلى (الأرض) هذه التي نعيش عليها أي يمكن أن يؤخذ من معنى حملها إيانا - هذا الحمل الذي يؤخذ منه الرفع والقوائم والثبوت. والذي ورد في القرآن الكريم من هذا التركيب لفظ (الأرض) هذه التي نعيش عليها. أو بقعة خاصة منها يُعيّنها السياق. عدا {وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ} [الزمر 74] فالسياق يجزم بأنها أرض الجنة [وانظر بحر 6/ 318]، وما في [الأنبياء 105] الراجح أنها أرض الجنة كذلك [ينظر بحر 6/ 318].

(رضع)

• (رضع): {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23] "رَضِع المولودُ أمه يرضَعها (كسمِع وضرب ومنع) وأرضعتْه أمه. واستَرْضَعْتُ المرأةَ وَلَدى: طلبت منها إرضاعه ". Qمَصّ اللبن أو المائع إلى الباطن من كتلة رخوة كالضرع.- فهذه هي الرَضاعة {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ ...} [البقرة: 233]، {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ ...} [البقرة: 233]، أي تستأجروا مَراضعَ فهذا المفعول محذوف. وكل ما جاء من التركيب في القرآن فهو بمعنى الرضاعة الحقيقية هذا. والمُرْضعة: التي ترضع وجمعها (مراضع). أما "رَضُع -ككرم فهو رَضيع أي لئيم "فمن أن الخسيس منهم كان يَرْضَع لبن نَعَمه خِفْية لئلا يُسْمَعَ صوتُ الحلْب فيُسألَ اللبنَ أو يبذله. ° معنى الفصل المعجمي (رض): تضخم الجرم مع رخاوة باطنه كما يتمثل ذلك في الرّضّ التمر في اللبن الرائب -في (رضض)، وفي قلب الراضي أو نفسه حال مخالطة بلال الرضا إياه -في (رضو/ رضى) وهو بلال معنوى وكما في الرَوْضة بطينها ومائها ونباتها -في (روض/ ريض)، وكما في كثافة جِرْم الأرض أو ضخامتها مع لطف باطنها المتمثل في إنباتها ما لا يحاط به من النبات الذي هو غض في أول أمره وغالب حاله -في (أرض)، وكلما في مص اللبن من الثدي أو الضرع فتمتليء بطن الراضع بالرخاوة -في (رضع).

الراء والطاء وما يثلثهما

الراء والطاء وما يثلثهما • (رطط- رطرط): "الرَطْراط -بالفتح: الماءُ الذي أسأرَتْه الإبلُ في الحياض ". Qاختلاط الماء ونحوه بكثيف يعكره ويلزمه (¬1) -كذلك الماء الذي أُسْئِرَ في الحياض وكثافته عَكَرُهُ وشَوْبُ الطين إياه ضَرُورةَ أنه سؤر الإبل في الحياض. ومنه "الرطيط: الجلبة والصياح " (أصوات كثيرة عالية مختلطة - وهذه كثافة- وبلا معنى) ومن معنويه "الرطيط: الأحمق " (معكر الذهن مشوبه). • (رطب): {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} [مريم: 25] "الرُطَبُ -كعُمَر: نَضِيجُ البُسْر قبلَ أَن يُتْمِرَ. والرُطْب -بالضم وبضمتين: الرِعْىُ الأخضر مِن بُقول الربيع، وأرض مُرْطِبة -فاعل: مُعْشِبة كثيرة الرُطْب والعُشْب والكَلأَ. والرَطْبة -بالفتح: الفِضْفِصَة أي القَضْب ما دام طريَّا. والشيء الرطب -بالفتح: المبتل بالماء ". Qتندَّى الشيء الكثيف المتماسك وبللُ أثنائه وطراءتها ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الراء عن الاسترسال، والطاء عن غلظ، والفصل منهما يعبر عن كثيف تخالطه. رخاوة كالرطراط: الماء الذي أسأرته الإبل فهو عَكِر. وفي (رطب) تزيد الباء التعبير عن التماسك والتجمع، فعبر التركيب معها عن تماسك ما هو كثيف رخو مع طراءته كالرُّطَب فهو كتلة حلوة كاللحم الطري وداخلها نواة.

معنى الفصل المعجمي (رط)

كالرُطَب والرُطْب (: الرِعْيُ الأخضر من البقل والشجر/ الكَلَأ) والرَطْبة (: الطريّ من البرسيم الحجازي) {وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 59]، {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} رَطُب (ككرم وكفرح): نَدِىَ وابتل (الوسيط بتصرف). وقد عُلِم أن الرُطَب هو نضيج البُسْر. ومن معنويه: "رَطِب فلان (فرح): تكلم بما عنّ له من "الخطأ والصواب " (ضعف وغضاضة تتمثل في فقد الصحة والسلامة). ° معنى الفصل المعجمي (رط): رخاوة أثناء الشيء الكثيف أو تندّيها كالرطيط: الماء العكر -في (رطط)، وكجسم رُطَب التمر -في (رطب) وهو كتلة ثخينة رخوة. الراء والعين وما يثلثهما • (رعع- رعرع): "قصب رَعْراع -بالفتح: طال في منبته وهو رَطْب. والرَعْرَعة: اضطراب الماء الصافي الرقيق على وجه الأرض. وترعرعت سِنُّه: تحركت ". Qامتداد الجرم مع رقته (أي عدم كثافته) ورخاوته أو ضعفه (¬1): كذلك القصب (وهو فارغ الجوف) يطول مع رطوبة، وكذلك الماء ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الراء عن استرسال، والعين عن التحام الرقيق، فعبر الفصل منهما عن امتداد على رقة وضعف كالرعرعة اضطراب الماء الرقيق على وجه الأرض وكالقصب الرعراع. وفي (رعى) أضافت الياء معنى الاتصال (وهو هنا الاستمداد)، فعبر التركيب عن نحو أكل المرعى. وفي (روع) عبرت الواو عن نحو الاشتمال، فعبر التركيب عن الاشتمال على رقة في الباطن لها حِدّةٌ ما (أخذًا من الرقة لأنها دقة) =

(رعى)

الرقيق يسترسل على وجه الأرض وكتلك السن الضعيفة. ومنه "تَرَعْرَع الصبي: نشأ ونما/ تحرك ونشأ (النمو حركة وامتداد، والصبي غض طري) والرعرعة: حسن شباب الغلام وتحركه "ومن ذلك أيضًا (الرَعاع -كسحاب: الأحداث (طِراءة وخفة). ورعاع الناس (كسحاب -وعن شمر: كزُجاج): سُقّاطُهم وسَفِلَتهم. (صغار القيمة تشبيهًا بصغار السن) / الرُذال الضعفاء وهم الذين إذا فزعوا طاروا (خفة) .. ويقال للنعامة رَعَاعة -كسحابة، لأنها أبدًا كأنها منخوبة فزعة ". • (رعى): {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون: 8] "الرِعْى -بالكسر: الكلأُ نفسُه كالمْرعَى. وقد أَرْعَتْ الأَرْضُ: كثر رِعْيُها ". Qما تَغْتَذِى به الماشيةُ من نباتٍ غضٍّ طَريٍّ -أيَّا كان نوعه- فيحفظ حياتها: {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} [الأعلى: 4] {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا} [النازعات: 31]، {كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ} [طه: 54]. و "الراعي: حافظ الماشية " (يتيح لها المرعى ويمكنها ويراقبها ويحفظها من الضباع والسباع). ويُجْمع الراعي على رِعَاء {قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} القصص: 23]. ¬

_ = كالرجل الأروع. وفي (ريع) عبرت الياء عن الاتصال، فعبر التركيب عن زيادة في جرم الشيء -كالرِّيع المكان المرتفع. وفي (رعب) عبرت الباء عن تجمع رخو وتلاصق ما، ويعبر التركيب عن امتلاء الجوف بغض طري كالسنام الرعيب: الممتلئ السمين. وفي (رعد) عبرت الدال عن ضغط ممتد وحبس، وعبر التركيب عن اضطراب المجتمع الغض أو الرخو مع تماسكه وتحبسه كما في ترجرج بدن المراة السمينة.

(رعو)

ومن مجازه "رعى عَهْده وحقه وحرمته يرعاه: حَفِظه ". "والرعاية والمراعاة: النظر في مصالح الإنسان وتدبير أموره [بحر 1/ 506] {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: 27]، {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}. ومن ذلك "الراعي: الوالي والأمير. والرعية: العامّة. وكلُّ مَن وَلىَ أمرَ قوم فهو راعيهم كقوله - صلى الله عليه وسلم - "كلُّكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ". وسائر ما ورد في القرآن من التركيب هو من هذه الرعاية المجازية. ومن حال راعي الغنم ونحوها في أداء عمله "رَعَى النجومَ: راقَبها وانتظرَ مغيبها، راعيت فلانًا: راقَبْتُه وتأمّلْتُ فعله ولاحظته/ لاحظته مُحْسنًا إليه-[ق] ". * وفي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا} [البقرة: 104] .. ومنه ما في [النساء: 46] أي احفظنا ولنحفظك (للمفاعلة) أو من أرْعِنا سَمعَك أي فرّغ سَمْعَك لكلامنا .. وفي المخاطبة بهذا جفاء .. [قر 2/ 75] (المخاطبة بالمراعاة فيها جفاء من ناحيتين أولاهما أن فيها منادّة، والثانية أنها كالاشتراط والتعليق، وهذا لا يليق بمقامه - صلى الله عليه وسلم -. والأسلوب جفاؤه أنه أمرٌ وتنبيه- وهذا أيضًا لا يليق). وقيل في سبب النهي أن اليهود كانت لهم كلمة يتسابون بها تشبه هذه، فاستغلوا الكلمة العربية وقصدوا كلمتهم [ينظر بحر 1/ 508]. • (رعو): "الأُرْعُوّة: نِير الفدان (النير هو الخشبة الطويلة التي تُوثَق على عنقي الثورين اللذين يجرّان المحراث، والفلاحون يسمونها الناف) والرعْى -بالكسر: أرض فيها حجارة ناتئة تمنع اللُؤْمَة (: المحراث) أن تجرى ".

(روع)

Qالردّ (بلطف) عن الاتجاه غيرِ المرغوب أو عن التمادي فيه -كما يَرُدّ النِيْرُ الثورَ عن الاتجاه الذي لا يريده الحارث، وكما تردُّ الحجارة المِحْراث عن الاطراد في الشقّ. ومنه "ارْعَوَى فلان عن الجهل: نَزَع (كف) وحَسُن رجوعُه، وأرْعَى عليه: أَبْقَى (أي لم يتركه يزيغ فيهلك) / أبقى عليه ورَحِمَه "، فهو ردُّ من أجل الحفظ، وبذا فهو قريب من الرعاية. وكذلك الارْعِواء هو رجوع شفقة على النفس. • (روع): {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ} [هود: 74] "رَوَّعَ خُبْرَهُ بالسمن -ض: رَوّاه. الأرْوَع: الرجل الكريم ذو الجِسْم والجَهَارة والفَضْل والسُؤْدُد. وفرس رَوْعَاء: كأن بها فَزَعًا من ذكائها وخِفّةِ رُوحها ". Qكمال ظاهر الشيء رُواءً مع رقة باطنه بما يناسب طبيعته: كارتواء الخُبْز بالسمن وهو يطيب مذاقه وبه تكون القوة [انظر ل طرق] وكالرجل ذي الجسم والجهارة (بدن نشط النمو مع رِىّ باطن وهالة ظاهرة تكسب مهابةَ السُؤْدد) وقد قالوا "رجل أرْوَع ورُوَاع -كغُراب: حَيُّ النفس ذَكِيّ. وكذا الفرس والناقة الرَوْعاء (مع جسمها) ذكية شهمة حادّة الفؤاد "أي خفيفة في السير وتسرع لأدنى زجر، كما قالوا "قلب أرْوَع وكغراب يرتاع -لحدته- من كل ما سَمِع أو رَأى (كما نقول الآن حسّاس). والأرْوَع من الرجال: الذي يعجبك حسنه. والرَوْعة -بالفتح: المَسْحَة من الجمال. وراعني الشيء: أعجبنى. والرائع من الجَمال ".

(ريع)

ورقة باطن الإنسان خفة يتأتى معها الخوف والفزع. "رُعْته ورَوَّعْته -ض: أفزعته. والرَوْعُ -بالفتح: الفَزَع والخوف {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ}. كما يتأتى معها وَعْي ما ينفذ إليها "الرُوعُ -بالضم: الخَلَدُ والنفْسُ والبالُ "ونَفَثَ في رُوعى "أي ألقَى في فؤادي وباطني: أي ألهمني. "والمُرَوَّع -كمعظَّم: الملهم ". • (ريع): {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} [الشعراء: 128] "الرِيع -بالكسر: المكانُ المرتفع، وقيل: مسيلُ الوادي من كل مكان مرتفعٍ، والجَبَلُ، والسبيلُ سُلِكَ أو لَمْ يُسْلَك، وبُرْجُ الحمام. ورَيْع الدِرْع: فَضْلُ كُمَّيها، ورَيْعُ البَزْر: فَضْلُ ما يخرج من البَزْر على أصله. وترَيّع الودكُ والزيتُ والسمنُ: إذا جعلتَه في الطعام وأكثرتَ منه فتميَّع هاهنا وههنا. وتريّع الماء: جرى ". Qزيادة الشيء أو ارتفاعه -عن المعتاد أو عما حوله: كالجبل والمكان المرتفع، وكتميز السبيل بين ما حوله- وإلا ما كانا سبيلًا، وكفضل الدِرْع. فمن الرِيع المكانِ المرتفع: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ}. ومن الزيادة: الرَيْع -بالفتح النماء والزيادة: "راعَت الحنطة وأراعت: زَكَت. وراعَ الطحين: زاد وكثر (عن كَيْله حبًّا قبل الطحن) وراع العجينُ كذلك. وراعَ في يدي كذا: زاد. وأراعت الشجرة: كثر حَمْلها، والإبل: كثر وَلَدها ". ومن صور الزيادة: تجمع الشيء برجوعه بعد المفارقة: "رَاعَ الماءُ: رَجَع

(رعب)

وعادَ. وراع القيء إلى جوفه: رَجَع. وكل شيء رجع اليك فقد راع يريع ". ومن الشعر بهذا المعنى: {طمِعْتُ بليلى أن تَريع} {تَرِيع إلى صوت المُهيب} {وراعَ بَرْدُ الماء في أجوافها} • (رعب): {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} [آل عمران: 151] "سَنام رَعيب: ممتلئٌ سمين .. قال: تَرْعِيبُه ارتجاجُه وغِلَظُه كأنه يَرْتَجّ من سِمَنه. وجارية رُعْبُوبة ورُعْبُوب -بالضم، ورِعْبيب -بالكسر: شَطْبةٌ تارّةٌ .. رَطْبَة حُلْوة. وناقةٌ رُعُبوبة ورُعْبوب: خفيفة طياشة. رَعَبَ السيلُ الوادي: (فتح): مَلأَه، ورَعَبَ الحوضَ: ملأه ". Qامتلاء جوف الشيء بغضٍّ طَرِىٍّ يرتجّ فيه: كالشحم، والماء، وكالسنام والجارية والناقة الموصوفات. ومن ذلك: "الرُعْب: الفزع، التِرْعابة -بالكسر: الفَرُوقة من كل شيء ". والفَزَعُ نفسه تَزعْزُع واضطراب. ويتأتّى جنس معنى الخوف من طراءة مادة الباطن ورخاوته؛ لأن فيها نسبة من فراغ الباطن الذي يُعَبَّر به عن الخوف وما هو من جنسه -كما في {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: 43]، وقولهم: "منخوب الفؤاد " (ويوصف الآن من لا يخاف بأن قلبه جامد): {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} [الأنفال: 12]. والذي في القرآن من التركيب هو الرُعْب بمعنى الفزع وما إليه. ومن الاهتزاز والارتجاج: "السنام المُرَعَّب -كمُعَظَّم: المقَطَّع، والتِرعيبة- بالكسر: القطعة منه، ورعّبه -ض: قَطّعه "وذلك كله في حال جَزْر البعير.

(رعد)

والسنام شحم كله فإذا قُطّع فإن القطعة منه تهتز وترتج، وهذا واضح من ورود الاستعمال في السنام بالذات، وتسمية القطعة منه خاصة ترعيبة. فالقطع ليس أصيلًا في دلالة هذا التركيب. أما "رَعَّبَت الحمامة -ض: رفعت هديلها وشدته "، فهو من تحرك صوتها في ذاته، (وقريب منه ما يسمى في قراءة القرآن الترعيد) أو من تحريكه للشجون. • (رعد): {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ} [الرعد: 13] "امرأة رِعْدِيدة ورِعْديد -بالكسر: رَخْصة .. تارّة ناعمة .. يترَجْرَج لحمُها من نَعْمتها. ووصف أعرابي الفالوذج بأنه أصفرُ رِعْدِيد ". Qاضطراب الشيء المتجمع الغض مهتزًّا مع تماسكه: كلحم المرأة المذكورة، وكالفالوذ "وكل شيء مترجرج كالقَريس (سمك مطبوخ مجمد) والفالوذ والكثيب ونحوها فهو يترعدد كما تترعدد الألية "اهـ. ومن ذلك الاضطراب اضطراب البدن كله خوفا وفزعا: "الرِعدة -بالكسر: النافض يكون من فَزع أو غيره. وقد أُرْعِد فارتعدَ وتَرَعْدَد أخذتْه الرِعْدة. وأُرْعِدَتْ فرائصُه -للمفعول- عند الفزع: رَجَفَت واضطربت. ورجل تِرْعيد ورِعْدِيد ورِعْدِيدة-بالكسر فيهن: جَبَان يُرْعَد عند القتال جُبْنًا ". ومن هذا: "الرَعْد: صوت السحاب "؛ إذ يبدو كأنه صوت اضطراب أجسام ضخمة جدًا: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} [البقرة: 19]. ومثله ما في [الرعد: 13]. ° معنى الفصل المعجمي (رع): (الامتداد) مع رقة أو رخاوة كالقصب

الراء والغين وما يثلثهما

الرعراع -في (رعع)، وكالكلأ الأخضر وهو يغذو الماشية أى يمسك أبدانها ويبنيها -في (رعى)، وكالأُرْعُوّة تمتد لتمسك وترد بلطف -في (رعو)، وكالخبز المروّى بالسمن -في (روع)، وكرَيع الدرع: زيادتها في (ريع)، وكالسنام الممتلئ شحمًا رِخوًا -في (رعب)، وكالبدن الممتلئ بالرخاوة والرقة (المحبوسة فيه) في- (رعد): الراء والغين وما يثلثهما • (رغغ- رغرغ): "الرغيغة: لَبَن يُغْلَى ويُذَرّ عَلَيْه دقيق .. يُتَّخَذُ للنُفساء، والعَجينُ الرقيق ". Qرخاوة بالغة مع كثافة ما من خلط المائع بدقيق يكثفه (¬1): كاللبن الذي يخلط بالدقيق، وكذلك الماء. ومنه: "رَغْرغ أَمْرًا: أخفاه (كأنما غشاه بمثل هذا الكثيف). والرَغْرَغَةُ: رَفَاغَة العيش (: الانغماس في ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الراء عن الاسترسال (رقة جرم)، والغين عن تشابك ما بين أثناء الجرم مع رخاوة، فيعبر الفصل منهما عن كثافة ما في ذلك المائع كالرغيغة. وفي (روغ ريغ) تزيد الواو معنى الاشتمال أو نحوه، فيعبر التركيب عن معنى تَغَشِّى الشيءِ بغير نظام كالرياغ: الغبار الرهج والتراب. وفي (رغب) تعبر الباء عن تجمع رخو مع تلاصق ما، فيعبر التركيب عن قبول ذلك الجوف أو ضمه الكثير من ذاك الذي له رقة وكثافة ما كالشراب والطعام. وفي (رغد) تعبر الدال عن الضغط والحبس، ويعبر التركيب عن الاحتباس في ذلك الرقيق أو عليه كالرغيدة اللين .. الذى أجيد خلطه بالدقيق حتى يُلْعق لعقًا (إجادة الخلط لدرجة ان يلعق هي صورة حبس الدقيق فيه). وفي (رغم) تعبر الميم عن الالتئام والامتساك في الظاهر، ويعبر التركيب عن تراكم ما هو كالغشاء المخاطي على الظاهر كالرغام.

(روغ- ريغ)

الرَخاء)، وأن تَشْرِب الإبلُ كلَّ يَوم أوكل يومٍ مَتَى شاءت " (فتكون ريانة الباطن دائمًا). • (روغ- ريغ): {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} [الذاريات: 26] "رَوَّغَ لُقْمَتَه في الدَسَم -ض: غَمَسَها فيه. ورَوَّغَ طعامه -ض: رَوَّاه دَسَمًا ". وتروغت الدابة في التراب: تمرغت. والمَراغُ: الموضع الذي يَتَمَرغ فيه الدوابُّ. والرياغ -ككتاب: الغُبَار/ الرَهَج والتراب ". Qتقلب وتحول أو تقليب وتحويل يُقْصَد به شُمول التغطي برخو متسيب. كترويغ اللقمة في الدسم، وتروّغ الدابة، وتحرك الطعام في الدَسَم، والرياغ مادة ذلك. ومن ذلك "راغ الصيدُ رَوَغانا: ذهب هاهنا وهاهنا (تحوُّلٌ يَحُولُ بين الصائد والمصيد كالساتر). وكذا راغ الثعلب ". ومنه كذلك "راغَ إلى فلان: مالَ إليه سرًا (أي متسترًا). {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} رجع في حال إخفاءِ منه لرجوعه (أو للقصد من رجوعه). ولا يقال للذي رجع قد راغ إلا أن يكون مخفيًا لرجوعه [ل 313] {فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (91) مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ} {فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ} [الصافات: 91، 93] (وعرضه الأكل وسؤاله الأصنام عن عدم النطق كان مقدمة لتكسيرها). كل ذلك انحراف في استخفاء. ومنه قوله "فعَدَلْتُ إلى رائغة من رَوائغ المدينة: أي طريق يعدل ويميل عن الطريق الأعظم " (فيخفي من سار فيه).

(رغب)

"والمراوغة: المصارعة ". قالوا: لأن كلا يحاول أن يروِّغ الآخَر في التراب [ابن قتيبة 421]. وقد أغفل ملحظ الإخفاء أبو عبيدة [2/ 171، 226، قر 15/ 94]. • (رغب): {سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [التوبة: 59] "الرُغْب -بالضم: كثرةُ الأكل وشدَّة النَهْمة والشَرَه/ سَعةُ البطن وكثرةُ الأكل. ورجل رَغِيبُ الجوف: أَكُولٌ. وحَوْضٌ وسِقَاءٌ رَغيب. وواد رغيب: ضخم واسع كثير الأخذ للماء. والرَغَاب -كسحاب: الأرضُ الليّنة .. الدَمِثَة .. تأخذ الماء الكثير ولا تسيل إلا من مطر كثير ". Qقبول الجوف رخوًا مستحبًّا بكثرة أو غزارة، كما في تناول كثير من الطعام والشراب ومنه "رَغُبَ الرجل (كرم): اشتد نَهَمُه وكثُر أكله [الوسيط]، والرَغِيبَة من العطاء: الكثيرُ " (كثير طيب (كالرخو) يدخل في حوزة). ومن ذلك "الرَغْبَةُ: الحِرْص على الجمع، والطمعُ في الشيء. ورَغِب فلان (فرح ورَغْبةً): حَرَص على شيء وطَمِع فيه (طلبَ أَخْذَه في حوزته) {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127]، و "رغب إليه في الشيء: سأله إياه. ورغب إليه: ابتهل وضَرَع وطَلَب {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: 8]، {إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [التوبة: 59]، وأما "رَغِب عن الشيء: تركه متعمدًا وزَهِد فيه "فهذا المعنى يرجع إلى معنى المجاوزة في "عن "كأنه طلب شيئًا آخر متجاوزًا هذا {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: 130]. [قر 8/ 290]: {وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} [التوبة: 120]، أي لا يَرْضَوْا لأنفسهم بالخَفْض والدَعة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -في المَشَقَّة:

(رغد)

يقال رَغِبْتُ عن كذا: ترفعت عنه "اهـ. وكل ما في القرآن في التركيب هو من الرغبة بمعناها الذي ذكرناه. • (رغد): {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا} [البقرة: 35] [الرغيدة: اللبن الحليب يغلي ثم يُذَرُّ عليه الدقيق حتى يختلط ويُسَاط فيُلْعَق لَعْقًا. وارْغاّ اللبن -كاحمارّ: اختلط بعضه ببعض ولم تتم خثورته. والمَرْغَدَة- بالفتح: الروضة ". Qرخاوة أثناء محببة من اختلاط مواد لطيفة معا: كحال اللبن إذ يُخْلَط ويساطُ بالدقيق حتى يُلْعق (أي لا يُشْرب) فالخلط هنا أكثر، والرغيدة أكثف، والمقصود بالخلط تمام المزج مع الرخاوة ليُلْعق. والأصل في اللبن أن يخثر، فإذا ارغادّ فهو في سبيله إلى أن يتخثر. وكالروضة تكون مُشْبَعة بالماء. ومن هذا جاء "الرغَد -بالتحريك: الواسع الذي لا يُعْيِيك من مال أو ماء أو عيش أو كلأ. وقد رَغُد عيشهم (فرح وكرم). وأَرْغَدُوا: أصابوا عيشًا واسعًا وأَخْصبوا. (كما توصف مثل هذه المعيشة الرغدة بالرخاوة والليونة). {يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} [النحل: 112]. وليس في القرآن من التركيب إلا (الرَغَد) بالمعنى الذي ذكرناه. ومن ذلك قالوا: "رجل مُرْغادّ: استيقظ قبل أن يقضيَ كَراه ففيه ثَقْلَةٌ (وفتور). وارغادّ المريض: إذا عَرَفْت فيه ضَعْضَعَة من هُزال، وهو الذي بدأ به الوجع فأنت تَرى فيه خُمْصًا ويُبْسًا وفَتْرة " (الخُمْص واليبس هنا هزال) ومن

(رغم)

معنوى هذا: "المُرْغادّ: الشاكّ في رأيه الذي لا يدري كيف يُصدِره "-كما قالوا في مثل هذا: مرتاب [ينظر روب، ريب]. وتمام امتزاج الدقيق باللبن احتباس له فيه، ومن هذا الاحتباس جاء المرغادُّ: "الغضبانُ الذي لا يُجِيبك من (شدة) الغيظ ". فهذا حبس بنفسه من الغيظ. فهذا كما روى عن سيدنا عليّ حين سئل عن سر سكوته. سئل هل شارك في قتل عثمان، فقال "عَبِدْتُ فصَمَتّ " (العَبَد، غَضَب، أَنفة واستنكاف) وقد عُبِّر عن هذا أيضًا بأنه كرم الله وجهه "عَبِدَ وضَمِدَ " [ينظر ل (عبد). (ضمد)]. • (رغم): {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} [النساء: 100] "الرَغْم -بالفتح وكسحاب: دُقَاقُ التراب. وقيل التراب عامة،، قيل الثَرَى وهو التراب النَدِىّ، وكسَحَاب وغُراب: المُخَاطُ. والرُغَامَى -كحُبَارَى: الأَنْف كالمَرْغَم "-بالفتح والغين مفتوحة ومكسورة. Qتراكم مادة (مخاطية أو ترابية) على الظاهر تُكْرَه أو يُتَقَزَّز منها: كتراب الأرض يغطي ظاهرها، وهو يُكْره لأنه بثور ويشوب الهواء وبه تتسخ الملابس وغيرها، وكالمُخَاط والأنفُ مصدر له. ومن ذلك على التشبيه "شاةٌ رَغماء -بالفتح: على طرف أنفها بياضٌ أو لونٌ يخالف سائر بدنها " [ق]. ومن دفع الشيء إلى الظاهر كراهةً له: ما في حديث الشاة المسمومة: "فلما أَرْغَم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَرْغَم بِشْرٌ ما في فيه "المراد: لَفَظَ اللحمةَ لما بها من السُمّ. ومن هذه الكراهة: "رَغِمَتْ السائمةُ المَرْعَى (كفرح)، وأَنِفَ: كَرِهَتْه. والرَُغْم -مثلثة، والمَرْغَمَة -بالفتح: الكُرْه. والسِقْط يراغم ربَّه أي يغاضبه. ما: أرْغَمُ من

معنى الفصل المعجمي (رغ)

ذلك شيئًا: ما أَنِقمُه وما أكرهه. وقَدِمَتْ راغمةً اي غاضبة. وتَرَغَّمَ: غَضِبَ. وامرأة مِرْغامة -بالكسر: مُغْضِبة لبعْلها. وفَعَلْتُه على رَغْمه: على غَضَبه. وأرغمته: أغضبته. وأرْغَمَه: حَمَله على ما لا يقدر أن يمتنع منه " (أي أكرهه). وفي الحديث: إذا صلى أحدكم فليُلْزم جَبْهته وأنفَه الأرضَ حتى يَخرُجَ منه الرَغْم "-بالفتح أي حتى يخضع ويذل ويخرج منه كبر الشيطان ". اه (الرغم هنا الأنفة وهي كراهة خاصة). و "المراغمة: المغاضبة/ الهجران والتباعد " {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} (أي مهاجَرًا يمكّنه من رد الرغم) ويحفظ له إباءه. أما قولهم "على رغم أنفه، وإن رغم أنفه إلخ: أي إن كره -فلأن الأنف كان مناطَ الغضب والشموخ عندهم (وَرِمَ أنفُه، شَمَخ بأنفه إلخ)، فوضعه في الرَغام إكراه وإذلال. ° معنى الفصل المعجمي (رغ): طبقة رخوة مع كثافة ما كالرغيغة لبن بدقيق -في (رغغ)، وكالدسم الذي تُرَوَّغُ به اللقمة -في (روغ)، وكالمادة الرخوة التي تتراكم في بطن الرغيب أو جوفه -في (رغب)، وكخليط الرغيدة -في (رغد)، وكدُقاق التراب والمُخاط في (رغم). الراء والفاء وما يثلثهما • (رفف- رفرف): {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} [الرحمن: 76] "رَفْرَف الأيكة -بالفتح: ما تهدَّل من غصونها. والرَفْرَف: الشجر الناعم

المسترسل، وكِسْر الخِباء أو نحوه، وخِرْقَة تخاط في أسفل السرادق والفسطاط ونحوه. وشجر رَفِيف: إذا تندَّى. وشجر رَفَّافُ الوَرَق وقد رَفَّ، وهو أن يهتز نضارة أو خضرة وتلألؤًا/ تلالأ وأشرق ماؤه. ويقال للشيء إذا كثُر ماؤُه من النَعْمة والغَضَاضة حتى كانَ يهتز: رَفَّ رفيفًا. ويقال هو يَرِفُّ رَفِيفًا: يَقْطُر نَدَاه. وكل مُسْترَقٍّ من الرمل رَفٌّ ". Qطرَفٌ رقيقٌ يمتد رِخْوًا أو غَضًّا نَدِيًّا (¬1). كرفرف الشجر والخباء والفسطاط، وكورق الشجر الموصوف، ومُسْتَرَقّ الرمل يكون عادة رقيقًا ناعمًا ممتدًّا من عُظْم أصله. ومن هذا الأصل: "يرف شفتيها (رد): يَمَصّ ريقها ويترشفه، ورفَّ البَقْلَ ونحوه: أَكَلَه. رَفّ البعيرُ البقل: أكله ولم ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الراء عن الاسترسال رقة أو حركة، والفاء للنفاذ بابتعاد أو طرد، وباجتماعهما عبر الفصل عن طرف رقيق أو رخو يمتد من الشيء بابتعاد كرفرف الأيكة: ما تهدل من غصونها. وفي (رأف) أكد ضغط الهمزة ما في (رف) من معنى الرخاوة والرقة، فعبر التركيب عن رقة الباطن وهي الرأفة ونحوها. وفي (رفت) عبرت التاء عن الضغط الدقيق، ووقوع ذلك على الجرم الرقيق يفتته فعبر التركيب عن تفتت الشيء الهشّ التماسك. وفي (رفث) عبرت الثاء عن انتشار بكثافة، فعبر التركيب عن تسيب كثيف أو غليظ بلا تحفظ كما في الرفث: كلام الفحش عند الجماع. وفي (رفد) عبرت الدال عن الضغط الممتد والحبس، وعبر التركيب عن حبس رقيق أو لطيف يَدْعم كرفادة السرج. وفي (رفع) عبرت العين عن التحام مع رقة، وعبر التركيب عن جذب إلى أعلى مع مسافة فاصلة وهو الرفع كرُفاعة القيد، وفي (رفق) تعبر القاف عن تجمع أو تعقد في العمق، ويعبر التركيب عن قرب خروج ما في العمق كماء البئر الواصل إلى قرب شفتها فلا تحتاج طولَ رشاء ومن ذلك معنى الرِّفق.

(رأف)

يملأ به فاه (الشفاه والبقل (= الخضر كالجرجير والفجل والخس) كل منها طرف غض طري، والتقبيل والأكل إصابة ذلك أو الإصابة به أي بالشفتين كما قالوا: رَفَّها: قَبَّلها بأطراف شفتيه). ومن رفِّ البَقْل ونحوه قالوا "هو يَرُفّهُ (رد) يُطْعِمُه، ويَرُفّ له: يكسِبُ ". ومن الأصل "رَفّ الثوبُ: رق. وثوب رفيف: رقيق (رقيق الخيوط خفيف النسج كالرفّ)، والرفرف البِساط أو السِتْر، والرقيقُ من الديباج ثياب خُضْر يُتَّخَذُ منها للمجالس {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ}: رياض الجنة أو الفُرُش والبُسُط. ومن صُورة الرفرف وما يُتَصَوّر من ظِلّه وبَرْد ما تحته قالوا: (رَفْرَف على القوم: تحدّب ". هذا، وأما "الرُفَّةُ -بالضم: التبنُ وحُطامه، وكغُراب: ما انْتَحَتَ من التِبْن ويبيس السَمُر "فالأشبه أنها من (رفت) الآتية، وإن كان فيها بعض معنى الأصل من حيث رقةُ جرمه وخِفَّتُه واسترسالُ حركته. لكنها خلت من معنى الرخاوة والندى، ونابت الدقة (بالدال) عن الرقة (بالراء). • (رأف): {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [النور: 20] "الرأفة: الرحمة، رأف به (مثلثة العين): رَحِمَه ". Qالرحمة والرقة. وبتأمُّل (رفف) نجد أنها تعبر عن بلال وطراءة في أثناء طَرف ممتد من أصله. فطراءة الأثناء أصيلة في الفصل المعجمي (رفف)، وكأن الهمزة في (رأف) قَوَّتْها. ثم إن تعبير الفاء عن الطرد والإبعاد

(رفت)

يتمثل هنا في أن الرأفة تكون لتخفيف العذاب (وهذا إبعاد) كما يصدّقه قوله تعالى: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: 2]. {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحج: 65]. والذي في القرآن من التركيب هو الرأفة بمعنى الرقة والرحمة، واسمه تعالى (رءوف) وهو أرحم الراحمين. • (رفت): {وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} [الإسراء: 49] "الرُفَاتُ -كغراب: الحُطام من كل شيء تكسَّر، والرُفَت -كعمر: التِبن. رَفَت الشيءَ (نصر وضرب): فَتّه بيده كما يُرْفَتُ المدَر والعَظم البالي حتى يترفت " [الأساس]. Qتفتُّتُ الشيءِ الهشِّ الأثناء وانسحاقُه دُقاقًا (من ضغط) كما في الاستعمال المذكور. {وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا}. • (رفث): {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] ["أصل الرَفَث عند ابن فارس: النكاح. وفي ل "الرفث الجماع وغيره مما يكون بين الرجل والمرأة، يعني التقبيل والمغازلة ونحوهما مما يكون في حالة الجماع، وأصلُه قول الفحش ". والفعل رفث " (نصر وفرح وكرم). وليس في التركيب إلا هذا المعنى]. Qأخذا مما ذكر من أصوات التركيب: تسيب بكثافة وانتشار (رف تعبّر عن طرف يمتد أي يبتعد عن المصدر مع رخاوة وهذا هو التسيب، والثاء تعبر عن كثافة المتسيب وغلظه مع تفشيه): كما يتمثل في التكلم

(رفد)

بألفاظ غليظة تُستقْبَح ويُستهْجَن التلفظ بها في غير حالة الخلاط {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة 187]، {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}. (فهو كلام الفحش بين الرجل والمرأة، ويصلح كناية عن الجماع). • (رفد): {وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ} [هود: 99]. "الرِفَادة -كوِسادة: دِعَامة السرج والرَحْل وغيرهما، والروافد: خَشَب السقف. والمِرْفد -كمِرْفَق، والرَِفْد -بالفتح والكسر: القَدَح العظيم الضخم الذي يُقْرَى فيه الضيف ". Qدَعْم وإمساك بلطف لما يمكن أن يتسيب كما تَحبِس الرفادة السَرْج أو الراكب أي تمسكه وتثبته، وكما يَحْبِس خشبُ السقف ما فوقه، وكما يحبسُ الرِفدُ اللبنَ الكثير فلا يتبدد. ومنه "رَفده (ضرب): دعمه برفادة، وأعانه، وكل ما أمسك شيئًا فقد رَفَده. ورَفَده كذلك: أعطاه، وأرفده: أعانه، وأعطاه " (تزويد). وتقول "عَمَدتُ الحائط وأسندتُه ورَفَدته "بمعنى. ومنه "المِرْفَد -بالكسر: العُظّامة تُعَظِّم بها الرَسْحاء رِدْفها، والرِفادة كوسادة: خِرْقة يُرْفَد بها الجْرح وغيره " (يُمْسَك بها ليلتئم) ومنه "الرافد: الذي يَلى المَلِكَ ويَخْلُفه إذا غاب " (يَدْعَمه بأن ينوب عنه ويحمل عبئه ويضبط له الأمور عند غيابه)، وفي قوله تعالى: {وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ} قال: ابن قتيبة ص 209 "الرِفْد: العطية: رَفَدْته: أعطيته وأعنته. كما يقول بئس العطاء المعطَى "اهـ فَدَعَمَتْ لعنةُ الآخرة لعنة الدنيا وبئس ما لَقُوا -ونعوذ بالله من سوء المصير.

(رفع)

• (رفع): {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] "الرفع: ضد الوضع والخفض. الرُفاعة -كرخامة- للمقيَّد: خيط يَرْفَع به قيدَه إليه. والرافع من الإبل: التي رَفَعَت اللِبَأ/ اللبنَ في ضَرعها فلم تدُرّ ". Qجذب الشيء أو دفعه مسافة إلى أعلى (بقوة): كرفع أي شيء إلى أعلى، وخيط المقيد يصدق عليه أن يكون آلة، فلعلهم تركوا الكسر للمخالفة)، وكالذي يتصور في رفع الناقة لبنها من جذب اللبن إلى أعلى في أثناء جوفها. {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [الرعد: 2]، {وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} [البقرة: 63]، الطور الجبل -كما قال تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ} [الأعراف: 171]، لما رفضوا التوارة قُلِع الجبل فجُعِل عليهم مثلَ الظُلة. فخلق الله الإيمان في قلوبهم -لا أنهم آمنوا كرهًا) عن [قر 1/ 436]. ورَفْع الصوتِ دَفْعه بقوة فيصل إلى أعلى {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2]، ويقال "رجل رفيع الصوت: جهيره ". {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: 158] إلى السماء [قر 6/ 10، 1004] {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] يرفعه الله، أو يرفع الكلم الطيب [قر 14/ 329] {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة: 34] هي الفرش أو الدرجات، أو نساء الجنة والارتفاع ارتفاع قَدْر [قر 17/ 210] وسائر ما في القرآن من التركيب من الرفع الحسّيّ أو المعنوي. ومن الجذب أو الدفع مسافة بقوة -مع طفر قيد العلو "السير المرفوع: دون الحُضْر وفوق الموضوع يكون للخيل والإبل. رفع البعيرُ في السير فهو رافع أي بالَغ وسار ذلك السير "ويعبر الآن عن زيادة السرعة بالسحب كما يقال (علَّى

(رفق)

السرعة) بمعنى زادها فيكون هذا من الزيادة فالرفع المعتاد كالزيادة إلى أعلى. ومن الجذب أو الرفع بمعنى لازِمِه وهو النَقْل "رفع الزرعَ: نَقَله من الموضع الذي يحصده فيه إلى البيدر ". ومن الرفع المعنوي {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4] فى الملأ الأعلى، وفي قلب كل مسلم وعلى لسانه. مع ارتباطه بذكر الله تعالى في الأذان والشهادتين والذكر والعلم. {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]. نعم فالعلم والإيمان هما مادة كل شرف حقيقي. و "رَفَعَ الأمر إلى الحاكم ". لأن الحاكم أعلى رتبة من المحكوم. • (رفق): {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 60] "الرَفَق -محركة: الماءُ القصير الرِشاء. (الرشاء هو حَبْل الدلو) وفي بيت عبيد: فأصبح الروضُ والقيعانُ مترعةً ... ما بين مُرْتِفق منها ومنصاح (¬1) فُسِّر المُنْصاح بالفائض الجاري على وجه الأرض. والمُرتفِق: بالممتلئ الواقف الثابت الدائم كَرَبَ أن يمتلئ أو امتلأ. مَرْتَع رَفَقٌ. -محركة: سَهْل المطلب. والمرفاق من النوق إذا صُرَّت (أي لم يحلبوها وحبسوا لبنها في ضرعها ليعظُم فتُشْتَرى) أوجَعها الصِرار فإذا حلبت خرج منها دم، وهي الرَفِقَة ". Qقربٌ أو يسر حصولٍ وتناول. كالماء القصير الرِشاء ¬

_ (¬1) ينظر اللسان (صوح).

الذي كاد يصلُ في البئر إلى حافَتها فلا يُحتاج إلى رِشاء طويل ليُوصلَ إليه، وكالروض أو القاع المرتفق أي الممتلئ، وكأن أصل هذا الوصف للبئر. والمرتع الرَفَق قريبٌ ميسَّر التناول. المرفاق من النوق قريبة الدّم من اللبن، فيختلط باللبن من أقل ضغط. ومن معنى يسر التناول جاءت تسمية "المرفق كمَنْزِل ومِنْجَل من الإنسان والدابة: موصل الذراع في العضد "لأنه ييسر حركة الذراع للتناول والعمل، {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] و "المِرْفقة والمِرْفق -بالكسر: المتكأ والمخدة " (إما أنها من المِرْفَق الموصل تسمية بالمجاور أو لأن الاتكاء تيسير) وارتفق: اتكأ، وتمرفق: اتخذ مِرْفقة. ارتفق بالشيء: انتفع به/ استعان به {وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} {وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: 29، 31] المرتفَق: الشيء الذي يُطْلَب رفقه باتكاء وغيره [بحر 6/ 116 وهناك أقوال أخرى] وأقول إن الآيات تذكر المرتفقات التي ينتفع بها وتيسر الحياة: المسكن، والشراب، والفُرُش وما إليها. فذكرت ما لأهل النار من ذلك ووصفته بالسوء وما لأهل الجنة ووصفته بالحسن. واعتداد النار مسكنا، والمهل شرابا -من المرتفقات يعد تهكما مثل {فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [لقمان 7]. والرفاق -ككتاب: حبل يُشَدّ من وَظيف البعير إلى عَضده أو عُنقه (فيظل متاحًا لا يشرد بسبب ثنى ذراعه عند مرفقه). ومن معنوى ذلك "المرفق -بالضبطين: هو من الأمر ما ارتفقت به وانتفعت به/ ما استُعين به {وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا} [الكهف: 6]. ومن يُسْر التناول ذاك جاء استعمال "الرِفْق -بالكسر في ضد العُنف/ لِين الجانب ولطافة الفعل "ومنه "الرفيق: الصاحب في السفر أو هو عام ". {مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ

معنى الفصل المعجمي (رف)

وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69] لأن الصاحب قريب يؤنس ويعين ويجعل الحياة طيبة وهذا كله نفع وتيسير. ° معنى الفصل المعجمي (رف): الامتداد أو الطرَفية مع رقة أو رخاوة كما في الرفرف: المتهدل من غصون الشجر -في (رفف)، ورقة القلب -في (رأف)، وفي ضعف العظام والمدر الذي يَرْفَتّ من أقل ضغط -في (رفت) وفي حال صدور الرفث من التسيب والليونة وذهاب الجِدّ الصرامة -في (رفث)، وفي لطف ما يُدْعم به السرج والرحْل والسقف وعجيزة الرسحاء ونفع ذلك كله -في (رفد)، وفي المسافة (= الظرفية) مع الخفة المتيحة للرفع (والخفة رقة) -في (رفع)، وفي قرب الشيء من المتناول -في (رفق). الراء والقاف وما يثلثهما • (رقق/ رقرق): {فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} [الطور: 3] "الرُقُّ -بالضم: الماء الرقيق في البحر أو في الوادي/ الذي لا غُزْرَ له. والرُقاق كغراب: الحبز المنبسط الرقيق، وكسَحاب: الأرض السهلة المنبسطة المستوية اللينة التراب ". Qانبساطُ الشيء متسعًا قليل سَمْك الجِرم ضعيفَه -من ذهاب سُمْكه في الامتداد (¬1) كما في الأشياء المذكورة. ومنه "رَقَّ الشيءُ فهو رقيق ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الراء لاسترسال الجرم انبساطًا أو امتدادًا، والقاف للغلظ أو التجمع الذي في عمق الشيء وباجتماعهما عبر الفصل عن بلوغ تلك الرقة عمق الشيء. أى انصبابها=

ورُقاق -كغراب: دَقّ ونَحُف "رَقَّ عظمه: ضَعُف، ورَقّه (رد) فهو مرقوق ورقيق: ضد الغليظ. والرق -بالفتح: جلد رقيق يكتب فيه {فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ}. وأخذ من الأصل معنوى الضعف والسهولة واللين كما لوحظ في الأرض الرَقاق. ورَقَّ: خضع وذل. والرِقّ: ضد العبودية من هذا. ومن هذا أُخِذَت الرِقة -بالكسر: الرحمة ورَقَقْت له: رحِمته ". ومن المادّى "رقرق الماء وغيرَه: صبَّه صَبًّا رقيقًا " (فأسال منه طبقةً رقيقةً بعد طبقة) "وكذا رَقْرَقَ الثريد بالدسم والطيبَ في الثوب " (كأنما جعل فيهما طبقة من كل) "وترقرق الماء والدمع: تحرك واضطرب، وجرى جريًا سهلًا ". ومنه "ترقرق السراب والشيء: تلألأ أي جاء وذهب [ل] وجارية رقراقة البَشَرة: بَرّاقة البياض. وكل شيء له بصيصٌ وتلألؤٌ فهو رَقْرَاق (يشِفُّ من قلة الكثافة والإعتام). ¬

_ = عليه فيصير رقيقًا منبسطًا كالرُقاق المأكول والرَقاق: الأرض المنبسطة السهلة، وفي (رقو - رقى) زادت الواو (أو الياء) معنى الاشتمال ونحوه، وعبر التركيبان عن نتوء بلطف إلى أعلى (اشتمال على ما يرفع بلطف) كما ترفع درجة السلم. وفي (ورق) سبقت الواو بالتعبير عن الاشتمال فعبر التركيب عما طبيعته الرقّة كوَرَق الشجر. وفي (رقب) عبرت الباء عن التجمع الرخو مع تماسك ما، وعبر التركيب عن نتوء الجرم الرقيق (الدقيق) إلى أعلى لازمًا كالرَّقَبة. وفي (رقد) عبرت الدال عن ضغط ممتد وحبس، فعبر التركيب عن امتداد جسم الشيء رقيقًا (كالمضغوط) ساكنًا كالمحبوس على هذا الوضع -كوضع الجسم عند الرقود. وفي (رقم) عبرت الميم عن التضام والالتئام الظاهري، فعبر التركيب عن أن ذاك المسترسل الرقيق ظهر على سطح متسع منبسط كالرقمة الروضة.

(رقو- رقى)

أما "الرَق -بالفتح: ذكر السلاحف، ودويبة مائية تشبه التمساح فمن التفلطح في الشكل دون أكثر الأحياء المعروفة. وهذا التفلطح يوحي برقة السُمك. • (رقو- رقى): {فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ} [ص: 10] "الرَقْوُ والرَقْوَةُ -بالفتح: كَوْمَةٌ من رَمْل أو تُرابٍ كالدِعْص أو فُوَيقه [الوسيط] / قليلةُ الإشراف. والرَقْوة أيضًا: الدَرَجة (الوسيط) " (أي من درجات السلم). Qارتفاع بلطف أو رفق. أي قلة نتوء: كالرَقْو، ودرجة السُلَّم: ومنه: "رَقَى الطائر (كسعى): سما وارتفع (يلحظ أن الطائر يرتفع بلطف لا بمشقة) ورقِىَ في السلم (كرضى): صَعِد فيه وكذا رَقِىَ على الجبل وإلى القمة. وارتقى في الشيء: صَعِدَ فيه {فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ} [ص: 10] فليصعدوا في السموات وليمنعوا الملائكة من إنزال الوحي .. والسبب في اللغة كل ما يوصل به إلى المطلوب من حبل أو غيره [قر 15/ 153] {أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ} [الإسراء: 93]. ومن المادي: "التَرْقُوَة: مقدَّم الحلق في أعلى الصدر حيثما يَتَرَقَّى فيه النَفَس [ق]، فهي عُلْيا عظام الصدر، وارتفاعُها لطيف أي غير حاد. أما "الرُقْيَة -بالضم: العُوذَة التي يُرْقَى بها صاحب الآفة "فمن أن الرُقْية يقصد بها رَفْع المرض (وهو كثيف) بلطف ليخِف (يَرْقَى) المريض -كما قال في الوسيط: "رَقَاه: سَلّ حقده بالرفق ". {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (26) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ}

(ورق)

[القيامة: 26 - 127] (المقصود بلوغ الروح الترقوة والتساؤل عمّن يَرْقِى). • (ورق): {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا} [الأنعام: 59] "وَرَقُ الكتب -محركة: معروف. ووَرَق (الشجر): كلّ ما تَبَسَّط تَبَسُّطًا وكان له عَيْرٌ (= عِرْق صُلب) في وسطه يَنْتَشِر عنه حاشيتاه. واحدهُ وَرَقة. والورَقُ كذلك أَدَمٌ رِقَاقٌ منها وَرَق المصحف أي صُحُفه. والوَرَاق -كسحاب: خُضْرة الأَرْض من الحشيش ". Qطبقات رقاق عِرَاض لطيفة (= ناعمة طرية) (تتولد وتكسو). كورق الشجر (ومنه ما نفي آية الرأس) وكالأَدَم، وكطبقة الخضرة من الحشيش. {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 22، طه: 121]. ومن ذلك "الوَرَق من الدم -محركة: وهو الذي يَسْقط من الجراحة عَلَقًا قِطَعًا/ ما استدار مِنْه على الأرض (لتماسكه مع عِرَضه ورقته) (وشبهه ابن فارس بورق الشجر) وكذلك وَرَقُ القوم: أَحْدَاثهم " (رقة معنوية هي غضاضة الحداثة وصغر الحجم، والتولد عن قومهم)، و "هو طيب الوَرَق أي النَسَب " (التولد) ومن التشبيه بورق الشجر من حيث هو كسوة خضراء: "ما أحسن وَرَاقه -كسحاب، وأوراقه أي لِبْسَتَه وشارته ". ومن معنوى ذلك "الوَرَقُ -محركة: المالُ من غَنَم وإبل وغيرها "-كما سُمِّىَ ريشًا {وَرِيشًا} [الأعراف: 26]. وفي [قر 7/ 184] هو ما كان من المال واللباس). ومن ملحظ الرقة: "أوْرَقَ الحابل: لم يقع في حِبالته صَيْدٌ، والغازي: لم يغنم،

(رقب)

والطالبُ: لم ينل " (الرقة هنا تجرده وعدم علوقه شيئًا، ولعلهم عبروا بذلك تلطفًا بدلًا من التعبير بالخيبة). وفي نظرة أخرى قالوا "رجل وَرَق -محركة: خَسِيس ناقصُ القَدْر والخُلُق " (فنظروا لرقة السمك على أنها دقة قَدْر. كما قالوا فلان رقيق الدين). وأما "الوَرِق -ككتف وبالفتح والكسر وكعدة: الدراهم المضروبة (من الفضة) فلأنها تكون بالسَكّ رِقَاقًا بعد أن كانت قبله سبائك مكعبة غليظة. وفيها لطف كونها عَيْنًا أي مالًا). {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} [الكهف: 19]. والوُرْقَهَ -بالضم في اللون "من ذلك لأنها لَوْنُ الفضة التي كانت تصنع منها الدراهم، إذ الوُرْقة بياض إلى سواد. وأيضًا فإن بين هذا اللون ولون ورق الشجر تناسبًا ما. وقد ذكروا في الجَمَل الأَوْرَق أنه أقل الجِمال شِدَّةً عل العمل وأطيبُها لحمًا. لكن الوُرْقة لم تختص بالإبل. • (رقب): {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] "الرَقَبَة: العُنُق. والرَقُوبُ من الإبل والنساء: التي لا يبقى لها ولد. ورَقِيبُ النجم الذي يغيب بطلوعه مثلُ الثريا رقيبُها الإكليل لا يطلع أبدًا حتى تغيب ... وكذلك بقيتها ". Qامتداد الشيء (إلى أعلى) مع دقةٍ (نحافة أو انفراد): كالرقبة تمتد دقيقة بالنسبة للبدن في رقبة الإنسان ورقبة الحيوانات، وكالرقيب الذي ينفرد دائمًا وكذلك الرَقوب. (ولها معان أخرى ترجع إلى الانفراد). قال تعالى: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد: 4] (أي رقاب الكفار المحاربين)، {فَتَحْرِيرُ

رَقَبَةٍ} [النساء: 92] أي مملوكٍ، من تسمية الشيء ببعضه. وكذلك كل كلمة (رقبة) وكلمة (رقاب) [في البقرة 177، والتوبة: 60]. ومن الحسّىّ: "ارتقب المكانُ: علا وأشرف "وهذا من الأصل إذ العالي ناتئ من الأرض دقيق ممسك بها. "ورَقَب الشيءَ (نصر): انتظره ورَصَده/ حرسه وحفظه "وهو من لازم العلو والإشراف على الأماكن، لأن المشرف مطَّلع على ما دونه. ثم إنهم كانوا يفعلون ذلك أي يصعدون على الأماكن المرتفعة للاطلاع ويسمونها مَراقب "فالرقيب الحارس الحافظ الذي يرتقب. والله عز وجل رَقيب: حافظ لا يغيب عنه شيء. {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] المتتبع للأمور/ الحافظ/ الشاهد [قر 17/ 11] (والمراد أنه مشاهِد وسامع ويعلم كل ما يجري ويسجله)، {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} [المائدة: 117] وكذا معنى كل كلمة (رقيب). {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً} [التوبة: 10، وكذا ما فيها 8]، (لا يعملون ولا يبالون بهما -كأنهم لا يلحظونهما) و "الترقب والانتظار "من لزوم النظر لرؤية ما يُتَوقع حدوثه أو مجيئه. "وكذلك الارتقاب " {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} [القصص: 21 وكذا. ما فيها 18]، أي يتَلَفَّت من الخوف ينْتَظر الطلب [قر 13/ 264]، {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10] (انتظر)، {فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ} [الدخان: 59] فانتظر النصر الذي وعدناك إنهم مرتقبون فيما يظنون الدوائر عليك [بحر 8/ 41]، {وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} [طه: 94] (لم تنتظر قولي).

(رقد)

و "الرُّقْبَى "معاملة جاهلية ترجع إلى المراقبة [ننظر في ل] وكذلك "الرقيب: السهم الثالث من قداح الميسر لأن له ثلاثة أنصباء إن فاز وعليه غرم ثلاثة إن لم يفز [ل]. وأرجح أنه من المراوحة بين النجم ورقيبه الذي ذكرناه في أول التركيب. إما هذا وإما ذاك. • (رقد): {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ} [الكهف: 18] "المَرْقد -بالفتح: المَضْجَع. رَقَد الثوب: أَخْلق، رَقَدَ الحرّ: سَكن ". Qامتداد جسم الشيء متسطحًا ثابتًا ساكنًا لا زوائد قائمة منه. كحالة الرقاد، وذهابِ زِئْبرِ الثوب الخَلَق مع رقّته من البِلَى، وكرقود الحر بعد الريح. {قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس: 52]. (يعنون مضاجعهم في قبورهم). "ورقد بالمكان: أقام به " (ثبت - انبسط) {هُمْ رُقُودٌ} (نائمون أو كالنائمين في تمددهم وسكونهم) ومن الامتداد والانبساط "المُرْقد: بزنة اسم فاعل من أرقد: دواء يُرْقد شاربه وينومه اهـ[تاج]. وأما "المُرقد: البين من الطريق الواضح "فاستغربه ابن سيده [تاج] ووجهه -إن صح- أنه يمكّن من الإرقاد بمعناه الذي في الفقرة الآتية. أما قولهم "الإرقاد: سُرْعة السير/ عَدْوُ الناقز (بالزاي حسب ما في التاج) كأنه نَفَر من شَيء فهو يُرْقد. أرقَدَ الظليمُ: أسرع في السير. الرقَدان -محركة: طفر الجَدْى والحمَل ونحوهما ". فإن الابتعاد بسرعة يعد امتدادًا وانبساطًا، كما أن المسرع من الغِزْلان ونحوها يبسط يدَيه ورجليه في العدو أشد البسط ليقطع أبعد مسافة. فالإرقاد والرقدان مستعملان في جزء معنى التركيب.

(رقم)

وأما "الراقود: دَنٌّ طويلُ الأسفل (أسفله مسحوب مستدق كالمخروط) كهيئة الإردبة يُسَيَّعُ داخلُه بالقار " (فلأن هيأته تلك تقضي بأن يوضع على جنبه دائمًا لا يكون منتصبًا. أي أنه راقد دائمًا. ولا معنى لزعم تعريبه). • (رقم): {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ} [المطففين: 19 - 20] "الرَقْمة -بالفتح: الرَوْضَة، ورَقْمَة الوادي: مجتمع مائه فيه، والمرقومة: أرض فيها نَبْذٌ من النبت ". Qتميز بقعة محدودة السعة على ظاهر واسع: كالروضة بين ما حولها، وكما يؤخذ من تعريف الأرض المرقومة بأن فيها نَبْذًا من نبت. أي بقعًا متفرقة، وكبقعه تجمع الماء في الوادي. ومنه: "رَقَم الثوب (نصر): خطّطه، والتاجرُ يرقم ثوبه بسِمَتِه، ورَقَم الكتابَ: أعجمه وبيّن حروفه بعلاماتها من التنقيط. والمرقوم من الدواب: الذي في قوائمه خطوطُ كَيّاتٍ كل منها رَقْمة -بالفتح. والمِرْقَم: القلم. (تُرسم به الرقوم والخطوط) والرَقْم: ضَرْبٌ مخطَّطٌ من الخَزّ (فَعْل بمعنى مفعول). وفي وصف السماء: سَقْفٌ رَقِيم (رُقُومُها النجوم). والأَرْقم من الحيات الأَرْقَش ". ومنه: "الرَقْم: الكتابةُ والخَتْم "؛ لأنها رسوم كلى سَطْح لَوْح أو نحوه بمداد مخالف للونه. {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ} هو لوح أو كتاب [انظر المراد في قر 10/ 357] والمذكوران أقرب إلى الأصل ودعوى التعريب غريبة لا أساس لها. {كِتَابٌ مَرْقُومٌ} [المطففين: 9، 20] مكتوب كالرقم في الثوب لا يُنْسَى ولا يُمْحَى [قر 19/ 258]. هذا "والخط "أصله أقرب إلى الحفر المستطيل، والنقش حفر أيضًا،

معنى الفصل المعجمي (رق)

و "الرقم "كالطلاء بالحبر ونحوه، لكن ليس ما يمغ أن يستعمل الرقم في الكتابة حينئذ حَفْرًا، لأن الكلتابة تبدو بلونها وثباتها على سطح اللوح الأبيض نقوشًا سوداء كالرقم. ° معنى الفصل المعجمي (رق): الانبساط مع الرقة كالرُق والرُقاق -في (رقق)، وكالارتفاع القليل مع السهولة في الرَقْوة كومة التراب، ودرجة السلم -في (رقو- رقى) وكرقَّة ورق الشجر مع اتساع مساحته نسبيًا -في (ورق)، وكدقة جرم الرقبة العنق وانفراد الرقوب في (رقب)، وكانبساط بدن الراقد -في (رقد)، وكاتساع الرقْمة مع محدوديتها -في (رقم). الراء والكاف وما يثلثهما • (ركك- ركرك): "شحمة الرُكَّى -كالصُغرى: هو الشَحْم الذي يذوب سريعًا، ثوب رَكِيكُ النَسْج. الرَكْرَاكة: المرأة الكبيرة العَجُز والفخذين. وكلَ شيء قليلٍ رقيقٍ من ماء ونَبْت وعِلْم فهو ركيك ". Qضعف تماسك الشيء المتجمع وقلةُ كثافته (¬1) كشحم ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الراء عن الاسترسال جرمًا (سيولة) أو حركة، والكاف عن ضغط غئوري دقيق، والفصل منهما يعبر عن ضعف التماسك الداخلي للشيء المتجمع كما في الثوب الركيك النسيج وشحمة الرُكَّى. وفي (أرك) سبقت الهمزة بالدفع وقَوِىَ التعبير عن التجمع الضعيف (اللطيف) كما في الإقامة في الأريكة وتحت الأراك أو في المرعى. وفي (ركب) عبرت الباء عن تجمع رخو مع تلاصق ما، فعبر التركيب عن علو شيء ظاهرَ شيء بتمكن كاللصوق اللطيف وهو الركوب. وفي (ركد) عبرت الدال عن=

الرُكَّى والعَجُز (سرعة الذوبان، والارتجاج والترهل يبديان ذلك) وكالثَوْب الركيك النسج -وخفة نسجه تبدي ضعف تماسكه وكذلك الماء والنبت. ومنه (الرَكْرَكَة: الضَعْف في كل شيء. والْرَكِيكُ والأَرَكُّ والرُكاكة -كرُخَامة من الرجال: الفَسْل الضَّعِيفُ في عَقْله ورأيه، والديُّوث الذي لا يغار على أهله (لا خشونة ولا عزة (تماسك) عنده). ومن التماسك والجمع قولهم: "رَكَّ الغُلَّ -وكذا الذَنْبَ -في عُنُقه: ألْزَمَه إياه. ورَكّ الشيء بعضَه على بعض. طَرَحَه. والمُرْتَكّ كمرتد: الذي تراه بليغًا وحْدَه فإذا وقع في خُصُومة عَيِىَ. وسكرانُ مُرْتَكّ: إذا لم يُبَيّن كلامه كأنما التَزَقَ لسانه في فمه ". ¬

_ = الضغط الممتد مع حبس، فعبر التركيب عن ثبات (= احتباس) نحو الماء والأثافي في مكانها لا تبرح. وفي (ركز) عبرت الزاي عن اكتناز، فعبر التركيب عن رسوخ في العمق بقوة (زحْم وهو معنى الاكتناز) كالجوهر في الأرض. وفي (ركس) عبرت السين عن نفاذ دقيق بقوة وحدة فعبر التركيب عن تحول بقوة وحدة (والتحول هنا نفاذ شيء من شيء) كالجسر والراكس وثدي الجارية. وفي (ركض) عبرت الضاد عن ضغط غليظ مع شيء من رخاوة، فعبر التركيب عن تحرك شيء بغلظ في مكانه. وفي (ركع) عبرت العين عن جرم ملتحم رخو، وعبر التركيب عن أن ذلك الملتحم انحنى أعلاه إلى أسفل كأنما شُدّ أو جُذِبَ بشيء لا يُرَى (دقيق). وفي (ركم) عبرت الميم عن استواء الظاهر، وعبر التركيب عن تجمع أشياء بعضها فوق بعض مع ملحظ الاستواء في عِرَض السطح كالسحاب المتراكم والرمل المتراكم. وفي (ركن) عبرت النون عن امتداد بلطف في باطن الشيء، فعبر التركيب عن تماسك في باطن الشيء بشدة كركن الشيء جانبه الذي يستند إليه والضَّرْع المركَّن.

(أرك)

• (أرك): {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ} [يس: 56] "الأراك: شَجَر السِواك يستاك بفروعه. أَرَكت الإبل (قَعَد وجَلَس): لَزِمَتْ مكانَها فلم تَبْرحْ/ أصابت أيَّ شَجَر فأقامت فيه. وأَرَكَ الرجلُ بالمكان (قعد وجلس وفرح): أقام به. وأُرُوك الجُرْح: أن يتماثل ويبرأَ ويصلُحَ ويسكُنَ وَرَمُه ". Qإقامة أو التئام (مع رقة أو لطف). كلزوم الإبل والرجل المكانَ المناسبَ مع ما فيه من مرعى أو راحة، وكالتزاق الجرح والتئامه وهو لزوم جوانبه بعضها ومواضعها في الجلد. أما شجر الأراك فأرى أن تسميته لكون شجرته مِحْلالا -وقد نَصّوا على هذا- تُغْرِى بالحلول أي الإقامة تحتها والإقامة لزوم. "والأريكة: سرير في حجلة ". سميت كذلك للزوم القاعد أو المتكئ إياها لراحته. والقعود والاتكاء كالالتزاق كأروك الإبل. {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا} [الإنسان: 13]. وليس في القرآن من التركيب (الأرائك) بمعناها المذكور. • (ركب): {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ} [الزخرف: 12] "رَكِبَ الدابة ركوبًا: علاها. وكل شيء علا شيئًا فقد ركبه. الرُكبة -بالضم: التي بين أعلى الساق وأسفل الفخذ "والمركَب كمَطْلَع: واحد مراكب البر والبحر. والرَكوب والرَكوبة من الإبل (بفتح الراء): التي تُركَب ".

Qاستعلاء للاحتمال مع حركة ميسرة: كحالة الرُكْوب (يَسْتعِلي فيها الراكب على المركوب وحركة المركوب بالراكب يمكن أن تضيف معنى اللزوم إلى معنى الاستعلاء، والركبة تعلو فيها الفخذ الساق التي تحمل البدن مع تيسيرها الحركة والمشي، وهو ركوب أيضًا {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8]، {فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} [يس: 72] الرَكوب (ما شأنه أن يركب)، {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ} [الزخرف: 12]. و "الركاب: الإبل التي يسار عليها واحدتها راحلة [متن] {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6]. والرَّكْب -بالفتح: راكبو الإبل، وقد يكون للخيل وهو اسم جمع أو جمع وهم العشرة فما فوق [متن] {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} [الأنفال: 42]. وجاءت استعمالات كثيرة لجزء المعنى (الاستعلاء بلزوم). ومنها: "الراكب: رأس الجبل، وفسيلة تكون في أعلى النخلة متدلية لا تبلغ الأرض (تنبت في نفس جذع النخلة لا في الأرض) ورواكب الشحم: طرائق بعضها فوق بعض في مقدّم السنام. وركّبه -ض: وضع بعضه على بعض " [ق] {نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا} [الأنعام: 99] {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: 8]. وليس في القرآن من التركيب إلا (الرُكوب) و (التركيب) و (التراكب) وقد ذكرناهن. {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق 19] (على قراءة حفص) لتركبن الشدائد: الموت والبعث والحساب حالا بعد حال. [بحر 8/ 440] مع أقوال أخرى كثيرة على كل قراءة وأن يكون إنذارا بما سيَلقَى المسلمون في تاريخهم من أعداء

(ركد)

الإسلام= هو معنى قوي. و "الرَكِيبُ: المُرَكَّبُ في الشيء كالفصّ "، والظهرُ (أي الجدر) الذي بين الجدولين "ورَكِبَ الليلَ (إما بمعنى ساره كله أو بمعنى استتر به واستغل ظلامه في الرحيل -كما يقال اتخذ الليل جَمَلًا) ومن معنويه "ركب فلانًا بأمر، وركبه الدين. وارتكب الذنب: أتاه "كأن المراد سار في طريق وَعْر. • (ركد): {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} [الشورى: 33] "ركد الماء، والريح، والسفينة، والحر: ثبت -ركودًا. الرواكد: الأثافي، والمراكد: غوامض الأرض ". Qثبات ما شأنه الحركة في مكانه متجمعًا لا يبرح -كركود الماء والريح إلخ. والأثافيّ تُنْقَل ولكنها جدّ ثقيلة تُثْبَت لحمل القُدُور، والمراكد يَثْبُت فيها الماء لا يتحول عنها. {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} أي السفن الجواري تركد إذا سكنت الريح. وكذا "ركدت الشمس -إذا قام قائم الظهيرة "لأنها تبدو ثابتة حينئذ -كما قالوا "قامت الشمس " [انظر ل قوم] "وجَفْنة رَكُود: ثَقِيلَة مَلأَى (أثقل من أن تنقل). وركد الميزان (والمقصود ذو الكِفَّتين المعلَّق): استوى (لأنه حينئذ يثبت لتوازن ثِقَلِ كِفَّتيه) ومنه "تراكد الجواري: قعدت إحداهن على قدميها ثم نَزَتْ قاعدة إلى صاحبتها " (المقاييس) لحظ عدم استعمال القدمين كالمعتاد وانما اتخاذ هيئة القعود أي الثبات والركود. • (ركز): {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مريم: 98] "الرِكْزة -بالكسر: القطعةُ من جواهر الأرض المركوزةُ فيها، والنخلة التي تُقْتَلَع

(ركس)

عن جِذْع نخلة وتحوَّل إلى مكان آخر (لتُغْرَس فيه). والمراكز: منابتُ الأسنان ". Qرسوخ الشيء أو أصلِه في أثناء ما يكتنفه. كقطعة الجوهر في الأرض، والنخلة في الأرض بعد نقلها، والأسنان في منابتها. ومنه "ركز الرمح في الأرض (نصر وضرب): غَرَزه في الأرض منتصبًا، ورَكَز الحرّ السفا: (أطراف السنابل كالإبر) أثبته في الأرض. ومركز الجند: الموضع الذي أُمِروا أن يلزموه ولا يبرحوه. ومركز الدائرة الموضع الذي يُرْكز مه (سنّ) الدوارة (الفرجار) لرسمها. وما رأيت له رِكْزَة عقل أي ثبات عقل. وقوله تعالى {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مريم: 98]: صوتًا أو حسًّا. وقيل هو الصوت الخفي خاصة [قر 11/ 192 والمجاز 2/ 14] والثاني أدق، إذ الشواهد التي أوردها تبين أن المقصود بالرِكْز: الصوت الذي حُبِست شدته وأُمْسِك حتى يَخْفى، لأنه صوت صائد تَتَسمعه بَقَرة الوحش أو ثورُهُ أو الناقة المتوجسةُ. فهذا الإمساك للصوت دفن وإثبات له. • (ركس): {وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} [النساء: 88] "الركْس -بالكسر: الجِسْر. والراكس: الثور الذي يكون في وسط البيدر عند الدياس والبقر حوله تدور ويرتكس هو في مكانه. ويقال: ارتكَسَت الجاريةُ: طَلَع ثديها. فإذا اجْتَمَع وضَخُم فقد نَهَد ". Qتحوُّلٌ تام من ناحية إلى ناحية. كما أن الجسر وسيلة لذلك أو هو حَوّل الطريق إلى الضفة الأخرى، والثور يثبت في الوسط لتدور حوله البقر والدَوَران تحول، وطلوع ثدي الجارية يعني أنها تحولت إلى أنثى كاملة.

(ركض)

ومنه ما جاء في الحديث الشريف من تسمية الروث رِكْسًا، لأن مادته متحولة عن الطعام -كما يسمى رَجيعًا. وقالوا "ارتكس فلان في أمرٍ كانَ قد نجا منه " (وقع أو انغرس فيه ثانية)، {وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} [النساء: 88]، {كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا} [النساء: 91] انغمسوا أو غُمِسوا، لأنهم يَهْوون الرجوع لا يحبون الخلوص مما كانوا فيه منها (لاحظ "ردوا "). • (ركض): {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} [ص: 42] "مُرْتَكَض الماء: موضع مَجَمّه. أَرْكَضَتْ الفرسُ: تحرك ولدُها في بطنها وعظم/ اضطربَ جنينها في بطنها. وارتكضت الجِرَّة: اضطربتْ. قَوْسٌ رَكُوض: سريعة السهم/ شديدةُ الدفع والحَفْز للسهم ". Qحركة مضطربة قوية في حَيّز أو جوف -كالماء في مَجَمّه، وكالوَلَد في بطن الفرس والجِرّة في المريء كذلك. وكنفاذ السهم من القوس بشدة دَفع وحفز. ومنه أن "المرأة تَرْكُض ذيولها برجليها "إذا مشت (للفت النظر إلى رجليها -فيبدو ذلك من ظاهر الثوب شيئًا يتحرك داخليًا كالجِرّة في المريء والجنين في البطن). ومنه "ركض الدابة: ضربَ جنبيها برجله (الجنبان كالجوف والضرب حركة غليظة). وكذلك "الركْض: مشي الإنسان برجليه معًا " (كنزو المقيد فهو حركة قوية مضطربة، والأرض ظرف {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ}، {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ} [الأنبياء: 12 - 13].

(ركع)

• (ركع): {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} [الحج: 77] "الرُكْعة -بالضم: الهُوَّة في الأرض [المقاييس، ق] (وفي ل -بالفتح: الهُوِىّ في الأرض). رَكَع الشيخُ: انحنَى، وكُلُّ شيء يَنْكبُّ لوجهه فتمس ركبته الأرض أو لا تمسها بعد أن يخفض رأسه فهو راكع. ورَكَع: كَبَا وعثر ". Qانخفاض أعلى جرم الشيء (منثنيًا) إلى أسفل. كما ينخفض جرم الأرض وجسم الشيخ والعاثر. وركوع الصلاة معروف {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} {وَخَرَّ رَاكِعًا} [ص: 24] أي خر ساجدًا (بلا خوف) .. فإن السجود هو الميل، والركوع هو الانحناء، وأحدهما يدخل على الآخر، ولكنه قد يختص كل واحد بهيئته .. [قر 15/ 182] جمع الراكع (ركّع) و (راكعون) {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا} [الفتح: 29] {السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ} [التوبة: 112]. وليس في القرآن من التركيب إلا الركوع. ومن معنويه "ركع: خضع، وافتقر بعد غنى، وانحطت حاله ". • (ركم): {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا} [النور: 43] "الرَكَم -كسبب: السحاب المتراكم، وكغُراب: الرمل المتراكم وكذلك السحاب وما أشبهه ". Qتجمع الشيء بعضِه فوق بعض طبقاتٍ عريضة مكونًا كومة متجمعة كالسحاب والرمل الموصوفين. ومنه "ركم الشيءَ (نصر): جَمَعَه وألْقَى بعضَه على بعض. وارتكم الشيءُ وتراكم: اجتمع {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ

(ركن)

السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ} [الطور: 44]، {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا}، {وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ} [الأنفال: 37]. • (ركن): {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود: 113] [لم يُذْكَر الركن ملتقى الجدارين في ل أو تاج صراحة -مع أن أركان البيت الحرام: الركن اليماني والركن الشامي مشهورة ومعروفة من قديم]. "المِرْكَن كمِنْجَل: الإجَّانة (وعاء تُغْسَل فيه الثياب)، [ذكره الثعالبي في فقه اللغة تحـ أيوبي ص 686] ضمن الأقداح وأنه من خَزَف وصرح في [ل] بأنه من أَدَم ثم قال إنه شِبْه لَقَن [وهذا من صُفْر]. وضَرْع مُرَكَّن -كمعظم: عظيم انتفخ في موضعه. حتى يملأ الأَرْفَاغ (= ما بين فخذي الناقة أو البقرة) كأنه ذو أركان وليس بجِدّ طويل (أي مُتَدَلٍّ). وأركان كل شيء (ج ركن -بالضم): جَوانبه التي يستند إليها. رُكنُ الشيء -بالضم: جانبه الأقوى ". Qتجوف أو ظرف شديد الجوانب يجمع ما في باطنه كالمِرْكن من خزف أو أدَم وهو خاص بغسل الثياب، وكالضَرْع المركَّن يبدو لعِظَمه وعدم استطالته ملتئمًا بشدة على ما في جوفه. والركن فجوة شديدة الجوانب لأنها من تلاقي جدارين. وقالوا "رَكَن في المنزل: أقام به فلم يفارقه " (كأنما لزم ركنًا). ومن المعنوى أو المجاز قالوا "تَرَكَّن: اشتد وقوى. وركُن (كرم): رزُن ووقُر فهو ركين ". ومن معنوى الركن "رُكْنُ الإنسان قوته وشدته/ ما تقوَّى به من

£° معنى الفصل المعجمي (رك)

مُلْك وجُنْد وغيره/ قَومُه وعَددُه ومادّته {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80]، يعني المنعة العشيرة. {وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} [الذاريات: 38, 39]، أي بجموعه وأجناده. وقال ابن عباس وقتادة: بقوته .. [قر 17/ 49] "وفلان ركن من أركان قومه: شريف منهم. وركن إليه: اعتمد عليه/ مال وسكن {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود: 113]، {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} [الإسراء: 74]. ° معنى الفصل المعجمي (رك): التجمع مع قلة الكثافة والتماسك وما إليها من رقة أو ضعف - كما في شحمة الرّكى - في (ركك)، وفي الإقامة في ظل وليونة - في (أرك)، وفي يسر الحركة مع التجمع في الركبة والركوب - في (ركب)، وفي عدم جريان الماء وهو ضعف مع ما يفهم من قلته - في (ركد)، وفي اندفان الشيء وانغماره في أثناء غيره - في (ركز)، وفي التحول وهو مستوى من الخفة - في (ركس)، وفي الاضطراب - في (ركض)، وفي تجمع الأشياء بعضها على بعض مع انفصال كل عن الآخر أي كونها أشياء لا شيئًا واحدًا صلدًا - في (ركم) وفي الجدارين الملتقيين مع فجوة أو فراغ يكنفانه - في (ركن). الراء والميم وما يثلثهما • (رمم - رمرم): {قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78] "الرِمّ - بالكسر: النِقْى والمُخّ (الذي يكون في العظم) رَمّتْ الشاة الحشيش

(ردّ): أخذته بشَفَتها. والرَمْرام - بالفتح: حشيش الربيع. والمرَمّة - بكسر الميم الأولى: شَفَةُ البقرة وذواتِ الظِلْف. وهو رَمّام - كشدّاد: يقُشّ ما سقط من الطعام وأرذله ليأكله ولا يتوقى قذره ". Qضمّ غَضّ أو رِخْو (متغير أو متحول) في الأثناء (¬1). كرمّ الشاة الحشيش وهو جافّ المرعى، وكما يَفْعَلُ الرَمام، وكالمخ في العظام وهو متحول. ومنه "رَمّ العظمُ يَرِمُّ - بالكسر: بَلىَ وكذلك الحَبْلُ وغيره (نَدِيت ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الراء تعبر عن استرسال رقة (كما هنا) أو حركة، والميم عن تضام الظاهر والتئامه ضامًا ما به, فعبر الفصل عن التئام الظاهر على رخو أو نحوه (متحول) في باطنه كالرُمّان والرَّمّ. وفي (رمى) زادت الياء معنى الاتصال، فعبر التركيب عن مزيد من التضام بتضام أشياء بعضها على بعض فتتزايد وتعلو كما في ترامي السحاب والحِبْن وفي (أرم) سبقت الهمزة بالدفع فعبر التركيب عن نحو نمو المتضام أو نتوئه ناصبًا أو منتصبًا كأصل الشجرة والقرن وكالضرس. وفي (رمح) عبرت الحاء عن احتكاك بجفاف وعبر التركيب عن إصابة (بمعى نفاذ صلب جاف في البدن أو صدمه) من بعيد وفي (رمد) زادت الدال التعبير عن ضغط شديد حابس، فعبر التركيب عن حبس المتضام على رقة لها حِدّة كترميد الشاة وكالإضراع ورمد العين. وفي (رمز) عبرت الزاي عن الاكتناز، ويعبر التركيب عن الاضطراب في بعض أجزاء الظاهر بسبب الامتلاء (= الاكتناز) بنحو الرخو كما تضطرب أمواج البحر وكاضطراب جسم السمين جدًا. وفي (رمض) تعبر الصاد عن غلظ وضغط عريض مع غضاضة فعبر التركيب عن غلظ يصيب الغض في الجوف كما في رمْص الشاة بوضع الرضْف في جوفها أو وضعها في أثنائه. وفي (رمن) عبرت النون عن امتداد جوفي, وعبر التركيب عن تجمع حبوب في الجوف على رخاوة ولطف - ورمٍّ بينها كما في الرمان

(رمى)

أثناؤه وامتلأت رطوبة ففقد صلابته أو متانته رَغْمَ سلامة ظاهره) {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78]. ومن الغض بلا ضَمٍّ "الرِمَّة - بالكسر: الأرَضَةُ والنَمْلَة ذاتُ الجناحين (تُبْلى ما تقع فيه) وكغراب: الهَشِيم المتفتت من النبت، والرُمّة - بالضم: الحبل البالي. أخذ الشيء برُمته أي بجملته " (أصله أخذ البعير بالحبل الذي في عنقه " [ينظر ل]. ومن صور الضم في الأثناء ما يشبه الحشو "رَمَّ الدار: أصلحها، واسترم الحائطُ. بَعُدَ عهدُه بالتطيين ". ومن الضم والحشو مع معنى الصيغة "أَرَمَّ: سكت "فصيغة أفْعَلَ هنا للإصحاب كألحم وأتمر فالساكت هنا عنده كلام لكنه أطبق فمه عنه "وترمرم القوم: تحركوا للكلام ولم يتكلموا، وترمرم: حرَّك شفتيه للكلام " (ولم يصرحوا بأنه تكلم وكأنه هَمَّ ثم أَرمَّ - فلا تضاد). أما قولهم "نعجة رَمّاء أي بيضاء لا شية فيها "فالبياض رقة لأنه من جنس الخلو فكأنها عندهم كتلة من الرخاوة. • (رمى): {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17] "الرَمَاء - كسحاب: الزيادةُ والرِبا. رَمى المالُ رَماء، وارْتَمى وأَرْمَى: زاد وكثُر. وفي هذا رَمْيَةٌ عما قيل لي - بالفتح أي زيادة وفَضْل [الأساس] وهو صاحبُ رَمْية أي يَزيد في الحديث. ورَمَى على الخمسين وأرْمَى: زادَ. وترامى السحابُ: انضمّ بعضُه إلى بعض. وتَرَامىَ الجُرْحُ والحِبْنُ (أي الدمَّل) إلى فساد:

(إرم)

تَرَاخَي وصارَ عفنًا فاسدًا ". Qزيادة أو تزايد إلصاقي في الشيء. كالربا والزيادة في الماء والكلام والسِنّ. وانضمامُ السحابِ بَعْضِه إلى بَعْض يزيد حَجْمَه كما تترامى المِدَّة في الجُرْح وهي غليظة الجرم والأثر فينتبر. ولذا قالوا "رَمَى الله لفلان: نَصَرَه وصَنَع له " (النصر معونة وإضافة إلى قوة المنصور). ومن هذا الأصل جاء "الرَمْي "بالسهام، فهو لإصابة المرمى أي إلحاق السهم به وكأن أصله كان للقنص أي لاقتناص صيد، فقد تعدد ذكره للقنص واستعملت "الرمِيّة "للصيد الذي اقتُنِص أو شأنه كذلك، ومنه المثل "بئس الرمية الأرنب ". ووجه دخوله في الزيادة هو ذلك الإلحاق أو أنا لضمّ المصيد. ومنه قولهم "هو مُرْتمٍ للقوم أي طليعة لهم "والطليعة يلحق الأعدء ببصره. ثم استعمل الرمي في القتال بدفع السهام ونحوها, لأن المقصود في الكل إصابة المرمىّ بالسهم {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}، ويدفع الحجارة ونحوها كذلك {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} [الفيل: 3, 4]، {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} [المرسلات: 32]. ومن معنويه {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا} [النساء: 112]. وذلك أن هذا إلقاء كلام يحمل تهمًا تصيب المتهم وتؤذيه، ومنه ما في [النور: 4, 6، 23]. • (إرم): {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} [الفجر: 6، 7] "الأَرُومة والأَرُوم - بفتح فضم: أصل الشَجَرِة والقَرْن. ولآرام: ملتقى

قبائل الرأس. رأس مُؤَرّم - كمُعَظّم: ضخم القبائل. وبيضة (= خوذة) مُؤرّمة: واسعة الأعلى ". Qتَضَامّ الشيء كتلةً (مضغوطة) صُلْبة مُنْتَصِبَة أو ناصبة. كأصل الشجرة والقَرْن، وكتضامّ جَوانب الرأس والبَيْضة. ومن حسِّيِّه "الإرم - كعنب: واحد الآرام: حجارةٌ تُجمَع وتُنْصَب عَلمًا في المفازة (هي الأهرام) كما قالوا في واحدها أَرِم كفرح وأَيْرمى - بالفتح، وكعَدَوِىّ ورِبَوِى، ويَرَمِىّ كعَدَوىّ. وكذا قالوا: "الأُرْمة - بالضم: العَلَم ". وسمى الضِرس أَرْمًا - بالفتح والكسر (وجمعه أُرَّم - بزنة سكر، وأُرُوم) لأن ضغط المأكول بين الأضراس نوع من الضم، ولكنه ضم إلى درجة الطحن أو العصر. ومنه كذلك "أَرَمَ ما على المائدة (ضرب): أكله كُلَّه ولم يدع منه شيئًا. وأَرَمَت الإبلُ: أكلت، وعلى الشيء: عَضّ عليه "ومنه "أرَمَت السنَةُ بأموالنا: أكلت كلّ شيء "على أن الأكل والعضّ ضمّ. ثم قالوا "أَرِمَ المالُ - كتعب: فَنِى وذَهَب " (جُمِع وذُهب به - يلحظ أثر الصيغة)، وفي قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} الواضح أنها أخذت اسمها من هذه العماد وفيها قراءات أخرى [انظر قر 20/ 44] وفي تعيين المكان [انظر ق، ودائرة المعارف الإِسلامية 3/ 14]. والذي أراه أنها كانت بجنوب الجزيرة بالأحقاف حيث عاشت عاد وحيث اشتهر الجنوبيون قديمًا بالتغالي في رفع المباني، وقصر غُمْدَان شاهد لهذا. وقد نَعَى القرآن عليهم ذلك {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} [الشعراء: 128, 129]. ومن معنويه قولهم: "جارية مَأْرومة: حَسَنة الأَرْم مجدولة الخَلْق "،

(رمح)

فالمجدولة بدنُها وأعضاؤها مُدْمَجة متضامة ليست مترهلةً ولا عارية العظام متفاوتة. • (رمح): {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة: 94] "الرُمْح من السلاح معروف " (عُود بطول أربعة أذرع أو نحو ذلك ذو سن دقيق أو نصل يَطْعن به المحارب عدوه من بعيد). "رَمحه (منع): طعنه بالرمح. أخذت البُهْمَى ونحوها من المراعي رِماحَها: شوّكت فامتنعت على الراعية. وذو الرُمَيح: ضرب من اليرابيع .. في كل وَظيف له فضل ظفر. ورماح العقارب: شولاتها ". Qالطعن من بعيد كعمل الرمح من السلاح. (والأخريات مشبهات به): {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} هذا عن الصيد - إذا أصيب بالرمح سقط في اليد. ومنه قالوا: "رمح الفرس والبغل والحمار وكل ذي حافر يرمَح رمحًا: ضرب برجله. ورمح الجندب: ضرب الحصى برجله ". • (رمد): {أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} [إبراهيم: 18] "رمّدت الشاةُ والناقةُ - ض، وهي مُرَمِّد - كمحدِّث: استبان حملها وعظم بطنها ووَرِم ضَرْعُها وحَياؤها. والتَرْميد والإرْماد: الإضراع (أنْ يَعْظُم الضَرْع) والرَمَد - محركة: وجع العين وانتفاخُها. وقد رَمِدَ: هاجت عينه ". Qانتبار ظاهر الشيء وهياجه لغلظ أو حِدّة في باطنه - كعِظَم البطن للحمل ووَرَم الضَرْع والحياء للبن وقرب الولادة، وكانتفاخ العين

(رمز)

لمرض فيها. ومن حِسّيه كذلك ماء رَمِدٌ - ككتف: كَدِرٌ آجِنٌ (غلظة وحدّة في أثنائه وفي طعمه ورائحته). ومن ذلك الرَمَاد: دُقاق الفحم وما هَبَا من حُرَاقَة الجَمْر فطار دُقاقًا. (متخلف عن الجمْر كأنه كان في أثنائه ثم هو محترق الأثناء لا ينبت فليس كالتراب) {أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ}. ومن الرماد جاء الترْميد جعل الشيء في الرماد، والأَرْمد الذي على لون الرماد ". ومن الغلظ والحدّة في الأَثْناء "ارمَدّ البعير والنعامة ارمدادًا: عَدَا عَدْوًا شديدًا، والارْمِداد: الجِدّ والمضَاء " (كما يقال احتد وحَمِى في الجري). • (رمز): {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا} [آل عمران: 41] "الراموز: البَحْر. وإبل رُمْز - بالضم: سَحاحٌ سِمَان (السَّحُّ أن يَسْمَن غاية السِمَن) والرمّازة - كغمّازة: شَحْمة في عين الرُكْبة، والسافِلة. وكتيبة رمَّازة تَرْتَمِز من نواحيها وتَمُوج/ لكثرتها تتحرك وتضطرب. وناقة تُرامِز: لا تكاد تمشي من ثِقَلها وسِمَنها ". Qتحرك (بعض) ظاهر الشيء من شدة امتلائه بالمائع أو الرخو واضطمامه إياه - كاضطراب موج البَحْر من كثافة الماء، والإِبِل السمان جدًا يهتز حسمها نَعْمَة، وكتلك الشَّحْمَة في عين الرُكْبة والسافلة، إذ الشحْم المتراكم يهتز، وكالقِرْبة الممتلئة، والكتيبة الكثيرة العدد. ومن حِسّيه أيضًا "ارْتمَز البعيرُ: تحركت أرْآد لَحْيَيْه عند الاجترار (رَأْد اللَحْى - بالفتح: طَرَفُ أَصْله الناتئُ تحت الأذن، ويضطرب نتوءًا وانخفاضًا عند الاجترار - انظر رأد) ارْتمز من الضربة وارْمَأزّ: اضطرب منها ". ومن هذا النوع من اهتزاز الجزء ثم عوده

(رمض)

مكانه "رَمَزَته المرأة بعينها: غَمَزَته وكذلك هي تَرَمَّزُ بعينها. والرَمْز إشارةٌ وإيماءٌ بالعين والحاجبين والشفتين والفم (وفي كل ذلك يتجمع لحم الجلد ويتحرك ثم يرجع مكانه كحركة الموج) ومن هذا يمكن أن تكون الإشارة باليد أيضًا. {قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا}. ومن ملحظ شدة الامتلاء جاء "الرَمِيزُ: الرَزِينُ والعاقل، والأصيل، والمبجَّل المعظم. وارمأزّ: لزم مكانه " (من ثقله) [ق] وليس بين هذا وبين "ارْمأزّ: اضطرب "تضاد، إذ الأصل في ذلك الاضطراب تحرّك بعض أجزاء الشيء لامتلائه بالمائع مع ثبات أصله لا ينتقل. وقولهم "رجل رميز الفؤاد: ضيقه "هو من لازم شدة الامتلاء (تصوُّرا). • (رمض): {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ} [البقرة: 185] "رمِضَت الغنم (تعب): رَعَتْ في شدة الحر فحَبِنَتْ رئاتُها وأكبادُها وأصابَها فيها قَرْح، والصائمُ: حَرَّ من شدة العطش. والرَمَضُ - محركة: حَرُّ الحجارة من شدة حَرّ الشمس. ورَمَضَ النَصْلَ. (نصر وضرب): جعله بين حجرين أملسين ثم دَقَّه ليرِقّ، والشاةَ: جَعَلَها بين الرِضَاف (= الحجارة المحماة) والمَلَّة (= الرماد الحارّ) أو جعل في باطنها الرِضاف المحرقة حتى تَنْضَجَ ثم يَقشِر جلدها. وارْتَمَضَ الرجلُ: فسد بطنه ومعدته ". Qاحتواء جوف الشيء على غليظٍ حدّة أو حرارة. كاحْتواء الحجارة على الحرارة، وكذا الغنم والصائم. والمريض فاسد البطن. وتأمل رَمْض الشاة والسكين حيث تُسلّط الحرارة أو الحدّة على ما بين الأثناء.

(رمن)

وقد سُمّى رمضانُ بذلك لموافقته أشهر القيظ عند التسمية [ينظر ل رمض] كما سُمّى الربيعان والجُمَاديان بما يناسبهن من الأجواء زمنَ التسمية أيضًا [ينظر ل ربع، جمد]. {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}. • (رمن): {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: 68] [ليس في التركيب إلا الرمان الفاكهة وما أخذ من اسمه هذا. وقد اختُلِفَ فيه أهو من (رمم) أم من (رمن) [ينظر ل رمن] وجريت على أنه من (رمن) لبعد معناه الاشتقاقي - شيئًا ما - عن معنى (رمم)]. "الرُمّان: حمل شجرة معروفة من الفواكه. Qتجمع حَبٍّ ذي ماء كالعنب في باطنٍ يضمه - مع سد خلل ما بين الحبات بنسيج نباتي كالشحم. كحال الرمان الفاكهة {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} [الأنعام: 99، ومنه ما في 141 منها، وما في آية الرأس]. وأما "رمانة الفرس: الذي فيه علفه "فهو على التشبيه بشكل ثمرة الرمان. ° معنى الفصل المعجمي (رم): التجمع الرخو في الأثناء من تحول ذي حدّة ما - كما في الرِمّ: النقى - في (رمم)، وفي زيادة تجمع المِدّة ونحوها - بمالها من رخاوة وحدّة - في (رمى)، وفي تجمع أصل الشجرة والقرن مع ما في ذلك الأصل من ندى وقوة نمو - في (أرم)، وفي ورم العين الرمداء مع وجعها - في (رمد)، وفي ضخامة الإبل السمان ومادة السِمَن - في (رمز)، وفي حَبَن رئات الغنم الرَمِضة وأكبادها مع ما فيها من مرض - في (رمض). وكحبّ الرمّان بمائه في (رمن).

الراء والنون وما يثلثهما

الراء والنون وما يثلثهما • (رنن): "الرَنَّة - بالفتح: الصيحة الحزينة. والرَنَّة والرَنين والإرْنان: الصيحة الشديدة والصوت الحزين عند الغناء أو البكاء. أطيارٌ مُرِنّة. وأرنّت القوس في إنباضها، والمرأة في نَوْحها، والحمامةُ في سَجْعها، والحمارُ في نهيقه، والسحابةُ في رَعْدها، والماءُ في خريره ". Qصوت حادّ أو مؤثر يصدر عن حيّ أو غيره (¬1) كتلك الأصوات المختلفة من مصادرها (رنين المرأة هو صراخها عند المصيبة) وفي سامعها. • (رين): {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14] "الرَيْن - بالفتح: الصدأ الذي يعلو السيف والمرآة ". Qتكوّن طبقة غريبة شيئًا فشيئًا على ظاهر الشيء حتى تحجب جوهره. كذلك الصدأ الذي يعلو السيف والمرآة. {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} في الحديث الصحيح أن كل ذنب لم يتُب صاحبه منه ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الراء للاسترسال رقة أو خفة، والنون للامتداد في باطن أو جوف بدقة، فعبر الفصل منهما عن سريان شيء لطيف الجرم لكن له حدة من شيء كالأصوات الشديدة من المرأة والحمامة الخ. وفي (رين) تعبر الياء عن الاتصال, ويعبر التركيب عن تكون طبقة قليلًا قليلًا عل ظاهر الشيء حتى تغشاه كالران الموصوف.

£° معنى الفصل المعجمي (رن)

تنكَتُ به على قلبه نكتةٌ سوداء، فإن عاد إلى الذنب زيد فيها حتى تعلو النكت على قلبه. وهو الران الذي ذكر اللهُ في كتابه [ينظر قر 19/ 2590]. ومنه "رانت عليه الخمر: غلبته وغشيته، وكذلك النعاس والهم، وكل ما غلبك وعلاك فقد ران بك ورانك وران عليك ". ° معنى الفصل المعجمي (رن): مادة تغطي على الحس وتمنع النفاذ - كالصوت الشديد - في (رنن)، فإنه يمنع الأذن أي يحجبها عن سماع غيره، وكالصدأ الذي يعلو السيف والمرآة - في (رين) فيحجب جوهرهما ويعوق عملهما. الراء والهاء وما يثلثهما • (رهره): "ماء رَهْراه - بالفتح، ورُهْرُوه - بالضم: صافٍ. وطَسٌّ رَهْرَهرة: صافية براقة. وترَهْره جسمه. والرَهْرهُ: حُسْنُ بصيصِ لونِ البَشرَة ". Qصفاءُ الشيء اللطيف صفاء بالغًا بحيث يكون له بريق (¬1) كالماء والطسّ والبَشرة المذكورات. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الراء للاسترسال رقةً أو خفةَ حركة، والهاء لفراغ الجوف بذهاب الغليظ منه، فيعبر الفصل عن صفاء الشيء مع رقته وتسيبه وخلوه من الغلظ كالماء الرَّهْراه. وفي (رهو) تزيد الواو معنى الاشتمال، فيعبر التركيب عن فراغ وخلاء محتوّى بين أثناء الشيء كالرّهْو بين سَنامين. وفي (رهب) تعبر الباء عن تجمع رخو مع تلاصق ما، ويعبر التركيب عن تماسك ظاهر الشيء مع فراغ جوف كالرهب: الكُمّ. وفي (رهط) تعبر الطاء عن غلظ مخالط، فيعبر التركيب عن تجمع غليظ مجزوء أي مقطوع سائره كالرهط أو من سائره. وفي (رهق) تعبر القاف عن جساوة وصلابة أي غلظ أشد في العمق، =

(رهو)

• (رهو): {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ} [الدخان: 24] "الرَهْو - بالفتح: الجَوْبة تكون في مَحَلة القوم يسيل إليها مياههم من المطر أو غيره/ ما اطمأَنّ من الأرض وارتفع ما حوله. الرَهْو والرَهَاء: الواسعُ من الأرض المستوى. ونظر أعرابي إلى بعير فالج (أي ذي سنامين) فقال: سبحان الله رَهْو بين سنامين (أي فجوة بين سنامين). وبِئْرٌ رَهْو: واسعة الفم. وثوب وخِمَارٌ رَهْو: رقيق ". Qفراغ أو خلاء كبير (ثابت) بين أثناء شيء. كالجوبة بين بيوت القوم، والفجوة في الأرض، وما بين السنامين، وفم البئر الواسع، وكما بين خُيوط الثوب الرقيق. ومنه "رَهَا ما بين رجليه: فتح ما بينهما. وجاءت الخيل رَهْوًا: متتابعة بينها فجوات ". والفراغ بين الأثناء سعة ورقّة تؤخذ منها الخفة والسهولة - كما أن الجدَدَ يؤخذ منه الجِدّ والشِدّة "رَهَتْ الركابُ في السير: مَشَتْ مشيًا خفيفًا في رفق وسهولة. وعيش رَاهٍ: خصيبٌ ساكنٌ رافِهٌ (سهل). وأَرْهيْتُ لهم الطعامَ والشرابَ: أدَمْته لهم، وأَرْهَى لك الشيء: أمكنك (سهُل وتيسَّر وانفتح طريقه). "والمُرْهى - كمحسن - من الخيل الذي تراه كأنه لا يسرع وإذا طُلِبَ لم يُدْرَك (ينساب في سهولة بخطوات واسعة لا تشعر معها بجُهد شديد أو ضجة). ¬

_ = فيعبر التركيب عن وجود هذا الغلظ وتلك الجساوة في العمق كالغلام المراهق. وفي (رهن) تعبر النون عن الامتداد الخفي في جوف، فيعبر التركيب عن تسرب ذاك الرقيق إلى الجوف كرهن المال أو منه كالراهن المهزول.

(رهب)

وبهذا يفسر قول [ل 61/ 8] "الرَهْو من الأضداد يكون السير السهل ويكون السريع اهـ. ولا تضاد كما بينا. وكذلك قولهم فيه [61/ 18] "الرهْوَة: المكان المرتفع وأيضًا المنخفض يجتمع فيه الماء من الأضداد اهـ فتتبع استعمالات التركيب ومعناه الأصلي يؤكد أن تسميه المرتفع رهوا - إن صحت - ليست لذاته وإنما للّيونة والسهولة تأمل: "الرهوة: الرَابية تضرب إلى اللين، وارتفاعها ذراعان أو ثلاثة، ولا تكون إلا في سُهُول الأرض وجَلَدِها ما كان طينًا, ولا تكون في الجبال "وبقية الشواهد غَيْرُ قاطعة في الدلالة على الارتفاع، وإنما جاء ذلك من التلازم بين الانخفاض والارتفاع في دلالة التركيب، كما ظهر في ما سبق، وكما في كلامهم عن (التَلْعة). وفي [قر 16/ 137] صحيفة ونصف حول معنى رَهْوًا: في {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا} طريقًا - سَمْتًا - سهلًا - يَبَسًا - مفترقًا - منفرجًا - ساكنًا ... وفي [مجاز أبي عبيدة 2/ 208] ساكنًا. وقد اتَّبَعوه. والخلاصة أنه عز وجل يأمر موسى أن يترك البحر منفرجًا مفتوحًا كما عَبرَ منه وأَلَّا يأمره بالانضمام - على أن رَهْوًا حال من المفعول. وهذا المعنى يمكن التعبير عنه بـ (ساكنًا) أي ساكنًا على ما هو عليه. ويبعد أن تكون رهوًا - كما قال بعضهم - حالًا من الفاعل أي اخرج متمهلًا على هِينتك، فإنه وإن كان يؤخذ من الفراغ الراحة وعدم الاشتداد - فإن المقام لإتمام المعجزة وليس لترفيه موسى عليه السلام، فهو عز وجل يأمره أن يترك البحر منفرجًا كما هو ليتشجع فرعون وجنوده على نزول ذلك المنفرَج فيطبق عليهم {إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ}. • (رهب): {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [الأنبياء: 90]

"الرَهَب - محركة وبالضم: الكُمّ - بالضم. وناقة رَهْب - بالفتح: ضَامِر - وجَمَل رَهْب: استُعمِل في السفر وكَلّ. وكرَضْوَى: الناقةُ المهزولة جدًّا ". Qفراغ باطن الشيء وأثنائه مع تماسك ظاهره. كالكُمّ ملتف وفارغ {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} [القصص: 32]، وكالناقة الضامرة والمهزولة والبعير الكالّ - كلّها خالية الجَوْف عن اللحم والشَحْم أو القُوّة. ومنه "رَهَّبَ الجملُ - ض: ذَهَبَ ينهض ثم بَرَكَ من ضَعْف بصُلْبه ". ومنه "الرَهْب - بالفتح: السهم الرَقيق، والنصل الرقيق " (ذهب معظم جرمه رغم بقائه متماسكًا) وكسحابة وثُمامة: غُضْروف كاللسان (رقيق ضعيف) في أسفل الصدر مشرف على البطن " (كالعظم وليس فيه صلابته، ثم هو مشرف على فراغ الجوف). ومن ذاك "رَهِبَ (فرح) ورَهْبة ورَهْبًا - بالفتح: خَافَ (الخوف فراغ جوف قال: حسان: (فأنت مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هواء) وترهَّبَ غيرهَ: توعَّده، واسترهبَه: أخافه وأفزعه. {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: 40]، {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60]، {وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} [الأعراف: 116]. والراهب: الخائِف ". وراهب الصومعة مُتَجَرّدٌ من الشهوات كأنه فارغ الجوف لا شهوة له، أو هو من الخوف {إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} [التوبة: 34]. والذي في القرآن من التركيب هو (الرَهْبة) وما اشتق منها، و (الرهبان)، ومنها (الرهبانية)، و (الرَهْب) - بالفتح: الكُمّ.

(رهط)

• (رهط): {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ} [النمل: 48] "الرَهْط - بالفتح: جلد يُقْطَع كقدر ما بين السُرَّة والركبة ويُقَدّ أسفلُه سيورًا عِرَض السير أربعُ أصابع .. تلبَسه الجارية الصغيرة قبل أن تُدْرِك وتلبسه الحائض ". Qحوز أو جمع جزئي بغلظ: كالرهط الموصوف، فهو غطاء للجِذْع غليظ، لكن جزئي لا يغطي إلا ما بين السرة والركبة. ومنه: "الرُهَطة (كحُطَمة وكعُلمَاء ونافِقاء): أحَدُ جِحَرة اليَربوع وهي أول حفيرة يَحْتفرها بين القاصعاء والنافقاء يَخْبأ فيه أولاده ". ومنه: "رَهَطَ اللقمة - فتح: أخذها عظيمةً، ورَهَط: أَكَلَ شديدًا " (أَخْذ كتل غليظة في الفم). ومن الأصل: "رَهْط الرجل - بالفتح: عشيرته وأهلُه، (ما دون العشرة أو إلى الأربعين ليس فيهم نساء) (جماعة أو عُصْبة قوية غليظة خاصة به وليست كلَّ قومه): {وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} [هود: 91 وفي 92]، (ثم تطلق على كل جمع من الرجال في حدود ما سبق). {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ} أي تسعة رجال [بحر 7/ 79]. ومن الأصل "الرِهَاط - ككتاب: متاعُ البيت " (فُرُش وغيرها تحاز وينتفع بها). • (رهق): {وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ} [يونس: 26] "رَهَقَتْ الكلابُ الصيدَ: غَشِيته. ورَهَقَه الرجل: لحِقَه وغَشِيَه. ورَاهق الغلام: قارب الاحتلام ".

(رهن)

Qغِشيانُ المتقدم أو لحَاقه بغلظ يخالطه: كما تُدْرِكُ الكلابُ الصيدَ الهارب بسرعة وتحيط به لإمساكه في الحوزة (وهذا هو الغلظ) وكذا اللحاق بالهارب. والناشئُ نامٍ (سابق) غض طري فإذا راهَقَ ترَبَّى في بدنه غِلَظ أي قوة شاملة ونُضْج بقدرة الغِشْيان وغيرها. فمن اللحاق بغلظ: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ} [عبس: 40, 41]، أي تغشاها (والقَتَرة غلظ). ومن هذا {تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} في [القلم: 43 والمعارج 44]، وما في [يونس: 26، 27]. و "في فلان رَهَق: أي حِدّة " (غلظ وخفة إلى الشر يغشى به الناس). وفي الحديث "حسبك من الرَهَق والجَفَاءِ أن لا تعرف نَبيك. وبه رَهْقَه شديدة - وهي العَظَمة والفساد " {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [الجن: 6]، أي عظمة وكبرًا وطغيانًا وظلمًا. {فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا} [الجن: 13] بأن يُزَاد في سيئاته. والرَّهَق:. العُدْوان [قر 19/ 17]. ومنه: "الرَّهَق - محركة: التُهَمة (إلصاق ولحاق بغليظ). {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} [المدثر: 17]: سأكلفه مشقة من العذاب لا راحة له فيه [قر 19/ 73 - 74] وهناك أقوال أخرى. وقريب مما اخترناه هنا تفسير ما في [الكهف: 73, 80]. • (رهن): {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38] "الراهن: المهزول المُعْيِي من الناس والإبل وجميع الدواب. والراهنُ: الأعْجَف من ركوب أو مرض أو حَدَث. وجاريةٌ أُرْهُون: حائض ". Qاحتباس الشيء في حيّزه عن الحركة والتصرف لعجز أو نحوه: كشأن المُعْيي والجارية الحائض. ومن ذلك: "أَرْهَنَ الميتَ قبرًا: ضَمَّنه

£° معنى الفصل المعجمي (رهـ)

إياه. وإنه لرهين قَبْرٍ وبِلى. ورَهَنَ لك الشيء: أقام ودام (في حوزتك) وهذا راهن لك أي مُعَدٌّ محبوس عليك ". ومنه "الرَهْن: ما وُضِع عند الإنسان مما ينوب مناب ما أُخِذ منه (يحبس في حوزته حتى يَرُدّ مقابلَه): رَهَنَه الشيءَ ورَهَنَه عنده: جعله عنده رَهْنًا. وأرهنته الثوبَ: دفعته إليه ليرهنه "وجمع الرَهْن بمعنى الشيء المرهون: رُهُنٌ ورِهَانُ. {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283]، {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 21]، {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}: (مُحْتَبِس بعمله، ومحبوسة بكسبها). ومنه أيضًا "المراهنة: المخاطرة: وأرْهنوا بينهم خَطَرًا: بذلوا منه ما يَرْضَى به القوم بالغًا ما بلغ فيكون لهم سَبَقًا " (يأخذه السابق) (لحبس الخَطَر في مكانه ضمانًا لاستيفائه). ° معنى الفصل المعجمي (رهـ): خلو الأثناء من الغلظ أي فراغها مما هو كثيف - كالماء الرَهْراه الصافي - في (رهه)، والرهوة الجوبة أي الفراغ بين منازل القوم وبين سنامي الجمل - في (رهو)، وكفراغ الكُمّ - في (رهب)، وكانقطاع سائر الرهط أي انقطاعه عند الرُكبة والانقطاع فراغ - في (رهط)، وكفراغ الغلام من قوة الإلقاح قبل أن يراهق - في (رهق)، وكفراغ بدن المهزول المعيي من السِّمَن والقوة - في (رهن).

باب الزاي

باب الزاي التراكيب الزائية • (أزز): {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: 83]. "بيت أَزَز - محركة: مليءٌ بالناس. أتيت السوق فرأيت النساءَ. أزَزًا - محركة: أي كأَزَزِ الرمّانة المحتشية. ومجلس أَزَزٌ: ضيق كثير الزحام. والمجلِس يتأزَّز: تَمُوجُ فيه الناس. وأَزَّ الكتائبَ: أضافَ بعضها إلى بعض. وأزّت القِدْرُ: تَؤُزّ وَتَئِزّ: اشتدّ غَلَيانها. أزيزُ العُروق ضَرَبانُها ". Qازدحامُ الأشياء وتضاغُطُها لقلة الفراغ بينها، ويلزم ذلك حركة كالتموّج: كالناس في البيت والمجلس، والجنود في الكتائب، والنساء في السوق، وحَبّ الرمان في الرُمَّانة. وأزيز القدر صوت حركة احتباس ما فيها، إذ يتمدد بالغليان ويتقلب ويتدافع ليخرج (يفور) فيرده محيطُها وغطاؤها - وهذا تضايق وازدحام. وأزيز العروق يُشْعِر بتضايقها بما فيها. وتلحظ الحركة اللازمة في تموج الناس في المجلس المزدحم وفي الاستعمالات المذكورة بعده. ومن معنى ذلك: "الأَزّ: التهيِيجُ والإغراء والحثّ " (دفع وتهييج يضيّق النَفْس فتطلب التنفيس عن هذا الضيق بما يُريح من إشباع شهوة أو غضب): {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: 83] أي تدفعهم بالوسوسة التي تَهيجُ على المعاصي والشهوات وتحرك إليها.

الزاي والباء وما يثلثهما

الزاي والباء وما يثلثهما • (زبب - زبزب): "الزَبُّ - بالفتح: مَلْؤك القِرْبةَ إلى رأسها - يقال زَبَبْتُها فازْدَبَّتْ. والزَبِيب: السُمّ في فم الحيّة، وزَبَدُ الماء، والزبيبتان: زَبَدتان في شِدْقَىْ الإنسان إذا أكثر الكلام. تكلم فلان حتى زَبَّب شدقاه - ض: أي خرج الزَبَد عليهما. الزَبَبُ - محركة: مصدر الأَزَبّ وهو كثرة شعَر الذراعين والحاجبين والعينين/ طولُ الشَعَر وكثرتُه. الزَبَبُ في الرجُل: كثرة الشعر وطوله، وفي الإبل: كثرة شعر الوجه والعُثْنُون/ كثرة شعر الأذنين والعينين " [عُثْنون البعير: شُعَيْرات طوال تحت حنكه]. Qامتلاء الشيء باكتناز يَظْهَر أثرُه اشتدادًا فيه أو نَضْحًا على ظاهره (¬1) كامتلاء القربة إلى رأسها فتقُوم (: تنتصب) مشدودة الجِلد، وكما يُتَصوَّر أن الحية مليئة بالسم الذي تخرجه نَفْثا، وكالماء لا يكون له زَبَد - عادة - إلا إذا كان كثيرًا كزَبَد ماء البحر والسيل. والإكثارُ من الكلام من باب الامتلاء ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الزاي تعبر عن النفاذ مع ازدحام واكتناز، والباء عن تجمع رخو وتلاصق ما، والفصل منهما يعبر عن الامتلاء باكتناز يظهر أثره اشتدادًا أو نضحًا كالقربة المزْدَبّة تقوم منتصبة، وكالماء ذي الزَبد والأزبّ. وفي (زبد) تعبر الدال عن تماسك وتحبس، ويعبر التركيب عن تحبس ذلك الذي نضح أي كونه متجمعًا كالمتماسك كزُبْد اللبن وزَبَد البحر. وفي (زبر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب معها عن استرسال الاكتناز (أو مظهره الانتصاب) دوامًا كزُبرة الأسد وزَبْر البئر بالحجارة. وفي (زبن) تعبر النون عن امتداد في جوف، ويعبر التركيب معها عن دفع شيء بقوة في جوف كما تندفع زباني العقرب أو سمها في البدن وكما تدفع الناقة حالبها رفسًا.

(زبد)

بمادّته، ويظهر منه الزَبَد على الشِدْقين. وذو الشعر الكثير يُتَصَوّر امتلاؤه بما يؤدي إلى ذلك. ومن ذلك "الزَبَاب - كسحاب: فأر عظيم أحمر حسن الشعر (سُمِّيَ كذلك لظهور سمنه عِظَمًا وشعره). والتزبب: التزيّد في الكلام " (أخذًا من التكلم حتى يزبِّبَ الشدقان). أما "الزبيب ذاوي العنب "فمن نَضْح مائه أي ذَهابه منه، وقولهم "زبزب: إذا انهزم في الحرب "هو من خروج قوته أي ذهابها منه. وقولهم "تزبب الرجل إذا امتلأ غيظًا " (أخذًا من الامتلاء) وكذا "زبزب إذا غَضِب ". (نُظِر إلى الامتلاء دون النضح وظهور الأثر). • (زبد): {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 17] "الزُبْد - بالضم: زُبْد السَمْن قبل أن يُسْلأ، وهو ما خَلَص من اللبن إذا مُخِضَ. وزَبَدُ اللبن - بالتحريك: رُغْوَته، وكذلك زَبَد البحر والجَمَل إذا هاجا. أَزْبَد السِّدْر: نَوّر. زَبَّدْتُ القطن - ض: نَفَشْته حتى يصلح للغزل ". Qتجمع هشٌّ على ظاهر الشيء ينفذ من أثنائه - كزُبْد اللبن تخلُص ذَرَّاته من اللبن وتتجمع كُرَة هي الزُبْد وهذه تؤخذ فتُسْلأ أي تُحْمى فتذوب ويتميز السَمْنُ من ثُفْلِه. وزَبَدُ الجمَل والبَحْر والسيْل يَبْقى على ظاهره حينًا متماسكًا {فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ} [الرعد: 17]. وتزبيد القطن يجعله هشًّا كالزَبَد. ونَوْر السِدْر في أعلى شجرة شبيهٌ بالزَبَد.

(زبر)

• (زبر): {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا} [المؤمنون: 53] "أَصْل الزَبْر طَيُّ البئر (= بِناء جِدار لها من الداخل) إذا طُوِيَتْ تَماسَكت واسْتحْكمت. ويقال شَدّ للأمر زُبرته - بالضم: أي كاهِلَه وظهْرَه. وزُبْرة الحدَّاد: سَنْدانه. زُبْرة الحديد: القطعة الضخمة منه ". Qنوع من الرَدّ والضبط الدائم بصُلْب عظيم يَنْصِبُ ما شأنُهُ/ أو يُخْشَى أن يَتَسَيّب وينهار - كطَيّ البئر بالحجارة فذلك يردّ مُحيطَها الطيني ويمسكه فلا ينهار، وكسَنْدان الحداد يَصُدّ ما يوضع عليه عند الطَرْق بالمطرقة، فلا ينثني أو يسوخُ في الأرض، وكالظَهْر بالنسبة للبدن وما في الجوف. ومن الزُبَر قِطَع الحديد الضخمة - قوله تعالى: {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} [الكهف: 96]. ومن ذلك الزَبير - كأمير وِفلِزّ - من الرجال: الشديد القويّ ". ومن الانتصاب وعدم الانثناء "ازْبَأَرَّ الشَعْر: تَنَفَّشَ (قَفَّ ولم يَنَم). ازْبأَرّ النباتُ: طَلَع، والزُبارة - كرُخامة: الخُوصَة حين تَخْرج من النواة (تكون منتصبةَ تمامًا)، وزُبْرة الأسد - بالضم: هي الشعر المجتمع على موضع الكاهل منه وفي مرفقيه، وكذلك الزُبْرة التي على كَتِف الفَحْل، وكل شعر يكون كذلك مجتمعًا (فهذا لأن شعر الأسد يقف منتصبًا مائلًا إلى الأمام لا منبسطًا على البدن كعادة الشعر، وكذا شعر المرفقين والكتف)، كبش زَبير: عظيم الزُبْرة (المقصود صوف عنقه وكتفيه أو صوف بدنه عامة)، وقطيفة زَبِيرة (كثيفة الشعر) ثم يقال "كبش زبير: ضخم ". أما "زَبَر الكتاب (نصر وضرب) بمعنى كتبه "فهو من ضبط المتسيب في

الأصل, لأن الكتابة تضبط الكلام الشفهي إثباتًا ودوامًا. {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [النساء: 163] أي كتابًا، {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: 105]. بفتح الزاي زَبور داود بعد توراة موسى، وبضم الزاي أي الكتب الثلاثة: التوراة والإنجيل والقرآن. والذكر هو الذي في السماء (أي اللوح المحفوظ). ومن الأصل أيضًا "أخَذَ الشيءَ بزَبَره - بالتحريك، وزَوْبَره أي بجميعه فلم يدع منه شيئًا ", لأن ردَّ ما شَأْنه أن يتسيب من الشيء وضبطه يجعل الشيء كتلة مجتمعة، فيؤخذ من هذا معنى الكُلّيّة. ومن الردّ والضبط المعنويين "ما له زَبْر - بالفتح أي عقل وتماسك "، ومنه كذلك "الزَبْر مصدر: الزَجْر والمنع ". وأما قوله تعالى {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا} [المؤمنون: 53]. فإن إيقاع التقطيع على الأمر، وصيرورته زُبَرًا أي قطعًا يفسر بالشِيَع كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: 159]. وهذا التفسير متفق مع الأصل, لأن ما يُضْبَط يتجمع كتلة واحدة ثم بوقوع التقطيع عليها تصير كتلًا. فهذا على القراءة بفتح الباء، أما على القراءة بضمها فتكون الكلمة جمع زَبُور أي كُتُبًا "والمعنى جعلوا دينهم كُتُبًا مختلفة "حسب تعبير ل. ويتأتى هذا المعنى في القراءة الأولى أيضًا، فلينظر في [ل]. ولم يأت في القرآن من مفردات التركيب إلا (الزّبور) وجمعه، وجمع زُبْرة الحديد.

(زبن)

• (زبن): {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} [العلق: 17] "زُبَاني العقرب: قَرْنُها وقيل طرَف قَرْنها. والزَبُّونة كسَبُّورة - ويضم أوله أيضًا: العُنُق. والزابنة: الأكَمة التي شَرَعت في الوادي وانعرج عنها ". Qاندفاع الشيء ناتئًا شديدًا في (أو/ مِنْ) جَوْف الشيء كالأكمة الموصوفة في الوادي. وشدّتُها غِلَظُها، وأنها تدفع الوادي عن استقامته. وكقَرْن العقرب (ينفذ هو وسَمُّه شديدًا في الجسم) (وإذا لسعت نحلة أحدًا فإنه يطلب من يُخرج زُبَاناها أي إبرتها التي أدخلتها وتركتها في موضع اللسعة) وكالعنق من البدن. ومنه "زَبَنَتْ الناقةُ وَلَدها وحالبها (ضرب): دَفَعَتْه عَنْ ضَرْعها بِثَفِنَاتها (ثفناتها: ما ولى الأرض منها عند بروكها. والمراد هنا ركبتها) والزَبَن - محركة: ثوب على تقطيع البيت كالحَجَلة (تدفع وتحجب)، والناحية [تاجِ] (يُتَنَحَّى إليها أي يُنْدَفع). والزبانيةُ: الذين يَزْبِنون الناس: يدفعونَهم في جهنم واحدهم زِبْنِيَةٌ أو زِبْنِيّ {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} ملائكة يدفعون أهل النار فيها. ومن المعنوي "حرب زَبون: تزبن الناس أي تصدمهم وتدفعهم " [تاج]. ° معنى الفصل المعجمي (زب): الاكتناز أو أثره في الانتصاب أو النضح - كما يتمثل في زَبِّ القربة: مَلئها إلى رأسها - في (زبب)، وفي تجمع الزُبْد والزَبَد - في (زبد) والتجمع من باب الامتلاء، وكما في صدّ الطين جدار البئر، وصدّ السندان أثر الدقّ - في (زبر)، وفي انتصاب الأَكَمة الشارعة في الوادي وكذا انتصاب العنق مع تجمعها - في (زبن).

الزاي والتاء وما يثلثهما

الزاي والتاء وما يثلثهما • (زتت): "الزَتَّة - بالفتح: تزيين العروس ليلة الزفاف. زَتَّ العروس زَتًّا: زَيّنها. وتزتَّتَتْ هي: تَزَيَّنتَ. وتزتَّتَ للسفر: تهيأ له. وأخذ زَتَّتَه للسفر أي جَهَازه ". Qإضافة شيء أو إلحاقه تهيؤًا لما يستلزم هذه الإضافة (¬1): كالحَلْى والزينة للعروس، وكجهاز المسافر له. • (زيت): {شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ} [النور: 35] "الزَيْتون: شجر معروف ويقال لثَمره زيتون أيضًا، ونونه زائدة كنون قَيْعُون من القاع. والزَيْت هو الدُهْن الذي يُعْتَصَر من الزيتون ". Qدُهْنٌ ذو كثافة: كالزيت يُعتصر من الزيتون. تأمل: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ} [المؤمنون: 20]، {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا} [عبس: 27 - 29]، ومن الزيت: قيل زِتُّ الخبزَ والفَتُوت (باع): لَتَتُّه بزيت ". ولم يأت في القرآن من ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الزاي تعبر عن وازدحام، والتاء عن ضغط دقيق، والفصل منهما يعبر عن إضافة أشياء (مواد) كالحَلْى والأمتعة - إلى ما تَعْلَق به كزينة العروس وجهاز المسافر. وفي (زيت) تعبر الياء عن نوع من الاتصال، ويعبر التركيب عن مادة ذات تماسكٍ ما تُعْتَصر أي تخرج بالضغط وهي الزيت. والاتصال هنا تماسك الزيت أو كونه في أثناء ثمرة الزيتون.

£° معنى الفصل المعجمي (زت)

التركيب إلا (الزيت) و (الزيتون) و {زَيْتُونَةٍ} شجرة الزيتون. ° معنى الفصل المعجمي (زت): شيء يَعْلَق زائدًا بشيء كما في زينة العروس وجهاز المسافر - في (زتت)، والدهن المعتصر - في (زيت). الزاي والجيم وما يثلثهما • (زجج): {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ} [النور: 35] "الزجج - محركة: معروف/ رِقَّةُ مَخَطِّ الحاجبين ودِقَّتُهما وطولهُما وسُبُوغُهما واسْتِقْوا سُهمَا. ازْدَجَّ الحاجب: تَمّ إلى ذُنَابَى العين [ق]. والزَجَج في النعامة: طول ساقيها وتباعد خطوها. والزُجُّ - بالضم: الحديدة التي تُرَكَّب في أسفل الرُمح ويُرْكَز بها الرمح في الأرض (والسنان يُرَكَّب في عالية الرمح ويُطْعَن به)، والزُجُّ كذلك: طرَف المِرَفق المحدَّد، وإبرة الذراع التي يُذْرَع من عندها. وزِجَاجُ الفحل - ككتاب: أَنيابه " [يُذْرَع أي يقاس بالذراع]. Qدفع الشيء ليتقدم داخلًا في شيء أو ليتداخل (¬1) ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الزاي عن اكتناز وقوة، والجيم عن تجمع غير شديد، والفصل منهما يعبر عن تداخل الشيء أو الأشياء بعضها في بعض (لَأْم) فلا ينتشر جِرمها كالحاجب المزجّج. وفي (زجو) تزيد الواو بعدهما معنى الاشتمال، فيعبر التركيب عن كون اللأم (وهو هنا الدفع) برفق واقعًا على مشتَمَلٍ عليه كولد البقرة وسَوْقه، ودفع الريح السحاب وهو محاط به. أما في (زوج) فتتوسط الواو بينهما ويعبر التركيب عن الاشتمال على شيئين تداخلا معًا باندفاع أحدهما إلى الآخر أي ارتباطه به برفق كالزوجين. وفي =

(زجو)

كالحاجب الأزج. والمنطقي أن تكون بداية التزجيج هي دفع شعر الحاجب المشعث إلى وسطه حتى يَدِقَّ عَرْضه ويبدو طويلًا، ثم استحدثوا (النتف) بعد، وكساقَيْ النعامة بطولهما ودقتهما لعدم عِرَض فَخِذَيها، وهما بهذا يزيدان (يدفعان) لسعة خطوها، وزُجُّ الرمح يزيد قوة دفعه في الطَعْن، وإبرة الذراع عند المَفْصِل الذي يمكّن من مدّه - والمدُّ دفع، وناب الفحل يندفع في ما يَقْضَمه. ومنه "الزُجُج بضمتين: الرماح المُنَصَّلة ", لأن النصال تساعد في اندفاعها في الضريبة. ومنه "الزُجاج المعروف "، إذ هو يُسْتَخْلَص من الرمل بصهره حتى تتميز منه سبيكة متماسكة (متداخلة) وذلك مع شفافيته واستواء ظاهره [ينظر عن صنع الزجاج دائرة معارف الشعب 2/ 419 وفيها أن أقدم أثار الزجاج وُجِد بالعراق قبل الميلاد بثلاثين قَرْنًا ثم في مصر - ص 395]. وفي اللسان الزُجَاجَة: القارورة والقَدَح. قال ابن سيده: وأُراها عراقية. {الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ}. ومن الدفع في الأصل قولهم: "واد يزُجّ النبات ويزُجّ به: يُخْرِجه وينميه [الأساس]، وازدَجَّ النَبْتُ: استَدَّ خَصَاصُه (كثرت أغصانه - اندفاع، فانسدت الفُرج بينها) و "زَجَّ بالشيء من يده (رد): رَمَى به ". (فالرمي دفع بالإلقاء). • (زجو): {رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} [الإسراء: 66] ¬

_ = (زجر) تعبر الراء عن استرسال واطراد، ويعبر التركيب معها عن استرسال الدفع إبعادًا أو شدة ضغط، ويتمثل هذا في انفصال ما في بطن الناقة منها دفعًا ورميًا في قولهم: زجرت الناقة بما في بطنها: رمت به ودفعته، وكما في الزجْر الطرْد.

"التزجية: دَفْع الشيء كما تُزَجِّى البقرةُ ولَدَها أي تَسوقُه (تدفعه برأسها). زَجَّيْت الشيء إذا دفعتَه برفق. ورجل مِزْجاءٌ للمَطِيّ: كثير الإزجاء لها يُزْجيها ويرسلها. "أعْيا ناضِحى فجعلتُ أُزَجّيه أي أَسُوقه ". Qدفع (الضعيف) للأمام أو بعيدًا برفق. كما تدفع البقرة ولدها وكما يُدْفَع المُعْيى أي يُساق برفق، ومنه أن الريح تُزْجى السحاب أي تدفعه دفعًا رفيقًا {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا} [النور: 43]، أي يَسوقه [قر: 12/ 288]، {رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ}. وردُّ المُقْبِل أو المُقْدِم إبعاد. ومنه قوله تعالى: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ} [يوسف: 88]: مَدْفوعة لا يقبلها كلُّ أحد لرداءتها [قر 9/ 253، الخازن 3/ 311]. هذا وقد فُسّرت المُزْجَاة أيضًا بالقليلة اليسيرة [ل 74، تفسير الخازن 3/ 311] والرداءة أدخل في باب الضعف من القِلّة، وهي أنسب أن تَكون سبيًا للإزجاء. وقد جاء في اللسان "المُزَجَّى - اسم مفعول ض: الذي ليس بتامِّ الشَرَف ولا غيره من الخلال المحمودة ". والدفع للأمام برفق هو تحريك وتسيير برفق، ومن هذا استعمل في (جريان الأمر) برفق أي سهولة ويسر فقالوا "زَجَا الخَرَاجُ: تيسيرت جِبايته، وزَجا الشيءُ: تَيَسَّر واستقام " (كما نقول الآن الحال ماشٍ. ومن هذا) "لا تَزْجُو صلاةٌ لا يُقْرأ فيها بفاتحة الكتاب "أي لا تُجْزِئ (كقولنا لا تجوز من الجواز المرور) و "زجا الشيءُ: راجَ "ومنه كذلك قولهم "فلان أزجى بهذا الأمر من فلان أي أشد نفاذًا فيه منه " (يَسِير فيه أو يُسَيّره). والتسيير برفق يَصْدُق بالتسيير بتلطف واحتيال واكتفاء بالقليل فيقال

(زوج)

"أزْجَيْت أيامي: أي دَافعتها بقوت قليل. وقال أعرابي: ونحن نزجِّيها - ض، (أي الدنيا) زَجاة - كفتاة: أي نتبلغ بقليل القوت فنجتزئ به. ويقال تَزَجَّيت بكذا اكتفيت به ". • (زوج): {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} [الطور: 20] "الزَوْج - بالفتح: الفَرْد الذي له قَرين. زَوْجَا حَمام: ذكر وأنثى. وزوجان من الخِفاف أي اليمين والشمال، وزَوْج المرأة: بَعْلها، وزَوْج الرجل: امرأته. زاجَ بينهم: حَرَّشَ وأغرى. وزَاوجه: خالطه: [الوسيط] وتزوَّجَه النومُ: خالطه ". [ق]. Qتداخُلٌ بين شيء وآخر حتى يشتبكا ويختلطا ويرتبطا معًا - كالذكر بالأنثى، والنوم بالنائم، وكالذين حُرِّشَ بينهم (فاشتبكوا). ولا يقال للشيء زَوْجٌ إلا وهو مرتبط بآخر ارتباطًا مادِّيًّا أو معنويًّا، فهي تُطلق على الفرد بهذا القيد. قال تعالى {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ...} {وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ} [الأنعام: 143، 144] فهذا يقطع باطلاق الزوج على الفرد لأنها أربعة مقترنات عُدّت ثمانية أزواج - لكن مع القيد السابق. ومن هنا أُطْلق الزوجُ على امرأة الرجل - كما يقال قرينته. {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا ...} [النساء: 20] وعلى الرجل ذي المرأة - كما هو قرينها - {... فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230]. والتزويج عقد اقتران الرجل بالمرأة {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] {وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} [الدخان: 54، والطور: 20].

وقوله تعالى {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذاريات: 49]. أي صنفين ونوعين. وقال ابن زيد: أي ذكرًا وأنثى وحلوًا وحامضًا ونحو ذلك. وقال مجاهد يعني الذكر والأنثى والشمس والقمر والليل والنهار [قر 17/ 53] أقول وهذه الآية ترتبط تفسيريًّا بقوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ} [يس: 36]، {وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ} [الزخرف: 12]، {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]. ثم استعمل في قَرْن الأشباه لأن المشابهة تربط المتشابهين {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} [التكوير: 7] قال - صلى الله عليه وسلم - "يُقْرَن كلّ رجل مع كل قوم كانوا يعملون كعمله " [قر 19/ 231] {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} [الصافات: 22] أشياعهم في الشِرْك أو أشباههم في جنس المعصية أو قُرناءهم ... [قر 15/ 73] {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} [الحجر: 88]، أي أمثالًا في النعم، أي الأغنياء بعضهم أمثال بعض في الغنى فهم أزواج [قر 1/ 56] وكذلك آية [طه: 131] {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ... وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ... وَالسَّابِقُونَ} [الواقعة: 7 - 9] فأطلق الزَوْج على الصِنْف أو النوع من الناس ومن كل شيء، إذ كل فرد من أفراده مقترن بغيره منه بجامع النوعية والصفات المشتركة {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} [ص: 58]: وأنواع من العذاب أخرى [قر 15/ 223]. {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ

(زجر)

وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [الحج: 5] أي لون (من الحب والثمر) [قر 12/ 14]. {فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ} [الرحمن: 52]. صنفان وكلاهما حلو يستلذ به. [قر 17/ 179]. خلاصة: التركيب يعبر عن ارتباط شيء بآخر. وهو في القرآن الكريم كذلك تزويجًا للذكر بالأنثى، أو جمعًا لها في الخَلْق، ثم عبر بالزوج عن الصنف الذي يجمع أشباهًا من البشر أو الثمر. والسياق واضح في ما لم نذكره. • (زجر): {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ} [القمر: 4] "بعير أَزْجَرُ: في فَقَاره انْخِزال من دَاءٍ أو دَبَر (الأخزل الذي في وسط ظهره كَسْرة وهُوِىّ مثلُ سَرْج) وزَجَرَتْ الناقة بما في بطنها: رَمَتْ به ودفعته ". Qانفصال أو ابتعاد بعنف وقوة بين ما يفترض تداخله وتلاصقه: كما تنفصل الفِقْرة أو تتباعد عن أختها (الفِقَار تتماسك أشد التماسك فانكسارها لا يتم إلا بضغط وقوة شديدة. وما في البطن متمكن فيها تمامًا فيكون انفصاله بقوة). ومنه: "زَجَرْتُ البعير حتى ثار ومضى " (كان باركًا على الأرض). وتأمل في ضوء هذا المثال قوله تعالى في بعثه الموتى من مراقدهم في قبورهم: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ} [الصافات: 19]، {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (13) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات: 13, 14] (فهي صيحة أو نفخة يقومون بها من القبور). ومن هذا: "زَجَر الطيرَ (الذي كان جاثمًا): أطاره (فتفاءل بتيامنه أو تطير بتياسره)، وزَجَرَتْ الريح السحابَ: أثارته، وزَجَره: طرده صائحًا

£° معنى الفصل المعجمي (زج)

به ". ومن هذا "زَجَرْته عن السوء (نصر): منعته ونهيته (أمرته بغلظة أن يفارق ويبتعد عما هو مجامع له منغمس فيه) {فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ} [القمر: 9]،: زُجِر عن دعوى النبوة بالسبّ والتهديد بالقتل {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ} [القمر: 4] أي ما يَزْجُرهم عن الكفر لو قبلوه [قر 17/ 131، 128] {فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا} [الصافات: 2] الملائكة تزجر السحاب وتسوقه، أو الناس عن المعاصي بالمواعظ والنصائح. وقيل هي زواجر القرآن [قر 15/ 62]. ° معنى الفصل المعجمي (زج): الدفع للأمام وما قد يلزمه من التداخل كما يتمثل في دفع الزُجّ الرمح أي المساعدة بسبب ثقله في قوة اندفاعه - في (زجج)، وفي التزجية: دفع البقرة ولدها أي سَوْقها إياه في (زجو/ زجى)، وكما يرتبط (= يتداخل) الزوج بقرِينه - في (زوج)، وكما تزجر الناقة بما في بطنها - في (زجر). الزاء والحاء وما يثليهما • (زحح - زحزح): {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [آل عمران: 185] "زحّ الشيءَ (رد) وزحزحه: دفعه ونحّاه عن موضعه وباعده منه ". Qانتقال الشيء الثقيل قليلًا باحتكاك بمقره (¬1) كما في ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الزاي تعبر عن نفاذ باكتناز وازدحام، والحاء تعبر عن احتكاك باتساع مع جفاف، والفصل منهما يعبر عن انتقال جملة الشيء قليلا باحتكاك بمقره كما في الزحزحة. وفي (زحف) تزيد الفاء التعبير عن الطرد والإبعاد بقوة، ويعبر التركيب =

(زحف)

الزحزحة {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ}، {وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ} [البقرة: 96]. • (زحف): {إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ} [الأنفال: 15] "مزاحف الحيات: آثار انسيابها ومواضع مَدَبّها. ورجل زُحَفَة - كهمزة: لا يسيح في الأرض " (لا يسافر مسافات بعيدة). زحف البعير وأزحف: أعيا فقام (أي وقف) / أعيا فجَرَّ فِرْسِنَه. وكل مُعْيٍ لا حَراك به زَاحِفٌ ومُزْحِف - كمحسن - مهزولًا كان أو سمينًا ". Qبُطْء الحركة مع الاحتكاك بالأرض من ثقل أو نحوه. كالحية تزحف على بطنها في الرمل، وكالذي لا يسيح في الأرض، وكالمُعْيى (كما يسمَّى مُثْقَلا) وقد سموا الجيش الكثيف "زحفًا ", لأن كثافته واتساع المساحة التي يَشْغلها الجنود الكُثر تبدي حركتهم بطيئة {إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا} وقد ردّ [قر 7/ 380] والأزهري [ل 29] تسمية الجيش زحفًا إلى الزَحْف على الألية. وليس بشيء. ومن الأصل "أَزْحَفْتُ القوم: ثَبَتُّ لهم (فلا يتقدمون إلا ببطء) ومزاحف السحاب: حيث وقع قَطْره " (أي حيث أبطأَتْ جِرْيته فأفرغ ماءه، مع كون مواقعه منبسطة لا يُلْحَظ انتقالها). ° معنى الفصل المعجمي (زح): الانتقال البطيء مع الاحتكاك بالمقر كما يتمثل في الزحزحة - في (زحح)، وكما في زحف الحيات - في (زحف). ¬

_ = معها عن "أن الانتقال هنا لا يقيد بالقلة - مع كونه ثقيلًا بطيئًا كما يتبين من إزاحة الحيات الرمل حين زحفها وكذا في زحف الأطفال ".

الزاي والخاء وما يثلثهما

الزاي والخاء وما يثلثهما • (زخخ - زخزخ): "الزُخّة - بالضم: أولادُ الغنم. زَخَّه: دَفَعه في وَهْدة. وزَخَّ ببوله: دفع. وهِيَ بالماء: دَفَعَتْه. وزَخّ المرأةَ وزَخْزَخَها: نكحها ". Qاندفاع الشيء بقوة (من أو في) أثناء مُجَوَّف خالٍ أو شِبهه (¬1) كأولاد الغنم تخرج من بطون أمهاتها بكثرة وسهولة (تلد الشاة في المرة الواحدة اثنين فأكثر عادة والغنم نفسُها تُقْتَنَى بأعداد كبيرة فتكثر أولادها، وهذا يوحي بسهولة خروج الأولاد وقرة اندفاعها من أمهاتها) وكدفع البول والماء. • (زخر): "زَخَرت القِدْر: جَاشَت (غَلَى ما فيها وارتفع ليفور)، والبَحْرُ: طما وتَمَلأّ، والوادي: مَدَّ جدا/ ارتفعَ مَدُّه وطَمَا سَيْلُه، والنباتُ: طال. وإذا التفّ النباتُ وخرج زهرُه قيل قد أخذ زُخَاريّه "- بضم ففتح وتشديد الياء. Qجَيَشَانُ ما يملأ الظرف من سائل ونحوه (من خفيف ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الزاي تعبر عن نفاذ جرم باكتناز وازدحام، والخاء تعبر عن تخلخل، والفصل منهما يعبر عن اندفاع من (أو في) أنثاء متخلخل كذلك الذي يُدْفَع في وَهْدة وكالبول المندفع. وفي (زخر) تزيد الراء التعبير عن الاسترسال ويعبر التركيب عن استرسال الاندفاع بالامتلاء والجَيَشان كما في زُخُور البحر والقِدْر، وكما في نمو النبات زيادته بسبب قوة النمو فيه، وتعبّر الفاءُ في (زخرف) عن الطرد والإبعاد، فيتركز تعبير التركيب على ذلك (النافذ) فوق ظاهر الشيء متميزا بالبروزات الكثيرة كموج الماء وفوقه رغوته أو باختلاف الألوان كزخارف السفن وغيرها.

(زخرف)

الحركة) بحيث يكاد يفارق ظرفه: كالمَرَق ونحوه في القِدْر، والماءِ في الوادي، والزهر من النبات ومنه "زَخَرَ القوم: جاشوا لنفيرٍ أو حرب ". • (زخرف): {أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ} [الإسراء: 93] "زخارف الماء: طرائقه (الخطوط الدقاق المتوالية في أعلاه إذا كان ساكنًا وهبّت عليه الريح). والزخارف ما زُيّن من السفن. وفي [العين]: ما يُزَخْرَفُ به السفن " [تاج]. Qمستطرف من دقاق كثيرة تعرو ظاهر الشيء نافذة منه تُسْتَمْلح لدقتها وانتظامها أو لغير ذلك - كطرائق الماء المذكورة. ومن ذلك الزخرف: الذهب، إما لأنه يُعَلَّق على ظاهر البدن للزينة، أو لأنه قد يوجد نثارًا لامعة على سطح الأرض بعدما يَقْشِرها ماءُ السيل بمروره قوقها. والوجه الأول هو المفهوم من كلامهم [في ل]. وجعل ابن سيده أصل التركيب الذهب "ثم سُمِّيَّ كلُّ زينة زُخْرُفًا، ثم شُبِّهَ كلُّ مموه مُزَوَّرٍ به ". "وفي الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يدخل الكعبة حتى أمر بالزخرف فنُحِّىَ. قالوا: هي نُقوش وتصاوير (كانت) تُزَيَّن بها الكعبةُ فكانت بالذهب، فأمَر بها فحُتّتْ. ومنه قوله تعالى: {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفًا} [الزخرف: 34, 35] (ل). بينما في [قر 10/ 331] {بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ} أي من ذهب وأصله الزينة، والمُزَخْرَفُ: المُزَيَّن. اهـ. وهذا أقرب إلى الأصل الذي قررناه. وإنما غلب على الذهب لأنه أَشْيعُ جواهر التَزَين والتمويه وأنفَسُها حيث يُطْلَى به ظاهر الشيء. {حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا} [يونس: 24]: أي زينَتها من الأنوار والزَهَر من بين أحمر

£° معنى الفصل المعجمي (زخ)

وأصفر وأبيض [ل]. "وزُخْرُف القول: المموَّه المزين الظاهر ينخدع ويغتر بظاهره مَن لا يتدبر " {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: 112]. ° معنى الفصل المعجمي (زخ): اندفاع الشيء بقوة من أثناء أو فيها - كما يتمثل في الزُخَّة أولاد الغنم، "وزَخَّه: دفعه في وهدة - في (زخخ)، وكما في جَيَشان القِدْر غليان ما فيها وارتفاعه ليفور، وكذلك زُخُورُ البحر: طُمُوّه - في (زخر)، وكماء الوادي الكثير الذي تنشأ عن كثرته زخارفهُ - في (زخرف). الزال والدال وما يثلثهما • (زود): {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197] "الزاد: طعام السفَر والحضَر. والمِزْودُ - بالكسر: وِعاءٌ يُجْعَل فيه الزاد. والمزادة: ظَرْف يُحْمل فيه الماءُ من جلدين تُفْأم بثالث بينهما لتتَّسع ". Qما يعد من الطعام والماء لحال البعد عنهما أمدًا طويلًا (¬1) كالزاد وكالمزادة للماء. "ومنه قيل لما كَسَبْتَه وانقلَبْتَ به من عمل خير أو شر زَادٌ. كما قالوا "احتقب خيرًا أو شرًّا واستحقبه: أي ادخره " [ل: حقب] قال تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الزاء عن نفاذ شئ باكتناز وازدحام، والدال تعبر عن ضغط في استطالة وامتداد أي احتباس، وتعبر الواو في (زود) عن الاشتمال ويتمثل تعبير التركيب منهن في امتلاء الشيء شيء أي اشتماله عليه - لمدة كما في الزاد. أما في (زيد) فالياء تعبر عن اتصال ويعبر التركيب بها عن امتداد من الشيء متصل به كما في الزيادات المذكورة.

(يد)

• (يد): {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: 17] "زوائد الدابة: قوائمُها. وزوائد الأسد: أظفارُه وأنيابُه وزَئيرُه وصَوْلته. والزوائد: الزَمَعات اللواتي في مُؤَخَّر الرَحْل. وزائدة الساق: شَظِيّتها (عظم الساق). وزوائد الأسنان: ما ينبت بجانبها [الوسيط]. وزيادة الكبد وزائدته: هُنَيّة منها صغيرة إلى جنبها متنحية عنها ". Qامتدادٌ للجرم مضاف إلى أصله. كالقوائم من جسم الدابة، والأظفار والأنياب من جسم الأسد، وعِصِىّ الرحل منه، وعظم الساق صلب ناتئ في مقدمتها ممتد رأسيًّا، وكزيادة الكبد المذكورة. ومنه "تزيدت الناقة: مَدّت بالعُنُق وسارت فَوْقَ العَنَق [الأساس] وزادَ الشيءُ: نما وكثر ". ومن هذا عُبِّر بالتركيب عن معنى الزيادة أي الفضل فوق جرم الأصل ضد النقص {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: 147]، {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} [البقرة: 247]. ومن ذلك زيادة صفة ما فذلك امتداد وكثافة لها {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [التوبة: 124]، {فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة: 10]، {زَادَهُمْ هُدًى} [محمد: 17]. {وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ} [الرعد: 8] المقدم [في قر 9/ 286] أن المراد زيادة أشهر الحمل ونقصها. وأقول إنه يحتمل عدد الأولاد أيضًا. وسموا زيدا ويزيد كما سموا الفَضْل {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37]. ومن ذلك المعنى المحوري (الإضافة إلى الأصل) استعمَل القرآن التركيب في شأن المدعوين إلى ترك ما هم عليه (أ) تعبيرًا عن مبالغتهم في ما هم عليه

£° معنى الفصل المعجمي (زد)

(وهذه إضافة) إما حقيقة، وإما بالإصرار عليه وإن لم تكن زيادة حقيقية {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} [آل عمران: 173 وكذلك الأحزاب: 22] {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا} [المائدة: 64، 68 وكذلك الإسراء: 41، 60، الفرقان: 60، فاطر: 42، نوح: 6، 24] (ب) وتعبيرًا عن نتيجة ذلك {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} [التوبة: 125 وكذلك هود: 63، 101، الإسراء: 82، فاطر: 39، نوح: 21، 28]. كما استعمل التركيب في مجرد إضافة شيء {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا} [التوبة: 47]. وسائر ما في القرآن من هذا يُفسَّر بالإضافة إلى الشيء من جنسه. ° معنى الفصل المعجمي (زد): إضافة شيء إلى الحيز - كما في الزاد الطعام والماء المعدّيْن للسفر والمستقبل - في (زود)، وكما يتمثل في القوائم وسائر الزوائد التي تبدو ناتئة عن عُظْم الجرم كأنها مضافة إليه - في (زيد). الزاي والراء وما يثلثهما • (زرر - زرزر): "الزِرّ - بالكسر: زِرّ القميص. وزِرّ الحَجَلة: جَوْزة تَضُم العُرْوة تُشَدُّ بها الكِلَل والستور. والزِرّة - بالكسر: الحديدة التي تجعل فيها الحلقة التي تُضْرَب (أي تُثَبَّت) على وجه الباب لإصفاقه (: ما تسميه العامة الرَزَّة). والزِرّان: الوابِلتان (الوابلة طرف العضد في الكتف وطرف الفخد في نقرة الورك) والأزرار: خَشبات يُخْرزْن في أعلى شُقَق الخباء وأصولهُا في الأرض ".

Qنفاذ بدقة لضَمِّ أطرافٍ أو جوانبَ منفصلة أو إمساكها معًا بلطف وتكرار أو دوام (¬1). كما يجمع زرّ القميص والحَجَلة الجانبَ الآخَر مرة بعد أخرى - والزر دقيق، وكما تمسك الحديدة الحَلْقة. والوابلة كرة عظمية تدور في نقرة الورك أو الكتف العظمية فتمسك العضد والفخذ إليهما - وهي مختفية. ومن ذلك "زرّ عينهَ: ضيّقها (يقرّب جفنيه حتى يكاد يغمض وحينئذ) فإن عينيه تَزِرّان: تبرُقان، وهو زُرازِر - كتُماضر: وقّادٌ تبرق عيناه (ينفذ بريقهما دقيقا ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الزاي تعبر عن اكتناز أو نحوه من ازدحام أو صلابة، والراء تعبر عن استرسال، والفصل منهما يعبر عن ضم أطرافٍ أو جوانب وإمساكها معًا بدقة وتكرار (استرسال) كزر القميص والحجَلة والخِباء في العُروة، وكطرَف الفخذ في نقرة الورك. وفي (زَرَى) تعبر الياء عن اتصال، ويعبر التركيب عن الضم لكن مع زيادة ضغط يؤدي إلى التقلص كما في السقاء الزَرِىّ ومنه أُخِذ معنى الاستصغار. وفي (زور) زيد معنى الاحتواء الذي تعبر عنه الواو، وعبر التركيب عن جمع يضم دقاقا باتساق كما في الزَّوْر. وفي (أزر) زيدت ضغطة الهمزة، فعبر التركيب عن قوة الضم كما في الأزر الظهر. وفي (وزر) بادرت الواو بالتعبير عن الاشتمال، وعبر التركيب عن الاحتواء بقوة حَملًا أو حفظًا كالوِزْر والوَزَر. وفي (زربَ) أضافت الباء بما فيها من معنى التجمع مع رخاوة وتلاصقٍ ما أَنّ الضم المذكور يقع في كِنّ يكتن فيه الشيء ويُحْرَز كزريبة الصائد والغنم. وفي (زرع) تعبر العين عن التحام برقة، ويعبر التركيب عن أن هذا الضم يقع بالتحام مع رقة وغضاضة كالزرع ينمو في الأرض. وفي (زرق) تعبر القاف عن تعقد في جوف الشيء وأثنائه، ويعبر التركيب عن المضطم ينفذ في العمق اختراقًا ومنه كالمزراق والدَّسَم، ويؤدي نفاذه منه إلى الصفاء كالماء الأزرق والزُّرَيْقاء الخمر.

(زرى)

مع حصر الأشعة وتركيزها) والزُرازِر كذلك: الخفيف السريع ". منكمش أي متضامّ غير متسيب). وقولهم: "زِرّ السيف: حدّ " (لحظ فيه أنه الذي يدخل في أثناء الضريبة، وهذا وصول ولحاق قريب من الإمساك). ومن التماسك أيضًا: "زَرَّ يزُرّ - بضم عين المضارع: زار عَقْلُه/ عَقَل بعد حُمق (كما نقول رَكّز - نفاذ). وزَرِرَ - كتعب: تعدَّى على خصمه (نفاذ) , وزرزر: ثَبَتَ بالمكان " (ملازمة المكان انضمام وامتساك إليه). • (زرى): {وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا} [هود: 31] "سقاء زَرِىّ: كغنى: بين الصغير والكبير. Qمحدودية قَدْر الشيء في تجمعه أي كونه دون ما ينبغي أو يُعتاد: كالسقاء (من جلد صغير الغنم) بالوصف المذكور لا يأخذ إلا قَدْرًا صغيرًا. ومنه: "زرَى عليه: عابه وعاتبه، والإزرا: التهاوُن بالشيء وأزريت به: قصّرت به وتهاونت. وازْدريته: حقّرته وانْتقصته رعِبته " (كل ذلك تصغير قدر. والعيب والعتاب: إبداء ما في الشيء أو العمل من قصور ونقص. فهو استصغار له، ومن هذا الاستصغار ما في آية التركيب). • (زور): {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: 72] "الزَوْر - بالفتح: الصدرُ/ وَسَط الصدر/ ملْتَقى أطرافِ عظام الصدر حيث اجتمعت. الزارَة والزاوِرة: حوصلة الطائر - والزاوَرة - بفتح الواو: ما حملت فيه الطائرة الماءَ لفراخها. والعرب تقول للبعير المائل السنام: هذا البعير زَوْر -

بالفتح. والزور - بالفتح أيضًا: عسيب النخل " Qامتساك عدد كبير (جمع) في شيء ما بانتظام وامتداد وانعطاف: كامتساك أطراف عظام الصدر منتظمة ومنحنية، وكالحوصلة من فلقتين متقابلتين تمسك الطعام، والزاوَرة الموصوفة كالأنبوبة تمسك الماء، والسنام تجمُّع شحميّ وهو هنا مائل أي منحرف، وعسيب النخل يجمع الخُوص منتظمًا. والامتداد في زور الصدر وفي الزاوَرة والسنام والعسيب مادى حقيقي، وفي الحوصلة دوام جمعها العلف. ومن المادي أيضًا: "الزير - بالكسر: ما استَحكَمَ فتلُه من الأوتار (الفتل جمع بالتفاف وانتظام: تعادل القوتين المفتولتين والخلو من الجَرَع أي العُجَر) (ومن هذا على أنه أصله أو من تجاوز القيود "الزير: الكَتّان ". وأما "الزارة: الجماعة الضخمة من الناس والإبل والغنم "فمن الجمع مع انتظام أنواع كثيرة أو عدد كبير. ومن الجمع (الإمساك بعدد كبير): "زَوْرُ القوم - بالفتح، وزَوِيرهم - مصغرًا ومكبرًا: سيدُهم ورَأْسهم/ صاحبُ أمرهم ". ومن الجمع مع الانعطاف: "زاره يزوره: عاده " (كما قالوا عاج عليه أي من الانعطاف في كلٍّ {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [التكاثر: 2]، يصلح أن يكون كناية عن موتهم ودفنهم فيها [وينظر قر 20/ 169]. ومن الجمع مع التنظيم: "التزوير إصلاح الشيء (الإصلاح جمع وتوفيق أو تلفيق بين أجزاء الشيء بعضها وبعض) وكلام مزوَّر - اسم مفعول: محسّن مهيأ (جُمِعَتْ فِكَرُه ورُتِّبتْ - وقد تكون الفكر أو أجزاؤها مخترعة). ومن هنا جاء "الزُور - بالضم بمعنى: الكذب والباطل ": {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج:

(وزر)

30، وكذلك ما في الفرقان: 4، 72، والمجادلة: 2]. ومن الانعطاف الانحراف "ركية زوراء: غير مستقيمة الحَفْر، ومفازة زَوْراء: مائلة عن السمت والقصد .. (ثم استعملوا اللفظ في البعيدة لأن فيها ازْوِرارًا أي ليست أَمَما قَصْدا). و "في عنقه زَوَر - بالتحريك أي ميل كالصَعَر، وقوس زوراء: معطوفة، والأزْوَر: الذي ينظر بمُؤْخِر عينه، والازورار عن الشيء: العدولُ عنه: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ} [الكهف: 17] في [ل] أنها كانت تطلع على كهفهم ذات اليمين فلا تصيبهم، وتغرب على كهفهم ذات الشمال فلا تصيبهم. • (وزر) {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} [الشرح: 2, 3] "الوزر - محركة: الجبل (المنيع)، والكارةُ (عِكْم الثياب الذي يحمله الرجل على ظهره كما كان باعة الثياب يطوفون بها في القرى كذلك). Qحفظ الشيء بضمه وحَمْله واحتوائه في الأثناء: كما تضم الكارةُ الثياب لتحمل، وكالجبل يحمي من يأوي إليه. ومن ذلك "الوَزَر - محركة: المَلْجَأ (يضم الإنسان في حِضْنه ويحصنه) وقد أوزرته: جعلت له وَزَرا يأوي إليه " {كَلَّا لَا وَزَرَ} [القيامة: 11]. ومن الأصل: "وَزَرْت الشيءَ: حَمَلْته وأَوْزَرْتُه: ذهبتُ به واعتبأته (الحَمْل ضم المحمول فهو ثقل وغلظ في الحوزة). والوِزْر - بالكسر: الثِقْل وجمعه أوْزَار. فمن ماديه: {حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا} [طه: 87]. وسميت الذنوب أوزارًا كما سميت أثقالًا: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ}

(أزر)

[العنكبوت: 13]، {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [فاطر: 18]. ومن هذا {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] أي ولا تحمل نفس آثمة وزر نفس آثمة أخرى، ولكن كل مَجْزيٌّ بعمله. واتَّزَر الرجل ركب الوِزْر، وقد وزر " (كتعب، ووعد، وزُهِى). {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ} [الشرح: 2] في [بحر 8/ 484] كناية عن عصمته - صلى الله عليه وسلم - من الذنوب. ثم أوَّلَ الوضع. والثابت أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتجشم مشقة الحرص العظيم على إيمان من يدعوهم، وأن القرآن عبّر عن نفي تكليفه بهذا بنفي وكالته وسيطرته وحفاظته عليهم ونهاه عن الحزن والأسف عليهم في آيات عدة. فهذا وضع ذلك الوزر. ومن الحَمْل في الأَصل "الوزير "لأنه يحمل ثِقْل المَلِك ويعينه برأيه (مساعد) {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي} [طه: 29]. قال: (قد وَزَرتْ جِلّتَها أمهارُها) أي أن الصغار (الأمهار) قوّت وكَفَت المسنّات (الجِلة). وليس في القرآن الكريم من التركيب إلا (الوَزَر) الملجأ، و (الوِزْر) الحِمل المادّي، والذَنْب، و (الوزير). وما لم نذكره هنا هو من الوِزْر: الذنب. • (أزر): {وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} [الفتح: 29] "الأَزْرُ - بالفتح.: الظَهْر، والقوة والشدة. والإزار: ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن ". Qاشتداد الشيء الممتد بقوِىّ في أثنائه أو يحيط به: كالظهر، والإزار يشدّ بالظهر (كما يسمى حزام البطن بطانا). ومنه "أزر الشيءَ (نصر) وآزر فلانا: عاونه {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي} [طه: 31]- أي ظهري أو قوتي. ومنه

(زرب)

"أزر الزرعُ (نصر قاصر)، وآزر: التفّ فقوّى بعضه بعضا ". {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ} [الفتح: 29]. و (آزر) هو اسم أبي سيدنا إبراهيم كما ورد في القرآن الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} [فصلت: 42]. والذي جاء {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: 48]. قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ} [الأنعام: 74] وقد حقق الشيخ أحمد شاكر هذا. وفي دراسة حديثة أن آزر يمكن أن تكون تعريب "تارح "التي في سفر التكوين [11/ 26] ولا يمكن أن نميل عما ذكره القرآن إلى كلام الذين {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} [المائدة: 13] وقد جاء في الحديث الشريف الصحيح أيضًا "يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة ... "أما التاريخ فحسبنا منه شهادة أيوسبوس (285 - 340) م. أبي التاريخ الديني (عندهم) ومؤلف "التاريخ الكنسي "الثمين - أن أبا إبراهيم كان اسمه ATHAR آثر أو آذر وهي بعينها آزر التي ذكرها القرآن الكريم [ينظر المعرب تحقيق شاكر، وتحقيق ف عبد الرحيم ص 134 ودائرة المعارف الإِسلامية طبعة الشعب الجزء الأول ص 50 إلى 56 "]. • (زرب): {وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} [الغاشية: 16] "الزرب - بالفتح, والزَريبة: بئر يحتفرها الصائد يكمن فيها للصيد، وموضع الغنم كالزِرْب - بالكسر. والزريبة: مُكْتَنّ السَبُع. والزِرب - بالكسر: مسيل الماء ".

(زرع)

Qمكمن ضيق يحتبس فيه الشيء أو يتخزن ليُحْفَظ. كالماء والغنم والسبع في أماكنها المذكورة. ومنه "زَرَبْتُ الغنم فانزربت: أدخلتُها الزِرْب فدخلت. وانزرب الصائد في حفرته ". ومن ذلك "زُرْبِىّ النبات - بالضم: ما بدا فيه اليبس فاحمرّ أو اصفرّ وفيه خضرة (كأن سر هذه التسمية قربه من أن يحصد ويختزن) ومن ذلك الزَرَابى: الوسائد تبسط للجلوس عليها " [الوسيط] (حشايا أي أنها حشيت بالقطن أو نحوه أي حُبِس فيها) {وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ}. • (زرع): {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ} [النحل: 11] "الزرع: نبات كل شيء، وغلب على البُرّ والشعير ". Qنبات ما هو دقيق الجرم غضًا ينمو (قائمًا). كالنبات من الحب والأرض (والعامة تقول زرّع الحبُّ والبَصَل - ض: إذا خَرَجت منه خامة خضراء بسبب بلل أو رطوبة) {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا} [يوسف: 47]، والله يَزْرع الزرع: ينميه حتى يبلغ غايته {أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: 64] أثبت لهم الحرث ونفى عنهم الزرع [بحر 8/ 180]، ولغلبة الزرع على البُرّ والشعير (ونحوها) يتضح التخصيص في آية التركيب وفي مثل {وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا} [الكهف: 32]. ومن ذلك قالوا: "الزَرِيعة: الحب الذي يُزرَع، وزَرَعَ الحبَّ: بَذَره "كأن أصل هذا الاستعمال أنه (بالبَذْر) نمّاه، أو هيأه لينمو. وكل ما في القرآن الكريم من هذا التركيب هو الزرع المذكور.

(زرق)

• (زرق): {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} [طه: 102] "المِزْرَاق من الرماح أخف من العَنَزة (العَنَزة عَصَا في قدر نصف الرمح لها سِنان) والزَورق: القارب الصغير. زَرَق الطائر وغيره وذَرق: إذا حَذَف به حَذْفًا. وتزورق الرجل: رمى ما في بطنه ". Qنفاذ بخفة واندفاع إلى العمق (أو منه): كالمزراق (تأمل خفته بين الرماح وهو) ينفذ في المطعون به بقوة. وقالوا: "انزرق السهم: نَفَذَ ومَرَق (من بدن المرمىّ به)، وكالزورق بين السُفُن. وكالذَرْق: شأنه الخروج ويخرج حذفا. ومنه: "الزُرَّق - كسكر شَعَرات بيض تكون في يد الفرس أو رجله (شعرات خفيفة تنفذ بين غيرها من الشعر)، وطائر بين البازي والباشق يُصَادُ به (ينفذ بخفة في الجو منقضًّا آخذًا المصيد)، والحديدُ النظرِ (يخترق ينظره) والزُرَيْقاء - بالتصغير: ثَريدةٌ تُدْسَم بلبن وزيت (ينفذ في أثنائها أو يسهّل ابتلاعها بلا مضغ). والزرْقاء: الخمر (أُخِذَ غليظها وثُفْلها وخُلّصَت منهما). ومن النفاذ بخفة: "زَرَقَت الناقةُ الرحْل: أَخَّرته إلى وراء فانزرق. وجمل مزراق: يؤخِّر أداته وما حُمِل عليه " (يُزْلقها يكاد يلقيها عن ظهره). ومن النفاذ من العمق صفاءُ المائع - كما في الخمر "ماء أزرق: صاف وكذا نصل أزرق. والزُرْقة - بالضم: خضرة في سواد العين (وتكون صافية جدًّا). وعُظْم ما هو صاف في الطبيعة - كماء البحر والأفق والعين يبدو بذلك اللون القريب من الخضرة وهو الزرقة. ومن هذا التلازم دلت الزرقة على ذلك اللون. {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} فسِّرت [في قر 11/ 244] بتفسيرات

£° معنى الفصل المعجمي (زر)

راجعة إلى زرقة لون العيون، وفي قَول بشخوص البصر من شدة الخوف. ولا يبعد أن يُمَيَّزوا يومئذ بزرقة الأبدان لا العيون خاصة، أو بخلُوّ الأبدان والعقول من كل مُسْكة كقوله تعالى: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} [الحج: 2] وهذا يزكيه السياق {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ}. ° معنى الفصل المعجمي (زر): النفاذ بدقة مع إمساك ما كما يتمثل ذلك في زر القميص ونحوه - في (زرر)، وفي تقلص حجم الشيء كأنما من ضم ضغط يؤدي إلى ذلك التقلص - في (زرى)، وكما في إمساك الزور أطراف الضلوع - في (زور)، وكما في اشتداد الأزر الظهر بعضه إلى بعض بالفِقَر الداخلية وشد الظهر بالإزار - في (أزر)، وكما في ضم الكارة الثياب لجمعها وحفظها والتمكن من حملها - في (وزر)، وكما في ضم الزَرْب والزريبة الصائد والغنم - في زرب، وكما في إمساك الأرض النبات وغرس النبات في الأرض - في (زرع)، وكما في خفة جسم البدن والزورق في (زرق). الزاي والعين وما يثلثهما • (زعع - زعزع): "زَعْزَع الشيءَ: حرّكه ليقلعه فتزعزع. وزَعْزَعتْ الريحُ الشجرة وزَعْزَعتْ بها ". Qتحريك الشيء القوي الثُّبوت حركة مترددة مع بقاء أصله في مقره لا يفارقه (¬1) كالزعزعة المذكورة. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الزاي للاكتناز والازدحام، والعين للالتحام الرقيق، والفصل منهما يعبر عن تحريك أشبه بالزحم مع بقاء الأصل ثابتًا كما في الزعزعة، وفي (وزع) تسبق الواو بمعنى الاشتمال، ويعبر التركيب عن اشتمال حيز على المتحرك والتزحزح رجوعًا إليه كالزجر=

(وزع)

• (وزع): {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ} [النمل: 19]. "الوازع في الحرب: الموكَّل بالصفوف يزَعُ مَنْ تقدم منهم بغير أمره/ يحبس أوّلَهم على آخرهم/ يُرتِّبهم ويسويهم ويصفّهم للحرب فكأنه يكفّهم عن التفرق والانتشار، ويردُّ من شذّ [ق] ويقال: بها أَوْزَاع من الناس أي فِرَق وجماعات. ولا واحد للأوزاع ". Qالكف عن الانتشار تجاوزًا للجماعة أو تخطيًا ومفارقة. كضَمّ أفراد الجيش في فرقة أو صفٍّ لا يشذ أحد عن المجموعة. ومن هذا {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} [النمل: 17]، {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ} [النمل: 83]. {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} [فصلت: 19]. كل ذلك من الردّ عن الانتشار. ومن معنوىّ هذا: "وَزَعَه وبه (منع وضرب): كَفّه عن الشر والفساد والتعدِّي وارتكاب العظائم (فهذا كف عن التجاوز، كما يقال حبسه عن كذا، وكما تقول العامة لمّه ولمّ ابنك واتلم، وكما يوصف من يخرج على القواعد بأنه سايب). ¬

_ = والدفع خلفًا إلى الصف في الحرب، وفي (زعم) تعبر الميم عن استواء الظاهر، ويعبر التركيب عن ضم في الباطن لما هو قليل كأنما دفع قليلًا عن الخلو منه أو دفع إليه كذلك كما في الزعوم من الإبل والغنم.

(زعم)

ومن ذاك الأصل "أوزعته بالشيء: أغريته فأُوزعَ به: اعتاده وأكثر منه وأولع به ". أي أنه لَزِم ذلك الشيءَ وجامَعَه لا يفارقه. ومن هذا تفسيرهم {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ} [النمل: 19 وكذلك ما في الأحقاف: 15] أي ألهمني وأَوْلِعني به [ل] ولو قالوا: ادفعني لكان أقرب, لأن الوَزع دَفْع ردّ فيكون الإيزاع إلى: دَفعًا للأمام. ومن ذلك الأصل "الأوزاع: الفرق يقال بها أوزاع من الناس أي فرق وجماعات، كأن كل فرقة وُزِعَ "بعضُها على بعض أي ضُمّ. وكُفّت عن أن تنضم إلى غيرها. ومن هذا "تَوَزّعوا الشيءَ فيما بينهم أي تَقَسَّموه "بمعنى أن كلا أخذ جزءًا أي كتلة منه وطائفة فضمها إلى نفسه وحِيزت له لا تذهب إلى غيره. "ووزّع الشيءَ - ض: قَسَّمه وفرّقه "فضم وردّ كل نصيب إلى صاحبه. • (زعم): {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] "الزعوم من الإبل والغنم: التي يُشَكّ في سِمَنها فتُغْبَطُ بالأيدي/ القليلةُ الشحْم وهي الكثيرة الشحم، وهي المُزعَمة - كمُكْرَمة. وأَزعَمَت القلوصُ أو الناقةُ: إذا ظُنّ أنّ في سنامها شَحْما. وشواء زَعْم - بالفتح وككتف: مُرِشٌّ كثير الدَسَم سريعُ السيلان على النار. وأزْعَمَت الأرضُ: طلع أولُ نبتها ". Qضم الشيء في باطنه ما يظهر قليل منه. كالشحم والسِمَن، إذ يتكون هنا بقدر غير عظيم - في أجسام الإبل والغنم (تأمل الشواء الزعم. ودعك من كلمات الشك والظن فإنها من أثر استعمال المعنى المشهور). فالمقطوع به أن الإبل الموصوفة بها سِمَنٌ ما وليست هزلى ولا عجافا. ولأن

ذاك السمن تكوّن حديثا فإنه لم يشتد، ولذا يذوب بسرعة. وكذلك الأرض فإن طلوع أول نبتها علامة على أنها قَبِلت الحبّ في بطنها وأنه أمسك بها وكوّن جذورًا. ومن ذلك "المِزْعامة: الحية لسُمّها. وأزعَمَ اللبنُ وزعّم - ض: أخذ يَطيب (بدأ دَسَمه)، والزعامة - كسَحَابة: الدِرْع " (تحتوي الصدر في داخلها وتظهر الأذرع) ومن ذلك الأصل "زعم (تعب وكقعد): طَمِع (تولدت في نفسه شهوةُ ضَمِّ الشيء وحوزه - انظر همم) وأمر مُزْعِم - كمُحْسِن: مُطْمِع ". "والزعيم: الكفيل " (الشيء في ذمته) {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ}، {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ} [القلم: 40]. وقال عمرو بن شاس: تقول هَلَكنا إنْ هلكْتَ. وإنما ... على الله أرزاقُ العباد كما زعم وقال آخر: (سُينْجِزُكمُ رَبُّكم ما زَعَم) (فزَعَم هنا وهنا بمعنى تكفّل وضمِن). ومن هذا "تزاعم القوم على كذا: تضافروا عليه " (تكافلوا وتضامنوا) ومن ذاك "الزعامة: السيادة (كأن الزعيم "السيد "يضمهم في حوزته ثم هو لرياسته ضامن وكافل). ومن الأصل كذلك "زَعَمَه كذا: ظَنَّه (الظن هنا فِكر يتكون في القلب ضعيفًا ليست له صلادةُ العلم المستيقن) ومن هنا قال في [ق] "الزَعْم - مثلثة: القولُ الحقُّ، والباطلُ، والكذبُ ضد (كذا - ولا تضاد في الأصل كما رأينا - فالأصل أنه قول على ضَمان صاحبه، أو هو ظن عنده قاله. وانظر في نظير أكثر تلك المعاني: (ظَنن). ومجيء (زَعَم) بمعنى الظن هو الذي جعلها تحمل معنى الكذب - و "التزعم: التكذب "كما قالوا "زَعَمُوا كنية الكذب ". ولذا قالوا إن

£° معنى الفصل المعجمي (زع)

الزعم أكثر ما يقال في ما يُشَكّ فيه ولا يحقَّق ولا يُدْرَى لعله كَذِبٌ أو باطل. وللأزهري عبارة توضح مأخذ دلالة التركيب على ما لا يوثق به من الكلام قال [ل 156/ 22]: "الزعم إنما هو في الكلام يقال: أَمْرٌ فيه مَزَاعم أي أمرٌ غير مستقيم فيه منازعة بعد "اهـ. (فكأنه الكلام الذي لا يُسَلَّم تمامًا أي (فيه نظر) كما يقال. فزعم أي أتى بكلام هذا شأنه). {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} [التغابن: 7]، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [النساء: 60] أي يدّعون ذلك تظاهرا. {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} [الإسراء: 92]. أي كما قلتَ - وهم مُكَذِّبُون. وسائر ما في القرآن من هذا التركيب هو من الزعم بهذا المعنى، ما عدا كلمة زعيم التي قدّمناها. ° معنى الفصل المعجمي (زع): التحريك القليل دَفْعًا كما في زعزعة الريح الشجر في (زعع)، وكما في رد من يتقدم من الصف إليه - في (وزع)، وكما في تربى الشحم والخصوبة في الأثناء وهما زيادة من باب النمو وهو حركة - في (زعم). الزاي والغين وما يثلثهما • (زغغ - زغزغ): "الزغزغة: إخفاءُ الشيء وخَبْؤُه، وأن تَرُوَم حَلَّ رأسِ السقاء. والزَغْزَغِيَّة - بالفتح: الكَبولاء (: العصيدة) [ق]. Qدفع أشياء دقيقة فتخفى في أثناء (¬1): كما تخبأ شيئًا بدفعه ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الزاي تعبر عن اكتناز وازدحام أو زَحْم، والغين تعبر عن نوع من التخلخل مع ندى أو رطوبة، والفصل منهما يعبر عن دفع (= زحم) في أثناء (متخلخلة) بدقة =

(زوغ - زيغ)

في أثناء آخر، وكدسّ الأصابع في رأس السقاء لحلّه، وكتداخل الدقيق بالماء في العصيدة. ومن ذلك "الزُغْزُغ - بالضم: الصغيرُ القَصِير (كأنما دُوخِل بعضُه في بعض) ومنه كذلك "الزُغُّ - بالضم: صُنان الحَبَش " (رائحة تنبعث منهم تندفع فى الأنوف حادة وهي خفية) ومنه "زَغْزَغَ الرجلُ فما أَحْجَم: أي حَمَل فما نَكَص (اندفع في وسط العدو) والزَغْزَغُ من الرجال - بالفتح: الخفيفُ النزِق " (مندفع). • (زوغ - زيغ): {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران: 8] "التزايغ: التمايل في الأسنان. وقال سلامة بن جندل: سوَّى الثقافُ قَنَاها فهي مُحْكمةٌ ... قليلةُ الزَيْغ من سَنٍّ وتركيب السَنُّ: التحديد. والتركيب تركيب السنان [المفضلية 33/ 36] ويقال: أَزْوَغُ من عَظَاية ". Qالميل أو الانحراف بشدة عن الاطراد فى الاتجاه المستقيم إلى جهة أخرى. كالميل في الأسنان والرماح (وكانحراف العظاية (= سام أبرص) في جريها بسرعة وخفة). ومن الانحراف {وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ} [سبأ: 12] وأمره سبحانه هنا أنه سَخّرهم لسليمان. ومنه "زاغ البصر: مال عن مكانه كما يعرض للإنسان عند الخوف. {وَإِذْ زَاغَتِ ¬

_ = كما في إخفاء الشيء. وفي (زوغ، زيغ) تعبر الواو عن اشتمال والياء عن اتصال، ويعبر التركيب عن اعوجاج ما كان مطردًا عن اطراده واستقامته كأنما (اندفع إلى) الجهة التي زاغ إليها. كميل الأسنان وانحراف العظاية.

£° معنى الفصل المعجمي (زغ)

الْأَبْصَارُ} [الأحزاب: 10] (وزيغ البصر عن الشيء أن ينحرف عن الشيء فلا يراه {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ} [ص: 63] وقد يقع الغلط في الرؤية حينئذ، ومن هنا يفهم نفي زيغ بصره - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} [النجم: 17] أي أنه - صلى الله عليه وسلم - أثبت ما رآه إثباتًا مستيقنًا صحيحًا من غير أن يزيغ بصره [الكشاف] و "زاغ عن الطريق يزوغ ويزيغ: عدل عنه (بدلًا من اطراده فيه على استقامته) {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} (زيغ القلوب انحرافها عن الاستقامة في العقيدة والمقاصد وتقويم الأمور). وما عدا آية سبأ فكله من زيغ البصر أو القلب. ° معنى الفصل المعجمي (زغ): الدفع في أثناء أو إليها بدقة وخفة كما في دس الأصابع في رأس السقاء لحَلِّه - في (زغغ)، وكما في انحراف الأسنان والعظاية عن الاستقامة دخولًا في حيز آخر في (زوغ، زيغ). الزاي والفاء وما يثلثهما • (زفف - زفزف): {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ} [الصافات: 94] "في حديث تزويج السيدة فاطمة رضي الله عنها قال - صلى الله عليه وسلم -: "أَدْخِلْ علَيَّ الناسَ زُفّة زُفّة - بالضم: أي فَوْجًا بعد فوج وزُمْرة بعد زُمْرة. والزِفُّ - بالكسر: صِغارُ ريش النعام والطائر. وظليمٌ أَزَفُّ: كثير الزِفّ، والريح تَزِفّ - بالكسر - زُفوفا: وهو هُبوب ليس بالشديد/ لها زفزفة وهي الصوت. والزفزفة: تحريك الريح يبيس الحشيش. والزفيف: سرعة المشى مع تقارب الخطو. وزَفّ العروسَ إلى

(أزف)

زوجها: أهداها إليه ". Qتحرك جَمْعِيّ في خفة (مع صوت ما) (¬1) كحركة الزُفة، ونمو الزِفّ بلطف حول كبير الريش، وهُبوب الريح وتحريكها الحشيش، وسرعة المشي مع تقارب الخطو تُدْرَك كأنها مشى كثير (جمعى). ومنه "زَفّ الظليمُ والبعيرُ: أسرع (لاحظ ضخامتهما). والنعامُ يزفزف في طيرانه: يحرك جناحيه إذا عَدا " (لاحظ عِظَم جناحيه أيضًا. فهذا العظيم إذا تحرك بقوة يُدْرَك كالتحرك الجمعي). وقوله تعالى: {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ} ردها [أبو عبيدة 1/ 171، وابن قتيبه 373]، إلى تَزْفيف النعام: إسراعِه وزاد هذا أنها قرئت: يَزِفُون من وَزَفَ كوعد: أسرع. ولكن هذا غير ذاك. وفي [قر 15/ 95]. أقوال كثيرة أنسبها للأصل والمقام: "يسرعون غاضبين ". • (أزف): {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ} [النجم: 57] "المتآزف من الرجال: القصير (المحبنطئ). تآزف القوم: تدانى بعضهم من بعض. أزِفَ الجُرح: اندمل. مكان متآزف: ضيق ". Qتقارب المتباعد من الشيء أو جوانبه فيتضايق ما بينها: ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الزاي تعبر عن اكتناز أو ازدحام، والفاء تعبر عن انفصال بقوة وإبعاد، والفصل منهما يعبر عن تحرك جمعي (مقابل الاكتناز والإبعاد) بلطف كتحرك الزُفّة. وفي (أزف) تزيد الهمزة ضغطًا قبل الزاي، فيعبر التركيب عن قرب وصول المتحرك (الجمعي أو العظيم). وفي (زفر) تزيد الراء التعبير عن الاسترسال اتصالًا أو حركة مع الجمع كالزِفْر: القِربة والسقاء الذي يَحْمِلُ فيه الراعي ماءه.

(زفر)

كجرم القصير المُحْبَنْطِئ، والجماعةِ المتداني بعضُهم من بعض، وكالتئام جوانب فتحة الجُرْح، وتداني أطراف المكان. ومنهُ "المتآزف من الخطو: المتقارب (ضيق)، والآزف: المستعجل (يوالي حركة المشْي أو الأعمال التي يقضيها فتتم في وقت ضيق متقارب غير ممتد)، وأزِف الوقتُ: دنا وقرب (فضاقت الفسحة الزمنية بينك وبين حلوله). وفى آية التركيب {أَزِفَتِ الْآزِفَةُ}: قَرُبت القيامة [أبو عبيدة 2/ 239 وابن قتيبة 430] (فهي آزفة لأنها دائمًا في اقتراب يضيق الوقت بيننا وبينها). • (زفر): {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} [الفرقان: 12] "الزِفْر - بالكسر: القِرْبة، والسقاءُ الذي يَحْمِل فيه الراعي ماءه. والزوافر: أَضْلاع الجنبين. بعير مَزْفور: شديد تلاحُم المفاصل. وإن الفَرَس لعظيم الزُفرة - بالضم أي عظيمُ الجَوف/ الوَسَط. وقد زَفَر الحِملَ (ضرب) وازدفره: حَمَله. والزوافر: الإماء اللواتي يحملن الأزفار (القِرَب)، وخُشُب تقام وتُعَرّض عليها الدُعُم لتَجْرِيَ عليها نوامِي الكَرْم. وزافرةُ السهم: أسفلُ من النصل بقليل إلى النصل ". Qحَمْلٌ مع حَرَكة: كما تَحْمل القريةُ والسقاءُ ما فيهما وتُحْمَلان نَقْلا، والأضلاعُ تكوّن صندوقًا (أو قفصًا) يحمل ما في جوفها ويتحرك به صاحب الأضلاع. والحَمْل مع الحركة واضحان في عمل الإماء، والخُشُب التي تحمل النوامي. وزافرة السهم تحمل النَصْل (ينسب إليها حمله لأنها الأقرب إليه كما يسمى نظير هذا الجزء من الرمح: عاملا). ومن ذلك: "الزفير قالوا: هو

£° معنى الفصل المعجمي (زف)

إدخال النفَس/ اغتراق النفَس للشدة ". فهو جمع للنفس بكثافة في الجوف (أي حمل) ثم إخراج له بعد هذا الجمع ضرورة. وقد صرّح بأن الإخراج جزء من المعنى في قوله "زَفَر: أخرج نَفَسه بعد مَدّه. والزفير أن يملأ الرجلُ صدرَه غَمًّا - ثم هو يَقْذِف به ". وقال الزجاج: الزَفْر - بالفتح (مصدر) من شدة الأنين وقبيحه. ويشهد لاعتداد الإخراج جزءًا من معنى الزفير قولهم. زَفَرَت الأرض: ظهر نباتها. {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هود: 106] [وانظر قر 9/ 98]. ومن ذلك الأصل "زافرة الرجل: رَهْطُه وأنصارُه (يحملونه أي يحمونه) والزُفَر - كصرد: الرجل القوي على الحَمَالات، والأسدُ لقوته وهو يندفع إلى الفريسة (يتحرك بقوة)، والرجل الشجاع ". ° معنى الفصل المعجمي (زف): حركة ما هو جمع أو كثير بخفة - كما يتمثل في زُفَّة - الناس - في (زفف)، وكما يتمثل في التقارب القوي المؤدي إلى التداخل والتجمع - في (أزف)، وكما يتمثل في القربة ونحوها مما يُحْمل (أو يَحْمِل) ويُتَحرّك به - في (زفر). الزاي والقاف وما يثلثهما • (زقق - زقزق): "الزِقّ - بالكسر: إهابٌ يُسْلَخ من قِبَل رأسه ويُتَّخَذ سِقاءً أو وَطْبا. الزُقاق - كغراب: الطريق الضيق (نافذًا أو غير نافذ) -[تاج]. والمزقَّقة من الإبل - كمعظمة: التي امتلأ جلدُها بعدَ لحمها شحمًا ". Qدفع بقوة إلى الازْدحام أو الاحتباس في الجوف أي عدم

(زقم)

النفاذ أو العبور (¬1) فالزِقّ الموصوف كالكيس الملتحم القاع، والوضع فيه كالحشو والدفع وذلك واضح في الإبل المزققة، والزُقَاق إما غيرُ نافذٍ أو ضيق كغير النافذ. ومنه "زق الطائرُ الفرخَ وزقزقه: أطعمه بفيه (يدخل الطائر منقاره بالعلف في منقار فرخه كأنه يحشوه). وعن ذلك زَقَّ الطائر بسلحه: رَمَى بذَرْقه وكذا زقزق (هذا دفع فقط). • (زقم): {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ} [الدخان: 43, 44] "الزَقْمُ: اللَقْم الشديد. زَقَمَ اللحمَ (نصر): بَلِعه وكذا ازدَقَم الشيءَ وازَّقمه: ابتلعه. وتَزَقَّمَ اللبنَ: أفرط في شُرْبه ". Qبَلْع (إلى الباطن) بغلظ وقوة كاللُقم الغليظة المبتلَعة بقوة، وكالإفراط في شرب اللبن. ومنه شَجَرة الزقوم لأنهم والله أعلم يُكْرَهون على تزقمها رَغْما - ونعوذ بالله منها، كما قال تعالى: {لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ} [الواقعة: 52، 53]. وكذلك {فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} [الواقعة: 54, 55]. ° معنى الفصل المعجمي (زق): الدفع بمعنى الحشو - كما يتمثل في الزِقّ الذي يُملأ بالماء أو اللبن، وفي المزقَّقَة من الإبل - في (زقق)، وفي الزَقْم اللقْم الشديد في (زقم). ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الزاي تعبر عن اكتناز وازدحام، والقاف تعبر عن تعقد في العمق، والفصل منهما يعبر عما يشبه حشو العُمق. وفي (زقم) تعبر الميم عن استواء الظاهر، ويعبر التركيب عن قوة اللقم أو البلع بحيث يبدو استواء البدن على القدر الكبير في جوفه.

الزاي والكاف وما يثلثهما

الزاي والكاف وما يثلثهما • (زكك - زكزك): "زكّ القربة: ملأها وأَزَكّ ببوله: حقن، زَكّك الزرعُ: ارتوى " [ق] كل ذلك. Qامتلاء بمادة لطيفة (¬1) كالقربة والزرع الموصوفين وحقن البول. ويلزمه الرخاوة وعدم الشدة في البِنْية والعمل. "الزُكُّ - بالضم: فرخ الفاختة، زَكّ الرجل وزكزك: مرّ يقارب خطوه ضعفا، وكذلك الفرخ. مشىٌ زَكيك: مُقَرْمَط. زُكَّ الرجل: هَرِم، ضعف من مرض " [تاج] والعامة تستعمل الزكك للمِشية التي فيها عَرَجٌ ما. أما قولهم "أزكَّ على الشيء: استولَى عليه "وأصر عليه، واستبد به دون غيره [تاج] فهو من معنى الامتلاء في الأصل. • (زكو): {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9] "الزكا - مقصور: الشفع من العدد ضدُّ الخَسَا، والزوجان ضد الفرد. أرض زَكِيّة: طيبة سمينة. زكا الزرع يزكو زَكاء: نما. الزكاء: النماء والرَيْع ". Qزيادة الشيء في ذاته مع جودة نوعه. كالزكا فهو أزيد ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الزاي تعبر عن ازدحام واكتناز، والكاف تعبر عن ضغط غئوري دقيق، والفصل منهما يعبر عن امتلاء باطن الشيء بمائع أو لطيف. وفي (زكو): زادت الواو معنى الاشتمال، وعبر التركيب عن اشتمال الشئ على ما يزيده ذاتيًا وهو قوة النماء، مع الجودة (مقابل اللطف). وفي (زكر) تزيد الراء معنى الاسترسال، ويعبر التركيب عن ظرف كالكيس يملأ بالمائع ونحوه للإيعاء.

من الخسا في أدنى ما يطلقان عليه. وكالأرض الزكية تُنَمَّى الزرع مع كونه جيدًا بين جنسه. وكذلك زكاء الزرع نموه مع رَيْعه، فرَيْعُه أن يفوق مثله أو يكون على خير حالِ مثله. ومنه استعمال التركيب في الطهارة المادية كقول الإمام (الباقر) محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم "زكاة الأرض يُبْسها "يريد طهارتها من النجاسة كالبول وأشباهه أن يجف ويذهب أثره. ومن القريب لذلك قولهم "زكّى الشيء - ض: أصلحه ". فمن ذلك الأصل "الزكاة: ما أخرجته من مالك (أي تبرعًا في المصارف الشرعية) لتطهره به "فمعناها يجمع الزيادة (القدر الذي يُخرج، والأصل فيه أن يكون فضلًا أي زائدًا عن الحاجة، وأيضًا فإن المال الأصلي يُبارَك - أي ينمو وبطول نفعُه - بإخراج زكاته)، كما يجمع الجودة، وهي أنها تطهِّر المال وصاحبه من التبعة الدينية فيه. وكل كلمة (الزكاة) في القرآن هي بمعنى زكاة المال هذه، {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وسائر ما في القرآن من مفردات التركيب هو بمعنى طهارة النفس {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9]. زكّى الله نفسه بالطاعة/ زكّى (هو) نفسه بطاعة الله وصالح الأعمال [قر 20/ 77] , {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32]. (لا تنسبوها إلى الزكاء: الصلاح وزيادة الإيمان تمدُّحًا) {هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32] {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا} [مريم: 13] الزكاة: التطهير والبركة والتنمية في وجوه الخير والبر. أي جعلناه مباركًا للناس يهديهم. وقيل المعنى زكيناه بحسن الثناء عليه كما تُزكِّى الشهود إنسانًا. وقيل "زكاة "صدقة به على أبويه. [قر 11/ 88]. والأول أولاهن.

(زكر)

• (زكر): {يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} [مريم: 7] "الزُكْرة: وعاء من أدم/ زقٌّ صغير للشراب/ يجعل فيه شراب أو خَلّ. زَكَر الإناء: ملأه. زكّر السقاء: ملأه. تزكَّر الشرابُ: اجتمع. تزكر بطنُ الصبي: عظُم وحسنت حاله ". Qملء الكيس ونحوه بمائع للإيعاء كما في الاستعمالات المذكورة. أما قولهم "من العُنوز الحُمْر عنز حَمْراء زكرية - بالفتح والتحريك أيضًا أي شديدة الحمرة ". فذلك من الشدة في المعنى المحوري، وهي المتمثلة في الامتلاء. ويرشح هذا أن تركيب (حمر) يعبر عن نوع من الشدة أيضًا. ولم يأت من مفردات التركيب في القرآن إلا كلمة زكريا (بالمد، والقصر، وكعربيّ، وبلا تشديد ياء الأخيرة) وهم اسم علم للنبي الذي كفل مريم عليهما السلام {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: 37]. وقد ترددوا في عروبته وعجمته. وليس فيه ما يحتم عجمته. فالعربية أولى به مما يسمى اللغات السامية، لإلف صيغته، وقرب معناه (التفاؤل بالامتلاء خيرًا أو عظمة) وبين أيدينا من العربية ما يرجع إلى منتصف الألف الرابع ق. م. كما في معجم الأكّدية للمجمع العلمي (العراقي). ° معنى الفصل المعجمي (زك): الامتلاء أو التشبع بمائع أو نحوه كما يتمثل ذلك في القربة الملأى - في (زكك)، وفي تشبع الأرض الزكية بالخصوبة - في (زكو)، وفي امتلاء الزق الصغير بالشراب - في (زكر).

الزاي واللام وما يثلثهما

الزاي واللام وما يثلثهما • (زلل - زلزل): {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة: 1] "الزِلَّة - بالكسر: الحجارة المُلْس، والمَزَلّة - بفتح الميم والزاي: المكان الدَحْض. وزُحْلُوفة زُلّ - بالضم: زَلَق. زَلّ السهمُ عن الدرع، والإنسانُ عن الصخرة: زَلِق. وزلّت قدمه. (المضارع بالفتح والكسر). Qانزلاقٌ عن الموضع لاستوائه مع ملاسته التامة (¬1): كما يُزْلَق عن الحجارة المُلْس والمكان الدَحْض والزحلوفة والدرع. ومن الاستواء وحده: "الزَلّاء: الرسحاء " (لاستواء أرادفها مع ظهرها). ومن الانزلاق وحده: "زل في الطين ". يقال: "أزلّه واستزلّه: أزلقه ". ومن كنائي ذلك ومجازه: {فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا} [النحل: 94] أي عن الإيمان بعد المعرفة بالله. وهذه استعارة ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الزاي تعبر عن اكتناز وازدحام، واللام عن استقلال، والفصل منهما يعبر عن انزلاق محدود (كأنما عن دفع وزحم) يأخذ معه الجسم كله (استقلال). وفي (زول) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن تحرك إرادي خفيف (والإرادية مقابل الاشتمال لأن الإرادة في الزائل)، وفي (زيل) تعبر الياء عن الاتصال ويعبر التركيب عن حركة تباعد الأبعاض مع اتصال من ناحية كالزَّيَل، وفي (زلف) تعبر الفاء عن إبعاد بقوة أو طرد، ويعبر التركيب عن قوة التحرك انحدارًا إلى مَجْمع كالزَّلَفة: مصنعة الماء. وفي (زلق) تعبر القاف عن تعقد في عمق، ويعبر التركيب عن أن المتحرك كان عالقًا بقوة في عمق الشيء وجوفه كالفَرَس المزلاق. وفي (زلم) عبرت الميم عن استواء ظاهر الجرم، ويعبر التركيب عن أن المتحرك مستوى الظاهر ملطف كالسهم.

للمستقيم الحال يقع في شر عظيم. لأن القدم إذا زلّت نقلت الإنسان من حال خير إلى حال شر [قر 10/ 172]. ويقال زلّ في رأيه ومنطقه أخطأ " (كما يقال سَقْطَةٌ) {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا} [البقرة: 36] فسرت في [طب 1/ 524 وقر 1/ 311] أخذا من الزَلَّة: الخطيئة. لكن هذا يحوج إلى التأويل في وضع "عنها "هنا. فالدقيق تفسيرها بأنه أزلقهما وأبعدهما عن كلمة الله فلم يقدرا على الثبات على قوله: {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} [البقرة: 35] يقال زَلَّ عن مكانه: تنحَّى عنه. قال امرؤ القيس: (يزِلّ الغلامُ الخِفُّ عن صَهَواته) وقال (....... يزِل اللِّبْدُ عن حاله متنه) {فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ} [البقرة: 209] (سقطتم أو ضَلَلتم). {إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا} [آل عمران: 155]. (أمكنته ذنوبهم من استغوائهم وإزلاقهم). ومن معنوى هذا "زلّ عُمرُه: مضى وذهب، وزَلَّتْ منه إلى فلان نِعَم: وصلت منه إليه ". ومن المعنى الأصلي "زلزل الشيء: حرّكه شديدًا (كأنما كرر إزلاقه للأمام فللخلف مثلًا) {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة: 1]، {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: 1]، {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ ....} [البقرة: 214]: خُوِّفُو وحُرِّكوا .. من الزلزلة: شدة التحريك تكون في الأشخاص والأحوال [قر 3/ 34]. وفي الأثر "لا دَقَّ ولا زَلْزَلة في الكيل "أي لا يُحَرّك ما فيه ويُهَزّ لينضم ويسع أكثر مما يسع عادة ". والانزلاق مرور بخفة وسلاسة، ومن هذا "الماء الزُلال والزليل: السريع النزول والمَرِّ في الحلق/ العذبُ/ الصافي الخالص " (كل هذا يجعله سَلِس المرور في

(زول)

الحلق سريعَه) وقريب من هذا الباب قولهم "الزَلَزِل - بفتحتين فكسرة: أثاث البيت ومتاعه/ قماش البيت " (فهذا من كثرة الحركة نقلًا أو تبديلًا - كما نقول اليوم منقولات). • (زول): {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} [فاطر: 41]. "زال الشيءُ عن مكان يزول. رأيت شبحًا ثم زال أي تحرك. وكان أبو جهل يزول في الناس (في بدر) أي يُكْثِر الحركةَ ولا يستقر. "لقد خالطه سهماي ولو كان زائلة لتحرك ": الزائلة كل شيء من الحيوان يزول عن مكانه ولا يستقر فيه (أي ليس شأنه الثبات) يقع على الإنسان وغيره .. ". Qتحرك الشيء انتقالًا عن موضعه بخفة - كزوال الشيء والشبح عن مكانه بخفة، وكتردد الرجل في المكان بخفة. ومنه زوال الشمس، ذلك أن الشمس "إذا بلغت وسط السماء أبطأت حركة الظل إلى أن تزول فيحسب الناظر المتأمل أنها قد وَقَفت. وهي سائرة، لكن لا يظهر أثر سيرها كما يظهر قبل الزوال وبعده، فيقال لذلك الوقوف المشاهد: قام قائم الظهيرة " [ل قوم 402] فإذا تحركت الشمس عن كبد السماء (ويقع ذلك بلطف قليلًا قليلًا) قيل: زالت. والزوائل: النجوم لزوالها من المشرق إلى المغرب في استدارتها (حركة سلسة كالانزلاق) ومنه آية التركيب. وواضح أن الزوال لا يعني أصلًا الفناء، لكن الحركة المفارقة الشاملة التي بها يخلو المكان من الشيء تعطي معنى الفناء. فهو لازم المعنى {أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ} [إبراهيم: 44]. والمفردات القرآنية الثلاثة

(زيل)

الباقية من التركيب {أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا} {مِنْ زَوَالٍ} [فاطر: 41، إبراهيم: 44] معنى الزوال فيها يحتمل أن يكون الحركة أو الفناء. ومن الحركة الخفيفة الحركة المفاجئة "يقال للرجل إذا فزع من شيء وحَذِر زِيل زَويله/ زال زَوالُه وزَويلُه من الذُعْر والفرَق أي جانبه ". ومن مادى الحركة الخفيفة ومعنويها "الزَوْل - بالفتح (أي من الرجال): الخفيف الحركات/ الخفيف الظريف يُعجَبُ من ظَرْفه " "ومزاولة الشيء: معالجته/ أو محاولته ومطالبته "هي من ذلك على معنى التحرك معه تعلقًا به (كالحِرْفة)، أو تتبعًا لأوضاعه وتحولًا معها للتمكن منه كما في معالجة الشيء. • (زيل): {فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} [يونس: 28] "الزَيَل - محركة: تباعدُ الفخذين كالفحج ". Qتباعد ما هو متصل في الأصل بعضه عن بعض كذلك التباعد بين الفخذين. ومنه "زِلْ ضأْنَكَ من مِعْزاك (أي فرّق بينهما)، وزال الرجلُ الشيءَ يَزِيلُه وأزاله وزيّله - ض، فتزيل: فرَّقه فتفرق. قال تعالى: {فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ} [يونس: 28] فهذه كقوله تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94]. ومثلها في معنى التفريق ما في [الفتح: 25]. ومنه "مازال يفعل كذا وكذا كقولك ما انفك وما برح (أي لم يفارق ذلك فهو مستمر عليه)، {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ} [الأنبياء: 15]، {وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} [المائدة: 13]. وسائر ما في القرآن من التركيب هو

(زلف)

من هذا [نفي + زال أو مضارعها]. • (زلف): {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: 25] "الزَلَفة - بالتحريك: مَصْنعة الماء، والبِرْكةُ، والغدير الملآن، والصَحْفَة الممتلئة، وكل ممتلئ بالماء زَلَفة " (المصنعة كالخزّان). Qانحدار ما حول المكان بكثافة منتقلًا إليه حتى يتجمع فيه ويمتلئ به (لهبوط المكان). كالبِرْكة والغَدير والمصنعة .. {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ} [الشعراء: 63, 64] كأن المعنى أن الله أَحْدَرَهم في مُنْفَلَق البحر فغرقوا. ومعنى {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الشعراء: 90] قُرِّبتْ إليهم أو لدخولهم وكذا هي في [الشعراء: 90، ق: 31 والتكوير: 13]، وفَسّر قر الكلمة في الموضعين [13/ 107، 115] وكذا ذُكر في [ل 38] بالنسبة [للشعراء 64] والدقيق في هذه: أحدرناهم ثمَّ أي أدخلناهم فَلْق البحر. وكذلك {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً} [الملك: 27] فسرت في [ل] بالقرب مع أن الضمير راجع إلى الحشر في الآية 24 من تلك السورة. والصواب تفسير الحسن {زُلْفَةً} بـ (عيانا)، والأشبه أن هذا في وقت الحشر نفسه. والمعنى فلما رأوه عيانا. ومعاينة الشيء أو حضوره يؤخذ بقرب من الانحدار إليه [ينظر قر 18/ 220]. كما جاءت الزُلْفة بمعنى الطائفة من الليل {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} [هود: 114] ففيها - مع كونها مدة متوالية - المرور الزمني السلس الذي يشبه الانزلاق. والتقريب بما يشبه الإحدار هو من الأصل {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى} [سبأ: 37] أي إزلافا [قر 14/ 205] أي تقريبًا سَلِسًا

(زلق)

سهلًا، أي أن مجرد حَوْز الأموال والأولاد لا يمثل في حد ذاته درجةً في القرب من الله - لكن بالعمل الصالح فيها كسبًا وإنفاقًا تكون القربى {إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا} [سبأ: 37]. ومن التقريب المدَّعَى {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] (ظنوا أن تلك المعبودات تملك أن تقربهم منه - تعالى - تقريبًا سهلًا أو عظيمًا). أما التقريب في {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى} [ص: 25, 40] قربا وكرامة - فهو حقيقي لأنه بوعد من الله تعالى. أما (المزدلفة) فهي مهبط جماعة الحاج من (عرفات) يزدلفون من (عرفات) اليها، ومنها إلى (منى). • (زلق): {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ} [القلم: 51] "فرس مزلاق: كثيرة إسقاط الوَلَد لغير تمام. والزليق - كأمير: السِقْط. وككَتِف: من يُنْزل قبل أن يُولج. وأزلقت الناقةُ والفرسُ: أسقطت ". Qتسيَّب العالق بجوف الشيء ونفاذه منه بسهولة ونعومة كسقوط الولَد والنطفة. ومنه "زَلِقَت رجلُه " (كفرح): زَلّت (عن مستقرها والمكان ظرف كالجوف) والتزليق: تمليسُ الموضع حتى يصير كالمَزْلَقة وإن لم يكن فيه ماء "ومن هنا استعملت في ما يُزْلِق "الزَلَق - محركة: عَجُز الدابة (ينتهي في انحدار واستواء فيسقط عنه بسهوله ما يوضع عليه) والمَزْلَق وبهاء: الصخرة الملساء {فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} [الكهف: 40] (خالية من كل نبات ملساء صماء بحيث تزلق فيها الأقدام). و "أزلق رأسه: حَلَقه (جعله زَلِقًا)، وفلانًا: أزَلَّه. وأزلقه ببصره نظر إليه نظرة متغيظ (يكاد أو يتمنى أن يزيله من المكان من شدة

(زلم)

نظره كما قال: (نظرًا يزيل مواطئ الأقدام). {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ} [القلم: 51]. • (زلم): {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ} [المائدة: 90] "الزَلَم - محركة: الزَمَع الذي خلف الأظلاف، وَهَنتَان في حَلْق المعزى ". Qاستواء ظاهر الممتدّ (الدقيق كالإصبع) من الشيء فلا يكون له شُعَبٌ أو زوائد - كالزَمَع والهنات المذكورة. ومن ذلك أُخِذ "التزليم: تسوية الظاهر بقَطْع الزوائد. زَلَّمتُ الرحى .. أدَرْتُها (أي جعلتها مستديرة بأن سوَّيت إطارها على ذلك) وأخَذْتُ من حروفها. (سويت ظاهرها وهي مأخوذة من حجارة جبل أو نحوه قَطَعتَه وأصلحته للرحى)، والقِدْحَ: سويته ولينته (ملَّسته) وغِذَاءَه: أساءه، وعطاءَه: قلّله). (تحيّفَ منه - فيهما) وكمُعَظَّم: المقطوع طَرَفِ الأذن من الإبل والشاء. وزَلَم أنفه ورأسه (نصر)، وازْدلم أنفَه: قطعه " (كل ذلك تسوية لكن بقطع النتوءات). ومنه "الزلم - كعُمَر وحَسَن: القِدْحُ المَبْرِىّ الذي لا ريش عليه. والمزلّم: القصير الخفيف "وقوله تعالى {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} [المائدة: 3]. (فالأزلام: قداح كالأقلام كانوا يتوهمون أنها تبيّن ما قُسِم لهم. إذ كتبو على بعضها (أمرني ربي)، وعلى بعضها (نهاني ربي)، ووضعوها في كنانة، فيأتون السادن فيُجِيلها في الكنانة ثم يُخرج واحدا فإن كان عليه (أمرني ربي) مضى المسْتَقْسِم لحاجته، وإن كان عليه (نهاني) كفّ. وأحيانًا كان الرجل يتخذ كنانة لنفسه فيها تلك الأزلام. فنُهُوا أن يطلبوا معرفة ما قُسم لهم من جهة

£° معنى الفصل المعجمي (زل)

الأزلام. [ينظر ل زلم، قسم]. ° معنى الفصل المعجمي (زل): الانزلاق أي التحرك السهل عن مستوٍ يتيح هذا - كما يُنْزَلَق عن الزِلّة - فى (زلل)، وكما في زوال الشمس عن كبد السماء - في (زول)، وفي بعد الشيء عما يتصل به بحيث يتميزان، وزَيْل الضأن عن المعزى - في (زيل)، وكما في انحدار الماء إلى المصنعة - في (زلف)، وكما فى تحرك الجنين من عمق مقره في البطن في حالة إسقاطه - في (زلق)، وكما في استواء ظاهر الزلم كهيئة الإصبع الدقيقة مع ملاسته ومع النظر إلى سرعة انطلاقه بذلك إذا رمى به - في (زلم). الزاي والميم وما يثلثهما • (زمم - زمزم): "زمزم كجعفر وعُلابط، وزمّم كبقّم: بئر عند الكعبة (شرفها الله تعالى). وماءٌ زمزم: كثير. وزمَّ القِرْبة فزمَّت: ملأها فامتلأت ". Qانضمام الشيء على كثير لطيف حتى يمتلئ به (ويستوي ظاهره) (¬1) (= ضم كثير) كالماء الذي يملأ البئر، ويُحَس ظاهرًا في امتلاء القربة وكثرة ماء البئر. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الزاي تعبر عن اكتناز أو ازدحام، والميم تعبر عن استواء الظاهر، والفصل منهما يعبر عن كثرة ما ينضم عليه الشيء من اللطيف حتى يظهر أو يستوي ظاهره. وفي (زمر) تزيد الراء التعبير عن استرسال هذا التضام والتماسك، ويعبر التركيب عن ضم أو تضام يستمر كالزمرة والرجل الزمير، وفي (زمل) تعبر اللام عن استقلال ويعبر التركيب عن تقارن شيئين أو أكثر في الاحتمال، كأن كلا منهما قائم بذاته كما في الزميل العديل، أما (زمهرير) فينظر الكلام عنها في تركيبها.

(زمر)

ومنه "الزِمزمة - بالكسر: الجماعة أو خمسون من الناس والإبل (جماعة كثيرة متضامة) والزِمامُ ما يُزَمّ به (الزمام يمكّن من ضم البعير أي حوزه والإمساك به) والزُمَّام - كرمّان: العُشْب المرتفع (ارتفاعه يُبْدى كثرته، والأرض تحوزه ويغطى ظاهرها). ومن استواء الظاهر (مع امتلاء الجوف) "الزَمْزَمة - بالفتح - تراطن العلوج على أكلهم وهم صُمُوت لا يستعملون لسانًا ولا شفة، لكنه صوت تديره في خياشيهما فيفهم بعضُها عن بعض " (من حيث إنه يُسْمع دويه في أجواف أفواهم) وكذلك "الزَمزمة: صوت الأسد ". • (زمر): {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} [الزمر: 73] "الزُمْرَة - بالضم: الفَوْج من الناس، والجماعةُ من الناس. والزَمَّارة (بفتح فتضعيف): الغُلّ، والساجور (أي القلادة) الذى يُجعل في عنق الكلب ". Qضمٌّ أو تضامٌّ قَوِيّ يستمر: كالفوج - (الأصل في الفوج أنه الجماعة التي تكون على أمر واحد - كما يؤخذ من تفسير ل دخول الناس الإسلام أفواجًا بدخولهم قبائل لا أفرادًا) وآية التركيب تذكر بقوله تعالى {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم: 8] اللهم اجعلني منهم ومعهم يا رب العالمين آمين. زَمَر القربة (نصر): ملأها (كأنما حَبَس الماء فيها). رجل زَمِير: قصير (متضام الأعضاء غير منبسطها كما قالوا متكأكئ) ورجل زِمِرّ (بكسرتين فتضعيف) ومُسْتَزْمر:

(زمل)

مُنْقبِض متصاغر، وككَتِف: قليل المروءة (ضيق العَطَن) وشاة زَمِرَة (كفرحة): قليلة الصوف. والزَمِر: القليل الشعر والريش والصُوف " (كأن ذلك من شدة الجِلد وضيق منافذه). ومن الأصل "زمر (نصر وضرب): غنّى في القصب (جمع نَفَسَه ونَفَخَه في أنبوب القصب وهو ضيق متضام فيمر الهواء متضامًّا في هذا المضيق الممتد وهذا يساعد في تولد الصوت وتكييفه). في [ل] "قال أبو عبيد قال الحجّاج: الزَمَّارة الزانية. وقال غيره إنما هي الرمّازة "والقول الأخير لابن قتيبة، وتردد ثعلب والأزهري بين الرأيين [حسب ما في ل] وحكى الجوهري قول أبى عبيد وقال: ولم أسمع هذا الحرف إلا في هذا، ولا أدري من أي شيء أُخِذ اهـ وأقول إن ما رواه أبو عبيد صحيح. ووجهه أنه من الجمع وهو من جنس الضم كما هو واضح في الزُمْرَة الفوج والجماعة، فالزانية تجمع أكثر من رجل أي يطئونها، في حين أن الحَصان يطؤها رجل واحد هو زوجها. هذا، وقد قالوا "الزمير: الغلام الجميل "فلعلهم يعنون أنه ممشوق غير مترهل. • (زمل): {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل: 1, 2] "الزَميل: العديل الذي حِمْله مع حِمْلك على البعير، والرَفيقُ في السفر الذي يُعينك على أمورك. المزاملة: المعادلة على البعير: زاملته: عادلته. زَمَلْت الرجل على البعير (نصر): أردفته فهو زَميل ومزمول. زَمَل (كنصر): عَدا أو أسرع معتمدًا على أَحَد شِقّيْه كأنه يعتمد على رجل واحدة. الزاملة: بعير يَسْتَظْهِر به

(زمه)

الرجل يحمِل عليه طعامه ومتاعه. والإِزميل كإبريق: شفرة الحذاء ". Qتقارن شيئين (أو أكثر) في الاحتمال. كالعديلين، والحِمْلين على البعير، وكالرديف، وكالبعير المستظهَر به فهو مُعَدّ ليَحْمل المتاع بدلاً من البعير الأصلي. والذي يعتمد على أحد شقيه قد يعتمد على هذا أو هذا على السواء. والإزميل أداةٌ بها يطابق الحذَّاءُ النعلَ على النعل حتى تتساويا تمامًا في القَدْر, وهما تحملان معًا، لأنهما معًا لوقاية قدم اللابس مما يكون في الأرض. ومن التقارن مع معنى الحَمْل أيضًا: تَزَمّل: تلفف في ثيابه (ثياب كثيرة لعمل واحد هو التغطية. ومعنى الحمل فيه كما هو في تسمية الرداء {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} أي المتزمل المتلفف. ومن الحَمْل مع التقارن "ازدمل الشيءَ: حمله كله بمرة واحدة " (يلحظ تعبير الصيغة عن الاجتهاد لضخامة الحمل, ورفعه بمرة واحدة)، و "الزِمْل - بالكسر: الحِمْل. وترك أزْمَلةً وأزْمَلًا - بالفتح مع فتح الميم - أي عيالا (جماعة تمثل حِمْلًا) "وخَرَج بأَزْمَلِهِ: خرج بأهله وإبله وغنمه ولم يخلّف من ماله شيئًا "كما يقال خرج بَثَقَله. ومعنى الثِقَل لازم لحَمْل ما هو كثير متقارن مع الخلو من قيد الصلابة أو شدة التماسك ومن هنا قالوا: "الزِمْل - بالكسر: الكسلان، والزُمل - كعمر وسُكّر: الضعيف الجبان الرَذْل (فكل هذا من معنى الثِقَل اللازم لمعنى حَمْل الكثير مع رخاوة). • (زمه): "زمه يومنا (تعب): اشتد حرّه ".

(زمهرير)

Qحِدّة تشيع في الجو - كاشتداد الحر المذكور. • (زمهرير): {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا} [الإنسان: 13] فسرت كلمة "زمهرير "في الآية الكريمة بالبرد الشديد. وقد قيل إن الكلمة معربة عن الفارسية "زم ايرير "أي ضباب بارد "ولكن تناول الكلمة مقطعة يعطي احتمال عروبتها فقد مر أن "زم "تعبر عن كثرة ما ينضم عليه الشيء أي ضم الشيء الكثير، وأشهر ما ورد من ذلك هو ضم الماء. والهُرّ والهُرْهُور، - بالضم، والهَرْهار - بالفتح، والهُراهر - كتماضر: الكثير من الماء واللبن "- وعلاقة الماء والبرد تحولية طبيعية فالثلج منه وإليه. وقد مر بنا الآن أن الزمَه: شدة الحرّ. والحر والبرد كلاهما حِدّة تشيع في الجو. والعرب تقول إن "البرد يَحُسّ النبات أي يُحْرقه "فيعبرون عن أثر البرد بالإحراق كأثر النار. وقد عالج ابن فارس كثيرًا من الكلمات فوق الثلاثية بمثل ما ذكرناه. وقال في هذه "وأما الزمهرير فالبرد. ممكن أن يكون وُضِع وَضْعًا، وممكن أن يكون مما مضى ذكره (يقصد على قياس الثلاثي (أي من زهر الشيء أضاء والميم زائدة)) من قولهم: ازمهرت الكواكب. وذلك أنه إذا اشتد البرد زَهَرت إذًا وأضاءت " [مقاييس اللغة 3/ 55]. ° معنى الفصل المعجمي (زم): ضم الكثير باكتناز - كما في زمّ القِرْبَةِ: مَلْئِها في (زمم)، وكما في الزمرة الجماعة المرتبطة معًا (= الفوج) - في (زمر)، وكما في اقتران حملين أو شخصين - في (زمل)، وكما في شيوع حدة الحر - في (زمه) , وحدة البرد في (زمهرير).

الزاي والنون وما يثلثهما

الزاي والنون وما يثلثهما • (زنن): "في الحديث "لا يُصَلِّ أحدُكم وهو زِنِّين "كسكير: أي حاقن. زَنّ: حَقّن. وماء (أي بئر) زَنَن - محركة: ضَيّقٌ قليلٌ/ ظَنُون لا يُدْرَى أفيه ماء أم لا ". Qاحتقان مادة (لطيفة الجرم) بقوة في باطن شيء (¬1): كالماء في البئر، وبول الحاقن. ومنه "حنطة زِنّة - بالكسر: خلاف العِذْى [ق]- بالكسر، وهو الزرع لا يسقيه إلا المطر "فتكون الحنطة الزنَّة ريانه) ومنه "أزَنَّهُ بكذا: ظَنَّه به واتهمه (في قلبه اتهام نحوه). ظِلٌّ زَنَان - كسحاب: قصير " (كأنه محبوس في باطن الشيء أي أسفله لا يمتد، أو متداخل بعضه في بعض فهو لذلك قصير). • (زنى): {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: 32] "بئر زَنَاء - كسحاب: قعرها ضيق: ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الزاي تعبر عن الاكتناز والازدحام، والنون عن الامتداد في باطن شيء أو منه مع اللطف، والفصل منهما يعبر عن ازدحام باطن بمادة لطيفة كالزنّين. وفي (زنى) عبرت الياء عن الاتصال، وعبر التركيب عن امتداد الضيق والاحتقان. وفي (زين) عبر التركيب عن زيادة على ظاهر الشيء (امتداد) ناشئة عما زخر به باطنه. وفي (زنجيل) (تنظر معالجة التركيب). وفي (زنم) تعبر الميم عن التئام ظاهري، ويعبر التركيب عن تعلق ذلك الناشئ بالظاهر أدنى تعلق مع استواء الظاهر كتعلق الزنمة برقبة العَنْز تعلقًا يبدو ضعيفًا.

(زين)

وإذا نظرت إلى زَنَاءٍ قعرها ... غبراءَ مظلمةٍ من الأحفار ووعاء زَنِىّ - كغَنِىّ: ضيق و "لا يصلين أحدكم وهو زَنَاء "كسحاب أي مدافع للبول ". Qضِيق الحيز أو الوعاء بما فيه من (مائع) بحيث يكاد (المائع) ينفجر منه - كحال من يدافع البول. وكضيق البئر والوعاء. والقبرُ مشبه بالبئر. ومنه "الزنى: الفجور " [ق] فالمعنى المشهور وهو وطء من لا يحل كأن اللفظ في أصله تعبير عنه باللازم من حيث إن مرتكبه عنده ماء يدفعه، والمفروض أنه ليس عنده محل حلال. ولم يورد [ل أو ق أو المنجد أو المفضليات أو الشعر والشعراء] ما يستشهد به على ما يعدى به الفعل "زنى "، وعدى في مُدَونة الإمام مالك بالباء. ينظر ["الثمر الداني "شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني باب النكاح. مسألة المحرمات من النساء]. وكل ما جاء من التركيب هو من ذلك المعنى المشهور. • (زين): {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} [الصافات: 6] "زَينُ الديك - بالفتح: عُرْفُه. وأَزْيَنَت الأرضُ بعُشبها. وتَزَيَّنَتْ بالنبات. وقالوا: إذا طَلَعَت الجبهة (نجم يقال له جبهة الأسد) تَزَيَّنت النخلة. وسمع الأزهري صبيًا يقول لآخر: وجهي زَيْن ووجهك شَيْن ". Qزيادة محببة تعلق بظاهر الشيء (ناشئة) عما يزخر به باطنه. كعُرف الديك ونبات الأرض عليها، وثمرة النخلة لها. ومن هذا أيضًا ما

(زنج)

جاء في حديث الاستسقاء "اللهم أنزل علينا في أرضنا زِينَتَها "قالوا أي نباتَها الذي يزينها "اهـ. فالمعنى أنزل علينا المطر الذي يجعلها تُخرج زينتها. ويتحقق المعنى باكتساء ظاهر البدن بالشحم واللحم (تأثرًا بامتلاء الباطن)، كما يرجَّح أنه المقصود بقول الغلام "وجهي زَيْن ". ففي هذا غالبًا جمال، كما أُخِذ الجمال من الامتلاء أيضًا. [ينظر جمل] وقد ذكر الفيروز آبادى هنا "الزانة: التُّخَمَة "كما ذكر في (زون) "الزانُ البَشَم ". فامتلاء الباطن أصيل في معنى الفصل (وخشب الزان بالغ الصلابة وهي من شدة اكتنازه بالمادة وانضغاطها فيه، ومن ذلك المعنى جاء اسمه). ثم من ذلك الأصل جاء المعنى الشائع للتزين وهو التحلي بحلية مجتلبة تقليدًا لما هو ناشئ من البدن، كالتجمل بالأصباغ ونحوها {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور: 31]. ثم لما هو أعم كالدُمْلُج والمخنقة. وقد مرّ أن زينة الأرض النبات {حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ} .. [يونس: 24] ثم عمم اللفظ في كل ما يُسْتَحْلَى {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ ..} [آل عمران: 14]، {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ} [النمل: 4]، {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 7]. ومن ذلك العامّ "رجل مزيَّن: مقذَّذ الشعر " (كمعظَّم فيهما). والذي في القرآن الكريم من مفردات التركيب كله من الزينة: الحلية الظاهرة. • (زنج): "الزَنَجُ: شدة العطش. زنِجَت الإبل: عطشت مرة بعد أخرى فضاقت بطونها. زنج الرجل (تعب) وهو أن تَقَبّض أمعاء الرجل ومصارينه من الظمأ

(زنجبيل)

فلا يستطيع أن يكثر الشرب أو الطعم ". Qجفاف الباطن ويبسه أى فقده البَلال. وأرى أن تسمية السودان زَنْجًا هي من هذا تصورًا أن حرارة بلادهم تجعلهم دائمي العطش. كما أن حرارة الشمس تسود البشرة. وهذه حقيقة, كما أن لزوم الظل يبيضها. ومن صريح هذا قول العربي لابنته (فالزمي الخُصَّ واخْفِضي تَبْيَضِضِّى). • (زنجبيل): {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا} [الإنسان: 17] "الزنجبيل مما ينبت في بلاد العرب بأرض عمان ... وهو نبات له عُروقٌ غِلاظ تسرى في الأرض حِرّيفَة الطعم ... وليس بشجر، يؤكل رطبا كما يؤكَلُ البَقْل ويستعمل يابسا اهـ. [ل، الوسيط] وفي [ق]: له قُوَّةُ مُسَخِّنة هاضِمة .. باهيّة مُذَكِّية. وإن خُلِط .. واكتُحل به أزال الغِشاوة وظلمة البصر .. وزنجبيل الكلاب بقلة .. يجلو الكلف والنَمَصَ ويقتل الكلاب. وزنجبيل الشام (الراسَن) .. طيب الرائحة ينفع من جميع الآلام والأوجاع الباردة والماليخوليا ووجع الظهر والمفاصل .. جلّاء مُفَرّح مُليّن، مُقَوٍّ للقلب والمعدة بالعسل. لَعُوق جيد للسعال وعسْر النفَس - يُذهب الغيظ ". Qذكرنا كل ذلك لدعم احتمال أن تكون تسمية هذا النبت عربية تعنى: ما يسرى في الباطن فيصححه ويقويه ويجعله ذاكيا حادًّا. كالحَرَافة التي في عروق الزنجبيل والتي يظهر أثرها في من يأكله أو يستعمله، فحرافة الطعم تَهِيج الباطن وهي حِدّة تُذْكى الرائحة. وهو (مسخن) كما عبر [ق]. والهضم يساعد على الحدة والانتباه (بعكس التخمة)، وإزالة غشاوة البصر وظلمته إحداد له. وقتله الكلاب من حدته في باطنها، وجلاء نحو الكلف

والنمش صفاء للجلد فتزهو البشرة. والشفاء من الآلام الباردة قوة وصلابة لباطن الجسم. والشفاء من الماليخوليا حدة للعقل وكذا الشفاء من السعال وعسر النفس والغيظ وكذا قوة القلب وانشرح الصدر. كل ذلك تصحيح وفي بعضه إحداد أيضًا. وقد سقنا هذا لبيان تأتى هذا الاحتمال. وقد ذكر ف عبد الرحيم محقق المعرّب ما يرجح أن كلمة زنجبيل انتقلت من السنسكريتية إلى الفارسية وسائر اللغات. وبعدُ فإن القرآن الكريم وصف خمر الجنة بأنها {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [الصافات: 47]، {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ} [الطور: 23]. فلعل قوله تعالى: {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا} [الإنسان: 17]. يفسر لنا سر يقظة الذهن والعقل الذي يصحب خمر الجنة فلا تغتال عقل شاربها: أنها مزجت بما يوقظ العقل ويُحِدُّه ويذكيه. وفي ضوء أن الزنجبيل نبت عربي ينبت بعمان وبالشام، وأن اسمه يعنى ذاته أو أثره أو كليهما كما سبق، فدعوى تعريبه عن الفارسية (شنكبيل) أو غيرها كما ورد [في المتوكلي للسيوطي، وفي المعرب للجواليقي. ص 222] مهتزة. ويزيد دعوى التعريب ضعفًا أن معالجة المادة صوتيًّا فقط تسلكها ضمن أخواتها العربيات دون أي شذوذ. فقد بان في أول الفصل أن (زن) تعبر عن اكتناز بشيء شديد في الباطن كما أن (جبل) تعبر عن تكون الجرم غليظًا شديدًا متماسكًا. وبضمهما نجدهما يعبران عن شدة في باطن الجرم مع قوة أو صلابة. والحدَّة من باب الشدة، ويفسرها أثر الزنجبيل في الباطن أو عروقه الغلاظ الحريفة في الأرض كما سبق عرضه. وإن تناولنا المادة بطريقة صوتية ثانية فإن (زنج) تعنى شدة العطش وجفاف الباطن حتى يتقبض وهذا يشبه الحرافة في الباطن و (بل) تعنى

(زنم)

إمساك الشيء في الأثناء. وينطبق ذلك على أثر الزنجبيل في الباطن أيضًا، وكون ذلك في الباطن إمساك فيه. وأخيرًا فإن قدم الشعب العربى، وأن اللغة الأكّديّة التي ثبت وجودها في العراق في منتصف الألف الرابع ق. م. وهي تعدّ قُدْمَى صور العربية لكثرة ما بها من المفردات العربية المعروفة الآن [ينظر المعجم الأكدي للمجمع العلمي (العراقي) صدر جزؤه الأول 1420 هـ - 1999 م] = كل ذلك يفتح الباب لعروبة الكلمة في الأصل، وأنها عن العربية أُخِذَت. • (زنم): {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القلم: 13] "زَنَمتَا العَنْز: لحمتان متدليتان في حلقها ". Qتعلق الجرم (النافذ من شيء) بظاهره أدنى تعلق: كتَيْنِك الزنَمَتَين (يتعلقان بواسطة جلدة دقيقة). ومنه: "زَنَم البعيرَ أو الشاة (نصر): قطع من أذنه هنة معلقة. وذاك المقطوع المتدلى زَنَمة "- بالتحريك، ومنه "الزنيم: الدَعِيُّ الملحق بقوم " (تعلقه بهم جدُّ ضعيف). ومنه ما في آية التركيب. ° معنى الفصل المعجمي (زن): اختزان الباطن بقوة أو جمعه ما قد يبدو أثره كما في حال الزنين والبئر الزَنَن - في (زنن)، وكما في حال البئر الزَناء التي تضيق بما فيها - في (زنى)، وكما في أصل ما يخرج على ظاهر البدن مما يَزِين - في (زين)، وكذا أصل ما تندفع عنه الهنة المعلقة - في (زنم).

الزاى والهاء وما يثلثهما

الزاى والهاء وما يثلثهما • (زهزه): ليس في التركيب إلا: "الزَهزاه - بالفتح: المختال في غير مروءة " [ق]. Qظهور علامات العظمة دون كمال أساسها (¬1). كالمختال في غير مروءة لديه. وشعور الإعجاب بالنفس يبدو على ظاهره مع نقص مروءته. ويؤيد هذا ما في تركيبي (زهو، زهي). وفي نسخة من [ق] أنه "المختال في غير مَرْآة "وهذا يصدق فيه المعنى المحوري، وإن كان غريبًا إلى حد ما أن يكون منظر المرء زريا ويختال. • (زهو): "زَهو البُسْر: احْمرارُه. زَهَتْ الشاة: أضْرَعَتْ (ظهر ضرعها) ودنا وِلادها ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الزاي تعبر عن اكتناز وازدحام، والهاء تعبر عن خلو الباطن بنحو الإفراغ لما فيه (إلى ظاهره)، والفصل منهما يعبر عن حسن الظاهر مع فراغ الباطن من حقيقته. وفي (زهو وزهي) تعبر الواو عن اشتمال، والياء عن امتداد، ويعبر التركيبان عن زيادة إفراغ ما في الباطن بحيث يتميز ويتحيز مجسمًا مشتمَلاً عليه ممتدًّا كزهو البسر وإضراع الشاة إلخ. وفي (زهد) تعبر الدال بضغطها عن حبس وسد، ويعبر التركيب عن رد ظاهر الأرض الماء الذي شأنها أن تتشربه كأنها مسدودة دونه. وفي (زهر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن استرسال لطيف نفاذًا (تفرغًا) من الجوف ونموًا كورق الزهر برقته ولطفه. وفي (زهق) تعبر القاف عن تعقد في الجوف، ويعبر التركيب عن خروجٍ وذهابٍ لما كان يعمر باطن الشيء وعمقه فيفرغ منه كالبئر البعيدة القعر أفرغ جوفها من الصلب الذي كان يشغله.

(زهد)

وزَها النخلُ: طال. والنبْتُ: غَلا وعلا، والغلامُ: شب ". Qبروز ما في باطن الشيء من قوة النمو أو النتاج بحيث تبدو واضحة قوية. كاحمرار البسر وهو أول أطوار صلاحه أن يؤكل، وكظهور ضَرْع الشاة ضخمًا نسبيًّا، وكطول النخل والنبت والغلام. • (زهد): {وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} [يوسف: 20] "الزهيد من الأودية القليل الأخذ للماء/ النَزِل: يُسيله الماء الهين، لو بالت فيه عناق سال لأنه قاع صُلْب/ ضد الرغيب. أصابنا مطر أسال زِهاد الغِّرْضَان وهي الشعاب الصغار ". Qقلةُ أخذ الشيء في الجوف، وردُّه أي الاحتباس عنه - كما تحتبس الوديان والشعاب المذكورة عن شرب ماء المطر - إلا القليل منه ضرورة - فيسيل الماء. ومنه جاء "الزُهد - بالضم: ضد الرغبة والحرص على الدنيا، والزهادة في الأشياء كلها، ضد الرغبة " (ردٌّ وصدٌّ أي عدم قبول) قال تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} [يوسف: 20]. الضمير يصلح للإخوة، وللسيارة، وللواردة والكل كانوا زاهدين فيه و (شروه) تصلح أن تكون بمعنى (باعوه) والضمير لأي من الثلاثة، وبمعنى (اشتروه) والضمير لغير الإخوة [وانظر قر 9/ 157]. ومن قلة الأخذ في الجوف قالوا "رجل زهيد وامرأة زهيدة وهما القليلا الطُعْم ". ومن القِلّة عامة: "عطاء زهيد: قليل. وازْدَهَدَ العطاءَ: استقلّه. والمزهد - كمُحْسِن: (الرجل) القليل المال ". وفي الحديث "أفضل الناس مؤمن مزهد ".

(زهر)

و "تزاهد الناسُ حد الخمر .. رأوه زهيدًا "واستعمال التركيب في القليل مطلقًا توسيعا بتجاوز القيود. وقد استعمل التركيب في الحَزْر، وهو بيان القدر بالتقريب في قولهم "زَهَد النخل " (فتح): خَرَصه وحَزَره (أي قدّر مجموع ما يخرج منه). ومأخذ هذا من المعنى المحوري هو أن الاحتباس عن الشيء يُبقى كَمَّه كما هو، وهذا مدخل لتقدير كمّه. وأقوى من هذا أن تعبير التركيب عن القلة أصيل، والقلة تيسر بيان القَدْر - وهذا تلازم كما في التركيب (قدر) {فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} [الفجر: 16] {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} [سبأ: 11] {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2]. • (زهر): {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [طه: 131] "الزَهْر - بالفتح: نَوْرُ كل نبت، وخصه بعضهم بالأبيض. والأزهر: القمر، واللبنُ ساعةَ يُحْلَب، والأبيض المستنير/ المشرق، وكل لون أبيض كالدُرّة الزهراء. زَهَر الزَنْد: أضاءت نارُه, والنارُ: أضاءت، والسراجُ: تلألأ كازدهر ". Qبياض يستطاب ويستطرف يكون في الشيء أو منه مع رقة وإشراق. كزَهْر النبت في بياضه ورقته، وضوء القمر مع رقته، وكذا بياض اللبن ورقته، وبريق الدُرَّة وصفائها ورقتها. وضوء النار والسراج مع لطف لهبهما أي كونه ليس مادة كثيفة. ومنه "المِزْهَر - بالكسر: العود " (للأنغام الرقيقة التي تصدر عنه). ولملحظ الاستطابة مع الرقة والإشراق فى الأصل عُبِّر بزهرة الدنيا عن حُسْنها وبهجتها، وغضارتها. {زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}. ولهذا قيل: "قضيتُ من

(زهق)

الأمر زِهْرَتي - بالكسر أي وَطَرى " (كأن المعنى: ما اشتهته نفسي منه. وهذا الاشتهاء استطابة). ويقال "ازْدَهِرْ بهذا الشيء: احتفظ به لنفسك (كأن المراد: اطّرِفْ به أي خُذْه طُرفة أو شيئًا طيبًا لك) - كما جاء في الحديث أنه أوصى أبا قتادة بالإناء الذي توضأ منه فقال ازدهر بهذا فإن له شأنًا ". ومن هذا قول الشاعر يسخر: . . . . . . . . . . فازدَهِرْ ... بكِيرك إن الكِير للقَيْن نافع (كأنه يقول له: افرح به). وقيل أيضًا في تأويلها: ليسفر وجهك وليُزْهر. وقول الآخر: (كما ازدهرت قينة بالشراع) وهي الأوتار (وهي رقيقة). ويقولون أيضًا "ازدهر في ما أمرتك به أي جِدّ. وهذا الجِدّ من الاستطابة في الأصل كأن المراد اهتم به فهو طيب أو نافع. ومع هذا الوضوح قال بعضهم إن ازدهر هذه معربة. • (زهق): {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81] "الزَهْقُ - بالفتح وبالتحريك: الوَهْدة (وربما وقعت فيها الدواب فهلكت) وبئر زاهق وزَهوق: بعيدة القعر. وكذلك فَجَّ الجبل المشرف ". Qخروجٌ أو ذهابٌ لما كان يعمر باطن الشيء وعُمْقَه كالوهدة والبئر والفج المذكورات. فالمفروض أنها كانت مستوية مع ما حولها. ومن ذلك "أزْهَقْتُ الإناء: قَلَبْته. وزَهَقَتْ نفسه: خرجت " {وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة: 55, وكذا في: 85]. ومن ذلك "زَهَق الشيءُ: بطل وهلك واضمحل " (ذهب جوفه وصلبه وقواه): {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ

£° معنى الفصل المعجمي (زهـ)

فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء: 18]، {إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81]. ومن ملحظ الخروج من العمق قالوا "زَهَقت الراحلة: سبقت وتقدمت الأخريات (نفذت من وسطهن)، والسهم: جاوز الهدف (الهدف يمثل العمق لأن التصويب يكون إليه). وأزْهَقَتْ الناقةُ السرجَ: قدّمته وألقته على عنقها ". (السرج يكون في وسط الظهر وهو عمقه). ° معنى الفصل المعجمي (زهـ): إفراغ ما في باطن الشيء (بحيث يخلو مما يفترض أن يشغله) - كما يتمثل في الزهزاه: المختال في غير مروءة (أي أن باطنه فارغ مما يناسب ظاهره) - في (زهه)، وكما في بروز ما في الباطن من قوة النمو والنتاج ومظاهره كما في زُهوّ النخل: طوله - في (زهو - زهي)، وكما في عدم دخول الماء في باطن الأرض حسب المعتاد أي خلو باطن الأرض منه - في (زهد)، وكما في خروج زهر النبات من أثنائه فتخلو أثناؤه مما كان فيها من قوة إخراجه - في (زهر) وكما في خلو بطن الوهدة والبئر الزهوق من مادة الأرض التي كانت تشغلها - في (زهق).

باب السين

باب السين التراكيب السينية • (أسس): {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ ...} [التوبة: 109] "أُسّ البناء: مبتدؤه. الأس - مثلثة، والأَساس، والأَسَس - محركة: أصلُ البناء/ قاعدته التي يبنى عليها [الراغب]. والأُسّ - بالضم: قلب الإنسان، وبقية الرماد بين الأثافي ". Qقَوِيُّ (صلب أو حادّ الأثر) في عمق يُنْصَبُ أو يتكونُ عليه ما بعده: كأساس البناء يكون قويًّا عميقًا في الأرض ويقوم عليه البناء. (ومنه آية التركيب) وقلب الإنسان في الجوف وهو أول متكون في الرحم [ق - وقد ثبت هذا بالدراسات الحديثة (نشر ذلك في مجلة تايم ص 33 عدد 23 يونية 1974]. وبقية الرماد تَتَرَبَّى بين الأثافي وتساعد في اتقاد النار مرة ثانية. ومنه: "الأسيس: أصل كل شيء، والعِوَض (يحفظ قيمة الشيء فيحفظ أصله). ومن الحدة في الأثناء: "الأَسّ - بالفتح: سَلْح النحل، وبالتثليث: الإفساد بين الناس (غَلّ مشاعر حادّة بينهم). والإغضاب " (إدخال مثل تلك المشاعر في النفْس).

(سوى)

• (سوى): {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ ...} [التوبة: 109] "رجل سَواء البطن: إذا كان بطنه مستويًا مع الصدر. رجل سواء القدم: إذا لم يكن لها أَخْمَص، فسواءٌ في هذا المعنى (أي في الكلام عن القدم) بمعنى المستوى. مكان سَوِىّ وسِيٌّ: مستوٍ. السِيّ: المكان المستوي، والفلاة، وموضع أملس بالبادية. هذا المكان أسوى هذه الأمكنة أي أشدها استواء. والسَوِيّة: كساء يُحْشَى بثُمام أو ليف أو نحوه ثم يجعل على ظهر البعير/ كساءٌ يُحَوَّى حول سنام البعير ثم يُرْكَب/ (كالبرذعة) إلّا أنه كالحَلْقة لأجل السنام. سواء الجبل: ذِرْوته ". Qاستقامة ظاهر الشيء أو سطحه لامتلاء غئور وسطه أي إكمال نقص ذلك الغئور. كالسواء البطن لأن الأصل أن الصدر ناتئ ينصبه قفصه العَظْمِي فلا ينخفض، والبطن جوف غائر، ولا تساوي البطن الصدر إلا إذا امتلأت. والأصل في الأَخْمص أن يكون غائرًا ولا يستوي مع حافات القدم إلا إذا امتلأ غئورُه فأكمل نقصه. وكالمكان السوِيّ، والسِيّ وكالسَويّة فهي تُهَيّأ بحيث تكمل الغئور الذي حول السنام أي ترتفع به حتى يستوي مع قمة السنام فيتيسر الركوب عليه باستقرار، وذروة الجبل تكون وسطه عادة وهي مكان النتوء. ومما هو صريح في تصديق المعنى المحوري {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ} [الكهف: 96] , (الصدفان كالجبلين) أي سوّى بينهما حين رفع السد بينهما "اهـ[ل]، وكذلك {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ} [النساء: 42]، (أي تغور فيلتئم عليهم غئورها

فتصبح بهم مستوية)، وكذلك {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا} [الشمس: 14]، (أي دفنهم فيها وسواها عليهم). وأرى أن من هذا أيضًا {فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى} [طه: 58]، قال في قر: مستويًا يتبين للناس ما بينّاه فيه (أي ظاهرًا مكشوفًا يرى الناس جميعًا ما يجري فيه، فالظهور لازم لاستواء سطح الشيء، لأن السحرة ظنوا أنهم سيفضحون موسى أمام الناس، وقَبِل سيدنا موسى التحدي ورفع مستوى العلانية {قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى} [طه: 59]، فحدّد أَجْمَعَ الأيام للناس، وأَضْوأَ الأوْقات، وأنشطها للناس. أما تفسير (سِوَى) هنا بـ "مَنْصَفًا وَسَطًا، أو عدلًا, أو سوى هذا المكان أي غيره [قر 11/ 312] فغير مناسب لأنهم لا يبحثون عن الوسط أو العدل أو مكان آخر ". ومن ذلك المعنى المحوري جاءت عدة معان: أ) فمن الأصل تؤخذ التسوية بين أشياء فيكون أصل هذا المعنى جعل ارتفاع هذا أو ظاهره بقدر ارتفاع ذاك أو ظاهره - ثم يستعمل في مطلق التسوية في القدر أو الحال {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ} [فاطر: 19 - 22]، {إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 98]، وكل {يَسْتَوِي}، {تَسْتَوِي}، {يَسْتَوِيَانِ} , {يَسْتَوُونَ} هي من ذلك، وكذا {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 6]، {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ} [آل عمران: 64] , {سَوَاءٌ مِنْكُمْ

مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ} [الرعد: 10]. وكل (سواء) فهي بمعنى التساوي (وفي فصلت: 10 مستوية تامة) إلا {سَوَاءَ السَّبِيلِ} و {سَوَاءِ الصِّرَاطِ} فالأشبه أنه بمعنى المستقيم، وإلا {سَوَاءِ الْجَحِيمِ} فهي بمعنى وسطه. ومنه "ساوى الشيءُ الشيءَ: عادَلَه. "هذا الثوب لا يساوي كذا ". ب) ومن إكمال النقص جاء الاستواء بمعنى كمال النضج {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى} [القصص: 14] وكذا ما في [الفتح: 29] والتسوية بمعنى صنع الشيء سويًا أي إكمال حاله {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} [الأعلى: 2]، {ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا} [الكهف: 37]، {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: 29] وكل (سوّى) عدا ما مرّ قبل هذه الفقرة. {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة: 4] (أن نعيد بناءه بأدق ما كان عليه) وقال بعضهم يجعل يده كخف البعير [قر 19/ 94] والسياق يضعفه {أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} [مريم: 10] (حال من ضمير تكلم) أي بلا خَرَس {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: 17] في صورة بشر سوي. ولملحظ الوسطية {فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 55]، (أي في وسطه كأن السواء مكان التسوية) ومنه "أسوى أي أخطأ في الحساب "وأسوى آية (أي طفرها في القراءة، فواصل القراءة والحساب لكن مع سقوط شيء في الوسط) وكذلك "أسوى: نَسِىَ ". جـ) {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: 29]، صعد أمره/ قَصَد. {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، علا/ أقبل، [ل] وكذا كل (استوى) مسندة إلى الله

(سوأ)

عز وجل أي عدا ما مرّ من استواء النضج، وكذا عدا استواء الاستقرار الآتي. د) "استوى على ظهر دابته: استقر " (وجد أو اتخذ مقرًّا سويا) {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} [الزخرف: 13] وكذا ما في [هود: 44, المؤمنون: 28، الزخرف: 13]. هـ) ويقال "أسوي أي أخطأ في الحساب: أسوي آية أي طفرها " (فهذا من وصل الظاهر أي تسويته مع تجاوز نقص في الوسط) و "سِىُّ الشيء: مثله (كتِرْبه) المساوي له. ولا سيما فلان: لا مثلَه. وسِوَى الشيءِ مِثْلُه (المساوي له). وهذا يقتضي المغايرة فمعناه غَيْرُه. وكذلك يقال "سواك أي أنت "كأن الأصل شخصك أو قامتك. • (سوأ): {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79] في قوله تعالى: {تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} [طه: 22] قالوا: من غير بَرَص. ويكنى بالسُوء عن اسم البرص. [ل] "والخيل تجري على مساويها، أي أنها وإن كانت بها أوصاب وعيوب فإن كرمها يَحْملها على الجرى. والسَوْآء بنت السيِّد أحب من الحسناء بنت الظَنون. سُؤْتُ له وجهه: قبَّحتُه. ساءَ الشيءُ: قبح. أساء فلان الخياطة والعمل: أفسدها ولم يُحسن عملَها ". Qعيب أو نقص (قبح أو فساد أو مرض) يخالط ظاهر الشيء أو باطنه: كالبَرَص والمرَض، وفسادِ الخياطة والعمل. ومن ذلك: "السَوْأَة: فرج الرجل والمرأة "؛ لأن الفطر السليمة تستقبح ظهورها {فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} [طه: 121]. وقوله تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ} [الأعراف: 131] أي: قحط ومرض [قر 7/ 264] وهو نقص

ومثل هذا: {وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا} [آل عمران: 120] أي مصيبة. ومثل هذه: {ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا} [الأعراف: 95]، {لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} [الإسراء: 7] أي بالسبي والقتل فيظهر أثر الحزن في وجوهكم/ ليفعلوا بكم ما يسوء وجوهكم [قر 10/ 223] يعروها الخزي والكآبة. أما {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ} [الشورى: 40]. فهذه للعدوان. ثم يُنقل السوء إلى القبح المعنوى كالسيئة: الذَنْب والخطيئة (فعل قبيح) {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} [البقرة: 81] , {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى} [الروم: 10]- السُوءى تأنيث الأسْوأ، وهي اسم كان، والخبر "عاقبة "، أو هي الخبر وعاقبة هي الاسم، والمراد بها النار - مقابل "الحسنى "في قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} [يونس: 26]- والمصدر المؤول بعدها "أن كذبوا "تعليل. ويجوز أن يكون هو اسم كان وتكون "السوأى "مصدرًا (أي مفعولًا مطلقًا) أو صفة لمحذوف [ينظر: قر 14/ 10]، {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43] , {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ} [الفتح: 12] أن الله لا ينصر رسوله، {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} [الفتح: 6]، العذاب الذي يسوءهم ظاهرًا وباطنًا. وفسِّر بالفساد والهلاك يقع بهم، وهو منه {لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ} [الرعد: 18]، الحساب الذي يسوءهم بالاستقصاء (أي عدم التجاوز عن أي شيء) أو بإحباط الحسنات وعدم التجاوز عن السيئات؛ فتسوء عاقبتهم والعياذ بالله. "وساءه: ضد سرَّه ". خلاصة استقرائية: كل {سَاءَ} و {سَاءَتْ} فهي بمعنى (قبُح) وكذلك

(أسو)

{أَسَاءَ} {أَسَأْتُمْ} (أساءوا) هن بمعنى ارتكاب القبيح من الأعمال دينيا. ويتلوّن المعنى قليلًا لكن في نطاق القبح {تَسُؤْكُمْ} {تَسُؤْهُمْ} (= تشنكم/ تحزنكم) {لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} [الإسراء: 7] يشينونها بما يوقعون بكم. {سِيءَ بِهِمْ} [هود: 77, العنكبوت: 33] حَرِج صدرُه وتوجس العار والمهانة (وهي مشاعر قبيحة) خشية ارتكاب قومه الفاحشة مع ضيوفه. {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الملك: 27] قبُحت وبَسَرت واغبرت من وقوع ما عاشوا ينكرونه [وفي ل] "السوء اسم جامع للآفات والداء "وفي [قر 4/ 183] ما يعضده. وكل (سُوء) بضم السين فهو القبيح بحسبه اسمًا أو صفة، وكل (سَوء) بفتح السين فهو مصدر لإيقاع السُوء - بالضم. و (السيئة) صفة غالبة لما هو قبيح شرعًا مما يعبر عنه بالذنب والخطيئة. • (أسو): {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] "الآسِيةُ: الدعامةُ والساريةُ/ الأُسْطوانة تُصْلِحُ السقف وتقيمه. وأَواسِى المسجد: أساطينهُ. الآسية كذلك: ما أُسِّسَ من بُنْيان فأُحْكِم أصله من سارية وغيرها. والأَسُوّ - كعَدُوّ وكإمام: الدواء. أَسَوْتُ الجُرح آسُوهُ أَسْوًا: دوايتُه وأصلحتُه. وقال الأعشى .. عنده البِرُّ والتُقَى وأَسَا الشَقِّ م ... وحَمْلٌ لمُضلِع الأَثْقال أي وعنده أَسْو الشق "فالأسْوُ والأَسا كاللغْو واللَغَا - اللذين بمعنى الشيء الخسيس ".

السين والباء وما يثلثهما

Qارتفاع الشيء القوي أو الحاد في الفجوة ليستوي أعلاه مع ما حوله. كالسارية تقام في فراغ وسط البيت وينصب عليها سقفه فيستوي سطحه، وكالدواء يأسو الجُرح: يساعد على نتوءِ اللحم فيه والتئامه. وأَسْو الشق مَلْؤه كذلك. ومن ذلك: الأُسوة - بالضم والكسر: القُدْوة، وهو من التسوية، كأن المُؤْتسِى يرتفع ليستوي مع المؤتسَى به؛ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}. وكذا ما في [الممتحنة: 4، 6] و "القوم أُسْوة في هذا الأمر، أي: حالهم فيه واحدة. وأَسَوْتُ فلانًا بفلان: جعلتُه أُسْوَته (كما تأسو الجرح فيستوي مع البدن الصحيح). "وآسِ بين الناس في وجهك ومجلسك: سَوِّ بينهم. وآساه بماله: أناله منه وجعله فيه أسوة " (أي يساويه فيه). أما أَسِىَ (تعب): حَزِنَ - فمن الأصل، لكن الصيغة جعلته بمعنى المفعولية، فكأنه نفاذ حاد في الجوف (كما في حزن)، {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: 23] (ونظيره عَمَدَ البيت وعمِدَ هو) ومنه ما في [المائدة: 26، 68، والأعراف: 93]. السين والباء وما يثلثهما • (سبب - سبسب) {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا} [الكهف: 84, 85] "السَبَب - بالتحريك: القوي الطويل من الحبال/ يمتد في مهوى البئر إلى الماء/ كل حَبْل حَدَرتَه من فوق/ ولا يسمى سببًا حتى يُصعَد به وينحدر به. والسَبْسَب والسَباسِب: شجر يتخذ منه السهام. والسَبِيب - كأمير - من

الفرس: شَعَر الذَنَب والعُرْف والناصية، والخُصْلة من الشعر كالسَببية، والعِضَاه تكثر في المكان. والسَبْسب: الأرض المستوية البعيدة/ الأرض القَفْر البعيدة مستوية وغير مستوية .... لا ماء بها ولا أنيس ". Qامتداد دقيق قوي موصل (¬1): كالحبل الذي يوصَل به إلى ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): السين تعبّر عن نفاذ الشيء دقيقًا قويًا ممتدًا، والباء تعبّر عن تجمع رخو وتلاصق ما، فالفصل منهما يعبر عن دقيق قوي يمتد موصلًا إلى أعلى أو أسفل (التوصيل جمع) كالسبب (الحبل). وفي (سيب) تعبّر الياء عن الاتصال، ويعبّر التركيب عن سريان الشيء بعيدًا (أي امتداده) بين ما يكتنفه كعروق الذهب في الأرض .. وفي (سبأ) تضيف ضغطه الهمزة ما يجعل التركيب يعبّر عن عنف الامتداد بالتحول كالمَسْبأ: الطريق في الجبل، وكتحول لون الجلد. وفي (سبت) تعبّر التاء عن ضغط بدقة أو حدة، فيعبّر التركيب معها عن انبطاح الممتد كالمنضغط كالسَّبْتاء: الأرض التي لا شَجَر فيها، وكالمَسْبوت: الميت. وفي (سبح) تعبّر الحاء عن النفاذ بعِرَض واحتكاك؛ فعبّر التركيب معها عن كون الشيء النافذ الدقيق عريضًا مماسًا لسطح شيء كسبح السابح فوق الماء، وكالتسبُّح: التمدد. وفي (سبط) تعبّر الطاء عن عِظَم جرم وضغط واسع، فعبّر التركيب معها عن زيادة الامتداد مع الغلظ واستواء السطح، كأنما ضُغط فاستوى كالشجر السَّلِب الطُّوال وكالجسم السبْط. وفي (سبع) تعبّر العين عن جرم ملتحم غض؛ فعبّر التركيب عن امتدادِ تعدٍّ للاغتذاء ونحوه (أي للحصول عل الغض) كما تفعل السباع. وفي (سبغ) تعبّر الغين عن نحو الغشاء؛ فيعبّر التركيب معها عن أن ذلك الدقيق الممتد يغشى ما تحته ويغطيه. وفي (سبق) تعبّر القاف عن غِلَظ في العمق؛ فيعبر التركيب معها عن نفاذ من العمق بغلظ أي قوة كما في سَبْق الفرس ما حوله من الخيل. وفي (سبل) تعبّر اللام عن نوع من الاستقلال؛ فيعبّر التركيب معها عن امتداد مع صورة من الاستقلال أو التميز كالسبيل يمتد بين ما حوله ويوصل به إلى مكان آخر، وكالسنبلة، والسبَل: الثياب المسبلة التي يجر طرف منها على الأرض.

الماء، وكالسهام تمتد طَفْرًا فتصل. وقد ينظر إلى شعر الذنب والعرف والناصية على أنها متصلة بأصلها متدلية، وإلى سبسب الأرض الموصوفة على أنها متصلة أو ينظر إليهما على أنهما ممتدان فحسب كالعضاه (وهو العظام الطوال من شجر الشوك أو الشجر عامة - وطوله يبدي دقته)، وكالسبسب الموصوفة بأنها بعيدة، وهو تعبير عن امتدادها العظيم. ومنه: "سَبْسَبَ بولَه: أرسله (خيطًا دقيقًا قويًّا) وتسبسب الماءُ: جرى وسال. والسَبَّة - بالفتح: الطِبِّيجة (الاست وهي مسلك ممتد يلتئم) ومنه السِبّ - بالكسر: الشُقَّة أو الثوب الرقيق من كَتّان، (قال شمر .. طولها ثمان في ست) اهـ وفي مثل هذا يكون الطول بالذراع والعرض بالشبر. انظر: ثمن، سبع)، والسِتر، والخمار، والعمامة، وكل ذلك يكون الثوب فيه طويلًا. وهو رقيق يُصَفَّى به - كما في قول علقمة بن عَبَدة عن إبريق: (مقدَّمٌ بسَبا الكَتّان) أي سبائبه (جمع سَبيبة)، والفِدَام - ككتاب: مِصْفاةُ الكوز والإبريق توضع على فمه. فمن السبب الذي "يُصْعَد به ويُنْحَدَر به " {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ}. ومن التوصيل في الأصل - كما يوصِّل السببُ الحبلُ بين طرفين، ويوصل به إلى ماء البئر أو التدلي إلى خلية نحل في صفحة الجبل= استُعمل السبب في كل ما يتوصل به إلى شيء: {وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} أي عِلْمًا يتسبب به إلى ما يريد .. وأصله الحبل [قر 11/ 48] ويقال جعلت فلانًا سببًا إلى فلان في حاجتي أي وُصْلة وذريعة. وفي الحديث "كل سبب ونسب ينقطع إلا سببي ونسبي "- صلى الله عليه وسلم - النسب بالولادة، والسبب بالزواج. وقوله تعالى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة: 166] المودة/ تواصلهم فى الدنيا [ل]، {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ

السَّمَاوَاتِ} [غافر: 36, 37] أبوابها [قر 15/ 314] فهي من الأصل، أي منافذها الموصلة إلى ما بداخلها. {فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ} [ص: 10] السموات نفسها أو أبوابها، أو فليعلوا في أسباب القوة إن ظنوا أنها مانعة ... [قر 15/ 153]. ومن الأصل: "السَبّ: الطعن والشتم ". وأصله إما (أ) من السَبّ: قطع عراقيب الإبل - كأنهم عدُّوا العرقوب سببًا، لأنه عِرْق قوى ممتد من أعلى البدن إلى العَقِب، فهو كالحبل، ولذا سموا إصابته سَبًّا، والسيفَ: سَبَّابَ العراقيب، وقالوا "سبسب: قطع رَحِمَه ". ثم أخذوا من ذلك استعمال السَبِّ في الطعن والشتم والقطع. أو (ب) مما جاء في ل أيضًا أن أصل السَبِّ الطعنُ في السَّبّة (الاست). أو (جـ) هو من الوصول إلى الشيء، كما يقال: "نال منه "بمعنى: طعن فيه أو شتمه. ومن استعمال السَبِّ في الشتم والطعن: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108]. ومن السَبّ (الطعن والشتم) قالوا: "السُبّة - بالضم: العار. صار هذا الأمر سُبّة عليهم، أي عارًا يُسَبّ به ". وأما السَبّابة: الإصبع التي بين الوسطى والإبهام، فأرى أنها أخذت اسمها هذا من كثرة الإشارة بها نحو الأشخاص والأشياء، فهي حال الإشارة بها تمتد على استقامة الذراع، ثم إن الإشارة تبدو خطًّا ممتدًّا منها إلى المشار إليه. ومن الامتداد المادي في الأصل أُخذ الامتداد الزمني في قولهم "مضت سَبّة وسَنْبَة من الدهر أي: مُلَاوة، عشنا بها سَبَّة وسَنْبة (النون زائدة) كقولك: بُرْهة وحِقْبة. سَبَّة من حَرّ .. إذا دام ذلك أيامًا ".

(سيب)

• (سيب): {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} [المائدة: 103] "السُيوب: عُروُق من الذهب والفضة تَسِيبُ في المَعْدِن، أي تجرى فيه، سميت سيوبًا لانسيابها في الأرض "اهـ. والسَيْب - بالفتح: مُرْدِىّ السفينة (كُدْرِدىّ، وهو خشبة تُدْفَع بها السفينةُ تكون في يَد الملَّاح). والسِيبُ - بالكسر: مجرى الماء. وقد ساب الماء: جرى ". Qجريان الشيء - أو سريانه - عن تعوّقٍ ما - بلا نهاية (معتادة): كالعرُوق المذكورة في الأرض، وكالسَيْبِ: المردِيّ، لأنه يُجرى السفينة بأن يدفعها حتى تعوم بعد أن كانت راسبة، وكجَرَيان الماءِ في السِيْب. ومنه: "سَيْب الفرس: شَعَرُ ذنبه (يبدو أطول من المعتاد) وساب: ذهب مسرعًا (انطلق مستمرًّا). وسيَّب الدابةَ أو الناقةَ أو الشيءَ - ض: تركه يَسِيب حيث شاء (جريان وامتداد بلا قيد). وكل دابة تركتَها وسَوْمَها فهي سائبة ". ومنه: "السائبة: البعير الذي يسيَّب لنذر، أو نجاة، أو لإدراك نِتاج نِتاجه، أو هي أم البَحيرة. كانت الناقة إذا ولدت عشرة أبطن فلا تُركب ولا يُحمل عليها ولا يَشْرب لبنها إلا ابنها أو الضيف ولا تُطْرد عن ماء أو كلأ .. فإذا ماتت أكلوها، وبُحِرت أذن بنتها الأخيرة وسُيّبت " [تاج]، {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ}. ومن الأصل: "السَيْبُ: العطاء "كأنه شيء أُجْرِىَ له " [المقاييس] أي أطلق من بيت المال. وكما قالوا: جِراية لنفس المعنى، ثم إنه لا يسترد؛ فهو ذهاب بلا قيد. وأما "السَيَاب - كسحاب: ما تعقَّد من الطلْع حتى صار بلحًا "، فلقوَّته على استكمال مسيرة نموه، أي استمرار هذا النمو - أي أنه لم يذبل أو يمت كما يحدث

(سبأ)

أحيانًا - والنمو امتداد. • (سبأ): {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ: 15] "المَسْبَأ - بالفتح: الطريق في الجبل " (وسبَأَتْه الشمسُ، والسَيْرُ، والحُمَّى، والنار: غيَّرتْه ولوَّحَتْه). "وسَبَأَ جِلْدَه: أحرقه/ سلخه. وانسبأ الجلدُ: انسلخ وتقشّر ""إنك لتريد سُبْأة - بالضم: أي سفرًا بعيدًا ". Qتحوّل أو تغير مصحوب بحدّة: كالطريق في الجبل فهو تجوُّل له سببه (طول مسافة الدوران حول الجبل). والسفر البعيد يعدّ تحولًا. ومنه: "السبيئة: الخمر "لتحولها من عنب لطيف المذاق إلى خمر حادة تَحمِزه وفي المصباح ما يخلص منه أن أَسْر العدو يقال فيه: سَبَى يَسْبِى (بالياء) "ويقال في الخمر خاصة: سبأتها بالهمزة: إذا جلبتها من أرض إلى أرض، فهي سبيئة ". وفي [تاج] ما خلاصته أن مشاهير اللغويين يقولون "سبيتها: إذا جلبتها من أرض إلى أرض، وسبأها: إذا اشتراها للشرب. وأقول إن تحريرنا يؤيد قول الفيومي؛ لأن الجلب تحويل، والهمز يعبر عما فيه من قوة. وتسميتها "سبيئة "، وبيت حسان: (كأن سبيئةً من بيت رأسٍ) وهو موضع بالشام، يؤيدان قول الفيومي أيضًا. وأصل التفرقة من قول للكسائي [ينظر تاج]. أما "سبأ "في قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ} فقيل هو لقب عبد شمس أو عامر بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وسميت مأرب باسمه. وفي [تاج] حديث حسَّنه الترمذي عن سلالة سبأ.

(سبت)

• (سبت): {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} [النبأ: 9] "السَبْتاء من الأرض - بالفتح: التي لا شَجَر فيها. وأسبَتَ الحيةُ (قاصر): أطرق لا يتحرك. والمسبوت: الميت، والمَغْشِيّ عليه, والعليلُ المُلْقَى كالنائم. والسِبت - بالكسر: الجِلدُ المدبوغ الذي سُبِت عنه شعره أي حُلق وأزيل ". Qانبطاح الشيء مع سلاسة سَطْحه بلا نتوء أو نمو أو حركة (لذهاب حدة باطنه): كالأرض المذكورة لا نمو لظاهرها، كأنها ضغطت، ولا قوة في باطنها. وكالميت، والمَغْشِيّ عليه والعليل الملقى منبطحيْن ذاهبي القوة الباطنة. والجلدُ الذي لا شعر عليه أملسُ لا ينتأ منه شيء. والحية المذكور يبدو كذلك. ومنه: "السَبْتُ: إرسالُ الشعر عن العَقْص (إنامته وبطحه). والسُبَات - كغراب: النوم " {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا} [الفرقان: 47 وكذلك ما في النبأ: 9] أي: راحة لأبدانكم بانقطاعكم عن الأشغال. وأصل السُبات من التمدد ... [قر 13/ 38]. "وانسبَتَ الرُطَبُ: عَمَّه الإرطاب "؛ فانتهى نموه ولان؛ فذهب غِلَظُه. ويوم السبت: يوم التوقف والقعود عن العمل للعاملين من اليهود - لا لله عز وجل وتعالى عما افْتَرَوْا {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} [النحل: 124]، {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ} [الأعراف: 163]. وسائر ما في التركيب هو من السبت اليوم المعلوم.

(سبح)

• (سبح): {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] "السِبَاح - كثياب (ج سَبْحة - بالفتح): قُمُص للصبيان من جُلودٍ .. مُلْس. والتسبُّحُ: التمدد - ذكره الخليل [هذه عن قر 18/ 42] وسَبَح في النهر أو البحر: عام. وفي [تاج] فرّق العوم من السبْح بأن العوم الجري في الماء مع الانغماس، والسباحة: الجري فوقه من غير انغماس. وفرس سابح: إذا كان حَسَن مدَّ اليدين في الجري ". Qمخالطة بتمدد لما شأنه أن يَغمر - مع عدم الانغمار فيه. كهيئة السابح يمتد بدنا وسعيا فوق الماء دون أن ينغمر، وقُمُص الصبيان الموصوفة لا تلصق بالأجسام لسعتها وصلابتها لأنها معرّضة ومن جلود وذلك بعكس سائر الثياب فإنها تُلبَس فتدخل فيها أعضاء البدن بملازمة كالالتصاق. ولعدم الانغمار قيل "كساء مُسبّح: معرض "وللتمدد قيل "التسبّح: التمدد ". ومنه: سَبْح النجوم والكواكب (ما يبدو من جريانها، فهو تمدد وانبساط على أديم السماء) {.. وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [الأنبياء: 33 وكذلك ما في يس: 40]، {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا} [المزمل: 7] أي: تصرفًا في حوائجك وإقبالًا وإدبارًا وذهابًا ومجيئًا. والسبْحُ: الجَرْى والدوَران .... اهـ[قر 19/ 12] وهو انبساط. وقد قيل في المراد: إنه الفراغ للنوم والراحة. والسياق لا يؤيد هذا. {وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا} [النازعات: 3] (هي النجوم أو السفن أو الملائكة بأنفسهم أو بالأرواح). انظر المراد في [القرطبي 19/ 193]. والمعنى الذي ذكرناه يؤخذ منه التعجب لغرابة عدم الانغمار رغم مخالطة ما

يغمر، وكذلك يؤخذ منه التنزيه، من الانبساط فوق الماء ونحوه دون الانغماس فيه، أي من الفَوْقية والعُلُوّ - كما يقال: "تعالى الله "، ومن عدم الانغماس. وهذا هو معنى ما قالوه من أنه التنزيه والتبرئة، كما قال الأعشى الكبير (د 1930). أقول لمّا جاءني فَخْرُه ... سبحانَ من علقمة الفاخر أي سبحان الله من فخر علقمة، أي تنزيهًا لله مما أتى علقمة من الافتخار، نكيرًا [طب 1/ 474] وقد جاء في تفسير التسبيح الموجَّه إلى الله عز وجل بالتنزيه حديثٌ صحيح [قر 1/ 276] فلا مجال لكلام بعد. أما في البيت فأنا أرجح أنه تعجب من فخره برغم عدم أهليته عنده. ومما ورد في التنزيه عن أمور معينة: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ} [البقرة: 116]، {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ} [النحل: 57]، {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: 16] (تنزيها أن يقال ذلك عن زوج نبيك - صلى الله عليه وسلم -)، {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات: 180]. ثم من هذا أُطلق في التعبير عن التنزيه العام تمجيدًا لله عز وجل بالصلاة والذكر الخ. {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39]. [خلاصة: ذكرنا آيات السبْح بمعنى الانبساط جريانا دون انغمار. وسائر ما في القرآن من التركيب تفسَّر فيه (سبّح) وتصريفها و (سبحان) هكذا: أ - بعضه بالتنزيه عن أن يُنسَب إليه تعالى ما لا يليق: الشريك أو الولد، أو نحوه مِـ (ما يصفون)، أن يخلق شيئا باطلا، أن يُرَى بالبصر، أن تعلم ملائكته ما لم يعلِّمهم إياه، أن يخفى عليه مكر شر (القلم 28)، أن يتخلف وعده. ب - وبعضه بالتعظيم وهو لازم للتنزيه [ينظر بحر 8/ 307] وسياقه أن

(سبط)

يسند إليه تعالى خَلْق، أو مُلك، أو ربوبية، أو تسخير. جـ - ومن التعظيم ذكره عز وجل، وبخاصة إذا وُصل بـ (حَمْد) هـ، أو بـ (اسمه)، أو ووُصِف التسبيح بالكثرة، أو عدم الفتور. وما قُرن بتوقيت وكان لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنه يفسّر بالصلاة ومواقيتها. والصلاة من الذكر. د - وما في [الإسراء 93] تعجب من اقتراحاتهم، وتنزيه لله [بحر 6/ 79] والتعجب استغراب. والغرابة بُعْد كما أن التنزيه إبعاد. وما في [يونس 10] {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} هي وكل (سَبّح) ومضارعها والأمر منها - عدا ما ينطبق عليه ضابط (جـ) - كل ذلك يرجح فيه التعظيم والذكر ثم التنزيه]. • (سبط): {وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ} [البقرة: 136] "السَبَط - بالتحريك: شَجَرٌ سَلِبٌ طُوَال في السماء. سَبِطُ القصب: الممتد الذي ليس فيه تعقد ولا نتوء. ومنه شعر سَبِطٌ: مسترسل، وجسم سَبِطٌ: طويل الألواح مستويها ". Qامتداد الشيء طولًا مع قُوّته واستواء ظاهره أو رخاوته: كالشجر والقصب والجسم المذكورات بطولها، وكالشعر. والاستواء والخلو من النتوءات يسهم في الإحساس بالامتداد. ومنه: "سبُط الرجل (كرم) وأسبط: وقع على الأرض ممتدًّا عليها، ودَلَّى رأسَه مسترخيًا كالمهتم ". ومنه: السِبْط - بالكسر: الوَلَد أو وَلَدُه؛ لأنه فرع لأصله كالامتداد له {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا} [الأعراف: 160].

(سبع)

• (سبع): {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: 261] "السبُع - كعَضُد: يقع على ما له ناب من السباع، ويَعْدُو على الناس والدواب، فيفترسها، مثلُ الأسد والذئب والنمر والفهد .. وليس الثعلب منها؛ لأنه لا يعدو على صغار المواشي ولا يُنَيِّب في شيء من الحيوان. سَبَعَ الذئبُ الغنم (فتح): فَرَسَها فأكلها، وسَبَع الشيءَ: سَرَقه ". Qتعدَّى الحيز الخاص إلى غيره للاغتذاء ونحوه: كما تفعل السباع وكما يفعل السارق {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ} [المائدة: 3] ومنه: "أسبَعَ ابنَه: دَفَعه إلى الظئورة ليَرْضَع فيهم. والسِبَاع: الجماع (انظر الأصل). وسَبَعَه: انتقصه وطعن عليه وعابه (كما يقال: أكل لحمه) وذَعَره (محمول على الطعن). وأَسْبَعَ عَبْدَه: أهمله فلم يَكُفّ جُرْأته فبقى عليها كالسبع (يتعدى على الناس). والمُسْبَع: المُتْرَف " (وزنًا ومعنى - مُسرِف في الاغتداء). وأما "المُسْبَع - كمُكْرَم: الدَعِىّ ". فهو من تعدِّي الحيز الخاص إلى حيز من يُنْسَب إليهم وانتفاعه بذلك. وتعدِّى الحيّز الخاص يصدق بالاتساع زيادة عن الحد المعروف. ومن هذا عبّر التركيب عن السبعة العدد، أي كمية كبيرة من المعدود، وجاء التحديد بعدد تطورًا {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} [الحاقة: 7] وسائر ما في القرآن عدا آية [المائدة: 3] هو من هذا، وتمييزه مذكور معه إلا ما في [الكهف: 22] فالمعدود هم أهل الكهف. ثم من هذا قيل: "السُبَاعي كثُلاثي ورُباعي: الجَمَل الطويل العظيم، ورجل سُبَاعِيّ البدن: تامُّه ".

(سبغ)

• (سبغ): {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان: 20] "تَسْبِغة البيضة - كتبصرة: ما تُوصَل به البيضة من حَلَق الدُرُوع فتستر العنق؛ لأن البيضة به تَسْبُغ، يقال: بيضة لها سابغ. ودرع سابغة: تجرّها على كعبيك طولًا وسعة. وذَنَب سابغ: وافٍ، وناقة سابغة الضلوع. سَبَغ الثوبُ (قعد): طال إلى الأرض، وكذا: سبغتْ الدرع. وكل شيء طال إلى الأرض فهو سابغ ". Qأن يمتد من الشيء ما يصير كالغشاء الساتر لما وراءه: كالذي يمتد من البيضة، والدرع، والذَنَب، والثوب المذكورات. {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} [سبأ: 11] ومنه: "سَبَغ المطرُ: دنا إلى الأرض وامتد. ونعمة سابغة " (كأنها ثوب طال حتى الأرض فستر كل الجسم، وسعة الثوب تؤدي إلى سبوغه أيضًا) {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ} [لقمان: 20]. • (سبق): {وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [فاطر: 32] "سبقه في الجرى وفي كل شيء (نصر وضرب): تقدَّمه ". Qتقدُّم الشيء من بين ما حوله في قوة وجِدّ: كالسابق في الجرى {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ} [يوسف: 25]، {إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} [يوسف: 17]، {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [المائدة: 48]. أي إليها. ومن هذا: "السَبَق - محركة: الخطَر الذي يوضع بين أهل السباق ": من أنه يُتَسَابق من أجله). ومن هذا السَبَق وَرَد "سبّق - ض: أخذ السَبَقَ، وبمعنى أعطى سَبَقًا. وقالوا إنه من المتضاد، وإنما هما

(سبل - سنبل)

مشتقان من السَبَق: الخطر، للتزود بالشيء، أو التزويد به، أي أن هذا استعمال فرعي، ولا تضاد في معنى التركيب. وكل ما جاء مما ليسى بمعنى الإفلات أو بمعنى المُضِىّ فهو من هذا التقدم، ويضم إليه {مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ} [طه: 99]. ومن السبق جاء معنى الإفلات وإعجاز المُلاحق {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا} [العنكبوت: 4] ومثلها ما في [الأنفال: 59، العنكبوت: 39] {وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} [الواقعة: 60، المعارج: 41]. لن يُعجزونا أن نفعل بهم ما نشاء. ومن ذلك المعنى المحوري كل ما جاء بلفظ {سَبَقَ} و {سَبَقَتْ} بمعنى (مَضَى) أي كلمة أو قول أو حكم مضى من الله عز وجل أي أُبْرِم مثل {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} [الأنفال: 68]. • (سبل - سنبل): {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] "السَبَل - بالتحريك: الثياب المُسْبَلة. أسبل إزاره: أرْخاه، وأسبل الفرس ذَنَبه: أرسله. وأسبل ثيابَه: طوَّلها وأرسلَها إلى الأرض، وعين سَبْلاء: طويلةُ الهُدْب. والسَبَل - بالتحريك: المطر بين السحاب والأرض ". Qامتداد إلي أسفل مع اتصال - كالثياب الممتدة إلى الأرض، وذنب الفرس يصل إلى الأرض أو يكاد إذا أرسله - وهذا ما يميزه عن ذنب الحمار والبغل، والهُدْب الطويل يصل إلى ما تحت العين، والمطر المذكور، يبدو خيوطًا ممتدة من السحاب إلى الأرض، ومنه قولهم "أَسْبَلَت السحابةُ: أرخت عثانينها إلى الأرض، والسُنْبُلة: سنبلة الذُرَةِ والأُرْزِ ونَحْوه إذا مالت (مع إضافة النفاذ عن جوف وهي مقابل النون) {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ} [البقرة: 261].

£° معنى الفصل المعجمي (سب)

ومن الأصل "السبلة - محركة: الشعر على الشفة العليا يجمع الشاربين وما بينهما " (خط متصل) ومنه كذلك: "السبيل: الطريق (لامتداده متميزًا بين ما حوله من أرض موصلًا إلى مكان آخر) {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]، {وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153]. خلاصة: السبيل معناه الطريق، وهو بهذا المعنى في كل القرآن، وإنما يختلف المراد به بحسب السياق: أ) فيأتي بمعنى الطريق المادي المعروف كما في [النساء: 43، الحجر: 76، العنكبوت: 29] وكل (سُبُلا)، وقد يدخل هنا ما في [النحل: 69]. ب) ويأتي بمعنى الطريق المجازي مثل {سَوَاءَ السَّبِيلِ} [البقرة: 108] {وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ} [الرعد: 33] {سَبِيلِ اللَّهِ} {سَبِيلِ الطَّاغُوتِ} [النساء: 76] إلخ. ج) وتعبير (ابن السبيل) يقصد به المسافر المنقطع به. د) {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} [آل عمران: 75، ومثلها ما في النساء: 34، 90، 141، التوبة: 91، 93، الشورى: 41، 42] ومعنى هذا الأسلوب نفي المحاسبة والمؤاخذة. وهذا من معنى الامتداد من أعلى - كما نقول الآن طالته المسئولية أو العقاب. ° معنى الفصل المعجمي (سب): الامتداد الدقيق مع الاتصال بشيء - كما يتمثل ذلك في الحبل الطويل الذي يُصْعَد به ويُنْحَدَر - في (سبب)، وفي عروق الذهب والفضة التي تمتد في أثناء جسم المعدن - في (سيب)، وفي امتداد الشيء نفسه مع تحوله كالمَسْبأ: الطريق في الجبل، والسفر البعيد، وكون الجلد هو نفسه مع تحوله سلخًا أو

السين والتاء وما يثلثهما

احتراقًا - في (سبأ)، وفي امتداد الأرض السبتاء مع تجردها - في (سبت)، وفي امتداد جسم السابح فوق الماء - في (سبح)، وفي امتداد قصب شجر السبط، وامتداد الأسباط - في (سبط)، وفي تخطي الحيّز وتعديه - في (سبع)، وفي امتداد حَلَق البيضة المسرود بحيث يغطي العنق وكذا امتداد الدرع بحيث يغطي العَقِب - في (سبغ)، وفي تقدم الشيء السابق من بين أثناء ما حوله مع بقاء نسبته إلى ما حوله فتمثل المسافة بينهما امتدادًا - في (سبق)، وفي امتداد خيوط ماء المطر بين السحاب والأرض، وكذا لحوق المُسْبَل ثوبًا أو ذيلًا بالأرض - في (سبل). السين والتاء وما يثلثهما • (ستر): {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسراء: 45] "السَتَر - محركة: التُرْس. والسِتار والسِتارة والسَتَرة - بالتحريك، والمِسْتَر والإستار والسِتْر - بالكسر فيهن: ما سُتر به. ومنه أستار الكعبة شرفها الله ". Qتغطية الشيء ما وراءه (¬1): كالتُرْس والسِتْر .. ومنه: "سَتَر الشيءَ: أخفاه {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ} [فصلت: 22]. أي خشية ذلك. وفي آية التركيب {حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسراء: 45] ¬

_ (¬1) (صوتيًا): لم يرد (ستت، وأما عن ستة فانظر سدس) والسين تعبّر عن نفاذ بدقة وحدة أو قوة، والتاء تعبّر عن ضغط بدقة، فإذا وقع ذلك عل النافذ الدقيق بسطه طبقة رقيقة وألصقه بما ضغط عليه. وتعبّر الراء عن استرسال تلك الطبقة وامتدادها، وذلك هو السَّتْر الذي يستر ما وراءه.

السين والجيم وما يثلثهما

قال [قر 10/ 271]: فيه قولان: أحدهما: أن الحجاب مستور عنكم لا ترونه، والثاني: أن الحجاب ساتر عنكم ما وراءه، ويكون "مستورًا "حينئذ بمعنى ساتر. السين والجيم وما يثلثهما • (سجج - سجسج): "السَجَاج - كسحاب: اللبن الذي يُجْعَل فيه الماءُ أرق ما يكون/ الذي ثلثه لبن وثلثاه ماء. والسَجْسَج - بالفتح: الهواء المعتدل بين الحر والبرد. كل هواء معتدل طيبٍ سَجْسَجٌ. وريح سَجْسج: لينة الهواء معتدلة. يوم سَجسج: لا حَرٌّ مُؤذٍ ولا قَرّ. وأرض سَجْسج: ليست بصُلبة ولا سهلة ". Qرقة كثافة الشيء وعدم غلظه فيكون معتدلا مناسبا (¬1) كرقة اللبن بمخالطة الماء إياه ... وكرقة الهواء المعتدل، والأرض اللينة التي ليس فيها غلظ. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر السين عن امتداد دقيق حادّ، والجيم عن جرم كثيف غير صلب؛ ويعبر الفصل منهما عن اعتدال الحال المتمثل في الرقة وعدم الكثافة أو الغلظ كالسَجاج: اللبن الذي ثلثاه ماه. وفي (سجو) تضيف الواو معنى الاشتمال؛ فيعبّر التركيب عن كون الرقة هنا استواء وسكونًا في حيز (اشتمال). كالماء في البحر ساكنًا بلا أمواج، وكالصوف الراقد طبقة على بدن الشاة. وفي (سجد) تعبّر الدال عن ضغط وحبس؛ فيعبّر التركيب عن انضغاط الشيء المرتفع وميله إلى مستقره كالنخلة الساجدة وجفن العين الساجدة: الفاترة. وفي (سجر) تعبّر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن استرسال انحدار المائع حتى يمتليء مقرُّه. وفي (سجل) تعبر اللام عن تميز واستقلال، فيعبّر التركيب عن امتلاء حتى الاستقلال والتميز - كالسَّجْل: الدلو الضخمة المملوءة ماء، والناقة السجلاء: العظيمة الضرع حتى يضرب رجلها. وفي (سجن) تعبّر النون عن الامتداد في باطن؛ فيعبر التركيب عن النفاذ والتكاثف في باطن أو جوف كالسجن.

(سجو)

ومن ذلك: "سَجَّ الحائط: مسحه بالطن الرقيق/ طيَّنه. كذا: سَجَّ سطحَه: طيَّنه (إصابة بالطين الرقيق). والمِسَجّة: الخشبة التي يُطيَّن بها/ يُطلى بها " (ما يسمى المالَج) ويلحظ في هذا السَجّ أن مع الرقة الاستواء والنعومة بعد سد الفجوات بالطين وإزالة النتوءات وجعل الظاهر مستويًا معتدلًا، بالمسجة ". • (سجو): {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 1 - 3] "سجا البحر: سكن تموُّجه. وشاة سجواء: مطمئنة الصوف ". Qسكون الظاهر مع انبساطه واطمئنانه على الوجه المناسب للتناول (: التعامل): كظاهر البحر عند عدم التموج وشأنه التموج، وكالصوف المطمئن والغالب أن يكون قريبًا إلى الانتصاب لكثافته. ومنه: "ناقة سَجْواء: ساكنة عند الحلب. وامرأة ساجية الطَرْف: فاترة الطرف ساكنته " (جفنها مسدل على عينها لا تُحِدُّ النظر كثيرًا). ومنه كذلك: "سَجَّى الميت بثوب - ض: غطاه (غطاء لا يرتفع ولا يتحرك). وسجا الليلُ: أظلم وركد في طوله، أي سكن {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}: أظلم/ غشى بظلامه (الظلام كالطبقة. ويقال: هبط الظلام/ حل الظلام). وفي [قر 20/ 91/ 92] أقوال أخرى: سكن، أقبل، ذهب. وقال إن السكون أشهر. وعليه مجازات الشريف [367]، والتفسير البياني [1/ 32]. والتفسير بـ "ذهب "لا أصل له هنا. وبـ "أقبل "و "أظلم "بمعنى غَشَّى بظلامه يُقْبَلان. ومن الأصل: "السَجيّة: الطبيعةُ والخُلُق (ما ثبت له ورسخ فيه من خُلُق يتعامل به مع الناس)؛ فهو ظاهر ومستقر بالنسبة لهم، كما قالوا: "ما ساجينا الطعام: ما مَسِسْناه. وهل تُسَاجِى ضيعةً: هل

(سجد)

تعالجها "؟ كلاهما مما هو كالإشراف على الشيء، أي مخالطته، أخذًا من الانبساط على الظاهر. • (سجد): {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: 29] "نخلة ساجدة: أمالهَا حَمْلُها. وعين ساجدة: فاترة الطرف. سَجَدت النخلة: مالت. وسجدت الإبلُ وأسجدتْ: خَفَضَت رأسها لتُرْكَب. وكان كِسْرى يسجد للسهم الطالع، أي يخفض رأسه إذا شخص سهمُه عن الرمية، ليستقيم السهم ". Qانخفاض أعلى الشيء القائم أي المنتصب منثنيًا إلى أسفل (كأنما عن ضغط): كالنخلة يَحنيها ثقلُ حَمْلها. ومنه: السجود المعروف في الصلاة {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77]، {فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [الحجر: 29]. ومن معنويَّه: "سَجَدَ: خضع. {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرحمن: 6]. سجود المَوَات: انقياده وطاعته لما سُخَّر له ومنه ما في [الرعد 15، النحل 48، 49، الحج 18] مع جواز كيفيات يعلمها الله تعالى. {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: 4] هي الكواكب حقيقة، أو إخوته وأبوه وأمه أو خالته [قر 9/ 121]. والكيفية على الأول يمكن تصورها رؤيا. "المسجد: المصلى، وكل موضع يُتَعَبَّد فيه "مكان أداء الصلاة التي أكثرها سجود {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} [الكهف: 21] في [الكشاف، قر 10/ 379، بحر 6/ 109 والآلوسي 15/ 234] ما يعني أنه المسجد المعروف: المصلَّى.

(سجر)

• (سجر): {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} [التكوير: 6] "الساجر: الموضع الذي يمر به السيل/ يأتي عليه السيل/ فيملؤه. سُجرت الثِماد: مُلِئَتْ من المطر. بئر سَجْر - بالفتح: ممتلئة. والمسجور: المملوء. غدير أسجر: يضرب ماؤه إلى الحمرة وذلك إذا كان حديث عهد بالسماء قبل أن يصفو .. وقيل سُجرة الماء كدرته وهو من ذلك. سَجَرْت الماءَ في حَلْقه: صببته. المسجور: اللبن الذي ماؤه أكثر من لبنه. شَعْر مُنْسَجِر ومسجور: مسترسل. اللؤلؤ المسجور المنظوم المسترسل. انْسَجَرت الإبلُ في السير: تتابعت. السَجْر: ضرب من سير الإبل بين الخَبَب والهَمْلجة ". Qتوالي انحدار المائع ونحوه إلى الحيّز حتى يتجمع فيه ويمتلئ الحيّز به - كما يملأ السيل الموضع، والمطرُ الثِمادَ (الثِمادُ حُفَر أو ركايا تحفر في الأماكن التي يمر بها ماء المطر ليتجمع فيها الماء ويتخزن). والأصل في الساجر والثماد المذكورة أنها تمتلئ بتوالي انحدار الماء فيها. وكتوالي صب الماء في اللبن حتى يصير أكثر منه، وصب الماء في الحلق يكون شيئًا بعد شيء أي متواليًا، وكانحدار الشعر المسترسل، وتوالي نظم اللؤلؤ في سلكه، وتوالي سير الإبل بسرعة اندفاعًا كالانحدار. هذا، وتوالي نظم انحدار المائع قد يتأتى منه فراغ مصدره كما يتأتى منه امتلاء مورده. ومن ذلك قوله تعالى: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} [الطور: 6] فهذا معناه المملوء [قر 17/ 58] لأن الإقسام هنا بواقع وهو البحر، وهو مملوء فعلًا، فلا يتأتى أن يفسّر هنا بالفارغ حسب ما في [ل]، كما أنهم لم يوردوا شاهدًا لمعنى

الفراغ هذا. وقوله تعالى: {ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ} [غافر: 72] معناه يطرحون فيها وَقُودًا لها [قر 15/ 333] أي تسجر بهم، وهذا من قولهم "سجر التنُّورَ: أوقده وأحماه، وقيل أشبع وقوده. والسَجُور - كصبور: ما أوقد به "فتوالي إمداد النار بوقودها من باب توالي (الانحدار) إلى الحيز والتجمع فيه. أما قوله تعالى: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} [التكوير: 6] فمعناه ملئت وفاضت .. وقيل صارت بحرًا واحدًا من الحميم من سجرت التنور، أو فُجّر بعضها في بعض واختلط الملح بالعذب. [قر 19/ 230 والكشاف 3/ 325] وكل جائز لغويًّا - من حيث إن التفجير يؤدي إلى اندفاع الماء بانحداره إلى الأعمق واحتباسه فيه. والتفجير من قولهم "سَجَّر هذا الماء أي فجّره حيث تريد "فتفجير المائع المحتبس يلزمه توالي خروجه كالمنحدر إلى حيّز آخر. وكأن أصل هذا المعنى من إصابة الممتليء. فهو من المعنى المحوري. ولا أستريح إلى تفسير (سُجّرت) بـ (ذهب ماؤها) كما في [ل]. أو (تيبس فلا يبقى من مائها قطرة) قول في [قر 19/ 230]. وقد قالوا "لؤلؤ مسجور إذا انتثر من نظامه ". المقصود سقوطه من خيط نظمه انحدارًا متواليًا كما في قوله: كاللؤلؤ المنثور أُغفِلَ في ... سِلك النظام فخانه النظمُ قال "أي كأن عيني أصابتها طَرْفة، فسالت دموعها منحدرة كدُرًّ في سلك انقطع، فتحدر دُرّه "فهو من الانحدار في المعنى المحوري، ولا شاهد فيه لتفسيره (سُجِّرت) بـ (ذهب ماؤها). ومن الاستعمالات المادية للتركيب "سَجَر الكلبَ: طوّقه بالساجور، وهو طوق من حديد مسمّر بمسامير حديدة الأطراف " [الأساس] فهذا حبس

(سجل)

كالجمع والامتلاء. وقالوا "عين سَجْراء وهي التي خالط بياضَها حمرة "قالوا إن هذا مُشَبّه بالغدير الأسجر، لكنه يتأتى أيضًا من الأصل مباشرة لاجتماع الحمرة والبياض في العين. وقالوا "سَجَرت الناقة (قعد): حَنَّت فطرّبت في إِثْر ولدها ومدّتْ حنينها "فهذا من الامتلاء بالحنين، كما أن الحنين انجذاب كالانحدار، أو أن الملحظ هو امتداد الصوت. وأخيرًا قالوا "سجير الرجل: خليله، وساجَرَه: صاحَبه وصافاه "فهذه المصاحبة من التجمع في المعنى المحوري. • (سجل): {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} [الأنبياء: 104] "السَجْل- بالفتح: الدلو الضخمة المملوءة ماء. وناقة سجلاء: عظيمة الضَرْع. وضَرْع أسجلُ: واسعٌ رِخو مضطرب يضرب رجليها من خلفها. وخُصْية سَجيلة: مسترخية الصُفْن واسعة. وسجَّل - ض: أنعظ. وأَسْجل الحوضَ والأَنْهاء والغدرانَ: ملأها ". Qتضمن الظرف العميق ما يملؤه بنحو الصب ملأً تامًّا حتى يقوم بنفسه أي يتميز مستقلًّا: كالدلو، والضرع، والخُصية، والحوض والأَنْهاء الموصوفات، ومثل "السَوْجل والسَوْجلة والساجُول: غِلاف القارورة "، فهو يختم على ملئها ويجعلها قائمة بنفسها. ومن السَجْل - بالفتح: الدلو المملوءة، جاءت المساجلة بمعنى المقاواة على نزْع السِجال من البئر، ثم أطلقت من المقاواة البدنية في نَزْع الدلاء إلى المفاخرة عامة. ومن هذا أيضًا (على المَثَل) قولهم: "الحرب سِجال "أي سَجْل لهؤلاء مرة، وسَجْل للآخرين مرة، والمقصود الدَولة والغَلَب.

ومن الأصل: "السِجِلّ - كفِلِزّ: الصكّ، والكتاب الكبير (يتضمن ما يُكتب فيه) والصحيفة، والكاتب [تاج] (الكتابة في صحيفةٍ مَلءٌ، كما نقول ملأ أو عبّأ استمارة) {كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} [الأنبياء: 104]. (وكأن الكتب هنا الصفحات أو الوثائق المكتوبة، وعلى قراءة "للكتاب "فالكتاب: الصحيفة، والكلام المكتوب فيها أيضًا. فالمعنى كطي الصحيفة من أجل الكلام المكتوب فيها، أو لتضمنها إياه، أو كطيّ الكاتب للصحيفة كما قال {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67]. ومن مراعاة الصب وحده (أي دون قيد كون ذلك في ظرف) قالوا: سَجَلْت الماءَ فانسجل، أي: صببته فانصب. ومنه: سَجَله بالشيء: رماه به من فوق. و "افتتح سورة النساء فسَجَلها، أي: قرأها قراءة متصلة، هي من "السَّجْل: الصَبّ ". وكذا "السِجِّيل - كسِكَّير: حجارة المَدَر " {تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} [الفيل: 4]. (أعدَّت للصب عليهم) وهي على هذه الصيغة لذلك. كأنها مُعْلمة (مسوّمة) أو مُعَلمة أن تصيبهم. وقد قيل: السِجِّيل (الحجارة) معرَّبة عن سنك كيل الفارسية، لكن الكلمة واضحة العروبة بصيغتها وبانسجامها مع معنى التركيب. وفي [ل] أكثر من نصف صفحة في هذا. وقد سلَّم الأزهري وغيره بتعريب الكلمة. وجوّز الزجَّاج رجوع الكلمة إلى السَجْل: الصَبّ، كأنها مرسلة عليهم، وإلى التسجيل: الكتابة، أي من سِجِلّ، أي مما كتب لهم، وربط بينها وبين قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ} [المطففين: 7 - 9] وكأن الجوهري جوز المعنيين. والأول من كلام الزجاج يفصّله ما قلناه. وأزيد أنها لو كانت معربة عما قالوا لكان الأقرب

(سجن)

أن تكون (سنجيل) أو (سنكيل). ومن الاستقلال أُخذ معنى الإرسال والإطلاق: "أَسْجل الأنعامَ: أطلقها في زروع الناس. وقالوا: أَسْجل الكلامَ: أرسله، والأمرَ: أطلقه. والمُسْجَل - كمُكْرَم: المبذول المباح الذي لا يُمنع ". • (سجن): {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ} [يوسف: 100] "السِجن - بالكسر: المحبس. والساجون: الحديد الأَنِيث. والسِجِّين - كسِكير - من النخل: ما يُحفر في أصولها حُفَر تجذب الماءَ إليها إذا كانت لا يصل إليها الماء. والتسجين: التشقيق " (لذلك). Qحبس الشيء أو حَوْزه في جوف أو حيِّز شديد: كالسِجن لمن فيه، والحُفَر والشقوق المذكورة للماء. ومنه "الساجون: الحديد الأَنِيث " (أي ما يسمى المطاوع - لأن لينه يمكّن من تطويعه لضبط ما يمسك به تمامًا). ومن السجن المحبس. {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ} [يوسف: 100]. وقوله تعالى {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ} [المطففين: 7] أورد [قر 198/ 257] في معناها أكثر من عشرة أقوال. لكن ما روى عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أن سجينًا "جب في جهنم "- يحسم الأقوال إن صح الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والجب حيز شديد. كذلك فإنه من الواضح مما أصلناه أن كلمة سجين بهذا المعنى عربية وليست مُعَربة عن الفارسية كما في زعمٍ أورده السيوطي في المتوكلي. وكل مفردات التركيب القرآنية هي من (السِجْن) المعروف عدا (سجين). ° معنى الفصل المعجمي (سج): اعتدال: رقة وعدم غلظ، واستواء كما يتمثل

السين والحاء وما يثلثهما

في السَّجَاج اللبن الذي ثلثاه ماء (خفيف ورقيق) - في (سجج)، وفي سُجُوّ البحر أي سكون مائه (استواء ظاهره)، وكذلك في اطمئنان صوف الشاة السجواء أي رقوده وعدم انتفاشه - في (سجو)، وفي انخفاض أعلى النخلة ورأس البعير رقة وسهولة وقرب من الاستواء - في (سجد)، وفي توالي تخزن الماء في الثماد شيئًا فشيئًا أي لا دفعة واحدة حتى يستوي ظاهرها - في (سجر)، وفي امتلاء الدلو والضرع مع الاسترخاء (عدم غلظ) - في (سجل) - وكالسَجْن بسكون من فيه همودا - في (سجن). السين والحاء وما يثلثهما • (سحح - سحسح): "لحم ساحّ: كأنه من سِمَنه يصبُّ الوَدَك. وسحابة سَحُوح. وسَحَّ الدمعُ والمطر والماء (رد): سال من فوق واشتد انصبابه. وعين سَحْسَاحة: كثيرة الصبّ للدموع. وطعنة مُسَحْسِحَةٌ: سائلة: وسَحَّ الماءَ وغيرهَ يسُحه: صَبَّه صبًّا متتابعًا كثيرًا ". Qسيلان متتابع بغزارة أو اتساع من عُرْض شيء أي بنفاذٍ من أثنائه (¬1): كالودك من اللحم، وكالدمع والمطر والماء الكثير الانصباب. ومنه: ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): السين تعبّر عن نفاذ بدقة وامتداد، والحاء تعبّر عن احتكاك (فيه نفاذ أيضًا لكن) بعِرَض واتساع، ويعبّر الفصل منهما عن نفاذ ما ينساح عريضًا متسطحًا: كالوَدَك من عُرْض اللحم. وفي (سيح) تتوسط الياء بمعنى الاتصال - فيعبّر التركيب عن زيادة النفاذ وامتداده مع التسطح والاتساع: كساحة الدار، وكالسيح: الماء الجاري على وجه الأرض. وفي (سحب) تعبّر الباء عن التجمع الرخو مع تلاصق ما، فيعبّر التركيب معها عن أن حركة ذاك النافذ المنساح على سطح هي بجذبه مع اتصاله بما يسحبه. وفي =

(سيح)

"السَحْسَحُ والسَحْسحة - بالفتح فيهما: عَرْصة الدار. وعَرْصَة المَحَلّة (تنبسط بين البيوت فيخرج إليها سكان الدُور حولها). ومنه كذلك: "سَحّتْ الشاةُ والبقرة (ذل): سَمِنَتْ غاية السِمَن. يقال: شاة ساحّة وساحّ وسَحْسَاحة أي: ممتلئة سِمَنًا "فهذا ليس فيه سيلان ظاهر: فإما أن يكون وصفًا بما يئول إليه إذا ذُبحت وأُنضجت، كما سموا الشاة قبل الذبح: ذبيحة وجَزَرة، والناقةَ قبل النحر: جَزُورًا، وإما أنهم عدُّوا الإشراف على الوقوع وقوعًا؛ فكأنها ترشح أو تنضح دُهنًا من سِمَنها. • (سيح): {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ} [التوبة: 112] "السَيْح - بالفتح: الماء الظاهر الجاري على وجه الأرض، ساحَت البئر: ¬

_ = (سحت) تعبّر التاء عن الضغط الدقيق بحدة، فيعبّر التركيب عن أن تلك الحركة المتسطحة باحتكاك يصحبها نَحْتٌ وقَشْر للشيء الشديد الالتصاق، مثل سَحْت الشحم عن اللحم، ومنه أخذ السُّحْت - بالضم - لأنه أخذ اللاصق بأصحابه أي غير المستحَقّ. وفي (سحر) تعبّر الراء عن الاسترسال، ويعبّر التركيب عن استرسال خروج ذاك الذي كان يملأ الجَوْف فيَفرَغ الجوفُ ويبدو اتساعه: كالسَحْر: الرئة، والمسحّر: المجوف. وفي (سحق) تعبر القاف عن غليظ تجمع في العمق، فيعبّر التركيب عن ذهاب غليظ العمق هذا تسطحا بالانسحاق، أو نفاذًا إلى أعلى أي نموًّا: كالنخلة السَحُوق: الطويلة الجرداء (خرجت قوتها المتجمعة في عمقها طولًا). وفي (سحل) تعبّر اللام عن التميز والاستقلال؛ فيعبّر التركيب عن امتداد ما أخذ أو نفذ من شيء متميزًا: كالساحل من البحر، وكالسحيل من كُبّة الغزل.

جَرَى ماؤها وفاضَتْ. وأساح نهرًا: أجْراه. وساح الظلُّ: فاءَ. وأساح الفرسُ ذكرَه وأسابه: أخرجه من قُنْبه ". Qتسيُّب المائع (أو خفيف الحركة) المتحيز بتجاوزه سطحَ حيّزه فَيَضانًا باتساع أو اطراد: كالسَيْح وفيض البئر. وإجراءُ النهر نُظر فيه إلى جريان الماء باطّراد. والظلّ لطيف الماهية وسَلِسُ الحركة مُطّرِدُها كالمائع. ونُظر في إساحة الفرس ذَكرَه إلى إخراجه من قُنْبه، أي حيّزه، مع اطراد الامتداد نسبيًا. وقريب من هذا قولهم: انساح بطن الأَتَان: ضخُم ودنا من الأرض (تجاوز الحدَّ باتساع). ومن شكل الجريان باتساع واطراد قالوا: "السَيْح - بالفتح: الكساء المخطط. والمسَيَّحُ - كمعظَّم - من البرود: الذي فيه خطوط بيض وسود، ومن الطرق: المبيَّنُ شَرَكُه أي طُرُقه الصغار، وإنما سَيّحه كثرة شَرَكه (فالخطوط والشَرَك تمتد طوليًّا باطّراد كأنها بلا حاجز). وكذلك "انساح الثوب: تشقّق " (صار شِقَقًا أي شرائح مستطيلة). ومن ذلك "ساح الرجلُ في الأرض: ذهبَ في الأرض للعبادة والترهُّب/ فارق الأمصار، وسكن البراري ... (تسيبٌ وتجاوزٌ للمساكن باطراد أي بلا تقيد بما تطلبه حياة المقيم) {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ} [التوبة: 112] قيل: هم الصائمون، وقيل: المجاهدون، والخارجون في طلب العلم، والمهاجرون [قر 8/ 269 - 270] أي من دار الكفر أو الظلم مثلًا .. والتفسيران الأخيران من تجاوز الحيز امتدادا. وتفسير السائح بالصائم هو من تجاوز الحيز تجردا أي هو يؤخذ من فيضان الماء من البئر مثلا فيهدر كما يترك

(سحب)

الصائم شهواته. والصوم مَهْيع دائم، وهو أَتْيح للمرأة. {عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ} [التحريم: 5]. وقوله تعالى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2] هو من المعنى الأصلي تمامًا، أي انطلقوا وتقلبوا في الأرض (أي أُبِيح لكم ذلك) أربعة أشهر (بحُرّية) فلا حَجْر ولا حرب فيها. أما بعدها فمن وُجد بعدُ "فهو حَرْب لله ولرسوله وللمؤمنين يُقْتل حيثما أُدرك أو يُؤسَر إلا أن يتوب .. " [قر 8/ 64] • (سحب): {وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ} [الرعد: 12] "- السحابة: الغَيْم. والريح تسحب التراب. وسَحَبتْ المرأةُ ذيلَها (فتح): جرّته على وجه الأرض ". Qجرّ وتحريك لما هو مستقِرّ أو مماسّ لمقره: كالتراب وذيل ثوب المرأة عل وجه الأرض وكالسحابة فوق ما يحملها من الهواء، {حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ} [الأعراف: 57] , {إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ} [غافر: 71]، {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ} [القمر: 48]. ومن هذا: "رجل سَحبان - بالفتح: جُرَاف يَجْرُف كلَّ ما مر به (أَكْلًا - كأنه يسحبه إلى جوفه بلا مضغ). وهو أُسْحُوب - بالضم: أَكُولٌ شَروب ". وكذلك: "تَسَحَّبْتِ المرأةُ في حقه: اغتصبتْه وأضافته إلى حقها وأرضها " (جرّته وضمّته). (وليس في القرآن من التركيب إلا السَحْب الجرّ، وسحَاب المطر). • (سحت): {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ} [المائدة: 63]

"سَحَتَ الشحمَ عن اللحم (فتح): قَشَره، وسحت رأسَه وأسحته: استأصله حَلْقًا. وكذلك: سحتَ الحجّامُ الخِتانَ وأسحته: استأصله. وسَحَتَ الشيءَ: قَشَره قليلًا قليلًا ". Qقَشْر ما هو شديد الالتصاق بسطح أو ظاهرٍ عنه بدقة، أو قليلًا قليلًا: كسحت الشحم عن اللحم، والشعر عن الرأس استئصالًا. وكذا استئصال القُلْفة، والقَشْر قليلًا قليلًا هو من شدة الالتصاق؛ فيحتاج إلى دقة للاستئصال. ومنه "السَحِيتة من السحاب: التي تجرُف ما مرّت به (أي يقشِر مطرها وجهَ الأرض كما يقال مَطْرة قاشرة وقُشْرة - بالضم وكهُمَزة: شديدة تقشِرُ وجه الأرض ". "والمسحوت الجوف: من لا يشبع، ومن يتّخم كثيرًا "كلاهما يأكل كثيرًا ولا يشبع، كأن جوفه لا قَعْرَ له. ولا تضاد. وقوله تعالى: {لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} [طه: 61] يقشِركم ويستأصلُكم. ومنه "السُحْت - بالضم: المال الحرام الذي لا يَحِلّ كسبُه (كالرشوة والربا والقمار ..) كأنه مقتطع مقشور، أي مأخوذ نَزْعًا وغَصْبًا بلا استحقاق. وقد فسروا قوله - صلى الله عليه وسلم - "فمن رعاه - أي الحمى المتحدَّث عنه - فمالُه سُحْت "- بالضم - بأنه: هَدَر. وهذا تفسير بما يئول إليه، أي ما يستحقه. يقال "مال فلانٍ سحتٌ: لا شيء على من استهلكه "أي لأنه في الأصل مأخوذ قَشْرا بغير حق من موضعه الأحق به. وليس في القرآن من التركيب إلا السَحت القشر والإهلاك، والسُحْت: المال الحرام) ..

(سحر)

• (سحر): {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 18] "فرس سَحِير: عظيم الجوف. والسَحْر - بالفتح وبالضم وبالتحريك: ما التزق بالحُلقوم والمَرِئ من أعلى البطن (= الرئة). والمسحَّر - كمعظَّم: المجوّف. وعنز مَسْحُورة: قليلةُ اللبن، وأرض مسحورة: قاعٌ قَرَقُوسٌ: (أملس صُلْب غليظ أجرد ليس عليه شيء أو نبت). وأسْحارُ الفلاة: أطرافها. وقد سَحَر المطرُ الطينَ والترابَ (فتح): أفسده فلم يصلح للعمل. وغيث ذو سَحْر - بالفتح: إذا كان ماؤه أكثر مما ينبغي. واللَسَقُ - محركة: (لزوق الرئة بالجنب من العطش) = يَسْحَر ألبان الإبل ". Qفراغ يتخلل باطن الشيء البادي التجسم والامتداد: كالفرس والرئة والعنز والأرض الموصوفات. والمطر المذكور يحلّل ما بين الرمل من طين وتراب؛ فيبقى الرملُ لا يلتزق؛ فلا يُطيَّن به ولا يُنبت. ولُحظ في: أسحار الفلاة، وسَحْر كل شيء: طرفه، أَنّ الشيء ينتهي (يفرغ) عندها بعد امتداده. ومن الأصل: "السِحْر - بالكسر: الأُخْذة - بالضم - التي تأخذ العين حتى يظن الناظر أن الأمر كما يرى، في حين أنه ليس وراء ما يرى حقيقة، بل هو تخييل وراءه فراغ. فالسِحْر المشهور أصله التخييل بما لا حقيقة له، ووسيلته خداع الحواس والقلب. وقد عرَّفه ابن فارس بأنه إخراج الباطل في صورة الحق. قال "ويقال هو الخديعة ". وقال الفخر الرازي: "السحر في عرف الشرع مختص بكل أمر يخفي سببه ويُتَخَيَّل على غير حقيقته ويجري مجرى التمويه والخداع "

(سحق)

اهـ. وتأمل: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: 66]، فهو تخييل {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ} [الأعراف: 116]. تأثيره على رؤية العين ولا حقيقة له. ومن ذلك: السَحْر: الصَرْف. وأراه صَرْف قلوب أو أبصار. {فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: 89]. قال الفراء [المعاني 2/ 241]: تُصْرفون (وحقيقته يُذْهَب بألبابكم وأبصاركم). ومن هذا: "سَحَره بالطعام والشراب: خَدَعه (كما يقال أكل عقله). وقوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} [الشعراء: 153]، {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا} [الإسراء: 47] أراهما من الأصل، أي فساد الجوف أو خَوائه: اتهموهم بالجنون والخلو من العقل. وللفراء تأويل آخر [المعاني 2/ 282]. ومنه "السَحَر - بالتحريك والفتح: آخر الليل قبيل الصبح، حيث الظلمة كالغشاء، ووراءها مباشرة ضوء الفجر يترقرق فهو ظلام وراءه فراغ، {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} [القمر: 34]، {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 18]، ثم يشتق منه. وليس في القرآن من معاني التركيب إلا (السَحَر) وجمعه، و (السِحْر)، و (المُسَحَّر) و (المَسْحُور). • (سحق): {فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 11] "نخلة سَحُوق: طويلة جرداء. وحمار سَحُوق: طويل مُسِن. وامرأة سحوق: طَويلة. وفرس سوْحَق الرِجلين: طويلتهما. والسحائق من الأمطار، الواحدة سَحِيقة، وهو المطر العظيم القطر الشديدُ الوقع القليلُ العَرِمُ. سحق الشيء: دقّه أشدَّ الدق/ سَهَكه " (أي أنعمه).

(سحل)

Qذهاب الغِلَظ الذي في عُمْق الشيء دقًّا وسهْكًا أو خروجًا بامتداد طولي: كدق الشيء أشدّ الدقّ، وكالنخلة والمرأة والحمار والفرس الموصوفات بالطول. فطولها هذا يعني أن قوة النمو التي في عمقها برزتْ طولًا فيها. والمطر المذكور تتمثل قوته في عِظَم قَطْره الخارج من أثناء السُحُب التي حملته. ومن خروج غِلَظ الشيء وقوّته طولًا جاء معنى البعد؛ لأنه طولُ مسافةٍ فقالوا: "سحُق - ككرم - فهو سحيق، وأَسْحَقَ، وانسحق: بعُد {أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31]. وقد استُعمل في الهلاك من هذا، كما قال تعالى: {أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ} [هود: 95]، أو من السَحْق: الطَحْن دقًّا - على ما سيأتي. {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 11]. أي هلاكًا. ومن السَحق بمعنى الدق: "السَحْق - بالفتح: الثوب الخلَق البالي (مسحوق). أَسْحَق الثوبُ وانسحق: سقط زِئْبِرُه وهو جديد. والسَحْق أيضًا: أَثَر دَبَرة البعير إذا بَرَأتْ وابيضَّ موضعها، وأَسْحقَ خفُّ البعير: مَرِنَ (لانَ، والطبيعي يكون ذا صلابة)، والضرعُ: ارتفع ولَزِق بالبطن/ يَبِس أو ضَمُر وارتفع لبنه وذهب ما فيه. وانسحقت الدلو: ذهب ما فيها ". كلُّ ذلك ذهابُ غِلَظٍ وقوةٍ، وليس في القرآن من التركيب عدا (السحيق) البعيد، و (السُّحْق) الهلاك إلا (إسحاق) النبي عليه وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة والسلام. • (سحل): {فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ} [طه: 39]

£° معنى الفصل المعجمي (سح)

"الساحل: شاطئ البحر، وريف البحر. والسَحْل - بالفتح، والسَحِيل: الحبل الذي على قوّة واحدة، وكذا المِسْحل - بالفتح: ثوب - لا يُبرَم غَزْله/ أبيضُ رقيق من القطن. والمُسَحَّلة - كمعظمة: كُبّة الغَزْل ". Qامتداد الشيء سهلًا مقشورًا مُجرّدًا من الغلظ. كامتداد الساحل على حافة الماء متميزًا عنه وهو سَهْل رَملى أو طيني سَحَله الماء عند جَزْره بعدَ المدّ أي قَشَره. وكأن المعنى ذو ساحل أي ماء قاشر {فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ} وكالحبل والخيط الذي (يُمدّ) ويفتل وحده أي على قوة واحدة، وكالأرض التي تسحلها الريح تكشف ما عليها وتنزع أدَمَتها، وكالدراهم بعدما تملاسّ ويزول عنها نَقْشُها، وكالشيء الخشن بعدما يُسْحَل بالمِسْحَل المِبْردَ فيملاسّ ويَظْهر عِرَضُه. وقالوا رجل "مُسحُلان ومُسْحُلاني - بالضم فيهما: يوصف بالطول وحسن القوام. والمِسْحَلانِ - بالكسر: جانبا اللحية (ممتدان) والمِسْحَل: الميزاب الذي لا يطاق ماؤه، وفم المزادة، والمنخل " (تصب الماء والدقيق متواليًا). ومن مادى الأصل أيضًا "سَحَلْتُ الشيءَ: سَحَقْتُه (فأذهبتُ غِلَظَه وبَقِىَ ناعمًا)، والسَحْلُ: النقد من الدراهم، وسَحَل الدراهَم: صبها " (الدراهم أقراص رقيقة الجرم وتوالي انصبابها كتوالي القَشْر) وقالوا (سَحَلَتْ العينُ: صَبَّت الدمعَ " (توالت قطرات مائع). ° معنى الفصل المعجمي (سح): تسيب الشيء أو انفصاله بلطف أو دقة (عن مقره) كما يسيل الودك من عُرْض اللحم الساحّ بغزارة - في (سحح)، وكما في جريان الماء الظاهر على وجه الأرض فيضًا من بئر - في (سيح)، وفي انجرار السحابة في أفق

السين والخاء وما يثلثهما

السماء وكذا التراب على وجه الأرض - في (سحب)، وفي قَشْر الشحم عن اللحم وحلق الشعر عن الرأس - في (سحت)، وفي تجريد الأرض المسحورة من النبات ونحوه، والرئة مما تكتنز به أعضاء البدن عادة من لحم وشحم إذ هي اسفنجية - في (سحر)، وفي بروز قوة النمو من عمق النخلة وغيرها امتدادًا وكذا تحول المتحجر إلى دقيق - في (سحق)، وفي قشر الكثيف وإزالته من شاطئ البحر، وإخلاء الحبل السحيل من الكثافة بكونه على قوة واحدة - في (سحل). السين والخاء وما يثلثهما • (سخخ - سخسخ): "السَخَاخ - كسحاب: الأرض الحُرّة اللينة وجمعت على سخاسِخ ". Qلين الأرض (= الشيء الكثيف) وضَعْفُ جِرْمها، بحيث يُنْفَذُ فيه؛ لخلوه من الصلادة (¬1) كالسَخاخ. ومنه: سَخَّت الجرادةُ: غَرَزتْ ذنبها في الأرض. ويقال: سُخّ في أسفل البئر، أي: احْفِر (أي في الأرض اللينة الرخوة لا الصلبة). • (سخر): {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ} [لقمان: 20] ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): السين للنفاذ بدقة أو حدة وامتداد، والخاء للتخلخل؛ فيعبّر الفصل منهما عن لين وضعف، أي رخاوة في الجرم مع الخلو من الشدة والصلابة، كالأرض السخاخ. وفي (سخر) تعبّر الراء عن الاسترسال، ويعبّر التركيب معها عن الاسترسال في اللين والضعف، أي الزيادة لدرجة الانقياد بلا مقاومة.

"سَخَرتْ السفينةُ - بفتح الخاء قاصر: أطاعَتْ وجَرَتْ وطاب لها السير. وسُفُن سَواخر: إذا أطاعت وطاب لها الريح. وكل ما ذَلّ وانقاد وتهيّأ لك على ما تري فقد سَخَر لك ". Qانقيادٌ بيسر مع عدم مقاومة. ويلزم ذلك الخفة. كما تجري السفينة وتتحرك بيسر، لقوتها وضعف مقاومة الماء، في الظرف الموصوف. ومن الانقياد مع عدم المقاومة، وهو خفة حال وقدر، قالوا: "سَخِر منه (تعب) (ومن مصادره: سُخْريًّا بالكسر والضم): هزئ " (وهذا يعبر عن الاستخفاف وعدم التقدير) {لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ} [الحجرات: 11]، {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي} [المؤمنون: 110]. كما يلزم من عدم المقاومة الضعفُ ومنه جاءت "السُخْرَة - بالضم: ما تَسَخَّرْتَ من خادم أو دابة بلا أجر ولا ثمن (أي بالقهر والاستضعاف حيث لا مقاومة) سخَره - بفتح الخاء، وسخّره - ض، سِخْريًا - بالكسر والضم: كلّفه ما لا يريد وقَهَره/ كلّفه عملًا بلا أجرة {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: 32]- أي عبيدًا وأجراء ". واحتياج الأجير إلى العمل ليكسِبَ قُوتَه هو ضعفُه الذي يَقْهَره. وليس في صلب المعنى قيد عدم الأجرة، وإنما هذا إحدى صور القهر والاستضعاف التي استحدثها الناس، فليس من شرع الله أبدًا أن يُسْتَعْمَل أحدٌ بلا أجر. وإنما يتمثل معنى اللفظ في انقياد العامل - بضغط احتياجه - ليعمل لك ما تريد، لكن بأجره). هذا، وتسخير الله الأرضَ وما فيها والشمس والقمر للآدميين هو إجراؤها على ما يوافقهم وأن ينتفعوا بها مختلف وجوه الانتفاع مذلَّلة لهم فضلًا منه تعالى.

£° معنى الفصل المعجمي (سخ)

{وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: 14]، {وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [إبراهيم: 32, 33] (وليس في القرآن من التركيب إلا ما هو من السُخرية أو التَسْخير). ° معنى الفصل المعجمي (سخ): لين الجسم أي عدم صلادته فيمكن اختراقه كما في الأرض السَخاخ الحُرّة (الخالية من الحجارة) اللينة - في (سخخ)، وكما تجري السفن في الماء وتمخره بلا مقاومة - في (سخر). السين والدال وما يثلثهما • (سدد): {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70]. "السُدُّ - بالضم والفتح: الرَدْم، وكلل بناء سُدّ به موضع، والجبلُ، وسِدادُ القارورة - ككتاب: صمامها يَسُدّ رأسها. سددت الخلل والثَلْم (رد): ردمته وأغلقته ". Qتراكم مادة في فجوة أو فراغ حتى تقوم فيه فتمنع النفاذ (¬1) - كالسَدّ وسِدَاد القارورة، وكالجبل في طريق من يواجهه {عَلَى أَنْ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر السين عن النفاذ بدقة وامتداد، والدال عن الضغط بامتداد ضغطًا يحبس، ويعبر الفصل منهما عن طم ثغرة بإنفاذ كثيف قوي فيها، وضغطه حتى يعظم جرمه ويقوم فيحبس حبسا دائما، كالسَّد وكسد الخَلَل والثَغْرة. وفي (سدو - سدى) تضيف الواو والياء معنى الاشتمال والاتصال، فيعبّر التركيب عن الامتداد البعيد مع =

تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} [الكهف: 94]، {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ} [الكهف: 93]، {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا} [يس: 9]. "والسُد - بالضم: القطعة من الجراد تسد الأفق، ومن السحاب: النَشْءُ الأسود من أي أقطار السماء نشأ " (يسد القُطْر). ومنه: "سَدَّ يسِدّ - بالكسر: استقام، وسدّدته - ض - كأنما الوضع المقصود ثَغْرة يصوّب إليها أو يُنْفَذ فيها لسدها)، وسدَّد رمحه - ض: خلاف عَرَّضه (جعله بحيث لو رُمى سَدَّ الثغرة أي أصابها). والسداد والسدَد: الصواب في القول، والوَفْقُ والإصابةُ " (من سَدِّ الثغرة المعنوية، أو إصابة المَحَزّ، ووضع الشيء في مكانه). {اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70]: صائبًا. وليس في القرآن من التركيب إلا المعنيان السَد والسَدَاد. ¬

_ = حوز أو اتصال كسَدَى الثوب (يمتد طولًا ويمسك اللُّحمة) (اشتمال) فيتكون الثوب. وفي (سود) - تتوسط الواو والياء بمعنييهما فيعبر التركيب عن كثافة (تجمُّع تراكمي (اشتمال) أو متسع) كالسَّوْد: سفح من الجبل، وكسواد الكُورة: ما يتبعها من قُرى وأرض مزروعة. ومن الكثافة أخذ السواد، والسيادة لأنها عِظَم. وفي (سدر) تعبّر الراء عن الاسترسال، ويعبر التركيب عن استرسال الكثيف كسدير النخل: مجتمعه، وكالسدير: النهر، وكالسِدْر: شجر من العضاة يعظم ويطول ويغطي مساحة بنفسه وبرائحته. وفي (سدس) عبرت السين عن النفاذ ثانية بِحِدَّةٍ من هذا الذي تجمَّع وضُغط (فعَرُض). ويتمثل هذا في حدة اللون وعمق احتواء السُدوس: النيلج - عليه، وكذلك لون السدوس، وكثافة نسيجه وعِرَضه ومن تلك الكثافة والسعة أخذ معنى العدد (ستة).

(سدو - سدى)

• (سدو - سدى): {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة: 36]. "سَدَى الثوب وسَدَاته، وكأُدْحِيّ: خلافُ لُحمَته ... وهو ما مُدَّ طولًا (عند النسْج) .. والسَدَى - كفَتَى: نَدَى الليل وهو حياة الزرع، والبلحُ الأخضر بشماريخه. وبلح سَدٍ - كعَمٍ: مُسْتَرخِي الثَفاريق ". Qامتداد يقوم به الشيء ويتخذ هيئته، كما يمتد سدَى الثوب أذرعًا عِدَّةً، حسب ما يريد الناسج، ويصير باللُحْمة ثوبًا، وكندى الليل يحيى الزرع. وشماريخ البلح المسترخية ببلحها نُظِرَ إلى تغذيتها البلح، أو إلى أن ذلك الأخضر مرحلة توصل إلى النضج. ومنه "السَدْو: مَدُّ الإبل في سيرها بأيديها وتذرُّعها في المشي واتساع خطوها. ناقة سَدُوّ - فعول: تَمُدُّ يديها في سَدْوها وتطرحهما " (وبالمدّ يَقْرُب بلوغ غاية السير) ومنه: "السَّدْو: ركوب الإبل والخيل رأسَها في سيرها (تطّرد في سيرها إلى حيث تريد هي، لا تنقاد لأحد) {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} (سادرًا مسترسلًا في ارتكاب ما يشاء باستغلاظ، لا يقيّدُه أو يضبطُه أمرٌ أو نَهْيٌ أو حساب) أي مُهْمَلًا. ومن ذلك الامتداد يقال: "أسدى بين اثنين: أصلح (وَصَل ما بينهما) وأسدى إليه معروفًا (أوصله إليه). وسَدّى وتَسَدَّى الحارية: علاها (افترشها)، وفلانًا: قهره ". • (سود - سيد): {مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران: 39]

"السَوْد - بالفتح: سَفْحٌ من الجبلُ مستَدِقٌّ في الأرض خَشِن أسود .. كثيرُ الحجارة خشنها. السَواد: جماعة النخل والشجر بخضرته واسوداده. سواد الكوفة أو غيرها من الكُوَر: ما حوالَي قصبتها وفسطاطها من قراها ورساتيقها " (كأن الكُورَة تشبه ما نسميه (المحافظة تتبعها مدن صغيرة وما بينها) والرستاق يشبه ما نسميه (مركزًا) تتبعه قرى وعموديات ". Qتجمع أو تجسُّمٌ كثيف (متراكم) أو عظيم يمتد مع رسوخ أو استقرار. كسفح الجبل الموصوف في الأرض، وكجماعة النخل والشجر تمتد كثيفة مستقرة، وكالقرى والبلاد والأراضي الزراعية التي تتبع الكُورة، ومنه "سواد العسكر: ما يشتمل عليه من المضارب والآلات والدواب وغيرها، والأساود: الجماعات، وسَواد القوم: معظمهم، وعدد كثير منهم، والسَواد شخص كل شيء من متاعِ (كالمِطْهَرة والإجَّانة والجَفْنَة) أو إنسان. ولفلان سَوَاد، أي: مال كثير. ومنه "السِوَاد - ككتاب: المسارّة " (مفاعلة من تداني السَوادين أي الشخصين فيه). ومن ذلك "ساد الرجلُ: عظُم وشرُف ومَجُد. وساد قومه: صار سيّدهم (انتقال من عظم الجسم وكبر السن - وهما متلازمان عادة - إلى العظم المعنوي - عظم المقام) تأمل: "والسيد - ككَيّس وإمَّع [ق] من المعز والإبل والبقر والضأن: المُسِنّ، أو الجليل وإن لم يكن مُسِنًّا (وبالقوة والعظم، أو بالسِنّ كان يَسُود المرءُ أسرتَه ومَنْ حوله). وسيِّد كل شيء (أي من الأحياء والجماد): أشرفه وأرفعه " (عُلُوّ وعِظَم معنوى). ومن العظم المعنوي أيضًا: "السيد: الذي فاق غيره بالعقل والمال والدفع والنفع: من آتاه الله مالًا ورُزِق سماحة فأدّى شكره

(سدر)

وقَلّت شكايته في الناس " (ثم عُمم في الشرف وإن بلا مال كأن يكون بعلم أو تقوى ..) {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران: 39]، والرياسة {أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا} [الأحزاب: 67] ويطلق السيد على الملك والرئيس والسَخِيّ. وسيِّدُ العبد: مولاه وسيد المرأة: زوجها {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} [يوسف: 25] [وانظر: قر 4/ 76]. أما تأتَّي السواد (ضد البياض) في التركيب، ففي [ل]. "والسواد: الشخص؛ لأنه يُرى من بعيد أسود ". وأرى أنه من الكثافة في الأصل؛ فالكثيف معتم مظلم لا يمر منه الضوء، بل يحجبه، فيسودّ ويظلم ما يليه {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]، {وَغَرَابِيبُ سُودٌ} [فاطر: 27] وأما السِيد - بالكسر: الذئب. فمما في الأصل من الكثافة التي هي هنا الجرأة. وليس في القرآن من التركيب إلا ما هو بمعنى السيادة والسواد. وسياقاتهما واضحة. • (سدر): {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ} [الواقعة: 27 - 28] "سَدِيرُ النخل: سوادُه ومجتمعه. والسَدِيرُ: النهر، وكفَرِح: البَحْرُ. والسِدْر - بالكسر: شَجر النَبِق .. من العِضَاه (وهو أعظم الشجر/ ما عظُم وطال) وله ورقة عريضة مدورة، وربما كانت السِدْرةُ محْلالًا (ممتدة الفروع يَحِلّ الناس في ظلها) ونَبِق هَجَرَ أشدُّ نَبِقٍ يُعْلَم حلاوةً وأطيبُه رائحةً، يفوح فم آكله وثياب مُلابسه كما يفوح العِطْر ... والسِدار - ككتاب: شبه الكِلّةُ تُعرَّض في الخباء. ". Qتحوز بكثافة أو تركّزٍ مع امتداد أو انتشارٍ ونوع من

(سدس - ستت)

الحَجْب: كمجتمع النخل، وكشَجَر السِدر باتساع شُعَبه وبرائحته الطيبة الموصوفة، وتلك الكِلّة في الخباء حيّز وهي بيت في داخل بيت، وكالماء في السدير: النهر والسَدِر: البحر (الكثافة كثرة فيهما، وكذا في مجتمع النخل مع الامتداد (بقاء) والحجب فيهن التحوز وفي الكلة صريح). ومن السِدْر: الشجر: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ}، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [النجم: 13, 14] {وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ} [سبأ: 16] [انظر: قر 14/ 287]. ومن الامتداد "سدَرَ الرجل الشعرَ والسِتْرَ (نصر): أَرسله، وثوبَه: أرسله طولًا ". ومن الحجب "تسدَّر بثوبه: تجلَّل به. وسَدِرَ بصره (فرح): لم يكد يبصر " (احتجب - أخذًا من الكثافة، والصيغة للمطاوعة بمعنى المفعولية). ومن معنوي هذا "السادر: المتحير، والذي لا يهتم بشيء ولا يبالي ما صنع ". • (سدس - ستت): {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجادلة: 7] قالوا [ل، المقاييس]: إن أصل سِتّة (أي العدد الذي بين الخمسة والسبعة): سِدْس، ثم بالإدغام صارت سِتّة كما قالوا: مَحُّهم في مَعَهم إذا أدغموا، وبدليل السُدُس - كعُنُق: الجزء من ستة). [ليس أمامنا من الإستعمالات في هذا التركيب إلا ما هو بمعنى الستة ومشتقاتها ثم السَدوس: الطيلسان الأخضر [ل، سدس، وسندس، وفي (طلس) قال "الطَيْلَس والطَيْلَسَان - بالفتح: ضَرْب من الأكسية (زاد في الهامش، عن التكملة: أي أسود "اهـ (والكساء يُتغطى به ويُسْتدفأ به. وفي [تاج] شعر يعبر عن هذا قال الشاعر: فرفَعْت رأسي للخيال فما أرَى ... غيرَ المَطِىّ وظلمةٍ كالطَيْلَس "

£° معنى الفصل المعجمي (سد)

ويضبط السَدوس الكساءُ كزبور وفُلوس، وهناك السُدوس كفلوس وهو النيل (¬1) - بالكسر: (نبات العِظْلِم الذي يستخلص منه النِيل مادة الزرقة). وقال في (نيل): "وهو دخان الشحم يعالج به الوشم ليخضر "اهـ. هذا والعرب تقول لكل أخضر أسود ولكل أسود أخضر [ل - سود]. فالتركيب الارتباط بالسواد وما إليه كالخضرة والزرقة. والسواد يعبّر به عن الكثافة. وكأن التركيب هنا يزيد على الكثافة معنى الامتداد المتمثل في عمق تركز المادة في العِظْلم [ينظر تاج - نيل] كما يتمثل في السدوس: الكساء كثافةَ لون ونسيج وامتدادًا [ينظر تاج العروس كسو]. Qأخذًا من ذلك كله: كثافة وامتداد. كما يتضح مما ذكرنا عن السدوس بمعنييه. وهذا يصلح أن يكون أصل الستة - الرقم الذي بين الخمسة والسبعة - أي الدلالة على كثرة، ثم جاء التحديد بعدُ شأن أكثر أصول الأعداد (من الاثنين إلى العشرة) {وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: 22]، {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 11] ° معنى الفصل المعجمي (سد): مادة جامدة أو كثيفة تقوم معترضة أو متراكمة، كالسد - في (سدد)، وكسَدى الثوب، والندى الذى يعم - في (سدو)، وكالسَوْد: سفح الجبل، والسواد: جماعة النخل والشجر - في (سود/ سيد) وكالسدير: النهر والسَّدِر: البحر - في (سدر)، وكالسُدوس وهو نوع من الأكسية. وفي [تاج كسو] ما يؤخذ منه أن الكساء ثوب صوفي كثيف النسج عريض يُغَطى، وكذلك النيل كثيف بلونه وتركز مادته) - في (سدس). ¬

_ (¬1) في [تاج] أن النيل - بكسر النون: نبات العِظْلِم ومنه يُتَّخَذ النِيلَج. ويؤخذ من وصفه أنه أَزْرق أو هو مادة الزرقة، أما النيلَنج - بزيادة نون فقال عنه إنه "دُخان الشحم يعالَج به الوَشْم ليخضر ". وقد فسر السُدوس بالنيلنج أيضًا.

السين والراء وما يثلثهما

السين والراء وما يثلثهما • (سرر - سرسر): {وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا} [الانشقاق: 9] "السُّرُّ - بالضم والكسر وكعنب وكتاب: خطُّ بطنِ الكفَّ والوجه والجبهة. والسُرَّة - بالضم: الوَقْبة التي في وسط البطن. وسُرّة الحوض - بالضم: مستقَرّ الماء في أقصاه (أعمق جزء فيه). وسِرّ كل شيء - بالكسرة جَوفه. وقناة (= قصبة) سَرَّاء: جوفاء بينة السَرَر - محركة. وأسرار الكَمْأة: (شعيرات كالعروق تمتد من الثمرة في الأرض في دُمْلوكة التراب والطين التي تحيط بها وبخاصة الفَقْع منها). تسرّر الثوب: تشقّق. وتسرسر: تهلهل. ويقال سُرَّ زندك فإنه أَسَرّ، أي أجوف، أي احشُهُ ليَرِى. وسَرْسَرت شَفْرتي: أحددتها ". Qغئور إلى العمق بامتداد ودقة (¬1): كأسرار الكف ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): السين تعبّر عن نفاذ دقيق ممتد، والراء تعبّر عن الاسترسال (فى الامتداد ونحوه) فيعبر الفصل منهما عن غئور ممتد كالسُرّ (خط بطن الكف والجبهة). وفي (سرو - سرى) تضيف الواو والياء معنى الاشتمال والاتصال؛ فيعبر التركيبان عن نوع من النفاذ الدقيق خلال شيء كالسِّرْوة (اشتمال)، وسَرَيان عروق الشجرة في الأرض (اتصال). وفي (سور) يؤدي الاشتمال الذي تعبر عنه الواو إلى تعبير التركيب عن الإحاطة لكن بنفاذ إلى أعلى، كسُورة البناء (المدماك) في الحائط. أما في (سير) فيعبّر التركيب عن اتصال امتداد كالسير الذي يُقَدّ من الأديم طولًا، وفي (يسر) تسبق الياء بالتعبير عن الاتصال، وهو امتداد وجريان؛ فيعبّر التركيب عن سريان (جريان) في أثناء بلطف. وفي (أسر) تسبق الهمزة بضغطها، فيعبّر التركيب عن الشد بنحو الإسار. وفي =

والجبهة، فهي خطوط غائرة، وجوف القناة - فهو فراغ باطني كالغئور وهو ممتد، وكسُرَّة. البطن وسرة الحوض تتجهان إلى العمق، وكتلك الشعيرات الدقيقة المتجهة إلى العمق (ومنها المَسرَّة: أطراف الرياحين والمَسرَّة الطاقة منها) وشقوق الثوب مُزُوق كالغئور ممتدة، والزَنْد تجعل فيه فجوة تحشى، وإحداد الشفرة إنقاص من سُمكها وهو من جنس الغئور. ومن ذلك: "السِرّ الذي ¬

_ = (سرب) تعبّر الباء عن التجمع والتلاصق، فيعبّر التركيب عن مسرى في داخل متجمع ملتحم كالنفق، كالسَّرَب للماء والثعلب. وفي (سربل) تزيد اللام على ذلك معنى الاستقلال شأن السربال على لابسه. وفي (سرج) تعبر الجيم عن جرم غير شديد ينتهي به ذلك الدقيق الساري - كالسرج على ظهر الفرس، وكالسراج بشعلته التي في نهاية الفتيل. وفي (سرح) تعبر الحاء عن نفاذ بعرض واتساع واحتكاك، فيعبر التركيب عن انبساط الخارج الممتد في سهولة كالسريحة من الأرض ومن الدم وكسَرْح البول وسُروح الماشية. وفي (سرد) تعبّر الدال عن ضغط وحبس. ويعبر التركيب عن احتباس يتبع الامتداد ويتمثل في اشتداد حلقات الدرع بعضها ببعض. وفي (سرط) تعبر الطاء عن غلظ وامتساك، فيعبر التركيب معها عن نفاذ جِرم غليظ في تجوف ممتد يمسكه أو يحتويه كالسَرْط: البلع وكالسِراط: الطريق. وفي (سرع) تعبّر العين عن تلاحم جرم غض فيعبر التركيب عن نفاذ أو اختراق بقوة وامتداد لما هو رخو كالدود للرمل والأساريع للطين. وفي (سرف) تعبّر الفاء عن نفي وإبعاد؛ فيعبّر التركيب معها عن نفاذ فقد لمهم كفقد الأذنين. وفي (سرق) تعبر القاف عن الغلظ الذي في العمق، ويعبّر التركيب معها عن أخذ من الحوزة (العمق) بغلظ (ومنه الأخذ بغير حق) كالسرقة أخذ المال من حوزة صاحبه اعتداء، وكسرق الحرير ذهب غليظه فبقى رقيقًا. وفي (سرم) تعبر الميم عن تضام ظاهري، ويعبر التركيب عن الطرف المضطم لشيء ممتد. وفي (سرمد) سريان ممتد بما لا نهاية له كما هو واضح من شطري الكلمة.

يكتم "كأنه أُخْفِى في الجوف بعمق، و "أسرَّ الشيءَ: كتمه {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} [الملك: 13]، {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة: 1]. "واستَسرّ الهلالُ في آخر الشهر: خَفِىَ. والسِرّ: النكاح لأنه يكتم {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة: 235] والسُرِّية: الجارية المتخذة لذلك. وسِرّ الوادي: وَسَطه (أكثر غئورًا وهو مجمع الغِرْين ولذلك فهو) أكرم موضع فيه، وكذلك سَرَاره وسرَارته، وهن من الحسَبِ والنسبِ وكلَّ شيء: أوسطُه ومَحْضُه وأفضلُه (كما قالوا "سُرّ كل شيء - بالضم: لُبُّه ومُخُّه "، أي أَغْوَرُ ما في باطنه. ويجوز حمل ذلك على سِرّ الوادي). ومن معنوى الأصل: "السرور: الفرح "؛ لأنه انشراح في الصدر وفرجة تمتدّ في باطن النفس. ومنه: "السَرَّاء: النعمة {نَضْرَةً وَسُرُورًا} [الإنسان: 11]، {تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} [البقرة: 69]، {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ} [آل عمران: 134]. ومن الامتداد إلى العمق بدقة قولهم: "السَرير بمعنى: مستَقَر الرأس والعنق/ مستقر الرأس في مُرَكَّب العنق "، حيث كانوا يعتقدون أن هناك عروقًا تمتد من الرأس والعنق في الكاهل فتنصبهما، ففي [ل عرش] "للعنق عُرْشان - بالضم: لحمتان مستطيلتان فيهما الأخدعان (عرقان خلف العصبتين الظاهرتين في جانبي العنق) وبينهما الفَقار .. العُرْشان: مغرزُ العنق في الكاهل ". ثم أقول إن "السرير: المضجعُ/ الذي يُجْلَس عليه، والنعشُ خاليًا ". كان يصنع بشد قوائمه بحبال دقيقة من الليف أو الخوص ويرمل المضجع منه بخوص كذلك. وما زال ذلك إلى الآن عند بعض عرب الحجاز في صورة ما يسمى (كنبة) ذات مسند ومرتفق (للمرافق) {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ} [الزخرف: 34]، ثم

استعمل في الجلوس. بقى ما قيل من أن "أسر "تعني أضمر وأظهر, أي أنها من المتضاد، وهذا زعم أبي عبيدة قاله في تفسير قوله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ} [يونس: 54]، {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: 3] وانظر: [قر 8/ 352، 11/ 269] وفي [ل] أن أبا عبيدة أنشد للفرزدق - استشهادًا على ورود (أسرّ) بمعنى (أظهر): فلما رأى الحجاجَ جَرَّدَ سيفَه ... أسرَّ الحروريُّ الذي كان أضمرا قال شَمِر: لم أجد هذا البيت للفرزدق، وما قال غيرُ أبي عبيدة في قوله {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ} أي أظهروها، ولم أسمع ذلك لغيره. قال الأزهري: وأهل اللغة أنكروا قول أبي عبيدة أشد الإنكار "اهـ. وأقول لعل ممن أشار إليهم الأزهرى أبا حاتم السجستانيّ الذي علقّ على قول أبي عبيدة: أسررت الشيء: أخفيته وأظهرته أيضًا, وتفسيره "وأسروا الندامة "بـ "أظهروها "بقوله: لا أثق بقوله في هذا والله أعلم: ثم قال: وقد زعموا أن الفرزدق قال: "فلما رأى .... " (البيت) ولا أثق أيضًا يقول الفرزدق في القرآن، ولا أدري لعلّه قال: "الذي كان أظهرا "أي: كَتمَ ما كان عليه، والفرزدق كثير التخليط في شعره، وليس في قول نظيريه جرير والأخطل شيء من ذلك، فلا أثق به في القرآن "اهـ[ينظر: كتاب الأضداد لأبي حاتم، تحـ محمد عبد القادر 190]. أقول وفيما عدا بيت الفرزدق الذي بيَّن شَمِر زَيْفَه - لم يرد ما يستلزم تفسير الإسرار بالإعلان. وفي آية يونس السابقة قيل في [قر 8/ 352] أي وجدوا ألم الحسرة (الندامة) في قلوبهم؛ لأن الندامة لا يمكن إظهارها اهـ. وهذا يتفق تمامًا مع الأصل الذي ذكرناه. وليس

(سرو - سرى)

في القرآن من التركيب إلا السِرْ - ومنه الإسرار والسرائر، والسُّرور - ومنه السرَّاء، والسُرُر جمع سرير. • (سرو - سرى): {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: 1] "السرْوة - مثلثة، والسِرْية - بالكسر: أدقُّ ما يكون من نِصال السهام كأنه مِخْيَط أو مِسَلّة، يَدْخُل في الدروع (أي ينفذ من حلقاتها). سَرا السيفَ يَسْرُوه: سَلّه [الوسيط]، وسرى عِرْقُ الشجرة في الأرض يَسْرِي: دبَّ تحتها ". Qنفاذ الشيء الدقيق الممتد (في أو من) أثناء محَوُطة بقوة. كالنصال في الدروع، وعرق الشجرة (: شعبة من جذرها) في الأرض. ومنه "السَروة - بالفتح: دودة تقع في النبات فتأكله (تخرّقه)، والسِرو - بالكسر: الجرادُ أولَ ما ينبت حين يخرج من بيضه " (أي لهيئة خروجه هذه أو لأنه يأكل النبات كالدود المذكور). ومنه "سَرَوْت وسَرَيْت الثوب عنّي، والجُلَّ عن ظهر الفرس سَرْوًا وسَرْيًا: نزعته (الثوب والجل يحيط بالجسم، ونَزْعه نفاذ للجسم منه) و "سَرْو الشِرب: تنقية أنهار الشِرب وسواقيه " (الشِرْب - بالكسر: النصيب من الماء. والمقصود هنا نُهَيْر يُجْرَى فيه نصيب الحقل من الماء، فهذا من نزع الغثاء ونحوه كنزع الثوب. ولا التفات لزعم تعريبه). و "انسري الهم: انكشف، وسُرِّىَ عنه "- ض للمفعول. فهذا من معنوي هذا الاستعمال. ومن الأصل: "السَرِيّ - فعيل: الجدول " (لانسرابه بمائه دقيقًا في الأرض) {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} [مريم: 24]. وصلته بالأصل واضحة.

(سور)

ومنه: "استَرَيْت الشيء: اخترته (انتقيته من وسط غيره). ومن هذا: "سَرِيّة الجيش "، أو لانسرابها من بين جماعة الجيش. و "سراة المال: خياره ". و"السُرَى - كضُحَى: سير الليل كله (ينفذ في الليل مخترقًا ظلامه) سَرَى وأسرى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} [الفجر: 4] أي يُسْرَى فيه، كما يقال ليل نائم ونهار صائم ومنه {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [سبأ: 33] [قر 20/ 42] وفيه أقوال أخرى. ومن الأصل: النفاذ إلي أعلى، ومنه "السَرَاء - كسحاب: من كبار الشجر ينبت في الجبال (لوحظ بروزُه في الجبل ونفاذه في غَلْظه ثم ارتفاعُه). والسارية: الأسطوانة (هي من ذلك اعتبارًا). ولهذا الملحظ أُطلق على المرتفع وسط منخفض؛ فالسَرْو - بالفتح: ما ارتفع عن موضع السيل، وسَرَاةُ الفَرَس: أعلى متنه، وسَرَاة الطريق: متنه ومعظمه، وسَرَاة كلَّ شيء: أعلاه وظَهْره ووسطه، وسَرَاة النهار: وقتُ ارتفاع الشمس في النهار. والسَرِىّ: الرفيعَ الشريف ". والذي في القرآن من التركيب هو السَرِىّ الجدول، والإسراء .. • (سور): {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا} [الكهف: 31] "سِوار المرأة: حِلْية مِعْصَمها المعروفة. والسُور: حائط المدينة، وهو أشرف الحيطان (أي أعلاها). السُورة - بالضم: كل منزلة من البناء، أي العَرَق من أعراق الحائط " (أي المِدْماك). Qالإحاطةُ (أو تناولٌ) بارتفاع أو من الأعلى: كالسِوار في اليد - وهي في أعلى البدن وهو يرتفع في الذراع وهو يقابل الخَدَمة والخَلْخال في

الرِجل. وكالسُور يحيط والمقصود ارتفاعه. والسُورة: المدماك، وكلٌّ منها درجة إلى أعلى. ومن هذا التناول أو الأخذ من أعلى: "سَوْرة الشراب (الخمر والحُمَة ونحوهما): تناولُه للرأس/ وُثُوبُه في الرأس. سَار الشاربُ: وَثَب وعَرْبَدَ. وسار إليه: وَثَب، والإنسانُ يساور آخر: إذا تناوله من رأسه. والسَوَّار من الكلاب - مبالغة: الذي ياخذ بالرأس ". ومن ذلك التناول من الأعلى: "السَوْرة - بالفتح: البَرْد الشديد (في الأفق). وبينهما سُورة - بالضم - أي علامة (تكون في أعلى وتوصّل). ومن العلو وحده: "سار الرجل يسور: ارتفع، أصاب الماءُ سُورَ رأسها أي أعلاه. والمِسْوَر والمِسْوَرة - بالكسر: مُتَّكَأ (حشية) من أَدَم .. سُمِّيت لعلوها وارتفاعها "اهـ. ولعل الدقيق: لأنها ترفع المتكئَ عليها عن الأرض. ومن معنوى ذلك: "سَوْرة المجد - بالفتح: أثره وعلامته وارتفاعه. وبالضم: الرفعة/ كل منزلة رفيعة. ويقال للرجل: سُرْ سُرْ: إذا أمرتَه بمعالي الأمور ". فمن السِوار: حلية المعصم: {وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ} [الإنسان: 21]. ومن سور المدينة ونحوه: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ} [الحديد: 13]، وسُرْتُ الحائط وتَسَوَّرْته: إذا عَلَوته/ تسلقته {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} [ص: 21]. وأما سورة القرآن {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} [النور: 1]، فعلى أن اللفظ من هذا التركيب قالوا إنها من سُورة البناء؛ لأنها متميزة عن غيرها من السُوَر. وهذا الذي أميل إليه. وقال آخرون إنها من السُورة - بالضم: الرِفعة، أي المنزلة التي تزيد الارتفاع. وقاله آخرون إنها من (سأر)، وخففت الهمزة، فكأنها لتميزها عن

(سير)

غيرها بمعنى البقية. والذي في القرآن من هذا التركيب (السُور)، و (التسوّر)، و (السُورة)، و (السوار). وسياقاتها واضحة. • (سير): {وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا} [الطور: 10] "السَيْر: ما قُدَّ من الأديم طولًا، والشِراكُ. سار: ذهب. سار القوم: امتد بهم السير في جهة توجهوا إليها. سيَّره من بلده - ض: أخرجه وأجلاه. سارَ دابته سَيْرًا، وسَيَّرها - ض، وأسارها إلى المرعى: جعلها تسير ". Qامتداد طولي مطرد - مع دقة ما: كالسير والشِراك (وهو سير دقيق يمتد من النعل بين الأصابع يمسك النعل إلى القدم). والانتقال من مكان إلى مكان امتداد وانتشار من هذا إلى ذاك. ومنه "السِيَراء: الذهب (لامتداده في الأرض - انظر: ذَهَب وسوم وسيب)، وضَرْبٌ من البرود فيه خطوط من القَزّ، والقِرْفة اللازقة بالنواة، وجريدة النخل " (كل ذلك من الاستطالة مع دقة أصيلة (ولازمة). ومن السير: الذهاب: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 11]. والسيَّارة: القافلة السائرة {مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: 96]. والسِيرة أصلها هيأة السَيْر أو الامتداد والتكوين {سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى} [طه: 21]. ثم استعملت في هيأة الحياة (الأسفار والأعمال والمعيشة إلخ). وليس في القرآن من التركيب إلا ما هو بأحد هذه المعاني الثلاثة.

(يسر)

• (يسر): {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى} [الأعلى: 8] "فرس حَسَن التَيْسور: حَسَن السِمَن، واليُسْر - بالضم: عُوْدٌ يُطْلِق البول (المحبوس). واليَسَرة - بالتحريك: ما بين أسارير الوجه والراحة ". يَسَر فلان فرسه (ضرب) فهو مَيْسور: مصنوع سمين. وكذلك يَسَّره - ض. ويسَّرت الإبلُ والغنم - ض، قاصر): كثُر لبنها ". Qسريان الرقيق في الباطن (أو منه) مُسْتَطابا بلطف واتصال: كما يسري السِمَن في البدن، وفي ما بين الأسارير، (وهي الخطوط الغائرة في الجبهة ونحوها فاليَسَرة هي المنْتبِر الممتد بين الأسارير) وكوجود اللبن، وكما يطلق اليُسْرُ البَوْل. ومن سريان الرقيق المستطاب في الباطن والأثناء: "تيسَّرتِ البلاد: أخصبت، وتيسَّر النهار: بَرَدَ، ويسر (ضرب): لان، وياسَره: لاينه. يسّر الرجل - ض: سَهُلَت ولادة إبله وغنمه، وإبل ذات أيسار: قوائم لينة ". ومن معنوى الليونة والسهولة: "اليُسْر بمعنى: ضد العسر "، أي جريان الأمور بسهولة بلا عوائق مالية أو غير مالية {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5] {فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا} [الإسراء: 28] بالدعاء لهم بالفتح والإصلاح. و "يسّر له الأمر - ض: سهّله ووسع عليه {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل: 7] نرشده لأسباب الخير والصلاح (ونشرح صدره للإقبال عليها) حتى يسهل عليه فعلها. [قر 20/ 83] ويسّر الشيء: سهله/ هيّأه وأعدّه خيرًا أو شرًّا [متن] {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ} [مريم: 97] بيناه بلسانك العربي " {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} [القمر:

(أسر)

17] سهلناه للحفظ وأعنا عليه من أراد حفظه [قر 17/ 134] {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} [عبس: 20] يسّره لطريق الخير والشرّ أي بين له ذلك [قر 19/ 218 رأي مجاهد]. ولُحِظ في تسمية اليد اليسرى مساعدتها اليمنى في ضم الأشياء وإمساكها، وهذا تيسير وتسهيل وتمكين. و"اليَسَار واليسارة والميسرة: الغنى والسَعَة " (يذلل الأمور ويزيل الصعاب) {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280]. ومن تلك الليونة والسعة: "الميسر "؛ نُظر فيه إلى الكسب السهل أو إطعام المحتاجين [ينظر: ق] {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ} [المائدة: 90]. ومن الرقة والسهولة استعمل اليسير بمعنى {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحج: 70]، وكذا كل (يسير)، (يسيرا) , (تيسر) , (استيسر) - عدا {وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا} [الأحزاب: 14] فهي بمعنى قليل. والقليل هيّن ويتأتى هذا في [يوسف: 65] أيضًا. • (أسر): {قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأنفال: 70] "الإسار: القِدّ الذي يؤسر به القَتَب [وفي الكامل للمبرد، الدالي 786] "القِدّ: سير يُقَدّ من جلد غير مدبوغ تُشَدّ به الأقتاب ... والأسير من ذا؛ لأنه كان يُشَدّ بالقِدّ "أَسَرَ قَتَبَه (ضرب): شَدَّه بالقّد وهو الإسار. وأُسِرَ بول الرجل - للمفعول: احْتَبَس ".

(سرب)

Qشدّ الشيء أي إيثاقه بدقيق ممتد لحبسه على وضع ما دائمًا أو مدة طويلة: كما يُشَدّ القَتَب بالإسار غير المدبوغ (أي الطريّ الحديث السلخ)؛ فيجف ويضبط خشب القَتَب تمام الضبط، وكاحتباس البول. ومنه "الأُسْرة - بالضم: الدرع الحصينة مشدودة الحلقات بعضها إلى بعض. والأسير: الأخيذ (أي في الحرب)، وكل محبوس في قِدّ أو سجن أسير {مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8]. والأَسْر: شدة الخَلْق. ورجل مأسور: شديد عَقْد المفاصل والأوصال " {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} [الإنسان: 28]. وجاءوا بأَسْرهم أي بجميعهم "، كما يقال: (بربطتهم). و"أسرة الرجل: عشيرته ورهطه الأدنَوْن؛ لأنه يتقوى بهم "- كما في [ل]، أو لأنهم مشدودون إليه برباط وثيق - كما أرى (وهم أبناؤه وإخوته وأقاربه الأدنَوْن). وليس في القرآن إلا لفظ الأسير وجمعه، وفعل الأسر، وكلمة {أَسْرَهُمْ} فى [الإنسان]. • (سرب): {وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} [الرعد: 10] "السَرَب - بالتحريك: القناة الجوفاء التي يدخل منها الماءُ الحائط، وجُحرُ الثعلب والأسد والضبع والذئب، وحَفيرٌ تحت الأرض. وقيل بيت تحت الأرض. والسَرْب - بالفتح: الحِرز ". Qنَفَقٌ أو تجوف دقيق يمتد متين الجوانب: كالقناة والجحر والحِرز الموصوفات. ومنه: "تسرَّب الوحش وانسرب في جُحره: دخل. وسَرِبَت العينُ والمزادة والماءُ (فرح): سالَ. خرج الماء سَرِبًا - كفرح: خرج من

عيون خُرَز القِرَب/ مرّ من عيون الخَرْز. (وهي سموم دقيقة في جلد القربة). "سَرَّب القربة - ض: صب فيها الماء لتبتلّ عيونُ الخرز فتنسد (هذا من باب معالجة الشيء، ويسميه اللغويون باب السلب). وسَرَبَ القِرْبة (نصر): خَرَزها (لتصير سَرَبًا، أي تجوُّفًا يُحْرِز ما يوضع فيه). والسَرَب - بالتحريك: المسلك في خفية {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا} [الكهف: 61] أي غاص في البحر (نفذ فيه ممتدًا كالسالك في سَرَب). وقيل تَجَمَّد الماءُ حيث سَلَك فبقى سَرَبًا [قر 11/ 12]، ولا ضرورة لهذا، فإن قبول الماء للنفاذ الممتد يجعله كالسَرَب "سَرَب الفحلُ وغيره: توجه للمرعى " (كأنما انسلّ من بين القطيع). ومن الأصل: "السُرْبة - بالضم: جماعة ينسلّون من المعسكر (ينفذون من أثنائه في خفية كأنهم في نَفَق) فيُغِيرون ويَرْجعون ". (وكذلك كل ما خرج في خفية من مكان أو من بين جماعة). ومن ذلك الأصل استعمل التركيب في الدقيق الممتد شأن ما يسرب في نفق "والسِرْب - بالكسر: القطيع من الظباء والبقر والشاء والنساء والطير وكذلك السُربة - بالضم " (جماعة تسير متضامة في خط طولي مستو. وانظر ثعب هنا) "السرب - بالفتح وبالتحريك وبالكسر: المَسْلَك والطريق ". وفي قوله تعالى: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} [الرعد: 10] فُسِّر السارب بالمتوارى أي الداخل سَرَبًا، وبالذاهب على وجهه في الأرض. والأول واضح، ووجه الثاني أن الانفراد دقة والتمادي امتداد. كما فسِّر بالظاهر أو الظاهر في الطرقات، وهو استنتاج من المقابلة، ولكن هذا يضاد معنى التركيب بلا بينة، فلا يقبل بهذا

(سربل)

الإطلاق في معنى الظهور. وقد جاء ابن عطية بشاهد للسارب بمعنى المتصرف هنا وهنا، وهذا جيد ويؤخذ من الامتداد مع الخفاء في الأصل، أي لكون المتصرف هنا مرة وهناك أخرى، فلا يُضْبَط كأنه خفى. وهو أمكن في مقابلة المستخفي بالليل، لأن هذا يسكن والظهور لازم للمتصرف بالنهار، فتكون المقابلة بين سكون وخفاء من ناحية، وتصرف وظهور من أخرى [ينظر ابن عطية وقر 9/ 290]. والسراب الذي يجرى على وجه الأرض (في المفاوز يراه المسافر من بعيد) كأنه الماء {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ} [النور: 39]، {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا} [النبأ: 20] من جَرَيانه وامتداده في جوف الأفق بعيدًا لا يُنال، كشأن ما هو في سَرب؛ فهو عربيّ. وزعم تعريبه عن السنسكريتية - كما في "فلسفة اللغة العربية "مثلًا - لا سَنَدَ له في ضوء ما سبق. وليس في القرآن من التركيب إلا (السَرَب) و (السراب) و (السارب) المذكورات. • (سربل): {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} [النحل: 81] ليس في التركيب إلا "السِربال: القميص ". Qانسراب الشيء في أثناء ما يغطيه بتمكُّن أو ملازمة: كالبدن في القميص ومنه تؤخذ "السَرْبَلة: ثريدة قد رُوِّيتْ دسمًا "كأنها قد غطيت به. {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ}: القُمُص ونحوها {وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ}: الدروع {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ} [إبراهيم: 50]. نعوذ بوجه الله الكريم من النار وعذابها.

(سرج)

• (سرج): {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب: 46] "السِراج: - ككتاب: المصباح الزاهر الذي يُسْرَج بالليل. (وعن بعض أهل اللغة: السراج: الفتيلة المُوقَدة وإطلاقه على محلها مجاز مشهور [تاج] والمِسْرجة بالكسر: الوعاء الذي فيه الدُهن والفتيلة، وبالفتح: ما يوضع عليه ذلك الوعاء. [وقد قيل في المسرجة بعكس ما ذكرت أيضًا. لكن الشيخ أحمد رضا في [متن اللغة] جرى على ما ذُكِر، كما أن المكسورة على صيغة اسم الآلة والمفتوحة على صيغة اسم المكان، وكل منها أليق بما اختيرت له]. Qفتيل أو حبل ممتد يعلق به لطيف يُؤنس ويمكّن. كالسراج تَعْلق بطرَفه شعلة تضيء؛ فتؤنس في وحشة الظلام، وتمكّن من ممارسة الحياة. والسَرْج يُوثَق على ظهر الفرس فييسر ويمكّن من الاستقرار عليه. ومن الفتل الممتد قولهم: "سَرَجت المرأة شعرها (نصر) وسرّجته - ض: ضَفَرَتْه. ومن مجازه قولهم "سَرج فلان (نصر): كذب، وكذا سَرَج الكذب: عَمِله فهو سَرَّاج - كشدَّاد - قال في [تاج]: "يَزيد في حديثه/ لا يصدُق أَثَرُه يَكْذِبك من أين جاء " (فهو يضيف أو يخلق كلامًا لا أصل له ويلفقه مع غيره، والتلفيق كالفتل). ومن السِراج: المصباح: {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا} [النبأ: 13]، {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب: 46] و "سرَّج الله وجهه - ض: حسَّنه. وجبين سارج: واضح ". وليس في القرآن من التركيب إلا (السراج).

(سرح)

وقد قيل إن السَرْج (رَحْل الفرس) والسِرَاج معرَّبان عن الآرامية (¬1) ونقول إن الآرامية من اللغات الجزرية (= السامية) كالعربية، والعربية أقوى الجزريات (أعرقها وأكثرها مفردات) فإن كان أخذ فالعربية هي الأصل. وانظر التعليق. • (سرح): {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} [النحل: 6] "السَرْح - بالفتح: المال السائم في المرعى، وشَجَرٌ كِبار عِظامٌ طِوَال. والسَّريحة من الأرض: الطريقة الظاهرة المستوية في الأرض ... فتراها مستطيلة شَجِيرة، والطريقة من الدم إذا كانت مستطيلة. ووَلَدتْه سُرُحًا - بضمتين: أي في سهولة. سَرَح السيلُ سَرْحًا وسُروحًا: جَرى جريًا سهلًا. والسَّرْح: انفجار البول بعد احتباسه. وتسريحُ الشعر: ترجيلُه وتخليص بعضه من بعض بالمُشْط. وتسرَّح فلان من هذا المكان: ذهب وخرج ". Qانطلاق انفراجٍ أو انبساطٍ في يُسْرٍ وسهولة: كسروح الماشية: (إخراجها من زرائبها ومرابضها التي كانت محتبسة فيها) بالغداة إلى المرعى حيث تنبسط منطلقة منتشرة ترعى، وكالشجر المذكور يخرج عظيم الجرم ¬

_ (¬1) في الألفاظ المعربة لأدى شير (89) أن السراج تعريب جراغ. ثم عاد فقال أن جراغ مأخوذة من الآرامي شراجو من شرج بمعنى أضاء. وفي المعرَّب للجواليقي أن السَّرْج فارسي معرب عن سرك في قول بعضهم. وعلق محقق المعرب (د. ف. عبد الرحيم/ ص 400) بأن سرك بالفارسية لا تفيد هذا المعنى، وأن سخاو/ زخاو قال في تعليقاته على معرب الجواليقي إنه من الآرامية سركًا، لكن د. ف عبد الرحيم قال إن المعجم السرياني ينص على أن سرجًا دخيل من العربية. فالكلمة عربية "اهـ.

(سرد)

طويلًا كأن لم يُضَيَّق عليه، وكالطريقة الممتدة في الأرض، والطريقة من الدم، وكخروج الجنين بسهولة، وجَرْى الماء بسهولة، وكخروج البول بعد احتباسه، وخروج الرجل من المكان وذهابه. فمن سروح الماشية بالغداة: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} [النحل: 6]. ومن التسريح: إطلاق المحتبس: {فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 49]. أي طلقوهن. وليس في القرآن من التركيب إلا سروح الأنعام وتسريح النساء. والسِرْحان: الذئب؛ سمي كذلك لانبساطه في سياحته ليلًا بعيدًا عن مقره، أو لانسراحه في جريه أي سرعته مع انبساط جسمه (كما قالوا ناقة مُنْسرِحة في سيرها: سريعة، وانسرَح الرجل: استلقى وفرج بين رجليه) وهذه الجِرْية معروفة له كما يؤخذ من تشبيه امرئ القيس بها في قوله: له أَيْطلا ظَبْيٍ وساقا نعامةٍ ... وإرخاءُ سِرْحان وتقريبُ تَتْفُل قال [في شرح القصائد السب الطوال لمحمد بن القاسم الأنباري ص 89]: "وليس دابة أحسنَ إرخاء من الذئب ". ومن معنوى ذلك الأصل "سَرَحْتُ ما في صدري: أخرجته، وسرَّحت عنه - ض: إذا ضاق شيء عليه ففرجت عنه. ومما يترجح فيه هذا المجاز قوله: (وسرَحْنا كلَّ ضبٍّ مكتمِنْ) • (سرد): {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [سبأ: 11] "المِسْرد - بالكسر وككتاب: المِثْقَب، وما يخرز به. والسَرْد - بالفتح: اسم جامع للدروع وسائر الحَلَق (بمعنى مسرودة)، السَرْد والتسريد: الخَرْز في الأديم.

(سردق)

وسرد الشيء (نصر) وسرَّده - ض: ثَقَبه ". Qخَرْزٌ متوال مع شَدٍّ أي رَبْط ولَأْم شديد: كالخرز في الأديم، وكحَلَق الدروع وهو يكون متواليا فيهما لصنع قربة أو درع. وقالوا عن كيفية ذلك في الدروع إنها تُسْرد فيُثْقَب طرفَا كل حلقة (فتسمَّر في غيرها). {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}. ومن التوالي: "سَرْد الكلام: متابعته، وسَرْد القراءة: متابعتها في حَدْر ". • (سردق): {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29] "السُرَادِق: واحد السرادقات التي تُمَدّ فوق صحن الدار، وكل بيت من كُرْسُف (قطن)، وكل ما أحاط بشيء من حائط أو مِضْرَب أو خِباء. وبيت مُسَرْدَق - اسم مفعول: أن يكون أعلاه وأسفله مشدودًا كله، وقد سردق البيتَ. جاء في [تحقيق ف. عبد الرحيم لمعرب الجواليقي 399] أن الخفاجي قال إنه معرب (سرا برده) وقيل معرب (سرا طاق). وقال ف. عبد الرحيم أنه معرب srada بالفارسية القديمة، وهو بالفارسية الحديثة سرا، سراى بمعنى البيت، والقصر، والبناء العالي. وأحال على البرهان 1112، وجفرى]. وأنا أرجح كونه معربًا لفقد معنى الامتداد الدقيق المتحقق في كل تراكيب الفصل المعجمي "سر "، وأن وجود هذا النوع من الأبنية عند العرب القدماء نادر لكن العربية أقدم مما نعرف من اللغات. وقد جاء في الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم - "لسرادق النار أربع جُدُر كُثُف، كل جدار مسيرة أربعين سنة "وقوله تعالى: {إِنَّا

(سرط)

أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29]. [الحديث والمراد في قر 10/ 393]. • (سرط): {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] "السِراط: السبيل الواضح. سَرِط الرجل الطعام والشيءَ سرطًا (فرح ونصر) وسَرَطانًا: بَلِعه. واسترطه: ابتلعه. وانسرط الشيءُ في حلقه: سار فيه سيرًا سهلًا. والسِرْوَطُ والسِرْواط - بالكسر فيهما: الأَكُول/ الذي يبتلع كل شيء. وسِرْطيط وسُرَط - كعمر: جيد اللَقْم ". Qمرور في المسلك الممتد بيسر وسهولة: كما يمر سالكُ السبيل الواضح، وكالبَلْع بسهولة (ويلزم ذلك كثرة الأكل وسرعة الالتقام وسهولة المادة المبتلَعة). والسبيل الواضح يمر سالكه فيه مرورًا سهلًا سريعًا بلا عقبات تُرَيّثُه. وقد قالوا "فرس - سُرَط - كعمر، وسَرَطان - بالتحريك: قال في [ل]: "كأنه يسترط الجرى ". ونحن نقول الآن: السيارة تقطع الطريق أو المسافة/ تنهب أو تأكل الأرض. وقال ابن فارس: "لأن الذاهب فيه يغيب غيبة الطعام المُسترَط ". وهذا التوجيه أنسب مما في [ل]. هذا .. وليس غريبًا أن يعبِّر عن الطريق تركيبٌ يعبر عن البلع، فقد سموا الطريق لَقَمًا - بالتحريك. وقالوا "فرس لِهَمٌّ (كخِضَمّ) ولِهْمِيم ولُهْمُوم: جواد سابق ". وعلى أي وجه: فالسِراط على زنة اسم الآلة كالسِرَاد والخِيَاط، أو بمعنى اسم فاعل كاللَقَم. واللفظ عربي أصلًا ومعنًى وصيغةً، وله نظائر كما وضح. ومن استعماله في المرور: قولهم: سيف سُراط - كغراب: قاطع؛ فدعوى التعريب التي ذكرها المُتَوَكَّليّ

(سرع)

ساقطة ولا سند لها. {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153]. وليس في القرآن من هذا التركيب الا كلمة (سراط)، وقد رسمت في المصحف والمعجم المفهرس بالصاد وأصلها اللغوي بالسين. • (سرع): {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [آل عمران: 133] "الأساريع: شُكُر - بضمتين: جمع شَكِير وهي عروق رفيعة تنبت في أصل الحُبْلة، أي شجرة العنب (قارن سرر). والأُسروع واليُسروع - بالفتح والضم فيهما: دود حمر الرءوس بيضُ الأجسام تكون في الرمل في طول الأُصْبُع والشِبْر. وسَرَعانُ عَقَبِ (: عصب) المَتْنيْن: شِبْه الخُصَل تُخَلَّص من اللحم (لحم الذبيحة)، ثم تُفتل أوتارًا للقسيّ " Qاختراق أو امتداد بقوة ودقة أو حدّة: كتلك العروق والدود وعَقَبُ المتنين تمتد نافذة غائصة في الرمل واللحم مع دقتها. وعلى التشبيه بها: أساريع القوس: الطرق والخطوط التي في سِيَتها (= ما عُطِف من طرفيها). والسرعة (ضد البطء) جاء معناها من قوة النفاذ والاختراق في مادة رخوة "سَرِعُ (فرح، وكرم) وأسرع: عَجِل {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا} [المعارج: 43]، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}. وكل ما في القرآن من التركيب هو من السرعة ضد البطء.

(سرف)

• (سرف): {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53] "شاة مَسْروفة: مقطوعة الأذن أصلًا. والسُرفة - بالضم: دودة تأكل ورق الشجر [لها في ل عشرة تعريفات]. سَرَفَتْ السُرفةُ الشجرة (نصر): أكلتْ ورقها حتى تعرّيها. وسَرِفَ الطعامُ: ائْتَكَلَ كان السُرْفة أصابته ". وسَرَفُ الماء - بالتحريك: ما ذهب منه في غير سَقْي ولا نفع. أرْوت البئر النخيل وذهب بقية الماء سَرَفًا. Qتجاوز الحد أو الحق في الأخذ من الشيء إلى الإهدار والإفساد: كقطع الأذن من أصلها وكان يشيع أخذ قليل منها، والسُرفة تُعرى الشجرة من ورقها والمعتاد تخريم بعضه، وكذهاب بقية الماء بعد ريّ النخيل، وذهاب جوف الطعام (البُرّ). ومنه الإسراف في المال، وهو ينصبّ على الإنفاق المتسع في غير نفع أو طاعة، ويشمل من التجاوز في الإنفاق ما يعد إهدارًا. أما الإنفاق في الفساد فهو أكبر إثمًا من الإسراف {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} [الأعراف: 31]، {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان: 67]، {فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: 33] بقتل غير القاتل أو أكثرَ منه أو أشرف " [ل]. ومن ذلك: "السَرَف والإسراف (في الأمور سلوكًا ومعالجات) مجاوزة القصد/ الإفراط "؛ لأنه تضييع وإهدار للنعم: من مال، أو صحة، أو فراغ أو جاه .. {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا} [آل عمران: 147]. {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} أي ضيَّعُوا وأفسدُوا جانين على أنفسهم (لم يتناول

(سرق)

[قر 15/ 267] المعنى اللغوي، ولم يتناول [ل، ق] تعدية أصرف بالحرف "على "). ومن تجاوز الحق الإغفالُ والجهل يقال: "أردتكم فسَرِفتكم/ مررت فسَرِفتكم أي أغفلتكم "أي لم ألْحظكم (عمدًا أو ذهولًا). والذي في القرآن من التركيب بمعنى التجاوز في إنفاق المال والأكل [النساء 6، الأنعام 141، الأعراف 131، والفرقان 67]. وسائرها في التجاوز ذنوبا وإفسادا. • (سرق): {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ} [الممتحنة: 12] "سَرَقَ اللص الشيء: جاء مستترًا فأخذه من حِرْز " [ق]. "السوارق: الجوامع (أي القيود) أو مسامير القيود. وانسرق الرجلُ: خَنَسَ عن القوم واختفى ليذهب ". Qأَخْذُ الشيء من عُمْقِ حَيّزه أو مَكانه بحيلة أو طريقة خفية إلى حيز آخر: كما يؤخذ الشيء من حرزه، وكما تأخذ السوارقُ الأيدي إلى أثنائها بحيلةٍ ما الْتِقاما أو الْتِفافا، وكما يختفي الرجل من بين القوم بتلطف (خنُوسًا). ومنه: "سَرِقَ الشيءُ (تعب): خَفِى " (غاب عن مكانه، والصيغة للمطاوعة التي كالمفعولية). فمن السرقة بالمعنى المشهور: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] واستَرَقَ السمعَ والنظر: تلطَّف لأخذ الكلام {إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ} [الحجر: 18]. (وليس في القرآن من التركيب إلا السرقة واستراق السمع المذكوران) ومنه: "سَرِقَتْ مفاصله (فرح) وانسرقت: ضعُفتْ، وانسرقتْ قوته: فَتَر وضَعُف. وسُرِق صوته - للمفعول: بُحّ [الوسيط]. وسَرِق الرجلُ (فرح):

(سرم)

ضعف " [الوسيط] (كل هذا من غياب ما كان معهودًا من القوة والصوت كأنما أُخِذَت. والعامة تقول عن المغمى عليه سُورق. وهي سُرِق هذه). والسَرَق - بالتحريك: شِقَاق الحرير أو أجودُه (من الأصل لشدة ضعف الحرير، رِقَّتِه، أي غياب الخيوط الغليظة من نسيجه) والقول بتعريبه ضعيف؛ فصِلَته بالأصل واضحة. وفي حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - في عائشة رضي الله عنها " .. يحملكِ الملَك في سَرَقة من حرير "، وجاء في حديث ابن عمر وابن عباس؛ فقد كان لفظًا شائعًا على ألسنتهم. هذا، وقد ذكر [ف. عبد الرحيم] أن (سره) بالفارسية الحديثة، (سرك) بالفهلوية من معانيها (أ) الجيد والخالي من العيوب، (ب) شُقَّة حرير أبيض للعَلَم. فإن كان أخْذ فالعربية آصل. • (سرم): "السرم - بالضم: مخرج الثفل، وهو طرَف المِعَي المستقيم ". Qمنفذ يمتد دقيقا مع ضم أو اكتناف: كالسرم الموصوف، فهو طرف المعي الممتد المستقيم (المقصود: الغليظ، لأن الأمعاء الدقيقة غزيرة التثني والتلفف). ومنه: "جاءت الإبل متسرمة، أي: متقطعة "أي واحدا بعد الآخر، أو مجموعة بعد أخرى تليها، فهي ممتدة لم تأت مرة واحدة. وكذلك: "غُرَّة متسرّمة: غلُظت من موضع ودقت من آخر " (امتداد مع بعض التضام). وأما "السُرمان: ضرب من الزنابير ... ، وقيل السِرمانُ: العظيم من اليعاسيب ". فالتعيين الأخير هو الراجح، لأنه يتميز بالامتداد.

(سرمد)

• (سرمد): {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ} [القصص: 72]. [رأى ابن فارس أن الميم زائدة فأعادها إلى السرد، أي أن فيه معنى الامتداد والتوالي]. و "السرمد في اللغة: الدائم الذي لا ينقطع ". وهذا امتداد وتوالٍ زمنيّ لا ينقطع. {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ}. [وتطبيق نظرة ابن فارس إلى أكثر ذوات الأربعة أصول فما فوق، أنها مركبة من كلمتين، يعطي أيضًا معنى الدوام الزمني: (سر) مكونة من حرفي معنى السريان وهو جريان وامتداد لطيف، (مد) مكونة من حرفي معنى الامتداد]. Qالدوام الزمني - كما فسّر به لفظ (سرمدا) في الآية. ° معنى الفصل المعجمي (سر): الامتداد أو النفاذ مع دقة، يتمثل ذلك في خطوط أسرار الكفّ والجبهة - في (سرر)، وفي هيئة السِرْوة والسَرَيان في ظلام الليل - في (سرو/ سرى)، وفي امتداد السِوَار والسُور حتى يحيطا - مع دقتهما النسبية - في (سور)، أما في (سير) فالسير انتقال وحركة أي امتداد إلى مكان جديد بعد الكون في المكان الأول، وسير الأديم واضح الامتداد والدقة. وفي (يسر) يتمثل ذلك المعنى في نفاذ السمن واللبن ونحوهما من اللطيف في أثناء البدن (أو منه) فهو امتداد في الباطن (أو منه كنفاذ البول) والخفاء من جنس الدقة. ويتمثل المعنى - في (أسر) في امتداد الإسار الذي يشدّ به وفي الامتداد الزمني في حبس البول، وفي امتداد النفق ونحوه - في (سرب) مع الدقة في كل ذلك. والسربال يحيط بصاحبه كالأنبوبة الممتدة - في (سربل)، وفتيل السراج وحزام السرج ممتدان دقيقان - في (سرج). وانسراح البول

السين والطاء وما يثلثهما

وسروح الإبل في (سرح) امتداد والدقة واضحة في الأول. والتوالي - في (سرد) امتداد مع دقة وضبط، وقريب منه نفاذ السائر في السراط، واستراط اللقمة في المريء - في (سرط)، وامتداد العروق ونفاذها في الأرض مع دقتها - في (سرع). ويتمثل النفاذ - في (سرف) في التجاوز إلى ما هو فقد وإتلاف، والامتداد يتمثل في عدم عَوْد المفقود. وقريب من هذا ما في (سرق) لكنه امتداد خروج أو نفاذ من أثناء محيطة مطبقة (حرز - أو نسيج) خاصة. وفي (سرم) امتداد - مع نفاذ من مكنوف، وفي (سرمد) امتداد الأبدية. السين والطاء وما يثلثهما • (سطط): "الأَسَطّ من الرجال: الطويل الرجلين ". Qتمدد الشيء دقيقًا مع غلظ وتضخم في طَرفه أو أعلاه: (¬1) كهيئة الأسطّ المذكور. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): السين للنفاذ الدقيق الممتد، والطاء لعظم الجرم مخالطًا أو متصلًا. ويعبّر الفصل منهما عن تمدد دقيق ينتهي بغلظ كما في الأَسَطّ: الطويل الرجلين. وفي (سطو) تضيف الواو معنى الاشتمال، فيعبّر التركيب عن نوع من الحوز بعد الامتداد الغليظ كما في سَطْو الرجل على الناقة. وفي (سوط) يتمثل اشتمال الواو في الخلط بعد الغوص كالسوط وأثره المذكور، وكالسَّوْط: الطريق الدقيق بين شَرَفين. وفي (وسط) سبقت الواو بمعنى الاشتمال فعبر التركيب عن اكتناف الشيء بغلظ من ناحيتين كالواقع في الوسط. وفي (سطح) تعبّر الحاء عن احتكاك بعرض وجفاف، ويعبّر التركيب عن نحو سطح البيت مما هو عريض جاف والامتداد والغلظ (المتانة) واضحان فيه. وفي (سطر) تعبر الراء عن الاسترسال، ويعبّر التركيب معها عن استرسال الدقيق المستغلظ امتدادًا طوليا كالسَطْر: الصف من الشجر والنخل وغيرها.

(سطو)

• (سطو): {يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} [الحج: 72]. "سطا الراعي على الناقة والفرس: أدخلَ يدَه في رحمها فاستخرج ماء الفحل منها، وذلك إذا نزا عليها فحل لئيم، أو كان الماء فاسدًا لا يُلْقَح عنه وإذا لم يُخْرَج لم تَلْقَح الناقة. السطو أن يدخل الرجل اليد في الرحم فيستخرج الولد. وفي حديث الحسن البصري رحمه الله لا بأس أن يسطو الرجل على المرأة إذا لم توجد امرأة تعالجها وخيف عليها - يعني إذا نشِب ولدها في بطنها ميتًا، فله - مع عدم القابلة - أن يدخل يده في فرجها ويستخرج الولد. وذلك الفعل: السطو ". Qالامتداد للتناول (بقوة أو غلظ) من جوف أو حيّز: كالسطو على الناقة إلخ. ومنه: "الفرس الساطي: يقوم على رجليه ويسطو بيديه " (يمدهما كالمتناول نشاطًا)، {يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} [الحج: 72] يبطشون بهم بطشًا شديدًا/ بضرب أو شتم [قر 12/ 95] (كما تقول العامة: طوّل يده عليه). "والفَحْلُ يسطو على طروقته " (يمتد ويتناولها بقوة وغلظ). ومن الامتداد: "سطا الفرس: أبعد الخطو (مد يديه شديدًا فقطع مسافة كبيرة في الخطوة). ولم ينص [ل، ق] على استعمال "السطو "في السرقة، فإن يثبت قِدَمُه فهو مولّد صحيح المعنى. ومنه أيضًا "سطا الماء: كثر (لأنه إذا كثر في وعاء أو نهر امتد رأسيًّا أو أفقيًّا). وهذا قريب من {طَغَى الْمَاءُ} [الحاقة: 11].

(سوط)

• (سوط): {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ} [الفجر: 13]. "السَوْط: الذي يُجْلَد به (كذنَب البقرة) معروف. "وخذ في هذا السَوْط: وهو طريق دقيق بين شَرَفين ". "وسَوْط من الماء: فَضْلة غديرٍ ممتدة كالسوط " [الأساس]. والسِيَاط: قُضْبان الكُرَّاث الذي عليه زَمَاليقه (أكمامُ حَبّه). Qغوصٌ - أو مخالطة غليظة - من الممتد القوي المستدق في شيء: كالسوط الذي يُجْلَد به - وقد عللت تسميته بأنه "يَسُوط، أي يَخْلِط اللحمَ بالدم إذا سيط به إنسان أو دابة " [تاج] ويحدث هذا إذا غار طَرف السوط في اللحم، وكالطريق بين الشرفين وهو بهذا غائر بينهما. ودقته وهيئته هذه تؤكد قوته. أما سَوْط الكراث - أي قضبانه - وسوط الماء، فهما مشبَّهان بسوط الجلد كما صرحوا. ومن غوص الدقيق القوي في الشيء استُعمل التركيب في خلط الأشياء كما في قولهم: "ساط الهريسةَ بالمِسْوَط والمِسْواط، وساط الأَقِطَ: خَلَطه. وكذلك ساط القِدْرَ. والسَوْطُ: أن تخلط شيئين في إنائك ثم تَضربهما بيدك حتى يختلطا ". ومن السوط المعروف قالوا ساطه: ضربه بالسوط. ومن مجازه: {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ} أي عذابًا غليظًا يخالطهم، أو عذابًا يَسُوطُهم ويطحَنهم [وانظر: قر 20/ 49]. • (وسط): {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143] "واسطة القلادة هي الجوهرة التي تكون في وَسَط الكِرْس المَنْظُوم. ووسَط

(سطح)

الحَلْقة، ووَسَط الدار. والإصبع الوسطى (معروفات) ووَسَطُ الشيءِ: ما بين طرفيه ". Qكون الشيء مكتنفًا من حواليه أو آخذًا منهما بالتساوي امتدادًا أو قدرًا. كالواسطة والوسط المذكورات. ومنه: {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا} [العاديات: 5] (أي دخلن في وسط الجمع وأثنائه)، ومن هذا استعمال التركيب في ما بين الغايتين {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89]. الوسطية هنا قيل في القَدْر، وقيل في الصِنف، وقيل فيهما [بحر 4/ 12] {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238]. الراجح أنها العصر [ينظر بحر 2/ 249] وهي عنده بمعنى الفُضْلى. ومن ذلك الأصل استُعملت في التعبير عن خير ما في الشيء: "فوسَط الشيء هو أَصْوَنُه وأَبْعَدُه عن الابتذال، وهو أيضًا لُبّ الشيء. وتحققت هذه الملاحظ في {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} عدولًا - أخذًا من التوازن بين الناحيتين/ خيارًا كما قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] , {قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ} [القلم: 28]. أفضلهم وأرجحهم عقلا [بحر 8/ 307]. • (سطح): {وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية: 20] "السطح: ظهر البيت. والمِسْطَح - بالكسر: صفيحة عريضة من الصخر يُحَوَّط عليها لماء السماء. والسَطيح: المستلقي على قفاه من الزَمَانة ". Qانبساط عَرْضي: أي مع عِرَض كسطح البيت، والمِسْطَح، والسطيح مستلقٍ على سطح الأرض أو هو منبسط بعَرْض بَدنه.

