المعاني الكبير في أبيات المعاني

الدِّينَوري، ابن قتيبة

بسم الله الرحمن الرحيم وبه المعونة

بسم الله الرحمن الرحيم وبه المعونة كتاب الخيل قال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري: أنشدني الرياشي عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء لأبي داوود الإيادي هذه الأبيات إلا ككنانة الزغري فإنه لم يحفظه. لقد ذُعِرَتْ بَنَاتُ عَ ... مِّ المُرِشقاتِ لها بصابِصُ بِمجوَّفٍ بلقا وأع ... لى لونه ورد مُصامِصُ أراد أن يقول ذعرت البقر فقال: بنات عم المرشقات - وهي الظباء، والمرشق الظبية التي تمد عنقها وتنظر فهي كذلك أحسن ما تكون، والظباء بنات عم البقر لأنها وحش تشبّه بها، والبقر لا تكون مرشقات لأنها وُقص قصار الأعناق، وبصابص حركات الأذناب، يقال بصبص إذا حرك ذنبه، ومثل للعرب بصبصن إذ حُدين، والمجوف الفرس الذي بلغ البلق بطنه وهو التجويف - يقال ما أحسن ما جُوف.

قال طفيل: شميطُ الذنابي جُوِّفَتْ وهي جَونةٌ ... بنُقبةِ ديباجٍ ورَيط مقطع الشمْط الخلط يقول اختلط في ذنبها بياض وغيره، يقال اشمُط له العلف أي اخلط، ويقال للصبح شميط. والجونة السوداء والنقبة اللون يريد أن التجويف منها كالديباج والربط. وأنشدني عبد الرحمن بن عبد الله بن قريب ابن أخي الأصمعي عن عمه للرخيم العبدي في شعر له طويل: ومجوّف بلقا ملكتُ عنانَه ... يعدو على خمسٍ قوائمه زكا يعدو على خمس أُتن، وقوائمه زكا زوج يريد أنها أربع، وقوله ملكت عنانة أي صار لي. وقال الأصمعي ليس هذا من الوصف جيداً لأن كل بياض يجاوز العرقوبين عيب في العتاق. والمصامص الخالص من كل شيء يريد أنه خالص في العراب ليس بهجين. ككنانة الزُغَري زي ... نها من الذهب الدُلامص هذه كنائن يؤتى بها من بلد من الشام، يقال له زغر تعمل من أدم أحمر وتذهَّب.

والدلامص البراق، يقال امرأة دُمَلِصة ودلمصة مقلوب إذا كانت ملساء تبرق، شبه لونه بألوان من هذه الكنائن. وقال امرؤ القيس يصف حماراً: كأن سَرَاتَه وجُدة متنِهِ ... كنائنٍ يجرى فوقهنَ دليصُ أي صقال، يريد الذهب. يمشي كمشي نعامتيْ ... ن تتابعان أشقَّ شاخص هكذا أنشدنيه الرياضي عن الأصمعي - وأنشدنيه السجستاني عن أبي عبيدة. يمشي كمشي نعائمٍ ... يشتالهن أشق شاخص قوله يمشي كمشي نعامتين يقول إذا مشى اضطرب فارتفعت عجزه مرة وعنقه مرة أخرى، وكذلك مشي النعامتين إذا تتابعتا تقاصر واحدة وتطاول واحدة فإذا مشت المتقدمة ارتفع الصدر وإذا مشت المتأخرة ارتفع العجز، والأشق الطويل. وسُمع عقبة بن رؤبة ينعت فرساً أو رجلاً فقال: " هو والله أشق أمق خبق " قال الأصمعي الأشق والأمق والخبق الطويل، وروى غيره عن الأصمعي أن أمق وخبق تأكيد أن لأشق. يَخْرُجْنَ مِنْ خَلَلٍ الْغُبَا ... رِ فُجامِزُ الوَلقى وقابصُ

الولقي والجمزي المر السريع، والقابص الذي يعدو على الأطراف كأنه ينزو في عدوه، والقبص الأخذ بأطراف الأصابع والقبض بالكف. وقال المرار العدوي يصف فرساً: سائلٍ شمرٍ أخ ذي جُببٍ ... سَلْطِ السنبكِ رسغ عَجُرْ الشمراخ الغرة التي استدقت في الجبهة، والجبب أن يبلغ بياض التحجيل ركبة اليد وعرقوب الرجل - أو ركبتي اليدين وعرقوبي الرجلين يقال فرس مجبب بين التجبيب، عجر غليظ، وسلط طويل. فهو وردُ اللونِ في ازبئرارِهِ ... وكميتُ اللونِ ما لم يزبئرُ الازبئرار الانتفاش، ومنه قول امرؤ القيس: سود يفئن إذا تزبئر يقول إذا سكنت شعرته استبانت كمتته وإذا ازبأر استبانت أصول

الشعر وهي أقل حمرة من أطرافه، ومثله قول ساعدة بن جؤية وذكر وعلا: يحول لوناً بعد لونٍ كأنه ... بشفانِ يوم مقلِعِ للوبل يُصرّدِ أراد أنه يقشعر فيخرج باطن شعره فيبدو لون غير لونه ثم يسكن فيعود لونه الأول، والشفان الريح الباردة. ومثله له: يحولُ قشعر يراتُه دون لونه ... فرائصُهُ من خيفةِ الموتِ تُرعَدُ وقال الفراء في قول الله عز وجل " فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان " أراد فرسا وردة تكون في الربيع وردة إلى الصفرة فإذا اشتد البرد كانت وردة حمراء فإذا كان بعد ذلك كانت وردة إلى الغبرة، فشبه تلون السماء بتلون الوردة من الخيل، وشبه الوردة في اختلاف ألوانها بالدهن واختلاف ألوانه، ويقال أن الدهان الأديم الأحمر، وقال كثير يمدح: إذا ما لَوَى صَنَعَ به عدنيةً ... كلونِ الدهانِ وردة لم تَكمّت الصنع الخياط، تكمت تضرب إلى الكمتة - وقال النابغة:

وما حاولتُما لجماعٍ جيَشٍ ... يصونُ الوردَ فيه والْكُميتَ خص الورد والكميت لصلابتهما، والصائن الذي يتقي على حافره من الحفي والوجي - وقال أبو النجم: يبرى لنا أحْوَى خفيفَ نقلهِ ... أغرَّ في البُرقعِ بادٍ حجله يقول غرته شادخة فقد ظهرت من البرقع، والشادخة التي قد فشت وملأت الجبهة، يقال فرس شادخ الغرة. وقال سلمة بن الخرشب الأنماري: كميتُ غيرُ مُحلِفةٍ ولكن ... كلون الصِرفِ عُلّ به الأديم المحلف الذي يشبه الأشقر في ذنبه وناصيته ويشبه الأحوى، وأصله أنه يشك فيه حتى يختلف فيه فيقول واحد هو كميت ويقول آخر هو أشقر أو أحوى فيحلف هذا ويحلف هذا، ومن هذا قولهم " حَضارِ والوزن محلفان " وهما نجمان أي يظن بهذا أنه هذا وبهذا أنه هذا ويحلف كل واحد على ما ادعاه، والصرف نبت أحمر يصبغ به

العرق

الأديم، وقال كثير يصف خيلاً: ومُقرَبةٌ دهمٌ وكمتٌ كأنها ... طماطمٌ يوفون الوِفار هنادكَ شبهها حين حُزّمت بعجم احتزموا بالمناطق، ويوفون الوفا رأى يطولون الشعور، هنادك هند والكاف زائدة، قال ابن هرمة: كالهندكية نبذت أثوابها وقال سلمة - ابن الخرشب: كأن مسيحتي ورِقٌ عليها ... نمت قرطيهما أذن خذيم المسيحة القطعة من الفضة يقول كأنها أُلبست مسيحة فضة من حسن لونها وصفاء شعرتها، وقد فسّر البيت في الخلق. وقال عبد الله بن سَليمة يصف بعيراً: يُعلَى عليه مسائحٌ من فضةٍ ... وثَرى حُبابِ الماءِ غير وريسِ الثرى أول ما يبدأ به العرق، قال طفيل: يُذَدن ذيادَ الخامساتِ وقد بدا ... ثَرى الماءِ من أَعطافِها المُتحلبِ وإنما أراد الأول صفاء شعره وقصره، يقول إذا عرق فكأن عليه مسائح فضة.

العرق قال زهير: يَعودُها الطرادُ وكل يومٍ ... تُسَنَّ على سنابِكِها القرونُ القرون العرق الواحد قرن يريد مرة بعد مرة، وأصل القرن الطلق يقال عصرنا الفرس قرناً أو قرنين يريد العرق الذي يكون في ذلك الطلق، وإذا لم يعرق الفرس فهو صلود وذلك مذموم. والهِضَبْ الكثير العرق. ومنه قول طرفة: وهِضَبَات إذا ابتلّ العذر وقال خفاف بن عمير السلمي: من المغضباتِ بفضِ القرونِ ... إذا رُدَّ منها حميمٌ غرارا وقال المستوغر القريعي: يِنشّ الماءُ في الربَلاتِ منها ... نَشيشَ الرّضفِ في اللبنِ الوغيرِ

الربلات أصول الفخذين والرضف الحجارة المحماة والوغير اللبن ساعة يحلب فسمى المستوغر بهذا البيت. قال ابن ميادة: هم الضاربونَ الخيلِ حتى إذا بَدَتْ ... نواجِذُها واستغضبتْها جلودها بدت نواجذها، يريد كلحت في الحرب، ولهذا قيل لها عوابس ولا يقال عوابس إلا في الحرب. وقال لبيد: ومقطِعٌ حلقُ الرحالةِ سابحٌ ... بادٍ نواجذه على الإطرابِ وأنشد: إذا العوالي أخرَجَتْ أقصى الفمِ وقوله واستغضبتها جلودها، أي عرقت فأغضبتها. ويقال في قوله باد نواجذه على الإطراب، وبدت نواجذها، النواجذ آخر الأضراس أي أنها تنازع فتكبح اللجام وتكف فتفتح أفواهها وتبدو

نواجذها، ولذلك قال بادٍ نواجذه على الإطراب، أراد أنه ينازعه على الطرب لنشاطه ومرحه فيكبحه فينفتح فوه وتبدو نواجذه. وقال أبو النجم: والحُصنُ شُوسُ الطرفِ كالأجادلِ ... تَردى معاً شاحيةَ الجَحافلِ أي مفتوحة الأفواه، يقال شحافاه إذا فتحه وليس ذلك بمحمود إذا كان من عادتها، إنما يريد أنها تنازع فتكبح باللجم فتنفتح أفواهها. وقال بشر بن أبي خازم: تَراها من يَبيسِ الماءِ شهباً ... مخالطَ درةٍ منها غرار قال ابن الأعرابي: يقول لا ينقطع عرقها ولا يكثر فيضعفها، والدرة أن تدر، والغرار القلة، ويقال غارت الناقة إذا قل لبنها بعد مجيئه. وقال غيره - أراد سيرها إذ تنفتق من عزة نفسها ونشاطها ثم ترجع إلى الذي كانت عليه من سيرتها، وعرق الخيل إذا يبس ابيض وعرق الإبل إذا يبس اصفر. وقال طفيل الغنوي يذكر خيلاً: كأن يبيسَ الماءِ فوق متونِها ... أشاريرُ ملحٍ في مَباءةِ مُجرِبِ يبيس الماء العرق الجاف شبهه بالملح، والأشارير لحم يشر كما يشر الإقط واحدها إشرارة.

والمجرب الذي قد جربت إبله وهو يجمع الملح ليداويها به. وقال طفيل: كأن على أعطافِهِ ثوبٌ مائحٌ ... وإن يُلق كلب بين لحييه يذهبُ المائح الذي يدخل البئر فيملأ الدلو فيسيل الماء على ثيابه فيبتل، أراد أنه قد عرق فكأن عليه ثوب مائح. وقوله - وإن يلق كلب بين لحييه يذهب، لسعة شدقه. وقال خداش بن زهير يصف خيلاً: وقد سالَ المسيحُ على كُلاها ... يخالفُ دُرةً منها غرارا المسيح العرق، وأراد بكلاها بطونها والدرة أن يسيل، والغرار أن يقل، يريد أنها تعرق تارة وتجف تارة وهذا مما يحمد لأنه لو دام عرقها لأضعفها. وقال أبو ذؤيب: تأبى بدّرَتِها إذا ما استُغضِبت ... إلا الحميم فإنه يتبصعُ ويروي يتبصع أي تأبى بدرة العدو إذا حركت بساق أو ضربت بسوط تنزو وتمرح ولا تعدو إلا الحميم، وهو العرق فإنه ينفجر، وقال الأصمعي قد أساء الوصف لأنه يستحب من الفرس أن لا يعجل عرقه ولا يبطئ، وقال ابن أحمر وذكر فرساً: هَمِع إذا رشح العذار بِلِيته وكَفت خصائله وكيف الغرقد همع

سائل بالعرق خصائله عضَلاته وأول ما يرشح موضع العذار والغرقد يسرع القطر - وقال الجعدي وذكر فرساً: فعرفَّنا هِزةً تأخذه ... فقرناه برضراضٍ رِفلِّ فظننا أنه غالبه ... فزجرناه بيهياهِ وهلِ كَلِبا من حسِ ما قد مسّه ... وأفانينُ فؤادٍ محتملِ ويروي: " من حس ماء مسه " هزة نشاط، رضراض بعير كثير اللحم، رفلّ سابغ الذنب، يقول ظننا أن الفرس يستخف البعير ويغلبه حين قرن به فزجرناه لئلا يمرح. قوله كَلِبا من حسِ ما قد مسّه - أي لما وجد مس العرق أخذه شبيه بالجنون من شهوة العدو، وأفانين ضروب، ومحتمل مستخف يقال جاء فلان محتملاً إذا جاء غضبان مستخفاً. وقال امرؤ القيس يصف فرساً: فعادى عَداءً بين ثورٍ ونعجةٍ ... دراكاً ولم ينضح بماءٍ فيُغسَلُ هكذا أنشدنيه السجستاني عن الأصمعي ينضح، والناس يغلطون فيروونه يُنضَح وإنما هو مثل قول النابغة يصف خيلاً: يَنِضحنَ نَضْحَ المزادِ الوُفرِ أتْأَقَها ... شَدّ الرواةُ بماءٍ غيرِ مشروبِ

شبه عرق الخيل بنضح المزاد ثم قال إلا أن هذا النضح ليس مما يشرب، والرواة المستقون، وعادي والي بين اثنين، ولم يرد بقوله ولم ينضح بماء أن العرق مكروه ولكنه أراد سرعة إدراكه إياهما وأنه عقرهما قبل أن يعرق الفرس، ومثل هذا قوله: فأدرك لم يعرق مناط عذارهِ ... يمرُ كخُذْروفِ الوليدِ المثقبِ قالوا والخيل إذا عرقت غُسلت بالماء وليس هذا بشيء، قول امرئ القيس مثل قول معقر بن حمار: وكل سبوحٍ في العنان كأنها ... إذا اغتسلتْ بالماء فتخاء كاسرِ لأن اغتسلت في هذا البيت عرقت، وأنشدنيه السجستاني عن أبي عبيدة " وكأنها إذا اغتمست بالماء فتخاء كاسر " والعرق عندهم محمود. قال النجاشي: كأن جنابَيه وصُفّةَ سرجِه ... من الماءِ ثوباً مائحٍ خضلانِ وقال أبو النجم: كأنه في الجلِ وهو ساميٌ ... مشتملٌ جاء من الحمامِ وقال أيضاً:

باب اضطرام العدو وحفيفه

كأن مِسكاً غله مغلِّلُهْ ... في ناضحِ الماءِ الذي يشلشلهُ " وغله فانغل أي دخل بعضه ببعض وغل فلان المفاوز أي دخلها، والغلل الماء بين الأشجار " وطيب رائحة العرق عندهم محمود أنشدني السجستاني عن أبي عبيدة: إذا عرقَ المهقوعُ بالمرءِ أنعظت ... حليلتُه وازداد حراً مِتاعها قال أبو عبيدة أبقي الخيل المهقوع وكانوا يستحبون الهقعة وهي الدائرة التي تكون في عرض زوره حتى أراد رجل شراء فرس مهقوع فامتنع صاحبه من بيعه فقال هذا البيت فكُرهت الهقعة منذ ذاك. قال أبو النجم وذكر فرساً: ساطٍ إذا ابتلّ رقيقاه ندا رقيقاه جانبا منخره ابتلاّ من العرق، والساطي البعيد الأخذ من الأرض. وللعرق باب ألفته في كتاب الإبل فيه أبيات المعاني في عرق الإبل. باب اضطرام العدو وحفيفه قال امرؤ القيس:

رَقاقها ضرِمٌ وجريِها خذمٌ ... ولحمها زِيمٌ والبطن مقبوبُ الرقاق الملأ المستوى ضرم أي يضطرم من الجري، وجريها خذم أي تقطعه شيئاً بعد شيء، ولحمها زيم أي متفرق في أعضائها ليس بمجتمع في مكان فتبدن. قال جرير: من كلِ مشترفٍ وإن بعد المدا ... ضرم الرَقاق مناقلَ الأجرالِ مشترف عالي النظر، ضرم الرقاق أي هو كالنار المضطرمة إذا جرى في الرقاق، والأجرال الحجارة، والمناقلة أن يضع يده ورجله

على غير الحجارة لحسن نقلهما لحذقه. وقال يزيد بن عمرو الحنفي: للشأ وفيها إذا ورّعتْها حدم ... يحسبه الكِفلُ شداً وهو تقريبُ حدم اضطرام مثل حدمة النار، والشأ والطلق والكفل القَلِع الذي لا يثبت على سرجه أي تقريبها عنده إحضار، ورّعتها كففتها. وقال آخر - أوس بن حجر: نجّاكَ جيّاشٌ هزيمٌ كما ... احميت وسط الوبرِ المِيسَما شبه حفيفه بحفيف الميسم وسط الوبر. وقال امرؤ القيس: على العقبِ جيّاش كأن اهتزامَه ... إذا جاش منه حميه غلى مرجلُ يقول إذا حركته بعقبك جاش وكفاك ذاك من السوط ويقال العقب جرى بعد جري، يجيش يرتفع كما يجيش المرجل إذا غلى، واهتزامه شققه بالعدو. وقال أبو زبيد يصف خيلاً: كل سجحاءٍ كالقناة قَرونُ ... وطُوال القَرا هزيمُ الذكاءِ

القرون التي تعرق واحدة من القرن وقد فسرناه والذكاء السن يقال: قد ذكّى الفرس فهو مذك إذا أسن، وأراد بقوله هزيم الذكاء هزيم عند الذكاء، ومثل للعرب " جرى المذكيات غلاب ". ويقال غِلاء فمن قال أراد جريها كغلاء السهام، ومن قال غلاب أراد أنها تغالب الجري غلاباً وليست كالمهارة. وقال امرؤ القيس: وسالفةٌ كسحوق الليا ... نِ أضرمَ فيه الغَوى السُعرَ الليان جمع لينة وهي النخلة، والسالفة صفحة العنق من مقدمها، والسحوق النخلة الطويلة وأحسب ذلك مع انجراد ويقال ثوب سَحْق وسحوق إذا انجرد من الإخلاق وقوله أضرم فيه الغوى السعر - أراد حفيفه حين جرى كحفيف النار ويقال إذاً كأن عنقها نخلة قد شذبت النار سعفها وبقيت منجردة. وقال طفيل: كأن على أعرافِهِ ولجامهِ ... سنا ضَرم من عرفَجٍ يتلهبُ السنا الضوء وإذا كان له ضوء كان له حفيف، وضرم جمع ضرمة، والعرفج تسرع فيه النار لأنه ليس بجزل، يقول يحف من شدة العدو حتى كأن عرفجاً يتضرم على عنانه وعنقه، وهو كما قال الآخر: عمل الحريق بيابس الحلفاء

ومثله: جموحاً مروحاً وإحضارها ... كمعمعةِ السعفِ الموقدِ ومثله للعجاج: سفواءُ مرخاءُ تباري مِغلجاً ... كأنما يستضرمان العرفَجا الغلج عدو دون الاجتهاد يقول: حفيف عدوهما مثل عجيج العرفج. وقال رؤبة: تكاد أيديها تهاوَى في الرهقِ ... من كَفتها شداً كإضرامِ الحرقِ تهاوى تهوي، والرهق التقدم يقال فرس رَهَيقَى إذا كان يتقدم الخيل، يقول تكاد أيديها تهوي من شدة ما تقدمها، والكفت السرعة. وقال الهذلي وذكر حماراً: يعالج بالعطفينِ شأواً كأنه ... حريقٌ أُشيعته الأباءة حاصدُ يعالج بالعطفين يعني أنه يميل في شقه يتكفأ في عدوه، والشأو الشوط، أشيعته الأباءة وهو أن يضع حطباً صغاراً مع حطب كبار حتى تشتعل النار في الصغار ويقال أشعت إشاعة وشيّعت تشييعاً، والأباءة الأجمة، حاصد يحصدها بإحراقه.

باب في وثبها

باب في وثبها قال زيد الخيل: وكل كميت كالقناة طمرة ... وكل طمرّ يحسب الغَوط حاجراً أي يثب الغوط وهو المطمئن من الأرض فهو عنده كالحاجر والحاجر محبس للماء لطيف. وقال آخر: غَشمشمٌ يغشي الشجرَ ... ببطنه يعدُ والذكرَ يريد أنه يثب الشجر. وقوله ببطنه يعدو الذكر خص الذكر لأنه يقال إن الإناث أقوى على الخلاء من الذكور. وقال آخر: وكأنما دوحُ الأراكِ لمهرهِ ... حُوّاءةٌ نبتَتْ بدارٍ قرارِ الدوح عظام الشجر يريد أنه يطفرها كما يطفر الحواءة وهي نبت لازق بالأرض لا يرتفع. قال: كما تبسم للحُواءة الجملُ يريد أنه لا يقدر على رعيها حتى يكشر فذلك تبسمه.

وقال امرؤ القيس: لها وثبات كصوبِ السحابِ ... فواد خطيطٍ وواد مطِرِ الخطيطة أرض لم تمطر بين أرضين ممطورتين ويستحب سعة شحوة الفرس فجعل شحوته وهي بين حافريه من الأرض خطيطاً وموضع الحافر غيثاً ويروي خطاء أي يخطو وادياً ويعدو وادياً. كما قال الآخر - زهير: يركضن ميلاً وينزعن ميلاً وأنشدنيه السجستاني عن أبي عبيدة: فواد خطئ. وقال أبو داود: ضُروحُ الحماتيْنِ سامي الذراعِ ... إذا ما انتحاه خَبار وَثَبَ الحماتان عضلتا الساقين. يقول إذا عدا ضرح برجليه يريد سعته وانبساطه في عدوه، والخبار أرض مسترخية وفيها جِحرَة فالخيل تعثر فيها. يقول إذا وقع في الخبار جمع قوائمه ووثب. وقال أبو النجم: يخرجُ ثلثاها من الإعصارِ ... قوداءَ يُجفيها عن العِثارِ

في جَدَد الأرضِ وفي الخبارِ ... سُمر الحوامي وأبة الآثارِ يقول إذا جرت فأثارت غباراً فحملته الريح سبقته هي حتى يخرج ثلثاها منه، قوداء طويلة العنق، يجفيها يرفعها عن أن تعثر في جدد الأرض وهي الصلبة وفي الخبار وهي المسترخية وفيها جِحَرة هذه الحوافر، ويقال إن إناث الخيل تعثر في الجدد، ولذلك قال قيس بن زهير. في داحس والغبراء " رويد يلعون الجدد " وإن الذكور تعثر في الخبار، والحوامي جوانب الحافر. وأبة الآثار مقعَّبة الآثار، وإذا كانت الحوافر مقعبة فهو أحمد لها، وقال الراعي في مثله: إذا كان الجِراءُ عفَّت عليه ... ويسبقها إذا هبطت خباراً عفت زادت، وقال الأخطل: ذوابل كلِ سلهبةٍ خنوفُ ... وأجردٌ ما يثبِّطهُ الخبارُ ولذلك قال أبو داود للغلام حين حمله على الفرس: أحصننه إن المكان خبار

وقال العجاج: عافى الرَقاقِ مِنهب مَيوحٍ ... وفي الدهاس مِضبرٍ ضروحٍ يقول إذا عدا في الرقاق فعدوه عاف لا يجتهد، منهب شديد المناهبة كأنه يناهب قوماً ويبادرهم، والميوح الميال في شقيه، قال الأصمعي وذاك أجود له كما قال الآخر. تَبرِي لعريان الشوي ميّاح والدهاس رمل تغيب فيه الأرجل، يقول إذا وقع في الدهاس ضبر أي جمع رجليه فوثب والضبر الوثب وقوائمه مجموعة، يقال ضبرت الشيء جمعته ومنه قيل إضبارة كتب، والضروح النفوح برجليه يقال اضرح عنك هذا الأمر أي نحه عنك، وقال أيضاً: عافي الرقاق مِنهب مُواثم ... وفي الدهاس مضبر مُتائم الوئم شدة وقع الحافر والخف على الأرض، متائم أي يجيء بعدو توأم أي بعدو، وبعد عدو ويريد أن عنده ضروباً من العدو، وقال أيضاً وذكر الثور والكلاب: غَمر الجِراءِ إن سطون ساط ... عافى الأياديم بلا اختلاطِ وبالدهاسِ ريّثُ السقاطِ

غمر الجراء كثير الجري، إن سطون إن أبعدن الأخذ من الأرض، ساط بعيد الخطو، والإيدامة المكان الصلب ليس بحصي ولا بحجارة، يقول إذا وقع في الأياديم جاء عدوه عفواً سهلاً، ريث السقاط يقال للرجل أنه لذ وسقطات أي لا يزال يعثر فهذا لا يعثر البتة، وقال حميد الأرقط: أضر فهي وَكَرَى مضرارُ ... عُرضتُها التقريبُ والاحضارُ لم يتكأد ضبرها الخبارُ يقال ناقة وكرى وقد وكرت تكر وكراً، ويقال للرجل أنه لعرضة للقتال وأن الناقة لعرضة للسفر إذا كانت قوية عليه، ويتكأد من الكؤود وهي العقبة أي لم يشق الخبار عليها إذا وثبت، وقال ابن مقبل: زلُّ العِثارِ وثبت الوعَث والغَدَر زل العثار أي بعيد منه قد زل عنه، والوعث السهل الذي تسوخ فيه أخفاق الإبل مثل الرمل، والغدر المكان المتعادي، أي تثبت فيها، يقال للرجل إذا كان جيد الحجة أنه لثبت الغَدر. وقال ابن مقبل: إذا كان جريُ العيرِ جَوداً وديمةً ... تغمدُ جودَ العيرِ في الوعثِوابلهِ يقول ما عند الفرس من الجري يتغمد جري العير في الوعث.

في لحوق الخيل بالصيد

في لحوق الخيل بالصيد قال امرؤ القيس: وقد أغتدي والطيرُ في وكناتها ... بمنجردٍ قيدِ الأوابدِ هيكلُ الوكنة الوكر وهو موضع العش وأما الوكن بالنون فالعود الذي يثبت عليه الطائر، منجرد قصير الشعر، وطول الشعر هجنة ويقال منجرد ماض غير وان، كما يقال انجرد في حاجتك، قيد الأوابد يقول إذا أرسل على الأوابد وهي الوحش فكأنها في قيد. وقال الأسود - بن يعفر: بمقلِّصٍ عَتَدٍ جهيزٍ شده ... قيدَ الأوابدِ والرهانِ جوادُ الأصمعي: المقلص المشرف الطويل القوائم، والعتد الذي هو عدة للجري يقال فرس عتَد وعتِد، جهيز شده أي سريع شده. ومنه قيل أجهز على الرجل إذا كان بآخر رمق فقتله، وقال أبو عبيدة: المنجرد الذي لا يتعلق به فرس والمقلص الطويل القوائم المرتفع عن الأرض الخفيف الوثب، أبو عبيدة: يقال قيد الأوابد وقيد الرهان وهو الذي كأن طريدته في قيد إذا طلبها. قال واول من قيدها امرؤ القيس، وقال ابن أحمر: بمقلِّصٍ درَك الطريدَة متنُهُ ... كصفا الخليقةِ بالفضاءِ الملبِدِ درك الطريدة أي هو إدراك الطريدة ويقال مالك في هذا درك أي إدراك، يقول فهو درك الطريدة - كما قال الآخر قيد الأوابد، والخليقة الملساء مثل الخلقاء والمخلّقة يقال خلقت الشعر إذا لينته

وملسته، يريد أنه لين أملس كهذا الصفا، والفضاء المتسع من الأرض، والملبد الخاشع، يريد كصفا في مستوى من الأرض، وقال عدي بن زيد: مشرِفُ الهادي له غُسَنٌ ... يُوثقُ العلجينِ إحضاراً العلجان حماران غليظان، والغسن شعر الناصية، الواحدة غُسْنَة ويروي يغرق العِلجين إحضاراً، أي يجيء الفرس بجري يغمر جريهما. وقال أيضاً: يغرقُ المطرودَ منه وابلٌ ... ضابطُ الوعثِ ضبوعٍ في الجددِ يقول إذا طلب الشيء أغرقه في جريه وأدركه كما يغرق الماء الشيء يعلوه ويغمره، وابل أي شد كالوابل من المطر، ضابط الوعث أي هو ضابط في الوعث، وضبوع من الضبع وهو ضرب من العدو يمد ضبعيه فتطول خطاه. وقال المرار - بن منقذ العدوي: يصرعُ العيرينِ في نقعيهما ... أحوذيّ حينَ يهوي مستمرِ ثم إن يُقدَع إلى أقصاهما ... يخبطُ الأرضَ اختباطِ المحتفِرِ

أي يخرج من غبارهما حتى يوالي بينهما، والأحوذي الماضي الناجي، يقدع يكف، وقوله إلى أقصاهما أي عند أقصى المديَين وهما الغايتان، يخبط الأرض من النشاط. وقال ابن مقبل: وصاحبي وهوه مستوهلٌ صرِعٌ ... يحول بين حمارِ الوحشِ والعَصَرِ وهوه ذاهب العقل وقيل خفيف، والعصر الملجأ. وقال عبد المسيح بن عسلة: لا ينفعُ الوحشُ منه أن تحذّرَه ... كأنه معلقٌ فيها بخطَّافِ وهذا من أغرب ما جاء في هذا المعنى. وقال أمية بن أبي عائد الهذلي وذكر حماراً وآتنه: كأن الطِمِرّةِ ذات الطِما ... حِ منها لضَبرتِهِ بالعِقالِ الطمرة المشرفة ومنه يقال طمر الجرح إذا نتا وورم، ومنه يقال وقع من طَمار إذا وقع من مكان مشرف، وذات الطماح التي تطمح في العدو تبعده والطماح الارتفاع. يقول إذا وثب هذا الحمار فكأن الأتان التي طمحت في عدوها في عقال من إدراكه إياها، والضبر أن يجمع قوائمه ويثب. وقال عدي بن زيد:

باب الميل في أحد الشقين في مشيها وجريها

أحالَ عليه بالقطيعِ غلامنا ... فأذرِع به لخلَة الشاةِ راقعاً أحال عليه أقبل فاذرع به أي ما أذرعه يريد بعد شحوته لخلة الشاة يريد الفرجة التي بينه وبين الشاة، راقعاً أي يرقعها بنفسه يريد أنه يلحق الشاة فلا يكون بينهما فرجة، والقطيع السوط وهذا كقول الجعدي: واستوت لهزمتا خديهما ... وجرى الشّفُ سَواءً فاعتدلَ الشف القِصَر أي ذهب ما كان بينهما من فضل، يقول أحدهما يسبق الآخر فاستويا، ويروي لخلة الشاء راقعاً، وروي عن خلف في هذه الرواية أنه قال، يعدو الفرس وبين الشاتين فرجة فيدخل بينهما فكأن الفرس يرقع الخلة بنفسه إذا صار فيها. باب الميل في أحد الشقين في مشيها وجريها قال المرار - بن منقذ العدوي: شُندُفٌ أشدفٌ ما ورعته ... فإذا طُؤطِئَ طيار طمِرِ الشدف كالميل في أحد الشقين، وأرى أن شندفاً منه، ما ورعته ما كففته فهو يعرض، فإذا طؤطئ أي دفع، وإنما أراد أنه صبه في

آثارهن والصب طأطأة، ومنه قول امرئ القيس: كأني بفتخاءِ الجناحين لقوةٍ ... صيود من العقبانِ طأطأتْ شملالَى ويقال تطأطأت أيضاً أسرعت، ويقال فلان يطأطئ في ما له إذا أسرع إنفاقه. وقال امرؤ القيس: إذا ما عنَجَتْ بالعِنانينِ رأسه ... مشى الهِربِذي في دَفّة ثم فرفرا عنجت عطفت، والهربذي التبختر، وقوله في دفه يريد أنه يحرك رأسه مرة في هذا الجانب ومرة في هذا الجانب في دفه وهو جنبه وفرفر نفض رأسه، ويروي الهيذبي وهي فيعلي من الإهذاب، وقال خداش بن زهير: متحرّفاً للجانبيْنِ إذا جرى ... خِذماً جوادَ النزعِ والإرسالِ أي يميل على شقيه في جريه ويتكفأ من النشاط، ومثله: من المتحرفات بجانبيها ... إذا أشكلن بالعرق الجلودا وللهذلي في وصف حمار: يُعالجُ بالطفيْنِ شأواً كأنه ... حريقٌ أشيعته الأباءةُ حاصدُ أي يضرب بعطفيه في عدوه يتكفأ، وقال آخر:

يضربُ عطفَيْه إلى شأوِهِ ... يذهبُ في الأقربِ والأبعدِ وقال ابن مقبل: مُفِجٌ من اللائي إذا كنتَ خلفه ... بدا نحرُهُ من خلفِهِ وجحافلِهِ يقول خانف برأسه فأنت ترى نحره وجحفلته، وقال العجاج: كالأخدري يركب الأقطارا أي يركب قطريه في عدوه من النشاط، وقال رجل من كنانة: على رِبذِ التقريبِ يُفديه خالَه ... وخالَتَه لما نجا وهو أملسُ فنحنُ لأمِ البيضِ وهو لأمه ... لئن قاظ لم يصحبنه وهي شُوّسُ ربذ التقريب يريد خفيف رجع اليد، يفديه خاله يقول فدى لكل خالي لما نجا، أملس لم تصبه جراحة يعني رجلاً انهزم فهو يفدّي فرسه، وقوله فنحن لأم البيض يقول نحن نعام لؤماً وجبناً وهو لأمه أي وهو إنسان لئن صار في القيظ ولم تغر عليه الخيل، وهي شوس أي موائل في ناحية من النشاط، وقال أبو عبيدة: إذا اشتد عدو الفرس فكأنه يأخذ في أحد شقيه، وقال زهير: جوانحٌ يخلِجنَ خلجَ الظباءِ ... يركضنَ ميلاً وينزعن ميلا جوانح موائل في العدو، ويخلجن يسرعن وأصل الخلج الجذب ولا يقال ركض الفرس إنما يقال يركضه صاحبه، والميل القطعة من الأرض قد رمد البصر.