(سطر)

ومنه: "سَطَح الرجلَ والشيءَ: أضجعه وصرَعه "؛ فبسطه على الأرض. ومنه: "السَطيحة: المزادة تكون من جلدين (يُبْسَطان ويُلأَمان بالخَرْز ولا تتضح استدارتها كالقِرْبة). • (سطر): {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [القلم: 1، 2] "السطر - بالفتح والتحريك: الصف من الشجر والنخل وغيرها ". Qاصطفاف أفراد أو أشياء طوليًّا بانضباط - كالصف من الشجر وغيره .. ومنه: "سَطَر فلانًا: صَرَعه (فامتد على الأرض)، والكتابَ: كتبه " (سَطْر الكتابة صَفٌّ من الكلمات متجاورة على امتداد واحد فتبدو مسترسلة الامتداد) {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 1]، {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} [الطور: 2] , {وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} [القمر: 53] أي مكتوب مسطَّر. فتوالي كلمات الصف عل استقامتها يجعلها سطرًا كسطر النخل والشجر. ومن هذا: "الأساطير: ج إسطار وإسطير - بالكسر فيهما، وأُسطور وأُسطورة وأُسطيرٌ - بالضم فيهن، وقيل هي جمع جَمْع، والمعنى: (الكتابة) المسطورة {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا} [الفرقان: 5] هذا هو أصل الأساطير. ثم لما كانت أخبارًا مكتوبة عن الأقدمين، غابت شواهدها الواقعة، فخفيت حقائقها على الحاضرين، تَشكّكوا فيها؛ فلَصِق بمعنى اللفظ معنى الارتيابُ، وقالوا: "الأساطير: الأباطيل ". ومن الأصل: "سيطر: تَسَلّط (من الامتداد بانضباط فكأن المسيطر امتد حتى طالهم وأمسكهم وضبطهم بقوته. وقد عبر وجود الياء في الصيغة (سيطر)

£° معنى الفصل المعجمي (سط)

عن كونها للفاعلية {أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ} [الطور: 37]، {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [الغاشية: 22] هذا، كما قال تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس: 99]. ° معنى الفصل المعجمي (سط): الامتداد الدقيق مع الانتهاء بغلظ، كما يتمثل في الأسطّ - في (سطط)، وفي السطو على الناقة ونحوها بمد اليد إلى داخل رحمها، واستخراج الماء أو الولد منه في (سطو)، وفي مد العود في أثناء الأشياء لخلطها معًا، وامتداد السوط مع شقه الجلد ووصوله إلى الدم - في (سوط)، وفي امتداد الأشياء في جانبي شيء تكتنفه في وسطها كالجوهرة بين الخرز الذي يكتنفها - في (وسط)، وفي امتداد صف النخل والشجر على استقامته - مع غلظ النخل والشجر أي جسامتهما - في (سطر). السين والعين وما يثلثهما • (سعع - سعسع): "السَعيع: الزُؤان أو نحوه مما يُخرَج من الطعام (= البُرّ) فُيرمَى به. وطعام مسعوع: أصابه السُهَام (كصُداع وسَحاب): الضُمْر. وتَسعْسَع الرجل: اضطرب جسمه كِبَرًا/ هَرِمَ وفَنى، وفمُه: انحسرت شفته عن أسنانه ". Qانحسارٌ وذهابٌ من جرم الشيء (¬1): كشأن الزؤان ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): السين تعبّر عن النفاذ بدقة وامتداد، والعين تعبّر عن جرم ملتحم غض، والفصل منهما يعبّر عن حركة انحسار وزوال (: نفاذ من الشيء) مع ضعف (تقابله العين) كالزؤان والهرم وارتخاء الشفة. وفي (سعو سعى) تزيد الواو معنى الاشتمال والياء معنى الاتصال والإمساك، فيعبرّ (سعو) عن المتجمع (المشتمِل) على ما شأنه =

(سعو - سعى)

يُخْرَج من البُرّ، وكضُمْر حَبّ البُرّ، وهُزال بدن الكبير، وارتخاء الشفة أو تقلصها عن الأسنان ومنه قولهم: "تسعسع الشهر: ذهب أكثره (أكبر قدر منه فبقى القليل)، وكل شيء بَلِيَ وتغيّر إلى الفساد (ذهبت قدرته أو قيمته) فقد تَسَعْسَعَ ". • (سعو - سعى): {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} [الحديد: 12]. "السَعْو - بالفتح: الشمع (في بعض اللغات) (الشمع - بالفتح والتحريك: هو مُوم العسل الذي يُستصبَح به) والسَعْوة - بالفتح: الشَمْعة. ويقال: مضى سِعْوٌ من الليل وسِعْوة - بالفتح والكسر فيهما - أي: قطعة ". Qتسيُّبُ جِرم الشيء المجتمع وذهابه شيئًا بعد شيء: كما يذوب الشمع عند الاستصباح به، وكمرور ساعات الليل واحدة بعد أخرى. ¬

_ = الزوال كالشمع، و (سعى) عن زيادة الامتداد كالسعي: العدْو. وفي (سوع) يأتي الاشتمال في الأثناء، فيعبرّ التركيب عن تسيب مرورٍ في أثناء ضامة بلطف كالسوعاء: المَذْي وكالساعة زمن يمرّ. وفي (سيع) تعبر الياء عن الاتصال والامتداد، ويعبر التركيب عن مجرد امتداد الرقيق كالسيع: الماء الجاري على وجه الأرض. وفي (وسع) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال، فيعبّر التركيب عن انبساط في حيز (الانحسارُ والزوالُ يُعْقِب فراغًا) بحيث يشتمل ويستوعب شيئًا، أي يتسع له، كما في السعة: نقيض الضيق. وفي (سعد) تعبر الدال عن ضغط ممتد ينشأ عنه احتباس، فيعبّر التركيب عن احتباس الرقيق الغض في أثناء شيء فيكون قوامَه كالساعد: مجرى المخ في العظام. وفي (سعر) تعبّر الراء عن الاسترسال؛ فيعبّر التركيب عن استرسال ذاك الملتحم الرقيق كسَعْر النار: تهييجها بالوقود الذي تأكله فيزداد انتشار لهبها.

ومن يائيِّهِ: "السَعْى: عَدْو دون الشدّ (فيقطع مسافة ممتدة) {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] {فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} [طه: 20]. ومن هذا ": (السَعْي: الكسب (بالذهاب هنا وهنا) سَعَى لهم وعليهم: عَمِل لهم وكسَب (ثم استعمل في مجرد الكسب) "وكل عمل من خير أو شر سَعْيٌ " {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} [الصافات: 102]، فُسِّرت بالاحتلام وبالعقل وبالكسب (والراجح أن المراد القدرة على العمل لكسب الرزق كما يعمل الناس) [وانظر: قر 15/ 99]. {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39] أي عَمِل وحصّل {فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} [الإسراء: 19]، {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل: 4]، {يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى} [النازعات: 35] كل هذا يفسَّر بالعمل الجادّ أخذًا من السَعْي: العدْو. ومن السعي الذي هو العَدْو وقطعُ المسافة سمَّوا وُلَاةَ الصدقة وجامعيها سُعاة؛ لأنهم كانوا يذهبون إلى الأقاليم البعيدة لجمعها، ثم قالوا: "كل من وَلِيَ أمر قوم فهو ساعٍ، وأكثر ما يقال في ولاة الصدقة "اهـ. ومن هذا: "ساعى اليهود والنصارى: رئيسهم "وكانوا يسمون أصحاب الحمالات لحقن الدماء وإطفاء النائرة "سُعاةً؛ لسعيهم هنا وهنا لجمع ما تكفّلوا به للمتقاتلين، ليتوقفوا، وتُحقن الدماء. وأُطْلِقت في العمل والجَهْد من أجل تحقيق شيء من هذا (العَدْو) كما يقال: مشى في أمر، أو من العمل ومحاولة (تحصيل) شيء {وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} [البقرة: 114] , {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [الحج: 51].

(سوع/ سيع)

أي في إبطال آياتنا مغالبين مشاقين [قر 12/ 78]. والذي في القرآن من التركيب معنيان: السعي العدْو أو السير الجادّ في [البقرة 260، طه 20، 69، القصص 20، يس 20، الحديد 12، الجمعة 9، التحريم 8، عبس 8] وما عدا ذلك فهو بمعنى الجهد والعمل الجادّ من أجل تحصيل شيء. • (سوع/ سيع): {وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر: 85] "السُوَعاء - كنفساء: المَذْى الذي يخرج قبل النطفة. ساعت الإبل سَوْعًا: ذَهَبَتْ في المرعى، وناقة مِسياع: ذاهبة في المرعى ". Qتسيُّبُ مرورٍ خلال أثناءٍ ضامّةٍ بلطف أي في غير عنف: كذلك المذي، وكذهاب الإبل في المرعى تنتقل بتمهل ولطف. ومن هذا المرور جاءت الدلالة على الامتداد المكاني: "الساعة: البعد "، ثم على الامتداد والمرور الزمني المحدود "الساعة: جزء من أجزاء الليل والنهار " {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ} [الأحقاف: 35]، {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34]. ومن هذا ما في [يونس 45، 49، النحل 61، الروم 55 الأخيرة)، سبأ 30] واستعملت بمعنى زمن أمر ما {الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} [التوبة: 117]. وأطلقت على القيامة باعتبارها الأمد أو غاية المهلة (مدة - امتداد) التي أُمهلها الناس على الأرض {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ} [فصلت: 47]. وسائر ما جاء من التركيب من لفظ (ساعة) فهو بمعنى القيامة. وسُوَاع: اسم صنم عُبد زمن نوح عليه السلام {وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا}

(وسع)

[نوح: 23] ولعله سمي كذلك لأنه راعيهم، (حسب زعمهم) أي من سَوْع الإبل. ومن الأصل المادي اليائي: "السَيْع - بالفتح: الماء الجاري على وجه الأرض. وساع الماء يسيع: اضطربَ وجرى "فهذا تسيُّب مع اتصال. ويلحظ الهدوء والتمهل في العبارة الأولى، وتحمل الأخيرة عليها. ومن هذا: "ساع الشيء يسيع: ضاع " (ذهب، فهو امتداد، لكن بلا عودة). • (وسع): {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا} [غافر: 7] "السَعة: نقيض الضيق. جمل وفرس وساعٌ - كسحاب: واسع الخطو سريع السير ". Qانفساح وانبساط في جوف الشيء الملتحم ليضُم ما يوضع فيه. والخطوة الواسعة حيز منبسط بين موقع الرِجْل وموقعها التالي: {إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ} [العنكبوت: 56]، ومن هذه السعة المادية ما في [النساء 97، الزمر 10] ويتأتى في {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات: 47]. ومنه بكيفية يعلمها الله {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة: 255]. ومنه تعبيرا عن الشمول التام {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر: 7]. ومن هذا وما إليه من الفضل والمغفرة كل لفظ (وسع) في القرآن. والوُسْع - بالضم: الطاقة (كل المختزن في باطن الإنسان من قدرة) {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]. وكذا كل (وُسْع) في القرآن

(سعد)

واستُعملت في كثرة الرزق والمال لأنه بسطة {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7]. وكذا ما في [البقرة 247، 236، النساء 100، 130، النور 22]. • (سعد): {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [هود: 108]. "الساعد: مَجْرَى المخ في العظام، والعِرْقُ الذي يؤدي الدِرّة إلى ثدي المرأة وضَرْع الناقة، ومَجْرَى الماء إلى الوادي والنهر والبحر. وسواعد البئر: مخارجُ مائها ومَجاري عيونها. وسَعيد المزرعة: نهْرُها (الصغير) الذي يسقيها/ إذا كان مفردًا لها. والسَعْدان - بالفتح: نبت .. من أطيب مراعي الإبل ما دام رطبًا، وألبان الإبل تحلُو إذا رعته لأنه ما دام رطبًا حُلْوٌ يتمصصه الإنسان رَطبًا ويأكله ". Qجريان مادة القوة والتغذية في أثناء الشيء طيّبةً مَحُوزةٌ فيه فتمده بقوته وقوامه: كمجاري المخ واللبن والماء إلى العظام والثدي والوادي المذكورات. والسَعْدان (النبت) يحتوي ويجمع ذلك الحلو الغاذي. ومن الإمداد بالقوة والقِوام: "السعيدة: لَبِنة القميص (= بطانة فتحته وهي تمسك الفتحة حتى لا تتمزق)، والساعدَة خشبة تُنْصَب لتمسك البَكَرة، والساعد: ما بين الزَنْدين (الكوع والكرسوع) من ناحية والمرفق من الناحية الأخرى (يمكّن من الحَوْز وضَمّ الشيء) ومن هذا أيضًا: المساعدة: التقوية والإعانة (لأنها شد أزر ودعم). وكذلك "ساعدُ القوم: رئيسهم "، فهو من حوز أمرهم وإمساكه كما في (الملك). أما "السَعْدانة: العُقْدة في أسفل كِفّة الميزان، وعُقدة الشِسْع (= السير الجلديّ الذي يمسك النعل إلى القدم) مما يلي الأرض "، فهي: إما من الإمساك

(سعر)

والدعم، وإما من التشبيه بهيئة نبات السَعْدان الموصوف. و"السعادة " (ضد الشقاوة هي من احتواء الرَطْب الذي هو مادة التغذية والقوة في الباطن، فذلك رمز التنعم والرفاهية {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: 105] وكذلك السعد: ضد النحس، وهو من تجمع الرقة والخير وتيسرهما وامتدادهما (انظر: نحس). وليس في القرآن من التركيب إلا ما ذكرناه. • (سعر): {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى: 7] "الأسعر: القليلُ اللحم الظاهرُ العصبِ الشاحِبُ [ق]. ومساعرُ البعير: أرفاغُه وآباطه حيث يستعر فيه الجرب. والسُّعْر - بالضم: الجوع، وكغراب: توهج العطش وشدة الجوع ". Qانتشار الحدّة في الأثناء بسبب ذهاب ما ينبغي أن يشغلها من الرخاوة والبلال: كذهاب اللحم والشحم من الأسعر والمساعر، وكالجوع والعطش الشديدين. ومنه "المسعور: الحريص على الأكل وإن امتلأ بطنه، والسُعُر - كعنق: الجنون " (ذهاب اللبُّ). {إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ} [القمر: 24]. ومنه: سَعَر النار (فتح): أوقدها وهيجها وكذا سعّرها (زودها بما تأكله فيزداد انتشار لهبها)، {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ} [التكوير: 12]، {وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا} [النساء: 55]. أما "سِعْر السلعة: الذي يقوم عليه ثَمَنها "- فهو مقابل انتشارها هنا وهناك بَيْعًا أي ذهابها. والانتشار أصيل في التركيب يتمثل صورة في لهب السعير، وتفرقا في ذهاب لحم الأسعر والمساعر. وليس في القرآن من مفردات التركيب

£° معنى الفصل المعجمي (سع)

إلا (السعير) و (السُعُر) وقد ذكرناهما. ° معنى الفصل المعجمي (سع): الانحسار والذهاب من جِرم الشيء، وهذا المعنى يلزمه اتساع الحيز الذي يشغله الشيء نفسه. ويتمثل ذلك المعنى المشترك في تسعسع البدن هرمًا وتسعسع الفم بانحسار الشفة عن الأسنان - في (سعع)، وفي ذوبان الشمع - في (سعو)، والذهاب هنا وهناك - في (سعى)، وفي نفاذ المذي من مقره وذهاب الإبل في المرعى - في (سوع) وفي جريان الماء على وجه الأرض في (سيع)، وفي الاتساع وهو المعنى اللازم - في (وسع)، وفي جريان المخ في العظام واللبن في عرق الدرّة (ثم يحتبسان إلى أجل وتعبر الدال عن ذلك الاحتباس) - في (سعد)، وفي ذهاب اللحم والشحم من بدن (الأسعر) ومن المساعر، وانتشار لهب السعير - في (سعر). السين والغين وما يثلثهما • ([سغغ] سغسغ): "سغسغ الدُهنَ في رأسه: أدخله تحت شعره وروّاه به، والطعامَ: أوسعه دَسَمًا، والشيءَ في التراب: دحرجه ودَسَّسه فيه. وتَسَغسغ في الأرض: دخل ". Qتغلغُل شيء (رطب) في أثناء جرم مجتمع متخلخل (¬1) ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): السين لنفاذ الدقيق الممتدّ بقوة، والغين لجرم كالغشاء متخلخل ليس تام الالتحام، والفصل منهما يعبّر عن النفاذ بتغلغل في جرم تخلخل كالدهن في الشعر. وفي (سوغ - سيغ) تعبّر الواو عن الاشتمال، والياء عن الاتصال، ويعبّر التركيبان عن مرور الشيء إلى داخل حيز بيسر، كنفاذ اللقمة والشراب في الحلق. وفي (سغب) تعبر الباء عن التجمع الرخو مع تلاصق ما؛ فيعبّر التركيب عن التصاق الجوف بعد نفاذ ما ينبغي أن يشغله منه، كما عند السَّغَب: الجوع.

(سوغ - سيغ)

(أي ليس شديد الالتحام): كالدُهن في الشعر، والدسم في الثريدة ونحوها، والشيءِ في التراب. • (سوغ - سيغ): {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل: 66]. "السِوَاغ - ككتاب: ما أسغتَ به غُصّتك. ساغ الرجل الطعامَ يسوغه ويَسيغه وأساغه. وساغ الشرابُ والطعام في الحلق (قاصر): نزَل وسهُل مدخله في الحلق. وساكت به الأرض: ساخت ". Qمرور في مجرى جوفيّ بيسر ورقّة لتخلل ورطوبة: كما في الاستعمالات المذكورة. قال تعالى: {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} [إبراهيم: 17]. لا يكاد يبتلعه. ومنه: "شراب سائغ وأَسْوَغُ: عذْب " (لسهولة سوغه بسبب صفائه ولطف طعمه) {عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ} [فاطر: 12]. ومن المرور الجوفي السهل قولهم: "سُغْ في الأرض ما وجدتَ مَساغًا، أي: ادخل فيها ما وجدتَ مَدْخلًا ". وأما "سَوْغ الرجل وسَيْغه - بالفتح: الذي يُولَد على أثره لم يكن بينهما وَلد "فمن الأصل: كأن الأول فتح المجرى للثاني، أو أنّ الثاني أمرّ الأول وأنساه. كما قيل: "أَسْوَغَ الولد أخاه: وُلد معه ". • (سغب): {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ} [البلد: 14، 15]. ليس في التركيب إلا سَغب (فرح ونصر قاصر): جاع، والمسغبة المجاعة. Qهو الجوع، أي فراغ الجوف مما ينضم عليه عادة {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}.

£° معنى الفصل المعجمي (سغ)

° معنى الفصل المعجمي (سغ): هو وجود رطب في الأثناء مع نفاذ فيها أو منها. ويتمثل ذلك في سغسغة الرأس بالدهن فيتخلل الشعر وينفذ منه الشعر - في (سغغ)، وفي مرور الطعام - بعد أن يصير رخوًا بالمضغ - في الحلق ثم المريء - في (سوغ - سيغ)، وفي فراغ الجوف - في (سغب) لأن ذلك الفراغ هو نتيجة ذهاب ما في المعدة والمصارين أي نفاذه أو ذهابه. السين والفاء وما يثلثهما • (سفف - سفسف): "السَفْسَاف - بالفتح: ما دَقّ من التراب/ الترابُ الهابي/ ما يطير من غُبار الدقيق إذا نُخل والترابِ إذا أُثير. والسَفْسفة: انتخال الدقيق بالمُنْخُل ". Qمرور الدِقاق الجافة الهابية (من تراب الأرض ونحوه من دقيق الحَبّ) نافذةً من أثناءٍ أو مداخِلةً إياها بحدة أو قوة (¬1): كذلك التراب ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر السين عن النفاذ بدقة وامتداد، والفاء عن إبعاد بقوة؛ فيعبر الفصل عن نفاذ الدقاق الجافة (ابتعادها) نحو التراب الهابي وانتخال الدقيق. وفي (سوف) تضيف الواو معنى الاشتمال؛ فيتحول النفاذ إلى إدخال لذلك الدقيق خاصة: كساف البناء، وسَوْف تراب الأرض، أي شَمّه. وفي (أسف) تعبّر الهمزة عن ضغط ودفع؛ فيعبّر التركيب عن جفافٍ لأثناءٍ، أي نفاذ الرخاوة منها: كالأرض الرقيقة التي لا تنبت، والذي لا يسمن والشيخ الفاني. وفي (سفح) تعبّر الحاء عن عِرَض؛ فيعبّر التركيب عن انحدار (= نفاذ) بِعِرَضٍ واتساع كسفح الجبل، وسفح الدمع والدم. وفي (سفر) تعبّر الراء عن الاسترسال، ويعبّر التركيب معها عن استرسال النفاذ والابتعاد مسافةً أو دوامًا: كالسَّفَر، والسَّفير (وَرَق الشجر الساقط منه). وفي (سفع) تعبّر العين عن =

الهابي في الجو ويُستنشق. وكانتخال الدقيق؛ فتمُرّ ذراته من عيون المُنْخُل، ومنه: "سَفِفتُ الدواء والسَويق ونحوهما: قَمَحتُه أي أخذته غير ملتوت " (إذا كان مسحوقا جافا - أي دقاقًا كثيرةً جافة فهي غير ملتحمة ببلل أو نحوه. ومن التداخل بدقة وحدّة: "سَفَفْت الخُوص وأسْففته: نَسَجْته بعضَه في بعض ". ومن ارتباط المعنى الأصلي بالأرض (مقر التراب الدقيق): "أسفّ الفحلُ: أمال رأسه للعَضِيض (العضّ)، والطائرُ: طار على وجه الأرض، والسحابةُ: دنت من الأرض (فالأرض ظرف، والاتجاه نحوها دخولٌ فيها، والحدّة تتمثل في أن الميل هو للشروع في العض، وفي حدة القرب من الأرض على غير المعتاد). ومن ذلك الارتباط بالأرض أيضًا مع التعامل في الدقاق أخذ التسفل المعنويّ فقالوا: "أَسَفّ: طَلَبَ الأمور الدنيئة/ تتبّع مَدَاقَّ الأمور. والسَفْسَاف: الرديءُ من كل شيء ". ¬

_ = التحام رقيق، ويعبّر التركيب عن التحام غريب حادًّ بالظاهر: كسواد السُفْعة. وفي (سفك) تعبّر الكاف عن ضغط غئوري دقيق (يتأتى منه الامتساك)، ويعبر التركيب معها عن نفاذ ما هو ممتسك كذلك: كسفك الدم الذي هو متمسك في البدن. وفي (سفل) تعبّر اللام عن الاستقلال، ويعبّر التركيب عما يكون تحت غيره مُقِلًّا له: كَفِلَة البعير (قوائمه). وفي (سفن) تعبّر النون عن الامتداد في الجوف، ويعبّر التركيب معها عن النفاذ والاقتطاع في الجوف اقتطاعا منه: كما هو أصل تكوين السفينة وعمل السَفَن. وفي (سفه) تعبّر الهاء عن الفراغ، ويعبّر التركيب عن الخفة بعد نفاذ ما نفذ: كالثوب السفيه: اللَّهْله الخفيف.

(سوف)

وأخيرًا فإن قولهم: "أسفَّ النظر: حدّده. وسَفيف أُذُنَى الذئب: حدتهما " (أي حدة سمعهما)، هما من النفاذ بدقة في الأثناء، أي نفاذ النظر، ونفاذ الصوت. وهما دقيقان. أي لطيفان غير مجسَّمَين. • (سوف): {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5] "السافُ في البناء: كلّ صفٍّ من اللَبِن (فهو المِدماك). ساف الشيءَ يسُوفه، واستافه، وساوفه: شَمَّه. وساف الجملُ التربة: شَمَّها. قال: يَبيتُ يَسُوف الخُورَ وَهْى رَواكدٌ ... كما سَاف أبكارَ الهِجان فَنِيقُ (الخور: الكثيرات الرِيَب من النساء. والفنيقُ الفحل، يتشمم الأبكار ليطرقها). وأسافَ الخارزُ: أَثْأَى .. بأن تغلُظ الإشفى ويدِقّ السَيْر، فيتخرم، حتى تصير خُرزتان في موضع واحد ". Qسَحْبُ غليظٍ أو حادٍّ إلى الأثناء أو مدُّه فيها بقوة: كساف البناء، يؤتَي بلَبِناته وتُدْخَل فيه سطورًا ممتدة فتُعْليه، وكسَحْب الريح ذات الرائحة الحادة إلى الأنف (لا بد أنها تكون حادة، لأن الجمل والدليل يعرفان موقعهما في الصحراء بشم تراب بقعة الأرض التي هُما فيها)، وكما تنفذ الإشفى في الجلد بغلظ فتشقه. ومنه: "السواف - كسحاب وغراب: الموت في الناس والمال " (وباء حادّ يخالط فيجتاح). أما "المسافة: بُعْد المفازة والطريق "، فأصل هذا اللفظ أن يعبّر عن مكان السَوْف أي الشم، حيث كان الدليل يشَمّ تراب الفلاة إذا بَعُد جدًّا؛ ليعلم: أعلى قَصْد هو أم جَور "ثم كثر استعمالهم لهذه الكلمة حتى سموا البُعد مسافة ".

(أسف)

والسحب إلى داخل الحيز حَوْزٌ. ومنه قالوا: "سوَّفته أمري - ض: ملّكته ". وسوف كلمة "تنفيس أي تأخير " (للوقوع، معناها أن الأمر سيقع، أي يدخل حيز هذه الدنيا - وهي ظرف - بعد مدة، وذلك نقلًا من البعد المكاني إلى الزماني). وكل ما وقع من التركيب في القرآن هو (سوف) بهذا المعنى. {قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي} [يوسف: 98] أخّر دعاءه إلى السَّحَر [قر 9/ 262] {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5] [في قر 20/ 95] يشفعني الله في أمتي حتى يقول الله سبحانه لي أرضيت يا محمد؟ فأقول يا رب رضيت ". ومن (سوف) استعملوا "التسويف "بمعنى: التأخير والمَطْل. • (أسف): {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف: 6] "الأرض الأَسيفة: الرقيقة التي لا تكاد تُنبت شيئًا/ البلد الذي لا يُنبت شيئًا. والأَسِيف: من لا يكاد يَسْمَن (المنجد)، والشيخ الفاني. وتأسَّفتْ يدُه: تشعَّثت ". Qجفافُ أثناءِ الشيء وذهابُ نحوِ البَلال منها: كالأرض التي لا تنبت - فقدت خيرها وخصوبتها، وكالذي لا يسمن، وكالشيخ الفاني. وتشعُّث اليد يكون من جفاف جلد باطنها فتخشُن وتتشقق. وجفاف الجوف والأثناء يؤخذ منه حرقة الغضب والغيظ والحزن وما أشبه ذلك، مما فسّر به الأسف فكل ذلك من جفاف الباطن والأثناء، ويفسر الأسف في كل سياق بحسبه. "أَسِفَ (تعب): حَزِنَ حُزنًا بالغًا لفوات شيء ". {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} [الأعراف: 150] شديد الغضب. حزينًا [قر

(سفح)

7/ 286]. {وَقَالَ يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} [يوسف: 84] فهذا حزن بالغ لأنه لا يملك غيره، والغضب موقف القادر {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: 55] أغضبونا (أي أشد الغضب، فجف حظُّهم من الرحمة) - فأوقع الله بهم نقمته. • (سفح): {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: 24] "السَفْح - بالفتح: عُرْض الجبل، وهو عُرْضه المضطجع حيث يُسْفَح فيه الماء. والسُفُوح: الصخور اللينة المتزلِّقة. و "إنه لمَسفُوح العنق، أي: طويله غليظه ""مسافح الوادي: مصابّه " [تاج]. Qانحدار بقوة أو كثافة: كسفح الجبل الموصوف، وكتلك الصخور اللينة التي تُزْلق من يعلوها، وكمصابّ الوادي. والعنق المذكورة تكون كذلك. ومنه: "ناقة مسفوحة الإبط، أي: واسعة الإبط (الإبط غئور تحت الكتف، يُنْحدر منه إلى صندوق الصدر) وقريب من هذا قولهم: "جمل مسفوح الضلوع: ليس بكَزِّها " (فهي منحدرة ليست ناتئة). والانحدار انصباب. ومنه: "سفَحَ الدمعَ: أرسله، والدمَ: صبّه/ سفكه، والماءَ: هراقه ". ومن هذا: "السِفاح والمسافحة: الزنا والفجور؛ لأن كل واحد منهما سفح مَنْيَتَه أي دَفَقَها بلا حرمة أباحت دفقها ": {غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: 24 وكذا ما في 25، المائدة 5]. وقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145] قال قر: "وهو الجاري الذي يسيل "أي من الذبيحة. وليس في القرآن من التركيب إلّا المسافحة، والدم المسفوح المذكوران. وقولهم: "السَفيح: قِدْحٌ من قِداح الميسر لا نصيب له "أي هو مُهدَر، من

(سفر)

السَفْح: الصبّ. لكن قولهم: "السفيح: الكساء الغليظ، والسَفيحان: جُوَالِقان كالخُرْج يُجعلان على البعير "، هما من الكثافة في المعنى المحوري. الكساء الغليظ كثيف، والجوالق يكدّس فيه. • (سفر): {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ} [عبس: 38، 39]. "سفر البيتَ (ضرب): كَنَسه. والمِسْفرة: المكنسة. وأصله الكشف. سفرت الريحُ الغيمَ عن وجه السماء: فرّقته وكَشَطته عن وجه السماء، والريحُ الترابَ والورَقَ: كنسته. السَفير: ما سقط من ورق الشجر وتحاتّ. انسفر مقدم رأسه من الشعر: إذا صار أَجْلَح ". Qكشف ظاهر الشيء أو أعلاه بزوال ما يعروه أو يغشاه كما في كنس أرض البيت، وكما في إزالة الريح الغيمَ والتراب والورق، وخلو منبت الشعر منه. ومن ذلك: "فرس سافر اللحم، أي: قليله (كأنه زال عنه)، والسَفْر - بالفتح: الأثر يبقى على جلد الإنسان " (كأنه أثر كشطٍ لبعض الجلد). ومن ذلك السفَر وقد عرّفوه بأنه قطع المسافة. ويمكن أن يقال إنه مفارقة (إرادية) للمقر بابتعاد أو استرسال. وهذا القيد (بابتعاد أو استرسال) يؤخذ من كون المفارقة أو الزوال في الاستعمالات السابقة ليست قريبة العودة، كما في سقوط ورق الشجر والشعر، وزوال الكُناسة. ويؤخذ أيضًا من تعريفهم السفَر بأنه قطع المسافة، ومن قولهم: سافرت إلى بلد كذا. وما جاء في الحديث: "يا أهل البلد صلُّوا أربعًا فإنا سَفْرٌ "؛ فالبلاد لم تكن حينذاك متقاربة. ويعتبر ذلك بالسفر من مكة إلى الطائف أو إلى جدة مثلًا. فالمسافة البعيدة قَيْدٌ من صُلب معنى

السفر. وتحديد الأئمة لها بنحو 85 إلى 90 كم له أصل صحيح في المعنى اللغوي للسفر. وللأزهري تعليلاتٌ لتسمية السفَر سفرًا يؤخذ منها هذا القيد، فمما علل به: "كَشْفُ قناعِ الكِنّ عن وجهه، ومنازلِ الحَضَر عن نفسه، ومنزلِ الخَفْض عن نفسه، وبروزُه إلى الفضاء "، وكذلك: "السَفَر يُسفر عن وجوه المسافرين وأخلاقهم فيَظهر منها ما كان خافيًا ". وسُمي القوي على السفر من الناس والإبل مِسْفَرًا. ولا يمكن أن يكون ذلك بضعة أميال. {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا} [البقرة: 283]، ونفي وجود الكاتب يؤكد كون مسافة السفر مسيرة نحو ثلاثة أيام في ذلك الزمن، أي نحو 90 كم. ومن السَفَر سُميت بقرة الوحش مسافرة، وثور الوحش مسافرًا؛ لانطلاقهما في الصحراء بلا حدود، وسُميت الحَكَمة الحديدية التي توضع على أنف البعير مكان الحَكَمة من أنف الفرس: سِفارًا؛ لأنها كانت تُتخذ عند السفر الطويل. ومنه كذلك: السُفْرة - بالضم: طعام يُعَدّ للمسافر. ثم سُمي به الوعاء الجلدي الذي كان يُحمل فيه. وتفرع من هذا السَفَرِ "السِفارة بين القوم المتعادين (المتباعدين) للإصلاح بينهم: سفَر بين القوم: ذهب إلى هؤلاء مرة ليعرف ما عندهم. ثم إلى الآخرين كذلك. والسفير: الرسول المصلح بين القوم ". ومن الأصل: "السَفَر - بالتحريك: "بياض النهار "، فهو من انكشاف سواد الليل وظلامه، فقالوا: "سَفَر الصبحُ وأسفر: أضاء {وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ} [المدثر: 34]. ويعبَّر به عن بياض النهار بعد مغيب الشمس حملًا على سَفَرِ الصبح وإسفاره. وجاء من انكشاف سواد الليل وظلامه "سفرت المرأة نقابها: جلّته عن

(سفع)

وجهها فهي سافرة "كما قالوا: سَفَر وجهُه حُسنًا وأسفَر: أشرَق {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ} [عبس: 38]: مشرقة مضيئة. ومن فرع الضوء والانكشاف استُعمل التركيب في الكتابة "لأنها تُبيّن الشيء وتوضِّحه "أي تبين ما يريد من الأمر الذي يكتبه وبخاصة إذا كان عملًا يراد تسجيله لا كلامًا {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: 5] أي كُتُبًا جمع سِفْر - بالكسر. {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: 15، 16] جمع سافر وهو الكاتب. ويصلح أن يرجع استعمالُ "السَفْر "في "الكتابة "إلى المعنى الأصلي (الزوال)؛ حيث كانت الكتابة نقشًا، أي كشطًا، في سطوح الألواح والحجارة -[ينظر ل زبر]، والكشط كشف من الظاهر. ومن الأصل، وهو استعمال طريف نادر، حديث الباقر - رضي الله عنه - وعن آبائه، وصلى الله وسلم على جده: "تصدَّقْ بحَلال يدك وسَفْرها "- بالفتح. فهذا استعمال طريف، فالسَفْر هنا بمعنى كشط الظاهر كما هو أصل التعبير بالكسب والحرفة. والمراد: كَدُّ اليد. والذي جاء من التركيب في القرآن هو (السفَر) الانتقال البعيد، وجمعه الأسفار، و (إسفار) الصبح والوجوه، و (السفَرة) الكاتبون و (الأسفار) الكتب. وهي واضحة في سياقاتها. • (سفع): {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} [العلق: 15] "يقال للأثافيّ: سُفْع وهي التي أُوقِدَ بينها النار فسوّدت صِفَاحها التي تلي النار. ويقال للحمامة المطوَّقة سَفْعاء، لسواد عِلَاطيها في عنقها. ونعجة سَفْعاء:

اسودّ خدها وسائرها أبيض. وسُفَعُ الثور: نُقَط سود في وجهه. سَفَعَته النارُ والشمسُ والسَمُوم: لَفَحَته لفحًا يسيرًا؛ فغيّرت لون بَشَرته، وسَوَّدته ". Qلصوق ما له حدّة أو كثافة على ظاهر الشيء: كذلك السواد في صفحة حجارة الأثافيّ من أثر النار (وكذلك ما هو من أثر الشمس والسَموم)، وكالسواد في الخد والوجه بجوار البياض. ومن اللصوق بحدّة بأعلى ظاهر الشيء قولهم: "سَفَع الطائرُ ضريبتَه وسافعها: لَطَمها بجناحه. وسَفَع وجهه بيده: لطمه، وسَفَع عنقَه: ضربها بكفه مبسوطة ". (كما تقول العامة الآن: لطعه أو لزقه قلما على وجهه، يعنون: لطمه). ومن ذلك المعنى استُعمل في المسّ من الشيطان وما إليه لما في ذلك من حدّة. يقال: "به سَفْعةٌ من الشيطان، أي: مسّ - والسَفْعة: العين (أي الحسد) امرأة مسفوعة: بها سُفعة، أي: إصابة عين ". ومن ذلك اللصوق بأعلى ظاهر الشيء استُعمل التركيب في الأخذ بأعلى ظاهر الشيء أو بطرَفٍ منه، فيقال: "سَفَع بناصية الفرس ليركبه. وسَفَع بيده، أي: أخذ بها " (ليقوده). وقوله تعالى: {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} فُسِّر في [قر 20/ 135] بالأخذ بها، وعليه أبو عبيدة [2/ 304] من: سَفَع بيده: أخذ بها. وفُسِّر أيضًا بتسويدها كما في [ل، قر]. وكلاهما حقيقة أو كناية عن إذلاله كقوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106] وللنواصي عندهم شأن، فقد كانوا يقُصّون نواصي من يتمكنون منه من أعدائهم؛ لإذلالهم، وإثباتًا لتمكنهم منهم. ومن اللصوق بظاهر الشيء استُعمل في عُرُوّ الظاهر: "السَفْع - بالفتح:

(سفك)

الثوبُ (يعرو الظاهر)، وسُفُوع الجارية: ثيابُها، واستَفَع الرجلُ: لبس ثوبه واستفعت المرأة ثيابها: إذا لبستها - وأكثر ما يقال ذلك في الثياب المصبوغة "كأن المقصود المصبوغة بألوان فاقعة، وهذه حدّة. • (سفك): {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ} [البقرة: 84] "سفك الدمَ والدمعَ والماءَ: هَرَاقه ". Qإراقة المائع المحتبس في البدن بحدّة أو قوة: كسفك الدم والدمع. قال في [ل]: و "كأنه بالدم أخص " {وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30] ومنه: "سَفَك الكلام: نشره ". • (سفل): {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا} [التوبة: 40] "سَفِلة البعير - كفرحة: قوائمُه، والسافلة: المَقْعدة والدُبُر، ومن الرمح: نصفه الذي يلي الزُج "سَفَل (قعد): نقيض علا. وسَفَلَ في الشيء: نزل من أعلاه إلي أسفله ". Qكون الشيء تحت غيره أو دونه متميزًا بذلك: كالقوائم من الجسم، وكالمقعدة، وكالنصف الأسفل من الرمح كانوا يجعلون الزجّ (قاعدة الرمح) إلى أسفل {جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} [هود: 82]، {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} [الأنفال: 42]. ومن معنويه: {فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ} [الصافات: 98]. وكذا ما في [التوبة 40، والتين 5] وسائر ما في القرآن من التركيب هو من السفول الحسّي.

(سفن)

• (سفن): {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ} [العنكبوت: 15] "السَفَن - بالتحريك وكمِنْجَل: ما يُنحت به الشيء من قَدُوم أو نحوه. والسفَن - بالتحريك: حجر يُنحت به ويليَّن (= يَنعَّم)، وقطعة خَشْناء من جلدِ ضبٍّ أو جلد سمكة، يُسحج بها القِدْح حتى تذهب عنه آثار المِبراة. سَفَن الشيء (ضرب): قشره، وسَفَنت الريحُ التراب عن وجه الأرض ". Qالنحت من ظاهر الشيء باتجاه باطنه للتسوية، أو لصنع فجوة في ذلك الظاهر: كنحت القدوم جِرْمَ الخشب، وتسوية ظاهر القِدْح بالسفَن (: السنفرة) وكشفِ التراب عن وجه الأرض. ومنه: "السفينة؛ لأنها تقشر وجه الماء (تغوص فيه وتزيحه حين جريها). وعلى هذا فلفظ سفينة فعيل بمعنى فاعل، أو لأنها خشب نُحت وصُنع " [ل] (فتكون بمعنى مفعول) [ل] وهذا الأخير أقرب وأولى؛ إذ إن من السفن البدائية ما كان يُصنع بنحت فجوة مستطيلة في وَجْه من جذع شجرة؛ فيصير الجذع بذلك كالقارب يجلس راكبه في هذه الفجوة المستطيلة. ويسمى بالإنجليزية Canoe وقد كاد يقول هذا في [ل]، إذ قال: "ويكون (لفظ السفينة) مأخوذًا من السَفَن، وهو الفأس التي يَنحت بها النجّار "ثم قال: "والسَفَن - محركة: الفأس العظيمة/ قدوم تُقشَر به الأجذاع ". {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} [الكهف: 79]. • (سفه): {قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 67]

£° معنى الفصل المعجمي (سف)

"ثوب سَفِيه: لهله خفيف. وزمام سَفيه: خفيف. ورجل سافه: شديد العطش ". Qخفّة جرْم الشيء لفراغٍ أو جفاف يتخلل أثناءه: كالثوب السفيه، والزمام السفيه، والرجل السافه. ومنه: "سَفِهْتُ الماءَ والشرابَ (كفرح) سَفْهًا - بالفتح: إذا أكثرتَ شربه فلم تَرْو (استمر شعوره بفراغ جوفه من الماء). وتسفّهت الريحُ الغصون: حرّكتها واستخفتها. وسَفِهْت نصيبي (فرح): نسيتُه (فقدتُه من ذاكرتي، وهذا فراغ) ورجل سفيه: خفيف العقل فارغه " (كأنما أُفرغ رأسه من العقل) {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ} [البقرة: 142]. فارغو العقل {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا} [البقرة: 282]، {مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} [البقرة: 130] أي سَفِهَت نفسُه، أي أُفْرِغت من اللب، أو فَقَد نفسه. (الفعل هنا من بابي فرح وكرم). واستُعمل السفه في الجهل. والجهل خفة وفراغ أيضًا مع جفاء، أخذًا من الجفاف في المعنى الأصلي. ومن تطبيقات هذا المعنى استعمالهُ في الشتم: "سافهه: شاتمه "، والشتم عيب بشيء: حقًّا أو باطلًا. وفيه جفاء وخفة. وليس في القرآن من التركيب إلا ما هو بمعنى خفة العقل أو ضعفه. ° معنى الفصل المعجمي (سف): نفاذ دقاق جافة من أثناء مع ظهورها. ويتمثل ذلك - في (سفف) في مرور الدقيق من المنخل والغبار في أثناء الهواء، وفي (سوف) في شم الجمل والدليل تراب وجه الأرض، ونفاذ المدماك ممتدًّا في أثناء البناء، وفي (أسف) يتمثل في نفاذ الندى والخصوبة من الأرض أي خلوها منهما، وكذلك نفاذ السِمَن من البدن والرقة من جلد الكف. وفي (سفر) يتمثل في زوال ما يعرو وجه الأرض كنسًا أو سفَرًا، وفي (سفع) يتمثل في لصوق السواد ونحوه بظاهر الحجارة

السين والقاف وما يثلثهما

وريش الحمامة وخد النعجة، واللصوق رسوخ في الظاهر كالنفاذ فيه. وفي (سفك) يتمثل في إراقة المحتبس المائع كالدم والدمع ويلزمه الجفاف، وفي (سفل) يتمثل في القوائم ونحوها مما يرتكز عليه الشيء - وهي دقيقة بالنسبة للبدن، كأنما يرسخ في الأرض ليرتفع أعلاه. وفي (سفن) يتمثل في إزالة قدر من ظاهر الشيء حكّا كما يفعل السفَن ولا يكون ذلك إلا مع جفاف. والجفاف واضح في كل ما ذكر. السين والقاف وما يثلثهما • (سقق - سقسق): "سَقّ العصفور، وسَقْسق الطائر: ذَرَق ". Qنفاذ الغليظ الذي يحشو الجوفَ أو العمقَ - منه (¬1). ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر السين عن النفاذ بدقة وامتداد، والقاف عن الغِلَظ المتجمع في الجوف، فيعبّر الفصل منهما عن نفاذ الغليظ الذي هو كحشو الجوف منه بقوة: كما يذرق الطائر. وفي (سقى) تضيف الياء معنى الاتصال بتماسك (وهذا يجمع)؛ فيعبّر التركيب المذيل بها عن تجمع وتحصيل للشيء (الماء أو نحوه) في العمق بإنفاذه إليه. وفي (سوق) تزيد الواو معنى الاشتمال؛ فيعبّر التركيب عن اشتمال على قوة تدفع كالساق تدفع الجسم إلى أعلى والقدم إلى الأمام، والسَوْق - بالفتح دفع إلى الأمام. والسُّوق - بالضم - مجمع يُدفع إليها ما يُعرض للبيع، وفي (وسق) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال؛ فيعبّر التركيب المسبوق بها عن ضم الشيء بقوة (اشتمال) جمعًا كالوسق أو ضمًا في البطن كوسوق الأتان: حَمْلها في بطنها جنينا. وفي (سقر) تعبّر الراء عن الاسترسال، ويعبّر التركيب المذيل بها عن ذوبان ما في العمق وتميعه بنفاذ الحدة إليه: كما تسقر الشمس الدماغ. وفي (سقط) تعبر الطاء عن غليظ يثقل جدًا، ويعبّر التركيب عن هُوِيّ من الثقل كهوى السَّقْط قبل أوان وِلاده، وكسقوط الشيء على الأرض أو نحوها. وفي =

(سقى)

• (سقى): {وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا} [المرسلات: 27] "السِقاء: القِرْبة للماء من جلد السَخْلة. والساقية: النهر الصغير. سَقَى الحيوانَ والنباتَ (رمى): أرواه، وسَقَى الثوبَ: أشربه صِبْغًا ". Qتحصيل الماء ونحوه من المائع في الجوف بإنفاذه إليه: كما في شُرب الماء، وسَقْى الثوب. والسِقاء أداة لذلك، والساقية تسقى الزرع. ومنه: السَقِيّ - فعيل: البَرْديّ لنباته في الماء أو قريبًا منه، والنخلُ الذي يُسْقَى بالسواني أي الدوالي. وكل استعمالات التركيب واضحة المأخذ من الأصل. {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: 21]، {وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا} [المرسلات: 27]، {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا} [النحل: 66] قُرئ بفتح النون من: سَقَى يَسْقى، وبالضم من: أَسْقَى. تقول "لما كان من يدك إلى فيه سَقَيْتُه، فإذا جعلتَ له شِرْبًا أو عرضته لأن يشرب بفيه أو بزرعه/ أو دللته على الماء: أسقيتُه " [قر 10/ 123، 1/ 418]. {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ} [التوبة: 19] مصدر كالسَقْي وجاءت على هذه الصيغة لأنها التزام كالحِرفة. و "السقاية أيضًا: الإناء يسقى به/ الصاع والصواع بعينه "وهو على صيغة اسم الآلة لدوام السقي به {جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ} [يوسف: 70] {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} ¬

_ = (سقف) تعبّر الفاء عن مباعدة وانفصال بقوة؛ فيعبّر التركيب عن غِماء، أي غطاء لعُمق الشيء وجوفه منفصل عنه، كالسقف. وفي (سقم) تعبّر الميم عن تضامٍّ واستواء ظاهري؛ فيعبّر التركيب عن التئام (ظاهر) الجسم ضامًا غليظًا حادًا في جوفه، كحال السقيم - أي الذي به علة في عمق بدنه.

(سوق)

[الشمس: 13]: السُقْيا هو الاسم من سَقَى [ل، الوسيط] وقد فسرها [قر 20/ 78، 13/ 131] بالشِرْب - بالكسر: أي حظِّها من الماء، وهو أدق، إذ هو مقتضى الصيغة، فهو الماء الذي تشربه، وهم قد نَفِسوا عليها حظَّها من الماء - لا مَبدأ الشُرْب. والاستسقاء: طلب السقيا {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى} [البقرة: 60]. وكل ما في القرآن من التركيب هو من سقى المائع ماء أو لبنا أو حميما والعياذ بالله وقد فرّقنا بين المراد بصيغها. • (سوق): {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} [الزمر: 73] "الساق: ما بين الركبة والقدم. وساقُ الشجرة: جِذعها. ساقَ الإبلَ وغيرها: حثّها - من الخلف - على السير. والسُوق - بالضم (قالوا سميت) لأن التجارة تُجلب إليها وتساق المبيعات نحوَها ". Qالدفع إلى الأمام أو إلى أعلى بقوة: فسَوْق الإبل ونحوها هو حثٌّ وحمل على الإسراع. والسُوق - بالضم: حيِّز يساق إليه ما يُعرض للبيع. والساق تَدفع القدم إلى الأمام، وجسمَ الشجرة إلى أعلى رَفعًا ونموًّا. {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ} [السجدة: 27]. {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ} [القيامة: 29، 30]. فسِّر التفاف الساق بالساق على حقيقته بالتفافهما كذلك ساعة الموت، أو في الكفن. كما فسِّر بالتقاء شدة الدنيا بشدة الآخرة [قر 19/ 112]. وقوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42]. يُكنى بكشف الساق عن الشدة التي تقتضي

(وسق)

التشمير كما قالوا: ("وإن شمرت عن ساقها الحرب شمروا ") ("قد كشفت عن ساقها فشُدّوا ") ("في سنة قد كشفت عن ساقها "). ولهذا فسِّرت الآية بيوم الشدة العظمى. كما فُسّرت بالأصل والحقيقة، أي يوم يُكشف عن الحقيقة [قر 18/ 248]. ومما يؤيده لغويًّا التعبيرُ عن النفس بالساق: نُسب إلى عليّ كرّم الله وجهه - قولُه: " ... ولو تَلِفَتْ ساقي ": أي نَفْسي. ونفْس الإنسان هي لب حقيقته، أي قوامه، كأنها حاملته ودافعته إلى أعلى. ومن السَوْق - بالفتح: "السِياق - ككتاب: المَهْر "؛ لأن العرب كانوا إذا تزوجوا ساقوا الإبل والغنم مَهرًا، لأنها كانت الغالب على أموالهم [ل]. و "السَيِّق - كسيّد - من السحاب: ما تسوقه الريحُ وليس فيه ماء. وساقة الجيش: مؤخِّرته (كأنهم يسوقون من تقدمهم). وكان - صلى الله عليه وسلم - في مشيه "يَسُوق أصحابه "أي: يُقَدّمهم ويمشي خَلْفهم تواضعًا. ومن الدفع الذي في معنى السَوْق قولُهم: "ساق بنفسه: نَزَع عند الموت ". (يدفع بها لتخرُج كرهًا - حسب الظاهر). أما "السُوقة - بالضم: غير ذوي السلطان من الناس "، فهو من أنهم رَعيّة يساقون. والذي جاء في القرآن من التركيب هو بمعنى السَوق ماضيه ومضارعه والمبني للمفعول منهما والمصدر الميمي (المساق) واسم الفاعل (سائق) و (ساقُ) الرجْل ومثناها وجمعها {مَسْحًا بِالسُّوقِ} [ص: 33] وكذا جمع ساق الشجر {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} [الفتح: 29] ثم جمع سُوق الشراء والبيع. وهي واضحة في سياقاتها. • (وسق): {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ} [الانشقاق: 17، 18]

(سقر)

"الوَسْق - بالفتح والكسر: ستون صاعًا. وَسَقَت الناقة والشاة: حَمَلت وأغلقتْ رحمها على الماء. ووَسَقت النخلة: حَمَلت ". "كل شيء حَمَلْته فقد وَسَقْته "وأوسقتُ البعير: حَمَّلته ". Qحمل الشيء كَمّا عظيما بحوز وثيق: كالوَسْق وما فيه، والعين بمائها، والحمل في الرحم المذكورات، {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}. أي: ما ضَمّ في جوفه. ومن ذلك اتساق القمر. {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}: امتلأ واجتمع واستوى ليلة ثلاث عشرة إلى ست عشرة. (حيث يبدو استيفاؤه لدائرته تمام حوز). ومن الكم العظيم المحوز استعملت في الكثرة أو الجماعة المترابطة معًا. "استَوْسَقَتْ الإبلُ: اجتمعت، واستوسق لك الأمرُ: أَمْكنك " (اجتمع لك). ومن هذا التجمع في ترابط: "الاتساق: الانتظام ". لأن "النظم "نفسه جمع في سِلْك. • (سقر): {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} [المدثر: 26] "السَقْر - بالفتح: الدِبْس [ق] / عَسَل التمر ونحوه. ونخلة مِسْقار: يسيل سَقْرها. والساقور: حديدة تُحْمَى ويُكوى بها الحمار والحيوان. وسَقَرات الشمس - بالتحريك: شدة وَقْعها. وقد سَقَرته الشمس (نصر): لوَّحَته وآذت دماغة بحرّها/ أذابته. وأصابه منها ساقور ". Qذوبان الغليظ الذي في جوف الشيء أو أثنائه بنفاذ الحرّ أو حدّة شديدة إليه: كسَيَلان عَسَل الرُطَب الذي أنضجَه الحرّ من تحت قشرته، وكذوبان الدماغ أو أثنائه في الرأس من حّرّ الشمس، وكحرّ الساقور يُكوَي به

(سقط)

ليزيل مرضا، وسُميت جهنم سَقَر لأنها تذيب (أي بشدة حرّها) الأجسام والأرواح [ل 37/ 19]. ولا التفات لزعم العجمة الذي أورده [ل] والمتوكِّلي. ومن معنويّ الأصل: "السَقْر - بالفتح: القيادة على الحُرَم " (لتميّع رجولته وغَيرته، فالمصدر لمعنى المفعولية) والسقّار - كشدّاد: اللعّان (يصل أذاه إلى النفوس. أو كما تقول العامة: لسانه يقطر سمًّا). • (سقط): {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا} [الأنعام: 59] "السقْط - مثلثة: الوَلَد الذي يسقط من بطن أمه قبل تمامه. وسِقاط النخل - ككتاب: ما سَقَط بُسْره. وسقْط الزَنْد - مثلثة: ما يقع من النار حين يُقدح (الزند) ". Qهُوِيٌّ بقوة بعد انقطاع أو انفصال من حيّز كان يُمسك: كخروج الولد من البطن قبل أوانه، وكانقطاع البُسْر من عِذْقه هاويًا إلى الأرض، وكاندفاع الشرر والنار من الزَنْد. ومنه يقال: "سَقَط من كذا إلى كذا أو عليه: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} [مريم: 25]، {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا} [الأنعام: 59]، {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا} [الطور: 44]. ومن معنويّه: {أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التوبة: 49]: انقطعوا من حيز العصمة، أو انغمسوا في الفتنة، كما ينغمس الهاوي من عَلٍ. ومن الانقطاع وحده: "سَقْط الرمل - مثلثة، ومَسْقِطُه: حيث انقطع معظمه ".

(سقف)

وقوله تعالى: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} [الأعراف: 149] يقال للنادم المتحير: قد سُقط في يده .. ويقال أيضًا: أُسْقط. ومن قال: سَقَطَ في أيديهم، على بناء الفاعل، فالمعنى: سَقَط الندمُ في أيديهم. وذُكرت اليد لأن مباشرة الأشياء باليد غالبًا و ... اهـ[وانظر: قر 7/ 285، بحر 4/ 391]. ولعل الأوضح أن يقال فيها: ولما انقطعت شبهاتهم في اتخاذ العجل، أي كسقْط الرمل حيث انقطع معظمه ورقّ وانتهى إلى طرفه، أو ولما وقع الحق وتجسم أمامهم. وليس في القرآن من التركيب إلا السقوط المادّي، والمعنوي، و {سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} وقد ذكرناهن. • (سقف): {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا} [الأنبياء: 32] "السَقْف - بالفتح: غِمَاء البيت. وسَقَائف جنبي البعير: أضلاعه، والسَقيفة خشبة عريضة طويلة تُوضع، يُلَفّ عليها البواري (الحصير المنسوج) فوق سطوح أهل البصرة [ل 56/ 19]. والسقيفة: كلّ لوح عريض في بناء إذا ظهر من الحائط. والسقيفة: لوح السفينة ". Qغِماء يشرف على الجوف أو العمق الفارغ للشيء: كسقف البيت، والسقائف المذكورة، كلٌّ منها يشرف على تجويف. {لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} [الزخرف: 33] ومنه: "على باب داره سقيفة [الأساس]. وتطلق السقيفة على كل ما سُقِف - أي زُوِّدَ بسقف كالصُفّة (الظُلّة أمام البيت)، وسقيفة بني ساعدة: ظُلّة كانت لهم ". ومن الأصل: "السقيفة: كل طريقة طويلة من الذهب والفضة ونحوهما من الجوهر

(سقم)

(لامتدادها في الأرض (ينظر سوم، سيب، ذهب)، وكأن ما تحتها فراغ لعدم قيمته بالنسبة للذهب). ونعامة سقفاء: طويلة العنق (لامتداده معقوفًا). وكذلك: سَقِف الرجلُ (تعب): طال في انحناء ". (يلحظ بناء المطاوعة). • (سقم): {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 88، 89]. "السَوْقَم - بالفتح: شجر عِظام له ثمرة مثل التين، وإذا كان أخضر فإنما هو حَجَرٌ صلابةً، فإذا أدرك اصفرّ شيئًا، ولان، وحلا حلاوةً شديدة. وسَقِم (تعب وكرم): طال مرضه ". Qجفاف جِرْم الشيء على غير المعتاد لوجود غليظ أو حادّ في باطنه: كثمر ذلك الشجر صُلْبًا كالحجر رغم خضرته. (قد تُعَدّ حلاوته الشديدة - بعد - حِدَّة) ومنه جفاف بدن السقيم؛ فطول المرض يكون من علة شديدة معضلة (أي لا تزول بسرعة) تسكُن الجسمَ وتجفّفه، أي تُذهب شحمه ولحمه. والعامة تعبّر أحيانًا عن النحيل أو النحيف البدن بأنه سقيم. {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ} [الصافات: 145]. فهذا سقم مادّي حقيقي، {فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89] وهذا سقم معنوي تقززا مما فيه قومه. [ينظر قر 15/ 92 - 93]. ومنه قول الراغب: مكان سقيم: إذا كان فيه خوف (سقيم هنا بمعنى مُسقِم، أي مقلق مُذهب للسكينة والراحة. وهذا جفاف وجفاء). ° معنى الفصل المعجمي (سق): نفاذ غليظ أو مهم من الجوف أو إليه. ويتمثل ذلك - في (سقق) في نفاذ ذرق الطائر من جوفه، وفي (سقى) في نفاذ الماء وهو بالغ الأهمية إلى الجوف، وفي (سوق) في القوة المحتواة في الباطن التي تدفع إلى الأمام أو إلى

السين والكاف وما يثلثهما

أعلى أي قوة الساق، والقوة من جنس الغلظ، وفي (وسق) في ضم الكثير واجتماعه في الحوزة وثيقا كوسوق الأتان والوسق الستين صاعا، وفي (سقر) في وصول الحدّة المذيبة إلى الباطن كسقر الدماغ والسقْر عسل التمر، وفي (سقط) في نزول الغليظ من الباطن بقوة كالسقْط الجنين الساقط من بطن أمه. وفي (سقف) في الغليظ الشديد الذي يقوم على تجوف الشيء من أعلاه أو جوانبه فيحمي جوفه كسقف البيت وسقائف جنبي البعير، وفي (سقم) يتمثل في الشدة التي في أثناء الجوف صلابة كما في ثمرة السوقم، أو مرضًا يطول كالسقم. السين والكاف وما يثلثهما • (سكك): "السَكَك - محركة: صِغَرُ قُوفِ الأذن وضِيقُ الصِماخ. والنعامُ كلها سُكّ. وبئر سَكّ - بالفتح والضم: ضيقة الخرْق من أعلاها إلى أسفلها. والسُكّ - بالضم: جُحْر العقرب والعنكبوت ". Qتضايق بضبط شديد في المنفذ الممتد (المستقيم) (¬1): ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): السين تعبّر عن النفاذ بدقة وامتداد، والكاف عن ضغط غئوري دقيق (يتأتى منه الامتساك)، والفصل منهما يعبّر عن خرق ضيق ممتد ممتسك (متين الجوانب): كخَرْق الأذن، ويصدق هذا على صف الدور المستقيم. وفي (سكب) تعبّر الباء عن التجمع الرخو مع تلاصق ما، ويعبّر التركيب عن تجمع المائع الذي يُصَبّ أو يسيل في حيز دقيق ممتد، كبلبل الإبريق؛ فلا يتشتت. وفي (سكت) تعبّر التاء عن ضغط دقيق حادٍّ (يقطع) الممتد، فيعبّر التركيب معها عن انقطاع أي توقف، لهذا الساري في الأثناء أو منها، كتوقف الكلام والحُمّى. وفي (سكر) تعبّر الراء عن الاسترسال؛ فيعبّر =

(سكب)

كالأذن الضيقة الصِماخ، وكالبئر الضيقة، وكلاهما ممتد. وجُحر العقرب والعنكبوت كذلك. ومن ذلك: السِكَّة: السطر المصطف من الشجر والنخيل (تضايق ما بين كل نخلة وتاليتها مع انضباط وامتداد). والسِكّة: الزُقّاق (لاصطفاف الدُور في جانبيه مع ضيقه كذلك)، والسِكّة: الطريق المستوي، وبه سُميت سِكَك البريد (مرسومة محددة فكانت مستقيمة منضبطة والمحدَّد ضيّق). وكذلك السِكّة النقدية (الاسطمبة) المنقوشة التي يُصب فيها الذهب والفضة الذائبان وتُسك عليهما، فينطبعان ويجمدان على ذلك دنانير أو دراهم. (لُحظ فيها ضيق فراغها وإحكامُها وأنها دائمة. امتداد زمني). • (سكب): {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ} [الواقعة: 30 - 32] "السَكْبة - بالفتح [وفي الأساس: المِسْكبة بالميم المكسورة]: الدَبْرة (أي الجدول) العُلْيا التي منها تُسقَى الدِبار. والسَكْبة - بالفتح أيضًا: جُليدة رقيقة على جسم المولود تُقشر عنه. والإسكابة: قطعة من خشب تُدْخَل في خَرق الزِقّ لتضييقه عند الصَبّ أو لسدِّه لمنع السَكْب. وطَعْنةٌ أُسْكوب، وسحاب أُسْكوب ". Qجريان المائع أو الرِخو في مجرى دقيق بيسر وانضباط إلى مقره: كالسَكْبة تحمل الماء وتنقله إلى الدِبار، وجلدة المولود تجمع جسمه وتُزْلقه، وكذلك الإسكابة تجمع المُنْصَبّ وتجعله دقيقًا إلى مَصَبّه. ومنه: "سَكَبت العينُ الدمعَ. وسَكَبَ الماءَ فسَكَبَ هو: صبّه فانصب ". وقول أهل المدينة: اسكُب على ¬

_ = التركيب معها عن سدِّ ما يسترسل لخزنه، كالسِّكْر: سدّ الماء. وفي (سكن) تعبّر النون عن الامتداد في الباطن، فيعبّر التركيب عن استقرار في باطن، كالساكن في مستقره.

(سكت)

يدي (من نحو إبريق). ثم أُطلق في الصبّ، يقال: ماء سَكْب وساكب وسَكُوب وسَيْكب وأُسْكوب: مُنْسكب أو مَسْكوب يجري على وَجْه الأرض من غير حفر {وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ}. ومن معنويّ الأصل: "سُنّة - بضم ثم تضعيف - سَكْب، أي: لازمة " (جارية وملتزَمة). • (سكت): {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ} [الأعراف: 154] "سكت الحرُّ: اشتد وركدت الريح. ورجموه حتى سكت، أي: مات. وسكت يسكت (قعد ونصر لازم): صَمَتَ/ قطع الكلام ". Qتوقُّف ما يجري في الأثناء أو منها سكونًا أو انقطاعًا: كسكوت الحر وركود الريح (كما قالوا سَكَرت الريح: سَكَنت بعد الهبوب، من السَكْر، (كما يقال: الجو مكتوم، وكانقطاع النفس والكلام). ومنه قوله تعالى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ}، أي احتبس وتوقف هبوبه عليه. وفسَّرها [قر 7/ 292] بسَكَن. وعَرَضَ تأويلًا بأن في الكلام قلبًا وأن الأصل سكت موسى عن الغضب أي توقف وهدأ. والعبارة القرآنية أبلغ بما لا حدّ له. • (سكر): {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: 67] "السِكْر - بالكسر: السِدَاد الذي يُجْعَل سَدًّا للشَق وغيره، والمُسَنَّاةُ (أي سَدّ خزن الماء). وسَكَر الماءُ والريح (قعد - قاصر): سَكَن ولم يَجْر. سَكَر النهرَ (نصر): سدّ فاه. وكل شَقٍّ سُدّ فقد سُكِر وسكّره تسكيرًا: خنقه ".

(سكن)

Qسَدُّ الفتحة أو المنفذ الذي يجري منه المائعُ أو اللطيفُ فيحتبس أي يقف جريانه. كما في الاستعمالات المذكورة. {لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا} [الحجر: 15]: غُطِّيَتْ وغُشِّيَتْ .. فحُبِست عن النظر [ل] أي توقف وصول الأشعة التي بها الرؤية. ومنه: "سَكِر (فرح) سُكْرًا - بالضم وبضمتين وبالفتح: نقيضُ صَحَا (وقف جريان تفكيره، أو سُدّتْ منافذ إدراكه) فهو سَكْران وجمعه سَكْرَى وسُكارى. {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43]، {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} [الحج: 2]. "وسَكْرة الموت: غَشْيَتُه "من هذا {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} [ق: 19]. وشبيه بها في هذه الغشية {إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: 72] والسَكَر - بالتحريك: ما يُسْكِر كالخمر والنبيذ {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: 67] ونزلت قبل تحريم الخمر [قر 10/ 128]. وفيها إيماء إلى أن السَكَر ليس من الرزق الحسن. والسُكّر - بضم فتشديد: عِنب يصيبُه المَرَق (مَرَق حَبُّ العنب مروقًا: انتثر من ريح أو غيره) فينتثر فلا يبقى في العنقود إلا أقله. (هذا الباقي محبوس أو حُبِسَتْ فيه الحلاوة) وهو أبيضُ رَطْب، صادق الحلاوة، عَذْب، من طرائف العنب، ويُزبَّب أيضًا [ل] وهذا مأخذ مناسب للسُكّر (الحلواء) ولا التفات لزعم تعريبه. وليس في القرآن من التركيب إلا (التسكير) و (السُكْر) و (السَكْرة) و (السَكَر)، وقد ذكرناها. • (سكن): {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنعام: 13]

"السِكِّين: المُدْية. والسُكْن - بالضم: القوت ". Qاستقرار في جوفِ حيِّز أو باطن: كالقُوت في الجوف، وكهمود ما يُذْبح بالسكين في مكانه: {وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا} [يوسف: 31]. ومنه: "السَكَن (محركة وكمَقْعَد ومجلس): البيتُ والمنزلُ (يستقر الساكن في جوفه) والسَكْن - بالفتح: أَهل الدار (الساكنون). وسكن بالمكان (قعد): أقام " (استقر في جوفه)، {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [إبراهيم: 45]. ومنه: "السَكِنَة - كفرِحة: مَقَرُّ الرأس من العنق (استقرار). والسَكَن - محركة: النار " (الأقرب أن تسميتها بهذا لأنها تساعد على الاستقرار والإقامة، لأن بها يُعَدّ الطعام ويُستدفأ ويستضاء. وقد يُنظر إلى سكونها في الزَنْد وأنها تستخرج منه انظر: نور - ورى). ومنه: "سكن الحر والريح والبرد: هدأ وسكن " (فلا يتحرك) {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ} [الشورى: 33]. ومن هذا "السكون ضد الحركة ": ماديًّا: ما في [الأنعام: 13، 96، المؤمنون 18 (إقرار في الأرض) الفرقان: 45، النمل: 86، القصص: 72، معنويًّا: التوبة: 103، الأعراف: 189، الروم: 21]. "والسَكِينة: الدَعَةُ والوَقَار. سكن: هدأ ووَدعَ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح: 4 ومثله ما في 18، 26، البقرة: 248، التوبة: 26، 40]. وسَكَن الرجل وأسْكَن وتمسكن: صار مسكينًا " (كما يقال: تطامن وخَشَع، كأنه انخفض في جوف استقر فيه) {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} [البقرة: 61 ومثلها ما في آل عمران: 112] (والمسكين من هذا، أى القارّ الصابر على ما هو فيه لا يجاهد للتخلص منه إما للتسليم لصاحب الأمر سبحانه، أو لسبب عنده. فهو

مِفْعيل من: سَكَن، كالمِنْطيق. ولذا يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم أَحْيني مسكينًا "أي مُخْبِتًا مطمئنًا. وقد استعاذ الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الفقر: فلا يكون الفقر من صلب معنى المسكنة. وقد يكون المسكين مُقلًّا أو مكثرًا، والأصل فيه شدة القرار ويصدق هذا بعدم التصرف والاحتيال). فمن المساكين الأغنياءِ ولكنهم ضعاف {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} [الكهف: 79] ومن الفقراء {أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ} [القلم: 24] أي لطلب الصدقة. ومن أجل أن المسكنة لا تحمل معنى الفقر ضرورة جاء التخصيص في قوله تعالى: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 16] ولم يجتمع الفقير والمسكين في آية واحدة إلا في آية الصدقات. ومما لا ينبغي إغفاله أن القرآن الكريم لم يذكر لفظ الفقير بين المتصدَّق عليهم عند الحض على الصدقة إلا في ثلاثة مواضع {وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28، والبقرة: 271، والتوبة: 60]، في حين أنه ذكر المسكين في تسعة عشر موضعًا، كما أن آية {أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ} [القلم: 24] تُثبت وقوع التسول من المساكين (وهذا من العجز وقلة الحيلة) ولم أجد مثل ذلك للفقير. الخلاصة أن الملحظ في المسكين هو شدة القرار للتسليم أو لقلة الحيلة والعجز ونحوهما، واليهود {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} [البقرة: 61] وهم أكثر أهل الأرض مالًا؛ فليس الخلو من المال من أصل معنى المسكنة. وأما الفقير فهو أصلًا الخالي من المال، وقد تكون عنده صلابة السعي والكدح، وإن بقي في حاجة إلى الصدقة؛ لأن حاجاته أكثر مما يكسبه. أما المسكين ففيه استكانة واستسلام. وفي الحديث الشريف: "ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان،

£° معنى الفصل المعجمي (سك)

وإنما المسكين الذي لا يَسأل ولا يُفْطَن له فيُعْطَى [ل] فعدم السؤال في هذه الحال من المبالغة في العجْز وقلة الحيلة ". والذي في القرآن من التركيب هو (السكّين)، و (السكون) ضد الحركة، و (السكينة)، و (المسكنة) وقد حصرناهن ولم يبق إلا كلمة (مسكين) وجمعها وهي واضحة. وسائر كلمات التركيب بمعنى السَكَن الاستقرار في المساكن وهي البيوت ونحوها. ° معنى الفصل المعجمي (سك): ضيق المنفذ ضيقًا شديدًا بحيث يكاد ينسدّ - كما يتمثل في ضيق صماخ أُذنُ الأسكّ وضيق خَرْق البئر السَكّ وجُحر العقرب - في (سكك)، وفي ضيق الإسكابة والسَكْبة الجُلَيدة التي تكسو الجنين تيسر نزوله من المنفذ الضيق - في (سكب)، وفي ضعف الريح حتى تتوقف وتسهم التاء في التعبير عن ذلك في (سكت)، وفي سكْر النهر الجاري فيتوقف جريان مائه في (سكر)، وفي همود الشيء واستقراره وتوقف حركته في (سكن). السين واللام وما يثلثهما • (سلل - سلسل - سلسبيل): {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون: 12] "سَلَّ الشعرَ من العجين ونحوه. انسلَّ الرجلُ: انطلقَ في استخفاء. انسللت من بين يديه: مضيتُ وخرجْت بتأنٍّ وتدريج. المِسَلّة: مِخْيَط ضَخْم، والسَليل: طرائق اللحم الطوال تكون ممتدة مع الصُلْب، والنخاعُ (في فقرات الظهر). والسَليلة: الشعر يُنفش ثم يُطوَى ويُشَدّ طولًا، في طول ذراع، ثم تَسُلّ المرأةُ منه لتَغْزِل (وهذا المطويّ المشدود يُسمَّى أيضًا ضريبة). والسُّلّاءة - كتفّاحة: شوكة النخل ".

Qانسحاب الشيء من أثناءٍ، أو فيها، بطول ورفق أو لطف (¬1). كما تَسُلُّ المِسَلَّةُ الخيطَ في أثناء المَخِيط، وكالسَليل: طرائق لَحْم الصلب، ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر السين عن النفاذ بدقة وامتداد، واللام عن الامتداد مع نوع من الاستقلال أو الميز. ويعبّر الفصل منهما عن انسحاب شيء من أثناءٍ بامتداد ولطف (دقة أو خفاء) كتلك السليلة من الشعر التي تَسُلّ منها المرأة لتَغْزِل. وفي (سلو) تعبر الواو عن معنى الاشتمال، ويعبّر التركيب المختوم بها عن استقلال الشيء المنسحب بما يشتمل علي شيء كالسلي للولد. وفي (سول) تتوسط (الواو) بمعنى الاشتمال؛ فيعبّر التركيب معها عن نحو تدلي جزء من شيء (وهي صورة الانسحاب هنا) لاشتمال هذا الجزء على حادٍّ قوةً أو ثقلًا كالدلو السَّوْلاء وكالتسوُّل. وفي (سيل) تتوسط الياء بمعنى الامتداد اتصالًا، ويعبّر التركيب معها عن نحو التسيب امتدادًا باتصال، كالسَّيْل وسِيلان السكين. وفي (وسل) تسبق الواو بمعنى الاشتمال، فيعبر التركيب معها عن احتواء الشيء على (إمكانية) ما له امتداد واتصال بشيء كالوسيلة. وفي (سأل) فإن ضغطة الهمزة تجعل التركيب يعبّر عن أن الانسحاب من الأثناء يقع بدفع كما في السؤال. وفي (سلب) تعبر الباء عن التجمع بتلاصق، ويعبّر التركيب معها عن الإمساك بقوة بما امتد من شيء آخر، أي أخذه بالقوة. وفي (سلح) تعبر الحاء عن احتكاك جاف بِعَرض، ويعبّر التركيب معها عن نفاذٍ حادٍّ (جفاف) بعِرَضٍ، كالسلاح في الأبدان. وفي (سلخ) تعبّر الخاء عن تخلخل، ويعبّر التركيب معها عن نزع ما يلتصق بظاهر الشيء قليلًا قليلًا، كسلخ الجلد. وفي (سلط) تعبّر الطاء عن غِلَظ، ويعبّر التركيب معها عن ضغط يستخرج غلظ الشيء وقوامه، كما في استخراج السليط: الزيت. وفي (سلف) تعبّر الفاء عن انفصال وانقطاع بطرد، ويعبّر التركيب معها عن أخذ أو اقتطاع تقدمي، أي سبق أو تقدم، كسُلاف الخمر وسُلفة الطعام. وفي (سلق) =

وكالنُخاع في فِقَار الظهر - ولطفُه رقته وخفاؤه، وكخيط الشعر الممتد من الضريبة. والخروج بتأنٍّ وتدريج يطيل حَدَث الخروج ويلطفه. ونُظر في سُلّاءة النخل إلى امتدادها دقيقة مستوية وهي تنمو كذلك قليلًا قليلًا. ومنه: سَلَّ الشعر من العجين. وأما سَلُّ السيفِ من الغِمْد، أي إخراجُه منه، فإن قيد اللطف فيه يتمثل في الخفة والسرعة. وقوله تعالى: {يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا} [النور: 63] يخرجون من بينهم متسحِّبين خِفْية. ومنه: "سَلَّ البعيرَ وغيرَه في جوف اليل: انْتزَعه من بين الإبل " (أي سَرِقَةً) وسلَّ وأَسَلّ واستلّ الشيءَ: سَرَقه ". والسَّلّة: شقوق في الأرض، وكذا في الحوض أو الخابية، يتسرب منها الماء، ومجرى الماء في الوادي/ وَسَطِ الوادي حيث يسيل معظم الماء. والسالّ: مكان وَطِئٌ وما حولَه مشرفٌ يجتمع إليه الماء/ مَسِيل ضيق في الوادي ". و"السُلالة - كرُخامة: ما اسْتُلَّ من الشيء {مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ}: سُلَّتْ من كل تُرْبة. وكذلك: {مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} [السجدة: 8] (هذا الماء خلاصة سُلّت من بين الصلب والترائب). والسُلالة: النَسْلُ منه، وكذا: السَليل: الولد ¬

_ = تعبّر القاف عن غلظ وقوة في الباطن، ويعبّر التركيب معها عن إذهاب غِلَظ الجوف أو الباطن، أو سحبه وإزالته، كذهاب الغلظ من السَّلْق: المكان المطمئن بين ربوتين، وسَلْق البيض ونحوه يُذهِب فَجاجة باطنه. وفي (سلك) تعبّر الكاف عن ضغط غئوري دقيق، ويعبّر التركيب معها عن النفاذ بدقة وقوة في شيء صُلْب مثلًا أو بشيء صُلْب أو متين، كسلك النظم. وفي (سلم) تعبّر الميم عن استواء الظاهر والتئامه، ويعبّر التركيب معها عن التئام ما امتد أو انسحب بلا شقوق أو كسور، كشجر السَّلَم ووظيفة السُّلَّم.

حين يخرج من بطن أمه ". ومنه "رجل سَلٌّ، وامرأة وشاةٌ سَلَّةٌ - بالفتح فيهن: سَقطت أسنانهم من الهَرم " (انسلّت متسِيبةً بسهولة من الهَرَم. والفعل الثلاثي لهذا مكسور عين المضارع قاصر). "والسل - بالضم والكسر وكصداع: داء يُهْزِل ويُضْنِي ويَقْتُل (يسُلّ الجسم والصحة). ومن الأصل "السِلْسِلة من الرمل: رمل ينعقد بعضه على بعض وينقاد (أي يمتد طوليًّا). وكذا: سِلْسِلة الحديد: حِلَق من الحديد ونحوه (متماسكة تمتد طوليًّا) {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ} [الحاقة: 32]. ومن الأصل: "سليل الجنة: صافي شرابها .. سُلَّ حتى خَلَص/ الخالص الصافي من القذى والكدر فهو فعيل بمعنى مفعول. والسَلسَل والسَلْسَال - بالفتح، وكتُماضر: الماءُ العذْب الصافي، من ذلك. قال [في ل]: إذا شُرِب تسلسل في الحَلْق وسَهُل دخولُه فيه. وسلسبيلٌ: في غاية السلاسة فينْسَلّ في حُلوقهم "وأقول إن السلسبيل فيه - زيادة على غاية العذوبة والسلاسة والصفاء - أنه يُروِي شاربه ويغذوه فلا يعطش بعده - أي من البلال، [انظر: بلل]. وبهذا يتميز السلسبيل على غيره، فكم من صاف لا يُرْوى شاربه {عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا} [الإنسان: 18]. وفي ضوء هذا التحليل اللغوي والصوتي للسلسبيل، يتضح أن زعم تعريبه عن الفارسية كما جمع السيوطي في [المتوكِّليّ] لا سند له؛ فهي بأصواتها وبمعناها قريبة جدًّا من السَليل والسَّلْسل، وقد سبقا، وفيها من الزيادة ما يقابل صوتَ الباء الذي زادته. والذي في القرآن من التركيب: (التسلُّل)، و (السُلالة)، و (السِلْسلة)،

(سلو/ سلى)

و (السلسبيل). وقد ذكرناهن. • (سلو/ سلى): {وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} [البقرة: 57] "اسْتَلَتْ الشاةُ: سَمِنت (ذُكرت في التركيبين الواوي واليائي). والسُلْوانة "بالضم: العسل، كالسَلوى " [ق]. Qاحتواء الشيء في أثنائه على ما له قوةٌ خاصة وفيه غَنَاء وكفاية: كالسمَن للشاة، فالشحم مصدر الطاقة لها ولآكل لحمها (ينظر الطِرْق، بالكسر، في [ل طرق] وفيه غناء لهما. وكذلك العسل إدام كامل يُغني عن غيره. ومنه: "أَسْلَى القومُ: أمِنُوا السبع " [ق] (لوجود حماية - مثلًا - تكفي أمر السبع). ومنه كذلك: "سَلَاه وسَلَا عنه: نسيه وذَهِل عن ذكره [تاج] (غَنِيَ عنه)، والسُلْوانة - بالضم: خَرَزة أو دواء تُؤخِّذ به المرأةُ رجلَها عمن عَشِقها؛ فيسلوها، أي يَغْنَي عنها. و"السَلْوَى "في قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} هى العسل. هذا هو المعروف في اللغة. أما تفسيره بالسُمَانَي فلا شاهد له إلا ما أوردوه. وإني لتَعْرُونِي لذِكْرَاك هِزَّةٌ ... كما انتفَضَ السَلْواةُ بَلَّلَه القَطْر وهو من شعر أبي صخر الهذلي. وقد استشهد به ابن هشام في أوضح المسالك، والقطر، وشذور الذهب، وابن عقيل في شرحه للألفية. وهو فيها كلها (¬1): العُصْفُور - بدل السلواة؛ فلا شاهد في البيت على تفسير السَلْوَى ¬

_ (¬1) كما يفهم من تعليق العلامة محمد محيي الدين عبد الحميد - رحمه الله - على البيت في شذور الذهب 149، 273.

بالسُمَانَي. وتأمل قول ابن دريد: "قال المفسرون: السلوى: السُمَاني - والسلوى عند العرب العَسَل ". وقول الأزهري: "السلوى طائر وهو في غير القرآن العسل ". وقول ابن سيده: السلوى: العَسَل " [ل سلو] وواضح أن اللغويين هنا ينكرون أن تكون كلمة سلوى تعني طائر السُمانَي، لكنهم يسلمون للمفسرين بما يفسرون به، وبخاصة إزاء رواياتهم الكثيرة في ذلك (¬1) كما أن اللغويين يعرفون أن السلوى هو عند العرب العسل. وانطباق الأصل على العسل ماديًّا واضح. وإذا كان التِيه هو سيناء - كما في التاريخ وجاءت به روايات تفسيرية (¬2) فإنها جَبَلية، والجبال من مساكن النحل {أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا} [النحل: 68]. وقد قال أمية بن أبي الصلت في قصيدة له في القصة (¬3): (عَسَلًا ناطفًا.) "وإن كانوا عرضوه تفسيرًا للمَنّ لا للسلوى. أما انطباق السَلْوى على السُمَانَي، فلا يبحث عنه إزاء إنكار أهل اللغة هذا المعنى صراحة، لأن القرآن عربي. [وانظر: قر 1/ 458]. ولا ينبغي أن ننسى أن بني إسرائيل كانوا في التيه عقوبة لهم لتمردهم على الله ورسوله إليهم فيكفيهم ما يقوتهم: الكمأة والعسل. هذا، والاستعمال الذي ذكر في تركيب "سلى "دون "سلو "هو: السَلَى: - بالقصر: الجِلْدة التي يكون فيها الولد من الناس والمواشي ". أي حين يولد. وتحقُّق المعنى المذكور في "سلو "هنا أيضًا واضح. وكأن الصيغة هنا للفاعلية (فَعَل - بالتحريك) فتلك الجلدة تحتوي الولد. ¬

_ (¬1) انظر تفسير الطبري 2/ 96 - 101. (¬2) ذاته ص 99 - "أرض بين مصر والشام ". (¬3) ذاته 95.

(سول)

• (سول): {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} [يوسف: 83] "الأَسْوَل من السحاب: الذي في أسفله استرخاء ولُهدْبه إسبال. دلو سَوْلاء - بالفتح: ضخمة. قال: (سَوْلاْءُ مَسْكُ فارض نَهِيِّ) (مَسْك أي جلد، فارض أي بقرة كبيرة. نَهِيّ بالغة الكبر). "والسَوَل - محركة، والتسوُّل: استرخاء البطن/ استرخاء ما تحت السرة من البطن ". Qاسترخاء بعض الشيء وتدلِّيه للينه مع احتوائه ثقيلًا: كسَوَلِ البطن، وكالدَلو، والسحاب الموصوف. ومنه: "سَوَّلَتْ له نفسه أمرًا - فُسِّر بزَيَّنَتْ له نفسه " (¬1) ومال ابن فارس وما في [ل] إلى أن الفعل مأخوذ من السُول - بالضم: الأُمْنِيَة - مخففة من السُؤْل المهموزة. وفسِّرت في [الوسيط] بالتحبيب والتسهيل. وبالنظر إلى الأصل الذي أصّلناه أقول إن اللفظ مأخوذ مما هنا - أي ليس من المهموزة، وأنه مبني على ما في الأصل من ثِقَل في الشيء (يجعله يسترخي)؛ فمعنى سوّلت: رجَّحت، أو عدّلت، أي جعلت ذلك عَدْلًا وحقًّا - كما أن العدالة أُخِذت من مُثاقلة العِدْل - بالكسر، وهو الثِقْل الذي له مقابل يثاقله فيوازنه [انظر: عدل]. ولذلك قالوا: "أنا سَويلك في هذا الأمر، أي عديلك ". فكذلك "سَوَّلَت: عَدَّلت "، والأصل ثَاقَلَتْ ووازَنَتْ، أي جعلته متوازنًا، أي عدلًا لا ظلم فيه. ثم إن النفس هكذا تفعل في مثل ما نحن بصدده، ¬

_ (¬1) في المجاز لأبي عبيدة 2/ 26، وغريب القرآن لابن قتيبة 213، و [ل].

(سيل)

تقول هو يستحق كذا. وكذا قال إخوة يوسف: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [يوسف: 8] فاتهموا أباهم، ثم فعلوا ما ظنوه عدلًا لا ضلالًا، فقال أبوهم: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} [يوسف: 83]. وكذلك في المرة الأُخْرى هم الدين حكموا مسبَّقًا بشأن صُواع الملك، و {قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} [يوسف: 75] فهذا كان عدلًا عندهم. وقال أبوهم مرة ثانية: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} [يوسف: 83] أي صوّرته لكم عدلًا. فهذا تحرير أصل تفسيرهم "سَوّلت "بـ "زَيّنت "أي جعلته عَدْلًا لا انحراف فيه. وهذا أحكم مما في [بحر 5/ 278, 290، 8/ 82] وليس في القرآن من التركيب إلا (سوّل له) فسرت بـ: زين له. • (سيل): {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} [الرعد: 17] جاء في المصباح "السَيْل: معروف، وجمعه سيول، وهو مصدر في الأصل من سال الماء .. سيْلًا وسيَلانًا - بالتحريك: إذا طَغَى وجَرَى، ثم غَلب (السيلُ) في المجْتَمِع من (ماء) المطر الجاري في الأودية ". وفي [ل]: "السيل: الماء الكثير الجاري ". Qتسبُّب المائع بغزارة وفيضان من كثرته فيتجاوز امتدادُه حيّزَه المحدود: كسيل الماء يجري متجاوزًا موضعه: {فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} [الرعد: 17]، {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ} [سبأ: 16] ومنه إسالة الجواهر الصلبة، أي إذابتها بحيث تتميع مادتها؛ فتجرى متجاوزةً حدود صُورتها {وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} [سبأ: 12].

(وسل)

ومن الامتداد (اللازم للتسيب) قالوا: "غُرّة سائلة: وهي التي استطالت وعرُضت في الجَبْهة وسالت على أرنبة الأنف حتى رَثَمَتْها ". والسَيَال - كسحاب: شجر سَبِط الأغصان (والعامة تقول عن الشعر الذي تسترسل خصله على الجبهة أو الصدغ إنه سايح أو سايل وهما بمعنى). ومن ماديّ ذلك الامتداد: "سِيلان السكَّين والسيف ونحوهما - بالكسر: سِنْخُ قائمهما الذي يُدْخَل في النِصَاب "، حيث يبدو بانسحابه مستدقًّا من القائم العريض، كأنه ممتد منه أو سائل منه. وليس في القرآن من التركيب إلا (السيل) و (إسالة) عين القطر. • (وسل): {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: 35]. "الوسيلة: الوُصْلة/ ما يُتَوَصَّل به إلى الشيء. إذا غَفَل الواشون عدنا لوَصْلنا ... وعاد التصابي بيننا والوسائل [طب] Qشيء يُتَلطف (¬1) به للوصول إلى مطلوب أو القرب منه. كاتصال المحبين بعضهم ببعض بتلطف واحتيال: تَخَفًّ أو نحوه. ومنه الوسيلة: ما يُتَوصل به إلى الشيء ويُتَقَرب به. والواسل: الطالب الذي يطلب، والراغب إلى الله، بمعنى أنه ذو وُصْلة (¬2) اهـ. واستُعمل اللفظ في الساعي إلى تحصيل الاتصال (فالوسيلة سبب ممتد بين هذا وذاك، والتوسل اجتهاد في تحصيل ذلك) ¬

_ (¬1) التلطف يصدق بالتخفي، وبالتقرب واستدرار الرحمة، وبالاستشفاع، وبالاحتيال. (¬2) خزانة الأدب 2/ 54.

(سأل)

توسَّل إليه بكذا: تقرب إليه بحُرْمة آصرةٍ تَعْطِفُه عليه. وقد وَسَّل فلانٌ إلى الله وسيلة - ض: إذا عَمِل عملًا تقرب به إليه. فالوسيلة: الوُصْلة والقربى {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} [الإسراء: 57]. وفي الحديث: "اللهم آت محمدًا - صلى الله عليه وسلم - الوسيلة "، قالوا: المراد بها القرب، أو الشفاعة، وقيل: منزلة من منازل الجنة. وفي قول رؤبة: (وأنت لا تَنْهَرُ حظًّا واسِلا) قالوا: أي واجبًا. ولعل الأدق أنه المتصل أو الجاري، وهذا يعطي معنى اللزوم، وهي لا تصل بذلك إلى ثقل المعنى الكلي للوجوب. وليس في المعاجم وكتب الغريب والتفسير ما يخرج أو يزيد [وانظر: قر 6/ 159]. • (سأل): {قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى} [طه: 36] "سألتُه الشيءَ والدرهم: استعطينُه إياه وكذلك: سأل المحتاج الناس: طلب منهم الصدقة ". Qاستخراج ما في حوزة أخرى أي طَلَبُ تحصيله بَدفْع أو حثّ: كما تخرج الصدقة والدرهم من المسئول. وما السؤال إلا حَثٌّ ودفع من أجل هذا، أي استخراج واستنفاذ. قال تعالى: {لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ} [طه: 132]، {وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ} [محمد: 36]. وعلى هذا قوله تعالى: {كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا} [الفرقان: 16]. أي مُسْتَخْرَجًا نافذًا. وفي [قر 13/ 9] رد هذا إلى السؤال, وقيل واجبًا. ومثله يقال في {وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا} [الأحزاب: 15]. ومن الاستخراج طلبًا: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} [المعارج: 1]. ثم استُعمل السؤال في طلب الكشف عن الشيء، أو عن حاله في

النفس، أي عن عملها به، أو ما صُنِع به {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101]، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: 25] , {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ} [البقرة: 217]. والسُؤْل: ما سألتَه (من عطية أو أُمنية) (فُعْل بمعنى مفعول) {قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى} [طه: 36]. وقوله تعالى: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: 10] قال الزجاج لأن كُلًّا يطلب القوت ويسأله [ل]. وفي [قر 15/ 343] عن الفراء واختاره طب: وقدر فيها أقواتها سواء للمحتاجين. وقال آخرون (وفيه جفاء): سواء للسائلين ولغير السائلين. (أخذوه من التسوية). والذي أراه أخذًا من الأصل: لمن سأل, أي طلب واجتهد في استخراج تلك الأقوات. وهذا نظام الحياة. خلاصة: معنى هذا التركيب هو الطلب: إما طلب شيء أي تحصيله أو طلب علم أي معلومة. فالذي جاء منه بمعنى طلب تحصيل شيء هو ما كان على الصيغ الآتية (سأل، سألتكم، سألتم، سألتموه، سألتموهن، سألها، سألوا، أسألك، أسألكم، نسألك، يسألك [النساء: 153]، يسألكم، يسألكموها، يسأله، (اسألوا ... وليسألوا)، يسألون، اسألوا [النساء: 32] (سألتموهن ... فاسألوهن)، سئلوا) تساءلون [ينظر قر 5/ 4]، سؤلك، سؤال, سائل، السائلين [البقرة: 177]. وما عدا ما ذكر فهو سؤال علم أي طلب معلومة عن شيء. و {لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 13] يجوز فيها الأمران: عذر يصرف العذاب، أو سؤال

(سلب)

حساب، أو ارتسام، أو أطماعا. [ينظر قر 11/ 275، بحر 6/ 278، 279]. • (سلب): {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ} [الحج: 73] "السَلَب - كسَبَب: ما يأخذه أحد القِرْنَين في الحرب من قِرْنه مما يكون منه له ثيابٌ وسلاحٌ ودابة. سَلَبَ فلانًا: جرّده من ثيابه وسلاحه. والسَلَب - محركة: لحاء شجر معروف باليمن تُعْمَل منه الحِبَال. وشَجَر سُلُب - بضمتين: لا ورق عليه ". Qنزع بقوة لما يعلق ممتدًّا بحيّز آخر، ويلزمه تجرد الحيز الآخر: كسلْب القِرْن ما علق به ممتدًّا (لأنه ملكه) وهو في وضع المقهور، وكالتجريد من اللحاء وهو ممتد تصنع منه الحبال. وكالشجر المجرد من الورق الذي شأنه أن يكتسى به. ومنه قوله تعالى: {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ}. ومن التجردّ قولهم: "ما أحسن سُلْبتها، أي: جُردتها "- بالضم فيهما، و "انسلبتِ الناقةُ: أسرعت في سيرها " (انتزعت نفسها من بين ما يحيط بها من الركائب بقوة اندفاعًا، والسرعة امتداد). ومن الامتداد (مع التجرد): "كل طريق ممتد فهو أسلوب ". و "فرس سَلِبُ القوائم - ككتف: طويلهما، ورمح سَلِب - ككتف: طويل. ويقال: رجل سَلِب اليدين بالضرب - ككتف ". (كما يقال: يده طويلة). وكذا: "ثور سَلِبُ الطعن بالقرن ". وأما "سَلِبت المرأة (فرح) وتسلّبت وسَلّبَت - ض: لبست السِلاب -

(سلح)

ككتاب: ثياب الحداد، فهو من التجرد في الأصل؛ إذ الحداد تجرُّد من الزينة. وتلحظ صيغة المطاوعة. • (سلح): {فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: 102] "السلاح - ككتاب: اسم جامع لآلة الحرب، وخُصَّ به ما كان من الحديد، ويطلق على السيف وحده. والإسْليح: شجرة تغزُر عليها الإبل ". Qنفاذ بحدّة وامتداد: كالسيف يُنفَذ به في بدن العدو بامتداد. {وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: 102]. وغزارة اللبن نفاذٌ بقوة وتوالٍ. ومنه: "سَلَح (فتح): راث " (نفاذ ما في الجوف من مادة حادة الوقع على الحس). • (سلخ): {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] "سَلَخَ الإهاب (نصر وفتح): كشطه. وسَلَخَت الحية (فتح - قاصر)، وكذا كل دابة تنسري من جلدتها كاليُسْروع. السِلْخ - بالكسر: الجلد. وشاة سليخ: كُشط عنها جلدُها لا يزال ذلك اسمَها حتي يؤكلَ منها. والسَليخةُ: قضيب القوس إذا جُرَّدَت من لحائها ". Qنَزْع ما هو ملتصق محيط بظاهر الشيء فينكشف الشيء: كسلخ الجلد عن الشاة، وتجريد قضيب القوس من نحو القِشر. ومنه: "المِسْلاخ: النخلة التي ينتثر بُسْرها وهو أخضر ". ومن مجازه: {نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} [الأعراف: 175] ,

(سلط)

{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} [يس: 37] ذلك أن الظُلْمةَ أعمُّ، وهي الأصل، وضوءُ النهار بقعة طارئة {فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} [يس: 37]: و "سلَخْنا الشهرَ: خرجنا منه فسلخنا كلَّ لياليه عن أنفسنا [ل] {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} [التوبة: 5]. ومن الأصل المذكور استعمل في انفصال المتلابسين وخلوص أحدهما من الآخر. ومنه: "سَلِيخ العَرْفَج (العَرفج: نبت تحليته في ل): ما ضخُم من يبيسه/ ما ليس فيه مرعى، إنما هو خشب يابس (تجرد مما يراد رعيه منه). وسليخة البان: دُهْنُ ثَمَره قبل أن يربَّب بأفاويه الطِيب " (يُستخرج من الثمر بجهد). • (سلط): {وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا} [الإسراء: 80] "السَليط: الزيت، والسِلْطة - بالكسر: السهم الطويل. قال في وصف نصال (سلاط حداد أَرْهَفَتْها المواقع) (المِيقعة: المِطرقة). Qالتمكن من القهر من بعيد: كالسهم الطويل يصاب به من بعيد، وكالزيت يوقد به السراج فيغلب الظلام ويمكن من رؤية الأشياء. ومنه: "دابة سَلْطَة الحافر: وقَاح " (صُلْبته)، وكذلك: "بعير سَلْط الخُفّ " (يتمكنان من الوصول إلى الأبعاد السحيقة لشدة تحملهما). ومن معنويه: "رجل سليط: طويل اللسان حادُّه (يؤذي به من بعيد). والسلطان: الحاكم " (ذو سلطة أي قهر يطوّع به الرعية وإن لم يكونوا تحت عينيه). والقدرة القاهرة واضحة في {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}

(سلف)

[الإسراء: 65]، {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} [النحل: 100]، {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة: 29]، و "السلطان أيضًا: الحجة والبرهان " (منطق أو آية تقهر المنكِر أو المعارِض على التسليم) {مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [الأعراف: 71]، {لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ} [الكهف: 15] ولذا استعمل في المعجزة {إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [الذاريات: 38] [تاج] واستعمل في "قدرة المَلِك، وقدرة من جُعل ذلك له وإن لم يكن مَلِكًا "ومنه {فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: 33]. وقوله تعالى {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ} [النساء: 90] بأن يُقْدرهم على ذلك ويقويهم عقوبة .. أو ابتلاء .. أو تمحيصًا [قر 5/ 310] ومن هذا الإقدار والتقوية ما في [الحشر: 6]. وكلمة (سلطان) في القرآن يدور معناها بين الحجة القاهرة (ومنها المعجزة) والقدرة القاهرة أيضًا. أما "المساليط: أسنان المفاتيح، فهي من الأصل؛ من حيث إنها ممتدة تفتح المغاليق والأقفال المستعصية. • (سلف): {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: 24] "سُلَاف الخمر وسُلَاقتها: أولُ ما يُعصر منها/ هو ما سال من غير عصر/ أخلصُها وأفضلُها وذلك إذا تحلَّب من العنب بلا عصر ولا مَرْث. وكذلك من التمر والزبيب. والسُلْفة - بالضم: الطعام الذي تَتعلَّل به قبل الغذاء .. وهي اللُهنة يتعجلها الرجل قبل الغذاء. والسُّلْفة كذلك: غُرْلة الصبي ". Qشيء يتقدم أو يسبق نوعَه بلطف: كسلافة الخمر تسبق

ما يُعْتَصر، واللطف فيها أنها تسيل بلا عصر. وغرلة الصبي تمتد سابقةً سائر غلاف العضو، واللطف فيها رقتها. وسُلفة الطعام تسبق الوَجْبة الكاملة. ومن ذلك: "السَلُوف من نصال السهام: ما طال ". (والنصل في مقدم السهم وطوله يزيد تقدمه). "والسَّلَف - بالتحريك، والسُلْفة - بالضم: الجماعة المتقدمة في السير. سَلَفت الناقة (نصر): تقدمتْ في أول الوِرْد. وسُلّاف العسكر: متقدَّمتهم. والسَلوف: السريع من الخيل " (سابق) "والسالفة: أعلى العنق " (هذا أدق تحديداتها - تسبق العنق إلى أعلى)، وسالفة الفرس وغيره: هاديته " (هادى الفرس وغيره: عنقه، وهو متقدم على بدنه). "والسُلْفة: الكَرْدَة المسوَّاة " (مجرى يقدم الماء إلى الأرض). وقولهم: "سَلَف الأرض، وأَسْلفها: حوّلها للزرع وسواها. والمِسْلَفة، بالكسر: ما سوّاها به .. "فهذا السَلْف تهيئة للأرض لتُزرع، والتهيئة مقدمة؛ فهو من التقدم أيضًا. ومن التقدم الزمني: "سَلَفُ الرجل: آباؤه المتقدمون. والسَلَف: كل عمل قدّمه العبد (بين يديه) من عمل صالح أو وَلَدٍ فَرَطٍ ". أما "السِلفان: متزوجا الأختين "فأرى أن الأصل فيه أن السِلْف - بالكسر: هو السابق بزواج امرأة فيكون هو سَلَفًا (أي سابقًا) لمن يتزوج أختها، ثم عُمّم في الاثنين. وساعد على ذلك أن السِلْف على صيغة فِعْل - بالكسر، وهي تأتي بمعنى اسم الفاعل؛ فتصدق على السابق، وبمعنى اسم المفعول؛ فتصدق على المسبوق. وأما "السَلْف - بالفتح: الجراب الضخم "فأقرب تأويل له أنه بمعنى

(سلق)

مسلوف فيه، أي أنه يُعبَّأ بما يُسْلَف، أي يُؤْخذ من (مقدم الشيء). وربما كان يُستعمل للاختزان ادخارًا للمستقبل، فيكون من معنى التقدم أيضًا. والذي جاء في القرآن الكريم هو من معنى التقدم أيضًا {فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ} [الزخرف: 56]، {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ} [المائدة: 95]، {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: 24] ومثلها ما في [يونس: 30]. • (سلق): {فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ} [الأحزاب: 19] "السَّلَق - محركة: المكان المطمئن بين الربوتين. وكغراب: تقشُّر جلد اللسان ". Qتأثُّر باطن الشيء بحدة تنال ظاهره فتذهب صلادَتَه ويلين: كالمطمئن بين الربوتين كان مستويًا فنَحَره السيل مثلًا حتى وصل إلى عمقه وتمهّد. وتقشُّر جلد اللسان يُرِقُّ ظاهره، كما أنه هو في عمق الفم. ومنه "سلقتْه الدابة: سَحَجتْ باطن فخذيه. والسليقة: أثر النِسْع في بطن البعير ينحصّ عنه الوبر. "والسليقة: المَحَجّة الظاهرة. (طريق واضحة بغئورها النِسْبِيّ بين ما حواليها من الأرض وقد دكَّتْها السالكة كما هو الشأن في الطرق بين رمل الصحراء، وأزالت غِلَظَ وسطها فتمهّد). وسلَقَ الطعام بالماء الحار (حتى وصل أثر الحرارة إلى الباطن فأذهب فجاجته). وسَلَقه بالكلام: آذاه (كلام غليظ يؤثر في النفس) {سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ}. والسالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة " (صوت قوي حادٌ يؤثر في السمع).

(سلك)

ومن ذلك الأصل: "سَلَقه: ألقاه على ظهره (فكشف بطنه وهي عمقه). وسَلَق الحائط (نصر): صعِد عيه (تغلب عليه من حيث هو حائل بينه وبين الجانب الآخر أي في الوسط أي العمق) وتسلَّق: تكلف ذلك. و "سلَق المزادة: دهنها " (فذهب غِلَظُها وهو جفاف أثنائها الباطنة). ومن ذلك "السليقة: الطبيعة " (مستقرة في النفس) يقرأ بالسليقة وبالسليقية أي بطبعه الذي نشأ عليه لا بتعلم [تاج] (استمداد من حصيلة الاستعداد الفطري العميق، وَيقْرأ هنا معناها ينطق الكلام لا أنه يقرأ من مكتوب). • (سلك): {فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا} [النحل: 69] "السِلْكة - بالكسر: الخيط الذي يخاط به الثوب ". Qنفاذ في أثناءٍ (ضيقة) بدقة وامتداد: كذلك الخيط. ومنه: "سَلَكْتُ الشيءَ (الدقيق) في الشيء، وسلكَ يده في الجيب، والسقاءِ، ونحوهما " (مداخل ضيقة). وقال تعالى: {فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ} [الزمر: 21] "فأدخله في الأرض وأسكنه فيها - كما قال {فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ} [المؤمنون: 18] عيونًا ومسالك ومجاري كالعروق في الأجساد [قر 15/ 246] {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} [الحجر: 12 ومثلها ما في الشعراء: 200] نسلكه أي الضلال والكفر والاستهزاء والشرك/ لنمنعهم من الإيمان. وهو ألزم حجة على المعتزلة [ينظر قر 10/ 7, 13/ 139]، {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر: 42 ومثلها ما في الجن 17]، {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ} [الحاقة:

(سلم)

32]، {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ} [القصص: 32 ومثلها مما في المؤمنون: 27]. (تفسَّر كلها بالنفاذ والدخول أو الإدخال في مضيق بقوة). ومنه: "سلكتُ الطريق (نفذت فيه) {فاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا} [النحل: 69] (ويلاحظ أن النحل نفسها دقيقة الجِرْم، وسُبُلها دقيقة لطيفة خفية). {وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا} [طه: 53]: (خلقها من مادة قابلة لإنفاذ الطرق فيها، وهداكم لذلك، وأعانكم وأنجح جهودكم). {يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [الجن: 27] (يجعل في المسافة التي حوله أمامه وخلفه مباشرة رصدا للحفظ من كل شر {مُعَقِّبَاتٌ} كما في [الرعد: 11 - ينظر قر 9/ 292]. أما "السُلَك - كعمر: فَرْخ القَطا أو فرخ الحَجَل؛ فلدقة الجرم سُمى بذلك، إذ هو فرخ متولِّد من أثناء، وضُرب المثل بالقطا في الاهتداء [المنجد]. ومسكن الحَجَل أعلى الجبال. والصعود هكذا نفاذٌ. ومن الأصل: "السِلْك - بالكسر: خيط من المعدن دقيق كسلك الكهرباء " [الوسيط] وقد قال فيه إنه مولد. وانطباق الأصل عليه تمام الانطباق واضح. • (سلم): {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ} [الحشر: 23] "السَلَم - بالتحريك: شجر من العِضاه سَلِبُ العيدان طولًا، شبْه القضبان، وليس له خشب وإن عظُم. والسلام - ككتاب: الحجارة/ كل حَجَر عريض .. صُلب. والسُلَامى - كحُبَارَى: عظام الأصابع في اليد والقدم. والسَليم من الحافر: ما بين الأَمْعَر والصَحْن (الأمعر من الحافر: الشعر الذي يسبغ عليه من مقدم الرسغ. والصحن باطن الحافر وكأن المراد بسليم الحافر هو كتلته العظْمية).

Qصحة جِرْم الشيء والتئامُ (ظاهره) في ذاته أي عدم تصدعه أو تفرع غيره منه: كعيدان السَلَم الموصوفة، وكالحجارة العريضة الصلبة، وكعظام الأصابع كل منها ملتئم في ذاته غير متصل بغيره، وكظاهر حَجَر الحافر المستوى. ومنه: "سَلَمْت الدلوَ (ضرب): فَرَغْتُ من عملها وأحكمتها " (أي هي تامة سليمة. والدلاء كانت تُصنع من جلود تُخرز وتُلأم). ومنه "السُلَّم المِرقاة "لأنه أداة الصعود دون عَطَب. ومنه ما في [الأنعام: 35: والطور: 38] ومنه: "سَلِم (كفرح) سلامة وسلامًا: بريء من (عيب) جسميّ أو معنويّ، فهو سالم وسليم ". فمن السلامة المادية أي عدم التصدع والعيوب {وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم: 43] وكذا ما في [البقرة: 71، هود: 48، الأنبياء: 69]. ومن السلامة المعنوية ما في [الأنفال: 43، والصافات: 84]. ومن هذه السلامة "السِلْم ضد الحرب "لأنه مسالمة [الأنفال: 61، محمد: 35] {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 89] لم يقسمه الشك أو الشرك. [ينظر قر 13/ 114]، {وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ} [الزمر: 29]. أي ذا سَلَم، أي خالصًا [قر 15/ 253]. ومن ذلك "أسلم الشيء إليه: دفعه إليه (كلَّه أو سالمًا). وكذا سلّمه - ض {إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233 وكذا ما في النساء: 92]. وقريب منه معنى الانقياد لأنه تسليم نَفْس، ومنه تسليم النفْس لله {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: 83]: استسلم وانقاذ وهو معنى {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]. وبهذا المعنى كل صيغة (أسلم) ماضيها ومضارعها وأمرها ومصدرها واسم الفاعل منها. ويضم إلى هذا ما في

£° معنى الفصل المعجمي (سل)

[البقرة: 208]. وكذا "استسلم: انقاد " {بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ} [الصافات: 26]، {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ} [النحل: 28]. أي الاستسلام أي أقروا بالربوبية وانقادوا عند الموت. [قر 10/ 99] ومن الاستسلام ما في [النساء: 65، الأحزاب: 22، الصافات: 26] وكذلك {السَّلَمَ} [في النساء: 90، 91، والنحل: 28، 87] ويجوز في [الصافات: 103]. و"السلام، من أسماء الله عز وجل، بمعنى: ذي السلام - صفة كمال له عز وجل " {السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ} [الحشر: 23] وإلى هذا يئول {سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة: 16 وينظر قر 6/ 118]. {دَارُ السَّلَامِ} [الأنعام: 127] وهي الجنة [قر 7/ 83]. و "السلام: التحية "بمعنى السلامة {قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ} [هود: 69]. وسلّم عليه: قال له ذلك ودعا له به {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [النور: 27]. وكل ما لم نذكره قبل الفقرة هذه الأخيرة من مفردات التركيب القرآنية فهو من السلام بمعنى التحية، وهو يرجع إلى السلامة. ولم يبق من مفردات التركيب في القرآن إلا اسم سيدنا سليمان عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]. "والسَلَم - بالتحريك: نوع من البيع "من إسلام الثمن ودفعه مقدمًا. و"استَلَم الحجَرَ: قبّله "- افتعال من السَلِمَة: الحَجَر، أي من مس سطح الحجر بالشفتين أو غيرهما. فالفعل للإصابة. وأما "السَليم: اللديغ "فهو على التفاؤل، أو لأنه أُسْلِم لما به [ل]. ° معنى الفصل المعجمي (سل): هو انسحاب الشيء ممتدًّا من أثناء أو فيها

السين والميم وما يثلثهما

بطول ورفق: يتمثل ذلك في سل الشعر من العجين ونحوه - في (سلل)، وفي السِمَن حيث يتربى الشحم في أثناء البدن ممتدًّا مادة أو دوامًا - في (سلو/ ى)، وفي استرخاء أسفل السحاب والبطن والدلو الثقيلة إلى أسفل - في (سول)، وفي امتداد ماء السيل من مجمعه إلى أماكن بعيدة - في (سيل)، وفي امتداد الوُصْلة بين المتوسِّل والمتوسَّل إليه - في (وسل)، وكذا استلال الإبل من أماكنها إلى ما يريده اللص سرقة، وفي استخراج العطية والسُؤْل ممن يملكه - في (سأل)، وكذلك تجريد الشجر من قشره والقتيل من سلاحه وثيابه - في (سلب)، وفي امتداد جسم السيف ونحوه من السلاح، وخروج اللبن بغزارة من النوق - في (سلح)، وفي امتداد إهاب الناقة نزعًا من بدنها - في (سلخ)، وفي خروج الزيت من حَبّه والدهن من السمسم بتوال عصرًا مع تمدد مادتهما أو امتداد السُلْطة والقهر - في (سلط)، وفي جريان سلافة الخمر من العنب قبل اعتصاره - في (سلف)، وفي ذهاب غليظ باطن الشيء لحدّة خالطت عمقه كالسلق المطمئن من الأرض - في (سلق)، وفي امتداد الخيط الذي يخاط به - في (سلك)، وفي امتداد عيدان شجر السلم وهي مستوية، والحجارة العريضة الصلبة أي غير المكسورة - في (سلم). السين والميم وما يثلثهما • (سمم - سمسم): "سُمّ كل شيء - بالفتح والضم: ثُقْبه وخُرْته. ومنه: سَمّ الخياط (= الإبرة). وسُموم الإنسان والدابة: مَشاقّ جلده (فمُه ومَنْخِراه وأُذناه). Qخرق مستوى الجوانب معدّ للضم أو الإنفاذ (¬1): ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): السين لنفاذ الدقيق الممتد، والميم لاستواء الظاهر، ويعبّر الفصل منهما عن خرق ملتئم الجوانب من ظاهر الشيء الى باطنه معدّ للفم أو الإنفاذ كسَمّ الخياط =

كخرق الإبرة للخيط والفم للطعام والأنف للنفس والأذن للصوت. {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40]. ومنه "سَمَمْت القارورة ونحوها. (رد): سَدَدْتُها، والشيءَ: أصلَحَه، وبينهما: أصلح (سَدَّ الثغرة - إصابة). ومنه (السَّم - بالفتح: كل شيء كالوَدَع يخرج من البحر (ملتف ومتجوف له فتحة إلى جوفه). وريح السَموم (تلسع وتنفذ) {وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ} ¬

_ = للخيط وفي (سمو) تضيف الواو معنى الاشتمال. ويعبّر التركيب معها عن التئام عُلْوي مشخّص يشتمل على ما دونه، كسماء البيت لفراغه وما فيه وسماء الفرس لبدنه - وفي (سوم) تتوسط الواو بمعنى الاشتمال, ويعبّر التركيب عن امتداد باتصال داخل حيَّز محيط، كالسام: عرق الذهب وسَوْم السلعة لإدخالها في الحوزة. وفي (وسم) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال. ويعبّر التركيب عن اشتمال ظاهر الشيء على أثر غائر تؤخذ منه معلومة عنه كالوَسْم ودلالته. وفي (سئم) فإن ضغط الهمزة في وسط التركيب تجعله يعبر عن ضيق الصدر (= جوف ملتئم الظاهر) بالأمر، كما في السَّأَم. وفي (سمد) تعبّر الدال عن ضغط ممتد وحبس، والتركيب معها يعبر عن انتصاب الشيء مما امتلأ به جوفه (أي احتبس فيه) كالوطْب السامد. وفي (سمر) تعبّر الراء عن الاسترسال. ويعبّر التركيب عن زيادة أو ازدياد (= استرسال) باللأم (= الضم الشديد) كما يفعل المِسْمار، وكالمسمور. وفي (سمع) تعبّر العين عن جرم ملتحم غض، ويعبّر التركيب معها عن منفذ يمتد في جسم لين، كالمِسْمع. وفي (سمك) تعبر الكاف عن ضغط غئوري دقيق يتأتى منه الامتساك، ويعبر التركيب عن ارتفاع وامتساك إلى أعلى بعَمْد أو مقاومة، كالسَّمْك (السقف) والسنام السامك. وفي (سمن) تعبّر النون عن امتداد في الباطن لطيف، ويعبّر التركيب معها عن امتلاء البدن بما تجمع في داخله من مادة لطيفة الجرم كالسمن في البدن.

(سمو)

[الحجر: 27]، {وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 27] و "السَامّة والسُمَّة (بالضم)، والمَسَمَّةُ - بالفتح، وأهل المَسَمَّة: الخاصة (البطانة النافذون إلى ما بطن). وسَمَّه: خَصَّه، وَسمَّتْ النِعْمةُ: خَصَّتْ (نفذت اليه من بين الآخرين، مثل: خَصَّه). والسمّ القاتل - مثلثة (يخترم). وسَمّ سَمَّه: قَصَد قَصْده (كخصه). وأصبت سَمَّ حاجتك - بالفتح: (عَيْنها). وسُموم السيف: حُزوز فيه. والسُمْسُمة - بضمهما وكسرهما: دُوَيبة تلسع (تدخل إبرتها). والسِمْسِم - بكسرهما: الجُلْجُلان ". أزهاره أنبوبية الشكل (المنجد) (أي هو بداخلها، أو لصغره كأنه دَخّال. أو لدُهْنه كأنه ممتلئ المسام به). و"السُمَّة - بالضم: جُمَّارَة النَخل (حَشوُ جوفه). وسَمَامَة الرجل - كسحابة، كسَمَاوته: شَخْصُه " (الخاص من بين الناس). • (سمو): {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا} [الحج: 78] "السماء: التي تعلونا. والسماء: سقف كل بيت: (وقالت سماء البيت فوقك مخلق) وسماء كل شيء: أعلاه، كسماء الفرس: ظهره. وسماوة كل شيء: شخصه ". Qارتفاع الشيء أو شخوصه ملتئمًا ظاهره وأعلاه على ما تحته: كالسماء الملتئمة كالسقف فوقنا، وكسقف البيت عليه، وأعلى الفرس دونه بدنه وقوائمه {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات: 47]، كما قال تعالى: {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} [الطور: 5]، {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا} [الأنبياء:

32]. ومن ذلك يطلق على السحاب (والمطر) {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: 11] ومنه: "سَما لك الشيء: رُفِع لك من بعيد فاستَبَنْتَه. والصائد يَسْمُو الوحش ويَسْتَمِيها: يَتَعَيَّنُ شخوصها ويطلبها من غِيرَانها. (أصل ذلك أن يطلب أخذها وهي حية لا مصابة. والعامّة يعبّرون عن شراء بهيمة حية للذبح بأنه اشتراها قائمة أو يقولون: الكيلو قايم بكذا. فكأن الاستماء اصطيادُها ساميةً أي قائمة حية). ومن الأصل: "سما الفحل: تطاول على شَوْله. وساماه: طاوله وعالاه. ومنه قالوا: ساماه: باراه ". والاسم أصله سِمْوٌ (مثل جِذْع وقُفْل) فكأنه كلمة تعبّر عن صفة جسمية لظاهر الشيء أو أعلاه تُتَّخَذ علامة له، أو لأن الاسم يقيم المسمَّى وينصبه بتشخيصه وتمييزه إياه بأنه يذكر المعنى الذي يتحقق في المسمَّى ويُعلَم به المسمَّى (التفرع في اسم الشجرة مثلًا). أما أسماء الأعلام فهي عند عامة الناس تفاؤلية وعند غيرهم قد تكون بإلهام) {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6]- صلى الله عليه وسلم -، {وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ} [آل عمران: 36]. وقولهم: "ذهب صيته في الناس وسُماه - بضم ففتح مقصورًا، أي صوته في الخير، أي شارته وصفته التي عَلَتْه وعُرِف بها. والذي جاء في القرآن من مفردات التركيب هو (الاسم) وجمعه، و (التسمية)، و (السَمِيّ) المشارك في الاسم، والأجل (المسمَّى) المعيَّن المحدَّد، و (السماء) وجمعها. وكل منها واضح في سياقه.

(سوم)

• (سوم): {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: 29] "السامُ: عروق الذهب (والفضة) في الحَجَر قال شاعر: (كأنه عِرْقُ سَامٍ عندَ ضَارِبه) [ل: سهر، وقر 19/ 200] والسامَة: "نُقْرة ينقع فيها الماء " [ق]. والسامَة: عتبة الباب [المنجد]. السائمة: كلُّ إبل تُرْسَل تَرْعَى ولا تُعْلَف وكذلك السَوَامُ "- كسحاب. Qامتدادُ بقاءٍ أو مرورٍ وذهابٍ في حيّز بلا حدّ: كعروق الذهب وغيره تمتد في أثناء الأرض، والنقرة يجتمع فيها الماء وهو محصور فيها، وعتبةُ الباب تمتد من جانب إلى جانب تحوُز وتُبْقى. ومنه: "سامت الراعيةُ والماشيةُ والغنمُ تسوم سومًا: رعت حيث شاءت وأسامها: أرعاها، وسوّمها - ض: أرسلها (خلّاها لترعى) ولا تُعْلَف " (امتداد في المرعى بلا حد) {وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} [النحل: 10]. و"سامه ذُلًّا: أولاه إياه [الوسيط]، أي كما نقول: أذاقه (فهو من مجاز الرعى فينبغي أن يلحظ فيه الدوام كأنه غذاء.) {يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} [البقرة: 49] ومثله ما في [الأعراف: 141، 167، إبراهيم: 6]. وكذا "سامه الأمرَ: كلّفه إياه (ألزمه إياه أخذًا من الانحصار في حيّز). وسام الشيءَ: لزمه ولم يبرح عنه " [الوسيط]. ومن الامتداد دون الانحصار في حيز: "سام الرجلُ والإبلُ والريحُ (قاصر): مَرّ (المرور امتداد انتقالي). والسائم (: الذاهب على وجهه حيث شاء)

(وسم)

من هذا. والسامُ: الموت " (ذهاب دائم بلا حدّ). ومن الأصل: "السوم في المبايعة: ساومه سُوامًا " (كرخام) (محاولة أو مجاذبة لإدخالها في حوزته ملكًا دائمًا). ويقال: "سمت فلانًا سِلْعتي: إذا قلت أتأخذها بكذا من الثمن؟ وسامني الرجلُ بسلعته حين يذكر لك هو ثمنها ". (وأما السِيما، والسُومة - بالضم؛ العلامة فهي ومشتقاتها من تركيب "وسم "كما قال ابن السراج في [ل]، ومنها كلمات (مسومة، مسومين، سيماهم) وقد وضعها صاحب المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم مع مفردات تركيب (سوم) هذا. • (وسم): {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75] "الميسم - بالكسر: المكواة. وَسَمه (وعد): أثّر فيه بسمة وكَىّ ". Qالتأثير في ظاهر الشيء بأثر غائر لازم يدل على شيء. كما تُوسَم الإبل بسمة خاصة بمالكها لبيان تبعيتها له {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} [القلم: 16] (الخرطوم الأنف، والكيّ عليه علامة على غاية الإذلال). ومنه "السِمَة: العلامة، وكذلك السُومة والسِيمة والسِيما {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} [الفتح: 29] ومثلها كل (سيماهم) وكذلك السِيماء. وسوَّم الفرسَ: جعل عليه السِيمة {لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ} [الذاريات: 33، 34]، {مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [آل عمران: 125]، أي مُعْلِمين. ففيها قلب مكاني (إذ الأصل مُوسَّمة) ومنها {وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ} [آل عمران: 14] وكذلك كل (مسومة). وهو موسوم بالخير، وتوسَّمت فيه الخير

(سأم)

(رأيت فيه علامته) {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75]. "أي المتفرسين: توسَّمْت في فلان الخير: تبينته " [ابن قتيبة: تفسير غريب القرآن ص 239]. وقال ابن عطية: "المتوسم هو الذي ينظر في وسم المعنى قيستدل به على المعنى، [ينظر تفسيره لآية الحجر 75] وهو يرى أن خيرية نفس الإنسان (مثلًا) تنضح على ظاهره، فيستدل المتوسِّم بذلك الظاهر عليها. و "الوَسْمِىّ: مطر الربيع الأول " (يقشر الأرض، كما سُمي بعض المطر قاشرًا. وفي [ل]: يَسِم الأرض بالنبات). ومنه "الوَسْمة - بالفتح: شجر، ورقه يُختضب به الشعر ليسودّ. و "موسم الحج والسوق: مجتمعه؛ لأنه مَعْلم يُجتمع إليه " [ل]. فهو مَعْلم مكاني وزماني. أما "الوسامة: أثر الحسن "، فكأن أصل ذلك أنه يلفت، أو أن حسنه لافت كالعلامة. • (سأم): {يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] "السَآمة: الملل والضَجَر. سئِم من الشيء (فرح) سَأَمًا وسَأْمة - بالفتح وكسلام وسلامة. Qالملل ونحوه. وحقيقته عدم الصبر على استمرار أمر. (وليس هناك استعمالات مادية). قال الراغب "السآمة: الملالة مما يكثر لُبثه فعلًا كان أو انفعالًا " {وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ} [البقرة: 282]، {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ} [فصلت: 49] وكذا ما في [فصلت: 38].

(سمد)

• (سمد): {وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النجم: 60، 61] "المِسْمد - بالكسر: الزَّبيل. والسَمَاد - كسَحاب: تراب قوي (سِرْجين - أي زِبْل وبول وجِلّ - ورماد) يُطْرح في أصول الزرع ليجود نباته. وَطْب سامد: ملآن منتصب [الأساس] (الوطْب سِقاءٌ للبن من جلد الجَذَع فما فوقه). والسامد: المنتصب إذا كان رافعًا رأسه ناصبًا صدره ". Qانتصاب جرم الشيء قائما من شدة اكتنازه بما يشغل جوفَه - كالوطب، وكالسامد من الناس، والسَمَاد يُقيم الزرع ويملؤه حيوية، والزبيل يُكدَّس فيه التراب ونحوه. ومنه: "سمد سمودًا (قعد): قام رافعًا رأسه ناصبًا صدره كما يَسْمُد الفحل إذا هاج [الأساس]. واسمأَدَّت يده وغيرها: وَرِمت .. وَرَمًا شديدًا. وسَمَد (قعد): علا، وثبت في الأرض (فاشتد أو انتصب) {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} (مستغلظون راكبون رءوسكم في الباطل سادرون غيرَ خاشعين). و "سَمَدت الإبلُ في سيرها: جَدّت (اشتداد). وسَمَدَ: غَنَّى " (صَوت ممتد قوي مرتفع). وقال في [الأساس]: "لأن المغنى يرفع رأسه وينصب صدره ". وبه أيضًا فُسرت الآية، أي: لاهون. أما "سَمَده: قَصَدَه كصَمَده "، فهو من الأصل، أي قصد شخصه المنتصب أمامه. (إصابة).

(سمر)

• (سمر): {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون: 67] "المسمار: واحد مسامير الحديد. وامرأة مسمورة: معصوبة الجسد ليست برخوة اللحم. ورجل مسمور: قليلُ اللحمِ شديدُ أَسْر العظام والعَصَب. والسَمُر - كنَدُس: ضَرْبٌ من العِضَاه (والعضاه ما عظُم وطال من الشجر) ليس في العضاه أجود خشبًا منه ". Qالتئام وتداخل شديد لأشياء بعضها في بعض دون رخاوة: كالمسمار يَلْأم الأخشابَ بعضَها مع بعض ويشُدها، وكالرجل والمرأة الموصوفين باشتداد عَصَب بدنيهما مع شدة الأَسْر وقلة اللحم، وكالسَمُر المذكور بتفوق خشبه في الجودة ومنها الصلابة قطعًا. ومن هذا: "سَمَر الخشب بعضه ببعض: شّده معًا بالمسمار ". والتداخل نفاذ لبعض الأشياء في أثناء بعض. ومنه مع التجاوز عن الصلابة: "سَمَّر اللبن - ض: مَزَقَه بالماء " (فتغلغل فيه الماء كثيرًا) و "سمَّر سهمَه - ض: أرسله (أنفذه في الهواء فنفذ مستقيمًا بقوة). وناقة سَمُور: نجيبة سريعة (نفاذة). وسَمَرت الماشيةُ (قعدت): نفشت (استرسل نفاذها هنا وهنا). وسَمَر إبله: أَهْملها (أي تركها تنفذ هكذا وهكذا حيث شاءت). وسَمَرت هي النبات (نصر): رَعَته " (أُرْسِلَت فيه) (أو أنفذته في جوفها فاشتدت به). ومنه: "سَمَرَ القومُ: تحدثوا ليلًا في ضوء القمر يتجمعون بالليل ". (التجمع مستوى من الالتئام والتداخل، وهو بالليل أشدّ في ذلك، مع استرسال نفاذهم في الليل بطول السهر) وهم سامر وسُمّار وسامرة {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا

(سمع)

تَهْجُرُونَ}. ومن هذا جاءت "المسامرة: الحديث بالليل ". ومن لازم "سَمَر القوم "جاء الفعل "سَمَر (نصر وقعد): لم ينم ". وله أساس أيضًا في الشدة التي في الأصل؛ إذ النوم استرخاء. وقد سموا الظلمة نفسها سَمَرًا - بالتحريك. (إما بأنها زمن السَمَر، وإما لأنها كالغشاء المتداخل) وصرح في [ل] بأن السُمرة (اللون) سُميت بلون الجو وقت السَمَر. فهذان مأتيان للسُمْرة اللون. وليس في التركيب من المفردات القرآنية - بعد ما سبق - إلا السامريّ (المتبادر أن هذه نسبة إلى السامرة عاصمة مقاطعة قديمة في فسطين على أنقاضها بنيت مدينة نابلس الحالية بفلسطين). • (سمع): {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127] "المِسْمَع - بالكسر: خَرْق الأُذن، وموضع العُروة من المزادة. وأسمع الدلو: جعل لها عُروة. والمِسْمَعان - بالكسر: الخشبتان اللتان تُدخلان في عُرْوَتَي الزَبيل .. ، وجَوْربان يتجورب بهما الصائد. والسَمْع - بالفتح: الأذن. وجميع خروق الإنسان (فمه ومنخريه واسته) مَسامِع، لا يفرد لها واحد ". Qنفاذ مادة لطيفة أو دقيقة إلى أثناء شيء: كما ينفذ الصوت إلى الدماغ من خلال المِسْمَع، والعروة تنفذ فيها الخشبات أو غيرها إلى الجانب الآخر، وكخروق الإنسان واصلة إلى جوفه، والجورب تنفذ فيه الرِجْل. ومنه: "سَمِعَ الصوت: أدركه بحاسة السمع {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ ...} [المائدة: 83]، {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [الروم: 52] , {لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى} [الصافات: 8]. المقصود الشياطين.

وقد استعمل السمع والإسماع في القرآن كثيرًا إثباتًا ونفيًا بمعنى القبول لما يُسْمع - وهو قريب إلى المعنى المحوري كما هو واضح، وكثيرًا ما عبر المفسرون عن هذا القبول بسببه وهو الفهم والتدبر، إذ هما أيضًا لا يكونان إلا بالنفاذ إلى القلب. ينظر ما قال [قر] في {وَاسْمَعُوا} [المائدة: 108] {الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} [الأنعام: 36]، {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ} [الأنفال: 23] {لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} [النحل: 65, الروم: 23] [قر 6/ 360 , 418، 388, 10/ 122، 14/ 18] على التوالي. وهناك أيضًا آيات [الأنفال: 21، يونس: 67، الفرقان: 44، فصلت: 4] وفُسَّرت بنفس ما قلنا أو بقريب منه. وقوله تعالى {وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} [الأعراف: 100] هي أقرب لما قلنا إذا عُدَّ {فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} فرعا على الطبع، فتكون حجة في استعمال السمع لمعنى الفهم بالقلب. لكن لم يقف عندها في هذا إلا الفخر الرازي إذ قال: "لا يقبلون ولا يتعظون ولا ينزجرون. وقال البيضاوي: "بمعى سماع تفهم واعتبار "فجعله كمذهبهم في كل الآيات التي ذكرناها هنا. هذا، وكل ما في القرآن من التركيب عدا ما في هذه الفقرة هو من سماع الأذن - إلا في وصف المولى عز وجل فهو عِلم ما يقال بكيفة يعلمها عز وجل. {إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127]. ويأتي لفظ (سميع) بمعنى اسم الفاعل من (أسمع). (أمِن رَيْحانةَ الداعي السميعُ). و"السِمْع - بالكسر والفتح وكسحاب: الذِكر المسموع. وسَمِع له: أطاعه " (استعمال في لازم السمع) كأن السامع على الحقيقة هو من يُنفّذ ويجيب، وإلا فكأنه لا يسمع. وأما "السِمْع - بالكسر: ولد الذئب من الضبع "فهو من الأصل (فهو خَلْقٌ نَزَعَهُ عِرْقٌ) أي نفذ من نوع الذئاب إلى نوع الضباع).

(سمك)

و "السَمَعْمَع من الرجال: الطويل الدقيق، والصغير الرأس والجثة " [تاج] (فهذا من الأصل كأن بدنه نافذ من ثقب. و "السَمَعْمَع: الداهية " [تاج] (كأن المقصود خفاء مأتاها. وهذا نفاذ. وقوله (كأنني سمعمع من جن) يؤيد ما قلنا. • (سمك): {رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا} [النازعات: 28] "سَمْك البيت - بالفتح: سَقْفُه. المِسْماك - بالكسر: عمود يكون في الخباء يُسْمَك به البيت. وسَنام سامك: تارٌّ مرتفع عالٍ. والسَمَك - بالتحريك: الحُوتُ من خَلْق الماء والمسموك من الخيل: الوثيق ". Qارتفاع الشيء إلى أعلى ممتسَكًا هناك بدعم لطيف: كسقف البيت مرفوعًا بلطف على فراغ، أو لأن عود خشب في وسط الفراغ يقيمه، وكذلك السنام مرتفع بما تحته وفيه من شحم، والسَمَك يعوم في الماء (يرتفع) أي لا يرسب ثقلًا كالحجارة. {رَفَعَ سَمْكَهَا}: أعْلَى سقفَها في الهواء. يقال: سَمَكت الشيء: رفعته في الهواء، وسَمَك الشيءُ: ارتفع. قال الفراء: كل شيء حمل شيئًا من البناء وغيره فهو سَمْك - بالفتح. والمسموكات: السماوات [قر 19/ 203]. • (سمن): {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} [الذاريات: 26] "السَمْن - بالفتح: سِلاءُ الزُبْد. والسَمِين: خلافُ المهزول. وسَمِنَت الماشية (كسمع) سَمَانة - كسحابة وعِنَب: كثُر لحمها وشَحْمها " [الوسيط]. Qهو امتلاء البدن وغِلَظُه من تجمع مادة (حادة أو قوية) في أثنائه، كالشحم يتربَّي في الجسم؛ فيسمن {سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ} [يوسف: 43].

£° معنى الفصل المعجمي (سم)

{لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ} [الغاشية: 7]. {بِعِجْلٍ سَمِينٍ} [الذاريات: 26]. والسَمْن أصل مادته تكون في أثناء اللبن فتكثفه. والتسمين: التبريد (طائفية)، من ذلك الأصل؛ لأن التبريد يؤدي إلى التجميد، وهو مستوى من تجميع شيء. ° معنى الفصل المعجمي (سم): نوع من الخَرْق الذي يَضُم كما يتمثل في سَمّ الخياط: الخَرق الذي يضم الخيط - في (سمم)، وفي سماء البيت: سقفه المعد لتغطية أعلاه المكشوف وسائر فجوته - في (سمو)، وفي السام عروق الذهب والفضة الممتدة في الحَجَر، والمساومة لضم الشيء في الحوزة شراء - في (سوم)، والكَيّ ونحوه من العلامات الغائرة التي تتضمن دلالة على حَوْز = ضم ملك أو صفة - في (وسم)، وفي امتداد الشيء في حيز اللفت (= ضم) حتى يُسْئم - في (سأم)، وفي السماد الذي يقوى الزرع على البقاء والنماء، والوطب السامد القائم المنتصب بما يضمه - في (سمد)، وفي الصلابة تضاما كما في السمُر أو ضمًّا كما في السَمْر - في (سمر)، وفي خرق الأذن وعروة المزادة وما يضمان نفاذًا - في (سمع)، وفي الامتساك في أعلى - في (سمك)، وفي امتداد الشحم في أثناء السمين - في (سمن). السين والنون وما يثلثهما • (سنن - سنسن): {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر: 43] "سِنان الرمح: حديدته، وسِنّ الإنسان والحيوان معروفة، وسِنّ المنجل: شُعْبة تَحْزيزه، وسِنّ القلم: موضع البَرى منه، وسِنّة المحراث والفأس. السِنُّ والسِنْسِنُ والسِنسنة: حرفُ فِقْرة الظَهْر "بالكسر فيهن.

Qنفاذ الشيء الدقيق بامتداد لتهيئته وتسويته لذلك (¬1): كسِنّ الرمح تنفذ في المطعون به على امتدادها بلا انثناء قوية حادة، وكسن الحيوان (كلاهما يخرق) {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة: 45] ومنه "سنَّ السكين ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): السين للنفاذ الدقيق القوي الممتد، والنون للامتداد اللطيف (من) خلال باطن، والفصل منهما يعبّر عن نفاذ بامتداد في باطن بحيث ينفذ في أثناء، كسن الرمح، وكأسنان المنجل، وفي (سنو سنى) يضاف اشتمال الواو وامتداد الياء أو اتصالها فيعبر التركيب عن امتداد نفاذ المشتمَل عليه بلطف شيئًا بعد شيء، كالماء من المسناة والبئر، وكالضوء من السحاب. وفي (وسن) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال. ويعبّر التركيب معها عن الاحتواء (= اشتمال) على لطيف قوي الأثر نفذ إلى الباطن كالوَسَن: مقدمة النوم. وفي (أسن) تسبق الهمزة بدفعها وضغطها، فتزيد في تعبير التركيب عن قوة نفاذ ما هو دقيق حاد الأثر في أثناء شيء أو منها، وتتمثل تلك الزيادة في امتداد ذلك، كآسان الثياب والماء الآسن بأثره النفاذ. وفي (سنب) تعبر الباء عن تجمع مع تلاصق ما، ويعبر التركيب عن نوع من الامتداد مع شدة (غلظ وكلاهما تجمع) كالطويل الظهر والبطن. وفي (سنبل) تضاف اللام إلى السين والباء المعبرين عن الامتداد، وتعبر هي عن الاستقلال .. كما يتمثل في امتداد السنبلة متميزة بما فيها من حَب، وهذا التميز استقلال. وفي (سند) تعبّر الدال عن ضغط ممتد يؤدي إلى اشتداد وحبس؛ فيعبّر التركيب معها عن مادة شديدة تكون خلف ذلك اللطيف فتدعمه (تُسْنِده أي تمسكه وتحبسه على وضع معين) كالجبل لما يستند إليه، وكالسندان للحديد المصهور (وقد عولجت "سندس "صوتيًّا في مكانها). وفي (سنم) تعبّر الميم عن التئام الظاهر، ويعبّر التركيب معها عن الالتئام والتضام لما نتأ ممتدًا من الباطن لطيفًا، كالسنام. وفي (سنه) تعبر الهاء عن فراغ، ويعبر التركيب عن الجدْب وما هو من بابه كعدم حمل النخلة ثمرًا. وهو فراغ.

ونحوها: أحدّها وصقلها " (هيأها لتنفذ) وسنّ الإبل: أحسن رِعْيتها والقيام عليها حتى كأنه صقلها " (فتنفذ أي تروج وتصلح في أغراضها من بيع أو نحر إلخ). ومن حسّيّ التسوية على هيئة السنّ: "سننت التراب: صببته على وجه الأرض صبًّا سهلًا حتي صار كالمُسَنّاة " (المسناة: السدّ لماء النهر والسيل وهو يكون مستطيلًا بعرض النهر، وتَكَوُّنه صبًّا يجعل أعلاه مسنّمًا). و "السَنَن - كحَسَن، والمُسَنْسَن: الطريق المسلوك "وكذلك: "السُنَّة - بالضم: الطريق "وسنَّ الطريق: سَلَكه (كل منها ممتد دقيق هُيّئ بالسلوك فيه ليُنْفَذَ به إلى موضع ما). ومن صور الامتداد: "استن دمُ الطعنة: إذا جاءت دَفْعة منه " (يمتد خارجًا من البدن مثل شُخْب اللبن) ومن ذلك: "سنّ الماءَ على وجهه: أرسله إرسالًا من غير تفريق/ صبّه متجمعًا ". (أي ممتدًّا متجمعا لا متفرقا منتشرا). و"اسْتنّ الفرس: عدا لمرحه ونشاطه " (العدْو امتداد بحدّة). ومن النفاذ بامتداد قولهم "الحَمْضُ (: المرعى المالح) يَسُنُّ على الخُلّة (: المرعى الحلو) أي يقوي الراعية " (فتُقْبِل على رَعْى الخُلّة وتستمر فيها). ومن المعنوى "السُنّة: الطريق {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا} [الإسراء: 77] فالسُنة أمر أو تَصَرُّف يُهَيَّأ أو يُقْصَد به (أو يصْلُح) للاستمرار عليه والعمل به وهذا امتداد ونفاذ. ومن اسم العين (إصابةً): "سنَّه (رد): طَعَنه بسِنَان الرمح، وعَضّه بأسنانه ", (وإصحابًا): "أَسَنَّ: نبت سِنّه ". ومن هنا قالوا: "أَسَنَّ: كَبِر " (بالتجاوز عن القيد المفهوم من الأول أي نبت لأول مرة، أو بتقدير صفة في التفسير أي صار ذا

أسنان كبيرة. ثم اتخذوا الأسنان للاستدلال بها على العمر بنباتها وعددها وسقوطها. [ينظر: ل]. أما "السُنَّة - بالضم: الوجه "، فهو من التهيئة والتسوية مع النفاذ، فالمقصود به أصلًا هو مقدَّمُه بنتوءاته الأنف والجبهة وأعلى الخدين مع صقالته أي خلو ذلك من الشعر، قالوا "السُنَّة: ما أقبل عليك من الوجه "و "رجل مسنون الوجه: إذا كان في أنفه ووجهه طول "، و "السُنّة ": الوجه لصقالته وملاسته "كأنه قد سُنّ عنه اللحم "وتتمثل تسويته وتهيئته في كونه على شكل معين يُعرف به بين الناس ويتعامل به بينهم وهذا نفاذ. "والمسنون: المصقول المملّس كالمرمر المسنون ". وقولهم: "سَنَنْت الشيء: صوّرته، والمسنون: المصوَّر، والسُنّةُ - بالضم: الصورة، والوجه، وكذلك سَنَّ الطين: اتخذ منه فَخَّارًا "أي صوّره إناءً فخاريا فكل ذلك من التهيئة والتسوية على هيئة ذات نتوءات خاصة يتميز بها الشيء بين غيره ويُعْرَف. ومعرفة الشيء قبول له، كما حَمَل (المعروف) ضد (المنكر) معنى القبول. والمعرفة والقبول نفاذ إلى النفس. وقوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [الحجر: 26] فُسِّر المسنون في [قر 1/ 21] بالمتغير، وبالمنتن المتغير، وفسِّر كذلك بالمَصْبُوب، وبالمُصَوّر، وبالمُنْصَبّ، وبالمُطَوَّل. وأقربهن إلى معنى التركيب هو المصوّر. وهو يكون قبل الجفاف والصلصلة. وقد يتأتى تفسيره بالمتغير (المنتن) أخذًا من الامتداد في الأصل، لأن الحمأ يُنتن إذا طال زمن بقائه في قاع البئر. وهذا مرجوح لأن العبرة في التصوير أقوى. ثم إنه لا ضرورة لأن يكون أصل الإنسان منتنًا. وليس في القرآن من مفردات التركيب إلا (السِنّ) و (سُنَّة) وجمعها (سنن)

(سنو - سنى)

و (مسنون) وهن متميزات، وقد ذكرناهن. • (سنو - سنى): {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} [النور: 43] "المُسَنّاة - بضم ففتح فتشديد: ضَفيرة تُبنى للسيل لتردَّ الماء، سُميت مُسَنّاة لأن فيها مفاتح للماء بقدر ما يُحتاج إليه مما لا يَغلِب، مأخوذ من قولك: سَنّيت الشيءَ والأمرَ: إذا فَتَحْت وجهه "اهـ. (سَنَوْت الدلو سِناوة - كرسالة: جَرَرتها من البئر. والسحابُ يَسْنُو المطر (يرسله). سَنَتْ السحابةُ المطرَ تسنُو وتسنى. وسنَيْت الباب (رمى) وسَنَوته: فتحته ". Qخروج ما احتبس في باطن إلى الظاهر أو إلى أعلى بلطف أو شيئًا بعد شيء. كالماء من فتحات المسنّاة، والدلو والماء من البئر والسحاب، وسَنْى الباب يمكّن من خروج ما بالداخل. ومنه: "سَنَى العقدة (رمى): فكّها وحلّها. وسَنَّيت العقدةَ والقُفل - ض: يسّرته وفتحته. وتسنّى القفل: انفتح. وتَسَنّى لي الأمرُ: تيسر وتأتى، وتسنَّى الرجلُ: تسهَّل في أموره. وسانيته حتى استخرجت ما عنده: تلطفت به وداريته " [الأساس]. ومن الأصل: "سَنَتْ النارُ تسنو: عَلا ضَوْءها. وسنا البرقُ: أضاء (مرة بعد مرة - كان ضوء النار والبرق مُسْتكِنَّا فظهر ببدئهما انطلاقًا بيسر) {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ}. وليس في القرآن من التركيب إلا هذه، وقد ذكرنا السَنَة في (سنه). ومن الأصل المادي تسمية "السَنا (ويمد) وهو نبت مسهل للسواد والصفراء والبلغم [ق] (يخرجها بيسر). ومن النفاذ إلى أعلى "تسنّى الشيءَ: علاه. سنا إلى معالي الأمور: ارتفع.

(سين)

وسَنُو في حسبه (كرُم): ارتفع. وسَنِى (كرضى) سَناء - كسحاب: ارتفع ". وهناك ما يُحْمَل على سِناية الدلو، كالسانية: الغَرْب، والناقة يستقي عليها، والجارية تسقى النخل عِوَضَ البعير، والسحابة تسنو الأرض .. • (سين): {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ} [التين: 1, 2] [جاء في ل مع بعض إضافة من الكشاف للزمخشري في شرح [المؤمنون: 20]. "قال الزجاج إن سيناء حجارة. وهو والله أعلم اسم المكان. فمن قرأ سَيناء على وزن صحراء فإنها تنصرف للتعريف والتأنيث. ومن قرأ سِيناء على وزن عِلباء (فقد منع صرفه للعلمية والعُجمة أو التأنيث) لأنه اسم للبقعة، فلا ينصرف. وليس في كلام العرب فِعلاء بالكسر (همزته للتأنيث إنما تكون للإلحاق كعلباء)، والسِينينيّة شجرة حكاه أبو حنيفة عن الأخفش، وجمعها سينين، وزعم الأخفش أن طور سينين مضاف إليه. ولم يبلغني هذا عن أحد غيره. الجرهري هو طور أضيف إلى سينا وهي شجر "اهـ ما يخص هذه البقعة في [ل]. ويلحظ أنه لم يحلّ الجبل أو الشجرة المذكورتين، كما لم يذكر معنى لأي من الاسمين. وليس في [تاج] إضافة تهمنا. وفي المعرب للجواليقي: "وسينين الذي ذكره الله تعالى في قوله "وطور سينين "قيل: حسن. وقيل: مبارك. وقيل هو الجبل الذي نادى منه موسى. اهـ ويبدو أن كلام الشيخ مقصود به (الطور) لا (سينين). وفي تحقيق فؤاد عبد الرحيم لمعرب الجواليقي (392) نقل عن الزمخشري "طور سيناء وطور سينين لا يخلو إما أن يضاف فيه الطور إلى بقعة اسمها سيناء، وسينون، وإما أن يكون اسما للجبل مركبا من مضاف ومضاف إليه كامرئ القيس وكبعلبك فيمن أضاف اهـ. ثم ذكر عبد الرحيم أنه بالعبرية (سيناي) وباليونانية (سِينا)، وفي السريانية سينَىْ و (طور سِينَى) جبل سيناء "]. وأوثق ما نخرج به أنه اسم عَلَم للبقعة. والشجرة التي تنبت بالدهق هي شجرة الزيتون، وليست غريبة على تلك البقعة. أما أن يكون اسم سينا أو سينين

(وسن)

معناه حسن أو مبارك فلا سبيل إلى تحقيقه، وأما على قول الزجاج إن سيناء حجارة فهي قريبة من كلمة (سِنّ) التي تعبر عن مادة صلبة لها جانب أو نتوء دقيق حادّ. والشائع في حجارة الجبال والصحراء أن تكون كذلك أو قريبًا منه. Qفيكون معنى التركيب: الصحراء الحَجَرية أي التي تعلو وجهها الحجارة الدقيقة. • (وسن): {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: 255] "الوَسَن - بالتحريك: أول النوم وهو النُعاس. وَسِنَ (فرح): أخذته سِنَة النعاس ". Qمخالطة خَدَرِ النوم الإنسانَ أو الحيَّ: كذلك النعاس. والسِنة (الاسم من الوَسَن): النعاسُ - كعِدَة من وَعَد وفي [كامل المبرد/ الدالي 1/ 192] "السِنَةُ: شِدة النعاس وليست بالنوم بعينه " {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ}. ومن معنويّه: ما له هَمّ ولا وَسَن إلا ذاك (شاغل قوي في قلبه). • (أسن): {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} [محمد: 15] "سَمِنت الناقة على أُسُن - بضمتين: أي بَقِيّة شحم قديم كان قبل ذلك. والأَسينة: سَيْر واحد من سيور تُضفر جميعها فتُجعل نِسْعًا أو عِنانًا. وآسان الثياب: ما تقطَّع منها وبَلِي ". Qحدة تمتد في أثناءٍ طولًا أو قِدَمًا: كوجود بقية الشحم في البدن من قديم، والشحم له حِدّة [ينظر ل طرق]. وكالأَسِينة في النِسْع أو

(سنب)

العِنان وهي دقيقة، وحدّتُها قوتُها. ونُظر في آسان الثياب إلى طول بقائها حتى بَلِيت، والبِلَى حِدّة واقعة عليها، أو نُظر إلى أنها صارت سيورًا دقيقة. ومن ذلك: "أَسِن الماء (قعد وتعب): تغير/ تغير ريحُه وأنتن ". وفي المنجد: تغير لونُه وطعمه وريحه (حِدّة طعم وريح ولون أيضًا، ولا يكون ذلك إلا من طول مُكثه) {مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ}. وتفرع من هذا قولُهم: "أَسِنَ الرجل (تعب) ووَسِن: غُشِى عليه من خُبْث ريح البئر " (خالط أثناءه خبثُ ريحها فغُشى عليه). • (سنب): "السِناب - ككتاب: الطويل الظهر والبطن كالسِنابة، والصاد فيه لغة " [تاج] ". Qطول أو امتداد مع شدة ما: كما في المعنى المذكور. ومنه: "فرس سَنب - كفرح: كثير الجري/ كثير العدْو جواد (امتداد). رجل سَنُوبٌ: متغضب. السِنْبابُ: الرجل الكثير الشر (امتداد تَعَدٍّ). السَنبة: الدهر. عشنا بذلك سَنْبة وسَنْبَتَةً أي حِقْبة/ بُرْهة " (امتداد زمني). • (سنبل): {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: 261] (في [ل] سنبل) "السنابل سنابل الزرع من البُرّ والشعير والذرة، الواحدة سنبلة ". Qامتداد طرف من أعلى الزرع نافذًا من أصله فيه حَبُّهُ:

(سند)

كالسنبل الموصوف {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} و {وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ} [يوسف: 43]. ومن امتداد طرف من الشيء قالوا "السُنبلانيّ من الثياب: السابغ الطويل الذي قد أُسْبل ""قال شمر وغيره: يجوز أن يكون السنبلاني منسوبًا إلى موضع من المواضع "اهـ. أقول: لكن أخذه من سنبل الزرع واضح، ولم يحدد شمر موضعًا تنسب إليه هذه الثياب السنبلانية. قالوا "والنون (أي في السنبلاني) زائدة مثلها في سنبل الطعام. قال ابن الأثير: وكلهم ذكروه في السين والنون حملا على ظاهر لفظه "اهـ. وهكذا فعلنا - كما ذكرناه في (سبل) تبعًا لهم أيضًا). • (سند): {وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} [المنافقون: 4] "السَنَدُ - بالتحريك: ما قابلك من الجَبَل. وسَنْدان الحَدَّاد - بالفتح: (كتلة حديد ضخمة يُطْرَق عليها الحديد المحمي وغيره). Qحاجز قوي صُلب يَعْمِدُ ويَدْعَم ما يَرْكَن إليه: كالسَنَد والسَنْدان: لا يُنفَذ من الجبل، ولا ينثني السَندان تحت ما يطرق عليه. ومن سَنَد الجبل خاصة قالوا: "سَنَد في الجبل سُنُودًا، وأسند: رَقِىَ فيه وصَعِد. وأسندوا إليه في مَشرُبة (= كالغرفة منفردة في طابق علوي) صعِدوا إليه " (دخول كما قالوا: أَنْجَدَ). ومما في الأصل من معنى الاعتماد والادّعام قالوا: "سَنَد إليه (قعد): رَكَن إليه واتكأ، وكذلك اسْتند وتساند " {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ}. ومنه: "إسناد الحديث: رَفْعُه إلى قائله "فهذا الرفع (وهو عَزْو ونِسبة) يَعْمِد

(سندس)

الحديثَ ويقيمه فلا يكون كلامًا مُرْسَلًا جُزافيًا. ومن ذلك العَمْد والدَعْم أيضًا: "السَنَد من الثياب - بالتحريك: قميص طويل فوقه قميص قصير " (الثوب يشتد بمظاهرته بآخر). وكذلك: السِنْدَأْوة - بالكسر: خِرْقة تكون تحت العمامة وقايةً من الدُهْن. • (سندس): {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ} [الإنسان: 21]. عرّفوا (السندس) بأنه رقيق الدِيباج (الديباج: ضرب من الثياب سَدَاه ولُحمته حرير [الوسيط]. وقال الليث إن الديباج من المِرْعِزَّى (وهو الصوف اللين، أو الزَغَب، الذي يَخْلُص من بين شعر العنز). ونضيف إلى وصفه ما يؤخذ من قول الراجز (المعرب 225). وليلةٍ من الليالي حِنْدِسِ ... لونُ حواشيها كلون السُنْدُس (الحندس: شديدة الظلام) من أن السندس عُرِف باللون الأسود أو ما يقاربه. وقد وصفه القرآن الكريم بالخضرة {وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ} [الكهف: 31] و "العرب تقول لكل أسود أخضر ولكل أخضر أسود [ل: سود]. نناقش الآن القول بأن لفظ السندس معرب مع أن للكلمة أصلًا آشوريًا (ينظر المعرب تحـ ف عبد الرحيم 362) والآشورية من اللغات الجزرية التي تسمَّى سامية. فالكلمة لها أصل جزري. والعربية كبرى الجزريات وقُدماها. فأولًا: أجزاء التركيب (سند - سندس - سدى) تحمل - في العربية - الدلالة على ثياب وما يتعلق بها. قال في القاموس: "السَنَد - محركة: ضرب من

(سنم)

البُرود ". وكذلك قالوا: "السُدوس - بضم السين وفتحها: الطَيْلَسان الأخضر (والطَيْلَسان والطيْلَس ضرب من الأكسية. زاد في هامش اللسان أي أَسود واستشهد بقول المُرار: (فما أرى غيرَ المطى وظُلمةٍ كالطيلس). "ويقال لكل ثوب أخضر سَدُوس ". وأخيرًا نعرف أن السَدَى هو الخيوط التي تمد طولًا عند حياكة الثوب وهو خلافُ اللُحْمة من الثوب فهو من أجزاء الثياب أيضًا. فلا غرابة في ضوء هذا أن يعبّر التركيب عربيًّا عن جنس من الثياب رقيقٍ أخضر أو أسود. وثانيًا: قال في [ل سبل]: "السَبُّولة - كسبورة وتضم، وفي ق بالتخفيف) والسُنْبُلة (لاحظ وجود النون): الزَرْعة المائلة ". ثم قال: "والسَبَل: السُنْبل والنون زائدة. وبتطبيق مثل هذا في لفظ سندس نجد لفظة السندس تعود إلى السَدوس: الطيلسان الأخضر. فبالتنظير للتركيب اشتقاقيًّا نجد أنه القول بعروبته متوجه. • (سنم): {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} [المطففين: 27]. "سَنام الناقة والبعير - كسحاب: أعلى ظهوهما ". Qارتفاع الناتئ في أعلى الشيء مُحَدَّبًا بضمِّه مادةً لطيفة: كسَنام الجمل ضخمًا ناتئًا بسبب كثرة ما فيه من شحم. ومنه: أَسْنَمَتْ النارُ (قاصر): عَظُم لهبها (اللهب لطيف ليس مادة كثيفة). والسَنَمة من النبات - بالتحريك: نَوْرُه (يكون في أعلاه وأطرافه وهو حَسَنُ المَرْأى لألوانه الزاهية). وسَنمَ الشيءُ (فرح): ارتفع على وجه الأرض. وسنَّمَ القبر - ض: رفعه وأعلاه

(سنه)

عن وجه الأرض ولم يسطَّحه. وسَنَّم الوعاءَ: ملأه حتى صار فوقه كالسنام. والسَنيم: الشريف " (رِفْعَة) .. {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} فُسَّر في [قر 19/ 266] بأنه شراب ينصبّ عليهم من عُلْو، وهو أشرف شراب في الجنة. وقيل عين تجري في الهواء بقدرة الله تعالى فتنصبّ في أوانيهم. وهناك رواية عن ابن عباس بالتفويض. فإذا تجاوزنا تحقيق عين المراد إلى ما يحتمله معنى الاسم أمكن أن يكون شرابًا لطيفًا قوي الأثر يُمزج به الرحيق. ليسُور في كل أقطار البَدَن بلذّته، كما قالوا: سَار الشرابُ في رأسه: دار وارتفع، وسَوْرةُ الشراب: حِدَّته/ تناوله للرأس " (ارتفاع). فهذا في وصف شراب أيضًا، كالخمر، فإذا نظرنا إلى قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا} [الإنسان: 5]- أمكن أن نقارن بين هذه الأنواع من المزاج، مع تذكر أن المَزْجَ بالتسنيم والكافور والزنجبيل صُرِّحَ بأنه شراب المقربين والأبرار، وأنه ليس للتسنيم مسمى دنيوي معروف. فالمقصود التقريب. • (سنه): {فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259]. "أرض بني فلان سَنةٌ، أي مجدبة. بلادٌ سِنينٌ: جَدْبة. سانهت النخلة: إذا حملتْ سنة ولم تحمل أخرى. سنة سَنهاء: لا نبات بها ولا مطر. سَنِه الطعامُ والشرابُ (تعب): تغير. السَنَهُ: التكرُّج " (تكرَّج الخبز: فسد وعلاه خضرة). Qامتداد مع خلو من الخير أو فسادٍ: كالسنة التي لا مطر فيها، والأرض التي لا خصوبة فيها، والنخلة التي ينقطع ثمرها سنة، والطعام والشراب الذي يتغير إلى فساد، ويكون ذلك عادة من بقائهما زمنًا {فَانْظُرْ إِلَى

طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ}. وقد اختلف اللغويون في لام كلمة (سنة): أهي هاء أم واو؟ ولكنهم اتفقوا على أن اللام حُذفت. قال في [ل]: "والسنة: الأزمة. وأصل السنة سَنْهَةٌ، بوزن جَبْهة، فحذفت لامها ونقلت حركتها إلى النون فبقيت سَنَة، لأنها من سَنَهتْ النخلة وتَسَنّهَتْ إذا أتى عليها السِنُون ". وقد جُمعت السنة على سَنَهات وصُغرت على سُنَيْهة. وعلى هذا فُسِّرَت السنين في قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ} [الأعراف: 130]- بالقحوط وهذا هو اللفظ الوحيد من بين مفردات التركيب القرآنية - الذي يقضي السياق بكونه بمعنى القحط. والمقصود ضرورة (زمن القحط)، لأن القحط لا يتبين إلا بمرور فصل من العام يُخلف فيه المطر والزرع معتاد حصولهما. فكلمة سنة معناها (زمن القحط)، ثم أطلق لفظ سنة عن قيد القحط واستُعمل بمعنى الزمن ثم الحول فحسب {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47]، {لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [يونس: 5]. وسائر مفردات التركيب القرآنية هي السنة بمعنى الحول، وجمعها. ويتأتى صرفيًّا أن تكون واوية اللام وأن أصلها (سَنَوة)، بوزن ثمرة، ثم حُذفت الواو، كما حذفت الهاء، فإنها تجمع أيضًا على سنوات، وتصغر (أيضًا) على سُنيّة، وقالوا: تسَّنيتُ عنده وتسنَّهت أي أقمت عنده سنة، ويقال استأجرنا مسانهة ومساناة. ومأخذ كلمة سنة حيئذ من (سنو) أن السنة زمن ينفذ جديدًا بلطف من باطن الدهر أو الغيب - كما هو معنى تركيب (سنو) - ويكون

£° معنى الفصل المعجمي (سن)

تخصيص كلمة السنة بالجدب - كما فسرت في الآية - أنها بدأت من باب حذف الصفة ثم اشتهرت على ذلك. ° معنى الفصل المعجمي (سن): هو الامتداد من (أو فى) أثناء (أي نفاذها) مع حدّة أو دقة كما يتمثل في السن العظمية والسنان - في (سنن)، وفي سنْو الدلو من البئر وسَنْو السحاب المطر - في (سنو/ سنى)، وفي نفاذ خدر الوسن إلى الرأس - في (وسن) وكذلك نفاذ بخار البئر الآسنة إلى الرأس - في (أسن) وفي امتداد الصلابة ارتفاعا أو في أثناء السَنَد الجبل والسندان الحديدي - في (سند)، وفي امتداد الشحم وهو حادّ الأثر - كذلك في سنام الجمل في (سنم) وفي جفاف بطن الأرض والبلاد وعدم خصوبتها - في (سنه) أي امتدادها على فراغ. السين والهاء وما يثلثهما • (سهو): {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5] "السَهْوة - بالفتح: الأرض اللينة التربة، والكُوَّة بين الدارين، وبيتٌ على الماء (أي قريب من البئر) يستظلون به تَنْصُبه الأعراب، وبيت (داخل البيت) صغير منحدر في الأرض، سَمكُه مرتفع في السماء، شبيه بالخزانة الصغيرة يكون فيها المتاع، والكُوَّة في الحائط، والحَجَلة أو شِبْهُ الحَجَلة (= الكِلّة = الناموسية المنصوبة)، وسترة تكون قدام فناء البيت، ربما أحاطت بالبيت شِبْهَ سور ". Qفراغ نافذ بين أشياء أو أثناء (¬1): كالكُوَّة بين الدارين ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): (لا يوجد في المعاجم سهه). وتعبّر السين عن النفاذ بدقة وامتداد، والهاء عن الفراغ والتجوف، والواو عن اشتمال فعبّر تركيب (سهو) عن تخلل أثناء الشيء بفراغ أو فراغات دقيقة (أي اشتمال الأثناء على فراغ) كما في السَّهْوة بمعانيها، وكحالة السهو =

ولين التربة إنما هو من تسيُّبها وتفكُّكها بفراغ ما بين ذراتها، وكالظُلة، وسهوة البيت؛ فإنما هي فراغات محاطة كأنها متخلَّلة. ومن ذلك: "السَهْو والسَهْوة: نسيان الشيء والغفلة عنه (يذهب من خلال الذهن ولا يضبطه الذهن أو يُمسكه؛ فتخلو منه أثناؤه) {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5]، {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ} [الذاريات: 10, 11]. وفي ضوء ما سبق يمكن أن نقول إن في السهو إهمالًا وتراخيًا في ضبط المسهوّ عنه وإمساكه في القلب؛ ولهذا فالساهي مسئول. وذم الساهين في الآيتين يحقق هذه الملاحظة. قال [قر في الآية الأولى 17/ 34] أي لاهون غافلون. وأورد في الثانية [20/ 212] حديثًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الساهين عن الصلاة أنهم "الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها تهاونًا بها ". وقال ابن الأثير: "السهو في الشيء: تَرْكه عن غير علم، والسهو عنه: تركه مع العلم " [ل] (ولعله يقصد العلم به مع أمور أخرى تشغله عنه) ومردّ هذا الفرق إلى الحرفين "في "و "عن ". ¬

_ = (فراغ الذهن من الأمر). وفي (سهر) تعبّر الراء عن الاسترسال. ويعبر التركيب معه عن جريان (: استرسال) مائع من مصدره كساهور عين الماء، وكأن الأصل أن هذا الجريان يستمر إلى الإفراغ، بل هو في ذاته إفراغ وهو ما تعبّر عنه الهاء. فهذا يؤكد لزوم الجفاف كما يتمثل في الفلاة والسهر. وفي (سهل) تعبّر اللام عن نوع من التميز والاستقلال يتمثل في تسيب رمل السِّهْلة، وتميز السهل عن الجبل والحزن. وفي (سهم) تعبّر الميم عن التئام الظاهر، فعبّر التركيب عن التئام الظاهر مع فراغ، أي خُلُوًّ من الغلظ، كما في السهم القِدْح وهو مستو ملتئم ضامر، وكالسُّهام: الضمر.

(سهر)

ومن الأصل: "السَهْوة من الإبل: الليّنة السير الوطيئة " (لينة كأن أثناءها إسفنجية). "والمساهاة: حسن المخالقة والعشرة. المساهاة في العشرة: ترك الاستقصاء " (أي ترك المحاسبة على أشياء عابرة كأنه يسهو عنها. والترك تخلية؛ فهو من باب الفراغ). وأرى أن قولهم: "حَمَلَت المرأة سهوًا، أي حَبِلَتْ على حيض "، هو من التجاوز والتخطي الذي حدث والتعبير مخفف. أما "السَهوة: الصخرة التي يقوم عليها الساقي في أعلى رأس البئر " (وهي طائية ليست من اللغة العامة) فيمكن أن تكون منقولة عن البيت الذي على الماء، أو تكون سُمّيت كذلك من كونها على رأس البئر (التي هي فجوة عظيمة عميقة) فكأنما لازمة لها. • (سهر): {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (13) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَة} [النازعات: 13, 14] "ساهور عين الماء: أصلها ومنبع مائها. عين ساهرة: جارية. وناقة ساهرة العِرْق، وهو طول حَفْلِها وكثرةُ لبنها. والأسهران: عرقان .. للمَنِيّ، وعرقان في باطن أنف الحمار يسيلان دمًا أو ماء عند اغتلامه، وقيل: عرقان في العين ". Qاستمرار عمل الشيء أو ما يتأتى منه بالنشاط المعتاد لحدّته: كجريان الماء من العين، واللبن من الناقة، والماء والدم من عِرْقَيْ الحمار. ومن ذلك: السهّر: عدم النوم "فهو استمرار لحال اليقظة ونشاط العين والبدن "رجل سَهّار: لا يغلبه النوم " (¬1). ¬

_ (¬1) مما فسر به السهر في اللسان: "الأرق "و "امتناع النوم ".

(سهل)

وقوله تعالى: {فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} في [قر 19/ 199 - 200] نحو عشرة أقوال: ثمانية منها تقول إنها أرض، وتختلف في وصفها والمراد بها. منها: أنها الفلاة، ووجه الأرض، وأرض بيضاء مستوية (والمؤدى متقارب لكن الأرض التي نعرفها مفعمة بالنشاط). والزمخشري في تفسيره [3/ 309] على هذا الرأي. وهو يتفق مع الأصل، والسياق يقود إلى أنها أرض المحشر كأرضنا، ونشاطها ما يجريه الله فيها حينئذ، وكفى بالمحشورين عليها شغلالها. وقول أبي كَبير الهذليّ: يرتَدْنَ ساهرةً كأن جَمِيمها ... وعَميمها أسدافُ ليلٍ مظلمِ حيث وصفها بأن لها جَميما - وهو النبت الكثير المجتمع الذي يغطي الأرض، وعميمًا - وهو النبت الطويل الملتف ينفي كون الساهرة فلاة، بل هي الأرض بنشاطها. ثم يبدلها الله إذا حشر الناس عليها {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ} [إبراهيم: 48]. • (سهل): {وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا} [الأعراف: 74] "السِهْل والسِهْلة - بالكسر: تراب كالرمل يجيء به الماء، والسَهْل من الأرض - بالفتح: نقيض الحَزْن، فهي المنخفضة المنبسطة، وهو من الأسماء التي أُجريت مجرى الظروف. وسَهْل الخدين: سائلهما غير مرتفع الوجنتين ". Qتسيُّب جسم الشيء ذرات وتميزُه عن غيره بذلك مع عدم تراكمه مرتفعًا (فلا هو صلب متماسك ولا هو متراكم): كذلك التراب، وتميزه أنه خلاف المعتاد؛ لأن مثله يتماسك. وكتلك الأرض، وكالخدين السهلين غير الناتئين كأنما لا عظم تحتهما. ومنه: إسهال البطن (حيث يكون المتجمع فيها

(سهم)

متسيبًا غير شديد). وتسيُّب جسم الشيء بالصفة المذكورة يُخْلِي التعامل معه جَسًّا أو جمعًا أو اعتمادًا إلخ من الجساوة والعوائق. ومن هنا أُخذ معنى السهولة: "سهّل الله الأمر - ض: حَمَل مئونته وخفّف عنا فيه. والتسهيل: التيسير ". • (سهم): {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: 141] "سهم البيت: جائزهُ " (= عود خشبي متين طويل يُمدّ فوق الجدارين في وسط الحجرة، لِتُمَدّ العيدان القصيرة عليه). والسَهْم: القِدْح - بالكسر، وهو الذي يُرمى به عن القوس، ويقارَع به، ويُلعب به في الميسر. والسُهام - كغراب وسَحاب: الضُمْر وتغير اللون وذبول الشفتين. "سَهَم (كفتح وكرم والمصدر كغراب وقعود)، وسُهِم - للمفعول: ضَمُر ". Qضمور الشيء ممتدًّا شديدًا (ذهبت رطوبته): كجائز البيت، وكالسهم، والضامر. ومن "السهم: القِدْح ""المساهمةُ والإسهام: الإقراع "، لأنهم كانوا يُجْرون القرعة بالسهام {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ}. وقد كانوا يستعملون السهام في الميسر (انظر يسر) ثم سُمَّيَ ما يفوز به الفالِجُ: سهمَه، ثم كثُر حتى سُمي كل نصيب سَهْمًا [ل]؛ فيقال: سَهْم فلان، أي نصيبه. وقد كان الاقتراع بالسهام شائعًا، كما في الميسر، وكما في قوله تعالى: {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 44، وقر 4/ 86 - 87]. ومن "السَهْم القِدْح: "بُرْدٌ مُسَهَّم " (: فيه صور سهام). والسهم في المساحة

£° معنى الفصل المعجمي (سه)

ستة أذرع - كأنه في الأصل رميةُ سهمٍ، ثم رُبِّع في المساحة ". ° معنى الفصل المعجمي (سه): هو الفراغ المُتَخَلّل كما في السهوة الكوة والأرض اللينة التربة كلما شرحناها في (سهو)، وكما في النبع الدائم للماء من ساهور الماء - في (سهر) والماء مادة مائعة تقارب الفراغ أو الهواء في الخفة، وكما في السِهْل والسِهْلة بالكسر: التراب الذي كالرمل حيث يتخلل ذراتِه فراغٌ فيجعل مادته متسيبة كذلك، وكالسهم القِدْح حيث يُتَوَخَّى فيه أن يكون دقيقًا نحيلًا لينفذ من حلق الدروع إذا رُمِىَ به. ونحوله هذا من تخفيف مادته باقتطاع أَغْلَظه أى إقلال مادته فكأنه أُخْلِى وأُفْرِغَ من الغِلَظ، ومثل هذا السُهام: الضُمْر وتغير اللون فهو خُلُوُّ من قدر كبير من المادة - في (سهم).

باب الشين

باب الشين التراكيب الشينية • (شوى): {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} [الكهف: 29] "الشَوَى - بالفتح مقصورًا: اليدان والرجلان وأطرافُ الأصابع وقِحْفُ الرأس، ورُذَالُ الإبلِ والغنم وصغارُها/ رُذَال المال ". Qأطراف الشيء، وحواشيه الظاهرة المنتشرة حوله - كاليدين إلخ للبدن {نَزَّاعَةً لِلشَّوَى} [المعارج: 16]، وكتلك الصغار لجماعتها. والدقة بمعنى القلة تلزم من كون الشيء طرفًا أو حاشية لشيء. ومنه "الشُوَاية - الشين مثلثة: الشيءُ الصغير من الشيء الكبير كالقطعة من الشاة، وبقيةُ قوم أو مال هَلَك، كالشَوية - كبقيّة، ومن الإبل والغنم: رَدِيُّها، ومن الخبز: القُرْصُ منه، وكفَتًى: الهيّن من الأمر "كل شيء شَوَى ما سَلِمَ لك دينُك: أي هيّن ". وأشوى من عَشائه ومن الشيء: أَبْقَى (قليلًا)، وأَشْوَى الرامي: أخطأ مقتلَ الرمية " (أي فأصاب شواها فقط). ومن ذلك المعنى المحوري: "شَوَيْتُ اللحم فانشوى " (وضعته على النار فأحرقت شَوَاه، أي ظاهره وحاشيته فقط، كما هي الحال عند الشيّ {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} "وأشْوَى القمحُ: أَفْرَكَ وصَلَح أن يُشْوَى ".

(وشى)

• (وشى): {مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا} [البقرة: 71] "الحائك واشٍ يَشِي الثوبَ وَشْيًا أي نَسْجًا وتأليفًا. الوشْىُ في اللون خَلْطُ لَوْن بلون. الشِيَةُ: بياض في سواد أو سواد في بياض/ كل لون يخالف معظمَ لون الفرس وغيره. الوَشَاء: تناسل المال وكثرته. أوشت الأرض خرج أول نبتها ". Qزيادة دقيقة تنشأ من الشيء لطيفة لاصقة به، كبقع اللون التي تخالف لونَ جِلْد الفرس وغيره. {مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا} وكالأولاد الصغيرة للبهائم، وكالنبات أولَ ظهوره من الأرض نُكَتًا خضراء على وجه الأرض السوداء. ومن ذلك "تَوَشَّى فيه الشيبُ: ظهر "فهو نكت بياض في الشعر الأسود. ومن مادي نشوء الدقاق من الشيء - أيضًا: "الواشيةُ: الكثيرة الولد - يقال ذلك في كل ما يلد. وَشَى بنو فلان: كثروا. ما وَشَتْ هذه الماشية عندي بشيء: ما ولدت ". ثم قالوا "أوشى المَعْدِن (وهو ما نسميه المَنْجَم): وُجد فيه شيء يسير من ذهب، والنخلةُ: خرج أول رُطَبها، والرجلُ: كثرت ماشيته ". ومن مادّي ذلك أيضًا قالوا: "ائتشى العظمُ: جَبَر/ بَرَأَ من كَسْر كان به "فجبور كَسْر العظم يحدث بنُمُوّ (زيادة) فيه وفي مخّه وفي اللحم المحيط به. وقالوا "أوشَى الشيءَ: استخرجه برفق. استوْشَى الحديث: استخرجه بالبَحْث والمسألة. أَوْشَى: استخرج معنَى كلام أو شعر. أوشَى الفرسَ: أخذ ما عنده من الجري/ استخرج جَرْيه برَكْضِه/ بضَرْبِه جنبَه بَعقِبه. وكلّ ما دَعَوتَه وحَرّكتَه لترسله فقد استوشيته. أوْشاه: استحثّه بمِحْجَن أو كِلاب "فالاستخراج

(شيأ)

استنشاء. وفي الركض والضرب يكون اللطف هو كون الخارج طاقة خفية مختزنة). وأخيرًا فمن نشوء اللطيف "أوشَي الشيءَ: عَلِمَه "من حيث إن العلم حصول صورة في الذهن مأخوذة من الشيء. لكنها خفية في الذهن. ومن مجاز الأصل ذلك الاستعمال المشهور "وَشَي الكَذِبَ والحديثَ: رَقَمَه وصَوَّره. النمام يشي الكذب: يؤلفه ويلونه ويزينه. وشي به وشيًا ووشاية: نَمَّ به. وشى به إلى السلطان: سعى "فالوشاية فيها إضافات مكذوبة لنسج الكلام وتلفيقه وفيها تزيين لينطلي على المكذوب له. ويلحظ أن النمّ (الإيصال) ليس أصيلًا هنا، ولكنه مطلوب الواشي عادة. • (شيأ): {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الجمعة: 4] "المُشَيَّأ: مثل المؤبَّن. - كمعظَّم فيهما والأُبَنُ: العُقَدُ في العُود والعصا) والمشيَّأُ الخَلْقِ: المختلِفُ الخَلْق المُخَبَّلُه/ القبيحُ. شَيَّأ الله وجهه - ضْ: قَبَّحه ". Qنتوء متميزٍ صُلْب في ظاهر الشيءِ: كأُبَن العُود تَنْشأ منه منتبرة على ظاهره صُلبة. وكغِلَظ الملامح [انظر: قبح، حيث القبح أصله غِلَظ وتعقُّد في الملامح، ثم هم يرَوْن الأَسالة والرقَّةَ والنعومة من الجمال]. ويزيد ما سبق وضوحًا قول الجَعْدِيّ: زَفيرَ المُتِمّ بالمشيَّأ طَرَّقَتْ ... بكاهله فمَا يَرِيمُ المَلاقيا فهو يصف حالة ولادة المشَيَّأ من سَبيل أُمّه فهي تزفر أشد الزفير ليَخْرج، ولكنه لا يخرج ولا يَعْبُر حَلْقَة السّبِيل لعظم كاهله، وهو ما بين الكتفين، وعبّر به

هنا عن الكتفين. وتعقُّد الشيء لدرجة الصلابة شِدَّةٌ يتأتّى منها معنى القوة والقهر (القهر عَصْر وضغط من باب التعقد) ويلمح هذا في قوله عمرو بن كلثوم: بأيّ مَشيئة عمروَ بنَ هندٍ ... تطيعُ بنا الوشاة وتزدرينا فأنت تحس كأنه يريد أن يقول بأي قوة أو سلطة قهر، وكأنه ينفي سلطته عليهم. فـ "الشيء "هو "الكائن "أو "الجسم "، أو "الموجود "بعبارة الراغب (¬1). وبذا فهي صالحة أن يعبَّر بها عن أي كائن. وبعبارة سيبويه لفظ "يقع على كل ما أُخِبرَ عنه "وهو "أعم العامّ ". وفي قوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ} [الأنعام: 19]. أيْ: أيّ كائن أو موجود أكبر شهادة. وتركها طب كما هي [11/ 289]، وقال الزمخشري [1/ 499]: أراد: قل: أيُّ شهيد، وقال [قر 6/ 399]: إن الشيءَ هنا واقع موقع اسم الله تعالى .. "ولله المثل الأعلى، وإنما يخاطبنا سبحانه على قدر عقولنا. ومن ذلك الأصل "شاء يشاء: أراد " (¬2) (اجتمعت نفسُه على الأمر أو تجمعت الرغبة في نفسه، كما يقال في قريب من هذا: (عزم) على كذا (والعزم شَدٌّ)، وكذا (عقد) النية على كذا {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ ¬

_ (¬1) وصوتيًا هو دقاق كثيفة (الشين) ممتدة أو متماسكة (الياء) تجمعت وتعقدت كتلة أو جرمًا (ضغطة الهمزة). (¬2) في [تاج] عن القطب الرازي أن المشيئة: الإيجاد، والإرادة طلب. وهو متوجه لغويا، لكنه يحتاج تفصيلا.

الشين والباء وما يثلثهما

يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 27 - 29] [انظر تعليق قر 19/ 243]. والتركيب رغم غزارة مفرداته التي في القرآن ليس فيه ما يخرج عن الفعل (شاء) ماضيه ومضارعه بمعنى (أراد)، وكلمة (شيء) وجمعها (أشياء). الشين والباء وما يثلثهما • (شبب): "الشابّ: الفَتى. رجل شابّ وامرأة شابّة. والشَبَبُ - محركة: المُسِنّ من ثيران الوحش الذي انتهى أسنانُه وشَابُه (أي تَمّ). والشَبُّ - بالفتح: حَجَرٌ يُدْبَغ به الجلود. وشَبَّ النار: أوقدها. وهي تَشِبّ - بالكسر. وشَبَّةُ النار: اشتعالُها. والشَبُوب وككتاب: ما يوقَد به النار ". Qتجمُّع قوة الشيء وحدّتِه (¬1). كتمام بدن الشابِّ والشبَبِ وقوتهما، وكاشتعال النار بعد بدئها، فذلك غاية حدّتها وقوتها. والشَبّ (الحجرَ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الشين تعبر عن كثرة أشياء دقيقة تتفشَّى وتنتشر. والباء تعبِّر عن التلاصق والتجمع. والفصل منها يعبِّر عن تجمع ما نشأ ضعيفًا (هشا (وهذا من الانتشار) بحيث يصير جرمًا له قوة مع نمو وهو انتشار أيضًا كالشَّبَب والرجل الشاب. وفي (شوب) تعبّر الواو عن معنى الاحتواء والاشتمال، ويعبّر التركيب معها عن احتواء أشياء في أثناء شيء تمتزج به ويتماسكان شيئًا واحدًا، كشَوْب العسل باللبن. وفي (شيب) تعبّر الياء عن اتصال أو امتداد وتماسك، ويعبّر التركيب معها عن ظهور علامة امتداد الشيء زمنيًا عليه، كبياض الشعر علامة على الشيب.

(شوب)

المعروف) تتركز فيه مادة حادّة تعرف في دبغ الجلد به فيزيل رطوبة باطنه وعَفَنه، ويجعله ملتئمًا جافًّا صالحًا للانتفاع به. • (شوب): {ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ} [الصافات: 67] "الشَوْب -بالفتح: ما شُبْتَ بِه (العسلَ مثلًا) من ماء ولبن. والشِيَاب - ككتاب: اسم ما يُمزَج. والشوائب (ج شائبة): الأقذار والأدناس. شاب اللبنَ وغيره شَوْبا ". Qخلط شيء (غريب) عن آخر به، بحيث ينتشر في أثنانه متلازمَين: كاللبن في العسل. ومن ذلك الشوب لكن بما يستعاذ منه {ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ} أي على ما في بطونهم من الزقوم. ومنه: "شابَ: خدع، وكذَبَ (كما يقال: كلام فه دَخَل أو مدخول) وشاب عنه: دافع " (دخل بين الخصمين أو في الأمر للدفاع عنه). • (شيب): {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} [مريم: 4] "الشَيْب: بياضُ الشعر إذ يخالط سوادَه. شاب يشيب ". Qتحول سواد شعر الرأس إلى بياض تأثرًا بضعف الشيخوخة. {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا}، {ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} [الروم: 54] {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} [المزمل: 17] كناية عن شدة ذلك اليوم، وقيل تشيب رءوسهم حقيقة من شدة الهول [بحر 8/ 357] أي أنه يشيّب الولدان من هوله. وهو

(شبه)

حقيقة الاول. وهناك من قال إن الأطفال يبلغون في أوان الثيخوخة من طوله. وأقول إنه ليس يوم نمو. وهناك تخصيصات أخرى لا وجه لها. • (شبه): {هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} [البقرة: 25] "الشِبْه -بالكسر، وبالتحريك: ضرب من النُحاس يُلقَى عليه (أي يخلط به) دَوَاءٌ فيه صفرة. والشبه -محركة: شجرة كثيرة الثوك تشبه السَمُرة - كذلك الضرب من النحاس يشبه الذهب ". Qمقاربةٌ في الشكل والملامح الظاهرية بين شيء وآخر: كذلك الضرب من النحاس يشبه الذهب، وكتلك الشجرة التي تشبه السمرة {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} [الأنعام: 99] {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} [البقرة 25] متفق المنظر مختلف الطعوم. [بحر 2/ 396]. وبالشبه الظاهري يفسر كل ما لا نذكره هنا. {تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} [البقرة: 118] في التعنيت والاقتراح وترك الإيمان في الكفر [قر 2/ 92]، {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: 157] ألقى شبهه على غيره [قر 4/ 100، 6/ 9]. فهذا في التشابه المقصود به معناه الحقيقي. ومنه {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا} [الزمر: 23] فالمعنى أنه يشبه بعضه بعضا ويصدق بعضه بعضًا [ينظر عن الآيتين قر 10/ 12 وفيه أمثلة]. وكذا قولهم "الشِبْه -بالكسر، وبالتحريك- والشَبِيه: المِثْل "والتعبير بالمماثلة فيه تجاوز، والمقصود التقارب الشديد في الملامح والسمات الظاهرية فيهما فحسب.

معنى الفصل المعجمي (شب)

أما في قوله تعالى {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7] فالمقصود لازم التشابه وهو الالتباس وعدم التمييز وعدم الفهم [ينظر بحر 2/ 396] وهذا يستدعي البحث عن معناه تفهما. لكن بعضه غير قريب فيكون قضده تعنتا. مثل أ) ما استأثر اللَّه بعلمه كقيام الساعة وطلوع الشمس من مغربها ب) المراد بفواتح السور (ألم، المر) إلخ. جـ) ما خفيت علته كأعداد الصلوات واختصاص الصوم برمضان دون شعبان مثلا. د) ما لا سبيل إلى معرفته كالوجه واليد بالنسبة للَّه عز وجل) والاستواء وسائر الكيفيات المجهولة. هـ) ما احتمل من التأويل أوجهًا. [ينظر بحر 2/ 396]. وليس في القرآن من التركيب ما يخرج عن معنى الشبه: التقارب في الشكل، أما المتشابه في [آل عمران 7] فقد ذكرناه. ° معنى الفصل المعجمي (شب): هو تجمع (عن انتشار أو ضعف) مع تركز كما تتجمع قوة الشابّ والشَبَبَ -في (شبب)، وكما يخالط الشيء غيره فيمتزج به- في (شوب)، وكما ينتشر الشعر الأبيض في مكان الأسود وخلاله -في (شيب)، وكما يحمل الشيء مشابه من غيره تكثر وتنتشر فيه حتى يقال أنه مثله -في (شبه). الشين والتاء وما يثلثهما • (شتت): {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى} [طه: 53] "ثغر شَتِيت: مفرَّق مفلَّج ".

(شتوشتى)

Qتفرق أفراد الشيء بمسافة واضحة بين كل منها والآخر (¬1) كالثغر المفلَّج. ومنه: "شتَّ شَعْبُهم (قاصر) وانشتَّ وتشتَّت: تفرق جمعهم " {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا} [الزلزلة: 6] (كلٌّ يشغله أمرُ نفسه، وإن جاوره غيره. أو على أحوال مختلفة في الصدور). {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} [النور: 61] متفرقين، واحدهم شت [ل]. ومن التفرق يتأتى الاختلاف {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل: 4] {فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى} [طه: 53] {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} [الحشر: 14] (متفرقة ومختلفة). وشتان بينهما، و "شتان ما بين زيد وبين عمرو، وشتان ما بينهما: أي بَعُد ما بينهما. ومنه شتانَ ما زيدٌ وعمرو، أي: بَعُدَ ما بينهما. • (شتوشتى): {رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} [قريش: 2] "الشَتَا - كفتى: الموضع الخَشِن. قال الأزهري: العرب تسمى القحط شتاء، لأن المجاعات أكثرُ ما تصيبهم في الشتاء إذا قلّ مطره واشتد برْده (¬2) قال الحطيئة ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الشين تعبر عن تفش وانتشار، والتاء تعبر عن ضغط بدقة يتأتى منه التماسك الدقيق ويتأتى منه التفرق، والفصل منهما يعبر عن تفرق وتباعد لأشياء دقيقة: كالثغر الشتيت كأنما ثبتت أسنانه على تباعد. وفي (شتو) تعبّر الواو عن اشتمال، ويعبّر التركيب معها عن احتواء على فراغ وخلو (درجة من التباعد)، وهو معنى الجفاف المتمثل في الموضع الخشن، وكذلك في القحط. (¬2) ". . في الشتاء إذا "إلخ هي عبارة تهذيب اللغة، وعبارة اللسان "في الشتاء البارد. قال الحطيئة. . ".

- فجعل الشتاء قحطًا: إِذا نزل الشِتاءُ بدار قوم ... تجنب جارَ بيتهم الشتا أراد بالشتاء المجاعة "اهـ. والعرب تجعل الشتاء مجاعة، لأن الناس يلتزمون فيه البيوت ولا يخرجون للانتجاع. . وبقال أَشْتَى القوم فهم مُشْتُون: إذا أصابتهم مجاعة ". وجاء في ل (صلب). . أن غالبَ الجدْب يكون في الشتاء. Qالجَدْبُ وهو جفاف وخلو من الخضرة والمرعى (ويلزمه التشتت). كالموضع الخشن، وكالحال في فصل الشتاء الذي صرحوا بأنه فصل الجدْب والمجاعة، ويصدق هذا قولُ طرفة: (نحن في المشتاة ندعو الجَفَلَى). واختصاص الفصل الزمني المعروف باسم الشتاء جاء من أنه فَصْلُ الجَدْب وخلو الأرض من النبات والمرعى. وقد سموا شهري الشتاء الموافقين ديسمبر ويناير عند التسمية جُمَاديين، كما سمّوهما شِيبان ومِلْحان -بالكسر فيهما. "وهما شهرا قُماح، وهما أَشَدّا الشتاء بردًا؛ سُمِّيا بذلك (يعني شِيبان ومِلْحان) لبياض الأرض بما عليها من الصقيع " [المقاييس: شيب وينظر ل شيب، جمد، قمح] أي تشبيهًا ببياض الشيب والمِلْح. وفي [ل شهب] "سنة شهباء: كثيرة الثلج جَدْبة "وتأمل أيضًا قول [ل في شجر]: "فأما جِلُّ الشجر فعِظامه التي تبقي على الشتاء، وأما دِقُّ الشجر فتبقي له أَرُومة في الأرض في الشتاء وينبت في الربيع. والبقل لا يبقي له شيء في الشتاء، وإنما ينبت من الحِبة في الربيع "اهـ بتصرف {رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} في الشتاء إلى اليمن، وفي الصيف إلى الشام، وفي التجارات [قر 20/ 205]. وفي [ل عن ابن الأثير] في تعليل جعل العرب الشتاء مجاعة أن الناس

معنى الفصل المعجمي (شت)

"يلتزمون فيه البيوت ولا يخرجون للانتجاع "في جن أن الأنب أنهم يتشتتون حينئذ لالتقاط ما قد يكون هنا أو هناك من كلأ لماشيتهم تقتات به. لا أن يلتزموا البيوت. وبه يُؤَؤَّل "الشَتْيان: جماعةُ الجراد، والخيل والركبان "حيث تكون متفرقة منتشرة رغم أنها جماعة -كما هو مشهور في وصف في الجراد، ويحمل الآخران عليه. ° معنى الفصل المعجمي (شت): هو التفرق كما في الثغر الشتيت المفلج الأسنان -في (شتت)، وكما في خلو الأرض من المرعن في فصل الشتاء -في (شتو) ويلزم عنه التفرق لطلب المرعى. • (إنارة): أ) لعله وضع مما ذكرناه في معالجة تركيب (شتو) أن فصل الشتاء عند العرب يتميز بالصقيع والبَرَد، والصقيع والبرد يحرقان أي يجففان ما يمكن أن يكون من الخضر على وجه الارض. ب) فصول السنة عند العرب: الربيع الأول وهو عند العامة الخريف ويبدأ من 3 سبتمبر (أيلول)، ثم الشتاء ويبدأ من 3 ديسمبر كانون الأول، ثم الصيف وهو الربيع الآخر يبدأ من 3 من مارس آذار ثم القيظ وهو عند العامة الصيف ويبدأ من 4 يونيه حزيران. وأهل العراق يُمْطَرون في الشتاء كله ويُخْصِبون في الربيع الذي يتلو الشتاء، وأهل اليمن يُمْطَرون في القيظ ويخصون في الخريف الذي تسميه العرب الربيع الأول [ينظر ل ربع] ويلحظ أن تسميات الفصول عندنا توافق تسميات الفصول عند العراق.

الشين والجيم وما يثلثهما

الشين والجيم وما يثلثهما • (شجج): "شجّ رأسه وهو أن يضربه بشيء فيجرحه فيه ويشقه، وشجّت السفينة البحر: خَرَقته وشقته ". Qفَتْح أو شَقٌّ في جِرْم غير صُلب (¬1): كشج الرأس والبحر. • (شجر): {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} [إبراهيم: 24] "الشَجَر من النبات -محركة: ما قام على ساق. والشَجْر -بالفتح: مَفْتَح الفم ومَفْرَجه، ومن الرَحْل: ما بين الكَرَّين وهو الذي يلتهم ظهر البعير. (الرحْل كالبرذعة والشَجْر هو الفتحة التي بين جانبيها، والكرّ جانب من هذه الفتحة مغلف بجلد) والشَجْرة -بالفتح: النُقْطة الصغيرة في ذقن الغلام ". Qتفرع الشيء الملتئم أو المجتمع أي انفراجه إلى ناحيتين (أو أكثر) مع دوام على ذلك: كما يتفرع الشجر، وكشجْر الفم والرحْل، ونقطة ذقن الغلام {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرحمن: 6]. والدوام في شجر الرحْل ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الين تعبن عن تفشٍّ وانتشار، والجيم تعبّر عن جرم متجمع غير صلب، والفصل منهما يعبّر عن فتح أو شَقّ في جسم غير صلب: كما في شج الرأس وشج السفينة البحر. وفي (شجر) تعبر الراء عن الاسترسال ويعبر التركيب معها عن استرسال الفتح والشق ذاك كما في انشعاب الشجر باتساع وتزايد في التفرع أو دوام له.

معنى الفصل المعجمى (شج)

والذقن واضح، وفي مفرج الفم أن فتحه يتكرر. ومنه "شَجَر الشيءَ عن الشيء: نَحَّاء وجافاه " (فَتْح وفَصْل بينهما) "وإذا نزلت أغصانٌ أو ثوبٌ فرفعتَه وأَجْفَيتَه قلتَ شَجَرْتُه. وكل شيء اجتمع ثم فرّق بينه شيء فانفرق يقال له شُجِرَ -للمفعول، شَجَر بيتَه: عَمَده بعمود " (رفع السقف وجافاه عن أرض البيت وبيوت البادية من صوف أو وبر أو جلود. وقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] فسرها [طب 8/ 518] بـ "ما اختلط بينهم من أمورهم فالتبسَ عليهم حُكْمُه اهـ. أقول كأن المعنى: في ما اختلفوا وتفرقت وتفرعت آراؤهم وتباينت اتجاهاتهم فيه. وليس في القرآن من التركيب إلا {شَجَرَ بَيْنَهُمْ} و (الشجَر) ذلك النبات. أما قولهم "اشتجرت الأصابع دخل بعضها في بعض، و "شجرناهم بالرماح: طعناهم بها حتى اشتبكت فيهم، وكل شيء يألف بعضه بعضًا فقد اشتبك واشتجر "فذلك كله من دخول كُلٍّ في شجْر الآخر -وصيغة افتعل للمطاوعة تؤدى ذلك. ° معنى الفصل المعجمى (شج): حدوث الشق أو الفتح في الجِرم أو وجوده فيه كما يتمثل في شج الرأس وشج السفينة الماء -في (شجج)، وفي تفرع الشجر وانفتاح شجر الفم -في (شجر).

(شحح - شحشح)

الشين والحاء وما يثلثهما • (شحح - شحشح): {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9، التغابن: 16] "أرض شَحَاح - كسحاب، وشَحْشَح: تَسِيل من أذْنى مَطْرة (أي لا تشرب الماء) وفلاة شَحْشَح: واسعةٌ بعيدةٌ مَحْلٌ لا نَبْتَ فيها ". Qتماسك ظاهر الشيء (العريض) شديدًا جافًّا لا ينفتح ولا ينفذ فيه أو منه شيء (¬1): كالأرض والفلاة الموصوفَتين. ومنه: زَنْد شَحَاح: لا يَرِى (لا تنفذ منه نار)، وإبل شَحائح: قليلاتُ الدَرّ [أساس] (عدمُ خروج شيء منها). ومن ذلك: "الشُح بالمال والمعروف ": إمساكُه والبخلُ به، بحيث لا يرسل من قبضته شيئًا منه {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} [النساء: 128]، {أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ} [الأحزاب: 19]. ومن ذلك الأصل "الشَحْشَح -بالفتح: المواظب على الشيء الجادّ فيه الماضي فيه، والغيور، والشجاع " (استمرارٌ ومضيٌّ مع جَفاف واشتداد بلا تراخ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الشين تعبّر عن نفشٍّ وانتشار، والحاء تعبّر عن احتكاك بجفاف وعِرَض. والفصل منها يعبّر عن التحام الجرم (المنثر) عريضًا شديدًا (العرض تمثل فيه تفشي الشين وعرض الحاء معًا) كالأرض الشَّحَاح. وفي (شحم) تعبّر الميم عن استواء ظاهر الجرم متضامًا، ويعبّر التركيب معها عن تكون طبقة ظاهرية ملتئمة، كالشحم على اللحم والجفاف يتمثل هنا في حدّة الشحم، وشَحْمة الأرض. وفي (شحن) تعبّر النون عن الامتداد في الداخل، ويعبّر التركيب معها عن أن ذلك الملتحم الكثيف يمتد في الداخل، أي يُملأ به الباطن، كما في الشَّحْن.

(شحم)

أو فتور) أقول ومن هذا: {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} [الأحزاب: 19] فالمعنى أنهم شِداد جُفَاةٌ غلاظ عليكم مع أنهم في غاية الخَوَر في ساعة الجِدّ. وبهذا تتضح المقابلة بين حالتيهم في الآية. أما الشُحّ بمعنى البخل، فقد وصفهم به في آخر الآية {أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ}. وقد أُرْجِعَت الأُولى في [قر 14/ 152] إلى الشح بمعنى البخل أيضًا (والعامة تقول "شَحَّ فيه "بمعنى "عَبَسَ له وزجره ولم يَرِقّ له "وهذا جفاف وحدّة). وليس في القرآن من التركيب (شح النفس) و (أشحة) المذكوران. هذا، وقد جاء في ل "أرض شَحاح - كسحاب: لا تسيل إلا من مطر كثير، وأرض شحشح كذلك "وهذا القصر غريب، لأنه يضاد ما ذكرناه قبلا. وأصله في الصحاح. فكأن التعبير بالقصر غير محكم. • (شحم): {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا} [الأنعام: 146] "الشحم: جَوْهَر السِمَن. شَحُمَ الإنسانُ وغيرهُ (ككرم): صار ذا شحم. وشَحُمت الناقة (فرح وكرم): سَمِنَت بعد هُزال. شَحْمَة النخلة: الجُمّارة، وشَحْمَةُ الأرض: الكمأة ". Qمادة السِمَن التي تتجمع في البدن مع اللحم، وهو الشحم المعروف {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا} وتشبيهًا به في البياض ولين الجِرم سُمِّيَتْ جُمّارة النخلة شَحْمة، والكَمْأة: شَحْمة الأرض. والشحم حادّ؛ لأنه مادة حرارة البدن، والعرب كانوا يعرفون هذا [ينظر ل

(شحن)

طرق] فتجريد المعنى الأصلي لهذا التركيب هو احتواء البدن أو الشيء على مادة (حادّة) يلتئم ظاهره عليها، ومن هنا يتأتى هذا الاستعمال الذي ورد "الشَحَمَ - محركة: البطر "لأن البطر حدّة في نفس البطِر؛ إذ هو حَقْر قيمة النعمة أو سوء استعمالها. • (شحن): {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [يس: 41] "الشَحْن: مَلْؤك السفينةَ وإتمامُك جَهازَها كلَّه. شَحَن السفينة، والبلد بالخيل (فتح): ملأهما. وسيوف مُشْحَنة: في أغمادها. وأشحن الصبيُّ: تهيأ للبكاء ". Qامتلاء جوف الشيء بكثير غليظ يُدفع فيه لا يدع فراغًا: كمَلْء السفينة، ومَلْء البلد بالخيل والأغماد بالسيوف {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}. ومنه (الشِحْن -بالكسر: ما يَشحن السفينة، وعَلَفُ الدواب الذي يكفيها (يملأ جوفها) يومًا وليلة ". ومن معنوىّ ذلك: "الشِحن -بالكسر: العداوة والحِقْد كالشَحْناء (امتلاء بغليظ)؛ شَحِنَ عليه " (تَعِبَ). ومن الأصل "مَرّ يَشْحَنُهم: يطرُدُهم ويشُلّهم ويكسَؤُهم (السَوْق ونحوه دفع وجمع معًا في حيز الأمام) (ينظر: سوق وشلل). ° معنى الفصل المعجمي (شح): هو جفاف الجرم أو حِدّته مع عرض أو تجسم. ويتمثل ذلك في الأرض الشحاح والقلاة الشحشح: المحل التي لا نبت فيها -في (شحح)، وفي الشحم جوهر السِمَن وهو طبقة أو طبقات وله حدّة -في (شحم)، وفي امتلاء السفينة امتلاء تامًّا -في شحن.

الشين والخاء وما يثلثهما

الشين والخاء وما يثلثهما • (شخخ): "شَخَّ الدَمُ: سال. والشخ -بالفتح: صَوْتُ الشُخْب (= اللبن الخارج خيطًا ممتدًّا بالحلب) إذا خرج من الضَرْع " (يُسْمع لانصبابه على اللبن المحلوب قبله في الوعاء صَوْتُ) - وشَخَّ ببوله: مَدَّ به وصوّت/ دفع/ لم يقدر على أن يحبسه فغلبه. . " Qاندفاع المائع المحتبس في الجوف أو الأثناء بقوة أو تصويت لانفراج منفذ له (¬1): نحو اللبن والدم والبول من منافذها تلك. وقد جاء في [ل، تاج] "شَخْشَخَتْ الناقةُ: رفعت صدرها وهي باركة ". فإن صح أنه من هذا التركيب فقد يكون وجهه أن رفع صدرها عن الأرض يمثل فتح منفذ إلى مقرها. لكن أرجح أن الشين في هذه الكلمة مبدلة من جيم. فقد جاء في [تاج] (جخخ) "يقال جَخّ الرجل في صلاته إذا رفع بطنه وقيل. . فتح عضديه عن جنبيه في السجود "وجاء أيضًا فيه "جخ ببوله رمى به، وقيل "رغّى ¬

_ (¬1) (صوتيًّا) الشين تعبّر عن تفشٍّ وانتشار، والخاء تعبّر عن تخلخل الجرم، والتركيب منهما يعبّر عن نفاذ السائل من مقره بانفتاح فتحة ينفذ منها كالدم والبول من البدن. وفي (شيخ) تعبّر الياء عن اتصال (يعطي معنى الاستمرار) ويعبِّر التركيب معها عن فراغ الجسم من نحو المائع أو الندى كأنما بسبب استمرار خروجه، وذلك كبدن الشيخ الذي يخلو من ماء الشباب وطراءته وحيويته. وفي (شخص) تعبّر الصاد عن استغلاظ، ويعبّر التركيب معها عن نتوء الجرم جسيمًا قائمًا منتبرًا (كأنما كان راقدًا فتجافى (انفراج) عن مرقده بقوة فقام) كالشخص: كل جسم له ارتفاع وظهور.

(شيخ)

به حتى يخدّ به الأرض "فالمعاني متماثلة أو جدّ متقاربة ". • (شيخ): {ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا} [غافر: 67] "الشيخ: الذي استبانت فيه السِنُّ، وظهر عليه الشَيْب. . من الخمسين إلى الثمانين ". Qفي ضوء ما في تركيب (شخخ) يمكن أن يكون معنى هذا التركيب: جفاف البدن وذبول نضارته؛ لذهاب طَراءة الشباب وغَضاضته من أثنائه: كحال الشيخ {ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا} وليس في القرآن من هذا التركيب إلا (شيخ) و (شيوخ). ومنه الشاخة: المعتدل (كأن المقصود: الضامر، والضمور درجة من جفاف البدن). وأمّا قولهم: "شيّخ عليه - ض: عابه وفضحه "، فمن الأصل، كأن المقصود: ضعّفه، أي رماه بالضعف، أو أظهر عَواره، فالعَوَر والعَوَار فراغ. • (شخص): {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَار} [إبراهيم: 42] "الشخْص -بالفتح: جماعةُ شَخْص الإنسان وغيره/ كلُّ جسم له ارتفاعٌ وظهور. والشخيص: العظيم الشخص. وقد شَخَص الشيءُ (كفتح) شخوصًا: انتبر، والجرحُ: وَرِمَ ". Qنتوء الشيء جِرمًا جسيمًا منتبرًا (على هيئة ما): كشخص الإنسان وغيره، وكشُخوص الشيء. ومن النتوء والانتبار - الارتفاع: "شَخَص السهمُ: عَلا الهدفَ. وشخَص ببصره عند الموت: رفعه فلم يَطْرِف

معنى الفصل المعجمي (شخ)

(يرتفع سواد العين، ويكون لهذا وقع جسيم (ثقيل) على الحسّ) {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَار} {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنبياء: 97]. ومنه: "الشُخوص: الذهاب والسير. يقال: شَخَصَ من بلد إلى بلد: ذهب، وقد أشخصتُه " (الذهاب انفصال كالنتوء والخروج، ويُبدى الجِرمَ مستقلًّا متجسمًا. ثم هم يقولون في معنى الذهاب: أصعد، وسما، وطلع. وكلها تحمل معنى الارتفاع والعامة تقول الآن للمسافر إلى بلد ما (طالع كذا) مما يعني أنّ الارتفاع يستعمل في السفر. ° معنى الفصل المعجمي (شخ): هو الجفاف مع التجسم كما يتمثل في لازم خروج المائع من البدن بقوة ودفع -في (شخخ)، وفي جفاف بدن الشيخ وذبول نضرته -في (شيخ)، وفي تجسم الشيء، مع ارتفاعه -في (شخص). الشين والدال وما يثلثهما • (شدد): {قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا} [القصص: 35] "اشتد الحَبّ (الحنطة والشعير): قَوِى وصَلُبَ. وشَدَّ العُقْدَةَ (رد): أحكمها وأوثقها، وشدّ فلانًا: أوثقه. وشيء شديد: مُشتَدٌّ قَوِيٌّ. ورجل شديد: قوي. وشدَّ الشيء يَشِد -بالكسر ". Qصلابة الشيء لوثاقة أثنائه أو انضغاط بعضها ببعض عَقْدًا أو نحوه مع الجفاف وعدم الرخاوة (¬1) كصلابة الحَبّ، وكالشيء الشديد، ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الشين تعبّر عن تفشٍّ وانتشار، والدال تعبّر عن ضغط ممتد يَحبس، والفصل =

وإيثاق العقدة. . . فمن الشد: الإيثاق الحسّيّ: {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} [محمد: 4]. ومن التوثيق والتقوية المعنوين: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ} [ص: 20]: قويناه، {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي} [طه: 31]. ومن الجفاف والصلابة يتأتى معنى بلوغ الشيء منتهاه في الجِدّ في بابه {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} [البروج: 12]، {وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ} [الرعد: 6]، {فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا} [الطلاق: 8]، {وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [يونس: 88]: امنعهم من الإيمان/ قَسِّها واطبع عليها [قر 8/ 374] و "شدَّد الضربَ وكلَّ شيء: بالغ فيه. وشَدّ في العَدْو واشتد: عدا وأسرع. وشدّ النهار: ارتفع " (أي بلغ قوة حاله بارتفاع الشمس أو بلوغ ضوئه غايته فهذا استعمال لزومي). وكل ذلك يرجع إلى عدم الرخاوة أو الفتور). ويتأتى أيضًا معنى الصعوبة "شِدّة العيش: شَظَفُه. الشدة: صُعُوبة الزمن ". ومن هذا {سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ} [يوسف: 48]. والذي في القرآن من التركيب منه: شدة تقوية المُلك، والأَسر، والعضُد، والأَزْر، والوَثاق، وشدة (بناء) السموات، والملائكة، والبأس، والقُوَى، والحَرَس، ثم شدة واقعة: كشدة الحساب، والعقاب، والعذاب، والبطش، ¬

_ = منها يعبّر عن صلابة وتعقد (أي احتباس لأشياء كثيرة أو أجزاء شيء -من انضغاطها) وفي (شيد) تعبّر الياء عن اتصال، ويعبّر التركيب عن اتصال هذا الذي يَشُدّ وَيعْقِدُ بشيء، أي اجتماعه أو استعماله فيه، كالشِّيد للحائط.

(شيد)

وأفعل التفضيل (أشد) أصيلًا (أشد العذاب) أو موصلًا (أشد حبًّا) (أشد قوة) ولا يخفى ما يدخل تحت أي من ذلك. وفي قوله تعالى: {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الأنعام: 152 ومثلها كل (أشدكم) (أشده) (أشدهما)] قالوا إن كلمة "أشُدّ "جمعٌ واحدُه شِدة -بالكسر، أو شَدّ- بالفتح أو الكسر، وقيل جَمْع لا واحد له [ل 221 - 222] ولعل في ذلك إشارة لجوانب بلوغ الإنسان أَشُدّه في الجسم والعقل وغيرها ". وفي قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: 8] فسِّر الشديد هنا بالبخيل -كما في قول طَرَفة بن العبد: أَرى الموتَ يَعْتامُ الكرامَ ويَصطَفى ... عقيلةَ مالِ البَاخِل المتشدد [ينظر رسالة الخطابي ضمن كتاب "ثلاث رسائل في إعجاز القرآن]) وذلك صحيح لغويًّا من حيث إن البخيل يتوثق ارتباطُ ما في حوزته من المال إليه توثقًا بالغًا؛ بحيث لا يفلت منها. • (شيد): {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء: 78] "الشِيدُ -بالكسر: كل ما طُلِيَ به الحائط. شاده يشيده: جَصَّصَه. وبناء مَشِيد: معمول بالشيد. وكل ما أُحْكِم من البناء فقد شُيّد ". Qشَدُّ نحوِ البناء بما ينتشر عليه فيُمسكه شديدًا: نحو الجِصّ. {وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} [الحج: 45]، {فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}. أما ما قالوه من: شيدت البناء - ض: طوَّلته "فهو من لازم الأصل؛ إذ لا يستطاع رفع البناء عاليًا إلا إذا كان شديد الأصل والأساس.

معنى الفصل المعجمي (شد)

° معنى الفصل المعجمي (شد): هو صلابة الشيء أو وثاقة بعضه ببعض كما في صلابة الحب وشدّ العقدة -في (شدد)، وكما في تماسك البناء ونحوه تماسكًا شديدًا بأثر الشِيد: الجص الجبس أو ما يشبهه في (شيد). الشين والراء وما يثلثهما • (شرر - شرشر): {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ} [آل عمران: 180] "الشرر ما تطاير من النار. شرَّ اللحمَ والأَقِطَ، والثوبَ، والمِلْحَ: وضعه على خَصَفة (: نسيجه من خوص النخل) أو غيرها ليجف. الإشْرارة -بالكسر: ما يُبْسَط عليه/ خَصَفة/ صفيحة/ شُقة من شقق البيت يُشرّ أي يبسط عليها الأقط/ يجفَّف عليها القديد. شَرير البحر: ساحلُه. الشَرّانُ: شِبْهُ البعوض يغشى وجه الإنسان ولا يَعَض. شَرْشَر السكينَ: أحدها على الحجر ". Qانتشارٌ أو انبساطٌ مع حِدّة حقيقية أو ما هو من بابها (¬1) ¬

_ (¬1) صوتيا: تعبر الشين عن تفش وانتشار والراء عن استرسال، والفصل منهما يعبر عن انتشار مع حدة أو ما هو من بابها (الحدّة أخذًا من قوة الراء) كما في انتثار الشرر وبسط الأقط على حجر عريض ليجف بالشمس في (ضرر). وفي (ضرى) تزيد الياء معنى الاتصال، ويعبر التركيب عن التماثل وهو صورة من الاتصال لأن المتماثلين كأنهما شيء واحد، كالشَّرَى الذي يشبه الدرهم، ثم هو امتداد لأن مماثلة شيء لآخر يجعله كالامتداد له. وفي (شور) تتوسط الواو بمعنى الاشتمال، ويعبر التركيب عن استخراج ما يشتمل عليه الشئ، وهذا الاستخراج امتداد من الباطن إلى الظاهر. وفي (شرب) تعبر الباء عن تجمع بتلاصق ما، ويعبر التركيب عن سحب المائع (امتداد من باب =

كالشرر يتطاير عن نار الحدَّاد وغيره بانتشثار -وهو من عين الحذة الي هي النار، وكبسط الأقط على شيء عريض في الشمس ليجف، وكذا شرائح اللحم، وكذا الثياب، والملح (المستخرج بجفاف المياه المالحة) ليجف والجفاف من الحدّة. وشرير البحر: ساحله ممتد على طوله أي منتشر وهو جاف -على الأقل بالنسبة لما مجاوره. والبعوض المذكور ينتشر على الوجه -وهذا انتشار وحدة معًا، وحدّ السكين ممتد وحادّ. ومن مادى هذا أيضًا "شراشر الذَنَب ذَياذِبه أي أطرافه "وشعره في الجانبين كالريش - فهي منتشرة وربما كانت حدته نجاسته، أو أن الدابة تُسْقِط به الذباب، و "شَرْشَرته الحية: عضته "فالسم ينتشر في اليدن ويقتل. و"شرشر الشيءَ: قطّعه، وكل قطعة شِرْشرة -بالكسر "فكثرة عدد القطع ¬

_ = الانتشار) ومصّه إلى الجوف وهذا جمع له فيه. وفي (شرح) تعبر الحاء عن احتكاك بجفاف وعرض، ويعبر التركيب عن شق المجتمع الثخين حتى يصير كل شق رقيقة عريضة كتشريح اللحم، وفي ذلك امتداد أيضًا. وفي (شرد) تعبر الدال عن ضغط وحبس، ويعبر التركيب عن طرد وإبعاد عن الحوزة (امتداد) مع عدم عود وهذا هو الحبس، وفي (شرذم) تحبر الذال عن رخو ثخين، والميم عن استواء ظاهر، ويعبر التركيب عن انفصال مجموعة باستواء كانفصال الشرذمة واستقلالها عن الجماعة. وفي (شرط) تعبر الطاء عن غلظ، ويعبر التركيب عن شَدّ بتباعد وضم، كما يشد الشريط السرير. وفي (شرع) تعبر العين عن التحام برخاوة، ويعبر التركيب عن نفاذ إلى الماء والنفاذ امتداد والماء هو مقابل رخاوة العين، وفي (شرق) تعبر القاف عن تعقد في العمق، ويعبر التركيب عن نفاذ غليظ من العمق كشروق الشمس، وفي (شرك) تعبر الكاف عن ضغط غنوري دقيق يتأتى منه التماسك ويعبر التركيب عن تلازم شيئين أو أكثر وتماسكهما كما يمسك الشراك النعل إلى القدم.

انتشار وربما عدّ التقطيع حدة أو أن اللفظ مستعمل في جزء معناه. و "الشرشرة -بالكسر: عُشبة. . . تنبت متفسحة كأن أفناءها الحبالُ طُولًا. . . "فالانتشار واضح. . وقولهم "ألقى عليه شراشره "ليس معاها أثقاله فالأثقال لا مدخل لها في معنى التركيب، ولا أن الشراشر النفس والمحبة كما قيل، وإنما ما جاء في طرّة [ل] فسّر شراشر الأذناب بأطرافها، ثم قال "ثم كُنِي به عن الجملة كما يقال أخذه بأطرافه، ويمثل به لمن يتوجه للشيء بكليته، فيقال ألقى عليه شراشره كما قاله الأصمعي، كأنه لتهالكه طرح عليه نفسه بكلّيته. . . ومرادهم التوجه ظاهرًا وباطنًا "اهـ. فالتعبير مأخوذ من الانتشار أيضًا. ومن صور الحدّة في المعنى الأصلي: "الشِرّة -بالكسر: النشاط. "لهذا القرآن شِرّة ": نشاط ورغبة. شِرّة الشباب: حرصه ونشاطه ". ومما هو واضح المأخذ من الأصل قولهم "أشرّ الشيء: أظهره "فهو لازم النشر والبسط المذكور في الأمثلة. وأشهر استعمالات التركيب "الشرّ: ضد الخير "وقد فُسِّرت بعض استعمالاته بما يبين ملامح معناه أو بعضها "الشرُّ: السوء ""شَرّ إنسانًا: عابَه ""عين شُرَّى فُعْلَى: أي خبيثة " (المقصود تصيب حسدًا). "المشارّة: المخاصمة المعاداة ". "الشُرّ -بالضم: العيب ""ما قلت ذلك لشُرّك -بالضم: أي لشيء تكرهه ""عين شُرَّى إذا نظرت إليك بالبغضاء ". فالشر -بالفتح يعبر عن السوء والمعابة والضُر وما يكرهه الإنسان ويبغضه. وهذا كله من الحِدّة في المعنى الأصلي. ومعنى الانتشار متحقق أيضًا لأنه إصابة آخرين وتعدٍّ إليهم. وهذا امتداد وانتشار. وفي (التوقيف) عرّف الشر بأنه "عدم ملاءمة الشيء للطبع "

(شرى)

وعرّفه في (المصباح) بأنه "السوء والفساد "ويحتاج ما في (التوقيف) إلى تقييد عدم الملاءمة بكون ذلك في نظر الشرع. والذي جاء في القرآن الكريم من مفردات التركيب هو (الشرّ) الذي عرّفناه آنفًا، و (الأشرار) جمع ذي الشرّ، و (شرَر) النار {وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} [البقرة: 216] {وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ} [ص: 62] {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} [المرسلات: 32]. • (شرى): {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: 111] "الشِريان -بالكسر: شجر من عِضاه الجبال زعموا أن عوده لا يكاد يعوجّ. الشِرْيانات: عروق دِقاق في جسد الإنسان وغيره، وهي العروق النابضة ومنبتها القلب. أَشْراء الحَرَم: نواحيه واحده: شَرى. شرى الفرات: ناحيته. الشَرَى: شيء يخرج على الجسد أحمر كهيئة الدراهم ". Qالتماثل اعتدالًا أو مقدارًا أو وضعًا بالنسبة لشيء ما -كاعتدال الريان (الشجر الموصوف)، حيث يتماثل اتجاه أجزائه (المعوجُّ لكل جزء منه اتجاه)، وكتماثل الشريانات في توزيع الدم على أنحاء البدن، وكتماثل ذلك الطفح الجلدي في الشكل والقدر حيث يشبه الدراهم، وكتماثل نواحي الحرم في الحرمة، وناحية الفرات مع الأخرى. ومما صرح فيه بالتماثل "شَرْوَى الشيء: مثلُه -واوه من الياء، لأن الشيء إنما يُشْرَى بمثله، ولكنها قلبت واوا كما قلبت في تقوى ونحوه. يقال هذا شرْوَاه وشَرِيُّه "اهـ. (وجملة "لأن الشيء إلخ "متأثرة بالاستعمال المشهور للشراء مقابل البيع، لكن المماثلة أعم من ذلك) ففي

"كلام عمر رضي اللَّه عنه في الصدقة: فلا يأخذ إلا تلك السن من شَرْوَى إبله أو قيمة عدل. أي من مثل إبله. الشَروَى: المثل. هذا شَرْوَى هذا أي مثله. وفي حديث عليّ كرم اللَّه وجهه: ادفعوا شَرْوَاها من الغنم. وقال شريح في رجل نزع في قوس فكسرها فقال: "له (أي لصاحب القوس التي انكسرت) شَرْواها ". أي مثل قوسه. وكان شريح يضمّن القصّار شرواه أي مثل الثوب الذي أخذه (ليغسله) وأهلكه ". وفي حديث النخعي "يبيع الرجلَ (أي يبيع له شيئًا) ويشترط الخلاص (كأن المقصود البراءة من العيوب) فقال "له الشَرْوَى "أي المثل (أي مثل المبيع إذا ظهر فيه عيب). ومن مادّى ذلك التماثل أيضًا الاستمرار في حركة واحدة بعينها وعمل واحد أي تكراره "شَرِيَتْ عَيْنه بالدمع: لجّت وتابعت الهملان. شَرِىَ البرق شَرًى: لمع وقتابع لمعانه. يقال لزمام الناقة إذا تتابع حركاته لتحريكها رأسها في عَدْوها: قد شَرِىَ زمامها إذا كثر اضطرابه. فرس شَرِىٌّ: يستشري في سيره أي يلجّ ويمضي ويجدّ فيه بلا فتور ولا انكسار. استشرى في دِينه: لجّ فيه وتمادى وجدَّ وقوى واهتم "به. ومن ذلك التماثل أيضًا "الشَرْيَةُ: النخلةُ التي تنبت من النواة "فهي تَنْبُتُ نَخْلَةً كأمها. أما "الشَرْىُ: الحَنْظَل "فأرجح أنه سمي كذلك لشبهه الظاهري بالبطيخ أو باليقطين أو لكثرة ثمره مع تماثله وقولهم "إبل شرَاةٌ -كسراة: خيار "كأن المقصود بعضها كبعض في ذلك. وكذلك "الشَرَى بمنزلة الشَّوَى: رُذَال المال "أي مجموعة بعضها كبعض في السوء. ومن هذه المماثلة جاء معنى الشِراء المشهور وذلك للمماثلة بين المشترَى وثمنه في القيمة، علمًا بأن هذه المعاملة بدأت مبادلة. ولهذا استعمل اللفظ في

(شور)

البيع وفي الشراء معًا، لأن الأمر يئول إلى (شيء بمثله) "شَرَى الشيء واشتراه سواء. وشرَاه واشتراه: باعه {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} (أي يبيعها) {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} [يوسف: 20] فهذا بيع، والبائع إخوته أو الذين التقطوه من البئر [ينظر قر 9/ 155] وكل ما جاء في القرآن الكريم من الفعل (شرى يشري) فالمراد به البيع، والفعل (اشترى - يشتري) يراد به الاشتراء بالمعنى المشهور أي أخذ السلعة ودفع الثمن {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ} [يوسف: 21] ومن مجازه {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى} [البقرة: 16] ". • (شور): {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38] "شار العسَل يشوره: استخرجه من الوقبة واجتناه. المَشار: الخلية يشتار مها. المَشاوِر: المحابض ج مِشْوَر وهو عُود يكون مع مُشتار العسل. الشَورة -بالفتح، والشارة: السِمَن. استشارت الإبل: لبست سِمَنًا وحُسنا. جاءت شِيارًا أي سِمانا حِسانا. المَشارة: الدَبْرة التي في المزرعة (= الجدول الذي بين الزرع لسقيه بالماء). أشار النارَ وشوّر بها: رَفَعها ". Qاستخراج ما يحتويه الشيء من طيب أو مناسب قوي الأثر. كالعسل في الوقبة أو الخلية يُستخرج منها، وكاحتواء الإبل على شحم السِمَن وظهور ذلك السِمَن عليها، وكاحتواء الدَبْرة على الماء لسقي الزرع فينمو، وكتغذية النار بالوقود فيرتفع لهبها ويظهر. فهذا الارتفاع والظهور هو من باب الخروج.

(شرب)

ومن استخراج المحتوى "اشتار الفحل الناقة: كَرَفها (تَشَمَّمَها) فنظر إليها ألاقح هي أم لا. والمستشير (من الجِمال): الذي يعرف الحائل من غيرها. (هو يعرف ذلك برائحتها. والحائل هي غير الحامل، وهي تقبل أن يطرقها الفحل) ومنه "الشَورة -بالفتح: الخَجْلة " (لظهور أمر مُكتنّ). ومن هذا أيضًا "شار الدابة يشورها: ركبها عند العرض على مشتريها/ أدبر بها وأَقْبل/ أجراها ليعرف قوتها "فهذا من إظهار ما عندها من القوة ونوع السَير. ومن هذا "الاسشارة والشُورى "فهي استخراج الرأي في الأمر المعروض، وهذا أيضًا يُستمد من مذخور العقل والخِبْرة {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159] وكذا ما في [الشورى: 38] {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: 233] أي حتى في هذا الأمر الخاص. ومن هذا "الإشارة بالكف والأصبع والعين "لأن الإشارة تعبير عن معنى في النفس {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} [مريم: 29] ومن ظهور الطيب المحتوى "الشارةُ والشُورة -بالضم: الحسن والهيئة واللباس/ الجمالُ والحسن. شيء مَشُور: مُزَيّن. شُرْته: زينته فهو مَشُور ". وأخيرًا فمن ذلك "الشَوَار: متاع الرحْل والبيت " (في الداخل ويظهر) ثم يكنى به عن العورة. فيقال "شَوار الرجل والمرأة ". [كما تقول العامة (متاع) بإبدال الميم باء]. • (شرب): {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} [ص: 42] "شَرِب الماء وغيره شَربا وشُرْبا. الشراب ما شُرِب من أي نوع كان وعلى أي حال كان. المَشْرَبة: الموضع الذي يُشْرب منه كالمَشْرعة (أي من ضفة نهر أو

نحوه) الشَرَبَة: كالحُويض يحفر حول النخلة والشجرة ويملأ ماء فيكون رِبّها فتتروى منه. كل شيء لا يُمْضغ فإنه يقال فيه يشرب ". Qسَحْب الماء أو اللطيف إلى الجوف أي مصّه وإنفاذه إلى الأثناء بقوة (من منفذ علوى). كشرب الماء وغيره. [وفي ل تصرفات كثيرة من شرب الماء والمائع مباشرة] ومن ذلك "الشَرَبَّة والمشْرَبة: أرض لينة لا يزال فيها نبت أخضر ريان وليس بها شجر تنبت العشب/ (أي هي ريا بالماء دائمًا). ومن مصّ المائع واللطيف "الثوبُ يَتَشرَّب الصِبْغ: يتنشفه: تشرّبَ الثوبُ العَرَق: نَشِفَه. أُشْرب الأبيضُ حُمرةً " (خالطته حمرة ونفذت في أثنائه فبان أثرها في البياض) "أُشْرِب الزرعُ الدقيق. شُرِّبَ السنبلُ الدقيقَ: صار فيه طُعم. شَرَّبَ قَصَبُ الزرع: إذا صار الماء فيه. أُشْرِبَ قلبُه كذا أي حَلّ محل الشراب أو اختلط به كما يختلط الصبغُ بالثوب. أُشْرِبَ قلبُه حبَّ فلانة أي خالط قلبَه {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} [البقرة: 93] أي حُبَّ العجل فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. ولا يجوز أن يكون العجل هو المُشْرَب، لأن العجل لا يشربه القلب " [ل]. و "الشوارب: مجاري الماء في الحلق " (هي عروق في العنق تَصَور بعض العرب أو اللغويين أن الماء يجري فيها. وربما قُصِد جريان الدم أو الصوت). ومن ذلك النفاذ "الشاربان: ما سال على الفم من الشعر (يكاد يدخل الفم أي ينقذ فيه)، ثم استعملوه في "ما طال من ناحية السَبَلة (أي طرف الشارب الذي يفتل إلى أعلى أو يُترك ليتدلى)، ربذلك سمى شاربَا السيف " (الإصبع الحديدية المعقوفة يمتد عرضا في آخر المقبض ليحجز اليد) "أَشْرَبَ البعيرَ والدابة الحبل: وضعه في عنقه " (أُنْفِذَ الرأسُ والعنق في الحبل). المَشرُبة -بضم الراء وفتحها:

الغُرفة (ما يسمى الدور الثاني من المبنى السكني -أنفذت إلى أعلى ومعنى (النفاذ) يصلح دائمًا أن ينظر فيه إلى النفاذ في الشيء والنفاذ منه). و "ضائنة شَروب: تشتهي الفحل " (تشتهي أَنْ يُنْفَذ فيها). ومن المعنوي: "الشَرْبُ: الفَهْم " (نفاذ المعنى إلى الذهن). وقولهم "اشْرأبّ الرجل للشيء: مد عنقه إليه " (وقد ذكرت في هذا التركيب في [ل]، وهي من النفاذ إلى أعلى كما في المشربة الغرفة). بقى الكلام عما عُدّ تضادًّا. قالوا "أشْرَبْنا: رَوِيت إبلُنا، وأَشْربنا عَطِشنا أو عطشت إبلنا "فسره الأزهري: فروى رَجُل مُشْرِب: قد شَرِبَتْ إبله. رجل مُشْرِب: حان لإبله أن تَشْرب "فالصيغة لحيونة المعنى الأصلي ولا تضاد. والذي جاء في القرآن من التركيب كلُّه من شرب الماء أو ما هو من بابه عدا آية [البقرة: 93] التي ذكرناها. لكن هناك ما يوقف عنده من صِيَغ وغيرها {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: 6، كذلك المطففين: 28] "قال الفراء: يَشْرب بها ويَشْربها سواء في المعنى، وكأن يشرب بها يرْوَي بها وينْقَع. . . قال ومثله: فلان يتكلم بكلام حسن، ويتكلم كلامًا حسنًا. وقيل المعنى يشربُها والباء زائدة. وقيل الباء بدل (من)، تقديره يشرب منها " [قر 19/ 126]. {قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الشعراء: 155، ومثلها ما في القمر: 28]: أي حَظٌّ من الماء أي لكم شرب يوم ولها شرب يوم [قر 13/ 131] والشرب -بالفتح وبالضم: المصدر {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} [الواقعة: 55] أي كشربها، الهيم: الإبل العطاش التي لا تروي بالماء. [قر 17/ 215] "الشراب: ما يُشْرب من أي نوع على أي حال في كل شيء لا مضغ فيه " [متن] {لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ} [الأنعام: 70] وكذلك

(شرح)

كل (شراب) أيًّا كان. وفي {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69] هو العسل. و (المَشْرَب): الماء نفسه، ومكانه وهو شريعة الماء، والوجه الذي يُشْرَب منه، ومصدر للفعل ضرب. وجمعه مشارب {فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ} [البقرة: 60] الراجح أنه هنا مكان الشرب أي العين الخاصة بهم. ينظر [قر/ 421]. • (شرح): {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: 1] "الشريحة: القطعة من اللحم المرققة. التصفيف نحو من الشرح، وهو ترقيق البَضعة من اللحم حتى يشفّ من رقته، ثم يُلقي على الجمر. كل ما فُتح من الجواهر (= الأجسام المادية) فقد شُرِح. . ومنه تشريح اللحم. والشَرْح: الافتضاض للأبكار ". Qشق ما هو كتلة متجمعة ثخينة أو تشقيقه حتى تصير كل قطعة منه رقيقة تكاد تَشٍفّ، نحو البَضْعة من اللحم الموصوفة. ويلزم ذلك الامتداد مع العِرَض كما في قولهم "شَرَح جاريته: سلقها على قفاها ثم غَشِيها ". ومن ذلك "شرح فلان أمره أي أوضحه. شرح الشيء: فتحه وبينه. شَرَحْت الغامض إذا فسرته. والشرح: الفتح، والشرح البيان، والشرح الفَهم " (المقصود الإفهام). فالأمر قبل الشرح يكون مجتمعًا متداخلًا ملتبسًا بعضه ببعض كالكلتلة المتجمعة التي لا يُدْرَى باطها، وبالشرح يَتبين ويُفهَم. ومن ذلك "شرح اللَّه صَدره لقبول الخير فانشرح: وسعه لقبول الحق فاتسع ".

(شرد)

والذي جاء في القرآن من التركيب هو شرح الصدر {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: 125] وكذلك ما في [طه: 25، الزمر: 22، الشرح: 21] {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ} [النحل: 106]. فهذا من القبول بِرضًا وارتياح. • (شرد): {فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} [الأنفال: 57] "شرد البعير والدابة (فعد): نَفَر استعصى وذهب على وجهه/ نَفَر وذهب في الأرض. شرد الرجل: شرودا: ذهب مطرودًا. تشرّد القوم: ذهبوا ". Qاندفاع الحيّ أو (غيره) من بين المجماعة أو الحيّز بابتعاد. ويلزمه التفرد أو التفرق: كالبعير الشارد، والمطرود، والقوم الذاهبين رحيلا (بلا عود). ومن اللازم الشريد: المفرد. أبقت السنةُ (أي الجدْبُ) عليهم شرائد من أموالهم أي بقايا. الشريد: البقية من الشيء. في أدَاوَاهم شريد من ماء أي بقية. " (الأَدَاوة: وعاء صغير للماء). ولم يأت من التركيب في القرآن إلا قوله تعالى: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأنفال: 57] أي فرّق وبدّد جمعهم/ إن أَسرتهم يا محمد فنكِّل بهم مَنْ خلفهم ممن تخاف نقضهم للعهد لعلهم يذكرون فلا ينقضون العهد/ فزّعْ بهم مَنْ خلفهم " [ل]. • (شرذ): "شرّذ: لغة في شرّد نادرة. التشريذ: التفريق " [متن].

(شرذم)

Qالتفريق. • (شرذم): {إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} [الشعراء: 54] "ثياب شراذم أي أخلاق متقطعة. ثوب شراذم أي قطع "وكذا نعل شراذم ". Qكون الشيء قطعة منفردة أو متسيبة من شيء بالٍ. كالثوب والنعل المذكورين ومنه "الشرذمة: القليل من الناس ". والمفروض أن يضاف إلى ذلك وصفهم بالضعف عد من يعبر عهم بذلك، أخذا من الكلام عن الثوب الشراذم المتقطع بِلًى. لكن الحدّة أصيلة في معنى التركيب أخذًا من (الشرّ) في فصله المعجمي، والآية التالية {وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ} [الشعراء: 55] تؤكد ذلك. والذي جاء في القرآن من التركيب قول فرعون أو رسله عن سيدنا موسى على نبينا وعلى جميع الأنبياء الصلاة والسلام -والذين آمنوا معه {إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ}. • (شرط): {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} [محمد: 18] "الشريطة: شبه خيوط تفتل من الخوص والليف، وقيل هو الحبل ما كان، سُمّى بذلك لأنه يُشْرَط خوصه أي يشقُّ ثم يفتل. وفي [تاج] "والشريط خوص مفتول يشرط - وفي العباب يُشْرَج به السرير ونحوه، فإن كان من ليف فهو

دِسار "وفي [ل قمط] "أن قُمُط الخُصّ هي "شُرُطه التي يوثق بها ويشدّ بها من ليف كانت أو من خوص " (الخص البيت الذي يعمل من القصب). وفي [تهذيب اللغة دسر] "الدُسر: مسامير السفينة وشُرُطها التي تشد بها. . ويقال: الدسار: الشريط من الليف الذي يشدّ به. وفي [ل] هنا "والدسار خيط من ليف يشد به ألواح السفينة "اهـ. "الشريط: العتيدة للنساء تضع فيها (المرأة) طيبها. الشَرَط -محركة المسيل الصغير يجيء من قدْر عشرة أذرع. الشِرواط -بالكسر: الطويل المُتَشذِّبُ القليل اللحم الدقيقُ يكون ذلك من الناس والإبل ". Qضم الشيء أو شد بعضه إلى بعض باستطالة ودقّة ما: كما يَشُدّ الشريط السرير (أو يسدّ فجوته)، وكما يُشَدّ الخُصُّ وألواحُ السفينة، وكما تضم العتيدة طيب المرأة، وكما يتماسك بدن الطويل القليل اللحم. والمسيل المذكور يضم الماء بدقة مستطيلًا. ومن ذلك "الشَرْط: بَزْغَ الحجام الجلد بالمشرط "فهو يصنع في الجلد خطًّا طويلا مستدِقًّا. (جزء المعنى). . وأضيف هنا أن المعنى المشهور لأشراط الشيء علاماته غلب على تفسير الأئمة لكثير من استعمالات هذا التركيب. وأوضح ذلك هنا تفسيرهم (أَشْرَطَ) في قوله: فأشرط فيها نفسه وهو مُعْصِمٌ ... وألقى بأسباب له وتوكلا قالوا: "جعل نفسه عَلَمًا لهذا الأمر أي هيأها لهذه النبعة " (¬1) اهـ والحقيقة أن الشاعر يصف رجلًا أراد جَنْي عسل في خلية اتخذها النحل في سنَد الجبل، بأن دَقّ وَتِدًا في أعلى الجبل وشدّ به الحبْل ثم تدلى عليه إلى الخلية. [ينظر ل سبب] فقوله: أشرط فيها نفسه، أي ربط نفسه في الخيطة (الحبل)، وهو ممسك بها. ¬

_ (¬1) كذا هي (النبعة) ولم أجدها في أسماء العسل.

(شرع)

ومن شدّ الشيء بشيء أي ربطه به جاء (أ) معنى "الشرط: إلزام شيء والتزامه في البيع ونحوه "شَرَط للأجير " (ضرب، نصر) و "أشرط نفسه لكذا وكذا: أعلمها له وأعدها " (وتكون من الربط تخصيصًا) "حتى يأخذ اللَّه شريطته من أهل الأرض "يعني أهل الخير والدين "اهـ أي التابعين له المرتبطين به أهله المنضوين تحت لوائه خاصة. (ب) والعلامة التي تدل على الشيء لأنها تقود إليه "الشرط -بالتحريك: العلامة والجمع أشراط {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} أماراتها: انشقاق القمر، والدخان كثرة المال والتجارة وشهادة الزور وقطع الأرحام وقلة الكرام وكثرة اللئام [قر 16/ 240]. والاشتراط العلامة التي يجعلها الناس بينهم "أشرط طائفة من إبله وغنمه: عَزَلها وأعلم أنها للبيع ". ومنه "الشُرطة -بالضم، والتحريك لغة قليلة: طائفة من أعوان السلطان أو الولاة "لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها، أو لتخصيصهم بالسلطان -وهذا شدٌّ وربط. ومن هذا "الأشراط: الأشراف " (أعلام ويرتبط الناس بهم). (جـ) ومن دقة الحجم اشعمل في العيب لأنه دقة قَدْر "الشَرَط من الإبل: ما يجلب للبيع نحو التابّ والدَبِر. يقال إن في إبلك شَرَطا (أي جلبها للبغ لأنها مَعيبة) فيقول لا ولكنها لُباب كلها ". وقالوا "الشَرَط -بالتحريك: رُذال المال وشِراره. الغم: أشرط المال: أرذله. شَرَطُ الإبل: حواشيها وصغارها ". (والعامة تنطق اللفظ لهذا المعنى بالزاي بدل الشين). • (شرع): {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48]

"الشرعة -بالكسر، والشريعة في كلام العرب: مَشْرَعَة الماء، وهي مَوْرد الشاربة (أي المكان الذي ينزلون منه إلى ماء النهر) فيشربون منها ويستقون. وربما شرّعوها دوابَّهم حتى تشرعها وتشرب منها، والعرب لا تسميها شريعة حتى يكون (الماء) عِدًّا لا انقطاع له، ويكون ظاهرًا مَعِينًا لا يُسْقى بالرشاء. شرعت الدواب في الماء أي دخلت. شرع الوارد: تناول الماء بفيه (أي كما تشرع البقر والجواميس في النهر وتشرب). والشوارع من النجوم: الدانية من المغيب ". Qشق منفذ إلى الماء (أو المائع الطيب المُرْوي) للتناول بتمكن واتساع ودوام. كشرْع الماشية في الماء من المشرعة الدائمة وهذه المشرعة منزل إلى الماء يُصنع عادة بشق بعض الضفة بإزالة مدرها للوصول إلى الماء. ومن ذلك "الشريعة والشِرْعة: ما سنّ اللَّه من الدين وأمر به كالصوم والصلاة والحج والزكاة وسائر أعمال البر -مشتق من شاطئ البحر- عن كراع. ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ} [الجاثية: 18] ". أي على منهاج واضح من أمر الدين. والشرائع في الدين: المذاهب التي شرعها اللَّه لخلقه [قر 16/ 163] فالشريعة وسيلة إحياء الروح وتغذيتها ووصولها اتماء (أي نفاذا) إلى الملأ الأعلى وارتقاء عن الحيوانية. وفي [تاج] مما حكاه عن الراغب: سميت الشريعة تشبيهًا بشريعة الماء بحيث إن من شرع فيها على الحقيقة المصدوقة رَوِي وتطهر. لكن في الجمع بين الشرعة والمنهاج في قوله تعالى {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} جاء في [ل وفي قر 6/ 211 بحر 3/ 513] ما يعني التسوية بينهما، في حين قال المبرد "الشرعة ابتداء الطريق، والمنهاج الطريق المستمر ". وأنا أميل إلى قول المبرّد، لاتفاقه مع معنى الشرعة في اللغة. وتفهم الشرعة على أنها الصيغة العقدية للدين

(مثلًا في الإسلام الشرعة هي شهادة أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه، وسائر ما قرره حديث الإيمان. والمنهاج شعائر الدين وأحكامه التي جاء بها كلام اللَّه تعالى وكلام رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-). والجمع بين الشرعة والمنهاج يقتضي الفرق بينهما، لكنه لا ينفي التكامل بين الشرعة والمنهاج، كما لا ينفي اتساق الأديان السماوية في الأصول العامة. فإن التكامل بين الشرعة والمنهاج -حسب ما اخترنا في تفسيرهما- يسمح باعتداد الاختلاف بين الأديان في أحدهما اختلافا بين مقررات كل من الأديان والآخر. وفي [قر 6/ 211]: ومعنى الآية أنه جعل التوراة لأهلها، والإنجيل لأهله، والقرآن لأهله. وهذا في الشرائع والعبادات "ثم قال والأصل التوحيد لا اختلاف فيه ". لكنه لم يربط بين المعنى اللغوي والمراد لكل من اللفظين فكأنه جعلهما مترادفن كما صرح في [بحر 3/ 514]. لكن في قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: 13] جاء [في قر 16/ 10 - 11] أن نوحا عليه السلام أول الرسل "بعثه اللَّه بتحريم الأمهات والبنات والأخوات، ووظف عليه الواجبات وأوضح له الآداب في الديانات، ولم يزل ذلك يتأكد بالرسل حتى ختمها اللَّه بخير الملل مِلّتنا على لسان أكرم الرسل نبينا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكأن المعنى أوصيناك يا محمد ونوحا دينا واحدا يعني في الأصول التي لا تختلف فيها الشريعة وهي التوحيد والصلاة والزكاة والصيام والجج، والتقرب إلى اللَّه بصالح الأعمال. . والصدق والوفاء بالعهد وأداء الأمانة وصلة الرحم، وتحريم الكفر والقتل والزنى والأذية للخلق كيفما تصرفت. . واقتحام الدناءات، وما يعود بخرم المروءات. واختلفت الشرائع

وراء هذا في معان حسبما أراده اللَّه مما اقتضت المصلحة وأوجبت الحكمة وضعه في الأزمنة على الأمم ". وكلل هذه أحكام مع أن {أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} تصدق على الأصول أصلا. وإن كان (شرع) الذي هو للبدء يتأتى عند إفراده أن يستعمل للاستمرار أي للأحكام أو لغيرها لأن المعنى اللغوي واسع. لكن ذكر اللفظين معا في كلام محكم يتطلب الأخذ بالفرق بينهما. وفي {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] قال [قر 16/ 19]: "هذا متصل بقوله {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ} وقوله {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} [الشورى: 13، 17] كانوا لا يؤمنون به، فهل لهم آلهة شرعوا لهم الشرك الذي لم يأذن به اللَّه؟ وإذا استحال هذا فاللَّه لم يشرع الشرك فمن أين يدينون به؟ " {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ} [الجاثية: 18]: منهاج واضح من أمر الدين [قر 16/ 163]. ومن الشق مع النفاذ إلى الشيء بتمكن واتساع "الشريع من الليف: ما اشتد شوكه وصلح لغلظه أن يخرز به " (أي أنه يُنْزَع عن الخل لذلك كما يُزال المدر للوصول إلى الماء) "شرع الإرهاب: سلخه/ شق ما بين رجليه وسلخه " (فينكشف كله بالشق بخلاف التزقيق من العنق والترجيل من الرجل). "دُور شارعة: إذا كانت أبوابها شارعة في الطريق. الشارع: الطريق الأعظم الذي يشرع فيه الناس، شَرَع المنزلُ: إذا كان على طريق نافذ. الشِرْعة -بالكسر: الوتر الدقيق/ ما دام مشدودا على القوس (نافذ في فراغ حَنْيَة القوس) "أشرع نحوه الرمح والسيف: أقبلهما إياه وسددهما إليه فشرعت. رمح شُراعىٌّ: طويل. شرَّع الحبل: أنشطه وأدخل قطريها (طرفيه) في العروة، الشريعة: الكتان (تتخذ منه

(شرق)

الحبال التي تمدّ وتنفذ في المشدود بها) الشِرْعة -بالكسر: حبالةٌ من العَقَب تُجعل شَرَكا يصاد به القطا. الأشراع: السقائف (ظُلَّة نافذة في الهواء ممتدة) واحدتها شَرَعة. الأشرعُ: الأنفُ الذي امتدت أرنبتهُ (امتدادها نفاذ نسبي إلى الأمام) شِراع السفينة: وهو جِلالهُا وقلوعها/ ما يُرفَع من ثوب فوقها لتدخل فيه الريح فيُجريها " (ينفذها في البحر تمخره). ومن ذلك النفاذ نفاذ إلى أعلى "أشرع الشيء: رفعه جدًّا. الشِراع عُنُق البعير. شِرَاعه أي عُنُقه. الشِراعيّة: الناقة الطويلة العنق "يقال للنَبْت إذا اعتمّ (التفّ وطال) وشَبِعت منه الإبل: قد أشرعت. وهذا نَبت شُراع. حيتان شُرَّع: شارعات من غَمرة الماء إلى الجُدّ " {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا} [الأعراف: 163] كانوا نُهُوا عن صيدها يوم السبت. فلما جاءتهم يوم السبت حسبوها وصادوها الأحد [ينظر قر 7/ 305 - 306]. ومن ذلك الشق والنفاذ "الشَراعة: الجُرْأة. والشريع: الرجل الشجاع "و "نحن في هذا شَرَع أي سواء (كأنه جمع شارع كخادم وخدم أي شارعون معا) "رجل شَرْعُك من رجل. . فهو نعت له بكماله وبذّه غيره " (فهذا أيضًا من النفاذ كأنه نفّاذ في الأمور سالك). ومن الشق للنفاذ معنى البدء في الشيء "شرع في كذا أخذ فيه/ خاض فيه " [تاج]. • (شرق): {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} [الزمر: 69] "شَرَقت الشمس وأشرقت: طلعت. كلُّ ما طلع من المشرق فقد شَرَق -يستعمل في الشمس والقمر والنجوم. الشمس تسمَّى شارقا وشَرْقا وشَرِقةً وشَرْقة

وشَريقا. المَشْرِق: اسم الموضح خلافًا للقياس. المَشْرُقة -بفتح الراء وضمها: موضع القعود للشمس. أشرقت الشمس: أضاءت. الشِرْق -بالكسر: الضوء الذي يدخل من شِقّ الباب. مكان مُشْرِقٌ وشَرِق: أشرقت عليه الشمس فأضاء ". Qطلوع الشمس أو أي من النجوم من عمق أقصى الأفق الشرقي كأنما تشقه -كطلوع الشمس، ويلزم ذلك الضياء كما ذكر. ومن إشراق الشمس التشريقُ في صلاة العيد، وموضعها المُشَرَّق، لأن صلاة العيد تكون بعد الشرقة أي الشمس ". وكل ما جاء في القرآن من التركيب هو من معنى طلوع الشمس ولوازمه وما إليه -دون سائر معاني التركيب التي سنذكرها بعد. فمن ذلك (المَشْرِق) أصله المكان الذي تشرق منه الشمس في رأي العين -كما ذكر، ويستعمل للجهة التي تَكْنُف ذلك المكان مهما امتدت في جانبيه. ومن هذا كل كلمة (المشرق) {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [البقرة: 115] أي هما له مِلك وما بينهما مق الجهات والمخلوقات بالإمجاد والاختراع [قر 2/ 79]. وفي {بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ} [الزخرف: 38] أي بعد ما بين المشرق والمغرب عُبِّر عنهما بالمشرقين تغليبًا. وفي {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن: 17] أحال [قر] على ما قاله في {وَرَبُّ الْمَشَارِقِ} [الصافات: 5 ويصدق عليه ما في المعارج] حيث أورد [في 15/ 63] عن ابن عباس أن للشمس كل يوم مشرقا ومغربا (أقول وبالتالي فلها في الصيف مشرق عام من مجموع مواضع شروقها فيه ومغرب عام كذلك) فهما مشرقان ومغربان) ثم في [ص 64] منه أنه دُلّ بذكر المطالع (يعني المشارق) على المغارب، وخص المشارق بالذكر لأن الشروق قبل الغروب (ولو قال قر إن ذكر الغروب لازم لذكر الشروق لجاز). ثم قال قر عن المشرقين والمغربين "أراد بالمشرقين

أقصى مطلع تطلع منه الشمس في الأيام الطوال، وأقصر يوم في الأيام القصار. وفي [15/ 27] كلام يفسر تسخير الشمس وفي [15/ 28] يتناول ما وضعه اللَّه لنظامها. وكله له سند من القرآن ومن نظام الكون الذي نعايشه على ما خلقه. اللَّه سبحانه. أما ما في [15/ 63] فإن كلام أمية وتفسيره لا يحسبان على مقررات الإسلام. وإشراق الشمس يقصد به أول وقت إضاءتها {يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ} [ص: 18]. ويقال "أشرق القوم: دخلوا في وقت الشروق، ومنه {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} [الشعراء: 60] {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ} [الحجر: 73] والمكان الشرقي الذي في جهة الشرق {إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا} [مريم: 16] أي مكانا من جانب الشرق. . . لأنهم كانوا يعظمون جهة المشرق من حيث تطلع الأنوار. . [قر 11/ 90 عن طب] {زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ} [النور: 35] [في قر 12/ 259] "ليست خالصة للشرق فتسمى شرقية ولا للغرب فتسمَّى غربية. . . وقال ابن زيد هي من شجر الشام وهو أفضل الشجر وهو لا شرقيّ ولا غربي وهي الأرض المباركة "اهـ وصدْر هذا في [ل 42]. {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} [الزمر: 69] [في قر 15/ 283] أي أنارت وأضاءت بعدل اللَّه وقضائه بالحق بين عباده والظلم ظلمات والعدل نور. وقيل إن اللَّه يخلق نورا يوم القيامة يُلْبِسه وجهَ الأرض فتشرق الأرض به ". بقى من استعمالات التركيب معنيان (أ) "شَرِقت الشمس: غابت/ دنت للغروب "وهذا الاستعمال وكل ما تفرع منه هو على صيغة فَعِل كتعب، وهذه الصيغة للمطاوعة التي تتمثل هنا في معنى المفعولية أو ما يشبهها. والمطاوعة أو المفعولية هنا يعني انعكاس اتجاه النفاذ. فالمعنى المحوري طلوع الشمس من

(شرك)

عمق أقصى الأفق بما يشبه الشق، والطلوع نفاذ من العمق إلى أعلى، وبمعنى الصيغة يصير نفاذا من أعلى إلى العمق. وهذا هو معنى شرقت الشمس غابت ومنه "الشرَق -بالتحريك: الشجا والغُصّة. الشرَق بالماء والريق كالغَصَص بالطعام ". ومنه: شرِق الثوب بالجاديّ (صِبغ). أشرق الثوبَ بالصِّبغ: بالغ في صبغه. التشريق الصبغ بالزعفران مشبعا " (الثلاثة الأخيرة [تاج] ومنها شرِق الشيءُ (تعب) فهو شَرِقٌ اشتدت حمرته بحسن لون أحمر أو بدم. . شرِق لونه: احمرّ من الخجل صريع شرِقٌ بدمه: مختضِب. لطَم عينه فشرِقت بالدم. شرِق النخل وأشرق: لوّن بحمرة (البسر) ثم "شرِق الشيء: اختلط ""شرِق الموضع بأهله: امتلأ فضاق ". (ب) "أُذُن شَرْقَاء: قُطِعَت من أطرافها ولم يَبِن منها شيء " (أي هو شق مستطيل إلى عمق طول الأذن) شَرَقْت الشاةَ (نصر): شَقَقْتُ أذنها. شرِقت الشاةُ (تعب) فهي شرقاء " (لاحظ الصيغة). تشريق اللحم: تقطيعه وتقديده وبسطه. أيام التشريق (سميت) لأن لحم الأضاحي يُشَرَّق فيها للشمس أي يُشرَّر "الشريق من النساء: المفضاة "فالمعنى في هذه الفقرة كله من باب الشق المأخوذ من اعتداد طلوع الشمس من أقصى الأفق شقا، لكن مع الاعتداد بمعنى الصيغة أي قلب النفاذ شقا ليكون إلى العمق والباطن كما هو واضح في الأمثلة. • (شرك): {هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ} [الروم: 28] "الشَرَك: حبائل الصائد/ حِبالة الصائد يرتبك فيها الصيد. أُمُّ الطريق: معظمه، وبُنَيّاتُه: أَشْراكه/ صغارٌ تتشعب عنه ثم تنقطع. والشِراك: سير النعل "

(سير يمسك النعل إلى القدم). Qلزوم الشيء الشيءَ إمساكا بجامع دقيق أو لطيف: كما يمسك الشِراكُ النعلَ والشركُ الصيدَ، وكما تمتسك بُنَيَّاتُ الطريق بالطريق الأعظم تفرعا أو تضاما. ومن ذلك التلازم "الشَرِكةُ: مخالطةُ الشريكين. مَنْ أعتق شِرْكًا له في عَبْد أي حصةً ونصيبا. شَرِكتُه في البيع والميراث. امرأة الرجل شريكته. شرِكه في الأمر (بكسر عين الماضي وفتح عين المضارع) دخل معه فيه ". والذي جاء في القرآن من مفردات التركيب جلّه بمعنى اتخاذ الكفار شريكا أو شركاء للَّه تعالى عما يصفون {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} [آل عمران: 151] {لَا شَرِيكَ لَهُ} [الأنعام: 163] في أي شئ مطلقا [ينظر بحر 4/ 263] وسائره بمعنى اشتراك البشر أو غيرهم بعضهم مع بعض في حصص من متاع الدنيا أو في غير ذلك من الأمور. وهي ما في {وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ} [الإسراء: 64] الخطاب من اللَّه تعالى إلى إبليس. أي اجعل لنفسك شركة في ذلك. فشركته في الأموال إنفاقها في معصية اللَّه. أو إصابتها من غير حلها. .، وفي الأولاد قيل هم أولاد الزنى، أو ما قتلوا من أولادهم وأتوا فيهم من الجرائم. . . أو مشاركته من لم يسم عند المخالطة في امرأته. [قر 7/ 289]، {وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} [طه: 32] أي في النبوة وتبليغ الرسالة [قر 11/ 194] {هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} هل يرضى أحدكم أن يشاركه في رزقه الذي رزقه اللَّه إياه عبدُه حتى يصير هو وعبده سواء في هذا المال؟ فكيف تنزهون أنفسكم عن مشاركة عبيدكم إياكم، وتجعلوا عبيدي شركاء لي في خَلْقي [قر 14/ 23 بتصرف] {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ

معنى الفصل المعجمي (شر)

مُتَشَاكِسُونَ} هذا مثل من عبد آلهة كثيرة {وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ} أي خالصًا لسيد واحد، وهو مثل من عبد اللَّه وحده {هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا} [الزمر: 29] أي الذي يخدم جماعة تتباين أخلاقهم ونياتهم فيلقى منهم غاية العناء ولا (يرضى واحدًا منهم)، والذي يخدم واحدا لا منازع له فيعرف ما يريد، وإذا أطاعه عرف له ذلك، وإن أخطأ صفح عنه. لا يستويان [قر 15/ 253 تصرف]. {فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [الصافات: 33] (الكبراء المُضِلِّين والمضَلِّلين)، وكذلك [ما في الزخرف: 39] {أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} أي الكفار وقرناؤهم. ° معنى الفصل المعجمي (شر): الانتشار أو صورة منه كالامتداد والانبساط كما يتمثل في انتشار شرر النار وبسط الثياب لتجف -في (شرر)، وفي التماثل بصوَرِه -في (شرى)، وكما في امتداد عود الشريان واستمرار حركة بعينها، وفي استخراج العسل من وقبته -وهذا نقل له إلى مقر آخر فهو امتداد -في (شور)، وكما في سحب الماء أو المائع إلى الجوف كذلك -في (شرب)، وكما في فتح الكتلة الكثيفة وبسطها شرائح -في (شرح)، وكما في اندفاع الدابة الشاردة بعيدًا -في (شرد)، وكما في التفريق في (شرذ)، وكلما في انفصال الشرذمة -في (شرذم)، وكما في امتداد الشريط دقيقا وامتداد المسيل -في (شرط)، وكما في النفاذ إلى الماء باتساع ودوام -في (شرع)، وكما في طلوع الشمس أو أي من النجوم من مقرها في أقصى الأفق مع استمرار ابتعادها عنه -في (شرق)، وكالربط بين الأشياء المنفصلة برباط دقيق -في (شرك).

الشين والعين وما يثلثهما

الشين والعين وما يثلثهما • (شعع - شعشع): "الشُعاع: ضوء الشمس الذي تراه عند ذُرورها كأنه الحبال أو القضبان مقبلة عليك إذا نظرت إليها. وقيل الشُعاع انتشار ضوئها. شَعُّ السنبل وشعَاعه بتثليث الشين: سَفاه إذا يبس ما دام على السنبل، وقد أشع الزرع: أخرج شعاعه. تطايرت العصا والقصبة شَعاعا إذا ضربت بها على حائط فتكسرت وتطايرت قِصدًا وقطعًا ". Qانتشارُ الشيء اللطيف الاجتماع بتفرق ودقة وامتداد. (¬1) كشعاع الشمس يمتد فيها متفرقًا كلما وُصف، وكشَعاع السنبل كذلك تمامًا، وكالعصا والقصبة إذا انكسرت كذلك. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الشين تعبّر تفش وانثار، والعين تعبر عن الخام رخو، والفصل منهما يعبر عن انتشار بدقة مما هو لطيف كانتشار أشعة الشمس مع امتدادها ودقتها في (شعع) وفي (شوع شيع) تعبر الواو عن اشتمال والياء عن اتصال، ويعبر التركيبان عن تفرق الشيء الكثير التجمع إلى تجمعات جزئية (وهذه التجمعات الجزئية يتحقق فيها الاشتمال والاتصال: بأن كُلًّا منها يشتمل على جماعة بينهم اتصال أي رابط) كشوَع الشحر وشِيعة الشخص). وفي (شعب) تعبر الباء عن تجمع رخو بتلاصق ما، ويعبر التركيب عن جمع يتفرق أو لما هو متفرق كالشعب إلى قبائل. وفي (شعر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن استرسال الدقيق المنتشر امتدادا كالشَّعَر. وفي شعل تعبر اللام عن استقلال ويعبر التركيب عن تميز ما هو لطيف منتشر. وهذا التميز استقلال -كلهيب النار والفتيلة.

(شوع - شيع)

فمن الامتداد بتفرق "شَعْشعنا عليهم الخيل: فرّقناها " (في انطلاقها عليهم هجومًا من جوانب كثيرة) وشَعاعُ الدم: ما انتشر إذا استن من خَرْق الطعنة " (يندفع خيوطًا تفرقة) "شع البعيرُ بولَه (ردّ) وأشعّه: فرّقه وقطعه. فشع يَشِع (قل): انتشر "شَعّ القومُ: تفرقوا. ونَفْس شَعاع متفرقة ورأى شعاع متفرق. ومن صور الانتشار تخفيف الكثافة "سقيته لبنًا شَعَاعا أي ضَيَاحًا أُكْثِر ماؤه. شَعْشَع الشرابَ: مزجه بالماء. شعشع الثريدة: سغبلها بالزيت (الكثافة هنا ثقلها من جفافها إذا لم يوضع عليها الزيت). ظِلٌّ شَعْشَع ومُشَعْشَع: ليس بكثيف ". ومن صور الانتشار وتخفيف الكثافة الطول "الشَعْشَع والشَعْشَاع والشَعْشَان والشَعْشَعاني: الطويل الحسن الخفيف اللحم. و "عنق شَعْشَاع: طويل ". وأخيرًا فمن تخفيف الكثافة "رَجُلٌ شُعْشُع -بالضم: خفيف في السفر ". • (شوع - شيع): {وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ} [الصافات: 83] [جاء من المشترك بين التركيبين "شاعة الرجل: امرأته. هذا شَوْع هذا وشَيعه -بالفتح فيهما: للذي وُلد بعده ولم يولد بيهما]. "الشَوَع -محركة: انتشار الشعر وتفرقة كأنه شوك: شاع الصدعُ في الزجاجة يشيع: استطار وتفرق. الشِياع والشَيُوع: ما أُوقِدت به النار/ دِقُّ الحطب تشيع به النار -كما يقال شباب ". Qتفرق الشيء المجتمع إلى تجمعات صغيرة بتشعث أي عدم انتظام. كالشعر الموصوف أصوله متجاورة ولابد أي مجتمعة وأطرافه كما

وصف، وكالصدع في الزجاج إذا استطار وتفرق فهي جانبان كل منهما متماسك مجتمع والصدع متشعث، وكالنار عندما يشتعل لهبها فيكون مصل الأسفل متفرق الأعلى بلا نظام. ومن ذلك "الشيعة -بالكسر القوم الذين يجتمعون على الأمر قال الأزهري: ومعنى الشيعة: الذين: يتبع بعضهم بعضا، وليس كلهم متقين "فالتجمع موجود في الجماعة الأصلية، لم تفرق منها فرق كل فرقة لها من تتبعه أو ما تتبعه. "فالشِيَعُ: الفِرَقُ "هي أيضًا جماعات لكن صغيرة ويسم كلًّا منها أمر ما. ومن هذا {مِنْ شِيعَتِهِ} في [القصص: 15] وفي {مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ} [مريم: 69] عن كل أُمةٍ وأهل دين [قر/ 11/ 133] {وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ} [الصافات: 83] رجح في [ل] أن الضمير يعود على نوح. {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} [الأنعام: 65] وهذا واقع الآن ولا قوة إلا باللَّه. {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: 159] في [قر 7/ 146 - 150] أن المراد اليهود والنصارى، لكن أورد بعد ذلك حديثًا أنهم أهل البدع وأصحاب الأهواء وأصحاب الصلاة من هذه الأمة. وقيل بهذا أيضًا في آية [الروم. 32 - قر 14/ 32] أما {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} [القصص: 4] فكأن سائر الآية يوضح الرد. وفي {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ} [سبأ: 54] أي من مضى من القرون السالفة الكافرة [قر 14/ 318] جاء في [ل] الأشياع: الأمثال {كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ} من قبل أي من أمثالهم من الأمم الماضية ومن

(شعب)

كان مذهبه مذهبهم. . يقال هذا شَيْع هذا أي مثله "اهـ وأقول إن التشابه بينهم يجعلهم كأنهم منهم، فلذا عبر عنه بأشياعهم. ومثلها ما في [القمر 51]. ومن التفرق "شاع الخبر انتشر " {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا. . .} [النور: 19]. هذا وقد جاء في التركيب استعمالات عربية ترجع إلى ما ذكرنا من التفرق أو الانتشار عن تجمع ما "شاعت القطرة من اللبن في الماء وتشيعت: تفرقت. شاع فيه الشيب ظهر وتفرق، شاع الخبر: انتشر وتفرق وذاع وظهر، أشعت المال بين القوم، والعذر في الحي: فرقته فيهم. نصيب فلان شائع في جميع الدار ومُشاع فيها أي ليس مقسوم ولا معزول "كل ذلك انتشار. ومما نظر فيه إلى الجمع الجزئي "ما تشايعني رجلي ولا ساقي أي لا تتبعني ولا تعيينى على المشي. شاعة الرجل: امرأته. هذا شوع هذا وشَيْعه للذي ولد بعده ليس بينهما شيء، شيّعه: خرج معه عند رحيله ليودعه ويبلغه منزله. فُلان شيع نساء -بالكسر: يشيّعهن ويخالطهن: المُشَيِّعة من الغنم: التي لا تزال تتبع الغنم أي تمشي وراءها، (تلحقها من الخلف لضعفها). ومن الجمع في المعنى الأصلي يأتي معنى الملء "شِعته: ملأته. فلان ضب مَشِيع: مثل الضب الحقود ممتلئ حقدا/ لا ينتفع به. الشياع مزمار للراعي أو صوت ذلك المزمار يهيب بها/ يدعوها إذا تأخر بعضها أي لتلحق به (اجتماع). المشيَّع: الشجاع (معه قلب - ليس منخوب الفؤاد). • (شعب): {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات: 13]

"الشَعْبُ -بالفتح: الصدع. تشعّبَتْ أغصان الشجرة وانْشَعَبتْ: انْتَشَرَتْ وتفرقت. والشُعَبُ: الأغصان هذه عصا في رأسها شُعبتان. الشُعَب الأصابع. الزرع يكون على ورقة ثم يُشَعِّب: يصير ذا شُعّب أي فِرَق. انْشَعَبَ الطريق: تفرّق. انشعب النهر: تفرقت منه أنهار. الشِعْبُ: ما انفرج بين جبلين، ومسيل للماء في بطن من الأرض له حرفان مشرفان وعرضه بَطحة رجل إذا انبطح، وقد يكون بين سندي جبلين ". Qمجتمع يتفرق فرقًا فيها معنى التجمع أيضًا أي أنها ليست فرقًا بالغة الدقة بل دقتها نسبية. كجانبي المصدوع جدارًا أو زجاجًا، وكأغصان الشجرة وشعبتي العصا والأصابع، وأوراق الزرع (الورقة الثانية تبلغ عرض الأولى أو تزيد)، وكذلك الطرق، والأنهار المشعبة لم توصف بأنها صغار. والثغب -بالكسر كذلك. والشُعبة: الفرقة والطائفة من الشيء كذلك. ومن هنا برز معنى الجمع في استعمالات التركيب "الشَعْب -بالفتح: القبيلة العظيمة، شَعَبَ الصدعَ في الإناء: أصلحه ولأمه " (ومن هذا "الشَعَّابُ: المُلَئِّم ". "الشُعبة: الرؤبة أي قطعة الخشب التي يُشْعَبُ بها الإناء. قصعة مُشَعَّبَة. أي شُعِبَت في مواضع منها. الشعيب مزادة عظيمة (شُعِبت من أكثر من جلد/ جُمع جلدان معًا -كأنها جلد واحد مشقوق ثم خيط شقّه). والذي في القرآن من التركيب هو (أ) جمع الشَعْب {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ} (ب) والشُعَب التي هي جمع الشُعْبة من الشيء أي الفِرقة أو الطائفة منه {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ} [المرسلات: 30]: دخان أو نار تشعب فوقهم وقيل: أنواع أخرى من العذاب [ينظر قر 162/ 19 - 163] (د) اسم النبي شعيب

(شعر)

عليه وعلى نبينا أزكى السلام {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} [الأعراف: 85]. • (شعر): {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] "الشَعْرَ -بالفتح وبالتحريك: نِبْتَة الجسم مما ليس بصوف ولا وبر للإنسان وغيره. الشَعْراء: الفروة. الشعر: النبات والشجَر على التشبيه. الشعار -كسحاب: الشجر الملتف، ومكان ذو شَجَر. المَشْعَر: الشَعَار مثلُ المَشْجَر. والمشاعر: كل موضع فيه خَمَر وأشجار. الشعير: جنس من الحبوب معروف. الشعراء ذبابة يقال هي التي لها إبرة. الشُعرورة: القثاءة الصفيرة. الشَعْران: ضرب من الرمث أخضر " (الرمث مرعى من مراعي الإبل وهو من الحَمْض (الذي فيه ملوحة) وله هُدْبٌ طُوال دُقاق). Qدقاق كثيرة تنفذ من البدن أو الأرض بامتداد: كالشعر من البدن، وكالنبات من الأرض (والدقة هنا نسبية)، وحَبُّ الشعير له سفا يبقى أصله بعد تصفيته من التبن -لا كالبُرّ، وكإبرة الذبابة وزغب القثاء وهُدْب الرمث. ومن ذلك: "الشعور "جنس من العلم لطيف دقيق، أخذًا من نفاذ الشعر الدقيق. وفي [ل] "شَعَر به: علمه. أشعرته فشعر: أدريته فدرى. شعر به: عَقَله. شعر بكذا: فطِن له ". فاستعمال الدراية والعقل والفطنة وهي كلها دقيقة خفية يؤيد ما قلت، ويبين تسامحَ الزمخشري في قوله: "والشعور: علم الشيء علم حسٍّ (أخذًا) من الشعار. ومشاعر الإنسان: حواسه "، ودّقةَ [قر] في شرح {وَمَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: 9] "أي يفطنون. قال أهل اللغة: شَعَرت بالشيء فَطِنت له، ومنه الشاعر

لفطنته، لأنه يفطن لما لا يفطن له غيره من غريب المعاني "اهـ[قر 1/ 197] وفي [ل] "سُمّى شاعرًا لفطنته ". و"الشعار: العلامة في الحرب وغيرها. شعار العساكر أن يسموا لها علامة ليعرف الرجل بها رفقته "والأصل فيها أن تكون خاصة لا علنية "شعائر الحج مناسكه وعلاماته كالوقوف والطواف الخ. "المشعر المعلم من متعبداته. والمشاعر: المعالم التي ندب اللَّه إليها وأمر يالقيام عليها ومنه المشعر الحرام "كل ذلك من العِلْم والإعلام الذي وراءه أسرار. والذي جاء في القرآن من التركيب هو (الأشعار) جميع الشعر النابت من البدن {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80]. و (الشعور) بمعنى العلم اللطيف الذي ذكرناه بصيغة (تشعرون) (يشعرون) و (الإشعار) بالشيء (يُشعِركم) (يشعِرنّ)، و (الشاعر) وجمعه (الشعراء) وعمله (الشِعْر) {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69]. و (الشعائر): المناسك ومعالمها {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] {لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ} [المائدة: 2] وفي [ل] "لا تستحلوا ترك ذلك ". والكلام كله على أن المقصود بها مناسك إلخ، وفي [قر 6/ 37] لا تتعدوا حدود اللَّه في أمر من الأمور. فالشعائر على قولٍ ما أُشْعر من الحيوانات لتُهدي إلى بيت اللَّه، وعلى قوله جميع مناسك الحج " {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32] [قر 12/ 56]: الشعائر جمع شعيرة. وهو كل شيء للَّه تعالى فيه أَمْر أشعر به وأعلم. . فشعائر اللَّه أعلام دينه لاسيما ما يتعلق منها بالمناسك "وعلى القول الأخير فإنها تشمل الصلاة والزكاة إلخ. و (الشِعْرَى) نجم {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ

(شعل)

الشِّعْرَى} [النجم 17/ 118] [قر 17/ 119] "الشعرى الكوكب المضيء الذي يطلع بعد الجوزاء. . "لعله سمي لأنه مُعلم بظهور ضوئه فسطوع ضوء النجم مجعل له أشعة كالشعر [ينظر ما نقلناه عن ل في (شعع) هنا]. • (شعل): {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} [مريم: 4] "شَعَل النار في الحطب فاشتعلت: ألهبها فالتهبت. الشَعيلة: النار المُشْعَلةُ في الذُبَال/ الفتيلة المُرَوَّاة بالدهن شُعِل فيها نار يستصبح بها. الشَعَل -محركة، والشعلة -بالضم: البياض في ذَنب الفرس أو ناصيته وناحية منها. Qأن ينتشر في الشيء أو منه ما هو حادّ الموقع مع لطف جِرْمٍ أو خفة في الانتشار. كانتشار لهب النار المشعلة في الحطب علوًّا وشمولًا مع حدتها ولطف جرمها، وكما في لهب الفتيلة، وكانتشار البياض وهو قوي الوَقْع (لنصوعه. وهذه حدّة) في ذنب الفرس وناصيته وعدم انتظامه في الناصية خفّة [ينظر الخصائص 1/ 11] ومن ذلك الانتشار مع نوع من الخفّة "أَشْعَلتْ العين: كثر دمعها. أشعلتْ الطعنة: خرج دمها متفرقًا، والقِربةُ والمزادةُ: سال ماؤها متفرقًا، أشعل الخيل في الغارة: بثها. جراد مُشعِل: كثير متقرق إذا انتشر وجرى في كل وجه: أشعل الإبلَ: فرّقها. أشعلَ السَقْىَ (أي في الحقل أو الزرع): أكثر الماء (أي فتفرق فيه وانتشر). أشْعَلْتُ جَمْعَهُ: فرّقته. الشُعلول -بالضم: الفرقة من الناس وغيرهم. المِشعل شيء من جلود (وصف في [ل] مفصلا) يتخذ للنبيذ ". أرى أنه سمي كذلك لأنه يَهيج تخمر النبيذ وحدّته. ثم قالوا: "غلام شَعْل: خفيف، شَعَل في الشيء: أمعن "والانتشار واضح في كل ذلك.

معنى الفصل المعجمي (شع)

ومن مجاز اشتعال النار "اشتعل غضبا: هاج. على المثل ""اشتعل الشيب في الرأس: اتقد. على المثل، وأصله من اشتعال النار، كثر شيب رأسه "اهـ. وقوله "اتقد "تأثر بالتشبيه باللهب في الانتشار مع حدّة الوقع على الحسّ -عند ذوي الشباب. والمراد بالاتقاد هنا انتشار الشيب. ولم يرد في القرآن الكريم من التركيب إلا {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا}. ° معنى الفصل المعجمي (شع): الانشار بتفرق ودقة كما في أشعة الشمس -في (شعع)، والشَوَع الشعر الموصوف وشَيْع الصدع في الزجاج: استطارته وتفرقه -في (شوع وشيع)، وتفرق شعب الشجرة مع امتدادها -في (شعب)، ونمو الشعر مع دقته في (شعر)، وانشار لهب النهار -في (شعل). الشين والغين وما يثلثهما • (شغشغ): "شَغْشَغَ الراكبُ اللجامَ في فم الدابة: إذا امتنع عليه فردَّدَه في فيه تأديبًا. وشغشغ السنانَ في الطعنة: حرّكه ليتمكن في المطعون، وقيل هو أن يُدخله ويُخرجه. وشَغْشَغَ البئر: كَدَّرها، والإناءَ: صبَّ فيه الماء أو غيره ليملأه ". Qمخالطة أو مداخلة في أثناء رخو بقوة وحدّة أو كثافة (¬1) ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الشين تعبّر عن تفشٍّ، والغين تعبّر عن غِشاءٍ مخلخل، والفصل منهما يعبّر عن التفشي في أثناء الشيء أو خَلَلِه بتحريك عنيف وغلظ (جفاء): كشَغْشغة اللجام في فَم الدابة، وتفشِّي الكُدورة (وهي كثيفة غليظة على الحس) في أثناء الماء. وفي (شغف) =

(شغف)

كاللجمام في الفم، والسنان في موضع الطعنة (ويُلحَظ حديدة اللجام وأن السنان من حديد). وتكدير البئر يكون بإثارة حَمْأتها بتحريك مائها بقوة (ينظر المِرْجاس في: رجس). والصب في الإناء من أجل مَلئه يكون بقوة للإسراع في مَلئه. والحدّة والقوة ملحوظان في هذا كله. • (شغف): {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} [يوسف: 30] "الشَغَفُ -محركة: قِشْرُ شَجَر الغاف [شجر العضاه بعُمان. وصفه في تاج]، لكن يصف قشره. فلنجتزئ بالتصور العام) شَغَاف القلب -كسحاب وسَبب: غلافه ". Qإحاطة بالشئ من ظاهره: كشَغَاف القلب، والمتصور من غلاف الشجر المذكور. ومن شَغاف القلب: "شَغَفه -كمنع: أصاب شَغَاف قلبه، مثل: كَبَده ورَأَسه {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا}. ويتأتّى أن يكون {شَغَفَهَا}: غطّى على قلبها وأحاط به كالشَغاف، أو غطاها هي واستولى عليها. ومنه: "شُغِف بالشيء -للمفعول: أُولع به " (أي شَغَله وغَلَب على كل اهتماماته كأنه غطّاه أو غطّاها). ¬

_ = تعبّر الفاء عن طرد إلى الظاهر بكثافة أو قوة، ويعبّر التركيب معها عن غلاف للشيء مُفْرز من باطنه. وفي (شغل) تعبّر اللام عن الاقداد مع الاستقلال، ويعبرّ التركيب معها عن ملء كل فراغ الحيز بشيء (بحيث لا يبقى فيه متَّسع لسواه فيستقل المكان) كما يُشغل المكان بساكنه.

(شغل)

• (شغل): {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ} [يس: 55] "الشَغْلة -بالفتح: الكُدْس -بالضم: العَرَمة "-بالتحريك. (: كومة الحب المجموعة بعد دَرْس الحنطة ونحوها) "شَغَل الدار (فتح): سَكنها " [الوسيط]. Qمَلْء فَراغ الحيّز بشيء (بحيث لا يبقى فيه متسع لمثله): كالكُدْس يشغل اتساع الجَرين، والساكن يشغَل الدار. ومن شَغْل سَعة المكان أُخِذَ شَغْل الزمان المتاح للعمل، ثم شَغْل فُرَص العمل، وشَغْل الذهن به. {شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا} [الفتح: 11] {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ} [يس: 55] انصبّ معظم تفسير الشغل هنا على التمتع بالنساء ربما تأثرًا بالآية التالية. والأمر أوسع من ذلك -كما في الآيات التالية أيضًا، وحَسَب درجاتهم عند اللَّه أيضًا. ° معنى الفصل المعجمي (شغ): دخول في أثناءٍ أو تداخل أشياء تداخلًا قويًا أو حادًّا، ويلزم ذلك الكثافة كدخول اللجام في فم الدابة، والسنان في الطعنة، وثوران حمأة البئر في أثناء الماء فيكثف الماء. كما أن الفرس يحس بزحم اللجام فمَه، والمطعون يحس يثقل السهم في بدنه إذا شُغْشِنا -في (شغغ)، وككثافة غلاف القلب والشجر من الخارج -في (شغف)، وكزَحْم فراغ الدار بسكانها والجَرِين بكُدْس الحب زَحْمًا حقيقيًّا ماديًّا أو حُكميًّا بأهمية الحب وشاغلي الدار -في (شغل).

الشين والفاء وما يثلثهما

الشين والفاء وما يثلثهما • (شفف - شفشف): "الشَفّ -بالفتح والكسر: الثوب الرقيق أو السِتْر الرقيق يُرىَ ما وراءه. وشفَّه الهمُّ وشَفْشَفه: هَزَله وأَضْمره حتى رَقَّ. والشُفُوف: نحول الجسم ". Qذهاب الكثافة من بين أثناء الجرم فيرِقّ (حتى لقد يُرى ما خلفه) (¬1): كفقد الكثافة من أثناء نسيج الثوب الرقيق، وكهزال البدن لفقد كثافة تراكم الشحم واللحم (المفترض وجودهما في أثنائه). • (شفو - شفي): {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82] ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الشين تعبّر عن تفشٍّ (نفاذ مجموعة كثيفة من دقاق)، والفاء تعبّر عن الإبعاد والطرد، ويعبّر الفصل منهما عن نفاذ الكثافة من أثناء الشيء (أي نقصها)، كالِشفّ الثوب الرقيق. وفي (شفو شفى) تعبّر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن ذهاب الكثافة التي كان يشتمل عليها الحيز، والياء تعبر عن اتصال وامتداد، والتركيب اليائي يعبر عن امتداد ذهاب كثافة المرض حتى شفاء المريض. وفي (شفع) تعبّر العين عن جرم ملتحم غض، ويعبّر التركيب معها عن إضافة طيبة (إضافة ما تتأتى منه الزيادة والنفع) إلى ما هو ضعيف، من أجل زيادته أو تقويته، كما في شفع الوتر، وكما في الشفاعة. وفي (شفق) عبّرت القاف عن غليظ متجمع في الجوف، ويعبّر التركيب عن وقوع الضعف على غلظ الجوف هذا، فيرق أو يذهب، كما في شَفَق المِلْحفة والعطاء المُشقَّق. وفي (شفه) تعبّر الهاء عن الفراغ والإفراغ، ويعبّر التركيب معها عن نحو الفراغ بعد ذهاب ما ذهب، كالمشفوه من الطعام والشراب، وكالشفتين.

"الشَفَا: حَرْفُ الشيء وحَدُّه، وبقيةُ الهلال أو القمر عند امحاقه، والشمسِ عند غروبها. وشفَتْ الشمس (كبكى وكفرح) غابت إلا قليلًا. وشَفَت تشفو: قاربت الغروب ". Qيغبّر التركيب عن حافَة الشيء، أي منقطَع جِرمه أو أغلظه: كَشفا الحُفْرة حيثُ منقَطَعُ جِرم الأرض الأعلى، وكحافة القمر والشمس الباقية بعد غياب جرمهما {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [آل عمران: 103] {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ} [التوبة: 109]. ومن هذا: "الشفاء من المرض "، إذ هو تخلص البدن من المرض، والمرض كثافة وإثقال، والشفاء خلوصُ قَطْعٍ وإنهاء لهذا الإثقال. والعامة تعبّر عن شفاء الشخص بأنه "خَفّ " {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80] {شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69] ومنه إذهاب حرارة الغيظ الجاثم على الصدر {وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} [التوبة: 14]. ومما يشمل الشفاء من مرض البدن وأمراض العقيدة والنفس ما أُسْنِد إلى القرآن {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82، وكذلك ما في يونس: 57، فصلت: 44]. ومن ماديّ الأصل: "الإشْفَى: المِثْقَب (الثَقْب فَتْحٌ نافذ في جرم الشيء، فهو كالاقتطاع من كثافة الشيء وغَلْظه وإذهابِها)، وأشفي على الشيء: أَشْرَفَ " (كأنما وقف على شَفَاه). ومن معنويّه: "أشفي: أشرف على وصية أو وديعة ".

(شفع)

أما "شفي الهلالُ (كبكى): طَلَع "، فمنظور فيه إلى أنه في ذاته حافَة، أو أن ما يظهر منه كالحافَة. • (شفع): {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} [النساء: 85] "ناقة شافع: في بطنها وَلَدٌ أو يتبعُها ولد. وقد شَفَعَت. وشاة شَفُوع وشافع: شَفَعها ولدُها كذلك. والشَفُوع من الإبل: التي تجمع بين مِحْلبين في حَلبة واحدة ". Qازدواجٌ بِرِقّة (أي انضمام مثل الشيء إليه مع رقة): كولد الناقة والشاة مع أمه، وكالمِحْلَبَين معًا. ومنه "شَفَعَ الوَتْر من العدد: صَيَّره زوجًا ". قال: (فالآن قد شُفِعَتْ لِىَ الأشباح). . . . أي صار يرى الشخص اثنين لضعف بصره. ومنه "شَفَع لفلان أو شَفَع في الأمر: كان شفيعًا له أو فيه، وكذا تَشَفّع له. وتشفع به إليه: تَوَسّل "وهي من الأصل، إذ إن الشافع ينضم إلى المستَشْفِع طالبًا له أو معه، فارتبط به، كأنه أَزْوَجه. فمن الشفع خلاف الوتر {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [الفجر: 3]. وفي [قر 20/ 39 - 40] الكثير عن المراد: منه أن الشفع ما كان من الصلاة شفعًا، وأنه يوم النحر) ومن الشفاعة (معاونة طالب الحاجة بذمام للمعاون عند من يملك الحاجة): {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255]. وكل ما في القرآن من التركيب (يشفع، يشفعون، يشفعوا، شافعين، شفيع، شفعاء، شفاعة) فهو من هذا المعنى عدا (الشفع) وقد مرّ، وعدا {وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ} [الأنعام: 94] فالمراد

(شفق)

الأصنام، وكذا ما في [يونس: 18، الزمر 43]. و"الشُفْعَة في البيع أن يَشْفَع إنسان إلى آخر في ما باعه ليجعله أولى من المشترى بالمبيع. فهذا من الأصل، لأنه بدخوله مع المالك في التصرف في المبيع صار كأنه شريك له فيه (ويجوز أن يكون أصل هذا من الجيرة). ومن الأصل كذلك "الشفعة -بالضم: الجنون، والمشفوع: المجنون "فهذا من اعتقادهم أن لمثل هذا رَئِيًّا من الجن أو قرينا، فمن هذا سُمي مشفوعًا: لأن معه آخر هو الجِنّي. • (شفق): {وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: 28] "عطاء مشَّفق - كمعظم: مُقَلّل. وأشفق العطاءَ: قلله. ومِلْحَفةُ شَفَقُ النَسْج: رديئته. وشفّق الملحفة - ض: جعلها شَفَقًا في النسْج. والشَفَقُ -بالتحريك: الرديء من الأشياء ". Qرقة جِرْم الشيء لفقد الشدة والغلظ من جَوفه: كفقد مُعْظَم العطاء حين قُلل عما ينبغي أو يُتَوَقّع. ورداءة النسج تكون بخِفَّة الخيوط وعدم المتانة أو الخلخلة فيه، فيكون النسيج ضعيفًا رقيقًا. ومنه "الشَفَق - محرّكة: بقية ضوء الشمس في الأفق الغربي بعد غروبها " (ويشمل الحمرة والبياض الذي يليها) ورقَّته وضعفه أنه بقيةٌ ضعيفة رقيقة من ضوء الشمس البالغ القوة {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ} [الانشقاق: 16]. ومنه "الشفَق والشَفَقة -بالتحريك: الاسم من الإشفاق: رقةٌ من نُصْح، أو حُبٍّ يؤدي إلى خَوْفٍ على المنصوح " [ل 47/ 1] أضيفُ: أو على النفس أو على

(شفه)

فوات خير لها) "أشفق عليه ومنه، وشَفِق (فرح) من الأمر بمعنى أشفق ". {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} [المجادلة: 13] وسائر ما في القرآن من التركيب -عدا الشَفَق- هو من معنى الخوف على النفس المذكور. • (شفه): {وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ} [البلد: 9] "الشَفَتان: طَبَقَا الفم، الواحدة شَفَة بالتاء وبالهاء، ويجمع على شِفاه وشَفَهات. وشَفَوات قليلة. وطعام مَشْفُوه قليل. وماء مَشْفُوه: كثُرت عليه الشفاه حتى قَلّ. وشَفَهوا المرتع والماءَ: شَغَلوه حتى لا فضل فيه ". شَفَهَه فلان في المسألة: ألَحَّ عليه حتى نَفِدَ ما عنده ". Qحافة فتحة الفم المؤدي إلى الجوف: كالشفتين، وكالمشفوه من الطعام والماء الذي كثر أخذ الشفاه منه حتى قلّ. {وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ} ° معنى الفصل المعجمي (شف): فقد كثافة الأثناء كما يتمثل ذلك في الشِفّ: الثوب الرقيق -في (شفف)، وفي فراغ دائرة البئر من عند الحافة -في (شفو)، وذهاب كثافة المرض في (شفى)، وكما في ضعف المشفوع حتى يحتاج إلى الشافع في (شفع)، وفي خِفّة نسيج الملحفة الشَفَق -في (شفق)، وفي رقة الشفاه والشيء المشفوه -في (شفه). الشين والقاف وما يثلثهما • (شقق): {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ} [البقرة: 74]

"الشَقُّ -بالفتح: الصدع البائن. وشقَّ العودَ والحائط والزجاجة (رد): صَدَعَه. شَقّ النبتُ شقوقًا - في أول ما تنفطر عنه الأرض، وناب الصبيّ والبعير: ظهر وطلع ". Qصدع الشيء الشديد صدعًا نافذًا إلى عمقه، (¬1): كصدع العود والحائط والزجاجة، وكما يصدع النبت والناب ما يغطيهما {ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا} [عبس: 26]. (المراد أن البذرة تنبت منها خامة ضعيفة لكنها تخترق الأرض الصُلْبة وتبرز بإذن اللَّه تعالى). ومن هذا الشَق المادي ما في [البقرة: 74، مريم: 90، ق: 44، القمر: 1، الرحمن: 37، الحاقة: 16، الانشقاق: 1]. ومن مجاز هذا "شَقّ الفجر وانْشَقّ (ضوء الصبح يشق الظلمة). وقوله تعالى {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} [الفرقان: 25] أي عن الغمام. روى أن السماء تتشقق عن صحاب أبيض رقيق مثل الضبابة " [قر 13/ 23 - 24]. ولوصول الصَدْع إلى العمق لحُظ معنى الوسطية، أي النصفية أحيانًا لأن عمق الشيء وسطُه، فقيل: "شُقَّة من الشاب -بالضم: نصف ثوب، وفرس أشَقُّ: واسع ما بين الرجلين " (كأنه مشقوق من الوسط). ولَحَظ هذا مَن فسَّر {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1]. بانفلاقه نصفين، كما لُحِظ في قولهم "الشَقيقة: صُدَاع يأخذ في نصف الرأس ". ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الشين للنفاذ بكثافة وتَفَشٍّ، والقاف للغلظ في الجوف، والفصل فهما يعبّر عن انصداع الشيء صَدْعًا نافذًا إلى عُنقه (وهذا الانصداع تَفَرّق، وهو صورة من التفشي) كما في الشق (الصدع البائن). وفي (شقو) تعبّر الواو عن اشتمال، ويعبّر التركيب معها عن وصول العَنَت إلى العمق والالتئام عليه، وهو معنى الشقاء.

(شقو)

ومن ذلك الأصل: "الشِقّ من الجبل -بالكسر: الناحية منه "، ومنه كذلك: "شقَّ الأمرُ عليه: ثقُل " (كأنما استنفد نِصْف طاقته فلم يبق إلا ما يتماسك به البدن). {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ} [القصص: 27] ومثلها {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ} في [الرعد: 34] مع فرق عظيم في النوع والدرجة. والاسم - الشِق -بالكسر والفتح {لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} [النحل: 7]. وجعله في [ل] من الشِق -بالكسر: (نصف الشيء) كأنه قد ذَهَب بنصف أنفُسكم حتى بلغتموه. والشقة -بالضم والكسر: بُعْدُ مَسِيرٍ إلى الأرض البعيدة (وهو انشقاق معنوي إذ هو انفصال بابتعاد). {وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ} [التوبة: 42]. والشِقاق: الخلاف؛ كأن كلًّا ينشق عن الآخر إلى ناحية أو شِقٍّ {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأنفال: 13]. (والصيغة هنا للمبالغة، لأن الخلاف من جانبهم هم مع معاودة وتكرار، وكذلك كل ما كان سياقُه مشاقةً للَّه ورسوله، وهو كل (شاقّ) و (يشاقّ) وما كان بصيغة المصدر (شِقاق). أما قوله {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} [النساء: 35] فهو خلاف ومباعدة من الطرفين. وسائره الراجح أو الصحيح أنه مشاقة اللَّه ورسوله). و "شِقّ الرجُل -بالكسر وشقيقُه: أخوه " (كأنهما شِقّان لشيء أو من شيء واحد). • (شقو): {طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 1 - 2] "شاقَي الجملُ جِمالًا صابرات: صابَرها مشيًا " (¬1) "والمشاقاة: المعالجة في ¬

_ (¬1) ما بين القوسين أخذته بتصرف من أحد الشواهد في ل (شقا).

الحرب وغيرها. وفي [تاج]: "شاقاه: عالجه في الحرب ونحوها. وقال بعضهم قد يوضع الشقاء موضع التعب. نحو شَقِيت في كذا. وكل شَقَاوة تعب وليس كل تعب شقاوة. فالتعب أعم من الشقاوة. . . وأشقى من رائض مُهْر أي أتعب " (¬1) (المُهر = الفرس الفَتِيّ، وهو في أول أمره لا يقبل أن يُرْكَب، ويحتاج إلى ترويض كثير فيه مشقة بالغة، لأنه يُسْقِطُ مُرَوِّضَه ويتمرد عليه كثيرًا). Qالتعب البدنيّ المستدعِى لأقصى الطاقة مشيًا أو مصارعة ومغالبة بَدَنية، أو ترويضًا لذي قوة وعنف -كما في الاستعمالات التي ذكرناها. ومن ذلك "المشاقاة: المعاصرة (من العَصْر الضغط الشديد)، وهي شبيهة بالمصارعة والمقاواة " [في ل المعاشرة بالشين المعجمة وهو تحريف] ومنه "الشَقاء: الدة والعُسْرة (تستهلك أقصى الجهد) شقِىَ (تعب) شقاءً وشَقاوة وشَقْوة -بالفتح والكسر فيهما، وقد استُعمِل اللفظ في التعب البدني الشديد في الدنيا- كما في {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} وكذلك {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه: 2، 117]. وبه عبِّر أيضًا عن العذاب وسوء المصير والعياذ باللَّه تعالى كما في {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: 105، وكذا ما في 106، والأعلى: 11، الليل: 15، الشمس: 12]، {عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا} [مريم: 48] لكن في [قر 11/ 113] أن هذا دعاء بولد يؤنسه. وكلام آخر مثله. وكلاهما مخالف للسياق ومقام النبوة، ¬

_ (¬1) ذكر في هذا التركيب عن الاستعمالات المادية "شَقَا ناب البعير: طلع وظهر كشقا "و "الشاقي: حَيْد من الجبل طويل لا يستطاع ارتقاؤه "لكنهما من المهموز كما في [تاج].

معنى الفصل المعجمي (شق)

فالأقرب أنه استشعار للوجل. وفي {وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} [مريم: 32] في [قر 11/ 103]: خائبًا من الخير عاقًّا، عاصيًا لربه اهـ. وكلٌّ مناسبٌ: الأول صورة من الشقاء، والأخيران من أسباب الشقاء في الآخرة، أو فيها وفي الدنيا معًا. وفي {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} [مريم: 4] أي لم تكن تخيب دعائي إذا دعوتك [قر 11/ 77]. ° معنى الفصل المعجمي (شق): هو صدْع الشيء أو ما هو بمعنى الصدع -كما في شَقّ العود والحائط والزُجاج- في (شقق)، وكما في استدعاء أقصى الطاقة وشغلها بحيث لا يبقى ما يزيد على مجرد تماسك البدن كما في الشقاء في ترويض المهر في (شقو)، رما (شقى) إلا صيغة مطاوعة (لشقو). الشين والكاف وما يثلثهما • (شكك): {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [يونس: 104] "شَكَّه بالرمح والسهم ونحوهما: انْتَظَمه، وقيل لا يكون الانتظام شَكًّا إلا أن يَجمع بين شيئين بسهم أو رمح أو نحو. والشاكّ في السلاح هو اللابس السلاحِ التامّ. شكّ في سلاحه: لَبِسَه تامًّا فلم يَدع منه شيئًا. والشكائك من الهوادج ما شُكَّ من عيدانها التي يُثّبَّتُ بها بعضُها في بعض. والشَكُّ: اللزوم واللصوق. وقال أبو دَهْبل الجُمَحيّ: {دِرعي دِلاصٌ شَكُّها شَكٌّ عَجَبْ} وشُكَّتَ على المرأة المرجومة ثيابُها، أي جُمِعت عليها ولُفَّتْ لئلا تنكشف، كأنها نُظِمت وزُرَّتْ عليها بشَوْكةٍ أو خِلَال. شَكَّ الحية بالرمح، أي خَزَقها وانتظمها

به. وكلُّ شيء أدخلتَه في شيء فقد شككتَه ". Qانتظام (أكثر من) شيء معًا خَزقًا (¬1) ونفاذًا فيها بما يُشْبه جَمْعَها إلصاقًا -كما ينتظم الرمحُ والسهمُ أكثَر من شيء، وكما يدخل الشاكّ في درعه ومِغْفره، وكما تدخل عيدان الهودج بعضها في بعض، وكذلك حلقات الدرع بعضها في بعض، وكذلك المرأة في ثيابها. ومنه: "الشِكُّ -بالكسر: الخُلّة التي تُلْبَس ظهور السِّيَتَين (سِيَة القوس نِصْفُها المنحني قليلًا من وسطها إلى طرفها. فلها سيتان) وقد وُجّه تسمية خَزْق السهم والرمح شيئًا واحدًا شكًّا بأن العود يَخْتَرقه وَينْفُذ منه: فيصير في كل جهة من الشيء جانب من العود " (¬2). ومن ملحظ التماسك والاجتماع لصوقًا أو كاللصوق، قالوا: "الشَك: ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الشين تعبّر عن تفشٍّ وانتشار، والكاف تعبّر عن ضغط غُثوري دقيق، والفصل منهما يعبِّر عن تماسك أو تداخل دقيق بين أشياء كما في انتظام الرمح جسمَ ما شكَّه، وكما في دخول الرجُل في سلاحه. وفي (شكو) تعبّر الواو عن الاشتمال، ويعبّر التركيب عن فجوة دقيقة تحتوي كالمِشكاة. وفي (شوك) يعبّر التركيب عن الاحتواء نفاذًا بدقة وحدّة كما في الشوك. وفي (شكر) تعبر الراء عن الاسترسال، ويعبّر التركيب معها عن (الاسترسال إلى داخل الشيء بدقة) فيمتلئ كالضَرّة الشَكْرى باللبن. وفي (شكس) تعبّر السين عن النفاذ بدقة أو حدة وامتداد، ويعبر التركيب عن ضيق الحيز على ما فيه فيمسكه شديدًا فلا ينفذ فيه أو منه إلا بعسر كما في المَحَلَّة الشَّكِس. وفي (شكل) تعبّر اللام عن الامتداد مع الاستقلال أو التميز، ويعبّر التركيب معها عن ارتباط بتميز -كما في شَكْل قوائم الدابة. (¬2) جاء ذلك ضمن تعريف الحرالي للشك. ينظر: التوقيف على مهمات التعاريف للمُنَاوي (تحـ محمد رضوان الداية) 436.

(شكو)

لصوق العَضُد بالجنب. بعير شاكّ: أصابه ذلك. شك البعير: ظَلِع ظَلَعًا خفيفًا ظَلِعَ وغَمَز (قبض رجله ولم يَبْسطها توقيًا لألم يحس به إذا بسطها) والشكيكة: الفِرْقة من الناس. وشَكّ القومُ بيوتهم: إذا جعلوها على طريقة واحدة ونَظْم واحد، وضربوا بيوتهم شِكاكًا، أي صفًّا واحدًا ". ومن معنويه "رَحِمٌ شاكّة أي قريبة وقد شكّت: اتصلت. والشُكَك: الأدعياء (ملصقون). والعامة تعبر عن تماسك الأسمنت بعضه في بعض وهو في أكياسه، أي قبل استعماله، بأنه "شك "، وهو استعمال صحيح. ومن ذلك الأصل: "الشك الذي هو ضد اليقين، وقد عُرِّف بأنه الوقوف أو التردد بين نقيضين أو طرفين لا يترجّح أحدُهما عند الشاك " (¬1). وخلاصة معناه أنه اجتماع أمرين أو أمور يتردد بينها الشاكّ. {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ} [النساء: 157] وكل ما في القرآن من التركيب هو كلمة (شك) بهذا المعنى. • (شكو): {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} [النور: 35] "المشكاة -بالكسر: كل كَوَّة غير نافذة. والشَكوة -بالفتح: وعاء كالدلو أو القِرْبة/ مَسْك (: جلد) السَخْلة ما دام يرضع (فإذا فُطم فمَسْكه البَدْرة، فإذا أجذع فمَسْكه السِقاء) وهو للبن ". Qغُثورٌ أو فجوة محدودة الحجم في جدار أو نحوه: كالكَوَّة الموصوفة {كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ}، وكالقِرْبة من جِلد السَخْلة التي ¬

_ (¬1) ينظر السابق نفسه والتعريفات للجرجاني (الشك).

(شوك)

تَرضع (أي هى صغيرة فتكون القربة منها صغيرة أي ضيقة). ومنه "الشكو والشكوى -بالفتح فيهما: المرضُ (عيب في موضع عن البدن. (والعيب نقص كالفَجْوة، أخذًا عن العَيْبة: وعاء عن جلد) والعامة تصف الحيوان المريض عند بيعه بأنه معيوب) و "قد شكا الرجلُ المرضَ وتشكّى واشتكى. ومنه: شكا الرجلُ أمرَه (أحسّ بألم أو نقصِ مطلوبٍ له فعبّر عنه) {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86] وشكوت فلانًا: أخبرتَ عنه بسوء فعله بك (عَبَّرت عن ألمك مما فَعَل بك) {وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} [المجادلة: 1] و "أشكاه: فعل به ما يُجوجه إلى الشكوى، فالهمزة للتعدية. وأشكاه: أعتبه وأزال عنه ما يشكيه " (وحقيقته عندي قَبِل شكواه، أو اعترف بأنه صاحب حق في الشكوى، فهي من جعل الشيء ذا أصله. ويلزم ذلك أن يزيل عنه ما يشكو منه، وهذا تفسير ما قيل عن تضاد). • (شوك): {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفال: 7] "شَوْك النبات معروف. وشوكة العقرب: إبرته. وشاك لحيا البعير: طالت أنيابه ". Qنفاذ دقيق حادٍّ في ما ناله: كالشوك والأنياب. ومنه "حُلّة شَوْكاء: عليها خشونة الجِدّة (الزِئبِر)، وشُكت الرجلَ أَشُوكه: أدخلت الشوكة في رجله ". ومنه على المثل "الشَوْكة: السلاح أو حِدّته (ينفذ في أبدان المحاربين)، ورجل شاكي السلاح وشائكه: ذو شوكة وحَدٍّ في سلاحه {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}، أي غيرَ ذات الحِدّة، فذات

(شكر)

الشوكة هي مواجهة الكفار في حرب، وهي التي تكسر حِدّتهم وترهبهم. • (شكر): {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] "الشَكُور من الدوابّ: الذي يَسْمن على قِلّة العَلَف (أي يسمن من علف قليل) شَكَرت الدابة (قعد): كفاها القليلُ من العَلَف وغيره. والشَكِرَة -كفرحة- من الحلائب: التي أصابت حَظًّا من بَقل أو مَرْعًى فتغزُرُ عليه بعد قِلّة لبن. وضَرَّة شَكْرَى: ملأى من اللبن. وشَكِرَت الناقةُ، والضَرْعُ (فرح): امتلأَ باللبن، والسحابة: امتلأت، والشجرةُ: خرج منها الشكير، وهو ما ينبت حول الشجرة من أصلها ". Qامتلاء جوف الشيء برخو طيب وظهورُه عليه ولو كان رافده قليلًا: كما تسمن الدابة بالعلف القليل، والضَرّة الشَكْرى باللبن، وكالشكير حَوْل الشجرة من أصلها، والخُوص حول السعف، والزغب والشعر الخفيف. ومنه: شَكِير الإبل: صِغارها. واشْتَكَرت السماء: جَدّ مطرها. ومنه: الشَكْر -بالفتح: فرج المرأة (المقصود بالتسمية اللحمة الرابية فوقه كما يُسَمَّى بُضعًا -بالضم). ومن معنوى الأصل: "الشُكْر: عِرفانُ الإحسانِ لصاحبه ونَشْرُه " (إظهاره)؛ إذ هو تعبير عن امتلاء النفس ورضاها بما قُدّم لها من خير، ونجوع هذا الخير فيها. والعامة تستعمل هنا "أثمر فيه المعروف ". ثم إن ضده الجحود، وهو جفافُ باطنٍ. وتأمل ما ورد من قولهم: شَكَر باللَّه (قعد. .)، وكأنها تعني أصلًا: شَبع بنعمة اللَّه -ثم قيل شكر للَّه. ثم أُطلق الفعل عن حرف الجر، فعُدِّي

(شكس)

بنفسه، واستُعمل الشُكر في الإخبار عن الشِبَع بنعمة اللَّه {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]. هذا، وكل ما في القرآن من التركيب هو من شكر النعمة هذا، لكن ورد فيه وصف المولى عز وجل بأنه (شاكر) {وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} [النساء: 147، و (شكور) في [فاطر: 30، الشورى: 23، التغابن: 17، وأيضًا ما في الإسراء: 19، والإنسان: 22] جاء في [قر 2/ 183] "وشُكر اللَّه للعبد إثابته [إياه] على الطاعة ". ولو قال رضاه عنه لكان أقرب إلى المعنى الأصلي، لأن الرضا كالشكر في أصل معناه رخاوة الباطن. والشكر يزيد عن الرضا -في هذه الجزئية- معنى الظهور. والإثابة تالية للرضا [وينظر بحر 1/ 355]. • (شكس): {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ} [الزمر: 29] "مَحَلَّة شَكِسٌ - ككَتِف: ضَيِّقةٌ. ورجُلٌ شَكِسٌ: بخيل ". Qضغط الحيِّز على ما فيه فيمسكه شديدًا: كالمكان الضيق. والبخيل لا يُخْرج إلا بضيق وتقتير ومنه: "الرجل الشَكُسُ (كنَدُس وكَتِف): السيِّئ الخُلُق في المبايعة وغيرها (كزٌّ غيرُ سمْح) وقد شَكِسَ (فرح). ومنه: "تشاكس الرجلان: تضادّا (ضاقت نفس كلٍّ منهما بالآخر) {فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ} أي متضايقون متضادون/ عسرون مختلفون " [ل]. • (شكل): {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84] "الشِكَال - ككِتَاب: العِقَال، ووَثاقٌ بين اليد والرِجْل، وبين الحَقَب والتصدير لئلا يُلِحَّ الحقَبُ على ثيل البعير فيَحْقَبَ أي يحتبِس بوله. والأشكل من

الإبل والغنم الذي يخلط سوادَه حُمْرةٌ أو غُبْرة. ومن سائر الأشياء: ما فيه بياض وحمرة قد اختلطا. شَكَل الفرس والدابةَ والطائرَ (نصر) وشكّلها - ض: شدّ قوائمها بحبل "، (الحَقَب: حزام يُشَدُّ به الرحْل في حَقْو البعير أي خَصره، والتصدير حزام في صدره، والثيل وعاه قضيبه). Qاجتماع شيئين مختلفين أو ارتباطهما معًا بتميز: كارتباط بعض القوائم إلى بعضها بشكل متميز (يدٌ مع رجل - لا يدان ولا رجلان)، والحمرة بالبياض أو السواد معًا وحزام المصدر بحزام الحقو). ومن شَكْل الدابة: "شَكَلْت الكتابَ (نصر): قيَّدته بالإعراب (ويمكن أن يكون نُظر في تسميته شكلًا إلى أن الشكل بدأ نقاطًا بمداد يختلف لونه عن لون كتابة المصحف [ينظر: المقنع للدانى دهمان/ 126]. ونباتُ الأَشْكَل عيدانُ شجرته أنصافُها شديدة الصفرة، وأنصافها الأخرى سوداء ". ومن الأصل: "شاكِلةُ الفرس: الذي بين عَرْض الخاصرة والثَفِنَه، وهو موْصل الفخذ في الساق ". ومنه أيضًا: "شِكْل المِرأة -بالكسر والفتح: وهو تدللها بالكلام والحركات (فيه تنوُّع؛ إذ تبدى النِفار وهي راغبة، تقصد بذلك جذْب الرجل إليها). و "الأَشكَل والشَكْلَاء: الحاجة " (يَعْلَقُها ويسعى لضمّها، أي هي من الجمع). و "الشواكل من الطرق: ما انْشَعَب عن الطريق الأعظم " (مرتبطة به) {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84] (كما يقال: على حَسَب مذهبه). ومنه "الشَكل -بالفتح والكسر: الشِبْه والمِثْل (للترابط بينهما بالشَبَه. والمثلان يختلطان) [انظر: شبه]، {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} [ص: 58]- و "تشاكل الشيئان وشاكل كلٌّ منهما صاحبه. وشَكْل الشيء -بالفتح: صورتُه المحسوسَة والمتوهَّمة " (خطوط

معنى الفصل المعجمي (شك)

وملامح تجتمع وتتلاقى على هيئة خاصة فتكوِّن صورةً متميزة). و "شكَّل الشيءَ - ض: صوّره، وتشكّل: تصوّر. وأشْكَل الأمرُ: التبس " (تشابكت عناصره وتداخلت؛ فلم يتميز بعضُه من بعض). ° معنى الفصل المعجمي (شك): هو دخول شيء في غيره أو نفاذه فيه بحدة أو قوة، ويلزمه الجمع - كما ينفذ السهم في الرمية والمحاربُ في درعه -في (شكك)، وكالمشكاة والشكوة كلٌّ فجوة مُعَدَّة لوضع شيء فيها -في (شكو)، وكنفاذ الشوكة في المَشُوك -في (شوك)، وكأكل الدابة الشكور القليلَ من العَلَف فينجعُ فيه ويظهرُ أثرُه عليه -في (شكر)، وكضيق المحلّ بما دخل فيه ليمسكه بقوة -في (شكس)، وكجمع الشِكال والشكل شيئين معًا -في (شكل). الشين والميم وما يثلثهما • (شمم): "جبل أَشَمّ: طويل الرأس. والشمَمُ في الأنف: ارتفاع القصبة وحُسنها واستواء أعلاها وانتصابُ الأرنبة ". Qانسحاب الشيء المتسع (المنتشر) إلى أعلى مستدقًّا (¬1): ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الشين تعبّر عن تفشٍّ، والميم عن ضم التئامٍ واستواء، والفصل منهما يعبّر عن تجمع المنتشر منسحبًا إلى أعلى كالأنف الأشم وكالشَم. في (شأم) تعبّر الهمزة عن دفع يزيد ضم المنتشر فيكثف ويتركز على الظاهر كما في الشَأْمه. وفي (شمت) تعبّر التاء عن ضغط دقيق وامتساك خفيف أو خفيٍّ، ويعبّر التركيب معها عن حصول قوة وانتبار خفيف أو خفي كما في الاشتمات (أول السِّمَن). وفي (شمخ) تعبّر الخاء عن التخلخل، ويعبر التركيب معها عن اختراق الأفق (المتخلخل) ارتفاعًا. وفي (شمز) تعبّر الزاي =

(شأم)

كتجمع رأس الجبل الطويل وأصلُه عريض منفَرِش. وكالأنف الأشم يرتفع وَيدِقّ أعلاه ملتئمًا وأصله عريض منفرج نسبيًّا. ومن سحب المنفرش المنتشر جاء الشَمُّ إذ هو جَذْب ما سَطَع وانتشر من رائحة الشيء إلى الأنف "شَمِمْتُ الطِيبَ: أدنيته من أنفك لتجتذب رائحته ". ومن الأصل: "الإشمام في خَفْض البنت: قطع طرف النَواة فقط؛ فهو يبدي البُضْع مسنَّم الأعلى مجتمعًا مكتنزًا غير منتشر (أي بعد قطع ما امتد، أي انتشر، خارجًا ظاهرًا). "والمُشامَّة المقاربة والدنو من العَدُوّ أو من شخص بلطف " (تجمع تقاربٍ بلطف). • (شأم): {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} [البلد: 19] "الشأمة: الشامَةُ/ الخالُ. والشُؤْم من الإِبل: السُود ". Qكثافة تعتري الظاهر متركزة عليه كالخال وكالسواد. ومن الكثافة اليد الشؤمى، لأن بها مع اليد اليمنى يمكن أن يضم الشخص ويجمع كمًّا كثيفًا لا يتمكن منه باليمنى وحدها. والشَأْم (= القُطْر) سمي أيضًا من هذه الكثافة والتجمع نظرًا للسكان أو للزراعة، كما سُمي العراق سوادًا ¬

_ = عن اكتناز، ويعبّر التركيب معها عن تقبض اجتماع باكتناز لدرجة الصلابة، فيرتد العود مندفعًا إذا أريد ثَنْيه كما في اشمئزاز القناة. وفي (شمس) تعبّر السين عن نفاذ دقيق حادّ، ويعبّر التركيب معها عن نفاذ هذا الدقيق الحادّ من الجرم المتجمع فيه كالشمس. وفي (شمل) تعبّر اللام عن نوع من الاستقلال، ويعبّر التركيب معها عن الاستقلال بالشيء جمعًا والتفافًا حوله كالشمال.

(شمت)

[انظر: سود] حفظهما اللَّه تعالى. وقال في [ق]: لأن أرضها شاماتٌ بيض وحمر وسود. وأما الشؤم ضد اليُمْن فهو من معنوى ذلك لأن به تستشعر النفس وقوع مكروه فيغشاها غمّ وكَرْبٌ (كثافة) لذلك {وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} [الواقعة: 9]. والأمر في الآخرة يتجاوز الكرب النفْسيّ بما لا حدود له. • (شمت): {فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ} [الأعراف: 150] "الشوامت: قوائم نحو الثور الوحشي. وشاهده قول النابغة في معلقة: فارتاعَ من صَوْتِ كَلَّابٍ فباتَ له ... طوعَ الشوامت مِنْ خَوْفٍ ومِنْ صَرَد يريد الشاعر أن يصف ناقته بالسرعة ويشبهها في ذلك بهذا الثور الوحشي الذي أحس صوت كَلّاب (الكلّاب صيّاد الظباء ونحوها بكلابه)؛ فأطلق قوائمه للريح [انظر: شرح المعلقات للزوزني ص 198] وقد روى تفسيرُها بالقوائم عن الخليل. وقد قالوا: "لا ترك اللَّه له شامتة: أي قائمة " (تشكك الراغب وابن فارس في تفسير الشوامت بالقوائم). و"الاشتمات: أولُ السِمَن. وإبل مُشْتَمِتَه: إذا كانت كذلك ". Qتَقَوِّي البدن قليلًا أو انتباره كذلك بحادّ قليل أو خفيّ يتربى فيه فيسوي ظاهره ويقويه. كالسِمَن وهو مادة حادّة لأنه مصدر حرارة البدن [ينظر ل طرق] ثم هو قليلٌ يؤدي أثرَه بخفاء، ومن أثره الانتبارُ والقوة المحدودان. (ويتأتى أن تفسر الشوامت بالقوائم لأنها تنبر البدن أي تنصُبه، لكن

(شمخ)

القواتم ترفع بأكثر مما يناسب أول السمن. وقد ينظر إلى القوائم على أنها هي قليلة السمن). ومن ذلك المعنى "شماتة الأعداء: فَرَحهم ببلية تنزل بمن يعادون "أي مع سلامتهم هم من تلك البلية. فهو إحساس بالقوة خفيّ يناظر السِمَن القليل، لإصابة الأعداء مع سلامتهم هم ". {فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ}. وتشميت العاطس خلاصته دعاء بالعافية والسلامة - والعافية قوة. وهذا أقرب من تفسيره بالدعاء بألا يكون في حالة يُشْمَتُ فيها به. وقولهم "خرجوا في غزاة فقفلوا شماتي -كحيارى، ومتشمتين أي خائبين "هو من قلة القوة في المعنى الأصلي -مع جفائها. • (شمخ): {وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ} [المرسلات: 27] "جبل شامخ وشمَّاخ -كشداد: طويل في السماء/ شاهق. شَمَخ الجبل: علا وارتفع ". Qارتفاعٌ خارق للأفق مع رُسوخ الأصل. كالجبل الشامخ {وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ} ومنه: "شَمَخَ بأنفه: ارتفع وتكبر ". • (شمز - شمأز): {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} [الزمر: 45] قال عمرو بن كلثوم في معلقته [شرح السبع الطوال 404. وجمهرة أشعار العرب لأبي زيد] (¬1). ¬

_ (¬1) جمهرة أشعار العرب بتحقيق علي محمد البجاوي 288.

(شمس)

فإن قناتَنَا يا عمروُ أعْيَت ... عَلَى الأعداءِ قبلَك أن تلينا إذا عَضَّ الثِقافُ بها اشْمَأزّت ... ووَلَّتهُم عَشَوْزَنَةً زَبُونَا عَشَوْزَنَةً إذا غُمِزت أرَنَّت ... تَدُقُّ قَفَا المثقِّفِ والجبينا (عَشَوزنة: صُلبة. غُمزت: ضغطت بالثقاف أو غيره لثَنْيها حسب ما يراد. زَبون: دفّاعة، أَرَنّت: صَدَرَ عنها رنين صوت دقيق حادّ. تدق قفا المثقف والجبينا أي أنها ترتد بقوة واندفاع بعد الغمز وتصيب قَفَاه أو جبينه. وهذا تصوير لاشمئزاز القناة المذكور في البيت السابق). Qابتعادٌ باندفاع شديد إِثْر محاولة الثَنْي، وذلك بسبب الصلابة: كاشمئزاز تلك القناة الذي صوره البيت الأخير عقب غَمْزها، أي محاولة ثَنْي جزء منها عن وضعه (وليس في ل استعمال حسي). ومن معنوى ذلك: "اشمأزّ: ذُعِر من الشيء/ نَفَرت نفسه منه لكراهته. وبه يفسَّر انقباضُ القلب، وقد ذُكر في [ل]. وبهذا أيضًا ينبغي أن يفسَّر قوله فيه: "اشمأزّ: انقبض واجتمع بعضه إلى بعض "فالمقصود التقبض الذي به يتباعد نفورًا {اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ}: نفرت نفورا شديدا. • (شمس): {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 38] "الشمس تلك المضيئة. والشَمُوس من الدواب: النَفُور الذي لا يستقر لشغْبه وحِدّته. وقد شَمَست (قعد): شَرَدَتْ وجَمَحَت ومَنَعَتْ ظَهْرها. والشَمُوس من النساء: التي لا تطالع الرجال ولا تُطْمعهم ". Qحِدّةٌ بالغة تتركز في الشيء تَنْفذُ منه وتَظْهَر من كثْرتها:

(شمل)

كالشمس بحرارتها المتركزة فيها وأشعتها الحادة التي تنبعث منها {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} وليس في القرآن من التركيب إلا الشمس هذه المعروفة وقد قيل إن الشمس في قوله تعالى {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: 4] المراد بها أُمّه أو خالته [قر: 9/ 121]. وكالشَمُوس من الدواب فيها حدّة في ذاتها وفي سلوكها مع الراكب، كان بها حَرَارةً وحُمُوًّا. وكذلك الشَمُوس من النساء. "والخمرُ شَمُوسٌ (لها حرارة وحدّة في الجوف) ورَجُل شَمُوس: صعب الخُلُق. وشامَسَه: عاداه وعانده (كما يقال حادّه) وقد شَمِس لي (كفرح): بدت عَدَاوته فلم يقدر على كَتْمها: وتشَمَّسَ: بخل " (البخل جفاف يناسب الحدة). ومن الأصل: "الشَمْسُ: قلادة الكلب (تُمْسِك الحِدّة وتحبسها)، والشمس كذلك مِعْلاقُ القِلادة في العنق " (تمسك الجواهر النفيسة الدقيقة). • (شمل): {يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ} [النحل: 48] "الشِمال - ككتاب: شِبْهُ مِخْلاة يُغَشَّى بها ضَرْع الشاة أو العنز إذا ثَقُل، وكذلك النَخْلةُ إذا شُدَّتْ أعْذَاقها بقِطَع الأكْسية لئلا تَنْفُضَ حَمْلها "أي يتناثر ثمرها). "شَمَل الشاة والناقة (نصر وضرب) علّق عليها الشِمال. وشَمَل النخلة كذلك. واشتمل بالثوب: أداره على جسده كلِّه حتى لا تخرج منه يده ". Qإحاطةُ ما يُخشَى انتشارُه بما يلتفّ حوله وبضمه معًا قائمًا: كالضَرْع بالمخلاة، والجسم بالثوب. ومنه "شَمَل القوم (كفتح): جَمَعهم، وشَمَلهم أمرٌ: عمّهم. واشتمل عليه الأمرُ: أحاط به ". ومنه: "الشَمْألة: قُتْرة

معنى الفصل المعجمي (شم)

الصائد؛ لأنها تُخْفِى من يستتر بها ". ومنه: "اشتملت الرحم على الولد؛ تَضَمَّنتْه {أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ} [الأنعام: 143 وكذا ما في 144] وشَمِلَت الناقة (فرح): لَقِحَت (ففي بطنها جنين تحيط به). ومنه الشِمَال - ككتاب: كُلُّ قَبْضة من الزرع يَقْبِض عليها الحاصد. والشِمال: اليد اليسرى (لأنها تمكّن مع اليمنى من احتواء الشيء والتفاف اليدين حوله) {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ} [الحاقة: 25] فهذه اليد المقابلة لليمنى. {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} [المعارج: 37]. فهذه وسائر ما في القرآن من (شمال) و (شمائل) تعني الجهة المقابلة للجهة اليمنى. أما "الشَمَلة والشَمَل -بالتحريك فيهما: القليلُ يبقى على النخلة من حَمْلها "، فهو من عدم الانتشار في الأصل؛ لأنها بقيت ممسكة. و "شَمَل الرجلُ: أسرع وشمّر " (فهذا من جمع ثيابه أو نفسه). ومنه "ريح الشَمال "- كسحاب (لأنها تشمل النفوس وتلفها بلطفها ورقتها [انظر: نهاية الأرب 1/ 97]، أو لأنها تهب من جهة شِمال القبلة. ومنه "الشِمال - ككتاب: خليقَة الرجل (كأنها طبيعته المختزنة فيه). والشَمُول: الخمر "؛ (لقوة الإسكار فيها التي بها تستولي على السكران). ° معنى الفصل المعجمي (شم): جمع ما هو منتشر منسحبًا إلى أعلى كشَمّ الرائحة المنتشرة في الهواء بدخولها في الأنف، وكالجبل الأشم الطويل الرأس -في (شمم)، وكتجمع كافة الشامة سوادًا -في (شأم)، وكالسِمَن الساري في البدن فإنه ينير البدن وإن كان قليلًا في (شمت)، وكاجتماع قاعدة الجبل فيطول رأسه في السماء -في (شمخ)، وكتجمع حرارة الشمس فيها مع وجودها في أعلى الأفق -في (شمس)، وكما يجمع الشِمال الضرع والنخلة، والبدن إلى أعلى -في (شمل).

الشين والنون وما يثلثهما

الشين والنون وما يثلثهما • (شنن - شنشن): "الشَنّ والشَنَّةُ -بالفتح فيهما: القِرْبة الخلَق، وكذلك: السِقَاء الخلَق من كل آنية صُنِعت من جِلْد. وقد شَنَّ الجَمَلُ من العطش يَشِنّ: يَبِس. وشَنَّتِ القِرْبةُ: يَبِسَت. والتشنُّن: التشَنُّجُ واليُبْس في جلد الإنسان/ تَغَضُّنُه عند الهَرَم. وذئب شَنُون: جائع. والشَنُون: المهزول من الدواب. والشَانّة من المسايل: كالرَحَبة/ التي تَصُبّ في الأودية من المكان الغليظ ". Qتسرب المائع ونحوه من الأثناء التي تضمه منتشرًا لضعف تلك الأثناء عن حَجْزه (¬1): كالقِرْبة الخَلَق يتسرب منها الماء كذلك، وكذهاب الماء من بدن الجمل العطشان، وكذهاب الندى من جلد الهَرِم، والسِمَن والطعام من المهزول والجائع. والمكانُ الغليظ يسيل منه الماء متفرقًا. ومنه "التشنين: قَطَرانُ الماءِ من الشَنَّةِ شَيْئًا بعد شيء. وشنُّ الماء على المحموم: أن ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الشين تعبّر عن التفشي، والنون تعبّر عن الامتداد في الباطن، والفصل منهما يعبّر عن نفاذ بكثرة وتفشٍّ للمختزن في باطن شيء أو أثنائه: كالماء من الشن البالي والندى من الجلد المتغضن. وفي (شنأ) تعبّر الهمزة عن ضغط ودفع، ويعبّر التركيب معها عن دفع ما في حيز (أي باطن، أي إخراجه أوردّه بقوة ما) كردّ النْفس ما هو قبيح المنظر أي عدم قبوله، وكدفع المستحق مع البراءة ومنه جاء معنى البُغْض. وفي (شأن) نتوسط الهمزة، ويعبّر التركيب عن تفرع من أثناء (باطن) مع الامتداد في أخرى كشئون الرأس والتراب في شقوق الجبال، ومن هذا أُخذ الجريان من أثناء، كالشأن من الشئون، وهو الأمر الجاري.

(شنأ)

يُرَشّ عليه الماءُ رَشًّا متفرقًا ". ولعزة الماء عندهم وانتشار نفاذه هكذا من القِربة عدّوا ذلك انصبابًا وصبًّا وشبهوا به؛ فقالوا: "شَنَّ عليه درعَه: صبَّها " (أَيْ لَبِسها. والدرع مكونة من حِلَق دقيقة كثيرة تشمل البدن، فهي تشبه الشَنّ: صبَّ الماء). "وشَنَّ عليهم الغارة: صبَّها وبثّها وفرّقَها من كل وجه " (انتشار). ومن هذا مع ملاحظة رقة الماء قالوا: "شَنّ بسَلْحه: رمى به رقيقًا ". أما "الشِنْشِنة -بالكسر: الطبيعة والخليقة والسجيّة "، فمن نفاذ المختزن في الباطن المغروز فيه بتفرق وانتشار، وقام تكرار الممارسة مقامَ التفشي والانتشار. • (شنأ): {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3] "المَشْنَأ -بالفتح: القبيح الوجه القبيح المنظر وإن كان محببًا. وشوانئ المال: ما لا يُضَنّ به. وشنَأ إلِيه حقَّه: اعطاه إياه وتبرأ منه ". Qدفعٌ من الحيّز أو ردٌّ عنه بقوة لكراهة الحوز أو عدم استحقاقه: كدفع ما لا يضن به، ودفع الحق مع التبرؤ، وكردّ النفْس، أي عدم قبولها القبيحَ المنظر، وهو رد معنويّ. ومن هذا الدفع المعنوي استُعمل في الكراهة والبغض؛ لأنهما عدم قبول: (شَنئَ الشيءَ: أبْغضه {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا} [المائدة: 8]، أي بُغْضُهم. {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} أي مُبْغِضَك ". وأُطلق أيضًا في مطلق التباعد من الشيء (دفعًا له من الحوزة): "الشَنُوءة: التقزز من الشيء، وهو التباعد من الأدناس. الرجل الشَنوءة: الذي يتقزز من الشيء " (المصدر يضم ويفتح).

(شأن)

• (شأن): {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29]. "الشُئون (ج شأن): عُروق يجري فيها الدمع من الرأس إلى العين، ومواصل قبائل الرأس/ نمائم في الجمجمة (نتوءات صغيرة متوالية بينها فجوات تكون في حافة كلٍّ من قبائل الرأس -وهي الأطباق العظمية، وتتداخل معًا فتكوّن الجمجمة) / شبه لحام من النحاس يكون بين تلك القبائل، وعروق من التراب في شقوق الجبال يُغرس فيها النخل و/ ينبت فيها (شجر) النَبْع ". Qفُروع أو شُعَب دقيقة تمتد في أثناءٍ أو منها -مع وصل أو توصل: كعروق الدمع في الرأس وكمواصل القبائل بين العظام، وكعروق التراب في شقوق الجبال. ومنه: "شَأَنَ خَبَرهَ: عَلِمه " (كأنه سَبَره أي تغلغل فعرف ما فيه). ومنه: "الشأْن: الخَطْب والأمر والحال (شعبة من الأمور الخاصّة أو الجارية تنشأ): {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} [يونس: 61]. وكل (شأن) في القرآن فهو بهذا المعنى. أما {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} فإنه تعالى لا يزال يُنشيء ويفني ويغير أحوالا ويبدي من أمور خلقه ما شاء [ينظر روح المعاني 27/ 110، بحر 8/ 191]. ° معنى الفصل المعجمي (شن): انتشار دقاق من أثناء الشيء كتسرب الماء ونحوه من أثناء الشنّ: القِرْبة الخَلَق -في (شنن). وكما في المشَنْأ القبيح الوجه تنتشر منه نتوءات تقبحه (وتركيب قبح يعبر عن نتوء عظام البدن) -في (شنأ)، وكما في شئون قبائل الرأس وهي امتدادات عظمية دققة متفرقة من حافَة كل قبيلة تدخل في فراغات تقابلها في حافَة القبيلة الأخرى -في (شأن).

الشين والهاء وما يثلثهما

الشين والهاء وما يثلثهما • (شهو - شهى): {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ} [آل عمران: 14] "شَهِى الشيءَ (كالنوم والنساء والطعام) بكسر الهاء، وشَهَاه يَشهاه شَهْوةً واشتهاه وتشَهّاه: رَغِبَ فيه وأحبه ". Qرغبة حادّة في مرغوب بَدَنيٍّ (من احساس بالخلوّ منه) (¬1) {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ} [الأعراف: 81] وشهوة أهل الجنة قبول نفوسهم {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ} [الزخرف: 71]. ثم يُعَمَّم {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} [سبأ: 54] الرجوع إلى الدنيا أو قبول الإيمان بعد نزول العذاب. • (شهب): {أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} [النمل: 7] ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الشين تعبّر عن تفشٍّ، والهاء للفراغ أو الإفراغ، والواو في (شهو) للاشتمال، فعبّر التركيب عن احتواء على رغبة حادّة في الشيء عن إحساس بفراغ شديد منه. وفي (شهب) تعبّر الباء عن التلاصق والتجمع، ويعبّر التركيب معها عن تجمع حادّ الوقع نصوعًا أو نارًا في أعلى الشيء كالبياض الأشهب. وفي (شهد) تعبّر الدال عن ضغط وجه، ويعبّر التركيب معها عن احتباس الشيء ذي القية أو وجوده حيّز كالشهد والشهادة. وفي (شهر) تعبّر الراء عن الاسترسال، ويعبّر التركيب معها عن نفاذ ماله حدّة باسترسال (امتداد جرم أو تكرار) كالهلال والسيف. وفي (شهق) تعبّر القاف عن غلظ وتعقد في عمق الجوف، ويعبّر التركيب معها عن البلوغ إلى العمق عمق الجو أو الجوف بحدّة أو اندفاع كما في الجبل الشاهق والشهيق.

(شهد)

"الشِهاب: العود الذي فيه نار/ أصل خشبة أو عود فيها نار ساطعة "الشُهْبة -بالضم: بياض يصدعه سوادٌ في خِلاله/ بياض غلب على السواد. فرس أشهب وعَنْبر أشهب. واشهابّ رأسه: غلبه بياضُه. والشَهاب - كسحاب: اللبن الضَيَاح/ الذي ثلثاه ماءٌ وثُلُثُه لَبَن ". Qحدّة نار أو بريق تنتشر في أعلى الشيء دون أسفله مع صفاء أو خفة ما. كلهب الشعلة في رأس العود واللهب أبيض صاف، وكبياض الأشهب، والضَيَاح وهو أبيض خفيف الكثافة. فمن العود الذي فيه نار {أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ} [النمل: 7] ومنه "الشِهاب: شبه الكوكب الذي ينقض بالليل "على إثر الشيطان كشهاب النار {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات: 10]، ومنه "الشُهُب الدَرَاريّ. وهي نجومٌ سبعة "تحوي ضوءًا قويًّا نفاذًا. "والكتيبة الشَهْباء "نُظر فيها إلى بريق السلاح يعُمُّها. وقالوا: "سنة شهباء: مجدبة بيضاءُ من الجدب لا يُرى فيها خُضْرة (الفراغ من جنس الصفاء، والنبت والخضرة سواد وكثافة) وقد ردّوها إلى بياض الثلج وعدم النبات (والبرد يَحُسُّ النبات؛ يُحرقه فيفنيه - ينظر: حسس). ثم قالوا: "يوم أشهب: ذو ريح باردة ". وهذا من ارتباط شُهْبة الثلج بالبرْد. أما "الشَوْهَب: القَنْفُذ "فتسميته هذه لحدّته المادية التي تعلوه وهي شوكه الذي يقتل به الحية، وحدته المعنوية وهي أنه لا ينام [ينظر ل قنفذ]. • (شهد): {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: 45] "الشَهد -بالضم والفتح: العَسَل ما دام يُعْصَر من شَمعه. والشاهد: الذي يخرج مع الولد كأنه مخاط. وأشهد الغلامُ: أَمْذَى وأدرك ".

Qوجود شيء ذي قيمة في الحيّز بتمكن: كالشُهد الذي لم يُعْصَر، وكذلك المُخَاط في البطن وله أثره في إزلاق الوليد، والمَذِيّ في الصُلب. والوجود في الحيّز حضور فيه يلزمه معاينة ما يجري فيه: "شَهِد المجلسَ: حضره (المجلس ظَرْفٌ) والشاهد والشهيد: الحاضر {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} [الزخرف: 19]، {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]. أي في الشهر أي كان حاضرا غير مسافر. وبالحضور يفسَّر ما في [البقرة: 185، المائدة: 113، يونس: 61، الكهف: 51، الأنبياء: 61، الحج: 28، النور: 2، النمل: 32، 49، الصافات: 150، الزخرف: 19، المدثر: 13، البروج: 7]. وكل صفة شهيد مسندة إلى اللَّه عز وجل، [البقرة: 133، النساء: 72، الأنعام: 144، هود: 103، الإسراء: 78، مريم: 37]، وكل (الشهادة) في {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [عشرة مواضع منها الأنعام: 73] وفي {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ} [المطففين: 21] قال: يشهدون عملهم أو كتابته [قر 19/ 264]. كما يلزم من المعاينة العلمُ، قال في [بحر 2/ 419: "وأصل شَهِدَ: حَضَرَ، ثم صُرّفت الكلمة في أداء ما تقرر علمه في النفس بأي وجه تَقَرَّر من حضور أو غيره ". "شَهِد الحادث: عاينه [الوسيط]. وشهد الشاهد عئد الحاكم: بيّن ما يعلم وأظهره، والشهادة: الإخبار بما عَلِمه (مما رآه إذْ حَضَر) {وَوَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: 283]، {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} [البقرة: 282] {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ} [النور: 24] يفسرها ما في [يس: 65] {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا} [الأحزاب: 45] (يشهد -صلى اللَّه عليه وسلم- بتبليغه أمته، وعلى أعمالهم إذ تُعرض عليه أولًا بأول) وكل ما عدا ما سبق وما يأتي فهو من أداء الشهادة بما رُئى أو عُلم. وبعضه يتأتى أو قيل فيه بالحضور والأداء مثل [البقرة: 84] وفي [آل عمران: 99] {وَأَنْتُمْ

(شهر)

شُهَدَاءُ}] قال: عقلاء أو شهداء على ما في التوراة [قر 4/ 155]. والشهيد في أسماء اللَّه عز وجلّ: الحاضر. . الذي لا يغيب عن علمه شيء {وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ} [آل عمران: 98] وكل وصف للَّه عز وجل بذلك فأصله الحضور، ومنه إلى العلم، وفي بعضه ما يترتب على العلم من الحُكْم أو البيان أو القضاء المعبَّر عنها بالشهادة حسب مقتضى السياق. {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: 18]: شهد بصنعته التي لا يقدر عليها غيره، وبا أُوْحيَ من آياته الناطقة بالتوحيد (وتشريعاته المقررة للحق والعدل والخير) والملائكةُ بإقرارهم وبتقريرهم للرسل، والرسل لأولي العلم. (قائمًا) حال من اسم اللَّه تعالى، فهو وحده القائم بالقسط المطلق ومقرره لخلقه [ينظر بحر 2/ 419 - 423]. {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: 166] وشهادته تعالى بما أنزله إليه إثباته بإظهار المعجزات [بحر 3/ 415]. والشهيد: من قُتِل مجاهدًا في سبيل اللَّه؛ لأن ملائكته شهود له بالجنة، وقيل لأنه حيّ لم يمت كأنه شاهد حاضر. . . وقيل غير ذلك، فهو فعيل بمعنى فاعل أو مفعول على اختلاف التأويل [ل، قر 4/ 218] {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} [آل عمران: 140] وكذا ما في [النساء: 69]. • (شهر): {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] "الشهر: الهلال إذا أهلّ. شَهَر فلان سيفه (فتح): سلّه من غِمْده [الوسيط] وشهّره - ض: انتضاه فرفعه على الناس ". Qظهور الشيء أقصى ظهور لبروزه من جوف كان يحجبه:

(شهق)

كالهلال في الأفق، والسيف من الجراب مع رفعه على الناس. وبالهلال سُمّي الشهر (جزء السنة) لأنه به يبدأ. وقد لاحظ ابن فارس اتفاق العرب والعجم على تسمية الشهر باسم الهلال في لغتهم. وهو ملحظ جيد إن صح ما فيه من تعميم. {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} [التوبة: 36] ويشتق منه (أَشهَر) و (شَاهَر). والذي في القرآن من هذا التركيب هو الشهر: المدة الزمنية المعروفة ومثناه وجمعه. ومن أقصى الظهور المذكور: "شَهَر الأمر (فتح): أظهره وأعلنه. وشهّر به - ض: أذاع عنه السوء "بأن أعلن عن قبيح نسب إليه (بالحق أو بالباطل). • (شهق): {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا [الملك: 7] "جبل شاهق: طويل عالٍ. وشَهَق البناءُ والجبلُ ونحوها (فتح): عظُم ارتفاعه [الوسيط]. والشهيق: ردّ النفس: شَهِق (كفرح): جَذَب الهواءَ إلى صدره ". Qنفاذ الشيء مجتمعًا بحدّة إلى عمق خال: كهواء. الشهيق يدخل مجتمعًا إلى عمق الجوف، والجبل الشاهق يطعن بارتفاعه في جوف الأفق. ويُطلق الشهيق على الصوت المصاحب لجذب النفس كما قالوا في "شهيق الحمار آخر صوته أو نهيقه. وشهيق المكروب: أنينه الشديد المرتفع جدًا. . . " {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هود: 106]. والشَهْقة: كالصيحة، شَهِقَ شَهْقةً فمات ". ° معنى الفصل المعجمي (شه): هو وجود فراغ ما -كالذي في نفْس ذي الشهوة من فقد ما يشتهيه -في (شهو شهى)، وخفة لهب الشهاب وكذا البياض -فالسواد كثافة -في (شهب)، والفراغ الدي يشغله العسل في قرصه، وكذلك وجود شاهد في حيز الواقعة -في (شهد)، وظهور الهلال في الأفق الخالى وكذلك الإعلان عن مجهول -في (شهر)، واختراق رأس الجبل الأقق، وسحب الهواء إلى المصدر الخالي بقوة -في (شهق).

باب الصاد

باب الصاد التراكيب الصادية • (صيص): {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ} [الأحزاب: 26] "صياصي البقر: قرونُها واحدها صِيصة، وصيصيَة -بالكسر، وتشدَّد ياؤها الأخيرة. والصِيص من ثمر النخل: الذي لا يَشتدّ نَواه أو لا يكونُ له نَوى أصلًا. والصِيصاء: حب الحنظل الذي ليس في جوفه لب ". Qصلابة ظاهر الشيء مع فراغ باطنه: كصياصي البقر، والصِيص، والصِيصاء. ومنه الصياصي: الحصون، وكلُّ شيء امتُنع به وتُحُصِّن فهو صيصة -بالكسر (بناء محصن الظاهر خالي الجوف). {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ}. • (وصى): {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [الشورى: 13] "الوَصَي -كفَتَي وكغَنِيّ: جرائد النخل التي يُحْزَم بها، وقيل هي من الفسيل خاصّة وفلاة واصبة: تتصل بفلاة أخرى. وأرض واصية: متصلة النبات. وقد وَصَى النبتُ: اتصل وكثر [الأساس]. ووَصَت الأرضُ تَصي: يصل نباتها بعضه ببعضه. والوَصِيّ -كغَنِيّ: النباتُ الملتف ".

Qالتزام الأشياء بعضها بعضا كالمحزوم بالجريد والنبات الملتف، وكالمتصل بعضه ببعض منه إذ هو متضام. ومن هذا الالتزام جاء معنى الإيجاب في الوصية فهي عهد وتكليف وإلزام. {فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12]، {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 182]. {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]. أي يفرض عليكم {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ} [الأنعام: 151 وكذلك 152، و 153] وبهذا المعنى يفسر قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240]. أي فريضةً، إذ كان ذلك حقًّا واجبًا لهن غير معلق بالتوصية من الأزواج [طب 5/ 252]. وهذا الملحظ يغنى عن تأولهم في الآية {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ. . . وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} [النساء: 12]. قال طب: أي عهدًا من اللَّه إليكم فيما يجب لكم من ميراث من مات منكم [8/ 68 وأيضًا 8/ 30]. هذا وقد قالوا إن (الوَصِيّ) هو المُوصَي -اسما فاعل ومفعول، وإنها من الأضداد. وأساس ذلك أن صيغة (فعيل) تصلح لاسمي الفاعل والمفعول، فهو من سعة مجال الصيغة ولا تضاد في المعنى الأصلي للتركيب. وليس في القرآن من التركيب إلا الوصية (والفعل واسم الفاعل منها) بالمعنى الذي ذكرناه.

الصاد والباء وما يثلثهما

الصاد والباء وما يثلثهما • (صبب - صبصب): {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا} [عبس: 24] "الصُبَّةَ -بالضم: ما صُبّ من طعامٍ (: بُرّ) وغَيْرِه مجتمعًا. والصَبُوبْ الحَدُور. والصَبَب/ محركة: تَصَوُّبُ نهر أو طريق يكون في حَدُور. صبّ في الوادي: انحدر، صب الماء ونحوه: أراقه ". Qحَدْرُ المائع (ونحوه من المتسيب) من أعلى إلى أسفل بقوة أو دفع (¬1) ويلزمه الاختراقُ (بقوة الانحدار) والتجمعُ والثباتُ رسوخًا بقوة ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الصاد تعبّر عن غلظ ممتد أو امتداد بغلظ وقوة، والباء للتجمع الرخو مع تماسك ما، والفصل فهما يعبر عن حَدْر متوالٍ بقوة كما في الصَّبَ من أعلى، والصُّبّة ومنه التداخل وهو تجمع كالصبيب الجليد، ويلزم ذلك معنى اللصوق. وفي (صبو) تعبر الواو عن اشتمال ويعبر التركيب معها عن اشتمال عل مَيْل وانحدار أي كونه مشتملا عليه كعَيْر السَّيْف وعير رأس القدم. وفي (صوب) يتمثل الاشتمال في الموافقة أي لقاء ما من أجله هَوَى الشيء، ويُعَبّر التركيب -مع الميل والانحدار عن موافقة ووقوع لشيء كالصَّوْب المطر وإصابة السهم الهدف. وفي (وصب) يتمثل الاشتمال في اللزوم والدوام، ويعبر التركيب معها عن لزوم ما تربى أو وُجد لاصقا "وصب الشحم: دام "فيتأتى معنى الدوام. وفي (صبأ) فإن الدفع الذي تعطه الهمزة يجعل التركيب يعبر معها عن اندفاع ذلك القَوِيّ النابت نافذًا من حيّزه كتاب البعير. . وفي (صبح) تعبر الحاء عن عِرَضٍ مع جفاف (قوة) فيعبر التركيب معها عن واضح عريض يعرو كثيفًا مجتمعا كما يعرو ضوءُ الصبح ظلام الليل الكثيف، وكالشعر الأبيض =

الانصباب: كصَبّ الماءِ والبُرّ، وكانحدار المتحرك إلى الوادي المنخفض والصَبُوبُ يُنْحَدَرُ منه. وفي الأثر "جَعَل -صلى اللَّه عليه وسلم- يَرْفَعُ يَدَه إلى السماء ثم يَصُبُّها عليّ " {أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا}، {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} [الحج: 19] {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ} [الفجر: 13]. والصبّ بقوة نفاذٌ إلى المصبوب فيه بقوة فَعُبِّر به عن المخالطة (الضارة) "صَبّ ذؤالةُ على غنم فلان إذا عاث فيها ". ومن معنوي الانحدار "التَصَبْصُبُ: شِدّة الخلاف (أي المخالفة كلٌّ يمثل صُبَّة كما سيأتي)، والجُرْأة " (اندفاع بثقل كالانحدار). ويلزم ذلك الأصلَ التجمعُ، أخذًا من الصبِّ، إذ يتأتى منه تراكُم المصبوب، وقد صَرَّح به في قوله "مجتمعا ". ومن هذا قالوا "الصُبَّة -بالضم: الجماعة من الناس، والقطعةُ من الإبل والشاء، والقطعةُ من الخيل ". كما يلزم من وصول المنحدر إلى المقر بقوة أو ارتطام أن يثبت في المقر كاللاصق به. ومن هذا اللصوق "الصبيب: شجر يشبه السذاب يُختضب به/ السناءُ الذي تُختَضَبُ به اللِحَى كالحِنّاء، والجليدُ، وقالوا "صُباصب كتماضر أي ¬

_ = والأحمر في الأسود. وفي (صبر) تعبر الراء عن الاسترسال، ويعبر التركيب عن استرسال التجمع كما في صُبرة الطعام والحجارة المجتمعة. وفي (صبغ) تعبر العين عن الالتحام مع طراءة ويعبر التركيب معها عن جِرم دقيق يمتد من تجمع ما كالإصبع من الكف. وفي (صبغ) تعبر الغين عن غشاء أو نحوه، ويعبر التركيب معها عن تغشى طرف المتجمع بغشاء لتدليه (أو انصبابه) فيه كما في صبَغ الذنَب، والاصطباغِ الائتدام ".

(صبو)

غليظ شديد " (وحقيقته أنه متداخل بعضه في بعض). والصبيب أيضًا طرف السيف أي آخرُ ما يبلغ سِيلانه (السِيلان طرف حديدة السيف من عند مقبضه يغرز في المقبض فيُمتَسك فيه). وقولهم "صَبّ فلان يَصَبّ (ب فرح) إذا عَشِق "هو من اللصوق كما أن الحُبّ من اللزوم. أما قولهم - (الصُبَّةُ -بالضم، والصُبابة - كرخامة: بقيةُ الماء واللبن في الإناء "فهي من الأصل بمعونة الصيغة أي بقية ما انصبّ أو ما شأنه أن يُصَبّ وكذا قولهم. "تَصَبْصَبَ الليلُ: ذَهَب إلا قليلًا ". هو انصبابُ ذَهاب، وكذا "صَبْصَبَ الشيءَ: مَحَقّه، وصُبّ الرجل -للمفعول: مُحِقَ ". • (صبو): {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12] "الصَبِيُّ من السيف: ما دون الظُبَةِ قليلًا (الظبة هي طرفه الدقيق) / عَيْرُه الناتئ في وَسَطه. ومىَ القَدَم رأسُه/ ما بين حِمارتها إلى الأصابع (حِمَارة القدم أعلى وَسَط ظَهْره ". Qانحدارٌ أو ميلٌ متدرج إلى أسفل -كما دون الظُبَة ينحدر مستدِقًّا إليها، والعَيْر ينحدر إلى الجانبين، وصَبِيّ القَدَم إلى الأصابع. ومن ذلك "الصبي: الولدُ من لَدُن يُولَدُ إلى أن يُفْطَم (لصغر بدنه بالنسبة للبالغين فهو منخفض كالمنحدر، أو لميله كما قال ابن جنى [الخصائص 2/ 118 - 119] أي تعلقه بالأشياء {قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} [مريم: 29]. ومنه "صَبَت النخلة: مالت إلى الفُحَّال البعيد منها، والراعيةُ: أمالَتْ رأسَها فوضعته في المَرْعَى. وصَابَى رمحَه: أمال صَدْر سِنانه إلى الأرض للطَعْن

(صوب، صيب)

به. وصَبَا إلى المراة (وكرضى): مال {وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ} [يوسف: 33] والصَبَا - كالفتى: ريح تهب من مطلع الشمس إذا استوى الليل والنهار تستقبل السحابَ (بعد ما تُشْخصه ريح الدَبور) فتُوزِعُه بعضَه عل بعض حتى يصير كِسْفًا واحدًا (فهذا جمع تكديس وركْم من أعلى إلى أسفل وهو من باب الحَدْر) والصَبوة: جَهْلة الفُتُوَّة واللَهْو ". . (ميل وانحدار عن الجادة). • (صوب، صيب): {لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: 38] "الصَوْب -بالفتح: المطر. والصُوبَة -بالضم: الجَمَاعَةُ من الطعام، والكُدْسَة من الحنطة وغيرها. أصابت السماءُ الأرضَ: جادَتْها. وصابَ الماءَ وصَوَّبه: صَبَّه وأراقه. وصابَ المطرُ: انصبّ، ومنازل عن عُلْو إلى سُفْل فقد صاب يَصُوب وأصاب ضِد أَصْعد. وصاب السهمُ الهدفَ يَصيبه ويَصوبه، وكذا أصابه، وأصاب السهمُ القرطاسَ: لم يخطئ ". Qهُوِيّ إلى شيء مع موافقته أي الوقوع (الاصطدام) به: كالمطر في الأرض، والبُرّ إلى ما سبق صَبَّه أو إلى الأرض فيصير كُدْسًا، والسهمِ إلى الهدف. {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} [البقرة: 19] الصيّب سحاب فيه صَوْبٌ أي مطر. ومن ذلك "صَوَّبَ رأسَه، ورأسَ الخشبة، ويدَه، والإناءَ: خفضها ". ومن معنوى ذلك: "الصواب: ضد الخطأ "، لأنه موافقة الحق أو المراد، كما سُمّي سَدَادا {وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ: 38] ومن هذا. "هو من صُوَّابة قومه وصُيّابتهم: صميمهم وخالصهم وخيارهم، والصُيّابة: الخيار من كل شيء " (موافقة المراد). ومن الأصل: "أصاب: أراد " (الإرادة ميل إلى الشيء وهُوِى لنيله): {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} [ص: 36].

(وصب)

ومن الأصل "الإصابة: النزول بالشيء واللحاق به خيرًا كان النازل أو شرًّا {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79] ثم كثر في الشر. فالصابة والمُصيبة والمُصابة -بالضم، وكمَعونة: مما أصابهم به الدهرُ، كما قيل النازلة {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ} [البقرة: 156]. والذي جاء في القرآن من التركيب: (الصواب) ضد الباطل والخطأ، و (الصيّب) المطر و (أصاب) أراد، ثم الحَدَث الذي يَنْزل بالإنسان خيرًا أو شرًّا. وقد مثلنا لكلٍّ والسياقات تعيّنها بوضوح. أما كلمة (مصيبة) فلم تستعمل في القرآن إلا في التعبير عما يعده الإنسان شرًّا. ومن الموافقة للشيء والوقوع به جاء معنى النَيْل منه (كأن الأصل: بالهُوِيّ إليه، فهو مَعْنًى لزوميّ) فقيل "المِصْوبة -اسم آلة: المِغْرَفة، ويقال أصاب من المال وغيره: أخذ وتناول ". و "الصَوبُ شجر "ومن التكدس أو التركز اللازم للهُوِيّ "الصُوية: الكدسة من الحنطة، والصاب: شجر مرّ، أو عصارة الصَبِر " (تركز المرارة). • (وصب): {وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} [النحل: 52] "وَصَبَ الشحْمُ: دام. وأوصبت الناقةُ الشحمَ: ثَبَتَ شَحْمُها وكانت مع ذلك باقية السِمَن ". Qدوام بقاء الحادّ الذي يحتويه الشيء فيه. كالشحم في البدن. ومنه فلاة "واصبة: لا غاية لها من بُعدها (متلاحمة متماسكة لا تنتهي وهي فلاة أي جافة = حِدَّة). ووصَبَ على الأمر -كوعد: وَاظَب عليه (جِدٌّ وهو من جنس الحدّة)، وأوصب: دام {وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} [النحل: 52] له الطاعة

(صبأ)

والإخلاص دائمًا " [قر 10/ 114]. {وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ} [الصافات: 9]: لازم لا يفارق "ووَصَب في ماله وعلى ماله (كوعد): لَزِمَه وأحسن القيام عليه. وأوصبوا على الشيء: ثابروا " (المثابرة دوام). ومن ذلك أيضًا "الوَصَبُ - محركة: دوام المرض والوجع ولُزُومه/ التعب والفتور في البدن. وجد توصيبًا أي فُتُورًا " (حدّة لأنها من جنس المرض). • (صبأ): {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى} [المائدة: 69] "صَبَأ نابُ ذي الخُفِّ والظِلْفِ والحافِر (كفتح)؛ طَلَع حَدُّه وخرج، وسِنٌّ الغلام: طَلَعَت، والنجمُ والقمرُ: طلع وبرز ". Qخروج الشيء أو نفاذه بصلابة وحِدّةٍ من بين الأثناء التي كانت تضمه -كالناب والسن من اللِثة، وكالنجم والقمر من الأفق. ومن النفاذ المادّي من بين الأثناء استُعمل في الخروج من حيز معنوي. "صبأ (فتح وككرُم) صبوءًا: خرج من دين إلى دين آخر. وكان الكفار يقولون في مَن أسلم: صَبَأ ". ومن هذا "الصابئة: قوم يزعمون أنهم على دين نوح "-لخروجهم على الأديان المعروفة: الإسلام والوثنية واليهودية والمسيحية [وانظر الكلمة في معجم ألفاظ القرآن للمجمع]. {وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى} [ومثلها ما في البقرة: 62، الحج: 17]. • (صبح): {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [التكوير: 18 - 19] "الصبح: أول النهار، والفجرُ. والأصبح من الشعر: الذي يخالطه بياضٌ

بحمرة أيًّا كان. والصَبَح -بالتحريك: بريق الحديد " (ونحوه). Qضوء أو بياض ينتشر بقوة فيغلب ما يصادفه من ظلام أو سواد. كالبريق من الحديد والشعر الأبيض بين غيره، وكالصبح بعد الظلام {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ} [هود: 81]، {فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ} [الصافات: 177]، {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ} [الأنعام: 96]. وقد اشتق من الصبح الكثير. ومما اشتق منه "أصبح دخل في الصباح. {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} [القلم: 20]، {وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ} [القمر: 38]. (استقبلهم -أي نزل عليهم- في الصباح). ومن الضوء وهو من جنس البياض "المِصْبح -بالكسر: المِسْرجة والمِصباح: السراج (آلة الإضاءة) {كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} [النور: 35]. ومن عُرُوّ البياض السواد جاء معنى الصيرورة والتحول، لمّا كان الإصباح يأتي بعد فترة الليل التي يغشى ظلامُها الكونَ ويُوحِي بالتغير في أثنائه، والإصباح نفسه تغير عن ظلام الليل فقيل "أصبح: صار " {فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: 30]، {أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا} [الكهف: 41]. والذي ارتبط من التركيب بالصبح أول النهار حقيقة هو كل كلمات (صُبح)، (صباح)، (إصباح)، (مصبحين)، (صَبّحهم)، (تصبحون) في [الروم: 17]. وسائر الفعل [أصبح] ومضارعه يحتمل معنى التحول. وليس في القرآن من التركيب عدا ذلك إلا (مصباح) وجمعه (مصابيح).

(صبر)

• (صبر): {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 24] "الصُبْرة -بالضم: كُدْسُ الطعام (البُرّ ونحوه)، والطعامُ المنخول بشيء شبيه بالسَرَنْد (غربال واسع العيون) (يتكدس الطعام تحته)، وما جُمع من الطعام بلا كيل ولا وزن بعضُه فوق بعض، والحجارةُ الغليظة المجتمعة. والصَبِيرُ: الجبل، وسحاب أبيض متكاثف. والصَبْرة -بالفتح: ما تَلَبّد في الحوض من البول والسِرْقين والبعْر. والصَبَر -بالتحريك: الجَمَد (الماء الجامد الثلج) [ق]. والصِبَارة -كقلادة: صِمام القارورة ". Qتراكم الشيء أو تكدسه مع تزايده أو دوامه على حالته. ككدس الطعام، وكَوْمة الحجارة، والجبل، والسحاب المتكاثف، والدِمْن، والجَمَد وما في القارورة. ومنه "صَبر البُرَّ (ونحوه من الطعام) والقَرَظ (ضرب): كَوَّمه صُبْرَة، والصَبَّارة -كزمّارة: الأرض الغليظة المشرفة (ارتفاع كالتكدس) لا نبت فيها. ونبات الصَبِر -ككتف لحظ فيه ثخانة أوراقه وكثرة الماء تراكمه وثباته فيه. (وربما نظر إلى أن عصارته تديم بقاء البدن أي تمنع تحلله. وكان العرب يعرفون بعض ذلك على الأقل وهو أن الصاب الذي هو عصارة الصبر يُحِدّ العين فلا تسترخي ولا تنام [ينظر ل صوب] وقوله (كأن عينَيَّ فيها الصاب مذبوح). ومن ملحظ الثبات والاستمرار أخذًا من التراكم "صَبَره عن الشيء: حَبَسه (فبقى ثابتًا على حاله مستمرًّا)، وعلى القتل: أمسكه ونَصَبَه عليه، وصَبَره: أحلفه يمين صَبْر -وهي التي يمسكه الحاكم عليها حتى يحلف، ولَزِمه ". وحقيقة كل ذلك إثبات الشخص في مكان ليُقتَل، أو يَحلِف، أو لئلا يذهب إلى الشي. كما

(صبع)

قيل صَبَره: أوْثَقَه " (أثبته). ومنه "الصَبْر: نقيضُ الجَزَع "وحقيقتُه الثباتُ للمصيبة أو المشقة والتماسك والاستمرار في ما هو فيه، وعدم الانقطاع أو الزوال عنه. {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ} [البقرة: 153] أي بالثبات على ما أنتم عليه من الإيمان " {وَبَشِّرِ الصَّابِرِي} [البقرة: 155]. وكل ما في القرآن من هذا التركيب فهو بمعنى الثبات عند الشدة أو المجاهدة. هذا "والصَبُور في أسماء اللَّه عز وجل الذي لا يعاجل العصاةَ بالانتقام. وهو من أبنية المبالغة ومعناه قريب من معنى الحليم. والفرق بينهما أن المذنب لا يأمن العقوبة في صفة الصبور كما يأمنها في صفة الحليم " [ل]. ومنه "صَبَر به (كنصر): كَفَل. وهو به صَبِير: كفيل زعيم " (كأنه ثَبَت ووقَف سَنَدًا له -تأمل "الصَبِيرُ: السحابُ الأبيضُ الذي يصبُر بعضُه فوقَ بعض دَرَجًا " [108/ 25] (أي يثبت داعمًا بعضه بعضا). • (صبع): {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ} [البقرة: 19] ليس في التركيب إلا "الإصبع "وما اشتق منها. Qامتداد دقيق لطيف من جرم كبير أو غليظ كالإصبع من الكف والقدم {جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} [نوح: 7 ومثله ما في البقرة: 19]. • (صبغ): {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} [البقرة: 138] "الصَبَغ -محركة: أن يبيضَّ ذَنب الفرس كلُّه أو أطرافُه. والصَبْغاء من الضأن: البيضاءُ طرَف الذنَب وسائرُها أسود. والصِبْغ -بالكسر وككتاب: ما

معنى الفصل المعجمي (صب)

يصطبغ به من الإدام. وما يُصْبَغ به وتُلَوَّن به الثيابُ كالصِبغة -بالكسر ". Qتَطَلِّى طَرَفِ الشيءِ بلونٍ أو مادّة يَنْغَمِس فيها يخالف ما عليه أصله أو سائرُه. كلَوْن الذَنَب (وهو متدلٍّ) المخالِف، وكصَبْغ الثياب والخُبز. ومنه "صَبَغَتْ الناقةُ مشافرَها في الماء: غَمَسَتْها، وصَبَغ يده في الماء. وصَبَغ اللقمة: دَهَنَها وغَمَسها. {وَتَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ} [المؤمنون: 20] وفي الحديث "فيُصْبَغ في النار صَبْغة أي يُغْمَس كما يُغْمَس الثوبُ في الصِبْغ ". و "صَبْغُ النصارَى أولادَهم في الماء: غَمْسُهم إياهُمْ فيه ". وفي [قر 2/ 144] {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} دينُ اللَّه. وأصلُ ذلك أن النصارى كانوا يَصبُغون أولادهم في ماء المعمودية تطهيرًا، ويقولون الآن صار نصرانيًّا حقًّا. فردّ اللَّه تعالى ذلك عليهم بأن قال {صِبْغَةَ اللَّهِ} أي صِبْغة اللَّه أحسن صِبغة وهي الإسلام، فسمي الدين صبغة استعارة ومجازًا "اهـ. بتصرف. ذلك أن الآية رد على ما قالوا {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} [البقرة: 135 - 138]. ° معنى الفصل المعجمي (صب): هو الحدْر أو الامتداد إلى أسفل بقوة -كما يتمثل في صب الطعام (= البُرّ) والماء -في (صبب)، وفي انحدار صبيّ السيف ما يجاور

الصاد والتاء وما يثلثهما

عَيْرَه وعَيْرَ القدم -في (صبو صبي)، وفي انحدار المطر -في (صوب)، وفي دوام الشحم والعمل والاستمرار الدوام لازم للانحدار -في (وصب)، وفي اندفاع الناب والسن حتى يبرز -والاندفاع بقوة هو من لوازم الانحدار أيضًا ثم إن الصبّ نفاذ إلى أسفل والصبوء نفاذ إلى أعلى -في (صبأ)، وفي انفجار ضوء الصبح من ظلام الليل -وهو نوع من لوازم الانحدار بقوة كما أنه نفاذ أيضًا -في (صبح)، وفي التداخل والثبات وهو من لوازم الصبّ من قوة التكدس كصُبرة الطعام والصُبْرة والصبَر الجمَد -في (صبر)، وفي اندفاع الإصبع من الكف -في (صبع)، وفي غمس اللقمة في الإدام -في (صبغ). الصاد والتاء وما يثلثهما • (صتت): "الصَتُّ: شِبْه الصدْم والدفْع بقهر، وقيل هو الضرب باليد والدفع. وصتّه بالعصا: ضربه بها ". Qوقْع بحدة وغلَظ على غير رِخْو (¬1) كالضرب باليد والعصا وكالدفع. ومنه الصتيت الصوت والجلبة كأنه صوتُ وقع مثل ذلك. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الصاد تعبر عن غلظ ممتد، والتاء تعبر عن ضغط بدقة وحدة، والفصل منهما يعبر عن وقوع ضغط بحدة وقوة على غليظ كما في الصتّ الضرب بالعصا وباليد. وفي (صوت) فإن الواو تعبر عن (اشتمال) فيعبر التركيب معها عن الاتصاف بتلك الحدّة متمثلة في الموت المجهور يخرج ممتدًا شديدًا عن دفع، وكما في الطرق والصياغة والصيقلة حيث يتم الامتداد بالدفع والضغط، وكما في استواء القامة بعد انحناء كأنما عن دفع.

(صوت)

• (صوت): {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] "الصَوْت: الجرْسُ معروف. صات يَصُوت ويصات صَوْتًا وأصات وصوَت به -كلُّه: نادَى. والصائت: الصائح. رجل صيّت وصياتٌ: شديد الصوت. كانوا يكرهون الصوت عند القتال: هو أن ينادي بعضهم بعضًا أو يفعل أحدهم فعلًا له أثر فيصيح ويُعَرّف بنفسه على طريق الفخر والعُجْب. المُنْصات: القويم القامة. وقد انصات الرجل إذا استوت قامته بعد انحناء كأنه اقتبل شبابه ". والصِيت -بالكسر: المطرقة، والصائغ، والصَيْقل [ق] (الصَقْل: جِلاءُ السيوف، وتضميرُ الخيل بإذهاب ترهُّلها). Qامتداد الشيء قويًّا مستقيمًا لصدوره بضغط أو وقوع ضفط عليه -كما تفعل المطرقة في الحديد والذهب: مَمُدُّه شَريحةَ دقيقة السُمك مستقيمة، وذلك قبل تشكيله. (فكلمة (صِيت) هنا على وزن (فِعل) بالكسر بمعنى اسم الفاعل)، وكما يستقيم بدن الرجل بعد انحناء كأنما طُرِق وَسَطه فاعتدل قِوامه. والصَوْت من هذا فهو زمير الجهر. والأصل في معنى الصوت أنه المرتفع منه بدليل تفسيره بالنداء (وهو ضد النِجاء)، وبالصياح، وبالدعاء -وكلها أصوات عالية لا تصدر إلا بدفع أي ضغط قوي- وبه يفهم قوله تعالى: {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان: 19] [ورفع الصوت مذموم. ينظر ل فدد]. ولأن الأصل في المعنى اللغوي للصوت أن يكون عاليًا، ووقوع هذا في الكلام مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ينافي توقيره، لذا نُهينا عن ذلك {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ

معنى الفصل المعجمي (صت)

لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2]. ومن إسماع الصوت وانتشاره حينئذ هنا وهنا قيل "الصِيت -بالكسر: الذكر الجميل الذي ينتشر في الناس دون القبيح "وتخصيصه بالجميل يرجع لغلبة استعمال العرب إياه، وربما كان لمعنى (الاستقامة) أثر في ذلك. والاستقامة مع الامتداد يؤخذ منها الاستجابة لأنها جريان ونفاذ على ما يراد "انصات للأمر: إذا استقام/ أجاب وأقبل ". ° معنى الفصل المعجمي (صت): الصدم والطرق وما بمعناهما من الضغط الشديد كالصتّ بالعصا -في (صتت) وكالطرق بالمطرقة ورفع الصوت بضغط وهو أيضًا شديد الوقع على السمع مقارنة بالنفَس أو بالصمت -في (صوت). الصاد والحاء وما يثلثهما • (صحح - صحصح): "صَحَاح الطريق - كسحاب: ما اشتدّ منه ولم يَسْهُلْ ولم يُوطَأ والصَحِيح والصَحْصَاح والصَحْصَحَان -بالفتح فيهن: ما استوى من الأرض وجُرِد. الصحصح -بالفتح: الأرض الجرداء المستوية ذات حصى صغار/ ليس بها شيء ولا شَجَرٌ ولا قرارٌ للماء. . والصحراء أشد استواء منها ". Qكون الشيء متماسكًا على ما ينبغي من حاله عِرَضًا وجفافًا دون تشقُّقٍ أو نحوه (¬1): كالأرض والطريق المذكورين يتميزان بالتماسك ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الصاد عن امتداد بغلظ والحاء عن عِرَض مع جفاف، والفصل منهما يعبر عن كون الشيء على حاله الأصلى مع جفاف وعرض كما في الطريق الصَحَاح. وفي (صوح صيح) يزيد (اشتمال) الواو و (اتصال) الياء معنى الامتداد بغلظ كما في صُوْح =

(صوح - صيح)

والجفاف وبعض الاستواء. والمهم أنه ليس فيها تسيب أو رخاوة كما هو واضح. ومنه "الصحة خلاف السَقَم، وذهاب المرض "، لأنها تماسك وسلامة وخلو من الضعف (الرخاوة). • (صوح - صيح): {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس: 53] "الصَوْحُ -بالفتح والضم: وَجْهُ الجبل القائمُ كأنه حائط. وصُوْحًا الوادي -بالضم: حائطاه. صَاحَ العنقود: استتم خروجه من أَكِمّته وهو غَضّ. انصاح النبات: خرج زَهْرُه ونَوْرُه من أَكمامه ". Qبلوغ الشيء أقصى غايته نفاذًا من العمق ارتفاعًا أو نموًّا مع قوة أو جفاف. كوجه الجبل الموصوف وحائطي الوادي. وخروجُ العقود كاملًا هو ارتفاع إلى أقصى نموه. ومنه "الصياح: الصوت الشديد. وصيّح - ض: صَوّت بأقصى طاقته، يكون ذلك في الناس وغيرهم، (صوت يخرج ممتدًا من الجوف بالغًا غاية الشدّة). {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} [المنافقون: 4]، {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ} [الحجر: 83]، هذا عن ثمود، وكذا ما في [القمر: 13]، وفي [الأعراف: 78] ¬

_ = الجبل وصُوْحَى الوادي. وفي (صحب) تعبر الباء عن التجمع مع التلاصق، والتركيب معها يعبر عن لصوق ما هو غليظ عريض متسطحًا أو على سطح الشيء كما في الطحلب يعلو الماء وكالأديم المُصْحَب الذي عليه صُوفُه. وفي (صحف) تعبر الفاء عن الانقطاع أو الذهاب بإبعاد، ويعبر التركيب معها عن انكشاف وجه ذلك الشديد الملتحم المسطح كالصَّحْفة وصحيفة الوجه وصحيف الأرض.

(صحب)

{فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} وفي [الحاقة: 5]، {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ} قال في [بحر 4/ 335] "ولا منافاة بينهن "لأن الرجفة ناشئة عن الصيحة: صِيح بهم فرُجِفوا. وأما الطاغية فهي الطغيان والباء للسببية، ويمكن أن يراد بالطاغية الرجفة أو الصيحة لتجاوز كل منهما الحد ". وفي {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ} [المؤمنون: 41] رُجح أنهم ثمود أيضًا بذكر الصيحة. [ينظر بحر 6/ 373] وهو عن الدمشقي و (طب). أما قولهم: "تَصَوَّحَ الشَعَرُ والنَبْتُ: تشقَّقَ ويَبِس وتناثر. وتَصَبَّحَ البَقْلُ والخَشَبُ والشَعَر: تَشَقّق ويَبِس. وصَيَّحَته الريحُ والحرُّ والشمس. . وصَوَّحته - ض. وتصايح غمد السيف: تَشَقَّق ". فكلها عن بلوغ الشيء أقصى غايته مع جفاف و "تصايُح غِمْد السيف: تَشَقُّقه "لبوغه أقصى غاية استعماله (كما نقول انتهى عمره الافتراضي). • (صحب): {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] "أَصْحَبَ الماءُ: علاه الطُحْلبُ. وأديم مَصْحوب ومُصْحِب كمُحْسِن: عليه صوفه أو شعره أو وبره. وعود مصحوب ومُصْحَب: تُرك لحاؤه ولم يقشر ". Qلزوق الشيء بكثافة أو قوة على ظاهر (أصله) أي ملازمته إياه. كالطحلب للماء والصوف للأديم واللّحاء للعُود. ومن هذا "صَحِبته (كشرب) صُحْبة -بالضم وكسحابة: لازَمْته ورافقْته. وصاحبه: عاشره ". فالأصل في الصحبة هو الملازمة -حسب ما يؤخذ من الاستعمالات المادّية، ثم قد تستعمل في مجرد الاقتران. عكس ما في [البحر 1/ 324]. فمن الملازمة مدة الحياة {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15]، {وَصَاحِبَتِهِ

وَأَخِيهِ} [المعارج: 12]: زوجته وكذا كل استعمالها في (صاحبة). ومن استعمالها في الاقتران الدائم {كَصَاحِبِ الْحُوتِ} [القلم: 48] إذ صار يعرف به، وكذا (صاحب) في [سبأ: 46، النجم: 2، التكوير: 22، الأعراف: 40] وكذلك (أصحاب الجنة)، (أصحاب النار) وما بمعنييهما، وكذا أصحاب (السبت)، و (الأعراف)، (مدين)، (الأيكة) إلخ كل كلمة (أصحاب) لأنها صارت ملازمة لهم كأنها كنايات عنهم، أو صاروا ملازمين لها كأنهم أهلوها ومُلّاكها. ومن الاقتران العارض ما في [الكهف: 76، النساء: 36] (الصاحب بالجنب على أنه الصاحب في السفر) [وكذا الكهف 34، 37، يوصف 39، 41]، أما {صَاحِبَهُمْ} في [القمر: 29] فهو مقدمهم في الكفر، الذي عقر الناقة، وهو معهم في جهنم. {وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ} [الأنبياء: 43]، أي يمنعون، ويُجارون أي يُحفظون [ل، قر 11/ 289] كما يُحفظ الأديمُ الجسمَ أو الجارُ جارَه فهذا المعنى من لازم المصاحبة {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ} [البروج: 4] (ابتكروا هذا النوع من التعذيب فنسبوا إليه - فهذا كله من التلازم الذي يؤخذ من لزوق الشيء بالشيء). وهذا التلازم يفسّر قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- حينما عَجِب الصحابة من تمنيه رؤية إخوانه، وتساءلوا: ألسنا أخوانَك - "أنتم أصحابي، إخواني الذين يأتون بعدي يؤمنون بي ولم يروني "فالصحبة لصوق، والأخوّة رباط قد يخلو من اللصوق. وأجد من واجبي أن أنبه إلى أن ما تطوع به صاحب [الكشاف عند {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} [التكوير: 22] جفاء وإساءةٌ ردَّه عليه الإمام ابن المنير في حاشيته عليه فلينظر. أما "صحَبَ المذبوح (فتح): سَلخه "-فمن باب إصابة ما هو صاحِبٌ أو كالصاحب وهو الجِلد اللازق على سطح الشيء. ومنه "حمار أصحب: أصحر

(صحف)

يضرب لونه إلى الحمرة، (أي كأنه مسلوخ). • (صحف): {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ} [الزخرف: 71] "الصحيف: وَجْه الأرض. والصَحْفة -بالفتح: شِبْه قَصْعةٍ مُسَلْطحة عريضة. وصحيفة الوجه: بَشَرة جلده ". Qانبساط جرم الشيء وتسطحه مكشوفًا. كبشرة جلد الوجه، وكالقصعة الموصوفة، وكوجه الأرض. ومنه الصحيفة للكتابة (وقد كانت صحف الكتابة قديمًا ألواحًا طينية وعظامًا ذات وجه عريض وأحجارًا كذلك ثم رُقَعًا جلديّة، ثم اتُّخِذَ الورق) {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى} [الأعلى: 18] وليس في القرآن إلا (صحاف) في آية الرأس وهي الأوعية المسلطحة، و (صُحُف) الكتابة في سائر ما ورد من التركيب. (والمصحف، هذا اللفظ يتأتى صوغه من أصحف الشيء جعله ذا صحف (إصحاب) وحكى العلامة الخولي القول بتعريبه ولم يعلق. وهي دعوى غريبة جدًّا، فما كان الصحابة العرب ليعجِزوا عن اسم عربي لكتاب اللَّه الذي نزل بلغتهم. ° معنى الفصل المعجمي (صح): هو كون الشيء على حاله الأصلي مع عِرَضه وجفافه -كما في الصَحْصاح: ما استوى من الأرض وجُرِدَ -في (صحح)، وكما في الصُوْح وجه الجبل القائم كأنه حائط -في (صوح)، وكما في الأديم المُصحِب والماء المصحِب اللذين يعلوهما ما يدل على بقائهما على حالهما -في (صحب)، وكما في الصحيف وجه الأرض -كما هو ممتدًّا منبسطًا، وصحيفة الوجه في (صحف).

الصاد والخاء وما يثلثهما

الصاد والخاء وما يثلثهما • (صخخ): {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ} [عبس: 33] "الغراب يَصُخ ّبمنقاره في دَبَرة البعير أي يطعن " (دَبَرة البعير مكان في ظهره عَقَره الرحْل). Qدخول الشيء الحادّ في جِرْم الشيء الملتحم الرخو بشدة وحدة (¬1) كدخول المنقار في دَبَرة البعير. ومنه "الصَخّ، والصَخيخ: كلُّ صوْتٍ من وَقْع صَخرة على صخرة أو حديد على حديد ونحو ذلك "لنفاذه في الأذن بحدة بالغة يكاد يخرقها. والصاخّة: الصيحة التي تكون فيها القيامة تصخ الأسماع من شدة وقعها بها {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ}. • (صخر): {يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ} [لقمان: 16] "الصخرة -بالفتح والتحريك: الحجر العظيم الصُلْب. الصاخرة إناء من خزف ". ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الصاد تعبر عن امتداد بغلظ وقوة، والخاء تعبر عن تخلخل جرم، والفصل منهما يعبر عن نفاذ أو دخول بقوة صلابة أو حِدَّة في خلل جرم رخو (مخلخل) كنقر الغراب دبرة البعير. وفي (صخر) تعبر الراء عن الاسترسال ويعبر التركيب معها عن الاسترسال في الصلابة حتى يصير الجسم أشد شيء أو في نفاذ الرخاوة منه كذلك. وهو الصخر.

معنى الفصل المعجمي (صخ)

Qصلابة بالغة مع جفافٍ وحدة خشونة (من نفاذ الطراءة من الشيء) كالصخر والخزف وهو ما عُمل من الطين وشُوى بالنار فصار فخّارًا (وشَيُّه بالنار يُذْهِب ماءه وطراءته) {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} [الفجر: 9] (صَدَعوه ونحتوا منه بيوتًا وخزانات مياه ونحو ذلك) ومنه (صخرة في [آية الرأس، وفي الكهف: 63]). ومنه "الصاخر: صوت الحديد بعضه على بعض (إما من باب الإصابة وكأنه ضرب صخر بصخر، وإما من حدة وقع هذا الصوت على الأذن مما يوحي بالصلابة والخشونة). ° معنى الفصل المعجمي (صخ): هو الدخول في الأثناء بحدة بالغة كما يصخ الغراب بمنقاره في دبرة البعير -في (صخخ)، وكما في صلابة الصخر من تداخل أثنائه بعضها في بعض -في (صخر). فصلابة الشيء إنما هي من تداخل ذراته بعضها في بعض. الصاد والدال وما يثلثهما • (صدد - صدى): {لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا} [آل عمران: 99] "الصَدّ -بالفتح والضم: الجبل. والصّدان: ناحيتا الشِعْب أو الجبل أو الوادي وهما الصَدَفان. واصطدّت المرأة بالصداد -ككتاب: احتجبت بالستر ". Qاعتراض بقَوِىٍّ أو كثيف يَرُدُّ المقبل أو يمنعه (¬1) كالجبل ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الصاد تعبر عن امتداد غليظ بقوة، والدال تعبرّ عن ضغط ممتد يحبس، =

بالنسبة للسائر باتجاه، وكناحيتَىْ الشِعْب والوادي بالنسبة للماء أو الناس معترضان قويان لا يُنْفَذ منهما، وكذا السِترْ عريض كثيف لا ينفذ منه البصر. ومنه "الصديد: القيح "فهو رجيع النفاذ الممثل في الجرح أو الدمل {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} [إبراهيم: 16]. ومن ذلك المعنى "صَدَّه عن الأمر: مَنَعه وصَرَفه {فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} [النمل: 24]، {وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [النمل: 43] ومنه القاصر صَدّ يَصِدّ (بكسر عين المضارع وضمها) صُدُودًا: أعرض وصدف (كأنه مطاوع بمعى انْصَدّ أو كأنما {وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ} [غافر: 37]. وصَدّ السبيل (قاصر) ¬

_ = ويعبر الفصل منهما عن اعتراض بغيظ حابس كالصَدّ الجبل والصِداد الستر. وفي (صيد) تتوسط الياء بمعنى الاتصال والامتداد أي الامتساك، ويعبر التركيب معها عن حوز بقوة وقهر كأنما بالحجز والحبس كما في الصيد. وفي (وصد) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال، ويعبر التركيب معها عن اشتداد أشياء بعضها ببعض مع حبس واشتمال كالنسيج. وفي (أصد) تسبق الهمزة بالتعبير عن الدفع والضغط، ويعبر التركيب معها عن قوة الحجب أو الحبس كالأُصدة. وتعبر الراء في (صدر) عن استرسال، ويعبر التركيب عن كون التجمع الغليظ له استرسال كصدور الأحياء والأشياء وراءها بقية تَدْعَم. وفي (صدع) تعبر العين عن التحام برقة أو ضعف، ويعبر التركيب معها عن ضعف ممتد في شيء ملتحم صُلب كأنما صُدم بغيظ فشقّه كما في صالح الزجاج والجدار. وفي (صدف) تعبر الفاء عن إبعاد وطرد، ويعبر التركيب معها عن تباعد بانحراف -مع حوز ما كما في الصَّدَف والصُّدُوف. وفي (صدق) تعبر القاف عن غلظ وتعقد في عمق الشيء، ويعبر التركيب معها عن كون ذلك الشيء الغيظ الشديد قوي الجوف أيضًا أي شديد تماسكه كما في الرمح الصَّدْق وصَدْق الكعوب.

(صيد)

إذا استقبلك (منه) عَقَبَةٌ صَعْبةٌ فتَرَكْتَها وأخذتَ غيرها. وتصدَّى لفلان: تعرّض له. وصَدَدُ الطريق -محركة: ما استقبلك منه (لُحِظ فيه الاعتراض أي المواجهة). ومنه "صدّ "القاصر بمعنى "ضَجّ " (كأنما من صَدْم الشيء الغليظ (الكثيف) العريض بمثله) وبه فسر {إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57]. وكل ما في التركيب -عدا الصديد- هو بمعنى الإعراض والاعتراض أو الصرف والرد. وسياقاتها واضحة. "وقيل للتصفيق تصدية لأن اليدين يتصافقان فيقابل صَفْقُ هذه صفق الأخرى وهما وَجْهاهما " [ل 233/ 2] فهو راجع لما قلنا. {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: 35]، {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6)} [عبس: 5 - 6] أي تتعرض وتُضغِي لكلامه .. وأصله تتصدد. . [قر 19/ 214]. • (صيد): {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] "الصادُ: النُحاسُ، والصُفْر، والقُدُور منهما. الصَيْداء -بالفتح: حَجَر أبيضُ تُعْمَلُ منه الِبرَام، وأرض تُرْبَتُها حمراء غليظةُ الحجارة مستوية بالأرض. والصَيْدان: بِرَام الحجارة " (جمع بُرْمة وهي القِدْر من الحجارة). Qحَوْزٌ وإمساك بتمكن شديد لما يتاح -كما تحوز تلك القدور والبِرام ما يوضع فيهما، والأرض ظرف ولعلها أرض تلك الحجارة. ومن ذلك "صادَ الوحشَ يصيده ويَصَاده صيدًا: أخذه، وكذا تصيده واصطاده (حازه) والصَيْد: المصيد بمعنى مفعول {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}، {لَا تَقْتُلُوا

(وصد)

الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95] (وكل ما في القرآن من التركيب فهو من معنى الصيد هذا) ومنه "صَيِد (فرح) وصادَ فهو أَصْيد وهو الذي لا يستطيع الالتفات يمينًا ولا شمالًا من داء أو من غير داء: كالملوك لا يتلفتون كِبْرًا وتوقّرًا (كأن عنقه ممتسك مشدود لا يلين) و "بعير صادٍ: به الصَيَد وهو داء يصيب الإبل في رءوسها وترفع رؤسها لا تقدر أن تلوى معه أعناقها ". • (وصد): {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} [الكهف: 18] "الوَصّاد - كشَدّاد: الحائِكُ (النسَّاج). والوَصِيدَة: بَيت يُتَّخذ من الحجارة للمال كالحظيرة إلا أن هذه (أي الحظيرة) من الغِصَنَة. والوَصِيد: النبات المتقارب الأصول ". Qشَدُّ أشياءَ أو اشتددُها بعضِها إلى بعض (في القاع) مع جمع أو حبس. كما يَشُدّ الحائكُ الخيوط بعضَها إلى بعض فتصير ثوبًا، وكجدار الوصيدة أو إمساكها ما بداخلهاء. وكأُصُول الوصيد المتقاربة. ومنه "أوصدَ الباب وآصده: أغلقه " (جمع مصراعيه وشدّه على ذلك فحبس ما وراءه، {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} [الهمزة: 8، وكذا ما في البلد: 20] (قرئا بالهمز، وبلا همز) "والوصيد: فِناء الدار والبيت " (مساحة منيعة مقصورة على أصحاب الدار) {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} [الكهف: 18] ويجوز لغويًّا أن يطلق الوصيد على عتبة الباب لأنها تساعد مع الباب على قَصْر ما بداخل الحجرة، وهذا أعجب إلى ابن قتيبة [غريب القرآن ص 264].