باب جريها ومشيها

وينزعن يكففن عن العدو، وقال العجاج: عافى الرَقاق مِنهب ميوح الميوح والمياح الميال في شقيه وذاك أجود له وقد فسر البيت. باب جريها ومشيها قال عدي بن زيد: لا يرقب الجِريُ في المواطن لِل ... عُقبِ ولكنّ للعقابِ حضُرُ العقب آخر الجري يقول لا يُبقي من جريه شيئاً للعقب ولكنه يخرجه كله فإذا عاقب أحضر كما أحضر في أول دفعة أي عقبة وابتداؤه سواء. قال أبو النجم: يسبح آخره ويطفو أوله

قال الأصمعي: إذا كان كذلك كان حمار الكساح أسرع منه لأن اضطراب مآخيره قبيح، قال وأحسن في قوله: ويطفو أوله، وقالوا: خير عدو الذكران الإشراف وخير عدو الإناث الصغاء كعدو الذئبة والظليم، قال لبيد يصف الظليم: يُلقي سقيطُ عِفائِه متقاصراً ... للشد عاقدٌ مَنكبٍ وجرانِ يقول يلقي ما ينتف من ريشه من شدة عدوه، ومنه قول ابن أقيصر في وصف فرس: إذا استقبلته أقعي يقول، كأنه مقع لإشراف مقدمه، وقال غير الأصمعي: إنما أراد بقوله يسبح أخراه أنه لسعته وانبساطه في عدوه يضرح برجليه كالسابح ومثله قول أبي داود: ضروحُ الحماتيْنِ سامي الذراعِ ... " إذا ما انتحاه خبار وثب " والحماتان عضلتا الساق يقول إذا عدا ضرح برجليه، والأصمعي ذهب في أخراه إلى عجزه، وقال امرؤ القيس: على زبذٍ يزدادُ عفواً إذا جرى ... مِسَح حثيثَ الركضِ والذألانِ يزداد عفواً أي يجم ويسكن وهو سريع في سهولة، والذألان المر السريع ومنه سمي الذئب ذؤالة، ويروي الدألان وهو قريب منه، ربذ خفيف. وقال رؤبة: كيف ترى الكاملَ ينقضي فرقاً ... إلى ندى العقب وشداً سحقاً

الكامل اسم فرس، يقضي فرقاً أي يقضي قضاء يفرق به وذلك لأنه يسبقها سبقاً بيناً ومنه عمر الفاروق، والندي الغاية مثل المدي، والعقب جري بعد جري، يريد أنه لا يزال يفرق بينها وبينه إلى هذه الغاية، وقال رؤبة - 1: وإن هَمَرن بعد معق معقاً ... عرفت من ضربِ الحريرِ عتقاً الهمر الغرف يقال إنه ليهمر همراً في الكلام وإنه لمهمار إذا كان كثير العطاء أو كثير الكلام، والمعق البعد يقال عمق ومعق، والحرير فرس كان لهم. يهوي إذا هُن وَلقنَ ولقاً ... بأربعٍ لا يعتنفن العفقا يهوين شتى ويقعن وفقاً

ما يشبه به مشيها وجريها

الوَلق المر الخفيف يقال مر يلق، والاعتناف أخذ الرجل العمل بغير حذق، والعفق ضعف اليد في العدو، وقوله يهوين شتى ويقعن وفقاً، قال الأصمعي: بلغني أن سلم بن قتيبة قال له يا أبا الجحاف أخطأت في هذا جعلته مقيداً، فقال رؤبة: أدنني من ذنب البعير. ما يشبه به مشيها وجريها قال امرؤ القيس: له أيْطَلا ظبيٍ وساقا نعامةٍ ... وإرخاء سرحانٍ وتقريبِ تتفلِ وقد فسر صدر البيت في باب الخلق والإرخاء جري سهل ليس بالشديد، يقال فرس مِرخاء وأفراس مَراخ وليس شيء أحسن إرخاءً من الذئب ولا أحسن تقريباً من الثعلب، ويقال للفرس هو يعد الثعلبية إذا كان حسن التقريب، ويقال أنه لم يُقَل في وصف الفرس أحسن من هذا البيت، وقال ابن مقبل:

بذي مَيعةٍ كأنّ بعضَ سقاطهِ ... وتَعدائِه رِسلاً ذآليل ثعلبِ جرى قَفِصاً وارتدَّ من أسرِ صلبِهِ ... إلى موضعٍ من سرجِهِ غير أحدبِ الميعة النشاط، ويقال إنه ليساقط الشد أي يأتي منه الشيء بعد الشيء فذلك سقاطه، والذآليل من الذألان وهو مر سريع، والقفص الذي لا ينطلق في جريه، وأسر صلبه اندماجه، وارتد يقول رجع بعضه إلى بعض لأنه لم يستقم جريه وليس ذلك من الحدب، وقال المرار - بن منقذ العدوي: صفةُ الثعلبِ أدنى جريِه ... وإذا يُركَض يعفور أشر ونشاصي إذا تُقرِعُه ... لم يكدْ يلجُمُ إلا ما قسر يعفور ظبي، أشر ظبي، أشر نشيط، نشاصي مرتفع، ومنه يقال للغيم المرتفع نشاص، ونشصت المرأة على زوجها ونشزت، ورواه أبو عبيدة شناصي ويقال هو الشديد الخلق الجواد والأنثى شناصية، وقال طفيل: كأنه بعد ما صدَّرنَ من عرقٍ ... سِيد تمطر جنح الليلِ مبلولِ أراد بالعرق سطور الخيل، ويقال لكل شيء من الدواب والطير

يصطففن مثل السطر عرقة وجمعها عرق، صدرن سبقن سطر الخيل بصدورهن فكأنه ذئب قد ابتل من المطر فهو يبادر إلى الغار، والتمطر العدو وهو تفعل من قولك مطر في الأرض يمطِر مطوراً أي ذهب، وقال الجعدي: وعاديةٌ سوم الجرادِ وزعتها ... فكلفتها سِيداً أزل مصدّراً عادية حاملة، يقال رأيت عديّ القوم أي حاملة القوم في الحرب، سوم الجراد أي مضيه يريد أنها تنتشر كما ينتشر الجراد، ووزعتها كففتها، وكلفتها سيداً أي جعلت مؤونة هذه العادية على فرس يشبه الذئب، والأزل الأرسح وهو من صفة الذئب لا من صفة الفرس. ومثله قول الراجز يصف فرساً: أزل إن قيد وإن قام نصب أي كأنه ذئب إن قيد وإن قام نصب رأسه فرأيته مشرفاً، قال الأسعر الجعفي: أما إذا استعرضتُه متمطّراً ... فتقولُ هذا مثلُ سرحانِ الغَضَا متمطراً عادياً، وشبهه بذئب الغضا لأنه أخبث الذئاب يقال ذئب خمر أي يلزم الخمَر، وقال طفيل:

وفينا رباطُ الخيلِ كل مطهّمٍ ... رجيلٍ كسرحان الغَضا المتأوبِ المطهم التام كل شيء على حدته وكذلك العميثل، وأنشد - لبعض الضبيين: متقاذفٌ عبلُ الشَوَى شنج النسا ... سباق أنديةِ الجيادِ عميثلُ الرجيل الجيد المشي القوي عليه الذي لا يحفي، ومنه قول الآخر: أنى سريتِ وكنت غير رجيلة وقال طرفة: وكَرَى إذا نادى المضافُ محنّباً ... كسيدِ الغَضا نبهتُه المتوردُ المحنب الذي في رجليه انحناء وتوتير وذلك محمود في الخيل. وقال آخر: يعسلُ تحتي عسَلاناً كما ... يعسلُ تحت الردهةِ الذِيبُ الردهة منقع ماء قليل، وقال آخر: كإرخاء سيد إلى ردهةٍ يوائل ... من بردٍ مرهبِ

باب التشبيه بالعقاب

يوائل ينجو. وقال آخر: كما يختبُّ معتدلُ مطاهٌ ... إلى وشلٍ بذي الروهاتِ سيدُ باب التشبيه بالعقاب قال امرؤ القيس: كأني بفخاءِ الجَناحَيْنِ لقوةٍ ... صيودٌ من العقبانِ طأطأتْ شِيمالي أخبرني السجستاني عن أبي عبيدة أن أبا عمرو بن العلاء كان ينشده شيمالي فزاد ياء، وكان غيره يروي شملالي يريد الخفيفة يقول كأني بطأطأتي هذه طأطأت عقاباً، ويقال لِقوة ولَقوة والكسر أجود، وقال آخر: هو سِمعَ إذا تمطَر مشياً ... وعقابٌ يحثها عِسبارُ فالسمع ولد الذئب من الضبع والعسبار ولد الضبع من الذئب، وقوله يحثها عسبار يريد أن العسبار يسرع في عدوه فتسرع العقاب في طلبه كأنه هو حثها، وقال الأعشى: وكأنما تبع الصِوارِ بشخصِها ... عجزاءٌ ترزقُ بالسُلّى عيالها أي كأنما تبع الصوار حين تبعته الفرس عقاب، الأصمعي: عجزاء في أصل ذنبها بياض، أبو عبيدة: عجزاء شديدة الدابرتين، والسلي واد دون حجر، وعيالها فراخها.

باب التشبيه بالبازي

باب التشبيه بالبازي قال الأسعر الجعفي: أما إذا استقبلتُه فكأنه ... بازٌ يكفكفُ أن يطيرَ وقد رأى ويكفكف يكف مثل قولهم يكمك من الكمة، وقال المرار - ابن منقذ: وكأنما كلما هُجْنا به ... نطلبُ الصيدَ ببازٍ منكدرِ وقال آخر: وعلاهن إذ تجاهدن في الأج ... رال باز شاكي السلاح مُطار الأجرال جمع جرل وهي حجارة صغار وكبار يقال أرض جرَل وجرلة وجرولة إذا كان فيها غلظ وحجارة، يريد أنه ينقل قوائمه في الأجرال لتوقيه الحجارة. باب التشبيه بالصقر قال زاحم العقيلي: يهوى إذا بلّ عطفيْهِ الحميمَ كما ... يهوى القطامِيّ أضحى فوق مرتَقبِ

وقال النابغة الجعدي: ومن دونِ هَوَى له هَوّى ... القَطامِيّ للأرنب وقال: فسُرِّح كالأجْدلِ الأزرقي ... في إثر سِربٍ أجَدّ النفارا وقال لبيد: وكأني ملجمٌ شُوذانقا ... أجدليا كَرُّه غير وَكِل الشو ذانق الشاهين وأصله بالفارسية سوذانه، وقال الجعدي: كأنه بعد ما تقطعت ال ... خيل ومال الحميم بالجُرُم شَو ذانق يطلب الحمام وتز ... هاه جنوب لناهِض لحِم وقال - وهو أبي بن سلميّ الضبي: وما شو ذنيقٍ على مَرقَبٍ ... كمي الجنانِ حديد النظرِ رأى أرنباً سنحتْ بالفضاءِ ... فبادَرَها ولجأت الخَمرِ بأسرعِ منه ولا مِنزعِ ... يقمّصُه ركضه بالوترِ

باب التشبيه بالنعامة

باب التشبيه بالنعامة قال أبو داود: يمشي كمشي نعامتيْ ... نِ تتابعان أشق شاخص وقد فسر، ومثله: يمشي كمشي نعامةٍ تبِعتْ ... أخرى إذا هي راعَها خَطبُ وله: وهي تمشي مشي الظليمِ إذا ما ... مارَ في الجري سَهلةَ عُرهومِ أي عظيمة. باب التشبيه بالوعل والظبي قال مهلهل: وخيل تكدَّس بالدار عين ... مشى الوعول على الظاهره التكدس أن يحرك منكبيه إذا مشى كأنه ينصب إلى بين يديه وكذلك مشى الوعول على الأرض، وإنما وصفها بهذا لأنه أراد أنها تمشي إلى الحرب رويداً وهو أثبت لها من أن تلقاها وهي تركض. قالت الخنساء:

وخيلٌ تكدّسَ بالدارِ عينٌ ... قارعَتْ بالسيفِ أبطالُها ويروي تكدس مشي الوعول، وقال آخر: يبكون نضلةً بالرماح على ... جردٍ تكدّس مِشية العُصمِ يقول بكاؤهم له أن طلبوا بثاره، وقال يزيد بن خذّاق: فآضتْ كتيسِ الربلِ تعدو إذا عدت ... على ذرعاتٍ يغتلينَ خُنوسا الربل جمعه ربول وهو نبت ينفطر بورق أخضر إذا أدبر الصيف وبرد الزمان من غير مطر يقال تربلت الأرض وهو عنده إذا أكل الخضر كان أقوى له وأسرع من غيره، آضت صارت وقولهم افعل ذلك أيضاً أي عد إليه ثانية وهو مصدر آض إلى كذا أي صار إليه، والذِرعة الطويلة ويقال الذرعة السريعة الاندفاع، ويقال امرأة ذراع للسريعة الغزل، يغتلين أي يعلون ما جاراهن وهو يخنسن أي يسرعن عن الرد، وإذا أسرع الفرس مدّ يده ولم يسرع ردها فليس بسريع ولا جواد، وقال النجاشي: مكرٌ مفرٌ مدبرٌ معاً ... كتيسِ ظباءِ الحُلْبِ الغَذَوانِ أي يصلح للكر والفر والإقبال والإدبار، والحلب نبت تعتاده

باب التشبيه بالطير

الظباء يخرج منه شبيه باللبن إذا قطع، وتسميه العرب الحلبلاب وبلغني أنه هو الذي تسميه العامة اللبلاب، وإنما سمي الحلب لتحلبه والغذوان الذي يُغذِي ببوله أي يدفعه دفعة دفعة من النشاط. والأصمعي يرويه: العدوان من العدو، والغدوان من الغدو. باب التشبيه بالطير قال زيد الخيل: إذا وقعتْ في يوم هيْجا تتابعتْ ... خروج القواري الخضرِ من خللِ السيلِ القواري واحدتها قارية وهي طير شبهها بها في السرعة وهي تبادر إلى أوكارها. وقال النابغة: والخيلُ تمزَع غرباً في أعِنّتها ... كالطيرِ تنجو من الشؤبوبِ ذي البردِ تمزع تثب. باب التشبيه بالرشا المرقّش الأصغر: تراه بِشكاتِ المدجج بعد ما ... تقطعَ أقرانُ المغيرةِ يجمحُ

باب التشبيه بالسهم

الشكة السلاح، والأقران الأسباب، وفيه قولان أحدهما أنه يقول تراه يجمح بعد انقضاء أسباب المغيرة وهم القوم يغيرون وبعد أن انصرم أمرهم من الغارة والخيل أشد ما تكون كلالا في ذلك الوقت، والقول الآخر أنه أراد بالأقران الحبال يقول تراه يجمح بعد طول المسير وبعد أن تقطعت حبال المسافرين، والجموح الاعتراض في السير من النشاط، وقال: شهدَتْ به في غارةٌ مسبطرةٌ ... يطاعن أولاها فئام مصبّح كما انتفجت من الظباءِ جداية ... أشم إذا ذكَّرته الشدافيح مسبطرة منقادة، المصبح المغار عليه في الصبح، كما انتفجت من الظباء جداية أي كما ينتفج الجداية إذا ذعر، وهو أفيح أي واسع في الجري، إذا ذكر أي إذا أريد منه وحمل عليه. على مثله تأتي النديّ مخايلاً ... وتعبر سراً أيّ أمريكٍ أفلحِ ويروي أنجح، يقول أن تسابق عليه أنجح أو أن تغير عليه، والندي المجلس، وقوله تعبر سراً أي تدبّر في نفسك أي أمر يك أنجح. باب التشبيه بالسهم قال عبيد بن الأبرص:

باب التشبيه بالخذروف

يرعُف الألفَ بالمدجَّجِ ذي القَوْ ... نسِ حتى يؤوبُ كالتمثالِ فهو كالمِنزعِ المريّشِ من الشو ... حطِ مالتْ به يمينُ الغالِي يرعف الألف أي يسبقهم ويتقدمهم، قال السجستاني أخبرني أبو عبيدة قال يقال بينا نحن نذكرك رعف بك الباب أي دخلت علينا، والمنزع السهم، وقال ابن مقبل: كأنه متنُ مريخٍ أمرِّ به ... زيغُ الشمالِ وحفزُ القوسِ بالوترِ هَرجُ الوليد بخيط مبرم خلق ... بين الرواجب في عود من العشر المريخ سهم له أربع قذذ وهو أسرع السهام ذهاباً، زيغ الشمال يقول حيث زاغت شماله أرسل سهمه، والحفز الدفع، الهرج كثرة الفتل، يريد الخذروف وجعل خيطه خلقاً لأنه أسلس وأخف وجعله من عشر لأن العشر أخف، والرواجب سلاميات الأصابع، وقال آخر: وشمر كالمريخ يرمي به الغالي وقال آخر: يمر كأنه مريخ غالي باب التشبيه بالخذروف قال امرؤ القيس: دريرٌ كخذروفِ الوليدِ أمرّه ... تتابعُ كفّيه بخيطٍ موصلِ

باب التشبيه بالحجر

وقال: فأدرك لم يعرق مناط عذاره ... يمر كخذروف الوليد المثقبِ باب التشبيه بالحجر فأمره في إثرها وكأنه ... حجر القذافِ أمر فيهِ المجذبِ التشبيه بالجرادة قال بشر - بن أبي خازم الأسدي: مهارشةُ العنانِ كأنّ فيه ... جرادةً هَبوةً فيها اصفرارُ أي تعض العنان وتعبث به من النشاط. كما قال الآخر: ملاعبة العنان بغصن بان وجعل الجرادة صفراء لأنه جعلها ذكراً والإناث سود. يقال: جرادة ذكر وجرادة أنثى وكذلك نعامة ذكر ونعامة أنثى وبطة وحمامة وحية كذلك. وقال آخر: كجرادةٍ بَرَحَتْ لريحِ شمألٍ ... صفراءٍ مصغيةٍ لرجلٍ جرادِ برحت من البارح.

التشبيه بالكلاب

التشبيه بالكلاب قال الجعدي: وشعثٌ يطابقنَ بالدارعينَ ... طباقَ الكلابِ يطأنَ الهَراسا المطابقة أن تقع الرجل موقع اليد، والهراس نبت له شوك والكلب يطابق والذئب لا يطابق. وقال طفيل: تصانعُ أيديها الرسيحَ كأنّها ... كلابٌ يطأنَ في هراسٍ مقنّبِ وقال: تبارى مراخيها الزِجاج كأنها ... ضرا أحسّتْ نبأة من مكلِّبِ التشبيه بالثور قال عمر وبن معدي كرب: وأجردٌ ساطَ كشاةٍ الأرا ... نِ رِيع فعنّ على الناجشِ ساط طويل بعيد الخطو، والشاة الثور، والأران النشاط، قال الشاعر: وكان انطلاق الشاة من حيث خيّما

التشبيه بالناس

يريد الثور والناجش الصائد ومنه قيل للزائد في ثمن السلعة ناجش ونجاش. التشبيه بالناس قال أبو داود: ظَلِلت أخفضُه كأنه رجلٌ ... دامي اليدينِ لي علياءِ مسلوبِ أخفضه أسكنه، كأنه رجل عريان واقف على شرف وإنما أراد أنه مطوى مدمج قصير الشعرة ولم يشبهه به إلا في الخلقة لا في المشي ولا في العدو. أو هيِّبان نجيب بات عن غنمٍ ... مستوهلٍ في سوادِ الليلِ منخوبِ يقول أو كأنه راع بات عن غنمه فوقع فيها الذئب أو تفرقت عليه فهو منخوب قد سلب لبه، شبه الفرس به لهوجه ونزقه وقلقه، وأنشدني السجستاني عن أبي عبيدة: كأنه يرفئي نامَ في غنمٍ ... مستوثرٍ في سواد الليلِ مذؤوبِ وقال: يرفئ راع أسود، مستوثر نام مذعورا، مذؤوب وقع

الذئب في غنمه قال: وبعضهم يجعل اليرفئ تيس المعز، وقال زهير يصف العير: فظلّ كأنه رجلٌ سليبٌ ... على علياءِ ليس له رداءُ وقال الأخطل: كأنهما لما استحمّا فأشرفا ... سليبان من ثوْبيهما خضلانِ كأن ثيابَ البربري تطيّرها ... أعاصيرُ ريحٍ زفزفٍ زفيانِ وقال أبو النجم: كأنه حينَ تدمّى مسحله ... وابتلّ ماءُ نحرهِ وكفلهُ جعد طوال ظل دجن يغسله يقول كأن هذا الفرس رجل هذه صفته، وقال عقبة بن سابق: كشخصِ الرجلِ العريا ... نِ قذد فوجئ بالرعبِ وقال النظار الفقعسي وذكر الحمار: ظلّ بقفٍ فرقاً أجلاده ... يوفي الصوى مثل السليبِ العريانِ فرقاً ذائباً من التلف، وقال آخر وذكر الفرس: كأنه سكرانٌ أو عابثٌ ... أو ابنُ ربٍ حدثِ المولدِ وقال أبو النجم: والخيل تمشي مِشية الزوار

باب التشبيه في خلقه بالعصا

أي تمشي بليقة في مشيها كما يمشي الذي يزور بعضهم بعضاً على إدلال وتؤدة. وقال كثير: ولقد شهدت الخيل يحمِل شِكّتي ... متملِّط خذِم العنان بَهيمُ متملط ذاهب ماض يقال تملط منى وقولهم فلان مِلط منه. عَتد القيادِ كأنه متحجّرٌ ... حرِبٌ يشاهدُ رهطَه مظلومُ باقي الذّماءِ إذا ملكت مُناقل ... وإذا جمعتُ به أجش هزيمُ حرب غضبان، والذماء بقية نفسه، يقول: إذا ملكت عنانه فهو مناقل في السير وإذا جمعت به رجليك للحضر فهو أجش هزيم، يقال جمع رجليه به إذا طلب عدوه، ومنه قول عمرو بن معدي كرب: ولقد أجمع رجليّ بها ... حذَرُ الموتِ وإني لفَرورُ ويروى: وإني لوقور. باب التشبيه في خلقه بالعصا امرؤ القيس: بِعجِلزةٍ قد أترزَ الجريُ لحمها ... كميتٌ كأنها هِراوة مِنوالِ

باب التشبيه بالدلو

عجلزة صلبة ويقال عَجلَزة أيضاً، أترز أيبس، يقال خرجت خبزتك تارزة أي يابسة ويقال للميت قد تَرز، والمنوال خشبة من أداة النساج وهراوته التي يلف عليها الغزل وهي صلبة ملساء، وقال أبو عبيدة: امرؤ القيس أول من شبه الخيل بالعصا واللقوة والسباع والظباء والطير فاتبعه الناس على ذلك. وقال لبيد: جرداء مثل هراوة الأعزاب الهراوة العصا والأعزاب الذين يعزبون عن أهلهم واحدهم عزب. وقال الأعشى: وكل كميت كجذع الطري ... ق يجري على سلطات وُثُم الطريق ضرب من النخل وإنما سمي طريقاً لأنه يغرس على سطر واحد، وثم من الوثم وهو شدة وقع الحافر والخف على الأرض. باب التشبيه بالدلو قال الشاعر: كل وآةٍ طيّعٍ جَنا بها ... مثل الدَلاةِ عُطِبتْ أسبابُها وآة شديدة، طيع مطيع، جنا بها قودها والدلاة الدلو، وقال آخر:

باب التشبيه بالحسى

متطلعٌ في الكفِ ينزعُ مقدماً ... كهوّى دلوٍ خانها التكريبُ أي انقطع الكرب فهوت في البئر، وقال ذو الرمة في مثله: كأنها دلوُ بئرٍ جد ماتحها ... حتى إذا ما رآها خانها الكربُ وقال خفاف بن ندبة: حامَ على أثرِ الشياهِ كأنه ... إذ جد سجل نزيّة مصبوبُ النزية ما نزا من الماء. باب التشبيه بالحسى أنشد: يجيشُ على العلاتِ والخيلِ شرّب ... كما جاشَ حسى الأبطحِ المتفجرِ وقال زيد الخيل: يجمُ على الساقينِ بعد كلالهِ ... كما جمُ جفرٍ بالكلابِ نقيبُ وأخذه من قول امرئ القيس حين، يقول: يجم على الساقين بعدَ كلالِهِ ... جمومُ عيونِ الحسى بعد المخيضِ يقول إذا غمز بالساقين وحث بهما جم كما يجم البئر يجمع ماؤها والمخيض مخضها بالدلاء.

باب التشبيه بالماء والسيل

باب التشبيه بالماء والسيل قال: فولّت سراعاً وإرخاؤها ... كسيلِ النضيحِ إذا ما انبعَثْ النضيح الحوض، سمي بذلك لأنه ينضح العطش. وقال زهير: فتبّع آثارَ الشياهِ جوادُنا ... كشؤبوبِ غيثٍ يحفشُ الأكم وابله يحفش يعلو. وقال المرار - بن منقذ العدوي: يرأبُ الشدّ إلى الشدِ كما ... حفش الوابلِ غيث مسبكرِ وقال آخر: تقريبها شدٌ وإحضارها ... كمرّ غيث مسبل تحت ريحِ ما تشبه به جماعات الخيل قال ضمرة بن ضمرة: والخيلُ من خللِ الغبارِ خوارجٌ ... كالتمرِ ينثر من جرابِ الجرّمِ الجرم الصرام، وهذا مثل - يقول الخيل في الغبار منتشرة كأنها

تمر ينثر من جراب. وقال دريد - بن الصمة: وربت غارةٌ أوضعت فيها ... كسحّ الخزرجي جريم تمرِ الإيضاع ضرب من السير السريع، والسح الصب، والجريم التمر المصروم. وقال العجير: كمتا وشقرا وورادا شُزّبا ... مثل جريمِ الهَجري المتسقِ أي هن متتابعات كالتمر إذا نثر فتتابع، وقال آخر: أسآر جرد مترصات كالنوى وقال آخر - الأعشى -: وجذ عانها كلقيط العجم العجم النوى شبهها به لصلابتها واكتنازها، وقال أمية بن أبي عائذ يصف الحمير: فظلت صَوافِن خوصُ العيو ... نِ بثّ النوى بالرُبا والهِجالِ وقال رؤبة: مستويات القدِّ كالجنبِ النسقِ ... تحيدُ عن الظلاها من الفرقِ يقول كأنهن أضلاع الجنب في استوائهن. وقال الأعلب في الإبل:

على قِلاصٍ يعملات قُبْ ... متَّسقات كضلوعِ الجنبْ وقال الجعفي - الأسعر: يخرُجنَ من خللِ الغبارِ عوابساً ... كأصابعِ المقرورِ أقعى فاصطلى يقول خرجت الخيل متقارباً بعضها من بعض يبادرن الغارة كتقارب الأصابع، وقال بعضهم شبهها بأصابع المقرور خاصة إذا اصطلى لأنه إذا أدناها من النار قبضها بعض القبض فكادت أطرافها تتساوى وقال زيد الخيل وذكر الربيئة: وألقى نفسَه وهويْنَ رَهواً ... ينازُ عن الأعنّة كالكعابِ شبه الخيل بكعاب القمار إذا ضربت فوقعت متبددة، ومثله - والبيت لأجدع بن مالك -: وكأن عَقراها كِعابٍ مقامرٍ ... ضربت على شَزَنَ فهن شَواعي شزن حرف شاخص ليس بمستوٍ، وإذا ضربت عليه كان أشد لتفرقها وأراد شوائع فقلب والشوائع المتفرقة، يقال شائع وشاعٌ مثل هائر وهار قال الأصمعي: كأن الخيل كعاب مقامر فبعضها على

ما يشبه به حدة نفسه ونزقه ونبض فؤاده

ظهر وبعضها على جنب، وقال الجعدي: وعادية سوم الجراد وزعتها أي تنتشر كما ينتشر الجراد، والعادية الحاملة على القوم وقد فسر البيت. ما يشبه به حدة نفسه ونزقه ونبض فؤاده قال أبو داود: كليتاها كالمروتينِ وقلبِ ... نبضى كأنه برعومُ البرعوم كمام الزهر، وهو لا يكاد يسكن من خفته فشبه قلبها في نبضه بذلك، وقال ابن مقبل: وللفؤادِ وجيبٌ تحت أبهره ... لَدمِ الغلامِ وراء الغيبِ بالحجرِ الأبهر عرق مستبطن الصلب، يقال أن القلب متصل به، يقول تسمع صوت فؤاده من تحت الأبهر كما تسمع لدما من وراء غيب ونبض الفؤاد لحدة نفسه وذلك محمود وكذلك الرعدة، قال ابن مقبل:

ويرعدُ إرعادَ الهجينِ أضاعَه ... غداةَ الشمالِ الشُمرجِ المتنصَّحِ الهجين البختي ويكون من الرجال في غير هذا الموضع أيضاً، والشمرج الثوب الخلق، والمتنصح المخيط في كل ناحية. وقال أبو داود يصف حدة نفسه ونزقه بعد الجري: فقلت لهم جلّلوه الثياب ... وشدوا الحِزام وأرخوا اللبب وضموا جناحيه أن يستطار ... فقد كان يأخذُ حسنَ الأدبِ وقال ابن أحمر: ثم اقتحمت مناجدا ولزمته ... لفؤادِه زجَلٌ كعَزفِ الهدهدِ مناجدا مشارا ولفؤاده صوت ووجيب مثل صوت الهدهد وهو عزفه، وقال طرفة يصف قلب ناقة: وأروعُ نباضِ أحذ ململمٍ ... كمرادةِ صخرٍ من صفيحٍ مصمدِ الأروع الحديد، ومرادة صخر حجر يرمى به صلب شبهه به في صلابته، قال ابن مقبل: يزَعُ الذراعُ منه مثل ما ... يزعُ الدالي من الدلوِ الوذِمِ يزع يكف الذراع منه ويرفق به كما يرفق الدالي بالدلو يخاف على

أوذامها، وقال امرؤ القيس: فظلّت وظل الجَون عندي بِلبدِه ... كأني أعدّى عن جناح مهِيضِ أخفّضه بالنقرِ لما عَلَوْته ... ويرفع طرفاً غير جافٍ غضيضِ أعدى يقول أكف عن عُريه وأبقى منه كما يبقى جناح قد انكسر، والنقر أن ينقض له بفيه حتى يسكن، غير جاف أي لا يجفو عن الأشباح ولا هو غضيض عنها، وقال العرجي: إذا قادهُ السُّواسُ لا يملكونَه ... وكان الذي يألونَ قولاً له هلا أي كان الذي يستطيعون أن يقولوا له هلا، وقال الشاعر: وإن تركبوا أعراضنا بشتيمةٍ ... فإني لا آلو لأعراضكم شتما أي لا أستطيع، وقال زهير: فبُتنا عراةً عند رأسِ جوادِنا ... يزاولنا عن نفسِه ونزاوله قال الأصمعي: العرب تقول بتنا عراة أي مشمرين وعلينا أزرنا، قال أبو عبيدة: عراة يعرونا عرواء أي رعدة من الزمع أي بنا زمع وحرص على القنص، وأنشد: أسد تفر الأسد من عروائه يزاولنا ونزاوله أي يجذبنا ونجذبه. وقال آخر - أبو داود الإيادي: فبتنا عراةً لدى مهرِنا ... ننّزعُ من شفتيهِ الصّفارا

التشبيه باهتزاز الرمح

" الصفار يبيس البهمي، وقال ابن مقبل: خدّى مثل خَدى الفالجي ينوشى ... بخبطِ يديهِ عِيل ما هو عائلهُ خدي من الخديان، ينوشى من النوش وهو التناول يقول يكاد يتناولني بيديه من خبطه بهما وذاك من نزقه ومرحه، عيل ما هو عائله وإنما هو كقولك عالني الشيء أي أثقلني ولم يرد بذلك مذهب الدعاء عليه وإنما هو كقولك للشيء يعجبك قاتله الله أخزاه الله أي شدد هذا الشيء عليه وأثقله. التشبيه باهتزاز الرمح قال أبو داود: كهزِ الرديني بين الأكفّ ... جري في الأنابيبِ ثم اضطربِ يقول إذا هززت الرمح جرت تلك الهزة فيه حتى يضطرب كله وكذلك هذا الفرس ليس فيه عضو إلا وهو يعين ما يليه، ولم يرد الاضطراب ولا الرعدة. وقال ابن مقبل: يفرفر الفأسِ بالنا بين يخلعه ... في أفكلٍ من شهودِ الجنِ محتضرِ يفرفر يجري فأس اللجام حتى يخلعه في رعدة، ويقال إن الجن تحضر الفرس، عن أبي عمرو. قال أبو النجم:

ما يشبه به بعد الإضمار

والجن حُضّار به تقبّله وأنشدنيه السجستاني عن أبي عبيدة: يفرّرالفأس أي يخرجه من فيه وقال - ابن مقبل: أقولُ والحبلُ مشدودٌ بمسحلهِ ... مرحى له إن يفُتنا مسحه يطِرِ الأصمعي عن أبي طرفة وأبي عمر وبن العلاء: يقال إذا رمى فأصاب مرحى فإذا ثنى فأصاب قال أيحى. قال أمية بن أبي عائذ: يصيب الفريصُ وصدقاً يقو ... ل مَرحى وإيحى إذا ما يوالي يقول إن فاتنا مسحه طار من الحدة. ما يشبه به بعد الإضمار أبو داود: غدوْنا به كسوارِ الهَلو ... كِ مضطمِراً حالباه اضطِمارا الهلوك الفاجرة التي تتهالك على الرجال وهي أكثر لبساً للسوار من غيرها وهي تليحه وتبرزه للرجال فهو أدق من غيره من الأسوارة، والحالبان العرقان في الخاصرتين عن يمين وشمال، أراد أنه مضمر. وقال أيضاً: فسَللْنا عنه الجِلالَ كما س ... ل لبيعِ اللطيمةِ الدَخدارِ

يقول نزعنا عنه الجلال فخرج منه الصيان كما يخرج ثياب البزاز من التخت إذا صينت بالمناديل، والدخدار بالفارسية تخت دار وهو الثوب الذي يمسكه التخت. وقال امرؤ القيس: فقمنا بأشلاءِ اللجامِ ولم نقُد ... إلى غصنِ بانٍ ناضرٍ لم يحرَّقِ نزاوله حتى حَمَلنا غلامَنا ... على ظهرِ ساطٍ كالصليفِ المعرقِ أراد قمنا بأشلاء اللجام إلى غصن بان، ولم نقد أي ركبناه ولم نقده، ويقال للشَعر إذا نبت كزاليس بسبط ولا مسترسل أنه لحرق النبات، والساطي الطويل وهو الواسع الخطو، والصليف عود يكون معرضاً في القتب، والمعرق الذي قد برى فليس عليه قشر أي هو أملس ويقال الصليف جانب العنق وهما صليفان، والمعرق الذي لا لحم عليه. وقال امرؤ القيس: إذا أعرضتُ قلتُ دُبّاءةٌ ... من الخضر مغموسةٌ في الغُدُرِ يقول كأنها من بريقها قرعة وليس يريد أنها مغموسة في الماء ولكنه أراد أنها في ري فهو أشد لملاستها، وهذا كقولك: فلان مغموس في الخير، وقال بعضهم إناث الخيل تكون في الخلقة كالقرعة يدق مقدمها ويعظم مؤخرها. وقال ابن مقبل:

ما يشبه من صغارها ومهازيلها

كأن دباءة شُدّ الحزام بها ما يشبه من صغارها ومهازيلها قال بشر - بن أبي خازم الأسدي: بأحقِيها المُلاء محزّمات ... كأن جِذاعها أُصُلا جِلام كانت الخيل إذا طرحت أولادها عُصبت بطونها بالملاء كراهة الخوى، والجلام الواحد جلم، قال بعضهم هو الجدي وقال آخرون هو الذي يقطع به، ويقال الجلام اعنز حجازية صغار دقاق، وقد اكترث الشعراء في تشبيه صغراها ومهازيلها بالجلام، قال أبو داود: قد شوتهن غِرة الوحش والأع ... داء حتى كأنهن جلام أي أضمرها كثرة ما يطلب بهن غرة الوحش وغرة الأعداء، وقال الأعشى: شوازبُ جُذعانها كالجلامِ ... قدَ اقرحَ منها القِيادَ النسورا وقال النابغة: شوازبٌ كالأجلامِ قد آلَ رِمّها ... سماحيقٌ صفُرا في تليلٍ وفائلِ شوازب وشواسب ضوامر، رمها بقية مخها صار رقيقاً أصفر وقال الأصمعي: يقول نحلت فصار ما كان فيها من شحم وقوة إلى المواضع التي لا تنحل إلى التليل وهو العنق وإلى الفائل وهو عرق يكون في الفخذ ولم يرد الفائل بعينه وإنما أراد موضع الفائل،

ما يشبه به الغبار الذي تثير بحوافرها

وسماحيق طرائق رقاق فأما المخ فإنه بعد النحول يبقى في السلاميات والعين، قال أبو ميمون النضر بن سلمة العجلي يصف الخيل: لا يشتكيْن عملاً ما أنقين ... ما دامَ مخٌ في سلامي أو عينُ وأنشدني عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي عن عمه: أضر به التعداء حتى كأنه ... منيحٌ قدّاحٌ في اليدينِ مشيقُ قال لأن المنيح يلقي ما لا يلقي القداح لأنه كلما خرج رُد، ومشيق يقول يعرق فيدلك باليدين. ما يشبه به الغبار الذي تثير بحوافرها والحصا الذي تنجله بأرجلها وما تستخرجه من الفار قال مزاحم: يتبعنَ مُشترفاً ترمي دوابره ... رمي الأكفِّ بتربِ الهائلِ الحصبِ المشترف السامي ببصره، ودوابره مآخير حوافره، قال امرؤ القيس: مَسحِّ إذا ما السابحات على الونى ... أثرنَ الغبارَ بالكديدِ السَمَوّلِ الكديد المكان الغليظ يقول يثرن الغبار بالمكان الحزن، والسمول

جوف من الأرض واسع، يقال إذا فعل العتاق هذا الونى والفترة كان مسحاً. قال أبو النجم: كأنها بالصمدِ ذي القُلاقِل ... مجتابةٌ في خلقٍ رَعابِلِ الصمد مكان غليظ والقلاقل شجر، يقول يثرن الغبار مجتابة ثوباً خلقاً، وقال في الإبل: تغادر الصمد كظهر الأجزَل وقال دكين: ينبُثن نبثاً كالجراء الأطفال أي يقلعن بحوافرهن من الطين مثل الجرار، وقال امرؤ القيس: ترى الفأر في مستنقعِ الماءِ لاحباً ... على جددِ الصحراءِ من شدّ ملهِبِ خفاهُن من أنفاقَهُن كأنما ... خفاهُن ودقّ من عشي مجلِّبِ يريد أنه مر وله حفيف فخرج الفأر من حجرتهن خشية المطر، لاحباً يأخذ في لحب الطريق، خفاهن استخرجهن، وأنفاقهن جحرتهن، مجلب ذو جلبة ويروي محلب وقال آخر: وراحَ كشؤبوبِ العشي بوابلٍ ... ويخرُجنَ من جعدٍ ثراه منصَّبِ جعد غبار، منصب قد نصب على كل شيء، وقال طفيل: إذا هبطتُ سهلاً حسبتُ غبارَها ... بجانبه الأقصى دواخنَ تنضُبُ

في القنص

دواخن جمع دخان وهو جمع على غير قياس وكذلك يقال عُثان للغبار وعواثن، والتنضب شجر. في القنص قال عدي يصف الفرس والعير: كأن ريقَه شؤبوبُ غاديةٍ ... لما تقفَّى رقيبُ النقعِ مُسطارا يربي عليه تجاه الركبِ ذو دركٍ ... بالعقبِ إن لم يدم الجلزِ إحضارا ريقه أول عدوه وريق الشباب وروقه سواء وهو أوله وجدته، والشؤبوب سحابة قليلة العرض شديدة الوقع عظيمة القطر، فضربه مثلاً لعدوه، وغادية أمطرت بالغداة، ولما تقفي يعني الفرس يريد لما تولي في أثر الحمار، رقيب النقع أي مراقباً لنقع الحمار وهو غباره، مسطاراً أراد مستطاراً أي ذاهب الغبار من حدته، يربي عليه يعني الفرس يدرك ما طلب، والعقب عدو بعد العدو الأول، والجلز معظم السنان وأغلظه، يقول إن لم يدركه صاحبه فيطعنه حتى يدمي الجلز فإنه يدركه في العقب، وقال ابن الرقاع ووصف فرساً يطرد عانة: فرمى به أدبارَهُن غلامنا ... لما استتبّ به ولم يستدخلُ استتب تتابع، ولم يستدخل أي لم يدخل الحمر دواخل الأرض

ولكن جاهر الصيد كما قال زهير: متى نره فإننا لا نختاله وقال يزيد بن عمرو الحنفي: نعم الألوك الوك اللحم ترسله ... على خواضبٍ فيها الليلَ تطريبُ الألوك الرسالة، يقول ترسله فيأتيك باللحم أي يصيدك. وقال أبو داود: يزيّنَ البيتَ مربوطاً ... ويشفي قرم الركبِ يقول إذا قرموا إلى اللحم ركبوه فصادوا عليه. وقال آخر - خالد بن الصقعب: وتُشبِع مجلسَ الحييْنِ لحماً ... وتُبقي لِلإماءِ من الوَزيمِ الوزيم البقية، يقول يفضل بعد شبعهم للإماء.

وقال عوف بن الخرع يصف فرساً: فأثنتْ تقودُ الخيلَ من كل جانبٍ ... وقال الصديقُ قد أجادوا وأنعموا هنالك لا تُلقي عليها هشيمةً ... لبخل ولكن صيدها متقسَّمُ تقول الخيل أي تقاد الخيل إليها ليسابق بها، أجادوا جاؤوا بها جواداً، وأنعموا زادوا ومنه يقال دققت الدواء فأنعمت، والهشيمة الصيد يقول لا يحملونه على هذه الفرس كما يفعل من يبخل ولكنه يقسم. وقال عبد المسيح بن عسلة: وعازبٌ قد علا التهويلُ جنبتَه ... لا ينفعُ النعلُ في رقراقِه الحافي باكرته قبل أن تلغي عصافِره ... مستخفياً صاحبي وغيره الخافي لا ينفعُ الوحشَ منه أن تحذّره ... كأنه معلقٌ فيها بخطافِ عازب نبت بعيد ليس فيه أحد، والتهويل الألوان من الحمرة

والصفرة في نور البقل، والجنبة شجر من الحمض والخلة، لا ينفع النعل الحافي فيه من كثرة نداه، ورقراقه ما رق منه، تلغي تصيح، مستخفياً صاحبي أي فرسي أخفيه لئلا يعلم به الوحش، وغيره الخافي أي مثله لا يخفي لطوله وإشرافه، وقال سلامة بن جندل: والعادياتُ أسابيُّ الدماءِ بها ... كأن أعناقها أنصابُ ترجيبِ العاديات خيل تعدو، قال الله عز وجل والعاديات ضبحاً، تعدو وتضبح والضبح صوت يخرج من حلوقها عند العدو، والأسابي طرائق الدم واحدها إسباءة، أنصاب ترجيب جمع نُصب وهو الذي ينصب لذبح رجب، شبه أعناقها لما عليها من الدم بالحجارة التي كانوا يذبحون عليها، وكان الفرس إذا عقر عليه خضبوه بدم الصيد وكذلك البازي إذا صاد شيئاً من عظام الطير، وقال أبو عمرو واحد الأسابي إسباء. وقال امرؤ القيس وذكر الفرس: وقام طُوال الشخصِ إذ يخضِبونه ... قيامَ العزيزِ الفارسي المنطَّقِ يقول يخضبونه بدم ما يصاد عليه. وقال الأعشى: بمشذبٍ كالجذعِ صا ... كَ على حواجبهِ خضابَه صاك لزق والمشذب الطويل وقال العباس بن مرداس:

صنيعاً كقارورةِ الزعفرا ... نِ مما تُصانُ وما تُؤثرُ إذا شاء أربابُها لم يزل ... خضاب بلبتها أحمرُ يصاد اعتباطاً عليها الظلي ... م في القطر والفرأ الأقمرُ الفرأ حمار الوحش، وقال ابن مقبل: وغيثٌ تبطنت قُريانه ... إذا رفه الوبلُ عند دُجنَ ذعرتْ به العيرُ مستوزياً ... شكير جحافله قد كَتِنَ مستوزياً متهيئاً، شكير جحافله صغار الشعر على جحافله، كتن لزج واتسخ، ومثله له: والعيرُ ينفخُ في المكنانِ قد كتِنت ... منه جحافلُه والعَضرسِ الثُجَرِ والمكنان نبت وإنما ينفخ فيه لأنه قد سنق من الكلأ، والعضرس نبت أحمر النوار إلى السواد، والثجر جماعات متفرقة الواحدة ثجرة

وواحدة المكنان مكنانة، وقال معاوية بن مرداس: وعازب عاشبٌ قفرٌ مساربه ... تلقي أوابده عِينا وأثوارا باكرتُه بكرةٌ أخشى اللقاءَ به ... أقودُ منجرداً كالسِيد عَيّارا يكاد في شأوه لولا أسَكنّه ... لو طارَ ذو حافرٍ من شدِّهِ طارا فاخترتهنَ ولم تُنجَد مغابنه ... وكنتُ لا بد إذ عاديتُ مختارا عاديت واليت بين اثنين كما قال امرؤ القيس: فعادى عداء بين ثور ونعجة وقوله: لم تنجد لم تعرق والنَجد العرق، فاخترتهن يقول اخترت منهن. وقال المرار العدوي: نبعثُ الحُطّاب أن يعدي به ... يبتغَى صيدَ نعامٍ وحمرِ يقول نبعث من يحتطب لأنا نثق بأنه يصيد، وقال الهذلي وذكر خمارين: وقد لقيا مع الإشراقِ خيلاً ... تسوفُ الوحشَ حسبها خياما السائف الصائد وأصله و - هو - يسوف يصيد، وقال زياد - بن منقذ - لعدي أخو المرار:

من غير عُرى ولكن من تبذلهم ... للصيدِ حين يصيحُ السائفُ اللحِمُ وقال عدي بن زيد: شاءنا ذو ميعة يُبطِرنا ... خمر الأرض وتقديم الجُننِ شاءنا أعجبنا ما نرى منه وهو من شؤت به، قال - الحارث بن خالد المخزومي: مر الحمول فما شأونك نقرة " ... ولقد أراك تشاء بالأظعان يريد سرّنا، ذو ميعة ذو نشاط، يبطرنا يعجلنا عن أن نتقدم إلى خمر أو جنة توارينا من الصيد، وأصل يبطرنا يدهشنا والبطر والدهش واحد. يرأب الشدُ بسحٍ مرسلٍ ... كاحتفالِ الغيثِ بالمزنِ اليفنِ يرأب الشد بسح مرسل أي يصلح شده بسرعة، والاحتفال الاجتماع، والمزن السحاب، واليفن الشيخ البالغ، يقول قد بلغ هذا السحاب الغاية وكثر ماؤه، وهو من المقلوب إنما هو كاحتفال المزن اليفن بالغيث. أنسل الذرعانُ غربَ خذم ... وعلا الربرب أزم لم يَدُن أنسل أي خلّف الذرعان خلفه فنسلت، ويقال أسقطها من قولك نسل وبر البعير أي سقط، والذرعان أولاد البقر واحدها ذرع، وإنما يطلب الكبار منها، غرب نشاط، خذم سريع، أزم عض لأن الفرس

يعض على لجامه إذا أرسل، وإنما أراد العدو الذي يكون فيه العض لا العض، لم يدن لم يضعف من قولك دان يدون دوناً وأُدِين إدانةً أي أضعف، أبو عمرو لم يُدَنّ لم يقصر وأنشد: يا من لقوم رأيهم خلف مدَن وقال عدي بن زيد وذكر الحمار والفرس: متى يهبطا سهبا فليس حماره ... وإن كان علجاً مُضمرَ الكشحِ طالعا السهب المنصوب من الأرض، علجاً غليظاً، يقول متى صارا في السهب فليس الحمار بمنفلت منه حتى يطلع أي يشرف من ذلك السهب. تردَّين ثوباً واستغاثَ بمغولٍ ... يضيفُ ويُعطي الغرب غرباً منازعا تردين ثوباً من الغبار، بمغول يعني فرساً يغتال جريهن فيذهب به حتى يتركهن دون الغبار، ويقال مغول فرس يغول الأرض في جريه، ويضيف يجليء ما يطرد من الوحش ويخرجها من قولك فلان مضاف إلى كذا وكذا، قال ويعطي الغرب غرباً من جريه ينازعه به. فلما استدارَ واستدرنَ بريق ... يُحلن به دون الغبارِ شوافعا يريد لما بعد وبعدن - وذلك أن الفرس وكل عاد يبعد عنك فأنت تراه من بعيد وهو في حال عدوه كأنه يدور كما قال ذو الرمة: حتى إذا دومت في الأرض أي بعدت حتى رأيتها كأنها تدور، يقول فلما بعد الفرس وبعدت

بهذا الريق من العدو، يخلن به أي يخلن الوحش به دون الغبار أي مع هذا الفرس وهو دون غبارهن قد كاد يلحقهن فهو دون غبارهن لأن الغبار يتأخر عنهن فيخلن مع الفرس وهو دون غبارهن شوافعا، وقال الحرمازي: يحسب الواحد اثنين، وأنشد للبعيث: وتيهُ مروراة تخالُ شخاصَه ... يحلنَ بأمثالٍ فهنَ شوافعُ وقال لبيد: يُغرق الثعلب في شرّته ... صائبَ الجذمةِ في غير فشلِ الثعلب من القناة ما دخل منها في السنان، ويقال لما دخل فيه الثعلب من السنان الجبة، وأنشد في صفة الطعنة: تغادرُ الجبّةَ محمرةً ... بقانئٍ من دمِ جوفٍ جميسِ وشرته نشاطه وحدته، وقوله يغرق الثعلب يقول إذا طعنت عليه الطريدة أغرق ثعلب الرمح فيها من حدته وشدة جريه، صائب قاصد، والجذمة السوط، يقول إذا ضرب بالجذمة عدا عدواً صائباً غير منتشر، وجمع الجذمة جذم، والفشل الانتشار والفساد، والمعنى صائب عند الجذمة كما يقال ناقة رقود - الحلب - 5 - أي رقود عند الحلب، وقال غير الأصمعي الجذمة السرعة والذهاب ومنه

قيل أجذم فلان في سيره وأنشد - للربيع بن زياد: حرّق قيسٌ عليّ البلا ... دِ حتى إذا اضطرمت أجذَما وأنشدنيه السجستاني عن أبي عبيدة - للبيد: يمكن الثعلب إن ثوّرته ... صائب الجِذمةِ من غير فَشَلِ من نسا الناشِط في شِرّته ... ورئيسُ الأخدرياتِ الأولِ أي يلحق الناشط فيمكن ثعلب الرمح من نساه، ونسا - رئيس - 5 - الأخدريات، والناشط الثور، وقال أبو داود يصف فرساً أنثى صاد عليها الوحش: فلَهزتهنَ بها يؤّل فريصُها ... من لمعِ رابِئنا وهنَ غَوادي يقال قد ألّ يؤل إذا أسرع في السير ويقال ألّ لونه يؤل إذا صفا وبرق ويكون يؤل في هذا البيت منهما جميعاً يقول لما لمع إلينا الرابيء بالوحش ركبت الفرس في آثارهن، وقال زهير: ولقد غدوت على القنيص بسابح ... مثل الوذيلة جرشع لأم الوذيلة الفضة أراد في صفاء شعرته وملاسته مثل قول الآخر - وهو سلمة من الخرشب: كأن مسيحتي ورق عليها

وقال آخر - وهو عبد الله بن سلمة -: تُعلى عليه مسائح من فضة وقال الفرزدق: ووفراء لم تُخرز بسيرِ وكيعةٍ ... غدوتَ بها طيَّا يدي برشائها ذعرتُ بها سرباً نقياً جلودهُ ... كنجمِ الثّريا أسفرتْ من عَمائها وفراء وافرة يعني فرساً، وكيعة وثيقة الخلق شديدته وكل وثيق شديد فهو وكيع، يقال دابة وكيع. وسقاء وكيع ويقال استوكعت معدته إذا اشتدت وقويت، طياً ضامر البطن، وقال ابن مقبل: يُردي الحمارُ لزاماً وهو مبتركٌ ... كالأشعبِ الخاضعِ الناجي من المطرِ يردي يهلك، لزاماً يلزمه، وهو مبترك أي معتمد، والأشعب الظبي وإنما يقال له أشعب إذا كان بعيد ما بين القرنين شبهه به في عدوه لا في خلقه.

باب في السباق عليها

باب في السباق عليها قال العجاج: تراهُ بعد المائة الطروحِ ... من الهوادي مَعطِفَ السنيحِ المائة يريد مائة غلوة، والطروح المبعدة يقال اطرح بطرفك أي أبعد النظر وأنشد: فاطرح بنفسك في البلاد وقال آخر - الطرماح: فاطرح بطرفك هل ترى أظعانهم أي تراه بعد أن بعد من الهوادي وهي أوائل الخيل، معطف السنيح يقول تراه من سوابق الخيل بقدر المكان الذي يسنح فيه الظبي بين يدي المار. وقال أبو النجم: يقبض ما بين المنارِ مِغوله ... في جنبه الطائرِ ريث عجَلُه مغوله شده وسرعته يقول كأنه يجمع ما بين المنار والمنار لسرعته، وقال آخر: ليس بملحوق ولا بلا حق أراد أنه متقدم أبداً لا شيء بين يديه يريد أن يلحقه ولا خلفه شيء قد لحقه منها. وقال آخر:

يمشي رويداً ويكون أولاً يريد أن عفوه أكثر من جهد غيره، وقال سلامة بن جندل: يحاضر الجُونُ مخضراً جحافلها ... ويسبقُ الألفَ عفواً غير مضروبِ الجون الحمر في ألوانها، مخضراً جحافلها يريد أنها تأكل الرطب فهو أشد لها وأسرع، ويسبق الألف فرس، ومثله للأعشى: به يرعفُ الألفَ إذ أَرسلتْ ... غداةَ الصباحِ إذا النقعُ ثارا يرعف يسبق ومنه يقال رعف فلان أي سبق دمه من أنفه، وقال أبو النجم يصف فرسه. سباقة كل صنيعٍ علله ... أحلى من الشّهدِ ومرٌّ حنظلُهُ فهو يسيل شريُه وعسلُه ... والخيلُ يحرمنَ خسيفاً يبذلُهُ يقول يسبق معتلاً كل صنيع مصنوع من الخيل، وعلله أن لا يحنذ ولا يضمر والإحناذ أن يلقي عليه جل حتى يعرق فيذهب رهله عنه ويخف للجري، والشري الحنظل، قال حلاوته لصاحبه ومرارته لمن سابقه، يحرمن يمنعن والخسيف يعني به شدة عدوه شبهه بالخُسُف وهي الآبار التي لا تنزح.

وقال يذكر مُجرى الفرس: أدرك عقلاً والرهانُ عملُه ... ثقْفٌ أعاليه وَقارٌ أسفلُه يقول طرح في الرهان وهو صبي فكبر وعقل وليس يعرف عملاً غيره، ثقف لبق خفيف جيد التحرف، وقار كأنه ملزق بقار من ثبوته على متن فرسه. وقال يصف يوم الرهان: فظل مجنوباً وظل جَمَله ... بين شعيبين وزاد يُزملُه حتى وَرَدْنا المصرَ يطوي قنبله ... نفرعُه فرعاً ولسنا نعتلُه أي يحمل له العلف واللبن على جمل، والشعيبان مزادتان، يطوي يضمر، قنبله جماعة خيله، نفرعه نكفه، ونعتله ندفعه ونجره، يقول نداريه: يحثي بجمرٍ خلفه وينجله ... كأن تربَ القاعِ وهو يسحلُه صيق شياطين زفته شمأله ... فأوفَتِ الخيلُ ونحن نشلكُه يقول إذا وطئ المرو بحوافره نجلها أي رمى بها إلى خلفه وقد انقدح منها النار يسحله يقشره ويرمي به وصيق غبار رفعته الشمال وأراد الزوابع، قال وذكر الخيل التي وافت بعده: كل مكّبِ الجريِ أو مُنَعثِله ... والضربُ يحشوها بربوِ تشعلهُ

المنعثل البطيء مأخوذ من نعثل وهي الضبع وفيها ظلع، أي هي تضرب فالضرب يحشوها إذا عدت أي يملؤها ربواً أي قد جهدت، وقال يصف فرساً: مقتدرُ النفسِ على اعتوائهِ ... مبتركٌ يخرجُ من هبائِه تجرُّدَ المجنونُ من كسائه ... منفلَتَ الأصلعِ من نِصائِه يقال إن من الخيل ما لا يستطيع أن ينثني إذا عدا وإن فعل ذلك به أتعب، مبترك معتمد في العدو، يقول يخرج من الغبار كما رمي مجنون بكسائه وكما أفلت أصلع ناصاه إنسان أي أخذ بناصيته، وقال أحيحة بن الجلاح يصف فرساً: تَذر العناجيجُ الجيادَ بقفرةٍ ... مر الدموك بمحصدٍ ورجامِ الدموك بكرة سريعة الدوران، محصد حبل شديد الفتل، والرجام حجر يشد في طرف الحبل ثم يدلي في البئر يخضخض به الحمأة حتى تثور ثم يستقي ذلك الماء فيستنقي البئر وهذا إذا

بعدت فلم ينزل إليها، وقال الفرزدق وحمله سبرة بن النخف على فرس: حمى سبرة بن النخف يوم لقيتُهُ ... ذمار العتيكِ بالجوادِ المقصبِ المقصب السابق الذي يحرز قصبة السبق، وقال العماني ووصف فرساً يعدو: كأن تحتَ البطنِ منه أكلباً ... بيضاً صغاراً ينتهشنَ المنقَبا وصف فرساً يسرع في عدوه فقوائمه الأربع تجتمع على بطنه وهو محجل فشبه قوائمه في اجتماعها هناك وتحجيلها بكلاب بيض والمنقب موضع نقب البيطار، وقال: كأن أجراءَ كلابٍ بيضٍ ... بين صفاقيهِ إلى التعريضِ وقال: كأن قطناً أو كلاباً أربعاً ... دون صفاقيه إذا ما ضبَعا وقال آخر في تشبيه بذلك: ونجاكَ منها بعد ما ملّت جانئا ... ورمت حِذار الموتِ كل مَرامِ مُلحّ إذا بلّحن في الوعثِ سابق ... سنابكُ رجليهِ بعَقدِ حِزامِ جانيء يقول جنأت مخافة الطعن، يقول إذا عدا قربت سنابك

باب حثها بالأعقاب والسياط

رجليه من حزامه لشدة عدوه، بلحن أعيين وقمن. باب حثها بالأعقاب والسياط قال الشاعر - وهو ساعدة بن جؤية الهذلي: يوشونهنَ إذا ما آنسوا فزعاً ... تحت السنّورِ بالأعقابِ والجِذمِ يوشونهن يستخرجون ما عندهن بالحث بالأعقاب والضرب بالسياط. وقال رؤبة يصف فرساً: ناجٍ يعنّيهنَ بالإبعاطِ ... إذا استدى نوّهنَ بالسياطِ الإبعاط والأبعاد واحد ومثله مد ومط، استدى عرق وهو افتعل من السدي وهو الندى نوهن بالسياط أي كأنهن يدعون بها ليضربن لأنهن يقصرن عن غايته في هذا الوقت فيضربن، ومثله لابن كراع في وصف ناقة:

وإذا السياطُ تكلّفتها عَطّفت ... ثمرَ السياطِ قطوفَها ووساعَها وقد فسر في كتاب الإبل، وقال امرؤ القيس: فللسوطِ ألهوبٌ وللساقِ درةٌ ... وللزجر منه وقعٌ أخرج مُهذِبُ يقول إذا ضرب بالسوط التهب في جريه وإذا مُري بالساق در، والأخرج الظليم، وروي أن امرأ القيس وعلقمة بن عبدة الفحل تنازعا الشعر إلى أم جندب امرأة امرئ القيس وادعى كل واحد أنه أشعر من صاحبه، فقالت قولا شعراً في صفة الخيل على روي واحد، فقال امرؤ القيس شعراً هذا البيت فيه. وقال علقمة شعراً فيه: فولّى على آثارهنَ بحاصبٍ ... وغَبية شؤبوب من الشدّ ملهبِ فأدركهنَ ثانياً من عنانه ... يمر كمرِّ الرائحِ المتحلبِ فحكمت لعلقمة على امرئ القيس وقالت: أما أنت فجهدت فرسك بسوطك وزجرك ومريته بساقك، وأما هو فأدرك فرسه الطريدة ثانياً من عنانه لم يضربه بسوط ولم يمره بساق ولم يزجره،

فقال امرؤ القيس: ما هو بأشعر مني ولكنك له عاشق، فطلقها فخلف عليها علقمة. وقال امرؤ القيس: وللسوطِ فيها مجالٌ كما ... تنزّل ذو بردٍ منهمرِ يقول إذا وقع بها السوط جالت من حدة نفسها ثم شبه حفيفها بحفيف المطر الذي فيه برد. وقال زهير: إذا رُفع السياطُ لها تمطّت ... وذلك من عُلالتها متينُ تمطت تمددت، وعلالة الفرس بقية جريه بعد الجهد وعلالة الناقة والشاة ما تدر به بعد الحلب، يقول ذلك العدو وإن كان علالة فهو متين، وقال امرؤ القيس: يجمُّ على الساقينِ بعدَ كلالهِ ... جمومَ عيونِ الحسى بعد المخيضِ يقول إذا غمز بالساقين وحث بهاجم كما تجم البئر أي يجتمع ماؤها والمخيض مخضها بالدلاء، وقال خداش بن زهير العامري: وأبرحُ ما أدامَ اللهُ قومي ... رخيّ البال منتطقا مُجيدا منتطقاً فيه قولان، أحدهما أن يشد الدرع عليه بالنطاق، ويروى عن يونس أنه قال: تقول انتطق الرجل فرسه إذا قاده، مجيداً أقود فرساً تلد الجياد، وقاد الأصمعي أرسل الوليد بن عبد الملك حلبة

باب في القيام عليها وإضمارها

من الخيل فأرسل أعرابي فرساً له مجيداً فسبقت الخيل فقال له الوليد: احملني عليها، فقال إن لها حرمة ولكني أحملك على مهر لها سبق الناس عاماً أول وهو رابض يريد أنه في بطن أمه فسبقت. باب في القيام عليها وإضمارها وسقيها باللبن قال زهير: تميمٌ علفناه فأكمل صنعه ... فتم فعزّته يداه وكاهلهُ تميم تام، ويروي فلوناه أي فطمناه ويقال له إذا فطم فلوٌّ. عزته يداه وكاهله أي صار أعظم شيء فيه يداه وكاهله وهذا من صفة الجياد. وقال زهير: وعزّتها كواهِلِها وكلّتْ ... سنابِكُها وقدّحت العيون وقال أبو زبيد يصف الأسد: إذا سار عزّته يداه وكاهله وقال امرؤ القيس: ورحنا وراحَ الطِرفُ ينفضُ رأسَه ... متى ما ترقُ العينُ فيه تسهّلُ

ينفض رأسه من النشاط، يقول إذا رفع رأسه إليه ناظر رأى ما يعجبه فسهل وهذا مثل قولهم: صعد فيه البصر وصوبه، وقال رجل من جشم: طِرف غدونا بسواد نستره نستره مخافة العين عليه. وقال عنترة يذكر فرسه الأغر وإحسانه إليه: أراه أهلُ ذلك حين يسعى ... رعاءَ الناسِ في طلبِ الحلوبِ الحلوب جمع حلوبة وهي النوق تحلب، يقول أفعل ذلك به إذا اشتد الزمان وطلب الرعاء الحلوب في الإبل لشدة الزمان. فيخفُقُ مرةً ويفيدُ أخرى ... ونفجع ذا الضغائنِ بالأريبِ يخفق يخيب، أخفق الرجل، ويفيد يغنم، ونفجع نصيب ذا العداوة والحقد بالأريب وهو العاقل وهو الداهي أيضاً، وقال آخر - وهو أوس بن حجر -: فأعقب خير أكلٍ أهوجٍ مِمْرَج ... وكل مفداةِ العُلالةِ صِلدمِ

أي أعقبتهم خيلهم هذه خيراً مما قاموا عليها وصنعوها، والأهوج الذي يركب رأسه، والممرج الكثير الجري، وقوله مفادة العلالة يقال لها إذا طلب علالتها وهي بقية جريها: وَيها فدى لك، ومثله لطفيل: وللخيل أيام فمن يصطبر لها ... ويعرف لها أيامها الخير تعقب والعرب لكثرة انتفاعها بالخيل تسميها الخير، قال الله عز وجل: " إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب " ذكروا أنه لها بالخيل وبالنظر إليها حتى فاتته صلاة العصر، وقال أبو ميمون العجلي: فالخيل والخير ... كالقرينين وقال خالد بن الصقعب النهدي: يُصَبُ لها نطافُ القومِ سراً ... ويَشهدُ خالُها أمرَ الزعيمِ أي تؤثر بالماء لنفاستها، وخالها صاحبها، يقال أنه لخائل مال وخال مال - إذا كان حسن القيام عليه، والزعيم الرئيس، أراد أن لفارسها قدراً فالرئيس يشاوره في أمره، وقالت ليلى الأخيلية: حتى إذا برز اللواءُ رأيتهُ ... تحتَ اللواءِ على الخميسِ زعيماً وقال أبو ذؤيب:

قصر الصبوحَ لها فشُرّج لحمها ... بالنِيّ فهي تثوخُ فيها الأصبعُ قصره حبسه عليها لا يفارقها، فشرج لحمها أي صار ضربين شحماً ولحماً والشريج كل شيء مختلط، تثوخ وتسوخ واحد ساخت رجله في الأرض ثاخت، والمعنى أن عليها من الشحم واللحم ما لو غمزت فيه إصبعك لم تبلغ العظم أي لم تجد حسه، قال الأصمعي هذا من أخبث ما نعتت به الخيل والجيد قول الآخر، أنشدنيه عبد الرحمن عن عمه: كثيرٌ سوادُ اللحمِ ما كان بادِناً ... وفي الضمرِ ممشوقُ القوائمِ حوشبُ يعني أن الفرس إذا كان سمنه بربو لحمه وكثرته ولم يكره الشحم فذاك أحمد له وإذا كانت المرأة كذلك كانت عضلة وسمنها بالشحم أحمد. وقال الشمردل اليربوعي: نبيتُ نَلحفه طوراً ونغبقه ... شحمَ الذَري وقَراحَ الماءِ نَغتبقُ أي نغبقه اللبن الذي هو شحم لأنه يذهب بالشحم إذا در، ونغتبق نحن الماء القراح أي نؤثره به، ومثله - للشماخ:

إذا دَعَت غوثُها ضراتَها فزعت ... أطباقُ نِيّ على الأثباجِ منضودُ يقول هي سمان فإذا احتاجت إلى الدر أتتها شحومها بالدر، وقال يزيد بن خذاق العبدي: وداويتُها حتى شتَّت حبشيةٌ ... كأن عليها سندساً وسدوسا أي ألقت شعرها وطرّت فكأن عليها هذا السدوس، قال أبو عبيدة هي الطيالسة وهو بالضم، وقال الأصمعي السدوس الطيلسان وهو بالفتح واسم الرجل سُدوس، قالوا غلط الأصمعي وهو بالضم، وداويتها سقيتها اللبن وصنعتها والدواء اللبن، وقال آخر - وهو ثعلبة بن عمرو العبدي: وأهلكَ مهرَ أبيكِ الدوا ... ء ليس له من طعامٍ نصيبِ الدواء اللبن وإنما أراد طلبه اللبن وهو لا يجده، ومثله قول جرير: لما تذكرتُ بالديرينِ أرّقَني ... صوتُ الدجاجِ وقرعٌ بالنواقيسِ أي تذكرت المسير فأرقني انتظار الديوك أن تصيح، والنواقيس أن تضرب فأرتحل - وقال آخر: جزتني ما خفنتُ لها عيالي ... وكرّي في المقيظِ لها لقاحي وإعمالي لها رَسفُ المطايا ... تكُر على الكلالةِ والرُزاحِ

حفَنت أي أعطيتهم أحفن لهم حفناً لا أبالي كيف أعطيهم، وكرّي لقاحي لها أسقيها لبنها مرة بعد أخرى، والرسف والرسفان والرسيف واحد وهو ضرب من السير مقارب الخطو أي يأتيها بالماء، يقول إن اللبن لها طعام والماء لا تجد منه بداً، ومثله لمالك بن نويرة: جزاني دوائي ذو الخمارِ وصنعتي ... بما باتَ أطواء بنيَّ الأصاغرُ رأى أنني لا بالقليلِ أهورهُ ... ولا أنا عنه في المواساةِ ظاهرُ ذو الخمار فرسه، وصنعتي من قولك صنعت الدابة أي قمت عليها، أهوره أي لا أظن القليل يكفيه يقال هو يهار بكذا أي يظن به قال بعض الرجاز: قد علمتْ جِلادُها وخُورُها ... أني بشربِ السَّوءِ لا أهورها أني لا أظن القليل يكفيها ولكني أطلب لها الكثير، والخور الضعاف وقال زهير يصف الفرس: صدّت صدوداً عن الأشوالِ فاشترفتْ ... قُبلاً تقلقَلُ في أفواهها الحكمُ

يقول صدفت عن الماء لأن عادتها أن تسقي اللبن. وقال ابن مقبل: فيهم تجاوبَ أولادُ الوجيهِ إذا ... صامَ الضُّحى تقدع الذِبّان بالنُّخَرِ من كل أهوجٍ سرداحٍ وهيكله ... تقات يوم لِكاكِ الوِردِ في الغُمَرِ تقدع الذبان بالنخر تطردها بأفواهها، والنخر جمع نخرة، ويروي تقدع الذبان كالشُجُر: وهو جمع شجار وهي عيدان الهودج، شبه الخيل في ارتفاعها بذلك، لكاك الورد ازدحامه، والغمر القدح الصغير تقات فيه اللبن لأنها تضمر. وقال أبو داود: وقصرنا الشتاء بعد عليه ... فهو للذَودِ أن يقسَّمن جار يقول حبسنا الإبل عليه الشتاء كله يشرب ألبانها، فهو لها جار من أن يغار عليها فتتقسم لأن صاحبه يقاتل عليه من يريدها ويلحق من أغار عليها فيردها. علِقتْ هابتي بهنَ فما يم ... نعُ مني الأعنةَ الإقتارَ أي أولعت بالخيل فما يمنعني إقتاري من اتخاذهن حتى أوسر. وقال عنترة لامرأته: لا تذكري مُهري وما أبليته ... فيكون جلدكِ مثل جلدِ الأجربِ

أي لا تلومي فيه فأُنزل بك ما أنزل من الاتعاب. إن الغبوقَ له وأنتِ مسوءةٌ ... فتأ وهي ما شئتِ ثم تحوَّبي التحوب التوجع، وقال آخر - وهو طفيل الغنوي: من الغيظ في أكبادنا والتحوب كذبَ العتيقُ وماء شنٍ باردٍ ... إن كنتِ سائلتي غَبوقاً فاذهبي يقول عليك بالتمر والماء البارد ودعي اللبن لفرسي، يقال كذب عليكم الحج، معناه الزموا الحج، فإن سألتني غبوقاً فاذهبي أي أنت طالق. إن الرجالَ لهم إليكِ وسيلةٌ ... إن يأخذوكِ تكحّلي وتخضبي ويكونُ مركبكِ القعود ورحله ... وابن النعامةِ يوم ذلك مركبي ابن النعامة فرسه، وقال بعضهم ابن النعامة الخط الذي في أسفل رجله في وسطها فاحتج بقوله - والبيت لعنترة أيضاً: وأنا امرؤ إن يأخذوني عنوةً ... أقرَن إلى شر الركابِ وأجنبِ فقال كيف يكون فرسه مركبه وهو يريد أنها إذا أخذت كُحِّلت وخضِّبت وإنما تؤخذ إذا اُسر فإذا أُخذ قرن إلى بعض الركاب وجنب كما يفعل بالأسير. وقال ابن الأخيذ:

أوكّل بالخِرازةِ كل عامٍ ... ويُقسَمُ بيننا لبن المصورِ يريد أوكل بخرز الشكاء وهي جماعة شكوة وهي المزادة للغزو في كل شتوة، والمصور القليلة اللبن. أحاذِرُ أن أصادَفَ في الروايا ... على رجلٍ كتابعةِ الكسيرِ يقول أحاذر أن أصادف في هذه الإبل ولا فرس معي فأكون كالكسير الذي لا يقدر على النجاء، وقال يصف الفرس: سليم شظَى اليدين تُرد فيه ... عُلالة كل مُبسئَة دَرورِ العلالة حلبة بعد الدرة الأولى، والمبسئة الطيبة النفس بالحلب، وقال امرؤ القيس: تقدمني نَهدة سَبوحٍ ... صلّبها العُضُ والحِيالُ العض القت والشعير وهو يصفون الحائل من النوق والخيل بالصلابة والحائل التي لا تحمل. وقال أبو النجم: من كل شَوهاء عوان بِكر ... حالتْ حيالاً لم يكن عن عُقرِ الشوهاء الحسنة، عوان حملت غير مرة، وهي بكر لم تلد شيئاً لأنها تخدج أولادها.

وقال الكميت يصف خيلاً: أبدأنَ لالّو فيما قال ناعتها ... من صنعة ضامت الولدان في الحلَبِ لالو يقول لا يقول ناعتها ما أحسنها لو كان أتم فزادها كذا، لأنه قد أحكم القيام عليها فتمت، ضامت الولدان يقول أصار أولادنا إلى الضر إيثارنا خيلنا باللبن عليهم. إذا الصبوحُ لهم أسآر ما تركت ... بعد التعلّجِ والتَحساءِ في العُلبِ لهم للولدان أسآر بقايا ما تركت الخيل مما فضل عنها بعد التعلج وهو الانتقاض من الامتلاء. لا ينضحُ الصارباتَ الوطبَ من يُبُس ... لحالبٍ قبل أن يروينَ مصطربِ لا ينضح السقاء صارباته بالماء حتى ينظرن هل يفضل عن الخيل أم لا، والصارب الذي يجمع اللبن في السقاء أراد الحلب، ومصطرب جامع.

لا يخدع الألُ بالموماةِ أعينها ... من شربهنَ عن الأشوالِ في القِرَبِ يقول لم يغر السراب قُوّامها فيُهريقوا ما بقي من الماء في قربهم الذي رفعوه لها، والشول دلو من ماء يبقى في القربة. حتى يُصَبَّ لها فضلُ النطافِ إذا ... ما كدّر الماحة الساقون ذا القُلُبِ النطاف الماء، ذا القلب يعني الذي في القلب وهو الماء والقلب جمع قليب. وقال عدي بن زيد: تربّبته لم أَل في ثغباتهِ ... فتُبصرهُ عينٌ إذا أشير ضائعاً الثغب الغدير العذب. يقول لم أقصر في مشربه، ويروى: في سبغباته أي في جوعه شير عرض. يقول: لم أقصر في الإحسان عليه خوفاً من أن تبصره العين ضائعاً. فذلَّقته حتى ترفع لحمه ... أداويه مكنوناً وأركَبُ وادِعا ذلقته ضمرته وحددته حتى ترفع لحمه في الضمر، أداويه أسقيه اللبن، مكنوناً مصوناً بحل، وأركبه وادعاً أي رافقاً به، وقال الراعي:

نوضح بالحَوْم الهجانِ ونَقترى ... مراعيه بالمخلّصات الضوامرِ نوضح نظهر أي أنا نستر بأنفسنا لا نخشى فنورى، والحوم الكثير من الإبل، والمخلصات خيل خالصات، نقترى نتبع. بجرد عليهنَ الأجلّة سويت ... بضيق الشتاءِ والبنينِ الأصاغرِ وقال خداش بن زهير: ما إن يرودُ ولا يزال فِراغه ... طحلاً ويحفظهُ من الاعيالِ الفِراغ حوض من أدم، طحلاً أي وسخاً، والاعيال سوء الغذاء من عيّل الرجل عِياله إذا أساء إليهم، ويروى الاغيال وهو الحمر والبشم، يقول لا يقضمه الشعير وأنشد ابن الأعرابي: ومنتخبٌ كأن هالةَ أمه ... سبيه الفؤاد ما يعيش بمعقولِ قصّرنا عليه بالمقيظِ لقاحنا ... فعيّلنه من بين عَشى وتقييلِ قال: هالة الشمس، والهالة الدارة حول القمر، قول غيره أخبر أنه

كريم كأن الشمس ولدته، سبيه الفؤاد ومسبوه الفؤاد واحد أي كأنه مجنون من نشاطه، والعشى العشاء والتقبيل شرب نصف النهار، وعيلنه هاهنا مثل علنه وليس مثل الاعيال في البيت الأول، أنشدني عبد الرحمن عن عمه للنابغة: ومعلّقين على الجيادِ حَليّها ... حتى تصوبَ سماؤهم بقطارِ قال الحلى إذا كان رطباً فهو نصى، يقول يعلقون عليها الحلى لتأكله حين لا يكون في الأرض نبت حتى تصوب السماء لهم بقطر فيحيا لهم النبت. ورواه غيره: ومعلقين على الجياد حُليها، بضم الحاء وفسره لجمها وفسر حتى يصوب سماؤهم حتى يوقعوا. وهو نحو قول الآخر: أبوكَ الذي نئبت يحبسُ خيلَه ... حذار الندى حتى يجفَّ لها البقلُ قال الندى هاهنا النشر، والنشر نبت ينبت عن مطر يكون في الصيف بعد يبس الكلا والخيل إذا رعته دويت، فيقول: أبوك عالم بالخيل فإذا جاء ذلك الوقت حبسها حتى يذهب ذلك عنها، وفسر هذا البيت فقيل: إنما حمّقه بهذا لأن الحافر كله لا يضره السُهام والسُهام داء يعتريها من النشر إذا رعته وإنما يضر الإبل، ويقول: فأبوك يحبس خيله من أن تُسهَم لقلة علمه بالخيل. وأنشد للأحمر:

باب في مغازيهم

سَقى سَكَراً كأسَ الذُعافِ عشيةً ... فلا عاد مخضراً بعشبِ جوانبه سكراً جمله، وكان رعى النشر فسُهِم، قال الأصمعي الخيل تدوى من النشر وإن لم تسهَم. وقال علقمة بن عبدة وذكر خيلاً: تتبعُ جُونا إذا ما هُيّجت زَجِلت ... كأن دُفاً على العَلياء مهزوم هذه خيل تتبع جوناً أي إبلاً تسقى ألبانها، إذا ما هيجت زجلت يريد أنها تهيج عند الحلب فتحانُّ أي تحن بعضها إلى بعض، ومهزوم مشقوق يقول كأن فيه خرقاً فهو أبح لصوته. باب في مغازيهم قال الأعشى: عناجيج من ألِ الوجيهِ ولاحقُ ... مغاويرٍ فيها للأريبِ معقَّبُ الوجيه ولاحق والعسجدي لبني أسد وغنى تدعى لاحقاً،

والحلاّب لبني تغلب، وذو العقال لبني يربوع، والأعوج لبني عامر بن صعصعة والتدمري لبني ثعلبة بن سعد بن ذبيان، والصريح لبني نهشل، والغراب ومُذهب لغنى بن أعصر، والواقي وناضح فحلان لا أعلم لمن هما، قوله عناجيج أي طوال الأعناق، مغاوير تغزو ويقال مغاوير شديدات العدو يقال أغار إغارة الثعلب، والأريب العاقل: معقب يرجع إلى الغارة، يقول ليس هي مما إذا غزى عليها انقطعت ولكنها فيها قوة لغزو بعد غزو في عام واحد. وقال بشر: بكلِ قِيادٍ مُسنفِةٌ عنود ... أضرَّ بها المسالحُ والغِوارُ مسنفة متقدمة، عنود لا تستقيم على حالة ولكنها تعارض، والمسالح مواضع القتال حيث يستعمل السلاح، والغوار المغاورة، مسنف بالكسر في الفرس وبالفتح في البعير. وقال لبيد: ولقد حميت الحمى تحمل شِكّتى ... فُرُط وشاحى إذ غدوت لجامُها الشكة السلاح، فرط فرس متقدمة، ثم استأنف قائلاً وشاحى لجامها وإنما جعله وشاحاً لأنهم كانوا ينزعون لجم الخيل إذا رجعوا

من الغزو ويلقونها على مناكبهم. وقال النابغة: فأوردهُنَّ بطنَ الإتم شُعثاً ... يصُنَّ المشي كالحِدإ التُؤامِ على إقرِ الأدلةِ والبغايا ... وخفقِ الناعجاتِ من السأمِ يصن المشي أي يتقين في مشيهن كأن بهن حفى، والحدأ جمع حدأة والتؤام جمع تؤام أي مثنى مثنى، والبغايا الطلائع، وخفقها اضطرابها، من السأم وهو الإعياء أبو عمر من الشأم، ويروى: الروايا، يريد الإبل عليها الماء. وقال آخر: مستحقباتٍ رواياها جحافِلها ... يأخذنَ بين سوادِ الخطِ فاللُّوبِ البعير يكون عليه الماء والزاد فيقرن به الفرس فإذا طال القياد بالفرس وضع جحفلته على عجز البعير فجعل جحفلة الفرس بمنزلة الحقيبة للبعير.