(أصد)

• (أصد): {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} [الهمزة: 8] "الأُصْدة -بالضم: قميص صغير يلبس تحت الثوب. ويفهم من قول الشاعر: {ومُرْهَقٍ سال إمتاعًا بأُصْدَته} "أن الأُصْدة مثلُ التُبَّان تَسْتُر العورة جيدًا ". Qإحكام حَجْب الشيء وَحْدَه بما يَسُدّ المنفذ إليه. كالأُصْدة للعورة. ومنه "آصدت الباب: أطبقته كأوصدته أغلقته. وآصَدْت القِدْر: أطبقتها {عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ} [البلد: 20] (مُطْبَقة) [بحر 8/ 469]. • (صدر): {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28)} [طه: 25 - 28] "صَدْرُ الإنسان والحيوان معروف. وصَدْرُ السهم ما جاوز وسطه إلى مُسْتدَقّه، وصَدْرُ النعل ما قُدَّامَ الخُرْتِ منها. (الخرتُ هنا فتحة دخول القدم في الحذاء) وصُدُورُ الوادي: أعاليه. وصَدْر القَدَم مقدمها ما بين أصابعها إلى الحِمَارَة ". Qمُقَدّم جسم الشيء أو أعلاه الذي يَبْدأ منه أَضْخَمُه. كصدر الإنسان {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: 1] وكصدر السهم، وكصدر الوادي أعلاه. ومن ذلك قالوا "صَدْرُ كل شيء: أوله (مُقَدَّمُه ويأتي بعده سائره) كصدر النهار والليل والصيف والشتاء. ومنه الصَدَر -محركة: رجوع الشاربة من الورد (حيث تبدأ مدة ظمء جديدة) {حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} [القصص: 23] أي

(صدع)

يُصْدرون أغنامهم [بحر 7/ 108]، والرابع من أيام النحر لأنهم يَصْدرُون فيه عن مكة بعد تجمع الحج، أو تشبيهًا بالصدور بعد الورود {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا} [الزلزلة: 6] هو قيامهم للبعث [بحر 8/ 498] أي لبدء المسير نحو المحشر، وليس عن مرقف الحساب - كما في [قر 20/ 149] لأن الحساب مذكور بعدُ في الآية التالية. وليس في القرآن من التركيب إلا (يَصْدر) و (يُصْدِر) ثم (صَدْر) الإنسان وجمعه (صُدُور). • (صدع): {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ} [الطارق: 12 - 13]. "الصَدْع: الشق في الشيء الصلب كالزجاجة والحائط وغيرهما. والمَصْدَع -بالفتح: طريقٌ سهلٌ في غَلْظٍ من الأرض ". Qشَقٌّ دقيق يفصل الشيء الصلب أو الملتحم ويخترقه. كشق الشيء الصلب وشِقّىْ الحائط وكالطريق الموصوف فهو غائر بالنسبة لما حوله ومنه "صَدَع الشيء (فتح): شَقَّهُ، {لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر: 21]. وصدع الغَنَمَ صِدْعَتَين -بالكسر: أي فِرْقتين " {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} [الروم: 43] يتفرقون: فريق في الجنة وفريق في السعير. أما {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا} [الواقعة: 19] فمعناها لا تتصدع رءوسهم من شربه أي إنها لذة بلا أذى بخلاف شراب الدنيا [قر 17/ 203]. ومنه "صَدَع الفلاةَ: قطعها في وسط جَوْزها على المثل " (كما يقال شق الطريق أو قطعه). و "الصَدْع نبات الأرض لأنه يصدعها يشقها فتتصدع به " (كما فُسِّرَ به الفَلَق) {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} [الطارق: 12] (والصديع الصبح كما سمي الفجر).

(صدف)

ومن الاختراق والنفاذ "صَدَعْت الشيء: أظهرته وبَيَّنْته " (ميزته وفصلته عن غيره فظهر) و "صَدَع بالحق: تكلم به جهارًا " (بصوت قوي يشق المجال وينفذه أي يُسْمَع فيه -كما أنه يظهر ويتميز) {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: 94] فُسِّر في [قر 10/ 61] بالإظهار، وبالقصد، وبتفريقه الكفار. والأول واضح وفي الآخرين تكلف. ومن الشق والتفريق تأَتَّي أن يقال: "صدَع إلى الشيء: مال إليه ". [ق] (فارق إليه). ومن الانفصال في الأصل "ما صَدَعك عن هذا الأمر: أي ما صَرَفك " (شقك وفصلك عنه). • (صدف): {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا} [الأنعام: 157] "الصَدَفُ في الفرس -بالتحريك: تداني الفخذين وتباعد الحافرين في التواء من الرُسْغَين، أن يميل خُفُّ البعير من اليد أو الرجل إلى الجانب الوحشيّ. والصَدَفَةُ: محارة الأذن. . والصَدَف -محركة: جانبُ الجبل، الصُدُفان: ناحيتا الشِعب أو الوادي. ويقال لجانبي الجبل إذا تحاذيا صُدُفان وصَدَفان لتصادفهما أي تلاقيهما (¬1) وتحاذِي هذا الجانب والجانب الذي يلاقيه، وما بينهما فجٌّ أو شِعْبُ أو وادٍ ". Qتجاف عن الانطباق لانحرافٍ. كتجافي الحافرَين بعد تداني الفخذين، وكمحارة الأذن لا تنطبق على الرأس، الصدف جانب الجبل هو ¬

_ (¬1) قوله "تلاقيهما "يقصد تقابلهما أي تواجُههما بدليل قوله "وما بينهما فج "الخ.

(صدق)

موضع تحول المتجه إلى الجبل ينحرف إليه ضرورة، وكالصدفين الموصوفين {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا} [الكهف: 96] (الصَدفان: جانبا الجبلين). ومن التجافي عن الانطباق "صَدَف عنه: عَدَل وأعرض ومال عنه " (انحرف) {سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ} [الأنعام: 157] ومثلها ما في [الأنعام: 46]. ومنه "الصوادف من الإبل: التي تأتي على الحوض فتقف عند أعجازها تنتظر انصراف الشاربة لتدخل " (تتنحى إلى ناحية أي لا تُقبِل). ومنه "المصادفة: الموافقة " (أصلها مجرد التواجُه على غير ترتيب يؤدي إلى ذلك) وأُخِذَ عدم الترتيب من الانحراف في المعنى المحوري. • (صدق): {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [الأحزاب: 22] "رمح صَدْق -بالفتح: صُلْب [الأساس ول] وصَدْقُ الكعوب (وهي عُقَد الأنابيب) أي صُلْبها [شرح السبع الطوال 346] ورماح صَدْقَات الأَنابيب (وهي ما بين عقد الرمح) أي صِلابها [ش المفضليات تحـ شاكر وهارون قصيدة 22 بيت 24] وسَيْفٌ صَدْقٌ: صُلب [نفسه 75/ 8] وثوبُ صِدْق -بالكسر والإضافة أي جَيّد [نفسه 1/ 21] وعين صَادقة: صُلبة صحيحة النظر [نفسه 26/ 32] ورجل صَدْقٌ في اللقاء -بالفتح: صُلْب " [نفسه]. Qصلابةٌ أو قوةٌ في باطن الشئ مع شدة تماسك جرمه. كالرمح والكعوب والأنابيب. . . المذكورات ومنه حملة صادقة: لا مكذوبةَ (= لا رخاوة) فيها. وقال:

وفي الحِلْمِ إدهانٌ وفي العَفْو دُرْسَة ... وفي الصِدْق مَنْجاة من الشر فاصْدُق الصدق هنا التشدد والصلابة أي إذا صَلُبت انهزم عنك من تَصْدُقُه ". {فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي} [القصص: 34]: يقويني. أو يؤيد قولي {مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} [الأنعام: 92] أي من كتب اللَّه المنزلة قبله (والآية عن القرآن لا التوراة) فإنه يوافقها في نفي الشرك وإثبات التوحيد [ينظر قر 7/ 38، بحر 4/ 182] أقول وما ذكر فيها مما لم يحرف أو ينس وذُكر في القرآن فإن القرآن صدق فيه لها. ومن صلابة الباطن "الصدق ضد الكذب "لأنه وَثَاقه وحَقٌّ ثابت كما أن في الكذب ليونة (انظر كذب) إذ الصادق من القول ثابتٌ صُلْبٌ وراءه واقع يُعْتَمَد عليه {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ. . .} [إبراهيم: 27]، {وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [الأحزاب: 22]، {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ} [يوسف: 26]، وصدّق - ض (اعتقد - وثِق في صحة الكلام وحقّيته) {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ} [التحريم: 12]، {وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26)} [المعارج: 26]، {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} [القيامة: 31]. وكل فعل (صَدَق) و (صِدْق) و (صادق) و (صادقون) و (صادقات) و (أَصْدَقَ) و (صدّق)، ومضارعه ومصدره، واسم فاعله (مصدّق): كله من الصِدْق ضد الكذب. ومنه كذلك صيغة (صِدِّيق) ومؤنثها وهي صيغةُ مبالغة -تدل على عُمْق الإيمان وقوته فهو ذو إيمان صُلْب لا تُلِينه الفتن والشدائد {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} [يوسف: 46]، {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} [مريم: 41]، {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ. . .} [الحديد: 19].

معنى الفصل المعجمي (صد)

و "الصداقة: المُخَاّلة "من تمَاسك القُلُوب مَعَ المؤازرة بصلابة كما في الأصل {وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} [الشعراء: 101] {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ} [النور: 61]، ونظير هذا أخذ المحبة من التماسك في الحَبّ. والصَدَقة التي تعطى للفقير من الصلابة أي معونة بها يتقوى ويصلب أو هي برهان صِدْق الإيمان {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ. . .} [البقرة: 196] وكل (صدقة)، صَدَقات {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ. . .} [التوبة: 60] والفعل (تصدَّق) ومضارعه، واسم الفاعل مجموعا مدغمًا وغير مدغم، {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 280] أي تصدقوا. {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ} [المنافقون: 10] أي أتصدق. وكذلك صَداق المرأة وصَدُقتها -بفتح فضم (وصيغ أخرى) هو فيها أرى شَدٌّ وتَوْثيق لعَقْد الزواج وجِدِّيَّة الرغبة فيه {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4]. ° معنى الفصل المعجمي (صد): هو شيء كثيف أو صلب قوي يعترض فيوقف النفاذ كالصُدّ الجبل والصُدّين ناحيتي الشِعْب أو الوادي -في (صدد)، وكالصاد القِدْر من النحاس والصَيْدان من الحجارة وكلاهما شديد وبمسك ما فيه في (صيد)، وكالبيت من الحجارة وهي شديدة وكذلك النسيج الملتئم -في (وصد)، وكالأُصدة بكثافتها وحجبها -في (أحد)، وكمقدم البدن (أو أعلاه في الإنسان) وصدر السهم وهو داعم قوته -في (صدر)، وكصلابة الحائط والزجاج وما يقع عليه الصدع -في (صدع)، وكمتانة صدفة الدُرَّة -في (صدف)، وكصلابة الرمح -في (صدق).

الصاد والراء وما يثلثهما

الصاد والراء وما يثلثهما • (صرر - صرصر): {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} [فصلت: 16] "صَخْرَةٌ صَرَّاء -فَعْلاء: مَلْساء: وحافر مَصْرُور ومُصْطَرّ: ضَيّق مُتَقَبّضٌ. صَرَّ الحِمار أُذُنيه: سَوَّاهما ونَصَبَهُما للاستماع، والفرسُ أذنيه: ضمهما إلى رأسه. وصَرْصَرْتُ الشيءَ: جمعتُه ورَدَدْتُ أطراف ما انتشر منه ". Qتضامٌّ والتئامٌ أو تداخلٌ شديدٌ يمنع الانتشار (¬1) ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الصاد عن غلظ ممتد والراء عن الاسترسال، والفصل منهما يعبر عن تداخل (أو اجتماع) شديد يمنع الانتشار -مع غلظ كما يتمثل في ملاسة الصخرة الصراء والحافر المصرور، والصُّرة وفي (صور) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب معها عن الحدود (المعوجة) التي تحيط بكتلة الشيء فتجمعه وتحدد هيأته كصَوْرَى النهر وصواري الفم. وفي (صير) تعبر الياء عن امتداد وعدم انفصال أي مع الجمع ويعبر التركيب معها عن التحول إلى مجمع. . . وفي (أصر) تسبق الهمزة بالدفع والضغط فيعبر التركيب معها عن تحقيق الجمع بنحو الشد والربط كما في الإصار والأصر. وفي (صرح) تعبر الحاء عن احتكاك بعرض مع جفاف ويلزمه الظهور والانكشاف كالصرح والصريح من اللبن، وفي (صرخ) تعبر الخاء عن تخلخل ويعبر التركيب معها عن نفاذ القوى المسترسل من مخلخل او فيه من حِدّته كالصوت الحادّ (بالصراخ) من الفم أو في الأذن. وفي (صرع) تعبر العين عن التحام برقة، ويعبر التركيب معها عن امتداد ذلك المتجمع مع رخاوة ما كصِرْع الحبل ومصراع الباب (مرن الحركة). وفي (صرف) تعبر الفاء عن الإبعاد، ويعبر التركيب معها عن تحول (ابتعاد بحدة) كالصريف اللبن ساعة يحلب حارًا. وفي (صرم) تعبر الميم عن استواء الظاهر وهذا يؤدي إلى تميز وانفصال =

كالصخرة الملساء ملاستها من شدة تداخلها والخشونة نوع من الانتشار، والحافرُ المصرور ملتئم ومتداخل كثيرًا. وصَرُّ الأذنين ضمٌّ وشَدٌّ لهما يمنع انتشارهما (كما يصر الحمار أذنيه). ومن ذلك "صَرَّ الناقة (رد): شَدَّ ضَرْعها. والصِرَار -ككتاب: ما يُشَدّ به (شِبْهُ كيس يُشَدُّ على الضرع). وصَرّ الدراهم: شَدَّها وهي الصُرة -بالضم. والصَرَّة -بالفتح: الجَمَاعة (مرتبطة)، وتَقْطِيبُ الوجه من الكراهة (جَمْعُ أسراره) والصَرُورة: الذي لا يتزوج النساء (أمسك ماءه أو لا ينبسط إليهن) ومنه "الصِرّ "-بالكسر: البرد الشديد (وهو يجعل الأشياء تتقبض وتتجمد - سبق بلحظ هذا ابن فارس في المقاييس أرز) {كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ} [آل عمران: 117]، {بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ} [الحاقة: 6]. شديدة البرد تجفف ما هو غض. ومثلها ما في [فصّلت: 16، القمر: 19]. ومن معنويه "أصر على الأمر: عزم عليه وأقام ودام عليه (جمع همته عليه ولم يفلت منه شيئًا) {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} [آل عمران: 135] ومثلها ما في [الجاثية: 9، الواقعة: 46، نوح: 7]. أما "صَرَّ القَلمُ "فإما أنه من صَوْت احتكاكه بالسطح الذي يكتب عليه والاحتكاك ملاقاة وتضام، وإما أن يكون حكاية صوت. وصرصرة الطائر حكاية صوت أيضًا. وقد فسر "صَرّة "في قوله تعالى {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ} [الذاريات: 29] بجماعة من النساء، وبصيحة وضجة (قر 17/ 46). وكلٌّ صالح لغويًّا. ¬

_ = للشئ عما خرج منه، ويعبر التركيب معها عن انفصال الجزء بحدة كالصريم: القطعة المنقطعة من معظم الرمل.

(صور)

• (صور): {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [غافر: 64] "صَوْرَا النهر: شَطّاه. والصِواران -الواحد ككتاب: جَانِبَا الفم، وهما ملتقى الشفتين مما يلي الشدقين. وككتاب وغُراب: القَطيع من البقر. والصَوْرُ -بالفتح: جُمَّاعُ النخل ". Qحدودٌ تبين هيئة الشيء بالانعطاف عليه وضمه وتمييزه عن غيره كشطّي النهر وكجانبي الفم. والقطيع من البقر تجمع بانضمام هذه إلى تلك. ومن هذا الجمع: الضمِّ والتمييزِ (الصَوْرُ -بالفتح: جُمّاع النخل ". ومن الانعطاف والالتواء "صُرْت الشيء إليّ وأَصَرته: إذا أَمَلْته "وتنعطف على العلماء بالعلم قلوب لا تَصُورها الأرحام "أي لا تميلها. {فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} [البقرة: 260] أملهن وضمهن أو قطعهن ثم ضمهن (¬1). ¬

_ (¬1) في تفسير هذه الآية بعض إشكال. ذلك أن جمهور المفسرين على أن المراد هو تقطيع الطيور، ثم جعل جزء منها على كل جبل مما حوله. والفعل المعبرّ عن القطيع (أ) إما مضمر، (ب) وإما (صُرهن) المذكور -بضم الصاد. وحجته قول الصاغاني: انصارت الجبال: انهدت فسقطت، وقول الخنساء [لظلت الشمُّ منها وهي تنصار] أي تتصدع وتتفلّق [تاج. وفيه وفي ل (الشهب) تحريف. وقول العجاج [صُرْنا به الحُكْم] فصل معنوي يضعف عن قول الخنساء، (ج) وأما (صِرهن) بكسر الصاد لغة في المضمومة، (د) أو أن صار يصير هذه مقلوبة عن صَرَى يصرى بمعنى قطع. وكلاهما يكفي. والتمييز الذي في المعنى الأصلي يتأتى بالقطع الحسّي كما يتأتى بالملامح. ثم إن ما جاء في [بحر 2/ 310] عن أن صار بمعنى قطع نبطىّ أو سرياني يزيد وثاقة ما أسلفنا من عروبة الكلمة بهذا المعنى لأنهما لغتان جزريتان. (اللغات الجزرية هي ما شهر باسم اللغات السامية).

(صير)

و "صارَ الرجلُ عنقَه إلى الشيء يَصُوره ويَصِيره: أماله. وصَوِرَ (فرح): مَالَ واعوجّ ". ومنه "الصُور -بالضم: القرن "لأنه معوجٌّ عادة {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} [الكهف: 99]. و "الصُوار -كرخام: المِسْكُ أو وِعَاؤه (يجذب ويُميل من يَشَمّه إليه). ومنه الصُورة: مثال الشيء وهيأته " (خطوط حدوده وملامحه التي تميز هيئته) {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ}. والذي في القرآن من التركيب عدا (الصُور)، (صرهن) هو (الصُورة) وجمعها وفعلها وهو مضعّف. وكلها واضحة في سياقاتها. • (صير): {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [النور: 42] "الصِيارَة والصِيرَة -بالكسر فيهما: حظيرة من خَشَب وحجارة تبنى للغنم والبقر والدوابّ. الصِيرُ -بالكسر: الماءُ يحضُرُه الناس. والمصير: الموضع الذي تصير إليه المياه. صِرْتُ عنقه (باع): لَوَيْتها، صَارَ وجهَه (باع): أقبل به. والصائر المُلَوِّي أعناق الرجال. والصَيْر -بالفتح: رجوع المنتجعين إلى محاضرهم. {وفرٍعٌ يصِيرُ الجِيد}: يميله ". Qالالتواء أو التحول إلى غاية أو مجمع -كالصِيَارة تتحول إليها الغَنَم والبقرُ عند عودتها من المَرْعَى، والصِيرُ يعود إليه الناس، والمصير تتحول إليه المياه. وصَيْر الأعناق والوجه ليّ، ورجوع الناس إلى محاضرهم تحول عن مراعيهم. ومن ذلك التحول "صار الشيءُ كذا: انتقل من حال إلى أخرى، وإليه: رجع " {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [الشورى: 53] (ترجع وتئول). وكل ما في

(أصر)

القرآن من التركيب -عدا هذه الكلمة- هو كلمة (مصير) بمعنى مآل ومنتهى). ومن حسّيّ ذلك التحول: "الصائرة: المطر والكلأ (يُحَوّل الأرضَ أو الناسَ إليه)، والصيُّور -كتنور والصائرة: ما يصير إليه النبات من اليُبْس (يَحُولُ ويُدْبِر) وصِيرُ الباب -بالكسر: شَقُّه عند مُلْتقى الرتاج (= الباب) والعضادة (= الخشبة الرأسية المثبتة في جانبي الجدار لتنطبق عليها حافتا الباب (الحلْق) - يتم عندها تحول الباب). والصيار-ككتاب: صوت الصنج: (يلفت ويحول). والصيرة -بالكسر: كالعَلَم على رأس الجبل الصغير " (تحول الاتجاه). ومن "المعنوى: الصيُّور -كتنور: العَقْل والرأي (يقلب الأمور على وجوهها كما يسمى حَويلا). • (أصر): {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة: 286] "الإصار -ككتاب: كساء يجمع فيه الحشيش كالأَيصر، لا يسمى كذلك إلا وفيه الحشيش. والإصار: القِدُّ يَضُمّ عَضُدَئ الرجُل. والأواصر: الأواخِيّ. والآصرة والأيْصَر: حُبَيل صغير يُشَدّ به أسفلُ الخباء إلى وَتِد. أَصَرَه: حبسه وضيّق عليه، والموضع مأصِر -كمجلس ومقعد. والمَأْصِر يُمد على طريق أو نهر تؤصر به السفن والسابلة أي تحبس لتؤخذ منهم العشور ". Qشدٌّ للحبس أو الجمع كالإصار (وهو اسم آلة) والأواصر وكالآصرة والمأصر. ومما هو شبيه بالجمع مع الحبس: "شَعَر أصير: ملتف مجتمع كثير الأصل، وهُدْبُ أصير: طويل كثيف. ائتصر النبت: التف ". ومن معنوى ذلك "الإصر -بالكسر: المهد الثقيل (يربط ويشد

(صرح)

المتعاهدين)، والثِقْل (حِمْل مشدود) {قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي} [آل عمران: 81]، عَهْدي {وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا} عهدًا أو تكليفًا يَثْقُل علينا أو إثمَ عَهد لا نَفِى به. ومثلها {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ} [الأعراف: 157]. وأَصَرَ الرجلَ على الأمر أو عنه: حَبَسه عليه أو عنه ". • (صرح): {إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ} [النمل: 44] "الصرح -بالفتح: بيت واحد يبنى منفردًا ضخمًا طويلًا في السماء. والصريح اللبن إذا ذهبت رغوته ". Qانكشاف الشيء وظهوره قويًّا واضحًا لخلوصه مما يغشاه كالصرح الموصوف لا تحجبه أبنية حوله لطوله في السماء، واللبن الذاهب الرغوة. ومنه "صَرَح الشيءَ (فتح)، وصرّحه - ض، وأصرحه: بَيَّنه وأظهره، وصرّحَتْ الخمرُ تصريحًا: انجلى زَبَدُها فخلُصت، وتصرّح الزَبَدُ عنها: انجلى. وبول صريح: ليس عليه رغوة "ومن الصرح البناء الطويل في السماء {يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا} [غافر: 36 ومثلها ما في القصص: 38]، {قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ} [النمل: 44]. ومن حسَيّ الأصل "صَرْحَة الدار: ساحتها وعرصتها " (لانكشافها. وبه فسرت آية النمل أيضًا) ومن معنويه "صريح النُصْح: مَحْضُه، وصريح القول: ضد المَكْنِىّ (المستور)، وصريحُ الإيمان والنسب: مَحْضُه وخالصه ".

(صرخ)

• (صرخ): {وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ} [يس: 43] "صَرَخَ يصرُخ صُراخًا: صاحَ شديدًا عند الفزع أو المصيبة. وصرخ: استغاث فقال واغوثاه واصَرْختاه ". Qصياح حادّ نافذ كذلك الصوت الذي يكاد يخرق الأذن. ومنه "أَصْرَخَه: أغاثه (كأن تأويله: قَبِل صُرَاخه أي سمعه فاستجاب، وكأن الذي لم يستجب لم يسمع) (وهذا كما قالوا في أشكاه: أزال شكواه وأصل ذلك وجد شكواه أي قَبِلَها فتعامل معها وكأن الذي لم يستجب لم يجدها) - فهو مُصْرِخ وصَرِيخ فعيل بمعنى مُفْعِل {فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ} [يس: 43]، {مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} [إبراهيم: 22]. (ما أنا بمغيثكم) {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا} [فاطر: 37]، {فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ} [القصص: 18]. هذا، وكما جاء الصريخ بمعنى المُصرخ كقوله: {أمن ريحانة الداعي السميع} أي المُسْمِع -جاءت بمعنى الصارخ فتكون فعيل هنا بمعنى فاعل فالصريخ هنا هو المستغيث وهناك المُغيث. ومأتى هذا التضاد هو صلاحية الصيغة صيغة فَعِيل للمجيء بمعنى مُفعِل وفَاعل. • (صرع): {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: 7] "صُرُوع الحَبْل: قُواه واحدها صِرع -بالكسر، والصَرْعانِ -بالفتح: إِبِلان تَرِدُ إحداهما حين تَصْدُر الأخرى لكثرتها. والصَرع -بالفتح والكسر: المِثْل. مِصْراعا الباب: بابان منصوبان يَنْضمان جميعًا مَدْخَلُهما بينهما في الوَسَط من

(صرف)

المصراعين [العين]. والصَرِيعُ: القَضِيبُ من الشَجَرة ينهصر إلى الأرض فيسقط عليها وأصله في الشجرة فيبقى ساقطًا في الظل. . . ". Qتمدد الشيء إزاء شيء آخر أو تفرعًا منه (مع استرخاء أو ضعف) كالقوة من قُوَى الحبل، وجماعةِ الإبل إزاء الأخرى، والقضيب الساقط إزاء سائر القضبان. وكمصراعَيْ الباب (ظلفتيه). ومنه "صَرَعَ صاحبه: طَرَحَه بالأرض (فتمدد عليها) فهو مصروع وصريع ج صرعى. ومصارع القوم: سقوطهم عند الموت {ولكل جنب مصرع} [العين] {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى}. ومن معنويه: "الصَرعان: الغداة والعشيّ، وللأمر صَرعان -بالفتح فيهما أي طرَفان (جانبان) والصرع -بالكسر والفتح: الضَرْبُ والفَنّ من الشيء " (فرع منه). • (صرف): {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ} [يوسف: 34] "الصريف: اللبن الذي يُنْصَرَفُ به عن الضَرْع حارًّا، والسَعَفُ اليابس. والصرف -بالكسر: الخالص من الشراب والخمر وكل شئ ". Qتحول مع حدة. كاللبن الذي يُنْصَرَف به (= يتحول به) عن الضَرع حارًّا، وكالسَعَف الذي يبس (تحول عن الخضرة إلى الجفاف)، وكالشراب الذي خَلُص (= تحول إلى حالة الصفاء) وهو حينئذ في أقوى حالاته. ومنه "صَرَفَتْ ذاتُ الظِلْف والمِخْلَب صُروفًا: اشْتَهَت الفَحْل (تحول من حال العزوبة أو شبهها، وقد عبروا عن نحو هذا بقولهم حائل من التحول) والصِرْف -بالكسر: صبغ أحمر يُدْبَغ به الأديمُ وتُصْبَغ به شُرُك النعال (يحولّ

اللون)، والصِرْف والصَرَفَان: الرَصَاصُ القَلَعِيّ (جيّد السرعة في ذوبانه وجموده أي تحوله من حال إلى حال). وصرفت الصبيان: قَلَبتهم (حولتهم من الكُتّاب إلى منازلهم) وكذا صَرَفْتُ الرجلَ عني، وفُلانًا: رَدَدْته عن وجهه {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ} [الأعراف: 146]: أي عن هداية آياتي " {ثُمَّ انْصَرَفُوا} [التوبة: 127]، عن المكان أو العمل بما سمعوا {صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [التوبة: تكملة 127]. أَضَلَّهم مجازاة. وكل (صَرَف) ومضارعها وأمرها والمبني للمفعول منها كلها بمعنى التحويل، والحرف الذي تُعدَّى به (إلى، عن) يوجه المعنى، وكذا الظرفان (تلقاء، أَنَّى). ومنه {أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} [هود: 8] {وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا} [الكهف: 53] (مكانا يتحولون عنها إليه) {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ} [البقرة: 164]. تحويلها من جهة إلى أخرى {كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ} [الأنعام: 46] تصريف الآيات الإتيانُ بها من جهات: من إعذار وإنذار وترغيب وترهيب ونحو ذلك [قر 6/ 428]. ومنه "الصَرْف: بيع الذهب بالفضة (تحويل) والصَرْفُ: التقلب والحيلة. يقال هو يتصرف لعياله {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا} [الفرقان: 19]: صرف العذاب ولا نصر أنفسهم. وهو صَيْرَف وصَيْرفي: مُحْتال متصرف في الأمور مجرب لها. (كما قالوا حُوّل قُلّب). وصَرْف الدهر: حَدَثانه ونوائبه " (تحوِّل الأحوال). أما صريف الأنياب والأقلام والبَكَرة فهو إما صوت تحولها وإما أن الكلمة حكاية صوت.

(صرم)

• (صرم): {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ} [القلم: 17] "الصَرْم: القطع البائن للحبلِ، والعِذْقِ ونحو ذلك الصِرامُ. وقد صَرَم العِذقَ عن النخلة. وسيف صارم: قاطع لا ينثني، والصريم والصريمة: القطعة المنقطعة من معظم الرمل. والصَرْماء: المفازة التي لا ماء فيها. والصِرْم -بالكسر: الأبياتُ المجتمعة المنقطعة عن الناس، والفِرْقةُ من الناس ليسوا بالكثير، والجماعة ينزلون بإبلهم ناحيةً على ماء، والقطعة من الإبل، ومن السحاب. وصريمة من غضًى، وسَلَم، وأَرْطَى. . أي قِطعةٌ وجَمَاعَةُ منه ". Qانفصالٌ أو انقطاعٌ بحدةٍ حسم أو جفاف أو جفاء. كالحبل والعِذْق والرمل، والأبيات، والإبل، والسحاب الموصوفات. وكعمل السيف الصارم، ومنه جماعات الشجر المتميزة المذكورة. والحدّة واضحة في السيف، والجفاف في صَرْم العِذْق والمفازة، والجفاء في قيد (البائن)، وفي الانقطاع عن الجمهور. ومما يتضح فيه الجفاف والجفاء "الصريم: العود يُعرْض على فم الجدي أو الفصيل ثم يُشَدّ إلى رأسه لئلا يرضع (يقطعه عن الرضاع)، وأكل الصَيْرم أي الوجبة وهي الأكلة الواحدة في اليوم/ هي أكلة عند الضحى إلى مثلها من الغد " (أكلة واحدة مقطوعة). فمن صَرْم النخل والشجر والزرع {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ} [القلم: 17] {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} [القلم: 19 - 20] كأنها قد صُرِمت (فليس فيها ثمر يذكر). وقيل كالليل سوادًا

معنى الفصل المعجمي (صر)

لاحتراقٍ أو نحوه [ينظر ل] {أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ} [القلم: 22]. قالوا و "الصريم الصبح لانقطاعه عن الليل، والليل لانقطاعه عن النهار ". فتضاد المعنى الذي أشاروا إليه راجع إلى اختلاف الاعتبار والنسبة، وليس له صلة بالدلالة الأصلية. ومن معنوى الصرْم: "الصَرْمُ: الهجران في موضعه، والصريمة العزيمة على الشيء وقطع الأمر/ إحكامك أمرًا وعزمك عليه. والصُرام - كصُداع: من أسماء الحرب والداهية ". ° معنى الفصل المعجمي (صر): هو التضام الشديد الذي يمنع الانتشار كما في الحافر المصرور الضيق المتقبض، وكصر الحمار والفرس أذيهما -في (صرر)، وكتوازي صَوْرَى النهر وتقابل صِوارَيْ الشفتين مع ضم صَوْري النهر مجراه وصِوَارَي الشفتين فتحة الفم -في (صور)، وكضم الصيارة الحظيرة البقرَ والغنم والدواب في (صير). وكضم الإصار الحشيشَ وحجز الأَيْصر السفن والسابلةَ -في (أصر)، وكاللبن الخالص من الرغوة إذ خلوصه تضام واجتماع له بعضه على بعض منفردًا عن غيره، وكذلك خلوص الصرح مما يخالطه -في (صرح)، وكاجتماع قوة الصوت والنفَس المنتج له -في (صرخ)، وكانفراد كل من صروع الحَبْل وصَرْعى الإبل وتميزه عن مثيله -في (صرع) وكخلوص اللبن والسعف والشراب وتميزه أيضًا -في (صرف)، وكذلك خلوص المصروم -في (صوم) فخلوص كل من ذلك هو تضام له أي انعزال وتميز عن غيره.

الصاد والعين وما يثلثهما

الصاد والعين وما يثلثهما • (صعع - صعصع): "الصَعْصَعَةُ -بالفتح: نَبْت يُسْتَمْشَى به. وذهبت الإبل صَعاصع أي نادّةً متفرقة في وجوه شتى [العين]. وصعصعت القوم فتصعصعوا: فرّقتهم فتفرقوا ". Qتسيب وتفرق لما كان غليظًا شديدًا أو مجتمعًا فينتشر بلا كثافة (¬1) كسلح المستمشي، والإبل المتفرقة، والقوم المتفرقين. والمتفرق منتشر متسيب ورقيق الكثافة لا كالمتجمع. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الصاد تعبر عن امتداد بغلظ، والعين تعبر عن جرم ملتحم رقيق أو ضعيف، والفصل منهما يعبّر عن رقة وتفكك يعتري ما هو غليظ كما في الاستمشاء والتفرق. وفي (صوع - صيع) تعبر الواو عن اشتمال (والياء عن اتصال) ويعبر التركيبان بتوسطهما عن الاشتمال على رقة أو ضعف يتمثل في الإفراغ من الكثيف والاستعداد للاحتواء كالصاعة: البقعة الجرداء. . . وفي (صعد) تعبر الدال عن ضغط ممتد وحبس، ويعير التركيب معها عن ارتفاع الغليظ الثقيل (التفكك هنا إلى أعلى) بضغط وقوة وتحبس كما تتطلب الصَعود: العقبة الشاقّة الكئود وكما يتطلب الصُّعود. وفي (صعر) تعبر الراء عن الاسترسال، ويعبر التركيب معها عن استرسال (دوام) عَرْض الرقيق المتسع أو المستعرض كما في تصعير الخد. وفي (صعق) تعبر القاف عن تعقد وشدة وغلظ في عمق الشيء، ويعبر التركيب معها عن ذهاب الغلظ والشدة من العمق (كأنما انصبت رقة الفصل (صع) عليه فأذابته كحال من صُعِق وصَعَقِ الركية: انهيارها.

(صوع. صيع)

• (صوع. صيع): {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} [يوسف: 72] "الصاعة: بُقْعة جَرْداء ليس فيها شيءٌ، وربما اتُّخِذَتْ صاعةٌ من أديم كالنِطَع تُهيّأُ لندف القطن والصوف. والغلام يكسح بقعة، ويُنَحِّي حجارتها، ويَكْرُو فيها بكُرَته فتلك البقعة هي الصاعة. والصاع: المطمئن من الأرض كالحفرة ". Qإفراغ من الكثيف يتيح الاحتواء والحوز أو يُعِدُّ له كبقعة الأرض تُكْسَح وتُخْلَي من الحجارة وتتيح الحوز، وكلذلك المطمئن من الأرض. ومنه "الصاع: مكيال لأهل المدينة. والصوع -بالضم والفتح، والصواع- ككتاب وغراب: إناء يُشْرَب فيه (كل منهما تجوف ويحوز كما هو واضح). والصواع عربي لاتساقه تمامًا مع المعنى الأصلي ومع معنى الفصل المعجمي (صعع)، ووجود تطبيق آخر للكلمة يتحقق فيه ملحظها أي ملحظ الخلو من الكثيف وهو الصاع من الأرض كالحفرة، ثم لصيغة بنائها المألوفة في العربية - فكل ذلك يقطع بعروبة الصُوَاع. وزعم تعريبها الذي استسلم له العلامة الخولي لا دليل عليه {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ}. ومن الإفراغ من الكثيف تخفيف كثافة المتجمع بتفريقه: "الراعي يَصُوع إبلَه: يفرّقها في المرعى. والكَمِيّ يَصُوع أقرانه: يُفَرّقهم. وتصوّع القومُ: تفرقوا، والشَعَرُ: تَفَرَّق. وصُعْتُ الغَنَم أَصُوعها وأَصِيعها: فرّقتها ".

(صعد)

• (صعد): {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] "الصَعُود: العقبة الشاقّة الكَئُود، والطريقُ صاعدًا. وجبل مُصَعِّد كمحدِّث: مرتفعٌ عالٍ. والصَعْدَة -بالفتح: القناة المستوية تَنْبُت كذلك. عنق صاعد: طويل. وهذا النبات يَنْمِي صُعُدًا -بضمتين أي يزداد طولًا. وخَلٌّ وشراب مصعَّد -كمعظّم: عولج بالنار حتى تحوّل عما هو عليه طَعْمًا ولونًا " (تبخر ماؤه وتعقد هو). Qارتفاع بثقل أو تحبُّس أي قليلًا قليلًا. كتلك العَقَبة والطريق والجبل كلها ترتفع شيئًا فشيئًا. والقناة والنبات ترتفع آنًا بعد آن. والشراب المذكور تبخر ماؤه قليلًا قليلًا. ومنه "صَعِد الجبلَ وفيه كرَقِىَ {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10]، وأصعد في الوادي: ذهب حيث مجيء السيل (أي إلى أعلى) ولم يذهب إلى أسفل الوادي. {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ} [آل عمران: 153] (وهنا إضافة جيدة ذكرها [قر 4/ 239] عن ابن قتيبة والمبرد قال "أصعد إذا أبعد فى الذهاب وأمعن فيه وكأن الإصعاد إبعاد في الأرض كإبعاد الارتفاع. . "وقد سبقهما القراء بإضافة أخرى هي "أن الإصعاد الابتداء في السفر والانحدار الرجوع منه ". وقال أبو حاتم موافقًا خلاصة الإضافتين "أصعدت: إذا مضيت حيال وجهك وصَعِدت إذا ارتقيت في جبل أو غيره. قال (قر) "فالإصعاد: السير في مستوٍ من الأرض وبطون الأودية والشعاب، والصُعود الارتفاع على الجبال والسطوح والسلاليم والدرج. اهـ. ويؤكد قولة الفراء أن العامة عندنا تقول: طالع مصر

(صعر)

يقصد مسافر إلى القاهرة. فكلمة "تصعدون "في الآية تفسَّر بطلوع المرتفعات، وبالابتعاد. و"الصعيد: المرتفع من الأرض، ووجه الأرض " (أي أعلاها وسطحها البارز لاباطنها) {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43 والمائدة: 6]، {فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} [الكهف: 40 وكذا ما في 8]. أرضًا ممتدة جرداء. ومن مشقة الصعود والمعاناة فيه استعمل تكليف الصعود في التعبير عن العذاب والشقاء وما إليها (كما أن الخفض يعبر به عن النعيم والراحة واليسر) {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} [المدثر: 17] مَشَقّة من العذاب. و "تصعّده الأمر: شقّ عليه وصعُب {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: 125] يتكلف من ذلك ما يشق عليه [بحر 4/ 220]. وفي العصر الحديث تبيّن أن مادة الحيوية في الهواء تقل كلما ارتفعنا حتى ينقطع الهواء تمامًا وهذا يضيّق تنفس الصاعد حتى يقتله. و "عذاب صَعَد -محركة: شديد {وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} [الجن: 17] شاقا/ يعلو المعذَّب ويغلبه [بحر 8/ 345]. ومن استعمال التركيب في الارتفاع المعنوي قولهم "الصَعُود من النوق: التى تُسْقِط أو تفقد ولدها وتَدُرّ على ابنها الأول " (أي الأعلى). • (صعر): {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} [لقمان: 18] "الصَعَر (تَعِبَ): مَيَل في الوجه أو في الخد خاصة وربما كان خِلْقَة في الإنسان والظليم ". Qالمواجَهَة بالعريض الجانبي من الوجه. كالصعَر

(صعق)

الموصوف، وهو وضع فيه شيء من إعراض، ومن تكبر كما في الصيَد، ويكون النظر فيه شَزْرًا. وفي كل ذلك ما فيه من اقتحام الناس وتصغيرهم. ومن أجله نُهِى عنه في الآية {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} ويمكن أن تؤخذ الآية على الكناية عن التكبر وازدراء الناس أي مع قطع النظر عن الوضع الحقيقي للخد). • (صعق): {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [الأعراف: 143] "صَعِقت الركيّة (تعب): انقَاضَت فانهارت. وصَعَق الثور (كفتح) صُعاقًا -كغراب: خارَ خُورًا شديدًا ". Qاختراق أثناء الشيء وعُمْقه فينهار، أو انهيار الشيء لذهاب الشدة من أثنائه. كخروج ذلك الخوار الصوت الشديد من جوف الثور، وكذهاب الشدة والتماسك من أثناء البئر. وصُعاق الثور تسمية الشطر المعنى، إلا إذا قيل إن الصعاق يهدر قوته. ومنه صَعِقَ (تعب): مات (ذهبت من باطنه قوة تماسكه)، {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [الزمر: 68] {حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} [الطور: 45]. وصَعِق أيضًا غُشِى عليه وذَهَب عقله (كذلك) {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا}، والصاعقة: جسم ناري مشتعل يسقط من الماء في رعد شديد [الوسيط]- (تقتل من تصيبه) {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ} [الرعد: 13] وكذا ما في [البقرة: 19، 55، النساء: 153] وأما ما في [فصلت: 13، 17، والذاريات: 44] فالصاعقة فيهن استعارة للعذاب القاتل {أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً}: عذابًا شديد الوقع كأنه صاعقة [الكشاف 4/ 186].

معنى الفصل المعجمي (صع)

° معنى الفصل المعجمي (صع): هو التسيب والتفرق لما شأنه أن يتجمع أو يتماسك كما في الصعصعة: النبت الذي يُسْتَمْشَى به وكذهاب الإبل صعاصع أي نادّة متفرقة في وجوه شتى -في (صعع)، وكالصاعة: البقعة الجرداء يكرو فيها الغلام بكرته، أو أديم يبسط لندف الصوف والقطن عليه، وهي في كلٍّ بقعةٌ واسعة، وهذه السعة لازمة للتفرق -في (صوع صيع)، وكالطريق الصاعد وهو سبيل للتفرق -في (صعد) ولكنه تفرق إلى أعلى، وكعرض الوجه أو الخدّ من حيث إن هذا هو الذي يُبْرَز ويواجَه به الناس - والعِرَض امتداد هو صورة للتفرق -في (صعر) وكصَعَق الركيّة انقياضها وانهيارها - فهذا من تسيب بنائها -في (صعق). الصاد والغين وما يثلثهما • (صغصغ): "صَغْصغ ثريدَه: روّاه دسمًا، ورأسَه بالدهن كذلك ". Qتخلل أثناء الشيء بما له رقة فيلين مع كثافة (¬1) كالدهن والدسم. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الصاد تعبر عن امتداد بغلظ، والغين تعبر عن نحو غشاء متخلخل، والفصل منهما يعبر عن تخلل الشيء بما هو رِخْوٌ له كثافة ما فيلين كصغصغة الدسم في خلل الثريد. وفي (صغو صغى) تعبر الواو عن اشتمال والياء عن اتصال، وكلاهما يقع بالالتواء، والتركيب مع أي منهما يعبر عن الميل عن اتجاه الارتفاع لرخاوة كانثناء رأس الدلو. وفي (صغر) تعبر الراء عن الاسترسال ويعبر التركيب معها عن استرسال في الرخاوة يتمثل في انخفاض جرم الشيء (كأنما من عدم الصلابة التي تنصب الجرم أي تقيمه وترفعه).

(صغو صغى)

• (صغو صغى): {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] "صِغْو الدلو -بالكسر: ما تَثَنَّى من جوانبه. صغا الرجل إذا مال على أحد شِقَّيْه أو انحنَى في قوسه. وصَغَت الشمس والنجوم: مالت للغروب. وصَغَيْت إلبه برأسي كسَعَيت وصَغَوت كدعوت وصَغِيت كرضيت: مِلْت. وأصغى الإناء: أماله وحَرَفه على جنبه ليجتمع ما فيه ". Qميل الشيء عن اتجاه الارتفاع إلى جانب. كثنيات الدلو، وميل الرجُل أو انحنائه وميل الشمس والرأس. ومنه أيضًا "أصْغَت الناقة: أمالت رأسها إلى الرجل حين يَشُدّ عليها الرحل كأنها تستمع شيئًا (كذا) وأصغيت إلى فلان: ملت بسمعك نحوه ". ومن الميل المعنوي {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} [الأنعام: 113]: لتميل منغمسة في زخرف القول الذي توحيه الشياطين والفعل معطوف على المفعول لأجله (غرورا) قبلها [انظر قر 7/ 69، بحر 4/ 210 - 211] {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}: مالت عن الصواب [بحر 8/ 286]. ومنه على المثل "أصغى حظّه: نَقَصه " (كأنما قلل سَمْكه). • (صغر): {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 24] "الصغير: خلاف الكبير. وصغُرت الشمس (ككرم): مالت للغروب ". Qانخفاض جرم الشيء أي هبوط سَمْكه. كصغير كل شيء (بالنسبة لكبيره) وكميل الشمس للغروب بعد ارتفاعها وشموخها. {وَقُلْ رَبِّ

معنى الفصل المعجمي (صغ)

ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}، {وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [يونس: 61]. ومنه على المثل "الصَغار - كسحاب: الذل والمهانة. والصاغر: الصغير قدره، والراضي بالذل والضيم " {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]، وبمعنى صِغَر القَدْر هذا كل ما كان على صيغة (صاغر)، وكذا ما في {سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ} [الأنعام: 124] وما عدا ذلك فهو من الصغر الحقيقي سنًّا أو حَجْما. ° معنى الفصل المعجمي (صغ): هو بين الأثناء -كما يتمثل في الثريدة المروّاة دسمًا والرأس المرواة دهنًا -في (صغغ)، وكما في صِغْو الدلو ما تثنى من جوانبه (والتثني لين) وميل الشمس والرأس لين لأن الانتصاب إلى أعلى صلابة -في (صغو/ صغى)، وكما في صغير السن إذ هو عادة رخو البدن -في (صغر) ولتلك الرخاوة عبر بالصغر عن الذل إذ هو ضعف ورخاوة وهوان. الصاد والفاء وما يثلثهما • (صفف - صفصف): {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} [الطور: 20] "الصَفُّ: السَطْر المستوي من كل شيء - معروف. صَفَفْت القوم: أقمتهم في الحرب صفّا. صَفّت الطير في السماء: (بسطت) أجنحتها ولم تحركها. الصَفيف: أن يُشَرّح اللحم فيُوَسَّع مثلَ الرُغْفان، التصفيف أن تعرّض البَضعةُ حتى تَرِقَّ فتراها تَشِفّ شفيفًا. أرض صَفْصَف: ملساءُ مستوية/ الفلاة ".

Qامتدادُ أشياء سطرًا مستعرضًا مستويًا رقيقًا (أي غير كثيف أو غليظ) (¬1) كالصفّ من الناس والشجر مثلًا يمتد مستعرضًا أمام الناظر دقيقًا (صف الحرب مثلًا يكون عرْضيًّا لا طوليًّا وبذا فهو دقيق ليس كثيفًا. وهذا واضح في صف الطير أجنحتها وفي الصفيف من اللحم). أما الفلاة فسميت صَفْصفًا من الخلو المأخوذ من الرقة وعدم الكثافة. وكذلك شجر الصفصاف فإنه لا ثمر له، وكذلك الصُفَّة -بالضم: من البنيان شبه البهو ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الصاد تعبر عن امتداد غيظ، والفاء تعبر عن الإبعاد والإذهاب لكثيف أو غليظ. والفصل منهما يعبر عن ذهاب غلظ الممتد أي تجرده من الغلظ فيستوي كالصف والصفصف في (صفف). وفي (صفو) تعبر الواو عن الاشتمال، ويعبر التركيب عما هو خالص من الغلظ (الخشونة والكدر) كالصفوان والشيء الصافي. وفي (صوف) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن الاشتمال على ذلك النافذ بكثافة أي عدم التجرد منه رغم نفاذه كالصوف، وفي (صيف) تعبر الياء عن اتصال ويعبر التركيب عن عدول أي التواء يلحظ به الاتصال كعدول حال جَوّ الصيف عن حال ما قبله وما بعده. وفي (وصف) تسبق الواو بالتعبير عن الاحتواء ويعبر التركيب عن احتواء ماله غلظ ما مع رقة كما في الوصيف فالغلظ تمام بدنه والرقة كونه ذا هيأة وجودة حال. وفي (صفح) تعبر الحاء عن احتكاك بعرض وجفاف، ويعبر التركيب عن الجانب العريض من الشيء الممتد الرقيق كصُفْح السيف وغيره. وفي (صفد) تعبر الدال عن ضغط ممتد وحبس ويعبر التركيب عن (حبس) لأشياء (أكثر من شيء) ممتدة كصف الرجلين. وفي (صفر) تعبر الراء عن الاسترسال ويعبر التركيب عن الاسترسال في إبعاد كثافة الغليظ الممتد حتى يفرغ أو يخلو كصُفُور الإناء. وفي (صفن) تعبر النون عن الامتداد في باطن ويعبر التركيب عن دخول النليظ الممتد (أو الكثير) في الباطن مع تنسيق بينها كالأنثيين في الصَفَن وطعام الراعي وزناده في الصُفْن.

(صفو)

الواسع الطويل (= العالي) السَمْك "فهي تبدو مجرد فراغ كبير له سقف ما. والذي ورد في القرآن الكريم: الصفُّ بمعناه اللغويّ {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [الصف: 4]، {وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ} [النور: 41 وكذا ما في الملك: 19] (المقصود: باسطات أجنحتها وهي طائرة لا ترفرف بها، فتكون حينئذ كشريحة ممتدة مستوية)، {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36]. صَفَّتْ قوائمَها (وأُوقِفت كذلك للنحر) {فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا} [طه: 64] هذه الكلمة تعني هنا: جميعا، متّحدي الغاية، متحدِّين، عليكم مهابة [بعض ذلك في بحر 6/ 239] {فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا} [طه: 106] (ملساء مستوية خالية) وكل ذلك نُعرَف كيفيته. لكن {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا} [الكهف: 48]، {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22] وكذا ما في [النبأ: 38] فالصف معروف، الكيف مجهول. والأمر أقرب من هذا في [الطور: 20، الغاشية: 15] وفي {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا} [الصافات: 1] يُحتاج إلى بيان المراد: الملائكة، أو من يصفّ من بني آدم في قتال، أو طاعة، أو الطير [ينظر بحر 7/ 337]. ومنه "ناقة صَفوف: تَصُف يديها عند الحلب. وصَفَّت فهي صَفوف أيضًا: جَمَعت بين مِحْلبين أو ثلاثة في حلبة واحدة (تُحْلَبُ صَفًّا من المحالب). • (صفو): {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: 75] "الصفا: العريض من الحجارة الأملسُ، وكذلك الصَفْوان والصَفْواء. والصفاء: نقيض الكدَر. صفا الشراب والشيء يصفو. والمِصفاةُ: الراووق ".

(صوف)

Qخلوّ الشيء من الخشونة والكدر وما إليهما -كما في ملاسة الصفا ونقاء ما يصفَّي من الكدورة والشوائب {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158]، وقد لاحظت أن حجر الصفا له بعض الشفافية. فهي سر تسميته {كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا} [البقرة: 264] {وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} [محمد: 15]. ومن ذلك "أصفاه بكذا: أعطاه الصفوة (= النقيّ الجيد) من الشيء {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ} [الإسراء: 40 ومثلها ما في الزخرف: 16]. والصَفِىّ - فعيل: ما اختاره الرئيس من المغنم لنفسه (استخلاص أو استحسان) ثم عُمِّم على الجيّد المختار كالناقة الكثيرة الحَمْل، والناقة الكثيرة اللبن. "واستصفى الشيء واصطفاه: اختاره كأنه أخذه لأنه أصفَى جِنْسه أو أجوده. والمصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- صفوة اللَّه من خلقه {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 33] وهو صلى اللَّه عليه وسلم أكرم آل إبراهيم عليهم السلام. وبمعنى اصطفى المذكور كل (اصطفى) ومضارعها واسم المفعول منها. ومن ذلك الصفاء -بمعنى الخلو من مادة غليظة لكن نافعة: "أصفى الرجلُ: أنفدت النساء ماء صلبه، والدجاجة: انقطع بيضها ". • (صوف): {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80] "الصوف للغنم كالشَعَر للمعز، والوبرِ للإبل. كبْش أصْوَف وصَوِف -كفرح، وصُوفاني؛ كثيرُ الصوف. وتسمى زَغَبات القفا صُوفةَ القفا ". Qالصوف المعروف = ما ينبت على جلد الغنم كأدق

(صيف)

الشعر بأكثف ما يكونُ فيعمّ جلدها مكونًا طبقة كثيفة متداخلة الأثناء. وليس في التركيب غيره وما يُحْمَل عليه. {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80] "وصوف البحر: شيء على شكل هذا الصوف الحيواني. والصوفانة -بالضم: بقلة معروفة وهي زَغْباء قصيرة. وصوّف الكرمُ - ض: بَدَتْ نواميه بعد الصرام ". (تشبيه). "والصُّوفة كل من وَلى شيئًا من عمل البيت (الحرام). وصُوفة: أبو حي من مضر. . كانوا يخدمون الكعبة في الجاهلية ويجيزون الحاج في الجاهلية أي يفيضون بهم ". "قال ابن بري وكانت الإجازة بالحج إليهم في الجاهلية، وكانت العرب إذا حجّت وحضرت عرفة لا تدفع منها حتى يَدفع بها صوفة، وكذلك لا ينفرون من مِنا حتى تنفر صوفة، فإذا أبطأت بهم قالوا أجيزي صوفة "أقول أولًا هذا عَلَم لا نعرف ظروف تسمته بهذا الاسم، وثانيًا لعل هذا أصل استعمال لفظ الصوفي فيكون بما عُرف به من النزوع الديني البحت من أعرق الألفاظ وجودًا ودلالة. فإذا تجاوزنا هذا الرأي يكون الصوفي منسوبًا إلى لبس أثواب الصوف، وهي حينذاك خشنة فهي ملبس المتقشفين والزهاد. وقد جعل الصديق رضي اللَّه عنه التألم من خشونة أرقّ أنواعه فِراشا -مثلا لما سوف يبلغه ترف المسلمين عندما تفتح عليهم الدنيا [حديثه في كامل المبرد - الدالي 1/ 11]. وهذا أصل مادّي علميّ. • (صيف): {رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} [قريش: 2] "الصَيْف من الأزمنة. ويؤخذ مما جاء في [ل ربع] أن الصيف عند العرب هو

(وصف)

ما يسمونه الربيع الآخِر وهو يقع في شهور مارس وإبريل ومايو -أي هو ما نسميه الآن الربيع، ويقع بعد فصل الشتاء. وقد جاء في هذا التركيب "صاف السهم عن الهدف: عَدَل. والمَصِيف المعْوَجُّ من مجاري الماء. وأصله من صاف إذا عادل. وصاف الفحل عن طَروقته: عدل عن ضرابها. صاف أبو بكر عن أبي بردة. وأصافه اللَّه عني أي نَحّاه. وأصاف اللَّه عني شر فلان أي صرفه وعدل به ". Qعدول الشيء عن الوجه المفترض جريانه عليه اطرادًا -أي تحوله عن ذلك الوجه. كعدول السهم عن الهدف، ومجرى الماء عن استقامته. أما الصَيْف الفصل الزمني فيمكن النظر إليه من معنى العدول والتحول على أنه أول الدورة الزمنية حيث إنه يجيء بعد الشتاء المسبوق بالخريف. فالخريف فيه خَرْف الثمار أي جنيها، والشتاء فصل الجدب وبه تنتهي الدورة. ثم تبدأ الدورة بفصل الصيف وفيه ازدهار الزرع. ويمكن أن تكون تسميته من عدول حاله عن حال الفصل الذي سبقه {رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}. • (وصف): {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات: 180] "غلام وصيف: شابٌّ، والأنثى وصيفة. وقد أوصف: تم قَدُّه. وقد وصُف ككرم: بلغ الخدمة. وَصَف المهرُ: جاد مشيه/ توجه لحسن السير ". Qاتخاذُ الشيء هيأته التامة مع رقة أي استواء أو جَودة حال وخُلُوّ من الغلظ -كمن يَشِبّ تام القدّ حَسَن الخدمة وكالمهر الجيد المشي: وقوله تعالى: {وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، أي تهيئون أو تلفّقون من الهيئات المسوّاة أيَّ تسويةٍ وتهيئةٍ وإن كانت كاذبة {وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ

(صفح)

الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى} [النحل: 62] (تهيِّئ وتسوِّي)، {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ} [الأنعام: 139]: أي كذِبَهم وافتراءهم [قر 7/ 96] أي الترتيب الكاذب المهيأ المسوَّي {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ} [الأنعام: 100]. يُهيئون ويُسَوّون وينسبون إليه تعالى. وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى تسوية هيأة أو نسبتها أي نسبة حال أو وضع معين نسبةً باطلة. والصفة حِلْية الشيء من هذا لأنها تبين هيأته وتُصوِّره. وكأن الأصل أن الصفة حلية الشيء الجيد الصفة المهيأ المسوّي، ثم عممها الاستعمال في مطلق الوصف. • (صفح): {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التغابن: 14] "الصفائح حجارة رقاق عراض. صُفْح السيف -بالفتح والضم: عَرْضه. وصَفْحتاه: وجهاه. والصَفْحَتان: الخدان. وصَفْحَتا العنق: جانباه. وصَفْحَتا الورق: وجهاه اللذان يُكتبان. ووجه كل شيء عريض صفيحةً. وصَفْحا كل شيء: جانباه ". Qالجانب العريض المنبسط من جرم الشيء. كالحجارة العِراض، وعرض السيف، والورق، وكجانب العنق وكالخدين. ومنه "صَفَحْته وأصْفَحته بالسيف: ضربته به مُصْفَحا أي بعُرضه دون حدّه ". ومنه "التصفيح: التصفيق من ضَرْب صفحة الكف على صفحة الكف الأخرى، والمصافحة من

(صفد)

التقاء صُفْحَىْ الكفين [ل] و "صفح عنه: أعرض عن ذنبه "كأنه قد وَلّاه صفحته وصُفْحه -بالضم أي عرضه وجانبه {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا} [النور: 22]، {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} [الزخرف: 5] إعراضا وإهمالًا لكم [الخولى] وسائر ما في القرآن من التركيب فهو من الصفح العفو كذلك. ومن ذلك "صَفَحَه عن حاجته وأصْفَحه. وصَفَحَ السائلَ: وأصفحه: ردّه ومنعه " (كأنما ولاه صفحة لا ينفذ منها -انظر صد، وصَفَحْت الإبل على الحوض: أمررتها عليه (كأنك أريتها صَفْحته، وعكس ابن فارس). وكذا صَفَحْت القومَ: عَرَضْتهم واحدًا واحدًا، وصَفَحْت ورق المصحف " (من النظر في صفحات الوجوه والكتاب). وأما "صَفَحْته: أعطيته، وسقيته أيّ شراب "فهو من الأصل كأنك أنلته صَفْحًا أي جانبًا من الشيء. • (صفد): {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ} [إبراهيم: 49] "الصَفَد -بالفتح وكسبب وكتاب: حَبْل يوثق به أو غُلّ. صَفَده (ضرب) وصُفُودا، وصَفّده - ض: أوثقه وشدّه وقيّده في الحديد وغيره، ويكون من نسع أو قِدٍّ. ونُهِي عن صلاة الصافِد وهو أن يَقْرن بين قدميه معًا كأنهما في قيد ". Qشَدُّ أشياءَ ممتدة وضمُّها بعضِها إلى بعضِ بقوة. كرجلَيْ المقيد تنضمان بشدة نافذتين من القيد. {مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ}. وأما أَصْفَده بمعنى أعطاه فهي من هذا الأصل بمعنى أعطاه ما به يَشْتَدّ ويتماسك، أو قوّاه. ويجوز أن تكون من باب أَسَره بفضله.

(صفر)

• (صفر): {إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} [البقرة: 69] "الصِفْر - مثلثة: الشيء الخالي. وقد صَفِر الإناء من الطعام والشراب، والوطب من اللبن صَفَرًا وصُفورا: خلا ". Qخلو باطن الشيء. كما في الاستعمالات المذكورة. ومنه "صِفْر الحساب (فراغ. وما زال يرسم حلقة مفرغة في كتابة المغاربة، وعنهم أخذ الأوربيون رسم الصفر واسمه). وأَصْفَرَ البيتَ: أخْلاه. وسُمِّىَ شهرُ صَفر كذلك لخلو بيوتهم من الزاد، أو منهم لخروجهم في طَلَب الزاد أو لإصفارهم المواضع التي يمتارون منها أو يغزونها فيه [ل 133/ 9] (أي صادفت تسمية الشهر موسمًا كانت حالهم فيه كذلك حينما سمَّوا الشهور). و "الصفراء الجرادة إذا خلت من البيض. وأصفر الرجل: افتقر. والصِفْريت كعِفْريت: الفقير. والصَفَّارة هنة جوفاء يصفِر فيها الغلام للحمَام ويُصْفَر فيها بالحمار ليشرب " (فيخرج الهواء). ومن خلو الجوف في الإنسان والحيوان وما يماثله في النبات جاءت دلالة التركيب على صُفْرَة اللون (أ) "فالصَفَر -محركا: الجوع، والصفَر كذلك في ما تزعم العرب حية في البطن تعض الإنسان إذا جاع واللذع الذي يجده عند الجوع من عضه. والصَفَر - كسبب وغراب: دُود يكون في البطن وشراسيف الأضلاع فيصفرّ عنه الإنسان جدًّا "فواضح أنهم يعتبرون الصفرة مظهر ذلك الداء الذي هو الجوع أو لذعه أو أثره. وتأمل كذلك: "الصُفَار - كصداع: الماء الأصفر الذي يصيب البطن وهو السِقْى -بالكسر، وقد صُفِر- للمفعول مخففًا. قال

قوم هو مأخوذ من الصَفَر -محركًا: الجوع. ورجل مصفور ومُصَفَّر- كمعظّم: جائع. وقيل مأخوذ من الصَفَر -محركًا: حيّات البطن. وفي الحديث نهى في الأضاحي عن المَصْفُورة والمُصْفَرَة - كمكرمة. فسرت المصفورة بالمستأصلة الأذن "وقيل هي المهزولة لخلوها من السِمَن. وقيل لها مُصَفَّرة كمعظمة لأنها كأنها خلت من الشحم واللحم. والفلاحون يجعلون سبب يُسْر انتسال شعر البهائم إنما هو الهُزَال أو الغش (فساد البطن) ويميل لونه حينئذ إلى الصُفْرة (لقلة غذائه من جذوره)، ويقولون إن الشعر (كَبْرَتَ) أي صار كالكِبرْيت لونًا، وهو أصفر. (ب) واقترنت الصفرة بذبول النبات أيضًا وذلك مشاهد. وقال في [ل طرق 91] "والقصبة إذا قُطِعَتْ رَطْبة فأَخَذَت تيبس رأيت فيها طرائق قد اصفرّت "وقال هنا "والصُفَارة - كخراشة من النبات: ما ذَوَى (ذهب ماؤه فذبُل) فتغير إلى الصُفْرة. والصُفَار - كغراب: يَبِيس البُهْمَى ". وفي القرآن الكريم ربط بين الهيج -وهو ذهاب طراءة النبات أي جفافُه، والاصفرار {ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا} [الزمر: 21، والحديد: 20] وكذلك من هذا الارتباط "الصُفْرية -بالضم كالمنسوبة: تمرة يمامية تُجَفَّفُ بُسْرا وهي صفراء فإذا جَفّت ففُرِكت انفركت ويحلَّى بها السويق فتفوق موقع السكَّر " (ولا يفرك التمر إلا إذا كان رقيق اللحم خاليَ الجوف من الطراءة. فاقترنت الصفرة بخلو الجوف أيضًا. ومن هذا الاقتران في الإنسان والحيوان والنبات عبر التركيب عن صُفرة اللون. ومنه ما في آيتي الزمر والحديد. ومنه {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا}. {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ} [الروم: 51] اصفرار الزرع بعد اخضراره يدل على يبسه،

(صفن)

واصفرار السحاب يدل على أنه لا يمطر، واصفرار الريح يدل على أنها لا تلقح. والضمير في (فرأوه) للريح أو للنبات. والآية مع ما قبلها تصور تقلبهم ومسارعتهم إلى الجحود والكفر من أول شِدّة [ينظر قر 14/ 45، بحر 7/ 174] وأضيف أن استعمال (ظلوا) هنا يشير إلى ضحالة إيمانهم وأنهم ممن يعبد اللَّه على حرف. و "الصُفْر -بالضم: النحاس الجيد "هو من صُفْرة اللون لأنه يتميز بذلك. • (صفن): {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ} [ص: 31] "الصَفَن -محركة: جِلْدُ الأنثيين. وبالضم: خريطة (= كيس) من أَدَم للراعي، فيها طعامه وزناده وما يحتاج إليه. . . وربما استَقَوْا بها الماء. والصافِنُ: عِرْقٌ ضخم في باطن الساق حتى يدخل الفخذ ينغمس في الذراع في عصب الوظيف. والصَفْن والصَفْنة -بالفتح: الشِقْشِقَة. كيس يبرزه الجمل من شدقه عندما يرغو) وصفن الطائرُ الحشيشَ والورَق (ضرب) وصفّنه - ض: نَضّده لفراخه. والصَفَن -بالتحريك: ما نضّده من ذلك. وصَفَن ثيابه في سَرْجه إذا جمعها فيه ". Qجمع أشياء مع التنسيق والتوازن بينها في نحو الكيس جمعًا تامًا. كالأنثيين في الصَفَن، وطعام الراعي وزناده في الصُفْن الذي يستقون به أيضًا. وكالدم الجاري في العرق الضخم في الساق والذراع، وكالحشيش والورق المتجمع في العش، وكالشقشقة في الفم. ومنه "صَفَنَتْ الدابة صفونًا: قامت على ثلاث وثَنَت سُنْبك طرف الرابع (قيام بدن الحصان كله على ثلاث

معنى الفصل المعجمي (صف)

قوائم جمع مع توازن وهذا الصفون تشتهر به الخيل) {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ}. ومنه "تصافن القوم الماء: اقتسموه بالحصص. . على حصاة يلقونها في الإناء يُصَب فيه من الماء بقدر ما يغمر الحصاة فيُعطاه كل رجل منهم " (حصص كثيرة توزع بالتنسيق والوازن واحدة بعد الأخرى). ° معنى الفصل المعجمي (صف): هو الرقة مع الخلوص من الغلظ تجمعًا جاسيًا أو تثنيا -كما في الصف: السطر المستوي من كل شيء (من الشجر مثلًا) - في (صفف)، وفي الصفا: العريض الأملس المستوي من الحجارة -في (صفو)، وكالصوف وهو شعر دقيق (انظر إلى دقته أو إلى أن الشأن جزُّه) -في (صوف)، وفي التنحي والعدول عن حال الفصل السابق، لأنه خلو، أو للخلو من مطر الشتاء -في (صيف). وكرقة الحسن وتمام القدّ وجودة المشي -في (وصف)، وكالحجارة العراض الرقاق في (صفح)، وكالاصطفاف -في (صفد) بصرف النظر عن التقييد لأن الذي يعبر عنه هو الدال، وكالخلو وكذلك الصفرة اللون كلاهما رقة -في (صفر)، أما الخلو فلعدم الكثافة وأما الصفرة فلأنه لونه يسر الناظرين وهو لون الذهب، وكالخريطة الخالية والشقشقة والتنضيد وكلاهما رقة -في (صفن). الصاد والكاف وما يثلثهما • (صكك): {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} [الذاريات: 29] "الأصَكّ الذي أسنانه وأضراسُه كلها ملتصقة ".

الصاد واللام وما يثلثهما

Qالتصاقُ صِلابٍ دقيقة أو التقاؤها مع توال وشدة (¬1) كحال أسنان الأصك. ومنه "بعيرٌ مصكوك ومُصَكّك كمعظَّم: مضروب باللحم كأن اللحم صُكّ أي شُكّ فيه (تراكم اللحم التصاق متوال) ومنه الصَكّ: الضرب الشديد بالشيء العريض " (الالتقاء بعِرَض وشدة كالالتصاق) {. . . فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} ومن الأصل "الصكك -محركة: تقارب ركبتي الظليم والبعير والإنسان فيحتكان عند المشي أو العَدْو " (التقاء متوال بشدة) وكذلك الأمر في العرقوبين. الصاد واللام وما يثلثهما • (صلل - صلصل): {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [الحجر: 26] "الصَلْصال -بالفتح: الطين اليابس الذي يَصِلُّ من يبسه. الصَلَّة -بالفتح: الجلد اليابس قبل الدباغ، والأرض الصُلبة/ اليابسة. وكل ما جف من طين أو فخار فقد صل صليلًا. صلَّ السقاءُ: يبس، والإبلُ: يبست أمعاؤها من العطش صَلَّ اللحم صُلولا: أَنتن مطبوخًا كان أو نِيئًا، والماءُ: أَجِن. الصِلُّ -بالكسر: الحية التي إذا نهشت قتلت من ساعتها ". Qتماسكٌ أو امتساكٌ في الأثناء بامتداد مع دقة جِرم أو ورقةٍ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الصاد للامتداد الغليظ، والكاف للضغط الغئوري الدقيق في الداخل والفصل منهما يعبر عن الالتصاق بصلابة وشدة كما في صَكَك الأسنان.

وحدّة أَثَر (¬1). كتماسك أثناء الصلصال عند جفافه -مع تصويته، وكذلك جفاف الجلد والأرض وأمعاء الإبل الموصوفات -وكلها يحدث بعد زمن، وكاللحم والماء الموصوفين، ولا يُنتن اللحم ولا يأجن الماء إلا من بقائهما أمدًا طويلًا بلا تبريد -وهذا امتساك زمني. والحية الموصوفة تختزن السم أمدًا طويلًا فيتركز فإذا نهشت قتلت من ساعتها. وكلٌّ دقيقُ الجِرم (قلة)، والأثر الحادّ: الصليل والسمّ. فمن الصلصال الطين اليابس قوله تعالى: {مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}، {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} [الرحمن: 14] وكل (صلصال) فهو كذلك. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الصاد تعبر عن امتداد بغلظ، واللام تعبر عن امتداد مع تميز أو استقلالية، والفصل منهما يعبر عن تماسك الأثناه جفافًا (= غلظًا) كما في الصلصال يابس الطين في (صلل). وفي (صلوصلى) تعبر الواو عن اشتمال والياء عن اتصال ويعبر التركيب بهما عن احتواء اثناء الممتد المتماسك على مستوى من اللين أو الرخاوة يتأتى منه التشكل وهو إمكانات محتواة فيه. وفي (وصل) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال والاحتواء ويعبر التركيب بها عن امتداد زائد أو مضاف إلى الشيء كما في الوصيلة الأرض الواسعة البعيدة. وفي (أصل) تسبق الهمزة بالتعبير عن الدفع والضغط ويعبر التركيب عن دفع أو اندفاع لذلك الغليظ الممتد كأصل الشجرة يمتد في الأرض وتندفع عنه ممتدة، وكذلك أصل الحائط، وكالأَصَلة تنتصب على قائمتها. وفي (صلب) تعبر الباء عن التجمع الرخو مع تماسك، ويعبر التركيب عن تلاصق الممتد غليظًا شديدًا (بأثر غلظ الصاد وهو تماسك وكذا ما في اللام والباء وكالصُّلب الظهر وكل شيء صُلب. وفي (صلح) تعبر الحاء عن احتكاك بجفاف وعرض ويعبر التركيب عن سلامة للجرم تتمثل في التئامه أي عدم تصدعه وتشققه مع احتفاظه بنفعه وخيره كما هو الأصل في إصلاح الشيء. وفي (صلد) تعبر الدال عن امتداد مع حبس، ويعبر التركيب عن تصلب شديد للشيء في نفسه او مع ما تصل به وهذا التصلب احتباس.

(صلو - صلى)

فأما "الصُلْصُلة -بالضم وبالفتح: بقية الماء في الحوض والإداوة وغيرها من الآنية، وكذلك البقيةُ من الدهن والزيت "فكونها بقية دقةٌ (قِلّة)، وبقاؤها امتساك يمتدّ أمدًا طويلًا؛ لأن الشأن أن الكثير الذي كان وبقيت هي منه إنما ذَهَبَ شيئًا بعد شيء حتى بقيت هي. ومن هذا الصُلصُل -بالضم: القدَح الصغير " (يُكال به قليل بعد قليل أي ما يشبه البقايا). وأما قولهم "صلَلْنا الحَبَّ المختلط بالتراب: صَبَبْنا فيه ماءً فعزَلْنا كلًّا على حياله، وصل الشرابَ: صفْاه "فالتصفية والتنقية خلوصٌ يُبقى الشيء النقيّ بعضه مع بعض، وهذا إبقاء وإمساك. مع قلة هذا الباقي بالنسبة لأصله. وأخيرًا فإن قولهم "صل اللجام (والجرس والحديد) وصلصل: امتد صوته، وفرس صَلْصَال -بالفتح: حادّ الصوت دقيقه. الصَلصلة: صفاء صوت الرعد. يقال للحمار الوحشي الحاد الصوت صالّ وصلصال "فهذا كله من الحدّة الرقيقة لأن الصوت لا يحبسّ. • (صلو - صلى): {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الأحزاب: 43] في [تهذيب اللغة] "صلَّيت العصا تصلية - ض: إذا أَدَرْتها على النار لتقوّمها "وفي [الصحاح] "صلى عصاه على النار - ض: ليّنها وقوّمها. وفي [ل] "أَصْلَت الناقة: إذا وقع ولدها في صَلاها وقرب نِتاجها. أَصْلَت الفرس: إذا استرخى صَلَواها، وذلك إذا قرب نتاجها. وفي التهذيب عن الزجاج "وقال أهل اللغة في الصلاة إنها من الصلوين وهما مكتنفا الذنب من الناقة وغيرها، وأول مَوْصل الفخذين من الإنسان فكأنهما في الحقيقة مكتنفَا العُصْعُص. وجاء في [ل حبب]

"أَنْشد الليث: كأن صلا جهيزة حين قامت ... حَبابُ الماء يتبع الحبابا (والحباب فُسِّر بالموج الذي كأنه دَرَجٌ في حَدَبة. والصلا: العجيزة. وينظر أصل العبارة في [تهذيب اللغة حبب، وفي [تاج]. والصَلاية: كل حجر عريض/ مُدُقً الطيب). Qلين أثناء الشيء أو رخاوتها من الداخل مع تماسك ما فيمكن التصرف فيه: كتليين العصا بتعريضها للنار فيمكن بذلك تقويمها إن كانت معوجّة، ويمكن أيضًا ثَنْي طرفها ليكون مَقْبِضًا لها. وكرخاوة الصَلَوين فيتيحان تحريك الناقة ونحوِها ذنبَها إلى الجانبين، وكالعجيزة التي تشبه حَدَبة الموجة بانتبارها مع رخاوتها (وأرى أن دقة تفسير "أَصْلَت الفرسُ "هو: صار لها صَلًا أي تجمع رخو ذو تماسكِ ما حول حيائها). والصلاية: الحجر العريض (الأملس) وسيلة لدَقّ الطيب على الحجر العريض، فيلين أي يَنْعُم ويمكن التطيب به. وقد جاء أن من معاني الصلاية: الجبهة. وجاء في [تاج] أن ذلك تشبيه -أي بالحجر العريض (الأملس). كما جاء أن من معاني الصلاية "شريحة خشنة غيظة من القف ". وأقول إن هذا من الشبيه بالحجر العريض أيضًا، فإن الشريحة بين ما حولها تشبه الحجر العريض في الصلابة والغلظ مع العِرَض في كلٍّ. والملاسة نسبية تتحقق بالخلو من كتل الحجارة ونحوها. ومن رخاوة الأثناء: "المِصلاة -بالكسر: شرك ينصب لصيد الطير وغيرها "وذلك بأن يوضع داخل الشرك حبٌّ أو لحمٌ إلخ مما يحبه الصيد (وهذه هي الرخاوة في الأثناء) فيدخل الشرك فيصاد ومن هذا استعمل في إيقاع الشخص

في هلكة بحيلة). وعبارة الأزهري "صلَيت فلانًا: إذا عملت له في أمر تريد أن تَمْحَلَ به وتوقعه في هلكة "وعبارة الزمخشري "صلَيْتُ بفلان: إذا سوّيت عليه منصوبة لتوقعه "وعبارة [تاج مع ق] "ومن المجاز صَلَى فلانًا صَلْيًا: داراه أو خاتله، وقيل: خدعه "اهـ. وبالعَوْد إلى التليين بالنار نجدهم قالوا "صَلَى اللحم بالنار (رمى): شواه "واللين هنا متمثل في طيب اللحم بالشيء وذهاب فجاجته التي تمنع أكله نِيئًا. وكذا قالوا: "صَلَى ظهره بالنار (رمى): أدفأه "فهذا مجرد تقريب الظهر من النار ليدفأ ويلين. والاصطلاء الاستدفاء {لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} [النمل: 7]. وكل ذلك طيب أثناء -أي من الرخاوة في المعنى الأصلي. وتخلصوا من قيد التطييب في تسليط النار على ظاهر الشيء إنضاجا أو تليينا فقالوا "صَلَى اللحمَ في النار (رمى) وأصلاه وصَلّاه - ض: ألقاه للإحراق، وصَلىَ بالنار وصليها (تعب) صَليًا -بالفتح وصُلِيًّا- فُعول، واصطلى بها وتصلاها ": احترق بها/ قاسي حرها " {سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا} [النساء: 56]، {تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً} [الغاشية: 4]، {ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} [الحاقة: 31]، {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} [الواقعة: 94]. واحتمال التطييب بالإحراق يعلمه اللَّه تعالى. ومن لين الأثناء والرخاوة مجازًا بمعنى خشوع الباطن استعملت في الدعاء الذي هو تضرع لاستنزال الرضا أو الفضل، وهذا هو الذي جعلوه الأصل في تسمية الصلاة ذات الركوع أعني: الدعاء. قال [طب 1/ 243]: إن المصلِّى متعرضٌ تعرّضَ الداعي. وقد استعمل اللفظ بمعنى الدعاء وحده كثيرًا، ومنه الحديث. ". . . وإن كان صائمًا فليصل "أي فليدع أي لأرباب الطعام. وبمعنى الدعاء

استعملها الأعشى في صلاة الخمار على دن الخمر. {وصلّى على دَنّها وارْتسم} وكذا هي في قوله: {عليكِ مثلُ الذي صليت} أي دَعَوت (ولا يتأتى أن يقصد الأعشى بالصلاة الركوع ونحوه، لأنه لم يسلم)، وبهذا يفهم أن الصلاة من اللَّه عز وجل على عباده هي إنزال الرحمة والبركات -كما يُقصد بالدعاء {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} في [قر 14/ 198]- فصلاة اللَّه على العبد هي رحمته له وبركته عليه. . وصلاة الملائكة دعاؤهم للمؤمنين واستغفارهم لهم، كما قال تعالى {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر: 7] وأقول إن هذه الآية تعبر عن فضل ورعاية من اللَّه عز وجل لهذه الأمة لا يحاط به. وهو يفسّر كيف بقى الإسلام إلى الآن وإلى يوم القيامة إن شاء اللَّه برغم عداء الغرب ومحاربة كل حكومات العالم للإسلام. هذا مع عظيم شيوع حفظ القرآن وازدهار الجانب الروحي بالعلماء والأولياء، وانتشار الإسلام في شعوبٍ تحاربه، وغير هذا مما لا يفصّل إلا في كتب. وكل هذا بفضل صلاة اللَّه وملائكته على هذه الأمة، {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]. -صلى اللَّه عليه وسلم-. وفي [تاج] فائدة نفيسة منها أن معنى صلاتنا على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: اللهم عظّمه في الدنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دعوته، وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته، وتضعيف أجره ومثوبته ". فلمعنى الدعاء والضراعة استُعْملت في أهم صور التضرع والإخبات للَّه عز وجل وهي الصلاة ذات الركوع والسجود {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] وقد سبق الإمام ابن فارس بالقول باشتقاق الصلاة من صَلّيت العود: لّينته لأن المصلي يلين بالخشوع. ولكن لكثرة الاجتهادات في

(وصل)

المأخذ الاشتقاقي للصلاة (نحو سبعة أو أكثر في [تاج] وحده) وأن أكثرها فيه تكلف، ولإجمال كلام ابن فارس وانغماره، وأنه في المجمل لا المقاييس = غاب وجُهل، وقد هُديت له بشواهد أصّلَته دون تكلف. فهو الصحيح والحمد للَّه. ومن الأصل "الصلاةُ: المْعَبَدُ " (سُمي المكان باسم ما يقع فيه) كما قالوا سميت مِنَي لما يُمْنَى فيها من الدماء أي يراق. فالكلمة عربية أصلًا وصيغة ولا معنى لزعم تعريبها الذي ورد في ل والمتوكلي/ وتوقف إزاءه الخولي {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ} [الحج: 40]. والذي جاء في القرآن من التركيب معنيان الصلاة الدعاء والعبادة المعروفة، وصُلِيّ النار وتصليتها والعياذ باللَّه. وسياق كل منهما متميز. أما "المُصَلِّى من الخيل: الذي مجيء بعد السابق "فأرى أنه من الرخاوة التي هي درجة من الضعف. فالسابق الصُلْب هو المجلّي، وهذا المتراخي عنه هو المصلي. وقد قالوا إنه وصف بذلك لأن رأسه يكون عند صلَوَىْ المُجَلِّي ". • (وصل): {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} [الرعد: 21] "الوَصيلة: الأرض الواسعة البعيدة كأنها وُصِلَت بأخرى. والوِصْلانِ -بالكسر: العَجُز والفخذ. والأَوْصال: المفاصل. والمَوْصِل -كمنزل: مَعْقِد الحبل في الحبْل ". Qاشتباك شيء بشيء أي ضم شيء إلى شيء حتى يعلَقه (¬1). كالأرض الممتدة والأوصال يمتد بها الجسم. . . ومنه "وَصَل الشيءَ ¬

_ (¬1) الأخيرة عبارة ابن فارس في المقاييس 6/ 115.

(أصل)

بالشيء (وعد) ووَصَّله ض: لأَمَهُ. واتصل الشيءُ بالشيء لم ينقطع " (امتد) "وَصَل حَبْلَه ووَاصَلَه " {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} [الرعد: 21] كصلة الرحم بمد الأسباب معهم ومثلها ما في [البقرة: 27، الرعد: 21، 25]. {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ} [القصص: 51]. (مَدَدْناه بالمتابعة). "وقد وصلَ الشيءُ إلى الشيء (قاصر) وتوصل إليه: انتهى إليه وبَلَغه " (امتد إليه) {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ} [هود: 70] هذا وصول حقيقى أو كنائي ومثله ما في [الأنعام: 136، هود: 81، القصص: 35] ووَصَلَ الرجُلُ: اتصل بقوم وانتسب إليهم ". وبه قيل في {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [النساء: 90] وأنكره [طب 9/ 20] مفسرًا الوصول بالدخول فيها لا مجرد الانتساب. "والوَصِيلة من الشاء: التي وَلَدت سبعة أبطن عَنَاقين عناقين. فإذا ولدت في السابع ذكرًا ذُبِح وأكل منه الرجال دون النساء، وإن كانت أنثى تُرِكت في الغنم، وإن كانت ذكرًا وأنثى قالوا وصلت أخاها فلم يُذْبح، وكان لحمها حرامًا على النساء " {وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} [المائدة: 103]. ومن الأصل "وصله: أعطاه "كما يقال أمدَّه بكذا "والوَصِيلة: العمارةُ والخِصْب لأنها تصل الناس بعضهم ببعض " [المقاييس] فيقيمون ولا يتفرقون. • (أصل): {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب: 42] "أَصْل الشجرة (جِذْرها). وقد استأصَلَتْ الشجرةُ: نبَتَتْ وثَبَتَ أصلُها. وأصْلُ الجبل وأصْلُ الحائط: قاعدتاهما [الأساس والمفردات]. والأَصَلة -محركة: حَيَّة قصيرة. . . ضَخْمة عظيمة - لها رجل واحدة تقوم عليها وتُساور

(صلب)

الإنسان/ لها قائمة تخط بها في الأرض " [ل 17/ 8]. Qامتداد في العمق يقوم عليه الشيء ويمتد منه إلى الأعلى. كقاعدتي الجبل والحائط لهما، وجذرِ الشجرة لها، وتلك الأصلة لها قائمة تقوم عليها. {كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} [إبراهيم: 24]. {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} [الحشر: 5]. ومن ذاك "أَصْلُ كل شيء: أسفلُه " (يقوم عليه) {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 64]. ومن هذا: "أصُل الشيء - ككرُم: صار ذا أصل. وقد استأصلَتْ الشجرة (قاصر): ثبت أصلها. واستأصله: قَلَعه من أصله. . ونخل أصِيل بالأرض: هوَ بها لا يزال (امتداد في عمق الزمن). وقَطْعٌ أصيل: مستأصِل (يقطع الأصل)، وجاءوا بأَصِيلتهم أي بأجمعهم (بجذورهم) والأَصِيل: العَشِيّ/ من العصر إلى المغرب "باعتبار أنه أول دخول زمن الليل {بُكْرَةً وَأَصِيلًا}. وسائر ما في القرآن من التركيب هو (الأصيل) بمعناه هذا، وجمعه (الآصال). وأما "أَصِلَ الماءُ (تعب): تغير طعمه وريحُه من حَمْأة فيه "فهو من امتداده، أي طول بقائه وثباته، كما في الأصل. • (صلب): {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطارق: 7] "الصُلْب -بالضم: الشديد من الحجارة أشدُّها صلابة. والصُلْب -بالضم، وكسُكًر: عظمٌ من لَدُن الكاهل إلى العَجْب الظَهْرُ. ومكان صُلْب -بالضم، وكسَبب: غليظٌ حَجِر. صَلُب الشيء (كرم) فهو صَليب -بالضم، وكسُكّر: شديد ".

(صلح)

Qشدة الشيء بمعنى تماسكه الشديد مع امتداده. كالحجارة المذكورة والظَهر. فمن الصُلْب الظهر {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ}. وجمعه أصلاب {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: 23] ومنه الصَلْب: القِتْلَةُ المعروفة لأنها تتم بشد المصلوب على شيء منصوب {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71]. {وَمَا صَلَبُوهُ} [النساء: 157]. وسائر ما في القرآن من التركيب فهو من الصَلْب بهذا المعنى. ومنه "الصليب: وَدَكُ العظام " (حَشْوُ العظام الصُلْبة) و "صَلَبَ العظامَ (نصر) طبخها واستخرج وَدَكها (إصابة) وصَلَبَتْه الشمس: أحرقته "كذلك. ومن معنويه "صَلُب على المال (كرُم): شحّ به (كما قالوا شديد)، والصالبُ من الحمى: الحارّة " (شديدةٌ غيرُ هادئة). • (صلح): {وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ} [غافر: 8] "أصْلَحَ الشيءَ: أقامه بعد فساد. وصَلَح الشيء (كنصر ومنع وكرم) صلاحًا وصلوحًا: ضدُّ فسد. وفي المصباح "الصُلْح -بالضم: التوفيق. أصلحت بين القوم: وفّقت. أَصْلَح: أتى بالصلاح وهو الخير والصواب، وفي الأمر مصلحة أي خير ". Qسلامةُ (جسم) الشيء أي التئامه على حاله الأصلية تامً النّفع والخير الذي أُوجِد أو أريد له: يؤخذ ذلك من إصلاح الفاسد من الأشياء، وأن التوفيق لأمٌ والتئام. ومن معنوى ذلك "الصُلْح: السِلْم. وتصالح القومُ، وأصلحَ ما بينهم {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}

(صلد)

[الحجرات 9]. ومن الصلاح: السلامة من الخطايا المعوقة {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ. . .} [الرعد: 23] أي مع من لهم أعمال صالحة من آبائهم وإن لم تبلغ قدر أعمالهم [ينظر قر 9/ 3112] {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]، فهذا توفيق، وهكذا كل (أصلح بَيْنَ). {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ} [المائدة: 39] أتى بالصلاح وهو الخير والصواب وهو هنا (أي في حق من سرق -كما في الآية السابقة) التنصل من التبعة برد الشيء المسروق إن أمكن، أو بالاستحلال منه، أو بإنفاقه في سبيل اللَّه إن جُهِل صاحب المسروق [ينظر بحر 3/ 495]، وفي ضوئه يفسّر كل (أصلح) القاصر بما يناسبه. {إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} [البقرة: 11] [ينظر بحر 1/ 197] في توجيه ادعائهم هذا. {إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: 81] (لا يصلحه أي لا ينجحه (لا يوفقه) بوقوع الأثر المقصود به، أخذته مما في [قر 8/ 368]. {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} [الأنبياء: 90] كانت عاقرا فجعلت وَلودًا أو سيئة الخُلُق فجعلها حسنة الخُلُق [قر 11/ 336] {وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} [محمد: 2] أمور دنياهم أو أمور دينهم [ينظر قر 16/ 224]، وفي ضوئه يفسّر كل (أصلح) المتعدي بما يناسبه. ومما سبق نقول إن العمل الصالح هو الذي يتفق ويلتئم مع ما يطلبه الشرع أو يرضاه. وبه تفسر كل (الصالحات). والصالح من عباد اللَّه هو الذي تتفق أعماله مع ما يطلبه الشرع أو يرضاه، وبه يفسر كل (صالح) مطلق أي غير معين في القرآن الكريم. • (صلد): {فَتَرَكَهُ صَلْدًا} [البقرة: 264]

معنى الفصل المعجمي (صل)

"حَجَر صَلْد -بالفتح، وصَلُود: صُلْبٌ أَمْلَس. والصِلْداء -بالكسر وبتاء: الأرضُ الغليظةُ الصُلْبة. وجبين، ورأس، وحافر صَلْد. ومكان صَلْد: لا يُنْبت. وأصلادُ الجبين: الموضعُ الذي لا شَعَر عليه ". Qتصلب الشيء تمام الصلابة مع ملاسة سَطْحه بحيث لا ينفذ منه شيء - كالحجر والأرض الموصوفين، والأجزاء الموصوفة {فَتَرَكَهُ صَلْدًا}: صُلْبًا أملس أي لا شيء عليه - تمثيلًا لمن ينفق ماله رئاء الناس، لا يبقى له أيُّ ثواب لنفقته. ومنه "صَلَد الزَنْد: صَوَّتَ ولم يُور "كما قالوا في ضده ثَقَب. صَلَدَت زِنادُك يا يزيد وطالما ... ثَقَبَتْ زنادُك للضَريكِ المُرْمل "وفرس صَلُودٌ: بطيء الإلقاح. وناقةٌ صَلُود، ومِصْلاد: بَكِيئة، ورجل صَلْدٌ: بخيل جدًا. وصَلَدَ السائلَ (ضرب): لم يعطه شيئًا ". كل هذا عدم نفاذ شيء أو ثمرة. ومن الأصل "صَلَدَ بيديه مثل صَفَق سواء " (من التقاء الصَلْدين العريضين). وجاء "صَلَدَتْ صَلْعَتُه: بَرَقت "وكذلك العُودُ المقشورُ واللبنُ يَصْلِدُ أي يبرقان -من أن الصُلْبَ الأملسَ يبرق فهو على التشبيه. ° معنى الفصل المعجمي (صل): هو التماسك الدقيق مع لُطفٍ ما في الأثناء كما يتمثل في تماسك الصلصال عند جفافه وكذلك صليله -في (صلل)، وكتماسك الأثناء مع رخاوتها (لا تسيبها) -في (صلو صلي)، وكما في اتصال الأرض والنبت من خصوبة الأثناء -في (وصل)، وكما يمتسك الأصل الشيء فيقيمه -في (أصل)، وكسريان التماسك في أثناء الشيء الصلب -في (صلب)، وكالتئام جسم الشئ مع امتساكه نفعه وخيره -في (صلح)، وكاشتداد أثناء الشيء لا ينفذ منها شيء في (صلد).

الصاد والميم وما يثلثهما

الصاد والميم وما يثلثهما • (صمم - صمصم): {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} [الفرقان: 73] "قَنَاة صَمَّاء: مكتنز جوفها. وحَجَرٌ أَصَمّ: صُلْب. والصَميم: العظم به قِوامُ العُضْو كصَميم الوظيف والرأس. والصِمْصِمَة -بالكسر-: الأَكَمَة الغليظة التي كادت حجارتُها تكون منتصبة. وصِمام القارورة - ككتاب: سِدادها الذي يُدْخَل في فمها. والصَمَّاءُ من الأرض: الغليظة. والصَمَّان - وبالتأنيث: أرض صُلْبة ذات حجارة إلى جنب رَمْل ". Qانسداد سُموم الشيء بالنفاذ فيها بغلظ واستواء ظاهره بذلك، ويلزمه اشتداده (¬1): كالقناة الصماء، وعمل صمام القارورة، وكالأكمة ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الصاد عن امتداد بغلظ وقوة، والميم عن استواء الظاهر، والفصل منهما يعبّر عن استواء الظاهر الغليظ لانسداد سُمومه كالقناة الصمّاء. وفي (صوم) تعبر الواو عن الاشتمال أو الاحتواء، ويعبر التركيب عن توقف التصرف والحركة كأنما لغلظ المحتوى كشجر الصَّوْم ملتئم لا يتشعب وكالبَكَرة الصائمة. وفي (صمت) تعبر التاء عن ضغط دقيق حاد (يؤدي إلى الالتزاق الشديد)، ويعبر التركيب عن إمساك الشيء ما انضم عليه جوفُه وانضغاطه فيه فيكتنز فيه ولا ينفذ منه كالمصمت: الذي لا جوف له. وفي (صمد) تعبر الدال عن ضغط ممتد وحبس، ويعبر التركيب عن زيادة الاحتباس في الشيء فيكتنز ويرتفع كما في الصَّمْد المكان الغليظ المرتفع لا يبلغ ان يكون جبلًا. وفي (صمع) تعبر العين عن التحام جِرْم مع رقة أو ضعف، ويعبر التركيب عن تضامّ ظاهر الشيء أو أعلاه مع لطف أو رقة كالقناة الصمعاء والبقلة الصمعاء.

(صوم)

الغليظة والحجر الأصم. ومنه "الصَمَم (فرح) انسداد الأذن وثِقَل السمع ". {فَعَمُوا وَصَمُّوا} [المائدة: 71]، {فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 23]، {كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ} [هود: 24]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو من الصَمَم بهذا المعنى. ومنه "صَمَّم: أي عَضَّ ونَيَّبَ فلم يُرْسِل ما عَضّ (لدخول أنيابه في المعضوض كأنها نفذت في سمومه فبَقِيَتْ). ومنه "التصميم: المُضِيّ في الأَمْر (نفاذ بقوة بلا إرسال) وسَيْفٌ صَمْصَام -بالفتح، وبتاء: صارم لا ينثني/ قاطع (ينفذ بلا توقف). ورجل صَمَم -كحسن وصِمْصِم- بالكسر. . .: مُصَمّمٌ شديدٌ صُلْب. والصَمْصَم -بالفتح: البخيلُ النهايةُ في البُخْل (كل ذلك من شدة اكتناز باطن الجرم وامتلائه فلا فراغ ولا منفذ). "وهو من صميم قومه. وصميم كل شيء: خالصه " (كاللب والشيء الذي في الجوف) "والصِمْصِمَة -بالكسر: الجماعةُ من الناس كالزِمْزمة " (تجمع وتماسك كالاشتداد ". • (صوم): {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] "الصوم: شجر على شكل شخص الإنسان. . . له هُدْبٌ كالأثل ولا تَنْتَشِر أَفْنانه. وبَكَرَة صائمة: إذا قَامَت فلم تَدُرْ (تصمَّغت في محورها). ومَصَامُ الفرس ومَصَامَتُه: مَقَامُه ومَوقفُه. صامَ الفرس فهو صائم أي قائم على قوائمه الأربع بلا حَفًى. والصَوْمُ: قيام بلا عمل (هذا يفسره ما قبله). واستصام: قام ". Qتوقف أو وقوف وقيام عن الحركة والامتداد المعتاد - كجِرم شجر الصوم ملتئم لا يتفرع وكأنه أَجْرد، وكالبَكَرة المذكورة لا يدور فيها

(صمت)

مِحْورَها وكالفرس لا ينتقل من مكانه. والشأنُ في الجميع خلافُ ذلك. ومنه "صامت الريح: رَكَدتْ، والشمسُ: قامَتْ عند منتصف الظهيرة ولم تبرح مكانها (في ظاهر الأمر لهم) والصوْم. عُرّة النعام " (كتلة واحدة ليس كبعر الإبل والغنم) ومنه "الصوم: البِيعة " (موقوفة؟ أو ساكنة صامتة؟). ومنها "الصوم: الإمساك (أي التوقف) عن الأكل والشرب (وأضاف الشرع الإمساك عن الجماع)، {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، ومنه الصوم عن الكلام. {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: 126]. • (صمت): {سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ} [الأعراف: 193] "الصامت من اللبن: الخاثر. والمُصْمَت - كمُكْرَم: الذي لا جوف له ". Qاحتشاء أثناء الشيء فلا ينفذ منه شيء. كاللبن الخاثر فخُثُورته من تركّز مادته بلا تَخَلْخل - حسب ما نحسّه فهو متماسك غير متسيب، وكالشيء المصمت. ومنه "صمت (قعد): سَكَت " (كأنه مصمت متماسك الأثناء لا ينفذ ما فيه) {سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ}. ومنه "الصُمَات - كصداع: سرعة العطش في الناس والدواب (لجفاف الجوف من طراوة الماه فكأنه يابس متماسك)، ثوب مُصْمَتٌ من خَزٍّ، والمصمت: البهيمُ " (لون واحد أيَّ لون كان. فالنكتة من لونٍ آخر انقطاع كالفراغ) وحَلْيٌ مُصْمَت لا يخالطه غيره " (لم يدخل عليها جميعها غيرها فكأنها مصمته لا (فراغ) في أثنائها لغيرها). ومنه "بات على صِمات أمر - ككتاب -أي معتزمًا عليه. والصِمات

(صمد)

القصد ". (فذلك من عقد العزم في الباطن على الشيء فهو ممتلئ النفس به). • (صمد): {اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2] أ) الصَمْد -بالفتح: المكان المرتفع الغليظ من الأرض لا يبلغ أن يكون جَبَلًا/ ما دقّ من غَلْظ الجبل واطمأنّ ونبَتَ فيه الشجر. الصَمدة -بالفتح: صَخْرة رأسية في الأرض، وربما ارتفعت شيئًا. والمُصَوْمد: الغليظ المشرف [تاج]. وبناء مُصْمَد - كمُكرَم: مُعَلَّى. والصَمَد -بالتحريك: الرفيع من كل شيء ". ب) والصِماد - ككتاب: سِدادُ القارورة وهو غيرُ العِفَاص. والصَمْدة -بالفتح وبالتحريك: الناقة المتعيطة التي حُمِل عليها ولم تَلْقح، والمصمَّد - كمعظم: الشيء الصُلْب ما فيه خور. والصَمَد -بالتحريك: المُصْمَتُ الذى لا جوف له. Qارتفاع مقارب مع غِلَظ ومع اكْتناز الأثناء أي إصماتها. كما يتمثل ذلك في مجموعة الاستعمالات: (أ)، وكما يتمثل إصمات الجوف خاصة في مجموعة الاستعمالات (ب) - مع استحضار أن اكتناز جوف الشيء والتكدس فيه يلزمه ارتفاعه حيث لا خور في أثنائه يؤدي إلى خفض ارتفاعه بدَكِّهِ مثلًا. ومن الارتفاع قيل (الصَمدُ -بالفتح: النَصْبُ (أي نَصْب الشيء قائمًا كبيت الصوف والجِلد -مثلًا). ومما تمثل فيه معنى إصمات الجوف: "الصَمَد -بالتحريك: الرجل الذي لا يعطش ولا يجوع في الحرب. وأما صِمَاد الرأس: ما يلُفّه الإنسان على رأسه من خرقة أو مِنديل أو ثوب دون العمامة - فهو محمول على صِماد القارورة وهو صمامها الذي يدخل في فمها من حيث إنه (شَدٌّ) للرأس كما نقول، كما أنه يقي العمامة أن ينفذ إليها عَرَق الرأس، كما أن

صِمَاد القارورة يمنع نفاذ ما فيها. والارتفاع المقارب يعني البلوغ إلى مستوى المواجهة أو أعلى "لا يبلغُ أن يكونَ جبلًا ". وقد فُسّر "الصمد "في قوله تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2] بـ "المقصود/ الذي يُصْمَد إليه في الحاجات "وهذا المعنى يؤخذ من كون الشيء مرتفعًا في المواجهة فيكون متَّجَها إليه وهذا هو معنى القصد. وفسر أيضًا بـ "الدائم الباقي الذي لم يَزَلْ ولا يزَال "ويؤخذ هذا من معنى الثبات الذي يتمثل في رسوخ المكان المرتفع الذي يضبه الجبل، وفي الصخرة الراسية، كما يؤخذ من تركلز المادة واحتباسها في جوف تلك المرتفعات، وفي سد القارورة والناقة المتعيطة (حسب تصورهم) ومن الشيء الصُلب والمصمت. وفسر بالذي لم يلد ولم يولد. وهذا يؤخذ من إصمات الجوف بمعنى اكتنازه بما فيه، مع احتباسه فيه، فلا ينفذ منه شيء كما هو واضح في استعمالات المجموعة (ب) وهو متحقق أيضًا في استعمالات مجموعة الارتفاع، لأن ارتفاع ما هو ثابت على الأرض يكون بتجمع المادة فيه وتراكمها محتبسة غير مبعثرة فيرتفع. وذُكِرت معان أخرى "السيد الذي انتهى سُؤْدده في أنواع الشرف والسُؤدُد "-وهذا قد يؤخذ من الارتفاع. "وبالمستغنى عن كل أحد "وهذا يؤخذ من الاكتناز، وبالذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد (¬1) وهذا لا أصل اشتقاقيًّا له. فالمعاني الأُولى الثلاثة قوية واللفظ بهذا من جوامع الكلم ¬

_ (¬1) ينظر تفسير [قر 20/ 245] وفيه أقوال ترجع إلى ما ذكرنا وفي ص 246 روايات عن سبب نزول السورة تقتضي ترجيح التفسير الثالث (الذي لم يلد ولم يولد).

(صمع)

المفردة. وترتيبها في القوة: الثالث، ويلزم منه الثاني، ويلزم منهما الأول. • (صمع): {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ} [الحج: 40] "قناةٌ صَمعاءُ الكعوب: مكتنزة الجوف صُلْبةٌ لطيفةُ العُقَد. بَقْلَة صمعاء: مرتوية مكتنزة ". Qأن ينضمّ في الشيء ما شأنه أن ينتبر أو يتفرع منه. كالقناة اللطيفة العُقَد ليستْ عُقَدها ناتئة بغلظ كالمعتاد، وكالبقلة الممتلئة رِبًّا. ومن مادّيّ ذلك أيضًا "الصَمَع (فرح): أن تَصْغُر الأذن بلا تَطَرّف وتلصَقَ بالرأس (فيبدو الرأس متضامًّا مستويًا لا تنتأ منه أطراف). وامرأة صَمْعاء الكعبين (الكعب هو ما يسمَّى بَزّ الرجْل): لطيفتهما مستويتُهما. وقوائمُ الثور الوحشي صُمْع الكعوب (ليس فيها نتوء). وتصمَّع ريشُ السَهم: رُمِىَ به فتلطخ بالدم وانضَمَّ "فلصِق بالسهم لم ينتشر حوله. ومن المعنوي: "قَلبٌ أصمعُ: ذكِىّ متوقدٌ فطِنٌ (كما نقول الآن: ركّز) وصَمِعٌ - ككتف: أي شجاع ليس بليدّا ". (مجتمع/ شديد). و"الصَومَعة من البناء سميت لتلطيف أعلاها. وكذا صَوْمعة الثريد: جُثَّته وذِرْوته. وصَومَعة النصارى من هذا لأنها دقيقة الرأس متضامة فتضام رأس كل منها هو سر تسميتها {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ}. ولا أدري على أي أساس زعموا أن الصومعة معربة وتابعهم العلامة الخولي. ومن تضام الظاهر بلا تشعب قيل "الأصمع: السيف القاطع (صُلْبٌ قويٌّ مستوى الظاهر فهو ينفذ بخفة) وصَمِعَ (فرح): إذا رَكِبَ رأسَه فمضَى غير

معنى الفصل العجمي (صم)

مكترث " (لأنه لا يتفرع بالاتجاه هنا وهنا). ° معنى الفصل العجمي (صم): هو انسداد مسامّ الشيء مع صلابة فلا ينفذ فيه أو منه شيء -كما في القناة الصماء: المكتنز جوفها والحجر الأصم- في (صمم)، وكما في شجر الصوم لا يخرج منه ورق ولا فروع، والبكرة الصائمة التي لا تدور والصيام المعروف لا يدخل فيه شيء إلى الجوف -في (صوم)، وكما في الشيء المصمت الذي لا جوف له والشخص الصامت لا ينفذ منه كلام -في (صمت)، وكما في الصمْد المكان الغليظ المرتفع لا يبلغ أن يكون جبلًا، والصَمْدة الصخرة الراسية في الأرض -في (صمد)، وكما في القناة الصمعاء التي هي مع اكتناز جوفها لطيفة العقدة، والصمعاء الكعبين اللطيفتهما المستويتهما (أي أنهما غير ناتئين كما تنتأ الكعوب عادة) -في (صمع) وكالصومعة من البناء المجموعة الأعلي أيضًا. الصاد والنون وما يثلثهما • (صنن): "الصَنّ -بالفتح: زبيلٌ كبيرٌ مثل السَلة المُطبَقة يُجْعل فيها الطعام والخبز. وأَصَنَّت الناقة: تأخَّر وِلَادها فوقع رِجْل الوَلَد في صَلاها دَفَعَ وَلَدُها بكُراعه ورأسه في خَوْرانِها. وأصنَّ اللحمُ: أنتن. والصِنَّةُ -بالكسر وكصداع: رائحةُ المغابِن ومَعاطِفِ الجَسَد (الإبط ونحوه) وقد أَصَنّ ". Qاحتواءٌ في الجوف متمكّن أو دائم (على غلظ) (¬1) ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الصاد تعبر عن غلظ ممتد، والنون تعبر عن امتداد في الباطن لطيف، =

(صنو)

كاحتواء الزبيل ما فيه والغلظ كثرته، وكالولد في صَلا الناقة - والغِلَظ أن هذا ليس مكانه، وإنْتان اللحم إنما هو من طول اختزانه (بلا تبريد)، وصُنان المغابن من طول احتوائها على العرق بلا تنظيف. ومن ذلك الأصل: "أصَنَّ فلان: امتلأ غضبًا/ شَمَخ بأنفه كبرًا " (الغضب والكبر غلظ يمتلئ بهما الجوف) وكذلك "المُصِنّ: الساكت " (يكتم كلامًا في نفسه). • (صنو): {وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} [الرعد: 4]. "إذا كانت نخلتان أو ثلاثٌ أو أكثرُ أصلُها واحدٌ فكل واحد منها صِنْو -بالكسر، والجمع: صِنْوانٌ. رَكِيّتان صنوانِ: متجاورتان إذا تقاربتا ونبَعَتا من عَيْن واحدة ". Qتعدد التفرع من أصل واحد كالنخلات من أصل واحد والركِيّتَيْن من عين واحدة {صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ}: مجتمع ومتفرق. ومنه "فلان صنو فلان: أخوه " (نفذا من أصل واحد) "وعمُّ الرجل صِنْوُ أبيه "كذلك ¬

_ = والفصل منهما يعبر عن احتواء في الجوف (امتداد في الباطن) بتمكن (بغلظ) كما في الناقة الُمصن. . . وفي (صنو) تضيف الواو معنى الاحتواء أو الاشتمال، ويعبر التركيب عن اشتمال على امتدادات كثيرة من الجوف كما في صِنْوان النخل. وفي (صنع) تعبر العين عن التحام برقة، ويعبر التركيب عن جَمْع أو تعظيم برفق (حيلة أو تلطف) كمصانع الماء. وفي (صنم) تعبر الميم عن استواء الظاهر والتئامه، ويعبر التركيب عن اكتناف الظاهر بأمور دقاق أو خفية تصدّ عن الشيء كقصبة الريشة وما يكتنفها عن شعر، وكالرائحة والطعم للشيء.

(صنع)

ومنه "الصاني: الملازم للخدمة " (كأنه جزء من المخدوم أو فرع) و "الصِنَا - كرضا ويمد: الرَمَادُ والوَسَخ (متولد أو متفرع) وأخذتُ الشيءَ بصِنايته أي بجميعه " (بفروعه). ومما يُشْبه معنى التفرع جاء "الصُنَيّ -مصغرا: "شِعْبٌ صغير يسيل فيه الماء بين جبلين "وهو مما قالوا فيه "الصَنْو -بالفتح: الغَوْرُ الخسيس بين الجَبَلين/ الماءُ القليل بينَ الجبلين ". • (صنع): {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45] "الصِنعْ -بالكسر: السَفُّود تُنْظَم فيه قِطَع اللحم، والمصانع: أَحْباس تُتَّخَذُ للماء. . . يُجْمَع فيها ماء المطر. صَنَع فلان فَرَسَه: قامَ بعَلَفه وتَسْمينه. وقَوْمٌ صَناعِية - ككراهية: يَصْنَعُون المال ويُسَمِّنُونه. وصَنَع جَاريته: رَبَّاها. وصُنِعَتْ -للمفعول: أُحْسِنَ إليها حَتّى سَمِنت " [ق]. Qجَمْع أو تحصيل في هيأة جديدة (أو تعظيم نَفْسِ الهيأة) بتدبير واحتيال أو إحكام. كما ينتظم السفُّود قطع اللحم، وكما يَجْمع المَصْنَع الماء وكالتسمين. ومنه "صَنَع الشيء: عَمِلَه "-وفي هذا التعبير عن معنى الصنع تسامح لأنه ليس كل عمل جمعًا أو تعظيمًا، كما أنه ليس في كل عمل احتيال أو تدبير، وتأمل قوله تعالى: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ} [هود: 38]، {صَنْعَةَ لَبُوسٍ} [الأنبياء: 80]، {مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ} [الأعراف: 137]، {تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا} [طه: 69]. ففي كل ذلك تدبير واحتيال، و "المصانعة: الرشوة (حيلة للحصول على شيء) والمصانعُ: مواضعُ تعزل للنحل منتبذة عن البيوت

(صنم)

والقرى " (للنحل)، والحصونُ، وما يصنعه الناس من الأبنية والآبار. {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ} [الشعراء: 129]. فسرت في [قر 13/ 123] بالمنازل، والحصون، والقصور، ومحابس المياه. والأخير هو المشهور. وكلها فيها تدبير وإحكام {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه 39] تُرَبَّى. {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} [طه: 41] جعلتك مقر الإكمال والإحسان [بحر 6/ 227، 228]. • (صنم): {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35] "الصَنَمَة -محركة: قَصَبَة الريش كُلِّها [ق]. والصَنِمَة - كفرحة: اللبَن الخبيثُ الطعم والرائحة ". Qجمع الشيء أو أخذه أمورًا دقاقًا أو خفية -مع استواء الظاهر- كقصبة الريش حولها جناحان من الشعر، وكاللبن الموصوف تمتد منه رائحته الخبيثة ويذاق فيه طعمه الخبيث وهما خفيان، والظاهر مستو. ومن ذلك: "الصَنَم -محركة: قُوّة العَبْد وهو صَنِم "- ككتف. (القوة إمكانية لا تبرز إلا عند العمل). وأما "الصنمَ -بالتحريك: ما اتُّخِذ إلهًا من دون اللَّه. . . يُنْحَت من خشب ويصاغ من فضة ونحاس "فلعله سُمِّي كذلك لما توهَّم فيه عابدوه من قوى خفية ليس لها ظواهر تدل عليها. ثم إن اللغويين اختلفوا في الفرق بين الصنم والوثن: فمنهم من سَوَّى بينهما: الجوهري [تاج]، وفي [طب الأنعام 74] أنها مصوّران. ومنهم من رأي أن المصوّر صنم وغير المصور وَثَن (الفهري وابن عرفة وشرح الدلائل)، ومن نص على كون الوثن مصوّرا [ينظر فيهما تاج]. ومنهم من رأي أن الصنم صورة بلا جثة (رسم على الحائط مثلا)، والوَثَن ما كان له جثة من خشب أو فضة أو حجر ينحت ويعبد. ومنهم من

الفصل المعجمي (صن)

جعل الوثن المنصوب أي الذي له جثة صَنَمًا. ويترجح لدي أن الصَنَم مصور فهذا أدْعَى إلى توهم سِرٍّ فيه، كما أن اعتبار اللفظ المصاقب للصنم، وهو السنام، يرجح أنه جثة منصوبة. أما الوثن فإن احتواء الكلمة على الفصل المعبر عن التكثير (ثن) يرجح أن المعتبر فيه أنه شريك أو ثانٍ (أي تعدد المعبود) تعالى اللَّه عن ذلك. فملحظ الوثن أنه شريك، وملحظ الصنم أنه جثة مصورة منصوبة، فيمكن أن نقول إن الوثن أعم من الصنم. أما دعوى تعريب الصنم التي ذُكرت في ل وغيره، فلا أساس لها، كما وضح مما سبق. ° الفصل المعجمي (صن): هو الاحتواء في الجوف أو الإمساك في الأثناء بتمكن أو دوام كالصَنّ: الزبيل الكبير الذي يجعل (أي يخزن) فيه الطعام والخبز، وكما يُصِنّ اللحم أي ينتن من طول بقائه غير مبرد -في (صنن)، وكما يحتوي الأصل من النخل علي قوة وخصوبة عظيمة فتخرج منه نخلتان أو ثلاث أو أكثر لا نخلة واحدة -في (صنو)، وكما يحتوي السفّود علي عدة قطع من اللحم بتمكن، وكذلك مصنع الماء خزّانه -في (صنع)، وكما تمسك قصبة الريش بشعرها النابت منها إمساكًا قويًا، وكذلك اللبن الخبيث الطعم والرائحة إنما يكون كذلك لبقائه مدة طويلة غير مبرد -في (صنم). الصاد والهاء وما يثلثهما • (صهر): {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفرقان: 54]. "صَهَرَ الشحم ونحوه (فتح): أذابه. والصُهَارة - كرخامة: ما ذاب منه ".

Qتميع الجامد المتماسك وذوبانه (بحرارة تبلغ ذلك) (¬1) كصَهْر الشحم {يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ} [الحج: 20]. ومنه "اصطهر الحرباءُ واصهار: تلألأ ظهره من شدة حر الشمس، وقد صهره الحر وصَهَرته الشمس: اشتد وقعها عليه " (حتى تكاد تذيبه أو لأن لمعانه يبديه ذائبًا). ومن التميع أو الذوبان وحده قيل "ما بالبعير صُهارة -كرخامة أي نِقْي "وهو مُخّ قَصَب العِظام، سمي بذلك لكونه كذلك أو صيرورته. وقالوا "صَهَر خُبْزه: أَدَمه بالصُهارة، وصهر رأسه دَهَنه بها ". ولما كان صَهْر الأشياء يذيبها فتخلتط بعضها ببعض عُبِّر بالتركيب عن شدة القرب والمخالطة. ومنه في بناء مسجد قُبَاء "فيَصْهَر الحجر العظيم إلى بطنه: يدنيه ويقربه " (فالذي مجمل حجرًا عظيمًا ضَامًّا إياه إلى بطنه لابد أن يضغط عليه كثيرًا إلى بطنه ليتحمل الجسم مع اليدين ثقل الحجر وهذه مخالطة قوية جدًا) كما يقال "صَهَرْتُ الشيءَ: خَلَطته [قر 13/ 60] وصَهَرَه وأصْهره: قَرَّبه وأَدْناه "ومن هنا أُخذ "الصِهْر وهو ما كان من خُلطة تشبه القرابة يُحْدِثها التزويج " [ل] يقال "صاهرت القوم، وفيهم: تَزَوَّجْت فيهم. وأَصْهَرْت بهم وإليهم صرت فيهم صِهرًا أو جارًا متحرمًا بهم. والصهر -بالكسر: زَوْج بنتِ الرجل أو أختِه ". والجاري هو شدة قرب الرجل ومخالطته لأهل امرأته. وتأمل قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} فُسّر الماء بالنطفة [قر 13/ 59] وعرّفوا النسب بأنه خلط الماءين. والدقيق ما جاء في (نسب) من أنه القرابة في ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): انظر ما قلنا في تفنيدنا زعم تعريب التركيب.

الآباء "أي البنوة والأبوة وهي ثمرة خلط الماءين. وقد أورد في المتوكلي أن الصهر معربة عن البربرية وحكاها الخولي وتوقف إزاءها. ثم ساق زعمًا آخر بأن الصهر فارسي معرب عن شوهر أي زوج البنت. وارتاح إلى ذلك. وبهذه المزاعم سلبوا التركيب بمعنييه عروبته. ونحن بحسب منهجنا لا نجد أدنى ما يشكك في عروبة الكلمة. فالصَهْر إذابة الشحم وغيره بتعريضه للحرارة الشديدة. والمصاهرة ذوبان واختلاط، ونحن نرى واقعا أن المصاهرة الناجحة يكاد الصهر (= زوج البنت) ينتمي فيها الي أسرة زوجته. * * *

باب الضاء

باب الضاء التراكيب الضادية • (ضوأ): {. . . يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ} [النور: 35] "الضَوْء -بالفتح والضم- النور. ضاء السراجُ والنارُ، وضاء الأُفقُ بنوره -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأضاء: استنار ". Qأشعةٌ تنفُذ من شيء وتنتشرُ فتزيلُ كثافة الظلام والإعتام. كالضوء: النور - وهو لطيف حادّ ينفذ من النار {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} [يونس: 5]. كأن كلمة الضياء هنا تعنِي -بمساعدة صيغة فِعَال المعبرة عن الآلية- مصدرًا للضوء، أي شيئًا يضيء، وأما القمر فهو ذو نور، وليس في اللفظ ما يدل على أنه مصدر ذاتي له - بعكس الشمس، ففي الضوء ملحظ الصدور بقوة وصيغته للآلية كما قلنا. ولهذا اقترن الضياء بالنار في ما ورد من شواهد تجمعهما. ويؤيد هذا أن الشمس -دون القمر- وُصِفت في القرآن بأنها سراج {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} [نوح: 16]، {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا} [النبأ: 13]. أما "ضَاءَ عن كذا بمعنى عدل وحاد عنه "فهي -إن صحت- تتأتي من

الضاء والباء وما يثلثهما

الأصل أي نفَذَ متجاوزًا إياه. فالنفاذ من الأصل، والتجاوز من "عن ". وكل ما في القرآن من التركيب فهو من الضياء الحقيقي عدا {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَي وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ} [الأنبياء: 48] فهو ضياء مجازي. الضاء والباء وما يثلثهما • (ضبب): "الضَبَاب: نَدًى كالغَيْم. . . يَغْشَى الأرض. ضَبَّه: شَدّ القبض عليه احتواه. ضبَّ الناقة: حلبها بالكف كله حلبها بخمس أصابع/ جعل إبهامه على الخِلْف ورَدَّ أصابعَه على الإبهام والخِلْف جميعًا ". Qغِشيَانٌ أو ضم بكثافة حاجبَةٍ ولُزُومٍ (¬1) كالضباب (وهو كثيف) يغشى الأرض وكالقَبْض على الشيء بالكفِّ كله. ومنه الضَبُّ المعروف وهو في هيأته لاطيء بالأرض لازق بها (أي من اللزوم). ومن معنويه "الضَبُّ: الغيظُ والحِقْد في الصدر (لاصق في الصدر). ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): (الضاد) تعبر عن كثيف ثقيل منضغط، والباء تعبر عن تجمع وتلاصق رخو والفصل منهما يعبر عن عشيان كثيف يلزم ويحجب كالضَّباب الكثيف يَغْشَى الأرضَ وكالقبض بجميع الكف على الشيء. وفي (ضبح) تعبر الحاء عن احتكاك بعرض مع جفاف، والتركيب يعبر عن خروج (أو ذهاب) ما هو لازم في أثناء الشيء من شِدّة كالضبْح: الرماد، وهو يصير رمادًا باختراق الحطب ونحوه احترافًا يُفْنِي ما يُمسك ذرّاته وكذا إذابة صلابِة باطن القِدْح أو تليينة.

(ضبح)

• (ضبح): {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} [العاديات: 1] "الضِبْحُ -بالكسر: الرَمَاد. ضَبَح القِدْحَ: إذا كان فيه عِوَجٌ فثُقِّفَ بالنار حتي يَسْتَوي. والمضبُوحة: حجارة القَدَّاحة التي كأنها محترقة ". (القدّاحة حجر يُصكّ فتخرج شرارةٌ تُلتقط لتُشْعَل منها النار. أما القِدْح فهو السهم الذي يقذف بالقوس). Qإخراجُ القُوّة الكامنة في أثناء الشيء أو إذهابها. فالرماد إنما هو تراب الشيء المحترق، والاحتراقُ فناءُ تماسكِ ذرّات الشيء. وهذا التماسك هو قوته. وضبْحُ القِدْح يَحْدُث تعريضه للنار فتلين أثناؤه التي صَلُبَت على عِوَج فيقوّم بعد إذهاب صلابته. وحجارة القداحة تَخْرج منها النار المختزَنة فيها (حسب تكييف العرب) بالاقتداح. ومن ذلك: "ضَبَحَت الخَيْل في عَدْوها: إذا سَمِعْتَ من أفواهها صوتًا ليس بصهيل ولا حمحمة/ إذا نَحَمَت وهو صوت أنفاسها إذا عَدَت "فهذا من أنها تبذل أقصى طاقتها المختزنة في العدْو. وتفسير الضبح بهذا استعمال للفظ الضبح في لازم معناه. {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا}. ومن ضَبْح القِدْح أي التشبيه بأثره الظاهر قالوا: "ضَبَحته الشمس: لَوَّحته وغيرت لونه ". ومن ضبح الخيل (أي إخراج نَفَسها بدفع شديد في عدوها) قالوا "ضبح الكلبُ: نبح ". ° معنى الفصل المعجمي (ضب): هو اللزوم الشديد غِشيانًا أو إمساكًا في الأثناء كما يتمثل في الضباب، وفي الضَبّ على الخِلْف -في (ضبب)، وفي القوة المختزنة التي تَخْرج نارًا أو عَدْوا قويًّا) -في (ضبح).

الضاد والجيم وما يثلثهما

الضاد والجيم وما يثلثهما • (ضجج): "الضِجاج - ككتاب: ثَمَرُ نَبْت أو صِمْغٌ تَغْسِل به النساء رؤسهن. . ويُقَوَّي بالقِلْي ثم يُغْسَل به الثوبُ فيُنَقِّيه تَنْقِيَةَ الصابون، وكلّ شَجَرة تُسَمّ بها السباع أو الطير. وضَجَّجَها: سمها ". Qحِدّة تُذِيبُ اللصوق والتماسك (¬1) كما يُذِيب الضِجَاجُ الوَسَخَ اللاصق، وكما تَقْتُل الشجَرة المذكورةُ السبَاعَ والطير. ومنه "الضَجَاج - كسحاب: العاج، وهو مثل السوار للمرأة " (سوار من ذبل وهو عَظْم ظهر السلحفاة، أظنه يصنع بإذابة ذلك العظم). ومن ذلك "ضَجَّ البعيرُ: صاح. والضَجِيج: الصياح عند المكروه والمشقة والجَزَع ". فإصدار الصوت المعبر عن الألم هو الذوبان لأن الأصل أن البعير لا يصيح من الألم إلا إذا فاق الألمُ كل طاقته على الحمل. ثم أُطْلِق من ذلك فقيل "ضَجّة القوم: جَلَبَتهم ". ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الضاد تعبر عن كثافة أو غلظ مع ضغط ما، والجيم عن تجمع هش له حدة، والفصل منهما يعبر عن حدة تذيب ما هو كثيف لاصق بأثناء جِرم كإذابة الوسخ بحدة الضِّجاج. وفي (ضَجَعَ) تعبر العين عن رقة ضعف أو ما إليه ويعبر التركيب بها عن انطراح ما هو كثيف غليظ أو الانطراح بغلظ كأنما تسيب أو ذهب تماسكه الذي يَنصِبُ جِرمه: وذلك كالاضطجاع وضَجَع الثنايا.

(ضجع)

• (ضجع): {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السجدة: 16] "اضطجَع: اسْتَلقى ووضع جَنْبَه بالأرض/ نام. رجل أضجع الثنايا: ماثلها ". Qاستلقاء أو انطراح بثقل (يُريح). كالاضطجاع لثقل البدن أو استرخائه، وكمَيْل الثنايا، والأصل فيها أن تكون قائمة شديدة فكأنما ذهبت القوة التي تنصبها فمالت. ومن الثقل قولهم "دلو ضاجعة: ممتلئة. وإبل ضاجعة: لازمة للحَمْض مُقيمةٌ فيه. وسحابة ضَجوع: بطيئة من كثرة مائها. (البطء لازم للثقل). وتضجَّعَ السحاب: أَرَبَّ بالمكان (أي لزمه). ومضاجع الغيث مساقطه ". ومن معنوي هذا الثقل: "تضجع في أمره: تَقَعَّد ولم يقم به ". والذي جاء في القرآن الكريم من هذا التركيب هو "المضاجع "جمع المضجَع: موضع الاضطجاع {فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء: 34] ج مضجع مكان الاضطجاع، والمراد مكان نوم الرجل مع زوجته. وكذا ما في [السجدة: 16]. أما في {لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [آل عمران: 154] فالمضاجع فيها: المصارع وهي الأماكن التي قُتِلوا فيها سميت بذلك لضجعة المقتول فيها [بحر 3/ 87]. (المصروع يتمدد كالراقد). ومن معنوى الاضطجاع: "الضُجعة -بالفتح والضم: الخَفْض والدَعة ". والعامة تعبر عن ذلك بأن فلانًا مبسوط (من الانبساط: التمدد). ومستريح. ° معنى الفصل المعجمي (ضج): هو ذوبان تماسك الأثناء أو ما لصق وأمسك

الضاد والحاء وما يثلثهما

فيها كما يفعل الضِجاج -في (ضجج)، وكما هي حالة الاسترخاء التام عند الاضطجاع -في (ضجع). الضاد والحاء وما يثلثهما • (ضحح - ضحضح): "الضِحُّ -بالكسر: ضوء الشمس الذي على وجه الأرض/ إذا استمكن من الأرض. والضِحُّ كذلك: البَرَاز من الأرض. وغَنَمٌ واِبلٌ ضَحْضَاح: كثيرة منتشرة على وجه الأرض. وماء ضَحْضَاح: قريبُ القَعْر/ ما رَقّ من الماء على وجه الأرض. والضَحْضح والضَخضحة -بالفتح فيهما: جَرْيُ السراب وترَقْرُقُه ". Qانبساطٌ مع شفافية ورقة أي عدم كثافة أو تراكم (¬1) كضوء الشمس المنبسط على الأرض وهو شفاف، وكالبرَاز من الأرض (وهو منبسط وخال والخلو عدم كثافة). وكالإبل الكثيرة المنتشرة (انتشارها عدم ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الضاد عن كثافة أو غلظ مع ضغط ما، والحاء عن احتكاك بعرض وجفاف والفصل منهما يعبر عن انبساط مع رقة أي شفافية أو عدم كثافة كالضح: ضوء الشمس الذي على الأرض. وفي (ضحو ضحى) تعبر الواو عن اشتمال والياء عن اتصال، ويعبر التركيبان عن انبساط الضوء والانكشاف بصورة شاملة لكل شيء كالضحوة وكالضاحية: البادية. وفي (ضحك) تعبر الكاف عن ضغط غئوري دقيق في الأثناء ويعبر التركيب بها عن ظهور ذاك القوي الممتسك في الأثناء بالانكشاف عنه كالضَّحْك المَحَجة تبرز وتظهر قوية من بين ما حولها من الأرض، وكالثغر الأبيض بعد انفراج الشفتين عنه.

(ضحو ضحى)

كثافة) وكطبقة الماء والسراب. وقد ورد "في ضَحْضَاح من نار ". أي غير عميقة. • (ضحو ضحى): {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 1 - 3] "الضَحوة -بالفتح: ارتفاع أول النهار بعد طلوع الشمس، والضُحَى - كسُدَى: ما فوق ذلك إلى أن تصفو الشمس جدًا. والضَحَاء - كسمَاء: بعد ذلك إلى منتصف النهار ". Qانكشاف الشمس وانبساط الضوء انبساطًا شاملًا بلا ساتر: كالضحوة وما بعدها بوصفهن. ومنه "ليلة ضحياء: مُضِيئة لا غَيْمَ فيها مُقْمِرة، وقمر ضَحْيان، وسراج ضَحْيان: مضيء ". ومنه كذلك "الأضحى من الخيل: الأبيض والأشهب " (من حيث إن البياض شفافية وظهور تام كالانكشاف وكما يفعل الضوء). ومن ذلك الانكشاف للشمس والضوء "الضواحي: السموات، والضاحية: البادية، والضواحِي من الشجَر: القليلةُ الوَرَق التي تَبْرُزُ عيدانها للشمس، ومن النخل: ما كان خارج سُور (البلد). وباع فلانٌ ضاحيةً إذا باع أرضًا ليس عليها حائط. وضواحي الرَجُل: ما ضَحا منه للشمس وبَرَز كالمنكِبين والكتِفَين. وخرج الرجل من منزله فَضَحا لي: ظهر ". ومن الانكشاف أيضًا: "فعل فلان كذا ضاحِيةً: أي علانيةً جهارًا نهارًا ". ومن أثر التعرض للشمس قالوا "ضَحِيَ (تعب): عَرِق ". والذي جاء في القرآن الكريم من هذا التركيب كله هو ضحى الشمس الذي نقلنا معناه أولًا أي وقته: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} ومنه يقال

(ضحك)

"ضحى (تَعِبَ): أصابته الشمس من التعرض لها " {وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} [طه: 119]، ومنه "أَضْحَى: دخل في الضُحَى. وأَضْحَى يفعل كذا: صار فاعلًا له في وقت الضحى " (ثم أطلق عن القيد) وقالوا: "ضَحَّى بالشاة - ض: أخرجها وذَبَحها ضُحَى النحر. وما ضَحَّيْتَ به يسمى ضَحِية - كهدية (ج ضحايا) وأُضْحِيّة -بالضم والكسر والياء مشددة (ج أضاحي)، وأضحاة بالفتح (ج أَضْحَى) اهـ. ومن تضحية النحر في وقت الضحى تقربًا استعمل في مجرد القتل ضُحًى أو نهارًا -كما في قول حسان عن عثمان رضي اللَّه عنهما ": {ضَحَّوْا بأشمط عنون السجود به}. وقالوا إن هذا استعارة [ل] ثم في مجرد تقديم شيء عظيم بلا مقابل مُجْزٍ كما يشيع استعماله الآن. • (ضحك): {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ} [عبس: 38، 39] "الضَحُوك من الطُرُقِ: ما وَضَح واستبان. والضَحْك -بالفتح: المَحَجّة. الضاحك: حجر أبيض يبدو في الجبل، والضَحْكُ -بالفتح: الثغر الأبيض، والعَسَل (شبه بالثغر لشدة بياضه [ل] لعل المقصود عند تجمده أو وجوده في شمعه)، وطَلْعُ النَخْل حين يَنْشَقُّ، والنَوْرُ -بالفتح، والثَلْجُ. . . والضاحكة كل سن من مقدم الأضراس مما يَبْدُو عند الضحك ". Qبروز الشيء أبيض واضحًا من بين ما يكتنفه ملتئمًا عليه: كالطريق الواضح يبرز قويًّا من بين ما حوله، وكالأسنان من بين الشفتين، وكالعسل الأبيض في بيته، والحجر الأبيض من الجبل، والطلْع والنور من النخل والنبات (والبياض والبريق قويّا الوقع على الحسّ). ومنه "الضَحِك المعروف/

ظهور الثنايا من الفرح [ل] وتأمل قولهم "أضحك اللَّه سنك ". ولم يقولوا فمك {وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ} [النجم: 60]. وكل ما في القرآن من التركيب هو من هذا الضحك إلا في {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ} [هود: 71] فقد فُسِّرَ بالحيض وشواهده في [ل، قر 9/ 66]. ويؤخذ صوتيًا من التركيب أن وروده بمعنى الحيض جِدّ بعيد، إذ ليس في أصوات التركيب ما يعبر عن ميوعة الدم، ولا الاعتصار. وأقرب ما سمع إلى معنى الحيض قولهم: "أضحكَ حوضَه: ملأه حتى فاض "ولكن الملحظ هنا هو وصول الماء إلى حفاف الحوض مع بريق سطح الماء حينئذ. وأخيرًا فإن في النفي شيئًا من (ضحك الأرانب) الذي أوردوه شاهدًا للضحك بمعنى الحيض [انظر ل، طب 15/ 393] وأما ضَحِك الضِباع فكَشْرُها عن أنيابها للافتراس، وحمله على الحيض تحكم واضح. وقد رأى الفيروزآبادي أن تفسير الضحك بالحيض وَهْم أو سوء فهم وقع فيه قائله. وإنما مراد الرواية أنها -بعد الضَحِك والبُشرى- حاضت تحقيقًا لبشرى، فتوهم بعضهم أن قول الرواية التفسيرية (فحاضت) هو تفسير للفظ (فضحكت) في الآية (¬1). وبعد فمعنى الآية في ما أرى هو الضحك المعروف فرحًا بالبشرى أو فرحًا بالأمن والنصر، أو لأنها كانت نصحت إبراهيم أن يضم إليه ابن أخيه لوطًا حتى لا يلحقه العذاب الذي هو نازل بقومه لا محالة، فضحكت من جريان الأمر على ما توقعت. كما هي رواية الزجاج (¬2). ¬

_ (¬1) بصائر ذوي التمييز 3/ 461. (¬2) تهذيب اللغة 4/ 90.

معنى الفصل المعجمي (ضح)

° معنى الفصل المعجمي (ضح)؛ هو الانبساط مع الانكشاف أو الشفافية كما في الضِحِّ ضوء الشمس على وجه الأرض في (ضحح)، وكما في الصَحْوة وما بعدها -في (ضحو ضحي)، وكما في بروز الشيء أبيض واضحًا من بين ما يكتنفه كالضَحُوك من الطرق ما وضح واستبان -في (ضحك). الضاد والدال وما يثلثهما • (ضدد): {كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} [مريم: 82] "الضَدُّ -بالفتح: المملوء. والضُدُد -بضمتين: الذين يملئون للناس الآنية إذا طلبوا الماء. واحدهم ضادّ. ضَدَّ القِربةَ (رد): ملأها ". Qامتلاء جوف الشيء أشدّ امتلاء (¬1) -كما وُصِفَ. ومن ذلك جاء "أضَدّ: غَضِب " (الغضب امتلاء بغلظ انظر غضب - وقد قالوا "ضَدِيَ -تعب- امتلأ غضبًا ". ومن ذلك "ضَدَّه في الخصومة: غَلَبه (والخصومة من غَضَبٍ لأمر أو كراهية له). ومن ذلك الأصل جاء "الضِدُّ بمعنى الخَصْم كما قالوا سِبقك -بالكسر: الذي يسابقك، وسِبْك -بالكسر: الذي يسابك [ل] فعلى القياس ضِدُّك الذي يُضَادّك من الضَدّ: الامتلاء وعدم قبول كل منهما الآخر (الضدان لا يجتمعان). والخصومة من عدم قبول الشخص ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الضاد تعبر عن غلظ أو كثافة مع ضغط، والدال تعبر عن ضغط شديد وحبس ممتد والفصل منهما يعبر عن الامتلاء بشدة وضغط حتى لا يقبل الممتلئ مزيدًا (الامتلاء وحده غلظ وكثافة).

الضاد والراء وما يثلثهما

أو التصرف. و "ضِدُّ الشيء وضَدِيدُه: خلافه. قال تعالى: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا}: أعداء. أما ما قالوه: "الضد: المثل " [ل 252] فليس يثْبت ولعلهم أخذوه من المناظرة والمقابلة بينهما. ومثل هذه المناظرة لا تقتضي مماثلة أو موادّة، فلا تضاد. الضاد والراء وما يثلثهما • (ضرر): {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62] "الضَرَّة -بالفتح: أصل الضَرْع الذي لا يخلو من اللبن أو لا يكاد يخلو منه/ الضَرْع كله ما خلا الأَطْباء، ولا يسمى بذلك إلا أن يكون فيه لبن، فإذا قَلَصَ الضَرْعُ وذهب اللبنُ قيل له خَيْف. والضَرَّتان: الألية من جانبي عظْمها وهما اللحمتان اللتان تنهدلان من جانبيها، والضريران: جانبا الوادي ". Qزَحْمٌ ودفع للمتلئ برخو (¬1): يلزمه التضييق أو النقص ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الضاد تعبر عن غلظ أو كثافة مع ضغط، والراء تعبر عن استرسال في الجرم أو الحركة، والفصل منهما يعبر عن امتلاء برخو كالضَرة التي فيها لبن وكالألية وضرة الإبهام الخ. وكلها مسترخية. وفي (ضور - ضير) تعبر الواو عن اشتمال والياء عن اتصال فيعبر التركيبان عن شدة فراغ الجوف (رخاوة ما في الباطن يؤخذ منها فراغه) كالضَوَر شدة الجوع ومنه الضيْر: الضرر (نقص كالفراغ) وفي (ضرب) تعبر الباء عن تجمع رخر وتلاصق ويعبر التركيب عن مخالطة بغلظ لما هو رخو مجتمع حتى يغلظ ويشتد كالضريب الصقيع والجليد. وفي (ضرع) تعبر العين عن التحام الجرم عريضًا =

كالضرع الممتليء، فإنه يزحم فخذي الناقة وهما يدفعانه، وكما في الألية حيث تكون تجمعا لحميًّا رخوًا متزاحما، وكضريري الوادي حيث يدفعان ماءه من الجانبين حَوْزًا له. والرخاوة ضعف. ومنه "الضرير: المريض المهزول {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ} [الأنبياء: 83]، والضرّاء: النقص في الأموال والأنفس، والسَنَةُ (أي الجدب والقحط)، والضَرَر: النقص يدخل في الشيء، والضِيقُ. والضاروراء: القحط والشدّة، (كل ذلك نقص وتضييق) يؤخذ منه الضُرّ ضد النفع {مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ} [يوسف: 88] {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 102] (أي بالسحر) {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا} [البقرة: 231] أي مضارّةَ بتطويل العِدّة وسوء العشرة وتضييق النفقة وهو أعم من هذا كله [بحر 2/ 218] ومثلها ما في [الطلاق: 6]. {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} [البقرة: 282] النهي عن أن يوقِعا ضَررًا أو يوقَع عليهما ضرر [بحر 2/ 369 - 370] و "الضرائر: المحاويج، والاضطرار: الاحتياج إلى الشيء. (الشعور بنقصه عده ثم ضرورته ولزومه كما في {فَمَنِ اضْطُرَّ} كلها. ومنه دفعه إليه وإيقاعه فيه، "ضرّه إلى كذا: ألجأه. وأضره على كذا: أكرهه " {ثُمَّ أَضْطَرُّهُ} [البقرة: 126] {ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ} [لقمان: 24]. ومن هذا المادي أيضًا "كان (سيدنا معاذ) يصلي فأضرّ به غصن فمد يده فكسره. أي دنا منه دنوًّا شديد " (زحم الحيّز الذي يتحرك فيه)، وأضَرّ الشيءُ بالطريق: دنا منه ولم يخالطه (زحمه) وأضر السبيل من الحائط: دنا " (ضيق المسافة بينهما). ¬

_ = رقيقًا، ويعبر التركيب بها عن زيادة التجمع الرخو مع التدلي كضرع الشاة والناقة وكالضريع الجلدة على العظم.

ومما يعم في المادي والمعنوي "ضره: ضد نفعه/ ألحق به أذى أو مكروهًا، وكذا ضرّ به، وأضرّه، وبه، وضارّه " (سبب له نقصا أو ضيقا) {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ} [يونس: 12]، {فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ} [الأنعام: 42] وليس في الاستعمالات القرآنية للتركيب ما يخرج عن معنى الضيق وما يلزمه {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] الزمانة [قر 5/ 341]. وهي تضييق بالنقص من إمكانات غير الزَمِن بأيٍّ من صُوَره. ثم ذكر قصة نزول الآية دون هذا الاستثناء وتساؤل ابن أم مكتوم (أعمى كان حاضًرا) عن الذي لا يستطيع الجهاد من المسلمين (أي من هم في مثل حاله)، وأن الاستثناء نزل فور تساؤله. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105] أورد [قر 6/ 342] قول سيدنا أبي بكر -رضي اللَّه عنه- حسب رواية أبي داود والترمذي: أيها الناس، إنكم تقرءون هذه الآية وتتأولونها على غير تأويلها، وإني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم اللَّه بعذاب من عنده "ثم ما رواه أبو داود والترمذي أيضًا عن أبي ثعلبة الخشني أنه سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن هذه الآية فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بل ائتمروا بالمعروف وتناهَوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شُحًّا مطاعًا، وهوى متبعًا، ودُنْيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك خاصةَ نفسك، ودع عنك أمر العامة، فإن من ورائكم أياما الصبرُ فيهن مثل القبض على الجمر. للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلًا يعملون مثل عملكم "وفي [قر] إضافات كثيرة أهمها أن تطبيق هذه الآية وحديث الخشني هو في ما بعد القرون الأولى بما يشمل عصرنا هذا. واللَّه المستعان.

(ضور - ضير)

• (ضور - ضير): {قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (50)} [الشعراء: 50] "الضَوْر -بالفتح: شِدَّةُ الجوع، والضَوْرَةُ -كذلك: الجَوْعَة. والتَضَوّر: التلَوِّي والصياحُ عند الجوع يكون من الذِئْب والكَلْب والأَسَد والثَعْلب. والضُورَة -بالضم- من الرجال: القصيرُ الحقيرُ الشأن ". Qفرغ جوف الشيء الغَضّ: كجوع الأحياء المذكورة وغيرها ويلزمُه النقص وصغر الجرم. كالضورة من الرجال. ومنه "ضارَه الأمرُ يَضُوره ويَضِيرُه ضَوْرًا وضَيْرًا: ضرّه (انتقصه من بدنه أو مما يحوزه). ثم أطلق في الضرر {قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ}. • (ضرب): {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ} [الشعراء: 63]. "الضَرِيبُ: الصَقِيعُ والجليد، والعَسَل الأبيضُ الغَليظ كالضَرَب -محركة. والضوارب: وِدْيانٌ فيها شَجَر. والضَريبة: الصُوفُ أو الشَعَر ينفش ثم يُدْرَجُ ويُشَدُّ بخَيْط ليُغْزل. وضَرَبَ الدرهمَ: طبعه ضرب الوتِد: دقه حتى رسب في الأرض ". Qغلظ يخالط الشيء الرخو أو يداخله مداخلة قوية (فيتماسك أو يشتد): كالجليد والعسل الموصوف، وكالشجر في الوادي (الذي يشغل عادة بالعشب والحشيش - وهذه هشاشة) وكدَرْج الصوف وشَدّه. وضرب الدرهم بكون بتجميد الفضة الذائبة في قالَب على هيئته، وكضرب

الطوب اللبِن، وكدقَ الوَتِد في الأرض. ومنه هذا المعنى المشهور للضرب أعني صدم البدن بعصا أو يد: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} [النساء: 34]: والأئمة على ضرورة مراعاة السبب وهو النشوز، ثم التدرج في المراتب، وأن يكون الضرب -إذا وصل التأديب إليه- غير مبرح، وأن يتوقف التأديب عند وقوع الطاعة [ينظر قر/ 170 - 173، بحر 3/ 250 - 253]. ومن صدْم غير البدن: {اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ} [البقرة: 60] ومثله ما في [73 منها وما في النساء: 34، الأعراف: 160، الأنفال: 12، 50، الصافات: 93، ص: 44، محمد 4، 37]. {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ} [الشعراء: 63] ضرب موسى البحر بعصاه فصار فيه اثنا عشر طريقًا. أراد تعالى أن يجعل هذه الآية متصلة بموسى ومتعلقة بفعلٍ فَعَله، ولكنه بقدرة اللَّه، إذ ضربُ البحر بالعصا لا يوجب انفلاق البحر بذاته. ولو شاء تعالى لفلقه دون ضربه بالعصا [البحر 7/ 19]. {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد: 4] المراد قتل الكفار المحاربين. ومن الصدم لمجرد التصويت لفتا للنظر {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ} [النور: 31]. ومن المخالطة المؤدية إلى نصب الشيء واشتداده "ضربَ البناء والقُبّة: نصبه وأقامه على أوتاد مضروبة في الأرض وثبته " {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ} [الحديد: 13] أقيم وثُبّت مع تضمين معنى فُصِل. ومنه {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ} [آل عمران: 112] كأن المعنى نُصِبَتْ عليهم وحازتهم وهو من ضرْب الخيمة كما قال الراغب. ومنها بلا تضمينٍ اسدالُ الخمار على العنق {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور:

31] {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ} [الكهف: 11] المقصود الإنامة المستثقلة بحيث يتعطل السمع، والأصل ضربنا حجابًا عليها [ينظر بحر 6/ 97 - 98]. ومن معنوى النصب "ضُرب المثل: نَصبُه للعبرة " {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ} [الكهف: 32]. وسياقاته واضحة، ويُعَدُّ منه ما في [الزخرف: 8، الرعد: 17]. ومما يعدّ من صور المخالطة المادية بغلظ: الحركة القوية في أثناء الشيء "الموج يضطرب: يَتَحَرك، ضَرَب العِرْقُ والقلبُ: نبض وخفق ""والضريب: اللبن الذي يجلب من عدة لِقاح في إناء واحد فيُضْرب بعضه ببعض، فمنه ما يكون رقيقًا ومنه يكون خاثرًا " [تاج] (غلظه اختلافه الذي يناقض الخلوص والنقاء. ثم إن الخلط يخثره أي يغلظه). ومن المعنوى "الضرب -بالفتح: الصِنف من الناس "كأنهم ضُرِبوا على هيأة واحدة أو على مثال. . [المقاييس]، ونقول إن الصف المعين شعبة أو فرع من مجموع (مختلط) فهو من المخالطة أيضًا. وكذا "رجل ضَربٌ: خفيف ممشوق مستدق "كأنه فزع من غيره. ومنه "الضرب في الأرض: الذهاب فيها " (للتجارة غالبًا -كأنه (غوص) فيها حيث يمتسك فيها (أي يغيب) كما أن الذهاب والسير من السريان- انظر ذهب وسار). وجعله الراغب من ضربها بالأقدام {إِذَا ضَرَبُوا فِى الْأَرْضِ} [آل عمران: 156]، وسياقاتها واضحة أيضًا كما في [البقرة: 273، النساء: 94، 101، المائدة: 106، المزمل: 20، ومن هذا جاءت المضاربة: أن تعطي إنسانًا مالك يَتَّجِر فيه (مشاركة في الضرب في الأرض). ومن تماسك الرخو أو المتسيب وجوده في الأصل "أضربت عن الشيء:

(ضرع)

كففت وأضرب: أقام في البيت (توقف/ جمدت حركته). و "ضرب عنه الذكر وأضربه: صرفه " (توقف عن ذكره) {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} [الزخرف: 5] أنترك إنذاركم إعراضا. . . كلا و [ينظر بحر 8/ 7]. • (ضرع): {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55] "الضَرْعُ -بالفتح- للبهائم/ للشاء والبقر: كالثَدْي للمرأة [تاج]. أَضْرَعَتْ الشاةُ والناقة: نزل بنها من ضرعها قُرْبَ النتاج. وقيل هو إذا قَرُب نِتاجها. ضَرعت الشمس وضرّعت تضريعًا: غَابت أو دَنَت أن تغيب. تَضريعها: دنوها للمغيب. والضَريع: القِشْر الذي على العظم تحتَ اللحم ". Qرخاوة أو رقة بالغتان مع تَدلٍّ أي دُنُوٍّ ومقاربة من الحصول في الحيز: كحال الشاة والناقة المُضْرِعَتين: رخاوة ضَرْعيهما وتدلي الضَرعين يدل على قرب النتاج. وكذلك تَضْريع الشَمْس فيه فتور حرارتها (ضعف من الرخاوة) مع قربها من مَغِيبها. وواضح أن الضريع المذكور رقيق رِخْو وأنه تحت اللحم ومستقر على العظم. ومن الرخاوة مع المقاربة الزمانية: "ضرَّعت القدر - ض: حان أن تدرك. وضَرَّعَ الرُبَّ: طبخه فلم يُتِم طبخه ". ومن التدلي والدنو عُبِّر بالتركيب عن نقص البدن - مع الرقة أيضًا "ضَرَعَ الوَلَد والبَكْر: نَحُفَ وضَوِىَ جسمه (كما نقول خَسَّ). والضَرَع -محركة: الصغيرُ السِنّ الضعيف ". ومن التدلي والرخاوة المعنوية عُبِّر بالتركيب عن التَذَلّل (وأصله أيضًا الانخفاض {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا} "ضَرَع إليه (كفتح) ضَرَعا -محركة وكسماحة:

معنى الفصل المعجمي (ضر)

خَضَع وذل. والتضرع: التذلل والخضوع {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} [الأنعام: 43]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو من هذا التضرع عدا (الضريع). أما الضريع {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7)} [الغاشية: 6 - 7]، فمن أوصافه أنَّه نباتٌ أخضر منتن خفيف يرمى به البحر وله جوف "ففيه مع الرخاوة دُنُو القيمة. . وله أوصاف أخرى في [ل، تاج] لكنه نبت وصف بأنه "مرْعى سَوْء لا تَعْقِد عليه السائمة شَحمًا ولحمًا وإن لم تفارقه إلى غيره ساءت حالها ". أما "الضِرْع -بالكسر: المِثْلُ، والمضارع: المشابه "فهو من الدنو والمقاربة في الأصل أي مقاربة الشيء لمثيله أو شبيهه. وقد عللوا تسمية الفعل المضارع بمشابهته الاسم في الإعراب. ° معنى الفصل المعجمي (ضر): هو نوع من المزاحمة والدفع أو التضيق كما يتمثل في الضَرَّة ذات اللبن التي تزحم الأفخاذ أو تزاحمها الأفخاذ -في (ضرر)، وكما يتمثل في الضَوْر: الجوع -في (ضور) والضير: الضرر وهو نقص يلزم من التضييق -في (ضير)، وكما يتمثل في رخاوة الشيء قبل أن يتماسك كالضريب الصقيع والعسل الأبيض أعني قل أن يصير الماء صقيعًا والعسل ضَرَبًا -في (ضرب)، وكما يتمثل في الضرع للبقر وهو كُتلة رخوة والرخاوة في هذا وفي ما قبله من جنس النقص -في (ضرع).

الضاد والزاي وما يثلثهما

الضاد والزاي وما يثلثهما • (ضزز): "الأَضَزُّ: الضَيِّق الفم جدًّا، مصدره الضَزَزُ، وهو الذي إذا تكلم لم يستطع أن يَفْرِجَ بين حنكيه فيتكلمُ وفوه مُنْضمٌّ كأنه عاضٌّ بأضراسه لا يفتح فاه/ خِلْقةً خُلِق عليها، وهو من صلابة الرأس في ما يقال. ورَكَبٌ أَضَرُّ: شديدٌ ضَيِّق. وبئر فيها ضَزَز أي ضِيق. وأضَزّ الفَرَسُ على فَأس اللجام أي أَزَمَ عليه. ضَزَّ ناقته القَتَّ والنَّوى: حَشاها قَتًّا ونَوَى ". Qتضاغط الشيء واكتنازه مع حدة أو صلابة في أثنائه (¬1) كما في تضايق الفم وتضاغط الأسنان وكلا في عَضّ الفرس على فأس اللجام واحتشاء الناقة بالنوى والقت. وفي الرَكَب والبئر الموصُوفَين ضَغْط شديد كالصلابة. • (ضوز - ضيز): {تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} [النجم: 22] "ضازَه: مَضَغَه/ أكله وفَمُهُ مَلآن. وهو يَضُوزُ التَمْر: يَلُوكُه في فمه وقال ". ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الضاد تعبر عن كثافة أو غلظ مع ضغط ما والزاي تعبر عن شدة واكتناز وازدحام، والفصل منهما يعبر عن تضاغط واكتناز مع حدة كما في تضايق الفم مع تضاغط الأسنان. وفي (ضوز/ ضيز) تعبر الواو عن اشتمال والياء عن اتصال فيعبر التركيبان عن مضغ مع شدة (= اشتمال على الممضوغ) مع ضغط وازدحام كضوز التمر والعصب أي مضغهما.

معنى الفصل المعجمي (ضز)

باتَ يَضُوزُ الصِلِّيانَ ضَوْزًا ... ضَوْزَ العَجُوز العَصَبَ العِلَّوصَا Qمَضْغٌ مع ضَغْط وزَحْم أو اكتناز: كالمضْغ مَعَ مَلء الفَم ومضْغ التمر ولَوْك العجوز العَصَب (العَصَب (عرق) شديد يمتد متميزًا في أثناء اللحم أبيض إلى صفرة). والتمر والصلِّيان والعَصَب فيها شدة فلا تمضغ إلَّا بضغط شديد. ومنه "الضُوازة - كرخامة: شَظِية من السواك [ق] (تخرج من شدة ضغط السواك) والضُوزَة من الرجال -بالضم ويهمز: الحقير الصغير الشأن " (كأنه مضغوط الجسم أو القيمة. ومنه: "ضازه حقه يَضُوزه ويَضِيزه: نَقَصَه وبَخَسه "كأنما ضغطه فصغَّره -أو أكله- كما يقال "هضمه. أكل حقه ". {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} (جائرة تهضم حق أحد المقتسمين وتنهكه). ° معنى الفصل المعجمي (ضز): هو تضاغط الشيء أو انضغاطه بشدة واكتناز كما في الفم الأضز الذك لا يكاد ينفتح عند الكلام، وكذلك البئر التي فيها ضَزَز -في (ضزز)، وكلوك التمر ومضغه -في (ضوز). الضاد والعين وما يثلثهما • (ضعع - ضعضع): "ضَعْضَعَه: هَدَمَه حتَّى الأرض. وتضعضعت أركانُه: اتضعت ". Qهدم الناتئ الغليظ حتى يستوي بالأرض بضغط شديد صدمًا أو نحوه (¬1). ومنه "تضعضع الرجل: ضَعُفَ وَخفّ جِسْمُه من مَرَض أو ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الضاد تعبر عن كثافة أو غلظ مع ضغط ما، والعين تعبر عن عرض مع رقة =

(ضوع - ضيع)

حُزْن. وكذا تضَعْضَع: قَل مَالُه وافتقر (ذهب غلظ بدنه وما كان تجمّعَ من ماله). ومن صوَره: "الضَعُّ رياضةُ البعير والناقةِ وتأديبُهما إذا كانا قضيبين (أي لم يُرَوَّضا ففي حركاتهما غِلَظٌ وجفاء فيُذَلَّلان بالضَغّ: الترويض). ومنه كذلك "الضعضعة: الخضوع والتذلل " (ذهاب غلظ العزة والشموخ). • (ضوع - ضيع): {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 171] "ضَيعَةُ الرجل - عند الحاضرة: مالُ الرجل من النخل والكَرْم والأرض، وكذلك الأرض المُغِلَّة. تضوعت الرائحة وتضيعت: فاحت وانتشرت ". Qبُعْدُ الشيء أو انتشارُه بعيدًا عن المتناوَل: كضيعة ساكن الحضر التي تكون في موقع قَصِيٍّ عن الحاضرة. وكالرائحة المنتشرة لا تُحاز. ومنه "ضاعت الريحُ الغصنَ تَضُوعه: أَمَالَتْه (أبعدته عن موضع امتداده)، وضاع ¬

_ = أو رخاوة، والفصل منهما يعبر عن هدم بضغط صدم أو نحوه لما كان ناتئًا غليظًا قويًا كضعضعة الجِدار: هَدْمِه حتَّى الأرض فبلوغ الانهيار إلى الأرض يعبر عنه تكرار الحرفين. وفي (ضوع ضيع) تعبر الواو عن اشتمال والياء عن اتصال. ويعبر التركيبان عن كون الانبساط على الأرض (وهو الصورة بعد الانهيار) -أصيلًا أي مشتملًا عليه تتأكد صورته بالبعد كالضيعة: مال الرجل (من أهل الحضر) من النخل والكرم والأرض يكون بعيدًا. وكتضوع الرائحة وتضيعها. وفي (وضع) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال، ويعبر التركيب عن كون الهُوى بالشيء إلى مقره هو المقصود هنا. وفي (ضعف) تعبر الفاء عن الطرد والإبعاد، ويعبر التركيب. معها عن خروج بقوة (طرد - إبعاد) لشيء غليظ من أثناء جرم كخروج الولد من الضاعف: الحامل وذهاب العينين من الضعيف: الأعمى.

(وضع)

الشيءَ: حَرَّكه وأقلقه وأفزعه (عن مقره). ومنه "الضَيعَة -بالفتح: الحِرفة كالجِزَارة وسَفِّ الخُوص "حَمْلًا على الضيعة الموصوفة. ويلزم من بُعد الشيء عدم رعايته، وعدم المحافظة عليه ومنه جاء قولهم "ضاع الشيء: هَلك وتلِف " (كما يقال بَعِد بمعنى هلك) {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} [مريم: 59]. و "أضاع المالَ: أنفقه تبذيرًا وإسْرافًا " (كما يقال بَدَّده. وأصل التبديد إبعاد الشيء عن الشيء تفريقًا). وكل ما في القرآن من التركيب فهو من إضاعة الشيء بمعنى عدم المحافظة عليه وما إلى ذلك من إهداره أو إتلافه. • (وضع): {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} [الشرح: 2 - 3] "وَضَعَ الشيءَ من يده: ألقاه. ووَضَع الشيءَ: ضِدُّ رَفَعه، ووضع الشيءَ في المكان: أَثْبته فيه. ووَضَع العَلَمَ (= بناء مرتفع في الصحراء): هَدَمَهُ وأَلْصَقَه بالأرض. واتضع بعيرَه: أخذَ برأسه وخَفَضه إذا كان قائمًا يَضَعُ قَدَمه عَلَى عُنُقه فيركبه ". Qالهُوِيّ بالشيء إلى مقرّ منخفض يثبت فيه (عن حيز عال كان فيه). {وَأَكْوَابٍ مَوْضُوعَةٌ} [الغاشية: 14] كلما أرادوها وجدوها موضوعة بين أيديهم عتيدة حاضرة لا يحْتاجون إلى أن يدعوا بها [الكشاف 4/ 731]، أي هي متاحة دائما. {وَتَضعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا} [الحج: 2]: إسقاطه من بطنها إلى الأرض ولو لغير حينه كما في هذه الآية، أو لحينه كما في سائر آيات وضع الحمل وسياقاتها واضحة. {أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ} [النساء: 102]، المقصود تخلعوها

عن أبدانكم وتنحوها جانبا بعد أن كنتم تحملونها. وإلى هذا يئول ما في [محمد 4] والمقصود توقف الحرب مؤقتا أو نهائيا بأن لا تكون للكافرين شوكة [ينظر الكشاف 4/ 310، قر 16/ 228]. ومن هذه التنحية ما في {تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ} [النور: 58 وما في 60 منها]. ومن مجازيّ هذا الحطّ وتنحية المحمول {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ} [الشرح 2 وانظر وزر هنا، وكذا الأعراف 157]. {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ} [آل عمران: 96] (أقيم ثابتًا للناس يأتونه من كل الجهات للتعبد [ينظر بحر 3/ 7]. {وَوُضِعَ الْكِتَابُ} [الكهف: 49] (نَصْب وإثبات والتعبير بـ "وضع "هنا لأن كتب الأعمال هي مدار الحساب وهي المرجع الثابت لكل شيء في ذلك اليوم العصيب). ومثل هذا ما في [الزمر: 69]. {وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} [الرحمن: 7]: أقره وأثبته [بحر 8/ 188] (أي هدى إليه سبيلًا للموازنة والتقويم والعدل الذي أمر به سبحانه) [وينظر قر 17/ 154]، وقريب منه ما في [الأنبياء: 47] وإن كان هذا في الآخرة. {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ} [الرحمن: 10] خفضها مدحوة. . [بحر 8/ 188] (أي بسطها ومهّدها قرارًا لهم). ومنه "وضع البعيرُ والناقةُ: عَدَوا. وأوضعتُ الدابة: حَمَلتُها عليه (إسراع كأنه هُوِيٌّ وانحدار) وقوله تعالى: {وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ} [التوبة: 47]: لأسرعوا فيما بينكم بالإفساد والنميمة [قر 8/ 157]. {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء: 46، المائدة: 13، ومثله ما فيها 41] أي يغيرون ألفاظ التوراة أو القرآن أو كلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عما أُنْشِئ عليه إلى ما يوافق أهواءهم، أو يغيرون تأويلها كذلك [ينظر بحر 3/ 273 - 274]. ومن معنويه "الضَعَة: الذل والهوان والدناءة، والخسارة في التجارة،

(ضعف)

والتواضع: التذلل " (كل ذلك هُوِيٌّ وهُبوط إلَّا التواضع فإنه عزة معها أدب). ومن الإقرار والإثبات "وضع الشيء: اختلقه (أثبته - زُورًا)، والوضائع (نحو الضرائب المقررة)، وكُتُبٌ يكتب فيها الحكمة " (قواعد ثابتة). • (ضعف): {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40] "بقرة ضاعِفٌ: في بَطْنها حَمْل. والأضعاف من الجسد: العظام فوقها لُحم - واحدها ضِعْف -بالكسر. وَضَع في أضعاف الكتاب؛ أي في أثناء سطوره أو حواشيه. وكان يونس في أضعاف الحوت " [الأساس]. Qغليظ في أثناء الشيء (مماثل له) يفارقه أي يفصل عنه: كالحمل في بطن الحامل، ويونس في جوف الحوت، وعظام الجسد فوقها لحم بقدرها ومعظمها أزواج. ومن ذلك الأصل أخذ معنيان: فمن مفارقة الغلظ -والقوة من جنسه- عبَّر التركيب عن الضَعْف -بالفتح، لأنه عدم القوة {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً} [الروم: 54]، {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} [الأنفال: 66]. ومن ذلك: "الضعيف الأعمى " (حميرية). وكل ما في القرآن من الفعل (ضعُف) و (استضعف) ومضارعه للفاعل والمفعول، وكلمة (ضَعْف) بالفتح، والصفة (ضعيف) وجمعها (ضِعاف) و (ضُعفاء) وكذلك صفة التفضيل (أضعف)، واسم المفعول (مستضعف) وجمعها. . . كل ذلك من الضعف: عدم القوة. ومن احتواء الشيء في أثنائه على مماثل له جاء قولهم: ضِعف الشيء -

معنى الفصل المعجمي (ضع)

بالكسر: مثلهُ (زيادة عليه بقدره) {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الفرقان: 69]، {فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا} [سبأ: 37]، {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} [الروم: 39]: ذوو الأضعاف في الثواب والجزاء. وكل ما في القرآن من الفعل (يضاعف) للفاعل والمفعول و (ضِعف) بالكسر ومثناها وجمعها (أضعاف)، والصفة (مُضعِف) بكسر العين، و (مضاعَف) بفتحها كل ذلك من زيادة مثل الشيء أو أمثاله عليه. ° معنى الفصل المعجمي (ضع): هو تفكيك الشئ الغليظ الشديد التماسك ويلزمه التفرق -كما في ضعضعة البناء ونحوه: هدمه -في (ضمع)، وكما في تضوع الرائحة وتضيعها: انتشارها -في (ضوع - ضيع)، وكما في إلقاء الشيء من اليد فيفارق اليد أو ما كان مرفوعًا عليه ويستقر بعيدًا إلى أسفل -في (وضع)، وكما في تفرق أضعاف البدن أي عظامها كل بلحمه أي تميزها هذا غير ذاك ومنه جاء معنى الضعف -بالفتح كأن الضعيف جزء كما جاء معنى زيادة المثل -في (ضعف). الضاد الغين وما يثلثهما • (صغغ): "عش ضَغيغ: خَصيب. . . " Qوفرة ما يحتاج إليه في العيش من مطعوم وغيره مع رخاوة ما (¬1). ومنها الضغضغة حكاية أكل الذئب اللحم " (وهو كثيف غض ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الضاد عن كثافة أو غلظ مع ضغط ما، والغين عن جرم متخلخل =

(ضغث)

يعالجه، وكأن اللفظ تعبير عن الحدث لا حكاية صوتية). • (ضغث): {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص: 44] "الضِغْث -بالكسر: قَبْضة من قُضْبان مختلفة يجمعها أصل واحد مثل الأَسَل والكُرّاث والثُمَام والحشِيش ". Qجمع بضغط لقضبان غضة كثيرة ممتدة بعضها مع بعض: كقضبان الأسل والكراث. . . إلخ. {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} كان أيوب قد حلف أن يضرب امرأته مئة ضربة، لسبب ما، وكانت محسنة له، فجعل له سبحانه خلاصا من يمينه بأهون شيء عليه وعليها [بحر 7/ 384 - 385]. وفيه عثرة عالم فسَّر الضغث بأنه شجر فيه شوك، وآخر اشترط. وإنما المراد أن يأخذ حُزمة من أعواد دقيقة ويضربها بها بحيث يبلغ عدد الأعواد التي ضُرِبَتْ بها مئة عود. ومنه "ضَغَثَ الرجلُ سَنام الناقةِ: قَبَضَ عليه بكفِّه لينظر أَسَمِينة هي أم لا " (القبض ضغط والسنام غض). ومن معنويه "ضَغَثَ الحديثَ: خلطه. وأضْغاث أخبار: ضروب منها (شتى مختلطة) {قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ} [يوسف: 44] لأنها مختلطة من عناصر شتى أي فلا يتأتى تأويلها -على زعم حاشية الملك. ¬

_ = كالغشاء غض، والفصل منهما يعبر عن كثيف كالعيش الضغيغ الخصيب (لين رخو). وفي (ضغث) تعبر الثاء عن أشياء دقيقة كثيرة، ويعبر التركيب بها عن ضغط أو جمع لعيدان رخوة كثيرة كالضِغْث: القبضة من قُضْبان. وفي (ضغن) تعبر النون عن امتداد في الباطن، ويعبر التركيب بها عن غثور أو دخول في باطن بكثافة وغلظ كما في الضِغْن: إبط الجبل.

(ضغن)

• (ضغن): {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ} [محمد: 29] "الضِغْن -بالكسر: إِبِطُ الجَبَل، والحِضْنُ. وقَنَاةٌ ضَغِنَة -كفَرِحة: مُعْوَجَّة ". Qغئور أو امتداد في داخل جِرْم كثيف: كإِبِط الجبل وحَنْية القناة وكالحِضْن (فجوة بين يدي البدن). ومنه "اضطغنه: أخذه تحت حِضْنه. قالت: {كأنه مضطغن صبيا} و "أَضْغَنَ الثَوبَ: اشتمله/ أدخل الثَّوبَ من تحت يده اليمنى وطرفَه الآخر من تحت يده اليسرى ثم يضمهما بيده اليسرى " (يدخله في تلك الفجوة). ومنه: "الضِغْن: الحِقْدُ والعداوة والبغضاء (المستكنة في النفس وهي مشاعر غليظة) ضَغِنَ الرجلُ (تعب): وَغِرَ صَدْرُه ودَوِىَ. واضطَغن فلان على فلان ضغينة: اضطَمرها {وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ} [محمد: 37] أرى أن المقصود: يُثِرْ ويولّد الكراهة والحقد بسبب شح النفس بالمال. [ينظر. بحر 8/ 84 - 85] ومنه "فرس ضاغن وضَغِن -كفرح- لا يعطى كلَّ ما عنده من الجَرْي حتَّى يُضْرَب (أي أنَّه يضمره ويكتمه) ودابة ضَغِنة: نازعة إلى وطنها (تضمر حبه) ومن هذا "ضَغِن إلى الدنيا (تعب): مال " (أضمر حبها). ° معنى الفصل المعجمي (ضغ): هو التجمع الكثيف الرخو كما يتمثل في العيش الضغيغ الخصيب الذى يتمثل في وجود الطَّعام اللين والكساء اللين والأثاث اللين مع الكثرة أو الكفاية في كل منها فهذا -في (ضغغ)، وكما يتمثل في الضغث: القَبضة من قُضبان نباتية كثيرة وواضح أنَّها تكون رخوة فيها رِيُّ النبات -في (ضغث)، وكما يتمثل في الإبط واعلاه تجمع عظم ولحم ففيه رخاوة، وذلك -في (ضغن).

الضاد والفاء وما يثلثهما

الضاد والفاء وما يثلثهما • (ضفف): "ضِفّة النهر والوادي -بالفتح والكسر: جانبه. وضَفُّوا على الشيء: اجتمعوا ". Qالتجمع على الشيء حوله (¬1): كضفتي النهر وكالناس حول الشيء. ومن التجمع وحده قالوا "ضَفَّ الشيءَ: جَمَعه ". • (ضوف ضيف): {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} [الذاريات: 24] "ضافت الشمس: مالَتْ ودَنَتْ للغروب. وأضافَ ظهرَه إلى العَقَبة: أسنده. وكل ما أُميل إلى شيء وأُسْند إليه فقد أُضيف. وضاف إليه يَضِيف: مال ". Qانعطافُ الشيء ومَيلُه إلى شيء ركونًا أو تحيزًا: كالشمس تميل وتدنو لتلحق بمغربها، وكإمالة الظهر وإسناده إلى العقبة مائلًا عن مكانه. ومنه: ضافَ الرجلُ صاحبَه: مالَ إليه ونزلَ به فهو ضَيْف {هَلْ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الضاد عن كثافة أو غلظ مع ضغط ما، والفاء عن طرد وإبعاد. والفصل منهما يعبر عن تجمع حول الشيء محيط به متميز عنه أي مبتعد غير مختلط به. وفي (ضوف - ضيف) تعبر الواو عن اشتمال والياء عن اتصال، ويعبر التركيب الموسوط بهما عن ميل شيء تميز أو طارئ إلى آخر ركونًا إليه أو تحيزا فيه (مشمولًا أو متصلًا)، كما في ضيوف الشمس ميلها نحو الغروب، وكما في مجيء الضيف إلى المضيف. وفي (ضفدع) تعبر الدال عن الضغط الممتد والحبس والعين عن رقة فلعل الضفدع سمي كذلك للزومه ضفة الهر أو البركة واللزوم احتباس. وهذا ملحوظ في ضفدع الحافر وفي التقبض أيضًا.

(ضفد)

أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} وأضافه وضيفه - ض: اتخذه ضيفًا {فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا} [الكهف: 77]. وكل ما في القرآن من التركيب هو الضيف والتضييف بهذا المعنى. و "ضَافَ عن الشيء ضَوْفًا: عَدَل مائلًا مبتعدًا، وأضاف من الأمر: أشفق وحذر (ازوَرّ منكمشًا على نفسه) (يلحظ تأثير "عن "و "من "في المعنى). • (ضفد): "ضَفده (ضرب): ضربه ببطن كفه. والضَفْدُ: الكسع، وهو ضربك استه بباطن رجلك ". Qضغط بصدم من الخلف: كالكسع المذكور. والضرب ببطن الكف هو من الضغط بصدم المذكور - دون ذكر قيد الخلفية. وإذا حُق لنا أن ننظر إلى الضفاع الذي هو رباعيّ هذا التركيب لاحظنا أن تركيب (ضفد) فيه مبدأ أحد أهم ملامح الضفدع وهو انضغاط العجيزة، فالضفادع توصف بأنها (زُلّ) جمع زلَّاء. [معاني الشعر للأشناندانى 51 - 52] والزلاء: الرسحاء أي التي لا ألية لها. ثم إنهم قالوا "امرأة ضَفَنْدد: ضخمة الخاصرة مسترخية اللحم، ورجل صفندد: كثير اللحم ثقيل مع حُمق. وضَفِد الرجل واضْفَأدَّ: صار كذلك "فأقول لعل كثرة لحم الخاصرة يلزمه ضآلة الألية نسبيًّا، فينطبق على الضفندد والمُضفَئِدّ ما في المعنى المحوري. • (ضفدع): {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ} [الأعراف: 133] "الضفادع - كزِبْرِج وجَعْفَر ودِرْهَم: وهو معروف. والضفدع أيضًا: عظم

معنى الفصل المعجمي (ضف)

في باطن حافر الفرس. وضَفْدَع الرجل: تقبض ". Qتجمع الشيء متقبض الجرم ملازمًا لأثناء شيء: كالضفدع في الماء وفي عَظْم الحافر {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ}. ° معنى الفصل المعجمي (ضف): هو التجمع على الشيء أو حوله - كما يمثل في ضفتي النهر -في (ضفف)، وفي دنو الشمس للغروب وإسناد الظهر إلى العقبة في (ضوف ضيف)، وفي الضغط صَدْما من الخلف -في (ضفد)، وفي العَظْم في باطن الحافر وتقبض الضفدع في نفسه أو مع إلفه الماء في (ضفدع). الضاد والقاف وما يثلثهما • (ضيق): {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} [النمل: 70] "ضَاقَ المكانُ والدارُ والثوبُ يضيق ضِيْقًا -بالكسر والفتح، فهو ضيق- كسيد ويخفف: ضدّ اتسع. والمَضيق: ما ضاق من الأماكن والأمور ". Qنقصُ فراغ الحيز من تضّام جوانبِ محيطِه أي تقاربها بعضها إلى بعض (¬1): كما في ضيق الدار والثوب والمكان على ما فيهن. . {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} [الفرقان: 13]، ثم استعمل ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الضاد تعبر عن كثافة أو غلظ مع ضغط ما، والقاف تعبر عن تعقد أي اشتداد في عمق الشيء والياء عن اتصال، والتركيب منهن يعبر عن تقارب محيط الشئ ضاغطًا عمقه كالثرب الضيق والمكان الضيق.

الضاد واللام وما يثلثهما

في الضيق المعنوي {حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ} [التوبة: 118]، {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} [هود: 12]، {وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا} [هود: 77]، أي ضاق صدره بمجيئهم وكَرِهه، وقل ضاق وُسْعه وطاقته. وأصله أن يَذْرع البعير بيديه في سَيْره ذَرْعًا على قدر سَعة خطوه، فإذا حُمِل على أكثر من طوقه ضاق عن ذلك وضعف ومد عنقه، فضِيقُ الذَرْع عبارة عن ضيق الوُسع اهـ[قر 9/ 74]. وكل ما في القرآن من التركيب هو من ضيق المكان والأرض أو ضيق الصدر والنفْس أو ضيق الذرْع. الضاد واللام وما يثلثهما • (ضلل - ضلضل): "ضل الشيءُ: خَفِي وغَابَ. ضَلَّ الماءُ في اللَبَن: غاب [ل 417/ 25] وأضللتُ الميْتَ: دَفَنْتُه، والشيء: غَيبَّته. والضَلَل -بالتحريك: الماءُ الذي يَجْرى تحت الصخرة أو الذي لا تصيبه الشمس ". Qغياب الشيء في أثناء شيء حتى لا تميز هذا من ذاك (¬1): كالماء في اللبن، وكما يكاد يكون الأمر بالنسبة للميت والماء الموصوفين. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الضاد عن كثافة أو غلظ مع ضغط ما، واللام عن امتداد مع استقلال، والفصل عنهما يعبر عن غياب شيء في أثناء ما يكتنفه ويمسكه حتى يصيرا كالشيء الواحد (استقلال) -كما في ضلال الماء في اللبن، وإضلال الميت: دفنه، والضَّلَل: الماء الذي تحت الصخرة.

ومنه "ضَلِلْتُ المسجدَ والدارَ: إذا لم تعرف موضعهما (كأنما حُجِبت عنهما أو حُجِبا عنك). وأضْللت بَعيري وغيرَه إذا ذَهَبَ منك " (غاب في مذهبه). وبالأصل فُسِّر قوله تعالى {أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} [السجدة: 10] أي خَفِينا وغِبْنا في الأرض بعد أن مِتْنا وصرنا تُرابًا وعظامًا [ل 416/ 21، 419/ 20] وكل (ضل السبيل) أو (سواء السبيل) أو (عنه) فيهما -والمقصود سبيل الرشد والإيمان أي هو ضد الاهتداء. وبمعناه كل (ضل) في مقابل الاهتداء، و (ضل) بلا مفعول، والإضلال الإيقاع فيه، والاسم الضلال والضلالة، وكذا اسم الفاعل (ضالّ) و (مُضل) والتفضيل (أَضَل). وفي قوله تعالى {لَا يَضِلُّ رَبِّي} [طه: 52] أي لا يفوته شيء [ل] وإنما الأصل: لا يغيب عنه شيء. ضللت الشيء: إذا أخطأته في مكانه فلم تهتد إليه [بحر 6/ 233]. {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا} [البقرة: 282]: تَنْسى (وهو غياب الشيء عن الذهن). {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: 24]. وهذا غياب الفقد ومثله كل (ضل عن) وفاعله (ما كانوا يدْعون من دون اللَّه) أو (يَدّعون). {ضَلَّ سَعْيُهُمْ} [الكهف: 104]: ضاع وهلك/ بطل؛ أَخْذا من الغيبوبة (كأنه لا وجود له). ومنه {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} [الفيل: 2 وما في الرعد: 14]. {قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ} [يوسف: 95]: ذهاب عن طريق الصواب. . . [قر 9/ 261] (أي عندهم هم). {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى: 7]: حائرًا يغيب عنك كثير من وجوه الأشياء قبل النبوة، ككيفية العبادة المُرْضية عنده تعالى، وكشف لك بالنبوة ما غاب عنك من حُكْمه تعالى في كل ما يشيع في المجتمع حولك من معاملات وسلوكيات وهذا

الضاد والميم وما يثلثهما

لا شك فيه. وليس في دلالة التركيب الأصية أن الضلال هو مقارفة الذنوب والرذائل ضرورة. فلا مشكلة [وانظر قر 20/ 96] حيث عرض ثمانية عشرة قولًا في هذا الضلال. وأقربها "لم تكن تدري القرآن والشرائع فهداك اللَّه (بالقرآن) وشرائع الإسلام ". أما الضُلاضِل والضُلَضِلة - كتُماضر وعُلَبطة: "كل حَجَر قَدْر ما يُقِلَّه الرَجُلُ أو فوقَ ذلك أملس يكون في بُطُون الأودية "فمن غيبوبته فيها لا يفارقها لثقله، وكذلك "الدليل الحاذق "منها لغيابه في جوف الصحراء مخترقًا معاميَها. كأن المقصود أنه أهل ذلك أو شأنه ذلك. الضاد والميم وما يثلثهما • (ضمم - ضمضم): {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} [طه: 22] "ضِمامةٌ من صُحُف - ككتابة: وإضْمامة: أي حُزْمَةٌ ضُمَّ بعضُها إلى بعض. وكغراب: كل ما ضُمَّ به شيءٌ إلى شيء. والضَمُوم: الوادي يَسْلك بين أَكَمَتَين طويلتين ". Qالجمع بضَغط وَلأم قوى يستوي به ظاهرُ الأشياءِ المجموعة (¬1): كالحُزْمة وكالوادي بين الأَكَمتين. ومنه "ضمَّ الشيءَ إلى الشيء: ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الضاد تعبر عن كثافة أو غلظ مع ضغط ما، والميم تعبر عن استواء وتضام ظاهر، والفصل منهما يعبر عن جمع بضغط ولأم (استواء ظاهر)، كالضَّموم: الوادي بين أكمتين طويلتين. وفي (ضمر) تعبر الراء عن استرسال الجرم أو الحركة ويعبر =

(ضمر)

قَبَضَه إليه. وتضامّ القَوْمُ: انضم بعضُهم إلى بَعْض، واضطَمّت عليه الضُلُوع: شْتَملت {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} [القصص: 32] {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ} [طه: 22] في [بحر 6/ 222] "والجناح حقيقةٌ في الطائر والملَك ثم توسع فيه فأطلق على اليد وعلى العضد وعلى جنب الرجُل. . "وانظر أيضًا [قر 11/ 191] ومنه "الضُمَاضم - كتُماضِر: الأَكُولُ النَهِم المستأثر " (يضم كل شيء) وبه سمي الأسدُ، والبخيلُ. ومنه "ضَمْضَمَ الرجلُ: شجُع قلبه " (تضام واستجمع). • (ضمر): {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [الحج: 27] "الضَميرُ: الضَفِيرة، والضَمِيرُ: العِنَبُ الذَابل. ضَمَر الفرس (قعد وعَسُر) وجَمَل ضامر وهو الهَضِيم البَطْن اللطيفُ الجسم. وقَضِيب ضامر ومنْضَمر: ذهب ماؤه، وتَضْمير الخيل أن تُعْلَف -بعد السِمَن- قُوتًا فقط وتُشَدّ عليها سُروجها وتُجَلَّل. . ويُحْمَل عليها غِلْمانٌ خِفاف يُجْرُونها. . لتعرق فيذهب رَهَلُها ويشتد لحمها. وتَضَمَّر وَجْهه: انْضَمّت جلدته من الهزال ". Qاسترسال تضامّ الجِرم بعضه في بعض مشتدًّا وذهاب الرخاوة من بين أثنائه لذلك: كاشتداد الصفيرة التي تضم الشعر المنتشر. وكذلك ذهاب رخاوة جوف العنب، وكالفرس والجمل المضمَّرين لذهاب الماء منهما {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}. ¬

_ = التركيب عن استرسال التضام: امتدادًا أو دوامًا كما في الضفيرة وكما في الضمير: العِنَب الذابل وتَضْمِير الفرس بذهاب الماء من أثنائها.

معنى الفصل المعجمي (ضم)

ومن التضام: دخول الشيء بعضه في بعض جاء معنى الغياب: "أَضْمَرَتْه الأرض: غيّبته بموت أو سفر، وكذلك أضْمَرْت في نفسي شيئًا " (أخفيته) ومن هذا "الضمير: السرّ المضمَر، داخل الخاطر، الشيء الذي تضمره " [متن] ". و "الضِمَار -ككتاب- من المال: خِلافُ العيان (مُغَيَّبُ خَفِىّ)، ومن الدَيْن: ما كان بلا أجلٍ مَعْلوم (مغيب لا يُدْرَى متى سداده أي عودته ووجوده). ومن مجرد التضام "لؤلؤ مضطمر: مُنْضَمّ ". (كأن المقصود: لم يثقب). ° معنى الفصل المعجمي (ضم): هو الجمع بضغط ولأم كإضمامة الصحف، وكالضَموم: الوادي يسلك بين أكمتين طويلتين في (ضمم)، وكتضام الجِرم بدخول بعضه في بعض في (ضمر). الضاد والنون وما يثلثهما • (ضنن): {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} [التكوير: 23، 24] "هَجَمْتُ على القوم وهُمْ بضَنانَتِهم - كسحابة: لم يتفرقوا. ضَننت بالمنزل: لم أبرحه ". Qلزوم الشيء حيزَه أي بقاؤه داخله لا يبرحه (¬1): كالقوم ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الضاد عن كثافة أو غلظ مع ضغط والنون عن امتداد في الباطن والفصل منهما يعبر عن الامتداد في باطن أو أثناء بغلظ وقوة كما في الجماعة المتجمعة في المكان، والملازم للمنزل. وفي (وَضَن) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال ويعبر التركيب بها عن شيء مشتمل على تداخل أثناء مع غلظ كالوَضِين الحزم العريض المنسوج من =

(وضن)

في حيزهم وكلزوم المنزل. ومنه "ضَنِنْتُ بالشيء (تعب): بَخِلْت به (حَبَسْته في حوزتي) {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ}: ببخيل (المقصود بالغيب كل ما يطلعه اللَّه عليه من مغيبات السماء والدنيا والآخرة. فهو -صلى اللَّه عليه وسلم- يبلغ أمته بما شاء اللَّه من ذلك ولا يحجبه عنهم. وقد ذكر في تفسير "الغيب "هنا الوحي والقرآن. وهذا يناسب قراءة الكلمة بالظاء أي بمتهم. [ينظر قر 19/ 242]. • (وضن): {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ} [الواقعة: 15] "الوَضِينُ: بِطانٌ (حزام تحت البطن) عريضٌ مَنْسُوجٌ من سيور أو شَعَر. . يُشَدّ به الهودجُ والرحلُ على البعير. والموضونةُ: الدِرع المَنْسُوجة نَسْجًا متقاربًا أو مضاعَفة النسْج. والوُضْنَة -بالضم: الكُرْسِيُّ المنسوج ". "وَضَنَ الشيءَ: ثَنَى بعضه على بَعض وَضَاعفه. ووَضَنَ الرجلُ الحجرَ والآجُرَّ بعضَه على بَعْض: أَشْرَجه " (أَشْرَجَ اللبِنَ: نَضَدَ بعضَه إلى بعض (أي مَعَ تداخل. يقال) تَشَرَّجَ اللحمُ بالشحم أي تداخلا " (فوضْن اللبِن عند البناء: أن تكون نهاية كل لبنة عند وسط اللبنة التي تحتها والتي فوقها). Qتَدَاخُل بكثافة أو احتواء: كهيئة نَسْج البِطان والدِرْع والكُرْسِيّ واللبِن المذكورات. ومنه "وَضَنَ السَرير: نَسَجَه بالجَوْهر والثياب ". ¬

_ = سيور. وفي (ضأن) تتوسط الهمزة بالتعبير عن دفع كأنه يتمثل في دفع الصوف من أثناء بدن الغنم إلى ظاهر البدن تلك الكثافة الملحوظة. وفي (ضنك) تعبر الكاف عن ضغط غئوري دقيق، والتركيب بها يعبر عن اكتناز واشتداد في الأثناء كالضِّناك: المكتنز اللحم، وكما في الضُّنْكة: الزكام ".

(ضأن)

{عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ} قال [الزمخشري 3/ 194]: مَرْمُولة بالذهب مُشَبَّكة بالدُرِّ والياقوت قد دُوخِل بعضُها في بعض كما تُوضَنُ حِلَقُ الدِرْع ". . ومن حسّيّ الأصل: "المِيضَنَة: كالجُوَالق تُتَّخذ من خُوص ". (تحتوي ما يوعي فيها). ومن المعنوى: "التَوَضُّن: التَحَبُّبُ، والتَذَلّل " (محاولة دخول إلى الباطن بذلك). • (ضأن): {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} [الأنعام: 143] لم يرد في هذا التركيب إلا "الضائن من الغَنَم: ذو الصوف وجمعه ضَأْن - بالفتح والتحريك،. . . ورَمْلة ضَائِنة وهي البيضاء العريضة ". Qتكاثف رخو يمتد في باطن الشيء: كالضأن حيث تشتهر بكثرة الشحم في أبدانها {مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ} وكتلك الرملة البيضاء العريضة التي يُشبه بياضها الشحم. ومن الرخاوة قالوا "رجل ضائن: ضعيف/ لين الجسم كأنه نعجة ". • (ضنك): {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124] "الضُنْكة -بالضم، وكصُدَاع: الزكام. والضِنَاك - ككتاب: الموثَّق الخَلْق الشديدُ (وهو لحيم). . . المُكْتنِزُ اللحم. ورجل ضُنْأك -بالضم: صُلْب مَعْصُوب اللحم). Qاكتناز جَوْف الشيء بليّن أو رخو يمتسك فيه: كما في الزكام والمكتنز اللحم. ويلزم من الاكتناز معنى الضِيق، "معيشة ضَنْك: ضيّقة تشتد عليه في

معنى الفصل المعجمي (ضن)

جوفها. {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا}. و "ضَنُك الشيء (كرم): ضاق. وضَنُك الرجل (كرم): ضَعُفَ في جسمه ونفْسه ورأيه وَعقْله " (كأنما ضغط). ° معنى الفصل المعجمي (ضن): هو لزوم الشيء حيّزه أي بقاؤه داخله لا يبرحه ككون القوم بضنانتهم أي لم يتفرقوا -في (ضنن)، وكالدرع الموضونة: المنسوجة نسجًا متقاربًا أو مضاعفة النسج (تداخل شديد) -في (وضن)، وكالشحم الذي تشتهر به الضأن حيث يتداخل في أثناء اللحم ورجحت أنه هو علة تسميتها -في (ضأن). وكانسداد الأنف الذي يشعر به المزكوم، والضِناك الموثق الخَلْق الشديد المكتنز اللحم (وكل هذا تداخل) -في (ضنك). الضاد والهاء وما يثلثهما • (ضهأ): {يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ} [التوبة: 30] "الضهيأ - كعَسْجَد: المرأة التي لا تحيض، والتي لا لبن لها ولا ثدي كالضهيأة، وهما أيضًا الفلاة لا ماء بها " (لا ثدي لها، أي هو مستوٍ كثدي الرجل). Qخلو الشيء مما يتميز به عن غيره (¬1): كخلو المرأة مما يميزها عن الرجل، وكالفلاة لا ماء بها. ومن الخلو مما يميّز استُعْمِلت المضاهأة في المشابهة -وهي لازمة لعدم التميز: {يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا}. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الضاد للكثافة أو الغلظ مع ضغط، والهاء لإفراغ الجوف، والهمزة للدفع والتركيبُ منهن يعبر عن نوع من الخلو والفراغ وهو خلو الشئ مما يميزه كما يتمثل في الضهياء: التي لا تحيض ولا ثدي لها وكذلك الفلاة لا ماء بها.

باب الطاء

باب الطاء التراكيب الطائية • (طوى): {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] "الطَيّ: ضد النشر. طوى الصحيفةَ والثوبَ. والأَطْواءُ: الأَثنَاءُ في ذَنَب الجرادة. وأطواءُ الثوب والصحيفةِ والبطنِ والشحْمِ والأمعاء والحيةِ وغير ذلك: طرائقُه ومكاسرُ طَيّه. وكذلك مطاويها جمع مَطوى -بالفتح ". Qثَنْيُ الشيءِ - أوردُّ بعضه على بعض فيتضامُّ ويدخل بعضه في أثناء بعض: كطَىّ الصحيفة والثوب وكالأَطْواء. والمَطَاوِي المذكورة هي أثرُ ذلك {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} [الأنبياء: 104]. ومن حسّيّه أيضًا "طَيّ الركيّة: عَرْشُها بالحجارة والآجُرّ ". فهذا الطيُّ يردُّ ترابَ جوانبها لا يَدَعه يَهِيل، فكأنه ينثني على الجوانب ويغطيها، أو هو عن نَظْمه بعضِه مع بعض. وكذا "طيُّ اللَبِن في البناء " (رصّه متداخلًا مشرّجا). و "طَوِيَتْ بطنه (تعب): جاع " (انطوت إلى الداخل/ تقعرت - كأنه كناية). وعن المعنوى "طَوَى الأمرَ: كتمه، وطَوَى فؤاده على عزيمة. والطِيّة -بالكسر: النِية وكذلك الطَويّة: الضَمير والنية (مطوية في النفس). وطُوَى

(وطأ)

كعُمَر مَعْدول عن طَاوٍ، وكرِبًا: صفة بمعنى المطوي مرتين. وبها قرئ {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه: 12] سمي كذلك لكثرة مرتفعاته أو ثُنّيَتْ بركتُه وضُوعفت. ومن مجاز الأصل "طَوَى البلادَ: قَطَعها بلدًا عن بلد وكذلك الأيامَ (كأنه جمعها بعضها فوق بعض وراءه لمّا مَرّ بها شيئًا بعد شيء) ومن الكنايات: "طَوَى كَشْحَه: أعْرَضَ بوُدّه ". • (وطأ): {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا} [الأحزاب: 27] "وَطِئَ الشيءَ برجله: داسه بقدمه. والوِطَاء - ككتاب وسحاب: ما انخفض من الأرض بين النِشَاز والأَشْراف. والوَطْأة -بالفتح: موضع القدم وهي أيضًا كالضَغْطَة ". Qالدَوْس بثقل الحِمْل كله على الشيء ويلزم ذلك انخفاضه -كموضع القدم من ضَغْطِه، والوِطَاء منخفضةٌ كأنها ضغِطَت {وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا} المفسرون على أن (أورثكم) هنا وعد، أي أنه تعالى قضى بذلك. ثم عيّنها بعضهم: فارس والروم أو غير ذلك، وقيل كل أرض تفتح إلى يوم القيامة [ينظر قر 14/ 161، بحر 7/ 219] ومنه "الواطئة: المارّة والسابلة لوطئهم الطريق ". ومنه "وَطِئنا العدو بالخيل: دسناهم ". ومنه استعمل الوطء في الغزو والقتل، لأن من وَطِئ الشيء برجله فقد استقصى في إهلاكه وإهانته {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الفتح: 25]. {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ}

الطاء والباء وما يثلثهما

[التوبة: 120]. ومنه "وَطِئَ المرأة "كما قالوا وَقَع عليها. و "وطأ الفراش والمجلس - ض: مَهّده وذَلّله ودَيّثَه " (كأنه ضغط مرتفعاته وغَلْظَه فانخفض وسَهُل) "فِراشٌ وَطِيءٌ: لا يؤذي جَنْب النائم، والوِطَاء خلافُ الغِطاء (أي هو الفراش سمي كذلك لتمهيده) ومثله في "وَطَأ الفَرَس (وضع)، وطّأه - ض: دَمّثه ". ومنه "واطأه على الأمر: وافقه كان كُلًّا منهما وطِيءَ ما وَطِئَه الآخر [ل] {لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ} [التوبة: 37] كقولهم طابقه {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: 6] قُرِئَ وِطاءً - ككتاب لمواطأة السمع والبصر للقائم فيعي قلبُه. وأما "وَطْأ "فالمعنى القريب أنها أشق وأغلظ، لكن المراد أنها أجَدّ (من الجِدّ) وأثبت للعمل، لخلوها مما يشغل القلب، فهي أنفع لمن يؤديها، لأن المشقة ليست غاية، وإنما المراد استثارة النشاط والعزيمة، وأن ذلك الوقت أنسب لإحسان العبادة {وَأَقْوَمُ قِيلًا}. الطاء والباء وما يثلثهما • (طبب - طبطب): "طَبَبْتُ السِقَاءَ: رقَعتُه. والطِبابة - كرسالة: سَيْرٌ عَرِيضٌ/ جِلْدَةٌ تُجْعَل على ملتقى طَرَفَيْ الجلد في القِرْبة والسِقاء والإداوة إذا سُوِّىَ ثم خُرِزَ تَقَع الكُتَبُ والخُرَزُ فيه. والطُبَّة -بالضم: الجِلدة المستطيلة أو المربعة أو المستديرة في المزادة والسُفرة والدَلْو ونحوها ". Qالتلطف والاحتيال في جبر خلل جسم الشيء أو في تسويته مع حذق وجَوْدة (¬1): كلما هو واضح في رَقْع السقاء أو صُنعه أو دَعْمه ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الطاء عن غلظ مع ضغط وتمدد، والباء عن تجمع رخو وتلاصق ما، =

بجلدة تقويه. وقد فسّر [تاج] (طبَّ) بقوله: احتالَ لما يَجِب أي تَأَتَّي للأمور وتلطف ". ومنه طبَّبْتُ الديباجَ: إذا أدخلت بَنِيقَةً توسّعه بها، وطَبْطَبَ الوادي: سال بالماء " (امتلأ ما كان ناقصًا منه). ومن المهارة "الطَبْطابة -بالفتح: خشبة، عريضة يُلعَب بها الكرة " (إصابتها الكرة وهي طائرة). ومن الإصلاح بحذق ورفق واحتيال سُمّى مُعالج مرض الجسم والنفْس: طبيبًا، واشتهر في ذلك، لكنه مستعمل في غيره لمعنى الحذق. فقيل في صفة غِراس نخل: {جاءت على غَرْس طبيب ماهر}. وقالوا "فَحْلٌ طَبٌّ -بالفتح: ماهر حاذق بالضِراب يعرف اللاقح من الحائل، (ولا ينزو على اللاقح الحامل) والضَبِعَة (المشهية للضراب) من المَبْسورة (التي لا تريد) (يعرف ذلك بالشم)، والطَبُّ من الإبل -بالفتح أيضًا: الذي لا يضع خُفَّه إلا حيث يبصر "، ومن ذلك تسميتهم السِحْر: طِيًّا، قال الأزهري "وأصلُ الطِبّ: الحِذْقُ بالأشياء والمهارةُ بها ". وقد فُسّر قوله {إن يكن طبُّكِ الفراق} بالطَوِية والشهوة والإرادة. والدقيق أن يقال إن تكوني بتصرفك إنما تحتالين للفراق. وقول عنترة: ¬

_ = والفصل منهما يعبر عن تمدد مستعرض يَجْمَع بلطف ورفق كما يتمثل في الطبابة بطولها وجمعها طرفي الجلد بالتصاقها بهما وكذلك تفعل الرقعة. وفي (طيب) تضيف الياء معنى الاتصال الذي يتمثل في وجود اللطف في الشيء واتصال أثره بالنفس كما في الشيء الطيب. وفي (طبع) تعبر العين عن جرم ملتحم عريض رقيق، ويعبر التركيب بها عن تسوية الشيء المرن تسوية تعم ظاهره كله (الرقة في معنى العين تجعلها تعبر عن تصوير الظاهر بإحكام للرخاوة التي تيسر ما يراد) كطبع الدراهم والجِرار والسيف الخ. وفي (طبق) تعبر القاف عن اشتداد وغلظ في أعماق الشيء، ويعبر التركيب بها عن تغطية ما له باطن وهو العُمق بشيء يساويه عرضًا كالطبق الغِطاء ثم الطبق الذي يؤكل فيه، وكالطبق الجماعة حيث تترابط ويشتد ما بينها.

(طيب)

إن تُغْدِفي دوني القناع فإنني ... طَبٌّ بأخذ الفارس المُسْتَلْئِمِ فهو يزعم أن قناعها الذي تتحصّن أي تَتَخَفَّى به منه لن يمنعه من الوصول إليها، لأنه يقدر على أخذ الفارس المستلئم (الذي يشبهها في التحصن لكن بدرع حديدية) وهو أمنع منها. أما قولهم "الطِبابة - كرسالة: الطريقة المستطيلة من الثوب، والرمل، والسحاب، وشُعاع الشمس،، والمستطيل الضيق من الأرض الكثير النبات "فمن التشبيه بالطِبابة: السير العريض. وأما قولهم "سمعت لصوته طَباطِب، والطَبْطَبة: صوت تلاطم السيل. وطبطب الماء إذا حركه "فكل هذا من المحاكاة الصوتية (وقد يرجع الاستعمالان الأخيران إلى قولهم: "طبطب الوادي: إذا سال بالماء ". ولعل سرّ تسمتيهم "العَجَم طباطب "، هو تشبيه كلامهم المتداخل الذي لا يفهمونه بصوت طبطبة الماء، أو هو من اتساع حِيَل هؤلاء في تحصيل ما يريدون. وللَّه الأمر. • (طيب): {وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [غافر: 64] "الطِيبُ -بالكسر: ما يُتَطيَّبُ به. وقد تَطَيَّبَ بالشيء، وطيَّب الثوبَ - ض. ماء طيِّبٌ: عَذْبٌ. طعام طيّب: يَسْتَلِذّ الآكل طعمَه/ سائغ في الحلق. طِيَبةُ الكَلأ - كعِنَبة: أخْصَبُه، وطِيَبة الشراب (كذلك): أجَمُّه وأصفاه. أرض طِيَبة: تَصْلُح للنبات. طابَت الأرضُ: أَخْصَبَت وأَكْلأتْ. بَلَد طيّب: لا سِبَاخَ فيه. ريح طيِّبة: لَينة ليست بشديدة. نَكْهة طيبة: ليس فيها نَتْن وإن لم يكن فيها ريح طَيّبة

(المقصود رائحة طِيب). كلمة طيّبة: ليس فيها مكروه ". Qلطف وقع الشيء على الحِسّ وصُلوحه في باب ما يراد منه (مع خلوه من الغِلَظ والحِدّة): كالطيب بمعناه المذكور (تُسْتَلَذّ رائحته ويعادِل ما يكون من كريه الروائح)، وكالماء العَذْب والطعام المستلَذّ، والكلأ، والشراب، والأرض، والريح، والنكهة، والكلمة الموصوفات. ومن صلاح الحال والخلو من الحدة استعمال الاستطابة كناية عن الاستنجاء، وكذلك "الاستطابة: حَلْق العانة "؛ لأن كُلًّا نظافة ونقاء وخلو من الأذى. ومن صور الخلو من الحدّة المادية "الطِياب - كرحال: نخل بالبصرة إذا أرطبت الخلة فتُؤُخِّر عن اخْتِرافها تساقَط (الرُطَب) عن نواه فبقيت الكباسة ليس فيها إلا نوى معلق بالثفاريق وهو مع ذلك كُبار "، فذلك لخلو رُطَبها من النوى. ومن معنوى ذلك "فلان طيّب الأخلاق: سهل المعاشرة، وزَبُون طيب: سهل في مبايعته، ونَفْس طيبة بما قُدِّر لها: راضية. وطايَبَه: مازَحه ". ومن ذلك المعنى استعمل التركيب في التعبير عن الطهارة: "تربة طيبة: طاهرة: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43]. وامرأة طيبة: حَصان عفيفة {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ} [النور: 26]. وعن الحلال {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [المؤمنون: 51]. أي كلوا من الحلال. وكل مأكول حلالٍ مستطابٍ فإنه داخل في هذا. ومن رحمته. تعالى أن أحل لهم ما كانوا يستطيبونه {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4]. ومما يقرب من هذا "طابت نفسه بالشيء إذا سَمَحَت به من غير كراهة ولا غَضَب " {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4]

(طبع)

وأقول إن الكلمة تكون طيبة إذا كانت حقًّا وأعقبت خيرًا {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10]، {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} [إبراهيم: 24]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو الطيب من كل شيء بحسبه: ففي الطعام والرزق هو الحلال الذي تستطيبه الفطر السليمة، وفي النساء الحلائلُ العفيفات، وفي الريح اللينةُ النقية، وفي المساكن الواسعُ المريح، وفي الشجر المظلةُ المثمرة وهكذا. وقوله تعالى {طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} [الرعد: 29]. قال الزجاج معناه: "العيش الطيب لهم. . وقال عكرمة الحُسْنَى لهم. . ". • (طبع): {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} [غافر: 35] "طَبَعَ الرجلُ اللبِنَ (الطوب) والدرهمَ والسيفَ (فتح): صاغه. وطَبَعْت من الطين جَرّة: عَمِلْت. والطبَّاع - كشداد: الذي يأخذ الحديدة المستطيلة فيطبع منها سيفًا أو سكينًا أو سِنَانًا. والطِبْع -بالكسر: النهر الذي يحفره الناس ". Qجَعْل المادة (اللينة) على هَيئة معينة مع تسوية ظاهرها على حَسَب ذلك: كطبع اللبِن والدراهم، وكحفر النهر. والظاهر المهيأ للشيء يُعدّ كأنه طبقة لاصقة بظاهره تغطيه. وبذلك قالوا "طبع السيف (تعب): صَدِئ، والثوبُ: اتّسخ، والطَبْع -بالفتح: الخَتْم (كختم العسل: تغطية أعلاه بطبقة رقيقة من الشمع بقدره، وخَتْمُ الكتاب كان يتم بتغطية ظاهره بطبقة تستر ما فيه). ومن هذا جاء "الطَبْعُ: التغطية (اللاصقة بظاهر) الشيء والاستيثاقُ من أن لا يدخله شيء {وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [الأعراف: 100]. كما قال تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ

(طبق)

عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البقرة: 7]، {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14]، {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24]. والذي في القرآن من التركيب كلُّه من هذا الطبع على القلب. والعياذ باللَّه. ومن ذلك الأصل أيضًا "طَبَع الإناءَ والسقاءَ: ملأه، وتطبع النهر بالماء: فاض به من جوانبه " (امتلاء الحيّز بمائع يبدي ظاهره سَطْحا مستويا على هيأة ذلك الظاهر). • (طبق): {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} [نوح: 15] "الطَبَقُ -بالتحريك: غِطاء كل شيء/ كلُّ غطاء لازم على الشيء. طَبَقُ كل شيء: ما ساواه. يقال وضع الطَبَق على الحُبّ وهو قِنَاعه [تاج] يدُه طَبِقَة - كفرحة: أي لَصِق عَضُدها بجنبه فلا يستطيع أن يحركها/ لا تنبسط. والطَبَق -محركة أيضًا: ذلك الذي يؤكل عليه أو فيه. وفي الحديث: "وتبقى أَصْلابُ المنافقين طَبَقًا واحدًا. الطبق -محركة: فقار الظهر -واحدته بهاء- أي لا يقدرون فى السجود. وطابقت بين الشيئين: إذا جعلتهما على حَذْو واحد وألزقتهما ". Qتفطية أعلى الشيء أو جانبه بمحكم وثيق على قدره: كطبق الحُبّ (وهو الزير)، وكالعضد على الجنب، وكوثاقة الصُلب وهو طبق البطن أو جدار البدن - بحيث لا ينثني، وكلصوق الفقرة بأختها، وكالمطابقة بين الشيئين. والطبق الذي يؤكل عليه أو فيه من ذلك. والأقرب للتسمية هو أنه الغطاء، وكان اسم الطبق استعمل أولًا للغطاء ثم نقل لما يغطَّي من أوعية تجزئة الطعام، وقد نقل [التاج] عن "المفردات "أن الطبق يقال أيضًا لما توضع عليه

الفواكه. فهو ما شأنه أن يطبق عليه. وصيغة كلمة (طَبَق) تصلح للفاعلية والمفعولية. ومن مادي ذلك الأصل قولهم: "أصبحت الأرض طَبَقًا واحدًا: إذا تغشى وجهَها الماءُ. والماء طَبَقُ الأرض (حينئذ). ومنه "طِباقُ الأرض ذهبا "أي مِلْؤُها. ثم قالوا "طَبَّقَ الشيءُ - ض: عَمّ ". ومن المادي أيضًا "المُطَبَّق - كمعظَّم: قِشْرُ اللؤلؤ يُلزَقُ بعضه على بعض فيصير كاللؤلؤ [ينظر ل]. وطبّق السحاب الجو - ض: غَشّاه. والمطابقة: المَشْيُ في القَيْد (لكون الرجلين مطابَقَتَين أو لوقوع القدمين -عند المشي في القيد- معًا أو في الموقع السابق نفسه)، وأن يضع الفرص رجلَه في موضع يدِه " (يُطْبِقها عليه) و "الطَباقاء: الأحمق "، وقالوا إنه الذي ينطبق على صدر امرأته عند مُضَاجعتها. وعلى تفسيره بالأحمق فهو الذي تنطبق عليه الأمور لا يدري لها وجهًا. ومن المطابقة الموصوفة قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} [الملك: 3 ومثلها ما في نوح: 15]. فسرت في [قر 18/ 208] بالانطباق بعضها فوق بعض والملتزق منها أطرافها. اهـ. وحقيقة أمرها أعظم كثيرًا مما نراه. أما قوله تعالى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق: 19]. فأشبه التفاسير بالأصل والمساق هو ذاك الذي ورد به الحديث أي "حالًا بعد حال "ثم قال "إن قُدّامَكم أَمْرًا عظيمًا فاستعينوا باللَّه العظيم " [قر 19/ 279] فالمقصود هو الحال الشديدة العامة أي إن أمامكم شدائد عامة يتعرضُ لها كل أحد. وتؤخذ الشدة من التغطية فإنها حَجْبٌ وحَبْسٌ تامّ، ويؤخذ العموم من شمول التغطية

معنى الفصل المعجمي (طب)

وإحكامها -كما تسمى الشدة العامة طامّة، وكما يسمى ذلك كَرْبًا. ومن هذه الشدائد: الموت وسؤال القبر والبعث والوقوف والحساب. . فالآية في السورة مَسُوقة مساق الإنذار {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [الانشقاق: 20]. أما أنها السموات أو أحوال السماء أو أطوار الحياة نطفة فعلقة إلخ فلكل منها ما يُبعِّده. والعبارة تسمح أن يراد بها ما تمر به أمة العرب والمسلمين من شدائد تشملها، كالتتار والمغول والصليبيين والاستعمار والصهيونية، ثم ما نحن فيه الآن في القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين الميلادي. والرابط بالسياق هو أن الإيمان هو سبب معونة اللَّه المخلّصة من ذلك. ° معنى الفصل المعجمي (طب): جَودة ظاهر الشيء أي خلوه من الخلل ومن الجفاء كما يتمثل ذلك في طَبّ السقاء والطبابة بما يتحقق فيهما من إتقان وخلو من الجفاء -في (طبب)، وكما يتمثل في طِيب الشيء حسنَ رائحةٍ أو عذوبةَ ماء أو سواغَ طعم إلخ -في (طيب)، وكما يتمثل في قول مادة الشيء الشكل المستوي لبِنًا أو سيفًا أو درهمًا -في (طبع)، وكذلك قبول الشيء انطباق آخر عليه لازمًا له أي ثابتًا متمكنًا غير قلق لاستوائهما -في (طبق). الطاء والحاء وما يثلثهما • (طحح - طحطح): "طَحَّه (رد) بسطه، وطحّه: وضع عَقِبَه عليه ثُمّ سَحَجَه ". Qانبساط الجرم شديدًا عن ضغط شديد يسحقه أو يكاد (¬1): ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الطاء عن ضغط وتمدد، والحاء عن عرض بجفاف أو قوة، والفصل منهما يعبر عن ضغط جرم الشيء حتى ينبسط كما في الطح. وفي (طحو طحى) تعبر =

(طحو - طحى)

كالطح بتفسيريه. ومنه "طحطح الشيءَ فتطحطح: فرّقه وكسره إهلاكًا ". • (طحو - طحى): {وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا} [الشمس: 6] "الطَحَا - مقصور: المنبسط من الأرض، والبقلة المُطَحِّيَة - كمقدِّمة: النابتة على وجه الأرض قد افترشتها. طَحَوت الشيء وطحَيته: بَسَطته مثل دَحَوته. وضربه ضربًا طَحَا منه: امتدّ. وطَحَوته: بطحته وصَرَعته: فطَحَّى - ض -كصلى: انْبَطَح انبطاحًا ". Qانبساطٌ أو انفراشٌ لجرم الشيء بامتداد من دفع بضغط شديد: {وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا}: بسطها من كل جانب [قر 20/ 74] أي لأهلها كل في قطره، وهذا لا ينافي كروية شكلها العام ولا دورانها. ومنه: "القومُ يَطْحَى بعضُهم بعضًا (كسعي): أي يَدْفع " (يضغط) وطَحَى الشيءُ: هلك " (كأنما ضُغِط فسُحِق). ومن معنويه: {طحى بك قلب} (كعسى): ذهب " (= بعد). ° معنى الفصل المعجمي (طح): هو الانبساط عن ضغط كطَحّ الشيء بسطه بسحجه بالعقب -في (طحح)، وكالطحا المنبسط من الأرض -في (طحو طحى). ¬

_ = الواو والياء عن زيادةٍ اشتمالًا أو اتصالًا، والتركيبان يعبران عن زيادة الانبساط كما في الطحا: المنبسط من الأرض.

الطاء والدال وما يثلثهما

الطاء والدال وما يثلثهما • (طود): {فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} [الشعراء: 63] "الطَوْد -بالفتح: الجَبَل العظيم. . . الجَبَل المُنْطَاد في السَمَاء الذاهِبُ صُعُدًا " [أساس]. Qارتفاع الجبل صُعُدًا في السماء (¬1): {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ}، فهذا تصوير لارتفاع ماء البحر المنفلق بالنسبة للواقف في قاعه. أما قولهم "طوّد - ض: طوّف بالبلاد لطلب المعاش "فهو من الارتفاع، والارتفاع العظيم فيه معنى الامتداد، وهو متحقق هنا أيضًا، كما يقال "أَصْعَد في البلاد: سار ومضي وذهب ". وكذلك "طوّد بفلان وبنفسه في المَطاوِدِ والمَطَاوِح - ض: وهي المذاهب. هذا، وقد قال ابن فارس في هذا الفعل المضاعف "طوّد في الجبل: طوّف كأنه فِعْل مشتق من الطود ". اهـ لكن استعماله في البلاد -كما ورد- بتأويل الإصعاد توسعٌ مناسب ". ¬

_ (¬1) (صوتيًّا) تعبر الطاء ضغط وتمدد في عرض والدال عن ضغط وتمدد طولي مع احتباس. قد يتمثل في الجمود والواو عن اشتمال. والتركيب منهن يعبر عن ذلك الجبل الذاهب صُعُدا كأنما عن قوة يشتمل عليها فيعلو بها.

الطاء والراء وما يثلثهما

الطاء والراء وما يثلثهما • (طرر - طرطر): "رجل طُرْطور -بالضم: دقيق طويل. والطُرطور: قَلَنْسُوَة للأعراب طويلة الرأس. والطُرّة -بالضم: السحابة تبدو من الأفق مستطيلة. وطُرّة الشَعَر: الناصية. والطُرَّتان من الحمار: خطان أسودان على كتفيه. وطرة الثوب حاشيتهُ التي لا هُدْب لها. وطَرّ النبت، والشارب، والوبر: طلع ونبت ممتدًّا (مستطيلًا أو عامًّا). Qامتداد جرم الشيء مستدقًّا مع رقة ما (¬1): كالطرطور ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الطاء عن ضغط (أو استغلاظ) وتمدد عَرْضي، والراء عن استرسال والفصل منهما يعبر عن استرسال (من شيء غليظ كان ذلك بضغط عليه) مع رقة واستدقاق كالطُّرطور. وفي (طرو - طرى) تعبر الواو والياء عن اشتمال واتصال، ويعبر التركيبان عن اشتمال على زيادة في الرقة التي يحتوي عليها التركيب الغليظ أو الكثيف فيصير غَضًّا طريًّا - كاللحم الطري، واطرورَى الرجل: اتَّخَم وانتفخ بطنه. ويعبر التركيب الموسوط بالواو في (طور) عن اشتمال أو إحاطة كما في طِوار الدار: ما امتد معها من الفناء، كما يعبر التركيب الموسوط بالياء فِى (طير) عن اتصال الاسترسال بعدًا أو دوام قدرة عليه كما في الطيران. وفي (وطر) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال أو الاحتواء، ويعبر التركيب عن احتواء على غاية أو رغبة (في شيء محبوب وهذه هي الرقة هنا) تمتد إلى أمر خارجي (كما يقال الآن يتطلع إلى كذا) وفي (طرح) تعبر الحاء عن احتكاك بعرض وجفاف، ويلزمه الانبساط ويعبر التركيب عن بسط (امتداد أو إبعاد) بقوة وجفاء كالطرح في المكان البعيد وكتطريح البناء. والرقة هنا هي الضعف الممكن من ذلك. وفي (طرد) تعبر الدال عن ضغط ممتد مع حبس (ويلحظ أن الأحرف =

(طرو - طرى - طرأ)

وطُرّة الشعر والثَوْب. • (طرو - طرى - طرأ) (¬1) {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: 14] "لحم طَرِيٌّ: غَضٌّ بين الطَراوة: طَرُوَ اللحمُ وطرِى (ككرم ورضى). اطْرَوْرَى الرجلُ: اتّخَم وانتفخ بطنه. وطَرَّى الطِيبَ - ض: فتَقه بأخلاطٍ (طيب أو عنبر أو غيره) وكذلك طرَّى الطعامَ. وغِسْلَةٌ مُطَرّاة: مربّاة بالأفاويه يغسل بها الرأس ". Qغضاضةٌ ولينٌ مع تخلخل أثناءٍ في الشيء المتجمع: كاللحم والبَطْن وكما يُطَرّى الطيب بالأخلاط {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا} [فاطر: 12 ومثله ما في النحل: 14] ومنه (أطْرَى العسَلَ: أخثره/ أعقده وأخثره [تاج] (لعل ذلك إذا كان جِدّ رقيق). وأطرى الرجلَ: جاوز الحدّ في مدحه، ومدحه بما ليس فيه (إضافة شيء لا حقيقة له - فارغ كالمتخلخل). والغضاضة لازمة للحدوث عادة (كالوليد والنبت أول حاله) فمن هذا ¬

_ = الثلاثة فيها تعبير عن الامتداد) ويعبر التركيب عن نوع من الإبعاد المستمر حبسًا عن الحوزة ملاحقة كما في طَرْد الكلابِ الصيد. وفي (طرف) تعبر الفاء عن نفي وإبعاد، ويعبر التركيب عن نقطة انقطاع الجرم المسترسل وانتهائه كطرف الشيء. وفي (طرق) تعبر القاف عن اشتداد أو غلظ في أثاء الشيء وأعماقه، ويعبر التركيب عن قوة في الباطن يتأتى منها الامتداد كالنخلة الطريقة. (¬1) في ل أن ابن سيده عد التركيب اليائي إنما هو من أثر وقوع الواو بعد كسرة -أي أنه ليس أصيلًا.

(طور)

جاء الطروء. ومنه "طرا طروًّا (مهموزًا ومعتلًّا) (قعد): أتى من مكان بعيد (استجد في المكان). وطرى (فرح): أتى. والطُراء - كتفاح: الغرباء وهم الذين يأتون من مكان بعيد. ونُظر في: الطِرّيان - كصِلّيان وقِرْدان: الطبق الذي يؤكل عليه "إلى استحداث أطعمة عليه بين آن وآخر. ثم استعمل في مجرد كون الشيء غريبًا عن مقره "الطَرا - كفَتَى: كل ما كان على الثَرَى من غَيْر جِبِلَّة الأرض ". • (طور): {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم: 52] "طَوَار الدار - كسحاب وكتاب: ما كانَ مُمْتدًّا معها من الفِناء، والطَوْرة بالفتح: فِناء الدار. والطَوْر -بالفتح، وكسَحاب: ما كان على حَذْو الشئ أو بحذائه. هذه الدار على طَوَار هذه الدار أي حائطُها متصل بحائطها على نَسَق واحد ". Qالامتداد حولَ الشيء أو بإزائه: كطَوار الدار والفناء - كما هو واضح. ومن هذا "طَارَ حول الشيء يطُور: حامَ ". ومن معنويه "فلان يطور بفلان ". ومن كون الشيء حول الشيء، أي على حدّه المحيط به، قالوا "الطَوْر -بالفتح: الحدُّ بين الشيئين ". ويقال "عدا طوْرَه أي جاوز حدَّه. وبَلغَ في العلم أَطْوَرَيه: حَدَّيه أوله وآخره. وبَلَغتُ من فلان أَطْوَرَيْه: الجَهْدَ والغايةَ في أمره ". والاستعمالات الثلاثة معنوية. ومن الدوران حول الشيء استعمل في دَوَرَان الشيء نفسه، أي تحوله

(طير)

معنويًّا: "الطَوْرُ: الحالةُ التي عليها الشيءُ في الزمان أو المكان (لفظ الحال أيضًا فيه هذا التحول) طَوْرًا بعدَ طَوْر أي تَارَةً بعد تارة أي حالة بعد حالة {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} [نوح: 14] على أحوالٍ أو تاراتٍ: نُطْفَة فعَلَقة الخ، أو باعتبار المناظر والأخلاق المختلفة. ومن هذا يؤخذ أن الطَوْر يكونُ من جِنْس الشيء لا غريبًا عنه. أما الطور -بالضم: جبل سيناء فإنه سُمِّي بدوران ماء البحر حوله إذ هو زاوية شبه جزيرة سيناء الممتدة في البحر الأحمر، وكان معنى الاسم: المَدُورُ حَوْلَه {وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} [الطور: 1 - 2]، {وَطُورِ سِينِينَ} [التين: 2]. وليس في القرآن من التركيب إلا الطور هذا الجبل المعين، وكلمة (أطوار). أما كلمة طُور بمعنى الجبل مطلقًا فيتأتى أن تكون تعميمًا لذلك. • (طير): {أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ} [النحل: 79] "الطَيْر معروف. طارَ الطائرُ (باع، وطَيَرانا - مُحركة، وطَيْرورة)، واستطارَ الفجرُ والبرقُ: انتشر في الأفق ضوءُه ". Qانتشار الشيء من مقره مرتفعًا في الهواء بخفة بالغة إلى غير محدد. كالطَيرَان وانتشار ضوءِ الفجر والبرق. {وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ} [النور: 41]، {وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: 38]. ومن هذا كل ما في القرآن من (طير) و (طائر) -عدا ما جاء بمعنى النصيب والشؤم اسما وفعلًا وسيأتي. ومن الانتشار المادي بخفة وسرعة: "استطارَ الصَدْعُ في الزجاجة: تبين فيها

الانصداعُ من أولها إلى آخرها. واستطارَ سَيْفَه: انتزعه من غِمْده مُسْرعًا (يلحظ امتداد جسم السيف). وخذ ما تطاير من شعر رأسك: أي طَارَ وتَفَرّق. وطَيَّرَ الفحلُ الإبل - ض: ألقحها. وطُيِّرَتْ لَقاحا - ض للمفعول: عَجِلَت باللقاح (انتشار إلقاح ونسل واللقاح سبيل كثرة الأولاد) وتطاير السحابُ في السماء: عَمَّها. وقولهم بئر مُطارة: واسعة الفم "قد يكون من أنها كالمهواة يطيح قيها الناس وغيرهم (شاهدها الوحيد {. . كأنه حَفَر مطار}). ومن الانتشار الذي هو بين المعنوي والمادي "استُطير الرجل: ذُعر - للمفعول كلاهما {وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [الإنسان/ الدهر: 7] فاشيا في السموات فانشقت، وتناثرت الكواكب، وفزعت الملائكة، وفي الأرض نُسفَت الجبال، وغارت المياه [قر 19/ 128]. ومن زجر الطير أو من مفارقة الشيء مقره إلى الهواء أخذ معنى "التطيُّر: التشاؤم ". ففي الحديث "ويكره الطِيَرة "وهما توقع المكروه (مقترنًا بأمر) وذلك لما في الوجود في الهواء بلا مقر من احتمال الهُوِىّ، كما أن الخَطَر يُشْتَقُّ معناه من خَطران الفحل بذنبه في الهواء {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} [يس: 18]: تشاء منا ومثله ما في [الأعراف: 131، النمل: 47]. قالوا {طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} [يس: 19]: شؤمكم (أي سببه وهو الكفر) معكم. ومن المفارقة إلى غير محدد استعمل في الحظ أو النصيب غير المعروف أو المحدد سلفًا. {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} حظه من الخير أو الشر. قالت أم العلاء "اقتسمنا المهاجرين فطار لنا عثمان بن مظعون "أي كان هو نصيبنا منهم. و "كانا يقتسمان السهم فكان أحدُنا يطير له النصلُ وللآخر القِدْح ".

(وطر)

• (وطر): {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] "قال الخليل: الوَطَر كل حاجة يكون لك فيها همة فإذا بلغها البالغ قيل قضى وَطَره وأَرَبه ". Qحاجة أو رَغْبة محدودة في شيء ما - كما يؤخذ من كلام الخليل {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا} [الأحزاب: 37]. قضاء الوطر هنا كناية عن الدخول بالمرأة [ينظر قر 14/ 194]. • (طرح): {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} [يوسف: 9] "الطَرَح -بالتحريك: المكانُ البعيد. وكرسول: البعيدُ من البلاد، ومن النخلِ: البعيدةُ الأعلى من الأسفل، ومن الأقواس: الشديدة الحفْز للسهم يَبْعُد ذهابُ سهمها، وطرّح البناءَ وغيره - ض: طَوَّله جدًّا ". Qابتعاد الشيء أو إبعادُه مسافة عظيمة بدفع أو قوة: كالمكان البعيد، وكامتداد الخلة والبناء رأسيًّا بزيادة ارتفاع، ومنه "طرحَ الشيء (فتح): رمى به (بعيدًا)، واطَّرحه: أَبْعَدَه " {اطْرَحُوهُ أَرْضًا} المعنى أبعدوه إلى أرض بالغة البعد بحيث لا يستطيع أبوه أن يراه [ينظر قر 9/ 131]. • (طرد): {وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (114) إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الشعراء: 114، 115]

(طرف)

"طَرَدْت الرجلَ (نصر) أَبْعَدته فذهب. مَرَّ يَطْردُهم: يَشفهم وَيَكْسَؤُهم. خرج فلان يَطْرُد حُمُر الوحش. والريحُ تَطْرُد الحَصَى والجَوْلانَ على وجه الأرض: وهو عَصْفُها وذهابُها بِها ". Qإبعادٌ عن الحيّز بدفع قَوي من الخلف: زَجْرٍ أو نحوه. كالاستعمالات المذكورة {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [الأنعام: 52]. وليس في القرآن من التركيب إلا (الطرد) وما تصرف منه بهذا المعنى. ومنه "أَطْرَدَه السلطانُ: حكم عليه بالطْرد فلِكل واحد وبلد أن تَطْرده. وأَطْرَدْنا الغَنَم: أرسلْنا فيها التُيُوس (تجري وراء إناثها كصورة الطرد). والإبعاد عن الحيز يعني إيجاد مسافة ممتدة بين الحيز والمطرود ومن هذا الامتداد (الطولي أساسًا) تتابُعُ الشيء، لأن الاستمرار امتداد. فمن التتابع "اطَّرَدَ الماءُ: تتابع سَيَلانه، والكلام: تتابعَ، والشيءُ أو الأشياء: تبع بعضها بعضًا ". ومن الامتداد: مكانٌ طَرَّاد - كشداد: واسع يَطَّرد فيه السرابُ [ل] ومكان وَسَطْح طَرَّاد: واسعٌ (امتداد عرضي) والطريدة قَصَبة. . توضع على المغازل والعُود والقِدَاح فتُنْحَت عليها وتُبْرَى بها (فتستوي وتبدو ممتدة) ويومٌ طريد وكشداد ومُعَظّم: كاملٌ مُتَمَّم. . طويل ". ومن الامتداد الطولي: "الطريدة: شُقَّةٌ من الثوب شُقّتْ طولًا، والخُطَّة (أي الخط في ظهر الحمار أو غيره) بين العَجْب والكاهل (أي تمتد من آخر ظهره إلى أوله). • (طرف): {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ} [الصافات: 48] "طَرَف كل شيء -بالتحريك: منتهاه. والأطراف: الأصابع. وأطراف

العذارَى: عنب طُوال يشبَّه بأصابع العذارَى لطوله، وعُنْقودُه نحو الذراع. والطِرَاف - ككِتاب: بيتٌ من أَدَم ليس له كِفاء (= سترة مؤخر البيت من أعلاه إلى أسفله) وهو من بيوت الأَعْراب. والطَرْفاء -بالفتح (واحدها كشجرة): من العِضَاه، وهُدْبه مثلُ هُدْب الأَثل، وليس له خشب، وإنما يخرج عِصِيًّا سَمْحَةً في السماء ". Qالنهاية أو التجرد للشيء الممتد مع دقته. (التجرد من الشُعَب والورق ونحو ذلك فيه معنى انقطاع هذه الأشياء، فهو من جنس الانتهاء) كالأصابع، وعصِيّ الطرفاء كأنها امتدادات مجردة، نظرًا لعدم شعبها وورقها وعدم غِلَظها كساثر العِضَاهِ من الشجر. ونُظِر في الطراف إلى أنه مجرد شقة من أدم ممتدة ذات طَرَفَين دون ثالث، إذ تمثل تجردها في عدم الكِفَاء. ومن حسي استعمالات التركيب إطلاق كلمة الطَرَف على الرأس، والذنب، والأذن، و "طرفا الإنسان فَمُه واسته " (نظر في هذا إلى أول سبيل المأكول وآخره وهما طرفان). وقالوا "طَرف بَصَرَه (ضرب): أطبق أحدَ جَفْنَيه على الآخر (الجفن غطاء فهو كالنهاية المتدلية، وإطباق الجفن إيقاف للنظر كالإنهاء أيضًا) والطرْف - بالفتح: العين (ذات طرف أو هو مصدر بمعنى النظر يمتد بعيدًا حتى ينتهي نظره. ودقته لطفه أي خفاء مساره). {لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} [إبراهيم: 43] لا ترجع إليهم أبصارهم من شدة النظر فهي شاخصة النظر [قر 9/ 377]. كما قالوا: "الطوارف: العيون ".

(طرق)

وقولهُ تعالى: {طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114] الغداة والعشي {وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} [طه: 130] أو هي ساعاته. ومن النهايات الدقيقة استعمل في الجزئية {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: 127]. أي طائفة {نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد: 41 ومثلها ما في الأنبياء: 44] نواحيها. كان المراد تخريب العمران الذي يوقعه اللَّه بالكفرة، فما يؤمن هؤلاء أن يمكّن اللَّه منهم فيوقع المسلمون بهم -كما في آية آل عمران [ينظر بحر 5/ 389]. ولدقة النهايات وبُعْدها استعمل التركيب في الدقيق اللطيف، وفي الغريب والمستحدث (كأنه آت من بعيد) (الطِرْف -بالكسر، والطريف والطارف: المال المستفاد المستحدث. واطّرَفْت الشيءَ: اشتريته حديثًا، وشيء طريف؛ طيب غريب (لطيف) وأَطْرَفَه: أعطاه. واستطرفت الإبل المرتع: اختارته وقيل استأنفته. واستَطْرَف الشيءَ: استفاده (حديثًا)، وطَرّفَ الشيءَ - ض، وتطرفه: اختاره " (استزاده حديثًا أيضًا). • (طرق): {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن: 16] "نخلة طَرِيقَةٌ مَلْسَاء طويلة. الطريقةُ من الرمل والشحم: ما امتدّ منه، وكلُّ لَحمةٍ مستطيلةٍ، والخَطُّ الذي يمتدُّ على ظَهْر الحمار " (أي الوحشي). "الطريقُ: السبيلُ. وما بين السِكَّتَيْن من النَخْل. والطريقة: نسيجةٌ من صوفٍ أو شَعرٍ عَرْضُها ذراعٌ أو أقل وطولُها أربعةُ أذرع أو ثمانية تخاط في ملتقى الشِقَاق (جمع شُقة). . .، وكل أُخْدود من الأرض أو صَنِفَة ثوب أو شيء مُلْزَق

بعضه ببعض فهو طريقة. وثوبٌ طرائقُ: خَلَقٌ رَعَابيل. والطرائق: الخطوط في القَناةِ ونحوها إذا قُطِعَتْ رَطْبة فأَخَذَتْ في اليُبْس ". Qامتداد الشيء الغض الأثناء طولًا بقوة داخلية أو ضغط خارجي: كالنخلة وطرائق اللحم والشحم والسبيل والنسيجة والصَنِفَة (الطُرّة) والحاشية والرمل والخط المذكورات: الطريق بضغط الوطء المستمر الذي يكوّنه، وما بين السكتين بالحَصْر، وكالنسيجة الموصوفة والملزق. ومنه "طَرَق المعدِنَ (نصر): ضربه ومدده " (تمدد بالدق وهو ضغط) {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} [طه: 77] ومثله (الطريق) في [النساء: 168، 169، الأحقاف 30]. ومن الطريق أخذت الطريقة: السِيرة والمذهب والحال {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ} [الجن: 16] أي الحق والإسلام [بحر 8/ 344]، {كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} [الجن: 11]: فِرَقًا مختلفة الأهواء (لكن كل فرقة لها مذهب يمتد مع أجيالها ". وتطارق الشيءُ؛ تتابع "ينظر [بحر 8/ 343]. {إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً} [طه: 104] كأن المراد: أَعْدَ لهُم مذهبًا في تقدير المدّة. {وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى} [طه: 63] الطريقة: السيرة والحال التي هم عليها [ينظر بحر 6/ 259، ثم 238]. ومن غضاضة الأثناء مع الامتداد أُخِذ معنى الاسترخاء؛ لأنه امتداد لكنه مَرَضِيّ: "الطَرَقُ (فرح): لِينٌ واسترخاء في يَدَى البعير والناقة: فهو أطرقُ وهي طَرْقاء. وفي الرجل طَرْقة -بالفتح، وككتاب وسَكينة: استِرْخاءٌ وتكسُّرٌ وضعف. والإطراق الاسترخاء في الجفون وإِرخاؤها. وأطرق برأسه: أماله (دلّاه وهذا استرخاء أيضًا). ومن غضاضة الأثناء استعمل التركيب في الركم المقصود به الليونة أو

معنى الفصل المعجمي (طر)

المؤدي إليها: "الطِراق - ككتاب: طبَقة من جلد أو نحوه تطبق على مثلها. وطَارَقَ النعلَ وغيرها: صيَّرها طاقا فوق طاق متراكبة وكذلك طرّقها. وأطرقَ جناحُ الطائر: لبس الريشُ الأعلى الريش الأسفل. وبهذا المعنى قوله تعالى عن السموات إنها {سَبْعَ طَرَائِقَ} [المؤمنون: 17]. كما قال تعالى {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} [الملك: 3]. . ومن هذا "طَرَقَ الفحل الناقة " (علاها/ ركبها كما قيل في الإنسان {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} [الأعراف: 189]. أما "الطارق: السالكُ للطريق ليلًا "، فهو من الطريق -كما قيل ابن السبيل، لأنه لا يُعرَف إلا بهذا. ويطلق الطارِق على النجم لأنه بمعنى السائر، وقد كان القدماء يقسمون النجوم حسب ما لاحظوا عليها إلى سَيَّارة وثوابت. فهو سابح في الفضاء ويمتد ضوءه إلينا. ولا حاجة إلى تشبيهه بالزائر الذي يطرق ليلًا. والقرآن الكريم يقول النجم الثاقب أي الذي يخترق الفضاء (أي يمتد) بجرمه السابح في الفضاء أو بضوئه. {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3)} [الطارق: 1 - 3]. ° معنى الفصل المعجمي (طر): هو الامتداد مع رقة ما كالرجل الطُرطور: الدقيق الطويل، وكطُرطور الأعراب، وكطُرّة الشعر -في (طرر)، وكاللحم الطرى من حيث الرقة مع أن الطراءة والاسترخاء من باب الامتداد لقابلية الرخو أن يمتد -في (طرو - طرأ)، وكطَوار الدار يمتد حولها -في (طور)، وكطيران الطير -في (طير) وكالوطر الذي يتطلع اليه وتمتد النفس إلى نيله -في (وطر) (وذلك كالحاجة التي تشتبك النفْس بها وتمتد إليها)، وكالطرَح المكان البعيد -في (طرح)، وكالطرْد الإبعاد

الطاء والعين وما يثلثهما

-في (طرد) (والرقة هنا بالنسبة لما هو أشد أو لما فيه مع ذلك عنف)، وكطرَف الشيء منتهي امتداده -في (طرف)، وكامتداد الشيء الذي يطرق مع تهيئه بالطرْق لما يراد، والنخلة الطريقة الملساء الطويلة -في (طرق). الطاء والعين وما يثلثهما • (طعع - طعطع): "الطَعْطَعُ -بالفتح- من الأرض: المطمئن. والطَعُّ: اللَحْسُ ". Qلين الشيء ويسر تناوله كشطا بأدنى ضغط (¬1): كالأرض المنخفضة ليست غليظة وكأنما كشطت منها طبقة ويسهل نزولها، وكما في اللحس وهو كشط باللسان بأدنى ضغط. • (طوع - طيع): {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: 11] ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الطاء تعبر عن ضغط أو غلظ مع تمدد عَرْضي، والعين تعبر عن تجمع أو التحام مع رقة، والفصل منهما يعبر عن انتقاص من ليّن أو رقيق ضغْطا كالأرض الموصوفة واللحس. وفي (طوع) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن اشتمال على رقة وليونة أو تأتٍّ -كما في أطاع التمرُ: حانَ صِرامه وأدرك إلخ ولا يكون كذلك إلا إذا أرطب لكنهم يريدون أن يبرزوا في تفسير الاستعمال معنى الطاعة ضد العصيان. وفي (طعم) تعبر الميم عن استواء الظاهر (ضامًا ما في أثنائه)، ويعبر التركيب عن ضم ماله كتلة وليونة كالطعام في البدن والمخ في العظم. وفي (طعن) تعبر النون عن امتداد في باطن، ويعبر التركيب عن امتداد ونفاذ في داخل كتلة قريبة غير صلبة كالحربة في البدن.

"أطاع النبتُ وغيرُه: لم يمتنع عن آكله. وأطاع له المرتع، وطاع له: اتسع له وأمكلنَه الرَعْي. وأطاعَ التمرُ: حان صِرامه وأدرك ثمرُه وأَمْكَنَ أن يُجْتَنَي. وأطاع النخلُ والشجرُ: أدرك. وفرس طَوْعُ العِنان: سَهْله. وناقةٌ طَوْعُ القِياد وطَوْعَتُه وطَيّعته: لينته لا تنازع قائدها ". Qليونة الشيء وتَأَتيّه لما يراد منه: كحال النبت والمرتع المذكورين والتمر الناضج والفَرَس والناقة المطيعيتن. ومنه "لسانه لا يَطُوع بكذا "أى (لا ينقاد له فينطق بما يريده). وكذلك "امرأة طَوْعُ الضجيع: مُنقادة له. وفلان طوعُ يد فلان: منقادٌ له. وطاع يَطُوع ويَطَاع ويَطِيع: لان وانقاد وتيسر للطالب، (فتمكن من توجيهه أو تشغيله)، و "أطاعه: مضى لأمره، وطاوعه: وافقه " {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آل عمران: 83] أسلم: استسلم طوعًا عند أخذ الميثاق، أو عند الدعوة أو بالإقرار بالخالقية [ينظر بحر 2/ 538] والكافر يسجد بدنه من حيث هو مخلوق [ينظر قر 9/ 308، بحر 2/ 538] {أَتَيْنَا طَائِعِينَ}: بقول حقيقي أو أنه تعالى أراد تكوينهما فلم تمتنعا عليه ووُجدتا كما أرادهما [ينظر بحر 7/ 466] والقول نطقا لا يستبعد كما أن أعضاء البدن تشهد كما في [النور 24، يس 65] {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80] , {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ} [المائدة: 30]: هَوَّنت ويسرت. {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} [البقرة: 184]: طَوَّع نفسه ولَيَّنها ففعل من غير أن يطلب إليه زيادةً في الطاعة. {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ} [التوبة: 179] (هم المتطوعون. أدغمت التاء في الطاء). و"الاستطاعة: الطاقة والقدرة (أصلها استشعارُ القدرة ويُسْر العمل

(طعم)

وتأَتّيه) {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] وتحذف التاء تخفيفًا {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} [الكهف: 97]. وكل ما في القرآن من التركيب هو بمعنى اللين والانقياد وما يؤخذ منهما كالاستطاعة والتطوع. وقوله تعالى -على لسان الحواريين يخاطبون سيدنا عيسى عليه السلام {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} [المائدة: 112] خلاصة ما يقال على هذه القراءة: هل يفعل؟ بمعنى هل نحن أهل لأن يتجاوز عن تقصيرنا فيفعل. وعلى قراءة هل (تستطيع ربَّك) المعنى: أَبَلَغَ من مكانتك عنده أن يفعل؟ وزجرهم سيدنا عيسى لأن أهل القرب من اللَّه ينبغي أن يترفعوا عن اقتراح أكلة تنزل عليهم من السماء. [ثم انظر البحر 4/ 57 - 58]. • (طعم): {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 78 - 80] "الطعام: اسم جامع لكل ما يؤكل. والطُعْمة -بالضم والكسر: وجه المكسب. . . شِبْهُ الرزق. وزمزم طَعَام طُعْم: يشْبع الإنسان إذا شرب ماءها. وطَعِم (شرب): أَكَل. وطعام طَعِم - كفرح: يَطْعَمُ آكلُه أي يَشْبَع، وما يَطْعَم أي ما يشبع ". Qما يدخل من الفم إلى الجوف غِذاءً للبدن فيُشْبِعه: كالطعام. . ومنه "المُطَعِّم -كمُحَدِّث وصَبُور- من الإبل: الذي تجد في لَحْمه طَعْم الشحم من سِمَنه. وشاة طَعوم وطَعِيم: فيها بعضُ الشحم، وكذلك الناقة. وأطعَمَتْ الشجرةُ أثمَرَتْ، والثمرةُ: أدركَتْ. والمُطْعِمَة -كمُحْسنة- من

الجَوارح (جوارح الطير التي يصاد بها كالصقر): الإِصبَعُ الغليظة المتقدمة، وهما مُطْعِمتان في كل رِجْل. . "فكل ذلك من وجود مادة الطعام أو إيجادها. {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] الطعام: اسم لما يؤكل والذبائح منه وهو هنا خاص بالذبائح عند أهل العلم بالتأويل [ينظر قر 6/ 76]. {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96] ما قذف به البحر، وما مُلّح منه وبقى، وملحه الذي ينعقد من مائه وسائر ما فيه من نبات وغيره [قر 6/ 318]. {اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا} [الكهف: 77]: طلبا الطعام من أهلها. {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] كلمة طعام هنا مراد بها (إطعام) وكذا نظائرها في [المائدة: 95، الحاقة: 34، الفجر: 18، الماعون: 3]. {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93] إما أنها خاصة بما سبق قبل تحريم الخمر وغيرها، أو عامة مقصود بها رفع الحرج عن طعم المستلذات إذا ما اتقى المؤمن ما حرم اللَّه منها [ينظر بحر 4/ 18]. {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: 249] (لم يذقه أي لم يشرب منه أيّ قدْر). {وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} [محمد: 15] الطَعْم -بالفتح: الحلاوة والمرارة وما يكون بينهما (مَذَاق الطعام = وَقْع الطعام على الحسّ). ومن ذلك أو من صورة وجود الطعام في الجَوْف: "طعَّم العظمُ - ض: جرى فيه المخ. ومن الصورة نفسها "رجل ذو طَعْم: بالفتح: أي ذو عقل ". (كما أن الطعم مذاق في أثناء الطعام يميزه فكذلك هذا فيه ما يميز). ومن أن الطعام هو قوام قوة البدن ومصدرها قالوا: "الطُعْم -بالضم: القدرة. وطَعِمْتُ عليه (فرح): قَدَرْت ".

(طعن)

• (طعن): {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} [التوبة: 12] "طعنه بالرمح وبالحَرْبة ونحوها: وَخَزه بها. وطَعَنَ غُصْنُ الشجرة في دار فلان: مال فيها شَاخِصًا ". Qنفاذُ حادٍّ دَقيق أو نفاذ بحدّة في مادة قريبة لينة: كالرمح في البدن (وهو لا يستعمل إلا إذا كان المطعون قريبًا لا كالسهم)، وكالغُصْن في حيّز الدار. ومنه "طَعَن في المفازة ونحوها: مَضَى فيها وأَمْعَن ". ومن معنويه "طَعَنَ عليه: عابه {وَطَعْنًا فِي الدِّينِ} [النساء: 46] ومثلها [ما في التوبة: 12]. ومنه "طعن في السن: شَخَصَ فيها (دخل وأوغل) وطَعَن في العَمل: ابتدأه ودخله. والطاعون " (لاخترامه الناس) أعاذنا اللَّه منه. ° معنى الفصل المعجمي (طع): هو لين الشيء وتيسر تناوله كالطعّ: اللحس والأرض المنخفضة لينة ويتيسر الوصول إليها -في (طعع)، وكتيسر تناول المرعي والتمر بالنضج ونحوه وكذا تيسر الانقياد -في (طوع)، وكلين الطعام وقبول البدن إياه -في (طعم)، وكدخول الرمح ونحوه إلى بدن المطعون به -في (طعن). الطاء والغين وما يثلثهما • (طغو - طغي): {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} [الحاقة: 11] "الطَغْية -بالفتح: المستَصْعِبُ العالي من الجَبَل/ أَعْلَى الجبل. وكل مكان

مرتفع طَغْوة. وطغَى الماءُ والبحرُ: ارتفعَ وعلا عَلَى كل شيء فاغترقه (أي استغرقه وغطاه)، والدمُ: تَبَيّغ أي هاج وتَوَقّد حتى تَظْهر حُمْرتُه في البدن والعروق ". Qارتفاع الشيء باستغلاظٍ وتجاوزٍ حتى يَغْشَى ويُغَطِّى ما حوله (¬1): كأعلى الجبل المستَصْعِب ونحوه، وكماء البحر بما ذُكِرَ مِنْ وصفه وكالدم ببروز حُمرته من الجلد {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} (أي في طوفان نوح عليه السلام حملنا آباءكم)، "وكل شيء جاوز حَدَّه (حتى غطى ما حوله) فقد طغى. ومنه "طغى الرجل: طَغْيًا وطُغْيانا -بالضم، وطَغْوَى- بالفتح: جاوَزَ القَدْرَ وارتفع وغلا في الكفر أو العصيان {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6 - 7]، {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا} [الشمس: 11]، أي بطغيانه {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ} [الحاقة: 5]: أي الطُغْيان (أي بسببه) مصدر كالعاقبة والعافية. أو بصيحة العذاب (صَيْحة تَصُخّ وتُصِمّ تَغْشَاهم فتقتلهم. ولكل وجه. والطغيان بمعنى الجلبة والصياح وارد "سمعت طَغْىَ القوم أي صَوتهم (أصوات كثيرة تغشى) ومثل "طغت البقرة صاحت ". {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} [النجم: 17]: ما جاوز ما أُمِرَ برؤيته/ ولا تجاوز المرئي إلى غيره [بحر: 8/ 158]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى التجاوز في غِلظ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الطاء تعبر عن ضغط أو غلظ وتمدد والغين تعبر عن جرم مخلخل كالغشاء الغض والفصل منهما مع الياء يعبر عن بروز الشئ بغلظه أو قوته حتى يصير كالغشاء يحلو ما حوله كالطغية أعلى الجبل وكما يطغى الماء.

وتخط للحق وعدوان. {قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ} [القلم: 31] يلحظ أنهم لما ازداد إحساسهم بفحش ما ارتكبوا وصفوا أنفسهم بالطغيان بعد أن كانوا وصفوها بالظلم. ومن ذلك الأصل "الطاغية: ملك الروم "- إذ كان المُلْك ينتزع بالقهر والغَلَبة (يَغْشَى ويغطِّى كل الأقران والمنافسين ببطشه). وقالوا أيضًا (الطاغية ما كانوا يعبدون من الأصنام هذه طاغِيَةُ دَوْس وخَثْعَم: صَنَمُهم). وهو من غشيان الجميع بالسيادة والقهر على زعمهم. وكذلك يقال للصنم طاغوت، ثم يقال لكل ما يُعبَد من دون اللَّه، ولكل رأس في الكفر، وللشيطان. وكل ذلك من الغشيان بغلظٍ وقوةٍ مُلْكٍ أو رياسة أو تسلّطٍ بالوسوسة - ولو توهُّما {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البقرة: 256] في [بحر 2/ 281 والمصباح] أن أصلها ظغووت (فَعَلوت) قدمت لام الكلمة فقلبت ألفًا. أما المراد بالكلمة فهو الشيطان، أو الساحر، أو الكاهن، أو ما عُبِد من دون اللَّه [بحر 2/ 292] والأخير أرجح في هذا السياق، وفي سائر مواضعها. وقد قيل في [النساء: 60] بغيره. هذا، ووجود التاء في آخر الطاغوت لا يَصِم الكلمة بالعجمة فلها نظائر: جَبَروت ورَحَموت ورَهَبُوت ومَلَكُوت الخ. فالكلمة من حيث مأخذ معناها من الأصل واضحة، ومن حيث الصيغة لها نظائر فلا سند يعتمد عليه زاعمو تعريبها.

الطاء والفاء وما يثلثهما

الطاء والفاء وما يثلثهما • (طفف - طفطف): {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)} [المطففين: 1] "طَفُّ المكوك -بالفتح، وكسبب وسحاب وكتاب: ما مَلأ أَصْبارَه (المكوك مِكْيَال وأصبارُه: رأسه بعد حافة أعلى جداره) وكغُراب ورخامة وسَمَكة: ما فوق المكيال (أي ما جاوز حافة أعلاه من الحَبّ المكيل مثلًا، وهذه هي أَصبارُه عينُها). والطَفّ: ساحلُ البحر وسفحُ الجبل، وما أشرف من أرض العرب على ريف العراق، والجانبُ، والشاطئُ كالطَفْطَاف. والطَفْطاف -بالفتح: أطرافُ الشجر. . . والناعمُ الرطب من النيات (وهذه صفة لازمة لأطراف الشجر. . .) والطِفْطِفَة -بالكسر: ما رقّ من طرَف الكبد ". Qزيادة محدودة القدْر ارتفاعية أو امتدادية جانبية يصل بها الشيء إلى كماله ونهايته (¬1): كأصبار المكيال (وهي ما زاد فوقه بعد مسح ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الطاء عن ضغط أو غلظ وتمدد عرضي، والفاء عن ذهاب أو طرد وإبعاد والفصل منهما يعبر عن تناهي الزيادة (الضغط والامتلاء) أي محدوديتها كطَفّ المكيال وهو الصُّبْر الذي فوق رأسه وكالطَّفْطَاف: أطراف الشجر. وفي (طوف طيف) تعبر الواو عن اشتمال والياء عن اتصال. ويعبر التركيبان عن غِشْيان نهايات الشيء وجهه أو جوانبه - بما يشتمل عليه أو يحوزه كالطوفان (فوقه) والطواف (حوله). وفي (طفأ) تعبر الهمزة عن دفع وغمز، ويعبر التركيب عن ذهاب ما يرتفع من النار من لهب (وحرارة) كأنما بالضغط، وفي (طفق) تعبر القاف عن غلظ في الجوف أو العمق، ويعبر التركيب بها عن لزوم العمق أو الحيز (إلى حين) كما في لزوم المكان والاستمرار في =

رأسه أي تسوية ما بداخله من المكيل بحافَة فَتْحته العليا). وكساحل البحر وسفح الجبل -فهما نهايتان مرتفعتان في الجانبين، وكأطراف الشجر وما رقّ من طرف الكبد. ومن الارتفاع: "طفَّ الحائطَ (رد): عَلَاه، وطفَّه برجله أو يده: رفعه إلى أعلى، وطفَّ الناقةَ: شدّ قوائمها " (فقامت مكانها. ارتفاع مع توقف) ومنه "الطَفاف - كسحاب: سوادُ الليل (كأنه خيمة منصوبة على الناس) وقالوا طَفَّ الشيءُ لك وأَطَفَّ واسْتَطَفّ: دَنَا وتهيَّأ وأمكن ليُؤخذ " (كأنه ارتفع فصار أمامك) ومثله "أطفَّ عليه: أَشْرَفَ، وأَطَفَّ لَه بحَجَر: رَفَعَه ليرميه (أي ليصل إليه). طَفْطفَ الطائرُ: بسط جناحَيْه (ليرتفع). وطَفّفْت بفلان موضعَ كذا - ض: دفعته إليه وحاذَيته " (وصول). ومن الأصل "طفَّفَ المكيالَ: نَقَصَه (أَخَذَ طُفَافَه: أعلاه أو أخذ منه - إصابة). وفي قوله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: 1 - 3] يكاد نص الآية يبين المراد - وهو يرجع إلى الزيادة في الطُفَاف أو نَقْصه. وصيغة فعّل بتضعيف العين تستعمل للتزويد مثل سَبَّقَ: وضع سَبَقًا وشَجَّر الأرض وبطَّنْت الثوبَ وجَلَّدْتُ الكتاب، وتستعمل لمعالجة الشيء معالجة قد تؤدي إلى إزالته مثل قَرَّدت البعيرَ وقَذَّيْت عَيْنه وقَشَّرْت الثَّمَرة. وعبارة الآية تشمل المعنيين، وتبين أنهما مقصودان بما بعدها -ولا تضاد في معنى التركيب. ويلحظ أن الطُفاف نفسه يتأتى فيه النقص والزيادة بالحيل عند الكيل. ومن كون الزيادة في المعنى الأصلي - محدودة القدر جاء استعمال الطفيف ¬

_ = عمل ما (لمدة) وفي (طفل) تعبر اللام عن امتداد استقلال ويعبر التركيب عن نشأة الشيء من غيره ضعيفًا رقيقًا مع استقلاله كما في الطفل.

(طوف - طيف)

في القليل والخسيس الدون. "وطفف عليه - ض: قتّر " (قلل النفقة). • (طوف - طيف): {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} [الطور: 24] "الطُوفان: الماءُ الذي يَغْشَى كلّ مكان، وشدة سواد الليل. والطَوْفُ -بالفتح: قَصَبٌ أو خَشَبٌ أو قِرَبٌ تُشَدُّ إلى بعضها فتُجَعلُ كهيئة سَطْح فَوْقَ الماء يُحْمَلُ عليها. وطَافَ بالقوم وعليهم: اسْتَدَار وجاء من نواحيهم. وطَاف بالبيت وأطاف عليه: دَارَ حوله ". Qغِشْيان الشيء (بغلظ أو قوة) غِشْيانًا يَعُمَ حدُودَه: جوانبه أو أعلاه كالطُوفان يَغْشَى وَجه الأرض ويغطي كل ما عليها {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ} [الأعراف: 133، وكذا ما في العنكبوت: 14]، والطَوَافُ غِشْيانٌ لجوانبِ ما يطاف به ". {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29 ومثله ما في البقرة 158] أصلها ليَتَطَوفوا. وهذه الصيغة تعبر عن التكلف والحرص على الاتصاف، ويؤخذ منه التعبير عن المبالغة أي الاجتهاد في الطواف إكثارًا وإخلاصًا. ومن الطواف بالبيت هذا {لِلطَّائِفِينَ} في [البقرة: 125، الحج: 26]. أما سائر (يطوف عليهم)، (يطاف عليهم) (يطوفون بينها) فهو من الدوران حول الشيء أو بين أشياء، {طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النور: 58] أي إنما هم خدمُكم يطوفون عليكم يمرون بينكلم وتطوفون عليهم ليؤدوا ما تطلبونه منهم [ينظر قر 12/ 306]. ومنه "الطَيْفُ: المَسُّ من الشيطان (اتصال كالغشيان ولكن بصورة خفية). طاف يطوف ويطيف فهو طائف {إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا}

(طفأ)

[الأعراف: 201]: ألمّ بهم ومسَّهم. فهذا معنى عام، وأما في {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ} [القلم: 19]، فهذا طائف نقمة من اللَّه شملتها كلها. ثم ينظر [بحر 8/ 306] وطاف الخيال يَطيف: ألمّ في النوم ". ومنه "الطائفة: القطعة من الشيء "كأنها جانب من حواشيه أو مما يحيط به {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2]. وكذا كل (طائفة) ومثناها في القرآن الكريم. • (طفأ): {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ} [الصف: 8] "طَفِئَت النار (كفرح) وانطفأتْ: ذَهَب لهبها. . وبَرَد جمرها ". Qخُمُودُ النار بانقطاع ما يَخْرج منها من لهب وحرارة {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} [المائدة: 64]. {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة: 32]. • (طَفق): {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 22] "طفِقَ فلان الموضع (كفرح): لَزِمه " [ق]. Qالإمساك أو العُلوق بجَوْف الحيّز كلزوم المكان والعلوق به. ومنه طَفِقَ بما أراد: ظَفِر. وأطفقه اللَّه به. أظفره (حصّله في حوزته). وطفق يفعل كذا: عَلِقَ/ لَازَمَ وواصَل الفعل {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [ص: 33] {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعراف 22] فُسِّرت (طفق) فيهما -حسب معنى أفعال الشروع- بـ (أخذ)، (جعل) [قر 7/ 180،

(طفل)

15/ 195 - أقبل]، [بحر 4/ 281 - جعلا. وفي 4/ 266 من أفعال المقاربة، 7/ 380 من أفعال المقاربة للروع في الفعل] وفي [تاج] "طفق يفعل: جعل وأخذ، وهو من أفعال المقاربة. لكن عبارة [ق]: إذا واصل الفعل. وقال الزبيدي: المعروف في أفعال الشروع هو الدلالة على الشروع في الفعل مع قطع النظر عن الاستمرار والمواصلة أم لا، ولذا لا تدخل (أن) على خبرها لما في (أن) من معنى الاستقبال. ثم ذكر أن شيخه نقل عن الحافظ ابن حجر: طفق يفعل كذا: إذا شرع في فعل واستمر فيه. اهـ وأقول أن الآيتين تُؤَيدانِ كلام ابن حجر، لأن السياق فيهما يُشعِر باستمرار الحدثين زمنا أطول كثيرا من مجرد الشروع. • (طفل): {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: 59] "الطِفْل -بالكسر: الصغيرُ من كل شيء. الطِفل: المولود، وَلَدُ كل وحشية طفل. المُطْفِل: ذاتُ الطفل وهي قريبة عهد بالنتاج، الطَفْل -بالفتح: الرَخْص الناعم، البنان الرَخْص. وطَفَل الغداة -محركة: من لَدُن ذرور الشمس إلى استكمالها في الأرض. وطَفَلُ العشى آخره عند غروب الشمس واصفرارها ". Qتولد الشيء عن أصله فيستقل عنه صغير الجرم رقيقًا أو ضعيفًا كالطفل من "أولاد الناس والدواب والوحش "ساعة يولد، وهو يكون رَخْصًا طرىَّ البدن ناعم الملمس ضعيفًا. والشمس عند ذرورها كأنها ناشئة ضعيفة الحرارة، والرخْص رقيق ضعيف، ومنه "الطفل: سِقْط النار " (لضعف ناره)، والسحاب الصغار " (ينشأ مساحات صغيرة رقيقة تشبه نديف القطن). فمن أطفال الناس {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ}

معنى الفصل المعجمي (طف)

[النور: 31]. وليس في القرآن من التركيب إلا (الطفل) وجمعه. ومن هذا أيضًا قول أبي كبير: أزهيرُ إن يُصْبح أبوك مُقَصِّرا ... طِفْلا يَنوءُ إذا مَشَى للكَلْكَلِ فهو يصف ضعفه للشيب كما قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} [الروم: 54] وقالوا "عُشبُ طِفْل: لم يطُل. وأطفال الحوائج: صغارها " (من ضعف الحجم والقيمة): ومن الضعف قولهم "التطفيل: السير الرُوَيْد ". ومن طَفَل العشى قولهم "طَفل الليل - ض: دنا وأقبل بظلامه " (نقص الضوء ضعف حِدّة مع مخالطة البرد حينئذٍ). ويتأتى أن تكون تسمية الراشن -الذي يحضر الولائم بلا دعوة- طُفيلًا هي من ضعف نفسه بحيث لا يستطيع أن يقاوم شهوته. وهو شخص أصبح مضرب المثل، والطُفَيْلي منسوب إليه [متن]. ° معنى الفصل المعجمي (طف): هو: زيادة ضعيفة تعرو الشيء أو تمتد منه. كطف المكوك -في (طفف)، وكالطَوْف القَصَب أو الخشب الذي يُشَدّ بعضه إلى بعض فيطفُو فوق الماء -في (طوف) (الطُوفان أقوى فزيدت فيه الألف والنون)، وكطبقة الرماد الهش التي تعلو جمر النار إذا طفئ -في (طفأ)، وكلزوم الشخص الموضع (وهو ليس جزءًا منه) -في (طفق)، وكالطفل وهو زيادة مضافة إلى والديه -في (طفل) وضعفُه طراءةُ جلده وبدنِه ورقتُه.

الطاء والقاف وما يثلثهما

الطاء والقاف وما يثلثهما • (طوق): {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة: 286] "الطَوقة -بالفتح: أرض سهلة مستديرة بين أَرَضِين غلاظٍ [متن] والطاقة: حُزْمة من رَيحان أو زَهر أو شَعر أو عِيدان أو حِبال. والطَوْق: حَلْى يُجْعَل في العُنُق. وكلّ شيء استدار فهو طَوْق كطْوق الرَحَى، والكَرّ الذي يُصْعَد به إلى النخلة. وطائق كل شيء: ما استدار به من جَبَل أو أَكَمة. والطاق: عَقْد البناء الذي بعقد بالآجر وأصله طائق ". Qالإحاطة التامة بالشيء في الوسط بقوة (¬1) كتلك الأرض السَهلة المطوَّقة بالغَلْظ، وكتلك الحُزَم وكالطَوْق حول الرقبة والرَحَى وهما غليظان، وكالطاق: عَقْد البناء. ومنه "طَوَّقْته الشيءَ: كَلّفْته به (كما نقول ناطه به أو علّقه في رقبته) وطوَّقته: ألبسته طَوْقَا {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 180]. سيُلزَمون عقابه إلزام الطوق [بحر 3/ 134] والطاقة والطَوْق والإطاقة: القُدْرَة على الشيء (ما يضمه بدنه من قوة على الإحاطة بالشيء). {قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ} [البقرة: 249 وكذا ما في 286 منها]. وقوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ. . .} [البقرة: 184] ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الطاء تعبر عن ضغط أو غلظ وتمدد، والقاف عن عقدة أو غلظ في الأثناء أو العمق، والفصل منهما موسوطًا بالواو يعبر عن الإحاطة بالشيء في الوسط (العمق) كالطَّوْقة من الأرض مستديرة في غلظ وكالطاقة: الحُزْمة وكالطَّوْق في العنق.

الطاء واللام وما يثلثهما

قرئت يُطِيقُونه من أطاق ويُطَوَّقُومه من طُوِّق المضعفة للمجهول؛ يَطَّوّقونه ويطّيّقُونه من اطَّوَّقَ بزنه افتعل مدغمة. والأُولَى بمعنى مَنْ عندهم القدرة، والأخريات بمعنى يُكَلّفُون به. ويمكن في ضوء معنى التركيب تقييد هذا التكليف بقيد المشقة. كذلك فإن القراءة الأولى يمكن أن تحمل معنى الثلاث الأخريات. وأما المراد على كل فانظر فيه [قر 2/ 286]. الطاء واللام وما يثلثهما • (طلل - طلطل): {أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} [البقرة: 265] "الطَلّ -بالفتح: المَطَر الصِغَارُ القَطْرِ الدائمُ وهو أرسخ المطَرِ نَدًى. المَطْلول: اللَبَنُ المحضُ فوقَه رغوة مصبوب عليه ماء فتَحسَبُه طيّبًا وهو لا خير فيه. طَلَلُ الدار -بالتحريك: كالدُكَّانَةِ يُجلَس عليها/ موضع من صَحْنِها يُهَيَّأ لمجلس أهلها/ يكون بفناء كل بيت دُكّانٌ عَلَيه المَشْرَبُ والمأكل فذلك الطلَل. وطَلَلُ السفينة: جِلَالُها ". Qإشراف الشيء مع لطف وملازمة أو امتداد لمخالطة ما هو دونه (¬1) كالطّل (من أعلى وينزل فيرسخ) {فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ}، ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الطاء تعبر عن ضغط أو غِلَظْ مع تمدد عِرَضي، واللام تعبر عن امتداد مع استقلال. والفصل منهما يعبر عن امتداد رأسي (ارتفاع) في الأثناء، كالتعلق مع لطف (خفاء أو تخفيف) كالطَلّ واللبن المطلول والطلل، وفي (طول) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن الاشتمال على ذلك الامتداد كالحبل الطويل. وفي (طلب) تعبر =

وكاللبن الموصوف يصب عليه من أعلاه ماء يرسخ في أثنائه، واللطف فيه خفاء خلطه بالماء. وطَلَل الدار مشرف ملازم دائم الاستعمال ولطفه كونه مهيأ لتجمعهم في وسط دراهم، وطلل السفينة مشرف ملازم يظلِّل من فيها- "والطليل: الحصير/ حصير منسوج من دوم/ هو الذي يُعْمَل من السعف أو من قشور السعف " (الإشراف كونه فِراشًا يعلو الأرض وهو متلازم ولطفه أنَّه يقي مما على الأرض من تراب وغيره). ومن الإشراف مع اللطف "فرس حَسَن الطَلالة - كسحابة: وهو ما ارتفع من خَلْقه " (لطفه حُسنه). ومنه "رأيت نساءَ يتطالَلْن من السطوح: أي يتشوّفن. التطالُّ: التطلع من فوق المكان أو من السِتر. الطلالة - كسحابة: الحسن والماء. له طلالة أي حالة حسنة ". ومن اللطف النسبي "الطَلَّة -بالفتح: الخَمرَة، خَمْرَة طَلَّةٌ: لذيدة. رائحة طَلّة: لَذِيذة. حديث طَلّ: حسن. طَلّة الرجل: امرأته (مع الملازمة) الطَلة: ¬

_ = الباء عن التجمع الرخو مع تلاصق ماء ويعبر التركيب عن محاولة تحصيل الشيء أي جمعه من بعيد أي السعي لذلك -كما في البئر الطَلُوب والماء المُطْلِب. وفي (طلح) تعبر الحاء عن انبساط مع جفاف أو قوة (كأنما عن احتكاك)، ويعبر التركيب عن غلظ (يقابل) الجفات والقوة) مع الانبساط أي الارتفاع مع طول كما في شجر الطلح. ومطاوعها الإصابة بشدة (أخذًا من الغلظ) كالبعير الطليح. وفي (طلع) تعبر العين عن تلاحم أو تراكم في رقة، ويعبر التركيب عن نفاذ إلى أعلى من أثناء حاجز رقيق كطلوع السن والزرع والورق. وفي (طلق) تعبر القاف عن شيء غليظ أبي متعقد شديد في العمق أو الجوف، ويعبر التركيب عن تسيب ما كان محبوسًا أو مشدودًا في العمق أو الجوف خارجًا منه بامتداد أو ابتعاد كالوليد من البطن وكالطلاق.

(طول)

النِعمة. الطُلّة. . بالضم: الشُربة من اللبن. ما بالناقة طُلّ -بالضم: ما بها لبن. الطُلَّى - ككبرى: الشَرْبة من الماء ". ومن الامتداد مع الملازمة (الدوام) أُخِذَ معنى المَطْل والتعليق: "طَلّه حقّه: مَطَله. وطُلّ دمه وأُطلّ -للمفعول، وطَلَّ -للفاعل: أُهدر/ لم يُثأَر به أو تُقْبَل دِيتُه (تفسيره بالإهدار تسامح أُخِذَ من عدم الفورية فهو تعليق. والثأر قد يؤخذ بعد أجيال). • (طول): {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا} [الإنسان: 26] "الطِوَل والطِيَل - كعنب فيهما، والطَويلة والتِطْوَل -بالكسر: حَبْل طويل يشد أحد طَرفيه في وتد أو غيره والآخَرُ في يَد الفرس ليدور فيه ويَرعَى ولا يذهب لوجهه. طالَ الشيءُ: امتدّ، وتطاول: تمدد إلى الشيء ينظر نحوه. استطال الشَقُّ في الحائط: امتد ". Qتَمَدُّد الشيء أو امتداده متماسكًا. وهو الطُول ضدُّ القِصر. {إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} [الإسراء: 37]. (طول القامة يشعر بالشموخ)، {سَبْحًا طَوِيلًا} [المزمل: 7] {لَيْلًا طَوِيلًا} [الإنسان: 26]. ومن معنويه: "كلّ ما امتد من زمن أو لزم من هَمٍّ ونحوه فقد طال: {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ} [الحديد: 16 وكذا ما في طه: 86، الأنبياء: 44]، {فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ} [القصص: 45]، "والمطاولة في الأمر التطويل. والتطاول في معنى الاستطالة (كأنه أطْوَلُ: أَعْلَى وأشرفُ من النَّاس). وفي الحديث "أرْبَى الرِبا الاستطالةُ في عِرض الناس ": استحقارُهم والترفع عليهم والوقيعة فيهم. ولا

(طلب)

آتيك -طَوال الدهر- كسحاب: مدى الدهر (أي ما امتد منه). والطَوْل: بالفتح والطائل: الفَضْلُ، والسَعَةُ، والغِنى، والعُلُوّ، والقُدْرة - (أصلها من الامتداد والسعة والزيادة التي تؤخذ منه) {ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [غافر: 3] ذي الإنعام والتفضل [قر 15/ 291] {اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ} [التوبة: 86]: الغِنَى [قر 8/ 223] والطائل: النفع والفائدة من ذلك كأنه شيء فيه فضل ونفع. يقال: أمر لا طائل تحته. {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا} [النساء: 25] (قدرة على مهر الحرّة أي غنى وسعة). و"الطائلة: الوَتْر. يطلبهم بطائلة أي بوَتر وثأر "كما سمَّوا الذنبَ جريرة، وفي الوتر امتداد كأنه إنَّما يطلبهم بسبب وأمر جعله يتعلق بهم من أجله. (الجرير والسبب والوَتَر حبال). • (طلب): {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} [الأعراف: 54] "بئر طَلوب: بعيدةُ الماء، وماء مُطْلب - كمُحسن: بعيدٌ من الكلأ، وكلأ وماء مُطلب: بعيدُ المَطْلب يكلّف أن يُطلب ". Qاستجلاب الشيء من بعيد. كما هو واضح في الأمثلة المذكورة. ومنه "طلب الشيء (كنصر): طَلَبًا "-بالتحريك وهو سَعْي إلى وجدان الشيء وأخذه {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج: 73]، كانوا يطلون أوثانهم بالزعفران ورءوسها بالعسل فيدخل الذباب فيأكله. والضعف تحقق في الأوثان وعابديها والذباب. [ينظر بحر 6/ 360] {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} [الأعراف: 54] فيتْبَعه لاحقًا به. وانظر [قر 7/ 221]. {أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا

(طلح)

غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا} [الكهف: 41] أي لا تستطيع استخراج ماء منها لعَدَمه حينئذ ومنه "الطلِبَة - كفرحة: الحاجة، لأنَّها تُطْلَب ويُراد ضمها. وأطلَبَه: أعطاه طَلِبَتَه (إصحاب وتزويد) وأطلبته: ألجأته إلى الطلب " (تعدية) فهذا النوع مما يُسَمَّى التضاد راجع إلى الصيغة كأشكيته بالمعنيين. وليس في الأصل تضاد. • (طلح): {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} [الواقعة: 27 - 32] "الطَلْح: شجرة حجازية لها أغصان طوال عظام تنادي السماء من طولها، وورقها قليل ولها ساق عظيمة لا تلتقي عليها يدا الرجل، ونَوْرٌ طيب الرائحة جدًّا. ولها شوك ضخامٌ من أقل الشوك أذى ليس له حرارة. . وظلّها بارد رطب [ل، الخولي]. والطَلْحُ كذلك: ما بقى في الحوض من الماءِ الكَدِر ". Qغلظ مع امتداد كشجرة الطلح الموصوفة. وبقاء الماء في الحوض امتداد مع غلظ الكدر وهو حسي ومعنوي. ومنه "الطِلْح -بالكسر: القُرَاد " (أذاه غلظ، وامتداده بقاؤه لاصقًا لا يفارق ولا يموت). ومن الغلظ والامتداد المعنويين "المُطّلِح في الكلام -مفتعل مدغمة: البَهَّات (يعيب ويتهم كذبا مع وقاحة، والتكرار يمثل الامتداد)، والمطّلح في المال: الظالمُ بلا حَقّ (الظلم غلظ والتملك امتداد). وطَلِحَ البعير (تعب): أعيا وكلّ/ أضمره الكَلال من السفر (والغلظ واقع على الفاعل فالصيغة للمطاوعة) وهو طَلِيحُ سَفَر وطِلح سَفَر -بالكسر: رجيعه (السَّفر غلظ (مشقة) والذي يسبب الكلال منه ما كان بعيدًا أي ممتدًّا فهو غلظ ممتد وقع عليه -ويلحظ معنى الصيغة).

(طلع)

ومن مفعولية الغلظ الممتد (أي الذي يطول زمنه) وما يسببه من بِلَى الشيءِ وفسادِ قِوامه في ذاته كطَلَح البعير جاء "الطَلاح نقيض الصَلاح، والطالح: خلاف الصّالح: فاسد لا خير فيه وقد طَلَح (كقعد) طلاحًا. . . ويتأتى أن يتصف بذلك لأفعاله. روى أنهم أعجبهم طَلْحُ وَجٍّ (منطقة) وحسنُه، فأعلموا أن في الجنَّة طلحًا يَفضُلُه [ل] ولعلّه لظله مع طيب رائحة نوره. ولئن كان السياق يسمح بأن يكون الطلح في الآية شجرًا {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: 28 - 30] فإن السياق والمقام معًا يقتضيان أن يكون الكلام عن ثمر، فالسِدْر شجر ذو ثمر. والمقام لتعديد وجوه نعيم أصحاب اليمين. فقول ابن سيده إن الطلح لغة في الطلع قوي، وبه تتضح قراءة سيدنا على كرم اللَّه وجهه {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} (بالعين لا بالحاء) مع قَرْنه إياها بورود الطَلْع في القرآن موصوفًا بنفس الصفة {لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} [ق: 10] [قر 17/ 208]. ويكون هذا الطلح من تركيب (طلع) أصلًا. • (طلع): {لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} [ق: 10] "الطَلْع -بالفتح: نَورُ النخلة ما دام في الكافور. طَلَع الزرعُ إذا بدأ يَطْلُع وظهر نباتُه. وأطلع: بَدا. وأَطْلعَ الشجر: أَوْرَقَ. طَلَعَتْ سِنُّ الصبي: بَدَتْ شَبَاتُها. الطُلَعاء -بضم ففتح أي كغُلَواء: القَئ. طَلَعت الشَّمس، والقمر، والفجر، والنجوم. وكل بادٍ من عُلْو طالعٌ ".

Qنفاذ إلى أعلى من أثناء حاجز، رقيق. كما في نَوْر النخل وما بعده. ومن هذا (الطَلْع) في [الأنعام: 99، الشعراء: 48، الصافات: 65، ق: 10] (وأمَّا في طلوع الشَّمس وما بعدها فالحاجز متوهم من غيابهن في الأفق أو هو استعمال في جزء المعنى). ومن الارتفاع (النفاذ إلى أعلى) "طَلَعَ الجبلَ: رَقِيَه وعَلاه ". ومن هذا مع تحوله إلى كناية "فلان طَلّاع أنجُد وطلاع الثنايا - إذا كان يعلو الأمور فيقهرها بمعرفته وتجاربه وجودة رأيه، (والأنجدُ جمع نَجْد وهو الطَّريق في الجبل وكذلك الثَّنايا) وأَطْلَع الرامي: جَاز سَهْمُه من فَوق الغَرَض. ونخلة مُطْلِعَة - فاعل: مُشرِفَةٌ على ما حولها/ طالَت النخيلَ وكانت أطولَ من سائرها. والمطّلَع - مفتعَل: المَصْعَد من أسفَل إلى المكان المشرف. مُطّلع هذا الجبل من مكان كذا أي مأتاه ومَصْعده ". ومن هذا استُعمل في مجرد البلوغ "متى طَلَعتَ أرضَنا؟ أي متى بَلَغت؟ "لكن تحرير المعنى يُلْمح في قوله "طَلَع فلان علينا من بعيد ". فالبعد هنا يتيح معنى النفاذ وهو يناسب الارتفاع أيضًا. ومثل التعبيرين قولهم: "طَلَع الرجل على القوم: أتاهم " (لكن التعبير الآخر عن معنى هذا بـ "هَجَم "أدقّ، فإن "هجم "هنا تعني جاء على غير توقّع أو انتظار -وهذا أيضًا فيه معنى النفاذ). واستُعْمل في وَجه الأمر ومأتاه "ما لهذا الأمر مُطَّلَع ولا مَطلَع أي ما له وَجه ولا مَأتى يؤتَى إليه منه ". فهذا فرع عن البلوغ. والارتفاع فوق مكان عال يتيح النظر إلى المنخفض حوله. والنظر يتيح الرؤية، "المُطلَع - مفتعَل = مكان: الذي يُشرَف عليه من موضع عال/ موضع

الاطلاع من إشراف إلى انحدار. وطِلْغ الأكَمة -بالكسر: ما إذا علوتَه منها رأيتَ ما حولها ". وبه يفهم قولهم: "الطِلْع من الأَرَضين كل مطمئن في كل رَبْو إذا طلعتَ رأيت ما فيه ""والطَلْعة -بالفتح: الرؤية. طَلعَتُه: رؤيته شخْصه وما طَلَع منه (كأن المعنى ما ارتفع منه أي وجهه يقال: حيا اللَّه طلعتك) وامرأة طُلَعَة خُبَأَة -كهُمَزَة: تُكثِر التطلع (مع إظهار وجهها) ثم الاختباء مرَّة بعد أخرى ". ومن معنوى النظر الذي هو هدف هذا التطلع قالوا: "نَفْسٌ طُلَعَة - كهُمَزَة: شَهِيّة مُتَطَلِّعَةٌ/ كثيرةُ التطلع إلى الأشياء، أي أنَّها كثيرة المَيْل إلى هواها تشتهيه حتَّى تُهِلك صاحبها ". ومن الرؤية من أعلى جاء معنى العِلْم "طَلَع على الأَمر: عَلِمَه، وأطْلَعَه على الأمر: أعلمه به. اطَّلَعْت على باطن أمره ". ومن العلم أو النظر "استَطْلع رأيه: نظر (طلب) ما هو، ومن العلم أيضًا "الطليعة: القومُ يُبْعَثون ليطّلِعوا طِلْعَ العدُوّ -بالكسر: أي خَبرَه) كالجواسيس ". ومن الاطلاع النظر من أعلى {قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ} [الصافات: 54 - 55] {فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} [القصص: 38 وكذا ما في غافر: 37، الكهف: 18]. ومن العلم {وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ} [المائدة: 13]. ترى وينكشف لك كما لو نظرت من أعلى {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ} [مريم: 78]. {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} [آل عمران: 179]. وأما "طِلاعَ الشيء - ككِتاب: مِلْؤُه "فهو من الأصل لأن ما يملؤه إنَّما يملأ حوزته وأثناءه إلى أعلى. وفي [ل] قيل "طِلاعَ الأرض (ذهبا): ملؤُها (منه) حتَّى

(طلق)

يطالع أعلاهُ أعلاها فيساويه ". ومنه "قوس طِلَاع الكفّ: يملأ عَجشها الكف ". أما القول باستعمال التركيب في معنيين متضادين "طلعت على القوم إذا غبت عنهم حتَّى لا يروك. وطلعت عليهم أقبلت عليهم حتَّى يروك "فقال ابن السكيت: صحيحٌ، (و) "عَلَى "فيه (يعني في الاستعمال الأول) بمعنى "عن "كما قال اللَّه عزَّ وجل: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} [المطففين: 2] معناه عن الناس، ومن النَّاس. قال وكذلك قال أهل اللُّغة أجمعون ". فمن طَلْع النخل نَوْرِه {وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ} [الأنعام: 99]، {لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} [ق: 10 وكذا ما في الشعراء: 48، الصافات: 65]. ومن طلوع الشَّمس والقمر. . {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ} [الكهف: 17] {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 5 وكذا ما في الكهف: 90، طه: 130، ق: 39]. أما قوله تعالى: {نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} [الهمزة: 7] ففي [قر 20/ 135 - مؤيَّدًا بحديث]: تأكل أجسامهم حتَّى تبلغَ قلوبهم، فهي من طَلَع المكانَ: بَلَغه. وفي [ل]: قال الفراء: يبلغ ألمها الأفئدة. قال والاطلاع والبلوغ قد يكونان بمعنى واحد. والعرب تقول: متى طَلَعْت أرْضَنا؟ أي متى بَلَغت أرضنا. اهـ. وقد رضيه الأزهري. قال وإليه ذهب الزجاج. • (طلق): {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] "الطَلْق -بالفتح: طَلْقُ المَخَاض عند الولادة/ وَجَعُ الولادة. أطلق الناقةَ من عِقالها وطَلّقها - ض. فطَلَقَت هي. وناقة طَلْق -بالفتح وكعْنُق: لا عِقَال عليها،

وناقة طالق: بلا خطام، وهي أيضًا التي تُرْسَل في الحي فتَرْعَى من جنابهم حيث شاءت، لا تُعقَل إذا راحت ولا تُنَحَّى في المسرح. حبسوه في السجن طَلْقًا -بالفتح أي بغير قيد ولا كِبْل. وأطلقت الأسير: خَلّيته. واستطلق بطنه: مشى ". Qتسيب ما كان محبوسًا في حوزة (أو جوف) مندفعًا منها بقوة ابتعادًا أو انبساطًا. كالوليد والناقة والجين والأسير الموصوفِين، وكخروج ذي البطن منه. ومن ذلك طَلَاق المرأة من زَوجها قال في [ل] هو "لمعنيين: أحدهما حَلّ عقدة النكاح، والآخر بمعنى التخلية والإرسال " {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] والإرسال والانبساط في التسريح أرحب كثيرًا منه في الطلاق. ولذا عبر به عن التطليقة الثَّالثة المُبِينة. وقد استعمل في مجرد الاندفاع بابتعاد دون قيد الخروج من حيز أو جوف يقال "استَطلق الظبْي وتَطَلق: استَنّ في عَدْوه فمضى ومرَّ لا يلوي على شيء. والانطلاق سرعةُ الذَهاب. . . ويقال عدا الفرس طَلَقًا أو طَلَقَين -بالتحريك: أي شَوطًا أو شوطين. والطَلَق -بالتحريك: الشَوْط والغاية التي يجري إليها الفرس "ومن هذا الاندفاع {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ} [ص: 6]، أي انصرفوا أو أعرضوا قائلين لأنفسهم ذلك. {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا} [الكهف: 77] أي استأنفا مسيرتهما. وقد استعمل بمعنى الانبساط في كنايات "طلّق يده وأطلقها في المال والخير بمعنى واحد. طلُق الرجل - ككرم فهو طَلْق -بالفتح أي مستبشر منبسط الوجه متهلله (ليس مقطّب الوجه). رجل طَلْق اللسان -بالفتح وكعُنُق. . .:

معنى الفصل المعجمي (طل)

فصيح " (سريع في التعبير قدير مع سلامة النطق). {وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي} [الشعراء: 13] ويوم طَلْق: مُشرق لا برد فيه ولا حَرّ ولا مطر ولا قُرّ (خال مما يقيد الحركة والنشاط) "والطِلْق -بالكسر: الحَلال (لا قيد على تناوله) "هو منه طِلْق -بالكسر: خَلِيٌّ بريء "لا التزام عليه نحوه "لا تَطّلِق نفسي لهذا الأمر - تفتعل: أي لا تنشرح ولا تستمر " (لا تنبسط). وكل ما في القرآن من التركيب هو من طلاق المرأة والانطلاق بأية صورة. وقد استعمل في مجرد الانبساط أي الامتداد (مع قوة أو دونها) "الطَلَق - بالتحريك: الحبل الشديدُ الفَتل حتَّى يَقُوم (منبسطًا بلا ثنيات). الطَلَق كذلك: قيد من أدَم/ من جلود ". (إما من مجرد الامتداد مع المتانة وما يشبه الصلابة كقوله "حتَّى يقوم "وإما من كونه مقطوعًا من جلد أكبر فالانقطاع انفصال مما كان متصلًا به وهو من باب التسيب) واستعمل في مجرد الجُدّة (أي الخط) المستطيل: "طَلَقُ البطن -بالتحريك: جُدّته ". أما قولهم "أطلق نخلَه وطلّقها - ض: إذا كانت طِوالًا فألقحها. والمطلَّق كمعظّم - ض: المُلْقَحُ من النخل "فهذا من التسيب أي الترك والتخلية -كأنه بعد تلقيحها فرغ من الاشتغال بها أي مما يلزمه عمله لها- إلى أوان الجَنْي. وأخيرًا فإن قولهم "أطْلَق عَدُوَّه: سَقَاه سمًّا "هو من الإذهاب أو التخلص المأخوذ من التسيب. أو يكون أصل المعنى هو أنَّه أذاب نفسه ورُوحه التي هي في عمق بدنه وتُمْسكه فيكون من التسيب أيضًا. ° معنى الفصل المعجمي (طل): هو الامتداد كما يتمثل في امتداد الطلَل إلى أعلى والطلِّ من أعلى -في (طلل)، وفي امتداد الطِوَل الحبل الذي يُعقد في يد الفرس

الطاء والميم وما يثلثهما

ويكون طويلًا يدور فيه الفرس فيرعى دون أن يذهب لوجهه -في (طول)، وكبُعْد ماء البئر الطَلوب والكلأ المُطْلِب -في (طلب)، وكطُول الطلح وامتداده البالغ إلى أعلى -في (طلح)، وكالطلع وبروز النبات من الأرض والورق من الشجر والسن من لحم اللثة -في (طلع)، وكانفصال الوليد من بطن أمه وخلو الناقة الطالق من القيد بحيث تبتعد حيث شاءت في (طلق). الطاء والميم وما يثلثهما • (طمم - طمطم): {فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى} [النازعات: 34 - 35] "الطَمُّ -بالفتح: البَحر، وبالكسر: الكِبْس أي التراب الذي يضم ويُكْبَسُ به نَحْوُ البئر. وقد طَمّ البئرَ بالتراب: كَبَسه. طمَّ الشيء (رد): غَمَره، وطَمَّ الإناء: ملأه حتى على المكيلُ أصبارَه. وطَمَّ السيلُ رَكيّة فلان: دفنها وسوّاها ". Qمَلْء فجوة الشيء المفتوحة إلى أعلى بغليظ أو كثيف حتَّى يستويَ سطحُه (¬1): كالبحر المستوي سطحه لامتلائه بالماء وكالبئر المطمومة. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الطاء تعبّر عن ضغط أو غلظ مع تمدد عرضي، والميم تعبر عن استواء ظاهر والتئام، والفصل منهما يعبر عن ملء الفجوة بشيء عظيم (غليظ الجرم) يُضْغَط فيها حتَّى يستوي الظاهر كما في طَمّ البئر وكما في الطَم: البحر. وفي (طمث) تعبر الثاء عن انتشار بقطع كثيفة أو متماسكة، ويعبر التركيب عن كثافة أو ثقل لما تجمع تحت ظاهر شيء كما في احتواء دم الحيض والافتضاض. وفي (طمس) تعبر السين عن نفاذ بدقة وقوة، ويعبر التركيب عن طمٍّ ظاهري ينفذ إلى خروق المطموم الدقيقة كطمس الأثر. وفي (طمع) تعبر العين عن التحام مع تجمع ورقة أو رخاوة، ويعبر التركيب عن =

(طمث)

ومن معنويه الطامَّة: الداهية تغلب ما سواها (وتغمر كل شيء) {فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ}. ومن الحسيّ "طُمَّة القوم -بالضم: مُجتمَعهم (كتلة متضامة) والقَذَرُ (يلطخ الشيء ويغمره) وطم الطائر الشجرةَ: عَلى (سطحها)، والرجلُ والفرسُ: خف وأسرع (ملأ المسافة/ الفراغ/ جريا) والطَمْطَمَة: العُجْمَة، والطِمْطِم -بالكسر، وكتُماضِر. .: الأعجم الذي لا يفصح (هما من الأصل لأن كلام الأعجمي بالنسبة للعربي الذي لا يعرف معناه هو مجرد صوت متلاحم لا تستبين مفاصله أو معانيه فهو مجرد ضجة متصلة ومستوية الظاهر ليس فيها فجوات. وكما قالوا في الشيء غير الواضح مُعَمًّى ومَطْمُوس). • (طمث): {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن: 56] "الطَمْثُ أيضًا: دم (الحيض أو الافتضاض) وطَمَث الجارية: دمّاها بالنكاح (بالافتضاض) [الأساس - ل] وطَمِثَث هي (كفرح): حاضت. طَمَث البعيرَ (ضرب): عَقَله ". Qثقل الشيء بحدوث ما يُذْهِب أو يَعوق خفته أو رقته - كعقل البعير، والجاريةُ تبلغ بالحيض وبالافتضاض طور الأنثى الكاملة، إذْ بالحيض يمكن أن تحمل، وهي تتوقر حينئذ إذ يكتمل شعورها بالأنوثة. ¬

_ = محاولة (مصحوبة برخاوة أي تهيؤ) لضم شيء كما في الطمع. وفي (طمن) تعبر النون عن امتداد في باطن، ويعبر التركيب عن استقرار بالغ يتمثل في انخفاض الأرض فيستقرّ ويَسْكُن ما يكون فيها.

(طمس)

والافتضاض يشعرها بذلك أيضًا، كما أن الأمرين ينقصان خفتها. ومن مناط الامتنان أن الزوج هو الذي سبق إلى نقلها إلى هذا الطور {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ}. ومن مجاز الافتضاض قولهم: "ما طَمَث هذا المرتعَ قبلنا أحد "وقولهم: "الطَمْث -بالفتح: الدَنَس والفساد. وما به طَمْثُ ريبة: دَنَسُها ". يذكرنا بالتعبير عن الذنب بما فيه معنى الثقل الإثم، {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ}. • (طمس): {آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا} [النساء: 47] "طَمَسْتُ الأَثَر، والطريقَ، وطَمَس هو (قعد): دَرَس وامحى أثره، وطَمَسَ الكتابَ: دَرَسه، وطُمِس النجمُ والقمرُ -للمفعول: ذَهَبَ ضوءه، والمطموس: الأعمى الذي لا يَبِين حَرْفُ جَفْنِ عَيْنِه فلا يُرَى شُفْر عَيْنَيْه ". Qطمّ الظاهر من الأثر الدقيق أو الحادّ وتغطيته. كما في طَمْس الأثر والطريق بذهاب معالمه الدقيقة امّحاءً فيستوي ظاهره كالمغطَّى أو الممحوّ، وكذلك طمْس الكتابة والضوء وشُفْر العين {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ} [يس: 66]: لأعميناهم ومثلها ما في [القمر: 37]. {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا}: حقيقةً فيُجْعَل الوجه كالقفا، فيذهب بالأنف والفم والعين والحاجب، أو ذلك عبارة عن (وقوع) الضلالة في قلوبهم وسلبهم التوفيق [قر 5/ 244]. {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ} [يونس: 88] عاقبهم على كفرهم بإهلاك أموالهم: إذهابها عن صورتها. . صارت أموالهم وزروعهم ودراهمهم حجارة

(طمع)

منقوشة كهيئتها. وقيل أهلكها حتَّى لا تُرَى - من طموس العينِ والموضعِ: عَفَائهِ ودُرُوسِه [قر 8/ 374]. التفسيران الأول والأخير أقربها. {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ} [المرسلات: 8] ذهب ضوءها ومُحِيَ نورها [قر 19/ 157]. • (طمع): {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: 82] "طَمِعَ فيه وبه (فرح): حَرَص عليه ورجاه. والطير يُصاد بالمطامع - ج مُطمِع - كمحسن، وهو الطائر الذي يوضَع في وَسَط الشبكة لتصاد بدلالته الطيور. وقال زهير: ثم استمرت إلى الوادي فالجأها ... منه وقد طَمِع الأظفارُ والحنك أي كاد يأخذها وبتعلق بها أظفاره ومنقاره " [الأساس]. Qمحاولة الأطباق على الشيء وضمه مع تهيؤ يقوي الرجاء في ذلك. كوجود الطائر في الشبكة بالنسبة للجوارح التي تريد صيده، وكتهيؤ الأظفار والحنك بطولها وتقوسها وحدّتها. ومن هذا التهيؤ شدةُ شهوة النفس لضم الشيء، لأنَّها تهيج وتهيئ تيسُّر ذلك {ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ} [المدثر: 15] والتهيؤ هنا هو كثرة ما عنده قَبْلا مما قرّب له تيسر الزيادة. وتأمل {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: 32] فلين القول هو التهيئة التي تُطْمِع. وأمَّا في {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي} [الشعراء: 82، وكذلك ما في المائدة: 82، الشعراء: 51] وكذلك كل (خوفًا وطمعًا) أي خوفًا ورجاء (وتخويفًا وإطماعًا) - فالتهيئة هي ما يعلمون ويتوقعون من رحمة اللَّه

(طمن - طمأن)

وكرمه. وفي {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ} [البقرة: 75] فهي أنّ حرصهم الشديد على إيمانهم جعلهم يطمعون في ذلك. وفي {لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ} [الأعراف: 46] مما قيل إن النور الذي كان في أيديهم [أي أهل الأعراف] لم يطفأ حين طفئ نور ما بأيدي المنافقين [ينظر بحر 4/ 305] وأما في {أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ} [المعارج: 38] فالتهيؤ هو أنهم مكذِّبون بالبعث والجنة والنار أصلًا، ويحتقرون المؤمنين فيقولون: إن كان هؤلاء سيدخلون الجنة لندخلنها قبلهم [قر 18/ 294] فبنَوْا طمعهم على أوهامهم. ومنه "أطماع الجند: أرزاقهم "كأنما خُصت أرزاقهم بهذا الاسم اعتبارًا بأنها أَصْلًا من مغانمهم وما استولَوْا عليه. فهم يشعرون أنها من حقهم فيتطلعون إليها. • (طمن - طمأن): {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} [الفجر: 27 - 28] "طَمْأَنَ ظَهره وطَأْمنه: خَفَضَه وحَناه [المُنْجِد] وطامن ظهره (بلا همز). حَنَاه. واطمأَنَّت الأرضُ، وتَطَأْمَنت: انخفضت [ل]. وأرض مُطْمَئنة. ومُتَطامِنة: منخفضة " [الأساس]. Qغئور أو انخفاض في ما شأنه الارتفاع أو الاستواء. كطَمْأَنة الظهر وكالأَرْض المُطْمَئِنّة. ومنه طَأْمَن الشيءَ وطَمْأَنه: سَكّنه (فسكن أي استقر. والمقَرُّ ظَرْف كالفجوة والمُنْخَفَض). والطَمْن -بالفتح: الساكن {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [النساء: 103]: أَمِنتم. والطمأنينة: سكون النفس من [ذهاب] الخوف [قر 5/ 372] {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ

معنى الفصل المعجمي (طم)

مُطْمَئِنِّينَ} [الإسراء: 95] مستوطنين في الأرض. {وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ} [الرعد: 28] إذا ذُكر اللَّه وحده آمنوا به غير شاكّين {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} اطْمَأَنّت بالإيمان وأخْبَتَت لربها/ سَكَنت على كمال الإيمان والتسليم. {لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] ليَسْكُن إلى المعاينة بعد الإيمان بالغيب. وكل ما في القرآن من التركيب هو الاطمئنان بمعنى سكون النفس والقلب أي الاستقرار النفسيّ وعدم القلق والخوف والحذر. ° معنى الفصل المعجمي (طم): هو ملء فجوة الشيء - كما يتمثل في ماء البحر في فجوته وفي التراب الذي تُطَمّ به البئر ونحوها أي تُكْبَس -في (طمم)، وفي دم رحم الجارية -في (طمث)، وفي ما ينطمس به الأثر والطريق -في (طمس)، وفي ما يتطلع إليه الطامع ليضمّه -في (طمع)، وكانخفاض الظهر والأرض وهو غئور كالفجوة يستقر ما يكون فيه -في (طمن). الطاء والنون وما يثلثهما • (طنن - طنطن): "الطُنُّ -بالضم: بَدَن الإنسان وغيره، والحُزْمَة من القصب والحطب. والعِدْل من القطن ". Qتكتلٌ باكتناز باطن أو أثناءٍ بما هو غَيْرُ صُلْب أو مُصْمت (¬1) ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الطاء تعبر عن ضغط تجمع وتمدد والنون تعبر عن امتداد في الباطن، والفصل منهما يعبر عن امتداد لطيف في باطن جرم متجمع كما في الطنّ البدن، وطُنّ القصب. وفي (طين) تزيد الياء التعبير عن الامتداد، ويعبر التركيب عن تجمع أي تماسك الشيء =

(طين)

كالبدن وحُزمة القَصَب (غير مصمت) والقُطْن رخو الأثناء. ومنه "الطنطنة والطنين: صوت نحو الذباب والجبل " (يملأ الرأس رغم لطفه أي عدم حدته). • (طين): {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} [السجدة: 7] "الطين معروف. . " Qالطين/ تراب يخالط أثناءَه ماءٌ أو نَدًى فيجعله كتلة لينة تتلاصق وتتماسك. ويلزم ذلك قابلية التشكيل. فمن الطين نفسه {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ} [الأنعام: 2]. وليس في القرآن من التركيب إلا (الطين) هذه المادة المعروفة. ومن قابلية الشكيل "طانه اللَّه على الخير: جَبَله عليه، والطينة -بالكسر ": الخِلْقَة والجِبِلّة " (تكون كتلة متماسكة). • (وطن): {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} [التوبة: 25] "الوَطَن: المنزل تقيم به، وهو مَوْطِن الإنسان - كمنزل، ومَحَلّه. وأوطان الغنم والبقر: مرابضها وأماكنها التي تأوي إليها. ويقال وَطَنَ بالمكان وأوطن: أقام. وأوطن أرضَ كذا وكذا: اتخذها مَحَلًّا ومَسْكَنًا يقيم فيه ". Qمكان للحَيّ يخُصّه يستقر ويأوى إليه كالمنزل للإنسان، ¬

_ = لامتداد لطيف في داخله كالطين بالماء في أثنائه. وفي (وطن) تسبق الواو بالتعبير عن الاحتواء والاشتمال، ويعبر التركيب عن الامتداد في الجوف بإقامة ولزوم أي باحتواء كما يقيم الإنسان في الوطن: المنزل.

معنى الفصل المعجمي (طن)

والمَرْبِض للغنم والبقر. ومنه ما جاء في الحديث "كان لا يُوطِنُ الأماكن أي لا يتخذ لنفسه مجلسًا يُعْرَف به. ونُهى أن يُوطِنَ الرجلُ في المكان بالمسجد كما يُوطِن البعيرُ -كلهن من أَوْطَن- أي أن يألف مكانًا معلومًا من المسجد مخصوصًا به يصلي فيه كالبعير لا يأوي من عطنه إلا إلى مَبْرَك دَمِث قد أوطنه واتخذه مُناخًا ". ومن ذلك استُعمل "الموطِن "في المشهد من مشاهد الحرب، لما كان الواجب على من قام هذا المقام أن يَثْبُتَ فيه أي يلزمه ولا يتراجع. {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ}. ومنه "توطين النفس على الشيء وله: تمهيدها وتذليلها لنزوله "أي وقوعه وإقامته. ° معنى الفصل المعجمي (طن): هو اللزوم أو التلازم كتلة كتلازم القصب والحطب في الحزمة، وككتلة البدن -في (طنن)، وكتلازب الطين -في (طين)، وكلزوم الشخص وطنه أي منزله أي الإقامة فيه والعَوْد إليه بعد السعي -في (وطن). الطاء والهاء وما يثلثهما • (طهطه): "فَرَس طَهْطاه: فَتِيٌّ مطهَّم/ فَتِيّ رائع (المطهم من الناس والخيل: الحَسَن التامّ كلِّ شيء منه على حدته. فهو بارع الجمال). Qحُسْن الشيء وكَمَالُ حاله على ما يُعْجِب منه (¬1). ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الطاء تعبر عن ضغط أو غلظ وتمدد عرضي، والهاء عن خروج من الجوف بإفراغ أي بغزارة، والفصل منهما يعبر عن ظهور (خروج) كل مذخور الشيء عليه =

(طهر)

• (طهر): {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 6] "الشاة تقْذِى عشرًا ثم تَطْهُر. وطهُرَت المرأة: انقطع عنها الدم ورأت الطهر. وطهّر فلان ولده - ض: أقام سُنّة ختانه ". Qنقاء الشيء مما يُتَأَذَّى به، أو انقطاع قذى الشيء. كما في انقطاع قذى الشاة ودم المرأة وقُلْفَة المختون {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222]، {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222]، {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]، {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108]. ثم عمم في التنزُّه عن القبائح المادية والمعنوية {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103]، {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4]. ومن التنزه الذي سخر منه القوم {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل: 56] {ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ} [المجادلة: 12] وأطهر لقلوبكم من المعاصي [قر 17/ 302] (تقديم الصدقة قبل مناجاة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يشعر بخطر الأمر، فيحسن النية، ويتحفّظ، ولا يناجى إلا بما هو مطمئن القلب لسلامته دينيًّا). وكل ما في القرآن من التركيب فهو من الطهارة بمعنى النقاء من الأدران المادية أو المعنوية ومن المعنوية قبائح النفس والقلب. ¬

_ = كما في الفرس المطهم. أما في (طهر) فالراء تحبر عن استرسال، والتركيب يعبر عن مزيد في الإخراج والإفراغ كإفراغ دم الحيض وقطع القلفة.

معنى الفصل المعجمي (طه)

° معنى الفصل المعجمي (طه): المعنى المشترك بين معاني تراكيب الفصل هو الحُسْن بمعنى النقاء من العيوب والأدران كما يتمثل في الفرس الطهطاه: المطهم الرائع -في (طهه)، وفي النقاء من الدم وما يستقذر أو يستقبح -في (طهر). * * *

باب الظاء

باب الظاء الظاء والعين وما يثلثهما • (ظعن): {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ} [النحل: 80] "الظعن -بالفتح وبالتحريك وكقعود: سَيْر البادية لنُجْعة أو حضور ماءٍ أو طلب مَرْبَع أو تحوُّل من ماءٍ إلى ماءٍ أو من بلد إلى بلد. ظعن - كمنع: ذهب وسار ". Qانتقال أهل البادية فيها من ناحية إلى أخرى بعيدة (¬1) (فلا يستعمل الظعن في الأغراض المذكورة إلا إذا كانت بعيدة) {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ}. ثم من ذلك يقال لكل شاخص لىسفر ظاعن. و "الظعينةُ: الجمل يُظْعَن عليه، والمرأة، لمشاركتها الرجل في الظعن والإقامة -كالجليسة، والهودجُ (الذي تكون فيه المرأة وهي مسافرة) ظعينة أيضًا " (والهودج تجوف تستبطنه المرأة في سفرها). ومعاني "الظعينة "الثلاثة تطور بالتخصيص. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الظاء عن غلظ وكثافة -أو نفاذ كذلك، والعين عن التحام على رقة. والنون عن امتداد بلطف في جوف، والتركيب فهن يعبر عن انتقال (امتداد) في أثناء شيء ذي تجمع ما- كالظعن، وهو انتقال الجماعة أو الرجل بأهله وأمتعته خلال طريق طويل: صحراء غالبًا.

الظاء والفاء وما يثلثهما

الظاء والفاء وما يثلثهما • (ظفف): "ظَفَفْتُ قوائمَ البعير وغيرِه: شددتُها كلَّها وجمعتها. والمظفوف: المقارَب بين اليدين في القيد. وماء مظفوف: كثُر عليه الناس/ مشغول ". Qجمع -أو شدٌّ- بكثافة من خارج (¬1): كما تلتف الحبال ونحوها مما تُشَدّ به قوائم البعير - حول تلك القوائم، وكثافتُها كثرةُ تلك القوائم وغلظها، وكالماء الذي يكثف حوله الناس. • (ظفر): {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} [الفتح: 24] "الظُفْر -بالضم وبضمتين: للإصبع والطائر. وهو مما لا يصيد كالمخلب لما يصيد. ظَفّرَتْ الأرضُ والنباتُ - ض: خرجَ منه شِبْهُ الأَظفار. والظَفَر -محركة: ما اطمأن من الأرض وأَنْبَت. وبالتاء: جُلَيْده تَغْشَى العَيْن ". Qتغطية الطَّرَف الدقيق بصُلب أو قوى: كالظفر ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الظاء عن غلظ وكثافة أو نفاذ كذلك. والفاء عن إبعاد بكثافة إلى خارج الشيء. والفصل منهما يعبر عن تجمع كثيف حول (خارج) شيء - كالماء المظفوف وكالقيود حول قوائم البعير. وفي (ظفر) تعبر الراء عن استرسال ويعبر التركيب المعقوب بها عن استرسال الغليظ أو القوي نافذًا من شيء يحيط به كالظفر. وغلظه أنه عظمى.

معنى الفصل المعجمي (ظف)

وشُبِّهَ بأظفار الطيور "أوائلُ النبات من الأرض وأعوادُ الشجر "، وبهيئة امتداد ظفر الإنسان تلكَ "الجُلَيْدة التي تمَتدّ بين الجَفْن والعين "فتغشاها وهي قوية المادة وغليظة الوقع والأثر. فمن ظُفُر الطير {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام: 146] ومن ظُفُر الإصبع جاء "ظَفَره: غرز ظُفره فيه (إصابة)، والظُفُر: ضرب من العطر على شكل "الظفر " (تشبيه). ومن تغطية الشيء بصلب يؤخذ معنى الاستيلاء عليه "ظَفرْت بالمَطْلوب، وعلى خَصْمي، وبه، وظَفِرته (تعب): فُزْتُ بما طَلَبت وفَلَجت على مَنْ خاصمت "وتساعد التعدية بالباء على التعبير عن حصول ذلك المستخلص في الحوزة. و "ظفّره - ض. وأظفره: غلّبه أي قوّاه وجعله يَغلب [ينظر التهذيب 14/ 375] أو يتمكن منه. وفي [قر 16/ 280] أنّ {مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} في آية التركيب تذكر شأن جماعة من الكفار بين الثلاثين والثمانين حاولوا الإيقاع بالمسلمين، حين كان السفراء يسعون بين المسلمين والمشركين في صلح الحديبية، ففطن لهم المسلمون وأخذوهم أسرى -وهذا هو إظفارهم عليهم، فأطلقهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ° معنى الفصل المعجمي (ظف): هو الجمع من خارج كما يتمثل في جمع القوائم بقيد يشدها -في (ظفف)، وكما تجمع أظفار الجوارح فرائسها أي تصطادها أو تضمها -في (ظفر) أي أن الظفر سمي بوظيفته وكأن معنا. المظفور بواسطته.

الظاء واللام وما يثلثهما

الظاء واللام وما يثلثهما • (ظلل - ظلظل): {لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا} [النساء: 57] "ظِلُّ كل شيء: كِنّه. وكل ما أَكَنَّك فقد أظلك. والظُلّة -بالضم: الغاشية/ ما سَتَرك من فوق/ الشيء يُسْتَتَر به من الحرّ والبرد، وهي كهيئة الصُفَّة (هي بهو مظلل أمامَ الدار أو داخلها). المِظَلّة -بكسر الميم وفتحها: أعظمُ ما يكون من بيوت الشَعَر. أظلُّ الإنسان: بُطُون أَصَابعه وهو مما يلي صَدْرَ القَدَم من أصل الإبهام إلى أصل الخنصر. وهو من الإبل: باطن المَنْسِم - كمنزل (وهو للبَعير كالظفر للإنسان). ويقال للدم الذي في الجوف مُسْتَظِلّ -بكسر الظاء. ويقال استظَلَّت العين إذا غارت. والظليلة: مُسْتَنْقع ماء قليل في مسيل، وهي شِبْه حُفْرة في باطن مسيل ماء، ينقطع السيل ويبقى ذلك الماء فيها ". Qحَجْب (أشعة) الشمس أو غيرها بكِنّ يَحْمِي المكتنَّ وراءه (¬1) أو تحته - كالكِنّ الذي يُظِلّ، وكالظُلَّة والمِظَلّة المذكورتين يكنان ما تحتهما، وكالأظل -وهو مكنون لا يحتك بما يحتك به القدم. وكدم الجوف الذي ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الظاء تعبر عن غلظ أو كثافة نافذة، واللام تعبر عن امتداد مع استقلال، والفصل منهما يعبر عن كن كثيف يلزم الشيء (أي يعلق به) مع تميزه عنه كظل الشجرة كثيف لا يفارقها. وفي (ظلم) تعبر الميم عن تضام والتئام واستواء ظاهر، والتركيب يعبر عن تضام (الظاهر) والتئامه على كثافة التئامًا يحول دون ما وراءه كما في الظَلَم - محركة: الجبل، وبالفتح - الثلج.

ليس في عروق، وحَدَقِة العين الغائرة، وماء الظليلة. ومن هذا "الظليلة: الروضة الكثيرة الحرَجات " (الحرجة شَجَرةٌ أو شَجَرٌ كثيف لا يوصل إلى ما تحته من المرعى من كثافته). ومنه كذلك الظُلْظل -بالضم: السفن، وهي المَظَلّة -بفتح الميم، فهي تُكِن وتحمِي في وَسَط البحر، ولعلهم نظروا في تسميتها إلى قِلْعها فإنه يبدو كالظلّة. ومن ذلك: "الظل المعروف "فإنه يكون من حائل بين الشمس والمكان الذي هو فيه. والعرب تقول "ليس شيءٌ أظلَّ من حجر. . ولا أشد سوادًا من ظِلّ. وكل ما كان أكثرَ عَرْضًا وأشدَّ اكتنازًا كان أشد لسواد ظله ". والشاهد هنا ربط الظل بعِرَض الحاجز وكثافته. ومن المعلوم أن ظل الشيء لا يفارقه {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [الرعد: 35]، {وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا} [النساء: 57]، {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} [الفرقان: 45]. وكل (ظِلّ) وجمعه (ظلال) وفعله (ظلّل) المضعف، والصفة (ظليل) فهو من هذا عدا ما نعلق عليه بعد. وفي قوله تعالى {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ} [الأعراف: 171] عرفنا الظلة قبلا: {فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} [الشعراء: 189] هي سحابة أو أيكة اجتمعوا تحتها فهلكوا -[ينظر قر 13/ 137]- هذا. وتفسير الظُلة بالصيحة [ل] بعيد من الأصل {إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة: 210] هي جمع ظُلّة {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ} [لقمان: 32]. {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} [الزمر: 16]: أغشية. [وينظر قر 15/ 243} {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ} [الواقعة: 43]، {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ} [المرسلات: 30]، كل تلك

أغشية عذاب في صورة الظل الذي يغمر من تظلل به [وينظر قر 19/ 162]. وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ} [الرعد: 15]. فسرت الظلال بالظل المعروف وسجودها ميلها من جانب إلى جانب من "سَجَدت النخلة: مالت " [قر 9/ 302]. وفُسِّرت الظلال بأنها أشخاصهم وأجسامهم تسجد للَّه - (أي بانقيادها له عز وجل بمادتها) {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] حتى وإن سجد أصحاب تلك الأجسام لغير اللَّه، ولكن جاء في [ل] أن هذا مخالف للتفسير. نقول إن التلازم بين الشيء وظلّه يسمح بإطلاق الظلال على أشباح الناس أي أشخاصهم التي تلبسها نفوسهم وتعلق بها، كما أن الظل كثافة كالأبدان فإن كانت أكثف. والمجاز واسع، وفي قوله {وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44] ما يفتح الباب للقول بالسجود الحقيقي بكيفية يعلمها اللَّه. ومن لزوم الظل وعدم مفارقته سببه "ظل يفعل كذا أي استمر وواصل " (لزوم أو ملازمة) {قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ} [الشعراء: 71]، {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} [الشورى: 33]، {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} [النحل: 58] عن هذه جاء فى [بحر 5/ 488] ظل تكون بمعنى صار، وبمعنى أقام نهارًا على الصفة التي تسند إلى أسمها. (وهي هنا) تحتمل الوجهين والأظهر أن يكون بمعنى صار. اهـ المراد. وأرى أنها تجمعهما، فوجه المُبَشَّر منهم بالأنثى يتحول إلى السواد، ثم يستمر على ذلك كما في آية [الزخرف: 18] وما بعدها. أما في سائر (ظل) ومضارعها في القرآن فهي للدوام أي بسقوط قيد النهارية.

(ظلم)

• (ظلم): {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257] "الظُلْمة -بالضم: خلافُ النور. ليلة ظَلْمة وظَلْماء -بالفتح فيهما: شديدة السواد. أظلم الليل: اسودّ. أتيته ظَلامًا - كسحاب: أي ليلًا. الظَلَم - بالتحريك: الجبل. والظَلْم -بالفتح: الثلج. أرض مظلومة: لم تمطَر. وفي الحديث إذا أتيتم على مظلوم فأَغِذُّوا السير "المظلوم: البلد (= المساحة الخالية من الأرض) الذي لم يصبه الغيث ولا رِعْىَ فيه " (الرِعْي -بالكسر: المرعى). Qحجب ما ينبغي أو ما يُسْتَحق أي منعه أو انتقاصه. كمَنْع الضوء في حالة الظلمة، وكمنع المطر عن الأرض "المظلومة "، وكالثلج يمنع الماء الذي وراءه وهو في ذاته ماء يمتنع شربه. والظَلَم: الجبل يمنع ويصدُّ ما يتجه إليه مما لولاه لنفذ على استقامته، والظلام يحجب الرؤية. ومنه تسميتهم الشيء الشاخص الذي يواجهك ظَلَمًا -بالتحريك- في قولهم "إنه لأَوَّلُ ظَلَم لَقِيتُه "وتفسيرهم إياه بأنه أول شيء "سَدَّ بصرك بليل أو نهار ". ومن استعمال الظُلْم بمعنى المنع قول أبي الجراح الأعرابي لمن اشتكى التُخَمة: "ما ظَلَمك أن تقيء "؟ ويقال ما ظَلَمك عن كذا أي ما مَنَعك؟ والظَلمة: المانعون أهلَ الحقوق حقوقهم ". ومنه قولهم "ظَلَمَ سِقَاءه إذا سَقَى منه قبل أن يَخرُجَ زُبْدُه " (فالأصل أن يُتْرَك حتى يبلغ إناه ويَخْرج زُبْده. فالسَقْي منه قبل ذلك مَنْعٌ لما ينبغي أو يُسْتَحَقّ من المدَى الزمنيّ، وتجاوز عنه). وكذا "ظَلَم الناقة: نحرها عن غير علة " (كأن الأصل عدهم أنها ما دامت ليس بها علة فمن حقها أن لا تنحر، والعامة الآن

تسمى ما ذُبِح بلا مرض غَصيبًا) و "ظَلَم الحمارُ الأتان إذا كامَها وقد حَمَلتْ (الأصل أن الدوابّ والأنعامَ لا ينزو ذُكْرانُها على إناثها إلا إذا كانت الإناث ضَبِعَة (بها شهوة لذلك) وكانت غيرَ عشراء) ففي الثلاثة تجاوز عما ينبغي أي عن المستحَقَ، وحيلولة دون الاستمرار في ما ينغي. وقد مر بنا أن الأرض المظلومة هي التي لم تُمْطَر (فالمطرَ حَقُّها وقد مُنِعَته)، والغالب أن مثل هذه تكون جَلَدًا ليست طيعة للحفر قال لبيد: {والنُّؤْىُ كالحَوْض بالمظلومة الجَلَد} (النُؤى جَدْرٌ ترابي صغير يحاط به حول الخيمة ليمنع ماء المطر وغيره) قال في [ل]: "يعني أرضًا مَرُّوا بها في برّية فتحَوَّضوا حوضًا سَقَوْا فيه إبلهم " (¬1). فالشاعر سماها مظلومة لأنها لم تُمْطَر أي مُنع حقها وانتُقِص، فهي جَلَد. وكذلك الأمر في قولهم "ظلمَ الوادِي إذا بَلَغَ الماءُ منه موضعًا لم يكن ناله في ما خلا، ولا بلغه قبل ذلك "فالأصل أن يقف عند الحد الذي اعتيد أن يبلغَه فحسْبُ. فهنا انتقاص من الفراغ المستَحَقّ المعتاد. ويقال "لزِمُوا الطريق فلم يظلموه أي لم يعدلوا عنه. أخذ في طريق فما ظَلَم يمينًا ولا شمالًا "فالأصل الاستقامة في الطريق وعدم العدول عنه. فالظلم في كل ذلك تجاوز عن المستحق بمنعه وانتقاصه. ومما جاء في القرآن الكريم من استعمال الظُلْمة- خلاف النور {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} [يس: 37] وفي قوله تعالى: {يَخْلُقُكُمْ فِي ¬

_ (¬1) قال في بقية كلامه هنا. . "وليست بموضع تحويض "وهذه الزيادة لمجرد الربط الاشتقاقي. وإنما الأصل أن يقال في مثل هذه الأرض إنها ليست بموضع حفر لجلادتها "أما التحويض فقد يكون بغير حفر. وهو في الجلَد أمكن.

بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ} [الزمر: 6] [في قر 15/ 236] هي ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المَشيمة. (ويلحظ أنها ظروف أو أغلفة تضم الجنين في جوف أطباقها) {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257]. من ظلمات المعاصي والحيود عن الصراط المستقيم إلى نور الطاعة والتجلي. وكل الفعل (أظلم) واسم الفاعل منه (مظلم) والاسم (ظُلُمات) جمع (ظلمة) فهو من الظلام ضد النور. أما الظُّلْم -بالضم بالمعنى المشهور فقد فسروه "بالجور ومجاوزة الحد "وهو لا يخرج عن انتقاص المستحق؛ فالجور على حقوق الناس هو منع لهم من حقوقهم وقد قالوا "الظَلَمَة: المانعون أهلَ الحقوق حقوقهم " {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: 40] أراد لا يظلمهم مثقال ذرة. وعداه إلى مفعولين لأنه في معنى يسلُبُهم، وتفسيره بـ لا يفعهم ثوابَ مثقالِ ذرة قَدَّموه = ألْيق. وقوله عز وجل {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]. يعني أن اللَّه سبحانه هو المحيي المميت الرزاق المنعم وحده لا شريك له، فإذا أشرك أحد به غيرَه فذلك أعظم (حجب للمستَحَقّ) لأنه جعل النعمة لغير ربها "اهـ[ل]. ولو قال لأنه منع وحجب عن صاحب الحق حقه وهو أن يفرده سبحانه بالعبادة والشكر = لكان أولى. {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} [الكهف: 33]. ولم تمنع أو تنقص. {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا} [طه: 112]: نقصا [قر 11/ 249] {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ} [النساء: 160] {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ} [المائدة: 39] {وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ

معنى الفصل المعجمي (ظل)

ظُلْمًا} [طه: 111]. قال [في قر 11/ 249]: حمل شركًا اهـ. لكن تركها لتشمل كل ظلم أولى. {وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا} [النمل: 85]. كفروا [مجاز القرآن 8/ 96]. {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]. بشرك كما في [قر 7/ 30] كقوله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] وكل فعل (ظَلَم) الثلاثي ومضارعه للفاعل أو المفعول فيهما، واسم مصدره (ظُلْم) واسم الفاعل (ظالم) وجمعه (ظالمون) ومؤنثه (ظالمة) واسم التفضيل (أظلم) وصيغة المبالغة (ظلوم) و (ظلام) واسم المفعول (مظلوم) فهي جميعًا من هذا (الظُلْم) -بالضم: ضد العدْل. وقوله تعالى {فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ} [الأنبياء: 64] بالنظر إلى المعنى الأصلي وهو منع المستحق أو انتقاصه فإني أرى أن معنى اتهامهم أنفسهم بالظلم في هذه الآية هو اتهامهم إياها بالتقصير المتمثل في نقص حراستهم للأصنام. وهو معنى قول لوهب في [بحر 6/ 303] أما الأقوال الأخرى فتعبر عن إنصاف لو كانوا عليه ما عبدوا الحجارة أَصلًا {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [آل عمران 182] صيغة التكثير هنا لكثرة المتعلَّق [بحر 3/ 137] أي كالتكثير في {وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ} [يوسف 23]. ° معنى الفصل المعجمي (ظل): هو الحجب - كحجب الكن الشمس وما وراءه -في (ظلل)، وكحجب المستحَق ومنعه -في (ظلم).

الظاء والميم وما يثلثهما

الظاء والميم وما يثلثهما • (ظمأ): {وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} [طه: 119] "ظَمِئَ يظمأ: عَطِشَ. وأُظمِئ الفَرَس وظُمِّئَ - ض للمفعول فيهما: ضَمُر. ووجه ظمآن: قليل اللحم/ أُلزِقَتْ جلدته بعظمه وقل ماؤه وهو خلاف الريان. وعَيْن ظمْأى: رقيقة الجَفْن. وساقٌ ظمْأى وظَمْياء: مُعْتَرَقَة اللحم/ قليلته. وإنّ فُصُوصَه لظِماء أي الفَرَس: إذا لم يكن فيها رَهَل. والظمَأ: ذُبول الشفة/ قلة لحَمها ودمها وقلة لحم اللثة ودمها ". Qذهاب الرطوبة والندى من باطن الشيء واضطمامه على هذا الجفاف (¬1). كما هو واضح في ما سبق {لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ} [التوبة: 120] {يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً} [النور: 39]. ومنه "ريح ظَمْأى: حارّة ليس فيها نَدًى ". الظاء والنون وما يثلثهما • (ظنن): {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 46] "البئر الظَنون: القليلة الماء. مَظِنَّةُ الشيء: موضعه ومألفه الذي يُظن كونه ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الظاء تعبر عن كثافة ونفاذ، والميم تعبر عن تضام والتئام ظاهر، والفصل منهما معقوبًا بهمزة يعبر عن التئام الجِرم على فراغ باطنه من الرخاوة والندى.

فيه، المَظِنّة والمِظَنة -بفتح الميم وكسر الظاء وبالعكس: بيت يظن فيه الشيء. المظانّ جمع مَظِنّة بكسر الظاء، وهي موضع الشيء ومَعْدِنُه مَفْعِلةٌ من الظن بمعنى العلم " (¬1). Qتوقع وجود شي مهم (في باطنٍ) لأمارة قوية على ¬

_ (¬1) هذا التركيب فيه تفسيرات للبئر أو المشرب الظنون تصرّح أو يؤخذ منها أن البئر أو المشرب الظنون يحتمل أن لا يكون فيها ماء أصلًا منها "مَشْرَبٌ ظنون: لا يُدْرَي أبه ماء أم لا. الظَنون وهي البئر التي لا يُدْرَي أفيها ماء أم لا "وهذا تفسير غير دقيق. فإن الشاهد الذي أُورد للبئر الظنون بالمعنى الذي ذُكِر لا يعطي ذلك وهو قول الأعشى: ما جُعِل الجدُّ الظَنُون الذي ... جُنِّبَ صوب اللَجِبِ الماطرِ مِثلَ الفُراتِيّ إذا ما طما ... يَقْذفُ بالبُوصِيّ والماهر (الجُدُّ -بالضم: البئر التي تكون في موضع كثير الكلأ. والجُدّ الماءُ القليل، وقيل هو الماء يكون في طرَف الفلاة. وقال ثعلب هو الماء القديم. الجُدْ جُد -بالضم: البئر الكثير الماء. [ل جدد]. الصَوْب: المطر. اللَجب: الراعد) فخلاص بيتي الأعشى أن البئر التي لا يخرج منها إلا ماء قليل لا تقاس بالنهر الفراتي أي الشبيه بالفرات -إذا طما فكان يقذف بالملاحين. وواضح أنه لا يعني البئر المعدومة الماء بدليل تفسيرات الجُدّ، فإن التي تكون في موضع كثير الكلأ لابد أن تكون كثيرة الماء، لنداوة باطنها، ولكثرة الراعية المحتاجة للشرب، وأيضًا فإنه جاء في الأثر "فنزل على ثَمَد بوادي الحديبية ظَنُون الماء. "الثَمَدُ: الماء القليل الذي لا مادة له/ الماء القليل الذي يبقى في الجَلَد " (ل ظنن، جدد) ويستحيل أن يكون معنى الظنون الذي لا يُدْرَى أفيه ماء أم لا. إذ كيف ينزل الجيش في موضع هذا شأنُ بئره) فالخلاصة أن تفسير الظنون بالذي لا يدري أفيه ماء أم لا تسامح. والصواب أن البئر الظنون هي التي يخرج منها ماء قليل.

ذلك (¬1). كالماء الذي في البئر الموصوفة فهو في باطنها، ولا يخرج إلا قليلًا قليلًا، وكالمَظِنّة لوجود الشيء أي موضعه ومعدنه الذي يوجد فيه عادة. (وينبغي أن يُسْتَحْضَر أن صَبَّ اللغويين وصف القلة على ماء البئر هو استنباط من كون الخارج منها قليلًا. ولكن هذا لا يقطع بكون كل ما في باطنها قليلًا، فقد يكون كثيرًا لكن هناك ما يحول دون اندفاعه منها. فالماء القليل الذي يخرج من البئر الظنون هو مجرد (أَمَارة على وجوده فيها). ومن هذا الأصل استعملت (ظن) في المعنى المشهور. وأَرْجَح عبارات اللغويين عنه هي عبارة الراغب. فعبارة المناوي: "الظن هو الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض " (¬2) وعبارة المحكم لابن سيده "الظن شك ويقين، إلا أنه ليس بيقين عيان إنما هو يقين تدبر "وعبارة الراغب "الظن: اسم لما يحصل من أمارة، ومتى قويت أدت إلى العلم، ومتى ضَعُفَت لم تجاوز حد الوهم "اهـ. المراد. والذي أقوله أن الظن اعتقاد قلبي (قائم على أمارات أو بحث ونظر) لكنه قد يتخلف (وهذا قريب من عبارة الراغب) - واحتمال التخلف ناشئ عن أنه يؤخذ من أمارات أو بحث، وهما عرضة للغلط. ويشهد لما أقوله (أ) بيت عميرة بن طارق [طب في تفسير البقرة 46]. بأن تغتزوا قومي وأقعدَ فيكمو ... وأجعلَ مني الظنَّ غيبًا مُرَجمًا فهو يرفض أن يَعُدّ ما ظنه (اعتقده) من أمارات دالة على أنهم يغزون قومه ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الظاء تعبر عن كثافة وغلظ ونفاذ والنون تعبر عن امتداد لطيف في الباطن والفصل منهما يعبر عن نفاذ شيء مهم (أو وجوده) في الباطن كما في البئر الظنون. (¬2) التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي تحـ د. الداية. ص 493. وكلمة (احتمال) مكتوبة (استعمال) وهو تحريف.

= رَجْما بالغيب. فالظن عنده اعتقاد أخذه من أمارات كوّنته ورسّخته، فليس بوسعه أن يتجاهله ويظل مقيمًا بين الذين يغزون قومه. (ب) بيت دريد الصمة [ل ظن]: فقلت لهم ظُنُّوا بألفي مدجج ... سَرَاتُهم في الفارِسيّ المُسَرَّد فهو يقول لهم اعتقدوا ذلك وانتظروه. ج) ثم بيت أوس بن حجر (البيضاوي عند تفسير البقرة 46). فأرسلته مستيقِنَ الظنّ أنه ... مخالطُ ما بين الشراسيف جائفُ فهذا يتحدث عن سهم أو نحوه، وأنه أطلقه مستيقنًا أنه سيخالط ضلوع عدوّه وجوفه. والشاهد أنه جعل الظن مرحلة من الاعتقاد مغايرة لليقين، لكنها قد تبلغه -كما يقضي سياق البيت. ثم أقول إن طبيعة هذا الاعتقاد -من حيث كونه حكمًا في النفس يقوم على أمارات أو بحث ونظر = تسمح بالتفاوت في درجة تركيزه. ومن هنا يتفق المستوى الأعلى منه مع مستوى علم اليقين الذي يقوم هو أيضًا على النظر أي البحث والبراهين العقلية. وعبّر الجوهريّ عن هذا بقوله: "وربما عبّروا بالظن عن اليقين، وباليقين عن الظن "وشاهد الأخير قول أبي سدرة الأسدي (ويقال: الهجيمي) (¬1). نحسَّبَ هوّاسٌ وأيقن أنني ... بها مُفْتَدٍ من واحد لا أغامره ¬

_ (¬1) أ- عبارة الجوهري في [ل يقن] على وجهها الصحيح المذكور، وهي في الصحاح بدخول الباء على اليقين في العبارتين. سهوًا. ب: هوّاس اسم الأسد، لأنه يَهُوس الفريسة أي يدقها.

(يقول إن هَوّاسا (الأسد) ظن أني أترك له ناقتي ليأكلها فداء لنفسي. وقد عبّر عن ظن الأسد بقوله (أيقن). بعد قوله تحسّبَ - بيانا لها. ومما جاء في القرآن الكريم من الظن بمعناه المشهور وهو الاعتقاد المبني على أمارات قوية {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ} [الحشر: 2] {وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا} [يونس: 24]، {وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت: 22]، {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87] رجَّح أن اللَّه لن يضيق عليه الأمر في هَجْره دائرة دعوته، لأن اللَّه تعالى يعلم كم عانى منهم وصابَرَهم، {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا} [الفتح: 12]، {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} [الجن: 5]، {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} [الانشقاق: 14] إلخ. كل ذلك بمعنى الاعتقاد الذي تخلّف أي تبين -بعدُ- أنه غير صحيح. وهناك ظن بمعنى الاعتقاد الذي تبين -بعد- أنه صحيح كما في قوله تعالى: {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا} [يوسف: 42]. فقد نجا، وربما أيضًا {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} [ص: 24]. وهناك ما هو اعتقاد راجح لكنه أقرب إلى التعادل -مثل ما في قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} [البقرة: 230]. وعدم التحقق لا يعني ضرورة أنه كان توهمًا، إذ يمكن أن تكون الأمارات حقيقية وقوية، لكن يقع التخلف لأمور أخرى. أكاد أقول إن كل ما في القرآن الكريم هو من قبيل هذا الاعتقاد، باستثناء ما جاء منه في سياق الإزراء على الظن، فهذا يكون من الظنّ الذي يتخلف.

يتمثل إشكال هذا التركيب في تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: 46]، {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 249]، وقوله تعالى على لسان المؤمن الذي أوتى كتابه بيمينه يوم القيامة {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ} [الحاقة: 20] حيث إن المطلوب في الإيمان أن يكون الاعتقادُ في لقاء اللَّه عز وجل (= البعث والحساب)، وكذا الإيمان بتحقق وعِد اللَّه بنصر المؤمنين وإن كانوا قلة - أن يكون الاعتقاد بهذين وسائر ما هو من باب العقيدة التي يتطلبها قبول الإيمان = أن يكون عقيدة مستيقنة -لا ظنًّا (حسب الانطباع الخاطى أن الظن شك). وهنا بدأت الاجتهادات. وأشهرها وأخصرها أيضًا أن (ظن) من الألفاظ التي يستعمل الواحد منها لمعنيين متضادين: فهي تستعمل بمعنى اليقين وبمعنى الشك حسب ما يقضي السياق. وأنا لا أسلم بأن في اللغة ألفاظًا يستعمل الواحد منها للمعنى وضده، لأن هذا خلاف الأصل، فاللغة وضعت للتوضيح والتحديد لا للإلباس، وما أوردوه من ألفاظ منسوبة لهذا النوع وشواهدها كلها لها مَشْرَع آخر. فإذا تجاوزنا هذا الاتجاه وجدنا (أ) التابعي مجاهد بن جبر (104 هـ) يقول "كل ظن في القرآن فهو يقين ". وفي رواية فهو "علم ". وأقول أنا إن هذا التعميم مردود. تشهد لرده بعض الآيات التي ذكرناها، ويردّه نصًا قوله تعالى حكاية عن كلام للكفار، لكنه يعبر عن الشائع العامّ أن الظن يخالف اليقين {إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} [الجاثية: 32] فنفوا أن يفسَّر ظنهم باليقين. وقوله تعالى ردًّا على الذين ادعوا أنهم قتلوا المسيح {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ

وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: 157]. (فهم قطعا لم يقتلوه، ولم يبحثوا عن اليقين في أمره، بل اتبعوا ظنهم، لأنه يوافق هواهم أن يُقْتَل). وقد قدّمنا قولة مجاهد هنا لنفرغ لغيره. ب) وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (ت 182 هـ) في آية البقرة 46 {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ}: "لأنهم لم يعاينوا، فكان ظنهم يقينًا، وليس ظنًّا في شك "، وقرأ {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ} [الحاقة: 20] [طب شاكر 2/ 19]. وقد تبنى هذه المقولة [طب شاكر 16/ 309] في تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: 110]، حيث قال: ". . مع أن الظن إنا استعمله العرب في موضع العلم في ما كان من عِلْم أُدْرِك من جهة الخبر أو من غير وَجْه المشاهدة والمعاينة. فأما ما كان من عِلْم أُدْرِك من وجه المشاهدة والمعاينة فإنها لا تستعمل فيه الظن. لا تكاد تقول: "أظنني حيًّا، وأظنني إنسانًا "بمعنى: أَعلَمُني إنسانًا، وأَعلَمُني حيًّا ". كما تبناها ابن عطية في المحرر الوجيز [قطر 1/ 278] وكذلك [قر 15/ 179] (وفي النص هنا لفظ [إلا] مقحم)، وأبو حيان [بحر 6/ 130] (وفي الكلام هنا خطآن مطبعيان)، كما تبناها ابن سيده. حيث قال في استعمال (ظن) لليقين: "إنه ليس بيقين عيان إنما هو يقين تدبُّر، فأما يقين العيان فلا يقال فيه إلا علم " [ل]. والحكم الذي استولده الطبري من عبارة ابن زيد، واتبعه الأئمة وهو أن "يقين العيان لا يعبَّر عنه إلا بالعلم "هو حكم يحتاج شيئًا من التحرير، فقد يكون الموقف يقين عيان، ولكن هناك ما يدعو إلى التعبير عنه بالظن، كأن يكون يقينًا مكروهًا فيُخَفَّف على النْفس باستعمال الظن تعلُّقًا بنسبة من الأمل حتى لو كانت غير حقيقية. كما في {وَرَأَى

الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} [الكهف: 53]. وقوله تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ} [الأعراف: 171]، {وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} [يونس: 22]، {وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ} [القيامة: 28] فالعيان فيهن واضح، ولكن المُعَرَّض لهلاك محقَّق يظل عنده نسبة من الأمل لآخر لحظة، مما يسوّغ استعمال الظن بدلًا من العلم. أما صدر عبارة الطبري، وهو أن ما لم يُعايَن (لا يمكن أن) يُستعمل فيه العلم بمعناه الحقيقيّ التام اليقينية فإننا نسلّمه؛ إذ لا ينكر أحد أن ما يكون مصدره الخبر أو النظر والاستدلال فإن اليقين به لا يبلغ درجة العِيان والمباشرة، لكنه قد يُعَدُّ من درجات اليقين. وهذا معنى ما تبناه الطبري عن ابن زيد، وهو الذي تجرى عليه الأمور في الحياة، إذ يُبْنَى عُظْم ما فيها على الأخبار الموثوق بها والاستدلالات وما إليها. فهذا المستوى من اليقين مقبول ومعترف به عند بني الإنسان. وسيأتي ما يؤيد ذلك. وبالعود إلى قوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: 46] وأختيها نقول إن الظن فيهن يفسَّر بالاعتقاد الذي هو الدرجة العليا من الظن، وهي درجة يقين دون درجة العِيان. حسب ما أسلفت، وحسب ما يأتي. ويؤيد هذا الذي أقول ما سبق به الإمامُ البيضاويّ حيث قال في هذه الآية {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 46]: أي يتوقعون لقاء اللَّه تعالى ونَيْلَ ما عنده، أو يتيقنون أنهم يحشرون إلى اللَّه فيجازيهم. ويؤيده أن في مصحف ابن مسعود (يعلمون)، وكان الظن لما أشبه العلمَ في الرجحان، أُطلق عليه؛ لتضمين معنى التوقع. قال أوس بن حجر:

فأرسلتُه مستيقِنَ الظنِّ أنه ... مخالطُ ما بين الشراسيف جائفُ انتهى ما قال البيضاوي. وليُلْحَظ استعماله التوقع، واتكاؤه في التأويل على تشبيه الظن بالعلم في الرجحان، وعودته إلى التوقع. وأما عن قبول هذا المستوى في الإيمان. فعلينا أن نستحضر: أ) أن اليقين بأمر ما = تتفاوت درجاته بين علم اليقين، وهو أدناها ويكون عن النظر والبرهان، وعين اليقين وهو أوسطها ويكون عن المعاينة، وحق اليقين وهو أعلاها. ويكون عن الانغمار والمخالطة (¬1). ب) وأن الإيمان بالغيب هو شطر الإيمان {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} [البقرة: 1 - 3] والغيب هو الخفي الذي لا يدركه الحِسّ ولا يقتضيه بديهة العقل. وهو قسمان: قسم لا دليل عليه، وهو المعنى بقوله تعالى {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: 59] وقسم نُصب عليه دليل كالصانع وصفاته والوم الآخر وأحواله، وهو المراد به في هذه الآية "اهـ من أنوار التنزيل. بل أقول إن التأمل في آية الغيب هذه وتفسيرها قد يجزم بأن الإيمان بالغيب هو محور هذا الدين -وليس الشطر فحسب. والذي نحن فيه في {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: 46] وأختيها هو أمر غيب بكل جوانبه أعني اعتقاد لقاء اللَّه. فهي عقيدة في القلب في شيء مغيَّب غير معايَن. ¬

_ (¬1) تفصيله في كشاف اصطلاحات الفنون (بسج) 4/ 471، الكليات للكفوي تح د. عدنان درويش ومحمد المصري 980، وهو عن أنوار التنزيل للبيضاوي.

الظاء والهاء وما يثلثهما

ج) أن المعتمد أن الإيمان يزيد وينقص [ينظر صحيح البخاري باب زيادة الإيمان ونقصانه رقم 34]. ولا معنى لزيادته ونقصانه إلا درجة اليقين أي درجة الاعتقاد للأمر المغيب بين علم اليقين وعن اليقين وحق اليقين). د) فمن رحمة اللَّه تعالى. وهو الأعلم بطبائع نفوسنا {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] أن يتقبل هذا المستوى من الإيمان. جاء في [كليات الكفوي 594] "وقد صرّحوا بأن الظن الغالب الذي لا يخطر معه احتمال النقيض يكفي في الإيمان "والحمد للَّه الذي لا تحصى نعمه. الظاء والهاء وما يثلثهما • (ظهر): {فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} [الصف: 14] "الظَهْر من الأرض: ما غلُظ وارتفع، ومن الإنسان والحيوان: خلاف بطنه. والظواهر: أعالي الأودية وأشراف الأرض. وظاهر الجبل: أعلاه. وظاهر كل شيء: أعلاه ". Qبروز من أثناء أو باطن إلى سَطْح -مع شدة وغلظ أو قوة (¬1) كالظهر من الأرض، ومن الحيوان والإنسان وكظواهر الأودية والجبل بالنسبة لما دونها. {إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا} [الأنعام: 146]. وظهر الإنسان ¬

_ (¬1) (صوتيًّا) تعبر الظاء عن غلظ وكثافة ونفاذ كذلك، والهاء عن نفاذ بقوة نحو الإفراغ والراء للاسترسال مع تماسك ما والتركيب يعبر عن الجانب الخارجي القوي من الشيء. المقابل للباطن الرخو الذي يشبه برخاوته المُفْرَغ.

يقابل الجانب المكتنف الذي فِيه بطنه أيضًا {الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} [الشرح: 3]، إنقاض الظهر كناية عن بلوغ المحمول عليه غاية الثقل. {رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} [الشورى: 33]، وكذا كل (ظَهْر) الإنسان، والأرض، والبحر، و (ظهور) الناس، والدواب، والأنعام. . حقيقة أو كناية حسب السياق. {وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} [هود: 92]. أي من ناحية الظهر، كناية عن الإعراض. وكذا ما في [البقرة: 101، آل عمران 187] وقالوا "ظَهَر الشيءَ وبه وأظهره: جعله خلف ظهره. وظهّر الثوبَ - ض: جعل له ظِهارة. . . ". ومن البروز بقوة من أثناء شيء عُبّر بالتركيب عن نحو الانكشاف "ظَهَر ظُهُورا: بَرَز بعد الخفاء، وأظهر الشيءَ: بيّنه وأبرزه، {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31]، من الظهور ضد الاستتار، وكذا كل الصفة (ظاهر)، وصفة الجمع (ظاهرة). والمراد بالزينة الظاهرة الخاتم والفتخة والكحل والخضاب [بحر 6/ 412] {نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان 20] الظاهر ما يدرك بالمشاهدة كالتى في البدن السمع والبصر إلخ، والمال والبنون والجاه إلخ [ينظر بحر 7/ 185] {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأنعام: 151]، {وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ} [الأنعام: 120] في [بحر 4/ 214، 252] الظاهر العموم في المعاصي كلها من الشرك ونكاح المحرمات والطواف عرايا، والخمر، والزنا. . {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الروم: 41] قطع الطريق وشيوع الظلم والجدب والغصب، وحدوث الفتن والرزايا. وقد نسب ذلك بعضهم إلى حقبه ما قبل الإسلام [ينظر بحر 7/ 171] {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الروم: 7].

"ظاهر الشيء ضد باطنه "أمر معايشهم ودنياهم متى يزرعون ومتى يحصدون، وكيف يغرسون وكيف يبنون. . [قر 11/ 7] (أي هو البارز المنكشف منه). ومنه الإظهار: الإطلاع {وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ} [التحريم: 3] ومن هذا كل (أظهر) و (يُظهر) فهي إطلاع أو إعلام عدا [الروم: 18، النور: 58]. فهما من الظُهْر. ومن البروز على السطح: "ظهر على الحائط والسطح: صار فوقه. وظهر الجبلَ والسطحَ: علاه ". {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} [الكهف: 97]، {وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} [الزخرف: 33]. ومن معنوي هذا "ظهرت على فلان: عَلَوْته وغلبته. {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ} [الكهف: 20]، {فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} [الصف: 14]، وكذا {إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ} {لِيُظْهِرَهُ} {وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ} [التوبة: 8، 33، 48] وكذا ما في [الكهف 20، غافر 26، 29، الفتح 28، الصف 9، 14]. ومن التقوية المادية التي تؤخذ من الأصل "ظاهر بين ثوبين: طابق بينهما "كأنه قوى أحدهما بالآخر "ومن معنويها: "ظاهره عليه: أعانه، وظاهره: عاونه وتظاهروا: تعاونوا ". {وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا} [التوبة: 4] وكل الفعل (ظَاهَر) ومضارعه - عدا [الأحزاب 4، والمجادلة 3، 4] والفعل (تظاهر)، ومضارعه، {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ} [التحريم: 4]. والظهير: المعين {وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4]، {وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88]. "والظهر -بالضم، والظهيرة "يجمع ارتفاع الشمس. (من البروز إلى أعلى) إلى شدة الضوء والحرارة (فيه العلو والظهور والشدة أو القوة) {وَحِينَ تَضَعُونَ

ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ} [النور: 58]، {وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم: 18]. {وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد 3] الظاهر بالأدلة ونظر العقول في صنعه سبحانه [بحر 7/ 216] {أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ} [الرعد 33] من غير أن يكون له حقيقة بباطل. (المقصود تسميتهم آلهتهم [بحر 5/ 385] {فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا} [الكهف 22] أي غير متعمق فيه، وهو أن تقصّ عليهم ما أوحى إليك فحسب من غير تجهيل ولا تعنيف [بحر 6/ 110]. {قُرًى ظَاهِرَةً} [سبأ 18] متصلة على الطريق مرتفعة معروفة. يغدون فيقيلون في قرية ويبيتون في أخرى. [بحر 7/ 261]. {بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد: 13] باطنه الشِقّ الذي لأهل الجنة، وظاهره ما يدانيه من قِبَلِه العذاب [بحر 8/ 221]. * ومن الأصل: استظهر القرآن: حفظه -كأنما صار ظاهرًا لقلبه واضحًا لا يغيب منه شيء وهذه قوة ظهور. * * *

باب العين

باب العين التراكيب العينية • (عيى): {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ} [الأحقاف: 33] "العَيَاء - كسحاب، والعَيَاياء من الإبل والرجال: الذي لا يَضْرِب ولا يُلْقِح. وقد عَيَّ في المنطق: حَصِرَ ". Qضعف ينال حقيقة الشيء رغم تماسكه أو عدم نَقْصه الظاهري - كذلك العياء وكالحَصِر (لا يحسن التعبير ولا ينطلق فيه لضعف المدد الفكري واللفظي). ومنه "أعيا به بعيرُه: كَلَّ. ويقال: مَشَيْت فأعيَيْت ". وعَيَّ بالأمر، وعَيِيَ - كفَرح، وتعايا واستعيا: عَجَز عنه، ولم يُطِق إحكامَه. {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ} [ق: 15]. ومثله ما في آية التركيب أما "عَيِيتُ فلانا: جهلتُه " (فهو فراغ كالعجز). • (وعي): {لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} [الحاقة: 12] "الوِعَاء - ككتاب وغُراب: ظَرْفُ الشيء. وقد وَعَي الشيءَ وأوْعَاه: حَفِظه. والوَعْي -بالفتح: القَيْح والمِدّة. وقد وَعَي الجُرح: سال قَيْحه. وبَرِئ على وَعْى أي على نَغَل. وَعَت المِدّة في الجُرْح: اجتمعت. ووَعَي العظمُ: انْجَبَر بعد

العين والباء وما يثلثهما

الكسر، وبَرِئ على عَثْم ". Qحَوْزُ الشيء في جوفه ما يتجمع فيه حتى يمتلئ به كالشيء في وعائه، والمخ في العظم، والمِدَّة في الجرح، وكجبر الكسر، والبُرْء على عثم. ومنه قولهم "لا وَعْي لك عن ذلك الأمر "أي لا تماسك لك دونه: فالحوز إمساك للشيء في الحوزة. فمن الوعاء: الظرف {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ. . .} [يوسف: 76]، {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَة} [الحاقة: 12]. حافظة لا كآذان الذين {لَهُمْ. . . . وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا} [الأعراف: 179]، {وَجَمَعَ فَأَوْعَى} [المعارج: 18]. أي جمع المال في أوعية تمتلئ به يكنزه تكاثرًا {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ} [الانشقاق: 23]. يُكِنُّون في صدورهم التي هي كالأوعية. العين والباء وما يثلثهما • (عبب - عبعب): "العُبَاب - كرُخام: كثرة الماء، والمطرُ الكثيرُ. عُباب السيل: مُعْظَمه وارتفاعُه وكثرتُه/ العُباب: معظم السيل. واليَعْبُوب: الجَدْوَل الكثير الماء الشديدُ الجِرْية ". Qتجمع المائع أو الرخو غزيرًا متراكمًا في حَيِّز أو جوف. كالماء الموصوف (¬1). ومنه عَبَّ الماء: شَرِبه دَغْرَقَةً (أي صبًّا في جوفه) من غير ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): العين تعبر عن التحام رقيق، والباء تعبر عن تجمع رخو وتلاصق ما، =

مَصَّ/ ولا تنفُّس. وتعبَّبَ النَّبِيذَ: ألحَّ في شربه. واليعبوب: السحاب. (في كل منها جمع مائع بغزارة في الجوف)، والفرسُ الطويل السريع/ الكثير الجَرْي/ الجوادُ السهلُ في عَدْوه/ البعيدُ القَدْر في الجري ". (من غزارة ما يبذل - كما يوصف الفرس بأنه بحر). والعَبِيبة: الرِمْثُ (نبات لا يطول، له هدب دُقاق طُوال، كلَّه كَلَأ تعيش فيه الإبلُ والغنم) إذا كان في وَطَاء من الأرض (تراكم رخو). والعُبَّي -بضم فشد مع قصر: المرأة التي لا يكاد يموت لها ولد " (يتراكم ¬

_ = والفصل منهما يعبر عن تراكم مادة رقيقة رخرة كالمائع وما إليه في الحيز أو الجوف كما في عباب الماء. وفي (عيب) تتوسط الياء بمعنى الاتصال ويعبر التركيب معها عن تجوف أو نحوه (مع اتصال) في مادة ما بحيث يُخْتَزَنُ أو يُوعَي (= مجمع) فيه كالعَيْبة والزَبِيل. وفي (عبأ) تعبر الهمزة عن دفع يضاف، فيعبر التركيب معها عن دفع للجِرْم لجمعه في ما ينضم عليه كالعِدْل وعَبْء المتاع. وفي (عبث) تعبر الثاء عن نفاذ بتفش لدقاق مع غلظ ما، ويعبر التركيب معها عن تجمع (خلط) ما ليس متناسبًا (وهذا غلظ) كما في العبيثة. وفي (عبد) تعبر الدال عن ضغط بامتداد وحبس، ويعبر التركيب معها عن حصر الشيء بقهر (حتَّى يسترخى ويتسيب)، كما في دق الطيب على العَبدَة. وفي (عبر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب معها عن انتقال وانتشار بلطف كانتشار شذا العبير وزيادة نمو الوَبر في الجمل المُعْبر. . . وفي (عبس) تعبر السين عن نفاذ بدقة وحدة، والتركيب معها يعبر عن جفاف ويبس (حدة) لما كان رخوا كالعَبَس: ما يَبِس على هُلْب الذنب من البول والبَعَر، وفي (عبق) تعبر القاف عن غلظ وتعقد في الجوف، ويعبر التركيب عن لصوق (تعقد) في الأثناء كلصوق عبق الطيب بالجسم والثوب أياماه، وفي (عبقر) تعبر الراء عن استرسال، والتركيب معهما يعبر عن وثارة عمق الشيء (من امتلاء عمقه بالرخو أو المانع وهذا الامتلاء استرسال لأنه تراكم) فيكون على أكمل ما يطلب فيه كما في العبقرة من النساء: التارة الجميلة، وكما في العبقري: الطنافس الثِخان.

(عبأ)

عندها الأولاد وهم ضعاف البنية كلما نقول الآن: كوم لحم). والعُبِّيَّة -بالضم والكسر مع تشديد الباء والياء: الِكبرْ والفَخْر (تنفُّجٌ فارغ من باب تجمع الرخو الذي لا صلابةَ أي لا حقيقةَ له). ومن ذلك "العَبْعَب: نَعْمة الشباب. شابٌّ عَبْعَب -بالفتح: ممتلئ الثاب، (نضارة الشباب والفتاء) وقالوا "عَبْعَبَ: إذا انهزم " (استرخى. كما قالوا "رَعَبَ الحوض: ملأه ماءَ ". ومنه أُخِذَ الرُعْب: الفَزَع والخوف). ومن معنى الجمع بغزارة ورَكْم قالوا "تَعَبْعَبْتُ الشيءَ. إذا أتيتَ عليه كلِّه. ورجل عَبعاب -بالفتح: واسع الحَلْقِ والجَوْفِ جليلُ الكلام " (من شأنه إذا شَرِب أن يَصُبّ الماء في حلقه بغزارة. وجلال الكلام نتيجة لسعة الحلق والجوف). • (عبأ): {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان: 77] "العِبْءُ -بالكسر: الحِمْل، والثِقْل من أي شيء كان، والعِدْل -بالكسر فيهن. عَبَأْ المتاعَ (منع): جَعَلَ بعضَه فوقَ بعض [الوسيط] وكذلك عَبَّأْه - ض. وعَبَأ الطِيبَ: خَلَطه وصَنَعه. واعتبأَ ما عنده: احتواه وأخذه، والشرابَ: احتساه " [الوسيط]. Qمَلءٌ أو جمعٌ في حيز بتقديرٍ وقوةٍ: خلطٍ أو تكديسٍ، ويلزمه ثقل الحيز لامتلائه. والتقدير واضح في خلط الطيب وفي العِدْل (لأن الأصل فيه أن يعادل مقابِلًا له) ومن هذا "عَبَأ الجيش وعبَّأهم: رتبهم في مواضعهم وهيَّأهم للحرب (وذلك لا يكون إلَّا بعد جمع وحشد للجنود)

(عيب)

واعتبأت المرأة: احتشت. ومنه العَباءة "لجمعها اللابس بثيابه واشتمالها عليه كله. ومنه "ما عَبأت به شيئًا إذا لم تُبالهِ لم تجد له ثِقْلًا [المقاييس] أو قَدْرًا -أي في قلبك {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} فإذا كان الدعاء هنا هو العبادةَ المترتبةَ على الإيمان بقرينة {فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} [الفرقان: 77] وهو بقية هذه الآية - إذا كان كذلك فالمعنى لا مقام ولا وزن لكم عند اللَّه إلَّا بإيمانكم. فاللَّه عَزَّ وَجَلَّ إنما ينظر إلى القلوب والأعمال، والكرامة عند اللَّه بالإيمان {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] وغيرُ المؤمنين لا وزن لهم عند اللَّه - كما ورد في [ل بلا] في عَجُز حديث "وَتبْقَى حُثالةٌ لا يُباليهم اللَّهُ بالةً " [وانظر قر 13/ 84]. • (عيب): {فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا} [الكهف: 79] "العَيْبةَ -بالفتح: وِعاء من أَدَم يكون فيها المتاع، وزَبيل من أَدَم يُنْقَل فيه الزرع المحصود إلى الجرين (في لغة همْدان)، وما يُجْعَل فيه الثياب. والِعيابُ - ككتاب: المِنْدَفُ ". Qفراغ في أثناء المشيء مع التحام ظاهره. كالعيبة متماسكة الظاهر فارغة الجَوْف، والنَدْفُ تخفيفُ كثافة أثناء القطن والصوف بخلخلة كثافته أي إمجاد فراغ في أثنائه فيصيرُ هشًّا منفوشًا. ومنه "عَابَ الشيءُ والحائطُ: صار ذا عيب "ولم يعينوا هذا العيب؛ وفي ضوء الأصل يمكن أن يفسَّر عيب الحائط بأنه تشقق أو اختلال لتآكل في أثنائه أو خَواء في أساسه. وتأمل قول اللَّه تعالى في السفينة: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} أي أراد أن يخرق قاعها أي أسفلها

(عبث)

وكذلك "عاب الماءُ: خرق الشَّطَ فخرج مجاوِزَهُ "فهذا تعبير حقيقي، وليس العَيْبُ هنا إحداث أية صفة أخرى غير مقبولة. وقولهم "العابُ والعَيْبة: الوَصْمة "تعميم. • (عبث): {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115] "العبيثة: الأَقِطُ يُدَق مع التمر فيؤكلُ ويشربُ، والأَقِطُ المخلوط بالسَمْن. (الأَقِط يُتخَذ من اللبن المَخِيض - يُطْبَخ ثم يُتْرَك حتَّى يَمْصُل (يخرج ماؤه منه رَشْحًا) فهو يشبه ما يسمى الآن بالجبن القريش، ويجف - حتَّى إنه لَيُدَق كما ترى. قال ابن الأثير هو لبن مُجَفَّف يابس مستحجِر يطبخ به ". و "العبيثة أيضًا: البُرّ والشعيرُ. . يخلطان معًا، والغنمُ المختلطة، وأخلاطُ الناس ليسوا من أب واحد: تَهَبَّشُوا من أماكن شتى، وعَبَثت المرأة أَقِطَها (ضرب): فَرَّغته على المُشَرِّ اليابس ليحمل يابسُه رَطْبَه ". Qخلط أجناس شتى بلا قصد تناسب. كالعبيثة الموصوفة من لبن يابس وتمر، وكالبُرّ والشعير المخلطين، والغنم المختلطة، وأخلاط الناس الموصوفين. ومن عدم التناسب في وقوع الخلط على أجناس شتى عبَّر التركيب عن العشوائية، وعدم القصد، واللعب وما إلى ذلك. ومنه "عَبِث (فرح) لعب بما لا يعنيه وليس من باله. وفي الحديث "أنَّه عَبِث في منامه: أي حَرَّك يديه كالدافع أو الآخذ " (حركة غير مقصودة) وفيه "من قتل عصفورًا عَبَثًا "أي لَعِبًا لغير قَصْد الأكل ولا على جهة الصيد للانتفاع [ل] {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا}. أي

(عبد)

مُهْمَلين كما خُلِقت البهائمُ لا ثوابَ لها ولا عقاب عليها لقوله تعالى: "أيحسب الإنسان أن يترك سُدَى "يريد كالبهائم مهملًا لغير فائدة [قر 12/ 156] {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} [الشعراء: 128]: تلعبون على معنى أبنية الحمام وبروجها " [قر 13/ 123] كأن المعنى: لغير قصد صحيح. • (عبد): {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] "أعْبَدُوا به: اجتمعوا عليه يضربونه. العَبَدة -محركة: صلاءة الطيب (الصلاءة: كل حجر عريض يُدَقُّ عليه عِطْر أو هَبِيد). وناقة ذات عَبَدة: أي ذات قوة شديدة وسِمَن. والعَبْد -بالفتح: نبت طيب الرائحة تَكْلَفُ به الإبل لأنه مَلْبنة مَسْمَنة، وهو حار المزاج إذا رَعَته الإبل عَطِشت فطبت الماء ". Qحَصرٌ شديد للشيء يجعله رقيقًا رخوًا ناعمًا غير صُلب ولا خشن. كالإعباد بشخص مع الضَرْب، فذلك يستهلك قوته ويُرْخيه، والعَبَدة تمكّن -بمقابلتها المِهْراس- من سحق الطِيب الصُلْب، وسِمَن الناقة رخاوة محصورة فيها، والنبت المذكور يُرَبَّى اللبن والسِمَن - ومادتُهما رِخوة. ومن هذه الرخاوة وإذهاب الخشونة "تعبيد الطَّرِيقِ: "تمهيده وتذليله ". ومن ذلك الحصر استُعمل في معنى الحبس (أي التأخير والتبطئ يقال: "ما عَبَدك عَنِّي أي ما حَبَسك، وما عَبَّد أن فَعَل - ض: (أي ما لبث). ومن هذا أيضًا قيل "العَبَدة -محركة: البقاء (احتباس). والعَبَد (محركة بلا تاء): الجَرب الذي لا ينفعه دواء " [ينظر تذكرة داود 3/ 72] فهو لازم لا يزول، كما أنَّه يُذِلّ البعير ويضعفه. و "التعبيد "علاجه كالتمريض.

ومن الحصر أيضًا "العَبْد -بالفتح: المملوك من الرقاب بمحنى مفعول لأنه مَحُوز محصور بالمِلْك، كما أنَّه منقوص العِزّ والشموخ {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [البقرة: 178] [البقرة: 178 وكذا منها في 221 منها، النحل: 75، النور: 32]. ومنه عبَّده، وأَعْبَدَه، وتَعَبَّده، واستعبده: اتَّخَذَه عبدًا {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشعراء: 22] استعبدتهم أي ولم تستعبدني، أو هو تهكم. ومن العبودية البشرية قيل "عَبُد - ككرم: مُلِكَ هو وآباؤه من قبل "فهذه صورة لزوم الصفة التي استُعمِلت لها الصيغة هنا. أما "عَبَد اللَّه عبادة: تألّه له "فهو من هذا الأصل أي جعل نفسه مملوكًا وعَبْدًا للَّه بهذا التأله. وبعبارة أخرى فالعبادة: الشعائر، والامتثال في التصرف فهي تعبير عن المملوكلية للَّه بالإذعان والامتثال لكل ما أمر ونهى في أمر دنيا أو دين {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]. ثم بما شرعه اللَّه تعالى ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- من شعائر محدَّدة لكيفية التعبير عن هذه المملوكية {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم} [البقرة: 21]، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] وبهذا المعنى كل الفعل (عَبَد) ومضارعه والأمر منه، وآية الزخرف 45، والمصدر (عبادة)، واسم الفاعل (عابد) - إلا [آية الزخرف: 81]، وجمع (عابدة). ولم يبق من كلمات التركيب القرآنية إلَّا (العبد) لا بمعنى ضد الحر، ولكن الإنسان المخلوق (المملوك للَّه) ومثناها وجمعها (عباد) و (عيد) وليس لأي منها تمييز إلَّا ما يقضي به السياق من اختصاص للتكريم في مثل {أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: 1] {نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} [البقرة: 23] {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ} [مريم: 2]. وفي بعض السياقات ما يقضي بعمومها مثل {رِزْقًا

لِلْعِبَادِ} [ق: 11] {إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ} [نوح: 27] {يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} [يس: 30] {إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} [غافر: 48] وربما غيرها (العباد) فيها بمعنى الناس. وبقي أيضًا آية الزخرف 81. فنقول أن من الحصر المذكور "عَبِد فلان (تعب): غَضِبَ غَضَبَ أَنْفة (كما يقال تَمَلَّكه الغضب، والغضب حدَّة تملأ النفس أي تحتبس فيها. وبه فُسر قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف: 81] أي الأَنِفين من هذا الادعاء أي النافرين المشمئزين منه (ويلزم ذلك نفيه) (ب) كما فُسَّر بأن "إن كان، تعني "ما كان "، (جـ) وبأنه أول العابدين للَّه تعالى على أنَّه تعالى لا ولد له: (د) وبأن "العابدين "تعني الموحدين [قر 16/ 119]. والأول جيد ومشكلته صياغته (عابد) فالصفة القياسيه من عَبِدَ التي بمعنى أَنِفَ هي عَبِدٌ -بفتح فكسر، وقد قرئ به، ووجه "عابد "الاستقبال (كحاذر)، ولعلها أنسب هنا. والثاني يتأتى على لازم النبوة وهو المعرفة باللَّه. والثالث يحتاج إضافة أو تقديرًا، والرابع يتأتى من الحصر - كما في المثال الذي ضربه اللَّه تعالى للموحد {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ} [الزمر: 29] فالتوحيد هنا أنَّه مملوك لسيد واحد. ونحوه التعبير بـ {أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ} [النساء: 125] والمراد بالوجه الذات [ينظر بحر 1/ 521] وفي طب أن ابن عبَّاس فسر {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} [البقرة: 21] بـ (وحّدوا ربكم) فهو وجه قوي. ولكنه لم يُذكر في المعاجم عَبَد بمعنى وحّد. وكثيرًا ما تفوت المعاجمَ صِيغٌ ومعان. فالوجهان الأول والرابع أقوى تفاسير الآية.

(عبر)

• (عبر): {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2] "عبرَ النهرَ والطريق (نصر وقعد): قطعه من هذا العِبْر إلى هذا العِبْر (العِبْر -بالكسر: الجانب أو الناحية). العُبْر -بالضم: السحائب التي تسير سيرًا شديدًا. (أقول كأنها مخففة من عُبُر جمعًا بضمتين). وعَبَرت عينُه واستعبرت: دَمَعت. واستعبَر: تحلَّب دمعُه. وعَبْرة الدمع: جَرْيه. العَبير: أخلاطٌ من طِيبٍ تُجْمع بالزعفران، وقيل هو الزعفران ". Qانتقال أو انتشار من حَيِّز إلى آخر (مقابله) بقوة ولطف. كالانتقال من جانب النهر أو الطَّرِيقِ إلى جانبه المقابل، وكانتقال السحائب، والدمع، كالريح الطيب. والقوة فيها هي النفاذ من جانب إلى جانب، وسرعة السحائب، والنفاذ رغم عدم المنفذ الواضح للدمع والريح الطيبة. واللطف الخفة في الانتقال فيهن. {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43]. ومن معنوى ذلك عَبَر الرؤيا: (فسرها فنقلها من عالم الرمز إلى عالم الواقع) {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43] وكذلك "عَبَر الكِتَاب: تدبَّره في نفسه، (استخرج واستخلص الفِكْر الذي فيه ونقله إلى قلبه). ومنه "الاعتبارُ بالأحداث والمواعظ: فِقْهُها والاستفادة بها في نظائرها {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2]- والعِبْرة -بالكسر: كالموعظة مما يتعظ به الإنسان ويعمل به ويعتبر ليستدل به على غيره [ل]: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ}

(عبس)

[النحل: 66] ومثله سائر كلمة (عبرة) في القرآن الكريم. ومنه: "عَبَر المتاع والدراهم: نظر: كَم وزنُها وما هي " (للانتقال من حالها غير المحدَّد إلى حقيقة وزنها أو حجمها أو قيمتها استخلاصًا من حالها). ثم استُعمل التركيب في الانتقال الزمني "العَبور: الجذعة من الغنم أو أصغر " (لعبوره السنة). "المُعْبَر - كمُكرَم: التيس الذي تُرِك عليه شعره سنوات فلم يُجَزّ، وجمل مُعْبَر: كثير الوَبَر، والعُبْر من الناس -بالضم: القُلْف واحدهم عَبُور: كاد يحتلم ولم يُخْتَنْ بعد. والمُعْبَرة: العفلاء ". (كل هذا من العبور الزمني أي ترك الشيء على حاله من مرحلة زمنية إلى أخرى). • (عبس): {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا} [الإنسان: 10] "العابس: الأسد الذي تهرب منه الأسود كالعَبوس والعبَّاس " Qجهامة في الوجه تملأ النفْس وحشة كوجه الأسد. ومنه: "عبَس فلان (ضَرَب) وعبوسًا: جمع جلد ما بين عينيه وجلد جبهته وتجهم " [الوسيط] (تقبُّض أديم الوجه وتجهُّمُه يوحي بالجفاء ويوحش مَن يُسْتَقْبل بهذا، والأصل انبساط الوجه). {عَبَسَ وَتَوَلَى} [عبس: 1] (القصة معروفة). ومن الجفاء: {يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا} [الإنسان: 10]: شديدًا حادّ الوقع عليهم. {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} [المدثر: 22]: قطب لما ضاقت عليه الحيل ولم يدر ما يقول [بجر 8/ 366]. ومن مادّي ما يثير في النفس النفور وهو جفاء: "العَبَس -بالتحريك: ما يَبِس على هُلْب أذناب الإبل وأفخاذها من البول والبَعَر. وعَبِس الوسخُ عليه وفيه: يَبِس ".

(عبق)

• (عبق): "عَبِق الرَدْع/ المسك بالجسم والثوب: لَزِق. عَبِقَت الرائحة في الشيء وعَبَقًا وعباقيه - كثمانية: بَقِيَت. عَبِقَ به: لزمه. ما في النِحْى عَبْقة أي شيء من سمن/ لَطخٌ ولا وَضَر ولا لَعوق من رُبٍّ ولا سمن ". Qلزوق الشيء بأثناء الشيء كزوق الطيب بالجسم والثوب، وبقية السمن والرب في النِحْى. واستعملت كلمة (أثناء) نظرًا لعَبْقة النِحْى، ولما يوحى به تفسير عَبَق الطيب باللزوم من معنى الدوام، ومن التصريح بما معناه الدوام (النسبي) "رجل عَبِق وامرأة عَبِقة إذا تطيب وتعلق به الطيب فلا يذهب عنه ريحه أياما ". ومن مادِّي الأصل "العَبَاقِية: شجرٌ له شوك يؤذىِ من عَلِقَ به "فهذا العلوق صورة من اللزوق. "به شَيْنٌ عباقية: له أثر باق أثر جراحة تبقى في حُرّ وجهه "فهذا البقاء لزوق ومنه "ما بقيت لهم عَبَقة أي بقية من أموالهم ". "العباقية اللص الخارب الذي لا يحجم عن شيء "سرقته الشيء إلحاق له بنفسه = إلزاق). ومن معنويه "عَبِق الشيء بقلبي. غلام مُعْبَنْقٍ: سيئ الخلق " (شبطة). • (عبقر): {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} [الرحمن: 76] "العَبْقَر والعَبْقَرة من النساء: المرأة التارّة الجميلة. العَبْقَرِيّ: الطنافس الثِخان واحدها عبقرية، والدِيباج (ضرب من الثياب سَداه ولُحمته حرير). Qوَثارةُ الشيء وطراءته على أحسن ما يطلب فيه أو أكمل أحواله كالمرأة الجميلة التارّة، وكتلك الطنافس والديباج {وَعَبْقَرِيٍّ

معنى الفصل المعجمي (عب)

حِسَانٍ} - ولما في الأصل من كون الشيء على أحسن ما يطلب فيه أو أكمل أحواله كالديباج الذي لحُمته وسَدَاده من حرير - وصفوا به الشيء دلالة على كماله في صفته فقالوا "العبقريّ: السيد من الرجال، والفاخر من الحيوان والجوهر وظُلْم عَبْقَرِيّ ومال عَبْقَرِيّ ورَجلُ عَبْقَرِي: كامل " (في صفته كأنه لا نظير له). وأما قولهم "العَبْقُرّ (بفتحتين فضم فتضعيف، أو بفتح فسكون الخ) (¬1) البَرَد -محركة. فأرْجَح ما قيل أن أصله حَبُّ قُر أي حَبُّ البَرَد أبدلت الحاء عينًا. وفي [ل، تاج] تفاصيل أخرى. ° معنى الفصل المعجمي (عب): هو اجتماع الرخو أو المائع (في الحيز) كما في العُباب: كثرة الماء في الحيز وعَبّ الماء في الطين -في (عبب)، وكما في فراغ اثناء العيبة الذي تجمع فيه الأشياء وتحاز -في (عيب)، وكما في جمع الأشياء بعضها على بعض في حيز أو ظرف ما -في (عبأ)، وكما في خلط الأشياء بعضها ببعض والخلط جمع -في (عبث)، وكما في حصر الشيء في أثناء (والحصر ضم وهو من الجمع) حتَّى يسترخي أو ينهك -في (عبد)، وكما في انتقال الشيء كله من حيز إلى حيز -في (عبر)، وكما في اللصوق بظاهر الشيء مع الجفاف -في (عبر) وهذا اللصوق اجتماع أيضًا لأنه انضمام، وكما في لصوق الطب بالأثناء وبقية السمن في النِحْى -في (عبق)، وكما في امتلاء عمق الشيء بما يصلحه مع الدوام -في (عبقر). ¬

_ (¬1) هي بفتح فسكون الخ ضبط قلم في [ل]، وعبارة [تاج] (حبقر) وفي [ل] (عبقر) بفتحتين الخ.

العين والتاء وما يثلثهما

العين والتاء وما يثلثهما • (عتت - عتعتت): "العُتْعُتُ -بالضم: الطويل التام من الرجال/ الشاب القوي الشديد. والعُتْعُت أيضًا: الجَدْى ". Qشدة بناءٍ أو بِنْيةٍ مع امتداد (¬1). كالطويل التام من الرجال (وهو لابد شديد ما دام تامًا) وكالشاب القوي الشديد (وما دام شابًّا فطوله متأَتٍّ، أي سيكون ولو كان قصيرًا لصُرّح به) والمَعِز معروفة بالجلادة والجَدْي الذكر منها أكثر جلادة وشدة. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر العين عن التحام في عرض ورقة والتاء عن ضغط دقيق يتأتى منه الحدة كما يتأتى الامتداد مع قوة. والفصل منهما يعبر عن شدة على غَضِّ تُدِقّه فيمتد مع تماسكله أو تُدِقه إقماءً وفي (عتو) تضيفه الواو معنى الاشتمال ويعبر التركيب عن اشتمال الشيء على تماسك دقيق مع امتداد إما بقاءً كالشيخ العاتي الذي صمد على مر السنين وإما تعديًا كما في العُتُوّ. وفي (عتب) تعبر الباء عن تجمع رخو مع تلاصق ما ويعبر التركيب عن غلظ تجمعي صلب يمتد أو يوصل كالعتبة. وفي (عتد) تعبر الدال عن ضغط ممتد وحبس ويعبر التركيب عن نوع من الاحتباس يتمثل في الحضور الدائم في المتناول كما هو المراد من العقيدة وكما في العَتود من أولاد المعز. وفي (عنق) تعبر القاف عن غلظ واشتداد في الجوف أو العمق ويعبر التركيب معها عن خلوص ما هو شديد العمق أي قويّة (في أثنا تغمره) من بينها كالعاتق الذى بين المنكب والعنق وهو عَصَب شديد جدًا ينتأ من بين ما حوله. وفي (عتل) تعبر اللام عن امتداد واستقلال والتركيب معها يعبر عن قلع ما هو غليظ متماسك (مستقل بنفسه) كالعتلة المدرة الكبيرة.

(عتو)

ومن معنى الشدة قيل "عَتّه باللام: وَبَّخَه وَوَقَمَه. العَتّ: غَطُّ الرجل يورم وغيره. العَتَت -محركة: شبيه بغلظ في كلام أو غيره ". • (عتو): {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} [مريم: 8] "عَتَا الشيخُ عِتيًّا: أسنّ وكَبِرَ ووَلَّى. وكل شيء انتهى فقد عَتا. (انتهى أي تَمَّ وبلغ غاية شدته). Qامتداد الشيء مادّة أو بقاءً في صلابة أو تماسك دقيق. وبقاء ذلك الشيخ حتَّى عتا امتدادٌ وتماسُكٌ وصَلابة كأن لم تُؤثر فيه السنون الطوال (لفظ ولّى هنا معناه مضى أكثر عمره وليس معناه فنِيَ من الهَرَم). قال تعالى: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} [مريم: 8]. ومن الامتداد مع الصلابة جاء معنى التمرد والعصيان - كما تمثل هذا في امتداد العصا مع صلابتها "عَتَا عُتُوًا بضمتين فتضعيف، وعتيا -بكسرتين فتضعيف: استكبَر وجاوز الحدّ. وتَعَتَّي فلان: لم يُطِع (تصلب واستعصى واشتد) {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ} [الطلاق: 8]: عَصَتْ وتمردت وكذا كل (عتا)، (عُتُوّ) {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ} [الحاقة: 6]: عتت على عاد فما قدروا أن يستتروا منها [بحر 8/ 316] الحديث الذي رواه الثوري في [قر 18/ 259] • (عتب): {وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ} [فصلت: 24] "العَتَبَةَ: أُسْكُفَّةُ الباب التي تُوطَأُ، والعَتَبُ: الدَرَجُ، وعَتَبُ الجبال والحُزون:

(عتد)

مَراقيها. وعَتَبَة الوادي: جانبُه الأقصى الذي يلي الجبل، وما بين الجبلين "-كلهن بالتحريك. Qاعتراض مُرْتفِعٍ بغلظ، أو غَلْظٌ يَعْترض في المرتفع. كما في تلك الأعتاب، وكالجانب الأقصى للوادي، وجوانب ما بين الجبلين. ومنه "جَبَرَ العظمُ وبه عَتَب -محركة: أي ورم لازم " (غِلَظٌ معترض). ومنه "عَتَبَ الفحل (ضرب ونصر قاصر وعَتَبانًا -بالتحريك- وتَعْتابا): ظَلَع، أو عُقِل أو عُقِر فمشى على ثلاث كأنه يقفز، والإنسانُ: إذا مشى برجل ورفع الأخرى (الظَلَع والعَقْل والعَقْر غَلْظ يعترض استرسال السير). وسيفٌ غيرُ ذي عَتَب أي غير ذي التواء عند الضريبة ولا نُبُوّ " (مستقيم الضربة - لأن التواءه اعتراض يحرفه عن القصد). ومنه "عَتَب عليه (ضرب ونصر - قاصر عَتْبًا) وعِتَابًا ومَعتَبة ومَعْتَبًا: لامه على إساءة كانت منه (كما يقال أغلظ له القول) والمعاتبة كلامُ المُدِلِّين أَخِلَّاءَهم طالبين حُسْن مراجعهم، ومذاكرةُ بعضِهم بعضًا ما كرِهوه مما كَسَبهم الموجِدة. وأَعْتَبَ فلان: رجع عما يُغْضِبُ العاتب (أي قَبِل العتاب فرجع عما يكره العاتب). والعُتْبَي كالحُسْنَى: الرضا -من ذلك، كما قال -صلى اللَّه عليه وسلم- لك العُتْبَى حتَّى ترضى "أي أَبْذُل لك كلَّ ما يُذْهِب غَضَبك ويرضيك. واسْتَعْتَبه: طَلَبَ العُتْبَى والرِضا، وأيضًا بمعنى أَعْتَبه {وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ} أي إن يَسْتَقِيلُوا ربَّهم لم يُقِلْهُم. وليس في القرآن من التركيب إلَّا هذا المعنى. • (عتد): {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18].

(عتق)

"العتيدة: طبل العرائس (= وعاءٌ من خَشَب) أُعْتِدتْ لما تحتاج إليه العروس من طِيبٍ وأداةٍ وبَخُور ومُشْط وغيرها/ كالصندوق الصغير الذي تترك فيه المرأة مما يعِزّ عليها من متاعها. والعَتَاد - كسحاب: العُسّ (: القدح الضخم) من أَثْل ". Qتوفر الشيء في المتناوَل أي كونُه حاضرًا كافيًا مُهَيّأ - كمتاع العروس في صندوقها، والعُسُّ الضخم يوفر الماء في المتناول. ومنه "فَرَس عَتَد - كحسن وفرح: شديدُ الخَلْق سريعُ الوَثْبة مُعَدٌّ للجري ليس فيه اضطراب ولا رخاوة/ حاضرٌ مُعَدٌّ للركوب. . "ومنه "عَتُد الشيء (ككرم): حَضَر. وأعتَدْتُ الشيءَ: هيأته وأعددته وهو من إحضاره. {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} [يوسف: 31]: هَيَّأْت وأَعَدَّتْ {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا} [الكهف: 29] وكذا كل [أعتدنا] فهي بهذا المعنى. و "عتُد الشيء (كرم) فهو عتيد: حاضر. {وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} [ق: 23] أي العمل المسجَّل في الكتاب (موجود وثابت) أو هذا الآدمي الذي وَكَّلْتَني بإحضاره قد أحضرته [قر 17/ 16] {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}: حاضر لا يغيب. أو مُهَيّأ مُعَدٌّ للحِفْظ أو الشهادة [قر 17/ 11] والعَتَاد - كسحاب: الشيء الذي تُعِدّه لأمر ما وتهيئه له ". ومن ذلك الأصل "العَتُود: الجَدْي الذي اسْتَكْرَشَ/ الذي بلغ السفاد/ الذي أجذع/ ما رَعَى وقَوِى وأَتَى عليه حول " (حاضر يصلح للذبح - كما قالوا في نظيره من الإبل جزور، أو يصلح للسفاد). • (عتق): {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] "العاتق: ما بين المَنْكِب (: مجتمع رأس الكتف والعَضُد) والعُنُق (ويلاحظ

أنه يمتد متميزًا أو كالمتميز لنتوئه، ويرتبط بالجزء الخلفي من العنق). والعاتقُ: الناهضُ من فِراخ القطا إذا كان قد استَقَلّ وطار، والجارية التي قد أدركت وبَلَغَتْ، فخُدِّرت في بيت أهلها. وكل شيء بلغ إناه فهو عاتق ". Qنهود الشيء خالصًا من بين ما يغمُره قويًّا بالغًا كمالَ حاله - كعاتق الكتف ينهد خالصًا من بين ما يكتنفه - مع شدته، وكالفَرْخ والجارية التي نهدت عن طور الصغيرات وصلحت أن تتزوج. ومن الخلوص المادي قولهم "عَتَقَتْ الفرس: سَبَقت الخيل فَنَجَت ". ومن ذلك الخلوص مع نهود وارتفاع يؤخذ "عَتَق العبد (كضرب قاصر) عَتْقًا -بالكسر والفتح، وكسحاب وسحابة (: خرج من غمرة الرق ونجا راشدًا) وأعتقه سيده. وأعتقه اللَّه من النار. وعَتَقَ المالُ: صلَح " (فبقي واستمر قويًّا). وبلوغ الشيء إناه خلوصٌ لأنه عبورُهَ مرْحلة، ولهذا وصفوا الخمر بأنها عتيقة وعاتق لأنهم يختزنونها زمنًا، وقالوا "عَتَق السَمْن (كضرب - قاصرا، وكرم): قَدُم فهو عاتق وعتيق ". ومن ملحظ عبور الزمن الذي هو القِدَم قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29 وكذا ما في 33] فهو أول بيتُ وُضِعَ للناس "وفي الحديث: عليكم بالأمر العتيق: الأول ". وفي مستوى من الخلوص قالوا: "عَتُق الشيء (كرم) فهو عتيق: أي كرُم "إذ الكَرم صَفَاءٌ أي خُلوصٌ من الغليظ الذي يخالط.

(عتل)

• (عتل): {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القلم: 13] "العتلة -بالتحريك: المَدَرَة الكبيرة (: كتلة كبيرة من الطين الجاف) تنقلع من الأرض إذا أثيرت، وحديدة كأنها رأسُ فأس عريضة في أسفلها خشبة يُحْفر بها الأرض. . . والعتُلّ -كعُردّ: الرُمْح الغليظ. . . عَتَلَه (نصر وضرب): جَرّه جرًّا عنيفًا وجَذَبه فَحَمله ". Qقَلْعُ الغليظ الثقل أو نقلُه. كالمَدَرة المَوْصُوفة، والرمح الغليظ حاملُه يجلف المطعونَ به مهما عَظُم. والعَتَلة أداةُ قَلْع وتحريك لمثل هذا الغليظ. ومنه "عَتَله (نصر وضرب): جَرّه جَرًّا عنيفًا، وجذبه فحمله " (أي بقوة عظيمة لغلظ الشيء نفسه أو لقسوة التناول إهانة وتعذيبًا) كما في قوله تعالى: {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ} [الدخان: 47] وقوله تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ} في وصف الكافر المذكور. "العُتُلّ: الشديد الخَلْقِ الرحيبُ الجوف المصحَّح الأكول الشروب الواجد للطعام الظلوم للناس. اهـ من حديث في [قر 12/ 233] فهو غليظ البدن ضخم كالجدار مع غلظ الخُلُق الموصوف. . ° معنى الفصل المعجمي (عت): هو الامتداد مع شدة ما كما يتمثل في العُتْعُت الطويل التام من الرجال -في (عتت)، وكما يتمثل في الشيخ العاتي (الذي يمتد به زمنه مع تماسك بَدَنه شدة) -في (عتو)، وفي غلظ العَتَب مع امتداده أو توصيله لما بعده -في (عتب)، وفي الحضور الدائم للأشياء -في (عتد) (الوجود إيجابية من جنس الشدة، والدوام امتداد زمني)، وفي امتداد العاتق مع شدته -في (عتق)، وفي امتداد العَتَلة والرمح الغليظ وشدتهما -في (عتل).

العين والثاء وما يثلثهما

العين والثاء وما يثلثهما • (عثث - عثعث): "عَثَّثْ العُثّة الصوفَ والثوبَ: أَكَلتْه (فانتفش نسيجه وتخرق). وعَثَّتْه الحيةُ: نَفَخَتْه ولم تَنْهَشْه فسَقَطَ لذلك شَعَرُه. وعَثْعَثَ متَاعَهُ: بَذّره وفرّقه. والعَثْعَث -بالفتح: التراب، والكثيب السهل ". Qانتشار الدقاق متسببة (¬1) (بعد أن كانت منتظمة ممتسكة) مع غلَظٍ ما - فساد أو نحوه: كصوف ما أكلته العُثّة وشَعَر مَن عَثَّته الحية، وكالتراب والرمل والمتاع المفرّق. • (عثو - عثى): {كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [البقرة: 60] "العُثوة -بالضم: حُفوفُ شَعَر الرأس. . . وبُعْدُ عهده بالمُشْط. ورجل أَعْثَى: كثيرُ الشعر، وكثيفُه. وعجوز عَثْواء: كثيرة الشعر، شابَ عُثَى الأرض - كضحى: هاج نبتها "، (= يبس واصفرّ). ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): العين تعبر عن التحام ورقة، والثاء تعبر عن انتشار بغلظٍ ما، والفصل منهما يعبر عن انتشار الدقاق المتصلة أي الملتحمة مع غلظ ما كخيوط الثوب الذي عثته العُثّة. وفي (عثوعثى) تضيف الواو معنى الاشتمال والياء معنى الاتصال ويعبر التركيبان عن تشعث المحتوى الذي شأنه أن يكون منتظمًا مرتبًا كالشعر الموصوف. وفي (عثر) تعبر الراء عن استرسال ويعبر التركيب معها عن إثارة قوية (مسترسلة) لما كان راسخًا أو مندفنًا بصدْمه بالقدم كقلب المدَر والطين بأطراف الأصابع (أو بالحذاء) - عفويًا حين المشي على الأرض غير الممهدة.

(عثر)

Qتشعث وجَفاف أو هَيْج كالموت لما شأنه أن يكون غضًّا مستوى النِبْتَة مستقيمها. كالشعر والنبت الموصوفين. ومن جفاف النبت وهو موت، والتشعثِ وهو قبحٌ أخذ معنى الفساد. فجفاف الأخضر موت وتشعثه مع ذلك كالرَفْت والتفتيت. فقيل "عثا (كقعد وسعي ورضي) في الأرض (والمصدر على فُعول عُثُوًّا وعُثِيًّا وبكسرتين وعَثَيانا -بالتحريك: أفسد. . . أشد الفساد {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}. ولم يأت في القرآن من التركيب إلا هذه العبارة خمس مرات: وهذا يؤكد التلازم بين العثوّ والفساد. • (عثر): {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} [الكهف: 21] "العِثْيَر - كحِذْيَم وبتاء أيضًا: العَجَاج الساطعُ/ الغُبارُ. والعَثْير -بالفتح كالعِثْير. وقيل هو كل ما قَلَبْتَ من تراب أو مَدَرٍ أو طين بأطراف أصابع رجليك إذا مَشَيت ". Qإثارة الراسخ بالأرض من تراب ونحوه صَدْما بالقدم بلا قصد. كالعَجَاج الثائر من الأرض بنحو ذلك، ومنه "عَثَر الرجل والفرس (ضرب ونصر): كبا وزلّ في المشي " (فالعاثر يصطدم -دون قصد- بناتئ في طريقه فيثيره: يقلعه أو يكاد كما هو واضح في قوله "ما قَلَبْتَ من تراب "إلخ في ما سبق). ومنه "العاثور: المكان الوَعْث الخَشِن، وخَدٌّ يُحَدُّ في الأرض فيتعثر به الإنسان إذا مر ليلًا وهو لا يشعر به فربما أَعْنَتَه (ومثله يُعْمَل حِبالةً لصيد الأَسَد أو للصيد عامة) والعَثَرِيّ -كعَرَبي- من النخل: ما يشرب بعروقه " (من ماء باطن الأرض فيمَصُّه، ومَصُّ النخل الماء الراسخ في الأرض رَفْع للماء كالإثارة،

معنى الفصل المعجمي (عث)

أو علة التسمية أنه يشرب مما عثر عليه أي وُجِد مصادفة في متناول عروقه). ومن إثارة الراسخ المندفن أُخِذ قولهم "عثر على الأمر (نصر وقعد قاصر): اطّلع " (الأصل أن يكون دون قصد، ثم يتأتى أن يُتجاوز عن هذا القيد كما يحدث كثيرًا {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ} [الكهف: 21]. {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا} [المائدة: 107]. ° معنى الفصل المعجمي (عث): هو تشعث ما كان ممتسكا وانتشاره كما يتمثل ذلك في صوف الثوب الذي عَثَّتْه العُثّة -في (عثث)، وفي الشعر المشعث مع جفاف، والنبت الذي هاج -في (عثو). وفي الغبار الساطع الجاف أيضًا -في (عثر). العين والجيم وما يثلثهما • (عجج - عجعج): "نهر عَجَّاج - كشداد: كثيرُ الماء. والعَجَاج - كسحاب: الغُبَار. وعَجَّجَ البيت دخانا - ض: ملأه ". Qتجمع الشيء بحجم أو هيئة عظيمة لكنه غير صلب ولا مصمت (¬1) كالماء في النهر والغبار في الجو والدخان في البيت. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): العين تعبر عن جرم ملتحم رقيق، والجيم تعبر عن جرم متجمع غير صلب، والفصل منهما يعبر عن تجمع عظيم لكن هَشّ كالماء والغبار والدخان. وفي (عوج عيج) تضيف الواو والياء الاشتمال والاتصال ويعبر التركيب منهما عن تماسك يتمثل في عدم الانكسار برغم الانحناء كتاب الفيل والاعوجاج نفسه درجة من الرخاوة [ينظر الخصائص 1/ 11]. وفي (عجب) تعبر الباء عن تجمع رخو مع تلاصق ويعبر =

(عوج - عيج)

• (عوج - عيج): {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الزمر: 28] "العاجُ: أنياب الفِيلة. ناقة عَوجاء: عجِفت فاعوجّ ظهرها. العوجاء: الضامرة من الإبل ". Qانحناء الجرم اللطيف الممتد: كتاب الفيل، والناقة العوجاء. ومن الانحناء جاء "عُجْت رأص البعير بالزمام والخطام (قال): عَطَفْته، وعاج عُنُقَه: عَطَفَه. والعِوَج - كعِنَب: الانعطاف كما يَعْوَجّ الرمح والحائط والشجرة. والعِوَج في الأرض: أن لا تستوي ". {فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} [طه: 106 - 107]، {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا} [الكهف: 1]، (اختلافا أو تناقضا). قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا ¬

_ = التركيب معها عن تماسك الشيء شديدًا مغمورًا برخو فلا يمتيز حاله كعَجْب الذنب بين ما حوله. وفي (عجز) تعبر الزاي عن اكتناز وازدحام، والتركيب معها يعبر عن اكتناز وازدحام مع رخاوة كالعجُز فهو تجمع ضخم لكن رخو. وفي (عجف) تعبر الفاء عن إبعاد بنحو الطرد، ويعبر التركيب معها عن ذهاب جزئى للطراءة والرخاوة من ذاك المتجمع غير الشديد أي عن الضمور ونحوه كما في العَجَف. وتعبر اللام في (عجل) عن امتداد واستقلال، ويعبر التركيب معها عن السبق في تحصيل الشئ قبل وقته فالسبق امتداد زائد، والحصول وجود وهو قيام واستقلال - كما في عجاجيل الأقط. وفي (عجم) تعبر الميم عن تضام والتئام ظاهر، ويعبر التركيب معها عما يتضام عليه الشيء في باطنه أو يُمْسَك هو متضاما متميزًا كالعَجَم النوى والعُجْمة عقدة الرمل.

(عجب)

فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82]، كما قال {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} [الزمر: 28] {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ} [طه: 108]: لا عوج لهم عن دعائه لا يقدرون أن لا يتبعوه ". وسائر ما جاء من التركيب في القرآن هو {تَبْغُونَهَا عِوَجًا} للخطاب أو الغيبة: يطلبون لسبيل اللَّه اعوجاجا بإيهام الناس ذلك [ينظر بحر 3/ 16]. "ما عُجْتُ من كلامه بشيء ما باليت ولا انتفعتُ " (أي ما عاد علىّ منه شيء. فالعَوْد من الانثناء والرجوع). وكذلك: "ما عاج بالدواء: ما انتفع به ". وقولهم: "ما عاج بقوله عَيْجا: لم يكترث به ولم يصدقه "هو أيضًا من العَوْد والانتفاع، أو من العِوَج مباشرة، كقولهم: لم يُعَرّجْ علَى كذا. • (عجب): {فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ} [الفتح: 29] "العَجْب -بالفتح- من كل دابة: ما انضم عليه الوَرِكان من أصل الذَنَب. وعَجْب الإنسان: العظم الذي في أسفل الصلب عند العَجُز، وهو العَجْب من الدواب ". Qغرابة حال الشيء لكونه دقيقًا شديدا مغمورًا برخو يحيط به على غير المعتاد - كعجْب الذنب (¬1) الموصوف، وهذا هو أصل العَجَب بالتحريك، ففي المفردات للراغب أن العَجَب ما لا يُعْرَفُ سببه، وأن العجيب يقال لما لم يُعْهَد مثلهُ. فعدم تميز معالم العَجْب يحقق المقولة الأولى، وكونه شديدًا ¬

_ (¬1) جاء في كليات الكفوي 658 هو مثل حبة خردل يكون في أصل الصلب عند رأس العُصْعُص يشبه في المحلّ الذنب من ذوات الأربع. . . وهو لا يبلى.

شدة خاصة ومغمورًا برخو يحيطه يخالف المعهود المتوقع وهو أن يكون باطن الشيء رخوًا كظاهره، وعدم بِلاه غريب أيضًا = فهذا يحقق مقولته الثانية {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ. . .} [يونس: 2]، {أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ} [هود: 72]. غريب غير معهود {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 5]. بالغ الغرابة لخروجه عما يألفونه، وهو ككُبَار وجُمَال أقوى في معناه من كبير وجميل. {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [الصافات: 12]. بتاء الخطاب يعني تعجب النبي من كفرهم رغم وضوح الحق، وكذلك بضمير المتكلم على إضمار. قُل، أو هو من اللَّه على سبيل المجازاة والإنكار لتعجبهم كما قال تعالى: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15]، {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ} [الأنفال: 30]. وكل ما جاء من التركيب في القرآن الكريم على الفعل الثلاثي (عَجِبَ) ماضيه ومضارعه، والصفة (عجيب)، والمبالغة (عُجاب) - فهو بمعنى الاستغراب والإنكار. وجاء الرباعي أَعْجبَ ومضارعه للاستحسان {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [البقرة: 221]، {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ} [التوبة: 55] ومأخذ معنى الإعجاب أو علاقته بالمعنى المحوري الذي ذكرناه هو اعتقاد المُعْجَب بالشيء أن الشيء طريف مخالف للمعهود في بابه. ومن هذا يؤخذ "العُجْب -بالضم. بمعنى الزهو والكبر " (كأنما ليس هناك مثله). أما قول [ق] "العَجْباء: التي يتعجب من حسنها ومن قبحها: ضد "فلا تضاد هناك إذ كل منهما عجيب في بابه.

(عجز)

• (عجز): {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} [فاطر: 44] "العَجُز - كندس: ما بعد الظَهْر للرجل والمرأة. والعَجِيزة للمرأة خاصة ". Qرخاوة المجتمع في أسفل الشيء وطراءته (لذهاب الشدة والقوة من أثنائه) كالعجُز وجمعه أعجاز، وأعجاز النخل أصولها [متن] أي كجذع الشجرة. {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: 7] وكذا ما فى [القمر: 20]. ومنه "العَجْز: الضعف أو عدم القوة والقدرة "أخذًا من الرخاوة والطراءة. {أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ} [المائدة: 31]. و "أعجزه: الشيءُ: فاته وعجز عنه ": {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا} [الجن: 12] وكذا كل (يُعْجِز) واسم الفاعل (معجز) وهما في القرآن واقعتان دائما في سياق النفي، لأنهما إزاء سلطان اللَّه عز وجل {وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ} [التوبة: 2]. ومعجزات الأنبياء من هذا، فهي تُعْجِز من يعارضهم. ومنه "عاجَزَه: سابَقَه " {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} [الحج: 51] في [الكشاف 3/ 160] "لأن كل واحد منهما في طلب إعجاز الآخر عن اللحاق به؛ فإذا سبقه قيل أعجزه. فالمعنى: مسابقين في زعمهم وتقديرهم طامعين في كيدهم للإسلام (من تسميتهم آيات اللَّه سِحرًا وشعرًا وأساطير) = أن يتم لهم "وأقول إن أصل المعاجزة محاولة كُلٍّ إعجاز الآخر في أي مجال: الكيد، والطاقة، والقتال إلخ لا السبْق وحده. وفي [ل] "يعاجزون الأنبياء وأولياء اللَّه أي يقاتلونهم ويمانعونهم ليصيّروهم إلى العجز عن أمر اللَّه، وليس يُعجِز اللَّهَ شيء. . . اهـ "والعَجُوز في القرآن: الشيخة، وهي ضعيفة الجسم

(عجف)

هَشَّته {إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} [الشعراء: 171] وفي كل (عجوز). • (عجف): {أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ} [يوسف: 46] "العَجَفُ -محركة: الهُزال وذهاب السِمَن/ غِلَظ العظام وعَرَاؤها من اللحم. والعَجْفاء من البقر والغنم: المهزولة التي لا لحم عليها ولا شحم. ونَصْل أعجف: رقيق. والعُجَاف - كغُراب: التمر. ووجهٌ أعجفُ: كالظمآن. ولثة عجفاء: ظمأى ". Qذهاب الطراءة والامتلاء وانقطاعها من الجرم مع تماسكه وشدته. كالمهزول وعظامه بلا شحم ولا لحم، وكالنصل الرقيق غير السميك الجرم، وكالتمر الجاف {إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ} [يوسف: 43 وكذا ما في 46]. ومنه "التعجيف: سوء الغذاءِ، والأكلُ دُونَ الشِبَع. وعَجَف نفسه عن الطعام (ضرب): حبسها عنه وهوله مُشْتَهٍ ليؤْثِرَ به ولا يكون إلا على الجوع والشهوة (تماسك على جفاف وشدة امتناع عن الامتلاء والطراءة). وأعجف القومُ: حَبَسوا أموالهم من شدة وتضييق. وعجف نفسه على المريض: صَبَرها على تمريضه وأقامَ على ذلك (تماسك على شدة) وعَجَف نفْسَه عنه: احتمل غَيّه/ أَذَاه ولم يؤاخذه. وعَجَف نفسه (ضرب): حَلّمها " (تماسك على شدة كذلك). • (عجل): {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 84]

"العُجَّال - كتُفَّاح: جُمَّاع الكف من الحَيْس والتمر يُسْتَعْجَل أَكْلُه (الحيس: تمر يُخْلَط بسَمْن وأَقِط فيُعْجَنُ شديدًا ثم يُنْدَر منه نواه، وربما جُعِل فيه سويق. [ق]) العجاجيل: هنات من الأقط يجعلونها طوالا بغلظ الكف وطولها. قال ثعلب: العُجّال والعِجَّوْل: ما استُعجِلَ به قبل الغداء كاللُهْنة. والعُجَالة - كرخامة والعَجَل -بالتحريك: ما استُعْجِلَ به من طعام فقُدِّم قبل إدراك الغِذَاء. والعِجْل -بالكسر: ولَد البقرة ". Qسَبْق بتحصيل الشيء قبل وقته - كالمقصود بتلك العجاجيل ومثلها "الإِعْجَالة: ما يُعَجِّله الراعي من اللبن قَبْل الحلب ". والعِجْل ولد البقرة سمي بذلك لولادته قبل بلوغ الوقت الذي أَلِفُوا أن تلد النوق بعده وهو اثنا عشر إلى خمسة عشر شهرًا [ينظر ل جرر] والبقر تلد لتسعة أشهر {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا} [طه: 88]. ولذا قالوا المُعْجِل من الإبل (كمحسن ومدرِّس ومِنحار): التي تُنْتَج قبل أن تستكمل الحول فيعيش ولدها ". وكل (عِجْل) فالمراد به ولد البقرة. ومن هذا قالوا "عَجِلْتُ الشيء (شرب) سَبَقْته. {أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ} [الأعراف: 150]. أَسَبَقْتُموه. {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 84]. وبهذا المعنى كل مضارع هذا الفعل الثلاثي ومصدره (عَجَل) والصفة منه (عَجول)، وكذلك المضعّف (عجّلَ) ومضارعه وأمره، و (أعجل)، و (تعجَّل)؛ (استعجل) ومضارعه ومصدره - كله من العَجَلة: السرعة ضد البطء. ومن ذلك العاجل ضد الآجل {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} [الإسراء: 18] (تأمل جواب الشرط وقيوده) لكن المراد

(عجم)

بالعاجلة في القرآن الدنيا - مقابل الآخرة. كما سميت دنيا من الدنو والقرب. وبالرغم من قبول ابن جني صحة ورود (العَجَل) و (العَجَلة) -بالتحريك بمعنى الطين فإن في النفس شيئًا منه إلا أن يُنْظَر إلى أنه مرحلة متقدمة في صنع الخزف والفخار. أما تفسير {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء: 37] بالطين فبعيد جدًّا قال الفراء: خُلِق الإنسان من عَجَل، وعلى عَجَل كأنك قلت رُكِّبَ على العَجَلة بِنْيَتُه العَجَلة وخِلْقَته العَجَلة. . . . وقال الزجاج: خوطب العرب بما تعقل. والعرب تقول للذي يُكْثِر الشيءَ خُلِقْتَ منه كما تقول خُلِقْتَ من لَعِبٍ إذا بولغ في وصفه باللعِب وخُلِقَ من الكَيْس إذا بولغ في صفته بالكيس. . ونحو هذا قال ابن جني. [ينظر ل عجل، وقر 11/ 289]. فهم ردّوه إلى معنى التسرع. • (عجم): {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} [فصلت: 44] "العَجَم -بالتحريك: النَوَى نَوَى التمرِ والنَبِق والرُمَّان. وعُجْمة الرمل -بالضم والكسر: ما تَعَقَّدَ منه. والعَجَمات -بالتحريك. صُخور تنبت في الأَوْدية. وعَجْم الذنب -بالفتح والضم: عَجْبه ". Qامتساك الشيء في ذاته -أو بين غيره- متداخلًا منضغطًا شديدًا. كذلك النَوَى في ثمره وعُقْدة الرمل بين تجمعه، والصخور الناتئة في الأودية. ومنه "عَجَم القِدْح (نصر): عَضّه بالضِرْس عَضًّا شديدًا -إذا كان معروفًا بالفوز- ليؤثِّر فيه أثرًا يعرفه به (العض ضغط شديد بالأسنان)، ورازه بأضراسه ليَخْبُر صلابته. وعَجَمَ الشيءَ: لاكه للأكل أو للخبرة " (من الضغط

معنى الفصل المعجمي (عج)

الشديد). ومنه "عَجُم فلان (ككرم): لم يُفْصِح في كلامه، وكذلك عَجُمَ الكلامُ (تداخل وتماسك) وأْعجمَ الكلامَ: أَبْهمه. والأعجم. الأخرس، ومن لا يُفْصِح ولا يُبين كلامَه، ومن ليس بعربي. وموج أعْجَم: ليس له رَشَاش ولا صوت. والعَجْماء البهيمة. والعُجْم -بالضم والتحريك: خلاف العُرْب والأعجمي والعَجَمي من كان جنسه العجم (كل ذلك لتعقد كلامهم فلا يتميز ما يقولون كأنهم يُخْرِجُون كُتَلًا صَوْتية غير مفصلة) {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ} [النحل: 103]، {وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ} [الشعراء: 198] أما "عَجَم الكتاب (نصر)، وعجّمه - ض، وأعْجَمه: أزال عجمته بالنقط "فهو من الأصل لأن النقط والشكل يمسك الكلمة ويُثَبّتُها على هيئة واحدة، إذ هي دون النَقْط تصلح لقراءات كثيرة، فتكون متسيبة الحال غير ثابتة وغير منضبطة على نطق معين. فليست أي من هذه الصيغ -بهذا المعنى- للسلب، إذ معنى عجّمه وأعْجمه: نقطه فَثَبت وامتسك على قراءة معينة دون غيرها كما قلنا. ° معنى الفصل المعجمي (عج): التجمع مع نوع من الهشاشة أو الضعف - كما يتمثل في العجاج الدخان والغبار -في (عجج)، وفي عوج الناب والناقة وما جرمان لهما تجسم والعوج نوع من الضعف -في (عوج)، وكما في وجود العجْب بين كتلة رخوة -في (عجب)، وكالعجُز بتجمعها الرخو أو اللين -في (عجز)، وكما في تجمع اللحم الذاهب من بَدَن العجفاء والأعجف (ذهابه تعبر عنه الفاء) -في (عجف)، وكما في تجمع كتلة العُجّال والعِجْل الغض في (عجل) وتجمع الرمل وتجمع لحم التمر حول عَجَمه في (عجم).

العين والدال وما يثلثهما

العين والدال وما يثلثهما • (عدد): {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34] "الماء العِدّ -بالكسر: الدائم الذي له مادة لا انقطاع لها مثلُ ماءِ العَين، والعِدّ أيضًا والعديد: الكثرة. عِدّة كُتُب أو رجال أو نساء: جماعة منها ". Qتوالي جنس الشيء متصلًا (منضبطًا) فيكثر (¬1) كما في الماء العدّ. والعديد بمعنى الكثير معنى لزومي. ومنه عَدّ الشيء يَعُدّه (رد): ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر العين عن التحام ورقة، والدال عن ضغط بامتداد وحبس، والفصل منهما يعبر عن توالي جنس الشيء بلا انقطاع فهو امتداد منضبط (والانضباط احتباس على حالة بعينها) كالماء العِدّ والعديد. وفي (عدو) يُزاد تعبير الواو عن الاشتمال، ويعبر التركيب عن اشتمال على مسافات (امتدادات) تُتَخطى أي تُسْتَوْعَب كما في العَدْو، وفي (عود) يكون الامتداد طوليًا بلا تَخَطٍّ كما في العُود، والعَوْد -بالفتح: تكرار فهو من الاستمرار وهو صورة من الامتداد. وفي (وعد) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال، ويعبر التركيب معها عن احتواء ما يوجد بعدَ امتداد أي في المستقبل كما في الأرض الواعدة. وفي (عدس) تعبر السين عن نفاذٍ بدقة وقوة، والتركيب معها يعبر عن نفاذ بدقة وقوة في جوف غلاف كما في العَدَس (في جُبَّته) وهو دقيق صلب. وفي (عدل) تعبر اللام عن استقلال، ويعبر التركيب معها عن امتداد إلى الجانب الآخر بعِدْل (استقلال) يوازن ما يقابله، وفي (عدن) تعبر النون عن الامتداد بلطف في جوف، ويعبر التركيب معها عن وجود الشيء في جوف شئ ثابتًا أي دائمًا كالجواهر فيه جوف الأرض في المعدن (= المَنْجَم).

أحصاه (أي بيَنَ وضبط كثرة أفراده واتصال طُولهِا، إذ العدّ يتم بِسَردها واحدًا واحدًا - وكانوا يقولون عَدَدْت الدراهم أفرادًا ووِحَادًا [ل] {لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا} [مريم: 94]. {فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا} [مريم: 84] يعني أن الأنفاس تُحْصَى إحصاءً ولها عدد معلوم [العين] {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34] وفي الإحصاء حَصْرُ الشيء عَدًّا ببلوغ آخر ما هو منه. في حين أن العدّ سَرْدُ بعض الأشياء تِلْوَ بعضها (الموجود منها) ولا يستلزم بلوغ آخر جنسها. والعِدّة -بالكسر، والعَدَد -بالتحريك: ما يُعَدّ {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} [الطلاق: 1]. وتأتي العِدّة ملموحًا فيها المماثل في العَدَد كسِبْقِك: الذي يسابقك {لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ} [التوبة: 37]، {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] "وأنا على عِدّان ذلك -بكسر فتضعيف: أي حينه وإبَّانه -أي الزمان الممتد المتتابع لذلك. من الأصل. وتوالي الشيء حضور له في الحيّز ومن هنا جاءت: "أَعَدّ الشيءَ واعتدّه واستعدَّه: أحضره. والعُدّة -بالضم؛ ما أعددته: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} [التوبة: 46] ثم "أعَدَّه لكذا: هَيّأه له "كأنما أحْضره. وكل ما في القرآن من الفعل (أَعَدّ) للفاعل وللمفعول، وكلمة (عُدّة) -بالضم فهو من الإعداد الإحضار والتهيئة وجعل الشيء متاحًا. وما عدا ذلك من مفردات التركيب القرآنية فهو من معنى العَدّ بيان كمّ الشيء {الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ} [الهمزة: 2] جعله ذا كثرة وعَدَد. أو عَدّده: جعله عُدَّة للدهر [ل، قر 20/ 183].

(عدو)

• (عدو): {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ} [آل عمران: 103] "العِدْوة -مثلثة وكرضا: شاطئ الوادي وجانبه. وعَدَاء الخندق والوادي - كسحاب: بَطْنُه. والعُدَواء - كنُفَساء: المكانُ الذي بعضُه مرتفع وبعضه متطأطئ ". Qمُتَخَطَّى بطْنٍ أو فَجوة في ظاهر: كُعْدوة الوادي والخندق ترتفع مشرفة على فجوة عميقة. ونُظِر في التسميات إلى الاضطرار إلى تخطي تلك الفجوة: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى} [الأنفال: 42]. ومنه: "عَدَا الفَرَسُ: جَرَى وأحْضر. والعادية: الخيل المغيرة (تَطْفِر في جريها كأنما تتخطّى، أو هو من طفر المسافات): {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} [العاديات: 1] ". و "عدا فلانًا عن الأمر: صرفه وشغله [الوسيط] (أي أبعده فجعله يتخطاه) وعدا الأمرَ، وعنه: جاوزه وتركه ". {وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [الكهف: 28] أي لا تتخَطَّهم عيناك تهاونًا بشأنهم. ومن التخطي المجازي: مواقعة المحظور وارتكابه. قالوا منه: "عَدَا عَدْوَا، فهو عادٍ، وتعدى واعتدى فهو معتَدٍ، والاسم العُدوان: {إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} [الأعراف: 163] {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا} [يونس: 90، وكذا ما في الأنعام: 108] {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} [البقرة: 173]. {فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 7، المعارج: 31]: المتجاوزون ما أحل اللَّه. وأمَّا {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشعراء: 166] فهي في قوم لوط بشأن فاحشتهم المعروفة.

(عود عيد)

{وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: 229] {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]، {إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ} [المطففين: 12] {تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [البقرة: 85] وكل هذه الصيغ في آياتها تعني تخطي الحق إلى ما ليس حقًّا. و"العَدَاوة: المباعدة والخصومة، والعدو ضد الصِّديق "أصله من هذا كأن كلًّا في جانب كعُدوة الوادي، أو هي من العُدْوان {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} [الممتحنة: 7]، {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 98]. {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة: 14]. وكل (عَداوة) و (عدُو) وجمعه (أعداء) فهي بمعنى ضد المودة. وواضح أن "عدا الشيء وتعدّاه: جاوزه "وكذلك "عدّاه: خلاه وتركه "ما من حِسِّيّ المعنى الأصليّ. و "العَدْوَى "انتقال المرض: الاسم من "أعدى الشيءَ أجازه "، لأنَّه نقل المرض إليه. و"أعدى فلانًا على فلان نصره وقواه " (مكّنه من أن يَعْدُو عليه) ويُرجَّح أن تكون العين هنا مبدلة من الهمزة الثَّانية. • (عود عيد): {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف: 29] "العُودُ -بالضم: خَشَبة كل شجرة دق أو غلُظ، وقيل هو ما جرى فيه الماء من الشجر. يقال هو من عُود صدق كقولهم من شجرة صالحة. ومَيْتُ البوادي يُحْمَل على الأعواد التي تُضَمُّ عودًا إلى عود. والعِيد -بالكسر: شجر جَبَلى يَنْبُت عِيدانًا نحو الذراع لا ورق له. . والعَيْدَان -بالفتح: الطُوَال من النخل. عاد إليه يعود: رجع ".

Qاستمرار الشيء امتداد أو تكررًا وتجددًا. كأعواد الشجر إمَّا لطولها، وإمَّا لأنها التي يتجدد بها وجود الشجرة بأن يُؤخذ العود المقطوع من شجرة فيُغرس في الأرض، فينبُت شجرةً أخرى مستقلة. والعَوْد: الرجوع تجدد وتكرر لوجود الشيء في المكان أو لوجود الحال. ومن الامتداد: "العَوْد -بالفتح: الجمَل المُسِنّ وفيه بقية: مضت له ثلاث سنين أو أربعٌ بعدَ بُزُوله (يبزل نابُه في السنة التاسعة)، وكذلك الشاة المُسِن (امتداد زمني مع تماسك). وعاد الجمل وعوّد البعيرُ والشاةُ والرجلُ - ض: أسَنّ، وكذلك الطَّريق القديم العادي، (وكل ذلك من الامتداد الزمني في الأوَّل والمادّي في الأخير) ولا يفسر بالرجوع إلَّا بتكلف. ومنه "هو يمت برحم عَوْدة: قديمة بعيدة النسب ". ومن المعنوى "العَوَاد - كسحاب: البِرّ واللُطْف. والعائدة: المعروف والصلة " (الوصل إمداد كما يقال أمده بمدد). ومنه كذلك "المتعيِّد - كمتفضل: الظلوم المتجني " (تطاول). هذا، والعَوْد بمعنى رجوع الذّات نفسها إلى المكان ولو بحال مختلفة جاء في آيات قليلة. مثل {أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى} [الإسراء: 69] ومثلها ما في [طه: 55، الحج: 22، السجدة: 20، نوح: 18] وسائر ذلك العود إلى حال كانت [ينظر بحر 7/ 132]. {سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى} [طه: 21]، {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} [المائدة: 95] أو الإنشاء الجديد {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104] و "العَود: الرجوع مطلقًا من ذلك (للتثنية) ومعاد الرجل: بلدُه "، لأنَّه يتصرف ثم يعود إليه {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ}

[القصص: 85] بشارة برده إلى مكّة قاهرًا لاعدائه [قر 13/ 321] ونكّره للتعظيم: معادٍ أيِّ معاد [بحر 7/ 132]. وسائر ما في القرآن من التركيب عدا ما سنعرض له الآن هو من العود إلى حال: معصية أو ملة أو عقوبة أو العود إلى الحياة، والإعادة إلى الأرض أو البحر أو الحياة أو الملة أو النَّار. والسياقات واضحة. ويأتي من الأصل عاد بمعنى صار لأنَّ العَوْد إلى المكان تحوّل تؤخذ منه الصيرورة "عاد رَهْبًا: كالًّا. {وعادَ بعدَ أعظُمِ أعوادًا}: أي مثلها " {حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس: 39] صار {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49] الحق هو القرآن والوحي، فبطل ما سواه من الأديان. فلم يبق لغير الإسلام ثبات في بدء ولا في عاقبة، وقيل الباطل الشيطان أو الأصنام أو ضد الحق وقد هلكت بمجيء الحق. والهالك لا يبقى له إبداء ولا إعادة. قولهم لا يبدئ ولا يعيد مثَلٌ في الهلاك [بحر 7/ 270]. {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: 3] فسّر العود هنا بتكرار لفظ الظهار، وبالعود لوطء امرأته أو إمساكها [ينظر قر 17/ 280، بحر 8/ 232] وكأن المعنى على التفسير الأخير يرجعون عما قالوا أي عما عَنَوه بقولهم. "والعِيد: ما اعتاد -كذا- من حزن وشوق ". ولعل حقيقته ما يَعُود، على أساس أن العَوْد والرجوع تكرار واستمرار. وفي العيد واحد الأعياد في نحو {تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا} [المائدة: 114] علل في [قر 6/ 368] للتسمية بتعليلات كثيرة لأخذها من العَود -بالفتح أو من العيد اسم فحل!! وللخليل كلام صَدْرُه: "العيد كل يوم يَجْمع النَّاس. . "فهذا هو التعليل الصَّحيح من حيث إن عَوْدَهم إلى التجمع تكرار وهو صورة من الاستمرار {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا

(وعد)

الْأُولَى} [النجم: 50] عاد قبيلة وهم قوم هود، وعاد الأخرى إرم [بحر 8/ 166 وفيه أقوال أخرى]. • (وعد): {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} [الفتح: 20] "أرض واعدة: إذا رُجِى خَيْرُها من المطَر والأَعْشاب، وقد وَعَدَتْ: رُجِى خَيْرُها. ويوم واعدٌ: أولُه يَعِدُ بحرٍّ أو بَرْد. وسَحَابٌ واعدٌ كأنه يَعِد بالمطر. وفرس واعد: يَعِدُك جَريًا بعد جَرْي ". Qالاحتواء على ما يوجد مستقبلًا زائدًا عن الحال. كالأرض والجو المذكورين. ومنه "وعده بالأمر قال له إنَّه يُجْريه له أو ينيله إياه " [المنجد] والأصل في (وعد)، (أوعد) أنَّهما للخير والشر. والذي جاء في القرآن من (أوعد) هو في الشرّ. {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} {النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الحج: 72] {وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ} [الأعراف: 86] و (المَوْعِد) مصدر، واسم زمان ومكان. والعِدَة: الوعد، والموعدة مصدر واسم للعدة. والميعاد: مكان العِدَة وزمانها [متن] {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ} [هود: 81] لكن في {بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا} [الكهف: 48] المراد موعدُ البعث والحشر والحساب [ينظر بحر 6/ 128] والمقصود: إنكار هذا كله، لا إنكار الموعد وحده {إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} [التوبة: 114]، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 9]. ولتوضيح أمر (أوعد) نقول أن الاستعمال غلّب الإيعاد -إذا اقترن بالباء أولم يُذْكَر المُوعَد به- في الشر. وللصيغة -الإفعال- مدخل في ذلك، فإنها -قاصرة- تعني الإصحاب: إصحاب ما هو زائد أو أكثر

(عدس)

أو أشد من الحال. والباء تعبر عن إلصاق وإنزال غير معتاد به. {تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأعراف: 86]. لكن في [بحر 1/ 353] أن "أوعد "في الشر والإيعاد والوعيد في الشر اهـ كذا. والوعيد في القرآن جاء كذلك {وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [طه: 113]. {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [البقرة: 51] في [بحر 1/ 356 عن هذه وعن الأعراف: 142، طه: 80] أن واعدنا يحتمل أن تكون بمعنى "وَعدْنا "من واحد، وأن تكون من اثنين على أصل المفاعلة، ويكون قسطُ موسى في هذا الوعدَ بالمجيء للميقات أو القبول أو معاهدته اللَّه اهـ معناه. وأرى أن كونها بمعنى "وعدنا "أنسب. أما {وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ} [الأنفال: 42] فهي من اثنين على بابها. وفي (تَوَعَّدَه) تَكَلّفٌ وتَعَمُّلٌ في النفس لو كان بالخير لكان بالذم أشبه؛ لأنَّه في بالكزازة والشح، والمُحوِج للجُهد في البَذْل هو بالشّر أنسب وأليق؛ لتأهب النفس له، وجَهْدها في تدبيره. • (عدس): {مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا} [البقرة: 61] "العَدَس من الحبوب -محركة: (معروف). والعَدَسة -مُحَركة: بَثْرة تُشبِه العَدَسة/ قاتلة تخرج في مواضعَ من الجسد من جنس الطاعون، قلما يَسْلَم منها (المصاب بها) ". Qاحتواء الأثناء على دقاق صُلبة: كحبوب العدس دقيقة وصلبة في غُلُفِها، وكالبثر في البدن وهو دقيق، ولكن له أثر في البدن قاتل. ومنه: "العَدْس -بالفتح: شدة الوطء على الأرض " (ضغط ينفذ فيها). والعَدْس أيضًا: الكَدْح " (وهو الخَدْشُ من سِن أو حجر)، ففيه أيضًا ضغط ونفاذ دقيق

(عدل)

صُلب في جسم الشيء. ومن الأصل يقال "عَدَسَ (جلس) عُدُوسًا: ذَهَب في الأرض (ابتعد نافذًا بحدّة وقوة)، ورجل عَدُوس الليل: قوي على السُرَى (نفاذ في الظلام بقوة من جنس الصلابة) قال: {ولم أزل. . أخا الليل مَعْدُوسًا إليّ وعادسًا}. وقال: لقد ولدَتْ غَسَّان ثالثة الشَوَى ... عَدُوسُ السُرَى لا يقبل الكَرْمَ جيدُها ويزجرون البغل بقولهم "عَدَس ". وكأن معناه انفُذ وهي بقوة وشدة. وقد سُمِّيَ البغلُ نفسُه عَدَسًا قيل باسم زَجره -أي لأنَّ السير هو كل ما يُرجَى منه لا النسل مثلًا. • (عدل): {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58] "العِدْل -بالكسر: نِصْف الحِمْل يكون على أَحَدِ جَنْبَيْ البعير. . معدول بحِمْل آخر. عَدَلتُ الجُوالق على البعير بجوالق آخر. وكل ما تناسبَ فقد اعتدل ". Qموازنة ثِقْل في جانب بثِقْل في جانب آخر حتى يتّزِنا. ومنه أخذ معنى الاستواء أو التسوية وكذلك الموازنة وما بمعناها "عَدَلْت فلانًا بفلان (ضرب): سَوَّيت بينهما. وهو يعادِلُه: يُساويه (يثاقله). وعَدَلَ الشيءَ وعادَلهُ: وازنه. وعَادَلت بين الشيئين ". ومنه كذلك "العِدْل -بالكسر والفتح والعَديل: النظير والمثل، {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: 95]: أي ما يَعْدِ لُه ويوازنه. {وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} [البقرة: 48، وكذا ما في 123] ولا يقبل من نَفْسِ في ما لَزِمَها فدية [طب: 1/ 574] كان الفِدْية تُثَاقل وتُوَازن المفتدَى في القيمة.

{وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا} [الأنعام: 70]: تَفْدِ بكل فِداء. وعَدَل الكافرُ بربه عَدْلًا وعُدُولًا: سَوَّى به غيرَه فعَبَده فأشرَكَ {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 1 وكذا ما في 150 منها، النمل: 60]. ومن الأصل كذلك "المعادَلةُ: الشَّكُّ في أمرين عَرَضَا فلا تدري إلى أيها تَصِير: عادَلْت بينهما وأنا في عِدَالٍ بينهما " (موازنة وترجح بينهما). ومن ملحظ تحقيق التساوي والتوازن بين العِدْلين حتَّى يصيرا على مستوى واحد جاء معنى العَدَالة في الحكم مثلًا، أي تحقيق التوازن بين المتخاصمين {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58]، {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} [الأنعام: 152] (وسائر ما في القرآن من التركيب -عدا ما سبق وعدا آية الانفطار الآتية- فهو من العدل الذي هو ضد الظلم). وجاء أيضًا معنى الإقامة أي تحقيق الاستقامة وعدمِ مَيْل أيّ جزء أكثرَ من غيره: يقال "عَدَلَ السهمَ في الثِقَافِ: قَوَّمَه. وعَدَلتُ الشيء المائل: أقمته فاعتدل أي استقام وكذا تعديل الشيء تقويمه. وعَدَلْت الشيءَ (ضرب) فاعتدل سَوَّيْتُه فاستوى. {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} [الانفطار: 7]-بالتضعيف: جعلك معتدلًا سَوِىّ الخَلق كما يقال هذا معدّل. يدل عليه {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4] [قر 19/ 246] وفرَسٌ معتدل الغُرّة: تَوَسَّطَت غرتُه جبهتَه فلم تُصِب واحدة من العينين ولم تَمِلْ علَي واحد من الخدين ". ومن ملحظ تغلق الشيء في جانب ما وليس في الوسط، جاء معنى الميل أو حَرْف الشيء إلى جانب ما (بمعونة حرف الجرّ): "عَدْلتُ فلانًا عن طريقه، والدابةَ إلى موضع كذا (كأنَّك جعلتهما عِدْلًا لشيء في الجانب الآخر) وانْعَدَل

(عدن)

عنه وعَادل: اعْوجّ. وعَدَلَ الفحلَ عن الضراب: نَحَّاه فانْعَدَل: تنحى ". ولا تضاد على الحقيقة. وقد قرئت الآية السابقة (فَعَدلك) بالتخفيف أي أمالك وصرفك إلى أي صورة شاء: قبيحًا أو حسنًا، طويلًا أو قصيرًا " [قر 19/ 246] بتصرف محدود. • (عدن): {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [البينة: 8] "المعادن: مَنابتُ الجوهر من ذَهَب وغيره/ المواضعُ التي يُسْتَخْرج منها جواهر الأرض نحو مَعدِن الذَّهب والفضة، (والحديد) والمَعدِن -بالفتح- وكسر الثالث: المكان الذي يَثْبُت فيه النَّاس ". والعَدِينة: الزيادة التي تزاد في الغَرْب مثل الرُقْعة التي تُزاد فيه إذا قُطِع أسفلُه. عَدَن بالمكان: أقام. وعَدَنَت الإبل بمكان كذا: أقامَتْ في المرعى. العَدْن -بالفتح: أن تلزم الإبل المكان فتألفه ولا تبرحه ". Qلزوم الشيء جوفًا أو حيزًا بثبات ودوام كالجواهر في المعدن وكعَدِينة الدلو (تلزمه ضرورة لأنَّها في قاعه) وكالمقيم في المكان من دابة وإنسان. {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ} إقامةٍ وخُلدٍ لا إلى حين كمتع الدُّنيا. وليس في القرآن من التركيب إلَّا (عَدْن) بهذا المعنى. ومنه "العَدَان كسحاب: موضع العُدون، وكل ساحل للبحر أو النهر (سواحل البحار والأنهار تمسك عليها ماءها في أجوافها). والعَدَان كذلك سَبعُ سنين (ظرف أي حيز زماني). مكثوا في الغلاء عدانين أي أربع عشرة سنة ". وسبعُ سنين زمن إقامة واستقرار نسبيّ. ومن ذلك قولهم "عَدَنَ الأرض (ضرب)، وعَدنها - ض:

معنى الفصل المعجمي (عد)

زَبّلها "لأن تزبيل الأرض يُجَوّد باطنها بأن يخصبه للنبات فيَحْسُن نُمُوّه فيها أي تَثْبُت جُذُور النبات في باطنها حية حتَّى يبلغ يَنْعَه. وأمَّا قولهم: "كان ذلك على عِدّان ملك فلان أي عَهْدِه أي زمانِ وِلايته "فقال الأزهري إن الأقرب أنَّه من العَدّ (أي من عدد) لأنَّه جعله بمعنى الوقت "اهـ. ويجوز أن يكون من هنا لأن الزمان حيز أي ظرف لحال الولاية. ومن حسِّيّ الأصل "المعدَن كمِنْبَر: الصاقور (= الفأس) العظيمة التي لها رأس واحد دقيق تكسر به الحجارة، وهو المعول أيضًا "فكأن عن التسمية أنَّها التي تخترق الصخر فتصل إلى جوفه. ° معنى الفصل المعجمي (عد): هو الامتداد بالتوالي ونحوه كما يتمثل في الماء العِدّ الذي له مادة لا انقطاع لها كعين الماء في البئر أو التي تسيل من جبل بلا انقطاع -في تركيب (عدد)، وفي الامتداد طفرًا وتخطيًا -في (عدو)، وفي الامتداد عَبْرَ الزمن تكرارًا -في (عود)، وفي الامتداد عبر الزمن إلى المستقبل -في (وعد)، وفي الحدة التي تتبطن فلا تُفَارق كالعَدَس في قشرته وهي متينة جدًا وكالعَدَسة التي لا تفارق حتى تقتل -في (عدس)، وفي الامتداد استقامةً أو توازنًا واستواء -في (عدل)، وفي الامتداد الزمني بقاء في جوف أو حيز كالذهب في معدنه -في (عدن). العين والذال وما يثلثهما • (عوذ): {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} [الفلق: 1 - 2] "العُوَّذ من اللحم - كسكر: ما عاذ (من اللحم) بالعَظْم ولَزِمه، ومن الكَلَأ: ما لم يرتفع إلى الأغصان ومَنَعه الشجرُ من أن يُرْعَى/ ما نبت في أصلِ هَدَف أو

شَجَرة أو حجرِ يستره ". Qالتصاق الشيء الغَضّ بصُلْب يمنَع أو يعوقُ تناوله (¬1) كما يلصق اللحم بالعظم فيصعب تناوله، وكذا الكلأُ بوصفه وموقعه المذكورين. ومنه العائذ: كل أنثى إذا وضعتْ مدة سبعة أيام " (لالتصاقها وولدها أو لأنَّها تحتَمِي أو تُحْمَى لظروف الولادة) ومنه "عَوَذ النَّاس -بالتحريك: رُذَالهم (التابعون واللُصَقاء)، وطَيْرٌ عِياذ - كرِحال وسكر: عائذة بجبل أو غيره يمنعها ". ومن الأصل أُخِذ "العياذ: اللِياذُ بشيء والاحتماءُ به (وهو من ضَعْف ولابد، أخذا من الغضاضة في المعنى المحوري)، عاذ به يعوذ عَوْذًا وعِياذًا - ككتاب ومعاذًا: لاذَ به (احتماء) {إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ} [غافر: 27]. . . {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1] أحتمى به وأعتصم محتميًا {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [غافر: 56]. "ومعاذ اللَّه أي عياذًا باللَّه " {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر العين عن التحام ورقة (مع حدة ما)، والذال عن نفاذ بضيق وازدحام مع تحبس ما وهذا غلظ، والواو عن اشتمال، والتركيب منهن يعبر عن اشتمال على الرقة مع اللصوق بغليظ كما في التصاق العُوّذ (اللحم) بالعظم. وفي (عذب) تعبر الباء عن تجمع مع رخاوة ولصوق، والتركيب يعبر عن نفاذ الكثيف أو الغليظ المنبثِّ في الشيء إلى ظاهره فيجتمع كالطبقة عليه - كعِرْمِض الماء أو كالطَرَف منه كعَذَبة الشجرة غُصنها بعد نفاذه منها. وفي (عذر) تعبر الراء عن استرسال والتركيب يعبر عن استرسال نفاذ ذاك الغليظ ممتدًا مكونًا حائلًا كالعِذَار من الأرض شِبْه جَبَلٍ مستطيل يعترض.

(عذب)

وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ} [يوسف: 79] يستعيذ به عزَّ وجل أن يقع في خطيئة عقوبة إنسان بلا جُرْم ارتكبه. كما قال من قبل {مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23] استعاذة باللَّه أن يقع في الخطيئة بعد أن نجاه اللَّه من الجب وأحسن مثواه [ينظر بحر 5/ 249]. وكل ما في القرآن من التركيب هو بمعنى العياذ باللَّه احتماء به سبحانه، إلَّا ما في [الجن: 16] {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} كان الرجل إذا اضطر للمبيت بواد في الصحراء يستعيذ بالجني عزيز الوادي من سفهاء الجن. • (عذب): {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ} [فاطر: 12] "العَذبة -بالفتح وبالتحريك وكفرِحة: الطُحْلَب (طبقة خضراء) يعلو الماء (الراكد في الحوض أو نحوه) يقال: اضْرب عَذَبة الحَوْض حتى يظهر الماء أي اضرب عَرْمَضه " (كجعفر وزبرج وهو الطُحْلَب). Qنفاذ كثافةِ الشيء أو حِدَّتِه المُنْبَثَّة فيه إلى ظاهره أو طرفه (ويلزم ذلك أن يخلو من تلك الكثافة أو الحدة). كنفاذ (مكونات) الطحلب من أثناء الماء إلى ظاهره مكونةً طبقةً أعلاه لاصقة به. والطُحلب كثيف الذات والوَقْع على حِسّ من يريد شرب الماء. ومن ذلك: "العَذَبة -بالتحريك: غصن الشجرة "وهو غليظ (كثيف) نافذ منها بقوة الحيوية في أصلها وجِذعها. "والعذَبة - كذلك: الخيط الذي يُرفع به الميزان " (أي الخيوط التي تُرفَع بها كِفّتا الميزان فترفع الموزون إلى أعلى (تنفذه إلى أعلى، أو تنفذ هي منه إلى أعلى) والموزون كثيف أي ثقيل فتتبين كثافتُه أي ثِقَلُه

بالصَنْج الذي يقابله). ومن ذلك "العَذِب - ككتف: ما أحاط بالدَبْرة " (بالفتح: الجدول بين المزارع - فالعَذِبُ كالجَدْر لها، وهو يرد الكثيف من مَدَر وتراب وغثاء عن الماء البُخاريّ في الدبْرة ويبعده عنه، فكأنه يخرجه وينفذ. ومن التشبيه بغصن الشجرة في النفاذ من الأثناء (بسبب الكثافة (= الغلظ = قوة النمو في الشجرة) إلى الأعلى وهو هنا الطرَف: "العَذَبة -بالتحريك: طَرَف السوط، والسيف، واللسان ". ثم يشبَّه بطرف السَوْط ونحوه "العذبة: الجلدة التي تُعَلَّق خلف الرَحْل من أعلاه ". ومن نفاذ الكثيف المنبث في أثناء الشيء (أي المخالط له) منه - استُعمل في منع دخول الكثيف إلى الأثناء (أو في خلو الأثناء منه - كما سبق في العَذِب جَدْر الدبْرة) فقيل "عَذَبَ الرجلُ والحمارُ (جلس): لم يَأكلْ ولم يشرب، وأعْذبه عن الطَّعام: مَنَعه وكَفَّه "وكثافة الطَّعام والشراب أنَّه سبب القوة والغلظ. ثم قيل "عَذَبه عن الأمر (ضرب) وأعذبه وعذّبه - ض: مَنَعَه وفَطَمه عن الأمر " (لم يدعه يخالطه). "واستَغذَبَ عن الشيء وأَعْذَبَ وعَذَبَ عُذُوبًا: كف وأضرب ". ومن الأصل أيضًا (عذُب الماء - ككرم فهو عَذْب: طاب (ذهب أو نفذ منه كثيفهُ: عَكَره وملوحته) {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ} [الفرقان: 53 وكذلك ما في فاطر: 12]. ثم عُمِّمَ العَذب في كل مستساغ من الشراب والطعام. وما عدا (العَذْب) في الآيتين فكل ما في القرآن من التركيب هو من العذاب الآتي الآن. أما "العذاب: النكال والعقوبة "فمعناه المادّي -أخذًا من معنى التركيب- أنَّه إهلاك وإفناء للقوة والغِلَظ والحَيَويَّة المنبثة في البدن أي تجريد منها بإيقاع

(عذر)

الآلام المؤدية إلى ذلك كالضرب المبرح بصُوَره والجَلْد والكيّ بالنار وقَطْع الأعضاء إلخ. وأيضًا بالإجاعة والإعطاش ونحوهما - بل هذا أقرب إلى الأصل المادي، كذلك يصدق بإيقاع الإهانة والإذلال لذوي الكبر والاعتزاز. وقانا اللَّه ذلك كله. اللَّهم آمين. فهو يتفاوت في الأنواع والشدة والأثر {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ}، {ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ} [البقرة: 7، 10، 90، 126] {عَذَابَ الْهُونِ} [الأنعام: 93] {عَذَابٌ يُخْزِيهِ} [هود: 39]. ومن استعماله في الجَلْد عقوبة الزنا {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2]، {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25]. وكذلك. {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور: 8]. . . • (عذر): {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} [القيامة: 15] "العِذَار- ككتاب - من الأرض: غلظ يعترضُ في فَضاءٍ واسع، وكذلك هو من الرَمْل أي حَبْلٌ مستطيل منه. وعِذَارا الحائط والوادي: جانباه. واتَّخَذَ في كَرْمه عِذارًا من الشجر أي سِكَّة مصطفة. والعذاران: جانبا الِلحية، والعَذْراء بالفتح: الرَمْلة التي لم توطأ لارتفاعها، والدُرَّة التي لم تثقب ". Qاعتراض ما يحول دون المعتاد من نفاذٍ (أو سير أو رؤية إلخ) كالعذار بمعانيه، وجانبا اللحية يعرضان بعد مرحلة كون الفتى أمرد، فيحجبان بَشَرة الخدين أي يغطيانها. والدرّة المذكورة ليس فيها ثُقْب تُنظَم منه في سِلك العِقْد ففيها حائل دون النفاذ. ومثلها "العُذْرة -بالضم: البَكارة. وأمَّا

العُذْرة -بالضم أيضًا: البَظْر، والجلدة التي يقطعها الخاتن " (قُلْفَة الصبي) فهما معترضان كأنما يحولان، وغِلظُهما وقعهما على الحس، "والعُذْرَة: الناصيةُ وعرفُ الفرس وناصيتُه "مشبهان بِعذَارَى الخدين في كون كل منها شَعرًا ممتدًا معترضًا. ومن ذلك الأصل "العُذْرة -بالضم والعاذور: داء في الحلق " (كأنه التهاب اللوزتين [انظر ل/ 228] فهو يعوق البَلْع، "واعتذرت المنازل: دَرَسَتْ "كأنما انطمست بما علاها من رمال تحول دون التعرف عليها). ومن معنوى ذلك: "اعتذر الرجل وتَعَذّر " (نَشَأ له ما يعوقه عن عمل ما واقعًا ثم إخبارًا - مثل "اعتذر الرسْمُ وتَعَذّر: دَرَسَ "وهذا يؤخذ منه أن يقال اعتذر بكذا (حائل أو ظرف) عن الحضور (مثلًا) لا عن عدم الحضور. وفي المقاييس "اعتذر من ذنبه فعَذَرْته " {يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ} [التوبة: 94] أي يبدُون ما عاقهم. وكذا "تَعَذَّر: تأخرَ، والأمرُ: لم يستقم " (لم يَجْر). وكذلك "أعذر: ثَبَتَ له عذر، وأحْدَثَ عُذْرًا، وأَبْدَى عذرًا، وكَثُرت ذنوبه وعيوبه " (الأخير كأنه قَدَّمَ عذرًا لمن يعاقبه) {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ} [التوبة: 90]، قرئت كـ (مُؤْمِنُون) أي أصحاب الأعذار، وقرئت كـ (مُحَدِّثون) أي المعتذرون -مُحِقِّين أو مُبْطلين. وكان ابن عباس يقسم على القراءة الأولى ويرى الأخيرة تعني المبطلين [ق، قر 8/ 225] {عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} [المرسلات: 6]: إعذارًا من اللَّه أو إنذارًا إلى عباده. [قر 19/ 156]. والمعذرة كالعُذْر {فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} [الروم: 57]. وكل ما في القرآن من التركيب هو من العذر بالمعنى المذكور. {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} [القيامة: 15] فسرت بالستور

معنى الفصل المعجمي (عذ)

في لغة اليمن. . وهذا المعنى يتأتى من الأصل. ولكن يمكن أن تكون جمع مَعْذِرة من الاعتذار [قر 19/ 101]. وقولهم "أعذر من أنذر "هو من إصحاب العُذْر أي تحمل ما لا يلام معه إذا عاقب، أو صار له حاجز عن اللوم لذلك. وهذا أولى من تأويل ذلك الاستعمال بالسَلْب: (أزال ما يمكن أن يَعْتَذِرَ به المنذَر من عدم العلم وسلب ذلك العذر فمن حقه إيقاع العقاب). لأن التأويل بالسلب خلاف الأصل. ° معنى الفصل المعجمي (عذ): هو لصوق الغضّ بشيء، كما يتمثل في لصوق اللحم بالعظم في (عوذ)، وفي لصوق العَرْمَض وهو الطُحْلَب بظاهر الماء أي تجمعه عليه - بعد نفاذه منه -في (عذب)، وكالفلظ الذي ينشأ على الظاهر الذي كان مجردًا فيحول دون النفاذ -في (عذر). العين والراء وما يثلثهما • (عرر - عرعر): "العَرّ -بالفتح: الجَرَب، وبالضم: قُروح باعناق الفُصْلان/ داءٌ يأخذ البعيرَ فيتمعَّطُ عنه وَبَرُه حتى يبدو الجلد وببرق/ قُرُوح مثلُ القُوباء تخرج بالإبل متفرقة في مشافرها وقوائمها يَسِيلُ منها مثلُ الماء الأصفر ". Qنقصٌ أو جَرْدٌ من ظاهر الشيء أو عن ظاهره فيبرز (¬1). ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر العين عن التحام في رقة مع حدة ما، والراء عن استرسال، والفصل منهما يعبر عن حدّة في الأثناء ينفذ أثرها إلى الظاهر تجردًا أو بروزًا كالعُرّة: الجرب وعُرْعُرة السنام أعلاه. وفي (عرو) تعبر الراو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن حلقة =

كالجَرَب والقروح المذكورة. ومنه "المِعْرار من النخل: التي يصيبها مثلُ الجَرَب، وفي [المقاييس] أنها المِخْشاف (والخَشَف من التمر: الجافّ على قلة لحم كأنه مجرد غلاف التمر متجعِّدًا جافًّا). ¬

_ = في ظاهر الشيء أو جانبه يُتَمكّن منه (اشتمال) بها مثل عروة الكوز. وفي (عرى) تعبر الياء عن اتصال ويعبر التركيب بمعونة صيغة (فَعِل) عن تجرد جسم الشيء أي عدم ما يحول دونه، وهذا اتصال كما في العراء. وفي (عور) تتوسط الواو بمعنى الاشتمال فيعبر التركيب معها عن الاشتمال على الحدة نقصًا أو خلوًا ظاهرًا أي يظهر كعَوَر العين. وفي (عير) تتوسط الياء بمعنى الاتصال فيعبر التركيب عن وجود شيء شديد يمتد (اتصال) بين ما حوله من رقيق فيشدّه كعَيْر الورقة والقَدَم. وفي (عرب) تعبر الباء عن التلاصق أو التجمع الرخو، ويعبر التركيب عن حدّة ذاتية أي ثابتة في أثناء الشيء يبرز أثرها - مع تجمع لطيف أي عدم مفارقة صفرية كالعرب النشاط فهو ليس صفرًا وكالبئر العربة الكثيرة الماء. وفي (عرج) تعبر الجيم عن جرم كبير غير شديد، ويعبر التركيب عن نشوز عن الاطرد أي انثناء عنه -والانثناء من صور التجمع ومنه المثنى- كما في انعراج الشيء ميله، ومشية الأعرج. وفي (عرش) تعبر الشين عن تفش وامتداد لدقاق كثيرة، ويعبر التركيب عن تشابك دقاق في الأعلى أو الظاهر مكونة غشاء متماسكًا - كعرش البيت والعرش السرير. وفي (عرض) تعبر الضاد عن كثيف غليظ، ويعبر التركيب عن الجانب الواسع من الشيء الكثيف وهو العَرْض ضد الطول. وفي (عرف) تعبر الفاء عن إبعادٍ وطرد أو انقطاع، ويعبر التركيب معها عن نتوءات بارزة (منقطعة أي غير ممتدة) على ظاهر الشيء أو أعلاه تكوّن ملامح تميزه كعرف الديك والرمل والجبل. وفي (عرم) تعبر الميم عن التئام ظاهري وتضام، ويعبر التركيب عن تضام الكثير المسترسل مما هو من باب الغُثاء جِرمًا عظيمًا ظاهرًا كما في العُرْمة: كُدْس الحَبّ المَدُوس الذي لم يُذَرَّ.

ومن ذلك "حِمارٌ أعرّ: سمين/ إذا كان السمن في صدره وعنقه أكثر من غيره (هذا الموضع يَعْرَى من الشعر مع السمن) وعُرّا الوادي: شاطئاه " (ينفذان إلى أعلى مجردين من الماء وهما من أثر نحره الأرض). وهذا يُلْحظ بروزًا في "عُرْعُرة الجبل -بالضم: عُظْمه وأعلاه، وكذا عُرْعُرة الشام: رأسُه وأعلاه وغاربُه، وكذا عُرْعُرة الأَنْف. وعُرْعُرة كل شيء: رأسُه وأعلاه، وعْرعُرة الإنسان جلدة رأسه، وعُرعُرة القارورة سِدَاد رأسها ". فكل ذلك يلحظ فيه البروز إلى أعلى سواء مجرّدًا أو اجتزِئ بتسنُّمه عن التجرد. ومما فيه معنى التجرد مع النقص أيضًا "العُرّة -بالضم: الأُبنة في العصا (نتوءٌ في مكان فرع كانَ فقُطع، وهو يلمع عادة) والعَرَر -محركة: صِغَر السَنام، وقيل - قِصَرُه، وقيل ذَهَابه. وعَرَّ إذا نَقَص سنامه. وكبش أعرّ: لا أَلْية له، ونعجة عرّاء. استَعَرّ شيءٌ من الغَنَم: ندَّ واستعصى (نقص كالتجرد)، والمعرور: المقرور الذي لا يستقر/ الذي أتاه مالا قِوَامَ له معه. العرير: الغريب في القوم (مجرّد ليس له عُزْوة). التعارّ: السهر والتقلب على الفِراش ليلًا مع كلام (عدم الثبات نقص، مع كشف الأغطية) والعَرّة والمَعَرّةُ: الأذى والجناية. ومَعَرَّةُ الجيش " (ما يُلْحِقُه بمن يَمُرَّ بهم من اجتياح ونهب)، {فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الفتح: 25] (غُرْم أو دية أو مأثم) "عارّه: قاتله وآذاه. عرّه واعترّه: أتاه فطلب معروفه. المعترّ: الفقير/ المتعرض للمعروف من غير أن يَسْأل " (جاء لتراه أو ترى ظاهره فتعطيه)، {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36] "عرعر عينه فَقَأَها اقتلعها، وعرعر القارورة: نزع سِدَادها "والعرار - كسحاب: الغُلامُ المعجَّلُ فطامه قبل وقته " (نقص بدن أو حق). ومن النقص مع تلطخ الظاهر

(عرو)

"العُرّة -بالضم: ذرق الطير، وعَذِرَة الناس. عَرّهم بشر: لطخهم/ شانهم. هو عُزة أهله -بالضم أي يشينهم ". ومن البروز: "العَرَارة: الرفعة والسؤدد. عراعر القوم: ساداتهم. تزوج في عَرَارة نساء أي في نساء يلدن الذكور ". • (عرو): {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [لقمان: 22] "العُرْوة -بالضم- من الدَلْو والكُوز: مَقْبِضُها. ومن القميص: مَدْخَل زِرّه، ومن القِلادة: طَوْقُها. وعُرَى المَزادة: آذانُها. والعُرْوة من الشجر: ما لا يَسْقُط ورقه في الشتاء ". Qإمساك أو امتساك للظاهر بتمكن. كما يُمسَكُ الدلوُ والكوزُ بعُروتيهما، وكطوق القِلادة لها. وكما يظل ورق الشجر المذكور ممتسكًا على ظاهره. وقوله تعالى: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البقرة: 256 وكذلك ما في لقمان: 22] "شُبّه الإيمانُ باللَّه تعالى بالعروة التي يُمْتَسَكُ بها. وقال الزجاج العروة الوثقى قول لا إله إلا اللَّه. وقيل معناه: فقدْ عَقَد لنفسه من الدين عَقْدًا وثيقًا لا تَحُلّه حُجَّة " [ل]. ومن ماديّ ذلك "العُرْوة -بالضم: حَوالَي البلد: (مساحة خارجة عنها تابعة لها أي ممسكة بها/ كما يقال زمامها)، والعُروة كذلك: الأسد (إذا أخذ أي أمسك لا يُفْلت). والنفيسُ من المال (عِلْقُ مَضِنَّة يُمْتَسَكُ به دائمًا) وقد عُرِى إلى الشيء - كعُنى: باعه ثم استوحش إليه (عَلِقت نفسه به). والعُرَواء - كنفساء: قِرّة الحمَّى ومَسُّها في أول رِعدتها (أول إمساكها بالمحموم).

(عرى)

"وقد عَرَاه يعروُه: غَشِيَه طالبًا معروفَه (تعلق به، أو من غشيانه عِرْوَهُ بالكسر: ناحيته - إصابة). واعتراه أيضًا غَشِيه " {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} [هود: 54]: أصابك (غشيك بسوء أو عَلَّقه بك). • (عرى): {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى} [طه: 118] "العَرَاء: الفَضَاء لا ساتر فيه. وفرس عُرْى -بالضم: بلا سَرْج. والعُرْيَانُ من الرمل: نَقًى أو عَقَدٌ لا شجر عليه " (النَقَى: الكثيب من الرمل، والعَقَد - كجبل وكتف: ما تعقَّد من الرمل وتراكم). Qتجرد جسم الشيء مما يَغْشاه أو شأنه أن يغشاه. كالفضاء والفرس والرمل المذكورات {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ} [الصافات: 145 وكذلك ما في القلم: 49]: ساحل البحر. وفُسّر بالصحراء، والمكان الخالي [قر 15/ 128] ومنه "اعرورى: سارَ في الأرض وحده ". ومنه "العُرْى: التجرد من الثياب " {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى}. و"العَرَاة - كفَتَاة: شدةُ البرْد " (معنى لازم للتجرد من الغطاء، والشاعر بالبرد يخيل إليه أنه مكشوف غير مُغَطّى) وقولهم (أعْرَاه النخلة: وَهَبَهُ ثمرةَ عامها) (كأن الأصل نقلها إلى عَرَاه: ناحيته). • (عور): {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} [الأحزاب: 13] "العَوَرُ -محركة: ذهابُ إحدى العينين. والعَوْرَة من الجبال -بالفتح: شُقُوقها، ومن الشمس: مَشرِقُها ومَغْرِبُها. والعَوَار - كسحاب: خَرْق أو شَقٌّ في الثوب ".

Qفراغ أو فُرْجة طارئة في (سطح) ظاهر شيء تكشف عن باطنه. كعين الأعور وكالشَقِّ في الجَبَل والثوب وكالمشرق والمغرب (فجوتان في الأفق للشمس) وكالخَلَل في الثغر. ومنه {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} يريدون ممكنة للسُرَّاق أي ليس ما يحميها فكأن ظاهرها مفتوح إلى باطنها {وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ}. ومنه "عَوْرة الرجل والمرأة " (الباطن من جسمهما الذي ينبغي أن يغطَّى فإذا كُشِف صار عورة، وليس لغوَا تَحَدُّثُ القرآن عن العَوْرَة بالنسبة للنساء خاصة {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: 31] ثم أطلق على (الساعة التي هي قَمَن من ظهور العَوْرة فيها [ل] {مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} [النور: 58]. ومن مجاز الفراغ الظاهر الذي يكشف (فراغ الباطن): "الأعور: الرديء من كل شيء، والضعيف الجبان البليد. لا خير فيه (خاليان من القيمة)، والدليل [السيّئ]، الدلالة (لا علم عنده)، ومن لا سَوْطَ معه، ومن ليس له أخ من أبويه (مكشوفان)، والذي لم يُصِب حاجته (مجرد كالمكشوف)، ومن الطُرُق: الذي لا عَلَم فيه ". "والعائر: بثر في الجفن، وكل ما أَعَلَّ العين، وكرُمّان: اللحْمُ يُنزَع من العين " (فساد أو خلل في فجوة العين). ومن ذلك "العَارَةُ: ما تَعَاوَرُوه بينهم (يُخْلَى من حوزة إلى حوزة) وعاور المكاييل وعايرها: قدَّرها (بوعاء مقدَّر الفراغ) وعاره يعوره ويَعِيره: أخذه وذهب به (أخلى حوزة صاحبه منه). والعارُ: كل شيء لزم به عيب ". جعلوه من اليائي. وهو نقص كالفراغ في الشيء.

(عير)

• (عير): {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ} [يوسف: 94] "العَيْر -بالفتح: العظم الناتئُ وَسَطَ الكتف، وعَيْر القدم: الناتئ في ظهرها. وعَيْر الورقة (أي ورقة الشجرة): الخط الناتئ وَسَطَها كأنه جُدَيْر. (مصغر جَدْر)، وعَيْر الأذن: وَتِدُها، وعَيْر النَصْل: الناتئُ في وسطه، وعير الصخرة: حرف ناتئ فيها خلقة. وكل ناتئ في وَسَطِ مُسْتوٍ: عَيْر، والعَيْر: الوَتِدُ، والجبل ". Qصلب يمتد ناتئًا بين الرقيق أو الضعيف حوله أو بجانبه فيدعمه ويشدُّه. كعير الكف والقدم والورقة والنصل، وكوتد الأذن ووتد الخباء. وعير الصخرة، والجبل مشبهان - مع أن الجبال أوتاد الأرض. ومن التشبيه بالعير في توسط الصُلْب (القوي) ما حوله "عَيْر العين: الناتئ في بؤبؤ العين ". ومن دعم القوي ما حوله وشدّه إياه مع الامتداد أخذ معنى الحَمْل والنَقْل إلى مكان بعيد، وبه سُمي "العَير -بالفتح: الحمار، (لشدته بين ما حوله من الحيوانات الصغار كالبقر والغنم، واتخاذه لحَمْل الأثقال عند التَرْحال، كما قالوا للناجية من الإبل عَيْرانة) والعِير -بالكسر: القافلة (جماعة تحمل أمتعتها راحلة) {وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا} [يوسف: 82]. ومن ذلك الحمل والنقل بإبعادٍ "عِرْتُ ثوبه (باع) ذَهَبْتُ به، عار الفَرَسُ والكلب وغيره يَعِير: ذهب على وجهه وتباعد عن صاحبه. وقصيدة عائرة: سائرة ".

(عرب)

• (عرب): {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [فصلت: 3] "نهر عَرِب: غَمْر، وبئر عَرِبة: كثير: الماء. العَرَبة -محركة: النهر: الشديد الجَرْي. والعَرَب - كذلك: النشاط والأَرَن. عَرِب عرابة: نَشِط. عَرِبَت معدته: فسدت مما يحمل عليها. عَرِب الجُرْح وحَبِط: بقى فيه أثر بعد البُرْء ونُكْسٌ وغُفْر. عَرِب الشام: وَرِم وتقيح ". (الفعل في كل ذلك كفرح). Qنشاط وانطلاق بحِدَّةٍ ذاتية للخلوص مما يحبس. كانطلاق ماء البئر، وكذلك ماء النهر الشديد الجري، والنشاط والأَرَن يكون من قوة ذاتية ويَبْرُز وَثْبا وخِفَّة وجَرْيًا، وفسادُ المعدة انطلاق لما هو متجمع فيها فلا تهضم الطعام ولا تمسكه (¬1). وكذلك عَرَبُ السنام فهو تقيحه وهذا تسيّب لمادته، وعَرَبُ الجُرْح: أن يعود فيه (أو يبقَى) تقيُّحٌ (تسيب أي عدم تماسك لحمه وكلاهما حدّة). ومن ذلك "تعريب النخل: قَطْع سَعَفِهِ (أي الأسفل) وهو تَشْذِيبه (كثرة السَعَف تَعُوق النُمُوّ، وقَطْعُه يُنَشّط قوة النمو الذاتية فينطلق أي يُسْرِع مُعَدَّل نموه). جاء في التهذيب (عصف) "عَصَفْنا الزرع: جَزَزْنا ورقه الذي يميل أسفلَه ليكون أخفّ للزرع ". و "تعريب الفرس: تبزيغه " (البَزْغُ وَخْزٌ عند أشاعر حافره فيخرج ما يكون هناك من صَديد ويشتد الموضع فينطلق الفَرَسُ دون أن ¬

_ (¬1) في [ل] "عَرِبَت معدته عربًا: فسدت مثل ذَرِبَت ذربًا "وفي (ذَرب) "الذَرَب: الداء الذي يعرض للمعدة فلا تهضم الطعام ويَفْسُد فيها، ولا تمسكه ".

يتهيب الاعتماد على حافره. والصيغة في الاستعمالين للمعالجة كما يقال مرضه). و"العَرَابة: شِمال الضَرْع " (ثوب يُغَشَّى به ضَرْعُ النعجة إذا كَبِر فيحميه ويتيح أن يبلغ غايته). ومن تلك الحدة الذاتية (الباطنية): (العِرْب -بالكسر: يبيس البُهمَي وقيل يبيس كل بَقْل. وقيل عِزب البُهْمَي: شوكها " (اليُبْس من جفاف الباطن وهو حِدّة. والشَوك حادّ). و "العَرَاب - كسحاب: حَمْل الخَزَم، وهو شَجَر (مُرٌّ) يُفْتل من لحائه الحِبال، تأكله القرود، وربا أكله الناس في المجاعة " (الحدّة في هذا الحمل حرافته أو مرارته أو هي قوة الحبال) وفي [تاج] "اسَتْعَرَبَت البقرة: اشتهت الفحل وعَرَّبها الثَوْرُ - ض: شَهَّاها (حِدّة في باطنها) "العَرَبات -محركة: سُفُن رواكد كانت في دِجْلة (هنا نقل شيري محقق [تاج] عن معجم البلدان "العَرَبة بلغة أهل الجزيرة: السفينة التي تُعْمل فيها رَحى في وَسَط الماء الجاري مثل دجلة. . . يُدِيرها شدة جَرْيه " (فهي مسماة بحركة الرَحَى في باطنها). وخلوص الشيء من الشوائب حدّة لأنه قوة له في بابه "العَرَب -بالتحريك: الكثير من الماء الصافي. والإبلُ العِرَاب والخيل العِراب: خلافُ البَخاتي والبراذين (البَخَاتيّ إِبل والبراذين خَيْل وكلاهما هجين أي غير نقي السلالة - فالعِراب نقية العروبة خالصة من الشوائب). ومن الحدّة الذاتية وإطلاق المحتبس: التصريح بما في النفس دون تهيب أو عجز "الثَيِّب تعرب عن نفْسها. أي تُفْصِح. فإنما كان يُعْرِب عما في قلبه لسانُه. أَعْرِبْ عما في ضميرك أي أَبِنْ. تَعرَّب واستَعْرَب: أَفْصَح. أَعْرَب الأغتم وعَرُب لسانه -بالضم: عُروبة أي صار عربيًّا. عرّبت له الكلام تعريبًا وأعربت له

إعرابًا: بينته له حتى لا يكون فيه حضرمة ". ومن هذا التصريح والإفصاح: (أ) "كُرِه الإعراب للمُحْرِم وهو الإفحاش في القول والرفث " (خلاصته يكره أن يستعمل المحرم الألفاظ الصريحة عن الجماع وأعضائه)، (ب) "عرّب عليه: قبّح قوله وفِعله "أي نَقَدَه صراحةً دون مواربة، (جـ): "العَرُوب من النساء: المتبذّلة لزوجها الخَفِرة في قومها " (خلاصته أنها تبدي لزوجها شغفها به ورغبتها فيه وهذا يستحب في الزوجة) {عُرُبًا أَتْرَابًا} [الواقعة: 37] (ولا يلتفت إلى العبارة الجزافية التي فسر بها ابن الأعرابي "العَروب من النساء "فإنه نادرًا ما يحسن تفسير المفردات). و (العَرَب) سُمُّوا بذلك لما فيهم من الحدّة الذاتية متمثلة في النشاط والحركة المتسيبة تنقلًا في الصحراء المكشوفة طلبًا للكلأ، وتمثلة أيضًا في العاطفية والانفعالية وحرارة الدم الشائعة فيهم، وأخيرًا في قدرتهم على التعبير عما في نفوسهم من دقائق أي في الإعراب: الإفصاح كما قيل. "والعرب المنسوب إلى العرب {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 195]. وقد جاء الوصف بـ (عربي) للسان ثلاث مرات، وللقرآن ست مرات، وللحكم مرة. ومرة في مقابل الأعجمي هذا للمُرْسَل أو للقوم [ينظر بحر 7/ 480]. والأَعْراب هم سكان البادية من العرَب. وقد ذكرت عشر مرات {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 99]. أما تسمية يوم الجمعة (عروبة) فهي من الانتقال للتجمع فيه.

(عرج)

• (عرج): {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} [الحديد: 4] "العَرَج -محركة: الظَلَع. عرج -مثلثة الراء: مَشَى مِشْيَة الأَعْرجَ بِعِرَضٍ فغَمَزَ من شيء أصابه. وانْعرَجَ الطريقُ: مال, واتعرَجَ الوادي, وعرَج البناءَ تعريجًا: ميّله - وانعرج الشيءُ: مال يَمْنةً ويَسْرَةً/ انعطف. وعَرَج في الدَرَجَة والسُلَّم (قعد وجلس): رَقِىَ. المِعْراج -بكسر الميم وفتحها: المِصْعد ". Qنشوزٌ أو عِوَجٌ عن الاستواء في الاطراد إلى الأعلى أو الجانب، كما يبدو في مشي الأعرج وفي الصعود في الدرجة - وكلاهما إلى أعلى، وكانعراج الطريق والوادي والبناء وكلها إلى جانب، وفي الجميع خروج عن الاطراد. فمِن عَرَجِ الرجْلِ {وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ} [النور: 61, الفتح: 17]. ومن العُروج: الصعود {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ} [الحجر: 14] {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4] وجمع المِعْرَج معارج، وجمع المعراج معارج ومعاريج {مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ} [المعارج: 3] فُسّرت بالمصاعد والدَرَج للملائكة أو للأعمال أو للأرواح، وبالفواضل والنعم -[ل] وفي الأخير بعد. وكل ما بقى في القرآن من التركيب هو من هذا العروج. ومن النشوز عن الاستواء إلى الجانب قالوا "عَرَّج عليه - ض: عطف ومال "ومن صور هذا: "العُرَيْجَاء في سَقْى الإبل وهي أن ترد يومًا تصف النهار ثم غدوة اليوم التالي، أو أن ترد غدوة يوم ثم ترد مساء اليوم التالي, ثم غداة ما بعد اليوم التالي لهذا المساء ".

(عرجن)

والنشوز عن الاستواء انثناء يؤخذ منه معنى التكاثف والتجمع -كما أن (الاثنين) من الثَنْي- ومن هنا جاء استعمال "العِرْج -بالكسر: جماعة الإبل أقل ما قيل في عددها سبعون وأكثره ألف ". ويتأتى أن يكون هذا المعنى من الانعطاف عليها والاشتغال بها أي أنها تستحق التفرغ لها اقتصارًا عليها. • (عرجن): {حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس: 39] "العُرْجون أصل عِذْق النخلة الذي يمتد أَجْرَد مُعْوَجًّا ثم تتفرع منه الشماريخ التي يعلق بها البلح ". Qما يتدلى من النخل تتفرع منه عثاكيل تحمل ثمره - كالعرجون الموصوف. ويلحظ أنه مجمع الثمر - كما سمي العِرْج -بالكسر: جماعةُ الإبل، هذا والعرجون يكون أصفر عريضًا منحنيًا، شَبّه القرآن به الهلالَ لما عاد دقيقًا {حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}. • (عرش): {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] "عَرْش البيت -بالفتح، وعَريشُه: سَقْفه. وعَرْشُ البئر: بناءٌ يبنى من خَشب على رأس البئر يكون ظلالًا. وعُرْش القدم -بالضم: ما بين عَيْرها وأصابعها من ظاهره. والعُرْش أيضًا: عِرْق في أصل العنق ". Qتفرع وانفراش يُمْتَسَك مشتبكا في أعلَى. كعَرْش البيت والبئر والقدم والعنق المذكورات - وكلها ذاتُ تفرع مع اشتباك وانبساط في أعلى {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ} [الأنعام: 141].

(عرض)

المعروشات الكُرُوم. {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} [الأعراف: 137, ومثلها ما في النحل: 68] وإن اختلفت هيأة العرش فيهما. {وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} [الكهف: 42، البقرة: 259، الكهف: 42، وكذا ما في الحج: 45] قالوا سَقَطت سُقُفها ثم سقطت الجدران فوقها. في [ل] نصف صفحة في معنى خاوية على عروشها. ومنه "العَرْش -بالفتح: سرير الملك "، لأنه يصنع مبسطًا مرتفعًا عن الأرض. {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [النمل: 23]، {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الحديد: 4]. وسائر ما في القرآن من التركيب هو كلمة (العرش). و "العَرْش أيضًا البيت وأصله مما سبق. واعرورشْتُ الدابة: ركبته، وناقة عُرْش -بالضم: ضَخْمة كأنها معروشة الزَوْر. (كلاهما فيه علو) والمُتَعَوْرِش: المتظل بالشجرة ". (هذا اتخاذ). ومن الامتساك مع الانبساط: "أعْرَشْتُ الغنم: منعتها أن ترتع (جعلتها (تتماسك) لا تنفش "ويتأتى أن يكون أصل هذا أنك أدخلتها بيتها) وعرَش بالمكان (جلس): أقام. وعَرَّش عني الأمرُ - ض: أبطأ (تماسك). • (عرض): {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا} [الكهف: 48] "العَرض -بالفتح: الجبل أو سفحه وناحيته، والجيشُ العظيم، وما سَدّ الأُفُقَ من السحاب. والعِرْض -بالكسر: الجماعة من الطَرْفاء، والأَثل، والنَخْل، وجوّ البلد وناحيتُه من الأرض، والوادي، وبَدَن كل الحيوان. وامرأة عِرَضْنة: ذهبت عِرَضًا من سِمَنها. والعارض ما سَدّ الأُفُق: من الجراد، والنَحْل، والسحاب ".

Qاتساع ما يواجه الناظرَ من الشيء الكثيف. كالأشياء المذكورة. وهو ما يخالف الطول -كما قالوا. فمن ذلك "العارضُ: السحابُ {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24]. ومن حسي ذلك الأصل أيضًا "العُرْض -بالضم: جانبُ الظبي والحائط والعُنُق وغيرها. وعُرْض الشيء: ناحيته من أي وجه جئته، ووسَطُه. وأرى أن التعريض وهو أن يورّى بكلام عن معنى غير ظاهر أو مباشر هو من جعل السامع يفهم المعنى المراد من عُرْض الكلام لا مباشرة {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235] في [بحر 2/ 235 - 236] أمثلة كثيرة لذلك التعريض ". و "عِرْضُ كل شيء -بالكسر: ناحيته. وعارِضا الوجه وعَرُوضاه: جانباه. والعَرُوض: الناحية، والطريق ". فكلها تدل على جانب ذي مساحة واسعة من الشيء. ثم يعمم في الجانب الذي شأنه كذلك. {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [آل عمران: 133, وكذا ما في الحديد: 21] وعَرُض الشيء (كرم) صار عريضًا {فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ} [فصلت: 51]: كثير. و "العرب تستعمل الطول والعرض في الكثرة. "أطال في الكلام وأعرض في الدعاء أي أكثر " [قر 15/ 373]. وقالوا "عَرَضت الحوضَ على البعير، والجاريةَ والمتاعَ على البيع، والجُنْدَ: أمررتَهم عليك ونظرتَ ما حالُهم كأنك تبدي العُرْض منها جميعًا. {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا} [الكهف: 100] {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ} [ص: 31] {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا} [الكهف: 48]، وكل (عَرَض)، (عُرِض)

ومضارعهما فهي بمعنى إمرار الشيء أمام النظر أو إتاحته بقصد أن يُنْظَر إليه. {ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ} [البقرة: 31] أي عرض مسميات الأسماء [أحد قولين - بحر 1/ 295] فهذا أوضح من عرض الأسماء، {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا} [الأحزاب: 72] العَرْضُ هنا تخيير في حمل أمانة المسئولية فتثاب إن أحسنت وتعاقب إن أساءت [ينظر بحر 7/ 1243] {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [غافر: 46, وكذا ما في الشورى: 145] تعرض أرواح آل فرعون ومن كان مثلهم من الكفار على النار بالغداة والعشيّ فيقال هذه داركم [قر 15/ 319] وفيه ما يفهم منه أنهم يذوقون شيئًا من العذاب أيضًّا لا أن الأمر قول فحسب. أما في {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا} [الكهف: 100] أي أبرزناها لهم [قر 11/ 65] فذلك بعد النفخ في الصور والحشر أي مثل {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى} [النازعات: 36]. كما قالوا "أعرض لك الشيءُ: بدا وظهر " (لكَ عُرْضُه وجانبه) "وأعرض بوجهه، وعن فلان "هو من هذا كأنه انحرف عنه وولاه عُرْضه: جانبه أو عارِضَه: جانبَ وجهه -لا مقدّمه- {أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ} [فصلت: 51]، {نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128]، {ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [آل عمران: 23]، {وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا} [النساء: 135] وكل (أعْرَضَ) ومضارعها، وأمرها، والمصدر (الإعراض)، واسم الفاعل (مُعرِض). هو بهذا المعنى. وقالوا أيضًا "عَرَض الشيء (جلس) واعترض: انتصب ومنع وصار عارضًا كالخشبة المنتصبة في النهر والطريق ونحوها تمنع السالك " {وَلَا تَجْعَلُوا

(عرف)

اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا} [البقرة: 224]: أي نَصْبًا لأيمانكم أي لا تجعلوا الحلف باللَّه معترضًا مانعًا لكم أن تبروا " [ل] (أو لا تنصبوه أمامكم للحلف به [شرح بانت سعاد للتبريزي 19] وهذا ينحل إلى أمرين منع الإكثار من الحلف (باللَّه)، كقولهم "فلان عُرضة للبلاء أي معرَّض له، والآخر منع جعل اليمين باللَّه مانعًا من البر [ينظر بحر 2/ 184]. ومن الأصل "العَرَض -بالتحريك: كثرة المال. طمع الدنيا قليلًا أو كثيرًا لأنه عارض يريك عُرْضَه " [المقاييس]، أو أنه يَعْرِض للنظر ثم يزول ويعرض غيره. ومن هذه أخذ معنى سُرعة زواله {تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النساء: 94] العَرَض هنا هو ما كان مع المقتول في الواقعة التي نزلت فيها الآية من غنيمة أو حمل ومتاع [ينظر بحر 3/ 341 - 343] وبهذا المعنى كل كلمة (عَرَض) في القرآن الكريم. "وعِرْض الإنسان -بالكسر: مناط المدح والذم منه "من العُرْض الناحية والجانب أو من البدن نفسه كما سبق. • (عرف): {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ} [المطففين: 24] "عُرف الفرس والدابة -بالضم: شَعَرُ عنقهما. وعرف الديك: ريش عنقه والهَنَةُ الحمراء فوق رأسه (¬1) سَنامٌ أَعْرَفُ: طويل. جَبَل أَعْرَفُ: له كالعرف. وناقة ¬

_ (¬1) الذي في [ل] "عرف الديك والفرس والدابة وغيرها: منبت الشعر والريش من العنق "وفي [تاج] "العرف: شَعَرُ عُنُق الفَرَس. وقيل هو منبت. . . الخ عبارة ل ". وعبارة =

عَرْفاء: مشرفة السَنَام، وكجُلُبّان: جُنْدُب ضَخْمٌ له عُرف، واغرَوْرَفَ البحرُ والسيلُ: تَراكم وارتفع موجُه فصار له كالعُرف. وعرّف الطعامَ (أي الحَبَّ كالبُرّ) - ص: وَضَع بعضَه على بعض من كثرته " [قر 16/ 231]. Qتميز أعلي الشيء أو ظاهره بملمح يدل عليه أو على أمر فيه. كعرف الديك والفرس لهما. ومنه "عُرْف الرَمْل والجَبَل: ظَفرُه وأعاليه "، ومنه "اعْرَوْرَفَ الدمُ: صار له من الزَبَد شبهُ العُرف ". ومنه - ومنه "العُرْفُ: النخلةُ أولَ ما تُطِعم " (كأنهم نظروا إلى ظهور البسر الأحمر في أعلاها لأول مرة) "عَرَفَات: موقف الحاج "جَدد اللَّه عهدنا به آمين (المرتفعات الكثيرة المنتشرة في جوانبه تشبه جَبَل الرحمة وكلها ذات ضخامة وعلو محدودين جدًا فهي باسم عَرَفَات أجدر. لكن لم يُذكر في المعجم ولا في غيره استعمال المفرد لأحدها) [وفي طب 4/ 170 - 174، قر 2/ 414، ل - آراء كثيرة]. {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} [البقرة: 198]. {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ} [الأعراف: 46، وكذا ما في 48] حجاب حاجز أي سور. أي على أعراف السور ¬

_ = [تاج] هي الدقيقة. وفي [ل]. مما يؤيد عبارة [تاج] قول الأصمعي "جاء فلان مُبْرَئِلًّا للشر أي نافشًا عُرْفه "وفيه "أَعْرَفَ الفرسُ: طال عُرْفه. وعَرَفْت الفرس: جززت عُرْفه "فالذي يُنْفَشُ، ويطول، ويُجَزُّ هو الشعر - لا منبته. ثم قد يستعمل العرف في المَنْبِت تسمية للمنبِت باسم النابت فيه. ثم تبين أنهم يسمون الهنوات اللحمية الحمراء التي تكون على رأس الديك عُرْفًا - كما نستعمل ذلك نحن الآن (ينظر تركيب (فرق) هنا حيث نقلنا عنهم أن "الأَفْرق من الدِيكة هو الذي انْفَرق عُرْفه/ هو ذو العرفين "وهذا لا يصدق إلا على الهنة الحمراء المذكورة، ولا يصدق على الريش.

وهي شُرَفه [ينظر قر 7/ 211] ومن العلُوّ "عَرِيفُ القوم: سيدهم ". وفي [ل]. أن هذه التسمية مأخوذة من المعرفة. ومن الأصل "المعارف: الوجوه؛ امرأة حسنة المعارف أي الوجه وما يظهر منها " (الملامح الناتئة والظاهرة الجبهة والأنف والحواجب ومناصب الخدود إلخ وهي تميز صاحبها). ومنه كذلك "العَرْف -بالفتح: الريح طيبة أو خبيثة "فهي تسطع فوق الشيء وتدل عليه، ثم غلبت في الريح الطيبة. ومن تميز أعلى الشيء بما يعلوه أُخِذَت المعرفة. "عَرَفه عِرْفة وعِرفانًا -بالكسر فيهما، ومَعرفة ". فالفرق بين المعرفة والعلم أن أصل المعرفة تمييز يقوم على ملامح ظاهرة للأشياء أخذًا من استعمال التركيب في الملامح الظاهرة التي تميز الشيء عن غيره. وهذا أساس أن "المعرفة: العلم المتعلق بالمفردات، ويسبقه الجهل، ولذا لم يوصف اللَّه تعالى بالمعرفة [بحر 1/ 466] "، ثم قد يتجاوَز عن قيد الملامح المحددة، وقد يكون الظاهر عزيزًا أو رموزًا أو يوصل منه إلى ما هو أعمق. أما العلم فأحكام تتكون في القلب من روافد وأسباب (¬1) محدَّدة {فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد: 30]، {فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} [يوسف: 58] (يلحظ أنها معرفة بالسيما والملامح. ولحن القول يؤخذ من الألفاظ المسموعة). و "التعريف: إنشاد الضالة "- لأنه يعرّف بصفاتها الظاهرة. وكل ما جاء في القرآن من الفعل (عرف) ومضارعه ¬

_ (¬1) انظر شرح سعد الدين التفازاني للعقائد النفية مطبعة صبيح ط 2 (1358 هـ - 1939 م) ص 99 - 173 تفصيلها الموجز في كليات الكفوي 980 - 981 (اليقينيات).

و (يُعْرَف) تتضح فيه الملامح الظاهرية بالتأمل {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: 89] أي النبي الذي ذُكِر لهم نعته من قبل في التوراة [ينظر بحر 1/ 471] فثبتت سماته في أذهانهم، فلما ذكرت تلك السمات في القرآن عرفوا أنه الموصوف في التوراة. {تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} [المائدة: 83] فالحق الذي عرفوه هو ذكر موسى وعيسى الذي علموه قبلا من التوراة والإنجيل، فلما سمعوه من القرآن عرفوا أنه حق [ينظر الكشاف 1/ 655]. ومن هذه المعرفة "التعارف {لِتَعَارَفُوا} [الحجرات: 13 وكذلك ما في يونس: 45] ومنها كذلك العريف بشيء حدث {فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ} [التحريم: 3] وأما {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} [محمد: 6] فقد فسر تعريفها هنا بمعرفة منازلهم فيها، كما فسّر بالتطييب من العَرْف الرائحة الطيبة [قر 16/ 231] وفي قوله تعالى {قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ} [النور: 53] فسّرت بأنها بداية كلام له محذوف يتممه أي طاعة معروفة أولى بكم من أَيْمانكم، أو ليكن منكم طاعة معروفة. كما فسّرت بأن المعنى: قد عُرِفت طاعتكم وهي الكذب والتكذيب [قر 12/ 296] أي تهكم. والعرف -بالضم- و "المعروف: ضد النُكْر والمنكر "، لأنه شيء جارٍ مألوفٌ مقبول يَعْرِفه كل أحد. وعُرِّف أيضًا بالإحسان وما يُسْتَحْسَن من الأفعال (فهو مألوف وجار ومقبول لدى ذوي الفطر السليمة) ويشمل ما فتح الشرع القلوبَ لقبوله)، "العُرْف والعارفة والمعروف: كل خصلة حسنة ترتضيها العقول وتطمئن إليها النفوس [قر 7/ 346] {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [الأعراف: 199] وبهذا المعنى نفسه (المعروف) في

(عرم)

{فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 231]، {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 178]، {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15]. وكل لفظ (المعروف) فمعناه ما ذكرناه. وقوله تعالى: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} [المرسلات: 1]. فسر بالرياح المتتابعة كعرف الفرس، وبالملائكة، والرسل، والمرسلين بالمعروف من أمر اللَّه [قر 19/ 154]. ومن ذلك الأصل "اعترف بذنبه: أقر " (كأنما حمله على رأسه أو أعلن ارتكابه إياه {اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} [التوبة: 102 ومثله ما في غافر: 11، والملك: 11]. و"العُرْف -بالضم: الصبر. يقال عَرَف للأمر واعتّرف: صبر " (هو درجة من الإلف، تَحَمُّلٌ مأخوذ من عُرُوّ أعلى الشيء كعُرف الرمل والجبل وأمواج البحر وكتعريف الطعام: تكديس بعضه على بعض من كثرته (ويسمى كُدْس الطعام صُبْرة. ومن مثله أخِذَ معنى الصَبْر فهو نظير استعمال العُرْف بمعنى الصبر هنا). • (عرم): {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ} [سبأ: 16] "العَرَم والعَرَمة -بالتحريك: الكُدْسُ المَدُوس الذي لم يُذَرَّ يُجْعَل كهيئة الأَزَج ثم يُذَرَّى. والعَرَمة - كذلك: مجتمعَ رَمل. وعُرَام الشجر - كغراب: قِشرها، وكغراب وسبب: وَسَخ القِدْر. والأعْرَم: الأقلف ". Qتراكم ظاهري من الغُثَاء أو ما يلحق به - مع استواء ظاهره. كالكدس والرمل وقشر الشجر والوسخ والقُلْفة. ومنه عَرَمَ العظم (ضرب ونصر) وتعرَّمه: تعرَّقه: نزع ما عليه من اللحم " (إصابة المتراكم عليه).

معنى الفصل المعجمي (عر)

وكذا "عَرَمت الإبل الشجر: نالت منه (من أعاليه وأطرافه) وعَرَم الصبيُّ أمَّه: رَضَعها. واعْتَرَم ثديَها: لَقِمَه "أو أخذ ما تجمع فيه من اللبن وهو في أعلى البدن. ومنه "ليل عارم: شديد البرد (يُجَمّد). وعَرُمَ الإنسانُ - مثلث عين الفعل: اشتد " (تجمع وغلظ) وكذلك "العُرام - كغراب: الشدة والقوة والشراسة. وعُرام الجيش - كغراب: أخْذُهم وشدتهم وكثرتهم. والعَرِم - ككتف: السيل الذي لا يطاق " (تجمع عظيم يغطي كل شيء) و "العَرِمة - كفرحة: سَدّ يعترض في الوادي " (يحجز الماء ويجمعه). {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ} [سبأ: 16]. ومن صور التراكم (= الجمع) "كبش أعرم، وشيء أعرم: في لونه سواد وبياض (يجمع لونين)، والأعرم الأبرش (بياض البرص وسواد سائر البدن)، ودهر أعرم: متلون ". ° معنى الفصل المعجمي (عر): نقص أو جَرد من ظاهر الشيء يلزمه ظهور ما كان خافيا كما يتمثل في العَرّ الجرب -في (عرر)، وكما في عروتَيْ الكوز والقميص المفرغتي الوسط واقعتين في ظاهر الكوز وحافة القميص -في (عرو)، وكما في التجرد -في (عرى)، وكما في فراغ العين العوراء والشق في الجبل -في (عور)، وكما في اختراق العَيْر الورقة والقدم ظاهرًا في أعلاهما -في (عير)، وكالانطلاق بحدّة مع الخلوص مما يحبس، وفي البئر العَرِبة كثرة مائها من كثرة ما تختزنه -مع قوة اندفاعه في (عرب). وكما في الظلع وهو نقص يظهر أثره في المشي في (عرج)، و (عُرش) القدم عروق قوية بارزة من القدم والورقة، و (العَرض) جانب واسع ظاهر كالمكشوف -في (عرض). وعُرف الديك والفَرَس نافذ من البدن إلى ظاهره -في (عرف)، والمجتمع متراكما على الظاهر -في (عرم)، وهو يعر والظاهر منقشرا من غيره وشأنه أن ينقشر كالوسخ والقلفة.

العين والزاي وما يثلثهما

العين والزاي وما يثلثهما • (عزز): {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8] "العَزاز - كسحاب: ما صَلُبَ من الأرض واشْتدّ وخَشُن. وأرض عَزاء وعَزَازة - كسحابة، ومعزوزة: كذلك. واستَعَزّ الرمْلُ: تماسك فلم يَنْهَل. ويقال للوَبْل إذا ضرب الأرض السهلة فشدَّدَها حتى لا تَسُوخَ فيها الرِجْل قد عَزَّزَها وعَزَّز منها ". Qتماسك الجِرم الرخو أو المتشب حتى يبلغ الشدة والصلابة التامة (¬1). كالأرض والرمل المذكورين. ومن حسيّه: "تَعَزَّز لحمُ الناقة: ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): العين تعبر عن التحام الجرم عريضًا مع رقة وحدةٍ ما، والزاي تعبر عن نفاذ بشدة واكتناز، والفصل منهما يعبر عن شدة تماسك الملتحم (الصلابة كثافة ذرات مضغوطة بعضها مع بعض وهذا هو الاكتناز) كالعَزَاز من الأرض. وفي (عزو عزى): تضيف الواو معنى الاشتمال. والياء الاتصال والتماسك، ويعبر التركيبان عن نوع من التماسك: ربطا للشيء بغيره في (عزو) -كما في العزة الجماعة والفِرْقة من الناس، واشتدادًا في (عزى) كما في التعزي. وفي (عزب) تعبر الباء عن تجمع رخو مع تلاصق ما، ويعبر التركيب عن استقرار الشيء بعيدًا عن مقره الأصلي (الاستقرار لصوق في المكان لكنه هنا غير شديد)، وجاء معنى البعد من التعبير بالزاي عن علاقة بمقره الأصلي افتراضًا أو حسب المعتاد - كالكلأ العازب، والعزَبُ من الناس (بعيد عن زوج معه حسب المعتاد). وفي (عزر) تعبر الراء عن استرسال. ويعبر التركيب عن استرسال في الشدة يمنع الفاء أو يحفظ البقاء كالعيازر أصول الشجر الباقية =

اشتدّ وصلُب، وفَرَسٌ معترة: غليظَةُ اللحم شديدتُه. وناقة عَزُوز: ضَيّقة الأحاليل (من شدة نسيج لحمها ضاق مخرج اللبن الذي يخزق هذا النسيج). ومن معنوى ذلك "عَزَزْت القوم (رد) وعَزَّزْتهم - ض، وأعْزَزْتهم: قوّيتَهم وشدَّدْتَهم. ومنه {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} [يس: 14] ومنه "العِزّ خلاف الذل "كما أن الذُّل لين ورخاوة. ومنه "العِزَّة: الشدة والقوة والامتناع، والعَزِيز: القوي الشديد الغالب الذي لا يُغْلَب {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}. {وَاللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 228]. وعَزَّ يعِزّ -بالكسر: اشتدّ وقوِىَ وصَلُب فهو عزيز {أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة: 54] جانبُهم غليظٌ عليهم "يتذللون للمؤمنين وإن كانوا أعزة، ويتعززون على الكافرين وإن كانوا في شرف الأحساب دونهم/ أشداء عليهم وليس هو من عزة النفس " [ل 242، 243]. {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} [الكهف: 34]: أشد وأكثر عشيرة وأنصارًا [نظر البحر 6/ 120] (و "عز على كذا: شق واشتد {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ} [التوبة: 128] أي يشق عليه عنتكم ولقاؤكم المكروه [الكشاف 2/ 314]. والعُزَّى كذا سَمَّوُها - أذلَّها اللَّه {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} [النجم: 19]. و "عَزَّهُ (ردّ): غلبه " (كان أقوى منه فغلبه). {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} [ص: 23] غَلَبَني. ومن الشدة والتماسك في الأصل ¬

_ = وكالعَيْزَارة المنجنون. وفي (عزل) تعبر اللام عن استقلال مع تماسك ما، ويعبر التركيب عن تنحية الشيء عن موضعه أو ما يلزمه إلى موضع آخر (يستقل فيه) كالأعزل الرمل المنفرد المنعزل، وفي (عزم) تعبر الميم عن استواء ظاهر والتئامه، ويعبر التركيب عن اشتداد دائم ينضم عليه الشيء كالعوزم: الناقة المسنة وفيها بقية شباب.

(عزو - عزى)

العَزِيز: الملك (ومعظم ألفاظ الملك فيها معنى الشدة والإمساك (كلفظ الملك والحاكم والربّ) لأن الرعية مشدودة إليه وهو يمسكها، أو لغلبته وشدته {قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا} [يوسف: 78]. قال صاحب ق: "العزيزُ لقبٌ لملك مصر مع الإسكندرية "اهـ فهذا أدل على قوة الاشتداد. ومن هذا كل لفظ (العزيز) في سورة يوسف. وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} [فصلت: 41]. فسره ما بعده: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ}. وهذه بشرى عظيمة فهو ممتنع على كل باطل وتحريف وإفساد. "فالكتب التي تقدمته لا تبطله ولا يأتي بعده كتاب يبطله " [ل]. وكل ما في القرآن من التركيب فمعناه الشدة والقوة الذاتية، أو الواقعة. {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: 49] معناه ذق هذا العذاب إنك أنت العزيز الكريم/ بما كنت تُعدّ في أهل العز والكرم " [ل]. {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} [ص: 2] أقول إن العزة هنا الامتناع والعناد - أخذًا من الاشتداد الذي هو أصل معنى التركيب فالشديد لا يلين ولا يستجيب للجذب. والقرآن لا يصفهم بالعزة ضد الذلة. • (عزو - عزى): {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} [المعارج: 37] "العِزَةُ - كرئة: الجماعةُ والفرقة من الناس. عَزَا فلانٌ نفسَه إلى بني فلان يعزُوها ويَعزيها عَزْوًا وعَزْيًا: نَسَبها، واعْتَزَى وتعزَّي: انتَسب صِدْقًا أو كذبًا. وعزا الحديثَ إلى فلان: نَمَاه وأَسْنده ".

(عزب)

Qرَبْطُ الشيء شديدًا بآخر كالعَزْو المذكور. (وقد أخذنا الوصف) (بالشدة) من علاقة النسب = القرابة - كالأبوة والأخوة لأنها أقوى العلائق. والنسب ليس هو المصاهرة). ولوحظ في العِزَة أنها حَلْقة وجماعة متصلة متماسكة متميزة عن غيرها. {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} ومنه "العَزَاء؛ الصبر عند المصائب. عَزِىَ (كرضى) وعَزّاه - ض - فتعزّى ". وحقيقة ذلك فيما أرى أخذًا من الأصل: التماسك والتقَوِّى كما يقال تَجَلَّد واشْتَدّ وكأنها محولة من (عزز) كتقضي. وقد رُدَّتْ في [ل والمقاييس] إلى اتخاذ الأُسْوَة فيقول حالي مثل حال فلان. • (عزب): {وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} [يونس: 61] "العازب من الكلأ: البعيدُ المَطْلَب. والعَزِيب: المال العازب عن الحي. وعَزَبَت الإبلُ (قعد): أَبْعَدَتْ في المرْعَى لا تروح ". Qابتعاد عن المقر الأصلي إلى مستقر بعيد دون انقطاع عنه كالكلأ البعيد وكالمال البعيد عن الحي لا يروح. (المعتاد أن يكون المرعى قريبًا ليروح المال في آخر النهار). {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} [سبأ: 3 ومثله ما في يونس: 61]: لا يبعد ولا يغيب (استعماله في الغياب لازم للبعد). ومن معنويه "رجل وامرأة عَزَب - وهي بتاء أيضًا (لا زوج له أو لها، فهما بعيدان عما يُقِرهما) وعَزَبَته المرأة (كنصر) وَعزَّبته - ض: قامت بأموره. قال ومُعَزِّبة الرجل - كمربية: امرأته يأوي إليها فتقوم بإصلاح طعامه وحفظ أداته.

(عزر)

وعازِبته كذلك امرأته (تجعله يستقر مبتعدًا حِسًّا أو معنى عمن كان معهم قبل الزواج. وبعض هذا الاستقرار من الاستغناء عن الآخرين). • (عزر): {آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157] "العَزْوَرَة - كقسورة: الأَكَمَة. العيازر: بقايا الشجر الذي أُخِذَتْ أعاليه بالقَطْع والأكل (تهذيب اللغة) / العِيدان. العَيْزار -بالفتح: الصُلْب الشديد من كل شيء، ومَحَالة (= منجنون = ساقية) عَيْزارة: شديدة الأَسْر ". Qشدة أو متانةٌ مسترسلة (امتدادًا أو دوامًا) تمنع الفناء أو تحفظ البقاء: كالأَكَمة (لا تزول عادة)، وبقايا الشجر الموصوفة (بقيت لم تَزُل كسائره)، والمحالة التي تُديم الإمداد بالماء. ومنه: "عَزَرت البعير: شَدَدْت على خَيَاشيمه خيطًا ثم أوْجَزْته [تاج] (أي وضعت الدواء في فمه ليبلعه. ولعله نُظِر إلى أن بلعه الدواء يحفظ حياته). ومن ذلك: "عَزَرَه وعَزّره - ض: نَصَره باللسان والسيف/ أعانه وقواه ونصره " (فهذه النصرة تقوية وتشديدُ أَمرٍ كما يقال شَدّ أَزْره {وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ} [وكذلك ما في المائدة: 12، والفتح: 9]. ومما نُقل في [ل]. عن الزجّاج "والنُصْرة إذا وَجَبت فالتعظيم داخل فيها "أي لازم لها. أما "التعزير: الضرب دون الحد لارتكاب مخالفة شرعية مما ليس له حَدٌّ معَيَّن كالقطع والجلد "فهو من ذلك من حيث إنه نَصْر للدين وتعظيم لأمره ومنع لذهابه بالتهاون مرة بعد أخرى في مواجهة المعاصي والمخالفات. قالوا

(عزل)

"عَزّره - ض: لامه، ردّه (عن مخالفة الشرع بأن ضربه دون الحدّ) فالتعبير بالتعزير عن هذا إنما هر لحماية الدين بمنع الجاني من المعاودة ورَدعه عن المعصية "وفيه أيضا رَدع لمن تحدثه نفسه بالمخالفة. ومن التعبير عن نفس المعنى "عزّره - ض: وَقّفه على أدب الدين "- (أي بالزجر وما إليه عند ارتكاب المخالفة للشرع - فهذه العبارة الأخيرة هي أقرب ما يشير إلى الأصل الاشتقاقي للتعزير الاصطلاحي). وبذا يتبين أنه ليس هناك تضاد في معنى التعزير. أما قولهم "عزرت الحمار: أوْقَرته "فأرجح أن المقصود "شَدَدْتُ عليه الوِقْر "-بالكسر وهو الحِمْل الثقيل خاصة [قال في ل: أو هو أعمّ] فالوِقر أحرى أن يُشَدّ إذا حُمِل على دابة. والتركيب فيه معنَى الشدة (ومنها الشَدّ). وليس فيه معنى الحَمْل. • (عزل): {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي} [مريم: 48] "العزلاء: مَصَبّ الماء من الراوية في أسفلها حيث يُسْتَفْرَغ ما فيها من الماء. . تكون في أحد خُصْمَي المزادة لا في وسطها. والأَعْزل: الرمل المنفرد المنعزل. ودابة أعزل: مائلُ الذنب عن الدُبُر عادةً لا خلقة ". Qتنحى الشيء عن موضعه إلى موضع آخر - كوضع العزلاء في خُصْم القِرْبة لا في الوسط، وكالرمل المنفرد. ومنه "العَزلة -محركة: الحرقفة (مجتمع رأس الفخذ ورأس الورك حيث يلتقيان من ظاهر) لتميز العضوين عندها، والتميز انفصال وتَنَحٍّ).

(عزم)

ومنه "عزله عن العمل، وعزل الشيءَ فاعتزل ونحّاه جانبًا فتنحى {وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} [الأحزاب: 51] في [قر 14/ 215] أن المراد التوسعة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ترك القَسْم لمن شاء من أمهاتنا الكريمات، لكنه كان يقسم لهن جميعًا تطييبًا لنفوسهن وصوْنًا لهن عن اشتعال الغيرة. {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]، {وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ} [هود: 42]. ناحية وجانب {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} [الشعراء: 212] منحَّوْن جانبًا أي مُبْعَدُون. ومنه "الأعزل: الذي لا سلاح معه "كان المفروض أنه متنحٍّ أو مُنَحًّى عن القتال. • (عزم): {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 159] "العَزُوم والعَوْزَم - كجعفر، والعَوْزَمة: الناقة المسنة وفبها بقية شباب. اعتزم الفرس في الجرْي: مرّ فيه جامحًا، واعْتَزَم الرجلُ الطريقَ: مضى فيه ولم يَنْثَن ". Qدوام الاشتداد بلا رخاوة برغم ما يَثْني عن ذلك. كحال الناقة التي فيها بقية شباب برغم أنها مُسِنّة، وكحال الفرس الجامح لا ينثني، وكحال من يمضي في الطريق بلا انثناء عنه. ومنه "عُزْمة الرجل -بالضم: أسرته وقبيلته ". (يشتد بهم ويدعمونه دائمًا - عادة). ومن ماديّهِ، العُزُم -بضمتين: ثجير الزبيب واحدها عَزْم -بالفتح (الثجير ثفل العنب الذي عُصِر فجرت سلافته وبَقِي " (الراجح أن هذه التسمية أصلها ماديّ. فمعنى العَزْم المعزوم أي المشتد عليه المعصور ماؤه).

معنى الفصل المعجمي (عز)

ومن ذلك "العَزْم (استمرار الشدة والجِدّ في ما عُقِد عليه قلبك من أمر) عَزَم على الأمر وعَزَمه: أراد فعله (إرادة جادة دائمة) وقوله تعالى: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235] أدق تفسير له: ولا تُبْرموا أو ولا تعقدوا كما أورده [قر 3/ 192] (والعقد والابرام كلاهما شدٌّ وثيق ينقل الأمر من الرغبة التي قد تكون عارضة إلى الارتباط الدائم). ثم إن المعنى الآخر الذي جرى عليه القرطبي أي "لا تعزموا على عقدة النكاح "أي النهي عن النية الأكيدة في ذلك لا يتمشى مع أول الآية {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} [البقرة: 235] فله أن يُعَرّض بالخِطبة وأن ينوي الزواج بها، لكن لا يعزم العقدة ويشدها (أي يعقد عقد الزواج) إلا بعد العدة. وقد قال قر نفسه في {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ} [البقرة: 227] العزيمة تتميم العقد على الشيء [3/ 110] ويؤخذ هذا في {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 159] {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ} [محمد: 21]: جدّ القتال/ أو/ عزم أصحاب الأمر. فكلاهما تتميم. {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 35]: (الجِدّ الدائم الثابت في أداء الرسالة) {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: 115]: فُسّرَتْ بالصبر. والصبر يتأتى في معنى العزم لأن الصبر استمرار في التحمل، لكن الأَوْلى تفسير نفي العزم في الآية بنفي دوام التَنَبُّه بما قد يعتري النفس البشرية من فتور حدة التنبه فيقع النسيان. ° معنى الفصل المعجمي (عز): هو تماسك الأثناء والاشتداد كما يتمثل في العزَاز: ما صلُب من الأرض واشتد وخشن -في (عزز)، وكما في الاعتزاء الانتساب

العين والسين وما يثلثهما

حيث تُذكر أو تبين العلاقة النَسَبية وهي من أقوى العلائق بين الشخص ومن ينتمي إليهم -في (عزو) وكما في التعزي حيث الاشتداد الداخلي تحملًا وصبرًا -في (عزى)، وكما يتمثل في البعد عن المقر الأصلي -في (عزب) مع استمرار الانتساب إليه فالعزوب ليس هجرة، وكما في استمرار الوجود القوي للأكَمة ولبقايا الشجر أي جذوره وما إليها بعد أخذ أعاليه -في (عزر)، وكما في تجمع ماء العزلاء ورمل الأعزل -في (عزل)، وكما في استمرار شدة الناقة العَزُوم واستمرار شدة الفرس والرجل حالة الاعتزام -في (عزم). العين والسين وما يثلثهما • (عسس - عسعس) {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [التكوير: 17 - 19] "وكان عمر يَعُسّ بالمدينة أي يطوف بالليل يحرس الناس ويكشف أهلَ الرِيبَة. وعَسْعَسَتْ السحابة: دنت من الأرض ليلًا - لا يقال إلا بالليل إذا كان في ظلمة وبرق. العُسّ -بالضم: القَدَح الضخم. . وهو إلى الطول يُروِى الثلاثة والأربعة والعدة. قال الثعالبي (¬1) وهو من خشب يعب فيه العدة. وفي [ق دنن] وصف للدنّ بأن له عُسعُسًا لا يَقْعد إلا أن يُحْفَر له ". Qنفاذ في الكثيف أو منه مع صعوبة (¬2) كالعَسّ السير في ¬

_ (¬1) فقه اللغة 241. (¬2) (صوتيًّا): تعبر العين عن التحام على رقة مع عرض وحدة ما، والسين عن امتداد بدقة وحدة. ويعبر الفصل منهما عن نفاذ (امتداد) في الكثيف كالسير في ظلام الليل، =

ظلام الليل وهو كثيف، وكنفاذ العُسْعُس في الرمل. وتراكم الماء في العُسّ القدح مع طوله كثافة للماء فيه، وصعوبته ثقله على الشارب أو عدم تمكنه منه. ومن مادي ذلك أيضًا "ذئب عَسْعَس -بالفتح وكشدّاد وصبور: طَلُوب للصيد بالليل/ كثيرُ الحركة. واعتسَّ الشيء: طلبه ليلًا أو قصده. والمَعَسّ - بوزن مَقَرّ: المَطْلَب (موضع بَحْث والبحث هنا نظرٌ في أثناء أشياء كثيرة) وعَسْعَس الأمرَ: لبّسه وعمّاه (التلبيس إدخال أشياء في أخرى بحيث يصعب التمييز أي النفاذ والفصل). عَسَّ عليه خبرُه: أبطأ " (هذا مبني على المعنى السابق). "والعَسُوس من الرجال: (الذي) قَلَّ خيره، ومن الإبل: التي تَضْجَر ويَسُوءُ خُلُقُها، وتَتَنَحَّى عن الإبل عند الحلْب أو في المَبْرَك. أو التي ترعى وحدَها "كلاهما من صعوبة نفاذ الخير) ومن ذلك "عسعس الليل إذا أقبل، وإذا أدبر (فضلّ الضوء في كثافة الظلام) قال الزجّاج إنهما يرجعان إلى شيء واحد هو ابتداء الظلام في أول الليل وإدباره في آخره "اهـ أي وجود الظلام الذي ينفذ فيه شيء من ضوء، ولا تضاد. ومن هذا {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} (أي بدأ ظلامه مختلطًا ببقية الضوء، أو بدأ ¬

_ = وكعُسْعُس الدنّ يندس في الرمل -في (عسس عسعس). وفي (عسوعسي) تعبر الواو عن اشتمال والياء عن اتصال ويعبر التركيبان عن تهيؤ قوي لحصول الكمال المراد كاستغلاظ النبات وتهيؤ نقرة الماء. وفي (عسر) تعبر الراء عن استرسال ويعبر التركيب معها عن استرسال الكثافة في أثناء الرقيق فلا يُنْفَذُ منها كعُسْر ما في الباطن وكالعسير من النوق. وفي (عسل) تعبر اللام عن تعلق واستقلال، ويعبر التركيب عن تماسك الممتد المضطرب بعضه في بعض (فيأخذ بعضه بعضًا شأن القائم بنفسه المستقلّ) كما في العسل والعسَلان.

(عسو - عسى)

رحيله فاخترق ظلامَه أوائل الضوء). • (عسو - عسى): {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 84] "الأعساء: الأَرْزَان - واحدها كفَتَى، وهو المكان المرتفع الصُلب، وفيه طمأنينة كالنُقْرة تمسك الماء. والمِعْسَاء: الجارية المراهقة. عَسَى القضيب: يَبِسَ، والنباتُ: غلُظ واشتدّ كعسِىَ - كرضى ". Qقرب الشيء وتهيؤه لحصول ما يراد به مع صلابةٍ ما: كالأرزان المذكورة صُلبة الأثناء - لكن تمسك الماء وهو المطلوب بها، والجارية المراهقة تصلح للزواج والحمل، والنبات الموصوف متهيئ للنضج والغلظ يبس. وعلى التشبيه بالنبات الموصوف قالوا "عَسَتْ يَدُه: غلُظت من عمل ". ومنه قولهم "عَسا الشيخ يعسُو وعَسِىَ - كرضى: كَبِر وأسنّ "فهذا يبس وجفاف من باب الصلابة. ومن ذلك قالوا "المُعْسِية - كمحسنة (من النوق): التي يُشَكّ فيها أَبِها لَبَنٌ أم لا " (التي يشك فيها ليس مستيقنًا أنها خالية فهي ذات لبن قليل - وهذا تهيؤ ولكن عبارتهم متأثرة بمعنى (عسى) المشهور. ومن ذلك أيضًا عبّرت (عَسَى) عن الترجي والطمع في بلوغ مَرْغُوب والحصول عليه. ولأن رجاءَ الحصول والطمعَ فيه قويٌّ في النفس هنا جعله ابن مُقْبِل قويًّا. {ظني بهم كعسى. .} إلخ. لكن إذا أُسندت (عسى) إلى اللَّه عز وجل فاللَّه لا يعجزه شيء، فـ "عسى من اللَّه إيجاب ". كقوله {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ} [المائدة: 52]- وقد أتى به. وسائر ما جاء من (عسى) في القرآن فهي

(عسر)

بمعنى الرجاء والطمع القوي. وقوله تعالى {هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا} [البقرة: 246] استفهم عن مقاربتهم ترك القتال إن كُتِبَ عليهم تعرفا على ما انطوت عليه قلوبهم [البحر 2/ 264 وانظر قر 3/ 244] والخلاصة أنه يقول ربما لا تقاتلون حينئذٍ. {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ} [محمد: 22] هل يتوقع منكم إن أعرضتم عن القتال، أو وَلِيتُم أمور الناس أن. . . [ينظر بحر 8/ 82]. وأرى أن تأويل الآيتين ليس التعرف، وإنما تأنيبهم بما سيقع منهم. • (عسر): {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] "العسير: الناقة قد اعتاطت في عامها لم تَحْمِل (اعتاطت: لم تحمل سنين من غير عُقر)، والناقة التي لم تُرَضْ. عَسُر ما في البطن: لم يخرج. وقد أَعْسَرَتْ: عَسُر عليها وِلادُها [ق] ". Qصعوبة النفاذ في الباطن أو منه. كالناقة المعتاطة وكأنها مُصْمَتَة - لا ينفذ فيها اللقاح، والتي لم تُرَضْ صلبة الباطن لم تُعَوَّد أن تُركب فهي تنفر وتمتنع من السير إذا رُكبت، وهم يعدون السيرَ بذْلًا، ومن ماديه أيضًا "العَسَران أن تشول الناقة بذنبها لتُرِى الفحل أنها لاقح أي لَقِحَتْ فلا سبيل إليها (أي لا تمكنه من نفسها). وأما "العاسرة: التي إذا عَدَت رفعت ذنبها "فهي تشبيه بتلك. ومنه "عَسُرت عليه حاجته: الْتاثَتْ " [الأساس] (الالتياث اشتداد وعدم جريان كالاعتياص والاعتياط) ومن هذا "العُسْر -بالضم وبضمتين الضيق والشدة والصعوبة (كما نقول أحيانًا: وقف حال). والأصل أنه عام في جريان الأمور على وجهها، لكن يبدو أنه ينصرف كثيرًا إلى ضيق النفقة أي قلة

(عسل)

الموجود منها عن المطلوب. {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5]، {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6]. في [قر 18/ 168] التعاسر هنا منه ما هو مالي (نفقة الإرضاع) وما هو غير مالي كرفض الأم إرضاع ولدها. والسياق في آيات [البقرة: 280، التوبة: 117 والطلاق: 7] يقضي أنه ماليّ. وفي سائر ما جاء من العسر هو اعتياص في جريان الأمور. والذي في [الشرح 5، 6] يصلح لكليهما. • (عسل): {وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} [محمد: 15] "عسل النحل معروف - عَسَل الماءُ (كضرب قاصر) عَسَلًا وعَسَلانًا -بالتحريك فيهما: حَرَّكَته الريحُ فاضطرب وارتفعت حُبُكه. وعَسَل الفرسُ (كذلك): اضطرم في عدوه فخفق برأسه واطّرَدَ مَتْنُه. وعَسَل الذئبُ: مضى مسرعًا واضطرب في عَدْوِه وهَزَّ رأسه. وعَسَل الرمح (جلس): اشتدّ اهتزازه واضطرب ". Qاضطراب جرم الشيء -في امتداده- مَعَ تماسكه. كما يتماسك جرم العسل مضطربًا إذا مُدَّ كالخيط، وكذلك الرمح إذا اهتزّ واضطرب يبدو تماسكه وكذلك اضطراب حركة جسم الفرس والذئب الموصوفة حين إسراعهما، وكحبك الماء تنتأ طرائقَ متماسكةً. فالعسل سُمِّيَ عسلًا لذلك التماسك مع الاضطراب {وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} ومنه "عَسَلُ اللُبْنىَ (= شجر) يَنْضَح من شَجَرها يشبه العَسل (في تمططه) ولا حلاوة له، والعُسَيلة: ماء الرجل ". ومن العَسَلِ المأكولِ: "معسولُ الكلام. والعُسُل -بضمتين (ج عاسل وعسول): الصالحون. و "إذا أراد اللَّه بعبد خيرًا عَسَله في الناس ": طيَّب ثناءه فيهم.

معنى الفصل المعجمي (عس)

° معنى الفصل المعجمي (عس): نفاذ (في كثيف أو منه) بامتداد ما - كما يتمثل في مخالطة ضوء النهار كثافة الظلام وامتداد العُسْعُس المستدق في الرمل -في (عسس). وفي غلظ النبات واشتداده وتجمع الماء في النقرة في الصخرة زمنا -في (عسوعسي)، وما يشبه كثافة باطن الناقة المعتاطة كأنها مصمتة، والتي لم تُرَض، والتي نَشِب ولدها في بطنها -في (عسر)، وكالتماسك الممتد المتين رغم الاضطراب في العَسَل والرمح في (عسل). العين والشين وما يثلثهما • (عشش): "عُشّ الطائر -بالضم: الذي يَجْمعه من حُطام العيدان (ويُعِدّه ليكون بيتًا له) والعَشَّة من النخل -بالفتح: الصغيرةُ الرأس القليلةُ السَعَف: عَشَشْتُ القميص (رد) رَقَعْته ". Qتداخل دِقاق القش ونحوه نسيجةً تقوم حيزًا لطيفًا (¬1) ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر العين عن التحام ورقّة مع عِرَضٍ وحدةٍ ما، والشين عن دقاق كثيرة منتشرة متفشية. والفصل منهما يعبر عن التحام الدقاق الكثيرة متجمعة باتساع ما كما في العُشّ. وفي (عشو) تعبر الواو عن الاشتمال، ويعبر التركيب عن اشتمال الأفق على ما هو نحو تلك الدقاق الملتحمة حتى تشبه الغِشَاء كما في عَشْوة الليل وكذلك اشتمال العين على نحو ذلك، وفي (عشى) تتوسط الياء بمعنى الاتصال، ويعبر التركيب معها عن اتصال يتمثل في الحياة أي بقاء الحيّ بين الناس الذين يعيشون على ظهر الأرض - مع مقتضيات ذلك. وفي (عشر) تعبر الراء عن استرسال ويعبر التركيب عن كثرة وتزايد لكن تداخل في الأثناء أو ترابط شديد كما في العُشَراء والعشيرة.

(عشو)

كالعُشّ، وكالرقعة يُسَدَّ بها خَرْق الثوب كأنها منه. ولُحظ في النخلة الصغيرة تداخُل سَعَفها وعدمُ انتشاره كما تكون النخل. ومنه: "عَشَّ بدنُ الإنسان: ضمُر ونَحِلَ " (خفّ ودقّ كالنسيجة المذكورة). وبَدَنُ الضامر متداخل. • (عشو): {وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} [آل عمران: 41] "عَشْوة الليل والسَحَر -بالفتح وبالضم، وعَشْواؤه -بالفتح: ظُلمته. والعِشاء - ككتاب: أول الظلام من الليل، إلى العَتَمَة، أو إلى طلوع الفجر. والعَشِيّ والعشية: آخر النهار أو من المغرب إلى عَتمة (وقال الأزهري إنه يقع على ما بين الزوال والغروب). والعَشَا - كالفتى: سُوءُ البصر بالليل والنهار يكون في الناس والدوابّ والإبل والطير ". Qغِشَاء من الظلمة يغشى الأفق يحجب الرؤية جزئيًّا: كوقت العشاء المذكور، والعَشا يَغْشى العينَ فلا تَرى، وأرجح القول بأن زمن العشاء يمتد إلى طلوع الفجر - أخذًا من الصيغة: {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً} [يوسف: 16]. كما أرجح أن زمن العَشِيّ ينتهي عند العتمة، أخذًا من مقابلته بالبُكرة وما بمعناها: {وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}، {لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [النازعات: 46]. ومنه "عَشَوْتُه: قَصَدْتُه ليلًا. ثم صار كل قاصد عاشيًا. وعَشَا إلى النار وعَشَاها واعْتَشاها واعْتَشَى بها: كله رآها ليلًا على بُعْد فقصدها مستضيئًا بها، وتلك النار عُشوة -مثلثة، يُعْشَى إليها أو بها (فالتعبير مأخوذ من حال زمن الفعل). وعَشَاه يَعْشُوه عَشْوًا وعَشْيًا -بالفتح: وكذلك عَشّاه - ض فعَشِى (كرضى) وتَعَشَّى: أطعمه العَشَاء - كسحاب - الذي يُؤكل في العِشاء "-

(عيش)

ككتاب (كذلك). ومن عَشَى "البصر: عَشِىَ يَعْشَى (كرضى) (كأنما غُشّىَ بصره بغشاء): ضَعُف: بصره. وعَشَا يعشو: أبصر بصرًا ضعيفًا. {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ} [الزخرف: 36] يَنْصَرف عنه (كأنه لا يراه) عَمِيًّا خابطًا في الظلام. ومنه "عَشِى عن حَقّ أصحابه (كرضى): ظَلَمهم "كما يقال عَمِى عن الحق. وسائر ما في القرآن من التركيب هو العَشِىّ والعشية - بالمعنى الذي ذكرناه. • (عيش): {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [القارعة: 6 - 7] "العَيْش -بالفتح: الحياة. عاش يعيش عيشًا وعيشةً ومَعيشًا ومعاشًا وعَيْشوُشة - قال الجوهري كل واحد من قوله معاشًا ومعيشًا يصلح أن يكون مصدرًا وأن يكون اسمًا مثل معاب ومعيب. والعيش: ما يعاش به يقال عيشهم اللَبَن، الخُبْزُ والحَبّ، التَمْرُ. والعَيش: الطعام (يمانية) وربما سموا الخبز عيشًا. والمعاش والمعيشة ما يعاش به ". Qالحياة الحيوانية بما تقتضيه من اغتذاء ونمو وحركة وسعي - كاللبن وسائر مواد الإعاشة المذكورة. وسيأتي ما يتضمن معنى السعي. وقد سبق الراغب والكفوي بتعريف العيش بالحياة الحيوانية. وكلمة (عيشة) على قياس اسم الهيئة {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21]، {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124] أي في الدنيا/ أو المقصود تضييق القبر عليه [قر 11/ 258، ل] وهذا مرجوح. وما في [القصص 58، الزخرف 32] بالمعنى الأول وحده. {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ} [وما في القصص:

(عشر)

58، الزخرف: 32، الحجر: 20]: أي ما تعيشون به أو أسبابه. فالمَعاش والمَعِيش صدران أو اسمان - كما قال الجوهري. والمَعِيش والمَعِيشة على الصيغة القياسية لِاسْمَى الزمان والمكان. وفي قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: 11] قال [قر]: فيه إضمار أي وقت معاش أي مُتَصَرَّفًا لطلب المعاش، وهو كل ما يعاش به من المطعم والمشرب وغير ذلك. فمعاشًا على هذا اسم زمان ليكون الثاني هو الأول. ويجوز أن يكون مصدرًا بمعنى العيش على تقدير حذف المضاف اهـ[19/ 172]. أقول هذا الأخير موافق للقياس والأول مخالف له من حيث إن اسم الزمان والمكان من صحيح اللام مكسور عين المضارع يكون على وزن مَفْعِل بكسر العين. • (عشر): {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] "كل حاملٍ عُشَراء - كنُفَساء. وقد عَشَّرت الناقة - ض: صارت عُشَراء. العِشْر -بالكسر: قطعة تنكسر من القَدَح أو البُرْمَة. والعُشَارة - كرخامة: القطعة من كل شيء. وعشيرة الرجل: بنو أبيه الأدنون ". Qتجمع أو كثرة بتداخل أشياء أو اختلاطها مكونة كيانًا مترابطًا. كالحامل بما في بطنها، وقطعة القَدَح أو البُرْمة من مكونات كيانهما. وأفراد العشيرة مترابطون. ومنه "عشَّر الحمارُ - ض: نَهَق ووالى بين (عَشْر) ترجيعات في نهيقه " (المقصود رَجَّع نهيقه عدة مرات وهذا تداخل وكثرة) "وقِدْر أعشار: عظيمة " (قالوا كأنها لا يحملها إلا عشرة - وعِظَمها يبدي شدتها وتداخلها، أو من عظمها كأنها من جوانب وقطع متداخلة مترابطة).

ومن الأصل "العِشْرة -بالكسر. المخالطة. والعشير: المُعاشِر (المخالط) القريب، الصديق، زوج المرأة وهي عشيرته وهو يعاشرها، (يخالطها معايشة أو نكاحًا). و "مَعْشَر الرجل: أهلُه، والمَعْشر: الجماعة والنَفَر، والقوم، والرهط " (المتداخلون الذين بينهم رابطة تجمعهم) {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] , {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] "عشيرة الرجل: بنو أبيه الأدنون، أو قبيلته. ومثلها ما في [التوبة: 249، المجادلة: 22] "، {لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ} [الحج: 13]: الصديق/ المعاشر/ القريب. {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأنعام: 130 ومثلها ما فيها 128، والرحمن: 33]. أي جماعتهم. {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} [التكوير: 4] الحوامل كقوله تعالى: {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا} [الحج: 2]. ومنه "العشرة: العدد "الذي فوق التسعة بواحد، إذ يدل على مجموعة متضامة مختلطة -وجاء التحديد فيما بعد- على السُّنَّة في نَشْأة سلسلة الأعداد. وفي [ل (عشر) 245/ 15] ما يفيد نظرهم إلى الأعداد كمجموعات. والألفاظ التي تدل على أعداد غير محددة كثيرة مثل بضع ونيف إلخ. و "العِشْر -بالكسر: ظِمْءٌ: يبلغ تسعة أيام (الظِمْءُ -بالكسر: ما بين وقت شُرب الإبل ووقت الشَربة التالية)، أما الجمع (عشرون) فهو عِشْرَان وجزء من الثالث [انظر المحاجة في ذلك ل عشر 247/ 15] {وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1 - 2] أول ذي الحجة. {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: 65]. ومن العشرة أخذت مشتقات كثيرة. {وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ} [سبأ: 45] "المِعْشَار، والعُشْر -بالضم، والعَشير: جزء من عشرة ". وكل ما لم نذكره من التركيب فهو من العدد (عشرة).

معنى الفصل المعجمي (عش)

° معنى الفصل المعجمي (عش): هو تداخل الدقاق الممتدة بعضها في بعض كما يتمثل في عُشّ الطائر والدقاق التي تتداخل فتكوّنه -في (عشش)، وفي غشاء الليل أي ظلامه الذي يشبه الغشاء الممتد في الأفق -في (عشو)، وفي وجود الحيّ بين الأحياء مع مخالطته إياهم والسعى بينهم على ظهر الأرض هنا وهنا -في (عيش)، وفي تداخل الجنين مع أمه العشراء في بطنها زمنًا طويلًا، وكذلك أجزاء الشيء في جرمه الكامل في (عشر). العين والصاد وما يثلثهما • (عصص - عصعص): "العُصْعُص: عَجْب الذنب. عَصَّ يَعَصّ: إذا صَلُب واشتد ". Qصلابة الشيء أو شدته ملتحمًا (¬1) كالعُصْعُص. وتؤكد ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر العين عن التحامٍ ورقة مع حدة ما، والصاد عن نفاذ بغلظ وقوة، والفصل منهما يعبر عن صلابة وشدة (غلظ) في الشيء الملتحم (الممتد من شيء) كعجب الذنب. وفي (عصو عصى) تعبر الواو عن اشتمال، والياء عن اتصال، ويعبر التركيبان عن اشتمال الشيء الممتد على صلابة وغلظ كالعصا، ومنها أخذ العصيان. وفي (عصب) تعبر الباء عن تلاصق في تجمع رخو، ويعبر التركيب عن اشتداد لما فيه رخاوة -كأعصاب المفاصل. وفي (عصر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن استرسال سائل لإحاطة الغلظ به ضَغْطًا كعصير العنب يسترسل بالضغط، وكتعصير الزرع، واسترسالُه نموه وامتدادُه وهو حركة مطردة بطيئة كأنها عن ضغط. وفي (عصف) تعبر الفاء عن طرد وإبعاده، ويعبر التركيب عن قَشْر ونَفْي أَوْ إِذهاب بغلظ وشدة إطارةً أو نحوَها كعَصْف التبن. وفي (عصم) تعبر الميم عن امتساك واستواء ظاهري ويعبر التركيب عن الامتساك بشدة وكثافة (بظاهر) شيء.

(عصو - عصى)

صلابتَه رخاوةُ ما حوله. • (عصو - عصى): {كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} [الحجرات: 7] "العَصا: العُود. وعَصَوَا البئرِ: عَرْقُوَتاهُ وهما الخشبتان اللتان تعترضان عليه كالصليب ". Qامتداد الشيء في صلابة وغِلَظ بحيث لا ينثني: كعَرْقُوَتَي البئر ممتدتين عَبرَ فمه صُلبتين، وكالعصا. {قَالَ هِيَ عَصَايَ} [طه: 18] وهي واضحة في سياقها وجمعها عِصِىّ {حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ} [طه: 66، الشعراء: 44] ويشتق من العصا اشتقاقًا لفظيًا "عَصَاه ضربه بها، وعَصِى (كرضي) لعب بها، واعتصى الشجرة قطع منها عصا (اتخاذ)، واعتصى بها توكأ، وأَعْصَى الكَرْمُ: خرجت عِصِيُّه " (إصحاب). ومنه يقال "عَصَا: إذا صَلُبَ (اشتد وصلب) واستعصي عليه الشيءُ: اشتد. واعتَصَتْ النواة (قاصر): اشتدَّت ". ومن هذا جاء العصيان فأصله الصلابة وعدم الانثناء أو الانقياد {وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: 36]، {وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} [الكهف: 69]، والصفة منه "عَصِىّ - كغَنِىّ " {وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا} [مريم: 14, ومثلها ما في 44]. والمصدر العصيان والمعصية {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} [الحجرات: 7] {وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ} [المجادلة: 8, 9]. والصلابة تكون من تركز التجمع. ومن هذا قالوا "عصوت القوم أعصوهم: جمعتهم على خير أو شر. عصا المسلمين: جماعتهم. شقَّ عصاهم: فرَّق جماعتهم ".

(عصب)

• (عصب): {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} [القصص: 76] "أعْصاب الإنسان والدابة: أَطنابُ المفاصل التي تلائم بينهما وتَشُدّها. والعِصابة - كرسالة: ما شُدَّ به، والعمامةُ. ورجل مَعْصُوبُ الخَلْق: شديدُ اكتنازِ اللحم. ولحمٌ عَصِبٌ - ككتف: صُلْبٌ شديد ". Qشَدّ أشياءَ أو أثناءِ شيءٍ معًا بمُمْتدٍّ مَتين. كالأعصاب للمفاصل، وكما تفعل العصابة والعمامة بالرأس، وكاللحم الشديد. ومنه "عَصَبَ الشجرة (ضرب) ضَمَّ ما تفرق منها بحَبْل، ورأسَه: شَدَّه، وعَصَبَ القَيْنُ صَدْعَ الزُجاجة بضَبَّة من فِضَّة: لأَمَها بها محُيطَةً بالصَدع. والعُصْبة -بالضم، وكرسالة: الجماعةُ ما بين العشرة إلى العِشْرين " (بينهم آصرة شديدة تربطهم، أو هم متحدون على أمرٍ ما) {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} [يوسف: 8]، {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} [القصص: 76 وكذا ما في يوسف: 14، النور: 11]. و "عَصَبَة الرجل -محركةً: بَنُوه وقرابتُه لأبيه " (مشدودون إليه بقرابة قوية من العصب والصلب لا من الرحم). ومن اشتداد أثناء الشيء يأتي معنى جفافها. "عَصَب: جَاعَ (يبِس باطنه) والعَصُوب: الجائع الذي كادت أمعاؤه تيبس جوعًا. وقد عَصَبَتْهم السنون: أجاعتهم. ويومٌ عَصِيب: شديد/ قد اشتد حتى ضاق على الناس فضاقوا به {وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} [هود: 77] فهذا كما يقال: شديد.

(عصر)

• (عصر): {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا} [النبأ: 14] "عَصَر العنبَ ونحوَه مما له دُهْنٌ أو شَرَاب أو عَسَل (ضرب): استخرجَ ما فيه. وعَصِيرُ الشيء وعُصَارته - كرُخامة: ما تَحلَّبَ منه إذا عَصَرْتَه. والعَوَاصر: ثلاثةُ أحجار يَعْصِرون العنب بها يجعلون بعضها فوق بعض. والاعْتِصار بالماء أن يَغَصَّ بالطعام فيعتصر بالماء يشربه قليلًا قليلًا ليسيغه ". Qضغط بثقل بالغ يُسِيلُ أو يُنْفِذُ ما في الأثناء من مائع ونحوه. كعصر العنب ونحوه إذا اعتُصِر. {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36] أي العنب ليصير خمرا {فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} [يوسف: 49]. أي يعصِرون العِنَب والزيت ونحوهما رمزًا لجرَيان الغَلَّة -أو يستغلون عامة- أي يُنتَج لهم. وقرئ "يُعْصَرون "للمفعول أي يُمْطَرون أو يُنْجَدُون. ولكن معاني هذه المحكية تبدو تكرارًا مع يُغاَث في الآية. فالأوّل أولى. ومن الأصل كذلك: "الإعصار رِياح شديدة تَهُبُّ من الأرض وتثير الغُبَار (اللاصق بالأرض بضغطها البالغ الشدة) فيرتفعُ كالعمود إلى السماء ". {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ} [البقرة: 266]. ومن لطف مصدر العصير (أي أنه مختزن في الثمر خفيّ) مع سيلانه شيئًا فشيئًا فيوحي بالاستمرار - عُبِّرَ بالعصر عن "الدهر "، لامتداده هكذا {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 1 - 2]-كما عُبّر به عما "بعد الزوال إلى احمرار الشمس "، لأن هذا الوقت نتيجةٌ وامتدادٌ لبلوغ الشمس أَوْجَها نعني أقصى شدتها) في فترة الصبح إلى الظهيرة، ثم إن الشمس تبدو أو تظل هذه الفترة في

(عصف)

انحدار كأنها تُدْفَع أو تُضْغط حتى تَغْرُب، وأيضًا فإن زمن العصر يوصف بأنه ضيّق فهو زمن معصور. و "المُعْصِر: الجارية. . أول ما أدركت وحاضت أو قاربت الحيض. و "المُعْصِر من السحب: التي تتحلب بالمطر ولمّا تجتمع "فهما من الاحتواء على عصير أي مائع ينزل قليلًا قليلًا كما ينزل المائع المعتصر {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا} [النبأ: 14] المراد السحب التي ينزل منها المطر [ينظر قر 19/ 173] ". ومن ذلك "الاعتصارُ: انتجاعُ العطية (استخراج). وعَصَره: أعطاه "ولعل أصلها: عَصَر له. والعَصْر يقع بحصر الشيء بين أشياء شديدة تحيط به ومن ذلك: (العَصْر بالفتح: الحبس والمنع، وبالتحريك والضم: الملجأ والمنجاة " (الذي يلجأ إليه الخائف فيحيط به بقوة، وتحوّل معنى الإحاطة ضغطا إلى الإحاطة حماية). • (عصف): {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ} [الرحمن: 12] "العَصْف -بالفتح: ما على حَبّ الحنطة ونحوها من قُشُور التبن، وما على ساق الزرع من الوَرَق الذي يَبِس فتَفَتَّتَ. عَصَفْنا الزرع: جَزَزْنا وَرَقه الذي يَمِيل أسفلَه ليكون أخف للزرع " [التهذيب] (الفلاحون عندنا يسمون هذا توريقًا أي نزعًا للورق المائل والذابل، ويستعملون اللفظ لنزع ورق أعواد الذُّرَة لتُعْلَف به مواشيهم). Qقَشْرٌ وإذهابٌ بقوة لما هو نَحْوُ الغِلافِ أو اللِحاء للحَبّ والزرع - كما هو واضح في الاستعمالات المذكورة {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ}

(عصم)

{فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل: 5] ومنه "عَصَفَت الريحُ (ضرب وجلس) تعصف ما مرت به من جَوْلان التراب. . وورق الزرع-/ تثيره وتَقْشِره {كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} [إبراهيم: 18]، {جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ} [يونس: 22] {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً} [الأنبياء: 81] {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (1) فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (2)} [المرسلات: 1، 2] أي الرياح الشديدات الهبوب [بحر 8/ 395] وفيه أقوال أخرى. "وأَعْصَفَ الفرس: مَرّ سريعًا " (يجعل الهواء القريب منه يعصف). ومن الأصل "عَصَفَ واعْتَصف: كَسَب وطَلَب واحْتَال (فالكسب من باب القشر كما قالوا جَرَّ، وحَرَفَ، وقَرَفَ). • (عصم): {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [آل عمران: 101] "العَصِيم: الصَدَأُ من العَرَق والهِنَاءِ والدَرَن والوَسَخ والبَوْل إذا يبس على فَخِذ الناقة حتى يَبْقَى كالطريق خُثُورة، وأَثَرُ القَطِران والخِضَاب ونحوها ". Qامتساك طبقة كثيفة بظاهر شيء بشدة - كتلك الطبقة بالفخذ وكأثر القطران والحِناء بالجلد. ومنه "طعام يَغصِم: يمنع من الجوع "- كأنه يبقى في البطن لا يزول بسرعة. ومنه "عَصَمه (ضرب): مَنَعَه ووَقَاه " (كأنما أحاطه بطبقة تحفظه أو أمسكه شديدًا أي حفظه) {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]، ومن ذلك الامتساك {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ} [آل عمران: 103]. استَمْسِكوا به بقوة تُمنَعُوا

معنى الفصل المعجمي (عص)

{وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ} [يوسف: 32]: امْتَنَع (تماسك واستعصى). "وعِصْمَة النكاح: عُقْدته ولُحْمَته التي تربط بين الزوجين " (ج عِصَم) {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]، "وأَعْصَم الرجل بصاحبه: لزمه، وبالفرس: امْتَسَك بعُرْفه " (خوفًا من السقوط - إمساك بالتحام). والعُصْمة -بالكسر والضم: القِلادة (لامتساكها في العنق). والعُصُم -بضمتين (ج عصام - ككتاب): حِبال تُنْشَب في خُرَب الرَوايا (الخُرَبُ = ثقوب تكون في حواشي الرَوايا أي القِرَب) تشدّ بها إذا عُكِمَت على ظهر البعير (لتلزمه) ثم يُرْوَى عليها بالرِواء "- ككتاب (رباط القربة وسيرُها الذي تُشَدّ به على الظهر أو نحوه). و "الأَعْصَمُ من الظباءِ الوُعُولِ وغيرها: الذي في ذراعه أو ذراعيه بياض (خلافًا للون سائر الجد فهو كالطبقة اللاصقة). والمِعْصَم: موضع السِوَار من اليد. (قال ابن فارس "لإمساكه السوار "- وهو جيد، والسوار يبقى لاصقًا به، ثم فيه تزكز القوة بين الساعد والكف). ° معنى الفصل المعجمي (عص): هو الصلابة والاشتداد كما يتضح في العُصْعُص عجب الذنب -في (عصص)، وفي صلابة العصا -في (عصوعصى)، وفي شدة الأعصاب التي هي أطناب المفاصل -في (عصب)، وفي الضغط الشديد وهو من جنس الاشتداد والصلابة (لأن الصلابة ما هي إلا تداخل ذرات الشيء من ضغط شديد أو نحوه (كما في الخشب الحبيبي الذي هو تبن مضغوط) -في (عصر)، وكما في العصف اللاصق بأصله علوقًا قويًّا -في (عصف). وكما في لصوق العَرَق وأثر القَطِران والحناء بظاهر الشيء لصوقًا قويًّا -في (عصم).

العين والضاد وما يثلثهما

العين والضاد وما يثلثهما • (عضض): {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} [آل عمران: 119] "العُضّ -بالضم: النَوَى المَرْضُوخُ، والكُسْبُ تُعْلَفُه الإبلُ. وكسحاب: ما غَلُظ من النَبْتِ وعَسَا. عَضّه الكلْبُ يَعَضّه -بالفتح: شَدَّ عليه بأسنانه ". (المرضوخ: المدقوق). Qفالأصل الضَغْطُ بشدة على جِرْم الشيء بَيْن الأسنان ونحوها (¬1) ويلزمه تَفَتُّتُ الجرم كذلك النوَى والكُنب. وعَضَاض النبت بوصفه المذكور شأنه أن يمضغ بالأسنان عند الأكل ليتفتت {عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} (كناية عن شدة الغيظ، والكناية يتأتى فيها المعنى الحقيقي أيضًا) ومثله {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} [الفرقان: 27] لكن هذا شدة ندم ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر العين عن التحام ورقة مع حدّة ما، والضاد عن ضغط بكثافة وغلظ، والفصل منهما يعبر عن ضغط شديد بين الأسنان قد يلزمه التفتت كالعض وكأكل العَضَاض. وفي (عضو) تعبر الواو عن الاشتمال ويعبر التركيب عن اشتمال على منضغط أي مجتمع ملتئم كما في العضو: كل عَظم وافرٍ بلحمه. وفي (عضد) تعبر الدال عن احتباس بضغط، ويعبر التركيب عن احتباس الغلظ أي في جانب أو ناحية من الجسم كالعَضُد. وفي (عضل) تعبر اللام عن امتساك مع استقلال، ويعبر التركيب عن تجمع تراكمي مشتد في حيز ينشب فيه دون غيره (استقلال) كما في العَضَلة الي يتجمع فيها اللحم غليظًا منتبرًا متميزًا دون ما بجوارها، وكتعضيل المرأة بولدها.

(عضو)

وهو من باب الغيظ لكنه سلبي بسبب عدم فرصة الاستدراك. ومنه "عَضَّ الثقافُ بأنابيب الرمح وعَضّ عليها: لزمها (أي أمسكها بتمكن وضغط فَضَبَطها - والثِقاف أداة للتقويم من صورها قضيب من الصُلْب في طرفه ثَنْية يُدْخَل فيها الرمْحُ فيتيسّر تقويمه، وسيخُ الحديد ليُثْنَي كما يُراد) "عضّ الرجلُ بصاحبه: لزمه. رجل عِضّ -بالكسر: داهية (يتمكن من الأمر الذي يواجهه). وماء عَضُوضٌ: بعيدُ القعر يُسْتَقَى منه بالسانية (لزِمَ بطن الأرض وغاصَ فيه، أو كأن جوف الأرض عَض عليه) ومُلْك عَضُوض: يصيب الرعية فيه عَسْفٌ وظُلم (تضييق وقهر - ويتأتى أن يفسّر العَضُوض/ بالانفرادي والأُسَرى) والتَعْضُوض ضَرْبٌ من التمر شديد الحلاوة " (يكتنز بالحلاوة/ أو يُغرِى بالمضغ). • (عضو): {كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: 90 - 91] "العُضْو -بالضم والكسر: الواحدُ من أعضاء الشاة وغيرها، وكلُّ عظم وَافِر بلحمه. وعَضَا مالًا يعضُوه: فَرَّقه. وعَضَّى الذبيحة - ض: قَطّعها أعضاءً وقسّمها ". Qتجزؤ بتوفّر أي في أجزاء عظيمة موفَّرة لا دقيقة. كأعضاء الذبيحة. ومنه "العِضَةُ كعِزَة. .: القِطْعة والفرقة (من الشيء)، ونَقْصُها الواو وأصْلها عِضْوَة {جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. أو فرّقوا أقوالهم فيه فجعلوه كذبا وسحرا وكهانة وشعرا [قر 10/ 59].

(عضد)

• (عضد): {قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا} [القصص: 35] "العَضُدُ -بفتح. فضم وفيه وجوه أخرى - من الإنسان وغيره: ما بين المِرْفَق والكتف. وعَضُد البِنَاء وأَعْضَادُه: ما شُدّ من حَواليه كالصَفائح المنصوبة حَوْلَ شَفير الحوض. وعِضَادَتا الباب: الخشبتان المنصوبتان عن يمين الداخل منه وشماله (: ما يسمى الحلق). وأَعْضَادُ المزارع: حدودها التي تكون بين الجار والجار كالجدران في الأرضين. وعَضُد الإبط: ناحيته ". Qاكتناف الشيء بغليظ قوي يشده يمتد بجانبيه أي يقتصر امتداده على ذلك. كالأعضاد المذكورة. ومن الامتداد بغلظ دون قيد الاكتناف "العَضُد من النخل: طريقة النخل ". ومن القِصَر مع الغِلَظ: "العَضَاد - كسحاب: القصير من الرجال والنساء، وعَضُدٌ عَضِدَة - كفرحة: قصيرة. والنخلةُ العَضِيد: التي لها جِذْع (قصير) يتناول منه المُتنَاوِل فإذا فاتت اليد فهي جبارة ". ومن التشبيه في التقَوِّى - أخذًا من اكتناف الشيء بغليظ (يقويه ويحميه) {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} [لكهف: 51]. أي أعضادًا أي أنصارًا (يشَتَدّ ويقْويَ بهم أَمْري) ومنه على المثل {قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ}. أما "عَضَدَ الشجر (ضرب): قَطَعه بالمِعْضَد "فهو من إصابة ذلك الغليظ الممتد وهو الشَجَر أو الإصابة بما هو غليظ قوي. تأمل: "المِعْضَد والمِعْضَاد من السيوف: الممتهنُ في قَطْع الشجر قال: {سيفًا فِرِنْدًا لم يكن مِعْضادًا}. و"المِعْضَاد سيف يكون مع القَصَّابين تقطع به العظام/ حديدة ثقيلة. . يقطع بها الشجر ".

(عضل)

• (عضل): {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: 19] "العَضَلة -بالتحريك، والعَضِيلة: كُلُّ عَصَبة معها لحم غليظ منتبر مثل لحم الساق والعَضُد. وعَضَّل بهم المكانُ، والأرضُ بأهلها - ض: ضاق لكثرتهم. وعَضَّلَت المرأةُ بولدها - ض: نَشِب فخرج بعضُه ولم يخرج بعضٌ فبقى معترِضًا، وكذلك الدجاجةُ ببيضها والشاةُ والطيرُ، وكذا أعضلت. والعَضَل -محركة: الجُرَذُ/ ذَكَر الفأر ". Qغِلَظٌ مع نشوب في الموضع/ تجمع غليظ ونشوب في الموضع لا ينصرف. كعضلة الساق والعضد، وكما يَنْشَب الولد والبيضة في سبيل نزولها. والجُرَذُ يبدو مكتنزًا قصيرًا كالعضلة. (وأغفل قيد عدم الانصراف). ومن النشوب في الموضع مع الغلظ أُخِذَ العَضْل: "عَضَل الرجلُ أَيِّمَه وعَضّلها - ض: مَنَعَها الزواج ظُلمًا ". {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] (هذه موجهة لمن له ولاية على المرأة)، {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: 19] وهذه للأزواج كأن يمسكها ضرارًا لتضطر إلى الاختلاع منه. ومن معنوى ذلك: "أعْضَل به الأمرُ وأعضله: ضاقت عليه فيه الحِيَل وكذلك عَضّل في أمره - ض: ضَيّق. والمُعْضِلات: الشدائد من ذلك، وكذلك المسائل الصعبة الضيقة المخارج. والداء العُضال - كصداع: يُعْيِي الأطباءَ علاجُه " (ينشب لا يزول/ لا يمر - مع غلظه أي شدته) وقالوا "إذا وقع فهو عُضال، فإذا لزم فهو مُعْضِل "- فاعل أعضل.

معنى الفصل المعجمي (عض)

° معنى الفصل المعجمي (عض): هو التجمع مع ضغط شديد أو ضغط واشتداد) كما يتمثل ذلك في العَضّ بالأسنان -في (عضض)، (وهم يفسرون العَضَّ بالشَدّ بالأسنان. [في ل]: "العَضُّ: الشَدُّ بالأسنان على الشيء "والجافّ الذي يُعَضّ ينضغط أي يتداخل بعضه في بعض ويشتد - كالعَضَاض: ما غلظ من النبت، أو تنفذ فيه الأسنان فيتفتت - كالعُضّ -بالضم: النوى المرضوح)، وكما يتمثل في عضو الذبيحة بتجمعه ملتفًّا لحمه بعضه ببعض كالمضغوط أو المشدود معًا -في (عضو)، وكما يتمثل في غلظ العَضُد أي قوته وشدته -في (عضد)، وكما يتمثل في الغلظ مع النشوب -في (عضل). العين والطاء وما يثلثهما • (عطط): "الأَعَطُّ والعَطَوَّطُ - كعَمَلّس: الطويلُ. والعَطَاط - كسحاب: الجسيم الطويل الشجاع ". Qامتداد الشيء مع غِلَظه (¬1) كالطويل الجسيم. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): العين تعبر عن التحام ورِقّة مع حدّة ما، والطاء عن تمدد باتساع وامتلاء أو استغلاظ، والفصل منهما يعبر عن امتداد الشيء مع غلظه كما في الأعط الطويل والعطاط الطويل الجسيم. وفي (عطو) تزيد الواو معنى الاشتمال، ويعبر التركيب عن اشتمال على قدرة التمدّد كالظبي العطُوّ، وفي (عطف) تعبر الفاء عن إبعاد أو انتهاء وانقطاع بقوة، والتركيب يعبر عن نحو الانثناء وما هو إلا انقطاع الامتداد على استقامة وابتعاد عنه باتجاه الممتد إلى جهة أخرى إذ ينعطف. وفي (عطل) تعبر اللام عن =

(عطو)

• (عطو): {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5] "ظَبْيٌ وجَدْيٌ عَطُوّ -بالفتح، وعلى فَعول: يتطاول إلى الشجر ليتناوله. وقوس عَطْوَى - كسَكرَى وكمُحْسِنَة: لينة ليست بِكَزَّةٍ ولا ممتنعة على من يَمُدّ وترها ". Qتمطّط الشيء وامتداده للتناول: كالظَبْي الذي يتطاول ليناول الشجر، وكالقوس والوتر المَرِن الذي يمتد فيتأتَّى قذف السهم به في تمكّن. ومنه: "عطا فلانٌ الشيءَ يعْطُوه: تناوله باليد، شيء لا تعطوه الأيدي: لا تبلغه فتتناوله. وعطا بيده إلى الإناء: تناوله وهو محمول قبل أن يوضع على الأرض ". (مدّ ومطّ يده إليه). ومن هذا: "الإعطاءُ "بمعنى مَدّ اليد بالشيء ليتناوله آخرُ: "أعطاه مالًا أو غيره: ناوله. والمعاطاة: المناولة. وتعاطَوْا الشيء: تناوله بعضهم من بعض. . . {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} [التوبة: 29]، {وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} [الإسراء: 20]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو من هذا العطاء، عدا {فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} [القمر: 29]، قيل: قام على أطراف أصابع رجليه، ثم رَفَع يدَيه، فضربها (وهو من التمطط في الأصل). وقيل: تعاطي عَقْرَ الناقة فناله. والأول أقوى؛ لأنه آصلُ، وفيه زيادة تشنيع على عاقر الناقة ". ¬

_ = امتساك مع استقلال، ويعبر الفصل المذيل بها عن امتساك الشيء على مجرد امتداده في ذاته غير متعلق (منشغل) لشيء آخر - وهذا استقلال.

(عطف)

• (عطف): {ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الحج: 9] "العَطَفَة -بالتحريك: اللَبْلاب. والعطائف: القِسِيّ واحدها عَطِيفة. وقوس عَطْفَى: معطوفة. وشاة عاطفة بينة العُطُوف: تَثْنِي عُنُقَها لغير عِلة. والعِطْف -بالكسر: المَنْكِب (وهو مجتمع عظم العَضُد والكَتِف). وعَطَفْتُ رأسَ الخشبة (ضرب) فانعطف: حَنَيته فانحنى. وعَطَفَ رأسَ بعيره إليه: عَاجَه وعَطَفَ وساده: ثَنَاه ليرتفع عليه ". Qثَنْيُ الممتد إلى غير وِجْهة بَدْءِ امتداده - كالثَنْي في ما سبق. واللَبْلابُ يلتف حول الشجر، والمَنكِبُ معطوف. ومن العِطف -بالكسر: "العِطَاف: الرداء. لوقوعه على عِطْفَى الرجل ". [ل]. ومن استعماله في الكناية: "ثَنَى عِطْفه: كناية عن الإعراض والتكبر "كما تقول العامّة (أدار كتفه). {ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}. [ل]. ومن استعمال الفعل في لازم معناه. "عَطَف عليه: رجع: عليه بما يكره، أولَه بما يريده. ورجل عَاطف وعَطُوف: عائد بفَضْل حُسْن الخلق، وتعطف عليه أشفق " (فكل ذلك من الانثناء وقد اشتهر في المعنى الذي عبّر عنه بالرجوع له بما يريد، وبالإشفاق - كما في حنا عليه، حَدِب عليه). • (عطل): {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} [التكوير: 4] "العَطَل -بالتحريك: شَخْص الإنسان: ما أحسن عَطَله: أي شَطَاطَه وتَمامَه. وعَطِلَ الجسم (فرح): تَمَّ وطال. قوس عُطُل -بضمتين. لا وَتَر عليها.

معنى الفصل المعجمي (عط)

دلو عَطِلَة: انقطع وَذَمُها (سَيْرها) فتعطلت من الاستقاء بها. عَطِلَت المرأة (فرح): إذا لم يكن عليها حَلْي وخَلا جيدُها من القلائد فهي عاطل وعُطُل -بضمتين ج أَعْطَال وكذلك الأَعْطَال من الخَيْل والإبل: التي لا قلائد عليها ولا أرسانَ لها ". Qتجرد الشيء الممتدّ مما هو زائد لكمال النفع أو الزينة. كشخص الإنسان (طول الرجل يكفي زينة) وكالقوس والمرأة والخيل والإبل الموصوفات. ومنه "عَطِلَ الرجُل من المال والأدب (فرح) فهو عُطُل -بضمة وبضمتين، والغلاتُ والمزارع: لم تُعْمَر ولم تُحْرَث، والدارُ: أُخْلِيت. (كل ذلك تجرد من آلة النفع أو الزينة) وبئر مُعَطَّلة: لا يُسْقَى منها ولا ينتفع بها لبُيود أهلها أو لغئور مائها [قر 12/ 74] {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ} [الحج: 45]، {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} النوق الحوامل أُهْمِلت، وخَصّها لأنها أعز ما تكون عندهم [قر 29/ 288]. . هذا وقد قالوا "التعطيل التفريغ " [ل] ومنه تعطيل الدار، فهذا يفتح بابًا لتأويل تَعَطُّل العِشار بوضع الحمل كما قال تعالى: {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا} [الحج: 2]. ومن التجرد والفراغ والخلو "تعطَّل الرجل: بَقِيَ لا عمل له، والاسم العُطْلة -بالضم، ورجل ذُو عُطْلة: ليست له ضَيْعة (حِرفة) وتعطيل الحدود: أن لا تقام على من وجبت عليه ". ومن مادي الأصل - مع قيمة الياء "العَيْطَل -بالفتح: الناقة الطويلة، وهضبة عَيْطَل: طويلة. والعَطَل -بالتحريك، والعَيْطَل: شِمراخ من طَلْع فُحَّال النخل يُؤَبّرُ به " (كأن المعاني هنا مركزة في الامتداد). ° معنى الفصل المعجمي (عط): هو الامتداد مع غلظ ما كما يتمثل في

العين والظاء وما يثلثهما

"العطاط: الجسم الطويل الشجاع "-في (عطط)، وفي الظبي العَطُوّ الذي يتطاول إلى الشجر ليتناوله -في (عطو)، وفي امتداد اللبلاب -في (عطف)، وفي امتداد الشخص المجرد مما ينفع -في (عطل). العين والظاء وما يثلثهما • (عظظ - عظعظ): "عَظْعَظ السهمُ: الْتَوَى وارْتَعَشَ واضطرب عند الرمي به، والرجلُ: نَكَصَ عن الصيد. والجبانُ يُعَظعِظ: إذا نكص ". Qنكوص الشيء عن التقدم أو الاستقامة في الاتجاه متراجعًا على نفسه (¬1). كحال السهم والرجل الجبان المذكور. ومنه قولهم "عَظَّه بالأرض: أَلزْقه بها "فهذا خفض وصَرْع وهو ردٌّ عن الارتفاع - من النكوص. ولا أُبْعِد أن تكون الظاء في الاستعمال مبدلة من الضاد. • (وعظ): {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} [سبأ: 46] ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر العين عن التحام ورقة مع حدة ما، وتعبر الظاء عن تجمع غليظ مع رقة ما، والفصل منهما يعبّر عن الانثناء ضعفًا (وخوفًا) كما في عظعظة السهم والرجل. وفي (وعظ) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال والاحتواء، والتركيب يعبر عن اشتمال الكلام على تخويف من التقدم أو الاستمرار كما في الوَعْظ والاتعاظ. وفي (عظم) تعبر الميم عن استواء ظاهر الشيء على ما في جوفه. والتركيب يعبر عن استواء ظاهر على تجمع وغلظ ضخامة أو شدة كما في العظام وعِظَم جِرْم عَظَمة الساعد واللسان.

"الوَعْظ والعِظة والمَوعِظة: النُصْح والتذكير بالعواقب. تذكير الإنسان بما يلين قلبه من ثواب وعقاب. وقد وَعَظَه فاتّعظ ". Q(كلام أو عمل) يُنَبَّه به الإنسانُ إلى عواقب ما يفعله أو ما هو مُقْدِم عليه (ليتوقَّفَ عنه): كما هو واضح في معنى الوعظ. وقيد التوقف يؤخذ من التذكير بالعواقب. وكأن الأصل في معنى التركيب أنه خاص بالزجر عما له عواقب سيئة فحسب، ثم عُمِّم في الحضّ على ما له ثواب. ولهذا أصل في تعبير الفصل (عظظ) عن النكوص وعدم الاستمرار: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء: 34]، {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 66]: {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا} [النور: 17]: أي كراهية أن تعودوا [قر 12/ 205]. {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [هود: 46]: أنهاك عن هذا السؤال (أي طلب أن يُنَجِّي اللَّه ابنه)، وأحذرك لئلا تكون أو كراهية أن تكون من الجاهلين أي الآثمين [قر 9/ 48]. ومن التعميم المذكور: استعماله في التوجيه الحادّ الصارم -كما في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} [سبأ: 46]. أما قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90]. فهو تنبيه للالتزام بهذه المعالم الجامعة. {وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 66] موعظة: مَفْعِلة من الوعظ. والوعظ: الإذكار بالخير بما يرق له القلب [بحر 1/ 403] فقوله (إذكار) هو ما عبرنا عنه بالتنبيه. وكل ما جاء في القرآن من التركيب فهو بمعنى هذا الإذكار والتنبيه.

(عظم)

• (عظم): {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل: 26] "العَظْم -بالفتح: الذي عليه اللحْم من قَصَب الحيوان معروف. والعَظَمة -بالتحريك- من السَاعِدِ: ما يلي المِرْفَق من مُسْتَغْلَظ الذراع وفيه العَضَلة، ومن اللسان ما عظُم منه وغَلُظ. والعُظْمة -بالضم، وكوِسادة وتُفّاحة وإصْبَارة والعَظِيمة: كلُّه ثوبٌ أو نحوُ الوِسادة - تُعَظِّمُ به المرأةُ عَجيزتها ". Qغِلَظُ جَسَامةٍ أو صَلابة. كما في عَظَمة الساعد واللسان (ولعله نظر في تسمية العظم إلى أنه يبنى عليه اللَحْم أي العِظَم كما قال تعالى: {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} فيكون اللفظ بمعنى اسم الفاعل، أو سمي لصلابته التي تجعله لا ينقص بالغمز) ثم استعملت في الضخامة المعنوية من عِظَم الشأن والأمر {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} [المؤمنون: 14]. وكل ما كان على صيغة (العَظم) بالفتح، وجمعها (عظام) فهو هذه المادة الصُلبة التي يبنى عليها اللحم، وما عدا ذلك فهو بمعنى الجسامة والضخامة الحسية أو المعنوية قدرًا أو أثرًا {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [النمل: 22]، {وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} [الطلاق: 5]، {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج: 30]. ° معنى الفصل المعجمي (عظ): الانثناء (أو ما يلزمه من ضخامة) كما يتمثل في عظعظة السهم التوائه وارتعاشه واضطرابه عند الرمي به -في (عظظ)، وكما يتمثل في الازدجار اتعاظًا بمعنى أو حَدَث -في (وعظ)، وكما يتمثل في جسامة العِظَم وصلابة العَظْم كانما عن انثناء أو كثافة وتركز -في (عظم).

العين والفاء وما يثلثهما

العين والفاء وما يثلثهما • (عفف - عفعف): {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ} [البقرة: 273] "اعتقّت الإبلُ اليبيس واستعفّته: أخذته بلسانها من فوق التراب مستصفية له. العُفافة: أن تأخذ الشيء بعد الشيء فأنت تعتفّه. العِفاف - ككتاب: الدواء ". "العُفَّة -بالضم: وكثُمَالة: بَقِيَّةُ الرَمَث -هذه محركة- أي بقية اللبن في الضَرْع بعد ما يُمْتَك أو يُحْلَبُ أكثرُه، وقيل العُفَافة: القليل من اللبن في الضرع قَبْل نُزُول الدِرَّة. ويقال: تَعَافَّ ناقتَك يا هذا، أي احلُبْها بعد الحَلْبة الأولى. وقالت المرأة لابنتها: تَعَفَّفي أي اشربي العُفافه " [تاج]. Qتجمع (على الظاهر) مع قِلة (¬1): كاليبيس فوق التراب، وهو طبقة رقيقة ولاشك؛ لأن الإبل تستصفيه من التراب. والقلة واضحة في أخذ الشيء بعد الشيء. وبقية اللبن في الضرع بعدما يُمتَكّ أكثره تكون قليلة وهي تجمُّع للمتبقي، ولا تُتَناول إلا بعد ما تُحلب (إلى الظاهر)، والدواء يستعمل بقلة عادة. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر العين عن التحام ورقة مع حدّة ما، والفاء عن انتهاء أو طرد وإبعاد في جفاف، والفصل منهما يعبر عن قلة ما يوجد أو يبقى من الشيء الرقيق كالعُفّة من اللبن في الضرع بعد الحلب (أي بعد ذهاب أكثر اللبن)، وكيبيس المرعى فوق التراب (أي هو قليل ليس طبقة كثيفة). وفي (عفو) تعبر الواو عن اشمال ويعبر التركيب عن تغطي الشيء بطبقة خفيفة (أي اشتمالها عليه) كما في العِفَاء: ما كثُر من الوبر والريش. وفي (عفر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن انبعاثٍ مسترسل أي متوال أو ممتد - لما هو دقيق الجرم كعفرية الديك والعَفَر.

(عفو)

ومن معنى قلة التناول أُخِذَ المعنى الشائع للعِفَّة وهو "الكَفّ (أي عدم التناول) عما لا يَحِلُّ أو يَجْمُل، والكفّ عن المسألة والحِرْص، عَفّ الرجل وتعفف واستعف: كَفَّ عما لا يَجْمل أو يَحلّ/ عن المحارم والأطماع الدنيئة {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} [البقرة: 273] {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النساء: 6]، {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 33 وكذلك ما في 60 منها]. وواضح في ضوء الأصل أن العِفّة تتحقق بقلة التناول أيضًا -لا بالكف التامّ وحده- كما يُفْهم من كلامهم. هذا، وأما "العَفْعَف: ثمر الطلح "فالطلح شجر عظيم الجرم، فلعلهم استصغروا ثمره (الذي هو بَرَم طيب الريح) بالنسبة لعِظَم الشجر. وكذلك "العُفَّة -بالضم: سمكة جرداء بيضاء صغيرة إذا طُبخت فهي كالأرز في طعمها " (أو لأنها يَجْتزئ بها (يستعِفّ) من لا يجد مِلْءَ بطنه). • (عفو): {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا} [البقرة: 286] "العِفَاء - ككتاب: ما كثُر من الوَبَر والريش. ناقةُ ذاتُ عِفاء: كثيرة الوبر طويلتُه قد كاد يَنْسِل. عفا شَعَرُ البعير: كثُرَ وطال فغطَّى دَبَرَه (الذي في ظهره). وعِفَاءُ النعامة: الريش الذي علا الزِفَّ الصغار (الزِفّ -بالكسر: صغير الريش) وكذلك عِفَاء الديك والطير. ولا يقال للريشة عِفَاءَةٌ حتى يكون فيها كثافة. وعِفَاء السحاب أيضًا كالخَمْل في وجهه. وأرض عَافِيَة: لم يُرْعَ نَبْتُها فَوَفُر وكَثُر. وعَفَت الأرضُ: غَطَّاها النباتُ والعُشْب ". - وعَفَت الريح الأثرَ تعفوه: طمسته

ومحته " (أي بما تثير من التراب). Qتَغَطِّى الشيءِ طبقة خفيفةٍ أو هَشَّةٍ (تنشأ منه) كما يُغَطِّى الوبرُ والريشُ والنباتُ والترابُ الذي تجلبه الريح ما تحته. وكالخَمْل في وجه السحاب. ومنه "العَفْو -بالفتح وكفتى: الأَرْضُ الغُفْل لم تُوطأ وليس بها آثار (كأنها مغطاة). وعافِي القِدْر: ما يُبْقِي فيها المستعيرُ لمعيرها عند رَدّها (غِطاء لقاعها)، وما يُرْفَع من المَرَق أوَّلًا تُخَصُّ به الجاريةُ لتَسْمن، أو مَنْ يُكْرَم (به طبقة دُهْن تغطي وجه القدر). وغُلامٌ عافٍ: وَافِي اللحم كثيرُه " (مغطى به). ومن ذلك عُبِّرَ بالعَفْو عَنْ كَثرة القوم كأنهم طَبَقَة تَغْشَى وجه الأرض {حَتَّى عَفَوْا} [الأعراف: 95]. ومن ذلك الأصل ما يكون كالزيادة على الشيء التابعة له "العِفْو -مثلثة: وَلَدُ الحمار ". ومنه "العَفْو من المال -بالفتح: الفَضْل والزائدُ عن النَفَقَة "كما أن الوَبَر والرِيشَ ونَحْوَه زائدٌ على الجِلْد، والتُرَابُ زائد على وجه الأرض - {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: 219] ومنه قيل "عَفَاه: أتاه يطلب المعروف والفضل (العَفْوَ). والعافيةُ والعُفَاةُ: الأضيافُ وطُلَّابُ المَعْرُوف وطُلّابُ الرِزْق من الإنس والدوابّ والطير ". ومن الأرض "العَفو عن الذنوب: عَدَم المؤاخذة عليها ". وكأن من عفا غطّاها أو أعرض عنها فلم ينظر إليها {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التوبة: 43]. وهو قريب من المغفرة، لكن النظر إلى أصل كل منهما يقضي بأن المغفرة فيها لطف وتكريم، لأن استعمالها في العطية الحسية يقصد بها الحفظ - كما في المِغْفَر وقولهم: اصْبُغ ثوبك بالسواد فإنه أغفر لوسخه (¬1) والعفو الترك كأنه تَرْك ¬

_ (¬1) أصل هذا الملحظ للراغب في المفردات (غفر).

(عفر)

الشيء مغطَّى بغطائه لمّا لم يُؤْخَذ منه. وبه فَسَّروا -أيضًا- {خُذِ الْعَفْوَ} [الأعراف: 199] أي السمح السهل (البادي الظاهر) من أخلاق الناس تَقَبَّلْه ولا تستَقْصِ عليهم [ل، قر] ولكني أقف مع تفسيرها بالصفح، حيث ورد به الحديث الشريف وهو أقرب للمعنى [ينظر قر 7/ 5] وكان الأصل خُذْ بالعفو. كما يُفَسَّرُ به قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: 178] تُرِك له أو يُسِّر له وهو من الترك والفضل. [ينظر قر 2/ 233] وكذا قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: 237] أي النساء فيتركن نصف المهر الذي وَجَبَ لهن {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] "الزوج يترك النصف الباقي ". وسائر ما في القرآن من التركيب هو بمعنى الصفح هذا. • (عفر): {قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ} [النمل: 39] "عِفْرِيَةُ الديك - كهِبْرَية: ريشُ عنقه/ وكذلك الشَعَراتُ النابتاتُ في وَسَط الرأس يَقْشَعْرِرْنَ عند الفزع. والعُفرة -بالضم: شَعْرَة القَفَا من الأَسد والديك وغيرهما. وهي التي يُرَدِّدها إلى يافوخه عند الهِرَاش. والعَفْوُ -بالفتح والتحريك: ظَاهِرُ التُرَاب. والعَفِيرُ: السَويقُ لا يُلَتّ بإدام. وتَغفِيرُ اللحم: تجفيفه على الرمل في الشمس ". Qانبعاثٌ (عند الاستثارة) بحدّة وجفاف أو تَفَرُّقٍ كالريش والشعر الموصفين عند التأهب للهجوم، (فهذا إنذار بشر وهو استثارة ويمون الشعر والريش حينئذ متفرّقا، والعَفَر تثيره الريح فينتشر ويؤذي. والسويق غير الملتوت يمون جافًّا متفرقًا غير متماسك، وتعفير اللحم تجفيف

معنى الفصل المعجمي (عف)

وكلاهما فيه حدة حينئذ من حيث هو طعام، فالسويق العفير واللحم المعفَّر فيهما جزء معنى اسميهما المأخوذين من (عفر) وهو الجفاف الذي هو أيضًا حِدّة. ومن الجفاف في الأصل وما يلزمه من صلابة "تعفيرُ الوحشية ولدَها إذا أرادت أن تفطمه: تقطع عنه الرضاع أيامًا ثم تعود ثم تقطع. فالجفاف هنا أقل من سابقه. ومن معنوى هذا: "العُفر -بالضم: البعد وقلة الزيارة " (جفاء). أما "العُفْر -بالضم: الشجاع الجَلْد، والغليظ الشديد. ورجل عِفْر -بالكسر وكهِبْرِية، وعِفريت بين العَفَارة - كسحابة: خبيث مُنكَر نافذٌ في الأمر وبالغٌ فيه مع دَهاء، وعِفِرّ - كطِمِرّ: قوي عظيم، وعِفْرِيَة - كهبرية: مُصَحَّح " (كمعظم أي لا يصاب) فكل هذا من الجفاف والجفاء والحدة ونحو ذلك مما يظهر عند الاستثارة خاصة. ومن هذا العفريت {قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} [النمل: 39] فهذا شديد قويّ كما وصف نفسه. "وقد تَعَفَّر الوحشي: سَمِنَ (السمن غلظ حجم وحدّة مادة) واعتفره الأسد: افترسه (إصابة). ومن الانبعاث عند الاستثارة مع الجفاف قالوا "عَفَرَ الزرعَ، وهو "أن يُسْقَى (الزرع) سَقْية ينبت (عنها) ثم يُتْرك أيامًا لا يُسْقَى يخها حتى يعطش، ثم يُسْقَى فيصلح على ذلك. . والعَفَار أن يُتْرك النخل بعد السقي أربعين يومًا لا يسقى لئلا يَنْتَفِضَ حَملُها ثم يُسقَى ثم يُتْرك إلى أن يَعْطَش ثم يسقى ". هذا وقد اشْتَقوا من العَفَر: ظاهر التراب "العُفْرة -بالضم: لون " (يشبهه). وغيرها. ° معنى الفصل المعجمي (عف): قلّة المتاح على الظاهر من الشيء أو قلة

العين والقاف وما يثلثهما

المتناول منه كما تمثل في اعتفاف الإبل اليبيس وفي العُفّة: بقية اللبن في الضرع -في (عفف)، وفي الطبقة الخفيفة أو الهشة من التراب أو الوبر التي تغطى ظاهر الشيء -في (عفو)، وفي شعر القفا من الأسد والديك مع خفته عندما يقِفّ، والعفَر ظاهر التراب -في (عفر). العين والقاف وما يثلثهما • (عقق): "يقال لكل ما شَقَه ماءُ السبل في الأرض فأَنْهرَهَ ووَشَعَه: عَقِيق. العَقّ -بالفتح: حَفْر في الأرض مَسْتطيل. والعَقَّةُ: حُفْرَة عميقة في الأرض. وانعَقَّ الوادي: عَمُقَ. وعَقَّتْ الريحُ المُزْنَ: إذا استدرَّتْه كأنها تشقه شقًّا ". Qشَقُّ الشيء وخروج غليظ باطنه منه (¬1) كالأرض ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر العين عن التحام ورقة مع حدّةٍ ما، والقافُ عن تعقد واشتداد أو غلظ في العمق، والفصل منهما يعبر عن شق يصل إلى العمق (فيخرج غليظ ما فيه) كشق الوادي، وكالحمْل في البطن شأنه أن يخرج. وفي (عوق) تعبر الواو عن اشتمال ويعبر التركيب عن وجود غليظ متعقد يعترض الجريان في الجوف كشَطّ الوادي عند حيوده. وفي (عقب) تعبر الباء عن تجمع رخو وتلاصق ما، ويعبر التركيب عن لصوق ذلك الغليظ الجوفي بآخر الشيء كعقب القدم (وهو عصب شديد) بها. وفي (عقد) تعبر الدال عن ضغط واحتباس، ويعبر التركيب عن احتباس وتماصك يبلغ أثناء الشيء مع الغلظ أيضًا كاشتداد طاق البناء بالجص وكعَقْد المحل وهو شديد. وفي (عقر) تعبر الراء عن استرسال، وبعبر الفصل المذيل بها عن استرسال وجود الغليظ في الجوف أو الحوزة أي دوامه وثباته كما في العاقر والعَقَار وعُقْر الحوض. وفي (عقل) تعبر اللام عن =

(عوق)

المشقوقة المحفورة في الاستعمالات المذكورة وكسقوط المطر من المُزن بقوة. ومنه أيضًا قولهم "عَقَّت الفَرَسُ: حَمَلَت، وأَتَانٌ وبَهيمٌ عَقُوق: حامل "فالجنين غِلَظ في الباطن شأنه أن يخرج. وكذلك "العَقِيقة: الشعر الذي يولد به الطفل ". فهو شعر الجنين الذي شأنه أن يخرج ثم عُمّم في الشعر والصوف. ومن معنوى الأصل "عُقُوق الوالدين فهو غِلَظ وجساوة في قلب الولد تخرج في صورة الجحود وسوء المعاملة تصدر منه. • (عوق): {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ} [الأحزاب: 18] "العَوْقُ -بالفتح: مُنْعَرَجُ الوادي ". Qاعتراض الاطراد والاستقامة بالتواء أو حُيُود. كمُنْعَرَج الوادي بالنسبة لما هو الأصل من استقامته. ومنه "أعْوَقَت به الدابةُ: قَطَعَت، وعاقه وعَوَّقه: حَبَسه، وثَبَّطه (إيقاف أو تعطيل لاستمرار السير والعمل) {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ} المثبطين والصادّين الناسَ عن نصرة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والقتال معه [انظر قر 14/ 121]. وأما "العَوَقُ -محركة: الجُوعُ، والمُعْوِقُ كمحسن الجائع "فمن نفاد القوة على الاستمرار تعبيرًا بالسبب. ¬

_ = امتساك مع استقلال ويعبر التركيب عن امتساك في الحوزة مع غلظ واستقلال كالمعقل الحصن وكالعقية: الدُرّة في صَدَفتها. وفي (عقم) تعبر الميم عن التئام ظاهر واستوائه على شيء ويعبر الفصل المختوم بها عن استواء الظاهر أي التئامه على شدة ويبس في الباطن كالمعاقم.

(عقب)

• (عقب): {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد: 11] "عَقِبُ القَدَم - ككتف وبالفتح: مُؤَخَّرُها. والعَقَب -بالتحريك من كل شيء: عَصَبُ المتْنَيْن والساقين والوَظِيفَين يَخْتَلِط باللحم يُمْشَق منه مشقًا ويهذَّب ويُنَقَّى من اللحم ويُسَوَّى منه الوَتَر. . . وعُقْبَة القِدْر -بالضم: ما التزق بأسفلها من تابَل وغيره ". Qلحاقُ غليظٍ بآخر الشيء أو خَلْفِه يَنْغَمِس فيه فيمتد معه. كعَقِب القدم، وعَقَب المتنين وما ذُكر معهما، وعُقْبة القدر. ومن ذلك "العَقَبة -محركة: الجبل الطويل يعرض للطريق فيأخذ فيه وهو طويل صعب شديد. . . تَسْنُد (ترتفع) وتطول في السماء في صعود وهبوط، أطول من النقْب وأصعب مُرتقى وقد يكون طولها واحدًا، سَنَدُ النَقْب فيه شيء من اسْلِنْقَاء، وسَنَدُ العَقَبَةِ مستو كهيئة الجدار ". (عروضها للطريق مع الامتداد معه يكاد ينهيه ويكون آخره {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} [البلد: 11 وكذا 12] وهو مجاز يصور عزة المال على بعض النفوس. ومن هذا "عَقِبُ كل شيء - ككتف، وعُقْبُه -بالضم وعاقبته: آخره (اللازق به من خلفه) كالعَقِب إلخ "يقال جاء في عَقْب الشهر -بالفتح وككتف: إذا جاء في الأيام الأخيرة منه، وبالضم: إذا جاء بعدما انتهى. . . ". {فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [آل عمران: 137] ما آلُوا إليه من الهلاك وانظر [بحر 3/ 66] فالعاقبة أصلها كل ما يأتي في عَقب الشيء أي آخره، أي هي ما يئول إليه أمره. ثم هي تكون حسب حال الشيء من خير أو

شر. وقد جاءت (العاقبة) موكولة إلى اللَّه تعالى من حيث القضاء بها في [الحج: 41، لقمان: 22]، كما جاءت لبيان أنها تكون حسب الأعمال تنبيهًا على الالتزام بالعمل الصالح في [الأنعام: 135، القصص: 37]، وللتنويه بمآل المتقين في [الأعراف: 128، هود: 49، طه: 132، القصص: 83] وفي سائر المواضع للتنبيه على سوء مآل المتمردين على اللَّه. و (العُقبَى) كالعاقبة في أنها تكون للخير والشر، وسياقها واضح {لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 22]. {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا} [الكهف: 44] أي عاقبةَ وآخرةً لمن رجاه وآمن به [قر 10/ 411] {وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ} [آل عمران: 144] أي يرتد ناكصًا من حيث جاء. وهي كناية عن النكوص عن الهدى. وقد جاءت بلفظ (النكوص) في [الأنفال: 48، المؤمنون: 66] وبلفظ (الردّ) في [آل عمران: 149، والأنعام: 71]، وبلفظ (الانقلاب) في ثلاث آيات. و"عَقِبُ الإنسان - ككتف، وبالفتح، وعاقبته: وَلَده ووَلَدُ وَلَدِه الباقون من بعده (يتبعون أثره لاصقين به من خلفه لأنهم نسله) {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} [الزخرف: 28]: ذريته. و "قد أعقب أي ترك عَقِبًا أي ولدًا. ويقال عَقَب هذا هذا (كقعد): إذا جاء بعده وقد بقى من الأول شيء (أو لم يبق)، وعَقَب على فلانة: تزوجها بعد زوجها الأول. وعَقَب مكانَ أبيه وعَقَبه (نصر): خَلَفه وكذا عقّبه - ض: خَلَفه. وأعقبه ابنُه. وأَعْقَبَه نَدَمًا: أورثه إياه (تركه له وجعله يلاحقه) {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ} [التوبة: 77]. وعقّب في الصلاة - ض: صلى فأقام في موضعه بعد هذه الصلاة ينتظر صلاة أخرى. {فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ} [النمل: 10 وكذا ما في القصص:

31] في [قر 13/ 16] لم يرجع/ لم يتفت ". من "عَقّبَ - ض: انصرف من أمر أراده " (كأنما انقلب على عقبيه). وقوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ} [الرعد: 11]: ملائكة الليل والنهار الحفظة يتعاقبون فيكم، وأنث لكثرة ذلك من الملائكة نحو نسابة وعلامة [ل 111] أو لأنهم طوائف {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرعد: 41]: أي ليس مَن يخلفه في النظر إلى حُكمه فيكُرّ عليه بنقض أو تعديل. أي لا راد لقضائه. ومن الأصل "عاقبت الرجل: جزيته بما فعل سُوءًا ". وأصل ذلك أنك جعلت ثمرة عمله تَعْقُبُه أي تلحقه لا يفوتها، وهي في الأصل عامة في الخير والشر كما قالوا "اعتقبتُ الرجلَ خيرًا أو شرًّا بما صنع أي كافأته به، ثم خُصّت بالشر من المعاناة (المفاعلة) في إلحاقها به ولا يكون ذلك إلا في الشر. وبهذا المعنى جاء كل (عاقَب)، (عوقب)، (عقاب) {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] والملاحقة فيها واضحة. وكذا {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ} [الممتحنة: 11] أي لاحقتموهم (حتى غمتم) وفي [قر 18/ 69] "عاقب، وعَقَب، وعقّب ض، وأعْقَب، وتَعَقَّب، واعْتَقَب، وتعاقب: غَنِم " (خَلَفَ القوم على مالهِم). و "العُقَاب - كغراب: طائر من فصيلة النسور (لعله سمي كذلك للزومه قُنَن الجبال والعَقَبات - آخرَها من أعلى)، والرايةُ " (لأن المقصود بنصبها لحاقهم - أو المتأخرين منهم - بها). وقد توسعوا في تصريف التركيب وكلها ترجع إلى ما ذكرنا.

(عقد)

• (عقد): {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] "العَقْد -بالفتح: عَقْد طاقِ البناء. عَقَدَ البناءَ بالجِصّ (ضرب): أَلْزقه. وعَقَد العَسَلُ والرُبُّ ونحوُهما: غَلُظ (تماسك). وتَعَقَّد الثَرَى: جَعُد. واعتَقَدَ الشيءُ: صَلُبَ واشتدّ. وعَقَدَ الحبلَ وغيره ". Qامتساك وتحبس يبلغ الأثناءَ شديدًا. كعَقْد البناء وتماسُك العسل والثرى (وشدة التماسك في العسل والثرى نسبية لأن العسل مائع والثرى تسيب كالرمل) وعَقْد الحبل. ومن الشبه بعقد الحبل "شاة عَقداء (ملتوية الذنَب) وكبش أعقد: ملتوي القرون، وكذلك الذئب والكلب الأعقدان " (ملتويَا الذنَب). ومن معنويه "عَقدَ العَهْدَ واليمينَ: أكّدهما {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [المائدة: 89] وَكَّدتم [قر 6/ 226] {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 33]- أي لَهُم الحِلْفَ، [5/ 166] "وانعقدَ النكاح بين الزوجين والبيعُ بين المتبايعين. وعُقدة كل شيء -بالضم. إبرامه ". {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى. . .} [البقرة: 235، وكذا ما في 237]، {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]: الرُبُوط. . ما عَقَدَه المرءُ على نفسه من بيع وشراء وإجارة ومناكحة "إلخ [قر 6/ 32] {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: 4]: عُقَد الخيط التي ينفث فيها السواحر " [ذاته 20/ 257]- أو المفسدات الروابط بين الناس. {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي} [طه: 27] هي الرُتَّة [قر 11/ 192] و "الأَرَتّ: الذي في لسانه عقدة وحُبْسة ويعجل في كلامه فلا يطاوعه لسانه. كالريح تمنع منه أول الكلام، فإذا

(عقر)

جاء منه اتصل به. قال الأزهري. والرتة غريزة وهي تكثر في الأشراف " [ل رتت]. وقد ترجح لي بالدراسة أن هذا أنسب ما تفسَّر به عقدة لسان سيدنا موسى لغويًّا. عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام. • (عقر): {. . . . وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} [مريم: 5] "العاقر: العظيم من الرمل لا يُنْبت شيئًا. طائر عَقِر - ككتف: إذا أصاب ريشَه آفةٌ فلم يَنْبت. عَقَر النخلة: قطع رأسها كله مع الجُمّار/ كشط ليفها عن قُلْبها وأخذ جَذَبها (: جُمّارَها) فإذا فَعَل بها ذلك يَبِست وهَمدت. العُقْر -بالضم: الدار وأصل كل شيء. عُقر الحوض: مَقام الشاربة منه "والعَقَار - كسَلَام: كل مِلْك ثابت له أصل كالدار والخل " [المصباح]. Qجمود الشيء أو ثبوته على حاله فلا ينمو ولا ينتقل، لحِدّة أو جفاف في باطنه. كالرمل والطائر والنخلة المذكورات في فقد النمو، وكالدار والضيعة في ثباتهما (مقابل بيوت الشَعر التي تُنَقَّل). وكالعَقَار الموصوف وكمَقام الشاربة تقف فيه دائمًا. ومنه "عُقر النار -بالضم: أصلها الذي تأَجَجُ منه/ مُجْتَمَعُها ووسطها [ثابت]، والعُقر -بالضم أيضًا الجَمْر " (يلحظ أنه الذي يبقى من النار ثابتًا إلى حين). ومن ذلك "العُقْر -بالضم: استعقام الرحم وأن المرأة لا تحمل ولا تلد كأن جوفها مصمت أو جاف. قال عَبِيد {أعاقرٌ مثلُ ذاتِ رِحْم} فجعل العاقر غير ذات رحم كأنها مصمتة. ويمكن تأويله بالثبات من حيث إن عدم الولادة ثبات حال، كما أن العُقم صلابة باطن دائمة. {وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا}.

(عقل)

ومنه "عَقِرَ الرجل (تعب): فَجِئَه الرَوْعُ فدَهِشَ فلم يَقْدر أن يتقدم أو يأخر، وأيضا يقال عَقِرَ حتى ما يقدر على الكلام ". (ثبات في المكان أو على حال). ومنه "عَقَر الدابةَ: قطع قائمةً من قوائمه/ كشف عُرْقُوبَ البعير ونحوه يُفْعَلُ ذلك بما يُنْحَر حَتّى يَسْقُط، (أي فيثبت ولا يبرح) فينحره متمكنًا، ويفعل ذلك بالدابة المركوب لإيقافه براكبه حال الحرب ". ويقال "عَقَرْت به إذا قَتَلتَ مركوبه وجعلته راجلًا. ثم اتُّسِع في العقْر حتى استُعْمِل في القَتْل والهلاك " {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} [الأعراف: 77] [وانظر قر 7/ 240] ومن هذا أو مما سبق "عَقَره عن حاجته: حبسه عنها/ عاقه ". وليس في القرآن من التركيب إلا عقر الناقة والمرأة العاقر. وقد ذكرناهما. و"العقّار - ككتان، وسكير: كل نبت. . مما فيه شفاء، وكتُفاح: عشبة ترتفع. . ثمره كالبنادق يُمَضُّ البتة. . كالكيّ بالنار " (كلاهما فيه خصيصة حادة ثابتة). ومن الأصل "عَقِيرة الرَجُل: صَوْتُه إذا غنى أو بكى أو قرأ. واستَعْقَرَ الذئبُ: رَفَع صوته بالتطريب في العُوَاء " (الصوت خصيصة ثابتة قوية. وفي ل أن الجوهري قال العقيرة الساق المقطوعة) وفيه عن يعقوب بن السكيت "العقيرة منتهى الصوت "وكلمة "منتهى تحتمل أن يكون معناها ما ينتهي إليه صوت المدّ إذا أطيل حتى انقطع النفَس به، أي مكان الانتهاء، فتكون العقيرة هي الحنجرة عينها لأن أغلاها كالمشقوق ". • (عقل): {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الحديد: 17]

"العقيلة: الدُرّة في صَدَفَتها، والعَقْل -بالفتح: الحِصْنُ، والملجأُ وهو المَعْقِل - كمجلس ". Qحوز في جوف حصين حبسا بحيث لا يذهب أو يضيع. كالدُرّة في صَدَقها، وكما يجوز الحصن والملجأ من يحتمي به. ومنه مادّيه أيضًا - "عَقَل البعيرَ (ضرب) وعقّله - ض، واعتقله: ثَنَى وظيفه (: ساق يده) على ذراعه وشدهما جميعًا في وسط الذراع بالعقال فلا يبرح مكانه "- والمكان ظرف كالجوف. ومنه "عَقَل الدواءُ بطنه: أمسكه (أي أمسك ما فيه) بعد استطلاق، واعتُقِلَ لسانُه -للمجهول والمعلوم- في فمه: امتُسِك فلم يقدر على الكلام. والعُقّال - كتفاح: ظَلَعٌ في الدابة (يحبسها بأن يقيد حركتها)، وعَقَلَ الظلُّ: إذا قامَ قائم الظهيرة (أي توقف عن الزحف كأنما حُبِس: هكذا تصرروا) وعَقَله عن حاجته: حبسه ". ومن ذلك "العقل -بالفتح: الحِجْر والنُهى (لأنه يَعْقِل: يُدْرِك ويَلْتَقط ويختزن العلم بالشيء مباشرة أو استنتاجًا). وقلب عَقُول: فَهِمٌ (يدرك. يلتقط) عقل الشيءَ (ضرب): فَهِمَه " {ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ} [البقرة: 75] أي عن عَمْد تمامًا {وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة 73]. وكل ما جاء في القرآن من التركيب هو من العقل: قوة الإدراك هذه. {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [العنكبوت: 43]. لا يعقل صحتها وحسنها وفائدتها. كانوا يضحكون من ضرب المثل بالذباب ونحوه. وما علموا أن الأمثال والتشبيهات طرق إلى المعاني المحتجبة، فتبرزها وتصورها للفهم [بحر 7/ 149]. وإذا أطلقت العبارة فإن أهل العلم الذين يفحصون ويدققون هم

(عقم)

الذين يصلون إلى الفهم الصحيح. ومن الأصل "العَقْل: الدِيَة "إما من عَقْل إِبِل الدِيَة في فِناء وليّ الدم [ل] (أو لأنها تعقله عن الثأر). و "العقيلة من النساءة الكريمة المخدَّرة " (مصونة). و "عقيلة القوم: سَيّدهم (من ذلك أو بمعنى فاعل) والعَقْل نوع من المَشْط (لعله كالعَقْص) و "به عُقلة من السحر -بالضم (كما قالوا مربوط). و "العِقَال: زكاةُ عام "- من أَخْذ العقال عند استيفاء إبل الصدقة، أو هو بمعنى (المربوط) المقرر عليهم صَدَقةً - كما يقال الآن ربط الضريبة. • (عقم): {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا} [الشورى: 50] "المعاقم: المفاصل كالرُسْغ والرُكْبة. . واحدها كمَجْلس، وفِقَرٌ بين الفريدةِ والعَجْبِ في مُؤَخَّر الصلب. والمَعْقِم - كمجلس: عُقْدة في التبن. "تُعْقَم أصلاب المنافقين فلا يسجدون " (أي يوم القيامة): تَيْبَس مَفَاصِلُهم وتصبر مشدُودة فتَبْقى أصلابُهم طَبَقًا واحدًا أي تُعْقَد وبدخل بعضها في بعض فلا يستطيعون السجود. وعُقِمَتْ مَفَاصل يديه ورجليه -للمفعول: يَبِسَتْ ". Qيبس باطن الشيء واشتداده معًا فلا يتسبب أو يتحرك منه شيء. كعظام المعاقم المذكورة تصير أطرافها عُقَدًا لا يزل بعضها عن بعض، وكفِقَر آخر الصلب كذلك، وكعُقْدة التبن المذكورة. ومنه "ناقة عَقَام - كسحاب: بازلٌ شديدة " (شديدة الأثناء) ومنه "رَحِمٌ معقومة: مسدودة لا تَلِد " [ل] (كأنها مصمتة) عُقِمَت المرأةُ - للمفعول، و (كفرح) {وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا} [الشورى: 50، وكذا ما في الذاريات: 29] و "الريح العقيم لا يكون معها

معنى الفصل المعجمي (عق)

لَقَح ولا تُنشِئُ سحابًا ولا تحمل مطرًا ولا ندًى (لا تمد بخير) إنما هي ريح عذاب شديدة (يبس ولا خير) {إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات: 41] وحرب عقيم وكسحاب وغراب: شديدة (لا إرعاء فيها) ويوم عقيم كذلك " {عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ} [الحج: 55] في [بحر 6/ 353] أن المراد يوم بدر أو يوم القيامة وأقوال أخرى. ولا يتأتى أن يكون يوم القيامة لأن اليوم العقيم أحد أمرين أُوعِدوا بهما، والآخر هو (الساعة) المذكورة قبله في نفس الآية. فالمراد يوم حاسم فاصل لا تقوم لهم قائمة بعده. و "العُقْمِىّ من الكلام - كجندي: الغَامِضُ (مصمت لا يُعْرَف معناه كأنه ليس له مَعْنى)، والرجلُ القديم الكرم والشرف (صُلْب الأصل فهو ثابت من قديم على ذلك) والاعتقام: المضيّ في الحفْر سُفْلًا " (علاج الشديد الذي في عمق الشيء كما يقال يضرب في الصلب وفي الصميم - فهو من باب الإصابة). ° معنى الفصل المعجمي (عق): هو وجود غلظ أو تعقد في عمق الشيء كما يتمثل ذلك في عمق العقيق -في (عقق)، وفي الجانب المرتفع من الوادي عندما ينعرج وذلك بالنسبة لمجري الوادي -في (عوق)، وكالعَقَب العصب في المتنين والساقين إلخ -في (عقب)، وفي عَقْد البناء والجل وتعقد الثرى -في (عقد)، وفي تجمع الرمل الذي لا ينبت -في (عقر)، وفي العَقْل شد البعير، والحصن، والعقيلة الدُرّة -في (عقل)، وفي طرف عظم الرسغ وعظم الرجل من عند الركبة -في (عقم).

العين والكاف وما يثلثهما

العين والكاف وما يثلثهما • (عكك): "العُكة -بالضم: زُقَيْقٌ صغيرٌ من جلود/ مستديرٌ يختص بالسمن والعسل وهو بالسمن أخص. والعكّة -مثلثة: شِدّة الحر مع سكون الريح مع ضِيقٍ واحتباس ربح ". Qحَبْس أو جمع في حيّز ضيق/ مع حِدة وكثافة (¬1) كما يجمع السمن والعسل في الزق وهما كثيفان، وحدّة السمن أنه مادة الحرارة لأبدان آكليه وكذلك العسل، وكشدة الحرّ مع احتباس الهواء. ومن الاحتباس على ضِيق "عَكّ الرجلُ: أقام واحتبس. وإبل معكوكة: مَحْبُوسة. وعَكَّه عن حاجته: حَبَسه، وبالحُجَّة: قهره، وبالأمر: رَدَّدَه عليه حتى أتعبه ". • (عكف): {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125] "عَكَّفَ السِلْكُ السُموطَ - ض: حبسها ولم يَدَعْها تتفرق (السِمْط: الخيط ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر العين عن التحام ورقة مع حدّة ما، والكاف عن ضغط غئوري دقيق يؤدي إلى امتساكٍ أو قلع، والفصل منهما يعبر عن حبس مع رِقّةٍ ما (سيولة كالعسل أو لطف كالهواء) في حيز (ضيق) مع كثافة كالسَمْن في عُكّته والحر الموصوف في الجو. وفي (عكف) تعبر الفاء عن الهاء أو ابتعاد بقوة وطرد، ويعبر التركيب عن إمساك الشيء على شيء ومنعه من أن ينتشر أي صرفه عن غيره كجَمع السُمُوط معًا، وكجواهر السمط لا تتسيب ولا تسترسل وكالاعتكاف.

معنى الفصل المعجمي (عك)

ما دام فيه الخرز والسِلْك: الخيط وحده) وعُكِّفَ النَظْم (: الخيط) - ض للمفعول: نُضِّد فيه الجوهر. والمعكف - كمُعَظَّم: المعوَّج المُعطَّف ". Qحَبْس ما شأنه الانتشار بشيء يعطفه (أي يرده لا يدعه تسيب) كما يحبِسُ السِلْكُ السموطَ والنظمُ الجواهر. والمعوَّج ينثني فلا يمتد على استقامته. ومنه "عَكَف عكوفًا: لزم المسجد للعبادة والقراءة (احتبس في المسجد مقيمًا على شيء منصرفًا عن سواه) {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]. و "كَفه عن الشيء (نصر وضرب): حَبَسه عنه {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [الفتح: 25] أي محبوسًا. وعَكَفَ على الشيء: أقبلَ عليه مواظبًا لا يصرف عنه وجهه إلى غيره {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} [طه: 97]. والألفاظ القرآنية من التركيب لا يخرج معنى أي منها عن الاحتباس على شيء أو الحبس عليه. ° معنى الفصل المعجمي (عك): الحبس بتضييق وعدم انتشار كما يتمثل في جمع السمن في الزُقَيْق الصغير وشدة الحر مع سكون ريح وضيق -في (عكك)، وفي تعكيف السلك السموط، والجوهر في النظم -في (عكف). العين واللام وما يثلثهما • (علل - علعل): {وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 63] "اليعلول: البعير ذو السنامين، والحَبابةُ من الماء، والسحابُ المطَّرِد، والغدير الأبيض المطرد. واليعاليل: سحائب بعضها فوق بعض. والعَلَل -محركة:

الشُّرْب بعدَ الشرب تِباعًا. يقال عَلَلٌ بعد نَهَل ". Qتكرار أو توال (يلزمه التراكم) مع رقّة ما (¬1) كتوالي ماء الغدير، وكالشرب بعد الشرب، وتعدد السَنام. والرقّة في هذا الأخير طرافته واستحبابه، والسَّنام كأنه كتلة شحم. ومن تراكم الرقة في الجوف "العِلَّة: المَرَض (ضعف في البدن ورخاوة يُبْرزها أن الضُمْرَ واشتدادَ اللحم صحّة) ومنه كذلك: "العَلَّات -بالفتح: الضرائر "كثرة من الزوجات يمسكهن رجل (تعدد مع رقة التنقل والاختيار). ومن الأصل: "العُلْعُل -بالضم: العضو لتكرار امتداده بعد ارتخائه. وهذا أعم قيود تسميته وأدقها [تنظر في ل]. ومن التكرار والتوالي تولد معنى التعليل "العلة: السبب " (لوقوع الشيء بعد سببه مرة بعد أخرى = كلما حدث أحدث ب). ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر العين عن التحام ورقة، واللام عن امتساك مع استقلال، والفصل منهما يعبر عن تراكم رقيق: تواليًا كالغدير أو تجمعًا كالعَلَل: الشُّرْب بعدَ الشرب. وفي (علو على) تعبر الواو عن اشتمال والياء عن اتصال ينصبَّان على التراكم فيعبر التركيبان عن الارتفاع كما في العالية والعلاوة. وفي (عول عيل) تتوسط الواو والياء بمعنيهما فيعبر التركيبان عن رفع بحَمْل مع رقة تتمثل في لطف الرأي أي الاحتيال لتخفيفه كالعالةَ (= النعامة التي تحمل البكَرة فوق البئر) والمِعْول. وفي (علق) تعبر القاف عن اشتداد وتعقد في عمق، ويعبر التركيب عن نشوب الشيء في العمق أو الجوف مشدودًا إلى أعلى كعلَق البكرة وعَلَقة الدم، وفي (علم) تعبر الميم عن استواء والتئام ظاهري، والتركيب يعبر عن ارتفاع جاذب للنظر يلفت بظاهره إلى شيء (فهذا هو الالتئام الظاهري) كما في العَلَم الإِرَم وفي (علن) تعبر النون عن امتداد في باطن، ويعبر التركيب عن ظهور (= ارتفاع) ما تجمع في باطن أي بروزه وخروجه منه كما في إعلان الأمر.

(علو - على)

ومنه كذلك تولد معنى رجاء وقوع أمر بعد تمهيد أو لوجود ظرف أو توقع ذلك "عَلّ ولَعَلّ: طَمَعٌ وإشفاق وتَرَجٍّ وبمعنى عسى ". فكل ذلك من التوالي المأمول أي الأمل في حصول الشيء المرتجى {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 44]. {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21]، {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ} [الكهف: 6] جاء في البحر المحيط هنا "لعل للترجي في المحبوب، وللإشفاق في المحذور اهـ وهذا عن المعنى اللغوي للكلمة. وأما عن العبارة فقال أبو حيان قال العسكري فيها هنا هي موضوعة موضع النهى يعني أن المعنى لا تبخع نفسك، وقيل وضعت موضع الاستفهام تقديره هل أنت باخع نفسك. وقال ابن عطية: تقرير وتوقيف بمعنى الإنكار عليه أي لا تكن كذلك "اهـ المراد. والإنكار هنا لمزيد الثفقة والعناية والحماية. • (علو - على): {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} [المطففين: 18] "العِلاوة - كرسالة: أعلى الرأس، وما يُحْمَل على البعير وغيره وهو ما وُضِع بين العِدْلين. والعَلْياء -بالفتح: رَأسُ كل جَبَل. وعاليةُ الرمح: سِنَانه وما يليه (يوجَّه دائمًا إلى أعلى عند حمله). والعُلِّيَّة -كحُرِّيَّة، ويكْسر: الغُرْفة - وهي بيت يَفصِله عن الأرض بَيْتٌ (أي هي الطابق الثاني). وعُلْو كل شيء -مثلثة، وعاليه وعاليتُه وعُلاوته - كغرابة: أرْفَعُه. وعَاليةُ الوادي: حيث ينحدر الماء منه ". Qارتفاع الشيء فوق شيء تحته أو أدناه -كما هو واضح في الاستعمالات المذكورة. ومنه "علا الفرسَ: رَكبه، وفي الجبل والمكان - وعَلاه: رَقِيه. وكذا استَعْلاه

(عول - عيل)

واعْتَلاه ". وكل استعمالات التركيب ترجع إلى هذا العلو علوًّا ماديًّا مثل {جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} [هود: 82، وكذا ما في الحجر: 74، مريم 57، طه: 4، الصافات: 8، ص: 69، النجم: 7]، {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ} [الإنسان: 21]. فوقَهم: عليهم {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ} ج عِلِّيّ في السماء السابعة في أعلى الأمكنة. . . أو علوًّا معنويًّا، أو صالحًا لهما. والسياق يبين. ومنه "علا فلان فلانًا: قَهَرَه، والعُلُوُّ: التكبر، والعظمة، والشرف. . إلخ {وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا} [الإسراء: 4]، {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ} [القصص: 4]، {وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى} [طه: 64]. وعَلِىَ -كفرح علاءً- كسحاب في المكارم والشرف: كعَلا. واللَّه عزَّ وجلَّ هو العَلِيّ المتعالى العَالِي الأَعْلى ذو العُلا والعَلاء والمعالي {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ} [الأنعام: 100]: ارتفع فتنزه عن إفك المفترين ووساوس المتحيرين. و"تعال "في النداء أصل معناها: اصعد إليّ. والسيرُ صعود كما يقال "اصْعَد "و {سَمَوْتُ إليها} ثم خُصِّص الأمر للنداء مع تعميمه في نداء المنخفض والمرتفع {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعُكُنَّ} [الأحزاب: 28]. و"على "حرف جر ومعناه استعلاء الشيء {أنعمْتَ عَلَيهِمْ} [الفاتحة: 7] ومنه "عليك: اسم الفعل بمعنى الزم كأنه تحميل {عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ} [المائدة: 105]. • (عول - عيل): {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} [الضحى: 8]

"العالَةُ: شِبْه الظُلّة يسويها الرجلُ من الشجر يستتر بها من المَطَر، والعالَةُ: النَعَامة: أي حاملةُ البَكَرة فَوْقَ البِئر. والمِعْوَل: الفأس العظيمة ينقر بها الجبال/ الصخْر ". Qرَفْعُ الثِقْل إلى أعلَى بنَوْع من التلطف أو الاحتيال/ كالظُلّة والنَعامة. ولعل تسمية المِعْوَل أصلها قَلْع السطوح الصلبة، أو الراسخة بالاحتيال بها والقَلْع رفع إلى أعلى. ومن ماديّ الأصل "عَال الميزانُ يعولُ ويَعِيل: ارتفع أحد طرفيه عن الآخر (تأثرًا بثقل الآخر). وأعْوَل الرجل والمرأة، وعَوَّلا - ض: رفعا صوتهما بالبكاء والصياح " (يكون ذلك بضغط وهو من باب الثقل). ومن معنويه: "عال الرجل أولاده عَوْلًا، وأعالهم وعَيَّلهم - ض: كفاهم ومانَهم وأنفق عليهم (كأنه يحملهم والعاقة تقول شالهم) وهم عيال. وعَال الرجلُ: كثُر عِياله " (الذين يحملهم) وبه فسر {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3]، وهو تفسير غريب وفسر أيضًا بالثقل أي أدنى ألا يَثْقُل عليكم العَدْل بينهن فتجوروا. ومنه كذلك "عالَني الشيء عَوْلًا: غَلَبني وثَقُل عليّ. وعَاله الأمرُ: أهمه. ومنه عَوّل عليه - ض: اتكل واعتمد/ حَمَل وأدلّ (ويفسر كله باحتمل عليه أي حمل نفسه عليه) وعَوِّل عليَّ بما شئت: استَعِنْ بي/ احْمِل عليّ ما أحببت " [ل 512] ومنه "عِيلَ صَبرُه أي غُلِب "- للمفعول. (أُثْقِل). ومن ذلك "عَال الرجلُ: افتقر. . احتاج: (أُثقِل) يَعُول ويَعِيل " {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} والعَيلَة والعَالَة: الفاقة (ثِقَل حَمْل النفقة). {وَإنْ خِفْتُمْ عَيلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ} [التوبة: 28].

(علق)

• (علق): {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} [العلق: 2] "العلق -محركة: الذي تُعَلَّق به البكَرة (البكرة -بالفتح وتحرك: خشبة مستديرة في وسطها محزٌّ للحبل وفي جوفها محور تدور عليه) من القامة (: خَشَبة قوية تمدّ عرْضًا فوق أعلى البئر يُعَلَّق بها العلَق المذكور). والبكْرة عَلَق أيضًا. والعِلاقة - كرِسالة: المعلاق الذي يُعَلَّقُ به الشيء كعِلاقة السَيف والسَوْط يعلَّق به إلى الوَتِد. وعَلِقَ الصيد في حِبالَته (فرح): نَشِبَ. والعُلَّيْقُ نَبْتٌ. وعَلِقَت المرأة: حَبِلت ". Qنشوب أو امتساك مع ارتفاع وغلظ ما كعَلَقَ البكرة وحبالة الصيد ينشب فيها الصيد. والسيفُ ونحوه يمتسك بالعِلاقة إلى الوتد في الحائط، {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} [النساء: 129]. وما عدا هذه فكل ما في القرآن من التركيب هو (العَلَقة) المتحولة من النطفة لأنها تَعْلَق بجِدَار الرحم، وجمعها عَلَق. {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ}، والدم الجامد المتماسك يسمى عَلَقة أيضًا. وعَلِقَت الإبل العِضَاهَ (وهو عِظام الشجر) (نصر) تسنَّمَتها ورَعَتْها (المقصود تطاولت إليها كالمُعَلَّقة لترعاها). ونبات العُلّيق يتعلق بالشجر. ومنه معنويه "عَلِق المرأة (سمع): أحبها " (انشدّ وامتسك إليها). • (علم): {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114] "العلامة والعَلَم -بالتحريك: شيء يُنْصَب في الفلوات تهتدي به الضالّة. يقال لما يُبْنَى في جوادّ الطريق من المنازل يُستدلّ بها على الطريق: أعلام، واحدها

عَلَم. المَعْلم: ما جُعل عَلَامة وعَلَمًا للطرق والحدود مثلُ أعلام الحرم ومعالمه المضروبة عليه. العَلَم: الجبل الطويل، والعَلَم: الراية التي يجتمع إليها الجند ". Qالدلالة والهداية -بمرتفع- إلى معنًى: اتجاه أو طريق أو حدّ أو غير ذلك. كما يدل العَلَم في الصحراء على الاتجاهات والطرق والمواقع (وكما يُتَّخَذ الجبل علمًا على مثل ذلك)، وأعلام الحرم كالأعمدة المنصوبة على حدوده أي هي تبين حدوده وهي كالعُمُد البالغة الغِلَظ راسخة ترتفع إلى نحو ثلاثة أمتار، وكما تدل الراية الجندَ على الموقع، والانتماء فيجتمعون عندها. ومنه "العَلَم: الفصل بين الأَرْضين " (فيه دلالة على أن هذه حدود ملك فلان مثلًا، والمعتاد أن يكون حجارة منصوبة ولكن ربما لا تكون بالغة الارتفاع). ونُوَثِّقُ جزئيات معنى هذا التركيب، لأنه يؤخذ منه معنى العِلْم. أ) فأما عن الارتفاع فهو ارتفاع تراكمي قوي المادة، فقد عبروا عن العَلَم بأنه (يُبنَى)، وأنه يُنْصَب أي يقام ويرفع. وفي الفلوات لم يكن يتأتى الرفع اللافت إِلَّا برَكْم حجارة كثيرة بعضها على بعض حتى ترتفع. جاء في [ل أرم] و "الإِرَم - كعنب: حجارة تُنْصَب عَلَمًا في المفازة. .، الآرام الأعلام وهي حجارة تجمع وتنصب في المفازة يُهْتَدَي بها واحدها إرم كعنب. . وكان من عادة الجاهلية أنهم إذا وجدوا شيئًا في طريقهم ولا يمكنهم استصحابه تركوا عليه حجارة يعرفونه بها حتى إذا عادوا أخذوه "الإِرَم والأَرِم (أي كعنب وكَتف): الحجارة، والآرام: الأعلام " (ووضع العلامة على اللُقَطَة وظيفة أخرى من جنس الأولى ولكن الأُولى (الاهتداء للطرق والاتجاهات) هي المقصودة هنا وهي الأهم، والأخيرة متفرعة عنها).

ب) كون ذلك التراكم دالًّا أي لافتًا إلى معنى هو الذي يحقق الهدف من هذه الآرام أو الأعلام. فلا بد أنهم حرصوا على أن تكون لافتة بارتفاعها حتى تُرَى من بعيد ولا تخفى، وبهيأة إقامتها حتى لا يظن أنها من الأحجار التي تبدو عشوائية في الصحراء، كما لا بد أنهم كانوا يراعون مواقعها بالنسبة للطرق والاتجاهات بحيث يتضح أنها دالّة. ج) كون ذلك التجمع التراكميّ مقصودًا به أن يكون ثابتًا ضروريٌّ أيضًا لأنه لا يتأتى افتراض أنهم يقصدون غير ذلك والحال أنها في وسط مجاهل الصحراء لا تتاح فرصة إقامتها كل حين. د) كونه قويًّا واضحٌ في أنه من صخر وحجارة تتسق معًا حتى ترتفع. ومما يدخل في معنى التراكم الدالّ من استعمالات (علم) "العَيْلَم: البئر الكثيرة الماء. . وقيل الواسعة، والعيلم البحر (فيها دلالة على عدم نفاد الماء) والعيلم التَارّ الناعم " (تجمُّع للشحم وهو حدّة وقد يستدل به على القوة أو التنعم) أما "العيلام: الضِبْعان وهو ذَكَر الضباع "فلعله لقوته أو ضخامة بدنه، و "العَلْماء: الدرع "لأن بدن الفارس يحشوها وهي تحيط به. و "العُلام - كرخام: الصقر " (قوي يصل إلى ما يصيده من الطيْر خطفًا من أعلاه). ثم إنهم عمموا استعمال اللفظ في كل ما يَدُلّ على شيء ما "العَلَم: العلامة "أي على أي شيء "العلامة: السِمة. (وهي تدل على ملكية البعير) والعُلّام - كتفاح: الخِنّاء ". (تلفت إلى جمال الكفّ)، و "مَعْلم كل شيء مَظِنَّته (أي مكان وجوده)، واعتلم البرق: لمع في العَلَم (أي سطع على الجبل أو الإِرَم) والعَلَم: رسم الثوب، وعَلَمُه: رَقْمه في أطرافه ". ومثل هذا الأخير "العَلَمَة الشق في

الشفة العليا للجمل "فكل منهما مجرد أثر ظاهري. ومن ذلك المعنى المحوري أخذ معنى العِلْم وهو "الاعتقاد الجازم الثابت المطابق للواقع " [تاج] فكونه اعتقادًا هو أنه مَعْنًى أو حكم تربّى في القلب أخذًا من دلالةٍ أو لافتٍ قوي أو حجة قوية، وكونه جازمًا يؤخذ من قوة اللافت، وكونه ثابتًا يؤخذ من ثبات اللافت واللَفْت، وكونه مطابقًا للواقع يرجع أيضًا إلى قوة اللفت ودقته. والذي جاء في القرآن الكريم من التركيب هو: أ) الأعلام: الجبال {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ} [الشورى: 32]: الجبال. ب) العلَم والعلامات {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} [الزخرف: 61] في قراءة للأعمش شاذة، {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل: 16]، وصفًا للرَّوَاسِى في الآية السابقة لهذه. ج) العِلْم الذي هو ضد الجهل، ويؤخذ من الأصل اتساع معنى العلم ليشمل أنواعًا. وقد جاء في [ل] "عَلِمْت بالشيء: شَعَرْت به. ويستعمل بمعنى المعرفة {لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} [الأنفال: 60] وبمعنى ما يتكون في القلب من حكم على الشيء {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤءْمِنَاتٍ} [الممتحنة: 10]، {سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلمْتَنَا} [البقرة: 32] وقد سبق الفرق بين العلم والمعرفة في (عرف). وقول أبي حيان [1/ 466] "المعرفة العلم المتعلق بالمفردات ويسبقه الجهل بخلاف أصل العلم فإنه يتعلق بالنِسَب، وقد لا يسبقه الجهل، ولذلك لم يوصف اللَّه تعالى بالمعرفة، ووصف بالعلم "إضافة

جيدة {أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166]: أنك خِيرتُه من خَلقه، وأهل لإنزاله عليك لقيامك بكل حقوقه. أو بعلمه بما يحتاج إليه العباد [وانظر بحر 3/ 415]. ومنه "العالَم: الخَلْق كله أي أن معناه هو جميع المخلوقات. قالوا: ولا واحد للعالم من لفظه، لأن (عالمًا) جمعُ أشياء مختلفة. فإن جُعِل (عالمٌ) اسمًا لواحد منها صار جمعًا لأشياء متفقة. والجمع عالَمون ولا يجمع شيء على فاعَل بالواو والنون إِلَّا هذا [ل 315] {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] قال ابن عباس: رب الجن والإنس. وقال قتادة: رب الخلق كلهم. قال الأزهري: الدليل على صحة قول ابن عباس قوله عزَّ وجلَّ {تَبَارَكَ الَّذِى نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1]. وليس النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نذيرًا للبهائم ولا للملائكة وهم كلهم خلق اللَّه، وإنا بعث -صلى اللَّه عليه وسلم- نذيرًا للجن والإنس. {وَأنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 47، 122، وكذا ما في الأعراف: 140، الجاثية: 16] في [بحر 1/ 364] أي عالَمِي زمانهم، أو على كل العالمين بما جعل فيهم من الأنبياء. ويدفع هذا القولَ الأخير قوله تعالى لأمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]. . . قال القشيري: أشهد بني إسرائيل فضل أنفسهم، وأشهد المسلمين فضل نفسه هو سبحانه فقال {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [يونس: 58] وشتان بين مَن مشهوده فضلُ ربه، ومن مشهوده فضل نفسه. فالأول يقتضي الثناء، والثاني يقتضي الإعجاب. اهـ. وأضيفُ أن اللَّه تعالى قال {وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} [الأنعام:

(علن)

86] فإسماعيل -وهو جد النبي سيدنا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، وجدّ العرب- مفضل على العالمين وحفيده سيدنا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- أفضل الخلق على الإطلاق، وأمته قال اللَّه لها {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]. أما عن سر التسمية بلفظ عالَم فقد قال الزمخشري: "العالَم اسم لذوي العِلْم من الملائكة والثقلين (الجن والإنس)، وقيل (لكل) ما عُلِمَ به الخالق من الأجسام والأعراض "أي أن العلة هي أنهم من أهل العلم أو أن اللَّه عزَّ وجلَّ يُعْلَم بهم أي يُسْتَدَلّ بهم على أنه سبحانه وتعالى موجود قادر حكيم عليم. وكل ما في القرآن من التركيب هو العِلْم والتعليم وما إليهما، ثم العالمين والأعلام والعلامات. وقوله تعالى {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: 18] أولو العلم هنا تشمل الأنبياء والموفقين من العلماء باللَّه تعالى الذين تتجلى لهم حكمته في كل ما يجريه في ملكوته فيشهدون [وفي بحر 2/ 420] أن أولي العلم علماء المؤمنين، ومن كان من البشر عالمًا. • (علن): {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} [النحل: 19] "علن الأمر (قعد. فرح): شاع وظهر. واعتلن، وعلّنه - ض، وأعلنه وأعلن به: أظهره ". Qظهور ما كان خفيًّا في الباطن أي خروجه منه مع انكشاف وإشهار {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ} [إبراهيم: 38]، {أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا} [نوح: 9]. وكل ما في القرآن من التركيب قرن فيه ذكر

معنى الفصل المعجمي (عل)

(العلانية) بذكر ضدها الخفاء أو الإسرار. ° معنى الفصل المعجمي (عل): نوع من التراكم أو الارتفاع الذي يلزمه - كما في تكرار الشرب وتكرار الزواج -في (علل)، وفي العِلاوة ما يحمل على ظهر البعير بين العِدْلين -في (علو - على)، وفي العالة: الظلة وهي مرتفعة فوق من تحتها، وكذلك العالة النعامة وهي التي توضع فوق البئر لتحمل البكرة فهي عالية وتمكّن من كثرة حمل البكرة ورفع الماء -في (عول عيل)، وعلوق الشيء بالشيء تراكم وارتفاع -في (علق)، وكالعلامة دلالة على الشيء (من أعلى) -في (علم). وفي ظهور الصوت والشيء - والظهور ارتفاع -في (علن). العين والميم وما يثلثهما • (عمم): {أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ} [النور: 61] "اعْتَمَّ النبتُ: التفَّ وطال. نخلة عَمِيم ونَخيل عُمّ -بالضم: تَامَّة في طولها والتفافها. جسمٌ عَمَم -محركة: تائم. العَمّ -بالفتح: الجماعةُ الكثيرة، والعُشْبُ كله، وكل ما اجتمع وكثر عميم. العَمَاعم: الجماعات المتفرقون. Qكثرة أو اجتماع مع ارتفاع والتحام عُلْوِيّ (¬1) كالنبت ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر العين عن التحام ورقة مع حدة ما، والميم عن التئامِ ظاهر أو استوائه على ما فيه، ويعبر الفصل منهما عن جسامة مع التئام وظهور يتمثل الأولان في الكثرة والاجتماع، والظهور المأخوذ من نصوع العين يتمثل في الارتفاع كالنبت والنخل الطويل والعمامة على الرأس والعَمّ: الجماعة الكثيرة (تبدو طبقة عالية السمك) =

والنخيل الملتف، والجسم التام، والعشب يُلْحَظ منه مع ارتفاعه اتساعُ أعلاه أي التحامُه مساحةٌ واسعةٌ. وجماعةُ الناس تبدو كتلة مرتفعة السَمْك ملتحمة الأعلى باتساع. ومن صور التحام الأعلى واتساعه يتأتى معنى التغطية من الأعلى "العِمامة: ما يُلَفّ على الرأس، والمِغْفَرُ، والبيضةُ ". ويتأتى معنى الشمول "عَمّ القومَ بالعطية: شَمِلهم ". أما العم أخو الأب فإنه يمثل كثرةً واتساعًا في طبقة الأب مع العلو أيضًا لأن طبقة الأب والعمّ أعلى من طبقة أبنائهما {أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ} [النور: 61]. ¬

_ = في (عمم). وفي (عمى) تضيف الياء معنى الاتصال والامتداد، ويعبر التركيب عن اتصال التلاحم العلوي كما في حالة العمى. وفي (عوم) تعبر الواو عن الاشتمال ويعبر التركيب عن الوصول إلى ناحية أخرى (شمول) ارتفاعًا أي طفوًا كما في العوم. وفي (عمد) تعبر الدال عن امتداد وتحبس بضغط، ويعبر التركيب عن امتداد شديد في أثناء الشيء فينصبه (يحبسه على وضع معين) كعمود البيت له. وفي (عمر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن امتداد استرسالي كعُمور الأسنان: لحم اللثة الذي يمتد دقيقًا بين الأسنان. وفي (عمل) تعبر القاف عن اشتداد وغلظ في أعماقٍ أو أثناءٍ، ويعبر التركيب عن كتلة غليظة في أقصى باطن الشيء كقاع البئر فهو بالنسبة لجوفها الممتد كأنه كتلة في أقصاه. وفي (عمل) تعبر اللام عن امتساك واستقلال، ويعبر التركيب عن نشاط أو حركة لإنشاء حدث أو هيأة جديدة لم تكن من قبل (نشأت مستقلة) كإقامة البناء باللبن، وكالشراب الموصوف بتلك المواد والطريق بالوطء وكعوامل الدابة. وفي (عمه) تعبر الهاء عن فراغ، والتركيب يعبر عن خلو ظاهر الشيء المستوي الظاهر الواسعِهِ من كل أثر كما في الأرض العَمْهاء التي لا أعلام بها.

(عمى)

• (عمى): {فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا} [الأنعام: 104] "العَماية والعَماءة - كسحابة: السَحابة الكثيفة المطبِقة. ولقيته في عَمَاية الصبح: أي ظُلْمَته قبل أن أتبينه ". Qاحتجاب الرؤية بطبقة كثيفة فوقية عامّة أو واسعة: كالسحابة المطبِقة وظلام الصبح المذكور. ومنه "عَمَى الموجُ يَعْمِى (كبكى): رَفَع القذَى والزَبَدَ في أعاليه (طبقة فوقية)، وعَمَى البعيرُ بِلُغامه (رغوة يخرجها): هَدَر فرَمَى به على هامَته ". ومنه "الأعمَى: ذاهبُ البَصَر كله (كأنَّ ظاهرَ وجهه ملتحمٌ، أو على فتحتَيْ عينيه غطاء. {قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} [الإنعام: 50] وعَمِىَ عليه الأمرُ (تعب): الْتَبس " (كأنما تَغَشَّى فخفى) {فَعَمِيَت عَلَيْهِمُ الْأَنبَاءُ} [القصص: 66]، {فَعُمِيَتْ عَلَيْهِمُ} [هود: 28]. واستُعمل العَمَى في الضلال والجهالة أخذًا من عَمَى البصر الذي يحجب الرؤية -أو من الأصل. ومنه "الأَعْمَاء من البلاد: المَجاهل. والمَعَامِي: الأَرَضُون المَجْهولة الأغفال ليس بها عمارة "أي هي بلا معالم أو أن المرء يَعْمَى بها: يَجْهَلها ولا يهتدي فيها سبيلًا لعدم المعالم فيها. وكل ما في القرآن من التركيب هو من عَمَى البصر والأعمى وجمعه، وسائره من احتجاب الأنباء والرشد. والسياقات واضحة. • (عوم): {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إلَّا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14] "العامَة - كهامَة: الطَوْف الذي يُرْكَب في الماء/ هَنَةٌ تُتَّخذ من أغصان الشجر ونحوه يُعْبَر عليها النهر وهي تَموج فوق الماء. والعَامَة: كَوْرُ العمامة. عَامَ

(عمد)

في الماء عَوْمًا: سبح ". Qطَفْوٌ باتساع مع جَرَيان ونحوه إلى غاية. كالعَامَة من شاطئ لشاطئ. وكَوْر العمامة يدور حول الرأس مرة بعد أخرى. ومن ذلك جاء "العامُ: الحول " (مسافة زمنية لا نشعر شعورًا حسيًّا بمرورها كأنها فَوْقية (أي من الطفو) ويدُور)، وقد سمي حولًا من الدور أيضًا. {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} [يوسف: 49]. ولم يأت في القرآن من التركيب إِلَّا العام ومثناه. وما يلفت هنا: أ) أنهم اشتقوا من العام استعمالات كثيرة ترجع إلى العام الحول. تنظر في [ل]. ب) توحيدهم بين العوم والسّبْح. وقد ذكر الزمخشري أن العوم الجري في الماء مع الانغماس، والسبح الجري فوقه من غير انغماس. وهو فرق جيد. ج) تسويتهم بين العام والسنة في أنهما يقالان في الجدب [ينظر عوم] لكن أصل معنى السنة يؤيد أنها الأنسب للاستعمال في الجدب. • (عمد): {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [الرعد: 2] "العَمُود والعِمَاد - ككتاب: الخشبة التي يَقُوم عليها البيت. عَمَدت السقف بالأساطين المنصوبة، وعمَدت الحائط: دعَمته/ أَقمتُه بعماد يعتمد عليه. وعَمُود السنان: ما توسط شَفْرتيه من عَيْره الناتئ في وَسَطه. وعمود الأُذن ما استدار فوق الشحمة؛ وهو قِوام الأُذن التي تنبت عليه، ومعظمها. وعَمُود اللسان: وَسَطُه طُولًا. وعَمِدَتْ الأرضُ (تعب): رَسَخ فيها المطر إلى الثرَى حتى إذا قَبَضْت عليه في كفك تَعَقَّد وجَعُد ".

Qشديد يمتد في أثناء الشيء فينتَصِب به الشيء (أي يقوم أو يتماسك). كعمود البيت أو السقف، والحائط، وكعَمُود السنان والأذن واللسان. ونظر في رسوخ المطر إلى أنَّه يُعَقد الثرى فيتماسك أي أنَّه فيه جزء المعنى الأصلي. ومما يصلح للحسي والمعنوي من هذا "اعْتَمد على الشيء: اتكأ عليه ". ومن الشدة في الأثناء (بمعنى الألم والتعب الذي يسري في أثناء البدن فيوتّره ويفقده مرونة الحركة والنشاط للعمل) "عمَده المرض (ضرب): أضناه. عَمَدَه حُصْرٌ وأُسْرٌ: فَدَحَه واشتد عليه. ما يَعْمِدُك: ما يُوجِعك؟ ما عَمَدك: ما أحزنك؟ "ومنه مطاوعةً "عَمِدَ البعير (تعب): تَفَضَّخَ داخلُ سَنامه (أي عَمُود السنام الذي ينصبه) من الركوب فورِم. . وظاهره صحيح " (فهذا من الورم وألمه - إصابة العمود) و "العِمْدة -بالكسر الموضع الذي ينتفِخ منه سَنامه وغاربه. وعَمِد عليه (تعب) غَضِب "فالغضب والحزن والألم كلها مشاعر شديدة تمتد في الباطن أو النفس (¬1). فمن عَمْد البيت بالأعمدة {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [الرعد: 2 وكذا ما في لقمان: 10] جمع عَمود قال في [بحر 5/ 350] إنها اسم جمع، ثم [في 5/ 353 - 354] ما خلاصته أن التعبير يحتمل أنَّها بلا عمد، وأنها بعمد لا تُرَى. وأن العمَدَ التي لا ترى، والرفع بلا عمد يعودان إلى أنَّها ممسَكة بالقدرة الإلاهية. اهـ. وأضيف أن علماء عصرنا يقولون إن الجاذبية بين الكواكب ¬

_ (¬1) العرب يستعملون النَصْب -بالفتح- لإقامة الشيء كنصب الراية، وبالتحريك -للتعب.

(عمر)

والنجوم بعضِها وبعض تمسك كلًّا في موقعه بالنسبة لغيره. أقول وهذا يصلح أن يكون تفسيرًا للعَمَد التي لا تُرى. وقوله تعالى: {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} [الفجر: 7] جمع عمادة أي الأبنية الرفيعة/ ذات الطول/ ذات الأبنية المرفوعة على العَمَد/ ذات القوة والشدة [قر 20/ 45] وكلٌّ صالح لغويًّا. {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} [الهمزة: 8، 9] أي مطبقة عليهم بأطباق مشدودة بأوتاد هي العَمَد الممدَّدة وفي بمعنى الباء [قر 20/ 185]. ومن الشدة الممتدة في الباطن ويُقصَد بها إقامة الشيء جاء "العَمْد: ضد الخطأ أي شَدّ القلب أو جمع العَزْم على قَصْد إقامة شيء أو إيجاده {وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] صَمَّمَت وعزمت. {وَمَنْ يَقتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِدًا} [النساء: 93]. وليس في القرآن من التركيب إلَّا العَمَد والتعمد. ومن المجاز "العَمُود والعِمَاد، والعُمْدة والعُمْدان رئيس العسكر، والعميد: السيد المعتمد عليه في الأمور ". • (عمر): {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 18] "العَمْر -بالفتح: لحم من اللثة سائل بين كل سِنَّيْن "خَشِيتُ على عُمُوري ": منابتِ الأسنان واللحمِ الذي بين مغارسها. والعَمِيرُ: الثوبُ الصفيقُ النَسْج القويُّ الغَزْل الصبورُ على العمل. والعَمَران -بالتحريك: طَرَفا الكُمَّيْن. والعَمِيرة: كُوَّارَة النحل " (شيء يتخذ للنحل من القضبان ضيق الرأس -كأنه نوع من خلايا النحل).

Qشغل فراغ الأثناء بمناسب يثبِّتها أو يبرز نفعها ويديمه. كالعُمُور بين الأسنان، واليَدَيْن في الكُمَّين، والثوب الصفيق بكثافة خيوطه فيه، والنحل في الكُوَّارة. ومن مادّى هذا "العَمَار - كسحاب وسحابة: كل شيء عَلَى الرأس من عِمامة أو قلنسوة أو تاج أو غيره. (الرأس يدخل في فراغها) والعِمَارة - كرسالة: الصَدْر (وعاء لأهم أجهزة البدن) والعَمْر - بالفتح: حَلْقة القُرْط العليا (عالقة في ثقب الأذن) وعَمَرَ المالُ (قعد): صار كثيرًا وافرًا (فدَامَ - امتداد زمني) وأعْمَرَ عليه: أغناه، والمَعْمَر - كمسكن: المنزل/ المنزل الكثير الماء والكلأ والناس (وجود دائم في أثناء) وكحَسّان: المجتمِعُ الأمر اللازمُ للجماعة. والعَوْمَرة: الاختلاطُ والجلبة وجَمْعُ الناس وحبْسُهم في مكان ". ومن ذلك "عَمَر المنزلَ: سكنه، وبيتَه: لَزِمه " (شغل فراغه وأقام فيه) ومنه "العُمْرة -بالضم: أن يبنى الرجل بامرأته في أهلها (من بقائها في بيت أهلها أو من دخول زوجها معهم) - فإن نقلها إلى أهله فذلك العُرْس، وكسحابة ورسالة: العَشِيرة: أصغر من القبيلة " (وهم دائمًا معًا) وقالوا: لالتفاف بعضهم على بعض (84) وهو ما قناه (وانظر عشر). ومَلْء الفراغ بسده أو الإقامة فيه استغلال له وتحصيل لفائدته. ومن هذا تؤخذ العِمَارة بمعنى (تشغيل) الشيء العاطل أو المهمل لتحصيل فائدته {وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا} [الروم: 9]، {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61] وأسكنكم أو أمركم بعمارتها [قر 9/ 56] وهذا المعنى لم تذكره المعاجم. وقد ذكر صاحب "متن اللغة "أن العامة تقول: عمّر - ض: بمعنى بَنَى، والعمَّار =

كشداد؛ الباني. وقال إن هذا لم يسمع في الفصيح، وإن صاحب الشفاء أجازه. وأقول إنه معنى صحيح في ضوء تحليل التركيب. ومن ذلك "العَمْر -بفتح، وضم، وضمتين: الحياة، (الوجود والبقاء بين الناس - مدة البقاء وشغل مكانه على ظهر الأرض وبين الناس) {لَعَمْرُكَ} [الحجر: 72] العَمر -بالفتح هو العُمر -بالضم فُتِح في القَسَم لكثرة الاستعمال وهو هنا قسم بحياة نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- أو بحياة لوط عليه السلام، لأن القرية في أثناء قصته [قر 10/ 39 - 40]. وقد جاء العُمر -بالضم وبضمتين- بمعنى مدة الحياة في آيات كثيرة منها {حَتَّى طَالَ عَليَهِمُ الْعُمُرُ} [الأنبياء: 44]. وعمَّره اللَّه - ض: أبقاه زمنًا طويلًا أي عُمْرًا طويلًا. {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ معَمَّرٍ} [فاطر: 11 وكذا ما فيها 37، والبقرة: 96، يس: 68] عَمَره اللَّه (نصر): أبقاه وأطال حياته [الوسيط]. ومنه "العُمرة: الزيارة " (الوجود في البيت أو في حرمه) {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ} [البقرة: 158]. ويقال "عَمَر الرجلُ ربه (نصر): عَبَده وصلى وصام (. . تولاه ودخل في كنفه وشغل وقته بعبادته) والعُمر -بالضم: المسجد والبِيعة والكنيسة (مكان اجتماع وصلاة). وقوله تعالى {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} [التوبة: 17]، وكذلك (يعمر) و (عمارة) في الآيتين التاليتين لهذه: أي لا يستقيم ذلك. فإن أبا حيان ذكر احتمالات ثلاثة لمعنى عمارة المساجد - وفي الصدر منها المسجد الحرام: دخول المسجد والقعود فيه والمكث، أو رفع بنائه وإصلاح ما تهدم منه، أو التعبد فيه والطواف به والصلاة [بحر 5/ 20، 21]

(عمق)

{وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ} [الطور: 4] بيت في السماء إزاء الكعبة، وعمرانه كثرة غاشيته من الملائكة [ينظر قر 17/ 59 - 60]. ولم يبق من الكلمات القرآنية من التركيب إلَّا {عِمْرَانَ} و {آلَ عِمْرَانَ} [آل عمران: 33] في [بحر 2/ 453] أنَّه ابن ماثان من ولد سليمان. وهو والد مريم أم عيسى عليهم السلام. أما "العمار - كسحاب؛ الرَيْحَان يُزَيَّن به مجلس الشراب وَيُحَيَّا به الداخلون "فهو رمز الوجود معًا. هذا، وفي "المنجد والوسيط ""عَمَر الدار: بناها "ولم أجده في غيرهما. وهو استعمال له وجه في أصل معنى التركيب. • (عمق): {. . . . وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27]. "بئر عَمِيقة: بعيدةُ القَعْر. والعُمْق -بالضم والفتح: قَعْر البئر والفَجّ والوادي. والأعماق: أطراف المفاوز البعيدةُ ". Qبُعْدُ قَعْر باطنِ الشيء أو بُعد امتدادِ غئوره. كأعماق تلك الفَجَوات والبئر والفج والوادي. ومنه (الفَجّ العميق: الممتدُّ البعيدُ النهاية {يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} (والمقصود أطراف الأرض البعيدة) ومنه "أعماق الأرض: نواحيها " (غايات امتدادها) "ولى في الدار عَمَق "-بالتحريك: أي حق " (جزء من أصلها، وأساسها). عمّق النظر في الأمر - ض، وتعمق: طلب أقصى غاية الشيء " (باطنه). • (عمل): {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105].

"عامل الرمح: صدرُه دون السنان. استعمل البنَّاء اللبِنَ: بَنَى به. طريق مُعْمَل كمُكْرمَ: لْحبٌ مَسْلُوك. وشراب مُعْمَل: فيه لَبَنٌ وعَسَل وثَلْج. وعوامل الدابة؛ قَوَائمه. والعَمَلة -بالتحريك: القوم يعملون بأيديهم ضُروبًا من العمل في طِين أو حَفْر أو كيره. والعوامل: بَقَر الحرْث والدياسة. العَمَل الفعلُ باليد من زراعة وتلقيح وسقي ". Qجهد مادّي (من حيّ أو جماد) يؤدي إلى إحداث شيء أو هيأة أو نقلة إلخ - كعامل السنان يَعْمِده ويَدْعَمه في اندفاعه لمخالطة الضريبة، وكقوائم الدابة تحركه إلى مكان (آخر)، وكالشراب المخلوط هو من صنع الإنسان وليس طبيعيًّا، وكالطريق المُعْمَل صُيّر على هذه الصفة بكثرة السالكين، وكالعَمَلة بأيديهم في الطين والحفر، وكذلك الزراعة والتلقيح والسَقْي، وكل ذلك لاستحداث أمور مادية أو تحصيل جديد. ومنه: "عَمِل البرقُ (فرح): دام " (البرق يخالط السحاب والجو وتردد سطوعه من وراء السحاب كالحركة النشطة ويعطي صورة غريبة). ومن هذا: "عامِل الزكاة: الذي يستخرجها ويجمعها "-كما يسمى الساعي: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: 60]. ومن مباشرة العمل جاء في القرآن الكريم {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]. هذا وقد جاء في [كليات الكفوي 616] أن العمل يعم أفعال القلوب والجوارح و (عمل) لما كان مع امتداد زمان نحو {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} [سبأ: 13] وكذا ما في [الأنبياء: 82] وأن العمل لا يقال إلَّا في ما كان عن فكر وروية ولهذا قُرِن بالعلم

(عمه)

اهـ ببعض الزِّيادة. وأضيف أن الملحظ الأخير عن الفكر والروية كأنه متمم أو لازم لملحظ امتداد زمن العمل. كما أضيف أن مما يؤيد ملحظ الامتداد هذا أننا نسأل الشخص عن حرفته فنقول له ما عملك؟ والعرب تقول "رجل عَمُول: إذا كان كسوبًا. وفلان خبيث العِمْلة -بالكسر- أي الكسب (السعي الذي يحصّل منه رزقه). ويمكن أن نجمل خلاصة هي أن تركيب (عمل) يعبر عن الجهد المادّي وتأثير الأشياء بعضها في بعض، ويعبَّر به عما لَهُ امداد، ووراءه فكر. وقد جاء منه في القرآن الكريم نحو 350 مفردة بالمكررات، منها نحو 80 لأداء عمل صالح و 16 مرة لأداء عمل سيئ، و 250 مرة لمطلق العمل. فالراجح أنَّه عامّ بمعنى أنَّه صالح للتعبير به عن أي نشاط، يستوفى ما ذكرناه. • (عمه): {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: 72] "أرض عَمْهاء: لا أعلام بها ". Qخلوّ الشيء من أثر مميز (الخلو من التمييز والبيان أو الهداية). كالأرض المذكورة. ومنه قيل "عَمِه (تعب): تحير مترددًا لا يهتدي لطريقه " (استوى أمامه الأمر لا تبدو معالمه) "وذهبت إبلُه العُمَّهَى كسُمَّهى وخُلّيْطَى: إذا لم يدر أين ذهبت " (استوت احتمالات الجهات التي يتأتى أن تذهب إليها). {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة: 15] أي يترددون حيارى ضُلَّالًا [طب 1/ 210] وقد اقترن الفعل (يعمون) بالطغيان في خمس آيات، وبالسكرة في

معنى الفصل المعجمي (عم)

آية وبالتزيين في الآية الباقية، مما يدل على فقد العَمِه التبصر والتنبه. ° معنى الفصل المعجمي (عم): هو الالتحام العلوي أي التجمع مع علو أو في أعلى كما يتمثل في النبت المعتمّ والنخيل العُمّ أي التامة الطول والالتفاف -في (عمم)، وفي التحام ثُقْبَي عيني الأعمى -في (عمى)، وفي الطفو مع الجريان أو الوصول -في (عوم)، وفي تجسم جرم البيت والحائط واللسان التي يَعْمِدها (ينصبها أو يشدها) ما ينفُذُ في أثنائها من عمود أو نحوه -في (عمد)، وفي الأسنان والدار التي تُشْغَل أثناؤهما -في (عمر)، وكالذي يعلو قاع البئر والفج والوادي -في (عمق)، وفي المواد التي تُجْمع وينشأ منها شيء أو هيأة لم تكن -في (عمل)، وكالأرض الممتدة بلا معالم -في (عمه). العين والنون وما يثلثهما • (عنن - عنْ): {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 286] "عنّ الشيءُ يَعُنُّ: ظهر أمامك ". "العَنَان - كسحاب: السحابُ وقيل العَنَان التي تمسك الماء. وأعنان السماء: نواحيها/ صفائحها وما اعترض من أقطارها/ ما عنّ لك منها إذا نظرت إليها أَيْ ما بدا لك منها. وعَنان الدار: جانبها الذي يعُنّ لك أي يَعْرض "وحقيقة الأعنان: النواحي. العُنَّة: الاعتراض بالفضول. العُنُن: المعترضون بالفضول. رجل مِعَنّ: يعرض في كل شيء ويدخل في ما لا يعنيه، وامرأة مِعَنّة: تعتن وتعترض في كل شيء. لقيه عَيْنَ عُنّة أي اعتراضًا في الساعة من غير أن يطلبه. أعطاه ذلك عين عُنّة أي خاصة من بين أصحابه. عَنّ الرجل عَنًّا وعَنَنًا: إذا اعترض لك من أحد جانبيك من عن يمينك

أو من شمالك بمكروه ". Qاعتراض الشيء في المواجهة -مع حبس أو احتباسٍ ما- دون أساس أو توقع (¬1): كاعتراض السحاب، أي انبساط رقعته في الأفق أمام ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر العين عن التحام ورقة مع حدة ما، والنون عن امتداد لطيف في الباطن أو منه، والفصل منهما يعبر عن اعتراضٍ (مواجهةٍ بعِرَض وهو الالتحام) لما ينشأ أو يظهر دون سبب ظاهر كأنما يأتي من باطن أو غيب مع ثباتٍ ما كالعَنان في الأفق. وفي (عنو عنى) تعبر الواو عن اشتمال والياء عن اتصال، ويعبر التركيبان عن احتباس رقيق في الباطن (اشتمال) مع ظهور ما ينبئ عن وجوده (امتداد واتصال) كالعاني: السائل من ماء من أثناء القربة والدم من البدن. وفي (عون) يعبر التركيب الموسوط بواو الاشتمال عن كثرةٍ أو زيادة موجودة أو متاحة (مشتمَلة) كالعَوان التي نُتِجَتْ بعد نِتاجها البِكر. وفي (عين) تعبر الياء عن امتداد واتصال، ويعبر التركيب الموسوط بها عن اتصال مادة منها كماء العين الجارية وكشعاع الرؤية من العين الباصرة وإليها. وفي (عنب) تعبر الباء عن تجمع رخو مع لصوقٍ ما، ويعبر التركيب عن التئام الظاهر أي التصاقه على تجمع في الباطن مع لطف ورقة كما في العنب. وفي (عنت) تعبر التاء عن ضغط بدقة وحدّة، ويعبر التركيب عن كسر الشيء بدقة وحدة كأنما ضُغِط كعنَت العظم. وفي (عند) تعبر الدال عن ضغط بامتداد وحبس ويعبر التركيب عن اختزان (احتباس) بغزارة يتأتى منه استمرار صدور المختزن كماء السحابة العنود. وفي (عنق) تعبر القاف عن اشتداد وتعقد في الجوف أو العمق، ويعبر التركيب عن امتداد الشديد القوي من أثناء جسم أكبر منه كالعُنُق. وفي (عنك) تعبر الكاف عن ضغط غئوريّ دقيق يتأتى منه اللصوق والقطع، ويعبر التركيب عن تلاصق دقاق بكثرة تبلغ التعقد فتكون عقبة يصعب اختراقها كعنوك الرمل. وفي (عنكبوت) تعبر الباء عن تجمع رخو من تماسك كما في خيوط العنكبوت وبيوته والعنكبوت صانع تلك الخيوط والبيوت.

الناظر، والاحتباس هنا هو ثباته في اعتراضه هذا حينا، وكذلك صفائح السماء (= مساحاتها العريضة) في كل جانب، وجانب الدار. وعدم الأساس أو التوقع يتمثل في ظهور العنان السحاب لغير سبب مَرْئيّ أو توقيت موثوق به لدى عامة العرب القدماء في باديتهم. و "عَنان الدار "خال من هذا القيد. لكن هذا القيد مصرَّح بمعناه في قولهم "بالفضول ""يدخل في ما لا يعنيه ""من غير أن يطلبه ""خاصة من بين أصحابه " (فكل هذه التعبيرات تعني فقد أساس الاعتراض والاختصاص، وكذلك لأنه خلاف الأصل)، وكذا الذي يأتي من الجانب هو غير متوقع. والاحتباس في هذه الاستعمالات يتمثل في تعويق المعترض. ومن الاعتراض دون أساس مستوعَب عند العامة "العَنَن -محركة: اعتراض الموت " (كأنه تسمية بالمصدر وهو يعترض مسيرة كل حيّ فيقطعها) "والمِعَنّ: الخطيب " (لأنه يتعرض لموضوعات شتى عادة ولعلها -عند الناس- لا تعنيه) "والعِنِّين - كسِكِّير: الذي لا يأتي النساء ولا يريدهن "قالوا "لأن عضوه يعن لقُبُلها عن يمينه وشماله "أي فلا يستقيم لينفذ. واستعمل اللفظ بالتاء للتي لا تريد الرجال - تعميمًا، "والعُنة -بالضم: الحظيرة تكون على باب الرجُل فيكون فيها إبله وغنمه " (أي أمام عينيه) أو "لتتدرأ بها من برد الشمال " (أي هي يُعْتَرَضُ بها الهواء البارد) "والعُنّة -أيضًا: ما يجمعه الرجل من قصب ونبت ليعلفه غنمه " (فهذه إما لأنه يجمع ما يَعُنّ له أي يعترض ويصادف مما يَصْلُح عَلَفا، وإما لأنها تكون بعد الجمع معترضة تحت عينيه أي متاحة) وكذلك "العُنّة: ما تُنْصَب عليه القِدْر " (الأثافي أو المِنصب الحديدي - وهو معترض أي متاح ثابت) و "شركة العِنان: شركة في شيء خاص دون سائر أموال الشريكين،

(عنو - عنى)

كأنه عنّ لهما شيء أى عَرَض فاشترياه واشتركا فيه ". وأما "عِنان الدابة: السير الذي تمسك به "فسميته "لاعتراض سَيْريه على صفحتي عنق الدابة من عن يمينه وشماله "ولضبطه الدابة (أي حبسها وقصرها على ما يعنّ لصاحبها وهو ما عبر عنه بإمساكها) "وعنّنَتْ المرأة شعرها أي شَكَّلته " (جعلته ضفيرتين من مقدم رأسها عن يمينه وشماله -أي كالعنان). و (عن) التي هي حرف جر أصلُ معناها المجاوزة، وهي من معنى الظهور المصرح به في "عَنَّ الشيء: ظَهَرَ أمامك "وفي المعنى المحوري اعتراض الشيء أمامك، وكان أصل ذلك في مثل "سافر عن البلد "أنَّه كان يغشى بعض ظاهر البلد أي معترضًا (متاحا/ موجودًا) عليه فسافر، وكذلك رميت السهم عن القوس "فالسهم كان في القوس معترضًا أي متاحًا فيها وهكذا. {وَاعْفُ عَنَّا} أي غط وأذهب وَضَر الذنوب الذي يَعْرُونا. وتأتي بمعنى (بَعْدَ) {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} [المؤمنون: 40]. وللبدل -كذلك- {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48]. والتعليل (من البعدية) {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ} [التوبة: 114] • (عنو - عنى): {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} [طه: 111]. "العاني: السائل من ماء (رشحًا من قربة) أو دَمٍ. عَنَت القربة بماء كثير (تعنو): لم تحفظه فظَهَر. وقال في الخمر: {وعَنَّتْها الزِقَاقُ وقارُها} أي حَبَسَتْهَا (زمنًا طويلًا) (¬1) زقاقها بما فيها من قار (= زفت). العنِيَّة - كهَدِيَّة: أخلاط من ¬

_ (¬1) هذا القيد مستمد من أنهم كانوا يستجدون الخمر كلما عتُقت في دَنّها أي حُبست فيه =

بول وبَعَر تُحبَس زمانًا في الشمس ثم تعالَج بها الإبل الجَرْبَى. عَنُّوا بالأصوات - ض: احبِسوها وأَحْفُوها " (¬1). Qاحتباسٌ قوي مع ظهور أثر للمحتبس - كالماء المحبوس في القِربة ينضح منها، وكدَم البَدَن، وكالخمر في الزقاق، وظهورها أنها تُبْزَل من الزِقاق أي تؤخذ قليلًا قليلًا لتُشْرب، وكالأخلاط تُحْبَس زمنًا وتَظْهر هي أو المقصود ظُهور أَثَرها، وكمحاولة إخفاء الأصوات في أثناء المعركة مع ظهور شيء منها ولا بد. ومن ذلك "أعناء السماء نواحيها واحدها عِنْو "-بالكسر. (دائمةٌ في الأفق أمام الناظرين كأنها محبوسة في مواقعها مع ظهورها). أما "الأعناء من الناس: الأخلاط من قبائل شتى "فهم محبوسون مشدودون بانتماءاتهم غير المحدَّدة - مع ظهورهم في التجمع، ومن ذلك "العانِي: الأسيرُ، والعَبْد "فهما محبوسان في حوزة الآسر والمالك مع ظهورهما أي تحرِّكهما. "عَنَا الرجلُ: ذَلّ لك واستأسر. وعَنّيتُه - ض: أَسَرْتُه وحبسته مضيَّقًا عليه. {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} ذلَّت وخضعت (أي تدلَّت رَهْبة وضَعفًا/ استسلمت أسيرة مقهورة) [وانظر قر 11/ 248] كما قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ} [الغاشية: 2]. ¬

_ = دهرًا طويلًا قبل أن يَبْزلوها من الدّن ليشربرها. لعنها اللَّه ولعن شاربها. (¬1) عارضت بين استعمالات التركيبين (عنو)، (عنى) الواردة في [تاج]، فوجدت أكثرها جاء واويًّا ويائيًّا معًا. وكل هذا الأكثر يرجع إلى معنى احتباس الشيء مع ظهور أثر للمحتسى - حسب ما حللت هنا. وانفرد التركيب اليائي باستعمال "عنى بالقول كذا: أراده وقصده "وما بمعناه، وهو يرجع إلى نفس المعنى المحوري لأن المعنى في القلب والكلام الظاهر أثره ودليل عليه.

(عون)

ومما برز فيه معنى ظهور ما هو محتبس أصلًا "عَنَى النبتُ: ظَهَر " (امتسك في الأرض ثم نما) وتأمل "سألته فلم يَعْنُ لي بشيء " (لم يُخْرج لي شيئًا مما يمسكه في حوزته) - و "أَعنَي المطرُ النباتَ: أنبتَه " (أنمى له جذورًا تمسكه فنما حتَّى نبت). ومن ذلك عُمِّمَ فقيل: "عَنَوت بالشيء وعَنَيت (كسما وبكى): أخرجْته وأظهرْته. وعُنوان الكتاب هو الظاهر الدال على ما في باطنه. وعَنِيَ فيه الأكلُ (كرضى): نَجَعَ (قَبِلَه البَدَن وهذا احتباس، ثم ظهر أثرُه سِمَنًا). وأُخِذ من الحبس "عَنَيْت بأمره (كبكى ورضى) عناية، وعنَانى أمره: اهتمَمْتَ به وأَهَمّك (حضر في نفسك وبالك) وقرئ {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 37]، (يعنيه -بالمهملة) يُهِمَّه (يشغل نفسه) لا يهمه شأن غيره [ل 339/ 11] ومن "ذلك معاناة الشيء: ملابسته ومخالطته " (الاهتمام بأمره). ومن ذلك الأصل "عَنَيت الشيءَ (رمى): قصدته. ومَنْ تَعْنِي بقولك؟ من تَقْصد. وعنيت كذا: أَردْته " (أي أن هذا هو ما تُبْطِنه (تحتبسه) في نفسك والكلامُ تعبير ظاهر). • (عون): {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ} [الكهف: 95] "العَوَان - كسحاب - من البَقَر والخيل: التي نُتِجت بعدَ بطنها البِكْر (أي وَلَدَت بطنًا أخرى)، ومن الأرض: التي مُطِرَت بين أَرَضِين لم تمطر. والعَوَانةُ: النخلة الطويلة/ الباسقة. والعَانةُ: القطيع من حُمُر الوحش، والأَتَانُ، ومنبِتُ الشعر في قُبُل الرجل والمرأة [متن]. Qمَدَد زائد أو امتداد من قوة في الباطن (أو من الخارج)

(عين)

كالبَقَر والخيل المذكورة فإن نِتَاجها امتدادٌ وهو زيادة عما نُتِجَ قَبْلا، وطولُ النخلة امتداد من قُوَّتها، والأرض الممطورة لها قوة الإنبات. والعانةُ: الأتان تَلد، وعانة حُمُر الوحش لاتنى تجرى هنا وهنا والجري امتداد وراءه قوة، أو نُظِر إلى أنَّها تجمُّعٌ عريض، والتي تحت السُرّة دَعْمٌ رضْو، أو نُظِر إلى كثرة إنباتها الشعر. ومن عوان البقر {لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} [البقرة: 68] هي "النَصَفُ التي ولدت بطنًا أو بطنين "وهو أكمل أحوالها [بحر 1/ 412، 417]. ومن ذلك الأصل أُخِذ "العَوْن -بالفتح: الظهير "فهو يُقَوِّي أي يُمدّ بالقُوَّة. ومنه الإعانة. وبهذا المعنى سائر ما جاء في القرآن من التركيب. {وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} [الفرقان: 4] عَنَوْا قوما من اليهود ألقَوا إليه أخبار الأمم، أو عددا من الموالي كتابيين أسلموا وكان الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يتعهدهم. {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ} (أمِدُّوني) {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]، نطلب العون. وقد جاء من هذه الصيغة الأخيرة صيغة الطلب، وصيغة المطلوب منه العون. (المستعان). • (عين): {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} [الطور: 48] "العَين: حاسّة البصر والرؤية، ويَنْبوع الماء: الذي يَنْبُع من الأرض ويَجْرى. وعَيْن الرَكِيَّةَ: مَفْجَر مائها. وعينٌ مَعْيُونةٌ: لها مادّة من الماء. وقد عانَت البئر (باع): كثُر ماؤها، وعان الماءُ والدمعُ: جَرَى وسال. ورجل عيّن - ككيس: سَريع البكاء. وسقاء عَيّن - ككيس وقد تَعَيَّن: إذا رَقَّ من القِدم " (فنضح أو بَرَق).

Qدائرة ينفذ منها لطيف لامع دائم الجريان عن مختزَنٍ كثير. كعَيْن الماء (تلحظ قيود: "لها مادّة من الماء ". "كثر ماؤها "ودوام الجريان لازم للاختزان الكلثير الذي يؤكلده قولهم "العين: مطر أيام لا يقلع/ يدوم خمسة أيام أو ستة ". وكالعين الباصرة -مستديرة وتمتد منها وإليها أشعة قوة الرؤية، وكالسقاء العَيّن ينضح الماءَ. ومن وجود منفذ لسائل قالوا "تعيّنت أخفاف الإبل: نَقِبَتْ مثلَ تَعَيُّن القِربة ". ومن ذلك الأصل "العين: الشمس نفسها " (أي قرصها - دائرة لامعة تجرى منها دائمًا أشعة لطيفة وإن كانت حادة الوقع ضوءًا أو حرارة) ومنه كذلك "العَين: الدينار " (دائرة دائمة اللمعان). ومن الثقل اللازم لكثرة المختزن "العَيْن في الميزان: المَيْل/ أن ترجح إحدى كفتيه على الأخرى. دينارٌ عَيْنٌ إذا كان ميالًا أرجَحَ بمقدار ما يميل به لسان الميزان ". ومن تحدد الدائرة (عَيْن كل شيء: شخصُه ونفسُه/ حاضرُه وشاهدُه. ما بها عَيْن أي أحد (شخص). ويقال: عينُك أكبر من أَمَدِك أي منظرُك (جسمك) أكبر من سِنّك. والعَيْن: المال الحاضر الناضّ. ما عيّن لي بشيء - ض: ما أعطاني. والأعيان الإخوة لأب وأم إذا كان لهم إخوة لعلات " (لأنهم وُجِدوا من نَفْس العين). فمن عَيْن الماء {أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الشعراء: 133، 134] {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} [القمر: 12] ومن جنس هذه {عَيْنٍ حَمِئَةٍ} {عَيْنَ الْقِطْرِ} {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ} [الغاشية: 5]، وأُخَر سياقها صريح، وكل ما جمع

(عنب)

على (عيون). ومن العَيْن الباصرة {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة: 45] وكل ما جمع على (أعين) وكل ما عدا ما ذكرناه في السطور السابقة. وقد بنوا منها الكثير بالاشتقاق والمجاز. فمن ذلك "العَيَن -محركة: عِظَم سواد العين وسَعَتها. هو أعين وهي عيناء والجمع عِين {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ} [الصافات: 48]. وكذا كل (عِين). وعَيْن المتاع والمال -بالفتح، وعِينته -بالكسر: خياره، وتعيّنْتُ الشخصَ: رأيته (بالعين)، والمعاينة: النظر. ولا أطلب أثرًا بعد عين " (هنا بمعى ذات). وقوله تعالى: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} [الصافات: 45] جُوِّز في كلمة (معين) أن تكون من (عين) فيكون معناها (مفعولا) من عانه: أدركه بعينه، وأن تكون من (معن) فتكون الميم أصلية من قولهم معن الشيءُ معانة: كثر. [ينظر بحر 6/ 364] وهذا في كل كلمة (معين). ويترجح لدّي أن الكلمة من (عين) لا من (معن) لأن الماء المعين هو الذي يتمناه كل من يعيش في بيئة بدوية ليس فيها ماء معين، لأن ماءها إما من الآبار وإما من السحاب. فالماء المعين المرئي في أنهار أو عيون نضاخة يمثل متعة غريبة لهم يتمنونها. أما "العَيَن -محركة: الجماعة "فكأنه جمع عائن أي الذي ينظر بعينه كالخَدمَ جمع خادم. أو هو فَعَل بمعنى مفعول كالهَدَم -لأن الجماعة لا بد أن ترُى لكثرتها- ولكن لم يردْ ذلك في [ل، تاج]. • (عنب): {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ} [النحل: 11] "العِنَب والعِنَباء واحد: معروف. وكغراب: النَبَكة (: الجُبَيل) الطويلة في

(عنت)

السماء الفاردة المحدَّدَةُ الرأس يكون أسود وأحمر وعلى كل لون، والغالب عليه السُمْرة لا يُنْبِت شيئًا مستديرٌ. والأعنب: الأنف الضخم السَمْج ". Qصفاء الممتلئ المستدير مع امتداد ما: كالجبيل والنَبَكة الموصوفين - وصفاؤهما تجرُّدهما من النبات، وكالعنب في امتلائه بالماء وصفائه وحبّ أكثره فيه امتداد يقل أو يزيد، والأنف الضخم مستدير؛ ولذا عُدَّ سَمْجا. ومنه: "العَنَبان -بالتحريك: الثقيل من الظباء/ المسن من الظباء (ملآن/ والظباء رقيقة). والعُنْبَبُ: كثرة الماء ". فمن العنب الفاكهة: {وَعِنَبًا وَقَضْبًا} [عبس: 28]. وليس في القرآن من التركيب إلا العنب وجمعه (أعناب). • (عنت): {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128] "العُنْتُوت: -بالضم: الحز الذي في القوس تُدْخَل فيه حلقة رأس الوتر. وعَنِتَ العظم (تعب): وَهَي وانكسر. عَنِتَتْ يدُه ورجلُه: انكسرت، والدابةُ: حُمِّلَتْ مالا تحتمل فظَلَعَتْ. وأَعْنَتَ الجابرُ الكَسْر: إذا لم يَرْفُق به فَزاد الكسرُ فسادًا ". Qكَسْر أو نحوه أو فسادٌ بحدّة في جرم الشيء الممتد -كذلك الحَزّ في القَوْس- وهو من جنس الكسر، وكعَنَت العظم. وظَلَعُ الدابة يكون عن كَسْر أو نحوه في أَحَد قوائمها. ومنه ما فسِّر به قوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25] فإذا شق على الرجل (الحُرِّ) العُزبة، وغلبته الغُلْمة، ولم يجد ما يتزوج به حُرَّة فله أن (يتزوج) أمة؛ لأن غلبة الشهوة

(عند)

واجتماع الماء في الصلب ربما أدى إلى العلة الصعبة [ل] أي أن العنت هو عناء كبح الشهوة والفساد المترتب على غلبتها عليه. وقد فُسِّرَ العَنَت أيضًا بالفجور والزنا الذي يسبب الهلاك اهـ. وعمم في الهلاك والضرر والمشقة الشديدة. وكل ذلك من معنى الفساد الذي يعبر عنه التركيب {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ} فسرها [قر في 8/ 302] بالمشقة. وكذلك في {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ} [البقرة: 220] جاء به مع التفسير بالإهلاك. والتفسير بالإهلاك أدق وأقرب إلى الأصل فيهما. والذي في القرآن من التركيب هو العنَت والإعنات بمعنييهما المذكورين ومنه "عنْتَه - ض: شدّد عليه وألزمه ما يصعب عليه أداؤه، وتعنّته: طلب زَلّته وَمَشَقَّتَه ". ومن المادي "العُنْتُوت -بالضم: جبيلٌ مُستدِقٌّ في السماء "فهيئته هذه تخيّل أنه منحوت هكذا. وكأن معنى التسمية أنه المنحوت. والنحت قطع من الجرم. والقطع يكون من جنس الفساد. • (عند): {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف: 206] "سحابة عَنُود: كثيرة المطر. عَنَد العِرْقُ (جلس وفرح وككرم): سَالَ فلم يَكَدْ يَرْقَأْ (تابع نزف الدم). وأَعْنَدَ أَنْفُه: كَثُر سيلان الدم منه. وأَعْنَدَ في القيء: تابعه ". العَنود من الدوابّ: المتقدمة في السير من نشاطها وقوتها. والعنود من الإبل كذلك: الذي يتباعد عن الإبل يطلب خيار المرتع ويتأَنّق ". Qالاستمرار في بذل الشيء أو إتيانه رغم توقع التوقف. ويلزمه عظم المخزون منه. كما في كثرة مطر السحابة واستمرار سيلان الدم من

العرق والأنف ومتابعة القيء من كثرة المختزن منها، وكما في استمرار تقدم الدابة (والسير بذل من مذخور القوة، ومنه التباعد). ومن مادى ذلك "عَقَبَةٌ عَنُود: صَعْبة المرتقىَ "فهي حاجز دائم تحبس من تعترضه فلا ينفذ منها. ومن معنى المخزون ما قالوه في تفسير "أَوَلَهُ عِنْد؟ ردًّا على من قال "هو عندي كذا "بأنه يُقْصَدُ بالعِنْد هنا: القَلْبُ والمَعْقُول واللُبُّ [ل 303، ق] أي (لُبٌّ باطن أو فِكْرٌ مُخْتزَن)، ومنه قالوا "عَنَد (جلس): عتا وطغى وجاوز قدره. (مما اختزن في قلبه) والعنيد: الذي يرد الحق مع العلم به "ومن هنا "المعاندة: المعارضة وعدم الانصياع " (فهذا وذاك استمرار على موقف وعدم اكتراث بالدعوة للتوقف عنه) {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} [ق: 24]. وكذا كل (عنيد). وقولهم "إن تحت طِرِّيقَتِكَ لعِنْدَأْوةً: أي تحت لينك نَزْوةً وطِماحا " (أي إصرارًا واستمرارًا). ومن الاختزان جاءت (عند) الظرفية "حضور الشيء ودنّوه "فهي كالحيز للشيء. وقالوا إنها تعبر عن أقصى نهايات القرب " [ل 303/ 11] ولا يقال مضيت إلى عندك. وتأمل {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ} [البقرة: 140]، {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا} [الأنعام: 148]. (العلم والشهادة محلهما القلب) {فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ} [القصص: 27] ومن استعمالها في القرب الشديد {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} [الأعراف: 206]. {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ} [التكوير 20] الكينونة اللائقة من شرف المنزلة وعظم المكانة [بحر 8/ 426] وليس في القرآن من التركيب إلا صفة (عنيد) و (عِنْدَ) الظرفية.

(عنق)

• (عنق): {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [الإسراء: 29] "العنق -بالضم وبضمتين: وُصْلَة ما بين الرأس والجسد. والمُعْنِق - كمحسن: ما صَلُبَ وارتفع عن الأرض وحَوْلَه سَهْلٌ وهو منقادٌ نحوَ مِيل أو أقل ". Qنتوء قويٍّ دقيق يمتدّ نافذًا من شيء أجسم أو أغلظ. (كالعنق من الجسد، والصُلْب المرتفع/ متميزًا من بين ما حوله من الأرض. وكونه دقيقًا يؤخذ من كونه ينقاد أي يستطيل نحو ميل مرتفعًا بين سهل منخفض، فإن هذا يبديه ضيقًا أي غير عريض). {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} [الأنفال: 12]. {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} [الإسراء: 29] هذا تمثيل لحالة المنع [ينظر بحر 6/ 28 - 29] وليس في القرآن من التركيب إلا العنق وجمعه (الأعناق). وقوله: {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء: 4]- يراد بها إما الرقاب كناية عن خضوعهم كما يقال ذَلّت له رقاب القوم، وإما رؤساؤهم على المثل، وإما جماعتهم - وهذه تؤخذ من الأصل كما يقال "أتاني عُنُقٌ من الناس وُجمّة للجماعة المتقدمة " [الأساس]. ومن مادى الأصل مع تجاوز ما "العَناق - كسحاب: الأنثى من أولاد المعزى إذا أتت عليها سنة، (شدة مع دقة. فالمعزى أصلب بدنًا وأقل حجمًا من الضأن) و "معانيق الرمال: حِبال صغار بين أيدي الرمل (امتدادات مستدقة من بين كثيفة - مع التجاوز عن الصلابة)، وكذا "عنقت السحابة: إذا خرجت من

(عنك)

معظم الغيم تراها بيضاء لإشراق الشمس عليها "والعُنُق. القطعة من المال "وأما "العانقاء: جُحر يمتلئ بالتراب الرخو تندس فيه الأرنب " (إلى عنقها) فهو إما من العنق وإما من امتداده هكذا. وكذلك "العَنَق -محركة: سير منبسط مسبطرّ. أعنقت الدابة: أسرعت وكذلك عانقت "فهو إما من مد الدابة عنقها عند الإسراع وإما من أن الإسراع امتداد. ومنه "أعنقت الثريا والنجوم: تقدمت للمغيب ". • (عنك): "عَنَك الرمْل يَعْنُك عنوكا، وتَعَنَّك: تعقّد وارتفع فلم يكن فيه طريق. رملة عانك فيها تعقد لا يقدر البعير على السير فيها إلا أن يحبو ". Qتماسك الدقيق المتسيب وتراكمه حتى يكثف ويكوّن عقبة يصعب النفاذ منها. كالرمل الموصوف ومنه "العنْك -مثلثة: سُدْفة من الليل تكون من أوله إلى ثلثه. العِنك -بالكسر: الثلث الباقي من الليل "فالظلام كثافة تناظر كثافة الرمل الدقيق. وكذلك "عَنَك اللبن: خثُر "فالخثورة كثافة وتراكم. ثم إنهم قالوا "مكثت عِنْكًا أي عَصْرًا وزمانًا "فهو من معنى الكثافة والتراكم, لأن عبارة "عصرًا وزمانًا "يشعر معناها بطول المدة. وأما قولهم "عِنك كل شيء -بالكسر: ما عظم منه. جاءنا من السَمَك ومن الطعام بعِنك أي بشيء كثير منه "فهو من مادي الكثافة ويلحظ أن لحم السمك طرىّ ليس متماسكًا كلحم البقر وغيرها فهو متسيب كالرمل.

(عنكبوت)

• (عنكبوت): {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ} [العنكبوت: 41] ليس في هذا التركيب استعمالات إلا "العنكبوت: دويبة تنسج في الهواء وعلى رأس البئر نسجًا رقيقًا مهلهلًا ". Qنسيج في الهواء متسع الأثناء من خيوط جِدّ دقيقة {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ}. ° معنى الفصل المعجمي (عن): اعتراض شيء أو ظهوره مع شيء من اللطف قد يتمثل في قدر من الغموض (والاحتباس وهو اختفاء، أو خفاء السبب ومنه عدم السبب) كما في الاعتراض بالفضول -في (عنن)، وكما في احتباس الماء في القربة العانية مع ظهوره منها بالرشح -في (عنو - عنى)، وكما في وجود الزيادة -وهي ظهور- مع كون سببها مذخورًا أي مختزنًا في الباطن كالعوان من البقر والخيل -في (عون) فكرة إنتاج الحيوان وزيادة طول النخلة يكون من قوة النمو المذخورة فيها، وكلمعان الماء ورؤية الأشياء -في (عين) مع كون سبب ذلك مذخورًا في باطن عين الماء وأشعة خفية بين العين والمرئيات، وكصفاء العنب وغيره -في (عنب)، وكالحزّ الظاهر (العنتوت) في جسم القوس مع كون الحزّ غائرًا غامضًا -في (عنت)، وكالماء والدم المختزنين في السحابة والعِرْق - مع خروجهما (ظهورهما) -في (عند)، وكامتداد عنق الحيّ والمُعْنِق من الأرض وهذا ظهوره - مع كون أصله مغمورًا خفيًا -في (عنق)، وكالرمل الذي تعقد وتراكم فارتفع -في (عنك)، وكبيوت العنكبوت مع تماسكها واتساعها في (عنكب).

العين والهاء وما يثلثهما

العين والهاء وما يثلثهما • (عهه): "العَهّ -بالفتح: القليل الحياء المكابر ". Qفراغ من الندى والرقة (¬1) كما هو حال الصفيق الوجه المكابر (لا دم عنده) وربما لحظ هذا (من حيث الجفاف) في استعمال عه عه لزجر الإبل لتحتبس. • (عهد): {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} [يس: 60] "العَهْد والعَهْدَةُ -بالفتح والأخير يكسر: مَطَر بعد مطر يدرك آخرهُ بَلَلَ أوله/ كلُّ مَطَر بعد مَطَر/ المَطْرة التي تكون أَوَّلًا لما يأتي بعدُ. العِهَاد: مواقع الوَسْمِيّ من الأرض (الوسمي هو المطر الأول) العْهد: المنزل الذي لا يزال القوم إذا انْتأوا عنه رجعوا إليه ". Qتكرر العود إلى موقع بعينه - على فترة بين المرة ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر العين عن التحام ورقة مع حدة ما، والهاء عن إفراغ ونحوه، والفصل منهما يعبر عن قلة (تشبه الفراغ) من حدّة الحياة فهذه حقيقة قليل الحياء، وفي (عهد) تعبر الدال عن ضغط بامتداد وحبس، ويعبر التركيب عن حبس لما فيه رقة يتمثل ذلك الحبس في دوام الرقة. . كما في تكرار العود إلى الشيء أو لزومه كالعهد أول المطر والعهد الوصية. وفي (عهن) تعبر النون عن امتداد في الباطن، ويعبر التركيب عن امتداد الفراغ أو الضعف والرقة إلى باطن الشيء وَأثنائه كالقضيب العاهن وكالعهن الصوف.

والأخرى - كالمَطْرة بعد المَطْرة والمنزل الموصوف، والمَطْرة التي تكون أَوّلًا لما يأتي بعدها (أي من مَطَرات مرة بعد مرة فتُسمَّى عَهْدَة باعتبار عَوْد مثلها وتعدّ وَسْمِية من حيث إنها تسم الأرض أي تترك فيها وسْمها أي آثار المطر لأنها الأُولى) ومن ذلك "فلان يتعهده صَرْع " (الصْرع يعاود صاحبه مَرَّةً بعد مرة) "والمعاهدة والاعتهاد والتعاهد والتعهد واحد، وهو إحداث العهد بما عَهِدته " (عود إليه). ومن الصور القريبة من التكرار أن تستحضر الآن صورةَ رؤيةٍ أو لقاءٍ أو حالٍ كان منذ زَمن "العَهْدُ أن تَعْهَدَ الرجلَ على حال أو في مكان - يقال عَهْدِي به في حال كذا أو في مكان كذا ""عهدتُه بمكان كذا: لقيتُه "واستعمل في معنى العلم بوجود دائم في حَوزة {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ} [الأعراف: 134، الزخرف: 49] أي من عمق إيمانك به أو من النبوة التي أعطاكها [ينظر قر 7/ 271] فهي نعمة (سابقة) يعلمها عندك. وفي [بحر 4/ 374]: أو بما وصاك أن تدعو به ليجيبك ". . ومن ذلك "العهد الحفاظ ورعاية الحُرْمة. "وإن حُسْنَ العهد من الإيمان ""إن كَرَم العهد. . ". أي رعاية المودّة (التي سبقت معاودة وتكرار) وهذا ملحوظ في قوله تعالى: {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} (يُرجَع إليه ويُلتزم به) {لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} [مريم: 78, 87]. إما بدعاءٍ بذلك في الدنيا، أو شهادة أن لا إله إلا اللَّه، أو أعمالٍ صالحة (أسلفها) [قر 11/ 154، بحر 6/ 201، 204]. ومن هذه الفرعية "عَهِد الشيءَ (سمع): عَرَفه " (الفعل عرف يستعمل كثيرًا في ما نعبر عنه بـ (التعرّف) أي على ما كنتَ رأيتَه من قبل، فالرؤية الثانية تكرار للأولى).

فأما قولهم "في عَقله عُهْدة -بالضم: أي ضعف، وفي خطه عُهْدة إذا لم يُتِمّ حروفه "فهي من الفتور (أي وجود فترات) في المعنى الأصلي للتركيب أو من الرخاوة المتمثلة في المطر في الاستعمال القديم، أو من التكرار أي هناك ما يستدعي المراجعة. وأما "العهد بمعى الوصية والمَوْثِق "وما إليهما - فإنهما إلزام يؤخذ من تكرار وقوع حدث أو أمر بانتظام في زمن أو مكان معين، إذ يؤخذ من ذلك ضرورة الوقوع (عند حلول الزمن أو الظرْف - ثم يطلق) "فالعهد هو "الميثاق واليمين التي تستوثق بها ممن يعاهدك " (أن يفعل كذا في أمر كذا). "يقال عهد إليه في كذا: أوصاه به ". {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} [يس: 60] وكذا {عَهِدَ إِلَيْنَا} في [البقرة: 125، آل عمران: 183، طه: 115]. وقد فرق [قر] بين العهد والميثاق بأن الميثاق عهد مؤكد بيمين [قر 1/ 247] ولعل عدم اليمين هو الأصل في العهد ثم أضيف إليه اليمين -بَعدُ- توكيدًا. "عاهده: عقد معه عهدا "، (أي موثقا) {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 1]، {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} [التوبة: 75]. وكذا كل (عاهَدَ) وقوله تعالى {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: 40] طلب الإيفاء بما التزموه للَّه تعالى، وترتيب إنجاز ما وعدهم به (كأنه) عهد على سبيل المقابلة، أو لإبراز ما تفضل به في صورة المشروط حفزًا لهم على الإيفاء بما عليهم [ينظر بحر 1/ 330] {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ} [الأعراف: 102] ما عوهدوا عليه في صلب آدم: الإيمان بأنه لا إله إلا اللَّه [بحر 4/ 355] {أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ} [طه: 86] الزمان أي زمان مفارقته لهم [بحر 6/ 249] أي على

(عهن)

حال كان قد دعاهم إليها وقبلوها. وكل (عهد) في القرآن فهو الموثق أو ما عوهد عليه. {قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124] (أي لا يشملهم) والعهد هنا الإمامة [بحر 1/ 548] و "أهل العهد هم أهل الذمة ". • (عهن): {يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ} [المعارج: 9] "قضيب عاهن: فيه انكسار من غير بَيْنونة تحسَبه صحيحًا فإذا هززته انثنى. والعواهن: السَعَفَات اللواتي يَلِينَ قُلْبَ النخلة، وجرائد النخل إذا يَبِسَتْ، وعروقٌ في رحم الناقة ". (قُلب النخلة: خوص ينبت في وسط أعلى رأسها غضًّا طريًّا يمكن أن يؤكل). Qرقة أو ضعف يتخللان أثناء الشيء الممتدّ لذهاب الغلظ والصلابة منه - كذلك القضيب والسَعفات والعروق الموصوفات. والجريد إذا اشتد جفافه كان ضعيفًا متسيب الأثناء. ومنه "العِهْن الصوف، أو الصوف المصبوغ "- ولا ضرورة للقيد لأن الصوف بذاته ضعيف الأثناء لين ليس صُلبًا. ومن ذلك "العاهن: الفَقير (ضعيف فارغ الحوزة) والعاهن: الطعام الحاضرُ والشراب الحاضر/ (يسير سهل لا كلفة له). وأرسل الكلام على عواهنه: ما حضر منه وعَجِل من خطأ أو صواب " (ضعيف لأنه لا يُتَكَلَّف إحكامه). والذي في القرآن من التركيب هو (العهن) الصوف في آيتي [المعارج 9، والقارعة 5]. ° معنى الفصل المعجمي (عه): الفراغ الذي يخالط الشيء - كما هو حال القليل الحياء المكابر -في (عهه) فإنه خِلْو من ندى الحياء ورقته، وكما في الفترات التي بين مرات عود الشيء أو العود إليه -في (عهد)، وكما في فقد الصلابة في القضيب العاهن والعواهنُ التي تجاور قُلب النخلة - فيها كثير من الغضاضة والطراءة -في (عهن).

باب الغين

باب الغين التراكيب الغينية • (غوى): {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256] "الغاوي: الجراد. الغَوَي - كالفَتَى: البَشَم من اللبن. وقد غَوِيَ الفَصيلُ والسَخْلةُ - كرَضِيَ: بَشِمَ من اللبن وفَسَد جوفه. تغاوَوْا عليه: تجمعوا عليه من هنا ومن هنا " (أي ليقتلوه). Qالانجذاب إلى الشيء مع تغشٍّ وفساد: كالجراد الذي يَغْشَى الأرض بكثافة ليأكل زرعها، وكالبَشَم من اللبن من كثافة ما رضع أي كثرته في المعدة فيعوق الهضم. والمتغاوون طبقة تُهلك. ومنه: "الأُغْوِيَّة (كأُثفيّة أي بالضم مع كسر الثالث وتشديد الرابع): حُفْرة كالزُبْيَةِ تُحْفَر للذئب، يُجْعَلُ فيها جَدْي، إذا رآه الذئب سقط في الحفرة انكبّ عليه يريده، فيُصاد (يطبقون عليه). والراجح أن "المُغَوَّاة -بضم ففتح فتشديد- التي يُصَاد بها الأسدُ "هي مثلُ هذه ومنه "أرض مَغْواة -بالفتح: مَضِلّة يَضِلّ ويَحار سالكُها "يضل من ينجذب إليها أي يطمع في اختراقها. "وأَغْواء الظلام: ما سترك بظلامه " (طبقات تغشى). ومن ذلك: "غَوَي (كفتح ورَضِي) غَيًّا -بالفتح وكسحابة: ضَلّ "حُجِبَ عن الرشَد {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256]، الغىّ ضد الرشد فهو

ضلال مسبَّب عن هوًى أو ما هو من بابه. وكذا كل (غيّ) {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224]، الضُلَّال والسُفَهَاء [قر 13/ 152]. {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ} [الشعراء: 94]: أي الآلهة وعَبَدَتهم [الكشاف 2/ 429] أي والضالون بعبادتهم، وكذا كل (غاوين). {إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ} [القصص: 18] الغوِيّ هو المُوقِع في الغَيّ. وفي قوله تعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 121]. قالوا: فَفَسَد عليه عَيْشه. بدلًا من تفسيرها بالضلال ضدّ الرَشَد. وقيل: ذلك قبل النبوة [قر 11/ 257]. أقول: والأصل اللغوي لا يُحْوج إلى هذا؛ إذ يمكن تأويلها بالاحتجاب المؤقت كأنه لما عصى حُجِبَ، والفعل القاصر قريب المعنى من المبني للمفعول. {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه: 122] {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم: 2] فالضلال هو غيبة الحق أي عدم تبينه إياه أو غيبته عنه. وقد بينا أن الغيّ فيه معنى الانجذاب إلى ما يترتب عليه الفساد فكأن فيه درجة من التعمد. وهذا سرّ الجمع بينهما فهو -صلى اللَّه عليه وسلم- ما ضل بهوى ولا بغير هوى - وقد أطال أبو هلال [الفروق اللغوية/ 240] ولم يحرر {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي}، {بِمَا أَغْوَيْتَنِي} [الأعراف: 16، الحجر: 39] أوقعتني في الغي بأن أمرتني بالسجود لآدم فأنِفْت فأبيْت [بحر 4/ 275] ونسب هذا إلى الاعتزال. أو أضللتني. فانظره. ومثلها {قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا} [القصص: 63] فالذين حق عليهم القول هم الشياطين وأئمة الكفر [بحر 7/ 123] ومثلها ما في [الصافات: 32] وقريب منهن ما في [الحجر: 39، ص: 82].

الغين والباء وما يثلثهما

الغين والباء وما يثلثهما • (غبب): "الغُبُّ -بالضم: الغامض من الأرض. والغَبِيب: المسيلُ الصغير الضيق من مَتْنِ الجبل. ومياه أَغْبابٌ: بعيدة ". Qغياب الشيء أو غئوره بين ما يحيط به: (¬1) كالغامض من الأرض بين ما حوله، وكالمسيل في غَلْظ الجبل، وكالمياه البعيدة. ومنه "غَبَّ: بَعُد، وعن القوم: جاءَ يومًا وترك يومًا. وجاء غِبَّ الأمر -بالكسر أي بَعْدَه ". (البُعْد والبَعْدِية غياب) وأما قولهم "غَبَّ: فَسَدَ "فلعل أصله من غُبوب اللحم، أي فساده لمرور وقت طويل عليه (دون أن يُجفف كما في الزمن القديم، أو يثلج كما في زماننا)، وقد فُسِّرَ غبوب اللحم بإنتانه [ينظر ل]. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الغين عن تخلخل مع شيء من رخاوة. والباء عن تلاصق في تجمع رخو، والفصل منهما يعبر عن غئور (تخلخل) في متجمع محيط (تلاصق) كما في الغُبّ: الغامض من الأرض. وفي (غيب) تضيف الياء معنى الاتصال والامتداد، ويعبر التركيب عن اختفاء الشيء في أثناء كثيف (أي غئور فيه)؛ فلا يُرى، وهذا هو الاتصال كشأن الغابة لمن يدخلها، وكذا المطمئن من الأرض لما يكون فيه. وفي (غبر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن بقاء (استرسال) دقيق (متخلخل) من الشيء كالغَبَرة الرَهَج، وكالغَبَر بَقِية الماء. وفي (غبن) تعبر النون عن امتداد في الباطن، ويعبر التركيب عن أن الغئور أو النقص ممتد في الباطن (فهو مستتر) كغُئُور المَغْبِن: الإبط والرُفغ. . لا يُرَى في الوَضْع المعتاد.

(غيب)

• (غيب): {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} [البقرة: 3] "الغابة: الأَجَمةُ ذاتُ الشَجَر المتكاثِف/ التي طَالتْ ولها أطرافٌ مرتفعة باسِقَةٌ/ أَجَمَة القَصَب، والوَطاءة من الأرض التي دُونَها شُرْفة. والغَيْب -بالفتح: ما اطمأن من الأرض. وغَيَابة الجُبّ والوادي: قَعْره. وغَيْبَان الشجرة -بالفتح وكهيَّبَان: عروقُها التي تَغِيبُ في الأرض ". Qالاختفاء استتارا بكثيف في أثناءٍ أو عُمْقِ: كالغابة لأنها تُخْفِى ما في أثنائها، وكذلك المطمئن من الأرض غَابةً أو غَيْبًا أو غَيَابَة: {وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ} [يوسف: 10 وكذا ما فيها 15]. وكغيّبان الشجر. ومنه "غابتَ الشمسُ وغيرُها من النجوم: غَرَبت (دخلت في فجوة نهاية الأفق) والغائب: ما استتر فلا يشاهد {وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [النمل: 75]، "وغاب: تخلف عن الحضرة " {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} [النمل: 20] {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} [الأعراف: 7]، {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: 3]: باللَّهِ وملائكته ورسله والبعث ويوم القيامة والجنة والنار -وهذا كله غيب [طب شاكر 1/ 236] (أي غائب ليس مُعاينا). وكل (غيْب) في القرآن فهو إما من هذا، وإما من الأمور الغائبة في السموات أو الأرض، من موجودات أو أحداث أو أنباء، إلى كل غيب ذكره القرآن وتتطلب سلامُة العقيدة الإيمانَ بالثابت منه ثبوتًا يقبله الشرع. ويتأتى أن يكون معنى الإيمان بالغيب الالتزام بالإيمان حال الغياب عن

(غبر)

الناس، أي لا كإيمان المنافقين. وهذا المعنى الأخير يُستَظْهَر أنه المراد في آيات كثيرة منها {لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ} [المائدة 94] أي وهو غائب عن الناس لا يراه أحد [ينظر بحر 4/ 20] ومنه {يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ} [الأنبياء 49، فاطر 18، الملك 12] ومثلها ما في [يس 11، ق 33، الحديد 25] ويعم كل (عالم الغيب والشهادة). {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34] الغيب كل ما غاب عن علم زوجها مما استتر عنه. وذلك يعمُّ حال غيبة الزوج وحال حضوره [بحر 3/ 249] وهو عن ابن عطية. {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} [يوسف: 52] من قول امرأة العزيز لم أخنه بالغيب بالكذب عليه، ولم أذكره بسوء وهو غائب [قر 9/ 209]. {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} [التكوير: 2] الغيب: القرآن وخبر السماء لا يضن عليكم بما يعلم [قر 19/ 242]. {وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [سبأ: 53] وكانوا وهم كفار في الدنيا يرجمون بالظن في حق الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وحق ما ينذرهم به من العذاب وأمور الآخرة غيبا دون تحقيق. [ينظر أبو السعود 7/ 140، بحر 7/ 280]. واغتاب الرجلَ: ذكره بشرٍّ أو خَيْر وهو غائب. ثم غَلَب الاغتيابُ في الشر؛ لأن في الصيغة معنى انتهاز الغياب وهذا أنسب للشر: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [الحجرات: 12]. • (غبر): {إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (134) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} [الصافات: 134 - 135]

"الغَبَرة -محركة: تردُّد الرَهَج، فإذا ثار سُمِّيَ غُبارا. والغَبْراء من الأرض: الخَمَر -محركة: الكثيرةُ الشَجَر. ويقال: في الحوض غَبَر -محركة: أي بقيةُ ماء [الأساس]. الغُبْر -بالضم، وكسكّر: بَقِيّة اللبن في الضَرْع، وبقيةُ دَم الحَيْض. والغبر -محركة: أن يَبْرأ ظاهرُ الجُرْح وباطنه دَوٍ (أي فيه مِدّة أو قيح). وناقة مِغْبار: تَغْزُر بعد ما تَغْزُر اللاتي يُنْتَجْنَ مَعَها (أي يستمر غُزْرها بعد انقطاع غُزْرهن). والغابر من الليل: ما بَقِيَ منه ". Qبقاءُ مادّة دقيقة أو قَليلةٍ من الشيءِ أو ظهورُها بعد ذهاب مُعْظمه أو غِيَابه: كالرَهَج الثائر، وما بقي ظاهرًا من خَمَر الأرض، وكبقية الماء واللبن والدم ومِدّة الجرح. فمن انتشار الغبار وتغطيته: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ} [عبس: 40]: غبار ودخان [قر 19/ 226]، ولو قلت: مسودة سوادًا كثيبًا من معاينة سوء العاقبة - كما قال تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [آل عمران: 106] كان صوابًا أيضًا. ومنه "مَفَازة غَبْراء: لا يُهْتَدَي للخروج منها "فيبقي فيها سالكُها ضالًّا أو هالكًا. ومن البقاء قيل "غَبَر: بَقِى، والغابر من الليل: ما بقى منه ""والغابر: الباقي هذا هو المعروف والكثير في كلام العرب " [ل 306/ 8، 16]. أقول: وعليه أبو عبيدة [في المجاز 2/ 89]، و [طب 8/ 551]، وابن قتيبة [في الغريب 170]، وكذا في [الأساس]. ومنه {كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} [الأعراف 83] {إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} [الصافات 13] هي امرأة لوط بقيت في القرية ولم تخرج معهم، فلم تنج معهم.

(غبن)

وإن أورد في [ل] أن الغابر يأتي بمعنى الماضي أيضًا. قاله غير واحد من أئمة اللغة. وقال في الأساس: فأنزلَهم دارَ الضَياع فأصبحوا ... على مَقْعَدٍ من موطن العز أغبرا أي قد ذهب ودرس "اهـ. = غير قطعي الدلالة على المضي، إذ يمكن أن يفسّر الأغبر بالمغطى بالغيار حقيقة أو كناية عن الدروس. ولا تضاد ". وكذلك "الوَطْأَة الغبراء "فسرت بالجديدة - فهي التي ما تزال غائرة (باقية)، وبالدارسة فهي التي تَغَطَّتْ بالتراب وغيره. ومن الأصل "أَغْبرَ في طلب الشيء: انكمشَ وجَدَّ في طَلَبه (يَصْدُق بالدَأَب وهو استمرار وبقاء، كما نقول: ظل وبَقِي يفعل كذا). أما "الغُبْران -بالضم: بُسْرتان أو ثلاث في قِمَع واحد "فهو من البَقاء بعد الذهاب - إذا أُخِذَتْ بُسْرة بقيت واحدة أو اثنتان. وأما "الغُبْرة -بالضم: اللون الذي يشبه الغُبار "فهي من لون الغُبار كما هو واضح. وليس في القرآن من التركيب إلا التي {كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} [الأعراف: 83] وهي امرأة لوط، والوجوه التي {عَلَيْهَا غَبَرَةٌ} [عبس: 40]- والعياذ باللَّه. وقد ذكرناهما. • (غبن): {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [التغابن: 9] "المَغْبِن - كمَجْلِس: الإِبِط، والرُفغ وما أطاف به، وكل ما ثنيت عليه فخذك فهو مَغْبِن ". Qغئور: (نقص وفراغ) مستتر يمتد في جرم الشيء:

معنى الفصل المعجمي (غب)

كغئور الإبط الخ. ومن ماديه أيضًا "غَبَنَ الثوبَ (ضرب): كَفَّه أي طال فثَنَاه (بإدخال طرفه تجاه باطنه) ليُنْتَقَص من طوله. وغَبَنْت الشيءَ: خَبَأْته في المَغْبِن، والطعامَ: خَبَأته للشدة " (المنجد). و "الغبْنُ في البيع والشراء: الوَكْس " (النقصان). ويقال هذه الناقة ما شئت من ناقةٍ ظَهْرًا وكَرَما غير أنها مغبونة: لا يُعْلَم ذلك منها " (أي هي خفية الأمر، أو لا تُقَدَّر حق قدرها بل تنتقص). {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} هو يوم القيامة. والتغابن فيه بتفاوت الدرجات حسب الأعمال، وتبادل الحسنات والسيئات بين المُعتَدِين والمظلومين. ومن معنى الغبْن فيه أنه يقع رغما لا اختيارًا، وأنهم لفداحة الخسران يظنون أن سيئاتهم لا تبلغ ما لقوا من سوء. فيشعرون بالوكس الجسيم. والتفاعل يعبر عن التبادل وعن المقابلة. ومن ملحظ امتداد النقص في الداخل: "غَبِنَ الشيءَ (تعب): نسيه وأغفله وجَهِلَه (خلا ذهنه منه)، وغَبَنَ الرجلَ (ضرب): مرّ به وهو ماثل فلم يَرَه ولم يَفْطِن له. وغَبِنَ رأيُه (كتعب): ضَعُفَ/ نَقَص " ° معنى الفصل المعجمي (غب): هو الغئور والغياب أو الاستتار. كما يتمثل في الغُبّ: الغامض من الأرض -في (غبب)، وفي الغابة الأَجَمةِ ذات الشجر المتكاثف الذي يُخفِي ما تحته -في (غيب)، وفي الغَبَرة: الرَهَج الثائر وهو يُخْفِي ما يغشاه - في (غبر)، وفي الإبط وباطنه وكذا باطن الرفغ -في (غبن).

الغين والثاء وما يثلثهما

الغين والثاء وما يثلثهما • (غثث): "غَثِيثةُ الجُرْح: مِدَّته وقَيحُه ولُحمه الميت ". Qفساد مادة متجمعة (¬1): كغثيثة الجرح المذكورة. • (غثو - غثى): {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} [الأعلى: 4 - 5] "الغُثَاء - كغُرَاب ورُمَّان: ما يحمله السيل من القَمْش وَرَق الشجر والزَبَدِ والحَشِيش والوَسَخ. غَثَا الماءُ يَغْثُو: كَثُر فيه البَعَرُ والوَرَقُ والقَصَبُ. وغَثَى الوادي (كبكى) ". Qتجمُّعُ ما هو هَشٌّ فاسدٌ أو عديمُ النفع طبقةً: كذلك القمش. فمن التشبيه به {فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً} [المؤمنون: 41]. وفي قوله تعالى: {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} [الأعلى: 4 - 5] قالوا إن تقدير الآية أخرج المرعى أحْوَى (أي أخْضَرَ) فجعله غثاء بعد ذلك (ففصل بين ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الغين عن تخلخل وشيء من رخاوة، والثاء عن بَثّ ما له كثافة أو غلظ، والفصل منهما يعبر عن تجمع مادة هشة أو قيلة النفع والقيمة كغثيثة الجرح المفسّرة. وفي (غثو - غثى) تعبر الواو عن اشتمال والياء عن اتصال، ويعبر التركيبان عن اشتمال على ماله هشاشة وقلة نفع كغثاء السيل والغثيان من حوز ما هو كذلك فيُطْرَد. وفي (غوث غيث) يعبر التركيب الموسوط بالواو عن طلب التجمع وهو اشتمال، والموسوط بالياء عن وقوع المادة الهشة وهي الماء واتصالها سعة أو كثرة كالغيث.

(غوث)

الموصوف وصفته)، كما لو قيل: أخرج المرعى (ثم بعد ما كبر وهاج يبس فلما يبس اسودّ من احتراقه فصار غثاء أحوى) (أى بإيجاز الحذف) [قر 20/ 18]. ومنه "غثيت نفسُه (تعب وكبكى): جاشت وخبثت. . . وتحلّب الفم، وربما كان عنه القيء، وهو الغَثيان "-بالتحريك (ويكون عادة من فساد ما تجمع في المعدة فتطرده أو تكاد، وهذا يشبه طفو الغثاء متجمعًا فوق ماء السيل). • (غوث): {وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} [الأحقاف: 17] "غوّث الرجل واستغاث: صاح واغوثاه. وفي حديث هاجَر أم إسماعيل (عليهما السلام) فهل عندك غَواث. الغَواث - كالغِياث من الإغاثة. ضُرِب فلان فغَوَّثَ تغويثًا: إذا قال واغوثاه. والغِياث: ما أغاثك اللَّه به. ويقول الواقع في بلية: أغثني أي فرّج عني ". Qالصياح طلبًا لتفريج شدة نازلة: كما هو واضح في الاستعمالات المذكورة. وما يُغَاث به يكون في كل شدة بحسَبها. فاستغاثة السيدة هاجر كانت طلبًا للماء. والذي يُضْرَب غَواثُه كَفُّ الضرب عنه. وتفريج البلية بحسبها. {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} [الكهف: 29] (طلبوا الماء فأُغيثوا بماء كالمهل)، {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} [القصص: 15]، {وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ} [الأحقاف: 17]، (يجأران إليه تعالى من إنكار ابنهما البعث. وكأن الاستغاثة باللَّه هي من أجل أن يهديه) [وفي البحر 8/ 62] "أي يقولان: الغياث باللَّه منك ومن قولك وهو استعظام لقوله. {وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23] "يغوث صنم كان

(غيث)

لمذحج " [ل] وفي [بحر 8/ 335] كلام مطول عن يغوث وسائر تلك الأصنام. • (غيث): {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} [الشورى: 28] "الغيث: المطر والكلأ. وقيل الأصل المطر، ثم سُمّيَ ما يَنْبُت به غيثًا. غاث الغيثُ الأرض: (باع): أصابها. غاث اللَّه البلاد يَغيثها: أنزل بها الغيث. غَيْث مُغيثٌ: عامٌّ. بئر ذات غيّث - كسيد. أي ذات مادّة. والغيّث كسيّد: عيلَم الماء ". (العَيْلم: البئر الكثيرة الماء الواسعة). وفي [تاج]: "الغيث: المطر، أو الذي يكون مساحةُ عَرْضه بريدًا، (أو) شهرًا " (البريد 12 ميلًا [ينظر متن اللغة] = 23 كم). Qماء ينتشر مطرًا أو يتوالى من كثرته: كالماء الموصوف. "وربما سمي السحاب، والنبات غيثًا. والغيثُ: الكلأ ينبت من ماء السماء "اهـ. {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} [لقمان: 34]، {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} [الحديد: 20]. بقى أنه يمكن أن تلحظ علاقة بين معنيي التركيبين (غوث، غيث) وكأن الأصل هو الغيث الماء. ويزكيه أنه هو الحياة {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30] فيمكن أن ندعي أن الأصل في الاستغاثة طلب الماء حقيقة، ومن هذا نقلت إلى طلب الرفق والرحمة وهما مناسبان للماء، فكلاهما رقة، كما أن كليهما إبقاء على المستغيث ونجدة له. ومما يؤيد ما قلنا ما جاء في (غوث) "والمغاوث المياه ". وربما يؤيَّد هذا بقوله تعالى: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ} [الكهف: 29] هم يطلبون ماء، فيؤتون بماء، لكنه كالمهل ونعوذ باللَّه

معنى الفصل المعجمي (غث)

تعالى. وحديث السيدة هاجر "فهل عندك غَواث "وهي إنما كانت تطلب الماء. ° معنى الفصل المعجمي (غث): هو جنس من التجمع أو التراكم لمادة هشة أي خفيفة الكثافة أو القيمة. وخفة القيمة قد تتمثل في كون المتجمع فاسدًا كغثيثة الجُرح: قجه ومِدّته ولحمه الميت -في (غثث)، وكالغُثاء: ما يحمله السيل من القَمْش: ورقِ الشجر والزَبَد والحشيش -في (غثو)، ثم الغثيان -في (غثى)، وكصياح الاستغاثة وهو صوت لطلب التجمع لإدراك المستغيث -في (غوث) - والهشاشة كون ذلك صوتًا لا مادة صلبة أو كون التجمع غير موجود، وكالمطر الواسع وسعته هي التجمع مع كونه ماء -في (غيث). الغين والدال وما يثلثهما • (غدد): "الغُدَّة -بالضم: كل عُقدة في جسم الإنسان أطاف بها شَحْم، وكل قطعة صُلبة بين العصب ". Qعقدةٌ صُلبة في بدن الحي تتكون أصلا من لحم رخو (¬1): ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الغين عن تخلخل مع شيء من رخاوة. والدال عن ضغط ممتد وتحبس، والفصل مهما يعبر عن اشتداد رخو متخلخل (تماسكه معًا) حين يتعقد (يتحبس). كالغدة: العقدة في الجسم. وفي (غدو) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن ظهور شيء قوي بين أشياء رخوة تتزايد قوته كأنما كان يشتمل عليها كضَوء الصبح بين ظلام الليل. وفي (غدر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن تخلف الشيء متجمعًا بعد مصدره - مع امتداد ورخاوة أو لطف كالغدير. وفي (غدق) تعبر القاف عن =

(غدو)

كتلك العقدة. ومنه "الغُدَّة: طاعون الإبل (مظهره كالغدة الموصوفة)، وأَغَدَّ عليه: انتفخ وغضب " (الغضب غلظ في الجوف كالعقد). أما "الغُدّة -بالضم: القطعة من المال "فمن مجرد التجمع الجزئي -أي دون قيد كون ذلك في بدن حيّ. • (غدو): {وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر: 18] "الغُدوة -بالضم: البُكْرَة ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس - ومثلها الغداة. غدا عليه بغدو غَدْوًا -بالفتح وكقُعود- واغتدى: بكّر ". Qظهور ضوء الصباح متزايدًا بعد الظلام: كضوء الصباح من وسط غَبَش الفجر {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ} [آل عمران: 121] (خرجت في ذلك الوقت)، وكذا ما في [القلم: 22، 25]. و "الغَدُ (اليوم التالي) أصله الغَدْو -بالفتح: فإذا قالوا في عشية يوم (أو صباحه بعد الغُدْوة): نفعل كذا غدَا أو غُدْوَةَ أي في الوقت المبكر فلا يتأتى ذلك إلا في اليوم التالي، ومن هنا دلت كلمة (الغَد) على اليوم التالي. {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا} [يوسف: 12] ثم أطلقت على المستقبل عامة {سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ} [القمر: 26]. وكذا كل (غَد) إلا ما في [الكهف: 23] فإنها تحتمل اليوم التالي وكل توقيت مستقبلي. و (الغدُوّ) أصله مصدر (غدا)، واستُعمل في وقت ذلك، واتسع فيه إلى وقت ¬

_ = تجمع شديد (أو كثيف) في العمق، والتركيب يعبر عن تجمع رخاوة في العمق بتركز وغزارة كالمكان الغَدِق والأرض الغَدِقة.

(غدر)

البكور الشامل للضحوة في مقابل الأصيل والعشى والرواح {بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [الأعراف: 205]، {غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [غافر: 46]، {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} [سبأ: 12]. والغَداة: الضَحْوة مقابل العشي {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [الأنعام: 52، الكهف: 28] والغَدَوىّ - كنبوى: كل ما في بطون الحوامل - نسبة إلى ذلك، لأنه مرجو في الغد: المستقبل قال: {كالغَدَوِيّ يُرْتَجَى أن يُغْنِي} والغَداء: طعام الغُدْوة. وقد أطلق في الحديث الشريف على طعام السحور "هَلُمّ إلى الغداء المبارك "لبكوره ومجاورته الغُدْوة، كما أُطلِق على رَعْي الإبل في أول النهار، وعلى الطعام الذي يؤكل في أول النهار {آتِنَا غَدَاءَنَا} [الكهف: 62]. • (غدر): {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} [الكهف: 47] "الغدير: مُسْتَنْقَع ماء المطر (ويؤخذ من قولهم "غُدُر تناخس " (أي يصب بعضها في إثر بعض)، ومن قول الأساس "استغدرت اللِهاب " (ج لِهب. بالكسر: مَهْواة ما بين الجبلين) أنه يَرْكد بها ماء كثير يبقى طويلًا). و "في النهر غَدَر -بالتحريك: وهو أن ينضب الماء ويبقى الوحل. الغَدَر: الأرض الرِخْوة ذاتُ الجِحَرة والجِرَفة واللخاقيق (مسايل الماء لها أجراف). . والجراثيم (: تجمعات من طين) ". Qتَخلُّفُ مائع أو رخو عن المصدر أو الأصل يمتد أي يبقى: كتلك الغُدْران المائية والأغدار. ومن مادّى هذا الامتداد مع الرخاوة ومع الخلفية (أي كون الشيء في الخلف) ماديّة صريحة: "الغدائر: ذوائب الشعر المضفورة تكون في الخلف. وغَدِرَت الناقة عن الإبل (تعب): تَخَلّفت في السَوْق

(غدق)

ولم تلحق [متن]، وغَدَر عن أصحابه: تخلف. وغادره: تركه وبقّاه: {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} [الكهف: 47]. ومن الترك كذلك {لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف: 49]. أما "غَدِرت الغنم (تعب): شَبِعَت في المَرْج في أول نَبْته ولم يُسْأل عن أَحَظّها لأن النبت قد ارتفع "اهـ فهذا من الإقامة (بقاء وهو من جنس التخلف) في رخاوة الغَدَر المتمثلة هنا في كثرة المرعى أو كونه ناشئًا عن الغُدْرَان والغَدَر. وأما "ليلة غَدِرة - كفرحة بينة الغَدَر -بالتحريك، ومُغْدِرة - كمُحْسِنة: شديدة الظُلْمة "، "والغَدْراء -بالفتح: الظُلْمة "فإن الظلام يَخْلُف الضوء، كما أن الظلام رخاوة لأنه فقد حدّة الضوء (ينظر غدو) مع إحساس بالامتداد طولًا. "والغَدْر: نقض العهد "إنما هو تركٌ وعَدَمُ تمسك، فكأنه تَخَلُّفٌ عن اللحاق، وفيه مع ذلك رخاوة التسيب وعدم الصلابة (التي هي صِدْقُ الوعد أو الحِلْف أو حق الصحبة. .). • (غدق): {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن: 16] "الغَدَق -محركة: المطر الكثير العامّ، والماء الكثير. وغَدِق المكان (فرح): كثرُ النَدى أو الماءُ فيه. أرض غَدِقة - كفرحة: في غاية الرِيّ نديّة مبتلّة أَو رَيَّا كثيرة الماء وعُشْبُها غَدِق، وغَدَقُه: بَلَله ورِيّه. وقد غَدِقت عينُ الماء (تعب): غزُرت ". Qشبع باطن الشيء وأعماقه بالرِيِّ ماءً أو رخاوة: ككثرة ماء المطر (من السحاب) ورِيّ أثناء الأرض والنبات، وغزارة ماء العين.

معنى الفصل المعجمى (غد)

{لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} هذا كناية عن توسعة الرزق، لأن الماء أصل المعاش [بحر 8/ 345] ومنه: "عام غَيْداق: مُخْصِب، وعيش غَيْدَق وغَيْداق: واسعٌ مُخْصب (رَخِىّ). وشابٌّ كذلك: ناعم، والغيداق من الضِباب - كرِحال: الرَخْص السمين ". ° معنى الفصل المعجمى (غد): هو تجمع الرخو تجمعًا شديدًا كالغُدّة العقدة في بدن الإنسان إذا أطاف بها شَحْم -في (غدد)، وكتجمع الظُلمة مع الضوء في الغُدْوة -في (غدو)، وكتجمع الماء في الغدير -في (غدر)، وكتجمع المطر والندى في المكان الغَدِق والأرض الغدقة -في (غدق). الغين والراء وما يثلثهما • (غرر - غرغر): {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الانفطار: 6] "كل كَسْر مُتَثَنٍّ في ثَوْب أو جِلد (فهو) غَرٌّ -بالفتح- كغُرُور القَدَم: خطوط ما تثنى منها (من باطنها)، وغُرُور الفَخِذَين: كالأخاديد بين الخصائل. وغَرُّ الظهر: ثِنْى المَتْن. والغَرُّ -بالفتح أيضًا: الشَقُّ في الأرض، ونهر دقيق في الأرض، وكل طُرْقَةٍ من شرَك الطريق. والغِرَارة - كرسالة: الجُوَالِق. والغُرْغُرة -بالضم: الحوصلة. وملأ غَراغره: أي جوفه ". Qغئورٌ (عارض) بدقة وامتداد مع غضوضةٍ ما (¬1): ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الغين عن تخلخل مع رخاوة ما، والراء عن استرسال جرم أو حركة، والفصل منهما يعبر عن امتداد (استرسال) وراء فراغ (تخلخل)، ويلزمه الغئور =

كاختفاء الغائر من كسور الثوب وباطن القدم والفخذين وغَرّ الظهر وشق الأرض وشَرَك الطريق بدقة وامتداد في الكل (وبين الغضوضة الطراءة والانثناء تلازم والخفاء زائل) وكالغِرارة والحوصلة والغراغِر - وكل من هذه الثلاثة تجوف غائر ممتد في حَيّز دقيق، يُدْخَل إليه الطعام وهو غض، أو متسيب كالغض. ومن مادّى ذلك أيضًا "الغِرار - ككتاب: المثال (= القالب الذي يُطْبَق على النصل تُضْرَب عليه النصال لتصلح، وهو ممتدّ ليّن يستجيب للطرْق). ومنه قيل "بيوتهم على غرار واحد، ورميت أسهمًا على غِرار واحد أي مَجْرَى واحد، ¬

_ = (إلى عمق الفراغ واللحاق به) كغرور الثوب والجِلْد، وفي (غرو - غرى) تعبر الواو عن اشتمال، والياء عن اتصال وامتداد، ويعبر التركيبان عن لصوق (وهو كالتداخل في ثِنْي التخلخل) مع غضاضة أي رخاوة ما كما يُفْعل بالغِراء والطِلاء. وفي (غور) تتوسط واو الاشتمال فيعبر التركيب عن تجوف (فراغ) يمتد واضحًا كالجحر في أثناء الشيء كما في الغار. أما في (غير) فتوسط الياء بتعبيرها عن اتصال الامتداد جعل التركيب يعبر عن دوام الفراغ من الشيء باستبدال غيره به. وفي (غرب) تعبر الباء عن التلاصق والتجمع برخاوة، ويعبر التركيب عن انحدار (يقابل الفراغ) يمتد إلى مقر أو مغار يدخل فيه (تجمع وامتساك) كغروب الشمس في الأفق وهبوط الغَرْبِ في بئر السانية. وفي (غرف) تعبر الفاء عن إبعاد وطرْد، ويعبر التركيب عن رفع بلطف من مقر أو حيز عميق إلى أعلى - وهذا فصل وتفريق كالإبعاد - كالغُرْفة وكالاغتراف من القِدْر والنهر. وفي (غرق) تعبر القاف عن تجمع شديد أو تعقد في الجَوْف أو العمق، ويعبر التركيب عن استمرار الغئور إلى العمق كما في حالة الغرق. وفي (غرم) تعبر الميم عن التئام الظاهر أو استوائه وباختتام التركيب بها مع الرخاوة في معناه يعبر عن ملازمة الشيء لشيء وملازته إياه كالغرامة.

وَوَلَدَت ثلاثةً على غرار واحد أي بعضهم في إثر بعض ليس بينهم جارية " (كأنها على قالب واحد). ومن ماديّه "التغرغر بالماء وغيره "فهو ترديدُ الماء في تجويف الحلق الممتد ثم مجُّه. ومنه أيضًا "غَرّ الطائرُ فَرْخَه: زَقَّه (أدخل منقاره وفيه العَلَف في عُمق منقار فرخه فيصل إلى حوصلة الفرخ). ويقال "غُرّ في سقائك وذلك إذا وضعه في الماء ومَلَأَه بيده يدفع الماء فيه دفعًا بكفه ولا يستفيق حتى يملأه "اهـ. ومن ذلك "غِرار السيف: شَفْرتاه (يغور بهما في بدن الضريبة). ومن بقاء الغضّ في العُمق أي كون مَا في العمق غضًّا طريًّا ليس صُلبًا ولا حادًّا "الغِرُّ -بالكسر، والغرير: الشاب الذي لا تجربة له/ ليس بذي نَكْراء، ولا يفطَن للخداع. والغِرّة -بالكسر كذلك: الجارية الحَدَثة التي لم تجرب الأمور. ومن هذا "المؤمن غِرّ كريم: ليس بذي نَكْراء لا يَفْطَن للشر ويغفُل عنه ". كل هذا من خفاء الأمور عليهم أخذا من الغئور الممتد في المعنى الأصلي. ومن هذا الخفاء: "غرّه: خَدَعه وأطمعه بالباطل " {وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [آل عمران: 24] أي الذي افتروه وهو قولهم: {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [آل عمران: 24]، {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: 18] [بحر 2/ 435]. فهم افتروا أمورًا لا صحة لها ولا حقيقة، ثم اغتروا بها واعتمدوا عليها في الإعراض عن الإسلام. {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} [لقمان: 33] (أي بزخارفها ومطامعها فتوهمكم باطلًا بأمور حسنة - رغم أنها هشّة لا صلابة لها أي لا حقيقة لها. {وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لقمان: 33] الغَرور -بفتح الغين: الشيطان، أو الدنيا وهي صفة غالبة. الغَرور: ما غرّك (أي خدعك) من إنسان وشيطان وغيرهما [ل]. {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الانفطار: 6]

"أي ما خَدَعك وسوّل لك حتى أضعت ما وجب عليك/ ما خدعك بربك وحملك على معصيته والأمن من عقابه فزين لك المعاصي والأماني الكاذبة " [ل] وأقول إن هذا السؤال تأنيب بالهبوط عن مستوى الأهلية للكرم وتقديره وهو قريب من {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [العاديات 6]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو من الغرور بمعنى الخَدْع والتسويل هذا. ومن غئور الشيء في العمق يتأتى معنى النقص: "الغِرار: نقصان لبن الناقة (تخفيه في باطنها إنكارًا للحالب أو نفورًا ينظر ل)، وكذلك: "الغِرار في الصلاة نقص ركوعها أو سجودها، وكذلك: "الغَرَر في البيع "؛ لأنه من الجهل بحقيقة الصفقة كبيع السمك في الماء والطير في الهواء. والجهلُ من الخفاء. وكذلك منه التغرير بالنفس "غرر بنفسه: عَرّضها للهَلَكة من غير أن يعرف ". أما قولهم: "الغرير: الكفيل وأنا غَريرُ فلان أي كفيل "فهو من دخول الشيء في الأثناء، كما يقال: ضَمِنه فهو في ضِمْنه، أي في أثنائه وذمته. ومن زوال الخفاء في المعنى الأصلي "الغُرّة -بالضم: بياض في جبهة الفرس (فهو شية دقيقة في شعره ناشئة من باطن جلده كأنها كانت غائبة فيه، وهي ممتدّة) ومنه قيل "الأغر: الأبيض ". ومن مجاز هذا "رجل أغر: شريف، وهو غُرّة من غُرَر قومه: شريف من أشرافهم "ومن ذلك: "غُرَّةُ الهلال: طلعته (أو لحظوا أنه الهلال حافة دقيقة تمتدّ من سائرة الخفى. كما في "غرّر الغلام - ض: طلع أول أسنانه، والغرة -بالضم أيضًا: العبد أو الأمة "يُدْفَع ديةً للجنين إذا أُسْقِط ميتًا، لأن المقصود أن يساوي عُشر الدية فهو من الدقة بمعنى ضآلة القدْر. أما إذا أُسقط حيًّا ثم مات ففيه الدية. وقالوا "غرر الغلام - ض: طلع أول أسنانه ".

(غرو - غرى)

أما قولهم: "يوم أغرّ: شديد الحرارة "فهو من البياض أي بياض الشمس حيث يشتد لذع الشمس كلما كانت ناصعة، قال الأصمعي: ظهيرة غرَّاء أي هي بيضاء من شدة الحر كما يقال هاجرة شهباء " [ل]. • (غرو - غرى): {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [المائدة: 14] "الغراء - ككتاب: الذي يُلْصَقُ به، وما طُلى به. غَرَوت الجِلْد: أَلْسَقْتُه بالغِراء. وغَرَا السِمَنُ قلبه: لَصِقَ به وغطّاه. وغَرِىَ به (كرضى) غَرَاةً: لَزِقَ به ولَزِمَه. وغَرَوْتُ السهم وغَرَيْته ". Qلصوق مع رخاوة ما واسترسال: كالغِراء والطلاء ولصوق الشحم على القلب والصاق الريش بالسهم. ومن ذلك "الغَرَا - كالفتى: الوَلَدُ الرَطْب جدًّا، وكل مولود غَرًا حتى يشتدّ لحمه كولد البقرة الوحشية والحُوار " (يكون كأنه لحم متلاصق/ كتلة لحم). ومن لصوق الشيء بآخر أُخِذَ معنى لحاقه به وإمساكه إياه ثم لزومه إياه. ومنه: "أغريت الكلب: آسدته وأَرشته. وأغرى بينهم العداوة: ألقاها كأنه ألزقها بينهم ": {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَة}. ومنه: "غَرِىَ بالشيء (كرضى): أُولع به (لازمه): {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ} [الأحزاب: 60]. ومنه: "الغزو: العَجَب. لا غَرْوَ أي لا عَجَب ". [قارن (عجب) في أخذ التعجب مما هو ككتلة اللحم المتجمعة). أما "الغَرِىّ - كغنى: الحسَن الوجه "فهو من ذلك الأصل، كما نقول: جذاب.

(غور)

• (غور): {فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: 40] "الغار: مَفارة في الجبل كالسَرَب/ الكهفُ والجُحْر الذي يأوي اليه الوَحْش. والغَوْر -بالفتح: المطمئن من الأرض كالغار فى الجبل. والغارُ: الجماعة من الناس (كالجيش)، وشَجَرٌ عِظَامٌ له ورَقَ طوال أطول من ورق الخِلاف. . .، والغبارُ ". Qتجوف قوي يمتد متعمقًا في أثناء شيء: كذلك الغئور في جرم الجبل والأرض، وكجماعة الجيش سُميت من القُدرة على الاقتحام فهي بمعنى اسم الفاعل، والشجر الموصوف تمتد ساقه بين أوراقه أو في السماء والجوّ كالجوف، والغبار يسطع في الجو. فمن غار الجبل {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: 40]، {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ} [التوبة: 57] هي الغِيران والسراديب يُستتر فيها. [قر 8/ 165]. ومن الدخول في مثل ذلك التجوف: "غَارَ: أتى الغَوْرَ، والشمسُ: غَرَبت، وعينُه: دَخَلَتْ في رأسه، والماءُ: ذهب في الأرض، سفل بها. فالماء غور وغائر. {إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا} [الملك: 30 وكذا ما في الكهف: 41]: أي غائرًا ". ومنه: "الغار: الخيل المغيرة. وأغار عليهم: دفع عليهم الخيل "، كما يقال: اقتحم خطوط العدو. وبإغارة الخيل فُسِّر قوله تعالى: {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا} [العاديات: 3] (وياله من حض على الجهاد). ثم قيل "أغار الفرس: اشتد عدْوُه وأسرع " (تعمق في ما أمامه). ومن دقيق ذلك الدخول: "الغار: الغُبار " (يدخل في أثناء كل شيء).

(غير)

"والإغارة (في فتل الحبل): شِدَّة الفتك (بحيث تدخل كلٌّ من قُوَى الحبل في ثنايا ليّات الأخرى)، واستغار فيه الشحم: استطار وسَمِن/ اشتد وصَلُب ". (الشحم يتربى في أثناء اللحم في ثنايا البدن). ومنه "غار الغيث الأرض: سقاها. غارهم: مارهم. غارهم اللَّه بخير: مارهم "فهذا كله من التغلغل في الأثناء. وقد ذكر معناه في [ل] غير. والصواب ذكره في غور، لأنه من معناه. وقد ذكرت هذه الاستعمالات في [تاج] في [غور، غير]. وقولهم: "الغائرة: نصف النهار، والقائلة. وغَوَّروا: دخلوا في القائلة " (من الدخول في المقيل، أو من كون الشمس في كبد السماء أي في أعمقها حينئذ، أو من أنها بعد ذلك تزول إلى الغروب - كما سُمّي الزوال). • (غير): {وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} [محمد: 15] "غار الرجلُ على امرأته، والمرأةُ على بَعْلها: (دخلته) الحَمِيَّة والأَنَفَة. والغِيار: البِدال - ككتاب فيهما. غَايَره: عارضه بالبيع وبادله. تَغَيَّر الشيءُ عن حاله: تَحول. غيّره - ض: حَوّله وبَدّله كأنه جعله غَيْرَ ما كان. وغيّر عليه الأمرَ: حَوَّله. والغِيَر - كعِنَب: الدِيَةُ. غاره يغوره ويَغِيره: وَدَاه ". Qتحوُّلُ الشيء لحدَة تخالطه تحولا تامًّا أو أو كالتامّ. كتحول نفس الغَيْرانِ من الرضا ونحوه إلى الغضب الشديد، وكالمبادلة في البيع لرغبة النفس عن المتروك، وكالتحوّل من القصاص إلى الدية. (وأرجح أن الأصل أن هذا التحول يكون من حَسَن أو خَير إلى شر. كما جاء في الآية الكريمة {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}

[الأنفال: 53]، وكذلك سياق الآية {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11]. وكذلك: {وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} [محمد: 15]، والتعبير عن المصائب بـ "غِيَر الدهر "، والقدماء كانوا يستعملون "تَغَيَّر عليه "و "تَغَيَّر له "في الشر. {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119] في [بحر 3/ 369 - 370] عشرة أقوال في هذا التغيير يشمل أكثرَها تغييرُ الأبدان عما خلقها اللَّه عليه، وإفساد الفطرة التي فطر اللَّه الناس عليها. والتحول من ذات أو حال إلى ذات أو حال أخرى ينشأ عنه معنى الاختلاف والمخالفة من جهتين: أولاهما أن أحدهما مختلف عن الآخر ضرورة. والثانية أن المتأخر منهما يخلف السابق. قالوا: "تغايرت الأشياء: اختلفت ". ومن هذا الاختلاف جاءت (غير) صفة بمعناه: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} [البقرة: 59] وجاءت بمعنى الاستثناء من حيث إن الاستثناء يعني أن حال المستثنَى أو أمرَه يختلف عن حال المستثنى منه: {يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} [الروم: 55]، وجاءت بمعنى النفي أخذًا من معنى الاختلاف، لكن مع صرف النظر عن المختلَف عنه والاقتصار على أن الموصوف بها مغاير لكذا أي ليس كذا. والضابط التقريبي لهذا أنه إذا كان معنى التبديل واضحًا مقصودًا فهي للتعبير عنه مثل {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} [البقرة: 173] فالسياق لبيان تحريم هذا الذي ذكر اسم غير اللَّه عليه. ومن هذا ما في [آل عمران: 83، 85، النساء: 81، 82، المائدة: 3، الأنعام: 14، 40، 46، 93، 114، 145، 164، الأعراف: 53، 140؛ 162، الأنفال: 7، يونس: 15، إبراهيم: 48، النحل: 52، 115، النور: 27، القصص: 71، 72، فاطر: 3، 37، الزمر: 64، الطور: 43 وكل (غير

(غرب)

المضافة للضمير)]. وإذا كان السياق لبيان تنحية شيء معين بحيث يصح وضع (لا) أو (ليس) مكان (غير) فهي للنفي، مثل: {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [البقرة: 212]، وإن كان السياق لاستبقاء شيء معين ونفي كل ما عداه فهي للاستثناء ويصلح مكانها (إلا)، مثل: {وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} [هود: 101]. وكذا ما في [الروم: 155، الذاريات: 36] وما عدا ما كانت للتبديل وللاستثناء فهي للنفي. وبعض السياقات يتأتى فيه أكثر من معنى لـ (غير). • (غرب): {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن: 17] "الغرب -بالفتح: الدلو العظيمة من مَسْك ثَوْر (: أي جلد ثور/) الدلو الكبير الذي يُسْتَقَى به على السانية (: آلة لرفع الماء)؛ الغارب من (ذي) الخف: الكاهلُ، وهو ما بين السنام والعنق. والغاربان: مقدَّم الظهر ومؤخَّره. وغَواربُ الماءِ: أعلى مَوْجه. والغُرابان: طرفا الوركين الأسفلان اللذان يليان أعالي الفخذين، والغُرَاب: قذال الرأس (= قفاها)، وغُراب الفأس: حَدّها/ طَرَفها. وغَرْبُ السيف: حَدّه. و "كُنُس الوحش: مغاربها لاستتارها فيها "والغراب: الجليد والثلج ". Qالانصباب (= الانحدار) إلى مقر أو مَغار عَبْرَ مسافة ما بِثقَلٍ أو قُوَّةٍ: كما تنصبّ الدلو الموصوفة في بئر السانية بقوة لعِظَمها أو كما ينصب الماء فيها بقوة لعظمها أيضًا، وكما تنحدر غوارب الإبل، ورأس الموج، وكانحدار غُرَابَيْ الوَرِكين وقَذَال الرأس، ونفاذِ حد الفأس والسيف في ما يُضرَب بها، ودخول الغِزْلان في كُنُسها. وتجمدُ الماء من باب التداخل الشديد

تصورًا كأن أثناءه تغلغلَ بعضُها في بعض بقوة، فتماسكتْ معًا. وهذا التغلغل من باب الانصباب لقوته. ومن ذلك: "غروب الشمس "بانصبابها من الأفق وغيابها في أدناه: {وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الكهف: 86]، وكل فعل (غَرَبَ) ومضارعه ومصدره الغروب فهي للشمس، و (المغرب) جهة الغروب، {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [البقرة: 115]، {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن: 17] {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} [المعارج: 40 وكذا ما في الأعراف: 137] هناك أثر عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما يمثل تصور العرب أن للشمس مشرقا ومغربا لكل يوم، وفي التثنية يراد أقصى مطلع تطلع منه الشمس في الأيام الطوال، وأقصرُ يوم في الأيام القصار [ينظر قر 15/ 63 - 64]، وكذا الأمر في الغروب. ولا مجمل على الإسلام كلام أمية عن جلد الشمس ولا التعليق على هذا، المسند لابن عباس مبدوءًا بقسم [نفسه]. {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} [القصص: 44] أي الجبل الغربي [قر: 13/ 291] أي الذي في جهة الغرب. والغرب من الشجر ما أصابته الشمس بحرها عند (اتجاهها) للأفول: {يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ} [النور: 35]-أي هي شرقية وغربية معًا، فالنفي للانفراد؛ إذ هي في صحراء لا يواريها عن الشمس شيء، وهو أجود لزيتها. وقيل غير منكشفة من أي الجهتين. . . [قر 12/ 258]. ومن مادى الأصل: "فرسٌ غَرْبٌ -بالفتح: مُتَرامٍ بنفسه مُتتابعٌ في حُضْرِه لا يَنْزع حتى يَبعُد بفارسه (كأنما ينحدر بانصباب وقوة خى يغضب وراء الأفق). وسهم غَرْب: لا يُعْرَفُ راميه (لا يُلْحظ إلا اندفاعه من بعيد وإصابته مَن

أصابه). وأغرب في الضحك والجري إلخ، واستغرب: لجّ فيه (اندفع واسترسل لا يتوقف). والغَرْب -بالفتح: عِرْق في مجرى الدمع يَسْقِى ولا ينقطع، وغَرْبُ الفم: كثرة ريقة. والغَرَب -بالتحريك: الماء السائل بين البئر والحوض " (كل ذلك انصباب). ومن معنوى الحدة المتمثلة في نفاذ حَدّ السيف والفأس في الضريبة قاطعًا: "لسانٌ غَرْبٌ، وفي خُلُقه غَرْب -بالفتح أي حِدّة ". ومن الأصل: "الغُربة، والغُرب -بالضم والفتح: النَوَى والبُعْد/ النزوح عن الوطن (ابتعادٌ، وطول المسافة يقابل قوة الاندفاع، ثم اختفاءٌ كالغئور) والاختفاء لازم للغئور كما في "كُنُس الوحش: مغاربها ""وكل ما واراك وستك فهو مَغْرِب ". ثم قالوا: "أَغْرَبَ: أتى بأمر غَريب - (ليس معروفًا أو مألوفًا هنا كأنه جاء من مكان بعيد). وإغراب الدابة: أن يشتد بياضه حتى تبيض محاجره وأرفاغه " (إما من الغرابة وإما من اغتراق البياض إياه). أما "الغَرْب -بالفتح: شَجَر تُسَوَّى منه الأقداح البيض "فأراه من شدة صلاته وهذا تداخل وشدة بحيث يعمل منه الأقداح - تأمل معنى التداخل في "الغُراب: الجليد والثلج ". وأما الغُرَاب فسمي لسواده التام كأنه غارق في السواد. والعامة تقول أسود غطيس. وقد ضربوا المثل بسواده فقالوا: "أسود من حلك الغراب ". وميزوا غير الأسود منها بأسماء كالأبقع. وقد سمَّوْا "الخمر السوداء غِرْبانًا كجمع غراب ". وغُراب البَرير عنقوده الأسود. والشيء الغِربيب: الشديد السواد ج: غرابيب:

(غرف)

{فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا} [المائدة: 31]، {وَغَرَابِيبُ سُودٌ} [فاطر: 27] أي سود شديدة السواد "والمغارب: السودان ". • (غرف): {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} [الفرقان: 75] "الغُرفة -بالضم: العُلِّيَّة. غَرَفَ الماء (من البئر، أو من النهر): أخذه بيده، وغَرَفَ المرَق (من القدر): أخذه " (بالمغرفة). Qرفعٌ جزئي بلُطْف من مقر عميق (للأخذ أو الاحتباز): كالغُرْفة التي هي بيت فوق البيت الذي على الأرض: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ} [الزمر: 20]: واحدها غُرْفة وهي العُلِّية، والجمع في [العكبوت: 58، سبأ: 37 أيضًا]. وكأخذ الماء من النهر أو البئر باليد، وأخذ المرق من القدر (بالمغرفة): {إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} [البقرة: 249]. الغُرْفة هنا ملْء اليد ماء تناولا من مقر عميق. ومن ماديّ الأخذ: "الغرفة -بالضم: حبل معقود بأنشوطة في عنق البعير (يؤخذ به)، والناصية (يؤخذ بها أو تجز)، والخُصْلة من الشعر " (تعميم للناصية). ومنه: "الغَرَف: بالتحريك: شجر يُدْبَغ به (الدبغ يكون بمادة تأكل أو تُحرِق (أي تأخذ) ما يكون في باطن الجلد من شحم وغيره حتى يجف)، وجنس من الثُمام شبيه بالأسل تتخذ منه المكانس [متن] (إزالة يُعبَّر عن مثلها بالرفع من المكان). والغريف، وبتاء: الأَجَمة من البردي والحَلْفاء والقَصَب. والغَرَف -بالتحريك أعتم من أحد عشر نوعًا من النبات ذُكِرت في [متن]. يمكن أن ينظر إلى هذا وذاك على أنه مجرد نبات يرتفع ويُجَزّ، أو تتخذ منه المكانس. والجزّ

(غرق)

والكنس إزالة من جنس الرفع. • (غرق): {وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} [المؤمنون: 27] "غَرِقَ (تعب): رَسَب في الماء [قال في ل 157] و "الغرق في الأصل دخول الماء في سَمَّى الأنف حتى تمتلئ منافذه فيهلك ". والغَرِقة - كفرحة: أرض تكون في غاية الرِّى ". Qرسوب إلى عمق مائع، أو تغلغل مائع في أثناء العمق، وهما صورتان لمعنى واحد هو التغلغل في العمق بمخالطة مائع. ومن الصورة الثانية قولهم: "الغُرقة -بالضم: مثل الشُربة من اللبن وغيره. فالأرض الغَرِقة عُدَّت كذلك لعموم الماء أثناءَها كأنها هي في أثنائه، وما ذكره في تفسير الغرق هو من الصورة الثانية أو هو من لازم الأصل: {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ} [يونس: 90]، {وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا} [العنكبوت: 40]. وكل ما جاء في القرآن من التركيب هو من الغَرَق في الماء - عدا ({وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} [النازعات: 1] السياق (جمع اللفظين معا) يقضى أنها "الجماعات النازعات بالقِسِيّ إغراقًا "، أي من قولهم: "أغرق النازع في القوس: بلغ غاية المدّ حتى ينتهي إلى النصل ". ثم يكون المراد القسم بالمجاهدين، أو التنويه بالسعي على المعاش صيدًا. وقد قيل إن المراد نزع الملائكة الأرواح من الصدور [بحر 8/ 411] فيكون المراد اللفت إلى الموت للاتعاظ. ومن مادي الأصل تمامًا: "اغرورقت عيناه بالدموع: امتلأتا ولم تفيضا ". ومنه -دون قيد المائع "الغِرْقى -بالكسر: القشرة الملتزقة ببياض البيض

(غرم)

(غلاف تحت القشرة الصلبة يحيط بالبيضة فتكون هي في عمقه)، واغترق الفرس الخيل: خالطها ثم سبقها (نفذ في عمقها). واغترق النفَس: استوعبه في الزفير ". (يستعملون الزفير بمعنى سحب النفس إلى الرئتين). • (غرم): {رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} [الفرقان: 65] "الغرامة - كسحابة وقُفْل ومَسْكَن: ما يلزم أداؤه (كالدَيْن، والدية والحَمالة) والغارم: الذى يلتزم ما ضَمِنه وتكفل به "والزعيم غارم ". والغرام - كسحاب: اللازم من العذاب، والشرُّ الدائمُ والبلاءُ، والحُبُّ، والعشقُ، وما لا يستطاع أن يُتَفَصَّى منه. أُغرِمَ بالشيء - للمفعول: أُولِعَ به. وأَغْرمه وغرّمه الدينَ - ض: ألزمه بأدائه ". Qملازمة الشيء الشيءَ وملازّته إياه كما قال ابن فارس: {وَالْغَارِمِينَ} [التوبة: 60]: الذين لزمهم الدَين في الحَمالة أو الدَيْن العام في غير معصية. (القيد "في غير معصية "هو لإجازة أخذهم من الزكاة). {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} [الفرقان: 65]: لازمًا دائمًا غير مفارق (لمن يقع به) [قر 13/ 72]- وتفسيره بالهلاك، وأشد العذاب، والشرّ - بعيد. وكذلك: {إِنَّا لَمُغْرَمُونَ} [الواقعة: 66] [ل 17/ 219]: لمَوُلَع بنا (كما لو كانوا يقولون: متابَعُون مُقْتَفَوْن بالبلاء)، أو لَمُلقَّونَ شرًّا (أي أُنْزل بهم وأُلْصِق بهم البلاء) وقيل في تفسيرها: لمعذبون أيضًا. {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ} [الطور: 40 وكذا ما في التوبة: 98، القلم: 46] أي من غُرْم الأَجْر الذي حُمِّلوه وأُلْزِموه يشعرون بالثقل.

معنى الفصل المعجمي (غر)

° معنى الفصل المعجمي (غر): هو الغئور والدخول بامتداد ودقة ويلزمه اللصوق، والتغطي. كما في غرور القدم والثياب -في (غرر)، وكالتلاصق في (غرو/ غرى) كما أن التلاصق صورة من صور تداخل المتلاصقين بعضهما في بعض، وكما في الغار: المغارة في الجبل -في (غور)، وكامتلاء نفْس الغيران وباطنه بحدّة الغَيْرة -في (غير)، وكما في غئور الغرب أعني فَجْوته، وفَجْوة الغروب كما تبدو لنا -في (غرب)، وكما في وجود الطعام في جوف القِدْر فيُغْرَف بالمغرفة، ونظروا إلى أن الأصل أن تكون الحجرة على الأرض أي في الأسَفل ورُفعت إلى أعلى -في (غرف)، وكما في العمق الذي يرسب إليه الغارق -في (غرق)، وكما في لزوم الغرامة وما إليها، واللزوم لصوق وتداخل، كما مرّ في غرو -في (غرم). الغين والزاي وما يثلثهما • (غزز - غزغز): "الغُزّ والغُزْغُز -بالضم فيهما: الشِدْق. وأغزَّت الشجرة إغزازًا: كَثُر شَوْكها والتفّ. . . ". Qشَقٌّ أو نفاذ بحدَّة ودقة (¬1): كشق الِشدْق، وكما ينفذ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الغين عن تخلخل مع رقة ما، والزاي عن اكتناز ودقة أو حدة، والفصل منهما يعبر عن نفاذ بدقة وحدة كالشوك عندما ينفذ في البدن وكشق الشدق. وفي (غزو - غزى) تعبر الواو عن الاشتمال، والياء عن الاتصال والامتداد، ويعبر التركيبان عن نوع من البقاء في باطن أو حيز بعد استحقاق الخروج منه - وهذا فيه اشتمال واتصال أو امداد. كالمُغْزِية من الإبل وكغَزْو العدو. وفي (غزل) تعبر اللام عن نوع من الامتساك =

(غزو)

الشوك في البدن. ومنه "غزَّ به: اختصه من بين أصحابه (نفذ إليه بدقة من بين الآخرين أو اخترقهم إليه/ اختصه - كما يعبّر عن الدعوة الخاصة بالانتقار. • (غزو): {وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا} [آل عمران: 156] "المُغْزِية - كمحسنة - من الإبل: التي جَازت الحِقّ (أي مثل الوقت الذي ضُرِبَت فيه أي الحَوْل - وهو أوانُ ولادها) ولم تَلِدْ. وأتان مُغْزِيَة: متأخرة النِتاج، وكذلك هي من الغنم: التي يتأخر وِلادها بعد الغنم شهرًا أو شهرين لأنها حملت بأَخَرة ". Qنشوبُ الشيء في باطن أو قرارُه فيه رغم عدم اعتياد ذلك القرار: كالجنين في البطن بعد أوان وِلادته. ومنه: "غزَا العدو يَغْزُوهم: سَار إلى قتالهم (ودخل أرضهم): {إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى}: ج غازٍ كصائم وصُوَّم. وذلك الدخول والقرار تمكّن وتحوّز في المقر، ومنه قالوا: "غزوت الشيء: أردته وطلبته " (محاولة حَوْز). ومن معنوى هذا "ما يُغْزَى من هذا الكلام؟: ما يُراد؟. وهو مغزاه ". • (غزل): {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا} [النحل: 92] "غزلت المرأة القطن والكَتّان وغيرَهما، واغْتَزَلته (: فتلته خيطًا ممتدًّا يُلَفّ ¬

_ = والاستقلال، ويعبر التركيب عن تحوّل الشيء الهش إلى ممتد متين متميز (مستقل) كخيط الغزل والغزالة: العشبة الموصوفة هناك.

مرارا حول عود المِغْزل ليجتمع أو يلف مستقلًّا)، والمُغَيْزِل -بصيغة التصغير: حَبْل دقيق. والغَزْل -بالفتح: المغزول. الغَزَالة - كسحابة: عُشْبة من السُطَّاح ينفرش على الأرض يخرج من وسطه قَضِيب طويل يُقْشَر ويُؤكَل حُلْوًا. (ولها نَوْر أصفر من أسفل القضيب إلى أعلاه "-[متن]). Qتَحَوُّل الهشّ إلى شيء ممتد متين متميز: كالخيط المغزول من القطن والصوف والكَتّان إلخ، وكقضيب العشبة المذكورة مع أنها من السُطَّاح الذي ينفرش على الأرض. فمن غزل الصوف ونحوه: {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا}. ومن مادى الأصل: "الغَزال من الظباء: من حين تلده أمه/ حين يتحرك ويمشي/ إلى أن يبلغ أَشدَّ الإحضار (وذلك حينَ يقْرِن قوائمه فيرفعُها معًا ويضعها معًا " [متن]) فهذا تحول واضح من الضعف إلى القوة. ومن المعنوي: "غازل الأربعين: دنا منها/ قوي/ كاد يبلغ أَشُدّه ". (امتدّ إليها). وسميت الشمس عند طلوعها إلى ارتفاعها غزالة لقوتها بعد ضعف. وقال في [ق] "لأنها تَمُدّ حِبالا (أشعة) كأَنّها تَغْزِل ". أما "المغازلة محادثة النساء "فهي محاولة تكوين علاقة قوية من أمور تبدو لطيفة هشة. وقد أرجعوا أصلها إلى مشاركة الشبان الفتياتِ في الغزل. كمساعاة الإماء. وهو جيد إن ثبت أنه كان يحدث. وأما "غَزِلَ الكلبُ (تعب): طَلَبَ الغزال حتى إذا أدركه، وأحس الغزال به، (فخَرِق) أي لَصِقَ بالأرض وَثَغَا من فَرَقِهِ = فَتَر عنه الكلب ولَهِىَ عنه "

معنى الفصل المعجمي (غز)

فذلك مأخوذ من اسم "الغزال "نفسه كما قالوا: "ذَهِبَ (تعب): هَجَمَ في المعدن على ذَهَبٍ كثير فَزَال عَقْلُه وبَرِقَ بَصَرُه ". وكذا يقال: "بَحِرَ: إذا رأى البحر ففَرِق ودَهِش. وأَسِدَ إذا دهِشَ من الأسد ". وأصل هذا من دلالة صيغة (فَعِل). ويقال للضعيف الفاتر عن الشيء غَزِلَ (كفرح) من هذا. ° معنى الفصل المعجمي (غز): هو النفاذ بحدة ودقة وامتداد: كنفاذ الشوك وهو حادّ دقيق قوي -في (غزز)، وكدخول أرض العدو غَزْوًا وهو نفاذ مادّي حادّ، وتجاوز الناقة والأتان وغير هما موعد ولادتهن دون أن تلدن، وهو نفاذ زمني دقيق لأنه خفيّ في (غزو). وكامتداد خيط الصوف والقطن دقيقا قويًّا أخذًا من تجمعهما المنفوش -في (غزل). الغين والسين وما يثلثهما • (غسس): "غسسته في الماء: غططته. غَسّ الحوتُ في النهر: دخل فيه ". Qنفاذ الشيء في المائع قليل الكثافة -نحو الماء- بقوة: (¬1) كالحوت والشيء في الماء. ومن معنويه "غسّ الرجل في البلاد: دخل فيها ". ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الغين عن تخلخل مع رقة ما، والسين عن نفاذ بدقة وقرة، والفصل منهما يعبر عن نفاذ بقوة في نحو الماء كغس الشيء في الماء. وفي (غسق) تعبر القاف عن تجمع أو تعقد. واشتداد في عمق شيء، والتركيب يعبر عن سيلان ما يتجمع في العمق فاسدًا كالصديد من الجرح. وفي (غسل) تعبر اللام عن تعلق واستقلال، ويعبر التركيب عن إزالة ما علق بالشيء من دَرَن بغسِّه في الماء ونحو ذلك فيعلق الدَرَن بالماء ويزول بعيدًا. وتخلُّصه من الدرن استقلال.

(غسق)

• (غسق): {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} [الفلق: 3] "غسَقَت العينُ: دَمَعَتْ/ انْصَبَّتْ/ هَمَلَت بالعَمَش. غسَقَ اللبن: انصبّ من الضرع. وغسَقَ الجُرح (ضرب قاصر - غسْقا وغَسَقانًا): سال منه ماء أصفر ". Qسيلان ما في عمق الشيء من مائع فاسد: كدمع العين الرمداء (لاحظ كلمة العَمَش)، وكسيلان اللبن من الضرع والماء الأصفر من الجُرح. {إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا} [النبأ: 25 - ومثله ما في ص 57]: هو صديد الجروح ونحوها - كقوله تعالى: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} [إبراهيم: 16]. ومن مادي الفاسد المخالط للعمق: "غَسَقُ الطعام (= البُرّ) بالتحريك: نحو الزُؤان يكون فيه "فهو حب غريب عن البُرّ ينبت معه ويختلط وهو رديء، يُنْفَي منه، أو شأنه أن ينفي منه. ومن ذلك: "غَسَقَ الليل وأَغْسَقَ: انْصَبَّ وأظلم. وغَسَقُهُ -بالتحريك: ظُلْمَته " (الظلمة كالغشاء الكثيف يزحف من جوف الأفق فيجتاح الضوء) {إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} [الإسراء: 78]. أما قوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} [الفلق: 3]: فقد فُسَّر بأنه الليل إذا أظلم أو دخل. لكن روى في حديث حسن صحيح أنه القمر إذا غاب [قر 20/ 257] فإذا سُلِّم فلا ينبغي تجاوزه. واللغة تجيز إطلاق الغاسق على القمر لأنه جرم لطيف يمذ من الأفق مخترقًا سواد الليل. وبغيابه يعم الظلام، وما فيه من شر يستعاذ منه. هذا، ودعوى تعريب الغساق عن التركية كما في المتوكلي للسيوطي -أو غيرها: زائفة في ضوء أن اللفظة تلتقي بمعناها الحسّىّ مع بقية معاني التركيب

(غسل)

أليس الصديد وهو ماء الجرح أو الدمل في أثناء لحم البدن كالزؤان وهو شيء غليظ الوقع مكروه في أثناء الطعام، وكالظلام وهو غشاء كثيف في الأفق، وكالمتكاثف من اللبن والماء في الضرع والعين - حتى ينصبا منهما؟ وثَمّ ملحظ آخر هو أن قماش الطعام، وصديد الجرح، والدمع من العمش، واللبن المنصب من الضرع، كلها يصحبها فساد يتمثل فيها أو أدّى هو إليها. كذلك الظلام، هو من وجهة ما كثافة وإعتام لا يوازن ضوء النهار. وأخيرًا فإن اللفظة ليست خارجة بوزنها عن أوزان العربية. فأني يؤفك أصحاب دعاوى التعريب هذه؟! • (غسل): {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} [ص: 42] "الغسول - كتنُّور: الأُشْنان وما أشبهه من الحَمْض (نبات يستعمل كالصابون). والغُسْل -بالضم: الماء القليل الذي يغتسل به. غَسَل الشيء (ضرب) وهو إسالة الماء على الشيء لإزالة درنه (الخولي في معجم ألفاظ القرآن) وفي [ل]: الغُسْل تمام غَسْل الجسد كله ". Qإزالة ما علق بالشيء من دَرَن بمائع يقلعه: كما يفعل الغَسُول، وكالغَسْل: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6]، {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43]، {هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} [ص: 42] هو الموضع الذي يغتسل فيه. ويمكن أن يكون الذي يغتسل به. {وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ} [الحاقة: 36]: ما انغسل من لحوم أهل النار ودمائهم. . وما يسيل من جلودهم، حيث الغِسْلين ما يُغْسَل من الثوب ونحوه كالغُسالة.

معنى الفصل المعجمي (غس)

° معنى الفصل المعجمي (غس): هو الانغماس ونحوه من التغطي بالمائع - كما في غسّ الشخص أو الشيء في الماء -في (غسس)، وكما في تغطية الدمع العينَ، والماءِ الأصفر الجُرحَ -في (غسق)، وكما في غسل الشيء بالماء -في (غسل). الغين والشين وما يثلثهما • (غشش): "الغِشَاش - ككتاب: أولُ الظلمة، وآخرُها. والغشش -محركة: المَشْرَب الكِدر ". Qشَوْب الصافي الرقيق بما ينتشر فيه ويجعله كثيفًا بحيث يُغَطّي ما تحته (¬1): كما تشوب الظُلْمة الضوءَ، والطينُ ونحوه الماءَ الكَدِر. • (غشو - غشى): {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} [الأعراف: 54] "غاشية السَرْج: غطاؤه، وما أُلْبِسَ جَفْنُ السيف من جلود من أسفل شارب السيف إلى أن يبلغ نعله. والغشاء - ككتاب: الغِطاء. وغِشاء كل شيء: ما تغشاه كغشاء القلب والرَحْل والسَرْج والسيف ونحوها. وغاشية القلب وغِشَاوته: قميصه ". ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الغين عن تخلخل مع رخاوة ما، والشين عن تفش، والفصل منهما يعبر عن تخلل الصافي الرقيق بكثيف يتفشى فيه فيكدره كالظلمة والماء الكدر. وفي (غشو - غشى) تعبر الواو عن اشتمال، والياء عن اتصال، ويعبر التركيبان عن تماسك ما كان رقيقًا وكثافته منتشرًا فوق الشيء حتى يغطيه كغاشية السرج والقلب.

Qتغطى الشيء بكثيف يعمه: كغشاء السَرج والجَفن إلخ. ومن مادي ذلك أيضًا: "الغَشْوة -بالفتح: السِدْرة (تغطي ما يستظل بها) والأغشى من الخيل والغشواء من المعز: ما غَشِىَ (كرضى) البياضُ أو الغُرّة وَجْهه كله ". ومن ذلك: "تَغَشَّى ثيابه واستغشاها: تَغَطَّى بها كي لا يَرى ولا يَسْمع: {وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ} [نوح: 7]. ومن التغطية: {يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ} [النور: 40]، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا} [الشمس: 4]، وكل الفعل (غَشِىَ) و (غَشَّى)، و (أغشى)، و (استغشى)، والمضارع منهن فهي بمعنى التغطية: إما بمادة حقيقية كالموج، والنار، والدخان، والظلام، والعذاب، وإما بما يُتَصور كذلك كالنعاس وإفقاد الرؤية والشعور، أو بأمر غيبي كالذي في [النجم: 16، 54]، أو يكون الغِشيان كناية. {وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الأعراف: 41]: أَغْماءٌ. وغَشِىَ المرأة - كرضي: جامعها. كما يقال: عَلاها، وتجللها: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ} [الأعراف: 189] وكلها كنايات. ومن معنوي ذلك: "غَشِيَه الأمر (كرضى) وتغشاه وأغشيته إياه، وغَشَّيته - ض: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ} [الأنفال: 11]، {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 7]، {غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ} [يوسف: 107]: "عقوبة مُجَلِّلة تَعُمهم "، {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: 1]: "القيامة. لأنها تجلل الخَلْق فتعمهم ". وقريب من معناها {غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ} [يوسف: 107]. وغُشِى عليه - للمفعول: أُغْمِىَ: {يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} [الأحزاب: 19]، ومثلها ما في [محمد: 20].

معنى الفصل المعجمي (غش)

غَشِىَ الرجلُ الأمرَ: باشره ولابسه، والرجلَ: زاره. وغاشِيته: مَنْ ينتابه من زُوّاره وأصدقائه (المخالطة الشديدة من باب التغطية). ° معنى الفصل المعجمي (غش): هو عدم صفاء الشيء أي شَوْبه أو خلطه بما يجعله كثيفًا يغطي ما تحته: كالغِشاش أول الظلمة وآخرها حيث تخالط كثافة الظلمة شفافيةَ النور -في (غشش)، وكغاشية السَرْج والغِشاء: الغطاء فإنه طبقة تكثُفُ على الشيء فتخفيه أو تكاد: في (غشو/ غشى). الغين والصاد وما يثلثهما • (غصص): {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا} [المزمل: 12 - 13] "غَصَّ بالماء: شَرِقَ به ووَقَف في حلقه، وكذلك غَصَّ باللقمة وبالطعام فهو غَصّان. والغُصّة: شَجا يَغَصُّ به في الحَرْقدة ". (الحرقدة: عقد الحنجرة، لكن المقصود هنا الحلق). Qنشوب الشيء في مَنْفذه لغِلَظه أو ضيق مَمرّه فيتعسر أو يتعذر مروره في المنفذ (¬1): {وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ}. ومنه: غَصَّ المكانُ بأهله ضاق، ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الغين عن تخلل ورخاوة ما، والصاد عن غلظ وقوة (القوة قد تكون في قوة النفاذ، وقد تكون في غلظ النافذ وضيق المنفذ؛ فلا يتم النفاذ إلا بضيق وعسر شديدين)، والفصل منهما يعبر عن عسر نفاذ الشيء من منفذه لغلظه أو ضيق المنفذ فينشب النافذ أو يكاد، وفي (غوص) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن نفاذ الشيء الغليظ إلى عمق مائع أو نحوه يشتمل عليه كما في الغوص. وفي (غصب) تعبر =

(غوص)

وأغَضَّ الأرضَ عليهم فغَصَّتْ: ضَيَّقَها فضاقت ". • (غوص): {وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ} [الأنبياء: 82] "غاص في الماء غَوْصًا: نزل تحته. . / دخل فيه. .، وغاص في البحر على الأصداف فهو غَوّاص وغَائص والمكان مَغَاص ". Qنفاذ الكتلة الغليظة في عمق ماء كثيف أو نحوه إلى قاعه: كما في الغوص: {يَغُوصُونَ لَهُ}، {كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ} [ص: 37]. ومنه: "الغَوْصُ: الهجوم على الشيء (كأنما انحط عليه من حيث لا يتوقع)، والغائصة: الحائض " (كأنها غارقة في دمها - كما يعبّر أحيانًا). • (غصب): {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: 79] "غَصَبْتُ الجلد: إذا كَدَدْتَ عنه شَعْره أو وَبَره قسرًا بلا عَطْن في الدباغ ولا إعمال في نَدًى أو بول ولا إدراج ". Qنَزْع للشيء من منبته أو مقره بغلظ وقوة أو قهر (أي بلا مهيِّئ للنزع): كنزع الشعر والوبر الموصوف، ومنه "الغَصْب: أخذ الشيء (المملوك للآخرين) ظُلمًا: {يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} و "غصبه منه. وغصبه على الشيء: قهره ". ¬

_ = الباء عن تلاصق متجمع رخو، ويعبر التركيب المختوم بها عن نَزْع ما هو لاصق بأصله (أي أخذه وحوزه وهذا جمع) كما في غَصْب الجلد، ومنه دل على غَصْب ما هو مملوك للآخرين.

معنى الفصل المعجمي (غص)

° معنى الفصل المعجمي (غص): النفاذ بغلظ أو ضيق أو عسر: كالغَصَص بالطعام حيث يتعسر نفاذه لضيق المنفذ أو غلظ اللقمة -في (غصص)، وكالغوص في الماء وفيه من العسر ما فيه من كتم النفس ومقاومة الماء نزولًا وطلوعًا والتعرض للغرق -في (غوص)، وكما في نزع الشعر والوبر من الجلد بلا تهيئة -في (غصب) وخروج الشعر من الجلد نفاذ له منه. الغين والضاد وما يثلثهما • (غضض - غضغض): {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30] "الغَضّ والغضيض: الطَرِيّ. والغَضّ من أولاد البقر: الحديث النتاج. والطلع حين يبدو غَضِيضٌ وغِيضٌ -بالكسر. ونبت غَضّ: ناعم. وغَضَاضة الشباب: نضارته وطراوته ". Qرخاوة الشيء الكثيف (الثخين) وطراءتُه (من حداثته وقلة نضجه) (¬1): كما هو واضح في الاستعمالات المذكورة. والنبات الذي ليس ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الغين عن تخلخل مع رقة ما، والضاد عن كثافة وضغط (وكل منهما رخو الصفة والوقع - مع الغلظ وشيء من الحدة أيضًا)، والفصل منهما يعبر عن رخاوة الجرم الكثيف أي الثخين وطراءته (لامتلائه بما هو رخو وفيه حدة ما) كالغَضّ: الطري، والطلْع الغَضيض، ويلحظ أن طعم الغَضّ (غير الناضج) فيه حِدّة ما. وفي (غيض) تعبر الياء عن اتصال وامتداد، ويعبر التركيب عن غئور المادة الغضة (= المائعة) في باطن بكثافة، وهذا الغئور امتداد كما في الغَيْضَة: مغيض الماء. وفي (غضب) =

(غيض)

ثخينًا اجتزئ فيه بالرخاوة. ومن ملحظ الرخاوة دون التركيز على الحداثة: "الغضة من النساء: الرقيقة الجلد الظاهرة الدم ". ومن مجرد الرخاوة: "غض طرفه وبصره (رد): خَفَضَه وكَسَره وأطْرَقَ ولم يفتح عينه (أرخاه) والغَضِيض: الطرْفُ المسترخِي الأجفان: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}. وغُضَّ من لجام فَرَسك: صَوِّبْه وأنْقِصْ من غَرْبه (أَرْخِه)، وغَضَضْتُ الغُصْنَ وغَضَفْتُه: كَسَرتَه فَلم تُنْعِم كسره (أذهبت الصلابة من باطنه): {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} [لقمان: 19]: اخفضه. وليس في القرآن من التركيب إلا غض البصر، وغض الصوت. ويلزم الرخاوةَ قابليةُ الانضغاط ونقص الحجم، ومنه: "لا أَغُضُّكَ درهمًا: لا أَنْقُصُك. وغَضْغَضَ الماءَ والشيءَ: نقصه. وتَغَضغض الماءُ: نقص ". (استعمال الغض لنقص الشيء أو الشخص قد يلحظ فيه الحداثة وقلة النضج وهو نقص معنوي). • (غيض): {وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود: 11] "الغَيْضة -بالفتح: مغيضُ ماء يَجْتمع فينبت فيه الشجر. وغاض الماء يغيض: نَقَص أو غار فذهب/ قَلّ فنَضَب. وغاضَت الدِرَّة: نَقَص اللبن. وغَيَّضْتُ الدمعَ - ض: نَقَصْته وحَبَسته ". ¬

_ = تعبر الباء عن تلاصق تجمع رخو مع تلاصق ما، ويعبر التركيب عن التئام تجمع كثيف على حدّة أو غلظ في أثنائه وذلك كحَبّ الجدري. والغَضْبة التي في العَين والتي في الجبل.

(غضب)

Qغئور المائع ونحوه في باطن - بكثافة (حتى يَنْفَد ما على الظاهر منه أو ينقص): كما في الغَيْضة وسائر الاستعمالات المذكورة {وَغِيضَ الْمَاءُ}، {وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ} [الرعد: 8] في [قر 9/ 286]: ما تُسْقِط قبل التسعة أشهر، وما يزيد عن التسعة أشهر. فهي من النقص اللازم للغئور. • (غضب): {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ} [الأعراف: 154] "الغُضاب - كصداع: الجُدَرِيّ وقيل داء آخر يخرج في الجلد وليس بالجُدَري. والغَضْبة: بالفتح: بَخْصَة تكون في الجَفن الأعلى خِلقة (البَخَص لحم ناتيء فوق العينين أو تحتهما)، والصَخْرةُ الصُلْبة المركَّبة في الجبل المخالفةُ له، وقطعةٌ من جلد البعير يُطْويَ بعضُها إلى بعض وتجعلُ شبيهًا بالدَرَقة (= تُرس يتقي به من السهام والنصال)، وجِلْدُ المُسنّ من الوُعُول حين يُسْلَخ. وغُضِبَ بَصَر فلان -للمفعول: انْتَفَخَ من داء يصيبه. وغَضِبت عَينه (كسمع وعُنِى): وَرِمَ ما حولها. والغَضُوب: الحية العظيمة " (المقاييس). Qانضمام الشيء على غليظ أو حادٍّ في باطنه يظهر جِرمه أو أَثره: كحَبّ الجُدَرِي والجدري حُمَّى، وكالبَخْصَة في العين، والصَخْرَة الموصوفة في جسم الجَبَل، والجلود المذكورة غليظة السمك أو مغلّظتُه. وكالبَصَر الرمِد الوارم، والحية بسُمّها المختزن. ومنه: الغَضَب: ضدُّ الرضا وهو امتلاء النفس بالحدة والجفاء لأمر ما: {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى: 37]، وكل ما في القرآن من التركيب فهو من الغضب بهذا المعنى: {إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا} [الأنبياء: 87] (أي مغاضبًا قومه لعدم قبولهم دعوته إياهم إلى اللَّه)، {غَيْرِ

معنى الفصل المعجمي (غض)

الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] (وردت أحاديث صحيحة أن المراد اليهود [ينظر طب 1/ 185 - 188] وهذا لا ينافي العموم). ومن مادي الأصل أيضًا قالوا: "الغَضْب -بالفتح: الأسد، والثور " (وهما من الامتلاء بالحدة والغلظ). ثم من الأصل قالوا: "الغَضْب -بالفتح: الشديد الحمرة أو الأحمر الغليظ ". [ق] (فالحمرة أشد الألوان وَقْعا، وتركيب (حمر) فيه معنى الشدة (ينظر)، كما أن صلة الحمرة بالورم والغضب ونحو الجدري واضحة). ° معنى الفصل المعجمي (غض): هو أن يكون الشيء ثخِينًا ممتلئًا بمادة فيها رخاوة ما: كما يتمثل في طلع النخل وفي الغض من أولاد البقر -في (غضض)، (وما كان غير ثخين من النبات ضد نظر فيه إلى الحداثة وطراءة المادة كورق النبات)، وكما يتمثل في الغَيْضَة: الأرض المتشبعة بالماء -في (غيض)، وفي كتلة الغُضاب الذي يشبه الجدري، وكذلك التجمع اللحمي الذي يسمي بخْصة العين -في (غضب). ويجب ذكر أن الحدة التي في الغُضاب وفي بخصة العين لها أصل في أم الفصل وهي (غضض) حيث ارتبطت الرخاوة فيها بحداثة النشأة، ويلزم حداثة النشأة في الثمار التي لم تنضج كالبطيخ والبلح - أن يكون في طعمها حدّة أي غضاضة. الغين والطاء وما يثلثهما • (غطط): "غطه في الماء (رد): غَطَّسه وغَمَسه ". Qدسّ الشيء في مائع بدفع وغلظ حتى يغطيه أو يكاد (¬1): ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الغين عن نحو تخلخل مع رخاوة ما، والطاء عن ضغط بغلظ وامتداد، =

(غطو - غطى)

كما في غط الشيء في الماء. • (غطو - غطى): {فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: 22] "الغِطَاء: ما غُطِّىَ به. والكَرْمة الكثيرة النوامي (= الأغصان): غَاطِية. والغِطَاية - كرسالة: ما تغطت به المرأة من حشو الثياب تحت ثيابها كالغلالة ونحوها ". Qستر بما ما هو كالغشاء الكثيف عريضًا: كالغطاء، والأغصان الكثيرة للكرمة. ومن مادّيه أيضًا: "غطا الشيءَ يغطوه ويَغْطِيه: ستره وعلاه. وغطاه الليل: ألبسه ظلمته. وغَطَت الشجرة وأغطت: طالت أغصانُها وانبسطت على الأرض فأَلْبَست ما حولها. وماء غاطٍ: كثير (يغطي). وغطا الليل يغطو: نما وأظلم ". ومن معنوى ذلك: {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي} [الكهف: 101]، {فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ} [ق: 22]. ومن المزيد بنفس المعنى: "غطّاه وأغْطاه: واراه وستره وعلاه ". ¬

_ = والفصل منهما يعبر عن ضغط الشيء ودفعه سُفْلًا بقوة في مائع (مخلخل) حتى يغطيه. وفي (غطو - غطى) تعبر الواو عن اشتمال، والياء عن اتصال، ويعبر التركيبان عن امتداد ما هو كالغشاء الكثيف على الشيء حتى يستره (يشتمل عليه). وفي (غوط) يعبر التركيب الموسوط بالواو عن غئور منبسط في غليظ بحيث يشتمل على ما ينزله كالغائط. وفي (غطش) تعبر الشين عن تفش وانتشار، ويعبر التركيب عن نحو الغطاء لكنه هنا ناشئ عن فقد الضوء وانبساط الظلام، فيكون غطاء هو الغَطَش: ظلمة الليل، والغطش شبه العمش.

(غوط)

• (غوط): {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة: 6] "الغَوْطة -بالفتح: الوَهْدة في الأرض المطمئنة. والغائط: المتسع من الأرض مع طمأنينة. وقال رجل: "قل لأهل الغائط يحسنوا مخالطتي "أراد أهل الوادي، "وربما كان فرسخًا وكانت به الرياض ". Qغئور في شيء غليظ (كالأرض) منبسط عَرْضًا أو طولًا: كالغَوْطة والغائط الموصوفين. ومنه: "غاط يغوط: حَفَر (أخفض). ويقال أغوِطْ بئرك: أَبْعِدْ قَعْرها. وهي بئر غويطة: بعيدة القعر. وغاط الرجل في الطين " (غاص) (مع التجاوز عن الانبساط الأفقي في كلٍّ). ومن الغائط: الوادي المنخفض عُبِّر في {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} عن الانتهاء من عملية الإخراج، حيث كانوا يقصدون الوديان لذلك لأنها أَسْتَر. • (غطش): {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} [النازعات: 29] "الغَطَش في العين -محركة: شِبْهُ العَمَش. غَطِشَ (تعب) فهو غَطِش وأغطش. والغُطاش - كغراب: ظلمة الليل واختلاطه. أَغْطَشَ الليلُ وأغطشه اللَّهُ ". Qكثافة واسعة تحجب الرؤية: كظلمة الليل في الأفق، والعمش في العين. {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا}: أظلمه. ومنه: "فلاة غَطْشَى: غَمّةُ المسالك لا يُهْتَدَى فيها. وهو يتغاطش عن الأمر أي يتعامى ".

معنى الفصل المعجمي (غط)

أما "غَطِّش لي شيئًا (أمرٌ من غَطَّش - ض) حتى أذكر أي افتح لي، فهو من معالجة الغَطَش أي التعامل معه " (وهذا ما يقولون فيه إن الصيغة للسلب) وليس ذلك سلبًا، وإنما هو تعامل، كما أن "مَرَّضه "- ض ليس معناها سلب المرض، وإنما معالجته أي التعامل معه مقاومةً له. ° معنى الفصل المعجمي (غط): هو دس الشيء في أثناء شيء فيُغَطَّي. كغط الشيء في الماء غَمْسه فيه -في (غطط)، وكالغطاء الذي يغطّي به الشيء فيستره -في (غطو غطى)، وكالغَوْطة الوهدة في الأرض المطمئنة -في (غوط) - والاستتار لازم لمعنى الانخفاض؛ لأن ما يكون في المنخفَضَ يستتر. الغين والظاء وما يثلثهما • (غظغظ): "المُغَظْغِظَة -بكسر الغين الثانية: القِدْرُ الشديدة الغليان ". Qغليان ما في جوف الشيء غَلَيانًا شديدًا (¬1). • (غيظ): {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا} [الأحزاب: 25] "تغيظت الهاجرة: اشتد حَمْيها ". ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الغين عن تخلخل مع الرخاوة ما، والظاء عن غلظ وكثافة، والفصل منهما يعبر عن حِدّة حال ما في الجوف أو غلظه كالمغظغظة. وفي (غيظ) يعبر التركيب موسوطًا بالياء عن احتواء الغلظ والحدة في العمق أي امتدادها إليه وفيه كما في تغيظ الهاجرة وكما في الغيظ.

معنى الفصل المعجمي (غظ)

Qحَمْى وحِدّة شديدة تمتد في جَوْفٍ أي تعمه: كحَمْى الهاجرة وحَرِّها. والجوُّ كالجوف. وقد جاء في الحديث "إن شدة الحر من فيح جهنم "- فالحرّ من النار، كما فسر الغيظ في قوله تعالى: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} [الملك: 8] بشدة الحر. ومن هذا: "الغيظ: أشد الغضب أو سَوْرته " [ق]. إذ هو حرارة شديدة في النفس أو القلب، ولذا شُبّه في الحديث الشريف بتجرع الشخص مائعًا إلى جوفه: "ما من جُرعة يتجرعها العبد خير له وأعظم أجرًا من جُرعة غيظ في اللَّه " [قر 4/ 208]، {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} [آل عمران: 134]. ° معنى الفصل المعجمي (غظ): هو الحر الشديد في الجوف كجوف المُغَظْغِظة: القِدْر الشديدة الغليان -في (غظظ)، وكحَمْى الهاجرة وشدة حَرّها -في (غيظ). الغين والفاء وما يثلثهما • (غفف): "غُفّة الإناء والضَرْع -بالضم: بقيةُ ما فيه. والغُفَّة أيضًا: الشيء القليل من الرَبيع، والبُلْغة من العيش، وما تناوله البعير بفيه على عَجَلة منه - كالخَلْسة واغتفَّ المالُ وهو الكلأ المقارب والسِمَن المقارب ". Qقلة ما يبقى (أو يتحصل) في (قاع) الوعاء أو الظرف (¬1): كالغُفّة بمعانيها المذكورة. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الغين عن تخلخل ورقة ما، والفاء عن نفي وإذهاب، ويعبر الفصل منهما عن قلة ما يبقى من الشيء محصلًا (بعد ذهاب معظمه) كغفة الإناء والضرع فيهما. وفي (غفر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن انتشار (استرسال) ما هو دقيق =

(غفر)

ومن مادي هذا: "الاغتفاف: تَناوُل العَلَف " (كأنما يقع ذلك غُفَّة غُفَّة)، وقد سموا الفأر غُفّة فقال بعضهم: لأنه غُفّة الهر ". • (غفر): {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [القصص: 16] "الغفارة - كرسالة: خرقة تكون دون المِقْنعة توقّى بها المرأة الخمار من الدُهن/ تغطي رأسها ما قبل منه وما دَبَر غيرَ وسط رأسها، وجلدة تكون على حَزّ القوس الذي يجرئ عليه الوتر. والمِغفَر حِلَقٌ يجعلها الرجل أسفل البيضة تسبُغ على العنق فتقيه. والغفر -بالفتح: زئبر الثوب وما شاكله ". Qتغطية أو سَتْر يقصد به الحماية وما إليها: كالغِفارة التي تقي الخمار من الدهن، والجلدة التي تحمي القوس والوتر، والمِغفر الذي يحمي العنق. وزئبر الثوب علامة جدّته. ومن المادي أيضًا: "الغفر -محركة: هُدْب الثوب (جمال له)، وصغار الكلأ (زينة للأرض). وغَفَر الشيبَ بالخضاب وأغفره (تجمّل)، ويقال: "اصبغ ثوبك بالسواد فإنه أغفر لوَسَخه أي أَحْمَلُ له وأَغْطَى له "كل ذلك ستر لطيف. ويقال أيضًا: "غَفَر المتاع في الوعاء (ضرب) وأغفره: أدخله وستره وأوعاه. وكل شيء سترته فقد غفرته. وكل ثوب غُطِّى به شيء فهو غِفارة. والغُفْرة -بالضم: ما يُغَطَّى به " (حماية). وأما "الغُفر -بالضم: وَلَد الأُرْويّة، وبالكسر: ولد البقرة "فالصغار تابعة لأمهاتها كالطبقة ¬

_ = الجرم (قليلة) كالزغب مكونًا طبقة خفيفة الكثافة تغطى بلطف كالغفارة. وفي (غفل) تعبر اللام عن امتساك واستقلال أو تميز يتمثل هنا في الاحتجاب والانفصال بالخلو من العلامات اللافتة المنبهة. كالإبل والبلاد الأغفال.

وراءها. وكذا "المغافر والمغافير: صمغ شبيه بالناطف ينضحه العُرْفط "رائحته تشبه طبقة تغطى. ومن معنوي ذلك "غفران اللَّه الذنوب: تغطيتها وسترها: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ}. وقد ذكرتُ أن السَتْر هنا للحماية. وقد سبق بذلك الراغب فقال إن "الغَفْر: إلباس الشيء ما يصونه عن الدنَس "وأختلف معه في أن المطلوب في {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} [الجاثية: 14] هو التجافي عن (الذنب) في الظاهر وإن لم يتجاف عنه في الباطن "وإنما أدب الإسلام هنا هو أن نغفر لهم طاعة للَّه تعالى، دون أن نلقي إليهم بالمودة. وأما قول أبي هلال إن المغفرة تستوجب الثواب [العلمية 264 - 265] فلا حجة له إلا أن المغفرة تُسقِط ما يحول دون الثواب. فتكون عبارته غير محررة. وكل ما جاء في القرآن من التركيب هو من مغفرة الذنوب هذه {قَالُوا يَاأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا} [يوسف: 97] (أي سل اللَّه أن يغفر لنا ذنوبنا)، فبقي المفعول الثاني وحده. أما قولهم: "غفر الجرح (كجلس وتعب): نُكِس، فإني أرجح أن المقصود أنه عاد يندى ويرشح منه الصديد سواء جف فوقه مكونًا طبقة أو لم يجف. لكنه إذا جف وكون طبقة يمكن أن يعد ذلك بُرْءًا. ومن هنا يستعمل غفر بمعنى برئ [تاج] ومن نُكْس الجُرْح عُمِّمَ في نُكْس المرض. وقولهم: "غَفَر الجَلَبُ السوقَ: رَخّصها "فهو عندي من الاستعمال في لازم المعنى فإن الجَلَب -بالتحريك: ما يُجْلَب للبيع، فإذا كثُر الجَلَب غَطَّى السوقَ أي عَمّها، ورَخُص السعر.

(غفل)

وأخيرًا فإن قولهم: "جاءوا الجماءَ الغفيرَ أي بجماعتهم الشريف والوضيع ولم يتخلف أحد وكانت فيهم كثرة "فهو من التغطية؛ لأن الكثيرين يغطون وجه الأرض. كما تعبر العامة عن هذا بأنهم "يسدون عين الشمس ". ولا يخفى أن الاستعمالات الأخيرة توسيع بترك قيد الحماية. • (غفل): {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} [إبراهيم: 42] "الغُفْل (من الأَرَضِين) -بالضم: سبسبٌ مَيتَةٌ لا علامة فيها - والأَغْفَال: المَوَات. وإبل أَغْفال: لا سِماتِ عليها. وبلاد أَغفال: لا أعلام فيها يهتدى بها ". Qالخلو مما يلفت وينبه أو يدل: كالأرض السَبْسب والموات والإبل والبلاد المذكورة. ومنه "غَفَل عن الشيء (قعد) وأغفله: تركه وسها عنه " (لم يلتفت أو يتنبه إليه): {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ} [النساء: 102]، {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ} [يوسف: 13]، {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ} [ق: 22]. وكل ما في القرآن من التركيب هو من الغفلة بمعنى عدم التنبه وما إليه: {فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ} [يونس: 29] رجح في [بحر 5/ 154] أن المستشهدين باللَّه هنا هم الأصنام لا الشركاء ممن يعقل كالإنس والجن والملائكة؛ لأن هؤلاء يشعرون بمن يعبدهم. {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ} [النور: 23]: السليمات الصدور النقيات القلوب اللاتي ليس فيهن دهاء ولا مكر؛ لأنهن لم يجربن الأمور، ولا يفطنّ لما يفطن له المجرِّبات [بحر 6/ 405].