وقال آخر - وهو مقلس العائذي: أولى فأولى يا امرأ القيس بعدما ... خصفنَ المطّى الحوافِرا أي قرنت الخيل بالإبل في الغزو فوطئت الخيل على آثار الإبل. وقال آخر: وما خلتُ بيننا من هَوادةٍ ... عراض المذاكي المُسنِفات القلائصا المذاكي المسان، أي قد قرنت بالإبل فهي تعارضها، والمسنفات إن كان من صفة الخيل فهو بكسر النون وهي المتقدمات كأنه قال عراض المسنفات القلاص وإن كان من صفة الإبل فهو بفتح النون وهي المشدودات بالسنف كأنه قال عراض المذاكي القلاص المسنفات. وقال طفيل: نزائعَ مقذوفاً على سرواتها ... بما لم تخالسُها الغُزاة وتُسهَبُ نزائع نزيع كل قبيلة غريبها، ويقال الذي انتزع منها، مقذوفاً على سرواتها أي قذفت الأداة على ظهورها ثم تركت مسهبة، والمسهب المهمل المتروك، ربما تركت بموضع لا يخالسها الغزاة فيه، وسراة كل شيء أعلاه، ويقال مقذوفاً على سرواتها الشحم، بما لم تخالسها الغزاة أشي حين ترك ركوبها والمخالسة لها سمنت ولو كان يفعل ذلك بها لضمرت ومن ذهب إلى هذا رواه: يخالسها الغزاة وتركب. أنخنا فسمناها النطاف فشارب ... قليلاً وأب صدّ عن كل مشربِ

أي أنخنا الإبل نسقي الخيل فسمناها أي عرضنا عليها الماء وصببنا لها والنطاف المياه واحدتها نطفة، فشارب يقول هو مجرب قد علم أنه يغار عليه وترك الشرب لأنه إذا طرد وقد شرب كان أشد عليه، والنطفة الماء القليل يبقى في الإناء والنطفة الماء الكثير يقال قطعنا هذه النطفة يعني البحر والنهر، ونحو منه قول زيد الخيل: صبّحنا هُنَّ من سَملِ الأداوَى ... فمصطبحٍ على عَجلٍ وأبي وقال زهير: وخرّجها جعلها خُرجاً كل يومٍ ... فقد جعلتْ عرائكها تلينُ خرجها جعلها خرجاً أي ضربين ضرباً فيه طِرق وضرباً لا طِرق فيه وكل ضربين فهو أخرج. قال العجاجُ يصفُ الحربَ: ولبِست للشرِ جُلاً أخرجا أي هي شنعاء مشهورة والخرج من هذا وبه سميت الخرجاء ويقال عام مخرّج فيه سواد وبياض من الجدب والخِصب، وقال بشر وذكر خيلاً وفرساً أنثى: تراهُنَّ من أزمها شُزَّبا ... إذا هنَّ أنسن منها وحاما الأزم العض يقال أزم على فأس اللجام أي عض، والشزب الدقاق، يقول أضرت هذه الفرس بالخيل عِضت على لجامها وعضضن وهن لا يقدرن على ذلك فقد ضررن، أنسن رأين

وعلمن، والوحام أصله شدة شهوة الحامل، يقال امرأة وحمى، فهو يريد في هذا الموضع شهوتها لذلك العدو وحرصها عليه وقال عمرو بن معدي رب للعباس بن مرداس: أعباسٌ لو كانت شياراً جيادُنا ... بتثليثٍ ما ناصيت بعدي الأحامسا ولكنها قيّدت بصعدةٍ مرةً ... فأصبحنَ ما يمشينَ إلا تكاوسا الشيار السمان الحسنة المنظر، والأحامس الأشداء. يقول لو لقيناك وخيلنا جامة لقتلت ولكنا لقيناك وهي كليلة قد أتعبت بصعدة وهي قرية، تكاوس على ثلاث. ومثله له: ولو جئْنَ يحملنَ الحديدَ بنا معاً ... ألا يا لعمرو بعدها لشَوارِ ولكنها قيّدت بصعدة مرة ... فجئنَ وما يعدون غير عِذارِ الشوار المتاع، يقول يا لها من غنيمة، يال عمرو يعني نفسه، عذار تعذير والعرب تقول: الخيل تجري على مساويها - أي على ما بها من علل ونصب كما يقال الجواد يعطى على علاته أي على نوائبه وإعساره. وقال العباس بن مرداس: أتجعل نهبي ونهب العبيد بين عيينة والأقرع

وقال النابغة: فيهم بناتُ العسجدي ولا حق ... وُرقاً مراكلها من المضمارِ أي تحاث الشعر عن مواضع الأعقاب فلما نبت خالف لونها وخرج أورق. وقال أبو داود: قد تَصعْلكنَ في الربيع وقد قر ... ع جلدُ الفرائصِ الأقدامَ تصعلكن طارت أوبارهن ورققن في الربيع، وقد قرعت فرائصهن من الركض بأعقاب الرجال. وقال آخر: وجردأَ كبدإٍ مثل القنا ... ةِ قد طارَ في الروضِ سربالها سربالها وبرها. وقال آخر: فتُبنا بالأوارةِ دون سلمى ... نخافِتُ بيننا دون السرارِ نشيرُ إلى وجوهِ الخيلِ حتى ... بدَا بلقٌ يبشرُ بالنهارِ هؤلاء قوم يريدون الغارة على قوم فهم يشيرون إلى وجوه الخيل لئلا تصهل فتنذرهم حتى بدا الصبح. وقال لبيد: بأجّشِ الصوتِ يعبوب إذا ... طرق الحي من الليلِ صهلَ

الفرس يمدح بأن يكون في صوته جُشة. قال الجعدي: ويصهلُ في مثلِ جوفِ الطّوى ... صهيلاً يبيّنُ للمعربِ الطوى البئر، يقول كأن صوته يخرج من بئر، والمعرب صاحب الخيل العراب. وقال جرير: يشتفنَ للنظرِ البعيدِ كأنما ... إرنانُها ببوائنِ الأشطان يشتفن ينظرن ويرفعن رؤوسهن، وإرنانها أصواتها، ببوائن في أبار تبين أشطانها من بعدها، والأشطان الحبال، يقال بئر بيون وبئار بوائن، ويجعل لها شطنان فيأخذ كل شطن رجل فإذا جازت الدلو بالجرف من قبل كل واحد جرها عنه الآخر، فيقول كأن أصواتها تخرج من هذه الآبار، ويقال لتلك البئر الشطون ويقال نوى شطون، وأنشد: أكل يوم ل شاطنان ... على الطوى متقابلانِ والشاطن الذي ينزع بالشطن. وقال آخر: فلا ألفيْن الخيلَ تطرحُ بيننا ... وبينكم سخلاً بهيماً موضعا يقول نغزو عليها فنجهدها فتسقط أولادها بهما أي على لون

واحد أراد أنها لم تشعر فتستبين شياتها، وقال كثير يمدح قوماً: وهم يضربونَ الصَفَّ حتى يثْبتوا ... وهو يرجعونَ الخيلَ جماً قرونها أي حتى يثبتوا ما أرادوا، جماً قرونها وقد قتل فرسانها وقال مقّاس العائذي: تذكرتْ الخيلُ الشعيرَ عشيةً ... ونا أناساً يعلفونَ الأياصرا أي ذكرتم الحب والقرى فانهزمتم ورجعتم إليها ونحن نعلف الحشيش فنحن نصبر لا ننهزم ولا نبالي أين كنا، ونحو منه قول عوف بن عطية بن الخرع للقيط بن زرارة: هلا كررتُ على ابنِ أمكِ معبد ... والعامري يقودهُ بصفادِ وذكرتُ من لبنِ المحلَّقِ شربةً ... والخيلُ تعدو بالصعيدِ بَدادِ المحلق إبل سماتها الحلق، بداد متفرقة، وقال وذكر خيلاً: وجللنَ دمخاً قناعَ العرو ... سِ أدنَتْ على حاجبَيْها الخمارا دمخ جبل يريد قناعاً من الغبار، ومثله قول عمرو بن معدي كرب: جوافلٌ حتى ظل جُندٌ كأنه ... من النقعِ شيخٌ عاصبٌ بخمارِ جند جبل.

وكلّ قبائلهم أتبعتْ ... كما أتّبعَ العَرّ ملحاً وَقارا يقول كان في صدورهم بغي وحب للقتال أتبعتهم وقعتنا برءاً كما أتبع العر الملح والقار، والعر الجرب. وقال عُقفان بن قيس اليربوعي: لا يركبُ الخيلَ إلا أن يُركَّبها ... ولو تناتجنَ من حمرٍ ومن سودِ يركبها يعطاها يغزو عليها ويعطى أصحابها نصف ما يصيب. وقال متمم بن نويرة: ونحن بجوٍ إذا أصيبَ عميدُنا ... وعرّدَ عنا كل نِكسٍ مركَّبِ وأنشد الأصمعي - لابن أحمر: وقرّطوا الخيلَ من فلجِ أعنّتها ... مستمسكٌ بهواديها ومصروعُ قال يقال قرط الفرس لجامها أي احملها على أن تجري جرياً شديداً حتى يمتد على أذنها فيصير كأنه قرط. وقال عنترة: تركتْ بني الهُجيم لهم دَوار ... إذا تَمْضي جمَاعتُهم تعودُ

سقوط الذباب من صهيل الفرس

الدوار نسك للجاهلية يدورون فيه لصنم أو غيره، أي تركتهم لفرسي كذلك تكر عليهم فتجوزهم ثم تعود عليهم. سقوط الذباب من صهيل الفرس قال ابن مقبل وذكر فرساً: ترى النُعَراتَ الخضرَ تحت لَبانِه ... فرادَى ومُثنى أصعقتها صواهِله فريساً ومُغشيّا عليه كأنها ... خيوطهُ مارِي لواهنٍ فاتِله النُعرة الذبابة، أصعقتها أي غشى عليها لصهيله، والماري الكساء الذي له خيوطة مرسلة، والخيوطة الخيوط، شبه النعرات للخطوط التي فيها بهذا الكساء المخطط بسواد وبياض، ويقال الماري صائد القطا شبهها بالخيوط التي تكون في شبكته والقطاة يقال لها مارية. وقال مطير بن الأشيم الأسدي: تزيدُ العنانَ على طولهِ ... ذراعاً وتؤنس شخصاً بعيدا " تكَبُ الذبابُ لدى طرفها ... أمام اليدينِ وقيصاً لهيدا " تكب الذباب إذا دنا من جفن عينها ضربته به فقتلته. وقال المرقش: بمُحالةٍ تقصُ الذبابُ بطرفِها ... " خلقت معاقمها على مُطوائها "

أعلام الجواد من الخيل

وقال العبشمي وذكر حماراً: من الحميرِ صعِقَ ذبّانه ... بكلِ ميثاءٍ كتغريدِ المغَنِّ أعلام الجواد من الخيل قال أنيف بن جبلة الضبي: ولقد شهدتُ الخيلَ يحمل شكتي ... عتد كسرحانِ القصيمةِ مِنهَبِ الشكة السلاح، والقصيمة الرملة تنبت الغضا، وذئب الغضا أخبث الذئاب لأنه خمر، ومنهب كأنه ينتهب الأرض. أما إذا استقبلتُه فكأنه ... في العينِ جذعٌ من أوالَ مشذّبُ وإذا اعترضتُ له استوتْ أقطاره ... وكأنه مستدبَراً متصوَبُ أوال جزيرة في البحر، مشذب منزوع الشذب، وشذب كل شيء ما يلقى منه عند التنقية، ومعنى هذه الأبيات قول - ابن - أقيصر خير الخيل الذي إذا استدبرته جبّى وإذا استقبلته أقعى، وإذا

استعرضته استوى، وإذا مشى ردى، وإذا عدا دحا. وقوله إذا استدبرته جبى أي كأنه مكب لإشراف عجيزته، وإذا استقبلته أقعى أي كأنه مقع لإشراف مقدمه، وإذا اعترضته استوى لك منظره فلم يكن مقعياً، ولا منكباً، والرديان - قال الأصمعي عن المنتجع بن نبهان هو عدو الحمار بين آريه إلى متمرغه، وروى عن خلف عن رجل من بني الحرماز قال أتى العجاج إلى أبي فقال: أتبيعني شاة من غنمك على نعتي ببكر؟ قال وما نعتك؟ قال: حسراء المقدم شعراء المؤخر إذا أقبلت حسبتها نافراً وإذا أدبرت حسبتها ناثراً. قوله حسبتها ناثراً أي كأنها تعطس، يقول من " أي - 1 " أقطارها أتيتها وجدتها مشرفاً. وقال يزيد بن عمرو الحنفي: محنَّبٌ مثل تيسِ الربلِ محتفلٍ ... بالقُصرَيين على أولاهِ مصبوبُ التحنيب كالقنا، والربل نبت وقد فسر معناهما في التشبيه بتيس الربل محتفل بالقصريين يعني عظم ذلك الموضع، والقصري فيها قولان يقال هي الضلع القصيرة مما يلي الصدر ويقال هي ضلع الخلف في آخر الأضلاع، وقوله على أولاه مصبوب أي هو مكبوب، يقول إذا استدبرته فكأنه مكب لإشراف عجيزته. وقال ابن مقبل:

مجبٌ من اللائي إذا كنتُ خلفَه ... بدا نحرُه من خلفِه وجحافلُهُ يقول هو يخانف برأسه إذا سار من نشاطه كما قال: متحرفاً للجانبين فأنت ترى نحره وجحفلته، وقال الأسعر الجعفي: أما إذا استقبلتُه فكأنه ... بازٌ يكَفكفُ أن يطيرَ وقد رأى أما إذا استدبرتُه فتسوقُه ... ساق قموصٍ الوقعِ غارية النسا أما إذا استعرضتُه متَمطراً ... فتقول هذا مثلُ سرحانِ الغضَا ابن الأعرابي قال: سئل رجل من بني أسد: تعرف الفرس الكريم؟ قال أعرف الجواد المُبِر من المبطئ المقرف، أما الجواد المبر فالذي لُهز العير وأنّف تأنيف السير، الذي إذا عدا اسلهبّ وإذا قيد اجلعَبَ وإذا انتصب اتلأبّ، وأما البطئ المقرف فالمدكوك الحجبة الضخم الأرنبة الغليظ الرقبة الكثير الجلبة، الذي إذا أمسكته قال أرسلني وإذا أرسلته قال أمسكني، وأنشد: كمهرِ سوءٍ إذا سكّنت سيرتُه ... رامَ الجماحَ وإن رفّعته سكنا وقوله لُهز لَهز العير أي ضبّر خلقه تضبير الحمار، وأنف قد وحدد حتى استوى كما يستوي السير المقدود، والمسلهب الماضي الذاهب، والمجلعب الممتد، والمتلئب المستقيم المستوى، والمدكوك الحجبة الذي ليس لحجبته إشراف فهي ملساء مستوية وهي أعلى وركيه الذي يشرف " على - 5 " صفاف بطنه، هذا تفسير ابن

الأعرابي أيضاً، قال وروى الهيثم عن ابن عياش أنه قال: لا تشتر خمساً من خمسة، لا تشتر فرساً من أسدي ولا جملاً من نهدي ولا عنزاً من تميمي ولا عبداً من بجلي، ونسي الهيثم الخامس، يريد أن هذه القبائل عظام الجدود في هذه الأشياء، وأنشد أبو عبيدة هذا الشعر وقال لا أعرف قائله وعروضه لا يخرج أيضاً، وقال السجستاني هو لعبد الغفار الخزاعي: ذاكَ وقد أذغرَ الوحوشُ بصلْ ... تِ الخدِ رَحبٌ لبانِهِ مُجفَرُ طويلٌ حمسٌ قصيرٌ أربعة ... عريضٌ ستٌ مقلِّصٌ حَشوَرُ قال: قال أبو عبيدة طويل العنق طويل الأذنين طويل الذراعين طويل الأقراب طويل الناصية، قصير الأرساغ قصير عسيب الذنب قصير الظهر قصير الأطرة وهو عصبة فوق الصفاق قصير النضى وهو الذكر. عريض الجبهة عريض اللبان عريض المحزم عريض الفخذين عريض وظيفي الرجلين عريض مثنى الأذنين.

حدتْ له سبعةٌ وقد عُرِيَتْ ... تسعٌ ففيه لمن رأى منظَرُ حديد الأذنين، حديد العينين، حديد المنكبين، حديد القلب، حديد عرقوبي الرجلين، حديد المنجمين وهما عظمان متقابلان في باطن الكعبين، حديد الكتفين. عاري النواهق، عاري السموم، عاري الخدين، عاري الجبهة، عاري مثنى الأذنين، عاري الكعبين، عاري عصب اليدين، عاري عصب الرجلين. تم له تسعةٌ كسينَ وقد ... أرحَبَ منه اللبانُ والمنخِرُ مكتسي الكتفين، مكتسي المَدّين، مكتسي الناهضين، مكتسي الفخذين، مكتسي الكاذتين، مكتسي أعلى الحمامتين. بعيدٌ عشر وقد قرّبنَ له ... عشر وخمس طالتْ ولم تقصُر بعيد ما بين الجحفلة والناصية، بعيد ما بين الأذنين والعينين، بعيد ما بين العينين، بعيد ما بين أعالي اللحيين، بعيد ما بين الناصية والعكوة، بعيد ما بين العضدين والركبتين، بعيد ما بين البطن

والرفغين، بعيد ما بين الحجبتين والجاعرتين، بعيد ما بين الجاعرتين. قريب ما بين المنخرين، قريب ما بين الأذنين، قريب ما بين المنكبين، قريب ما بين المرفقين، قريب ما بين الوركين، قريب ما بين الحارك والقطاة، قريب ما بين المعدين والقصريين، قريب ما بين الجاعرتين والعكوة، قريب ما بين الثفنتين والكعبين، قريب ما بين الجبب والأشاعر. وقوله خمس طالت ولم تقصر وقد فسرناهن في موضع قوله طويل خمس. نُقفيه بالمحضِ دون ولدتنا ... وغُضّه في آرَيْه ينثرُ نُصبّحه تارةً ونُغبقه ... ألبانَ كُوم روائم ظُؤَّرُ حتّى شتا بادناً يُقال ألا ... تطوون من بُدنِه وقد أضمِرُ موثّقُ الخُلقِ جرشعٌ عتَدُ ... منضرجُ الحضرِ حين يستحضرُ خاظى الحَمامتينِ لحمُه زِيمَ ... نهدٌ شديدُ الصفاقِ والأبهرُ رقيقُ خمسٍ غليظُ أربعة ... نابى المعدّين ليّن الأشعَرُ رقيق الأرنبة، رقيق الجحافل، رقيق الجفون، رقيق الأذنين، رقيق عرض المنخرين. غليظ الخلق، غليظ القوائم، غليظ القصرة، غليظ عكوة الذنب، وقوله أرحب منه اللبان والمنخر ويستحب أن يرحب منه أيضاً الاهاب والجوف والعجان والشدقان، وقال آخر من الضبيين:

مما يوصف به أعضاؤها

وقد حد منه أربع بعد أربعٍ ... عرضْنَ فِالا يحتبسْ فهو طائرُ وقد طال منه أربع بعد أربعٍ ... قصرنَ فاضحى وهو بالشدِ ماهرُ وتفسير هذا يستخرج من الشعر الأول، وكذلك قول أبي صِرار اليمامي: عاري ثمانٍ مكتسي ثمانٍ ... إلى ثمانٍ قُدّرت حِسانُ وستة والعشر بالميزان مما يوصف به أعضاؤها الأذن وما يحمد من رقتها وانتصابها قال ابن مقبل: تُرخى العِذارُ ولو طالتْ قبائِلهُ ... عن حَشْرةٍ مثل سنفِ المَرخةِ الصفرِ ترخى العذار لطول خد الفرس، وقبائله سيوره، عن أذن حشرة أي رقيقة منتصبة، والسنف وعاء ثمرة المرخ، والصفر الذي لا شيء فيه، قال الجراح العقيلي ليس للمرخة ورق ولكن لها ثمرة طويلة كالإصبع، وقال الراجز في مثل ذلك: حَشْرة الأذن كاعليط صِفِر

الاِعليط ثمرة المرخ، وقال ربيعة بن جشم النمري: لها أذنٌ حَشرة مَشرةٌ ... كاِعليطِ مرخٍ إذا ما صِفرَ مشرة نضيرة، يقال تمشَّر الشجر إذا أصابه مطر فخرج فيه الورق. قال مطير بن الأشيم الأسدي: وسامعتان كسلاءتي ... عسيبة مؤتبرٌ من يهودا وقال آخر في مثله: يخرجنَ من مستطيرِ النقعِ داميةً ... كأن آذانها أطرافُ أقلامِ يريد أن آذانها مؤللة، والتأليل التحديد وهو محمود في الخيل والإبل، والخدا مذموم وهو استرخاء أصول الأذنين على الخدين وقال امرؤ القيس: ومستفلكُ الذفرى كأن عنانَه ... ومثناتَه في رأس جذعٍ مُشذّبِ الذفريان عن يمين الذن وشمالها، مستفلك يقول كأن ذفراه فلكة وذلك من علامات العتق، مثناته وثنايته حبله يقول كأنها علقت برأس جذع من طول عنقه، وقال أبو داود: " وهاد تقدم لا عيب فيه " ... كما الجذع شُذّب عنه الكرب

الناصية وما يحمد من سبوغها

المشذب الذي ألقى شذبه، وقال سلمة بن الخرشب: كأن مسيحتي ورقٌ عليها ... نَمَتْ قرطيهما أذنُ خَذيمِ كذا رواه الأصمعي نمت قرطيهما أي قرطي المسيحتين كأنهما عملا منها، ونمت رفعت أذن خذيم أي مثقوبة، ورواه ابن الأعرابي: كأن مسيحتي ذهبٌ عليها ... نَفَتْ عن قرطِها أذنَ خذيمِ والمسيحة القطعة من الفضة والذهب، قال أراد أنها كميت صفراء وأراد الأول بمسيحة الورق صفاءها وحسن لونها وملاستها، وقال ابن الأعرابي أراد كأنها في سموها برأسها قِرطت قرطاً فخذم أذنها فهي طامحة الرأس تتقى خذم القرط أذنها، وعن صلة، أراد نفت قرطها أذن خذيم. الناصية وما يحمد من سبوغها قال ابن مقبل: وحاجبٌ خاشعٌ وماضِغٌ لهزٍ ... والعينُ تكشفُ عنها ضافي الشعرِ قال: إذا خشع الحاجب من الفرس والناقة فهو أعتق لها وقد خالف أبو ميمون العجلي هذه الصفة فقال: وحاجبين أشرفا كالصفَّين

وإذا اشتد الماضغ وكبر عصبه قيل ماضغ لهز: والضافي السابغ المسترخي، وقال امرؤ القيس: وأركبُ في الرّوعِ خيفانةً ... كسا وجهَهَا سعَفُ منتشِرُ خيفانة جرادة، شبه الفرس بها وأراد أن ناصيتها كسعف نخلة، والسعف في غير هذا بياض يعلو الناصية وذلك مما يعاب، وقال عَبيد: مضبَّرٌ خلقُها تضبيراً ... ينشقّ عن وجهها السَبيبِ السبيب شعر الناصية هاهنا وهو أيضاً شعر الذنب، وقال سلامة بن جندل: ليس بأسفي ولا أقني ولا سَغِل ... يسقي دواء قفي السكن مربوبِ الأقنى الذي في أنفه احديداب وذلك يكون في الهجن والأسفي الخفيف الناصية والاسم السفا مقصور، وهو عيب في الخيل ومحمود في البغال، وأنشد: جاءتْ به معتجِراً بِبُردِه ... سفواءَ تَردى بنسيجٍ وَحدِه

قال أبو عبيدة يقال للفرس أسفي و - لا - يقال للأنثى سفواء ويقال للبغلة سفواء وليس وراء السفا إلاّ الزّعر والمعر والحصص وذلك كله قريب بعضه من بعض وهو ذهاب شعر الناصية، إذا غطت الناصية عينيه فهي خاشعة وغماء وذلك الإفراط في كثرة الناصية مذموم وإنما يحمد من النواصي - الجَثْلة، والسِغل المضطرب الخلق السيء الغذاء، ويروى: لا صِقل - وهو طويل الصُقلة والصُقلة الطِفطِفة، يقال ما طالت صقلة فرس إلا قصر جنباه وذلك عيب، والقفى الذي يعطى القفية وهي ما خبأت للإنسان تكرمة، والدواء ما عولجت به الجارية لتسمن وعولج به الفرس عند المضمار، والسكن أهل الدار، مربوب مربب يصان ولا يرسل، وقال امرؤ القيس: لها عُذَرٌ كقرونِ النسا ... ءِ رُكَبنَ في يومِ ريحِ وصِرِّ عِذر ذوائب، وقال الكميت. نزائعٌ من آلِ الوجيهِ ولاحقٌ ... تخفَّفَ بالتقزيعِ منها وبالهَلبِ

باب الخد وما يحمد وما يحمد منه أسالته وملاسته ورقته

نزائع انتزعت، والتقزيع أن يخفف أعرافها والهلب في الذنب، قال ابن الأعرابي النتف والتقزيع القص. باب الخد وما يحمد وما يحمد منه أسالته وملاسته ورقته قال امرؤ القيس يصف خد فرس: يباري شباةُ الرمحِ خد مذلقِ ... كصفحِ السنانِ الصُلّبى النّحيضِ شباة الرمح حد السنان، والمذلق الطويل الدقيق الذي ليس بكز، يريد أن عنقه طويلة فخذه يباري حد الرمح، وصفح السنان عرضه والسنان المسن، والصلبي منسوب إلى الحجارة الصلبة، والنحيض المرقق، شبه خده بالمسن في ملاسته ورقته وذلك من علامات العتق والكرم. ومثله قول لبيد: يطردُ الزُجَّ يبلرى ظلُه ... بأسيلٍ كالسنانِ المنتخّلِ يقول رأس هذا الفرس مع رأس هذا الزج يباريه بخده الأسيل، والزج السنان في هذا الموضع، والمنتخل المنتقي. أبو عمرو الزج النعام الواحد أزج والأنثى زجاء وهو البعيد الخطو، وقال لبيد أيضاً: رفيغٌ اللَبانِ مطمئناً عِذارهُ ... على خدٍ منحوضِ الغرارينِ صُلَّبِ يقول قد لصق عذاره بخده لأنه طويل أسيل فليس في عذاره

مما توصف به في وجوهها

فضل فينبو، منحوض الغرارين يعني أنه قلي لحم الخدين وذلك من علامات الكرم. صلب شديد، وقال الفرزدق: وهززْنَ من فزعِ أسنة صلَبِ ... بجذوعِ خيبرٍ أو جذوعِ أوالِ أي هززن خدوداً كالمسان بجذوع خيبر أي أعناق كجذوع خيبر في الطول. مما توصف به في وجوهها قال امرؤ القيس: لها جبهةٌ كسراةِ المج ... نِ حذفَهُ الصانعُ المقتدرُ المجن الترس، مدحها بسعة الجبهة وعرضها والجبهة أحد ما يوصف بالعرض، وقال الجعدي: بعارى النواهق صلت الجبين الناهقان العُظيمان الشاخصان في وجهه أسفل من عينيه، وقال

العين وما توصف به

بعضهم الناهق ما أسهل من الجبهة في قصبة الأنف، وقد بينا أين يحمد العرى، وقال آخر: ضَمِر الحَجاجين هريت الشدق الحجاجان ما جيب عن موضع مقلتيه من العظم الذي يحيط بالعينين فإذا دق ذلك فهو ضمر وذلك محمود، وقال آخر: قد أشهدُ الغارةَ الشعواءَ تحملني ... جرداءً معروقةَ اللحيين سرحوب العين وما توصف به قال أبو داود: طويلٌ طامحُ الطرفِ ... إلى مفزعةِ الكلبِ حديدُ الطرفِ والمنك ... بِ والعرقوبِ والقلبِ يقول هو مشترف إلى الموضع الذي يتشوف إليه الكلب للصيد، وقال أبو النجم:

طامحة الطرف نباة الفائل وقال سُبيع بن الخطيم: ترمى أمام الناظريْنَ بمقلةٍ ... خوصأَ يرفعُها أشمُّ منيفُ يعني بالأشم المنيف عنقها، وقال أبو النجم: والحُصن شُوس الطرف كالأجادلِ يصفونها بالشَوس والخَوص لأنها تفعل ذلك من عزة أنفسها تشاوس في نظرها فأما الحول فمذموم إذا كان خلقة، وأما قول الخنساء: ولما أن رأيتُ الخيلَ قُبْلا ... تبارى بالخدودِ شَبا العَوالى فليس القبَل هاهنا مذموماً لأنه بمنزلة الشَوس والخَوص وليس بخلقة إنما تفعله من عزة أنفسها، وقال ابن أحمر وذكر فرساً:

المنخر وما يحمد من سعته

وحَبت له أذن يراقبُ سمعها بصر يقول إذا سمعت حسا نظرت والسمع يراقبه البصر، بناصية الشجاع والشجاع يرفع من وسط رأسه إذا انساب فيعرورف أي يرفع عُرفه، فشبه حدة طرفه وسموه به برفع الحية عرفه، ويقال جاء فلان غضبان معروفاً، قال مزرّد: يُرى طامحُ العينينِ يرنو كأنه ... مؤانسُ ذَعرٍ فهو بالأذن خاتِلُ يقول أنس شيئاً يحذره فكأنه يختل ما يسمع لشدة استماعه وقال امرؤ القيس: وعينُ كمرأة الصناعِ تديرُها ... لمحجرِها من النصيفِ المنَقَّبِ الصناع الحاذقة فمرآتها أصفى من مرآة خرقاء لأنها تجلوها وتصونها تديرها النظر إلى محجرها وقد تنقبت، والنصيف الخمار. المنخر وما يحمد من سعته قال بشر بن أبي خازم: كأن حفيفَ منخرهِ إذا ما ... كتمنَ الربوِ كيرٌ مستعارُ يستحب سعة المنخر وربما ضاق فشق، - أي - الخيل الربو النفس لضيق مناخرهن، ويقال للفرس إذا كتم الربو في جوفه فلم يخرجه قد كبا وهو فرس كاب، والكير زق الحداد، وجعله مستعار لأنه إذا كان كذلك كان العمل به أحث وقيل مستعار من التعاور، وقال الراجز:

الأفواه وما يحمد من هرتها والأسنان

وجارُه في العدوِ من أن يُبهرا ... سم هريت ما يزال مُغبِرا السم يعني منخره وكل خرق في الجسد سم مثل خرق الأذن، مغبر أي يغبر فيه النفس، وقال عياض بن كثير الضبي: له منخر كالورب لم يكم رَبوة ... إذا ما كمت رَبو الجياد المناخرُ لم يكم لم يكتُم يقال كمى شهادته إذا كتمها، وهو مثل قول بشر: إذا ما كتمن الربو والورب الثقب في الجبل، وقال امرؤ القيس: لها منخر كوِجارِ السباعِ ... فمنه تريحُ إذا تنبَهِر شبهه بحجر السبع لسعته، ومثله لأبي داود: ولها منخر كمثل وجار الضبع ... تذرى له العَجاج السموم وقال: له منخرٌ مثلُ جيبِ القميصِ ... تنفَّسَ منه إذا ما احتفَلَ الأفواه وما يَحمد من هرتها والأسنان قال الأعشى:

هرِيت قصير عِذار اللجامِ ... أسيل طويل عِذار الرسَنِ لم يرد بقوله قصير اللجام أنه قصير الخد وكيف يكون ذلك وهو يقول أسيل طويل عذار الرسن، ولكنه أراد أنه هريت وأن مشق شدقيه من الجانبين مستطيل فقد قصر عذار لجامه، ثم قال طويل عذار الرسن لأن الرسن لا يدخل في فيه شيء منه كما يدخل فأس اللجام فعذار رسنه طويل لطول خده، وقال أبو داود: ترى فاه إذا أقبلَ ... مثل السلقِ الجدْبِ السلق جانب الوادي إلى الأرض. وقال أيضاً: وهي شَوهأُ كالجُوالقِ فوهاً ... مستجاف يضل فيه الشكيمُ قال أبو عبيدة: شَوهاء واسعة الفم والمنخرين. وقال المنتجع: هي الرائعة في الحسن. ومنه قولهم لا تشوه إذا قال ما أحسنك أي لا تصبني بعين، وقيل: شوهاء طويلة، ومستجاف مثل أجوف، والشكيم فأس اللجام، يضل فيه لسعته. وقال طفيل: كأنّ على أعطافهِ ثوبَ مائحٍ ... وإن يُلق كلبٌ بين لحْييه يذهبُ

المائح الذي ينزل يملأ الدلو في البئر فتبتل ثيابه، يعني من عرفه وأن يلق كلب بين لحييه يذهب من سعته. وقال ابن الرقاع: وهو شاح كأنّ لحييه حنوا ... قتبٌ لاحَ منهما المسمارُ عن لسان كجثة الوَرل الأحمر مجّ الندى عليه العَرارُ العرار نبت أصفر طيب الريح، يشبه لسان الفرس في طيب رائحته بورل أصابه ندى العرار والفرس إذا حمِر أنتن فوه، وإنما أراد بهذا الوصف أنه غير حَمِر. وقال امرؤ القيس: لعمري لسعدٍ حلَّت ديارُه ... أحبُّ إلينا منك فافرس حمِرِ لقب رجلاً بذلك أراد يافافرس حمر، كما قال الآخر - رجل من ضبة: أكان كرّي وإقدامي لفي جرَذ ... بين العواسج أجنى حوله المُصَع المصع ثمر العوسج، وكما قال الآخر: لفي جمل عَود عليه أياصِر وقال خالد بن عجرة الكلابي: كأن لسانه ورَل عليه ... بدارِ مَضَبَّة مَجَّ العرارِ

العنق وما يحمد من طولها

واحسب ابن الرقاع أخذ من هذا، وقال ابن مقيل: فقمت أُلجمه وقال مشترفاً ... على سنابكه في شائك يسَر المعنى فقمت ألجمه في شائك يسر أي في رأس شائك الأنياب أي قد طلعت، يسر سهل، ويروى شابك، أي قد اشتبكت أنيابه، وقال أبو النجم: حتى إذا بدَّلَه ... بالراضعِ الأقصى دخيلاً يُنصِلهُ قسراً يحل داره ويُحمله الفرس يقرح بأقصى سن له وإنما يطلع القارح في موضع سن تسقط راضع ثم يطلع القارح مكانه، فأنا البعير فإنه يبزل بنابه وليس يطلع مكان سن، وقوله مبدله يعني الله عز وجلّ، والدخيل القارح، ينصله أي يسقطه يعني الراضع، ويحمله يرحّله. العنق وما يحمد من طولها قال أبو داود: إذا قيد قحّم من قادَه ... وولت علاّبيه واجلعبّ وهادٍ تقدّم لا عيبَ فيه ... كما الجذعُ شُذِبَ عنه الكَرب الهادي العنق، وقوله كما الجذع شذب عنه الكرب نحو قول امرئ القيس:

ومستفلك الذفرى كأن عنانَهُ ... ومثناتَه في رأس جذعٍ مشذبِ وكقول الفرزدق: بجذوع خيبر أو جذوع أوال قد فسرناهما فيما تقدم من الكتاب، وقوله: إذا قيد قحّم من قاده يقول يتقدم من يقوده فيقحمه، والعلباوان عصبتان في العنق وذلك أن العلباء يمتد حتى يكاد يتصل بالرأس ثم يولى إلى ناحية العنق شيئاً وإذا جَسَت العنق لم يدبر العلباء، وقال ابن مقبل: وحاوطني حتى ثنيت عنانه ... على مدبر العلباء ريّان كاهله حاوطني داورني وعالجني حتى ألقيت عنانه على عنق مدبر العلباء، يريد أنه طويل العنق لينها ففي طرف علبائه إدبار، وقال ابن الرقاع: ومنيف غوج اللبان يرى منه ... بأعلى علبائه إدبار غوج اللبان واسعه، يقال للفرس إذا جعل ينثني في شقيه أنه يتغوج، واللبان مجرى اللبب من صدر الفرس، قال أبو ميمون العجلى: ضافي السبيب مدبر العلباوين وقالت الخنساء:

ولما أن رأيتُ الخيل قُبلاً ... تُبارى بالخدودِ شبا العَوالى الشبا حد السنان تريد، أنها طوال الأعناق فهي تباري الأسنة بخدودها، ومثله لبشر: يبارينَ الأسنة مُصغياتٍ ... كما يتفارطُ الثمدَ الحمامُ يتفارط يريد أن بعضها يتقدم بعضاً إلى الماء وهو أشد لطيرانها، والثمد ركايا يجتمع فيها ماء المطر. وقد تقدمت أبيات في هذا المعنى في وصف خدودها فتركنا ذكرها. وطول العنق من علامات العتق وقصرها من علامات الهجنة. وروي أن عمر بن الخطاب رحمه الله لما شك في العتاق والهجن دعا سلمان بن ربيعة الباهلي بطست من ماء فوضعت على الأرض ثم قدم الخيل فرساً فرساً فما ثنى منها سنبكه فشرب جعله هجيناً وما شرب ولم يثن سنبكه جعله عتيقاً، وذلك لأن في أعناق الهجن قصراً فهي لا تنال الماء على تلك الحال حتى تثني سنابكها وأعناق العتاق طوال وفي ذلك يقول لبيد: من يمدُدا لله إصبعاً ... في الخيرِ والشرِ يلاقه معا أنت جعلت الباهلي مِفَنّعا

قال أبو عبيدة أول من عرّب العراب رجل من وادعة همدان أغارت الخيل فصبحت العدو وأبطأت الكوادن فجاءت ضحَى فأسهم للعراب وترك الكوادن وكتب إلى عمر بذلك، فقال عمر: هبِلت الوادعيّ أمه لقد أذكرني أمراً أكنت نسيته وكتب إليه أن نعم ما صنعت، وقال خالد بن الصقعب: ملاعبةُ العنانِ بغصنِ بانٍ ... إلى كتفينِ كالقتبِ الشميمِ يقول عنقها لينة ليست بجاسية، ومعنى إلى معنى مع، والشميم من الأشم وهو المرتفع يقال جبال شم أي مرتفعة، وإذا كانت العنق غير لينة المعاطف كانت معيبة، والقصر في العنق والجساءة أن تكون غير لينة. وقال: لما أتيتُ الحيَ في متنِه ... كأنّ عرجوناً بمثنى يدى وقال سلامة بن جندل: تم الدسيع إلى هادٍ له تَلِع ... في جُؤجُؤ كمداكِ الطيبِ مخضوب الدسيع صفحة العنق من أصلها والجمع دسائع، والهادي العنق تلع الطويل منتصب، والجؤجؤ الصدر، مداك الطيب الصلاية.

يقول: هو أملس قصير الشعر وكأن جؤجؤه صلاية، ورقة الجؤجؤ عندهم محمود، مخضوب بدم الصيد. وقال أبو داود: يهزّ العنقَ الأجرَ ... دفى مستأ من الشَّعْبِ مع الحاركِ مخشوش ... يجنبٍ مُجَفر رَحْبِ يقول إذا سار هز عنقه، والأجرد الأملس قصير الشعر، والعنق يؤنث ويذكر يقول قد ركب في أصلٍ وتين، والشعب الوصل المركب في الحارك وهو موصل العنق مع الكاهل، والمخشوش المدخل فيه كما يدخل الخشاش. وقال أبو النجم: في مُفْرع الكتفيْن حلو عطَلُه ... سوند في هادٍ كثيفٍ خَلله مفرع مشرف، الأصمعي: عطله عنقه يقال شاة حسنة العطل أي العنق وأصل ذلك العنق التي لا حلى عليها ويقال عطله جسمه ومجرده. وقال خالد بن كلثوم: عطله ضمره وذهاب لحمه، يقول: هو حلو في الضمر فكيف في السمن، سوند رفع وضم بعضه إلى بعض، في هاد أي مع هاد وهو العنق، كثيف خلله يقول هو مكتنز ما بين الأضلاع والفقَر.

الكتفان وما يحمد من ارتفاعهما

وقال ابن فسوة يصف فرساً: بعيدة بين العَجب والمتلدَّد والمتلدد المتلفت وأصل ذلك من اللديدين وهما صفحتا العنق ومنه قبل فلان متلدد أي متلفت يميناً وشمالاً. الكتفان وما يحمد من ارتفاعهما قال ربيعة بن جشم: له حاركٌ مثل شرخِ الغبيطِ ... عرّى منه بعير دَبر الحارك فروع الكتفين وهو أيضاً الكاهل، والمنسج أسفل من ذلك، وشرخ الرحل مقدمه وآخره، والغبيط قتب الهودج وإذا وضع عن البعير رأيته أشرف. قال لبيد:

مغبط الحارك أي كأن ظهره غبيط وهو القتب. والكتف عيب وهو أن يكون في أعالي كتفي الفرس انفراج في غرا ضيفهما مما يلي الكاهل، وقال آخر: كتفاها كما يركّب قينٌ ... قَتبا في أجنائِه تشميمُ الأحناء خشب الرحل، تشميم ارتفاع، ونحو منه قول خالد بن الصقعب: إلى كتفين كالقتب الشميم وقال الضبي: وكاهلٌ افرعٌ فيه مع ال ... افراع إشرافٌ وتقتيبُ

الأفرع المشرِف، وقال زهير: قد أبدأت قطفاً في الجري منشزة ال ... أكتافِ تنكُبها الحزانُ والأكُمُ أبدأت من بدأت في ذلك مثل ابتدأت، قطفاً في الجري أي في أوله وذلك من النشاط، ومنشزة مرتفعة، وقال زهير: بذي ميعةٍ لا موضعِ الرمحِ مسلم ... لبطءٍ ولا ما خلف ذلك خاذله الميعة النشاط والميعة من السير هاهنا وميعة الحب وميعة الشباب أوله، ويقال أمّاع السمن إذا ذاب، لا موضع الرمح يعني الكاثبة وهي موضع الرمح وهي قدام القربوس مقدم المنسج ويدلك على ذلك قول النابغة: لهنَ عليهم عادةٌ قد علنَها ... إذا عرضَ الخُطى فوق الكواثبِ وأراد زهير أن مقدمه لا يخذل مؤخره ومؤخره لا يخذل مقدمه كما قال القطامي في وصف الإبل: يمشينَ رهواً فلا الأعجازُ خاذلةٌ ... ولا الصدورُ على الأعجاز تتكلُ ويستحب من الفرس أن يشتد مركّب عنقه في كاهله لأنه يتساند إليه إذا أحضر، ويشتد حقواه لأنهما معلق وركيه ورجليه في صلبه.

الصدر وما يحمد منه

قال أبو عبيدة: لا موضع الرمح مسلم يعني الطريدة التي يطلبها من الوحش لا تفوته، وقال العجاج: نُتبعهم خيلاً لنا عواتكا ... من كل نهدٍ يستعزِ الحاركا منه تليلٌ يعتلي السوامكا عواتك رواجع يقال عتك عليه أي كر. يقول: تغلظ عنقه حتى يصغرُ حاركُه عندها، ومنه قول زهير: وعزتها كواهله أي كانت أغلظ شيء فيها. وأراد أن التليل قاهر للحارك. الصدر وما يحمد منه قال زهير: قد عوليت فهي مرفوع جواشنها ... على قوائم عوج لحمها زيم فهي تبلّغ بالأعناق يتبعها ... خلج الأجرة في أشداقها ضجم مرفوع جواشنها أي خلقت مرتفعة والجوشن الصدر، قوائم عوج وإذا كان في رجلي الفرس أو يديه قنا كان أسرع له، قال الجعدي: مفروشة الرجل فرشاً لم يكن عقَلا

زيم متفرق في أعصانها لم يجتمع في مكان فتبدن، وقوله تبلغ بالأعناق أي تمد أعناقها لأنها مقرنة بالإبل فإذا مدتها إلى بين أيديها مدت أعناقها: خلج جذب يقال خلجه إذا جذبه وصرفه ويقال ناقة خلوج إذا اختلج ولدها عنها بموت أو ذبح، والأجرة جمع جرير وهو حبل من جلود، ضجم ميل، ومثله للنابغة: إذا استعجلوها عن سجيةٍ في مشيها ... تبلّغ في أعناقِها بالجحافلِ يقول الخيل مقطورة بالإبل فكلما استعجل القوم الإبل لم تدركها الخيل حتى تمد جحافلها فتبلغ إعجاز الإبل لأن الخيل أبطأ إذا كانت مع الإبل. وقد مرت أبيات في هذا المعنى فيما تقدم. قال أبو النجم: منتفج الجوف رحيب كلكله وعرض الصدر محمود قاما الجؤجؤ والزور فيوصفان بالضيق وهما جميعاً شيء واحد، وقال عبد الله بن سليمة: متقاربُ الثفناتِ ضيقٌ زورُهُ ... رحبُ اللبانِ شديدُ طي ضريسِ الثفنات مواصل الذراعين في العضدين والساقين في الفخذين، ويقال أن الفرس إذا دق جؤجؤه وتقارب مرفقاه كان أجود لجريه، وقوله: شديد طي ضريس أي شديد الفقار ضُرس ضرساً، وأصل

ذلك البئر إذا طويت بالحجارة قيل ضرست، قال لبيد: رفيع العذار مطمئناً عذاره يقول هو مرتفع الصدر ليس به ذنن والدنن تطامن الصدر ودنوه من الأرض وهو من أسوأ العيوب، فأما الهنع فتطامن العنق من وسطها يقال عنق هنعاء، قال أبو داود: رهلٌ زورُها كأن قراها ... مسدشدٌ متنهُ التبريمُ يستحب أن يكون الفرس رهل اللبان رحيب الاهاب واسع الأباط، وعيب الحمار الكزازة في يديه وفي منكبيه وانضما مهما إلى إبطيه وضيق جلده وإنما يعدو بعنقه، والتبريم الفتل، والزور في الصدر عيب وهو دخول إحدى الفهدتين وخروج الأخرى، والفهدتان اللحمتان الناتئتان في الصدر مثل الفهرين، وقال ابن مقبل: غوجُ اللبانِ ولم تعقُد تمائمُه ... مُعرى القلادةِ من ربوٍ ولا بهر أي لين اللبان واسعه، واللبان مجرى اللبب، ويقال للدابة إذا جعل يتثنى في شقيه أنه ليتغوج، يقول: لم يقلد من داء ولا ربو إنما قلد للحسن خوفاً من العين، وقال عبد المسيح يذكر نبتاً رعاه أو صاد فيه: صبَّحته صاحبي كالسيد معتدل ... كأن جؤجؤه مداك أصداف

مداك الطيب وهو الصلابة، شبه جؤجؤه وهو عظم صدره به، وقال سلامة بن جندل: تم الدسيعُ إلى هادلِه تَلِع ... في جؤجؤ كمداكِ الطيب مخضوب وقد فسر شبهه بالصلاية لإملاسه وبريقه ويقال بل شبهه به لضيق جؤجؤه، وقال امرؤ القيس: كأنّ على الكتْفينِ منه إذا جرى ... مداكُ عروسٍ أو صَراية حنظلِ يقول هو أملس فكأن على كتفيه فهر عروس أو حنظلة براقة قد أصفرت وهي الصرابة، قال أبو عبيدة صراية بالكسر وهو الماء الذي ينقع فيه الحنظل لتذهب مرارته. شبه عرقه بمداك العروس لأنه أصفر أو بصراية الحنظل، وجعلها مداك عروس لأنها قريبة عهد بالسحق فهي تبرق في القول الأول، وفي القول الآخر فيها صفرة، وقال الجعدي: ولوح ذراعينِ في بركةٍ ... إلى جؤجؤ رهِل المنكبِ كل عظم لوح، والبركة الصدر بكسر الباء فإن حذفت الهاء قلت برك ففتحت الباء، وقوله في بركة معناه مع بركة، ويستحب أن يكون في جلد الصدر وجلد المنكبين رهل وهو مسترخى جلد المنكب فهو يموج ليس بضيق، وقال أيضاً:

الجنبان والجوف وما يحمد من إجفاره وانطواء الكشح

في مرفقَيه تقاربٌ وِله ... بركةُ زَور كَجبأةِ الخزَمِ الجبأة خشبة الحذّاء ويقال الجفنة أيضاً، والخزم شجر يتخذ من لحائه الحبال، قال أصمعي: وبالمدينة سوق يقال لها سوق الخزامين، وقال بعضهم الخزم شجر الجوز. الجنبان والجوف وما يحمد من إجفاره وانطواء الكشح قال مزرّد: له طُحرٌ عُوجٌ بضيعها ... قِداحٌ بَراها صانعُ الكفِ نابلُ الأصمعي قال: الطحر هاهنا الأضلاع مشتق من قولهم طحره إذا دفعه وباعده لأن اللحم قد ذهب عنها، والبضيع اللحم، والنابل الحاذق. وقال بشر: على كل ذي ميعةٍ سابحٌ ... سقطَع ذو أبهريه الحِزاما الأبهر عرق مستبطن الصلب وهو واحد فجعله اثنين وإنما أزاد ذوا أبهره يعني جنبيه يقول: يقطعان الحزام إذا زفر، وقال مطير بن الأشيم: له زَفرةٌ بعد طولِ الجِراء ... يقطع منها الحِزامَ الشديدا وقال العجاج:

يقطع إبزيم الحِزام جشَمه يقول يجشّم الحزام ما لا يطيق من انتفاخ جنبيه فإذا زفر انكسر الإبزيم، وقال لبيد: ومقطعٌ حلقُ الرحالةِ سابحٌ ... باد نواجذه على الإطرابِ يقطعها من انتفاخ جنبيه وقد فسر البيت فيما تقدم، وقال الجعدي: خِيطَ على زفرةٍ فتم ولم ... يرجعْ إلى رقةٍ ولا هضَمِ يقول كأنه زافر أبداً من عظم جوفه، والهضم استقامة الضلوع ودخول أعاليها وهو عيب، يقال فرس أهضم، والاخطاف لحوق ما خلف المحزم من بطنه وهو عيب، يقال فرس مخطَف، قال الأصمعي: لم يسبق الحلبة أهضم قط والفرس بعنقه، وقال آخر - وهو الجعدي أيضاً: شديدُ قلاتِ الموقفيْنِ كأنما ... نهَى نَفساً أو قد أراد ليزفِرا الموقفان رؤوس الفخذين وهما الحارقتان، نهى نفساً كأنه أراد أن يزفر فانتفخ لذلك ثم نهى نفسه أي رده. والثجل خروج

الخاصرة ورقة في الصفاق، يقال فرس أثجل وهو عيب، وقال الراعي في الإبل: حُوزية طويَتْ على زفَراتها ... طي القناطرِ قبدأنَ بزولا كقوله: خيط على زفرة. وقال ابن أحمر: حَبَطت قُصيراه وسوند ظهره ... وإذا تدافَع خلتَه لم يسندِ القصيري آخر ضلع في جنبه، يريد أنه منتفخ الجنبين وسوند ظهره يريد أن ظهره مشترف إذا وقف، وإذا تدافع في مشبه اعتدل ودخل بعضه في بعض. وقال ابن مقبل: إلى كبدٍ كأنّ منهاة سوطها ... بفرجِ الحِزامِ بين قُنبٍ ومَنقَبِ وما انتَقَصَتْ من حالبيْه ومتنِه ... صفيحةُ ترسٍ جَوزها لم يثقَّبِ منهاة سوطه حيث ينتهي السوط إليه منها، وفرج الحزام حيث ينفرج من الحزام، والحالبان عرقان يكتنفان السرة، أي كأن متنه وما وصف من هذه المواضع صفيحة ترس، والمنقب حيث ينقب البيطار.

وقال أبو داود: فُرشت كِبدها على الكبِد السفلى فأضت كأنها فُرزُوم يريد أنها مجفرة انبسطت كبدها على موضعها، والفرزوم خشبة الحذاء ويقال للقصار: قال أبو عبيدة للفرس كبد وليس له طحال، شبهها بالفرزوم في صلابتها. وقال النابغة: لقد لحقتُ بأولى الخيلِ تحملني ... كَبْداءِ لا شَنجٌ فيها ولا طَنَبُ كبداء ضخمة الوسَط، شنج قصر، وطنب طول مع اضطراب يقول هي معتدلة، وقال امرؤ القيس: له أيْطَلا ظبيٍ وساقا نعامةٍ ... وإرخاء سرحانٍ وتقريبِ تتفل أيطلا ظبي كشحاه، ويروى اطِلا - وهما سواء، وشبهها بكشحى ظبي لأنه طاو، وساقا نعامة لقصر ساقيها ويستحب قصر الساقين في الفرس وقال المعَذَّل بن عبد الله: لها قُصريا رئمٍ وشِدقا حمامةٍ ... وسائقتا هَيقٍ من الرُبدِ أربدا

وقال أبو داود: وقُصرى شنجِ الإنسا ... ء نبّاح من الشُعْبِ القصرى الضلع الأخرى التي تلي الكشح وإنما أراد الكشح، نباح يقال للظبي إذا كبر وهرم نباح، والشعب جمع أشعب وهو الظبي وإنما قيل له أشعب لانفراج ما بين قرنيه، وقال آخر: تردّى به مَلَث الظلام طمّرة ... مَرَطى الجِراء طُوالة الأقرابِ الأقراب واحدها قُرب وهو منقطع حصيري الجنبين، قال أبو عبيدة القرب والموفف والأيطل والحقو كل ذلك قريب بعضه من بعض وهو الخاصرة وما يليها، وهم يذمون طول الصُقلة وهي الطِفطفة، يقال: ما طالت صقلة الأقصر جنباه وذلك عيب وقال الجعدي: كأنّ مقطَّ شرا سيفِه ... إلى طرفِ القُنبِ فالمَنقَبِ لَطمنَ بترسٍ شدن الصفا ... قِ من خشبِ الجوزِ لم يثقَبِ الشراسيف مقاط الأضلاع، والقنب غلاف قضبيه والمنقب موضع نقب البيطار من بطنه، أي كأن ذلك الموضع منه ألصق بترس من خشب الجوز وإنما يعني الجوز ثم رجع إلى نعت الفرس فقال شديد الصفاق والصفاق الجلد الأسفل دون الجلد الأعلى الذي عليه الشعر.

وقال يذكر فرساً: ويُبقي وجيفَ الأربعِ السودِ جوفه ... كما خلق التابوت أحزم مُجفَرا أي بعد ما يوجف أربع ليال يبقى جوفه مثل التابوت، أحزم عظيم المحزم. فلما أبى أن ينقصَ القودُ لحمه ... نقصتْ المديدُ والمريذُ ليضمرا المديد دقيق وما يمده به المريذ أن يمرذ له خبزاً وتمراً أو غيره يقال مرذ ومرث ومرس سواء. وبطنٌ كظهرِ الترسِ لوشُلٍ أربعا ... فإصبح صفراً بطنهُ ما تخرجوا شل طرد أربع ليال فأصبح خالي الجوف ما اضطرب بطنه ولا تغير عن حاله. وقال سلمة بن الخرشب: إذا كان الحزامُ لقُصرييها ... أما ما حيث يتمسكُ البريمُ يقول إذا قلق الحزام واضطرب وسفل عن موضعه، أما ما أي صار قداماً أي قدام القصرى، والبريم الحقاب، أي حيث يكون الحقاب من المرأة وهذا مثل.

الظهر والقطاة والمتن وما يوصف به

وقال المرقش: ومغيرةٌ نَسَجَ الجنوبُ شهدتَها ... تمضي سوابقُها على غُلَوائها بمُحالةٍ تقصُ الذبابَ بطرفها ... خُلقَتْ معاقمُها على مُطَوائها نسج الجنوب أي هم مجتمعون كسحاب نسجته الجنوب وجمعته من الآفاق، والغلواء الارتفاع، وقال آخرون أراد أن المغيرة تمر مثل مر الريح والمحالة الشديدة المحال وهو الفقار، تقص الذباب تقتله بطرفها إذا سقط ودنا منها، والمعاقم الفصوص وهي المفاصل، أراد أنها كأنها تمطت فخلقت على ذلك، وشبيه به قول الجعدي: خيط على زفرة وقال سلمة بن يزيد الجعفي: كأن مواضُعَ الدأياتِ منه ... وجُفرَة جنبِه حُشيتْ ثَماما الظهر والقطاة والمتن وما يوصف به وقال سلمة بن يزيد الجعفي: قال امرؤ القيس: وصُمّ صلاب ما يقين من الوجَى ... كأن مكانَ الرِدفِ منه على رالِ صم صلاب حوافره ما يقين من الوجى، وشبه قطاته بقطاة الظليم لأنها مشرفة ويستحب إشراف قطاة الفرس. وقال أيضاً:

يديرُ قطاةً كالمحالةِ اشرفتْ ... إلى سندٍ مثلِ الغبيطِ المذأبِ المحالة البكرة، إلى سند أراد مع سند وهو الظهر، والغبيط الرحل، والمذأب له ذئب أي فُرَج، قال أبو داود: يعلو بفارسهِ منه إلى سندٍ ... عالٍ وفيه إذا ما جدّ تصويبُ أي ظهر مشرف إذا وقف وفيه إذا سار طمأنينة وتصويب وذلك محمود، وقال الفرزدق يهجو سليطاً: سائلٌ سليطاً إذا ما الحربُ أفزعَها ... ما بال خيلكُم قُسا هَواديها القعس أن يطمئن الصلب من الصهوة وترتفع القطاة وذلك عيب، فإن اطمأنت القطاة والصلب فذلك البَزخ يقال فرس أبزخ وأقعس وهما عيبان، وإنما أراد الشاعر أنكم تتأخرون عن الحرب وتجذبون أعنة الخيل فقد دخلت أصلا بها وخرجت صدورها والصهوة مغق الفارس وقال أبو داود: ومتنان خظانان ... كزحلوف من الهضب وكزحلوق أيضاً وهو بمعناه، يقال لحمه خظا بظا إذا كان كثير اللحم صلبة والزحلوق الحجر الأملس، وقال امرؤ القيس: لها متنتان خطانا كما ... أكب على ساعديه الغمر ويقال هو خاظى البضيع إذا كان كثير اللحم مكتنزه، وقوله

خظاتا فيه قولان أنه أراد خظاتان كما قال أبو داود: ومتنان خظاتان، فحذف نون الاثنين يقال متن خظاة ومتنة خظاة، والآخر أنه أراد خظتا أي ارتفعتا فاضطر فزاد ألفاً، والقول الأول أجود، وقوله " كما أكب على ساعديه النمر " أراد كأن فوق متنها نمراً باركاً لكثرة لحم المتن وقال: كميتٌ يَزّلُ اللِبْدَ عن حالِ مَتْنِهِ ... كَما زَلَّتِ الصَّفْوأَ بِالمُتَنَزَّلِ حال متنه موضع اللبد، قال الأصمعي لم أسمع به إلا في هذا البيت، وشبه زليل اللبد عنه بصخرة تزل في هبوط، وقال أوس: كميتٌ يَزلُ اللِبَد عن دأياتها ... كما زلّ عن عظمِ الشجيجِ المُحارفُ الدأيات الفقار، وقال علقمة: وجوفٌ هوا تحت متنٍ كأنه ... من الهضبةِ الخلقاءِ زُحلوقٌ مَلعَبُ وقال خداش بن زهير: دحِض السراةُ إذا علوتَ سَراته ... صافي الأديمِ صبيحة الأعمالِ السراة الظهر، أي لا يثبت فوقه شيء لملاسته يزلق عنه، وقال عمرو بن معدي كرب: وعجِلِزة يزل اللِبد عنها

العجلزة الشديدة وقال النجاشي: كأن بمنهى سرجِهِ وقطاتهِ ... ملاعب ولدان على صَفوانِ الملاعب الزحاليق، وقال دكين: كأنّ غَر متْنَه إذ نُجنبه ... من بعدِ يومٍ كاملٍ نؤوبُه سير صناع في خيرز تكلُبه غر المتن طريقته وكذلك غر كل شيء، قال واشترى رؤبة ثوباً من بزاز فلما استوجبه قال: أطوه على غره أي على كسره، والتأويب سير اليوم إلى الليل، يقول طريقة متنه تبرق كأنها سير في خريز، والكلب أن يبقى السير في القربة وهي تخرز فتدخل الخارزة يدها وتجعل معها عقبة فتدخلها من تحت السير ثم تخرق خرقاً بالأشفى فتخرج رأس الشعرة منها فإذا خرج رأسها جذبتها فاستخرجت السير، وقال ابن مقبل: جرى قفصاً وارتدَّ من أسرِ صُلبِه ... إلى موضعٍ من سرجِهِ غيرِ أحدبِ القفص الذي لا ينطلق في جريه، وأسر صلبه اندماجه، وارتد يقول رجع بعضه إلى بعضه لأنه لم يستقم جريه وليس ذاك من حَدب. وقال كعب بن زهير: شديدُ الشَظَى عبلُ الشوى شنجُ النسا ... كأن مكانَ الرِدفِ من ظهرهِ وَعا أي كأنه كسر ثم جبر وإنما أراد أن فيه ارتفاعاً، وقال الجعدي:

الذنب وما يوصف به

أمِرَ ونُحَى من صلبه ... كنتيجةِ القتبِ المجلَبِ على أن حاركَهُ مشرفٌ ... وظهر القطاةِ لم يحدّبِ أمر فتل وأدمج، ونحى حرف، يقول في عظامه قنا أي تحنيب وهو أن يكون فيه كالحدب وهو يستحب في المحال والذراع، وأنشد الأصمعي: أقنى المحال مجفَر مجرى الضفر الذَنب وما يوصف به قال النمر بن تولب: جمومُ الشّدِ شائلةُ الذنابى ... تخالُ بياضَ غِرَّتها سِراجا جموم الشد يقول إذا ذهب شد جاء شد كما تجم البئر إذا ذهب ماء جاء آخر، ويستحب من الفرس أن يرفع ذنبه إذا عدا، يقال هو من شدة صلبه، ويقال الذنابي شعر ذائل منتشر في أصل الذنب من جانبيه. وقال دكين: فهو كأنّ يد ساط ذَنَبه يريد أنه قد رفع ذنبه في عدوه فكأنه رجل ساط قد رفع يده ليدخلها في حياء ناقة، وجاء في الحديث " لا بأس أن يسطو الرجل على المرأة " وقال زهير:

عواسِرٌ يمزَعنَ مَزع الظبا ... ءِ يركضنَ ميلاً وينزُعن ميلا عواسر رافعة أذنابها، ويروى يمزعن ميلاً، أي يثبن، وقال امرؤ القيس: ضليعٌ إذا استدبرتُه سدّ فرجَه ... بضاف فويقَ الأرضِ ليس بأعزلِ ضاف سابغ، سد فرجه ما بين فخذيه، يريد كثرة الذنب، والعزل أن يعزل ذنبه في أحد الجانبين وذلك عادة لا خلقة، والعَصل التواء عسيب الذنب حتى يبرز بعض باطنه الذي لا شعر عليه، والكَشف أكثر من ذلك، والصبغ بياض الذنب كله، والشعل أن يبيض عرضه - وهذه عيوب الذنب، وقال أيضاً: وإن أدبَرتْ قلتُ سُرعوقةٌ ... لها خلفُها ذنبٌ مسبَطِرُ سرعوفة جرادة، مسبطر ممتد، مدحها بطول الذنب، وقال أيضاً: لها ذنبٌ مثلُ ذيلِ العروسِ ... تسدُ به فرجَها من دبرِ أراد الفرج بين فخذيها، وقال خداش بن زهير: لها ذنبٌ مثلُ ذيلِ الهَدي ... إلى جؤجؤ أيدِ الزافرِ أيد شديد، الزافر الصدر لأنه يزفر منه، وقال النابغة:

بكل مدجّجِ في البأسِ يسمو ... إلى أوصالِ ذيالِ رِفَنِ الذيال الطويل الذنب الطويل فإن كان الفرس قصيراً وذنبه طويلاً قالوا ذائل والأنثى ذائلة وذيال الذنب فيذكرون الذنب، ورفن ورفل واحد، وقال ابن مقبل: وكل علنَدي قُصّ أسفلُ ذيلِه ... فشمَّرَ عن ساقٍ وأوظفة عُجْرِ - العلندي الجمل والكندي إذا غلظ - قص أسفل ذيله أي حذف، وعجر غلاظ، وقال امرؤ القيس: على كلِ مقصوصِ الذنابي معاودِ ... وجيفِ السرى بالليلِ من خيلٍ بربرا إذا قلتُ روّحنا أرن فُرانِق ... على جلعدٍ واهى الأباجل أبترا يعني البريد وكانت دواب البريد الخيل، واهى الأباجل منفتق الأباجل بالجرى، أبتر محذوف.

العجز والفخذان

العجز والفخذان قال امرؤ القيس: سليمُ الشظى عبلُ الشوى شَنِجُ النِسا ... له حجباتٌ مشرفاتٌ على الفالِ الشظى عظم لاصق بالذراع، فإذا تحرك قيل شظى الفرس، شنج النسا قصيره والنسا عرق مستبطن الفخذين حتى يصير إلى الحافر فإذا هزلت الدابة ماجت فخذاه فخفى وإذا سمنت انفلقت فجرى بينهما واستبان كأنه حية وإذا قصر كان أشد لرجله، قال: بشنج موتَّر الأنسا فإذا كان فيه توتير فهو أسرع لقبض رجليه وبسطهما غير أنه لا يسمح بالمشي، وضروب من الحيوان توصف بشنج النسا وهي لا تسمح بالمشي كالظبي، قال أبو داود: وقصرى شنجُ الأنسا ... ءِ نباحٌ من الشُعْبِ ومنها الذئب وهو أقزل وإذا طرد فكأنه يتوجى، ومنها الغراب وهو يحجل كأنه مقيد، قال الطرماح: شَنِجُ النِسا حرِقُ الجَناحِ كأنه ... في الدارِ إثر الظاعنيْن مقيّدُ والحجبات واحدتها حجبة وهي رأس الورك التي تشرف على الجاعرة، والفال عرق يخرج من فوارة الورك، يقول قد أشرفت حجبته على هذا العرق، وقال أبو النجم:

طامحة الطرف نباة الفائل نباة مشرفة والفائل والفال واحد، أراد مشرفة موضع الفال وقال طفيل: على كلِ مَنشقٍ نساها طمْرة ... ومنجردٍ كأنه تيسٌ حُلّبُ منشق نساها يريد به موضع نساها، منشق لأنها سمينة فقد انفلقت فخذاها كما يقال فلان شديد الاخدع يراد شديد العنق، والأخدع عرق في العنق، وفلان شديد الأبهر وهو عرق في الظهر يريد الظهر. وقال النابغة - الجعدي: فليقُ النِسا حبِطُ الموقفينِ ... يستنُ كالتيسِ في الحلَّبِ فليق النسا مثل منشق النسا، والموقف ما دخل في وسط الشاكلة إلى منتهى الأطرة من منتهى الخاصرة، أراد أنه منتفج وقال أبو ذؤيب: متفلقٌ أنساؤها عن قانى ... كالقُرطِ صاوٍ غُبره لا يُرضعُ تفلقت أنساؤها عن ضرع أحمر كالقرط في صغره، وصاو يابس، والغبر بقية اللبن، وإنما أراد أنها لم تحمل وإذا لم تحمل كان أصلب لها، ومثله في الكلام " فلان لا يرجى خيره " أي ليس له خير يرجى. وقال دكين:

على ضروع كقرون الأوعال شبهها بقرون الأوعال لرقتها ولأنها لم تحمل قط ولم ترضع فتستفيض ضروعها وللضروع باب ألفته في كتاب الإبل. وقال ابن الرقاع: وترى لغَرّ نساه غيباً غامضاً ... فلق الخصيلةِ من فويق المفصلِ الغر تكسر الجلد وجمعه غرور، وسئل رجل من العلماء بالخيل: متى يبلغ الفرس، فقال: إذا ذبل فريره وتفلقت غروره وبدا حصيره واسترخت شاكلته، الفرير موضع المجسة من معرفته والغرور واحدها غر وهو كل تكسر في الجلد، والحصير ما بين العرق الذي يظهر في جنب الفرس والبعير معرضاً فما فوقه إلى منقطع الجنب، وقال آخر: الحصير العصبة التي تبدو في الجنب بين الصفاق ومقط الأضلاع وأنشد الأصمعي: كأنّ سفينةً طُليتْ بقارٍ ... مقطا زوره حتى الحصيرِ والحصير في غير هذا الملك وأنشد: بني مالكٍ جارَ الحصيرُ عليكم والشاكلة الجلدة التي بين الثفنة وعرض الخاصرة، وقال آخر هي الطفطفة، وقوله غيباً، يريد انفلقت فخذاه بلحيتين عند سمنه فجرى النسا بينهما واستبان، والخصيلة كل لمحة فيها عصبة.

وقال امرؤ القيس: لها عجزٌ كصفاةِ المسيلِ ... أبرَزَ عنها جِحافُ مِضرِ يريد أن عجزه ملساء ليس بها فَرق والفرق إشراف أحد الوركين على الأخرى يقال فرس أفرق وذلك عيب، جحاف مجاحفة السيل الصخرة، مضر دانٍ متقارب، وقال عوف بن عطية بن الخرع: لها كفلٌ مثلُ متنِ الطرا ... فِ مدد فيه البُناةُ الحِتارا الطراف الفسطاط من أدم، والحتار ما أطاف به من أطرافه وهو موقع الطنب من الطراف، ومثله الإطار وإنما شبه الكفل بمتن الطراف في استوائه، وقال: كميتاً كحاشيةٍ الأتحمى ... لم يدعِ الصنعُ فيه عَوارا شبهها بحاشية البرد في استوائه وسفاقته، أنشدني السجستاني عن أبي عبيدة للعُديل: ومهريْنِ كالرمحينِ تنشقُّ عنهما ... عجاجةُ نقعٍ ساطعٍ فتجرّدا شُجيْريْنِ طارَ الكبوُ والربوُ عنهما ... إذا الربوُ في أكفالهن تصعّدا قال أبو عبيدة يقال فرس شجير أي لطيف الشجر ليس بمنتفج يربو ولكنه لطيف لا ينتفج ولا يربو، والكبو هاهنا أن لا يعرق

القوائم

كما تكبو الركية إذا ذهب ماؤها فلم تبض، وقال غيره كما يكبو الزند إذا لم يور، قال أبو عبيدة وإذا صعد الربو في كفل الفرس وذلك من طول ما يعلف سقطت رجلاه فقام، والربو هاهنا من ربا يربو ربواً. القوائم قال الشاعر - ويروى لطفيل الغنوي: وأحمرٌ كالديباجِ أما سماؤه ... فريّا وأما أرضه فَمحُولُ سماء الفرس ما كان من عجب ذنبه إلى المعذَّر، وأرضه قوائمه يريد أن قوائمه ممحِّصة ليست برهلة وأن أعلاه ريان ليس بمهزول ولا ضعيف، وأرضه في غير هذا الموضع تكون حوافره، قال حميد الأرقط: ولم يقلّب أرضها البيطارُ ... ولا لحبليْه بها حَبارُ يقول لم تكن بها علة فيحتاج البيطار إلى تقليب حوافرها، والحبار الأثر، قال أبو داود: أيّد القُصريين ما قِيد يوماً ... فيعنَّى لصرعهِ بيطارُ أراد لم يقد يوماً إلى بيطار ليصرعه ويعالجه. وقال الجعدي:

سليم السنابك لم يُقلَب وقال آخر: إذا ما استحمّتْ أرضُه من سمائِه ... وباعَ كبوعِ الخاضبِ المتطلقِ يقول عرق حتى سال العرق على قوائمه، والخاضب الظليم، وقال سلمة بن الخرشب: إذا ما استحمّتْ أرضُه من سمائِه ... جرى وهو مودوعٌ وواعدٌ مصدَّقُ مودوع مودع، وواعد مصدق أي يعدك صدقاً في العدو، وقال العجاج: قد لاح منه فالسراة أشحمه أي أسمنه سراته وهو أعلاه، وقال دكين بن رجاء: ينجّيه من مثلِ حمامِ الأغلالِ ... وقعُ يدٍ عجلى ورجلٍ شِملالِ يظمأُ من تحتٍ ويروى من عالِ

يعنى من خيل مثل - حمام - 1 - الأغلال والأغلال جمع غَلَل وهو الماء الجاري على وجه الأرض وإذا كانت الحمام تريد الماء فهو أسرع لها، والشملال الخفيفة، وقال أبو النجم: عَبْل الأعالي مَرِسُ الأسافلِ ... مشترِفٌ محتَجِزُ الخصائلِ عن سلباتِ ذُبّلِ المفاصلِ أراد بالأعالي كاهله وبأسافله قوائمه، مرس شديد، مشترف عالي النظر سام، محتجز يقول قد احتجز بعض لحمه من بعض من شدته، ومثله لحمها زيم أي مفترق في أعضائها ليس بمجتمع فتبدن، عن سلبات عن قوائم سلبات أي طوال، ذبل يبّس والخصائل العضل ومثله: من كلِ عريانِ الشوى جُسام ... محتجزُ الحمِ على العظامِ أي هو ممحّص القوائم ليست قوائمه برهلة. وقال الأسدي: كميتٌ أمِّر على زفرة ... طويل القوائم عريانها أمر كأنه فتل وطوى على زفرت. وقال خداش بن زهير: ولا حنكل عاري الظنابيب اكزما ... الحنكل والأكرام والحاذي القصير ولميسمع بأحد ذم العري في

الظنابيب غيره والعري محمود وقال امرؤ القيس: وساقان كعباهما صمعا ... ن لحم حمايتهما منبتر الحماة عضلة الساق ويحب انبتارها، والكعوب المفاصل، يريد أنهما ليستا برهلتي المفاصل، والصمع اللزوق، ومنه أذن صمعاء أي صغيرة لازقة بالرأس، ويقال خرج السهم متصمعاً أي قد انضم ريشه من الدم، منبتر متقطع. وقال زيد الخيل: نسوف للحِزامِ بمرفقيْها ... شَنونُ الصلبِ صَمعاء الكِعابِ نسوف للحزام قطوع، يقال نسفه أي قطعه. ومثله قول بشر: نسوف للحِزامِ بمرفقيْها ... يسدُ خَواءَ طُبييها الغُبارُ الأطباء لكل ذات حافر، والضرع لكل ذات ظَلف والخِلف لكل ذات خف، والخَواء فرجة ما بينها، شنون الصلب سمينة، صمعاء الكعاب لازقتها وقال أبو داود: لها ساقا ظليمٍ خا ... ضبٍ فوجى بالرُعبِ

ساقا ظليم قصيرتان ويستحب قصر ساقي الفرس. ومثله قول الآخر: له متن عَير وساقا ظليم وقال امرؤ القيس: له أيطلا ظبي وساقا نعامة وقال أبو داود: بين النعامِ وبين الخيلِ خلقتهُ ... خاظَى البضيعِ أجش الصوتِ يعبوبُ يريد أن فيه من خلقة النعامة قصر ساقيها وإشراف قطاتها ومشيها في بعض أحوالها وعدوها. وقال آخر يمدحه بطول القوائم: شرجبٌ سلهبٌ كأن رماحاً ... حملَتْه وفي السراة دُموجُ الشرجب الطويل العاري أعالي العظام، والسلهب أيضاً الطويل القوائم. وقال زهير:

وملجمُنا ما إن ينالُ قَذاله ... ولا قدماه الأرضُ إلا أناملهُ فنضربه حتى أطمان قَذاله ... ولم يطمئنَّ قلبُه وخصائلهُ القذال من الإنسان ما بين النقرة والأذن ومن الفرس معقد العذار والخصائل جمع خصيلة وهي كل لحمة في عصبة، وقوله: اطمأن قذاله كان رافعاً رأسه فضربناه حتى نكس، يقول وهو فإن كان قد اطمأن قذاله فليس يناله ملجمنا ولا تنال الأرض قدماه لأنه قد قام على أطراف أصابعه، ومثله قول الآخر: كأن هاديها إذ قامَ ملجمُها ... قعو على بكرةِ زَوراءِ منصوبُ وقال خفاف بن ندبة: ربِذ الخِناف إذا اتلأب ورجلهُ ... في وقعِها ولحاقِها تجنيبُ الربذ سرعة رجع اليد وليس الربذ سعة الشحوة، والخناف في الحافر كلها أن يهوي بيده إلى وحشيته والتجنيب كالروح في الرجلين والتجنيب انحناء وتوتير وذلك محمود: وإذا كانت رجلاه منتصبتين، غير محنبتين فهو أقسط والاسم القسَط وذلك عيب، قال طرفة: وكرّى إذا نادى المضاف محنبا

في وقعها، يريد مع وقعها وكذلك قولك فلان عاقل في حلم، وقال زهير: قد عوليت فهي مرفوعٌ جواشنُها ... على قوائمٍ عُوجٍ لحمُها زيمُ وقال العماني الراجز: يرى له عظم وظيف أحدبا ... مسقّفاً عبلاً ورسغاً مُكربا وقال يزيد بن عمرو الحنفي: يخطو على عسَبٍ عوجٍ سمونٍ به ... فيهن أطرٌ وفي أعلاه تقتيبُ وقال أبو داود: وفي اليدينِ إذا ما الماء أسهله ... ثنى قليلٌ وفي الرجلينِ تجنيبُ وقال طرفة: جافلاتٌ فوق عوج عجل ... ركبت فيها ملاطيس سمرُ ملاطيس جمع ملطاس وهو معول للصخر شبه الحافر به. وقال