معنى الفصل المعجمي (غف)

° معنى الفصل المعجمي (غف): هو قلة ما يكون على جانب عريض من الشيء كغُفّة الإناء والضرع والأرض -في (غفف)، وكشعر العنق والجبهة وزئبر الثوب -في (غفر)، وكالإبل الأغفال التي لا سمات عليها والبلاد الأغفال التي لا أعلام فيها يهتدي بها كأنها جميعًا مغطاة الظاهر لا تظهر لها معالم -في (غفل). الغين واللام وما يثلثهما • (غلل - غلغل): {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الأعراف: 43] "الغَلَل -محركة: المِصْفاة، والماء الذي يَتَخلل بين الشجر أي يجري. والغِلالة - كرسالة: شِعار يُلبَس تحت الثَوب، والرّفاعة (= حشية تحت الثياب على العجيزة لتعظيمها). والغلائل بطائن تحت الدروع، وقيل هي مسامير الدروع التي تحمع بين رءوس الحَلَق أي حَلَق الدروع، لأنها تُغَلٌ فيها أي تُدْخَل -واحدتها غليلة، والغُلّ -بالضم: جامعة توضع في العنق أو اليد. والغُلَّة -بالضم: ما تواريت به، والغالّ: الوادي المطمئن الكثير الشجر. ويقال لعِرْق الشجر إذا أمعن في الأرض: غَلْغَل -بالفتح ". Q- تخلُّل بحدة أو قوةٍ مع إحاطة أو تقييد (¬1): كتخلل ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الغين عن نحو تخلخل مع رخاوة ما، واللام عن امتساك واستقلال، والفصل منهما يعبر عن تخلخل شيء في أثناء ينفذ بينها بدقة أو حِدّة ويجمعها أو يعمها كالغُلّ: الجامعة تنفذ منها الأيدي، وكما ينفذ المائع من العيون الدقيقة للمصفاة - والاستقلال يتمثل في الجمع أو في الخلوص من المنافذ. وفي (غلو - غلى) تعبر الواو =

الشيء ثقوبَ المِصفاةِ نافذًا منها- وحَجْزُ ما لم يَنْفُذ تقييد، وكجَرْي الماء بين الشجر وإحاطته جذوعَه، وكإحاطة الغِلالة بالبدن مع تخللها بينه وبين الثياب الأخرى، وكتخلل البطائن، والمسامير رءوسَ الحِلَق والرِفاعة بين الثياب. . . إلخ. ومنه: "غَلَّ الدُهْنَ في رأسه (رد): أدخله في أُصول الشعر، والمرأةَ: حَشَاها، وغلَّ في الشيء غُلُولًا: دَخَلَ ". ومنه: "أغل الجازِرُ في الإهاب: إذا سَلخ فترك من اللحم (شيئًا) ملتزقًا بالإهاب "وهذا تخلل، و "ذلك اللحم الذي على الإهاب غَلَل "بالتحريك. والجازر يفعل ذلك ليحوزه وهذا ضم وإحاطة. ومما في التخلل من خفاء المُتَخلِّل جاء قولهم: "غَلَّ: خَانَ في المَغْنَم وأخذَ منه قبَل القَسْم " (أَخْذ إلى الأثناء أي الحوزة في خِفْية. وجاءت الخفية من أنه أخذه إلى ¬

_ = عن اشتمال، والياء عن اتصال، ويعبر التركيبان عن اشتمال على حِدّة يظهر أثرها في (غلو) ارتفاعًا هادئًا وفي (غلى) ارتفاعًا بفوران لاتصال الحدة. وفي (غول) يعبر التركيب الموسوط بالواو عن اشتمالِ: بَلْعٍ وإخفاء أو إمساك في العُمْق كغائلة الحوض. وفي (غلب) تعبر الباء عن تجمع رخو مع تلاصق، فيعبر التركيب عن علو مع عِظَم (كأنه من التراكم) ومع شدة هي من الحدة في الفصل -كما في الأغلب. وفي (غلظ) تعبر الظاء غلظ (جرم أو وقع) ويعبر التركيب عن عظم الجرم مع صلابة كما في الغَلظ من الأرض. وفي (غلف) تعبر الفاء عن إبعاد وإذهاب (أي إخراج)، ويعبر التركيب المختوم بها عن شيء خارج من الجرم إلى ظاهره حيث يغطيه كقُلْفَة الأغلف. وفي (غلق) تعبر القاف عن شدة متجمعة متعقدة في العمق أو الأثناء، والتركيب يعبر عن التئام على شدة أو حدّة بالغة في الأثناء كغلق الباب وكالغلقة الشجرة الموصوفة. وفي (غلم) تعبر الميم عن استواء والتئام ظاهري، ويعبر التركيب عن التئام الشيء على قوة أو حِدّة تبرز فتبدي تمام حاله كالغلام الطارّ الشارب.

(غلو)

أثناء نفسه): {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] ومن "الغُلّ: الجامعة "-أي القيد وهي تحيط والعضو يتخللها: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ} [الحاقة: 30]، {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} [المائدة: 64]، {وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} [الرعد: 5]. وكل ما في القرآن من التركيب -عدا آية آل عمران السابقة، وعدا ما يأتي من الغِلّ- هو من هذه الأغلال. ومن التخلل بحدّة جاء معنى جَفَاف الأثناء "الغُلّ والغُلّة -بالضم، والغَلَل -مُحَركة، والغليلُ: شدة العطش وحرارته. غُلَّ الرجل -للمفعول، وغَلّ يَغَلّ -بفتح عين المضارع، واغْتلّ ". ومن معنويه: "الغِلّ بالكسر والغَليل: الضِغْن والشَحْناء والحِقْد الذي يخالط القلب " (ويبقى فيه -حدّة تتخلل إلى القلب وتبقى فيه) غَلَّ صدرُه يغِل (بكسر عين المضارع -قاصر): {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الأعراف: 43 والحجر: 47, ومنه ما في الحشر: 10]. (كأن المراد أنهم لا ينفَس أي منهم على الآخر درجته برغم التفاوت). • (غلو): {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} [المائدة: 77] "غلا بالجاربة والغلام عَظْمٌ: سَمِنَا. وغَلَا النبتُ وتَغَالَى واغْلَوْلَى: ارتفَعَ وعَظُم والْتَفتَّ. وأَغْلَى الكَرْمُ: الْتَفَّ وَرَقُه وكثُرت نواميه وطال ". Qزبادة تضخمية أو طولية مع حِدّة ما: كما تعظم الجارية والغلامُ بالسِمَن، وشحم السِمَن حَادٌّ [ينظر ل طرق]، وكما يَطُولُ النبْتُ ويَعْظُم بقوة النمو في أثنائه وهي قوة حادّة الأثر كالجارية والغلام والنبت في ما سبق.

(غلى)

ومن الارتفاع: "أَغْلَى النبتَ: خَفَّفَ من وَرَقه ليرتَفِع ويَجُودَ. وغلا بالسهم: رفع يدَيْه به يريد أن يَبْلُغ به أقْصَى الغاية (زيادة على القدر المعتاد). والغَلْوَة: قَدْرُ رَمْية بسَهْم (تحدُث بتلك الكيفية). وكذلك الدَابَّةُ تَغْلُو في سَيْرها وتَغْتِلي: تُسْرع " (السرعة زيادة امتدادية كالطولية). "والغلاء: ضد الرُخْص "من الزيادة. ومن الزيادة المعنوية: "غُلْوان الشباب -بالضم، وغُلَواؤه - كنُفَساء: سرعته وشِرَّتُه. غلا في الأَمْر غُلُوًّا (قعد): جاوز الحد فيه. والغُلُوّ في الدين: التَشَدُّد فيه ومُجَاوَزَة الحَدّ بالتنطع في البحث عن بواطن الأشياء والكشف عن عللها وغوامض مُتَعَبَّداتها ": {لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء: 171] {لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} [المائدة: 77]. أما الغالية: الطيب فمن زيادة القَدر والكمية مع حدّة الرائحة وذكائها؛ لأنها مركبة من مسك وعنبر وعود ودهن، وسطوعها ارتفاع أيضًا. • (غلى): {طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ} [الدخان: 44 - 46] "غلت القِدْر والجَرَّة تغِلي غَلَيانًا وأغْلاها وغَلّاها. . . ". Qالغَلَيان، وهو بلوغ حرارة الشيء أعلاها وتقلُّبه وارتفاعه في وعائه لذلك: {كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ}. • (غول): {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [الصافات: 47] "غائلة الحوض: ما انْخَرَق منه وانْثَقَب فذَهب بالماء. والمِغْوَل - كمنبر: سَوْط في جَوفه سَيْف أو حَديدة يكون السَوْط غِلافًا لها. والغَوْل -بالفتح: جماعة

(غلب)

الطَلْح لا يشاركه شيء، وما انهبط من الأرض ". Qأَخْذٌ بإخفاء في العُمْق أو البَاطِن بِحِدّة واستِبقاء (أي مَنْع من العود): كغَائِلة الحَوْضِ للماء، والمِغْوَل للحديدة أو السيف، وجماعةِ الطلح لما يدخل فيها، ومنهبَط الأرض لما ينزله. ومنه: {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} أي سُكرٌ (يغتال عقل الشارب). والأصل المذكور يؤخذ منه معنى الإهلاك في خِفية: "غاله واغتاله: أهلكه وأخذه من حيث لم يدر، وقتلَهُ غِيلة أي في اغتيال وخِفية. وكل ما اغتال الإنسان فأهلكه من جن أو سبع فهو غُول "-بالضم. ومن مادي الأصل أيضًا قولهم: "ما أبعد غَوْلَ هذه الأرض -بالفتح: أي ما أبعد ذَرْعَها. الغَول -بالفتح: بُعْدُ المفازة. . . وأن يسير فيها فلا تنقطع (عميقة تبلع ما دخلها فلا يكاد يخرج). • (غلب): {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ} [آل عمران: 160] "رجل وبعير أغْلَبُ: غليظُ الرقبة عَظِيمُها، وعُنُقٌ أَغْلبُ، وأَسدٌ أغلب، وغُلُبّ - كقُمُدّ: كذلك. وهَضْبَة غَلْباء: عَظِيمَةٌ مُشْرِفة. واغلَوْلَب النبتُ والعشبُ: بلغ كل مبلغ والْتفتّ، والأرضُ: التفّ عُشْبُها ". Qشدة مع علوٍّ ما وعِظَم جِرْم: كالعنق الأغلب، والهضبة الغلباء، والنبت المُغْلَوْلِب - وكلُّها مُشْرِفَة عظيمة الجرم (شديدة). ومنه: "حديقة غَلْباء: عظيمة متكاثفة ملتفّة: {وَحَدَائِقَ غُلْبًا} [عبس: 30]: جمع غَلْباء.

(غلظ)

ومن عظم الجرم، دل على الكثرة "اغْلَولَبَ القومُ: كثروا ". ومن الشدّة قيل: "غلبه (ضرب - غَلْبًا) وغَلَبًا وغَلَبَةً -بالتحريك، ومَغْلبًا ومَغْلَبة: قَهَره " (قاواه فقوِىَ عليه وعَلاه بقوته): {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 249]، {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} [المؤمنون: 106] من قولهم: غلبني فلان على كذا: إذا أخذه منك وامتلكه [بحر 6/ 389]. {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ} [الكهف: 21] هم الولاة أو طائفة مؤمنة [ينظر بحر 6/ 109] وسائر ما في القرآن من التركيب هو من الغَلَب: القهر. • (غلظ): {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 73] "الغَلْظُ من الأرض -بالفتح: الصُلْب. وأَرْضٌ غليظة: غيرُ سَهْلة. وثَوْبٌ غليظ: ضدُّ الرقيق. وغَلُظَت السُنبلة واستغلظت: خرج فيها الحَبُّ ". Qعِظَم الجِرم وتجسمه مع صلابة، ويلزمه الشدة والقوة، والحدّة (هذه تؤخذ من الصلابة): كغَلْظ الأرض، والثوب الغليظ، والسنبل الذىِ فيه الحب. ومنه: "استغلظ النبات والشجر: صار غليظًا " {فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} [الفتح: 29]. ومن الشدة البالغة مع الحدّة {عَذَابٍ غَلِيظٍ} (حيثما جاءت)، ووصْفُ ملائكة النار بالغلظة [التحريم: 6]، وأمرُه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمؤمنين بها في [التوبة: 73، 123، والتحريم: 9] وصرْفُه عنها في [آل عمران: 159]. ومن الغلظ المقصود به عظم شدَّة الوثاقة: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 21]: مؤكَّدًا مشدَّدًا

(غلف)

فهذا غلظ معنوي لا بالعقد فقط وإنما بالرضا بالاحتياز والمعايشة الدائمين، وبالانكشاف، وأن تكون أرضا لبذرك. ومثله المثياق الغليظ في [النساء: 154، والأحزاب: 7]. • (غلف): {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ} [البقرة: 88] "غلام أَغْلفُ: لم تُقْطَع غُرْلَته. وأرض غَلْفَاء: لم تُرْعَ من قبلُ ففيها كل صغير وكبير من الكَلأ. والغِلاف: ما اشتمل على الشيء كقَمِيص القلب، وغِرْقِى البَيْض، وكِمام الزَهْرة. والغَلْفُ -بالفتح: شجر يدبغ به ". Qتَغطِّي الشيء بغطاء (نافذ منه) يحجبه ويحجب عنه ما حوله: كالأغلف، والأرض الغلفاء الخ. أما الشجر المذكور فإنه يغطَّى به الجلد حين الدبغ. ومن مادي الأصل أيضًا: "الغِلَاف: الصِوَان. وغَلَف القارورة وغيرها (ضرب) وغلفّها - ض، وأغلفها: أدخلها في غلاف وجعل لها غلافًا: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ} ج أغْلَف: مُغَطَّى بغلاف - يعنون عدم قبولهم الدعوة. ومثله ما في [النساء: 155]. وغلّف لحيته بالغالية ". • (غلق): {وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} [يوسف: 23] "الغَلَق -محركة، والمغلاق: الرتاج، وهو ما يُغلَق به الباب. وكذلك الغَلَاق - كسحاب، والمُغْلوق -بالضم. وقد غَلِق ظهر البعير (تعب) وهو أن ترى ظهره أَجْمَعَ جُلبَتَين من آثار دَبَر قدْ بَرَأ فأنَت تَنْظر إلى صَفْحَتَيه تَبْرُقان. والغَلْقة -

(غلم)

بالفتح: شَجَرة لا تُطَاقُ حِدَّة - يَتَوَقَّى جانيها على عينيه من بخارها أو مائها. وهي التي تُمرطَ بها الجُلُود فلا تَتْرك عليها شَعْرة ولا لَحمة إلا حَلَقَتْه ". Qمنع الاقتحام والمخالطة لحدّة ظاهرة: كما تمنع الحِدّة التي تحتوي عليها تلك الشجرة مخالطتها إلا بتَوقٍّ، وكظهر البعير الغَلِق يبدو كجُلْبَتَىْ نُحاس. وأرجح أنهم كانوا يتجنبون ركوب مثل هذا والحملَ عليه حتى لا يعود الدَبَر، وكشد رتاج الباب لمنع الدخول أو الخروج: {وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ}، يقال "غَلِقَ البابُ (تعب) وانغلق، واستغلق: عَسُر فتحه ". ومن هذا: "غَلِقَت النخلة: انقطع حَمْلها (امتنع خروج شيء منها)، ومكان غَلِق - ككتف: ضيق " (كأنه يمنع الدخول إليه). ومن المعنوي "استغلق الرجل: أُرْتجَ عليه فلم يتكلم. وغَلِقَ الرهن في يد المرتهن (تعب): لم يوجد له تخلص فبقى في يده لأنه لم يُفْتَكّ، والأسير والجاني: لم يُفْدَ. وأُغْلِقَ القاتلُ -للمفعول: أُسلِمَ إلى وليّ المقتول يَحْكُم في دمه ما شاء. والمغالق من نعت قِدَاح الميسر: التي لها الفوز، وهي التي توجب الخَطَر للقامر الفائز (كل ذلك لمنع التصرف في الشيء وهو من المخالطة). والغَلَق -محركة: الضَجَرُ وضِيقُ الصدر " (يسبب عدم قبول المعاملة). • (غلم): {قَالَ يَابُشْرَى هَذَا غُلَامٌ} [يوسف: 19] "الغُلام: الطارّ الشارِبِ (طَرّ شاربُه أي طَلَعَ وظهر) والغَيلم والغَيلمي -بالفتح: الشابّ الكثير الشَعر العظيم مَفْرِق الرأس. والغَيلم: السُلَحْفاة وقيل ذكرها، والضِفْدع. واغْتَلَم البحرُ: هاج واضطربت أمواجه ".

معنى الفصل المعجمي (غل)

Qخشونة أو جفاء في ظاهر الشيء يُنْبئ عن تمام قوة باطنه: كالغلام الذي طَر شاربه، وكالسُلَحْفَاة بَدَرَقَتها، وجلد الضفدع الخشن أو صوتها، وهيجان البحر من الماء الهائل في باطنه {قَالَ يَابُشْرَى هَذَا غُلَامٌ} الغلام: الطارُّ الشارب. لكن ذكر في [ل، بحر 2/ 475] أن الولد غلام من ولادته إلى أن يحتلم. ولا شك أن هذا من باب التفاؤل، فأساس تسميته غلامًا هو اغتلامه أي بلوغه حالة الرغبة في الأنثى [ينظر بحر 6/ 141]. وقوله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ} [الطور: 24] هو على مذهب العرب ذاك في الاتساع الذي يكثر في تلقيب الأولاد خاصة - كما أن استعمال الولدان في {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} [الإنسان: 19، وكذا ما في الواقعة: 17] هو من ذلك الاتساع أيضًا لأن أصل الوليد: الولد حين يولد - إلى أسبوع [بحر نفسه] ومثل هذا لا (يطوف). وعليه أرجح أن الغلام في آيتي يوسف والطور مقصود به من في سن العاشرة أو دونها. وكذا الأمر في الوليد (: الغلام) قبل أن يحتلم [تاج ولد] فالمراد بالغلمان والولدان هنا واحد. ومنه: "الغُلْمَة بالضم: شَهْوة الضراب " (من علامات تمام قوة الرجولة). وليس في القرآن من التركيب إلا الغلام ومثناه وجمعه غلمان. ومن القوة الباطنية: الاغتلام: مجاوزة حَدّ الخير، والمغتلمون: البُغَاة الطغاة (من حِدَّة الباطن وظن كمال السيطرة). ° معنى الفصل المعجمي (غل): هو التخلل بحدة مع إحاطة أو تقييد أو ما بمعناهما. كالضم كتخلل الشيء المِصْفاة (وحجز بعضه تقييد) -في (غلل)، وكزيادة جسم الجارية والغلام والنبت (وهذا ضم فيه حدة تتخلل الأثناء) -في (غلو)، وكغَلَيان القِدْر (وهو حرارة تسري في أثنائها) -في (غلى)، وكتسرب ماء الحوض منه

الغين والميم وما يثلثهما

في الأرض وامتداد السيف ونحوه في أثاء جِلْد السوط وكلاهما فيه حدّة لأن الماء كان أنفس ما عندهم -في (غول) وكعِظَم الرقبة مع شدتها وقوتها، وهما من جنس الحدّة -في (غلب)، وكتجسم الأرض كتلا مع الجفاف والصلابة وهما حدة في (غلظ)، وكالتفاف الغلاف حول الشيء وضمه إياه، وبعض ذلك له حدّة كالأغلف -في (غلف)، وكاضطمام المغلق على ما فيه بشدة هي من الحدّة -في (غلق)، وكاكتمال القوى البدنية الذي تظهر علاماته -في (غلم). الغين والميم وما يثلثهما • (غمم - غمغم): {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ} [الأنبياء: 88] "الغَمَامة: السحابة. . (البيضاء)، وكرِسالة: خريطةٌ (= مخلاة) يُجْعَل فيها فَمُ البعيرِ أو الحمار يُمنَع بها الطعامَ، وما تُشدُّ به عَيْنَا الناقة، أو أنفُها إذا ظُئِرَتْ على حُوَارِ غَيرِها. والغَمَمُ (فرح): أن يسيل الشعر (= يمتد نازلًا) حتى يضيق الوجه. جَبْهة وناصية غَمّاء ". Qغشاء عُلوي يحجب ما يغشاه عما يتأتى منه (¬1): كما ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الغين عن تخلخل مع رخاوة ما، والميم عن استواء ظاهر والتئامه على ما دونه، والفصل فهما يعبر عن نحو غشاء ملتحم يحجب ما وراءه ويمنعه كالغمامة. وفي (غمر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن التغطي بمسترسل الجرم أو الحركة من تجمعه وكثرته (التجمع نوع من الالتئام) كالماء الغامر والشعير المغتمر. وفي (غمز) تعبر الزاي عن نفاذ بدقة واكتناز (كالصلابة)، ويعبر التركيب عن دفع بدقة في ظاهر =

تحجب السحابة السماءَ وتمنع ضوءها أو الشمسَ وحرها {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ} [البقرة: 57]، وكما تمنع الغِمامةُ الفمَ من الأكل، والعينَ من الرؤية، والأنفَ من الشم، والشعرُ نصوعَ الجبهة. ومنه: "غُمَّ الهلال -للمفعول: حال دون رؤيته غَيْمٌ. وغَمَمْتُ الشيءَ (رد) غطّيته ". ومنه: "الغُمام - كصداع: الزُّكام (انسداد الأنف ومنع التنفس). والغميم: اللبنُ السُخْن حَتَّى يغلظ " (تتربى فوقه قشرة). ومنه: "الغَمْغَمة والغمغم: الكلام الذي لا يَبِين " (مجرد شريحة صوتية ملتحمة، أو كأن على الفم غمامة). ومن معنويه: "الغم -بالفتح. وغَمّه الأمر فاغتم وانْغَمّ كأنه يُطْبق عليه " (كما يقال: كبس على نَفَسه): {فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ} [آل عمران: 153]: شائعة قتل المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- وآله وسلم بعد إصابتهم يوم أُحُد. {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ} [الأنبياء: 88] (الغم المادي في بطن الحوت والغم المعنوي وهو حجاب المخالفة). والذي في القرآن من التركيب: الغَمام: السحاب، والغَمّ: الكرب نعوذ باللَّه منه، وقد ذكرناهما. و "الغمة "-بالضم: الكرب والضيق والظُلْمة، وهي من الأمور: المبهم والملتبس: {ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً} [يونس: 71]: ولا يكن قصدكم إلى إهلاكي مستورًا عليكم، بل مكشوفًا ومشهورًا تجاهرون به [بحر 5/ 178]. ¬

_ = الشيء إلى الداخل كغَمْز الكبش وغمز المرأة قرونها بالأصابع. وفي (غمض) تعبر الضاد عن ضغط وكثافة، ويعبر التركيب عن غثور في جرم عظيم كالغامض من الأرض.

(غمر)

• (غمر): {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ} [المؤمنون: 54] "ماء غَمْر -بالفتح: كثير مُغْرِق. وطَعَام (= بُرّ، وشعير) مُغْتَمر: بِقشره. وهو غَمْرُ الرداء (يستره). وقد غَمَره الماء واغْتَمَره: غَطّاه وعَلَاه. وحفر في الخندق حتى أغْمَرَ بَطنه أي وارى التراب بطنه. وغَمْرةُ الناس -بالفتح: زَحْمَتُهم وكَثْرتهم ". Qالتغطي بنحو الماء والتراب بالحصول في عمقه: كالماء الغامر، والشعير في قشره وهو خفيف دقيق. . يُغَطِّي. وكذلك الثوب والتراب وأفراد الناس الكثيرون. "وجيش يغتمر كل شيء: يغطيه ". ومن مادي ذلك أيضًا التغطية باللون أو الرائحة "فالغُمرَة -بالضم: طِلاء الوَرْس/ الزعفران/ الكركم، والجص ". وليل غَمْر -بالفتح: شديد الظلمة - والغَمَر -بالتحريك: السَهَك وريح اللحم ". (يُبْعِد عنها من يقترب ويعتزلها كأن على المنبعثة منه غطاء). و "الغامِرُ من الأرض "اختلفوا في تحديده وتعليل تسميه وخلاصته أنه ما لم يُستَغَل بالزراعة فبَقِى كأنه بغطائه. ومن المجاز "غَمَرَه القومُ: عَلَوْه شرَفًا. فَرَسٌ غَمْر -بالفتح: جواد كثير العدْو واسعُ الجَرْي " (كما قيل: بحر). ومنه: "غَمَراتُ الحرب والمَوْتِ: شدائدُهما " (التي تغمر بشدتها الواقع فيها): {إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ} [الأنعام: 93]: (شدائد وسكرات تغمُرُهم واحدة بعد أخرى). "وهو في غَمْرةٍ من لَهْو " (كما يقال غارق في اللهو لا يعي غيرَه فهو غافل عما سواه) {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ} [المؤمنون: 53، 54]، {بَلْ قُلُوبُهُمْ

(غمز)

فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا} [المؤمنون: 63]، {فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ} [الذاريات: 11] (كل ذلك بمعنى الاحتجاب عن حقائق الأمور كأنهم مغطَّوْن). ومن هنا "صبي غَمر -بالضم وبالفتح وكحَسَن وفَطِن ومُعَظَّم: لم يجرب الأمور (غافل). والغِمْر -بالكسر: الحِقد في الصدْر، لأن الصدر ينطوي عليه (المقاييس) ويغطيه ". • (غمز): {وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} [المطففين: 30] "غَمَزْت الكبش والناقة: وضعت يدك على ظهرها (وضغطت) لتنظر أَبِها طِرْقٌ (بالكسر أي شَحْم) أم لا. وفي حديث الغُسل قال لها: اغْمِزِي قُرُونَك: اكْبِسي ضَفَائر شَعْرك عند الغُسْل. وغَمْزُ الطفل: أن تَسْقُط اللهاةُ فتُغْمَزَ باليد أي تُكْبس. والغَمْز -بالفتح: العَصْر والكَبْس باليد ". Qدفعٌ وضغطٌ بنحو الإصبع دقةً في ظاهر الشيء إلى الداخل: كما هو واضح في الاستعمالات المذكورة. وقد عبر ابن فارس عن معنى هذا التركيب بأنه نحو النَخْس. ومنه: "الغَمْز: الإشارة بالعين والحاجب والجفن "؛ لأنه دفع لذلك الجزء الدقيق: {وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ}. ومنه: "الغَمْز في الدابة: الظَلَع من قِبَل الرِجْل "؛ لأنها تَغْمِزُ الأرضَ وجسمَها في المشي. ومن ذلك: "الغَمَز -بالتحريك: رُذَالُ المالِ من الإبل والغنم (كأنه دخيل فيها أو شأنه أن يُدْفَعَ كَراهة). والغَميزُ وبتاء: ضَعْفٌ في العقل. والمغمز: العَيْب والمَطْعن ".

(غمض)

• (غمض): {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} [البقرة: 267] "الغامض: المطمئن المنخفض من الأرض. والغَمْض -بالفتح: أشدُّ الأرض تطامُنًا/ يطمئن حتى لا يُرى ما فيه. والمغامض ج مَغْمَض وهو أشد غئورًا. غَمَضَ المكان (قعد). وخَلْخَال غامض: غاصَ في الساق. وكعب غامض: واراه اللحم ". Qغئور ظاهر الشيء بغلظ وقوة حتى يخفي ويستتر في ما يغور فيه: كالاستعمالات المذكورة. ومنه: "أغْمَضَ عَينَه وغَمَّضها - ض: أغلقها (خفض جفنها - أو سترها). {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} تَسْتَحِطُّوا مِنْ ثَمَنه. . . (تنزيل/ تخفيض من جنس الغئور)، أو تُغْمِضوا عما فيه لرداءته أي تقبلوه على تغافل. ومن الغئور والاستتار: "غَمُض الشيء (قعد وككرم): خَفِىَ. وغَمَض في الأرض: ذهب وغاب ". ° معنى الفصل المعجمي (غم): هو نوع من التغطية والحجب كما يتمثل في غِمامة فم البعير وعين الناقة -في (غمم)، وكما يتمثل في تغطية الماء الغَمْر ما يُغمَر في -في (غمر)، وفي إصابة ظاهر الشيء الذي هو غطاؤه غمزًا بنحو الإصبع -في (غمز)، وكما يستتر الغامض من الأرض ويُغَطِّي ما فيه -في (غمض). الغين والنون وما يثلثهما • (غنن): "رَوْضة وأرض غَنَّاء: الْتَجَّ عُشْبُها واعْتَم/ تَمرُّ الريح فيها غَيْرَ صافية

(غنى)

الصوت من كثافة عشبها والتفافه. وقَرية غنّاء: كثيرة الأهل والبنيان والعشب. وغَنّ الوادي وأَغَنّ: كثُر شَجَره. وأغَنّ السقاءُ: امتلأ ماء ". Qامتلاء الظرف أو المكان أي ازدحامه بلطيف يظهر وجوده (¬1): كالروضة والقرية والوادي والقِربة بما فيهن. • (غنى): {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ} [الأنعام: 133] "الغَنِيّ والغَانِي: ذُو الوفر. والغِنَى: ضدُّ الفقر. وغَنِى (كرضى): صار له مال. وقد غَنِى واسْتغنى واغْتنَى. . . والمَغَاني: المنازل التي يَعمُرُها الناس. وقد غَنِىَ القومُ بالدار: أقاموا/ طال مُقَامهم فيها ". Qوجود الكفاية مما يعمرُ الحيّز بطيبه ويقيم أمره. كالمال في الحوزة - وهو مطلوب يلطف الحياة، وكالناس ووجودهم عُمْران وأُنْس - في المنازل. فمن الإقامة في الحوزة: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} [الأعراف: 92]: كأن لم يقيموا (أي بادوا كأنهم لم يكونوا فيها أبدًا)، {فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الغين عن تخلخل مع رخاوة ما، والنون عن امتداد لطيف في باطن، والفصل منهما يعبر عن امتلاء ظرف أو مكان (باطن أو تجوف) بأشياء كثيرة لطيفة كالروضة العَنّاء بالعشب والقِربة بالماء. وفي (غنى) تعبر الياء عن اتصال وامتداد، ويعبر التركيب عن امتداد وجود الشيء اللطيف بوفرة في الحوزة كما في الغِنَى: الوفر/ ضد الفقر؛ وكما في المغاني. وفي (غنم) تعبر الميم عن التئام ظاهر واستوائه ضامًا ما دونه، ويعبر التركيب عن ضم لطيف في الحوزة اسْتحداثًا - كالغُنْم -بالضم: الفوز بالشيء.

بِالْأَمْسِ} [يونس: 24]: أي لم تكن عامرة [قر 7/ 252، 8/ 328] وبهذا المعنى ما في [هود 68، 195] ومن الغنى بالمال {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النساء: 6]، {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 32]. ومن معنى الغنى المالي هذا (أ) (أغنى) غير المتبوعة بـ (عن) إلا ما في [القمر: 5، عبس: 5، 37] فإنهن من الكفاية أي عدم الاحتياج. وقد جعل أكثر المفسرين (استغنى) في [عبس: 5] من غنى المال. وهو تفسير ينقصه التدبر والتأمل في حياة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي لم يكن في قلبه آية قيمة للمال إلا ما كان منه في سبيل اللَّه. وإنما (استغنى) هنا معناها اكتفى بحاله واستغنى عن دعوتك معرضًا عن دعوة الحق. وكلمة (تصدى) تكاد تقطع بأن هذا هو المراد، إذ المستغرب التصدي لمن أعرض. (ب) {اسْتَغْنَى} [العلق: 7] [ينظر بحر 8/ 421، 419، 478 على التوالي] وللتوثق ينظر [بحر 3/ 381، 8/ 274]. (ج) صفة (غَنِيّ) إذا وُصِف بها غير اللَّه سبحانه. وقد جاءت التي بمعنى الغنى المالي للبشر كلها منصوبة عدا [ما في النساء: 131] فهي للَّه عز وجل، أو مجموعة (أغنياء). أما ما كان صفة للَّه عز وجل فهو المالك لكل شيء، والغنى عن كل شيء، أي أنها بمعنى يشمل ما يرزق به خلقه في الدنيا والآخرة، في يشمل الاستغناء والكفاية بكيفية لا يعلمها إلا هو سبحانه [ينظر مثلًا بحر 2/ 321]. ومن الكفاية والإجزاء (استغناءً وعدمَ احتياج) {فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 25]: لم تكفكم أمر عدوكم، {مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ} [الأعراف: 48]،

(غنم)

{لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [آل عمران: 10] في [طب 6/ 22، وقر 4/ 21]: لن تدفع عنهم العذاب ولن تنجيهم منه "اهـ والغَناء - كسحاب: النفعُ، الاسم من أَغْنَى بمعنى أجزأ وكَفَى. وفي الكفاية والإجزاء لُطفُ الراحة من العَناء وحَمْل الأمر. وبهذا المعنى الأخير جاء كل ما استثنيناه من قبل ومعه ما في [إبراهيم: 21، غافر: 47]. وأما الغِناء: الصوت المعروف. فهو من الأصل على أنه صوت رخيم (أي طيب مناسب) يعمرُ به حيِّز يظهر بالإرادة، وهو الحنجرة. ويبرز مناسبته في حيّزه أن من الأصوات ما هو منكر. • (غنم): {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} [الفتح: 20] "الغَنَم: الشاء - لا واحد له. والغُنْم -بالضم: الفَوزُ بالشيء من غير مشقة. وغَنِمَ الشيءَ: فاز به، وقد غَنِمَ القوم " (شرب). Qضَمُّ لطيف في الحوزة استحداثًا: كالفوز بالشيء كما وصف اللَّه تعالى: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ} [الفتح: 20]، {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41]. ولعل الغَنَم سميت كذلك لأنها كانت أسرع ماشيتهم إنتاجًا وأوسعها توالدًا مع يسر المئونة: {قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} [طه: 18]. وليس في القرآن من التركيب إلا الغُنْم (الفعل الماضي منه)، والمغانم (جمع مَغْنم)، والغَنَم الضأن وسياقاتها واضحة.

معنى الفصل المعجمي (غن)

° معنى الفصل المعجمي (غن): هو وجود لطيف في الحوزة: كما في الروضة الغنّاء سواء من الشجر والعشب، ومن النسيم العليل والمختلط بصوت حفيف الريح في الشجر -في (غنن)، وكوفرة المحتاج إليه من مال ومتاع، وما تتميز به حنجرة المغني من صوت رخيم -في (غنى)، وكالغُنْم والغَنَم في الحوزة مع ما ذكرنا من سعة جدواها مع يسر مئونتها -في (غنم). * * *

باب الفاء

باب الفاء التراكيب الفائية • (أفف): {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: 23] "الأُفّ -بالضم: وَسَخ الأُذن. والوَسَخ الذي حول الظفر ". Q(إفراز) شيء مكروه قليلًا قليلًا ونَفْيه أي إبعاده وعدم قبوله: كوَسَخ الأذن وكشأن وَسَخ الظفر. ومنه قول (أُفّ) تضجرًا (ضيقًا وكراهة واستثقالًا لشيء ما ورغبة في إبعاده): {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} حقيقة فيكون نهيًا عنها وينسحب على ما هو أشد منها باللازم، أو رمزًا لتجنب أدنى الإيذاء وكبيره. {أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الأنبياء: 67] [في قر 11/ 302]: النتْن لكم "اهـ. ومن وقوع الإفراز قليلًا قليلًا قيل: "الأف -بالضم، والأَفَف -محركة: القِلّة. والأُفَّة -بالضم: المُعْدِمُ المُقِلّ ". وإفراز الشيء نفاذ له إلى الوجود، ومنه قالوا: "كان على إِفّ ذلك وإِفَّانه -بالكسر: أي حينه وأوانه (حين خروجه ونفاذه من غيب أي ظهوره ووجوده) ويقال: "جاء على تَئِفّة ذلك ". وهذه الصيغة الأخيرة تؤكد أصالة استعمال التركيب لهذا المعنى ". ومن القلة استُعْمل في لازمها، وهو الخفة: "واليأفوف: الأحمق الخفيف الرأي، والخفيف السريع " (يدفع بخفة لقلته).

(وفى)

• (وفى): {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [فاطر: 30] "الوَفْى -بالفتح، والوَفَى -بالقصر: الشَرَف من الأرض. والمِيفَاء: بيت يُطْبخ فيه الآجُرّ، وإرَةٌ (: موضع للنار) تُوَسَّع للخبز، وطَبَقُ التَنُّور [ق]. وقد وَفَى الشَعَرُ وكذا ربش الجناح: زَاد. وفي الحديث "كلما قُرِضَتْ (شفاههم) وَفَتْ "أي نَمَتْ وَطَالَت. ووَفَى الكيلُ: تَمَّ/ لم يَنْقص ". Qنمو أو زيادة يبلغ بها الشيء -أو يتأكد- تمام قوامه: كنتوء الشرف من الأرض (زيادة امتلاء)، وطبخُ الآجُرّ إنضاج يجعله صُلبا لا يذوب؛ فيكون البناء به قويا متينا وطبخ الخبز يصلحه للأكل ويبقيه أمدا. والميفاء آلته. ونمو الريش والشعر والشفاه زيادة للتمام، ووفاء الكيل امتلاء للتمام {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ} [الإسراء: 35]، {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} [المطففين: 2]. والتمام المادي إلى حدّ الزيادة واضح في الاستعمالين، وهو متحقق بالصور المناسبة في غيرهما: (أ) كل (وفّى) ومضارعها للفاعل والمفعول، والصفة (مُوَفّوهم)، (الأوفى). {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} [النجم: 37] لم يذكر متعلق التوفية ليتناول كل ما يصلح أن يكون متعلقًا كتبليغ الرسالة والصبر على ذبح ولده. . [ينظر بحر 8/ 164] أي أن الوفاء هنا هو أداء ما يقتضيه حاله مع اللَّه تمامًا. {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا} [هود: 15]، أي أن اللَّه يجازيه على حسن أعماله/ يطعمه في الدنيا بحسناته [بحر 5/ 210]. {فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ} [النور: 39] أي حساب عمله أي جازاه عليه [نفسه 6/ 423].

(فأو - فأي)

(ب) كل (أوفى) ماضيها ومضارعها، وطلبها، واسم الفاعل (المُوفون) والتفضيل (أوفى) وهنّ للكيل، وبالباء للعهد والنذر وما إليهما: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: 40] المعنى طلب الإيفاء بما التزموه للَّه تعالى، وترتيب إنجاز ما وعدهم به (سماه) عهدًا على سبيل المقابلة، أو إبرازًا لما تفضل به تعالى في صورة المشروط الملتزَم به، فتتوافر الدواعي على الإيفاء بعهد اللَّه [بحر 1/ 330]. (ج) (تَوفى) ماضيا ومضارعا للفاعل والمفعول وطلبا واسم فاعل: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ} [النساء: 97] (أصلها تتوفاهم) التوفي: استيفاء الأرواح أي استعادة اللَّه تعالى إياها [ينظر بحر 3/ 348]. {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55] هي وفاة يوم رَفَعه اللَّه في منامه، أو وفاة موت دائم، أو مؤقت، أو في آخر عمره المعتاد، أو في آخر أمره بعد نزوله وقتله الدجال [ينظر بحر 2/ 497]. {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42]. و"الموافاة: أن توافي إنسانًا في موعد أو مكان "- فهذا اجتماع به أي تجمع فهو من الزيادة أو بلوغ المكان. وقولهم "أوفى على الشيء: أشرف عليه "هو من النمو أي التقدم نحو التمام، أو من الصعود على وَفّى أي شرف كما قال: {أنادي إذا أُوفِى من الأرض مَرْبأ} أي إذا أُشرِفُ وأَصْعَد على مَرْبأ. • (فأو - فأي): {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} [الأنفال: 45] "الفَأْو: ما بين الجبلين، والوطئ بين الحَرَّتين، والصَدْعُ في الجبل ".

(فيأ)

Qفَجْوةٌ أو شَقٌّ وفَراغ في شيء غليظ صُلْب يَفْصِله شطرين أو كتلتين: كالصدع في الجبل وتلك الفُرَج. ومنه "فَأَوْتُ رأسه: فَلَقْته بالسيف، وكذلك فأيته، وفأيت القَدَح: صَدَعته. وانفأى القَدَح: انشق ". ومنه "الفئة: الفرقة والجماعة من ناس أو من جيش (فِلْقة أو شِقٌّ منهم): {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 249]. ولم تأت في القرآن إلا كلمة (فئة) بهذا المعنى، ومثناها. • (فيأ): {يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ} [النحل: 48] "فَيَّأَت المرأةُ شَعْرها - ض: حَرَّكَت رأسها من قِبَل الخُيَلَاء. والريح تُفيِّئ الخامة من الزرع وتفيِّئ الشجر والزرع: تُحرّكه وتُميله يمينًا وشمالًا ". Qتردد الشيء الممتد أو مَيله من جهة إلى جهة بخفة: كما تُفَيِّئُ المرأة شعرها، والريحُ الشجرَ والزرعَ. ومنه "الفَيْأة: طائر يشبه العقاب، فإذا خاف البرد انحدر إلى اليمن " (فهو يزدد بين اليَمَن وغيرها). ولعله لهذا سميت "قطعة الطير فَيأ "لرجوعه إلى مواطنه كالطيور المهاجرة. ومنه "الفَيْء -بالفتح: ظِلّ ما بعد الزوال " (عاد وامتد إلى الشرق بعد أن كان ممتدًّا إلى الغرب في فترة ما قبل الظهر) - وتفيّأت الظلال: تقلبت: {يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ}. ومن الفيء: الرجوع المعنوي: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا. . .} [الحجرات: 9]، {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] أي رجعوا إلى معاشرة نسائهم.

الفاء والتاء وما يثلثهما

أما "الفيء: ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد "فهو من الأصل؛ لأنه مال اللَّه أوقعه في أيديهم، فلما تمردوا عليه سبحانه أعاده سبحانه إلى مواليه المسلمين: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} [الحشر: 7] وهو قريب من معنى الدُولة -بالضم. واستعمال "أفاء "كأنه إشارة إلى أن الأحقية الأصلية في مال اللَّه لمن يعبد اللَّه. الفاء والتاء وما يثلثهما • (فتت - فتفت): "الفَتِيت والفَتُوت: الشيءُ المَفْتُوت، وقد غلب على ما فُتَّ من الخبز. وفُتَاتُ الشيء: ما تكسر منه. والفُتَّة -بالضم: بَعْرَة أو رَوْثَة مفتوتة توضع تحت الزَنْدة (لتلتقط الشرارة إذا نَدَرَتْ من الزَنْدة). وقد فَتَّ الشيءَ: دَقّه/ كَسَره بأصابعه. وفي المثل: كَفَّا مُطَلَّقَةٍ تَفُتّ اليرمع "-وهو حجارة بيض تُفَتّ باليد ". Qتكسير الشيء الهش الجاف أو تفريقه أجزاءً دقيقة بضغط أو نحوه (¬1): كتفتيت الخبز والبعر واليرمع. ومنه: "فُتَات العهن ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الفاء عن إبعاد ونفي أو طرد، والتاء عن ضغط بدقة، والفصل منهما يعبر عن تكسير أو تقطيع لما هو هش دقيق التماسك بضغطه كما في تفتيت الخبز. وفي (فتو - فتى) تعبر الواو عن اشتمال، والياء عن اتصال، ويعبر التركيب عن مفارقة الحيّ طور طفولته إلى طور شبابه بقوة نموه أي هو مشتمل على قوة النمو المتصل كالفتي الشاب. وفي (فتأ) ضغطة الهمزة تجعل التركيب يعبر عن نوع من الانقطاع - كانطفاء النار. وفي (فوت) يعبر التركيب الموسوط بالواو عن اشتمال على انفصال أي تباعد وعدم لحاق =

(فتو/ فتى)

والصوف: ما تساقط منه "ومنه: "فَتْفَت إبلَه: ردها عن الماء ولم يُقْصَع صُوَارُها (أي عطشُها) "فهذا تفريق مع جفاف. ومن معنويه: "فت في عضده: أضعفه وأوهنه " (العضد يُتَقَوَّى بها لغلظها وشدتها فترهلها ضعف). وهذا مثل. • (فتو/ فتى): {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} [يوسف: 41] "الفَتَى: الشابُّ. والأَفْتاء من الدوابّ: خلاف المَسَانّ. ويقال للجارية الحَدَثة: فَتاة، وللغلام فَتَى. وهو بيّن الفَتَاء: طَرِيّ السّنّ ". Qمفارقة الحي طور طفولته أو حداثته بالغا طور شبابه: كما في الفتيان والأفتاء: {سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ} [الأنبياء: 60]، {تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ ¬

_ = كالفوت بين كل إصبعين. وفي (فتح) تعبر الحاء عن احتكاك بعرض مع جفاف، ويعبر التركيب عن فرجة في الشيء قوية نافذة يبرز منها ما في الجوف أو ينفذ كالفتحة: الفُرجة في الشيء، وكالفَتْح: الماء الجاري. وفي (فتر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن انبساط الانفصال والارتخاء لذهاب الحدة كما في الفِتْر -بالكسر وفتور العين. وفي (فتق) تعبر القاف عن تعقد في الجوف، ويعبر التركيب عن شق واصل إلى عقدة العمق كما في فتق الثوب والغيم. وفي (فتل) تعبر اللام امتداد واستقلال، ويعبر التركيب عن التواء الشيء على نفسه متميزًا عن غيره أو مبتعدًا عنه كفتْل الحبْل وفَتَل ذراعي الناقة. وفي (فتن) تعبر النون عن امتداد في العمق بلطف، ويعبر التركيب عن امتداد التفتت أو الذوبان الذي في (فتت) إلى ما في الجوف كما في فتن الذهب والفضة: إذابتهما، وكما في فتن الرغيف.

(فتأ)

نَفْسِهِ}، {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} [يوسف: 30، 36]. أما "الفتى: السخي الكريم وهو بين الفتوة "فهو من الفتى: الشاب؛ لتميز الشباب بطراءة الشباب وحماسه ونقاء فطرته قبل جَساوة الحياة والتجارب. وكذلك: "الفتى والفتاة: العبد والأمة "فأصل ذلك من استخدام صغار السن لخفتهم وقوتهم فاستعمل لهؤلاء تلطفًا: {وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ} [يوسف: 62]، {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25]، {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} [النور: 33] (وتأمل الآيات التي أوردناها يبين أن الفتاة هي من بلغت وصلحت، والفتى: الشابُّ الصالح للخدمة والمعاشرة المؤاخذُ على تصرفاته). أما قولهم: "أَفْتاه في الأمر: أبانَه له. والفُتْيا: تبيين المشكل "فهو من المفارقة والتمييز وفَضّ التباس الأمر وتشابكه: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} [النساء: 127] {أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ} [يوسف: 46]. وكل ما في القرآن من التركيب هو (الفتى) ومثناه وجمعه، وفعلا الفتيا (أفتى) (يستفتي). وسياقاتها واضحة. • (فتأ): {قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: 85] "فتأَه عن الأمر: سكّنه، والنارَ: أطفأها. فَتِئْتُ عن الأمر أفتأ: إذا نسيته وانقدعت ". Qالانقطاع عن الشيء نسيانًا أو ارعواء أو نحو ذلك. كما في الاستعمالات المذكورة ومنه قولهم: "ما فَتِئْتُ: أي ما برحت ومازلت. لا

(فوت)

يستعمل إلا في النفي "أي أن (ما) نافية، والمعنى ما انقطعت عن الشيء أو عن الأمر. وحصيلة نفي الانقطاع عن الأمر إثبات الاستمرار فيه كما هو شأن هذه المجموعة: ما فتئ/ ما زال/ ما برح/ ما انفك "ولا يتكلم به إلا مع الجحد، فإن استعمل بغير (ما) فهي مَنْوية "-كالتي في آية التركيب اهـ. فمعنى الآية: ما تفتأ تذكر يوسف أي أنت لا تنقطع عن ذلك ولا تتوقف. • (فوت): {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} [الملك: 3] "الفَوْتُ -بالفتح: الخَلَل والفُرْجَة بين الأصابع ". Qانفصال أو تباعد بين ما هو ملتحم الأصل: كالإِصْبع من أختها. ومنه: "فاته كذا: سبقه (تقدم عنه فصارت بينهما مسافة)، وفاته الأمر فوتًا وكسحاب: ذهب عنه ": {إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ} [سبأ: 51]. أي لا إفلات. {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 11]. أي ذَهَبت أو رجعت إليهم. وتفاوت الشيئان: تباعد ما بينهما " (مكانا أو قيمة أو اتساقًا): {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} [الملك: 3]. (ويفسّر التفاوت أيضًا بـ الاختلاف، العيب. فالعيب فراغ في نسيج الشيء، والاختلاف تباعد معنوي). وليس في القرآن من التركيب إلا الفَوْت والتفاوت. • (فتح): {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] "الفُتْحة -بالضم: الفُرْجة في الشيء. وناقة فَتُوح: واسعة الأحاليل. وقارورة فُتُح -بضمتين: واسعةُ الرأس بلا صِمام ولا غِلاف. وباب فُتُح: واسعٌ

مُفَتَّح. والفَتْح -بالفتح: الماءُ يَجْرِي من عَيْن (= نبع) أو غيرها. وكل ما انكشف عن شيء انْفَتح عنه. وفُتِحَ البابُ، وتفتحت الأَكِمّة عن النَوْر ". Qفُرْجة فصل في محيط الشيء نافذة إلى جوفه تتيح النفاذ لذلك الجوف بقوة واتساع -كما هو واضح في الاستعمالات: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [الزمر: 73]. وفي ما عدا فتح الأبواب، ومنه {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ} [النور: 61] جمع مِفْتح وهو المفتاح، وكذلك ما عدا فتح المتاع: حلَّ عقد ما يضمه {فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ} [يوسف: 65]-هناك فتح إطلاق ما هو محتبس ماديًّا أو غيبًّا: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} [الأنبياء: 96]، {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} [فاطر: 2]: يرسل. {لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ} [الأعراف: 96]: أبواب الخير والرزق من كل وجه [ينظر بحر 4/ 350]. {أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ} [البقرة: 76] أي من العلم بصفة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو بما حُكِم به على أسلافكم، أو بما في التوراة [ينظر بحر 1/ 440]. {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} [الأنعام: 59] أي عِلمُ اللَّه بجميع الأمور الغيبية، واستعار للقدرة عليها المفاتح (وهي جمع مِفتح -بالكسر، وهو المفتاح) لما كانت سببًا للوصول إلى الشيء [ينظر بحر 4/ 148]. وفاتحة الشيء: أوله (أول نفاذه وبروزه) والمَفْتَح: الكنز وجمعه مفاتح {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} [القصص: 76]. ومنه "الفَتْح: الحُكْم "، لأنه فصل في القضية وتمييزٌ بين ما التبس واشتبك فيها. و "أهل عمان يسمون القاضي: الفَتَّاح ". ومن أسمائه تعالى الفتّاح: {وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} [سبأ: 26] (: الحاكم، وفاتح المغلقات، ومرسل الرَحَمات) ومن

الفتح الحكم ما في [الشعراء: 118، سبأ: 26، الحديد: 10، ومنه الفصل يوم القيامة المشار إليه بـ {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ} في [السجدة: 28، وكذا في 29 منها بعد ذكره في 25 منها]. وقوله تعالى: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ} [الأعراف: 89] (هذا دعاء من الأنبياء أن يحكم اللَّه بينهم وبين المكذبين. فهو دعاء على المكذبين أن ينزل اللَّه بهم نقمته. ولكن كثيرًا من المتصدرين في زماننا يقتبسون هذه الآية في افتتاح مشروع أو نحو ذلك) تيمنًا بمعناها حسب ما يظنون وكأنها بشرى بالفتح والنصر. {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] كان صلح الحديبية فتحًا بكل المعاني: من اعتراف الكفار بمنادّة المسلمين لهم. . بعد أن كانوا يعدّونهم صُباة، إلى فتح سبيل الإيمان والانضواء تحت لواء الإسلام لمكة وأهلها وسائر الراغبين في الإسلام الذين كانوا ينظرون إلى قول وأهل مكة وينتظرون مآل الأمور، إلى الفتح بإرسال رحمة اللَّه بما أفاض من أَمْن انتشر فيه الإسلام ومن غنائم تلت موقف الحديبية، إلى فصل الأمور وتبين أن الإسلام بالغٌ غايته عن قريب، فقد كانت مكلة بموقفها قبل الفتح عقدةَ العقد لأنها بلد اللَّه الحرام ولتمرد أهلها مع ذلك على ذلك الداعي إلى اللَّه عز وجل. وبالحديبية تبين أن تعظيم ذلك الداعي -صلى اللَّه عليه وسلم- للبيت الحرام والبلد الحرام أقوى فهو الصادق، وباتت هذه البلدة المغلقة موشكة أن تلقى مقاليدها بين يدي دعوة اللَّه وحاملها -صلى اللَّه عليه وسلم- وآله وسلم [وانظر قر 16/ 260 وفي بحر 8/ 90 زيادات ذات بال]. {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 89] أي يستحكمون أو يستعلمون أو يستنصرون [بحر 1/ 471] أي به عليهم يقولون إذا دهاهم العدو: اللهم انصرنا عليهم (أو احكم بيننا وبينهم) بالنبي (الذي أعلمتنا صفته وأنه) المبعوث في آخر الزمان. والاستفتاح بمعنى الاستحكام أو الاستنصار في {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ

(فتر)

كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} [إبراهيم: 15] أيضًا. وإنما الخلاف في مرجى الضمير أهو الأنبياء أم الكفار [ينظر بحر 5/ 401]. وكذلك الأمر في {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} [الأنفال: 19] والخلاف في المخاطبين فإن كان الكفار كان (جاءكم الفتح) للتهكم بهم [ينظر نفسه 4/ 473]. والخلاصة في سائر ما بقي من التركيب أن الفتح هو الحكم، أو النصر إما أخذا من الحكم أنه للمؤمنين بنصرهم دائمًا، وإما مجازًا من أن المدن كان لها قديمًا أسوار وكان التغلب يتم بالاستيلاء على أبوابها وفتحها ليدخل المنتصرون. • (فتر): {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 20] "الفِتْر -بالكسر: ما بين طرف الإبهام وطرف السبابة إذا فتحتهما. والفُترة -بالضم: كالسفرة من خوص يُنْخَل عليه الدقيق. وطَرْف فاتر: ضعفت جفونه فانكسرت ". Qارتخاء الشيء لذهاب شدته فينبسط: كالفِتر بين الإبهام والسبابة وارتخاؤه إمكانية فتحه بأوسع كثيرا مما بين سواهما، وكفُتْرة الخوص منبسطة لتلقي الدقيق لكنها غير ملساء فليست محكمة في هذا، وكالطرْف الفاتر المرتخي الجفون. ومنه: "فَتَر جسمُه: لانت مفاصله وضَعُف " (ارتخي)، وكذا: "فتر الحر والشيء: سكن بعد حدّة ولان بعد شدة: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 20]: لا يضعفون ولا يَنُون أو يَرْتَخون. {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ} [الزخرف: 74 - 75] أي دائم فلا فترات أو لا تُخَفَّف حدّتُه عنهم.

(فتق)

ومنه: "الفَتْرة: ما بين كل رسولين من رسل اللَّه عز وجل من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة " (مدة منبسطة من الزمان خالية من حدّة المطالبة والتكليف والمسئولية وما يصحب الدعوة): {قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ} [المائدة: 19]. • (فتق): {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} [الأنبياء: 30] "الفَتْق -بالفتح: الخَلّة بين الغَيْم. ونصل فَتِيق: حَديدُ الشفرتين جُعِل له شعبتان كأن إحداهما فُتِقَت عن الأخرى. وامرأة فَتْقاء: صار مسلكاها واحدًا ". "فَتَقَه (نصر وضرب): شَقَّه. ويقال: أسأْت الخياطَة فافْتُقْها " Qفتح وشق واصل إلى العمق الملتحم: كما في الغيم والنصل والمرأة المذكورات. {أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا}. كلام علماء الفلك المحدثين أنهما كانتا معا في صورة تجمع غازي ساخن كثيف متماسك ثم حدث انفجار شديد منذ ملايين السنين باعد بين مكونات ذلك التجمع. [الإسلام يتحدى وحيد خان - ظفرخان/ الرسالة - ص 145] وهذا يؤيد ما قاله كثير من المفسرين القدماء [ينظر بحر 6/ 287]. ومنه: "تفتقت خواصر المال (: الماشية) من البقل: اتسعت، وكذا فتقت " (فرح) (الخاصرتان: الجنبان، وهما غائرتان كالملتقيتين من الداخل، فإذا امتلأت بطن الماشية انْتَبَرَتا حتى ساوتا ظاهرَ الضلوع أو أكثر فتباعدتا، وهذا معنى اتساعهما). ومنه "الفَتَق -محركة: الصبح ". . (يشق ضوءه الظلام - كما سمي فَلَقا وفَجْرا). ومن مجازه: "فَتَق الكلام: بعجه (شرحه)، ولسان فتيق (يشرح ويعبِّر عن

(فتل)

الغامض موضحًا). وفتق المِسْك بغيره: استخرج رائحته بشيء يدخله عليه " (فتح أثناءه عن الرائحة فخرجت). و "الفَتْق -بالفتح: انشقاق العصا وتصدُّع الكلمة ". • (فتل): {بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: 49] "فَتَلَ الحَبْلَ: لَوَاه. والفَتِيلَة: الذُبالةُ، والفَتَل من وَرَق النبات -محركة: ما كان كهُدْب الطَرْفاء والأَثْل والأرْطَى. والفَتْلة -بالفتح: وعاء حَبّ السَلَم والسمُر خاصة، وهو الذي يشبه قُرون الفول وذلك أول ما يَطْلُع. والفَتِيل: السحاةُ في شَق النواة ". Qالتواء الشيء (على ذاته أو على ما فيه) ممتدًّا متميزًا عن غيره: كالحَبْل والذبالة والورق المذكور، وكقرون السَلَم على حَبّها. وكالفتيل الذي في شق النواة وهو ملتفٌّ على ذاته (أي متميز عن غيره) في الشق: {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: 49، والإسراء: 71 ومثله ما في 77] أي قدرَ فتيل كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}. ومنه "ناقة فَتْلاء -بالفتح: في ذراعيها فَتَل -بالتحريك، وهو تباعدهما عن الجنبين ". (ملفوتتان عن الجنبين). ومن معنويه: "فَتَله عن الأمر: صرفه " (لفّه ولواه بعيدًا عنه). • (فتن): {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا} [الممتحنة: 5] "فتنت الفضة والذهَبَ: أَذَبْتها بالنار (للتصفية أو للصوغ) ويسمى الصائغُ الفَتَّان. وفتَنْت الرغيف في النار: أحرقته. ووَرِقٌ فتين أي فِضَّةُ محرَقة. ودينار

مفتون. وكل ما غَيَّرتْه النار عن حاله فهو مفتون. والفَتِين من الأرض: الحَرّة -بالفتح: التي قد أُلْبِسَتْها كلّها حجارةٌ سود كأنها مُحْرَقة ". Qإذابة مادة باطن الشيء وتحويلها بإدخالها نارًا حامية: كإذابة الذهب والفضة، والأرضُ الفَتين كأنها مُحْرَقة. فمن الإحراق بالنار: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ. . .} [البروج: 10] رأي [قر 19/ 295] أنها في أصحاب الأخدود. ومن صريح الإحراق: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13] أي يُحْرَقون كإحراق الذهب. وقال ابن عباس: يُعَذّبون. ومنه قوله: {ببطن مكة مقهور ومفتون} {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} [الذاريات: 14]: أي ذوقوا عذابكم [قر 17/ 34 - 35]. ومن التحويل سَمَّوْا "اللص: فَتَّانا (يحوّل المال إلى نفسه أو يُفْنيه) والنجَّارَ فَيْتَنًا -بالفتح- (لأنه يَشُقّ كُتَل الخَشَبَ وَيَنْحتها ثم يركّبها في صورة جديدة). ومن الذَوَبان والتَحَوّل المعنويين: الافتتان بالنساء والمال والأولاد برقّة القلب نحوها حتى يرتكب المحظور في سبيلها: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15]. ويتأتى منه تحلل نَحْو العقيدة التي في الباطن والتَّحَلْحُل عن الموقف القَلْبيّ العقدي بالتعذيب أو غيره: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 191] (أي تحويل المسلم إلى الكفر) [ينظر معاني القرآن للنحاس 1/ 43]، {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} (أي حتى لا تكون لهم قدرة على تحويل المسلم عن دينه، أو حتى يتوقفوا عن ذلك، وليس المعنى حتى لا يكون كفر أو شرك ثم نسخت كما في بعض التفاسير، فهذه الآية لا يتأتى أبدًا أن يُدّعي نسخها). {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 162، 163] عليه أي على عبادة معبودكم، بفاتنين: بحاملين بالفتنة على عبادته

إلا مَنْ قَدَّر اللَّه في سابق علمه أنه من أهل النار [بحر 7/ 362]، وكأن "على "بمعنى "إلى ". وهذا الذي سبق أشيع الاستعمالات المعنوية. كما استعمل في تمحيص حقيقة ما في القلوب بتعريضها للشدائد كما يُصْهَر الذهب أو الفضة فيمتاز خَبَثُهما عن جوهرهما الخالص (أي أن هذا استعمال في جزء المعنى): {أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ} [التوبة: 126]: يختبرون بالقحط والشدة أو بالأمراض والأوجاع [قر 8/ 299]، {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 2 - 3]، {وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه: 40] خلّصْناك أو بَلَوناك [قر 11/ 198]. ومن ذوبان الباطن (اللب): {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} [القلم: 5 - 6] فهي بمعنى المجنون ردًّا على قولهم إنه -صلى اللَّه عليه وسلم- مجنون. وقد عد بعضهم اللفظ مصدرًا بمعنى الفُتُون أي الجنون. والخلاصة أنه يمكن القول بأن ما ليس بمعنى الإحراق أو الإذابة المادية مما استعمله القرآن من التركيب يدور معناه بين الابتلاء إيقاعا أو تعريضًا للبلاء المحوِّل عن حال أو موقف وبين التحول نفسه. وهذه وقفات جزئية: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا} [الأنعام: 53] أقول إن فتنتهم التي ردّتهم (حوّلتهم) عن قبول الإيمان هي هذه الفكرة التي ذُيلت بها الآية. [ينظر بحر 4/ 124]. {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] أي ينقَضُّوا عليكم حال استغراقكم في الصلاة ويقلبوا حالكم من متأهبين إلى مأخوذين. [وينظر السابق

3/ 352 - 354]. {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} [النمل: 47]: يقلبكم الشيطان كما يشاء بما يوهمكم ويموّه عليكم به من وساوس وأنتم تتذرعون بها لتُعْرِضوا [ينظر نفسه 7/ 79]. {فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ} [الحديد: 14]: حولتموها عن صحبتنا بنفاقكم. وفي [بحر 8/ 221] عرضتم أنفسكم للفتنة بنفاقكم وفي [أبو السعود 8/ 208]: مَحَنتموها بالنفاق وأهلكتموها "لكن السياق يؤيد ما قدمته. {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23] المناسب للسياق ولمعنى التركيب: جوابهم. أي عن سؤال الآية السابقة {أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ} والجواب ردّ وإدارة (دوران) كما يُسمَّى تحاورا من الحَوْر: الرجوع. وأصل هذا في [بحر 4/ 99] وما عداه بعيد عن معنى كلمة فتنة. {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ} [ص: 34] ما ذكر في [بحر 7/ 381] يجمع أكثر ما قيل، وقد قَبِل هو بعضًا: أنه ألمّ بنسائه جازمًا أن تأتي كلٌّ بفارس يجاهد في سبيل اللَّه دون أن يستثنى، وكُنَّ سبعين، فجاءت واحدة بشق ولد أُلْقِىَ جَسَدًا على كرسيه فعرف ذنبه. وعدد النساء في الروايات متفاوت 40، 60، 70، 90، 99، 100. فلو فهم أن العدد للتعبير عن الكثرة وإنما كن أربعًا أو نحو ذلك قرب الأمر. فإنني أنزه النبي سيدنا سليمان وكل نبيّ) عن أن تنسب إليه مواقعة هذا العدد من النساء في ليلة واحدة، وكذلك أستنكر رواية ضياع خاتم سليمان. وقد استنكرها ابن كثير وأبو حيان والآلوسي وابن عطية. وفي [الآلوسي في روح المعاني 23/ 198] عن الإمامية رواية مسندة إلى سيدنا الحسين ذكرها الفخر والبيضاوي وأبو السعود -دون إسناد- أنه وْلِدَ له ولد فقالت الجن والشياطين إن عاش له ولد لنلقين منه من البلاء ما لقينا من أبيه، فأشفق عليه منهم فجعله وظئره

معنى الفصل المعجمي (فت)

(مرضعته) في السحاب من حيث لا يعلمون، فلم يشعر إلا وقد أُلْقِى على كرسيه ميتًا عتابًا له على تركه التوكل اللائق بالخواص. وقد تشكك الآلوسي في هذه الرواية أيضًا، فانظره واختر. {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ} [الإسراء 73] في [بحر 6/ 61] أن (يفتنوك) هنا معناها يخدعونك بالمكر والتلبيس، وأن المقاربة {كَادُوا} سببها رجاؤهم أن يفتري على اللَّه غير ما أوحى اللَّه إليه -لا أنهم قاربوا ذلك، إذ هو -صلى اللَّه عليه وسلم- مقطوع له بالعصمة. وأقول أن تفسير الفتنة بالخداع متأت اشتقاقيا لأن الخداع مرحلة تؤدي إلى التحويل أي الافتتان. فيكون من تسمية الشيء بسببه. وقد سَمّوا الشيطان فاتنا وفتّانا. ووسوسته من جنس الخداع. ثم إن المقاربة من جهتهم ممكنة بكثرة الحيل والتلبيس. ولا عيب على أي إنسان في أن يحاول أحد خداعه ما دام هو لم ينخدع فعلا. فالتنبه يحول دون الانخداع، ومن ثم التحول (الافتتان)، ودون الاقتراب من الافتراء. فلا مساس بالعصمة. وقوله تعالى {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [المائدة 49] تفسَّر الفتنة فيها بالاستنزال عن حكم اللَّه [بحر 3/ 515] وهو من التحويل، وهذه الآية تؤكد مثابرة الكفار على محاولات فتنه -صلى اللَّه عليه وسلم- بشتى السبل. فإن سورة الإسراء أسبق نزولا من سورة المائدة. ° معنى الفصل المعجمي (فت): هو تكسير الهش وما يلزم التكسير من انفصال بعض الشيء عن بعض. وذلك كفتّ الخبز -في (فتت)، وتميز الفتى والأفتاء عن مرحلة الطفولة في - (فتو فتى)، وكما في معنى التوقف والانقطاع عن الأمر -في (فتأ) وتلزم النفي فيعبر بها عن الاستمرار، وكما في الفُرَج والفتحات بين الأصابع وهي

الفاء والجيم وما يثلثهما

انفصالات -في (فوت)، وكما في فتح الباب ونحو. والفتح إيجاد فرجة في عريض مصمت -في (فتح)، وكما يتمثل في الارتخاء وهو تسيب من جنس الانفصال -في (فتر)، وكما يتمثل في الخَلَّة بين الغيم -في (فتق)، وكما يتمثل في كون قُوَّتَى الحبل اللتين تفتلان معًا كانتا منفصلتين أصلًا -في (فتل)، وكما يتمثل في إذابة الذهب والفضة بالنار، والإذابة إسالةٌ وفك للجامد إلى ذرات متسيبة، وهذا من باب التكسير والفصل -في (فتن). الفاء والجيم وما يثلثهما • (فجج - فجفج): {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا} [نوح: 19 - 20] "الفَجُّ -بالفتح: الشِعْبُ الواسع/ الطريقُ الواسعُ بين جَبلين أو في الجبل أو بين حائطين. فَجَّ وأَفَجَّ رجليه، وما بينهما: فَتَحَه وباعدَ ما بينهما. وقوس فَجَّاء وفَجْواء: يَبِينُ وَتَرُها عن كَبِدها " (كبِد القوس النقطة الوسطى من حَنْيتها). Qانفتاحٌ في صُلْبٍ غيرُ متوقع أو معتاد أو محدّد (¬1) - ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الفاء عن نفي وإبعاد يتأتى منه الخلو، والجيم عن جرم كثيف وليس بالشديد، والفصل منهما يعبر عن اتساع (خلو) بلا تحدد معتاد: كالفَجّ بين الجبلين - بالفتح. وفي (فجو) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن احتواء أو اشتمال عل فراغ متعمق في جِرم كالفجوة في كهف الجبل. وفي (فوج - فيج) يعبر التركيب الموسوط بأيٍّ منهما عن انفصال أو عن بعض منفصل مما كان متصلًا كالفوج من حاضري الوليمة وكالفائج. وفي (فجر) عبرت الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن انبثاق ماء (مسترسل) باندفاع من محبسه كفُجْرة الماء.

(فجو)

كذلك (: عدم التحدد مكانًا أو زمانًا): كالشِعْب والطريق في الجبل وكفَجّ الرِجْلين. والقوس الفجّاء تتسع المسافة بين وترها وكبدها بما يجاوز الحدّ الذي ينبغي. وكذلك إيساع ما بين الرجلين. فمن فِجَاج الأرض والطرق قوله تعالى: {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27]، {لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا} [نوح: 20 وكذا ما في الأنبياء: 31]. ومن عدم التحدد أو الالتزام بالحد أخذ عدم بلوغ الحد في "الفِجّ -بالكسر -من الثمار كلها كالبِطّيخ والفواكه: النِئ/ ما كان صُلْبًا غير نضيج. والثمار كلها تكون فِجَّة في الربيع حين تنعقد نيئةً حتى ينضجها القيظ "فالفِجُّ هو ما لم يبلغ حدّ النضج. ومن الاتساع بلا حد: "رجل فَجْفَج وفَجْفاج -بالفتح وكتُماضر: كثيرُ الكلام والفخر بما ليس عنده ". • (فجو): {وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ} [الكهف: 17] "الفجوة في المكان: فَتْحٌ فيه، والمتَّسَع بين الشيئين. وكان يسير الْعَنَقَ فإذا وَجَدَ فَجْوة نَصَّ: هي المتسَع بين الشيئين (والنَصّ هنا: السير الشديد والحثّ) - فَجَا الشيءَ: فتحه. وفجا بابَه يفجُوه: فَتَحه (طائية). وتفاجَى الشيءُ: صار له فجوة ". Qفُرْجة أو فَتْحة واسعة داخلة في جرم الشيء المعترض: {وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ} من الكهف. ومن ماديه أيضًا: "الفَجْوة والفَجْواء: ما اتسع من الأرض (انفتح وانكشف)، وَفَجْوة الدار: ساحتُها، والفَجَا: تباعد ما

(فوج - فيج)

بين الفخذين أو الركبتين والساقين. وقوس فَجْواء: بانَ وَتَرُها عن كبدها. وأَفْجَى: وَسّع على عياله في النفقة ". • (فوج - فيج): {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [النصر: 2] "الفَوْج والفائج: القَطيع من الناس/ الجماعة من الناس. يقال أفاج: أَرْسَل الإبل على الحوض قِطْعة قِطْعة. ومرَّ بنا فائجُ وليمةِ فلان أي فوجٌ ممن كان في طعامه. والفائجة من الأرض: مُتَّسَع ما بين كل مرتفعين من غَلْظ أو رمل ". Qتجمع منفصل عن تجمع غيره بقوة وانتشار ما - كالفوج من الناس، والقوة أن انفصال التجمعين يلزمه الأمران (القوة والانتشار) لما يكون في التجمع من تداخل، وككل من المرتفعين بالنسبة لتجمعهما. والقوة أن كلا يبتعد عن الآخر بغلظ وارتفاع: {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} أي جماعات كثيرة بعد أن كانوا يدخلون أفرادًا. {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا} [النبأ: 18]. من القبور إلى الموقف كل أمة بإمامها، أو جماعات مختلفة [بحر 8/ 404]. وكل ما جاء في القرآن من التركيب هو الفوج وجمعه أفواج بهذا المعنى. ومن الانفصال بقوة وانتشارٍ ما: "فاج المسكُ: سطع/ فاح، وأفاج: أسرع، وفاجت الناقة برجليها تفيج: نفحت بهما مَنْ خلفها ". • (فجر): {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا} [الإنسان: 6] "الفُجْرة -بالضم، والمَفْجَرة - كمدرسة: مُنْفَجَر الماء من الحوض وغيره.

وفَجْرة الوادي -بالفتح: مُتَّسَعُه الذي يتفجر إليه الماء. ومَفاجره: مَرافضه حيث يَرْفَضّ إليه السيل. فَجَرْتُ السِكْر: بَثَقْتُه. وفَجَر الماءَ والدمَ ونحوه من السيّال (نصر): بَجَسه فانفجَر: انبجَس وانبعث سائلًا ". Qانبثاق المائع المحتبس باندفاع وغزارة فاتحًا فُرْجَة في محبسه - كالماء من مفاجره تلك: {فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا} [الإسراء: 91]، {فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} [البقرة: 60]. ومن فتح الفرجة قالوا "مُنْفَجَر الرمل -بفتح الجيم: طريق يكون فيه ". ومن الاندفاع من فتحة المحتبس قالوا: "فَجَر من مرضه: برأ ". ومنه: "الفَجَر -بالتحريك: العطاء والكرم والجود (كما سموا العطاء ندًى وفَيْضًا والمعطِي بَحْرًا الخ. والمال لطيف الحركة لأنه متنقل، وهو محتبس في حوزة مالكه فخروجه فجر) وقد تفجَّر بالكرم وانْفَجَر، والفَجَر -محركة أيضًا: كثرة المال ". ومن ذلك الأصل "الفَجْر: انصداع الظلمة عن نور الصبح " (كما سمي الفلق. والضوء لطيف مسترسل يناسب المائع): {وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1 - 2]. ومن الأصل: "فَجَرَ الرجل فُجُورًا: انبعث في المعاصي " (شقّ الحدود واعتداها - كقول الأعرابي لعمر: إن أَطلَقْتَنِي وإلا فَجَرْتُكَ/ أي عَصَيْتك وخالفتك " (شَقَقْت حجاب الطاعة وعَدَوْتُ حَدّها). ومن هنا يقال "فَجَر: كذب، وزنى، وعَصَى كأفجر، وأخطأ في الجواب ". {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 8]، {وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: 27]، {لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} [القيامة: 5]: يكذّب بما أمامه من البعث والحساب. . . أو يستمر في مستقبل عمره مسوّفًا التوبة ومُخلفًا الوعد بها. . [قر 19/ 94]. والأول أقرب. وكل ما في القرآن

معنى الفصل المعجمي (فج)

من التركيب هو إما فَجْر العيون والينابيع أو تفجيرها، وإما الفُجور شق حدود الشرع بارتكاب المعاصي، وإما الفَجْر انبثاق ضوء الصبح من ظلام الليل. وسياقاتها واضحة. أما "فَجَر الراكب: مَال من سَرْجه "فمِن التسيب عن الاحتباس في الأصل، كأنه سائل يسقط لأن الاحتباس امتساك في المكان. والعامة تقول: (اندلق)، والفصحى تقول: (انكب). ° معنى الفصل المعجمي (فج): هو انفتاح في الشيء بقوة مع عدم الالتزام بحدٍّ، كما يتمثل في الفجّ الشِعْب بين جبلين أو في الجبل أو بين حائطين (أي في صلب) في (فجج)، وكما في الفجوة المتَّسَع بين الشيئين -في (فجو)، وكما في انفصال كل فوج وتميزه عن الآخر -في (فوج)، وكما في منفجر الماء من الحوض -في (فجر). وكلها يقع بقوة كما بينا. الفاء والحاء وما يثلثهما • (فحح): "فَحَّتْ الأفعَى: نَفَخَتْ مِنْ فِيها. وفَحَّ النائم: نَفَخَ ". Qصدور ريح من فم الحي ذات أثر حادٍّ وانتشار (¬1): ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الفاء عن نفي وإبعاد، والحاء عن احتكاك بجفاف، ومن الجفاف يتأتى معنى الحدّة كما في فحيح الأفعى ونفخ النائم. وفي (فحش) تضيف الشين معنى الانتشار والتفشي، ويعبر التركيب عن انتشار ما هو حادّ الوقع على الحس أي مستقبح من مصدره.

(فحش)

كنفخ الأفعى السم، ونفخ النائم نَفَسَه بقوّة. • (فحش): {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45] "الفاحش: ذو الفحش والخنا من قول أو فعل. والمتفحش: الذي يتكلف سب الناس ويتعمده. والفُحْش: التعدي في القول والجواب/ قَذَعُ الكلام ورديئه. وقالوا في دم البراغيث: إن لم يكن فاحشًا فلا بأس أي كثيرًا زائدًا. وفَحُشَتْ المرأة - ككرُم: قَبُحَت وأسَنَّتْ ". Qصدور ما يفشو استقباحُه أو حِدّةُ وَقْعِه على الحسّ من قول أو فعل: كالبذاء المتعمَّد المتزيّد، وكدم البراغيث المنتشر، وكالصورة المستقبحة للشيء. ومن هذا دل على ما هو حادّ الوقع على النفس شائع الاستقباح لدى الناس، كالزنى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} [الإسراء: 32]، واللواط {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 80]. وقد فسر الشافعي الفاحشة في {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19] بالبَذَاء وسَلاطة اللسان [ل] وما يماثل كبائر الذنوب عمومًا {كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ} [الشورى: 37]. وقد وصف به البخل في قولة طرفه: {ويصطفى. . عقيلة مال الفاحش المتشدد} وبه يفسر {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة: 268]. فإما أنه من عموم استقباحه حيث كان الكرم عامّ الاستحسان، أو لأنه من الفواحش الباطنة، فإن نفس البخيل مشحونة بمشاعر حادة قبيحة نحو الآخرين. والخلاصة أن لفظ الفاحشة وجمعها الفواحش تعني ما كان شائع الاستقباح عند الشرع، كما مُثِّل. وكلها في

معنى الفصل المعجمي (فح)

القرآن بهذا المعنى. {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأنعام: 151] العبارة جامعة لكل ما يستفحش في الشرع كالخمر (لنزف العقل) والربا (استغلال الاحتياج)، والبَغْي والعقوق والزنا والحسد والكبر ونحوها [ينظر بحر 4/ 252 ثم 214]. ° معنى الفصل المعجمي (فح): هو أن يصدر عن الحي ما له أثر حادٌّ منتشر كنفخ الحية السمّ -في (فحح)، وكالقول والفعل القبيح كالسب والزنى وسائر الفواحش في (فحش). الفاء والخاء وما يثلثهما • (فخخ - فخفخ): "الفَخَّةُ: أن ينام على قفاه وينفخ من الشبع ". Qنفاذ النفَس بقوة من الجوف عن غلظ أي امتلاء (¬1) [يلحظ أن خروج النفَس بقوة يوحي بأن الامتلاء إنما هو بالهواء]: كنفخ ذاك النائم مع شِبَعه (أو سقوط أقصى الحنك عائقًا في طريق الهواء). ومنه "فَخْفَخَ الرجل: فَخَر بالباطل " (قال قولًا كبيرًا خاليًا من القيمة لا شيء وراءه إلا الهواء). ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الفاء عن نفي وإبعاد، والخاء عن التخلخل في الجرم مع خشونة وحدة، والفصل منهما يعبر عن نفاذ بحدة مع فراغ كالفخيخ. وفي (فخر) تعبر الراء عن الاسترسال، ويعبر التركيب عن عظم الجرم مع خلو من المعتاد أو المتوقع (أي استرسال الفراغ) كالبسر الفاخر.

(فخر)

• (فخر): {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ} [الحديد: 20] "الفاخر من البُسْر: الذي يَعْظُم ولا نَوًى له. والفَخُور من الإبل: العظيمة الضَرْع القليلة اللبن، وكذلك هي من الغنم - والفَخَّار: الخَزَف. نَخْلَة فخور: عظيمة الجذع غليظة السَعَف. وغُرْمُول فَيْخر: عَظيم ". Qعِظَمُ جرم الشيء أو غِلَظُه مع خُلوه -أحيانًا- مما يناسب عِظَم جرمه عادة أو توقعًا: كالبُسْر الذي لا نَوًى فيه، والضرع القليل اللبن، والفخار الذي كان طينا ثقيلًا فأصبح صُلبا خفيفا، وكالنخلة الموصوفة التي لم يُذْكَر لها ثمر، والغرمول خالي الجوف وقد يصلب وربما لا. وبذا تبين اتساق معنى لفظ الفخار مع معنى التركيب - مع شيوع استعمالهم الفَخّار وشيوع صيغته. وقد تكلف الراغب فيها، ومال الخولي في [معجم ألفاظ القرآن 3/ 321] إلى زعم تعريبها ولم أر من زعمه قبله - غفر اللَّه لنا ولهما: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} [الرحمن: 14]. ومن ذلك: "الفَخْر والتفَخر: التعظم والتكبر. والتفاخر: التعاظم. والفخر -بالفتح والضم والتحريك: التمدح بالخصال وعَدُّ القديم " (تعظم بالقدر وتكثير المآثر): {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18]. (الفخر يجُرّ إلى العُجْب والتطاول، ونِعَمُ اللَّه ينبغي أن تقابَل بالعرفان للمنعم مع حسن الاستعمال والخشوع - لا بالتباهي). وكل ما في القرآن من التركيب هو (الفَخْر) أو (الفخار): الخزف. وسياقاتهما واضحة. ° معنى الفصل المعجمي (فخ): هو النفخ (أو الانتفاخ) بقوة مع احتمال فراغ.

الفاء والدال وما يثلثهما

كنفخ الشعبان النائم على قفاه وهو نفخ قوي - لكنه يوحي بأن الأمر مجرد ريح -في (فخخ)، وكالبُسْر العظيم الذي لا نوى له، والضرع العظيم القليل اللبن -في (فخر). الفاء والدال وما يثلثهما • (فدد - فدفد): "فَدَّ الرجل، وفَدْفَدَ: اشتدَّ وَطْؤه فوق الأرض مَرَحًا ونشاطًا. وفَدَّت الإبل: شَدَخَت الأرض بِخِفافها من شدة وطئها. وَفَدَّ الطائرُ يَفِدّ: حَثَّ جناحيه بسطًا وقبضًا. فَدْفَدَ: عَدا هاربًا. فدّد الرجل: صاح في بيعه وشرائه. رجل فدّاد: شديد الصوت جافي الكلام. فدفد الإنسان والجمل: علا صوته ". Qاندفاع أو دفع بضغط نشاطًا للإبعاد أو الابتعاد (¬1): كفعل الرجل والإبل والطير المذكورات. والصياح وشدة الصوت لا تكون إلا بدفع، ويصل حينئذ إلى أبعد مما يصل الصوت العاديّ. ومنه أيضًا: "إبل فديد: كثيرة وصاحبها فَدّاد -كشداد يملك المئتين من الإبل إلى الألف "فهذا: إما من ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الفاء عن نفي وإبعاد، والدال عن ضغط ممتد وحبس، والفصل منهما يعبر عن ضغط يؤدي إلى إبعاد أو اتساع وانتشار (امتداد) كالهارب وحث الطائر جناحيه. وفي (فدى) تعبر الياء عن امتداد واتصال، ويعبر التركيب عن مدى عظم الجرم (الامتداد في الأبعاد الثلاثة الطول والعرض والعمق) كما في الفَدا كُدْس الحب. وفي (وفد) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال، ويعبر التركيب عن تجمع جزئي متميز عن أصله مرتفعًا أو متواليًا كذروة الحَبْل الرملي المشرفة. وفي (فأد) تتوسط الهمزة بضغطتها، فيعبر التركيب عن دس في النار أو الحرارة ممتد (للإنضاج) كفأد الخبرة.

(فدى)

كثرتها وتزاحمها، والزحم ضفط، وإما من سعة ما تنتشر عليه وتتباعد عندما ترعى، وإما أن هذا أصله كناية، فإن من له مثل هذا العدد من الإبل لا بد أن يرتفع صوته عند الصياح بها، فيكون من استعمال اللفظ في لازم معناه. ومن مادي الأصل "الفَدْفَد -بالفتح: الفلاة لا شيء فيه الأرض الغليظة ذات الحصى أو المستوية/ المكان فيه غلظ وارتفاع " [متن] فهذا امتداد مع شدة: صلابة وغِلَظ كأنها منضغطة. • (فدى): {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107] "الفَدَاء -كسحاب: الأَنْبار وهي جَماعة الطعام من الشعير والتمر والبُرّ ونحوه. ويقال أفدى الرجل (قاصر): عَظُمَ بدنه. وفَدَاء كل شيء - كسحاب: حجمه ". Qتبين حجم الشيء أي قدره محدَّدا ومنفصلًا عن غيره: كأنبار الطعام وهي الأكداس (أي الأكوام) التي تجمعه. ومن هذا المعنى - أخذ فداء الأسير ونحوه، فالأصل فيه تقديم قَدْر الأسير، أي قيمته، أي ما يعادل حجمه الحسّي أو المعنوي من مال أو أسير آخر. وملحظ إبانة الفدية وفصلها من الدافع يؤخذ من التميّز ومن المعادلة: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4]، {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ} [البقرة: 85]، ومنه: {لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ} [المعارج: 114] وصيغة (افتدى) تعني تقديم فداء النفس. ثم عُبّر بها عن الغُرْم المقابل للمخالفة؛ لأنه فِداء للنفس من العقوبة: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] كقوله تعالى في كفارة قتل

(وفد)

المُحْرِم الصيد: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ. . . أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [المائدة 95]. وقوله تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107] هو من حيث قيمة الذبيح عليه السلام مخاطبة للناس بما تعودوه وما يعقلونه. ومن حيث تعيين الذبيح فهو سيدنا إسماعيل. والقصة في سورة الصافات ناطقة، فإن سيدنا إبراهيم دعا اللَّه فبُشر بغلام حليم، ثم رأى أنه يذبحه فحاول لكن اللَّه فداه وبشره بإسحاق. فإذا كانت هناك أخبار عن الصحابة يفهم منها غير ذلك فينبغي أن تؤوَّل إلى ما هو كالصريح في القرآن الكريم مع أحاديث نبوية وأقوال صحابة أيضًا، وأن يوقف هذا الخلاف [ينظر قر 15/ 99 - 101 وبحر 7/ 354 - 357، 423]. وكل ما في القرآن من التركيب هو من الفِداء أو الفِدية: ما يقدم لدفْع ضُرّ لَزِمَ كالأسر، والذبح، وعقوبة الذنب. • (وفد): {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم: 85] "الوفد -بالفتح: ذِرْوَة الحَبْل من الرمل المشرف. والوافدان: الناشزان من الخدين عند المَضْغ (فإذا هَرِم الإنسان غاب وافداه). وفلان مستوفِد في قِعْدته: مُنْتَصبٌ غيرُ مطمئن كمستوفز. . ورَكَبٌ -محركة- مُوفِدٌ - كمُحْسِن: مرتفع. أوفد الرِيمُ: رَفَعَ رأسه ونصب أذنيه، وأوفد حاركُ الفرس: أشْرَف، وأوفد الشيءُ: ارتفع ". Qتجمع جزئي مع إشراف أي ارتفاع: كذروة حَبْل الرمل. وناشزَي الخدين، وقِعْدة المستوفز، ورأس الريم المرتفع مع انتصاب أذنيه، وحارك الفرس ناتئ مجتمع ملتئم.

(فأد)

ومنه كذلك: "الوَفْد: القوم مجتمعون فَيرِدُون البلاد، والذين يقصدون الأمراء لزيارة واسترفاد وانتجاع وغير ذلك، (تجمع مع نهوضٍ سفر أو قصد أشراف): {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم: 85 - 86]. ومنه: "وَفَد عليه وإليه: قَدِم، ووفّده وأوفده عليه وإليه: أرسله. وأوفد هو: أسرع " [متن]. وهذا من التلازم عندهم بين الإشراف والإسراع أعني جعلهم الأمرين من باب واحد، كما قالوا: "نص الشيءَ: رفعه وأظهره، ونص ناقته: استخرج أقصى سيرها/ استحثها "وقالوا "توفدت الإبل: أسرعت " [وينظر الفصل 22 من الباب 19 من فقه اللغة للثعالبي]. • (فأد): {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36] "الفؤاد: القلب. - فَأَدْتُ الخبزة: مَلَلْتُها وخَبَزْتها في المَلّة. ويقال فَحَصْتُ للخبزة في الأرض وفَأَدْت لها (فَتَح) والاسم أُفْحُوص وأُقْثُود: جَعَلْتُ لها موضعًا في الرماد والنار لتضعها فيه. وفَأَدَ اللحمَ في النار (فتح) وافْتَأَده فيه: شواه فيه (النار قد تُذَكَّر). "إذا شُوِىَ اللحمُ فوق الجَمْر فَهُو مُفْأَد وفَئِيد " [تاج]. وفي معلقة النابغة {سَفُّودُ شَرْب نَسُوهُ عند مُفْتَأَد} (السفّود هو السيخ الحديدي الذي تُشَكّ فيه قطع اللحم واحدة تلو الأخرى ثم يوضع بِلَحْمه على النار ليُشْوى). Qإنضاجٌ بعد تهيئة وإعداد وترتيب: كما تُنْضَجُ الخُبْزة بعد تهيئتها في المَلَّة، وكما يُنْضَج اللحم بتهيثته لذلك في السفود. وقد سمى النابغة نار الشيّ مُفْتأدًا -كما ترى. فهل سمي القلب فؤادًا من أجل إنضاج الرأي كما سمي قلبًا من أجل تقلبه على ما قالوا؟ هذا ما عندي فيه. وفي [تاج] أن أكثر اللغويين

يفرقون بين القلب والفؤاد: "قال الأزهري: القلب مضغة في الفؤاد معلقة بالنياط- وبهذا جَزَم الواحديّ وغيرُه، وقيل: الفؤادُ وعاء القلب، أو داخله، أو غِشاؤه والقلب حَبَّتُه. . . وقيل: القلب أخصُّ من الفؤاد لحديث (أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوبًا وأَلْين أفئدة)، فوصف القلوب بالرقة والأفئدة باللين ". ثم استدرك صاحب التاج على المجد قولهم: "فأد فلان لفلان: إذا عَمِل في أَمْرِه بالغيب جَميلًا -كذا في النوادر للحياني ". فهذا يدخل في التهيئة الحسنة. وفي [بحر 5/ 421] "سُمِّيَ القلب فؤادًا لانفئاده، مأخوذ من (فأد) ومنه المفتأد، وهو مستوقد النار حيث يشوَى اللحم ". وفي [فروق اللغات للجزائري 191] "لم يفرق أهل اللغة بين القلب والفؤاد. وقال بعض أصحابنا الأفئدة توصف بالرقة والقلوب باللين. . إلخ ". ونقول إن استعمالات التركيب فيها المعاني الآتية: أ) الإعداد والتهيئة: مَلّةً أو جَمْرًا أو سَفُّودًا. ب) الإنضاج أخذًا من فَأْد الخُبْز واللحم أي إنضاجه بوضعه في المَلّة والجَمْر والسفود. ج) التحرق والتوقد. (وهذا ملحظ ظاهري). الذي أميل إليه أن لفظ الفؤاد يشير إلى وظيفة إنضاج الرأي أو الفكرة أو الاتجاه، وهذا يجمع (أ) و (ب). فقد نُسِبت إليه البصيرة في قوله تعالى: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: 11]، وعُدَّ من روافد العلم كما في آية التركيب {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}، وطُولب بالميل في قوله تعالى: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} [الأنعام: 113] لذلك, ولما

معنى الفصل المعجمي (قد)

وَلِهَتْ أم موسى على ولدها ففقدت القدرة على تحديد صواب ما تَفْعل في أمره عبّر القرآن عن ذلك بقوله: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} [القصص: 10]. أما {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} فهي تصوير للعجز عن الفقه، ويعبر بمثل هذا أيضًا عن الجبن -كما قال: {فأنت مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هواء}. ° معنى الفصل المعجمي (قد): هو التهيؤ بقوة لتحصيل أمر -كما يفدّ الطائر جناجه بسطًا وقبضًا ليطير -في (فدد)، وكما في تهينة أكداس الطعام جمعًا للتخزين -في (فدى)، وكما في تهيؤ الوفد بتجمعهم معًا للتقدم -في (وقد)، وكما في تهيئة وضع اللحم والخبر في النار أو عليها للإنضاج في (فأد). الفاء والراء وما يثلثهما • (فرر - فرفر): {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} [الذاريات: 50] "فَرَّ الدابةَ: كشف (مِشْفَريها) عن أسنانها لينظر ما سِنُّها. وافْتَرَّ فلان ضاحكًا: أَبْدَى أسنانه/ كَشَر. والذئبُ يُفَرِّرُ الشاة: يمزقها. وفَرْفَرَ: شَقَّقَ الزِقَاقَ وغَيْرَها، والشيءَ: شَقَّقَه/ كَسّره. والفُرَار (كغراب وله صيغ أخرى): الحَمَلُ إذا فُطِمَ واستَجْفَرَ وأَخْصَب وسَمِن، وولدُ البَقَرِة الوَحْشِيَّة إذا شَبَّ وقَوِىَ أخذ في النَزَوان فمتى رآه غيرُه نَزَا لنَزْوِهِ ". Qمباعدة بخفة مع استرسالٍ تكرارٍ أو دوام (¬1): كالفصل ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الفاء عن نفي وإبعاد، والراء عن استرسال جرم أو حركة، والفصل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = منهما يعبر عن الانفصال والمباعدة باسترسال كفَرّ الشفاه والفُرار. وفي (فرى) تعبر الياء عن امتداد واتصال، ويعبر التركيب عن شَقٍّ (فصلٍ) لتهيئةٍ أو تحصيل هيئة (وهذا التحصيل امتداد لما كان في الذهن من المراد بالشق) كلا في فَرْىِ الجِلد ليكون مزادة. وفي (فور) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن الاحتواء على جَيَشانٍ وهو مستوي من المفارقة كفوران الماء من العين. وفي (فرت) تعبر التاء عن ضغط بدقة وحدة يتأتى منها الرقة أو الانقطاع، ويعبر التركيب عن صفاء الماء وخلوه من المِلْح والكَدَر كأن ذلك هو الرقة أو أن هذا تم بتصفية بدقة. وفي (فرث) تعبر الثاء عن انتشار في تفرق وكثرة مع غلظ، ويعبر التركيب عن انتشار تتحقق به كل معاني حروف التركيب مع غلظ، الثاء مادة أو معنى. وفي (فرج) تعبر الجيم عن جرم غير شديد، والتركيب يعبر عن فتح أو اتساع فيه. وفي (فرح) تعبر الحاء عن احتكاك مع جفاف وعِرَض، ويعبر التركيب عن انفصال الجافّ الغليظ أي خروجه من الجوف كخروج الفرْحانة (الكمأة البيضاء). وفي (فرد) تعبر الدال عن ضغط ممتد واحتباس، ويعبر التركيب عن انفصال واحتباس يمثل في تمييز الشيء عن غيره وتباعده عنه كالظبية الفاردة. وانظر (فردوس). وفي (فرش) تعبر الشين عن تفش، ويعبر التركيب عن انبساط مع رقة (يتحقق فيها المباعدة امتدادًا والتفشي اتساعًا وانتشارًا) كالَفْرش الزرع. وفي (فرض) تعبر الضاد عن جرم كثيف غليظ، ويعبر التركيب عن تمثل الانفصال في حَزٍّ أو شق في جرم كثيف كما في الفُرْضة: الحزّ في القوس والسهم. وفي (فرط) تعبر الطاء عن جرم ذي غلظ وامتداد، ويعبر التركيب عن ابتعاد باندفاع كما في الفَرَط من القوم. وفي (فرع) تعبر العين عن التحام في رقة وعرض مع حدّة ما، ويعبر التركيب عن اتجاه الانفصال إلى أعلى كفرع الشجرة. وفي (فرغ) تعبر الغين عن تخلخل مع رخاوة ما كالغشاء، ويعبر التركيب عن إخلاء (صَبّ) ما يملأ جوفًا كأنه غشاء رقيق - مما هو فيه كإفراغ الإناء. وفي (فرق) تعبر القاف عن غلظ وتعقد في الجوف، ويعبر التركيب عن وصول الفصل والشق إلى صُلْب عمق الشيء كما في الفريق النخلة الموصوفة. وفي (فره) تعبر الهاء عن =

بين مِشْفَرَيْ الدابة برفعهما أو إزاحتهما للكشف عن أسنانها، والتكرار هنا إعادة كشفهما للزومهما موضعيهما، وكانفراجٍ ما بين الشفتين عندَ الضَحِك، والتكرار كثرة وقوع ذلك، وتشقيقِ بَدَن الشاةِ والزِقاقِ وغيرها. ولُحِظ في الفُرَار -كصُداع- انفصالُه عن أُمّه بعد أن كان في بَطْنها. وقد عُبِّرَ عن نحو ذلك بالانفصال في تسمية ولد الناقة فَصيلًا، وفي فطم طفل الآدمي في قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15]. ومن ذلك: "فَرْفَرَ البعيرُ: نفض جسده " (بحركة أشبه بالارتعاد يتطاير بها التراب عنه - فذلك إما من الحركة المذكورة وهي من جنس المفارقة إلى ناحية مرة وإلى مقابلها أخرى في توال، وإما من نفض التراب). وفَرْفَر الرجلَ: نَفَضَه وحَرَّكَه، وفَرْفَرَ في كلامه: خَلّطَ وأكثَرَ (كلام غير مترابط)، والرجلُ: طاشَ عَقله وخَفَّ، والفَرْفَار -بالفتح: العَجُول الطَيَّاش (غير متماسك)، والذي يَكْسِر كلَّ شيء، وشَجَرٌ صُلْبٌ صَبُورٌ على النارِ تُنْحَتُ منه القِصَاع والعِسَاس يكثر انتحاتها منه لصلاحيته لها - الستة من [تاج]، ومَرْكَبٌ من مراكب النساء شِبْه الحَوِيَّة (لتلطيف الاهتزاز أي لتكون المفارقة بخفّه). وفَرْفَر: استعجل بالحماقة (غير متماسك). أما قول ابن الأعرابي: "فَرَّ يَفُرُّ: إذا عقل بعد استرخاء "فهو من باب الانفصال بمعنى الاستقلال، كما سَمَّوا الحمَلَ إذا فُطِم واستجْفَر: فُرارًا. ومن ذلك الأصل: "الفِرار: الرَوَغَانُ والهَرَب (ابتعاد عما يواجِه بخفة وإسراع (استرسال): {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} [المدثر: 50 - 51]، ¬

_ = إفراغ بقوة، ويعبر التركيب عن إخراج (= إفراغ) كل ما في الجوف إلى الظاهر نشاطًا أو غيره كالفاره من الحمُر.

(فرئ)

{فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ} [الشعراء: 21]، {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ} [الأحزاب: 16]. وكل ما في القرآن من التركيب هو من الفرار المباعدة بخفة أي سرعة: {يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ} [القيامة: 10] أي المكان الذي يمكن أن يَفِرّ إليه. • (فرئ): {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} [النحل: 105] "فَرَى المزادةَ: خَلَقَها وصَنَعَها. والفَرْيَةُ: الحَلْبَة -بالفتح فيهما، وكغَنِىّ: الحليبُ ساعةَ يُحْلَب. ونَفَرَّتْ العينُ: انْبَجَسَتْ ". Qشق أو فصل مع تهيئة أو تهيؤ (أي شق أو فصل لصَلاحٍ): كفَرْي الجِلْد مع تَهْيئته ليكون مَزَادة، وكانْفِصال اللبنِ في وعائه، وانْبِجاس الماء من العين إذ يتجمع فينفجر. ومن تعميم ذلك بالتجاوز عن قيد التهيئة: "فَرَاه يَفْريه: شَقّه صالحًا أو فاسدًا، وتَفَرَّى: انشق ". ومن معنويه: "فَرَى الكذبَ وافْتراه: اخْتلقه (استخرجه أو ابْتكرهُ من عند نفسه وهيّأه): {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} [النحل: 105]، {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ} [يونس: 37]: ما صح ولا استقام [ذلك] مع كونه جامعًا للأوصاف التي يستحيل (مع) وجودها فيه أن يكون مفتري [بحر 5/ 158]. وقريب من هذه الآية ما في [يوسف: 111]. وكل ما في القرآن من لفظ الافتراء فهو بمعنى اختلاق ما لا حقيقة له. {لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} [مريم: 27] فُسّر الفَرِىّ بالشيء العظيم المفتَرى، وبالمختلق المفتعل،

(فور)

وبالعجيب النادر وبالعظيم. وقال قطرب: الفرى الجديد من الأسقية، أي جئت بأمر جديد بديع لم تُسْبَقي إليه [قر 11/ 99]. ولا وجه لغويًّا قريبًا لتفسير الفرى بالعظيم أو العجيب، ولو استعمل لفظ غريب بدلًا من النادر والبديع لكان أنسب لما يريد كل من مستعملي اللفظين التعبير عنه. والأقوال الأخرى ناظرة إلى فَرْى الأديم أي تقطيعه لصنع شيء مزادة أو غيرها. والنظر إلى أصل الفَرْى هذا يُدْخل معى الشق. كأن يقال أن المعنى جئت شيئًا جارحا أو ارتكبت فسوقا. {وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} [الممتحنة: 12] بأن يُلْحِقن بالزوج من ليس ولده أو ينفين عنه ولده أو بقذف المرأة غيرها [ينظر بحر 8/ 256]. • (فور): {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ} [آل عمران: 125] "فَوَّارَة الماء - على صيغة المبالغة: مَنْبُعُه. فارَ الماءُ من العين يَفُور: جَاشَ. وجعل الماء يفور من بين أصابعه الشريفة -صلى اللَّه عليه وسلم- أي يَعْلو ويظهر متدَفِّقًا. وفارَت القِدْر فَوْرًا وفَوَرانًا: غَلَتْ وجَاشَتْ ". Qجَيَشَانُ نَحو الماء (نافذًا مما يضمه) إلى أعلى بقوة واندفاع - كما هو واضح في فوران الماء والقِدْر {وَفَارَ التَّنُّورُ} [هود: 40، المؤمنون: 27]، {سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُور} [الملك: 7]. ومن ذلك -مع اعتداد خفة الحركة من باب ميوعة الماء: "الفُوْرُ -بالضم: الظباء "لاندفاعها وحركتها الخفيفة الدائبة. "وفارت عروق الفَرَس: ظهر بها

(وفر)

نَفْخ أو عُقَد ". أما "فَوْرَة الجَبَل -بالفتح: سَرَاته ومَتْنُه " (ظهره)، فنُظر فيها إلى كونها أعلاه غير المستوي -مع اندفاعه من الأرض. ومن ذاك يقال: "أتيت فلانًا من فوري " (أي في حال الجيشان قبل أن أَسْكُن): {وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا} [آل عمران: 125] وقيل من غَضَبهم [قر 4/ 196]، وفي الغضب هيجان. • (وفر): {فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا} [الإسراء: 63] "سقاء أَوْفر وهو الذي لم يُنْقَص من أديمه شيء. وَفَر الثوبَ: قطعه وافرًا، وكذلك السقاءَ: إذا لم يُقْطع من أَديمه فَضْل. مزادة وَفْراء: ضخمة الشحمة عظيمة. الوَفْرة من الشعر: ما جاوز شحمة الأذنين الجُمَّة من الشعر إذا بلغت الأذنين. الوافرة: أَلْية الكبش إذا عظُمت ". Qكمال الشيء حتى يزيد أو يكاد يزيد عن معتاد حاله أو مُسْتَحَقّه: كالسقاء الذي لم تُقطع من جلده الزيادة (بل أدخلت فيه). وكذلك الثوب والمزادة، ووفرة الشعر، وأَلْية الكبش الموصوفات. ومنه: "أرض وَفْراء: في نباتها فِرَةٌ أي وُفور لم تُرْعَ، ووفّر عليه حقه واستوفره: استوفاه ". ومن الكمال المادّيّ البالغ استُعملت في الكثرة: "الوَفْر من المال والمتاع: الكثير الواسع. هم متوافرون أي كثير. وفُر الشيءُ, ووفّره: كثّره ": {فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا}: مُكمّلًا [بحر 6/ 55]. وهذا قريب من قوله تعالى: {لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ} [الزخرف: 75].

(فرت)

• (فرت): {وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا} [المرسلات: 27] "الماء الفُرَات: العَذْبُ أو أشدُّ الماءِ عُذُوبَةً ". Qخُلوص الماء من المِلْح مع صَفائه من الكُدُورة (أي خلوصه من الغِلَظ بنوعيه الملح والكدورة): كالماء الفرات الموصوف، وهو خال من الكدر والشوائب أيضًا: {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ} [الفرقان: 53، فاطر: 12، ومثلها ما في المرسلات: 27]. وقد استعملها أبو ذؤيب في ماء البحر وهو ملح فنظر إلى الصفاء وتجاوز عن الملوحة فقال عن الدرَّة: {يَدُومُ الفراتُ فوقها ويموج}. وقد اختلفوا في "فَرْتَنَى: المرأة الفاجرة "أهي من هذا التركيب أم رباعية. وأقول إنها من هذا. ووجه تسميتها هذا أن الماء الفرات خالٍ من الملوحة وهي حِدّة، وخال من الكدورة وهي غلظ وخشونة. فالفرتني خالية من الحدّة والخشونة أي سهْلة الاستسلام لا تدفع عن نفسها بخشونة وحرارة. وضدها الحُرَّة من الحرارة، والشَموس من الحرارة أيضًا. • (فرث): {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا} [النحل: 66] "ثَريد فَرْث: غَيْرُ مُدَقَّق الثَرْد. والفَرْثُ -بالفتح وكحُثالة: سَرْقين الكَرِش. فَرَثْتُ الجُلّة: نَثَرت ما فيها. وجَبَل فَريث: ليس بضخم صُخُورُه وليس بذي مطر ولا طين ". Qتسيّب الدِقَاق المجتمعة، مع جفاف أو غلظ فيها: كالثريد مع الجفاف، وكالتمر الذي كان فيَ جُلّةِ ونُثِرَ، وسَرقين الكَرِش دِقَاقٌ

(فرج)

مجتمعة، وغِلَظُها التقزُّز منها: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ}. وصخور الجبل الموصوفة دقيقة نسبيًّا مع جفافها، وغلظُها أنها كتل سخرية. ومنه: "شَدَّ عليهم فتَفَرّثوا: تَفَرَّقوا [الأساس]. ومن مجازه: "فَرَثَ الحُبُّ كبده: فَتّته ". وقوله تعالى في الآية {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ} فيه حقيقة أن اللبن - هذا الشراب الشهيّ النقيّ المغذي مستخلصٌ بعجيب صنع اللَّه من تحولات الفرث والدم التي يُتَقَزّز منها. • (فرج): {كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} [ق: 6] "الفُرْجَة -بالضم: فُرْجة الحائطِ والبابِ ونَحْوها، والخَلَلُ في صُفُوف الصلاة، والخَصَاصَةُ بين الشيئين. وفَتَحاتُ الأصابع والدَرَابِزِين: تَفَاريجُ. وفَرْج الوادي: ما بين عُدْوَتَيْه. وفَرْجُ الطريق: مَتْنُه، وفَرْجُ الجبل: فَجّه. وفروج الأرض: نواحيها. فَرَجَ فاه (ضرب): فَتَحَه للموت. وباب مَفْرُوج: مُفَتَّح، ورَجُل أفْرَجُ الثنايا وأفْلَج الثنايا ". Qانفتاح أو متسع في أثناء جرم كثيف أو بين أجرام: كفرجة الباب والحائط إلخ: {وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ} [المرسلات: 9] (كما في آيات أُخَر: "انفطرت ""انشقت ""فُتِحَت ". ومنه عن السماء أيضًا: {كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} [ق: 6]، كما قال تعالى: {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} [الملك: 3]. ومن ماديه: "قوس فُرُج -بضمين: مُنْفَجّة السِيَتين/ بان وترها عن كبدها " (سِيَة القوس: ما عُطِفَ من جانبيها). ومن مجازه: "الفُرُج بضمتين، وبالكسر: الذي لا يكتم السر ".

(فرح)

ويؤخذ من الاستعمالات العربية القديمة أن الأصل في استعمال كلمة الفرج للعورة أنها كانت تستعمل لفتحة ما بين الرجْلين. وقد جاء في الشعر تعبيرًا عن فتحة رجلي الفرس: وأنت إذا استدبرتَه سَدَّ فَرْجه ... بضاف فُوَيْقَ الأرض ليس بأعزل (وفي الشعر عمر الإِسلامي كذلك انظر ل). واستُعملت في ثغور الأقطار بمعنى الناحية الحدودية التي يستطيع العدو أن يغزو القطر منها؛ لأنها غير مُحَضّنة. ثم كُنى به عن العورة لأنها في هذه الفتحة التي بين الرجلين، ولذا استعمل اللفظ لعورة الرجل أيضًا: ثم إنه غلب في عورة النساء لتحقق المعنى الحرفي للفظ الكنائي فيها أيضًا. {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: 31]، {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ} [الأحزاب: 35] {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا} [الأنبياء: 91، وكذا ما في التحريم: 12] ردد أبو حيان في تفسير الفرج هنا بين حياء المرأة وجيبها (فتحة الثوب العليا عند العنق) وأنا أقول إنه مادام الأمر معجزة فإن التفسير بالجيب أكرم. ثم هو المناسب حقيقة. وليس في القرآن من التركيب إلا الكلام عن فَرْج السماء وحفظ الفروج. ومن مادي الانكشاف اللازم للانفتاح: "الفَريج: الظاهر البارز المنكشف، والمُفْرَج - كمُكْرَم: القتيلُ يُوجَدُ في فلاةٍ من الأرض، والذي لا عشيرة له، والذي انكشف عنه القوم، والذي لا مال له " (والعامة تقول عريان، مكشوف) "وفَرُّوج الدجاج لانفراج البيضة عنه ". • (فرح): {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [يونس: 58]

"الفَرْحانة -بضم أو بفتح: الكَمْأَة البيظء، ورجل مُفْرَح - كمكرم: فقير لا مال له ". Qخُلُوّ الجَوْف أو الحَوْزة بخروج الغليظ أو ذي القيمة منه أي نفاذه منه: كما تنفذ الكمأة من الأرض، إذ هي تنمو في باطنها (كالبطاطس) ثم شأنُها أن تخرج ولا بدّ، وكخلو الحوزة من المال وهو ذو قَدْر لنفعه العظيم. ومن معنوي هذا جاء "الفَرَح: نقيض الحزن "، فهو لازم لذهاب الغلظ والثقل من النفس أو القلب فينشرح الصدر "قال ثعلب: هو أن يجد في قلبه خفة ": {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّه} [الروم: 4 - 5] (لذهاب ما ثقل على قلوبهم من انتصار الفرس)، {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [يونس: 58]. والتخلص مما يُثقل ويُهمّ يخفف، وقد يؤدي إلى التجاوز بغيًا وطغيانًا أو ما هو إليه، ومن هنا جاء النهيُ عن نوع من الفرح وذمُّه: {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} [القصص: 76]: لا تأشَر ولا تبطر (لا تبغ) إن اللَّه لا يحب البطرين (الباغين) [قر 13/ 213 - 214]. ومنه {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [غافر: 75] {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً} [الأنعام: 44]: بَطِروا وَأشروا وأُعْجبوا وظنوا أن ذلك لا يبيد [قر 6/ 426]. ولعل منه أيضًا {بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ} [النمل: 36] (كأن المراد أنكم تعظّمون قدر المال

(فرد)

فتتجاوزون في تقدير أثره)، قال [قر 13/ 201] بعده: "لأنكم أهل مفاخرة ومكاثرة في الدنيا ". والذي جاء في القرآن من التركيب أصله الفرح: السرور وخفة النفس، ثم إذا كان سببه مشروعًا، والتُزِمَ في التعبر عنه والاستمتاع به أدبُ الشرع، فهو نِعمة طيبة يَحِل -بل يجب- السرور بها. وإن كان سببه غير مشروع فلا يحل السرور به، وإذا كان مشروعًا فإن التجاوز في التعبير عن الفرح بالبغي والطغيان أو الفساد حرام. وسياق كلٍّ في القرآن واضح. وقد عبروا عن "الفقير الذي لا مال له بالمَفْروح "وهذا من المعنى الأصلي لأنه خالي الحوزة، ثم عبروا بالمفروح عن الذي أثقله الدين، والذي أثقله العيال وإن لم يكن مدينًا. وهذا كاللازم لمن لا مال له. ثم حاولوا جر هذا المعنى ليؤدي معنى الغَمّ فقالوا: "والمثقل بالحقوق مغموم مكروب إلى أن يخرج عنها "وذلك لتصبح اللفظة من الأضداد، لكنها ليست كذلك؛ لأن المثقل بالحقوق تعميم للمثقل بالديون، وكم من مثقل بهما لا يبالي، فالغم والكرب لهما أبواب أخرى، والعياذ باللَّهِ من الجميع. • (فرد): {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء: 89] "سِدْرَةٌ فاردة: انفردت عن سائر السِدْر. وظَبْيَةٌ فاردة: انقطعت عن القطيع. والفَرُود من الإبل: المتَنَخّية في المَرْعَى والمَشْرَب. وفَرَد بالأمر وتفرد وانفرد واستفرد. واستفردت الشيءَ: عَدَدْتُه فَرْدًا لا ثاني له ولا مثل ". Qتوحُّد الشيء بذاته منقطعًا ومنعزلًا عما يشاكله. . أي لا يتصل به شيء من شكله: {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ}، (أن

(فردوس)

تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ} [سبأ: 46]، {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم: 90، وكذا ما فى 80 منها، والأنعام: 94]: بلا ولد ولا أنصار ولا مال [ينظر بحر 6/ 202]. • (فردوس): {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا} [الكهف: 107] "الفردوس: الوادي الخصيب/ الروضة (كلاهما منخفض ريان مليء بالخضرة والشجر). Qاتساع مع اكتناز بما هو طيب: كالفردوس الموصوف. ومنها: "فُرْدِسَتْ الجُلَّة: (القُفَّة) -للمفعول: حُشِيَتْ، والمُفَرْدَسُ -مفعول: المُعَرَّشُ من الكَرْم (يلاحظ أن التعريش يرفعه ويضخمه كالشيء الممتلئ) والفَرْدسةُ: صَرْعُ الشخص على الأرض (فينفرش عليها)، ومثله: المُفَرْدَس: العريض الصَدْر (كالمُعَرَّش)، ومَنكبٌ مُفَرْدَس: مَحْشُوّ مكتنزه، ورجل فُرَادِس كتماضر: ضخم العظام ". وعبارة [ق]: "الفرْدَوسُ: الأودية التي تنبت ضروبًا من النبت، والبستانُ يجمع كل ما يكون في البساتين تكون فيه الكروم ": {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 11]. وإزاء القول بتعريب الكلمة الذي استسلم له الخولي في معجم ألفاظ الكريم للمجمع اللغوي نضع للملاحظة ما يلي: 1) التركيب كثير التصرف عند العرب كما سبق وهو في كل استعمالاته يستوفي عناصر الدلالة الأصلية: امتلاء شيء منخفض أو مبسوط بطيّب مناسب

(فرش)

كالوادي والروضة الموصوفين والمعرَّش من الكروم. ويتضح الاتساع أكثر في تمدد المصروع على الأرض، وعرض الصدر فوق الجسم. 2) ثم إن الكلمة وردت في شعر حسان والعجاج وغيرهما، وشاع عند أهل الشام والعرب عامة إطلاق الفرادي على الكروم والبساتين. 3) أطلق اللفظ على أماكن في قلب الجزيرة العربية مع الاحتفاظ بملامح دلالته: روضة دون الجمامة لبنى يربوع، وماء لبنى تميم قرب الكوفة. . ومواضع أخرى في شمال الجزيرة. 4) قيل إن اللفظ نبطىّ الأصل وأنه في السريانية كذلك (الجواليقي د. ف عبد الرحيم 470) أي أنه من المشترك (الجَزَرى) (: السامي). 5) وبما سبق أستطيع أن أقول إن اللفظ الفارسي القديم الذي زعموها معربة عنه يمكن أن يكون هو نفسه عربي الأصل عجّمه الفرس أو غيرهم. فقد أرجعوها من خلال اللاتينية (paradesos) إلى اليونانية وهذه عن الزندية (الفارسية القديمة) pairidaeza إلى مقطعين: بايري - حَوْض مستدير، دايزا = طُحْلَب أو نَبات فِطري. والأولى تذكرنا بالبئر (والبيارات) التي ما زالوا يستعملونها، والثانية تذكرنا بما في [ل]: "الدَوْسُ: تسوية الحديقة وترتيبها ". وللتركيب صلة بالطعام كما في تفسير [ق] للفردوس بالبستان الذي يجمع كل ما يكون في البساتين. وبذا يتبين أن القول بتعريب كلمة "الفردوس "هو قول واهي الأساس. • (فرش): {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} [الرحمن: 54]

"الفَرْشُ -بالفتح: الزَرْعُ إذا صار له ثلاث ورقات وأربع، وأرضٌ تَسْتَوي وتَلين وتَنْفَسح عنها الجبال. وفَرَاشُ الرأس - كسحاب: عِظامٌ رِقَاق تَلي القِحْف. والفَرَاش ذلك الذي يتهافت على النار، والبَقِيَّة تبقَى في الحوض من الماء القليل والذي تُرَى أرضُ الحوض من ورائه. والفريش من النبات: ما انبسط على وجه الأرض ولم يقم على ساق ". Qانبساط وانتشار للشيء مع رقة أو ليونة فيه: كوَرق الزرع، وسطح الأرض الموصوفة، وعظام الرأس الرقيقة، وكبقية الماء الرقيقة في قاع الحوض، والفريش من النبات، وكذلك الفَرَاش الرقيق المنبسط الجناحين دائما: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} [القارعة: 4] والتشبيه في الانتشار والكثرة مع الضعف البالغ، فإن الفراشة تذوب أو تتحلل في يدك إذا أمسكتها. ومنه: فَرْشُ الإبل وغيرها -بالفتح: صِغَارها (صغيرة الأجسام نسبيًا وكثيرة تتشر حول أمهاتها): {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا} [الأنعام: 142]. {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا} أي جعلنا سطحها لينا يقبل الشق زَرْعا وطُرُقا وتكتيلا للبناء الخ؛ ولذا ختمت الآية بـ {فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} [الذاريات: 48، ومنه ما في البقرة: 22]. ومنه الفِراش - ككتاب: ما يُفرَش (= يبسط) من متاع البيت ويقصد أن يكون لينًا " {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ}. وقالوا: إن العرب تكنى بالفراش عن المرأة كما تسميها لباسًا وإزارًا، وبه فسر {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [الواقعة: 34]، وترشح هذا التفسيرَ الآية التالية {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً} كما فسر بالدرجات وبالفُرُش التي يُجلس عليها [ينظر قر 17/ 210].

(فرض)

• (فرض): {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص: 85] "الفُرْضة -بالضم- في القوس: الحَزّ الذي (في طرفه) يقع فيه الوَتَر، وفي الدَوَاة: موضع النِقْس منها، وفى النهر: ثُلْمَته التي يُسْتَقَى منها، وللبحر: مَحَطُّ السفن، ومن الباب: الخشبة التي تدور فيها رِجْله (الرِجْل هي الممتدّة من أحد جانبيه أعلى وأسفل ترتكز في الفُرضة)، ومن الجبل: ما انحدر من وسطه وجانبه. والفريض: السهم المفروض فُوقُهُ (الفُوقُ هو الحزّ الذي في كعب السهم) وكذلك فَرْضُ الزَنْد -بالفتح: حيث يُقدَح منه، وكذلك الفَرْضُ في القِدْح والسَيْر وغيرها: الحَزُّ ". Qقطع غائر (غير نافذ) في جرم غليظ (يرسخ فيه شيء): كما يَسْتقِرُّ الوَتَر والنِقْس في الفُرضة، وكثُلْمة البحر للسفن، والخشبة المنقورة لِرِجْل الباب (والحز في القوس والسهم والدواة والخشبة والزند مقدَّر بدقة، وفي البحر والنهر لا يجاوز حدًا معينًا وهو للسفن). ومن معنى القطع في الحزّ وهو تحديد، أو مما يَثْبُت ويَرْسَخ فيه: "الفريضة: الحصة (القطعة) المفروضة (المثبتة) على إنسان بقدْر معلوم " (كالمَهْر) في قوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُم} [البقرة: 237 وكذا ما في 236 منها وما في النساء: 24]. ومن ذلك: علم الفرائض أي ما فُرِضَ لكل وارث من الميراث: {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 7]. ومن ذلك أيضًا: الفريضة: مقدار الزكاة في المال: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} [التوبة: 60]. وقوله تعالى {لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ

(فرط)

عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 118] (أي محُدَّدًا) فُسِّرَ ببعث النار من الآدميين [قر 5/ 388] كقوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأعراف: 179]. {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} [البقرة: 197]- (أي أوقعه وأدّاه فيهن، أو شرع فيه). [وانظر قر 2/ 406]. ومن الأصل يؤخذ فَرْضُ الشيء بمعنى إِلْزامه كما يرسخ الشيء الغليظ في الفُرْضَة. ويؤخذ أيضًا من القطع كأنما قطع ذلك المفروض ثم حمّله إياه (والعامة تقول: مقطوعية: للعمل المحدّد الذي يجب أن يؤدَّى). {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} [النور: 1] مخففة بمعنى الإلزام بما فيها من أحكام، ومضعفة على معنى تكثير الفرائض أو على معنى التفصيل والبيان -من القطع- أو للتنجيم [قر 12/ 158]. ومن هذا معنى الشرع أي أن يَشْرع اللَّه تعالى شيئا لعباده، ويلحظ أن الشريعة إلى الماء قطع جزئي في الشاطيء فهي تشبه الفرض: الحزّ): {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2 ومثله ما في الأحزاب: 38، 50] وكذا (فريضة) في [النساء: 11، التوبة: 60]. وقوله تعالى: {لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ} [البقرة: 68] من: فَرَض الحيوان (جلس وكرم): كبِر وأسنّ (فالفارض تَعَمَّقت في الزمن وغارت كالشيء الداخل في فُرْضة، كما نقول طَعَن في السن، أو لبقائها طويلًا كذلك الشيء الراسخ في الفرضة) [وانظر قر 1/ 448]. • (فرط): {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] "الفارط والفَرَط -محركة- من القوم الواردين: الذي يتقدمهم إلى الوِرْد

لإصلاح الأَرْشية والدلاء ويملأ الحياض. ومَفَارِطُ البلد: أطرافُه. . والفُرْط -بالضم: سَفْح الجبل. وأفرطَ الحوضَ والإناءَ: ملأه حتى فاض منه الماء ". Qاندفاع بعض الشيء متقدمًا أو مبتعدًا من عُظْمِه بقوة كامتداد جِرم الجبل غليظًا عند سفحه فالمعتاد أن سفح الجبل يكون عريضًا وممتدًا على الأرض بأوسع من كتلته الأساسية الوُسْطَى. وكالمتطرف من أبنية البلد أو ضواحيها منها، وكالسابق أمام الواردين، وكفيض الماء بسبب امتلاء الحوض. (ومنه فَرَط العِقْد والعُنقود ونحوهما: بدَّد منهما الحب وفرّقه (مولدة - الوسيط) "وانفرط (العِقْد) والشيءُ: تبدد وتفرق. وفَرَّط الشيءَ - ض: فَرَّقه وبدده ": قال في المُنْجد: ومنه فَرْط الأشجار-بالفتح- عند عامة الشام كالزيتونة والجوز واللوز ونحوها. ومن الاندفاع قولهم "فَرَطَ فلان القوم الواردين (أي فرط منهم أو لهم): تقدَّمهم. فَرَّط اللَّه عنه ما يكره - ض: نجّاه منه (كأنما دفعه وأبعده عنه) وفَرَط منه كلام: سَبَق بغير رَوِّي "اندفع منه كلام غليظ أو عن غلظ منه: {إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا} [طه: 45]: يَبْدُر ويسبق منه أذى [قر 11/ 201]. ومن الاندفاع بقوة وابتعاد: "الفُرُط -بضمتين: المتروك المضيع (اندفع حتى ابتعد فتُرِكَ فَضاع): {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28]: ضياعًا وهلاكًا [طب 15/ 156 هذه عن تعليق محقق غريب القرآن لابن قتيبة 266]. وأفرط الشيء: نسيه {لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ} [النحل: 62]: مُخلَّفون مَتْروكون فيها [طب 14/ 87 عن السابق 244] (أي خالدون) ولو قيل مُعَجَّل بهم إليها لكان أقرب. وفرّط الشيء - ض، وفيه: قصّر فيه وضيّعه حتى فات (تركه إهمالًا):

(فرع)

{وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ} [يوسف: 80]، {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} لَا يَتركون أمرًا هَمَلًا {عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر: 56]: تركت وضيعت من أمر اللَّه [قر 15/ 271]. • (فرع): {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} [إبراهيم: 24] "فروع الشجرة: أغصانُها، والفَرْع -بالفتح: الشعر التام. وبتاء: رأسُ الجبل، وأعلاه خاصة كفارعته. وفرع كل شيء: أعلاه ". Qتشعب الشيء أو الاشتقاق منه من أعلاه في قوة وانبساط: كفروع الشجرة، وكالشعر، ورأس الجبل: {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ}. فمما غلب فيه العلو: "فَرَع الناس طولًا: طالهم وعلاهم، وفَرَع رأسَ الجبل: عَلاه، وفَرَع رأسَه بالعصا والسيف: علاه ". (والأخير ان يمكن أن يُؤَوَّلا بإصابة الأعلى). ومما برز فيه الاشتقاق: "فَرَعَ البِكْر: افتضَّها كافترعها، وافترع الأمرَ: ابتدأه، والفَرَعُ -محركة: أول نتاج الإبل والغنم، وأفرع اللجامُ الفرسَ: أدمَى فاه " (شقه). وكذلك قولهم: "فرع بين المتخاصمين: فَصَل بينهم "؛ لأن الفصل في الشيء الملتبس كإحداث الشق فيه. • (فرغ): {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 250] "الفَرْغ -بالفتح: الأرض المجدبة. وككتاب: الإناء بعَيْنه، وكل إناء فِراغ،

والأودية. فَرَغَ عليه الماء وأفرغه: صبّه. وفَرِغ فراغًا - كسمع سَماعًا: انصبّ. وأفرغْتُ الدماءَ: أرقتُها ". Qخلاء الظروف ونحوها مما يشغلها من مائع ونحوه: كالأرض المجدبة والأنية، والأودية. . فهي أحياز خالية (مهيّأة لتحوز الموائع وما إليها)، وكإفراغ الماء والدماء. ومنه: "طعنة فَرْغاء: واسعةٌ يسيل دمها، وسهم وسكين فَرِيغ " (مُفْرِغ: يفرغ الدم). ومن ذلك: "إفراغ المائع ونحوه: صبّه " (فيخلو حيّزه): {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} [الكهف: 96]. ومن معنويه: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} [البقرة: 250، الأعراف: 126]: سألوا أن يصبّ عليهم الصبر/ حبس النفس للقتال وعند البلاء فيكون لهم كالظرف، وهم كالمظروفين فيه [بحر 2/ 277] أي فلا يكلّون أبدًا. {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} [الشرح: 7]: أي من شُغل الدنيا أو من عبادة ما [ينظر بحر 8/ 484]. ومن الخلو: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ} [الرحمن: 31] "أي نخلو لكم فلا نشتغل بغيركم - على المثل؛ لأن اللَّه عز وجل لا يشغله شيء عن شيء " [ينظر بحر 8/ 192]. {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا} [القصص: 10] أي فارغًا من العقل حين بلغها أنه وقع في يد فرعون، أو حين رؤيتها تلاطُم الأمواج به، إذ دهمها أمر مثله لا يثبت معه العقل، لا سيما عقل امرأة خافت على ولدها حتى طرحته في اليم رجاء نجاته من الذبح [بحر 7/ 101 - 102]. وقولهم: "حمارٌ فِراغ - ككتاب: سريع المشي واسع الخطو " (ينصبْ ويندفع فيه - والسير يُعَدُّ عندهم إفراغًا من مذخور قوة الدابة).

(فرق)

• (فرق): {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء: 106] "الفريق: النخلةُ يكون فيها أخرى. والأَفْرَق من الديكة: ذو العُرْفَين/ عُرْفُه مفروق، ومن الرجال: الذي ناصيته كأنها مفروقة ". Qفصل بعض شيء أو أشياء من بعضها الآخر فصلًا واصلًا إلى العمق: كالفرق بين النخلتين، والعرفين، والشعر وهو واصل إلى المنبت. ومنه: "فرقت بين الشيئين (نصر، وفُرقانًا بالضم)، وفرّقت - ض "ومن هذا المادي: الفِرْق -بالكسر: القَطيع من الغنم والبقر والظباء (فريق أو طائفة)، والطائفة من الناس كالفريق. والفِلق من الشيء -بالكسر أيضًا. {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْر} [البقرة: 50]، {فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ} [الشعراء: 63]: فِلْق (أي جانب). {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ} [التوبة: 122] (أي فريقٍ أو جماعة). {فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 25] (فاقض. كما يعبَّر عن هذا بالفصل، وبالحكم، وبالفتح). {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ} [الإسراء: 106]: (أُنزِل على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- منجمًا لا دفعة واحدة). {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2]- المراد: طلقوهن، وهو المراد في [النساء: 130] أيضًا. {مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة: 102] (هذا تفريق بواسطة السحر). {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} [البقرة: 136] أي بين أحد من الرسل والآخر بأن نؤمن بهذا ونكفر بذاك. ومثل هذا ما في [285 منها، وما في آل عمران: 84، النساء: 150، 152]. {وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]. {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفرقان: 1 وكذا كلمة الفرقان في آل عمران: 4]:

(فره)

القرآن لأنه يفرق بين الحق والباطل ويبين كل شيء، والتبيين فَصْل وتمييز. والكلمة في [البقرة: 185] للتوراة، وفي [الأنفال: 41] مصدرًا، لأن يوم بدر فَصَل وميّز المحق من المبطل، وفي {يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: 29] أميل إلى أن المقصود: نورًا قلبيًّا يخرج به المتقى من الشبهات [ينظر بحر 4/ 480 - 481]). {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4]- المراد يُفْصَل ويبرم. {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78] (قطع اصطحاب). {وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ} [القيامة: 28] (قطع الوجود بين أهل الدنيا). {فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا} [المرسلات: 4] اختلفوا في المراد: الملائكة تنزل بالفرق بين الحق والباطل، تفرق الأرزاق والآجال، الرياح تفرق السحاب، آيات القرآن تفرق بين الحلال والحرام، الرسل بينوا حدود أوامر اللَّه ونواهيه. . وكلها من الأصل [ينظر بحر 8/ 395]. و (الفريق): "الجماعة المنفردة عن آخرين "لكنها في {لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ} [البقرة: 188]، بمعنى جزء أو طائفة من المال وتنطبق على الذين يقتطعون أو تُقْتَطَع لهم نسبة من مال الناس لا حق لهم فيها. ومن الأصل "الفرق -محركة: الفزع {قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} [التوبة: 56]: يفزعون؛ لأن الفَزع الخائف يفارق ما يخافه أي يهرُب ولا يواجهه. وسائر ما في القرآن من التركيب هو بمعنى التفرق والاختلاف والتغاير، أو إيقاع ذلك. • (فره): {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ} [الشعراء: 149] "برذونٌ وبَغْل وحمارٌ فارهٌ: سَيُور (نشيط حادّ قوي). والفاره: الحاذق بالشيء. وجارية فارهة: ذات مواهب/ حَسناء مليحة. ورجل فَرِه: نشيط أَشِر ".

معنى الفصل المعجمي (فر)

Qكمال طاقة الحي في ما يراد منه أو يراد هو له: كنشاط الدابة في السير مع القوة عليه، وحُسن الجارية (الأمة)، والحِذْق بالشيء والنشاط والأشر للرجل. {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ} ذكر فيها بضعة عشر قولًا: نشطين، حاذقين بنحتها، متجبرين، أشرين، بطرين، شرهين، كيّسين، معجبين، ناعمين، آمنين، متحيزين، متعجبين، أقوياء، فرحين [قر 13/ 129]. وفي ضوء ما قلنا في الأصل نختار تفسيرها بالنشطين الحاذقين في ذلك، عن قوة في أجسامهم، وتجبر في قلوبهم، يغيب عنهم ذكر اللَّه واليوم الآخر. وقد قالوا: "رجل فارهٌ: شديد الأكل ". فإن عَنَوا أنه "فاره في الأكل "فهو من التعبير باللفظ عن سبب معناه. ° معنى الفصل المعجمي (فر): هو نوع من الفصل أو التفريق بين ما هو ملتق أو ملتحم: كما يتمثل في فرّ مشفري الدابة عن أسنانها -في (فرر)، وفي شق الجلد لصنع مزادة أو نحوها -في (فرى)، وفي جيشان الماء ونحوه من وعائه حتى يفيض بعضُه أو زَبَده بسب الغليان -في (فور)، وفي انفصال الملح والكدر من الماء فيصير فراتًا -في (فرت)، وفي انتثار الثريد وما في الجُلّة أي عدم تماسكه -في (فرث)، وفي الانفتاح في جسم الحائط ونحوه مما هو ملتحم -في (فرج)، وكخلو جوف الحيز وفراغ أثنائه بخروج الغليظ الذي كان يشغلها منها -في (فرح)، وفي توحُّد الشيء أي انعزاله (انفصاله) عن غيره -في (فرد)، وفي رقة المنبسط كأنما كُشط منه ما كان يجعله سميكًا -في (فرش)، وفي حَزّ الفُرضة وهو نوع من الشق -في (فرض)، وفي انفصال الفارط عن الذين هو فَرَطٌ لهم متقدم عنهم -في (فرط)، وفي تشعب أعلى الشجرة ونحوها وانقسامه في (فرع)، وفي إخلاء الوعاء مما فيه - وهذا الإفراغ فصل للشئ عن وعائه، كما أن فراغ الوعاء انفصال وخلاء فيه -في (فرغ)، وفي التفريق بين الشيئين -في (فرق)، وفي تفوق الفاره وتميزه عن غيره، وهذا التميز انفصال -في (فره).

الفاء والزاي وما يثلثهما

الفاء والزاي وما يثلثهما • (فزز - فزفز): {فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [الإسراء: 103] "الفُزَفز - كلعُلَبِطْ: الثَدْيُ. فَزَّ الظَّبْيُ: فَزِعَ (والفَزّ: وَلد البقرة الوحشية). وفَزَّ فلانًا عن موضعه: أَزعَجَه، وطَيَّر فؤادَه. وفَزْفَزَ: طرد إنسانًا وغيره ". Qنهوض أو انبعاث بضغط أو إثارة وخفة (¬1): كنهود الثدي بضغط قُوَى البدن، وكانبعاث الظبي بفَزَع وخفة، وشأن الفَزّ كذلك، وكانبعاث الشخص عن موضعه بإزعاج. ومنه: "فَزَّ الجُرْحُ: سَال ونَدِىَ "، فهذا يخرج ماؤه رشحًا كأنما بضغط واعتصار. و "الفَزّ: الرجل الخفيف " (كأنه من خفته فَزّ البقرة الوحشية). {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} [الإسراء: 64]: حَرّك واستَثِر بوَسْوَسَتِك والمغرياتِ لإشباع الشهوات. {فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ}: يُخْرِجَهم بقَهْره هروبا من العذاب. {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ} [الإسراء: 76]، عندما هموا بإخراج المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم-، كما قال تعالى: {لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} [الأنفال: 30] [قر 10/ 301]. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر الفاء عن نفي بقوة أو إبعاد بقوة، والزاي عن نفاذ باكتناز وقوة أو حدة، والفصل فهما يعبر عن انبعاث من الأثناء بقوة على ما هو مفصل هناك: كالفُزَفِز: الثدي. وفي (فوز) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن مسافة تقتضي العبور (وهو الانبعاث من الأثناء بقوة) كالفازة والمفازة. وفي (فزع) تعبر العين عن رقة وشيء من الحدة، ويعبر التركيب عن ثوران فجائي مع حدة الخوف ونحوه كما في الهبوب من النوم وعند الفزع.

(فوز)

• (فوز): {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [المائدة: 119] "المفازَة: الفَلاةُ/ البَرِّيَة القَفْر التي لا ماء فيها. وإذا كان (القفر مسير) ليلتين (أو أكثر) لا ماء فيه فهي مفازة، وأما الليلة واليوم فلا يعد مفازة " (وذُكر لها مقياس آخر من وِرد الإبل وغيرها). فَوَّز الرجل - ض: خَرَج من أرض إلى أرض ". وفي (قصة) كعب بن مالك "واستَقْبَلَ سَفَرًا بعيدًا ومفازًا: المَفازُ والمفازة: البرَية القَفْر ". "الفازة: مِظَلَّة/ من خِرَقٍ وغيرها تُبْنَى في العساكر/ تُمدّ بعمود ". Qعبور مسافة قفر جَافّة بالغة الامتداد: فكذلك الفَلَاة (ويلحظ أن الاسم على صيغة اسم المكان فهي موضع ذلك كأن تأويل اسمها ما يقتضي العبور أي الاستعداد له. وكأن غيرها من المسافات لا يُعَدُّ عُبورُه عُبورًا). والفازة مظلة تساعد على عبور مثل ذلك القفر وكأن صيغتها بمعنى: مفوَّزة. أو هي سميت لعبور عمودها المسافة الممتدة من الأرض إليها. وعبور الصحراء (وما هو نظيرها من مظان الهلاك) نجاة وخلوص منها، ومنه قالوا: "الفوز: النجاة ": {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [آل عمران: 185]، {فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ} [آل عمران: 188] أي بمَنْجَاةِ من العذاب [ل]. {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ} [الزمر: 61]: بفلاحهم. "فاز بكذا: أفلح به وظفر بمراده ". وتفسير هذه المفازة قوله تعالى بعدها: {لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [بحر 7/ 420]، ثم عُبِّرَ به عن تَحْصيل خير، كأنه نجاةٌ من الحِرمان، وعُدّى بالباء لهذا فقيل: "فَاز بكذا: ظَفِر به/ ذَهَب به " (والعامّةُ تقولْ عَدَّى بكذا. لهذا المعنى).

(فزع)

ومن معنى العبور هذا -قيل: "فَازَ وفَوَّزَ: أي مَات " (عَبَر دنيانا، كما يقال انتقل إلى رحمه اللَّه). وهذا تفسير ما زعموا من تضاد (بين فاز: نجا، ومات) فالعرب عدُّوا كلًّا منهما عبورًا. وقوله تعالى {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا} [النبأ: 31] أي موضع فوز ونجاة وخلاص مما فيه أهل النار. وقيل: لهم حدائق. . . [قر 29/ 183] أي هذه الحدائق يصيرون إليها أي مفازًا يفوزون إليه هو الحدائق لأن الآيات السابقة كانت عما يعذب به الطاغون. . . وسائر ما في القرآن من التركيب هو الفوز بمعنى النجاة وما يلزمها من التنعم بنعم الجنة. • (فزع): {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} [النمل: 89] "فزِعَ من نومه: هَبّ. فزِعْتُ لمجيء فلان: إذا تأهبتَ له متحولًا من حال إلى حال ". Qثَوَرَانُ البدن بجملته فَجأَة مُفَارِقًا المكانَ الذي ينبسط عليه (لِشَيْءٍ أثاره): كالذي يهبّ من نومه فَجْأة أو مَذْعورًا. ومنه: "الفَزَع: الفَرَق والذُعْر من الشيء "، لمفارقة الفزع مكانه بقوة، أو لانزعاج قلبه يماثل ذلك: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} [النمل: 87]، {إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ} [ص: 22]. {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} [الأنبياء: 103] هو عامّ في كل هول يكون يوم القيامة، فكأن يوم القيامة بجملته هو الفزع الأكبر [بحر 6/ 317]. وسائر ما في القرآن من التركيب هو بمعنى الفَرَق والذُعر -عدا الآية الآتية.

معنى الفصل المعجمي (فز)

وقالوا "فَزعَ إليه فَفزَّعَه - ض: أي كَشَف عنه الخوف "وكذا قالوا "أَفْزَعه. أغَاثه " (جعلوا الصيغتين لمعنى السلب مثل قَرَّدَ الجملَ - ض، ومَرض فلانًا - ض، وشكا إليه فأشكاه، ولكن هذه كلها تُؤَوّل بمعنى المعالجة: فالذي يُقَرّدُ البعير يعالج قُرَاده أي. يتعامل معه نزعًا، وكذلك الذي يُمرّض المريض يقاوم معه مرضه مساعدة، والذي يُشْكى إليه يَسْمَع الشكوى ويقلها. وهكذا. وهذا أولى لأن استعمال اللفظ لضد معناه خروج عن الأصل): {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سبأ: 23] أي أُطِيرَ الفزع عن قلوبهم، أي من باب: قَرّدْت البعير [وينظر بحر 7/ 265 - 266] وفَزِعْت إليه: لجأتُ إليه (أي من شيء أفزعني وأزعجني). ° معنى الفصل المعجمي (فز): هو انبعاث أو نتوء بقوة ونفاذ: كنتوء الثدي في الصدر -في (فزز)، وكالنفاذ في المفازة القفر التي لا ماء فيها -في (فوز)، وكالهبوب من النوم -في (فزع). الفاء والسين وما يثلثهما • (فسفس): "الفَسيسُ: الرجل الضعيفُ البدن، والضعيفُ العقل. وفَسْفَس الرجل: حَمُق حماقة محكمة ". Qضَعْفُ القوة المختزنة في باطن الشيء أو ذهابها والخلو منها (¬1). ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الفاء عن نفي أو إبعاد بقوة، والسين عن نفاذ بدقة وحدّة، والفصل منهما يعبر عن ضعف القوة المختزنة كأنما اختُرقت بحاد أو تَسَرَّبت. وفي (فسح) تعبر الحاء =

(فسح)

• (فسح): {إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا} [المجادلة: 11] "الفُسَاحة - كرخامة: السَاحة الواسعة في الأرض. ومجلس فُسُح -بضمتين، وفُسْحُم -بالضم: واسع. وفَسَح له في المجلس وتفسح: وسّع له. وقال أعرابي لخرّاز: أَفْسِح الخُطا لئلا ينخَرِم. أي باعد بين الخُرزتين ". Qاتساع في أثناء مكان مشغول أو يُشْغَل: كالأماكن المذكورة. ومنه الفُسْحتان -بالضم: ما لا شعر عليه من جانبي العَنْفَقة (وهي الشعر الذي في وسط ظهر الشفة السفلي)، حيث يُتَوَقَّع أن تُشغل بالشعر كما حولها. {إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ} [المجادلة: 11]: أي توسعوا، ولا تَزْحَموا المكان عمن يريد الجلوس، {فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ} [المجادلة: 11]. ومن معنويّه: "انفسح صدره: انشرح " (اتسع). • (فسد): {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة: 251] "الفساد: الجَدْب في الَبرّ والقَحْط في البحر. فَسَد الشيءُ: بطل واضمحلّ. ¬

_ = عن احتكاك بجفاف واتساع، ويعبر التركيب عن اتساع في أثناء مكان مشغول أو يُشغل. وفي (فسد) تعبر الدال عن ضغط ممتد واحتباس، ويعبر التركيب عن تلف منفعة الشيء باحتباس الحدّة الضارة في أثنائه فتتلفها. وفي (فسر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن صفاء باطن الشيء وانكشافه باستمرار خروج الكثيف بحدة كما في صفاء تفسرة البول. وفي (فسق) تعبر القاف عن غلظ أو تعقد في الجوف، ويعبر التركيب عن حدة في العمق تنفذ فتشق الغلاف كما تفعل الفواسق.

وفَسَّد الشيءَ - ض: أباره. وأفسد فلانٌ المالَ. وفي الحديث: كَرِهَ إفساد الصبي: وهو أن يطأ (الزوج امرأته) المرضعَ فإذا حملت فَسَد لبنُها وكان من ذلك فسادُ الصبي. وفي [ق عَدَن]: "عدن الشجرة: أفسدها بالفأس ونحوها والمِعْدَن: الصاقور ". اهـ (: الفأس ذات الرأس الطويلة المذبَّبة يُكْسر بها الصخر). وتفاسد القوم: تدابروا وقطعوا الأرحام ". Qذهابُ نفع الشيء المقصود منه (أي تلفه وهلاكه) لحِدَّة ضارّة تَسْري في أثنائه؛ كالجدْب في الأرض (الأرض الجدبة: الصُلْبة التي لا نبات فيها)، وكذا إفساد المال بإنفاقه في ما لا نفع منه، وكذا إذهاب قوة الصبي بالغِيلة كما جاء في الحديث عن الغَيل "إنه لَيُدرك الفارس فيدعثرُهُ "أي يَصْرَعُه لوَهَنه وارْتخاء قُوَّته [انظر ل دعثر]. وكذا نفاذُ المِعْدَن في أثناء الصُلْب فيفسد قوته وتماسكه ونموه إن كان مما ينمو، وكذا في تقطع الصِلات بقطع الأرحام. {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} [البقرة: 11] الفساد: خروج الشيء عن حال استقامته وكونه مُنْتفَعًا به (فهذا يشمل العبث بالأجهزة والمعدات حتى تتعطل)، ونقيضه الصلاح. . والفساد في الأرض هيج الحروب والفتن، لأن في ذلك فساد ما في الأرض، وانتفاء الاستقامة عن أحوال الناس والزرع والمنافع الدينية والدنيوية. قال اللَّه تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: 205]، {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30] [الكشاف 1/ 70] وهو يعني أن إهلاك الحرث والنسل، وسفك الدماء هي من الفساد في الأرض. وكذلك السرقة كما في قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ} [يوسف: 73]. وفي ضوء كل ما ذكرنا

(فسر)

يمكن تفسير المراد (بالفساد)، فهو يشمل إهلاك الزرع والنسل (الثروة العامة والأضرار التي تمس جمهور المواطنين) مباشرة، أو بالغش والإهمال والخيانة في إدارتها (يُلحظ لفظا (توليتم، تولى). ومن الغش والخيانة: الارتشاء والمحاباة مخالفة للأصول الشرعية، كما يشمل السرقة (ونهب المال العامّ أبشع)، وسَفْك الدماء إلخ. وبهذا المعنى كل ما تصرف من هذا اللفظ في القرآن الكريم. • (فسر): {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: 33] "التفسرة: البول الذي يُستَدَلّ به على المرض، ويَنْظر فيه الأطباء، يَسْتَدِلُّون بلونه على علة العليل. والفَسْر -بالفتح: نَظَرُ الطبيب إلى البول ". Qكشف ما في أثناء الشيء بصفائه وشَفِّه عما فيه: ككشف الأشياء العالقة في أثناء البول ومعرفة حال صاحبه بذلك. ومنه "فَسَر الشيء (نصر وضرب): أبانه: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا}. فالتفسير يشمل بيان معاني العبارات وبيان أسرارها التي وراء المعاني المباشرة، كما يشمل بيان أسرار جريان الأمور بهيأة دون غيرها (وهذا مستعمل الآن). وهنا يقول الكفار: {لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} أي كالتوراة والإنجيل. ويعنون أنه ما دام ليس كذلك فليس من عند اللَّه. فبين اللَّه سرّ ذلك {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان: 32]، فهذا هو تفسير ذلك. • (فسق): {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} [الحجرات: 7] "فَسَقَت الرُطَبة من قِشْرها: خَرَجَت. (والخمس الفواسق: الفأرة، والعقرب،

والغراب، والحُدَيّا، والكلبُ العَقُور). Qخروج الشيء عن غلافه (حَدِّه) أو حَيّزه لحدّةٍ أو فساد: كحال تلك الفَواسق في طبائعها وما يصدر عنها: الفأرُ يفسد المأكولات ويَقْرِض غيرها، والغراب يَنْهَشُ ظَهْرَ البعير الدبِر، والحُدَيَّا تَخطَف وربا تفعل كالغراب، والكلب يعقر، والعقرب يلدغ بسُمه. وقد سَوَّوْا به في الحكم سَوامّ الزواحف. وبعض الرُطَبِ تتهرَّأُ غُلُفه فتنشقُّ عنه ويخرج بفساد. وقد حملوا تسمية الخمس المذكورة فواسق على معنى الخُبْث المعنوي، لكني حملته على طبائعها حيث يؤخذ منها خُبْث النفوس الذي يتأتي منه الكفر والكبائر -كما في أكثر الاستعمالات القرآنية {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ} [البقرة: 99]. جاء في [بحر 1/ 263، 270] "الفاسق: الخارج عن الحق " [وفي 271] الخارج من طاعة اللَّه تعالى فتارة يكون ذلك بكفر، وتارة يكون بعصيان غير الكفر. . وأن من كان مؤمنًا وفسق بمعصية دون الكفر فإنه فاسق بفسقه مؤمن بإيمانه (أي) لم يخرج بفسقه عن الإيمان ولا بلغ حد الكفر. ثم أقول إن الآية التالية {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} تذكر أمثلة من الفسوق، لأن الراجح إعرابها في محل صفة للفاسقين. {وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة: 59] الآية موجهة لأهل الكتاب وتبين سرّ محادّتهم للمسلمين وهو أن المسلمين آمنوا بكتب اللَّه الصحيحة كلها، في حين أن هؤلاء خارجون عن الإيمان حتى بالكتب الصحيحة المنزلة إليهم [ينظر أبو السعود 3/ 54] أي أن موقفهم فيه كثير من معنى {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: 109] وهم

معنى الفصل المعجمي (فس)

يشتركون مع المنافقين في هذا [انظر المائدة 89]. ومما وُصِف بأنه فسق: الظلم, الذَبح على النُصُب، الأكل مما لم يُذْكَر اسم اللَّه عليه، والاستقسام بالأزلام، والإتيان بنبأ كاذب مثير للفتنة، والكفر بآيات اللَّه، وعدم الحكم بما أنزل اللَّه، والنفاق، ورمي المحصنات، ومضارة الكاتب والشهيد. [هذا من تتبع الآيات التي ذكر فيها الفسوق حُكمًا على تلك الأمور في المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم مع عدم التكرار]. {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} [الحجرات: 7] هو هنا مقارفة الذنوب. ولا يخرج المراد بلفظ الفسق في القرآن الكريم عما ذكرنا. ° معنى الفصل المعجمي (فس): هو ذهاب غلظ الشيء بتسرب قوته أو غلظه منه: كتسرب القوة والصحة من أثناء الشخص الضعيف البدن والعقل -في (فسس)، وكذلك ذهاب الكتل الغليظة التي تشغل المكان فيتسع فراغه -في (فسح)، وكذهاب نفع الشيء وصلاحه منه وبقائه على حدّة الفساد والتلف في أثنائه -في (فسد)، وكذهاب الكدر والكثافة من أثناء البول فيصفو وتنكشف أثناؤه وتعرف حاله -في (فسر)، وكما تخرج الرطبة من قشرها وتخرج الفواسق من جِحَرتها -في (فسق). الفاء والشين وما يثلثهما • (فشش): "ناقة فَشُوش: مُنْتَشِرةُ الشُخْب في الإناء مثل شُعاع قرن الشمس فلا يُرغى. وفَشَّ القربة: حَلَّ وكاءها فخرج ريحُها، والضَرعَ: حلب جميع ما فيه ".

(فشل)

Qخُروج اللطيف المتجمع في الباطن بكثافة وانتشار (¬1): كهيأة خروج ذلك الشخب، وريح القِرْبة، وجميع ما في الضَرع. • (فشل): {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46] "الفِشْل -بالكسر: سِتْر الهوج. والفَيْشَلة معروفة. والمِفْشَل -بالكسر: الذي يتزوج في الغرائب لئلا يَخْرُج الولدُ ضاويًا. وفَشِلَ الرجل (تعب): أكْسَلَ، وتراخَي، وضعُف، وجُبن ". Qاتساعٌ أو انتفاشٌ ظاهري مع فراغ أو نحوه وراءه: كالسِتْر باطنه هواء أو كالهواء، والفيشلة تنتفخ ولا صلابة في داخلها، وكذا المُكسِل يسترخي، والذي يتزوج في الغرائب يتسع ويمتد إلى هناك وليس لوجوده حساب أو قيمة لدي (نساء) قومه، كذلك الأمر في المُكْسل إلخ. {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا} الفشل هو الخور والجبن عن لقاء العدو [بحر 4/ 499]، {وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ} [الأنفال: 43]: أي لخارت قواكم وفَتّ ذلك في أعضادكم. {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ} [آل عمران: 152] (أي: انفشَّت حدة النخوة الدينية وصلابة التزام الدين، وذلك بعصيان الرسول والتطلع إلى الغنائم). ° معنى الفصل المعجمي (قش): هو أن يخرج -باتساع- ما يمتلئ به الشيء ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الفاء عن نفي أو ابعاد بقوة، والشين عن تَفَشٍّ بكثافة، والفصل منهما يعبر عن خروج المتجمع (في الباطن) بكثافة وانتشار: كلبن الناقة الفشوش وخروج ريح القِربة. وفي (فشل) تعبر اللام عن امتساك باستقلال، ويعبر التركيب عن انتفاش الشيء ظاهريًا (استقلال) مع فراغ أو نحوه وراءه كالفشل والفيشلة.

الفاء والصاد وما يثلثهما

من لطيف هو من قوامه: كما في خروج جميع لبن الضرع منه حَلْبًا وكذلك خروج ريح القِربة -في (فشش)، وكخلو ما وراء ستر الهودج وكذا خلو الفيشلة من شيء صلب وراء ظاهرهما مباشرة -في (فشل). الفاء والصاد وما يثلثهما • (فصص): "فَصُّ العَيْن: حَدَقَتُها. وفَصُّ الماء: حَبَبُه. وفَصُّ الجُنْدُب -بالفتح فيهن: صوته كفَصِيصه. وقد فَصَّ العَرَقُ: رَشَح ". Qنتوءٌ أو ظهورٌ جزئيٌّ من أثناء شيءٍ بتميز أو قوة (¬1): كتميز الحدقة بلونها وحركتها بين فتحة الجفنين، والحبب فقاقيع كبيرة (تتميز ببريقها) تنفذ من أثناء الماء، وكالصوت الحادّ للجندب (نُظِر إلى حدة الصوت)، والرشح من العَرَق يخرج قليلًا قليلًا فيوحي بأنه يخرج بضغط شديد من منافذ ضيقة وهذا هو تميزه وقوته، وكلها جزئية ليست شاملة للشيء كله. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الفاء عن نفي أو إبعاد بقوة، والصاد عن امتداد بغلظ، والفصل منهما يعبر عن نتوء من أثناء شيء بغلظ: كبروز فَصّ العين منها. وفي (فصح) تعبر الحاء عن احتكاك بجفاف واتساع، والتركيب يعبر عن خلوص الشيء واضحًا أو صافيًّا بعد ذهاب ما يغشاه كاللبن المعتاد بعد اللِبأ "وتحت الرغوة اللبن الفصيح ". وفي (فصل) تعبر اللام عن امتساك مع استقلال، ويعبر التركيب عن تحيز الشيء عن غيره مع تمامه كما في المفصل وتفصيل الجزور. وفي (فصم) تعبر الميم عن التئام ظاهر واستوائه، ويعبر التركيب عن التئام ظاهر الشيء مع ذهابِ الغلظ والشدة من باطنه لانصداعه مثلًا كالدُرّة التي فيها فَصْم والخَلْخَال الأفصم.

(فصح)

• (فصح): {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا} [القصص: 34] "أفصح اللبنُ: ذهبَ اللِبَأ عنه. وأَفْصَحَت الشاة: انقطع لِبَؤُها وجاء الَلبَن بعدُ. وربما سمي اللبن فصيحًا. وقال رجل مَرِضَ: قد أَفْصَح بَوْلي اليوم وكان أمس كالحِنّاء ". Qخلوص الشيء واضحًا أو صافيًا في أحكم حالاته لذهاب ما يغشاه: كاللبن الموصوف بعد اللِبأ، والبول بعد العَكر. ومنه: "أفصح الصبح: بدا ضَوْءه (بعد ظلام الليل)، وأفصح الأغتمُ: فَهِمتَ كلامه بعد غُتْمَته، ويقال: أَفصِحْ ولا تُجَمْجِم. وكل ما وَضَح فقد أَفْصَح ". فالفصاحة نقاء ووضوح في نطق الكلمات والعبارات بحيث تُسْمَع واضحةَ الحروف والمفاصل لتُفْهم جيدًا، أي تَنْقُل المراد منها بوضوح: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا}. • (فصل): {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص: 20] "المَفْصِل - كمَجْلِس: كُلّ مُلْتَقَى عَظْمين من الجَسَد. والفَصْل -بالفتح: موضعه. وتَفْصِيل الجَزُور: تَعْضِيَتُه. والفاصلة: الخَرَزَة التي تفصل بين اللؤلؤتين أو نحوهما في النِظَام ". Qتميّز الشيء عن غيره مع تمامٍ أو ما هو من بابه: كتميّز كلٍّ من عُضْويَ المَفْصِل، وكلٍّ من أعضاء الجَزور، وفي تَفْصِل الخَرَزة بين اللؤلؤتين. ومنه "تفصيل الشيء: تبيينه/ جعْله فصولًا متمايزة " (تمييز أجزائه وتوضيح جزئياته). {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا} [الأنعام: 114]:

موضَّحًا مزال الإشكال، أو مفصلا أي مفرّقا على حسب المصالح ولم ينزله مجموعًا، أو مبيَّنَ الأحكام من النهي والأمر والحلال والحرام والضلال والرشد والوعد والوعيد، أو بالشهادة لي بالصدق وعليكم بالافتراء [بحر 4/ 212 بتصرف وما قبل الأخير هو الأنسب]. {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ} [هود: 1] بتقطيعه (تنجيمه) وتبيين أحكلامه وأوامره على محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وأمته، أو فُصّل بها ما يحتاج إليه العباد أي بُيّن ولخص [بحر 5/ 201 بتصرف]. {وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 154]، {بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ} [الأعراف: 52] أي أحكامه أو آياته (ونجومه). وكل (فَصّلَ) للفاعل والمفعول ومضارعها و (تفصيل) و (مفصَّل) - وكلها منصبّة على الكتاب والآيات - لا يخرج معنى أيٍّ منها عن أيٍّ مما سبق. {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ} [الأعراف: 133]: متميزات الواحدة بعد الأخرى وواضحات. ومنه: "فَصَلت المرأةُ وَلَدها: فَطَمته " (فاستقل عنها): {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15]، وكذا ما في [لقمان: 14]، {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: 233] الفصال هنا: الفطام قبل تمام الحولين إذا ظهر استغناؤه عن اللبن، فلابد من تراضيهما [بحر 2/ 227]. و "الفَصِيل من أولاد الإبل والبقر: ما فَصَل عن أمه وعن اللبن. وفَصَل مِنْ عندي وعَنْ البَلَد فصولًا: خرج ": {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ} [يوسف: 94] أي خرجت من مصر عائدة إلى البدو - حيث كانوا يقيمون. {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ} [البقرة: 249] (انفصل من مكان إقامته بادئا المسير بجيشه). و"فَصَل بين الخصمين: حَكَم " (فميّز بين المحق والمبطل وحدود كل منهما:

(فصم)

{إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الحج: 17 ومثلها ما في الأنعام: 57، السجدة: 25، الممتحنة: 3]، {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [الصافات: 21]، (القضاء ومنه الحساب)، {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص: 20]: القضاء بين الناس بالحق، وإصابته وفهمه [بحر 7/ 374]، {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ} [الطارق: 13]: فاصل بين الحق والباطل، كما قيل له: فُرقان. ويجوز أن يعود الضمير على الكلام الذي أخبر فيه ببعث الإنسان يوم القيامة وابتلاء سرائره، أي إن ذلك الكلام قول جزم مطابق للواقع لا هزل فيه [بحر 8/ 451]. {وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} [الشورى: 21] أي العِدَة بأن الفَصْل (التام) يكون في الآخرة (لا في الدنيا)، أي ولولا القضاء بذلك لقُضِيَ بين المؤمن والكافر أو بين المشركين وشركائهم (في الدنيا) [بحر 7/ 394]. وكل (يوم الفصل) في القرآن هو يوم القضاء أي يوم القيامة. "والفيصل: الحاكم ". و"فصيلة الرجل: عشيرته ورهطه الأدنَوْن/ أقرب آبائه إليه كالعباس -رضي اللَّه عنه- يقال له فصيلة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "والمقصود بالفصيلة: (القِسْم) من القبيلة الذي ينتمي إليه الشخص أقربَ انتماء، ولذا وصف القرآن الفصيلة بالإيواء: {وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ} [المعارج: 13]. • (فصم): {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا} [البقرة: 256] طفُصِمَ البيتُ - للمفعول: انْهَدَم. وخَلْخَال أَفْصَم: منفصم. فَصَمت الشيء (ضرب): كَسَرته من غير أن تُبِين. ودُرَّة بيضاءُ ليس فيها فَصْم: أي صَدْع ".

معنى الفصل المعجمي (فص)

Qتفكك باطن الشيء مع بقاء التئام ظاهره: كالبيت المنهدم ذهب اشتداده وانتصابه مع بقاء الجلود أو نحوها مما بني به، وكالدرة المنصدعة مع بقاء تماسكها ظاهرًا. وكذلك الخلخال الأفصم له فتحة كالصدع ليس كامل الالتئام كالحلقة. ومنه: "أَفْصَمَت عنه الحمى " (روعي فيها أنها كانت مسئولية عليه كله وهي شديدة ثم خلّته). {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا} (يلحظ بجانب المتانة وعد كريم بعدم التخلي عن المؤمن). ° معنى الفصل المعجمي (فص): تميز جزئي مع قوة - كتميز الحدقة لونًا وحركة وبصيصًا بين جفني العين -في (فصص)، وكتميز اللبن بصفائه وخلوصه من الرغوة -في (فصح)، وكتميز عظام مفاصل الأعضاء تحت الجلد أي انفصال عَظْم كل مفصل عن عَظْم الجانب الآخر من المفصل -في (فصل). وكتفكك باطن الشيء دون ظاهره، وهو تميز جزئي -في (فصم). الفاء والضاد وما يثلثهما • (فضض - فضفض): {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159] "الفَضَّة -بالفتح: الصَخْر المنثور بعضُه فوق بعض. والمِفَضّ: ما يُفَضّ به مَدَرُ الأرض المُثارة. فضفضت الخاتَمَ عن الكِتَاب: كسَرْته وفَتَحْتُه. وفَضّ البيضةَ: كسرها ". Qكسر الجرم الكثيف الصُلْب وتفريق بعضه من بعض (¬1): كالصخر الموصوف كأنه كان كلة واحدة، وكما يفعل المِفَضّ بالمَدَرَة ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الفاء عن نفي أو إبعاد بقوة، والضاد عن تجمع كثيف وغِلَظ، والفصل =

وهي الكتلة العظيمة من الطين إذا كانت متماسكة جافة. وخاتَم الكتاب (= الرسالة) كان في ذلك الزمن طبقة طينية شبيهة بختم الجمع الأحمر الآن، وككسر البيضة. ومنه: "فض القومَ: فرّق جمعهم. وتَفَضْفَضَ القوم وانفضوا: تفرقوا ": {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}. وبمعنى التفرق هذا ما في [الجمعة: 11، المنافقون: 7]. و "فَضَضْتُ ما بينهما: قطعت ". ومنه "الفِضّة ": المعدنية المعروفة لأنها توجد في الأرض قطعًا وشذرات: {. . . قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ} [الإنسان: 16]. و "الفَضِيض: الماء العذب "من الأصل أيضًا ذَهَبَت (انْفَصَلَتْ) منه كثافة الملح. (فعيل بمعنى مفعول). ومن ذلك "الفضفضة: سَعَة الدرع والثوب " (من التفرق كأن أجزاءه بَعُد بعضُها عن بعض). وليس في القرآن من التركيب إلا (الانفضاض) و (الفِضة). ¬

_ = منهما يعبر عن فصل وتفريق للمتجمع الكثيف الغليظ بالكر أو نحوه. وفي (فضو) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن إصحاب الشيء (= اشتمال) بخلاء (فاصل واسع) بلا تعلق ولا حاجز كالمكان الفاضي وإفضاء المرأة والسهم الفضا: المفرد في الكنانة. وفي (فوض) تعبر الواو عن اشتمال ويتمثل الانفصال هنا في عدم التعلق خاصة كما في الأموال الفوضي. وفي (فيض) تعبر الياء عن اتصال وامتداد ويتمثل الفصل أو التفريق هنا في خروج المائع ممتدًا من ظرفه. وفي (وفض) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال، ويعبر التركيب عن اخواء واشتمال لما شأنه المفارقة والانتشار كالوفضة للهام. وفي (فضح) تعبر الحاء عن انبساط باحتكاك وجفاف، ويعبر التركيب عن كشف حادٍّ لجسم الشيء أو وجوده (بانزياح ما كان يستره) كما يفعل ضوءُ الصبح بعد ظلام الليل. وفي (فضل) تعبر اللام عن نوع من استقلال الشيء، ويعبر الفصل المختوم بها عن زيادة من مادة الشيء متمزة كفضل الإزار وفضول الغنائم.

(فضو)

• (فضو): {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء: 21] "الفضاء: الخالي الفارغ الواسع من الأرض. ومكان فاضٍ ومُفْضٍ: واسع. وضَرَبَه بمرضَافةٍ وَسَطَ رأسه حتى يُفْضِيَ كلُّ شيء منه أي يصير فَضَاء. والمُفْضَاة: الشريم: من صار مسلكاها واحدًا. تَمْرفَضًا: مَنْثُورٌ مختلط. وبقي من أقرانه فَضًا أي وَحْدَه. وسَهْمٌ فَضًا: مُفْرد ليس في الكنانة غيره ". Qخلاء عامّ محيط بلا تعلق أو حاجز: كالمكان الفاضي، وكإفراغ الرأس مما فيه، وخُلُو المَسْلَك من حاجرٍ يحجز بينه وبين السمّ الآخر، وكالتَمْر الفَضا كل تمرة منه وحدها ليست ممسكة في غيرها أي حولها خال، وكذلك السهم. ومن ذلك: "أَفْضي فلان إلى فلان: وصل إليه وأصله أنه صار في فرجته وفضائه وحيزه " [ل] (أي بلا حاجز بينهما). و "أفضى يده إلى الأرض: مسها بباطن راحته (بلا حائل) في سجوده، {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} أفضى إلى المرأة: خلا بها غَشِيَ أو لَمْ يَغْشَ " (أي بلا حائل بينه وبينها فيصدق (أ) بمجرد الخلوة والتمكن من المباشرة ولو بلا جماع (ب) - وبالجماع من باب أولى، لكنه ليس نصًّا فيه كما هو واضح - وقد ورد القولان في [قر 5/ 102] وعلي القول بأن المراد الجماع يكون كناية، وهو معنى قول ابن عباس: إن اللَّه كريم يكنى عما يريد [طب 8/ 125] ثم إن السياق -وهو هنا الجمع بين الإفضاء والميثاق الغليظ- يقضي بأن المراد الجماع. ومنه: "أمرهم بينهم فضًا أي سواء " (أي لا يعلَق بواحد خاصة).

(فوض)

• (فوض): {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَي اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر: 44] "الوَحْشُ فَوْضَى: متفرقة تتردد. وصار الناس فَوْضَى: متفرقين. ونعامٌ فَوضَى: مُختلطٌ بعضه ببعض. ومتاعُهم وأموالهم فوضى بينهم: هم شركاء فيها ". Qالشيوع وعدم تحدُّد اختصاص الشيء بمكان، أو صحبة، أو مِلْك إلخ: كالوَحْش المتفرق المتردد، والناس والنعام والمتاع بأحوالها المذكورة. ومنه: "فوّض إليه الأمر - ض: صيّره إليه وجعله الحاكمَ فيه (أي حدّد إسناده إليه): {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَي اللَّهِ}. وتفاوض القوم في الأمر، وفاوض بعضهم بعضًا فيه " (لأنه في التشاور يحال الأمر لكل واحد بدوره يقضي فيه بحسب رأيه، وإبداء الرأي حكم)، كما يقال: تداولوا الرأي في قضية ما. • (فيض): {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198] "فاض الماءُ والدمعُ ونحوهما فيضًا وفُيوضًا وفَيَضانًا: كثُر حتى سال على ضَفّة الوادي. فاض: تدقّق. أفاض إناءه: ملأه حتى فاض. أفاض الماء على نفسه: أفرغه ". Qخروج المتسيب اللطيف نحو الماء عن حدود ظَرْفه من كثرته وامتلاء الظَرف به: {تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} [المائدة: 83 ومثله ما في التوبة: 92]، (كأن ذلك قهرًا عنهم، وهو أصدق) {أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ} [الأعراف: 50] (يطلبون إِفضالا منه). ومنه: "فَاضَتْ نفسُه: خَرَجَت. وأفاضَ البعيرُ بِجِرّته: دفع بها من جوفه ". {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} [البقرة:

(وفض)

198 ومثله ما في 199 منها] هذا عن تحرك جموع الحجاج كالموج إلى مزدلفة ثم إلى مِنَي ". "ودرع فَيوض ومُفاضة: واسعة " (تسمح للبدن أن يزيد ويتحرك). ومن معنويه: "فاض صدره بسره: إذا امتلأ وباح به ولم يُطِق كتمه. فاضَ الحديثُ واستفاضَ: ذاعَ وانتشر. وأفاضَ القومُ في الحديث: اندفعوا وخاضوا وأكثروا منه: {هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ} [الأحقاف: 8 ومثلها ما في النور: 14، يونس: 61]. وفاض اللئام: كثروا ". • (وفض): {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} [المعارج: 43] "الوَفْضَة: جَعْبة السهام إذا كانت من أَدَم ليس فيها خَشَب. والوِفَاض ككتاب: الجِلْدة التي توضع تحت الرحى (لتتلقى جشيش الحبّ أو طحينَه)، والمكانُ الذي يمسكُ الماءَ وهو المِساك والمَسْك. والوَفَضُ -محركة: الوَضَمُ الذي يُقَطَّع عليه اللحم ". Qاحتواءٌ أو اجتماعٌ مؤقت لما شأنه الانتشار أو التفرق بقوة (اجتماع وانتشار معًا): كوَفْضَة السهام، ووِفاض الجَشِيش والطحين، ومِسَاك الماء، ووَضَم تقطيع اللحم - وكلها تتفرق أو تنتشر. ومن ذلك: "الأوفاض: الفِرَق من الناس والأخلاط من قبائل شتى ". ومن هذا الأصل دلت على إسراع الجماعات عن ذُعر ونحوه، وهو انتشارها وتفرقها بقوة: "وَفَضَت الإبل: أسرعت. وناقة ونعامة مِيفاض: مسرعةٌ. وأوفضَها واستَوْفَضَها: طَرَدَها. واستَوفِضُوا الزاني عامًا: أي اطْردُوه عن أرضه وغَرِّبُوه وانْفُوه. واستوفضه: طرده واستعجله. وثور مُسْتَوْفِضٌ: نافر

(فضح)

من الذعر/ أفزع فاستَوْفض: أَسْرَع " (الانتقال من المكان تسيب ومفارقة كما في الأصل، وكون ذلك عن ذعر يؤدي إلى قوة ذلك. وأُغفِل فيها قيد التجمع). {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} وهذا إنذار مع تقريع بالغ الزَجْر وتذكير موجِع بإيفاضهم إلى الأنصاب. • (فضح): {قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ} [الحجر: 68] "فُضْحَة الصبح -بالضم "بياضُه. وفَضَّح الصبحُ - ض، وأفْضَح: بَدا. وقد أَفْضَح البُسْر: بَدَت الحمرة فيه. وأفضح النخلُ: احمرّ واصفَرّ ". Qانكشافٌ عامٌّ أو واسع بسبب اللون السافر اللافت: كضوء الصبح يكشف الأشياء، والألوان المذكورة تكشف الحال وتُعرف وتُميز. ومنه: "الفُضْحة: لون اللحم المطبوخ " (يبيضّ قليلًا ويُعْلَم أنه مطبوخ). ومنه: "الأفضح: الأبيض وليس بشديد البياض، وفَضَح القمرُ النجومَ: غلب ضوءُه ضوءَها فلم يَتبَيّن " (غمرها بضوئه). ومن هنا قيل: "فَضَحه: كشف مساويه ". وجاء التخصيص من الاستعمال ومن أن المساوي هي التي تستر وتُغَطَّى عادة فتكون عند انكشافها أظهر وأشهر {قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ}. • (فضل): {وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [الجاثية: 16] "فَضلُ الإزار: ما يَجُرُّه الإنسان على الأرض على معنى الخُيَلاء والكبر. وفَضْلَةُ الثوب والدرع كذلك. وفواضل المالِ: ما يأتيك من غَلّته ومرافقه. وفُضُول الغنائم: ما فَضَل منها حين تُقْسَم ".

Qزيادة من مادة الشيء متميزة عنه: كفضل الإزار وفضول المال والغنائم. ومن ذلك "الفَضْلة: الثياب التي تُبْتَذَل للنوم. قال في [ل]: "لأنها فَضَلَتْ عن ثياب التصرف ". ومن هذه: "التفضل والفِضَال: لُبْس ثَوب واحد في البيت ليس معه إزار ولا سراويل. والتفضل أيضًا: التوشح وأن يخالف بين أطراف ثوبه " (أي فضول ثوبه). ومن ذلك تأتي معنى البقية: "فَضَل الشيءُ: زادَ عن الحاجة، وبقى. وأفضل منه: أبقى بقية ". ومن هذا: "الفضل: الزيادة "-حسّية أو معنويّة: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} [النور: 22] يعني المال [بحر 6/ 404]، {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198]: الأرباح التي تكون بسبب التجارة وكذلك ما تحصل من الأجر بالكراء في الحج [نفسه 2/ 103]، {وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا} [البقرة: 268]. وكل نعم اللَّه عز وجل فَضْل منه. و "فَضَّله على غيره - ض: جعله أو عدّه أفضل منه ": {وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ} [الرعد: 4] {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} [النحل: 71]، {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 47] أي عالمي زمانهم، أو بما جعل فيهم من الأنبياء. . . [يظر بحر 1/ 364]. أقول: فهو تفضيل نِسْبِيٌّ أو في أمر خاص. فقد قال تعالى: {وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 86] وإسماعيل عليه السلام هو أبو العرب. فليس بنو إسرائيل مفضّلين على العرب. وانظر تركيب (علم) هنا. "وتفَضّل عليه: أحسن إليه، وادّعي الفضْل عليه ": {مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ} [المؤمنون: 24].

معنى الفصل المعجمي (فض)

وكل ما في القرآن من التركيب هو التفضيل والتفضل والفَضْل بمعانيها التي ذكرناها. ° معنى الفصل المعجمي (فض): هو الكسر والتفريق بقوة وغلظ (ويلزمه الفراغ بين الأشياء المكسرة) كالفَضّة: الصخر المنثور بعضه فوق بعض -في (فضض)، وكالفضاء والتمر الفضا غير الملتزق (فكل تمرة حولها فراغ) -في (فضو)، وكذلك كالوحش الفوضي والناس الفوضى المتفرقين لا أحد يرتبط بأحد -في (فوض)، وكالماء السائل (أي المنفصل) عن الوعاء أو الوادي -في (فيض)، وكالسهام المتفرقة في الوفضة -في (وفض)، وكانكشاف الأشياء بزوال الساتر عنها -في (فضح)، وكتفرق الثوب ونحوه إلى جزءين الأساسي والفضلة -في (فضل). الفاء والطاء وما يثلثهما • (فطط - فطفط): "الفَطَوْطَى - كخَجَوْجَي: الرجل الأَفْزر الظهر (الأحدب الذي في ظَهْرِه عُجْرة عَظِيمَة وهو المفْزُور أيضًا. والفُزْرة -بالضم: العُجْرة العظيمة في الظهر والصدر). والأَفَطّ: الأفطس ". Qضغط عظيم على جرم الشيء يخفضه أو يُنْتج نتوءًا في جانب آخر منه (¬1): كالأفزر الظهر يبدو كأنما ضُغِطَ من أعلى فتفزّر ظهره، ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الفاء عن نفي أو إبعاد بقوة، والطاء عن غلظ وضغط، ويعبر الفصل منهما عن تفسخ بسبب ضغط عظيم متصور كحال أنف الأفطس. وفي (فطر) تعبر الراء عن الاسترسال. ويعبر الفصل المختوم بها عن نشوء بنحو الشق البطيء (النشوء والنتوء باب واحد. والبطء امتداد زمني يحقق الاسترسال) كما في فطر الناب والبئر.

(فطر)

وكذلك الأمر في الأفطس. ومنه فَطْفطَ: تكلم بكلام لا يفهم (كلام مدغم مضنوط بعضه في بعض). وكذلك الفَطَافِط: الأصوات عند الزجر (أصوات غليظة بدفْع). وقالوا: فَطْفَطَ: سَلَحَ. (كأنما من ضغط عظيم). • (فطر): {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 79] "فَطَر نابُ البعير (نصر)؛ شَقَّ اللحْمَ وطَلَع. وفطَر البئرَ: ابتدأ حفرها، والناقةَ: حَلَبها بأطراف أصابعه. والتَفَاطِير: بَثْرٌ يَخْرُج في وجه الغلام والجارية. والفُطْر -بالضم: جِنْسٌ من الكمء أبيضُ عِظَام، واللبن ساعة يُحْلبُ، والعنب إذا بدت رءوسه. والتفاطير: أول نبات الوسمي [تاج]. Qخروج الشيء أو نفاذه أول أمره شاقًّا ما فوقه بضغط أو بما له معناه: كطلوع الناب، وبدء البئر، والبثور، والعنب، والكمأة، ونبات الوسمي، وكلها فيه الشق وقيد الأَوّلية. وصورة الحلب تعطي الشق، والضغط في الحلب صريح، وفي المبتدآت مع القلة متوهَّم. ومن مراعاة الأوّلية أيضًا "حَيْسٌ فَطير: أي طَرِيّ قريب حديث العمل. وفطرت العجين والطين: وهو أن تَعجِنه ثم تختبزه من ساعته (أي دون تخمير). وفَطَر الجِلد: لم يُرْوِه من دباغ، وسوط فطير: مُحَرَّم لم يجوّد دباغه " (الأخيران كأنهما لم يدبغا - كما جاء عن الأول في [التاج] فهما على حالتهما الأولى. ومن الشق وحده "انفطر الثوب وتفطّر: انشق. وتفطّرت قدماه: انشقتا {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} [الانفطار: 1] كما قال: {انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا} [النبأ: 19]، {فُرِجَتْ} [المرسلات: 9]، {تَكَادُ

معنى الفصل المعجمي (فط)

السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ} [مريم: 90]. وبمعناه ما في [الشورى: 5، الملك: 3، المزمل: 18] من ألفاظ (فطر) بمعناها هذا. ومن الأولية البدء يأتي معنى الخلق، لأنه بدء وجود، كما أن الخلق يتأتى من الشق: كان المخلوق يشق الحيّز والظرف فيظهر فيه "فطر اللَّه الخلق: خلقهم وبدأهم " {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30]، الحالة والهيئة التي فُطِروا عليها من الإيمان به وحده. وسائر ما في القرآن من مفردات التركيب -عدا ما أسلفناه بمعنى الشق- فهو بمعنى الخلق هذا. وأما "أفطر الصائمُ وفَطَر: إذا تناول الطعام والشراب " (فهو من الأولية من حيث إن الإفطار هذا هو أول شيء يتناوله أيًّا كان بعد بقاء اليوم كله بلا طعام ولا شراب). ° معنى الفصل المعجمي (فط): هو النتوء بسبب ضغط كالفُزْرة في ظهر الفَطَوْطَي -في (فطط)، وكبزوغ ناب البعير شيئًا فشيئًا كأنه يخرج بعسر لضغط، وكذلك فَطْر الناقة: حلبها وفُطْر العنب إلخ -في (فطر). الفاء والظاء وما يثلثهما • (فظظ): {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159] "الفَظّ -بالفتح: ماءُ الكَرِش يُعْتَصَر فيُشرب منه عند عَوَزِ الماء في الفَلَوات، وأبوال الخيل كذلك. وفظّه وافْتَظّه: شَقَّ عنه الكَرِش. والفَظِيظ: ماءُ الفَحْل. وأفظظت الخَيْطَ: أدخلتُه في الخُرْت ".

الفاء والعين وما يثلثهما

Qنفاذ بضيق وغلظ وكراهة (¬1): كذلك الماء بالاعتصار وهو كريه، وكذلك البول وماء الفحل، وكذلك الخيط يُدخَل في خُرْت الإبرة بمشقة ومحاولات. ومنه: "الفَظّ من الناس: الخشنُ الكلامِ الغليظُ الجافي في منطقه ": {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (بقلوبهم وأبدانهم، أو بقلوبهم فقط إن اضطروا). الفاء والعين وما يثلثهما • (فعفع): "الفَعْفَعاني -بالفتح: الجازر. ورجل فَعْفَع وفَعْفاع -بالفتح: سريعٌ/ خفيفٌ. وتَفَعْفَعَ: أسرع ". Qمهارة وخفة في الحركة والعمل تفريقًا أو مفارقة (¬2): كما يُقَسِّمُ الجازر الذبيحةَ إِرَبًا، والسرعة خفة حركة في المفارقة. ومنه: "الفَعْفَاع: ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الفاء عن نفي أو إبعاد بقوة، والظاء عن كثافة وغلظ، والفصل منهما يعبر عن النفاذ بغلظ وضيق وكراهة. (¬2) (صوتيًّا): تعبر الفاء عن نفي أو إبعاد بقوة، والعين عن عرض أو التحام مع رقة وشيء من الحدة، والفصل منهما يعبر عن مهارة وخفة في العمل والحركة، كما في الفعفع: السريع الخفيف، والجزار يُعَضِّي الذبيحة. واللحم فيه بلل ورقة. وفي (فعل) تزيد اللام معنى الامتساك مع الاستقلال, ويعبر الفصل المختوم بها عن تميز (استقلال) مادي لشيء أو حَدَث يُعْمل أو يُؤَدَّي بجِدٍّ (إنجاز مع عدم تراخ) كالذي يؤدي بالفأس والقدوم والذي يؤديه الفَعَلة.

(فعل)

الجبان " (فَرّار). أما "الفَعْفَع والفَعْفَعاني: الحُلْو الكلام الرَطْب اللسان " (فهو خفيف على النفس). • (فعل): {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 107] "الفعال - ككتاب: نِصاب الفأس والقدوم والمطرقة وهو العود الذي يُجْعل في خُرْتها. والفَعَلة: صفة غالبة على عَمَلة الطين والحَفْر والنجارين ". Qنفاذ أو مخالطة مادّية عنيفة أو جادّة (قَطْع أو فك أو حَمْل ثقل أو تحريك. .) يُغير شيئًا أو يحدثه: كما ينفذ العود في خرت الفأس إلخ ليمكن العمل بها أو كما يُفْعل بالفأس والقدوم. . إلخ تلك الآلات، وكما يَفْعله عَمَلةُ الطين والحَفْر إلخ. . ثم عُمِّمَ في كل ممارسة عملية تتطلب قوة زائدة تتمثل في تحمل المشقة أو التأثير أو الجِدّ "فالفعل كناية عن كل عمل " (أي لا كلام وينبغي أن يزاد قيد: فيه زيادة جِدّ)؛ ولذا قوبل بالقول في {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2 وكذا ما في 3]. ويستعمل في الأحداث العنيفة: {وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ} [الشعراء: 19] هي قتله رجلًا، وفي إنزال العذاب: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: 1]، {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} [إبراهيم: 45]، {وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ} [البروج: 7]، وكذا كل (فَعَل ب، يفعل ب). وبجسامة النفع المنفي يفسَّر ما في {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ} [النساء: 147]، وبجسامة الاحتمالات يفسر ما في [الأحقاف: 9]. وأما ما استعملت فيه (فعل) في أداء الخير مثل {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} [آل عمران: 115، وكذا ما في النساء: 127، 197، 225، الأحزاب: 6]

فكل ذلك يفسّر استعمال (فعل) فيه بالأداء أو التنفيذ الجادّ الذي لا فتور ولا تساهل فيه: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج: 16]. ولمعنى الإحداث يقال: "افتعل حديثًا: اخترقه، وافتعل كذبًا وزورًا: اختلقه ". هذا وقد عورض الليث في تخصيصّ الفَعَال - كسحاب: بالفعل الحسن من الجُود والكَرم ونحوه ". وأصل المعنى عامٌّ، إلا أن يكون مرجع التخصيص كثرة الاستعمال. فيسلَّم، إذا ثبت. وفي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} [المؤمنون: 4] قال في [ل زكا] ص 78]: والزكاة. . وزنُها فَعَلة كصَدَقة. . وهي من الأسماء المشتركة بين المُخْرَج (أي الحب أو المال إلخ) والفِعْل. فيطلق على العين وهي الطائفة من المال المزكَّى بها، وعلى المعنى وهي التَزْكية. . ومن الجهل بهذا البيان أُتِى من ظلم نفسه بالطعن على قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} ذاهبًا إلى أن الزكاة هنا بمعنى العين أي المال المُخرَج (أي فهذا لا يُفْعَل وإنما يُؤتَى أو يُؤَذى) وإنما المراد المعنى الذي هو التزكية ". اهـ. وأقول أولًا: إنه يشير إلى ما حكاه أبو سليمان الخطابي في كتابه عن إعجاز القرآن وردّ عليه [ينظر ثلاث رسائل في إعجاز القرآن ص 38 و 45 و 69]. ثم أقول ثانيًا: إن كلمة الزكاة اسم مصدر وهو قد يستعمل بمعنى الفعل كالمصدر، فـ "فاعلون "هنا يتأتى أن يكون بمعنى يفعلون التزكية (: أداء الزكاة) أو يتزكَّون {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9]، وقد أشير إلى بعض هذا في [ل]. كما ذكرنا آنفا. لكن التعبير بتركيب (فعل) دون (أدّى) أو (آتى) وراءه ما أسلفنا من أن التركيب يعبر عن الممارسة العملية المقترنة بنوع من الجِدّ، والقوة الإضافيه (المبالغة والمواظبة) كما فى [ثلاث رسائل 45] وهي تتمثل هنا فى:

أ) الدأب والمواظبة على إيتاء الزكاة. ب) الالتزام الصارم بكل آداب أداء الزكاة: الالتزام في توقيت وجوبها، والمقدار المخرج، وجودة المخرَج {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}، والتوزيع، واستحقاق المخرج إليه - بلا تهاون في أي من ذلك. ومراعاة ذلك كله هي التي تجعل إخراج الزكاة يتطلب غاية الجِدّ بحيث يعبر عنه بالفعل لا بمجرد الإيتاء. والتعبير بهذا يشير إلى مستوى لا يبلغه الكثيرون، فمن رحمة اللَّه تعالى أن ذكر التعبير الآخر في آيات أُخَر توسعة على عامة عباده. وبعد، فلعله مما يؤيد ما ذكرته من استعمال لفظ (فعل) وما اشتق منه في ما هو جِدٌّ لا هوادة فيه: أ) استعمال هذا التركيب في مقابل القول {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2، 3] وغيرهما. ب) في إيقاع العذاب {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: 1] {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} [إبراهيم: 45]، {أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (17) كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ} [المرسلات: 16 - 18، الصافات: 34] وغيرهن مما أشرنا إليه قبلا. وقد عُبّر عن هذا في [ثلاث رسائل 69] باستعمال هذا التعبير في العقوبات ونحوها. ج) انصباب استعمال هذا التركيب في كثير من الآيات على ارتكاب المعاصي والمخالفات {أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} [الأعراف: 155]، {أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: 173]. وآيات أخر كثيرة.

معنى الفصل المعجمي (فع)

د) وهذا إحصاء تقريبي يؤكد ما قلنا: مفردات التركيب في القرآن الكريم 108 منها (40) تعبر عن عمل شر أو منكر، و (10) إيقاع عقوبة أو نحو ذلك، و (5) عمل يتسم بزيادة الجد، و (10) عمل خير، و (43) عمل مطلق أي أداء تنفيذي كالذي هو مقابل القول. ° معنى الفصل المعجمي (فع): هو المهارة والقوة أو الجدّ في عمل الشيء كما هو عمل الفعفعاني الجازر -في (فعع)، وكما في وظيفة الفِعال وجِدّ الفَعَلة ومَشَقّة عملهم -في (فعل). الفاء والقاف وما يثلثهما • (فقق - فقفق): "فقّ النخلةَ. . (رد): فَرَّجَ سَعَفَها ليصل إلى طَلْعها فيُلقِحَها ". Qفتح عمق الشيء المزدحم أو الكثيف العمق وتوسيعُه (أو إخلاؤهُ) (¬1): كفتح تجمع جريد رأس النخلة إلى الطلع الذي في وسطها. ومنه ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الفاء عن نفي أو إبعاد بقوة، والقاف عن تعقد (تجمع واشتداد وغلظ) في الجوف أو في الأثناء, والفصل منهما يعبر عن فتح نافذٍ إلى العمق المتعقد أو الكثيف للشيء، كما في فَقّ النخلة. وفي (فوق) تعبر الواو عن اشمال. ويعبر التركيب عن اشتمال على ذلك الفتح أي عن فراغ أو اتساع علوي مكنوف يمكن أن يُشْغَل كمَشَقّ الفُوق وشقوق الفاق (المشط). وفي (وفق) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال. ويعبر التركيب عن جمع بين شيئين مختلفين (بينهما فراغات) مع تداخل والتئام وهو معنى التوافق. وفي (أفق) تسبق الهمزة بالدفع والضغط، ويعبر التركيب عن تأكيد الفراغ (الشق أو الاتساع) وكونه عُلْوِيًّا كالأُفُق. وفي (فقد) تعبر الدال عن ضغط ممتد يأتي منه =

(فوق)

فقفق الرجل: افتقر (خلت حوزته). • (فوق): {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76] "الفُوق -بالضم: مَشَقّ رأس السهم حيث يقع الوتر (وحرفاه: زنمتاه) والفَاق: المُشْط، والصَحْراء أو الأرضُ الواسعة. وفاق الرجل فُواقًا: شَخَصت الريح (المتجمعة في صدره) من صدر. . وأفاقت الناقة: اجْتَمعتْ الفيقة -بالكسر وهي ثائب اللبن بعد الحَلْبة الأولى- في ضَرعها. فاقَ السطحَ: علاه ". Qفراغ أثناءٍ عُلْوِي يُتَخَلَّلُ بِلُطف إلى العُمق: كفوق السهم في رأسه وهو فراغ يقع فيه الوتر، وكالمشط يعلو الشعر وتتخلل أسنانُه فراغه. وكريح الفُوَاق في الصدر تخرج من الفم، وكثائب البن (وهو لطيف) ينفذ ليشغل الفراغ الذي في أعلى الضرع. ومن هذا الأخير: "أفاق الزمان: أخصبَ. أفاق العليل: نَقِهَ (كأنما نفذ إلى عمق بدنه ماء الحيوية والصحة وبَلالهُا -كما يقال أَبَلّ من مرضه)، وكذا أفاق السكران والمغشيّ عليه: صحا، وانجلى ¬

_ = الاحتباس، ويعبر التركيب عن احتباس على فراغ، وذلك الفراغ هو فقد ما في الحوزة من عقل أو زوج أو ولد. وفي (فقر) تعبر الراء عن استرسال. ويعبر التركيب عن استرسال نفاذ الفراغ في جَوْفٍ صُلْب أو قوِيّ كفَقَار الظهر. وفي (فقع) تعبر العين عن التحام ورقة أو نحوها مع شئ من الحدة، ويعبر التركيب عن لمعان الظاهر أو وضوحه مع فراغ الباطن كالفقاقيع. وفي (فقه) تعبر الهاء عن إفراغ، ويعبر التركيب عن استخراج (إفراغ) ما في عمق الشيء، ويكون بالوصول إليه، كما في الفحل الفقيه وفقه معنى الكلام.

ذلك عنه ". {وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ} [ص: 15] أي لا يَبِلّون منها، {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ} [الأعراف: 143]. و (فوقُ) نقيض تحت. يصدق بالفراغ الذي يعلو الشيء، كما أن أعلى الشيء في الأفق هو الفراغ بين السماء والأرض: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} [الأحزاب: 10]: من فوقكم من جهة الشمال الشرقي حيث قريظة ومن معها، ومن أسفل منكم من الجنوب الغربب حيث قريش ومن معها. [ينظر ل، بحر 7/ 210]. {عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام: 65] كالصواعق، وكما أمطر الحجارة، وفتح أبواب السماء بالطوفان [بحر 4/ 155]. و"الفاقة: الفقر والحاجة "من الفراغ في الأصل. ومن معنوي الارتفاع: "فاق شخصًا: علاه، والمصدر الفَوْق -بالفتح، وكسحاب ": {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76]. وليس في القرآن من التركيب إلا (أفاق) (فَواق) (فوق) وقد ذكرنا معانيهن. {لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} [المائدة: 66]: من قَطر السماء ومن نبات الأرض، أو من جهة التوسعة كما تقول: فلان في خير من فَرْقه إلى قدمه [ل]. {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26] أي فما هو أعلى من البعوضة في باب الصغر - كما يقال ترتيب تصاعدي في الصفة المقصودة وهي دقة الجِرم مع ضآلة الشأن. وهذا يتفق مع قول أبي عبيدة في [ل]. {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: 55] الذين اتبعوه: إما المسلمون الذين هم مؤمنون بعيسى عليه السلام على حقيقة أمره، أو هم المنتمون إلى شريعته وإن لم يتبعوه

(وفق)

حقيقة، والكافرون هنا هم اليهود، والفوقية عامة في الدنيا بالحجة والبرهان وبالغلبة [ينظر بحر 2/ 497 - 498، أي في الدنيا - عملًا بغائية (إلى) وللآخرة حسابها المفصل عند اللَّه، وكما في آيات أُخَر مثل {وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [البقرة: 212] وهي واضحة إجمالًا. وفي [بحر 2/ 139] تفصيل لصور الفوقية. • (وفق): {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88] "المواففة بين الشيئين كالالتحام. ووَفْقُ الشيء -بالفتح: ما لاءمه. ووافقت فلانًا في موضع كذا: صادفته. وأتانا لوَفْق الهلال -بالفتح أي لطلوعه ووقته أي حين الهلال. وكنت عندَه وَفْقَ طَلَعت الشمس أي حينَ طلعت أو ساعةَ طلعت. وأوفق القومُ الرجلَ: دَنَوْا منه واجتمعت كلمتهم عليه. وأوفَقَت الإبلُ: اصطفت واستوت معًا ". Qالتئام شيئين أو أكثر بالتجمع والتداخل في حيز واحد مع الاتساق: كالشئين الملتئمين، وكالاصطفاف، وكالمصادفة في التلاقي بين اثنين في المكان، وكذلك موافقة التقاء الوصول إلى المكان بحين طلوع الهلال والشمس. وقد قالوا "فلان لا يَفِقُ لكذا أي لا يَقْدِرُ له لوقته ". "وفّق بينهم: لأم بينهم ": {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35]، {جَزَاءً وِفَاقًا} [النبأ: 26] أي موافقًا لأعمالهم [قر 19/ 181] أي بقدرها ومناسبًا لها كما قالوا: "حَلُوبة فلان وَفْقُ عياله "-بالفتح: أي لها لبن قَدْرُ كفايتهم لا فضل فيه.

(أفق)

و "التوفيق: الرَشَد "من ذاك الأصل (إذ معناه أن العمل يأتي مطابقًا وموافقًا للصواب المستهدَف وعلى قدره بلا خلل). يقال: (فلان مُوَفَّق كمعظّم: رشيد. ورَشِدْتَ أمْرَكَ ووَفِقْتَ رأيك (كفرح): {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ} في دعوتي إلى الإصلاح بأن تكون مسدّدة وناجحة. {إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} [النساء: 62]: موافقة للحق أو توفيقًا بين الخصوم [ينظر بحر 3/ 293]. • (أفق): {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ} [فصلت: 53] "أُفُق البيت من ببوت الأعراب - كعنق: نواجه ما دون سَمْكه. وآفاق السماء: نواحيها. والآفِقة: الخاصرة. والأَفِيق: الجلد الذي لم يدبغ ". Qتجوف داخلي (عُلْوِي) محاطٌ: كأفق البيت والسماء. والجلدُ الخالي من البدن كالكيس أو الغلاف الفارغ، يقول أحدهم: (اشتريت أفيقة أي سقاء من أدم "، من باب تسمية الشيء باسم مادته (كما يقال اشترى لعروسه الذهب). والخاصرة تجوف غائر أعلاه كالمغطي. ومن ذلك: "آفاقُ الأرض: نواحيها "إذ يبدو ذلك فراغًا أو تجوفًا عظيمًا حدوده السماء والأرض: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ} في الآفاق: وعيد للكفار بما يفتحه اللَّه تعالى على رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- من الأقطار في آفاق الدنيا مشرقها ومغربها، أو آفاق السماء: الآيات في الشمس والقمر والرياح وغير ذلك [بحر 7/ 483، والكشاف 4/ 201]. {وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى} [النجم: 7] أفق الشمس [نفسه 8/ 155]. {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} [التكوير: 23] رأى النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جبريل بين السماء والأرض في

(فقد)

صورته له ستمائة جناح. . . ووصف الأفق بالمبين لأنه رُوِى أنه كان في المشرق من حيث تطلع الشمس [بحر 8/ 426]. ومن آفاق السماء قيل: "أَفَقهُ: سبقه في الفضل (كأنما نفذ إلى الأفق الأعلى منه فعلاه)، وكذلك: "أفَقَ في العطاء: فضّل وأعطى بعضًا أكثر من بعض (أعلَى بعضا). والآفق: الذي بلغ الغاية في العلم والكرم وغيره من الخير. و "أفق (ضرب): غلب " (كأنما علا). • (فقد): {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ} [النمل: 20] "الفَقَد -بالتحريك: نباتٌ يشبه الكَشُوث (انظر ل كشث) يُنْبذ في العسل فيقويه ويُجِيد إسكاره (هذا النبات هو المسكر). وامرأة فاقد: مات زوجها أو ولدها أو حميمها. وظَبية وبَقَرة فاقد: سُبع ولدُها (أي أكله السبع). فَقَد الشيء (ضرب) وفِقْدانًا -بالكسر، وفُقودًا: عَدِمَه ". Qغياب شيء خطير القَدْر من جوف أو حوزة: كالعقل من الرأس في حالة السكر عن الفَقَد، وكغياب الولد أو الزوج من الحوزة: {قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71) قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ} [يوسف: 71، 72]. ومنه: "افتقد الشيء: طبه (وأصله أحس بغيابه أي فقْده فطلبه)، وتَفَقَّد الشيءَ: تَطَلَّب ما غاب (أي فُقِد) منه كذلك: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ} [النمل: 20]. • (فقر): {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} [فاطر: 15] "الفِقْرة -بالكسر والفتح وكسحابة: واحدة فِقار الظهر وهو ما انْتَضد من عظام الصلب من لدن الكاهل إلى العَجْب. والفَقِير: آبارٌ تُحْفَر ويُنْفَذ بعضها إلى

بعض، وفَمُ القناة التي تجرى تحت الأرض. وفُقْرَة القميص - بالضم: مَدْخل الرأس منه. فَقَر الخَرَزَ: ثَقَبه للنَظْم ". Qفراغ نافذ في العمق يسترسل امتدادًا أو دوامًا: كفِقار الظهر فهي عظمة لكن تخترقها قناة من أولها إلى آخرها، وكتلك الآبار النافذ بعضها إلى بعض، والقناة التي في باطن الأرض، وكفَتْحة الرأس في القميص ينفذ منها الرأس ليخترق البدنُ سائرَ القميص، وكثُقْب الخَرَزَة وهما دائمان. ومنه: "فَقَر أنف البعير (نصر وضرب): حَزَّه حَزًّا، والأرضَ: حَفَرها ". (كلاهما حَزٌّ نافد). ومن مجاز ذلك: "الفاقرة: الداهية " (الكاسرة لفقار الظهر أو المُذلة المُرغمة للأنف، من فَقْر أنف البعير المستصعب ليربطه بجرير ويُذَلِّلَهُ، أو المُفْرِغة ما في الجوف والحوزة من مادة قوة وآمال): {تَظُنُّ أَن يفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ} [القيامة: 25]. ومن فراغ العمق سمي "الفَقِير ضد الغني "لخلو حوزته من المال. وبذا يمكلن أن نحسم الخلاف المشهور في التمييز بين الفقير والمسكين بأن الفقير هو الذي لا يملك شيئًا، ولكن قد يكون به قوة على الكدح والعمل والطلب وإن كان ما يجمعه لا يكفيه، والمسكين فيه سكون: استكانة وضعف عن المكافحة لعجز أو مرض أو فقر معجز. وقد يكون أحسن حالًا - في المال - من الفقير الذي لا يملك شيئًا [وانظر تركيب سكن هنا، ول سكن وفقر]: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] وليس في القرآن من التركيب إلَّا (الفقير) وجمعه، والفاقرة.

(فقع)

• (فقع): {إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا} [البقرة: 69] "الفقع - بالفتح والكسر: الأبيض الرخو من الكمأة يَطْلع من الأرض فيظهر أبيض وهو رديء، والجيّد ما حُفِر عنه. والفقاقيع هنات كأمثال القوارير الصغار مستديرة تَتَفَقَّع على الماء والشراب عند المَزْج بالماء، واحدتها كتفاحة ". Qرِقّة ظاهر الشيء المتكور أو لمَعانُه مع خلو جوفه أو رخاوته التي تشبه الخلو: كالكمأة المذكورة (رخاوة الجوف من باب الفراغ)، وكالفقاقيع. ومن لمعان الظاهر: "الفِقِّيع - كسكير: جِنْسٌ من الحمام أبيض. وأبيضُ فُقَاعِيٌّ: خالص. والفاقع الخالص الصُفْرة الناصعُها. أصفر فاقع وفُقَاعِىّ ": {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا}. ومن فراغ الجوف: "فَقَع الحمارُ: ضَرِط. وتفاقَعَتْ عيناه: انشقتا " (فأُفرِغتا). وكذلك منه: "تفقيع الأصابع إذا غمز مفاصلها فأَنقَضَتْ "إذ هو صوت تَخَلْخُل هذه المفاصل مع بقاء التحامها. ومن معنويه: "أَفْقَعَ: افتقر، وفَقير مُفْقِع - كمحسن: مُدْقِع مَجْهود. والتفْقِيع: التشدُّق والمجيءُ بكلام لا معنى له " (فارغ). • (فقه): {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي} [طه: 27، 28] "فَحْل فقيه: طَبٌّ بالضراب حاذق. قال في [تاج]: "حاذق بذوال الضَبَع وذوات الحمل "اهـ. وفي [ل بور] ما خلاصته أن الفحل يعرف إن كانت الناقة

£° معنى الفصل المعجمي (فق)

ذات ضَبَع - أي تشتهي الطَرْق وتقبله، أو ذات حَمْل - فلا تشتهي الطرق ولا تقبله، بأن يتشممها. فإن كانت لاقحًا أي حاملًا بالت في وجهه - أي فلا يَطْرقها. ونقول سواء كان الفحل يعرف ذلك بأن تبول، أو بأن لها رائحة معينة يشمها فيعرف حالها، فإن تلك المعرفة وصولٌ إلى حقيقة خفية من أمر باطنها. Qوصول إلى حقيقة باطن الشيء: كما يعرف الفحل حال باطن الناقة. ومن ذلك: "الفِقْه: العلمُ بالشيء وفهمُه " (فهمًا عميقًا مستوعبًا) وقد فَقِه الشيءَ (علم وفرح) (كأنما غاص في داخله فأدرك دقائقه وخفاياه - وقد قال ابن الأثير إن اشتقاق الفقه من الشَقِّ والفتح. [ل] ولو أكمل بقوله "للنفاذ إلى باطن الشيء "لوفَّي الكلام: {وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44] والفقه ينصبَّ أصلًا على معاني الكلام {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي} [طه: 27، 28]، {مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ} [هود: 91]، {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة: 122]، {فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} [النساء: 78]. والفقه يحدث بالقلب، والله تعالى يصرّف الآيات ويفصّلها ليفقهوا {انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ} [الأنعام: 65، 98]. ولكن الإعراض يجازَي بالحجب: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ} [الأنعام: 25، والإسراء: 46، وكذلك ما في الكهف: 57]: غُطِّيَتْ قلوبهم فلا تنفذ إليها حقيقة أو علم. والتفقهُ طَلَبُ الفقه {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة: 122]. ° معنى الفصل المعجمي (فق): شق الشيء إلى عمقه ويلزمه فراغ العمق والوصول إليه وما إلى ذلك - كما في فَقّ النخلة: تفريج سَعَفها للوصول إلى الطلع لإلقاحها - في (فقق)، وكما في الفراغ الذي يعلو الشيء فيتيح شغل ذلك الأعلى - في

الفاء والكاف وما يثلثهما

(فوق)، وكالغئورات والنتوءات المتراوحة في الشيئين فيشغل النتوء الغئور فيلتحمان - في (وفق)، وكفراغ الآفاق في (أفق)، وكفقد الولد أو الزوج أو العقل - وكلٌّ من ذلك فراغ - في (فقد)، وكخلو أثناء فقرات الظهر والقناة التي بين الآبار - في (فقر)، وكخلو جوف الفقع والفقاقيع - في (فقع)، وكنفاذ الفحل الفقيه إلى حقيقة باطن الناقة (أفيها حمل ام لا) - في (فقه). الفاء والكاف وما يثلثهما • (فكك): {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 12، 13] "الفك: اللَحْى. والفَكَّان ملتقى الشِدْقين من الجانبين. فَكَّ خَاتَم الكتاب (رد) (أزال الجَمْع (الشمع) الذي يمنع فتحه). فك يدَه: أزال المفصل، وفك يدَه: فتحها عما فيها. ورجل أَفَكُّ المَنْكِب: انْفَصل مَنْكِبه عن مَفْصِله ضَعْفًا واسترخاء، وكل مُشْتَبكين فَصَلتهما فقد فككتهما ". Qتسيب وانفصال لما هو مشتد من الداخل أو على الداخل (¬1): كالفك فإنه مرتبط من أقصاه في حين أنه منفصل من الأمام، وكفضّ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الفاء عن نفي أو إبعاد بقوة، والكاف عن ضغط غئوري دقيق يتأتى منه الامتساك أو الانقلاع في الأثناء، والفصل منهما يعبر عن وقوع هذا الإبعاد على ما هو شديد الامتساك من الداخل فينفصل كما في الفك وفَكّ الخاتمَ. وفي (أفك) تسبق الهمزة بالتعبير عن دفع وضغط، ويعبر التركيب عن قلب الشيء أو تغير حاله من وجه إلى وجه كما تفعل المؤتفكات: الرياح المختلفة المهاب. وفي (فكر) تعبر الراء عن =

(أفك)

خَاتَم الكتاب (كان كالجَمْع الأحمر الذي (يُشَمَّع) به الآن)، وتَسَيُّبِ المِفْصَل، وفتح الكف عما فيه، وكانفصال المنكب. ومن معنويه: "فكُّ الرقبة بمعنى العتق: {فَكُّ َرَقَبَةٍ} أي فك غُلّ الأسير والرِقّ عنها. "والفَكَّة - بالفتح: حُمْق مع استرخاء، فهو فاكّ أي أحمق بالغ الحمق "كما يقال مختل العقل. ومن ذلك قولهم: "ما انفك فلان قائمًا "أي ما زال، وأصله ما انْفَصَلَ عن القيام وما تركه. فهذا مثل ما زال، وما برح، ومثل: لا بُدَّ. وقوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 1] أي منفكين من كفرهم منتهين عنه. • (أفك): {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى} [النجم: 53] "المؤتفكات: الرياح تختلف مهابُّها التي تقلب الأرض. و (المكان) المؤتفِك - بكسر الفاء: الذي اختلفت عليه الرياح من كل وجه. وأرض مأفوكة: لم يصبها المطر فأمحلت. وائْتَفَكَت الأرضُ: احترَقَت من الجدْب. ائتفكت البلدة بأهلها: انقلبت ". ¬

_ = استرسال، ويعبر التركيب عن ترتيب المعاني الجزئية (المفكوكة) واحدًا بعد آخر (استرسالًا وهذا هو معنى التفكير). وفي (فكه) تعبر الهاء عن إفراغ ويترجم هنا بتسيب أثناء ما تجمع وامتسك في الجوف - كالناقة المُفْكهة التي استرخى صَلَواها ويهراق لبنها قبل نتاجها. وكأثر الفاكهة في من يتناولها.

Qتغير حال الشيء .. جملةً من وجه إلى وجه: كالرياح المذكورة. والأرضُ الموصوفة تغير حالها إذ لم يُصِبْها المطر (بعد اعتياد إصابتها أو توقع ذلك مثل غيرها - كما يفهم من النفي ومن أنها أمحلت بذلك)، وكانقلاب البلدة. {وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ} [التوبة: 70] المؤتفكات صفة للقرى التي ائتفكت بأهلها بجعل أعلاها أسفلها. وهى مدائن قوم لوط الأربع أو التسع [بتصرف من بحر 5/ 70]. {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى} هي هي بإجماع المفسرين [نفسه 8/ 167]، {فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} [الأعراف: 117] (ما يقلبون صورته من الأشياء إيهامًا وخداعًا - فكذلك السحر. [وينظر قر 7/ 260] في حيل هؤلاء السحرة) {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا} [الأحقاف: 22] لتصرفنا عن عبادة آلهتنا بالإفك وهو الكذب [بحر 8/ 64] (أي من وجهة نظرهم). ومنه "أَفَكَهَ عن الشيء: صَرَفه (قلبه وغير اتجاهه إليه) {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} [الذاريات: 9] أي عن القرآن والرسول - صلى الله عليه وسلم - من صُرِف الصرفَ الذي لا صرف أشد منه وأعظم [نفسه 8/ 134]، {انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المائدة: 75] (أي نبين لهم بيانًا شافيًا ليرشُدوا لكنهم ينقلبون عن الرشد إلى سبل الغيّ). والإفك - بالكسر: الكذب والباطل، إذ هو كلام قُلِب عن وجهه {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] ولعل ما يختص باسم الإفك هو ما تكون فيه فرصة أو ظرف يمكن للمنافق أو المبطل أن يستغله في قلب الأمر إلى ما يريده. كحادثة الإفك هذه التي أنزل الله فيها براءة أمنا الكريمة.

(فكر)

وكل ما جاء في القرآن من التركيب فهو بمعنى القلب عن الوضع الصحيح ماديًّا كما ذكر، أو معنويًّا كالقلْب أو الصرْف من الحق الباطل. • (فكر): {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} [البقرة: 219] "الفِكر - بالفتح والكسر: إعمالُ الخاطر أو النظرُ في الشيء. فَكَر في الشيء (ضرب - قاصر) وأفكر وتفكر بمعنى ". وفي [الفروق لأبي هلال 88]: "التفكر: تصرف القلب بالنظر في الدلائل ". وعبارة ابن فارس: "تردد القلب في الشيء " (والتعريفات الثلاثة متلاقية. وليس في التركيب استعمالات مادية). Qترتيب المعاني الذهنية (الجزئية) وتقليبها للوصول إلى ما تؤدي إليه: فهذا معى عبارة أبي هلال وهي أوضحها وأقربها إلى معنى الفكر. {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} [المدثر: 18]، {أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} [سبأ: 46]. (تُعْمِلوا أذهانكم في أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - وأنتم فرادى أو مثنى مثنى بُعْدًا عن تشويش الكثرة، فتستحضروا حاله وما جاء به فيتبين لكم استحالة أن يكون به جنة [ينظر بحر 7/ 277] ففيه بسط جيد. {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]، فهو - صلى الله عليه وسلم - يبين ثم على الناس أن يتفكروا. ودائرة التفكير هنا مطلقة فهي أوسع، فكأَنّ التفكير هدف مستقل. ولا عجب فهو خاصة الإنسان التي بها كُرّم، وأداته اللغة {خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 3، 4]. وقال تعالى: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} [المدثر: 18، 19] أي فكر في القرآن ومن أتى به، وقدر في نفسه ما يقول فيه [بحر 8/ 366]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو من التفكير بالمعنى الذي ذكرناه.

(فكه)

• (فكه): {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ} [يس: 55] "ناقة مُفْكِهةٌ ومُفْكِهٌ - كمُحْسنة ومُحْسن: أَقْرَبَت (أي دنا وِلادُها) فاسترخى صَلَواها وعظم ضرعها ودنا نتاجها/ التي يهراق لبنها عند النتاج قبل أن تضع/ إذا رأيت في لبنها خُثُورة شبه اللِبأ. والفاكهة: النخلة المُعْجِبة [ق] ". Qتفتح أثناء الشئ بلطيف يملؤها (أو يفيض منها): كامتلاء ضرع الناقة بالِلبأ. والِلبأ خاصة له طعم محبّب فوق طعم اللبن الصريح. وكذلك (حَمْل) النخلة المعجبة، إذ إن ثمرها هو أليق وجوه إعجابها. راعَوْا في تسميتها أثره الطيب اللطيف في النفس لحلاوته مع غَذْوِه - وقد سموا الحلواء فاكهة كذلك، لخفتها على النفس {لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ} [يس: 57] "الفاكِهُ: ذو الفاكهة ". ومن خفة النفس "الأَفْكَه: الناعم، والمزَّاح. وقد فَكِه - كفرح، وفكَّههم بمُلَح الكلام - ض: أَطْرفَهم. والاسم الفُكاهة كرخامة: {وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ} [المطففين: 31]. وقوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} [الواقعة: 63 - 67]. تعجبون [بحر 8/ 211] أي عجَبَ حَيْرة وتردد أخذا من التفتح مع الامتلاء بلطيف، وهو هنا خفاء كيف حدث ما حدث. وما قنا يتأتى من الإحساس بفراغ الباطن، "فكه (فرح): تعجب " (كأن ليس في ذهنه وجه لهذا الأمر المحير) [وانظر قر 17/ 219، تاج]. وجعلها ابن فارس مبدلة

£° معنى الفصل المعجمي (فك)

من تفكنون. كما فسرت بالتندم والتلاوم والتحزن. ° معنى الفصل المعجمي (فك): هو تسيب (جزئي) مع شيء من الربط أو الترابط كتسيب فك اللحْى - في (فكك)، وكقلب الثابت ثم محاولة ربطه - في (أفك)، وكترتيب المعاني (التي هي مفردات وهذا يتضمن تقديمًا وتأخيرًا) معًا لاستنتاج حكم - في (فكر)، وكتفتح أثناء الناقة المفكهة وما تؤثر. الفاكهة من شرح النفس وتخفيف ثقل الطعام في الباطن - في (فكه). الفاء واللام وما يثلثهما • (فلل - فلفل): "الفَلّ - بالفتح: الثَلْم في السيف والسكين والأسنان ونحوها. والفُلْفُل معروف ". Qانفصال دقيق من حدّ ذي الحدّ: كثلم السيف والسكين والسن (¬1) فهو كسر جزء أو أجزاء دقيقة من حدّهن، والفُلْفُل دقيق الحجم مع ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الفاء عن نفي أو إبعاد بقوة، واللام عن امتساك واسقلال، والفصل منهما يعبر عن انفصال أو انكسار دقيق مع ضعفٍ ما كفَلّ السيف. وفي (فيل) تعبر الياء عن اتصال وامتداد ويعبر الفصل الموسوط بها عن تجمع عظيم بلا حدّة كما في الفائل لحم الورك والمفايلة والفيل. وفي (أفل) تضيف الهمزة الضغط، ويعبر التركيب عن دفع منفصل في مقر كأفول النجم، وفي (فلح) تعبر الحاء عن احتكاك بجفاف وعرض، والتركيب يعبر عن شق نافذ (من باب الانفصال) في جافّ أو بجفاء كفلح الأرض. وفي (فلق) تعبر القاف عن تعقد واشتداد في العمق، ويعبر التركيب عن وصول الشق إلى عمق الشيء الغليظ كالفالق الشق في الجبل. وفي (فلك) تعبر الكاف عن ضغط =

(فيل)

أنَّه يَحْمِز ظاهر الطسان بحرافته فهذا من نجس ذهاب الحَدَّ، لأنه كالحرق لقشرة سطح اللسان. ومن مجاز الأصل "الفَلّ - بالفتح: القوم المنهزمون " (جماعة قليلة تنفصل اندحارًا من الجيش الذي هو من أمثل تجليات الحدّة، كا يعبَّر عن الهزيمة بالانكسار - والعياذ بالله). • (فيل): {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: 1] "الفيل معروف. والفائل: اللحم الذي على خُرْب الورك (الخُرْب - بالضم: مَغْرِس رأس الفَخِذ. والورك - ككتف: لُحم أعلى الفخذ من الخَلْف). والمفايلة: لُعْبة بالتراب يُخْبَأُ الشيء في التراب ثم يقسمونه بقسمين ثم يَسْأل الخابئ صاحبه عن الشيء في أي القسمين هو؟ وفال بصرُه ورأيُه: ضَعُف " [المفضليات بشرح الأنباري قصيدة 19/ 2]. Qانتبار الجرم أي نتوءه بلا صلابة في أثنائه: كلحم الورك وهو تجمع رخو، وكتجمع التراب، ولحظوا في الفيل ضخامته مع عدم افتراسه كالسباع. وضعف قوة الإبصار ذهاب الحدِّة من العين مع بقاء جرمها كما هو. ومن انتبار الجرم في الأصل: "قالوا: تفيَّل فلان: سَمِنَ، والشبابُ: زادَ، والنباتُ: اكتهل ". ¬

_ = غئوري دقيق في الأثناء، ويعبر التركيب عن نتوء أو تجسم باستدارة (التنوء عن المستوى درجة من الانفصال)، وفي (فلن) تعبر النون عن امتداد في الباطن، ويعبر التركيب عن شيء لطيف في باطن الشيء المنفصل المفرد، ويتمثل اللطف هنا في خفائه أي كونه نكرة مجهولًا.

(أفل)

• (أفل): {...... رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} [الأنعام: 76] "أَفَل الحَمْل في الرَحِم: استَقَرّ في قَراره. ويقال للحامل: آفل. وأَفَلَت الشمسُ والقمرُ وسائرُ الكواكب: غَابَت. والأَفِيل: الفصيلُ/ ابن المخاض فما فوقه ". Qغياب الشيء (الحادّ) في مقره مع ضَعْفٍ ما: كالحمل في الرحم، والشمس والكواكب في مغيبها. وأما الأفيل فهو إضافة شيء زائد (منفصل) إلى حوزتهم مع الضعف (صغره أو لطف هذه الإضافة). وليس في القرآن الكريم من التركيب إلا أفول الكواكب والقمر والشمس. • (فلح): {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9] "الفَلَح - محركة: "شَقٌّ في الشَفَة السفلى، وفي رِجْله فُلوح أي شقوق. فَلَح الفَلَّاحُ الأرض: شَقَّها للحرث. وفلح شَفَته ورأسه: شَقّه ". Qشق بجفاف أو جفاء في جِرْم ملتئم: كالشق في جِرْم الأرض وفي الشفة والرأس. ويلزمه إمكان النفاذ. ولما كانوا يعبرون عن الفوز والنجح بما يدل على النفاذ والفتح - كما قالوا "فازَ, وفَلَج على خصمه: ظَفِر وفَازَ، والفتح: النصر، والفَتَاحة النُصْرة، واستفتح اللهَ على فلان: سأله النصر عليه "فهنا أيضا قالوا أفلح (أي فاز عَبرَ أمرًا شديدًا). {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: 5] الفلاح: الفوز والظفر بإدارك البغية، أو البقاءُ [بحر 1/ 168]. {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] كأنما عَبَروا إلى حيث انفتح

(فلق)

وانفسح أمامهم الوجه فَنَجَوْا وفازوا. "وإنما قيل لأهل الجنة مفلحون لفوزهم ببقاء الأبد " [ل]. ويلحظ ذكر [بحر، ل] (البقاء) معنًى للفلاح، وهو ثابت نقلًا [ينظر ل] ويؤخذ اشتقاقيا من النفاذ، كأنه إفلات. لكن تفسير الفلاح المذكور في القرآن بالبقاء غير مناسب {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: 26] وكل ما في القرآن من التركيب فهو من الفلاح بمعنى الفوز. • (فلق): {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} [الأنعام: 95] "الفَلْق - بالفتح: الشَقُّ (في حَرَّة أو نحوها). والفَلَق - بالتحريك، والفالق: الشَقُّ في الجبل، والشِعْبُ. والفِلْقة - بالكسر: الكِسْرة من الجَفْنة أو الخُبْز. وفِلْقُ الجَفْنة - بالكسر: نِصْفُها أَحَدُ شِقَّيْها. فَلَقْتُ الفُسْتُقَة وغيرها: شَقَقْتُها). Qشق الشيء الشديد الكثافة شقًّا نافذًا إلى عمقه. {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} [الشعراء: 63] فضرب بعصاه البحر فصار فيه اثنا عشر طريقًا. لكل سبط طريق [بحر 6/ 19]. {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} [الأنعام: 95]: يشق حبة الطعام ونوى التمر للإنبات. والفَلَق: ما انفلق من عمود الصبح (كالفجر)، والله {فَالِقُ الإِصْبَاحِ} [الأنعام: 96]: هو على تقدير مضاف محذوف أي فالق ظُلمة الإصباح [بحر 4/ 189]. {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1] يجوز لغويًّا أن يكون ذلك الحب والنوى، وأن يكون الصبح، وأن يكون الفَلَق الذي هو واد في جهنم أو جهنم نفسها وقد وُصِفَتْ بالعمق الشديد (انظر جهم) وتأمل قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - "يهوى

(فلك)

بها في جهنم سبعين خريفًا ". والأولان أقرب كثيرًا من الأخير. فالأول إنشاء نبات، والثاني زمان نراه ونعيشه، وكلاهما ندرك نعمة الله وقدرته فيه. فالاستعاذة بربهما أوثق وأعمق. وتفسيرها برب جهنم غير مناسب من عدة وجوه منها أن الفلق ليس اسما مشهورًا لجهنم. ومن ذلك "الفيلق: الكتيبة العظيمة "كأنها فرقة عظيمة من جيش. • (فلك): {وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ} [البقرة: 164] "فَلْكَة المِغْزَل - بالفتح وتكسر: معروفة (القُرْص الذي في أعلاه). والفَلْكة - بالفتح: قِطعة من الأرض تستدير وترتفع على ما حولها. وفَلْكة الزَوْر: جانبه وما استدار منه. وكل مستدير فَلْكة. فَلَكَ ثَدْيُ الجارية، وفَلَّك - ض، وأَفْلَك: صار كفَلْكة المِغزَل .. وهو دون النهود .. ". (الزَور: وسط الصدر/ ملتقى أطراف (ضلوع) الصدر (من الأمام). Qارتفاعٌ أو نُتُوء مع صلابة واستدارة: كفَلْكَةِ المِغْزَل، والأرض، وكالنتوء المحيط بالزور، وتَفْليك ثدي الجارية. والاستدارة يؤخذ منها العَوْد بعد الذهاب، فالمتحرك دائريًّا يرجع إلى النقطة التي بدأ منها فمن ذلك: "الفَلَك - مُحَركة: مَوْجُ البحر إذا ماج في البحر فاضطرب وجاء وذهب "وسُمِّيَت السفينة فُلكًا - بالضم لأنها تعود بعد ما تذهب في البحر، إذْ الذهاب في البحر مظنة عدم الرجوع، وربما نُظر إلى شكل السفينة مع التجاوز عن تمام الاستدارة، مثلما يسمون ما تحت وترة الأنف دائرة: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [يس: 41]. ومن الاستدارة

(فلن)

(مع العلو) أخذ "الفَلَك "محركة: مدار النجوم: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40]. وليس في القرآن من التركيب إلَّا الفُلْك والفَلَك. • (فلن): {لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا} [الفرقان: 28] ليس في هذا التركيب إلَّا كلمة فلان وفلانة كناية عن الذَكَر أو الأنثى من الآدميين، والفُلَان والفُلَانة كناية عن غير الآدميين: Qلفظ يستعمل كناية عامَّة عن اسم فرد من الناس أو غيرهم {لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا} [الفرقان: 28]. ° معنى الفصل المعجمي (فل): هو نوع من الانفصال نُدورا أو نتوءًا مع ضعف كما يتمثل في ثلم حدَّ السيف ونحوه فهو نُدُور كِسرة دقيقة من حدّه ويسبب ضعفَه أى ذهابَ حدته - في (فلل)، وكما يتمثل في انتبار لحم الورك مع رخاوته - في (فيل)، وفي أفول الشمس والقمر والنجم أي ذهاب ضوئهن بغيابهن في فجوة مغيبهن وكذا في انفصال الأفيل من أمه وإضافته إلى الحوزة مع صغره - في (أفل)، وفي شق الأرض - والشق من جنس الانفصال - في (فلح)، وفي شق الجبل وكسر الجفنة - في (فلق)، وفي نتوء فلكة المغزل مع لطف استدارتها - في (فلك)، وفي انفراد الحي المكني عنه بفلان أو جهالته في (فلن). الفاء والميم وما يثلثهما • (فمم): "قَبَّلها في فُمّها - بالضم الفتح مع التشديد. ويقال هذا فَمٌ مفتوح بالتخفيف ".

(فوم)

Qفتحةُ مَدْخَلٍ الشيء في أعلاه أو أوّله يمكن أن تُقْفل أي تُضَمّ (¬1) كالفم. أما استعمال كلمة فم (بالضم والتشديد) للعطف بها، مثل ثم، فالواضح أنها من الإبدال كما قالوا. • (فوم): {فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا} [البقرة: 61]. "الفُوم - بالضم: الحِمّص، والسُنْبل، والخُبْزُ، والحِنْطة، وسائر الحبوب التي: تُخبز، وكل عقدة من بصلة أو ثومة أو لقمة عظيمة. [ق] (وفي تسمية الثُوم فُومًا خلاف كبير - في ل) ويقال فَوّمُوا لنا - ض: أي اختبزوا ". Qصلاح المادة أن تؤكل فيملأ بها الفَمُ: كاللقمة من الخبز، وقد سُميت الحبوب بما سيكون {وَفُومِهَا} , ثم شبهوا باللقمة في القدر وأنها تؤكل فقالوا: "قَطَّعُوا الشاةَ فُومًا فُومًا، أي قِطَعًا قِطَعًا ". ° معنى الفصل المعجمي (فم): هو فتحة الفم وما يملؤها. كما في موضع التقبيل في (فمم)، وكمادة الخبز ونحوه مما يؤكل في (فوم). الفاء والنون وما يثلثهما • (فنن - فنفن): {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} [الرحمن: 48] ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الفاء عن نفي أو إبعاد بقوة، والميم عن التئام ظاهري، ويعبر الفصل منهما عن فتحة يمكن أن تقفل (تلتئم وتستوي) ظاهريًا. وفي (فوم) تعبر الواو عن اشتمال ويعبر التركيب عن كتلة ملتئمة مكورة كاللقمة وما يشبهها ومادتها أيضًا.

"الفَنَن - محركة: الفَرْع من الشجر. والفُنُون تَكون في الأغصان وهذه تكون في السُوق ... , الغصن المستقيم طولًا وعرضًا. وشَعر فَينان - بالفتح: طويل حسن ". Qامتداد تشعبي أو متزايد (فَرْع عن فَرْع) مع دقة أو رِقّة (¬1): كالفَنَن يمتد من الغصن الذي يمتد من ساق الشجرة وكلٌّ أدَقُّ مما قبله، وكالغصن والشعر الموصوفين وامتدادهما إلى رقة: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} فهذا في شجر الجنتين. ومنه: "فَنَّ الإبلَ: طَرَدها. وفَنْفَنَ: فَرَّقَ إبلَه كَسَلًا وتَوانيًا " (سَرَحت وامتدت هنا وهناك). ومن التفرع (التشعب) في الأصل: "الفَنّ: الضرب من الشيء وكأنه فرع منه: "رَعَيْنا فنون النبات، وأصبْنا فنون الأَمْوال. والرجل يُفَنَّن الكلام - ض: يشتق في فَنًّ بعد فَنًّ " (يتفرع). ومنه: "التفنُّن والافتنان في الحديث والخطبة. والمجلس يجمع فنونًا من الناس: ناسًا ليسوا من قبيلة واحدة (أي هم من فروع وأجناس عدة) والفَنّان - كشداد: الحمار الوحشي " (قالوا يأتي بفُنون من العدْو) أي يعدو مَرَّةً بعد مَرَّةٍ بعد مرّة في اتجاهات مختلفة واستطراد. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الفاء عن نفي أو إبعاد بقوة، والنون عن امتداد في الباطن بلطف والفصل منهما يعبر عن امتداد من الباطن مع رقة كالفَنَن: من الغصن من ساق الشجرة. وفي (فنى) تعبر الياء عن امتداد واتصال، ويعبر التركيب عن ذهاب النفع الأساسيّ مع زيادة الامتداد. وفي (فند) تعبر الدال عن ضغط ممتد (يتأتى منه الاحتباس)، ويعبر التركيب عن نفاذ الغليظ الشديد الذي هو قوام الشيء منه مع احتباسه على ذلك ويلزم ذلك فراغ الباطن كالفَنَد: الخَرَف.

(فنى)

والرقة في الأصل ضَعفٌ ومنه "تفنن الثوبُ: تفزّر بعضُه من بعض (امتدادُ تمزّق وفساد) وفَنّه الدهر: أبلاه (استخرج منه قُواه حتى بَلى). والمفنَّنَةُ من النساء - كمعظَّمة: الكبيرة السيئة الخلق (الكِبرَ في هذا الاستعمال وسابقه امتداد زمني، وسوء الخُلُق كالبِلَى لعدم الصلاح في كل). • (فنى): {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: 26] "فِناء الدار: ما اتسع من أمامها. والفاني: الشيخ الكبير الهَرِم. فَنِيَ فلان (تعب): هَرِم أشرف على الموت هَرَمًا ". Qفقد النفع الأساسيّ للشيء لزيادة امتداده مكانًا أو زمانًا: كفِناء الدار ليس به مَبْنى لزيادته عما يراد البناء عليه، وكالشيخ الفاني - ذهبت قوته إذْ استُهلِكَت واستُنْفِدَتْ بطول عمره. ومن فقد نفع الشيء، استُعْمل في فقد الشيء نفسه "فَنِىَ: عَدِمَ " (كلاهما كتعب): {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 26، 27]. وفقد النفع فقد تأثير. ومن ذلك مع الامتداد "فاناه: داراه ". سايره أو لاينه. • (فند): {لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ} [يوسف: 94] "فِنْد: الجبل - بالكسر: الشِمْرَاخُ العظيم منه أَنْفُه الخارج منه قطعة من الجبل طولًا، والغصنُ من أغصان الشجرة ".

£° معنى الفصل المعجمي (فن)

Qنفاذ بعض قوام الجرم منه، ويلزم ذلك ضعفه: كفِنْد الجبل منه، وكالغصن من الشجرة. ومن ذلك اللازم: "الفَنَد - محركة: الخَرَف وإنكار العقل من الهَرَم (أو المرض). وقد يستعمل في غير الكِبَر. والمُفَنَّد - كمعظَّم: الضعيف الرأي وإن كان قويَّ الجسم، والضعيفُ الجسم وإن كان رأيه سديدًا ". وفَنّد رأيَه - ض: ضعّفه ولامه " (بيّن ضعفه أو عدم صحته): {لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ}. و "الفَنَد أيضًا - بالتحريك: الكَذِب (كلام لا قيمة له) وفنّده - ض: كذّبه ". ومن خروج بعض جرم الشيء منه جاء معنى الجزئية فقالوا: "الفِنْد - بالكسر: الفرقة على حِدَة، والطائفة من الليل ". وفي الحديث "ويعيش الناس بعدهم أفنادًا يقتل بعضهم بعضًا "أي فِرَقًا. "وصلّى المسلمون على النبي - صلى الله عليه وسلم - أفنادًا أفنادًا. أي فِرَقًا بعد فِرَق فُرادَي بلا إمام ". ° معنى الفصل المعجمي (فن): هو الامتداد مع الرقة أو الضعف كما في الفَنَن الممتد من الغصن الممتد من الساق - في (فنن)، وكما في فناء الدار: الممتد أمامها بلا نفع أساسي فيه - في (فني)، وكما في خروج فِنْد الجبل وما يتصور من نقصه (ضعفه) بذلك - في (فند). الفاء والهاء وما يثلثهما • (فهه - فهفه): "الفهّ - بالفتح والفَهِيهُ والفَهْفَه: الكليلُ اللسان العَيِيّ ".

(فوه)

Qفراغ الجوف (أو نفاذ ما فيه) مع انفتاح (¬1) كالعَيِىّ كأنه فارغ الجوف ذهبت منه قدرة الكلام. ومنه "فَهّ عن الشيء: نسيه " (لم يمسكه في ذهنه أي يحفظه). • (فوه): {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ} [الصف: 8] "الفُوه - بالضم: الفَمُ. ورجلٌ أَفْوَهُ: عظيم الفَمِ واسعُه. وبئر فَوْهاء: واسعة الفم. وطعنة فَوْهاء: واسعة. وفُوَّهة النهر، والوادى، والسكة والطريق - كسُكَّرة: فمها ". Qفتحة أعلى الشيء أو أَوّله - كالفُوه والفُوَّهة والبِئْر والطعنةِ الفوهاء وكفم الإنسان والحيوان: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} [الكهف: 5] ومنه "فاهَ بالكلام: باحَ به ورجل فاوُوهة: يَبُوح بكل ما في نفسه. وفَوَّه في الطعام - ض: اشتد أكله " (من استعمال تلك الفتحة إخراجًا منها وإدخالًا فيها). • (فهم): {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} [الأنبياء: 79] ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الفاء عن نفي أو إبعاد بقوة، والهاء عن فراغ، والفصل منهما يعبر عن فراغ الجوف من طاقته مع انفتاح السبيل إليه كالفه. وفي (فوه) تعبر الواو عن اشتمال ويعبر التركيب عن اشتمال على فتحة واسعة: الفم. وفي (فهم) تعبر الميم عن الاستواء والتضام ظاهرّا، ويعبر التركيب عن التئام على ما نفذ إلى الداخل كما في الفهم.

£° معنى الفصل المعجمي (فه)

"الفهم: معرفتك الشيء بالقلب. فَهِمْتُ الشيءَ: عَقَلْتُه وعَرَفته ". Qاضطمامُ القلب على معنى نفذ إليه من شيء خارجي كما في عملية الفهم (وفي [تاج] عدة تعريفات للفهم). ° معنى الفصل المعجمي (فه): فراغٌ واصلٌ إلى عمق الشيء كالفه الكليل اللسان العييّ في (فهه)، وكفم الحيّ، وفُوَّهة النهر في (فوه)، وكالسبيل الموصل إلى القلب في (فهم).

باب القاف

باب القاف التراكيب القافية • (قوو): {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأعراف: 171] "القُوَّة - بالضم: الخُصْلة الواحدة من قُوَى الحبل الطاقةُ الواحدة من طاقات الحبل. والِقىّ - بالكسر: القَفْرُ من الأرض كالقَوَاء - كسحاب: التي لم تُمْطَر. والقَاوِيَة - فاعلة: البَيْضَة (فيها فرخها) فإذا ثقبها الفرخ فخرج فهُوَ القُوَيّ - بضم ففتح فشد ". Qشدة في الأثناء بالالتئام أو الالتواء مع امتداد: كطاقَةِ الحَبْل تلتوي على ذاتها عند الفتل مع امتدادها فتشتد أثناؤها وذلك مع التوائها على الطاقة الأخرى. وكالبيضة تحوي الفرخ في أثنائها وتلتئم على وشدته نسبية أنه كائن حي من مادتها الرخوة، وهي تحفظه في باطنها، وامتدادها زمني. والقفرُ من الأرض شديدةُ الأثناء ملتئمة معًا جافّة. وهي القَوَاء والقَوَاية كسحابة. ومن قَوَاء الأرض "المُقْوِي "- كمُحْسن: الذي يَنْزِلُ بالقَواء: {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ} [الواقعة: 73]: المسافرين في القَوَاء، الذين نَفِدَ زادُهم الجائعين. والأخيران تَفْسير باللازم. فالأرض التي فيها ثمرات قد يعاش على ثمارها بلا حاجة للنار. لكن عند وجود الناس في القَوَاء فالنار ألزم

(وقي)

لإنضاج ما يُطْبَخ أو يخبز. وقال قطرب: المُقْوي من الأضداد، يكون بمعنى الفقير (من الأرض القواء كما سبق)، ومن "أَقْوَى: قَوِيَتْ دوابّه وكثر ماله " (وعبارة كثر ماله تَزَيُّد). فإن صح ذلك فالصيغة هنا للإصحاب، وفي الأُولَى للدخول في الشيء كأَنْجد. وإنما جاء التضاد من اتساع الصيغة ولا تضاد في الأصل. قالوا: و "النار لازمة للجميع " [انظر قر: 17/ 222]. ومن الأصل: "القوة - بالضم ضد الضعف "، فإنها شِدّة البدن والتئام الأثناء: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [فصلت: 15]. وليس في القرآن من التركيب إلا (القوة) بمعناها المذكور، وجمعها (القُوَى)، والصفة (القوِيّ). ومن ذلك: "اقْتَوىَ السلعةَ المشتراة: أخذها لنفسه " (اشتراها لنفسه خالصة كأنه التوى أو التأم عليها - والعامة تقول اتلايم عليه بمعنى أَخَذَه)، كما يقال: مَلَكها. وتركيب (ملك) يعبر عن الشدة والاشتداد أيضًا. • (وقي): {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4] "الوِقاء والوِقاية - بكسر الأول، وبفتح فيهما، والواقية: كل ما وقيت به شيئًا. ومنه الوقاية التي للنساء ". Qحفظ من الأذى أو الضرر باتخاذ حاجز دونه: كالوقاية: الحاجز ثَوْبًا أو حَشِيّة أو وَرَقًا إلخ. وقالوا: "سَرْجٌ واق: غَيْرُ مِعْقَر (أي هو مبطّن بطبقة لينة تقي أي تحفظ من العَقر). {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} [النحل: 81] السربال: ما لُبِس على البدن من قميص

وشبهه ودرع. والذى يقي الحرّ كل ما يُظِلّ، والذي يقي البأس الدروع الحديدية ونحوها [ينظر بحر 5/ 507 - 508] ومنه "وَقَاه الله: صانه وحفظه " (كأنما أحاطه بشيء يحفظه). {وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 27] {وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ} [غافر: 9] امنعهم من الوقوع فيها أو قهم جزاء السيئات التي اجترحوها [نفسه 7/ 434]. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6]، (يقون أنفسهم النار أي يجعلون لأنفسهم وقاية تقيهم منها بأن يجتنبوا ما نهى الله عنه ويفعلوا ما أمر به، ويقون أهليهم بأن يجملوهم على ذلك [نفسه 8/ 1287])، {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ .....} [الحشر: 9]، لأن الشحّ من المهلكات {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] المتقي اسم فاعل من اتّقَى وهو (على صيغة) افتعل من (وقى) بمعنى حَفِظَ وحَرَس، وافتعل ها للاتخاذ أي اتخذ وقاية. [نفسه 1/ 156] والتقوى الاسم من ذلك)، {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ} [البقرة: 282] أي ليتق عقابه إذا انحرف. {أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28] قال ابن الأعرابي التُّقَاة وكهَدِيّة والتقوى والاتقاء كله واحد "معنى الآية "لا تتخذوا كافرًا وليًّا لشيء من الأشياء إلا لسبب التقية، فيجوز إظهار الموالاة باللفظ والفعل دون ما ينعقد عليه الضمير ". "خالص المؤمن وخالق الكافر " [ينظر بحر 2/ 441 - 442]. وقد قالوا: "وَقَى الفرسُ من الحَفَى: هابَ المشي من وجع يجده "وهذا من تجنبه المَشيْ واتقائه إياه بالتوقف، أو بعدم تمكين حافره، فيَغمِز (يعرَج). وقول ابن أحمر: (صُمُّ السنابك لاتَقِى بالجَدْحَد) أي لا تشتكي حُزونة الأرض. وتأويله أنها صُلْبة الحوافر لا تحتاج أن تغمز وكقول امرئ القيس: (وصمّ صِلَاب لا يَقِينَ من الوَجَي). وليس في سائر ما جاء في القرآن من تركيب (وقىَ) ما يخرج عن المعنى الذى ذكرناه.

القاف والباء وما يثلثهما

القاف والباء وما يثلثهما • (قبب - قبقب): "القُبَّة من البِناء - بالضم وتشديد الباء: معروفة. والقَبْقَب: البطن. وقَبَّ اللحمُ والجِلدُ: ذَهَبَ طراؤه ونُدُوّته وذَوَي، والجُرْحُ: يَبِس وذهب ماؤه وجفّ ". Qتسنُّمٌ أو تَحَدُّبٌ لظاهرٍ جَلِيدٍ (صُلْب أو جافّ) على فراغ أو نحوِه تحته (¬1). كالقُبَّة والبَطْن، واللحْمِ. والجِلدُ إذا جَفَّ تقبَّض وتحنَّى، والجُرْحُ الذي بَرَأَ نُظِر إلى ذهاب ما كان فيه من صديد ونحوه تحت ظاهره الذي ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر القاف عن تعقد واشتداد في الجوف، والباء عن تجمع رخو وتلاصق، والفصل منهما يعبر تماسك شديد (ظاهري) تحته فراغ - أي أن التعقد وقع في أثناء التجمع الرخو فتحدّب - كما في القُبّة. وفي (قوب) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن فراغ جوف الحيز مما كان فيه فعلًا أي اشتمل عليه - كالقابة: البيضة الفارغة. وفي (وقب) تسبق الواو، ويعبر التركيب عن فجوة في غلظ أو نحوه يدخل فيها شيء أي تشتمل عليه كالوقب النقرة في الجبل يجتمع فيها الماء. وفي (قبح) تعبر الحاء عن نفاذ باحتكاك مع جفاف وعِرض، ويعبر التركيب عن نتوء صلب إلى ظاهر الشيء (يُفْقده استواءه) كالقبيح: طَرَف عَظْم العَضُد. وفي (قبر) تعبر الراء عن الاسترسال، ويعبر التركيب عن استرسال الفجوة في الجوف الغليظ كالقَبْر. وفي (قبس) تعبر السين عن نفاذ الدقيق الحاد بامتداد، ويعبر التركيب عن نفاذ ذي الحدّة (أي فَصْله أخذًا) كالنار. وفي (قَبَض) تعبر الضاد عن ضغط بكثافة، وبعبر التركيب عن الضغط بكثافة على شيء في جوف غليظ كالقَبْض بالكف على الشيء. وفي (قبل) تعبر اللام عن تعلق واستقلال، ويعبر التركيب عن فجوة في مقدمة الشيء نافذة في أثنانه بامتداد تَسْتَقْبِل (أي تَعْلَق) وتَسْتَقِلّ كأقبال الجداول.

(قوب)

صح وصَلُب. ومن ماديّه أيضًا. "القَبُّ - بالفتح (وله عدة صور منها "خشبة مثقوبة تدور في المحور "و "خَرْق وسط البَكَرة وله أسنان من خشب "لكن خلاصتها أنها خشبة مدورة الشكل مجوفة توضع أفقيًّا تدور هي على محور ويدور عليها حبل في آخره دلو أو شيء يُرفَع بها. والمستدير في وضع أفقي يكون منحنِى الظاهر. ومع تجوفه يتحقق فيه معنى الفصل كاملًا. • (قوب): {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 8, 9] "القائبة والقابَة: البَيْضَة (الفارغة). وقابُ القوس: ما بين المَقْبِض والسِيَة ما عُطف من طرفيها. قُبْتُ الأرض: حَفَرت فيها (حفرة) مُقَوَّرة ". Qفراغٌ جَوْفي محدود الجوانب مقوَّره كالبيضة الفارغة وكقاب القوس فهو مسافة ينحني عود القوس فيها بين مقبض القوس (الذي في نصفها) وبين طرفها (فالقاب بين 50 سم و 70 سم تقديرًا) - {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} أي على مسافة قدر ذلك. ومنه "قُبْتُ البَيْضَة أَقُوبها فانْقَابت: انْفَلَقَتْ عما كان بجوفها (أُفْرِغَت). وانْقَاب المكان وتَقَوّب: جُرِدَ فيه مواضعُ من الكلأ والشجر ". ومن هذا "القُوباء - بالضم وكنُفَساء: تلك الدائرة: داء معروف بالحُزَّاز يَتَقَشّر منه الجلد (تجوُّفٌ) ويتسع (ويكون على هيئة دائرة غالبًا). • (وقب): {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} [الفلق: 3] "الوَقْبْ - بالفتح - في الجبل: نُقْرَةٌ يَجْتَمِع فبها الماء، والوَقْبَةُ: نَقْرٌ نحو البئر

(قبح)

في الصخر تكون قامة أو قامتين يَسْتَنْقِع فيها ماءُ السماء، وكُوّة عظيمة فيها ظِل، وكل نَقْر في الجسد وَقْب كنقر العين والكتف ... ". Qفَجْوَة عميقة في ظاهر جرم شديد التماسك: كالوقب والوقبة والكوة والنقر المذكورات. ومنه: "وَقَبَ الشيءُ: دخل .. في الوَقْب، وأوْقبه أدْخَلَه فيه. ووَقَبَت الشمسُ: غابَتْ، والقمرُ: دخل في الظل الذي يكسفه. {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} "الليل إذا دخل في كل شيء وأظلم " (أي عَمّ كلَّ شيء كأنه خيمة)، أو من شر القمر إذا غاب في مغربه. ومنه: "رجل ميقاب: كثير الشرب للنبيذ (رغيب الجوف لهذا المشروب الشديد)، وأوقبوا: جاعوا " (خَلَت أجوافهم، صاروا ذوي فراغ كبير في الجوف). • (قبح): {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ} [القصص: 42] "القبيحُ: طَرفُ عَظْم العَضُد مما يلي المِرْفق. قَبَحَ فلانٌ بَثْرَةً خرجت بوجهه (فتح): إذا فَضَحها لَيَخْرج قَيْحُها. ويقال "قد استَكْمَتَ العُرّ فاقْبَحْه (العُرّ - بالضم: البَثْرة، واستكماتُه اقترابه للانفقاء). Qنتوء شيء غليظ (الجِرم أو الوقع على النفس) يُفْقِدُ ظاهرَ الشيء استواءَه: كعَظْم القبيح، وكالبَثْر. وقَبْحُه إصابة للناتئ منه. ومن ذلك أُخِذَ "القُبْح - بالضم: ضدُّ الحسن "يكون فى الصورة والفعل وأصله المادّيّ تَعرَّى العظام من الشحم وعدم استواء نتوءاتها. (وفي مثل عربي: قيل للشحم أين تذهب قال أُقَوّم المعوج)، يعني أن السِمَنَ يستر العيوب [ينظر مجمع الأمثال رقم 2904]. {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ} قالوا المقبوح

(قبر)

الذي يُرَدّ ويُخْسَأ (: يُطْرَد لعدم قبوله). • (قبر): {وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [الحج: 7] "القبر: مدفن الإنسان - معروف. وأرضٌ قَبُور: غامضة. ونخلة قَبور: يكون حَمْلُها في سعَفها ". Qتجوف دائم أو ممتد يَخْفَي فيه ما يدخله كالقَبْر والأرضُ الغامضة غائرة فيخفَي من يدخلها، والنخلة المذكورة يَخْفَي ثمرُها بين أثناء السَعَف. ومنه "قبره (نصر وضرب): دَفَنه، وأَقْبَره: جعل له قبرا وهيأ له أن يُقْبَر (إصحاب) كما قالوا للحَجَّاج: "أَقْبِرْنَا فلانا ": أي ائذَنْ لنا بدفنه - وكان الحجاج قد صلبه {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21]، جعله مقبورا = ممن يُقْبَر - لا مما يلقي للطير والسباع. وليس في القرآن من التركيب إلا (القَبْر) بمعناه المعروف، وما أخذ منه. • (قبس): {لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه: 10] "فحل قَبَس - كحسن وحَذِر وجريح: سَريعُ الإلقاح لا ترجع عنه أنثى. وامرأة مِقْباس: تحمل سريعًا إذا أَلمَّ بها الرجل. قَبَسْت منه نارًا (ضرب) فأَقَبَسَني أي أعطاني منه قَبسَا. القَبَسَ - محركة: شُعْلة من نار تقتبسها من مُعْظَم ". Qتحصيل مباشر لمادّة حادّة من أصل لها. كأَخْذ الشعلة من نار عظيمة، وقبولِ النطفة من الفَحْل، وحدّتها أنها بَذْرة حيوان (جمل أو إنسان ..) فمن قَبْس النار {أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} [النمل: 7]،

(قبض)

{انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد: 13]. • (قبض): {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: 67] "القُبْضَة - بالضم: ما قبضت عليه من شيء كقُبْضَة من سويق أو تَمر أي كَفًّ منه. ومَقْبِض القوس والسكين والسيف (وبتاء أيضًا): حيث تَقْبِض عليه منها بجُمْع الكف. تَقَبَّضَت الجلدةُ في النار: انْزَوَت. وقَبَضَ ما بين عينيه: زَوَاه. والقَبْضُ: جَمْع الكف على الشيء. وقَبَضْتُ الشيء أخذته ". Qجمع الكف على الشيء بشدة إمساكًا له: كما في قبض اليد على السويق والسيف إلخ. ومن صور الجمع أو القبض المجازى "قَبَضَ الإبلَ: ساقها سَوقًا عنيفًا، والعَير يَقْبِضُ عانته: يَشُلُّها (فتجتمع أمامه). فالسَوْق - وكذا الشلّ - يلزمه الجمع من حيث إن من يسوق إبلًا أو غيرها يحث المتأخرة منها فتلحق بالمتقدمة فيجتمعن. فمن قبض الشيء بالكفّ: {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ} [طه: 96] وقوله تعالى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] يصلح للقبض الفعلي بالكَفّ، وللحوز يقال "قبض الدارَ والأرض: حَازها ". {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: 67] هذا بكيفية يعلمها تعالى، أو هو مجاز "يقال فلان في قبضة فلان إذا كان تحت تدبيره وتسخيره "، ومنه {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 6] فالمراد - في هذه - كون (الإماء) مملوكة لهم. و "قبض فلان كذا، وصار في قبضته يريدون خلوص مِلكه [ينظر بحر 7/ 422] وقبض الله رُوحَه (أخذها) فمات. وقد كُنِىَ بقبض اليد عن المنع كما كُنِى عن الإعطاء ببسطها " {وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ} [التوبة: 67] , {وَالله يَقْبِضُ

(قبل)

وَيَبْسُطُ} [البقرة: 245] ويفسَّر هذا بالتضييق من جمع اليد وتضييقها على الشيء. ويلزم من التضييق معنى التقليص {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا} [الفرقان: 46] (هذا عن تقليص الظل في فترة ما قبل الزوال). ومن التعبير باللفظ عن لازم معناه: "قَبَضَ الطائرُ وغيره ": أسرع في الطيران والمشي. (فهو إما من قبض البدن تشددًا عند الإسراع). كما يقال انكمش في السير، وإما من قَبْض الأجنحة ضمها إلى البدن للهوِيّ أو بتوال للإسراع. {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ} [الملك: 19] أي أجنحتهن. (وهذا خاص بالطير). • (قبل): {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} [إبراهيم: 40] "أَقْبَالُ الجداول: أوائلُها واحدها قُبْل - بالضم. وقالوا: أَقْبَلَ إبله أفواه الوادي وقال: (وأَقْبَلْتُ أفواه العُروِق المَكَاويا) والقُبُل - كعنق: فرج المراة. وقَبَائل القَدَح والجَفْنة والغَرْب: قِطَعها إذا كانت على قطعتين أو ثلاث. وقبائل الرَحْل: أحناؤه المشعوب بعضُها إلى بعض. والقَبَلة - محركة ضرب من الخَرَز منها ما يشبه الفَلْكة، يعلَّقُ في أعناق الخيل ". Qمُقدَّم الشيء الذي يُتَّجَه إليه منه (لملاقاته أو النفاذ فيه): كأفواه الجداول والوِدْيان والعروق، وكالقُبُل، والقَبَلةُ مثقوبة عالقة. وتلك القطع المذكورة أَحْنَاءٌ مجوفة يلاقي بعضها بعضًا لتكوّن شيئًا ما - وهكذا كانوا يصنعون تلك الأوعية أحيانًا. ومثلها: "قبائل الرأس: أطباقه: أربع قطع مشعوبٌ بعضُها إلى بعض تكوّن الجُمْجُمة ". وقد قالوا إن قبائل العرب سميت من قبائل

الرأس أي تشبيهًا بها من حيث ارتباط كلٌّ منها بالأخرى، ويتكون من مجموعها الشَعب. {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ} [الحجرات: 13] , {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ} [الأعراف: 27]: نسله أو جنوده [قر 7/ 186]. ومن الاتجاه إلى الشيء في الأصل قيل "قَبَلَتْ الماشيةُ أفواهَ الوادي (نصر): استَقْبَلته " (أي سلكت فمه) {مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} [الأحقاف: 24] ومن الاتجاه كل (قِبَل) {قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [البقرة: 177] أي جهةَ - ظرفٌ، وكذلك هي في [المعارج: 36] ومنها {لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا} [النمل: 37] لا طاقة. وحقيقة القِبَل المقاومة والمقابلة أي لا تقدرون أن تقابلوهم [بحر 7/ 71]، وكل (متقابلين) أي متواجهين، وكل (قِبْلة) أي جهة يُتَّجَهُ إليها {وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} [يونس: 87] أي مساجد. أُمروا أن يصلوا في بيوتهم في خِفية من الكفرة، لئلا يظهروا عليهم فيفتنوهم عن دينهم - كما كان المؤمنون على ذلك في أول الإسلام [بحر 5/ 184] وكل (قُبُل) بمعنى جهة المواجهة {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} [يوسف: 26] (أي من الأمام)، {وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا} [الأنعام: 111] بمعنى قِبَلًا أي مقابلة عيانا ومشاهدة [نفسه 4/ 207 - 208] ومثلها {أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا} [الكهف: 55] أختار: عيانا - على القراءتين [ينظر نفسه 6/ 132]. كما قالوا "أقبل إبلَه الطريقَ: أَسْلَكَها إياه " {أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا} [الإسراء: 92] أختار أنها بمعنى (معاينة) لا (جماعة) ولا (كفيلا) [ينظر بحر 6/ 78] لأن هذا أنسب لتعنتهم وأقرب للأصل وينظر [قر 10/ 331]. ومن هذا "قَبَلَ على الشيء (نصر)، وأقبل: أَخَذَ فيه ولَزِمه " (دخل فيه). ومن الدخول: "قَبِلَ الرجل (فرح): كان في عَينيه قَبَل "- بالتحريك، وهو إقبال

£° معنى الفصل المعجمي (قب)

سوادهما على الأنف (أي نحو الداخل)، وكلذلك "القَبَل في القَدَمين: أن يتدانى صَدْراهما (إلى الداخل) ويتباعد عقباهما. ومن ذلك استعمل في سَدّ المجوف مثل "المقَبَّل - كمعظم، والمَقْبُول: الثَوْبُ الذي رُقع، والخِرْقَةُ التي يُرْقَع بها قَبُّ القميص (من الداخل) قَبيلة ". ومن هذا أيضًا "القُبْلة - بالضم: اللَثْمة " (تلاقي فتحتي الفمين) قَبَّل المرأة والصبي - ض ". ومن دخول الجوف "قَبِل الهدية (كفرح) قَبُولًا (أدخلها في حوزته) {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ} [آل عمران: 37]، {وَقَابِلِ التَّوْبِ} [غافر: 3] ومن هذا القبول كل ما في القرآن من الفعل (يقبل) للفاعل وللمفعول، وكل (تقبّل) ماضيًا ومضارعًا للفاعل وللمفعول. ومن الأصل "قبَلَ الشيءُ وأَقْبَلَ: ضدُّ دَبَر وأَدْبَر " (واجهك داخلًا عليك بمقدَّمه) {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [الطور: 25]، {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ} [الذاريات: 29]. أما (قَبْل) الظرفية فجاءت من نحو: "قَبَلَت الماشيةُ الوادي قَبْلًا (نصر) أي استقبلته "فهي من الاتجاه إلى الشيء في المعنى المحوري، حيث يكون الاتجاه إلى الشيء سابقًا للوصول الفعلي إليه. ومن هنا حمل اللفظ معنى الأوّلية والسبق لأن ما هو قَبْل الشيء سابقٌ له ومتقدم عليه فهذا في المكان، ثم نقلت إلى الزمان في ما يثسبه هذا المعنى {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ} [يوسف: 76]، {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} [البقرة: 4]. ° معنى الفصل المعجمي (قب): هو النتوء مع تجوف وصلابة تحيط بنصف الشيء تحدُّبًا أو تقعرًا - كما يتمثل في القبّة - في (قبب)، وفي القابة البيضة الفارغة

القاف والتاء وما يثلثهما

وقاب القوس - في (قوب)، وفي الوَقْبة: النقرة من الصخرة يجتمع فيها الماء - في (وقب). وكنتوء القبيح طرف العضد، أو البَثْر مع رخاوة ما فيه - والرخاوة من باب الفراغ - في (قبح)، وكما في تجوف القبر - في (قبر) , وكما في حَمْل المرأة المقباس سريعًا مما يعني توهمًا عمقَ رحمها بحيث يقل النطفة ولا يلفظها - في (قبس)، وكما في باطن الكف الذي يقبض على الشيء وأنه يلتف عليه - في (قبض)، وكما في أقبال الجداول وهي فتحات وفجوات - في (قبل). القاف والتاء وما يثلثهما • (قتت): "قَتَّ الشيءَ: جَمَعه قليلًا قليلًا. والقَتّ الفِصْفِصَة - بالكسر، وهي من المراعي للدواب لا يؤكل إلا على فترات " [ل قَضب 173]. Qجمع المرعي أو الشيء قليلًا قليلًا (¬1): كما مجمع القت قليلًا قليلًا، وكما تؤكل الفِصْفِصَة كذلك. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر القاف عن تعقد واشتداد في الجوف، والتاء عن ضغط بدقة، ويعبر الفصل منهما عن ضم في الجوف بدقة - أي قليلًا قليلًا - أو ضَعْف كالقَتّ، وفي (قوت) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب الموسوط بها عن قلة ما يشتمل عليه الجوف وهو القوت. وفي (وقت) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال ويعبر التركيب المبدوء بها عن ظرف محدد دقيق لإيقاع الشيء. وفي (قتر) تعبر الراء - عن استرسال، ويعبر التركيب المختوم بها عن النفاذ المستمر - لكن بدقة وقلة كالماء من صنبور القناة. وفي (قتل) تعبر اللام عن تعلق واستقلال ويعبر التركيب عما يستقل به الشيء أي يقوم به كالقَتال بما يسري فيه من حيوية الحياة وحَدّتها، وهي لطيفة خفية، ثم يتأتى المعنى المشهور من إصابة ذلك القوام.

(قوت)

• (قوت): {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} [النساء: 85] "القوت - بالضم، والقيت - بالكسر، وبتاء، والقائت: ما يقوم به بدن الإنسان من الطعام. وأنا أَقُوته أي أَعُوله برزق قليل ". Qإمداد الحيّ أو الشيء بما يُبْقِى على وجوده بلا زيادة كالطعام القائت للإنسان وغيره {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} [فصلت: 10]. ومنه "نفخ في النار نَفخًا قُوتا: رفق بها ". و "اقتت لها نَفْخَك قيتة ": يأمره بالرفق والنفخ القليل ". ولأن القوت يحفظ الحياة بأنه يمسك الرَمَق عُبَّر بالتركيب عن الحفظ وما بمعناه: "أقاته: حفظه " {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا}: حفيظًا. • (وقت): {وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: 142] "الوَقْتُ: مِقْدار من الزمان. وكل شَيْء قَدَّرْت له حينًا فهو مُؤَقَّت. وقد وَقَتَ الشيءَ كوعدَ، ووقّته - ض: بَيّنَ حَدَّه ". Qتحديد زمن معين دقيق لإيقاع الشيء: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] (محدَّدَ زَمنِ الإيقاع) {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا} [النبأ: 17] مَوْعدًا محدَّدًا {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} [المرسلات: 11] أي وُقَّتت " (فحُدَّد لكل رسول زَمَنٌ يظهر فيه، ويؤدي رسالته فيه).

(يقت)

• (يقت): {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 58] "الياقوت يقال فارسي معرب "وجاء في [تاج] "الياقوت من الجواهر م أي معروف فارسي معرب. وهو أقسام كثيرة، وأجوده الأحمر الرماني، ويقال له البهرماني "وقد علق علي شيري محقق التاج على قوله "له أقسام كثيرة "بقوله "منها الأحمر والأصفر والسمانجوني (أزرق خفيف) والأبيض. وأجود الكل ما سلم من الشقوق والتضاريس يعني السوس، وصبر على النار، وسطعت حمرته بها، وذهب سواده وبرد سريعًا وكان شفافا رزينا (عن تذكرة الأنطاكي) اهـ ". وفي [المعرّب للجواليقي 649] قال محققه د. ف عبد الرحيم هو دخيل بالفارسية من اليونانية هِياكْنِثوس. ومنه (يقوندا) و (ياقوندا) بالسريانية بمعنى الياقوت. والظاهر أن اللفظ المعرّب (يعني الياقوت) مأخوذ من السريانية بحذف النون اهـ باختصار. وأقول: هو إذًا في لغة من اللغات الجزرية القديمة التي عرفت بالسامية. والقطع بعدم عروبته ليس علميًّا، لأن اللغات الجزرية منها آثار مكتوبة ترجع إلى منتصف الألف الرابع قبل الميلاد. وهناك آلاف من السنين قبل الكتابة، والهجرات الجماعية كانت مألوفة، فليست اليونانية أولى بلفظ الياقوت من العربية. {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ}. • (قتر): {وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ} [يونس: 26] "القُتْرَة - بالضم: صُنْبور القناة، والخَرْقُ الذي يَدْخُلُ منه الماء الحائطَ، وحَلْقة الدِرع ". (الحائط هنا: الحديقة).

(قتل)

Qنفاذ الشيء بقلة أو ضَعفٍ لضيق مَنْفَذِه كالصُنْبور للقناة والخرْق لماء الحائط وحَلقة الدرع. ومنه "قَتَر المتاع وقَتَّره - ض: أدنى بعضه من بعض. وقَتَر ما بين رِكابه "فهذا وذاك من تضييق المسافة بين الأمتعة، وبين الركاب. ومن ذلك: "قَتَر على عياله (ضرب وقعد): ضيّق عليهم في النفقة. وكذلك التقتير والإقتار. والقَتْر - بالفتح: الرُمْقَة - بالضم: القليل من العيش يمسك الرَمَق - في النفقة {لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67]، {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236] (المُقْتِر صاحب الرزق القليل) {وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} [الإسراء: 100]. ومنه "قَتَرت النار: دَخّنت، والقُتار - كصداع: ريحُ الشِواء إذا ضُهَّبَ (أي شُوِى دون إنضاج) على الجَمْر. وكذلك "القَترة - بالتحريك: غُبْرة يعلوها سواد كالدخان (مادة الدخان والغَبَرة ذرات بالغة الدقة تنفذ من النار شيئًا فشيئًا، لكن تجمّعها يجعلها طبقة نعوذ بالله منها {وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ} [يونس: 26 ومثلها ما في عبس: 41]. • (قتل): {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ} [البقرة: 251] "ناقة باقية القَتال - كسحاب: وهو الكِدْنة والغِلَظ أي هي وإن هُزِلَت فإن عملها باق. وبقي منه قَتَال: إذا بقي منه بعد الهُزَال غِلَظُ ألواح. وتأخَّرت الناقة عن النوق لثِقَل قَتَالها أي شَحْمها ولحمها. والقَتَال: الجسمُ واللحمُ، والنفْسُ وقبل بَقِيَّتُها ".

Qقِوام الشيء المتمثل في ما ينبثّ من الحيوية والحدَّة في مادته: كألواح البعير الذي هُزِل لكن بقى عمله. والقتل بالمعنى الشائع أصله إصابة ذلك، ولذا قيل "قَتَل الخمر (نصر): مَزَجَها بالماء "فالماء يقضي على حِدَّتها التي هي هَدَف شاربيها، والعياذ بالله. ومنه قتْل النفس: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الأنعام: 151] فالقَتْل هو القضاء على الحياة التي في بُنْيان البدن. فانصباب القتل على النفس في أكثر من عشرة مواضع في القرآن الكريم له أساسه اللغوي (ثم إن هَدْم البدن يزهق النفس ضرورة. وهذا هو المعلم المشهور المتعامل به في حَدَث القتل). ومما ذكرنا قولُهم: "قتل غَليلَه: سقاه فزال غليلُه (أي أصاب ما ببطنه من حدة) بالرِيّ. وتَقَتّل الرجل للمرأة: خضع وذلّ بالحب (ذهبت خشونة رجولته). واقتُتِل الرجل - للمفعول: جَبُن (ذهبت قوة قلبه وهي من جنس الحدّة). وفلان مُقَتَّل - كمعظّم: مُضَرَّس " (عَلّمته التجارب كأنما عُضّ بالأضراس، ومثل هذا يكون حليما غير حادّ). ومن هذا: "قَتَلَ المسألة والأمرَ علما " (كأنه ذَلَّل كل ما فيها مرت معضلات وألغاز كما قالوا: دَرَس الأمرَ)، وبه قيل في قوله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} أي ما أصابوا كبد الحقيقة في العلم به حتى وصلوا إلى اليقين. وبالنظر إلى سلب الحدَّة والشدَّة يمكن أن يفسر الحديث "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الأخير منهما "بخذلانه وسَلْب حدته بعدم مناصرته، وهذا ملحظ جيد. وفُسّر قوله تعالى: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} [عبس: 17] , {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: 30] وأمثالها باللعن، وهو إبعاد من الرحمة حَمْلًا على القتل إزهاق الروح، وقد تفسَّر في ضوء الأصل بإذهاب بأس هؤلاء المقتولين والمقاتلين بإحباط سعيهم وإبطال

£° معنى الفصل المعجمي (قت)

كيدهم ونحو هذا. وكل ما في القرآن من التركيب معناه إزهاق النفس أو ما حمل على ذلك من إذهاب الحدّة والبأس حسب ما ذكرنا الآن. ° معنى الفصل المعجمي (قت): هو الدقَّة وقلة ما به القوة في العمق كالقَتّ المرعى الذي لا يؤكل إلا على فترات - في (قتت)، وكالطعام القليل الذي لا يزيد عما يمسك الحياة وهو القوت - في (قوت)، وكالزمن المحدد بدقة للشيء لا قبله ولا بعده - في (وقت)، وكالمنفذ الضيق للماء أعني قُتْرة الصنبور وقُتْر الحائط - في (قتر)، وكعظام القَتَال التي يقوم بها بناء البدن وفيها حيوية الحياة وحدتها وهي لطيفة خفية - فى (قتل). القاف والثاء وما يثلثهما • (قثث): "قَثَّ السيلُ الغُثَاءَ. وقَثَّ الشيء جَرّه وجمعه في كثرة ". Qجمع الغثاء المتناثر المنتشر وضم بعضه على بعض (¬1) - كقث الغثاء الموصوف. • (قثأ): {فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا} [البقرة: 61] ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر القاف عن تجمع وتعقد باطني والثاء عن كثرة أفراد جرم مع غلظها، والفصل منهما يعر عن جمع ما هو كالغثاء. وفي (قثأ) تزيد الهمزة الضغط، ويعبر التركيب عن كون الجرم الواحد هشًا رخوًا (كأنما تكون من ضغط الغثاء معًا) كالقِثاء.

£° معنى الفصل المعجمي (قث)

"القِثّاء - بكسر فتضعيف وكتفاح: معروفة. وعرفها الجوهري بالخيار ". Qتجمع الجرم مع هشاش ورطوبة - أي عدم صلابة كالقثاء. ° معنى الفصل المعجمي (قث): هو هشاشة الشيء ورخاوته كالغُثاء المبتل المنتشر إذا اجتمع - في (قثث) وكالقثاء برخاوتها المعروفة - في (قثأ). القاف والحاء وما يثلثهما • (قحح): "عربي قُحٌّ - بالضم وكغراب: مَحْضٌ خَالص. وعَبْدٌ قُحٌّ: خالص بين القحَاحة ". Qتمحض الشيء في صفته بحسبها بلا شَوْبٍ لكن مع شيء من الجفاء (¬1) كتمحض عروبة العربي وعبودية العبد. وقيد الجفاء هذا أخذته مما جاء في [تاج] وأصله في [العين] "القُحُّ الجافي من الناس وغيرهم "وقد خطأه الأزهري. لكن جاء في التاج "وأعرابي قحُ: محض خالص، وقيل هو الذي لم يدخل الأمصار ولم يختلط بأهلها ". فهذا المسير الأخير يؤيد ما ذَكر العينُ عن ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر القاف عن تجمع وتعقد في الجوف والحاء عن احتكاك بعرض وفاف ويعبر الفصل منهما عن خلوص مما يشوب مع جفاء تعبر عنه الحاء كالأعرابي القح. وفي (قحم) تعبر الميم عن تضام والتئام ظاهر، ويعبر التركيب عن الدخول في أمر (أي الاضطمام فيه) بغلظ وجفاء. هو هنا عدم التهيؤ أو الصلاح - كالقَحْم المسن من الإبل وكالاقتحام.

(قحم)

الأعرابي القح، ثم إن خشونة الأعراب وجفاءهم متوجَّهةٌ تَأثرًا بطبيعة حياتهم الجافة الخشنة، وقد أشار إليها القرآن الكريم). • (قحم): {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 11 - 13] "قَحَم الرجلُ في الأمر واقْتَحم وانْقَحَم: رمى بنفسه فيه من غير رَوِيَّة/ رمى بنفسه في نَهر، أو وَهْدة أو أَمْر من غير دُرْبة. اقتحم الفحل الشَوْلَ: هجمها من غير أن يُرسَل فيها ". (الشَوْل: النُوق التي أتى عليها نحو ثمانية أشهر من يوم نتاجها فخفّ لبنها وآن أن يضر بها الفحل). Qالدخول في الأمر الشديد أو في أَمْرِ بشدة من غير تَهيُّؤ أو تهيئةٍ: اختيارٍ أو رَويّة أو إعداد أو إذْن. كاقتحام النهر والوَهْدة، وكالارتماء في المخاطر بلا دربة أو رَوِيّة، وكنَزْو الفَحْل على النُوق دون أن يُرْسَل فيها، ذلك أن صاحب النوق لا يُرْسِل الفحلَ فيها إلا إذا كانت ضَبِعَة تَشْتَهيه، وكان هو يَرْضَى الفحل. ومن ذلك "اقتحم المنزل: هَجَمه " (فسر هَجْم المنزل بتقويضه من وَبَرٍ كانَ أو مَدَر، وفُسَّرَ هَجَم عليه بالدخول بغير إذن. والأخر هو المراد هنا) "وقَحَّمَته الفرسُ والناقةُ - ض: ندَّت به فلم يَضْبط رأسها فربما طَوَّحَتْ به في وَهْدة أو وَقَصَتْ به [تاج] وقَحَم المنازل (كمنع والمنازل هنا (محطات) النزول): طَوَاها فلم يَنْزل بها. واقتحَمَ النجمُ: غابَ وسقط في الأفق " (النجم له خَطَر، والأفق هائل الانحدار) والقَحْم المُسِنّ من الإبل (جِدًّا) / القَحْم: الذي قد أقحمته السن تراه قد هَرِمَ من غير أوان الهَرَم ". فمن الدخول المذكور {هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ} [ص: 59]. أي في النار. (واللفظ تعبير عن أنهم أُلجِئوا

£° معنى الفصل المعجمي (قح)

وقُهِروا. وقوله تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ}. (وفيها إشارة إلى ما ينتاب من يريد الإنفاق كأنه سيخوض غمرات شدادًا من هول ما يخوّفه الشيطان من الفقر). ° معنى الفصل المعجمي (قح): هو اصطحاب الجفاء أي الاتصاف به كما يتمثل في الأعرابي القح، وكل خالص من الشوائب له قوة في بابه تتمثل في اعتداده صحيحا، وهذه القوة هي مقابل الجفاء هنا - فهذا في (قحح)، وكما يتمثل في اقتحام المخاطر أي الدخول بلا رَوِيّة وتدبير أو دربة وتهئة أو اختيار - في (قحم). القاف والدال وما يثلثهما • (قدد): {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} [الجن: 11] القِدّ - بالكسر: السَيْرُ الذي يُقَدّ من الجِلْد غيرِ المدبوغ فتُشَدّ به الأَقْتَابُ والمحامل، والسوطُ. قَدَدْتُ السيرَ، والجِلدَ، والثوبَ: شَقَقْتُه طُولًا. وكان سيدنا علي كرم الله وجهه إذا اعتلى قَدَّ (أي شق عدوَّه طُولًا) وإذا اعترض قَطّ " (أي قطعه عَرْضًا). "القَدِيد: ما قُطَّعَ من اللحم طُولًا وشُرَّرَ (أي جُفَّفَ). Qقطعُ الشيء المتين أو شَقُّه شَقًّا طُوليًّا مع دِقَّةِ عَرْضِه إن كان له عَرْض (¬1) كقطع اللحم والقِدّ الموصوف، وتُشد به - وهو غضٌّ - أجزاءُ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر القاف عن تعقد واشتداد باطني، والدال عن احتباس مع امتداد، والفصل منهما يعبر عن امتداد بشدة ودقة وجفاف كالقديد من اللحم. وفي (قدو) تعبر الواو عن اشتمال ويعبر التركيب عن امتداد (= انتشار) ما يجذب (يحتوي) - كريح =

(قدو/ قدى)

القَتَب بعضها إلى بعض (بدلًا من المسامير) فإذا جفت صارت أقوى من المشدود بالمسامير، والسوط شديد ممتد، وكقَدّ البَدَن، وتجفيف اللحم، وقدّ الثوب {وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ} [يوسف: 25] (كأنها شَدَّتْه من طَوْق قَميصه وهو مُوَلًّ عنها فنزع نفسه فانشق القميص من الخلف شقًّا طوليًّا ولا بد أنه كان رقيقا) ومن ذلك "القَدُّ - بالفتح: القامة " (مدى طول الإنسان مع قلة عَرْضه كأنما قُدَّ عليه). ومن هذا القطع بامتداد طُولِيّ "القِدَّة - بالكسر: الفِرْقَةُ والطريقة من الناس (كأنه لحظ فيها امتداد المذهب وأتباعه خلال أحقاب مع قوة تمسكهم به) {كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} [الجن: 11] فِرَقًا مختلفة أهواؤُهم هَوَى كل واحدة على حِدَة [ينظر بحر 8/ 343]. • (قدو/ قدى): {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90] "طعام قَدِيّ - كغَنِيًّ وحَذِرٍ: طَيّب الريح/ طَيّب الطَعْم والرِيح [ق] وأَقْدَى المِسْكُ: فاحَتْ رائحته، وأَقْدَى: أَسَنّ. والقِدْوُ - بالكسر: الأَصْلُ الذي تَتَشعَّبُ منه الفُروع. قدا الفرس يَقْدُو، وقَدَى يَقْدِى: أَسْرَعَ. أتتنا قَادِيَةٌ من الناس " (قَدْ ¬

_ = الطعام والمسك. وفي (وقد) يعبر التركيب المبدوء بواو الاشتمال عن الاشتمال على الحادّ بَمَدَدِه كالوقود للنار. وفي (قدر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن ضبط (حبس) القابل للاسترسال وحَكْمه فلا يتسيب كالقِدْر لما فيها. وفي (قدس) تعبر السين عن نفاذ بدقة وقوة، ويعبر التركيب عن كون ذلك الحادّ (النفيس) محوطًا بما يصونه ويحفظه (محبوسًا) كالقديس: الدر. وفي (قدم) تعبر الميم عن اضطمام واستواء ظاهريّ، ويعبر التركيب عن سبق مع دخول في حَيّز أمامي كقيدوم الجبل والقدم.

(وقد)

أُقْحِمُوا من البادية) أى جَمَاعة قليلة وهُمْ أولُ من يطرأ عليك تقول منه قَدَتْ تَقْدِي. وهو مِنَّي قِدَى رُمْح - بكسر القاف مع القصر: أي قِيدُه وقَدْرُه. والقِدَةُ - كعِدَة: حَيَّةٌ ". Qاتباع الشيء انجذابًا او امتدادًا إليه لاستطابته أو أصالته: كالرائحة الطيبة من الطعام والمسك تجذب من يشمها فيتبعها، وكالفُروع من الأصل، وكالإسراع (وخط السير امتداد)، والجماعة القليلة تفد من البادية ينجذبون إلى القرى من قحط أو نحوه، ويأتي بعدهم غيرهم بدليل قوله: أَوَّلُ من يطرأ عليك، وكامتداد الرمح والحية طولًا. ومنه "تَقَدَّتْ به دابته: لَزِمَتْ سَنَن الطريق " (اتبعت امتدادَه واتخذته) ومنه كذلك "القَدْوُ - بالفتح: القُرْبُ، والقُدُوم من السفر " (امتداد اتصال مع جذب ولطف). ومن الامتداد الزمني. "أَقْدَى: أَسَنّ "، ومن المعنوى: "أَقْدَى: استقام في طريق الخير. والقُدْوة: - بالضم والكسر: ما تسنَّنْتَ به (ما تَتْبَعُه فتكون امتدادًا له حبًّا له) والاقتداء (طلب موافقة الغير في فعله) [قر 7/ 35]: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}: فاختصّ هداهم بالاقداء ولا تقتد إلا بهم. والمعنى: فبطريقتهم في الإيمان بالله، وتوحيده، وأصول الدين - دون الشرائع فإنها مختلفة [الكشاف 2/ 41، بحر 4/ 179 - 180]. {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23] على أمة أي على طريقة ودين وعادة، فقد سلكنا مسلكهم، ونحن مهتدون في اتباع آثارهم [بحر 8/ 12]. • (وقد): {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} [يس: 80] "الوَقُودُ: الحَطَب. الوَقَد - محركة: نَفْسُ النار، وقد وَقَدَتْ ".

(قدح)

Qمادة حياة النار أي اشْتعالها. فالوَقُود هو مادة ذلك {النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ} [البروج: 5]، {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [البقرة: 24]، واسْتَوْقَدْتُ النارَ: أَوْقَدْتُها. واسْتَوْقَدَتْ هي {كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} [البقرة: 17]. (اجتهد في إيقادها) {الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ} [النور: 35]. "ووَقْدَةُ الحَرّ: أَشَدّه ". ومن مجازه: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} [المائدة: 64] , "قَلْبٌ وَقّاد - كشداد، ومُتَوَقِّد: مَاض سريع، وتوقد الشيءُ تلألأ "أخذًا من لمعان النار. وكل ما في القرآن من التركيب هو بمعنى إشعال النار. • (قدح): {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا} [العاديات: 2] "القَدَح - بالتحريك - من الآنية التي للشرب معروف يُرْوي الرجلّ والرجلين وليس لذلك وقت (: حدّ). القِدْح - بالكسر: السهم قبل أن يُنْصَل ويراش/ العُود إذا بلغ فشُذَّبَ عنه الغُصْنُ وقُطع على مقدار النَبْل الذي يُراد من الطول والقِصَر. قَدَح في القِدْح إذا خرق في السهم بسنخ النصل. قدح بالزَنْد: رام الإيراء به. القدّاح: الحديدة/ الحجر الذي يُقْدَح به النار/ الحجر الذي يُورَى منه النار. يقال للذي يُضْرَبُ فتخرج منه النار قَدَّاحة. زَنْدٌ من شجر متقادح: إذا حركته الريح حَكّ بعضُه بعضا فالتهب نارًا. Qحَكّ أو صَكٌّ بصلب يُخْرِجُ من ظاهرٍ شيئًا: كاستيراء النار شَرَرًا من الحجر والحديد والخشب (= عيدان الشجر) بالحكّ أو الصدم

(قدر)

(الذي عُبّر عنه بالضرب)، وكما يُصْنَع القَدَح الذي يُشْرَب فيه بحَكّ سطح الخشب أو الحجر أي النحت منه برفق حتى يتجوف سطحه ويصلح ليوضع فيه الشراب (وربما الطعام). وقد صُرّح بالحك في الاستعمالات المعروضة، كما صُرّح به في بيان سر تسميتهم الذباب أَقْدح "وكل ذباب أَقْدَح، ولا تراه إلا وكأنه يقدح بيديه كما قال عنترة: هَزِجًا يحك ذراعه بذراعه ... قَدْحَ المكبَّ على الزناد الأجذم والذي جاء في القرآن الكريم من التركيب هو قوله تعالى {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا} الإيراء: إخراج النار. (أي خيلُ المجاهدين) تقدح بحوافرها الحجارة فيتطاير منها النار لصَكّ بعض الحجارة بعضًا. [بحر 8/ 500 - 501]. ومن ذلك الأصل أُخذ كثير من الاستعمالات المادية والمعنوية فمن الأولى "قدَح في القِدْح: إذا خرق في السهم بسِنْخ النصل، وقدح ختام الخابية قدْحًا: فضّه، وقدح ما في أسفل القِدْر: إذا غرفه بجهد. والمقدحة: المغرفة. والقادح: الصدْع في العود، وأُكال يقع في الشجر. ومن المعنوي "قدح في عرض أخيه: عابه، واقتدح الأمرَ: دبّره ونظر فيه ". • (قدر): {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 109] "القِدْر - بالكسر: معروفة. والأَقْدَر من الخيل: الذي إذا سَار وَقَعَتْ رجلاه مواقعَ يديه، ومن الرجال: القَصيرُ العنق. قدِرَ - كتعب: قَصُرَت عنقه. وكغُلَام: الرَبْعَة من الناس ".

Qضَبْطُ الشيء القابل للتسيب أو الانبساط وحَكْمه وامتساكه على وضع أو كمًّ أو مسافة معينة فلا يتسيب ولا يسترسل. كما تَضُمُّ القِدْرُ اللحم وغيره في جوفها لا يتسيب، وكثيرًا ما كانوا يُنْضِجون اللحم على النار مباشرة شيًّا أو فَأْدا أو حَنْذًا إلخ {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} [سبأ: 13]، وكما تَقَع الرِجْلُ مَوقعَ الرجل لا تبعد في الواسع حولها، وكله مواقع. وكامتساك العنق في الكاهل لا ينطلق ويطول. وكذلك الربعة متماسك لا ينبسط ولا يسترسل. {فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} [الرعد: 17]: بقدْر ملئها [قر 9/ 305]. ومن ملحظ الضبط والحَكْم دلت على القَيْس ونحوه، وعلى التدبير، وعلى التضييق كما دلت على القُدْرة. "فقَدْرُ كل شيء: قِياسه ومَبْلغه. قَدَر الشيءَ بالشيء (نصر) وقدّره - ض: قاسه. وتَقَدّرَ الثوبُ عليه جاء على مقداره، واقْتَدَرَ الشيءَ بالشيء: قاسه به ". {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91، الزمر: 67، وما في الحج: 74] أصله معرفة القَدْر أي العِظَم. ونَفْى معرفة قدْر الله عنهم سببه هنا أنهم نسبوا إليه، أنه يترك أمر عباده سُدًى لا يبين لهم الرشد بإرسال الرسل وإنزال الكتب [ينظر قر 7/ 37، بحر 4/ 181]. وكذلك "قَدَرت لأمرِ كذا: نظرتُ فيه ودَبّرته وقايسته. وقَدَرْت عليه الثوب فانقدر أي جاء على المقدار ". {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [السجدة: 5، وكذا ما في الرعد: 8، المعارج: 4، الطلاق: 3] ومن هنا "القَدَر - بالفتح وبالتحريك: قضاءُ الله تعالى الأشياء على مبالغها ونهاياتها التي أراد لها ". {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] وكذا معنى كل (قَدَر)، {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} [فصلت: 10]، {وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [المزمل: 20]، {قَوَارِيرَ مِنْ

فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا} [الإنسان: 16] على قَدْر رِيّهم أو أَكُفهم أو ارادتهم [قر 19/ 141] وكل (قَدَّر) إما لبيان القَدْر المادّيّ، وإما بمعنى التهيئة للقدْر أو إحكامه والقضاء به ماديًّا أو معنويًّا حسب السياق. ومرجعه (عند البشر) إلى المقايسة). {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2] أحدث كل شيء إحداثًا مراعًى فيه التقدير والتسوية فقدّره وهيأه لما يصلح له، أو أوجده غير متفاوت [كشاف 3/ 256] {عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [القمر: 12] (أي قضاه الله تعالى). ومن هذا استعمل التركيب في معنى التضييق من كون الشيء على قَدْر الشيء دون زيادة. والقرآن الكريم كثيرًا ما يعبرّ عن التوسعة بنفي الحساب {بِغَيْرِ حِسَابٍ} [البقرة: 212]. ومن هنا يعدّ الحساب تضييقا، لأنه تحديد {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} [سبأ: 11] (الحلقات الضيّقة تمنع نفاذ السهم إلى البدن، وهذا فيه إحكام صنع أيضًا)، {فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} [الفجر: 16] (ضَيَّقه)، {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87]: لن نضيق عليه (بأن نُلزمه بمزيد من الصبر على قومه) أو هو من القَدَر: القضاء والحكم أي لن نحكم عليه بعقوبة [قر 11/ 331]. والأول هو الصواب، لأن الثاني يعني أنه كان يعلم أنه مخطيء في تصرفه. ومن إمساك الشيء وضبطه لا يتسيب عبّر التركيب عن القُدْرة: الطاقة. "قَدَر على الشيء (تعب وضرب ونصر قاصر) واقتدر عليه: قَوِىَ عليه " {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} [الكهف: 45]. وما لم نذكره من مفردات التركيب القرآنية هو من القدرة بمعنى الطاقة. {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1]: التقدير لأن الله تعالى يقدّر فيها ما يشاء من أمره في الموت والرزق والأجل وغيرها إلى سَنَة [قر 20/ 130]. أما

(قدس)

تفسيرها بالشرف والعظمة فقد يتأتى من لازم إمساك الشيء في الحوزة لا يسترسل متسيّبا، فيلزم ذلك الامتلاء به والعظم. أو على حذف مضاف أي القدر العظيم. وينظر أيضًا [بحر 8/ 492]. • (قدس): {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ} [الحشر: 23] "القَدَّاس - كشداد: حَجَر يوضع في الحوض يصب عليه الماء لئلا يتكدّر الحوض " [المنتخب لكراع 2/ 432] "القَدِيس: الدُرّ (يمانية). والقَدَس - محركة: السَطْل. والقادِس: السفينة أو السفينة العظيمة. والقادس وكشداد: حَجَرٌ يُنْصَب في وَسَط الحوض قَدْرًا لرِيّ الإبل/ إذا غمره الماء رَوِيت الإبل ". Qصَوْنُ الشيء (النفيس) وحفظه متجمعًا لا يَخْتَلط أو يشاب أو يُهْدَر: كماء الحوض المذكور، وكالدُرّ في صَدَفه. والماء في السطل (يحفظه من الشَوْب أو الإهدار يُتَطَهَّر به)، وما في السفينة محفوظ بها، والحجر المذكور يساعد في عَدَم إهدار الماء. ومنه: "القُدَاس - كغراب: خَرَزٌ يعمل من فضة كالجُمَان (الجُمان حَبٌّ يتخذ من فضة أو خَرَز يُبَيَّض بماء الفضة) فيلحظ فيه هذا أو نفاسَتُه وامتساكه في سلكه. ومنه: "القادس: البيت الحرام "لحفظه وتأمينه {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] أو لقداسته وطهارته. ومنه التقديس لله عز وجل فسروه بالتنزيه والتطهير، و "القُدُّوس: الطاهر المنزَّه عن العيوب والنقائص (الحفظ). كما فُسِّر بالبركة والتبريك وهي بقاء يناسب الصوْنَ وعَدَمَ التسيب أو الضياع، لكن الأول أدق {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ} [الحشر: 23]. ومما يناسب ما قلنا تعريفهم المقدّس كمحدِّث بأنه الحَبْر (أي العالم)، فهذا من جَمْعه

(قدم)

العلم ووَعْيه إياه، أو نُظِر إلى لازم ذلك (افتراضًا) وهو النقاء من الذنوب. وفي الحديث: "لا قُدِّسَت أمة لا يؤخذ لضعيفها من قويها "قالوا أي لا طُهِّرت. وقوله تعالى: {وَنُقَدِّسُ لَكَ} [البقرة: 30]. فُسِّر [في طب 1/ 475] بنقدسك من التقديس الظهير والتعظيم والتمجيد و [في قر 1/ 277] نحوه. ولعل الأدق ونُخَلِّصُ أنفسنا وعبادتنا دائمة لك، فالسُبُّوح المنزَّه والقدوس الذي (يجب) أن نُخْلِصَ العبادةَ له. والله أعلم. ومن الصَّوْن الكامل يتأتى النقاء والطهارة {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه: 12 ومثله ما في النازعات: 16، المائدة: 21] وروح القُدُس هو رُوح الطهر {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [البقرة: 87 وكذا كل (روح القدس)]. والمراد جبريل عليه السلام [بحر 1/ 467 - 468] {ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ} [المائدة: 21]: أريحا أو موضع بيت المقدس أو إيلياء. [نفسه 3/ 469]. • (قدم): {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا} [آل عمران: 147] "قَيْدُوم الجَبَل - بالفتح: أَنْفٌ يَتَقدم منه، وهو من كل شيء مُقَدَّمُه وصَدْرُه. والقَدَمُ - محركة: أسفلُ الرِجْل الذي يَطَأ عليه الإنسان من لدن الرسغ. وقادِمَة الرَحْل: الخشبةُ التي في مقدَّمه. ومُقَدِّمَة كل شيء: أولُه. والقَدُوم آلة للنجار والنحات ". Qسَبْقُ الشيء نافذًا إلى الأمام بقوة أو حِدَّة. كما ينتأ قيدوم الجبل سابقًا عُظْمَ جِرْمِه نافذًا في ما أمامه، وكذلك قادمة الرَحْل. وأرجح أن تسمية القَدَم إنما هي لتقدمه عند السير أي هو الذي يسبق فيرتكز عليه السائر في

تحركه إلى الأمام مع هيأته التي تساعد على ذلك، والقدوم ينحت جسم الخشبة، أي يأكل منها غائرًا إلى داخل جرمها متقدمًا فيه. فمن (القدم) التي يُمشى عليها {وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} [الأنفال: 11 وكذا ما في الرحمن: 41] وهي تصلح للكناية مثل {وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7]. ومما يصلح للكناية والحقيقة {نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا} [فصلت: 29]. وأما {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ} [يونس: 2] فمعناها سابقة خير [ينظر بحر 5/ 134] أي أن سبْقهم وصدقهم محفوظ سيجزون به. ومن السبق قيل "قَدَمَ الرجلُ القومَ (نصر وقعد): سَبَقهم وتقدمهم. وكذا قدِمَهم بكسر العين (شرب). {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} [هود: 98]. ومنه "قدّم الشيءَ - ض: جعله أمامه (أسبقه أمامه) {فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: 12, وكذا ما في 13] {يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ} [يوسف: 48] (ما ادخرتموه لهن مسبقًا) وكل (قدّم) ومضارعها، (قدمت أيديكم، أيديهم / يداه) فهي بمعنى: عملت من قَبْلُ. كما قال تعالى {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} [يونس: 30] [ينظر بحر 1/ 480] {يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر: 24] أي لحياتي في الدنيا أي حين حياتي، أو لحياتي في قبري [نفسه 8/ 466]. {أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا} [ص: 60، وكذا ما في 61] بما ألقيتم إلينا وزينتم من الكفر [نفسه 7/ 389] (أي تسببتم فيه والسبب مقدّم) {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ} [المائدة: 80] أي سولت وزينت [قر 6/ 254] (أي تسببت بذلك {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1]: لا تقدموا قولًا ولا فعلًا بين يدي الله وقول رسوله وفعله في ما سبيله أن تأخذوه عنه من أمر الدين والدنيا [قر 16/ 300] (أي لا تُفْتُوا ولا تَقْضُوا قبل أن تعلموا ما حُكْمُ الله ورسوله فيه. {بِمَا قَدَّمَ

وَأَخَّرَ} [القيامة: 13 وكذلك ما في الانفطار: 5]: الظاهر حمله على العموم فيكون كناية عن كل ما عمل أولًا وأخيرًا)، أو قدّم من عمل وأخرّ من سُنة يُعمل بها بعده. وكل ما ذكره المفسرون مما يقدّم ويؤخر تمثيل، وصالح. فهي عبارة من الجوامع [ينظر بحر 8/ 377] {وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} [ق: 28] (أسلفت في الدنيا التنبيه بالوعيد) لمن عصاني، فلم أترك لكم حجة [نفسه 8/ 126]. و"قَدَم كقعد، ض، وتقدم، وأقدم، واستقدم بمعنى {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} [المدثر: 37] أرجح أن المراد: أن يقبل الدعوة الراشدة ويتنبه للإنذار، أو يُعْرِض [ينظر نفسه 8/ 370] ومثلها ما في [الحجر: 4]. {لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ} [سبأ: 30 وكذا ما في الأعراف: 34، يونس: 49، النحل: 61]، {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2]. (ذنوب الأنبياء نسبية، منها درجات قربهم وأحوالهم السابقة مع الله بالنسبة لما ترقّوا إليه. حسنات الأبرار سيئات المقربين. وينظر تفسير ابن عطية لآية البقرة 129) "وقُدَّام ظرفٌ نقيضُ: خلف، والقُدَّام مِن الناس من يتقدمهم بالشرف ". ومنه "قَدِمَ المدينة - كشَرِبَ: أتاها (كأن الأصل: سبق إليها) وإلى الأمر: قصد له (اتجه له/ جعله أمامه) {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23]. ومن التقدم المذكور جاء "القِدَم - كعنب: ضدُّ الحدوث "إذ هو سبق زمني (بالنسبة لموقف التحدث أو لمقامه) كالسبق والتقدم المكاني. "قدُم الشيء (كرم/ فهو قديم وقُدام) {فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} [الأحقاف: 11]، {كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس: 39, وكذا ما في يوسف: 95]، {أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ} [الشعراء: 76].

£° معنى الفصل المعجمي (قد)

° معنى الفصل المعجمي (قد): هو الامتداد الطولي بالقطع ونحوه مع تحدّد أي (ضيق عرض) وجفاف كالقِدّ السير الموصوف - في (قدد)، وكالأصل الذي تمتد منه الفروع، وامتداد السن، وامتداد رائحة الطعام والمسك أي سطوعها - في (قدو/ قدى)، وكالوقود الذى يطيل مدى اتقاد النار - في (وقد)، وكامتداد وجود طاقة التحكم في الشيء وضبطه في القِدْر والقُدْرة، وأما الأقدر من الرجال فمن وقوع التحكم والضبط عليه في صورة تماسك وعدم تسيب لأن هذه الصفة هي من فَعِلَ التي للمطاوعة - في (قدر)، وكامتداد بقاء الشيء محفوظًا كالدر في صدفه، وراكب السفينة فيها والقداس الذي يمكّن من حفظ الماء أي عدم إهداره - في (قدس)، وكامتداد القَيْدوم أنف الجبل منه وكذلك امتداد القَدَم والقَدُوم للأمام أعني تخطي القدم المسافة وغئور القدوم في جسم الخشب ونحوه - في (قدم). القاف والذال وما يثلثهما • (قذذ): "القُذَّة - بالضم: ريشُ السَهْم. والقَذّ - بالفتح: الرَمْي بالحجارة. والقُذاذات: القطع الصغار من أطراف الذهب ". Qالرمْي بدقاق بقوة (¬1). كالرمي بالحجارة، وكالريش ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر القاف عن تجمع وتعقد في الجوف، والذال عن نفاذ بغلظ وإلصاق, والفصل منهما يعبر عن الرمْي بقوة كالقذّ: الرمي بالحجارة. وفي (وقذ) يعبر التركيب المسبوق بواو الاشتمال عن اشتمال الشيء أي إصابته بغليظ اندفع إليه فضغطه كالوقائذ الحجارة الموصوفة. وفي (قذف) تعبر الفاء عن نفاذ بطرد وإبعاد وقوة، ويعبر التركيب =

(وقذ)

يلصق بالسهم وسيلة لقوة الاندفاع والإصابة، لأنه يُقَوِّم مرورَ السهم ليصيب، وأطراف الذهب المذكورة هي على صيغة البقايا، فهي بقايا الصَوْغِ، وانفصالها دقاقا من الصلب الذي كانت منه يعدّ من جنس الاندفاع بقوة. • (وقذ): {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ} [المائدة: 3] "الوَقَائِذُ: حِجَارةٌ مفروشةٌ واحدتها وقيذة ". Qصدم بقوة يضغط المنتبر فيُرِقُّه. كالحجارة المذكورة كأنها ضغطت فانفرشت ومنه "وَقَذَه (وعد): ضَرَبه حتى استَرْخَى وأشرف على الموت. وَوَقَذَ الشاةَ: ضَرَبها بالخشب حتى تموت. وكان يفعله قوم فنهى الله عز وجل عنه " {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ} ومنه "وُقِذَت الناقة - للمفعول: دَرَّتْ على كُرْه فقلّ لبنها " (الإكراه هنا ضغط بشكل ما لتدُرّ لبنها). • (قذف): {أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ} [طه: 39] "المِقْذَف والمِقْذَاف: مِجْدَاف السفينة. وقُذُفَاتُ الجبال - ج قُذْفَة - كغرفة -: الشُرْفة أي ما أشرف منها. والقَذَّاف - كشداد: المنجيق، ومن القِسِيّ: المُبْعِدُ السهم كالقَذُوف. وككتاب: ما أَطَقْتَ حمله بيدك (من نحو الحجارة) ورَمَيْتَه ". Qدَفْع بغلظ إلى مسافة بعيدة - كالسفينة في الماء بجريها ¬

_ = عن اندفاع الشيء الغليظ نافذًا بقوة إلى بعيد كقذفات الجبال وكالقذْف بالمنجنيق.

£° معنى الفصل المعجمي (قذ)

مع ضخامتها، وكنتوء شرفة الجبل نتوءًا شديدًا منه مع غلظ الجبل والشرفة معًا. وكالقذيفة من المنجنيق، والسهم من القوس (وكلاهما فيه إبعاد) ومنه "القَذْفُ: الرَمْي بقوة. القَذْف: الرمي بالحجارة والحذفُ الرمي بالحصا. وقَذَفَ بالشيء: رَمَى به. {أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ} (عبر عن وضعه في التابوت بالقذف لشدة تعلقها به كأنها تنزعه من نفسها) وكذلك {فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ} لذلك ولكبَر التابوت {حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا} [طه: 87]، ويلحظ أنها أحمال من الذهب {وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا} [الصافات: 8، 9] والقذف هنا بالشهب. ومن معنويه {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ} [الأنبياء: 18] {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ} [سبأ: 48] يلقي الحق من وَحْيٍ وشرعٍ إلى أنبيائه بالحق لا بالباطل - أي أن مفعول يقذف هو (الحق) مقدَّرًا [ينظر بحر 7/ 277] ولا يتعين ما قال فإن القذف بالحق يؤدي المعنى، {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ} [الأحزاب: 26] والإبعاد هنا وصوله إلى قلوبهم، {وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [سبأ: 53]، كقوله تعالى: {رَجْمًا بِالْغَيْبِ} [الكهف: 22] لكن تعبير [سبأ: 53] يعبر عن مزيد غِلظ. لأنه يتناول ما كانوا يحكمون به في الدنيا من كفرياتهم: محمد - صلى الله عليه وسلم - ساحر وشاعر، القرآن أساطير الأولين، لا بعث ولا جنة ولا نار إلخ [ينظر بحر 7/ 280]. ° معنى الفصل المعجمي (قذ): هو الدفْعُ بقوة كالرمي بالحجارة - في (قذذ)، وكوقذ الشاة بالحجارة وكذا الحجارة المفروشة كأنما ضغطت ضغطًا عظيمًا - في (وقذ)، وكدفع السفينة مع ضخامتها بالمقذاف وكتلة الحجر بالمنجنيق وكلاهما إلى بعيد - في (قذف).

القاف والراء وما يثلثهما

القاف والراء وما يثلثهما • (قرر - قرقر): {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: 74] "كلُّ ما لَزِقَ بأسفل القِدْر (قاعها) من مَرَقٍ أو حُطَام تَابَلٍ مُحْتَرِقٍ أو سَمْن أو غيره (فهو) قُرّة - بالضم، وقُرارة - كقُصاصة، وقُرَرَة - كهمزة، وبضمتين. والقرار - كسحاب: مُسْتَقَر الماء في الرَّوْضة/ بُطونُ الأرض التي يستقر الماء فيها، وبتاء: كل مطمئِن مستدير .. اندفع إليه الماء فاستقر فيه. والقَرْقَرة - بالفتح: وَسَطُ القاع والغائط ". Qثَبَاتُ ما شأنه التسيب وامتساكه في قاع عميق مستدير (¬1): كقُرَّة القِدْر، وكالماء في مستقره. ومنه: "قَرَرْتُ القِدْر (رد): طبخت ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر القاف عن تعقد في الجوف والراء عن استرسال، والفصل منهما يعبر عن ثبات المسترسل في قاعٍ (جَوْفٍ) كالقرار مستقر الماء. وفي (قرى) تعبر الياء عن الاتصال، ويعبر التركيب المختوم بها عن زيادة الاستقرار (التجمع) في حيز كما في المقراة والقَرْية. وفي (وقر) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال، ويعبر التركيب عن الاشتمال على ثقل عظيم في العمق - كالمرأة الموقرة. وفي (قرأ) تزيد الهمزة دَفْعًا يؤدي إلى التعبير عن زيادة الجمع في العمق وضِخَمه كقَرء الجنين. وفي (قرب) تعبر الباء عن التجمع الرخو والتلاصق، ويعبر التركيب عن كون الاسترسال لمحاولة اللحاق واللصوق وهو التهيؤ للتناول. وفي (قرح) تعبر الحاء عن احتكاك بعِرَض وجفاف، ويعبر التركيب عن نحو الكشط عما في العمق كالقريحة والقَرْح. وفي (قرد) تعبر الدال عن احتباس مع امتداد، ويعبر التركيب عن الاحتباس في الحيز أو الموضع تعلقًا =

فيها حتى يلصق بأسفلها "، (ومن هذا قيل: اقْتَرّ القدْرَ: أخذها وائتدم بها. والاقترار: تتبع ما في بطن الوادي من باقي الرُطَب. فالاستعمالات من إصابة قُرَّةِ القِدْر) و "الاقترار: السِمَنُ والشِبَع " (استقرار ذلك في البطن) وكذا "الإقرار: اللَقَاح (تكوُّن الجنين) واقترار الإبل: تَخَثُّر أبوالها فتبُول في رجليها (من ثقل بولها فلا يندفع بعيدًا بل يسيل على رجليها) والقُرِّيّة - كعُلّية: الحَوْصَلة " (مستقَرّ العَلَف). ومنه "قَرّ الكلامَ والحديثَ في آذانه: فَرَّغه وصبّه فيها/ سارّه، وكترديد الكلام في أُذن الأصم حتى يفهمه ". ومن الأصل "قَرَّ بالمكان يقَرّ - بفتح القاف وكسرها - واستقر وتقار .... وأقره في مكانه فاستَقَر (وضع ثابت متمكن في المكان وهو ظرف) {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] (أصلها هنا: اقْرَرْن - حذفت أولى الراءين)، {وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ} [الحج: 5] , {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} [المؤمنون: 13]، ¬

_ = وامتساكًا كتعلق القِرد والقُراد. وفي (قرش) تعبر الشين عن تفش، ويعبر التركيب عن جمع المنتشر المتفشي إلى حيز كما في القَرْش. وفي (قرض) تعبر الضاد عن ضغط كثيف، ويعبر التركيب عن نفاذ (قطع) الكثيف المتماسك كقَرْض الخُبز والذهب. وفي (قرطس) تعبر الطاء عن عرض، والسين عن نفاذ بدقة وامتداد، ويعبر التركيب عن عريض هو موقع ومقر لشيء يؤثر فيه بدقة كالقرطاس للسهم والكتابة، وفي (قرع) تعبر العين عن التحام ورقة أو لمعان، ويعبر التركيب عن لمعان ظاهر الشيء المستقر المتين لتجرده كما في القارعة والقرع. وفي (قرف) تعبر الفاء عن نفاذ بطرد وإبعاد، ويعبر التركيب عن انفصال المستقر على الظاهر كالقِرْف لحاء الشجر، وفي (قرن) تعبر النون عن الامتداد في باطن، ويعبر التركيب عن نفاذ في صلب من باطن كالقَرْن.

(هو الرَحِم) {إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} [المؤمنون: 50]، ذات استواء يُستقَرّ عليها، أو ذات ثمار، ولأجل الثمار يستقر فيها الساكنون [قر 12/ 127] {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ} [البقرة: 36]. وبمعنى الثبات هذا (استقر) وكل (مستقر) بفتح القاف مصدرًا أو مكان استقرار، وبكسرها اتصافًا بالاستقرار، وكذا بمعنى الثبات كلُّ (قرار) مكانًا أو اسم مصدر. {فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} [الأنعام: 98، وكذا ما في البقرة 36، هود: 6] المستقر ظهر الأرض زمن الحياة، والمستودع بطنها حيث تدفن [ينظر قر 9/ 8، 1/ 32، 7/ 46 - 47] و "أهل القَرَار أهل الحضر المستقرون في منازلهم. وهم قراريون ". ومنه "القُرّ - بالضم والفتح وكهِرَّة البَرْد ". فهو يجمّد الجسم أو يكاد - عند استمراره بأن يدخل بعضه في بعض، والأمران من باب الثبات: "قُرّ الرجل - للمفعول: أصابه القُرّ. وقَرّت ليلتنا تقَر " (مثلثة القاف). وقوله تعالى: {كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا} [طه: 40]، {قُرَّتُ عَيْنٍ} [القصص: 9] وكل (قرة عين/ عينها/ أعين/ أعينهن) هو من برودة العين عند السرور مقابل استعمالهم إسخانها في ضده حيث يقولون: "أَسخن الله عينه "، أو من استقرارها وعدم تطلعها إلى غير ما ترى لرضاها به. وسميت القَارورة الزجاجية لوظيفتها أي استقرار المائع فيها. وقارورةُ العين: حَدَقتُها مشبهة بها في رقة المادة واحتواء الرقيق. وقوله تعالى: {إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ} [النمل: 44]- يؤخذ منه أن القوارير هي الزجاج عينه وعليه فتسمى القِنِّية قارورة نظرًا لأن أصل مادتها سائل شفاف تجمد. وتأمل كذلك {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ} [الإنسان: 15، 16] (تجمع صفاء الزجاج وبياض الفضة).

(قري)

و "الإقرار: الإذعان للحق والاعتراف به "هو من إقرار الأمر في النفس تسليمًا وعدم منازعة فهو من معنى الثبات. {ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} [البقرة: 84، وكذا ما في آل عمران: 81]. ومن الأصل: "قَرَّ عليه دلوَ ماء (رد): صبَّها "، ثم "القرقرة صوت صب الماء في القارورة (كالقُلّة). كما قالوا: قَرْقَرَ الشرابُ في حلقه (في طريقه إلى الجوف) صوّت، وكذا قَرْقَر بطنُه صوت، وكما سموا القَرْقَارة - بالفتح: (وهي إناء) لقرقرتها ". و "القَرْقَر - بالفتح: الظهر (للاستقرار عليه) وكذلك القُرْقُور - بالضم: السفينة العظيمة أو الطويلة "لهذا أي لإمساكها وإقرارها ما تحمله. وأما "قَرُّ الدجاجة: صوتَها إذا قطّعته، وكذا قرقرتها إذا رددته، فإنه إما حكاية صوتية، وإما على التشبيه بصوت صب الماء في القارورة ونحوها. • (قري): {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} [الحشر: 7] "المَقْرَى والمَقْراة - بالفتح: كل ما اجتمع فيه الماء. قَرَى الماءَ في الحوض يَقْرِيه: جَمَعه، والبعيرُ (وكل ما يجترّ): جمع جِرَّته في شِدْقه. والقارِية: الحاضرة الجامعة. والقرية: المصر الجامع، وقَرْية النمل: مجتمع ترابها ". Qتجمُّع ما شأنه الحركة - بكثافة في حَيّز محدد (الكثافة تكون كثرة وتكون اكتنازًا وتركّزًا): كتجمع الماء في مجتمَعه، والجِرّة في الشِدْق والناس والنمل في القارية والقَرْية. ومنه القَرِىّ - كغَنِيّ: اللَبَنُ الخاثر لم يُمْخَض (هو بكثافته). ولم يأت من التركيب في القرآن إلا القرية {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ} [يس: 13]، وجمعها (القُرى) {وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا}

(قرأ)

[الأنعام: 92] ومن الأصل "المِقْراة - بالكسر: القَصْعة (تجمع الطعام وغيره) وقَرَى الضَيْفَ: أضافه (آواه - جَمَعه) والقَرْية أَعْواد فيها فُرَضٌ - يجعل فيها رأس عود البيت، وعود الشراع الذي في عَرْضه من أعلاه " (فهي تمسكه وتُثبته أي تجمعه من أعلاه). • (قرأ): {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 9] قال المرقش يصف ناقة بالصلابة وشدة التماسك: (لم تقرأ القَيْظَ جَنينًا) (¬1) (أي في القيظ) أي لم تحمل في القيظ به فجسمها متماسك قوي. وكذا جاء في بيت لعمرو بن كلثوم [شرح السبع ص 380]: (لم تَقْرأ جنينًا) (¬2): أي لم تَضُمَّ في رحمها ولدًا قط. وكذا يفسَّر قول حميد بن ثور (لم تقرأ جنينًا ولا دمًا) (¬3) [ل قرأ] ولا الْتِفات لزعم قطرب واللحياني أن المعنى لم تُسْقطه أي فهي لم تحمل فهذه دَورة أبعد. وابن الأنْباري أعلم وأزكى. وكذا "الحية تُقْرئ سمها شهرا ثم تمجّه " (¬4) ويؤيد ما اخترنا قولُهم "للحُمَّى قَرْءٌ وللغائب قَرْءٌ وللبعيد قَرْءٌ "- بالفتح فيهن - أي مدة استمرار ثم تنتهي وقولهم: "إذا قَدِمْتَ بلادًا فمكثت بها خَمْسَ عشرة ليلة فقد ذَهَبَت عنك قِرْأة البلاد وقِرْء البلاد - بالكسر " (أي وَباؤُها وثِقَلُها الذي يَحُطّ بنازليها). ¬

_ (¬1) المفضليات تح د. نبيل طريفي رقم 49 مجـ 2/ 6. (¬2) شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات تح العلامة ع. هارون 380، ل (قرأ). (¬3) ل (قرأ). (¬4) ينظر: ثلاثة كتب في الأضداد 1/ 6.

Qتَجَمُّع الشيء (السائل أو المتحرك) في الباطن أو الحيز إلى أجل يُطرح أو يُخرَج بعده - كالدم والحمل والسُمّ في الجوف إلى أجل والغائب والبعيد كأنهما في باطن مَغِيبِهما ولهما أجل يعودان بعدُ عادة، والحُمى تشمل البدن فكأنها تحوزه ثم تنتهي، والوباء للفترة الأولى من الاستقرار في الحيز. ومما نظر فيه إلى ذلك قولهم: "أقرأت النجومُ: حان مغيبها (في جوف الأفق والصيغة للحينونة) وأقرأ أمرُك وحاجتُك: دَنَت (بقيت في جوف الغيب وحان أن تخرج) ويؤيد ما رأينا كذلك ما في معنى (قَرَر) من تجمع في الجوف، وقولهم "قَرَيْتُ الماء في الحوض: جمعت "، و "القِرْدُ يَقْرِي - أي يجمع - ما يأكل في فيه ". ومن هذا القراءة وأصلها: حِفْظ المقروء أو استيعابه في القَلْب. فقد ورد في البخاري [6/ 193 باب تعليم الصبيان القرآن] قال ابن عباس توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابن عشر سنين وقد قَرَأْت المحكم (يعني المفصّل أي قصار السور) والمقطوع به هنا أن المراد أنه حَفِظَها، وقد جاء في رواية أخرى "جَمَعْت المحكم "فهذا يدل على أن المراد بالقراءة الحفظ وأنها بهذا المعنى تُعَدُّ جمعًا في الذهن أو القلب، وهذا يؤيد الأصل الذي رأيناه. قال تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى} والمعنى والله أعلم سَنُحفظك أو سنجمعه في صدرك [وانظر قر 20/ 18] وقوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: 17] يمكن أن تعني جَمْعه أي - حفظه من الضياع، وقرآنه أي إيعاءه صدرك إذ الجمع في الفؤاد ليس من معاني جمع بل من معاني قرأ. وقد فُسِّر بـ "جمعه في صدرك ثم تقرؤه " {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} أي فاستمع له وأنصت [قر 19/ 106] وهو سائغ أيضًا.

ومن هذا المعنى نفسه يمكن أن تستعمل فى قراءة الكتاب أي بالنظر بالعين إذ معناه أن رموز الكلام التي فيه قد انتقلت هي ومعانيها إلى صدرك حين اطّلعت عليها. وقد تقول قرأت ما في الكتاب إذا نظرته بعينيك واستوعبت ما فيه {فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} [يونس: 94]. ثم استعمل في التلفظ بما هو محفوظ في القلب وإلقائه كلامًا صوتيًّا. والقرآن سمي كذلك لمعنى التلفظ بالمجموع في القلب. وقد عُلِّلت التسمية أيضًا بأنه جامع لخير تشريعات الدين والحياة {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38]، وبأنه مجموع {فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: 22]، وشأنه أن يجمع في الصدور على ما في الحديث الشريف "أناجيلهم في صدورهم "ثم هو يُتْلَى وشأنه أن يُتْلَى أيضًا. ولملحظ التلفظ به صوتيًّا لم يستنكف كفار العرب أن يسموه قرآنًا، كما في قوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ} [يونس: 15 وكذلك في الفرقان: 32، وسبأ: 31، وفصلت: 26، والزخرف: 31] وكذا سماه الجن {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} [الجن: 1]. وقد مال [طب 1/ 96] وكذلك [قر 1/ 12] إلى أنه تسمية بالمصدر من القراءة. وهذا يتسق مع الملحظ الأخير الذي ذكرناه. وعلل ابن قتيبة في [الغريب 33 عن أبي عبيدة] وغيرهما التسمية يجمع السور. وأخيرا فإن ما ينسب إلى الإمام الشافعي أنه كان لا يهمز كلمة (قُرْآن) ويقول هي (قُرَان) من (قرن) لا من (قرأ) هذه النسبة خطأ. والشافعي أعرف باللغة من أن يقع في هذا الخطأ، وإنما هذا قول إسماعيل بن قسطنطين الذي قرأ عليه الشافعي [تنظر غاية النهاية ترجمة إسماعيل هذا] والذي جاء في القرآن الكريم من التركيب كلُّه من قراءة الكتاب أو القرآن عدا ما في آية [البقرة: 228] وسنقف

عندها. وقد بينا في (تلو) الفرق بين التلاوة والقراءة. والفعل (قرأ + على) يعني القراءة العلنية للإسماع {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] ويتفق حينئذ مع معنى التلاوة، ودون (عَلَى) لا يستوجب ذلك القيد. وللمعنى الذي ذكرناه للقراءة (من أن أصلها الجمع في الباطن) ما يؤيده في قولهم: "تَقَرَّأَ الرجل: تَفَقَّه. وقرأتُ تَفَقَّهْتُ " (الفقه استيعاب المعنى في القلب) وكذلك "تَقَرَّأَ: تنسك وهو قارئ: ناسك ". أي من حيث إن القراءة هي سبيل التفقه وموضوعه، والقرآن هو الموجِّه إلى التنسك. ومن ذلك القروء في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وهي تصدق لغويًّا على الدم المجتمع في الجوف في حال اجتماعه أي حين الطهر، وعلى نفس ذلك الدم وهو نازل أي في أيام الحيض لأنه يجتمع في الرحم قبل ذلك إلى أجل وهذا هو سر الخلاف الواسع في هذه المسألة. وتحدد القرائنُ المقصودَ. ففي مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "دعي الصلاة أيام أقرائك "هي أيام الحيض. ويترجح لدينا أن المراد بها في الآية الأطهار فقد استنتج ذلك الشافعي وغيره في ضوء أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنَ عمر - لما طلق امرأته في حيضها - "أن يراجعها فإذا طهرت فليطلقها فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق لها النساء "وضع هذا مع قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} [الطلاق: 1] ثم مع آية البحث حيث يُعَدّ طهر التطليقة من العِدَّة. وثانيًا لأن القرء بهذا المعنى أقرب إلى الأصل في ضوء ما ذكرنا في الأصل، وشواهده من كلام العرب قائمة في ما سبق. ويضاف إليها قول الأعشى يمدح باشتغال الممدوح عن النساء بالغَزْو كسبًا للعز والرفعة: (لما ضاع فيها من قروء نسائكا). والاتصال بهن إنما

(وقر)

يكون في الطهر. وأخيرًا فهنا قرينة دقيقة وهي أن القروء في الآية وفي هذا البيت للأطهار - في حين عُبِّر عن الحيضات بالأقراء كما في الحديث. والقروء تصلح لجمع القَرْء بالفتح والضم، ولكن الأقراء للمضمومة فقط (¬1) والفتح أقرب إلى معنى الجمع لأنه أقرب إلى المصدر فيناسب الأطهار في الآية. في حين أن المضمومة أقرب إلى المفعولية فهي أصدق في الدلالة على الدم المجموع. [وانظر قر 3/ 113 - 118، ول 125 - 127]. وقد انتهى الطبري بعد بحث طويل [4/ 499 - 513] إلى أن المراد به في الآية الطهر على ما انتهينا إليه. • (وقر): {فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا} [الذاريات: 2] "امرأَة مُوقَرَة: إذا حَمَلت حَمْلًا ثقيلًا. واستوقَرت الإِبِل: سَمِنَت وحَمَلت الشحوم. والوِقْر - بالكسر: الحِمْل الثقيل. وقد أَوْقَرَت النخلةُ: كثُر حَمْلها. والوَقير والوقيرة: نُقْرَة في الجبل عظيمة ". Qتجمُّعٌ بثقل وتمكّن في أثناء بَدَن أو حَيّز: كالحَمْل الثقيل في الجوف، وكذلك السِمَن، والشحم، والحِمْل الثقيل. {فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا} السحاب تحمل الماء كما تحمل ذوات الأربع الوِقْر [قر 17/ 29 - 30]. ومنه الوَقْر ¬

_ (¬1) ينقاس الجمع على (فُعُول) في نحو كَبِد وفي الثلاثي ساكن العين مع فتح الفاء ولا تكون العين واوًا نحو كعب، ومع كسرها كضرس، ومع ضمها بشرط ألا يكون مضعفًا ولا عينه واوًا ولا لامه ياء نحو جُنْد وبُرْد. وينقاس الجمع على (أفعال) في كل اسم ثلاثي ليس على فعل كصُرَد ولا عل فَعْل إلا إذا كان هذا الأخير معتل العين.

(قرب)

- بالفتح ثقل في الأذن (لعل أصله مادي من تراكم قذى الأذن فيها حتى يسدها ثم صار كناية) {فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ} [فصلت: 44]. ومثلها كل التعبير بوجود وَقْر في الآذان. ومن المادي (الجزئي) الوَقْر - بالفتح: الصَدْع في الساقِ، والعظمِ، والحَجَرِ، والحافر (لعله نظر إلى أنه لا يَحْدُث إلا مِنْ ضغط أو صدم ثقيل ثم إن الصدع وَهي في الصُلب - كما سمو النقرة في الجل وقيرة). ومن الثقل الذاتي المادي يأتى الثقل المعنوي "الوَقَارُ: الحِلْم والرزانة (الثِقَل) وكذلك معنى العظمة من لازم الثقل. ومن هنا دل الوقار على العِظَم المعنوي {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح: 13]: لا تخافون لله عَظَمة. [قر 18/ 303] {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح: 9] تُسَوَّدُوه/ تعظموه. والتوقير التعظيم والترزين أيضًا. والهاء فيهما للنبي - صلى الله عليه وسلم - والهاء في تسبحوه لله تعالى من غير خلاف. [قر 16/ 267] (فهو شبيه باللف والنشر غير المرتب). ومن الأصل قيل "وَقَرَ الشيءُ في القَلْب: ثَبَت ". ومنه قالوا "وقر يَقِر - بكسر قاف المضارع: سَكن، وبه قرئ في {وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] (حذفت فاء الفعل قياسًا). أما "الوَقِيرُ الجماعةُ من الناس وغيرهم "فمن التجمع في حيز بثقل أي كثافة. • (قرب): {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] "القِربة - بالكسر من الأساقي: (تلك التي تكون) للبن، وقد تكون للماء.

والقِراب - ككتاب: غِمْدُ السيف والسكين ونحوهما. والقَرَب - محركة: البئرُ القريبة الماء. وإناء قَرْبان وصَحْفَة قَرْبَى - بالفتح فيهما: قاربا الامتلاء. والقَوْرَب - بالفتح: الماء لا يطاق كثرة ". Qوجود الشيء في الحيز متاحا مهيأً للتناول أو الوصول إليه. كاللبن في القربة، والسيف في الغمد. والماء في البئر الموصوفة قريب التناول، وكما في حال الإناء والصَحْفة المذكورتين يُتناوَل منهما عن قُرب. ومنه "قَرَبْت الماء: طَلَبْتُه (سعيت لتناوله) وأقربَتْ الحاملُ: دَنا وِلادها " (تهيأت أو تهيأ وصول الولد). ومنه القُرْب المكاني (إمكان اتصال أو وصول، وكلاهما وجود في نفس الحيز) {مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} [سبأ: 51] وكذلك الزماني {إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} [النساء: 77]. ثم القرب المعنوي قُرْب المنزلة {أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ} [التوبة: 99]، {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم: 52]، {إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا} [المائدة: 27]. هو ما يُتَقَرَّبُ به {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19]. ومن ذلك "القريب "من القرابة النسبية للاتصال كأنهما في نَفْس الحيّز. ولعله أصلًا من المشاركة في البطن {مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} [النساء: 7]. ومن التهيؤ الأخذُ في الأسباب، ومن هنا يتجلى معنى النهي في الآية التالية وأمثالها {وَلَا تَقْرَبُوا الْزِّنَى} [الإسراء: 32]. ويمكن تلخيص الأمر في أن مفردات هذا التركيب تدور معانيها بين القرب المكاني والزماني، والنَسَبِيّ، وقرب المنزلة. فكل (لا تقربا، لا تقربوا) مَكْنِىّ جمها عن تجنب التناول أو الممارسة (أي البعد عن) عدا ما في [التوبة: 28] {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} فهي لمنع

(قرح)

القرب المكاني الحقيقي. ومثلها في القرب المكاني {فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ} [الذاريات: 27] وما عدا هذه من المضعَّف فهو من قرب المنزلة. وكل (اقترب) فهي للقرب الزمني عدا [العلق: 19] {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} فهي لقرب المنزلة. ومثل هذه (قُربة) و (قُرُبات). وكل (قريب) و (قريبًا) فهي للقرب الزماني عدا مجموعتين أ -[التوبة: 42، الرعد: 31، سبأ: 51، ق: 41] فإنها للقرب المكاني. ب - ما وُصِف الله عز وجل فيه بأنه (قريب) فهو قرب الإحاطة بكلل شيء يرى ويسمع ويجيب المضطر والداعي إذا أراد هو سبحانه. وكل (ذي القربى وذوي القربى) فهي للقرابة من النسب ومثلها (الأقربون). و (الأقربين)، (مَقْرَبة). وكل (المُقرَّبون) و (المُقرَّبين) فهي لقرب المنزلة عند الله تعالى عدا [الأعراف: 114، والشعراء: 42] فهما لقربة المنزلة عند فرعون. ومن قرب المنزلة هذا (القربان) وتقريبه. وكل (أقرب) فهي أفعل تفضيل لمزيد القرب حسب تمييزها. • (قرح): {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} [آل عمران: 172] "القُرْح - بالفتح والضم: الجُرْح، والقَرِيح: الجَرِيح. والقَرْحة - بالفتح: داءٌ (في الجلد كالبثر) يأخذ البعيرَ فيَهْدِلُ مِشْفَرَه منه. قَرَحَه (فتح): جَرَحه. وقَرِحَت أشداقُهم (تعب): تَجَرَّحَتْ من أَكْل الخَبَط " (الخبط وَرَق شَجَرٍ يَخْبِط الراعي الشجرةَ بالعصا فيسقط الورق). Qقَشْرٌ أو نحوه للظاهر الصحيح يخرج به ما استقر في باطن الشيء. كقَشْر الجلد يُخْرج الدم، وكالداء المذكور. ومنه بمستوييه الحسِّيّ والمعنوي {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ} [آل عمران: 140, وكذا ما في 172 منها].

(قرد)

وبوقوع القَشْر على ظاهر صحيح يكون الخارج منه أول خروج. فمن مادِّيَّه: "القَرِيحة والقُرْح - بالضم: أولُ ما يخرج من البِئْر حين تُحْفَر. وتَقْريح الأرض: ابتداءُ نباتها ". ومن هنا استُعْمِل في أوّلياتٍ تستخرج من الباطن أو تنشأ "كالاقتراح: ارتجال الكلام (تستخرجه من عند نفسك)، واقَتَرَحَ البعيرَ: ركبه من غير أن يَرْكَبَه أحد [ق] (استخرج منه المشي والحَمْل لأول مرة. والعرب يعدّون السير بذلًا). وكذا "القارح: الناقةُ أول ما تحمل، اقْتُرِحَ السهمُ: بُدِئَ عَمَلُه. والقريح: السحابُ أول ما ينشأ، وقريحة الشباب: أولُه، وقريحة الإنسان: طبيعتُه التي جُبِل عليها، لأنها أولُ خِلقته ". أما "القُرْحَان - بالضم - من الإبل والناس: الذي لم يَمْسَسه جَرَبٌ أو جُدَرِيٌّ قَطّ " (فذلك أنه على هيئة ما اقتُرِحَ أي نَشَأ وخُلِق أول الأمر). • (قرد): {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [الأعراف: 16] "القَرَدُ - محرَّكة: ما تمعَّطَ من الوَبَر والصوف وتَلَبَّد وقيل هو نُفَاية الصوف خاصة. وقَرِدَ الشعَرُ والصوفُ (تعب) وتقرد: تَجَمَّع وتَجَعَّد وانعقدَتْ أطرافه. وفي حديث عمر - رضي الله عنه - "ذُرِّى الدقيقَ وأنا أُحَرَّك لك لئلا يَتَقرَّد "أي يَرْكَب بعضُه بَعْضًا (عُقَدًا غَليظة في وَسَط الذّريرة السهلة). وسحاب قَرِد - كفرح: وهو المتقطِّع في أقطار السماء يركب بعضه بعضًا ". Qتعلُّقُ الدِقَاق أو امتساكُها بعضِها ببعض - كالمتلَبّد من الوَبَر والصوف والشِعَر والدقيق وقطع السحاب المتراكبة. ومنه: "قَرِدَتْ أسنانُه (تعب): صَغُرَتْ ولَحِقَتْ بالدُرْدُر (كأنها دخلت في اللثة، ويلحظ أن صيغة

(قرش)

الفعل للمطاوعة) ومنه كذلك على المثل "قَرَدَ لعياله: جَمَعَ وكسب " (إذ يجمع من ها وهنا قليلًا قليلًا) كما يقال حَرَف لهم. ومن ذلك "القُرَادة - كرخامة: حَلَمَة الثَدْي " (تلتئم دقيقةً متميزةَ اللَوْن والشكْل في قمة الثدي (الضخم) كأنها مُلْصَقة به) وكذلك "القُرَادُ "صغيرٌ يلصق بالبدن. وأرجح أن قرادة الثدي مشبَّهةٌ بقُراد الجمل. ومن الأصل "القِرْد "المعروف حيث يتميز بكون التَعَلُّق بالأشجار والأشياء أهمَّ سُبل تنقله {قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ}. • (قرش): {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ} [قريش: 1, 2] "قُريش - بالتصغير: دابةٌ في البحر لا تَدَع دابةً إلا أَكَلَتْها، والمُقَرِّشة كمحدثة: السَنَةُ المَحْلُ الشديدة، والناسُ عند المَحْل يجتمعون فتنضَمُّ حواشيهم وقواصيهم. قَرَش (نصر وضرب): جَمَع وضم من هنا وهنا. وقَرَش واقترش وتقرش: جَمَع واكتسب لأهله/ لعياله ". Qجمع المنتشر وضمه في الحوزة أو الجوف. كحال الدابّة والسَنَة والناس والجمع للكسب المذكور. ومنه "أقرَشَتْ الشَجَّةُ (قاصر) وهي التي تَصْدَع العظم ولا تَهْشِمه " (العظم بها مُصَدَّع كالمنتشر لكنه متماسك كالمجتمع) ومنه "تَقَرَّشَ عن الشيء: تَنَزَّه عنه " (تجمع على ذاته وانكمش معتزلًا). وفي اشتقاق (قريش) أقوال كثير منها صالح [ل، تاج، الخزانة 1/ 203] إذ ترجع إلى القَرْش جَمْع المنتشر. فقالوا إنها ترجع إلى القَرْش: الجمع والتكسب وهذا القول متوجه لأنهم أهلُ تجارة، وقالوا إنها ترجع إلى جَمْع قُصَيّ قبيلةَ قريش

(قرض)

حول البيت في مكة وبهذا سمي مُجَمِّعًا أيضًا [لكن حصر الملقب بقريش في النضر بن كنانة، أو فهر بن مالك - وهما أبعد من قصي - يضعف هذا القول. وقائله هو عبدِ الملك بن مروان - الخزانة 1/ 204] وانظر السيرة لابن هشام 931، 124] {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ}. • (قرض): {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ} [التغابن: 17] "مُقَرِّضات الأَساقي - كمُحَدّثات: دُوَيبَّة تُخَرّقها وتقطعها. والقُراضة - كحثالة: فُضَالة ما يَقْرض الفأرُ من خُبْز أو ثَوْب أو غيرهما. ومنه قُراضة الذهب. وقُرَاضات الثوب التي يقطعها الخياط وينفيها الجَلَم (المقصّ). والمقراضان: الجلمان ". Qقَطْع دقيق (يتكرر) من الشيء الغليظ. كما تفعل الدويبة والفأر بالأساقي والخبزِ والثوبِ، وكقُراضة الذهب. ومنه قَرَضَه (ضرب): قطعه. وقَرض الرجل (كجلس وتعب): مات. وانقَرَضَ القومُ: دَرَجوا ولم يبق منهم أحد ". ومنه "القَرْض - بالفتح والكسر: ما تعطيه غيرَك من مال تُقضَاه (كأنك قطعت له من مالك قطعة دقيقة) أَقْرضه: أعطاه قرضًا {وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [الحديد: 18] و "العربي يقول لكل من فعل إليه خيرًا قد أَحْسَنْت قرضي، وقد أقرضْتَنِي قَرْضًا حسنًا. وما يتقارضان الثناءَ في الخير والشر: يتجازيان " (كل يكيل للآخر كما كال له) ومنه "القريض: ما يردده البعير من جِرَّته " (يأخذها من بين الطعام الذي في جوفه يمضغها وَيرُدّها) ومنه "القَرْض: السير في البلاد إذا قطعتها قال: (إلى ظُعُن يَقْرِضْنَ أجواز مشرف).

(قرط)

أي يَجُزْنه. وفُسِّرَ القَرْضُ بالتَرْك، وبالعدول "قَرَضَ المكانَ: عدل عنه وتركه ناحيةً "فهو من القطع، وأصله قَرَضَ عنه أي انقطع عنه {وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ} [الكهف: 17] تَتْركهم .. هذا وقد قيل تقرضهم: يصيبهم يَسِير منها [قر 10/ 369] والأول أقرب إلى أصل معنى التركيب. وكل ما في القرآن من التركيب عدا ما في هذه الآية الأخيرة فهو بمعنى الاقتطاع بما تَملِكُ والتبرع به في سبيل الله. • (قرط): "القُرط - بالضم: قُرط الأذن الذي يعلق في شحمتها. قَرَط الكُرَّاث (نصر) وقَرّطه: قطعه في القِدْر. القُرْط: شُعْلة السراج. قَرَط: شُعْلة السراج. قَرَط السراج: إذا نزع منه ما احترق ليضيء. والقُراطة: ما قُطع من أنف السراج ليضيء. والقُرط: الذي تُعْلَفُه الدوابّ وهو شبيه بالرُطْبة ". (حب القُرط: البرسيم). Qدِقّةُ حجم الشيء مع تعلقه (دقة الشيء المعلق): كقُرط الأذن، وقَرْط الكُرَّاث تقطيعه دقيقًا ليختلط بما في القِدْر، وكطرَف فتيل السراج المحترق، والقُرْط الذي تُعْلَفه الدواب كالبرسيم أو أجلّ وأعظم ورقًا فهو يُلاحَق بالجزّ لا يُتْرَك ليتم نموه لأنه مجرَّد مرعى. ومن تلك الدقة: "قَرَّط عليه: أعطاه قليلًا قليلًا. والقِرّاط والقيراط: نصف دانق ". أما "القُرْط: الثريا، وقرطا النصل: أذناه، والقَرْط في المِعْزَى أن يكون لها زَنَمتَان معلقتان من أذنيهما والذكر أقرط ": فهنّ من التشبيه بقُرط الأذن.

(قرطس)

• (قرطس): {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ ....} [الأنعام: 7] "القِرْطاس: كل أديم يُنْصَب للنضال (يتبارى الرماة في إصابته بسهامهم) ويسمّى الغَرَضَ، فإذا أصابه الرامي قيل قَرْطَسَ. والقرطاس - مثلثه: الصحيفة الثابتة التي يكتب فيها. ويقال فيها القَرْطَس - بالفتح والكسر كذلك ". Qرَقٌّ ينبسط ممتدًّا يُخْرق بسهم أو يُؤَثَّر فيه بما يشبه ذلك وهو الكتابة بقلم له سن دقيق يرسم فيه. وقد نشأت الكتابة نقشًا في الحجارة، وخَدْشًا في الطين، ورسمًا على العُسُب إلخ. {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ} [الأنعام: 7]، {تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ} [الأنعام: 91] أي صُحفًا. ومنه يقال للجارية البيضاء المديدة القامة (مبسوطتها) قِرْطاس وكذلك الناقة الفتية الشابة. وإذا اعتبرنا: أ) استعمال العرب للكلمة وشمول معناها لكثير يتحقق فيه نفس المعنى. ب) تعبير (قرط) عن تدلي الشيء الدقيق لاصقًا بشيء (والتدلي انبساط مع التعلق وفيه مناسبة لمعنى القرطاس). ج) تعبير (قر) عن ثبات في قاع (وهذا أيضًا يناسب إثبات السهم والكتابة في القرطاس). د) وكذلك بالنظر إلى كلمة القُرْطاط والقُرْطان بالكسر والضم فيهما التي تعني الحِلْس للرَحْل، وهو كالثوب العريض يُغَطّي الظهر تحت الرحْل، ويتلقى العرق من البدن ويمتصه - وهذا وجه شبه لها بالقرطاس ... من كل ذلك يتبين أن الكلمة ليست غريبة المعنى عن العربية، وأن زعم تعريبها عن

(قرع)

اليونانية كما في المعرب (تح د. ف عبد الرحيم 529) ضعيف، وقد ذكر هو أن الكلمة في السريانية أيضًا. وهذا يقرّب نسبتها إلى المشترك الجزري. هـ) كذلك فإن استعمال القُدْموس بمعنى القديم والضخم العظيم وهو قريب من معنى (قَدُم)، والقِرْناس - بالكسر: شبه أنف يتقدم من الجبل وهو مناسب لمعنى القَرْن، والقَرْدَسة: الصلابة والشدة وهي مناسبة لمعنى (القرد) من ذلك وغيره يتبين أن لا غرابة في كلمة قرطاس، وأن دعوى التعريب رجم بالظن. • (قرع): {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ} [الرعد: 31] "ترس أقرع: صُلْب شديد. قارعة الدار: ساحتها. وقارعة الطريق: أعلاه. والقَرَع - محركة: مواضع في الأرض ذات الكلأ لا نبات فيها. وقَرِعَ ماء البئر (تعب): نَفِدَ، والرجلُ: ذهب شعر رأسه، وكُروشُ الإبل: ذَهَب زِئبرُها ورَقّت من شدة الحر، والنعامةُ: سقط ريش رأسها من الكِبَر ". Qتجرد ظاهر الشيء مما يكسوه عادة - مع صلابته: كالتُرْس (كان بعض أنواعه على الأقل جِلْدًا أي ذا شعر في الأصل)، وكساحة الدار لا بناء عليها، وأعلى الطريق منكشف، وكالأرض وجِلْد الرأس والكروش المذكورة لا نبات ولا شعر عليها، وكقاع البئر الذي لا ماء يغطيه. ومنه: "قَرِعَ المكان (تعب): خَلا ولم يكن له غاشية يَغْشَوْنه، و (قرع) مأوى المال ومَراحُه: هَلَكت ماشيته فخلا. والقَرَع - محركة وبالفتح: حَمْل اليقطين "؛ لاملاس جلدته بلا زغب مما يكون على نظيره القثاء مثلًا مع غِلظه. ومنه كذلك: "المِقْرعة - بالكسر: السقاء يُخبأ فيه السَمْن (فلا يكون هناك سمن ظاهر)، ووعاء يُجْبَى أي

(قرف)

يُجْمَع فيه التمر. وقَرَعه: صرفه " (كشفه عن المكان). وكل ذلك يبدي الظاهر مجرَّدًا لا شيء فيه. ومن الأصل جاء "قَرَع راحلته: ضَربها بسوطه، والشيءَ: ضربه "وأصل ذلك أنه أصاب ظاهره الصُلْبَ المكشوف العريض. ومن ضَرْب الصُلْب: "قَرَعْت البابَ، وقَرَعَ سنَّه نَدَمًا. والقارعة من شدائد الدهر: الداهيةُ تقرع وتصيب الصميم {تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ}، والقيامة لذلك {الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ} [القارعة: 1 - 2, 3 وكذا ما في الحاقة 4] ويمكن أن تكون من الأصل مباشرة لما تصنعه بالجبال والناس فتكشفهم عن الأرض {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} [القارعة: 4، 5]، وتأمل قول [ل] "أنزل الله به قَرْعاء وقَارعة ومُقْرِعة - كمحسنة، وأنزل الله به بَيْضاء ومُبَيِّضة وهي المصيبة التي لا تدع مالًا ولا غيره ". وكما سمي الضِراب ضَرْبًا سمي قرعًا: "قَرَعَ الفحلُ الناقةَ "، ومن معنى هذا الضرب كذلك "التقريع: التأنيب ". أما "القُرْعة - بالضم، والمقارعة: المساهمة "فمن الانكشاف في الأصل إذ هي أخيرًا كشف وإزالة للمقروع وإخلاء الفرصة للفائز، وهذا أقرب من "كشف الالتباس "وإن كان يتأتي. و "القُرْعة والقريعة: خيار المال "من هذا فهو ما كُشِفَ عنه، "والقريع: السيد ورئيس الكتيبة "من هذا. فهو الأبرز. وقد يقال إنه المقارع بهم. • (قرف): {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا} [الشورى: 23]

"القِرف - بالكسر: لِحَاءُ الشجر كالسِدْر. وكلُّ قِشْر قِرْف. ومنه قِرْف الرمان - بالكسر: قِشره. والمُخاط اليابس في الأنف قِرْف. وقَرَفْت الجُرْحَ: قشرته ". Qقِشْر الشيء أو جلده أو غلافه اللاصق به: كلحاء الشجر والرُمّان، وقشرة الجرح، والمخاط اليابس. ومنه: "قَرَفَ السِدْرَ والقُرْحَةَ والشجرةَ (ضرب): قَشَرها. وقَرَفْت جِلْدَ الرجل إذا اقتلعته. والقَرْف - بالفتح: الأديم الأحمر، كأنه قُرِفَ، أي قُشِرَ؛ فبدت حمرته (كل ذلك على الإصابة). ومنه: "يَقْرِفُ لعياله: أي يَكْسِب " (نظير يجرم لهم): {وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا} [التوبة: 24]. ومن هذا: "قَرَفَ على نفسه ذنوبًا: كسبها، واقترف الذنب: عمله " (من كسب الشيء واقتطاعه للنفس كقوله تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286] {وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} [الأنعام: 113، وكذا ما في 120 منها] ولم يبرز في [ل] استعمال التركيب في كسب الحسنات. ولكنه ورد في القرآن كما في آية التركيب {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا}. ومن الأصل قيل: "قارف الشيء: داناه " (كأنما ماسّ قِرْفَه: قِشْرَه - كما قيل في المباشرة إنها مماسة البشرة بالبشرة قال طرفة: وقِرَافُ من لا يستفيق دعارةً ... يُعدِى كما يُعْدِى الصحيحَ الأجربُ و"قارَفَ امرأته: جامعها " (كما قيل باشرها). ومن الإصابة: "قَرَفه بكذا: اتهمه ورماه به " (ألصقه به).

(قرن)

• (قرن): {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: 13] "القَرْن - بالفتح: الرَوْق للثور والكبش والظباء وغيرهن، وذؤابة المرأة وضَفيرتها، والدُفْعة من العَرَق: يقال عَصَرْنا الفرس قَرْنًا أو قرنين، وكذلك حلبناه أي عرّقناه " (بجَرْى شديد كما يُفْهم). "القَرْناء من الأفاعي: لها لحمتان في رأسها "كالقرنين. Qعِصِيٌّ عظميّة تنشأ وتمتدّ من أعلى رأس الحيّ أو مُقَدَّمه: كما في القرون العظمية. واستعماله في الذؤابة تشبيه، وكذا في العَرَق من حيث إنه نَبْع ماء من ظاهر البدن لمشقة، أو هو تعبير بالسبب، وهو شَوْط الجري المسبِّب للعرق. وهم يعدون الجَرْي بذلًا من مذخور القوة. ومن المادي: "القَرنان: منارتان من حجارة تُبنيان على رأس البئر، وقَرْن الرأس: حَدُّها وجانبها، وقَرْن الأَكَمة والجبل: رأساهما، وقَرْن القوم: سيدهم (على المثل). والقَرْن: الأُمَّة تأتي بعد الأمة (جيل ينشأ بعد جيل كأنها دفعة من الناس خارجة أو ناشئة بعد دفعة) {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ} [الأنعام: 6]، {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى} [طه: 51] وكذلك كل (قَرْن) وجمعه (قرون). ثم يطلَق القرن على زمان الجيل من الناس، وتحديده واسع يسمح بما قيل فيه من عشر سنين إلى مئة سنة. وقد وردت بهذا الأخير سُنَّة شريفة. و "قُرْنة الجَبَل والنَصْل وغيرهما - بالضم: الطرَف الشاخص من كل شيء. ومن الازدواج الدائم لقرون ذوات القرون من الحيوانات جاء "قَرَن الشيء بالشيء وإليه (ضرب): شدَّه إليه، واقترن الشيئان وتقارنا ": {أَوْ جَاءَ مَعَهُ

£° معنى الفصل المعجمي (قر)

الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ} [الزخرف: 53] أي يَحْمونه ويقيمون حجته [بحر 8/ 24]. و "قرن البعيرين (ضرب): شدهما بحبل واحد. والقرين: البعير المقرون بآخر، والمِثْلُ في السن، والمصاحبُ المقارن، والشيطان المقرونُ بالإنسان لا يفارقه " {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ} [الصافات: 51] وكذا كل (قرين) والسياق يعين المقصود. و "قرّن الأسرى بالحبال - ض: شدّهم (التضعيف للتكثير) {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ} [إبراهيم: 49] وكذا كل (مُقَرّنين) و "القَرَن - محركة: الحبل الذي يُقْرَن به بعيران. والقِرْن - بالكسر: الكفؤ والنظير (الذي يُقْرَن بك) وأقرن له وعليه: أطاق وقوى عليه " (صار له قِرنًا) {وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} وأما "أَقْرَنَ الرجلُ: غلبته ضَيْعَته فله إبل وغنم لا مُعين له عليها "فهذا من الاستحقاق كأنما استحق أو احتاج أن يكون له قرين يعينه أو كأن أمره تشعب عليه كالقُرون. أما القَرْنُوة التي شذذها ابن فارس فذكروا أن لها ثمرة كالسنبلة وهي تشبه القرن. ° معنى الفصل المعجمي (قر): هو استقرار ما شأنه التسيب أو امتساكه في قاع عميق وما إلى ذلك من تجمع في حيز - كالقُرّ ما يلزق بأسفل القدر - في (قرر)، وكاستقرار الماء في الحوض والناس في القرية - في (قرى)، وكذلك استقرار الجنين في بطن المرأة الموقَرة والسِمَن في أثناء أبدان الإبل - في (وقر)، وكذلك الأمر في حمل الجنين في الرحم - في (قرأ)، وفي القِرْبة والقِراب ونحوهما من الوعاء الذي يضم الشيء فيجعله متاحًا للمتناول - في (قرب)، وفي الشيء المستقر الذي يُكْشَف عنه بالقرح - في (قرح)، وفي تماسك القَرَد وتلبده - والأصل تسيب كل شعره ووبره، وهذا التماسك من صور معنى الاستقرار - في (قرد)، وكجمع المنتشر إلى حيز يستقر فيه - في (قرش)، وكالمستقر تماسكًا كالثوب المتين الذي يقع القرض عليه - في

القاف والسين وما يثلثهما

(قرض)، وكتعلق القرط والتعلق امتساك ضد التسيب، فهو نوع من الاستقرار - في (قرط)، وكالعريض الذي يكون موضعًا تستقر فيه الإصابة والكتابة وهو القرطاس - في (قرطس)، وكالشيء الصلب والشديد الذي هو مقر يُجرَّد مما يشغله عادة - في (قرع)، وكأجسام الشجر التي هي مقر للحائها الذي يُقرف أي يقشر - في (قرف)، وفي الرأس القوي الذي ينبت منه القرن أو في ثبات القرن منتصبا على الرأس - في (قرن). القاف والسين وما يثلثهما • (قسس - قسقس): {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة: 82] "قَسْقَسَ العَظْمَ: أكل ما عليه من اللَحْم وتمخخه. القَسّ: صاحب الإبل الذي لا يفارقها. اقتّس الأسدُ: طلب ما يأكل. القَسْقَسةُ: دلج الليل الدائب. "القَسْقَاس - بالفتح: العصا، والجَيّدُ من الرِشَاء، والقَسّ - بالفتح: الصقيع (الساقط من السماء بالليل كأنه ثلج). Qتتبع أو متابعة بدأب واستقصاء (¬1) كما يتتبع الآكل ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر القاف عن تعقد واشتداد في الباطن، والسين عن امتداد بدقة وقوة، والفصل منهما يعبر عن نفاذ إلى العمق بقوة وحدة كالقَسْقَاس: العصا والرّشاء. وفي (قسو) تعبر الواو عن الاشتمال، ويعبر التركيب عن الاشتمال عل زيادة الحدة المتمثلة في الصلابة كما في الحجر القاسي. وفي (قوس) يعبر التركيب الموسوط بواو الاشتمال عن اشتمال عل قوة الدفْع امتدادًا كما يدفع السهم. وفي (قسر) يعبر التركيب المختوم براء الاسترسال عن استرسال القوة والحدّة أي تعديها إلى (الغير) كما في القسر الإكراه. =

اللحم الذي على العظم ويتمخخ العظم، وكما يتتبع صاحب الإبل إبله لا يفارقها، وكما يقتسّ الأسد يطلب ما يأكل لا يَنِي، وكدَلَج الليل الدائب الذي لا فتور فيه، وكامتداد العصا في ذاتها أو لأنها من وسائل المتابعة، وكالرِشاء الجيد يوصل إلى الماء بتتابع لقوّته أو لكفاية امتداه. والصقيع ماء متجمد ساقط. وتجمده يجعل مادته متتابعة لأنها متماسكة. ومنه "قَسَّ الشيء: تَتَلّاه؛ ورجل قَسْقَاس - بالفتح: يَسْأل عن أمور الناس، (يتتبعها) وقَسَّ الإبل وقَسْقَسَها: ساقها، والقَسّ - مثلثة: تتبُّعُ الشيءِ وطلبُه، والنميمةُ (توصيل بعد متابعة). والقَسْقَاس: الدليلُ الهادى، والقَسُوسُ من الإبل: التي لا تَدِرّ حتى تَنْتَبِذ " (الأخيران استتباع). أما "القَسْقاسُ: بالفتح: شدةُ البرد والجوع "فهو من التوالي أو من أن البرد يجمّد والتجمد تداخل البدن فيمتد ويتصلب. يمسك بعضه بعضًا وهذه متابعة. و"القَسّ بالفتح والقِسيس. كسكير: رئيس النصارى في العِلْم كما قال المجد هو من تَتَبُّعِه دقائقَ عِلمهم. أو من تَتبّع أمور الناس. {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا} [المائدة: 82] فالكلمة بهذا المعنى أيضًا بِنْتُ التركيب بلا أدنى تكلف. فلا أساس ولا معنى للزعم بأنها معربة عن العبرية (وقد أورده السيوطي في المتوكلي). ¬

_ = وفي (قسط) تعبر الطاء عن تجمع وضغط (غلظ)، ويعبر التركيب عن غِلَظ ما شأنه التحول حتى يجمُد كقَسَط الرَقَبة والرِجْل، وفي (قسم) تعبر الميم عن اضطمام واستواء ظاهر، ويعبر الفصل المختوم بها عن إيجاد أجزاء مختومة متعددة من الشيء كقَسْم الشيء.

(قسو)

• (قسو): {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: 22] "حَجَرٌ قَاسٍ: صُلْب. وهو أَقْسَى من الصخْر: أَصْلَبُ. ودرهم قَسِيّ - كغني: ضَرْبٌ من الزُيوف أي فِضَّتُه صُلبة رديئة ليست بلينة. وأَرْض قاسية: لا تُنْبت شَيئًا. والقَسْوة الصَلابة في كل شيء ". Qصلابة الأثناء مع حدّة أو جفاف كالصخر والحجر والدرهم الموصوفاتِ. والأرضُ القاسيةُ صُلبَةٌ جَافّة لا تتفلق بالنبات. {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة: 74]. ومن معنويه "عام قَسِيّ - كغني: شديدٌ. والمقاساة مكابدة الأمر الشديد ". • (قوس): {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 8، 9] "القَوْسُ - بالفتح مَعْرُوفَةٌ (تلك التي تُرْمَى بها السهام)، والشيء من التمْر يبقى في الجُلّة. وبالضم: بَيْتُ الصائد. والمِقْوَس - كمِنْجَل: الحبلُ الذي تُصَفّ عليه الخيلُ عند السباق ". Qانطلاق واندفاع بالقوة الممكنة إلى هدف. كما تقذف القوسُ السهم إلى الرمية {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9] لكن المقصود في هذه الآية جسم القوس. فالقاب حَنْية نصفها. وكما تنطلق الخيل إلى مداها في السباق، وكما يمتد بقاءُ بقية التمر في الجُلّة. ويجوز أن يكون هذا من تشبيه البقية في الجلة ممتدة هلالية مع قاع الجلة - بالقوس في شكلها العامّ. والقُوس ينطلق منه الصائد. ومنه تشبيها "القُوس: صَوْمَعة الراهب ".

(قسر)

• (قسر): {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} [المدثر: 50، 51] "القَيْسرِيُّ من الإبل: الضخْم الشديدُ القَوِيّ. والقَسْوَرُ - بالفتح: حَمْضَة من النجيل مثلُ جُمّة الرجل يطول ويعظم والإبل حِراص عليه. وقَسْوَرة الليل: نِصْفُه الأولُ أو معظمه ". Qشدة مع عِظَم يلزمها الغَلَب والقهر - كالقيسريّ من الإبل الموصوف، والحمضة المذكورة تنجذب الإبل إلى رعيها انجذابًا قويًا إذا ملّت من رعي الخُلّة [يلحظ قوله "حراص عليه "وينظر ل حمض، حلل] ويشهد لقوة إقبال الإبل على هذه الحمضة قول جبيهاء الأشجعي يصف عِظَمَ سِمَنِ مِعْزًى: (لجاءت كأن القَسْوَرَ الجَوْنَ بَجَّها عساليجُه) فهذا الإقبال انجذاب عظيم من باب الإكراه - كما نقول: لا يقاوَم. ومنه "القَسْوَرَة: الرُماة "فالرماة يأخذون المَصِيد قهرًا بأوضح من القهر في حالة السُماة (¬1) وبه فسر الفراء وعكرمة قوله تعالى: {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} وهو تفسير بادي السَدَاد. وقد قال قائل لعكرمة إن القسورة الأسد بلغة الحبشة فأجاب بأن القسورة الرماة وأن الأَسَد بالحبشية عَنْبَسة اهـ. وهذا وجدته في معجم الحبشية، فبطل زعم التعريب من أساسه. أما أن القَسْوَرة الأسدُ بالعربية فهذا من حيث المعنى يتأتى من الأصل المذكور للتركيب لقوّة الأسد المتزايدة ¬

_ (¬1) السماة صيادون يلبسون جوارب تقيهم شدة حرّ الرمل في الهاجرة ويطاردون الظباء حتى تنشوى أظلافها في حرّ الرمل، فتعجز عن الجرْى، فتقف، فيأخذوها باليد.

(قسط)

وحدته وغَلَبه، ويبقى ثبوتُ استعمال العرب هذا. وتفسيرها في الآية بالرماة يتأتى كتفسيرها بالأسد، لكن على من يختاره أن يلحظ أن فرارها من الأسد يَطَّرد طويلًا لمطاردته إياها، في حين أن فرارها من الرماة تكتفي هي فيه بالابتعاد عن مَقَارّهم أو مظانّهم. وقد بينّا تَأَتِّي "القَسْر: القهر والغلبة والإكراه "من الاستعمالات الحسية. للتركيب. وقد قالوا: "القسورةُ: العزيزُ يقتسر غيره أي يقهره ". • (قسط): {وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25] "القَسَطُ - محركة: يُبْسٌ يكون في الرِجْل والرأس والرُكْبة/ أو يكون القَسَط يُبْسًا في العنق يقال عُنْقٌ قسطاء. بعير أَقْسَطُ: في عصب قوائمه يُبْسٌ خلقة. وهو في الخيل قِصَرُ الفخِذ والوظيف وانتصاب الساقين/ وانتصاب في رجلي الدابة ". Qتجمُّد العضو المتحرك - على وضع الخلقة السويّة دون ليونة الحركة التي يتأتى معها التواؤم مع اتجاه أو هيئة مطلوبة: كيُبْس الرقبة والركبة والرِجْل (¬1). ومن هذا: "القِسْط- بالكسر: مكيال قُدر نصف صاع، والكوز عند أهل الأمصار "، فكل منها قَدْرٌ ثابت (متجمد) في كل ما يكال به أي لا يزيد مرة وينقص أخرى. ومنه مع لحظ السواء في المعنى المحوري عُبّر بالقِسط ¬

_ (¬1) أ - ليس المقصود يبسهن كلهن معًا في وقت واحد، وإنما يبس أيهن؛ بدليل ما بعده من ذكر العنق وهو المقصود بالرأس، وذكر القوائم والساقين. ب - في [ل] تفسيرات أخرى للقسَط ولكن أرى أنها تعميم لليبس.

- بالكسر عن الحصة والنصيب. "أَخَذ كل من الشركاء قِسْطَه أي حِصّته "المساوية لحصة غيره، أو المستحقة له، ثم قيل: و "كل مقدار فهو قِسْط في الماء وغيره. وقال امرؤ القيس يصف خيلًا (شعر): (إذ هنَّ أَقْساط كرِجْل الدَبَى). فسر [في ديوانه ص 121] بأن الخيل قِطَعٌ وفِرَقٌ كلٌّ كالرِجْل من الجراد ". فهو تجمع جزئي في كتلة. ومنه قالوا "قَسَّطَ الشيء - ض، وقَسَطه (ضرب): فَرَّقه "فأعطى هذا قِسْطًا وهذا قِسْطًا. وكذلك جاء "قَسَطَ بمعنى عدل ": فالعَدْل أصله موازنة ثِقْل بثِقْل (انظر عدل) فكذلك هنا: كيل لهذا وكيل لذاك. ولذا وُصِف الميزان نفسُه بالقسط لأنه يعدل هذا الجانب منه بهذا، {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47]، {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ} [الرحمن: 9]، {وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ} [آل عمران: 21]. ومن ذلك جاء الإقساطُ العدل في القسمة كأنما هو إعطاءُ كلٍّ قِسْطَه {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [المائدة: 42]، {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا} [الحجرات: 9]. فهذا المعنى كما قالوا: "تَقَسَّطوا الشيءَ بينهم: تقسَّمُوه على العَدْل والسواء وقَسَّط الشيءَ - ض: فرقه ". وكل (القِسْط) و (الإقساط) والتفضيل (أقسط) هي من معنى العدل المذكور. ومن ذلك التجمد مع الصلابة في الأصل قالوا "قَسَط: جار عن الحق "كما أن (عتا) تعبر عن نوع من الجفاف والجمود "يقال للشيخ إذا ولّى وكبر عتا عتوًا " (المقصود طال عمره أكثر مما في الغالب والبقاء الطويل جمود) ثم قالوا "العُتا: العصيان، والعاتي: الشديد الدخول في الفساد، المتمرد الذي لا يقبل موعظة "وفي تفسيرهم (قَسَط) بـ (جار) بُعْدٌ. وأرى أن الدقيق هو قَسَط بمعنى عَصَى

(قسطس)

وتجبَّر فلم يُطِع ولم يَخْضَع لما أمر به الله؛ أخذًا من الصلابة في الأصل. أما الجور فحقيقته الاقتطاعُ مِنْ حَقِّ صاحبِ الحق، وهذا لا يتأتى هنا إلا باللازم. وتأمل مقابلة القاسطين بالمسلمين في {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ} [الجن: 14 وكذلك ما في 15 منها] أي الذين لم يسلموا ولم ينقادوا أي عصوا واستغلظوا. وحتى الشاهد الذي أورده قر 19/ 17. قوم همو قتلوا ابنَ هند عَنوة ... عَمْرًا وهم قَسَطوا على النعمان استشهادًا ل (قسط) بمعنى (جار): الواضح فيه هنا معى العصيان والتمرد على الملك النعمان. [وانظر قر 19/ 17 وابن قتيبة 49 والسجستاني 489 والزمخشري وغيرهم]. • (قسطس): {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} [الإسراء: 35]. [فُسَّرَ القِسْطاس في [ل] بأنه ميزان العدل أيّ ميزان كان من موازين الدراهم وغيرها .. وفي [قر 10/ 257] كذلك أنه الميزان صغيرًا كان أو كبيرًا. وفي الغريب لابن قتيبة هو الميزان. وحكى فيهما القول بتعريبه عن الرومية منسوبًا في القرطبي لابن عزيز ومجاهد - لكن هذا فسره بالعدل. وأوردها السيوطي (في المتوكلي) في المعربات عن الرومية. كما أوردها الجواليقي [في المعرب تحـ ف عبد الرحيم ص 488]. وقد رده هنريكوس لامانس [في كتابه فوائد اللغة رقم 1385] إلى كلمة كنستانس (Constans) بمعنى القويم بتقدير كلمة لبرا (Libra) أي الميزان. والكلمتان بمعنى الميزان القويم. وقد سبق أن تبين كيف أن (القِسْط) يعبر عن المكيال وعن الميزان وعن العَدْل. والصيغة فيها زيادة السين وهي تعبر

(قسم)

عن دقة. فالقسطاس تعني المقسِّم بدقة. وذلك عمل الميزان. وكما رأينا في كلمة قرطاس وهو الأديم الذي ينصب للنضال يصيبه الرامي فيقال قرطس، فكأن معنى القِرْطاس المنفوذ فيه أو الذي يُثقَب. كلذلك فإن معنى القِسْطاس الذي يفرَّق ويقسَّم به بقدَر أي الميزان، ولا غرابة. ووضح بذلك أن ادعاء تعريبه تمحل لا مبرر له. فأنا مع صاحب المصباح في قوله إنه عربي مأخوذ من القسط. فالكلمة في جذرها وفي صورتها الأخيرة تحمل معناها بلا تأول أو تكلف. فكيف نترك هذا إلى زعم غريب الأساس يرد كلمتنا إلى كلمة فيها اختلاف حروف عن كلمتنا وتحمل معنى غير معنى كلمتنا، ثم نؤولهما ونتمحل لالتقائهما.؟! • (قسم): {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد: 1, 2] "القِسم - بالكسر، وكمِنْجَل، والقسيم: تصيب الإنسان من الشيء/ الحَظُّ والنصيب من الخير. (وحصاة القَسْم توضع في أسفل القَعْب يُقَسَّم الماء بينهم لكل شاربٍ بقدْر ما يغمرها، وذلك حين يَقِلّ ماؤهم وهم سَفْرٌ في الفلوات) قَسَمْت الشيء بين الشركاء (ضرب): (جزّأته) وأعطيت كل شريك قِسْمَه وقَسِيمه. وتقسموا الشيء واقتسموه وتقاسموه: قَسّموه بينهم ". Qتجزئة من أجل ضم الأجزاء الى أشخاص: كما هو واضح. {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى} [النساء: 8 وكذا ما في النجم: 22] أي التقسيم فهي اسم مصدر. {أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} [القمر: 28] أي مقسوم بينهم لها شِرب يوم ولهم شِرْبُ يوم [الكشاف 4/ 427]، {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ

رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الزخرف: 32] فهم عاجزون عن تدبير أمر ما يصلحهم في دنياهم والله هو الذي يدبر ذلك، وفاوت بينهم ليصرّف بعضهم بعضًا في حوائجهم ليتعايشوا، ولو وُكِلوا إلى أنفسهم لضاعوا. فكيف يطمعون أن يدبروا هم أمر النبوة وتخير من يصلح لها [ينظر الكشاف 4/ 241 - 242] {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} [الذاريات: 4] قيل في المراد: الملائكة تأتي بأمر مختلف بالغلظة وبالرحمة وبالموت .. بالخِصْب والجَدْب والمطر والموت والحوادث. [قر 17/ 30] وفي [ل]: "الملائكة تُقَسِّم ما وُكّلَت به ". {لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} [الحجر: 44] لكل باب من أبواب جهنم جزء محدّد من مستحقيها يعذَّبُ أهلُ كلٍّ منها على قدْر أعمالهم. [ينظر قر 10/ 30 - 32, بحر 5/ 442 ففيهما تفاصيل] و "الاستقسام بالأزلام "من هذا إذ هو طلب معرفة الحظ والقسمة (في مشروعٍ أو نيةٍ ما) بإجالة القِدَاح في الكنانة وإخراج أحدها، فإذا خرج الآمِر مَضى المستقسِم في مشروعه، وإذا خرج الناهي انتهى، وإذا خرج الغُفْل عاد فأجال {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ} [المائدة: 3]. ومنه "القَسَام - كسحاب وسحابة: الحُسْن والجمال. هو قَسِيمُ الوجه ومُقَسَّمُه - كمُعَظَّم: جميلُه ". وهذا كما قالوا: الجمال حُسْن تناسق الأجزاء فلا يكون أحدها أملأ أو أخس مما يستحق، وبينها تناسق وهذا جمال وقسامة معًا. وخرّجها الجوهري على أن "القِسْم: النصيب (من الخير) "ويجرى - على الإطلاق من القيد - بتقديره كما يقال محظوظ أي ذو حظ عظيم ومجدود كذلك. ومنه "أقسم بالله: حلف "كأنه جعله من قِسْمه ومن نصيبه أي معه أي أشهده على ما يقول - كما في {وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ} [البقرة: 204]. وكما

£° معنى الفصل المعجمي (قس)

يقال (عَلِمَ اللهُ) بمعنى القَسَم أيضًا {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا} [الأنعام: 109]، {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} [الأعراف: 21]، أُخْرِجَ قَسَمُ إبليس وحده على زنة المفاعلة وهي تكون من طرفين لأنه اجتهد فيه اجتهاد المقاسم [الكشاف 2/ 91] {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ} [النمل: 49] تحالفوا على ذلك [نفسه]، {كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: 90, 91]: فُسِّرت بالحالفين وهم قوم صالح {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} [النمل: 49]، وبالذين اقتسموا طُرُق مكة يحذرون الناس من اتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باتهامه بالجنون والسحر الخ. وعلى هذين فالموصول المذكور في صدر الآية التالية مبتدأ. وفُسِّرَت بكفار مكة الذين قسموا القرآن بين شعر وكهانة إلخ، والموصول صفة، وبأهل الكتاب الذين آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعضه وقالوا هذا حق موافق للتوراة والإنجيل، وهذا باطل مخالف لهما .. ونحو ذلك ". [قر 10/ 58، بحر 5/ 453] والكل سائغ لغويًّا. ° معنى الفصل المعجمي (قس): تتبع أو تتابع وامتداد بصلابة أو حدّة كما في القَسْقاس العصا، والقَسّ الصقيع - في (قسس)، وكما في صلابة الحجر القاسي الصُلْب - في (قسو)، وكما في القيسري من الإبل: الضخم الشديد القَوِيّ، وكما في القَسْر الإكراه وهو يئول إلى استتباع المكرِه المكرَه على ما يريد - في (قسر)، وكما في القَسَط وهو يبس (جمود) يكون في المفصل فتمتد الرجل قائمة صلبة - في (قسط)، وكما في القِسْم النصيب من الشيء من حيث إن أصله قَدْر محدَّد يتبع صاحبه أي ينتمي إليه - في (قسم).

القاف والشين وما يثلثهما

القاف والشين وما يثلثهما • (قشش - قشقش): "التقشيش يقال للجُدَرِيّ إذا يبس وتقرَّف (أي تقشر)، وللجَرَب في الإبل إذا قَفَل قد تَقَشْقش جلده وقد تقشقش الجُرْح ". Qجفافُ ظاهر ما كان نديًّا فاسدًا وتقشُّره علامة لبدء صلاحه (¬1) كتقشر الجدري والجرح يجف ثم يتفتت منتشرًا. ومن ذلك الجفاف على الظاهر "القَشّ: رديء التمر نحو الدقل "وهو جاف يكون متسيبًا. والقَش: ما يكنس من المنازل أو غيرها ". ومن هذا القش وما بمعناه "القش: تَطَلُّب الأكل من هُنا وهُنا، ولف ما يُقْدَر عليه كالتقشيش والاقتشاش ". ومن معنى الصلاح "قشَّ القومُ: أَحْيَوْا بعد هُزَال، وقَشَّ من مرضه: بَرَأَ " (الصحة من باب الجفاف والصلابة). وأما "القِشّة - بالكسر: جِرْو القرد "فمن الانتشار على الظاهر، لأنها نمو لأمهاتها، وذلك مع الفساد المتمثل في قماءة القدر. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر القاف عن تعقد وغلظ (يبس باطني)، والشين عن انتشار وَتَفشٍّ، ويعبر الفصل منهما عن جفاف ما كان ندِىَّ الباطن وتَقَشرُّ ما فوقَه وانتشاره كقشرة الجرح. وفي (قشعر) تزيد العين التعبير عن التحام الجرم برقة، والراء التعبير عن استرسال ذلك الذي تقبض منتشرًا كما في القشعر القثاء.

(قشع)

• (قشع): "القشعة - بالفتح: ما تَقَلَّفَ من يابس الطين اذا نَشّت الغُدْران وجَفّت. القَشْع - بالفتح: أن تيبس أطراف الذُرة قَبْل إناها. كلأ غير قَشِع - ككتف: رطب لم يجف. القَشْعة - بالفتح والكسر: القطعة الخَلَق اليابسة من الجلد. القَشْع - بالفتح: السحاب الذاهب المُنقَشِع عن وجه السماء ". Qجفاف وزوال لما هو كالغشاء المنتشر عرضا أو طولا: كالطين المتقشر طبقة يابسة وكيبس أطراف نبات الذرة وهي مستطيلة، والكلأ كالطبقة التي تغشى الأرض، وكقطعة الجلد اليابسة، والسحاب المنقشع أفرغ ماءه - أو هو كالخالي من الماء وذهب. ومنها "القَشع: الرجل الكبير الذي انقشع عنه لحمه من الكبر " (اللحم كسوة العظم كالغشاء)، وقَشِعَ اللحم: جف. وقَشَعت القوم فانقشعوا: ذهبوا وتفرقوا. وانقشع عنه الشيء وتقشع: غشيه ثم انجلى عنه كالظلام عن الصبح والهمّ عن القلب ". • (قشعر): {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} [الزمر: 23] "القُشْعُر - بالضم: القِثاء (بلغة أهل الجوف من اليمن). والأرضُ إذا لم ينزل عليها المطر ارْبَدَّتْ واقشعرت أي تقبضت وتجمعت. واقْشَعَر الجلد: قَفّ. واقشعر الجلد من الجَرَب، والنباتُ: إذا لم يُصِبْ رِيًّا. والقُشاعر - كتُماضر: الخَشِن المس ".

£° معنى الفصل المعجمي (قش)

Qتقبُّضُ ظاهر الجلد مع جَفافه أو خشونته: كظاهر جلد القِثّاء والجِلد. {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} [الزمر: 23]. إنما تقشعر لامتلائها بالخشوع والتعظيم عند سماع كلام الله. ° معنى الفصل المعجمي (قش): هو جفاف الظاهر وتقلصه أو تشنجه كجفاف الجلد وتقشر الطبقة التي تعروه بَعْدَ الجُدَرِيّ والجَرب - في (قشش)، وكجفاف ما هو كالغشاء وزواله كالطين المتقلف - في قشع، وكتجعد جلد القثاء وتقبض الأرض التي لم ينزل عليها المطر - في (قشعر). القاف والصاد وما يثلثهما • (قصص - قصقص): {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ} [يوسف: 3] "قص الشعر (نصر) قَطَعه. قُصاص الشعر - مثلثة والضم أعلى: حيث تنتهي نِبْتَتُهُ من مقدّمه ومؤخره. والمِقَصُّ - آلة: المِقْراض. القُصّة - بالضم: الخُصْلة من الشَعَر. وقُصَّة المرأة ناصيتُها. والقَصَصُ - محركة، والقَصّ والقَصْقَص - بالفتح فيهما، والقَصَص - بالتحريك: المُشَاشُ المغروز فيه أطراف شراسيف الأضلاع في وسط الصدر. (الشراسيف: أطراف أضلاع الصدر التي تشرف على البطن) والقَصِيصة: البعيرُ أو الدابة يُتْبَع بها الأثر، والزاملةُ الضعيفةُ يُحْمَل عليها المتاع والطعام لضَعْفها، وشجره تَنْبُتُ الكَمْأةُ في أصلها أو تَنْبُت هي في أصل الكمأة يُسْتَدَلّ بها عليها ".

Qتتبع أو تتابع باطراد مع تسوية (¬1): كجَزّ الشعر والصوف عن جلد الشاة أو العنز، وهو واسع يطّرد الجزّ فيه، والمفروض أن يكون ما بقى على البدن منه مستوي الطول، وكذلك قُصَاص شعر الرأس له حدود مستوية من الأمام ومستوية من الخلف، وحدوده عند الناس واحدة. والقُصَّة تكون مجزوزة باستواء أو مسوَّاةً على مُقَدَّم الرأس، وقصُّ الصدر تنغرس فيه أطراف شراسيف الأضلاع متتابعة منتظمة المنبت والنهايات. أما الزاملةُ المذكورة التي تتبع القوم، والشجرةُ النابتة في أصول الكمأة، وتَدُلّ عليها، فهما من باب الاتّباع، وقد تتمثل التسوية في عدم التخلف. ومن هذا: "قَصَصْتُ الشيء: تَتَبَّعْتُ أثره شيئًا بعد شيء "والتسوية هنا الانضباط على ذلك. {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف: 64] أي رَجَعا من الطريق الذي سلكاه يَقُصّان ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر القاف عن تعقد واشتداد باطني، والصاد عن غلظ ممتد، ويعبر الفصل منهما عن القطع (أخذًا من الغلظ أو من نفاذ الصاد بقوة والقصّ متصاقب مع الجزّ) مع التسوية والتتابع، كما في قص الشعر. وفي (قصو) تضيف واو الاشتمال نسبة شيء بعيد عن آخر (= مقطوع عنه) إله كطرف الوادي بالنسبة إليه. وفي (قَصَد) تعبر الدال عن حَبْس ممتد، ويعبر التركيب عن تماسك الشيء فلا يسترسل (كأنما أُوقِعَ حَبْسُ الدال على المتتابع فربط بعضه ببعض فلم يتسيب) كالقَصَدة: العنق. وفي (قصر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن منع الانتشار طولًا كأن القطع وقع على ما شأنه الاسترسال فلم يسترسل. وفي (قصف) تعبر الفاء عن ذهاب بإبعاد وطرد، ويعبر التركيب عن ذهاب ذلك الغليظ الممتد من الجرم أو من جوفه كالقَوْصَف: القطيفة والقصيف البَرْدي إذا طال لأن شأنه الانثناء. وفي (قصم) تعبر الميم عن استواء، ويعبر التركيب عن استواء الجرم لكن مع انقطاعه (أو انكساره) كالرمح القَصِم.

الأثر أي يَتْبعانه (حتى يصلا) {وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ} [القصص: 11]: تَتَبَّعي أَثَره وخَبَره (حتى تعلمي مكانه). ومن ذلك "الخَبَر المقصوص قِصَّةٌ وقَصَصٌ "بالتحريك (وُضِعَت هذه المحركة موضعَ المصدر حتى صار أغلب عليها [ل] (والاستواء في القصة كمالُ التفاصيل ففي [ل] "اقتصصت الحديث رويته على وجهه/ أتى به من فَصِّه "فهي أحداث أو أمور لها أصل (فص) وتتوالى على نحو مترابط إلى نهاية ما (أو هي من قصّ الخبر أي حكايته متتابعة حسب ما سُمع أو وقع) كقصة حياة سيدنا يوسف بأحداثها، وقصص سائر الرسل مع أقوامهم، والقُرَى مع أهلها ومصائرهم {يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي} [الأنعام: 130] (أي آيات الله في الكون: خلق السموات والأرض وتسخير ما في الأرض، والأفق للإنسان، وإرسال الرسل بالبينات لتعريف الإنسان بربه، وعبادته إياه، وآداب عباد الله في حياتهم، وبالبعث والحساب والجزاء. وكل تلك أمور ينبغي التزامها). وبعض ذلك في [بحر 4/ 226] {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ} [الأنعام: 57] أي يقص القصص الحق. وعُدَّ هذا دليلا على منع المجاز في القرآن [قر 6/ 439] {وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ} [القصص: 25] ومنه قولهم: "ما يَقِصّ - كيفر - في يَدِه شيء. أي ما يَبْرد ولا يَثبت (لا يبقى في يده زمنًا متتابعًا). والقَصّة - بالفتح: سائل أصفر يتبع انقطاع دم المرأة " (ويدل على أنه تمّ أي نزل كله). ومن الأصل "القِصَاص - ككتاب، والقُصاصاء - بضم القاف وكسرها: القَوَد أي القل بالقل والجَرْح بالجَرْح (اتباع الجناية بعقاب للجاني مماثل لما فعل. فالمتابعة من جهتين اللحاق والمماثلة) {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: 178]. وكل ما عدا قص الأثر [في آيتي الكهف: 64، والقصص: 11]، وأيضًا ما

(قصو)

عدا (القصاص) فهو من معنى القِصّة: الخبر ذي الأمور المتتالية. ومنه مع القطع في الأصل "قَصْقَصَ الشيء: كَسَره، والقُصْقُص من الرجال - بالضم، وكتُماضر: الغليظُ الشديد مع قِصَر (كأنه مقصوص). • (قصو): {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1] "القُصْوَى والقُصْيَا - بالضم: طرف الوادي. وحَفِظَ قَصَا العَسْكر وقَصَاءَه - كفتى وسماء: ما حوله ". Qالطَرَفُ البعيد من شيء ممتد. {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا} [مريم: 22] , {وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى} [الأنفال: 42]: البُعْدَى {إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} فك الله أسره. {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} [القصص: 20، ومثله ما في يس: 20] و "تقصَّى الطَرِيقَ: صار في أقصاها وهو غايتها. وتَقَضَّيْتُ الأمر واستقصيته (بلغت غايته)، واستَقْصَى في المسألة وتقصَّى: بَلَغ الغاية. والناقة القَصْوَاء: التي قُطع من طَرَف أُذُنها ما يبلغ رُبُعها " (الجزء الأقصى). ومن ذلك عُبِّر به عن مُطْلَق البُعْد أي دون أن يكون البعيد طرفًا لشيء متميز ممتد "قَصَا المكانُ (كسما ورضى): بَعُدَ، والقاصي والقَصِيّ كغني - من الناس والمواضع: المتنحِّي البعيد ". • (قصد): {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} [لقمان: 19]

"المُقَصَّد من الرجال: الذي ليس بطويل ولا قصير ولا جسيم. القَصِيدُ من المخ: دون السمين وفوق المهزول (الذي) كالماء. وسنام قَصِيدٌ: سَمين. وعظم قصيد: مُمِخّ. وناقة قَصِيدٌ وقصيدة: سمينة ممتلئة، جسيمة بها نِقْيٌ أي مخّ. بيننا وبين الماء ليلة قاصدة: هيئة السير لا تعب ولا بطء ". Qتوسط الشيء في حاله أو توسطه بالأَمّ والاتجاه. كالرجل والمخ الموصوفين والناقة التي (بها نِقْى) أي ليست بالغة السِمَن، واللحم اليابس غير القديد فهو متوسط. والعظمُ المخ ممتلئ الوسط. "وسمي العُنُق قَصَدَة "- بالتحريك، لتوسط طوله عند الآدميين وأكثر الحيوانات، فهو ليس في طول الذراع مثلًا. ومنه "سَفَرٌ قاصد: سهل قريب "فهو متوسط ليس بعيدًا {وَسَفَرًا قَاصِدًا} [التوبة: 42] وطريق قاصد: سَهْل مستقيم (أي فهو أقرب) {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} [النحل: 9] أي (تَبْيِينُ) الطريق المستقيم الذي لا حرج فيه والدعاءُ إليه بالحُجج والبراهين الواضحة {وَمِنْهَا جَائِرٌ} غيرُ قاصد ". فيه غُلوّ أو ضلال {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} [لقمان: 19]: توسط فيه بين الإسراع والبطء [قر 14/ 71] {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} [فاطر: 32]. هذه الآية في أمة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - (والمقتصد بين الظالم نفسه والسابق) [وانظر قر 14/ 347] {مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ} [المائدة: 66] وهذه في أهل الكتاب: إيمانهم وقولهم في سيدنا محمَّد وسيدنا عيسى - عليهما السلام - ما يليق بهما، أو عدم استهزائهم [قر 6/ 241] و "الاقتصاد: التوسط، والقَصْدُ: الوَسَط بين طرفين. والقصد في المعيشة بين الإسراف والتقتير ". وكل ما في القرآن من التركيب فهو من معنى التوسط والاعتدال.

(قصر)

ومن التوسط الاستقامة كما قيل "طريق قاصد: مستقيم ". ومنه "قَصَدْت له وإليه وقَصَدْته: اعتمدته وأَمَمته " (اتجهت إليه باستقامة دون ميل هنا أو هنا). ومن الاستقامة شكلا وجودة "القصيدة ذكروا أنها المنقَّحة، وأنها فوق القطعة (وهي ما بين ثلاثة أبيات وخمسة عشر) ثم لا شك أنها دون المعلقات. وهذا هو الذي أرجحه. وفي [ل] كلام لابن جني في هذه النقطة لا أتفق معه فيه. ومن الاستقامة "الإقصاد أن ترمي الشيء أو تَضْربه فيموت مكانه "- كما نقول (مباشرةً). ومن مادي الأصل "قَصَدْتُ العُودَ: كَسَرْته بالنصف، وانقصد الرمح: انكسر بنصفين حتى يَبِين. وكل قطعة قِصْدة - بالكسر (فهذا من تقصير امتداده (استرساله) وجعلِه قَصْدًا أي وسطا، أو هو من إصابة وسطه. ثم عمموه في كسر الممتدّ. ومن التوسط "القِصَد: براعيم العضاه وما لان منه قبل أن يعسو "، "القصيد: العصا " (متوسطة الطول عادة) وقالوا: المُقْصَدة من النساء: العظيمة التامة التي لا يراها أَحدٌ إلا أعجبته "فهذه من أن كلًّا من أعضاء بدنها في أحسن حالاته, لأن الوسط مستحسن. • (قصر): {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن: 72] "فَرَسٌ قَصير أي مُقَرَّبَةٌ لا تُتْرَكُ أن تَروُدَ لنفاستها. والقصير من الشَعْر: خلافُ الطويل. وقَصَر الشيءَ في بيته: حَبَسه. والقِصَر - كعنب وبالفتح: خلاف الطول ". Qحبس عن الانتشار طولًا أو عرضًا كالفرس المذكورة والشَعر، وحبس الشيء في البيت والقِصَر خلاف الطول. فمن القصر خلاف

الطول "قَصَر الشَعَر: كفّ منه وغَضّ حَتَّى قَصُر. وقصّره - ض: حذف منه شيئًا (فيصير قصيرًا) ولم يستأصله {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ} [الفتح: 27] , {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101]. و"أقْصَر عن الشيء: نَزَع عنه وهو يَقْدِرُ عليه (تحبس وتوقف عن الاسترسال) {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ} [الأعراف: 202] لا يتوبون ولا يرجعون [قر 7/ 351] "واقْتصِرْ على هذا: لا تُجاوزه " (احتبِسْ). ومن الأصل "القَصْر - بالفتح (البناء المعروف بيت عظيم خاص) قال لأنه تُقْصَر فيه الحُرَم وتُحْبس داخله {وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} [الحج: 45] وجمعه قصور. {تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا} [الأعراف: 74 ومثله ما في الفرقان: 10]. و "قَصْر الطرف حبسه عن النظر "والنظر امتداد. قال تعالى: {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} [الحجر: 88] , {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} [الصافات: 48 وص 52 وما في الرحمن: 56] حابساته على أزواجهن لا تنظرن إلى غيرهم. ومن ملحظ عدم الانتشار هذا {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن: 72] مصونات لأزواجهن. وقولهم "قَصْرُك - بالفتح - أن تفعل كذا وكذلك قُصَارُك وقُصَاراك - كغراب وحبارى: أي حسبك أي يكفيك ذلك ". ويلزم من منع الانتشار طولًا التداخل والكثافة أو العِظم "تَقَوْصَرَ الرجلُ: تداخل، وقَصْرُ الظلام - بالفتح: اختلاطه (فيكثف)، والقَصَر - محركة (تعب): يُبْسٌ في العنق (تداخل وغلظ وتماسك)، والقَصَرة - محركة: القطعة من الخشب التي يدق بها القصار الثياب، وأصل العنق، وأَصْل الشجرة والنخلة العظيمتين،

(قصف)

وسَنْدان الحداد " (الأربعة من الغلظ والعظم - وهو لازم عن حبس الانتشار طولًا). وقوله تعالى: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} [المرسلات: 32] قالوا كالحصون والمدائن في العظم [قر 19/ 163] وقرئ كالقَصَر - محركة أي كأصول الشجر والنخل العظام. • (قصف): {فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ} [الإسراء: 69] "القَوْصَف - بالفتح: القَطِيفَةُ. والقَصْفَةُ - بالفتح: مِرْقاة الدرجة .. والقَصِيف: الَبرْدِيّ إذا طال. وقَصَفَ النبتُ: طال حتى انحنى من طوله. وقَصَفَ القناةَ والعودَ: كَسَره [الأساس] وقَصِفَ (تعب) وتقصف: انكسر ". Qقطع امتداد الشي قَصًّا أو كَسْرًا أو ما إليها: كالقوصف القطيفة: إذ يُجَزّ الشعَر والخيوطُ التي تمتد على وجه الثوب منها، وبه سميت قطيفة أيضًا، ومرقاة الدرجة كتلة غليظة غير ممتدة. والبَرْدِي والنبت الموصوف ينحني إذا طال فيذهب طوله. ومنه "قَصِفَ العود (تعب): إذا كان خوارًا ضعيفًا سريع الانكسار. وقال شاعر: (وما يستوي والخِرْوَعُ المتقصف) (الكلام عن النبع، والخِرْوَع أجوف يتأتى تقصفه). "ورجل قَصِفُ البطن عن الجوع: إذا جاع استرخى وفَتَر وضعُفَ عن احتماله " (ينحني) "وقَصْفة القوم: تدافعهم "نُظِر فيه إلى اندفاعهم كأنهم انكسروا فسقطوا - كما نقول: انهالوا، أو إلى الضغط الذي يكسر. "والقصْف الرقص (تكسّر البدن كأن لا صلابة فيه) مع الجَلَبة "، ثم عمم في "اللهو واللعب ". ومن ذلك الأصل "ريح قاصف وقاصفة: شديدة تكسر ما مرت به من

(قصم)

الشجر وغيره {فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ} "تقصُّف الأشياء: تكسُّرها كما تَقَصَّفُ العيدان. ورعد قاصف: شديد الصوت/ شديد مهلك بصوته [ل 191/ 10] (استعمل اللفظ في لازم معناه وهو الصوت اللازم للكسر) وأما "قصف البعير: هدر في الشِقْشِقة "فلعله من هذا الصوت الشديد، أو نظر إلى إخراج الشقشقة من الجوف. • (قصم): {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً} [الأنبياء: 11] "القصماء من المَعِز: التي انكسر قَرْناها إلى المُشاش. وقَصْم السواك - بالفتح، وقَصْمَته - بالفتح والكسر: الكِسْرة منه. ورُمح قَصِم - كتعب: منكسر وكذا قناة مُنْقَصِمَة ". Qكسر من الأصل أو الصلب بحيث يستوي الظاهر بعده. كاستواء رأس المعز القَصْماء وكقِصْمَة السواك والرُمْحِ والقَناة تَكُنَّ مستوياتٍ لا مُتَشَعِّثَاتِ موضعِ الكسر. ومنه "قَصَمَ الشيءَ الشديدَ: كَسَرَه وأبانه " (الإبانة تجعل الكَسْرة متميزة كالمستوية) ومن هذا {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً} [الأنبياء: 11]. وأما "القصيمة: ما سَهُل من الأرض وكَثُر شجرُه، ومَنْبِتُ الغَضَى والأرْطَى والسَلَم وهي رملة "فنُظِر فيها إلى سهولة الأرض بحيث تُخْتَرق بهذه الأشجار الكثيرة أو الغليظة - كما قد يقال خَوّارة هذا مع استواء ظاهرها الذي عُبِّر عنه بالسهولة.

£° معنى الفصل المعجمي (قص)

° معنى الفصل المعجمي (قص): نوع من القطع مع التسوية والتتابع الممتد كما في القُصَّة الخُصْلة من الشعر والقُصْقُص أو القَصّ - في (قصص)، وكما في الطرَف البعيد من الشيء، فكونه بعيدًا هو من باب الانقطاع، ونسبته إلى ما هو بعيد عنه تبعية كأقصى الوادي - في (قصو)، وكما في اللحم القصيد والمخ الجامس لا يتسيبان انتشارًا بل يلتئمان وهذا انقطاع مع استواء - في (قصد)، وكما في القِصَر ضِدِّ الطول فهو أيضًا انقطاع لامتداد الشيء، والقصرُ المَسْكَن يُقْصَر على من فيه أو يمنع غيرُهم من دخوله وهذا كالقطع - في (قصر)، وكما في القَصْفة مرقاة الدرجة فهي كتلة مسواة محدودة القدر. وتحددها انقطاع، وكذا كما في القوصف: القطيفة - في (قصف)، وكما في الرمح القَصِم المنكسر - في (قصم). القاف والضاد وما يثلثهما • (قضض - قضقض): {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ} [الكهف: 77] "قضّ اللؤلؤة: ثقبها، والشيءَ: دَقَّهُ. [ق]. والقَضْقَضَة: كَسْر العظام والأعضاء، وصوت ذلك الكسر. والقَضَّة - بالفتح: ما تفتت من الحصى كالقَضَض - محركة ". Qاختراقُ صُلْبٍ أو كَسْرُه تفتيتًا أو نحوه (¬1): كما هو ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر القاف عن تعقد واشتداد جوفي، والضاد عن غلظ ونفاذ بضغط، والفصل منهما يعبر عن نفاذ الغِلَظ من شيء شديد أو فيه مع ضَغْط كما في قَضّ اللؤلؤة: ثقبها في (قضض). وفي (قضى) يعبر التركيب المختوم بياء الاتصال (الاستمرار) عن =

واضح ومنه القَضَّة - بالفتح: الهَضْبة الصغيرة (كأنها من جبل مثلًا) ومن ذلك الاختراق "قَضَّ الوَتِدَ: قَلَعَه "القَلْع فَصْلٌ فهو من باب الكسر. وقِضَّة الجارية - بالكسر - عُذْرَتُها " (أي غشاء البكارة الذي يكاد يسدّ المنْفَذَ، فمن شأنه أن يُخْتَرق). ومنه "قَضَّ المكانُ وأَقَضّ: صار فيه القَضَضُ (ذلك الحصى). ومن هذا قَضّ السويقَ وأقضّه: أَلْقَى فيه سُكَّرًا يابسًا (فهو فيه كالحصى). و "انقضَّ الجِدَارُ تَصَدَّع ولم يَقَعْ بعد. [ق] " (¬1) {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ} مائل/ قَرُبَ أن يسقط [قر 11/ 25] ومن ذلك "القَضَّة. بالفتح: الكُبَّة الصغيرةُ من الغَزْل " (كأنها حصاة في حجمها). أما قولهم "قَضَّ النِسْعُ قَضِيضًا: سُمِعَ له صوت "فمن استعمال لفظ الحدث في التعبير عن صوت يشبه صوت وقوعه. مثل قَصْف البعير، ومثل الإنْقَاض. ¬

_ = انفصال الغليظ بعد تمام (فهو انفصال دائم) كالقَضَاة التي تكون على وجه الوليد تُيسر انفصاله دون أذى. وفي (قيض) يعبر التركيب الموسوط بياء الاتصال (الامتداد/ الدوام) عن التجوف أو الفراغ الدائم بذهاب الشديد من الأثناء كما في القَيْض ما تفلق من قشر البيض. وفي (قضب) تعبر الباء عن تجمع وتماسك مع رخاوة، ويعبر التركيب عن فصل (أي قطع) الغَضّ اللاصق كالقضيب. (¬1) كذا في [ق، ل]. والانقضاض أظهر في معنى السقوط، فيه يظهر تفكك بنيان الجدار، وهو المعنى في الآية بدليل "يريد "لأن التصدع لا يُعْرَف قبل أن يكون. وعبارة التهذيب "ينقض: ينكسر "وفي [ل] "فأخذ العَتَلَة فعتل ناحية من الرُبْض (بالضم: أساس البناء) فأَقَضّه. فعبارة قر "قَرُبَ أن يسقط "هي الدقيقة.

(قضى)

• (قضى): {إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 47] "القَضَاةُ - كفتاة [وفي ق كرُماة]: الجِلْدة الرقيقة التي تكون على وَجْه الصبي حين يولد. وكلُّ ما أُحْكِمَ عمله فَقَدْ قُضِىَ. تقول قَضَيْت هذا الثوب وهذه الدارَ إذا عَمِلْتها وأَحْكَمْتَ عَمَلها. وقَضَى الغريم دَيْنَه: أَدَّاه إليه. وضربه فَقَضَى عليه: قَتَلَه كأنه فَرَغَ منه. وسُمٌّ قاض: قَاتل. وقَضَى: مات. والانقضاء: ذَهاب الشيء وفناؤه ". Qانفصال أو فراغ من شيء بعد قطعه أو تمامه: كتلك الجلدة تيسّر خروج الصبي نقيّ الوجه، وكالفراغ من عمل الثوب والدار، وكأداء الدين والقتل، وذهابُ الشيء فراغ منه. وقوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [الحج: 29] أي ليزيلوا الثَفَث، وذلك بقصّ الأظفار وحَلْق العانة ونتف الإبط {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص: 15]. قتله - كما قال تعالى {وَقَتَلْتَ نَفْسًا} [طه: 40]. ومن الفراغ من الشيء بإتمامه حسب المراد أداء أو تحصيلًا أو إتمامَ عمل: "قضى دينه: أدّاه إلى الغريم {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ} [القصص: 29] , {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] , {إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا} [يوسف: 68] , {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 12]. ومن الإتمام استُعْملت في التعبير عن إبرام الأمر {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] , {سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [مريم: 35].

(قيض)

واستُعْمِلَت في فصل ما اختلط وتشابك من الأمور، ومن هذا "القضاء: الحكم " {ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ} [النساء: 65]، {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [يونس: 54]. والخلاصة في الاستعمالات القرآنية لهذا التركيب أن الذي جاء فيه بمعنى حكم هو (قَضَى) أمرًا، أجلًا، ألا تعبدوا، لتفسدن، قضى عليها الموت، مما قضيت، فاقص أنت قاص، لا يقضون بشيء، وكل (يقَضْي بين، قُضِيَ بين). وسائر ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى إتمام الأمر وإنهائه. • (قيض): {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف: 36] "القَيْضُ - بالفتح: ما تَفَلَّق من قشر البيض الأعلى .. اليابس. قَاضَ البئرَ في الصخرة قَيْضًا: جابها. تَقَيَّضَ الجِدارُ وانْقَاضَ: تَهَدَّم. وانقاضت الركية: تكسرت ". Qفراغ في أثناء الشيء الصلب أو الغليظ: كتجوف قشر البيضة الصلب بعد ذهاب قُوبها (الفرخ الذي كان فيها وغلظه نسبيّ فهو كائن حيّ في قشرة رقيقة وإن كانت ذات صلابة ما)، وكذلك البئرُ في الصخرة نشأت بقلع كتلة شديدة منها، وكذلك تقيُّضُ الجِدار، وانقياضُ الركية بذهاب الشدة التي كانت سارية فيهما. ومن هذا "قايضه: أعطاه سِلْعَةَ وأخذ عِوَضَها سلعة "لأن كلًّا منهما يخرج سلعته من حوزته (يفرغها) إلى الآخر. ومن هذا "هما قَيْضَان - بالفتح: مِثْلان وهذا قَيْضٌ لهذا: مساوٍ له ". وأما قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا} [الزخرف: 36]، {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ

(قضب)

فَزَيَّنُوا لَهُمْ ....} [فصلت: 25] فهي من الفراغ في الأثناء أي أتحنا للشيطان والقرناء فراغا أي مكانا بينهم. وحسبهم بها عقوبة لأن الشيطان والقرناء جوانب الشرّ كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: 83]. • (قضب): {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا} [عبس: 27, 28] "القَضْبُ - بالفتح: اسم يقع على ما قَضَبْتَ من أغصان لتتخذ منها سِهامًا أو قِسِيًّا. والقضيب من القِسِيّ: التي عُمِلت من قضيب بتمامه/ من غصن غير مشقق. والمِقْضَب والمِقْضَاب (آلة): المِنْجَل. وقُضَابَةُ الشجر - كرخامة: ما يتساقط من أطراف عيدانها إذا قُضِبَتْ ". Qقطع شيء غَضّ لكنه ملتئم. كالأغصان المذكورة، وأطراف العيدان التي تسقط. ومن ماديّ قطع الغضّ أيضًا "قَضّب الكرْم - ض: قطع أغصانه وقضبانه في أيام الربيع ". ومن ملحظ الغضاضة: "القضيب من الإبل: التي رُكبت ولم تُذَلَّل. قَضَبْتُها: أخذتها من الإبل قضيبًا فرُضْتَها (قُطِعَتْ عن غضاضة الصغر لتستعمل في الركوب والحمل شأن الكبيرة، والعامة تعبر عن هذا "بالقَطْف "وهو من جنس القطع). وفي آية التركيب قال الفراء: "القَضْب الرَطْبة من عَلَف الدواب. وفي [قر 19/ 221] هو القَتّ (من علف الدواب) والعَلَف، وعن الحسن سمي بذلك لأنه يُقضَب أيّ يقطع بعد ظهوره مرة بعد مرة. وعن ابن عباس هو الرُطَب (من التمر) لأنه يقضب من النخل ولأنه ذُكِر العنب قبله. وقيل يعني جميع ما يُقْضَب

£° معنى الفصل المعجمي (قض)

مثل القَتّ والكراث وسائر البقول التي تقطع فينبت أصلها ". اهـ. ° معنى الفصل المعجمي (قض): الكسر والفصل بعنف أو قوة وما إلى ذلك كقض اللؤلؤة ثقبها والقَضْقَضة كسر العظام - في (قضض)، وكالقَضَاة الجلدة التي تكون على وجه الصبي حين يولد فتيسر خروجه أي انفصاله دون أذى صحيحا وهذه قوة، وكالقضاء على شخص أي قتله - في (قضى)، وكانفلاق قشر البيضة في (قيض)، وكقطع الأغصان في (قضب). القاف والطاء وما يثلثهما • (قطط - قطقط): {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ} [ص: 16] "القَطّاط - كشَدّاد: الخَرّاط الذي يَعْمَل الحُقَق. والقِطَاط - ككتاب: المِثَال الذي يَحْذُو عليه الحَاذِي، وحَرْفُ الجبلِ والصخرة، ومَدَار حافرِ الدابة - قَطّ الحُقَّةَ ونحوَها: قَطَعَها على حَذْوٍ مَسْبُور. وقَطّ القَصَبَة على عَظْم، وقَطّ القَلَم. والقِطْقِط - بالكَسْر: المَطَرُ الصغيرُ الذي كأنه شَذْر، وقيل صِغَارُ البَرَد. وكان علي (كرم الله وجهه) إذا اعترض قط أي قطع عرْضًا ". Qقطع الامتداد (الغليط) بتحديد وتدقيق واستدارة أو تسوية وتمام (¬1): كخرط الخشب للحُقَق، والقَطْع على المثال، ومَدَار حافر الدابة، ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر القاف عن تعقد واشتداد جوفي، والطاء عن تجمع وضغط بعِرَض، والفصل منهما يعبر عن قطع الممتد عن الامتداد الغليظ بتدقيق كما يفعل القَطّاط. وفي (قطر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن توالي انفصال المائع دِقاقًا كالقَطْر. =

وقَطّ القصبة والقلم وكلها قطع عن الامتداد أو الانتشار، وكلها القطع فيه مُحَدَّدٌ مُسَوَّى. وحرف الجبل والصخرة منظور فيهما إلى الانتهاء عند الحرف كأنما قُطِعا عنده وتَمّا. والقِطْقِطُ دقيق مستدير. ومنه "الشَعَرُ القَطَط - محركة: الجَعْدُ القصير " (القصر انقطاع والجعودة استدارة) ومنه كذلك "الرجل الأَقَطّ: الذي انسحقت أسنانه حتى ظهرت درادرها " (الأسنان تمتد من الدرادر). ومنه مَثَل: "امتلأ الحوض وقال قَطْني (كفاني امتلأتُ فانْتهِ) وكذا قَطَاطِ - مبنية كقطام: بمعنى حسبي وقطني ". وإذا امتلأ الحوض استوى ما فيه بأعلاه. ومما في الأصل من قطع الامتداد "قَطَّ السِعْرُ يقِط - بالكسر: غَلا " (كأن المعنى طَفَر وقَفَز. والقَفْز لا يبرز فيه التدرج بل هو طَفْر مسافات من باب القطع، والغلاء المتدرج لا يُشعَر به) وأما "ما رأيت مثله قط "وهو ما عبروا عنه بالأبد الماضي فهو من القطع أي قطعًا (كما يقال بتا - وبتاتا) أو فيما مضى وانقضى من عمري ". ومنه "القِطّ: السِنَّوْر "سمي بذلك لصغر جسمه بين الحيوانات المألوفة كأنه قطعة. ومن الأصل "القِطّ - بالكسر: النصيب (الحظ المقطوع له)، والصَكُّ بالجائزة والرزق يأمر بها الأمير لشخص فتخرج له مكتوبة في رقعة. فهي من ¬

_ = وفي (قطع) تعبر العين عن التحام ورقة، ويعبر التركيب عن فصل ما هو ملتحم على رقه أي بدون جفاف كقطع اليد والرجل. وفي (قطف) تعبر الفاء عن ذهاب بإبعاد، أو طرد، ويعبر التركيب عن قطع المبتعد الذي هو كالأطراف كما في القطف. وفي (قطمير) انظر (التركيب).

(قطر)

الأصل إما لأنها تحمل حظًّا ورزقًا محددًا لصاحبها، أو لأنها في رقعة أي قطعة من الجلد أو الورق [ل] وقوله تعالى: {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا} فُسِّرت بنصيبهم من العذاب أو الجنة، أو الرزق، وبما يكفيهم، وبكُتُب حسابهم [قر 15/ 157] وكل جائز لغويًّا. لكن الأول أرجح كما قالوا {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: 32]. • (قطر): {وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} [سبأ: 12] "القَطْر - بالفتح: المَطَر، وما قَطَر من الماء وغيره. وقُطَارَةُ الشيء - كثُمالة: ما قَطَر منه. قَطَرَ الماءُ، والدمعُ، والصمغُ من الشجرة وغيرهن من السيّال (جلس ونصر قاصر، وقَطَرانًا - محركة): سال قطرةً قطرةً ". Qنزول المائع أو انفصاله مبتعدًا عن مصدره نقطة بعد نقطة بتوال أي في أجزاء دقيقة مسترسلة. كالماء والدمع والصمغ المذكورات. ومنه "القَطْران - بالفتح وكظَرِبان: عصارةُ الأَبْهَل والأَرْز (نوعان من الشجر) ونحوهما يُطْبَخ فيتحلب منه ثم تُهْنأ به الإبل ". (وطبخه تعريضه لحرارة النار كالتلويح) {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ} [إبراهيم: 50] ومنه "القِطْر - بالكسر: النحاس الذائب (يصيّرونه كذلك) سمي بهيئة خروجه {وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} [سبأ: 12 ومثلها ما في الكهف: 96] وقرئت الآية الأولى من قِطْرٍ آنٍ. ومن هيئة التجزؤ مع التتابع والتوالي في الأصل: "القِطَارُ أن تُقْطَر الإبلُ بعضُها إلى بعض على نَسَق واحد " (أي حين سيرها انتقالا إلى سُوق أو منتجع. فتبدو متتابعة مع تقطع).

(قطع)

ومن الأصل "القُطْر - بالضم: الناحية " (طرَف مساحة تمتد وتسترسل {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا} [الأحزاب: 14] من نواحيها وجوانبها [قر 14/ 149] , {إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا} [الرحمن: 33] هذا الخطاب يوم القيامة أو في الدنيا، والنفوذ من الأقطار الفرار من الموقف أو من الموت أو من ملكوت الله. وقيل النفوذ بالذهن والفكر إلى علم جهات السموات والأرض [ينظر بحر 8/ 193]. ومن هذا قالوا "قَطَر في الأرض قُطُورًا: ذَهَب في الأرض فأسرع، وقطر بالشيء وقَطَره: ذهب به " (الذهاب بتباعد امتداد واسترسال). ومن خروج المائع من مصدره قليلًا قليلًا: "القُطْر - بضمة وبضمتين: العُودُ الذي يُتَبَخَّر به "لأنه يحترق ويتبخر قليلًا قليلًا. ومنه "اقْطَرَّ النبت واقْطارّ: وَلّى وأخذَ يَجِف " (لُحِظَ تَبَخّر مائه أي ذهابه شيئًا فشيئًا). • (قطع): {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة: 32, 33] "القِطْع - بالكسر والقَطِيع: الغُصْنُ تقطعه من الشجر. والأقطع: المقطوع اليد. قَطَع الشيءَ (الغصنَ، والحبل، والشَجَر): أبانَ بعض أجزائه منه فَصْلًا ". Qفصل بعض الجرم الممتد الملتحم الرقيق عَنْ بعضه شقًّا: كقطع الغصن واليد. {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} [الحشر: 5] , {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] , {فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: 15] , {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ} [الرعد: 4] مساحات متميز بعضها من بعض بما يجعل هذه غير تلك في النظر. {وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} [الأعراف: 72 ومثلها ما في الأنعام

(قطف)

45] أي قطع الله خَلَفَهم من نسلهم وغَيَّرهم فلم تبق لهم بقية [قر 6/ 427] {وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ} [العنكبوت: 29] بقتل المارة أو سلْبهم أو خطفهم لفعل الفاحشة [ينظر بحر 7/ 145]، {وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22] بترك ما يثبّت الصلة من البر والإحسان إلى الأقارب وفسرت هنا بتقاتل الأقارب [ل] {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا} [الأعراف: 168]: فرّقناهم [غريب القرآن لابن قتيبة 174] {وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} [الأنبياء: 93]: تفرقوا فيه واختلفوا [ابن قتيبة 288] {قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا} [يونس: 27]، {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} [هود: 81] بطائفة منه أو بقية أو ساعة [قر 9/ 79]. ومن ذلك تعبيرهم بالتركيب عن الانتهاء كأن الأصل أن يتصل الشيء ويمتد فإذا انتهى فكأنه قطع "مَقْطَعُ كل شيء ومُنْقَطَعُه: آخره حيث ينقطع - كمقاطع الرمال والأودية والحَرَّة وما أشبهها. {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة: 32, 33] أي لا تنفد ولا تنتهي. ومن مجازه "قطع الوادي ونحوه: عبوره " {وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا} [التوبة: 121] {مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا} [النمل: 32]: حاسمة إياه وفاصلة فيه. وكل ما في القرآن من التركيب هو بمعنى القطع الحقيقي وما يؤخذ منه، أو المجازي. "والقُطَيْعاء: البسر الأحمر "من الأصل لأنه قُطِع ولم يُتْرك ليُرْطِب ويتمر على ما اعتادوا. • (قطف): {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} [الإنسان: 14] "القِطْف - بالكسر: العُنْقُود، وما قُطِفَ من الثمر. قَطَفْت الثمرة (ضرب) ".

(قطم)

Qقَطْع الطرَف (الدقيق) للشيء أو ما هو في طرفه: كقطع عناقيد العنب وهي في الأطراف وشأنها أن تقطع {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا} [الإنسان: 14] {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} [الحاقة: 23] (مقطوفاتها من الثمر متاحة لأيديهم كلما أرادوها) ومنه "القَطيفة دِثارُ مُخْمَل ". وقد رأيت السجاجيد تصنع ذات خَمْل وأَهداب طوال مختلفة الطول تغطي وجهها كله ثم تُقَصّ أطراف تلك الأهداب المتكاثفة على وجه السجادة فيبقى على وجهها ما يشبه أن يكون جذور هذه الأهداب متساوية الطول فيكون لها ذلك الشكل الجميل، ولعل القطيفة كذلك تصنع فهي من القَطْف: قطع الأطراف. فإن لم تكن تصنع كذلك فإن اسمها على التشبيه. أما "القِطَاف: تقارُبُ الخَطْو أو ضِيقه في سُرْعة "فهو من ذلك كأن القَطُوف يقطع بسيره من المسافة قليلًا قليلًا فهي من القطع بدقة. • (قطم): "مِقْطم البازيّ: مخْلبه - بالكسر فيهما. قطم الشيء (ضرب) عضّه بأطراف أسنانه أو ذاقَه. يقال اقطِم هذا العُود فانظُرْ ما طعمُه. قَطَم الفصيلُ النبت: أخذه بمقدم فيه قبل أن يستحكم أكله ". Qتناول الشيء بحرص شديد عليه وتلهف: كما يتناول المخلب الشيء بقوة وتمكن، وكعضّ العود عضًّا شديدًا كالاعتصار بغية معرفة طعمه، وكأكل الفصيل الموصوف لأن تعجله الأكل قبل أن تتم قدرته عليه تلهف، ومن ذلك أُخِذ الحرص الشديد على التناول والتلهف عليه في مِثْل "قطِم

(قطمر)

الرجل والفحل فهو قطيم بين القَطَم (تعب) اهتاج وأراد الضراب وهو شدة اغتلامه. والقطَم: شدة شهوة اللحم والضراب والنكاح. قَطِم الصقر للحم اشتهاه. والقُطامىّ: الصقر وهو مأخوذ من القَطِم وهو المشتهى اللحم وغيره ". وأرى أن عبارة "الخمر قُطامىّ .. بالضم لا غير أي طري "إنما هو تعبير عما يتربى لمعتادها من ضراوتها بحيث يظل يشتهيها. والعياذ بالله تعالى. وقولهم "قطم الشارب - ض: ذاق الشراب فكرهه وزوى وجهه وقطب "هي مبدلة من (قطّب). كما هو واضح. • (قطمر): {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} [فاطر: 13] [اختلفوا في تفسير القطمير ففي [ل] هو شق النواة، وعبارة أبي عبيدة في المجاز 2/ 153: الفُوقة - بالضم: التي في النواة والفُوقة هي الشق. فهو يتفق مع ما في [ل]. لكن في الغريب لابن قتيبة 360 الفوفة بفاءين أي جبة النواة التي بينها وبين لحم التمرة، والخيط الذي بين القمع والنواة، كما قيل في [ل] أيضًا إنه النكتة التي في ظهر النواة. فهنا جنسان من المعنى: أ) الشق الممتد المكنوف وهو ما عبر عنه بالشق والفوقة والنكتة وإن كان هذا الأخير ليس ممتدًا. ب) مادة لطيفة محتواة وهي ما عبر عنه بالفوفة والخيط. وأخذًا من دلالة قط على نحو القطع عرضًا، والميم على الاضطمام والالتئام، والراء على الاسترسال نقول:

(قطن)

Qقطع ملتئم مسترسل: كشق النواة وهو الفوقة، ويمكن أن يعبر به عما يضطم عليه ذلك القطع ملتئمًا مسترسلًا، وهو الخيط الذي في شق النواة. وأن يعبر به عن الفوفة التي هي جبة النواة. فإن تجويف التمرة من جنس الشق ولحم التمرة يحيط به وكلاهما للمجاورة. وإذ كان المقصود في الآية ضربَ المثل بأي شيء يُمْتَلَك وذلك يتحقق في الخيط لكونه جرمًا مستقلًّا يمكن أن يعزل ويؤخذ - أي يُمْتَلك، وكذلك الفُوفة: الجبة، في حين أن الشَقّ حالّ في جِرم النواة لا يُمْلك وحده - فالراجح أن المقصود به في الآية هو ذلك الخيط الممتد في شق بين قمع النواة وشقها - وهو ما قاله المفسرون. [وانظر قر 14/ 336]، أو الفوفة. وكلاهما صالح للتعبير عن الضآلة المقصودة. • (قطن): {وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ} [الصافات: 146] "قَطَن بالمكان يقطُن قطونًا: أقام به وتوطّن. والقطين المقيمون في الموضع لا يكادون يبرحونه. والقطين: السُكّان في الدار/ أهل الدار. القطَنُ - بالتحريك: أسفل الظهر/ الموضع العريض بين الثبج والعجزُ ". Qلزوم المكان والموضع وما إلى ذلك من التلازم: كالقُطُون بالمكان، والقَطَن موضع التقاء أصلَي الرِجْلين إليه ينتهي تشعبهما فهو موضع تلازمهما تلازمًا متينًا. ومن مادي ذلك اللزوم والتلازم: "القطاني: الحبوب التي تُدَّخر كالحمّص والعدس والباقلّا والترمس والفول واللوبياء "، واللزوم فيها أنها تدّخر. "والقطن بالضم م "هو ذلك الشعر البالغ الدقة والتداخل والكثافة في تجمعه وهو يغزل

£° معنى الفصل المعجمي (قط)

وينسج ثيابًا. وأقول إنه سمي قطنًا إما لأن شجره يبقى في الأرض عشرين سنة - كما نقل في [ل عن أبي حنيفة الدينوري]، أو لأنه يشيع اتخاذه ثيابًا وسرادقات. تستر لابسها والمستكن بها. والستر من اللزوم أي لزوم الساتر للابس والمستكن كما نأخذ نحن من كلمة ابن عباس الآتية. وبروز ملمح اتخاذ القطن نسيجًا فيه عنه في الصوف والوبر والشعر سببه أن الصوف والوبر والشعر شأنها الأول تدفئة تلك الأنعام، أما القطن فنفعه البارز هو أن يتخذ نَسيجًا وثيابا. ومن اللزوم أيضًا "القَطِنة - بفتح فكسر: مثل الرمانة تكون على كرش البعير وهي ذات الأطباق "فهي أطباق متلازمة "والقِطَان: شِجَار الهودج "فهو الخشب الذي تُنْصَب عليه ثياب الهودج ولولاه لم تنتصب فهي ملازمة له. "والقطين: تُبَّاعُ الملك ومماليكُه/ الخَدَمُ والأتباع والحَشَم "فهم ملازمون لسادتهم. وفي قوله تعالى: {وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ} جاء في [ل] قال الفراء قيل عند ابن عباس: هو وَرَقُ القَرْع فقال ابن عباس وما جَعل القرع من بين الشجر يقطينا؟ كل ورقة اتسعت وسترت فهي يقطين. ° معنى الفصل المعجمي (قط): نوع من القطع باستواء وتسوية أو توال كما يفعل القَطّاط الذي يصنع الحقق - في (قطط)، وكقطر المطر وغيره في دقة حَبّاته وتواليها - في (قطر)، وكما في القَطيع: الغصن تقطعه من الشجرة - في (قطع)، وكما في القِطف العنقود (الذى شأنه أن يقطف)، وكذلك القطيفة التي تُقَصّ الخيوط الممتدة على وجهها - في (قطف)، وكما في القطمير الخُيَيْط القصير الذي في شق النواة في (قطمر) وكلزوم المكان - في قطن، إذ لزوم مكان ما هو انقطاعٌ عن سائر الأمكنة.

القاف والظاء وما يثلثهما

القاف والظاء وما يثلثهما • (يقظ): {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ} [الكهف: 18] "اليقظة: نقيضُ النوم، والفعل استيقظ. اليقظة والاستيقاظ: الانتباه من النوم، وأيقظته من نومه: نَبّهته. يقال للذي يثير التراب قد يقّظه - ض، وأيقظه: إذا فرّقه. وأيقظت الغبار: أثرته ". Qإثارة الساكن وتحريكه (¬1): كإيقاظ النائم تنبيهِه، وكإثارة التراب. {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ} [الكهف: 18]. ومن مجازه: "استيقظ الخلخال والحَلْى: صَوَّت. كما يقال: نامَ إذا انقطع صوته من امتلاء الساق "إذ يثبت حينئذ لاكتناز حلقته بالساق الخدْلة. القاف والعين وما يثلثهما • (قعع - قعقع): "ماء قُعّ - بالضم وكصداع: مُرّ غليظ/ لا أشدَّ ملوحةً منه، تحترق منه أجواف الإبل. والقَعْقَاع: الحُمَّى النافض تقعقع الأضراس ". Qتركز الغليظ أو الحاد في الشيء (¬2): كالمرارة والملوحة ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): القاف تعبر عن تعقد في الباطن، والظاء عن غلظ، والياء عن اتصال، ويعبر التركيب عن إثارة بحدّة كاليقظة من النوم. (¬2) (صوتيًّا): تعبر القاف عن تعقد واشتداد في الجوف، والعين عن التحام جِرْم رقةً وحدَّةً ما، والفصل منهما يعبر عن غلظ وشدة يتركز في أثناء الرقيق كالماء القُعاع، وفي (قوع) =

(قوع)

الشديدة في أثناء الماء وهو رقيق، وكالحرارة البالغة في البدن. ومنه تمر قَعْقَاع - بالفتح أي يابس (يبسه هو الشدة والغلظ وكان هو غضًّا فيه رقة قبل أن ييبس). أما "القعقعة: حكاية صوتُ السِلاح، والتِرَسَة، والجُلودِ اليابسة، والحجارة، والرعد، والبَكْر، والحَلْي "فأنا أميل إلى أنها من باب حكاية الصوت. وربما نُظِر فيها إلى تركز الصوت الحاد. • (قوع): {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ} [النور: 39] "القاع والقاعة والقِيعة: أرض واسعة سهلة مطمئنة مستوية حُرّة لا حزونة فيها ولا ارتفاع ولا انهباط تنفرج عنها الجبال والآكام. وقاعة الدار: ساحتها. والقَوْع - بالفتح: مِسْطح التمر ". Qانبساط المكان منخفضًا بين مرتفعات عنه خاليًا مما يشغله: كالقيعان الموصوفة {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ} جمع قاع كجار وجِيرَة " {فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا} [طه: 106] أي يجعل الأماكن التي كانت تشغلها الجبال قاعًا. ولا يخفى صلوح مثل هذا المكان الموصوف للاستقرار. ¬

_ = يعبر التركيب الموسوط بواو الاشتمال عن كون المكان فسيحًا سهلًا كالقاع كأنما ليحل فيه الغليظ أي يشتمل هو عليه. وفي (وقع) يعبر التركيب المسبوق بواو الاشتمال عن هُوِىِّ بغلظ إلى محل يحتوي أو يشتمل كما في الوقوع. وفي (قعد) تعبر الدال عن ضغط ممتد واحتباس، ويعبر التركيب عن رسوخ الشيء في محل يَنْصِب جرمًا مع كونه ما زال أسفل ويمسكه على ذلك وهذا هو الاحتباس كالقواعد والقعود. وفي (قعر) تعبر الراء عن استرسال ويعبر التركيب عن القاع الذي يسترسل إليه الشيء.

(وقع)

• (وقع): {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: 75] "الواقع: الذي يَنْقُر الرَحَى. والمِيقَعَة: المِطْرَقة، وخَشَبة القَصَّار التي يَدُق عليها. والوَقيع من الأرض: مكان صُلْبٌ يُمْسك الماء، والنُقْرَة في الجبل يَسْتَنْقِعُ فيها الماء. وَقَع الحديدَ والمُدْية والسيفَ والنصلَ يَقَعُها: أحدَّها وضَرَبها .. إذا فَعَلْتَ ذلك بين حَجَرين. ووَقَعت الإبل: بَرَكت وكذا وقعَت ض. وقيل هذه تعني: اطمأنّت بالأرض بَعْدَ الرِيّ. وطائر واقع: إذا كان على شجر أو مُوكِنًا. ووَقَع على الشيء ومنه: سقط. ويقال سمعت وَقْع المطر وهو شدة ضَرْبه الأرضَ إذا وَبَل. والوَقَع - محركة: الحجارة المحددة ". Qهُوِيٌّ أو غُئُورٌ مع صدم أو غِلَظ وشِدَّة في جِرْمٍ عَريض أو عَلَيْه. فكذلك يَفْعَل الواقع ويُفعَل بالميقعة وعلى خشبة القصار (هو الغسّال الذي يغسِل الثياب - كانوا يدقونها وهي مبلولة بدلًا من الدَلْك الآن)، وكذلك الوقيع. وتحديدُ المدية إلخ إرقاق لجرمها أي أخذ منه وإغارة له. وبُروك الإبل وهي عالية الجِرم ووُقُوع الطير ووَقْع المطر والسقوط. والحجارة المذكورة تنتقص الحوافر، وقد تستعمل للدقّ، والذبح. فمن الهُوِيّ ونحوه {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [الحج: 65]، {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: 75]: مساقطها [قر 17/ 223]، ومنه وقوع المكروه (لغلظه المعنوي) {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ} [الأعراف: 134] أصابهم ونزل بهم. "الواقعة: الداهية والنازلة من صروف الدهر ". ومنه حدوث الأمر العظيم {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ} [الواقعة: 1] ومن هذا أُخذ "التوقُّع: تَنَظُّر وقوع الأمر "ومن

الغئور مع غلظ وشدة عبّرت عن لازمه وهو الثبوت لشيء خطير {فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 100]. ونظيرها في هذا أخذ معنى الوجوب الثبوت واللزوم من الوجوب السقوط، {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 118] (ثبت). ويمكن أن يفسر بهذا "مواقع النجوم "في الآية المذكورة قبلًا. ومن الثبوت والإثبات كذلك {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة: 91] (يغرسها ويزرعها) {وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ} [الذاريات: 6]: الجزاء نازل بكم [قر 17/ 30] وقد فسره أبو حيان بـ (صادق) وفسِّر في [الكشاف 4/ 386] وأنوار التنزيل بـ (حاصل) وهي تئول إلى ثابت أي حق. وكل ما في القرآن من التركيب عدا ما في فقرة الوقوع الثبوت هذه - فهو من معنى الهُوِيّ. ومن الوقوع نحو السقوط "المواقعة المباضعة ". وقد قالوا "وَقَع عليها ". ومن الأصل "التوقيع: سَحْجٌ في ظهر الدابة أو أطرافِ عظامها من الركوب " (غئور من حكّ الأحمال والركوب). ومن معنوي هذا استعمالها في الغيبة ونحوها. "وقع فيه: اغتابه، وقع فيه: لامه وأَنَّبه " (انتقاص منه كما قالوا عابه. وفي تركيبها العيبة، وكما سمَّوْه طَعْنًا وهَمْزًا). وأيضًا من هذا "وَقَع في العمل: أخذ، وواقعَ الأمورَ: داناها " (مارَسَ/ احتكّ فيها/ توغل). و"التوقيع في الكتاب: إلحاق شيء (مهم) فيه بعد الفراغ منه " (فهو إثبات لمهم في نهاية الكلام تحته).

(قعد)

• (قعد): {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191] "قَواعدُ البيت: أساسُه. وقواعدُ الهَوْدَج خَشَبات أربع معترضة في أسفله تُرَكَّبُ عِيدان الهودج فيها. والمَقْعَدة - بالفتح: السافلة. والمُقْعَدات - بالضم وفتح العين: الضفادع، وفِراخُ القطا قبل أن تَنْتَهض للطيران. وثَدْي مُقْعَد: ناتئ على النحر ناهد لم يَنْثَن بعد. والقاعد: الجوالق الممتلئ حبًّا (المنتصب على الأرض) قعد قعودًا: جلس. وقَعَدَت الرَخَمَة: جثمت. وقعدت الفسيلة وهي قاعد: صار لها جِذْع تقعد عليه ". Qرُسُوخ يَنْصِبُ ما يعلوه: كقواعد البيت والهودج تَنْصِبهما وتثبتهما، وكالثدي المُقْعَد، وكهيئة القعود، والضفادع تبدو جالسة على مؤخراتها معتمدة على أيديها منتصبة. ومن هذا قيل: "قَعَد الإنسان أي قام "لملحظ الانتصاب والثبات. وعليه {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} [آل عمران: 121] فهي مقامات وليست مجالس - أخذًا من الانتصاب مع قوة الثبات، كأنهم راسخون في الأرض. فهذا هو تفسير ما أوردوه من تضاد، وليس في كل القيام يسمى الإنسان قاعدًا. {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} [البقرة: 127] (هي الأسس الثابتة التي ينتصب عليها بناء البيت)، {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191]، (هذا من القعود بمعناه الشهير). {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ} [الجن: 9]، {وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} [التوبة: 5]، {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} [ق: 17]. (وهذه الثلاثة من الثبات في المكان تربُّصا).

(قعر)

ومن الرسوخ واللصوق بالأرض دلت على التثاقل عن القتال والتخلف عنه: {وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [التوبة: 90]، {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 95] , {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ} [التوبة: 81]. ومن الثبات والاستقرار على حالة واحدة: "قَعَدَت المرأة عن الحيض والولد: انقطع عنها، وكذلك عن الأزواج {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا} [النور: 60]. أما "قَعَد فلان يَشْتُمه، وقَعَد لا يسأله أحد حاجةً إلا قضاها " (ونحو ذلك)، أي طفق، فمن ملحظ الاستمرار في الأمر، أخذًا من الثبات عليه. والخلاصة أن الذي جاء في القرآن من التركيب بمعنى القعود المعروف ضد القيام هو آيات [آل عمران: 191، النساء: 103، يونس: 12]، وبمعنى قواعد البناء [البقرة: 127]، وما عدا ذلك فهو بمعنى الثبات تخلفًا عن النهوض لهم، أو رفضًا لمعية بغيضة إلى القاعد، أو توقفًا بسبب تغير الأحوال {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ}، أو تربصًا، أو ملازمة لحال ما. • (قعر): {تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} [القمر: 20] "قَعْرُ البئر والنَهْر والإِناء: أقصاهُ (من أسفل). والقَعْر - بالفتح كذلك: جَوْبَة تَنْجابُ من الأرض وتهبِط يَصْعُب الانحدار فيها. ويقال ما خرج من أهل هذا القعر أحد كما يقال من أهل هذا الغائط ".

£° معنى الفصل المعجمي (قع)

Qالقاع السفلي الذي ينتهي به عمق شيء مجوف - كقعر البئر والنهر والإناء. ونُظِر إلى عُمْق الجَوْبة المذكورة. ومنه "قَعَرَ البئر (فتح): عَمَّقَها (جعل لها قعرًا: تزويد). ومنه كذلك قَعَر البئر: انْتَهى إلى قَعْرها، والإناءَ: شَرِبَ جميعَ ما فيه حتى انتهى إلى قَعْره. وقَعَر النخلة فانقعرت: قَلَعَها من أصلها حتى تسقط " {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} (كل ذلك إصابة). ° معنى الفصل المعجمي (قع): نوع من التركز والكثافة مع غلظٍ حدّة أو نحوها. والتركز والكثافة يلزمهما الثِقل والضغطُ إلى أسفل كما في الماء القُعّ - أعني تركزَ المرارة فيه، وقالوا إنه يحرق أجواف الإبل - في (قعع)، وكما ينبسط القاع المستوي الذي تنفرج عنه الجبال كأنما ضُغِطَ هو في وسطها - في (قوع) وكما في إيقاع الميقعة أي طَرْق الرَحَى بها بقوة حتى تنقر الواقعةُ فيها نُقَرًا، وكذا هُوِيّ الإبل إلى الأرض باركةً - في (وقع)، وكما في ثقل القاعد على الأرض ورسوخ القواعد - في (قعد)، وكما في قعر الجوف من بئر أو نهر إلخ وهو أقصاه إلى أسفل كأنما ضغط إلى هناك - في (قعر). القاف والفاء وما يثلثهما • (قفف - قفقف): "القُفّ والقُفّةُ - بالضم فيهما: ما ارتفع من مُتُون الأرض وصَلُبتْ حجارتُه. والقُفّة - بالضم كذلك: الزَبيلُ كهيئة القَرْعة: تُتَّخَذ من خوص ونحوه تجعل فيها المرأة قطنها، والشجرةُ اليابسةُ الباليةُ ترتفع عن الأرض قَدْرَ شبر. والقَفّ - بالفتح: ما يَبِس من البقول وتناثر حَبُّه وورقه. قفقف النبت وتقفقف: يبس. قَفَّ الشَعَرُ: قام من الفزع ".

Qالارتفاع توترًا أو تصلبًا مع جفاف لما شأنه أن يكون لينًا أو غضًّا (¬1): كالمتون المرتفعة وهي صُلْبة الحجارة، وكالقُفّة تصنع من خوص لكنها ترتفع مع تقبض وجفاف لأنها من خوص، وكالشجر والبقول والنبت المذكورات والشعر الموصوف. ومن الصور المادية أيضًا لذلك المعنى: "اسْتَقَفَّ الشيخُ: تقبّض وانضم وتشنج. والقُفّة: الشيخ الكبير القَصير القليلُ اللحم (كأن هذا تشبيه بالقفة الشجرة اليابسة البالية). وقَفَّ الجِلْدُ: تَقَبَّض كأنه يَبِس وتشنج. والقَفْقَفة: الرِعدَة من حمىَّ أو غضب، وكذلك اضطراب الحنكين واصطكاك الأسنان من الصَرَد أو من نافض الحُمَّى (كل ذلك من التردد قَبْضًا وبَسْطًا لا إراديًّا من باب التوتر). وقَفْقفا الطائر: جناحاه، والقفقفان: الفكّان (عمل الجناحين والفكين التردد قَبْضًا وبسطًا، والبسط هو مقابل الارتفاع، لأن كليهما امتداد). ومن ذلك: "القَفَّاف - كشداد: الذي يسرق الدراهم بين أصابعه إذا انتقد الدراهم " (من قبضها بين أصابعه). ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر القاف عن تجمع وتعقد جوفي واشتداد، والفاء عن إبعاد أو طرد، والفصل فهما يعبر عن الارتفاع توترًا مع جفاف (هذا الارتفاع والجفاف هو مقابل الفاء) كالقُفّ من الارض والقُفّة، وفي (قفو) يعبر التركيب بالواو عن كون الشيء خَلْفَ غليظٍ لاحقًا به وهذا اشتمال، لأن الأماميَّ يَسْتَتْبع الخَلْفِيَ. وفي (وقف) تسبق الواو بمعنى الاشتمال، ويعبر التركيب عن الاشتمال على ما يجعل الشيء ينتأ (= يرتفع) ويثبت كحالة الوقوف، وفي (قفل) تعبر اللام عن الاستقلال، ويعبر التركيب عن اليبس وشدة تماسك الشئ في ذاته وهذا هو استقلاله).

(قفو)

• (قفو): {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] "القِفْوَةُ - بالكسر: الذَنَب - محركة. والقَفَا: مُؤَخَّر العنق/ وراءُ العنق. وقافيةُ رأس كل شيء: مُؤَخَّرُه ". Qاللحاق بخلف الشيء من أعلاه. كالذَنَب والقفا والقافية. ومن ذلك "قَفَاه يَقْفُوه: تَبِعَه " (من خلفه) ومن معنوي هذا {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] لا تتبع ما لا علم لك به من قول أو فعل. نهى أن نقول ما لا نعلم، وأن نعمل بما لا نعلم، ويدخل فيه النهى عن اتباع التقليد، لأنه اتباع لما لا تُعْلَم صحته [بحر 6/ 32] واقْتَفَى أَثَرَه وتَقَفَّاه: اتبعه. وقَفَّيْت على أَثَر فلان بفلان ض: أتْبَعْتُه إياه {ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا} [الحديد: 27]. وكذا كل (قَفَّينا) في القرآن: جئنا على آثارهم أي بعدهم بـ[ينظر بحر 3/ 510] ومن هذا "هو قَفِىٌّ أهله - كغَنِىّ: الخَلَفُ منهم ". (الآتي بعدهم) ومن الأصل "القَفِيّ كغَنِىّ وهَدية: ما يُكْرَم به الضَيْفُ والصَبِيّ وغيرُهما زيادةً على ما أكلوا مع غيرهم " (أي بعده). • (وقف): {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ} [الأنعام: 30] "الوقوف خلاف الجلوس. وقف بالمكان وَقْفا ووقوفًا. وقَفَت الدابة تقف وقوفًا ووَقَفْتُها أنا " (وعد). Qانتصاب مع ثبات في المكان - كحال الواقف {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصافات: 24]، وقوله تعالى {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى

النَّارِ} [الأنعام: 27] جائز أن يكون المعنى: عايَنوها، وجائز أن يكونوا عليها وهي تحتهم، والأجود أن يكون المعنى: أُدْخِلوها فعَرَفوا مقدار عذابها - كما تقول وَقَفْت على ما عند فلان تريد قد فهمته وتبينته "اهـ[ل] باختصار {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ} [الأنعام: 30، وقريب منه ما في سبأ: 31] مجاز عن الحبس والتوبيخ والسؤال كما يوقف العبد الجاني بين يَدَيْ سيده ليعاقبه/ أو وُقِفوا على ما كانوا جحدوه من أمر الآخرة [ينظر بحر 4/ 110]. (أي أمام ربهم). ومن الوقوف بمعنى الثبات "إنها لجميلة موقف الراكب - يعني عينيها وذراعيها، وهو ما يراه الراكب منها " (إذا وقف ليسألها عن شيء) "والوقيفة: الأُرْوِيّة تلجئها كلاب (الصياد) إلى صخرة أو مكان لا مَخْلَص لها منه في الجبل فلا يمكنها أن تنزل حتى تُصاد. والوَقْفُ: الخَلْخالُ ما كان من شيء من الفضة والذَبل وغيرهما، والمَسَكُ (كهيئة السوار) إذا كان من عاج، (لثبات كل في مكانه حقيقة بامتلاء الساق والذراع أو بإيهام ذلك للفت النظر. وهو من الثبات كما يقال قرة عين). ومن المادّيّ "وقْف التُرْس: المستديرُ بحافَته حديدًا كان أو قَرْنًا، والتوقيف أن يُلْوَى على القوس عَقَب (عرق من عروق لحم الذبيحة) رَطبًا لينًا حتى يصير كالحلْقة " (ويُتْرَك ليجف فلا ينقطع أبدًا - فالتسمية هنا لإمساك الترس والقوس. والإمساك من الإثبات على الحال، أو هي للتشبيه) ومنه على التشبيه بالوقْف: الحلية "ضَرْعٌ مُوَقَّف - كمعَظَّم: به آثار الصِرار (ربط حلمات الضَرْع حَبْسًا للبن فيترك الرباط أثرًا مستديرًا على الحَلَمة)، وحمار مُوقَّف: كُوِيَتْ ذراعاه كيًّا مستديرًا، ودَابَّة مُوقَّفَة: في قوائمها خطوط سود، وكذلك بقر الوحش إذا كان في قوائمها خطوط سود ".

ومن المعنوى "التوقُّف: التثبت. رجل وَقّاف: متأنٍّ غيرُ عَجِل. والوقّاف: المُحْجم عن القتال. ووقّفْت الحديث: بينته (أي بَيَّنْت مواقف العبرة فيه) ووقّفته على ذنبه: أطلعته عليه " (وهذا فيه بالإضافة إلى لازم الثبات وهو التأمل: الإطلاع أخذًا من الارتفاع في المعنى الأصلي). • (قفل): {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24] "القَفِيلُ: الخَشَبُ اليابِس. وقَفَلَ جلد الشيخ (جلس وتعب): يَبِسَ. أقفل الصوم الرجل: أيبسه. قفل القوم الطعام (ضرب): احتكروه. رجل قفلة - كهُمزة: حافظ لكل ما يسمع ". Qحبس بشدة وجفاف لما هو مجتمع (جمع وحبس شديد) ككتلة الخشب اليابسة، وجِلْد الشيخ على بدنه، وجمع الطعام (البُرّ أو الحبّ عامة) واحتكاره، وجمع المسموع وضبطه. ومنه: "المقتفل من الناس - بكسر الفاء: الذي لا يخرج من يديه خير. ودرهم قفلة: بالفتح: وازن " (تحتبس فيه كثير من مادته). وخيل قوافل: ضوامر (لحم أبدانها شديد أي غير مترهل). القفيل: السوط "كذلك. ومنه: "القُفْل - بالضم وكعُنُق: الحديد الذي يُغْلَقُ به البابُ {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}. وفي وضوحها مأخذًا ومعنًى ومبنًى ما يكفي لتزييف الزعم بتعريبها. ويؤيد قولنا ما يؤخذ مما أورده [ف عبد الرحيم في المعرب 529] أن للكلمة شقيقة سريانية. ومن ذلك: "قَفَل الفحلُ (جلس): اهتاج للضراب (اشتد وتوتر). والقُفْل - بالضم: شجر بالحجاز يضخم ويتخذ النساء من ورقه غُمْرًا (أي طلاء للوجه واليد) يجيء أحمر " (وسمي كذلك لاحتوائه

£° معنى الفصل المعجمي (قف)

هذا الطلاء الذى يمسك بالبشرة, أو لضخامة الشجرة وهي تجمّع وتماسك). و "قَفَل الشيءَ (جلس): حَزَرَه " (الحزْر تقدير الكمّ وهو ضبط من باب الإمساك). ° معنى الفصل المعجمي (قف): نوع من الارتفاع مع صلابة أو امتساك - كما في القُفّ بما في أثنائه من حجارة، وكذلك في قفوف الشعر قيامه من الفزع - في (قفف)، وفي لحوق الذَنَب وقَفا الشيء بمؤخَّر أعلاه فيشاركه لصوقًا وارتفاعًا - في (قفو)، وكما في الوقوف وهو انتصاب بتماسك وتوتر، مع الثبات كذلك - في (وقف)، وكما في تماسك القفيل: الخشب اليابس وكيبس الجلد - في (قفل). القاف واللام وما يثلثهما • (قلل - قلقل): {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا ...} [الأعراف: 57] "القُلّة - بالضم: أعلى الجبل. رأسُ الإنسان قُلّة. قُلّةُ كل شيء: أعلاه. وخص بعضهم أعلى الرأس والسنام والجبل. قُلَّة السيف: قَبِيعَته. القِلَال: الخُشُبُ المنصوبة للتعريش/ أعمدة تُرْفَع بها الكُروم من الأرض. استَقَلّ الطائرُ في طيرانه: نهض للطيران وارتفع في الهواء. استقَلّ النباتُ: أناف. استقل القوم: ذهبوا واحتملوا سارين وارتحلوا. والقليلُ من الرجال: القصير الدقيق الجثة ". Qدقة جسمٍ (أو تضامه ولطفه) ويلزمه الخفة والارتفاع أو الحمل (¬1). فالقُلّة ترتفع وهي تتكون باستدقاق الجبل والسنام إلخ أي تضامه ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر القاف عن تعقد واشتداد في الجوف، واللام تميز أو استقلال، والفصل =

في ارتفاعه شيئًا فشيئًا حتى يَدِقّ ويَلْطُف، وقبيعةُ السيف تشبيه. والقِلالُ تَرْفَع بلطف لأن الكَرْم ليس حِملًا ثقيلًا، والطائر يتضامّ ويرتفع، والنبات يرتفع نموًّا ولطفُه أن النموّ لا يُرى، والقوم يُخلون مكانهم سُرًى بالليل، والذهاب ارتفاع. والقليل من الرجال متضام البدن دقيقه كما هو مصرح. ومن الارتفاع "قَلَّ الشيءَ وأَقلَّه واسْتَقَلَّه: حَمَله ورَفَعه. {حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا ...} ومن هذا: "القُلّةُ - بالضم: الحُبّ أو نحوه يسع قِرْبتين "سميت قِلالًا لأنها تُقَلّ أي تُرفع إذا ملئت "اهـ. ومن الدقة ولطف الحجم "قلَّ الشيءُ: خلافُ كَثُر {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ} [النساء: 7]، {وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ} [الأنفال: 44] يُبْديكم قليلين {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ} [النساء: 77]. وسائر ما في القرآن من التركيب هو من القلة ضد ¬

_ = منهما يعبر عن ارتفاع الشيء الغليظ الشديد من العمق (أسفل) إلى أعلى مع تقلص مميز (استقلال) كالقُلّة. وفي (قلى) يعبر التركيب المختوم بياء الاتصال عن إزالة ما هو راسخ في الشيء (اتصال) كالوسخ، وفي (قول) يعبر التركيب الموسوط بواو الاشتمال عن حمل في الأثناء بلطف مع حركة أو انتقال كما يحمل معنى الكلام ثم ينقل بالصوت. وفي (قيل) يعبر التركيب الموسوط بياء الاتصال عن انتقال المتسيب إلى مقر (تجمع واتصال) كما في تقيل الماء. وفي (قلب) تعبر الباء عن تجمع مع رخاوة ولصوق، والتركيب يعبر عما ينضم عليه الشيء (يجمعه) ويحمله في باطنه من لب كالقلب. وفي (قلد) تعبر الدال عن حبس ممتد ويعبر التركيب عن امتساك أو حبس شدٍّ بِلَىٍّ أو تحويل كالقَلْد وإقليد البُرة. وفي (قلع) تعبر العين عن التحام ورقة، ويعبر التركيب عن نزع ملتحم كما في الاقتلاع. وفي (قلم) تعبر الميم عن استواء ظاهر والتئامه، ويعبر التركيب عن تسوية طرف الممتد ولأم تشعبه بقطع أو بَرْى أو غيرهما كما في القَلَم بمعانيه.

(قلى)

ومن ذلك: "القَلْقَلة (إذ هي حركة ارتفاع ضئيل عن الموضع ثم عود) وتقلقل في البلاد: تَقَلّب فيها " (ترك موضعه مرة بعد مرة). و "القِلة - بالكسر: الرعدة من غَضب أو طمع (الرعدة قلقلة أي ارتفاع طفيف متردد). أما القَلْقَلة - بالفتح: شدة الصياح " (فكأنها بمعنى الإزعاج بالصوت والإزعاج تحريك فجائي). وأما "الفرس القُلْقُل - بالضم: الجواد السريع "فالسرعة خفة في الجري كأنه يطير، والخفّة من الدقّة والقلة. • (قلى): {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 3] "القِلْى - بالكسر، وكإلىَ، والقِلْو - كصِنْو: شيء يتخذ من حريق الحَمض يُغْسَل به الثياب ". Qإزالة الراسخ في الأثناء والتخلص منه: كما يفعل الحِمْض حين تُغسل به الثياب. ومنه: "قَلَاه يَقْليه: أنضجه في المِقْلَى (أزال بالحرارة نداه وغَضَاضَتَه الراسخة فيه) وقلاه - كرماه ورَضِيَه: أبغضه وكرهه غاية الكراهة " (جف قلبه نحوه) فتركه. "وقيل قلاه في الهجر (رمى) قِلّى: هَجَره، وقَلِيه (رضى) يقلاه في البغض " [تاج] وهذا القول أنسب لما فى القرآن الكريم {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 3] , فالهجر ابتعاد وزوال، وهو المعنى المنفي هنا. {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ} [الشعراء: 168] أي المبغضين. وهي أبلغ مما لو قال إنى لعملكم قالٍ, فالتعبير القرآني ينبّه على أن هذا الفعل موجب لبغض كثيرين هو منهم [ينظر بحر 7/ 35].

(قول)

• (قول): {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: 129] "القَوْل: الكلام على الترتيب [وفي بحر 1/ 180] القول هو اللفظ الموضوع لمعنى). القال: القُلَةُ/ الخشبة التي تضرب بها القلة ". Qحمل اللطيف المتسيّب أي غير المحدّد وضبطه والتحكم في صورة إخراجه - كما يحمل القول بأصواته المعاني التي في النفس ويضبطها، بعد أن كانت هلامية في النفْس غير محددة، ويخرجها بالصورة التي يريدها القائل. وكالخشبة التي تضرب القُلَة فهي تَرْفع بطرفها عودَ القُلَة إلى مستوى معين ثم تعاجله وهو في الهواء بضربة توجهه (تتحكم فيه) إلى غاية. فمن القول: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]. (والأمر (قُلْ) في القرآن 332 مرة لإسناد كل ما في القرآن إلى الله عز وجل دعما للرسول - صلى الله عليه وسلم - وحسما لطمع الكفار في الهوادة). وسائر ما في القرآن من التركيب هو من القول بهذا المعنى. ومن جنس ضبط (حصر) ما في النفس من فكر والتحكم فيه استعمل القول في الظن المطلوب التعبير عنه، كما في مثل "متى تقولني خارجًا؟ كيف تقولك صانعًا؟ "البِرَّ تقولون بهن "؟ كما استُعْمِل في الآراء والاعتقادات (فلان يقول بخَلْق القرآن) مثلًا. ولأن القول الصوتي دلالة على معنى في النفس استُعمل لفظه في إشارة غير الصوت إلى معنى وإن كان متخيّلا (قالت له الطير تقدم راشدًا) (المقصود أنه زجر الطير، فَسَنَحتْ، فتفاءل بذلك أَنّ قَصْده يتحقق فأقدم، فكأنها قالت له تقدم) , (وقالت له العينان سمعًا وطاعة)، (امتلأَ الحوضُ وقال قَطني). (أي لسان حاله). "والعرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال (أي تعبّر به عنها)

(قيل)

وتطلقه على غير الكلام واللسان فتقول: "قال بيده "أي أخذ، و "قال برجله "أى مشى "اهـ. ومن الضبط في المعنى الأصلي استعمل في الحُكْم "المِقْول - بالكسر: القَيل - بالفتح - بلغة أهل اليمن، (وقيل عن القَيْل إنه مخفف قيّل أي أصله قَيْول) واقتال عليهم: احتكم/ تحكّم. العروس تقتال على زوجها: / تحتكم (دلالا). (وما اقتال من حُكْم عليّ طبيب). سبحان من تَعَطَّفَ بالعز وقال به. أي اختص به/ حكم به/ غلب به ". ومن هذا الضبط أيضًا: "قالوا به أي قَتَلوه. قُلْنا به أي قتلناه "فهذا كما نقول: سيطرَ عليه، أو قضى عليه. ومن ذلك الضبط والتحكم استُعمِل في الاستبدال من حيث إن الذي استُبْقِي بالاستبدال اختير وصار في حوزة المستبدِل واختص به المستبدِل: "اقتال بالبعير بعيرًا، وبالثوب ثوبًا: استبدل به. اقتال باللون لونًا آخر: إذا تغير من سفر أو كِبرَ ". • (قيل): {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [الفرقان: 24] "القَيْلُولَة: نَوْمة نصف النهار/ النومُ في الظهيرة/ الاستراحةُ نصفَ النهار إذا اشتد الحر وإن لم يكن مع ذلك نوم. قال القوم قَيْلا وقائلة وقَيْلُولة ومقالا ومَقِيلا. المِقْيل: بالكسر: مِحْلَب ضَخْم يُحلب فيه في القائلة. تقيّل الماء في المكان المنخفض: اجتمع. والقَيْلة - بالفتح والكسر: الأُدْرة (نزول ماء أو مِعًى في الخُصْيَة فتنتفخ). Qزوالٌ إلى مَقَرٍّ (مؤقت): كما يفعل أهل البادية وأشباههم من أهل الريف الآن عند اشتداد الشمس وحرها في نصف النهار

يهجرون الشوارع والأماكن المكشوفة إلى بيوتهم أو أي أماكنَ تَقِيهم الحرّ وقد ينامون. واجتماع الماء في المكان المنخفض هو زوال وانحدار من الأماكن المرتفعة إلى المنخفضة، والأُدْرة من نزول الماء والمعي إلى حيث يحتبس في الخُصْية (¬1). وهو استقرار غير طبيعي. فمن القيلولة قوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [الفرقان: 24] أي منزلًا ومأوى أي (مكان راحة وسكون واللفظ ينبه على أن التنقل متاح - بعد لفظ الاستقرار). وعن التفضيل (في كلمة: خير) جاء في [ل] أنه يجوز هنا لأنه موضعٌ خير من موضع، وليس تفضيلًا في صفة، ولو كان تفضيلا في صفة ما جاز، لأنه ليس في مستقر أهل النار خير قط ". ومن القيلولة كذلك {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} [الأعراف: 4] وخص مجيء البأس بهذين الوقتين، لأنهما وقتان للسكون والدعة والاستراحة، فمجيء العذاب فيهما أفظع وأشق، ولأنه يكون على غفلة من المُهْلَكين فهو كالمجيء بغتة [بحر 4/ 269] وقد أخذوا من وقت القيلولة "القَيُول: اللبن الذي يشرب نصف النهار، والقَيْل الناقة التي تحلب في ذلك الوقت ". ومن الاستقرار المؤقت "المقايلة: المبادلة "- حيث يزول أي ينتقل ما بيد كل من المتبادلين إلى يد الآخر. وكذلك "أقاله البيع وتقايل البَيِّعان: تفاسخَا "حيث يزول ما بيد كل إلى آخر. ¬

_ (¬1) اللسان (أدر) , وفقه اللغة للثعالبي 126.

(قلب)

و "القَيْل: الملك من ملوك حمير "يمكن أن يكون من هذا لأن رعيته قارّة في يده بعد مَلِكِ قبله، ويليه آخر ولا بُدّ. • (قلب): {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [آل عمران: 174] "قُلْب النخلة - مثلثة: لُبّها وشَحْمتها ... ، وقلوب الشجر: ما رَخُص من أجوافها وعروقِها التي تَقُودها. وقَلْب كل شيء: لُبّه وخالصه ومَحْضُه. والمِقْلَب - كمنجل: الحديدة التي تقلب بها الأرض للزراعة ". Qباطنُ الشيء ولُبُّه: كالقلوب المذكورة، وقَلْبُ الأرض إخراجٌ لباطنها. ومن ذلك: "القَلْب: المضغة المعروفة "؛ لأنها أهم ما في الباطن وأقواه. والأصل يسمح بإطلاقها على القوة الباطنة: العقل: {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأعراف: 179] {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} [ق: 37] عقل/ تفهم وتدبر. ولعل كل ما في القرآن الكريم من كلمة (قلب) وجمعها متعلَّق الكلام فيها هو ما أسنده القرآن إلى القلب من (وظائف) الفقه والتدبر والإيمان وضده وما إلى ذلك عدا آيتي [الأحزاب: 10] وكذا {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [غافر: 18]. فالمقصود فيهما المضغة عينها حتى لو كان الكلام تصويرًا للرعب الذي يكاد يقتل. ومن قلب النخلة والإنسان ونحوهما، وهو اللب، قيل "قَلْبُ كل شيء: لبه وخالصه ومحضه. وكان علي - رضي الله عنه - قرشيًا قَلْبًا أي محض النسب خالصًا من صميم قريش ". ومن مادّي الأصل: "القليب: البئر لم تُطْوَ (موضع أُخْرِج باطنُه بالحفر)، والقَلَب - محركة: انقلاب في الشفة العليا واسترخاء فيبدو باطن الشفة (قَلْبها). وقَلَبْت الخُبزَ: نَضِجَ ظاهره فحوّلْته لينضَج باطنه، وكذلك

قَلَب الثوبَ والشئَ, وَتَقَلَّبَ الحيةُ (كل هذا لإظهار الجانب الباطن أو الخفي كأنه باطن - بذلك التقليب) {فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ} [الكهف: 42]- كناية عن الندم والحسرة. ومن تكثير ذلك مع كونه معنويًّا {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: 110]. ثم عبروا به عن مجرد التغيير الكثير. ومنه "تقليب الأمور: بحثُها والنظر في عواقبها (ووجوهها المختلفة بقلبها على هذا الوجه ثم ذلك، ليُرَى كيف تكون {وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ} [التوبة: 48] صَرّفوها وأجالوا الرأي في إبطال ما جئت به " [قر 8/ 157]. ومن تكثير ذلك مع كونه معنويًّا {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: 110]. ومنه دَلّ على تغيير الأحوال إلى عكس ما كانت (أي تقليبها). وكل الفعل (قلّب) ض ومضارعه، وكذا مضارع (تَقَلّب)، وكذا المصدر (تقلُّب)، وصيغة (مُتَقَلَّب) هو من التقلب الحسيّ أو المجازي. ومن التغيير بإخراج الباطن إلى الظاهر أي عكس الحال عبروا بالتركيب عن الرجوع إذ هو عكس الذهاب {وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ} [العنكبوت: 21]، {وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ} [المطففين: 31]: رجعوا {وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ} [آل عمران: 144] يرتدّ عن الإسلام {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [آل عمران: 174] رجعوا ظافرين بها. وقالوا: "قَلَبَ المعلم الصبيان: صَرَفَهم ورَجَعَهم إلى منازلهم ". وكذا كل (انقلب) وما تصرف منها فهي في القرآن بمعنى الرجوع هذا حقيقة أو مجازًا. ومن ذلك التقَلُّبِ "قَلَبَتْ البسرةُ (قاصر): احْمَرَّت، وشاة قَالبُ لون: جاءت على غير لون أمها " (فذلك التغير عكس

(قلد)

للوضع الذي كان ينبغي أي انقلاب ذلك الوضع). أما "القُلْب - بالضم: سوار المرأة إذا كان قَلْدًا واحدًا " (القَلْد - بالفتح: السِوار سِلْكًا من فِضّه) فمن الأصل إما لأن اليد تخترق جوفه وقَلْبَه، أو من الفَتْل وهو لَيّ وقَلْبٌ كما سبق. وكذا "القالَب - بفتح اللام وكسرها: الشيء الذي تُفْرَغ فيه الجواهرُ ليكون مِثالًا لما يصاغ منها " (فهي توضع في جوفه كقلبه) وكذا "قالَب الخف ونحوه "يكون كالقلب للخف. وواضح أن زعم تعريب القالب لا وجه له. وأخيرًا فالقِلِّيب - كسِكّير، وسَفُّود، وشَكُّور: الذئب " (يمانية) من الأصل مما اشتهر به من الحِيل للإيقاع بفريسته. والحيَلُ تَقَلّب. • (قلد) {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الزمر: 63] "قَلدْتُ اللبنَ في السقاء، والماء في الحوض (ضرب): إذا قَدَحْت بقَدَحك من الماء ثم صببته في الحوض أو السقاء، والسَمْنَ في النّحْى: جمعته فيه. وقَلَد من الشراب في جوفه إذا شرب. "القِلدة - بالكسر: ثُفْل السمن الذي يبقى أسفل الزُبْد إذا طُبِخَ الزبد مع السويق ليُتَّخَذ سَمْنًا. والبُرَةُ التي يُشَدّ فيها زمامُ الناقة لها إقليد وهو طرَفها يُثنَى على طرَفها الآخر ويلوَى ليًّا حتى يسْتَمْسك. والقَلْد - بالفتح: السوار المفتول من فضة. وقَلَد الحديدةَ: رقَّقَها ولواها على شيء أو على مثلها ". Qحوز بحبس شديد حملا أو نقلا شيئًا بعد شيء. كما في نقْل اللبن إلى السقاء والماء إلى الحوض والسَمْن إلى النِحْى (للتخزين) ولو إلى

حين)، وكأن استعمال القَلْد للشرب مجاز لأن عبارة (من .. في) توحي بتكرار ذلك كالقَدْح المذكور. وقالوا أيضًا "أقْلَدَ البحرُ على خَلق كثير: ضَمَّ عليهم أي غرَّقهم ". وسائر الاستعمالات اجتُزِئ فيها بالاحتباس أو الامتساك في حيز. كالقِلْدةِ ثُفْل السمن. والبُرَة وهي حلقة تجعل في أنف البعير أو في لحمة أنفه للزينة أو التذليل تُدْخَل سلكًا ثم يُقْلَد طَرَفاه أي يُفْتَلان ليصير حَلْقة. والقَلْد كذلك. ومن الحوز شيئًا فشيئًا على هيئة ما "المِقْلد - كمنجل: عصا في رأسها اعوجاج يُقْلَد بها الكَلأَ أي يُجعل حِبَالًا أي يفتل (المقصود يُجمع صفًّا مكدّسا ممتدًّا)، والإقليد: شريط يُشَدّ به رأسُ الجُلّة (التي يُجْمَع فيها التمر وغيره)، وخَيْط من الصُفْر يُقْلَد أي يُلْوَى ويُشَدّ على البُرَة، والقَلْد - بالفتح مصدرٌ: لَيّ الحديدة الدقيقة على مِثْلِها، وقَلَدْت الحَبْل فَتَلْته ". ومنه "االمقلاد: الخِزَانة يُجْمَع فيها الشيءُ (يُحَوَّل إليها فتُغْلَق شديدة عليه) والإقليد والمِقليد - بالكسر: المفتاح (المفتاح أداة الإغلاق والحبس جمعًا كما هو أداة الفتح، لكن اسم الإقليد والمقليد منظور فيه إلى الأول). وبعد ما سبق واضحًا ينكشف زيف الزعم بأنه معرب [المعرب للجواليقي 68، 362، ل] وقوله تعالى: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الزمر: 63، الشورى: 12]- فُسِّرت بالمفاتيح. وقال السُدِّىّ: خزائنها [قر 15/ 274] وقد بان وجه كليهما في ما سبق. والتفسير بالخزائن أدقّ كقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ} [الحجر: 21]، {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [المنافقون: 7] ومن الأصل "القِلادة - كرسالة: ما جُعِلَ في العنق يكون للفرس والكلب (بها يُمْسَكُ ويُشَدّ) وللإنسان وللبَدَنة ... التي تُهْدَى تشبيهًا أو

(قلع)

رمزًا إلى مِلْكيّتها لله واحتباسها له - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ} [المائدة: 2 وكذا ما في 67 منها] أي ذوات القلائد. ومن الأصل "قَلَّدَه الخليفةُ عملًا - ض: أَسْنَده إليه " (ناط العمل به وحبسه عليه. و "تقلد الأمر: احتمله. وتقلّد السيفَ: عَلّقه بنِجادٍ على مَنْكِبه ". ومنه كذلك "قَلَّد إمامًا في الدين " (تَعَلّقَ به واتبعه ولزمه وكأن أصلها قلّده أمرَ نفسه). • (قلع): {وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي} [هود: 44] "القُلَاعة - كرخامة: المَدَرَة المُقْتَلَعة أو الحَجَر يُقْتَلَع من الأرض وَيُرْمَى به. والقَلْعَة - بالتحريك وبالفتح: صَخْرة عظيمة (كالمسجد والدار) وسط فضاء سهل أو تَنْقَلع عن الجبل/ صَعْبة المرتقى. ويقال قَلَع الشجرة والشيء (فتح): انْتَزَعه من أصله. وعبارة سيبويه: حَوَّلَه من موضعه ". Qنَزْع الراسخ من أصله بقوة عظيمة برفعه إلى أعلى كتلة متماسكة. كالمَدَر الموصوف والصخْرة التي يُسَمَّى مثلُها في ارتفاعها هكذا - مُعَلّقًا، وكقَلْع الشجرة. ومن معنوى ذلك أو مجازه "قُلِع الوالي: فُصِل - للمفعول فيهما. والقُلْعة من المال: ما لا يدوم - لزواله، والرجل الذي لا يثبت على السرج أو في البطش - يضم ويكسر. والقَلْع - بالفتح والكسر: الكِنْف - بالكسر - يكون فيه زاد الراعي وتواديه ومتاعه (لأنه يَحْوِي أدوات الانتقال والانقلاع) و "قَلِعْ المركب "

(قلم)

من ذلك لتحريكه المركب أي إقلاعه بها. ونَزْع الراسخ قَطْع اتصال. ومنه "أَقْلَع الرجل عن الشيء: كف عنه " (انقطع جملة) {وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي}: أَمْسِكي عن المطر. و "أَقْلَعَتْ عنه الحمَّى "كذلك. • (قلم): {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [القلم: 1, 2] "القلم - محركة: الزَلَم، والسَهْمُ الذي يُجَال بين القوم في القمار، والذي يُكتب به. والقَلَمان: الجَلَمان (= المقص). وكمِنْبر: قَضِيبُ الجمل والتَيْس والثور. قَلَم الظُفْرَ والحافرَ والعودَ: قَطَعهُ بالقَلَمين. وقَلَمْت الشيء: بريته. وكل ما قطعت منه شيئًا بعد شيء فقد قلمته ". Qبَرْيُ طَرَف الشيء المقدم شيئًا بعد شيء باستواء بلا شُعَب. كالزَلَم (= السهم المسوَّي)، ومن جنسه قِدَاح الاستهام والقُرْعة، أو لعل سر تسمية القداح أقلامًا أنها في الأصل قضبان دقيقة من الشجر أو أطراف قضبان. {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 44] وكما يُبْرى قلم الكتابة {وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} ومِقْلَمُ الجَمَل إلخ مشبه به. وبَرْىُ الطَرَف مع التسوية تجريدٌ. ومنه "المُقَلَّمَة - كمعظمة: الأَيّم من النساء (لا زوج لها إذْ في الأَيْمة تجريدٌ لها عن هذه الزيادة) وكذلك "القَلَمَة من الرجال: العُزَّاب جمع قالم بمعنى مفعول). والقُلّام - كتفاح: نبت قيل في تحليته إنه مثل الأُشْنان، وعليه فلعله لوحظ فيه نزْع الوَسَخ من المغسول (انظر قلو). و "الإقليم من الأرض قِسْمٌ منها "سُمِّي لأنه مقلوم مما يتاخمه متميز عنه محدد فهو مساحة من الأرض متضامة متميزة عن غيرها، وهو بمعنى مفعول. ولا معنى لزعم تعريبه.

£° معنى الفصل المعجمي (قل)

° معنى الفصل المعجمي (قل): الرفع بصورة من الصور كما يتمثل ذلك في ارتفاع القُلّة أعلى الجبل والسنام والرأس - في (قلل)، وكما يتمثل في إزالة الراسخ - في (قلى)، فزوال الراسخ مفارقة مقرّ، والتعبير عن الإزالة بالرفع جارٍ (رفع اسمه من القائمة والعامة تقول شاله)، وكما في إخراج المستكن في النفس ورفعه بالصوت لضبطه - في (قول)، وكذلك رفع القُلَة بالقال، وكما في زوال الناس وانقشاعهم إلى مقارهم - في (قيل)، وكما في قلب الشيء أي رفعه وإدارته ليصير ظاهره باطنًا وباطنه ظاهرًا - في (قلب)، وكما في نقل الشيء قليلًا قليلًا ليجتمع في شيء - في (قلد) فهذا النقل إزالة ورفع، وكما في قلع المَدَر ونحوه من الأرض - في (قلع) فإنه رفع، وكما في قشر طرف مقدم القلم والسهم - في (قلم)، فإنه إزالة ورفع أيضًا، كما أن المقدَّم من جنس الأعلى. القاف والميم وما يثلثهما • (قمم - قمقم): "قَمَّ البيتَ والفِناء: كَنَسه. وقُمَامة الجُرْن أى الكُسَاحة. قَمّ ما على المائدة: أكله كلّه فلم يَدَعْ منه شيئًا. القُمْقُم - بالضم: الجَرة/ ما يسخّن فيه الماء من نحاس وغيره، ويكونُ ضيقَ (فتحةِ) الرأس (مرتفعه). والقَمِيم: ما بَقِي من نبات عامٍ أول/ يَبِيسُ البقل. قَمَّ الفَحْلُ الإبلَ: اشتمل عليها وضَرَبها كلَّها. وقِمّة كلَّ شيءٍ: أعلاه ووسطه ". Qانتبارٌ دقيق الرأس من جَمعٍ لمنتشرٍ ظاهريّ إلى حَيّز محدود (¬1) ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر القاف عن تعقد وتجمع في العمق والميم عن تضام ظاهرٍ واستوائه =

كما يحدث في كَنْس الفناء، إذْ تُجْمع الكُنَاسة وترتفع، وكقَمّ الآكل كلّ ما على المائدة إلى بطنه وكالقُمْقُم بارتفاع رأسه. والقميم المذكور شأنه أن يُكْنَس أو يجمع. ونُظر في قَمَّ الفحل النوق إلى أنه شملها جميعًا بالضراب. وقمة الشيء رأسُ ما تجمع متسعًا في أسفله وهذا شأن أكثر ما له قمة. ومن الجمع وحده "المِقَمّة: مِرَمّة الشاة (كلاهما بوزن الآلة) تَلُفّ بها ما أصابت على وجه الأرض وتأكله ". ومن ذلك "القَمْقَام الماء الكثير، قَمْقَام البحر: مُعْظَمه، والقِمّة - بالكسر، والقُمَامة - كرخامة: جَمَاعة القوم. وجاء القوم القِمّة أي جاءوا جميعًا ". ومن الانتبار "قِمَّة النخلة رأسُها، والقِمّة أعلى الرأس، وتَقَمَّم الفحل ¬

_ = والفصل منهما يعبر عن جَمْعٍ منتشرٍ على الظاهر جمعًا مستقصيًا يكوّن تراكمه تسنُّمًا كقَمّ البيت وقِمّة النخلة. وفي (قوم) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب الموسوط بها عن انتصاب الشيء إلى أعلى (كأنما لزيادة التجمع واكتنازه) كالقامة بمعنييها. وفي (قمح) تعبر الحاء عن نفاذ باحتكاك وجفاف يتولد عنه عرض، ويعبر التركيب عن امتلاء بما شأنه أن يجف ويكتَنَز به كالقمح بدقيقة. وفي (قمر) تعبر الراء عن استرسال ويعبر التركيب عن استرسال التجمع ازديادًا أو محاولةً كقمَر السماء وقمْر المقامر. وفي (قمص) تعبر الصاد عن نفاذ بقوة وغلظ أو تجمع مع امتداد، ويعبر التركيب عن انغماس (أي نفاذ) ذلك الغليظ المتجمع في ما يحيط به كما يَدْخل اللابس في القميص وفي (قمط) تعبر الطاء عن ضغط وجمع بغلظ، ويعبر التركيب عن شد أطراف الشيء المنتشرة معا وفي (قمطر) تعبر الراء عن استرسال لذلك المتجمع الغليظ والتركيب يعبر عن الجمع بغلظ كالقمطر يجمع الكتب وغيرها. وفي (قمع) تعبر العين عن التحام مع رقة ويعبر التركيب عن رقيق يحيط حول ذاك المتجمع فيضبطه فلا ينتشر كالقمع وفي (قمل) تعبر اللام عن تعلق واستقلال ويعبر التركيب عما يتعلق ويقُمّ مستقلًا كالقمل.

(قوم)

الناقة: إذا علاها وهي باركة ليضربها. والقِمَّة شَخْص الإنسان ما دام قائمًا ". • (قوم): {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} [البينة: 2, 3] "قامة الإنسان وقوامه - كسحاب، وقَوْمته وقَيْمتَه - بالفتح، فيهما: شَطَاطه ... وحسن طُوله. قام قَوْمًا وقيامًا: خلافُ جلس. وقامت الدابة: وقفت عن المسير. وقام الماء: ثبت متحيرًا لا يجد منفذًا، وجَمُد أيضًا ". Qانتصاب الشيء إلى أعلى ثابتًا. كقامة الإنسان، وقيامه، وثبات الدابّة، والماء في مكانه. وبَيْن ثبات الماء (أي عدم جريانه إذا لم يكن له مصرف) وارتفاعه (إذا كان له رافد يزيده) = تلازم. فمن انتصاب قامة الإنسان وغيره (مع عدم الانتقال) {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا} [آل عمران: 191، ومنه ما في النساء: 103، والفرقان: 64]، {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ} [الكهف: 77]، {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا} [الحشر: 5]. ومن انتصاب القامة هذا أو من الثبوت اللازم له {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا} [البقرة: 20، وكذا 125 فيها، آل عمران: 91، 113، التوبة: 84، يونس: 12، هود: 71, 100، الشعراء: 58، الزمر: 9، 68، النبأ: 38]. ومعاني الصيغ فيها واضحة. ومنه قام يفعل كذا (كأنما انتصب لذلك وجمع نفسه له وأَخَذَ فيه) {لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} [الجن: 19]، {إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الكهف: 14]. ومن الانتصاب يؤخذ معنى النهوض بالشيء و (تفعيله - كما يقال الآن) "قيام السوق: نفاقها بكثرة كميات السلع وأنواعها وكثرة عمليات البيع والشراء

وكثرة الناس والأصوات. فهذا هو قيام السوق وهو تحقق قوامها وهذا نصْب لها أي إقامة). ومنه كل (إقامة الصلاة) ونحوها {أَقِمِ الصَّلَاةَ} [الإسراء: 78] فأداؤها بشروطها في أوقاتها مع الجماعة والمداومة نصْب وإقامة لها. {حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} [المائدة: 68]، فالعمل بما فيهما، وبتعاليم الدين هو إقرار وإثبات لوجودهما، إقامة، كما أن إهمالهما وإهمال تعاليم الدين إهدار وهدم. ومن هذا النهوض والتفعيل {أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: 229، وكذا ما فيها 230، 275، النساء: 127، 135، المائدة: 66، 68، الكهف: 14، 105، سبأ: 46، الرحمن: 9، الحديد: 25، الجمعة: 11، الطلاق: 2، المعارج: 33، الجن: 19، المدثر: 2] {إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران: 75] أي متقاضيا بجِدّ [ينظر بحر 2/ 524]. ومنه "قام بالأمر ": تولاه (كما يقال نهض به) وقِوام العيش - ككتاب: عِمَاده الذي يقوم به، وكذا قِوام كل شيء وقِيامه {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: 5]. والله عز وجل القَيّوم والقَيّام: القائم بتدبير أمر خَلْقه في إنشائهم ورزقهم {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 25]، {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الرعد: 33]، مُتَوَلٍّ أمورها خَلْقًا ورزقًا وحفظًا وحسابًا [ينظر قر 9/ 322] {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34] متكفلون بأمورهن [ل 405/ 15] {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ} [المعارج: 33] والقيّم على الأمر - كسيد: متوليه كقيم الوقف والحمّام ". ومن صور الانتصاب: الاستقامة بمعنى عدم العوج مادّيًّا، وبمعنى الثبات على العهد، أو تعاليم الدين أو موافقتها وعدم الحيود عن جادّتها {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] وهو الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف [قر 148] {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} [التوبة: 7] وكل (استقامة) فهي بأي

من هذه المعاني {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67]- كسحاب أي عدْلًا (لا ميل إلى أي من الطرفين، وقرئ - ككتاب أي كان فيه مِلاك حال وسَداد) {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] أي الملة القيمة المعتدلة {فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} [البينة: 3] مستقيمة ناطقة بالحق. وكذا {قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا} [الكهف: 2] {دِينًا قِيَمًا} [الأنعام: 161] مستقيمًا أو ذا استقامة. {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [التوبة: 36]: القضاء المستقيم، أو الشرع القويم إذ هو دين إبراهيم [بحر 5/ 41] {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4] المراد حسن هيأته وصورته، وتزيينه بالعقل والتمييز والبيان [بحر 8/ 486]. ومن القيام والانتصاب {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ} [البقرة: 85] أي {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 6] من رَقْدَة القبر مِنْ قَامَ، كالزيارة من زار. وزعم تعريبها [ل] في هذا التركيب البالغ الاتساع يكشف عن فراغ كبير في رءوس أصحاب هذه الدعاوى. وكلمة (مقام) هي في الأصل مصدر ميمي أو مكان القيام {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125، وكذا ما في آل عمران: 97] وعُبّر به عن المجالس [الكشاف 3/ 302] وعن الرتبة والحدود التي يشغلها الشيء {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ} [الصافات: 164] أي في العبادة والانتهاء إلى أمر الله تعالى مقصور عليه لا يتجاوزه - تبرءوا مما ما نَسَب إليهم الكفرة، فأخبروا عن حال عبوديتهم [بحر 7/ 362 - 363] {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي} [إبراهيم: 14] مقام يحتمل المصدر والمكان. المصدر بمعنى: قيامي عليه بالحفاظ لأعماله ومراقبتي

(قمح)

إياه - كقوله تعالى {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الرعد: 33] والمكان مكان وقوفه بين يدي للحساب. وكذا في {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46] [ينظر بحر 8/ 195] {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] يقيمك مقامًا أو يبعثك في مقام أو ذا مقام. وهو مقامه - صلى الله عليه وسلم - في الشفاعة العظمى العامة أو شفاعته لمذنبي أمته لإخراجهم من النار، أو كل مقام يحمد [ينظر بحر 6/ 70] {يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي} [يونس: 71] أي عظم عليكم طول مقامي فيكم أو قيامي للوعظ [نفسه 5/ 176]. أما (المقام) بضم الميم فمعناه الإقامة بالمكان. وسياقاته واضحة. والقوم في الأصل جماعة الناس عامة (كأنها اسم جمع قائم)، وهم مظاهِرون (مُقَوُّون) لمن هو منهم. ثم خُصصت بعد فيما أرى بالرجال، باعتبار أنهم كانوا هم الذين يُعْتَدّ بهم في الحروب وما إليها، ولأنهم القادة والذادة أي القائمون بالأمر {لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ} [الحجرات: 11]. ويُلتفت إلى أن سيدنا موسى قال {يَاقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي} في حين أن سيدنا عيسى قال {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ} [الصف: 6] ولم يقل يا قومي إذ لم يكن له أب منهم. أما "القِيمةُ - بالكسر: ثمنُ الشيء "فهي من الأصل كأنها ما يقاوِم أو يقوّم الشيء في النفس أي مقداره وحجمه الشامل لارتفاعه. • (قمح): {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ} [يس: 8] "القَمْحُ: البُرّ حين يَجْري الدقيق في السنبل. وقيل من لَدُن الإنضاج إلى

الاكتناز. وقد أقمح السنبل. والقَمِيحة الجَوارش: السَفُوف من السويق وغيره. والقُمْحَة - بالضم: الذَريرة، وما ملأ فاك من الماء. قَمَحَ السويق والشيءَ (كشَرِب) وكذلك اقتمحه: سَفَّه/ أَخذه في راحته فلحِسَه. وشَرِب فانقمح وتقمَّح: إذا رَفَع رأسه وترك الشُرْبَ رِيًّا ". Qاكتناز الشيء بما يضم في باطنه حتى يرتفع امتلاء. كضَمّ السنبل الدقيقَ فَيَصْلُب وَيَنْتَصب، وكضَمّ الفم السَفُوف والسويق (برفع الفم غالبًا) وكما في التقمح الموصوف. ومن الارتفاع وحده "قَمَحَ البعيرُ قموحًا: رَفَع رأسه عند الحوض وامتنع من شرب الماء من داء يكون به أو بَرْدٍ. والمُقامح أيضًا والمُقامح من الإبل: الذي اشتد عطشه حتى فتر لذلك فتورًا شديدًا ". فهذا من الثقل اللازم للأصل. الأصل كون هذا القموح بسبب الرِيّ لكنه عُمِّم بإسقاط هذا القيد. والإقماح رَفْعُ الرأس وغَضُّ البصر يقال "أقمحه الغُلّ (الذي يوضع في الرقبة): إذا تَرَك رأسَه مرفوعًا من ضِيقه (فيدفع الذقن) {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ} رافعو رءوسهم لا يستطيعون الإطراق لأن مَنْ غُلَّت يدُه إلى ذَقَنه ارتفع رأسه. وقد أراهم سيدنا علي كرم الله وجهه الإقماح فجعل يديه تحت لحيته وألصقهما ورفع رأسه [قر 15/ 8] ويلاحَظ مع الشبه السابق أن هناك أيضًا تجمعًا وجمودًا وغلظة في وضع العنق والرأس هكذا كأنهما تجمدا. ومن إسقاط قيد التقمح أو الاجتزاء بالصورة "تقمَّح الشرابَ: كرِهه لإكثار منه أو عيافةٍ له أو لمرض. والقامح: الكاره للماء لأية علة كانَتْ. ويسمى شهرا كانون (ديسمبر ويناير) شَهْرَي قُماح (كغراب وكتاب) لبرد الماء وامتناع

(قمر)

الإبل عن شربه " [ل] أو لجمود الماء فيهما - كما لعل جُمَاديين سميا كذلك له. وأما "أَكَلَتْ الإبلُ النوى فأخذها قُماح "الذي فسّره الأزهري بأنه "سُلاح يُذْهِب طِرْقها ورِسْلها ونَسْلها "فأرجح أن هذا تعبير عما ذُكِر قَبْلًا من الداء. وقد ذكر الزَبيدي أَخْذ القماح الإبل هذا دون أن يذكر هذا التفسير الذي جاء به الأزهري. • (قمر): {وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} [الفرقان: 61] "القمر الذي في السماء يسمى كذلك في الليلة الثالثة إلى الخامسة والعشرين. قَمَر المقامرُ صاحبه (ضرب): غَلَبه في القمار، وقَمَروا الطير: عَشَّوْها بالليل بالنار ليصيدوها. وتقمَّر الأسدُ: خرج يطلب الصيد في القَمْراء. وتَقَمَّرها فلان عِشاءً: تزوجها وذهب بها ". Qتزايد أو استرسال في الضم والتجمع. كجِرم القمر يتزايد ليلةً فَلْيلة حتى الخامسة عشرة، ثم لعلهم حملوا سائره على أوّله، وكأخذ المُقَامر من صاحبه، وأخذ الصيد والزوجة. ومنه كذلك "قَمِرَت القِرْبة (فرح): دخل الماء بين الأَدَمة والبَشَرة فأصابها فضاءٌ وفَسَاد (يتسرب إليه الماء في خفاء فيضمه) وقَمِرَت الإبل (فرح): رَوِيَتْ من الماء (امتلأت). وقَمِر الماء والكلأ وغيره (كذلك): كثُر فهو قَمِر. وأقْمَرَت الإبلُ: وَقَعَت في كَلأٍ كثير ". ومن القمَر الكوكب أُخِذَتْ "القُمْرة - بالضم: بَيَاض فيه كُدْرة. سَحَاب أَقْمر وأَتَانٌ قَمْراء. وقَمِر (تعب): أَرِق في القمر، وقَمِرَ الرجل (تعب): حار بَصَره في الثلج فلم يُبْصر " (إصابة أو مطاوعة مثل: بَحِر، غَزِل، ذَهِبَ).

(قمص)

• (قمص): {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا} [يوسف: 93] "القميص الذي يُلْبَس مَعْروف. وإنه لَيَتَقَمَّصُ في أنهار الجنة: يتقلب فيها وينغمس ". Qالانشيام في شيء أي الدخول فيه - بشمول: كما يُفْعَل بالقميص، وكالانغماس والتقلب في الأنهار: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا}. ومنه "قَمَص الفرس وغيره (ضرب ونصر - قاصر، وقُماصًا - مثلثة القاف) وهو أن يرفع يديه ويطرحهما معًا ويعجن برجليه " (ذلك أنه في هذه الحالة يخفض رأسه كفعل الذي يغطس في نحو الماء. وقد عرفنا أن الأرض والمكان ظرف، وأن الانخفاض دخول في هذا الظرف، فلهذا عُبِّر عن فعل الحمار ذاك بالقُمَاص. ومنه كذلك: "القَمَص - محركة: الجرادُ أولَ ما يخرج من بيضه، وذبابٌ صِغار يطيرُ فوق الماء " (من الانغمار في الرمل - إذ يكون بيض الجراد فيه، ومقاربة الانغمار في الماء بملازمته). • (قمط): "القَمْطُ: شدٌّ كشدّ الصبي في المهد وفي غير المهد إذا ضُمَّ أعضاؤه إلى جسده، ثم لُفَّ عليه القِماط. وهو الخرقة العريضة التي تلفها على الصبيّ إذا قُمِط، ولا يكلون القَمْط إلا شدّ اليدين والرجلين معًا. قمطه (نصر وضرب) وقَمّطه: شدّ يديه ورجليه. القِماط: حَبْل يُشَدّ به قوائم الشاة عند الذبح. قُمِطَ الأسير: إذا جُمع بين يديه ورجليه بحبل. قُمُط الخُصّ (وهو البيت من القصب): شُرُطه الذي

(قمطر)

يوثق بها ويشدّ بها من ليف كانت أو من خوص ". Qضَمُّ أطراف الشيء المنتشرة (إليه) بشدٍّ وإيثاق قوي - كما يَضُم القِماطُ أطرافَ الصبي مع بدنه، وكما يشدّ قوائم الشاة، ويَدَي الأسير مع قدميه، وكقمط قصب (بوص) الخُوص بشُرُط عريضة. ومن صور الضم بإيثاق الضم بلا رضا كما في "القُمّاط اللصوص، والقَمّاط: اللصّ. والقَمْط: الأخذ "وضم أطراف الشيء إليه شمول له يؤخذ منه معنى تمام الشيء بحيث لا يبتعد عنه بعضه فيكون ناقصًا "مرّ بنا حول قميطٌ أي تامّ، شهر قميط أي تام كامل ". • (قمطر): {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا} [الإنسان: 10] "القِمَطْر كسِبَحْل، وبتاء: شِبْهُ سَفَطٍ يُسَفّ من قَصَب، وما تُصَان فيه الكتب. والمُقْمَطِرّ - كمدْلهِمّ: المجْتَمِع. قَمْطَر القِرْبةَ: شَدَّها بالوكاء، ومَلأَها. واقْمَطَرَّت عليه الحجارةُ: تراكمَتْ، والشيءُ: تزاحم، والعقربُ: عطفت ذنبها وجَمَعَتْ نَفْسها ". Qتجمع الشيء في وعاء أو حيّز على غِلَظ وكَثَافة. كتجمع تلك الأشياء الغليظة في تلك الأوعية، وكملْء القربة وشدّها، وكتراكُم الحجارة، وتجمُّع العقرب، وغلظُها أذاها. ومنه "القِمَطْر والقِمَطْرَي: الغليظُ الضخمُ يوصفُ به الجمَل والرَجُلُ والمرأة " {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا} شديدًا عَصِبيًا (من كثرة ما فيه وثقله) وقال أبو عبيدة "رجل قَمْطَرير:

(قمع)

متقبضُ ما بين العينين (أي عبوس مما يجد من شدة فوصف به اليوم كما وصف بالعبوس) [قر 19/ 136]. • (قمع): {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} [الحج: 21] "القِمْع - بالكسر وكعنب: ما يوضع في فم السقاء والزقّ والوَطْب ثم يُصَبُّ فيه الماء والشراب أو اللبن. وكعِنَب: الذي على رأس التمرة والبُسْرة. والقَمِع - كتَعِب: الأَرْمَصُ الذي لا تراه إلا مبتل العين، وبالتحريك: داءٌ وغلظ في إحدى ركبتي الفرس. والقَمَع - محركة: مثلُ العجاجة تثور في السماء ". Qضَبْطٌ في حيز ومنعٌ عن الانتشار منه. كما يُفْعل بِقمَع الماء واللبن. وقِمَعُ البُسْرة هو غطاء رأسها لا تتمدَّد من ناحيته. والرَمَص يمنع انتشار الرؤية، وكذلك العجاجة، وقَمَع الركبة يمنع أو يعوق السير. ومنه "القَمَعة - بالتحريك: ذُبابٌ أزرقُ عظيم يدخل في أنوف الدواب " (فيمنع استقامتها في السير أو طواعيتها لراكبها). ومنه "قَمَع الرجلُ (قاصر) في بيته، وانْقَمَع: دخله مستخفيًا. وقَمَعْته (فتح): قهرته وأذللته كأنما أدخلته في قِمْعه، ومثله ما قالته أعرابية "القَمْع أن تقمع آخر بالكلام حتى تتصاغر إليه نفسه {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا} [الحج: 21] المِقْمَع - كمنجل وبتاء: آلة من حديد كالمِحْجَن يضرب بها الرأس " (لرد الشخص وقَمْعه). وكل ذلك من منع الانتشار).

(قمل)

أما "القُمْعَة - بالضم ويحرك ويفتح: خيارُ المال أو الإبل خاصة ". فهو من الأصل كأنه الشيء المصون أو المغلَّف لا يباع ولا يفرط صاحبه فيه. • (قمل): {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ} [الأعراف: 133] "القَمْل - بالفتح معروف. وكسُكّر: شيءٌ يشبه الحَلَم يَقَع في سُنْبل الزرع يمتص الحب إذا رقع فيه الدقيق وهو رَطْب، فتذهب قُوَّتُه وخيره " [ل]. Qشيء ممتص يَعْلَق. كذلك القَمْل والقُمَّل {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ} ومنه "أَقْمَل الرِمْثُ: تَفَطَّر بالنبات بدا وَرَقُه صغارًا (أجرام صغيرة تنمو عالقة) وكذا العَرْفَج (ورده في [ل] إلى الشبه بالقمل) (والرِمْث: مرعى للإبل من الحَمْض. والعَرْفج: شجر سُهْلِيّ. [ق]. ومن علوق ما امتُصّ "قَمِلَ بطنُه (تعب): عَظُم، والرجلُ: سَمِنَ بعد هُزال. والقومُ: كثروا ". ° معنى الفصل المعجمي (قم): تجمع الشيء أو تضامه في كتلة قوية مع تسنم أو ارتفاع كما يتمثل في قمة الجبل وغيره - في (قمم)، وكما يتمثل في قامة الإنسان والقيام خلاف الجلوس - في (قوم)، وفي القمح البرحين يكتنز بالدقيق - في (قمح)، وفي تجمع جِرم القمر وتزايده ليلة بعد أخرى - في (قمر)، وفي البدن الذي ينشام ويجتمع في داخل كيس القميص - في (قمص)، وفي تجمع بدن الطفل بالقماط - في (قمط)، وتجمع الكتب في القمطر - في (قمطر)، وفي القمع الذى يجمع مادة السائل ونحوه بأن يحيطَ بها في أعلى الوعاء حتى تُوعَى - في (قمع)، وفي تلك الحشرة التي تمتص الدم ولبن الدقيق فتجمعه في بطنها - في (قمل).

القاف والنون وما يثلثهما

القاف والنون وما يثلثهما • (قنن - قنقن): "العبد القِنّ - بالكسر: الذي مُلِكَ هو وأَبَواه من قَبْلُ لمواليه. والقِنّة - بالكسر: القوة من قُوَى الحبل. والقُناقن - كتماضر: البصيرُ بالماء تحت الأرض ". Qالاحتباس في حَوزةٍ أو باطن بعمق وامتداد (¬1) كالعبد القِنّ دائم الارتباط وقويّه في حوزة مالكه، والقوة من قوى الحبل تمتد في باطنه إذ يلتوي عليها، والبصير بالماء تحت الأرض عنده قوة تنفذ إلى الباطن فترى ما احتبس فيه من ماء دائم. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر القاف عن تعقد واشتداد في الجوف، والنون عن امتداد جوفي لطيف، والفصل منهما يعبر عن امتداد بقاء الشيء في الحوزة أو الجوف كالعبد القن. وفي (قنو - قنى) يضاف معنى الاشتمال والاتصال، فيعبر (قنو) عن الاشتمال على تجوف ممتد كالقناة أو على شيء ممتد من الجوف كالقِنْو، وتعبر (قنى) عن امتداد فيه كالقنية. وفي (يقن) تسبق الياء بالتعبير عن الاتصال والامتداد، ويعبر التركيب عن رسوخ (امتداد) شيء لطيف في العمق كما في اليقين. وفي (قنت) تعبر التاء عن ضغط بحدة أو دقة قد يؤدي إلى الالتصاق، ويعبر التركيب عن احتباس رخو في الجوف يجعل الشيء لينًا طيعًا كما في السقاء القنيت. وفي (قنط) تعبر الطاء عن تجمع بكثافة وغلظ وضغط، ويعبر التركيب عن امتلاء الجوف بغلظ شديد يمثل معنى القنوط لا مكان فيه للين الرجاء. وفي (قنطر) تعبر الراء عن الاسترسال ويعبر التركيب عن العبور فوق ذلك الغليظ الصلب. وفي (قنع) تعبر العين عن التحام برقة، ويعبر التركيب المختوم بها عن الاشتمال على الرقة من أعلى - كالقِناع للمراة وقَنْع الإداوة وإقناع الإناء.

(قنو - قنى)

• (قنو - قنى): {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} [النجم: 48] "القناة: كَظِيمة تُحفَر تَحْت الأرض/ آبارٌ تُحْفَر متباعدةً يُخْرَق ما بينها فتجتمع مياهها جاريةً ثم تَخْرُج عند منتهاها فتسيحُ على وجه الأرض ". والقِنْو - بالكسر وكرِبًا وفَتًى: الكِباسة/ العِذْق بما فيه من الرُطَب. وله غنم قِنْوة وقِنْية - بالكسر والضم فيهما: ثابتةٌ له خالصةٌ عليه مُتَّخَذَة للحلب والولَد. والقَنِيّ - كغني وبتاء: ما اقْتُنِىَ من شَاةٍ أو ناقةٍ للدَّرّ والولد - لا للتجارة. ومنه - قَنَيْتُ العَنْزَ وقَنَوْتُها: اتّخذتُها للحَلَب. واقتنى الشيءَ: اتخذه لنفسه لا للبيع ". Qامتساك الشيء في باطن أو حوزة بتجمع وامتداد حِسّيّ أو زَمَني: كالماء في القناة. وعِذْقُ النخلة يمتد إلى أسفل ويَعْلَق التمرَ، أي يمسكه، أي يحوزه. {وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ} [الأنعام: 99]، هي العذوق [ينظر قر 7/ 48]. والاقتناء أخذ في الحوزة دائم. {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} أعطاه ما يدخره بعد الكفاية/ ما يقتنيه [قر 7/ 48]. ومنه "قَنَيْت حيائي: لَزِمتُه وأَمسكتُه ". والقناة: القصبة فيها شَبه واضح بقناة الماء، وأطلقت على ما كان من الرماح أجوف كالقَصَبة، وعُمِّمَتْ في الرماح. ومن الأصل: "الأَقْنَى من الأنوف: الذي في أعلاه ارتفاعٌ بين القصبة والمارن " (فالأنف مجوّف كالقناة والانحناء يُشعر بطوله). ومن الأصل: المخالطة الدائمة؛ إذ هي تلازم وتداخل بين شيئين (كأنهما في حيز واحد): "قانيتُ الشيءَ: خَلَطْته. والمقاناة في النَسْج: خيط أبيض وخيط أسود، وخَلْط الصوف بالوبر وبالشعر من الغزْل يؤلَّفُ بين ذلك ثم يُبْرَم "

(يقن)

(يدخل كلٌّ في أثناء آخر ويلزمه). ومن مجازه: "قانى لك عيش ناعم: دام ". ومن مادي الأصل: "غَلَّفَ لحيتَه بالحِنَّاء والكَتَم حَتَّى قَنَا لونُها: أي احمرّ، وهو أحمرُ قانٍ (وذلك من دوام اللون وثباته أي من رسوخه وتغلغله). • (يقن): {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام: 75] [جاء في ل وهو عن تهذيب اللغة (يقن) الموقونة: الجارية المصونة المخدّرة "وفي [بحر 1/ 166] "يقال يقن الماء: سكن وظهر ما تحته "]. Qثبوت الشيء واستقراره في حيزه محفوظًا - كالجارية المصونة في خدرها وكالماء الساكن في مقرّه. ومنه اليقين من العلم. جاء في المصباح "يَقِنَ الأمرُ [تعب]: ثبت ووضح "، وعبارة الفروق لأبي هلال: "اليقين هو سكون النفْس وثَلَجُ الصدر بما عُلِم "، وعبارة [ل] "اليقينُ: العِلْمُ وإزاحةُ الشكّ وتحقيقُ الأمر. يَقنت الأمر وأيقنته وأيقنت به ". ويؤكد ما ذكرنا أن تركيبي (قنن)، و (قنو) يعبران عن ثبات شيء في الباطن، فاليقين هو رسوخ (العلم) صُلبًا قويًّا في القلب أو أعماق النفس. {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} [الجاثية: 32]، {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14]، {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ} [الرعد: 2]. وكل ما ذكر في القرآن من التركيب فهو من اليقين الذي ذكرنا معناه. {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ

(قنت)

بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: 157] أي ما قتلوه قتلًا تيقنوه، بل إنما حكموا تخمينًا ووهمًا " [المفردات للراغب (يقن)]. • (قنت): {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 120] "سِقَاء قنيت: مِسّيك - هذه كسكير [ق]، قَنَتَتْ المرأةُ لبعلها: أقرّت والاقتنات: الانقياد ". Qاحتواء باطن الشيء على رخاوة متمكنة فيه لا تفارقه - كحال السقاء الذي لا يتسرب منه الماء، وبذا يظل رِخوًا، والانقياد يكون من لين الباطن وعدم جساوته. ومنه "القُنوت: الخشوع والإقرار بالعبودية والقيام بالطاعة التي ليس معها معصية. ورخاوة الباطن نوع من الضعف يتأتى منه كل ما فسروا به القنوت من خضوع، وطاعة، وسكوت حين الصلاة، ودعاء، وعبادة، وطول قيام للصلاة. {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} [البقرة: 116]: مطيعون وخاضعون كل قائم بالشهادة أنه عبدُه. والجمادات قنوتها في ظهور الصنعة عليها وفيها. [وانظر قر - 2/ 86] {قُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]: أي على غاية العبودية وكمالها بما يبرهن ذلك [وانظر قر 3/ 213 - 214] {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} [الأحزاب: 31]. يُطعْ ويخضعْ بالعبودية لله، وبالموافقة لرسوله - صلى الله عليه وسلم -[بحر 7/ 221] أقول وهذه كلها من خضوع القلب لله عز وجل. وكل ما في القرآن من التركيب فهو من معنى القنوت الذي ذكرناه.

(قنطر)

• (قنط): {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] (جاء تصرف التركيب كله في القنوط بمعنى اليأس إلا ما في [ق]. "والقَنْط - بالفتح: المنع ". ومنه أخذ المُنْجِد "قَنَطَه: منعه "). Qاحتواء (النفس) في باطنها على غلظ لاصق شديد لا منفذ فيه. فكذلك نفس المانع والقانط مليئة بالغلظ (ومن جنس الغلظ الجفاف) لا ترق ولا ينفذ فيها رجاء أو أمل {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} [الشورى: 28]. وكل (قنوط) في القرآن فهو بالمعنى الذي ذكرناه. • (قنطر): {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ} [آل عمران: 14] "القَنْطرة: الجِسْر/ أزَجٌ يُبْنَى بالآجُرّ أو بالحجارة على الماء يُعبَر عليه ". Qتخط بتوال أي مرة بعد أخرى: كما يُعْبَر بالقنطرة النهرُ ونحوه. ومنه: "قنطر الرجل: ترك البدو وأقام بالأمصار والقرى " (تخطى حياة البادية هَجْرًا). ولملحظ العبور بغلظ قالوا: "القِنْطِر كزِبْرِج وكقِنْديل: الداهية " (تقع بمن تنزل به - بغلظها تتخطى إليه من غيابة المجهول). أما "القِنْطر - كزِبْرِج: الدُّبْسِيّ من الطير وهو الذي يجمع لونه بين السواد والحمرة ". فلعله سمي كذلك لهجرته - كما تهاجر بعض الطيور. أو لتغير لونه عن هذا إلى ذلك.

(قنع)

وأخيرًا فإن (القنطار) - وهو وجمعه ما ورد في القرآن من التركيب - هو معيار من العين اختلفوا في تحديده بين أربعين، وألف ومائتي (40 - 1200) أوقية من ذهب وبغير ذلك على أكثر من عشرة أقوال، منها أنه جملة كثيرة مجهولة من المال، وأنه قدر مِلء مَسْك ثور ذهبًا. وهذان أولى الأقوال لأنهما على سنة نشوء الأعداد في عدم تحديد دلالتها بادئ ذي بدء. ثم إن الأخير أولاهما إذ كانت المُسوك أوعيتَهم (ومنها البَدْرة - بالفتح: كيس من جلد السخلة فيه ألف أو عشرة آلاف دينار) وكان لا بد من مِقْياس أو مِكْيال فإذا أرادوا أوسع ما يقدّرون به العَين فلا يكون إلا وعاءً جلديًا كبيرًا كمَسْك الثور ويكون انطباق الأصل عليه أنه كمية ضخمة تتخطى المقادير المعروفة عندهم. وهكذا تتأتى عروبة اللفظة بوجود كثير من المعاني والاستعمالات العربية لها، وبعدم شذوذ مبناها. لكن ذكر السيوطي في المتوكلي أنها معرّبة وعلق عبد الرحيم عليها في [معرب الجواليقي 516] بأنها سريانية فن أصل يوناني أصله لاتيني. وأقول إن وجودها في السريانية يعني - على الأقل - قِدَمها في البيئة العربية. والأكّادية - وهي الصورة القُدْمى لعربيتنا؛ وفيها كثير من مفردات عربيتنا وخصائصها - ترجع إلى الألف الرابع قبل الميلاد (¬1). وهنا يتاح افتراض أن اليونانية اقتبست منها كل ما ينسب إليها من عربية القرآن الكريم. • (قنع): {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36] ¬

_ (¬1) ينظر المعجم الأكدي - المجمع العلمي العراقي 1/ 11.

"المِقْنَع والمِقْنَعَة - بالكسر: ثوب تغطي به المرأة رأسَها ومحاسنها. والقناع ككتاب: أوسعُ منه. ورجل مُقَنَّع كمُعَظَّم: عليه بَيْضَة ومِغْفر. والقنع - بالكسر: خَفْضٌ من الأرض له حواجب يَحْتَقِنُ فيه الماء ويُعْشِب. والقِنْع - بالكسر وككتاب: الطَبَق من عُسُب النخل يُجْعل فيه الفاكهة والطعام. والقُنعة - بالضم: الكُوّة في الحائط. ويقال قَنَع الإداوة (منع): خَنَثَ رأسها - أي كسره إلى خارج فشرب منه [ق]: وأقنعتُ الإناء في النهر: استقبلتَ به جِرْيَتَه ليَمْتَلئ. والرجل يُقْنِع الإناء للماء الذي يسيل من شِعْب. وأقنع حَلقَه وفَمَه: رَفَعه لاستيفاء ما يَشرَبه من ماء أو لَبَن أو غيرهما. وفَمٌ مُقْنَع - كمكرم: أسنانه معطوفه إلى داخل ". Qالاشتمال أو الاحتواء من أعلى بلطف أو رقة: كما يُغطّى القِناعُ الرأسَ يشتمل عليها، وكما يستوعب القِنْعُ الماءَ المنحدر إليه، والقِنعُ الذي من العُسُب ما يُجْنَى فيه من فاكهة. وكذلك استقبال الماء من أعلى من القِرْبة والنهر وغيرها، وكما تتجه الأسنان وهي في أعلى إلى الداخل كأنما ضغطت إلى الداخل تهيئة للاستقبال. والكُوّة في أعلى الجدار يُسْتَقْبَل منها الشمسُ والهواء، ويُنْظَر منها وهي أيضًا تشتمل كل الناظر وتحجبه. ومنه: "قَنَع (كمنع): سأل مُسْتَعطيًا (فهذا استمداد من أعلى) {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}. و "قَنِعَتْ الإبل والغنم (كسمع): مالت لمأواها ورجعت له ". (فاحتواها منحدرة إليه). ومن ذلك أيضًا "قنع كسمع قناعة: رَضِيَ (سكن كأنما دخله ما ملأه رضا بالشيء) والجامع بين هذا والسائل أن الصيغة المكسورة العين (الوسط) تعبر عن مطاوعة كالمفعولية فكأن المعنى استَعْطَى فأُعْطِى فَرَضِيَ.

£° معنى الفصل المعجمي (قن)

ومن الأصل المادي: "أقنع الرجل الصبي فقبله: وضع يدًا على فأس قفاه وأخرى تحت ذقنه وأماله إليه فقبله (تأمل الإحاطة باليدين على الرأس وقَمْحَه) وكذلك "أقنع بيديه في القنوت: مدّهما بطونهما إلى وجهه ليدعو. وأقنع رأسَه وعُنُقَه: رَفَعه وشخص ببصره نحو الشيء لا يصرف عنه. قال تعالى: {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} [إبراهيم: 43] والشاة المُقْنِعة كمحسنة: المرتفعة الضَرْع ليس فيها تصوُّب " (يلحظ أن الضرع في أعلى بطنها). ° معنى الفصل المعجمي (قن): هو النفاذ في الباطن أو الأخذ إليه بعمق أو امتداد - كوجود العبد القِنّ هو وأبويه من قَبْله في حوزة مواليه أي زمنًا طويلًا وكذا القوة من قُوَى الحبل تكون في حِضن الأخرى بامتداد الحبل - في (قنن)، وكالقناة الممتدة في باطن الأرض يجري فيها الماء، والاقتناء في الحوزة - في (قنو/ قنى)، وكاستقرار العلم ورسوخه في القلب - في (يقن)، وكضبط السقاء الماءَ في جوفه - في (قنت)، وكامتلاء النفس بالجفاف - في (قنط) وكما في نفاذ القنطرة النهر أي اختراقها إياه من شاطئ لشاطئ في (قنطر)، وكما في كون الشيء مشتمَلًا عليه من أعلى في (قنع). القاف والهاء وما يثلثهما • (قهه - قهقه): "قَرَبٌ قهقاه - بالفتح: جادّ ". Qإخراج الشيء أقصى ما يختزن من قوة (¬1) كما في القَرَب ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر القاف عن تجمع وتعقد، والهاء عن إفراغ، والفصل منهما يعبر عن إفراغ أقصى ما في الجوف من شدة أي اخراجه كما في القَرَب الجادّ وفي (قهر) تعبر الراء عن =

(قهر)

(بالتحريك = السَوْق الشديد). فإذا وُصِفَ بأنه جادّ فلا يتحقق إلا بإخراج الدابة فيه أقصى مذخور قوتها. أما "قهقه: رَجَّع في ضَحِكه - كقَهّ ". فالأشبه أن اللفظ حكائي أي هو حكاية صوت الضحك. • (قهر): {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [ص: 65] "قُهِرَ اللحمُ - للمفعول: أَخَذَتْه النارُ وسالَ ماؤه ". Qإذابة قِوَام غضاضة الشيء ومرونته أو إذهابه بالتعريض لأقصى الحِدّة: كإسالة ماء اللحم بالتعريض للنار على ما وُصِفَ. ومنه "فَخِذٌ قَهِرَة - كفرحة: قليلة اللحم " (ذهب ماؤها وشحمها). ومن هذا "قهَره: غلبه وأخذَهُ من فَوْقُ " (سلّط عليه قُوَّته فلم يكن عنده فُسْحَة الاختيار أو هوادته فهو ينصاع راغمًا) {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} [الضحى: 9] لا تحتقره، لا تستذله ... [بحر 8/ 482] فاحتقاره سَحْق لعزته ولنفسه يعصف بكيانه {قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [الأعراف: 127] (هذه حكاية لقول فرعون، مضيفًا إلى ما كان يفعل بهم أنه متمكن منهم، وهم موضع قهره واحتقاره فهم أقل من أن يهتم بهم. قال هذا لئلا تصدّق العامة أن موسى هو المولود الذي تحدث المنجمون والكهنة بذهاب ملك فرعون على يده ¬

_ = استرسال ويعبر التركيب عن استرسال الإفراغ متمثلًا في إذهاب قوام الغضاضة (والحيوية) من الأثناء بالتعريض لأقصى الحدة كما في قولهم قُهِر اللحم (للمفعول): أخذته النار وسال ماؤه.

£° معنى الفصل المعجمي (قه)

فيخذلوه [ينظر بحر 4/ 367]. والله القاهر والقهّار يقهر خلقه بسلطانه وقدرته على ما أراد راضين أو كارهين. {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: 16]، {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18]. ° معنى الفصل المعجمي (قه): إخراج ما في الباطن من قوة مذخورة كما في القَرَب (السوق الشديد) القهقاه أي الجادّ حيث يُبْذَل أقصى الوسع والطاقة - في (قهه)، وكما في تعريض اللحم للنار حتى يسيل ماؤه في (قهر).

باب الكاف

باب الكاف التراكيب الكافية • (كأكأ): "تَكَأْكَأَ القومُ: ازدحموا. المُتَكَأْكِئ: القصير: تَكَأْكَأَ الرجلُ في كلامه: عَيَّ فلم يقدر على أن يتكلّم. الكأكاء: عَدْو اللصّ ". Qضَغْط شديد يَجعل الشيءَ يتراجع عن الانتشار ويرتد أو يتداخل بعضُه في بعض (¬1) كحالة ازدحام الناس بتداخل بعضهم في بعض. وكذلك القصير يتداخل بَدَنُه بعضُه في بعض؛ فلا يَنبسِط، والعاجز عن الكلام كأنما لسانُه مضغوطٌ أو مُمتسِكٌ في فمه. وعَدْو اللِصّ تراجعٌ أو فِرار شديد حادّ أي بضغط. ومن هذا "الكَأْكَأَة: النُّكوص، وقد تَكَأْكَأَ إذا انقَدَعَ "ومنه كذلك "الكَأْكاء: الجُبْن الهالِع ". ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الكاف عن ضغط حادٍّ أو دقيق وغُئور، والهمزة عن تقوية ذلك، فيعبر تركيب كأكأ عن تداخل الشيء، أو الأشياء، بعضِها في بعض غئورًا، كحالة الازدحام وبدن القصير. وفي (كوى) تضيف الواو معنى الاشتمال، الياء معنى الامتداد مع تماسكه، ويعبر التركيب عن غئور محدود بسبب نفاذ حاد فيصير الغئور مشتملًا عليه، وفي (وكأ) تبدأ الواو بمعنى الاشتمال، وتعبّر الكاف عن الضغط الغئوري والهمزة توكّده، ويعبر التركيب عن نوع من شد الشيء وإمساكه (اشتمال) كالتوكُّؤ والاتكاء.

(كوو - كوى)

• (كوو - كوى) (كى): {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ} [التوبة: 35] "الكَيّ: إحراق الجِلْد بحديدة أو نحوها. كَوَى البَيْطارُ الدابةَ بالمكواة. وكَوَتْه العقربُ: لَدَغَتْه ". Qغئورٌ في ظاهرِ (بدنِ الحَيّ) بحارق يَبْقَى منه أثر لازم كالكَيَّة واللَدْغة. ونفاذ السم واضح، وفي الكَيّ احتراقُ الجِلْد ونحوِه حَرْقًا لازمًا لا يزول {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ} [التوبة: 35]. ومن معنويَّه: "كواه بعينه: إذا أَحَدّ إليه النَظَرَ ". ومن لزوم أثر الكيّ يتأتى معنى التعليل بـ (كى) لأن صورة التعليل هي التلازم (كلما وجدت العلة وجد المعلول) {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ} [القصص: 13] {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً} [الحشر: 7] {لِكَيْلَا تَأْسَوْا} [الحديد: 23]. "ومن المادّيّ "الكَوّ والكَوّة: الخَرق في الحائط والثَقب في البيت ونحوه "فهو غئور في الجدار - وكأن (كوى) للغئور في بدن الحي، و (كوو) للغئور في الجماد. • (وكأ): {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ} [يس: 56] "الوِكاء - كسِراد: ما يُشَدّ به الكِيسُ وغيره ". Qشدٌّ أو ضغط يمنع التسيب. كما يُمسَك الشيء (مانعًا

أو حبًّا) في الكيس بشدّ فم الكيس؛ فلا يَخرج منه. ومنه "الاتّكاء في القعود: الميل معتمدًا على تُكَأة، أو على أحد شِقَّيه ". وهذا الوضع فيه استقرارٌ (امتساك) ولُطْفٍ (راحة وهي من الاستقرار). والتحديد بغير ذلك كالذي ورد في [ل] "كل من استوى قاعدًا على وِطاء متمكّنًا "- مبنيّ على رَدّ الاتّكاء إلى شدّ فتحة الشرج بتمكن الجلوس - كما يُشدّ السِقاء بالوِكاء. وهذا تأصيل غير سليم حاولوا أن يُطبقوه في حديث النهى عن الأكل مُتَّكئًا. والله يغفر لنا ولهم. فهناك "التُّكَأة كهُمَزة: ما يُتَّكَأ عليه: (وتأويل صيغته أنه يَدْعَم ويُسنِد كثيرا)، والجالس المتمكِّن - كما قالوا - لا يحتاج تُكَأة. ثم ما قولهم في ما تكرر في الحديث: "وكان مُتَّكئًا فَجَلَسَ "؟ فالاتكاء هنا ميل على أحد الشقين ولا بد، والجلوس اعتدال في القعود. وقد جاء في [ل] "والعامة (يعني الجمهور أو العرب) لا تعرف المتكئ إلا مَنْ مال في قعوده معتمدًا على أحد شقيه "أضيف: أو على مرفقه أو على مُتَّكَأ. ومن الأصل "التَوَكُّؤُ على العصا، والتحامل والاعتماد عليها في المشي (استناد)، وفي اتكاء الجالس والماشي إمساكٌ لهما وشَدٌّ ونَصْبٌ على الهيأة المتمكنة بمساعدة التُكَأة والعصا؛ فلا يقع المتكئ ولا يتسيَّب، أي لا ينهار؛ فهذا هو الوجه {هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا} [طه: 18]. {وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ} [الزخرف: 34] {عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ} [يس: 56]. {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} [يوسف: 31] قيل: مجلسًا، وقيل: ما يتكئون عليه لطعام أو شراب أو حديث، وقيل: طعامًا (ونُسِب الأخير إلى المفسرين، وقد جاءت في [طب شاكر 16/ 69 - 75، ل، قر 9/ 179] روايات كثيرة. وتفسير لفظ "المتكأ "بالطعام بعيدٌ. وإذا صحّ ما حكاه القتبي من قولهم "اتَّكأْنا عند فلان،

(أيك)

أي: أكلنا "فهي كناية، وإن كانت بعيدة غير مشهورة بين الكنايات. وقد قال أبو عبيدة عن تفسير المتَّكأ بالأُتْرُجّ إنه أَبطْلُ باطلٍ على الأرض. [مجاز القرآن 1/ 309] وأيده الطبريُّ في هذا، فانظره. فالمتكأ هو المجلس الوثير فيه ما يتكئون عليه. وتوزيع السكاكين عليهن يدل على أنها قدمت لهن فاكهة تشقق، أو طعامًا. ولكن هذا غير معنى المتَّكأ. • (أيك): {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: 176] "الأيكة: الشجر الكثيف الملتف، وقيل هي الغيضة تنبت السِدْر والأراك ونحوهما من ناعم الشجر، وخص بعضهم به مَنْبت الأثل ومجتمعه " (الغَيْضة مَغيضُ ماء يجتمع فينبت فيه الشجر). Qالتفاف الشجر بعضه على بعض مع نعومة وخفة. كالأيكة الموصوفة. ويلحظ أن شجر الأثل له هُدْب لا ورق كالورق المعتاد للشجر فهو خفيف خفة تناظر نعومة السدر والأراك المذكورين. وكلمة الأيكة جاءت في [الحجر: 78، ق: 14] هكذا بالألف واللام، وفي [الشعراء: 136، ص: 13] دونهما هكذا (ليكة). وقد قرأ الحِرْميان وابن عامر موضعي الشعراء، ص - بفتح اللام وسكون الياء مع منع الكلمة من الصرف، وقرأ باقي السبعة المواضع الأربعة (الأيكة مجرورة). وبما أن أصحاب الأيكة هم قوم شعيب كما صرحت بذلك [الشعراء: 177]، وكلمة الأيكة يصير نطقها عند نقل حركة الهمزة (ليكة). فتكون كلمة (الأيكة) رسمت في الشعراء وص حسب النطق بنقل حركة الهمزة

الكاف والباء وما يثلثهما

وقد سبق بهذا الزجّاج [ل] لكن يبقى منعها من الصرف. وقد قيل إن الأيكة هي مدينة تبوك [أطلس القرآن د. شوقي أبو خليل 71] فيتأتى أن يُتَوهم أن كلمة (ليكة) بهذا التلفظ غلبت على المدينة أو البقعة كالعَلَم فتمنع من الصرف للعلمية والتأنيث. وينظر [بحر 7/ 36] حيث ذُكرت تخطئةُ المنع من الصرف ورد أبي حيان. الكاف والباء وما يثلثهما • (كبب - كبكب): {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ} [الشعراء: 94] "كبَبْتُ القصعة: قلبتها على وَجْهها. كبَّ الرجل إناءه. طعنه فكبّه لوجهه فانكب: أي صرعه. الفارس يكبُّ الوحش: إذا طعنها فالقاها على وجوهها. كب الشيء وكبكبه: قلبه ". Qقلب الشيء على وجهه، ويلزمه انصباب محتواه متجمعا (¬1) بمرة (لا ينتقل أو يُنقل). كالقصعة، والمصروع، والوحش، في ما ذكر ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر الكاف عن ضغط غُئوري دقيق (يتأتّى منه القلع كما يتأتّى التماسك)، والباء عن تلاصق تراكمي رِخْو، والفصل منهما يعبر عن تجمع الشيء متماسكَ الأثناء كالكُبَاب الطين اللازب. وفي (كوب) تضيف الواو معنى الاشتمال، ويعبر التركيب معها عن احتياز الشيء أي جَمْعه في حيِّز بقوة كما يُحْتاز الشيء في الكوب - والقوة في الكوَب - بالتحريك تتمثل في عظم الرأس التى تحتوي المخَّ والسمع والبصر. وفي (كبت) تزيد التاءُ الضغطَ بحدة على هذا المتجمع، فيعبّر التركيب عن رد المتجمع (أي =

{فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} [النمل: 90] ومنه "أكبّ الرجل: إذا ما نَكّسَ. رجل مُكِبَ: كثير النظر إلى الأرض {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك: 22] إما بمعنى أن الكفار يمشون على وجوههم حقيقة يوم القيامة. وإما أنه مثل للكافر في اضطرابه وتعسفه في عقيدته وتشابه الأمر عليه .. كالأعمى الذي لا يرى طريقه يتعثر كل ساعة فيخر لوجهه [ينظر بحر 8/ 297] والقول الأخير هو الصواب بقرينة المقابل. ومن التجمع "الكُبَاب - كغُرابَ: الطين اللازب يتماسك فيتجمع. والكُبّ - بالضم: الشيء المجتمع من تراب وغيره. وكُبَّة الغَزْل: ما جُمع منه. والكُبْكُب - بالضم وكتُماضِر: المجتمِعُ الخَلْقِ. وتَكبَّب الرملُ: نَدِىَ وتعقّد " (تجمّع). ومنه "كُبَّة الخيل - بالضم، وكَبْكَبَتها - بالفتح: جماعتها (عُدّ احتشادها معًا كالتلاصق). ومنه "كَبَبْت القَصْعة على وجهها (قلبتها). وكَبْكَبَ الشيءَ: قَلَبَ بعضَه على بعض {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ} [الشعراء: 94] دُهْوِروا وجمعوا ثم رُمى بهم في هوّة النار .. وحقيقة ذلك في اللغة تكرير الانكباب. [ل]. ومن معنوي الكبّ القلب على الوجه "أكبَّ على الشيء: أقبل عليه يَفْعَله ولزمه ". ¬

_ = حَبْسه) الذي شأنه أن يَخرج ويظهر ردًّا قهريًا كحبس الغيظ. وفي (كبد) تعبرّ الدال عن حبس، ويعبّر التركيبُ معها عن احتباس المتجمع تماسكًا واشتدادًا كالكَبد وهو دمٌ متماسك. وفي (كبر) تعبّر الراءُ عن الاسترسال، ويعبّر التركيبُ معها عن استرسال هذا المتجمع، تزايدًا ونموًا كما في كِبَر الصغير.

(كوب)

• (كوب): {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا} [الإنسان: 15] "الكُوب: القَدَح أو الكوز المستدير الرأس الذي لا عُروة له. والكُوبَة: الطَبْل. والكَوَب (فرح). دِقّة العُنُق وعِظَم الرأس ". Qانبعاج الشيء المجوّف مستديرًا أو مُكوَّرًا: كالقَدَح والكوب، {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ} [الزخرف: 71]، وكالطَبْل. ونُظر في الكَوَب - بالتحريك - إلى عِظَم الرأس مع استدارته فوق العنق الدقيق - كأنه وعاء مستدير مكبوب. • (كبت): {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ} [آل عمران: 127] "الكبْت: صَرْع الشيء لوجهه. والكَبْت: كَسْر الرجُل وإخزاؤه. كَبَتَ اللهُ العدو: رَدّه بغيظه ". Qقلبٌ أو صدٌّ تام - بصدْم ورَغْم - عن الوجهة الطبيعية أو المرادة كما في الكبت الحسيّ - وهو صدْم الوجه والأنف بالرغام، وكذلك الكبت المعنويّ المذكورين {أَوْ يَكْبِتَهُمْ} أي يخزيهم/ يهزمهم [ينظر بحر 3/ 48، 55] {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [المجادلة: 5] أُخْزُوا/ رُدُّوا مخذولين [نفسه 8/ 233]. • (كبد): {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4].

"الكَبْدَة - بالفتح - القطعة الصُلبة من الأرض. والكَبِد الذي في الجوف معروف. تكبَّد اللبنُ وغيره من الشراب: غلُظ وخثُر. واللبن المتكبِّد: الذي يخثُر حتى يصير كأنه كَبِدٌ يترجرج. وكَبِدُ كلِّ شيء: عُظْمُ وَسَطه (¬1). وغَلْظُه ". Qاشتداد ما شأنه التسيُّب وجمودُه مُتَماسكًا - كقطعة الأرض الصلبة (وهي تراب تجمَّع وتماسك حتى صلُب)، وكاللَبَن المتكبِّد، وكَبِدُ الحيِّ دمٌ متماسك، وعِظَمُ الشيء وغِلَظه إنما هو من تماسك أجزائه وأبعاضه حتى يعظُم. ومن ذلك ما جاء في حديث بلال "أذَّنتُ في ليلة باردة فلم يأت أحدٌ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَكْبَدَهُم البردُ "قالوا: أي شَقَّ عليهم وضيَّقَ "ولو قالوا: جَمَّدهم في أجواف بيوتهم أي جعلهم يلزمونها يسكنون لا يفارقونها لكان أدق. ومن هذا الأصل "الكَبَد - محركة: الشِدّة والمشقّة " (كما في الْعَمَد ورم السنام - وأهم حِسّيات تركيبه العمود، و "النَصَبُ "ومن حسياته نَصْب الخيمة ونحوها، وكلاهما فيه معنى الشدّ والإمساك. كما أن ضد ذلك وهو السهولة يؤخذ من التسيُّب المتمثل في "السِهْلة - بالكسر: تراب كالرمل يجيء به الماءُ "- أي أنه متسيب)، "كابد الأمرَ: قاسي شدَّته " (عانى صلابتَه). ومنه آية التركيب {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} وهو معاناة هموم الدنيا وأطماعِها. "يكابد مشاقّ الدنيا من أول قطع سُرّته إلى أن يستقر قراره إما في جنة فتزول عنه المشقات، ¬

(¬1) هذه العبارة ضبطت فيها كلمة (كبد) بالتحريك، وكلمة (عظم) كعنب. هذا في [ل]. ولكن أرجح أن كلمة (كبد) هنا ككتف، وكلمة (عظم) بالضم. وفى [تاج] ما يدعم ما أقول عند قوله مع الشارح (والكبد وسط الرمل ووسط السماء ..) وعليه تكون و (غَلْظه) بالفتح.

(كبر)

وإما في نار فتتضاعف مشقاته [بحر 8/ 470] وأضيف أن أساس جميع مشاقّه مسئوليتُه عن كل شيء في حياته. والسياق في باقي السورة يؤيد هذا. وتفسيرها بخَلْقه منتصبًا معتدلًا ليس له وجه إلا التمحّل، ولا يساعده سياقُ السورة. وقد ضعّفه أبو حيان. أما قولهم: "كَبِدُ الأرض: ما في معادنها من الذهب والفضة، وكَبِدُ كل شيء: وَسَطُه - كما يقال كَبِدُ السماء "فهذا وذاك من التشبيه بكَبِد الإنسان والحيوان من حيث موقعُه من البدن. • (كبر): {وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الجاثية: 37] "كَبُر: ضد صَغُر. كِبْر كلِّ شيء: مُعظمه.، وكِبْرةُ وَلَدِ أبويه - بالكسر فيهما: أكبرهم ". Qنُمُوّ حَجْم الشيء أو زيادته بالنسبة لحجمه أو لحجم غيره - كنمو جسم الناشئ شيئًا بعد شيء، أو زيادةُ حَجْمه عن غيره. وللتلازم بين امتداد زمن وجود الحي وعظم حَجْمه باطّراد استُعمل في الامتداد الزمني (كِبَر السنّ) {وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا} [النساء: 6]، {وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ} [البقرة: 266] ومن كِبَر السنّ هذا كل (الكِبَر) وكلمة (كبير) في [يوسف: 78، القصص: 23]. كما استعمل في العِظَم المعنويّ {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد: 9]. ثم كل (كبير) فهو كِبَر عِظَم سواء بالنسبة لصغير أو غير ذلك، أو كِبَر رياسة، وجمعه (كُبراء). وعن {كَبِيرُهُمْ} [يوسف: 80] ينظر [بحر 5/ 331] أما (كبيرة) في [البقرة: 45، 143] فهي بمعنى ثقيلة شاقة (والثقل لازم

للعِظَم)، وفي غيرهما فهي في مقابل صغيرة. {أَكْبَرْنَهُ} [يوسف: 31] أعظمنه ودَهِشنَ برؤية ذلك الجمال الرائع [بحر 5/ 302]. وكل صيغتي التفضيل (أكبر) وجمعها (أكابر) و (كُبَر) هي من العِظَم المادي أو المعنوي. وقوله تعالى {وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} [الإسراء: 111]. (هو أمر بالتعظيم عبادةً وإجلالًا نفسيًّا، وتعبيرًا بلفظ الله أكبر)، وقد جاء هذا الأمر في [المدثر 3] وتعليلا في [البقرة 185، الحج 37] واستُعمِل في التعبير عما عظُم قبحه {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} [الكهف: 5]. كقوله تعالى: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: 15] وكل (كبُر)، (كبُرت) (يكبُر) فهي بمعنى اعتداد الأمر كبيرا، فإن كان حُكما من الله فهو كذلك. ومن هذا الكبائر: الذنوب العظيمة {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31] وكذا {كَبَائِرَ الْإِثْمِ} [الشورى: 37، النجم 32] , {وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا} [نوح: 22]. (هذا في المبالغة أكثر من كُبَار - كغراب، وهذه بدورها أكثر من كبير. كطويل وطُوَال - كغراب، وطُوَّال - كتفاح). كما استُعمل في إبراز تحقق الصفة تمام التحقق في {الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} [الحشر: 23، وما في الجاثية: 37] ثم في تكلف عَظَمة القَدْر وادعائها {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ} [الأعراف: 146]. وكل (يتكبر)، والصفة منها (متكبر) عدا اسم الله عز وجل، وكل (استكبر) ومضارعها، ومصدرها. والصفة منها {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ} [المؤمنون: 67] أي بالمسجد الحرام، إذ لم تكن لهم مفخرة أقوى من أنهم ولاته [بحر 6/ 381]، وما في [يونس: 78، غافر: 56]. وحَمَلتْ بعض هذه الصيغ معنى الأَنَفة والاستنكاف من شيء ما، كأن من أُسنِدتْ إليه هذه الصيغة أكبرُ، أو أعظم، من هذا الشيء. {قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [الزمر: 59]، {إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 34].

£° معنى الفصل المعجمي (كب)

° معنى الفصل المعجمي (كب): التجمع كتلة متضاغطة أو كالكتلة المتضاغطة كما يتمثل في الكُباب: الطين اللازب وكُبة الغزل - في (كبب)، وفي حجم الكوب والطبل من الظاهر وإن كانا مجوفين - في (كوب)، وفي الإنسان المصروع لوجهه - في (كبت)، وفي تجمع الكبد كتلة متماسكة بمستوى ما وأصلها دم مائع - في (كبد)، وفي كِبَر الشيء أي عظم جسمه - في (كبر). الكاف والتاء وما يثلثهما • (كتت - كتكت): "الكُتَّة - بالضم: شَرَط المال وقَزَمه - هاتان بالتحريك: وهو رُذاله، ورجل كَتٌّ - بالفتح: قليل اللحم. والكَتّ: الإحصاء: وجيش لا يُكَتّ - للمفعول: لا يُحصَى. وكَتَّ الكلامَ في أذنه: سارَّه به كما سَمِعَه ". Qانحصار جِرْم الشيء ودقّته أي عَدَم امتداده (¬1): كقَزَم المال، وهو الهزيل الضئيل منه (المال= الأنعام يُطلب فيها السِمَن ويُستَحبّ)، وكالنحيل من الناس. والإحصاء حَصْر وتحديدٌ مهما كان العدد؛ ولذا يعبَّر عن ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبِّر الكاف عن ضغط غُئوري دقيق او حادّ (يتأتّى منه القلعُ كما يتأتّى الامتساكُ الشديد)، والتاءُ عن ضغط دقيق. والفصل منهما يعبّر عن دقة وتحدّد - أي محدودية - في حجم الشيء كشَرَط المال وقَزَمه. وفي (كتب) تعبّر الباء عن تلاصق تراكمي، ويعبّر التركيب معها عن إلصاق بدقة وقوة ككَتْب السِقاء وكالكتابة. وفي (كتم) تعبّر الميم عن استواء ظاهر الجرم أو التئامه، ويعبّر التركيب عن سَدّ منافذ ظاهر الشيء بحيث يمتنع تسربُ ما في باطنه كالرجل الأكتم.

(كتب)

الكثرة بنفيه (لا يُحصَى/ بغير حساب). ووُصِف البخيل بأنه "كَتِيت: بخيل سيّئ الخُلُق ". والمُسارّة بالكلام حَصْر له؛ فلا ينتشِر. ومنه: "الكَتْكَتة: سُرعة الكلام وإتباعُ بعضِه بعضًا، وتقارُب الخطو في سرعة، وهو كَتْكات - بالفتح فيهما "، (نقلات دقيقة قصيرة في الخطو، وفي الكلام، وإن كانت متتابعة). ونُظر إلى قِصَر المسافة التي تُقطع فقيل: "الكَتْكَتة: المشي الرُوَيْد. أما قولهم: "كَتَّتْ القِدْرُ والجَرَّةُ: غَلَتْ وماؤها قليل، وكَتَّ النبيذُ: بدأ غَلَيانُه قبل أن يشتدّ. والكَتْكَتة في الضحك: دون القهقهة، وكذا كَتِيت البَكْر: دون هديره "فكل ذلك: إمّا من القِلّة (الدقة) في الأصل - وذلك واضح كالمصرَّح به، وإما أنها محاكاة صوتية. • (كتب): {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ} [الجاثية: 29] "كَتَبَ السِقاءَ والمزادة والقِرْبة (نصر): خَرَزها بسَيْريْن " (يَضُم السَيْرُ جانِبي شَقِّ الجِلْد المُراد جَعْلُه قِرْبة). وكَتَبَ الدابةَ والبغلةَ والناقةَ: خَزَم حياءها بحَلْقة حديدٍ أو صُفْرٍ تضُم شُفْريْ حيائها؛ لئلا يُنزى عليها (بغير عِلْمه أو رضاه)، وكَتَبَ الناقة: ظَأَرها فَخَزَم مَنْخِريها بشيء؛ لئلا تَشَمّ البَوَّ؛ فلا تَرْأَمَه ". Qإلصاقٌ بدقة وقُوّةٍ: كإلصاق جانبي شَقّ القِرْبة والحَياء وفتحة المَنْخِر بالخرز والخزم. ومن ذلك: الكتابةُ المعروفة فهي إلصاق الكلام بتثبيت رموزه في وجه مادةٍ قوية: حَجَرٍ أو جِلْد .. إثباتًا قويًّا تصعُب إزالته. وقد كانت أول الأمر نَقْشًا وحَفْرًا في الألواح الحجرية والطينية المجفَّفة، ثم رسما على الجلد والورق. وقد جاء في أمثالهم "إنما خَدَّشَ الخُدُوشَ أَنُوش " (مجمع الأمثال للميداني

رقم 40) يقصدون بالخدوش الكتابة، وكذلك "وَحْى في حَجَر " (رقم 4429) أي كتابة، ويعبّرون عن الكتابة أيضًا بالنَقْر وبالزَبْر والنَقش - وهنّ نحت في الحجارة أيضًا، والواقع التاريخي يؤيد ذلك. {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282 وكل ما هو من التركيب في هذه الآية والتي تليها فهو من الكتابة بالمعنى المشهور] وكذا ما في [البقرة: 79، النساء: 153، الأنعام، الأعراف: 145، 157، الفرقان: 5، النمل: 28، الطور: 41، القدم: 47]. ومكاتبة العبد لإعتاقه {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] يمكن أن يكون التعبير من كتابة الشروط، ويمكن أن تكون من معنى الالتزام في المشارطة، المأخوذ من الإلصاق. ومن ذلك الإلصاق جاءت بمعنى الإلزام والفَرْض {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] , {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] أي أُلصقَ بكم وأُلزمتم (وانظر فرض). {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24] كأنه قيل كتب الله عليكم تحريم ذلك كتابا [بحر 3/ 222] فالكلمة هنا مصدر. وسائر ما في القرآن من التركيب فهو - عدا كتب الله المنزلة - بمعنى الفرض أو القضاء بأمر, والتسجيل كتابة أو في كتاب. {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا} [الفرقان: 5] أمر أن تُكْتَب له. {فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ} أي تُلقى عليه ليحفظها، لأن صورة الإلقاء على المتحفظ كصورة الإملاء على الكاتب [بحر 6/ 441 - 442]. ومن الأصل المذكور "أُخذت كتيبة الجيش " (وهي جماعة متماسكة لأن الكتيبة كانت تُكَوَّن من أفراد قبيلة بعينها، وعُلِّلت أيضًا بكتابة أسمائهم).

(كتم)

• (كتم): {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ} [النور: 29] "الكَتُوم: الناقةُ التي لا ترغو إذا ركبها صاحبُها، وكذلك الجمل الكَتِيم. ورجل أَكْتم: عظيم البطن، وقيل: شَبْعان. وخَرْز كَتِيم: لا يَنضَح الماءَ ولا يُخرج ما فيه. كَتَمَتْ المزادةُ (قعد): ذَهَبَ مَرَحُها وسَيَلانُ الماء من مخارزها أوَّلَ ما تُسَرَّب. وكَتَمَ السِقاءُ: أمسكَ ما فيه من اللبن والشراب وذلك حين تذهب عِينَتُه ثم يُدهَن السِقاءُ بعد ذلك، فإذا أرادوا أن يستقوا فيه صبُّوا فيه الماء بعد الدَهْن حتى يَكْتُم خَرْزُه ويسكُن الماءُ، ثم يُستَقى فيه ". Qمَنْع تسرُّب ما يمتلئ به باطنُ الشيء بسدّ منافذ خروجه. كاكتتام المزادة والسِقاء بسدّ منافذ الخَرْز. والعظيمُ البطن كأن منافذ بطنه انسدّت؛ فاحتبس ما فيها فعظُمتْ. والناقة الكتوم والجمل الكتيم لا يصدر عنهما الرُغاء المعتاد من غيرهما، فكأن مَنْفَذَ الرُغاء مسدود. ومن ذلك "كَتَمَ السِرَّ (نصر، وكِتْمانا - بالكسر) واكْتَتَمه: سَتَره وأخفاه (السِرّ خبر مخُتزَنٌ في الصدر، وسَتْرُه كأنه سَدٌّ لمنفذه) وكذلك: كَتَم العِلْمَ " {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: 187]. والشهادةَ، {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ} [البقرة: 140]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى حبس الكلام عما في القلب من شهادة أو علم أو فكر وتدبير أو عقيدة. ومن ذلك الكَتَم - محركة: نبات يُخلَط مع الوَسْمة للخضاب الأسود. يشبَّب به الحنّاء " (لأنه يُخفى ما تحته من الشَيب فكأنه يَحبِسه ويكتُمه، أو لأنه يكثّف صبغتها ويثبتها. وهذا كتم أيضًا).

£° معنى الفصل المعجمي (كت)

° معنى الفصل المعجمي (كت): تداخل الشيء بعضه في بعض فيدق وينحصر كما يتمثل في الكُتَّة: قَزَم المال وفي الرجل الكَتّ: القليل اللحم - في (كتت)، وفي خرز جانبي الجلد معًا فيلتحمان كأنهما جلد واحد - في (كتب)، وفي الناقة الكتوم والرجل الأكتم والخرز الكتيم - حيث لا ينفذ شيء وذلك من شدة الحصر والانحصار - في (كتم). الكاف والثاء وما يثلثهما • (كثث - كثكث): "الكَثَاثاء: الأرض الكثيرة التراب. والكِثْكِث - بالفتح وبالكسر: دُقَاق التراب ومُتَحَاتُّ الحجارة. وكثَّت اللحيةُ فهي كَثّة وكَثّاء: كثُرت أصولُها وكَثُفَتْ وقصُرتْ وجعُدتْ فلم تنبسط، وكَثَّ الشيءُ: كثُف ". Qكثافة الأشياء الدقيقة الخارجة من شيء بحيث تكوِّن طبقةً على ظاهره (¬1) كالتراب والشَعر المذكورين. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الكاف عن ضغط غئوري دقيق يتأتى من القلع والامتساك، والثاء عن تفشٍّ وكثرة لما هو دِقاق كثيفة، والفصل منهما يعبر عن تراكم الدقاق الكثيفة على ظاهر الشيء في شيء من الانتشار أو الاتساع كاللحية الكَثّة. وفي (كثب) تعبّر الباء عن تلاصق، ويعبّر التركيب معها عن تجمع ذاك الكثيفِ وتراكمه متسنِّمًا كالكُثْبة. وفي (كثر) تعبّر الراء عن الاسترسال، ويعبّر التركيب معها عن تزايد تلك الدقاق الكثيفة، وهي الكثرة ضد القلة.

(كثب)

• (كثب): {وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا} [المزمل: 14] "الكَثِيب من الرمل: ما اجتمع واحْدَوْدَب. والكُثْبَة - بالضم من الماء واللبن: مِلْءُ قَدَح منه. وكلّ طائفة من طعام أو تَمْر أو تُراب أو نحو ذلك فهو كُثْبة بعد أن كان قليلًا. وكلّ ما انصبّ في شيء واجتمع فقد انكثَب ". Qتجمُّع ما مادَّتُه أجرامُ دقيقة متسيِّبة أو مائعة، متراكمًا في كَوْمة أو تجمعٍ محدود. ككثيب الرمل والحَبّ (الطعام) إلخ وكُثْبة اللبن إلخ. {وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا} أي رَمْلًا، أو ترابًا متجمِّعًا يُهال. ومن ذلك: "الكَثَب: القُرْب "؛ إذ هو درجة من تجمُّع ما تفرَّق "هو كَثَبُكَ وهو يرمي من كَثَبٍ. وأَكْثَبَكَ الصيدُ والرمىُ وأَكْثَبَ لك: دنا منكَ وأمكنك فارْمِهِ ". • (كثر): {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر} [الكوثر: 1] "كُثْر الشيء - بالضم: أَكَثَرُه. والكُثْر من المال: الكثير. وفي الدار كُثار من الناس - كغراب وكتاب: أي جماعات ". Qزيادة عدد أفراد الشيء بالنسبة للمعتاد أو المتوقَّع. وهي الكثرة ضد القلة {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ} [الأعراف: 86]، {كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا} [طه: 33 - 35]. {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1] أرى أنها تعم كل تكاثر بأمور الدنيا [وانظر بحر

£° معنى الفصل المعجمي (كث)

8/ 505] والكَوْثَر: الكثيرُ من كل شيء (الأصحاب، الأشياع، الخير)، والنهر (به ماء كثير لا ينقطع) {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قيل المراد به حوضه - صلى الله عليه وسلم -. والفيصل في المراد به هو الرواية لأنه من أمور الآخرة، وانظر [قر 20/ 216] حيث أورد ستة عشر قولًا. وسائر ما في القرآن من التركيب فهو من الكثرة ضد القِلّة. ومن ذلك الأصل "الكَثَر - بالفتح وبالتحريك: طَلْع النخل " (أنصارية) من حيث إن الطَلْع هو المرحلة الأولى لنمو التمر وهو تكثير واضح لهذا الثمر المبارك. ° معنى الفصل المعجمي (كث): التجمع الكثيف لأشياء دقيقة كما في الكثاثاء: الأرض الكثيرة التراب - في (كثث)، وكما في تجمع الرمل وهو أصل الكثيب من الرمل - في (كثب)، وكما في الجماعات من الناس وهي الكثير منهم - في (كثر). الكاف والدال وما يثلثهما • (كدد - كدكد): "الكَدِيد: الأرض المكدودة بالحوافر. والكَدَدَة - محركة وكرُخامة: ما يلتزِق بأسفل القِدْر أو البُرْمة من الطبيخ فيُكَدّ بالأصابع. كَدّ المنيَّ من الثوب: حكّه. والكَدّ - بالفتح: ما يُدَقّ فيه الأشياء كالهاوُن. والكَدِيد، والكِدّة - بالكسر: الأرض الغليظة ". Qقَشْر ما هو شديد اللصوق والامتساك بالحك الشديد أو نحوه (¬1)، كحَكّ الأرض بالحوافر، وكُدَادة القِدْر، وحكّ المنىّ الذي جف على ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الكاف عن ضغط غُئوري دقيق يتأتّى منه القلع والامتساك، والدال =

الثوب، ودَق الأشياء في الهاوُن حيث تتفتت شيئا بعد شيء كالقشر، والأرض المذكورة شأنها كذلك. ومنه "الكَدْكَدة: ضَرْب الصَيْقَل المِدْوَسَ على السيف إذا جلاه " (فينقشر عنه صدؤه) ... ومنه "الكَدّ: الشِدّة في العمل، والإلحاحُ في محاولة الشيء " (كلاهما للاستخراج والتحصيل لرزق أو منفعة من الشيء، والتحصيل من باب القَشْر) ومنه "كَدَّ الدابةَ: أتعبه " (سَيْر الدابة إخراجٌ من مذخور قُوَّته، وإتعابه لتحصيل ذلك). أما قولهم: "أَكَدّ الرجلُ واكْتدّ؛ أَمسك "فهو من ذلك، والصيغة فيهما للاستحقاق أي أنه لا يَبْذُل إلا بكَدّ كقَشْر ما هو شديد اللصوق والامتساك. ¬

_ = عن احتباس، والفصل منهما يعبّر عن قَشْر بضغط غئوري دقيق، كما تُقشر الكَدَدة بالأصابع والأرض بالحوافر. وفي (كدى) تعبّر الياء عن امتداد واتصال (تماسك)، ويعبّر التركيب معها عن تمام تماسك كتلة شديدة متصلة؛ فلا ينفُذ فيها شيء كالكُدْية. وفي (كود) تعبر الواو عن الاشتمال، ويعبّر التركيب الموسوط بها عن تعدُّد تجمُّعِ المنتشر مرةً بعد أخرى كأنه مشتمل على الميل إلى التجمع أو كأن الكَوْدة من الطعام واحدة مما اشتمل عليه الطعام. وفي (كيد) تعبر الياء عن تماسك الممتد واتصاله، ويعبر التركيب الموسوط بها عن خروجٍ (أو ظهور) لما اتصل أو استمر تجمعه في الباطن بتحبس وعناء كالقيء والحيض وخروج الروح. وفي (وكد) تسبق الواو بمعنى الاشتمال، ويعبر التركيب المسبوق بها عن الجمع الشديد اشتمالًا كما تفعل الوكائد: السيور التي يُشَدّ بها الرحْل. وفي (كدح) تعبر الحاء عن احتكاك بجفاف وقرة وعرض، ويعبر التركيب بها عن كشط من ظاهر الشيء للاحتكاك بصُلب غليظ كالكدوح الخدوش. وفي (كدر) تعبر الراء عن الاسترسال، ويعبر التركيب عن استرسال ما كان راسخًا شديدًا بثورانه أو انقلاعه من حيث كان ليخالط شيئًا كالكَدَرة المَدَرة.

(كدى)

• (كدى): {وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى} [النجم: 34] "الكُدْية - بالضم: الصَفَاةُ العظيمة الشديدة، والأرض الغليظة الصُلبة لا يَعْمَلُ فيها الفأسُ، والمُكْدِية - كمُحْسِنة: الرَتْقاء من النساء، وكَدِىَ الكلبُ (تعب): نَشِب العظْمُ في حَلْقه ". Qصلابة الشيء المتجمع كُتلة أو شدة تماسكه بحيث لا ينفُذ فيه (أو منه) شيء كما هو واضح في الاستعمالات المذكورة. ومن الكُدْية قالوا: "حَفَر فأَكْدَي: بَلَغ الصُلْب " (أي بلغ كُدْيةً كالمذكورة أعلاه فلم يستطع الحَفْر ولم يخرُج له ماءٌ) ومن هذا الأصل قيل: "أَكْدَي الرجلُ: قلَّ خيرُه وبَخِل (أمسك) {وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى}. وأَكْدي: قَمِئَ خَلْقُه (جفّ عوده). وأكْدَاه: ألحّ عليه في المسألة " (حتى أنفد ما عنده فلم يبق له ما يخرجه)، وأَكْدَي: افتقر بعد غِنًى " (نضَب معينه أو لم يَعُد عنده ما يخرجه). • (كود): {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} [الجن: 19] "الكَوْد - بالفتح: كلُّ ما جمعتَه وجعلته كُثَبًا من طعام وتراب ونحوه. كوَّد الترابَ - ض: جمعه وجعله كُثْبة " (يمانية). Qالتدرج في جمع ما هو دقيق الجِرْم منتشرُه قليلًا قليلًا حتى يكون كُثَبًا. كجمع التراب أو الطعام (= البُرّ) المنتشر على الأرض ليكون كُثْبة.

(كيد)

ومن التدرج في جمع المنتشر شيئًا فشيئًا أو قليلًا قليلًا عبّر التركيبُ عن مقاربة الحصول أو التحصيل، لأن جمع الشيء الدقيق المنتشر كُثْبةً بعد كثبة، أو شيئًا بعد شيء= يُقَرِّبُ من إتمام جَمْعه) {إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} [القصص: 10]، {إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا} [الفرقان: 42]، {مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ} [التوبة: 117]، {وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي} [الأعراف: 150]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى المقاربة هذا. أما عند اقتران (كاد) بالنفي في مثل {وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} [الزخرف: 52]، {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} [إبراهيم: 17]، {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: 71]، {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} [النور: 40] فإنها تفيد وقوع الفعل بعد صعوبة أو محاولات، وهذا أيضًا من المقاربة. وقد جاء في [تاج] "إذا قلت ما كاد فلان يقوم "فمعناه تام بعد إبطاء ". اهـ. والإبطاء والصعوبة من باب واحد، والإبطاء أداءُ الشيء قليلًا قليلًا كالمقاربة. • (كيد): {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران: 120] "الكَيْد - بالفتح: الحَيْض، والقَيْء، وإخراجُ الزَندِ النارَ ببطءٍ وشدة [المقاييس]، وصياحُ الغراب بجَهد. يقال كاد الرجلُ: قاء، والجارية: حاضت ". Qنفاذ ما طال تجمُّعه واحتباسه في أثناءٍ منها بجهد وعناء وغِلَظِ وَقْع - كالدم والقيء والنَعيق فهي تخرج بعناء شديدةَ الوَقْع علي الحِسّ،

(وكد)

وكانت محتبسةً في البدن مُمتَسكة فيه طَبْعًا. ومن ذلك: "كادَ بنفسه يكيد ويكُود: جادَ بها " (للصعوبة المعتادة في خروج الروح) ومن ذلك: "الكَيْد: التدبير بباطل أو حق ". فالذي يَكيد يدبِّر ويمكُر ولا يُظْهِرُ كيدَه حتى يأتي الوقتُ ويتم التدبيرُ على ما أراد، ويكون عجيبًا شديدًا {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ} [المرسلات: 39]، {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا} [الطارق: 15، 16]، {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران: 120]، {فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى} [طه: 60] أي حِيَلَه وسِحْرَه [قر 11/ 2114] {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} [يوسف: 76]: صَنَعْنا/ دبّرنا [نفسه 9/ 236] {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} [الحج: 15] حِيلَته وتدبيره هذا. وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى التدبير المحكم الشديد وتنفيذه. • (وكد): {وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: 91] "الوَكَائد: السُيُور التي يُشَدّ بها الرَحْل (وقد وكّده - ض: شدّه)، والتي يُشَدّ بها القَرَبُوس إلى دفَّتَي السَرْج كالمَيَاكِيد. والوِكَاد: حَبْل يُشَدّ به البقر عند الحلب ". Qشدّ الشيء بشيء شدًّا متينًا يحقَّق به ارتباطهما فلا يتسيَّب كما يُفعَل بالوكائد. ومنه "وَكَدَ بالمكان، كوعد، وُكُودًا: أقام به (لازقًا كالمُوثَق). ومن ذلك "وكَّد العقدَ والعهد - ض: أوثقه {وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ

(كدح)

بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: 91] ومنه "ما زال ذلك وُكْدى أي مرادي وهَمّي (مُرتبط إليه) ووَكَدَ وَكْدَه: قَصَدَ قصْدَه وفَعَلَ مثلَ فِعْله. ومنه قول عليٍّ - رضي الله عنه - عن ربّ العزة عزّ وجل: "ولا يَكِدُه الإعطاءُ "قالوا: أي لا ينقُصه الإعطاءُ. ولعل الدقيق: ولا تجعله كثرةُ الإعطاء يمسك عن مزيد الإعطاء. تعالى الله. • (كدح): {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} [الانشقاق: 6] "الكُدُوح: الخدوش وآثار العَضّ. وحمار مُكَدَّح - كمُعَظَّم: مُعَضَّض - كَدَح جِلْدَه (فتح) بالحجَر والحافِر، وكدَّحه/ ض: خَدَشَه. وتكدَّح: تخدّش، وقع من السَطْح فتكدّح: تكَسّر ". Qكَشْطٌ من ظاهر الشيء بحَكِّهِ بخَشِن أو محدَّد صُلْب كخدش الجلد بالعَضّ والحَكّ بالحجر. والكسر يكون من ضغط شديد كالحكّ. ومنه "كَدَح لأهله (فتح) وهو الاكتساب بمشقة والسعي في نَصَب " (ونظيره جرّ، جَرَم، كَسَب، حَرَف، قرش، إلخ) {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}. وأما قولهم "كَدَحَ رأسَه بالمُشْط (فتح): فرَّج شَعَرَه به "، فهو من باب التشبيه. • (كدر): {وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ} [التكوير: 2] "الكَدَرَة - محركة: المَدَرَة التي يُثيرها السِنُّ (المحراث) / القُلَاعة - كرُخَامة - الضَخْمة المُثَارَة من مَدَر الأرض. والكَدَر - محركة: القَبَضَات المحصودة

£° معنى الفصل المعجمي (كد)

المتفرقة من الزرع، وكَدَرَة الحوض - محركة: طِينُه، وما علاه من طُحْلُب وعَرْمَض - كَدَرَ الشيءَ (نصر): صَبَّه ". Qانقلاع الغليظ الراسخ (أو الثابت) أو انقطاعُه مُفارقًا مَقَرَّه - كانقلاع المَدَرة من الأرض، وحَصْد الجُمَع المتفرقة، وثَوَران الطُحْلب والطين من أسفل الماء. ومنه "انكدر عليهم القومُ: جاءوا أرسالًا حتى ينصبُّوا عليهم (كأنما انقلعوا وانقذفوا عليهم) وانكَدَر: أسرع وانقضّ. وانكدرت النجومُ: تناثرت (من ظاهر وجه السماء كأنما قُلِعت وقُذِفت) {وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ}. ° معنى الفصل المعجمي (كد): التعامل مع ما يشبه القِشْر الشديد اللصوق بأصله: قشرًا كما في الكديد الأرض المكدودة بالحوافر - في (كدد)، ولصوقًا كما في الكُدْية: الأرض الغليظة الصلبة لا يعمل فيها الفأس، والمُكْدِيَة من النساء: الرتقاء - في (كدى)، وجمعًا وتكديسًا كما في الكَوْدِ: ما جمعته من دقيق منتشر وجعلته كُثَبًا كالطعام والتراب - في (كود)، وإخراجًا بجهد كالكَيْد الحيض، وإخراج الزند النار ببطء وشدة - في (كيد)، ولصوقًا كالوكائد السيور التي يشد بها الرحل - في (وكد)، وثورا أو انقلاعًا له كالمدرة وكَدَرة الحوض - في كدر. الكاف والذال وما يثلثهما • (كذذ): "الكَذّان ككَتّان: حجارة رِخوة نَخِرةٌ كأنها المَدَر ".

(كذب)

Qخَوَرُ الشيء الظاهر الصلابة، أي خُلُوّ أثنائه (¬1) كتلك الحجارة النخرة. • (كذب): {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [البقرة: 10] "كَذَب الحرُّ: انكسر [تاج]، والعينُ: خانها حِسُّها، والسَيْرُ: إذا لم يَجِدّ [تاج] كذبَ الوْحشِيُّ: جرى شوطًا ثم وقف (لينظر ما وراءه)، وكذَب القوُم السُرَى: لم يقدروا عليه. وحَمَل فما كذَّب: ما انثنى وما جبُن. وحَمَلَ ثم كذَّب ض: لم يصدُق - وكَذَبتْ وَبَّاغَتُه (استه): ضَرِطَ ". Qنَقْص الحِدّة والشدة الجارية في الشيء أو المتوقَّعة منه كانكسار الحر الجاري، ونَقْص حِسّ العين، وتوقُّف الوحشيّ عن الجري، وعَجْز القوم عن السُرَى (وهو معتاد في أسفارهم)، وكالجُبْن عن الاستمرار في الهجوم، وضعف وِكاء الاست (حَسَب تقديرهم). ومنه "الكَذِبُ من القول "؛ لأنه نَقْص، بل فَقْد للمتوقَّع من الكلام، بل لما وُجد من أجله وهو التعبير عن حقيقة ما في النفس {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: 3] وكذّبه/ ض: اتهمه بذلك، وعدّه كذلك. {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر الكاف عن ضغط غُئوري دقيق يتأتّى منه الامتساك أو الانقلاع، والذال عن نفاذ شيء له غِلَظ أو كثافة مع رخاوة - كالكَذّان فهو متماسك وتتمثل رخاوته في كونه نَخِرًا. وفي (كذب) تعبر الباء عن تجمُّع رخو وتلاصق، ويعبّر التركيب عن تجمع على رخاوة وليونة وعدم صلابة كما في كَذِبِ الحر: انكساره أي فتوره.

إِذْ جَاءَهُ} [الزمر: 32]. وفي قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: 110] يُحمل في أنهم ظنوا أنهم أُخلِفوا لتقصير منهم أو من أتباعهم، وقال ابن عباس: كانوا بشرًا ضعفوا من طول البلاء، ونسوا، وظنوا أنهم أُخلِفوا. ثم تلا {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} [البقرة: 214] "استبطاء " [ينظر قر 9/ 276] {وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا} [الإسراء: 11]. وقد فُسِّرت الآية أيضًا بأن الرسل ظنوا أن نفوسهم كَذَبتهم في تأويلها الوعد على أنهم يُنْصرون في الدنيا لا يوم القيامة [ينظر بحر 5/ 347] وهو حَسَنٌ. هذا كله على أن الضمير في ظَنّوا، كُذبوا للرسل، لأن الرسل أقرب مذكور. ويتأتى أن يكون لأقوام الرسل. وفي (كذبوا) قراءات أخرى. وعلى كلًّ من هذين الأمرين لا إشكال في المعنى. {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} [يوسف: 18]. رُويت قراءة عن الحسن وعائشة رضي الله عنهما "كَدِبٍ "بالدال المهملة وفُسّرت بالطَّرِيّ [قر 9/ 149]، وليست المهملة بهذا المعنى في المعاجم (ولا تتأتى صوتيًا إلا بتكلف) ولو فُسِّرت به القراءةُ بالإعجام لكان مناسبًا ودقيقًا. وانظر الأصل {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ} [الأنعام: 33] إما أن المراد بعضهم، وإما أنهم يصبّون التكذيب على ما جاء به لعلمهم بصدقه. وإما أن المراد أنهم يكذبون آيات الله. وهذا يرجحه عجز الآية. وكل ما جاء في القرآن من التركيب فهو من الكذب ضد الصدق. أما قولهم "كَذَبَ عليك كذا "إغراءً به بمعنى: الزمْه، في مثل قول عمر - رضي الله عنه -: "كَذَبَ عليكم الحجُّ، كَذَبَ عليكم العمرةُ. كَذَبَ عليكم الجهادُ، ثلاثةَ أسفارٍ كَذَبْنَ عليكم "فقد قال ابن السِكِّيت: كأنَّ كَذَبْن ههنا إغراء، أي عليكم بهذه الأشياء الثلاثة "ووُجِّه النصب بالإغراء بعليكم، والرفعُ بالفاعلية لمعنى وجب). وهناك كثير من الشواهد لهذا الاستعمال شعرًا ونثرًا. [وينظر ل].

£° معنى الفصل المعجمي (كذ)

فالشواهد الكثيرة تعني أن الاستعمال غير نادر. وقد أوّله بعضهم فجعله من الكذب ضد الصدق، وأرى أنه إكراء بجدوى ما بعد (كَذَبَ)، وكونِه طيبًا، أخذًا من الرخاوة والسهولة اللازمة لانقطاع الحدة أو ذهابها، في المعنى العام الذي قدمناه. ° معنى الفصل المعجمي (كذ): الرخاوة النسبية كما يتمثل في الكذّان: الحجارة الرخوة كالمَدرَ - في (كذذ)، وفي نقص الحدة من الحرارة حين تنكسر، ونقص الجِد والشدّة في كَذِب السير أي كونه خاليًا من الجِد - في (كذب). الكاف والراء وما يثلثهما • (كرر - كركر): {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} [الإسراء: 6] "الكَرّ - بالفتح: الحَبْلُ الذي يُصعَد به على النخلة، وبالضم: مكيال لأهل العراق، وبهما: الموضع يُجمَع فيه الماءُ الآجِن ليصفو، والحِسْيُ (= رمل يتجمع تحته ماء من المطر). كَرَّرْت عليه الحديث - ض، وانهزم عنه ثم كَرّ عليه كرورا ". Qمعاودة الشيء إتيانًا أو انتقالًا إليه مرةً بعد أخرى لتحصيله (¬1): كما يُفعل بالكَرّ المذكور: إما لأنه يُعاد الصعود به مع أنه ليس سُلَّمًا؛ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر الكاف عن ضغط غئوري دقيق يتأتّى منه القلع والامتساك، والراء عن استرسال، والفصل منهما يعبّر عن معاودة بجهد وقوة كما في الكَرّ الذي يُصعد به على النخلة. وفي (كرب) تعبّر الباء عن تجمُّع رِخو وتلاصق، ويعبّر التركيب عن لصوق ما يعرو ظاهرَ الشيء من كشف مثل كَرَبِ النخل، وفي (كرس) تعبّر السين عن نفاذ بدقة =

فلا يُتوقَّع منه ذلك، وإما لأن الارتفاع به يقع مسافةً بعد مسافة). وكشأن المكيال يكال به الحَبُّ فيُنقَل مرةً بعد مرة، وكجمع الماء في مَقَرٍّ ثم جَمْعه - بعد نقله - في مقرّ آخر ليصفو، وكالحِسْي يحصُل فيه الماءُ دَفْعةً بعد دَفْعة تسرُّبا من أعلى، وكتكرار الحديث، وعَوْد المحارب إلى خَصْمه أو إلى المُعْتَرك بعد انهزامه. وكلّ معاودة للشيء فهي كَرّة {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: 4] أي مرتين، {لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً} [البقرة: 167 والزمر: 58 وكذا ما في الشعراء: 102] (دورة أخرى في الحياة) {قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} [النازعات: 12]. أي رَجْعة خائبة [قر 19 - 198] {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ} [الإسراء: 6] أي الدَوْلة والرَجْعة، إذ كانت لكم، ثم زالت، ثم أُرجعت لكم/ لمّا تُبتم ورجعتم [ذاته 10/ 217]. ثم استُعمل في مجرد الرجوع: "تَكَرْكَر الماءُ: تراجع في مسيله. وكَرْكَرْته عن كذا: رَدَدْته وحبسته. والكَرْكَرة: الطَحْنُ (وهو إدارة للرَحى وعَوْد وإرجاع)، وتصريفُ الريحِ السحابَ إذا جمعته بعد تفرُّق (إرجاع). وكِرْكِرة البعير - بالكسر: زَوْره الذي إذا بَرَكَ أصاب الأرض، وهي ناتئة عن جسمه كالقُرْصة " (إما لتكرار البروك عليها، وإما لاستدارتها فمحيط الدائرة ليس له طرف). ¬

_ = وقوة وامتداد، ويعبّر التركيب عن تراكم الشيء طبقاتٍ متواليةً بامتداد الزمن كالكِرْس. وفي (كرم) تعبّر الميم عن استواء ظاهر والتئامه على شيء، ويعبّر التركيب عن الالتئام على متجمع نَقِيّ (وجاء النقاء من استرسال الجرم ومادة كرر فيها تنقيةُ الماء وغيره أيضًا كما في الكَرّ الحِسْي وصوت الميم فيه لطف) كما في الكَرْم: العنب. وفي (كره) تعبّر الهاء عن إفراغ ما في الجوف، ويعبّر التركيب المختوم بها عن الصلابة بسبب إفراغ المسترسل (المائع) وذهابه كما في الأرض الكَرْهة.

(كرب)

• (كرب): {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} [الأنبياء: 76] "الكَرَبُ - بالتحريك: ما يبقى من أصول السَعَف الغِلاظ العِراض التي تَيْبس بعد قطع السَعَف من النخلة فتصير مثلَ الكَتِف كالمراقي. والكَرَبُ كذلك: حبل يُشدّ على الدلو في عَرَاقِي الدلو بعد المَنِين (الذي هو الحبل الأول) ثم يُثنى ثم يُثلَّث/ فإذا انقطع المنينُ بقى الكَرَبُ. الكَرِيب: الكعب من القَصَب أو القَنا ". Qعُرُوّ كثيف يقرب الوصول أو الاتصال - كما يعرو الكَرَبُ العريض الجافُّ ساقَ النخلة ويُتَّخذُ مَرْقًى، وكما يَعْرو الكَرَبُ المَنِينَ، وقد يَعْرُو العِناجَ (وهو الحبل الذي يُشدّ أسفلَ الدلو إلى عُرْوتها أو عروتيها) ويوثق اشتداد الدلو بحبله. ومن جنس ذلك الكرَب بوظيفتيه: "الكَرْب - بالفتح: فَتْل حَبْلٍ على حَبْل (قال: (لم يُكْرَب إلى الطِّوَل) فالطِوَل حبل طويل تُشدّ به الدابة ويُمسَك طرَفُه لترعى بقدر ما يُمَكّنها طولُه؛ فهو حبل، والكَرْبُ فَتْل آخر عليه، كما في الشطر الشعري هذا، وكالكرَب الذي يُشدّ على المنين والعِناج). أ) ومن هذا أيضًا: "كَرَبْتُ القيدُ: ضيَّقه على المقيَّد " (فضَمَّ الرِجلَ إلى الأخرى) "كَرَبَ وَظيفَى الحمار أو الجمل: دانَى بينهما بحَبل أو قيد ". ومن هذا أُخذ معنى المقاربة "كَرَبَ الأمرُ (قعد): دنا، وكرب أن يفعل: كاد يفعل، وكل دانٍ قريب فهو كارب، كرَبَتْ حياةُ النار: قرُب انطفاؤها. كَرَبَتْ الشمسُ للمغيب: دنت. كَرَبَتْ الجاريةُ أن تُدرك وكَرَبَ الغلام:

قارب الإيفاع ". (والأمثلة الأخيرة فيها أيضًا معنى الكثافة والغلظ الآتي). ب) ونظروا إلى وثاقة الالتحام فقالوا "وَظِيفٌ مُكْرَب: امتلأ عَصَبًا، حافر مُكْرَب: صُلْب. المُكْرَب: الشديد الأَسْر من الدواب، المُكْرَب من الخيل: الشديد الخَلْق والأَسْر. وكل شديد العَقْد من حَبْل أو بناءٍ أو مِفْصَلٍ: مُكْرَبُ ". ج) ومن العرو بكثافة "الكَرِيب: الشُوبَق، وهو خشبة الخباز " (يضغط بها العجينَ ليُبسَط). "كَرَبْتُ الناقةَ: أَوْقَرْتُها (جمعتُ عليها وِقْرًا: حِمْلًا ثقيلًا تسير به). والكِراب - جمع كَرْبة= بالفتح: صدور الأودية " (يتراكم عندها الماء). ومن هذه الكثافة معنى الملء أو مقاربته "كِرابُ المَكُّوك وغيرِه من الآنية: دون الجِمام. إناء كَرْبان: إذا كَرَبَ أن يمتلئ. وجُمْجُمة كَرْبىَ " (كانوا يستعملون جماجم البهائم أوعية). د) ومن معنوي الأصل: "الكَرْب - بالفتح: الحزن والغَمّ الذي يأخذ بالنفَس (كأنه حِمْل كثيف يَجْثِم على النفْس فيغُمّها) {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ} [الأنعام: 64]. والذي في القرآن من التركيب هو لفظ (الكَرْب) بهذا المعنى. أما قولهم "كَرَبَ الأرضَ: قَلَبَها للحَرْث وأثارها للزرع "فهو من إصابة الكريب. قالوا "التَكْريب: أن يزرع في الكَرِيب الجادِس، والكَرِيب: القَرَاح (الأرض لا ماء بها ولا شجر ولا بناء) والجادس الذي لم يُزرع قط "فالكريب من الأرض جَلْد الظاهر، كأنه مُلتحِمُهُ مع غلظه وشدته. (كثافة الطبقة الظاهرة).

(كرس)

• (كرس): {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة: 255] "الكِرْس - بالكسر: (الدِمْن الذي تلبد بعضه على بعض في الدار) / الطين المتلبِّد بَعَرَتْ فيه الإبلُ وبوَّلتْ فركب بعضُه بعضًا. المَكْرَس: مكانه. والكِرْس - بالكسر كذلك: القلائد المضموم بعضها إلى بعض: قِلادة ذات كِرْسين وذات أكراس ثلاثة. تكرَّس الشيءُ وتكارس: تراكَم وتلازب، وتكرَّس أُسُّ البناء: صلُب واشتدَّ ". Qتراكمُ الشيء مُتلازبًا طبقاتٍ حتى يعلو. ومنه الكُرّاسة لتجمع أوراقها كالطبقات. ومنه الكُرسيّ - بالضم ويكسر: ذاك الذي يُجلس عليه (لارتفاعه مع الجلوس المريح عليه مرةً بعد مرة دائمًا، فهذا الجلوس من باب التراكم المتوالي وهو علوّ أيضًا). {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ} [ص: 34]. {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة: 255] قيل: المراد به علمه، وقيل قدرته سبحانه وتعالى [وينظر قر 3/ 276 - 278]. وفي [بحر 2/ 289] وقيل (الكرسيّ): السلطان والقدرة، والعرب تسمى أصل كل شيء الكرسيّ "اهـ المراد. وعليه يمكن أن يعبّر عن المُلك بالكرسي وقوله بعده {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} يرجح هذا. • (كرم): {قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} [يس: 26, 27] "الكَرْم - بالفتح: العِنَب، والقِلادةُ من الذهب والفضة. والكَرَم - محركة:

أرضٌ مُثارة مُنَقّاة من الحجارة، وكَرَمُ الفرس: أن يرقّ جِلْدُه ويلين شعره وتطيب رائحته. وقد كَرّم السحابُ - ض، وللمفعول أيضًا): جاد بمطر كثُر ماؤه ". Qرِقّة الشيء المتجمِّع ونقاؤه أو صفاؤه، مع قبول النفس له. كحَبّ العنب، وفصوص الذهب والفضة - وهما من أَرَقّ الجواهر، وكالأرض المنقّاة من الحجارة مع صلوحها للزراعة وغيرها، وكرقّة جِلْد الفرس وشعره مع طيب رائحته. والماء المتجمع رقيق عظيم النفع وكثرته تتيح صفاءه. ومن ذلك: "الكَرَامة - كسحابة: الطَبَق الذي يوضع على رأس الحُبّ (= الزير) والقِدْر " (يحفظهما نقيين لا يسقط فيهما قَذًى). وكذلك "تَكْرِمة الرجل: الموضع الخاص لجلوسه من فراش أو سرير " (يحفظه من القذى وأدران الأرض). {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ} [يوسف: 21] كناية عن الإحسان إليه في مأكل ومشرب وملبس [بحر 5/ 293]. وهذا الأصل هو ما يُعنَى بالتنزه، قالوا: "تكرَّم الرجلُ عما يَشينه: تنزّه "وعبارة أبي حيان تعليقًا على {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 4] كريم صفة تقتضي رفع المقام كقولهم "ثوب كريم، حسب كريم " [نفسه 4/ 455] {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] جعلناهم ذوي كرم بمعنى الشرف والمحاسن الجمة [نفسه 6/ 58]. ومن تلك المحاسن حسن التقويم، والعقل واللغة، والمسئولية، وما يرقى إليه من خصال نبيلة، وتعبّد يقربه من مستوى الملائكة. ومن أهل هذه الصفة "الكريم: الذي كرَّم نفسَه عن التدنس بشيء من مخالفة ربه " {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] (الأتقى هو الأنقى من الذنوب) {وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء: 31] معنى كرَمِه فضيلتُه ونَفْى العيوب

عنه، كما تقول ثوب كريم، وفلان كريم المحتد [بحر 3/ 244]، {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} [النمل: 29] فُسِّر بأنه كان مختومًا (وهذا يتأتّى لغويًّا لكنه أَدْون مما يمكن أن تقصده الملكة) {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: 72] (لا يتلوثون به) وفي [طب شاكر 8/ 126] عن قوله تعالى: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء: 21]. قال ابن عباس: الإفضاء المباشرة، ولكن الله كريم يكنى عما يشاء ". {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة: 77، 78]. حسن مَرْضي في جنسه من الكتب، أو نفّاع جَم المنافع، أو كريم على الله تعالى [بحر 8/ 213] ولو قال: نقىّ لا يشاب بأي باطل: خُلفٍ أو اختلاف، ولا تصل إليه مكايد أعداء الله .. لكان أقرب {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [التكوير: 19] المراد بالرسول هنا جبريل [بحر 8/ 424]. هذا والكرم بالمعنى الشائع، وهو الجود، يؤخذ من الأصل من حيث إنّ الجواد سَمْح المس سَهْلها ليس كزًّا كثيفًا غليظًا، ومن حيث إن الجود بذل (قد يخفف كثافة تراكم المال عند الإنسان)، ومع تفسير [ل] الاسمَ الشريف "الكريم "من الأسماء الحسنى - بأنه "الكثير الخير الجوادُ المعطي الذي لا ينفَد عطاؤه "بالإضافة إلى تفسيره بـ (الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل ... وكل ما يُحمد) لم أجدهم أوردوا كرم الثلاثي أو أكرم بمعنى جاد وأعطى، ضد شَحّ وبَخِلَ، كما شاع: "أكرمَ الضيفَ "مع أن هذا المعنى متحقق في تفسير الاسم الجليل السابق، ويُلمح في قولهم للرجل الكريم "مَكْرَمان - بالفتح: إذا وصفوه بالسخاء وسعه الصدر ". ومعنى العطاء يُلمح في قوله تعالى: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ} [الفجر: 15] إذ تقابل {وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} [الفجر: 16] وقد تلمح في {لَا

(كره)

تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ} [الفجر: 17]، ويمكن أن تُفسَّر الأولى بالتوسعة على ما يأتي. ويُلمح العطاء أيضًا في "المكارمة: أن تُهدي شيئًا ليكافئك عليه ". والخلاصة أن لهذا المعنى مَداخلَه من استعمالات التركيب. وقد جاء في متن اللغة "وقيل إن الكرم إفادة ما ينبغي لا لغرض، فمن وهب المال لجمع منفعة أو جلب ضرر فليس بكريم ". هذا، وما جاء في القرآن الكريم من التركيب لا يخرج معناه عن صورة من النقاء والرقّة والصفاء التي ذكرناها. • (كره): {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة: 32] "يقال للأرض الصُلبة الغليظة مثل القُفّ وما قاربه: كَرْهَةٌ - بالفتح، وكَرَاهة - كسحابة. وجَمَل كَرْهُ الحِجَاجَين: شديدهما. والكَرْهاء - بالفتح: أعلى نُقْرة القفا " (هُذلية). Qصَدٌّ وردٌّ عن الغئور بالنتوء أو الاندفاع إلى الإمام - كالكَرهاء: أعلى نقرة القفا، فهي عظمية ناتئة، ونقرة القفا غائرة، وكالأرض الصُلبة الغليظة وقوله وما قاربه أي في الصلابة والغِلظ، فالصُلْب الغليظ ناتئ، وما قاربه أقل نتوءًا، وكالحِجاجَين وهما الكهفان العظميان لمقلتي العينين، وحروف الحجاجين صُلبة ناتئة ينبت على العليا الحاجب وعلى السفلى بشرة الوجنة. والمهم أن بينها الفجوة التي فيها العين. (الذي في ل "جَمَل كرةٌ: شديد الرأس "لكن الذي في الشاهد الذي أورده "كره الحجاجَيْن "ثم ذكر بعده "الكرهاء - بالفتح: الوجه والرأس أجمع "، وأرجح أن المقصود صلابة الرأس

وتجرد الوجه من اللحم، ففي [تاج] "وجه كره - بالفتح وكريه: قبيح "وفي (قبح) "القبيح طرف عظم المرفق "فالقُبْح نتوء العظام متعرية من اللحم. ومن ذلك الردّ الذي هو نتوءُ صُلْب بجانب غئورٍ أُخِذَ معنى الكراهة. فهي صَدّ وردّ أي عدم قبول. فالقَبول دخولٌ وتغلغلٌ في النفس، {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19]، والكرْه - بالفتح: الإكراه، وبالضم المشقة (أحد قولين) ويكون كل منهما بمعنى المكروه. لكن في الضم بالأصالة، وفي الفتح معنى الإكراه هو الأصل، والصيغة تقبل التأويل بـ (مكروه). {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة: 216]، {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} [فصلت: 11]. قال الزجاج "كل ما في القرآن من الكره - بالضم فالفتح فيه جائز إلا آية [البقرة 216] {وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [المصباح]. ومن الكراهة الإكراهُ لأنه تكليف وقسر على ما ليس مرغوبا {وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ} [طه: 73]. ومن الصور الحسية للردّ والدفع الذي أخذ منه معنى كراهة الشيء "ذو الكريهة من السيوف هو الذي يمضي في الضريبة "أي يندفع فيها. وكل ما في القرآن من التركيب فهو من معنى كراهة الشيء أي عدم قبول النفس إياه، أو الإكراه: حمل الإنسان على فعل ما يَكره. وسياقاتهما واضحة. {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} قصر النهي على الإكراه ليس لإجازة البغاء بالرضا، وإنما لأن الفتيات هنا هن الإماء، ومن عملهن التنقل هنا وهنا للخدمة، فيتاح لهن من الغياب عن الرقابة ما لا يتاح لغيرهن. فيكلون إطلاق نهي سادتهن عن تمكينهن شاقًّا، لأنه يتطلب أن يكون وراء كل أمَة حارس. فاقتُصِر على النهي عما كان من إستغلال بعض (السادة) إياهن في الباء.

£° معنى الفصل المعجمي (كر)

° معنى الفصل المعجمي (كر): التركز تكرارًا ومعاودة أو بقاء طويلًا لحصول النفع - كما يتمثل في الكُرّ الموضع الذي يجتمع فيه الماء الآجن (ويبقى زمنًا) ليصفو - في (كرر)، وفي تجمع الكَرَب أصول السعف مع جفافها وبقائها على ساق النخلة - في (كرب)، وفي الطين المتلبد والأبعار المتلبدة بعضها فوق بعض - في (كرس) وفي الأرض المثارة، وكثرة ماء المطر (تراكم) - في (كرم)، وفي صلابة القُفِّ من الأرض وغلظه - في (كره). الكاف والزاي وما يثلثهما • (كزز): "جمل كَزّ: صُلْب شديد. وذهب كَزّ: صُلْب جدًا. وخشبة كَزّة: يابسة معوجة، وكذلك القناة. وبَكَرة كَزّة: ضيقة/ شديدة الصَرير. وكَزَّ: انقبض من البرد ". Qشدة انقباض الشيء وتداخُل بعضه في بعض على اكتناز؛ فيصلب جدًّا (¬1) كالجمل والذهب وسائر المذكورات ... ومنه رجُل كَزٌّ: بخيل - كما يقال مُمسك. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر الكاف عن ضغط غئوري دقيق يتأتّى منه التماسك والقلع. والزاي عن اكتناز وصلابة، والفصل منهما يعبّر عن شدة انقباض الشيء وتداخُل بعضه في بعض كالجمل الكَزّ. وفي (وكز) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال، ويعبر التركيب معها عن إصابة الجسم بصلب غليظ ضديد صَدْما كالوكز الطعن بجمع الكف فجْمع الكفّ منقبض شديد وتلقِّي الإصابة اشتمال. ونحن نقول الآن: ناولَه/ أعطاه لَكْمة.

(وكز)

• (وكز): {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص: 15] "وَكَزَه: دَفَعَه/ طعنه بجُمْع كَفّه، ووَكَزْتُ أنفهَ: كسرته. ووَكَزتْه الحيَّةُ: لدغته ". Qإصابة البدن بصُلْب غليظ شديد دفعًا بقوة كالصدْم - كالطعن المذكور. ووَكْزُ الحية له أثر شديد. ° معنى الفصل المعجمي (كز): الصلابة الشديدة من شدة التداخل - كما في الذهب الكزّ الصلب جدًا - في (كزز)، وكما في الوكز: كسر الأنف والطعن بجُمْع الكف وهو شديد - في (وكز). الكاف والسين وما يثلثهما • (كسس): "الكَسَس - محركة: أن يقصُر الحنكُ الأعلى عن الأسفل، وقِصَر الأسنان وصِغَرها. وكَسّ الشيءَ: دقَّه دقًّا شديدًا ". Qنَقْصُ نتوء الشيء عن المعتاد أو المتوقَّع (كأنما أُخِذَ نتوءُه كَشْطًا أو نحتًا) (¬1) كنقص الحنك الاعلى عمّا تحته، وكالأسنان الموصوفة. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر الكاف عن ضغط غُئوري دقيق، والسين عن نفاذ بدقة وقوة أو حدة وامتداد في أثناء، والفصل منهما يعبِّر عن نقص في نتوء جرم الشيء كأنما ضُغط بحدة أو نَفَذَ فيه حادٌ أذهب انتصابَه وأَهبط نتوءَه/ كقِصَر الحنك الأعلى، وفي (كسو) يضاف معنى الاشتمال، فيعبّر التركيب عن ستر الشيء وتغطيته بنفاذه في أثناء ما يشتمل =

(كسو)

والدقُ يُهبِط نتوءَ جِرْمِ المدقوق بتفتيته أو سَحْقه. • (كسو): {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} [المؤمنون: 14] "الكُسْوة - بالضم والكسر: اللِباس ". Qسَتْر الشيء وتغطيته شمولًا بما هو كالغشاء. كالملبس ينفُذ الجسمُ في فَجْوته فيُغطّيه {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} [المؤمنون: 14]، {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]. وليس في القرآن من التركيب إلا ما هو بمعنى كسوة البدن بالثياب أو كسوة العظم باللحم. أما "الكَسَاء - كسَحاب: المجد والشرف والرِفعة "فهو من معنويّ ذلك الأصل، كما يقال الآن: "فلان مستور مكسوّ "، أو من رمزية الاكتساء بالثياب إلى ذلك. وكذلك قولهم "كاساه: فاخره ". ¬

_ = ويلتف عليه كالكسوة. وفي (كأس) يزداد النقص بضغط الهمزة فيعبّر التركيبُ عن وعاء عميق وهو الكأس، وفي (كسب) تعبّر الباء عن التجمع الرخو مع تلاصق، ويعبّر التركيب عن جَمْعٍ متحصِّل عَنْ أخْذٍ بدقة (كالقشر) أو شيئًا بعد شيء كعمل الكواسب الجوارح وككسب المال. وفي (كسد) تعبّر الماء عن نفاذ بإبعاد وطرد، ويعبِّر التركيب عن إبانة جزء من الشيء دقيق كالكِسْفَة. وفي (كسل) تعبر اللام عن امتداد واستقلال. ومع النقص يعبّر التركيب عن التراخي وذهاب القوة أو الهمّة كما في الكسل.

(كأس)

• (كأس): {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا} [الإنسان: 5] "الكَأْس: الزجاجةُ ما دام فيها خمر، وقيل هي الشرابُ/ الخمرُ بعينها. وقيل هو اسم لهما على الانفراد والاجتماع ". Qوبالنظر إلى الكِيس: وعاء الدراهم والدنانير، ومع الاعتداد بضغط الهمزة، أقول إن الأصل هو الدلالة على غُئور شديد في شيء شديد التماسك. ويصدُق هذا على الكأس الملأى لدَفْع الشَراب في داخلها، وعلى الكأس الفارغة لغُئور جوفها مع صلابتها، لكن الأول أولى للتحقق الفعلي. • (كسب): {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} [لقمان: 34] "الكواسب: الجوارح: وكَسَابِ: اسم للذئب. وكَسَبْت المال (ضرب): أصبته ". Qجَمْع الشيء وتحصيلُه (شيئًا بعد شيء) بجُهْدٍ ما أخذًا من حيث كان: كما تأخذ الجوارحُ (الكلابُ والطيورُ المعلَّمة الصيدَ) فرائسَها (مرةً بعد أخرى)، وكما يُجمع المالُ من مظانّه (شيئًا بعد شيء). ومنه: الكَسْب: طَلَبُ الرزق. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267] (المقصود ما حصّلتم من رزق) ومن هذا الباب ما في [202، 264 منها وما في الأنعام: 158] وكل {لَهَا مَا كَسَبَتْ}، {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} [المسد: 2]. واستعملت في كسب الحرام، {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} [المائدة: 38].

(كسد)

وعمِّم فقيل في تفسير كسب: "جَرّ خيرًا أو شرًّا "، كما في "جَرَم "وكثرت في غير الخير، لما في الأصل من معنى الجهد، وصيغة الافتعال تقوى ذلك ولا تخلقه. ولا اختصاص للتركيب ولا لهذه الصيغة بالشر، فقد استُعملتا في الخير في [البقرة 202، 2674، النساء 32، الأنعام 158، إبراهيم 18] وهذا بالإضافة إلى ما هو عامّ أي صالح {ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ} [البقرة: 281] , والسياق يحدد المقصود. ومن هذا العامّ [البقرة 134، 141، آل عمران 25، 161, الأنعام 3، الرعد 33، 42، إبراهيم 18، 51، لقمان 34، غافر 17، الجاثية 22]. واستُعمل الاكتساب في جمع المال {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} [النساء: 32] وفي جَرْم الإثم {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ} [النور: 11]. وكذا {وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286, وما في الأحزاب: 58]. • (كسد): {وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا} [التوبة: 24] "كَسَدَ المتاعُ وغيره: لم يَنْفَق. وانْكَسَدَتِ الغنمُ إلى الغنم: رَجَعَتْ. [ق] ". Qجُمود الأشياء (المتفرقة الأفراد) وتكدُّسها لا تتسبَّب أو تنصرف: كالمتاع الذي عُرض ليباع فلم يُفارِق. وكالغنم التي رجعتْ فتجمَّعت. {وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا} أي عدم نَفاق السلع أي تسيُّبِها بيعًا. ومن لازم ذلك قالوا: "الكَسِيد: الدُون ". • (كسف): "ثَريدةُ كِسْفٍ: أي خُبْز مُكَسَّر. وأعطِنِي كِسْفَةً من ثوبك، أي: قطعة. وكِسَف السحاب: قِطَعُه. كَسَفَ عُرْقوبَ البعير والفرس: قَطَع عرقوبَه دون

(كسل)

سائر الرِجل ". Qقَطْعُ إبانةٍ لجزء من شيء عريض أو دقيق متماسك كالخبز والثياب والعُرْقوب. وكقِطَع السحاب، جاء في [متن] "الكِسْفَة: القطعة من سحاب بقدر ما يكسف عين الشمس " (المقصود العِرَض) {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ} [الطور: 44] (أي قطعة عريضة)، {وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} [الروم: 48] (قطعًا عريضة). وليس في القرآن من التركيب إلا الكِسْف وجمعه كِسَف. ومن ذلك: "كَسَفَ القمرُ وكذلك الشمس (جلس): ذهب ضوءُها واسودّتْ " (لانقطاع ضوئهما وذَهابه، أو من قولهم: "كَسَفْت الشيءَ غطَّيته "أي بِكسْفةٍ كما يقال لَحمَ القومَ أطعمهم اللحم فتكون الصيغة للتزويد) ومن ذلك "رَجُل كاسِفُ الوجه: عابسه (كالمغطَّى بغَبَرة). وكَسَفَ بالُه (جلس): ضاق أملُه وساء حالُه " (كأنما حُجِب عن سبيل الفرَج). • (كسل): {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء: 142] "الكِسْلُ والمِكْسَل - بالكسر فيهما: وَتَرُ القوس التي يُندَف بها القطن إذا نُزع منها ". Qارتخاءُ الممتد الدقيق الذي شأنه أن يكون شديد التوتر كالكِسْل المذكور. ومنه "الكَسَلُ - محركة: التثاقل عن الشيء والفتور فيه " (رخاوة) {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} [وكذا ما في التوبة: 54]- ومنه "أَكْسَلَ - جامع ثم لحقه فتورٌ قبل أن يُنزل ".

£° معنى الفصل المعجمي (كس)

° معنى الفصل المعجمي (كس): النقص بالدقّ أو القَشر أو نحوهما من التأخر والغئور كما يتمثل في نقص الحنك الأعلى عن الأسفل بعكس المعتاد، وفي الدق الشديد - في (كسس)، وفي البدن قبل الكسوة أي دونها - في (كسو)، وفي غئور الكأس أي تجوفها - في (كأس)، وفي أخذ الكواسب ما تصطاده - في (كسب) (كما يقال حرف، قرش)، وفي بقاء السلعة جامدة مكانها لا تَنْفَق فلا تنمو (وهذا نقص بالنسبة لما كان متوقعًا) - في (كسد)، وكما في الكسف القطع - في (كسف)، وكما في رخاوة وتر القوس والأصل أن يكون مشدودًا - في (كسل). الكاف والشين وما يثلثهما • (كشش): "الكَشِيش: صوت تُخرجه الأفعى من فيها. وكَشِيش الشَراب: صوت غَلَيانه. وكشَّتِ الجَرَّةُ: غَلَتْ (المقصود التي يُعَتَّقُ فيها الخمر والنبيذ). وكَشَّ الزَنْدُ كَشيشًا: سمعتَ له صوتًا خوّارًا عند خروج ناره. وكَشَّ الضَبُّ والوَرَلُ والضِفْدَع: صوَّتَ ". Qخروج شيء لطيف الجرم (حادّ) من الأثناء بانتشار (¬1): كنفَس الأَفْعَى، وبخار الماء الذي يغلي، وخروج النار. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الكاف عن ضغط غئوري، والشين عن تفش وانتشار، ويعبر الفصل عن خروج شيء لطيف الجرم بتفشٍّ وانتشار كنفَس الأفعى الخ. وفي (كشط) تعبر الطاء عن غلظ وتجمع، ويعبر التركيب عن كشْف ونزع لما هو غيظ ينتشر على الشيء مغطِّيًا إياه، كما في كَشْط الجلد. وفي (كشف) تعبّر الفاء عن نفاذٍ بإبعاد وطَرْد، ويعبّر التركيب عن ذهاب ما يغطِّي ما شأنه أن يغطَّى - كما في الأَكْشَف.

(كشط)

• (كشط) {وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ} [التكوير: 11] "الكِشَاط - ككِتاب: الجِلْدُ بعد ما يُكشط (يُسلَخ). كَشَطَ الغِطاءَ عن الشيء، والجِلْدَ عن الجَزُور، والجُلَّ عن ظهر الفرس (ضرب): قَلعه ونَزَعه وكَشَفه عنه ". Qنَزْعُ الغطاء الذي ينتشر على الشيء لازقًا به، أو كَشْفُه: كما يُكشَط الجِلْد عن المسلوخ والجُلُّ عن ظهر الفرس. ومنه "تَكَشَّطَ السحابُ: تقطَّع وتفرَّق " (والسحاب يغطِّي السماء). ومن ذلك كشط السماء - في آية التركيب كما عُبِّر بـ (انشقت) (انفطرت) (فُرجت) (فُتحت). لكن لكلٍّ معنى خاصّ. • (كشف): {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ} [الأنبياء: 84] "الكَشَفُ - محركة: رُجُوع شَعر القُصَّة في الجبهة قِبَل اليافوخ وهو أَكْشَف. والكَشَفُ في الخيل: التواء في عَسِيب الذَنَب (تنكشف عنه أدبارها). كَشَفْت الثوبَ وغيره (ضرب): سَرَوْته عن البدن ونحوه. وأَكْشَفَ الرجلُ: إذا ضَحِك فانقلبتْ شفتُه حتي تبدو دَرادِرُه. واكْتَشَفَ الكَبْشُ النعجةَ: نزا عليها ". Qتنحِّي ما شأنه أن يغطَّى من ظاهر الشيء فيَظهر مِنْ تحته: كظهور جِلد مقدَّم الرأس، ودُبُر الأَكْشَف من الخيل، وظهور ما تحت الشَفَة في ضحك المذكور، واكتشاف الكبش النعجةَ إزاحته ذيلَها عند نَزْوه عليها. فمن تنحية الغطاء الماديّ {وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا} [النمل: 44]. ثم استُعمل في تنحية ما يَغشى معنويًّا {لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ} [الأعراف: 134]، ومن هذا الباب قوله

£° معنى الفصل المعجمي (كش)

تعالى: {فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: 22]. {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] كناية عن شدة الأمر وتفاقمه .. وهو مجاز شائع في لسان العرب (وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرو) [بحر 8/ 309] وسائر ما في القرآن من التركيب هو من كشف الضر والعذاب والسوء والآزفة. ° معنى الفصل المعجمي (كش): خروج ما هو متغلغل في أثناء الشيء أو شديد الالتحام به - كما يتمثل في النفَس الذي تخرجه الأفعى، وخروج بخار الشراب الذي يغلي منه - في (كشش)، وفي سلخ جلد الحيوان - في (كشط)، وفي خلو مقدم الرأس من الشعر - في (كشف). الكاف والظاء وما يثلثهما • (كظظ): "الكِظَّة - بالكسر: البِطْنة: كَظَّه الطعامُ والشرابُ: ملأه حتي لا يُطيق التنفس ". Qامتلاء البطن ونحوها امتلاء شديدًا بغليظ نَفَذَ إليها (¬1) كالكِظّة المذكورة. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر الكاف عن ضغط غُئوري حاد يتأتّى منه القلعُ والامتساكُ، والظاء عن غِلَظ، والفصل منهما يعبّر عن امتلاء البطن ونحوها امتلاءً شديدًا بغليظ نَفَذَ إليها وامتَسَكَ، كما في الكِظّة في كظظ. وفي (كظم) تعبِّر الميم عن التئامِ ظاهر، ويعبِّر الفصل المختوم بها عن الالتئام على ذلك الغليظ في الجوف كما في الكظامة وكَظْم الغيظ.

(كظم)

• (كظم): {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} [آل عمران: 134] "الكِظَامة: آبار متناسقة بينهن قناةٌ في باطن الأرض يجري الماءُ بينهن من الأولى إلى الأخيرة (وهي الكَظِيمة أيضًا)، وحَبْل يُشَدّ به أنف البعير، والكِظَامة أيضًا مَخْرَج البول من المرأة، وفمُ الوادي وأعلاه بحيث ينقطع. والكِظَامة والسِدادة - كرسالة فيهن: ما سُدَّ به. وكسَبَب: مخرج النَفَس. وكل ما سُدّ من مَجرى ماءٍ أو باب طريق: كَظْمٌ (كأنه سُمِّي بالمصدر) "كَظَمْتُ البابَ (ضرب): قمتَ عليه فسددتَه بنفسك أو بشيءٍ غيرِك، وكَظَم البعيرُ جِرَّتَه: ازْدَرَدَها وكَفَّ عن الاجترار. والكُظُوم السكوت ". Qسدّ فتحة الشيء سدًّا حينيًّا (أو اختياريًّا) على ما في باطنه من غليظ أو كثير: كالماء الكثير في الكِظَامة، وكالنَفَس في الأنف، وكل ما يُسَدّ عليه من المذكورات. ومنه "كَظَم غيظَه: ردَّه وحَبَسَه وأمسكَ على ما في نفسه منه (والغيظ غِلَظٌ) {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} [آل عمران: 134]- ورجل مكظوم وكَظِيم: مكروبٌ قد أخذ الغمُّ بكَظَمِه {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} [القلم: 48] مملوء غْمًّا وكَرْبًا، أو محبوس [قر 18/ 253] والأوضح المستيقَن أن هنا كَظْمًا ماديًّا واقعًا عليه {وَهُوَ مَكْظُومٌ} فتفسيره بالمحبوس هو الأصل، والكرب لازم له. {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [النحل: 58, والزخرف: 17] ممتلئ القلب حزنًا وغمًّا [بحر 5/ 48] (ولعل عين المعنى أنه لا يستطيع أن يبث حزنه وغمه لئلا يعاب)، {إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} [غافر: 18]. وقعت في الحناجر من المخافة فهي لا تخرج ولا تعود في

£° معنى الفصل المعجمي (كظ)

أمكنتها .. إخبار عن نهاية الجزع [قر 15/ 302] (والتصريح بالخوف عار) {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} [يوسف: 84] مكظوم مملوء من الحزن ممسك عليه لا يبثه [نفسه 9/ 249]. ولعل هذا كان قبل أن يقول {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86] أو أن ما كان يبثه كان أقل مما يشعر به فيظل عنده ما يكظمه. ° معنى الفصل المعجمي (كظ): امتلاء الجوف امتلاء شديدًا - كما يتمثل في قولهم كظه الطعام والشراب: ملأه حتى لا يطيق التنفس - في (كظظ)، وفي الكظامة مخرج البول من المرأة (اعتبر فيه أنه سِداد يحبس لكنه ليس بقوة محبس الرجُل)، وفي الكَظَم: مخرج النفَس (هو أيضًا سداد يحبس حينيًّا) - في (كظم). الكاف والعين وما يثلثهما • (كعع - كعكع): "رجل كَعٌّ وكاعٌّ: لا يمضي في عَزْم ولا حَزْم، وهو الناكص على عقبيه. تكعكع: هاب القومَ وجَبُن عنهم وتركهم بعد ما أرادهم. رأيناك تكعكعت أي أَحْجَمْتَ وتأخرت إلى وراء. أَكَعَّه الخوف وكعكعه: حبسه عن وجهه ". Qتوقُّفٌ وتحبس عن مواصلة الإقدام على ما يستدعي الإقدام جبنًا (¬1) كما هو واضح. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر الكاف عن ضغط غُئوري حاد قد يقلع وقد يؤدي إلى امتساك، والعين عن التحام مع رقة، والفصل منهما يعبّر عن تماسك والتحام على رقة وضعف كالذي لا يمضي جبنًا والمتحبس. وفي (كعب) تعبّر الباء عن تجمع رِخْو مع تلاصق، ويعبّر التركيب عن نتوء مادةٍ متجمعة على رقةٍ كالكعب وثدي الكاعب.

(كعب)

• (كعب): {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} [المائدة: 97] "الكَعْب - بالفتح: الكُتلة من السَمْن، وعُقْدَة ما بين الأُنبوبين من القَصَب والقناة. والكعبان من الإنسان: العظمان الناشزان من جانِبَيْ القدم. والكِعَاب ككتاب (جمع كَعْب): فُصوص النَرْد - كَعَبَ ثديُ الجارية (قعد، جلس): نَهَدَ: فهي كعَابٌ، كسحاب، وكاعب ومُكَعِّب ". Qتكتُّل الشيء وتجمُّده ناتئًا عما حوله - ككَعْب السَمْن وكعوب القصب وكعوب القدم .. {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6]، وثدْى الجارية {وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا} [النبأ: 33] جمع كاعب. ولتحرير معنى كعوب الثدي نجد في (نهد) "نهد الثدي ينهُد نهودًا إذا كعَب وانتبر وأشرف. نَهَد الثدي: إذا ارتفع عن الصَدر وصار له حجم "اهـ. وفي (ركس) ارتكست الجارية طلع ثديها، فإذا اجتمع وضخم فقد نهد "والذي أقوله أن الضخامة لازمة للنهود (الذي هو النتوء والارتفاع) هنا في أمر ثدى المرأة خاصة. ولكن الضخامة أكثر أصالة في الكعوب، لأنه من "كعّب الشيءَ: ربّعه. والكعبة: البيت المربع ". والبيت المربع له جوانب مرتفعة. وهذه هي الضخامة. وبذا تجتمع الصفتان. ويضاف إلى ذلك أن التضخم الذي يتحقق في الكعوب هو أدلّ علي نضج الجارية من النهود. وهي المرحلة المناسبة من حيث النضج للنساء أكثر من مرحلة النهود التي قبلها. وقول الثعالبي في فصل طبقات الناس إن "الكاعب منهن بمنزلة الحَزَوّر منهم "وهو "الغلام إذا قوي واشتد وأدرك "يؤيد ما قلنا. ونعود إلى التكعيب "كعَّب الشيءَ - ض: ربّعه. والكَعْبة: البيت المربَّع، سُمي كعبة لارتفاعه وتربُّعه ومنه

الفصل المعجمي (كع)

"الكعبة: البيت الحرام شرّفه الله تعالى وعظّمه وكرّمه. {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} [المائدة: 97 وكذا ما في 95 منها]. ° الفصل المعجمي (كع): النتوء الجزئي مع عدم الاسترسال فيه - كما يتمثل في موقف الجبان فهو يتقدم قليلًا ثم يتوقف - في (كعع)، وكما في كعب الرِجْل وعقدة الأنبوب - في (كعب). الكاف والفاء وما يثلثهما • (كفف - كفكف): {إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} [المائدة: 11] "كَفُّ الإنسان: الراحةُ مع الأصابع. وكِفَاف الثوب: حاشيته. وكلٌّ مَضَمِّ شيءٍ كِفَافُه. وكُفّة القميص - بالضم: التي تكون في طرف ذيله/ ما استدار حول الذيل. والكِفَّة - بالكسر: كلُّ شيء مستدير كدارة الوَشْم، وعُود الدُّفّ (المقصود إِطارُه)، وكِفَّتى الميزان - وهذه تفتح. كَفَفْتُ الثوبَ (رد) خِطتُ حاشيتَه/ تركتُه بلا هُدْب. وكَفَّ الجُرحَ بخرقة: جَمَعَها حوله (وضمّه بها) واستَكَفَّ القومُ حول الشيء: أحاطوا به. واستَكَفَّتِ الحيّةُ تَرَحَّتْ كالكِفّة ". Qقَبْضُ الطرَف المنتشر وثَنْيه ورَدُّه فلا ينتشر (¬1) ككف ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر الكاف عن ضغط غُئوري حادّ يتأتّى منه القلعُ والامتساك، والفاء عن نفاذ كثيف بطرد وإبعاد، والفصل منهما يعبّر عن ثَنْي ذاك النافذ عن الامتداد والانتشار، كما تفعل الكفُّ، ويلزم معنى الجمع من الثَنْي والردّ، وفي (كفى) تضاف دلالة الياء على الاتصال مع الامتداد، ويعبّر التركيب عن بروز معنى الجمع في حيِّز (يمتلئ به ولا =

اليد، إذ يمكن أن تَنثني بأصابعها علي ذاتها (فتَضُمّ ما فيها تبعًا) {إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ} [الرعد: 14] (بسط الكف يكون بفتحها وأقصاه يكون مع نشر الإصابع وبذا لا تحمل ماء) ونظر إلى التمثيل ففُسِّر بسط اليد إلى الماء بدعوته إياه أن يبلغ فاه. وهيهات [ينظر بحر 5/ 368] {فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا} [الكهف: 42] هذه كناية عن التحسر. قالوا و "للصقر وغيره من جوارح الطير كَفّان في رجليه، وللسَبُع كَفّان في يديه؛ لأنه يكُفّ بهما على ما أَخذ ". وكَفُّ حاشية الثوب يكون بردّ طرفها وثَنْيه. والمستدير رُدّ عن استرساله على استقامته وحُنِيَ شيئًا بعد شيء حتي تكونت دائرته. ومن هذا الثَنْي والرَد: "كَفّ الرجلَ عن الأمر وكَفْكَفَه: مَنَعَه وصَرَفَه (ردَّه) فكَفَّ هو {فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ}، {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 84]، وكل (كف الأيدي أو القوم عن) فهي بمعنى الصرف عن القتال أو عن العدوان. و "المكفوف: كُفّ بصره وضُمّ جَفْنه عليه. وكَفْكَفَ الدمعَ: مَسَحه مرةً بعد أخرى ليردّه، وتكفَّف الدمعُ: ارتدّ ". ومن ثَنْي المسترسل ورَدِّه على ذاته فيتجمع استُعمل التركيب في معنى ¬

_ = يزيد) كما في إمساك الكِفْي الماءَ, وفي (كفأ) تزيد الهمزة دفعًا وضغطًا يزيد معنى الثني والرد كما في كَفْءِ الإناء وكِفَاء البيت. وفي (كفت) تعطي التاء ضغطًا دقيقًا ويعبر التركيب بها عن ضمٍّ في أثناءٍ بدقة وقوة كما في الكِفْت القدر الصغيرة. وفي (كفر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب بها عن استرسال ذلك الكثيف فيغطي كالكافور: كِمّ العنب. وفي (كفل) تعبر اللام استقلال ويعبر التركيب عن احتمال هذا الكثيف وتميزه كما في الكَفَل والكِفْل.

(كفى)

الجمع والصون "كفَّ الشيءَ: جمعه وضمَّه. والكافّة: الجماعة ""كفَّ ماءَ وجهه: صانه ومنعه عن بَذْله في السؤال "، كما يؤخذ معنى الإحاطة من كف الثوب وكف طرف ذيل القميص خاصة. {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة: 208]، كما أن كلمة (كافة) هي بصيغتها يمكن أن تكون اسم فاعل من كفّه عن الأمر بمعنى منعه وصرفه، فيكون {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ: 28]. معناه إلا كافًّا لهم عن الكفر والزيغ عن السراط المستقيم، أو بمعنى جامعًا لهم في الإبلاغ. والسياق يجيز كليهما هنا. [ينظر بحر 7/ 268]. وكَفاف الشيء - كسحاب (قدرُ ما ينكفُّ على الشيء لا يزيد) - قالوا "لَحْمُه كَفَافٌ لأديمه: إذا امتلأ جِلْدُه من لحمه. قال: فُضُولٌ أَراها في أَدِيميَ بعدما ... يكونُ كَفافَ اللَحْمِ أو هُو أَجْمَلُ (أراد تَغَضُّن جِلْده لكِبَره بعدما كان مُكتنز اللحم وكان الجِلْد ممتدًّا مع اللحم بل كان اللحم أكثر فكان يشدُّ الجلد). ومن هنا: "الكَفَاف من الرزق: القُوت/ ما كَفَّ عن الناس أي أغنى/ ليس فيه فَضْل. وكَفَاف الشيء: مِثْلُه وقَيْسُه ". • (كفى): {وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} [الفرقان: 31] "الكِفْي - بالكسر: بطن الوادي. والكُفْية - بالضم: القُوتُ/ ما يكفيك من العيش. وتكفّي النبتُ: طال ". Qبلوغ الامتلاء أو النمو إلى الكمال المناسب دون زيادة. كما أن كِفْى الوادي (أي لا الوادي كله) هو الذي يظل ممتلئًا عادة ويكفيهم،

(كفأ - كفو)

والقوت في البطن هو الحد الأدنى من ملئها لكنه يُعيش، وطول النبت هنا كأنه بلغَ معتاد حاله. ومنه "الكَفِيّ - كغَنِيّ: المَطَر " (نظروا إلى أنه يُسدّ حاجتهم). ومن هذا الأصل: "كَفاك الشيءُ يكفيك: استغنيتَ به عن غيره وقَنِعْتَ به (سدّ حاجتَك بقدر ما تحتاج)، وكفى فلانًا مئونَته: جعلها كافيةً له أي قام بها دونه فأغناه عن القيام بها " (إمداد بالكفاية) {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} [الأحزاب: 25] (أغناهم عنه، فقد انهزم الأحزاب)، {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: 95]، بمصائب أصابتهم (فأهلكتهم) لم يسع فيها الرسول ولا تكلّف لها مشقة [بحر 5/ 455] {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} [البقرة: 137] لن يصلوا إليك بشيء تمليه عداوتهم بسبب توليهم وشقاقهم فإن الله يكفيك شرهم. وهذا ضمان منه سبحانه كفايته إياهم، ويتضمن ذلك إظهاره - صلى الله عليه وسلم - على أعدائه [ينظر نفسه 1/ 583]، {وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا} [النساء: 45] (أي لا يُحتاج مع ولايته ونَصْره إلى ولاية غيره أو نَصْره) {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: 53] أي أو لم يكفك أو يكفهم ربّك والباء زائدة، (أنه الخ) بدل من (ربك) [نفسه 7/ 483]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى الإغناء وعدم الاحتياج إلي إضافة في بابٍ ما (حسيبًا، وليًّا، نصيرا، إثما ..). • (كفأ - كفو): {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 3، 4] "الكِفَاء - كِكتاب: سُتْرة في مؤخَّر البيت من أعلاه إلى أسفله - كَفَأَ القِدْرَ والصَحْفةَ والإناءَ: قَلَبه (على وجهه) كبَّه ".

(كفت)

Qالانطباق تغطيةً للجانب الخَلْفِيّ المكشوف من الشيء - بقدْره. ككفاء البيت الموصوف. ونُظر في قلب القِدْر والصحفة والإناء إلى أن أسفلها وهو آخرها (ككفاء البيت مؤخره) قد ظهر سادًّا لما كان فتحة في أعلاه وبقدر الفتحة وذلك بقلبه على وجهه. ومن هذا "كُفْء الشيء - بالضم وكعُنُق وكتاب وجميل: مِثْلُه ونظيره ومساويه (أخذًا من مطابقة الغطاء الجانب المكشوف بقدره) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} سبحانه وتعالى. ومن هذا أيضًا: "الكَفاءة في النكاح، وتكافُؤ دماء المسلمين، والكَفْأة - بالفتح والضم: نِتاج (أحد العامَيْن حين) تُقَسَّم الإبل نصفَين (فيُلْقَح نصفٌ منها هذا العام، ويُلْقَح النصف الآخر في العام التالي). ومن الانطباق الخَلْفِيّ في الأصل: "التكفُّؤ في المشي: التمايل إلى قُدّام كأنما سينكفئ، وانكفأ إلى كذا: رَجَع ومال، والقومُ: انصرفوا " (التكفُّؤ كالانطباق إلى الأمام، والرجوع والانصراف هما صورة عكسية من المطابقة). • (كفت): {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} [المرسلات: 25، 26] "الكِفْت - بالكسر: القِدْر الصغيرة. وككتاب: الموضع الذي يُضَمّ فيه الشيء ويُقبض. وجِراب كَفِيت: لا يُضيِّع شيئًا مما يُجعل فيه، وكذلك كِفْتٌ - بالكسر. كَفَتَ الشيءَ (ضرب): ضمَّه وقبضه. وكفتُّه: ضممتَه إلى نَفْسك. وفي الحديث اكْفِتوا صِبيانَكم، أي ضُمُّوهم إليكم واحبِسُوهم في البيوت " (عند انتشار الظلام).

(كفر)

Qقَبْض الشيء وضمُّه في حيِّز أو وعاء بدقة وقوة لا يَنِدّ منه شيءٌ. كضَمّ القِدْر الصغيرة لما فيها، والجراب لما فيه. والمنازل كِفاتُ الأحياء، والمقابر كِفاتُ الأموات. {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} أي منزلًا يضُم النوعين، أو ذات كِفات ". ومنه "كَفَتَ (جلس): أسرع في العَدْو والطيران وتقبَّض فيه. وفرس كَفِيت وقَبِيض وكَمِيش. وتكفَّتَ ثوبي: تشمَّر وتقلَّص "كلّ ذلك من التقبض (في حيز دقيق) ومنه كذلك: "الكَفِيت: القوت من العيش، وقيل: ما يُقيم العيش " (يحفظ الحياةَ فقط، إذ القوت والقوام يُمسك النَفْسَ فلا تَهلك). ومنه: "كَفَتَه عن وجهه: صَرَفَه ورَجَعه " (ردَّه على نفسه فانقبض راجعًا والتقدم استرسال). • (كفر): {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} [الحجرات: 7] "الكافُور من الكَرْم: الوَرَق المغطِّي لما في جوفه من العنقود، وكِمُّ العنب قبل أن يُنوِّر، ووعاءُ طَلْع النخل، كالكَفَر - محركة، والكُفُرَّى (مثلثة الأول والثاني معًا مع تضعيف الراء والقصر)، والكَفْر: بالفتح: ظُلمة الليل وسواده، وبالضم: القِير الذي تُطلى به السفن. الزارع يكفُر البَذْرَ المبذور بتراب الأرض: إذا أمرَّ عليها مالَقَه (= الزحّافة)، وكَفَر الرجلُ متاعَه (نصر): أَوْعاه في وعاء، والفارسُ دِرْعَه بثوب: غطّاه ولَبسَه فوقه فهو كافر، وكَفَر الليلُ الشيءَ: غطّاه بسواده، وكل ما غطَّى شيئًا وكل من سَتَر شيئًا فقد كَفَره ".

Qتغطيةٌ تامة كثيفة لا يظهر معها شيءٌ من المغطَّى: كالوَرَق والكِمّ والطَلْع والظُلمة والقِير لما وراءهن .. ومنه "الكافرُ: الوادي العظيمُ (يغطِّي بانخفاضه أو شجره)، والنهرُ (بمائه الكثيف)، والسحابُ المظلم (بظلمته)، والكَفْر - بالفح: الترابُ (يغطِّي ما يَسْفِي عليه). فالتغطية هنا دَفْن. والكافر بالله من ذلك؛ لأنه غطَّى في نفسه بعماه شواهدَ وجود الله وعظمته الظاهرة والباطنة، أو تغطَّى عنها {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البقرة: 6، 7] وكل ما في القرآن من التركيب فهو من الكفر بالله عز وجل - عدا ما نذكره بعدُ وننبه عليه. ومن هذا الكفر بالله كل (كفّار)، وما في [الإسراء: 27، سبأ: 17، فاطر: 36، الزخرف: 15، الدهر: 24] من صيغة (كفور)، وسائر هذه الصيغة يحتمل أن يكون بمعنى كفر النعمة أيضًا. أما (كفور) بضم الكاف فهي مصدر بمعنى الكُفْر بالله تعالى. وقد ذكر الراغب أنه قد يعبَّر عن التَبَرِّي بالكفر كما في قوله تعالى {ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ} [العنكبوت: 25] وقوله تعالى {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} [إبراهيم: 22]. وهو ملحظ جيد لأن يوم القيامة ليس فيه كفر بالله تعالى. والتبري جحد علاقة كانت موجودة فهو من باب جحد وجود الله أو وحدانيته أخذًا من تغطية شواهد ذلك. ومن ذلك كفر النعمة و "كَفَرَ نعمةَ الله: جَحَدَها (أنكرها وغطَّاها، أو تغطَّى عنها كأنها غير موجودة) {فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ} [النحل: 112]، {وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} [النحل: 72]. وهذا ضد {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11] , {فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ} [الأنبياء: 94]. ومن كُفْر النعمة هذا ما في [البقرة:

(كفل)

152، آل عمران: 115، إبراهيم: 7، 28، النحل: 72، 83، النمل: 40، لقمان: 12 الدهر: 3] وعدّ الراغب من هذا ما في [البقرة: 102, 276، آل عمران: 97] ويُطلق على الزُرّاع الكُفّار كما سبق {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} [الحديد: 20]. وكفّارات الذنوب من صدقة أو صوم أو نحوها تستُر الذنوبَ وتغطِّيها فلا تُرى ولا يؤاخَذ عليها (أو هو كناية عن مَحْوها) كالغفران من الغَفْر: التغطية أيضًا {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] وكل (كفّارة) فهي بهذا المعنى. والكافور: نبت طيِّب الريح يشبَّه بالكافور من النخل (الريح الطيبة تغطي وتحجب غيرها، والكافور أخلاط تُجمع من الطِيب تُركَّب من كافور الطلع " {كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا} [الإنسان: 5]، وعليه فلا معنى لزعم تعريبها [المعرب 544] وقد ذكر ف عبد الرحيم أن للكلمة أصلا سريانيا. والأكدية قدْمَى اللغات الجزرية أقدم من السريانية، فلعل الكلمة عربية عُجّمَتْ. كما أن من الشائع على الألسنة أن رائحة شيء ما تغطِّى على ما عداها؛ ويستعملون للعطور كلمة أعجمية تعني الساتر فهذا كله ينفي عجمة أصل الكلمة. • (كفل): {اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} [الحديد: 28] "الكَفَل - محركة: العَجُز، وبالكسر: كِساء يدار حول سَنام البعير ثم يُركب ". Qالادّعام على الشطر الخلفي من الشيء كالعَجُز للدابة والإنسان، ولُحِظ في الكساء المذكور أنه يدعَم الراكبَ على مؤخَّر ظهر البعير، أي يثبتِّه.

£° معنى الفصل المعجمي (كف)

ومعنى الحمل على الظهر أو مؤخَّره واضح. ومنه "كَفَلَ اليتيمَ: قام بأمره وربّاه .. وعاله (حَمَلَ أمرَه وتولّاه) {أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 44]، {فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا} [ص: 23] وكُلّ (يكفل) و (كفّل) فمن هذا. ومنه "الكفيل: الضامن " (كأنما يحمل أمر المكفول) {وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} [النحل: 91]. ومن التكتل على الخَلْف، أُخذ معنى القَدْر من الشيء، ومنه "الكِفْل - بالكسر: الحظُّ والنَصيب (قَدْر أي كتلة وكمٌّ من الشيء) {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} [الحديد: 28] حَظَّيْن. ومن هذا المعنى أُخذ معنى المثلية - "ما لفلان كِفْلٌ أي مِثْل "، كأن المعنى: ليس هناك مَنْ له مِثْلُ قَدْره. {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ} [الأنبياء: 85، ومثله ما في ص 48] قيل إن ذا الكفل هو النبي إلياس وقيل عبد صالح والكِفل هنا: الحظ من الله تعالى (أي عنده) [ينظر بحر 6/ 310]. ومن معنى الخلفية والتأخر قالوا: "اكتَفَلَ بالوادي وبالجبل: جازه فجعله وراءه، واكتَفَلَه: ارتَدَفَه. واكتفل بكذا: ولّاه كَفَلَه أي جعله وراءه. والكِفْل: الوَبَر ينبُت بعد الوَبَر الناسل، والذي لا يثبت على ظهر الخيل ". (كأنما يعنون أن مكانه الكَفَل أو وراء الكَفَل أو أنه ينزلق إلى الكَفَل). والادعام امتساك، ومنه المُكافِل: المعاقد المعاهد، والمجاور المحالف، ومنه يتأتَّى معنى الاكتفاء والاستقلال، بمعنى عدم الاحتياج ويتمثل في "الكافل: الذي لا يأكل، والذي يواصل الصيام ". ° معنى الفصل المعجمي (كف): الانثناء أو القبض على الشيء وهو انثناء عليه - كما يتمثل في كف الإنسان وقابليتها للانثناء على نفسها وعلى الأشياء - في (كفف)، وكما في الكِفْى بطن الوادي الذي ينثني على الماء، والكُفْية: القوت (مُنثنًى عليه) - في

الكاف والكاف وما يثلثهما

(كفى)، وكما في انطباق كِفاء البيت على فتحته الخلفية - في (كفأ)، وكما في الكِفْت: القدر الصغيرة والكِفات الموضع الذي يُضَم فيه الشيء ويُقْبَض - في (كفت)، وكما في الكافور من الكرْم: الورق الذى يغطي العناقيد، ووعاء طلع النخل الذي يضمه ويغطيه والتغطية انثناء على الشيء كالقبض - في (كفر)، وكما في الكفَل والكِفْل الذي يمسك الراكب بأن يدعمه في جلوسه على ظهر البعير وهو منحدر - وهذا الدعم من باب القبض لأنه إمساك وتثبيت على وضع معين - في (كفل). الكاف والكاف وما يثلثهما • (كوكب): {الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ} [النور: 35] [قيل في هذا التركيب إنه رباعيّ والواو أصليّة، وإنه من (وكب) أو (كوب) والكاف زائدة. والصَغاني تبع الجوهريَّ الذي ربما تبع العين في وضعه هنا. وإضافتي أن معاني الكوكب لا تناسب استعمالاتِ (وكب) التي من عناصر معناها السَوادُ عكس ما هنا]. "الكَوْكبُ والكوكبة: النجم، وبياضٌ في سواد العين ذَهَبَ له البصرُ أو لم يذهب. وكَوْكبُ الحديد: بريقُه وتوقُّده. ويقال للأَمْعَز (الأرض الحَزْنة ذات الحصى والحجارة) إذا توقَّدَ حصاه ضَحَاءً: مُكَوْكِبٌ، وكَوْكب الروضة: نَوْرها ". Qلمعان الشيء المتجمع أو المتكتل: كالنجم، والبياض في سواد الغين له عِرَض نسبيّ، وكبريق الحديد والحصى والنَوْر. ولمعنى التجمع قالوا: "كَوْكبُ كلِّ شيء: مُعظمه، مثل كوكب العُشْب، وكوكب الماء، وكوكب الجيش ". أما "كَوْكبُ النبت: ما طال منه ", فهو محمول "على كوكب الروضة،

الكاف واللام وما يثلثهما

أي المقصود ما بلغ أن يُزهر، وكذا "الكوكب: شِدّة الحرِّ ومُعْظُمه "فهو من تجمع حرارة الشمس أي حدَّة ضوئها. والذي جاء من هذا التركيب في القرآن هو كوكب السماء وجمعه كواكب {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} [الصافات: 6]. الكاف واللام وما يثلثهما • (كلل - كلكل): {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا} [آل عمران: 30] "الكَلّ - بالفتح: قفا السيف والسكين الذي ليس بحادّ. والكليل: السيف الذي لا حدّ له ". "الكُلْكُل - بالضم وكتُماضِر: القصير الغليظ الشديد، وبالفتح: صَدْر البعير والفرس وكلِّ شيء. Qتجمُّع الشيء على ذاته فيكثف بلا حِدّةِ حَدٍّ أو طرف دقيق (¬1) منه: كالسيف الموصوف، وقفا السكين والسيف، وكالقصير الغليظ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر الكاف عن ضغط غُئوري دقيق، واللام عن امتداد واستقلال، ويعبر الفصلُ منهما عن تجمع الشيء على ذاته بضغط أطرافه وردِّها كما في الكُلْكل القصير الغليظ والكلّ قفا السيف. وفي (كلو) يضاف معنى الاشتمال فيتجسّم التجمعُ في شيء كما في الكُلْيَة. وفي (كيل) تتوسط الياء بمعنى الاتصال، ويعبر التركيب عن اتصال الجمع مرة بعد أخرى كما في كَيْل الحب ونحوه. وفي (وكل) تسبق الواو بمعنى الاحتواء، ويعبر الفصل المسبوق بها عن الاحتواء على جَمع كأنما على كَلّ الشيء ويلزم ذلك الثقل كما في الرجل الوَكَل والوكالة. وفي (كلأ) تعبر الهمزة بضغطها عن تأكيد ما سبقها، فيعبر التركيب عما هو مادة الامتلاء والتجسم وهو الكَلأَ. وفي (أكل) تؤكد =

يُلْتَفَتُ إلى قصر بدنه وغلظه، لأن التميز بين الرجال يكون بطول القامة لا الأطراف، وكذلك صَدْر البعير والفرس يَنْتَأ قليلًا ثم يعرُض ويغلُظ ويستدير دون نتوء حدٍّ منه. ومن هذا النتوء مع الاستدارة جاء "الإكليل: ما أحاط بالظُفر من اللحم، وشِبْهُ عِصابة (تحيط بالرأس) مُزَيَّنةٍ بالجواهر. وروضةٌ مكَلَّلة كمُعَظَّمة: محفوفةٌ بالنَوْر. وغَمَام مُكَلَّل: محفوفٌ بِقطَعٍ من السحاب " (الاستدارة ارتدادٌ وانثناءٌ للشيء حتى يلتقي بذاته. فهي تجمُّع). وانَكلَّ الرجلُ والمرأة: تبسَّما (في التبسُّم يتقلّص - أي يتجمع - جانبا الفم، وتنفتح الشفتان قليلًا محيطتيْنِ بالأسنان)، والكِلَّة - بالكسر: السِتْر الرقيق يخاط كالبيت يُتَّقى بها من البعوض ". (تحيط بالفِراش فلا تدع شيئًا منه ينتشر عنها). ومن هذا الأصل، أي من التجمع بلا حِدّة ولا امتداد، جاء الكَلال. "كَلَّ البعيرُ: أعيا من المشي (فتجمَّع - بَرَكَ أو وقف - بلا حدة أي بلا قوة، لا يمتدّ ولا يَذهب) والرجلُ: تَعِبَ. والكَلّ - بالفتح: المصيبة (تسمية بالمصدر)، والذي ¬

_ = ضغطة الهمزة معنى ما بعدها فيعبر التركيب عن قوة الجمع بالأخذ والمضغ (والبلع) كما في الأَكْل. وفي (كلب) تعبر الباء عن تجمع وتلاصق ويعبر التركيب المختوم بها عن كون الجمع جَذْبًا وإمساكًا كما يفعل الكَلْب والكَلْبتان. وفي (كلح) تعبر الحاء عن الاحتكاك بجفاف وعرض، ويعبر التركيب عن ظهور العريض الجافّ والصُلْب متمثلًا في انقباض (= انكلال) الشفتين عن الأسنان وهي صُلْبة عريضة في وضع كريه كما في الكلوح عبوسًا. وفي (كلف) تعبر الفاء عن نفاذ بكثافة وطرد، ويعبر التركيب معها عن تحمل الشيء بكثيف غريب ينفذ من أثنائه إلى ظاهره كما في الأكلف والكَلَف. وفي (كلم) تعبر الميم عن التئام الظاهر، ويعبر التركيب معها عن التئام ذلك المتجمع فيغلظ كما في الكُلَام الأرض الغليظة.

هو عِيالٌ وثِقلٌ على صاحبه (عاجزٌ لا يمتد أو يتصرف، ولا قوة - حِدّة - له) {وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ} [النحل: 76] وكذا "الكَلُّ اليتيمُ ". (محمول على ذاك لفقد الحدّة). ومن ملحظ عدم الامتداد: "الموروث كلالةً لا والد له ولا ولد " (ذهاب أطرافه وامتداده) {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ} [النساء: 12]. "ومن تجمُّع الشيء على ذاته في الأصل. جاءت "كُلّ "بمعنى جميع {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ} [البقرة: 60]، {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 109]، {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} [البقرة: 20]. (أي كل مرة إضاءة). وكل (كلّ) في القرآن يئول معناها إلى معنى (جميع) هذا. فقوله تعالى {كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} [البقرة: 116] {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم: 95] معناها كل واحد منهم، فهي أدل على الجمع لأنها تنص على عدم تخلف أي فرد عن الحكم. ومن ذلك الأصل كلمة "كَلَّا "، ذكروا من معانيها التنبيه [تاج] إلى الكلام الآتي أو لخَطَر الموقف الحالي أي جدّيته. ففي حالة اللفت إلى الآتي يكون فيها معنى الإضراب عما سبق للانتقال إلى أمر آخر، أو لمجرد الانتهاء. وقد تكون للنفي وإبطال قول القائل. وفي حالة اللفت إلى خطر الموقف تُفَسَّرُ بالتحذير وبالإيقاف وبالزجر أي أنها ليست بالضرورة لتنبيه من هو مخطئ على خطئه - كما جاء في [بحر 6/ 201] عند {كَلَّا سَنَكْتُبُ} [مريم: 79]. وفي {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ} [عبس: 11] قال [قر 19/ 215] أي لا تفعل بعدها مثلها: ثم أردف [قر] بما يناسب اختياره الجافي لمعنى كلمة (استغنى) قبلها. والذي أرى أن {كَلَّا} في [عبس: 11] للتنبيه إضرابا وهو توقف يؤخذ من الثقل، ونفْيٌ لتجشم مقتضى

(كلو)

الحرص البالغ على أن يقبل كلٌّ دعوته ولو كان من المعرضين المتجبرين. وذلك بدليل تكملة الآية {إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ} أي أن سور القرآن وآيات القرآن [بحر 8/ 419] للتذكير والتبصير وليست لتتجشم هذا الغضب من مقاطعة الأعمى إياك وأنت تدعوهم {إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ} [الغاشية: 21] جاء في [الإتقان النوع 40] أن ابن هشام نقد قصرهم معنى (كَلّا) على الردع والزجر بأن هذا لا يصلح في ثلاث آيات ذكرها. وأن تأويلها فيهن بالردع تعسف. ووافقه آخرون قائلين إنه يصح الوقف قبل (كلا) وإنها تكون بمعنى حقا. وأقول إن هذا يتأتى في موضع (عبس) هذا، وحينئذ يتوجه معناها إلى ما بعدها استئنافا. وفي تفسير الرازي [الغد العربي 16/ 219] قال الحسن (البصري) إن جبريل لما تلا آيات أول السورة تغير وجهه - صلى الله عليه وسلم - "فلما قال "كلا "سُرِّي عنه "أقول: وهذا يرجح أنها بمعنى الإضراب والاستئناف، إذ لو كانت زجرًا لازداد تأسفا. والحق ثبوت يؤخذ من الثقل والكثافة في الأصل. ومن مجيئها بمعنى التنبيه {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 6]. لكنها تصلح للردع بناء على سبب النزول الذي ذكروه [بحر 8/ 489] وقد قدّروا مردوعا عنه. [وينظر معجم حروف المعاني 2/ 804، وأخالفه بشأن عبس 11]. • (كلو): {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} [الكهف: 33] "الكُلْية والكُلْوة - بالضم فيهما من الإنسان وغيره من الحيوان: الواحدة من لُحمتين مُنتبِرتيْن حَمراويْن لازقتين بعظم الصُلْب عند الخاصرتين ". (الكُلْية تَنضمّ داخلةٌ من وسطها إلى جنبها كأنها ثُنيت إلى الداخل) Qانثناءُ بعضِ الشيء على بعضه أو دخولُه فيه. كهيئة

(كلأ)

الكُلَى الموصوفة. ومنه كُلْية الإداوة: (وعاء من الجلد): الرقعة التي تحت عُرْوتها (أُزْوِجَت في هذا المكان). ومنه أُخذت الدلالة على التثنية في "كِلا "كما أُخذت الدلالة على الاثنين من الثَنْي. أما كلتا فقال سيبويه [ل كلا ص 94] إن ألفها للتأنيث والتاء بدل الواو تأكيدًا للتأنيث لانقلاب الألف ياء أحيانًا مع المُضمَر. وقال أبو عُمَر الجَرْميّ إن التاء مُلحَقةٌ، والألفَ لامُ الكلمة. و {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا} [الإسراء: 23]. وكل (كِلا، كلتا) فهي بهذا المعنى. • (كلأ): {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ} [الأنبياء: 42] "الكَلأَ - محركة: العُشْب رَطْبُه ويابسه، وضُروبُ العُرَا كلُّها، والبقلُ/ ... ما ترعاه الإبلُ وغيرها. وأرض مُكلِئة: تُشبع إبلَها ". Qما يحوزه باطن الحيّ مما هو قِوامه، ويلزم منه حفظه: كما تأكل الماشية الكلأ (المرعى) في بطونها وهو يحفظ حياتها، ومنه "الكَلَّاء - كشداد: واحد الكلالي التي فيها الماء الجاري " (: الدَبْرة: ما يُسمَّى الآن جَدْولًا أو مِسْقاة أو قناةً تمتد في الحقل ويجري فيها ماء سَقْيه). ونظير أخذ الحفظ من الكلأ المرعى أن "القوت: ما يُمسك من الطعام "يؤخذ منه "الإقاتة: الحفظ "وأيضًا الرَعي والرِعاية) "كَلأَه (فتح): حَرَسه وَحِفظَه ". و "اكْتَلأَ منه: احتَرس " {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ} يحرُسكم ويحفظُكم من عَذابه وبَأْسه [قر 11/ 291]، واكْتَلأتْ عيني (قاصر): لم تَنَم وحَذِرَتْ أمرًا فسَهِرَتْ له. ومنه كذلك "الكَلَّاء - كشَدّاد: مَرْفَأ السفن (يحبس - يحفظ ويمسك).

(كيل)

• (كيل): {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ} [الأنعام: 152] "كال الزَنْدُ (باع، قاصر: كبا ولم يخرج نارا. الكَيْل - بالفتح، والمِكْيَل والمِكْيال والمِكْيَلَة - بالكسر فيهن: ما كِيلَ به. كال الطعامَ (: البُرَّ) ونحوه (باع). (والكَيُّول - كتَنُّور: ما أشرف من الأرض تقوم فوقَه - حال اشتباك القتال بالسيوف ونحوها - فتنظر ما يصنع غيرُك). Qضبط الشيء ما فيه - أي إمساكه ما فيه لا يخرجه. كما يمسك الزند الكابي ناره لا يخرجها، وكما يضبط المكيال الحب أي يمسكه في جوفه حتى يستوفي قدْرًا معينًا. والواقف في الكيّول يختزن جهده لا يبذله. فمن كيل الحب {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ} [المطففين: 2]، أي كالوا الطعامَ ونحوه لأنفسهم (شراءً) {يَسْتَوْفُونَ}، {وَإِذَا كَالُوهُمْ} أي كالوا للآخرين (بيعًا) {يُخْسِرُونَ} أي ينقصون. {فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} [الأعراف: 85]، {وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ} [هود: 84]. وليس في اقرآن من التركيب إلا (الكيل) المعروف وما هو منه. • (وكل): {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] "رجل وَكَل - كسَبَب وفَخِذ وهُمَزة: ضعيف ليس بنافذ/ عاجز يَكِلُ أمرَه إلى غيره. وفيه وَكَال - كسحاب وكِتاب: بُطْءٌ وبلادةٌ وضعفٌ. وقد وَكَلَتْ الناقةُ: فَتَرَتْ. وكل الأمر إليه: سلّمه. وكله إلى رأيه: تركه. وكّله في الأمر، وعلى

الأمر: فوضّه إليه ثقة بكفايته أعجزا عن القيام بالأمر نفسه [متن]. Qترك أمر أي تفويض القيام به إلى من فيه الكفاية للقيام به. وليس الضعف والعجز والبطء شروطا، بل هي حالات خاصة. والتوكيل قد يكون للتكريم - كما في {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} [الأنعام: 89] أرصدنا للإيمان بها. والتوكيل هنا استعارة للتوفيق للإيمان بها والقيام بحقوقها، كما يُوَكَّل الرجل بالشيء ليقوم به ويتعهده ويحافظ عليه " [بحر 4/ 179] ثم إن الوكيل مهيمن ولذا وصف به المولى عز وجل {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [هود: 12] مالك لكل شيء من الأرزاق، والآجال، رقيب على الأعمال [بحر 4/ 198] {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} [السجدة: 11] (وَكَلْنا إليه - أي كلّفناه - بقبض أرواحكم) {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: 122] فليفوضوا أمرهم إليه [ينظر بحر 3/ 51] {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 159] فإذا عقدت قلبك على أمر بعد الاستشارة فاجعل تفويضك فيه إلى الله تعالى، فإنه العالم بالأصلح لك والأرشد لأمرك - لا يعلمه من أشار عليك [نفسه 3/ 105] أي فأمض ما عزمت عليه مفوضًا إلى الله في حسن العقبى {قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} [الأنعام 66، 107] بمسلَّط لست بقائم عليكم لإكراهكم على التوحيد [بحر 4/ 201، 156] {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} [النساء: 109] {ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا} [الإسراء 68، 86] كفيلا يضمن لك أن يؤتيك ما أُخِذَ منك [بحر 6/ 75] ومعنى الهيمنة متحقق في كل لفظ (وكيل). أما التوكل فهو اتخاذ الوكيل: الموكول إليه الأمر ".

(أكل)

"اتَّكَلَ وتوكَّل: (اتخذ وكيلًا): وَكَل الأمرَ إليه وسلَّمه إياه "والصيغتان تعبّران عن الاجتهاد في تحصيل الصفة والخلق كلهم قدراتهم محدودةٌ) {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [الأحزاب: 3]. • (أكل): {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: 24] "الأُكُل - بالضم وبضمتين: الثَمَر/ ثمر النخل والشجر - وكل ما يؤكل أُكُل. والأكَال - كسَحاب: ما يُؤكَل. أَكَلتُ الطعامَ أَكْلًا ". Qطَحْن الحيّ المادّة المطعومة مَضْغًا بفمه وبلعُها: كالأكل المعروف {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ} [المائدة: 3]، والأُكُل شأنه أن يؤكَل. ومنه يقال في احتياز الشيء والانتفاع به: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4]، {أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: 42]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى الأكل الحقيقي عدا الآيتين الأخيرتين وعدا [البقرة: 275، النساء: 161، المائدة: 62، 63، يوسف: 48، النور: 34، الحجرات: 12، الفجر: 19] فالبارز فيها الأكل المجازي: إدخالها في الحوزة والانتفاع بها في أي مجال. وهناك ما يبرز فيه - مع هذا العموم - الأكل الحقيقي كالذي في [البقرة: 74، الأنفال: 69، النحل: 114] وكل (أُكُل) بضمتين فمعناه الثمر الذي يؤكل {وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ} [الرعد: 4]. ومما يؤدي إليه الطَحنُ وما بعده جاء قولُهم: "النار تأكُل الحطب، وفي أسنانه أَكَلٌ بالتحريك أي هي مُؤْتَكِلَة، وأَكِلَ الشيءُ (تَعِبَ) وائْتَكَلَ: أَكَلَ بعضُه

(كلب)

بعضًا ". ومن مجازه "أَكَل فلانٌ عمره: أفناه ". ومن الحك الذي هو من جنس الطحن في الصورة، ويؤدي شديدُه إلى التفتيت الشبيه بالطحن: "الأُكلة - بالضم وكغراب: الحِكّة والجَرَب: يقال جِلْدي يأكلني ". • (كلب): {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: 22] "الكَلْب: كلُّ سَبُعٍ عَقُور - وغلب على ذلك النوع النابح، وحديدةٌ عَقْفاء تكون في طرف الرَحْل تُعلَّق فيها المزاوِد والأَدَاوَى، وكل ما أُوثق به شيء فهو كَلْبٌ لأنه يَعْقِلُه كما يَعْقِلُ الكلبُ من عَلِقَه، والكُلّاب - كتُفْاح: كالكَلْب. والكَلْبتان التي تكون مع الحدّاد يأخذ بها الحديدَ المُحْمَى. والكَلْب: سَيْرٌ أحمر يُجعل بين طرفي الأديم إذا خُرِزا ". كَلَبَتْ الخارزةُ السَيْرَ (نصر): قَصُرَ عنها السَيْرُ، فثَنَتْ سَيْرًا يدخُل فيه رأس (= طرف) القَصير حتى يَخرج منه ". Qالعضُّ على الشيء والإمساكُ به شديدًا لا يُفلت: كما يفعل الكلبُ والكُلّاب والكَلْبتان، والكَلْب (السَيْر) ممسوكٌ بينهما وماسك لهما. ومنه "استوى على كَلْب فرسه - بالفتح: وهو الخطُّ الذي في وَسَط ظهره " (مُستَقرّ الراكب أو هو تشبيه بهيئة السَيْر الأحمر الموصوف). ومن ذلك "كَلِبتْ الشجرة (تعب): انجرد ورقُها واقشعرَّتْ؛ فعَلِقَتْ ثيابَ مَنْ مرَّ بها. والكَلُّوب كتَنُّور، وتفاح: المِنْشَالُ، والسَفُّود، وحديدة معطوفة كالخُطّاف. وكَلاليب البازَي: مخالبه " ... إلخ. فمن الكلب النابح {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ} [الأعراف: 176] والمُكلِّب- اسم فاعل كلَّب - ض: الذي يُعلِّم الكلابَ

(كلح)

(وغيرها) أَخْذَ الصيد {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4]. وليس في القرآن من التركيب إلا (الكلب) النابح، و (مكلبين). ومن المعنوي: "كَلِبَ على الشيء (تَعِبَ): حَرَصَ عليه، وكُلْبة الزمان بالضم: شِدّةُ حاله وصنيعِه "، ومنه أو من الماديّ: "هم يتكالبون على كذا: يتواثبون عليه " (حِرْصًا). • (كلح): {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} [المؤمنون: 104] "الكُلُوح - كجُلوس وصُداع: بُدُوّ الأسنان عند العبوس. كَلَحَ وتكَلَّحَ وأَكْلَحه الأمرُ. وقبَّح اللهُ كَلَحَةَ البعير - بالتحريك: إذا رغا وقد كَشَرَ عن أنيابه، وهي الفم وما حوله ". Qقُلوص لحم الفم وانقباضه كاشفًا عمّا يُبطنه من أسنان: كما يحدُث عند الكَشْر والتبسُّم. وقد قالوا "تكلَّحَ: تبسَّم "إلا أنه غلب في الأول {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ}. • (كلف): {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] "الأَكْلَف: الذي كَلِفَتْ حُمْرتُه فلم تَصْفُ من الإبل وغيرها. والكَلَفُ - محركة: شيء يعلو الوجه كالسِمْسِم. والكَلَف - محركة وكغُرفة: لونٌ (بين السواد والحمرة) يعلو الوجهَ والجِلْد فيغيِّر بشرته. ويقال للبَهَق: الكَلَف ". Qعُرُوّ كثيفٍ غريبٍ ظاهرَ الشيء لازمًا له، ككَلَف اللون

(كلم)

الموصوف. ومن تلك الكثافة اللازمة "كَلِفَ الأمر (فرح)، وتكلَّفه: تجشَّمه على مشقّة وعُسْرة. وتكلَّفتُ الشيءَ: تجشَّمته على مشقّة وعلى خلاف عادتك. وكلَّفه - ض: أَمَره بما يشُقّ عليه. [ق] {لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [لأنعام: 152]، {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86] أي لا أتكلَّف ولا أتخرَّص (لا أفتعل) ما لم أُومر به [قر 15/ 239] أي لا أنسب لنفسي شيئًا أدَّعي أنه لازم لي (من عندي). وليس في القرآن من التركيب إلا (التكليف) بمعنى الإلزام، و (المتكلف) المدعى التزام شيء. ومن هنا أيضًا قيل: "كَلِفَ بالشيء (فرح) (بالنساء أو بأقارب أو بعِلْم أو أمر): أُولع به مع شُغْل قلبٍ ومشقّة ". وفيه ملحظ المعاناة والزيادة على المعتاد أو المناسب. • (كلم): {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا} [الأنعام: 115] "الكُلَام - كغُراب: أرض غليظة صُلْبة أو طين يابس ". Qاتصالُ مادةِ الشيء وتداخُلُها تداخُلًا يبلغ العمقَ مع غِلَظ أو حِدّة - كحال مادة الأرض الغليظة الصُلبة والطين اليابس. فالصلابة من تداخل مادتها وتركُّزها مع حِدّة اليُبْس. ومنه "كَلَمْتُه (ضرب وقتل): جَرَحْته (مخالطة بحدّة). ومثلها "كلَّمته - ض ". ومن الاتصال والتداخل الماديين استُعمل التركيب في الاتصال والتداخل بالصوت، أي الكلام الذي هو القول. فكلَّمته حقيقتُها: أَوصلتَ إليه ما في نفسك بالصوت. وبالنظر إلى الأصل فـ "الكلمة "ينبغي أن تحمل معنى تُوصله. {دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} [النمل: 82] (من الكلام) ببطلان سائر الأديان

£° معنى الفصل المعجمي (كل)

سوى الإسلام ... أو من (الكَلْم) بالفتح: الجرح [بحر 7/ 91 - 92] {أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى} [الرعد: 31] فتسمع وتجيب - أي لكان هذا [نفسه 5/ 382] {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا} [آل عمران: 46]، {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]. وقوله تعالى {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: 37] رجّحوا أنها {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23] [بحر 1/ 318] {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} [البقرة: 124] اختلف في الكلمات أهي أفعال كُلّفها أو أقوال فإن كانت أفعالا فهي تكون بأوامر قولية [ينظر بحر 1/ 546 - 547] {إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ} [آل عمران: 45] سميت الذات (كلمة) لبروزها عن كلمة (كن)، أو لأن الله سماه بكلمة (المسيح) [ينظر نفسه 2/ 480]. ° معنى الفصل المعجمي (كل): تجمع الشيء كتلة دون حدّ أو طرف دقيق - كما يتمثل في الكَلْكَل صدر البعير والفرس، وهو مستدير - في (كلل)، وفي الكُلْوة أو (الكُلْية) من الإنسان والحيوان - في (كلو)، وفي تجمع الحب في المِكيال - في (كيل)، وكما في طحن المأكول حتى يصير كتلة، ثم بلعه كذلك - في (أكل)، وفي الشخص الوَكَل الذي لا يتصرف ولا يتحرك في أموره وكأنه كتلة جامدة في (وكل)، وكما في حشو البطون بالكلأ العلف - في (كلأ)، وكما في تعلق الكَلْب والكُلّاب بالناس والأشياء، والتعلق من الجمع لأنه يجمع بين اثنين على الأقل - في (كلب)، وكما في الكلوح لأنه لا يتم معناه إلا بتقليص الشفتين أي ثني كل منهما على نفسها - في (كلح)، وكما في الكَلف وهو لون يخالط لونًا أو يعرو الجلد، وكذلك التكليف بشيء هو تحميل له على المكلَّف وكل ذلك نوع من الجمع - في كلف، وكما في الأرض الغليظة أو الطين اليابس وكلاهما تماسك وتجمع - في (كلم).

الكاف والميم وما يثلثهما

الكاف والميم وما يثلثهما • (كمم - كمكم): {فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ} [الرحمن: 11] "كُمّ الطَلْع وكل نَوْر - بالضم والكسر، وككتاب ورسالة: وِعَاء الطَلْع وغِطاء النَوْر. والكُمَّة - بالضم: كل ظَرْف غطَّيتَ به شيئًا وألبستَه إياه فصار له كالغِلاف، والقَلَنْسُوَة المُدوَّرة، والقُلْفة. وقد كَمَّ الكَبائسَ: جَعَلَها في أغطية تُكِنُّها. وكَمَمْت رأسَ الدَن: سَدَدْته. وكَمَّ الشيءَ: أخفاه ". Qتغليف الشيء بما يضُمّه محيطًا به (¬1) كوعاء الطَلْع والظروف والأغطية المذكورة. ومنه: "كُمّا القميص حيث الذراعان فيهما مُغَطَّيان. والكِمَامة والكِمَام: ما سُدَّ به، وشيء يُغطَّى به فم البعير والفرس لئلا يَعَضَّ. وأكمام الزَرْع: غُلُف الثمر والحَبّ. {وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا} [فصلت: 47]، {وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ} [الرحمن: 11] "أكمام النخلة: ما غَطَّى جُمَّارها من السَعَف واللِيف .. وكلّ ما أخرجتْه النخلةُ فهو ذو أكمام، والطَلْعةُ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبِّر الكاف عن ضغط غُئوري دقيق، والميمُ عن التئام ظاهريّ، والفصل منهما يعبِّر عن تضامّ الظاهر غِلافًا لشيء في باطنه ككِم الطَلْع. وفي (كمل) تعبّر اللام عن استقلال، ويعبّر التركيب عن مزيد من التماسك والتضخم والتضام وهو الكمال الحسي ثم المعنوي - والكمال استغاء واستقلال - كما في إعطاء المال كَمَلًا أي كله. وفي (كمه) تعبِّر الهاء عن إفراغ جوف، ويعبر التركيب المختوم بها عن فراغِ جوفِ ذلك المتضامِّ من قوّته الباطنة كالأكمه.

(كمل)

كُمُّها قِشْرُها ". ومنه "كَمْكَمتُ الارض: إذا عفّيت آثار السِنّ (= المحراث) في الأرض بالخشبة العريضة التي تُزَلِّقها وتُسوِّيها بعد الحرث وهي "المِكَمّ والشَوْف ". ومن معنويّ ذلك: "كَمَمْت الشهادةَ: قَمَعْتها وسترتها ". ومن التضامّ على شيء محاطٍ عبَّر التركيبُ عن التجمع. "كمَّ الناسُ كُمومًا: اجتمعوا [الوسيط] ورجل كَمْكام - بالفتح: غليظٌ كثير اللحم، وكذا امرأة كَمْكامةٌ ومُتكَمْكِمَةٌ ". كمْ - الخبرية - وميمها خفيفة - تُخبر عن كثرة وتجمُّع {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً} [الأنبياء: 11]- أما الاستفهامية فهي تسأل عن مدى هذا التجمع. • (كمل): {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3] "ليس في التركيب إلا الكمال: التمام. كَمل الشيءُ (مثلثة العين) كَمالًا وكُمولًا، وتكمَّلَ وتكامَلَ وأكملتُه أنا. وأعطه هذا المال كمَلًا - محركة: أي كلَّه ". Qالتركيب يعبِّر عن تمام الشيء. وفي ضوء ما في "كم "يمكن أن نقول إنه تمامُ جسم الشيء تجمُّعًا (من كم) ودوامًا وطولًا (من اللام) {ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: 196] {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]، إكماله هو إظهاره، واستيعاب عُظْم فرائضه وتحليله وتحريمه. وقد نزل بعد ذلك [يوم عرفة سنة تسع] قرآن كثير كآيات الربا، وآية الكلالة وغير ذلك، وإنما كمل مُعظم الدين وأَمْرُ الحج أن حجوا وليس

(كمه)

معهم مشرك [بحر 3/ 441]. كأنه يريد أن خلوص الشيء من الشوب كمال. وكل ما جاء في القرآن من التركيب فهو من الكمال التمام. • (كمه): {وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران: 49] "الأَكْمه: الذي يُولد أعمى. كَمِهَتِ الشمسُ (تعب): إذا عَلَتْها غُبْرةٌ فأظلمتْ. وكَمِهَ الرجلُ (تعب): سُلِبَ عقله ". Qذهابُ قوة ما يضمُّه الشيءُ. (: تضامٌّ على فراغ). ولعل إطلاقه على الذي لا يُبصر بالليل، وعلى العمى العارض من تقييد المطلق أصلًا. {وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} {وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي} [المائدة: 110]. ° معنى الفصل المعجمي (كم): تغطية الشيء بغطاء زائد على حقيقته - كما يتمثل في كِمَ الطلع وعائه، وفي الكُمّة كل ظرف غطيت به شيئًا وألبسته إياه فصار له كالغلاف - في (كمم)، وكلما في الكمال التمام لأن الكامل كالذي خُتِم عليه لا يحتاج أن يضاف إليه - في (كمل)، وكحال الشمس إذا كمِهتْ بأن علتها غُبْرة فأظلمت فهذه الغبرة كالغطاء عليها، وكذلك الأكمه الذي يولد أعمى هو كالمغطَّى على عينيه - في (كمه). الكاف والنون وما يثلثهما • (كنن): {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا} [النحل: 81]

"الكِنانة - كرِسالة: جَعْبةُ السِهام من أَدَمٍ. والأكنان: الغِيرانُ (جَمْع غار) ونحوُها يُستَكَنّ فيها - واحدها كِنٌّ - بالكسر. والكِنُّ - بالكسر: البيتُ، وما يرُدّ الحرَّ والبردَ من الأبنية والمساكن ". Qالسَتْر في تجوُّف متينٍ يستُر أو يَحْمى (¬1): كالكِنانة والغِيران، وما تحت الأغطية والبيوت. ومنه: "كَنَنْتُ الشيءَ: سترتُه وصُنْتُه من نحو الشمس/ جعلتُه في كِنّ. وكذا أكْنَنْتُه. واسْتَكَنَّ الشيءُ: استتر .. {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا} (جَمْع كِنّ وهو الغار ونحوه في الجبل). {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} [الصافات: 49]، مصون. شُبِّهْن ببيض النعام تكنها النعامة بالريش من الريح والغبار، فلونها أبيض في صفرة، وهو أحسن ألوان النساء [قر 15/ 80] وفي تشبيه آخر {كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} [الواقعة: 23] وفي وصف الولدان {كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} [الطور: 24]. وأما {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة: 78] فهو المصون والمقصود به الكتاب الذي في السماء أو هو المصحف [ينظر بحر 8/ 213] ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر الكافُ عن ضغط عُئوري دقيق (يتأتَّى منه القلعُ والامتساك)، والنونُ عن امتداد جوفي، والفصل منهما يعبِّر عن حيّز متجوِّف يستر ما فيه كالكِنانة للسهام، والغِيران لما يستكن فيها. وفي (كون) توسط الواو بمعنى الاشتمال، ويعبِّر التركيب عن تحقُّق وجود ماديٍّ مستعمل ليس هُلاميًا كخيوط الغَزْل من منفوش القطن أو الصوف. وفي (كند) تعبّر الدالُ عن احتباس بالضغط، ويعبِّر التركيب عن انسداد الشيء على ما في باطنه لا ينفُذ منه كالأرض الكَنُود التي لا تُنبت. وفي (كنز) تعبِّر الزايُ عن أن هذا الذي في الجوف كثيرٌ يَزْحَم بِجرْمه أو قيمته كالكَنْز المدفون وكنز السقاء. وفي (كنس) تعبّر السينُ عن نفاذ بدقة - وقوة وامتداد في ذلك الجوف كما يَدخل الظبيُ الكِناسَ.

(كون)

وفيه أنه التوراة والإنجيل أي ذكر فيهما. وهذه غفلة أو دسّ، فقد نفي القرآن أن أيًّا منهما مكنون. {أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} [البقرة: 235]. (أخفيتم وسترتم). وكذا {مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ} [النمل: 74، القصص]. ومن معنويِّه أو مجازه: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ} [الأنعام: 25، الإسراء: 46، وما في الكهف: 57، فصلت: 5]. جمع كِنان وهو الغطاء [بحر 4/ 101]. ومنه: "الكانُونُ: المَوْقِدُ/ المُصْطَلَى (لأنه يَكُنّ النارَ ويستُرها فيحفظُها - وإذا أُوقدتْ بدونه تُبعثرها الريحُ)، والكانُون: الثقيلُ الوَخِمُ من الناس (يغطِّى بظلّه الثقيلِ على مُجالسيه) والكَنَّة - بالفتح: امرأةُ الابنِ أو الأخ؛ (إذ الأب أو أخو الزوج حُماةٌ لها يُظِلانها، كما أن حُرْمَتها لديهما تجعلها مَصُونةً عندهما فهم أحماؤها). • (كون): {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] "كُنْتُ الغَزْلَ: غَزَلته. [ق] والكُونِيّ - بالضم: الكبير العمر ". Qالتحوُّل من هيأة هَشّة إلى هيأة متينة لَيًّا وفَتْلًا: كتحول الصوف المنفوش إلى خيط مغزولٍ متين بالليّ والفَتْل. ومن هذا التحول إلى شيء متين عبّرت عن الوجود، وهو تحقُّقٌ ماديٌّ قويٌّ: "كوَّنه الله - ض: فتكوَّن: أحْدَثه وأوجده - والله مكوِّن الأشياء يُخرِجها إلى الوجود "، وهو تحقُّقٌ ماديٌّ عن عَدَم وغيب: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82]. والتعبير بالمضارع في [آل عمران 59] حكاية حال ماضية [بحر 2/ 502]، ومن هذا: "كان "التامّة {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [البقرة: 280] أي وُجد. و "الكائنة: الحادثة (التي وُجدت). ومن هنا أيضًا: "كان "الدالة على الاستمرار {وَكَانَ اللَّهُ

غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 96] ويمكن التعبير عن الاستمرار هذا بجريان عادته سبحانه وتعالى مع عباده طائعين أو عصاة كلّ على حسب ما يقضي فيه سبحانه. والدالة على لزوم الوصف مثل {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54]، {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] ومن هذا أيضًا: "كان "الناقصة، ولعلّ أصلَ خَبَرِها بيانُ حال الكينونة تلك {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة: 283]. ومن التحول قولُهم: "لا كانَ ولا تكوَّنَ، أي: لا خُلِقَ ولا تحرَّكَ (تحوُّل). وبالتحول فسِّر {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} [الكهف: 50]، {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء: 89]، {إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 34] قيل كان هنا بمعنى صار [قر 1/ 296] وكذلك: {وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} [هود: 43] وشاهدها: ... والمَطِيُّ كأنّها ... قطا الحَزْنِ قد كانت فِراخًا بُيُوضُها أي قد صارت. ومن اللَيّ في الأصل قولهم: "كانَ عليه كَوْنًا وكِيَانًا واكْتَانَ: كَفَلَ عليه/ تكفَّلَ به " (انطَوى عليه والتفَّ عليه = احتواه) ومنه قول الطِرِمّاح: وإني لآتيكُمْ تَشَكُّرَ ما مضى ... من الأمر واستنجازَ ما كان في غدِ كأنما يقول: ما استَكَنّ (انطوى) في غد. ويقال: "مضيتُ على مَكَانَتِي ومَكِينتي أي: طِيَّتي " (وهي مطوية في الصدر). ومن هذا الأصل: المكانُ، وهو موضع الكَيْنونة، أي الوجود {فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا} [مريم: 22]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو من (كان)

(كند)

بأي من تصرفاتهما ومعانيها التي ذكرناها، والسياق يعيّن، ومنه (المكان). • (كند): {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [العاديات: 6] "أرض كَنُودٌ: لا تُنبت شيئًا، وقال النمر بن تَوْلَب يصف امرأته: كَنُودٌ لا تَمُنُّ ولا تُفادِى ... إذا عَلِقَتْ حبائلُها برَهْنِ Qحبس الشيء ما في باطنه؛ لا يبرُز منه: كالأرض والمرأة المذكورتين الأرض لا تخرج نباتًا كالمعتاد من كل أرض، والمرأة الموصوفة. ومنه "الكُنُود: كُفْر النِعمة؛ إذ هو مع الحصول على النعمة يكتُمها ولا يُبرِز أمرَها بالشُكر والتحديث: (انظر شكر) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} أما قولهم إنها تأتي بمعنى "قَطَعَ "مستشهدين يقول الأعشى: أَميطي تُميطي بصُلْبِ الفؤادِ ... وَصُول حِبالٍ وكنَّادِها فالشاهد ليس صريحا في ما زعموا، وإنما يتمدَّح الشاعر بحزمه، وقدرته على ضبط مشاعره/ جحدها (ماط عني وأماط: تَنَحَّى وبَعُد وذهب). • (كنز): {وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا} [الكهف: 82] "الكَنْز - بالفتح: المال المدفون تحت الأرض. كَنَزْتُ السِقاءَ (ضرب): ملأتُه. وكَنَزْتُ البُرَّ في الجِراب فاكتنز. وشَدَّ كَنْزَ القِرْبة: مَلأَها. وكَنَزوا التمرَ للشتاء في قَوَاصِرَ وأوعية ".

(كنس)

Qحِفْظُ الشيء في باطن يُمسكه ويستُره، ويلزمه امتلاء الباطن: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34]. وليس في القرآن من التركيب إلا كنز الذهب والفِضّة هذا، وجمعه (كنوز) ومن اللازم "جارية وناقة كِنَازٌ - ككتاب: كثيرة اللحم (ممتلئة) واكتَنز الشيءُ: اجتمع وامتلأ ". • (كنس): {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} [التكوير: 15، 16] "المَكْنِس - كمسجد: مَوْلِجُ الوَحْش من الظِباء والبقر تَستكنُّ فيه من الحرّ، وهو الكِنَاس - ككتاب. كنست الظباء والبقر، وتكنّست، واكتنست: دخلت في الكِناس. والكانِس: الظَبْي يدخُلُ في كِناسه، وهو موضعٌ في (أسفل جذع) الشجر يَكتنُّ فيه ويستتر ". Qتَنَحِّي ما كان ظاهرًا إلى جوف كِنٍّ يستره: كما تستِكنُّ الظباء في الكنُس. (فهي تنتشر على وجه الأرض ثم تَأوي ناحيةً إلى مكانسها). ومنه: "كَنَسَت النجومُ (جلس): غابت في مَغاربها "- (بعد انتشارها على وجه السماء) {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ}. ومن ذلك الأصل: "كَنْس الموضع: كَسْح القُمَامة عن وجهه ". فالكَنْس تنحية ما انتشر على وجه المكان، وإبعادُه وتغييبه. ° معنى الفصل المعجمي (كن): الاستتار في جوف شيء - كما في الأكنان الغيران (ج غار) فهي تستر كل ما يستكن فيها - في (كنن)، وكما في إدْخال الصوف أو القطن المنفوش بعضه في بعض بغزله خيوطًا، وكذلك الكُونِيّ الكبير السن هو

الكاف والهاء وما يثلثهما

ضارب بتاريخ وجوده في أعماق الزمن الماضي - في (كون)، وكما في الكَنُود الذي لا يعترف بما أُسْدى إليه من خير، بل يكتمه فيَخْفَي ويَستتر وذلك معنى كفر النعمة، ومثله الأرض الكنود التي لا تنبت شيئًا، لأنها بعدم إنباتها كأنها تحجبه وتخفيه - في (كند)، وكالمال المدفون في الأرض - في (كنز)، وكما تستكن الظباء في الكناس في (كنس). الكاف والهاء وما يثلثهما • (كهه - كهكه): "كهَّ يكَه - بالفتح أو الضم: تنفَّسَ/ أَخرج نَفَسَه. يقال كُهَّ يا فلان - بالفتح أو الضم: أي أَخرِجْ نَفَسَكَ. والكَهْكَهَة: ترديد البعير هَديرَه، وكَهْكَهَ المَقْرورُ: تنفَّسَ في يده ليُسخِّنها بنفَسه من شدّة البرد ". Qإخراجُ النفس المختزَنِ في الجوف من الفم بقوة ودَفْع (¬1) - كما هو واضح. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تُعبّر الكافُ عن ضغط غُئوريّ دقيق (يتأتّى منه القلع والامتساك)، والهاء عن إفراغ، والفصل منهما يعبّر عن إفراغ اللطيف المُحتَوَى في الجوف: كما في الكَهّ. وفي (كهف) تعبّر الفاء عن نفاذ بكثافة وإبعاد، ويعبر التركيب عن إفراغ بسعة وقوة من أثناء كثيف كالكهف وهو تجوف عظيم في صخر الجبل. وفي (كهل) تعبّر اللام عن استقلال، ويعبّر التركيب المختوم بها عن تمام ظهور (نفاذ) مَذْخور القوة والطاقة كالنبت الكهل، والكهل من الناس. وفي (كهن) تعبّر النون عن امتداد جوفي، والتركيب يعبّر عن نفاذ من الجوف بلطف كالمكاهنة (المحاباة) والكاهن الذي يُخبر بالغيب وهو خفيّ لطيف.

(كهف)

• (كهف): {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10] في التركيب كلمة واحدة وما اشتق منها وهي: "الكَهْف: كالمغارة في الجبل، إلا أنه أوسع منها، فإذا صَغُر فهو غارٌ ". Qتجوُّفٌ واسعٌ - في جِرْم شديد - مع فراغ: كالكهف الموصوف {فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} [الكهف: 16]. وليس في القرآن من التركيب إلا كلمة (كهف): المغارة الواسعة في الجبل. • (كهل): {إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا} [المائدة: 110] "نَبْتٌ كَهْلٌ: مُتناهٍ. وقد اكْتَهَلَ: تمَّ طولُه وظَهَرَ نَوْرُه. واكتَهلتِ الرَوْضةُ: عَمَّ نبتُها. والكاهل للفرس: ما ارتفَع من فُروع الكَتِفين إلى مستوى ظهره. وهو مَحْمِل مُقَدَّمِ قَرَبُوس السَرْج. وللإنسان: ما بين كتفيه .. وهو مَوْصِل العنق في الصُلْب ". Qبلوغ الحيِّ أقصى طوله وقُوّته بخروج مَذْخورِ طاقته نُمُوًّا: كالنبت الموصوف. وكاهل الفرس يمثِّل أقصى ارتفاعه، وعليه حُمِلَ كاهلُ الإنسان. وإنما يكون بلوغُ ذلك بأثر الطاقة المختزنة. ومن ذلك قالوا: "الكَهْلُ: الذي جاوز الثلاثين ووخَطَه الشَيْبُ "لوصول جسمه إلى أقصى نموِّه وامتداده حينئذ {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا} [آل

(كهن)

عمران: 46]، وقيل: "الكهل: الحليم العاقل ". وهذا لازم للتحديد الأول. ومن بروز الطاقة المختزنة قالوا: "الكَهُول - كصَبُور: العنكبوت " (لاخراجه الخيوط من باطنه). • (كهن): {فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ} [الطور: 29] "المُكاهَنةُ: المحاباة. والكاهن: الذي يُخبِر عن الكائنات في مستقبل الزمان ويدَّعي معرفة الأسرار ". Qإبراز لطيفٍ مُستكنٍّ في الباطن أو الغيب: كالكلام الليِّن اللطيف الذي يقال في المحاباة - والإخبار بالمغيَّبات تكلُّمٌ عن لطيفٍ أي خَفِيًّ {وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الحاقة: 42] والعامة تصف العجوز الفاني والخِرْقة البالية بأن كُلًّا منهما "كُهْنة "، وهذا من الأصل، إذ في كل منهما ذَهابُ قوةِ التماسك - وهي خفيّة - من بين أثنائه، إذا فرغ ما بين أثناء الثوب (فنخل) ويَليَ. وكذلك العجوز الفاني، ذَهَبَتْ مُنَّتُه من أثناء بدنه. وبتأمل مواد كهه - كهل - ونسبة كهن إليها، وذلك الاستعمال العامي الذي هو بعيد عن المذكور في المعاجم، ويتفق مع الأصل، ومع الملحظ الذي لُحظ في كهن، وبالنظر أيضًا إلى أن صيغة لفظة الكاهن على اسم الفاعل وهي جِدّ شائعة - فمن كل ذلك نَتبيَّن أصالةَ التركيب، وتَدحَض دعوى تحريبها عن الحبشية الذي أورده السيوطيُّ في المُتَوكِّلي. ° معنى الفصل المعجمي (كه): إخراج المادة من الجوف بدفع وقوة كما في

إخراج النفَس بدفع - في (كهه)، وكما في فراغ الكهف حيث هو أوسع من الغار، وعِظَم فراغه هذا هو قوة الإفراغ - في هذا التركيب (كهف)، وكما في بروز قوة النمو المستكنة طولًا وتمامًا - في (كهل)، وكما في النبوءات التى يأتي بها الكاهن، وقوتها أنها تتناول أمورًا مستقبلية يجهلها الناس، وهي حتى وإن كانت أكاذيب فإنها تلقى في حينها اهتمامًا - في (كهن).

باب اللام

باب اللام التراكيب اللامية • (ليل): {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 1 - 3] "اللَيْل ضد النهار - وبدْؤه غروب الشمس. والليل: ظلام الليل. ليلة لَيْلاء وليل أَلْيَلُ: شديد الظلمة ". Qحجاب لطيف (غير مجسَّم) لكنه كثيفٌ يلُفّ الأشياء متميِّزًا عنها عالقًا في الأفق. أي أن طبيعة الظلام مع عمومه هو الملحظ في تسمية الليل بدليل مقابلته بالضياء في قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ} [القصص: 71]. وكما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} [النبأ: 10]. والذي جاء في القرآن من التركيب (الليل) و (الليلة) وجمعها (ليالي). ومن ذلك الأصل قيل للمُحَمَّق والمُضَعَّف: أبو لَيْلى (كأنّ على عقله حِجابًا - كما يُسمَّى غَبِيًّا) ومن هذا: أُم لَيْلَى: الخمر (لتغطيتها العقل)، وليلى هي النَشْوة، وهو ابتداء السُكْر لذلك. وليلى من أسماء النساء كأن الملحظ أن تكون مَصُونة محجوبة - كما يقال عَقِيلة، أو أن تكون كالطَيْف اللطيف.

(ألل)

• (ألل): {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً} [التوبة: 8] "الأَلَّة - بالفتح: الحَرْبة في نَصْلها عِرَضٌ. وأَلَلَا السِكّين والكَتِف وكلُّ شيء عريض - محركة: وَجْهاه. وأُذُن مُؤَلَّلة - كمُعَظَّمة: محدَّدة منصوبة مرقَّقة. والتَّأليل: التحديد والتحريف ". Qانبساط (أو امتداد) بعِرَض ورقّة أي دون كثافة أو انثناء: كوجه نَصْل الحَرْبة ووجه السِكّين والكَتِف وإطار الأذن الموصوفات، وهي عِرَاض محدَّدة أي رِقاق الحروف. ومن ذلك: "الأَلَلَةُ - محركة: الهودج الصغير (الكبير يكون مُرَبَّعًا، فهذا لعلّه مستطيل يظهر عرضه). أَلِلَ السِقاءُ (كتَعِبَ): تغيرتْ رِيحُه (من طول استعماله أو بقاء الشراب فيه، وكلاهما امتداد زمني) وكذلك: "أَلَّ فلانٌ فأطال المسألة: إذا سأل. وأَلَّ في سَيْره يُؤلّ ويَئِلّ: أسرع واهتز (امتداد وخفّة كالرقة). والأَلِيل - وبتاء: الثُكْل (والثُكْل فقدٌ وذهابُ كثافةٍ بلا رجوع) والأَلِيل: خرير الماء وتسيُّبه (امتداد لطيف) وأَلَّ لونُه يؤُلّ: صفَا وبَرَقَ " (البريق يمتد وهو من الرقة). وفُسِّر (الإِلّ) في قوله تعالى: {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً} [التوبة: 10] بالقَرابة، وباسم ربّ العزة، وبالعهد. وقد سلَّم بها كلِّها [طب 14/ 146]. والأصل يتمثّل في القرابة بصورة حسية أكثر من غيرها؛ فهي امتداد وانبساط. أما العهد فقد ذُكرتْ الذمةُ في الآية فيكون تكرارًا، وأما تفسير الإل بأنه من أسماء الله فلا أستريح إليه؛ لغرابته في هذا المجال الجليل الذي يتطلب تام التدقيق مع التنزيه.

(لوى - لو)

ومن الأصل: "الإلّ - بالكسر: الحقد " (حِدّة مُختَزَنة أي ممتدة البقاء) وبالضم: "الأَوّل " (يمتد وراءه ما بَعْدَهُ). • (لوى - لو): {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ} [آل عمران: 153] "ذَنَبٌ أَلْوَى: معطوفٌ خِلْقةً مثل ذَنَب العَنْز. والأَلْوَى واللُوَىّ - على لفظ التصغير: شجرة تَنبت حِبالًا تَعْلَق بالشجر وتَتَلَوَّى عليها. وقَرْن أَلْوَى: مُعْوَجّ. ولِوَى الرمل - كالفِدَى: مُنقَطَعه وهو الجَدَد بعد الرَمْلة. لَوَيْتُ الثوبَ: عَصَرتُه حتى يَخرُج ما فيه من الماء. ولَوَيْتُ الحبلَ: فتَلتُه. ولَوِىَ القِدْحُ (تَعِبَ): اعوجَّ. والْتَوى الماءُ في مجراه وتلوَّى: انعطف ولم يَجْرِ على الاستقامة ". Qلَفْت الجرم وعَطْفُه بعضِه حولَ بعض - أو حولَ غيره، ويلزم ذلك عدمُ الانتشار، والاشتدادُ أو اليبس، كما يَلزمه احتواءُ الشيء، وأيضًا خفاءُ ما الْتَوَى عليه: كانعطاف الذَنَب والقَرْن والشجر ... ولِوَى الرمل توقُّف عن الامتداد كأنه ارتداد والتواء إلى الخلف. ومثله "اللَوِىّ كَغَنِيّ: يَبيسُ الكلأ (أو هو من اليُبْس اللازم) واللِواء: الراية " (يَجمع ويجذب الجنودَ يَلويهم وَيعْطِفهم إليه). ومنه: "لَوَاه دَيْنَه وبدينه: مَطَلَه (حوَّله من موعد إلى موعد إلى ثالث) وأَلْوَى بالشيء: ذَهَبَ به (كأنما التَفَّ عليه) ولَوَيْتُ عنه الخبرَ: طويتُه وكتمتُه. واللَوِيَّة - كهَدِيّة: ما خبأتهَ عن غيرك وأخفيته ". (الثلاثة الأخيرة من الخفاء اللازم لِلَّيّ). ومن الأصل: {لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ} [المنافقون: 5]: حقيقة أو كناية عن الإعراض. {فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا ...} [النساء: 135] من لَىّ

(ولي)

الحق، والليّ في الشهادة (الانحراف) والميل إلى أحد الخصمين [قر 5/ 413] {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ} [آل عمران: 78]: يُميلونها. والمعنى يُحرَّفون الكلم ويَعدِلون به عن القصد [قر 4/ 121]، {وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ} [آل عمران: 153] لا تُعرِّجون ولا تَقفِون لمن ينادي. و"لو "الشرطية والتي للتمني فيها معنى التحول، إذ تعني افتراض الانتقال. أو الرغبة في الانتقال إلى حالة حصول أمرٍ ما. {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا} [الأنعام: 28]. ومنه {لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً} [البقرة: 167]. • (ولي): {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257] "الوَلِيَّة: كغَنِيّة: البَرْذَعة على ظهر البعير، وقيل هي التي تحت البرذعة. وكغَنِىّ: المطر يأتي بعد الوَسْمِيّ ". Qلزومُ الشيء شيئًا آخر تبعًا له مع نحو من الاشتمال، كما يتمثل في لزوم الوَلية الظهرَ مشتملة عليه، وفي مجيء الوَلِيّ بعد الوَسْمِيّ مع غَلَبة أثر الوَلِيّ على الوَسْمِيّ. ومنه "وَلِىَ فلانٌ فلانًا: تَبِعَه من غير فَصْل. وجلس مما يلي زيدًا: مما يُلاصقه ويُدانيه ". و "كُلْ مما يليك. وتوالتْ كتبُه: تتابعتْ ". وفي قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} [التوبة: 123] قالوا: الأقرب فالأقرب [طب 14/ 547، قر 8/ 297]. (أي عند تحقق أن الحالة مما أُذِنَ فيه بالقتال حسب ما تضمنته آيات القتال). ومن معنى اللزوم مع اشتمال قيل: "وَلِىَ الشيءَ، وعليه: مَلَكَ أمرَه وقام به،

والبلدَ: تسلَّطَ عليه {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} [محمد: 22] ومنه: وَلِيُّ القاصر ونحوه {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282]. وبهذا المعنى عُبِّر بالتركيب عن المُعْتِق، وكلِّ ذوي العلاقة المتمكنة كالجار، والعَصَبة {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي} [مريم: 5]. والحليف والعَقيد، والصِهْر [ينظر بحر 2/ 385] عن كلمة مولى {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: 72]، {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ} [الممتحنة: 9]، {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 56]، {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا} [الأنعام: 129] نجعل بعض الظالمين أولياء بعض [قر 7/ 85]، {وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا ....} [النساء: 119] ومن هذه الولاية ما في [البقرة: 205، النساء: 115، المائدة: 51، 80، الاعراف: 196، التوبة: 23، الرعد: 11، النحل: 100، الحج: 4، النور: 11، محمد: 22، المجادلة: 14، الممتحنة: 13] وكذا كل (وال، ولي، أولياء، ولاية)، {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ} [آل عمران: 175]. أي يخوفكم أيها المؤمنون شر أوليائه الكفار [بحر 3/ 125] {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} [النساء: 115] وعيد بأن يترك مع فاسد اختياره. [بحر 3/ 363]. ومن اللزوم مع بعض الاحتواء دلّت على نحو الاختصاص والأحقِّية {فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ} [المائدة: 107]، الأحقان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما/ أو/ فالأوليان بأمر الميت آخران [بحر 4/ 49، وانظر قر 6/ 358]: وهذه الأولوية والأحقية تؤخذ من التلازم في المعنى

(لألآ)

المحوري. {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ} [آل عمران: 68]: أقرَبَهم وأحقَّهم به وأرعاهم لشريعته). ومن الأصل دلَّت على الاتجاه إلى شيء أو وِجْهة: "ولَّي وجهَه شطْر كذا - ض: وَجَّهه إليه (جعل وَجْهَه يليه) {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144 وكذا ما في: 115، 149, 150, 177 منها] , والتوجه إلى الشيء التفات وانصراف إليه. ومن هذا حمل (ولّى - ض) معنى الانصراف، ثم تُعيَّن الجهة بالحرف {لَوَلَّوْا إِلَيْهِ} [التوبة: 57] {وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ} [الأحقاف: 29] {تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ} [القصص: 24] فهذه بمعنى الإقبال والاتجاه إلى الشيء. وكل (تولى عن، وتول عن) فهي بمعنى الانصراف، ودون أي من الحرفين فكُلَ (ولّى) ض، (تولى) - عدا ما ذكرنا أنه من الولاية - معناه الانصراف إعراضًا وإدبارًا، والحال تبين ذلك غالبًا نحو {وَلَّى مُدْبِرًا} [النمل: 10] {وَلَّى مُسْتَكْبِرًا} [لقمان: 7] وقد تخلو من الحال {أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [طه: 24]. ويستثنى من كون الانصراف إعراضًا ما في [التوبة: 92]. • (لألآ): {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] "اللُؤْلؤة: الدُرّة (الصغيرة). تَلأْلأ النجمُ، والقمرُ، والنارُ، والبرقُ، ولأْلأَ: أضاءَ ولمع/ اضطرب بَرِيقُه. تلألأت النار: اضطربت. لألأت النار لألأةً: توقدت ". Qتركُّز الصفاء وما إليه من اللمعان وانحصارُه في حيِّز

(ألو)

بحيث يمتد منه أثرٌ قوى منتشر - كجِرْم اللؤلؤ في تركزه في صدفه مع انتشار بريقه إذا أُخْرج، وبريق النجم الخ {وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} [الواقعة: 22، 23]. ومنه "لأْلأَتْ المرأةُ بعينيها: برَّقَتْهما ". وقالوا: "لأْلأَ الثور الوحشيُّ بذَنَبه وكذلك الظبي: حرَّكه ". فلعلّهم لحَظوا ثباتَ أصل الذيل (= تركُّز)، والتلويح به مع طوله امتداد مع انتشار. "لا "النافية والناهية. أصلها من هذا الانحصار. فالناهية إيقافٌ ومنْع تخطٍّ، والنافية إخبارٌ بعدم التخطي إلى المنفيّ. {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2] أي ليس مما يحله الريب ولا يكون فيه [بحر 1/ 160] {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} [الأنبياء: 95] أُوّلت الآية بأن (لا) هنا زائدة، كما أولت بعدم زيادة (لا) لكن (حرام) بمعنى (واجب) مع الاستشهاد ببيت للخنساء [ينظر بحر 6/ 313 - 314] واستعمال (حرام) بمعنى (واجب) يتأتى باعتداد وجوب الشيء لازمًا لحرمة ضده أي امتناعه. • (ألو): {لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} [آل عمران: 118] "الأَلاء - كسَحاب ويُقصَر: شجر مُرٌّ دائم الخضرة أبدًا يُؤكل ما دام رَطْبًا، فإذا عَسا امتَنع ودُبغ به. والأَلْو - بالفتح: بَعَرُ الغنم ". Qاختزان الشيء مادته لا تتبدّد: كاحتفاظ ذلك الشجر بخضرته أو مادة الدَبْغ فيه، وبَعَر الغنم كرات صغيرة ملتئمة. ومنه "ألا يألو، وألّى - ض: قصّر وأبطأ. يقال للكلب والبازي إذا قصّر عن صيده: ألّى - ض (تأويله: اخْتزن جُهْد) {لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا}: لا يقصرون في

فسادكم " [ل]. (كما نقول: لا يدخر جهدًا في كذا). ومن هذا التفسير بالتقصير قالوا: "ما ألوت أن أفعله أي ما تركت. لا يألو خيرًا: لا يدعه ولا يزال يفعله " (كلاهما معناه: ما اختزنت جهدي). ومن ذلك الاختزان وعدم التبديد "هو يَأْلُو هذا الأمر: أي يطيقه ويقْوَى عليه. ما أَلَوْته: لم أستطعه ولم أطقه "فالطاقة قوة مختزنة. ومن هنا قالوا: "أتاني في حاجة فألوت فيها أي اجْتهدت. أَلَا وألّى - ض وتألّى: اجتهد "وكأن هذا من استعمال اللفظ في لازم معناه، أي من وجود الطاقة استعمل في بذلها. لكن البذل ليس أصيلًا في معنى التركيب. ونلتفت أيضًا إلى أن تفسيره "ألا يألو "بـ "فتر وضعف "بدلًا من "قصّر "تسامح، لكنه يؤخذ من التقصير. و"الأَلْوة - بالفتح وكهَدِيّة: اليمين وآلَى وائْتلى وتأَلَّى: أَقْسَمَ " (هذا المعنى يرجع إلى شدة عزم النفس على الشيء، وارتبط بالامتناع عن المرأة لأن هذا ضبط نفس وشهوة وماء، فهما من باب الاختزان في النفس أي احتفاظ الشيء بمادته) {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] , {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} [النور: 22] يمكن أن تكون بمعنى يمتنع، أي من ملحظ الاختزان، فهذا أقرب من أن تكون من القَسَم على تقدير نافٍ قبل {أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى}. وقول ابن الأعرابي إن الأَلْو: العطية، احتجاجًا بقوله (أخالد لا آلوك إلا مهندًا). ليس مُسَلَّمًا, لأنه معنى غريب عن المعنى المحوري للتركيب، ويتأتى أن يؤوّل الشاهد، بأن يكون معنى لا آلوك إلا مهندًّا: ليس عندي (لك) إلا مهنّدٌ. والذي عند الإنسان هو مختزن له.

(ألى)

• (أَلَى): {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 13] "الأَلْيَة - بالفتح: العَجِيزة للناس وغيرهم (: الكبش والنعجة) / ما رَكِبَ العَجُزَ من الشحم واللحم. وأَلْيَة الساق: حَماتُها. (كتلة اللحم التي في باطن الساق)، وأَلْية الإبهام: ضَرَّتُها " (اللَحَّمة المتجمِّعة في أصلها). Qتجمُّع غَضٌّ يَعْلَق بآخر الشيء أو أَصْله (أسفله): كالشحم في الأَلْية بمعانيها. ومنه "الآلاء: النِعَم "فإنها طراءةٌ ولينُ حياةٍ يحوزه من وَجَدَها (مع التجاوز عن قيد الخلفية)، وهي تُنال بفضل الله {فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأعراف: 69]. {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 13، ...]. واحد الآلاء: إِلْى - بالكسر، وكدَلو، ورَحَى ومعَى، وألو - بالفتح. وإلى الجارّة للانتهاء، وهو من باب الآخِرِيّة. • (أول): {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} [يوسف: 6] "الإِيال - ككتاب: وِعاءُ اللبن/ وعاء يؤال فيه شراب أو عصير أو نحو ذلك/ وعاء يجمع فيه الشراب أيّامًا حتى يجود. قال: يفضّ الختام وقد أزمنت ... وأحْدَثَ بعد إيالٍ إيالا [التفسير الأخير للإيال من مقاييس اللغة 1/ 159] آلَ اللبنُ: تخثَّر فاجتمع بعضُه إلى بعض ... والآيِل: اللبن المُختلِط الخاثر. الآل: الخشب المجرّد .. / عيدانُ الخيمة أي الخشبات التي تُبْنَى عليها (واحدها آلة). وآل الجَبَل: أطرافه ".

Qحقيقة الشيء المتحصَّلة منه، أي صُلْبِ مادته التي تخلص بعد تنحية ما يشوبها أو يغطيها كاللبن الخاثر الذي هو مادة اللبن الكثيفة، وكذا الشراب الخاثر بعد تبخر ما يعدّ شوبًا لا أثر له عندهم. وكالخشب المجرد فهو خشب أزيل قشره، فهو على حقيقته. وأطراف الجبل حدود حقيقته. ومنه قولهم: "أَوَّلَ اللهُ عليك، أي: رَدَّ الله عليك ضالَّتَكَ وجَمَعَها لك. وأُلْت المالَ أؤُولُه: أَصْلَحتُه وسُستُه (حفظته من تحصيل الحقيقة). وآلَ عليهم: وَلِيَهم وساسهم (تولّى حفظ أمرهم وذاتيتهم). وآلُ الرجل: أهله وعياله (هم من حقيقته كما قيل) (نحمي حقيقتنا)، {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ} [آل عمران: 33] قد يتوسع فيشمل الآلُ الأعوانَ والأنصارَ أو الجنود {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ} [البقرة: 50] ثم القوم {وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ} [الأعراف: 141] , و "الآلة: ما اعتَمَلْتَ به من الأداة " (أداة تحقيقه). ومنه "آل أوْلًا ومَآلًا: رَجَعَ، وآلُو الجِمالَ: ردُّوها ليرتحلوا عليها " (تحصيلٌ بَعْدَ بُعْد). وآلَ النبيذُ بعد الطبْخ إلى الثلث (هذه حقيقته). وأوَّلَ الكلامَ - ض: دبَّره وقدَّره وفسَّره (لتبيُّن حقيقته أي المراد به) {وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} [يوسف: 6] , {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ} [يوسف: 100] (تأويلُ الرؤيا والحديث استخلاصُ ما يتحصَّل من الرموز والألفاظ، أي المراد إبلاغ الرائي إياه بها. وكل (تأويل) في سورة يوسف فهو من تأويل الرؤيا هذا). وفي مجال علم التفسير فإن التأويل غير التفسير الذي هو بيان معنى الألفاظ لا المراد. ولا يتحد (المصطلحان) في الدلالة إلا توسُّعًا) وعبارة [قر 5/ 263]: "التأويل: جَمْع معاني

(وول -> أول)

ألفاظ أَشْكَلَتْ بلفظ لا إشكال فيه " [وانظر طب 6/ 204] {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: 7] أي طلب أن يَفْتِنوا الناس عن دينهم ويضلُّوهم، وطلب أن يؤولوه التأويل الذي يشتهونه [ينظر بحر 2/ 40] وفيه الكلام عن {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ} والتأويل في ما سبق يرجع إلى تبين معنى الكلام (المراد به)، ومنه - حسب ما في [بحر 5/ 160] {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [يونس: 39]. وقد يستعمل في بيان عاقبة الطاعة والعمل بكلام واضح المعاني - كما في {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]: عاقبةً للعمل بما في صدر الآية. ومثله ما في [الإسراء: 35]. {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ} [الأعراف: 53] وقوعَ ما يَحمله وتحقُّقَه. وفي [قر 7/ 217]: أي عاقبتَه أي ما وُعدوا به في القرآن من البعث والحساب والعقاب. ومن حقيقة الشيء استعمل التركيب في أساس الأمر وأصله كما آيتي [الكهف: 78, 82]. (الحقيقة، المراد، العاقبة وجوه أو صور لشيء واحد). • (وول -> أول): {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِر} [الحديد: 3] [الأوَّل (ضد الآخِر) صحَّح ابن بَرِّيّ [في ل: وأل] أنه من "وول "على باب "ددن "، وأن هذا مذهب سيبويه وأصحابه. وفي [بحر 1/ 326] مثل ذلك. Q(وعليه يكون معنى التركيب) كون الشيء ابتداءً وسبْقًا في أمرٍ لجميع جنسه، فيكون كل ما يماثله فيه تاليًا له أي كائنًا بعده، والأول يكون كذلك بانضمام ثانٍ وثالث إلخ إليه بعده. وهذا الانضمام هو من باب الاشتمال، ويُحسَب للأول؛ لأنه بسببه وبالنسبة إليه كان الثاني والثالث إلخ

ثانيًا وثالثًا إلخ. فالأول الأسبق منه - {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} [آل عمران: 96] نعم أول بيت أقامه الله للناس متعبَّدًا مباركًا وهدى [ينظر بحر 3/ 6] {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} [البقرة: 41] أي أول من كفر، ومفهوم الأولية غير مراد، فلا يجوز أن يكونوا ثاني من كفر، وإنما ذُكرت لإبراز فحش كفرهم مع علمهم السابق به، ولأنهم بكفرهم يسنون الكفر لغيرهم [ينظر نفسه 1/ 332 - 333] {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ} [الأنعام: 14 ومثلها ما في 163 منها] هو - صلى الله عليه وسلم -. سابق الأمة أو الخلق يوم الميثاق، مع أولية الرتبة أيضًا، وذكر هذا حثٌّ للمدعوين إلى الإِسلام على المبادرة [ينظر نفسه 4/ 90 - 91، 263] وفي {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} [الزمر: 12] أن أفعل ما أستحق به الأولية من أعمال السابقين [بحر 7/ 403] {تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 143] هذه عن سيدنا موسى تاب من طلب الرؤية بغير إذن، ثم قال أنا أول المؤمنين بعظمتك وجلالك وأن شيئا لا يقوم لتجليك [بحر 4/ 385 بتصرف]. {تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] الراجح أنها ما كان قبيل الإِسلام [قر 14/ 179 - 180]. {لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} [الحشر: 2] هذا الحشر لبني النضير للجلاء، والثاني حشر عمر لأهل خيبر وجلاؤهم [بحر 8/ 242]. ومن أسمائه عزَّ وجلَّ: الأَوَّل {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد: 3]. وفي الحديث الشريف: "اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء " [قر 17/ 236]. وفي القرآن من التركيب (أول) وجمعها (أولون) ومؤنثها (أولى) وسياقاتها واضحة.

اللام والباء وما يثلثهما

اللام والباء وما يثلثهما • (لبب - لبلب): {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9] "لُبّ الجَوْز واللَوْز ونحوهما: ما في جوفه. وكذلك لُبّ كلِّ شيء من الثمار: داخلُه الذي يؤكل ويطرح خارجُه. ولُبَاب القمح ونحوه - كغُراب: دقيقُه الخالص. واللَبّة - بالفتح: وَسَط الصدر والمَنْحَر/ موضعُ القِلادة من الصدر من كل شيء، وكذلك اللَبَب. ولَبَّة القِلادة - بالفتح: واسطتها. واللَبْلاب: نَبْت يلتوي على الشجر ". Qلزوم الشيء جوف شيء أو وسطه بتمكن (¬1) ويلزم من ذلك نقاؤه وخلوصه لكونه محوطًا محفوظًا. كلُبّ الجَوْز ولُبَاب القمح واللَبّة. واللبلاب يلتوي على الشجر فيلزمه لزومًا قويًّا. ومن ذلك "لَبَبُ الرمل - محركة: مقدَّمه/ أَرَقُّهُ حَسَبَ ترتيب تجمعات الرمل في [ل]. فهو من النقاء ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تُعبّر اللام عن استقلال والباء عن تلاصق وتجمع. ويعبّر الفصلُ منهما عن مادة متميزة (ومستقلة عن غيرها) تتجمع في جوف الشيء وتَلزمه كلُبّ الجوز الخ. وفي (لبث) تعبّر الثاءُ عن نفاذ بكثافة جِرْمٍ، ويعبّر التركيب عن كثرة عددٍ أو طول وقتٍ لذلك اللزوم كما في اللُبْث. وفي (لبد) تعبّر الدال عن ضغط ممتدّ يؤدي إلى احتباس، ويعبّر التركيب عن احتباس ذلك المتجمِّع أي دوامه رغم أنه في صورة ما يزول كاللِبْدة وتَلَبُّد الشعر. وفي (لبس) تعبّر السين عن نفاذ بدقة، ويعبّر التركيب عن النفاذ بدقة مخالطةً ومداخلةً شيء كما في المَلْبَس، وفي (لبن) تعبّر النون عن امتداد لطيف في الباطن، ويعبر التركيب بها عن تجمُّع لطيف في الباطن لما شأنه ان يتماسك (كاللبن).

(لبث)

والخلوص ومنه "اللُبّ - بالضم: ما جُعل في قلب المرء من العقل " {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [البقرة: 269]. وليس في القرآن من التركيب إلا كلمة (الألباب) بهذا المعنى. ومن ملحظ الخلوص (= النقاء) مع اللطف قالوا: "لُبَاب الحَسَبِ: مَحْضُه "- كما وصفوا الشخص بأنه "لَبٌّ "- بالفتح إذا كان لطيفًا قريبًا من الناس. ومن هذا: "اللَبْلَبة: الرِقّة على الولد؛ لَبْلَبتْ الشاةُ على ولدها: لَحِسَتْه وأَشْبَلَتْ عليه ". ومن اللَبَب أُخذ "لَبَب الدابة: مَحْزِمها في موضع اللَبَب (تسمية بالموضع)، ولَبَّبَ الرجلَ - ض: جعَل ثيابَه في عنقه وصَدْره في الخصومة ثم قَبَضَها وجَرَّه ". تشبيهٌ باللَبَب الذي يُشَدّ في صدر الدابة ليمنَع السَرْجَ والرَحْل من التأخر. ومن مادي اللزوم قالوا: "لب بالمكان وألب: أقام به ولزمه " (المكان ظرف) ثم قالوا: "لبيك "، وهي تعني المبالغة في الاستجابة، فهي من اللزوم. وفي [ل] صفحتان في تحليلها: أياؤها للتثنية أم منقلبة عن ألف جيء بها للتخلص من توالي ثلاث باءات. • (لبث): {فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَامُوسَى} [طه: 40] "لَبِثَ بالمكان (فَرِحَ): مَكَثَ. وتلبَّث: أقام. وقد لَبَّثته - ض ". Qملازمةٌ للمكان ممتدّة، وهي المكث في المكان: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} [الكهف: 25] , {ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا} [الأحزاب: 14] (هذا بيان لعدم رسوخ الإيمان في

(لبد)

قلوبهم حينذاك، إذ لا يثبتون عليه إلا قليلًا قبل أن يُفْتَنوا) {قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ} [البقرة: 259]. وليس في القرآن من التركيب إلا اللُبْث المكاني أو الزماني وهو منه. • (لبد): {.... كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} [الجن: 19] "اللَبِيد: الجُوَالِق الصخم. واللِبْد - بالكسر - من البُسُط معروف، وكذلك لِبْد السَرْج (كلاهما نسيج من الوبر ونحوه كثيف قدر إصبع في ثخانته) ولِبْدة الأسد: الشعر المتراكب بين كتفيه. ولَبَدَ الصوفَ (ضَرَبَ) ولبَّده - ض: نَفَشه بماء ثم خاطه وجعله في رأس العَمَدِ لئلا يَخرِق البِجادَ. وقد لبَّد شعرَه - ض: ألزقه بصَمْغ أو شيء لَزِجٍ حتى صار كاللِبْد ". Qتكرُّس الدِقاق المرنة (من شعر ونحوه) بعضها فوق بعضٍ واحتباسها (انتشابها وامتساكها) معًا طبقةً كثيفة ثخينة. كذلك اللِبْد وما يحويه الجُوالقُ الضخم. ومنه اللِّبْدة - بالكسر والضم: الجماعة من الناس يقيمون وسائرهم يظعنون (تكرُّس واحتباس) {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا}، مجتمعين يَركَب بعضُهم بعضًا {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا} [البلد: 6]: كثيرًا كثيفًا. ومن ذلك التكرس والاحتباس قالوا: "لَبَدَ بالمكان (قَعَد وفَرح) وأَلْبَدَ: أقام به ولَزِقَ، وبالأرض: لَصِقَ، والشيءٌ بالشيء: رَكِبَ بعضُه بعضا ".

(لبس)

• (لبس): {وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ} [الكهف: 31] "اللِباس -ككتاب: ما يُلبَس، وكذلك المَلْبَس كمَقْعَد واللِبْس- بالكسر، واللِبُوس. ولِبَاس النَوْر: أَكِمَّتُه، ولِبَاس كلِّ شيء غِشاؤه- لَبِسْت الثوبَ " (شَرِبَ). Qتغطيةٌ بمُدَاخلةٍ (أي نفاذ الفروع في ما يحيط بها) وملازمة. كالملابس تغطِّى البدنَ والأذرعَ والأرجلَ، وكالأَكِمَّة للنَور {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [الحج: 23] , {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ} [الأنبياء: 80]. المراد به هنا: الدروع. ومن اللباس الماديّ ما في [الأعراف: 26، 27، النحل: 14، الكهف: 31، فاطر: 2 1، 33، الدخان: 53] {جَعَلَ لَكُمُ اللَّيلَ لِبَاسًا} [الفرقان: 47] , هذا مجاز لأن ظلام الليل يغطى كاللباس. ومن لَحْظ المداخلة جاء معنى المخالطة: حسيًّا -كما في {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187] أو معنويًّا "لَبَسْتُ عليه الأمرَ (ضَرَبَ): خَلَطْته (أدخلتُ بعضَه في بعض فخَفِى وجهُه عليه)، والتبَسَ عليه الأمرُ: اختَلطَ واشتبه " {وَلَلَبَسْنَا عَلَيهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: 9] كان رؤساء الكفار يَلبِسون على ضَعَفَتهم في أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا هلَّا أنزل إلينا مَلَكٌ. قال تعالى: {وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا} [الأنعام: 8] فرأوه رجلًا -أي الملك- لوقعوا في لَبْس كالذي يُوقعونه بالضَعَفة [ينظر ل].

(لبن)

• (لبن): {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} [محمد: 15] "اللَبَن - محركة: ذلك المائع الأبيض المغذي الذي يُحلَب من الشاء والنُوق والبقر. ولَبَنُ كلِّ شجرة: ماؤها. والمَلْبُون: الجمل السَمين الكثير اللحم. واللَبَان - كالسحاب: الصدر أو وَسَطُه أو ما بين الثديين، والتَلْبِينة: حِساء يُعمل من دقيق أو نُخَالة ويُجعل فيها عَسَلٌ ". Qاحتواءُ الباطن على لطيفٍ من شأنه أن يَخرج ثم يتمسك (يتخثر) أو يَظهر- كاحتواء الحيوانات على لبنها، وكذلك الشجر. (وكلاهما يتماسك: فاللبن يروب ولبن الشجر يَتلزَّج) والسِمَن والشَحم مادة لطيفة الجَسّ مُحتَواة في البدن. ولَبانُ البعير والفرس كُتْلةٌ مرَّبعة في الصدر تبدو كأنها صُلْبة في حين أنها رِخْوة من الداخل (يُنحَر العير بطعنه في لَبَّته التي هي وَسَط اللَبان) وفي البقر تتدلَّى من الصدر لَبَّةٌ أو لَبَب (= جِلْدة) كأنما تدلِّيها بسبب غزارة رقّة أَصْلها، ويتأتى أن يكون لَبان البعير والفرس محمولًا عليها في الرقة الباطنية. ومن ذلك "اللِبْنة - بالكسر وكفَرِحة: التي يُبنَى بها، وهو المضروب من الطين مُرَبَّعًا، والمِلْبَن - بالكسر: قالبُه ". وتماسُكه تَصلُّبه، ولُطفه نسبي أي بالنسبة للمَدَر والحجارة غير المنتظمة التي يُبنى بها). ومنه كذلك "اللُبُنَى- بالضم والقَصر: شجرة لها لَبَنٌ يقال له: عَسَلُ لُبْنَى. واللُبان- كغراب: الكُنْدُر " (ذاك الذي يمضغ في باطن الفم). ومنه "لَبِنةُ القميص: جرُبّانه أو بَنِيقَتُه (تُبطِّن حافات الجيب بطبقة لطيفة؛ والتماسك أنها تُقِيم فتحةَ الجيب فلا تنثني)، واللَبَن

£° معنى الفصل المعجمي (لب)

- محركة: وَجَعُ العنق حتى لا يقدر أن يلتفت " (تماسك. ولطفه أنه في الباطن، أو نُظِر فيه إلى جزء المعنى). ومن معنويِّ ذلك: "اللُبانة - كرُخامة: الحاجة من غير فاقة (يراد ضمُّها أي إمساكها وليست حادة) والتلبُّن: التلدُّن والتمكُث " (تماسك مع فتور باطنيّ - لُطف). والذي ورد في القرآن الكريم من التركيب: اللبنُ ذاك الذي يُحلَب {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَينِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا} [النحل: 66، وهذا ما في محمَّد: 15]. ° معنى الفصل المعجمي (لب): اللزوم أي التلازم والتداخل كما يتمثل ذلك في لُب الجوز ونحوه - في (لبب)، وفي ملازمة المكان والبقاء فيه مدة - في (لبث)، وفي حبس الأشياء في اللبيد الجوالق الضخم وتناشب الشعر ونحوه في اللِبْد - في (لبد)، وفي تلازم البأس واللابس ودخول الأعضاء في اللباس- في (لبس)، وفي تولد البن في باطن الحي في (لبن). اللام والتاء وما يثلثهما • (لتت): "لتَّ السويقَ (= جشيش الحنطة والشعير) والأَقِطَ (= اللبن الرائب إذ طُبِخ ثم جُفِّفَ حتى استَحْجر) وغيرهما (رد): جَدَحَه، وقيل: بسَّه بالماء ونحوه (أي يخِلطه بالماء ونحوه ويُحِّركه حتى يَخلط وبَتداخل وبتماسك. وهذا التحريك من أجل الاختلاط هو الجَدْح).

(لوت - ليت)

Qخَلْط الدِقَاق بعضِها ببعض بماء أو نحوه حتى تتماسك بلطف (¬1) ومن هذا التماسك قيل: "لُتَّ فلانٌ بفلان - للمفعول: لُزَّ به وقُرِنَ معه. ولَت الشيءَ (رَدَّ): شدَّه وأوثقه ". ومنه اللُتات - كغراب: ما فُتّ من قُشور الخشب (كانت لاصقة والصيغة للبقايا)، وكذلك قول امرئ القيس يصف حُمُرا: [تلُتّ الحصى لَتًّا بسُمْرٍ رَزِينةٍ] يعني أنها تدُقّه بحوافرها الصُلبة، فهو من تشبيه دقها الحصى بأرجلها بلَتٍّ السويق. • (لوت - ليت): {وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيئًا} [الحجرات: 14] "اللِيتانِ - بالكسر: أدنى صَفْحَتيِ العنق من الرأس، عليهما يَنحدر القُرْطانِ، وهما وراء لْهِزِمتَىْ اللَحْيَينِ. وليِتُ الرمل: ما رقَّ منه وطال ". Qنَقْصٌ أو رقة وضَعْف في الشيء الممتدّ - كلِيتَىْ العنق ولِيتِ الرمل (من عُظْمه). ومنه (لاته حقَّه يلوته لوْتًا، ويليته لَيتًا وألاتهَ: نَقَصَه: {وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيئًا}. ويقال أيضًا لاته (يَلِيته وَيلُوته): صَرَفه عن الشيء عن وجهه (نقص الشيء عن مستوى ما يجاوره تحول في المستوى يؤخذ منه معنى الصرف). ومنه "ليت "كلمة التمني أي تمني الحصول على الشيء وهو يتأتى من ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر اللام عن استقلال، والتاء عن ضغط بدقة أو رقة, ويعتبر الفصل منهما عن تماسك الدقاق بعضها ببعض كما في لَت السَّويق. وفي (ليت لوت) تتوسط الياء والواث بتعبيرهما عن الامتداد مع الاتصال أو الاشتمال ويُعبّر التركيبان عن امتداد الشيء المجتمع في دقة ونقصر، كما في ليت العنق ولِيت الرمل.

£° معنى الفصل المعجمي (لت)

استشعار النقص، ثم إن النقص الشديد -كما هنا- يصور ضعف فرصة حصول المتمنّي)، {قَال الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَاليتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ} [القصص: 79] , تمنَّوها اغترارًا بزُخْرُفها على قارون. {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيءٍ} [الطور: 21] , يجوز - صرفيًّا - أن تؤخذ من أَلت ومن ألات (مزيد ليت - ل ألت) فأجريتها من باب ليت، إذ كان المعنى واحدًا وهو النقصان. كذلك يؤخذ من النقص معنى النفي -كما استعملت القلة في معنى النفي [ينظر الخصائص 2/ 524 "قل رجل يقول ذلك إلا زيد أي ما يقول ذلك "وكذلك في ل (قلل) أن هذا اللفظ يتعمل في نفي أصل الشيء] {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص: 3] قال في (لوت) "لات كلمة معناها ليس. تقع على لفظ العين خاصة "اهـ فالمعنى: ليس ذلك حين نَوْصٍ: فِرار أو مهرب من الهلاك. ° معنى الفصل المعجمي (لت): التماسك واللزوق وما إليه وهو تداخل يلزمه النقص كما يتمثل في لت السويق حتى يتماسك إلى حد ما - في (لتت) وفي نقص اللبت عما فوقه (الرأس) وعما تحته (الأكتاف) - في (لوت - ليت). اللام والجيم وما يثلثهما • (لجج - لجلج): {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21)} [الملك: 21] "لجة البحر - بالضم: حيث لا يُدرَك قعرُه. لُجُّ البحر - بالضم: الماء الكثير الذي لا يُرى طرفاه. التَجَّ الموجُ: عظُم، والأرضُ: اجتمع نبتُها وطال وكثُر،

(لجأ)

والظلامُ: التَبس واختَلط ". Qتراكُم بكثافة بالغة للشيء (الرخو) في مقره (¬1): نحو الماء الموصوف في البحر، والنبات الموصوف في الأرض، ونحو الظلام الكثيف. ومنه "بحر، لجُاج- كغُراب ولجى كدُريّ: واسع اللُجّ {فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ} [النور: 40]، {فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً} [النمل: 44] ومنه "لجَّ في الأمر (كفرّ وكظَل): تمادى عليه وأبي أن ينصرف عنه (أكْثَرَ وكثف وراكَم منه) {بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ} [الملك: 21]، {لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [المؤمنون: 75]. ومن التراكم عُبِّر به عن عدم الانصراف لأن التراكم تكدس في نفس المكان: "لجْلَجَ اللُقمةَ في فيه: أدارها من غير مَضْغ ولا إساغة، واللَجْلاج في الكلام- بالفتح: الذي يجول لسانُه في شِدقه يثقُل عليه الكللامُ من غير إبانة (يتراكَمُ الكلامُ في فيه لا يخرج) و "الباطل لجلَج: يرَدَّد من غير أن ينفُذ ". • (لجأ): {وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إلا إِلَيهِ} [التوبة: 118] "اللَجأُ- محركة، والمَلْجأ: المعقل ". ¬

_ (¬1) (صوتيا): تعبر اللامُ عن استقلال وتميز، والجيم عن جِرم كثيف غير شديد، ويعبر الفصل منهما عن تكاثف مثل هذا الجرم بعضِه فوق بعض كلُجّة البحر. وفي (ولح) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال ويعبّر التركبب سمى دخول الجرم (أي أن يشتَمَل) في حرم كثيف (ضيق)، كالظبي في تَوْلجَه: كناسه. وفي (لجأ) تعبر الهمزة عن دفع، ويعبر التركيب عن الاندفاع في ذلك الكثيف، وهو اللجوء إلى لحأ أي معقِل.

(ولج)

Qحيِّز قوي (حصين) يحفظ ويمسك ما يَلُوذ به ويدخُله. كالمعقِل له -ومنه- "لجَأ إلى المكان (كفتح وتعب): استند إليه "وكذلك اللجوء إلى الحصن والمعقل. {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ} [التوبة: 57]. و "لجَأ إلى الله: استند إليه " (دخل في حِماه) {وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إلا إِلَيهِ} (أي عَلِموا أن الله وحده هو الركن الشديد الحصين) {مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ} [الشورى: 47]. • (ولج): {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} [سبأ: 2] "التولَج -بالفتح: كِناس الظبي أو الوَحش الذي يَلِجُ فيه. (التاء فيه مبدلة من الواو) والولاجَ- ككتاب: الباب، وكبقَرة: الغامضُ من الأرض والوادي، وموضع أو كهف يَستتر فيه المارةُ من مطر أو غيره. والوُلُج -بضمتين: الأَزِفة. وَلَجَ البيتَ وُلُوجًا ولجِةً: دَخَلَه ". Qالدخول في فجوة كثيفة الإحاطة تُخْفِي وتَستُر: كالكهف، والكناس، والغامض من الأرض. {وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40] (هذا تعليق على مستحيل بالغ الاستحالة إذ كيف يدخل الجملُ (حبلُ السفينة وقطره أكثر من 10 سم) في سم الخياط المعهود). {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا}. {وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً} [التوبة: 16]: بطانةَ من غيرهم (كما يسمَّى دخيلا) {يُولِجُ اللَّيلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيلِ} [الحج: 61]: يَزيد من كل منهما في الآخَر [ل] (أي يُدخل جزءًا منه عليه).

£° معنى الفصل المعجمي (لج)

ولعل فيه إشارةً إلى ما يخالط النهارَ -عند إقباله- من ظلام الليل عند إقباله، وما يُخالط الليلَ -عند إقباله- من ضوء النهار. وليس في القرآن من التركيب إلا (الوليجة) وفعل (الولوج) بمعنى الدخول. ° معنى الفصل المعجمي (لج): التراكم ثم ما قد يلزمه من كثافة وشدة مادية -كما يتمثل في تراكم لجة الماء- في (لجج) وفي كثافة الشيء المحيط بمعنى الحماية النسبية التي توفرها كُنُس الوحش والكهوف، والولُج الأزقة - في (ولج)، وحصانة اللجأ (المعقل- في (لجأ). اللام والحاء وما يثلثهما • (لحح- لحلح): "اللَحَح في العين- محركةً: صُلاق يُصيبها والتصاق. وقيل هو التزاق يصيبها من وَجَع أو رَمَصٍ. ووادٍ لاخ: ضيق أَشِبٌ يَلزَق بعضُ شجره ببعض. والمِلحاح من الرِحال: الذي يَلزَق بظهر البعير فيَعَضُّه ويعقِره ". Qالتحام أو نحوه من الضِيق- على غِلَظ (¬1): كالتصاق ¬

_ (¬1) (صوتيّا): تعبر اللام عن استقلال وتميز، والحاء عن احتكاك بجفاف وعِرض، ويعبر الفصل منهما عن التحام جوانب أو أشياء شأنها أن تتميز وتنفصل التحاما بجفاء، كما في لحَح العين. وفي (لحى) تضيف الياءُ معى الامتداد مع اتصال، ويعبر التركيب عما هو كالقشر للشيء يمتد من متصلًا به كاللحية واللَحى. وفي (لوح) تعبر الواو عن الاشتمال، ويعبر التركيب الموسوط بها عن جمع (اشتمال) عرض مع استواء وجفاف =

(لحى)

العين من الوجع والرَمَص، وتضايقُ الوادي بشجره المتزاحِم، والرَحلِ الذي يحتكّ بضغط كالالتزاق وصلابة فيعَضّ وَيعقِر. ومنه (مكان لحِحٌ -كتَعِب، ولاح: ضيِّق. وألحَّ الجملُ والناقة: لَزِما مكانَهما فلم يَبرحا. ولخَلَحَ القومُ وتَلَحلَحوا: ثَبتوا فلم يَبرحوا ". • (لحى): {قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي} [طه: 94] "لحِاءُ الشجرة والعِنَبة والعَصا والعُود: قِشرُهن. ولحاء الثمرة: ما كسا النواة ". Qلصوق ما هو كالقِشر لشيء بظاهره لصوقًا شديدًا: كلِحاء الشجرة والتمرة. ومنه "اللِحية: ما نبتَ من الشعر على الخدَّين والذَقَن {لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي} واللَحى -بالفتح؛ مَنْبتها. ولحَيا الغدير: جانباه " (ينتآن من الأرض قويين محيطين بالماء). ومن اللِحاء قيل: "لحا الشجرةَ يلحُوها: قَشرها وأخذ لحاءها، وكذلك ¬

_ = كاللَوح. وفي (لحد) تعبتر الدال عن احتباس بالضغط، ويعبّر التركيب المختوم بها عن جانبية الالتحام أي كونه محتبسًا في جانب لا في الوسط، كما في لحد الميت. وفي (لحف) تعبّر الفاء عن نفاذ (انفصال) بقوة وإبعاد، ويعبر التركيب عن عريض منفصل يُغطى كاللِحاف. وفي (لحق) تعبر القاف عن تعقد شديد في الأثناء، ويعبر التركيب عن إدراك (أي اشتباك وتعقد) لما سبق واقد بقوة كما في لَحَق النخل واللحاق. وفي (لحن) تعبّر النون عن امتداد جوفي برقة أو لطف، ويعبر التركيب عن رقة أو لطف في أثناء الشيء الممتد كاللحن في الكلام.

(لوح)

لَحَوتُ العصا ولحيتُها " (إصابة). وعلى المثل قيل: "لحَوتُ الرجل: شتَمتُه ولمُته وعَذَلتُه (كما يقال سلخه). والمُلاحاة: المُخاصمة والمُقاولة والمُشاتمة ". ومن هذا القَشْر: "اللحْيان- بالكسر: خُدود في الأرض مما خدَّها السَبلُ، الواحدة بتاء. • (لوح): {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيءٍ مَوْعِظَةً} [الأعراف: 145] "اللوح- بالفتح: كل صفيحة عريضة من صفائح الخشب، والذي يُكتب عليه، وكل عَظْم فيه عِرَضٌ ". Qعِرَضُ ظاهر الشيء واستواؤه مع جفاف أو صلابة: كاللَوح بمعانيه {وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ} [الأعراف: 150]. ومن الجفاف "لاح والتْاحَ: عَطِشَ. ولاحه العطشُ ولوَّحه -ض: غيره وأضمره " (فهو تجفيف وتضمير) أما في "تلويح القِدح بالنار: تغييره وقولهم: لوَّحته الشمسُ- ض: غيرته وسَفعتْ وَجْهه. ولوَّحتُ الشيءَ بالنار: أحميتُه "فهو من التعريض للحدّة المجففة، أو من إصابة "ظاهر الشيء " {لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29)} [المدثر: 29] ردّها كثيرون في [قر 19/ 77] إلى تغيير اللون، مع أن الشواهد التي ساقوها كلَّها تعني الضمور وذهاب اللحم والطَراءة، والأقرب أنها تجعلهم يابسين من أكلها اللحمَ؛ فلا يبقى إلا العظمُ، ثم يُكسون جِلْدًا {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء: 56]. وليس في القرآن من التركيب إلا (اللَوح) و (الألواح) و (لوّاحة). وعِرَض الظاهر واستواؤه يَلزمه زيادةُ ظهوره ولمعانه: "لاح النجمُ: بدا وألاح: أضاء وبدا وتلألأ واتسع ضوءُه، وكذلك السيف والبَرْق والرَجُل ".

(لحد)

أما اللُوح -بالضم والفتح: الهواء بين السماء والارض، فمن أنه شفاف يلوح الأُفقُ من خلاله- فهو بمعنى "مَلُوح "من خلاله. • (لحد): {لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} [الكهف: 27] "اللُحْد -بالفتح والضم؛ الشَق الذي يكون في جانب القبر وقد أُميلَ عن وسَطَه إلى جانبه. لحدَ القبرَ (فتح) جعل فيه لحَدًا. وما في وجهه لُحادةٌ من لم أي شيء من اللحم لهُزاله ". Qالعدول -في الاستقرار- عن الوسط إلى الجانب مَيلًا عن الوسط: كاللحد للميت، وشريحة اللحم في وجه المهزول. تلصق في جزء منه لا تكسوه كله. ومنه: "لحَدَ الميتَ (فتَحَ): وضعه في لحْد ". ومن معنويّ الجانبية في الأصل: "لحَدَ إلى فلان، والتَحَدَ: مال، والمُلْتَحَد: الملجأ {وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} [الجن: 22 وكذا ما في الكهف: 27]: أي ملجأ ولا سَرَبَا ألجاُ إليه. ولحَدَ في الدين وألحد: مال (عن الحق) وعَدَلَ (جانبا مُزْورا): {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} [الحج: 25]، أي إلحادًا بظلم، والباء زائدة [ل]. {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَينَا} [فصلت: 40]: يميلون عن الحق في آيات القرآن (بتحريف اللفظ أو المعنى) أو بنسبتها إلى غير الله، أو بأن قالوا: شعْر أو سِحر. أو المقصود: الذين يحرفون الكلم عن مواضعه [قر 15/ 366]. {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف: 180] بتغييرها فاشتقوا من الله: اللات، ومن العزيز: العُزى، ومن المنّان: مَنَاة. أو بالزيادة أو النقص فيها كما يفعل جهال الداعين [قر 7/ 328]. وقوله تعالى: {لسان

(لحف)

الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيهِ أَعْجَمِيٌّ} [النحل: 103]، (أي يُومئون إليه بكلامهم وهو غائب كأنّه في جانب أو ناحية). • (لحف): {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273] "اللِحاف -ككتاب، والمِلْحَف والمِلْحَفَة- بالكسر فيهما: اللِباس الذي فوق سائر اللباس من دِثار البرد ونحوه. وكل ما تغطيتَ به لحِافٌ ". Qشمول التغطية للظاهر به: كاللحاف المذكور، وقد "لحفْتُ الرجلَ (مَنَعَ): غطيته، وألحفْتُه: جعلتُ له لحافًا ". (هذه كسقيته وأسقيته). ومن مجازه: "لحُف في ماله- للمفعول: ذَهب منه شيءٌ (كأنما كُشط من ظاهره- إصابة) ولحُفَ القمر (الضبط من التاج): جاوز النِصف فنَقَصَ ضوءه عما كان عليه ". ومن هذا "ألحفَ في المسألة "قالوا أي (شَمِلَ بالمسألة وهو مُستغنٍ عنها. (يسأل كل الناس -كما يستعمل الآن يغطِّى بمعنى يشمل ويكفي - والمقصود أن هذا السائل لا يكتفي). والذي قاله [قر 3/ 342] "ألحفَ وألحَّ وأحفَى سواء "هو غير دقيق فالإلحاف شمول، والإلحاح لزوم المسئول، والإحفاء إنفادُ ما عنده. • (لحق): {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83)} [الشعراء: 83] "اللَحَق في النخل- محركة: أن تُرطِب وتُتَمِّر ثم يَخرُج في بطنه شيءٌ يكون

(لحم)

أخضرَ قلَّما يُرطِب حتى يُدركه الشتاءُ فيسقُط، ومن الثمر: الذي يأتي بعد الأوّل، والدَعِيّ المُوصَل بغير أبيه، وما يُلحَق بالكتاب بعد الفراغ منه فتُلحِقُ به ما سَقَطَ عنه. لحَقَ الرجلُ الشيءَ ولحَقَ به (كتَعِبَ): أدركه ". Qإدراك الشيء شيئًا كان يَسبقه متصلًا بأثنائه: كالبلح الأخضر في النخلة بعد أن تُتَمِّر، والثمر بعد الثمر، واتصال الدَعِي بأثناء قوم، وألحاق الكتاب متصلة بأثنائه. ومنه "فرس لاحق الأيطَل: ضامر (كأن أسفل أيطله لَزِقَ بأعلى بطنه) ومنه "لحِقَ بالشيء ولحِقَه (كتَعِبَ): أدركه ". {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيهِمْ} [آل عمران: 170] يفرحون لأثفسهم، ولإخوانهم الذين لم يصحبوهم في الاستشهاد من المجاهدين ومن سائر المؤمنين لما رأوا من فضل الله تعالى [ينظر بكر 3/ 119] {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21]. (أي في الدرجة وإن لم تكن الذرية مستحقين- وذلك لإتمام نعيمهم) وليس في القرآن من التركيب إلا اللحاق والإلحاق. • (لحم): {وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الطور: 22] "اللَحم -بالفتح وبالتحريك (ذلك النسيج الذي يكسو العظام) معروف. واللِحام- ككِتاب: ما يُلحَم به ويُلأَم به الصَدْع. وقد لحَمَ الصَدعَ: لأَمه، وتلاحمتِ الشجّة: برأَتْ والتَحمتْ. واستَلحم الزرعُ: التف. ولحَمَ بالمكان (تعِبَ). نَشِبَ ".

(لحن)

Qالتئام جِرْم كثيف غَضٍّ بين أثناء الشيء وحولَه فيكسوه: كذلك اللَحم واللِحام، واستلحام الزرع. {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا} [البقرة: 259]، ومنه "لحم الثمر: لبه. وألحْمَ الزرعُ صار فيه القمح. ولحُمة الثوب- بالضم: (أخت سَداه) والملحَمة: الحرب وموضع القتال "لاختلاط الناس واشتباكهم والتحامهم- مع كثافة وشدة. وليس في القرآن من التركيب إلا (اللحم) وجمعه (لحوم). • (لحن): {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد: 30] "اللَحْن -بالفتح: من الأصوات المصوغة الموضوعة. وهو أَلحنُ الناس: إذا كان أحسَنَهم قراءةً أو غناء. وقد لحَّن في قراءته- ض: غرَّد فيها وطرَّب فيها بألحان ". Qرِقةٌ ما (لِين أو لُطفٌ) في الكلام مع مدّ الصوت به (الرقة قد يعبَّر بها عن الضعف كما يقال: هو رقيق الدِين، واللِين رخاوة وعدم خشونة فهو منها، واللُطف دقة وخفاء، والدقة وجه آخر للرقة المادية، ويعبرون عن الصغير الجسم أو جزءٍ منه بأنه لطيفُه وخفيه): كالتطريب في الكلام فهو مَدّ للصوت به مع رقة ورخاوة فيه. ومنه "اللَحن- بالفتح والتحريك: تَرْك الصواب في القراءة "فهو عِوَج من الضعف وعدم الصلابة (والصِحة والسَلامة في معناهما الصلابةُ والشدة). ومنه كذلك: "لحَنَ له (كفَتَحَ): قال له قولًا يَفهمه عنه ويَخفَي على غيره. وألحنَه القولَ: أفهمه إياه فَلَحِنه (كسَمِعه وجَعَله): فَهِمَه. ولحَنَ- كفرح: فَطِنَ لحجته وانتبه " [ق] كل ذلك من لمح شيءٍ خفي لطيف أو

£° معنى الفصل المعجمي (لح)

دقيق (من الرقة واللطف) في أثناء الكلام {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}. ° معنى الفصل المعجمي (لح): الالتحام وما يلزمه من عِرَض وامتداد كما يتمثل في لحح العين صُلاقها والتصاقها- في (لحح)، وفي التصاق لحاء الشجر به- في (لحو)، وفي عِرَض لوح الخشب ونحوه- في (لوح)، وفي لصوق اللحد في الجانب أو الجدار أي كونه داخلًا فيه لا في وسط الحفرة- في (لحد)، وفي عِرَض اللحاف ونحوه - في (لحف)، وفي لحاق الشيء بالشيء أي إدراكه إياه وهو كالالتصاق به من خلفه- في (لحق)، وفي تلاحم نسيج اللحم- في (لحم)، وفي امتداد الصوت أو اتصاله مع رقة ولطف- في (لحن). اللام والدال وما يثلثهما • (لدد): {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97)} [مريم: 97] "اللدّ- بالفتح: الجُوَالق. واللَدِيد: الروضة الخضراء. واللَديدان: جانبا الوادي، وصَفْحتا العنق دون الأذنين. ولَديدا الفم: جانباه ". Qضمُّ المتراكم أو المتجمع بين أثناء تحجزه؛ فلا يتفرَّق (¬1) ¬

_ (¬1) (صوتيا). تعبِّر اللام عن استقلال وتميزه؛ والدال عن ضعط واشتداد واحتباس، ويعبر الفصل منهما عن ضم وحبس بين حواجز -كما يحجُز اللَد (الجوالق) الأشياة في جوفه. وفي (لدى) تضيف الياء معنى الامتداد مع اتصال، ويعبر التركيب عن امتداد الضام أي عن المكان الذي يجوز. وفي (ولد) تسبق الواو بالتعببر عن الاشتمال، ويعبر التركيب بها عن اشتمال الحي على صغير من جنسه وهذا من الضم أيضًا. وفي (لدن) تعبر النون=

(لدى)

كما يضم الجُوَالق ما يوضَع فيه، وكما تُحيط جوانبُ الروضة، والوادي. والفم بما بينها، وصَفْحتا العنق كالجدارين حوله. ومنه "لدَّه عن الأمر: حَبسَه " (حَجَزه). ومن لديدي الفم أخذ "اللَّدُود "وهو دواء يُصَبّ في الشِدْق. ومن التراكم مع الاحتجاز أُخذ معنى اللزوم وعدم المفارقة "الأَلدّ: الخصِم الجدِل الشحيح الذي لا يرجع إلى الحق (لا يُفارق رأيُه مهما بان له بطلانه) {وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} [البقرة: 204]. وجمعه (لُدٌّ) وهو ما في آية التركيب. • (لدى): {وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيءٍ عَدَدًا (28)} [الجن: 28] يقال: "رأيتُه لدى باب الأمير، وجاءني أمر من لَديكَ، أي مِنْ عِندكَ ". Qالمكان الذي يكون فيه الشيء (يَحتبِس فيه الشيءُ وَيمتسِك)، {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} [يوسف: 25]. {لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: 10] كان المعنى: لا يخافون غيري أيا كان وهم في مقام كلامي "وقيل لا يخافون في الموضع الذي يُوحَى إليهم فيه، وهم أخوف الناس من الله [بحر 7/ 1155] {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا} [الأنبياء: 17] لو أردنا اتخاذ لهو لاتخذناه من جهتنا مما يناسب الجلال- لا ما تزعمون. لكن جناب المولى يجل عن ذلك. (والتعبير بـ (لو) ثم (إن) في {إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} يعطي هذا التنزيه. ¬

_ = عن امتداد جوفي لطيف، ويعبّر التركيب المختوم بها عن سَرَيان لُطْفٍ ورقة في الجوف، كما في القناة اللَدنة.

(ولد)

• (ولد): {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} [إبراهيم: 41] "الوليد: الصبي حين يُولد. والوَلَد: ما وُلد أيا كان. ووَلَدت الشاةُ، وولدتها أنا- ض: إذا عالجتَها حينذاك ". Qنَسْلُ (أنثى) الحي من (بطنها) صغيرًا من جنسه. كالولد، وإنما يُسند الفعل إلى الأم أكثر؛ لأن مأخذ الولد منها أوضح. {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3)} [البلد: 3] الظاهر أنها عامة لكل والد. [بحر 8/ 470]. فالقسم للفْت لعظم قدر هذه النعمة من نعم الله تعالى. {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} [الأنعام: 101] فهذا وحده سبيل تحقق معنى الولد. {وَبِالْوَالِدَينِ إِحْسَانًا} [البقرة: 83]، {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْولْدَانِ} [النساء: 75] الظاهر أن المراد به الصبيان وهو جمع وليد [نفسه 3/ 307] ويُحْكِم المعى أن لفظ (نساء) يقع على الصغيرات أيضًا [ينظر بحر 1/ 346] {يَطُوفُ عَلَيهِمْ ولْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17)} [الواقعة: 17] ومثلها ما في الإنسان 19] يبقَون دائمًا في سن الولدان لا يكبَرون ولا يتحولون عن شكل الوصَافة [نفسه 8/ 205] [وينظر غلم، خلد هنا]، ومنه "اللِدَة- كعِدَة: التِرب. وأصله ولْدة (كأنه شريك في وَقت الميلاد). والتَليد من العبيد: القِنّ الذي وُلد عندك، ومن الجواري: التي تولَد في مِلك قومٍ وعندهم أبواها "فالتليد: القديم. • (لدن): {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10] "قناة لَدْنة -بالفتح: لينة المَهزة، ورمح لَدْن. واللدْن: اللين من كل شيء من عُود أو حبل أو خُلُق. وكل رَطبٍ مَأدٍ: لدْنٌ (مَأدٌ: مَرِنٌ ولين ناعم).

£° معنى الفصل المعجمي (لد)

Qمرونة الجسم من لُطْف أو رِقّة تمتدّ في باطنه: كالقناة الليِّنة، وكالجسم- الممتلئ بالرطوبة .. ومنه "رَكِبَ البعيرَ ثم بعثه فتلدَّنَ عليه: تمكَّثَ وتلكَأ (من الرخاوة وعدم الحِدّة). ومن ذلك "لَدُنْ "بمعنى "عِند "-لكنها عندية صدور وامتداد من رقة الباطن- لا عندية مكان وتحيز فيه مثل لدى {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6)} [النمل: 6]، أي صادرا منه سبحانه وتعالى. وليس في القرآن من التركيب إلا لفظ (لَدُنْ) وهو في كل مواضعه -عدا موضع واحد- مضاف إلى اسم المولى عزَّ وجلَّ أو الضمير العائد إليه سبحانه، أي من خزائن رحمته سبحانه، والموضع المستثنى مضاف لضمير سيدنا موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة واللام. {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} [الكهف: 76]. ° معنى الفصل المعجمي (لد): الضم الشديد أي الحوز بلا إفلات -كما يتمثل في لَدِيدي الوادي جانبيه اللذين يحوزان ماءه- في (لدد)، وفي المكان الذي يستقر فيه الشيء- في (لَدى)، وفي صلة الولد بوالده كونه منه وامتدادًا وتبعًا له- في (ولد)، وفي تماسك الشيء اللدْن لا ينكسر رغم قبوله الاهتزاز والاضطراب- في (لدن). اللام والذال وما يثلثهما • (لذذ- لذلذ): {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} [الزخرف: 71] "شراب لَذٌّ ولذيذ. قال الزُّبير في ابنه عبد الله (رضي الله عنهما). {ألَذُّه كما ألَذُّ ريقي} وحديث لَذيذ؛ قال رؤبة: {لَذَّتْ أحاديثُ الغَويِّ المُبدِع} وفي مس

كعب الرمح -أو الرمح نفسه- قال أوس: تَقاكَ بكعْبٍ واحدٍ وتَلَذُّه ... يداكَ إذا ما هُزّ بالكف يَغسِلُ واللَذة واللَذَاذة: الأكْل والشُرب بنعمة وكفاية. وفي الحديث "إذا رَكِبَ أحدُكم الدابةَ فليَحملها على ملاذِّها "أي ليُجْرِها في السُهولة لا فى الحُزُونة "ووصف النوم بأنه لَذ أي لذيذ ". Qاستطابةُ المُماسة للشئ ووَقعِه على الحس لمناسبته إياه - مع لُطْفه وخفته (¬1) كما يُستطاب الشراب مع لطفه ونعومته، أي سلاسة وَقْعه على الحس فلا يكون له حرارة أو حَرافة، وكمس الشيء الأملس، وكاستماع الكلام المحبَّب، والأكل والشرب لما هو هنيء مَرِئ، وكسير الدابة في السهولة بسلاسة ودون تعثُّر ودون ألم وَطء الحجارة. وطِيبُ النوم ولُطف الإحساس به واضح. وقد عرّفوا اللذّةَ بأنها "إدراك الملائم من حيث إنه ملائم " [التعريفات للجرجاني] والملاءمة هي المناسبة التي ذكرناها. ولو قيل "مماسة الملائم "لكان أنسب. ومن استعماله في الشراب اللذيذ قولُه تعالى: {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} [محمد: 15] في [قر 16/ 237] أنها التي لم تُدنسها الأرجلُ ولم تكدِّرها الأيدي (يعني عند اعتصارها) وأرى أن الوصف القرافي مُنصَب على طَعمها لا لونها، ¬

_ (¬1) (صوتيا): تعبر اللامُ عن امتداد واستقلال، والذال عن جِرْم طرى ثَخين، والفصل منهما يعبّر عن الامتداد والاتصال بجرم طري مع استطابة ذلك وهو معنى اللذة، واللذ النوم. وفي (لوذ) يضاف معنى الاشتمال أخذا من الواو، ويعبر التركيب عن نحو اللزوق بذلك الثخين، كما في لَوذ الوادي.

(لوذ)

وأن المعنى أنها خالية من اللذْع والغول. والتذاذُ العين -كما في آية التركيب- معناه ارتياحُها لما ترى لجماله؛ فلا تحب أن تفارقه؛ فتَستقر عليه؛ فيكون "قرة عين ". وقالوا "لَذْلاذٌ: الذئبُ؛ لسرعته "أي أن كلمة لَذلاذ- بالفتح: عَلَمُ جنس للذئب. ولحظ في هذه التسمية سُرعتُه كما قالوا، وهي خفة، لكن ينبغي أن تُقيد بالسهولة، لأن جرْي الذئب عُبِّر عنه بالإرخاء، كما في قول امرئ القيس: "وإرخاءُ سرحان ... "والإرخاء في جري الفرس مقيد بأنه سرعة غير مُتعبة ولا مُلهبة، مجري فيها الفرسُ حَسَبَ شهوته [ينظر تاج رخو]. وهذا النوع من الجري لطيف الوقع على حِس الراكب، وشُبه الذئب بالفرس في هذا الجري. وهنا توجيه آخر أنسب لطبيعة الذئب فقد قيل إن الأسد لا يُهاجم إلا إذا كان جائعًا في حين أن الذئب يهاجم في كل حال، وقد قيل: أخٌ ليس لابنِ العمِّ كالذئب إِنْ رَأى ... بِصاحبه يومًا دَمًا فَهْو آكله فيكون قد سُمي كذلك لاستطابته الولوغَ في الدم ولحوم الفرائس حتى لو لم يكن جائعًا. (وكأن معنى الاسم: الشَرِهُ). • (لوذ): {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا} [النور: 63] "لَوْذ الوادي -بالفتح: مُنعَطَفه، ولَؤذ الجبل: حِضنه وجانبه وما يُطيف به. والمَلاوِذ: المآزِر. والمَلاذُ والمَلْوَذة: الحِصْن. ولاذ الطريقُ بالدار وألاذ، والطريق يُليذ بها: إذا أحاط بها ".

£° معنى الفصل المعجمي (لذ)

Qفالأصل انعطافُ الشيء على ما في حِضنه فيُمسكه أي يحميه ويحصِّنه كلوذ الوادي والجبل وكالحِصن وكالمآزر. ومنه "لاذ به (قال) لَوذًا ولَوَاذًا- كسَحاب وكِتاب: لجَأ إليه وعاذ به .. وانضم إليه (كأنما دخل في منعطَفه) ولاوذ: استَتَرَ {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا} (يلوذون بمُنعَطَفات الطرق وتجمُّعات الناس). ° معنى الفصل المعجمي (لذ): مماسة مستطابة كما يتمثل في الشراب اللّذ وسائر ما يُستلذ مسه- في (لذذ)، وفي لَوذ الجبل حضنه وكذلك كل ما يحيط فيحمي ويحفظ- في (لوذ). اللام والزاي وما يثلثهما • (لزز): "لِزاز الباب- ككتاب: نِطاقه الذي يُشَدّ به الخشبة التي يُلَز بها. وكل شيء دُوني بين أجزائه أو قُرن فقد لُزّ- للمفعول. لَزّ الشيءَ بالشيء وألزّه: شدّه وألصقه / ألزمه إياه ". Qشدّ الشيء إلى شيء بقوة والزامٍ أو الصاق (¬1). كلِزاز الباب المذكور. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر اللام عن امتداد واستقلال. والزاي عن اكتناز وازدحام، ويعبر الفصل عن شد الشيء إلى الشيء باكتناز وإلزام كما يفعل لِزاز الباب (نطاقه). وفي (لزب) تعبر الباء عن تلاصق وتجمع، ويعبر التركيب عن تلاصق ما هو غض كثيف كالطين اللازب. وفي (الزم) تعبّر الميم عن التئام ظاهري، ويعبر التركيب عن الالتئام علي ذلك الشيء ذي الكتلة المكتنزة كما تفعل المِلزَمة.

(لزب)

• (لزب): {إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ} [الصافات: 11] "من لازبٌ: لازق لاصق لاتب. ولَزب الطينُ (قعد وككرم): لَصِقَ وصلُب ". Qلصوق الشيء الغض بعضِه ببعض؛ فتتماسك أثناؤه - كالطين الموصوف {إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ} ومنه "لزَبَ الشيءُ لُزوبًا: دخل بعضُه في بعض. وعَيشٌ لَزِبُ- ككتف: ضيق. واللِزْب- بالكسر: الطريقُ الضيق. والمِلزاب: البخيل " (ممسك). ومنه "اللازِب: الثابت، وصار الشيء ضربةَ لازب أي لازمًا لاصقًا ". • (لزم): {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} [الفتح: 26] "المِلزَم- كمِنبَر: خشبتان مشدود أوساطهما بحديدة تُجعل في طَرَفها قُنّاحةٌ فتَلزَم ما فيها لُزومًا شديدًا، تكون مع الصَياقلة والأَبارين. ورجل لُزَمة- كهمَزة: يَلزم الشيءَ فلا يفارقه ". Qضبط وشدّ شيء إلي شيء شدّا لا يمَكِّن من المفارقة أو الإفلات: كالشيء في المِلْزَمة. ومنه "لَزِمَ غريَمه (كسَمِع): يفارقه (لَصِقَ به)، {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء: 13]، {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى} [الفتح: 26]، (جعلهم يُمسكونها في قلوبهم لا يُفلِتونها، ومثل ذلك- مع الاستفهام الإنكاري ما في هود: 28)، {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ

£° معنى الفصل المعجمي (لز)

لِزَامًا} [طه: 129]. اللِزام: الملازمة، أي لكان العذاب لازمًا لهم. [قر 11/ 260] ولعله يُقْصَد بالعذاب الهلاك الذي أُوقع بالقرون السابقة عليهم وذُكر في الآية السابقة، أي لولا سَبقُ قضاء الله بالتأجيل ليوم الفَصْل لأُهلكلوا حتمًا ولأُخِذوا لم يُستأنَ بهم ولم يُمهَلُوا. وفسرها أبو عبيدة [في المجاز 2/ 32] أي فَيصلا يُلزَمُ كل إنسان طائرَه إنْ خيرًا فخير وإنْ شرًّا فشر. وقد تعلقوا بهذه الكلمة وأوردوا في [ل] من معانيها الفَصْل والفَيصَل وكأن فيها تضادًا. وكلام أبي عبيدة هذا غير دقيق، لأن الآية خاصة بنزول العذاب، وليست عامةً في الخير والشر، ولعله نظر إلى قوله تعالى: {وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَينَهُمْ}، {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَينَهُمْ} ولكن الآيتين لوقوع القضاء، وهذا لوقوع الإهلاك. ° معنى الفصل المعجمي (لز): لصوق الشيء بالشيء وشدّ الشيء إلى الشيء بهما يتمثل في لزاز الباب (يصدق على ما يتم به إغلاقه) - في (لزز)، وفي لزوب الطين كونه متلاصقًا وبلصق- في (لزب)، وفي عمل المِلْزم- في (لزم). اللام والسين وما يثلثهما • (لسس): "اللُسَاس- كغُرَاب: أول البقْل / البقلُ ما دام صغيرًا لا تَستمكن منه الراعية. ألَستِ الأرضُ: طَلَع أولُ نباتها، واسم ذلك النبات اللُسَاس ". Qعدمُ مباعدة النبات منْبِته. (أي صغرُه) فلا يُنال إلا بما يشبه اللحس (¬1) - كأول البقل الموصوف. ويقال "لَسّتِ الدابة الحشيشَ والغَمِير ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر اللام عن امتداد واستقلال. والسين عن نفاذ بدقة وقوة، والفصل =

(ليس)

(: الرَطبة: الخَضِرة القليلة): تناولتْه ونَتَفَتْه بجَحْفَلَتها. واللَسّ: الأكل واللَحس " (تناول بدقة). فاللُسَاسُ سمي بطريقة تناول الراعية إياه. • (ليس): {لَيسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} [النور: 61] "الأليَس: الذي لا يبرح بيتَه. وقد تَليَّسَ. وإبلٌ لِيسٌ علي الحوض- بالكسر إذا أقامت عليه فلم تبرح ثِقال لا تبرح ". Qالتوقف أو اللزوق -ثِقَلَا- بالموضع وعدم البراح منه (الحوض ليس مُقامًا. فالوقوف به ثِقَلٌ ووقوفٌ يلحظ) ومما في ذلك من الثبات وعدم التحرك مَدَحُوا به فقالوا: أليَس، أي شجاع (قوي ثابت) والأليَس: البعير الذي يحمِل كل ما حُمِّل (صامد). كما قالوا "أليَس "للدَيّوث الذي لا يغار ويُتَهزّأ به (لا يتحرك أو يثور). وتلايستُ عن كذا وكذا: غَمَّضت عنه ". ومن ذلك الأصل عبّر التركيب عن النفي. وكثيرًا ما نستعمل اليوم (تعليق) الموضوع أو (تجميدَه) أو (إيقافَهُ) دلالةً على عدم نفاذه- ثم عُمِّمت في النفي وعدم ورود الشيء أو تأتيه {لَيسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ}. ¬

_ = منهما يعبّر عن تناول الدقيق اللاصق بالأرض نَزْعًا كما يُتناول اللُسَاس (أولُ البَقْل ما دام صغيرًا) نَزْعًا من الأرض باللسان، وفي (ليس) زيد معنى الياء وهو الامتداد مع اتصال. وعبر التركيب الموسوط بها عن اتصال اللصوق بالموضع وعَدَم البراح كما في الأليس الذي لا يَبْرح بيته. وفي (لسن) تعبر النون عن امتداد جَوفي لطيف، ويعبر الفصل المختوم بها عن امتدادِ لطيفٍ من الجوف يسحبُ إليه، وهو اللسان، ومنه المِلْسن.

(لسن)

• (لسن): {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 195] "اللِسان معروف. والمِلْسَن- بالكسرة: حَجَرٌ يجعلونه في أعلي باب بيتٍ يبنونه من حجارة ويجعلون لُحمَةَ السَبُع في مؤخَّره، فإذا دخل السبعُ فتناول اللُحمة سقط الحجرُ على الباب فسدّه " (وبذا يصيدون السبع). Qسَحْبُ الشيء إلى الداخل بلُطف وقوة: كما يَسحب اللسانُ الطعامَ، والمِلْسَنُ السبُعَ إلى الداخل {وَلِسَانًا وَشَفَتَينِ} [البلد: 9] ومنه "المُتلَسِّنة من الإبل: الخلِيّة، وهي الناقة تلد فيُنحَر ولدُها عَمْدًا ليدوم لبنُها، وتُستَدر بحُوَار غيرها (تُسحب بذلك الحُوَار لتستمر في الدَر). وألسَنه فصيلًا: أعاره إياه ليُلْقيه على ناقته لتَدِرّ عليه " (أدخله في حوزته- مؤقتًا). ولأن اللسان جارحةُ الكلام فقد جاء: "أتتني لسانٌ أي كلمة أو رسالة أو مقالة ". وأطلق على اللغة لأنه أبرز آلاتها، كاللِسن -بالكسر {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4]. ولم يأت في القرآن من التركيب إلا كلمة (لسان) وجمعه (ألسنة). ° معنى الفصل المعجمي (لس): قلة مفارقة المنشأ أو المقر كما يتمثل في اللُسَاس: البقل ما دام صغيرًا (وينظر هناك سر تسميته) - في (لسس)، وفي لزوم الأليس بيته- في (ليس)، وفي لزوم اللسان ما يصل إليه لا يفلته، بل يسحبه إلى الجوف - في (لسن).

اللام والطاء وما يثلثهما

اللام والطاء وما يثلثهما • (لطط): "الناقة تَلِطُّ بذَنَبها -بكسر اللام: إذا ألزقَتْه بفَرجها، وأدخلَتْه بين فخِذَيها. ولَطّ البابَ: أغلقه، والسِتْرَ والحجابَ: أرخاه وسَدَلَه، والشيءَ: ألزقه وأخفاه ". Qحَجْب الثغرة وسدُّها بإلصاق شيء فوقها (¬1): كلط الناقة بذنبها ولط الباب. • (لطف): {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَويُّ الْعَزِيزُ} [الشورى: 19] "أَلطَفَ الرجلُ البعير وأَلطَفَ له: أدخل قضيَه في حَياء الناقة- إذا لم يهتد (البعير) لموضع الضِراب. واستَلْطَفَ الجملُ: إذا فعل ذلك بنفسه. وقد لَطُفَ الشيء (كَرُم): صَغُر ودَقّ ". Qنفاذٌ بدقة أو احتيال مع خفاء المنفَذ أو المدخَل: كالإلطاف المذكور. ومن الدقة قولهم: "لطيفة الخَصْر، أي: ضامرتُه (تبدو دقته بين العَجِيزة والصدر) ومنه: "ألطَفْتُ الشيءَ بجَنْبِي واستلطفتُه: ألصقتُه (الجنب كالفجوة، في هذا الإلطاف يُدخَل الشيءُ في الجنب ويَخفى شيئًا ما) وهو ضد: جافيتُه عني ". ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر اللام عن امتداد واستقلال. والطاءُ عن تجمع وغلَظ، ويعبر الفصل منهما عن تغطية فُرجة الشيء أو سدّها بغليظ. وفي (لطف) تعبر الفاء عن نفاذ أو انفصال بإبعاد، ويعتر التركيب عن نفاذ بدقة وخِفّة (أي دون نشوب) في شيء يبدو مجتمعًا لا منفذ له، كالإلطاف للجمل.

£° معنى الفصل المعجمي (لط)

ومما وضح فيه هذا الأصل قولُه عزَّ وجلَّ: {فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ} [الكهف: 19]، فالتلطُف هنا كأنه تخفٍّ واحتيال؛ ألا ترَى إلى قوله بعده: {وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا} وتأملْ كذلك {يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَال حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 16]. فهذا نفاذُ عِلمٍ وقدرة إلى مثل حَبّة خردلٍ في بطن صخرة .. أي بأخفي الخفاء والدقة. وفي قصة يوسف جاء في ختامها بعد إشارة إلى رؤيا يوسف وذِكْر تحققها. {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ} [يوسف: 100] لفتًا إلى غرابة تحوله من فتى عادي خارج مصر إلى وزير مصر الأول خلال مراحل ومسارِبَ لا يدبَرها ويُحْكمها إلا هو سبحانه. وكذلك {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَو اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 13]، وكلُّها في القرآن تحمل هذه المعاني. وفي التعريف بالاسم الكريم "اللطيف "عز وجلّ قال في [ل]: "اللطيف هو الذي اجتمع له الرِفقُ في الفعل، والعلمُ بدقائق المصالح، وإيصالها إلى مَنْ قدّرها له مِنْ خَلقه، يقال: لَطَفَ به وله "وأضيف تكملة لعبارة "وإيصالها .. ": بسبُل خفية أو غير معتادة. ولم يأت في القرآن من التركيب إلا الفعل (يتلطف) واسمه تعالى (اللطيف). هذا والأصل الذي ذكرناه يحقق صحةَ استعمال اللُطف في تفادي خَطَرٍ محُيق متمكِّن، أو النفاذ منه، بأمر خفيّ دقيق من رحمة الله عزَّ وجلَّ. ° معنى الفصل المعجمي (لط): حجب الثغرة أو سدها بشيء خارجي -كما يتمثل في لط الناقة بذبها إذا ألصقته علي حيائها- في (لطط)، وفي الاحتيال لإدخال قلم الجمل في موضع ضراب الناقة- في (لطف).

اللام والظاء وما يثلثهما

اللام والظاء وما يثلثهما • (لظظ- لظلظ): "لظلظتْ الحيةُ رأسَها: حرّكته. وهي تَتَلَظْلظ أي تحركه من شدة غيظها ". Qحركة ممتدٍّ مع حدّة ولزوم للمكان (¬1): كرأس الحية بسُمّه وعدم انتقاله رغم حركته. ومنه "لَظَّ بالمكان، وألظّ به وعليه: أقام به ألخ (لزوم، والإلحاح مؤذٍ كالحدة) والإلظاظ: لزوم الشيء والمثابرة عليه من جنس الإلحاح كما في الحديث الشريف "ألِظُّوا في الدعاء بياذا الجلال والإكرام ". • (لظى): {كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى} [المعارج: 15 - 16] "اللَظَي كفَتى: لهَبُ النار. وتَلظِّيها والتِظاؤها: التهابها. والنار تتلظَّى: تتوهّج وتتوقّد ". Qتوقد النار وتوهُّجها (بلوغ الحدّة أقصاها) {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى} [الليل: 14]. ° معنى الفصل المعجمي (لظ): الحركة الخفيفة مع الحدة كما يتمثل ذلك في لظلظة الحية رأسها- في (لظظ)، وفي لهب النار وشعلتها التي تتوهج وتتوقد- في (لظى). ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر اللام عن امتداد واستقلال. والظاء عن غِلَظ وكثافة مع رطوبة أو نحوها، ويعبر الفصل منهما عن لزوم مع نَوسٍ وحدّة كما يتحرك رأس الحية عندما تلظلظ، وفي (لظى) تضيف الياءُ معنى الامتداد مع الاتصال. ويعبر التركيب عن زيادة الحدة وبلوغها أقصاها، كما في تلظى النار.

اللام والعين وما يثلثهما

اللام والعين وما يثلثهما • (لعع- لعلع): "اللَعلَع: السَرابُ. واللَعلَعةَ: بَصِيصُهُ. التلَعلُع التلَألؤ. تَلَعلَع من الجوع والعطش: تَضَوّر. تلَعْلَع الكلبُ: دلع لسانَه عَطَشًا ". "عَسَل مُتَلعِّع وهو الذي إذا رفعتَه امتدّ معك فلم ينقطع للزوجته. واللُعَاعة - كرُخَامة: ما بَقِي في السِقاء. في الإناء لُعَاعةٌ أي جُرْعة من الشَراب قيل. واللُعاعة: الكلأ الخفيف رُعِيَ أو لم يُرعَ، في الأرض لُعاعةٌ من كلأ للشيء الرقيق ". Qأثر واضحٌ أو يمتد مما يختزنه الشيء في أثنائه من حدة أو شدة (¬1) كتلالؤ السراب. والبريقُ حدّة وهو صادر عن السراب، وكالتضور وهو صياح (صوت حادٌّ واضح ممتد) من ألم الجوع والعطش، وكطلوع لسان الكلب (امتداد) من شدة عطشه، وكامتداد العسل خيطًا دقيقًا من جودته، وما بقي في السقاء هو بقية مما كان فيه -أي امتداد من كثير كان موجودًا. والكلأ المذكور نابت من خصوبة الأرض وحدها أي ليس عن بَزر كما هو واضح من سياق الكلام. والخصوبة قوة من جنس الحدّة. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر اللام عن امتداد واستقلال. والعينُ عن التحام مع رقة، ويعبر الفصل منهما عن امتساك مع رخاوة كالعسل المُتلعِّع. وفي (لعب) تعبر الباء عن تلاصق وتجمع، ويعبر التركيب عن تجمع المائع اللزِج وعدم استقامته في سيلانه كاللعاب للصبي. وفي (لعن) عبّرت النون عن امتداد جوفي، ويعبر التركيب المختوم بها عن طرد من حيز أو جوف كما في اللَعن (لنفي).

(لعب)

• (لعب): {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ} [الحديد: 20] "اللُعاب -كغراب: ما سال من الفم من الصبي. ولُعاب النحل: ما يُعَسِّله، وهو العسل. لعاب الحية والجراد: سَمُّهما. لعاب الشمس: شيء تراه كأنه ينحدر من السماء إذا حميت وقام قائم الظهيرة شبه الخيط تراه في الهواء إذا اشتد الحرّ ما تراه في شدة الحرّ مثل نسج العنكبوت. استلعبت النخلة إذا أطلعت طَلعًا وفيها بقية من حملها الأول ". Qاضطرابٌ وتسيب في ما يصدر عن الشيء بسبب تجمع حيويته أو نشاطه. كلعاب الصبي من غزارة حيوية باطنه، وكالعسل من بطون النحل وكلعاب الشمس- وكلها متسيبة مضطربة (ولعاب الحية والجراد تشبيه في الخروج من الباطن أو الأثناء. وإطلاع النخلة طلعًا أخضر بعد وشك انتهاه حملها الأول هو اضطراب وعدم انضباط). ومن هذا الأصل أُخذ اللَعِب (ضد الجِدّ) وهو تسيب في الحركة واضطراب أي عدم استقامة أو عدم قصد في الاتجاه والتصرف. وقد جاء في [ل]. "سمى اضطراب الموج لعبًا لما لم يَسِر بهم إلى الوجه الذي أرادوه، ويقال لكل من عمل عملًا لا يجدى عليه نفعًا: إنما أنت لاعب "وهذا يؤكد أن في اللعب معنى العبثية التي هي عدم القصد والجدوى {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} [يوسف: 12]، {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَينَهُمَا لَاعِبِينَ} [الأنبياء: 16]. وهذه مثل {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} [المؤمنون: 115].

(لعن)

• (لعن): {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا} [الأحزاب: 64] "الرجل اللَعين: المنفي ... لا يزال مُنتبِذًا عن الناس. وعبارة المقاييس "الطَريد "، وما يُنصَب في المزارع كهيئة الرَجُل أو الخَيال تُذعَر به السِباع والطيور ". Qنَفْي أو طَرد وإبعاد من الحيّز بتخويف وذَعر -لعدم قبول القرب.- كالرجل اللَعين (فعيل بمعنى مفعول)، والجيال المذكور يَنفِي ويُبعِد (بمعنى فاعل). ومن معنويِّه "اللَعْنُ: الطَرد والإبعاد من رحمهَ الله وجنته، ومن الخير غَضَبًا وعدم قبول {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [المائدة: 78]. {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء: 60] في [بحر 6/ 53] الظاهر أنه أريد بالشجرة حقيقتها: الكشوث أو الزقوم .. وهناك أقوال أخرى. وليس في القرآن من التركيب إلا فعل (اللعن) وما هو منه- بمعنى الطرد والإبعاد من رحمة الله. ° معنى الفصل المعجمي (لع): الحدة في الأثناء حدّة يظهر أثرها كالتلعلع: البريق والتضوّر- في (لعع)، وكالامتلاء بالحيوية- في (لعب)، وكالغضب والكراهة المسببين للطرد والإبعاد- في (لعن). اللام والغين وما يثلثهما • (لغلغ): "لَغْلَغ ثريدَه: روّاه من الأُدْم، أو بالسَمن والوَدَك. وفي كلامه لَغلَغةٌ: أي عُجمة ".

(لغو)

Qتخلُّل الشيء المتسيب بمائع ثَخين يجعله كالمتماسك (¬1): كالثريد الموصوف. والمقصود بالعُجمة هنا -أخذًا من هذا- تداخُلُ الكلماتِ وحروفها بعضِها في بعض؛ فلا تتميَّز مفاصلُها. • (لغو): {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إلا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا} [الواقعة: 25 - 26] "اللُغَة: اللِسْن الأصوات التي يعبِّر بها الناسُ عن أغراضهم. ولَغْوَي الطير -كفَتْوَى: أصواتها. واللَغا- كالفتى: الصوت. ونُباح الكلب لَغْو- بالفتح ". Qأصوات كثيرة تنفُذ من أفواه الأحياء- كالكلام وتلك الأصوات. ومنه "لغا بكذا- كسما ورَمَى وفَرِحَ: تكلّم به لَفَظَ به. ولَغِى بالشراب وبالماء (تَعِبَ): أكثر منه ولَهِجَ به وهو لا يَروَى مع ذلك " (الماء لطيف الجرم يناسب جنس الأصوات، وتمثل معنى المفعولية (المطاوعة) الذي تعبر عنه صيغة "فَعِلَ "في تحول النفاذ من خروج إلى دخول). ومن كون الأصوات مجرد مسموعات لا تجس ولا تُرى، أو من كون التركيب في الأصل للأصوات التي ليس لها معانٍ معروفة وما لا جدوى منه كمن لغِى بالماء ولا يروى= عُبِّر بالتركيب عما لا يُعَتد به "اللَغْو- بالفتح وكفَتى ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبِّر اللام عن امتداد واستقلال. والغينُ عن نحو غشاء مخلخل مع رقة، ويعبّر الفصل منهما عن وجود نحو ذلك في أثناء شيء كما في لَغْلَغة الثريد بالسَمن. وفي (لغو) يضاف معنى الاشتمال. ويعبّر التركيب عن الاشتمال على رِخْو كالمائع وهو الصوت كما في اللغة. وفي (لغب) تعبر الباء عن تلاصق وتجمع، ويعبّر التركيب عن احتواء (أي تجمع) الفساد والضعف في الأثناء كما في اللُغوب.

(لغب)

وفَتْوَى: السَقَط وما لا يُعَتد به من كلام وغيره، ولا يحصَل منه على فائدة أو نفع يقال: "شاة لَغوٌ ولَغًا: لا يُعَتد بها في المعاملة (لا تحسَب) وقد ألغى له شاة "ومن ذلك "اليمين اللَغْو "التي يَلفظ بها الفمُ جَريًا على المعتاد دون عَقْد القلب عليه {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو فِي أَيمَانِكُمْ} [البقرة: 225 والمائدة: 89]. ولَغْو الكلام يشمل مجرد اللفظ {وَقَال الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} [فصلت: 26]، كما يشمل الكلام الساقطَ لفراغه وقلة الاعتداد به {لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً} [الغاشية: 11]، وبهذا الأخير كل كلمة (لغو) في القرآن الكريم. • (لغب): {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَينَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق: 38] "اللاغِب: الضعيف المُعيي، ورياح لواغب: ضعيفة، واللُغاب- كغراب: السهم الفاسد الذي لم يُحسَنَ بريُه ولم يلتئِم ريشُه لرداءته. لغب (كفتَح وكتَب وكرُم وفَرِح ماضيًا ومضارعًا): تَعِبَ وأعيا أشدَّ الإعياء. ولَغّبَ السَيرُ فلانًا- ض، وأَلْغبه: أَتعبه أشدّ التعب، ولغّبَ دابتَه- ض: تحامَلَ عليها حتى أَعيت. واللَغب بالفتح: ما بين الثَنايا من اللحم ". Qتجمع علي ضعف -رقةٍ أو فساد- في الأثناء: كضعف المُعْيى بذَهاب قوته، ورقة الرياح، وفساد السهم، ورقة اللحم بين الأسنان. واللُغوبُ في آية التركيب: الإعياء. وكذا هو في {وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} [فاطر: 35]. ° معنى الفصل المعجمي (لغ): تخلل الشيء بمائع ثخين أو كثيف -كما في لغلغة الثريد بالأُدم- في (لغغ)، وفي كثرة الأصوات التي تخرج من الفم- في (لغو)، وفي تخلل البدن بما يضعفه ويثقله ويقلل نشاطه، وكذلك فساد حال السهم بما يضعف أو يعوق عمله- في (لغب).

اللام والفاء وما يثلثهما

اللام والفاء وما يثلثهما • (لفف- لفلف): {لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا} [النبأ: 15] "اللِفافة- كرسالة: ما يُلَف على الرِجل وغيرها. واللَفَف- محركة: أن يلتوي عِرقٌ في ساعد العامل فيُعطله عن العمك. لَفَفْتُ عِمامتى علي رأسي " [المقاييس]. Qتَلوِّى شيء علي آخر من ظاهره عالقًا غيرَ لاصق، ويلزمه التجمع والتضخم (¬1): كاللِفافة ولَفّ العمامة. فمن الالتواء {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} [القيامة: 29]. قيل استعارة لشدة آخر يوم عن الدنيا وأول يوم من الآخرة، وقيل حقيقة [ينظر بحر 8/ 381] ومن التجمع "اللَفَف- محركة: ¬

_ (¬1) (صوتيا): تعبر اللام عن امتداد واستقلال. والفاء عن نفاذ بإبعاد وكثافة، ويعبر الفصل منهما عن تلوي كثيفٍ على ظاهر الشيء منفصل غير لازق كاللِفافة. وفي (لفى) يضيف معنى الياء الامتدادَ مع اتصال. ويعبّر التركيب عن الوجود أو التجمع على ظاهر الشيء (كثافة) بدون لصوق أيضًا كاللَفَاء على وجه الأرض. وفي (ألف) تسبق الهمزة بالضغطة، ويعبّر التركيب عن زيادة التجمع كالآلف والألفة. وفي (لفت) تعبر التاء عن ضغط بدقة أو خفة، ويعبر التركيب عن حدة لي الشيء أو التوائه فينصرف عن اتجاهه كالقَرن الألفت. وفي (لفح) تعبر الحاء عن احتكاك بعِرَض وجفاف، ويعبر التركيب عن اندفاع حِدّةٍ أي جفاف تصب من يَعْرض لها كلفح النار. وفي (لفظ) تعبر الظاء عن جرم كثيف غليظ فيه رقة , ويعبر التركيب عن فصلٍ وإخراجٍ لهذا الغليظ كلفظ النواة.

(لفو)

كثرة لحم الفخذين. ولفّ الشيءَ (رد): جمعه، واللِفّ -بالكسر: الحزب والطائفة. واللُفوف: الجماعات، واللَفيف: الجمع العظيم من أخلاط شتى في الجنس أو الصفات {جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} [الإسراء: 104] والتف الشجرُ بالمكان: كثرُ وتضايق. والألفاف: الأشجار يَلتفّ بعضُها ببعض {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا} ورجل ألف ولَفْلَف: عَييّ بطيء الكلام إذا تكلم ملأ لسانُه فمَه (كأنما التف بعضُه على بعض في فيه) (وفي عكسه يقولون: لسانه منطلق- ذلق- طويل). • (لفو): {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} [يوسف: 25] "اللَفَاء- كسحاب: ما على وجه الأرض من التراب والقُمَاش ". Qوجود الشيء أو تيوحه على وجه الأرض أو في المتناوَل: كذلك التراب والقُمَاش على وجه الأرض. ومنه (ألفاه: وجده " [ق] ... {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ} [يوسف: 25] ويقال: "ألفيتُه صادقًا أو كاذبًا أي وجدتُه على هذه الصفة " (وهي قريبة من معنى كشف وجود هذه الصفة فيه) {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ} [الصافات: 69]، وجدوا آباءهم ضالين فاتبعوهم مسرعين [بحر 7/ 349] أي دون تدبر -بما هيأنا لهم من العمول واللوافت- في ما دعاهم إليه الرسل، فاستحقوا ما ذكر قبل الآية من عذاب. {قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَينَا عَلَيهِ آبَاءَنَا} [البقرة: 170]. • (ألف): {إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلُوبِكُمْ} [آل عمران: 103]

"الأَلْفُ من العدد معروف. والإلف -بالكسر: الأَليف الذي تَألَفه وتأنَس إليه، وأَوالف الحمام: دَواجِنها التي تألَف البيوت. أَلِفَ الشيءَ (عَلِمَ): أَنِسَ به وأحبّه، والمكانَ: تعوّده وأستأنس به. وأَلِقتُ الشيءَ (علم) وآلَفْتُه: لَزِمتُه، وألَّفتُ بينهم - ض: جمعتُ بينهم بعد تفرُّق. وألَّفتُ الشيءَ - ض: وَصَلتُ بعضَه ببعض وجمعتُ بعضَه إلى بعض. وتألَّف تنظَّم ". Qتجمع المتفرقات مع نوع من المجانسة أو القبول بينها. كالتجمع في كل ما سبق، ولفظ الأَلْف يعبّر عن أكبر تجمع، والمفروض أنه لا يُجمع معًا في رقم واحد إلا أشياء من جنس واحد {وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنفال: 65] وكل (ألف) ومثناها وجمعها (آلاف) و (ألوف) فهي من هذا المعنى، والتأليف بين أشياء: إيقاع الأُلْفة: الالتئام وقبول كلٍّ غيره تجمعا {يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَينَهُ} [النور: 43] (يدفعه برفق حتى يلتئم)، وبين الناس، وبين القلوب: إيقاع الأُلْفة أي الأُنس {إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلُوبِكُمْ} [آل عمران: 103]. وكذا كل (ألف) وكلمة (المؤلَّفة). أما الإيلاف في {لإِيلَافِ قُرَيشٍ} [قريش: 1]، فهو إما من آلفْتُه الشيءَ: ألزمتُه إياه؛ فتكون "رحلة "مفعولًا ثانيًا، أو من آلفْتُ المكانَ بمعنى أَلِفْتُه (أي أفعل بمعنى فَعَل) كما قالوا "آلفَتْ الظباءُ الرملَ: لَزِمته (من المُؤْلفاتِ الرملَ) إلخ. وهنا يكون المصدر مضافًا للفاعل والضمير و "رحلة "مفعولًا به [ينظر ل]. ثم قال كثيرون [ابن قتيبة وبعض البصرين والكوفيين]: إن الآية مفعولٌ لأجل الجعل في قوله تعالى: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} في سورة الفيل السابقة ". وبعضهم جعل اللام الداخلة في {لإِيلَافِ} بمعنى إلى، أي نعمة إلى نعمة, وبعضهم

(لفت)

قَطَعها عن السورة السابقة وعلَّقها (باعجب) أو "فليعبدوا "، والصواب عند طب أن المعنى: اعجبوا لإيلاف قريش رحلةَ الشتاء والصيف وتَرْكِهم عبادةَ ربِّ البيت الذي أطمعهم وآمنهم، فليعبدوا ربَّ هذا البيت [تأويل المشكل 320، قر 20/ 200]. وأما {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} في آية الصدقات [التوبة: 60] فهم "قوم من سادات العرب أمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - في أول الإسلام بتألّفهم أي بمقاربتهم وإعطائهم ليرغّبوا من وراءهم في الإسلام، فلا تحملهم الحميّة -مع ضعف نياتهم- على أن يكونوا إِلْبا مع الكفار على المسلمين " [ل] (فالتأليف إعطاء من أجل تحريرهم من أضغانهم لينظروا بتجرد رحمة من الله تعالى لخلقه). • (لفت): {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيثُ تُؤْمَرُونَ} [الحجر: 65] "الألَفت من التُيوس: الذي اعوجَّ قرناه والْتَوَيا. ولَفَتَ الدقيقَ بالسَمْن: عَصَدَه أي لوى بعضَه على بعض بالسمْن؛ فتماسك ". Qلَيّ الشيء أو تحويلُه عن حال أو وجه إلى آخر، أو حول شيء فيمتسك: كالقَرْن الألْفت التَوى عن استقامته مُمتسكًا على وضع مغاير، وكذلك عَصْد الدقيق بالسمن خَلْطه وجَعْله يتماسك بالعَجْن. ومن اللَيّ دون قيد التثبيت: "لَفَتَ وجهَه، وتلفَّت إلى الشيء، والتفت إليه: صَرَفَ وجهَه إليه {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ} [هود: 81 والحجر: 65] (المقصود النهي عن الالتفات إلى الخلف للنظر إلى القرية التي خرجوا منها. وهذا من كمال أدب الامتثال, والإعراض عن دار الكفر وأهله)، وأما قولهم: "لَفَتَ اللِحاءَ عن

(لفح)

الشجر: قَشَره، فهو من الأصل أيضًا؛ إذ هو فَصْل) له أي تحويل. ويتأتى أن يكون من إصابة الصفة لأن اللحاء متلتفٌّ على سوق الشجر والفروع ". ومن معنوي هذا الالتفات والصرف {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيهِ آبَاءَنَا} [يونس: 78] وكذا قولُهم: "لِفْتُه معكَ -بالكسر: أي صَغْوه وَميله إليكَ ". • (لفح): {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} [المؤمنون: 104] "لَفَحَتْه النارُ والسَمومُ بحرِّها: أصابه حرها فتغيَّر وجهُه " [المقاييس]. Qحِدَّة تندفع من شيء؛ فتُصيب (ظاهر) ما يَعرِض لها: كلفح النار في الوجه. ومنه ما في آية التركيب. ومنه "لَفَحَه بالسف: ضربه به ضربةً خفيفة " (تجرح جِلده الظاهرَ فقط). • (لفظ): {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إلا لَدَيهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] "لَفَظتُ الشيء من فمي (ضَرَبَ): رميتُه. واسم الملفوظ لُفَاظة -كرُخامة وغُرَاب، ولَفِيظ، ولَفْظٌ -بالفتح. والأرض تَلفِظ الميتَ: إذا لم تَقبله ورَمَتْ به. والبحر يلفِظ بما في جوفه إلى الشُطوط. ولَفَظَتِ الأرضُ خبيئَها: أظهرتْ ما كان قد اختبأ فيها من النبات. Qقَذْفٌ بقوة من جوف أو حيِّز: كلفْظ الأرض الميتَ والنبات. ومنه لَفَظَ بالكلام: تكلّم {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إلا لَدَيهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} ومنه "لَفَظَ نَفْسَه: مات " (قذف بها والنفْس عظيمة الخطر).