رجل من الأنصار: وأقدر مشرف الصهوات ساط ... كميت لا أحق ولا شيئت ويروى: وأقدر من جياد الخيل ناج، قال أبو عبيدة الأقدر من الخيل الذي يجاوز حافراً رجليه موضع حافري يديه والأقدر أفسح الخيل عنقاً والأنثى قدراء، وروى أبو عبيد القاسم بن سلام عن بعضهم، أن الأقدر إذا سار وقعت رجلاه مواقع يديه. قال أبو عبيدة: والأحق الذي يطبّق حافراً رجليه موضع حافري يديه، ورواية أبي عبيد: الأحق الذي لا يعرق، الشئيت الذي يقصر حافراً رجليه عن موضع حافري يديه، والساطي البعيد الخطو، وروى القاسم بن سلام عن بعضهم: أن الشئيت العثور. وأنشد أبو عبيدة لعياض بن كثير الضبي: إذا ما الشئيتُ أمسكَ الربوُ ماءه ... تحدّر لا وإن ولا متفاتر وقال أبو داود: حديدُ الطرفِ والمكبِ والعرقوبِ والقلبِ التحديد في العرقوب محمود وفي جميع ما ذكر، ومن العراقيب المؤنَّف وهو الذي حدت إبرته وهو محمود، ومنها الأدرم وهو الذي

عظمت إبرته وهي طرفه، ومنها أقمع وهو الذي عظم رأس عرقوبيه وذلك القمَع. وقال آخر: لطافُ الفصوصِ نيامُ الشظى ... صحاحُ الأباجلِ لم تُضربِ نيام الشظى يريد أنها غير منتشرة. وقال عوف بن عطية بن الخرع: لها شعبٌ كأياد الغبي ... طِ فضض عنها البناةُ الشجارا شعب قوائم، والغبيط مركب النساء، وأياده جانبه، والبناة الذين بنوه وركبوه، فضض كسر وفرق، والشجار عيدان الهودج، وقوله ولا العرق فاراً، يقول: لم يكن بها داء فتُودج فيفور الدم، وقال عمرو بن معدي كرب: يقولُ له الفوارسُ إذ رأوه ... نرى مَسداً أمِّر على رماحٍ أي يشبه بحبل فتل على رماح وهي قوائمه وشبهه بالحبل في ضمره واندماج خلقه، وقال الأعشى:

الأرساغ وما يحمد من يبسها وغلظها

منه وجاعرةٌ كأن حماتَهالما كشفت الجل عنها أرنب الحماة عضلة الساق ويستحب انقطاعها واجتماعها، وقال عبد الرحمن بن حسان: كأن حماتَيْها أرنبانِ ... تقبّضتا خيفةَ الأجدلِ الأرساغ وما يحمد من يبسها وغلظها قال امرؤ القيس: تبارى الخنوفُ المستقلُ زِماعه ... ترى شخصَه كأنه عودُ مشجبِ الخنوف الذي يرى بيديه في السير فهو أسرع له وأوسع، والزماع جمع زمعة والزمعة تكون لما له ظلف ولكنه أراد المستقل ثنته وهو الشعر المعلق في مآخير قوائمه وأراد أنها لا تمس الأرض ولكنه يستقل بها لأن أرساغه غير لينة، وقال أبو داود: وأرساغٌ كأعناقٍ ... ضباعٍ أربعٍ غلب الغلب الغلاظ الرقاب واحدتها غلباء، وقال الجعدي: كأن تماثيل أرساغه ... رقاب وعول على مشرب

وقال امرؤ القيس: لها ثُننٌ كخوافي العُقا ... بِ سودٌ يفينَ إذا تزبئرَ يريد تنتفش أخبرك أنها غير معِرة والمعَر مكروه وجعلها سوداً لأن البياض كله رقة في الخيل وشبهها بالخوافي في رقتها ويستحب أن تكون الثنن والناصية والسبيب ليناً، قال أبو عمرو: يفين لا يهمز أي يكثرن يقال وفي شعره إذا كثر، وقال غيره: يفئن مهموز أي يرجعن بهذا الازبئرار، وقال في وصف ناقة: تُطايرُ شَذّانُ الحصا بمناسمٍ ... صلابِ العُجى ملثومها غير أمعرا العجاية عصبة في الوظيف وجمعها عُجى، ويقال أن الانتشار منها يكون، والملثوم الذي لثمته الحجارة. وقال طرفة وذكر ناقة: تتقى الأرضُ بملثومٍ مَعر فهذا وصَفها بالمعر وقال لبيد: صاجبٌ صاجبٌ غير طويلِ المحتبلِ أي غير طويل الأرساغ والمحتبل موضع الحبل من رسغه وإنما يحمد قصر الرسغ إذا لم يكن معه انتصاب وإقبال على الحافر فإذا كان منتصباً مقبلاً على الحافر فهو أقفد والقفَد عيب، قال أبو

الحوافر وما توصف به

عبيدة: والقفد لا يكون إلا في الرجل، قال والفحَج: تباعد ما بين الكعبين والصكك اصطكاك الكعبين والبدد بعد ما بين اليدين، والصدف تداني الفخذين وتباعد الحافرين في التواء من الرسغين والتوجيه نحو من ذلك إلا أنه أقل منه، والفدع التواء الرسغ من عرضه الوحشي. الحوافر وما توصف به قال امرؤ القيس: ويخطو على صُمٍ صلابٍ كأنها ... حجارةُ غَيلٍ وارساتٌ بطُحلُبِ الغيل الماء الجاري على وجه الأرض، وارسات داخلات في الطحلب وإذا كان الطحلب على حجارة صلبت، ويقال وارسات أي صفر والحجارة تصفر إذا كان عليها الطحلب ولم يرد أن الحافر أصفر، وإنما أراد أن الحجر مصفر من الطحلب صلب، والنّقد في الحافر عيب وذلك أن تراه مثل المتقشر، وقال الجعدي في مثله: كأن حوامِيَه مدبراً ... خضبنَ وإن كان لم يخضبِ حجارةُ غيلٍ برضراضةٍ ... كُسين طلاءً من الطحلبِ الحوامي جوانب الحوافر، يقول هي سود كأنها خضبت، والرضراضة حجارة ترصف بعضها إلى بعض وإذا أصابها الماء وركبها الطحلب كان أصلب لها وأشد، وقال ساعدة بن جؤية:

وحوافرٌ تقعُ البراح كأنما ... ألف الزماعُ بها سلام صُلّب البراح ما استوى من الأرض، تقع تضرب، ومنه يقال وقعت السكين إذا ضربتها بالمطرقة، والزماع أصله في الظلف في مؤخر الحافر وهي الزوائد كأنها الزيتون، أراد كأن ذلك الموضع حجارة صلب وواحد السلام سلمة، وقال النابغة: بَرى وقع الصوّانُ حدّ نسورِها ... فهنَّ لطافٌ كالصعادِ الذوابلِ الصوان الصلابة في الأرض واليبس، يقال وَقِعت الدابة توقِع وقعاً إذا أصابها وجع في الحافر ولا يكون ذلك إلا من وطئها في الغلظ فالغلظ هو أوقعها، وبرى نسورها والنسور ما ارتفع من باطن الحافر كأنه النوى أو الحصى، وقال علقمة بن عبدة: سُلاّءةٌ كعصا النهدي غل لها ... منظمٌ من نوى قُرّان معجومِ ويروى: ذو فيئة من نوى قرّان، سلاءة يقول هذه الفرس دقيقة المقدم كسلاءة النخل غليظة المؤخر، ومثله قول امرئ القيس: إذا أقبلت قلت دُبّاءة شبهها بقرعة في دقة مقدمها وغلظ مؤخرها ويستحب ذلك في الإناث من الخيل، وعصا النهدي أراد النبع والنبع نبت ببلاد نهد، وقيل أيضاً: شبهها بالسلاءة في صلابتها وضمرها، وقال آخر نهد

ينزلون الجبل فشجرهم أصلب من شجر غيرهم، غل لها أدخل لها، ذو فيئة أي ذو رجوع، وذلك أن الإبل تطعم النوى فإذا هي بعرت غسلوا البعر فإذا أصابوا نوى صحاحاً أطعمته الإبل ثانية وهو أصلب النوى أراد بذلك أن نسورها كنوى القسب من صلابته، معجوم يعني النوى أنه مما أكل ولم يطبخ وإذا طبخ كان أضعف له والمأكول أصلب، وقال أبو داود: ترى بين حواميْه ... نسوراً كنوى القسبِ وقال آخر: مُفِّج الحَوامي عن نسورٍ كأنها ... نوى القسبِ تَرت عن جريمٍ مُلجلَجِ مفج واسع يقال أفج أي اتسع، والجريم النوى، ترت ندرت شبهها بنوى ندر عن المرضحة ويقال الجريم هاهنا التمر المصروم والجرام الصرام، والملجلج تمر لجلج في الفم، وقال أبو النجم: سُمُرُ الحوامى وأبةُ الآثارِ ... كالأقعُبِ البيضِ من النُضارِ ركِبنَ في كاسيةٍ عوارى ... يهمشنَ جوزَ القَلّعِ الصّرارِ الحافر يوصف بالسمرة والخضرة والورقة وإذا كان كذلك كان أصلب له، وأبة الآثار أي مقعبة الآثار

فهو أحمد لها، وقوله: من النضار، وإنما أراد صفاء الحوافر ولم يرد البياض، والصفاء فيها أحمد من أن تكون كمدة متقشرة، كاسية قوائم كسيت بالجلد والعصب وهي عوار من اللحم، والقلع الصخر الأسود يصرّ لصلابته إذا وطئته الحوافر ولا يتكسر، يقول فحوافر هذه تكسره، وقال عوف بن عطية بن الخرع: لها حافرٌ مثلُ قعبِ الوليدِ ... يتخذُ الفأرَ فيه مَغارا يتخذ الفأر مغارا في الحافر، شبهه في تقعيبه بالقعب يريد لو كان الفأر يتخذ فيه مغاراً لكان له فيه مغار، ومثله جاءنا بجفنة يقعد فيها ثلاثة أي لو قعد فيها ثلاثة لوسعتهم، ويقال بل أراد يتخذ الفأر مغاراً في القعب لأن القعب للوليد لا يزال يكون فيه الشيء من الطعام يعلل به الوليد فالفأر يدخله. وقال آخر - وهو أبو النجم: بكلِ وأبٍ للحصى رَضّاحٍ ... ليس بمصطرٍ ولا فرشاحِ ضافي الحوامي مكرَب وَقاح أي مقعب، مصطر ضيق، فرشاح منبسط، مكرب شديد. وقال طرفة: تتقى الأرضُ بُرح وُقُح ... ورُق تقعر أنباكَ الأكم

الرح جمع أرح وهو الحافر الكثير الأخذ من الأرض الواسع وهو ضد المصطر والوقُح الصلاب، ورق في لونها. وقال أبو داود: سلطاتِ رُكّبنَ في عجِراتٍ ... مكرِباتٍ لم يخفها التقليمُ ونسورٌ كأنهن أواقٌ ... من حديدٍ يشقى بهن الرضيمُ سلطات طوال، أراد القوائم، عجرات حوافر غليظة فهو من المعجور الذي فيه كالعقد، والأواقي مكاييل الزيت، والرضيم الحجارة المرضومة. وقال دكين: يُبثنَ نبثاً كالجراء الأطفالِ ... بسلطاتٍ كمساحى العُمّالِ أي يقلعن من الطين بحوافرهن مثل الجراء من شدة عدوهن، سلطات حوافر طوال. وقال سلمة بن الخرشب: ومختاضٌ تبيضُ الرُبدُ فيه ... تُحومي نبته فهو العميمُ غدوتُ به تدافعني سبوحٌ ... فَراشُ نسورِها عجمٌ جريمُ مختاض بلد يخاض خوضاً كأنه بحر أو ليل من كثرة نبته وخضرته، والفراش كل عظم رقيق، وكل رقيق من حديدة أو عظم يتقشر فهو فراشة، أراد أن ما يتقشر من نسورها مثل العجم وهو النوى، جريم مصروم، وجعله مصروماً لأنه قد بلغ واشتد نواه.

تم الخلق

تم الخلق أنشدني السجستاني لأبي ميمون النضر بن سلمة العجلي هذا الشعر وقال قرأته على أبي عبيدة والأصمعي: قُدنا إلى الشأم جِيادَ المصريْنِ ... آلُ الحرونِ قد سُحقنَ العصرينِ قال أبو عبيدة: آل الحرون أولاد الحرون وهو فرس كان لمسلم بن عمرو بن أسيد الباهلي، والذائد من نسل الحرون. شهراً فشهراً فاغتفرنَ الشهريْنِ ... فهنَ قُبٌ مالئاتٌ للعينِ اغتفرن أي احتملن ذاك لأنها تطعم قوتاً على قدر فاحتملت ذاك. مثل قِداحِ النبعِ مما يُبرينَ ... أنضجهن الطبخُ طبخ الصِرعينِ الصرعان غدوة وعشية وهما العصران والبردان، والطبخ هو الحِناذ وهو التسخين للخيل بعد التقريب حتى يذهب الشحم ويبقى اللحم، وتستوكع على الجري ويفعل ذلك بها في البردين. والركضُ بعد الركضِ حتى يُمهينَ ... والقودُ بعد القَودِ قد تمكَّينَ يمهين يستخرج عرقهن كما تمهى الركية يستخرج ماؤها، أمهت وأمهيت الحديدة سقيتها الماء وماهت هي، تمكين ابتللن وخمص فضولهن.

مستقبلاتُ الريحِ حينَ يُلقّينَ ... للأرضِ يعركنَ بها ما يأذَينَ أذيت به بعلت به، يعركن بالأرض يريد التمريغ. عَرك ذوي العُرّةِ جربي يطلينَ ... حتى تبعثنَ وقد تثرّينَ أي لصق بهن ثرى الأرض. ثم انتفضْنَ مرةً أو اثنتين ... نفضَ عتاقِ الطيرِ حين يُندينَ ثم توذَّفنَ كأن لن يُجرينَ ... وجُلنَ في الأرسانِ حتى يخلّينَ أصل التوذف التبختر، يخلين تعلق عليهن المخالي. كل طويلِ الساقِ حُر الخدينِ ... مقسمُ الوجهِ هريت الشِدقينِ مقسم الوجه حسن الوجه، رجل قسيم ووسيم. مؤلّلُ الأذنينِ صافي العينينِ ... ذي حاجبينِ أشرفا كالصفَّينِ مؤلل محدد، والحاجب يستحب منه الخشوع كما قال ابن مقبل: وحاجب خاشع وماضغ الهز ومدح هذا بإشرافه: ومنخرينِ رحبا كالكيرينِ ... صلت الجبينِ رحب شجرِ اللَّحيينِ الكير زق الحداد، والشجر ما بين لحييه من اللحم من ظاهر وباطن.

في فهقةٍ غامضةِ المقذينِ ... وعنقٍ كالجذعِ حرِ الليتينِ الفهقة الفقرة التي هي مركب الرأس في العنق، والليتان صفحتا العنق. ضافي السبيب مدبرِ العلباويْنِ ... في منكبيْنِ رهليْنِ ضخميْنِ ضافي سابغ، والسبيب شعر ناصيته وذنبه، والعلباء يدبر فتلين العنق وهما عصبتان في العنق وقد فسر ذلك، والرهل في المنكب والزور يستحب وإنما يكون ذلك لسعة الجلد. ذي حافرٍ كقعبِ بين القعبينِ ... مستقدمِ السنبكِ وافي العرضينِ النسور في باطن الحافر مثل النوى واللوز، والأشعر ما أحاط بالحافر من الشعر، والبريم المخلوط، يريد في الأشعر بياضاً، وكل شيئين خلطا فهما بريم. وثننٌ تحمى حواميها الشينُ ... مثل الخوافئهَن للأرضِ الزينِ الثنة الشعر المعلق في مؤخر كل قائمة من قوائمه، وشبهها بالخوافي لطولها، وطولها يستحب ويكره المعر وهو شينها، وحواميها جوانبها.

وحوشبٌ لا يتشكّاه القيْنِ ... هادي العروقِ سالمُ الشظاتيْنِ الحوشب موصل الوظيف في الرسغ والقينان حرفاً وظيفي اليدين، يقول هو شديد الحوشب وثيقه فليس يتشكى الوظيف، وقوله: هادي العروق أي هي غير منتشرة كما قال الآخر: نيام الأباجل لم تضرب والشظاة عظم لاصق بالركبة فإذا شخصت شظى الفرش: في عصباتِ مصحٍّ لا يُخشيْنَ ... عارى الوظيفِ أحدب الذراعيْنِ يقول عصباته قد خفيت لأنها غير منتشرة فلا يخشى عليها الانتشار، والعرى في الوظيف محمود، واعوجاج الذراعين أيضاً محمود وأنشد - للعماني: ترى له عظم وظيف أحدبا مستقدمُ البركة ضخمُ العضدينِ ... مشترفُ الكتْفِ طُوالُ القرنيْنِ نهدُ الغرابِ ناهدُ المعدّيْنِ ... معقربٌ منبترُ الحماتيْنِ البركة الصدر، والغرابان ملتقى أعالي الوركين، والقطاة بينهما على العجز والمعدّان موضع السرج من جنبي الفرس، ويستحب أن ترتفع القطاة وإذا ارتفعت اشتد الغرابان، والحماة عضلة الساق ويستحب انتبارها وقد فسر ذلك: قليلُ لحمِ الشدقِ ضخمُ الفخذينِ ... أشق قاسى الظهرِ عاري الكعبينِ

غوجٌ جهيزُ الشدِ حين يُبلينَ ... ترى الغلامَ بعد ركضِ الميلينِ يقال هو يتغوج في مشيته إذا تثنى في شقيه، والشد العدو، ويبلين يختبرن، جهيز سريع. وبعد تقريبٍ أفاضَ العطفينِ ... في ربذٍ منه يوارى الساقينِ أفاض عطفيه ماء أي عرقاً. مستمسكاً منه بلهبِ العُرشَينِ ... ترمي به الرجل فروع الكتفينِ الهلب الشعر، والعرشان منبت العرف، يقول قد استمسك بالعرف خوفاً من أن يسقط: يقول قد حنَتْ وما منه الحين ... ثم ثنى يجذِبه بالكفيْنِ بالسبقِ فوق السبقِ بين الجمعيْنِ ... ثم مشى فاهتزّ بين الحزبينِ يريد أنه سبق سبقاً بيناً كأنه تجاوز السبق فهناك حبسه الغلام بكفيه. مثلَ اهتزازِ الرمحِ بين النصليْنِ ... فمثل هذا نعم كحلِ العينيْنِ بين النصلين بين السنان والزج. ونعم حشو السرجِ بين الخيليْنِ ... ونعم تالى الحمرِ حين يتليْنِ فالخيلُ منى أهلٌ ما أن يدنينِ ... وأن يقرّبنِ وأن يقصيْنِ وأن يبأ بأن أن يفدين ... وأن يكون المحضُ مما يسقينِ وأهل إن أغلين أن يغالين ... بالطُرف والتلد وأن لا يُجفينِ

وأهل ما صحبننا أن يقفين ... وأهل ما أعقبننا أن يجزيْنِ قوله أعقبننا يريد أهل أن يجزين بما أعقببنا من إحساننا إليهن كما قال الآخر: فأعقب خيراً كل أهوج مهرج ألسن عزُ الناس فيما أبليْنَ ... والحسبُ الزاكي إذا ما يثنينِ والأجر والزين إذا رمت الزينُ ... وأي يوم حظوة لم يحظينِ وأي يوم غارةً لم يدميْن ... وكم كريمٌ جدّهُ قد أغلينِ وكم طريدٌ خائفٌ قد أنجين ... ومن فقيرٍ عائلٍ قد أغنينِ وكم برأس في لبان أجرين ... وجسد للعافيات أعرينِ يقول مثل رؤوس الجوارح تجعل في أعناقها وتجرئ والعافيات الطير والسباع تعفو أجساد القتلى تأتيها. وأهل حصنٍ ذي امتناعٍ أدَّينِ ... وكم لها في الغنم من ذي سهميْنِ يكون فيما اقتسموا كالرّجلينِ ... وكم وكم أنكحن من ذي طِمريْنِ المنكحاتُ البيض مما يسبين ... بغير مهرٍ عاجلٍ ولا دينِ كل معروف البلا أبلينَ ... فالخيلُ مخٌ في سُلامَى أو عينِ ما بلّل الصوفةَ ماءُ البحريْنِ ما أنقين ما كان لهن مخ وهو النقى، ويقال أن المخ يبقى في السلامى والعين بعد أن يذهب من جميع العظام، وأنشدني أيضاً لأبي

صدقة العجلي في هذا الوزن عن أبي عبيدة: أعددتُ سامي الطرفَ حدر العينيْنِ ... في محجرينٍ سُهّلا كاللصّيْنِ يقال عين حدرة وحادرة وهي الضخمة الصافية. عارٍ من اللحمِ صبيا اللحييْنِ ... مؤلل الأذنِ أسيل الخديْنِ الصبيان مجتمع اللحيين من مقدمهما، وقلة اللحم هناك محمود. في هامةٍ بهيةٍ وصدغيْنِ ... تم له هاد طويل العَرشيْنِ منتصبُ العلباءِ تحت الخُشّيْنِ ... منفرجُ المنخرِ رحبُ الشدقيْنِ الخشاء والخششاء عظم ناتئ خلف الأذن وهما اثنان، وكان ينبغي أن يقول الخشاوين. مستنتِلُ المنكبِ رَسل العضديْنِ ... طالتْ ذراعاهُ تمام الحبليْنِ مستنتل متقدم. ذا عصبٍ تم على الوظيفيْنِ ... وثنَّتيْنِ وحافريْنِ أدمجا كالقُعبينِ ... وأبين قد لُمّا كلّم الفهريْنِ وحوشبين فيهما سليمين ... تحرَّزا في سنبكٍ ونسرينِ وبركةٌمثل مقيلِ الفهدينِ ... لط بها زور نبيلُ العرضيْنِ منتفجُ الجوفِ رحيبُ الجنبينِ ... إلى قطاةِ زانت الغرابينِ وذنب أضمر كالعسيبينِ ... نازي الحماتيْنِ عريضُ الفخذيْنِ محددُ العرقوبِ أظمى الكعبينِ ... إذا تعالى طَلقاً أو اثنينِ خلتُ بعطفيْهِ له جناحينِ ... ولثق الشرسوف بعد العطفيْنِ وانحدرَ الماءُ كفيضِ الغربيْنِ ... وصارَ للناظرِ لونيْنِ اثنيْنِ

يهتز في المشيةِ بين القُتريْنِ ... حتى إذا حانَ رِهانُ المصريْنِ وقد صُنعن قبل ذاك شهريْنِ ... حتى تملّينَ وقد تعزيْنِ تملين قال أبو عبيدة أطلن المكث في ذلك المضمار وتمتعن به ومنه يقال تمليت حبيبك وشبابك، وتعزين تشددن وقوله عزيته إنما هو شددته وعززته. قُوّدنَ بالليلِ ولم يعنّين ... حتى تخففنَ وقد تطوينِ أخذْنَ بالتقريبِ حتى يندينَ ... طوراً يقربنَ وطوراً يجريْنِ وبالجناذِ بعد ذاك يعلين ... حتى إذا رفَّه عنها أفضيْنِ يعركن بالأرضِ إذا ما يُلقينَ ... عرك هناء الجربِ حين يطليْنِ حتى إذا بعثتُها تمطّينَ ... ثم انتفضْنَ مرةً أو اثنتيْنِ حتى تشقّقْنَ ولما يُشقيْنَ ... شبه قداحِ النبعِ حين يُبريْنِ أبو عبيدة تشققن ضمرن وهو من الأشق والأشق الضامر، وقال الأصمعي الأشق الطويل، ولما يشقين أي لم يفعل ذلك بهن للشقاء، والحِناذ أن يعتصر ماؤها، وفي أخرى: فهي إذا رفقتُها تمطيْنَ ... يخلطنَ من جهلٍ وحلمٍ خلطيْنِ وأنشد الدكين: أعددتُ للرَّوعِ ويومَ التَشلالِ ... مطهَّمُ الصورةِ مثل التمثالِ

التشلال الطرد والمطهم التام الخلق. قاظَ بقيدٍ مقفلٍ وتطوالِ ... في تولجٍ ممردٍ وتظلالِ مفرجُ الرُفغِ مِرَّخى الأذيالِ ... فهو مُمر كقناةِ المنوالِ حتى إذا كان غداةُ الإرسالِ ... وأشرف الديرُ له والطربالِ وصاح من مبرذِن وبغّالِ ... وجعلَ السوط شمال الشّمالِ بشرٌ منه بصهيلٍ صلصالِ ... بين خفاقي مأزقٍ ذي أهوالِ جاء يفدّي بالأبين والخالِ ... ينجّيه من مثلِ حمامِ الأغلالِ وقع يد عجلى ورجل شملالِ ... ظمأى النِسا من تحتِ ريّا من عالِ ينبثنَ نبثاً كالجراءِ الأطفالِ ... بسلطاتٍ كمساحى العمالِ خضرُ النواحي ريّثاتُ الأنصالِ ... كأنما غلامُنا في تَلتالِ يرمي به المنسجُ جالاً عن جالِ ... تطاوحِ الأرجاء مدلاة الدالِ على ضروعٍ كقرونِ الأوعالِ ... يخرجنَ من قرطفٍ جونٍ منجالِ وقال لا أملكهُ على حالِ ... بهبةٍ مني ولا بيع غالِ قد فسرنا ما يحتاج إلى التفسير منها فيما تقدم. وأنشد ابن الأعرابي:

يا رُب مُهرٍ مزعوقٍ ... مقيّلٍ أو مغبوقٍ من لبن الدهمِ الرُوقِ ... حتى شتا كالذعلوقِ أسرعُ من طرفِ الموقِ ... وذي جناحٍ أو فوقِ وكل شيءٍ مخلوقِ الذعاليق بقل شبيه بالكراث يلتوى طيب يؤكل، وقال آخر: ورَبربٌ حمّاضُ ... يطعنَ بالصياصي ينظرنَ من خصاصٍ ... بأعينٍ شَواصِ كفلقِ الرصاصِ ... يأكلنَ من قُرَّاصِ أو 5 حمصيص واصِ تمت معاني الخيل والحمد لله تعالى وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.

الجزء الثاني

الجزء الثاني كتاب السباع فيه الأبيات في صفة الذئب والأرنب والضبع والكلاب والأسد والغراب، والتطير من الغربان وسائر ما يتطير منه، والعقاب والنسر والصقر والرخم والحبارى والمُكاء والحمام وغيرها من الطير والقطا، والأبيات في النعام من كتاب المعاني لابن قتيبة. بسم الله الرحمن الرحيم وبه معونتي وعليه توكلي أبيات المعاني في وصف الذئب أنشدني أبو حاتم السجستاني عن أبي زيد: عَوى ثم قَوقا بعد ما لعبتْ به ... حوامِيْنَ أمثالُ الذئابِ السوافدِ قال السجستاني سألت عنه الأصمعي فقال: السافد أضم ما يكون وأذهبه سخنة وأشده غبرة فأراد أنها حوامين غبر، وحَوامين جمع حومانة وهي القطعة من الأرض فيها غلظ وانقياد، وقال ابن مقبل وذكر بقرة: حتى احتوى بكرُها بالجزعِ مطردٍ ... هملعٍ كهلالِ الشهرِ هذلولُ لم يبقَ من زغبٍ طارَ الشتاءُ به ... على قرى ظَهرهِ إلا شماليلُ

يعني ذئباً أكل ولدها، والهملع الخفيف، كهلال الشهر في دقته وضمره، شماليل بقايا متفرقة يقال للنخلة إذا أكلت فلم يبق فيها إلا أشياء يسيرة متفرقة في الأعذاق ما يقي الأشماليل، وقال كعب بن زهير وذكر ذئباً: إذا ما عوى مستقبِل الريح جاوبتْ ... مسامعُه فاه على الزاد مُعوِلُ الأصمعي يقول: إذا عوى مستقبل الريح ردت الريح الصوت فسمع لذلك طنيناً، ويقال: أراد أنه إذا عوى صوتت مسامعه من فمه لأنه ليس بينهما حاجز وذلك إذا جاع، معول باك إذا لم يجد الزاد، ويروى: مرمل، أي هو مرمل من الزاد. كسوبٌ لدنٌ أن شبّ من كسبٍ واحدٍ ... محالِفه الأقتارُ ما يتمولُ رواه الأصمعي: كسوب له المعدوم من كسب غيره، يقول ما يعدم غيره أصابه، وقال أعرابي في رجل: هو آكلكم للمأدوم وأعطاكم للمحروم وأكسبكم للمعدوم: ومن قال كسوب لدن أن شب من كسب واحد فإنه يريد أن الذئب يكسب قد ما يكسب واحد. كأنّ دخانَ الرمثِ خالطَ لونَه ... يُغَلُّ به من باطنٍ ويجللُ بصيرُ بأدغالِ الضراءِ إذا غدا ... يعيلُ ويخفي بالجهادِ ويمثلُ يعيل يميل في مشيته يتبختر، ويمثل يظهر منتصباً، ويقال يعيل في

البلاد مثل قولك يعير. تراه سميناً ما شتا وكأنه ... حمّى إذا ما صافَ أو هو أهزلُ قال: كل السباع يسمن في الشتاء حتى السنانير في البيوت، حمى مُحْتم، قال الأصمعي: وصفه بالسمن في الشتاء لأنه يأكل من الأسلاء فإذا جاء الصيف جهد. كأن نساه شرعةٌ وكأنه ... إذا ما تمطّى وجهةَ الريحِ محملُ محمل حمالة السيف، شبه الذئب به أي هو ممتد خميص، وشرعة وتر، يريد أنه معرّق القوائم ليس برهل فنساه مثل الوتر والذئب يوصف بشنج النسا. وقال وذكر ناقة: تجاوبُ أصداءِ وحيناً يروعها ... تصوّر كسّابٌ على الركب عائلُ يعني ذئباً، عائل محتاج، أي تضوره على الركب. وقال الراجز يذكر ذئباً: يستخبرُ الريحَ إذا لم يسمع ... بمثل مقراعِ الصفا الموقّع أي يستروح إذا لم يسمع صوتاً بخرطوم مثل مقراع الصفا وهو الفأس التي يكسر بها الصخر، وجعل تشممه استخباراً. وقال طفيل وذكر فرساً شبهه بالذئب: كسيدِ الغضا الغادي أضلَّ جراءه ... على شرفٍ مستقبلِ الريحَ يلحبُ

سيد الغضا أخبث الذئاب يقال ذئب خِمر والذئب يستقبل الريح ليشم أرواح جرائه أو غير ذلك وقال الجعدي وذكر جؤذراً: رأى حيث أمسى أطلسَ اللونِ شاحباً ... شحيحاً تسميه الشياطينُ نهسرا فباتَ يذكّيه بغيرِ حديدةٍ ... أخو قنصٍ يمسى ويصبحُ مفْطرا إذا ما رأى منه كراعاً تحركتْ ... أصابَ مكان القلبِ منه وفرفرا نهسر خفيف، يقول إذا تحركت قائمة من قوائمه غمز بطنه وعضه فلا يزال يفعل ذلك حتى تسكن حركته ويموت وهكذا تفعل السباع، وقال ابن مقبل وذكر ذئب: كأنما بين أذنيْه وزبرته ... من صبغهِ في دماءِ الناسِ منديلُ الزبرة موضع المنسِج، من صبغه أي مما يأكل ويكرع في الدماء. وقال آخر: إني رأيتكِ كالورقا يوحشُها ... قربُ الأليفِ وتغشاه إذا نحرا

يعني ذئبة تنفر من الذئب وهو صحيح فإذا رأت به دماً غشيته لتأكله وهذا طبع الذئب، ومثله - لرؤبة: فلا تكوني يا بنةَ الأشمِّ ... وَرقاءَ دَمّى ذئبها المدمِّي وقال آخر - وهو الفرزدق: وكنتُ كذئبِ السوءِ لما رأى دماً ... بصاحبه يوماً أحالَ على الدمِ أي أقبل عليه يقال أحال عليه بالسوط، وقال مغلِّس بن لقيط: إذا هنَّ لم يلحسنَ من ذي قرابةٍ ... دماً هُلِستْ أجسامُها ولحومُها وقال أبو كبير يرثي رجلاً: ولقد وردتُ الماءَ لم يشربْ به ... بين الربيعِ إلى شهورِ الصَّيفِ الأعواسرُ كالمراطِ معيدةٌ ... بالليلِ مورد أيّم متغضفِ عواسر ذئاب ترفع أذنابها. وأنشدنيه الرياشي: الأعواسل، عن الأصمعي أي ذئاب تعسل تمر مراً خفيفاً، والمراط القداح المتمرطة الريش، معيدة معاودة لذلك

مرة بعد مرة يقال أبدأ وأعاد في الأمر، والأيم الحية والأصل بالتشديد إلا أن الناس خففوا فقالوا أيم كما قالوا ميت وهين ولين، ويقال له أين أيضاً، متغضف متثن متطوّ. ينسلنَ في طرقٍ سباسبٍ حوله ... كقداحِ نبلِ محبِّر لم تُرصَفِ يقال نسل الذئب وعسل سواء، والسباسب الأرض المستوية البعيدة والواحد سبسب، وأراد حوله ذئاب كقداح، والمحبر المحسن للشيء المزين له، لم ترصف من الرصاف وهو العقَب الذي فوق الرُّعظ، والرعظ مدخل سنخ النصل في القدح. تعوي الذئابُ من المخافةِ حوله ... إهلالَ ركبِ اليامنِ المتطوفِ اليامن الذي يجيء من اليمين. زقَبٌ يظلُ الذئبُ يتبعُ ظلَّه ... من ضيقِ موردِه استنان الأخلفِ الزقب الضيق، أي يمر الذئب مائلاً على شقه من ضيقه، والأخلف الذي يمشي على أحد شقيه كأن به عَسراً، والاستنان العدو. وقال رؤبة: يشقى بي الغَيرانُ حتى أحسبا ... سيداً مغيراً أو لِياحاً مَغرَبا يقول أتقى على الحرم كما يتقي الذئب على الغنم، واللياح الثور

الوحشي الأبيض، وكانوا يتطيرون من المغرب ويتشاءمون به، أي فكأني ذلك لكراهتهم للنظر إليّ. وقال ابن كراع يذكر ناقة: كأن خيالَ الذئبِ دفوفها ... إذا ما غدتْ فُتلا مَرافقُها دُفقا يقول هي خفيفة كأن ظلالها ظلال الذئب من خفتها، ويروى: كأن خروف الذئب، يريد كأن ولد الذئب ينيّب في جنبها فتعدو، والفتل أن يفتل المرفق عن الإبط فلا يحزه ولا ينكُته، دفقاً متدفقة بالعدو. وقال مغلِّس بن لقيط: فما لكم طُلساً إلى كأنكم ... ذئابُ الغضا والذئبُ بالليلِ أطلسُ أي سواده يشبه سواد الليل فهو في الليل أخفى يريد أنه يختطف الشاة وهم لا يعملون، وقال آخر يصف ذئب: أطلسٌ يخفي شخصَه غبارُه ... في شدقهِ شفرتهُ ونارهُ وقال ابن أحمر وذكر بقرة وولدها: طلت تُماحِلُ عنه عسعساً لحِماً ... يغشى الضراءَ خفياً دونه النظرُ تماحل عن ولدها أي تخادع وتماكر، والعسعس يغشى الضراء أن يستتر فيما يواريه ليختل، خفياً دونه النظر، يقول لا يتبينه الناظر لطلسته ولأنه على لون الأرض في الغبرة.

تربَّى له وهو مسرورٌ بغفلتِها ... طوراً وطوراً تسنّاه فتعتكرُ تربى لولدها أي تشرف له، والذئب مسرور بغفلتها عنه إذا غفلت، طوراً تسناه أي تغشاه فتركبه وتعتكر ترجع إليه، وقال خداش بن زهير يصف رجلاً: يخالسُ الخيلَ وهس محضرةٌ ... كأنما ساعداه ساعدا ذئبِ شبه سرعة اختلاسه للطعن بسرعة يدي الذئب، وقال: فلما دنوْنا للقبابِ وأهلِها ... أتيحَ لنا ذئبٌ مع الليل فاجرُ ويروى غادر وكافر، يعني رجلاً شبهه بالذئب، وقال الراعي: كهداهدٍ كسرَ الرماةُ جناحَه ... يدعو بقارعةِ الطرقِ هَديلا يقول أنا كحمامة يهدهد في صوته وقد كسر جناحه يدعو بأعلى الطريق وهو لا يستطيع البراح. وقعَ الربيعُ وقد تقاربَ خطوه ... ورأى بعقوته أزل نسولا يعني ذئباً قد طمع فيه لضعفه وسوء حاله.