£° معنى الفصل المعجمي (لف)

° معنى الفصل المعجمي (لف): التلوي على ظاهر الشيء وما يلزمه من الوجود بكثافة ما على ذلك الظاهر كما يتمثل في الِلفافة: ما يُلَف على الرِجْل وغيرها - في (لفف)، وفي اللَفَاء- كسحاب: ما على وجه الأرض من التراب والقماش - في (لفو)، وكما في الألفة بين الناس وأوالف الحمام التي تألف البيوت من تجمع مع ارتباطٍ ما - في (ألف)، وكما في اعوجاج القرون والتوائها - في (لفت)، وكما في لفح النار والسموم الوجه فيتغير لونه - في (لفح)، وكما في اخراج ما كان بالداخل إلى الظاهر كلفظ الكلام من الفم، والميت من الأرض، ولفظ البحر ما في جوفه - في (لفظ). اللام والقاف وما يثلثهما • (لقق - لقلق): "اللَقْلَق -بالفتح: اللسان. وطَرْفٌ مُلَقْلَق: حَدِيدٌ لا يَقَرّ بمكانه. واللَقّ بالفتح: الأرض المرتفعة، وكل أرض ضيقة مستطيلة ". Qاندفاع بامتداد - مع صَدْم (متوال) (¬1): كاللسان ¬

_ (¬1) صوتيًّا): تعبِّر اللام عن اقداد واستقلال, والقاف عن تعقد وغِلَظ في الجوف، والفصل منهما يعبّر عن امتداد وصَدْم (= تعقد وغلظ) في الجوف كاللسان في جوف الفم وفي (لقى) يضاف ما تُعبر عنه الياء من امتداد واتصال, ويعبّر التركيب عن تمارس (تصادم وعثور) عبر مسافة (امتداد) كانت فاصلة كاللَقَى يُعثَر عليه أي يوجد ويُتَحَصّل - صَدْمًا أي مصادفة. وفي (لقب) تعبّر الباء عن التصاق وتجمع، ويعبر التركيب عن لصوق ما يُطلَق مصادفة وهو اللقب. وفي (لقح) تعبّر الحاء عن احتكاك =

(لقى)

وتردُّده في جوانب الفم، وكحركة الطرَف الموصوف في كل اتجاه وتوقفه، والأرض المرتفعة ناتئة من بين ما حولها وتَصُدّ، والأرض الضيقة المتصلة تصدّ من يمشي عرْضا. ومنه: "لَقَّ عينَه: ضربها بالكف خاصة " (فهذا امتداد وصدم). • (لقى): {وَمَا يُلَقَّاهَا إلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 35] "اللَقَى - كالفتى: كل شيء مُلْقًى على الأرض مطروح متروك كاللُقَطة، ولاقيتُ بين طَرَفَيْ قَضِيب: حَنَيتُه حتى تلاقيا والتقيا. وتَلَقَّتِ المرأة: عَلِقَتْ ". Qتحصيل بالمقابلة مواجهةً أو تماسًّا أي بقوة [عبارة أبي حيان (1/ 193) عن القوة هنا "اللقاء: استقبال الشخص قريبًا منه "]: كالشيء المطروح على الأرض يُعثر عليه أو به، وعُلوق المرأة وجودٌ للجنين - قوى، لأن بذرته تَعْلَق بالرَحِم. ومنه: "لقيتُ فلانًا، وكلُّ شيء استقبل شيئًا أو صادفه فقد لَقِيَه: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا} [البقرة: 76]، {يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [آل عمران: 155]، (أي في بدر). وكل (لَقِى) و (الْتقى) ومضارعهما فهي بمعنى المقابلة أو الوجود القوى. وكل (تَلْقية) فهي بمعنى إيصال الشيء بقوة إلى من ¬

_ = بعرض مع جفاف، ويعبّر التركيب عن استقرار ما أُلقي في ذلك الحيز الواسع العريض كالجنين في مقره. وفي (لقط) تعبِّر الطاء عن تجمع بقوة وغِلَظ، ويعبّر التركيب عن ضم ما تسيَّبَ فلا يذهب ضياعًا كلقط الثوب والسّنبل. وفي (لقف) تعبِّر الفاء عن الانفصال بإبعاد، ويعبر التركيب عن خفةٍ وسرعة في أخذ الشيء (المُلْقَى منفصلًا) كلَقْفه من الهواء. وفي (لقم) تعبّر الميم عن اضطمام من الظاهره ويعبّر التركيب عن ضم الفم عل ما يُلقَى فيه.

يستقبله أي يلقاه ويجده: {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} [الإنسان: 11] (أوجدهم إياهما ونعّمهم بهما). والتلَقِّى: استقبالُ ما يُلْقَى {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: 37] التقي: التعرض للقاء ثم يوضع موضع القبول والأخذ [بحر 7/ 312]. واللقاء: المقابلة أيضًا {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ} [الأنعام: 31] لقائه سبحانه بعد البعث أو لقاء جزاء إنكارهم [ينظر قر 6/ 411 - 412] (والأول أولى، لأنه الأصل ويترتب عليه الجزاء). {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} [النمل: 6] (يُوحَى إليك وتستقبله). {وَلَقَدْ آتَينَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ} [السجدة: 23] (لقاء موسى أو لقاء موسى كتابك بالقبول، أو لقاء ما لقيه من التكذيب ...) [قر 14/ 108] وأميل إلى عود الضمير على الكتاب أي مثله أي آتيناك مثل ما آتينا موسى [بحر 7/ 199] وفي هذا من التثبيت والبُشْريات ما فيه. وكل (إلقاء) فهو طرح للشيء حيث يُلْقَى، أي يُرى (ويؤخذ): {وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ} [يوسف: 10]، ثم تُعورف في كل طرْح (الراغب) {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} [الأعراف: 120] قال (أُلقِى) تنبيهًا على أنه دهمهم وجعلهم في حكم غير المختارين [الراغب]. ويستعمل (ألقى) لدعم فعل يليه {أَلْقَى السَّمْعَ} [ق: 37] {فَأَلْقَوُا السَّلَمَ} [النحل: 28] وكذا ما في [البقرة 195]. ومصادر الأفعال المذكورة وما اشتق منها هي بمعانيها التي ذكرناها. {تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ} [الأعراف: 47] تلقاءُ الشيء: حذاؤه، وهو ظرف مكان بمعنى جهة اللقاء [متن] فالمعنى: إذا أُرُوا ما فيه أهل النار من العذاب. {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا} [المرسلات: 5] هي الملائكة، والذكر: الوحي [بحر 8/ 396]. {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ} [ق: 17]: الملكان الموكلان بكل إنسان: ملك اليمين يكتب الحسنات، وملك الشمال يكتب السيئات [نفسه 8/ 123]. {أَلْقَى الشَّيطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الحج: 52] ينظر تركيب (منى) هنا.

(لقب)

• (لقب): {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} [الحجرات: 11] "ليس في التركيب إلا: "اللَقَب: النَبْز، وما اشتُق منه ". Qتحميل الشخص باسم يَلصَق به {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ}. • (لقح): {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [الحجر: 22] "ناقة لاقحٌ: حامل. والملاقيح: ما في البطون من الأَجِنّة. واللِقاح - ككتاب: اسم ماء الفحل من الابل والخيل. وتلقيح النخل (أن يُؤخذ شِمراخ من الفُحّال فيُدَسّ في جوف الكافور، وهو وعاء الطَلْع). Qاستقرارُ طارئٍ في حيِّز (جوفي) مُجانس له. كالجنين في البطن. ومنه "اللواقح من الرياح: التي تَحمل السحاب أو الخير ". أو هي بمعنى مُلقحات لأنها تَحمل اللَقَح إلى الأشجار من فحولها {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ}، وقد أطلقوا اللَقُوح على اللَبُون من الإبل أولَ نِتاجها شهرين أو ثلاثة؛ باعتبار ما كان، أو تفاؤلًا بجديد. • (لقط): {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص: 8] "اللُقطة - بالضم وكهمزة أقيس: الشيءُ الذي تجده مُلقًي فتأخذه. واللَقَط - محركة: كذلك، وهو أيضًا كل نُثَارة من سُنْبُل أو ثمر كلَقَطِ السنبل الذي تُخطئه المناجلُ يَلتقطه الناص. واللُقَاطة: ما التُقط من كَرَبِ النخل بعد الصِرام.

(لقف)

وقد لَقَطه (نصر): أخذه من الأرض ". Qأَخْذُ ما عَرَضَ وجوده (ملقى) بلا توقع أو طلب؛ فلا يذهب ضياعًا. كما تؤخذ اللُقطة: {وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ} [يوسف: 10]. ومنه: "لَقْط الثوب: رَفوه رَفْوًا مقاربا "فإن رفو الثوب لَأْم لخرقه، وضَمُّ بعضه إلى بعض وإصلاح ما وَهَي منه "وهو إما من وصل بعضه ببعض والوصل أخذ وتحصيل، وإما من أن ذلك استنقاذ وتدارك حتى لا يتلف ويهدر. • (لقف): {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا} [طه: 69] "رجل لَقِف -بالفتح وكفرح: خفيف حاذق. سريعُ الأَخْذ لما يُرمَى إليه باليد، وسريع الفهم لما يُرمَى إليه من كلام باللسان. وحوض لَقِفٌ- ككتف، ولَقِيف: لم يُمدَر ولم يُطيَّن فالماء يتفجَّر من جوانبه (كانوا يَطْلُون جوانب الحوض بالطين العَلِك حتى لا يتسرب الماء من بين الحجارة التي بني بها فإذا لم يُطلَ تسرب الماء) اللَقْف: تناولُ الشيء يُرمَى به إليك باليد أو اللسان. لقَّفَني صاحبي الشيءَ - ض فلقِفْته (فَرِح ولَقْفا - بالفتح). وتلقَّفه: تناوله بسرعة- وتلقَّفْت التَلبيةَ من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي تلقَّيتُها وحَفِظتُها بسرعة ". Qأَخْذُ الشيء بخفة أو خطف: كلَقف الشيء من الهواء، وكلَقْف الثغرات التي بين حجارة الحوض الماء تسريبًا بخفية، وأرى أن لفظ (يتفجر) غير دقيق هنا. {فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} [الأعراف: 117, الشعراء: 45] (تلقمه بخفة كالخطف).

(لقم)

• (لقم): {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ} [الصافات: 142] "اللُقمة -بالضم: اسم لما تُهيِّئه للالتقام. لَقِمْت اللُقمة (كشرب) لَقْمًا- بالفتح: أخذتَها بفيك، واللَقْمة -بالفتح: أَكلُها بمَرَّة ولقّمت البعيرَ- ض: إذا لم يأكل حتى ناولتَه بيدك ". Qضمُّ الفم ما يُلقَي إليه لَقْفًا بمَرَّة: كالتقام اللقمة: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ} [الصافات: 142] (تلقاه في فمه حين أُدْحِض من الفُلْك). ومنه: اللَقَم محركة: معظم الطريق مُنفَرَجه متنه ووسطه. (يلتقم السائر فيه ويبلعه كما قالوا (سراط). {وَلَقَدْ آتَينَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} [لقمان: 12] هذا عَلَمٌ لعبد من عباد الله كان عالمًا، أو قاضيًا، أو عبدًا، وزمانه ما بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام [ينظر بحر 8/ 181]. ° معنى الفصل المعجمي (لق): الصدم أو الالتقاء بالشيء في الحيّز بقوة كما يتمثل في صدم اللسان جوانب جوف الفم، وتردد سواد العين إلى جانبيها مرة بعد أخرى بخفة - في (لقق)، وفي مصادفة الشيء على الأرض لَقًى - في (لقى)، وفي إلقاء النبز حيث يلصق بمن نُبِزَ به - في (لقب)، وفي إلقاء مادة اللقاح نطفة أو ما يشبه الدقيق في مقرها بجث تستقر فيه - في (لقح)، وفي وجود الشيء متاحًا دون قصد بحيث يُلتقَط - في (لقط)، وفي كونه متاحًا في الهواء بحيث يُلقَف - في (لقف)، وفي كونه متاحًا لتنطبق عليه فتحة الفم - في (لفم).

اللام والكاف وما يثلثهما

اللام والكاف وما يثلثهما • (لكك - لكلك): "جمل لُكَالِك - كتُماضِر: عظيم ضخم. ورجل لُكِّيّ - كلُجِّى: مكتنز اللحم. وناقة لُكِّيّة ولِكَاك - ككتاب: شديدة اللحم مرميّةٌ به رميًا. واللَكِيك فرسًا أو غيره: الصُلْب المكتنز من اللحم ". Qتراكم اللحم ونحوه على بدن الحيّ مع تلازُب واشتداد (¬1) -كما هو واضح في تلك الاستعمالات. ومنه: "اللِكَاك: الزِحام. الْتَكَّ الورْدُ: ازدحم وضرب بعضُه بعضًا. واللُكّ -بالضم صِبْغ أحمر (يُمسك لدة) وثُفْله أو عُصارته يُرَكَّب به النَصْل في النِصاب (إمساك بشدة). والْتَكَّ في حُجّته: أبطأ (عدم تسيُّب) وفي كلامه: أَخْطأ (جفاء وغلظ). ولَكَّه: ضربه بجُمْعه في قفاه " (رَكْم شديد). • (ألك - لأك): {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: 75] "يقال هذا أَلُوكُ صِدْقٍ وعَلُوكُ صدقٍ وعَلُوجُ صدقٍ لما يؤكَل. وما تَلَوَّكتُ بأَلُوك. وألكَ الفرسُ اللِجامَ في فيه: عَلَكه ... مضَغه ". ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر اللام عن امتداد واستقلال, والكاف عن ضغط غئوري حاد، والفصل منهما يعبّر عن تراكم (مدّ من نفى الجنس) مع ازدحام كاللَكيك (الفرس الصُلْب المكتز اللحم). وفي (ألك) أضافت الهمزةُ الضغطَ على ذلك المعنى، وعبر التركيب عما هو كالمضغ للشيء الشديد المتاسك.

Qمَضْغ الشيء أو إدارتُه في الفم على شدة فيه: كمضغ الأَلُوك واللِجام. ومنه الأَلُوكة والأَلُوك والمَأْلُكة -بضم اللام وفتحها: الرسالة (لأنها رسالة شفوية تدار في الفم والعامة تقول الآن (قال له بُقَّين) وهذا له أصل في (بَقَّ: كَثُر كلامه،) وأَلَكَ بين القوم: ترسَّل (أَوْصَل كلام كلِّ طرف إلى الآخر)، وأَلَكَه (ضرب): أبلغه الأَلُوك. وينقل بالهمزة فيقال آلكتُه والأصل أَأْلكته. والأمر منه ألِكْنى إليها برسالة [أصلها أَأْلِكني]، والمعنى كُنْ رسولي إليها، والهمزة فيه لإصحاب المفعول مثل: "أقربتُ السيفَ: جعلتُ له قِرابًا ". وقالوا إن المَلَك -كجبل- من هذا، وأصله مَألَك، ثم بالنقل مَلْأَك، ثم خُفِّف فصار مَلَكًا. لأن الملَك رسولٌ يحمل رسالةٌ من الله عزّ وجلّ إلى مَن أراد من عباده. وفي ترجمة لأك في [ل] أوردوا أن ألِكْنى أصلها أَلْئِكْنى، والمَلْأك المَلَك لأنه يُبلّغ الرسالة عن الله عزّ وجل. وهذا التركيب (لأك) ليس فيه إلا هذا المعنى فحرِيٌّ أن تكون "ألك "هي الأصل. ويقويه كثرةُ ورود أَلَك ومَأْلك بمعنى رسالة، ولم يرد من التركيب الآخر إلا مَلأك. كما ينبغي أن يُعَتدّ بملحظ أن الرسالة هنا تَعني رسالةً شفوية يحملها رسولٌ إلى المرسل إليه -كما تَشْهد بذلك الشواهدُ الواردة [انظر ل ألك]- وهذا يقوِّي مأخذَ الملَك من تركيب "ألك "من ناحيتين: الأولى أن الاستعمالات الواردة في ألك هي في تقليب شيء في الفم، والثانية أن رسالة الملائكة كانت دائمًا -فيما أعلم- شفويةً يملون رسالاتهِ عزّ وجلّ إلى المصطفَين من خَلْقه؛ فهذا وجه شَبَهٍ يحقِّق أخذَ هذه من تلك. وأما أخذها من "ملك "كما قال ابن كَيسان وغيره، فلا يناسب الملائكة الذين هم أعلم الخلق بأن المُلْك الحق لله الواحد القهار. [وانظر ل، وطب 1/ 444، وقر

£° معنى الفصل المعجمي (لك)

1/ 263] {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [النحل: 2] {مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إلا مَلَكٌ كَرِيمٌ} [يوسف: 31] لما رأين حسن صورته وإشراق وجهه وشملتهن هالة روحانيته شبهنه بما تصورنه عن الملائكة. وهذا التركيب ليس في القرآن منه إلا (الملَك) وجمعه (الملائكة). ° معنى الفصل المعجمي (لك): نوع من التراكم يتمثل في الاكتناز باللحم في (لكك) كالجمل اللُكالِك: الضخم، وفي ضغط الماضغ العلوك ومضغ الفرس اللجام في (ألك). اللام والميم وما يثلثهما • (لمم - لملم - لم - لما): {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إلا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} [النجم: 32] "اللِمَّة -بالكسر: شعر الرأس إذا كان يجاوز شَحْمة الأذنين يُلتمُّ بالمنكبين. ولُمَّة الرجل -بالضم: أصحابُه في سَفَر أو نحوه. ودار لمَومة: تَلُمّ الناسَ وتجمَعُهم. ورجل مِلَمّ: مُجمِّع لشَمْل القوم. وحَجَرٌ مُلَمْلَم: مُدَمْلَك صُلْب مستدير - وناقةٌ مُلَمْلَمة: مُدَارةٌ غليظةٌ كثيرةُ اللحم معتدلةُ الخَلْق ". Qتجمع الشيء المتسع عند أطرافه فيلتقي ولا ينتشر (¬1). ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر اللام عن امتداد واستقلال, والميم عن التئام وتضام ظاهري، والفصل منهما يعبّر عن تجمُّع طَرَفي لمنتشر أو ما شأنه الانتشار كما في اللِمّة (شعر الرأس). وفي (لوم) زادت الواو معنى الاشتمال, ويعبّر التركيب عن اشتداد في الأثناء وما هو من بابه - كاللُّومة الشَّدة واللام. وفي (لمح) تعبّر الحاء عن عِرَض، ويعبّر التركيب بها عن لُمع في سطح الشيء وظاهره تُلتَقط كما في لمح البرق. وفي (لمز) تعبّر الزاي عن نفاذ باكتناز =

كاجتماع شعر اللِمّة في نهايته، حيث يماسّ الكتفين بأطرافه فحسب، وكأصحاب السفر تجمعهم طاريء، والحَجَر المجتمع الأطراف، والناقة الوافرة اللحم نُظِر فيهما إلى استدارة الطرف المحيط الخارجيّ. ومنه "الآكل يلُتم الثريدَ (المنتشر) فيجعله لُقَمًا. ولمَّ اللهُ شَعَثَه: قارب بين شتيت أموره [تاج]. ولَممْت الشيءَ (رد) جمعتُه (جمع خفيف غير وثيق) {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا} [الفجر: 19]-أي بجميعه: أَنْصِبَتكم وأنصبةَ غيركم " (بلا استحقاق). ومنه "الإلمام واللَمَم ": وله تفسيرات ثلاثة: أ - مُقاربة الذَنْب من غير مواقعة، ب - صغار الذنوب نحو القُبلة والنظرة. ج - أن يلم بالمعصية الفاحشة ولا يُصِرّ عليها. نظروا إلى قولهم: (أَلَمّ به: وما يزورنا إلا لماما " (كما نقول الآن خَطْفًا). {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إلا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} وما ذكرناه هو كلام اللغويين وأقربه إلى مذاق اللفظ هو الثاني لأنه مس عند الطرف أو الحافَة، ثم الأول. أما كلام المفسرين فينظر [قر 17/ 106 - 109، بحر 8/ 162] وبه لمَمٌ من الجن أي مَسّ ". "ولم "النافية يؤخذ معناها من منع الانتشار في الأصل، كأن المعنى جَمُدَ أو توقَّف عن أن يفعل {بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الصافات: 29]. وكذلك "لما "الجازمة لأنها مقاربة {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 14]. وأما "لما "الحينية فهي من الاجتماع (اجتماعُ تمامٍ) أي حين تَمّ الأول وقع كذا، ¬

_ = وحدّة, ويعبّر التركيب عن الدفع بضغط في البدن كما في اللَمْز. وفي (لمس) تعبّر السين عن نفاذ بدقة وقوة، ويعبّر التركيب عن نوع من الجَسّ للظاهر طلبًا لمعرفة أو تحصيل كما يُفعل بالناقة اللَمُوس.

(لوم)

{وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيهِ أُمَّةً ...} [القصص: 23]. وأما التي قيل فيها إنها استثنائية فإنها تُفيد شمول الوقوع. وهذا الشمول يتحقق بالتجمع المذكور في الأصل، ويَلفت النَظَرَ وجودُ "كل "في الآيات التي وردتْ فيها {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيهَا حَافِظٌ} [الطارق: 4]، {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَينَا مُحْضَرُونَ} [يس: 32]، {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالهُمْ} [هود: 111] ورأى ابن الحاجب أنها الجازمة حُذف فِعلُها [مغنى اللبيب 1/ 218] أن المازنيّ، والجوهريّ أَوَّلوها [ل]. • (لوم): {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [المائدة: 54] "اللُومة -بالفتح والضم: الشَهْدة (= العسل ما دام لم يُعصَر من شمعه). اللامُ: الشديد من كل شيء ". Qتحيز مع اشتداد: كما يتحيَّز العسلُ في عيون القُرْص، والعسل يتمطّط وهذا مستوى من التماسك والاشتداد، وكما يتماسك الشديد من الأشياء. ومن معنوي هذا التماسك: "تلوَّمَ في الأمر: تمكَّث وانتظر وتلبَّث. لي في الأمر لُومة -بالضم أي تلوُّم. واللُوَامة- كرخامة: الحاجة (لأنها يراد ضمُّها وحَوْزها - انظر سأل) واللامُ: القرب " (اتصال كالتماسك). ومن ذلك "اللَوْم: العَذْل " (تعنيف يردع عن التجاوز -فهو من الحضر في حيِّز ومَنْع التسيب) {فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} [إبراهيم: 22]. وكل ما في القرآن من التركيب

(لمح)

فهو من اللوْم بمعنى العَذْل هذا. {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ} [القلم: 30]، {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ} [الصافات: 142 وكذا ما في الذاريات: 40]: قد أَتى ما يِحَقُّ أن يلام عليه. {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: 2] هي التي تلوم صاحبها على فعل الشر -فهي نفس شريفة وقيل بعكس ذلك [ينظر بحر 8/ 375]. • (لمح): {وَمَا أَمْرُنَا إلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر: 50] "مَلامح الإنسان: ما يُلمَح من ظاهر وجهه محاسنُه ومساويه. ولمَحَ البرقُ والنجمُ كلمع: بدا لمن يَلمح ". Qلُمَعٌ سطحية لطيفة تنتشر على ظاهر الشيء وتميّزه: كلمْح البرق، والملامح لَوَافتُ في الشيء كالنتوء والغئور وضخم الأنف والحواجب ولون البشرة ونِسَب القَسَمات. والنِسبُ بين معالم الوجه بعضِها إلى بعض تميزُ إنسانًا حتى وإن ظهرت مشابهُ لها في غيره. ومنه "لَمَحَ إليه وألمح: اختلس النظر، واللَمْحة: النظرة بالعَجَلة / بنظر خفيف " (لَقطة خفيفة لشيء يعرِض في مجال الرؤية -كما يلفت الإنسانُ حدقتَه دون وجهه نحو أحَد ثم يرُدُّها بسرعة، وكما يوجّه بصرَه عابرًا نحو شيء ثم يَصرفه. وهذا ما يفهم من الحديث الوارد أنه - صلى الله عليه وسلم - "كان يَلمح ولا يَلتفت ". ويصدُق اللمحُ أيضًا بالرؤية العابرة لشخص أو شيء يظهر ثم يختفي في أقل زمن. وورد من هذا "أَلْمحَتْ المرأةُ من وجهها: إذا أَمْكنتْ من أن تُلمَح تفعل ذلك تُرِى محاسنَها. ثم تُخفيها ". وعن الأول عبَّروا باختلاس النظر. {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إلا كَلَمْحِ الْبَصَرِ} [النحل: 77 وكذا ما في القمر: 50] قال الفراء: كخَطْفة بالبصر [ل].

(لمز)

• (لمز): {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 79] "لمَزَه (ضرب): دفعه وضربه ". Qالدفع في البدن بشدّة وحِدّة. ومنه قيل: "لمَزه: عابه ووقَع فيِه ": {وَيلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)} [الهمزة: 1]. {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 58] أي من يعيبك في قَسْم الصدقات، وهي نزغة منافق مُتَعَلّقُه تحميل الدنيا ومحبة المال [ينظر بحر 5/ 57]. {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ} [التوبة: 79] عابوا من تصدق بصاع من صاعين كان آجَرَ نفسه بهما، ومن تصدق بناقة وذي بطنها، وكان هو قصيرا أسود، فقالوا: هي خير منه، فرد الرسول - صلى الله عليه وسلم - عنه [نفسه 5/ 76]. {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} [الحجرات: 11] اللمز: العيب، ويكون [مواجهة] بالقول، وبالإشارة [بالعين] ونحوها [كالرأس والشفة] مما يفهمه آخر. والهمز يكون باللسان وغيره في القفا. والمعنى: لا يعب بعضكم بعضا- كأن المؤمين نفْس واحدة [بحر 8/ 112 ل، تاج]. • (لمس): {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] "إكاف ملموس الأحناء: إذا لُمِسَت بالأيدى حتى تستوي / الذي قد أُمِرّ عليه اليد ونُحِتَ ما كان فيه من ارتفاع وأوَد. (الإكاف: البرذعة والمقصود خَشبُهُ). ناقة لَمُوس: شُكَّ في سَنامها أبها طِرْقٌ أم لا، فتُلمَس. وبَيع الملامسة هو أن يَلمَس المتاعَ من وراء الثوب (أي من ظاهر الكيس) ولا يَنظر إليه ثم يُوقِع البيعَ ".

Qأَخْذٌ بلطف من ظاهر الشيء تهيئةً لحسن استعماله- كما يُنحَتُ (يؤخذ) النتوء من أحناء الإكاف حتى يصير ناعما للراكب وكجَسّ الناقة الموصوفة بالأصابع من ظاهر بدنها لمعرفة مدى سِمَنها (لشراء أو معرفة حال)، وكجسّ السلعة من ظاهر كيسها في بيع الملامسة ونحوه لمعرفة الحال من أجل الشراء. ومن الأخذ بلطف (خفة) ما جاء في الحديث عن نوعين من الثعابين "فإنهما يَلْمِسان البصرَ "أي يذهبان به بخفة كالخطف. ومنه أيضًا "اللَمس باليد / أن تطلب شيئًا ها هنا وههنا " (دفع اليد في كل اتجاه للعثور على الشيء فهذا تحصيل بلطف) والتَمس الشيءَ: طلبه: {قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} [الحديد: 13]، {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا} [الجن: 8]: طلبنا خبرَها كما جرت عادتُنا [قر 19/ 11] ويجوز أنهم طلبوا الوصول إليها لنفس الغرض فلم يستطيعوا لأنها مُلئت .. {فَلَمَسُوهُ بِأَيدِيهِمْ} [الأنعام: 7] أي لو أنهم مع رؤيتهم جَسّوه بأيديهم لم يزدهم ذلك إلا تكذيبًا. وذكر اللمس لثلا يقولوا {سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا} [الحجر: 15] وذكر اليد لئلا يظن أن المقصود باللمس الفحص [ينظر بحر 4/ 82] ومنه "لمَسَ الجاريةَ: جامعها (كناية). والتي "لا تَرُدّ يدَ لامس "، تُزَنّ بالفجور، لأن اللمس جَسٌ باليد. وقوله تعالى: {لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43 والمائدة: 6] يصدُق بالجماع (كناية)، وهو واضح وعليه فريق كبير [ينظر طب 8/ 398] ويؤيده ما في التركيب من معنى الطلب. ويصدُق توسعًا على ذوق الجسم باليد ونحوها، كما في لمس الناقة، وعليه آخرون. ومنه "اللميس: المرأة اللينة الملمس ".

معنى الفصل المعجمي (لم)

أما "اللُمَاسة- كرُخَامة: الحاجة المُقارِبة "فمن الأصل؛ لأنها يُطلَب ضمُّها بلطف. ° معنى الفصل المعجمي (لم): نوع من الضم أو التضام لما شأنه الانتشار إلى الظاهر كما يتمثل ذلك في اللِمَّة شعر الرأس إذا جاوز (طَرَفُه) شحمة الأذنين فيتوقف هناك كالمتجمع- في (لمم)، وكما في اللُومة: الشُهدة حيث يمتلئ كل من (أبراج قُرْص) العسل بالعسل إلي حافته (= طرَفه) ولا يجاوزه- في (لوم)، وكما في اللمح الالتقاط السريع والملامح الظاهرية اللطيفة أي الدقيقة في (لمح)، وفي الظاهر الذي يدفع في- في (لمز)، وفي تحصيل الشيء بلطف أو تحصيل لطف الظاهر- في (لمس). اللام والنون وما يثلثهما • (لون- لين): {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} [سبأ: 10] "اللِينة واللُونة -بالمد: كل ضَرْب من النخل، أو ما لم يكن بَرْنِيًّا. اللِينة- بالفتح كالمِسوَرة (= نوع من الحشايا) يُتَوَسَّد بها ". Qاحتشاء الشيء بلطيف رِخْو أو كالرخو يظهر أو يظهر أثره (¬1): كالنخل ليس مصمت الجوف كبقية الشجر، وله ثمر حلو معروف (ثم هل عدّ العربي التمر الذي يثمره النخل خارجًا من حشاه ولذا خلا جوفه فلم ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر اللام عن امتداد واستقلال، والنونُ عن امتداد باطني في لطف، تتوسطهما الواو أو الياء في (لون لين) فيعبران عن رقة في الباطن، كما في اللِين واللِينة واللَون. النخل بثمره الحلو، واللِينة: الحشية.

اللام والهاء وما يثلثهما

يكن مصمتًا؟) والمِنورة رخوة الجوف. {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} [الحشر: 5]. ومن ذلك: "اللِين (ضد الصلابة) وهو من رقة الباطن {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران: 159]، {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا} [طه: 44]. واللَيَان كسحاب: نَعمة العيش / الرَخاء والخفض ". وكل ما في القرآن من يائي العين هذا فهو من اللِين المرونة ضد الجساوة والصلابة. ومن ذلك الأصل: "اللَون: السواد وغيره "، إذ هو بُقَع تعرو الجلد (كأنها ناشئة عن الباطن)، {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ} [النحل: 13]. وكل ما في القرآن من واوي العين هذا فهو اللون وجمعه الألوان بمعناه المذكور الصبغ الذي تبدو به مادة الشيء من صفرة أو حمرة إلخ. اللام والهاء وما يثلثهما • (لهله): "تَلَهْله السَرابُ: اضطرب. بلدٌ وأرض لُهلُهٌ- بالضم: واسعة يضطرب فيها السَراب ". Qاضطراب ما يبدو بعيدًا شفافًا (¬1): كاضطراب ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبِّر اللام عن امتداد واستقلال، والهاء عن نحو الإفراغ، ويعبّر الفصل منهما عن فراغ الممتد كاللُهلُه الأرض الواسعة، والسراب. وفي (لهو- لهى) تعبّر الواو عن اشتمال، ويعبّر التركيب عن نحو تدلِّي الشيء (أو تعلقه) في ضعف وفراغ كاللهاة =

(لهو- لهى)

السراب. وهو يكون بعيدًا ويبدو كالماء. • (لهو- لهى): {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37] "اللَهاة: كفتاة: لحمة حمراء .. معلَّقة في أقصى سقف الفم .. مُشرِفة على الحلْق. واللُهوة- بالضم والفتح: ما ألقيتَ في فم الرَحى من حبوب للطَحْن ". Qالتدلِّي هُويًّا في فَراغ: كاللحمة الموصوفة، وما يُلقَى في فم الرَحى. ومنه قيل: "لهوتُ بالشيء ألهو لَهْوًا وتلهَّيتُ به. وكذلك لعبتُ به وتشاغلتُ وغفَلتُ به عن غيره. (انغمستُ فيه مع عدم جدواه)، وكذلك "لَهِيتُ (كرضى) به: أحببته (كما يقال عَلِقَه من التعلُّق وهويه من تركيب هوى). وأما "لَهِيتُ عن الشيء: غفَلتُ عنه ونسيتُه وتركتُ ذِكره "، فمن ذلك، لكن مع أثر التعدية بـ "عن "، كأنك لهَوتَ ولهِيتَ بشيء آخر فشُغِلتَ به عن هذا. و "اللَهْو- بالفتح: كل ما يُلهَى به " (الانغماس في أمور تُضْحك أو تَشغَل دون نفع ديني أو دنيوي جادّ). {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6]: أساطير ¬

_ = تمتد -وهي رقيقة الجرم- نحو فراغ الحلق. وفي (أله) تسبق الهمزة بالتعبير عن الدفع، ويُعبّر التركيب عن شفافية (من جنس الفراغ) مع أثر كما في الإلاهة الشمس. وفي (لهب) تعبّر الباء عن التجمع، ويعبر التركيب عن تجمع مع فراغ كما في تجمع جِرْم اللهب وهو خفيف لا كثافة له. وفي (لهث) تعبّر الثاء عن نفاذ بانتشار وغلظ، ويعبّر التركيب عن نفاذ غليظ بسبب جفاف أو نحوه، كلسان الكلب حيث يلهث، وكالنقط الحمراء في الوجه والخوص. وفي (لهم) تعبّر الميم عن التئام وتضام ظاهري، ويعبِّر التركيب عن ضم في جوف الفم إلقاءٌ أو كالإلقاء كما في التهام الطعام وغيره.

(أله)

الأعاجم والمغنيات والطبل والمعازف [ينظر بحر 7/ 179]. {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إلا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [الانعام: 32] أي هي شبيهة باللهو واللعب إذ لا طائل لهما، كما أنها لا طائل لها. فاللهو واللعب اشتغال بما لا غنى به ولا منفعة .. وقيل هذه حياة الكافر أما حياة المؤمن فتنطوي على أعال صالحة [نفسه 4/ 112]. {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1]: (شغلكم عما هو حقٌّ أو أحقُّ). {لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ} [الأنبياء: 3] (ملأى بالباطل فلا فراغ ولا فرصة لتدبر الذكر الموجّه إليهم). {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا} [الأنبياء: 17] قيل إن المراد هنا الولد وقيل الزوجة (وهذا أنسب للهو)، ثم قيل إن عَجزُ الآية يعني أنه تعالى لو أراد لكان ذلك في قدرته، قال أبو حيان: ولا يجيء هذا إلا على قول من قال اللهو هو اللعب، وأما من فسره بالولد والمرأة فذلك مستحيل لا تتعلق به القدرة. [نفسه 6/ 280] وأقول إن اللعب أيضًا مستحيل أن يكون من الله عزّ وجل. وتعلق القدرة مسألة كلامية أستوحش من الخوض فيها. • (أله): {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} "الإلاهة- كرسالة: الشمس. وقيَّد بعضهم بأن العرب سمَّت الشمس- لما عبَدوها- إلاهة [التهذيب]، وتقال أيضًا كرُخَامة. وقال بعضهم هي كرخامة: الشمس الحارّة، أو الإلاهة- كرسالة: الحَيَّة: وهي الهلال. وفي [ل] (هلل): والهِلال: الحيَّة إذا سُلِخَت. وفي [تاج] "الهلال: سِلْخ الحيَّة) (¬1) (بكسر السين وهو ¬

_ (¬1) تركيب (هلل) يعبر عن فراغ الأثناء (وهذه هي حقيقة الشفافية) وهلال السماء يبدو فارغ الوسط. وسِلْخ الحية شفاف كالفارغ الأثناء. ويشهد لورود "الهلال: سِلخ =

غِلاف شفاف يتربَّى عليها بين حين وآخر فتَخلعه). فالذي أرجحه أن عبارة "الإلاهة الحية "تحريرها "الإلاهةُ: سِفخُ الحية ". فهو المتسق مع "الإلهة: الشمس "في الشفافية. ولعل هذا مقصود ثعلب بقوله "الإلاهة: الهلال [تاج]. Qشفافية أو ضوء مع أثر تُستَشعر حدّتُه: كضوء الشمس ومعه حرارتها، وكسِلْخ الحية بشفافيته مع استشعار ارتباطه بحدّة السم في الأفعى. هذا، وقد قال فريق من العلماء إن لفظ الجلالة (الله) ليس من الأسماء التي يجوز اشتقاقُ فعل منها كما يجوز في الرحمن الرحيم (¬1)، أي أنه غير مشتق. وقال فريق آخر إن أصله الإلاه- وحذفت الهمزة كما حذفت من الناس وأصله الأناس، وكما حذفت من {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} وأصلها لكن أنا (¬2) - فإذا جرينا على الرأي الثاني تأتَّى فيه من المعنى المحوري الذي ذكرناه معنى النور والتعالي والغيبية واستشعار الأثر- وهي معان لغوية تُؤخذ من استعمال لفظ "إلاه "للشمس وسِلْخ الحية. ولهذه المعاني اللغوية تجليات في معاني الألوهية، فالإله ¬

_ = الحية "قول الشاعر (ل- هلل). ترى الوَشى لمَّاعًا عليها كأنه ... قشيب هلال لم تقَطَّع شبارِقُه وجاء في المجمل عن بيت ذي الرمة (وهو في ل أيضًا): إليك ابتذلنا كل وَهْم كأنه ... هلالٌ بدا في رَمْضة يتقلب "الهلال ضرب من الحيات، ويقال بل هو سِلْخ الحية ". اهـ (الوهم: الجمل العظيم / الضخم القوي). (¬1) تهذيب اللغة للأزهري 6/ 422، وتفسير الطبري 1/ 103. (¬2) انظر: الطبري 1/ 122، والقرطبي 1/ 102، والتهذيب 6/ 422.

الحق جل جلاله نور لا يحاط بكنه حقيقته، بيده كل شيء: العالم كله مما هو أدق من الذرة إلى ما هو أعظم من كل مجرّة عِلمًا وملكًا وإيجادًا وتصريفًا وإفناء. وأستغفر الله من قصور العبارة. وكل ما جاء من مفردات هذا التركيب فهو إما الإله الحق سبحانه ومنه لفظ الجلالة أصله (الإله) حذفت الهمزة، وأدغمت اللام في اللام. وإما ما اتخذه المشركون إلاهًا وجمعه آلهة تعالى الله عما يصفون. والسياقات واضحة في المراد. وفي [طب 1/ 122] و [تاج] أن الإلاهة تعني العبادة. ومنه يكون (الإلاه) تعني المعبود. والتعبير عن العبودية والمملوكية هو من أول لوازم اعتقاد الألوهية. [ينظر تركيب عبد هنا]. وقد رد بعضهم لفظ (إلاه) إلى أَلِهَ- كفرح بمعنى: تحيَّر، أو لجأ إلى كذا (وينظر [تاج]- أله).- لكن ما قلناه -أوفق لمنهج هذه الرسالة. والله أعلم {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف: 180]- ونعوذ بالله أن نكون منهم. {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [النحل: 60]، {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الروم: 27]. {مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الفرقان: 43، الجاثية: 23] أي أقام الإله الذي يعبده هواه، فهو جارٍ على ما يكون في هواه. والمعنى أنه لم يتخذ إلهًا إلا هواه [بحر 9/ 459] أقول: وفي الآية إثبات لدخول الطاعة ضمن معنى عبادة إله. وهو معنى كان محل تساؤل عدي بن حاتم عن حقيقة اتخاذ اليهود والنصارى الأحبار والرهبان أربابًا [التوبة: 31] فأجابه - صلى الله عليه وسلم - بأنهم كانوا يطيعوضهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله [ينظر طب تركي 11/ 416 - 421] والطاعة من صميم لوازم المملوكية في معنى (عبد). وقد قالوا أن لفظ (اللهم) الميم فيه بدل عن ياء النداء فمعناها يا ألله، والأقرب إلى نفسي أنها بمعنى يا من هو إلهي.

(لهب)

• (لهب): {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)} [المسد: 1] "اللَهَب- محركة: لسان النار / اشتعالها إذا خَلَصَ من الدخَان، والغبارُ الساطع إذا اضطرم جَرىُ الفرس. واللِهب- بالكسر: السَرَب في الأرض، والفُرْجة بين جبلين ". Qامتداد لطيف المادة نافذًا من أثناء بحدة أو قوة: كلهب النار، وكفراغ السَرَب، وما بين الجبلين {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} [المسد: 3] {لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ} [المرسلات: 31]. • (لهث): {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيهِ يَلْهَثْ} [الأعراف: 176] "لهَثَ الكلبُ (كمنع وكتعب): دَلَع لسانُه من شدة العطش والحر، وكذلك الطائر إذا أخرج لسانَه من حَرّ أو عطش. واللُهَاث- كغراب: النُقَط الحُمْر التي في الخوص إذا شققتَه. واللُهَاثِيّ من الرجال: الكثير الخيلان الحُمْرِ في الوجه ". Qاندفاع شيء مما في الباطن إلي الظاهر لحدّة أو شدة: كدُلوع اللسان من العطش والحر، وكالنقط الحُمْر من أثناء الجسم {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} [الأعراف: 176]. • (لهم): {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 8] "رجل لَهِمٌ- كفرح وعُمَر، ولَهُوم ... : أَكول. ومِلْهَم- بالكسر: كثير

معنى الفصل المعجمي (له)

الأكل. لهَمَ الشيءَ (كفرح) والتهمه وتلهّمه: ابتلعه بمَرَّة. والْتَهم البعيرُ ما في الضرع: استوفاه. ولهِمَ الماءَ: جَرَعه ". Qجَذْبٌ إلى الجوف بجمع وخفة: كالأكل الموصوف. ومنه: "جيش لُهَام -كغراب عظيم يَغتمِر مَنْ دخله أي يُغيِّبه. والرجل اللِهَم- بكسر ففتح فشد: الرَغيب الرأي، الكافي، العظيمُ (رأى شامل يراعي ويستوعب كل الأبعاد). واللُهْمُوم من النوق: الغزيرة اللبن، ومن السُحب: الغزيرة القَطْر (تُتيحان غزارة الجمع)، ومن الأفراس: الجواد السابق مجري أمام الخيل (يلتهم جريَها أي يَسبقها) واللِهْم- بالكسر: المُسِنّ من الوعول ومن كل شيء " (حصَّل زمانًا كثيرًا). ومن معنويِّه: "ألهمه الله الرَشادَ: ألقاه في رُوعه (أدخله أو أوجده في قلبه) - {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}. ° معنى الفصل المعجمي (له): الاتساع مع شمول (يؤخذ من اضطراب الحركة الانتقالية ها وهنا) وشفافية أو فراغ أثناء -كما يتمثل في السراب المضطرب. (يتردد في مساحة عريضة فيشمل، مع إيهام أنه ماء (شفاف) - في (لهه)، وكما يتمثل في تدلي اللهاة في فراغ الحلق- في (لهو ولهى)، وكما في ضوء الشمس وشفانية سِلخ الحية- في (أله)، وكما في لطف مادة شعلة النار أي لهبها- في (لهب)، وكما في فراغ الأثناء اللازم للاندفاع منها- في (لهث)، وكما في جمع المادة المأكولة (والجمع شمول وهو من الاتساع) عند جذبها إلى الجوف - في (لهم).

باب الميم

باب الميم التراكيب الميمية • (أمم): {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74] "أُمّ الرأس: الخريطة (= الكيس) الجِلْدة التي تجمع الدماغ (= المخ الذي في الجُمجُمه). والأُمّه- بالضم: القامه والوجه. وأُمَّه الطريق وأُمُّه- بالضم: الصُقْع من الطريق والأرض. وأُمّ النجوم: المَجَرّة لأنها مُجتَمع النجوم. وفي قول كعب: "ثم يُؤمَر بأمّ الباب (بفتح الهمزة يقصد باب النار) على أهل النار فلا يخرج مهم غَمٌّ أبدا "قيل في تفسيره: يُقصَد إليه فيُسدّ عليهم ". Qتَضَامُّ شيءٍ أو أشياء متجانسة أي لحاق بعضها ببعض في حيّز يحيط بظاهرها بلطف -كما تضم تلك الجلدةُ الرقيقة مادّةَ المخ. وكما تتضامّ القامة، ومن لُطفها تكوينُها صورة متكاملة، وأُمَّة الطريق مساحةٌ واسعة متصلة متكاملة أيضًا، وكذا الصُقع، وكذا تجمُّع النجوم في المَجَرّة، وكسدّ ظاهر باب جهنم على من فيها فتضمهم. وقد قال علماء اللغة "كلّ شيء ينضم إليه سائرُ ما يليه فإن العرب تُسمى ذلك الشيء أُمًّا. والأُمّ لكل شيء هو المَجمَعُ والمَضَمُّ ". ومنه "الأُم: الوالدة "لأن أولادها يرتبطون بها وهي أصلهم ومَجْمَعُهم (كانوا في بطنها) {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} [مريم: 28]. الأم الوالدة، وجمعها

(أمهات) وسياقاتها واضحة. ثم هناك {أُمَّ الْقُرَى} [الأنعام: 92] وهي مكة: سميت بذا لأنها منشأ الدين، ولدَحْو الأرض منها، ولأنها وسط الأرض، ولكونها قبلة وموضعًا للحج، ومكان أول بيت وضع للناس. والمعنى ولتنذر أهل أم القرى ومن حولها وهم سائر أهل الأرض [بحر 4/ 183]. وهناك أيضًا (أم الكتاب)، {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [آل عمران: 7] "أصل الكتاب الذي فيه عِماد الدين والفرائض والحدود وسائر ما بالخلق إليه حاجةٌ في أمر دينهم لأنهن معظم الكتاب ومَوْضِعُ مَفزَع أهله عند الحاجة [طب 6/ 170] أي هي الآيات التي تتناول الأمور المذكورة. {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَينَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)} [الزخرف: 4] أي اللَوح المحفوظ [قر 16/ 62] {فَأُمُّهُ هَاويَةٌ} [القارعة: 9] أي مَجمَعُه ومأواه. و "الأُمّة: القَرْن الجيل من الناس (جماعة كبيرة متحدو الجنس أو زمن الوجود معًا)، {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [البقرة: 128]، {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} [الزخرف: 22]، أي دين وملة [قر 2/ 127] (مجموعة أو منظومة من القيم والأعراف التي تحكم وتميز جماعتنا عن غيرها {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [البقرة: 213، يونس: 19] وكذا ما في هود: 118، الأنبياء: 92، المؤمنون: 52، الشورى: 8] أي على الإسلام، ويقدر (فاختلفوا) بعد ما في البقرة. {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [الزخرف: 33] أي في الكفر. وأما [المائدة: 48، النحل: 93] فهي صالحة لهما. ثم عبر به عن الجماعة الطالبة لأمر واحد {وَجَدَ عَلَيهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} [القصص: 23]. ثم عن الرجل الذي تجتمع فيه خلال الخير متكاملة متجانسة {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [إبراهيم: 120] أي

رجلًا جامعًا للخير [قر 11/ 197] (أي تجتمع فيه خلال الخير ليس مثل سائر الناس فيه بعض من خلال الخير وبعض من خلال الشر). "وكل جنس من الحيوان أمة " (يضمهم ويشملهم جنس أو صفة) {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيهِ إلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأنعام: 38]. وقوله تعالى: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف: 45] أي حين أجل [قر 9/ 9 و 201] (مدة من الدهر سنين كثيرة متتابعة). و"إمام، الصلاة وغيرها تبعه المأمومون. وتأمل قولهم: "الحادي إمام الإبل وإن كان وراءها "فهي تسير بحُداثه وتتوقف إذا توقفه. والاتباع انضمام. "والإمام كل من ائتم به قوم- كانوا على الصراط المسقيم أو كانوا ضالين " {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [الإسراء: 71] قالت طائقة: بنبيهم وشرعهم. وقيل بكتابهم الذي أُحصى فيه عملهم- وسيدنا رسول - صلى الله عليه وسلم - إمام أمته وعليهم جميعًا الائتمام بسنته التي مضت عليها. والإمام ما ائتُمَّ به من رئيس وغيره والجمع أئمة {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} [التوبة: 12] أي قاتلوا رؤساء الكفر وقادتهم الذين ضعفاؤهم تبع لهم " [ل]. ومن هؤلاء ما في [القصص: 41] ومن أئمة الهدى ما في [الأنبياء: 73، والقصص: 5، السجدة: 24]. {وَكُلَّ شَيءٍ أَحْصَينَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس: 12] الكتاب المقتدَى الذي هو حجة. وقيل اللوح المحفوظ، وقيل صحائف الأعمال [قر 15/ 13] (على الأولَين متَّبع لا بد أن يقع، وعلى الأخير متَّبع لأنه شاهد). و "الأَمام- كسحاب: القُدَّام (وهو المساحة التي أمامك بكل ما فيها وهي وما فيها في متناولك وأنت وهي في حيز واحد وهذا انضمام) {بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} [القيامة: 5] يُكَذِّب بما أمامه من بعث وحساب،

وقيل يعجل المعصية ويُسوّف التوبة [قر 19/ 94، 95] والشيء الأمم- محركة: القريب المُتناوَل " (والتناول ضم) والأَمّ: القَصْد (من أن المقصود يكون أمام القاصد، أو من أن نهاية القصد الانضمام). {وَلَا آمِّينَ الْبَيتَ الْحَرَامَ} [المائدة: 2] قاصدينه. و"الأُمّيّ: الذي لا يكتب "- نسبوه إلى "ما عليه جَبَلَتْه أمُّه "يقصدون النسبة إلى الأُمّ. والدقيق أن يُنسَب إلى عِلّة تسمية الأم: أنها الأصل الجامع، أي هو على أصل فطرته، كما أنه يمكن أن يُلحَظ في الأميّ الذي لا يكتب أنه مجُتمِع القلب لم تَغزُ قلبَه (أي لم تَشْقُقه وتَدخله) رموزُ الكتابة وغيرها من العلوم- التي تُكتَسب بالتعلّم المتعارف، كما لم تتوزع قلبَه المذاهبُ المختلفة، فبقيت نفسُه ملتئمةَ الشمل. وبهذا يكون صفةَ كمالٍ، نظرًا لاجتماع النفس وكمال الفطرة وصفائها {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ} [الأعراف: 158]- صلى الله عليه وسلم -. ومن أسمائه - صلى الله عليه وسلم -: قُثَم- كعُمَر -أي الجامع الكامل [ل- قثم]. وفي قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: 2] هم العرب؛ إذ لم تكن الكتابة منتشرة فيهم، وفي الحديث "إنا أُمةٌ أُمِّيَّةٌ لا نكتُب ولا نحسُب ". كما عُللت التسمية بأنها لم يكن لها كتاب (¬1) ولا أتفق مع هذا (¬2). أما بالنسبة لمن فُرض عليهم تعلُّم كتاب أُنزل عليهم، فلم يفقهوه، فالأُمّية ذَمٌّ لهم {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلا أَمَانِيَّ} [البقرة: 78]. فهذا كقوله ¬

_ (¬1) بصائر ذوي التمييز 2/ 159 والراغب. (¬2) خصصت لمعنى (الأمي) بحثًا فانظره.

(يمم)

تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: 5] وكما أعرضوا {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ} [البقرة: 88]. ومن ملحظ اللطف وعدم الشدة في ذلك التضام الذي في الأصل: قالوا: "الإمَّة- بالكسرة: غَضَارَةُ العيش والنعمة العيشُ الرَخِيّ. ولعلهم يقصدون مع ذلك اجتماعَ الشمل. والتيمُّم بالصعيد- من المهموز [ل أمم 288، يمم] جعلوه من التوخِّي والتعمد، أي من "أَمّه: قصده "، ويجوز أن يكون من الإمام والأَمَم (بالتحريك= القريب التناول)؛ لأنه اتجاهٌ إلى أقرب مُتاحٍ أمامك، وهو التراب: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43، المائدة: 16]، {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267]. • (يمم): {فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي} [القصص: 7] "اليَمّ: البحر- زاد اليث: الذي لا يُدرَك قَعْرُه ولا شَطّاه. ويقال اليَمُّ: لجته. وقدْ يُمَّ الساحلُ- للمفعول: غطّاه اليمُّ وطَمَا عليه فغلب عليه، والرجلُ: طُرِح في البحر. واليَمَام: أعمُّ من الحمام، أو هو الأليف ". Qتجمُّع لطيفٍ متصل المادة (أي متسعها) متراكمها: كاليم بتفسيراته المذكورة. واليمام مطلق في الجو، لكن منه ما يألف ويعايش الناس. هذا وزَعْم تعريب اليمّ عن السريانية يَدحضه أن الأصل ينطبق على تجمع الماء أصدق انطباق؛ فهو تجمع من مادة رقيقة غير صلبة، والرقة في الميم

(مأو- مأى)

مطردة (انظر أمم) وهي في اسم الماء. ولم يُذكر في القرآن من التركيب إلَّا (اليمّ)، أما التيمم فهو من (أمم) كما أسلفنا. أما "اليَمّ: الحَيّة فإني أشك في ثبوت هذا المعنى للفظ لغرابته عن معاني التركيب، ولم يذكر في التهذيب أو المقاييس أو الصحاح أو القاموس وذكره في [ل] ابن بري وفي [تاج] في المستدرك. • (مأو- مأى): {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: 261] "المَأوة - بالفتح: أرض منخفضة والجمع مَأْوٌ. مَأَوْتُ الجِلْدَ والدَلُو والسِقاءَ مَأْوًا ومَأَيتُ السِقاءَ مَأْيًا: وسَّعتُه ومددتُه لِيتَّسع، وتَمَأَى الجلدُ والدلو والسقاء: توسَّع / مددته فاتسع ". Qاتساعٌ وامتداد مع إمساك وضمٍّ أو تماسكٍ رقيق. كالأرض المنخفضة تمتد وتسع من الماء أكثر من المستوية. وكذلك الأوعية الجلدية المذكورة. ومنه: "مأيتُ في الشيء: بالغتُ (تماديتُ وتوسعتُ). ومَأَى بينهم مَأْيًا ومَأْوًا: أفسد بالنميمة وضَرَبَ بعضَهم ببعض (الإفساد تفريقٌ ومباعدة بين المتناسبات وإضعاف للعلاقة يناسب الاتساعَ ورقّة التماسك). ومنه "المئة: العدد المعروف "؛ لكثرة معدودها، فهي تدل على مجموعة كبيرة (واسعة) متضامة تحت اسم المئَة {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَينِ} [الأنفال: 66]. وليس في القرآن من التركيب إلَّا (مئة) ومثناها {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَينِ} [الأنفال: 65].

(يوم)

• (يوم): {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] "اليوم (معروف) مقداره من طلوع الشمس إلى غروبها، ويستعمل بمعنى مطلق الزمان ". Qمدة من الزمن ممتدة متصلة - كاليوم بتحديده المذكور. وقد استعمل لفظ يوم في القرآن الكريم مرادًا به: - (أ) يوم معين بشكل ما -كما في {يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [آل عمران: 155، 166، وكذا في الأنعام: 141، الأعراف: 163، الأنفال: 41، التوبة: 3، 25، 108، مريم: 15، طه: 59، الشعراء: 38، 155، 189، الجمعة: 9، البقرة: 184]. (ب) زمن صدور الكلام (أو نزوله) (: الوقت الحاضر) كما في {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} أي [ينظر ل] [وكذا في 5 منها، الانفال: 48، يوسف: 54، 92، النحل: 27، 63، مريم: 26، غافر: 29]. (ج) ظرف معين كما في {قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ} [البقرة: 249، وكذا في هود: 43، إبراهيم: 18، النحل: 85، طه: 64، غافر: 30]. (د) مجرد حين ما -كما في {يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [التوبة: 36، وكذا ما في هود: 77، الشعراء: 156، القمر: 19، 29، البقرة: 80، آل عمران: 24]. (هـ) حقبة من حال معينة لقوم معينين -كما في {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاولُهَا بَينَ النَّاسِ} [آل عمران: 140].

(أوم -أيم)

و) التعبير عن مُدد يعلمها الله تعالى كما في {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [الأعراف: 54، وكذا ما في يونس: 3، هود: 7، الفرقان: 59، السجدة: 4، فصلت: 9، 10، 12، ق: 38، الحديد: 14]. ز) مدة يذكر الله عَزَّ وَجَلَّ مقدارها {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47، وكذا ما في السجدة: 5]. ح) يوم القيامة. وهو يأتي بأسماء كثيرة مضافًا وموصوفًا، وهو المراد بأكثر ما ورد في القرآن من هذا التركيب {يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4، {وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة: 8]، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ} [البقرة: 85] {يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرُّسُلَ} {يَوْمُ يَنْفَعُ الْصَّدِقِينَ} [المائدة: 109، 111]، {يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأعراف: 59] الخ. ط) حين يضاف (إذ) إلى يوم (يومئذ) فإن المقصود وقت حدث معين يذكر في السياق أو يؤخذ منه كما في {نَجَّينَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} [هود: 66]. • (أوم -أيم): {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32] "الأُوام - كصُداع: دخان المشتار (المشتار هو الذي يجني العسل من الخلية) وقد آم عليها (أي على النَخْل) وآمها يئومها أَوْما وإياما: دَخَّنَ " (أي عليها أي دخَّن على النَحْل لتبتعد إلى أن يجني العسل). والمؤَوَّم: العظيم الرأس والخَلْق، وقبل المشوَّه الخلق. والأُوام - كصُداع: العطشُ وقيل حَرُّه وقيل شدة العطش

وإن يضِجَّ العطشان ". Qذهاب كثافة الشيء ونَداه أو كماله رغم اجتماع ظاهره أو استوائه. كذهاب كثافة الدخان فهو فارغ الأثناء - برغم ظاهره الذي يشغل الجو، كما أنَّه يُشعِر بالجفاف. والمشوّه الخلق منقوص الأعضاء أو منقوص التناسق رغم عظمه وهو أي التناسق كما وندّى أي رقة ولطف - والعطش نقص بَلال ونَدى كما أنَّه نَقْصُ شَطر ما يحتاجه الحيّ. ومن نقص الكثافة ذاك رغم استواء الظاهر "الأيِّم من النساء: التي لا زوج لها بكرًا كانت أو ثيبًا، ومن الرجال الذي لا امرأة له "فكلٌّ منهما في حالة انفراد، وهذا نقص كثافةٍ واضح {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: 32]. ومن نقص الكثافة أو الكمال ذاك. "الآمة: العيب ""في ذلك آمةٌ علينا أي نقص وغضاضة "و "الأُوَام: دُوار في الرأس "للشعور بدوران الرأس في فراغ مع عظم الدائرة. و "الأَيم - بالفتح وكسيّد: الحية الأبيض اللطيف (أي الدقيق الجسم). وهي التي لا تضر أحدًا " (ففيها نقص الجسم والخلو من السم). بقى تفسيرهم "التي بآمتها "من النساء بـ "التي لم تخفض "فإما أنَّه من أنَّه عيب وقد قيل "فجعل ذلك عيبًا "، وإما أنَّه لوحظ فيها اعتبار ما سيكون وهو أن تلك الهنة شأنها أن تقتطع أي تنتقص. هذا وقد قالوا "أوّمه الكلأُ تأويمًا أي سَمَّنه وعظَّم خلقه "فهذا من استعمال اللفظ في جزء معناه وهو اجتماع الظاهر واستواؤه.

الميم والتاء وما يثلهما

الميم والتاء وما يثلهما • (متت - متمت): "المَتّ: المَدّ / مدُّ الحبل وغيره. يقال: متّ ومطّ ". Qامتداد الشيء طولًا في دقة (¬1) كالحبل الممدود. ومن معنوِّيه: "الماتَّة: الحُرْمة والوسيلة. مَتّ إليه بقرابة أو برَحِم: مدَّ وتوسَّل، وكذا مَتْمَتَ الرجلُ إذا تقرَّب بمَوَدَّة أو قرابة ". فهذا اتصال وامتداد، ودقته أنَّه معنوي. • (موت): {وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا} [النجم: 44] ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبِّر الميم عن التضام واستواء الظاهر، والتاءُ عن ضغط دقيق بشدة، والفصل منهما يعبّر عن امتداد دقيق كمَتّ الحبل فتمثل الضغط في الشدّ، والتضام تمثل في الاتصال. وفي (متو / متى) تعتبر الواو عن اشتمال، والياء عن اتصال، ويعبَّر التركيبان عن القابلية (= الاشتمال) للامتداد كمَتْو الحبل والمَثْو في الأرض. وفي (موت) توسَّطت الواو بمعنى الاشتمال، فعبَّر التركيب عن السكون مع التمدد الواقعي كحالة موت الحي وكموت الريح والحر والبرد. وفي (أمت) سبقت الهمرْة بدَفْعٍ يؤكد التضام الذي في الميم، لكن على ضعف، كما في الأَمْت الكسرة في جلد القربة غير الشديدة المَلْء. وفي (متع) تعبّر العين عن التحام مع رقة، ويعبّر التركيب عن كمال الجرم قوةً وامتدادًا مع جودة في الأثناء أو بَلَالٍ ورقة، كما في الرجل الماتع. وفي (متن) تعبر النون عن امتداد لطف في الباطن، وبعبر التركيب عن زيادة لطيفة في أثناء الشيء تتمثل في ارتفاع لطيف للأرض، ومَتْني الظهر.

"المَوَات - كسحاب: الأرض التي لم تُرْرع ولم تُعمَر ولا جرى عليها مِلْك. والمُوتة - بالضم: جنس من الجنونِ والصَرَعِ يعتري الإنسان .. يحدث عنه سكونٌ كالموت، فإذا أفاق عاد إليه عقلُه كالنائم والسكران، الموت: ضد الحياة. ومات الرجلُ وهَمَدَ وَهَّوَم: نام. وماتت الريحُ: رَكَدَتْ وسَكَنتْ، والحرُّ والبردُ: باخ. وفي حديث الثُوم والبصل "فَلْيُمِتْهما طَبْخًا "أي فَلْيُبالغ في طبخهما لتذهب حِدّتُهما ورائحتُهما ". Qتمدُّد مع همود وسكونٍ وذهاب الحدَّة المعتادة: كالأرض الموات (وقد قال تعالى عن الأرض في الإنبات {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [الحج: 5] وكذلك الصَرَع، والموت، والنوم، وسكون الريح، وذهاب حِدّة الحر والبرد - فكل ذلك فيه تمدد وهمود. ومن الهمود وَحْدَه إماتةُ الثُوْم والبصل: إذهاب حِدَّتهما مع بقاء الجِرْم (ونظير ذلك قتل الخمر: مرْجها بالماء ونحوه) ومنه "ماتت النار: بَرَدَ رمادُها فلم يبق من الجمر شيء، واستمات الثوبُ، ونام: يَليّ ". ومن المجاز "رجل مَوْتان الفؤاد - بالفتح: غير ذكيٍّ ولا فَهِمٍ. مات الرجل: خضع للحق ". فمن الموت ضد الحياة {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [آل عمران: 157] والمَيتَة - بالفتح: ما لم تُدرك تَذْكيتُه مما يُؤكَل {حُرِّمَتْ عَلَيكُمُ الْمَيتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: 3]، ومن مجازه {أَوَمَنْ كَانَ مَيتًا فَأَحْيَينَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: 122]. مجاز في من كان ميتًا بالكفر فحيّ

(متو - متى)

بالإسلام [ينظر بحر 4/ 216]. وقيل بمثل هذا في التعبير بإخراج الحيّ من الميت وإخراج الميت من الحيّ. كما قيال بشمول هذا صورًا من الإخراج الحقيقي من هذا إلى ذاك. ثم إن لفظ (مَيت) بسكون الياء لمن فارق الحياة حممة، و (ميّت) بتشديد الياء لمن مات حقيقة ولما شأنه أن يموت. ولم يأت في القرآن من التركيب إلَّا موتُ الأحياء من الناس ومن البلاد والأرضين. وهي واضحة في سياقاتها {فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [البقرة: 164]، {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيتًا} [الفرقان: 49]، {كَيفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} [البقرة: 28، وكذا ما في غافر: 11] حُسِّنَ أن المقصود بالموتة الأولى العدمُ السابق قبل الخلق، والإحياء الأول هو الخلق، والموت الثاني المعهود في دار الدنيا والإحياء الثاني البعث [بحر 1/ 276، 7/ 435]. • (متو - متى): {مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214] "مَتَوْت الحبلَ وغيره (ومَتَيته) مددته. ومَتَوْت في الأرض: مَطَوْت (مَدَدْت وجَدَدْت) وأَمْتى الرجلُ: طال عمرُه، وامتد رزقُه وكثُر ". Qالامتداد الحسي المكاني كما هو واضح في مدّ الحبال والمَتْو في الأرض، ومنه دلَّت على الامتداد الزمني في (أَمْتَى الرجلُ: طال عمره "، ثم في (متى) التي يُستفهم بها عن وقت وقوع أمر في الماضي أو المستقبل، فالسؤال بها إنما هو عن المدة بين وقوعه وبين وقت السؤال. وتحديد زمن الوقوع يحدِّد تلك المدة، أي ذلك الامتداد. {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214] بلغ بهم الجَهد مما عانَوه حتَّى

(أمت)

استبطئوا النصر [قر 3/ 35] وأقول إن هذا من باب الإلحاح في التضرع، وهو مشروع. أما مجيئها بمعنى "من "في لغة - هذيل مثل (مَتَى لجُجٍ خُضْرٍ) وبمعنى وَسَط في مثل: وضعتُه مَتَى كُمِّى - فهما من الامتداد كذلك. أي ممتدًّا من لُجَجِ، وفي (امتداد) كَمِّي (واتساعه). • (أمت): {فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} [طه: 106، 107] "الأمْتُ: تَخَلْخل القِرْبة إذا لم تُحِكمْ إفراطَها (أي مَلأَها) / أن تَصُبّ في القِرْبة حتَّى تَنثني، ولا تَملَأها، فيكونَ بعضُها أشرفَ من بعض. والأَمْت - بالفتح أيضًا: الانخفاض والارتفاع والاختلاف في الشيء، والوَهْدة بين كل نَشْزين ". Qتخلخل الأثناء المفترض امتلاؤها من الشيء الممتد: كذلك الاسترخاء والتثني في جِلْد القربة غير التامة الامتلاء وهي عندما تمتلئ تقوم مبسوطة الجلد ممتدًّا بلا تثنٍّ، وكالوهدة بين النَشْزِين من الأرض وما بين التلال. وقوله تعالى: {فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} [طه: 106 - 107] الأمت المكان المنخفض - قولًا واحدًا. وجاء [في قر 11/ 246] تفسير الأمت بالنِباك التلال، كما أورد أن "الأمت الشقوق في الأرض، وقيل الأمت أن يغلظ مكان في الفضاء أو الجبل ويدق في مكان "اهـ. والقولان الأخيران صحيحان على أن يقصد بالأمت - في القول الأخير - المكان المنخفض الذي عبر عنه بالدقيق. أما القول الأول فغير دقيق. وقد جاءت الأقوال الثلاثة في [ل] أيضًا. ومصدر اللبس أن المكان المرتفع يجاوره ضرورة

(متع)

منخفض وإلا ما كان هو مرتفعًا، فبعض العلماء ينظر إلى المرتفع وبعضهم إلى المنخفض. وقد حدث مثل هذا في كلامهم عن التَلْعة. لكن الذي يحسم الأمر هو كلامهم عن القِرْبة وأن الأمت فيها هو الجزء المنثني لعدم الامتلاء، ويؤيده قولهم "الأَمْتُ: الوهدة بين كل نشْزين ". والتخلخل نقص، ومنه قالوا "الأَمْت: العَيب في الثوب والحجر والفم ". وقالوا: "أمْتٌ في الحجر لا فيك. معناه أبقاك الله بعد فناء الحجارة ". ومن التخلخل يتأتى -أيضًا- الاسترخاء: "سِرْنا سيرًا لا أمتَ فيه ولا وَهَن فيه، أي لا ضعف. وفي الحديث "إن الله حرم الخمر فلا أمت فيها "أي لا تراخي ولا هوادة في ذلك "، وفترها الأزهريُّ بالشك. ولا وجه له. والمَلْء جمع يتأتى من تخلخله معنى الحَزْر، لأنه جمع غير دقيق: "أَمَتُّ القومَ: حَزَرْتُهم، والماءَ: قدَّرْت ما بينك وبينه، ويقال: كم أَمْتُ ما بينك وبين الكوفة "؟ • (متع): {يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا} [هود: 3] "جبلٌ ماتع: طويل شاهق. حبلٌ ماتع: جيّد الفتل. ورجلٌ ماتع: طويل. والجيِّد من كل شيء ماتعٌ. وقد مَتَعَ النهارُ مُتُوعًا: ارتفع وبلغ غاية ارتفاعه قبل الزوال / طال وامتدّ وتعالى. وأَمتَع بالشيء وتمتَّع به واستَمتع: دام له ما يَستمِدّه منه. ومتَّع الله فلانًا - ض، وأَمتعه: أبقاه وأَنْسأَه إلى أن ينتهي شبابُه. ومتَّع الشيءَ - ض: طوَّله ". Qامتداد الشيء مع قوته وكمال حاله: كتلك الموصوفات حيث يُلحظ فيها الامتداد طولًا أو بقاءً مع جَوْدةٍ وكمال حال؛ ولذا استُعمل في

ما يبلُغ به الشيءُ ذلك من قوة باطنة وزادٍ وأَسْبابهما. والتركيب مستعمل في معنى الإبقاء دهرًا مع الزاد ومستلزمات المعيشة {يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}: يُبْقيكم بقاء في عافية إلى وقت وفاتكم ولا يستأصلكم بالعذاب [ل] {وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [يونس: 98] وهذا الفعل المضعف ومضارعه هما في القرآن بهذا المعنى: البقاء زمنًا ممتدًّا (أي حسب المعاد في حياة البشر) ويقال "أَبْغِي مُتْعة أعيش بها "مثلثة: أي شيئًا آكله أو زادًا أتزوده، أو قوتًا أقتاته ". أي الزاد ولوازم المعيشة. فأما {فَتَعَالينَ أُمَتِّعْكُنَّ} [الأحزاب: 28]، فهذه من متعة المطلقة، وكذلك في [البقرة 236، والأحزاب 49]. وأما {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَي الْحَجِّ} [البقرة: 196] فهذه متعة الحج. ولفظ (المتاع) يستعمل في اللوازم المذكورة: السلعة والمنفعة وكل ما تمُتِّع به، والمال والأثاث، وكل ما يُنتفَع به من عُروض الدنيا قليلها وكثيرها [ل] {فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ} [النور: 29. وكذلك ما في النساء: 102، ويوسف: 17، 65، 79، والرعد.17] وسائر كلمة (متاع) في القرآن الكريم هي اسم مصدر للفعل (متّع) بمعناه المذكور (الإبقاء الطويل مع وجود لوازم المعيشة أو توفرها). هذا، وقد تحمل المُتْعة معنى الالتذاذ بالشيء، وذلك من نُجوع الشيء طعامًا أو شرابًا أو غيره - في البدن وموافقته له تمام الموافقة فيرتاح له - وهذا من وجود الكمال {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف: 20] وكذلك كلّ {وَاسْتَمْتَعْتُمْ} في القرآن. ويتأتى أيضًا أن يكون منه {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ} [الحجر: 3].

(متن)

ومما في الأصل من معنى الامتداد مع القوة جاء "المُتْع - بالفتح والضم - بمعنى الكيد ": (مِنْ مَتْع أعداءٍ ...) (والكيد تدبير شديد مُحْكَم - خطة مرسومة محبوكة تَطُول المَكِيد). • (متن): {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)} [الذاريات: 58] "المَتْن - بالفتح: ما ارتفع من الأرض واستوى / ما ارتفع وصلُب / جَلَدُها. والمَتْن: الوَتَر. ومَتْنا الظهر: مُكْتَنِفَا الصُلْب عن يمين وشمالٍ من عَصَب ولحم. ورجل مَتْن - بالفتح: قويٌّ صُلْب. وجِلْد له مَتن: أي صلابة. وشيء متين: صُلْب، ومتُن الشيءُ (كرم): صَلُب ". Qشدّة في أثناء جِرْم الشيء - مع امتدادٍ - كمتن الأرض ومتنَي الظهر، والوَتَر .. ومنه: (مَتَنَه بالسَوْط: ضربه به (السَوْط ممتد شديد فهذه إصابة به، أو هو من إصابة المَتن: الظهر). "وماتَنَ الرجلَ: طاولَه وماطَله (مقاواة وممادّة). ومَتَنَ في الأرض: ذهب (امتداد بحدّة في الأرض وهي كالظرف)، ومَتَنَ بالمكان مُتونًا: أقام (امتدادُ بقاءٍ وامتساك به)، والتمتين: خيوط تُشدّ بها أوصال الخيام. وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}: ذو الاقتدار والشدة / القوي الشديد الذي لا يلحقه في أفعاله صثقة ولا كُلْفة ولا تعب. {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيدِي مَتِينٌ (45)} [القلم: 45]: شديد محكم لا يفوته من قُصِد به ". وأما "مَتَنَ الرجلُ الكبشَ: أخرج خُصْيَتَيه بعروقهما "، فهو من إصابة ما يصدُق عليه أنَّه "مَتن الكبش "وهي تلك العروق الممتدة، لأنها قِوَام الخصيتين وقوام الفحولة.

معنى الفصل المعجمي (ت)

° معنى الفصل المعجمي (ت): الامتداد - مع عدم الغلظ -كما يتمثل في مَت الحبل مع دقته النسبية - في (متت)، وفي تمدد المت وامتداد الأرض الموات والضعف هنا عدم جاة وعدم نتاج - في (موت)، وفي المَتْوفي الأرض وهو امتداد وكذا متْو الحبل - في (متو متى)، وفي ارتخاء القربة التي لم يتم ملؤها، وكذلك الوَهْدة بين النشزين - ولا يتبينان إلَّا بامتداد - في (أمت)، وفي ارتفاع الجبل الماتع والارتفاع امتداد إلى أعلى، وكذلك صور الامتداد الزمني - في (متع)، وفي امتداد متني الظهر والمستوى من الأرض المرتفعة - في (متن). الميم والثاء وما يثلثهما • (مثث - مثمث): "مَثّ العظمُ: سال ما فيه من الوَدَك. ومَثّ السِقاءُ والحَمِيتُ والزِقُّ ومَثْمَثَ: رَشَحَ / نَتَحَ مِنْ مَهْنِهم له، والرجلُ: عَرِقَ من سِمَن / يُرى على سِحنته وجلده مثلُ الدُهْن، ونبت مَثاث - كشَدّاد: نَدٍ، ومَثّ شاربُه: أصابه الدَسَمُ فرأيتَ له وبِيصًا. ومثَّه هو إذا أصابه دَسَمٌ فمسحه بيديه ويُرَى أثر الدسم عليه. ويقال: مُثَّ الجُرْحَ أي انْفِ عنه غَثِيثَتَه. ومَثَّ يدَه بالمِنْديل أو بالحشيش (من الدُهن): مسحها ". Qانتشارُ رَشْحٍ كثيف من باطن الشيء على ظاهره (¬1): ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبِّر الميم عن تضام والتئام ظاهري، والئاء عن نفاذ بكثافة وانتشار ما، والفصل منهما يعبّر عن انتشار المتجمِّع بكثافة: كسيلان الوَدَك من العظم ورَشْح السَمن من الزِق. وفي (مثل) تعبَّر اللام حت تعلق واستقلال ويعبّر التركيب عن =

(مثل)

كالوَدَك من العَظْم، والسَمْن، واللبن، والماء، من: الحَمِيت، والزِقَ، والسِقاء، والدُهن من السَمين، والنَدى على النبت، وكذلك الدُهن على الشارب، وذهاب الوَدَك والغَثِيثة من الجرح. ومنه: (كان له مِنْديل يَمُثّ به الماءَ إذا توضَّأ، أي يمسح به أثر الماء ويُنَشِّفه. ومَثمث الرجلُ: أَشبع الفتيلةَ من الدُهن (أي حتَّى قطرت) والمَثْمثة: التخليط (أي في الكلام = انتشار بكثافة). وأخذه فمَثْمثه: حرّكه وأقبل عليه وأدبر (كأن المقصود: استخرج ما عنده بعنف = غرْبله). • (مثل): {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} [النحل: 60] "التِمثال - بالكسر: الصورة / اسم للشيء المصنوع مُشَبَّهًا بخَلْقٍ من خَلْق الله تعالى. ومثَّل له الشيءَ - ض: صوَّره حتَّى كأنه ينظر إليه. والمثال - ككتاب: القالب الذي يُقدَّر على مِثله / حَجَر قد نُقِر في وجهه نَقْرٌ على خِلْقة السِمة سواء، فيُجعَل فيه طَرَف العَمُود أو المُلْمُول المُحمَى، فلا يزالون يَثنُون منه بأرْفق ما يكون حتَّى يَدخُل المِثالُ فيه (كذا) فيكونَ مِثْلَه. مَثل الشيءُ (قعد وككرم): قام مُنتصبًا، ومنه قيل لمنارة المِسْرَجة ماثلة، ومَثُلَ الرجلُ (ككرم) مُثُولًا: انتصب قائمًا. والماثل: القائم ". Qتشخُّص الشيء قائمًا على هيأة أو صفات معينة: ¬

_ = استقلال ذلك الكثيف الذي خرج أو نفذ فينتصب ويتشخّص حاملًا ملامحَ هيئة خاصة لشيء آخر كالتمثال والمثول. (فتلك الهيئة الخاصة قد تكون ذاتية وقد تكون مجرد مشابهة كما في سائر الاستعمالات. لكنها في الحالتين استقلال أي تميز).

كالتِمثال، ومُلْمُول السِمة، والنصل. ومنارة المِسْرَجة تُمسكها وتَنصبها على هيئة خاصة. وكالشيء الشاخص المنتصب يستوفي بهذا هيأتَه الكاملة جامدًا أو مُمتَسَكًا عليها. فهذا الأصل الذي حددناه يشمل ملحظين معًا: تشخُّص الشيء وتماسكه كتلةً قائمةٌ بذاتها متميزة، وعُلوق تلك الكتلة المجسّمة هيأةً أو شَبَهًا أي صفات معينة. ثم قد يبرز أحدهما أكثر من الآخر. فمما اجتمع فيه الملحظان: التمثال وجمعه {وَتَمَاثِيلَ} كما في [سبأ: 13] وما في الأنبياء: 52]. ومما برز فيه الملحظ الأول: "مَثُل: انتصب قائمًا "كما مر - "وتماثل العليلُ: قارب البُرْءَ (كما نقول: قام من مرضه)، وامتثل طريقةً: تَبِعها فلم يَعْدُها " (هيأة انتصب فيها واستقام عليها). وكذلك قولهم: "كلما ازداد مَثالةً زاده الله رَعالة "- كسحابة فيهما. والرَعالة؛ الحُمْق. وفسَّر ابن بَرِّيّ المثالةَ بحسن الحال [ل 3/ 135]، ولعل التفسير بالجَسَامة والطول أنسب. ومما برز فيه الثاني: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَويًّا} [مريم: 17]، {أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ} [آل عمران: 73] (ما يشبهه). وكذا كل (مِثْل) هو بمعنى شِبْه. والشَبَه قد يكون في القَدْر كما في {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَينِ} [النساء: 11، وكذا ما في 176 منها]، وقد يكون في الصفة: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ} [البقرة: 137]، أي فإن دخلوا في الإيمان بشهادة مثل شهادتكم. فالمثلية إنما هي في الاعتقاد المفصّل (الموصوف) في الآية السابقة. وكذا {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} [الشورى: 11] أي كصفته تعالى العليا. وليس معنى طلب الإتيان بمشابه لشيء ما، أو بما له صفات شيء ما، أن هناك في الواقع شيئُا آخر مشابهًا، فالمطلوب قد يوجد وقد لا يوجد - {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} [النحل: 60، الروم: 27]: الصفة العليا. {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي

معنى الفصل المعجمي (مث)

وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ} [محمد: 15] صفة الجنَّة. {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ} [الفتح: 29]: صفتهم أو وصفهم. وتفسير المِثل والمَثَل بالصفة ثابت قال به ابن عبَّاس، ويونس، والجُمَحِي، والزجاج، والأزهري، والجوهري، وهو مؤدى كلام أبي عمرو بن العلاء والخليل. وكان كلامهم عن {مَثَلُ الْجَنَّةِ}، لكنه صالح في كل ما ذكرناه؛ لأن معنى الصفة أصيل في المعنى المحوري للتركيب، كما أنَّه يؤخذ بيسر من الشَبَه. ولم يعترض إلَّا المبرد والفارسي. [ينظر في ذلك ل (مثل)، بحر 1/ 245 - 247، 581 - 582]. ومن الصفة استعملت في الشبهة من الشبَه {وَلَا يَأْتُوْنَكَ بِمَثَلٍ} [الفرقان 33]: بصفة أي هيأة تُغْرب أمرك، أي شُبهة تُلبِس ويعتَرض بها، وهي هنا {لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} [الفرقان: 32] كالتوراة والإنجيل [ينظر بحر / 455، 56]. {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ} [البقرة: 171]: (هيأة حالهم). {ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا} [النحل: 75]: (نَصَبه ذا هيأة خاصة يجرى مثلها) {سَلَفَا وَمَثَلًا لِلآخِرِينَ} [الزخرف 56] هيأة منصوبة يعتبرون بها. وكذا {وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا} [الزخرف 59] (والتمثيل بالقتيل تحويلُ هيأته إلى هيأة أخرى)، والمَثُلات: العقوبات التي تُصيب المجرم فتنصبه مثلًا وعبرة: {وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ} [الرعد: 6]. {وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى} [طه: 63]، أي الفضلى الحسنى [نفسه 6/ 238] أخذا من التشخص والقيام. وكأنهم يريدون الأقوم. ° معنى الفصل المعجمي (مث): رشح الشيء مما بباطنه - حقيقة أو في صورة كالمجازية -كما يتمثل في مث السقا. والحميث: رشحهما، ومث الجرح: نَفْى غثيثته

الميم والجيم وما يثلثهما

عنه - في (مثث)، وكما في تحقق شبه الشيء أو الشخص في تمثاله، وكذا تحقق من شبه الشيء (الأصلي) في ما يشبهه كأنما انتقل شبه الشيء الأصلي إليه أو رشح شبهه عليه، والعامة تعبر الآن عن تحقق الشبه بما يعني النضح والرشح- في (مثل). الميم والجيم وما يثلثهما • (مجج- مجمج): "كَفَلٌ مُتَمَجمِجٌ: رَجْراج ... يرتجّ من النَعمة. ومُجَاج المُرنِ: مطرُه، والنحلِ: عسلُها، والجرادِ: لُعابه، والعنبِ: ما سال من عصيره، (كغراب فيهن). المُجَاجة - كرُخَامة: الرِيق الذي تَمُجّه من فيك. والماج من الناس والإبل: الذي لا يستطيع أن يُمسك ربقَه من الكِبَر ". Qاندفاع المائع أو الرقيق مما يضُمه بسلاسة بسبب تجمعه وكثرته (¬1): كترجرج الكَفَل وهو اندفاع هنا وهنا من تراكم الشحم وهو رقيق ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الميم عن التضام والتماسك الظاهري، والجيم تعبر عن تجمع غير صلب له حدة ما، ويعبر الفصل منهما عن تجمع رخو كتجمع المطر وعصير العنب. وفي (موج ميج) تعبر الواو عن اشتمال، والياء عن اتصال، ويعبر التركيبان عن زيادة تجمع المائع وضوحا دون أن يتسيب وينتشر (يظل مشتمَلًا عليه ومتصلا) كما في الموج والسلعة. وفي (مجد) تعبتر الدال عن ضغط ممتد وحبس، ويعبر التركيب معها عن امتلاء الشيء إلى حد الكفاية بما له لطف ما وقوةُ أثر كالنار في الشجر والعَلَف في الدابة واحتباسه فيه، وكما جرت في الوصف بالامتلاء بمعاني الخير وصفاته كالشرف والسُؤدد والكرم، وهي صفاتُ كمالٍ وعظمة.

(موج- ميج)

ليس كاللحم، وكالمطر، والعسل، واللُعاب، وعصير العنب، والريق. ومنه "مَجَ الشرابَ والماء -ومج به- من فيه: رماه. وقيل لا يكون مجا حتى يُباعد به. وأخذه - صلى الله عليه وسلم - من الدلو حُسوةَ ماء فمجها في بئر ففاضت بالماء الرَوَاء. والقلم يمُج المِدادَ، ويقال مَجْمَجَ الكتابَ (= المكتوب): خَلَطه وأفسده بالقلم " (كأنما طمس الكتابةَ بالحبر الكثير). ومن مطلق الاندفاع يقال: "أمَضى الرجلُ: ذهب في البلاد. وإلى بلد كذا: انطلق، وأمَجَ الفرسُ: بدأ يعدو قبل أن يضطرم جريُه " (كل ذلك اندفاع بخفة أو سلاسة). • (موج- ميج): {وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ} [هود: 42] "المَوج- بالفتح: ما ارتفع من الماء فوق الماء. ماج البحرُ وتموَّج: اضطربت أمواجه. ومُئُوج السِلعة (= عقدة لحمية تظهر تحت جلد الحي كالكرة الصغيرة) تموُّرُها بين الجلد والعظم ". Qانتبار المائع (ونحوه) في حيزه من كثافة تجمعه مع حركة واضطراب: كموج البحر ينتأ من الماء الكثيف متحركا مع تماسكه، أي تجمعه {وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} [يونس: 22]. والانتبار في السِلْعة من تجمع نحو اللحم تحت الجلد، وقلّة لصوقه بمكانه. ولما في الأصل من تجمُّع مع حركة اهتزازية غير مفارقة قالوا: "ماج الناسُ: دخل بعضُهم في بعض. ومَوْج كل شيء ومَوَجانه: اضطرابه {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} [الكهف: 99] وماج أمرُهم: مَرِجَ. وماج في الأمر:

(مجد)

(يائية): دار فيه. والمَيْج- بالفتح: الاختلاط ". (اضطراب فيه تجمع من التداخل وحركة). وليس في القرآن من التركيب إلا (الموج) والفعل (يموج). • (مجد): {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: 21، 22] "أَمجَد الإبلَ: ملأ بطونَها عَلَفًا وأَشبعها. فإنْ أرعاها في أرض مُكلئة فرعتْ وشَبِعتْ قيل: مَجَدَتْ (قعد). مَجَدَ الناقةَ -مخففة: عَلَفها مِلْءَ بطونها، وفي المثل "في كل شجر نارٌ واستَمجدَ المَرخُ والعَفارُ " (= نوعان من الشجر تؤخذ من أغصانهما الأزناد التي تُقْتَدَحُ منها النار) أي استكثرا من النار أخَذَا من النار ما هو حَسبُهما فصَلُحا للاقتداح ". Qامتلاء الجسم (بلطيف) له قوة وحدةُ أثَرٍ في ما يصلحه ويراد له: كامتلاء البطون المذكورة بالطعام، واحتفال المرخ والعَفَار بالمادة المساعدة على الاشتعال. ومنه "المَجْد ". وقد فسَّروه بالكرم والشرف، وبالمروءة والسخاء، وبكرم الآباء، وبنيل الشرف، وبالأخذ من الشرف والسُّؤْدَد ما يكفي، وأقول إن جَمَّاع ذلك -أخذًا من الأصل -هو جمع الرجل أو الشيء صفاتِ الفضل والخير التي يُراد لها، مُمتلِئًا بها، مُمسكًا إياها، أو محُتبِسةً فيه، أي لازمةً لا تفارق، فالتفسير الأخير في أقوالهم هو أدقّها. ثم هم قالوا: "رجل ماجد: مِفضالٌ كثير الخيرات شريف " (والبذل يستلزم الاتصاف بالامتلاء وكثرة الخير). أما "مجيد "فهو أكثر في الصفة من "ماجد "فكأنه يجمع معنى الجليل والغني والوهّاب الكريم. والمجيد من الأسماء الحسنى. {إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: 73] {ذُو

£° معنى الفصل المعجمي (مج)

ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15)} [البروج: 15] هو -والله أعلم- الجليل العظيم الواسع الغني، وفي وصف القرآن {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)} [ق: 1] تعبير عما تجمع فيه من معانٍ وأسرار وهَدي لا يَعلَم حدودَهن إلا الله تعالى، وكذلك تعبيرٌ عن غزارة ما يُفيضه الله منه على المُصطفَينَ من عباده. وفُسِّر في [قر 17/ 3] بالرفيع القَدْر، والكريم، والكثير القَدْر والمنزلة. ° معنى الفصل المعجمي (مج): الاندفاع أو التحرك للرقة المحتواه (أي بسببها) كما يتمثل في مج الريق من الفم وفي تمجمج الكفل: ترجرجه من كثرة شحمه مع الرخاوة- في (مجج)، وفي اندفاع الموج إلى أعلى مع تحركه - في (موج ميج)، وفي انتبار ابدان الإبل وغيرها من الراعية بسبب امتلائها بالعلف وهو يكون رخوا في بطونها- في (مجد). الميم والحاء وما يثلثهما • (محح- محمح): "ثوب مَحٌّ - بالفتح: خَلَقْ بالٍ. وقد مَحَّ الثوبُ (مثلث عين المضارع): أَخْلَق، والدارُ: عَفَت، والكتابُ: دَرَسَ. وفي الحديث "فلن تأتيك حُجّةٌ إلا دحضت، ولا كتابُ زُخُرفٍ إلا ذهب نورُه وَمَحَّ لونُه " [ل زخرف]. والمُحّ- بالضم، وبتاء: فَصّ البيضة الأصفر. والمُحَاح- كغُرَاب: الجوع. وتَمحمحت المرأة. دنا وَضْعُها ". Qذهاب مادة التماسك والغلظ من أثناء الشيء أو تميُّزها

عنه (¬1): كحال الشيء الخَلَق، ودروس الدار والكتاب، وحال الجائع. ومح البيض خالٍ من التماسك (بعْدَ الشيء يتراكم بلا تماسك والبياض يتماسك). وتمَحمُح المرأة قُربُ خروج حَمْلها، وهو خصيصة الأنثى. ومنه "المَحَاح- كسحاب: الأرض القليلة الحمض (خالية منه والحمض له حِدة وحَرَافة). والمَحمَح والمَحْماح: الخفيف النَزِق (ذَهَبَ ثِقَلُه)، والضيق البخيل (يدعى أو يتصرف كأنه لا شيء عنده يخرجه). أما "الأَمَح: السمين والمُح- بالضم: الخالص من كل شيء [الأساس] فهما من ذهاب الغلظ من الشيء فيلين كلا في السمين وتخلُص مادته. ومن هذا "مَحمَح فلانًا: أخلص مودته ". ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الميم عن التضام واستواء الظاهر، والحاء عن احتكاك بجفاف ويلزمه العِرَض وذهاب مادة بسبب الاحتكاك)، ويعبّر الفعل منهما عن ذهاب (مادة) التماسك من أثناء الشيء كذهابها من مُح اليض وكحال الشيء الخلَق. وفي (محو محى) تؤدي الواو والياء إلى تعبير التركيبين عن ذهاب ما كان ثابتًا مُمسكا بظاهر (أي مُشتَمَلا عليه أو متصلا) كأنما حُكّ بجافٍ قوي. وينصبّ هذا المحو في (محص) على الغليظ المُخالط الذي تعبر عنه الصاد، وفي (محق) على جوهر الشيء وحقيقة وصُلبه الذي في عمقه الذي تعبر عنه القاف. وفي (محل) تعبر اللام عن تعلق واستقلال، ويعبّر التركيب معها عن الاستقلال والتمييز على جفاف كالمَحْل. وفي (محن) تعبّر النون عن الامتداد في الباطن، ويعبر التركيب عن تسلط الشدة وامتدادها إلى الباطن فيذوب الشيء ويرِقّ ويذهب غِلَظُه وكثافتُه كما في امتحان الذهب والفضة: إذابتهما.

(محو محى)

• (محو محى): {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39)} [الرعد: 39] "المَحو: السَوَاد الذي في القمر كان ذلك كان نيِّرًا فمُحِيَ، والمِمحاة: خِرقة يُزال بها (المائع اللزج)، ومَحْوةُ: (ريح) الدَبُور، ونَحوَةُ: ريح المال، عَلَمانِ، لأنها تَقشَع السحابَ وتذهب به. محا لوحَه يمحوه ويمحاه مَحْوًا وَمَحيًا: أَذْهَبَ ما فيه من أثر " (كتابة أو نحوها). Qذهاب ما يبدو لاصقًا بظاهر الشيء أو عَرْضه: كذهاب بياض وجه القمر، والسحاب من وجه الأفق، وكذلك (المَائع اللزج اللاصق) {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39] {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ} [الشورى: 24] , (يخذله ويمحقه) {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} [الإسراء: 12] أي جعلنا الليل ممحو الضوء مطموسه مظلما لا يُستبان منه شيء كما لايستبان ما في اللوح الممحو [البحر 6/ 13]. • (محص): {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} [آل عمران: 154] "فرس مَحْصٌ -بالفتح: قليل لحم القوائم، ويستحب منه أن تُمحَص قوائمُه -للمفعول -أي تَخلُص من الرَهَل. وحبل مَحِصٌ - كفرح، ومَحِيص: أملسُ أجرد: ذهب زِئبُره حتى يَملِص، وقد مَحِصَ (كتعب). ومَحَصتُ الذهبَ بالنار: خلَّصته مما يشُوبه ". Qخلوص الشيء من الغليظ المختلط به فلا يبقى إلا

(محق)

صُلْبه وحقيقته: كما يبقى صُلْب القوائم بعد ذهاب الرَهَل، وكما يبقى صُلْب الحبل بعد ذهاب الزِئبِر (الأطراف الخشنة لشعر الحبل) وكذلك الذَهَب. ومنه "مَحَصَ الشيءَ (مَنع) ومحَّصه - ض: خلَّصه من كل عيب "، كما في آية التركيب. وقال تعالى: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [آل عمران: 141] أي يخلِّصهم من الذنوب. ومنه التمحيص بمعنى الاختبار والابتلاء بالتعريض لشدة تُذهب زَبَدَ المظاهر والزيف فتبقى بعدها الحقيقة (كما في فتن). أما "محص الظبي (فتح) في عَدْوه: أسرع وعَدَا عَدْوَا شديدًا "فهو من إخراجه مذخور قوته، أي استعماله حقيقة قوته، وخصيصة جنسه، في السرعة الفائقة. والسير عندهم بَذْل من مذخور القوة. • (محق): {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141)} [آل عمران: 141] "المِحاق -كسحاب وكتاب وغُراب: آخرُ الشهر إذا امَّحق الهلالُ فلم يُرَ. والمَحق- بالفتح: النَخلُ المُقارَب بينه في الغَرْس (لا يثمر)، وأن تلد الإبلُ الذكورَ ولا تلد الإناث (فينقطع النَسل ويذهب اللبن). وقَرْن مَحِيق: دُلك فذهب حدُّه. ومَحَقه الحرّ: أحرقه ". Qفَقْد الشيء حقيقته أو أصلَه وصُلْبه: كفقد القمر ضوءه، والنخلِ ثمرَه، والإبلِ نسلَها، والقرنِ حَدَّه وهو سِنه أو حَرفُه الناتئ من جوفه. ومنه: "نَصل مَحِيق: مرفق محدد حتى كان يذهب جِزمه ". ومنه: "مَحَقَ الله الشيءَ: أذهب خيرَه وبركته ": {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 276].

(محل)

• (محل): {وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} [الرعد: 13] "المَحْل- بالفتح: الجَدْب، وهو انقطاع المطر ويبس الأرض من الكلأ، والجوعُ الشديد وإن لم يكن جَدْب، والغُبار. والمُتماحِل من الرجال: الطويل المضطرب الخَلْق، وكذا الناقةُ المتماحلة. وبعير مُتماحِل: طويلٌ بعيدُ ما بين الطَرَفين مُسانَدُ الخَلْق مُرْتَفِعُه. وفلاة مُتماحِلة: بعيدة الأطراف ". Qجفافُ أثناء الشيء وخلوها من اللين والبلال -مع امتداد جِرْمه: كالمحل الجَدْب، وكالجوع للخلو من لين الغذاء وبَلاله، وكالطويل من الرجال والإبل على غير امتلاء أو تَرارة، وكالفلاة الممتدة وهي قَفْر يابسة. ومنه "المَمْحَلة -بالفتح- شَكْوةٌ يحقَن فيها اللبن، فهذا ذهبتْ عنه حلاوةُ الحلب ولم يتغير طعمه فهو سامِط، فإن أخذ شيئًا من الريح فهو خامِط، فإن أخذ شيئًا من طَعمٍ فهو المُمَحل- كمُعَظم ". فهو يبقى في الشَكْوة تلك المراحل الثلاث (امتداد زماني) ثم تذهب حلاوتُه (جفاف). و "المَحِل- كفَرِح: الذي طُرِد حتى أعْيا (أُنفِدَت قوتُه حتى أعيا). ورجل مَحْل - بالفتح: لا يُنتَفع به إلا خير فيه). ومَحَلَ به -مثلثة الحاء- سَعَى به إلى السلطان (أوصل أمرَه إلى السلطان -امتداد، ليهلكه- جفاف) والمَحل: المكر والكيد (تدبير يمتد في حلقات- حتى الإهلاك) وما حَلَ عن الإِسلام: ماكَرَ ودافع، ماحَلَه: قاواه حتى يتبيَّن أيهما أشدّ " (كل يحاول أن يستفرغ قوة الآخر) {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ}، وهذا كما جاء: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ} [الأنفال: 30] , {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيدًا (15) وَأَكِيدُ كَيدًا} [الطارق: 15، 16].

(محن)

وفي وصف القرآن أنه "ماحِلٌ مصدق "أي ساعٍ وشاهدٌ، من قولهم: "مَحَلَ به: سعى به إلى السلطان ". ومنه: "مَحَل لفلان حقَّه: تكلَّفه له (كأنما نَحَتَه له من هنا وهناك لعدمه عنده)، وتمحَّل الدراهمَ: انتقدها، (فَحَصَها- والفحص نوع من إزالة الظاهر وقَشره). • (محن): {أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} [الحجرات: 3] "مَحَنْت الفِضّة: صفيتها وخلَّصتها بالنار. وامتَحَنت الذهبَ والفِضة: أذبتهما لتختبرهما حتى خلَّصتَ الذهبَ والفضة. والاسم المِحنة- بالكسر، ومَحَنتُ البئرَ: أخرجت ترابَها وطينها، والثوبَ: لَبِسته حتى تُخْلِقَه. ومَحَنت الجِلْدَ: قَشَرته ". Qشدّة تكشف حقيقة الشيء بإزالة ما يشوبها ويغطيها: كخلوص الذهب والفضة من شوائبهما بإذابتهما بالنار، وكخلوص ماء البئر من العَكَر والنَتْن بنزحهما منها (انظر: رجس)، وكما تنكشف خيوط نسيج الثوب بإخلاقه، ومن ذلك: "المحنة -بالكسر: الخِبرة (معرفة حقيقة الشيء بكثرة معالجته) وامتَحن القولَ: نَظَر فيه ودَبره نظر ما يصير إليه صيورُه (كشف غموضَ حاله وتبين ما يصفو منه). ومَحَنته وامْتَحَنته: خَبَرْته واختبرته "" {فَامْتَحِنُوهُنَّ} [الممتحنة: 10] كان ذلك بالاستحلاف. واليمينُ شِدة تُلجئ إلى بيان حقيقة ما بالقلب [انظر: قر 18/ 62]. والمُمتَحَن- مفعول: المصفَّى المخلَّص المهذَّب. قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} أخلصها

£° معنى الفصل المعجمي (مح)

للتقوى [قر 16/ 308]. ومن الأصل قولهم: "مَحَنَه عشرين سَوْطًا " (تعريض للشدة فحسب) و "ما محنه شيئًا أي ما أعطاه ". (ما يصل إلى قلبه)، أو هي قَلب مكاني عن (منحه). ° معنى الفصل المعجمي (مح): فقد الشيء تماسكه الذي هو قوامه أو زواله هو نفسه -كما يتمثل في الثوب المَحّ: الخَلَق، وفي مُحّ البيض، وفي تمحمح الحامل (قرب) وضعها حملها الذي في بطنها- في (محح)، وكما تفعل الممحاة التي يزال بها المائع اللزج، وكفقد وجه القمر بعض نوره- في (محو محى)، وكذهاب زئبر الحبل المَحِص، ولحم قوائم الفرس- في (محص)، وكفقد القمر أو الهلال كل نوره، وعدم إثمار النخل- في (محق)، وكانقطاع المطر من السماء والكلأ من الأرض في (محل)، وكإذهاب ما قد يشوب الذهب والفضة وتخليصهما منه، وقَشْر ما على الجلْد- في (محن). الميم والخاء وما يثلثهما • (مخخ): "المُخّ: نِقْيُ العظم / نِقْيُ عظام القَصَب (= سيقان البهائم). أَمَخَّ حَبُّ الزرع: جرى فيه الدقيق ". Qما يَحتَشِى به الجِرْم الملتئم الظاهر (أو الصُلْب) من ثخين رِخْو (¬1): كالمُخّ في العظم، والدَقيق في الحبّ. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبِّر الميم عن التضامّ والاستواء الظاهري، والخاء عن جِرم متخلخل (غير صُلْب)، ويعبّر الفصل منهما عن تغلغل في متخلخل كما في جِرْم المخ بين العظم، ولبن =

(مخر)

• (مخر): {وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ} [النحل: 14] "مَخَرتِ السفينةُ (كفتح وقعد): جَرَت تشقّ الماءَ مع صوت. وامتَخر الفرسُ الريح واستَمخَرَها: قابلها بأنفه ليكون أَرْوَحَ لنفسه. ومخر الأرضَ: شقّها للزراعة، وأرسل في الصيف فيها الماءَ لتَجود ". Qجَرَيان أو شق بلطف في أثناء شيء ملتئم الظاهر: كالسفينة في الماء، والريحِ في أنف الفرس، والمحراثِ ونحوه في الأرض {وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ} [فاطر: 12 ومنه ما في النحل: 14] ومن الأصل: "امتَخر الشيءَ: اختاره (أخذه عن أثناء ما كان فيه إلى حوزته) وامتَخرتُ القومَ: انتقيتُ خيارَهم ونُخْبتَهم. وكذلك: مخرتُ البيتَ: ذهبتُ بخيار متاعه. والمِخْرة- بالكسر والضم: ما اخترتَه. وامتَخر العظمَ: استخرج منه معه، (كل ذلك من اتخاذ ما يجرى أو يستقر في أثناء الشيء) أما اليمخُور: الرجل الطويل- فمن الأصل؛ لحُظ فيه نفاذه بطوله في جوف الجو. ¬

_ = الدقيق في الحَبّ. وفي (مخر) تزيد الراءُ التعبير عن الاسترسال، ويعبّر التركيب عن جريان جِرم كثيف أو بكثافة في أثناء شيء ملتئم الظاهر كالسفينة في ماء البحر، والمحراث في الأرض، والهواءِ بكثافة في أنف الفرس. وفي (مخض) تعبر الضاد عن جرم كثيف غيظ (ينفذ بثقل)، ويعبر التركيب عن نفاذ مثل ذلك الجِرم بضغط وثقل- من أثناء شيء كان يحتويه كما في مخض اللبن والمَخاض: ضرب الطَلْق.

(مخض)

• (مخض): {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} [مريم: 23] "كل حامل ضربها الطَلْق فهي ماخِضٌ. مَخِضَتِ المرأةُ والناقةُ (كتعب) وغيرُهما: أَخَذَها الطَلْق. وإنها لتمَخَضُ بولدها، وهو أن يضرب الولدُ في بطنها حتى تُنْتَج فتَمتَخِضَ. ومَخَضَ اللبنَ يمخَضه - مثلثة عين المضارع: أخذ زُبدَه. والبعير يمخُض بشِقشِقَته (= الكيس اللحمي الأحمر الذي يخرجه مع رغائه أحيانا). Qخروج الكثيف المتجمع في الأثناء بدفع أو ضغط ومحاولة: كالولد يتجمع في البطن ويثقل حتى يَخرج من جوف الحامل، وكالزُبد من أثناء اللبن (بالمخض وهو تحريك المِمخَض كثيرًا) وكذلك شِقْشِقة البعير كتلة منتفخة كالرثة تبدو غليظةَ تخرج بدفع شديد منه. ومنه "مَخَضْت البئرَ بالدلو: إذا أكثرتَ النَزْعَ منها بدلائك وحركتها (فكثرة الماء المُخرَج كثافة، والنزع الشديد قد يثير حمأة البئر أيضًا) والسحاب يمخض بمائه ويتَمَخض ". ° معنى الفصل المعجمي (مخ): توسط مادة كثيفة أو قوية أثناءَ شيء -كما يتمثل في مخ العظم (نخاع قصب البهائم) - في (مخخ)، وفي مَخْر السفينة: شَقها الماء في جريها- في (مخر)، وفي مرحلة طَلَّق الحامل حيث يبدأ الجنين في النزول، وكذلك تجمع الزُبد في أثناء اللبن كتلةَ- في (مخض).

الميم والدال وما يثلثهما

الميم والدال وما يثلثهما • (مدد): {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)} [نوح: 12] "رجل مَدِيد القامة: طويل القامة. والأَمِدة- واحدها ككتاب: المِسَاك) = الحرف الطولي) في جانبي الثوب إذا ابتُدِئَ بعمله (على قول النساج). والمَدّ- بالفتح: كثرة الماء أيام المُدُود. ومَد الله الأرضَ: بَسَطها وسواها. ومد الحرفَ: طوَّله. ومدَّ الحبلَ. ويقال: قلّ ماءُ الرَكيَّة فمدتها رَكِية أخرى. ومدَّ النهرَ نهرٌ آخر: جرى فيه (ماؤه). وتمدّد الرجل: تمطى ". Qاستطالة جِرم الشيء في نفسه أو باتصاله بغيره، فيزيده طولًا واستمرارًا، أو قَدْرًا (¬1): كامتداد القامة والمِسَاكين في جانبي الثوب. وكماء المد، وانبساط الأرض، وامتداد الحبل. واستمرار تأتي ماء الركية والنهر، وتطاول جِرْم الرجل في التمطي. {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ} [الرعد: 3] بسطها ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الميم عن تضامّ والتئام ظاهري، والدالُ عن ضغط تمد (يؤدى إلى تماسك وامتداد أو احتباس)، والفصل منهما يعبّر عن تماسك الجِرْم، ويتمثل ذلك في استطالته أو تجمُّعه كما في المَدِيد القامة. وفي (ميد) تعبر الياء عن امتداد واتصال، ويعبر التركيب عن امتداد الجرم مع اتصاله، ويتمثل ذلك في اتساعه أو تحركه في مجال واحد، كدوران المَيدان ومَيَدان الغُصن والأرض. والميَدان يبرز الاتصال. وفي (أمد) تضيف ضَغطة الهمزة ما يؤكد دلالة الميم والدال، وبحبز التركيب عن استيفاء شَغْل الامتداد كالسفينة الآمدة: الملآنة المشحونة، وكأمَد الخيل في الرِهان. وفي (مدن). انظر (مدن).

كما قال (فراشا)، (بساطا)، وكذا كل (مَد)، و {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ} [الحج: 15] {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ} [لقمان: 27] (أي يَرفِده ويصب فيه مُضيفا إليه) {وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا} [مريم: 79]: نطول له من العذاب الذي يعذَّب به المستهزئون، أو نزيده من العذاب [بحر 6/ 201]. {وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3)} [الانشقاق: 3]: بُسِطت باندكاك جبالها [نفسه 8/ 438] , ولو قيل: مُطّت أو وُسِّعَتْ نشرًا لما طُوي في كثافتها, ولما أُزيل ونُسِفَ من جبالها لكان أدق. والحديث الذي ذُكِر هنا- وعَجزُه "حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدميه "من أعلام النبوة. {لَا تَمُدَّنَّ عَينَيكَ} [الحجر: 88، وما في طه: 131]: لا تطمح ببصرك طموح راغب. وهو مجاز كسائر مضارع (مد) في القرآن. ومنه: "مادة اللبن: ما يتأتى في الضَرع بعد الحَلْب (استمرار). والمادة: كل شيء يكون مَدَدَا لغيره (يجعله يستمر ويتصل). والمَدَد- محركة: ما أمددتَ به القوم في حرب أو غيرها من طعام وأعوان. ومددتُ الأرضَ: زدتُ فيها ترابًا أو سِمادًا من غيرها ليكون أعْمرَ لها وأكثرَ رَيْعًا لزرعه. والمِداد: - ككتاب: الذي يُكتَب به "يُمِدّ القلم والكاتب بالحبر الذي يكتب به: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [الكهف: 109]. {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30)} [الواقعة: 30]: منبسط دائم، كما في {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [الرعد: 35]. أما في {مَدَّ الظِّلَّ} [الفرقان: 45] (فالمعنى حركه وأجراه- من الاستطالة والانبساط في الأصل. وتفسير الظل بالظلام [بحر 6/ 640] خلاف الأصل. والسكون في بقية آية الفرقان هذه يشير إلى ما في [القصص 72]. {وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} [الإسراء: 6] , وكل (إمداد) فهو إتاحة وتخويل أو زيادة. والمُدة- بالضم: الغاية من المكان والزمان (مسافة ممتدة): {فَأَتِمُّوا إِلَيهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} [التوبة: 4]. {وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12)} [المدثر: 12]: (منتشرًا كثيرًا). {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)} [الهمزة: 9] تؤصد

(ميد)

عليهم الأبواب، وتمدد على الأبواب العمد استيثاقا في استيثاق. ويجوز أنها عليهم مؤصدة موثقين في عمد مقيدة مثل المقاطر التي تقطر فيها اللصوص. [الكشاف 4/ 1790] (المقطرة هي ما يسمى الفَلَقَة). ومن الأصل: "مِدة الجُرْح- بالكسر. (لتحلبها من الجُرح كما قيل للنزَّ - وهو ما تحلب من الماء: مِدَّان -بالكسر، وإمِدان -بكسرتين فتضعيف وكلاهما مادة تتصل)، والمُد -بالضم- من المكاييل قَدْر مَد الرجل يديه فيَملأ كفَيه طعامًا (من مد اليدين أو من الإمداد بهذا القدر مرة بعد أخرى). ومد الله في عمره: أنسَأَه، وسبحان الله مِدادَ كلماته، ومدادَ السموات، أي قَدر ما يوازيها (يُمادها) كثرةَ أو سعة. والإِمِدان -بكسرتين فتضعيف: الماء الملح أو الشديد الملوحة. (ماء مزيد بملح يزيد كثافته). • (ميد): {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} [النحل: 15] "المائدة: الدائرة من الأرض. والمَيدان- بالفتح ويكسر: فُسحة من الأرض متسعة معدة للسباق أو للرياضة (المنجد). ويبداء الطريق- بالكسر: سننُه وفي [تاج] جانباه وبُعده وسَننه). ماد الغضنُ: تحرّك، والشيءُ: زاغ وزكا (الزيغ الميل، وكأن المقصود: الزرع خاصة. وتمايل الزرع لازم لزكائه (= طوله). Qدوران أو حركة واسعة ترددية. (وهما من باب واحد): كالدائرة من الأرض، والمَيْدان، وسَنَن الطريق هو وجهه الممتد الذي عليه السيرُ ذهابا ومجيئا، وكتمايل الغصن. ومنه "ماد أهلَه: مارهم " (كأن أصل ذلك اختلافه في السعي جلبًا للرزق،

(أمد)

فقد قالوا "مادَ إذا تَجِر ") ومن هذا قالوا "ماد: أفضل، ماده وأماده: أعطاه. والمائدة الطعام نفسه ""فاعلة (أو هي) في المعنى مفعولة "أي "مِيدَ بها صاحبها وتُفُضِّل عليه بها " (وأقرب من هذا أن تكون بمعنى: ما يُلتَفّ حوله. أي الطعام)، {اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَينَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} [المائدة: 114] وفي [قر 6/ 374] أن "المائدة: كلُّ شيء يُمَدّ ويُبْسَط مثل المنديل والثوب- من (مدد) وأبدلت "لكن المراد في الآية هو الطعام. ومن الحركة الموصوفة ما في قوله تعالى: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} [النحل: 15] أي تتحرك وتتزلزل. وماد: تَثَنّى وتبختر. والمائد في البحر: الذي يُدار برأسه من ريح البحر واضطراب السفينة. وقولهم: "داري بِمَيدَى داره- بالفتح: أي بحذائها، (مقابلة لها). وفعلتُه مَيدَ ذلك، أي من أجله " (أي مقابلًا له. والمقابلة من الدوران). وقد ذكر هنا (مَيْدَ أن) وقد فسّرت بمعنى (غير أنّ) وبمعنى (على أَنّ). وقد ذكرت في (بيد) فقال أبو عبيد في (بَيد) إن (مَيد) لغة ونظر لها بما يجيز أن يُفسَّر كلامه بأنه يقصد الإبدال. ومال ابن سيده إلى أنها مبدلة من بيد. ومعنى تركيب (ميد) لا يرشح أن تكون المفردة منه. فالأرجح أنها مبدلة من (بيد). • (أمد): {ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَينِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا} [الكهف: 12] "يقال للسفينة إذا كانت مشحونةً: عامِدٌ وآمِدٌ، وعامِدةٌ وآمِدةٌ. والآمِدُ: المملوء من خير أو شَرّ. وأَمَدُ الخيل في الرِهان: مَدافِعها في السِباق ومُنتهى غاياتها ".

(مدن)

Qحدود ما يُجْهَد فيه جريًا أو حَمْلًا: كالسفية المملوءة؛ حيث بلغت شحنتُها حدودَ طاقتها، وأمَدُ الخيل: مسافة السباق ما بين حدِّ أول جَرْيها وآخِرِه. ومن أمد الخيل المكاني استُعمل في الأمد الزماني "الأمد: الغاية، يقال: ما أمَدُك؟ أي كم سِنُّك "أي مدة سِني حياتك من ولادتك إلى الآن، ومن هذه: المسافة الزمنية {قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا} [الجن: 25]-أي أجلًا وغاية [قر 19/ 27] فهو أجل ممدود طويل طبقا للأصل، ولمقابلته بالقُرْب. ومن ذلك {فَطَال عَلَيهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} [الحديد: 16] [وانظر: قر 17/ 249] {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَينَهَا وَبَينَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} [آل عمران: 30]. • (مدن): {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} [التوبة: 120] "المدينة: الحصن يُبنَي في أُصْطُمَّة الأرض (أصطمة البحر: وسطه ومُجتَمعه، وأُصْطُمّة كلِّ شيء: مُعظَمه) وكل أرض يُبنى بها حصن في أُسْطُمتها فهي مدينة. المدينة: المِصْر الجامع ". Qالمِصْر الجامع المحصَّن- وتعريف المدينة بالحصن = يذكّرنا باتخاذ القدماء قِلاعًا ونحوها مبالغةً في الامتناع والتحصن من الأعداء، وفيه الفرق بينها وبين القرية التي هي تجمُّع لبيوت لم يُلحظ فيه التحصن. وقد أُطلقت المدينة في القرآن الكريم على العواصم ونحوها، فأُطلقت على مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا}

معنى الفصل المعجمي (مد)

[التوبة: 120]، حتى لو غلب عليها بعد الإِسلام، وأطلقت على عاصمة مصر {وَقَال نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} [يوسف: 30]، وعلى كبار بلادها. {وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ} [الأعراف: 111]، وعلى ما يشبه أن يكون كذلك {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} [الكهف: 19]، {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} [النمل: 48]. لكن ربما كان اشتقاق المدينة من (دين) أَوْلَى؛ لأن: الحَمْل على تركيب معروف واسع التصرف مثل "دين "أولى من العمل على تركيب لا وجود له إلا افتراضًا كالفعل الممات "مَدَنَ بالمكان "ثم إن تعبير الدال والنون عن التغلغل في أثناء شيء يضطم على ما تغلغل فيه واضحةٌ في (دن ن) كالدَن يُغرَس عُسْعُسُه (قاعدته القِمْعِيّة) في الأرض. ويقولون: أدَنّ بالمكان: أقام. ودَنْدَنَ: اختلف في مكان واحد مجيئًا وذَهابًا. ويدور تركيب (دين) على تمكُّن الشيء في أثناء جَوْف أو حَوْزة. ومنه المدين: المملوك، والدِين- بالكسر: الحكم {فِي دِينِ الْمَلِكِ} [يوسف: 76]، في حُكْمه ومُلْكه (وهذا حوز بقوة) وعقيدة في القلب والدَين- بالفتح: كل شيء غير حاضر (معلق بذمة شخص ما)، والدين- بالكسر. وهذه الاستعمالات تعبّر عن التمكن في جوف حيّز. وهذا يناسب معنى المدينة- لأن المدينة حيِّزُ إقامة. كل هذا يرجح أن المدينة من (دين). ° معنى الفصل المعجمي (مد): الامتداد -مع قوة أو شدة كما يتمثل في الرجل المديد القامة- في (مدد)، وفي اتساع الميدان وامتداد ميداء الطريق سننه- في (ميد) , وفي امتداد أمد الخيل (بين) مدافعها ومنتهى غاياتها- في (أمد)، وفي امتداد الإقامة في المدينة -لا كالتنقل وراء المراعي- في (مدن).

الميم والراء وما يثلثهما

الميم والراء وما يثلثهما • (مرر- مرمر): {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} [النجم: 6] "المَرّ -بالفتح: الحَبْلُ. والمَرِير من الحبال: ما لطُف وطال واشتد فتلُه، والمفتول على أكثر من طاق. وقد أمررته: أجدت قَتلَه وشددته فهو مُمرّ -بضم ففتح. وكل قوّة من قُوَى الحبل مِرّة- بالكسر، ومَرِيرة. والأَمَرّ: المصارين يجتمع فيها الفَرْث. والمرير: الأرض التي لا شيء فيها مرّ عليه، وبه: اجتاز ". Qاسترسال اطرادي أو اجتيازي مع شدّة أثناء أو ضِيق وحبس (¬1) كالحبل الدقيق المفتول فتلًا شديدًا، وكالمصارين. وشدة الأثناء ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر الميم عن الالتئام الظاهري، والراءُ عن الاسترسال، والفصل منهما يعبّر عن استرسال أو اطراد مع شدة أو ضيق وحبس. كالمَرّ: الحبل، وكالمرمر. وفي (مرو) تضيف الواو الاشتمال (على المسترسل) كالمَرْو الحجر يشتمل على النار، والمَرو الشئجر يشتمل على الرائحة. وفي (مرى) تعبّر الياء عن الاتصال، ويعبّر التركيب عن خروج (المائع) المضطَمّ متصلًا بحيلة للاستخراج كحال الناقة المَرِيّ. وفي (مور) تعبّر الواو عن اشتمال، ويعبّر التركيب عن تحرك المائع أو المتسيب متضامًا (مُشْتمَلًا) كمَوْر الداغِصة. وفي (مير) تعبّر الياء عن اتصال، ويعبّر التركيب عن توسع الأثناء مع اتصالها, كمَيْر الصوف: نَفْشه. وفي (مرأ) زيدت ضغطة الهمزة، ويعبر التركيب عن نفاذ أو مرور لمسافة ممتدة بلطف وقوة كمرور الطعام في المريء، وفي (أمر) بدأ التركيب بضغط الهمزة، وعبر عن تجمع مع تزايد واسترسال كالأَمَرة: المنارة فوق الجبل. وفي (مرج) تعبر الجيم عن جرم كثيف غير صلب، ويعبر التركيب عن اختلاط وحركة =

متحققة في الحبل والمصارين وفي الأرض التي لا تنبت (لا تتشقق بالنبات). والمرور استرسال اجتيازي وفيه امتداد الوجود إلى مكان آخر كالاطرادي. وشدة الأثناء فيه واضحة في آيات المرور التي سنذكرها. ومن شدة الأثناء مع الاسترسال "المرمر الرُخام "وصلابتُه من شدة تركُّز ذرّاته، ويتضح اطراده بعد تسويته، "والمرارة "فيها- مع شدة المذاق المركزة التي تمتدّ- أنها تمرئ الطعام أي تساعد على هضمه فيسري في البدن. ومما فيه ذلك المذاق "المُرار- كغراب: شجر مرٌّ إذا أكلتْه الإبلُ قَلَصتْ عنه مشافرُها "ومن ذلك أيضًا "المِرّة- بالكسر: القوة وشدة العقل {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} واستمرَّ مَرِيرُه: قَويَ بعد ضعف ""هو يُمارّ فلانًا، ويمِرّه- من أَمَرّ: يعالجه / يتلوَّى عليه ويديره ليصرعه ". ولعل هذا المعنى الأخير ناظر إلى قولهم "أَمَرَّ الناقةَ بذَنَبها: صَرَفها شِقًّا لشِقّ (بِلَيّ ذَنَبها): يَستمكن من ذَنَبها، ثم يوتِّد قدميه في الأرض كي لا تَجُرّه إذا أرادت الإفلاتَ منه. فإذا ذُلِّلتْ بالإمرار أرسلها إلى الرائض ". (فهي حينئذٍ تقبل أن تراض فتطرد في عملها). ¬

_ = مضطربة كالدواب في المرج وكالغصن المريج. وفي (مرح) عبرت الحاء عن نفاذ باحتكاك وعرض أو اتساع، ويعبر التركيب عن تسيب الشيء بقوة من أثناء ما يمسكه أو يحسبه كالماء من المزادة المرحة. وفي (مرد) تعبّر الدال عن ضغط ممتد يؤدي إلى تماسك واحتباس، ويعبّر التركيب عن اشتداد الظاهر مستويًا أملس (لا ينفذ منه شيء = احتباس) ممتدًّا كالرملة المرداء، والأَمْرَد. وفي (مرض) تعبّر الضاد عن كثيف ينفذ بغلظ، ويعبّر التركيب عن كثيف يَغشى الشيءَ فيُثقله فيعوق حدّته كالشخص المريض والليلة المريضة.

ومن المرور المذكور "امترّ به وعليه: اجتاز. ومرّ: جاء وذهب كاستمر "- ومنه في حديث الوحي "كان إذا نَزَلَ سَمعت الملائكةُ صوتَ مِرار- ككتاب- السِلْسلة على الصفا، أي كصوت انجرارها واطِّرادها على الصخر "، "والمَرّة "- بالفتح، من هذا، أي هي واحدةُ مرور الأَمْر وجريانه. قال تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ} [البقرة: 259] وكل (مرّ) فهي من (المرور) الاجتياز عدا ما ننبّه عليه، {وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [التوبة: 13] أي أول وقوع] وجرَيَانٍ للقتال من أفعالهم بمكة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبالمؤمنين، أو معونتهم بني بكر على خزاعة، أو فعلهم يوم بدر [بحر 5/ 18] وكذا كل (مرة) فمعناها (وقوع للحدث أو الأمر) {لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَينِ} [الإسراء: 5] أولاهما قتلهم زكريا أو شعيا وحبس أرميا وقصد قتل عيسى، والأخرى قتلهم يحيى [بحر 6/ 8، 10]، و "استَمرَّ الشيءُ: مضى على طريقة واحدة " (استرسال) {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر: 2] أي ذاهب، من مَرّ واستَمرّ: ذهب. وقيل: محُكم قويّ شديد، من المِرَّة- بالكسر: القوة / وقيل دائم .. [قر 17/ 127، 135] (أي مسترسل مع بقاء أثره. وأميل إلى أنها من الشدة مِرّةً أو مَرارة، وكذا ما في [القمر: 19، 46]). {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ} [يونس: 12]: أي استَمرّ على كفره [قر 8/ 317] (ويجوز: استرسل شديدًا عند نفسه كأنه لم يشك من ضُر). {حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ} [الأعراف: 189]: استمرت بذلك الحَمْل تقوم وتقعد لا تكترِت بحَمله إلى أن ثقُلت [قر 7/ 337] (أي من المرور: الذهاب ويلحظ ما يعطيه السياق في الآيتين من ضرورة كون

(مرو)

المرور فيه قوة. وهو يكفي لإثبات أن ما خلا من تلك الضرورة مجتزَأ عنه). {وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [النمل 88] في [بحر 7/ 94] أن ذلك يوم القيامة. والنظر إلى الآية السابقة يرجحه. لكن توجيه الخطاب والتنويه بصنع الله الذي أتقن كل شيء يناسب لفت أهل هذه الحياة الدنيا لذلك ليؤمنوا. أما قولهم: "امرأة مَرْمارة- بالفتح: ترتجّ عند القيام "، فمن رخاوة الشحم في بدنها واحتباسه فيه؛ فتتردد حركةُ ما يتراكم فيه ذلك من بَدَنها. واللفظ يعبر عن ذلك التردد). • (مرو): {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] "المَرْوة- بالفتح: حجارة بِيضٌ برّاقة تكون فيها النار، وتُقدح منها النار، يُجعل منها المَظارّ (المُظِرَّة: كِسْرةٌ من المَرْو لها حرف حادّ كالسكين) يُذبَح بها / أصلب الحجارة. والمَرْو: شجر طيّب الريح ". Qحِدّة محتواة في الجِرم (تنتشر منه) بتجدد: كالنار والرائحة في المرو بمعنييه. ومن ذلك: "المروة: الجبل الذي هو نهاية السعي في مكة شرّفها الله تعالى، سُمِّي بتلك الحجارة " {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} ومن ذلك الأصل: "المَرَوْراة: الأرض أو المفازة التي لا شيء فيها / قَفْر مُسْتوٍ / لا يَهتدى فيها إلا الخِرِّيت " (= ذو الخبرة العظيمة بمسالك الصحراء) (والحدة فيها جفافُ باطنها فهي قفر لا نبات فيها).

(مرى)

• (مرى): {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى} [النجم: 55] "المَرِيّ -كغنيّ- الناقة التي تَدُرّ على من يمسح ضرعها، وقد أَمْرَتْ فهي مُمْرٍ / الناقة تَحلُب على غير ولد، ولا تكون مَرِيًّا ومعها ولدها / الغزيرة اللبن. والريح تَمْرِى السحابَ وتمتريه: تُنزل منه المطر / تَستخرجه ". Qمائعٌ أو رقيقٌ غزير محتوى- يُسْتخرج بحِيلةٍ للاستخراج مَسْحٍ أو نحوه. كاضطمام الناقة على اللبن، والسحاب لغزارته على ماء المطر، وخروجهما من مَضَمِّهما بحيلة: اللبن بالمسح، والمطر بتحريك الريح. ومنه "القطاة المارِيّة- بتشديد الياء: الملْساء المكتنزة اللحم. والمارِيّ بتشديد الياء: وَلَد البقرة الأبيضُ الأملس / البرّاق (من امتلائه بالنَعمة، وهي رقّة). ومنه "المِرْية- بالكسر: الشكّ (من احتواء الباطن على رقة ورخاوة، وهو ضعف وعَدَم تمَيّزِ حدودٍ، في حين أن الصدق صلابةٌ، واليقين احتواء شيء ماديّ في جوف. (من الموقونة: المصونة المخدّرة). {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ} [هود: 109]، و "امترى فيه: شَكّ، وكذلك تمارى " {بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ} [الحجر: 63]، {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى} [النجم: 55] أي تَشُك، والخطاب للإنسان المكذّب-[قر 17/ 121] كقوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 13]. ومن هذا: "المِرَاء: المجادلة "؛ إذ هي بسبب الشك وعدم اليقين في ما يقول الآخر، وكل من المتماريين يُعالج صاحبَه ليستخرج ما عنده ثم يستزيد أي لا

(مور)

يكتفي ولا يقتنع {فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إلا مِرَاءً ظَاهِرًا} [الكهف: 22] سمّي مراجعته لهم مراء على سبيل المقابلة لمماراة أهل الكتاب له في ذلك، وقيده بقوله (ظاهرا) أي غير متعمق فيه، وهو أن تقص عليهم ما أُوحِي إليك فحسب من غير تجهيل ولا تعنيف / جدالَ متيقنٍ عالمٍ بحقيقة الخبر [ينظر بحر 6/ 110 - 111] ومن ذلك: "مَرَاه حقّه [وفي قر 17/ 93]: من حقه وعلى حقه ": جَحَده (أي كذّبه في ادعاء أن له حقًّا، والتكذيب من الحكم على الكلام بالضعف وعدم الصلابة كما مر. وأصل هذا في المعنى المحوري هو عدم خروج ما في الباطن إلا بحيلة). ولا يخرج معنى أي من مفردات (مرى) التي وردت في القرآن عما ذكرناه: (الامتراء) (والمِرْية): الشك، و (المماراة والمراء) الجدال، وهو بسبب الشك. • (مور): {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيرًا} [الطور: 9 - 10] "مار الشيءُ: تردَّد في عِرَض كالداغصة في الركبة [الأساس] (العظْمة التي تموج على رأس الركبة). والدِماء تمور على وجه الأرض: إذا انصبّتْ فترددت. ومُرْت الصوف والشعر: نَتَفته فانمار: انتتف. والمُورة- بالضم وكرخامة: ما نَسَلَ من عقيقة الجحش والحمار وصوف الشاة حيّة أو ميتة. والمُورَ -بالضم: الغبار المتردد، وبالفتح: تراب تَمور به الريح ". Qتردُّد المادة المجتمعة في مكانها بتسيبها- كتردد الداغصة والدِماء، وانتتاف الصوف والشعر وانتساله [في [تاح]: مُرْتُ الوبرَ فانمار أي نتفته فانتتف، والمُورة والمُوارة: ما نسل من عقيقة الجحْش وصوف الشاة حية أو ميتة] فهو تسيب. وكتردد التراب والغبار. ومنه: "مارت الناقةُ في

(مير)

سيرها: ماجت وتردّدتْ. والبعير يمور عَضُداه: يترددان في عُرْض جنبه. ناقة موَّارة- مبالغة: سهلة السير سريعة. ومار الشيء: تَرَهْيَأ / تردَّد في عِرَض / جعل يذهب ويجيء ويتردد، قال تعالى: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا} [الطور: 9] كما قال تعالى: {يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ} [المعارج: 8] فهي حينئذ كالسائل الرقيق يَتَرَهْيأ، وقال تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} [الملك: 16]، تذهب وتجيء [قر 18/ 216]. (وعندما يحدث زلزال يحس مَنْ فوق الأرض كأن الأرض تحتهم ماءٌ يتردد). • (مير): {وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا} [يوسف: 65] "مِرْتُ الصوف مَيرًا: نَفَشته. والمُوَارة- كرُخامة: ما سَقَطَ منه. ومرْتُ الدواءَ: دُفْتُه (دُفْتُ الدواءَ وغيرهَ: خَلَطته بماء أو بغيره. وداف الطِيبَ وغيره في الماء: خلطه. ودافت طِيبَها بعرقه - صلى الله عليه وسلم -: خَلَطَتْه) وأمار الشيءَ: أذابه، وأمار الزعفران: صَبّ فيه الماءَ ثم دافه ". Qتخفيف كثافة الشيء الكثيف الشديد وتوسيعُ ما بين أثنائه. كنفش الصوف بعد كثافة، وإذابة الدواء- للحَلّ أو للتخفيف بالماء، وكذلك الزعفران. ومنه: "المِيرة: جَلْب الطعام للبيع أو للأكل: مار عياله وأهلَه يَميرهم وَيمُورهم: أتاهم بميرة أي بطعام، وهم يمتارون لأنفسهم وَيميرون غيرهم ". وذلك أن الميرة- الطعام المجلوب يُزَاد إلى ما عندهم، فيفرِّج عنهم، ويوسِّع عليهم، بعد ما كانوا مقصورين على ما عندهم؛ فهي زيادة وترقيقُ حالٍ

(مرأ)

وتوسعةٌ مادية ومعنوية {وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا} [يوسف: 65] ومن ترقيق التضام والكثافة هذا- "تماير ما بينهم: فَسَد، كتماءر " (فالصلة اتصال وتضام شديد، وفسادُها ضعف ورقة) "وأمار أوداجَه: قطعها " (والأوداج أهم روافد تغذية الرأس فهي من أهم ما يصل الرأس بالبدن وقطعها يصدق عليه تخفيف كثافة الشيء وتوسيع ما بين أثنائه). • (مرأ): {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] "المَرِيءُ: مَجْرى الطعام والشراب، وهو رأسُ المعدة والكرشِ اللاصقُ بالحلقوم، الذي يجرى فيه الطعام والشراب ويدخل فيه. وطعام مريء: هنيء حميد المَغَبّة. وكَلَأٌ مريء: غيرُ وخيم. وقد مَرُؤ الطعام وهذا يُمْرِئ الطعام، وقد أمرأه الطعامُ ومَرَأه: إذا لم يَثقُل على المعدة وانحدر عنها طيبًا. وما لك لا تَمْرَأ أي لا تَطْعَم. وقد مَرَأْت: أي طَعِمْت. والمَرْء: الإطعام على بناء دار أو تزويج ". Qمرورٌ خِلال المضايق بلطف مع نفع وحسن عاقبة. كمرور الطعام والشراب في المريء بلطف مع النجوع وحسن العاقبة قال تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}. "المريء هو المحمود العاقبة التامُّ الهضمِ الذي لا يضر ولا يؤدي ". [قر 5/ 27]. ومنه "المرء -بالفتح: الإنسان "إذ هو نسل له تصرف ونفع وتعاون. وأنثاه مرأة وهو أيضًا امْرُؤ وهي امْرَأة. {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ} [عبس: 34]، {مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ} [مريم: 28]، {إِذْ قَالتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ} [آل عمران: 35] ومن

(أمر)

هذا "المروءة: الإنسانية، وكمال الرجولية " (ومنها سلاسة النفاذ، والنفع، وتتأتى الشهامة أيضًا. وكل ذلك أخذًا من النجوع وحسن العاقبة في وصف الطعام المريء). وليس في القرآن من التركيب إلا (الطعام المريء)، و (المرء) , (المرأة) ومثناها. • (أمر): {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالمِينَ} [الأعراف: 54] "الأَمَرة- محركة: مثلُ المَنارة فَوق الجبل عريضٌ مثلُ البيت وأعظمُ وهي حجارة مكوّمَة بعضُها فوق بعض قد أُلزِق ما بينها بالطين وأنت تراها كأنها خِلْقة، وطوله في السماء أربعون قامة. الأَمَرة: الرابية، والعَلَمُ الصغير من أعلام المفاوز من الحجارة. أمّر القناة- ض: جعل فيها سِنانا. أمِّرْ قناتك: اجعل فيها سنانا. سنان مُؤَمَّر- كمعظم: مُحَدَّد. ويقال: أمِرَ أمره: اشتد ". Qنفاذ مع علُوٍّ وراءه جمع بشدة. كالأَمَرة الموصوفة لا بد أن تكون قمتها أقل ضخامة من قاعدتها- على ما يتطلبه انتصابها وبقاؤها كذلك في الزمن القديم لئلا تنهار. وقلة ضخامة قمتها عن قاعدتها تحدُّد ونفاذ إلى أعلى، وشدّة تجمع أسفلها التزاق حجارتها. وكالسنان وهو محدد، وهو مركب في أعلى الرمح (تجمع) بمتانة، لينفذ في الضريبة بقوة. ومن الجمع بشدة مع النفاذ جاء معنى الكثرة, لأن النفاذ صورة من الانتشار. ومنه في الحديث: "خير المال سكة مأبورة أو مهرة مأمورة "أي نَتُوج ولود. وزَرْع أمِر (كفرح): كثيرٌ. وما أحسن أمارَتهم أي ما يكثرون ويكثُر أولادُهم وعددهم. وفي وَجْه المالِ الأَمِر (كفرح) تُعْرَفُ أَمَرتُه أي زيادتُه ونماؤه ونفقته (كذا, ولعلها: نفعه أو

نَفاقه). وقد أمِرَ القومُ: (فرح) كَثُروا، والرجلُ: كَثُرت ماشيته ". ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - عن أَمْرِه أي دَعْوة الإِسلام "والله لَيَأمَرَنّ "وكذا قول أبي سفيان إن "أمْرَه - صلى الله عليه وسلم - قد أمِرَ "أي تزايد وعظم. ومنه كذلك "رجل أمِر (كفرح): مبارك يُقبِل عليه المال، وامرأة أمِرَة: مباركة على بعلها ". ومن العلو مع النفاذ جاء "الأمر ضد النهي {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: 90] وبهذا المعنى جاء عُظْم ما في القرآن من الفعل [أمَر] ومضارعه وأمره. وسائره عُبِّر به لمعنى التمكن من المأمور {الشَّيطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة: 268، وكذا ما في 169 منها] أو لمعنى التهكم {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا} [الطور: 32, وكذا ما في البقرة: 93] أو لمعنى قبول الموجَّه إليه الكلام كقوله تعالى على لسان فرعون مخاطبًا سَحَرته {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} [الأعراف: 110، وكذا ما في الشعراء: 35]، {وَأْتَمِرُوا بَينَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 6] كقوله تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} [العصر: 3] وفي [قر 18/ 169] هي للأزواج والزوجات أي ليقبل بعضُهم من بعض ما أمر به من المعروف الجميل. ولمعنى القبول هذا استُعمِلت صيغ من التركيب لمعنى الشورى وما هو من بابها. فيقال "تآمروا على الأمر وائتمروا: (تشاوروا) وأجمعوا آراءهم. {إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} [القصص: 20] أي يتشاورون في قتلك. وقيل يأمر بعضهم بعضًا [قر 13/ 266]. وآمره واستأمره: شاوره ". وفي الحديث "آمِرُوا النساء في أنفسهن ""البِكر تُسْتَأْذن والثيب تُسْتَأمر ".

و "الأمير: الملك "أي ذو الأَمْر أي الذي له أن يطلب استحداث أشياء أو عملها: "أمَر عليهم " (نصر، وكفرح وكرم). وفسر قوله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا} [الإسراء: 16] أي كَثَّرناهم. وذلك على القول لورود الفعل بهذا المعنى من باب (نصر)، كما فُسِّرت بالأمر ضد النهي أي أمَرْناهم (أي أمرهم الله بأوامر من عبادته) ففسقوا عن أمر ربهم وعَصَوا. وقرئت أمّرنا -بالتضعيف: أي جَعَلناهم أُمَراء. كما قرئت آمرنا- بالمد بمعنى التكثير، وأمِرْنا كعَلِمنا وفسرت بالأمر ضد النهي، وبالتسليط وبالتكثير، [ل 88/ 5 - 8، وقر 10/ 232 - 233] ومن ذا: "أَمرَ أمرُه كفرح: اشتَدّ. والاسم الإِمْر بالكسر [ل. 93/ 19] {لَقَدْ جِئْتَ شَيئًا إِمْرًا} [الكهف: 71] أي عظيمًا كقوله تعالى {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: 15] وكتسمية الفواحش من الذنوب كبائر. أما (الأمر) فهو يأتي بمعى المصدر من (أمر) كما في {وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} [الكهف: 69, وكذلك ما في 50 منها] وغيرهما. ويأتي بمعنى (الحادثة) و (الشأن) و (الحال) كما في [تاج]، وهذا المعنى هو صورة من الجرَيان المأخوذ من النفاذ في المعنى المحوري وجمع الأول أوامر، وجمع الأخير أمور [تاج]، وإذا أُسْنِد (الأمر) إلى المولى عَزَّ وَجَلَّ فإنه يفسَّر بالقضاء، وبالتصريف والتدبير. ويوضح بعض ذلك ما في [البحر 3/ 279] في {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} [النساء: 47] الأمر هنا واحد الأمور يُقصَد به الجنس وهو عبارة عن المحكومات .. كالعذاب واللعنة والمغفرة، أو المراد به المأمور به أي الذي (إذا) أراده أوجده، أو كل أمر أخّر تكوينه فهو كائن لا محالة لا يتعذر عليه شيء يريد أن يفعله ".

(مرج).

• (مرج). {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 58] "المَرْجُ -بالفتح: أرضٌ واسعة فيها نبت كثير تَمرُج فيها الدواب أي تخُلَّى تَسْرَح مختِلطة حيث شاءت. مَرَج دابته (كنصر): خَلّاها تَرْعَى كذلك. والمَرَج- محركة: الإبل تَرْعَي بلا راع [ق]. وغُصْن مَريج: مُلْتوٍ مشتبك قد التبست شناغيبه / متداخلٌ في الأغصان. وسَهْمٌ مَريج: ملتو. ومَرِجَ الخاتَم في أصبعي (فرح) قَلِقَ. أَمْرَجَت الناقة: ألقت وَلدها غِرْسًا ودمًا. [ق] (الغِرْس- بالكسر: ما يخرج مع الولد كأنه مخاط). Qحركة مختلفة الاتجاهات لما يُفْتَرض استقراره (عدم الاستقرار والاستقامة) كما تمَرُج الدواب في المَرْج، وقلق الخاتم، ونزول جنين الناقة والمفروض أن يثبت، وكاختلاف اتجاه الغصن والسهم المعوجين. فالاستقامة من باب الاستقرار لاطراد المستقيم على اتجاه مستوٍ واحد، والاعوجاج من باب عدم الاستقرار [ينظر الخصائص لابن جني 1/ 11]. في كلامه عن اللقوة في الوجه). ومن ذلك الأصل {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَينِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} [الفرقان: 53]: أرسلهما وأفاض أحدهما في الآخر / خَلَطهما فهما يلتقيان [قر 13/ 58]. (كل يدخل في أثناء الآخر) وكذلك {مَرَجَ الْبَحْرَينِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَينَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} [الرحمن: 19] (أراه من التقاء الماءين العذب والملح مع عدم طغيان أحد النوعين على الآخر حيث يخرج البخر بالماء العذب وحده فيصير سحابًا فيمطر وهكذا). "والمارج: الخِلْط -بالكسر أي المخلوط، واللَهَب

(مرح)

المختلط بمواد النار {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} [الرحمن: 15]. ومنه "مَرِجَ الدِينُ والأمرُ (تعب): اضطربَ واختلط والتبس المَخرَج منه {فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5] ومَرِجَت العهود: اضطربت وقل الوفاء بها ". ومن الأصل المَرْجَان: جوهر أحمر معروف الاختلاط شعبه وتعرجها وتضاد اتجاهاتها فتتداخل في تجمع غير مصمت) {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 22]. • (مرح): {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَال طُولًا} [الإسراء: 37] "مزادة مَرِحة -كفرحة: لا تُمْسِك الماء. وأرض مِمْراح: سريعةُ النبْت حين يصيبها المطَر. وقوس مَرُوح: حَسَنةُ إرسالِ السهم. وعين مِمْراح: سريعة البكاء / غزيرة الدمع. وقد مَرِحَت العَينُ (تعب): اشتَدّ سَيلانها، والأرضُ بالنباب: أَخرَجَتْه، والزرعُ: خَرَجَ سُنْبله ". Qتسيب الشيء (اللطيف) بقوة وخفة من أثناء ما يمسكه. كالماء والسهم والنبات من المزادة والعين والقوس والأرض، ومنه "فرس مَروُح، وممرَح، وممراح: نَشِط. وقد أمرحه الكلأُ " (يجري ويقفز ويضطرب هنا وهناك ولا يقَرّ ولا يسكن لما أحسه من شبع وقوة ونشاط)، {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} [الإسراء: 37، لقمان: 18]، {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ} [غافر: 75] فسروا المرح بالفرح والنشاط المجاوز القدْر، وبالتبختر والاختيال، وبالبطر والأشر [اللسان 428]. وفي ضوء ما سبق نطمئن إلى تفسيره بالتسيب من القيم والضوابط وعدم

(مرد)

الالتزام بها عند وجود القوة والنعمة. وهي تتمثل في الاختيال والأشر وبعض ما قالوه هو مظاهر للمرح البدني، وليس النشاط منهيًّا عنه. • (مرد): {قَال إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ} [النمل: 44] "رَمْلَة مَرْداء- بالفتح: متسطحة / لا تنبت. والمَرَدُ -محركة: نقاء الخدَّين من الشعر، ونقاء الغُضْن من الورق. شاب أمرد: بلغ خروجَ لحيته وطَرَّ شاربُه ولم تَبْدُ لحيتُه. وشجرة مرداء: لا وَرَقَ عليها. والمراد- كسحاب: العنق. وتَمْريدُ البناء تمليسه / وتَسْويته وتطيينه. وبناء مُمَرّد: مُطَوَّل " (كمعظم فيها). Qملاسة ظاهر الشيء الممتد تجرُّدًا مما ينبت أو يتشعب منه عادة كالرملة، والخدود، والأغصان والباء الموصوفات. فمن البناء الموصوف {صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ} [النمل: 44]، فسروه بالمطوَّل [ل، وشرح السبع الطوال 160] واستواء الظاهر يبرز الطول، والمتوقع أنه كان مع الطول (= الارتفاع) مملَّسَ الظاهر لاكتسائه بطبقة من القوارير (= الزُجَاج). وملاسة الظاهر الممتد يلزم عنها انطباع بشدة تماسك الشيء أي شدته في ذاته، كما يلزم منها عدم التمكن من الإمساك بالشيء فيخرج عن الطاعة "المَروُد والمارد من الخيل: الذي يجيء ويذهب نشاطًا "أي من شدته. "والمارد من الرجال: العاتي الشديد. مَرَد على الشر وتمرَّد: عتا وطغى. تمرّد علينا: عتا. والمارد والمريد: الخبيث المتمرد الشرير، فهذا كله من لازم المعنى الأصلي (المحوري) {وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيطَانٍ مَرِيدٍ} [الحج: 3 وكذا ما في النساء: 117]، {وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيطَانٍ مَارِدٍ} [الصافات: 7]. ومن طريق المجاز في هذا "تمرد هذا البِثق-

(مرض)

بالكسر- وهو الشقّ في وسط شط النهر ينبعث منه الماء): جاوز حَدّ مثله " (أي فلا يكاد يُقدَر على سَدِّه). وملاسة الظاهر يلزم عنها أيضًا سلاسة مرور الشيء وجريانه عليه -كما لو أَمَرَّ الإنسان يده على رخام ناعم أو مرمر، ومن ذلك جاء "المَرْدُ- بالفتح: دفع السفينة بالمُرْديّ (ككرسي وهو خشبة يدفع بها الملاح السفينة فتندفع في الماء بسلاسة كأنها تنزلق) "والمَرْد كذلك: السوْق الشديد "هو من هذا. ومن معنوي هذا ما في قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} [التوبة: 101]، (تعودوا عليه وسلس أمره عليهم فلم يعودوا يشعرون بحرج). أما "مَرَدَ الخبزَ والتمرَ في الماء: ماثه حتى يلين، والشيءَ: لينه، والصبيُّ ثَدْيَ أمه "فقد رويت بالذال المعجمة والثاء، فالحق مع من رواها بهما كأبي عبيد فتلك الليونة أنسبُ أن تعبر عنها الذال، لكن تليين الخبز والتمر بالماء يتأتى من معنى الملاسة هنا، لأن كليهما تنعيم وإذهاب للخشونة. وأما "المَرْد: الغض من ثمر الأراك "فلم أره، ولعله أملس صُلْبٌ شأنَ الثمار الفِجّة، فيكون من المعنى الأصلي هنا وهو الملاسة ولازمها شدة الشيء في ذاته. • (مرض): {لَيسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} [النور: 61] "يقال للشمس إذا لم تكن مُنْجَلِية صافيةً حَسَنة: مريضةٌ. وليلة مريضةٌ: إذا تغيمت السماء فلا يكون فيها ضَوء / لا تُرى فيها كواكبها. وفُسّر قولُ أبي حية: [وليلةٍ مَرِضَتْ من كل ناحية] بأنها أظلمت. وقال ابن الأعرابي: المرض: (ظلام الطبيعة واضطرابها بعد صفائها واعتدالها. والمَرَضُ: الظلمة اهـ. وأرض مريضة:

ضاقت بأهلها. قال أوس بن حجر: ترى الأرضَ منا بالفضاء مريضَةً ... مُعَضِّلَةً منا بجيش عَرَمْرم Qكثافةٌ ثقيلة تَغْشَى الشيءَ فتُثْقِله وتحجُبُ حِدَّته. كالسُحُب ونحوها للشمس والكواكب، وكالظلام الكثيف، وكالأرض المثقلة بكثافة الجنود والقومِ عليها أي كثرتهم. ومنه "عن مريضةٌ: فاترة النظر (غير حادة كأنما عليها غشاوة. ولعلهم لحظوا كذلك ثِقَل الجفن من عدم اتساع العين الفاترة) ومنه "المرض في الأبدان: فتور الأعضاء " (من ذَهاب قوتها وحِدّتها كأنما جَثَم عليها ثِقْل -كما يقال ثَقُل الرجلُ: اشتد مرضه فهو ثاقل: أئقله المرض ". قال عزَّ وجلَّ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]، ومن ذلك "مَرَضُ القلب: فتورٌ فيه عن الحق "أي قلةُ حِدّة ونفاذ إلى استجلاء حقّيته، كما قال تعالى: {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأعراف: 179] وكما وصف الله أمثال مرضى القلب بالغَفْلة ونحوها. أو هو من الظُلْمة التي تَرِينُ على القلب فلا يدرك {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة: 10] كما قال تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البقرة: 7]، {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14]. وقولهم {قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ} [البقرة: 88] {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24]. وليس في القرآن من التركيب إلا مرض القلب هذا، و (مريض) البدن وجمعه (مرْضَى). ومن الأصل "مَرَّضَ فلان في حاجتي- ض: نَقَصَت حركته فيها " (فتر وتثاقل). أما قوله: ولكن تحتَ ذاكَ الشيبِ حَزْم ... إذا ما ظَنّ أمْرَضَ أو أصابا

معنى الفصل المعجمي (مر)

فقد فُسّر "أمرض "بـ "قارَبَ الصواب "اهـ. فهنا قصور ما عن إصابة كبد الحقيقة وهو يناسب الفتور. وقريب منه قول الراغب "أمرض في قوله: عَرَّض ". فالتعريض فيه شيء يغطيه القولُ. ° معنى الفصل المعجمي (مر): هو: الاحتواء على نوع من الشدة أو الكثافة مع استرسال أي نوع من الدوام أو الامتداد كما يتمثل في المرير من الحبال: ما لطف وطال واشتد فتله، وكذا الأرض التي لا شيء فيها من جساوة باطنها- في (مرر)، وكالمَرْو الحجارة الموصوفة بصلابتها ونارها، والشجر الموصوف بطيب ريحه وهو حدّة، إذ يعبرون عنه بذكاء الريح، وبالسطوع- في (مرو)، وكالناقة المريّ الغنية الباطن باللبن - في (مرى)، وكالداغصة في الركبة بصلابتها مع استرسال ترددها- في (مور)، وكما في مير الدواء إضافته أو الإضافة إليه وهي كثافة- في (مير)، وكما في حوز المريء الطعام بقوة وامتداد حتى يصل إلى المعدة- في (مرأ) (لو أن أنبوبة من اللدائن الطرية أي مماثلة للمريء وضع فيها قدر أُكْلةٍ ونصبت قائمة ما مرت فيها بيسْر، فهذا يثبت أن هناك قوة مع الاسترسال)، وكنفاذ سن الرمح في الكثيف أو بضغط الكثيف الذي وراءه- في (أمر)، وكمروج الدواب حركتها الكثيرة مع نشاطها وهو قوة- في (مرج)، وكتسيب الماء من المزادة بكثرة، وسرعة إنبات الأرض حين يصيبها المطر، وحسن إرسال السهم من القوس -وذلك كثرة وقوة دفع- في (مرح)، وكإصمات جلد الخدين فلا ينبت شعرهما، والشجر فلا ينبت ورقه (تصورا) وذلك كثافة، وكما في تمريد البناء، والتمرُّد- في (مرد)، وكالكثافة التي تغطي الشمس والغيم الذي يغطي السماء- وهذه كثافة، وكالمرض وهو ثقل- في (مرض).

الميم والزاي وما يثلثهما

الميم والزاي وما يثلثهما • (مزز- مزمز): "المُزّ- بالضم: من الرُمّان والأشربة كالخمر والنبيذ: ما كان طعمه بين حموضة وحلاوة. والمُر- بالضم وكسُلّاء: الخمر التي تَلْذَع اللسان وليست بالحامضة. ويقال مَزَّ الشيءَ (رد): مَصّه. والمَزّة- بالفتح: المصّة من الرضاع (وغيره). والتمزز: شرب الشراب (كالنبيذ) قليلًا قليلًا. وما بقى في الإناء إلا مَزّة -بالفتح: قليل. المَزْمَزة- بالفتح: التحريك الشديد / العنيف. مَزْمِزُوا السكران: حركوه تحريكًا عنيفًا لعله يُفيق من سُكْره وبصحو. ومَزْمَزَ إنسانًا: تعتعه / حَرَّكه وأقبل به وأدبر ". Qجمع أكثر من شيء متميز عن الآخر في المذاق أو التناول أو الحركة (¬1). كالحموضة مع الحلاوة، والشرب مرة بعد مرة، وتحريك السكران إقبالًا وإدبارًا. ومن تلك الكثرة أخذ تعبير التركيب عن الفضل في الشيء وهو ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الميم عن التضام الظاهري، والزاي عن نفاذ باكتناز وشدة، ويعبر الفصل منهما عن اجتماع أشياء متميزة كل عن الآخر معًا (اكتناز) كالحلاوة والحموضة في المُزّ وفي (ميز) تعبر الياء عن الاتصال مع الامتداد، ويعبر التركيب عن مسافة بين أشياء متجانسة أو بين أجزاء شيء كما في امتياز القوم تنحى عصابة منهم. وفي (مزج) تعبر الجيم عن جِرْم متجمع غير شديد، ويعبر التركيب عن خلط نفصلين أصلًا معًا، إذ يتم المزج بين شيئين أو أكثر. وفي (مزق) تعبر القاف عن تعقد في العمق، وبعبر التركيب عن وصول التميز إلى العمق كما في تمزيق الثوب. وفي (مزن) تعبر النون عن الامتداد الباطني، ويعبر التركيب عن امتداد المتميز إلى الباطن كالماء في المزن والقربة.

(ميز)

زيادة متميزة عنه. ومنه "إذا كان المال ذا مِزّ -بالكسر- ففرِّقْه في الأوصاف الثمانية (المذكورة في آية الصدقات في سورة التوبة): أي ذا فَضْل وكثرة. ومَزَّزه بذلك الأمر: فَضّله به. وهذا أمَزْ من هذا: أفضل ". • (ميز): {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [الأنفال: 37] "امتازَ القومُ: تَنَحَّتْ عصابة منهم ناحية. ومزْتُ الشيء: فَصَلتُ بعضَه من بعض. ومزْتُ الشيء: عَزَلته وفرزته. وفي الحديث "لا تهلِكُ أُمَّتي حتى يكون بينهم التمايلُ والتمايز "أي يتحزبون أحزابًا ويتميز بعضهم عن بعض ويقع التنازع. مازَ الرجلُ: انتقل من مكان إلى مكان ". Qافتراقُ ما هو متجمعٌ أو تباعدُ بعضه عنه. كتنحي العصابة من الناس عن سائرهم، وكانقسام الشيء " {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179، وكذا ما في الانفال: 37] [انظر قر 4/ 289] {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيظِ} [الملك: 8] يعني تتقطع وينفصل بعضها من بعض [قر 18/ 213]. ومن ذلك استعمل في مفارقة المكان "ماز الرجل: انتقل من مكان إلى مكان " {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} [يس: 59] أي انفرِدوا عن المؤمنين، لأن المحشر جمع البرَّ والفاجر، فأُمِرَ المجرمون بأن يكونوا على حِدَةٍ من المؤمنين. وذلك توطئة لتوجيه التوبيخ والتقريع إليهم كفي في الآية التالية. [ينظر بحر 7/ 327]. وهذا قبل المصير إلى جهنم ما داموا (مجرمين).

(مزج)

• (مزج): {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} [المطففين: 27] "المِزْج -بالكسر والفتح: العَسَل. وشراب مَزْج- بالفتح: ممزوج. ومزَاج الشراب -ككتاب: ما يُمْزَج به. ومنوعين امتزجا فكل واحد منهما لصاحبه مِزْج- بالكسر. وقد مزج الشرابَ (نصر): خلطه بغيره ". Qخَلْط (مائعين) مختلفين (أو أكثر) بعضهما ببعض وجعلهما شيئًا واحدًا. (والعسل مِزْج لأنهم كانوا يمزجون به ما يراد تحليته أي قبل أن يتخذوا السُكّر لذلك. وقد أدركت من رآهم يحلّون بالعسل الأسود أيضًا، والعرب كانوا يحلّون بأنواع من التمر). {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا} [الإنسان: 5 وكذا ما في 17 منها]. • (مزق): {يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [سبأ: 7] "المِزْقَةُ -بالكسر: القِطعَة من الثوب. ومزَقُ السحاب: قِطَعُه. وقد مَزَق الثوبَ (ضرب) ومزّقة- ض: شَقّه ". Qشقُّ الشيء (الرقيق الجرم) شقًّا واصلًا إلى عمقه. كالثوب وقطع السحاب. {يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} فُرِّقْتُم كل تَفْريق [قر 14/ 263] والمقصود تحلل أجسامهم كما قالوا: {أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} [الإسراء: 49]، {قَال مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78]. وفي قوم سبأ قال تعالى: {وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} [سبأ: 19]- تفرقوا

(مزن)

وتمزقوا فلحقت الأنصار بيثرب، وغسَّان بالشام، والأَسْد بعُمان، وخُزَاعة بتهامة [قر 14/ 291]. ومن الأصل: "ناقةٌ مِزَاقٌ- ككتاب: دَريعة خفيفة " (تشق الهواء في سرعتها). • (مزن): {أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} [الواقعة: 69] "المُزْن -بالضم: السحابُ ذو الماء. ومَزَن القِربة (نصر، ض): مَلأها ". Qامتلاء باطن الشيء بالماء أو نحوه: كالماء في المزن والقربة {أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ}. ومن الامتلاء مع البطون تغيُّبا: "مَزَّنت الرجل ض: قَرَّظْته من ورائه عند خليفة أو وال. وكذلك مَزّنته ض. فَضّلته " (التقريظ تعظيم وهو من معنوي الامتلاء، وبطونه كونه عن غَيبة). ومن ذاك الدخولِ إلى باطن والغَيبةِ فيه قولهم: "مَزَنَ مَزْنَا ومُزونًا: مضى لوجهه وذهب. وهذا يومُ مَزْنٍ إذا كان يومَ فِرار من العَدُوّ. والمَزْن -كذلك- الإسراع في طلب الحاجة ". وهذا الاستعمال الأخير تعميم لإسراع الفرار مع إسقاط قيد كونه من العدو. ° معنى الفصل المعجمي (مز): تجمع شيئين (أو أكثر) معًا كما في المُزّ ما كان طعمه يجمع بين الحموضة والحلاوة- في (مزز)، وكما في تمييز الشيء عن غيره أو تميزه فيكون هناك شيئان منفصلان- في (ميز)، وكما في مزج نوعين معًا كالعسل بالشراب - في (مزج)، وكما في تمزيق الثوب وغيره فيكون هناك كثر من قطعة منه- في (مزق)، وكما في احتواء السحاب ماء (وبعض السحاب صَلِف) - في (مزن).

الميم والسين وما يثلثهما

الميم والسين وما يثلثهما • (مسس- مسمس): {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [آل عمران: 174] "كلأ مَسُوس: نَامٍ في الراعية ناجعٌ، والمَسُوسُ: التِرْياق. وماءٌ مَسوس: عذْبٌ صَاف يَشفِي الغليل، وَجَد مَسًّا من نَصَب وهو أول ما يُحِسّ به من التعب. ووجد مَسّ الحمى أي رَسَّها وبَدْأَها قبل أن تأخذه وتظهر "ومَسُّوا من الميضأة " (وهي المِطهَرة- وعاءٌ صغير لماء الوضوء) أي خُذُوا منها الماء وتوضئوا ". Qسَرَيان في أثناء أو مخالطة دقيقة ذات أثَر (¬1) كهذا الكلأ ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الميم عن تضامّ ظاهري، والصين عن نفاذ بدقة وامتداد، والفصل منهما يعبر عن مخالطة لأثناء شيء سريانًا وامتدادًا فيها بدقة- لطفٍ أو حِدَّة. كالمسوس الترياق وكالكلأ المسوس: الناجع في الراعية. وفي (مسو- مسي) تزيد الواو معنى الاشتمال والياء معى الاتصال، ويعبر التركيبان عن قوة الامتداد اشتمالا بالظلام كما في الماء أو بالجوف كما في المَسْي. وفي (أمس) تسبق الهمزة ويعبر التركيب بضغطها عن قوة مرور (: نفاذ) الشيء (الدقيق) من حيز أو مَعيِة كفوات الأمس. وفي (مسح) تعبر الحاء عن احتكاك بعِرَض وجفاف ويعبر التركيب عن استواء ظاهر بانبساط كالأرض المسحاء. وفي (مسخ) تعبر الخاء عن تخلخل الأثناء، ويعبر التركيب عن ذهاب ما هو قوام الشيء -من أثنائه- كالمسيخ من الطعام: الذي لا ملح له ولا طعم ولا لون. وفي (مسد) تعبر الدال عن احتباس وامتساك شديد، ويعبر التركيب عن لأمٍ وجَدْلٍ (حبس) لمادة الطويل الممتد كمَسْد الليف: فتْله. وفي (مسك) تعبر الكاف عن ضغط غثوري دقيق يؤدي إلى تماسك دقيق في الأثناء، ويعبر التركيب عن حبس الشيء شدًّا في الأثناء أو الجوف كالمَسْك: الجلد والمَسك: الأسورة والخلاخيل.

الناجع في الراعية وكما يخالط الماءُ الغُلّةَ والترياقُ الداءَ فيُشْفَيان. وكغمس اليد في المِطهرة لتناول قليل الماء. وكالذي يوجَد مِن مَسّ الحمى. والتعبُ يخالط البَدن ويَسْري فيه وهو ذو أثَرٍ قوي. ومن هذه المخالطة الدقيقة القوية الأثر جاء "المسُّ: الجُنُون. رجل ممسوس به مَسٌّ من جنون. وقد مُسَّ: تُخُبِّطَ- للمفعول فيهما. {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: 275]. وقولهم "رحم ماسَّة أي قرابة قوية "من الأصل أي أنها تسري في أعماقهم وأثنائهم كما يعَبَّر عن عمق الصداقة بين اثنين بأنهما متداخلان. وكذلك "حاجة ماسَّة أي مهمة "وقد "مسّت إليه الحاجة "من الأصل بمعنى وجود إحساس حادّ بالحاجة إلى الشيء يخالط المس أو الحال. ومن المخالطة الدقيقة القوية الأثر استعمل في الإصابة بمكروه (حدّة) {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ} [آل عمران: 140]. وقد ورد المس بمعنى إيقاع الضُرّ ونحوه كالعذاب والنفحة منه، والنار، والسوء، والشَرّ، والضُر، والطائف الشيطاني، واللُغوب، والنَصَب في أكثر ما ورد في القرآن الكريم ما عدا {وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيرُ مَنُوعًا} [المعارج: 21] وهذه قد تفسَّر بالمقابلة، وكذلك ما في [الأنعام: 17] لكن هذا لا يعني الاختصاص وإنما يعني قوة الأثر كما في {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ} [آل عمران: 120]، فالتي تسوء الأعداء لا بد أنها نعمة كبيرة، أو قوة المخالطة- مع الدقة الخفاء ونحوه كما كُني بالمَسّ عن الجماع: "المسَيس: جماع الرجل المرأة. {لَا جُنَاحَ عَلَيكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 236]

وكذا ما في 237 منها، وما في الأحزاب: 49]، {أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} [آل عمران: 47] {قَالتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} أي على جهة تزوج - {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} [مريم: 20] أي ولا قُرِبْت على غير حد تزوج. وقد قالوا أيضًا إنه استعارة من المس باليد [ل 102/ 18، 103/ 20]. وسياق ما ورد منه في القرآن يقطع بأنه النكاح كما في الآيات السابقة، وفي {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3، 4]. ومن تلك المخالطة الدقيقة -ربما مع التجاوز عن قيد القوة "مَسَّ الشيءَ: لمَسه باليد. وماسَ الشيءُ الشيءَ: لَقِيَه بذاته. وتماسَ الجِرْمان: مَسّ أحدِّهما الآخر "- وفي قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 77 - 79] روى الفراء عن ابن عباس قال: "لا يمس ذلك اللوح المحفوظ إلا الملائكة الذين طُهِّروا من الشرك "اهـ ويقال "لا يَمَسَه "أي لا يجد طعمَه ونفعَه إلا المطَّهرون ممن آمن به. [معاني القرآن للفراء 3/ 129]، كما أعيد الضمير إلى القرآن. وفي المراد بالمس حينئذ ستة أقوال أولها المس باليد، وبالتطهير ثمانية أولها من الأحداث والأنجاس [ينظر قر 17/ 225 - 226]، {فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ} [طه: 97]، أي لا أَمَسّ ولا أُمَسّ- للمعلوم والمجهول، وَأُوِّل ذلك؛ بأن موسى أمرهم ألا يؤاكلوه ولا يخالطوه ولا يبايعوه. . . [المعاني للفراء 2/ 190]. أما قولهم "ماء مَسُوس: أي زُعاقٌ يُخرِق كلَّ شيء بملوحته " (وهذا ضد تفسيره بالعَذْب) فهو ينطبق عليه الأصل لهذه الحدة التي في أثنائه- فيكون بمعنى مفعول- ولكنهم لم يوردوا له شاهدًا. فإن صح فالوجه ما ذكرنا -كما أنه يمكن نقل هذه الصيغة بهذا المعنى أو ذاك إلى تركيب (سوس).

(مسو- مسى)

• (مسو- مسى): {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17] "المَساءُ: ضد الصباح معروف. وقال أسقف نجران [ل. أمس]. منع البقاءَ تقلُّبُ الشمسِ ... وطلوعُها من حيث لا تمسي وفي [ق]: "جاء مُسَيَّانات -بضم ففتح فشد: أي مُغَيرِبانات ". فمن مقابلة إمْسَاء الشمس بطلوعها، ومن تفسير المُسَيّانات بالمُغَيرَبانات يمكن أن يقال إن المَسَاء بَدْءُ الظلام بغروب الشمس. [لكن الذي في [ل] "المَساء بعد الظهر إلى صلاة المغرب. وقال بعضهم إلى نصف الليل "اهـ وأقول إن هذا فيه تسامح واضح يكشفه قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم: 17 - 18] حيث ذكر الامساء والعشيّ توقيتين فدلّ على أنهما متغايران وفي [ل] أن العَشِيّ من الزوال إلى الغروب، وأن صلاتَي العَشِيّ هما الظهر والعصر (وقيل: العَشِيّ من صلاة المغرب إلى العَتَمة) وقد ذكر أبو حيان في تفسيره الآية أن العَشِي يعقبه الإمساء، وبذا يترجح ما ذكرنا] وقالوا: "مَسَوْت الناقة والفَرَسَ ومَسَوْت عليهما ومَسَيتُهما ومَسَيت عليهما مَنسْوًا ومَسْيًا- بالفتح: إذا أدخلت يدك في رحمهما فنقّيته من نُطْفة الفَحْل، اسْتِلْئاما له. ومَسَى الحَرُّ المال (كرمى): هزله ". Qكثافة (أو غلظ) تخالط الأثناء بامتداد كمخالطة كثافة الظلام ضوء النهار بالإمساء، وكمَسْو الناقة الموصوف (إدخال اليد في الرحم إلى قاعه غلظ وفظاظة)، ومَسْى الحَرّ المال يعني وصول الحرارة إلى الأثناء بأثرها

(أمس)

الحادّ، والحرارة من جنس معنى الغلظ. ومن مخالطة الأثناء بغلظ "مَسَيت الشيء: انتزعته (من أثناء حوزته)، وامْتسَى ما عنده: أخذه كله، وامْتَسَى: عَطِش [ق]، (حدة في الأثناء) وكلُّ استلالٍ مَسْيٌ ". (ويتأتى أن يكون هذا تعميمًا لمسْو الناقة). ولم يأت من التركيب في القرآن إلا الإمساء في آية الرأس وهو ضد الإصباح. ومن تلك المخالطة بغلظ قالوا "تَمَسَّى: تقطع، والتَماسِي: الدواهي ". ومن الامتداد في الأثناء بكثافة "رَكِب مَسَاء الطريق- كسحاب: أي وَسَطه (الذي ينفذ فيه المارة بامتداد وكثرة- كثافة، كما سموا الطريق سرَاطًا ولَقَمًا من نحو سَرطَ الطعام ولَقِمَه) وقالوا "ماسَى فلان فلانًا: سَخِر منه " (داخله بحدّة) و "رجل مَاسٍ: لا يلتفت إلى موعظة أحد ولا يَقبَلُ قوله. وكذلك مسا الحمارُ يَمْسو: حَرَنَ " (غلظ أو حدّة في الأثناء أي عدم انقياد). • (أمس): {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ} [القصص: 82] "الأمس: اليوم الذي قبل يومك بليلة [ق] وأَمَس الرجل: خَالف [من تاج عن هامشه]. Qالتخلف -كاليوم الماضي فهو مخلَّف، والرأي المخالف فهو غير لاحق برأي الجماعة. ولم يأت في القرآن من التركيب إلا (أمس) والأقرب أن يكون بمعنى اليوم السابق خاصة هو {فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ} [القصص: 18، وكذا ما في 19 منها] أما {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ

(مسح)

بِالْأَمْسِ} [يونس: 24] {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ} [القصص: 82] فهما بمعنى ما مضى من الزمان [ينظر بحر 5/ 146]. وقد أرجع ابن الأنباري والكسائي (أمس) بمعنى البارحة إلى المساء أخذًا من قولهم أمس بخير ثم سمى به [ل أمس 304/ 23، 305/ 6]. وقد علل البصريون بناءها بأنها ضارعت الفعل الماضي. • (مسح): {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] "المَسْحاء من الأَرَضين: المستويةُ ذاتُ الحَصَى الصغار لا نبات فيها، ومن النساء: الرَسْحَاء. والمَسْحاءُ الثديِ: التي ليس لثديها حَجْم. وعَضُدٌ ممسوحة: قليلة اللحم. وخُصًى ممسوح: سُلِتَت مذاكيرُه. ورجل أمسح القَدَم: قَدمُه مستوية لا أَخْمَص لها. والمِسْحُ- بالكسر: الكساء من الشعر. والأَمْسَح: الأعور الأبخق. والتِمْسَح والتِمساح: خَلْقٌ على شكل السُلَحْفاة معروف ". Qانبساط باستواء ظاهر أي خلو من النتوء كأنما عن ضغط بعرض. كالأرض والمرأة والعضد والقدم والكساء والأعور وهيأة التمساح المذكورات. ومن ذلك "مَسَحْت السيف: استللته " (فبرز ممتدًا مستويًا)، وكذلك "المَسَح -محركة- أن تَمسح إحدى الفخذين باطنَ الأخرى (أي في المشْي) فيحدثَ لذلك مَشقٌ وتشقق. . . "ومنه "مَسَحْت الناقة (فتح، ض): هَزَلتها وأدْبرتها (أذهبت شحمها وتجمع اللحم في بدنها فدقّ وعَرُضت بلا انتبار) والمَسْح: المَشْط (لبسطه الشعر)، وذَرْعُ الأرض (بيان مدى انبساطها)، وإمرارك يدك على

الظاهر (المنبسط) من أحد تريد تأليفه، أو لبلل أو نحوه تريد إذهابه بذلك، كمسحك رأسَك من الماء وجبينَك من الرشح، أو ببلل تريد إمساسه " {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيدِيكُمْ} [النساء: 43] فهذا مسح بالصعيد الطيب. ومثله ما في آخر الآية التالية: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} وهذا مسح بلل اليد بالرأس. وقد فَسّر بعضهُم مَسْحَ الرجلين على قراءة الجر بالغَسْل [ل]. وهو تأويل لحُظ فيه جزء المعنى، وهو إمرار اليد دون كثرة الماء المناسبة للغسل، فهو تفسير بعيد لغويًّا. {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [ص: 33]، فُسِّر مسح السوق والأعناق بقطعها، وبإمرار اليد [ل 433، وقر 15/ 195] وقصة القطع رواها الكلبي -هو متكلَّم فيه، ومقاتل- وقد ضعفوه (¬1) والخلاف معروف. ونضيف ملحظًا هو أن تعدية المسح بالباء جاءت في القرآن الكريم لامرار اليد على عضوٍ لمسِّه بما على اليد من بلل أو تراب {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6]- أما استعمال المسح في القطع فجاء في [ل 433/ 8، ق، المنجد] متعديًا بنفسه. ووَجْهُه إزالة النتوء والغلظ المتمثل في الجزء المقطوع فيصبح ما دونه مستويًا. فتفسير المسح في الآية (وهو معدي بالباء كما في آيتي المسح بالماء والتراب) بقطع السوق والأعناق = بعيدٌ بحكم اللغة لمخالفته الاستعمال، ولعدم تحقق الاستواء بعده، ثم بحكم السياق، وبحكم العقل والحكمة. فالأقرب في حصيلة المعنى: لَزِمْت ¬

_ (¬1) التفسير والمفسرون: للذهبي - طريق الرواية عن ابن عباس ومقدمة الأشباه والنظائر لمقاتل ص 36 وما بعدها.

(مسخ)

مكاني حبًّا في الخير بسبب ذكر نعمة ربي - ثم استعادها ليمسَحَ بيده عليها لهذا المعنى أو نحوه، وقد روى نحو ما رجّحناه عن ابن عباس والزهري، ورجحه الطبري وغيره. ونزّه أبو حيان منصب النبوة عن معنى التفسير بقطع السوق والأعناق [بحر 7/ 379 - 380]- وانظر تركيب (حبب) في هذا الكتاب. ومن الأصل التَمْساح - بالفتح: الكذب (إخراج -أي اختلاق- شيء مؤلَّف مستوٍ (كما أن التزوير من التحسين). وقد قالوا إن المسيح (الدجال تعني الكذاب -أو الأعور لأنه ممسوح جانب الوجه) [ل 432]. أما (المسيح) بن مريم فقالوا في اشتقاق اسمه الكثير [ل 431] وقال المجد في [ق] إنه ذكر في اشتقاقه خمسين قولًا [ق: مسح] واختار منه أنه من مَسْحِه الأرض (أي سياحته فيها) أو أنه كان لا يمسح بيده ذا عاهه إلا برأ " [تاج] {إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 45]، فيكون من تسميته بما سيقع منه. وليس في القرآن من التركيب إلا ما ذكرنا. • (مسخ): {وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ} [يس: 67] "المَسِيخ من الطعام: الذي لا مِلْح له ولا طَعْم ولا لَوْن، ومن الفاكهة واللحم الذي لا طعم له. وفرس مَمْسُوخ: قليلُ لحم الكَفَل. ومَسَخْتُ الناقة (فتح): هزلتها وأدبرتها من التعب والاستعمال. وأمْسَخَ الورمُ: انْحَلَّ ". Qاختلالُ (= انتقاص) ما به قِوام هيأة الشيء أو طبيعته منه - كخُلُوّ الطعام من الملح الخ، وكذلك لحم الكفل فيلصق جلده بعظمه فيفقد هيئته، وكذهاب الشحم من الجسم. وذهاب الانتفاخ من الورم محمول

(مسد)

على هذا. ومنه نحو "مَسَخَه الله قردًا: حَوّل خَلْقه إلى صورته وهو مَسْخ - بالفتح، ومَسيخ: مشوه الخلقة " {وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ} لأَزْمنّاهم وأقعدناهم في مكانهم فلا يستطيعون تصرفا [بحر 7/ 329]، ... [وانظر قر 15/ 50]. • (مسد): {فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} [المسد: 5] "المَسَد - محركة: الليف، والحبل الممسود أي المفتول من ليف، أو لحاء شجر، أو خُوص، أو جلود، أو ووَبَر ... وجارية ممسودة: مُلْتَفّةُ الخَلْق ليس في خَلْقِها اضطراب. ورجل مَمْسُود: مجدول الخَلْق. مَسَد الحبل (نصر): أجاد فتله ". Qلَأمٌ وجَدْلٌ أو شَدٌّ لمادّة الشيء الطويل الممتد: كفَتْل الليف - وخيوطُه قوية، واللحاء والخوص .. وحبل المَسَد في الآية حبل من ليف. ومما في الأصل من شدة مع استطالة جاء "مَسَدَ: أَذْأَب السير في الليل ". • (مسك): {خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطففين: 26] "المَسْك - بالفتح: الجِلْد، وبالتحريك: الأَسْورة والخلاخيل من الذَبْل والعاج واحدته مَسَكة - بالتحريك. والمسك - بالتحريك: الموضع الذي يُمْسِك الماء كالمَسَاك- كسحاب. وبلغ مَسَكة البئر - محركة، وبالضم: أي مَكانًا صُلْبًا لا يحتاج أن يُطْوَى (= يُبْنَى). سقاء مَسِيك: يَحْبِس الماء فلا ينضح ". Qضبط الشيء أو حبسُه حَبْسًا قويًّا - في حيّزٍ فلا يتسيّب. كالجِلْد يَحْبِس ويضبط ما بداخله من الجسم وكالسوار والخلاخيل

تَمْتَسِك في مواضعها في اليد والرِجْل وهما تنفذان من دائرتها، ومَسَكة البئر صُلبة لا يُخشَى أن تنهار، والسقاء الموصوف لا يتسيب منه الماء. ومنه المِسْك - بالكسر: ضَرْبٌ من الطيب حيث يوجد متجمعًا في هنة معلقة في عنق الغَزال أو في سُرَّة ما يشبهه [انظر ل فأر] كما قال: [فإن المِسْك بعضُ دَم الغزال] فالتعلق والتجمع إمساك وتماسك، وكذا علوق رائحته بمن يطيب به، وجذبه من يشمه كلها ملاحظ مترادفة تقطع بسلامة أخذ اسمه من التركيب. وقد ذكرنا قبلًا أنهم "أطبقوا على أن التفرقة بين اللفظ العربي والعجميّ بصحة الاشتقاق " [كلبات أبي البقاء 116] ووزن الكلمة مألوف، كما أن الغِزْلان التي يؤخذ منها المسك كثيرة ومألوفة في أرض العرب، والطريقة موصوفة ومناسبة لحياتهم، واللفظ ورد في شعر أمرئ القيس والأعشى [شرح السبع الطوال الجاهليات ص 29، 30 وكذلك الخصائص 2/ 117] فزعم الجواليقي (¬1) والجوهري والليث [ل 306، 7] تعريبه- غريب. {خِتَامُهُ مِسْكٌ} رائحة آخره رائحة المسك .. [قر 19/ 265]. ومن حسِّيّ الأصل "المَسَكة - محركة، والماسكة: جلدة تكون على رأس الولد وأطراف يديه (حين الولادة) (تحيط وتمسك به وتحفظه). ومن الأصل ذلك الاستعمال المشهور: "أمسك الشيء: قبضه باليد {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيكُمْ} [المائدة: 4] (أي مما اصطادت لكم الجوارح التي عَلَّمْتُموها الصيد). ومن هذا القبض إمساك الشيء بمعنى حَبْسه {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ} [الملك: 21]، (أي حبس عنكم ما تعودتم أن يرزقكم إياه). ¬

_ (¬1) المعرب 373.

{هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيرِ حِسَابٍ} [ص: 39]، {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر: 2] وكذلك ما في [الزمر: 38] "وأمسك الشيء على نفسه: حَبَسه " (أي استبقاه في حوزته) {أَمْسِكْ عَلَيكَ زَوْجَكَ} [الأحزاب: 37]، (أي اسْتَبْقِها زوجة لك لا تطلقها) [ومن إمساك الزوجة هذا ما في [البقرة: 229، 231، الممتحنة: 10، الطلاق: 2] ومن معنى الاستبقاء هذا {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} [النحل: 59] ومن صور ذلك الاستبقاء {فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} [النساء: 15]، وكذا إبقاء الطير في الهواء {مَا يُمْسِكُهُنَّ إلا اللَّهُ} [النحل: 79، وكذا ما في الملك: 19] {فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيهَا الْمَوْتَ} [الزمر: 42] (أي يستبقي الروح التي توفاها سبحانه لا يردها إلى بدنها إذا كان قد قضى عليها الموت). "المُسك والمسكة - بالضم: ما يمسك الأبدان من الطعام والشراب، أي يبقيها حية. وقالوا "رجل ذو مُسْكة - بالضم: أي رأى وعقل يُرْجَع إليه "كما قالوا: لُبّ. وفي قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر: 41]، {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إلا بِإِذْنِهِ} [الحج: 65]، قال [قر في 14/ 365] عن الأولى يمنعهما أن تزولا، وعن الثانية [12/ 63] وإمساكه لها خلق السكون لها حالًا بعد حال "وأقول إن هذا حسب علم المتقدمين بالكون، والمحدثون كشفوا أن الله تعالى خلق في الأرض والأجرام السماوية جاذبية تضبط أوضاعها. وعلى هذا فإمساكه لها هو إبقاء هذه الضوابط، فإذا أراد زوالها فمن سُبُل ذلك إبطال هذه الضوابط.

معنى الفصل المعجمي (مس)

واستعمل في الاعتصام بالشيء إن كان عقيدة أو توجيهات أي مراعاته والالتزام به ومنه على المثل {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البقرة: 256، لقمان: 22]، {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ} [الأعراف: 170]، {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيكَ} [الزخرف: 43]. ° معنى الفصل المعجمي (مس): السريان في الأثناء (أو المخالطة القوية) -كما يتمثل في الكلأ المسوس الناجع في الراعية- في (مسس)، وكسريان مبادئ الظُلْمة في الجو المحيط حتى يعم الظلام بغروب الشمس، وكذلك مَسْو الناقة والفرس ومَسيهما في (مسو / مسى)، وكما يشعر الناس بذهاب زمن (الأمس) الذي كان يغشاهم بعد انقشاعه عنهم - في (أمس)، وكإمرار اليد مبسوطة على ظاهر الشيء - في (مسح). وكذلك اختلاج الطعم المعتاد الذي يجعل الطعام والفاكهة شَهِيَّين- في (مسخ)، وكسَرَيان الشدة والتماسك في الحبْل الممسود والجارية الممسودة في (مسد)، وكون الشيء محوزًا بقوة في حوزة - في (مسك). الميم والشين ومثيلهما • (مشش- مشمش): "المُشَاشَة - كرُخامة: كل رأْس من رءوس العظام كالرُكْبتين والمِرْفَقين والمَنْكِبَين، وطريقة (من الأرض) من حجارة خَوّارة وتُراب. ومُشَاشة الركِيَّة: جبلها الذي فيه نَبَطها وهو حَجَر يَهْمِي منه الماءُ أي يرشح فهي كمشاشة العظام تتحلب أبدًا. والمَشَش - محركة: وَرَم يأخذ في مقدَّم عظم وظيف الدابة أو باطن ساقها حتى يكون له حجم وليس له صلابة العظم ".

Qرشح المائع من الصلب بانتشار وتفش هَمَيانًا أو مصًّا وجذْبًا (¬1) كما تُتَمَشَّشُ رءوس العظام، والطريقةُ من الأرض ترشح، وكمشاشة الركيّة - وكالورم من رشح كوّنه. ومنه "مَشَّ الشيءَ ومَشْمَشه: دافه وأنقعه في الماء حتى يذوب (فتنتشر خصائصه في الماء) كمَشِّ الأَشْفِية والأدوية. ومَشَّ الناقةَ: حَلَبها وترك بَعض اللبن في الضَرْع (ليجتمع إليه لبنٌ آخر)، والعظمَ: مصّه ممضوغًا كامْتَشّه وتَمَشَّشه ومَشْمَشَه. ومَشْمَشُوه: تَعْتعُوه (حركوه في اتجاهات كثيرة منتشرة). ومن إصابة ما يشبه الرشح "مشَّ يده: مسحها بشيء خشن ليُذهِبَ به غَمَرَها ويُنَظِّفَها. وامْتَشَّ: أزال الأذى (الأخيران من إصابة ما يشبه المتحلب "والمشمشة: تفريق القماش " (الغثاء). ومش القِدْحَ: مسحه بثوبه ليلينه "تشبيه بهيئة المسح للإزالة). ومن أخذ ما يشبه المتحلب الراشح: "امْتشّ الثوبَ: انْتَزَعه، ومَشَّ مال فلان، ومنه، وامتش كذلك: "أخذ منه الشيء بعد الشيء ". والمِشْمِش - بالكسر ويفتح ويضم: ضرب من الفاكهة معروف فهو من ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الميم عن نَضامٍّ ظاهري، والشين تعبر عن نفش وانتشار برخاوة، والفصل منهما يعبر عن انتشار برخاوة من جرم الشيء المتجمع -أو فيه كالمشاشة بمعانيها. وفي (مشى) تعبر الياء عن امتداد واتصال، ويعبر التركيب عن امتداد برخاوة كما في المشي المعروف، والمشي انتشار أيضًا. (وفي مشج) تعبر الجيم عن جرم متجمع غير صُلْب، ويعبر التركيب عن امتزاج أشياء كثيرة مختلفة يمتد بعضها في أثناء بعض فتصير شيئًا مجتمعًا، كأمشاج الغزول وأمشاج النطف.

(مشى)

الأصل فإن شحمه الذي هو متجمع حول عَجَمِه الصُلْب = رِخْو ويمكن أن يتصور أنه رَشْح ذلك العَجَم ناشئٌ أو متولد عنه. • (مشى): {وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الحديد: 28] "المَشْى - بالفتح معروف. والمواشي اسم يقع على الإبل والبقر والغنم. Qانتقال بحركة الأرجل أو نحوها بلا حِدّة. وذلك كالمَشْي إذ هو انتقال بالأرجل قليلًا قليلًا بلا حِدّة (ليس كالجري) {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا} [الأعراف: 195] وقد جاء من المشي: الانتقال {فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَينِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} [النور: 45] {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو من المشي المعروف عدا ما نذكره الآن فالمشي يعدّ امتدادًا أيضًا، لوجود الماشي في نقطة، ثم وجوده في نقطة بعيد عنها وصل إليها. ومن هذا الامتداد معنى التناسل "مشت الماشية: كثر أولادها. ناقة ماشية، وامرأة ماشية: كثيرة الأولاد. مال ذو مَشَاء أي نماءٍ يتناسلُ "ومن صور هذا الامتداد الاستمرار على أمر ما. {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ} [ص: 6] فالأمر بالمشي لا يراد به نقل الخُطا، إنما معناه: سيروا على طريقتكم، ودوموا على سيرتكم. [بحر 7/ 369]، وسبق بمعناه الخطابي: ثلاث رسائل في إعجاز القرآن 43] أما المَشَّاء الذي يمشي بين الناس بالنميمة فسمي كذلك (لسعيه) بينهم أو لتنميته الكلام ومدّه وزيادته أو للتوصيل وهو امتداد {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} [القلم: 11].

(مشج)

وأما "مشى بطنه: استطلق "فهو من حركة ذي البطن وعدم استقراره. • (مشج): {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ} [الإنسان: 2] "يقال عليه أَمْشاجُ غُزُول أي داخلةٌ بعضُها في بعض يعني البرود فيها ألوان الغزول. والمَشْج - بالفتح، وبالتحريك، وككتف وجميل: كل لونين اختلطا / كل شيئين مختلطين. والأمشاج أخلاط الكَيمُوسات الأربع: المِرار الأحمر، والمِرار الأسود، والدم، والمني ". Qامتزاج الأشياء الكثيرة المختلفة جرمًا واحدًا غير صُلْب: كما في الأمشاج المذكورة. ومنه: "المشيج: ماء الرجل يختلط بماء المرأة "ومنه ما في آية التركيب. ° معنى الفصل المعجمي (مش): النفاذ بانتشار من أثناء الشيء كما يتمثل في رشح الماء من جَبَل الركية أي حَجَرها الذي في قاعها، وكذلك امتشاش الودك من مسامّ مُشاش العظم - في (مشش)، وكمفارقة المكان بالمشي وانتشار النسل - في (مشى)، وكخيوط أمشاج الغزول التي تمتد لتتداخل مع غيرها - في (مشج). الميم والصاد وما يثلثهما • (مصص- مصمص): "المُصّان - كدُكّان: قَصَب السكر. مَصِصْت (اللبن والقصب والرمّان ونحوه): شَرِبته شُرْبًا رفيقًا [ق] مع جَذْب نفَس / رَشَفْته [المنجد]. والتمصص المص في مهلة / الترشّف. ومَصّان - كرَيّان: شَتْم للرجل يُعَيّر برَضْع الغَنَم من

(مصر)

أخلافها (= ضروعها) من اللؤم. ومَصْمَص الإناءَ: غَسَله بأن رقرق فيه الماء ثم حرّكه أو خَضْخَضه -من غير أن يَغْسِله بيده- ثم يهريقه حتى يطهر ". Qاستخلاص المائع ونحوه من أثناء شيء آخر جَذْبًا بالفم أو سَحْبًا شيئًا فشيئًا (أو قليلًا قليلًا) (¬1) كمَصّ اللبن والقَصَب ومَصْمَصَة الإناء (يَسْحبُ الماءُ بحركته القوية ما لَصِق بجدار الإناء). ولملحظ القِلّة جاء في قول عمر: إنه "مَصّ منها أي نال من الدنيا القليل "، "وناقة مَصُوص: قميئة "، كأن فعولًا هنا بمعنى مفعول. ومن الأصل: "مُصَاصُ الشيء - كرخام، وبناء، ومُصَامِصُه - كتماضر: أَخْلَصُه (أي لُبّه الذي يستخلص). ورجل مُصَاص: شديد ممتلئ الخَلْق أملس " (خالص مصمت خال من الخور) أما المُصاص -كصداع: نبت- فلعله سُمِّيَ من أنه ينبت خيطانًا دقاقًا طوالًا متينة بين قشور كثيرة [ينظر ل مصص، مصخ، ثدأ]. • (مصر): {وَقَال ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [يوسف: 99] "مَصَرَ الشاة (نصر) وتَمَصَّرَها: حَلَبها بأطراف أصابعه الثلاث. وقيل هو أخذ الضَرْع بالكَفّ والإبهامُ فوقَ الأصابع. وناقة مَصُور: لبنها بطيء الخروج ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الميم عن تضام ظاهري، والصاد عن نفاذ الشيء أو خلوصه بغلظ وقوة، والفصل منهما يعبر عن خلوص ما هو راسخ في أثناء الشيء مضموم فيه أو استخلاصه جَذْبًا كمص اللبن وغيره. وفي (مصر) تعبر الراء عن استرسال ويعبر التركيب عن استرسال في جمع الشيء شيئًا بعد شيء كالمِصْر الوعاء، والكُورة.

فيُتَمَصَّر أي يُحْلَبُ قليلًا قليلًا. وامَّصَر الغزْل: تَمسّخ. والمِصْر - بالكسر: الوعاء، وغُرّة الفرس إذا كانت تِدقّ من موضع وتغلظ من موضع فهي متمصرة ". Qأخذُ الشيء أو جذبُه بنحو العَصْر قليلًا قليلًا أو مرة بعد أخرى مع استرسال. كحلب الناقة بالصفة المذكورة، وتمسخ العزل كأنما جُذِبَ، وكالأخذ في الوعاءِ مرةً بعد أخرى. والغرة المذكورة تَقِلّ مرة بعد أخرى مع استرسالها. كأن اتساعها وجود، ودقتها انقطاع. ومنه "مَصَّرَ عليه العطاءَ - ض: قلّله وفَرّقه قليلًا قليلًا (لإعطائه دَفْعة - دَفعة) وكذلك "مَصَّرَ عطيته: قَطّعها قليلًا قليلًا. وجاءت الإبل إلى الحوض متمصرة، ومُمْصِرة - كمحسنة: أي مُتَفَرّقة. والتمصير في الثياب: التخرق من غير بِلًى " (مساحات متينة النسج وبينها الخروق) ومنه "المِصْر - بالكسر: الحاجز والحد بين الأَرَضِين: اشتريت الدار بمُصُورها أي بحُدُودها (الحدّ يحوز المحدود شيئًا بعد شيء مسترسلًا حوله). والمِصْر - بالكسر: الكُورة واحد الأمصار (بلدٌ أو مساحة تُحَيَّز وتُحَدَّد حدودها - لا كالصحراء بغير حدود)، وقد مَصَّر عمر - رضي الله عنه - الأمصار ومنها البصرة {اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ} [البقرة: 61]. واسم مصر النيل (حفظها الله تعالى) هو بالهيروغليفية (مصر Metcher. والعلاقة بين المصرية القديمة والعربية بالغة القوة -[ينظر: البرهان على عروبة اللغة المصرية القديمة. د. علي فهمي خشيم ص 765]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى مصر النيل، عدا هذه الآية الأخيرة، فإن كلمة (مصر) فيها تحتمل أن تكون مصر النيل وأن تكون أي (مصر) أي مدينة. ومن الأصل "ثوب مُمَصَّر - كمعظم: مصبوغ فيه شيء من صُفرة ليست

£° معنى الفصل المعجمي (مص)

كثيرة من عِشرق أو غيره (شَرِبَ الصِبْغ: احتواه قليلًا قليلًا). أما "المصير: المِعَى " (من مَصَر) فلُحظ فيه ضَمُّه عصارة الطعام وبقاياه شيئًا فشيئًا لطوله ودقته). وإن كان (من صار) فلأن الطعام يصير إليه - والأول أدق وأبعد من الشذوذ. ° معنى الفصل المعجمي (مص): استخلاص الشيء من أثناء شيءآخر بنوع من الضغط جذبًا أو عصرًا كما يتمثل في مص رحيق القصب منه وكذلك مص اللبن وغيره - في (مصص)، وكما في حلب اللبن عصرًا بالكف والإبهام أو بالأصابع الثلاث - في (مصر). الميم والضاد وما يثلثهما • (مضض- مضمض): "المَضَضُ - محركة: اللبن الحامض [ق] وكصُداع: الماءُ الذي لا يطاق مُلوحةً، مَضَّ الخلُّ فَاه: أحرقه [ق]. مَضَّه الجُرْح (رد): آلمه وأوجعه. وأَمَضَّه جِلْدُه فدَلَكه: أحَكّه. مَضَّ الكُحْل العَينَ: آلمها وأَحْرقها. والمَضْمَضَة: تحريك الماء في الفم. ومضمض النعاسُ في عَينَيه: دَبّ. ومَضْمَضَ: نام نومًا طويلًا ". Qحدّة بالغة تتغلغل في باطن الشيء أو جوفه (¬1) كحدّة ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الميم عن تضام الظاهر، والضاد عن تجمع كثيف أو غليظ في الجوف، والفصل منهما يعبر عن احتواء الجِرم في أثنائه على غليط (حدة بالغة أو ما إليها) كالمُضَاض: الماء الذي لا يطاق ملوحة. وفي (مضى) تعبر الياء عن امتداد واتصال، ويعبر التركيب عن امتداد الحدة في الأثناء حتى النفاذ كنفاذ السيف في أثناء الضريبة. وفي (مضغ) تعبر الغين عن نحو الغشاء القوي الأثناء، والتركيب يعبر عن صيرورة =

(مضى)

الملوحة في الماء، والحموضة في اللبن، والخل في الفم، والألم في الجرح، وذلك الإحساس الداعي إلى حك الجلد، وحُرْقة الكُحْل في العين، وذهاب اليقظة من العين والرأس. والمضمضة تحريك الماء فِي الفم بقوة -كما يتبين من مقارنتها بالمصمصة [ينظر تاج مصص] يقصد بها اقتلاع ما تغلغل في الفم وبين الأسنان. وأما "المَضّ - بالفتح: حَجَر في البئر العادية يُتْبَع حتى يُدْرَك فيه الماء " [ق] فهو غلظ في باطنها يقابل الحدّة وهو يُنْهي جفافها. ومن تلك الحدة في الباطن "مَضَّه الهمُّ والحُزْن وأمَضّه: أحرقه وشَقّ عليه، والمضَضُ - محركة: وجَعُ المصيبة. وامرأة مَضّة - بالفتح: لا تحتمل شيئًا يَسُوءها / تُؤْلمها الكلمة أو الشيء اليسير وتؤذيها " (عندها حرارة) و "المِضْماض - بالكسر: الرجُل الخفيف السريع " (حدة باطنه). و "مِضّ "حكاية (صوت) بتعويج الشفة أو بطرف اللسان أو بالأضراس (كذا) وهي بمعنى (لا). • (مضى): {لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَينِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} [الكهف: 60] "مَضي السيفُ مَضَاءً: والفرسُ يُكْنَى أبا المضاء ". Qنفاذ شيء ومروره بغلظ أو قوة في أثناء شيء أو منها. كما يمضي السيف أي ينفذ في جسم الضريبة، وكما يَنْفُذ الفَرَس (عَدْوا) يجوز المكان بقوة. ومنه "مَضَى في الأرض مضاء: نَفَذَ / خلا وذهب. وتَصَدَّقَ فأَمضى ¬

_ = الشيء كالكتلة الغشائية الغليظة المتماسكة (لا صلابة في أثنائها وإن كانت شديدة) لغلظ يخالطها كالمضغة.

(مضغ)

أي أنفذَ العطاءَ ولم يتوقف فيه. وكذا مَضَيت على الأمر ومَضَوْت. ومَضَى وتَمَضَّى: تقدم (جاز ونفذ) {فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ} [يس: 67]، (أي ذهابًا) {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيثُ تُؤْمَرُونَ} [الحجر: 65]، (اذهبوا أو سيروا إلى حيث ...) {لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَينِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} [الكهف: 60]، (أي أظل حُقُبا في سيري هذا) {فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ} [الزخرف: 8]، {وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ} [الأنفال: 38]. (أي تقدمت ومرّت). وما عدا هاتين فهو بمعنى السير والذهاب. • (مضغ): {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} [المؤمنون: 14] "المَضِيغة: لحمُ باطن العَضُد، وكلُّ عَصَبة ذاتِ لحم. والعَضَلَة مَضيغة، واللِهْزِمة (مضيغة في أصل الحنك تحت الأذن) مَضيغة. والمَضِيغة أيضًا: ما بُلَّ وشُدَّ على طَرَف سِيَة القوس من العَقَب (العَقَب = عصب المتن أو غيره يُمْشَق من اللحم ويُتَّخذ وترًا أو يشد به القوس أو غيره). والمُضغة - بالضم: القطعة من اللحم. وتمر ذُو مَضْغة - بالفتح: صُلْب متين يُمْضَغ كثيرًا ". Qانضغاط النسيج اللحمي بعضه في بعض فيشتدّ. كتلك المضائغ الموصوفة. ومضيغة القوس تكون لينة عند شدها على طرف القوس، ثم تجف فتبلغ غاية المتانة. ومن ذلك المُضْغة التي يُخلَق منها الإنسان بعد أن تتحول من نطفة إلى علقة ثم إلى مضغة ثم تتحول إلى عظم {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا} [المؤمنون: 14]، ومنه إطلاق المُضْغة على القلب واللسان فهي تسمية بالمادة. والأصل واضح في تكوينهما.

معنى الفصل المعجمي (مض)

ومن هذا الأصل "المَضْغُ: لَوْكُ الطعام (ويتم بضغطه شديدًا مع تقليبه، ويساعد بلال الريق على تليينه ثم إذابته). والمَضَاغُ - كسحاب: الطعامُ يمضغ، والمواضغ: الأضراسُ. والماضغان: رُؤْدَا الحنكين (= ما شخص عند أصول اللَحيين تحت الأذن عند المضغ) وكلأ مَضِغ - ككتف: بلغ أن تمضُغَه الراعية " (والمقصود أنه بلغ أن يؤكل). ° معنى الفصل المعجمي (مض): مخالطة الأثناء بقوة أو حدّة كما يتمثل في طعم الحموضة في المضَضَ: اللبن الحامض، وكذلك في "مَضّ الخلُّ فاه: أحرقه "- في (مضض)، وكما في نفاذ السيف في الضريبة بقوة - في (مضى)، وكما في مضغ الشيء بالأضراس - في (مضغ). الميم والطاء وما يثلثهما • (مطط- مطمط): "المَطِيطة: الماءُ الكَدِرُ الخاثِر يبقى في الحوض فهو يتَمَطَّط أي يتلزَّج ويمتد. وأدخل أُصبعه في الطِلاء ثم رفعها فتبعها (الطِلاء) يَتَمَطط (أي يمتد أي كان ثخينًا لزجا). ومطّ الطائرُ جناحيه: مدّهما. والمُطُطُ -بضمتين: الطوال من جميع الحيوانات، والمَطّ- بالفتح: سَعَةُ الخَطْو. ومَطَّ حاجِبَيه، وأناملَه، ومَطّ بآمين: مَدَّها ". Qتمدّد الشيء أو قبوله التمدد مرونةً مع تماسك أثنائه (¬1): ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الميم عن تضام ظاهري. والطاء عن الضغط والتمدد طولًا أو سعة، والفصل منهما يعبر عن امتداد الجرم أو قبوله الامتداد مع تجمع أو تماسك كالمطيطة: =

(مطو)

كالماء والطلاء والأجنحة المذكورة وكطول جِرم الطويل وسَعَة الخطو في المشي بمدّ الرجل والمسافة. ومن مادّيه: "المَطمَطة: مَدّ الكلام وتطويله. والمُطَيطَى والمُطَيْطَاء -بضم ففتح فسكون: مِشيَة التبَخْترُ ومدِّ اليدين في المشي. والتَمَطِّي: التَمَدُّدُ. ويمكن أن يكون محولًا من التضعيف وأصله التمطط، فمن ذهب بالتمطي إلى المطيط (أي قال إن أصله التَمَطط) فإنه يذهب به مذهب تَظَنَّيتُ من الظن وتقضيت من التقضُّض. وستأتي الآية في (مطو). • (مطو): {ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33)} [القيامة: 33] "المَطَا: الظَّهرُ. والمَطو- بالفتح: جريدة تُشَقُّ بشِقين ويُحزَم بها القَتُّ من الزرع والشِمراخ (= عِذْق النخلة = السباطة)، وبالفتح والكسر: عِذْقُ النخلة، وبالكسر: سَبَل الذرة. والأُمطي- ككرسي: شجر ينبت في الرمل قضبانًا وله عِلك يمضغ ". Qامتداد الشيء مع امتساك أثنائه. كالظهر يمتد ويمتسك، وكذلك المَطْو بطوله ومتانته. وعِذق النخلة يمتدّ ويحمل البلح، وسبل الذرة ممتدّ وله دقيق- والأُمطِي تمتد قُضبانه وعِلْكه يمتد. ومنه "مِطوُ الرجُل- بالكسر: صاحبه في السفر (إذ السفر مَطّ ومَدّ فهو شريكه في المَطْو) ¬

_ = الماء الخاثر يتمطط أي يتلزج ويمتد. وفي (مطو) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن وجود قوة الامتداد مع تماسك قوي كالمطا: الظهر. وفي (مطر) تعبر الراء عن استرسال ويعبر التركيب عن الاسترسال في الامتداد انسكابًا ونحوه كما في قطرات المطر وكما في المطر- بالضم: سنبول الذرة.

(مطر)

والمَطِية من الدواب (فعيلة) لأنها تمطو في سيرها فهي بمعنى فاعل أو يُرْكب مطاها فهي بمعنى مفعول. و "مُطِيَ بلال في الشمس- للمفعول: مُدَّ وبُطِحَ. ومَطَوْتُ بالقوم: مَدَدْتُ بهم في السير. وتمطَّى الرجُلُ: تمَدّد. والتَمَطِّي: التبَخترُ ومدُّ اليدين ... يكون من المطّ والمطْو وهما المدّ. اهـ (انظر مطط). {ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33)} يتطاول في مشيته متبخترًا شُموخا وافتخارا بموقفه الباطل، أو إعراضا عن دعوة الحق. وكلمة يتمطى هنا تعطي معنى الخيبة أيضًا. [وينظر بعض ذلك في بحر 8/ 382، أبي السعود 9/ 68]. • (مطر): {وَلَا جُنَاحَ عَلَيكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى} [النساء: 102] "المَطَر -محركة: الماءُ المنسكبُ من السحاب. والمُطْر- بالضم: سُنْبُول الذرة. والمَطَرة -محركة: القِربة. ومَطَرة الحوض- محركة: وَسَطُه. ومَطَرَتْ الطيرُ وتمطَّرَتْ: أسرعت في هُوِيّها. ومَطَر الفَرَسُ (قعد): أَسرع. وجاءت الخيلُ مُتَمَطّرة: أي جاءت مُسرعة يَسبِق بعضها بعضًا. وكلمته فأمطر واستمطر: أطرق ". Qانْسكاب أو انحدارٌ بقوة أو سُرْعة مع استرسال. كالمَطَر يهوي قَطَرات مسترسلة كالحبال. (أما الضعيف القطر فيُسَمى الطَل ثم الرَذَاذ ثم النَضْح، أو النَضْخ وهو قَطْر بين قَطرين-[الثعالبي 256] , وكسُنْبُول الذرة يخرج من كِمّه باسترسال، وكسَكْب الماء من القِربة وفي وسط الحوض باسترسال أي تكرار، وإسراعُ الطير والخيل استرسال باندفاع، والإطراقُ هُويٌّ وانحدار. ويقال: "ذهب ثوبي فلا أدري من مَطَر به أي أخَذَه (انطلق به). لا

£° معنى الفصل المعجمي (مط)

تَسْتَمْطِر الخيلَ: أي لا تَعْرِضْ لها (كأنه نَهْي عن جَلب الحرب). ما زال على مَطْرة واحدة أي على رأي واحد (استرسال مع تمسك بهذا الرأي) وتلك منه مُطْرة -بالضم- أي عادة ". والذي جاء من التركيب في القرآن هو مَطَر السحاب {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ} [النساء: 102]، وإرسال العذاب تشبيهًا به في التصوب من أعلى، وبهذا المعنى سائر ما في القرآن من التركيب {وَأَمْطَرْنَا عَلَيهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} [الحجر: 74]. ° معنى الفصل المعجمي (مط): الامتداد والتمطط كما يتمثل ذلك في تمطط الطِلاء والعسل إذا أدخل الإنسان أصبعه في أو اللقمة فيه وأخرجها- في (مطط)، وكما في المَطَا الظهر، والمَطْو: الجريدة الطويلة وعِذق التمر وسبل الذرة- في (مطو)، وكما في المطر النازل كالحبال الممتدة من السماء- في (مطر). الميم والعين وما يثلثهما • (مع- معمع): {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] "المعُّ: الذَوَبان. والمَعمَعَةُ- بالفتح: شدّة الحرّ. ومعمعة النار سرعة تلهبها. وصوت الحريق في القصب ونحوه، وصوتُ الشُجَعَاء في الحرب ". Qاتساع مع اتصال أي عدم تفرق، ومع حدّة أو بسببها (¬1) ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الميم عن تضام الظاهر، والعين عن التحام على رقة وحدّة ما، والفصل=

-كما تتسيب الفضة والسمن إلخ وتتسع رقعتها بالذوبان دون تفرق، وكانتِشَار النار، وشمول الحرّ الناس بِحِدّته، وكالأصوات الكثيرة تغطي على ما عداها. ومن ذلك مجازًا "المَعمَعَةُ: شِدّة الحرب، والجِدُّ في القتال " (التحام وتداخل مع حدّة بالغة)، وهَيج الفتن والتهاب نارها " (مشبه بالسابق). ومن ذلك الأصل "المَعمَع- بالفتح: المرأة التي أمرُها مُجمَع لا تعطي أحدًا من مالها شيئًا / المستبدّة بمالها عن زوجها لا تواسيه منه (تشمل سيطرتها كل مالها. لا تترك منه شيئًا يذهب). والمَعمَعة: الدَمشقة وهو عمل في عَجَلة (فيتسع قدرُ ما ينجز, والعجلة حِدّة) و "رجل مَعْمَع وامرأة مَعمَع- بالفتح: ذَكِية مُتَوقدة " (ربط الذهن ولمحه أشياء كثيرة معًا اتساع وحدّة). و"مَعَ: كلمة تضم الشيءَ إلى الشيء (من الاتساع في الأصل) وهو اسمٌ معناهُ الصُحْبة اللائقة بالمذكور، ويستعمل ظرف مكان، فيقع خبرا عن الجثة والأحداث. وهي أخص من (جميع)، لأنها تشرك في الزمان نصًّا، و (جميع) تحتمله. [بحر 1/ 194]. وذكرها الأزهري في المعتل. وقد أوردها [ل، ق] في (معمع) {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40]. وليس فِي القرآن من التركيب إلا كلمة (مع) بالمعنى الذي ذكرناه. ¬

_ = منهما يعبر عن انتشار واتساع مع حدّهٍ أو بسببها- كالمعّ الذوبان. وفي (معى) تعبر الياء عن اتصال الممتد، ويعبر التركيب عن امتداد الشيء مع رطب في أثنائه يحتويه كأمعاء البطن. وفي (معز) تعبر الزاي عن اكتناز واشتداد، ويعبر التركيب معها عن شدة تخالط جرم الشيء المتصل المتماسك فتشتد صلابته كالمَعزاء: الأرض الحَزْنة الغليظة ذات الحجارة. وفي (معن) تعبر النون عن امتداد باطني، ويعبر التركيب عن امتداد وتغلغل في أثناء باطن (أو منه) كمعن الفرس: تباعده عاديًا ومعين الماء.

(معى)

• (معى): {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: 15] "المِعَى- كإِلى وفَتَى: من أَعفَاج البطن / ما ينتقل إليه الطعامُ بعد المعدة. وقال الأزهري: رأيت بالصَمَّان في قيعانها مِسَاكاتٍ للماء وإخَاذًا مُتَحَوّية تُسَمَّى الأمعاء وتُسَمَّى الحوايا، وهي شِبهُ الغِيران غَير أنها متضايقة لا عِرَض لها وربما ذهبت في القاع غَلْوة ". Qاحتواء رخو في أنابيب ممتدة ملتوية. كأمعاء البطن (ومنه الأمعاء في آية التركيب) وكالغُدران الموصوفة. وقد أورد [ل] هنا أيضًا جاءوا معًا أي جميعًا. لكن معنى المعية هنا مقيد، فردُّها إلى (مع) أدق. • (معز): {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَينِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَينِ} [الأنعام: 143] "الأمعَزُ والمَعزاء: الأرض الحَزنَة الغليظة ذاتُ الحجارة / طينٌ وحَصًى مختلطان غير أنها أرضٌ صُلْبة غليظةُ المَوطِئ وإشرافُها قليل لئيم تقود أدنى من الدَعْوة (الدعوة في مدى بلوغ الصوت: قدر ما يبلغ صوت الأذان). رَجُل ماعز، وككتف: مَعْصُوبٌ شَديد الخَلْق ". Qصلابة وشدة تخالط جرم الشيء الرِخْو فيشتد بها. كالأرض والرجُل الموصوفين. ومنه (المَعز- بالفتح وبالتحريك: ذو الشعر من الغنم / خلافُ الضأن "، إذ المَعَزُ أشدُّ وأقوى عَصَبًا، يلحظ ذلك في خفة أجسامها وحركاتها كما أن جسمها مكسو بشعر خشن، في حين أن الضأن مكسوة بطبقة وثيرة من الصوف {وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَينِ}. ومما يدل لذلك

(معن)

تسميتهم "جماعة التيوس من الظباء خاصة أو جماعة الأوعال أو جماعة الثياتل من الأوعال: أُمعوزا "-بالضم- وكلها فيها شدة الذكورة، إلى أن الثياتل والأوعال جَبَلِية. • (معن): {وَآوَينَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} [المؤمنون: 50] "مَعَن الفرس (فتح قاصر) وأمعن: تباعَد عاديا. وأمْعَن الرجل: هَرَب وتباعد. والمعين: الماء السائل الجاري على وجه الأرض. وقد مَعُن الماء (ككرُم وصعد): سهُل وسَال / جَرَى. ومَعَن المطرُ الأرض (كفتح): تتابع عيها فأرواها. وقد مَعِنَ الموضع والنبت- كفرح: رَوى من الماء ". Qتباعد الشيء وامتداده متغلغلًا في أثناءِ تَضُمُّه. كالفرس يغيب جاريا في غَيَابة البُعد، وكالماء يتغلغل في أثناء النبات والموضع حتى يشبع به. وكالماء الجاري في خدٍّ من الأرض. ولذا يقال "معن الوادي (كمنع): كثُر فيه الماء فسهُل متناوله {بِمَاءٍ مَعِينٍ} [الملك: 30] (ويتأتى أن يكون من العين) ومنه "أمعنوا في بلد العَدُو: تباعدوا ". ومن هذا الذهاب بغئور: "أمعن بحقي: ذهب به ". ومن تغلغل الرقة في الباطن جاء "المَعن- بالفتح: الذُلّ: (وهو رقة وضعف)، والشيءُ السهلُ الهين اليسير " (ليس غليظًا ثقيلًا) وقولهم "تمَعن علي البساط (بعد أن نزل عن فراشه) تمكن عليه تواضعًا " (وخشوعًا= استقرّ) وكذا قولهم "أمعن بحقي: أقر به بعد جحد " (هو من الاعتراف بثبات هذا الحق في الذمة أي تغلغله فيها). ويقال أيضًا "ضربَ الناقةَ حتى أعطت ما عونها وانقادت "-أي أعطت ما

£° معنى الفصل المعجمي (مع)

كان متغلغلًا في الباطن كما سبق أي بذلت مذخور قُوَّتها. وكذلك الماعون (أدوات ضرورية في كل بيت أي لازمة له ثابتة فيه يحتاج إليها في أعمال كثيرة (تغلغل) وهي مع ذلك ليست ثمينة في حد ذاتها) كالقِدْر والفأس والقدوم والدلو والقصعة والسُفِرة والشفرة. {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)} [الماعون: 7]. وليس في القرآن من التركيب إلا كلمة (ماعون) وكلمة (معين) مكررة. أما "المَعْنُ: الجلد الأحمر يُجعَل على الأسفاط "فهو من التباعد الزمني لأنه يجعل السَّفَط يتحمل ويبقى زمنا طويلًا. والتغلغل متحقق أيضًا لكن في هيئة إحاطته بالسفَط، كأن السفَط في داخله. ° معنى الفصل المعجمي (مع): الامتداد اتساعًا أو نحوه مع حِدّة ما كما في مع الفضة والسمن ذَوَبانهما فتتسع رقعة ما كان متجمعًا منهما- في (معع)، وكما في امتداد المِعَى الذي يضم مهضوم الطعام- في (معى)، وكما في امتداد المعزاء من الأرض مع صلابتها وكذلك خفة المعز في الانتشار مع جلادتها بالنسبة للغنم- في (معز)، وكما في تباعد الممعن في الجري أو الهرب - في (معن). الميم والقاف وما يثلثهما • (مقق- مقمق): "رجل أَمَقُّ وامرأة مَقَّاء. المَقَق -محركة: الطولُ عامة / الطولُ الفاحش في دِقّة- وفَخِذٌ مَقَّاء: مَعْروقةٌ عارية من اللحم طويلة. ووجهٌ أَمقّ: طويل كوجه الجرادة. ومفازة مَقَّاءُ: بعيدة ما بين الطرفين. وحِصْنٌ أَمَقّ: وَاسعٌ. وامتَقّ الفصيلُ ما في ضَرْع أمه وتَمقَّقَه: شَرِبَ كُلّ ما فيه، وكذلك الصبي إذا امتص جميع ما في

(مقت)

ثَدي أمه. ومَقمَقَ الحُوَارُ خِلفَ أُمِّه: مَصّه مَصًّا شديدًا ". Qخروج المختزن في العمق بقوة نُمُوًّا أو انجذابًا فيبدو فراغ العمق واتساعه (¬1) كما تبرز قوةُ النمو العظيمةُ الكامنةُ في الجسم طولًا، وكبروز الوجه كذلك، وكما يذهب اللحم والشحم من الفخذ الموصوفة. واتساعُ المَفَازة والحِصنِ مع الشدة فيهما يبرز خُلُوَّهما الذي هو ذهاب ما كان ينبغي أن يملأهما. وكأَخذِء كلِّ ما تجمع في الضَرع من اللبن. ومن ذلك "مَقَقْتُ الطلعة: شققتها للإبار " (للفتح عما في الجوف أو لإذهاب فجاجة حالها قبل الإبار) ومن ذلك "مَقَّقَ الرجل على عياله- ض: ضَيّق عليهم فَقْرًا أو بُخلًا " (أي خُلُوًّا أو ادعاء خلو). • (مقت): {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)} [الصف: 3] "المَقْتُ: أَشَدُّ البُغض. ونكاحُ المقت أن يتزوج الرجل امرأة أبيه إذا طلَّقها أو مات عنها - وكان يُفْعَل في الجاهلية. وليس في التركيب استعمالات غير هذا ". Qاختزان مشاعر غليظة في القلب. كالبُغْض في قلب المبغِض. وأميل إلى أنهم سموا ذلك الزواج المذكور من بُغْض الفِطر السليمة لنكاح من هي في درجة الأم، مع أنه يمكن أن يفسر بالمعنى المادي لما في ذلك ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الميم عن تضام ظاهري، والقاف عن تعقد وشدة في الجوف، والفصل منهما يعبر عن غليظ متعقد في الجوف: كالطول الفاحش يكون بأثر قوة نمو عظيمة مختزنه في البدن. وفي (مقت) تعبر التاء عن ضغط بدقة وهذا يتأتى منه الحبس- ويعبر التركيب معها عن تكون غليظ في الجوف واحتباسه كالمقت: أشد البغض.

£° معنى الفصل المعجمي (من)

الزواج من الإمساك في الذمة على وجه غليظ مستقبح، {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22)} [النساء: 22] , {وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إلا مَقْتًا} [فاطر: 39] , {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ} [غافر: 10] , ولعل تفسير المقت إذا أسند إلى جانب الله عزَّ وجلَّ -بالغضب- أنسب من تفسيره بالبغض. ° معنى الفصل المعجمي (من): وجود غلظ في الباطن -كما يتمثل ذلك في تمقق الفصيل والصبي كل ما في ضرع أمه (فيختزن اللبن كله)، وكذلك وجود قوة النمو في الأمق حيث تتمثل في الطول الفاحش - في (مقق)، وكما يتمثل في مشاعر المقت وهو أشد البغض- في (مقت). الميم والكاف وما يثلثهما • (مكك- مكمك): {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} [الفتح: 24] "المكُّوك- كتنور: طاسٌ يُشرب فيه أعلاه ضَيق ووسَطه واسع، ومكيالٌ لأهل العراق صاعٌ ونصف. مَكَّ الفصيلُ ما في ضَرع أُمِّهِ ومَكمَكه: امتَصّ جميعَ ما فيه وشرِبه كله، وكذلك الصبي إذا استقصى ثَدْيَ أمه بالمص. وكذلك مَكّ العظم وتمكمكه: امتَصَّ ما فيه من المُخّ ". Qجذب المائع إلى الجوف -أو منه- بقوة واستقصاء

(مكو)

وتمكن (¬1). كما يأخذ المكوك وهيأته الموصوفة تعطى كثرة الأخذ وتمكُّنَ المأخوذ في جوفه. لضيق فمه، وكمَكّ ما في الضَرْع باستقصاء، وكأَخْذ مُخّ العظم بقوة مصًّا. ومكّةُ شرفها الله تعالى وصانها سميت -قيل- لقلة مائها وأنهم كانوا يمتكّون الماء فيها أي يستخرجونه (من الآبار- وبخاصة زمزم)، وهذا واضح من الأصل. ويتأتى أن يكون سبب التسمية جمعها الناس من كل حَدَب وصَوْب حيث يجذبهم مُقام البيت فيها للزيارة والإقامة. وقيل لإهلاكها من ظلم فيها وألحد- ووجهه بعيد. • (مكو): {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيتِ إلا مُكَاءً} [الأنفال: 35] "المَكوُ- بالفتح، وكفَتَى: جُحرُ الثَعلب والأَزنب ونحوهما، وقد يكون للطائر والحية. ومَكا الإنسانُ يمكو مُكَاء- كصداع: صَفَر بفيه / يجمع بين ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الميم عن تضامّ ظاهري، والكاف عن ضغط غثوري دقيق في الأثناء، والفصل منهما يعبر عن جذب إلى جوف وضم في أثنائه، أو منه -أي أخذ ما انضم- بقوة كالمكوك حيث يتمكن فيه ما يضمه. وفي (مكو) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن اشتمال على فراغ يمتد يشتمل على شيء في أثنائه كالمكو جُحر الثعلب والأرنب بدقته. وفي (مكث) تعبر الثاء عن دقاق كثيرة منتشرة، ويعبر التركيب معها عن اللبث في مكان كأنما الأثقال تثقله أو انتقلت الكثرة إلى امتداد زمنيّ. وفي (مكر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب معها عن اختزان رقيق مسترسل في الأثناء كتمكير الحبوب: احتكارها. وفي (مكن) تعبر النون عن امتداد باطني. ويعبر التركيب معها عن رسوخ الشيء متجمعًا في باطن يلتئم عليه كمكن الضِباب: بيضِها في بطونها.

(مكث)

أصابع يديه ثم يدخلها في فيه ثم يصفر فيها. ومَكِيَت يَدُه (كتعب): مَجِلَت من العمل. ومَكَتْ استُ الدَابة: نَفَخَت ولا يكون ذلك إلا وهي مكشوفة مفتوحة. وبقال للطعنة إذا فَهَقَتْ فاها: مَكَتْ تَمكُو ". Qتجوف دقيق ممتدٌ في أثناءٍ يَحُوز أو يُمَرُّ منه بلطف. كالجُحْر وهو فراغ ممتدٌ في الأرض يَسْكُنُه الثعلبُ، وكالمَجْل (وهو انتفاخ في جلد اليد من تمزق ما بين الجلدة الظاهرة وما تحتها يمتلئ ماء بعدُ، وكالصفير وهو من نفخ الهواء في ممرِّ فموي دقيق يصنعه الصافر فيخرج. والمُكَاء في آية التركيب: الصفير ... ومن ذلك الأصل "تَمكَّى الفرسُ: ابتل بالعرق / ضَمُرَ بما سَال من عَرَقه " [التهذيب] (فهو إفراغ الرطوبة المحتواه في أثناء الفرس من مسامّ جلده). • (مكث): {وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 17] "المُكث- بالضم: الأَناة واللُبثُ والانتظار. المَكِيثُ: المقيم الثابت. والماكثُ: المنتظِر وإن لم يكن رزينًا. وتمكث: تلبث ". Qاللُبْث والتلبث في المكان زَمَنًا كالمقيم الثابت {فَمَكَثَ غَيرَ بَعِيدٍ} [النمل: 22]. (أي مكث زمنا قصيرا) {وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 17]. (يبقى بنفسه أو بثمراته) {لِيَقْضِ عَلَينَا رَبُّكَ قَال إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77)} [الزخرف: 77]. (خالدون). {أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا} [الكهف: 2، 3] , {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} [الإسراء: 106]-أي على تطاول في المدة شيئًا بعد شيء، أو على ترسل في التلاوة

(مكر)

وترتيل-[قر 10/ 339]. ويدخل في معنى الآية ما مجرى الآن من تلاوة القرآن (على الناس) منذ نزوله إلى يوم القيامة إن شاء الله تعالى. ومن ذلك قولهم "رجل مَكِيث: رزين لا يَعْجَل ". • (مكر): {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيرُ الْمَاكِرِينَ (54)} [آل عمران: 54] "التمكير: احتكارُ الحبوب في البيوت. والمَكرُ -بالفتح: سَقْيُ الأرض. يقال امكرُوا الأرضَ فإنها صلْبة ثم احْرثوها. مَرَرتُ بزرع ممكور: مَسقِيّ. والمَكرة- بالفتح: الساق الغليظة الحسناء. امرأة ممكورة: مستديرة الساقين. والمَكرة كذلك: الرُطَبة التي قد أرطبت كلُّها وهي مع ذلك صُلْبة لم تَنهَضم / المُرطِبةُ ولا حلاوة لها. والمَكر- بالفتح: المَغْرة. ثوب ممكور: مصبوغ بالمَكر، وقد مَكَرَه: خَضَبه " (المَغْرة- بالفتح: طين أَحْمرُ يُصبَغُ به). Qاختزانُ رقيقٍ أو لطيفٍ في الأثناء فتكتنز به ولا يبرز متميزًا. كاختزان الحبوب في البيوت، والماء في أثناء الأرض، والشحم في الساق الملتفّة، والندى في الرُطَبة الصُلْبة، والمَغرة في أثناء الثوب أو اللون فيها. ومنه "المكرة- بالفتح: نَبْتَة غُبيراء مُلَيحاء تُنْبِتُ قَصَدَا (= شبه خوص) وإنما سميت بذلك لارتوائها ونجوع السقي فيها "اهـ. ومنه المكر وقد عرّفه العَينُ بأنه "احتيال في خِفْيه "، وابن سيده "بالخديعة والاحتيال "، والراغب بأنه "صَرْف الغَير عما يقصِده بحيلة ". وأرى -نظرًا إلى الأصل والاستعمالات الحسية- أن المكر هو تدبير (يُخْفَي ويُخْتَزَن) لأَحْداثٍ أو أُمور لتقع في المستقبل على نحو ما. فاختزان هذه الخطوات المعَدَّة للمستقبل هو

(مكن)

المكر (ومأخذ هذا من الأصل واضح) ويكون ذلك التدبر لخير أو لشر. وأقرب ألفاظهم له هو الكيد. وبهذا المعنى فنسبته إلى العلي الأعلى لا تحتاج إلى تأويل بخلاف ألفاظهم. {إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا} [الأعراف: 123]. (دبرّتموه فيها لهذا الغرض) {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} [الأنفال: 30]، {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيرُ الْمَاكِرِينَ (54)} [آل عمران: 54]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو بهذا المعنى. {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ} أي المكر العظيم الذي استفرغوا فيه جهدهم {وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ} أي عِلمُ مَكرِهم فهو مطّلع عليه فلا يُنْفِذُ لهم فيه قَصدا، أو وعند الله جَزَاءُ مكرهم وهو عذابه لهم {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: 46] بفتح لام (لتزول) الأولى: أي لَتقرُبُ زوال الجبال به. فهو كيد عظيم، أو (إن) نافية و (الجبال) مجاز عن دين الله وأقداره. وأما بكسر لام (لتزول) فالمعنى أن مكرهم شديد معدّ لتزول منه الجبال. [ينظر بحر 5/ 425 - 426] و {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ} [يوسف: 31] قيل إن المقالة التي حكتها الآية السابقة لهذه إنما قَصَدن بها المكر بامرأة العزيز ليُغضِبنها حتى تعرض عليهن يوسف ليَبِينَ عذرها أو يحق لومها. [نفسه 5/ 301]. • (مكن): {قَال مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ} [الكهف: 95] "المَكْنُ -بالفتح وككتف: بيضُ الضَبَّة والجرادة ونحوهما. ومَكنَت الضبة- كفرح فهي مَكون، وأَمكنَتْ فهي مُمكن: إذا جمعت البيض في بطنها. والجرادة مثلها ".

Qرسوخ الشيء متجمعًا (من دقاق) في باطن يلتئم عليه. كبيض الضِباب والجراد في باطنهما. ومنه "المَكِنَة- كفَرِحة: التمكُّن (رسوخٌ في باطن) "مكّنه من الشيء، ومكّن له: جعل له عليه سلطانا، وقدّره " {مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 6] التمكين من الشيء (إِنالة) ما يصح به الفعل من الآلات والقُوَى، وهو أتمُّ من الإقدار، لأن الإقدار إعطاء القدرة خاصة والقادر على الشيء قد يتعذر عليه الفعل لعدم الآلة. [بحر 4/ 71] وهذا معنى كل (مكّن). {فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} [الأنفال: 71] أي مكّن منهم المسلمين وجعلهم أسرى في أيديهم [نفسه 4/ 517] والمكانة: التُؤدَة. وقد تَمكَّن، ومَرّ على مَكِينَته أي على تُؤَدته "- فذلك من الرسوخ والثبات أو من الثقل اللازم لتجمع أشياء راسخة في الباطن. ومنه "المَكانة (بمعنى الرسوخ في أثناء الشيء، وهذا يعطي المعرفة به، والثباتُ يعطي القدرة أيضًا {قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ} [الأنعام: 135, الزمر: 39 وكذا ما في هود: 93، 121]، على تمنكم من أمركم وأقصى استطاعتكم وإمكانكم. إني عامل أي على مكانتي التي أنا عليها [بحر 4/ 228 - 229] {وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ} [يس: 67] مكانهم [نفسه 7/ 329] كما قال تعالى: {قَال إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَينَا مَكِينٌ أَمِينٌ} [يوسف: 54]، أي ذو مكانة. وكذا ما في [التكوير: 20] والمادّي أوضح تعبيرًا {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13)} [المؤمنون: 13 وكذا ما في المرسلات: 21] القرارُ مكانُ الاستقرار والمراد الرحم. والمكين المتمكن، وُصف القرار به لتمكنه في نفسه بحيث لا يعرض له اختلال، أو لتمكن من يحلّ فيه [نفسه 6/ 368].

£° معنى الفصل المعجمي (مك)

هذا. وقد فسروا المكانة بالمنزلة وجعلوها بمعنى المكان [ل 300/ 25، 301/ 1، 20] و "المكان موضع الكينونة " [301/ 20]. ومع وجود ما يسوّغ نسبتَهما إلى أيٍّ (من التركيبين مكن، كون) لتماثل حروف الصيغ وتشابه الأصلين، فإن حَمل هذه التصرفات الكثيرة المتشعبة على هذا التركيب الأصيل أولى، حيث لا تكلف في أخذ هذه المشتقات منه، بخلاف أخذها من الكينونة [وانظر في ل تركيب مكن، وتركيب كون ص 246]. ° معنى الفصل المعجمي (مك): جذبُ المائع أو ما يشبهه أو أخذُه إلى الجوف بقوة وتمكن كما يتمثل في المكوك -وهيأته تحفظ ما فيه متمكنًا، وكذلك مكّ الصبي ما في ثدي أمه- في (مكك)، وكما يضم جحر الثعلب والأرنب وإياهما فيه -في (مكو)، وكالبقاء في المكان (وهو ظرف) مدة طويلة في (مكث)، وكاحتكار الحبوب في البيوت واختزان الساق الممكورة الشحم- في (مكر)، وكرسوخ بيض الضبة والجرادة في بطنيهما- في (مكن). الميم واللام وما يثلثهما • (ملل- ململ): {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [الأنعام: 161] "طريق مَليل ومُلَل -بضم ففتح: قد سُلِك فيه حتى صار مَعلَما / لحبٌ مَسلوك. ومَلَّ الثوبَ: خاطه الخياطة الأولى قبل الكَفّ. والمُلْمول -بالضم: المكحال. ومَلْمَلة الفيل- بالفتح: خُرطومه. والملّة -بالفتح: الرَمادُ الحارّ (والجمر) الذي يُحْمَى ليدفن فيه الخبز لينضَج. وقد ملّ الخبزة: أدخلَها في المَلة.

والمليل المِخْضَأ ". Qتهيؤ أو تهيئة -بالامتداد- للانتفاع والصلاح (¬1) الأساسي. كالطريق الموصوف وهو ممتدّ ومهيأ، والخياطة الأولى تهييء للخياطة الدائمة فهي باقية، والمُلمول (المِكحال) يهيئ ويسنِّي أخذ الكُحل وهو ممتد، ومَلْمَلة الفيل يتناول بها وهي ممتدة. وكامتداد زمن بقاء الخبز في الملة لينضج أي يتهيأ للأكل، والمليل ممتد. ومن ذلك ما في حديث الاستسقاء "فأرسل الله ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبّر الميم عن تضام الظاهر، واللام عن امتداد واستقلال. والفصل منهما يعبر عن امتداد الشيء مخالطًا غيره، لكن متميزًا مستقلًا كالمليل بين الأرض حوله، وكالمَلة يوضع فيها الخبز زمنًا. وفي (ملو) تزيد الواو معى الاشتمال. ويعبر التركيب عن امتداد ما يحوز شيئًا كالمَلَا من الأرض لما فيه، وكالقيد الواسع وفيه البعير. وفي (مول) توسطت الواو بمعنى الاشتمال. وعبر التركيب عن كون الشيء مملوكًا (مشمولًا). وفي (ميل) تعبر الياء عن اتصال الممتد، ويعبر التركيب عن انحراف الشيء عن الاستقامة في قامه، كالميلاء من الإبل: المائلة السنام، وفي الميل امتداد ما، أو في مقامه مع غيره كالرمل المعتزل. وفي (ملأ) تأتي الضغطة في آخر التركيب فيعبر عن تجمع الشيء أثناء ظرف حتى لا يبقى في الظرف فراغ كالحب الملآن. وفي (أمل) تسبق الهمزة بضغطتها فتؤكد دلالة الميم واللام، ويعبر التركيب معها عن امتداد الشيء طولًا (وعرضًا) مع تجمع وكثافة فيه كالأميل: حَبْل الرمل. وفي (ملح) تعبر الحاء عن احتكاك على جفاف وعرض، ويعبر التركيب عن احتواء الشيء على ماله حدة أو غلظ (ما يقابل الجفاف) كطعم الملح. وفي (ملق) تعبر القاف عن تعقد في الباطن وشدة، ويعبر التركيب عن استواء الظاهر مع صلابة الباطن وشدة تماسكه كالمَلَقمة: الصفاء الملساء الناعمة. وفي (ملك) تعبر الكاف عن ضغط غئوري يؤدي إلى امتساك في الأثناء دقيق، ويعبر التركيب معها عن شدة الامتساك في أثناء الشيء المتجمع كما في مَلك النبعة والعجين.

السحاب فمَلّتنا " (أي أمطرتنا مدة طويلة، ولعل المراد: حتى كفتنا ماء). ومنها "المِلّة: الشريعة والدين (شريعة تمُدّ ويزَوّدُ بها لإصلاح حال الخلق ومآلهم دائمًا) {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [آل عمران: 95]. ومنه "أمَلَّ الشيءَ: قاله فكُتِبَ (النقل بالإملاء امتداد، والكتابة تهييء حفظ الحقوق والعلم وما إلى ذلك والإملاء للترديد نقل وتزويد بنافع أيضًا) {فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيهِ الْحَقُّ} [البقرة: 282]، {فَهِيَ تُمْلَى عَلَيهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفرقان: 5]. تُملْى أي تُملّ من باب تحويل التضعيف. والمقصود -حسب بهتانهم- تلقي عليه ليحفظها لشبه صورة الإلقاء بصورة الإملاء [بحر 6/ 442]. وليس في القرآن من التركيب إلا الملة الشريعة، وإملاء من يكتب أو يحفظ. ومنه "المَلَل: أن تمل شيئًا وتُعرِضَ عنه / السأم " (من طول الأمر فحسب). و"المِلة- بالكسر: الدية: " (نظر في تسميتها هذه إلى أنها تهيء العفو فيبقى القاتل (يُملَى له) إلى أجله الذي قضاه الله.-حسب رؤية البشر، أو هي من الإمداد- إمداد أهل القتيل بما يعوض عنه). وأما "المليلة: حر ارة الحمى "فمن المَلّة: الرماد الحار أخذت. وأما "التململ فحملوه على المَلَة كذلك، ويتأتى أن يكون من استطالة المُتملمِل بقاءه على وضع فيفارقه إلى وضع آخر ثم إلى ثالث. وأخيرًا فقد قالوا "ملّ وامتَلّ وتملَّل: أسرع، وحمار مُلامل- كتماضر: سريع (متهيئ للسير، والسرعة قطع مسافة ممتدة في زمن أول فهي من الامتداد).

(ملو)

• (ملو) {فَأَمْلَيتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ} [الرعد: 32] "المَلا -كالفتى: المُتّسِع من الأرض. وأَملَى للبعير في القيد: أَرخَى ووسّع فيه. الملَاةُ- كفتاة: فَلاةٌ ذات حَرّ، وكهُدَى: الرَمَادُ الحارّ. ومر عليه ملا من الدهر: قِطْعة. والملاوة- مثلثة الميم وكفتي وغَني: مُدّة العيش (الطويلة- وهذا قيد استنتاجي) وأقام عنده مُلْوة ومُلاوة -مثلثتين -أي حينًا وبرهة عن الدهر (البرهة مدة طويلة) ومَضى ملي من النهار -كغني- أي ساعة طويلة. وتَملّي العيش: عاش مَلِيًّا أي طويلًا. والملوان: الليل والنهار ". Qاتساع ما يجوز شيئًا أو امتداده. كالمتسع من الأرض لما فيه وكذلك الفلاة. والرَمَاد ممتد من غيره ويُخْبَز فيه، وكالقيد الواسع وقيه يدا البعير، والفترة الممتدة من الزمان لمن يعيش فيها. {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (48} [الحج: 48] الإملاء: الإمهال والتأخير وإطاله العمر {الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ} [محمد: 25] رجّاهم، أو وعدهم كذبا بالبقاء، فجُعِل وَعْده كالإبقاء [البحر 8/ 82 - 83]. {وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا} [مريم: 46] (أي مدًى طويلًا كأنه يعني الفراق الدائم فكنى عنه). أما أمليت الكلتاب فهي محولة عن المضعفة كما قالوا، ويتحقق فيها التوصيل وهو امتداد مع التهيئة للكتابة {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفرقان: 5]. أي ليتحفظها (لا ليكتبها) لأنهم كانوا يعلمون أنه - صلى الله عليه وسلم - كان أميًا لا يكتب ولا يقرأ من كتاب، وإنما جاء التعبير بذلك

(مول)

لأن صورة الأمرين واحدة. وسائر ما في القرآن من التركيب فهو من الإملاء: الإمهال والتأخير. • (مول): {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 46] "المال: ما مَلَكْتَه من جميع الأشياء، وأكثرُ ما يطلق عند العرب على الإبل لأنها كانت أكثرَ أموالهم. ومالُ أهل البادية النَعَم ". Qمادة الأثمان والنفقة التي تتيح الشراء وتتحصل من البيع أو الإرث أو أجر العمل (¬1): كالإبل وسائر المال المملوك، وكل ما في القرآن من التركيب هو (المال) المملوك وجمعه (الأموال). • (ميل): {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيلًا عَظِيمًا} [النساء: 27] "المَيْلاء من الإبل: المائلة السنام. ورَجُل أَمْيَل العاتق: في عُنُقه مَيل. ومال الحائط ومَيل- كفرح. ومالت الشمس: دَنَت للغروب. والميلاء من الرمل: العُقدة الضخمة المعتزلة. والأَمْيل: الذي يميل على السرج في جانب ولا يستوي عليه ". Qانحراف الشيء في قيامه إلى أعلى أو مُقامه مع غيره عن الاعتدال الطبيعي المتوقع. كما يميل السَنام والعُنُق والحائط عن الاستقامة إلى ¬

_ (¬1) وبهذا تكون كلمة (مال) أصلها على وزن (فعل) بالتحريك بمعنى مفعول أي المتصرف به أي بواسطته.

أعلى، والشمسُ تَميل عن وسط الأفق إلى جانب مغربها. واعتزالُ عُقْدة الرمل تنحٍّ عن سائر تجمعه، وهذا التنحي من باب الانحراف. وأما المِيلُ فيقدّر بمد البصر من موقف الناظر إلى مدّ بصره في جانب أو ناحية دون غيرها من النواحي. وهذا ميل وانحراف عن سائر النواحي. (وهو خط طولي وليس مساحة مستعرضة). ومن ذلك الأصل جاء "المَيْل: العُدول إلى الشيء والإقبال عليه (وترك غيره)، والعدول عنه إلى غيره {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} [النساء: 129]، (فهذا ميل عن الزوجة لمصلحة زوجة أخرى أو دون ذلك) وانصباب النهي على (كل الميل) - بحيث تصير كالمعلقة لا هي زوجة تحصُل على حق الزوجة من رَجُلها، ولا هي أيم فتبحث عن زوج- يجيز بعض الميل وهو ما يكون من محبة القلب خاصة [ينظر بحر 3/ 0 38 - 381]، - {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيكُمْ مَيلَةً وَاحِدَةً} [النساء: 102] (فهذا ميل عليهم كما هو نص الآية -أي إقبال عليهم بالحرب مباعتة). {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيلًا عَظِيمًا} [النساء: 27] الميل هنا معناه الانحراف عن الجادة. ووصفه بالعظم لأن الميول تختلف فقد يترك الإنسان فعل الخير لعارض شغل، أو لكسل، أو لفسق يستلذ به أو لضلالة. وكأن الميل العظيم هنا هو الكفر كما قال تعالى {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا} [النساء: 89] [ينظر بحر 3/ 236].

(ملأ)

• (ملأ): {مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [ص: 69] "حُبٌّ ملآنُ وقِربة مَلأى: وقد مَلأَه فامتلأ. وقد تملأ من الطعام والشراب. والمُلاءة- كرخامة: الإزار والريطة ". Qتجمع الشيء في أثناء ظرف حتى لا يبقى في الظَرف فَرَاغ (شَغل كل فراغ الظَرْف بمادة) كالحُب الملآن والقِربة الملآى. والمُلاءةُ تضم البدن فيصير البدن حَشْوَا لها يملؤها. فمن مَلء الظرف {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: 30]، {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا} [آل عمران: 91]، (أي للافتداء به) {فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ} [الصافات: 66]. ومن ذلك "المُلاء- كصداع: ثِقَلْ يأخذ في الرأس كالزكام من امتلاء المعدة، وأملأ في قوسه: أغرق في النزع (طول السهم يملأ فراغ القوس) ورجل مَليء: كثيرُ المال (حوزته مَلأى). والمَلأُ- محركة: الجماعة من الناس (يجتمعون على رأي، وهي من التجمع كما يقال: جمهور، وربما كان هذا أنسب لتفسير {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ} [هود: 38]. لكن العرب نظروا إلى العظم المعنوي، فاستعملوا المَلأ -بالتحريك- في الرؤساء. قال اللغويون "لأنهم مِلاء بما يُحتاج إليه "والخلاصة أنهم الكبار وهم -هنا- الأحق بأن يعاب موقفهم. {قَال الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ} [الأعراف: 60]، ومنه حديث: "أولئك الملأ من قريش "أي الذين قُتِلوا في بدر " {مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [ص: 69]. الملائكة [بحر 7/ 391] ولو قيل:

(أمل)

كبارهم، لجاز- إن شاء الله. والذي في القرآن من التركيب معنيان: الامتلاء ضد الفراغ، والملأ الرؤساء والعظماء. ومن هذا التجمع "مالأته على الأمر: ساعدته عليه وظاهرته وشايعته " (أجمعتما عليه). ومن ذلك الأصل "الملأ- محركة: الخُلق " (طِبَاع يتشبع بها الإنسان تظهر آنا بعد آن، أو هو الخُلُق عند التجمع خاصة. والشاهد الوارد لهذا الاستعمال هو عند التجمع كقوله - صلى الله عليه وسلم - لما تكالبُوا على الماء لعطش نالهم في غَزَاة "أحسِنوا المَلأَ فكلكم سيروَى ". • (أمل): {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيرٌ أَمَلًا} [الكهف: 46] "الأَمِيل -فَعِيل: حَبلٌ من الرمل يكون عَرضُه نَحوًا من ميل، وقيل يكون عرضه ميلًا وطوله مسيرة يوم يومين. والأَمَلَة- محركة: أعوان الرجل واحدهم آمل ". Qامتداد الشيء طولًا مع عِرَضِ ما، وتجمع أو كثافة فيه كحبل الرمل الموصوف. والأعوانُ للرجل يظاهرونه فهم مدد له وكثافة أيضًا ومن ذلك "الأَمَل- محركة: الرَجَاء "وإنما هو شيء يُرجَى تحصيله في المستقيل، فالتحصيل جمع وكونه في المستقبل امتداد. ثم هم يصفونه بالطول- مما يتفق مع الأصل. يقال: "ما أطول إِملته، وإنه لطويل الإملة- بالكسر فيهما: أي التأميل {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ} [الحجر: 3]. أي الأمل في تحصيل الدنيا هو الذي يلهيهم ويشغلهم عن الإيمان بالله ورسوله [بحر 5/ 433] {وَخَيرٌ

(ملح)

أَمَلًا} أي وخير رجاء، لان صاحبها يأمل في الدنيا ثواب الله ونصيبَه في الآخرة، دون العاري من الباقيات الصالحات فإنه لا يرجو ثوابا [نفسه 6/ 127]. ومن الأصل "تَأمّلْت الشيء: نظرت إليه مُستَثبِتًا له، وتأمل: تثبت في الأمر والنظر (فهذا من تركيز النظر على الشيء المتأمّل فيه وإطالة النظر أيضًا فتحقق فيه الطول والكثافة). • (ملح): {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} [فاطر: 12] "الملحُ -بالكسر: ما يُطيبُ به الطعام، وما خَالفَ العَذْبَ من الماء. والمُلّاح- كتُفاح: من الحَمض، وعُنْقُودُ الكَبَاث من الأراك- سمي به لطَعمه كأن فيه من حرارته مِلْحَا. والمَلْحاءُ: وَسَط الظهر بين الكاهل والعجز. وهي من البعير: ما تحت السنام سِت فَقَرات. والمِلح -بالكسر: السِمَنُ القليل وقد أملَح البعيرُ: حمل الشحمَ. ومَلّحَتْ الضِبَابُ- ض: سَمِنَتْ: والمِلْح -بالكسر: الرَضاع. والملَح- بالتحريك: وَرَثم في عُرقوب الفرس. والمَلح- بالفتح: سرعَة خفقان من الطائر " [استعمالات هذا التركيب من تاج]. Qتَعَلُّق الشيء حَادًّا أو قَوِيَّ الأثر في أثنائه. كالمِلح والماء المِلح، والمُلّاح وعُنقود الكَبَاث. وكالمَلحاء وسط الظهر فإنها أصلب البدن وأقواه والسِمَن حدّة والرَضاع تزويد بسبب القوة، والوَرَم حدّة سلبية في الأثناء وسرعة خفقان الطائر من استجماعه قوته {وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} [الفرقان: 53، فاطر: 12]، أي ذو ملوحة. ومنه المِلاحة: السفر بالسفن في الماء الملح حقيقة أو تغليبًا بالتعميم.

(ملق)

ومن لَون المِلح وهو في الطبيعة أبيضُ مشوب أخِذَ لون المُنحة- بالضم. "نَمِرَة مَلْحَاء فيها خِطَط سود وبيض. ورجل أملح اللحية إذا كان يعلو شعرَ لحيته بياض. "والمَلاحة- كشهامة: الحُسن "، هي من إكساب المِلحَ الطعامَ مذاقًا طيبًا. كما تقول العامة (طَعِم وقالوا أيضًا: حِدِق وحَدُقة. وأصلهما من حذوق الخل: لذعه اللسانَ بحموضته.)، وكذا "المُلحة- بالضم: الكلمة المليحة ". ومن المجاز "المِلْح- بالكسر: العِلْمُ، - والعُلَماءُ (من إصلاحهم الناس، أو من حدّة العلم الذي يحملونه أي عِظَم أثره)، وفلان يَتَمَلّح: إذا خلط كَذِبًا (حدّة) بِحَق ". والذي ورد، في القرآن الكريم من التركيب هو المِلح من الماء ضد العذب كما في آية رأس التركيب. • (ملق): {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} [الأنعام: 151] "الملَقَة -محركة: الصَفَاةُ المَلْسَاء اللينةُ (أي الناعمة)، وبلا تاء: ما استوى من الأرض. والمالق- كهاجَر ومِغْرَفة: خَشَبة عَرِيضة يجرّها ثَوْران يُمَلّسُ بها الحارث الأرض المُثَارة. ومَلَقْتُ جِلْدَه: دَلَكتُه حتى يَملاس. وانملق ساعده انْسَحَجَ من حَمْل الأثقال. ومَلَّقَ الشيءَ- ض: مَلّسَه. وخرج الجنين من بطن الناقة مَلِيقًا أي لا شَعَرَ له ". Qملاسة ظاهر الشيء واستواؤه لتجرده من الغلظ أو ذهابه منه (مع صلابة الباطن أو شدة تماسكه) - كالأرض المستوية والجِلْد الأملس والصخور المَلْسَاء. ومنه "مَلَقَ الجديُ أمّهُ (ضرب ونصر) رَضَعها

(ملك)

(الضَرْعُ قبل أن يُرضَعَ مما فيه يكون إلى حد ما مُضَلَّعًا صُلْبًا من اكتنازه باللبن، فإذا رُضِعَ لانَ ورَق وتجرّدَ من ذلك الغِلَظ). و "مَلَق الحمارُ: ضرب بحوافره الأرض " (إصابة). ومن التليين أو التجريد من الغلظ قالوا "مَلَقَ عينَه: ضَرَبها (لعل المقصود: فقلعها أو أفسدها)، ومَلَقه بالسوط والعصا: ضَرَبَه " (أي فأذهب نخوته وصلابته) وكذلك "ملق جاريته: نكحها) (هذه من التليين أو البسط). ومن امّلاس الظاهر (على شدة الباطن وجفافه) جاء "المَلْق -بالفتح: المَحو، والإملاقُ الافتقارُ، والمُملِق- كمُحسِن: الذي لا شيء له (كما تقول العامة ماحٍ أو على البلاط أو نضيف) وهذا الاستعمال هو الذي ورد في القرآن الكريم: {من إِمْلَاقٍ} , {خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} [الإسراء: 31] أي خشية الفقر والحاجة ". ومن معنوي ذلك الأصل: "المَلَق- محركة: شدةُ لُطف الوُد " (غاية النعومة في الكلام والمعاملة) ظاهريًا وليس من القلب. • (ملك): {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] "قوائم كُلِّ دابةٍ مُلُكه -بضمتين مَلَّك النبعةَ- ض: صَلَّبها وذاك إذا يَبّسَها في الشمس مع قِشْرها. ومَلَكَتْ المرأةُ العَجين (ضرب): شَدّدَتْ عَجنَه أجادت عَجْنَه حتى يأخذَ بعضُه بَعضًا. ويقال للعجين إذا كان متماسكًا متينًا مملوك ومُمْلَك. ومَلَك الخِشْفُ أمه: قَوي وقَدَر أن يتبعها. وناقة مِلاك الإبل- ككتاب: إذا كانت تتبعها ".

Qإمساك أو امتساكٌ بشدة أو قوة مع شمول؛ كتَصْلِيب النَبْعة في ذاتها أو في شدة لصوق لحائها المحيط بها، بأن يصير كأنه من صميم جرمها، وقوائمُ الدابة تحملها وتنصبها كلها فهي قِوام بدنها. واتباعُ الخِشفِ أمّه, والناقةِ الإبلَ لحَاقٌ كالامتساك. وفي التعبير عن هذا اللحاق بـ (ملك) و (ملاك) مبالغة ما. (وقد جاء تفسيرٌ لمُلُك الدابة -بضمتين: بأنها القوائم والهادي. ولا أرجحه لما ورد في قولهم "ارحموا هذا الشيخ الذي ليس له مُلُك ولا بَصَر "فالهادي (= العنق) لا مدخل له هنا. وأيضًا لا مدخل له في قولهم "جَاءنا تقودُه مُلُكُه ". وفسروها بالقوائم والهادي). ومنه "مِلاك الشيء -ككتاب وسحاب: ما يقوم به قِوَامه ونظامه ومعتمده ". (يجعله كيانًا ذا نفع أو وظيفة بذاته). و "الزم مِلْك الطريق، وخَلّ عن مِلْك الطريق- مثلثة: وَسَطه ومعظمه (الذي يجوز سالكيه ولا يخرجون عنه) وتمالكَ عن الشيء: مَلَك نفسه. واملِك عليك لسانك. وما تمالك أن قال ... أي ما تماسك. وما تمالك أن وقع في كذا ". (لم يستطع أن يحبس نفسه). ومنه "الملك- مثلثة: احتواء الشيء أو القدرة على الاستبداد به (إمساك له في حيز القدرة والتصرف. ومعنى الاستبداد الانفراد أي يكون له لا لغيره تبعية الشيء والتصرف فيه. جاء في [بحر 1/ 136] "والملك- بالضم هو القهر والتسلط على من تتأتى منه الطاعة، ويكون ذلك باستحقاق وبغير استحقاق (يعني كمن استولى على ملك بلد بغير حق) والمِلك -أي بالكسر: هو القهر على من تتأتى منه الطاعة ومن لا تتأتى منه (يعني كالبهائم والدور الخ) ويكون ذلك باستحقاق فبينهما عموم وخصوص من وجه ". والمَملوك: العبد. والمَلْك-

بالفتح: ما مَلَكَت اليد من مال وخول {فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيمَانُكُمْ} [النساء: 3]، {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ} [النور: 61]. أي مما اختزنتم وصار في قبضتكم، وعُظْم ذلك ما مَلكه الرجل في بيته وتحت غَلَقِهِ .. ويدخل في الآية الوكلاء والعبيد والأُجَراء [قر 12/ 315] {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي} [الإسراء: 100]، {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إلا مَا شَاءَ اللَّهُ} [يونس: 49]-ومن هذا المِلكُ لولي المرأة- مثلثة: حَظْره إياها ومِلْكه لـ (أمر) ها. ومَلَكَ المرأة وأملِكها- للمفعول: تزوجها ". ومن ذلك "المُلك "بالضم: (التسلط على باعة والتصرف في أمرهم -فهو من إمساكه بأمورهم حُكمًا وتدبيرًا)، {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: 79]، {أَلَيسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} [الزخرف: 51]، {وَآتَينَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} [النساء: 54]، {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} [آل عمران: 26]. والذي في القرآن من التركيب بعضه من امتلاك الشيء وبعضه من الملك- بالضم. والسياقات واضحة. وأما (الملكوت) ففي [تاج] ما يفهم منه أنه المُلْك العظيم، ولذا قال إنه مختص بمُلك الله عزَّ وجلَّ {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأنعام: 75] ويقال للملكوت مَلكُوَة مثل ترقوة بمعنى العز والسلطان، ثم كأنه ناقض فقال "يقال "له ملكوت العراق وملكُوَته أي عزه وسلطانه " {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيءٍ وَإِلَيهِ تُرْجَعُونَ} [يس: 83]، أي سلطانه وعظمته. وقال الزجاج: أي تنزيه الله عن أن يوصف بغير القدرة. وملكوت كل شيء القدرة على كل شيء "اهـ. وفي

معنى الفصل المعجمي (مل)

[بحر 7/ 333] وقرأ الجمهور (ملكوت) وطلحة والأعمش (مَلَكة) على وزن شجرة. ومعناه ضبط كل شيء والقدرة عليه. وقرئ (مملكة)، (مِلك) والمعنى أنه متصرف فيه على ما أراد وقضى اهـ. وهذا المعنى الأخير يتأتى لزوميًّا إن لم يكن أصليًّا. ° معنى الفصل المعجمي (مل): امتداد الشيء مع حوز في الأثناء -كما يتمثل ذلك في "الطريق المليل: اللحْب المسلوك "بين ما حوله من الأرض- في (ملل). وكالملأ: المتسع من الأرض، وكذا الإملاء للبعير في القيد: إرخائه والتوسيع له فيه في (ملو)، وكالمال وهو سعة وبسط مع كونه محوزًا- في (مول)، وكميل الحائط وهو من الامتداد، كما أن الاستقامة أقصر (الخط المستقيم أقصر)، وكالميلاء من الرمل: العقْدة الضخمة المعتزلة "- في (ميل)، وكالمُلاءة الإزار الذي يلتف حول الجذع، ومنه يعلم أن الامتلاء التفاف وإحاطة لا تكون إلا بطول- في (ملأ)، وكالأَمِيل من حبال الرمل وطوله مسيرة يوم أو يومين- في (أمل)، وكالملح ذاك الحاذق، والسمن وامتدادهما انتشار وجودهما في الأطعمة والأبدان- في (ملح)، وكالملَقة: ما استوى من الأرض مع كون أثنائها شديدة أي مكتنزة، والامتداد لازم للاستواء- في (ملق). وكالمِلْك وهو وجود دائم أي امتداد زمني، وكذلك القوائم وامتدادها مادي- في (ملك). الميم والنون وما يثلثهما • (منن): {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيرِ حِسَابٍ} [ص: 39] [في [ل كرب] "والكَرَب -بالتحريك: الحبل الذي يشدُّ على الدلو بعدَ المنين- وهو

الحَبْل الأول، فإذا انقطع المنينُ بقى الكَرَب "اهـ. وعلى ذلك فما جاء في [ل منن] "حَبْلٌ منين إذا انقطع وخلق "غير دقيق وإنما هي تسمية بما كان، وكذا قولهم "حبل منين ضعيف "إنما هو ضَعْفٌ نسبي. والمنين الحبل المذكور لا بد أن يكون قويًّا، إذ إنه يحمل الدلو المملوءة ماء- لكنها قوة محدودة، حيث لا يُكتَفَى به، ولا يُعتَمد عليه اعتمادًا كليًّا لأنه لا يُؤْمَن أن ينقطع. ويشهد لهذا كله قول الراجز: باريّها إن سَلِمَت يميني .. وسَلِم الساقي الذي يليني .. ولم تَخُنِّي عُقَدُ المَنين فنلحظ أن المنين هو ما يُشَدّ به الدلو، وأنه يخشى أن يخُونه أي ينقطع. وانظر كذلك لقول أبي محمد الأسدي: إذا قَرَنْتُ أربعًا بأربع ... إلى اثنتين في مَنِينٍ شرجع قال: "أي أربعَ آذان بأربع وَذَمات (= سيور بين آذان الدلو والعراقي تُشدّ بها) والاثنتان عَرقُوَتا الدلو "فتعليق هذه الدلو بمنين شرجع أي طويل يعني أن المنين حبلٌ ذو قوة]. وقد جاء في [ل] "كل حَبْل نُزح به أو مُتِحَ: منين "فكل هذا يؤيد ما قلت. * فالمعنى المحوري للتركيب: الاحتواءُ على قوةٍ محدودة أي مشوبةٍ برقّةٍ- أي نقصٍ فيها أو ضَعْفٍ بحيث لا يُكتَفَى بها أو يُعْتَمَد عليها وحدها (¬1). كشأن ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الميم عن تضام في الظاهر، والنون عن امتداد باطني، والفصل منهما يعبر عن قوة معها لطف أو رقة تمتلئ به أثناء الجرم كالمنين. وفي (منو- منى) تعبر الواو عن اشتمال والياء عن اتصال. ويعبر التركيبان عن تجمع في الجوف (اشتمال) ثم خروج منه شيئًا بعد شيء كالمنى، وفي (أمن) تسبق الهمزة بالضغط، ويعبر التركيب عن وثاقة في الباطن (من امتلائه أو إصماته)، كالناقة الأمون: الوثيقة الخلق (وثاقة البناء الداخلي) وفي (منع) تعبر العين عن التحام على رقة. ويعبر التركيب عن حجز ظاهر الشيء شديدًا ما في باطنه فلا يكون فيه منفذ (كأن الالتحام أكد سدّ فجواته) كالحصن المنيع.

المنين الموصوف. فالقوة هنا منقوصة ليست كاملة. وقد بدأ الجوهري التركيب بقوله: "المُنّة -بالضم: القوة. يقال هو ضعيف المُنة. ومَنّه السير: أضعفه وأعياه. ومَنَنتُ الناقةَ: حَسَرتها. ورجل منين: ضعيف كأن الدهر منه أي ذهب بمُنَّته أي بقوته. والمنين: الحبل الضعيف ". فقوله: "القوة "معناه -كما قلت- القوة المحدودة. أو بقية القوة، أو نقص قوة الشيء أو ضَعْفها عما يُتَطَلّب. ولو قال أيًّا من ذلك لاتسقت معه كل الاستعمالات التي أردف بها قوله هذا "مَنَّه السَيْر: أَضْعَفَه وأعياه "أي أنقص قوته إلخ. وقد قيل إن "أبا كبير غزا مع تأبط شرًّا فمنّن به ثلاث ليال -أي أجهده وأتعبه ""والمَنّ: الفَتْرة. قال: [قد ينشط الفتيان بعد المَنّ] كذلك جاء في [ل] "المُنَّة بالضم: القوة. وخص بعضهم به قوة القلب "اهـ. فالمقصود القوة التي في القلب -أيًّا كان قدرها. فالدقيق "المُنَّة بقية القوة "، وليس معناه كون القلب قويًّا أي كامل القوة. وقد وضح ذلك مما سبق. ومن هذا الأصل "مَنَّهُ: نَقَصه (فهذا إضعاف وإرقاق لحظِّه) {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيرَ مَمْنُونٍ} [القلم: 3]: غيرَ مَقْطُوع ولا مَنْقُوص معاني الفرّاء 3/ 173، الراغب 474) (والدقيق: غير منقوص- كقوله تعالى: {لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيئًا} [الحجرات: 14]، وكذا كل ممنون. و "المنون: المنيّةُ لأنها تقطع المدد وتنقص العدد " {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيبَ الْمَنُونِ} [الطور: 30]، (وقوع الموت به). وفسرها الفراء بالدهر أيضًا أي أوجاعه [المعاني 3/ 93]. ومن الرقة "المَنّ: العطاء. ومَنَّ عليه: أنعَمَ وأحْسَنَ "- إذ الإنعام والإحسان رقة ورحمة تمتد من المحسن، وترقيق حالٍ لمن وَقَعَ الإحسان إليه. {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [آل عمران: 164]، {لَوْلَا أَنْ مَنَّ

اللَّهُ عَلَينَا لَخَسَفَ بِنَا} [القصص: 82]، {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَينَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 27]. فهذا كله منّ رحمة وإنعام. ومن منّ الإعطاء الماديّ {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيرِ حِسَابٍ} [ص: 39]، {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] المَنّ أن يُطلَق الأسيرُ بغير فداء [معاني الفراء 3/ 57]. وكذا كل (مَنَّ) ومضارعها وأمرها ومصدرها- عدا ما يأتي. أما "المَنّ والامتنان: التقريع بالمِنّة "فهو من ذكر المِنّة. وأرى أن المَنّ هنا اسم مصدر للامتنان. {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: 264] وكذا ما في 262 منها وما في الحجرات: 17]. وقوله تعالى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6]، فقد فُسّر بالإعطاء للاستكثار، وبالامتنان بذكر العمل [الفراء 3/ 1 20 والراغب 474] وذكر له [قر 19/ 67] أحد عشر تأويلًا. وأرى أن التفسير الأول هو الدقيق. والنهْيُ تعليم للأمة كلها من خلال رسولها الأكرم - صلى الله عليه وسلم - كما في {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 4 - 5] السابقتين على الآية المذكورة. بقى (المَنّ) الذي أنزله الله على بني إسرائيل {وَظَلَّلْنَا عَلَيكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} [البقرة: 57] وهو في الاعراف: 160، طه: 80]، مفاد كلام الزجاج أنه عند المفسرين شيء كان يسقط على الشجر حُلْوٌ يُشْرب، وأن اللغة لا تعرف ذلك [ل 306] وأقول إنه في ضوء حديثه - صلى الله عليه وسلم - "الكمأة من المن "يجوز أن يفسر المنّ بأنه نوع من الكَمأة وهي تنبت بَعْلِيَّةَ بلا بَذْر ولا سَقْي تحت سطح الأرض (كالبطاطس)، ولم يكن عليهم إلا استخراجها وأكلها. وهذا وضع أقرب إلى المعتاد (ولا ينقص بحال قدرَه من حيث هو نعمة ورزق عاشوا

(منو- منى)

عليه في التيه). أما وصفه بأنه كالعسل يصبحون فيجدونه بأفنيتهم وعلى أسطح منازلهم فإن هذا يصور حالًا إعجازية، وكأنهم كانوا في الجنة ولم يكونوا في التيه بعصيانهم، فيكفيهم أن يجدوا ما يغذوهم في تلك الصحراء كالكمأة والسلوى (العسل الجبليّ) ليعيشوا. ولعل المفسرين اعتمدوا على التعبير بأنزلنا ونزلنا للقول بالسقوط من السماء. في حين أن الإنزال يصدق بالإخراج- كقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} [الحديد: 25]. {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر 6]. • (منو- منى): {أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (24) فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى} [النجم: 24 - 25] "المَنيّ- كغَنِي: ماءُ الرجل: والمَنَا: كَيْل يكيلون به السَمْنَ وغيَره أو وزن ". Qتوقيت لإمساك الباطن ما ينضمّ عليه فيخرج شيئًا بعد شيء. كالمكيل في المكيال. مرة بعد أخرى، وكالمَنِيّ يخرج دفْقًا (لا يتوقف إذا بدأ، أو لأن خروجه موقوت بداعيه) {أَفَرَأَيتُمْ مَا تُمْنُونَ} [الواقعة: 58 وكذا ما في النجم: 46، القيامة: 37] وقد سميت مِنَى "لإراقة دماء الهدْى فيها " (¬1). (أي لكثرة ذلك، والكثرة هنا مقابل التوالي، ثم إن ذلك مؤقت بموسم الحج كل عام). ومن مادي ذلك أيضًا "المُنْية- بالضم: (مدة سبعة إلى خمسة عشر يومًا تبدأ من ضرب الفحل الناقة يتبين بعدها حقيقة باطنها أَلَقِحَت أم لا بأن تُردّ إلى الفحل فإن قرّت عُلِم أنها لم تحمل. ينظر [تاج] (فهذا توقيت إمساك النطفة، فإن ¬

_ (¬1) المزهر 1/ 205.

عبرتْها عُلِم أن النطفة قرّت وأنها لقِحت). "والتمني: القراءة ". إذ القراءة بمعنى النطق بكلام إما عن حفظ في القلب أو إعدادٍ فيه لما يُراد إخراجه كلامًا، أو تجميع في القلب لمعاني الرمرز المكتوبة بعد الاطلاع عليها مكتوبة، ثم النطق بها (كما في تركيب قرأ، ومنه القَرْء: الحيض)، {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلا أَمَانِيَّ} [البقرة: 78] قراءة فقط بلا فِقْه. وجعله [طب 2/ 262، وكذا قر 2/ 5] من التخرُّص وخلق الكذب. {إلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الحج: 52]: ما قيل في سبب نزولها من أنه في أثناء قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - في سورة النجم {أَفَرَأَيتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} أضاف - صلى الله عليه وسلم - مدْحا لهذه الأصنام أو أن الشيطان أوهم ذلك، فلما سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد الكفار الحاضرون مع المسلمين رضا بذكره - صلى الله عليه وسلم - أصنامهم= أقول هذا الذي قيل باطل تمامًا. فإن هذه الأصنام ذُكرت هنا في سياق الإزراء بها وأنها لا شيء. ثم إن آيتي ذكر الأصنام رقم 19، 20، وآية السجدة رقم 62، وهي {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} وهم كانوا يعلمون أن الله هو الإله الخالق. كما في [العنكبوت: 61، 63، لقمان: 25، الزمر: 38، الزخرف: 9، 78] فسجدوا لله عزَّ وجلَّ - لا لذكر آلهتهم (بسوء)، وكان ذلك بعد نزول زهاء عشرين سورة من السور المكية القصيرة. وأنا أرى أن قصة التنويه بشأن الأصنام تلك اختُرِعت ورُكَبت على واقعة السجود، إذ لم يذكر البخاري غير السجود [باب سجود القرآن أرقام 1067، 1070، 1071، 4862] في هذا الموضوع كله، فالقصة مكذوبة. والقصة

برواياتها في [تفسير طب التركي 16/ 602 - 611] وتكذيبها في [قر 12/ 79 - 86، بحر 6/ 351 - 352] وأَبْكَرُ تكذيب لها هو قول محمد بن إسحاق صاحب السيرة (ت 151 هـ) إنها من وضع الزنادقة، وألف في ذلك كتابًا [بحر]. والغريب أن بعض روايات هذه القصة المكذوبة مسندة في الطبري إلى محمد بن إسحاق هذا، وأن اثنتين من رواياتها فيه جاءتا بسندين من سلاسل الإسناد التي نبه د. التركي في أول تحقيقه للطبري إلى أنها ضعيفة. فالقصة مكذوبة. وعلى علماء الحديث أن يبينوا حقيقتها. وقال البيهقي إنها مما يجب إطراحه. وفي البحر مزيد تفنيد. وعند أبي حيان أن التمني على معناه المشهور وهو تمني النبي - صلى الله عليه وسلم - نجاح دعوته. وأن شياطين الجن والإنس يزيّنون الكفر ويلقُون الشُبَه للصدّ عن سبيل الله، ثم يزيلها الله وينصر رسله ودينه. ولختم بملحظين: أ- أن الآية هنا تذكر شأنًا للرسل قبل سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فليس فيها ما يقتضي هذه القصة ضرورة [بحر]. ب- أن الإلقاء هو من كيد الشيطان وأن الله تعالى ينسخه ويحكم آياته. ومن ذلك المعنى الأصلي "مانيته: طاولته وانتظرته ". فهذه ممادّة مما في الباطن من صَبْر وقوة. وكذا "درايته. ومانيته: جازيته " (بذلٌ له مما في الحوزة ما يقابل ما فعل). ومن ذلك: "مَنَى اللهُ لنا ما يَسُرُّنا أي قَدَّرَه " (فالتقدير والتدبير جمعٌ: إحاطةٌ بالأمر أَوَّلِه وآخره غيبية مؤقتة، ثم ترتيبٌ لخروجه ونفاذه حينًا بعد حين). ومنه "المنية: الموت "لأنه أهم المقادير الغيبية الموقوتة. و "مُنِيَ ببلية: ابْتُليَ بها. ومَنَاه الله بحبها يَمْنيه ويَمْنوه: ابتلاه "ومنه "التمني: تشهى حصول الأمر المرغوب فيه "

(أمن)

(وهو يكون في النفس أوّلًا- ينظر [تاج] والصيغة للطلب {أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (24) فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى} [النجم: 24 - 25] (والواحدة أُمنِيّة وجمعها أمانيّ) ثم منه "التمني: الكذب واختلاف الحديث وافتعاله ". وهو يُزَوَّر في النفس أولًا- كذلك. ومعنى التشهي والكذب فيهما تَوَلُّدٌ وقتي. وسائر ما في القرآن من التركيب فهو إما من التمنّي: التشهي، أو من إمناء المنيّ. وأما (مناة) {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 20] فهي صنم كان لهذيل وخزاعة- بين مكة والمدينة، فلعل أصل الاسم على صيغة (فَعَلة) وهي تأتي للفاعلية فكأن معنى اسمها (المقدَّرة أو المبينة للبخت) - على زعمهم. أما قولهم: "دارى بمَنَى داره أي بإزائها "فمن الأصل أي على امتدادها في حَيّزها. والحرف (مِنْ) لابتداء الغابة يؤخذ من خروج الشيء في وقته في المعنى المحوري. • (أمن): {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 53] "ناقة أَمُون: أمينةٌ وثيقةُ الخلق. قال طرفة: [أمونِ كألواح الإران] وهو التابوت من خشب) وقال أبو الربيس [ل فوق]: يكادُ يَفُوقُ المَيْسَ ما لم يَرُدّها ... أمينُ القُوَى من صُنْع إيمن حادر فوصف الزمام القَويّ بأنه أَمِينُ القُوَى. (المَيس: الرحْل. يفوق: يكسر- حادر: غليظ). وقال الحويدرة: [ونَقِي بآمَنِ مالِنا أحسابَنا] أي بِغالي مَالِنا. ويقال: "شربت مِنْ آمَنِ الدواء، وأعطيتُه من آمَن مالي "- بالمد فيهما كأن معناه من خالص مالي ومن نَقِيّ الدواء.

Qوثاقة في الباطن. كالناقة الوثيقة الخَلْق، وكقُوَى الحبل الأمينة القوية. وآمَنُ المال وآمَنُ الدواء: خالصُه: لُبُّه المتمكّنُ في باطنه. ومن ذلك الأَمْن ضد الخوف كأن الآمن تمكّن في حِصْن، أو امتلأ قلبه امتلاء شديدًا بما يُطَمْئِنه ". {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 4]، {أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16]، {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ} [الأنفال: 11]. وبهذا المعنى كل (أَمِنَ)، ومضارعها [عدا آل عمران: 75] وكل (أمْن)، (آمِن) ومؤنثها وجمعها، (مأْمَن)، (مأمون) (أمَنَة) وهذه تكون بمعنى ضد الخيانة أيضًا [تاج]. و"الأمانة: الوديعة "التي تودَع عند من يحفظها كأن معنى اسمها: التي ينبغي أن تُحْفَظَ في حرز أوثقَ الحِفْظ. {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283]. و "الأمين: الحافظ " {وَإِنِّي عَلَيهِ لَقَويٌّ أَمِينٌ} [النمل: 39 وكذا ما في القصص 26]. وبمعنى الأمانة ضد الخيانة هذا أيضًا ما في [آل عمران: 75، يوسف: 11] وكل (أمانة)، (أمانات)، (أمين). وأرى أن "المؤمن "في أسماء الله عزَّ وجلَّ معناه الحافظ لعباده المُؤَمِّن (كمحدث) لهم من كل شر ونقص ظاهر وباطن -أو الحفيظ عليهم. وفي [ل 162/ 16] أنها بمعنى المهيمن وفيه [166/ 10] مزيد من المعاني. {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيمِنُ} [الحشر: 23]. ومن ذلك "آمن بالشيء: صدّق " (قَبِل الكلام ووثق به فتمكن من قلبه). وفي [ق] "الإيمان: الثقة، وإظهار الخضوع، وقبول الشريعة "أي الإيمان بدين أو عقيدة (قبول العقيدة وتمكنها في القلب وامتلاؤه بها). {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ. .} [البقرة: 285]. قال

أبو حيان: وهو (أي آمن) يتعدى بالباء، وباللام {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى} [يونس: 83] والتعدية باللام في ضمنها تعدٍّ بالباء [1/ 162 {وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 61] أي يسمع من المؤمنين ويسلّم لهم ما يقولون، ويصدقهم لكونهم مؤمنين فهم صادقون [وتكملة ذلك في الكشاف 2/ 276]: عنده، فعُدِّي باللام. ألا ترى إلى قوله {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} [يوسف: 17]، ما أَنْباه (: ما أبعده) عن الباء {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} [الشعراء: 111]، {آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ} [طه: 71، الشعراء: 49] اهـ[كشاف / الكتب العلمية]. وأقول إن خلاصة هذا: يسمع لهم سماع قبول: كمعنى (أَذِنَ). وهذا أقرب من تفسيره {وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} بأنه يصدقهم إذا شهدوا يوم القيامة [ل أمن 164/ 10، 166/ 17]. وآمين -بالمد، وأمين- بالقصر معناها اللهم استجب (أي تقبل فهي من الأصل). وقوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَينَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ} [الأحزاب: 72]، فُسِّرت بالفرائض، وبالنية، وبالطاعة [ل 163/ 22] وبكلمة التوحيد، وبالعدالة، وبحروف التهجي، وبالعقل (الراغب 25) وخلاصة ما أراه أخذًا من كلامهم ومن غيره أن الأمانة هنا هي التكليف والمسئولية عن التصرف. والتكليف تحميل في الذمة فهي من الأصل. وهذا يَجمعُ أوضحَ ما قالوه. والمسئولية عن التصرّف هي التي يتميز بها الإنسان وربما الجان أيضًا عن سائر المخلوقات. وهذا يتضح به تخصيص الإنسان في الآية الكريمة.

(منع)

• (منع): {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة: 32 - 33] "حِصْنٌ منيعٌ: إذا لم يُرَمْ. وناقة مانع: مَنَعَت لبنها. والمَنْع -بالفتح: السرطان " (ذاك المائي ذو الدرقة والمخالب الظفرية الذي يؤكل). Qحَجْزُ ظاهرِ الشيء ما في باطنه شديدًا فلا يكون فيه منفذ إلى ما بداخله. وذلك كجدار الحصن المنيع، وجسم السرطان محوط بدرقة شديدة ومخالب قوية لا يوصل إليه ولا إلى باطنه إلا باحتيال. والناقة المانع كأن ضَرْعها مُصْمَت لا منافذ منه. ومنه "المنع "وهو تحجير الشيء والحيلولة دون الوصول إليه فيصدق بمنع الإعطاء. "منعه (ضد أعطاه) فهو مَنُوع- ومَنَّاع: أي ضنين ممسك {مَنَّاعٍ لِلْخَيرِ} [ق: 25]، {وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيرُ مَنُوعًا} [المعارج: 21]، (لا يشرك معه الآخرين بأن يعطيهم من الخير الذي أعطاه الله) {لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة: 33]، (أي مع دوامها لا تُمنع عهم)، {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] (خصها بعضهم بالأدوات، ولكنها تعم كل معونة). كما يصدق بالحجْز دون الوصول إلى شيء {مُنِعَ مِنَّا الْكَيلُ} [يوسف: 63]، {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]، {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إلا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ} [الكهف: 55]. وقوله تعالى {أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا} [الانبياء: 43] (المقصود تُحْصِنُهم وتحفظهم من عذابنا). {قَال مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الاعراف: 12] الظاهر أن (لا) زائدة تفيد التوكيد والتحقيق (يعني توكيد عدم السجود)

معنى الفصل المعجمي (من)

أي ما منعك أن تحقق السجود وتُلْزِمه نفسك إذ أمرتك. ويدل على زيادتها قولي تعالى {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ} [ص: 75] فسقوطها في هذا دليل على زيادتها في (ألا تسجد) وبخه وقرّعه على امتناعه من السجود، وإن كان تعالى عالمًا بما منعه من السجود [بحر 4/ 273] ومثلها ما في [طه: 92]. ولا أستريح للقول بزيادة (لا) أو غيرها في القرآن، ولو قيل ضَمَّن (منع) معنى (أَلْزَم) بجامع تحتيم أمر في كلٍّ لكان وجهًا صالحًا. "والمانع "من أسماء الله عزَّ وجلَّ الحسنى له معنيان: مَنْع العطاء عمن يشاء عزَّ وجلَّ، وأنه تعالى يمنع أهل دينه أي يحوطهم وينصرهم (لا يستبيح بيضَتَهم) أحدٌ. ويقال "فلان في مَنَعة -بالتحريك وبالفتح- أي في قَوم يمنعونه ويَحْمونه. وفلان في عِزٍّ ومَنَعة. وقد مَنُع الشيء -ككرم: اعْتَزّ وتعسر- ولا مَنَعَةَ لمن لم يمنعه الله، ولا يمتنع من لم يكن الله له مانعًا " (حافظًا يحجر دونه). ° معنى الفصل المعجمي (من): وجود نوع من القوة في أثناء الشيء كالمنين الحبل ذي القوة الذي نُزِح به أو مُتِح به- في (منن)، وكالمني وهو مائع لكن له قوة الإلقاح- في (منومني)، وكالناقة الأمون الوثيقة الخلق- في (أمن)، وكوثاقة بناء الحصن وتحصينه مَن فيه- في (منع). الميم والهاء وما يثلثهما • (مهه- مهمه): "المهمه: الخَرْقُ الأَمْلس الوَاسع / المفازةُ البعيدة ... لا ماء بها ولا أنيس ".

Qخلو المتسع الممتد خُلُوًّا تامًّا مع جلادة وجفاف (¬1) كالمفازة البعيدة الخالية من الماء والشجر والزرع والناس والمعالم. ومن هذا الخلو عبرّ التركيب عن معنى الانقطاع أو الفراغ في كلمة "منه "الدالة على الكفّ، والسكوت. ومن الخلو التام ذاك عُبِّر بالتركيب عن نحو الصفاء والرقة ونحوها من الخلو من الغلظ "مَهِهْتَ- كفرح: لِنْت، ومَة الإبلَ: رفق بهاه، وسَيرٌ مَهَهٌ ومهاه: رقيق "وكل شيء مَهَةٌ -بالتحريك- ومَهَاهٌ ما النساءَ وذكرَهن ". أي كل شيء يسير (خفيف محتمل) أو باطل (أي فارغ لا حساب عليه ولا وزن له) وقيل حسن (أي صاف رائق) إلا ذكرَ الحُرَم. وقولهم "ليس لعيشنا مَهَاهٌ "فسروه بالطراوة والحسن. والمقصود الصفاء. وهو من الأصل كما مر. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الميم عن تضامّ ظاهري؛ والهاء عن نحو فراغ الباطن، والفصل منهما يعبر عن الخلو من الكثافة مع التماسك أو الامتداد كالمهمه. وفي (موه ميه) تعبر الواو عن اشتمال والياء عن اتصال ويعبر التركيبان عن رقة جرم الشيء وصفائه مع سيولته كالماء (السيولة تعطي اتصالًا يقابل التئام الظاهر المعبَّر عنه بالميم. ورقة الماء مقابل فراغ الهاء). وفي (مهد) تعبر الدال عن نحو الحبس والإمساك الشديد. ويعبر التركيب عن تماسك الشيء (احتباس) على رقة أو فراغ في أثنائه كالمَهِيد: الزبد الخالص. وفي (مهل) تعبر اللام عن استقلال وامتداده ويعبر التركيب عن تماسك في ما هو متسيب سائل بحيث لا ينماع في غيره (استقلال) كذائب الفلز، وفي (مهن) تعبر النون عن امتداد باطني لطيف، ويعبر التركيب معها عن ضعف أثناء الشيء (امتداد الفراغ فيها) وذهاب القوة والشدة أو الغلظ من أثنائه كما يفعل الماهن: العبد، والمهين من الفحول الذي لا يُلْقَح من مائه.

(موه - ميه)

• (موه - ميه): {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ} [ق: 9] "الماءُ والماهُ والماءة: معروف: ذاك الذي يُشْرَب. وهمزته منقلبة عن هاء، بدليل تصغيرِه على مويه، وجمعه على أمواه ومياه. وقد ماهَتْ الركِيّة (البئر) تَمُوه وتَماه وتميه مَوْها ومَيها " (: جاءت بالماء). Qرقة جرم الشيء وصفاؤه مع سيولته. كالماء {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30] وليس في القرآن من التركيب إلا (الماء) ومنه "الماوية: المرآة: صفة غالبة (منسوبة إلى الماء لصفائها. وقد كانوا يتراءَوْن في المياه قبل المَرائي). ومَوَّه الشيءَ- ض: طلاه (بماء) الذهب والفضة ". ومن هذا قالوا "مَوَّه باطلَه- ض: زَيَّنَه وأرَاهُ في صورة الحق. والمُوهةُ- بالضم: تَرَقْرُقُ الماء في وَجْه الشابَّة. ومُوهَة الشباب كذلك: حُسْنُه وصَفَاؤه ". وليس في التركيب إلا الماء ومشتقاته. وفي [ل] "الماوية: البقرة لبياضها "وهو غريب حتى لو كان المراد البقرة الوحشية. ولم أجده في مصادر اللسان. وفي المقاييس 5/ 286 "الماوية حجر البلور "فأخشى أن تكون كلمة (البقرة) محرفة عن (البلورة). • (مهد): {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} [الذاريات: 48] "المَهِيد: الزُبْدُ الخالص. والمُهْدَة من الأرض- بالضم: ما انخفض في سُهولة واسْتواء (¬1). ومَهْدُ الصَّبِي- بالفتح: موضعه الذي يُهَيَّأ له ويوَطَّأ لينام فيه. ¬

_ (¬1) لم أجدها في غير اللسان وانظر المقاييس 5/ 286.

(مهل)

وامْتَهَدَ السنامُ: انبسط في ارتفاع " [ق]. Qليونة أو رقة في أثناء الشيء المتجمع فلا يكون وَعْرًا ولا جافًّا- كرِقّة الزُبْد وكالأرض السهلة وكانبساط السنام مع ما لَه من ليونة وكتجميع الثياب ونحوها للطفل في المهد مع ليونته ورخاوته {تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا} [المائدة: 110]، ومنه المهاد: الفراش. وقد مَهَدَ الفِراشَ (فتح): بسطه ووَطَّأه {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} [الروم: 44]، أي يُوَطِّئُون. {فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} [البقرة: 206]، {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا} [النبأ: 6]، (أي مُوَطَّأَةَ مُذَلَّلةَ للسكنى والزرع والحفر إلخ كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: 15]، وليس في القرآن من التركيب إلا (مهد) الصبي، وإلا (مَهد) ثلاثيًّا ومضعّفا و (مَهْد) مصدر بمعنى اسم المفعول و (مهاد) كذلك أو جمع (مَهْد) و (ماهد) وكلها من معنى التليين والتوطئة. ({وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا} [المدثر: 14] وطّأت وهيأت حتى أقام ببلدته مطمئنًا يُرجَع إلى رأيه [البحر 8/ 365] و "تمهيد العُذْر: قبوله وبسطه ". ومن مجاز الأصل قالوا "مَهدَ لنفسه: كَسَبَ وعَمِلَ " (والكسب يلين العيش ويرققه). • (مهل): {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيدًا} [الطارق: 17] "المُهْل -بالضم: كلُّ فِلِزّ أُذِيبَ (والفِلِزّ: جواهر الأرض من ذهب وفضة

ونُحَاس) ما ذاب من صُفْر أو حديد. والمُهْل والمُهْلة -بالضم: ضرب من القَطِران ماهِيٌّ رقيقٌ يشبه الزيت وبضرب إلى الصفرة من مَهَاوَيهِ وهو دَسم تُدْهَن به الإبل في الشتاء، والقَطِران الخاثر لا يُهْنَأُ به. ومَهَلْتُ البعير إذا طَلَيتَه بالخَضْخاض (ضربٌ من النِفْط أسود دسم رقيق لا خثورة فيه) والمُهْلُ أيضًا: الصديد والقيح، ودُرْدي الزيت ". Qتسيبٌ وتميع لما هو في الأصل مادة متينة غير مشوبة. كذائب الفضة والصُفْر إلخ، وكذلك القطران والنفط، وكدُرْدِي الزَيت وكالصديد والقيح. كلها سائلة مع متانة أصولها. {يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ} [المعارج: 8]، (المهل: ذائب الفِلِزّ وقد شُرح، وهذا كما قال تعالى {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا} [الطور: 9]، {فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} [الرحمن: 37]، {فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ} [الحاقة: 16])، {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوي الْوُجُوهَ} [الكهف: 29]، {كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ} [الدخان: 45]، فالمُهْل هنا ذوب جواهر الأرض ونحوها خاصة لأنه المتصف بالحرارة البالغة درجةَ إذابة الفضة والحديد، ولا يظل مُهْلًا إلا وهو في تلك الدرجة. وقد سئل ابن مسعود عن قوله تعالى: {كَالْمُهْلِ يَشْوي الْوُجُوهَ} فدعا بفضة فأذابها فجعلت تمَيَّعُ وَتَلوَّن فقال: هذا من أشبه ما أنتم راءون بالمهل " [ل 156]. ومن التميع يؤخذ معنى التراخي "المَهَلُ -بالفتح والتحريك، والمُهلة- بالضم: السَكِينة والتُؤَدَةُ والرِفْق والتباطؤ. وأمْهَلَه: أَنْظَره ورَفَق به، ولم يَعْجَل عليه. ومَهَّله- ض: أَجَّلَه. {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيدًا} [الطارق: 17]، ومَهَلَت الغَنَم: رَعَتْ بالليل أو بالنهار على مَهَلِها ". كما يؤخذ معنى الامتداده

(مهن)

ومنه "المُتْمهِلّ: الرجلُ الطويل المعتدل المنتصب "عُنُقٌ مُتْمَهِل: معتدل منتصب "وقوله: [لعمري لقد أمهلتَ في نهي خالد] أي بالغتَ في نهيه كأنه يقول استمررتَ ووقفتَ نفسك عليه حينًا. ومن ملحظ التسيب إلى حد ما في الأصل جاء معنى السُرْعة والسبق إذ السرعة فيها تسيب. "الماهل: السريع المتقدم وهو ذو مَهل أي ذو تقدم في الخير ولا يقال في الشر. وأخذ عليه المُهلة- بالضم: إذا تقدمه في سن أو أدب ". "مَهَلُ الرجل- محركة: أسْلافه الذين يتقدمونه ". • (مهن): {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} [المرسلات: 20] "الماهن: الخادم العَبْد. وقد مَهَنُهم (فتح): خَدَمَهم. والمَهِين من الرجال: الضَعيف. وفحل مَهِين: لا يُلْقَح من مائه. ويقال أَمْهَنْتُه: أضعفته. ومَهَنْتُ الثوبَ: حَذَمْته (= قطعته). وثوب ممهون. قال بدر بن عمرو الهذلي: ويَجُرُّ هُدَّابَ الغليل كأنه ... هُدَّابُ خَمْلَة قَرْطَفٍ ممهون (القرطف- كجعفر: القطيفة. وهُدْبُ الثوب وهُدّابه: (شراريبه) الغليل: بطانة تحت الدرع). Qخُلُوّ الشيءِ من مادة الغلظ والشدّة فيكون ضعيفًا أو سهلًا. كخلو الفَحْل من الإلقاح، وفَقْدٍ الثوب المقطوع تماسكَه. وفي كلام ابن الهسيب: "السهل يُوطَأ ويُمْتَهَن قالوا: يُبْتَذَل "ولعل الأدق: ويُستَضْعَف. والمقصود ضَعْفُ القَدْر. وفي صفته - صلى الله عليه وسلم - "ليس بالجافي ولا المَهِين "أي أنه ليس جافي الخلقة غليظًا، كما أنه ليس رخو البدن ضعيفًا ذاهب القوة - صلى الله عليه وسلم -. هذا،

معنى الفصل المعجمي (مه)

والخِدْمة تُذَلل الامر وتلينه وتسهله للمخدوم ولذا سمي "الخادم ما هنا "كما سُمِّيَ ناصفًا. ومن هنا "المهنة- بالفتح والكسر والتحريك: الحِذْق بالخِدْمة والعَمَل (فالحاذق المحترف يُتِمُّ العمل بيُسْر وسهولة ولين، بلا صعوبة أو عناء، كما أنه يذلل صعوبات وسائل المعيشة). وقالوا مهن الإبلَ: حَلَبها عند الصَدَر، وثياب المِهْنة أي البِذلة والخِدمة "التي ليست مصونه للمناسبات ولا لها مَعزّة عند صاحبها. (ثم إن لفظ المهنة انتقل ليستعمل في الحِرْفة وكأن الخطوة الوسيطة (حرفة المهنة) أي حِرْفة الحِذْق أي التي يحذقها ثم استغنوا بالمضاف إليه عن المضاف). وفي قوله تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} [المرسلات: 20 وكذا ما في السجدة: 8]، أي من ماء ضعيف قليل {أَمْ أَنَا خَيرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ} [الزخرف: 52] لا يكاد يفصح عن مقصوده، أو نظر إلى أنه كان من عامة شعب بني إسرائيل الذين كان يتعبدهم {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} [القلم: 10]: الوضيع لإكثاره من القبائح. من المهانة وهي القلة [بحر 8/ 300] والدقيق أن يقال: من الضعف أي ضعف الحال وعدم الشرف الخُلُقِيّ. ° معنى الفصل المعجْمي (مه): فراغ الأثناء أو ما إلى الفراغ -كما يتمثل في المَهْمه: الخَرْق الأملس الواسع المفازة التي لا ماء بها ولا أنيس- في (مهه)، وكما في شفافية الماء- في (موه ميه)، وكما في رِقَّة الزُبْد المهيد ولين مَهْد الصبي- في (مهد)، وكما في ذوبان الفلز الذهب والفضة والنحاس ورخاوة التمهل- في (مهل)، وفي ضعف المهين من الرجال وخلو ماء الفحل المهين من الإلقاح- في (مهن). ***

باب النون

باب النون التراكيب النونية • (نون): {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا} [الأنبياء: 87] "النُونَة -بالضم: النُقْبة في ذَقَن الصَبِيّ الصغير, والسَمَكَةُ. والنُون: الحوت، والدواةُ. ويقال للسيف المعطوفِ طَرفَي الظُبَة: ذو النونين ". Qغَوْص أو غئور إلى داخل شيء أو باطنه بلُطف. كنُونَة الصَبِيّ في لحم ذقنه وكالدَوَاة للحبر وكالحوت: السمك يغوص في الماء، وطَرَفُ الظُبَةِ المعطوفُ يكوّن تجويفًا هو من باب الغئور. وسُمِّي يونس -عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام - في آية التركيب- ذا النون كما سمي صاحب الحوت. • (أنن): {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62] "قالوا: أُنَّ ماءً ثم أَغْله أي صُبَّ ماء ثم أغله [ل أنن 170/ 7] والمقصود الصبُّ في إناءٍ يُغْلَى فيه. ويقال لا أفعله ما أَنَّ في السماء نجمٌ أي ما كان. وأَنَّ المريض يَئن ". Qوجودُ الشيء أو امتداده في أثناءٍ أو جَوفٍ. كالماء في

(نوى)

الإناءِ والنّجم في السماء. وأنينُ المريض عن مرض وأَلَمٍ في بَدَنه. ولهذا جاءت (إنَّ) بمعنى نعم. أي قَرّ ذلك وثبت أو قُبِلَ في القلب. وجاء قولهم هو "مَئِنَّا لكذا "أو "أنْ يكون كذا أي خليقٌ "، فهذا كما يقال هو مَوْضِعُ ثقة مثلًا. ومن هذا الأصل تتأتى دلالة إنّ وأنّ على التوكيد إذ تعنيان حينئذ تقريرَ الشيء أي إثباتَه وغرسَه كما لو غُرِسَ في جوف {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ} [آل عمران: 18]، {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56]. • (نوى): {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} [الأنعام: 95] "النَواةُ: عَجَمة التَمْر والزَبيب وغيرهما. والنَيّ -كَحّي وسِيّ: الشَحْم. نَوَتْ الناقة وغيرها: سَمِنَتْ ". Qاحتواء جوف الشيء على جِرم متجمع قوي يمتد فيه. كالنواة في التمرة والنَيّ في الناقة {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} ومنه "نَوَاك الله: حفظك " (أحاطك بحفظه. كالنواة في التمرة). و "النِية: القَصْد والاعتقاد "إذ هي شيء ينعقد في نفسك ويتجمع. ولذا يقولون: عَزم (: شَدّ) النيّة، وعَقد النية ونحو ذلك. ومن هذا قالوا: "النِيَّة والنَوَى: الوَجْهُ الذي يَنْويه المسافر "فكأنهما بمعنى المَنْويّ. ومن ملحظ الغياب في جوف شيء "النَوَى: الدارُ " (يكْتَنّ فيها ساكنها) "والبُعْدُ " (لغياب البعيد في غيابه المجهول). • (ونى): {اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي} [طه: 42]

(نوأ)

"المِيناء- بالكسر: كَلَّاء السُفُن ومَرْفَؤُها كالمِينا بالقصر. وناقةٌ وانية: فاترةٌ طليحٌ / أَعْيَت ". Qفُتُورٌ أو توقُّفٌ عن الحركة لإعياء أو نحوه -كما أن الميناء موضعُ توقُّف السفن وكالناقة الطليح. قال تعالى: {وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي} أي لا تَفْتُرا -كما قال لسيدنا محمَّد - صلى الله عليه وسلم - {... قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: 2]، {قُمِ اللَّيلَ إلا قَلِيلًا} [المزمل: 2]، ويقال "هو لا يَنِي في أمره: أي لا يَفْتر ولا يعجز. وامرأة وَنَاة وأَنَاة: فيها فُتور عند القيام والقُعود والمَشْي ". ومن هذا أيضًا: "تَوانَي في حاجته: قَصَّر "فالتقصير فتور. "والوَناة والوَنِيّة- كغَنِية: الدُرّة "سميت كذلك من الفتور إذ يستغرق تكوّنها في صدفتها المغلقة عليها دهرًا. وعلى التشبيه بها في الشفافية سَمَّوْا جوهر الزجاج مِينَاءً. • (نوأ): {وَآتَينَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} [القصص: 76] "النَوْءُ -بالفتح: النَجْم إذا مال للمغيب / سُقُوطُ نَجْم من المنازل عند الفَجْر في المغرب (وطلوع رَقِيبه من المشرق) والمرأه تنُوء بعجيزتها: تَنْهَضُ بها مُثْقَلة ". Qانجذاب الشيء إلى أسفل بضَغْطٍ من ثِقَله كالنجم والعجيزة. ومنها "ناءَ بِحِمْله: نَهَض بجُهْدٍ ومَشَقَّة {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} (أي يُثْقِلهم حَمْلها).

(نأو- نأى)

• (نأو- نأى): {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ} [فصلت: 51] "النُؤْى- بالضم: حاجزٌ حَوْلَ الخِباء أو الخَيمة مُطِيفٌ به يَصْرِف عنه ماء المطر يمينًا وشِمالًا. والنُهَير الذي دون النؤى هو الأَتِيّ. قال: {ونُؤْى كجذْم الحوض أَثْلَم خَاشع}. نأيت الدمع عن خدي بإصبعي ". Qصرفٌ وإبعادٌ بقوة -كما يصرف النُؤْىُ ماءَ المطر عن الخباء، وكما يُنثَر الدمعُ عن الخَدّ. ومنه "نَأَيت ونَأَوْت: بَعُدت " {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} [الأنعام: 26] يذودون عنه - صلى الله عليه وسلم - ثم ينأون هم عنه أي لا يقبلون دعوته. أو ينهون الناس عن اتباعه واتّباع القرآن وَيبْعُدون هم أيضًا عنه [ينظر بحر 4/ 103 - 104]، ويقال لمن "تباعد وانصرف تكبُّرًا: نأى بجانبه " {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ} [الإسراء: 83]. • (أنو- أنى): {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} [طه: 130] "الإِناءُ ذاك الذي يُرْتَفَقُ به (ظَرْفًا لماء أو طبيخ) وأَنَى النباتُ- كبَكى: حانَ وأدْرَك. وأَنَّيتُ الطعامَ في النار- ض: أَطَلْت مُكْثه فيها ". Qتهيؤ الشيء وصلوح حاله لما يراد به. كالنبات المذكور. والظروف المذكورة تهيئ الطعام للتناول {وَيُطَافُ عَلَيهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ} [الإنسان: 15] (جمع إناء). ومن الظرف المكاني استُعْمِل في الزماني أي مدة البقاء إلى أوان الاستعمال أي حين صُلُوحه لذلك. ومن هذا: "أَنَي الشيءُ- كبكى:

حَانَ وأدرك "، كما قيل "بلغ إِنَاه: غايتَه أو نُضْجَه ". والمقصود بَقِيَ المدة المناسبة لبوغ مثله كال حاله {إلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب: 53]: أي وَقتَ نُضْجه [قر 14/ 226]. (كأن أصل ذلك أن النضج هو غاية طبخ الشيء أو وضعه في النار ولا غاية بعده، ليوضع بعدئذٍ في الأواني)، ثم منه أطلق في بلوغ ما يوضع على النار غاية ما يكون من تأثره بها). ومنه "أَنَى الماءُ (الذي يُسَخَّن): سَخُنَ وبَلَغ في الحرارة، وأَنَى الحميمُ: انتهى حَرُّه (أي بلغ أقصى المراد في الحرارة). {يَطُوفُونَ بَينَهَا وَبَينَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرحمن: 44]، {تُسْقَى مِنْ عَينٍ آنِيَةٍ} [الغاشية: 5]. ومن وقت النضج استعمل في مطلق وقت الشيء {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد: 16]، "أي ألم يَقرُب ويَحِنْ "وفي حديث أورده [قر 17/ 249] "إن الله يستبطئكم بالخشوع "فقالوا عند ذلك: خَشَعنا ". ومنه "الإِنْى -بالكسر، وبالفتح، وكإِلَى، والإِنْو- بالكسر: الساعةُ من الليل "وجمعها آناء، {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيلِ فَسَبِّحْ} [طه: 130]: ساعاته وهي ظروف وكذا كل (آناء). ومن تلك الظرفية استُعمِلت أَنَّى بمعنى حَيثُ وأين. وهما ظرفا مكان كالإناء، وبمعنى كيف معهما، وهذا من ذينك، إذ حقيقته استفهامٌ عن حال الوجود أي الوقوع والتحيز في مكان، وهي أعم في اللغة من (كيف) ومن (أين) ومن (متى). وقد فسرها سيبويه بـ كيف ومن أين باجتماعهما [بحر 2/ 181] وفيه الكلام عن {أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223 - 224] مستوفى. وخلاصته إطلاق الكيفية مع اجتناب الدبر والحيضة. {أَنَّى لَكِ هَذَا قَالتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران:

(أون)

37] وأوْلَى تفسيره: من أين لك هذا؟ وكيف؟ معا. ولذا كان الجواب {هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} وهذا مجيب عن الأَمْرين، لأن الله لا يُعْجِزه شيء. وكذا كل (أَنَّى) {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيءٍ} [الأنعام: 101] كأن الأُوَلى لنفي التأتي حسب ما يعقلون من سبيل الولد، والثانية لنفي الحاجة بإثبات أنه سبحانه خالق كل شيء. [ينظر بحر 4/ 198]. ومن ملحظ البقاء في الظرف قيل: "أَنَى أُنِيًّا كجَثَى جُثِيا ورَضِيَ رضا: تَأَخَّر وأَبْطَأ. والأناة: الحِلْم والوقار، والتؤدة. وأنِيَ- كرَضى، وتأنّى: تثبت ". وأرى أن ضمير المتكلم "أنا "أصله من هذه الظرفية، إذ قائل: "أنا "يقصد نفسه التي بين جنبيه- لا بدنه أو أحد أعضائه. {قَال أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} [البقرة: 258]، قال عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14]. سبحانه وتعالى. وما قلناه عن الضمير "أنا "للمتكلم من البشر يذكرنا برأي ابن سينا ثم ديكارت في إثبات الإِنّيَة: النَفْس: الذات -بالفكر [انظر د. عثمان أمين: ديكارت ص 115 - 118]. أي أن ابن سينا غاص على الفكرة من هذا الضمير في العربية. • (أون): {الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} [يوسف: 51] "ألأَوْن -بالفتح: العِدْلُ، والخُرْجُ يُجْعَل فيه الزادُ. خُرْجٌ ذو أونين وهما كالعِدْلين. والأَوَان- كسحاب: العِدْل أيضًا. وأَوَّن الحمارُ- ض: أكل وشرب وامتلأ بطنه وامتدت خاصرتاه. وأَوَّنَتْ الأتانُ: أَقْرَبَت (أي قَرُب أن تَلِد).

(أين)

Qاتساع الحيّز لما يوضع فيه وامتلاؤه به امتلاء تامًّا. كالخُرْج يُعَدّ لما يتوقِع أن يُحْمَل فيه وبَطنِ الحمار والأتانِ يمتلئان هذا بالعلف، وتلك بجنينها. ومنه الإوان- ككتاب، والإيوان: الصُفَّة العظيمة .. شِبْهُ أزَجٍ غير مستورِ الوجه (الأزج: بيت يُبْنَى طولًا. فالإيوان تبنى منه ثلاثة أضلاع ويترك أحد الضلعين الطوليين ليكون هو الواجهة). (الإِيوان واسع ومعدّ ليستوعب في جوفه كثيرين) وكذلك "الإِوان- ككتاب: من أعمدة الخباء " (ينتصب في جوف الخباء ويرفعه فيجعله مجوَّفًا يسع من يشغلونه). ومن هذا "الأَوْن: التكلف للنفقة "كأنه من الاتساع في الجمع, لأن التكلف هنا تزيّد. ومنه "الأَوَان: الظرف الزماني " (تطورًا عن الدلالة على الظرفية المكانية والظرف جوف لما هو فيه) والآن أصله الأوان [ل: أين 186/ 4، 22] وهو للزمان الجاري الذي يشغله حدث ما وقت ذكر (الآن) {الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} وكذا كل (الآن). وامتلاء الحيز الواسع يلزمه ثقل الحركة ومنه "الأوان- كسحاب: السلاحف ". "أُنْتُ في السير: اتَّدَعْتَ ولم تَعْجَل. وأَوِّنُوا في سيركم- ض: اقْتَصِدوا. والأَوْن المشي الرُوَيد (تَلَبُّثٌ، وثِقَل كأنما عن تملُّؤ) ومثله "أُنْتُ بالشيء: رَفَقْت. ويقال للطائش أُنْ على نَفْسك: أي اتَّدِعْ. وتأوَّنَ في الأمر. تَلَبّثَ ". • (أين): {فَأَينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] "الأَيْن- بالفتح: الحيّة. وآنَ يئين أينًا: أعيَا وتَعِبَ ".

النون والباء وما يثلثهما

Qلزومُ الأرض أو بطءُ مفارقتها كحال المُعْيِى والمُتْعَب وحال الحية ونحوها في الزحف. ومنه (أين) الظرفية، إذ الظرف مكان (هو الأرض أصالة) يستقر فيه الشيء (المظروف) يقال: "جئتك من أَينَ لا تعلم أي من حَيثُ لا تعلم "أي من مكان لا تعلمه. فهي هنا تعبير عن المكان، ويُسْأَل بها عن المكان {أَينَ الْمَفَرُّ} [القيامة: 10]، {فَأَينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (إلحاق (ما) جعلها للتعميم. أي إلى أي مكان تولون وجوهكم فهناك وجه الله عَزَّ وَجَلَّ) وقد استظهر أبو حيان -رعاية لما قبلها- أن المعنى أن منع المساجد من ذكر الله والسعي في خرابها لا يمنع من أداء الصلوات ولا من ذكر الله، فأي جهة أديتم فيها العبادة فهي لله يُثيب عليها, ولا تختص بالمسجد- وأقوى الأقوال الأخرى أن التوجه في الصلاة إلى أي جهة كان في أول الأمر ثم نسخ [بحر 1/ 529 - 530] وأقول إن هذا الحكم باق في حالة الضرورة. ومن الظرفية المكانية تنقل إلى الظرفية الزمانية "آن يئين: حان. وأَيَّان يُسْأل بها عن زمان {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا} [الأعراف: 187]. أي متى تُرسَى أي تحُلّ وتقع. النون والباء وما يثلثهما • (نبب- نبنب): "الأنبوبُ والأُنبوبة: ما بين العُقْدتين في القَصَبة والرمح. نَبَّبت العِجْلة- (وهي بقلةٌ مستطيلة مع الأرض): صارت لها أنابيب أي كعوب. وأنبوب النبات كذلك، الأنبوب: السطر من الشجر. وأنبوب القَرْن: ما فوق العُقَد إلى الطرَف. يقال لأشراف الأرض إذا كانت رَقاقًا مرتفعة: أنابيب ".

Qتجوف دقيق ممتد يكتنفه نتوء (يتكرر بانتظام) (¬1) كأنبوب القصبة والرمح مُكْتَنَفٌ بعُقَد من الناحيتين. والسطر من الشجر يتخلله فراغ بين الشجرة والأخرى. وأنبوب القرن فراغ ممتدّ تحته عقدة. والشرف من الأرض مرتفع (من جنس العقدة)، ورقّة مكوناته أي كونها ترابًا لا صخْرًا- هي من جنس الفراغ. هذا, وقولهم "نبّ التيس ونبنب: صاح عند الهياج "هو من المعنى لأنه رَفْع صوت بسب إحساس بفراغ أي حاجة إلى السفاد. وقولهم "نبنب عمله: طَوَّله وأحسنه "هو من انتظام الاقتران بين النتوء والفراغ كما في الأنبوب. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر النون عن امتداد لطيف في الباطن أو منه، والباء عن تجمع رخو متلاصق، والفصل منهما يعبر عن تجمع بغلظ ما مقترن بفراغ أو رقة (وهي اللطف هنا) كأنبوب القصبة كعبها. وفي (نبو) يزاد الاشتمال معنى الراو، ويعبر التركيب عن نتوء الشيء بارزًا من باطن كان فيه (كأنما اشتمل على متجمع) كالنبوة: الشرف المرتفع من الأرض. وفي (نبأ) تضيف الهمزة الدفع، ويعبر التركيب عن نتوء الشيء وخروجه بدفع وقوة كالنشز والنبوء من أرض إلى أرض. وفي (نوب) تتوسط الواو بمعنى الاشتمال، ويعبر التركيب عن المعاودة وهي من صور الجمع كالنَوب النحل. وفي (نبت) تعبر التاء عن ضغط بدقة، ويعبر التركيب عن امتداد الشيء من أصله ساميًا دقيقًا كالنبت. وفي (نبز) تعبر الزاي عن نحو الاكتناز بكثافة وشدة، ويعبر التركيب معها عن نحو القِشْر الليفيّ اللاصق على أصول السعف وهو خشن شديد ويتمثل معنويًّا في النبز اللقب (القبيح). وفي (نبع) تعبر العين عن التحام برقة، ويعبر التركيب عن رقة النافذ الخارج كالماء من الينبوع وكشجر النبع.

(نبو)

• (نبو): {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: 45] "النَبْوة -بالفتح: الشَرَفُ المرتفعُ من الأرض. والنبَاوة والنَبِيُّ: كذلك. ويقال نبَوْتُ من أَكْلةٍ أكلتُها: سَمِنْت. وأَكَل أَكْلة إن أَصْبَحَ منها لنَابِيا. والنابية: القَوْس التي نبَتْ عن وترها أي تجافَتْ. نبَا السَرْجُ والرَحْل: لم يستمكن من الظهر ... ". Qانتبار الشيء -أي ارتفاع جسمه- لتجمع (غليظ) في باطنه أو تَوَتُّرٍ لا يدعُه ينخفض: كارتفاع الأرض وكالسِمَن وتجافِي الوَتَر عن جوف القوس، وكنتوء السرج وتجافيه عن الظهر، لتوتر فيه وعدم ليونة فلا يطمئن على الظهر -أي لا يستقر منخفضًا عليه. ومن هذا الأصل قيل في تجافي جَنْب النائم عن الفراش الذي يَنْبغي أن يستقر عليه: "نَبا جَنْبُهُ عن الفِراش: تجافَى عنه. نبَتْ به الأرضُ: لم يَجد بها قَرارًا. ونبا السهمُ عن الهَدف، والسيفُ عن الضريبة، وبَصَرُه عنه: تَجافَى ولم ينظر إليه. والصدقُ يُنْبِي عنك لا الوعيدُ أي الاستقامة والصلابة هي التي تدفع عنك لا التهديد ". ولفظة "النَبِيّ "قيل أُخِذَتْ من العُلُوّ؛ لشرفه، وهذا كما قال تعالى: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} [مريم: 24] فالنبي أرفع خلق الله. وقد جاء من استعمالات العرب لفظ "النَبِيّ ": العَلَم من أعْلام الأرض (مرتفع) "التي يُهتَدَى بها "- ومراعاة هذا القيد تجمع إلى النبي الشرف مع الهداية. لكني أرجح أن كلمة "نَبِيّ "بمعنى أحد أنبياء الله تعالى أصلها نَبِيء بالهمز بمعنى مُنْبَأ من الله أو مُنْبِئ عن الله. وقد سبق سيبويه بمؤدَّى ما رَجّحْتُ فقال إنهم تركوا الهمز في النبيّ

(نبأ)

[ينظر ل نبأ]. فهذا معناه أن أصلها الهمز، وهو لا يكون إلا بأنها من (نبأ) لا من (نبو). • (نبأ): {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ} [ص: 67] "نَبَأْت من الأرض إلى أرض أخرى: إذا خرجتَ منها إليها. نبَأ من بلد كذا: طَرأ. النابئ: الثور الذي يَنْبَأ من أرض إلى أرض أي يَخرج. سَيل نابئ: جاء من بلد آخر، ورجل نابئ كذلك. نبَأ عليهم: هَجَم وطلع. النَبْأة: النَشْز (من الأرض). النَبْأَة: الصوت الخفّي ". Qظهور أو طروء مسبوق أو مكنوف بخفاءٍ ما. كما في هذه الاستعمالات. فالأصل أن الذي يلحظ طُروء سَيْل أو ثور (أي من فصيلة البقر الوحشي) لا يعرف من أين صَدَر، وكذلك التعبير بهَجَمَ في تفسير "نبأ عليهم "معناه أنه لم يكن متوقَّعًا. وهذا خفاؤه. والنَبْأة النشْز فيها الظهور. أما الخفاء فيتحقق بأن يكون ارتفاعها محدودًا، أو أن يقع بتدرج فلا يَقْوى لحظُه. وأما "النبيء: الطريق الواضح "فأصله من التركيب غير المهموز حسب ما ذُكر في [تاج]. ومن ذلك "النبَأُ الخبر "-وينبغي أن يقيَّد بالخفى أي الذي كان خفيًّا- حسب الأصل الذي ذكرناه. وقد جاء في فروق أبي هلال ما يؤيد هذا. فقد قال إن "الفرق بين النبأ والخبر أن النبأ لا يكون إلا للإخبار بما لا يعلمه المخبَر، في حين أن الخبر يجوز أن يكون بما يعلمه وبما لا يعلمه. فيجوز أن تقول: تُخْبرني عما عندي ولا تقول تنبئني عما عندي. ثم ذكر قوله تعالى: {فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا

بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الشعراء: 6]، حجةً لذلك، على أساس أنهم استهزءوا لأنهم كانوا لا يعلمون حقيقة العذاب، ولو علموا لتوقَّوْه. كما احتج بقوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيكَ} [هود: 100]. والحقيقة أن القيد متحقق في كل ما جاء في القرآن الكريم. وبعض ذلك صريح مثل {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيبِ نُوحِيهَا إِلَيكَ} [هود: 49] وغيرها, لكن هناك ما ينبغي أن يُبَيَّن وجهه. كقوله تعالى: {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ} [آل عمران: 49] فالأصل أن سيدنا عيسى لا يعلم هذا، فتحرير كلمة أبي هلال أن يقال إن النبأ يستعمل في ما الأصل فيه مجهول لأحد الطرفين. وقوله تعالى: {فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [المائدة 105]. فلا شك أنهم كانوا يعلمون ما يعملون، لكن الله عَزَّ وَجَلَّ قال لهم {وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} [ينظر فصلت: 22]، كما أنهم تصرفوا وهم في الدنيا تصرف من لا يعرف حقيقة ما يعمل، فاستعمل لهم اللفظ الذي يقتضيه حالهم. وهكذا. وكلمة النبيّ -أرى أن أصلها من المهموز. فالقراءة بالهمز ثابتة في (النبيئين). والهمزة ثابتة في التنبؤ. والمعنى أن النبيّ -صلوات الله على نبينا وعليهم جميعًا- مُنْبأ من الله ومُنبِئٌ عن الله عَزَّ وَجَلَّ. وأرى أنه يُفَضَّل عدم إرجاع هذه الكلمة الشريفة إلى النَبْوة- بالفتح، المكان المرتفع. فيكون معنى الاسم: الشريف أو الرفيع مثلًا. فالأشراف بين الناس بهذا المعنى لا يحصون عددًا، أما المُنْبأ من الله عَزَّ وَجَلَّ فشَرَفُه لا يبارَى. وهم منذ بَدْء الخلق إلى الآن معدودون. وكل ما جاء في القرآن من التركيب فهو راجع إلى معنى "النَبَأ: الخبر الخفيّ حسب ما ذكرنا سواء عن ذلك الأفعال (نبّأ) , (أنبأ)، (استنبأ) والمضارع

(نوب)

والأمر لما له ذانك منهن، و (نبَأ) و (أنباء) و (نبيّ) وجمعاه، (نبيون) و (أنبياء) والمصدر (نبوّة). • (نوب): {اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى: 13] "نِعْمَ المطرُ هذا إنه كانت له نائبةٌ أي مَطْرة تَتْبَعه. والمنَاب: الطريقُ إلى الماء. والحُمَّى النائبةُ: التي تأتي كل يوم. وانْتابَ القومَ: قَصَدَهم وأتاهم مرة بعد مرة. والنَوْبة- بالفتح: الفُرْصة ". Qعَوْدٌ إلى الشيءِ ومُضَامَّةٌ له مَرَّة بعد أخرى. كالمَطْرة التابعة لمَطرة سابقة، وكالحُمَّى التي تَعودُ كل يوم، وكالمُنْتاب: الذي يأتي القومَ مرة بعد أخرى. والفُرْصَة هنا عودة إلى الشيء بعد آخرين. ومنه النُوبُ- بالضم: النَحْل قالوا: لأنها تعود إلى خلاياها ". (والواقع أنها تعود إلى خلاياها مهما بَعُدت في سروحها لارتشاف رحيق الأزهار). ومن ذلك "أنابَ فلانٌ: تاب ورجع- {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} [الزمر: 54]، {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيهِ} [الروم: 33]، (في حال الضر يكون الدعاء أكثر إخلاصًا وأمْلأ بالثقة والطمع في رحمة الله بالاستجابة للدعاء). والذي في القرآن من التركيب كلُّهُ من الإنابة: الرجوع إلى الله عَزَّ وَجَلَّ. و "النائِبَةُ: ما ينوب الإنسانَ أي ينزل به من المهمات والحوادث " (لأنها تنزل بهذا مرة وبغيره أخرى فهي من المعاودة). ومن المعاودة بمعنى الاعتقاب على الشيء "ناب عنه: قام مقامه ". أما "النَوْبة -بالفتح بمعنى الجماعة "فهي من المضامّة في الأصل ينضم هذا

(نبت)

إلى ذاك ثم ثالث فتكون جماعة. وهذا قولهم للمطر الجَوْد- بالفتح أي الوابل العظيم القطر أو الغزير "مُنِيب "هو من عِظم قَطره. • (نبت): {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَينَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ} [المؤمنون: 20] "النابت من كلِّ شيء: الطريُّ حين يَنْبُتُ صَغِيرًا. ونَبَّت فلان الحَبّ- ض. والتَنْبيتُ: أولُ خروج النبات. والنَبات والنَبْت: كلُّ ما أثبت الله في الأرض / ما نبت على الأرض من دِقِّ الشَجَر وكباره ". Qامتداد الزرع الغض من الأرض ساميًا إلى أعلى كالنبات. وقد خصوا بعض الشجر باسم (الينبوت). ومن السُمُوّ: "النبائت: أعضادُ الفُلْجان (أي جدران المساقي التي تحمل الماء إلى نواحي الحقل، لنتوئها). والتنبيت: ما شُذِّبَ (عن) النخلة من شوكها وسَعَفِها للتخفيف عنها (للمساعدة على النمو مع رقة. وفي الأصل (عَلَى). ونَبَّتَ الجاريةَ- ض: غَذَاها وأحسن القيام عليها، والصبيَّ: ربّاه " (النمو امتداد). وفي آية التركيب {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} أي تفرزه {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ} [البقرة: 261]، {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: 17]. هو الإنشاء من التراب والطين. وكلمة نبات اسم مصدر لأنبت كما هنا وفي [آل عمران: 37]، وتكون أيضًا مصدرًا لنبت تستعمل بمعنى اسم الفاعل فتطلق على الزرع الخارج من الأرض -أي تكون اسم عين كما هي في سائر ما ورد في القرآن. وهي في آية [نوح: 17] و [آل عمران: 37] مستعملة في النمو استعمالًا مجازيًّا. وفي سائر القرآن لنمو الزرع من الأرض حقيقة.

(نبذ)

• (نبذ): {فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ} [القصص: 40] "النَبيذ: ما يُعمْل من الأشربة من التمر، والزبيب، والعسل، والحنطة، والشعير، وغير ذلك / يُنْبَذُ في وعاء ويترك عليه الماء حتى يفور، وسواء كان مسكِرًا أو غير مسكر، فإنه يقال له نبيذ. نبَذت الشيء (ضرب): إذا ألقيته من يدك. والمنبوذ وَلَد الزنا, لأنه يُنْبَذ على الطريق ". Qطَرْح الشيء أو تنحيته بعيدًا مع تخَلٍّ أو ما يشبهه -كالنبيذ الموصوف- حيث ينَحَّى زمنا طويلًا إلى أن يصلح، وكنبذ الشيء: إلقائه من اليد، وكطرح ولد الزنا. ومن قولهم "جلس نَبْذة أي ناحية، وانتبذ عن قومه: تَنَحَّى {إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا} [مريم: 16، وفه ما في 22 منها]. ومن معنى الطرح- لكن قذفا إخراجا من الماء {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ} [الصافات: 145 ومثلها ما في القلم: 49]. وبعكس ذلك {فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ} [القصص: 40، الذاريات: 40]. ومن الطرح والإلقاء كذلك {كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ} [الهمزة: 4] {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا} [طه: 96] أي ألقيتها على الحلى الذي جمعوه من أهل مصر [ينظر بحر 6/ 254]. ومن الطرح المجازي تخليا وإعراضًا {نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [البقرة: 101، وكذا ما في البقرة: 100، آل عمران: 187]. وأما قوله تعالى {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيهِمْ عَلَى سَوَاءٍ}

(نبز)

[الأنفال: 58] أي فانبذ إليهم عهدهم أي ارمه واطرحه غير مبالٍ به [ينظر بحر 4/ 505]. ومن هذا "المنابذة: تحيز كل من الفريقين في الحرب، والمنابذة في التجر "وهي إيجاب البيع برمي المتاع إلى المشتري أو رمي المشتري حصاة عليه. و "المنبذة (آلة): الوسادة لأنها تُنْبَذ إلى من يجلس عليها ". والطرْح والإلقاء يلزمه القلة. ومن هنا استعلمت كلمة (نَبْذ، نُبْذة) في القليل: "نُبْذة أي شيء يسير ". • (نبز): {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} [الحجرات: 11] "النِبْز -بالكسر: قُشور الجُدَام- كغراب: وهو أَصْلُ السَعَف قِشْرُ النخلة الأعلى ". Qعُرُوّ خشنٍ ظاهرَ الشيء (ناشئًا عنه) -كقشر النخلة الأعلى وأصل السعف ذاك. ومنه النبَز- محركة: اللَقَبُ: نبَزَه (ضرب): لَقَّبه (بلقب خشن شديد عليه يَلْصَقُ به) والتنابز: التَدَاعِي بالألقاب، وهو يكثر في ما كان ذَمًّا. وهذا يُحِقّه قوله تعالى بعد النهي في آية التركيب {بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [الحجرات: 11]. • (نبط): {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] "النَبَط والنبيطُ: الماء الذي ينبِط من قعر البئر إذا حُفِرَت أول ما تُحفَر. نَبَط ماؤها (قعد وجلس): نبع. ونبَط الركية وأنبطها واستنبطها: أماهها. وكل ما

(نبع)

أُظهر فقد أُنبط. النبَط: ما يتحلب من الجبل كأنه عَرَق يخرج من أعراض الصخر ". Qنبع لطيف نافع من باطن شيء وأثنائه بجهد: كالماء الذي يَخْرج من باطن البئر بالحفر، وكذا الذي يخرج من أعراض الصخر رشْحًا يوحي بعسر خروجه. ومنه: "استنبط الفرسَ: طلب نسلها ونتاجها ". ومن مجازه: "استنبطه واستنبط منه علمًا وخبرًا ومالًا: استخرجه ": {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَو الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} لعَلِم تدبيرَ ما أُخْبِروُا به الذين يستنبطونه أي يستخرجون تدبيره بفِطَنِهم وتجاربهم ومعرفتهم بأمور الحرب ومكايدها (وكذا غير الحرب من أمور الأُمة الماسّة لأَمنها) - بدلًا من إفشاء ما سمعوا، فتصل أخبار ما أفشوه إلى الأعداء فيستغلونه ضد مصلحة الدولة، فيعد ذلك مفسدة كبيرة [ينظر بحر 3/ 318 - 319]. • (نبع): {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ} [الزمر: 21] "اليَنْبوع: عَينُ الماء مَفْجَر الماء. وقد نَبع الماء (مثلثة الباء في الماضي والمضارع) تَفَجَّر خَرَج من العين. والنَبْع - بالفتح: شَجَرٌ من أشجار الجبال شديدٌ تُتَّخذ منه القِسِيّ ". Qانبثاق رقيق الجرم أو خَالِصه من باطن متجمعًا بلا جهد: كالماء من الأرض {حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} [الإسراء: 90]،

معنى الفصل المعجمي (نب)

وكشجر النزاع وهو من أكرم الأشجار خشبًا "وكلُّ القِسِي إذا ضُمَّت إلى قَوْس النَبْع كَرَمَتْها قَوْسُ النبع (أي فاقتها في الكرم) لأنها أَجْمَع القِسِي للأَرْز -أي الشدة واللّين، ولا يكون العودُ كريمًا حتى يكون كذلك [ل 223]. ° معنى الفصل المعجمي (نب): النبُوّ ارتفاعًا أو ابتعادًا كما يتمثل في بروز كعوب القصب والرماح بين ما حولها - في (نبب)، وكما يتمثل في النبوة: الشرف المرتفع من الأرض - في (نبو)، وفي النبأة: النشز في (نبأ)، وفي العَوْد وهو تراكم يناسب الارتفاع - في (نوب)، وفي سمو أعواد النبت - في (نبت)، وفي الإلقاء من اليد طرحًا إذ ليس مجرد تسْييب للشيء ففيه نوع من الأبعاد - في (نبذ) وفي الِنبز قشور الجُدام وهو أصل السَعَف وقشر النخلة الأعلى - في (نبز)، وكما في خروج الماء من بطن الأرض إلى ظاهرها نَبَطا - في (نبط)، وانبثاق الماء من الينبوع إلى أعلى - في (نبع). النون والتاء وما يثلثهما • (نتت، نتنت): "نَتَّ مَنْخِرُه غَضَبًا: انْتَفَخَ. والنُتَّة - بالضم: النُقْرة الصغيرة في الصَفْوَان ". Qنُتُوء بدِقّةٍ وحِدّة في ظاهر الشيء (¬1): كانتفاخ الأنف عند ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): النون لامتداد لطيف خلاط الباطن, والتاء لضغط أو إمساك بدقة, والفصل منهما يعبر عن امتداد من باطن بدقة وحدّة - كانتبار الأنف بدقة خد الغضب, وكنفاذ شظية دقيقة من الصفوان. وفي (نتق) تعبر القاف عن تعقد واشتداد في الجوف، ويعبر التركيب عن نفاذ هذا الغليظ الشديد من العمق أو إليه منه بقرة كالقذف كما في نتق الأولاد وجذب الدلو من البئر.

(نتق)

الغضب، إذ يَرْبُو رُبُوًّا دقيقا يُلْحَظ، وكالشَظِية الدقيقةِ من الصَفْوان التي انفصلت من موضعها. ومنه "نَتْنَتَ الرجلُ: تَقَذّر بعدَ نظافة " (كأنما علاه الوسخ. ومعظمه إفرازات (من باب النتوء) من الجسم تَلْصَق وَيلْصَق بها الغُبَارُ ونحوه). • (نتق): {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ} [الأعراف: 171] "امرأة ناتِقٌ ومنْتَاق: كثيرةُ الأَولاد تَرْمِي بالأولاد. وفي الحديث "وأَنْتَقُ أرحاما "أي أكثرُ أولادا. وزَنْدٌ ناتق: وَارٍ. نتقتُ الغَرْبَ من البئر: جَذَبته بمرة. ونَتَق السِقَاءَ والجِرابَ وغيرَهما من الأَوعية (نصر وضرب): نَفَضَه ليقتلع منه زُبْدَته. ونَتَقَ جِرابه: صَبَّ ما فيه ". Qنَزْعٌ أو قَذْفٌ لغليظ من جَوْفٍ إلى الظاهر بقوة كقَذْفِ المرأة الأولاد (أي كثرة ولادتها الأولاد واحدًا تلو الآخر)، وخروج النار بسهولة، وجذب الغرب ونفض الجراب إلخ. ومنه (نَتَقَه: نَقَله من مكانه. وفرس ناتِقٌ: ينفُضُ راكبَه. ونَتْقُ الجبل في آية التركيب أنه اقتُلِع من مكانه ورُفِعَ فوقهم. وأما "نَتَقَتْ الماشيةُ: سَمِنَتْ عن البقل "فمن تكون الغليظ وهو الشحم في العمق بجوفها فينتبر به ظاهرها، وانتبارُ البَدَن ارتفاع وهو من باب الظهور. وقد عُبِّر عن نحو هذا بالنُّبُوّ (انظر نبو) وهو نُتُوءٌ قوي كالقَذْف. ° معنى الفصل المعجمي (نت): الاندفاع الجزئي القوي انتبارًا أو انتثارًا -كما يتمثل في انتفاخ جسم المنخر وندور كِسْرة من الصَوَّان - في (تتت)، وفي قذف المرأة بالأولاد واحدًا تلو الآخر وجذب الغَرْب من البئر - في (نتق).

النون والثاء وما يثلثهما

النون والثاء وما يثلثهما • (نثث- نثنت): "النَثيِثَةُ: رَشْحُ الزِقِّ أو السِقاء (بالسمن أو اللبن). ونَثَّ العظمُ: سألَ وَدَكُه. ونَثَّ (كجلس) نَثِيثًا: عَرِق من سِمَنِه فرأيتَ على سِحْنته وجِلده مثلَ الدُهْن كأنه يَقْطُر دَسَمًا. ونَثْنَث: عَرِقَ عَرَقًا كثيرًا ". Qانتشارٌ من الكثيف الذي في باطن الشيء على سطحه بنحو الرشح (¬1) كذلك الوَدَك واللبن (ولهما كثافة). ومنه "نَثَّ الحديثَ (الذي حقه أن يُكتَم في جوف): أفشاه ونشره ". • (نثر): {إِذَا رَأَيتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا} [الإنسان: 19] "نُثَارة الحِنْطة والشَعِير والخُبْز -كرُخامة: ما انْتَثَر منه. والنَثْرة- بالفتح: طَرَفُ الأَنْف، وفُرْجَة ما بين الشاربين حِيَال وَتَرَة الأَنْف. والنَثُور: الكثيرُ الوَلَد. نَثَر الحَبَّ والجَوْزَ واللَوْزَ والسُكَّر (نصر وضرب): رماه بيده متفرقًا ". Qتفرُّق الدقاق الكثيفة المتجمعة متشرة كالحِنْطة والشَعير المنتشر إلخ. وطرَفُ الأنْف منه يكون الانتثار والفُرجة المذكورة كأنها ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): النون تعبر عن امتداد لطيف في الجوف، والثاء للانتشار في الخارج بكثافة أو غلظ، والفصل منهما يعبر عن انتشار الكثيف الذي في باطن الشيء على سطحه كالنثيثة: رشح الزق. وتضيف الراء في (نثر) العبير عن ابتعاد هذا الخارج عما خرج منه مسترسلًا متباعدًا.

معنى الفصل المعجمي (نث)

سبيل ذلك. {وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (2)} [الانفطار: 2] أي تساقطت -كما قال {انْكَدَرَتْ} [ينظر قر 19/ 227، 244] , ومنه "النَثْرَة - بالفتح: ما لَطُف من الدروع (للُطْفها أي خِفّتها ودِقّتها تنتثر على أعلى البدن بيسْر). وانتشار الدقاق قد يؤدي بها إلى ما يشبه الهباء {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23]. ° معنى الفصل المعجمي (نث): الانتثار أو النثر بتفشٍ واندفاع ما -كما يتمثل في النثيثة رشح الزِقِّ أو السِقاء بالبن أو السَمْن (ونفاذُ هذا الرشح من المسام الضيقة اندفاع) - في (نثث) ونثر الحب والجوز: رميه باليد متفرقًا- في (نثر). النون والجيم وما يثلثهما • (نجج - نجنج): "نَجَّتْ القُرْحَةُ: سالت قَيحًا، والأُذُن: سال منها الدم والقيح ". Qنفاذ كثيفٍ غير شديد من باطن الشيء (¬1) كالقيح والدم ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): النون للنفاذ الباطني اللطيف، والجيم تعبر عن جرم كثيف غير صلب، والفصل منهما يعبر عن نفاذ كثيف غير صلب من باطن شيء كالقيح من القُرحة. وفي (نجو) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن خلوص عن بين ما يحيط (يشتمل) كالنجوة من الأرض. وفي (نجد) تعبر الدال عن ضغط ممتد يتأتى منه الاحتباس، ويعبر التركيب عن احتباس ذاك الكثيف وامتساكه كما في نجود الأرض. وفي (نجس) تعبر السين عن نفاذ بحدة وامتداد، ويعبر التركيب عن حاد الأثر إذا نفذ كالنجَس بمعنييه. وفي (نجم) تعبر الميم عن التئام ظاهر الجرم على ما في جوفه، ويعبر التركيب عن نفاذ جزئي أي دقيق من سطحٍ ملتئم كنجم الماء في رقعتها، ونجم النبات في رقعة الأرض.

(نجو)

من القُرحة والأذن. ومنه "تَنَجْنَجَ لَحْمُه: كَثُر واسْتَرْخَى " (ما استرخى من اللحم عُكَن تُعَدُّ -لاسترخائها- متسيبة كالنافذة من البدن). • (نجو): {فَنَجَّينَاكَ مِنَ الْغَمِّ} [طه: 40] "نَجْوَتَا الوادي -بالفتح: سَنَداه جميعًا مُسْتَقِيمًا ومُسْتَلْقيًا كلُّ سَنَد نَجْوة. والنَجْوة- بالفتح وكفتاة: ما ارتفع من الأرض فلم يَعْلُه السَيل. والنَجا - كفتى: الغُصُون واحدتها نَجَاة ". Qخُلُوص الجرم -أو نفاذُه مرتفعًا من بين ما يحيط به أو يجاوره. كالأرض المرتفعة وسَنَدَىْ الوادي. وكالأغصان تمتد من ساق الشجرة. ومنه "النَجْو: السحاب الذي قد هَراق ماءه ومَضَى " (خَلَص هو أو خلص الماء منه). "وقد أَنْجَى: عَرِق (لعله بقيد الكثافة أو الغزارة) وأَنْجَى: شَلَحَ (سَلَب الشيءَ من حوزة صاحبه فهو استِخْلاص بغِلَظ). واسْتَنْجَى حاجَته: تَخَلَّصَها. وانْتَجَى مَتاعه: تَخَلَّصه. ونَجَوْتُ فلانًا: اسْتَنْكَهْته (شَمِمْتُ نفَسه الخارجَ من جوفه خلال فيه لتبيُّنِ رائحته وما إذا كان قد شرب خمرًا - مثلًا). ومنه نَجَاه نَجْوًا ونَجْوَى: سارّه (التنحيّ أو الاختصاص من بين الآخرين بعدٌ عنهم كالارتفاع إلا أنه أفقي، فهو صورة من الخلوص كقوله: {خَلَصُوا نَجِيًّا} [يوسف: 80] أي متناجين {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى} [طه: 62] {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} [الإسراء: 47]. ومن هذا الأصل "النجاء: السرعةُ (نفاذ بقوة خلال مسافة = خلوص)، والخلاصُ من الشيء " (من خطر فهو خلوص بصعوبة والصعوبة ثِقَل فهي من

(نجد)

الكثافة)، {نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص: 25] , {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ} [الأنعام: 64]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى الخلوص من خطر محدق أو عذاب أو غرق أو كرب إلخ مما عدا صيغتي (ناجَى)، (تَناجى) وكل (نجِيّ) و (نجوَى) فهن من معنى المسارّة وهي من خلوص المتناجين جضهم إلى بعض دون الآخرين. أو اختصاص المناجَى، وهو يعدّ استخلاصا له من بين الآخرين. أما قولهم: "نجوتُ غصونَ الشجرة: قطعتُها، وجلدَ البعير: كَشَطته - كأَنْجَيْته فيهما. واستَنْجيت الشجرةَ قطعتها من أصلها. والاستنجاء من الحدث "فهو من التخليص أي تخليص الشيء مما عَلِقَ به. • (نجد): {وَهَدَينَاهُ النَّجْدَينِ (10)} [البلد: 10] "نِجَاد السيف: حَمَائله. والنَجُود والنِجَاد (جمع نَجْد - بالفتح) من الأرض: قِفَافُها وصِلابها وما غلُظ منها وأشرف وارتفع واستوى، والناجود: الرَاوُوق (المصفاة). والنَجْد: بالفتح: الثَدْي ". Qرفعٌ مع شَدٍّ أو شِدَّة واحتباسٍ - كرفع الحمائل للشف وتعليقه على ذلك، والثدي يطرأ نهودُه صُلبًا ثم يحتبس نموه عند حد معين، والقِفاف مرتفعة وشديدة ومحتبسة على ذلك، والمصفاة تكون في أعلى الوعاء ويحتبس فيها الكثيف. ومنه: "النَجْد: الطريق المرتفع البين الواضح (وهو يبقى كذلك، في حين أن طرق الصحراء تكون منخفضة من أثر وطء الرمل): {وَهَدَينَاهُ النَّجْدَينِ}: بينَّا له طريقي الخير والشر أو الحق والباطل [ينظر بحر 8/ 470].

(نجس)

ومن معنويه "النَجْد - بالفتح، وككتف ورجُل وكريم: الشجاع الماضي في ما يُعْجِز غيره " (شديد صُلْب لا يخور). ومن ملحظ الشدة "النَجْدة -بالفتح: الشدة والهول، والفزَع، والقتال والشجاعة. والمُناجِدُ: المُقَاتل المُبَارِز. واستنجد: قَويَ بعد ضعف أو مَرَض، وعليه: اجترأ بعد هيبة، واستنْجَده فأنجده: استعانه (تقوَّى به واشتد) فأعانه ". أما "نجد (تعب): عَرِقَ من عمل أو كرب "فهو من الشدة في الأصل لكن الصيغة للمطاوعة جعلته بمعنى ما وقع عليه الفعل. ومن ملحظ الارتفاع عن مستوى الأرض في نجود الأرض ونحوها جاءت "النُجُود والنِجَاد: ما يُنْضَد به البيتُ من البُسُط والوسائد والفُرُش " (= الحشَايا) وهي ترفع عن سطح الأرض. • (نجس): {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] "النَجسُ: القَذِرُ من الناس ومن كلّ شيء قَذِرْتَه. وداءٌ نَجِس وناجس ونجيس: عُقام لا يبرأ ". Qحادّ الأَثَر أو الوَقْع على الحس كالقَذَر {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (النَجَس مادة القذارة، وكفى بهذا ذمًّا؛ لأنه إخراج عن كل أنواع الأحياء إلى أقبح مادة)، وكالداء اللازم في الجسم. ومنه "التنجيس: التعويذ "إذ كانوا يعلقون النجس على من يُعَوِّذونه [ل]. فإن صدق هذا، وإلا كان من باب المعالجة مثل مَرَّضَه وقَذّاه - ض.

(نجم)

• (نجم): {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6)} [الرحمن: 6] "النَجْمُ من النبات -بالفتح: كلُّ ما طلع وظهر. (أي من النبات) مما لا يقوم على ساق، والنَجْم واحد نجوم السماء معروف. والنُجُوم: ما نَجَم من العروق أيام الربيع تُرَى رءوسُها أمثال المسالّ تَشُقُّ الأرضَ شَقًّا. وكمِنْبر: الكَعْب والعُرْقوب وكل ما نَتَأ. نَجَم النباتُ والنابُ والقَرْنُ والكَوْكَب (قعد): طَلَع ". Qطلوعُ الجرم -أو نتوءُه - دقيقًا من سطحٍ ينضم عليه. كنَجْم النبات وهو صِغاره - مقابل الشجَر، ونجوم السماء تبدو دقيقة، وكالكعب والعرقوب ونحوها مما هو ناتئ دقيق بين ما حوله {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1)} [النجم: 1]. وهو في آية التركيب يصلح لغويًّا للنبت ونجم السماء. ومنه المَنْجَم - بالفتح: الطريقُ الواضحٌ، وفسر أيضًا بالمَخرَج (مطلع). ومن دقة النافذ عُبِّر بالتركيب عن التجزئة في قولهم (تنجيمُ المال: أداؤُه أَجْزَاءً وَقْتًا بعد وقت. والنَجْم: الوقت المضروب " (للأداء). كما عبر به عن نحو الانقطاع "أنجم المطر: أقلع، والسماء: أقشعت ". (كان المتوقع الاستمرار، فاكتُفِى بجزء دقيق). ومن الأصل لكن باختلاف اتجاه النفاذ "المِنْجَم - كمِنْبَر: الذي يُدَقُّ به الوتد " (أداة، فلا يظهر إلا جزء دقيق منه). ° معنى الفصل المعجمي (نج): النفاذ بغلظ وكثافة أو قوة مما يحتوي -كما يتمثل في سيلان القيح من القُرحة - في (نجج)، وفي ارتفاع سَنَدَيْ الوادي (شاطئيه) وارتفاع كل نجوة من الأرض - في (نجو)، وكذلك ارتفاع. نِجاد الأرض والسيف

النون والحاء وما يثلثهما

إلى حد معين - في (نجد)، ونفاذ القذَر حتى يعروَ البدنَ، ولزومِ الداء جسمَ العليل - في (نجس)، وبروز المناجم والنجوم في (نجم). النون والحاء وما يثلثهما • (نحح): "النَحِيح: صوتٌ يردده الرجلُ في جَوفْه. والتنحنح والنحنحة كالنحيح: كالسعال أشدُّ أو أسهلُ ". Qخروج الصوت (أو نحوه) من الجوف بجفاف واحتكاك وعرض (¬1). ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر النون عن امتداد باطني، والحاء عن نفاذ باحتكاك وعِرَض وجفاف، والفصل منهما يعبر عن خروج بجفاف واحتكاك وغلظ كما في النحيح والسعال. وفي (نحب) تعبر الباء عن تلاصق وتجمع، والتركيب يعبر عن خروج (جميع) المذخور في الجوف باستفراغه في الأمر الذي يواجَه كالنحيب: أشد البكاء. وفي (نحت) تعبر التاء عن الضغط ودقة التماسك، ويعبر التركيب عن الاقتطاع (إخراج) بدقة من الظاهر الجاف (المتماسك) كالنحيّة والحافر النحيت. وفي (نحر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن قطع مسترسل في جرم الشيء غائر نحو باطنه كنحر البعير. وفي (نحس) تعبر السين عن نفاذ بدقة وقوة، ويعبر التركيب عن حدة وقوة تنبثّ خلال جرم فارغ الأثناء أو هي تُفْرغ أثناءه كالنحْس للغبار والربح الباردة. وفي (نحل) تعبر اللام عن امتداد واستقلال، ويعبر التركيب عن إخراج قوي يُحاز أو يُستقلّ به كالعسل والعطية.

(نحب)

• (نحب): {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} [الأحزاب: 23] النَحْب -بالفتح، والنَحِيبُ: أشدُّ البُكاء البكاء بصوت طويل ومدّ رفع الصوت بالبكاء. والنَحْبُ: الخَطَرُ العظيمُ (الذي يُخْرَجُ للمراهنة) والنذْرُ، والسُعَالُ، والطُولُ. والتنحيب الدَأَب. أصابته شوكة فنَحَّبَ عليها يستخرجها. ض: أي أَكَبَّ. ونَحَّبْنا سَيرَنا - ض: دَأَبْناه. وسِرْنا إليها ثلاث ليال مُنَحِّباب: أي دائبات. وسارَ على نَحْب: سار فأجهدَ السير ". Qاستفراغ أقوى المَذْخُور من طاقةٍ أو جُهْد أو شَيء في أَمْرٍ تعمله. كالبكاء بالوصف المذكور والسعال (إخراج النفَس بدفع واحتكاك)، والخَطَر العظيم، والنذْر، والدَأَب في عَمَل (إخراج مال أو جهد مهم). والطُولُ إنما هو عن طاقة مُخْتَزَنة في البَدَن يَظْهر أثرُها نموًّا. وآية التركيب {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)} [الأحزاب: 23] , يصلح تفسيرها بالجهد العظيم الذي بذله هؤلاء الصادقون بمقتضى إيمانهم وما عاهدوا الله عليه والآخرون ينتظرون فرصتهم ليبذلوا هم أيضًا أقصى جهدهم. كما يصلح تفسير قضاء النحب أيضًا بالموت والاستشهاد [وانظر قر 14/ 158]. • (نحت): {تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَال بُيُوتًا} [الأعراف: 74] "النحيتة: جِذْعُ شَجَرة يُنْحَتُ فيُجَوَّف كهيئة الحُبِّ للنَحْل. والنحائت آبار

(نحر)

معروفة (صفة غالبة). والحافرُ النَحِيتُ: الذي ذهبت حُروفه. نحت النجار الخشبة: نَشَرها، وقَشَرها. والحبلَ: قَطَعه. ونَحَته: بَرَاه. ونَحَت نَحِيتًا: زَحَر ". Qاقتطاعٌ من ظاهر الجرم الجافّ (باتجاه باطنه) بدقة نحو البَرْي .. {وَتَنْحِتُونَ الْجِبَال بُيُوتًا} [الأعراف: 74 ومثلها ما في الحجر: 82، والشعراء: 149] , (يُجوّفون فَجَوات يها يتخذونها بيوتًا أو يقتطعون من حجارتها ويبنون بيوتًا). ومنه نَحْت التماثيل: فهو اقتطاعٌ كذلك ثم تسوية {قَال أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95)} [الصافات: 95]. والتعبير بهذا للتذكير بأصلها. • (نحر): {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} [الكوثر: 2] "نَحَر البعيرَ: طعنه في مَنْحَره. وانْتَحَر السحابُ: انْعَقّ بماءٍ كثير. وطريق منتحر: واسع بيّن ". Qشق نافذ إلى باطن الجِرم المستعرض يخرج به مائعُه المذخورُ بغزارة. كشق صدر البعير طعنًا فيخرج دمه، وكخروج ماء السحاب غزيرًا كأن السحابَ وعاءٌ تَشَقَّق، وكالطريق الواسع (ونحن نقول الآن شق طريقًا في كذا). ولعل تسمية "الصَدْر نَحْرًا "مأخوذة من أنه موضع الخير من البعير. ومنه "تناحَر القومُ على الشيء وانْتَحروا: تَشَاحُّوا عليه "تزاحموا عليه بالنحور، أو كل يبذل أقصى ما عنده فيه) والنِحْر والنِحْرير - بالكسر فيهما: الطَبِن الفَطِنُ المُتْقِنُ البَصير في كل شيء " (صيغتا فِعْل وفعليل هنا بمعى الفاعلية فالنِحْر أو النِحْرير ينفذ إلى بواطن ما يبحثه) وفي قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} [الكوثر: 2] تفسيرات أوضحها: نَحْر البُدْن. وأنسبها وألطفها الإخلاص [انظر قر 20/ 218].

(نحس)

ومن النحر: الصَدْر عُبِّر بالكلمة عن الصَدْر في: "نَحْر النهار، والظهيرة، والشهر: أوائلها، والنحيرة أول يوم من الشهو. والداران تتناحران: تتقابلان " (كل في صدر الأخرى). • (نحس): {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (19)} [القمر: 19] "هاجَ النَحْسُ: أي الغُبار. والنَحْسُ -بالفتح أيضًا: الرِيحُ الباردة. والنُحاس- كصداع: الدُخَان الذي لا لهَب فيه، وككتاب وصداع: ضرب من الصُفْر والأنية شديدة الحُمْرة ". Qحدَّةٌ ودقّة تنبثّ مع فَراغ أثناءٍ. كالغبار وهو دِقاق حادّة الأثر تنبث في الجو، وكبرُودة الريح وهي حِدّة لاسعة نَفّاذة، فالبرد الشديد يحرق النبت أي يجففه فيرفتّ إذا لمس باليد [ينظر ل حسس]. وكالدخان وهو ذرات دقيقة في الجو حادّة إذا خَالطت النفَس. وحِدّة النحاس صوت رنينه القوي الذي يعطي أنه خَوّار ليس أصمّ {يُرْسَلُ عَلَيكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ} [الرحمن: 35] , فسر [في قر 17/ 172] بالدُخان، وبالصُفْر المذاب، والمُهْل، والنار. والكلمة صالحة للأوّلين لحدّتهما. والتفسير بالثالث والرابع فيه تكرار. {فَأَرْسَلْنَا عَلَيهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} [فصلت: 16] هذا عن عادٍ قوم هود الذين جاء عنهم في آية أخرى {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (19)} [القمر: 19]. ويرجِّح أن النَحْس والنَحِسات في الآيتين بمعنى شؤم ومشائيم أنّ وصف اليوم والأيام بالبرد الشديد ذُكر التعبر عنه بـ (صرصر) منه الآيتين، فالأبلغ أن تفسر، (نحس) و (نحسات) بمعناها الآخر.

(نحل)

ومن ملحظ الخَوَاء في الأثناء (الباطن) ونحوها "تنحَّس للدواء: تَجوَّع جاع، وتَنَحَّسَ النصارَى: تركوا أكل اللحم. ومنه نَحَسه - كمنعه: جفاه، ونَحَسَتْه الإبلُ: عَنَّتْه وأَشْقَتْه. والنُحَس - كصُرَد: الظُلْم [ق]. (جور ونقص) وعامٌ نحس ونحيس: مجدب "و "النحس ضد السعد "من هذا الفراغ. ومن الانبثاث في الأثناء بدقة على ما في الأصل "نَحَسَ الأخبار وتَنَحَّسَها واسْتَنْحَسَها: تَنَدَّسَها وتَجَسَّها طلبها وتبعها بالاستخبار يكون ذلك سرًّا وعلانية ". ومنه كذلك "نُحَاس الرجل -كصُداع وكتاب: سجِيّتُه وطبيعتُه نِجَاره ". (الطبع مغرور في النفس يظهر أثره بنَمَط السلوك مرة بعد أخرى فيَقْوَى الانطباع وتبرز الصفة قويةً واضحة). • (نحل): {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا} [النحل: 68] "النَحْل: ذُبابُ العسل. والنُحل - بالضم: العطية ". Qقويٌّ أو طيبٌ يَحُوزُه الباطن يُفْرَزُ أو يُبْذل إلى حوزة أخرى -كما يُخْرِجُ النَحْلُ عسله فيحاز (ومنه ما في آية التركيب)، والعطية تُخْرَج فتُحَاز. {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4] , (عطية تمليك والتعبير بالنِحلة هنا إشارة إلى أن المهر ليس ثمنًا، كما أن الصَدَاق والصدُقة هما من الصِدْق وليستا من الصدَقة). ومن القوي الطيب في الباطن "النِحْلة - بالكسر: الدِين والملة (اتخاذها عقيدة في القلب كما تُتَّخَذُ العطية) "وهو يَنْتَحِل مذهب كذا: يتخذه (تعلق)، ونحله القولَ: نسبه إليه " (ادَّعى أنه منه). ويلزم من بذل ما يجوزه باطن الشيء فراغُه، ومن ثَمَّ نُحول الشيء يقال:

معنى الفصل المعجمي (نح)

"نَحِل جسمه (كفرح وفتح وقعد): ذَهَبَ من مَرَض أو سَفَر. جَمَل ناحل مهزول، وسيف ناحل: رَقيق، قَمَرٌ ناحل: دق واستقوس ". (كأن الأصل كفرح). ° معنى الفصل المعجمي (نح): النفاذ من الباطن بقوة واتساع كما يتمثل في النحيح (كالسعال)، في (نحح)، وفي إخراج الخطر العظيم من الحوزة- في (نحب)، وفي نحت الخشبة وغيرها اتجاها إلى الباطن- في (نحت)، وفي نحر البعير طَعْنه في منحره فيخرج دمه وكذلك انتحار السحاب انعقاقه بماء كثير- في (نحر)، وصدور طنين النحاس منه وكذا في النُحاس الدخان والنخس الغبار- في (نحس)، وفي العسل الذي يفرزه النحل من باطنه- في (نحل). النون والخاء وما يثلثهما • (نخخ- نخنخ): "نَخَّ الإبلَ: أناخها. ونَخنَخَها فتَنَخْنَخَتْ: أَبْركها فبَرَكت. والنَخَّة- بالفتح: الرقيق من الرجال والنساء أي المماليك، وبالضم: البَقَر العوامل ". Qانخفاض القامة أي ذهاب الانتصاب وما إليه من الشموخ (¬1) كبروك الإبل وخنوع المماليك أي فقدهم شموخ الأحرار وعزتهم. والبقر العوامل ممتهنة. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر النون عن الامتداد اللطيف في الباطن، والخاء تعبر عن تخلخل في الغليظ، ويعبر الفصل منهما عن تخلخل وانخفاض قامة كحال البعير المبارك، وفي (نخر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن زيادة التخلخل واسترساله كحال العظام النخرة. وفي (نخل) تعبر اللام عن استقلال، ويعبر التركيب عن فراغ جوف الشيء من غليظه مع بقائه قائمًا (استقلال) كسوق النخل وكالدقق بعد أن يُنْخَل.

(نخر)

• (نخر): {أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً} [النازعات: 11] "نخْرَتَا الأَنْف -بالضم: ثُقْباه. والمَنْخِر- كمَجْلِس ومَقْعَد وبضمتين وكسرتين: الأنفُ. والنَخْوريّ- كجوهريّ: الواسعُ الإحليل ". Qفرغ يمتد في أثناء شيء (شديد) مع رخاوة وضعف فيه. كفراغ المَنْخَر والإحليل. ومنه "نَخِرَ العظمُ (تعب): بَليَ ورَمّ، والخشبةُ: بَلِيَتْ استَرْخَت "بحيث تَتَفَتَّت إذا مُسّت. فالعظم والخشب إذا بَلِيا تتآكل أثناؤهما مع بقاء ظاهر جرمهما على شيء من التماسك {أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً}. • (نخل): {وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ} [الأنعام: 99] "النَخْل: شَجَر التَمْر المعروف. ومُنْخُل الدقيق معروف. والسحاب يَنْخُل (نصر) البرَدَ والرَذَاذ وَيَنْتَخِلُه ". Qذهاب غليظ الشيء من أثنائه فيرق -مع تماسكه أو بقاء أصله. كفراغ سوق انخل من الخشب الذي يَخْشُوها- في حين أن سوق سائر الشجر مصمتة إلا ما ندر كالخِرْوع، وكخروج غليظ الدقيق بالنَخْل، وكخروج البَرَد من السحاب. ولم يرد في القرآن من التركيب إلا "النخل: شجر التمر "المعروف. ° معنى الفصل المعجمي (نخ): نقص في انتصاب الشيء أو في إصمات بنانه كما يتمثل في نخنخة الابل: إبراكها، وفي النَخة الرقق والنُخَّة: البقر العوامل- في (نخخ)، وفي كون الأنف ذا نُخْرتين أي ثقبين وهما تجويفان في بنائه- في (نخر)،

النون والدال وما يثلثهما

وكذلك كون جذوع النخل فارغة الجوف وكون المُنْخُل ذا ثقوب كثيرة يمر منها الدقيق- في (نخل). النون والدال وما يثلثهما • (ندد): {وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا} [فصلت: 9] "النَدُّ -بالفتح: التَلُّ المُرْتَفِعُ في السماء (لغة يمانية). وقد نَدَّتْ الإِبِلُ: نَفَرَت وذَهَبَتْ شروُدًا. وهي نَدَد- محركة: أي مُتَفَرقة. وذهبوا يَنَاديد: تَفَرَّقوا في كل وَجْه تبَاعَدُوا ". Qتباعُدُ بَعْضِ الشيءِ من بَعْضِه (امتدادًا إلى أعلى أو) تفرّقًا (¬1) - كتباعد رأس التلِّ من أصله، وتفرق الإبل الشاردة، والناس. ومنه "فلانةُ نِدُّ فُلانةَ: خَتَنُها وتِرْبها " (تشاركها في النمو وهو امتداد وهما اثنتان) ومن ذلك "النِدُّ: النظير، وقالوا: المِثل والشِبْه) (كأن أصله المُطَاول) {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: 22]، نُظَراء وعُدَلاء أي (الآلهة) التي جعلوها معه ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر النون عن الامتداد الجوفي اللطف، والدال للامتساك بامتداد واحتباس، والفصل منهما يعبر عن التباعد امتدادًا كالنَدّ: التلّ المرتفع، أو تفرقًا كندود الإبل. وفي (ندو- ندى) تعبر الواو عن اشتمال، والياء عن اتصال، ويعبر التركيبان عن بُعْد مَدَى ما يبلغه الشيء (أي مع كونه تابعًا وهذا اشتمال واتصال) كما في نوادي الإبل شواردها والندَى. وفي (ندم) تعبر الميم عن التئام ظاهرٍ ضامًا ما تحته، وعبر التركيب عن فوت المعظم (ابتعاد) والالتئام على ذلك (أي عدم فرصة الاسترداد) كحال النادم.

(ندو- ندى)

وجعلوا لها ما له [طب 1/ 369]. ولم يرد في القرآن من التركيب إلا (الأنداد) بهذا المعنى. ومن الأصل: "نَدَّدَ بالرجل وسَمَّع به: أسْمَعَه القبيح وشهّر به (التشهير نشر ومَدٌّ لأخبار المقابح مع الجهر بها أي رفع الصوت) والتنديد: رَفْعُ الصوت " (مدٌّ وإبعاد). • (ندو- ندى): {فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} [النمل: 8] "نوادي الإبل: شواردُها. ونوادي النَوَى: ما تطاير منها تحت المِرْضَخَة. والنَدَى والإنداء: بُعْدُ مذهب الصوت ومَدَاه. والنِداء: الدعاء بأرفع الصوت: نادَى النبتُ وصاحَ سواءٌ. والنَدَى: ما يسقط بالليل، والبَلَلُ. نَدَا الفرسُ: إذا شَرِبَ ثم رُدّ إلى المرعى ساعةً ثم أُعِيدَ إلى الماء ليشرب ثانية ". Qبُعْدُ مَدَى ما يبلغه الشيء ارتفاعًا أو انفصالًا كامتداد النبات، والصوت، والدعاء، وكمسافة طَفْر النوى وشرود الإبل، والمسافة الزمنية بين الشُرْبَين. والندَى يسقط من مسافة بعيدة كالمطر. وندى الفرس مشبه بندى السماء في البلل الخفيف يعرو الأشياء. وقد جاء في القرآن الكريم: أ) (نادَى) وما تصرف منها. وقد جاءت بمعنى رفع الصوت صياحا في {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إلا دُعَاءً وَنِدَاءً} [البقرة: 171]، أي الصياح دون المعنى كالأنعام. وهذا الملحظ اللطيف للراغب. ومن النداء {يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [غافر: 10] (وغيرها) أي يُصاح بهم بذلك. كما جاءت بمعنى دعاء الشخص

ليلتفت أو ليحضر عند المنادي {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ} [هود: 42]، (ويلحظ في سياق القصة أنه كانت بينهما مسافة بعيدة). ومن شواهد كون النداء برفع الصوت مما جاء في وصف ما يعتري الشيخ من كِبر السنّ: إذا ما الشيخ صَمّ فلم يُكلَّم ... وأودى سمعه إلا نِدايا ([ل: ودى، ندى]) ولذا فإن {الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} [الحجرات: 4] استحقوا ما وُصفوا به لأنهم كانوا يصيحون عليه - صلى الله عليه وسلم -. ولا يشكل عليه {نِدَاءً خَفِيًّا} [مريم: 3] لنسبية رفع الصوت وبخاصة عند التفرع لله عزَّ وجلَّ، كما أنه يتأتى برفع الصوت مع كون المنادِي في جوف بيت، أو منفردًا في خلاء فلا يسمعه بَشر. و "التنادي: نداء بعضهم بعضا " {فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ} [القلم: 21] {إِنِّي أَخَافُ عَلَيكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ} [غافر: 32] تفسيرها بعدها {يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ} أي عند النفخ في الصور نفخة الفزع ينادي بعضهم بعضا (أي كلٌّ أحِمّاءه) [ينظر قر 15/ 311 - 312] وهذا أقرب مما ذكر في [بحر 7/ 444]. ب) والنادى والنَدِيّ: الذي يجتمع فيه القوم سُمِّي بأنه المكان الذي يأتون إليه من بعيد ليلتقوا {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} [العلق: 17] أي أهل ناديه- ردًّا على قول أبي جهل: ما بالوادي أكثر ناديا مني. وهو أمر تعجيزي أي لا يُقْدِرُه الله على ذلك [بحر 8/ 491] أقول: ولو أقدره ما أغنى عنه ناديه شيئًا. {أَيُّ الْفَرِيقَينِ خَيرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} [مريم: 73] كانوا يفاخرون بأنهم "الملأ "وأنهم "أحسن أثاثًا ورئيًا "فقوله: "النَدْوة: الجماعة "هي من ذلك أصلًا.

(ندم)

• (ندم): {أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)} [الحجرات: 6] "النَدَم- محركة: الأَسف الغمُّ اللازم (وفي متن اللفة: انتدم الشيءُ: ظهر أثرُه. خذ ما انتدم: ما تيسر) ". Qفَوْتُ جُلِّ الشيء ومُعْظَمِه بحيث لا يبقى إلا أثرٌ يسير منه كما في الاستعمالين الأخيرين. ولعل "النَدَم- محركة: الأسف / الغم اللازم "أصله الإحساس بفقد معظم شيءٍ أو كلِّه مع العجز عن استدراك ما فات {أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة: 31]، الندم: التحسُّر. والظاهر أن ندمه كان على قتل أخيه، ولما تبين له بعد فعلته من عجزه وقماءته وسخط أبيه. وليس ندم التائبين، لأن كون الندم توبة خاص بهذه الأمة [ينظر بحر 3/ 475، 481] {فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ} [الشعراء: 157]. ولم يرد في القرآن من التركيب إلا (نادمين) و (ندامة) بالمعنى المذكور. وأرى أن "نادَمَه: جالسه على الشراب "أصلها من الفقد أعني غَيبُوبة السكر بفقد الوعي. فالمادمة أصلها مشاركة في السكر كالمؤاكلة والمجالسة. ° معنى الفصل المعجمي (ند): الإبعاد امتدادًا أو مفارقة -كما يتمثل في النَدّ التل المرتفع في الماء، وندود الإبل: تفرقها وضرودها- في (ندد)، وكما يتمثل في نوادي النوى: ما تطاير منه تحت المِرْضخة (أي بأثر دقها إياه) وكذلك في الندَى الساقط من السماء- في (ندو / ندى)، وكما يتمثل في فوت ما فات مما يُندم عليه (امتداد بُعدٍ ومفارقة، وعدم التمكن من الاستدراك) في (ندم).

النون والذال وما يثلثهما

النون والذال وما يثلثهما • (نذذ): "النَذِيذُ: ما خرج من الأنف أو الفم. [ق] نَذَّ نَذِيذًا: بال ". Qخروج غض ذي حِدّة وَقْع على الحِسّ من خلال شيء (¬1) كالذي يخرج من الأنف والفم. وكالبول من الإحليل، وكثرتُه مع ضيق الإحليل يعطيه صفة الغلظ. • (نذر): {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [النساء: 165] "النَذْر -بالفتح: ما يَجِبُ في الجراحات من الدِيات (حجازية- ويسميه العراقيون أَرْشًا) يقال: لي قِبَلَ فلانٍ نَذْر. وقضى عمر وعثمان رضي الله عنهما في السِمْحَاق بِنصْفِ نَذْر المُوضِحَة (السِمْحَاق شجة تبلغ قشرة عظم الرأس، والموضحة هي الشجّة التي بلغت العظم فأوضحت عنه) والنذيرة: الابن يَجْعَله أبواه قيّمًا أو خادمًا للكنيسة أو المتعبّد من ذكر أو أنثى ". Qتَبِعة تُلْتَزَم أو يُخْشَى من لزومها. كالأَرْش الذي يَجِبُ إخراجه غُرْمًا مقابلَ الجراحة، وكالوَلَد الذي يخرجه أبواه لخدمة المتعبَّد. ومنه ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر النون عن الامتداد اللطيف في الباطن (أو منه) والذال عن نفاذ بغلظ ما، والفصل منهما يعبر عن خروج ذي غضاضة من أثناء كالنذيذ من الأنف. وفي (نذر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن تبعة (نقص وخروج) يلتزم أو يخشى لزومه كالنذر والنِذارة.

معنى الفصل المعجمي (نذ)

"النَذْرُ: إيجاب شيء على النفس تبرعًا (أول الأمر) "صَدَقَةَ أو عبادة أو غيرها. والنذيرةُ ما تعطيه ". {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: 35]، {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26]. ومن خشية لزوم التبعة "نَذِرَ بالعدو (كفرح): عَلِمَه فحَذِره. وأنذره: أعلمه وحذّره (من مكروه سيقع به معلَّقًا أو غير معلَّق)، والاسم النُذْر- بالضم. والنذيرُ: الإنذارُ، والمُنْذِر {سَوَاءٌ عَلَيهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} [البقرة: 6]، {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (5) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} [المرسلات: 5 - 6]، {فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ} [المائدة: 19]. والذي جاء في القرآن من التركيب هو (1) النَذْر: إيجاب شيء على النفس [في البقرة: 270، آل عمران: 35، مريم، الحج: 29، الإنسان: 7] (ب) الإنذار بمعنى التحذير من مكروه سيقع. وبمعناه جاء سائر ما وقع من التركيب في القرآن بصيغ كثيرة: الفعل (أنذر) ومضارعه وأمره، واسما الفاعل والمفعول، والاسم (نُذْر)، والصفة (نذير) بمعنى (منذِر). وجاءت (نذير) بمعنى (إنذار) أيضًا وجمعها بالمعنيين (نُذُر) لكن المعطوفة على (عذاب) هي بمعنى (إنذاراتي). ° معنى الفصل المعجمي (نذ): خروج كثيف من الأثناء أو الحيز -كما يتمثل في النذيذ: ما خرج من الأنف أو الفم، وفي خروج البول -وخروجه بالغ الأمية وهذه كثافته- في (نذذ)، وكما يتمثل في إخراج أرش الجراحات وفي النذر الذي ينذر. الإنسان -وكلاهما إخراجه واجب- في (نذر).

النون والراء وما يثلثهما

النون والراء وما يثلثهما • (نور): {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35] "النارُ معروفة. والنَوْرُ- بالفتح: الزَهَر، وبالضم: الضياء ضدُّ الظلمة ". Qلطيف (شفاف أو لامع) حادّ الوقع أو الأثر ينفذ من أثناء (¬1) كالنار بحدتها- وكانوا يولّدونها من الحَجَر وبعضِ الشجر ولهبها هلامي غير كثيف، وكما يَنْفُذُ نَوْر الشجر منه، وحِدَّتُه ألوانُه وأنه يتولد عنه الثَمر الذي هو غايةُ الزرع والضوء شفافية تكشف كثافة الظلمة. فمن النار الحارقة {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [البقرة: 24]. ومن الحدّة النارية "النُورةُ - بالضم: الحجَرُ الذي يُحْرَق وشموى منه الكِلْس، والنَئُور: دخانُ الشحم يستعمل في الوَشْم ". ومن معوي هذه الحدّة "النَوار- كسحاب وكتاب: النُفُور والفَزَع "ويقال ينهم نائرة أي عداوة وشحناء ". ومن ذلك مع معضى المفعولية "نار القوم وتنوروا: انهزموا "كأن "نار "في هذا المعنى الأخير أصلها "نَور "على صيغة فَعِل للمطاوعة بمعنى المفعولية أي نُفِّروا وفُزْعوا. ومن لوازم النار "النور- بالضم: الضياء. ولفظ (النور) جاء في القرآن الكريم: ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر النون عن امتداد جوفي لطيف، والراء عن استرسال، والتركيب منهما مع توسط الواو يعبر عن امتداد لطيف الجرم مسترسل من جوف شيء كما تنفذ النار وهي لطيفة الجرم من خلال ما تتولد منه.

أ) بمعنى النور المادي المعروف {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور} [الأنعام: 1]، {أَمْ هَلْ تَسْتَوي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} [الرعد: 16] وكذلك هو في [فاطر: 20]، {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} [نوح: 16]، ومثله ما في [يونس: 5، الفرقان: 61، البقرة 17]. ب) النور الروحاني وهو للمولى عزَّ وجلَّ: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35] هو سبحانه وتعالى مصدر إشراق الوجود كله لا ضوءًا فحب، وإنما إحكامًا ورونقًا وازدهارًا على أبدع ما يُتَصور. (لم أجد عبارة تحمل أنفاس هذه الجملة القرآنية)، (مثل نوره) نور الله تعالى في قلب المؤمن. [ينظر بحر 6/ 418]، وللنبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين في الدنيا والآخرة {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: 15] قيل الإسلام وقيل محمد - صلى الله عليه وسلم -[قر 6/ 118]، {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَينَ أَيدِيهِمْ وَبِأَيمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا} [التحريم: 8]، {وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} [الحديد: 19] وكذلك ما في الحديد: 12، 13، وربما 28 منهما]. ج) (النور) بمعنى البيان و (المنير) بمعنى المبيّن- وهذا لازم للكشف والإضاءة اللذين يصنعهما النور. وبهذا المعنى الأخير جاء سائر ما في القرآن الكريم من الكلمتين. ومن النور المادي في الفقرة السابقة "المنار والمنارة: موضع النور تلك التي يوضع عليها السراج. أما "المنار: الحدّ الذي يُجعل بين الأرضين "لبيان حدود المِلْكية- فهو من البيان اللازم للنور، وأما "المنارة التي يؤذن عليها "فأرجح أنها

النون والزاي وما يثلثهما

مشبهة في العلو الشاهق بالمنارة التي كانت تبنى على شواطيء البحار، ويضاء عليها في أعلاها ليلًا نور عطيم لتهتدي به السفن. النون والزاي وما يثلثهما • (نزز): "النَزُّ -بالفتح والكسر: أجودُ ما تَحَلَّبَ من الأرض. نَزَّت الأرضُ وأَنزَّتْ: صارت ذَاتَ نَزّ. وناقة نَزَّةٌ: خفيفة. وظليم نَزٌّ: سريع لا يستقر في مكان. والمِنَزّ- بكسر ففتح: الكثيرُ الحركة، ومَهْدُ الصبي. ونَزَّتْ الناقةُ راكبها: نَتَقَتْه " [هذه في ل - نتق]. Qحركة قوية بِنَتْق (إلى أعلى) أو انتقال (¬1) كالتحلب من الأرض والحركات الموصوفة. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر النون عن امتداد باطني لطيف، والزاي تعبر عن نفاذ باكتناز، ويعبر الفصل منهما عن نحو النتْق بصعوبة كما في النز: ما تحلب من الأرض. وفي (نزع) تعبر العين عن التحام برقة، ويعبر التركيب عن اقتلاع (نفاذ بقوة) لما هو ملتحم بشيء ينغرس فيه كنزع الشعر والعشب. وفي (نزغ) تعبر الغين عن جرم متخلخل كالغشاء، ويعبر التركيب عن دفعِ دقيقٍ قويٍّ في أثناء جرم لين كما في النزْغ: الوخز والطعن. وفي (نزف) تعبر الفاء عن ذهاب بإبعاد أو طرد، ويعبر التركيب عن ذهاب (نفاذ) معظم الشيء أو كله ضائعًا كنزف ماء البئر وكالنزيف العطشان. وفي (نزل) تعبر اللام عن امتداد واستقلال، ويعبر التركيب عن انحدارٍ (استقلال) بكثافة- كالزكام وكالنُزول والنُزالة.

(نزع)

• (نزع): {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الأعراف: 43] "المِنْزعة -بالكسر: خشبة عريضة نحو المِلْعَقة تكون مع مُشْتار العسل ينزِع بها النحل اللواصق بالشَهد. والنَزَعَتان- محركة: ما يَنحسر عنه الشعر من أعلى الجَبِينَين حتى يُصْعِد في الرأس ". "نَزَع الشيء (ضرب) وانتزعه: اقتلعه. ونَزَع الدلْوَ من البئر: جَذبها بغَيْر قامة، والسهمَ من الكنانة، وانتزع الرمحَ: اقْتلعه. ونَزَّعْنا العُشْب- ض. وثُمَامٌ مُنَزَّعٌ- كمعظم. [الأساس] وقد نَزِعَ الرجل (تعب): انحسر مقدم شعر رأسه عن جانبي الجبهة ". Qاقتلاع بجَذْب قوي للشيء مما يلتحم به أو ينغمس هو فيه لاصقًا به. كنَزْع النَخْل اللاصق بالعَسَل، وكانحسار الشَعَر (المعتاد وجوده) في أعلى الجبينين كأنما نُزِع، وكنزع الدلو مع ثِقَلها من البئر، وكذا العُشْب والثُمام. ومن مادّي ذلك {نَزَّاعَةً لِلشَّوَى} [المعارج: 16] تقلع الجلد والأطراف. ومنه الجذب إخراجًا {وَنَزَعَ يَدَهُ} [الأعراف: 108، الشعراء: 33]، وإهلاكًا {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا} [مريم: 69] وما في القمر: 20]، وإقامةً ونصبا {وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا} [القصص: 75]، وتجريدًا {يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا} [الأعراف: 27]. ومن الجذب المعنوي تجريدًا {وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26] وكذا ما في الأعراف: 43، هود: 9، الحجر: 47] ومنه النازعُ: الغريبُ، والبعيدُ- كأنما انقلعا من مقرهما هناك إلى هنا. ويقال: "نَزَعَ عن الصِبَا والأمرِ: كَفَّ وانْتَهَى " (كما يقال أقلع) كأنما اقْتُلِعَ وأُبْعِدَ عنه.

(نزغ)

ومنه "نَزَع البعير إلى وطنه والإنسان إلى أهله: حَنَّ واشتاق (كأنما نفسه تنقلع ذاهبة وراء ما تشتاقه) وفلانٌ في النَّزْع أي في قَلْع روحه (من أعماقه)، ونَزَع إلى عرق كريم أو غيره، ونَزَع شَبَهَه عِرْق "كأن العِرْق الذي فيه ممتدًّا من الأصل جَذَب ذلك الشبه أو الكرم. والمنازعة في الخصومة مجاذَبة (كل يريد أن يقتلع أمرًا من يد صاحبه)، {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا} [الأنفال: 46]، وكل منازعة، وتنازع فهو من هذا "ومنازعة الكأس: معاطاتها "وهو تعبير العرب عن تداولها بحرص عليها كالتنازع. فقوله تعالى: {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا} [الطور: 23] هو للتعبير عن شدة التذاذهم بها لبلوغها الغاية في المذاق والإمتاع، مع المشاركة، وهي أيضًا متعة. وعن قوله تعالى: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} [النازعات: 1]، قيل المراد الملائكة تَنْزع أرواحَ الكفار أو أرواح الناس عامة، وفُسِّرَت أيضًا بالنزع بالقسي أي في الجهاد، ويصلح للصيد سعيا على المعاش، وبانتقال النجوم من أفق إلى أفق. [قر 19/ 190] والأخير بعيد، فالأول نزع مجازي مُعاش، واللفت إليه كاللفت في قوله {وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ} [يونس 104] من حيث إنها الأمر البالغ الخطر الذي لا يجحد، والثاني ماديّ هو الأصل، والسعي على المعاش مطلوب وقيمته عظيمة في الشرع. والثالث مجرد تصور تخيلي، لا تفسَّر به الآية. • (نزغ): {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [الأعراف: 200] "النَزْغُ: شِبْه الوخْز والطعْن. نَزَغَه: طَعَنَه ونَخَسَه .. بيدٍ أو رُمْح أو كلمة، حَرَّكَه أَدْنَى حَرَكة ".

(نزف)

Qنَخْس حِسّي (في البدن) أو معنوي للتحريك والإثارة. ومنه "نَزَغَ بينهم: أَغْرَى وأَفسدَ وحملَ بعضَهم على بعض " (أثار كلا على الآخر)، {إِنَّ الشَّيطَانَ يَنْزَغُ بَينَهُمْ} [الإسراه: 53]، فهذا نزغ تحريض وتحريش للإيقاع بين غير المتعادين، ولزيادة الفساد بين المتعادين. {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [الأعراف: 200]، (وهذه وسوسة لتزينن المعاصي، وتفَسّر بكل وساوس الشيطان). وليس في القرآن من التركيب إلا (نزغ الشيطان) هذا. • (نزف): {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ} [الواقعة: 19] "النُزْفَة -بالضم: القليلُ من الماء والخَمْر. والنزيف والمنزوف: الرجلُ الذي عَطِشَ حتى يَبِسَتْ عُروقه وجَفَّ لسانه. ونَزَفْتُ مَاءَ البئر (ضرب): نَزَحْته كلَّه. وأنزف القوم: نَفِدَ شَرابهم. ونَزَفَهُ الحجّام: أَخْرَج دَمَه كلّه. ونَزِفَتْ عَبْرته " (كفرح). Qذهاب عُظم ما في الباطن والأثناء -أو كلِّه- من مائع وبَلال يمسكها أو يملؤها: كذهاب الماء من الوعاء، والبدن، والبئر، ونفاد شراب القوم، والدم من البدن. ومنه: (النزيف والمنزوف: السكران المنزوف العقل. وقد نُزِفَ- للمفعول {لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} [الصافات: 47]: بكسر الزاي من: أَنْزَفَ الرجل (قاصر): فَنِى خَمْره، وكذلك ذهب عقله، فلها معنيان: لا تَنْفَدُ خَمْرهم، ولا يَسْكَرون عنها. أما يُنْزَفُون -بفتح الزاي للمفعول- فمن "نُزِفَ الرجُل- للمفعول: سَكِرَ فذَهَبَ عقله "أي لا يسكرون. ومن مجازه "أَنْزَفَ الرجلُ: انقطع كلامه أو حُجَّته في خصومة أو غيرها ".

(نزل)

• (نزل): {فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 19] "نَزَل بهم وعليهم: حَلّ. والمنزِل -بكسر الزاي: الدار موضعُ النزول. النَزْلة- بالفتح: كالزكام. والنُزْل- بالضم وبالتحريك: رَيعُ ما يُزْرَع أي فَضْلُ ما يَخْرج من الزرع على أصله. يقال طعام قليل النُرل وكثير النُزْل. وأرض نَزْلَة- بالفتح: زاكية الزرع والكلأ. والنُزَالة- كرخامة: ماءُ الفحل أو الرجُل .. ". Qانحدارٌ أو انفصال وخلوص إلى مقر أو حيّز يوجد فيه بقوة. (فالوجود معنى لزومي هنا) - كالنزول في المنزل، وكالكثيف الذي ينفذ في الأنف وشده، وزيادة الطعام والزرع تولد من أصله، وكماء الفحل من مقره. فمن ذلك إنزال القرآن، والملائكة، والماء، والرحمة، والعذاب، وما بمعنى كل منها. وأفعال النزول، والتنزيل، والإنزال، وما اشتق منها واضحة يتحقق فيها معنى الهبوط إلى مقر. ومن الخلوص إلى الاستقرار بين البشر {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} [الحديد: 25]، هديناكم (¬1) لاستخراجه من معادنه ليبقى قارًّا أي موجودًا بينكم لاستعماله. كقوله تعالى: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر: 6] أي هداكم لاستئناسها والتوليد منها. فيكون من الأرض غير منزل من الماء. (¬2) (وانظر قولًا بإنزاله من السماء اعتمادًا على حديث إن صح فلا ¬

_ (¬1) سبق الإمام الراغب بتأويل إنزال الحديد واللباس بإنزال أسبابه والهداية إليه. وعنه ما في بصائر ذوي التمييز 5/ 39. (¬2) أول الفيروز آبادي إنزال النعمة بإعطائهم إياها بإنزالها أو إنزال أسبابها والهداية إليها.=

معنى الفصل المعجمي (نز)

معدى عنه [في قر 17/ 260] فإن صح فيكون ذلك عند خلق الله السماء والأرض (¬1). وبالهداية يفسر {قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيكُمْ لِبَاسًا ...} [الأعراف: 26] وإنزال الميزان في [الشورى: 17، الحديد: 25]. أما إنزال السكينة [التوبة: 26, 40, الفتح: 4, 18، 26] فهو إلقاء الله تعالى الطمأنينة في القلوب. وأما إنزال المن والسلوى [البقرة: 57, الأعراف: 160, طه: 80] فإن حديث "الكمأة من المنّ "يثبت منه أن جنس الكمأة يسمى منًّا، والسلوى عند العرب العسل [ل منن، سلو] ولا يُخرَج عن المعنى اللغوي للفظ إلا بحجة صحيحة. وقد كان التيه لبني إسرائيل عقوبة لرفضهم القتال مع نبيهم قائلين له {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] فيكفي أن يستخرجوا الكمأة من الأرض ويجدوا عسل النحل الصحراوي ليعيشوا. فالإنزال هنا مجرد إتاحة ووجود كما نقول الآن العنب نزل السوق- مثلًا أي وُجد فيه. ولا أساس لتحويل التِّيه إلى جنة بتفسيرات المن والسلوى المذكورة في كتب التفسير ". والنُّزُل -بضمتين: المَنْزِل، وما هيئ للضيفان يُنْزَل عليه. [ق] {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا} [الكهف: 107]، {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} [فصلت: 31 - 32]. ° معنى الفصل المعجمي (نز): دقيق الجرم ينفذ (بضغط أو قوة) من أثناء ظاهرٍ ¬

_ = (بصائر ذوي التمييز 5/ 39). (¬1) وقد جاء تحليل علمي بهذا عينه في كتاب (من آيات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم) د. زغلول النجار 1/ 88.