متوضّحُ الأقرابِ فيه شبهةٌ ... نهشُ اليدينِ تخاله مشكولا نهش اليدين يريد أنه خفيف في العدو، وتخاله مشكولا من بغيه في مشيته. كدخانٍ مرتجلٍ بأعلى تلعةٍ ... غرثان ضرّم عرفجاً مبلولا يقول لونه كدخان رجل يطبخ في مرجل بالعرفج الندي، ويقال مرتجل رجل صاد رِجْلاً من جراد فهو يشويه، وقال أبو النجم يذكر جنيناً ألقته الناقة: يشقُ عنه كفناً لم يُخلق ... عاري الشَوى مثل الدخانِ الأورقِ كفناً يعني السلا، عاري الشوى ذئب لا لحم على قوائمه، مثل الدخان الأورق في لونه، وقال الطرماح يصف ذئباً: عملس دلجات كأنّ مسافَه ... قرا حنظُب أخلى له الجوُّ مُقَمحِ العملس الذئب، ومسافه خطمه لأنه يسوف به أي يشم، قرا ظهر، والحنظب الجعل شبه خطمه لسواد فيه بظهر جعل، أخلى له كثر خلاه، مقمح رافع رأسه. كلونِ الغرّى الفردِ أجسد رأسَه ... عتائرٌ مظلومُ الهديّ المذبحِ الغرى الصنم، أجسد رأسه يقول يبس الدم على رأسه من كثرته، والعتائر الذبائح في رجب واحدتها عتيرة، مظلوم يذبح لغير علة، والهدي ما يهدي للصنم، ومثل هذا قوله يصف الذئب:

كغريّ أجسدت رأسه ... فُرُع بين رياسٍ وَحامِ الفرع الذبائح واحدتها فرعة، وكان الرجل إذا تمت له مائة شاة ذبح على النصب منها شاة ويسمون تلك الفرعة، والرياس يقال أنه ذبح الأم التي تلد للصنم، والحامي كان الفحل إذا نتج له عشر إناث متتابعات ليس منهن ذكر قيل حمى ظهره فلم يركب ولم يجز وبره وخلى في الإبل يضرب فيها، ويروى بين رَءوس وهي الناقة تشق أذنها ليكون لبنها للرجال دون النساء ويكون الأضياف، ويقال الفرع أول ما تلده الناقة وكان يذبح لآلهتهم، وقال يصف الذئب: إذا امتل يهوى قلتُ ظل طهاءة ... درى الريح في أعقابِ يومٍ مصرح امتل عدا، والطهاءة والطخاءة السحابة تراها في ناحية السماء، شبه الذئب بظلها، وأعقاب يوم أي آخر يوم، مصرح فقد ذهب سحابة وأضاءت شمسه. وإن هو أقعى خلتُه من أمامهِ ... على حاله ما لم يُرم جذم مصطحِ جذم أصل، والمصطح صفا عريض واسع يحوط حوله حائط لماء المطر والمصطح أيضاً عود من عيدان الخباء. بمنتاطٍ ما بين النياطينِ موره ... من الأرضِ يعلو صحصحاً بعد صحصح منتاط معلق، موره متردده، يقول طرفه متصل بأرض أخرى. وقال جرير:

وسودا من نبهانٍ تثنى نطاقُها ... بأخجى قعورٍ أو جواعرِ ذيبِ أخجى كثير الماء يعني فرجها، أو جواعر ذئب يصفها بالرسح والذئب أرسح ولذلك يقال له أزلّ، والجاعرة موضع الرقمة من مؤخر الحمار. وقال الأخطل وذكر ناقة: يشقُ سماحيقُ السلا عن جنينها ... أخو قرةٍ بادي السغابةِ أطحل سماحيق السلى الغِرس، أخو قفرة الذئب، والسغابة الجوع والأطحل كدر إلى السواد. وقال الراجز: في بلدةٍ لا يستطيعُ سِيدها ... حسرى الأراكيبِ ولا يهيدها يقول الذئب في هذه البلدة لا يمس الحسرى ولا يقربها لأن الماء بعيد منها فهو يخاف إن أكل أن يعطش. وقال ابن ميادة في مثله: ودويةٌ قفرٌ يكادُ يهابها ... من القوم مصلاتِ الرحيلِ دليلِ يَعافُ بها المعبوطَ بُعد مائهاوإن جاعَ مقرام السباع نسولِ المصلات الماضي، والمعبوط اللحم الذي ينحر بعيره وهو صحيح من غير داء، والمقرام القرم إلى اللحم. وقال ذو الرمة وذكر ماء: به الذئبُ محزوناً كأن عواءه ... عواءُ فصيلِ آخرِ الليلِ مُحثَلِ

محزون لأنه لا يجد به ما يأكل، والمحثل الذي أسئ غذاؤه وجعل عواءه في آخر الليل لأنه لم يسق في أول الليل من اللبن فهو أجوع ما يكون في آخر الليل فشبه صوت الذئب بصوت هذا الفصيل في ضعفه: أفلّ وأقوى فهو طاو كأنما ... يجاوبُ أعلى صوتهِ صوتَ معولِ أفل وقع في أرض فِل وهي التي لم تمطر ولا نبات فيها، وأقوى صار في القواء وهو الخلاء، يقول إذا صاح أجابه الصدى. وقال يذكر صائداً: كأنما أطمارُه إذا عدا ... جُلّلنَ سرحان فلاة مِعمدا ممعد قال الأصمعي إما أن يكون يجذب العدو أو يجذب شيئاً سرقه يقال امتعده إذا اختلسه. وقال الأخطل يذكر عدواً: ولو أواجههُ مني بقارعةٍ ... ما كان كالذئبِ مغبوطاً بما أكلا يقول لو أصبته بقارعة لم يسلم كما يسلم الذئب، بذي بطنه أي بما في بطنه. ويقال في مثل: الذئب يغبط بذي بطنه، لأنه وإن كان جائعاً ضريراً فليس يظن به إلا البطنة لعدوه على الناس والماشية. وهو مثل قول آخر: ومن يسكنُ البحرين يعظُم طحالُه ... ويغبُط بها في بطنهِ وهو جائعُ وقال يصف ناقة:

على أنها تُهدي المطي إذا عوى ... من الليلِ ممشوقُ الذراعينِ هبهبُ هبهب سريع خفيف يعني ذئباً. وقال الشماخ: بها السِرحان مفترِشاً يديه ... كأن بياضَ لبَّته صديعُ الصديع يقال أنه الفجر ويقال أنه ثوب يصدع وسطه وتجتابه المرأة ولا يجيّب فإذا جيّب فهو بقير وربما لبسه الدارع تحت الدرع، قال عمرو بن معدي كرب: إذا أبطنت دا البدن الصديعا أراد هذا الثوب تحت الدرع. شبه البياض الذي في نحر الذئب تحت غُبسة سائر لونه بهذا الثوب تحت الدرع، قال ابن غَلفاء: سوى آثارِ عرجلةٍ حُفاةٍ ... خفافُ الوطءِ ليس لهم نعالُ قليلُ فضلٍ كاسبّهم عليهم ... سوى ما نال في دهشٍ ونالوا أخبرني عبد الرحمن عن عمه الأصمعي قال: هذه ذئاب، يقول: رئيسهم قليل الكسب عليهم إلا أن يختلس شيئاً ويختلسوه، وقال غيره هؤلاء رجّالة لصوص. وقال آخر - وهو دكين -: فصبحته سِلَق تَبربَس ... تهتكُ خلَ الخلقِ الملسلَسِ

سلق جمع سلقة وهي الذئبة، ويقال إذا مر مراً خفيفاً مر يتبربس، والخل الطريق في الرمل، والحلق حلق من الرمل تعقد أي دارات فهي تخلله، وأراد بالملسلس المسلسل فقلب، وقال الشماخ يذكر ماء ورده: ذُعِرتْ به القَطا ونُفيتْ عنه ... مقامَ الذئبِ كالرجلِ اللعينِ مقام الذئب يريد الذئب نفسه أي نفيت الذئب عن مقامه واللعين المطرود وهو الخليع لكثرة جناياته، أبو عبيدة قال إنما يريد مقام الذئب اللعين كالرجل. وقال آخر: ظَللْنا معاً جاريْنِ نحترسُ الثأى ... يسائرُنا من نطفةٍ ونسائرُه وصف ذئباً، نحترس الثأى أي الفساد منا ومنه، يسائرنا من السؤر أي يبقى لنا ونبقى له يرد هو الماء ونرده نحن تارة، والنطفة من الماء يكون الكثير منه والقليل، وقال آخر: وزيدٌ إذا ما سيمَ خسفاً رأيتُه ... كسيدِ الغَضا أربى لك المتظالع أربى لك أشرف لك، والغضا خمر وسيده أخبث الذئاب، والمتظالع الذي يظلع من البغي، وقال حميد بن ثور في ذكر الذئب وذكر المرأة:

تلومُ ولو كان ابنها قنِعت به ... إذا هبَّ أرواحُ الشتاء الزعازعُ يريد لو كان الذئب ابنها قنعت به لما يسرق من أغنام الناس ويأتيها به. فقامتْ تعْشى ساعةَ ما تطيقُها ... من الدهرِ نامتها الكلابُ الظوالعُ الظالع من الكلاب لا ينام إلا بعد أن تنام الكلاب لأنه ينتظر أن تسفد الكلاب ثم يسفد هو بعدها لضعفه وظلعه، وفي مثل للعرب " افعل ذلك إذا نام ظالع الكلاب ". رأته فشكّتْ وهو أطحلٌ مائلٌ ... إلى الأرضِ مثنّى إليه الأكارعُ يقول رأته وقد ربض قوضع قوائمه بعضها على بعض على بعض فشكت فيه أهو الذئب أم غيره، أطحل في لونه يضرب إلى السواد. طوِي البطنُ الأمنُ مصير يبله ... دم الجوفِ أو سؤر من الحوضِ ناقعُ المصير واحد مصران والمصارين جمع الجمع، يقول ليس في جوفه شيء من الطعم إنما هو مصيره الذي يبله دم جوفه أو شيء يناله من الماء. ترى طَرفيْه يعسلان كلاهما ... كما اهتزَّ عودُ الساسمِ المتتايعُ يعني مقدمه ومؤخره وذلك من لين ظهره. إذا خافَ جوْراً من عدوٍّ رمَتْ به ... قصايته والجانبُ المتواسعُ

وإن باتَ وحشاً ليلةً لم يضُق بها ... ذراعاً ولم يصبح لها وهو خاشعُ وحش جائع خالي الجوف، ومنه قيل فلان يتوحش للدواء، يقول هو صبور على الجوع. إذا اختلَّ حضنى بلدة طِر منهما ... لأخرى خفي الشخصُ للريحِ تابعُ هذا مثل أي كما يختل الرمح حضنى الإنسان أي ينفذهما، وقوله: للريح تابع يقول يتشمم فإذا وجد ريح شيء اتبع الرائحة، ونحو منه قول الآخر: يستخبر الريح إذا لم يسمع وإن حذرّتْ أرضٌ عليه فإنه ... بغرةٍ أخرى طيبُ النفسِ قانعُ يقول: إن حذره أهل أرض وقعدوا له وطلبوه ليقتلوه خرج إلى أرض أخرى طيب النفس بها يغير على أهلها وعلى شائهم وهم له آمنون. ينام بإحدى مقلتيه ويتقي المنايا بأخرى فهو يقظان هاجع أخبر أنه يفتح عيناً ويغمض عيناً لشدة حذره. إذا قامَ ألقى بوعَه قدرَ طولهِ ... ومدّد منه طلبصلبَه وهو بائعُ بائع من البوع ويعني أنه يتمطى. وفكّكَ لحييْه فلما تعاديا ... صأى ثم أقْعى والبلادُ بلاقعُ إذا ما عدا يوماً رأيتُ عنانةً ... من الطيرِ ينظرن الذي هو صانعُ يقول ينتظرن أن يفرس شيئاً فيسقطن معه عليه، ويروي رأيت

ظلاله، أنشد أبو زيد: أنعتُ ذئباً من ذئاب قَعرينِ ... منهرتُ الشدقِ حديدُ النابينِ تَبري له طلساء ذات جرويْنِ ... مألولةَ الأذنين كحلاءَ العيْنِ ومنخرينِ خلقا مسوّدين ... لكل ريحٍ نفخت معدّينِ يعني أنها تستروح فإذا وجدت ريح شيء طلبته. تعدو العِراضات بشوطين اثنين وقال كعب بن زهير: يقول حيّاي من عوفٍ ومن جشمٍ ... يا كعبَ ويحُك ألا تشتري غنما مالي منها إذا ما أزمة أزمتْ ... ومن أويْس إذا ما أنفه رذَما يعني الذئب إذا جاع سال أنفه، يريد أنه يأكلها. أخشى عليها كسوباً غير مدّخرٍ ... عاري الأشاجعِ لا يشوى إذا ضغما إذا تولى بلحم الشاةِ نبذها ... أشلاءَ بردٍ ولم يجعل لها وضما أشلاء برد كما يخرّق البرد قطعاً. إن يُعد في شيعةٍ لا يثنهِ نَهَر ... وإن عدا واحداً لا يتقي الظلما نهر نهار، يقال ليلة نهرة أي مضيئة، ويروى: نُهُر أيضاً. وقوله في شيعة يعني أصحابه من الذئاب، والظلم جمع ظلمة.

وإن أغارُ فلم يحلأ بطائلةٍ ... في ظلمةِ ابن جميرٍ ساورَ الفُطما ابن جمير أظلم ليلة في الشهر وهي التي لا يطلع فيها القمر من أولها ولا آخرها، والفطم السخال التي قد فطمت، يقول جاء يطلب الكبار فلما لم يجدهن ساور الصغار. إذا لا يزالُ فريسٌ أو مغبّبةٌ ... صيداء تنشج من دونِ الدماغ دما المغببة التي دنت من الموت وفيها بقية، صيداء ملتوية العنق، تنشج أي لها صوت من الدم. وقال آخر: لا تأمريني ببناتٍ أسفعٍ ... فالعينُ لا تمشي مع الهملّعِ أسفع الكبش، وبناته الغنم والسفعة سواد، والعين العظام العيون يريد أن الغنم لا تمشي أي لا تكثر، يقال قد مشت الماشية إذا كثرت وأمشى الرجل إذا كثرت ماشيته، والهملع الخفيف يريد الذئب يعني أن الماشية لا تكثر والذئب يعدو عليها يفنيها، وقال النابغة: وكل فتى وإن أن أمشي فأرى ... ستُخلِجُه عن الدنيا منونُ أمشى كثرت ماشيته، يقال الرجل مشى بعد ما أمشى وذلك إذا افتقر بعد الغنى، وقال كثير وذكر ماء ورده: وصادفتُ عيّالاً كأن عواءه ... بكا مُجْرَذٍ يبغى المبيتَ خليعُ عيال يعني ذئباً يعيل في البلاد كما يقال عار يعير فهو عيار ويقال

عيال في مشيته كأنه يميل، خليع خلعه أهله لجنايته، والمجرذ الذي ذهب ماله. عوى ناشزُ الحيزومِ مضطمرَ الحشا ... يعالجُ ليلاً قارساً مع جوعِ فصوّتَ أذناي بباقٍ على الطوى ... محنّبٍ أطرافِ العظامِ هبوعِ أي بصوت باق على الجوع، محنب ماطور، هبوع يستعين بعنقه في مشيته من الضعف، لذلك قيل لما تضعه الناقة في آخر النتاج هبع لأنه ضعيف فإذا مشى مع أمه هبع أي استعان بعنقه. فلم يجترسُ الأمعرس راكب ... تأيا قليلاً واسترى بقطيعِ الاجتراس الإصابة يقال هل اجترست شيئاً ويقال النحل جوارس لأنها تصيب من الشجر، ويروى يحترس أي يسرق ويقال للذي يسرق الغنم المحترس وللشاة التي تسرق حريسة، تأيا تلبّث قليلاً، استرى افتعل من السرى وهو سير الليل، بقطيع أي بقطع من الليل. وموقع حرجوج على ثفناتها ... صبور على عدوى المناخ جموع عدوى المكان وتعاديه واحد وهو أن يرتفع بعض وينخفض بعض. ومَطرحٌ أثناءَ الزمامِ كأنه ... مزاحف أيم بالفناءِ صريعِ

الأيم الحية وهو الأين أيضاً، وقال ذو الرمة في هذا المعنى وذكر أرضاً: إذا اعتَسَ فيها الذئبُ لم يلتقطْ بها ... من الكسبِ الأمثلِ مُلقى المشاجرِ اعتس طلب ما يأكل والمشاجر أعواد الهودج واحدها مِشجر، شبه آثار قوائم الناقة حيث بركت بمشاجر ملقاة. وبينهما مُلقى زِمام كأنه ... مخيطٌ شجاعُ آخر الليلِ ثائرِ أي بين الرجل والناقة ملقى زمام كأنه ممرحية، يقال خاط بنا فلان خيطة أي مر بنا مرة، ثائر أي قد قتل أخوه فجاء يطلب ثأره وهو الشجاع. ومُغفى فتى حلّت له فوقَ رحلهِ ... ثمانيةٌ جُردا صلاة المسافرِ أي ولم يجد هذا الذئب إلا الموضع الذي أغفى فيه الفتى: حلت له أي ثمانية أشهر جرد أي تامة صلاة المسافر أراد تقصير الصلاة. سوى وطأةٍ في الأرضِ من غير جعدةٍ ... ثنى أختها في غرزِ عَوجاءٍ ضامرِ أي ولم يجد سوى وطأة وطئها هذا الرجل وضع واحدة في غرز

الناقة والأخرى في الأرض، من غير جعدة يقول هذه الرجل ليست بكزة وهي سبطة سهلة. وموضعُ عرنيْنِ كريم وجبهةٌ ... إلى هدفٍ من مسرعٍ فاجرِ ولم يجد أيضاً غير أثر سجود الرجل صلى إلى هدف أي شرف من الأرض صلى عليه، من رجل مسرع غير فاجر لأنه مسافر إنما يصلي ركعتين ثم يمضي، وقال الطرماح في مثل هذا: أطافَ بها طِملٌ حريصٌ فلم يجد ... بها غير مُلقى الواسطِ المتباينِ الطمل الذئب، والواسط العمود الذي يكون في وسط البيت، ورواها أبو عمرو: فلم يجد سوى مثل ملقى. ومخفقٌ ذي زرين في الأرضِ متنهُ ... وفي الكفِ مثناه لطيفُ الأسائنِ مخفق حيث وقع يعني الزمام، والأسائن القوي وهي الطاقات التي تفتل يريد سيور الزمام. خفي كمنحارِ الشجاعِ وذُبّل ... ثلاث كحباتِ الكباثِ القرائنِ خفي يعني أثر الزمام خفي، ثم شبهه بممر شجاع وهو الحية، والذبل بعرات ثلاث شبههن بحب الكباث لصغرهن وهو ثمر الأراك.

وضَبثةُ كفٍ باشرتْ بيمينها ... صعيداً كفاها فقد ماءِ المصافنِ الضبثة القبضة، يقال ضبث به إذا قبض عليه، والصعيد التراب كفاها فقد الماء يريد تيمم فاكتفى بالصعيد من الماء، والمصافن الذي يقاسم الماء في السفر. ومعتمدٌ من صدرِ رجلٍ محالةٍ ... على عجلٍ من خائفٍ غير آمنِ معتمد موطئ أي حيث اعتمد فوطئ، محالة مرفوعة وإذا رفعت رجلك فقد أحلتها، من رجل خائف بهذه الفلاة. مقلّصة طارت قرينتُها بها ... إلى سلّمٍ في دفِ عوجاءِ ذاقنِ مقلصة مشمرة يعني الرجل التي في الأرض، وقرينتها الرجل الأخرى، والسلم يريد الغرز، والدف الجنب، وذاقن تطأطئ رأسها وعنقها إذا سارت. وموضعُ مثنى ركبتينِ وسجدةٍ ... توخّي بها ركنُ الحطيمِ الميامنِ وقال كعب بن زهير في مثل هذا وذكر ذئباً وغراباً: فلم يجدا الأمناخَ مطيةً ... تجافي بها زورُ نبيلٍ وكلكلِ ومضرُبها وسطُ الحصى بجرانِها ... ومثنى نواجٍ لم يخنهن مفصلِ وموضعٌ طوليّ وأحناءُ قاترٌ ... يئطُ إذا ما شد بالنسعِ من علِ طولّى زمام، ويقال قطع يكون فوق البرذعة، والقاتر الرجل الحسن الوقوع على ظهر الناقة. وأتلع يلوى بالجديلِ كأنه ... عسيبٌ سقاه من سُميحة جدول

وسمر ظماءٍ واترتهنَ بعدما ... مضَتْ هجعةٌ من آخرِ الليلِ ذُبّلِ أراد بعرات، واترتهن تابعتهن. سفي فوقهنَ التربُ صافٍ كأنه ... على الفرجِ والحاذين قنو مُذلّلِ يعني فوق البعر، ضاف يعني ذنباً سابغاً طويلاً، مذلل مهيأ مسوي. ومضطمِرٌ أراد الطرفِ خائف ... لما تضع الأرضُ القواء وتحملِ مضطمر أراد شخص الرجل يعني نفسه واضطماره انضمامه، لما تضع الأرض وتحمل أي خائف لما يكون عليها، وقال المرار: على صرماء فيها أصرماها ... وخرّبت الفلاة بها مليلِ صرماء مفازة لا ماء بها ولا علف، والأصرمان الذئب والغراب والخريت الدليل، مليل محترق من الشمس من الملّة، وقال كثيّر: ومن قاوٍ يصيّح أصرماه وقال الطرماح يذكر الفلاة: يظل غرابُها ضرما شذاه ... شج بخصومةِ الذئبِ الشنونِ شذاه حده يريد هاهنا صوته، وضرم كثير الصياح، شج حزين وذلك أنه إذا رأى الذئب قد طرده عن شيء صاح وصفق

بجناحيه وذلك خصومته للذئب. على حُوَلاءِ يطفو السُخدُ فيها ... فراها الشيذُمانُ عن الجنينِ الحولاء التي تقع بعد الولد من البطن، يطفو يرتفع، والسخد الماء يكون فيها، فراها شقها، والشيذمان الذئب، والجنين الولد، وقال الراجز: ما زلتُ أسعى معهم وألتبطُ حتى إذا جُنَّ الظلامُ المختلطُ جاؤوا بضيح هل رأيت الذئب قطُ يريد لبناً ممزوجاً صار أورق كلون الذئب من كثرة مائه. وأنشد ابن الأعرابي: شرِبنا فلم نهجأ من الجوعِ نقرةً ... سَمارا كإبط الذئب سَودا حواجره يقال شربنا شيئاً ما هجأنا أي لم يغن عنا شيئاً إلا أن رد أنفسنا، وأنشد: سَجاجاً كأقراب الثعالب أورقا وقال الكميت:

ومستطعِمٌ يُكنَّى بغيرِ بناتهِ ... جعلت له حظاً من الزادِ أوفرا يعني الذئب يكنى أبا جعدة ولا تسمى ابنته جعدة. وقال وذكر أرضاً: لقينا بها ثِلباً ضريراً كأنه ... إلى كلِ من لاقى من الناسِ مذنبُ الثلب الهرم. مضيعاً إذا أثرى كَسوباً إذا عدا ... لساعتهِ ما يستفيدُ ويكسبُ أي لا يدخر. تضوّر يشكو ما به من خَصاصةٍ ... وكاد من الإفصاحِ بالشكوِ يعربُ فنَشنا له من ذي المزاودِ حصةً ... وللزاد أسآر تلّقي وتوهبُ نشنا تناولنا، وذو المزاود الزاد، وأسآر بقايا جمع سؤر. وقلنا له هل ذاك فاستغن بالقرى ... ومن ذِي الأداوي عندنا لك مشربُ وصبّ له شوْل من الماءِ غابر ... به كفٌ عنه الحِيبة المتحوّبُ ذو الأداوي الماء، الشول القليل من الماء، والحيبة الإثم والمتحوب المتأثم. وقال حين أضاف الذئب أيضاً: فقلت له اشرب هذه ليس مُطعِم ... من الناس لا يسقي برائشٍ ما يَبري

يقول من أطعم ولم يسق بمنزلة من برى سهماً ولم يرشه. وقال وذكر أرضاً: بنائيةِ المناهلِ ذاتِ غولٍ ... لسرحانِ الفلاةِ بها خيبُ يراني في الطعامِ له صديقاً ... وشادنة العسابر رعبليبُ إذا اشتكيا إليّ رأيت حقاً ... لمحرومينِ شفهما السغوبُ العسابر واحدها عسبارة وهو ولد الذئب من الضبع، والشادنة ما شدن، رعبليب ملاطفة، شفهما هزلهما، والسغوب الجوع، وأنشد ابن الأعرابي: لشخصٍ خفي قد رأيتُ مكانَهُ ... يضائلُ مني شخصَه ويقاصرهُ دفعتُ بكفي الليلَ عنه وقد بدَت ... هوادي ظلام الليل فالليل غامرهُ يعني بالشخص الخفي الذئب، وقوله دفعت بكفي الليل عنه يريد أنه وضع يده فوق حاجبه وعينه كما يفعل من يستثبت في النظر إلى الشيء البعيد أو الشمس كما قال - العجاج: أدفعها بالراح كي تزحلفا إذا الذئبُ قد أعيتْه كل بغيةٍ ... وآيسة من كل فجٍ مصادرهُ وقال لقد أمسيتُ عطشان لاغباً ... وأحببتُ أن ألقي رفيقاً أوازرهُ فقلتُ التمس فوق الحقيبةِ مركباً ... ولا تغش حنو الرحل إنك كاسرهُ فاهوى يديه للحقيبةِ فاستوى ... عليها فثارتْ وهي عجلى تبادرهُ فأجلت بنا إجلاءةً ثم راجعت ... وقد علقت في النِسعتينِ أظافرهُ

فبتُ على رحلي وباتَ مكانهُ ... أراقبُ ردفي تارة وأباصرهُ أراقبُ رِد في خشيةَ أن يخونني ... وفي منكبي إن حاولَ الغدرُ زاجرهُ يعني أن في منكبه سيفه. فلما ورَدنا الماءَ فرّق بيننا ... وكل دعت أهواؤه وأواصرهُ وقمتُ أصلي وهو ملقي كأنه ... لجامُ جوادٍ قد تحنت مكاسرهُ أنشد للعبدي وذكر ناقة - وهو المثقب: كأنّ مناخَها ملقي لجامٍ ... على معزائها وعلى الوجينِ فقلتُ له خذ مزودي فاستعن به ... على الدهرِ إن الدهرَ جمٌ بوادرهُ فعهدي به قد جاوزَ الماءَ صادِراً ... يجرّ جرابي تارة ويناثرهُ وقال النجاشي وذكر ماء: وماء كلونِ البولِ قد عاد آجناً ... قليلٌ به الأصوات ذي كلأ مخلي لقيتُ عليه الذئبَ يعوي كأنه ... خليعٌ خلا من كلِ مالٍ ومن أهلِ فقلتُ له يا ذئبَ هل لك في أخٍ ... يواسي بلا أثرٍ عليك ولا بخلِ فقالَ هداكَ اللهُ إنكَ إنما ... دعوتُ لما لم يأته سبعٌ قبلي فلستُ بآتيهِ ولا أستطيعهُ ... ولاكِ اسقني إن كان ماؤك ذا فضلِ

فقلتُ عليكَ الحوض إني تركته ... وفي صغوه فضل القلوص من السجلِ فطربَ يستعوي ذئاباً كثيرةً ... وعديت كل من هواه على شغلِ وقال الغنوي: ولو أخاصمُ ذئباً في أكيْلتهِ ... لجاءني جمعهُم يسعى مع الذيبِ يريد أنهم يعينون عليه وإن كان مظلوماً والمثل يضرب بظلم الذئب وظلم الحية يقال: أظلم من ذئب وأظلم من حية. وقال مغلس بن لقيط: لعمركَ إني لو أخاصمُ حيةً ... إلى فقعسٍ ما أنصفتني فقعسُ فيالكم طلساً إليّ كأنكم ... ذئاب الغضا والذئبُ بالليلِ أطلسُ وقال تأبط شراً: ووادٍ كجوفِ قفرٍ قطعتهُ ... به الذئبُ يعوي كالخليع المعيّلِ الخليع الذي قد خلعه أهله لجناياته، والمعيل الذي تُرك يذهب ويجيء حيث شاء، وقال الأصمعي أنشدني خلف الأحمر: نسقي قلائصنا بماءٍ آجنٍ ... وإذا يقوم به الخليع يعيّلُ

الأبيات في الأرانب

طرحت له نعلاً من السبتِ طلّة ... خلافَ ندى من آخر الليل مُخضِل يقول لما ابتلت طرحتها له، خلاف ندى، أي بعد نِدى، والمخضل المندى. وقلت له لما عوي إن ثابتاً ... قليلَ الغنى إن كنت لما تموّلُ كلانا مضيع لا حراثةَ عنده ... ومن يحترثُ حرثي وحرثُكَ يهزلُ يقول إن كنت لا مال لك فأنا لا مال لي، وثابت اسم تأبط شراً، لا حراثة عنده أي ليس عنده إصلاح مال. وقال الهذلي - ربيعة بن الجحدر: وقرنٍ صريعٍ قد تركت مجدلاً ... يطوفُ عليه العاسلات اللغاوِسِ يعني الذئاب، واللغاوس اللواتي تأكل أكلاً سريعاً يقال تلغوس ما هناك أي أكله أكلاً سريعاً واحدها لَغوَس. وقول أبي النجم: واكتن من لفح الأوار الوعوع يعني الذئب والثعلب يدخلان الكن من شدة الحر. الأبيات في الأرانب قال الشاعر: وطالبتْ بي الأيامُ حتى كأنني ... من الكبرِ البادي بدَت لي أرنبُ

يريد انحنيت فكأني صائد يحتل أرنباً فهو يتقاصر لها كيلا تراه. ومثله: وقد طالتْ بي الأيامُ حتى ... كأني خاتلٌ يدنو لصيدِ وقال - عمرو - بن قميئة: شرّكم حاضرٌ وخيركُم درّ ... خروسٌ من الأرانبِ بكرُ الخروس النفساء والخُرسة ما تأكله، والخرس طعام الولادة الذي يدعي إليه الناس، وطعام الختان إعذار، وطعام القادم من السفر نقيعة وطعام البناء الوكيرة وكل طعام صنع مأدُبة ومأدَبة، والبكر التي لم تلد الأمرة وهو أقل للبنها وأضيق لمخرجه، والمثل يضرب بقلة لبن الأرانب، وقال عبد الله بن همام السلولي لمعاوية: لقد ضاقتْ رعيتكم وأنتم ... تدرون الأرانب غافلينا وقال الشماخ وذكر عقاباً: فما تنفكُ حول عويرِ ضاتٍ ... تجرُّ برأسِ عكرشةٍ زموعِ يقال زموع تطأ على زمعاتها وهي مواضع الثنن من الدواب وذلك هو التوبير لئلا يعرف أثرها والتوبير للأرنب وللثعلب ولكثير من صغار السباع إذا طمع في صيد أو خاف أن يصاد فربما ضم براثنه

ووطئ ببطن الكف وربما وطئ على زمعاته وذلك كله في السهل، وقال امرؤ القيس يهجو: مرسعةٌ وسط أرباعِه ... به عسمٌ يبتغي أرنبا ليجعلَ في كفِّه كعبَها ... حذارُ المنية أن يعطبا وكانوا يقولون في الجاهلية من علق كعب أرنب لم يصبه عين ولا سحر وكانت عليه واقية من الجن لأن الجن تهرب منها للحيض ولا تمتطيها، ويقال رجل مرسِع ومرسعة وهو الفاسد العين، ويروى مرسَّعة بين أرساغه من الترسيع وهو سير يضفر ويرسع ثم يشد في الساق وأنث لأنه يرده على قوله لا تنكحي بوهة مرسعة، وأما قول المخبل: كما قال سعدٌ إذ يقود به ابنه ... كبرت فجنبني الأرانب صعصعا فإن الأرانب في هذا البيت أحقاف من الرمل منحنية يريد خذ بي في طريق مستو وجنبني الوعث والرمل والصعود، وكذلك قول الكلح الذهلي يصف راحلته: قوداءُ تملكُ رحلَها ... مثل اليتيمِ من الأرانبِ أراد أن رحلها على سنام مثل اليتيم وهي الهضبة المنفردة وكل شيء انفرد فقد يتم، والأرانب الأحقاف من الرمل واحدها أرنب.

أبيات المعاني في الضبع

أبيات المعاني في الضبع قال الكميت: كما خامرتْ في حضنها أم عامرٍ ... لدى الحبلِ حتى عال أوس عيالها أم عامر الضبع، وأوس الذئب، والضبع من أحمق الدواب وتبلغ من حمقها أنه يدخل عليها في مغارها فيقال: ليست هذه أم عامر، فتسكن حتى تقاد، ويقال لها: خامري أم عامر، ثم يشد في عرقوبها حبل ثم تجرّ به، وقوله خامرت سكنت وانخدعت وأصل المخامرة المخالطة، وقوله لدى الحبل يريد الصائد، وقوله: حتى عال أوس عيالها، يقال إن الضبع إذا صيدت عال الذئب ولدها وأتاها باللحم وذلك أنه يثبت على الضبع فتحمل منه وتلد له، وكان بعضهم يرويه: غال أوس عيالها أي أكل جراءها، وقال آخر: كمرضعةِ أولاد أخرى وضيّعتْ ... بنيها ولم ترقَعْ بذلك مرقعا أراد الذئبة يقال إنها تدع ولدها وترضع ولد الضبع ولذلك تقول العرب: أحمق من جهيزة يعنونها، ويقولون أيضاً: أحمق من نعامة لأنها تدع الحضن على بيضها ساعة تحتاج إلى الخروج لطلب الطعم فإن رأت بيض نعامة قد خرجت للطعم حضنت وتركت بيض نفسها.

وقال ابن هرمة: كتاركةٍ بيضِها بالعراءِ ... وملبسةٍ بيض أخرى جناحا وأنشد أبو عبيدة: والذئبُ يغذو بناتَ الذيخِ ناقلة ... بل يحسبُ الذئبَ أن النجلَ للذيبِ الذيخ ذكر الضباع وهو الضبعان أيضاً، والنجل الولد. وقال جرير: تراغيتُم يوم الزبيرِ كأنّكم ... صباغٌ بذي قارٍ تُمنى الأمانيا يقول صحتم صياح الضباع إذا جهدت، يقول لم يكن عندكم إلا أن يشكو بعضكم إلى بعض، وقوله تمنى الأمانيا هو قولهم للضبع في وجارها: خامري أم عامر أبشري بجراد عضال وكمر رجال، فلا يزالون يقولون ذلك حتى تقر فيدخل عليها الرجل فيربط يديها ورجليها ويكعمها والعظال الجراد الذي يركب بعضه بعضاً إذا أراد أن يبيض ولذلك قيل يوم العظالى لأن الناس - كان - يركب بعضهم بعضاً، وقوله كمر رجال يقال إن الضبع إذا وجدت قتيلاً قد انتفخ جرد أنه ألقته على قفاه ثم ركبته لتستعمله أبداً حتى يلين. وقال العباس بن مرداس:

فلو ماتَ منهُم جرحنا لأصبحت ... ضباعٌ بأكنافِ الأراكِ عرائسا أراد هذا المعنى. وقال آخر: تضحكُ الضبعُ لقتلى هذيلٍ ... وترى الذئبَ لها يستهلُ وعتاقُ الطيرِ تهفو بطاناً ... تتخطاهم فما تستقلُ وقال الكميت يهجو قوماً: أما أخوكَ أبو الولي ... د فلابسٌ ثوبي مخامرِ فعَلَ المقرِةَ للمقا ... لة خامري يا أم عامرِ حتى إذا نَشُبَ الضفي ... رُ بجاذبٍ للحبلِ باترِ ذهبت تحير إليه وه ... ي بغير منزلةِ المحاورِ وقال كثير بذكر ناقة: وذفري ككاهلِ ذيحِ الرفيضِ ... أصابَ فريقةً ليل فعاثا الذيح ذكر الضباع، والرفيض قطعة من الجبل وجمعه رفض،

والفريقة الغنم الضالة يقال أفرق غنمه أي أضلها، وقال جران العود وذكر نفسه حين أسن: أصبحتُ قد جحّمتُ في كسر بيتكم ... كما حجّم الضبعانُ بين السخابرِ الضبعان ذكر الضباع، والسخابر شجر الواحدة سخبرة، ويقال جحم فلان إذا نظر نظراً حديداً حتى يُنظر إلى عينه كأنها جاحظة - قال قيس - ابن عيزارة الهذلي: فإنكَ إذ تحذوكَ أم عويمرٍ ... لذو حاجةٍ حافٍ مع القومِ ظالعُ أم عويمر الضبع، أي تتبعك تطمع أن تقتل فتأكل منك، وقال العجاج يذكر سني جدب: يدعنَ ذا الثروةِ كالمعيلِ ... وصاحب الأقتارِ لحم المألِ أي يتركن الفقير لحماً للضبع أي يمتنه، وقال آخر - المشعث: وجاءت جيألٌ وأبو بنيها ... أحمُ المأقييْن به خماعُ أبو بنيها الذكر وهو الضبعان، وقال مدرَك بن حصين الأسدي: رغا جزعاً بعد البكاءِ كما رغتُ ... موشمةَ الجنبينِ رطبَ عرينها

يريد ضبعاً موشمة بها وشوم، وقال الكميت: نطعم الجيأل اللهيد من اللح ... م ولم ندع من يشيط الجزورا الجيأل الضبع، واللهيد مثل الحسير، ويقال شاط دمه إذا بطل وأشطته أبطلته وقال ساعدة بن جؤية وذكر ميتاً: وغودرَ ثاوياً وتأوبَتْهمذرعة اميم لها فليلُ تأوبته أتته ليلاً مذرعة ضبع بذراعيها توقيف أي آثار خطوط والفليل ما تكبب من الشعر واحدتها فليلة. لها خفّان قد ثلبا ورأسٌ ... كرأسِ العودِ شهبرة نؤولُ أراد أن لها خفاً غليظاً، ثلبا تكسرا من قولك ثلب فلان عرض فلان أي كسره، وشهبرة مسنة، والنهشلة مثلها، والنؤول التي تمشي كأنها مثقلة من حمل يقال مر ينأل بحمله نألانا إذا مر يتدافع به ومر يدلح. تبيتَ الليلَ لا يخفي عليها ... حمارٌ حيث جر ولا قتيلُ كمشيِ الأقبل الساري عليها ... عفاء كالعباءةِ عفشليلُ يريد أنها تمشي في الليل كمشي الرجل الأقبل وهو الذي في عينه شبيه بالحول وذلك أنها تلتفت وتدير عينيها، وجعله سارياً لأن الضبع أكثر جولانها في الليل لأكل الجيف، وعفاؤها شعرها ووبرها، والعفشليل الجافي، وكذا خلقة الضبع وهي كثيرة الشعر ولذلك قيل

عثواء لأنها كثيرة الشعر. فذاحتْ بالوتائرِ ثم بدّت ... يديْها عند جانبه تهيلُ ذاحت مرت مراً سريعاً سهلاً، والوتائر طرائق مرتفعة من الأرض منقادة، بدت يديها أي فرقت بين الأصابع وفتحتها لتحفر عند جانب القبر، تهيل تحثو التراب وتنبش، وقال الأعلم يخاطب رجلاً يذمه: تشايعُ وسطَ ذودك مقبئنّاً ... لتُحسب سيداً، ضبعاً تبولُ المشايعة والشياع رغاء الإبل، يريد إنك ذو مال فأنت تنادي وسط إبلك، والمقبئن المجتمع، وقوله ضبعاً أراد يا ضبعاً تبول فشبه بها. عشنزرة جواعِرها ثمانٍ ... فويق زماعِها وشمٌ حجولُ العشنزرة الغليظة، وسألت الرياشي عن قوله جواعرها ثمان فقال الجواعر أربع في رقمتي الحمار مواصل أطراف عظام وأراه أراد زيادة في تركيب خلقها، وإنما سميت الضبع جعار من الجواعر،

والزماع جمع زمعة وهي شيء مثل الزيتونة تكون خلف ظلف الشاة، وشم من الخطوط، وحجول مثل الخلاخيل. تراها الضُبع أعظمهنَ رأساً ... جراهمة لها حرة وثيلِ الضُبع جمع ضَبع، جراهمة عظيمة الرأس. وقوله لها حرة أي حر فزاد الهاء، وثيل وعاء القضيب، وأراد أنها خنثى، ويروي لها حر بتشديد الراء للضرورة. كما قال: " كأن مهواها على الكلكلّ " وقال: وتجرّ مجريةً لها ... لحمى إلي أجرٍ حواشبِ مجرية ضبع ذات جراء، حواشب منتفخات الجنوب. سودٌ سحا ليلٌ كأنّ ... جلودَهن ثيابُ راهبِ سحاليل لينة واحدها سحليل شبه جلودها بثياب الرهبان لأن ثياب الرهبان سود. آذانهن إذا احتضَرْ ... نَ فريسةً مثل المذانبِ

أبيات المعاني في الكلاب

المذانب المغارف واحدتها مِذنبة. ينزعنَ جلدَ المرءِ نز ... عَ القينِ أخلاق المذاهبِ أخلاق المذاهب أخلة تجعل مذهبة على جفن السيف فإذا أخلقت نزعت عن الجفن وأعيد عليه غيرها، وأنشدني الرياشي في وصف ضبع: دفوع للقبورِ بمنكبيْها ... كأن بوجهها تحميمَ قدرِ يريد أن وجهها سواداً والتحميم السواد. قال ابن الأعرابي يقال في مثل: إنما أنت خلاف الضبع الراكب. قال لأن الضبع إذا رأت راكباً خالفته وأخذت في ناحية، يقول فأنت تخالف الناس أبداً فيما يصنعون، والذئب يعارضه وهو أخبث. قال الهذلي - عبد بن حبيب: تركنا ضُبع سُمْيَ إذا استباءت ... كأن عجيجهُنَ عجيجُ نيبِ استباءت يقال رجعت إلى القتلى من باء يبوء ويقال استباءت أرادت الباءة من القتلى وهو النكاح والضبع تستعمل ذكر القتيل. وقال آخر: فارتث كلما هم عشية هزمهم ... حي بمنعرجِ المسيلِ مقيمُ يعني الضباع جعلها بمنزلة حي من الأحياء. أبيات المعاني في الكلاب قال الشاعر يصف الكلاب - والبيت للبعيث المجاشعي:

محرَّجةٌ حُص كأن عيونَها ... إذا آذن القناصُ بالصيدِ عضرسِ محرجة في أعناقها الحِرج وهو الودع، والعضرس بقلة حمراء الزهرة، أراد أعين الكلاب تجمر من شدة الغضب، ومثله - لامرئ القيس: مغرَثةٌ زرقا كأن عيونَها ... من الذمرِ والإيسادِ نوار عضرسِ مغرثة مجوعة، والذمر الإغراء والزجر، وقال عنترة: أقل عليك ضراً من قريح ... إذا أصحابه ذمروه سارا ويقال آسدت الكلاب إذا قلت لها خذي، ويقال العضروس في البيت الأول البرد يعني أنها تبيض عيونها حين تشخص للصيد، ويقال العضرس الورق الذي يصبح عليه الندى شبه العيون به، وقال الراعي وذكر الصائد والثور والكلاب: يشلى سلوقية زلاً جواعرها ... مثل اليعاسيبِ في أصلابِها أودُ زل رسح، قال الأصمعي: يستحب من الكلب أن يكون في ظهره أحد يدأب قليلاً وأن يكون في سَبّته سعة وفي شدقيه سعة. فجالَ إذ رعنه ينأى بجانبهِ ... وفي سوالفِها من مثله قددُ يريد أن في أعناق الكلاب قلائد من جلد ثور، وقال امرؤ القيس وذكر كلباً:

فيدركنا فغِم داجنٌ ... سميعٌ بصيرٌ طلوب نكِرُ فغم حريص على الصيد، يقال للكلب ما أشد فغمه، قال الأعشى: " وأنت بآل عُقَيل فغِم " أي حريص مولع. ألصّ الضروسُ حتّى الضلوعَ ... تبوعٌ أريبُ نشيطٌ أشِرُ قال الأصمعي: لا أعرف ألص الضروس ولكني أعرف ألص الثنيتين إذا كانت إحداهما على الأخرى ويقال للزنجي ألص الأليتين إذا كان صغيرهما قريب ما بينهما، وقال يذكر الثور: فكر عليه بمبراتهِ ... كما خلّ ظهر اللسان المُجِرّ فظل يرنّح في غيظلٍ ... كما يستديرُ الحمارُ النعرِ المبراة القرن وأصلها التي تبرى بها القوس، والمجر الذي يثقب لسان الفصيل ويجعل فيه عوداً لئلا يرضع، يرنح يقال ضربة حتى رنّحه أي غشي عليه فمال كما يميل السكران، غيظل شجر ملتف، والجلبة والأصوات يقال لها أيضاً غيظل، النعر الذي دخلت في أنفه نُعَرة وهي ذبابة تدخل في أنف الحمار فيضرب بنفسه الأرض ويقلق، وقال النابغة وذكر صائداً وثوراً: من حسِ أطلسٍ يسعى تحته شِرَع ... كأن أحناكها السفلى مآشيرُ شرع كلاب شبهها في دقتها بالأوتار.