النون والسين وما يثلثهما

(أو فيها) -كما يتمثل في نزّ الماء من الأرض- في (نزز)، وفي نزع ميت النحل على وجه العسل، وذهاب الشعر من موضع النزَعة - في (نزع) , وكما في الوخز والطعن بدقيق أو حادّ أو أثره - في (نزغ) , وكما في نزح ماء البئر كله حتى ينفد ماؤه - في (نزف)، وكما في نزول ماء الفحل أو الرجل من مقره ونزول المسافر بالمكان - في (نزل). النون والسين وما يثلثهما • (نسس- نسنس): "نَسَّ الحَطَبُ نُسُوسًا: أَخْرَجَت النارُ زَبَدَه على رأسه، ونَسِيسُه: زَبَدَه ". [إذا أُوقدت النار على الحطب وكان فيه بعض نَدًى أو رطوبة خرج منه زَبَد يُرَى]. "ونسَّ اللحمُ والخبزُ: يبس ". (وبلد تُمسِي قَطَاه نُسَّسًا) - كسُكّر - أي يابسة عن العطش. ونَسّت الدابةُ: عَطِشَتْ. والنَّسِيس: الجوع. والناسّة: مَكةُ لقلة مائها ". Qنفاذ المائع ونحوه باطن الشيء فيجف (¬1): كجَفاف ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر النون عن النفاذ بلطف في باطن أو منه، والسين للتعبير عن النفاذ بدقة أو حدّة مع امتداد، والفصل منهما يعبر عن نفاذٍ لمائع (دقيق) من الشيء فيجف. وفي (نسونسي) تعبر الواو عن اشتمال, والياء عن اتصال، ويعبر التركيبان عن امتداد الدقيق في أثناء تحتويه (تشتمل عليه) فيغيب فيها كعرق النّسا في الورك. والهمزة في (نسأ) زادت بدفعها وضغطها قوة النفاذ في الأثناء كالماء في اللبن والسِّمَن في البدن ومن ذلك التأخير. وفي (أنس) بدئ بالهمزة بضغطها، وعبر التركيب عن كون الشيء في وسط (أي أثناء) مجانس أو مشاكل، وهنا يتأتى منه الألفة ومعنى الأُنس - بالضم. وفي (نسب) عبرت الباء عن التجمع الرخو مع تلاصق ما, وعبر التركيب عن الترابط في هذا النافذ كما في خيط النمل المذكور. وفي (نسخ) تعبر الخاء عن خواء وتخلخل، وعبر =

(نسو- نسى)

الحَطَب واللَّحْم والخبز المذكورات وكالعطش والجوع. ومن الجفاف يأتي الجفاء متمثلًا في قُبح النَّسناس: (وهم) خَلقٌ على صورة بنى آدم أشبهوهم في شيء وخالفوهم في شيء وليسوا من بنى آدم " (سلالة متولدة من القردة). • (نسو- نسى): {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34] "النَّسا- كالعَصَا: عِرقٌ يَخْرُج من الوَرِك فيَسْتَبطِن الفَخِذَين ثم يمرّ بالعُرْقُوب حتى يبلغَ الحافر. ونَسِى (تعب): اشتكى نَسَاه. والنَّسْى - بالفتح، وكغَنى - من اللبن: حليبٌ يُصَبُّ عليه ماء " (فيتأخر رءوبه). Qغياب في الأثناء مع الامتداد فيها. كالعرق المذكور في الورك والفخذين إلى الحافر، وكغياب الماءِ في اللبن. ومنه "النِّسى - بالكسر: ¬

_ = التركيب عن إخلاء حيز لانتقال ما كان يشغله إلى حيز آخر (متخلخل) كنسخ العسل من خلية إلى أخرى. وفي (نسر) تعبر الراء عن استرسال, ويعبر التركيب عن النزع من الأثناء بدقة وامتداد أي استرسال كما يفعل النسر بلحم صيده، وكنسر الحافر الذي كأنه قُلِع قليلًا. وفي (نسف) تعبر الفاء عن إبعاد بقوة وطَرْد، وعبر التركيب عن قلع بقوة من الأثناء أو من الأصل كما في النِّسْفة ونَسْف الحائط. وفي (نسك) تعبر الكاف عن ضغط غئورى دقيق يتأتى منه الامتساك، وانصب النفاذ بقوة وحدّة على ما هو ممتسك في أثناء الشيء بقوة ودقة أيضًا كالوسخ، وعبر التركيب عن التطهير والتصفية كنسك الذهب والفضة. وفي (نسل) تعبر اللام عن امتداد واستقلال، ويعبر التركيب عن امتداد النافذ الدقيق واستقلاله كالنسيلة: العسل إذا ذاب وفارق الشمع.

خِرَقُ الحيض " (للاحتشاء بها). ومنه "النسوة -بالكسر والضم، والنساء "- حيث يحملن في باطنهن الأجنّة ويحتبس الدم ثم يخرج هذا وهذا من باطنهن. قال في نسأ [162/ 25] "ونسْوَةٌ نِساءٌ وامرأة نَسِئٌ: ونَسوءٌ: تأخر حيضها ورُجِيَ حَبَلها "ويكون اللفظ في أصله خاصًّا باللاتي بلغن المحيض والحمل، ولذا لا تطلق في الذوق العامّ على الصغيرات قبل الحيض وهو صحيح، ثم تعمم في كل مَنْ شأنُ جِنسهن ذلك {وَقَال نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} [يوسف: 30]. وبهذا المعنى جاء كل (نسوة)، (نساء) في القرآن. ومنه "النسيان: ضد الذِّكْر " (حيث يغيب ما كان محفوظًا في العقل ويخفى) وهو يشمَل تركَ الشيء بمعنى إغفاله. ونظير هذا قولهم عن الشخص أو الشيء المجهول إنه مغمور {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: 115]. {هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ} [طه: 88]. فاعل (نسى) إما السامري والنسيان بمعنى ضد التذكر أو بمعنى الترك، أو الفاعل موسى. فيكون من كلام السامري ادّعاء منه على سيدنا موسى. [ينظر بحر 6/ 250]. وقد جاء (نسى) بمعنى يحتمل الترك وضد الذكر كثيرًا. ويمكن الإجمال بأن ما في [البقرة 106، 286, الأنعام: 68, يوسف: 42, الكهف: 24, 61, 63, 73, مريم: 23، 64، طه: 52, 115, المجادلة: 19، الحشر: 19, الأعلى: 6] كلها من النسيان ضد الذكر، وسائرها يحتمل. والنِّسْى - بالكسر والفتح: الشيءُ المنسيُّ الذي لا يُذْكر، وما سقط من رذال أمتعتهم {قَالتْ يَاليتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا} [مريم: 23]. وأما قوله تعالى {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ} [السجدة: 14]. وكذلك

(نسأ)

{نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67]. ونحوه مما أسند فيه النسيان إلى الله عزَّ وجلَّ فهو من باب المشاكله، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64]. • (نسأ): {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [التوبة: 37] "نُسِئَتْ المرأةُ -للمفعول: تَأخَّر حيضُها عن وَقْته وبَدَأَ حَمْلُها. نَسَأْتُ اللبن إذا جعلتَ فيه الماءَ تكثّره به. النَّسْءُ والنَّسِيءُ: اللبنُ الرقيق الكثير الماء الممذوق بالماء، ونسأته: خلطته بماء. نسأتُ في ظِمْء الإبل إذا زدتَ في ظِمئها يومًا أو يومين أو أكثر من ذلك (الظِمْءُ هو المدة من الشرْب إلى الشرب التالي وقد يبلغ 18 يومًا). نسأتُ الإبلَ عن الحوض إذا أَخَّرْتَها عنه. نسأ الدابة، والناقة، والإبل: زجرها وساقها ". Qدَفْع الشيء (المُقْبِل) عن مَحْضَرِه تأخيرًا إلى أثناء يجتمع فيها. كتأخير الحيض عن وقته فيبدأ الحمل وهو اجتماع. ومَذْقُ اللبن بالماء يؤخر إِلى تجمُّع زُبْدَته في أثنائه. والنَسْءُ في ظِمْء الإبل يعني تأخير أوَان شُرْبها الماء. والشرب جمع الماء في البطن. وكتأخير الإبل وإبعادها عن الحوض، وكذلك سَوْق الإبل والدواب هو دفع لها وإبعاد (تأخير) عن حضرة السائق. ومن التجمع في أثناءٍ قولهم "نَسَأَتْ الدابةُ: سَمِنَت، وقيل هو بَدْء سِمَنها .. يقال جرى النَسْءُ في الدواب يعني السِمَن ": (والسِمَنُ شَحْمٌ زائد (تجمع) في أثناء البدن). ومن الدفع: "المِنْسَأَة- بالكسر: العصا العظيمة التي تكون مع الراعى .. أُخِذَتْ من نَسَأْتُ البعير: أي زجرته ليزداد سيره "اهـ (يندفع للأمام فيبتعد عن

(أنس)

حضرة الراعي. وذلك تأخُّرٌ عنها، كما أن المسوق يلحق بسائر الدواب التي كانت تسبقه وذلك تجمع)، {مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إلا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ} [سبأ: 14]. ومن التأخير نَسْءُ "المُحَرَّم "إلى "صَفَر "أي تأخير حرمة الأول إلى الثاني. "كانوا يكرهون أن يتوالى عليهم ثلاثةُ أشهرٍ (ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم) حُرُمٍ لا يُغِيرُون فيها. فكانوا إذا صَدَروا عن مِنًى بعد الحج يقوم رجل من كنانة فيقول أنا الذي لا أُعاب، ولا أُجاب (أي يُسَلَّم لي بكلامي فلا يُرَدّ) ولا يُرَدُّ لي قضاء "فيقولون صَدَقْتَ أنسِئْنا شهرًا أي أخّر عنا حُرْمَةَ المحرم واجعلها في صَفر وأَحِلَّ المحرم. فيُحِلّ لهم "المحرم ". قال تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} قال الأزهري: "النسئ "بمعنى الإنساء اسمٌ وُضِع موضع المصدر الحقيقي من أنسأت .... "اهـ. ومن حِسِّيّ التأخير "انْتَسَأْتُ عَنْه تأخرت "ومن معنويه "نسأت عنه دَينَه: أخرتُه نَسَاءً - كسحاب. ونَسَأ الشيءَ: باعه بتأخير "وفي الحديث عن أنس - رضي الله عنه - "من أحب أن يبسط له في رزقه ويُنْسَأ في أجله فلْيَصِل رَحِمه ". النَسْءُ: التأخير يكون في العُمُر والدَيْن. وقوله يُنْسَأ أي يُؤَخَّر. ومنه الحديث "صلة الرحم مَثْراةٌ في المال مَنْسَأَةٌ في الأثر "نسأل الله تعالى النَّساء في الأجل مع حُسْن العمل والعاقبة. اللهم آمين. • (أنس): {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [الحجر: 26]

"إِنْسانُ العين: المِثَال الذي يُرَى في السّواد / ناظرُها. وإنْسِيُّ القوس: ما وَلِيَ الرامي منها، ووَحْشِيُّها: ما وَلِيَ الصيد. والإِنْسِيّ من كل اثنين كالقدمين والساعدين والزَنْدين: ما أقبل منهما على الإنسان / الجانب الذي يلي الرِّجْل الأخرى (والساعد والزند الآخر). والأَنْس -محركة: أهلُ المَحَلّ / الحيُّ المقيمون / سكانُ الدار. وأنيس الدار: الذين يسكنونها ويكونون فيها [شرح السبع الطوال 521] وما بالدار أنيس. والأنيسة والمأنوسة: النار ". Q(الأُنْس والأُلفة =) كون الشيء في وَسَطٍ مجانس أو مشاكل له (يظهر منه): كإنسان العين في وَسَطها يُرَى. وإنسيّ القَوْس والقدم الخ: الجانب الداخلي يليه جنسه أو أليفه. والحيُّ المقيمون وسكانُ الدار مستكنون في دارهم متآلفون. والنارُ تكمُن في العيدان والحجارة واللافت اختزانها فيها - حسب تكييفهم، وتُسْتَخْرَج بالقَدْح، ومنه قولهم: "كيف إنسُك وكيف ابنُ إنْسِك- بالكسر: كيف نَفْسُك (التي بين جنبيك). وإنسان السَيف: حَدُّهُ (الجانب الداخليّ منه وينتأ من وسطه دقيقًا، كما يقال في عكسه ظَهْرُه) وكذلك حَدّ السهم. و "الأَنَس - محركة وبالكسر والضم: الطمأنينة " (في القلب للأُلفة) وقد أَنِس به- مثلثة النون، وجارية آنسة: طيبة النفس تحب قربك وحديثك. وآنسْتُ فَزعًا وأنَّسْتُه- ض: أحْسسته في نفسك. وآنست منه رُشْدًا: عَلِمته: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} فهذا كله راجع إلى وجود إحساس في النفْس (مستقر) أي عِلْم بوجوده مُستشعَر عنه. "وقالوا آنس الشخص واستأنسه: رآه وأبصره ": {آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَال لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا} [القصص: 29] وهنا قيد أريد أن

أضيفه: أن إيناس النار هو رؤيتها من بعيد، وإيناس الصوت هو سماع صوت خفيّ -كما في [السبع الطوال ص 142] (آنَسَتْ نَبْأَةً) أي أحست صوتًا " (لم يقل سمعت) والنبْأة: صوت خفيّ. وينظر أيضًا تفسير قول النابغة (مستأنس وَحَدِ) [ل أنس 312/ 25] "أحس الثور المنفرد بما رابه "وخلاصة القيد إضافة وجود قدْر محدود من الخفاء. وهذا القدْر متحقق في أكثر الاستعمالات التي ذكرناها إنسان العين، وإنسيّ الرِجْل، والنار .. وطمأنينة النفس. والاستئناس في آية الرُشْد مجرد أمارة. وهو رحمة، حتى لا يوقف تسليم القاصر ماله على القطع التام الوضوح ببلوغه الرشد. والاستئناس من ذلك الذي ذُكِر. وفي قوله عزَّ وجلَّ: {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} أي تُعْلِموا من في الدار بوجودكم خارجها، أو تستعلموا إن كان صاحب الدار موجودًا (ويلزم من هذا الاستئذان في الدخول) وبه جاء الحديث [وانظر قر 12/ 213] وهو إعلام بواسطة رفع الصوت. وقد حاول في [ل 312/ 25] أن يرد الاستئناس إلى الإبصار، والسياق يضيق ذلك). ومما يناسب تفسير آية الاستئناس حديث ابن مسعود أنه كان إذا دخل داره استأنس وتكلم. و "الإنس ضد الجن "تعني الذين يأنس بعضهم ببعض، أو المأنوسون الذين يُرَوْن في مقابل الجن الذين لا يُرَوْن. أو المستأنِسون الذين سُخِّرَ لهم ما حولهم من حيوانات وغيرها يستألفونها ويجمعونها حولهم ... {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] والذي جاء في القرآن من التركيب هو (إيناس) النار والرُشْد، و (الاستئناس)، و (الإنس) مقابل الجن، والنسبة إليه، و (الإنسان) وجمعه (أناسيّ) و (الناس) والمعتمد أنه اسم جمع للإنسان كقوم ورهط، وأن أصله

(نسب)

(أناس) حذفت همزته بعد دخول (ال) عليها لكثرة الاستعمال، ثم استمر الحذف بعد حذف (ال). • (نسب): {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفرقان: 54] "النَيْسَب -بالفتح: الذي تراه كالطريق من النَمْل نفسها، والطريق المستدق كطريق النمل والحية. النيسَبان: الطريق المستقيم الواضح ". Qاتصالٌ بلطف (دقة) وامتداد كسِرْب النمل الموصوف وكالطريق الموصوف بين ما حوله من أرض. ومن حسي هذا "أنْسَبَتْ الريح: اشتدت واستاقت التراب والحصا " (فجعلته كالطُرُق الدقيقة). ومن معنوي هذا الاتصال والامتداد "النسبة -بالكسر والضم، والنَسَب- محركة: القرابة في الآباء (إذ تبدو سلسلة متصلة) {فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} نسبه (نصر وضرب): عَزَاه. وانتسب واستنسب: ذكر نسبَه {فَلَا أَنْسَابَ بَينَهُمْ يَوْمَئِذٍ} [المؤمنون: 101]. {وَجَعَلُوا بَينَهُ وَبَينَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} [الصافات: 158] قالوا إنه تعالى صاهر سروات الجن [ينظر بحر 7/ 361] وناسبه: شرِكه في نَسَبه. ويكون النسب إلى البلاد وفي الصناعة لأنه وَصْل بها، وبينهما مناسبة أي مشاكلة (كأنهما) لتشابههما ": (متصلان) ومن هذا أيضًا "نَسَب بالنساء (نصر وضرب): شبب بهن وتغزل " (اتصال أو محاولة اتصال بمن يذكرها). • (نسخ): {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106].

"النَسْخ: أن تحوِّل ما في الخَلِيّة من النحل والعسل في أخرى [المقاييس]. والنسخ: اكتتابك كتابًا عن كتاب حرفًا بحرف. ونسخَت الشمسُ الظل وانتسخته: أزالته أي أذهبت الظل وحلّت مَحَلّه. ونَسَخَتْ الريح آثارَ الديار: غيّرتها ". Qتحويل الشيء من موضعه إلى موضع آخر (ويلزمه مجرد إزالة الشيء) كنَسْخ الخلية تحويل ما في جوفها من عسل، وكنقل ما في كتاب إلى كتاب آخر، وكإزالة الشمس بضوئها الظلَّ. وتغيير الريح آثار الديار هو في حقيقته مجرد إزالة للمعالم. ومن هذه الإزالة {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيطَانُ} [الحج: 52] أي يزيله فلا يُتْلَى ولا يُثْبَتُ في المصحف بدلُه. ومنه آية التركيب {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} وأرى أن الأصل إزالة المنسوخ كما في نسخ العسل ومنه {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيطَانُ} [الحج: 52] (أي يبطله ويزيله: وينظر ما قيل عن سبب نزول هذه الآية في تركيب منو، منى هنا)، لكن هذا الأصل ليس بحتمي بدليل استعمال علماء اللغة إياه في نسخ الكتب. ثم إن الإزالة تصدق لغويًّا بنسخ الحكم وحده دون النص. وفي قوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 29] أي نأمر بنسخه وإثباته. والنُسخة - بالضم من هذا أي الكتاب الذي انْتُسِخ فيه أي نُقِل الأول إليه {وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ} [الأعراف: 154]-[قال قر 2/ 62] وبهذا المعنى فالقرآن كله منسوخ من اللوح المحفوظ ". وأقول إنني لا أستريح لاستعمال هذا التعبير.

(نسر)

• (نسر): {وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23] "النَسْر: طائر معروف. ونَسَر البازي اللحمَ (نصر وضرب): نَتَفَه بمنقاره. والمِنْسَر: منقارُ سباع الطير. والنَسْر -بالفتح كذلك: لُحمة صُلْبة في باطن الحافر كأنها حصاة أو نواة. وتَنَسَّر الجُرح: تنَّقض وانتشرت مِدّته، والحبلُ، ونَسَره هو: نَثَره " (فانتقضت قواه وخيوطه). Qنَزْعُ الغض من مكانه شرائح ممتدة دقيقة قليلًا قليلًا - كما يَنْسُر البازيُّ اللحم بمنقاره أي ينتفه، وكانتشار مِدّة الجُرح، ونسيج الحبل كذلك يمتد دقيقا أي شيئًا بعد شيء. ونَسْر الحافر ناتئ كأنما اقْتُلع أو نُزع. وقد سُمِّيَ النَسْر الطائر بَنْزعِهِ اللحمَ كذلك {وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}. كانت تلك الأصنام لقوم نوح، ثم من بعدهم هي بصورها أو بأسمائها فقط للعرب. وكان (نسر) لحمير [ينظر بحر 8/ 335]. ومن تلك القلة "المِنْسَر- كمنبر: قطعة من الجيش تمر قُدَّامَ الجيش الكبير ". ومن ذلك "الناسور: عِرْقٌ في باطنه فساد فكلما بدا صلاحُ أعلاه رَجَع غَبِرًا فاسدًا، وعِلَّةٌ تحدث في مآقي العين أو حوالي المَقْعَدَة يَسْقِي فلا ينقطع " (يلحظ امتداده في العمق دقيقا مع انتثار الأذى منه مرة بعد أخرى فهو من كل الوجوه متفق مع الأصل فزعم تعريبه باطل). • (نسف): {لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} [طه: 97]

(نسك)

"النِسْفة -بالكسر: من حجارة الحَرَّة تكون نَخِرة ذات نَخاريب يُنْسَف بها الوَسَخ. وناقة نَسُوف تَنْسِفُ الترابَ في عَدْوها. نَسَفَتْ الريح التراب عن وجه الأرض: سَلَبته. ونَسَف البعيرُ الكَلأَ: اقْتَلعه بأصله. ونَسَفْت البناء وانتسفته: استأصلته / قَلَعْته. ونَسَف الطعام: نَفَضَه / غَرْبله. والمِنسفة آلةٌ يُقْلَعُ بها البناء، والغِرْبالُ ". Qقَلْع الشيء من أصله أو من أثناء مَقَرّه مع إبعاده - كالذي ذهب من نخاريب تلك الحجارة النَخِرَة، وكنسف التراب، وقَلْع الكَلأ والبناء. ومنه ما في آية التركيب {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا} [طه: 105, ومثلها ما في المرسلات: 10]: تُنْقَض فيزول تماسكها وتصير كما قال تعالى: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ} [المعارج: 9]. وفي آية أخرى {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} [الواقعة: 5, 6]. وفي {لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} [طه: 97] الفعل الثلاثي (حرق) ومضعفه يستعملان للإحراق بالنار، وللحكّ بالمبرد. فعلى القول بأن العجل الذي عبدوه كان حيًّا حقيقة يكون الإحراق بالنار ويكون النسف لرماده، وإن كان جمادا كان التحريق بالمبرد ثم نسف ترابه. [ينظر بحر 6/ 257]. • (نسك): {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} [الحج: 67] "النسيك: الذهب والفضة، وسبيكة الفضة. نسك الثوبَ (نصر) غسله بالماء وطهّره ".

Qتصفية الشيء من الأدران العالقة بأثنائه - وتماسكُه على نقائه. كاستخراج وَسَخ الثوبِ. والذهبُ يستخرج من باطن الأرض وكذلك الفضة ثم يُصَفَّيان. ومن هذا "نُسِكَت الأرض - للمفعول: طُيِّبَت وسُقِيَت الماء. قال: ولا يُنْبِتُ المرعى سِباخُ عُراعِرٍ ... ولو نُسكت بالماء ستة أشهر " فهذا فيه معنى الغَسْل وتصفيتها من الأملاح. "وأرضٌ ناسكة: خَضراء حديثةُ المطر. وعُشْبٌ ناسك: شديدُ الخُضرة " [الأساس] هو من ذلك، فالمطر ينقيها - مع السقى - فيجود نباتها. ومن ذلك الأصل سميت "الذبائح التي كانت تذبح (تكفيرًا أو) تقربًا إلى الله تعالى نَسائك "، لما في ذلك من تطهر وتطهير من الذنوب يقال "مِنَى مَنْسِك الحاجّ " {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 34] , {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] , جمع نسيكة وهي الذبيحة ينسُكها العبد لله تعالى [قر 2/ 386] "والنُسُك - بالضم وبضمتين: العبادة "، لأنها سُمُوّ وتقرب إلى الله. وفي [ل] قال ثعلب: "كل حق لله يسمى نُسُكًا ". "ورجل ناسك: عابد. ومناسك الحج: عباداتُه لأن كل واحدة منزلةٌ وطاعة وكأنها عبادة مستقلة " (الوقوف -الطواف- السعي الخ)، {فَإِذَا قَضَيتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 200] , {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} [البقرة: 128] , "قيل المراد مناسك الحج وقيل المذابح أي مواضع الذبح (وأوقاته وأنواعه. الخ) وقيل جميع المتعبدات [قر 2/ 128] والأجمع: ما نتطهر به من ذنوبنا. {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} [الحج: 67, وما في 34 منها]، أي شَرْعًا هم عاملون

(نسل)

به (فهذا من النُسُك العبادة ونظيره قوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48]، وأورد [قر 12/ 93] أنهم ناقشوا في أكل الذبيحة. وعدم أكل الميتة (وهي -في رأيهم- ذبيحة الله) فأجيبوا. فتكون من النَسْك الذبح. {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} [الأنعام: 162] النُسُك يطلق على الصلاة أيضًا، وعلى العبادة، وعلى الذبيحة [بحر 4/ 262] وهذا يصدّق أن النَسْك: التطهر والتطهير. • (نسل): {فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} [يس: 51] "النَسْل -بالفتح: الوَلَدُ والذُرِّيّةُ. والنَسيلة: العَسَل إذا ذاب وفارق الشمع (وكذلك النَسِيل)، والفَتِيلةُ. والنَسَل- بالتحريك: اللبنُ يخرج بنفسه من الإحليل، والذي يسيل من التين الأخضر. نَسَل الصوف والشعر والوبر (قعد) سقط، ونسل الطائر ريشَه ". Qامتداد الشيء خارجًا أو متسيبًا من أصله أو مقره بلطف ومفارقة. كالولد من أصله، وكالعسل من قرصه، وكاللبن من الإحليل وكالفتيلة والصوف .. والريش المذكورات. ومنه "نسل الوالدُ وَلَده {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} [البقرة: 205]، {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} [السجدة: 8]. ومنه "نَسَل الماشي (نصر وقعد) نَيْلا ونَسَلانا: أسرع " (انسلال بخفة وامتداد) {فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} [ومثلها ما في الأنبياء: 96] (يسرعون في صفوف مستطيلة).

معنى الفصل المعجمي (نس)

° معنى الفصل المعجمي (نس): نفاذ بدقة من أثناء شيء أو فيها -كما يتمثل في نوس الحطب: خروج زَبَده إذا وُضع في النار- في (نسس)، وكنفاذ عِرْق النَسا في الفخذين والعرقوب - في (نسو / نسى)، وكنفاذ الماء في أثناء اللبن وبقاء دم الحيض في الرحم - في (نسأ)، وكما في وجود إنسان العين في أثناء حدقتها - في (أنس)، وكنفاذ النَيسَب: الطريق المستدق كطريق النمل والحية - في نسب، وكوجود الشيء في أثناء ما نقل منه أو أثناء ما نقل إليه - في (نسخ)، وكنتفة اللحم من بدن الفريسة أو في منقار النَسر - في (نسر)، وكالثقوب الواقعة في حجر النِسفة، واقتلاع الكلأ بجذوره من الأرض - في (نسف)، وكنفاذ الدرن والشوائب من الثوب ومن الذهب والفضة أي خلوصها من ذلك - في (نسك)، وكنفاذ الأولاد من ظهور آبائهم ونفاذ العسل إذا ذاب من الشمع - في (نسل). النون والشين وما يثلثهما • (نشش- نشنش): "نَشَّ الحَوْضُ والغديرُ: يَبِس ماؤهما ونَضَب. نَشَّ الماءُ على وجه الأرض: نَشِفَ وجَفّ. نَشَّ الرُطَبُ وذَوَى: ذهب ماؤه. ونَشَّ الماءُ: صوَّتَ عند الغليان. والقِدْر تَنِش: إذا أَخَذَتْ تَغْلي. والخمرُ تَنِشّ: إذا أخذتْ في الغَلَيان ". Qتبخُّر للمائع والرطوية لحدّة أو مع حدة (¬1) كجفاف ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): النون للنفاذ الجوفي اللطيف، والشين للتعبير عن الانتشار والتفشي، ويعبر الفصل منهما عن ذهاب رطوبة الشيء أو المائع من أثنائه بانتشار كجفاف الحوض من الماء تبخرًا. وفي (نشأ) تعبر الهمزة عن ضغط يجمع، ويعبر التركيب عن تكون الشيء =

(نشأ)

الحوض ووجه الأرض والرُطَب. أما سائر الاستعما لات المذكورة فكلمة (نَشّ) فيها إما أنَّها محاكاة لصوت الغليان، وإما أنَّها تعبير عن الجفاف الذي يسببه الغليان. • (نشأ): {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61] "النشء -بالفتح: صِغار الإبل. والنشأ- محركة: أَحْدَاث الناس. والناشئُ الشاب. والنشيئة والنَشْأة -بالفتح- من كل النباب: ناهِضُه الذي لم يَغْلُظ بعدُ. وقد نشأ الصبي في بني فلان: كبِر وشَبَّ. ونَشَأ: ربا. وأنشأ دارًا: بناها ". Qحدوث الشيء من جنسه مبتدَأ صغيرًا آخذًا في الاستغلاظ. كصغار الإبل وأحداث الناس ونشيئة النبت. فالنُشُوء يشمل الوجود ومرحلة النمو إلى قرب تمام القُوَي، بدليل تفسيرهم أنَّه نشأ في بني فلان بأنه كَبِر وشبَّ. وتفسيرهم نشأ بأنه رَبا. وهذا الرُبوّ هو ما نقصده بالاستغلاظ ¬

_ = (الضعيف الامتساك من تفشي جرمه) باستغلاظ كصغار الإبل وأحداث الناس. وفي (نوش) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن تناول الشيء (الاشتمال عليه) وأخذه من بعيد (أي المتفشي النتشر). كتناول الظباء البرير بمد أعناقها. وفي (نشر) يضيف استرسال الراء أن ما خرج استرسل وانبسط ما في امتداد النبات من الأرض. وفي (نشز) تعبر الزاي عن اكتناز ودقة وقوة، ويعبر التركيب عن نتوء ذلك الخارج متجمعًا مكتنزًا صلبًا كالنشز من الأرض. وفي (نشط) تعبر الطاء عن تجمع وغلظ، ويعبر التركيب عن خلوص الشيء مما يمسكه بغلظ وقوة، كالثور الناشط وكنشط السمك.

(نوش)

{أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} [الزخرف: 18]، (يقصدون البنات يُلْبَسْ الحَلْى منذ صغرهن). ومن ذلك الأصل عُبِّر بها عن بدء الشيء لأول أمره من عدم (كما قالوا: أنشأ دارًا: بناها) أو من أثناءٍ كانت موجودة ولكن لم يكن له وجود متعين فيها {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [هود: 61]، {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [الأنعام: 98]، ومن صريح هذا {كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ} [الأنعام: 133]، {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: 14]، "النَشْءُ: أولُ ما ينشأ من السحاب ويرتفع. اهـ {وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَال} [الرعد: 12]. {أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا} [الواقعة: 72] {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: 79] {أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ} [المؤمنون: 78]، {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ} [الأنعام: 141]، {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ} [الرحمن: 24]. قالوا: المرفوعات الشُرُع. وإنما هي كإنشاء الدار. وسائر ما في القرآن من التركيب يتأتى فيه كلاهما. {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيلِ} [المزمل: 6]: ما ينشأ في الليل من الطاعات. [ل]. أي كالقيام والقراءة. • (نوش): {وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52)} [سبأ: 52] "النَوْشُ: التناول. ناشَتْ الظبيةُ الأَراك وهي تَنُوش البَرِير (= ثمر الأراك) والإبل تنوش الحوض مِنْ علا أي أنَّها طوال الأعناق ". وتناوش القومُ في القتال: تناول بعضهم بعضًا بالرماح ولم يتدانَوْا كلَّ التداني ".

(نشر)

Qتناول الشيء وأخذه من بعيد ببسط بعض الجسم طويلًا حتَّى يناله -كما تَمُدّ الظباء أعناقها وتستعين بأيديها لنَوْش البرير. ومنه "ناش الرجلُ الرجلَ: تناوله ليأخذ برأسه ولحيته " (أي من أعلاه) (وناشت بعبد الملك امرأته وهو خارج لقتال ابن الزُّبَير: تعلقتْ به. ونُشْت من الطَّعام شيئًا: أصبْتُ " (قلة الأخذ بسبب تباعدٍ وعدم إقبال على الأمر وإغراق فيه). {وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52)} [سبأ: 52]. أي تناولُ الإيمان في الآخرة حيث {لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ} [السجدة: 29]، كما قال تعالى {وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42)} [القلم: 42]. • (نشر): {وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (3)} [المرسلات: 3] "النَشْر -بالفتح: جميعُ ما خرج من نبات الأرض. نشرت الأرض (قعد): أصابها الربيع فأتبتت، والعشبُ: اخْضرّ بعد يبس في دُبر الصيف بمطَرٍ يصيبه، والنَشْر: سطوعُ الريح طيبةً أو غيرها. نَشَرْت الثوبَ والمتاعَ: بَسَطْته. ونَشَر الخشبَ بالمنشار: قطعه، نَحَته. والمنشار: الخشبة التي يُذَرَّى بها البُرّ، وهي ذات الأصابع ". Qتفرُّقٌ ببسط وامتداد نُشُوءًا أو إيقاعًا - كانتشار النبات من الأرض، وسطوع الرائحة من مصدرها، ونشر الثوب بعد طيه، وشق الحشب، وقَذْف البُرّ بتبْنِه في الهواء بعد أن كانَ في كُدْس (يَجْمَعُ التبن وفيه الحبُّ كومةً كبيرة). فمن الانتشار الماديّ {كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ} [القمر: 7]، وكذا ما في الإسراء: 13، الفرقان: 25، الروم: 30، الأحزاب: 33، الطور: 52، الجمعة: 10، المدثر:

(نشز)

52، التكوير: 9]، ومن المجازي والمعنوي {يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} [الكهف: 16، وكذا ما في الشورى: 28، الزخرف: 11]. ومنه "نَشَر الله الميت "قالوا: أحياه (وإذا حَيّ انبسط) وقال الزجاج: "بعثه ". وهذا أدق، لأن البعث إثارة وإقامة يظهر فيهما الامتداد وهو انبساط، والأول تفسير بالمراد {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} [عبس: 21، 22]، {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ} [الأنبياء: 21]، وسائر ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى البعث يوم القيامة. {ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ} [الروم: 20] تتصرفون في أغراضكم [بحر 7/ 162] ومنه النُشرة - بالضم: رقية يعالج بها المريض والمجنون تُنَشَّر عليه تنشيرًا [ل] كذا، والدقيق أن المريض يكون زَمنًا مُثْبَتًا كالمقيد، والرقية تُطْلقه فينشط ويمارس حياته. "والمنشور من كتب السلطان ما كان غير مختوم ". {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10)} [التكوير: 10] بُسِطت وقرأ كل إنسان ما في صحيفته. {وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (3)} [المرسلات: 3]، الملائكة تنشر السُحب أو الرياح تنشر السُحب [قر 19/ 155]. ومن التفرق -وهو ابتعاد وتباعد: "نَشَرُ الماء- بالتحريك: ما انتشر وتطاير منه عند الوضوء. والنشَر - كذلك: القوم المتفرقون لا يجمعهم رئيس، وأن تَنتَشِر الغنم بالليل فترعى ". • (نشز): {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا} [البقرة: 259] "النَشْز -بالفتح وبالتحريك وكسحاب: المَتْن المرتفع من الأرض ". Qارتفاعٌ مع غِلَظِ جرم وصلابة. كالمتن الناتئ من الأرض (مع غِلَظه أي صلابته لأنه (مَتْن) أي صلب). ومنه "نَشَز الشيءُ (قعد

(نشط)

وجلس): ارتفع، وأنشزته: رَفَعه عن مكانه (بقوة). ونشزَ في مجلسه: ارتفع قليلًا، وقام من قعود {وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا} [المجادلة: 11]: انهضوا وقوموا إلى قضاء حق أو صلاة إلخ. ومنه "إنشاز عَظْم الميت: إقامتها في هيكل البدن صُلْبةً بعد أن كانت رفاتًا. {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيفَ نُنْشِزُهَا} [البقرة: 259]. "كذلك فهي إذا اشتدَّت بعضها إلى بعض انتصب هيكلها "ومنه الحديث "لا رضاع إلَّا ما أنشز العظم ""ونَشَزت المرأة بزوجها وعليه: ارتفعت واستعصت عليه (صَلُبت واسْتغلظت) {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} [النساء: 34، وكذا ما في 128 منها]. ونشز زوجها عليها كذلك: ضربها وجفاها وأضرّ بها ". ومن حسي ذلك: "دابة نَشِيزة ونَشزة - بالفتح: إذا لم يكد يستقرُّ الراكب والسرج على ظهرها الصلابة ظهرها وغلظ سيرها فتُنَزِّيه) ورجل نَشَز - بالتحريك: أَسَنّ ولم تَنْقُص قوته ". • (نشط): {وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا (2)} [النازعات: 2] "نَشَط الدلوَ من البئر (نصر وضرب): نزعها وجذبها من البئر صُعُدًا بغير بكرة. الأُنشوطة: عقده يسهل حلها بمدّ (: شدّ) أحد طرفيها. وانتشط السمكةَ: قَشَرها، والمالُ المرعَى: انتَزَعه بالأسنان ". "الناشط: الثَوْر الوحشيُّ يخرج من أرض إلى أرض. وطريق ناشط: ينشِطُ من الطَّرِيق الأعظم يمنة ويسرة، وكذلك النواشط من المسايل. استنشط الجلدُ: انْزوَى واجتمع. ونَشَط من المكان (كضرب): خرج ".

معنى الفصل المعجمي (نش)

Qخلوصُ الشيء مما يمسكه ويحوزه أو يغشاه نزعًا بقوة أو سهولة معا - كنزع الدلو من البئر بمرّة، وكشدّ أحد طرفي. حبل العقدة فتنحلّ، وكخلوص الثور من الأرض، وانشعاب الطَّرِيق من الطَّرِيق الأعظم. والجلدُ المنزوي يقلِصُ عن البدن، وخروج الشخص من المكان خلوص. وقشر السمكة وانتزاع المرعى كلاهما تخليص بقوة. ومنه "النشاط: ضد الكسل. نَشِط (كفرح) فهو ناشط ونشيط: طابت نفسه للعمل وغيره كتَنَشّط " (خلصت نفسه مما يشغل ويقيد من هَمٍّ ومَرَض)، وفي المراد بالناشطات في آية التركيب قيل في [ل 392/ 24] هي الملائكة تنشِط الأرواح أي تنزعها كما تُنْزَع الدلو من البئر. [قر 19/ 91]. فإن خص بأنفس المؤمنين -كما في رواية [في قر] فنعم؛ لسهولة خروجها إلَّا لمزيد رحمة، وإن فسر بأنفس الكفار فلا: لأن النشط فيه الرفق، وهذا عكس ما في تفسير {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} أي لأنفس الكفار قبلها فلا يجوز أن نأتي بتناقض. والأقرب إلى الأصل في النشط أنَّه حل العقد. وأهم ذلك ما يكون في النزول بعد السفر للجهاد أو لطلب العلم أو التجارة أو الهجرة فرارًا بالدين. وكلها أسفار مشروعة دينيًّا. فاللفت إليها صالح. ° معنى الفصل المعجمي (نش): ارتفاع باتشار مع حدّة كما في نش ماء الحوض والغدير حتَّى ييبسا - في (نشش)، وكما في انتشار الأحداث والصغار من الإبل والناس والزرع نموًّا أعني طولًا أو امتدادًا - في (نشأ)، وكما في مدّ الظباء والإبل إعناقها لتناول الحوض والأراك - في (نوش)، وكما في سطوع الريح وانتشار النبات أي كثرة الخارج منه من الأرض واتساع البقعة النابت فيها - في (نشر)، وكما في ارتفاع النشز من الأرض من بين ما حوله في (نشر)، وكخروج الوحشي من أرض

النون والصاد وما يثلثهما

إلى أرض، وتفرع الطَّرِيق الفرعي من الطَّرِيق الأعظم - في (نشط). والذهاب البعيد يُعَد طلوعًا أي ارتفاعًا وكذلك التفرع. النون والصاد وما يثلثهما • (نصص - نصنص): "نَصَّ المتاعَ: جعل بعضَه فوق بعض، والعروسَ: أقعدها على المِنصة - بالكسر: السرير الذي تُظْهَر عليه لتُرَى) وكل شيء أظهرتَه فقد نَصَصْته. ودخل عمر على أبي بكر رضي الله عنهما وهو يُنَصْنِص لسانه وبقول هذا أوردَني الموارد. ونَصَّ فلانًا: سأله حتَّى يستقصي ما عنده، والناقةَ: استخرج أقصى ما عندها من السير ". Qإبراز المستكن إلى أعلى أو إلى الظاهر باستقصاء (¬1) ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): النون للنفاذ الجوفي اللطيف، والصاد تعبر عن غلظ كتلة الخارج من شيء مع الاستطالة، والفصل منهما يعبر عن خلوص اليء أي نفاذه من بين أثناءٍ تغمره كالمتاع المرتفع بعضه فوق بعض الخ. وفي (نصو) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن تجمع (اشتمال) عُلوي كما في الناصية. وفي (نوص نيص) تعبر الواو عن اشتمال، والياء عن اتصال، ويعبر التركيان عن حركة كُتلية ترددية كما يفعل القنفذ. وفي (نصب) تزيد الباء معنى التجمع مع تماسك ما، فيعبر التركيب عن الامتساك والثبات على قام كما في نصاب السكين ونَضْب نحو الخيمة. وفي (نصت) تعبر التاء عن ضغط دقيق (يؤدي إلى الانقطاع)، ويعبر التركيب عن انقطاع ما ينفذ كما ينقطع الكلام، وفي (نصح) تعبر الحاء عن احتكاك بمرض وجفاف، ويعبر التركيب عن خلوص وتجرد من الغلظ (نتيجة الاحتكاك) كالناصح العسل الخالص. وفي (نصر) يعبر التركيب بالراء عن استرسال =

(نصو)

كرفع المتاع بالصفة المذكورة، وكخروج اللسان من الفم، واستقصاء ما عند الناقة من السير وما عند المسئول من الخبر. ومن حسي ذلك أيضًا: "نَصّت الظبية جيدها رفعته، والنُصّة - بالضم: ما قَبَل على الجبهة من الشعر " (تدليه إلى الإمام يعني أنَّه برز وامتدَّ كثيرا فتدلّى). ومن الإبراز " .. فإذا وجد فجوةً نَصَّ "أي رفع ناقته في السير "- صلى الله عليه وسلم -. (دفعها لتسرع في تلك الفجوة فتنفذ من بين ما حولها). "ونَصُّ القرآن ونصَّ السنة: ما دل ظاهر لفظهما عليه من الأحكام "فالمعنى الصريح المباشر للفظ إذا كان هو المقصود فاللفظ نص لأنه أبرز المعنى إبرازا تامًّا. • (نصو): {مَا مِنْ دَابَّةٍ إلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} [هود: 56] "الناصية: قُصَاص الشَعَر في مقدم الرأس. وانتصى الشَعَرُ: طال. والمُنْتَصَى - بالقصر: أعلى الوادي. والنَصْو - بالفتح: مثل المَغْص والوخز ". Qأول الشيء أو أعلاه الممتدّ الذي يتبعه بقيته: كشعر الناصية وأعلى الوادي والمَغْص، وكأن المغص مقدمة لما بعده. فمن الناصية: شعر مقدم الرأس الممتد {مَا مِنْ دَابَّةٍ إلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} [هود: 56] وهذا كناية عن غاية التمكن من صاحب الناصية {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ ¬

_ = ذاك النافذ حتَّى يتصل بآخر ويمده ويزيده كالناصر المسيل الصغير يصبّ في مجمع مياه. وفي (نصف) تعبر الفاء عن نفاذ بإبعاد أو طرد أي انقطاع، ويعبر التركيب عن انقطاع شطر كبير من ذلك النافذ الغليظ كالنصيف ونصف الماء في البئر والكوب.

(نيص - نوص)

خَاطِئَةٍ} [العلق: 15 - 16]. (هذا في الدنيا تهديدًا أو إنذارًا. وأما في الآخرة فـ {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} [الرحمن: 41] يؤخذ بناصيته وقدميه، فيوطأ، ويجمع كالحطب ويلقي كذلك في النار [بحر 8/ 194]. ومنه "إبل ناصية ارتفعت في المرعى. وكذا "نصا الثوبَ: كَشَفه (رفعه أو كشفه عن أعلى الشيء) ونصت المفازة بالمفازة: اتصلت " (امتداد وتتابع). ومن شرف الناصية قالوا: "نواصي القوم: أشرافهم ". • (نيص - نوص): {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص: 3] "النَيْصُ - بالفتح: القُنْفُذ الضخم. والفَرَس يَنِيص ويَسْتَنِيص: يَشْمَخ برأسه ويتحرك للجري. والنَوْص: الحمارُ الوحشيُّ لا يزال نائصًا: رافعًا رأسه يتردد كأنه نافرٌ جامح. ناصَ ينوص نَوْصًا ومناصًا ومنيصًا: تحرك وذهب. وانتاصت الشمس: غابت ". Qحركة قوية نفورًا أو فرارًا للغياب عن المكان أو الموقف: كالقنفذ (وهو كثير الحركة ليلًا) وكشموخ الفرس والحمار الوحشي برأسه وحركتهما، وكحركة الذهاب وغياب الشصس. ومنه: "ناصَ عن قِرْنه: فَرَّ ورَاغ. والنُوص - بالضم: الهَرَب. وناص منيصًا ومناصًا: نجا ". وآية التركيب {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} يُؤَوّل المناص فيها بالمَفَرّ والمهرب وبالملجأ. والمؤدَّى واحد؛ فكلٌّ فرار من المصير، وكل مَنْفِيّ.

(نصب)

• (نصب): {وَإِلَى الْجِبَالِ كَيفَ نُصِبَتْ (19)} [الغاشية: 19] "نِصاب السكين: جُزْأَتها / عَجُزُها / مَقبِضُها الذي يُرَكَّب فيه السِيلان (السيلان - بالكسر: هو الجزء الممتد من عَجُزها مستَدِقًّا ليدخل في مقبضها). والمِنْصَب - بالكسر: ما يُتصَبُ عليه القِدْر إذا كان من حديد. والنُصْبة - بالضم: السارية. واليَنْصوبُ: علم يُنْصَب في الفلاهَ، وتيس أَنْصَبُ: منتصب القرنين. والنصائب: حجارة تنصب حول الحوض يسدّ ما بينها من الخَصَاص بالمَدَرة المعجونة. وصفيح (= صخور عِراض) مُنَصَّب - كمعظم: نُصِب بعضه على بعض. ونَصَبْت الرمح .. والعَلَم والبابَ، ونصبت الشيء (ضرب): أقمته ورفعته منتصبًا). Qإقامة الشيء إلى أعلى قويًّا متماسكًا أو شديدًا على وضع مستقيم دائم: كلي يقيم النصابُ السكين فتقف إلى أعلى أو على استقامتها دون أن تتدلى، والمِنصبُ القِدرَ، والساريةُ الخيمة. وكالينصوب ... الخ. فمن النصب الإقامة: {وَإِلَى الْجِبَالِ كَيفَ نُصِبَتْ} [الغاشية: 19]، واستعمال النصب للجبال لأنها كتل هائلة مصمتة. والرفع للسماء في الآية السابقة لهذه - للفراغ الذي دونها كما قال {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} [الطور: 5]، "وأنصاب الحرَم: حدوده " (هي كُتَل عظيمة كالعُمُد القائمة. ثم إن تمييز حدود الشيء بيان لقوامه) والنَصْب - بالفتح وبالضم وبضمتين: ما نُصِب فعُبِد من دون الله، {كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} [المعارج: 43]، كانوا يبتدرون إذا طلعت الشمس إلى نُصُبهم التي كانوا يعبدونها من دون الله [قر 297/ 18] (وفي الآية إنذار بالعقوبة مع

التبكيت بسبها لعلهم ينتبهوا ويزدجروا)، أو يُنْصَب فيذبح عنده، والجمع أنصاب. {وَمَا ذُبِحَ عَلى النُّصُبِ} [المائدة: 3]، {وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ} [المائدة: 90]. وقولهم "الشيء نُصبَ العين - بالضم: قائم أمام العين لا يخفى عليها وإن كان ملقى " (كأنه منصوب أمامها). وسائر ما في القرآن من التركيب فهو "النَصَب: التعب والمشقة "وسنذكره الآن - عدا ما يكون من كلمة (نصيب). والقيام الدائم يشقّ على الحيّ، ومن هنا جاء "النَصْب - بالفتح وبالضم وبضمتين: الداء والبلاء والشر {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} [سورة ص: 41]. ونَصِبَ (تعب): أعيا وتعب " (كأنما أُقيمَ في عمل شديد حتَّى تعب)، ولذا قالوا أيضًا: "نَصِبَ الرجل: جَدّ (استمرّ فِي جِدٍّ واشتداد) {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} [الشرح: 7]، - (هذا حض على العمل لدين كان أو لدنيا وعدم الإخلاد للفراغ). {لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ} [التوبة: 120]، (من مشقة الجهاد) {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ} [الغاشية: 3] (هذا في الآخرة أشدّ الشقاء، إذ لا حصيلة ولا نهاية معروفة). ومن الأصل "النصيب: الحظ من كل شيء " (إذ يُعْزَل ويقام لصاحبه)، {أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ} [الأعراف: 37]، أي ما أخبر الله عَزَّ وَجَلَّ من جزائهم [ل 258]، {أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا} [البقرة: 202]، (ثوابٌ. والتنكير لعدم التحديد) (وكل لفظ (نصيب) في القرآن معناه الحظ من الشيء). أما "نِصابُ الشمس: مغيبها "فهو مشبه بنصاب السكين من حيث مغيب سِنْخِها فيه.

(نصت)

• (نصت): {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204] ليس فِي التركيب إلَّا "أَنْصَتَ الرجلُ وانتصت: سَكَتَ سُكُوتَ مُسْتَمِع أنصت سكت واستمع ". Qالسكوت استماعًا كما هو مصرّح. والإنصات على هذا أقوى من الاستماع وفيه من الاستعداد للقبول، أو من الخشوع - ما ليس في الاستماع الذي يتحقق بمجرد الاستعداد لوصول الصوت إلى الأذن. ولعل هذا يفسر مجيء الإنصات بعد الاستماع في آية التركيب. كما يفسر الاكتفاء به في قوله تعالى: {فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا} [الأحقاف: 29]. ويؤيد ما قلناه قول [ق]: "أنصت للهو: مال " (فهذه حجة لدخول القبول ضمن معنى الإنصات). • (نصح): {وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} [الأعراف: 68] "النِصاحَ ككتاب: السِلْك يخاط به. والإبرة: مِنْصَحَة. والناصح: الخالص من العسل وغيره. نَصَح الغيثُ البَلَد: سقاه حتَّى اتصل نَبْتُه فلم يكن فيه فَضَاء ولا خَلل. أَرْض منصوحة: متصلة بالغيث / مَجُودة. وقال مخاطبًا إبله: (هذا مُقامي لك حتَّى تَنْصَحِي ... رِيًّا ..) قالوا "نَصَحَ الرجُلُ الرِيّ: شَرِبَ حتَّى يَرْوَى. ونَصَحَت الإبلُ الشُرب: صَدَقَتْه. وأنصحتها: أرْوبتها ". Qخلوص ما في الأثناء نفاذًا أو صفاء من الشوب. كما (يخلص) السلك (: الخيط) من خُرت الإبرة بقوةِ نفاذٍ رغم ضعفه وضيق المنفذ. وكالعسل النافذ من شمعه خالصًا من الشوائب، وكالمطر الغزير والشرب

(نصر)

الكثير. وكثرة الماء في الشرب صورة من الخلوص القوي لأنه ماء فحسب، أي غير مخلوط بشيء. ومن خلوص الشيء بلا شوب أُخِذَ النُصح: نقيض الغِشّ؛ فهو صفاء من ناحية: {مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ} [يوسف: 11] وكذا ما في القصص: 12]، واللفظ بصيغة الفاعية هذه في سورة يوسف طمأنة وراءها ما يعرفه إخوة يوسف عن ضميرهم عن باب "يكاد المريب .. "، وفي غيرها من الأنبياء وغيرهم طمأنة للموجَّه إليه. {وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 91] {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8] فكلها بمعنى خلوص القلب والنية من الشوب في هذه السياقات، ولو ادعاء كما في آية سورة يوسف. وهو من ناحية أخرى عمل بمقتضى هذا الصفاء وهو بذل الرأي والتوجيه بما فيه خير المنصوح. {لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ} [الأعراف: 79 و 93] {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي} [هود: 34] إرشادي. وسائر ما في القرآن من التركيب هو بهذا المعنى بشقيه أو أحدهما. • (نصر): {أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 286] "النواصر: مجاري الماء (مَسايِلُه) إلى الأوْدية. والناصر يجيء من مكان بعيد -مِيلٍ أو نحوه- ثم تَمُجُّ النواصر في التلاع (مجامع المياه). والنُصرة - بالضم: المَطرَة التَامَّة. نَصَر الغيثُ الأرضَ: غاثها وسقاها وأنبتها. ونُصِرَت البلاد - للمفعول - فهي منصورة: مُطِرَت فهي ممطورة. والنصر: العطاء. ونَصَره: أعطاه. والمستنصر: السائل ".

Qالإمداد بما فيه زيادةٌ مناسبةٌ وقوة: كما تمد النواصر الأوديةَ والتلاعَ بالماء، وكما يمد الغيثُ الأرضَ، والعطاء. ومن ملحظ الإمداد بالزِّيادة والقوة جاءت (النُصْرة - بالضم: حُسْنُ المعونة / إعانة المظلوم "وهذا -أعني المعونة- هو أَشْيَعُ معاني النصر. وليس الغلب من معاني التركيب الأصلية، وإنما يتأتى باللزوم للمعونة، وبمساعدة الاستعلاء في (عَلى). تأمل الجمع بينهما في {وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (116)} [الصافات: 116]، {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِه} [آل عمران: 160]. وتأمل كذلك {وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} [الحشر: 12] {إلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَينِ} [التوبة: 40]، فلم تكن هنا حرب وغلب، وإنما هي الهجرة والمعونة عليها. وكذلك أيضًا مقابلتها بالخِذْلان في آية آل عمران. {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ} [الأنفال: 72]، أي استعانوكم. ومن مجيئها بمعنى المعونة التي يترتب عليها الغلب: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيهِمْ} [التوبة: 14]. وسائر ما في القرآن من التركيب ومنه (نصر)، (ناصر)، (نصير) فهو بمعنى المعونة حالًا أو مآلًا. ومن الإمداد المذكور استُعمل النصر بمعنى الإنقاذ أو الخلوص من العذاب -وهو سلامة وبقاء قوة، فهو من جنس المعونة التي هي تقوية، وذلك بمعونة التعدية بـ (من) -كما في قوله تعالى: {وَيَاقَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ} [هود: 30 وكذا ما في 63 منها، وما في المؤمنون 65، الزمر: 54]. وكل (يُنصَرون) وإن كان بعضها يحتمل معنى المعونة.

(نصف)

كما جاء (الانتصار) - بمعونة الصيغة - بمعنى الانتقام (أخذ حق النفس وهو عون لأنه إثبات قوة) {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ} [الشورى: 41]، {وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ} [محمد: 4]، {وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} [الشعراء: 227] {فَانْتَصِرْ} [القمر: 10] {فَلَا تَنْتَصِرَانِ} [الرحمن: 35] فهي بمعنى الامتناع أي حفظ النفس من وقوع الشواظ عليها. فهي من باب إنقاذ النفس وحمايتها التي سلفت. وكذلك {يَنْتَصِرُونَ} [الشعراء: 93]، وكلمة (أنصار) جمع ناصر ونصير أصل معناها: مُعين. ثم صارت عَلمًا بالغلبة على الأوس والخزرج لنصرتهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وهي بهذا المعنى في [التوبة: 100، 117]. وأما النصارى فجوز ابن بري أن تكون جمع نَصْرِى كمَهْرِيّ ومَهَارَى، وقال سيبويه هي جمع تكون بمعنى نصرانِيّ نسبة إلى قريتهم. وقال الخليل بهما [ل 67، 68] وأجوّز أن تكون نَصْرَان بمعنى مناصر كنَدْمان بمعنى مُنادِم. • (نصف): {قُمِ اللَّيلَ إلا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَو انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} [المزمل: 2، 3] "النَصِيفُ: الخِمَار. والنصْف - مثلثة - والنَصِيفُ: أحدُ شِقَّي الشيء. وقد نَصَفَ الماءُ الحُبّ والبِئرَ والكوزَ: بلغ نِصْفه ". Qذهاب شِقٍّ أو قَدْرٍ عظيم أو غليظ من الشيء وبقاء قدر مثله: كالنَصِيف: الخِمار (نساء الريف يسمين غِطاء الرأص شُقّة)، وكذَهَاب نِصْف ماء الحُبّ .. وبقاء نِصْفه. ومنه: (النَصَفُ من الرجال - محركة: الكَهْل " (مضى شَطْر عظيم من عمره). ومن ذلك: "أَنْصَفْت الرجل: أعطيته النَصَفَة أو النَصَفَ -محركتين: إعطاء الحق كالإنصاف- كأن الأصل أعطيته النِصف وهو المتصور

معنى الفصل المعجمي (نص)

أنه الحق عند تنازع اثنين على شيء) و "تنصفت السلطان: سألته أن يُنْصِفَني. وأَنصَف الرجلُ: عَدَل (أعطى هذا قدر ما أعطى ذاك، فكُلٌّ أخذ نصف جميع المعطَى). و "انتصفتُ منه: أخذت حقي كاملًا " (كأن هذا الاستعمال وما قبله متطوران عن أخذ النصف عندما يكون ذلك هو المستحق فقط). ومن الأصل جاء تحديد النصف المعروف. {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} [النساء: 12]. وهي في القرآن بهذا المعنى المشهور. ومن ذهاب شَطْر غليظ من الشيء في الأصل جاء "الناصِفُ: الخادم ونصفت القوم: خَدَمتهم "لأن الخادم يعالج شاقّ الأمور وغليظها أي يحملها كأنها نصف المشقة، ولا يبقى لسيده إلا السهل، فيخف التعب عن السيد. كما سموه ما هنا. ° معنى الفصل المعجمي (نص): نوع من النفاذ بامتداد مع علو كما يتمثل في جعل بعض المتاع فوق بعض، وإقعاد العروس على المنصة- في (نصص)، وفي تدلى الناصية على الجبهة -والمعادُ ردُّ الشعر إلى الخلف- في (نصو)، وفي شموخ الفرس والحمار الوحشي برأسه (رفعه إياها مع عنقه) وكذلك تحرك الحمار وذهابه هو نفاذ من الحيز إلى خارجه- في (نوص نيص)، وكما يتمثل في النُصبة -بالضم: السارية، وفي إنصاب السكين ونَصْب الشيء إقامته فيمتثل كله قائمًا- في (نصب)، وفي سكون الحيّ شاخصًا فلا يلحظ فيه إلا ذلك (حالة السكوت استماعًا) - في (نصت)، وفي نفاذ السلك والعسل خالصًا مع امتدادها- في (نصح)، وفي مجيء الماء الناصر من بعيد قويًّا- في (نصر)؛ وفي بقاء شطر الشيء -وهذا البقاء نفاذ وامتداد- في (نصف).

النون والضاد وما يثلثهما

النون والضاد وما يثلثهما • (نضض- نضنض): "النضُّ: نَضِيض الماء كما يخرج من حَجَر، والنَضَضُ- محركة: الحِسْي (رمل يشرب ماء المطر وتحته صخر يمسك الماء، فيُنْبَثُ الرمل وكلما نَضَّ من الماء شيء أي رَشَح واجتمع أُخِذ). وبئر نَضُوض: يخرج ماؤها كذلك. والنضيض: الماء القليل. ونضّ الماء: سال قليلًا قليلًا خرج رَشْحًا. والنَضنَضة: تحريك الحية لسانها ". Qرَشْح المائع من مصدر صُلْب قليلًا قليلًا (¬1) -كما يَنِضّ الماء من الحجر. ومنه النضنضة: تحريك الحية لسانها. فلسان الحية دقيق ولا يمتد طويلًا من فمها. ومنه "الناضّ والنضُّ- بالفتح: الذهب والفضة دنانير ودراهم ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر النون عن امتداد باطني، والضاد عن غلظ وكثافة مع شيء من غضاضة وطراءة، والفصل منهما يعبر عن رشح رقيق أو دقيق من خلال جرم غليظ يكتنز به كنضيض الماء من حَجَر. وفي (نضج) تعبر الجيم عن جرم غير شديد (بسبب حرافة تنخر صلابته)، ويعبر التركيب عن رخاوة ما كان شديد الأثناء أو صُلبها كالناضج من اللحم وغيره. وفي (نضخ) تعبر الخاء عن تخلخل، ويعبر التركيب معها عن نحو فوران الماء أو ثورانه من خلل ما احتبس فيه. وفي (نضد) تعبر الدال عن ضغط وامتداد واحتباس، ويعبر التركيب عن ركم الأشياء الغليظة بعضها على بعض مع احتباس على أوضاع معينة كأنضاد الجبال. وفي (نضر) تعبر الراء عن استرسال جرم أو حركة، ويعبر التركيب عن خلوص المادة أو اللون من لأثناء أو من الشوب مع رقة (ونوع من التلألؤ) كالطحلب والورق الناضر الأخضر.

(نضج)

تحولت إلى ذلك بعد ما كانت متاعًا (كما يقال طلع له من هذه الصفْقة كذا. وكان ذلك الربح يتحصل في العصور الماضية بمشقة تتمثل في السفر والنَقْل والمساومات والتجزئة. وكانت الأرباح مع ذلك قليلة فسُمّي نَضًّا لأنه كان بذلك كله يعادل رَشْح الماء من الحجر). • (نضج): {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرَهَا} [النساء: 56] "نَضِجَ اللحمُ -قَدِيدًا وشِواءً- والعنبُ، والتمرُ، والثَمَر (كتعب) نُضْجًا- بالضم والفتح: أَدرَكَ ". Qرخاوة نسيج ما كان شديد المادة تأثرا بالحرارة (وطيبُه للأكل): كما يَنْضَج اللحمُ والبسرُ وسائر الثَمَر. ونُضْج الجلود في آية التركيب هو تهرؤها من اصطلاء النار. والعياذ بالله تعالى. • (نضخ): {فِيهِمَا عَينَانِ نَضَّاخَتَانِ (66)} [الرحمن: 66] "النَضْخُ: شدَّة فور الماء في جَيَشانه وانفجارِه من يَنْبُوعه. وعَينٌ نَضّاخه: كثيرةُ الماء فوَّارة تجيش بالماء. قال: ما كان من سُفْلٍ إلى عُلْو فهو نَضْخ ". Qفَوَران الماء ونحوه (كالدم والخلّ والزَغفران) من جوفٍ واندفاعُه خارجًا بقوة: {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ}: تفوران بالماء متاعا لعيون أهل الجنة ونفوسهم -كما تقام النوافير الآن في الشوارع والحدائق. والنضح بالحاء المهملة أقل من ذلك كثيرا لأنه كالرشح.

(نضد)

• (نضد): {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} [ق: 10] "أنْضَادُ الجبال: جَنادِلُ بعضُها فوقَ بعض ما تَراصَفَ من حجارتها بعضِها فوق بَعض. وأنْضادُ السحاب: ما تراكب منه. والنَضيدة: الوِسادةُ وما حُشِي من المتاع. والنَضَد- محركة: ما نُضَّدَ من متاع البيت بعضِه فوق بعض. نَضَدت المتاعَ (ضرب)، واللبِنَ على الميت ". Qرَكْم الأشياء (الغليظة الجرم) بعضِها فوقَ بعض مع امتساكها طبقات على أوضاع معينة أو منتظمة (ركم بانتظام هيأة): كأنضاد الجبال والسحاب وكالحَشِيّة ونَضْد الطوب على الميت. {لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} (منتظم في عثاكيل ثم في عراجين)، {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} [الواقعة: 29]. نُضدَ بالحمْل مِن أوَّله إلى آخره أو بالوَرَق ليس دونه سُوقٌ بارزة [ل]، والكلام عن الموز. {وَأَمْطَرْنَا عَلَيهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ} [هود: 82]، متتابع (كثيف) بعضها فوق بعض نُضِد بعضُه على بعض حتى صار جَسَدًا واحدًا [قر 9/ 83] والأول هو الواضح. وقد يتمثل الانتظام في التوزيع شمولا. ومن معنويه: "النَضَد- محركة: الأعمام والأخوال المتقدمون في الشرف " (طبقات لكل طبقة درجة معينة). ثم نُظِر إلى مجرد الكثرة أخذًا من التراكم فقيل: "أنضاد القوم: جَمَاعتهم وعَدَدُهم ". • (نضر): {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} [القيامة: 22]

معنى الفصل المعجمي (نض)

"الناضر: الطُحْلَبُ. والنُضَار- كغراب: ما كان من الشجر على غير ماء مما نَبَت منه في الجَبَل الأثلُ النبعُ. والنضير وكغراب: الذهبُ والفضة. وقد غلب على الذهب. والناضر: الأخضرُ الشديد الخضرة: نَضَر الشجر والورق (كرم، وقعد قاصر ومُعَدًّى). وغلام نضير: ناعم. وغلام غض نضبر، وجارية غضة نضيرة ". Qرقة (تلألؤ) أو حالٌ معجبة طيبة تظهر على الشيء أو تغشى حاله. كالطُحلَب، وهو طبقة غضة خضراء تتكون على ظاهر الماء الراكد نافذة منه، وكالشجر المذكور ينبت دون شوب الأرض بماء مع أنه من أنفس الشجر عندهم [ينظر (كرم) هنا]، وكالذهب والفضة- وهما جوهران رقيقان وهما من أنفس ما يخرج من الأرض متميزًا عنها. وشدة الخضرة رقة، وكذلك النعومة والغضاضة بمعنى الطراءة {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24)} [المطففين: 24]. {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} [الإنسان: 11]. ومن تلك الرقة قالوا: "النُضارَ كغراب: الخالص من كل شيء ". ° معنى الفصل المعجمي (نض): نفاذ الشيء (بنحو الرشح) من أثناء ما هو فيه اندفاعًا إلى أعلى أو إلى الظاهر -كرشح الماء من الحجر والحِسي- في (نضض)، ونفاذ غضاضة النيوء من اللحم أو نفاذ حرارة الإنضاج إليه- في (نضج)، ونفاذ الماء من الينبوع- في نضخ، وارتفاع السحاب بعضه فوق بعض- في (نضد)، ونفاذ الطحلب من أثناء الماء إلى أعلاه مع غرابة محببة- في (نضر).

النون والطاء وما يثلثهما

النون والطاء وما يثلثهما • (نطط- نطنط): "نَطَّهُ وناطَهُ: شدَّه. ونَطَّ الشيءَ: مَدَّه. والأَنطُّ: السَفَر البعيد. والنُطُطُ- بضمتين: الأسفارُ البعيدةُ. وأَرضٌ نَطِيطَة: بعيدةٌ. وتَنَطْنَطَ الشيءُ: تباعد. ونَطْنَطَ: باعدَ سَفَره. ونَطَّ في الأرض: ذَهبَ وإنّه لنطاط ". Qالابتعاد شدًّا ومدًّا أو سفرًا وانتقالًا (¬1) كما في الاستعمالات المذكورة. • (نطح): {وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ} [المائدة: 3] "نَطَحَه الكبشُ (ضرب ومنع) وانتَطَح الكبشان وتناطحا ". Qالنَطْح المعروف وهو دفع الرأس بقوة وغِلَظٍ للاصطدام بجرم مستعرض مواجه ... {وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ} (التي نُطِحت فماتت قبل أن تذكَّي) [ينظر قر 6/ 49]. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): النون للامتداد الباطني اللطيف، والطاء تعبر عن تجمع غليظ يتمدد، والفصل منهما يعبر عن امتداد بقوة وابتعاد كما في النط: الشدّ. وفي (نطح) تعبر الحاء عن احتكاك مع جفاف وعرض، ويعبر التركيب عن الاندفاع حتى الاصطكاك بجفاف كما في النطح وفي (نطف) تعبر الفاء عن إبعاد وطرد، ويعبر التركيب عن قلة المائع لذهاب أكثره، أو نفاذه قليلًا قليلًا كما فينطف الحب الماء قطرة قطرة. وفي (نطق) تعبر القاف عن تعقد وتماسك في العمق، ويعبر التركيب عن ضم الشيء وتحجيمه إلى صميمه (بالالتفاف حول وسطه) كما في شد الوسط بالنطاق. وكما في النطق.

(نطف)

• (نطف): {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4)} [النحل: 4] "نطف الحُبّ (= الزير) والكوز وغيرهما (نصر وضرب) نَطْفا ونُطوفا: قَطَر. القِربة تنطُف أي تقطر من وَهْى أو سَرْب أو سُخْف (= رقة جلدها رقة بالغة). نطف الماء: قطر قليلًا قليلًا "النَطَف- محركة: إشراف الشجّة على الدماغ (: المخ الذي في الجُمْجمة) والدَبَرة (العقر الذي في ظهر الجمل أو جنبه) على الجوف. النّطْف: عَقْر الجُرح. نَطَفَ الجرْحَ والخُراج: عَقَره ". Qقَطْر المائع من وعائه بنحو الرشح لوهيه أو اندفاعه. كما في نطوف الحب والكوز والقربة لوهْي غلافهن، وكذلك إشراف الشجة على الدماغ والدبرة على الجوف هو من وهي الغلاف ذاك. وعَقْر الجُرح والخراج إيهاء لغطائهما يخرج به ما تخزن فيهما، وهو يكون قليلًا عادة. ومن مادّي قلة الراشح القاطر: "النُطَافة: القُطَارة. ليلة نَطوف: قاطرة تمطر حتى الصباح. النُطفه والنطَافة: القليل من الماء الماء القليل يبقى في القربة. وبه سُمّي المَنِيّ نطفةً ". وفي التنزيل العزيز {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37)} [القيامة: 37] ولم تأت في القرآن الكريم من هذا التركيب إلا كلمة نطفة بهذا المعنى. وقد قالوا: "النطفة: الماء الصافي "ومأتى صفاء الماء هنا كونه رشحا، ثم قالوا "النَطَفُ والنُطَف: اللؤلؤ الصافي اللون، وقيل الصغار منها، وقيل هي القِرَطَةُ الواحدة من كل ذلك نَطَفة -بالتحريك، ونُطَفة- كهمزة. شُبّهت بقطرة الماء. غُلام مُنَطّف: مُقرَّط، ووصيفة منَطَّفَة. وتنطّفتْ المرأة: تقرطت ". ومن معنوي وَهْي غلاف الشيء ونفاذ ما بباطنه على ظاهره، أو من وجود

(نطق)

مائع وبلل على ظاهره: "النَطَفُ -بالتحريك: العيب. نَطَفَه ونَطَّفه: لطّخه بعيب وقذَفه به. وفلان يُنْطَف بسوء بفجور أي يُقْذَفُ به. وقد نَطِفَ الرجل: اتُهِم بريبة ". وأخيرًا فقد قيل "نَطِفَ من الطعام: بشم "؛ فإن البشم وقوف الطعام في البطن لا يُهضم، فيتصور منه تكدسه في البطن حتى يكاد يشقه ويخرج. فهو من وَهْي الوعاء واندفاع ما فيه بنحو الرشح، أو بالقيء في هذا الاستعمال. • (نطق): {يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيرِ} [النمل: 16] "صَوْتُ كل شيء مَنطِقُه -بالفتح، ونُطقه- بالضم. والمِنْطَق -بالكسر وككتاب: شِبهُ إِزارٍ فيه تِكّة، وكل ما شدَدْتَ به وسطَك ". (فالنطاق له معنيان: الإزار ذو التكة، وحزام الوسط وحده). Qحَرم الشيء المنتشر أو المتسيب وتحجيمه إلى صميم حدوده- كشد الوسط بالإزار أو بالحزام، وكالكلام المعبِّر عن المعنى الذي في نفس الناطق. ولذا فإني أرى أن النُطْق خاص بما له معنى لا بِكل صوت. ومن آثار ذلك في كلامهم "هو مِنْطيق: أي بليغ "- (ولم يقولوا قوى الصوت أو نحو ذلك) و "كتاب ناطق أي بَيّن " {وَلَدَينَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ} أُثبِت فيه الحق المطابق لواقع أعمالكم، ويبينه للناظر كما يبينه النطق [أبوالله عود 6/ 141]. ومثلها {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيكُمْ بِالْحَقِّ} [الجاثية: 29]، ولذا فقولهم: "الإنسان حيوان ناطق ": دقيق بهذا المقياس. وكذلك فإن تعليم الله عزَّ وجلَّ سليمان منطق الطير أي معنى أصوات الطير: {عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيرِ} [النمل: 16]. وسائر ما في القرآن

معنى الفصل المعجمي (نط)

من التركيب هو من النطق الصوتي المعروف. ° معنى الفصل المعجمي (نط): اندفاع من المقر أو الحيز بقوة شديدة. كالأسفار البعيدة- في (نطط) إذ هي مفارقة للمقر بالغة القوة، وكالنطح إذ هو اندفاع قبل الصدم الذي لا يقع بدون ذلك الاندفاع -في (نطح)، وكنفاذ الماء بعسر من وهي القربة- في (نطف)، وكنفاذ البدن من وسط طرق النطاق بقوة غلظ البدن، ونفاذ الصوت من الحي كاشفًا عن معنى ضرورة- في (نطق). النون والظاء وما يثلثهما • (نظر): {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيسَرَةٍ} [البقرة: 280] "نظره (نصر وسمع): تأمّله بعينه. وعبارة الراغب: "نظرت إلى كذا: مددت طرفك إليه- رأيتَه أو لم تره ". وناظر العين: النقطة السوداء الصافية التي في سواد العين، وبها يرى الناظر ما يُرَى [تاج]. والناظران: عرقان مُكتَنِفا الأنف في مجرى الدمع على الأنف من جانبيه. دارى تنظر إلى داره أي هي بإزائها ومقابلةٌ لها. وإذا أخذت في طريق كذا فنظر إليك الجبلُ فخذ عن يمينه أو يساره: أي قابلك ". Qمواجهة بالعين بترقب وتهيؤ للالتقاط (¬1) - كالنظر بالعين فهي مواجهة مع محاولة التقاط الشيء أي رؤيته. والمواجهة هي البارزة في ¬

_ (¬1) صوتيًّا: النون تعبر عن امتداد باطني لطيف، والظاء عن نفاذ بشيء من الغلظ أو القوة؛ والراء عن الاسترسال. والتركيب يعبر عن نفاذ قوة الإبصار أي امتدادها من العين قوية مترسلة طولًا وعرضًا أي سعة حسب قدرة الناظر.

سائر الاستعمالات المذكورة. ومنها "نظرت الأرض بعين وبعينين: أَدَّتْ نباتَها "أي برز نباتُها للمواجه. ومن المواجهة (أن شيئًا في مواجهة آخر) يؤخذ معنى الانفصال "لقد كنتَ عن هذا الأمر بمنظر أي بمَعزِل في ما أحببت " (كما نقول لمن يرى ولا يتدخل هو يتفرج)، كما يؤخذ معنى المنادّة "النظير: النديد "كما أن قولهم "في هذه الجارية نَظْرة إذا كانت قبيحة "هو من التلفت والتأمل للالتقاط، لأن الجميلة تجذب من أول نظرة لا تحتاج إلى فحص. واستعمالات التركيب الواردة في القرآن الكريم دائرة بين أمور أولها في الترتيب الاشتقاقي النظر بالعين كما في قوله تعالى: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ} [التوبة: 127]، {قَال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيكَ} [الأعراف: 143]، {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [البقرة: 50] وكل (ناظرين) إلا ما استثنى مما سيأتي. وثانيها: التأمل العقلي الذي يؤخذ اشتقاقيًّا من المواجهة بالنظر لالتقاط الشيء. جاء في بصائر ذوي التمييز "النظر أيضًا تقليب البصيرة لإدراك الشيء ورؤيته، وقد يراد به الأمل والفحص {ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} [المدثر: 21، 22]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر: 18]، {قَال سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27)} [النمل: 27]، {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا} [عبس: 24، 25] وغيرهن، وكذلك كل استعمال (نظر وما هو منها) مع (كيف {انْظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [النساء: 50] وكذلك {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: 35].

النون والعين وما يثلثهما

وثالثها: الإمهال والانتظار المأخوذ اشتقاقيًّا من الترقب والتفحص في المواجهة في المعنى المحوري، فإن التفحص والتأمل يستغرق زمنًا. {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيسَرَةٍ} [البقرة: 280]، وكل ما جاء من تصرف صيغة (أنظَر) {ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ} [الأعراف: 195] أو (انتظر) {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} [الأحزاب: 23] ومنهما صيغتا {مُنظَرُونَ}، {مُنْتَظِرُونَ} بأي إعراب كانتا. وكذلك {هَلْ يَنْظُرُونَ} [البقرة: 210، الأنعام: 158، الأعراف: 53، النحل: 33، فاطر: 43، الزخرف: 66، محمد: 18]، {مَا يَنْظُرُونَ} [يس: 49]، (وهذه المواضع فيها مع الانتظار معنى الإنذار بما يُترقَّب وقوعه) وكذلك {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ} [الحديد: 13] و {غَيرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} [الأحزاب: 53] وربما {فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} [النمل: 28]. وما يُحتمل أنه نَدَّ عن هذا التوزيع فإن عزوه إلى أحد المعاني الثلاثة ميسور إن شاء الله. النون والعين وما يثلثهما • (نعَع -نعنع): "النُعَاع كغراب: النباتُ الغضّ الناعمُ في أول نباته قَبْل أن يكتهل. والنَعنَع -بالفتح والضم وكصَلْصال-: بَقْلة طيبة الريح والطعم فيها حرارة على اللسان، و- بالضم: الذكرُ المسترخي، والبَظرُ إذا طال، والرجلُ الطويل المضطرب الرخو. والنُعُّ- بالضم: الرجل الضعيف ".

(ينع)

Qرخاوة الجِرم الممتد وطراوته لرقة غزيرة في أثنائه (¬1). • (ينع): {انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ} [الأنعام: 99] "يَنَعَ الزيتون: وَينَع الثمر وأينع: أدرك ونَضِج. وقال أبو سَمّال: هل لك في رءُوس جُذْعان في كَرِش من أول الليل إلى آخره قد أَينعت وتهرّأت ". (الجَذَع: ولد الشاة في السنة الثانية). Qصلاح الثمر (والمأكول) للتناول برخاوته أو رقته مع لون من باب الحمرة. كالزيتون اليانع المحمرّ والرأس التي نَضِجت بالطريقة ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر النون عن امتداد جوفي لطيف، والعين عن التحام مع رقة، والفصل منهما يعبر عن رخاوة الجرم الملتحم الممتد لرقة في أثنائه. وفي (ينع) تسبق الياء بالتعبير عن اتصال مع الامتداد، ويعبر التركيب عن وصول ما كان صُلبا إلى درجة الرخاوة كلين الثمار عند يَنْعها. وفي (نعج) تعبر الجيم عن جرم كبير غير شديد، ويعبر التركيب عن وجود تلك الطراءة والرخاوة في مثل ذلك الجرم الكبير كالنعجة. وفي (نعس) تعبر السين عن نفاذ بدقة حدة أو قوة، ويعبر التركيب عن نفاد أي ذهاب لتلك الحدّة والقوة التي كانت، وهذا يأتي بالضعف والاسترخاء والثقل كما في الناعس والكسلان. وفي (نعق) تعبر القاف عن تعقد واشتداد في الباطن، ويعبر التركيب معها عن نفاذ شيء شديد ممتدٍّ حادٍّ من الباطن كما في النعيق. وفي (نعل) تعبر اللام عن امتداد واستقلال، ويعبر التركيب عن تمييز ذلك العريض الرخو مع اتخاذه كما تفعل النعل فتقي القدم من البل والقذى. وفي (نعم) تعبر الميم عن التئام ظاهر واضطمامه على شيء، ويعبر التركيب عن الاضطمام في الباطن على طراءة ورقة أو في الحوزة على ما به ليونة العيش ورقته- كالنعامة الجلدة التي تغطي الدماغ.

(نعج)

الموصوفة- فإنها قد تأخذ هذا اللون، وجُلّ الأطعمة التي تنضجها النار تلونها النار بالحمرة أو ما هو إليها كما هو واضح في حالة شيّ اللحم وقَلْيه وإنضاج الخبز، وكذلك كثير من الثمار إذا قاربت النضج كما يحمر البُسْر (البلح الأحمر) والرمان والتفاح والتين بأنواعه وباطن البطيخ وغير ذلك، وكما يقال زها النخل: ظهر فيه الزَهْو وهو البُسْر الملوّن، وكذلك أزهى، وكذا لوّن البُسر: ظهر فيه أثر النضج ". وينع الثمر في آية التركيب معناه النضج بجميع صفاته. ومن ذلك استعمل التركيب في جزء المعنى: الحمرة. (اليانع: الأحمر من كل شيء. هي يانعة الوجنتين. اليانع: الدم المحمر الشديد الحمرة. اليُنْع- بالضم: ضرب من العقيق. اليَنَعة- محركة: خرزة حمراء ". (كأن الأصل كونها من العقيق). • (نعج): {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} [ص: 23] "النعْجة: بالفتح: الأنثى من الضَأن والظِباء والبقَر الوحشِي والشاء الجَبَلي. وأرضٌ ناعجة: مستويةٌ سهلة مَكْرُمَةٌ للنبات تُنْبِتُ الرمثَ (كلأٌ قد يطول ولا يبلغ القامة وله هَدَبٌ طِوال وهو من الحَمْض ...) ويقال: نَعجتَ (فرح) بعد ما كنتَ كالسَعَف اليابس: سَمِنْتَ وصلُحتَ. والنَعَج- محركة: أن يربو وينتفخ ". Qبين الجِرم الثخين وطراءته لرقة كثيرة تخالطه: كالأرض السهلة المذكورة، وكالسمين. والإِناث المذكورة لينة رقيقة ليست في شدة ذكورها أو غلظها. ومن إناث الضأن: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً}. ولملحظ الليونة والرقة هذا قالوا: "امرأة ناعجة: حَسَنَة اللوْن. وجَمَل ناعجٌ:

(نعس)

حسن اللون مُكَرَّم (كمعظَّم) أبيض (البياض لون يستحسنه العرب، وهو من عناصر الرِقّة والطراءة). • (نعس): {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ} [الأنفال: 11] "النَعْس -بالفتح: بين الجسم والرأي وضعفُهما. ناقة نَعُوس: غزيرة تُغْمِضُ عينها عند الحلْب. وأَنعَسَ الرجلُ: جاء ببنين كسالى ". Qثقل أو فتور في الجسم للينة وامتلائه بالرخاوة. كما في الجسم والناقة والكَسالى. ومنه "النعاس- كغراب: ثَقلَةُ النوم السِنَة من غير نوم "-كما في آية التركيب وكذا ما في [آل عمران: 154]. ومنه "نَعَتْ السوق: كَسَدت " (ذهبت حدة الحركة والتبايع منها). • (نعق): {كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إلا دُعَاءً وَنِدَاءً} [البقرة: 171] "النَعيق: دعاء الراعي الشاء. يقال: انعَقْ بضأنك: أي ادعُها. والنعيق: صوت الغراب ". Qنفاذ صوتٍ غليظِ حادٍّ ممتد عن حي كدعاء الراعي ونعيق الغراب. ومنه ما في آية التركيب. • (نعل): {فَاخْلَعْ نَعْلَيكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12)} [طه: 12] "النَعْل والنَعْلة -بالفتح: التي تُلْبس في المشي. ونَعْل الدابة: ما وُقِيَ به

(نعم)

حافرُها. والنَعْل من جَفْن السيف: الحديدةُ التي في أسفل قِرَابِة. Qحفظ الشيء بلزوم مناسبِ له يقيه الخشونة والتآكل ونحوهما: كالنعل التي تلبس ونعل الحافر والجراب. وكلٌّ منها مناسب لما هو يلزمه ويقيه. والذي في آية التركيب هو الذي يلبس في القدم. ومنه: "النعل من الأرض: القطعة الصُلبة الغليظة شِبهُ الأكمة "، فهذه من المناسبة بمعنى عدم الخشوشة والتأثير في ما يلابسها، فهي في الارتفاع شبه أكمة، أي لم تبلغ أن تكون أَكَمة، ويؤخذ من كونها "تزلق بمن يمشي عليها إذا ابتلت " [ل] أن سطحها أملس أو كالأملس. فهي ليست خشنة أو ليست بالغة الخشونة. وعلى التشبيه بما في فعل القدم من إحاطة بما يلي الأرض من الرِجْل: "فَرَسٌ مُنْعَل يَدٍ كذا أو رِجْل كذا أو اليدين أو الرجلين: إذا كان البياضُ في مآخير أرْساغ رجليه أو يديه مما يلي الحافر ". • (نعم): {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ} [آل عمران: 171] "النعامةُ: هذا الطائر معروف، وباطنُ القدم، والجِلْدَةُ التي تغطي الدماغ. والظُلّة. والتَنْعيمة: شجرة ناعمة الورق ورقها كورق السِلْق، ولا تنبت إلا على ماء، ولا ثمرَ لها، وهي خضراء غليظة الساق. وثوبٌ ناعم: لين. دَقَقْتُ الدواء فأنعمت دَقّه. نَعُم الشيء- ككرُم: صار ناعمًا لينًا ". Qرقة الشيء أو ليونته وخلوُّه من الغِلَظ والخشونة: كباطن القدم بالنسبة لغِلَظ ظاهره، والنعامة طائر يؤكل لحمه، وريشها في غاية النعومة رغم عِظَم بدنها وجَفاء ساقِها، وهي مضرب المثل في التحفة والجُبن

(أَشْرَدُ ... أَجْبَنُ .. أَعْدَى .. أمْوَق من نعامة) وهذا كله ضَعْف يناسب الرقة. ويقال: "إنه لخفيف النعامة: ضعيف العقل "كأنما يقصدون الدماغ نفسه حيث إن النعامة هي الجلدة التي تغطيه، والدماغ نفسه طري) ونعامةُ الفَرَس: دماغُه، والظلُّ يقترن بالطراوة ... ومن ذلك "النِعْمة -بالكسر، والنَعْماء والنَعيم، والنُعْمى- بالضم: الخَفْضُ والدَعَة وغضارة العيش، والمالُ (ليِنٌ ويُسْر). وعبارة أبي حيان "النِعمة لين العيش وخفضه "ويشغي أن يصرح بأن كل مادة لذلك تعد (نِعمة) من مال وولدٍ وجاه وعلم وصحة وفضيلة خاصة {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ} [النمل: 19]، {فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ} [الفجر: 15]، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ} [الغاشية: 8] (أي متنعمة) ({وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [المائدة: 65]. وبهذا المعنى كل (نَعَّم)، (أنعم). والنَعمة -بالفتح: التنعم والتَّرفُّه، وجمع النِعمة -بالكسر (نِعَم) و (أَنْعُم). و (نعيم) الله تعالى: عطيتُه الكثيرة الوافرة. {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيهِ} [الأحزاب: 37] أنعم الله عليه بالإسلام، وأنعم النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه بالعتق والتبني، ثم بتقريبه حتى زوجه زينب بنت جحش الأسدية. نِعْم: فِعْلُ مدح للمخصوص به من حيثية جنس فاعله (والمدح من جنس الرقة طيب الأمر) {فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 24]. ومن هذا "امرأة ناعمة ومُنَعَّمَة -كمعظمة، ومُنَاعَمة: حَسَنةُ العيش والغِذاء مُتْرَفَة. والتَّنَعُّم: التَّرَفُه، ونَعَّمَ أولادهَ- ض: رَفَّهَهُم ". (والرَفاهة رقة بالغة). "والنَعَمُ -محركة: المال الراعي. والأنعام (جمعُه): الإبلُ والبقرُ والغنم "-

£° معنى الفصل المعجمي (فع)

من ذلك "لطراوة عيش صاحبها بها "هذا ما قالوه. وأقول إنه يضاف إلى ذلك حِلُّ لحومها وألبانها ومنافعُ أصوافها وأوبارها وجلودها وكل ذلك منافع طيبة مستحبة في مقابل حُرْمة لحوم البغال والحمير وكذا لحوم الخيل على المشهور {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] أي فجزاء من النعم مماثل لما قتل من الصيد، {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إلا مَا يُتْلَى عَلَيكُمْ} [المائدة: 1]. ومن مادّي الأصل "النَعامة: الظُلّة (ظِلٌّ وطراوة)، والطريقُ (مَسْلك)، وخشبتان فوق البئر تُعَلَّق بهما البَكَرة (تيسر خروج الدلو). والنُعَامَى- كسُكارى: ريح الجنوب، لأنها أَبَلُّ الرياح وأرْطبها. والناعمة: الروضة ". ومن إنعام الشيء بالدق جاء معنى الدقيق "أَنْعَم النظر في الشيء: أطال الفكرة فيه وتدبر، وأنعَمْتُ الشيءَ: بالغْت (في إحكام عمله)، أنعَمتْ الشمسُ: بالغتْ في الطلوع (تغلغلت في جوف الأفق). وأَنْعم أن يُحْسِن أو يُسِيء: زاد ". وفي الحديث الشريف "وإن أبا بكر وعمر منهم (أي من أهل عليين) وأَنْعَمَا " (دخلا في وسطهم وتغلغلا لا أنهما لحقا بهم بمشقة حتى كادا لا يلحقان). ومن الأصل نَعَم -بالتحريك وككتف- في الجواب بالإيجاب، إذ هي تعبر عن تصديق ما تقدم: ماضيا أو مستقبلا مثبتا أو منفيا [مصباح] وهذه سهولة ويسر لأنها موافقة. وكل ذلك مما يناسب الليونة والرقة والطراوة في الأصل. {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} [الأعراف: 44]. ° معنى الفصل المعجمي (فع): الرخاوة والطراءة وما إلى ذلك من رقة الأثناء -كما يتمثل ذلك في النُعاع: النبات الغض الناعم في أول نباته قبل أن يكتهل- في (نعع)، وكما في يُنْع الثمر ونُضجه فإن ذلك يتم بلين أثنائه ماديًّا أو باللين المعنوي

النون والغين وما يثلثهما

المتمثل في الصلاحية للتغذي به ولو بعد اعتمال. ومن تعميم اللين تعبيرًا عن النضج قول أبو السمال " ... قد أينعت وتهرأت "-في (ينع)، وكما في النعاج من الغنم- وأبدانها لينة رخوة عكس أبدان المعز، وكالأرض الناعجة السهلة - في (نعج)، وكالنعاس بقوره، والنَعْس لين الجسم والرأي - في (نعس)، وكالنعيق وهو وإن كان له قوة ما لكنه مجرد صوت عريض - في (نعق)، وكالنعل التي تليس في القدم في المثي وإن كان لينها ورخاوتها نسبيين لكنها أرقّ على القدم مما يُمْشَى عليه بها - في (نعل)، وكرخاوة باطن القدم ونعومة الشجرة الموصوفة - في (نعم). النون والغين وما يثلثهما • (نغنغ): "النَغَانِغُ (ج نُغْنُغ -بالضم): لحَمات تكون في الحَلْق عندَ اللهاة. والنُغنُغ كذلك: لحمٌ متدل في بُطون الأُذُين، والفَرْجُ ذو الرَبَلات. وبتاء: كل وَرَم فيه استرخاء ". Qتجمعات رخوة في باطن الشيء (¬1): كالنغانغ المذكورة في باطن الحلْق والفَرْج والوَرَم. ويلزم التجمعَ الرِخْوَ التدلِّي -كما ذكر في لحم بطون الأذنين والوَرَم. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر النون عن امتداد جوفي لطيف، والغين عن تخلخل وتشبع بالرطوبة، والفصل منهما يعبر عن تجمعات رخوة كنغانغ الحلق. وتضيف الضاد التعبير عن ضغط بكثافة وغلظ، والتركيب يعبر معها عن تحرك كثير كما في نُغْض الكتف حيث يذهب ويجيء.

(نغض)

• (نغض): {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيكَ رُءُوسَهُمْ} [الإسراء: 51] "النَغْض -بالفتح والكسر: الظليمُ الجوّال أو الذي يُنْغِض برأسه كثيرًا. ونُغْض الكتف -بالضم: حيث تذهب وتجيء. نَغَضت سِنُ الشيخ، وثنيةُ الغلام (ضرب): رَجَفَتْ / قَلِقَت وتحركت، وكذلك رَحْلُ البعير. ونَغَضَ رأسُه (قاصر) وبرأسه كذلك. وأنغضه: حَرّكه إلى فوق إلى أسفل .. تَعَجُّبًا من شيء أو إنكارًا. وفي الحديث: وأَخذَ يُنْغِضُ رأسَه إليه أي يُحَرّكه ويميله إليه. كالمستفهم ما يقال له ". Qتحرك الشيء حركة مختلفة لخفته ورخاوته أو لضعف امتساكه واشتداده بأصله. كتَحَرك (السنّ والرحْل والكتِف والرأس) حركة اهتزاز بقوة. والظليمُ إذا عَجِل في مِشْيئته ارتفع رأسه وانخفض [ل 106]. ومن إنغاض الرأس الموصوف قوله تعالى: {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ} [الإسراء: 51] نغض الرءوس هنا التفات إليه - صلى الله عليه وسلم - كأنما استثباتا من التعجب والاستبعاد. والاستفهام للإنكار. ° معنى الفصل المعجمي (نغ): رخاوة في باطن الشيء. كالنغانغ اللحمات التي في الحلق عند اللهاة - في (نغغ)، وكنَغْض سن الثين وثَنِيّة الغلام تحركهما من تخلخلهما في مغرسهما - في (نغض).

النون والفاء وما يثلثهما

النون والفاء وما يثلثهما • (نقف - نفنف): "نفّ الأرض: بذرها. والنَفِّيُّ (بفتح فكسر مع الشد فياء مضعّفة): ما يُغَرْبَل عليه السويقُ. والنَفْنَفُ -بالفتح: من شَفَةِ الرَكِيّة إلى قعرها، وما بين أعلى الحائط إلى أسفله، ومهواةُ ما بين الجَبَلين، وبَين السماء والأرض ". Qانتشار في خلاء، أو خلاءٌ ينتشر فيه الشيء (¬1). كالنَفْنَف ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر النون عن امتداد جوفي لطيف، والفاء عن نفاذ بقوة وطرْد وإبعاد، والفصل منهما يعبر عن خلاء للشيء (ينتشر فيه) كنفنف الركية وكنَفّ الأرض: بذرها. وفي (نفي) تعبر الياء عن اتصال بامتداد، ويعبر التركيب عن إبعاد بامتداد واتصال. كنَفِيّ الريح: ما نُفِي من التراب من أصول الحيطان. وفي (نفث) تعبر الثاء عن انتشار رقاق كثيفة، ويعبر التركيب عن كون المبعد قطعًا كثيرة لها غلظٌ ما كنُفَاثة السواك ونَفِيثة الدم والُّم. وفي (نفح) تعبر الحاء عن احتكاك بعرض وجفاف، ويعبر التركيب عن اندفاع الشيء في غلظ وقوة من جوف يمتلئ به كالنَفُوح من النوق والنَفْح الرفس. وفي (نفخ) تعبر الخاء عن تخلخل أثناء ويعبر التركيب عن اندفاع الهواء من الجوف المخلخل كالنفخ. وفي (نفد) تعبر الدال عن ضغط وامتداد (واحتباس)، ويعبر التركيب عن انتهاء (: توقف كالاحتباس) لما كان يخرج من الشيء كنفاد ماء الركية. وفي (نفذ) تعبر الذال عن نفاذ بغلظ، ويعبر التركيب عن الاختراق أو الجواز بقوة وغلظ يتمثل في صلابة النافذ أو قوة الدفع أو سعة الثقب. وفي (نفر) تعبر الراء عن استرسال, ويعبر التركيب عن الخروج باندفاع وقوة من المَجْمع والمضَمّ كما ينفر الظبي. وفي (نفس) تعبر السين عن نفاذ بدنة أو حدة وامتداد، ويعبر التركب عن سريان في الأثناء أو الفتوق بحدة كالنفس والنِفاس وتنفُس القوس. وفي (نفق) تعبر الشين عن تفش، ويعبر =

(نفي)

هواء الركية - وهو مُعَدٌّ للماء وكالحائط لما بعده. والنَفيّ حَيّز خال ينزل فيه السويق. ونَفُّ الأرض نَشْرٌ في خلائها. وكالمهواة بين الجبلين وبين السماء والأرض. (والعامة تستعمل الفعل نف لإخراج ما في الأنف: إخلائه - نفخًا). • (نفي): {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: 33] "نَفِي الريح - كغَنِيّ: ما نُفِيَ من التراب من أصول الحِيطان، ونَفِيّ القِدْر: ما جَفَأَتْ به القِدْر. ونَفِيُّ المطر، ما يَنْفِيه وَيرُشه، وكذلك ما تطاير من الرِضَاء على ظَهْر المائِح (الذي في البئر يملأ الدلو ويناوله للماتح الذي في أعلاها). نَفَت الريحُ التراب: أطارته، والسحابةُ الماءَ: مَجَّتْه، والسيلُ يَنْفِي الغُثاء: يَحْمِله ويدفعه. ونَفَي الشَعَرُ وانتَفَى (قاصر): تساقط ". Qإبعاد (الدِقاق) من الحيز بدفع وقوة أو ابتعادها وسقوطها كذلك -كما تنفى الريحُ تراب الحائط، وكرشاش المطر، وعاء السيل، ومتساقط الشعر يتسيب من منبته ويبتعد. ومن ذلك: "نَفَيتُ الرجل ونَفَوْته: طردته وأبعدته عن البلد "كما في {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ}. ومن معنويه: "نفي ابنه: جَحده، وانتفى من ولده: نفاه عن أن يكون له ولدًا، ومِنْ فلان: رَغِبَ عنه أَنَفا واستنكافا ". (إبعاد وتباعد). ¬

_ = التركيب عن انتشار الشيء بتخفيف كثافته وتفريقه كنفش الصوف وانتفاش الغنم. وفي (نفع) تعبر العين عن التحام ورقة، ويعبر التركيب في دعم (التحام) كما في النفعة العصا وجلدة المزادة. وفي (نفق) تعبر القاف عن تعقد واشتداد وغلظ في الجوف، ويعبر التركيب عن خروج ما كان يحشو العمق -كما في النافقاء. وفي (نفل) تعبر اللام عن امتداد واستقلال, ويعبر التركيب عن زيادة متميزة كما في الأنفال.

(نفث)

• (نفث): {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: 4] "النُفَاثَة -كرُخامة: ما تَنْفُثُه من فيك، والشَظِيَّة من السواك تبقى في فم الرجل فيَنْفُثُها. الحية تَنفُث السُمَّ حين تَنْكُز. ويقال دَمٌ نفيث، وسُمٌّ نفيث ". Qتَفْلُ البريق ونحوه من الفم أي إخراجه بنحو النَفّخ. كالريق وشظايا السواك. ونفيث الدم والسُم، ومنه "الجُرْح يَنْفُث الدم ". ومنه "النَفَّاثات والنَوَافث في العقد: السواحِرُ حين يَنفُثْن في عُقَد الخيط (حين يرقين عليها) بلا ريق. {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [قر 20/ 257]. • (نفح): {وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَاوَيلَنَا} [الأنبياء: 46] "النَفُوح من النُوق: التي يَخْرُج لَبَنُها من غير حَلْب. المِنْفَحة -بالكسر والنفيحة: القَوْسُ. قَوْسٌ نَفُوح: شديدة الدَقع والحَفْز للسهم. ريحٌ نَفُوح: هَبُوب شديدة الدفع. نَفَح العِرْقُ: نَزَا منه الدم. نَفَحت الدابة (منع) وهي نفوح: رَمَحَت برجلها ورَمَت بحَدِّ حافرها (رفست)، والريحُ: هَبَّتْ ". Qاندفاع الشيء (اللطيف أو الدقيق) في غلظ وقوة من مقرّه: كاللبن من الفرع الممتلئ. والأصل أن اللبن يخرج من الضرع بالحلب، وهو عصر فإذا خرج وحده تُصُوّر أنه بضغط عظيم منه، وكاندفاع السهم من القوس، والردم من العِرق، واندفاع الرِجْل رَمْحًا (والمائع لطيف والرجل دقيقة بالنسبة للبدن). وهبوب الريح اندفاعُ لطيفٍ: {وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ

(نفخ)

رَبِّكَ} [في قر 11/ 293]: طَرَفٌ / أقلُّ شيء من العذاب ". فهو من الدقة، ومع ذلك فاللفظ مجمل معنى الغلظ والخشونة لهذا الأقل لأنه عذاب. وأما في غير العذاب فالغلظ يتمثل في قوة الاندفاع أو حدة المندفع حتى لو كان طِيبًا - مثل: {تنفح بالمِسْك أردانُها). فالتعبير هنا يعطي حدة ريح المسك وذكاءه. وكذلك قوله: لما أتيتكَ أرجو فَضْلَ نائلكم ... نَفَحتَني نفحةً طابت لها العرب .. لا بد أن العطية كانت قيّمة إذ لا يسوغ أن تكون تلك النفحة التي طابت لها العرب (فسروا العرب هنا بالنفْس) شيئًا هينًا. ثم أقول إن استعمال (النفح) في هبة شيء ما -كما يشيع الآن- هو استعمال صحيح لأن الهبة في ذاتها شيء طيب (لطيف)، ولأن النفْح يكون عادة بشيء محدود الكمّ (دقة)، وإن كان قيّما. • (نفخ): {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} [السجدة: 9] "المِنْفاخ: كِيرُ الحداد الذي يُنْفَخُ به في النار وغيرها. والنُفْخَة -بالضم: داء يصيب الفرس تَرِمُ منه خُصْياه. وبالدابة نَفَخٌ - محركة: ريح تَرِم منه أرساغُها. وكتُفَّاح: نَفْخَةُ الورم من داء يأخذ حيث أخذ. وبتاء: الحجارة التي ترتفع فوق الماء ". Qاندفاع افواء من الجوف المخلخل (أو فيه) -كأثناء تلك الحجارة وتلك الأدواء وعمل الكير. ومنه "نَفَخَهُ الطعامُ فانتفخ: ملأه، ونفخ بفمه: أخرج منه الريح في الاستراحة والمعالجة والغيظ ونحوه ". {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَينَ الصَّدَفَينِ قَال انْفُخُوا} [الكهف: 96]. وسائر ما في القرآن من

(نفد)

التركيب فهو من نفخ الروح أو النفخ في الصور {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} [السجدة: 9] {فَإِذَا سَوَّيتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: 29] النفخ: إجراء الريح إلى تجويف جسم صالح لإمساكها والامتلاء. والمفسرون يقولون ليس هناك نفخ ولا منفوخ، وإنما هو تمثيل لإفاضة ما به الحياة بالفعل على المادة القابلة لها [أبو السعود 5/ 74] لكني لا أستريح لهذه المصادمة، فهلا قالوا النفخ معروف، وروح الله والكيف مجهولان؟ إن هذه النفخة الإلهية هي سر تميز الإنسان عن سائر مخلوقات الله في الأرض وهي التي أهلته لإسجاد الملائكة له، ولاصطفاء الله بعض البشر للوحي والنبوة والعلم، بل هي المؤهلة لهم لكل ما يتجلى به سبحانه عليهم ويخصهم به من مخاطبة وتكليفات ومحاورات. ولولا تلك النفخة الإلهية ما كان البشر أهلًا لشيء من ذلك كله. والجن تبع للإنس {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} [الكهف: 99]. ومن عِظَم الجِرْم اللازم للانتفاخ: "انتفخ النهار: علا قبل الانتصاف بساعة. ونَفْخَةُ الشباب: مُعْظَمه. "نَفْخُ الشيطان: الكِبْر. وشابٌّ وجارية نُفُخ: مَلأتهما نَفْخَة الشباب ". • (نفد): {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} [ص: 54] "أَنفَدَتْ الركيةُ (قاصر): نَفِدَ ماؤها، والقومُ: نَفِدَ زادهم أو أموالهم. ونَفِدَ الشيءُ؛ فَنِيَ وذَهَب ". Qفَنَاءُ ما يتأتى من الشيء أوْ لَهُ أي انتهاؤه -كنفاد ماء الركية ... {لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} [الكهف: 109]، "ورجل

(نفذ)

مُنافِدٌ- من نافَدَ: جَيّد الاستفراغ لحجج خَصمه. وانْتفَدَ من عَدْوه: استوفاه ". وكل ما في القرآن من التركيب فهو من النفاد بمعنى الانتهاء فناءً. ومن الأصل الدلالة علي النفاذ خلال الشيء (حتى يبلغ قاعه أي نهايته فلا يبقى منه شيء) "مجموعون في صعيد واحد يَنْفُدهم البصر " (على هذه الرواية) يبلغهم ومجاوزهم. وأَنْفَدْتُ القومَ: خَرَقْتُهم ومَشَيتُ في وَسَطهم، فإذا جُزْتَهم وخَلّفْتَهم قلت نَافَدْتهم بلا ألف. وفي فلان مُنْتَفَدٌ عن غيره: مَنْدوحة (تنتهي عن غيره إليه) وفي ماله مُنْتَفد: سَعَة " (تنتهي عن هذا إلى هذا). • (نفذ): {إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا} [الرحمن: 33] "النوافذ: كلُّ سَمٍّ يُوصِلُ إلى النَفْس فَرَحًا أو تَرَحًا / ثُقْبا الأذنين والأَنف والفمِ والطِبِّيجة. طريقٌ نافذٌ: سالك ليس بمسدود بَيْن خاصةٍ دون عامة يسلكونه. والمَنْفذَ: المَجَاز. والنَفَذ- محركة: المَخْرج والمخلص. نفذ السهمُ الرميةَ ونفذَ فيها ومنها: خالطَ جوفها ثم خرجَ طرَفُه من الشِقِّ الآخَر وسائرُه فيها ". Qاختراق الشيء والجَوازُ خلال جِرمه بقوة. كالسهم والثقوب المذكورة. والمنافذُ تعبّر سَعَتُها عن قوة النفاذ وغِلَظ النافذ {لَا تَنْفُذُونَ إلا بِسُلْطَانٍ} النفاذ إما في الدنيا أي من الموت، أو من الملائكة المحيطة بالأرض عند قيام الساعة، أو النفاذ بالأذهان والفكر للعلم- والسلطانُ البينة من الله تعالى. لكن السياق يرجح أن المقصود النفاذ من قضاء الله أو ملكوته كما قال تعالى {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} [وانظر قر 17/ 170، بحر 8/ 193].

(نفر)

ومن معنويه "رجل نافذ في أمره: ماضٍ. وإنفاذُ عهد الوالدين في الحديث: إمضاءُ وَصِيّتهما. وتنافذوا إلى الحاكم: خَلَصوا إليه وأنفذوا حجتهم. ورجل يُنْفِذُ بينهم - من أنفذ: يَحْكم (يفصل) ويُمْضِي أمره فيهم ". • (نفر): {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة: 122] "النَفْر والنَفْرة -بالفتح، والنَفِيرُ: القومُ ينفِرون معك / يَخْرُجون لقتال. نَفَرت الدابة نِفارًا ونُفُورًا، ونَفَر الظبيُ: شَرَد، والإبلُ: تَفَرَّقت. نفر الجُرْح: وَرِمَ، والعَينُ وغيرُها: هاجت وورمت ". Qالاندفاع الحادّ بابتعاد جمعي أو فردي عن المَضَمّ. كالدابة والظبي النافرَين وكالخارجين للقتال. ووَرَم الجُرْح والعين نتوءٌ عن مستواهما عريض وله حدّة. ومنه "الاستِنْفَار في القتال: الاستِنْجاد والاستنصار " (لينفروا خارجين إلى القتال أو الإعانة عليه، يفارقون مساكنهم وبلادهم في خفة وحماس يغلب جواذب القعود) {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41]، {وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا} [الإسراء: 6] و "نَفَرُ القومِ- محركة: جماعتُهم الذين ينفرون في الأمر {وَأَعَزُّ نَفَرًا} [الكهف: 34] {نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 1]. ومن صور الأصل "النفور: الشراد ابتعادًا عن الداعي ونحوه {فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إلا نُفُورًا} [فاطر: 42] والإنفار عن الشيء والتنفير عنه والاستنفار كله بمعنى. ونَفّرْت الوحش - ض - فنَفَرَت واسْتَنْفَرت أيضًا {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ} [المدثر: 50] أي نافرة، وبفتح الفاء بمعنى مُنَفَّرة مذعورة.

(نفس)

ومن الأصل "المنافرة: المفاخرة والمحاكمة ". وذلك فهي من اندفاعهم إلى الحَكَم بحماس. وفي [ل 84/ 20] و "كأنما جاءت المنافرة في أول ما استعملت أنهم كانوا يسألون الحاكم: أينا أعز نفرًا؟ "اهـ وهو جيد. • (نفس) (¬1): {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17] "النفَس -بالتحربك: واحد الأنفاس، وهو خروج الريح من الأنف والفم. النَّفس -بالفتح: الدم. سألت نَفْسُه، دَفَق نَفْسَه: أي دمَه. "كل شيء له نَفْس سائلة فمات في الإناء (الذي فيه لبن أو سمن أو طبيخ) فإنه يُنَجِّسه "أي دم سائل. ونَفِسَت المرأة: حاضت ". Qلطيف يسري في فُتُوق أثناء الشيء فيصلحه ويتيح له التصرف. كالنفَس في أثناء بدن الحي فهو علامة حياته التي تتيح له التصرف، وكذلك الدم. ومن الدم هذا "النِفَاس: ولادة المرأة "للزوم الدم الولادة "نُفِست المرأة وَلَدا. والولد منفوس ". ومنه "النَفْس: الروح. خرجت نفسه أي روحه ". وقد تكرر في [تاج] أن "للإنسان نَفْسين: نفْسَ التمييز، وهي التي تفارقه إذا نام، فلا يعقل بها، يتوفاها الله تعالى، والأخرى نَفْس الحياة وإذا زالت زال معها النفَس. والنائم يتنفس ". {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر: 42]. ومن نَفْس الحياة ¬

_ (¬1) كل الاستعمالات الواردة في معالجة هذا التركيب هي من [تاج].

(الأنفس) في [البقرة 54 (الثانية)، 85، 155، آل عمران 168، النساء 29، 66، الأنعام 93، التوبة 55، 85، الزمر 42، الحديد 22] لأن مع كل منها قرينة تقضي بأن المراد نفْس الحياة. و "سميت النفْس نفْسًا لتولد النفَس منها واتصاله بها، كما سمَّوا الرُوح رُوحًا لأن الروح موجود به "اهـ[تاج] (أي لارتباط الرُوح بالنفَس الذي هو ريح) وكذلك "سمي الدم نفْسًا، لأن النفْس تخرج بخروجه ". ولأن النفْس هي حقيقة الحيّ وهو دونها ليس في هذه الدنيا استُعْمِلَتْ النفْس في حقيقة الشيء وذاته {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ} [الزمر: 56]، {وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44] "أهلك نفسه أي أوقع الهلاك بذاته كلها وحقيقته. وحكى سيبويه: نزلت بنَفْس الجبل ونَفْسُ الجبل مقابلى. ويؤكَّدُ بها: جاءني المِلكُ بنفسه، ورأيت فلانًا نفسَه ". وخلاصة استعمال القرآن الكريم لكلمة نفس أنها تستعمل: أ) بمعى الذات أي الفرد من الناس- وذلك في الجمهور الأعظم من مواضع ورودها مع لمح الحقيقة والباطن، لأن هذه الحقيقة هي مناط التعامل مع الله عزَّ وجلَّ، والبدن تابع {لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إلا وُسْعَهَا} [البقرة: 233]. ب) بمعنى باطن الذات تلك {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف: 53، وكذلك ما في 68 منها، النساء: 4، المائدة 30، 116، الأعراف: 205] وكثير غيرها. ج) بمعنى نفْس الحياة. وقد ذكرنا مواضعها. د) المراودة عن النفس كما في [يوسف: 23، 30، 32، 51] كناية عن طلب المواقعة.

هـ) النفوس والأنفس جمعان للنفس. والذي جاء من النفوس [الإسراء: 25، التكوير: 7] يراد به الباطن، وجاءت الأنفس بمعنى النفس السابق؛ الذات {وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44]، والباطن {يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} [البقرة: 235] وهذه وتلك كثيرة وسياقاتها واضحة. وبمعنى الروح (= نفْس الحياة) وقد ذكرناها. و) في {وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ} [البقرة: 84] قيل فيها ستة أقوال: إخوانكم، جيرانكم [بحر 1/ 457]. فهي الذوات. ومن تفتق الأثناء "تنفست القوس: تصدَّعت (أي انصدع عودها دون أن يفترق) وتنفس الموج: نضح الماء، (نفذ من تجمعه رشاش كأنه اخترق تجمعه وخرج) وكذلك (تنفس الصبح: طلع / انشق الفجر وانفلق حتى يتبين " [تاج] (ضوء الصبح يخترق كثافة الظلام) وفي [تاج] عن الفراء (تنفس الصبح: ارتفع النهار حتى يصير نهارًا بينا ". وأرى أن هذا أوسع وأعظم من تنفس الصبح. ومن مجاز هذا الفتق "النفَس: الفُسحة والسَعَة في الأمر. وفي الحديث: إني لأجد نفَس ربكم من قِبَل اليمن أي التنفيس أي تفريج الهمّ بالأنصار ". ومن مادي صلاح الأثناء (النفْس -بالفتح: قَدْرُ دبغة مما يُدْبَغ به الأديم من قَرَظٍ وغيره "لان الدَبْغ إصلاح للأديم يتيح الانتفاع به. "وثوب ذو نَفْس أي جَلَدٍ وقوة "وعبارة [ل] "أُي أُكُلٍ وقوة "وهي بمعنى عبارة [تاج]. ومن كون النفْس هي حقيقة الإنسان وجوهره أُخذ منها ما يعبر عن كون الشيء ذا حقيقة قيِّمة "شيء نَفِيس: إذا كان يُرْغب إليه لخطره، وقد نفُس نفاسة والمنافسة والتنافس في الشيء: الرغبة في الانفراد به أي أن يأخذه لنفسه دون

(نفش)

غيره {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26] ونفِس به عن فلان: ضنّ عليه به ولم يَره يستأهلُه ". ومن هذا "النافس: العائن. والنفْس: العين التي تصيب المَعِين ". وقوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: 116] فالأجود فيما قول ابن الأنباري إن النفْس هنا الغيب أي تعلم غيبي، لأن النفس لما كانت غائبة (يعني خفيّة) أُوقِعَتْ على الغيب. ويشهد بصحته قوله في آخر الآية {إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [المائدة: 109] كأنه قال تعلم غيبي يا علام الغيوب "اهـ[تاج]. • (نفش): {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} [القارعة: 5] "النَفَش -محركة: المتاعُ المتفرق- نَفَشت الصوت والقطن- (نصر): مدَدْتُه ونَدَفْتُه حتى ينتفش بعضُه عن بعض حتى يتجَوّف. وتنفَّشَ الضِبْعانُ والطائرُ إذا رأيته منتفش الشعر والريش كأنه يخاف أو يُرْعَد .. وكلُّ شيء تراه متبرًا رِخْوَ الجوف فهو مُنْتَفِشٌ ". Qتخفيف كثافة الشيء بتفريق بعضه عن بعض جَذْبًا أو نَشرًا فيتسع حَجْمه. كنَفْش الصوف والقطن والشعر والريش {إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} [الأنبياء: 78] , "نفشت الإبل والغنم نُفُوشًا ونَفْشًا -بالفتح: انشرت ليلًا فرَعَتْ ".

(نفع)

• (نفع): {وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 17] "النَفعَةُ -بالفتح-: العصا. وأَنفَع الرجل: تَجَرَ في النَفَعَات وهي العِصِي. وبالكسر: جِلدة تُشَق فتجعل في جانبي المزادة. وفي كل جانب نِفْعَةٌ ". Qفائدة تُنَال من الشيء أو جدوى تعود منه. كالعصا يُتَّكَأ عليها وكالجِلدة المذكورة تَدْعَم المزادة. ومن هذا الأصل الإفادة والتقوية جاء النَفْعُ بمعنى ضد الضَرّ في القرآن كله، وذلك في كل شيء بحسبه. {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [الحديد: 25]، {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ} [النحل: 5]. (الركوب والحمل وبعضها الحرث والسقى، واللبن والزبد والسمن، واللحم، والجلود، والعظم، وأثمانها تشترى بها سائر مطالب الحياة، كما أنَّها كانت مُهورًا ودِيات). • (نفق): {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ} [البقرة: 272] "النَفَقُ -محركة: سَرَبٌ في الأرض مُشْتَقٌّ إلى موضع آخر. والنُفَقَة- كهُمَزة والنافقاء: جُحْر الضَبِّ واليَرْبُوع موضعٌ يُرَقِّقُه اليَرْبوع من جُحره يَنْفُذ منه إذا أُتِيَ من قاصعائه ". Qإذهاب حشو الشيء المصمَت الجوف فيفرغ باطنه مع بقاء ظاهره ملتئمًا: كالنَفَق الموصوف: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ}

[الأنعام: 35]، ومن "نَفَقَ الفَرَسُ والدابة وسائر البهائم (قَعَد): مات " (ذهبت قوة الحياة التي تملأ أثناءه). ومن إذهاب حَشو الشيء إلى ذهاب عَينه. ومنه "نَفَقَتْ السلعة (قعد): رُغِبَ فيها (فبيعت كثيرًا وذهَبَت)، ونَفَق البيع: راج، وأنفق المال: صَرَفه " (وأذهبه) {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [الأنفال: 63]، {أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 254]. أصل الفعل للإنْفاد. و (من) إذا ذُكِرت تَقْصُره على بعض المال ". ومن الأصل "نَفِق مالُه، ودرهمُه، وطعامه (تعب): فنِي وذهب. أنفق الرجل: افتقر (ذهب ماله) وبه يفسّر {إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ} [الإسراء: 100]، والنفَقة -محركة: ما يُنْفَق من الدراهم (وغيرها)، {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} [البقرة: 270]. ومنه النِفَاق في الدِّين: (أن يُظهر الإسلام مع خَواء قلبه أو فراغه من الإيمان) {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ} [التوبة: 77] ولا معنى لزعم تَعريبه، بل إن نَيْفق القميص والسراويل (الفراغ المتسع داخلها) مأخوذٌ من الأصل وليس مُعَربًا -أيضًا كما زعموا. وما في القرآن من التركيب -عدا النفَق: السَرَب في بطن الأرض- فإن الفعل، (أنفق) وما تصرف منه، وكلمة (نفقة)، (نفقات) هي هو بمعنى إخراج مال من الحوزة، والفعل (نافق) وما تصرف منه هو بمعنى إظهار الإسلام مع إبطان الكفر أو ما هو من هذا القبيل.

(نفل)

• (نفل): {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1] "النفَل- محركة: الغَنيمة، والهِبة ". Qزيادة طيبة تُنَال: كالهِبَة، وكالأنفال: الغنائم في آية التركيب. ومنه "النافِلَة (من العبادات): ما يُفْعَل تَطَوُّعًا زيادةً على ما افترِض {وَمِنَ اللَّيلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79]. وفي قوله تعالى {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} [الأنبياء: 72]، فإن إبراهيم أُعطِيَ إسماعيل ثم إسحاق على الكبر، استجابةً لدعائه {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [إبراهيم: 33]، فكان يعقوبُ بن إسحاق زيادةً على ما دعا به وهم الثلاثة أنبياء. [ينظر بحر 2/ 423، 5/ 446]. أما قولهم: "انتَفَل من الشيء: انتَفَى "فتأويله أنَّه عزل نفسه عنه وجعل نفسه فَضلَةً فيه ليست من أساسه (كما يقال: متفرج). ومنه: "نفَّلْت عن فلان ما قيل فيه- ض: أي نَضَحْته عنه ودفعته ". (أي باعتداده ليس لاصقا به بل هو بريء منه). ° معنى الفصل المعجمي (نف): نفاذ أو إبعاد بانتشار كنف الأرض: بَذرها في (نقف)، وكنفِي الرِّيح وهو ما نُفى من التراب من أصول الحيطان- في (نفى)، وكنفْث الشظيّة من السواك من الفم- في (نفث)، وكما تنفح القوس السهم فتبِعدُه- في (نفح)، وكما ينفُخ كيرُ الحداد الهواء الذي تُلْهب به النَّار- في (نفخ)، وكذهاب ماء الركية وزاد القوم دون بقية منه- في (نفد)، وكامتداد سموم البدن (أي ثقويه) من ظاهره إلى داخله أو العكس والنفاذ من الشيء ابتعاد - في (نفذ)، وكاندفاع النفير من

النون والقاف وما يثلثهما

النَّاس خارجين للقتال- في (نفر). وكخروج النفَس وخروج الولد من النُفَساء- في (نفس)، وكتفرق النفَش (المتاع المتفرق) وتباعد شَعَر الصوف المنفوش- في (نفش)، وكزيادة النِفْعة في جانب المزادة، وكذلك النَفْعة العصا والمنافع امتداد أيضًا- في (نفع). وكامتداد السَرَب في الأرض أي النفق وإنفاق المال- في (نفق)، وفي زيادة النفَل الغنيمة على ما عند آخذها- في (نفل). النون والقاف وما يثلثهما • (نقق- نقتق): "نَقَّ الظليمُ والدجاجةُ والضِفْدع .. : صَوَّتَ. والدجاجةُ تُنَقْنِقُ للبيض. وإذا رَجَّع الضِفْدعُ صوته قيل نَقنَقَ. ونَقْنَقَتْ عينُه: غارت ". Qغئور إلى العُمْق بقوة أو غلظ (¬1): كما في نقنقةِ العين ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر النون عن امتداد جوفي لطيف، والقاف عن تعقد وشدة في الجوف، والفصل منهما يعبر عن وجود ذلك الغليظ الشديد في الجوف كما في غئور جوهرة العين. وفي (نقب) تزيد الباء التعبير عن التجمع بتلاصق ما، ويعبر التركيب عن تماسك ذلك الذي يخرج الغليظُ من أثنائه كالجدار الذي يُنْقَب. وفي (نقذ) تعبر الذال عن نفاذ بغلظ وصعوبة أو نفاذ غليظ، ويعبر التركيب عن خلوص شيء من أثناء شديدة عليه بغلظ كما في النَقَذ والإنقاذ من خطر محيط. وفي (نقر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن اقتطاع من الغليظ الذي في أثناء الشيء باسترسال دوام كالنقر بالفأس وكالنّقْرة والنقير. وفي (نقص) تعبر الصاد عن نفاذ غليظ أي كثير، ويعبر التركيب عن اختلال جزء من أثناء الشيء الغليظ الشديد الجوف كنقص الرطب والنقصان. وفي (نقض) تعبر الضَّاد عن ضغط كثيف، ويعبر التركيب عن تفكك (= ذهاب الغليظ =

(نقب)

غئورِ حدقتها. أما نقيق الظليم والدجاج والضفادع فهو حكاية أصوات. • (نقب): {وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَي عَشَرَ نَقِيبًا} [المائدة: 12] "النَقْبُ -بالفتح: الثُقْبُ في أي شيء كان، والطَّريقُ الضيقُ في الجبل كالنُقْب- بالضم، والمنقَب والمَنْقبة- بالفتح. والمنقَبة- بالفتح: الطريقُ بين الدارين كأنه نُقِب من هذه إلى هذه. والنُقْبُ- بالضم: قرْحَة تَخْرُج في الجنب وتهجُم على الجَوف ورأسُها من داخل. والنَقِيبُ المزمار. نَقَبْتُ الحائط: بلغتُ في النَقْب آخره. ونَقِبَ الخفُّ الملبوسُ (تعب): تخَرقَ، والبعيرُ: حَفِيَ حتى يتخرق فِرْسنُه. والبيْطار يَنْقُب حافرَ الدابة ليُخْرج منه ما دخل فيه، وينقُب في بطن الدابة في سرته حتَّى يسيل منه ماء أصفر ". Qخرق نافذ في شيء غليظ يبلغ نهاية سمكه. كالثقب في الجِدار. والطَّريقُ والمنقبةُ المذكوران كأنهما كذلك .. إلخ، وعبارة [ل] "التأثير الذي له عمق ودخول [267/ 13] {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا} [الكهف: 97]. وقوله تعالى {فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ} [ق: 36]: خَرقُوا البلادَ فساروا فيها طلبًا للمَهْرب " (هو من ذلك أو من تتبع الأنقاب: الطرق في الجبال). والنقيب (كما في آية التركيب): عريفُ القوم يتعرف أخبارهم وينقب ¬

_ = الشديد) بضغط شديد كنقض البناء. وفي (نقع) تعبر العين عن التحام ورقة، ويعبر التركيب عن تشبع العُمق بنحو المائع من كثافته كما في نقع البُئر. وفي (نقم) تعبر الميم عن ضمِّ والتئامِ ظاهرٍ، ويعبر التركيب عن الاضطمام على ذلك الغلظ.

(نقذ)

عن أحوالهم أي يفتش [ل / 267]، "وفي فلان مناقب جميلة أي أخلاق " (مستكنة فيه يكشف عنها حسنُ فعاله). و "النِقاب للمرأة " (كأن الرأس يخترقه أو لأنَّه يُنْقَب للعينين)، والبَطْنُ في مثل: "فرخان في نقاب "لأنهما في داخله، و "هو ميمون النقيبة أي النَّفْس أو الطبيعة والخليقة " (وكلها باطنة يكشف عنها التصرف). • (نقذ): {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [آل عمران: 103] "فَرَس نَقَذٌ- محركة: أُخِذَ من قوم آخرين ". Qاستخلاص الشيء في قوة من بين ما لا يُرضَى حوزه إياه أو تمكنه منه- كالنقَذ المذكور. ومنه: "أنقذه واستنفذه وتنَقَّذه أي نَجَّاه وخلَّصه "كما في آية التركيب {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ} [الحج: 73]. استنقذ هنا بمعنى أنقذ [بحر 6/ 345] أي للمبالغة كان المعنى: مهما حاولوا إنقاذه. وسائر ما في القرآن من التركيب هو بمعنى الإنقاذ المذكور. • (نقر): {فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} [النساء: 124] "النِقْر -بالكسر، والنُقرة- بالضم، والنَقِيرُ: النُكْتة في (ظهر) النواة. والنقير: ما نُقِبَ من الخَشَب والحَجَر ونحوهما، وأصلُ النخلة يُنْقَر فيُنَتَبَذُ فيه. والنُقْرة -بالضم: حُفْرة في الأرض صغيرة. يَسْتَنقِع فيها الماء، ونُقْرة القفا. والمِنْقَار: حديدة كالفأس .. لها خَلف يُقطَع به الحجارة والأرض الصُلْبة، ومنْقار

(نقص)

الطائر: مَنْسِره. والنَقَّار: نَقَّاشُ اللُجُم والرُكُب. والنَقْر: الكتابُ في الحجر ... ". Qندور جزء دقيق من ظاهر جسم صُلب بحادٍّ يقلعه فيدوم أثره: كالاستعمالات السابقة، ويلحظ فيها كلها دوام الأثر. ومنه: "نَقَرَ الرَحى والحجرَ وغيرهما بالمنقار: ضَرَبه (لإحداث خدوش في الوجه الداخلي للرحى تُخَشِّنه فيطحن الحَبّ). ونَقَر الطائرُ الحبةَ: التقطها. ونَقَرْت الشيء: ثَقَبْته بالمنقار. ونَقِر (تعب - مطاوعة) صار نقيرًا: فيه قروح وبَثْر. ورمن الرامي الغرض فَنَقَره: أصابه ولم يَنْفُذه {وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} هو مقدار النكتة في ظهر النواة ". ومن مجازه: "نَقَرَ الرجلَ: عابه، والتنقيرُ التفتيشُ، وانْتَقَر الشيءَ ونقّر عنه- ض: بَحَثَ عنه، ونَقَّر باسمه- ض: خَصّه فدعاه من بين جماعة. وانتقر القومَ: اختارهم (استخرجهم من بين غيرهم) ودعا القومَ النَقَرَى: دعا بعضًا دون بعض ضد الجَفَلَى. والنَقْر: طَرْقُ اللسان- كصوت النقر في الصُلْب (كذا، ويمكن أن تكون تسمية هذا الصوت حكائية)، والإزعاجُ " (إثارة وخلع). ومنه: "الناقور: الصُور الذي يُنْفخ فيه ففيقوم النَّاس قَوْمَةَ الفزع الأكبر " (قيام بأقصى قوة انقلاع كما تندر القطعة الصلبة من وجه الجسم الصلب): {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [المدثر: 8]-كالصاخّة والقارعة فهو مسمى بأثر صوته الذي هو كالقلع العنيف المباغت للنَّاس مما هم فيه. ومن الأصل: "أنقر عنه: أقلع وكف " (انقطع). والذي في القرآن من التركيب هو النقير والناقور المذكوران. • (نقص): {إلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيئًا} [التوبة: 4]

(نقض)

"الرُطَبُ يَنْقُص إذا يَبِس وصار تَمرًا. وماء نقيص: عذب. والنَقْصُ: الخُسْرَانُ. نَقَص الشيءُ. واستنقصَ الثمنَ: اسْتَحَطّه. وانتَقَص الشيءَ وتَنَقَّصَه: أخذَ منه قليلًا قليلًا ". Qذهابُ جُزء أو اختلاله من جرم الشيء المتجمع بحيث يقِلُّ جِرْمُه أو يَخِفّ بعد ذهابه- كالماء يَخْلُو من المِلْح والعَكَر (كما يقال عذب، فرات)، والرُطَبُ يذهب ماؤُه وبعض عسله {وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَال وَالْمِيزَانَ} [هود: 84]. وفسر النقص في {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ} [ق: 4]، بأكلها من أجسادهم بعد الموت، وبالموت [قر 17/ 4] وفي {نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد: 41، الأنبياء: 44] نأتي أرض هؤلاء الكفرة فننقصها بما يدخل في دينك من القبائل والبلاد المجاورة لهم. فما يُؤْمِنُهم أن يُمَكِّنه الله منهم أيضًا [بحر 5/ 389] وفي آية التركيب {لَمْ يَنْقُصُوكُمْ} أي من شروط العهد شيئًا [قر 8/ 71]. وسائر ما في القرآن من التركيب هو من النقص المعروف. • (نقض): {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} [الشرح: 2 - 3] "النِقْض -بالكسر: اسم البناء المنقوض إذا هُدِم، والجمَلُ الذي قد هَزَلَه السَّفر وأضناه، وما نُكِثَ من الأَخْبِيَة والأكسية فغُزِل ثانية، وقِشْرُ الأَرْض المنتقِضُ عن الكَمْأَة إذا أرادت أن تخرج. ونَقضَا الأذنين -بالفتح: مُسْتَدارهما- نَقَضَ الرجلُ البناء والحبْل والعَقْد: أفسد ما أُبْرِمَ منه. وتَنَقَّضَتْ الأرض عن الكمأة: تفطرت ".

(نقع)

Qتفكُّك ما قوى ارتباط أجزائه الباطنة لضغط شديد أو نحوه- كانتقاض البناء والعَقْد والحَبْل والغَزْل ونحوهن {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا} [النحل: 92] هذا نقض غَزل الأخبية الذي وُصِف ونَقْضا الأذنين ينكسران عن الامتداد في اتجاههما. ومنه نقض ما أُبْرم واتُّفِق أو تعوهِد عليه {وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ} [الرعد: 20]، {وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: 91]. وسائر ما في القرآن من الترغيب هو من نقض العهد والأيمان والميثاق هذا- عدا {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} [الشرح: 2 - 3] فهذا كناية عن الثِقل البالغ. "أنقض الحِمل ظهر الجمل إذا سمعت له صريرًا من ثقل الحمل، كأنه صوت انفصال فقراته. ووضع هذا الوزر كناية عن عصمته من الذنوب والأدناس. فلم يكن هناك وزر (بمعنى الذنب) أصلًا. وكأن الوزْر الثِقْل هو حرصه البالغ على إسلام قومه وأسَفه على إعراضهم - صلى الله عليه وسلم -. ووضعُه هو عدم تكليفه - صلى الله عليه وسلم - بضرورة أن يسلموا، وأنَّه ليس وكيلا ولا مسيطرًا عليهم وقصر رسالته على التبيلغ والتبشير والإنذار. وقد عوتب النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على أسفه لعدم إيمانهم. والآيات بذلك كله صريحة وكثيرة. ومنه "الإنقيض -بالكسر: رائحة الطَّيِّب " (خزاعية، تنفصل عن الطَّيِّب - وكانت معقودة في أثنائه- قويةً نفاذة، كما قد يعبرون عن إخراج الرائحة بالفَتْق. والنقيض من أصوات مفاعل الإنسان وغيره (صوت تزيّلها من ثِقل أو غيره كنقض البناء). • (نقع): {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} [العاديات: 4]

(نقم)

"نَقْعُ البئر -بالفتح: الماءُ المجتمع فيها قبل أن يُسْتَقَى، والماء الناقع، والأرض التي يجتمع فيها الماء. وسُمٌّ ناقع: بالغٌ قاتل. والنَقُوع: ما ينقع في الماء من الليل لدواء أو نبيذٍ يُشرَب نهارًا. نقع الماءُ في المَسيل، واستَنْقَع: اجتمع. استَنْقَع في الماء: ثبت فيه يتبرد بمائه. نقع الشيءَ في الماء وغيره وأنقعه: نبذه. وكلُّ ما أُلْقِيَ في ماء فَقَدْ أُنقِعَ- للمفعول. نَقَع من الماء وبه: رَوِيَ وشَفَى غَليلَه. ونَقَع الماءُ غُلّته: أرْوَى عطشه ". Qتشبُّع الشيء بالمائع حتى يرشح من أثنائه ويتجمع فوقه - كالماء من قاع البئر ومن الأرض. والسُم الناقع: ينفذ في أثناء البدن فيُتلِفُه، والرِّيّ لا يتم إلَّا بتغلغل الماء في البدن حتَّى يُحِسّ بتجمعه فيه. ومنه "النقع (في الآية): الغُبَار الساطع " (ذَرَّات صغيرة من التُّراب تَنْفُذُ خلال الجوّ حتَّى تجتمع أعلاه) والمراد الغبار الذي تثيره خيل المجاهدين في عدوها. [تأمل التنويه بالغبار الذي تثيره حوافر خيل الجهاد في سبيل الله]. ومنه "النقيعة: طعامُ الرجل ليلة إملاكه، وطعامٌ يُصْنع للقادم من السَّفر " (إشباعٌ بمناسب). • (نقم): {وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إلا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا} [الأعراف: 126] "نَقِمْتُ الأمرَ (كعلم وضرب): بالغْتُ في كراهته أنكرته ". Qضَمُّ القلب على كراهة بالغة ورَفْضِ بشيء. وذلك كما في آية التركيب {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج: 8]. وما كرهوا وما أنكروا، ومثله ما في آية التركيب. والقصر في الآيتين للتشنيع على الناقمين، لأنَّ ما نقموه ليس من شأنه أن يُنقم، بل يُحبّذ ويعظم {وَمَا نَقَمُوا إلا

معنى الفصل المعجمي (نق)

أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: 74] (أي بسبب ذلك كأن أصل المعنى أن ما أغناهم به الله هو الذي مكنهم من التمرد والحرَد فأبدلوا بالشكر بَطرًا، ولو أبقاهم في الفقرة لَوَقَمَهم ذلك. والتعبير شبيه في حصيلته بباب لام العاقبة. [وانظر قر 8/ 207]. ثم تأتي صيغة الافتعال للأخذ بمقتضى ما في النَّفس من غضب وإنكار "الانتقام: العقوبة {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: 55] {وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [آل عمران: 4]. وصيغة افتعل أصلها لتحصيل الفعل للنفْس- وهو الاتخاذ. وتأتي للاجتهاد في أداء الفعل بالمبالغة فيه. وما في القرآن من التركيب على صيغة (فَعِل) فهو بمعنى الكراهة، وعلى صيغة (افتعل) وما تصرف منها فهو لمقتضى الكراهة وهو العقوبة وهي ترجمة الاجتهاد هنا. ° معنى الفصل المعجمي (نق): فراغ في العمق لغليظ ينفذ فيه أو منه -كما يتمثل في نقنقة العين غئورِها أي غئور حَدَقتها- في (نقق) (فنُظر إمَّا إلى الغئور الظاهري أو إلى تجوف متصوَّر خلف الحدقة غارت فيه)، وكما في نقب الجدار ونحوه - في (نقب)، وكما في استخلاص النَقَذ قرَسًا (أو غيره) من بين القوم- في (نقذ)، وكما في تجوف نقير الخشب والحجر- في (نقر)، وكما في خلو أثناء الماء المذهب من الملح- في (نقص)، وكما في نقض البناء ونقض نسيج الخباء أو الكساء- في (نقض)، وكالنقع الماء المجتمع في البئر قبل أن يُسْتَقَي (والماء يُكيَّف ضمن الفراغ) - في (نقع)، وكما في نفاذ مشاعر الكراهة إلى القلب - في (نقم).

النون والكاف وما يثلثهما

النون والكاف وما يثلثهما • (نكنك): "نكنَكَ غريمَه: تشدَّد عليه. والنكْنكَةُ أيضًا: إصلاحُ العمل " [ق]. Qامتداد بالشدة إلى داخل الشيء (¬1). فالمتشدد على غريمه يعتصره حتَّى يجف ما في حوزته تمامًا. وكذلك من يُصلح العمل أو يُتْقِنُه لا بد له من إحكام كل دقائقه وهذا تغلغل بالجِد والتدقيق -وهما من الشدة- إلى داخل الشيء. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر النون عن امتداد جوفي لطيف، والكاف للضغط الغئوري الدقيق، والفصل منهما يعبر عن الامتداد في أثناء الشيء بدقة أي الوصول بالشدة إلى الداخل. وفي (نكب) تعبر الباء عن التجمع بتلاصق، ويعبر التركيب عن التحول عن الوضع مع تجمع ما كما في المنكب. وفي (نكث) تعبر الثاء عن تفش بغلظ، ويعبر التركيب عن تشعث ما كان شديد الالتئام كالحبل والغزل المنكوث. والحاء في (نكح) تعبر عن احتكاك بجفاف وعرض، ويعبر التركيب عن تداخل بغلبة كما في نكْح المطر الأرض، وتعبر الدال في (نكد) عن الضغط والحبس، ويعبر التركيب عن تماسك أثناء الشيء فيحتبس ما فيه لا ينفذ منه كاحتباس ماء الركية النكدة وفي (نكر) تعبر الراء عن استرسال ويعبر التركيب عن اختزان لغريب غير مألوف كالقيح. وفي (نكس) تعبر السين عن نفاذ بدقة أو حدة ممتدة، ويعبر الترغيب عن معنى الانعكاس كأن السين عبرت عن نفاذ من قاع الشيء فانعكس. وفي (نقص) زادت الصاد ذلك الرجوع حدة وقوة كالرجوع إلى الوراء، وفي (نكف) تعبر الفاء عن إبعاد وطرد، ويعبر التركيب عن إبعاد ما يعرو أو يخالط من المكروه، وفي (نكل) عبرت اللام عن الاستقلال ويعبر التركيب عن ضبط الشيء من أثنائه مستقلًا كما يفعل النكل القيد بالرجلين.

(نكب)

• (نكب): {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} [الملك: 15] "نكب الإناء (نصر): هراق ما فيه، ولا يكون إلَّا من شيء غير سيّال كالتراب ونحوه (يقصد غير مائع) والنُكبة- بالضم: الصُبرة ". "المَنْكِبُ من الإنسان وغيره- كمَنْزِل: مُجتَمَعُ عَظم العَضُد والكتِف وحَبل العاتق. والنَكِيب دائرة الحافر. نكبت الحجارة ظفره أو حافره أو مَنْسمه ". Qتحوُّلٌ بإفراغ المتجمع: كنكب الإناء، والصُبرة منكوبة، وكتحول المَنْكِب الذي هو مُجتمَع العضُد والكتف فلا يسترسل أفقيًّا، وتحته فراغ، وكدائرة الحافر وسطها أقل صلابة فهو من جنس الفراغ. ومنه: "منَاكب الأرض: طُرُقُها أو جوانبها (يُتَحَوَّل إليها ويُسار فيها) {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} [الملك: 15] (الطرق وطيئة سهلة كالفراغ بالنسبة لما حولها). ومن هذا الأصل: النكَب: (الميل انحرافا). بعير أَنكَبُ: كأنما يمشي في شق. والنكباء: كل ريح انحرَفَت ووَقعَت بين ريحين (الريح التي تهبّ من جهة من الجهات الأربع مباشرة تسمى قَوْماء وجمعها قُومٌ. والريح التي تهبّ من بين جهتين -الشمال والشرق مثلًا- تسمى نكباء وجمعها نُكْب). وقامة نكباء: مائلة. ونَكَب عن الطَّريق: عدل (كل ذلك تحول عن الاستقامة مع ترك فراغ). {وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ} [المؤمنون: 74]: منحرفون عن الصراط المستقيم ضالّون.

(نكث)

ومن معنوي ذلك "النكبة: المصيبةُ والعياذ بالله. ونَكَبَه الدهر: بَلَغَ منه وأصابه ". كما تُسَمَّى: جائحة. • (نكث): {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا} [النحل: 92] "النِكث- بالكسر: الخيط الخَلَق من صُوف أو شَعَر أو وَبَر يُنْقَض (ليعاد قتله). نَكَثَ السواكَ وغيرهَ: شَعَّثَه، ونَكَثَ السافَ (: الإطار الدقيق) من أصول الأَظافر، ونَكَثَ الحبل: نَقَضه " (نصر). Qتَشْعِيثُ الشيء الملتئم ونَقْضُه كالخيط والحبل وعُود السواك والإطار المذكورات. و {أَنْكَاثًا} في الآية جمع نِكث- بالكسر، وهو الغَزْل من الصوف والشعر أُبرِم ونُسِجَ أخْبِيةً وأكسيَةٌ، فإذا خَلِقَت النسيجةُ قُطِّعَت قِطَعًا صغارًا ونُكثت خيوطها المبرومة (هذا طور تسميتها أنكاثا)، وخُلِطَت بالصوف الجديد لتكتسب تناشُبا، ثم ضُرِبت بالمطارق وغُزِلَت ثانية واستُعملت. ولكن الذي في الآية نقض الغزل وهو بَعدُ في حال قُوَّته. أي دون مُقْتَضٍ. فهو فساد محض. ومن معنوي ذلك "النكث: نَقْض ما تَعْقِدُه وتُصلِحه من بَيعَة وغيرها {وَإِنْ نَكَثُوا أَيمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} [التوبة: 12]. وكل ما في القرآن من التركيب -عدا نكث الغزل في آية النحل- فهو من نكث الأيمان والعهود أي النكث المعنوي المذكور.

(نكح)

• (نكح): {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 33] "نَكَح المطرُ الأرض: اعتَمَدَ عليها غَلَب عليها. ونَكَح النعاس عينَه: غلبها غلب عليها ". Qالغَلَب على ظاهر الشيء -مع التغلغل في باطنه: كما يغلب المطر على الأرض دوامًا وغُزْرًا فيعمُّها ويتغلغل فيها ماؤه، وكما تغطى الأجفان العين من تغلغل النعاس فيها. ومنه: "النكاح: التزوج " (أخذُ الرجل المرأة للمخالطة التَّامة)؛ لأنَّه مخالطة يعرفها النَّاس ويشهدون بها؛ أي ليس اتصالًا خفيًّا. وهو بذلك حقيقة في العَقْد لحِلّ المخالطة بعد الإعلان، ومجاز في الوطء؛ لأنَّه سببه. ولا ينبغي أن يظل هذا موضع خلاف، فإن شيوع اللفظ في القرآن، وعلى ألسنة العرب رجالًا ونساء بلا استحياء [الشواهد في ل]، واستعماله في إجابة المخاطب قبولًا لخطبته، ومقابلته في القرآن بالطلاق- وفي كلامهم: "لست بنُكحة طُلَقة "، وإثباته بقيد نَفي المسيّس {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب: 49]، ومقابلته بالزنا: ................... إن سِرَّها ... عليك حرام فانكحَنْ أو تأبَّدا وإسناد الفعل إلى المرأة كما يسند إلى الرجل، واستعماله في نوع الإنسان خاصة -كما قال ابن سيده [ل 466/ 1] والإنسان هو الذي يُستَحْيا من إظهار بِضاعه، وعدم مجيء اللفظ في القرآن: إلَّا بمعنى التزويج [ل 465] "تسعة أمور تقطع بأنه حقيقة في التزويج ". وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى الزواج.

(نكد)

• (نكد): {وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إلا نَكِدًا} [الأعراف: 58] "النَكْدَاء من النوق: المِقْلاتُ التي لا يعيش لها ولد. نَكِدَت الرَكِيَّةُ (تعب): قَلَّ ماؤها ". Qقلة الخير الذي يأتي من الشيء بسبب شدة أثناء الشيء وتماسكه: كالركيّة القليلة الماء من شدة أرضها حقيقةً أو تصورًا، وكالناقة التي تبقى منفردة لا تنمو لعدم الأولاد. قال تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إلا نَكِدًا} [الأعراف: 58] وهو العَسِر الممتنع من إعطاء الخير [قر 7/ 231]. ومنه "نكدَ الرجل (تعب): قلل العطاء أو لم يعط شيئًا. وعاد مُنْكِدًا -كمُحْسِن: فارغًا. ونكده عن حاجته (نصر): مَنَعه إياها. وهما يتناكدان: يتعاسران ". • (نكر): {قَال سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25)} [الذاريات: 25] "النكِرة -كنَمِرَة: ما يخرج من الحُوَلاء والخُرَاج من دَم أو قيح كالصديد وكذلك من الزحير. يقال: أسهل فلان نكرَةً ودَما. وحِصْن نكيرٌ: حَصِين ". Qتغطيةٌ لمادة حادّة أو غريبة: كالذي في الخُرَاج والحُوَلاء من القيح والصديد. والأصل هو الدم وحده، وكما يُحْتَمَى في داخل الحصن مع قوة الحصن. ومن هذه الحدة في الباطن جاءت "النكارة -كسحابة وصحراء وقُفْل: الدهاء والفطنة. وهو مُنكَر -بفتح الكاف- وذو نكراء: داهٍ (والفطنة والدهاء حدّة في الذهن) ونَكُر الأمر -ككرم: صَعُب واشتد. وطريق يَنْكور:

على غير قصد. (عَسِرٌ أو مجهول غامض). ونكر الأمرَ (شَرِب -ومصدره نكر- بالتحريك، والضم، ونُكور ونكير): جَهِله كأنكره واستنكره وتناكره {فَلَمَّا رَأَى أَيدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيهِ نَكِرَهُمْ} [هود: 70]: استغرب حالهم (وجد ذلك في نفسه غريبًا شاذًّا حادًّا)، والنكِرة ضد المعرفة (غيرُ المعروف كالمغَطَّى المستتر مجهول) ونكرَ الأمرَ- ض: غيَّره فصار غريبا {قَال نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا} [النمل: 41] والتنكير: التغيير إلى حال مكروهة " (غريبة، ومن جهل شيئًا عاداه). {قَال سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25)} [الذاريات: 25]: غُرَباء. وجاء من الأصل أيضًا "أنكره: جَحَده (تشبيها لحال الجاحد بحال من لا يعرف)، {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} [النحل: 83] (يجحدونها يتجاهلون قيمتَها أو وجه النعمة فيها أو أنها بفضل الله لا بكسبهم) وكذا ما في [غافر: 81]. وأما {يُنْكِرُ بَعْضَهُ} [الرعد: 36] فإنهم كانوا ينكرون ما هو نعت للإسلام أو للرسول - صلى الله عليه وسلم -. {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)} [لقمان: 19]: كانوا يفخرون بجهارة الصوت. و (أنكر) جامعة للمذامّ اللاحقة للأصوات. فغضُّ الصوت أو قَرُ للمتكلم وأبسط لنفس السامع وفهمه [بحر 7/ 184]. ومنه كذلك "النُكْر -بالضم وكعُنقُ: الأمرُ الشديد (الصعب- حدّة) {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيءٍ نُكُرٍ (6)} [القمر: 6]، {وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8)} [الطلاق: 8] {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيئًا نُكْرًا (74)} [الكهف: 74]. ومن هذا "النُكْر: ضد العُرف -بالضم فيهما. والمُنكر ضد المَعروف (من غرابة المغطَّى في الجوف) وكل ما قبّحه الشرع وحرّمه وكرهه فهو مُنكَر {وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} [العنكبوت: 29] (العدوان على الناس

(نكس)

والسخرية منهم وغير ذلك [ينظر قر 13/ 342] {وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [لقمان: 17]، كل ما قبحه الشرع أو حرّمه، وكذا ما قبحه العقل الصحيح. وكذا كل (منكَر). {فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيفَ كَانَ نَكِيرِ (45)} [سبأ: 45]: تَغْيِيري، وعُقُوبتي [المجاز 2/ 150، 154] (فالنكير من الإنكار الذي هو بمعنى الاستقباح والغضب من تكذيبهم والعقوبة تعبير عن هذا الغضب لازمة له). وكذا كل (نكير [ي]) أما {وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (47)} [الشورى: 47] فهو بمعنى المنكِر -بكسر: لكاف) أي ناصر يُغَيِّر ما أنتم فيه، أو بمعنى إنكار أي تغيير أيضًا [ينظر طب / تركي 20/ 535، قر 16/ 47]. • (نكس): {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [السجدة: 12] "النِكْس -بالكسر: السَهمُ الذي يَنكسر فُوقُه فيُجعَل أعلاه أسفله، والرجلُ القصير، والمنكس من الخيل- كمُحَدِّث: الذي لا يسمو برأسه. والمنكوس من الولادة: أن يَخْرُج رِجْلا المولود قَبْلَ رأسه. ونُكِس المريض- للمفعول: عاد في مرضه بعد النَقَه. ونَكَسْت فلانًا في ذلك الأمر: رَدَدته فيه بعد ما خرج منه ". Qانقلاب الشيء أو ارتداده عن مُطّرِدِ حاله واتجاهِه: كالسهم المذكور. والقصيرُ ارتدَّ امتداده إلى داخله (يوصف أيضًا بأنه مُرَدَّد)، والفرس الذي لا يسمو برأسه يتجه به إلى أسفل بعكس المعتاد من الخيل. ومنه "الناكس: المطأطيء رأسه من ذلك -كما في آية التركيب. {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ} [يس: 68]. كقوله تعالى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيبَةً} [الروم: 54].

(نكص)

ومن الانتكاس المعنوي {فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ} [الأنبياء: 64 - 65]. بعد ما سلّموا أنهم ظالمون لأنهم لم يسلكوا السبيل الصحيح بسؤال (المجني عليه) (الأصنام) عمن كسّرها، عادوا يفترضون أنهم كانوا على صواب إذ سألوا إبراهيم، لأن إبراهيم يعلم أن الأصنام لا تنطق فكيف يحيلهم عليها؟ أي أنهم تركوا الحدث الأصلي، وتضرروا من السخرية اللافتة التي وجهها إليهم سيدنا إبراهيم. • (نكص): {قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66)} [المؤمنون: 66] "نكصَ الرجلُ (قعد): رجع إلى خَلفِه إلى وراء وهو القهقري ". Qالرجوع القهقري بقوة إلى الخلف. ومنه "نكص عن الأمر: أحجم، ونكص على عقبيه: رجع عما كان عليه ". ومعنى النكوص في الآية أن آيات الله كانت تَنْفُذُ إلى قلوبهم ويعرفون الحق فيهُمُّون بالقبول، ثم يغلبهم شيطانهم وهواهم فينكصون ... {فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيهِ} [الأنفال: 48]. قال [في قر 8/ 27] وليس النكوص هنا قهقري بل هو فِرَار اهـ. أقول والآية دليل على زَيْف قَيْد الخيرية في ما يرجع عنه، وقد نُسِب في المقاييس إلى ابن دريد إذ أي خير في تحريض الشيطان الكفار على قتال المصطفى - صلى الله عليه وسلم -؟ • (نكف): {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ} [النساء: 172]

(نكل)

"النَكَفَتان- محركة: العَظْمان الناتئان عند شحمتي الأذنين يكون في الناس والإبل (ووُصفَتَا أيضًا بما ينطبق على اللوزتين [انظر ل 255، 256]. نكف البئر (نصر): نَزَحها، ونكف أثرَه (نصر) وانتكفه وذلك إذا علا ظَلَفا من الأرض غليظا لا يؤدِّي الأثر ... نكفت الدمع: نَحَّيته عن خدك بإصبعك، وعَرِقَ جبينُه فانتكف العَرَقَ عن جبينه: مَسَحه ونحاه ". Qنَفْيٌ وتنحيةٌ لما يُكرَه مما يعرو الظاهرَ: كالنكفتين، "وهما صُلبتان عاريتان من اللحم تنضحان عرقًا تطْردانه فيسيل، وكنزح البئر- وهم لا يزحون البئر إلا لتنقيتها من الحَمْأة إذا أنتت وأسِنَت، وكتجنب ظهور أثر الأقدام .. ومنة "نَكِفَ من الأمر وعنه، واستنكف: أنفَ وامتنع " (رفض بكراهة لعدم المناسبة) وقد قُرِنت بالاستكبار في آيتي ورودها {وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ}، {وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا} [النساء: 173]. وأما قولهم: "غيث لا يُنكف بمعنى لا ينقطع. رأينا غيثًا ما نكفه أحدٌ سار يومًا أو يومين. أي ما أقطعه "أي لا ينقطع عَمّن سار إلخ. فهو مجرد انتفاء الشيء كأن معنى "ما نكفه أحد: ما كرهه أحد ". أي هو موجود دون كراهة. والعامة تقول: نَكَفَ الصفقة (مثلًا) إذا ضيعها بكلمة ما، وكانت مُربِحة. • (نكل): {وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (84)} [النساء: 84] "النِكل -بالكسر: القَيْدُ الشديدُ من أي شيء كان (أي في القدم- أخذًا من قولة سيدنا علي - رضي الله عنه - وكرم الله وجهه "نِكْلٌ في قدم "، واللجام / حديدة اللجام، وعِنَاجُ الدَلْو (العِناج: حبل يشد أسفلَ الدلو العظيمة إلى أذنيها دعمًا لها).

معنى الفصل المعجمي (نك)

Qضبط الشيء بشديد أو صُلب لمنعه من التسيب (إلى ما لا يريده مستعمِل الضابط): كالقيد في القدم، واللجام في فم الفرس، وعناج الدلو. وجمع النِكْل نكول وأنكال: {إِنَّ لَدَينَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12)} [المزمل: 12]. ومنه "نكل عن اليمين والعدُوِّ (قعد وجلس): جَبُن (أمسك نفسه وحجزها)، وأنكلْتُه عن حاجته: دَفَعته عنها {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَينَ يَدَيهَا وَمَا خَلْفَهَا} [البقرة: 66] (عقوبة يُزجَر ويُردعَ بها غيرُهم عن ارتكاب مثل مما استحقوها به من ذنوب، ثم عممت في العقوبة الشديدة)، {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَال الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (25)} [النازعات: 25] قولتيه: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيرِي} [القصص: 38] {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)} [النازعات: 24] [بحر 8/ 414]، {فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} [المائدة: 38] ونكّل به تنكيلًا: عاقبه في جُرْم عقوبةً تُنْكِل غَيره. ومنه آية التركيب ". ° معنى الفصل المعجمي (نك): الوصول إلى عمق الشيء بِجِدٍّ وتدقيق كما في نكنكة الغريم وإصلاح العمل- في (نكك)، وكما في كبّ ما في الإناء- في (نكب)، وكما في الوصول إلى الخيوط الأساسية للنسيج لنقضها- في (نكث)، وكما في وصول ماء المطر لعمق الأرض ومخالطة النعاس العين- في (نكح)، وكما في جفاف باطن الركية (والجفاف والجدّ من باب واحد) - في (نكد)، وكما في وجود القيح ونحوه (وهو حادّ الوقع على النفس في جفاء عليها) في عُمق الحولاء والبطن- في (نكر)، وكما في تنكيس الفرس رأسه وهو غئور وعود المريض في مرضه وهو رجوع كالغئور -في (نكس)، وكما في الرجوع إلى الخلف (وهو من جنس النزول إلى أسفل) - في (نكص)، وكما في الوصول إلى قاع البئر عند نزحها- في (نكف)، وكالنكل في القدم لا في اليد، واللجام- في عمق فم الفرس والعناج تحت الدلو- في (نكل).

النون واللام وما يثلثهما

النون واللام وما يثلثهما • (نلنل): "النُلنُل- كهُدْهُد: الرجلُ الضعيف " [ق]. Qضعف أورقة في أثناء الجرم (¬1). • (نول- نيل): {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] "النَوْل- بالفتح: خشبة الحائك التي يلفّ عليها الثوب، والوادي السائل [ق] والنيل- بالكسر: نهر مصر: حماها الله تعالى. ونالةُ الدار: باحتها وقاعتها ". Qحوز بتميز وقوة ونوع من الاسترسال -كما يجوز النَولُ الثوب شيئًا بعد شيء، والوادي الماء مع امتداده، والنالةُ أهلَ الدار كلما خرجوا إليها. ومن ذلك الأصل "نِلْته أنالهُ: أصبته (أي حزته أو أخذت منه)، {تَنَالُهُ أَيدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة: 94] (تحوزه)، {لَنْ يَنَال اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج: 37] أي لن يَصِلَ إليه ما يُعَدُّ لكم به ثوابُه غير التقوى دون اللحوم والدماء / أراد: لن يصل إله لحومُها ولا دماؤها، وإنما يصل إليه التقوى " [ل]. كأن المراد نوط قبول البُدْنِ المهداة بالإخلاص كما ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): النون للامتداد في الباطن بلطف، واللام للامتداد مع استقلال، والفصل منهما يعبر عن امتداد بلطف (ضعف) في أثناء جرم كحال الرجل الضعيف. وفي (نول - نيل) تزيد الواو والياء الاشتمال والاتصال، ويعبر التركيب عن الحوز (اشتمال وإمساك) بالامتداد بلطف في باطن كنول الحانك.

معنى الفصل المعجمي (نل)

قال {يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60]. {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124)} [البقرة: 124] لا يدركهم. (لا يشملهم). ولأن النَيل أَخْذ، فإذا عدى بـ (مِن) دل على نحو الاقتطاع من الأثناء. "نال من عدوه: إذا وَتَره في مال أو شيء، ومن عرضه: إذا سبه "ومن هذا جاء {وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيلًا إلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة: 120]. أي لا يصيبونهم. وأطلق نيلًا ليعم القليل والكثير مما يسوءهم قتلًا، وأسرًا، وغنيمة، وهزيمة [بحر 5/ 115]. وسائر ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى حوز شيء أي إصابته وتحصيله خيرًا أو شرًّا ". ° معنى الفصل المعجمي (نل): دقة في الشيء الحاصل أو التحصيل كالرجل الضعيف لقلة ما لديه من قوة -في (نلل)، وكتحصيل النول ما ينسج من الثوب قليلًا قليلًا، وشَغْل أهل الدار باحتها حينًا بعد حين لا دائمًا، وامتداد النيل دقيقًا بالنسبة لطوله- في (نول نيل). النون والميم وما يثلثهما • (نمم- نمنم): {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11)} [القلم: 11] "جلودٌ نَمَّةٌ -بالفتح: لا تمسك الماء. والنمّام- كشداد: نَبْتٌ طَيّبُ الرّيح. نَمَّ الشيءُ: سَطَعَت رائحته. ونَمنَمَت الريحُ التراب: خَطَّته وتركت عليه أثرًا شِبه الكتابة وهو النِمنم -بالكسر. النَمنمة -بالفتح: خطوط متقاربة قصار شِبْهُ ما تنمنم به الريح دُقاق التراب ".

(نوم)

Qانتشار محتوَى الشيء على ظاهر ظرفه بلطف لرقة الظرف المحتوى (¬1) كالماء من القِربة، والريح من النبت المذكور، وامتداد خطوط الرَمل والتراب الموصوفة على وجه الأرض. ومنه في الحديث "لا تمُثِّلوا بنامَّة الله أي بخلق الله، ونامِية الله على البدل " (أي إبدال الميم الثانية ياء) (مخلوقات متناسلة تنتشر من أصلها)، وكذلك النِمَّةُ -بالكسر: القملة، (دقيقة تنفذ (تمتد) بين الشعر والثياب) ومنه "النميمة: نَقْل (نشر). الحديث (الذي كان مكتوبًا مستترًا عمن يراد إبلاغه إليه) من قوم إلى قوم "على جهة الإفساد والشر في تلطف واستخفاء {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} "نمَّ الحديثُ نفسُه: ظَهَر ". • (نوم): {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: 255] "مُسْتَنامُ الماء: حيث يَنْقَع ثم يُنْشَف. النوم معروف. ونامت الشاة وغيرها ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر النون عن امتداد باطني لطيف، والميم للضم والاستواء الظاهري، والفصل منهما يعبر عن انتشار اللطف المجتمع في ظرف على ظاهر ظرفه (لأن حبس الميم ظاهري ضعيف) وفي (نوم) عبرت الواو عن الاشتمال وعبر التركيب عن الاشتمال على لطف وذهاب حدة -كما في حال النوم. أما في (أنم) فإن الهمزة سبقت بالضغط فقوت معنى الانتشار فعبر التركيب عن النمو. وفي (نمر) عبرت الراء عن استرسال، وعبر التركيب عن استرسال اللطيف نفاذًا كالماء النمير. وفي (نمرق) تعبر القاف عن تعقد في العمق فعبر التركيب عن تجمع في العمق يتمثل في الوسادة المحشوة وهو معنى النمرقة. وعبرت اللام في (نمل) عن امتداد مع استقلال، وعبر التركيب عن الحركة الامتدادية مع سورة الاستقلال كالنمل والأنامل.

(أنم)

من الحيوان: ماتت. ونام الثوب والفرْو: أخلق وانقطع ". Qسكون وذهابُ حِدّة مع امتدادٍ: كسكون الماء في مقره، وكالنوم، وخلو الشاة من الروح، والثوب من شوك الجدة أو من المتانة. ومنه "نام البحر والريح: سَكَنا. وما نامت السماء الليلة مطرا. (أي ما سكن مطرها) وكل شيء قد سكن فقد نام {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9)} [النبأ: 9]. وليس في القرآن من التركيب إلا النوم بمعناه المعروف وكلمة (منام) هي مصدر (نام) وتصلح اسم مكان وزمان. لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: 255] المراد بالسِنَة: الفتور وخَدَر الذهن لا أول النوم خاصة. [ينظر (وسن) هنا] وتأويل العبارة القرآنية؛ لا يغفل عن تدبير أمر الخلق [ل وسن] فهي من تفصيل {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]. ومن صور السكون "نام الخَلْخال: انقطع صوته من امتلاء الساق. واستنام إلى فلان: أنِس به واطمأن إليه وسَكَن. ورجل نُوَمة: خامل الذكر غامض في الناس لا يؤبه له. وثَأرٌ مُنيم: فيه وفاء الطَلِبة " (شافٍ مُريحٌ ومُذْهِب لحدة رغبةِ الانتقام التي تثور في النفس). • (أنم): {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10)} [الرحمن: 10] [لم ترد في هذا التركيب إلا كلمة "الأنام: ما ظهر على الأرض من جميع الخلق "وفي الآية: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ} فسرت بالجن والإنس خاصة بدليل توجيه الخطاب إليهما بعد. ويجوز في الشعر "الأنيم "]. Q(بالنظر إلى ما في نَمم، نمو، نمى- نقول إن هذا) التركيب يعبر عن كل ما ينمو من إنسان وجان وحيوان ونبات. ولكنها تنطبق

(نمر)

أكثر على الإنسان والجان والحيوان لزيادة الحركة وهي امتداد ونمو. ثم يقتضي الخطاب تخصيص من يتأتى خطابه أي الإنس والجن. وتأمل قول عمر [في ل نمم]: لا تمثلوا بنامية الله أي بخلق الله "، والمقصود الإنسان والحيوان. وفي [ل (نمى) 215/ 22] "والأشياء كلها على وجه الأرض نامٍ وصامت. فالنامي مثل النبات والشجر ونحوه، والصامت كالحجر والجبل ونحوه "اهـ. • (نمر): "الماء النمير: الناجع في الرِيّ / النامي. نَمَر في الجبل نَفرَا: صَعَّد. نَمَر في الجبل والشجر إذا علا فيهما. النامرة: مِصْيدة تُربط فيها شاة للذئب ". Qتخلُّل في الأثناء إلى الظاهر أو الأعلى بلطف: كما ينجع الماء في شاربه فيظهر على شاربه ريًّا ونَضرة، وكما يصعد الصاعدُ في الجبل والشجرِ بين صخور الجبل وفروع الشجر إلى أعلى، وكما ينفذ الذئب في المصيدة فيمسك فيها وهو يُرى أي أن هذه المصيدة لا تحيط به في داخلها كالمِلْسن مثلًا. ومن مادي ذلك أيضًا: "النمر- ككتف: ضرب من السباع أخبث من الأسد سمي بذلك لنُمَر فيه، وذلك أنه من ألوان مختلفة "اهـ فالبقع المختلفة الألوان في جلد النمر "نُمرة محمرّة أو نُمرة بيضاء وسوداء "تعد نافذة من بدنه أو جلده وتظهر على شعره. ومن لونه اشتق "النَمِر من السحاب: الذي فيه آثار كآثار النمر. وقد نَمِر السحاب: صار على لون النمر ترُى في خَلَله نِقاط "، "والأنمر من الحيل: الذي على شَبَه النمر وهو أن يكون فيه بقعة بيضاء وأخرى على أي لون كان "، "كل شَمْلة مخططة من مآزر الأعراب فهي نَمِرَةٌ وجمعها نمار، كأنها أخذت من لون النمر لما فيها من السواد والبياض، وهي من الصفات

(نمرق)

الغالبة "فهذا كله من التشبيه بجلد النمر في بقع الألوان المختلفة. أما "تنمَّر له أي تنكَّر وتغير وأوعده، فلان النمر لا تلقاه أبدًا إلا متنكرًا غضبان "فهذا من التشبيه بالنمر في أخلاقه. • (نمرق): {وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15)} [الغاشية: 15] ليس في التركيب إلا النُمرُقة (بضم النون والراء وبكسرهما، وبغير هاء فيهما): الوسَادة "فهذا هو معناه. Qاضطمام شيء على ما يدخل جوفه فيحشوه ويوطئه كالنمرقة. وإذا ذكرنا أن "النامرة مِصْيَدة تُرْبَط بها شاة للذئب "أي أن التركيب الثلاثي يعبر عن إمساك الشيء المتحرك وأخذه. ومنه "الماء النَمِير والنَمِرُ- كفرح: الزاكي في الماشية النامي / الناجع (يحصل به الرِيّ والنَضرة)، إذا عرفنا ذلك وأضفنا أن القاف تعبر عن شيء قوي في الجوف تبين أنه لوحظت في تَسمية النُمْرقة أنها كيس يضم ويمسك في جوفه أشياء هي حَشو النمرقة. • (نمل): {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيظِ} [آل عمران: 119] "النمل معروف وهي التي لها قوائم (طويلة) تكون في البراري والخرابات (أما تلك الصغار فهي الذرّ). امرأة منمَّلة كمُعَظَّمة وكسَكْرَى: لا تستقر في مكان: وفرس نَمِل -كفرح، وذو نُملة -بالضم: كثير الحَرَكة. ورجل نَمِلُ الأصابع- كفرح: كثير العبث بها أو خفيفُها في العمل حاذق. ويقال نَمِّلْ ثوبك - ض، والقُطْةَ: أي ارْفأه. ونَمَل في الشجر (قعد): صَعِدَ فيها ".

معنى الفصل المعجمي (نم)

Qحركة أو امتداد بخفة ولُطف. كحركة النمل والمرأة والفرس وكحركة الأصابع ورَفءُ الثوب يكون بخيوط دقيقة. والصعود في الشجرة حركة إلى أعلى فيها امتداد وخفة {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ} [النمل: 18]. ومن حسي ذلك: "النُملة -بالضم: شَقٌّ في الحافر (دقيق) من الأشعر إلى المَقَطّ (ممتد بخفاء)، وبالفتح: بُثُور صغار تتقرح ثم تَسْعَى وتَتَّسع. والأُنملة- بتثليث الهمزة مع تثليث الميم في كل: المِفصَل الأَعلى من كل أصْبُع "أي رءوس الأصابع التي فيها الأظافر، إذ هي طَرَف يبدو امتدادًا وتنمو فيها الأظافر وتمتد، والأنامل أطراف خفيفة الحركة. ومن معنوي الأصل: "النملة- مثلثة "، والنَمِيلة: النَمِيمة (إيصال الكلام ومده إلى من يتناوله باستخفاء). ° معنى الفصل المعجمي (نم): انتشار من باطن الشيء إلى ظاهره مع لطف ما كما ينشر رشح الماء من باطن القربة نافذًا إلى ظاهر جلدها، وشذا الطب من النبت النمام واللطف هنا هو عدم الحدّة - في (نمم)، وكما يسري خَدَر النوم في النائم ويظهر عليه سكونًا- في (نوم)، وكما ينتشر الإنس (الأنام) (وغيرهم من الحيوان) على ظهر الأرض ويتحركون، وتعد حركتهم امتدادًا - في (أنم)، وكما ينجع الماء (يسري في البدن ويظهر أثره رِيًّا) وتنفذ الألوان على جلد النمر- في (نمر)، وفي (نمرق) يحشى جوف النمرقة وبظهر أثر الحشو تجسمًا ولينا تُوَثَّر به الفُرُش، وكحركة النمل الدائبة مع دقته التي تجعله كأنه ناشئ من بطن الأرض إلى ظهرها- في (نمل).

النون والهاء وما يثلثهما

النون والهاء وما يثلثهما • (نهنه): "ثَوبٌ نَهْنهٌ -بالفتح: رَقِيقُ النَسيج ". Qفراغٌ أو رقةٌ في أثناء الشيء (¬1) كأثناء الثوب الموصوف. ومن الفراغ قيل: "نهنَهْت فلانًا عن الشيء: كفَفْته وزَجَرته. ونهنهت السبع: صِحْت به لتكُفَّه " (الكف توقف وانقطاع أي فراغ). • (نهى): {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] "النَهى -بالفتح والكسر: الغدير أو موضع الماء الذي له حاجز ينهي الماء أن يفيضَ منه. والنِهَاء- كرحال: أَصغَرُ محابس (ماء) المطر. والتَنْهية -بالفتح- للوادي: حيث ينتهي إليه الماء من حروفه. ونافة نَهِيَّة- كغنية: بلغت غابة ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر النون عن امتداد جوفي، والهاء عن إخراج باستفراغ، والفصل منهما يعبر عن فراغ (أو رقة) يمتد في أثناء الشيء كالثوب النهنه. وفي (نهى) تضيف الياء معنى الامتداد ويعبر التركيب عن معنى قطع الامتداد (القطع من باب الفراغ) كما في النهي. وفي (نهج) تعبر الجيم عن جرم كثيف غير شديد، ويعبر التركيب عن أن الإفراغ انصب على جرم كثيف غير شديد فلأخرجه أو أبرزه ككتلة النَفس المسموعة بوضوح عند البُهْر وزئبر الثوب النَهج البالي وكإذهاب وعُورة الطريق العريض الواضح البارز. وفي (نهر) تعبر الراء عن استرسال، ويعبر التركيب عن استرسال ذلك الرقيق الذي يمتلئ به الجوف وجريانه كالماء في النهر وكضوء النهار.

السِمَن. والنهاء - كغراب أو كِساء: القوارير. والنَهاة- كفتاة: الوَدَعَة، ونُهْيَة الوتد -بالضم: الفُرضَة التي في رأسه " (الفُرضةُ: الحَزّ). Qتَحبَّس الشيء (الرقيق) في مكانه وتوقُّفه فيه لا يتخطاه. كنِهاء الماء، وتنهية الوادي، والناقة النهية لا سِمَنَ لها فوق حالها، والقوارير تشفُّ فيُظَنُّ أنها تفيض ولكنها مانعة، والودعة تحبس ما فيها، ونُهية الوتد تحبس عقدة الحبل التي في رأس الوتد أي تمنعها من أن تنزلق. ومن هذا "النهي ضد الأمر "وهو من التحبس والتوقف عند حد في الأصل. {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، فالنهى طلب كفٍّ عن بدء أمر أو عن استمراره. وبمعنى الكف هذا جاء كل (نَهى) وما تصرف عنها. والتناهي نَهى بعضهم بعضا {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} [المائدة: 79] و "النُهْية -بالضم وكرسالة: غاية كل شيء وآخره " (حيث يتوقف (ينقطع) جرمه). ومنه "أنهيت إليه السهم: أوصلته إليه. وانتهى وتناهى: بَلَغ {إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44)} [النازعات: 44] (أي علم موعد الساعة ينتهي إلى الله تعالى أي يتوقف سهب الخبر عن وقتها عنده تعالى أي هو وحده الذي يعلمه) ({وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42)} [النجم: 42] الكل ينتهي إليه- كقوله تعالى: {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11)} [السجدة: 11]. {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14)} [النجم: 14] إليها ينتهي ما يُعرج به من الأرض فيقبض منها، وإليها ينتهي ما (يفاض) به من فوقها فيقبض منها [قر 17/ 94]. ثم إن أصل الانتهاء مطاوعة النهي بالتوقف عما نهى عنه. والنُهْية -بالضم: العقل من ذلك أخذًا من الاحتباس والانتهاء عند حال

(نهج)

كالعَقْل والحِجْر لأن العقل يضبط ويحكم ويوقف، والجمع نُهَى {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى} [طه: 54] ومولهم "ناهيك بفلان: كافيك به "يُتَوقف عنده اكتفاء به، فلا يُطلبُ مزيد. • (نهج): {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48] "ونهِجَ الثوبُ (تعب): بَلِيَ ولم يَتَشَقَّق وكذا الجسمُ. وطريق نَهْج -بالفتح: بَيّنٌ واضح مستقيم. وطريق ناهِجة: واضحةٌ بينة ". "النهج- بالتحريك، وبتاء، والنَهِيجُ: الرَبْوُ وتَوَاتُر النَفَس يعلو الإنسانَ والدابةَ من شدة الحَرَكة. وقد نَهِجَ (تعب): انْبَهَر حتى يَنْقَطع عليه النفَس من شدة البُهْر / ربما لهِثَ. وطَرَدْت الفَرَسَ والدابةَ حتى نَهَجَت (ضرب) فهي ناهج في شدة نفَسها ". Qاتساع أثناء الشيء لذهاب الغلظ منها فَيُنْفَذ فيها بقوة واطراد أو استقامة: كذهاب الشدة من أثناء الثوب عندما يذهب زِئْبِرُه وقوَّتُه من أثنائه، وتدق يخوطه، حتى يبقى خيوطًا متسعا ما بينها كالمُنْخُل، وكالطريق التي ذَهَبت وعورتها فصارت مُذَلَّلَة، أي مُمهدة واضحة مطردة بين الأرض المحيطة بها. والدابة إذا طُردت حتى نهجت وانبهرت ذهب غلظها وشدتها. و "المنهج- كمَقْعد ومِفتاح: الطريق الواضح المستقيم كالنَهْج "ذهبت وعورته؛ فتمهّد ووضح واتسع واستقام: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}: طريقًا مستمرًا [قر 6/ 211]. ومنه: "نَهَجْتُ لك الطريقَ: أبنته وأوضحته فاعمل على ما نَهَجْته لك. ونَهَجْته: سلكته فأَوْضَحْته. وقد نهج الأمرُ وأنهج: وَضَح ". وقد بينا المراد بالشرعة والمنهاج في (شرع) هنا. فانظره.

(نهر)

• (نهر): {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} [القمر: 54] "نَهَر الماء -كفَتَح: جرى في الأرض وجَعَل لنفسه نَهرًا. وكل كثير جرى فقد نَهَر (كلفتح). ونَهِرَ الحافر (فرح): بلغ الماء. والنَهَر- بالفتح وبالتحريك: مجرى الماء. والمَنْهَر: موضعٌ يحتفره الماء، وخَرْق في الحصن نافذٌ يجرى منه الماء. وماء نَهِر -ككتف؛ كثيرٌ واسع، وناقة نَهِرَة- كفرحة، ونَهِيرةُ الأخلاف: غزيرة وأنهر الدمَ: أساله وصَبَّه، والعِرْقُ (قاصر): لم يرقأ دمُه ". Qجَرَيان مائع -أو رقيق نحوه- باتساع واسترسال من شَقٍّ (يشقه ويحتفره) -كماء النهر في مجراه، وكاللبن في الأخلاف. {وَفَجَّرْنَا خِلَالهُمَا نَهَرًا} [الكهف: 33]، {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} أي أنهار [المجاز لأبي عبيدة 2/ 241] وفي [قر 17/ 149]: "أنهار الماء والخمر والعسل واللبن. وقيل في ضياء وسعة ". ومن شق الماء الأرض فتكون نهرًا أخذ "النَهْر: الزَجْر "فهذا الزجر يوقف المزجور أي يقطعه عما يقول أو يفعل {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [الضحى: 10]، {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: 23]. ومن ذلك الأصل "النهار: ضياء ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس (الضوء لطيف رقيق ينفجر فَجْرًا ثم يجري ويتسع حتى يكشف ويعم الأفق والأرض) {تُولِجُ اللَّيلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيلِ} [آل عمران: 27]. وسائر ما في القرآن من التركيب هو (النهار) أو (الأنهار) بمعنيهما المذكورين.

معنى الفصل المعجمي (نه)

° معنى الفصل المعجمي (نه): فراغ يتخلل الشيء. كما يتمثل في الثوب النَهْنه - في (نهه)، وكانقطاع امتداد ماء الغدير، وماء الوادي- في (نهى)، وكاتساع الطريق النهج لذهاب الغلظ منه- في (نهج)، وكاتساع مجرى الماء في النهر بخلوه من العوائق فيجري سلسًا في (نهر).

باب الهاء

باب الهاء التراكيب الهائية • (ههه): "هَهَّ يَهِهُّ هَهًّا: لثغ واحتبس لسانه " [متن]. Qفراغ -أو ما يشبه الفراغ- مما وجودُه معتاد. كفراغ المحتبس لسانه من الكلام. • (هوه - هيه): {هَيهَاتَ هَيهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} [المؤمنون: 36] "الهَوهاءة- بالفتح: البئر لا متعلَّق لها، ولا موضع لرِجْل نازِلها لبُعْد جَاليها (الجال: الفراغ الذي بين حوائط البئر من داخلها) والهَوْهاة- بالفتح؛ المَوْماة " [متن] (الموماة: المفازة الواسعة الملساء / لا ماء بها ولا أنيس). Qفراغ (جوف) الحيّز الممتد من كل مُسْتَنَدِ لسالكه. كالبئر الموصوفة، وكالهوهاة الواسعة الملساء لا ماء بها ولا أنيس. ومن معنوي ذلك "الهوهاءة: الجبان الضعيف الفؤاد الذاهب اللب "فهذا كقوله مُتَّهِمًا بالجبن {فأنت مُجوَّف نَخِب هواء}. وقالوا إن "الهَيْه .. بالفتح: هو الذي يُنَحَّى ويُطْرد لدَنَس ثيابه "فهذا إفراغ للحيز منه. ومن ذلك "هيهات: كلمة تبعيد "فالبعد منظور فيه إلى طرفي المسافة

(هو- هي)

بين هذا وذاك بلا اعتداد أو نظر لحال ما في الوسط بينهما فكأنه غير موجود. وفي قوله تعالى حكاية لقول كفار قوم صالح: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35) هَيهَاتَ هَيهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} [المؤمنون: 35، 36] قال ابن عباس: هي كلمة للبُعْد، كأنهم قالوا: بعيد ما توعدون، أي إن هذا لا يكون ما يَذْكر من البعث [قر 12/ 122] فالتعبير بلفظ البعد مقصود به النفي. وكأنها تستعمل لهذا دائمًا. جاء في [ل 452 آخرها] "معناها البعد والشيء الذي لا يُرْجَى "اهـ. • (هو- هي): {اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران: 2] (لم ترد هنا استعمالات حسية). وبالنظر إلى ما ورد في (هوه) و (هيه) و (هوو) و (هوى) يتبين أساس تعبير الكلمتن عن ضميري الغائب الذي لا تدركه الحواس العادية كالهواء في الحجرة وكل فَجْوة لا تُشْعر به. ولعله لأن الضم والاشتمال في الواو أقوى منه في الياء كانت الواو للمذكر والياء للمؤنث، والكسر والياء مستعملان في المؤنث، والياء في التصغير، وهو من باب ضعف المؤنث. وفي الميم تعبير عن التضام، وهو يتمثل هنا في التجمع فكانت (هما وهم) للجمع (والتثنية من الجمع). وفي النون امتداد جوفي مع لطف أو رقة، ومن هنا عبرت عن جمع الإناث في (هُنّ). وعن استعمال الضمير (هو) عائدًا على المولى عزَّ وجلَّ يظر [التفسير الكبير للفخر الرازي. (الفصل 9 من الباب 7 من كتاب 2 في مباحث البسملة) الغد العربي مجـ 1/ 190].

(وهي)

• (وهي): {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ} [الحاقة: 16] "الوَهْيُ -بالفتح: الشَقُّ في السقاء وغيره. والوَهِيّة- كغنية: الدُرَّة. وَهَي السقاء يَهِى: تَخَرَّق، والثوبُ: يَليَ وتَخَرَّقَ، والحائطُ: تَفَزَّر واسْتَرْخَى. وكذلك القِرْبةُ والحَبْل، وكذلك إذا استرخى رِبَاط الشيء. وضربه فأَوْهَى يدَه: أصابَها بكَسْر أو ما أشبهه ". Qتَفَزَّر مادة الشيء أو تخَرُّقها لذهاب غِلَظها ومَتَانتها - كالوَهْى في جِلْد القِربة وفي الثوب. وسُمِّيت الدُرّة وهية لرقتها الشديدة المتمثلة في صَفَاء جِرْمها وعَدَم الغِلَظ المتمثل في الكثافة. وفي قوله تعالى: {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ} (قوله: {وَاهِيَةٌ} معناه متسيبة الأثناء غير متماسكة، كما قال تعالى عنها أيضًا؛ {يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ} [المعارج: 8] والمهل ذائب الفضة ونحوها). ومن ذهاب الغلظ والمتانة قيل: "وَهَى عَزْمه: ضَعُفَ ". • (هوو -هوى): {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوي إِلَيهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ} [إبراهيم: 37] "الهَواء: الجوُّ ما بين الماء والأرض، وكلُّ فرجة بين شيئين -كما بين أسفل البيت والبئر إلى أعلاهما، وكل خَالٍ هَواءٌ. والمَهْوَى والمَهْواةُ: ما بين جبلين ونحو ذلك، والهُوَّة- بالضم: مثلها، وكلُّ وَهْدَةٍ عَميقة. والهَوُّ بالفتح: الكُوَّةُ ". Qاحتواء المكان على فرغ لا يشغله إلا هذا اللطيفُ المادّة

وهو الهواء: كما هو واضح في الاستعمالات المذكورة، ويلزم ذلك سقوط الشيء فيه انجذابًا إلى القاع أو الأرض حيث لا مستقَرّ دونها. فمن الفراغ: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: 43] مُنخَرِقَةٌ لا تعي شيئًا من الخوف. والهَواءُ: الجَبَان لأنه لا قلب له فكأنه فارغ [ل]. ومنه "الهاوية: كل مَهْوَاة لا يُدْرَكُ قعرها، وبها وُصِفَتْ جَهَنّم أعاذنا الله منها {فَأُمُّهُ هَاويَةٌ} [القارعة: 9] يعني جهنم؛ لأنه يهوي فيها مع بُعد قعرها [قر 20/ 167]. "هَوَتْ العُقَاب تَهْوى: انْقَضَّتْ (في الهواء) عَلَى صَيْد. هَوَى وأهْوَى وانْهَوَى: سَقَطَ من فَوْق إلى أسفل ": {فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيرُ أَوْ تَهْوي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31]. وبمعنى السقوط هذا كل (هَوَى) (يَهْوى). و (أهْوَى) في [النجم: 53] أي خسف بها (مدائن قوم لوط) بعد رفعها إلى السماء أهواها إلى الأرض [بحر 8/ 167]. وهي في {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوي إِلَيهِمْ} [إبراهيم: 37] مجاز، أي تَميل وتَنْجذب في قُوَّة كمن يَسْقُط في الهواء. وما قيل عن استعمال الهُويّ في الصعود كما في: {والدَلْوُ في إصعادها عَجْلى الهُويّ} ليس حاسمًا، إذ يمكن أن يكون المعنى (بعدَ) أو (مع) إصعادها عجلى السقوط. لكن الهويّ يمكن أن يستعمل في مُجَرّد السرعة كما في حديث البراق "ثم انْطَلَق يَهْوى ". "هَوَت الناقةُ والأَتان وغيرهما هُويًّا: عَدَتْ عَدْوًا شَديدًا أرْفَعَ العَدْو. والمهاواةُ: شِدّةُ السَير. ومَضَى هَويٌّ من الليل- كغَنِيّ ورُقِيّ، وتِهْواءٌ أي سَاعة منه "مِمّا في الأصل من سَعَة بين شيئين أو مما في نحو هوت الناقة من المرور أي زمن مرور.

(هوأ- هيأ)

ومن الأصل "الهَوَى: محبة الإنسان الشيءَ وغلبتُه على قلبه. هَوِي المرأة والشيءَ (فرح) (كأنما دخل هوّى وريحٌ من ذلك الشيء في القلب فتعلق به، أو هو من الانجذاب إلى مستقَرّ كأنما هُوى به إليها (يُلحظ معنى الصيغة) ويكون الهَوَى للخير والشر، ومتى أُطلق لم يكن إلا مذمومًا {إِنْ يَتَّبِعُونَ إلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ} [النجم: 23]، {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} [النازعات: 40] عن شهواتها وما تدعو إليه من معاصي الله عزَّ وجلَّ. {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: 50]، {وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 119]. وهم في زمننا هذا كُثر. والأمر لله. وبهذا المعنى كل (الهَوَى)، وجمعه (أهواء). {كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ} [الأنعام: 71] كالذي ذهب به مَرَدة الجن في الأرض المَهْمه ضالًّا عن الجادّة. والفعل مأخوذ من الهَوى أو من الهُويّ. [ينظر بحر 4/ 161]. • (هوأ- هيأ): {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10] "المتُهَيّئة من النُوق: التي قَلَّما تُخْلف أن تَحمل إذا قُرِعَتْ ". Qالاستعداد (أو اتخاذ وضع مناسب لأمر ما، وفيه معنى الانتظار والقبول أيضًا): كالناقة التي تحمل إذا قُرِعَتْ ولا تُخْلِف. ومنه "هَاءَ للأمر يَهاء: اشْتَاقَ (انتظار بتلهف). والهيأة- بالفتح والكسر: حَالُ الشيء وكيفيته / صُورَته وشكله (تُعِدُّه ليكون شيئًا معينًا مطلوبًا)، {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيئَةِ الطَّيرِ} [آل عمران: 49] ومثله ما في المائدة: 110] و "هاء للأمر

الهاء والباء وما يثلثهما

كباع: أخذ له هيئته ". ومن هذا أو من الشوق وهو أقرب: {هَيتَ لَكَ} [يوسف: 23] أعني على قراءتها بضم التاء وكسر الهاء- مع الهمز أو التخفيف. أما على قراءة حفص (بفتح الهاء والتاء بينهما ياء ساكنة) فهي اسم فعل أمر بمعنى أسرع [ينظر بحر 5/ 294]، و "هيَّأه- ض: أصلحه " {وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10]: أَعِدَّهُ وسَوِّه ". ومن ذلك: "هاءَ: كلمة تستعمل عند المناولة " (نُقِل من طلب الاستعداد إلى طلب الأخذ): {فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 19]. و "هاءَ بنفسه إلى المعالي رَفَعَها وسَمَا بها إلى المعالي " (استعداد) وفي الحديث "إذا قام الرجلُ إلى الصلاة فكان قلبُه وهَوْءُه إلى الله انصرف كلما ولدته أمه ". وهُؤْت به خيرًا أو بخير أو بشر أو بمال: أَزْنَنْته. ووقع ذلك في هَوْئِى أي ظَني (لأن وضعه أو صورته تهيئ ذلك) وهاوَأتُه: فاخَرْته " (أينا أكثر استعدادًا). الهاء والباء وما يثلثهما • (هبب): "الهِبَّة- بالكسر: القطعةُ من الثوب / الخِرْقة. والهَبُوبة: الريحُ التي تثير الغَبَرة. هَبَّت الريحُ: ثارت وهاجت. هَبَّ الركابُ: قامت الإبل للسير. هبّ من نومه: انتبه ". Qمفارقة المقر أو الموقع بخفة واندفاع مع تجمع ما (¬1): كما ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): تعبر الهاء عن الفراغ ونحوه من الانقطاع. والباء تعبر عن تجمع رخو، =

(هبو)

تَنْزع الريح التراب، وكما تُنْزَعُ القطعةُ من الثوب، وكما يَهُبّ النائمُ والإبلُ من المقر. • (هبو): {فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} [الواقعة: 6] "الهَبَاء: دُقاقُ التراب الذي تُطِيرُه الريحُ أو يرتفع من تحت سنابك الخيل / غُبارٌ شبهُ الدخان ساطعٌ في الهواء / يَعْلو الوجوهَ والجلودَ والثياب. والهَبْوة - بالفتح: الغَبَرة ". Qمفارقةُ التراب (ونحوه مما هو دقيقٌ أو خفيفٌ) مقرَّه بسطوع وانتشار: كالغبار كما في آية التركيب، وكما في {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23]. ومن معنويه مع لحظ اختلال الهباء: "هَبَا: مَاتَ، فرَّ ". • (وهب): {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8]، {قَال رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ ¬

_ = والفصل منهما يعبر عن مفارقة بقوة (وهي الفراغ) مع تجمع ما كالقطعة التي تقطع من ثوب، وفي (هبو) تعبر الواو عن اشتمال، ويعبر التركيب عن سطوع ما (انتُزع أو) فارق بقوة مكونًا ما يشبه السحابة (اشتمال) المختلّة كالهباء الخارج من تراب الأثناء. وفي (وهب) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال فيعبر التركيب عن احتواء واشتمال لما اقتطع من شيء كاحتواء النقرة الماء المستنقِع. وفي (هبط) تعبر الطاء عن التحام بغلظ أو مخالطة بغلظ، ويعبر التركيب عن غئور في جرم الشيء من غلظ وقع عليه ضغطًا أو انتقاصًا كالهَبُوط من الأرض الحَدُور.

(هبط)

الْوَهَّابُ} [ص: 35] {فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: 21] "المَوْهَبة -بفتح الهاء وبكسرها: نُقْرةٌ في الجبل / في الصَخْرة .. يَسْتَنْقِعُ فيها الماء / غديرُ ماء صغير. والموهَبة- بالفتح: السحابةُ تقع حيث وَقَعت. وهذا وادٍ مُوهِبُ الحطب- كمُحْسِن: أي كثيرُ الحطب ". Qحَوْز النافع بلا مقابل: كالماء في النقرة والسحابة، والحطبِ في الوادي. ومنه: "الهبة: العطية الخالية عن الأعواض والأعراض {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [إبراهيم: 39]، (وُهِب -بعد شيخوخته- إسماعيل من هاجر، ثم وُهب إسحاق من سارّه) ومنه هبة عيسى لأمه عليهم جميعا وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} [مريم: 19]. ومن ذلك: "أوْهَبَ لك الشيء، إذا أمكنك أن تأخذه وتناله، وإذا كان مُعَدًّا عندك، دَامَ " (متاح للحوز). ومن الأصل كذلك: "هَبْنِي فعلت ذلك: أي احسُبني واعْدُدني " (اعتقد ذلك، وحُزْه في ذهنك). • (هبط): {قِيلَ يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ} [هود: 48] "الهَبْطة -بالفتح: ما تَطَامَن من الأرض. والهَبُوط من الأرض: الحَدُور، والهَبِيطُ من النوق: الضَامِرَةُ. ورجل مَهْبُوط: نَقَصَتْ حالُه وكذا هَبِيطٌ. هَبَطَ المرضُ لحمَه: نَقَصَه وأَحْدَرَه وهَزَلَه. وهَبَط اللحمُ نَفْسُه والشَحْمُ: تَنَقَّصَ / اتَّضَع وقَلّ. وهَبَطَ الزَمان: إذا كان كثيرَ المال والمعروف فذهبَ مالُه ومعروفه ... ".

معنى الفصل المعجمي (هب)

Qغُنُور أو نَقْصٌ في جِرمِ الشيء عن معتاد الحال لضغط عليه أو انتقاص منه. كالهَبْطة من الأرض والهَبِيط من النوق .. وكذَهاب الشَحْم واللَحْم والمال. ومنه الحديث "اللهمّ غَبْطًا لا هَبْطًا - بالفتح: أي خَيرًا نقع فيه فنُغْبَطُ به لا نَقصًا ". ومنه "الهُبُوط: النزول (انخفاض وغئور) هَبَط: نزل وهَبَطْتُه وأَهْبَطْته " {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [البقرة: 74]. يفسره {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف: 143]، {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر: 21]، {وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: 36] الخلاف في موضع جنة سيدنا آدم: أهو السماء فيكون الهبوط بمعنى النزول، أم الأرض فيكون الهبوط بمعنى الانتقال من بقعة إلى بقعة كما في {اهْبِطُوا مِصْرًا} = مذكور في [بحر 1/ 308] ومنه "هَبَطَ الرجل من بَلَد إلى بَلَد "أي انتقل-. كما يقال: نَزلَ بالمكان بذلك المعنى {اهْبِطُوا مِصْرًا} [البقرة: 61]. وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى النزول. ° معنى الفصل المعجمي (هب): مفارقة المَقَرّ باندفاع وقوة -مع شيء من التجمع- كما يتمثل ذلك في هبوب الريح مع جمعها التراب- في (هبب)، وكما في الهاء الغبار شبه الدخان الذي تطيره الريح أو يرتفع من تحت سنابك الخيل- في (هبو)، وكما يتمثل في الهِبة والاندفاع فيها صدورها بلا مقابل وفي الموهبة النقرة في الصخرة يستنقع فيها الماء غير راشح من الأرض فيؤخذ فهو كالهبة- في (وهب)، وكما يتمثل في اندفاع الهابط والهَبوط- في (هبط).

الهاء والتاء وما يثلثهما

الهاء والتاء وما يثلثهما • (هتت- هتهت): "هَتَّتْ المرأة غَزْلهَا: غزلت بعضَه في إِثر بعض، وهَتَّ الشيءَ: صبَّ بعضَه في إثر بعض، والسحابةُ المطَرَ: تابَعَتْ صَبَّه. وهَتَّ الخمرَ في البَطْحاء: صَبَّها على الأرض حتى سُمِعَ لها هَتِيت أي صوت. وهَتَّ المزادة: صبها ". ورجل مِهَتّ وهَتّات كشَدَّاد؛ مِهْذَارٌ كثيرُ الكلام. Qصَبُّ ما اجْتَمع أو امْتَسك من الشيء اللطيف المادّة صَبًّا متتابعًا بدفع ونحوه (¬1). كالكلام والمطر والغزْل والخمْر المذكورات. ومنه "هَتَّ الشيءَ (المتماسك) وهَتْهتَه: وَطِئَه وَطْأ شديدًا فكَسَره (حوّله إلى مادةٍ مُتَسَيِّبة من جنس اللطيفة). ومن هذا استعمال العامة لفظ الهَتّ تعبيرًا عن أثر التهديد. • (هتو): {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111] ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الهاء للإفراغ من جوف ونحوه، والتاء للضغط الحاد الذي ينصب على الإفراغ وما أُفرغ والضغط يولد التمدد- إن كان يقبل الامتداد كالغزل والمائع. (أو يكسره إن لم يقبله). وفي (هتو) تزيد الواو معنى الاشتمال، ويعبر التركيب عن فصل الذي يؤخذ بالإعطاء (وهو فصل) بالطلب. أما في (هوت وهيت) فتتوسط الواو والياء بمعنيي الاشتمال والاتصال (مع الفراغ)، ويعبر التركيبان عن غئور عظيم يتأتى منه الاشتمال كما في الهُوتة والاتصال انحدارًا بالدعاء كما في هيت لك.

(هوت- هيت)

"هَتَا الشيءَ هَتْوا: كَسَرَهْ وَطْأ برجليه ". Qتسييب جرم الشيء وفصله بعضه من بعض بضغط شديد عليه: كما في كَسْره وَطْأ في ذلك الاستعمال الوارد، ومن هذا جاء أخذ الشيء (وهو فصل له ممن هو معه) بالطلب (وهو ضغط) في قولهم هاتَي يهاتِي- كعاطَي، وهاتِ أي أَعْطِ (كآتِ). {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ}. وكل ما في القرآن من التركيب هو عبارة {هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} طلبا لإحضار المخاطبين برهانهم. • (هوت- هيت): {وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالتْ هَيتَ لَكَ} [يوسف: 23] "روى عن سيدنا عثمان - رضي الله عنه - أنه قال: وددت أن بيننا وبين العدو هَوْته لا يُدْرَك قَعْرها إلى يوم القيامة "الهُوته- بالفتح والضم: ما انخفض من الأرض واطمأن / الهُوَّة / الوَهْدة العميقة. (يعني أن أعداء الإسلام يَعْتدون أو لا يؤمَن اعتداؤهم وذلك يقتضي ردًّا فتدوم الحروب. وهو لا يريد حربًا) والهِيت- بالكسر: الهوّة القعيرة من الأرض ". Qغئور شديد في ما شأنه الانبساط- كالهُوتَة المذكورة. وذلك الغئور الشديد يلزمه فراغٌ كبير، ولعل هذا هو أصل قولهم "هَيتَ لك "اسم فعل بمعنى أَقْبِل. وكأن أصلها مصدر بمعنى الانحدار. أي: انْحَدِرْ أي اقترب بقوة (أسرع)، أو اتَّضَعَ وانْفَرَجَ لك الأمر فأقْبِلْ وأقدم {وَقَالتْ هَيتَ لَكَ} [يوسف: 23] وزعْم أنها معربة عن العبرانية هيتالج كما في [ل 411/ 24] أو غير ذلك- فارغ واضح البطلان في ضوء أصالة الهبوط والانخفاض في تراكيب هتت هتو،

معنى الفصل المعجمي (هت)

هوت، هيت، والانحدار فيه سرعة تناسب الإغراء في الموقف، وأيضًا فالعرب يستعملون النزول في المكان للحلول به كما يستعملون الهبوط. والإقبال أصله التوجه والدخول في فَجْوَة أو فَتْحة (انظر مادة قبل) والفجوة أو الفتحة تنايسب الغُئُور في جِرْم الشيء كما هنا. وإذا صح أن هناك أخذًا فالعرب آصل. والمعروف من تاريخهم ومن لغتهم يرجع إلى الألف الرابع قبل الميلاد. والعبريون أبناء القرون الوسطى من الألف الثاني قبل الميلاد، فإن صح أخذ فعن العرب أخذ العبريون وليس العكس. ثم إن المعنى الذي يُزْعَم نقلُه ليس معنى غريبًا على العرب أو لغتهم أو عن هذا التركيب نفسه؛ فالعرب يقولون "هيت بالرجل وهوّت به- ض: صَوّتَ وصَاحَ ودَعَاه ونَادَاه ". ويقولون للجارح إذا أغْرَوْه بالصيد: "هَيتَاه هَيتَاه " (وما زالوا يقولون للجارح إذا أغرَوْه بشيء: هاته). وأخيرًا فقد وردت عن العرب شواهد لعروبة اللفظة كثيرة [انظر ل هيت]. ثم هذا كله عدا قراءتَي هِئْتُ لك بالهمز وبالإبدال [ينظر بحر 5/ 294] من التهيؤ وهي واضحة. ° معنى الفصل المعجمي (هت): دفع الشيء المتجمع إنهاء لتجمعه بامتداد (أي شيئًا بعد شيء) -كما في صب السحابة المطر- في (هتت)، وكما في كسر الشيء بوطئه بالقدم فينكسر أو ينفصل- في (هتو)، وكما في اندفاع الهوتة إلى أسفل أو الاندفاع فيها لمسافة ممتدة (لأنها وُصِفَتْ بالعميقة والقعيرة) - في (هوت. هيت).

الهاء والجيم وما يثلثهما

الهاء والجيم وما يثلثهما • (هجج- هجهج): "عَيْن هاجّة: أي غائرة (هجّج البعيرُ- ض: غارَت عينه في رَأسه من جوع أو عطش أو إعياء غيرَ خلقة) والهجَاجة: الهَبوة التي تَدْفِنُ كلَّ شيء بالتراب. والهَجيجُ: الخَطّ في الأرض: يُخَطُّ للكهانه، والشَقُّ الصغيرُ في الجبل. والهُجُج بضمتين: الغُدْران. ووادٍ هَجيج وإهجيج: عميق " (يمانية). Qغئور ممتدٌّ في العمق لشقٍّ أو نحوه يُسَتترَ فيه / أو يكاد (¬1) كالعين الغائرة والتراب الذي يَدْفِن كل شيء- ولا تكون هبوة التراب هكذا إلا إذا غطت مساحة بالغة السعة، وكالخط في الأرض والشَقِّ الصغير في الجبل ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الهاء تعبر عن الفراغ الذي تمثل في الغئور أو نحوه. والجيم للجرم الكثيف السميك الذي ليس صلبًا، والفصل منهما يعبر عن غئور ممتد في عمق شيء كالعين الهاجّة. وفي (هيج) تعبر الياء عن اتصال وامتداد، ويعبر التركيب عن جفافٍ (وهو من جنس الفراغ) وحدةٍ تمتد في الأثناء كما في هيج البقل. وفي (وهج) تسبق الواو بالتعبير عن الاشتمال، ويعبر التركيب عن الاشتمال على ما هو نافذ حادّ الأثر (وإن لم يكن مصمتًا) كما في أشعة وهج النار والشمس وتوهج الطِيب. وفي (هجد) تعبر الدال عن ضغط ممتد وحبس، ويعبر التركيب عن احتباس الفراغ المتمثل هنا في ذهاب القوة مع بقاء الامتداد كما في الهجود النوم وإهجاد البعير. وفي (هجر) تعبر الراء عن الاسترسال، ويعبر التركيب عن استرسال نفاذ الحدّة من الجرم فييبس كالهجير ما يبس من الحمض أو فيه فيعظم ويغلظ. وفي (هجع) تعبر العين عن التحام برقة، ويعبر التركيب عن سكون الشيء لرقة أو ضعف يخالطه كالهجوع النوم.

(هيج)

وكالغُدْران وكلها فَجَوات وغُئُورات ممتدة. ومنه "هَجَّ البيتَ: هَدَمه (كان منتصبًا فَغَوَّرَه وحَطَّه) وهَجْهَجَ الرَجُلَ: ردَّه عن كل شيء " (كسر شموخه وأخشعه). • (هيج): {ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا} [الزمر: 21] "هَاجَتْ الإبلُ: عَطِشَت، والأرضُ: يَبَس بَقلُها، والبقْلُ: يَبِس واصْفَرّ وطال ". Qجَفَافٌ وحِدَّةٌ في الباطن أو الأثناء. كعطش الإبل وهو حِدَّةٌ في باطنها، وكذلك يُبس الزَرع والبقل: {ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا} [الحديد: 20 ومثله ما في الزمر: 21]. ومن الحِدَّة في الباطن: "هاجَ به الدمُ، وهاجَت السماءُ فمُطِرنا، وهاجَ الشيءُ واهتاجَ وتهَيّجَ: ثار لمشقةٍ أو ضَرَر. وهاجَ الشرُّ بينهم وتهايجوا: تواثَبُوا للقتال. والهيجُ- بالفتح والهيجَاء: الحربُ " (مجال جفاف وشدة متبادلة). و "الهيجُ كذلك: الإزعاجُ، والفتنة. والريح الشديدةُ والحركةُ، والشوق (كلهن عن جفاف أو غلظ وحرارة في الباطن) ونَعْجَة هاجَة: لا تشتهي الفَحْل (باطنها جاف) والهاجَةُ: الضفدعة (صوتها مزعج يوحي بغلظ جوفها أو يثير)، والنَعَامة (تأكل الجمر والحصى). • (وهج): {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13)} [النبأ: 13] "يوم وَهِجٌ -كفرح وشبعان: شديدُ الحرّ .. والوَهَجُ- محركة، وبالفتح،

(هجد)

وكغَطَفان، والتوهُّج: حرارةُ الشمس والنار مِن بعيد. وَهَجُ الطيبِ- محركة، ووَهيجُه: انتشارُ أَرَجه (وتوهَّجَت رائحة الطيب: تَوقَّدَتْ) والوَهَجُ والوهيج كذلك: تلألؤُ الشيء وتَوَقُّدُه. تَوَهَّجَ الجوهرُ: تلألأ ". Qاحتواء الشيء أشعةَ أو شَذًى حادًّا يمتد منه: كالوهج والتوهج المذكورَين، وكما في وصف الشمس في آية التركيب. • (هجد): {وَمِنَ اللَّيلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى} [الإسراء: 79] "قال لبيد يصف رفيقًا له في السفر غلبه النعاس: ومَجُودٍ من صُبَابات الكَرَى ... عَاطِفِ النُمْرق صَدْقِ المُبتَذَل قلت هَجِّدْنا فقد طال السُرَى ... وقَدَرْنا إن خَنَا الدَهر غَفَل كأنه قال: نَومنا (أي دَعْنا نَنَم) فإن السُرَى طال حتى غَلَبنا النوم "اهـ ويقال: "أَهجَدَ البعيرُ: إذا وضع جِرانه على الأرض (جرانه: مقدم عنقه من مذبحه إلى مَنْحَره يَمُدُّهُ على الأرض استنادًا وتمكنًا أثناء القيام أو البروك بسبب تَعَبه). قال الأزهري: والمعروف في كلام العرب أن الهاجد هو النائم، وأن المتهجد هو القائم إلى الصلاة من النوم "اهـ. Qالتركيب يعبر عن النوم وهو تمدد مع همود وسكون (بعد تعب وإرهاق) -كما يشهد له طلب النوم بعد الكَلَل من السُرَى في البيت الثاني)، وكمَدّ العنق مع الاعتماد عليه -والاعتماد ضغط وشدة- أو مع ملحظ أن هذا لا يكون إلا بسبب التعب والإعياء وهو شدة سلبية. أما تعبير (تهجد) عن القيام من النوم لأجل الصلاة، فهو من ذلك، لكن

(هجر)

بأثر الصيغة. فالحقيقة أن معنى (تهَجّد): قاوم الهجود وعَالجَه -كما يقال مَرَّضَه بمعنى عالج وقاوَم مَرَضه بالأدوية ومساعدةِ المريض لا بمعنى سَلب وأزال المرض -كما عبروا. فليس هناك سَلْب ولا إزالة للمرض. وقد ورد في [ل] عن الصحاح وفي [تاج]: هَجَد بمعنى نام، وبمعنى قام للصلاة. فأما الأولى فنعم، وأما الثانية فهي متكلَّفة من تجريد تهَجّدَ. وكأن المقصود أنها يمكن أن تأتي من تَهجّد. • (هجر): {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (10)} [المزمل: 10] "الهَجير: ما يَبِس من الحَمْضِ. الهجيرُ: الحَوضُ العظيم. والهِجَار- ككتاب: حَبْلٌ يُعْقَد في يد البعير فتُشَدّ إلى رِجله. والهَجر- كفرح: الذي يمشي مثقلًا ضعيفًا متقاربَ الخطو .. وذلك من شدة السَقْي (ما يسمَّى الاستسقاء: ماء يقع في البطن ويجتمع). ونَخْلَةٌ مُهجر- كمحسن وبتاء: طويلة عظيمة مُفرِطة فيهما. وناقة مُهْجرَة: فائقةٌ في الشحم والسِمَن. وكل شيء جاوَزَ حَدّهُ في التمام مُهْجِر. والهاجرةُ والهجيرُ: نصفُ النهار عند اشتداد الحر ". Qحدة أو يبس في أثناء الشيء يظهرُ أثرُها أو يمتد: كيبس الحمض وهو نبات أخضر. وذلك الحوض العظيم لا بدّ أن يكون شديد البناء بالجص أو نحوه ليتحمل ما يوضع فيه من الماء. والهجارُ بجمع يد البعير ورجله مع حِدّة القيد، وكذلك تقارب الخطو من حِدّة المرض وثقل ماء السَقى (= الاستسقاء)، والنخلة والناقة تجمعت فيهما قوة النُمو والشحم، وفي كل منهما حدّة. والهجير فيه حدة الحر.

ومن الامتلاء بالحدة "الهُجْر- بالضم: القبيح من الكلام، والفُحشُ، والهَذَيان " {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67)} [المؤمنون: 67]. يجتمعون حول البيت بالليل يسمرون، وعامة سمرهم تسمية القرآن سِحرا، وشعرا، وسبّ من أتى به [بحر 6/ 381] فهذا الطعن والسبّ هو الهجر. ومن الحدة في الأصل "هَجَر الرجلَ: صَرَمه وقَطَعه "أقول ولا يكون ذلك إلا عن حِدّةٍ: غَضَبٍ أو كراهةٍ أو نحو ذلك. ولم ينصوا على هذا القيد، لكن تعبيرهم بالصَرم والقطع، وواقع سَبب الهجرة الشريفة، "والهجير اليبيس وهاجرة النهار "، والاستعمالات القرآنية للهَجر ... ، كل ذلك يقطع بأن الهجر ليس مجرد ترك سلبي وإنما هو عن حِدَّةٍ مُغَاضَبةٍ أو نحوها كما ذكرت. {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء: 34]، فسِّر الهجر هنا بالنوم في غير فراشهن، وبتوليتهن الظهر في الفراش مع عدم الكلام، وبعدم الجماع [بحر 3/ 251] وعلى الأخير يكون التعبير كناية. وأضيف أنه مع كل من ذلك لا بد من إظهار الغضب ليتبين أنه تعبير عن عتاب أو عقاب. {وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا} [مريم: 46]، هذا هجر إبعادٍ سخطًا. {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)} [المدثر: 5] اللفظ هنا للتعبير عن وجوب قوة المباعدة وإصحابها نفورا، وقد فسّرنا الرُجْز بالتردد، وأوّلناه بالتواني [ينظر رجز] ومن هذا أيضًا "الِهجرة- بالكسرة: الخروج عن أرض إلى أخرى ليبقى فيها "- (فذلك لا يكون إلا عن معاناة في الأرض الأولى تجعل الحياة شاقة فيُصحَب الخروج منها بِحِدَّة (نفور أو غضب أو اندفاع). {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيهِمْ} [الحشر: 9]. والذي في القرآن من

(هجع)

التركيب هو (الهُجر) بالضم، والأمر والمصدر واسم المفعول من (هَجَر)، والفعل (هاجر) ومضارعه، واسم الفاعل منه. وقد ذُكرت معانيهن. • (هجع): {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)} [الذاريات: 17] "هَجَعَ: نام ليلًا. هَجَعَ جُوعُه: انْكَسر. وأَهْجَع فلانٌ غَرْثَه: سَكَّن ضَرَمه ". Qسكونُ حِدة الشيء أو انكسارها لرقة أو ضعف يخالطه: كذهاب حدّة الجوع بالأكل واليقظة بالنوم {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)}. ومنه: "رجُل هِجع -بالكسر وبتاء وكهمزة، ومهجَعٌ- بالكسر، أحمقُ غافلٌ عما يراد به سريعُ الاستنامة إلى كل أحد " (ذاهب حِدّة العقل والنفْس). ومنه "الهَجْع- بالفتح، وبتاء: طائفة من أوَّل الليل كالهجيع (حيث هو فترة الهجوع المهمة). ° معنى الفصل المعجمي (هج): غثور في العمق مع حدّة أو فراغ ما: كما في الهَجَاجة: الهبوة التي تدفن كل شيء- في (هجج)، وكما في هَيج الإبل: عَطَشِها، وهَيْج الأرض يُبْس بقلها- في (هيج)، وكما في الوَهَج: حرارة الشمس والنار من بعيد -والجوُّ كالجوف- في (وهج)، وكما في حال ما قبل غلبة النوم- في (هجد)، وكما في مخالطة الحرّ الناس في الهاجرة والهجير: نصف انهار عند اشتداد الحرّ (والجوّ كالجوف والعمق) - في (هجر)، وكما قَبْلَ إهجاعِ الجوع تسكينِ ضَرَمه- في (هجع).

الهاء والدال وما يثلثهما

الهاء والدال وما يثلثهما • (هدد- هدهد): {وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} [مريم: 90] "الهَدُود: الأرضُ السهلة اللينة [تاج]. وأَكَمَة هَدُود: صبة المُنْحَدَر. هَدّ البناءَ: كسره وضعْضعَهُ. الهَدُّ: الهَدْمُ الشديد / الكسرُ كحائط يُهَدّ بمرة ". Qتهيّر القائم الصُلب وتسيُّبه سقوطا بقوة (¬1) ككسر الحائط، وكالانحدار من الأكمة الصعبة بتسيب. ولحظ في الأرض الهدود أنها سهلة متسيبة ففعول هنا بمعنى مفعول {وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} هذا كما قال تعالى: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5)} [القارعة: 5] ومن هذا "الهدّ من الرجال- بالفتح: الضَعِيف، والأَهَدَ: الجبَان (خوّار) والهدّ من الرجال- بالفتح: الجوادُ الكريم (سهل غير مُمسك). أما "الهديد: الرجل الطويل "فالتسيب فيه امتداد جرمه. ومن هذا الأصل "مررت برجل هَدّكَ من رجل: أي حَسبُك " (هو كاف في صفات ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الهاء لاستفراغ ما في الجوف أو خروجه، والدال تعبر عن ضغط واحتباس، ويعبر الفصل منهما عن تسيب أثناء المتجمع وكأن الفراغ غلب التماسك والاحتباس أو انصبّ على ما هو متماسك محتبس وفي (هدى) تزيد الياء معنى الامتداد والاتصال، ويعبر التركيب عن امتداد الشيء المتصل من مقدمة شيء كالهادي عنق الفرس. وفي (هود) تعبر الواو عن الاشتمال، ويعبر التركيب عن الاشتمال على لين ورخاوة متجمعة كقَحَدة السنام. وفي (هدم) تعبر الميم عن الاستواء الظاهري (تماسك)، ويعبر التركيب عن تسيب المتماسك القائم في موضعه حتى يستوي بأصله. كما في الهدْم.

(هدى)

الخير والخير رخاوة من باب التسبب، أو معناه. ليس عندك ما يعيبه). ومن هذا الأصل "التهديد وهو وعيد وتخويف "يقصد به إرعاب الخصم حتى يتسبب وينهار. وقولهم "هَدُّ البعير: هديرُه، وهَدْهد الطائر: قَرْقر. والهُداهد- كتماضر: الكثير الهدير من الحمام. وفحل هُدَاهد: كثير الهدهدة يهدر في الإبل ولا يقرعها ". (فهو حكاية صوتية، وقد يكون أنه صوت عظيم عال أو كثير ثم هو فارغ لا شيء وراءه -أي من لازم التهور وهو السهولة / الفراغ). وسمي "الهدهد. {فَقَال مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ} [النمل: 20] لأن صوته قريب من (هُدُو هدو) فهي تسمية له بصوته كما سمي الغراب (غاق) بصوته. ومن الأصل "هَدْهَد الصبيَّ في المهد ونحوه: حرّكه فيه " (فالتحريك تسيب وليونة وعدم ثبات أو جمود. ومع وثارة المهد تكون الحركة رفيقة لينة تناسب التسيب في الأصل). • (هدى): {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ} [السجدة: 26] "الهادي: العُنُق (هوادي الخيل والشاء: أعناقها). {وهاديها كأن جِذعٌ سحُوق}. طَلَعت هوادي الخيل: أوائلُها، الهاديه: المتقدمة من الإبل. هاديات الوحش: أوائلها. والهدَى: كضحَى: النهار ". Qتبيّن الوجهة أو تبيينها بالتقدم أو الكشف. كما تتبين الوجهة من اتجاه أعناق الخيل والشاء في مُقَدَّم أبدانها ومن اتجاه أوائل الخيل والإبل من بينها وكذا أوائل الوحش، والنصل من السهم. وضوء النهار يكشف الوجهة.

ومن التقدم "هَدَيْتُ العروسَ إلى زوجها: زفَفْتها (قدّمتها) وهي هَدِيّ وهَدِيّة كغَنِيّ وغَنية ". وأهديت إلى البيت هَديًا (تَقدِمَة). {فَمَا اسْتَيسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196]. ومن ذلك التقدم توجهًا إلى المراد عُبِّر بالتركيب عن الدلالة "الهادي: الدليل "لأنه يَقْدُم القوم نحو وجهتهم (ليدلهم). و "هَدَاه: تقدمه "ثم منه "الهدى: الرشاد والدلالة ضد الضلال. {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52] , {وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا} [إبراهيم: 12]. دلنا عليها {لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالمِينَ} [آل عمران: 96] البيت هدى للعالمين لأنه مكان معين يكون الاتجاه عنده إلى خالق الكون أرْجى للاهتداء إلى الدين الحق. وهذا جانب صحيح من كونه قبلة، إلى أنه المطاف والمصلى، وفيه آيات دالة على الله تعالى [ينظر بحر 3/ 8، أبو السعود 2/ 60]. والجمهور الأعظم مما في القرآن من التركيب هو بمعنى التوجيه إلى سبيل الرشد خاصة سواء ذُكِر المهدِيّ إليه أو لم يذكر، ربما لأن المفروض في توجيه المتقدم غيره أن يكون إلى الرشد (كالرائد)، ومن هنا استعمل الهدى ضد الضلال. ثم إن ما حكى من قول فرعون {وَمَا أَهْدِيكُمْ إلا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر: 29] فهذا زعمه هو. وبناء على الأصل أعني مجرد التوجيه إلى المراد جاء {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23)} [الصافات: 23]. وكذا {إِنَّا هَدَينَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)} [الإنسان: 3] {وَهَدَينَاهُ النَّجْدَينِ (10)} [البلد: 10] بينّاهما. {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَينَاهُمْ} [فصلت: 17] بَيَّنا لهمَ طريق الهدي وطريق الضلالة (دللناهم). وآية التركيب تعني (أو لم يتقدم أمامهم ويعرفوا أن من

(هود)

قبلهم هلكوا بتمردهم على الله فيتبينوا أن الرشد والنجاة إنما هي في الإسلام لله. وكذا ما في [الأعراف: 100، طه: 128]. ويقال "خُذْ في هِديتكَ -بالكسر: أي فيما كنت فيه من الحديث والعمل (تقدَّم في وجهَتك) و "ليس لهذا الأمر هِدْيَة- بالكسر: أي وجهَة. وفلان حَسَن الهدْى- بالفتح، والهِدْيَة- بالكسر: الطريقة والسِيرَة " (يشمل الوجهة والدلالة والتقدم). {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيدَ الْخَائِنِينَ} [يوسف: 52] لا يُنفِذه ولا يسدِّده [بحر 5/ 316] أي لا يتمه بأن يتركه يتقدم إلى غايته. و"الهدِيّة كغَنيّة: ما أتحفت به "هي من الأصل لأنها مُقَدَّمة مجانًا "أهديت إليه وله {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيهِمْ بِهَدِيَّةٍ} [النمل: 35]. أما "التهادي: مثي في تمايلٍ (وثقلٍ) لنساء والإبل الثقال، ويقال جاء يُهادَى بين رجُلين- للمفعول: أي يمشي بينهما معتمدًا عليهما من ضَعْفه ". (فهو من التقدم والصيغة للمساعدة). وأما "الهادي: الصخرة الناتئة في الماء "فإن النتوء إلى أعلى هو من باب النتوء تقدمًا. • (هود): {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيكَ} [الأعراف: 156] "الهَوَدة -محركة: أَصلُ السَنام / مُجْتَمَعُ السَنَام وقَحَدته (أي أصله أيضًا) والتَهْويدُ: السَير الرُوَيد الرفيق، واللين، والتَرَفق، والنَوم. هوّده الشرابُ - ض: فَتَّره فأنامه ". Qلين أو رخاوة وفتور ممتد في أثناء الشيء أي عَدَمُ الحدّة والصلابة فيه. كالسنام وأصله وهو تجمع شَحْمي رخو وكالسير الرويد وسائر

(هدم)

ما ذُكر. ومن معنويه "الهوادة: اللّين وما يرجَى به الصلاحُ بين القوم ". ومنه "هَادَ يَهُود وتهَوَّد: تاب ورجع إلى الحق فهو هائد وقوم هُود مثل حائك وحُوك وبازل وبُزْل " (التوبة انثناء وليونة أي عدم تصلب وعتوٍّ واطرادٍ على ما كان فيه من عصيان) ومن هذا {هُدْنَا إِلَيكَ} في آية التركيب {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام: 146]، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى} [البقرة: 62]، {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} [البقرة: 111] , جاء في [قر 1/ 432] {وَالَّذِينَ هَادُوا} معناه صاروا يهودًا. نُسبوا إلى يهوذا وهو أكبر ولد يعقوب - عليه السلام - فقلبت العرب الذال دالًا (أي فيكون اللفظ أعجمي الأصل) وقيل سموا بذلك لتوبتهم عن عبادة العجل. هادَ: تابَ. والهائد: التائب (الخ) فيكون الاسم عربيًّا. وهُود جمع هائد. كبُزْل وبازل) وينظر أيضًا [بحر 1/ 507, 520]. أما سيدنا هود - عليه السلام - فهو عربي واسمه عربي كما سموا قديمًا بسهل وطَيّب وحديثًا بسامح وسماحة ولطيف الخ {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} [الأعراف: 65]. والذي في القرآن من التركيب هو الفعل (هاد) واسم سيدنا (هود) وكلمة (هُود) جمع هائد التي ذكرناها. • (هدم): {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ} [الحج: 40] "الهَدَمُ -محركة: ما تَهَدَّمَ من نواحى البئر فسَقَطَ في جَوْفها، وبالفتح-

£° معنى الفصل المعجمي (هد)

(مصدر): قَلْعُ المَدَر. والهِدْمُ -بالكسر: الثوبُ الخَلَقُ المُرَقع ". والهَدِمَة- كفرحة والهَدِيم: الناقة الضَبِعَة. هَدِمَت الناقة (تعب) وتَهَدَّمت وأَهْدَمَت: اشتدت ضَبَعَتُها فياسَرَت الفحلَ ولم تُعاسِره ". Qتفكك أثناء الشيء وفَقْدُه التماسك فيتسيب. كالبيت والبئر المتهدم لا ينتصب، (ومن ذلك ما في آية التركيب) وكالثَوب الخلَق، فهو مُمَزقٌ غيرُ ملتئم والناقةُ الضَبِعَة تلين ولا تنتصب بل تكاد ترقد. ومنه "الهُدَام- كغراب: الدُوَارُ يصب الإنسان في البحر (فيسقط إذا وقف) ودماؤهم بينهم هَدَم -بالفتح والتحريك أي هَدَر (لا تقوم لها قائمة) ورجل هَدِم- كتعب: أحمَق مخنث (خال من التماسك). وتهَدّم عليه: تَوَعده كَتهَوّر " [الأساس]. ° معنى الفصل المعجمي (هد): تفكك القائم المنتصب وتضعضعه أو تسيبه كما في هدّ الحائط: كسره وتهويره- في (هدد)، وكما في تسيب الهادي: أي نفاذه ممتدًا من البدن إلى الإمام وكذلك امتداد النصل من السهم- في (هدى). وكما في لين أصل السنام ومجتمعه وكذلك تهويد الثراب الشاربَ: تفتيره وإنامته إياه (وهذا يناسب النسيب) في (هود)، وكما في الهدم قلع المدر أي فك امتساكه بعضه ببعض- في (هدم).

الهاء والراء وما يثلثهما

الهاء والراء وما يثلثهما • (هرر- هرهر): "الهُرَارُ -كغراب من أَدواء الإِبِل وهو استِطْلاقُ بطونها. والهُرهُور- بالضم: الكثير من الماء واللبن. والهُرهور كذلك: ما تناثرَ من حَبّ العنقود في أَصل الكرم. والهِرهِر- بالكسر: الناقةُ التي تلفظ رحمُها الماءَ من الكبر فلا تَلْقح. والهَرهَرة- بالفتح: الضحك في الباطل. ورجل هَرْهار. هرّ الشِبْرقُ والبُهمي والشوكُ: اشتد يُبْسه وتَنَقّش فصار كأظفار الهِرّ وأنيابه. هَرَّ سلحُه (قاصر): استَطلق حتى مات. وهرّه هو: أطلقه من بطنه ". Qتسيبٌ وانطلاقٌ لرقيق الشيء من أثنائه (¬1) كاستطلاق البَطن وغزارة خروج اللبن والماء .. ولحُظ في الشِبرق والبهمَي والشوك تبَخُر مائهن تبخرًا تامًّا فصرن كما وُصف. وقولهم "هَرَّ الكَلبُ: نَبَح وكَشَر عن أنيابه، وهرَّت القوسُ: صوتت. والهِرّ: السِنَّور لهريرها في وجه ما تَلْقَى من كلاب ونحوها تُرْهِبه " (كل ذلك من خروج الصوت بغزارة) وقولهم "هَرَّ الشيءَ " ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الهاء لإفراغ ما في الجوف، والراء للاسترسال، والفصل منهما يعبر عن خروج من الجوف بتدارك واسترسال كالماء والمائع وحب العنب والصوت المتدارك .. وفي (هور- هير) يضيف الحرفان معنيي الاشتمال أو الاتصال، ويعبر التركيبان عن تسيب ما كان مشتمَلًا عليه متجمعًا كالماء والرمل وانهيار الباء. وفي (هرب) تعبر الباء عن تجمع مع تلاصق ما، ويعبر التركيب عن لياذ هذا الخارج لشيء يختفي وراءه كأنما يلتصق به كالوتد في الأرض. وفي (هرع) تعبر العين عن التحام برقة، ويعبر التركيب عن سرعة تسيب الشيء من غلبة الرقة كسرعة البكاء.

(هور- هير)

(رد): كَرِهَه "يؤخذ من إخراج الرقيق من الأثناء، فيكون هناك جفاف. والكراهة جفاف القلب والأثناء إزاء الشيء. • (هور- هير): {أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ} [التوبة: 109] "الهَوْر -بالفتح: بُحَيْرة تَجرى إليها مياهُ غياضِ وآجامٍ فتَتَّسع ويكثر ماؤها. والتَيْهُور: ما انهارَ من الرَمل. واليَهْيَرَّة: الناقةُ ساهرةُ العروق كثيرة اللبن يَسيل لبنُها من كثرته. هار البِناءَ يهورُه: هَدَمه. وهارَ الجُرفُ والبناءُ يَهُور: سَقَط. وتَهَوّر القَليب بمن عليه ". Qتَسيُّبُ مادة الشيء فيخِرّ مهيلا لتخلخل أثنائه كاتساع الهور، وتسيب اللَبَن من الناقة، وتسيب الرمل والبناء، وانهيار الجرُف {عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [التوبة: 109]. ومنه "ضَرَبَه فهارَه وَهوّرَه: صَرَعه. وتهَوَّر فلان: وَقَع في الشيء بلا مبالاة (تسيب). وهُرْتُ القومَ: قَتَلْتُهم، والليلُ: ذهب " (ذهاب جرم الشيء فناءً). ومنه "هارَه بالأمر هَوْرًا: أزَنَّه واتهمه وكذا هَارَه: حَزَره (التهمة كلام هلامي، والحزر جمع هلامي). • (هرب): {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا (12)} [الجن: 12] "هَرَبَ من الوَتِد نِصْفُه في الأرض: غابَ. وهرب الإنسان وغيره: فَرّ. وأَهْرَب: جَدّ في الذهاب مذعورًا وقيل جدّ في الذهاب مذعورًا أو غير مذعور .. يكون للفرس وغيره مما يَعْدُو. وأَهرَبَ الرجلُ: أبعد في الأرض. وجاء مُهرِبًا كمحسن: أتاك هاربًا فَزِعًا ".

(هرع)

Qغياب من الحيز بقوة اندفاعًا أو إسراعًا إلى مُسْتَتَر: كالوتد في الأرض، وكالهارب. ومنه الهرب في آية رأس التركيب (ويلحظ أنهم يذكرون عجزهم عن الهرب في غير الأرض فإنهم جنّ). • (هرع): {فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70)} [الصافات: 70] "رجل هَرِع -ككتف: سريعُ البكاء. ودم هَرِعٌ: جارٍ بَيِّنُ الهَرَع. والهَرِعُ الجاري. والهَيْرَعَة- بالفتح: القَصَبة التي يَزْمُر فيها الراعي. هَرِعَ الشيء (فرح): سال / تتابع في سيلانه ". Qسرعة تَسَيّب المائع ونحوه من الأثناء: كسرعة البكاء والدم وكالصوت من القصبة الفارغة. ومنه: "الهرِعَة من النساء - كفرحة: التي تُنْزل حين يخالطها الرجلُ قبلَه، والمَهْرُوع: المجنون الذي يُصْرَع (يذهب عقله)، والمصروع من الجَهد (ذهبت قوته). والهَيْرَع -بالفتح: الجبان الضعيف الجَزوع (خوار لا يتماسك) والهًيْرَع- بالفتح الذي لا يتماسك، وريح هَيرَع: سريعةٌ الهبوب / قَصِفَةٌ / تَسْفِي التراب. ورجل هَرع - كفرح: سَرِيع المشي. والهرْعة بالفتح: القَمْلة الصغيرة (سريعة) والِهرْيَع- بالكسر: سَفِيرُ وَرَق الشجر " (يتسبب من الشجر بكثرة وتدفعه الريح بعيدا). ومن الأصل: "أُهْرِعَ الرجل- للمفعول: خَفَّ وأُرْعِدَ من سُرعةٍ أو خَوْف أو حِرْصٍ أو غَضَب أو حُمَّى. والإهراع إسراع في رِعْدة " {وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيهِ} [هود: 78] يَسْعَوْن عِجالًا (من خفة حلومهم).

معنى الفصل المعجمي (هو)

° معنى الفصل المعجمي (هو): تسيب بالغ لرقة - كالهُرار: استطلاق بطون الإبل - في (هرر)، وكالهَوْر: البُحيرة التي تتسع - واليَهيرة الناقة الموصوفتين - في (هور وهير)، وكالذي يهرب مبعدًا - في (هرب). وكالذي يُهرع: يَجري، ويَهْرَع: يتابع سيلانه - في (هرع). الهاء والزاي وما يثلثهما • (هزز - هزهز): {وَهُزِّي إِلَيكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)} [مريم: 25] "الهِزّة -بالكسر: صَوْتُ غَلَيان القِدْر. عين هُزْهُز- بالضم: يهتز ماؤها. وماء هُزْهُز - بالضم وكتماضر: كثيرٌ بتهزهز يهتز إذا جرى. هَزَّ القناةَ: حَرَّكها فاضطربت ". Qتحرك جِرْم الشيء حَرَكةً خفيفة مضطربة أو مترددة (¬1) كغَلَيان القِدْر واهتزاز الماءِ والقناة. {وَهُزِّي إِلَيكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} ومنه {فَلَمَّا ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الهاء لإفراغ ما في الجوف، والزاي تعبر عن اكتناز، والفصل منهما يعبر عن تحرك بخفة كأنما غلب الفراغ الاكتناز بحيث يكاد المهتز ينخلع من مكانه) وفي (هزأ) تضيف الهمزة بضغطها دفعة قوية، ويعبر التركيب عن تحريك تلزمه الخفة كتحريك الراحلة والإسراع. وفي (هزل) تعبر اللام عن امتداد واستقلال، ويعبر التركيب عن استقلال الشيء بكون الخفة تعمه كالمهزول. وفي (هزم) تعبر الميم عن استواء سطح الشيء، ويعبر التركيب عن استواء الشيء على نقص منه وخفة فيه كهزمة الأرض والنقرة في الصدر.

(هزأ)

رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا} [النمل: 10، القصص: 31] "وهز الإبلَ حاديها فاهتزتْ: تحَرَّكت في سيرها بحُدائه "أي أسرعت وقوله تعالى {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [الحج: 5، فصلت: 39] (تصوير للحركة الخفية لجوف الأرض الجافة حين تربو لنزول المطر عليها). ومن معنوي ذلك: "أخذته للأمر هِزَّة - بالكسر: أي أريحية وحركة " (تأثر نفسيٌّ خفةً وارتياحا). • (هزأ): {إِنَّا كَفَينَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95)} [الحجر: 95] "هَزَأَ الراحلةَ: حَرَّكها. [ل]، أَهْزَأَت به نَاقتُه: أَسْرَعَتْ. Qتحركٌ وتحريكٌ قويٌّ بسبب الخفة؛ كما في تحريك الراحلة والإسراع. ومن ذلك: هَزِئَ به (كمنع وسمع): سَخِر - كتهزأ واستهزأ ". (وأصل هذا من استخفاف المستهزِئ بالمستهزَأ به وذهاب قيمته عنده) {وَإِذْ قَال مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَال أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67)} [البقرة: 67]. (اتخذه هُزُوا: جعله موضع استهزاء). وكل. ما ورد في القرآن من التركيب فهو بمعنى الاستهزاء: السخرية مع استخفاف قدْر المستهزَأ به. • (هزل): {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} [الطارق: 13، 14] "الهَزْلَى - كسَكرى: الحَيَّات (لا واحد لها) [ق]. هُزِل الرجلُ والدابةُ -

(هزم)

كعُنِي -هُزالًا، وكنصر هُزْلًا- بالفتح والضم: ضد سَمِنَ. وهَزَّلته (ضرب، ض) .... Qنَقْصُ بَدَن الحي لذهاب سِمَنِه وما به امتلاؤه، ويلزمه الخفة. كحالة الهُزال. والحياتُ دقاق ليست مُفَلطحة. ومنه "الهَزْل - بالفتح: الفقر (ذهاب ما بالحوزة). أرض مَهْزُولة: رَقيقة " (ذهبت معظم خصوبتها). ومنه "الهزل: ضد الجِدّ (الجِدّ شدة وصلابة مع امتلاء) / اللعبُ / استرخاء الكلام وتفنينه، (ليس فيه قيمةُ ما يُقصَدُ بالكلام، ولا ثابت رصين، فهو كاللعب الذي فيه أيضًا ذلك الاضطراب العَبَثِيّ مع الامتداد كما في اللعاب - انظر لعب). وقد فُسِّرَ الهزلُ باللعب ورَبَطُوه به "أهزله: وجده لَعَّابًا. والهَيْزَلة: الراية لأن الريح تلعب بها .. والهزل واللعب من واد واحد {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} ما هو باللعب "والمُشَعْوِذُ إذا خَفّتْ يداه بالتخاليل الكاذبة ففِعْلُه الهُزَيلاء "اهـ[ل]. • (هزم): {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45)} [القمر: 45] "الهَزْمَة - بالفتح: ما تطامَنَ من الأرض، والنُقْرة في الصدر، وفي التفاحة إذا غمزتها بيدك ونحوه. هَزَفتُ القثاءة ونحوها (ضرب): كَمَزْتَها بيدك فصارت فيها وَقرة، وكذلك القِرْبَة تَنْهَزِم في جوفها ". وهُزُوم الجوف: مواضع الطَّعام والشراب فيه، والكُسُورُ في القِربة ونحوها. والهزيمة: الرَكيّة، وقبل التي خُسِفَتْ وقُطِع حَجَرها ففاض ماؤها. والهزائم: العَجائف من الدوابّ ". Qتراجع عن النتوء المعتاد غئورًا إلى داخل الشيء. كهَزْمَة الأرض والصدْر والتفاحةِ والقثاءةِ، وكُسرِ القربة وعَجَف الدوابّ العجفاء.

معنى الفصل المعجمي (هز)

ونسفُ حجر الركية غئور. ومنه "تهَزَّمَتْ السحابةُ بالماء واهْتزَمَتْ: تَشَّقَّقَتْ عنه مع صوت (خروج ما تَكْتَنِز به من ماء فيفرغ مكانه ويَغُور تَصَوُّرًا). وهَزَمَ له حَقَّه: هَضَمَه. وهوازم الدهر: دواهيه (إنقاصٌ يلزمه غئور مكان المنتقَص أي خلوّه) واهْتَزَمْت الشاة: ذَبَحْتها (إنقاص) وهَزَمَه: قتله. وهَزَمنا جَيشَ العدو: كسرناه وفللناه (رجع إلى الخلف فصار في صفوفه تجوف وهزوم، والرجوع إلى الخلف من قيل الغئور في الجوف) {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 251]، وكذا ما في آية التركيب، القمر: 45]. ومن الأصل "جاء يهتزم: يُسْرع كأنه يبادر شيئًا (كالمنحدر في هزمه). أما "هزيم الرعد "فهو صوت إفراغه ماءه وكذلك "هزيم الفرس "هو صوت جريه أي صوت بذله ما يذخره من قوة الجري. والبذل يلزمه غئور مكان المبذول. ° معنى الفصل المعجمي (هز): التحرك حركة خفيفة مضطربة - وما يلزم ذلك من الخفة كما في هَزّ القناةَ: حرّكها فاضطربت - في (هزز)، وكإسراع الراحلة مع ما يلزم الإسراع من الخفة - في (هزأ)، وكما في نحول البدن وفقده السمن فيخف - في (هزل)، وكما في تراجع جدار التفاحة والقثاءة إذا غُمِزَت بالأصبع فصار فيها وَقْرة - فهذا التراجع حركة ضعيفة إلى الداخل - في (هزم).

الهاء والشين وما يثلثهما

الهاء والشين وما يثلثهما • (هشش): {قَال هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} [طه: 18] "فرس هَشٌّ: كثيرُ العَرَق. وشاة هَشوش: إذا ثَرَّت باللبن. وقِرْبة هَشَّاشة- بفتح فشد: يَسِيل ماؤها لرقتها. وخُبْزَة هَشَّة: رِخوة المَكْسِر، وأُتُرُجَّة هَشَّة كذلك. والهَش- بالفتح، والهَشِيش من كل شيء: ما فيه رخاوة ولين. هَشَّ الخبزُ يَهِشّ: صارَ خَوَّارًا ضعيفًا. وهَشّ العودُ هُشُوشًا: تَكَسَّر ". Qضَعْفُ تماسك ما يُفْتَرض أنَّه صُلْب أو متين مصمت لانشار الفراغ في أثنائه (¬1) كما يُتَصَوَّر في جلد القِرْبة والفَرَس أنَّه مُصْمت، وضَرْع الشاة أنَّه لا يُنْزِلَ اللبنَ إلَّا حَلْبًا لكَنّ رَشْح العَرَق والماءِ وثُرُور اللبن يعني أنَّها مُخلخلة الأثناء، وكالخُبْز الهَشَّ مُنْتَفِش الأَثْناء مع فراغها كالإسفنج. ومه "هشَّ بالعصا على غَنَمه: ضَرَبَ بها الشَجَرَ اليابس ليَسْقط وَرَقها (الضعيف الامتساك بها) فترعاه غَنَمه. ويقال هشَّ الوَرَقَ " (رد). ومنه "الهشَاشة: الارتياح والخفة للمعروف. هَشِشْت إلى فلان: خَفَفت له وارْتحت له وفَرِحت به (تفتحت له). وهو هَشّ المَكْسِر؛ سَهْلٌ في ما يُطْلَب عنده ¬

_ (¬1) الهاء لإفراغ ما في الجوف، والشين للتفشي المتمثل في انتشار الفراغ في ذرات كثيرة متجاورة، والفصل منهما يعبر عن خفة أثناء الجرم لانتشار الفراغ فيها. فالشيء الهش ليس مصمت الباطن ولا صُلْبه وهو سهل التفتت ذرات. وتعبر الميم في (هشم) عن تضام ظاهر جرم هذا الذي وقع عليه الانتشار فتكون الحصيلة تهشم الهش أي تفتته).

(هشم)

من الحوائج (يَبْذُل ولا يُمْسِك) أو خوَّار العود " (ليس صَلدًا كَزًّا). ومن هذا الأخير قولة عمر "هَشِشْت يومًا فقتلت وأنا صائم " (اتهم نفسه). • (هشم): {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيهِمْ صَيحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (31)} [القمر: 31] "كَلأٌ هَيْشُوم: هَشٌّ لَيِّن. والهَشيمْ النَبْتُ اليابس المُتَكَسِّر، والشجرة البالية يأخذُها الحاطب كيف يشاء. والهُشُم -بضمتين: الِجال الرِخْوة. والهَشْمُ: كَسْرُ الأجوف واليابس / كَسْر العِظام والرأس من بين سائر الجسد. وهَشَمْت أنفَه: كسرتُ القَصبة. وهُشِمَت الخَوْذَة "- للمفعول. Qتفتت جرم الجافّ أو الصلب الملتئم الظاهر بالضغط أو الدقّ المناسب. كالكلأ اليابس وسائر المجوفات والشجر المذكور. والجبالُ الهُشُم كأنها ركام من مَدّر متفتت. ومنه "الهاشمة من الشِجَاج: التي هَشَمَت العظم ولم يتباين فَراشُه وقيل فتباين فرأشه ". "والريح تهشم اليابس من الشجر: تُكَسِّره {فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} [الكهف: 45]، {كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ}: ما يَبس من الحُظُرات فَارْفَتَّ وتكسَّر (هذا على فتح الظاء، وأما على الكسر فهو الشجر اليابس المتحطم الذي كان حِظَارا، فصاحبه يحتظر عليه حِظَارا رطبًا). ° معنى الفصل المعجمي (هش): فَقْد قوة التماسك والصلادة والإصمات كما في الخبزة الهشة والفرس الهش والشاة الهشوش - في (هشش)، وكما في الهشيم: النبت اليابس المتكسر - في (هشم).

الهاء والضاد وما يثلثهما

الهاء والضاد وما يثلثهما • (هضض - هضهض): "هَضَضتُ الحَجَر وغيرَه: كسَرته ودقَقْته، والشيءَ: كسَره ودقَّه. والهَضْهَضة كذلك إلَّا أنَّه في عَجَلة والهَضّ في مُهْلة. وهَضَّضَ - ض: دَقّ الأرضَ برجليه دَقًّا شَديدًا ". Qدقّ الشيء الصُلْب الغَليِظ وكسْرهُ (¬1): كالحَجَر الخ. • (هضم): {فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه: 112] "الهَضُوم والهاضوم: كل دواء هَضَم طَعامًا. والهَضَم - محركة: خَمَص البُطون ولُطف الكَشح. ورجل أفضم الكشحين: مُنْضَمُّهما. هَضَم الدواء الطعام (ضرب): نَهَكه " (الكَشْح: الخَصْر). Qنَهْك الغليظ وتذويبه وإذهاب غِلَظه - كهَضم الطَّعام، والأهضم الكشحين نُهِك ما بجوفه من غَلِيظٍ فدقَّ، كما يوصف الكشح بالدقة. ومنه: "الِهضْم - بالكسر: المطمئن من الأرض "، (كأنما سُحِق ما كان في جوفه من غِلَظ وصلابة). {وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (148)} [الشعراء: 148]: طَرِيّ غَضّ (ما دام في كوافيره) أو الذي رُطَبه بلا نوى، أو الذي يهشم تهشُّمًا "وكل سائغ ". ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الهاء لإفراغ ما في الجوف، والضاد للغلظ والدة، والفصل منهما يعبر عن كسر الغليظ الصلب. وفي (هضم) تعبر الميم عن استواء الظاهر على هذا الذي أَوهِيَ غلظه أي فُتَّ وأُذيب فامتُصّ.

معنى الفصل المعجمي (هض)

ومن معنويه "هَضَمَه حَقَّه: نَقَصَه (اُنْقِص ونُهِك ما في حوزته)، {فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا}. ° معنى الفصل المعجمي (هض): كسر الشيء الغيظ ودقه كهض الحجر أي كسره ودقه - في (هضض)، وكما في هضم الطَّعام: نهكه - في (هضم)، وهو إذا لم يهضم يكون الإحساس به في المعدة كأنه كتلة حجرية. الهاء والطاء وما يثلثهما • (هطط - هطهط): "الأَهَطّ: الجَمَلُ الكثيرُ المَشْي الصبورُ عَليه .. والهَطْهَطَة: السُرعة في ما أخذ فيه من عمل: مَشي أوْ غَيرِهِ ". Qالاستمرار بقوة وجِدّ في عمل الشيء (¬1) كاستمرار الجمل الأهط وكذلك السرعة في المشي وغيره. • (هطع): {فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36)} [المعارج: 36] "بَعيرٌ مُهْطِع - كمحسن: في عُنُقَه تَصويب خِلْقَة (أي حَدَبٌ في انحدار وهو ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الهاء لإفراغ ما في الجوف بقوة، والطاء لتعبير عن الغلظ، والفصل منهما يعبر عن كثرة إخراج الغليظ كما في كثرة المشي والعمل واستمرارهما. وفي (هطع) تعبر العين عن التحام مع رقة ويعبر التركيب عن دقة الخارج الممتد كما في الهيطع الطَّرِيق الواسع البارز بين ما حوله من الصحراء وكما في البعير المهطع المتصوب العنق.

خلاف التصعيد) [العين، وعبارة تاج] "أهطع البعير في سيره. مد عنقه وصوَّب رأسه أي خفضه. طريق هيطع - كحَيْدر: واسع ". Qخضوعٌ وانبساطٌ بعد غلظ وارتفاع (من ضغط) - كالطريق الموصوف فإنه لا يتسع إلَّا بكثرة الوطء وعِرَضِ مواضعه فتذهب وُعُورته، وعنق البعير إذا صُوَّب كان ضغطًا شديدًا وقع عليه فصوَّبه لأن المعتاد تَصَعُّده. ومنه "هَطَع وأَهْطَع: أقبل مُسْرعًا خائفًا لا يكون إلَّا مع خوف [ل] انبساط. وفي قوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} [إبراهيم: 42، 43]، فسرها [قر 9/ 376] بمسرعين مستشهدًا [في 17/ 130] بقول الشاعر: تَعَبَّدَنِي نِمْر بن سَعْد وقد أُرَى ... ونمرُ بن سَعْد لي مُطِيع ومُهْطِع وكذلك فسره أَبو عبيدة [2/ 240] لكن جاء في العين أنَّه فَسر المُهْطِعَ بالمقبل على الشيء ببصره لا يرفعه عنه واستشهد بنفس اليت، في حين أن [ل] أورده عن اللَّيث -كما قال- شاهدًا على "أَهطَعَ الرجلُ: أقرَّ وذَلَّ " (أي أخذًا من إهطاع البعير). وأورد شواهد أخرى على الإهطاع: الإسراع. والبيت المذكور صالح لمعنى الذل والخضوع (من إهطاع البعير) ولمعنى السرعة (من الانبساط من الأصل). وإقبال المهطع بنظره على أَحَدٍ ما ليس أصيلًا في معنى الكلمة، وإن كان يتأتى من الذليل المخادع إيهامًا بالإقبال. كما في آية المعارج الآتية. ونظر المقنع يكون إلى السماء - وهو نص في آية (إبراهيم) هذه. ثم إن ما سبق في (هطط) وما في (هيط) بالإضافة إلى سياق هذه الآية وقوله تعالى: {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} يَجْزم بأن المعنى هنا الإسراع عن كَرْب أو ذلٍّ

معنى الفصل المعجمي (هط)

ونحوهما، ويمتنع تفسيره بمد العنق وتصويب الرأس (: خفضها) الذي أورده [ل] ورواه القرطبي "المُهْطِع الذي لا يَرْفَع رأسه "، لأن ذلك يناقض الكلمة التالية {مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} أيضًا. وفي قوله تعالى: {فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ} [المعارج: 36] أَرْجح ما جاء فيها مما أورده [قر 18/ 293] أنهم جمع من المنافقين المتهزئين كانوا يحضرون (مجالسه) عليه الصلاة والسلام مسرعين ناظرين إليه - صلى الله عليه وسلم - تظاهرا بالإصغاء وهذا هو الخوف والذل. وقد وُصفوا في السياق نفسه بأنهم "كفروا "وأنهم يحسبون أنهم سيدخلون الجنَّة أي بجلوسهم معك وهم كافرون. [ينظر أيضًا بحر 5/ 418 - 424، 8/ 174]. ° معنى الفصل المعجمي (هط): لين وانقياد دائم أو ممتد كما في "الأهط: الجمل الكثير المشي الصبور عليه "- في (هطط)، وكما في الهَيْطَع: الطَّرِيق الواسع (لينه أنَّه ممهد ولابد - ما دام قد وصف بأنه واسع، وامتداده أنَّه طريق)، وكالبعير المهطِع الذي في عنقه تصويب (أي حدب في انحدار) خِلْقة (فلينه مفترض من أنَّه منحدر لأن الأصل به الارتفاع فيتصور أنَّه لو كان صُلبًا ما انحدر) - في (هطع). الهاء واللام وما يثلثهما • (هلل - هلهل): {حُرِّمَتْ عَلَيكُمُ الْمَيتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3]. "الهلال: غُرَّة القمر، والجملُ المَهْزول من ضِرابِ أو سَير، والغُبار، وما بَقِيَ في الحوض من الماء الصافي، والحيةُ إذا سُلِخت. وقد عبر بعض اللغويين هنا بأن الهلال سِلْخُ الحية "بكسر السين وهو القميص الذي يتربى حول بدَنِها ثم

(هيل)

تَنْصوُه آنا بعد آن. وهذا هو المعنى الصحيح عندي. Qذَهابُ وَسَط الشيء ومعظم أثنائه مع بَقاء سائره شاغلًا مكانه (¬1) كهلال السماء تَبقى بَعضُ حافته ولا يظهر وسطه، والجملُ المهزولُ ذاب شحمه وأثناؤه وبقى هيكلُه، والغبارُ يشغل حيزًا عظيمًا وأثناؤه فارغة. وكماء الحوض ذهب معظمه وبقي ما يشغل الحوض، وكسِلْخ الحية. ومنه "هَلّ المطرُ والسحابُ بالمطر - وهو شدة انصبابه " (أكثره وعُظْمه يسقط). * و (هل) الاستفهامية تعبير عن فراغ من العلم عن مدخولها. ويلزم من إعلان ذلك طلب العلم عنه. • (هيل): {وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا} [المزمل: 14]. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الهاء لخروج ما بالجوف بقوة، واللام تعبر عن الامتداد والاستقلال، والفصل منهما يعبر عن ذهاب وسط الشيء مع بقاء جزء دقيق منه كالهلال. وفي (هيل) تعبر الياء عن اتصال، ويعبر التركيب عن اتصال تراكم مع تسيب الأثناء كما في تخلل أثناء الشيء لذهاب الغلظ من أثنائه - كالهالة دارة القمر والهَيُول الهباء. وفي (أهل) تسبق الهمزة بالدفع، فيعبر التركيب عن تماسكٍ لطيفٍ لأثناء ذلك المتسيب أو الذاهب الوسط -كما في الإهالة. وفي (هلع) تعبر العين عن التحام الجرم على رقة، ويعبر التركيب معها عن رقة في الأثناء فيفرغ الجوف كالهُلَعة: الذي ... يستجيع سريعًا. وفي (هلك) تعبر الكاف عن ضغط غثوري دقيق يتأتى منه السحق أو الحبس على ذلك الفراغ، ويعبر التركيب عما يشبه سحق حقيقة الهَلَك - محركة. جيفة الشيء الهالك.

(أهل)

"الهالَةُ دارة القَمر. والهَيُول: الهباء المنبث وهو ما تراه في البيت من ضوء الشمس يدخل في الكُوّة. والهَيل - بالفتح، والهائل من الرمل: الذي لا يَثْبت مكانه حتَّى ينهال فيسقط ". Qفراغ في أثناء الشيء مع تسيب وصورة من التجمع تراكمًا أو تعلقًا. كحَلْقة الدارة مفركة تقريبًا، وكذرات الهباء في الهواء، وكانهيال الرمل - ومنه "هَال عليه الترابَ (جعله يشيب عليه) وهال الرملَ: دفعه فانهال، والدقيقَ في الجراب: صبَّه من غير كيل "ومنه {وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا} أي كل منها كومة من الدقاق المتسيبة كما قال تعالي: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5)} [القارعة: 5]. • (أهل): {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: 56] "الإهالة - كرسالة: ما أَذَبْتَ من الشَحْم، وما علا القِدْرَ من وَدَك اللحم السمين. كل دُهن اؤتُدِمَ به إهالة. كل ما أؤتُدِم به من زُبْد وودك شحمٍ ودهن سمسم وغيره فهو إهالة ". Qلزوم مع سيوغ إلى الجوف بتمكن ولطف واستطابة كالإهالة وما يؤدم به الطَّعام من جنسها. فهنا تغلغل في الأثناء مع طيب ولطف، ومن هذا "أهل الرجل: عثيرته. والآهل الذي له زوجة وعيال ". فالرجل من عشيرته ينتسب إليها وتنتسب إليه، والزوجة تلازم زوجها {مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا} [يوسف: 25]، أي زوجك وكذا ما في [طه: 132]. وما عداهما فأهل

(هلع)

تضاف وتراد بها العشيرة {وإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ} [آل عمران: 121]، أو أصحاب بلاد أو أمانات أو ذِكر أو مَكر إلخ. {حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ} [الكهف: 77]: 77، (أهل البيت: سكّانه. أهل كل مال: صاحبه) ومن هذا: أهل بيت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لأنهم أقارب صاحب البيت - صلى الله عليه وسلم - {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيتِ} [الأحزاب: 33]، ومن جنسها ما في [هود: 73]. ومن هذه العلاقة أيضًا {أَهْلِ الْكِتَابِ} [البقرة: 105] فهم مؤمنون به وينتمون إليه. و {أَهْلِ النَّارِ} [ص: 64] كما قال {أَصْحَابُ النَّارِ} [البقرة: 39]. وفي قوله تعالى: {قَال يَانُوحُ إِنَّهُ لَيسَ مِنْ أَهْلِكَ} [هود: 46] الأهلية المنفية هي أهلية مجانَسة في الدين والانتماء كما قيل (أهل الكتاب) -أي: إنه ليس من أتباعك المتعلقين بك وبدينك. بدليل تكملة الآية {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيرُ صَالِحٍ}. فعلق نفي الأهلية بعدم صلاح عمله [ينظر بحر 229 - 230]. ومن الأصل "هو أهل لكذا: مستوجب ومستحق له "أي ذلك الأمر لازم له، وهو محيط به فهو من حقه {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: 56]. أي هو عَزَّ وَجَلَّ أهل أن يُتَّقَى فلا يُعْصَى، وأهل المغفرة لمن اتقاه [ل]. وفي [بحر 8/ 372] مسندًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه سبحانه أهل أن يتَّقَى فلا يُتَّقَى إلاهٌ غيره، ومن اتقى أن يجعل معه إلاها غيره فإنه يغفر له. • (هلع): {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19)} [المعارج: 19] "رَجُل هُلَعة -كهُمَزة: يَهْلَع ويَجْزَع ويسْتَجِيعُ سريعًا. هَلِعَ (تعب): جاع ".

(هلك)

Qفراغ الجوف من مصدر القوة- كالجائع جدًّا. ومنه الهَلَع الذي وصفه القرآن الكريم {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيرُ مَنُوعًا} [المعارج: 19 - 21]، (فالجَزَع ضدُّ الصبر من فراغ القوة وعدم الصمود، ومنعُ الخير الموجود من فراغ النَفْس فيحرص خوفًا من الفقر) فتعريفهم الهَلَع بأنه الحرص، والجزع وقلة الصبر، أو أسوأُ الجَزَع وأفحشه = تعريفات جزئية إذ هو يجمعهما كما يبيِّن الأصل، وكما قالوا "رجل هلع - كفَرِح، وهالع وهَلُوع، وهِلْواع وهِلْواعة - بالكسر فيهما: جَزُوع حريص ". فجمعوهما. ومنه "الهَلَع "الجُبْنُ عند اللقاء (من فقد القوة)، وناقةٌ هِلْواع وهِلْواعة: سريعة شَهْمَةُ الفؤاد تخاف السوط فيها خفة وحِدّة " (الخفة لازمة لفراغ الجوف واقتُصِر عليه). • (هلك): {ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَينَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (9)} [الأنبياء: 9]. "الهَلَكون - محركة: الأرض الجَدْبَة ليس فيها شيءٌ وإن كان فيها ماء. والهَلَك - محركة: جِيفَة الشيء الهالك، ومَشْرَفَة المهواة من جَوّ السُكاك / المهواة بين جبلين. والهالك من السحاثب: الذي يَصُوبُ المَطَرَ ثم يُقلع فلا يكون له مطر ". Qفراغ جوف الشيء مما هو حقيقته وجوهره - كفراغ الأرض من الخصوبة، والجِيفة من الرُوح، والمَهواة من الصَخر، والسحابة من

معنى الفصل المعجمي (هل)

المطر. ومنه "هَلَكة النبات - محركة: جفوفه وبيوده. وهَلك (ضرب): شَرِهَ (من ذهاب صلب جوفه). ومنه "هَلَك: مات {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ} [النساء: 176]، وأهلك المال: أنفقه " {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (6)} [البلد: 6]، وعَمّ في الإفناء {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} [يونس: 13]، وقال جميل بثينة [المفصل في الأدب وتاريخه ج 1/ 147]. أَبيتُ مع الهُلَّاك ضيفًا لأهلها ... وأَهْلي قريب موسعون ذو وفضل قال الشراح: الهُلَّاك: السؤَّال والفُقَراء (والفقر فراغ حوزة). وقد استعمل القرآن لفظ الهَلَاك في الموت المعتاد (أي لا أخذ عذاب) كما في {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ} [النساء: 176، وكذا ما في يوسف: 85، القصص: 88، يس: 31، الجاثية: 24، الملك: 28]، كما استعمله في إنفاد المال إنفاقًا لا بتدمير في {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا} [البلد: 6]. وفي سائر المواضع في معنى الإفناء مؤاخذة، وهو في {مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ} [النمل: 49] عدوان. ° معنى الفصل المعجمي (هل): فراغ الأثناء أو ما هو من باب الفراغ. كفراغ دائرة هلال السماء في ما يُرَى، وفراغ أثناء الجمل المهزول من الضِراب أو السير - في (هلل)، وكفراغ أثناء الهَيُول: الهباء المنبث وهو ما يُرى في البيت من ضوء الشمس يدخل في الكوة - في (هيل)، وكالإهالة الذائب من الشحم والودك يفرغ مصدره - في (أهل)، وكفراغ جوف الهُلَعة - كهُمَزة: الذي يجوع سريعًا - في (هلع)، وكفراغ الهلكون: الأرض الجدبة التي ليس فيها شيء وإن كان فيها ماء - في (هلك). هذا، وقد جاء في تركيب (هلم): "الهُلام طعام يتخذ من لحم عِجْلة بجلدها ". وهنا أقول أن أخذ اللفظ

الهاء والميم وما يثلثهما

القرآني (هلم) في قوله تعالى: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُم} [الأنعام: 150، وكذا الأحزاب 18]، بمعنى أقبل أو هات ما معك من ذلك الاستعمال غيرُ مناسب. فالصواب قول من قال إن (هلم) مركبة من (هـ) التنبيه والفعل لُمّ بمعنى اجمع كما يعبر في الجيش عن الأمر الموجه للجندي ليحضر عند مناديه بكلمة (اجْمع). الهاء والميم وما يثلثهما • (همم- همهم): {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} [يوسف: 24]. "الهَاموم: ما أُذِيبَ من السَنَام، وما يَسِيل من الشَحْمة إذا شُوِيت، ومن الشَحْم: كثيرُ الإهالة. وكلُّ ذائب يسمى هامومًا، وهُمامًا - كغراب. هم الشحم (رد): إذا به. وانهَمّ الثلجُ، والشَحْم، والبَرَدُ: ذاب. هَمّ اللَبَن في الصَحْن: (رد) حَلَبه، وهَمَّ الغُزْرُ الناقةَ: جَهَدها ". وانهمّ العَرَقُ في جَبينه: سال. وانْهَمَّت البقول إذا طُبِخَتْ في القِدْر. Qذَوَبانُ الشَيءِ مُتَسَيِّبًا مما يجمعه لحرارة أو شدة (¬1) ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الهاء لإفراغ الباطن، والميم لاستواء الظاهر. والفصل منهما يعبر عن التسيب ذوبانًا (إفراغ من خلال ذلك الظاهر) كإهالة الشحم. وفي (هيم) تتوسط الياء بمعنى الاتصال، ويعبر التركيب عن فراغ الأثناء من كثرة النفاذ (أي اتصاله) كالهَيام. وفي (همد) تضيف الدال معنى الضغط والاحتباس ويعبر التركيب عن الاحتباس على ذلك الفراغ. كالهمود وفي (همر) تعبر الراء عن الاسترسال، ويعبر التركيب عن تدارك خروج المائع وهو الانصباب. وفي (همز) تعبر الزاي عن اكتناز ويعبر التركيب عن =

كالهاموم وذائب الثلج وكما يُحْلَب اللبن في الصحن. ومن ذلك "الهَمّ: الحُزْن. هَمَّه الأمر (الشديد) وأهَمَّه: أَقْلقه وحَزَنه. والاهتمام: الاغتمام. كما قالوا همه السقم والمرض: أذابه وأذهب لحمه " {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران: 154]. ومنه "هَمَّ بالشيء: نواه وأراده وعزم عليه " (كأنما تحلبت إرادته وهَوَاه بشدة نحو الشيء كما يسيل اللعاب شهوةً إلى الطعام). وقوله "نواه وعزم عليه "ليس دقيقًا فالعزم اشتداد يُشبه الصلابة. وهذا عكس الهمّ كما مر، فالهمّ فيه تسيب. وانطباقه الدقيق إنما هو على ما يبدر حسًّا أو حركة عند وقوع أمر جديد أي ردّ الفعل الأول قبل التروي، فلا يفسَّر بالعزم والنية: إذ هما عن ترو وفيهما عَقْدٌ في الباطن (والعَزْم أَشَدُّ في ذلك) وتفسير الهمّ بالإرادة أقرب لما فيهما من تسيب {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} [يوسف: 24] قال أبو حيان عند تفسير {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ} [آل عمران: 122]: أول ما يمر بالقلب يُسَمَّى خاطرا، فإذا تردد صار حديث نفس، فإذا ترجح فعله صار هما، فإذا قوي واشتد صار: عزما. فإذا قوي العزم واشتد حصل الفعل أو القول اهـ. ثم إنه في آية يوسف هذه عاب ما طوّل به المفسرون هنا يقصد خوض بعضهم تطوعا بما لا أصل له ولا سند، وينافي مع ذلك عصمة الأنبياء. ثم قال: "والذي أختاره أن يوسف - عليه السلام - لم يقع منه ¬

_ = دسّ دقيق في البدن وهو الهمز وهذا زحْم كالاكتناز وفي (همس) تفيد السين النفاذ بدقة وامتداد، ويعبر التركيب عن نحو عصر لا يسمع له صوت كالمضغ مع ضم الفم. وفي (همن) تعبر النون عن امتداد في الداخل أو الباطن، ويعبر التركيب معها عن ضم والتئام على شيء في الباطن أو في الداخل كما في الِهمْيان والهَيمنة.

هم بها ألبتة "وأول الآية بما يعني أنه كاد يهم لولا رؤية البرهان [ينظر بحر 3/ 47، 5/ 294 - 295] ولا أستريح لتأويله ولا لتعبيره المصادم. والرجوع إلى الأصل المادي يؤسس لتفسير علمي. فالهم درجات. والشحم لا يذوب مرة واحدة وإنما يبدأ ضعيفًا فإذا توقفت الإذابة جمد. وقد قالوا "الهَميمة: المطر الضعيف الهين مطر لين دُقاق القطر "فهو - عليه السلام - هم هما ضعيفا قد يتمثل في تحرك نفسه أدنى حركة كما يرى الشاب امرأة في وضع بالغ الإثارة فجأة، ثم قد يتنبه للرشد بعد استيعاب الموقف. أما هي فكان همها قويًّا مخططًا، لكها لا تملك أكثر من التعرض والكلام. ولذا تظل في دائرة الهمّ، وإن كان همًّا قويًّا بسبب شدة رغبتها وأنه (هو في بيتها). ولأنه في ذلك الزمن لم تكن القحة بلغت ما في أيامنا، وأنها زوجة وزير فإنني أرجح أنها ما كان يمكن أن تحاول اغتصابه، كما أن مثل هذه المحاولة لا تجدي مع الطرف الإيجابي إذا كان مستعصما. وقريب من أصل ما قلنا قول الإمام أبي العباس أحمد بن يحيى (ثعلب): هَمَّتْ وكانت مُصِرّة وهمّ ولم يواقع ما هَمّ [قر 9/ 166]. ومن الأصل "الهِمُّ - بالكسر: الشيخ الفاني (تحلل جسمه وفرغ كأنما ذاب) والهَوَامّ: الحيات (لانسيابها في سيرها على وجه الأرض مع دقتها كالسائل الذائب)، والدابّةُ: الفَرَسُ والبعيرُ (لدوام السير). وهوامّ الرأس: القَمْل " (لسَرَيانها بين الشعر). وهَمْهَم الرعدُ: سمعتَ له دَويًّا، والرجلُ: لم يبين كلامه " (يخرج منه الصوتُ مُدْغمًا غير متميز المفاصل للتضام عليه. فكلاهما صوت متوال غير مفصل كالشيء الذائب السائل).

(هيم)

• (هيم): {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} [الواقعة: 55] "الهَيَامُ - كسحاب: الترابُ أو الرملُ الذي لا يتمالكُ أن يَسيل من اليد رَمْل دُقاق يابس. مَفازة هَيماء: لا ماءَ بها، ورجل مَهْيوم وأَهْيم: شديد العطش. والهُيام - كغراب: شدة العطش، وداء يصيب الإبل (بنحو الجنون). فتهيم في الأرض لا ترعى ". Qجفاف أثناء الشيء وخلوها التامّ من البلل ومادة التماسك. كجفاف أثناء الرمل الموصوف، والمفازة، وجوف المهيوم. ومن فقد مادة التماسك "ليل أهيم: لا نجوم فيه "فالنجوم معالم تهدي إلى الاتجاه وهذا حفظ (= إمساك) من الضياع والضلال والحيرة. ومن هذا أيضًا "الهائم: المتحير "لأنه ضال ضائع غير ممتسَك إلى سبيل {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} [الشعراء: 225] فسّرت بأودية الكلام. وقال بعضهم هو وادي الصحراء يخلو فيه العاشق والشاعر (فعلى الأول هَيَمانهم شطحهم ومبالغاتهم الفِجّة وادعاءاتهم للناس وعليهم مدحًا وقدحًا بما لا واقع له. وقول بعضهم هو وادي الصحراء الخ مردود. فالاختلاء بالنفس في الوادي ليس قصرًا على الشعراء كما في عبارته، وليس إثمًا. والهيم في آية التركيب هي "الإبل العطشى التي بها داء الهُيام لا تَرْوَى، أو الرمل الذي لا يروى "والقول الأخير ضحل جدًّا، لأن الرمل لا يشعر بالعطش والشعور هنا مقصود. ومنه "الهامة: ما بين حرفي الرأس (جمجمة صلبة مع عدم صلابة جوفها فكأنها خالية). ومن هامة الرأس قيل "هامة القوم سيدهم) على التشبيه.

(همد)

• (همد): {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [الحج: 5] "شَجَرةٌ هامدة: قد اسْوَدَّتْ وبَلِيَتْ. وثَمَرة هامدةٌ: اسْوَدّت وعَفِنَت، وأرض هامدة: مُقْشَعِرَّة لا نبات فيها إلا اليابس المتحطم. كاد يَهْمَد من الجوع: يَهْلِك. وهمد الثوب (قعد): تقطع وَيليَ وهو من طول الطَيِّ تنظر إليه فتحسبه صحيحًا فإذا مسسته تناثر من البلى ". Qخلو أثناء الشيء من قؤ حقيقتِه ونموِّه (خلو الحي من الحياة وغير الحي من حقيقته): كذهاب القوة من الجوع، وذهاب الروح، وحرارة النار، وقوة الثوب، وكذهاب حيوية الشجرة والثمرة، والطراوة التي تجعل الأرض تنبت {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ}. أما "أَهْمَدَ الفَرَسُ: أَسْرَعَ في السير، والكلْبُ: أَخْضَر "فمن الأصل؛ إذ إن الجري عندهم إخراج لمذخور القوة، فإخراج المذخور إخلاء، أو أن شأن هذا الجري أن يُهْمَدَ بعدَه. "وأهمد في المكان: أقام "كأنما قَرّ لفقده القوة على الانتقال. • (همر): {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ} [القمر: 11] "الهَمْرَةُ -بالفتح: الدَفْعَة من المطر. والهَمَّار- كشداد: السَحابُ السَيَّال. همر الماءَ والدمعَ (ضرب): صَبَّه. وهَمَرَ الغُزْرُ الناقةَ: جَهَدها. وهَمَر ما في الضَرْع أي حَلَبه كلَّه ". Qانصباب المتجمع من المائع من مجمعه بقوة: كالمطر والدمع ... {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ}.

(همز)

• (همز): {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97)} [المؤمنون: 97] "قَوْسٌ هَمَزَى - محركة، وهَمُوزٌ: شديدةُ الدفع والحَفْز للسهم إذا نُزِع عنها. الهَمزة - بالفتح: النُقْرة كالهَزمة ". (نَزَع عن القوس: المراد: قذف السهم بها). Qدفع بقوة ودِقّة لما ينفذ في شيء. كالسهم عن القوس، وشَظِيَّة النُقْرة. ومنه قيل لما يَغُور في ظاهر جِزم الشيء: مِهْمَز "هَمَز الدابة: غَمَزها بالمهماز، والجوزةَ بيده، والقناةَ: غَمَزها ضَغَطها بالمهامز إذا ثَقَّفَها. والهَمْز مثل الغَمز والضَغْط. وهَمَزَه: دَفَعه وضَرَبه ". ومن مجازه "الهامز والهمّاز - كشداد، والهُمَزة: العَيّاب الذي يَعيب الناسَ في غيبتهم (بلسانه كأنما ينخسهم). {وَيلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} [الهمزة: 1] وآية التركيب {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ} أمره تعالى - تعليما لنا - أن يستعيذ من نخسات الشياطين. والهمز من الشيطان عبارة عن حثه على العصيان والإغراء به كما يهمز الرائض الدابة لتسرع [بحر 6/ 387] وهذا يذكرنا بقول رب العزة {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} [الإسراء: 64] وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: 83]. • (همس): {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إلا هَمْسًا} [طه: 108] "هَمَس الرجلُ (ضرب): مَضَغ من الطعام وفُوه مُنْضَمّ - الهميس: المضغ الذي لا يُفْغَر به الفم. همسه: عصره ".

(همن)

Qإخفاء ما يجري في الفم: كمضغ الطعام مع ضم الفم، وكالعصر مع الضغط. ومنه: "أسَدٌ هَمُوس وكشداد: شديد الكَسْر بضِرْسه (كأن حسّ مضغه أقل مما يتوقع من الكمّ الذي يمضغه) وأخذْتُه أخذًا هَمْسًا أي شديدًا "فهذا محمول على همس الأسد. ومنه: "الهمس والهميس: حسّ الصوت في الفم مما لا إشراب له من صوت الصدر، ولا جهارة في النطق، ولكنّه كلام مهموس في الفم كالسِرّ "وذلك من حيث إن الصوت يجري في الفم إذا كان موجودًا. وفي الهمس لا أصوات، كما قال تعالى: {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إلا هَمْسًا}. أما "الهَمْس: الصوت الخفي للوطء هَمْس الأقدام أخفى ما يكون من صوت الوطء "فنظر فيه إما إلى خفاء أثر الصوت لانعدامه أو إليه مع الوطء (الدوس بالقدم) لأنه ضغط. • (همن): {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيمِنُ} [الحشر: 23] "الهِمْيَان بالكسر: المِنْطَقَةُ، والتِكَّة، ويقال للذي يجعل فيه النفقة ويُشَدّ على الوسط ". Qضبط أو حَوْز بشدة وتمكُّن "كالنفقة في الهميان، وكما تمسك التكة والمِنْطَقة السراويل والإزار. ومنه: "الهَيمَنة: القيام على الشيء. قال: ألا إن خيرَ الناس بعد نبيه ... مهيمنُه التاليه في العُرف والنُكْر أي القائم على الناس بعده. ففيه الضبط والإمساك لهم في القَبْضة. والمهيمن في الأسماء الحسنى: القائم بأمور الخلق (إمساكًا وضبطًا وتدبيرًا وإحكامًا)

معنى الفصل المعجمي (هم)

{وَأَنْزَلْنَا إِلَيكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَينَ يَدَيهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيمِنًا عَلَيهِ} [المائدة: 48] أي حافظًا - ولهم كلام آخر [قر 6/ 210] والكلمة تعطي أن القرآن هو الضابط والفيصل في ما ورد في تلك الكتب السابقة له من الأخبار والتشريعات مخالفًا للقرآن الكريم. ° معنى الفصل المعجمي (هم): تسيب أثناء الشيء ذوبانًا أو نحوه كالهاموم: ما أذيب من السنام، وما يسيل من الشحمة إذا شويت - في (همم)، وكالهيام: التراب أو الرمل الذي لا تمالك - في (هيم)، وكما في بِلَى أثناء الشجرة أو الثمرة الهامدة وعفنها - في (همد)، وكما في انهمار السحاب السيّال بالماء - في (همر)، وكما في الدفع الشديد بدقة مع النفاذ بقوة في الأثناء كأن تلك الأثناء متسيبة - مثل همز الدابة بالمهماز، وشدة دفع القوس الهَمَزي للسهم فيخترق الجوّ بقوة - في (همز)، وكما في مضغ الطعام وتمزيق أثنائه والفم منضم - في (همس)، وكالنفقة المتسيبة في الهِمْيان في (كيس النقود) - في (همن). الهاء والنون وما يثلثهما • (هنن): "الهانّة -بتضعيف النون، والهُنَانة- كرخامة: الشَحْمَة في باطن العين تَحْتَ المُقْلة. والهُنَانة كذلك الشَحْم، وبَقية المخ ". Qشيء دقيق طري في الباطن (¬1) كشحَمة العين الخ. ¬

_ (¬1) (صوتيًّا): الهاء للنفاذ المُفْرغ والنون للامتداد الباطني اللطيف، والفصل منهما يعبر =

(هنو - هنى)

• (هنو - هنى): {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ} [آل عمران: 38] "هنا ظرف مكان "جعلته هنا أي في هذا الموضع "هَنُ المرأة: فرجها (أصله هَنَوٌ). Qتجوف ظرفي أي يكون ظرفًا وحيزًا لشيء يوضع فيه. كأن موضع الشيء تجويف يستقر فيه، ولذا سمي الظرف ظرفًا (وعاء مجوف). "هنا وههنا "للتقريب إذا أشرت إلى مكان، و "هناك "للتبعيد {مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} [آل عمران: 154]، {إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24]، {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ} [آل عمران: 38] في ذلك المكان والزمان البعيدين عن زمن حكاية القصة في القرآن، وليس لبعد الزمن بين الدعاء والاستجابة ولا لبعد مال مطلوب زكريا -كما قيل [في بحر 2/ 463] لكن الاستدلال بالآية على مشروعية توخى الداعي الأمكنة المباركة والأزمنة المشرفة [نفسه] صواب. {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ} [الكهف: 44] أي في الدار الآخرة -كما قال {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر 16] [بحر 6/ 124] ومنه "يا هَناه ويا هَنَتاه: يا هذا ويا هذه "كأنه ¬

_ = عن دقيق رخو يتكون ويمتد في الباطن كالهُنَانة. وفي (هنو) تعبر الواو عن الاشتمال، ويعبر التركيب عن الاشتمال على تجوف كالظرف أو رخو كالمتجوف، وفي (هنأ) تضيف الهمزة دفع هذا الرخو أو اندفاعه كالطعام السائغ. وفي (هون - هين) تعبر الواو عن اشتمال، والياء عن اتصال، ويعبر التركيبان عن استرخاء جرم الشيء لذهاب ما يمسه. وفي (وهن) يؤكد سبق الواو اشتمال الشيء على تلك الرخاوة.

(هون - هين)

يقول يا من هو هنا. وكذلك "هذا هَنُك أي شيئك "كأنه في حوزتك وجوفك. ومن هذا "مضى هِنْو من الليل - بالكسر أي وقت (ظرف زمني كالفَجْوة الزمنية للحَدَث، فظلام الليل كالجِرم الهلامي الفارغ الأثناء. والظلام يُخْفِي) ومن تعميمه في ظرف الزمان "أقام هُنَيَّةً "- بالتصغير: أي قليلًا من الزمان ويقال "هُنَيهة "أيضًا. ومن التجوف مع الخفاء: "في فلان هَنَوات أي خَصَلاتُ شَرّ ولا يقال ذلك في الخير " (كما يقال فيه ضعف أو مَغْمز، أو هو رقيق الدين والخُلُق، وكما أن كلمة عَيْب مأخوذة مما معناه الفجوة كما في العَيبة). • (هون - هين): {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63] "الهاوُون والهاوَن: هذا الذي يُدَقّ به. وامرأة هُونة - بالضم: ضعيفة من خِلْقتها لا تكون غَليظة كأنها رجل. وإنه لهَوْن من الخيل - بالفتح: سَلِس مطواع. والأنثى هَوْنة. وشيء هين (كبَيْت وسيّد): سَهْل. والعرب تمدح بالهَيْن اللَيْن "- بالفتح. Qلين الشيء أو نعومته ورخاوته وضعفه أي عدم صلابته. والهاوون أداة ذلك حيث يُدّق فيه الشيء الصُلْب المتحجر فيتحول إلى نحو الدقيق أو العجين. ومنه "رجل فيه مَهَانة: ذُلٌّ وضعف " (الضعف والذل كلاهما أصله من باب الرخاوة، لكن المقصود ضعف القيمة بين الناس) قال في [بحر 1/ 466] هان هوانا: لم يُحْفَل به، وهو معنى الذل، وهو كون الإنسان لا يؤبه به ولا يتفت إليه "ومن ذلك "الإهانة: الإذلال "أي بالقول والمعاملة

{وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ} أي من يهنهُ اللهُ لكفره أو فسقه {فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج: 18] [ينظر بحر 6/ 334] فهذا في قيمته عند الله تعالى مهما كان عند الناس. {فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} [الفجر: 16] سَمَّى الإنسان ترك تفضل الله عليه بالمال إهانة، وليس بإهانه، فكم من عبد صالح مضيق عليه في الرزق [ينظر بحر 8/ 465]. {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ} [البقرة: 90] مُذِلّ يسحق نفوسهم جزاء تكبرهم [ينظر نفسه 1/ 474]. ومنه "الهُون - بالضم وكسحاب: نقيضُ العز (العز شدة وتماسك وشموخ) {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ} [النحل: 59]، {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} [الأنعام: 93] قال [في قر 7/ 42]: الهُونُ والهَوانُ سواء. وكذا قال [في 15/ 349] في قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ} [فصلت: 17]. لكن بنظرة إلى الأصل نستطيع أن نلمح في هذه الآية معنى ما قاله عزَّ وجلَّ في ثمود أيضًا {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيهِمْ صَيحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} [القمر: 31]. أي أن (الهُون) هنا مادِّيّ. فالعذاب الهُون هو العذاب الساحق. وعن الليونة والرخاوة في الأصل "الهَوْنُ - بالفتح: الرفق واللين {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63] وخفة الشيء وسهولته {قَال كَذَلِكَ قَال رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} [مريم: 9]، {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيهِ} [الروم: 27]، {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: 15] (الضمير يعود إلى إفكهم على أمنا الكريمة السيدة عائشة رضي الله عنها). والذي في القرآن من التركيب بعضه من الإهانة ومنها (يُهن)، (هُون) و (مُهين)، (مُهان). وسائره من (الهَوْن) بمعنى اللين واليسر والسهولة.

(وهن)

ومنه (هيّن)، (أهْون) والسياقات واضحة. • (وهن): {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139] "رجل مَوْهون (في العظم والبدن): ضعيفٌ. وامرأة وَهْنَانة: فيها فتور عند القيام كَسْلى عن العمل. وَهَن العظم ونحوه: ضَعُف. وأَوْهَن عظمه. وتَوَهَّن الطائرُ: أثقِل من أكل الجيف فلم يَقْدر على النهوض ". Qضعف تماسك البدن أو الشيء من اشتماله على رخاوة ولذهاب الصلابة منه. كالعظم الواهن وكالمرأة والطائر الذي ذهبت قوته {وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي} [مريم: 14] , {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيتُ الْعَنْكَبُوتِ} [العنكبوت: 41]. {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} [لقمان: 14]. ضعفًا على ضعف {وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيدِ الْكَافِرِينَ} [الأنفال: 18] (كم يكيدون ضد الإسلام فيوهن الله مكايد الكافرين. اللهم زد حمايتك للإسلام والمسلمين، واجعل الإيهان إحباطا لكل مكايدهم)، {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالكُمْ} [محمد: 35]. وكل ما في القرآن من التركيب هو من الوَهَن الضعف المادي. ثم منه الوهن الضعف النفسي أو المعنوي. وهو في هذا التركيب فقد العزيمة أو ضعف نتيجة الكيد لا فقد العزة -كما في (هون). • (هنأ): {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: 24]

معنى الفصل المعجمي (هن)

"طعام هَنِيءٌ: سائغ، والهِنَاء - ككتاب: القَطِران، وعِذْق النخلة ". Qنجوعُ ما يجري في أثناء البدن وطيب أثره: كالطعام السائغ إلى مقره فيغني من جوع {فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4]، وكالقطران خلال مسام الجلد الأجرب فيريح الجلد ويبرّده، وكعِذْق النخلة يؤكل ما فيه حُلوًا سائغًا. ومنه: "هنأنى خبز فلان (ضرب ونصر): كان هنيئًا بغير تعب ولا مشقة، وكان طعامًا استهنأناه: استمرأناه. وهنأ الرجلَ (فتح): أطعمه. وهَنِئَتْ الماشية (فرح): أصابت حظًّا من البقل من غير أن تشبع منه " (أي حظًّا يسيرًا ليس غليظًا). ومنه "هَنَأَ الرجلَ (فتح وضرب) وأَهْنَأَه: أَعْطاه (أدخل خَيرًا في حوزته) واستهنأه: استعطاه. والهِنْئة - بالكسر: العطية ". ومن الأصل: التهنئة بالولاية والأمر (خلاف التعزية)؛ إذ هي دعاء أو تمَّنٍّ بأن ما دخل حوزته من خير - يطيب له فلا يعسر ولا يشقيه - كالطعام السائغ. ° معنى الفصل المعجمي (هن): رخاوة المتجمع في اباطن ولطفه كما يتمثل في الهانّة: الشحمة في باطن العين تحت المقلة - في (هنن)، وكالظرف اللطيف أو الرخو - في (هنو - هنى)، وكالمرأة الهُونة الضيفة الخِلقة وعمل الهاوَن في دَقّه الأشياءَ الصُلبة حتى تصير دقيقًا ناعمًا - في (هون هين) وكالرجل الموهون والمرأة الوهنانة - في (وهن)، وكالطعام الهنيء السائغ في الباطن يقبله البدن ويتغذى به لرخاوته فيه وطيبه - في (هنأ).

تراكيب مكونة من أحرف علة

تراكيب مكونة من أحرف علة • (أوو / أوى): {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 40 - 41]. "أَوَيت منزلي، وإلى منزلي. أويت الرجلَ إلى وآويته. أويت فلانًا: أويت إليه. المأوَى: المنزل، كل مكان يأوي إليه شيء ليلًا أو نهارًا. "على أن تُؤْوُني وتنصروني أي تضموني إليكم وتحوطوني ". أوى إليه أَوْيةً وأيّةً: رَقّ ورَثَى له أَشْفَقَ عليه. اسْتَأْوَيته: استرحمته. تأوَّى الجُرْح: تقارب للبرء ". Qضَمٌّ مع ضعف ما -كما في الإيواء للنصرة والحياطة، وكما في تأوِّى الجُرْح، فإنّ تقاربه للبرء يتمثل في تضامّه. وكما في الأُويّ إلى المنزل، وكذا إيواء الرجل، وكذا المأوى المنزل، فكل ذلك لا يستعمل فيه (أَوَى) إلا لضعفٍ ما - كالحاجة إلى الحماية من عدوّ أو مخوف أو جوٍّ يضر التعرض له، وكالحاجة إلى الراحة أو إحساس الآوى بحاجة المأويّ إلى العطف ونحوه. وقولهم: "أَوَى له: رَقَّ ورَثَى له أشفق عليه "هو مما برز فيه الضعف أكثر، ويتمثل الضم في التألم له والرثاء والإشفاق فكل ذلك مشاركة في الألم وانضمام إلى من يعاني منه فيه. وقولهم: "الأوَّة- بالضم: الداهية "هي من نفس هذا المعنى المحوري لكن مع زيادة الضعف. فالداهية - والعياذ بالله - مُضْعِفة مُوهِية، والضم فيها إصابتها -كما تسمى نازلة. ومن هذه الواوية أيضًا قالوا: "أوِّ مِن كذا: على معنى التحزن / تشكِّى مشقةٍ أو همٍّ أو حُزن ".

والذي في القرآن من التركيب أكثره من الأُوِيّ أو الإيواء: الضمّ لمعنى مما ذكرناه: الحماية .. {إذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} [الكهف: 10] {وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا} [الأنفال: 72] {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوي إِلَيكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: 51] .. وسائر ما في القرآن من التركيب مثل {وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ} [آل عمران: 162] {وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ} [آل عمران: 151] {فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 39] .. هو مما اقتُصِر فيه على معنى الضم. وقد ينظر إلى الأصل فيحمل معنى التهكم أيضًا. وأما (أَوْ) العاطفة فهي من المعنى المحوري أيضًا لأن العطف ضَمّ. ويتمثل الضعف في معناها في التردد بصوَرِه الكثيرة. فمنه تعديد الحالات {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43، المائدة 6] (أو) الأولى تخيير (تعديد حالات) و (أو) في (أو جاء أحد منكم من الغائط) بمعنى واو الحال، (أو) الثالثة معطوفة على ما قبلها بمعناها (أي هذه من تعديد الحالات) {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] هذه للتخيير، ولكنها في النفي تعني لا هذا ولا هذا. فالنهي هو عن طاعة كل منهما. {لَيسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} [آل عمران: 128] قيل إنها للتخيير وجملة {لَيسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيءٌ} معترضة. وقيل إنها بمعنى (إلا أن) [ينظر بحر 8/ 56]. {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: 147] قيل إن الترديد حسب نظر البشر وحَزْرهم لو

(أبي، إي)

رأوهم، وقيل إنها بمعنى الواو، وبمعنى بل. [ينظر بحر 7/ 360 {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سبأ: 24] هي للإبهام وله هنا غرضان: عدم صدم الخصم باتهامه بالضلال مباشرة- وهذا ما عبر عنه باللطف في الدعوة، ثم دفع الخصم للتفكير والموازنة [ينظر بحر 7/ 267] وينظر [ل] أيضًا في كل ما ذكر عن أو- تركيب [أوا]. • (أبي، إِي): {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} [يونس: 1] جاء في [ل رنب] "قال خطام المجاشعي: لم يَبْقَ من آي بها يُحَلَّيْن ... غيرُ خِطام ورَمادٍ كِنفين ... وغيرُ وَدٍّ جاذل أو وَدَّيْن وصاليات ككما يُؤَثْفين) اهـ. وقال آخر {لم يُبقِ هذا الدهرُ من آيائه ... غيرَ أثافيه وأرمدائه} "آيةُ الرجل: شخصُه. خرج القوم بآيتهم. بجماعهم لم يَدَعوا شيئًا ". Qبقاء الشيء في مكانه شاخصًا (أي مجسمًا) علامةً لشيء. كالآي التي ذكرها خطام المجاشعي في شعره (الخِطام، والرَماد، والوَتِد، والأَثافي)، وفي البيت الآخر أطلق الآيات على الأثافي أيضًا والرماد. وكشخص الرجل. وقول الشاعر: توهمت آياتٍ لها فعرفتها ... لستة أعوان، وذا العامُ سابعُ فهذه كلها أشياء مادية شاخصة باقية في المكان دالة عل ما كان فيه. وقولهم "خرج القوم بآيتهم أي جماعتهم لم يَدَعوا شيئًا، معناه أنهم حملوا ما شأنه أو

المعتاد أن يكون قائمًا. وفي العبارة معنى الكثرة والجسامة أيضًا. ومن هذه الجسامة المادية {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} [الشعراء: 128] عَلَمًا أو قصورًا طوالًا .. [بحر 31/ 7] وربما كان معها مقصد من الدلالة كبيان العظمة أو القدرة. ومن معنى البقاء قالوا "التأيَى: التنظُّر والتُؤّدة / التوقف والتمكث. تأيَّيتُ عليه: تثبتُّ وتمكثثُ، دار تَئِية - كغنِيّة: تلبُّث وتحبُّس ". ثم قالوا "موضعٌ مَأبيُّ الكلأ أي وخيمُه "ووخامة المطعم تتمثل في عدم هضمه وجريانه في مجاريه إلى نهايته، فهذا بقاء، وهو يلزمه الثقل والإحساس بالجسامة. ومن ملحظ البقاء والشخوص (القيام) والجسامة كذلك "إِيَا النَبْتِ وأَياؤه: حُسْنُه وزَهره على التشبيه ولا تشبيه. ومن الإصابة "تَأَيَّيته: تعمدتُ آيته آي شخصه وقَصَدتُه ". ومن الجسامة الآية من القرآن الكريم "لجماعة من حروف القرآن "أي كلماته {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] وهذا الاستعمال كثير في القرآن. ويجزم به وجود التلاوة في السياق، أو السمع، أو الدرس، أو الإحكام، أو العلم، أو النسخ، أو التبديل، أو القَصّ، أو إضافة لفظ آية أو آيات إلى الكتاب أو القرآن، فالآية جملة كلمات كما قالوا، وهي من الجسامة في المعنى المحوري مع ما فيها ووراءها من دلالات أيضًا. ومن كون الشيء المجسم الشاخص علامة على شيء كان كما سبق: كثُر في القرآن الكريم لفظ (آية) بمعنى (أ) علامة إعجازية {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً} [الأعراف: 73] أي علامة على صدق النبي - عليه السلام - (سيدنا صالح هنا) وأنه مرسل من عند الله. (ب) علامة لأمر من عند الله وإن لم يكن من باب المعجزات {قَال رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَال آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلا رَمْزًا} [آل

عمران: 41]. (ج) علامة دالة على وجود الخالق وصُنعه في هذا الكون من مثل {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ} [فصلت: 53]. والمناسب للاستقبال في {سَنُرِيهِمْ} هو ما كشفه العلم (في الآفاق) عن غلاف الأرض والمجموعة الشمسية والمجرات إلخ. و {وَفِي أَنْفُسِهِمْ} عن أسرار بدن الإنسان وأسرار الأرض والنبات إلخ. [وينظر بحر 7/ 483] عما قاله بعض المفسرين القدماء. ومن البقاء علامةً ودلالةً "الآية: العبرة " [ل] فإنما العبرة أمر وقع ومضى لكن بقي ما يُتَّعَظ به منه ويتخذ مثلًا- وهي من: "العبور: المجاوزة "أي من زمن إلى زمن ومن حدث وموقف إلى حدث وموقف آخر ثم مع ذلك من الشخوص كما سُمِّي المَثَل من المثول لانتصابه مَضرِبا. {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7]. وقد فسرت الآيات هنا أيضًا بالعلامات والدلائل [بحر 5/ 282] فـ (الآية) و (الآيات) لا يخرج معناها عما ذكرنا. والسياق يميز. ومن التشخص والتجسم (أيّ) التي ينادَي بها ما فيه (ال) كقولك (يا أيها الرجل ويا أيتها المرأة). فالنداء موجه لشخص المنادَى أو المخاطَب {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} [البقرة: 21] {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} [الفجر: 27]. وكذلك الأمر في (أيّ) في استعمالاتها الأخرى وهي تعود إلى كونها اسم موصول. واسم الموصول يعبر (في الأصل) عن شيء (شخص / جسم) تُعيّنُ المقصودَ به صلتُه- كقوله تعالى {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ} [مريم: 69] أي الذي هو أشد. ومنه أيّ الشرطية {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110]. وهي والموصولية من باب واحد بدليل دخول الفاء في قولهم

"الذي يأتي (السوق) فله درهم "فالموصول شبيه بالشرط، والفاء داخلة على شبه جواب الشرط [مغني اللبيب تحـ المبارك وحمد الله 1/ 219] وتستعمل (أيّ) للاستفهام {فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا} [التوبة: 124 {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [المرسلات: 50]. ولاستعمالها في الاستفهام رافدان (أ) كونها في الأصل تعبر عن شيءٍ عام، أعني غيرَ معين بالذات (أي أَثَر من آثار الرَبع الباقية كما أسلفنا) (ب) أنها تعبر في الأصل أيضًا عن كثرةٍ (أخذا من التجسم). وعدم التعيين والكثرة يتطلبان تحديدًا وتعيينًا، ومن هنا استعملت في الاستفهام المطلوب به التعيين. وتستعمل أيّ معبرة عن الكمال مثل "زيد رجل أيّ رجل "والكمال يؤخذ من الجسامة في المعنى المحوري. أما (إي) بالكسر فهي حرف جواب بمعنى نعم، وهو إثبات يؤخذ من بقاء الشيء في مكانه في المعنى المحوري. وتختص بالمجيء مع القسم إيجابا لما سبقه من الاستعلام [تاج {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} [يونس: 53]. * * * اللهم ألق القبول الحسن على ما في هذا الكتاب من حق، وارزقه الذيوع، ويسر التفهم، وانفعني وذريتي والمسلمن وأهل الدراسات العربية بما فيه في الدنيا والآخرة. وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان اللهم آمين. والحمد لله رب العالمين. تم الكتاب بعون الله تعالى والحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات

مستدركات

مستدركات • (أذذ-إذ): {وَإِذْ قَال رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30] "أَذَّ يؤذّ: قطع. قال: يؤُذّ بالشَفْرة أيّ أَذّ ... من قَمَعِ ومَأنةٍ وفِلذ (القَمَعةُ الرأس، ورأس السنام، والمَأنة من الرجل: ما بين السرة والعانة وأطراف الأضلاع من باطن، وهي من البقر أطراف الأضلاع من باطن. الفِلذة: القطعة من الكبد). "شفرة أَذُوذٌ: قاطعة. Qالقطع الوَحِيّ السهل: كقطع السنام وشحمة المَأنة وفَلْذ الكَبِد بالشفرة. والقطع السهل يؤخذ منه اللطف والخفة. ومن هذا القطع: "إذْ "ظرف يدل على ما مضى من الزمان، فهي للاستحضار الزمني لحدث أو أمر قد مضى، كأنما بالتخيل، أخذًا من الانقطاع واللطف والخفة التي هي خفاء. {وَإِذْ قَال رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} كأنه تعالى قال: ابتداء خلقكم إذ قال ربك للملائكة .. أي في ذلك الوقت [ل]. وفي [بحر 1/ 287] أن (إذ) ظرف في محل نصب بقوله {قَالُوا أَتَجْعَلُ} أي وَقْتَ قولِ الله للملائكة {إِنِّي جَاعِلٌ {قَالُوا أَتَجْعَلُ} فتكون الظرفية للقول لا لابتداء الخلق. وهذا هو الصواب؛ لعدم ذكر الخلق صراحة هنا، ولأن القول هنا قول بشأن الجعل لا الخلق. وفي قوله تعالى {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ

فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [الزخرف: 39] تمثل لابن جني إشكال في استعمال (إذ) هنا، لأن (اليوم) في الآية هو يوم القيامة، في حين أن (ظلم) المخاطبين وقع منهم في الدنيا. وحل الإشكال "أنه لما كانت الدار الآخرة تلى الدار الدنيا لا فاصل بينهما، إنما هي هذه فهذه، صار ما يقع في الآخرة كأنه واقع في الدنيا، فلذلك أُجْرى (اليوم) وهو للآخرة مجرى وقت الظلم وهو إنما كان في الدنيا " [ل]. و [في بحر 8/ 18] أن "إذ يمكن أن تكون لمطلق الوقت. وقيل للتعليل حرف بمعنى أن ". ثم إن (إذْ) تضاف إلى جملة، وقد تحذف الجملة ويعوض منها التنوين، وهو ساكن فيتقي سكونه مع سكون ذال (إذْ)، فتكسر الذال فيصير (إذٍ)، وفي لغة هذيل (إذًا) صار التخلص من التقاء الساكنين بالفتح. وفي [تاج] (أذذ) أن (إذ) تكون اسما للزمن الماضي، وحينئذ تكون ظرفًا غالبًا كما في {فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [التوبة: 40]، وتكون مفعولًا به كما في {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا} [الأعراف: 86] وتكون بدلًا من المفعول كما في {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا} [مريم: 16] قالوا (إذ) بدل اشتمال من مريم مفعول (اذكر)، وتكون مضافًا إليها اسم زمان صالح للاستغناء عنه مثل قولهم يومئذ وليلتئذ {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن: 39] أو اسم زمان غير صالح للاستغاء عنه كما في {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيتَنَا} [آل عمران: 8]، وتكون (أي في حالة الإضافة) اسما للزمن المستقبل كقوله تعالى {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة: 4]. وعن التهذيب للأزهري: العرب تضع (إذ) للمستقبل قال تعالى {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا} [سبأ: 51] معناه: إذ يفزعون يوم

(أشر)

القيامة. قال الفراء: إنا جاز ذلك لأنه كالواجب، إذ كان لا لك في مجيئه (أي فكأنه وقع فعلًا -كما قال تعالى {أتَى أَمْرُ اللَّهِ} [النحل: 1] [وينظر معجم حروف المعاني في القرآن الكريم 1/ 167]. أما (إذا) فهي في أصل استعمالها ظرف دال على ما يستقبل من الزمان. والأصل اللغوي لدلالتها هذه كالأصل اللغوي لدلالة (إذ): استحضارٌ لحدث أو أمر غير موجود الآن، ولكنه سيقع في المستقبل: ففيها معنى الانقطاع لأن عدم الحدث الآن هو فراغ من قبيل الانقطاع، واللطف والخفة أو الخفاء يتمثلان في تخيل وجود ما ليس واقعًا الآن، وكأن مدّ الألف التي بعد الذال في (إذا) يقابل امتداد فرصة الوقوع. فهي أرحب في المجال الزماني من (إذ). وأعذر للقارئ الكريم عن تتبع سياقاتها في القرآن، محيلًا على معجم حروف المعاني في القرآن الكريم 1/ 175، وكذلك 1/ 186 بالنسبة ل (إذا) الجوابية. • (أشر): {سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ} [القمر: 26]، "أُشَرُ المِنْجَل: أسنانه. التأشيرة: ما تعَضُّ به الجرادة، والتأشير: شوك ساقيها، والتأشير والمئشار: عقدة في رأس ذنبها كالمِخلبين. وهما الأُشرتان. أُشُر الأسنان وأُشَرها: التحزيز الذي يكون فيها خِلقة ومُستَعْملًا (أي مصوغًا لا خلقة). أشَرت المرأة أسنانها تأشرها أَشرا وأَشّرتها: حَزَّزَتها. الأُشُر: حِدّة ورقة في أطراف الأسنان، وإنما يكون ذلك في أسنان الأحداث تفعله المرأة الكبيرة تتشبه بأولئك. أَشِر النَخل أَشرًا: كثر شُربه للماء فكثرت فِراخه. أَشَر الخَشبة بالمئشار (نصر): نشرها، والمئشار: ما أُشر به ".

(ألت- ولت)

Qحدّة (أسنان دقيقة حادة) تنتشر من طرف الشيء: كالتآشير المذكورة، والنخل يكون خُوضُ جريده حادَّ الجوانب والأطراف ويكون على شيء من الصلابة، وبخاصة إذا كان فراخا بعدُ، مما يزيد حدّتَه. ومن ذلك "الأَشَر: البَطَر أشَدُّ البَطَر ". وقد فسّروه أيضًا بالمرح، وهذا غير دقيق، فبعض المرح يكون مجرد نشاط وخفة في الحركة مع طِيب تصرف. والبطر سوء احتمال النعمة ببخس قيمتها وسوء استغلالها وهذا الاخير بعض من الأشر. ولذا قالوا الأشر أشد البطر. فالأشر فيه شرٌّ ونوع من التعدي (أخذًا من انتشار الحدة) {أُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيهِ مِنْ بَينِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ} [القمر: 25]: بطر يريد العلو علينا، وأن يقتادنا ويتملك طاعتنا [بحر 8/ 178 - 179]. • (ألت- ولت): {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيءٍ} [الطور: 21] "الأُلْتة- بالضم: العطية الشَقْنة (أي القليلة). أَلَتَهُ مالهُ وحَقَّه يأْلِتُه وأَلاته وآلته إياه: نقصه ". Qالنقص عن المستحَقّ أو المتوقَّع: كالعطية الشَقْنة القليلة. وهي كذلك من وجهة نظر آخذها، إذ لا بد مع هذا الوصف أنه كان يتوقع أو يُتَوقَّع له أكثر منها. ولما قال رجل لسيدنا عمر: اتق الله يا أمير المؤمنين، سمعها رجل فقال: أَتَأْلِت على أمير المؤمنين؟ فسرها ابن الأعرابي بـ "أَتَحُطّه بذلك أَتَضَعُ منه أَتُنقِّصُه؟ ". وهو من ذلك. فالحط والوضع عن المنزلة المستحقة نقص. وأما استعمال (عَلَى) هنا فإنه من أن المعنى أَتُزْرِي عليه. وهو من النقص أيضًا. ومن ذلك المعنى: "الأَلْت: الحَلِفُ. ألته بيمين أَلْتا: شَدَّد عليه:

(ألم)

وأَلت عليه، طلب منه خلِفًا أو شهادة "ووجه كون الإحلاف من المعنى المحوري النقص، أن الحَلِفَ قَيْد، والقيد إنقاص لحرية الحركة المتاحة، وهم قد صرحوا بأن الحلف قيد، إذ أُثر عن العرب "إذا لم يُعْطِك حقَّك فقيِّدْهُ بالأَلْت. ومن هذا التقييد أيضًا "أَلَته عن وجهه أي حَبَسه وصرفه ". فهذا الصرف عن الوجهة حبس كما هو صريح، ونقص من حرية الحركة أيضًا. ومن النقص كذلك "ألاتَ الإنسانُ شيئًا عمِله: كتمه وأَتَى بخبر سواه. إذا عَمَّي عليه الخبر قيل قد لاته يَليته لَيتًا "فهذا نقص مما ينبغي. وفي قوله تعالى {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيءٍ} من (ألَت) ومن (أَلِت) ومن (آلت) ومن (ألات) .. وقرئت (لِتناهم) من (لا يليت) وكذا (ولتناهم) وكلها بمعنى نقص. والضمير عائد على "الذين آمنوا "أي أن الله يُلحق ذرية المؤمنين المكرمين بآبائهم في درجتهم في الجنة، وإن لم تكن أعمال الذرية تؤهلهم لتلك الدرجة، وذلك إكرامًا للآباء، دون أن ينقصَ الآباء شيئًا في مقابل ذلك الإلحاق. [ينظر بحر 8/ 147] والقول بأن الضمير عائد على الأبناء لا يتسق مع الامتنان الذي سيقت له الآية، بل هو يَنْقُضه إذا لم يُنْقَص من سيئات الأبناء شيء. {وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيئًا} [الحجرات: 14] وقد قرئت (لا يألتكم). وحاشا لله الذي يضاعف مثوبة الحسنات أن ينقصها. • (ألم): {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [البقرة: 10] "الألَم: الوجع. الأليم: المؤلم المُوجعِ. قال ذو الرمة {يصك وجوهها وَهَج أليم) ومن كلامهم "أَلِمْتَ بطنَك أي ألِمَ بَطْنُك. والله لأُبيّتَنَّك على أَيلَمَة: يعني

إدخال المشقة عليه والشدّة. تألم فلان من فلان: إذا تشكَّى وتوجَّع منه ". Qوَجَعٌ يسري في أثناء البدن (أو النفس): كالألم من الوَهَج (: حرّ النار)، ومن وجع البطن، وكالمشقَّة المتوعَّدة، والألم من فلان. هما نفسيان. أما عن درجة ذلك الوجع فقد جاء في [ل] "العذاب الأليم: الذي يبلغ إيجاعه غاية الإيجاع "والسياق القرآني لكلمة (أليم) يؤكد ذلك، فإن جمهور ما جاء منها هو صفة لـ (عذاب). والعذاب من جنس الوجع ولكنه أشد وأثره أشمل، فإذا وصف (العذاب) بأنه أليم بلغ الغاية في ذلك. وكذلك الامر في وصف العقاب {إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} [فصلت: 43] فالعقاب إيجاع. ومجيئه مقابل المغفرة يعني شدته، لأن المغفرة غاية الإكرام في العفو، فيكون العقاب الأليم غاية الإيجاع في العقوبة. وكذلك الأمر في {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102]، فإن نسبة الأَخْذ إلى الله العزيز القاهر الذي لا حَدَّ لقدرته تعني شدة ذلك الأخذ، ثم صُرِّح بوصفه بالشدة توكيدًا للمعنى. ولا يغيب عن الفطنة أن المشار إليه بـ (ذلك) في (وكذلك) هنا هو ما أوقع الله بمكذبي رسله الذين سبق أن قصّ أنباءهم في هذه السورة: نوح، وهود، وصالح، ولوط، وشعيب، وموسى. والذي جاء في القرآن من التركيب هو تلك الصفة (أليم) وصفا للعذاب، (وللعقاب وللأخذ مرةً واحدة لكلٍّ منهما): ثم الفعل منه {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ} [النساء: 104] حَثَّهم -سبحانه- على طلب القوم رغم جراحهم، وألزمهم الحجة بأنه إذا كان الكفار

(أمر)

يصبرون على الآلام والجراح والقتل، وهم لا يرجون ثوابًا في الآخرة، فأنتم أحرى أن تصبروا، لأنكم {وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} [ينظر بحر 3/ 357]. • (أمر): {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [البقرة: 221] "الأَمَةُ: المملوكة خلاف الحرّة المرأة ذات العبودة ". Qأنثى مملوكة. وليس في التركيب إلا كلمة (أمة) وجمعها. وجمع الأَمَة أَمَوَات، وإماء، وآمٍ، وإِمْوان، وأُموان. قال تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32] وليس في القرآن من التركيب إلا ما ذكر هنا. • (أنث): {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَينِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} [النجم: 45]. "أنثيا الفرس: رَبَلتا فَخِذيها. أرض مِئْناث وأنيثة: سهلة مُنْبِتَة خليقة بالنبات ليست غليظة. بَلَد (أي قطعة أرض خالية) أنيث: ليّن سهل ". Qلين أثناء الشيء وعدم غلظها وصلادتها: كرَبَلتَي فَخِذَي الفرس أي باطن فخذيها، وكالأرض السهلة المتسيبة التربة اللينتها. ومنه: "حديد أنيث: غير ذكير "، فالأنيث من الحديد هو الذي يسمَّى الحديد المطاوع، والذكير منه هو الصلب، و "الأنيث من السيوف الذي من حديد غير ذكر ". ومن ذلك أيضًا: "الأُنثيان: الخُصْيتان "للينهما، ويسمون الأُذُنين الأنثيين

(أنف)

(يمانية) نظروا إلى الجزء الرخو المتدلي من الأذن. والمرأة سميت أنثى للينها، لأن (بدن) المرأة ألين من (بدن) الرجل. ويقال "أَنَّث الِرجلُ: لان ولم يشدد، وتأنَّثَ في أمره وتخنث ". وليس في القرآن من التركيب إلا الأنثى خلاف الذكر. وجمعها إناث {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إلا إِنَاثًا} [النساء: 117] وقرئ (أُنُثًا) جمع إناث مثل ثمار وثُمرُ. وأما المراد بها فالأصنام، وعُبِّرَ عنها بالإناث إما لأن كثيرًا منها كانت لها أسماء مؤنثة: اللات، والعُزَّى، ومناة، ونائلة. وقال الحسن: لم يكن حيّ من العرب إلا ولهم صنم يعبدونه يسمونه أنثى بني فلان اهـ أو نُظر إلى تسميتهم الملائكة بنات الله، أو إلى أن الأوثان جمادات وموات كالخشب والأحجار والشجر "والموات كلها يُخْبَر عنها كما يُخْبَر عن المؤنث " [ينظر ل، بحر 3/ 367]. أما على قراءة (أُثُنا) فالأوثان مسماة بنظرتهم إليها أنها شركاء، كما في قولهم "استوثن الرجل من المال إذا استكثر منه ". • (أنف): {وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ} [المائدة: 45]. "الأنف: المَنْخَر للإنسان وغيره. أَنْفُ الناب: طَرَفه حين يطلع. أنف النعل: أسلتها (الجزء الدقيق من مقدَّمها)، أَنْف خف البعير: طَرَف مَنْسِمه. أنف الجبل: نادر يَشْخَص ويندُر منه. أَنْف كل شيء: طَرَفُه وأوّله ". Qنتوء الشيء للأمام أو إلى أعلى دقيقًا مُسَوًّى سابقًا ما هو منه: كالأنف من الوجه، وطرف الناب والنعل والخف من كل منهن، وكالكتلة النادرة أي الناتئة الممتدة من جسم الجبل. والذي جاء في القرآن من التركيب هو الأنف {وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ} و (آنفا).

وجاءت في اللغة استعمالات كثيرة، وهي تؤخذ من المعنى المحوري حسب ما يلي: فمن معنى التقدم للأمام والسبق يؤخذ معنى الأوَّلية "أَنْفُ البَرد: أَوَّله وأشدّه، أَنْفَة الصلاة: التكبيرة الأولى. أَنْف الشَدّ (أي العَدْو): أوَّله "أَنْف عمل فلان أي أولُ ما أخذ فيه. أَنفُ المطر: أول ما أَنْبَتَ ". ثم قالوا (روضة أُنُف: لم يَرْعها أحدا "أي هي على حالها الأوّل، وإذا رعاها) أحد يكون هو أول من فعل ذلك. وكذا "كلَأ أُنُف، وكأس أُنُف: مَلْأَى " (لم يُشْرَب منها) وكذلك المنهل الأُنُف. والأُنُف من الخَمر: التي لم يُسْتَخْرَج من دَنِّها شيء قبلها "ومن صور هذه الأولية "أرض أُنُف وأنيفة: بكّر نباتُها، وهي آنفُ بلاد الله أي أسرعها نباتا ". والسرعة والأوّلية متلازمتان. ثم قالوا "أَنَف: وَطئَ كلأَ أُنُفًا ""والمؤنَّفَة من النساء: التي استُؤنفت بالنكاح أوّلًا (أول زيجة لها) وهكذا. ومن الأَوّلية أيضًا "استأنف الشيء وأْتنفه: أخَذَ أوّله وابتدأه، وقيل: استقبله " (ومن هذا الاستقبال: استئناف الأحكام) "وفعلت الشيء آنفا: أي في أوَّل وقت يقرب مني " (أي أول وقت قريب وهو ما يسبق الآن الذي أنا فيه مباشرة): جاءوا آنِفًا: أي قُبَيلًا. {مَاذَا قَال آنِفًا} [محمد: 16] قال الزجاج: نزلت في المنافقين يستمعون خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا خرجوا سألوا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، استهزاءً، وإعلامًا أنهم لم يلتفتوا إلى ما قال [ل]. وكذا الحديث الشريف "أُنزلت عليّ سورة آنفًا: أي الآن " (المقصود في الآن السابق للكلام مباشرة). ومن دِقّة الممتد المُسوَّى "المؤنَّفُ: المُسَوَّى. سيرٌ مؤنَّف: مقدود على قدْر واستواء ". وقد اشتُقَّ من أَنْف الإنسان كثير نرتب ما يهمنا منه للتوضيح: فإنه يقال "أَنفَهُ (ضرب ونصر): أصاب أنفه "ثم يقال "أَنِفَ من الشيء (فرح): حَمِيَ

(أوه)

استنكف. أنِفَ الطعام وغيره: كرِهه. أنِفَ البعيرُ الكلأ: أَجِمه. والمرأةُ والناقةُ والفرسُ: تأنَف فَحْلها: إذا تبين حملُها فكرهته. أَنِفْت من قولك لي أشدَّ الأَنَف: أي كرهت ما قلتَ لي. أَنِفَ من الشيء: كرِهه وشرُفَتْ نفسه عنه. ورَجُل أَنوفٌ: شديد الأنفة "وكأن أصل كل ذلك صيغة فَعِل للمطاوعة التي بمعنى المفعولية كأنما ضُرِب أنفُهُ. ومن شبه الصريح في هذا "آنَفَت البُهمي (: مَرْعيَ) الإبلَ بِنِصالها " (أي شوكها) أي أن شوك ذلك المرعي آذى الإبل إذْ أصاب أنوفها فكرهت الإبل المرعى. ومما اشتُقَّ من الأنف "امرأة أَنُوف: طيبة ريح الأنف. رجل أنوف: شديد الأَنَفة. الأَنْف: السيد "ثم استعملوه في الكنايات "وَرِمَ أنفه: اغتاظ. أضاع مطلب أنفه: الرَحِم التي خرج منها "إلخ. • (أوه): {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: 114]. "آوَّه، أوَّه، آوُوه -بالمد وواوين، أَوهِ -بكسر الهاء خفيفة، وأَوْهَ، وآه: كلها كلمة معناها التحزن. أَوْهِ من فلان إذا اشتد عليك فقدُه. وقولهم عند الشكاية أَوهِ من كذا إنما هو توجع. وقد أَوَّه الرجل تأويهًا وتأوّه تأوهًا. أوّه وأَهَّه: إذا توجع الحزين الكئيب فقال آهِ أو هاه عند التوجع. قال: وإن تَشَكَّيتُ أذى القُروح ... بأهَّة كأهة المجروح وقال: فأوْهِ لذكراها إذا ما ذكرتها ... ومن بُعْدِ أرض بيننا وسماء Qالتصويت بأيٍّ مما حُكى تعبيرًا عن التوجع من ألم حِسِّيٍّ كالفقد والجروح، أو نفسيٍّ (ذِكرَى أو مفارقة). ومنه قالوا: "رجل أوَّاه: كثير

(سخط)

الحزن "أما في آية التركيب وفي قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} [هود: 75] فقد فسرت في [ل، بحر 5/ 108 -] 109] بستة عشر معنى أنسبُها لمعنى التركيب وأوثقُها أيضًا: الدَعّاء، وما هو مؤدٍّ أو لازم له: الرحيم الرقيق، المتضرع، المكثر من التأوه شفقًا وفرقًا من التقصير في حق الله. • (سخط): {أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ} [آل عمران: 162]. "السخط -بالضم، وبالتحريك: ضد الرضا. سخط الشيءَ (تعب): كَرهه، تسخَّطَ عطاءَه: استقلّه. كلما عملت له عملًا تسخطه: أي لم يرضه ". Qالغضب (الشديد) استنقاصا لما يُقَدّم من عمل أو عطاء. وقد جاء في [بحر 3/ 88] "السُخط: الكراهة المفرطة ". والطاء في آخر الكلمة توجه هذه الصفة، فإن "السُخْدَ ماء ثخين غليظ يخرج مع الولد عندما ينتج "والطاء أغلظ من الدال كثيرًا، وليس في القرآن من التركيب إلا السُخْط بمعناه المذكور. • (شطط): {فَاحْكُمْ بَينَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ} [ص: 22]. "الشَطُّ: شاطئ النهر. شَطُّ الوادي: سَنَد. الذي يلي بطنه. الشَطّ: جانب السَنام، وقيل شِقُّهُ وقيل نصفه ولكل سنام شَطّان. الشَطّ: جانب النهر والوادي والسنام ". Qامتداد جانبٍ إزاء مقابل له امتدادًا عظيمًا بارتفاع واستقامة نسبية: كشطِّ النهر والوادي المذكورَين. وشَطُّ السنام الامتدادُ فيه

(شطأ)

نسبيّ أو مُجْتَزَأٌ عنه. ومن ذلك الامتداد (مبالغة) مع الاستقامة "الشَّطاط - كسحاب: الطول واعتدالُ القامة / حُسْن القَوام. جارية شَطَّة وشاطّة بَيّنة الشَطاط - كسحاب وكتاب: وهما الاعتدال في القامة ". ومن الامتداد البالغ حقيقة "الشَطَاط - كسحاب: البعد. شطت دارُه تشط (كقعد وجلس): بعُدتْ وكل بعيد شاطٌّ ". ومن معنويه: "الشَطَط: مجاوزة القدر في بيع أو طَلَب أو احتكام أو غير ذلك. يقال: لها مهر مثلها لا وَكْس ولا شَطَط أي لأ نقصان ولا زيادة. وشطّ في سلعه (أي في تقدير ثمنها) وأَشَطَّ: جاوز القدر وتباعد عن الحق ". ومن هذا المعنوي {وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4)} [الجن: 4]، السفيه هنا هو إبليس أو كل سفيه. والشطط: تجاوز الحدّ (أي في فحش الافتراء هنا) وهو نسبة الصاحبة والولد إلى الله تعالى [بحر 8/ 341] وقريب منه قول أصحاب الكهف {لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14)} [الكهف: 14] تعالى الله عن الصاحبة والولد وعن الشريك {فَاحْكُمْ بَينَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ} [ص: 22] لا تتخط الحق / لا تَجُرْ في الحكم [ينظر بحر 7/ 392] أُخِذ معنى تخطي الحق من الامتداد الزائد - في المعنى المحوري. • (شطأ): {نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيمَنِ} [القصص: 30] "الشَّطْء - بالفتح: فَرْخ النخل والزرع. شَطَأ الزرعُ والنخلُ: أخرج شطأه. شَطءُ الشجر: ما خرج حول أصله. أشطأت الشجرةُ بغصونها إذا أخرجت غصونها. شَطْءُ الوادي والنهر؛ شِقَّته، وقيل جانبه: شاطئ البحر: ساحله. شاطئ الواد: شَطُّه وجانبه ".

(شطر)

Qنتوء شيء بجانبِ ملازمٍ له (حتَّى يعلوه): كنتوء فراخ النخل منه وهي تعلوه أي تركبه، وكذا نُتوء فروع الشجر منه، ونتوء فراخ الزرع بجانبه حتَّى تساميه ومثله "أشطأ الرجل: بلغ وَلَدُه مبلغ الرجال فصار مثله ". وملحظ العُلُوّ قد يكون حقيقيًّا كما في شاطئ الوادي والنخل والشجر، وقد يكون من مساواة الصغير للكبير إذا ساواه لزيادته عن المتوقع من أصله. ومن العلوّ "شطأ الناقةَ: شدّ عليها الرحْل. شطأه بالحِمل شَطْأ: أثقله. شطأ الرجلَ: قهره. شَطَأ المرأة شَطْأ: نكحها ". والذي جاء في القرآن من التركيب هو شاطى الوادي {نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيمَنِ}، وشطء الزرع: {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} [الفتح: 29]. • (شطر): {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] "للناقة شَطْران: قادِمان وآخِران، فكل خِلْفَين شَطْر (الخِلْفُ: حلمة ضرع الناقة والشاة، والناقة لها أربعةُ أخلاف والشاة لها خِلْفان). شَطَر ناقته وشاته (نصر): حَلَب شَطْرًا وترك شطرًا. وكل ما نُصِّفَ فقد شُطِّر. الشَطور من الغنم: التي يَبِس أحدُ خِلْفَيها. شاة شَطور: إذا كان أحد (خِلفيها) أطول من الآخر. شَاطَر طَلِيَّه (وهو الصغير من أولاد الغنم): احتلَب شَطْرًا أو صَرَّه وترك (للطَلِيَّ) الشطر الآخر. ثوب شَطور: أحدُ طرَفَيّ عَرْضِه أطول من الآخر. قَدَح شَطْران: أي نَصْفان. إناء شَطْران: بلغ الكيل شَطره، وكذلك جُمجُمةٌ شَطرَي وقَصْعةٌ شَطرَي ". Qانقسام الشيء -في حالته- إلى نصفين بحسب الجهة أي الأمام والخلف والأعلى والأسفل (واليمين والشمال) ونحو ذلك: كما هو

واضح في أحوال أخلاف الناقة والاة المذكورة، وحال الثوب الشَطور والقَدَح الشَطْران إلخ). ومن ذلك الأصل أُخذ ما يلي. أ) من الانقسام: شطْر الشيء: نصفه "الشطر: نصف الشيء. شَطَرته: جعلته نصفين. شاطره ماله: ناصفه "ومن هذا "شَطَر بصرُه (كجلس): صار كأنه ينظر إليه وإلى آخر " (كأنه قسم نظره بين اثنين). ب) ومن اعتبار أن الانقسام إلى جهات - كل جهة ذات حال: الشَطر: الجهة (شَطْر الشيء ناحيته. شَطر كل شيء نحوُه وقصده. قصدت شطرَه أي نحوه {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144، 149، 150]: توليةُ الوجه "شَطرَ الشيء: قَصْدُ عين الشيء: إن كان معايَنًا فبالصواب (أي بالتصويب إليه مباشرة)، وإذا كان مُغَيَّبًا فبالاجتهاد بالتوجه إليه. وذلك أكثرُ ما يمكنه [الرسالة للإمام الشافعي تح أحمد شاكر 37 - 38]. ج) ومن الانقسام وهو انفصال يتأتى منه التباعد قيل "شطَر عن أهله شُطورًا: نزح عنهم وتركهم مُراغِمًا أو مخالفًا وأعياهم خُبْثًا. ونيَّةٌ شَطُور أي بعيدة، ومنزلٌ شطير وبلدٌ شطير، وحيّ شطِير: بعيد، ومن هذا "الشطير: الغريب، لتباعده عن قومه، والشَطْر: البعد ". د) ومن معنى البعد (مع ملاحظة الانحراف المأخوذ من معنى الجهة: الناحية في الأصل) "فلان شاطر معناه أنَّه أخذ في نحو غير الاستواء / تباعد عن الاستواء ". هـ) ومن الشَطْر الخِلْف قيل في التعبير عن الخبرة الطويلة بتدبير الأمور وسياستها "حَلَب فلان الدهرَ أَشْطُرَهُ: أي خَبَر ضُروبَه يعني أنَّه مَرَّ به خَيرُه وشَرّه، وشدته ورخاؤه تشبيها بحلب جميع أخلاف الناقة ما كان منها حَفِلًا

(شطن)

وغير حَفِل، ودارًّا وغير دارّ ". • (شطن): {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97)} [المؤمنون: 97] "الشَطَن - محركة: الحبل الطويل الشديد الفتل يُسْتَقَى به وتشد به الخيل. بِئْر شَطونٌ: بعيدة القعر في جرابها عوج. رمح شَطون: طويل أعوج: أَلْية شطون إذا كانت مائلة في شِق ". Qامتداد بالغ مع اعوجاج أو انحراف: كالبئر والرمح الموصوفين. والألية الشَطون منحرفة وهي في وسط قَوَام البَدَن الممتد. والشَطَن الحبلُ ممتد. وأما اعوجاجه فإما أن يكون من لوازم عدم صلابته، وإما أنَّه يكون توسعًا، أصله: الذي يُسْتَقَى به من البئر الشَطُون خاصة، وهي "التي تُنْزَع (الدلو منها) بحبلين من جانبيها، وهي متسعة الأعلى ضيقة الأسفل فإن نزعها (المستقى) بحبل واحد جَرَّها على الطيّ فتخرقت ". فيكون أصل الشَطَن هو "الحبل الذي يُشْطن به الدلو "من أحد الجانبين، ومقابله شَطَن يشدُّه آخرُ، فهما مشاطنان. وهذه الجانبية هي العوج. ومن مادّي ذلك أيضًا: "الشيطان من سمات الإبل: وَسْم يكون في أعلى الوَرِك مُنْتصبًا على الفخذ إلى العُرقوب ملتويًا " (فهو مستطيل ومعوجّ ودقيق). و "الشيطان: حية لها عُرف " (فالامتداد متحقق والعرف مميّز كالثَنْية). ومن الشَطَن الحبل قالوا "شطنه (نصر): شدّه بالشَطَن. هو ينزو بين شَطنين: يُضْربُ مثلًا للإنسان الأَشِر القوي، لأن الفرس إذا استعصى على صاحبه شده بحبلين من جانبين ". ومن الامتداد قالوا: "شَطَن عنه: بَعُد، وأشطنه: أبعده. كلُّ هَوًى شاطنٌ في

النار. الشاطن: البعيد عن الحق. أي كل ذي هوى. شطَنت الدار: بَعُدت. نية شَطُون: بعيدة ". ومنه مع مقابل العوج: "نوًى شَطون: بعيدة شاقة. وحرب شطون: شديدةٌ عَسِرة ". ومن ملاحظة العوج أكثر: "شطنه (نصر): خالفه عن وجهه ونيته ". وأما "الشيطان فهو (فَيْعال) من شَطَنَ إذا بَعُد [ولفظ (شاطن) في شاهدين في [ل] يثبت أصالة النون حَسْما]، وكل عات = متمرد من الجن والإنس والدواب شيطان "فخفاؤه بُعد، وتمرده اعوجاج. وعتوه وتمرُّده المأخوذ من الاعوجاج في الأصل هو أساس كل أعماله و (وظائفه) من وسوسة بالشر، واستزلال، وإضلال ونزغ، وهمز، ومسّ وتزيين للباطل وصدّ عن سبيل الله إلخ ما أسند إليه في القرآن الكريم. وقوله تعالى {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} [الصافات: 65] قال الزجاج: وجه (هذا التشبيه) مع أن الشيطان لا يُرى، أنَّه يُسْتَشعَر أنَّه أقبح ما يكون من الأشياء، ولو رُئي لرُثي في أقبح صورة " [ل]. وأخيرًا فإن قوله تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيطَانُ} [الأعراف: 20]، وكذلك: {فَوَسْوَسَ إِلَيهِ الشَّيطَانُ} [طه: 120]، يعني أن الشيطان هو إبليس نفسه؛ لأنه هو الذي أَبى السجود لآدم وأقسم ليغوينه وذريته. وفي [سبأ: 20] تصديق أنَّه هو المُغوِي، وأنه أول الجن وبداءتهم كآدم في الإنس. وبما أنَّه عات متمرد فإنه يستحق اسم الشيطان، لكن هناك من قال إن الشيطان من ذرية إبليس، وإنه كنوح في الإنس [ينظر بحر 6/ 129، كشاف إصطلاحات الفنون / بسج / 2/ 540، 1/ 355، 3/ 445]، وفي [طه 120] ما يردّ هذا. {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} [البقرة: 14] اليهود، أو رؤسائهم في الكفر، أو كهنتهم. [ينظر بحر 1/ 201 - 202].

(شظظ)

• (شظظ): "الشِظاظ - ككتاب: العود الذي يُدْخَل في عُرْوة الجُوالق. شَظَظت الغِرارتين بشِظاط وهو عود يُجْعَل في عُرْوتي الجُوالقين إذا عُكِما على البعير، شَظَظتُ الجُوالق أي شددت عليه شِظاظه ". Qشدٌّ بإنفاذ عود صُلْب يمتد نحو ذراعين في عروتي الجوالقين ليحملا على البعير. وعمله هذا يبين أنَّه شديد وغليظ، وقد يكون له طَرفٌ حادٌ، لأنه ذكر (في ل) أن رجلًا نحر به ناقة. وقد يكون له عقْفَةٌ. ومن الشَّدِّ مع الغلظ والصلابة قيل: شَظَّنى الأمر شظًّا وشُظُوظا: شقّ عليّ ". • (شوظ) {يُرْسَلُ عَلَيكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (35)} [الرحمن: 35] "الشُواظ - ككتاب وصداع: اللَهبُ الذي لا دخان فيه / قطعة من نار ليس فيها نحاس (دخان). وقيل الشواظ لهب النار ولا يكون إلَّا من نار وشيء آخر يخلطه ". Qلهب نار ممتد معه أو ليس معه دخان. وليس في الاستعمالات اللغوية أو القرآنية لهذا التركيب إلَّا كلمة الشواظ هذه. وقد جاء عنها في [بحر 8/ 193] "الشواظ: لهب النار، قال مجاهد: اللهب الأحمر المنقطع. وقال الضحاك: الدخان الذي يخرج من اللهب اهـ وقول الضحاك مرجوح لأن كلمة (نحاس) المعطوفة على (شواظ) في الآية معناها الدخان، فيكون تكرارًا. وهو خلاف الأصل. وهذا يرجح أيضًا أن المعنى اللغوي للشواظ هو اللهب بلا دخان.

(كور - كير)

• (كور - كير): {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: 1] "الكَوْر - بالفتح: لَوْثُ العمامة يعني إدارتها على الرأس. كار العمامة على الرأس يَكُورها كوْرًا، وكوّرها: لفّها وجمعها. الكِوار والكوارة - ككتاب ورسالة: شيء يُتّخذ للنحْل من القضبان، وهو ضيّق الرأس. الكارةُ: الحالُ الذي يحمله الرجل على ظهره / عِكمُ الثياب / ما يُحْمل على الظهر من الثياب. وكارة القَصَّار (: غسّال الثياب) من ذلك، لأنه يكوِّر ثيابه في ثوب واحد ويحملها فيكون بعضها على بعض ". Qإدارة الشيء على شيء تهيئةً لجمعه عليه (إدارةٌ أو دورانُ تهيئةٍ للجمع): كإدارة كَوْر العمامة على الرأس لجمعه على الرأس، وكِوارة النحل: خَلِيَّتُه يسرح ثم مجتمع فيها، وكارة الثياب تُجْمع فيها الثياب ويدور تاجر الثياب بها وهي على ظهره، والغسَّال مشبه به. ومن مادّي ذلك أيضًا: "الكِوارة - كرسالة: خرقة تجعلها المرأة على رأسها لَوْثٌ تلتاثه المرأة على رأسها بخمارها، وهو ضرب من الخِمرة " (مشبّهٌ بالعمامة أو هو لإمكان جمع الخمار لأنه يقيه من الدهن مثلًا)، والكُور -بالضم: الرَحْل / رحل الناقة بأداته (يصغ بحيث يحيط بالشام مجموعًا حوله، أو يساعد على حمل الأشياء (جمعها) عليه)، "الكار: سُفُن منحدرة فيها طعام في موضع واحد (جمع ودورانٌ: سَيْرٌ). ومن الجمع وحده (جزء المعنى) "كَوّر المتاع: ألقى بعضه على بعض / تكوير المتاع: جمعُهُ وشدُّه، (هنا تهيئةٌ للجمع أيضًا "الكَور - بالفتح: القطيع من البقر، ومن الإبل: القطيع الضخم / الإبل الكثيرة العظيمة. الكُورة - بالضم: المدينة والصُقع / المِخْلاف، وهي القرية من قرى اليمن "

(كوف - كيف)

إدارة شيء على شيء كتكوير العمامة على الرأس. وعبارة مجاهد (اضمحلت) أقرب للأول. • (كوف - كيف): {كَيفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} [البقرة: 28] "كوّف الأديم، وكيّفه: قطعه. من الكَيف والكوْف [تاج، ل] تكوّف الرمل والقوم: استداروا. يقال للخرقة التي يُرْقَعُ بها ذيلُ- القميص القدّامُ كِيفَة، والتي يُرْقَع بها ذيلُ القميص الخلفُ: حِيفة ". Qكون الشيء على هيأة معينة ملتئمة استدارةً أو تجمعًا. فالاستدارة مصرَّحٌ بها في تكوف الرمل، وفي قولهم: "تُرك القوم في كُوفان - بالضم: أي في أمر مستدير، وإنّ بني فلان من بني فلان لفي كوفان - بالضم، وكَوَّفان أي في أمر شديد، ويقال: في عناء ومشقة ودَوَران ". ومن هذه الاستدارة أيضًا: "إنه لفي كُوفان من ذلك أي حرز ومنعة " (كأنه محاط)، وهي متحققة أيضًا في "الكُوفان - بالضم: الدَغَل بين القصب والخشب "فالدغَل سواء كان أشجارًا مُلْتفَّة أو نَبْتًا كالحَمْض من المرعى إذا كان هو المقصود بالكُوفان فإنه مُغَطَّى ومحاطٌ بالقصب والخشب ما دام بَينه. كذلك فإن معنى التجمع مُصَرَّح به في الواوية "كوَّف الشيء - ض: جمعه، والتكوف: التجمع، والكُوفة: الرملة المجتمعة تكوَّفوا في هذا المكان اجتمعوا فيه "ولا يخفى أن الكيفة التي يرقع بها ذيل القميص تمثل جمعًا، لأنها قطعة ثوب مضافة فوق أخرى وفيها استدارة أيضًا، لأن ذيل القميص مستدير. ومن حق تحرير المعنى أن نذكر أن معنى الجمع ثابت في الفصل المعجمي فإن "قبض الطرف المنتشر "- وهو معنى "كفّ الشيء "- يلزمه الاجتماع، ومن هنا استعمل "كفَّ "في معنى الجمع أيضًا. وأخيرًا فإن

الاستدارة إحاطة يتحقق فيها الجمع. ومن ذلك الأصل: "كيفَ للاستفهام عن الأحوال "، والأحوال جمع حال وهي الهيأة. جاء في [كليات الكفوي / الرسالة / ص 751 / المتن والحاشية] الكَيفُ هياة قارَّةٌ في الشيء. والسؤال بكيف "الغالب فيه أن يكون استفهامًا عن الأحوال إما حقيقيًّا - ككيف زيد، أو غير حقيقي مثل {كَيفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} [البقرة: 28] [البقرة: 128] فإنه أُخِرج مُخْرج التعجب والتوبيخ. قال الزجاج: وهذا التعجب إنما هو للخلق وللمؤمنين، أي اعجبوا من هؤلاء كيف يكفرون بالله وقد ثبتت حجة الله عليهم. ويقع مفعولًا مطلقًا مثل {أَلَمْ تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1)} [الفيل: 1]. وأما قوله تعالى: {فَكَيفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)} [النساء: 41] فهو توكيد لما تقدم من خبر، وتحقيق لما بعده، على تأويل إن الله لا يظلم مثقال ذرة في الدنيا فكيف في الآخرة. وتقع كيف للنفي (كيف يرجون سقاطى) أي لا ترجوا مني ذلك، وخبرًا قبل ما لا يُسْتَغنى عنه نحو كيف أنت، وحالا قبل ما يستغنى عنه: كيف جاء زيد " [تاج - بإعادة ترتيب]. أما عن معاني (كيف) في القرآن في كل مواضعها فيظر معجم حروف المعاني في القرآن الكريم 2/ 810 ويمكن تلخيص أمرها في ما يلي: أ - البيان لهيأةٍ / حالٍ / صور؛ سؤالًا أو بغير سؤال، وذلك في البقرة 259، 265، آل عمران: 6، 137، المائدة: 31، 64، إبراهيم: 24، 45، الفرقان: 45، العنكبوت: 19، الروم: 48، 50 الملك: 17، نوح: 15، الغاشية: 17، 18، 19، 20، الفجر: 6، الفيل: 1]. ويضم إلى هذا كل ما قبله طلب النظر وما إليه مثل {فَانْظُرُوا كَيفَ} [آل عمران: 137]. ب - سؤال عن هيأةٍ / حالٍ / صورةٍ وفيه تعجب أو إنكار بأي مستوى.

(كين)

وهو سائر ما في القرآن الكريم منها. • (كين): {اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ} [المؤمنون: 76] جاء في [ل روق] "أسبلت أرواق العين: إذا سالت دموعها. قال الطرماخ: عيناكَ غربا شَنَّةِ أسبَلَت ... أرواقُها من كَيْن أَخْصامها خُصْما العين: زاويتاها. وكَيْنُ الزاويتين: لحم باطنهما [أخذتها من تفسيرهم كَين المرأة: لحم باطن عضوها / غدد داخل القُبُل مثل أطراف النوى. الكَيْن: البَظْر " [أستغفر الله، وأعتذر للقارئ - حكم منهج]. Qضعف ما في الباطن رقةً وحدّةَ إحساس: كلحم باطن العين، وباطن العضو المذكور. ومنه قولهم: "بات فلان بِكِينَة سَوْء أي بحالة سَوء " (فهذا ضعف شديد مع إحساس به)، وقالوا: "أكانه الله يُكينه إكانة أي أخضعه حتَّى استكان، وأدخل عليه من الذل ما أكانه "فهذا أيضًا ضعف شديد فليس أضعف من الذليل. ومنه: {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا} [آل عمران: 146]، وكأن نفي الاستكانة بعد نفي الوهن والضعف لتخصيص نفي الذُلِّ. وقوله تعالى {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76)} [المؤمنون: 76] فهؤلاء كان المفروض أن يخضعوا ويذلوا لربهم ضارعين أن يكشف عنهم العذاب، لكنهم لم يفعلوا. وقد جاء في [ل] خلاف في تركيب فِعْل (استكان) هذا: أنَّه "من السكينة افتعل من (سكن) فمُدّت فتحة الكاف بالألف. والقول الآخر أنَّه استفعال من

(نوق)

كان يكون ". هذا، مع أن [ل] ذكرها في (كين) لا في (كون). وذكرها في كين هو الصواب، لمناسبة المعنى. ولا يتأتى أن تكون من (سكن) لان السكون لا ينافي العزة - مع ما في ذلك من ارتكاب مطل الحركة، ولا من (كون) لأن القصد ليس مجرد الكينونة. ومما يؤكد أنَّها من هذا التركيب ما جاء منه: (الكَينة - بالفتح: الكفالة، والمُكْتان: الكفيل "فمعنى الكفالة يؤخذ من كون الشيء في الباطن محاطًا -كما في المعنى المحوري. أما "الكَيْنَةُ: النَبِقة "فلعلها من تشبيهها في غلافها بذاك، أو أن النبق هو الأصل، وذلك مشبه به - وهذا هو الأولى أن يكون. • (نوق): {فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} [الشمس: 13] "الناقة: الأنثى من الإبل. جَمَل مُنَوَّق- كمعظَّم: ذلول أُحْسِنَتْ رياضته مُلَيَّن. ناقة مُنَوَّقة: عُلِّمت المشي. تَنَوَّق في أموره / في مَنْطِقِه ومَلبسه وأموره: تجوَّد وبالغ. المنوَّق من النخل: الملقَّح، ومن العذوق: المُذَلَّل، المُنَقَّى. تنوقت الأَكُفُّ في نسج الثوب. يقال: تَنَوقْتُ في الشيء: إذا أحكمتَه. والنَوَق: بياض فيه حُمرة يسيرة ". Qأداءُ الشيء -أو كونه- على الوجه الجيد في بابه: كالجمل المنوَّق: الذلول في المشي المطواع، وكالتنوق في الملبس، والمنطق، ونسج الثوب. واللونُ المذكور من أحسن ألوان النساء عندهم. ومن ذلك تسمية الناقة؛ فهي ألين مشيًا، وأطوع، وأرقُّ، وآمَنُ أيضًا. وقد جعل ابن جني تسميتها من "تنوَّقت في الشيء: إذا أحكمته وتخيرته ""الخصائص 2/ 121]، لكنه يشير إلى حسن المنظر لا إلى سلاسة المشْي.

(نون)

ولم يأت في القرآن من ألفاط التركيب إلَّا الناقة: التي كانت آية سيدنا صالح إلى قومه ثمود. وسائر ما جاء في المعجم من استعمالات التركيب كله من الإحكام بصورة ما. ومنه: "النَوَقة - محركة: الذين ينقَّون الشحم من اللحم لليهود "، وهذا التزام دينيّ منهم نحو لحوم البهائم لا البشر. • (نون): {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا} [الأنبياء: 87] "النُونة: النُقْبة في ذقن الصبي الصغير. النونة: السمكة. يقال للسيف العريض المعطوف طَرَفْي الظُبَة: ذو النونين ". Qتجوفٌ وغُثُور أو غَوْصٌ إلى الداخل: كالنونة التي في ذقن الصبي فهي غائرة: في لحم ذقنه. والسيف ذو النونين يفترق طرفه وهو الظُبَة إلى شريحتين مُسْتَدِقَّتين كل منهما تنحني إلى الخارج ثم يتجه طرفها المحدَّد راجعًا إلى قرب جسم السيف مكوَّنًا تجوْفًا. فيكون طرف السيف فيه حَنْيَتان كل حَنْية نون على شكل نونة الصبي. والسمكة تَغوص في الماء، وبهذا الغوص سميت نونة، وسمي الحوت نونًا. {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا} هو يونس النبي صلى الله وسلم على نبينا وعليه. سماه الله ذا النون؛ لأنه حُفِظ في جوف الحوت الذي التقمه إلى أن أُلقِيَ على الشطِّ. أما {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 1] فمن العلماء من فسر (نون) هنا بالدواة، فهي وعاء عميق التجوف نسبيًا ليحفظ المداد، فهو كنونة الصبي ونون السيف. ويؤيدهم ذكر القلم وتسطير الكتابة في السياق. وقال آخرون إن الكلمة هنا مراد بها حرف المعجم الذي يتلو الميم في الألفبائية. وحجتهم أنَّها رسمت في المصحف (ن) على شكل حرف الهجاء، فهي

(وأل)

مثل: ق، ص، الخ. ولو قصد بها الدواة لرسمت (نون). وهذا هو الصواب إن شاء الله [ينظر ل، بحر 8/ 301 - 302]. وأما كلمة "النونة: الكلمة من الصواب " [ل] فهي من الثبات اللازم للتجوف والغثور، فإن ما يوضع في مجوف يكون ثابتًا ومتمكِّنًا. ونظير ذلك أن الحقَّ معناه: الثابتُ، من ثبات ما يوضع في الحُقّ. • (وأل): {بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا} [الكهف: 58] "وَأَل: إذا التجأ إلى موضع ونجا. الوَأْل والموئل: الملجأ. واءل إلى المكان: بادَر. إنه ليوائل إلى موضعه - يريدون: يذهب إلى موضعه وحِرْزه. المَوْئل: الموضع الذي يستقر فيه ماء السيل ". Qاللجوءُ أو المصيرُ إلى مَقَرٍّ حافظ آمن: كالذي في الاستعمالات، وكموئل ماء السيل حيث يستقر فيه. و (الموئل) في آية الرأس هو الملجأ. والمعنى: لن يجدوا ملجأ أو مُحْرِزًا مجول دون حلول زمان العذاب، أي حلول العذاب نفسه بهم. [ينظر قر 11/ 8، بحر 6/ 133]. • (وبق): {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا} [الشورى: 34] "وَبَقت الإبل في الطين إذا وَحلت فنَشِبت فيه. وَبِق في دَينه: إذا نَشِبَ فيه ". وبَق الرجل (كوعَد ووجِل): هلك. أوبقه: أهلكه / ذلله ". Qتورط أو توريط مُهلك: كنشوب الجمل في الطين والوَحَل (النشوب في الوحَل مُهلك للإبل خاصة؛ لأن أخفافها تزلق لنعومتها

(وتد)

وعِرضها، فإذا غاصت في الطين عسُر تخلصها، والنشوب في الدين معناه العجز عن التخلص منه). ومن ها فإن تفسيرهم "الموبقات "في الحديث الشريف "اجتنبوا السبع الموبقات " [متفق عليه - الجامع الصغير] بالذنوب المهلكة. صواب. وفي قوله تعالى: {أَوْ يُوبِقْهُنَّ} الصواب تفسيرها بـ "يُهلكهن "أي غَرَقًا. وتفسيرها بـ يحبسهن [ل] غير صواب هنا - برغم أنَّه يتأتى لغويًّا، لأن الحبْس ذُكر في الآية السابقة {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} [الشورى: 33] ثم ذكر الإيباق معطوفًا بأو، أي أنَّه عقوبة أخرى يهدَّدون بها. وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا بَينَهُمْ مَوْبِقًا} [الكهف: 52] عدّ الفراء والسيرافي كلمة (بين) اسما بمعنى التواصل - فتكون مفعولًا أول، و (موبقا): مهلكا. أي جعلنا تواصلهم في الدنيا (سببا) لهلاكهم في الآخرة. وعدّ غيرهما (بينهم) ظرفا أي أوقعنا بينهم الهلاك. وكلمة ابن الأعرابي "موبقًا: حاجزًا " [ل] غير دقيقة، فإن تركيب (وبق) لا يحمل هذا المعنى. وكذا كلمة أبي عبيد "موبِقًا: موعدًا " [ل]، إذْ الوعد بمجرد تحديد موعد للمشركين ومعبوداتهم أقل في التهديد للمشركين مما ينبغي لعقابهم، كما أنَّه يحتاج لكثير من المحذوفات إذا أريد أن يبلغ مقتضى الموقف. والآية التالية مباشرة هي {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} [الكهف: 53] تصدَّق ما قلنا، فإنها تَذْكرُ المَهْلكة التي وقع فيها المشركون بسبب شركهم. • (وتد): {وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ} [ص: 12] "الوَتِد: ما رُزَّ في الحائط أو الأرض من الخشب. وَتَدَ الوتِدُ وتْدًا وتِدَةً: ووتَّد

(وتن)

كلاهما: ثبت. ووَتَدْته أنا: أَثْبَتّه. والمِيتدة: المِرْزَّبَّة التي يُضْرَب بها الوتِد المدُقِّ. وَتِدٌ واتد: ثابت رأس منتصب. وتَّد فلان رجله في الأرض: ثَبَّتَها ". Qالثبات رسوخًا: كما هي وظيفة الوتد لتشدّ به الخيام ونحوها. وعلى التشبيه به قالوا: "أوتاد الفم: أسنانه. ووتَّد الزرع: طلع نباته فثبت وقوى. والوتدُ من الأذن: المنتبر مما يلي الصدغ. وأوتاد البلاد: رؤساؤها "وقالوا: "وتّد في بيته: أقام وثبت ". ومن ذلك: "أوتاد الأرض: الجبال، لأنها تثبتها {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَال أَوْتَادًا (7)} [النبأ: 6، 7]. {وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10)} [ص: 12] ومثلها [الفجر: 10] ذكر في [بحر 8/ 370] سبعة أقوال أحدها له أربع صور. قدّم أبو حيان أن ذا الأوتاد استعارة لثبات العز والملك واستقامة الأمر كما قال الأسود: (في ظل ملك ثابت الأوتاد). وقيل: أراد المباني العظيمة الثابتة. وهذا يَصْدُق على الآرام (الأهرام) التي كان يقيمها الفراعنة، فإنها تعيّنهم، لكن على افتراض أن الأهرام رمز لسلطان كل فرعون. • (وتن): {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46)} [الحاقة: 46] "وَتَن بالمكان وتْنًا ووتونًا: ثبت وأقام به. الواتن: الماء المَعِين الدائم الذي لا يجري، وقيل الذي لا ينقطع. وَتَنَ الماءُ وغيره وتونا وتِنَةً: دام ولم ينقطع. واتَنَ القومُ دارَهم: أطالوا الإقامة فيها ". Qلزوم الشيء ظرفًا لزومًا دائمًا: كالإقامة بالمكان وكالماء الدائم، وإقامة القوم في دارهم طويلًا. ومنه "الوتين: عرق لاصق بالصلب من باطنه أجمع يسقي العروقَ كلها الدم، ويسقي اللحم، وهو نهر البدن "

(وزن)

وهو (الوتين) الذي في آية التركيب. وامتداده في البدن من أعلاه إلي أسفله لزوم. • (وزن): {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182)} [الشعراء: 182] "الوَزْن: الفِدْرَة من التمر لا يكاد الرجل يرفعها بيديه تكون ثلث الجُلّةِ من جِلال هَجَر أو نصفها. (الفِدرة: القطعة من اللحم إذا كانت مجتمعة. فالمراد هنا كتلة كبيرة من التمر). العرب يسمون الأوزانَ التي يوزن بها التمر وغيره، المُسوَّاةَ من الحجارة والحديد: الموازين واحدها ميزان، وهي المثاقيل واحدها مثقال. الوَزْنَة: المرأة القصيرة. جارية موزونة: فيها قِصَرٌ قصيرة عاقلة. وَزَن الشيءُ: رَجَح. درهم وازن ". Qثقل الشيء مع عدم انتشار أبعاده- كِفدْرة التمر الموصوفة- وكالأوزان الموصوفة، وكالمرأة القصير، فهي كتلة غير منتشرة طولًا. ومن ذلك: "الوزن: رَوْزُ الثِقَل والخِفة "، وتئول حقيقته إلي بيان مقدار ثقل الشيء "ويقال للآلة التي يوزن بها الأشاء ميزان "، "ويقال: وَزَنَ الشيءَ: إذا قدّره "، ثم يعمم في التقدير وإن كان بغير الوزن المتعارف "وزن فلانٌ الدراهم بالميزان، وإذا كاله فقد وزنه أيضًا. ووَزَنَ النخلَ: إذا خَرَصه "فالكيل والخَرْص والحَزْر تقدير كَمٍّ [ينظرل]. ونظروا إلي التعادل عند الوزن فقالوا: "الميزان: العَدْل: وازنه: عادله وقابله ". ثم قالوا: "وازنت بين الشيئين موازنة ووزانًا، وهذا يوازن هذا: إذا كان علي زِنَته أو كان مجاذيه. هو وَزْنَ الجبل، زِنةَ الجبل أي ناحية منه، حذاءَه ". ونظروا إلى أن الثقل تمكّن ورُجُوح أي عدم خِفة فقالوا: "رجل وَزِين

الرأي: أصيلُه رزينه. وقد وَزُن وَزَانةً إذا كان متثبتًا، وفلان أوزن بني فلان أي أوْجَهُهُم ". والذي في القرآن الكريم أكثره من الوزن المتعارف عليه في الدنيا مثل {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} [الإسراء: 35] وسياقاتها واضحة. وإنما الكلام عن الوزن والميزان في الآخرة، إذ جاء في [ل] قول بأن المراد العَدْل، وآخر بأن المراد الكتاب الذي فيه أعمال الخلق. قال ابن سيده: "وهذا كله في باب اللغة والاحتجاج سائغ، إلا أن الأَولى أن يتبع ما جاء بالأسانيد الصحاح. فإن جاء في الخبر أنه ميزان له كفتان، من حيث يَنْقُل أهلُ الثقة، فينبغي أن يقبل ذلك ". وقد ذكرت تلك الأقوال في [قر 7/ 164 - 165، بحر 4/ 270 - 271] إلا أن ما نُسب لابن سيده [في ل] نسب للزجاج [في قر] وهو الحق، فالذين استبعدوا الوزن الحقيقي على أساس أن الصفات [حسنات وسيئات] هي أغراض لا أجسام، والثقل والخفة من صفات الأجسام فاتهم أن قياس ما في الآخرة على ما في الدنيا جَزْف. فالله يقول {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ}. وقد قال بعضٌ إن الذي يوزن هي صحائف الأعمال، وهذا تؤيده أحاديث [ينظر قر]. لكن لا مانع أن يقلب الله الأعراض أجسامًا بقدرها أو توزن الأعراض بكيفية يعلمها الله تعالى {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9)} [الأعراف: 8، 9]. ولم يبق إلا أن الثقل والخفة في عبارة القرآن في مجال وزن الأعمال منظور فيها إلى ثقل الحسنات خاصة وخفتها. {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ} [الشورى: 17] قيل أريد بإنزال الميزان إنزالُ العَدْل أي تشريعه

(وسوس)

(وهدي إلى ابتكار آلته)، وقيل هو هذا الميزان الذي بأيدي الناس [بحر 7/ 491] والأول أولى. وكذا قيل في [الرحمن 7، الحديد 25] ينظر [قر 17/ 260، بحر 8/ 188]. وفيها ميل إلى الأول أيضًا. • (وسوس): {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ} [الأعراف: 20] "الوَسواس: صوت الحَلْي. يقال لهمس الصائد والكَلَّاب): الذي يصيد بالكلاب المعلَّمة) وأصوات الحَلْي: وَسْواس ". Qهمسٌ صوتٌ جِدُّ رقيق لطيف: كالذي يُسْمع من احتكاك الصفائح الذهبية المتدلية من الحِلْية، وكذا همس الصائد والكلام الذي يخفيه حتى لا يسمعه الصيد فينفر ويفر {فَوَسْوَسَ إِلَيهِ الشَّيطَانُ} [طه: 120]. والوسواس- بالفتح هو الشيطان؛ لأن هذه هي وسيلته في إيصال ما يريد، وقد وَسْوس في صدره ووَسْوس إليه: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5)} [الناس: 4، 5]. ومنه "الوَسوسة -بالفتح، والوسواس- بالكسر: حديث النفس والأفكار " (كلام خفي): {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: 16]: ما يختلج في سرّه وقلبه وضميره. وفيه زجر عن المعاصي الخفية [قر 17/ 8]. وقد وَسْوَس: تكلم بكلام لم يبينه. ووَسْوَسَه: كلمه كلاما خفيا. ثم يتأتى من هذا "الوسوسة: الكلام الخفي في اختلاط؛ لأن ما يخْفَى ولا يَبِين لا يكشف عن كلام مرتب.

(ويل)

• (ويل): {وَيلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)} [المطففين: 1] "وَيْلٌ: كلمة عذاب. الوَيْل: حلول الشر. الويل: الحزن والهلاك والمشقة من العذاب. الويل: الهلاك يدعَى به لمن وقع في هَلَكة يستحقها. ويلًا له: قُبحًا له. كل من وقع في هلكة دعا بالويل ". Qاللفظ بهذه الكلمة إعلانا باصطلاء عاقبة مهلكة لعمل أو تصرف: وعيدًا أو نُدبة واستغاثة أو تحذيرًا أو ما إلى ذلك. فأما الوعيد بمهلكة لارتكاب عظيمة والتحذير منها: فمن السياقات القرآنية في ذلك: أ - التحريف في التوراة {فَوَيلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} إلخ الآية [البقرة: 79, ينظر بحر 1/ 433]. ب - الكفر والشرك -كما في {وَوَيلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2)} [إبراهيم: 2, وكذا ما في مريم: 37، ص: 27، فصلت: 6، الذاريات: 60]، {فَوَيلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} [الزخرف: 65] كفروا وأشركوا [قر 16/ 109] {وَلَكُمُ الْوَيلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18)} [الأنبياء: 18] ينسبون له الولد سبحانه. ج - {فَوَيلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: 22] تزداد قسوة من سماع ذكره / أو / قست عن قبول ذكر الله [قر 15/ 258]. د- {وَيلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَي عَلَيهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا} [الجاثية: 7، 8]. هـ - {فَوَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (11)} [الطور: 11] برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - أو بالقيامة أو

بأيٍّ مما في يومها (السياقات القرآنية)، [وينظر قر 17/ 64]، وكذا كل {وَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} في سورة المرسلات. و- {وَيلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)}، {وَيلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)} [الهمزة: 1]، {فَوَيلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} [الماعون: 4، 5]. وأما الندبة أو الاستغاثة فمن سياقاتها: ز- العجز المخزي {يَاوَيلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ} [المائدة: 31]. ح- أمر عجيب يدهم النفس (نقلا من التفجع لمكروه يدهم النفس) {قَالتْ يَاوَيلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيخًا} [هود: 72] [ينظر بحر 5/ 244]. ط - ندم يقطّع النفس لاتخاذ خليل مُضِلّ: {يَاوَيلَتَى لَيتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)} [الفرقان: 28]. ي- ندبة هلاكٍ من رؤية حصر أعمالهم حصرا يوقنون معه بسوء المصير: {يَاوَيلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إلا أَحْصَاهَا} [الكهف: 49] [ينظر أبو السعود 5/ 249]. ك- ندبة هلاك للظلم وعاقبته المهلكة: {قَالُوا يَاوَيلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14)} [الأنبياء: 14, وكذا 46، 97 منها، القلم: 31]. ل- ندبة هلاك من تحقق البعث واقعًا [كما في يس 52، الصافات: 20]. م- استغاثة والدين من ولدٍ كافر عاق لهما ودعاء عليه من باب الحض: {وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} [الأحقاف: 17] [ينظر قر 16/ 197].

(يأس)

ن- دعاء بالهلاك من باب التحذير: {وَيلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَي اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} [طه: 61]. س- وعيد من باب التحذير: {وَيلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيرٌ لِمَنْ آمَنَ} [القصص: 80]. بقي أمور: أ- ورد في ل، وفي كتب التفسير أن (ويل) واد في جهنم [ثلاث صور لذلك الوادي في بحر 1/ 433] وقيل باب من أبوابها، وقيل صهريج فيها [نفسه] وهذا يتأتي لغة في معنى (وَيل) وأقرب ما يثبت هذا أن (وأل) فيها (الموئل: الملجأ)، وهو تجوف من جنس الوادي والباب والصهريج، وإن كان الموثل حصينًا - لكن هذا المعنى لم يثبت لغة. فإذا صح حديث مرفوع به كان حجة ثبوت لا ترد. ب -كما ورد في [بحر 1/ 443] أنه جبل من نار. وليس له سند حِسِّي، وإنما قد يُستند في القول به إلى معاني الهلاك والاستغاثة التي مثلنا لها. ج- ورد في [ل] أن الويلة: الفضيحة، وأن قائل: واويلتاه يعني: وافضيحتاه. وأرجح أن هذا التفسير استنتاج مما في آية الكهف. • (يأس): {وَلَا تَيأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} [يوسف: 87] "اليأس: القنوط نقيض الرجاء ". Qتكوّن شعور= بمعنى في النفس دقيقٍ له حدّة: كاليأس، فإنه شعور حادٌّ بتمام استغلاق السبيل نحو خير معيّن يصحبه سخط ويتبعه إعراض تام عن المحاولة. {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ

لَيَئُوسٌ كَفُورٌ} [هود: 9] إنه شديد اليأس كثيره، ييأس أن تعود إليه تلك النعمة المسلوبة، ويقطع رجاءه من فضل الله، من غير صبر ولا تسليم لقضائه، ولذلك {وَلَا تَيأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)} [يوسف: 87]. {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ} [المائدة: 3] يئسوا من اضمحلال أمر الإسلام وفساد جمعه؛ لأن هذا أمر كان يترجاه من بقي من الكفار (إلى يوم فتح مكة) [بحر 3/ 440 وهو عن ابن عطية]. {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} [الطلاق: 4] (أي انقطعت عادة الحيض عندهن، وإنما استعمل اللفظ هنا؛ لأن نزول الحيض علامة بقاء الشباب. وكل امرأة تحب ذلك). {قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ} هم اليهود أو الكفار قد يئسوا من الآخرة لكفرهم بها، أو لعلمهم بأنه لا خلاق لهم فيها، لعنادهم الرسول المنعوت في التوراة المؤيد بالآيات، {كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ} [الممتحنة: 13] كما يئس الكفار الذين ماتوا منهم؛ لأنهم وقفوا على حقيقة الحال، وشاهدوا حرمانهم من نعيمها المقيم وابتلاءهم بعذابها الأليم [أبو السعود 8/ 241] كأنه وعيد مرهب للكفار. {فَلَمَّا اسْتَيأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} [يوسف: 80] يئسوا أشدَّ يأس لما شاهدوه من عَوْذِ (العزيز) بالله مما طلبوه الدالّ علي أن ذلك عنده في أقصى مراتب الكراهة، وأنه مما يجب أن يعاذ بالله منه [أبو السعود 4/ 299]. وصورة المبالغة باستعمال صيغة الاستفعال هنا تتمثل في فشل مقاومة الوصول إلى حالة اليأس. وكذلك الأمر في {حَتَّى إِذَا اسْتَيأَسَ الرُّسُلُ} [يوسف: 110] فلا شك أن الرسل لم يشعروا اليأس إلا بعد أن تطاولت وتمادت مدة التكذيب والعداوة من الكفار، وترقُّب الرسل وقوعَ عذاب الله الذي أَنذروا به الكفار دون أن يقع،

(يبس)

حتى استشعروا القنوط [ينظر نفسه 4/ 310]. وسائر ما في القرآن من التركيب هو من اليأس: القنوط أيضًا - عدا {أَفَلَمْ يَيأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا} [الرعد: 31] فإن العلماء فسروا (ييأس) - بـ (يعلم)، وجاءوا لها بشاهد ثابت. وهو يتأتي اشتقاقيًّا من (وجود معنى في النفس) في المعنى المحوري للتركيب. ثم قيل إن يئس بمعنى (علم) من لغة هوازن، أو من لغة خثعم. لكن بعضًا من العلماء فسروا اليأس في هذه الآية بالقنوط على أن المعنى أفلم ييأس (الصحابة) الذين آمنوا من إيمان كفار قريش- الذين وصفهم الله بأنهم لا يؤمنون، لأنه تعالى قال بعدها: إنه لو يشاء لهدى الناس جميعًا [ينظر ل، بحر 5/ 383] وكأن الآية عتاب للطامعين في إيمان بعضٍ من الكفار، بأعيانهم - في حين أن هؤلاء الكفار هم من الذين {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (97)} [يونس: 96، 97]. • (يبس): {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} [طه: 77] "اليُبْس- بالضم: نقيض الرطوبة. حَطَبٌ يَبْسٌ. يقال لكل شيء كانت النُدُوَّة والرُطُوبة فيه خِلقة: (يَبِسَ) فهو يَيبس يُبْسًا، وما (كانت) فيه عَرَضًا قلت جَفَّ. يقال لما يَبِس من أحرار البقول وذكورها: اليبيس والجفيف والقفيف. شاة يَبَسٌ ويَبْسٌ: انقطع لبنها فيبس ضرعها ولم يكن فيها لبن. يَبِست الأرض: ذهب ماؤها ونداها. وتَيبيس الشيء: تجفيفه ". Qجفاف الشيء بذهاب رطوبته ونَدَاه منه: كالحَطَب والبقول والأرض المذكورات. ومنه: "اليَبَس- بالتحريك: المكان يكون رطبا ثم

(يمن)

ييبس: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا} وصف الطريق بما آل إليه، إذ كان حالة الضرب لم يتصف باليُبْس .. [بحر 6/ 245]. {وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)} [الأنعام: 59] هذا تصنيف يكاد يشمل كل الموجودات، ويضاف إلي ما سبقه في الآية، لإفادة شمول علمه تعالى أحوال كل شيء. {وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ} [يوسف: 43, 46] أي وسبعَ سُنبلات أُخر يابسات قد أدركت (أي تم نضجها) واستحصدت (أي آن أن تُحصَد) فالْتَوَت اليابساتُ على السنابل الخضر حتى غلبن عليها [بحر 5/ 310]. ومن مادّي الأصل: "الأيبسان: عظما الوظيفين من اليد والرِجْل (للدوابّ)، والظنبوبان (ما لا لحم عليه من عظم الساق). ومن المجازي والمعنوي "وَجْهٌ يابس: قليل الخير. وسكران يابسٌ لا يتكلم من شدة السكر، كأن الخمر أسكتته بحرارتها ". • (يمن): "اليمين ضد اليسار " [والمتبادر أنه اليد اليمنى، وقد قيل في تفسير {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45)} [الحاقة: 45] باليد اليمنى]. "اليمين: القوة والقدرة. واليمين -أيضًا: البركة، كاليُمْن " [كل هذه الاستعمالات من تاج]. Qأداة قوة وعَون أساسية علي كل عمل: كاليد اليمنى فإنها هي الأداة الأساسية التي يبادر بها كل الناس إلى التناوال، أو الإمساك بشيء، أو أداء عمل ما. وهذا كما يلاحظ في المصافحة بين بني البشر، ومن أجله اختصُّوا من تسبق يده اليسري للعمل باسم، مما يدل علي أن ذلك خلاف الأصل. فهو في العربية: الأعسر، والإنجليز يسمونه left - handed,

والفرنسيون يسمونه gaucher (¬1) . فهذا يبرهن أن اليد اليمنى سُمّيت كذلك لأدائها القسط الأعظم في الأعمال، وهذه قوة لا شك، كما أن الإنجاز نفع وهو هنا نفع دائم وهذا هو معنى البركة. وبما أن (قلب) الإنسان معلق في الجانب الأيسر من صدره عادة، فإن (يمين) البدن هو الجانب المقابل للجانب الأيسر. (الذي فيه القلب). واليمين والجهة اليمنى هي التي تبدأ من جانب شقك الأيمن أو يدك اليمنى مبتعدة علي استقامة جانبك إلى ما شاء الله. ثم إنهم سموا "الحَلِفَ القسَم يمينًا، قال في [تاج] سمي باسم يمين اليد، لأنهم كانوا يتماسحون بأيمانهم فيتحالفون / كانوا إذا تحالفوا ضرب كل امرئ منهم يمينه علي يمين صاحبه "وجمعه أَيمُن وأَيمان. والذي في القرآن من التركيب هو: أ- اليمين بمعنى اليد اليمنى. وبهذا المعنى كل (يمينك)، و (يمينه) مطلقًا، و (أيمانكم، أيمانهم) إذا سُبِقت أيٌّ منهما بـ (ملكت) أو (عقدت) أو كانت مقابلة لجهة بدنية- وهذه في الأعراف 17، والحديد 12، والتحريم 8، ومن هذا أيضًا كل (أيمانهن). ب- جهة اليمين -وهي كل ما كان بلفظ (اليمين) - عدا الصافات 28، 693 والحاقة 45 وسنتكلم عنهن. ومن هذه المجموعة كل (الأيمن) و (الميمنة). ج- الأَيمان بمعنى الحلف والأقسام وهي كل ما كان على لفظ (أَيمان) مما لا يدخل في ضابط النوع (أ). ¬

_ (¬1) قد يُوصف الشخص بأنه right handed لمجرد التأكيد على نفي أنه left handed.

وفي قوله تعالى: {قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ (28)} [الصافات: 28] قال الزجاج: هذا قول الكفار للذين أضلوهم أي كنتم تخدعوننا بأقوى الأسباب، فكنتم تأتوننا من قبل الدِين، فتُرُوننا أن الدِين والحق ما تضلوننا به، وتزينون لنا ضلالتنا [ل]. وفي [بحر 7/ 342] أن اليمين أصلها الجارحة وهي هنا مستعارة لأحد خمسة أشياء، ذكرها ولم يرجح، لكن الواضح تمامًا أنها هنا للقوة والشدة؛ فإن الأتباع زعموا أن كبار الكفار كانوا يأتونهم عن اليمين أي قهروهم ليكفروا، بدليل رد المتبوعين: {وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ} [الصافات: 30]. {فَرَاغَ عَلَيهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ (93)} [الصافات: 93] الراجح أن المراد الجارحة؛ لأنها الأقوى في الضرب. {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46)} [الحاقة: 45، 46] الراجح عندي لأخذناه بقوة .. كما قال تعالى: {أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 42]. هذا، ولفظ (أيمن الله) أسلوب قسم وهو جمع يمين. وقد يحذف من اللفظ النون، وهي والياء، وهما والهمزة. ولم يبق من التركيب إلا لفظ (اليَمَن) علم القطر العربي المعروف. وعللوه بأنها على يمين الكعبة [ل]، لكن يمكن أن تكون من الازدهار الاقتصادي، أخذا من القوة والعون، نظرًا لما كانت عليه قديمًا من ازدهار اقتصادي زراعي أشير إليه في الآية 15، 18 من سورة سبأ حتى كان الأوربيون القدماء يسمونها Arabia Felix بلاد العرب السعيدة. والحمد لله رب العالمين

المصادر

المصادر - أدب الكاتب، لابن قتيبة (أبي محمد عبد الله بن مسلم) تحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة، 1382 هـ / 1963 م. - الاشتقاق، لابن دريد (أبي بكر محمد بن الحسن)، تحقيق الشيخ عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة 1378 هـ / 1958 م. - الأضداد، لأبي حاتم السجستاني (سهل بن محمد)، تحقيق د. محمد عبد القادر أحمد، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1411 هـ / 1991 م. - الألفاظ، لابن السكيت (أبي يوسف يعقوب بن إسحاق)، تحقيق د. فخر الدين قباوة، مكتبة لبنان، بيروت، 1998 م. - الألفاظ الفارسية المعرّبة، آدي شير، المطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعيين، بيروت، 1908 م. - البرهان علي عروبة اللغة المصرية القديمة، علي فهمي خشيم، مركز الحضارة العربية، القاهرة، 2007 م. - التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، للشيخ منصور علي ناصف، مكتبة عيسى البابي الحلبي، الطبعة الثانية. - تاج العروس، للزَّبيدي (أبي الفيض السيد محمد بن محمد بن عبد الرزاق مرتضى): (أ) طبعة الكويت. (ب) بتحقيق علي شيري، دار الفكر، بيروت، 1414 هـ / 1994 م.

- تاريخ الطبري (أبي جعفر محمد بن جرير) = تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، مصر، الطبعة الرابعة. - تفسير أبي السعود (محمد بن محمد العمادي) = إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم، دار إحياء التراث الإسلامي، بيروت 1414 هـ / 1994 م. - تفسير البحر المحيط، لأبي حيان الأندلسي (محمد بن يوسف)، تحقيق عادل عبد الموجود، والشيخ علي محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، 1422 هـ / 2001 م. (تتفق مع طبعة دار الفكر 1403 هـ / 1983 م في الأجزاء ومحتوى كل جزء من التفسير). - التفسير البياني للقرآن الكريم، د. بنت الشاطئ (عائشة عبد الرحمن)، دار المعارف، مصر، الطبعة الثالثة. - تفسير الطبري (أبي جعفر محمد بن جرير) = جامع البيان عن وجوه تأويل آي القرآن: (أ) بتحقيق الشيخ محمود شاكر، دار المعارف بمصر (16 جزءًا حتى الآية 27 من سورة إبراهيم - عليه السلام - (ب) بتحقيق د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، دار عالم الكتب، الرياض 1424 هـ / 2003 م. - تفسير غريب القرآن، لابن قتيبة (أبي محمد عبد الله بن مسلم)، تحقيق السيد أحمد صقر، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، 1378 هـ / 1973 م. - تفسير القرطبي (أبي عبد الله محمد بن أحمد) = الجامع لأحكام القرآن، دار الكاتب العربي، القاهرة 1387 هـ / 1967 م. - تلخيص البيان في مجازات القرآن، للشريف الرضيّ، تحقيق محمد عبد الغني حسن، مكتبة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، 1955 م.

- تهذيب اللغة، للأزهري (أبي منصور محمد بن أحمد): (أ) بتحقيق مجموعة من الأساتذة، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة. (ب) بتحقيق د. رياض زكي قاسم، دار المعرفة، بيروت 1422 هـ / 2001 م. - التوقيف على مُهمّات التعاريف، للمُنَاوي (محمد عبد الرءوف)، تحقيق د. محمد رضوان الداية، دار الفكر، دمشق، 1410 هـ / 1990 م. - ثلاث رسائل في إعجاز القرآن (للرُّمّاني والخطّابي وعبد القاهر الجرجاني)، تحقيق محمد خلف الله ود. محمد زغلول سلام، دار المعارف، مصر، الطبعة الرابعة. - الجامع الكبير (= جمع الجوامع)، للسيوطي (جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر)، الهيئة المصرية العامة للكتاب (مصورة عن مخطوطة دار الكتب المصرية برقم 95 حديث). - جمهرة أشعار العرب في الجاهلية والإسلام، لأبي زيد القرشي (محمد بن أبي الخطاب)، تحقيق د. محمد علي الهاشمي، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1401 هـ / 1981 م. - حاشية الشهاب الخفاجي (أحمد بن محمد بن عمر) على تفسير البيضاوي (ناصر الدين عبد الله بن عمر) دار صادر، بيروت. - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، لعبد القادر البغدادي، تحقيق الشيخ عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1409 هـ / 1989 م. - الخصائص، لابن جني (أبي الفتح عثمان)، تحقيق الشيخ محمد علي النجار، دار الهدي للطباعة والنشر، بيروت (الطبعة الثانية).

- الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، للسمين الحلبي (أحمد بن يوسف)، تحقيق د. أحمد محمد الخراط، دار القلم، دمشق، 1414 هـ / 1993 م. - ديوان امرئ القيس، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، مصر، الطبعة الثالثة. - الرسالة، للإمام الشافعي (محمد بن إدريس)، تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر، دار التراث، القاهرة، 1399 هـ / 1979 م. - روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت 1405 هـ / 1985 م. - سفر السعادة وسفير الإفادة، للسخاوي (علم الدين أبي الحسن علي بن محمد)، تحقيق د. محمد أحمد الدالي، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 1403 هـ / 1983 م. - السيرة النبوية، لابن هشام (أبي محمد عبد الملك)، تحقيق مصطفى السقا، وإبراهيم الإبياري، وعبد الحفيظ شلبي، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة 1375 هـ / 1955 م. - شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات، لابن الأنباري (أبي بكر محمد بن القاسم)، تحقيق الشيخ عبد السلام هارون، دار المعارف، مصر (الطبعة الثانية). - شرح المعلقات السبع، للزوزني (أبي عبد الله الحسين بن أحمد)، مكتبة القاهرة، 1399 هـ. - الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها، لابن فارس (أبي الحسين

أحمد)، تحقيق السيد أحمد صقر، مكتبة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، 1977 م. - الصحاح (= تاج اللغة وصحاح العربية)، للجوهري (إسماعيل بن حماد)، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، القاهرة، 1402 هـ / 1982 م. - صحيح الإمام البخاري (أبي عبد الله محمد بن إسماعيل) = الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، اعتنى به محمد زهير بن ناصر الناصر، دار المنهاج، جدّة، 1429 هـ. - الزينة في الكلمات الإسلامية العربية، لأبي حاتم الرازي (أحمد بن محمد)، تحقيق حسين بن فيض الله الهمداني، دار الكتاب العربي، مصر، 1957 م. - فرائد اللغة في الفروق، هنريكوس لامنس اليسوعي، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، 1999 م. - فروق اللغات في التمييز بين مفاد الكلمات، نور الدين بن نعمة الله الحسيني الموسوي الجزائري، تحقيق د. محمد رضوان الداية، 1424 هـ / 2003 م. - الفروق اللغوية، لأبي هلال العسكري (الحسن بن عبد الله)، علّق عليه محمد باسل عيون السود، دار الكتب العلمية، بيروت، 1424 هـ / 2002 م. - فقه اللغة وسر العربية، للثعالبي (أبي منصور عبد الملك بن محمد)، تحقيق: مصطفى السقا، وإبراهيم الإبياري، وعبد الحفيظ شلبي، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، 1373 هـ / 1954 م. - كتاب الغريبين (غريبي القرآن والحديث)، للهرويّ (أبي عبيد أحمد بن

محمد)، تحقيق د. محمد محمد الطناحي (الجزء الأول)، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة، 1390 هـ / 1970 م. - الفلسفة اللغوية والألفاظ العربية، جرجي زيدان، دار الهلال، القاهرة، 1969 م. - الكامل، للمبرد (أبي العباس محمد بن يزيد)، تحقيق د. محمد أحمد الدالي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1406 هـ / 1986 م. - كشاف اصطلاحات الفنون، للتهانوي (محمد علي بن علي)، بتحقيق: (أ) د. لطفي عبد البديع، الهيئة المصرية آل عامة للكتاب 1972 م (طبعة لم تكتمل). (ب) أحمد حسن بسج، دار الكتب العلمية، بيروت، 1418 هـ / 1998 م. (طبعة كاملة). - الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التنزيل، للزمخشري (جار الله محمود بن عمر)، رتبه وصححه محمد عبد السلام شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت، 1415 هـ / 1995 م. - الكليات، لأبي البقاء الكفوي (أيوب بن موسى)، تحقيق د. عدنان درويش، ومحمد المصري، وزارة الثقافة، دمشق، 1982 م. - لسان العرب، لابن منظور (جمال الدين بن مكرَّم)، الدار المصرية للتأليف والترجمة (طبعة مصورة عن طبعة بولاق). - المتوكلي (فيما ورد في القرآن باللغات الحبشية والفارسية والرومية ...)، للسيوطي (جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر)، حققه د. عبد الكريم الزبيدي، منشورات جامعة سبها، 1986 م.

- مجاز القرآن، لأبي عبيدة (مَعْمَر بن المُثَنَّى)، تحقيق د. محمد فؤاد سزكين، مكتبة الخانجي، القاهرة (بدون تاريخ). - مجمع الأمثال، للميداني (أبي الفضل أحمد بن محمد)، تحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السنة المحمدية، القاهرة، 1955 م. - المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، لابن عطية الأندلسي (أبي محمد عبد الحق)، تحقيق: الرحالي الفاروق، وعبد الله الأنصاري، والسيد عبد العال، ومحمد العناني، قطر، 1398 هـ / 1977 م. - المحكم والمحيط الأعظم، لابن سيده (أبي الحسن علي بن إسماعيل)، معهد المخطوطات العربية (ومكتبة مصطفى البابي الحلبي القاهرية). - المخصص، لابن سيده (أبي الحسن علي بن إسماعيل)، المكتب التجاري للطباعة والنشر، بيروت (مصورة عن طبعة بولاق). - المزهر في علوم اللغة وأنواعها، للسيوطي (جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، تحقيق محمد أحمد جاد المولى، وعلي محمد البجاوي، ومحمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، 1958 م). - المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، للفيومي (أبي العباس أحمد بن محمد)، تحقيق د. عبد العظيم الشناوي، دار المعارف، مصر، 1977 م. - معاني القرآن، للفراء (أبي زكريا يحيى بن زياد)، تحقيق الشيخ محمد علي النجار، وأحمد يوسف نجاتي ود. عبد الفتاح إسماعيل شلبي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1972 م. - معجم الأدباء (= إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب)، لياقوت الحموي،

تحقيق مرجليوث، دار الفكر، بيروت، 1400 هـ / 1980 م. المعجم الأكّدي، د. عامر سليمان، منشورات المجمع العلمي العراقي، 1999 م. - معجم ألفاظ القرآن الكريم، مجمع اللغة العربية بمصر. - معجم حروف المعاني في القرآن الكريم. صنفه: محمد حسن الشريف، مؤسسة الرسالة، ط 1، 1417 هـ / 1996 م. - المعجم الكبير، مجمع اللغة العربية بمصر. - معجم متن اللغة، للشيخ أحمد رضا العاملي (ت 1953 م)، دار مكتبة الحياة، بيروت، 1377 هـ / 1958 م. - المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، للشيخ محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث الإسلامي (مصورة عن طبعة دار الكتب المصرية 1364 هـ / 1954 م). - المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية بمصر. - المعرَّب، للجواليقي (أبي منصور موهوب بن أحمد)، تحقيق ف. عبد الرحيم، دار القلم، دمشق، 1410 هـ / 1990 م. - مفاتيح الغيب (= التفسير الكبير)، للإمام فخر الدين الرازي (محمد بن عمر)، دار الغد العربي، القاهرة، 1412 هـ / 1992 م. - مفردات ألفاظ القرآن، للراغب الأصفهاني (أبي القاسم الحسين بن محمد)، تحقيق صفوان عدنان داودي، دار القلم، دمشق، 1992 م. - المفضليات (اختيارات المفضل بن محمد بن يعلى الضبي)، تحقيق الشيخين، عبد السلام هارون وأحمد شاكر، دار المعارف، مصر (الطبعة الرابعة). - مقاييس اللغة، لابن فارس (أبي الحسين أحمد)، تحقيق الشيخ عبد السلام

هارون، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، 1366 هـ. - المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار، لأبي عمرو الداني (عثمان بن سعيد)، تحقيق محمد أحمد دهمان، دار الفكر، دمشق 1403 هـ / 1983 م. - المنجد في اللغة والأعلام، دار المشرق، بيروت، الطبعة الخامسة والعشرون. - النبات، لأبي حنيفة الدينوري (أحمد بن داود)، الجزء الخامس، عنى بنشره ب. لوين، ليدن، 1953 م. - نظام الغريب في اللغة، للرَّبَعي (عيسى بن إبراهيم)، تحقيق محمد علي الأكوع، دار المأمون للتراث، دمشق، 1400 هـ / 1980 م. - نهاية الأرب في فنون الأدب، للنويري (شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب)، تحقيق مجموعة من الأساتذة، الهيئة المصرية العامة للكتاب. - الوجيز في فضائل القرآن العزيز، للقرطبي (أبي عبد الله محمد بن أحمد)، تحقيق د. علاء الدين علي رضا، دار الحديث، القاهرة، 1412 هـ / 1991 م.

§1/1