يقول راكبُها الجنّى مرتفقاً ... هذا لكُنّ ولحم الشاة محجورُ راكبها يعني صاحب الكلاب الذي هو خلفها يوسدها، مرتفقاً في رفق، هذا لكن أي لحم الثور ولكن هيهات أن تدركه ولحم الشاة - يعني الثور - محجور عنهن ولا يدركنه. وقال وذكر القانص والكلاب والثور: فبثهن عليه واستمر به ... صُمع الكعوب بريات من الحرَدِ الحرد يكون بالبعير وهو استرخاء في عصب يديه من شدة العقال فهو ينفضهما ويضرب بهما راد ليس بالكلاب عيب ولم يرد الحرد نفسه، صمع الكعوب - لازقة خفية. فكان ضُمِرانٌ منه حيث يوزعه ... طعن المعارك عند المُحجَر النَجُدِ ضمران اسم كلب، حيث يوزعه أي حيث يغريه صاحبه يقال هو يوزَع بالشيء إذا كان مولعاً به أي كان الكلب من الثور حيث أمره الكلاّب أن يكون كما تقول للرجل أنا بحيث تحب، ضرب المعارك أراد كضرب المعارك وهو المقاتل، والمحجر الملجأ المدرك، ويروي النُجد والنِجد، والنِجد الذي يعرق من الكرب والشدة واسم العرق النَجد ومنه قوله في هذه القصيدة:

" بعد الأين والنَجد " يقال رجل منجود، والنِجد من نعت المُحجر، وإن قلت النجد فهو من نعت المعارك والنُجد الشجاع من النجدة، قال أبو عبيدة: حيث يوزعه طعن، طعن بالرفع، وقال رفع ضمران بكان وجعل الخبر في " منه " أي كان الكلب من الثور كأنه قطعة منه في قربه وارتفع الطعن بيوزعه، وقال سمعت يونس بن حبيب يجيب بهذا الجواب في هذا البيت: شكَّ الفريصةَ بالمدرى فأنفذَها ... شكَ المبيطرِ إذ يشفي من العضَدِ المدرى قرنه، والمبيطر البيطار والعضد داء. كأنه خارجاً من جنبِ صفحتهِ ... سفود شَرب نسوه عند مفتأدِ أي كأن القرن في حال خروجه سفود، والمفتأد الموضع الذي يختبز فيه ويطبخ ومثله قول أبي ذؤيب: فكأن سف لماوديْنِ لما يقترا ... عجلاله بشواءٍ شَرب ينزعُ أي فكأن سفودين لم يقترا بشواء شرب ينزع أي هما حديدان شبه قرنيه بالسفودين، عجلاً له أي الثور بالطعن الواقع بالكلاب. فظلَّ يعجمُ أعلى الروق منقبضاً ... في حالكِ اللونِ صَدق غير ذي أوَدِ

أي ظل الكلب يمضغ أعلى القرن لما خرج من جنبيه، في حالك اللون أي أسود يعني القرن، صدق صلب، أود اعوجاج، ومن عادة الشعراء إذا كان الشعر مديحاً وقال كأن ناقتي بقرة أو ثور أن تكون الكلاب هي المقتولة فإذا كان الشعر موعظة ومرثية أن تكون الكلاب هي التي تقتل الثور والبقرة ليس على أن ذلك حكاية بقصة بعينها. وقال ذو الرمة وذكر الصائد: يجْنبُ ضِرواً ضارياً مقلّداً ... أهضم ما خلف الضلوع أجيدا موثّق الخلقِ بروقاً مبعداً ... وانقضّ يعدو الرَهَقى واستأسدا لابس أذنيه لما تعودا أهضم منضم الجنبين، أجيد طويل العنق، بروق شائل ذنبه ويكون البروق الواضح اللون، مبعد مُبعد، والرهقى عدو يرهق به المطلوب، استأسدا صار كالأسد، لابس أذنيه أي صرهما وجمعهما فألصقهما بصماخه. وقال سويد بن أبي كاهل:

" وضِراء كن أبلينَ السِرَع " السرع السرعة، يقول أبلين صدقاً في الإسراع. قال الأعشى: " إن ريثا وإن سرعا " وقال يذكر الكلاب والثور: وتراهن على مهلتِه ... يختلينَ الأرضَ والشاة يلَعُ مهلته تقدمه، يلع يعدو ولا يصدق في عدوه، ويقال كذب وولع. وأنشد: إلاّ بأن تكذبا عليّ ولاأملكُ أن تكذبا وأن تلَعا ولم أسمع ولع وحدها إلا ها هنا، يختلين الأرض يقطعن الأرض بأرجلهن إذا عدون، وقال لبيد: حتى إذا يئسَ الرماةُ وأرسلوا ... غَضفا دواجن قافلاً أعصامُها أي يئس الرماة من بلوغ السهام فأرسلوا كلاباً، دواجن متعودة للصيد، قافلاً أعصامها أي يابساً قلائدها. ويقال الأعصام الأمعاء وهي الأعصال أيضاً. وقال يصف الثور والكلاب:

فجالَ ولم يَعكِم بغضفٍ كأنها ... دقاقُ الشعيلِ يبتدرنَ الجعائلا جال الثور، ولم يعكم لم يرجع، والشعيل الفتائل واحدتها شعيلة، والجعائل ما جعل للكلاب من رزقهن. وقال الكميت وذكر الكلاب: حتى إذا أطعمتْ أحناكُ ضاريةٌ ... هن المساريف يوم الغُنم والنجَلُ ضارية كلاب، يقول ينجلن على صيدهن ويسرفن في أكله. وقال وذكر الكلاب: فدُع أيد فج العراقيب كالأق ... دح إلا سمُومها والغرورا الأفدع المائل اليد، والسموم الثقب مثل المنخرين والفم، والغرور غضون الجلد. وقال يصفها: مؤللةُ الآذانِ عقد كأنها ... يعاسيبٌ لا يأدو الضَراء اختيالُها مؤللة محددة الآذان، والكلاب توصف بالغضف، والأعقد الذي إذا عدا رفع ذنبه، وقال الفرزدق: " مشية الجاذف الأعقد " يريد الكلب، يأدو يختل، يقول لا تختل ولكنها تحمل، والضراء ما استترت به. تولّت بإجريّا وِلاف كأنما ... تحوّلَ شختاً بعد جأبٍ خيالها

إجريا من الجري، ولاف مؤتلف، يقول إذا عدت دقت شخوصها وإذا وقفت كانت أعظم خلقاً، وقال الطرماح وذكر صائداً: يورِّع بالأمراسِ كل عملّسٍ ... من المطعَماتِ الصيدِ غير الشواحنِ يورع يكف، والأمراس الحبال واحدها مَرَس والعملس أصله الذئب سمي بذلك لسرعته وشبه الكلاب بالذئاب، والمطعمات الصيد المرزوقات ويقال للرجل إنه لمطعَم إذا كان مرزوقاً من الصيد، والشواحن اللواتي يبعدن في الطلب ولا يصدن شيئاً. معيدٌ قمِطر الرِجلِ مختلفُ الشبا ... شرنبث شوكِ الكفِ شثن البراثنِ المعيد الذي عاود الصيد، والقمطر الرجل الذي كأنه به عقالاً من اعوجاج ساقيه وهو الشديد، والشبا حد أنيابه، والشرنبث الخشن الكف، والشوك المخالب، والبراثن ما وطئ به الأرض. توازنه صيّ على الصيدِ همّها ... تفارطَ أحراج الضراءِ الدواجنِ توازنه تساويه وتعاونه، صي كلبة من قولك صارت تصيء صيئاً وهو صوت دقيق، تفارط تسابق، أحراج جمع حِرج يقال هو نصيبهن الذي يجعل لهن من الصيد، الضِراء الكلاب جمع ضرو. وقال يذكر الكلاب: يبتدرنَ الأحراج كالثَولِ والحِر ... جِ لرب الضراءِ يصطفِدهُ

يبتدرن يعني الكلاب، والأحراج أنصباؤها من الصيد ما سقط من البطون وغيرها، والثول الزنابير وشبهها بها، يصطفده يأخذه يفتعل من الصفد. مِرُغناتٍ لأخلجِ الشدقِ سلعا ... م مُمَرَ مفتولة عضُده مرغنات مطيعات، أخلج الشدق واسعه، سلعام عظيم الخلق والبطن، ممر مفتول شديد. يضغم النابئ الملّمع بين ال ... روق والعين ثم يقصده يضغم يعض، والنابئ الثور يخرج من بلد إلى بلد وكذلك الناشط، والملمع الذي في يديه لمع سواد وبياض. مستنيع يصر مثل صرير ال ... قعو لما أصاحه مسده مستنيع متقدم، يصوت صوتاً كصرير القعو وهو الذي يكون فيه المحور من خشب فإن كان من حديد فهو خطاف، والمسد حبل من ليف وهو كل ما ضفر فتل، وقال وذكر كلبة: عولق الحرصِ إذا أبشرت ... لعوةً تضبحُ ضبحَ النُهامِ عولق لا يفلت منها شيء، أبشرت من المباشرة، لعوة حريصة على الصيد، والنهام ذكر البوم، وتقول العرب: أحرص من لعوة، وقال العجاج:

غُضفاً طواها الأمس كلاّبيُّ ... بالمالِ إلا كسبها شقيّ يريد بالمال شقي إلا من كسبها، وقال وذكر الكلاب بعد طعن الثور لها: حتى إذا ميَّثَ منها الريُّ ... وعظعظِ الجبان والزِئني ميث أي لين من الكلاب، الري السكر من الطعن، عظعظ اضطرب، والزئني الصغير من الكلاب، والعامة تقول الصيني. وطاحَ في المعركةِ الفُزنى ... تواكلتُه وهو عجرفي الفرني الضخم، تواكلته الكلاب أي اتكل بعضها على بعض وأحبت أن يكفي بعضها بعضاً، وقال وذكر الثور: مبتكراً فاصطادَ في البكورِ ... ذا أكلبٍ نواهزٍ ذكورِ اصطاد في البكور هذا هزء يريد أنه خرج فأصاب الصائد كقولك خرج فلان يصطاد فوقع على أسد فأكله، فيقال بئس الصيد وقع عليه، نواهز تنتهز الصيد.

" يُهمدن للاجراسِ والتشوير " يهمدن يَجدِدن، ويسرعن في العدو، والاجراس أن تسمع الجرس، والتشوير أن شير بيده يقال أشار وشوّر، قال جرير: رأى عبد قيس خفقة شوّرت بها ... يدا قابس ألوى بها ثم أخمدا أي أشار بها، وقال آخر: " حتى إذا أجرس كل طائر " أي صوت، وقول ذي الرمة يصف الكلاب: " لاحها التغريث والجنب " والتغريث الجوع، والجنب لصوق الرئة بالجنب من العطش. وقال جرير: فلا تحسبني شحمةً من وقيفةٍ ... تسرّطُها مما تصيدُك سلفعُ الوقيفة التي تلجئها الكلاب أو الرامي إلى موضع لا تخلص منه

يريد إني ممتنع، تسرطها تزدردها يقال في المثل الأكل سُرَّيْطَي والقضاء ضُرَّيْطَي، ويقال الأكل سلَجان والقضاء ليّان، وسلفع اسم كلبة، وقال أبو خراش الهذلي لابنه حين هاجر في خلافة عمر: فإنكَ وابتغاءَ البِرِ بعدي ... كمخضوبِ اللَبانِ ولا يصيدُ هذا مثل يعني الكلب تلطخ صدره وحلقه بالدم ترى الناس أنه قد صاد ولم يصد شيئاً، وقال آخر: فلا ترفعي صوتاً وكوني قصيةً ... إذا ثوبَ الداعي فأنكرني كلبي إنما ينكره كلبه إذا لبس سلاحه يخبر أن سلاحه تام يقول إياك والصراخ إذا عاينت الجيش، وقال آخر: إذا خَرسَ الفحلُ وسطَ الحجورِ ... وصاحَ الكلابُ وعقَّ الولدُ الفحل إذا عاين الجيش وبوارق السيوف لم يلتفت لِفت الحجور، والكلاب تنج أربابها لأنها لا تعرفهم للبسهم الحديد، والمرأة تذهل عن ولدها ويشغلها الرعب فجعل ذلك عقوقاً، قالوا ومنه يقال: أمر لا ينادي وليده، أي تشتغل المرأة عن ولدها فلا تناديه. وقال آخر - وهو طفيل الغنوي: أناسٌ إذا ما الكلبُ أنكرَ أهلَه ... حمُوا جارَهم عن كل شنعاءٍ مضلعِ وقال آخر:

وفينا إذا " ما " الكلبُ أنكر أهلَه ... غداةَ الصباحِ المانعون الدوابرا وقال الكميت: واستثفر الكلبُ إنكاراً لمولغِهِ ... في حُولةٍ قصرت عن نعتِها الحُوَلُ اسثفر الكلب أدخل ذنبه بين رجليه، لم يعرف من يسقيه لأنه قد لبس الحديد فأنكره، والحولة الداهية. وقال زيد الخيل: يتبعنَ نضلةَ أيرِ كلبٍ منعظٍ ... عض الكلابُ بعجبهِ فاستثفرا وقال الكميت: فإنكم ونزاراً في عداوتها ... كالكلبِ هرّ جدا وطَفاء مِدارِ الأصل في هذا أن كلباً ألحت عليه السماء بالمطر أياماً ثم طلعت الشمس فذهب يتشرق فلم يشعر إلا بسحابة قد أظلته ففزع ورفع رأسه وجعل ينبح، ويقال في المثل " وهل يضر السحاب نباح الكلاب ". وقال آخر: وما لي لا أغزو وللدهرِ كرة ... وقد نبَحت نحو السماءِ كلابُها يقول: كنت أدع الغزو قبل الغيث فما عذري اليوم وقد جاء المطر وامتلأت الغدران، والكلب ينبح السحاب من الحاج المطر. وقال الأفوه الأودي وذكر سحاباً: فباتتْ كلابُ الحي ينبحنَ مزنه ... وأضحتْ بناتُ الماءِ فيه تعمّجُ أي تتلوى.

وقال آخر: إذا عمى الكلبُ في ديمةٍ ... وأخرسَه الله في غير ضرِّ يخرسه إفراط البرد، كما قالت الهذلية - وهي جنوب أخت عمرو ذي الكلب - وذكرت ليلة: لا ينبحُ الكلبُ فيها غير واحدةٍ ... من العشاءِ ولا تسرى أفاعيها وقوله عمى الكلب مثل قول الآخر - مرة بن محكان -: وليلةٌ من جمادي ذات أنديةٍ ... لا يبصرُ الكلبُ من ظلمائها الطُنُبا وقال الفرزدق: ولا يدعُ للأضيافِ إلا الفتى الذي ... إذا ما ابى أن ينبحَ الكلبُ أوقدا يأبى الكلب أن ينبح لشدة البرد فيوقد ناره ليراها الطارقون، وقال الأعشى: وتسخنُ ليلةٌ لا يستطيع ... نباحاً بها الكلب إلاّ هريرا وأما قول الآخر: مالكَ لا تنبحُ يا كلبَ الدّومِ ... قد كنتَ نبّاحاً فمالكَ اليوم فإن هذا الرجل كان ينتظر عيراً له تجيء وكان الكلب إذا جاءت ينبح فاستبطأ العير فقال مالك لا تنبح أي ما للعير لا تجيء وقال ابن هرمة: كيف يلقونني إذا نبحَ الكل ... بُ وراء الكسورِ نبحاً خفياً

من شدة البرد، وقال آخر: ومبدٍ لي الشحناء بيني وبينه ... دعوتُ وقد طال السُرى فدعاني يعني كلباً وذلك أن المسافر إذا كان في الليل فلم يدر أين البيوت نبح ليُسمع الكلاب فتجيبه وتنبح له أي لما نبح للكلب نبح الكلب فجعل ذلك دعاء، وقال الكميت يمدح قوماً: ولا لقاحهُم إلا مُعَودة ... ذل الكلابِ وأن لا تسمنُ الفُصُلُ ذل الكلاب أن لا تنبح الأضياف، وأن لا تسمن الفصل لأنهم يسقون ألبان الأمهات، وقال آخر في مثله: وما يك فيّ من عيبٍ فإني ... جبانُ الكلبِ مهزولُ الفصيلِ وقال حاتم: إذا ما بخيلُ القومِ هرّت كلابُه ... وشقَّ على الضيفِ الغريبِ عقورها فإني جبانُ الكلبِ بيتي موطأ ... جوادٌ إذا ما النفسُ شحَّ ضميرُها وإن كلابي قد أقرت وعُودت ... قليل على من يعتريها هريرها وقال آخر وذكر ضيفاً: حبيبٌ إلى كلبِ الكريمِ مُناخُه ... كريهٌ إلى الكوماءِ والكلب أبصرُ يحب الكلب مناخه لأنهم ينحرون له فيأكل الكلب ويخصب، وتكرهه الناقة السمينة لأنها تخاف النحر، وقال ابن هرمة:

وفرحةٌ من كلابِ الحي يتبعها ... شحمٌ يزفُ به الراعي وترعيبُ الأسعر بن حمران الجعفي: باتتْ كلابُ الحي تنبحُ بيننا ... يأكلنَ دعلجةً ويشبعُ من عفا الدعلجة الاختلاف يقال بينهم دعلجة، وقال الحطيئة: تسدينها من بعد ما نام ظالع ال ... كلاب وأخبى ناره كل موقد الظالع من الكلاب لا يسفد حتى يسفد الكلاب كلها لضعفه، ويقال في مثل - أفعل ذاك إذا نام ظالع الكلاب - أي في آخر الأوقات لأن الظالع لا ينام إلا بعد الكلاب كلها، وقال حميد بن ثور وذكر امرأة: فقامت تعشى ساعة ما يطيقُها ... من الناسِ نامتها الكلابُ الظوالعُ وقال أبو ذؤيب وذكر امرأة: بأطيبِ من فيها إذا جئتَ طارقاً ... وأشهى إذا نامت كلابُ الأسافلِ قال الأصمعي: كلاب الأسافل يريد أسافل الأحوية يكون فيها الرعاء والكلاب وهم آخر من يهدأ، وقال رؤبة:

لاقيتُ مطلاً كنعاسِ الكلبِ ... وعدة عُجتُ عليها صحبي يقول مطلاً دائماً لأن الكلب تراه أبداً ناعساً مغضياً عينيه وإنما يفعل هذا بالنهار فإما بالليل فلا، وقال أبو حية وذكر فلاة: يكونُ بها دليلُ القومِ نجم ... كعينِ الكلبِ في هبىً قِباعِ هذه الأرض جدبة ذات غبرة لا تبصر فيها النجوم فينظر الدليل إلى النجم الذي يهتدي به كأنه عين الكلب إنما يبدو له منه شيء يسير كأنه عين الكلب لأن الكلب ناعس أبداً مغض، في هبى يعني النجم في نجوم هبى وهي التي تراها مظلمة من القتام والواحد هاب مثل غاز وغزى قباع قد قبعت في الغبار دخلت فيه ويقال للقنفذ إذا أدخل رأسه قد قبع. وقال الأخطل يهجو رجلاً: سَبنتَي يظل الكلبُ يمضغ ثوبه ... له في ديار الغانيات طريق السبنتي الجريء، ولذلك قيل للنمر سبنتي، يمضغ الكلب ثوبه من

أنسه به ومعرفته له، يريد أنه يخالف إلى جاراته فيدارى الكلاب بالشيء يطعمها إياه فهي آنسة به، وقال آخر: إني لعفٍّ عن زيارة جارتي ... وإني لمنشوءٍ إليَّ اغتيابها إذا غابَ عنها بعلُها لم أكنْ لها ... زؤوراً ولم تأنسْ إليَّ كلابها وقال الفرزدق: وضاربةٌ ما مر إلا اقتسمنه ... عليهنَ خوّاضَ إلى الطِنء مخَشفُ ضاربة كلاب، يقول إذا مر بهن أحد لريبة اقتسمنه بالنهش والخدش، والطنء الريبة والتهمة، مخشف سريع في أموره ومروره دليل يقال خشف يخشف خشفاً، وقال الأعشى - وهو أعشى تغلب واسمه عمرو بن الأيهم -: إذا حلّت معاويةٌ بن عمرو ... على الأطواءِ خنَّقتِ الكلابا يهجوهم يقول يخنقون الكلاب لئلا تنبح فيستدل بذلك الأضياف.

وقال الحطيئة: دفعَت إليه وهو يخنقُ كلبه ... ألا كلُ كلبٍ لا أبا لك نابحُ وقال الكميت: وأحلب إسمعيل فيها ومنذر ... بأوبط من كيدِ الفراشةِ والجُعَلِ ليستبعيا كلباً بهيماً مخزّماً ... ومن يك أفيالاً أبوته يفِلِ أحلب أعان، أوبط أضعف، يستبعيا يستعينا وأصل البعو الجناية يقال بعا عليهم فهو باع، بهيم أسود لا لون فيه غير لونه وجعله كذلك لأنه يقال إن الأسود البهيم شيطان، مخزم خزم أنفه بخزامة من ذله، شبه رجلاً بهذا الكلب، والأفيال واحدهم فيل وهو الكثير الخطأ، وأبوته آباؤه جمع أبا على فعولة كما يقال صقر وصقورة وحمو وحموة وكذلك أب وأبوة. أنشد أبو عبيدة: أرسلت أسداً على سودِ الكلابِ فقد ... أمسى شريدُهم في الأرض فُلاّد

قال لأن سود الكلاب أكثرها عقوراً ولذلك أمر بقتل الكلاب السود منها. قال وهي للذئاب وأنشد: " كخوفِ الذئبِ من سودِ الكلابِ " وأنكر على من يرويه: من بقع الكلاب، وأنشد غيره: إذا تخازرتُ وما بي من خَزرٍ ... ثم كسرتُ العينَ من غير عَورِ لقيتني ألوى بعيدُ المستمرِ ... أبذي إذا بوذيتُ من كلبٍ ذكرِ أسود قزّاح يغذّى في الشجر قزاح يقزح ببوله يزج به ويغذى ببوله. وقال الخذلي: أأجعلُ نفسي عدل عِلج كأنما ... يموتُ به كلبٌ إذا ماتَ أبقعُ

قال البقع شر الكلاب والتبقع هجنة وسوادها أكثرها عقوراً وهي للذئاب وهي شرها، وخيرها ما شاكه الأسد في لونه. وقال الراجز: كأنه ملبّسٌ درانكا ... يقصر يمشي ويطول باركا أراد يقصر ماشياً، ومما يتحاجى الناس به: ما شيء إذا قام كان أقصر منه إذا قعد، يريدون الكلب لأن قعوده إقعاء. وقال عمر بن لجأ: عليه حنوا قتَبٍ مستقدمٍ ... مقعٍ كإقعاءِ الكليبِ المعصِمِ وقال مزرد وذكر ضيفاً نزل به فأمر بإطعامه:

فجاءا بخرشاوى، شعيرٍ عليهما ... كراديسٍ من أوصال أعقد سافدِ الأعقد الكلب الرافع ذنبه على ظهره وإذا كان سافداً فهو أشد لهزاله وأخبث للحمه، أخبرك أنه قرى ذيفه لحم كلب، وقال ابن الأعرابي أراد تيساً. وقال مساور بن هند: إذا أسدية ولدت غلاماً ... فبشرها بلؤم من الغلامِ يخرّسها نساء بني دُبير ... بأخبث ما يجدنَ من الطعامِ ترى أظفارَ أعقد ملقياتٍ ... براثنُها على وضَمِ الثُمامِ يخرسها من الخرسة وهو ما تطعمه النساء يريد أنها تطعم لحم الكلب. وقال الفرزدق: إذا أسدى جاعَ يوماً ببلدةٍ ... وكان سميناً كلبُه فهو آكله وقال مساور: بني أسدٍ إن تُمحل العامُ فقَعس ... فهذا إذاً دهرُ الكلابِ وعامُها وقول العرب في مثل أمثالها " فلان يثير الكلاب عن مرابضها " يراد به لؤمه وطمعه وأنه يثيرها يطمع أن يجد في مواضعها شيئاً يأكله، ومن أمثالهم " ألأم من كلب على عَرق " ومن أمثالهم " سمن كلب في جوع أهله " وذلك إذا وقع في الإبل السُواف فماتت فأكل، وأنشدني الرياشي:

قد شيّب الرأسُ حتى ابيضَّ مفرقهُ ... أن قلتَ يا عمرو إني نابحُ الظّرِبِ وفسره غيره فقال هذا رجل به الكلب فهو ينبح على الظرب وهو دون الجبل، قال والكلب الكلِب إذا عض إنساناً إحاله نباحاً مثله ثم أحبله وألقحه بأجر صغار يراها علقاً في صورة الكلاب، وقال ابن فسوة عتيبة بن مرداس وكان به الكلَب فداواه ابن المحل فأخرج اجرى الكلاب علقاً مثل صور النمل فبرأ. لولا دواءُ ابن المُحِلّ وعلمه ... هررت إذا ما الناس هرَّ كليبُها وأخرج بعد الله أولاد زارعٍ ... مولّعة أكتافها وجنوبها الكليب جمع كلب مثل عبد وعبيد، وأولاد زارع الكلاب، وقال امرأة في رجل أصابه الكلَب: أبالك أدراصاً وأولاد زارعٍ ... وتلك لعمري نُهيةُ المتعجّبِ ويقولون أن دماء الملوك شفاء من الكلب، قال رجل من كندة لبني أسد في قتلهم حُجراً:

عبيد العصا حُبتم بقتل ربيبكم ... تريقون تامورا شفاء من الكلَب التامور الدم، وقال الفرزدق: ولو شرب الكلَبي المراض دماءنا ... شفتها وذو الخبل الذي هو أدنف وقال آخر: بُناة مكارم وأساة كلم ... دماؤهم من الكلَب الشفاء وقال دريد بن الصمة حين ضرب امرأته بالسيف ليقتلها فسلمت: اقرّ العين أن عُصبت يداها ... وما أن تعصبان على خضاب وابقاهن انّ لهن جنا ... وواقية كواقية الكلاب يقال أن على الكلاب واقية من عبث الصبيان والسفهاء بها، وقال آخر: إني وأتيي ابن غلاّق ليقريني ... كالغابط الكلب يبغى الطِرق في الذنب الغابط الذي يجسّ الموضع من الشاة لينظر أسمينة هي أم لا، والطرق الشحم، وقال أعرابي يوصي بكلبه: استوص خيراً به فإن له ... عندي يداً لا أزال أحمدها يدل ضيفي عليّ في غسق ال ... ليل إذا النار خف موقدها

أبيات المعاني في الأسد

أبيات المعاني في الأسد قال أبو زبيد يذكر الأسد: بِثنْيِ القريتيْنِ له عيالُ ... بنوه ومُلمِع نصف ضَروسُ الثِني العقبة، والملع التي قد قاربت أن تضع فاشرق ضروعها، ضروس عضوض يريد لبؤة، نصَف ليست بشابة. غُذين بكلِ منعفرٍ سليبِ ... يجاء به وقد نسَل الدريسُ نسل سقط، والدريس خلقان الثياب. رأى بالمستوى سفْراً وعيراً ... أُصيلالاً وُجنته الغميسُ أصيلالاً عشية، وجنته سترته، والغميس الأجمة التي ينغمس فيها وقيل الظلمة. تواصوا بالسَّرى هَجراً وقالوا ... إذا ما ابتزّ أمرَكم النعوسُ فإياكم وهذا العرق واسموا ... لموماة مآخذُها مليسُ يقول تواصلوا نصف النهار بأن يتحفظوا في سرى ليلهم من الأسد، والنعوس الذي يحرسهم فينام، والعرق واحد العراق، يقول سيروا في موماة ملساء فإن جاءكم الأسد رأيتموه. وحُقوا بالرحال على المطايا ... وضُمّوا كل ذي قَرنٍ وكيسوا

القرن الكنانة، يقول ضموا إليكم الرماة، ويكون أيضاً أن يضموا إليهم كلهم ذي قرن من أبلهم والقرن الحبل، وروى الأصمعي: وزموا كل ذي قرن - يقول اجعلوا الأوتار في أفواق سهامكم، ويقال يصف مخالبه: بسُمر كالمجالقِ في فُتوخٍ ... يقيها قَضةَ الأرضِ الدخيسُ السمر المخالب، والمحالق المواسي شبهها بها في حدتها، ويروى كالمعابل وهي نصال سهام، لي فتوخ في استرخاء ولين، والقضة الحصى الصغار، والدخيس اللحم الذي في كفيه. كأنّ بنحرهِ وبمنكبيْه ... عبيراً بات تعبؤه عروسُ العبير عند العرب الزعفِران، تعبؤه تهيئه. وقال يصف الأسد وما في عرينه: ومن فلائلٍ هامَ القومُ محتلِقاً ... بمستحى من أمينِ الجلدِ إتعابا الفلائل واحدتها فليلة وهي الخصلة من الشعر، بمستحى أي بمقشور من الجلد قشر بإتعاب وهو مفتعل من سحوت القرطاس أي قشرته. ومن سرابيلِ أهبابٍ مضرّجةٍ ... بصائكٍ من دمِ الأجوافِ قد رابا أهباب أخلاق من الثياب والصائك الدم الذي له ريح، راب أي غلظ كما يروب اللبن.

كأنَّ أثوابَ نقادٍ قُدرنَ له ... يعلو بخملتِها كهباءِ هُدّابا النقاد صاحب النقَد وهي الغنم الصغار، شبه جلد الأسد وشعره المتدلي بالقطيفة التي على الراعي. وقال يصفه حين زجره القوم: كأنما كان تأييها ليأتيهم ... في كل إيعادهِ يدنو تقرّابا التأييه الدعاء، يقول كأن زجرهم إياه ليتنحى عنهم فكأنه إنما كان ليأتيهم. وثارَ إعصارٌ هيجا بينهم وجلوا ... يضيء محراثُهم جمراً وإحطابا هذا مثل، يريد بالجمر نار الحرب بينهم، والمحراث ما حُرك به النار أي سلاحهم يستثير نار الحرب. وقال يصفه: وَرَدَ كأن على أكتادهِ حَرَجاً ... في قَرطفٍ من نسيلِ البُخت مخدورِ الكتد مغرز العنق في الكاهل، والحرج الهودج، شبه ما على كتده من الشعر بالحرج، والقرطف القطيفة، وقوله: من نسيل البخت أي هذا القطيفة متخذة مما نسل أي سقط من أوبار الإبل فقد جلل بها ذلك الهودج. أو ذا شصائبٌ في أحنائهِ شمَمٌ ... رخو الملاطِ غبيظاً فوق صُرصورِ الشصائب عيدان الرحل واحدها شصيبة، في أحناء الرحل وهي عيدانه، شمم أي ارتفاع، رخو الملاط أي لم يشد شداً جيداً والملاط

جنب البعير وهو هاهنا جنب الرحل، والغبيط مركب النساء، والصرصور البازل من الإبل ويقال هو الفالج ويقال ولد البختية من العربي. إذا تبهنس يمشي خلته وعثاً ... وعيَ السواعد منه بعد تكسير تبهنس تبختر، وعثاً يمشي في وعث وهو ما كثر فيه الرمل، وعي السواعد يقول كأنها كانت قد انكسرت ثم جبرت بعد. أقبل يريدي معاردي الحصانُ إلى ... مستعسبٌ أربُ منه بتمهيرِ الرديان ضرب من العدو، والحصان الفرس، والمستعسب مثل المستطرق من العسب أي أقبل هذا الأسد إلى هؤلاء القوم كما يقبل هذا الفرس إلى هذا الرجل الذي معه هذه الفرس الأنثى، أرب ذو إربة وحاجة، بتمهير بطلب مهر، وعسب الفحل وطرقه سواء. خان العذارَ بما في الرأسِ من طولٍ ... وسيّر الجلُ عنه أي تسييرِ أي قصر عنه عذاره لطول رأسه، وسير الجل أي ألقاه. وفي القوائمِ والأقربِ باقيةٌ ... منه هذاليل تبطين وتصديرِ الأقرب الخواصر، والهذاليل المقطَّع وقوله تبطين وتصدير يقول بقي من الجل في موضع البطان والتصدير، شبه الأسد بالفرس في هذه الحال.

وصاحَ من صاحَ في الأجلابِ وابتعثت ... وعاثَ في كبّة الوعواعُ والعيرِ الكبة الجماعة، والوعواع الصوت، وعاث أفسد، وابتعثت الإبل. فكعكعوهُنَ في ضيقٍ وفي دهشِ ... ينزون من بين مأبوضٍ ومهجورِ كعكعوهن كفوا إبلهم في ضيق، مأبوض مشدود بالإباض، وهو حبل يشد من العنق إلى الرجل. للصدرِ منه عويلٌ فيه حشرجةَ ... كأنما هي في أحشاءِ مصدورِ يريد هماهم الأسد كأنما هي في أحشاء رجل يشتكي صدره. وغودِرَ السيفُ لم يخرج وخِلته ... أهبابُ دام على السربالِ معفورِ خلة السيف بطانة جفنه وجمعها خلل، والأهباب الأخلاق المنقطعة، معفور قد انعفر في التراب. ثم استمرَ إلى تَرجٍ فأسندَه ... إلى فريسينِ ذي كفلٍ وذي كورِ أي مضى الأسد بهذا الرجل إلى ترج وهو موضعه، وأسنده إلى فريسين أي صريعين قد كان افترسهما قبل ذلك، ذي كفل يقول

كان مكتفلاً بكساء له، وقال في أخرى: تمهلِ رِبعياً وزايل شيخُه ... بمأربةٍ لما اعتلى وتمهرا تمهرا تثبت، ربعياً في أول شباب أبيه، وزايل أباه بمأربة أي قضى إربه منه، لما اعتلى أي قوي على الصيد، وتمهر ومهر سواء. وعايَشَه حتى رأى من قوامِهِ ... قَواماً وخلقاً خارجياً مصبّرا أي عايش الجرو أباه حتى رأى من استقامة خلقه، مضبراً موثقاً. تريبل لا مستوحشاً لصحابةٍ ... ولا طائشاً أخذا وإن كان أعسرا تريبل صار ريبالاً، والأسد لا يضرب إلا بشماله. خُبعِثنة في ساعديْهِ تزايلُ ... تقولُ وعيَ من بعدما قد تكسرا خبعثنة ضخم يقول كأن ساعديه كسرا ثم جبرا، وقوله يصف أسنانه: مطلن ولم يُلفتن في الرأس مثغَرا مطلن طولن والأسد لا يسقط أسنانه، وقال يصف الأسد: ينيخ نهار بالرفاق أي ينيخ الرفاق من خوفه نهاراً، وقال في أخرى يصف الأسد: له لِبَدٌ كاللبْدِ طارتْ رعابلاً ... وكتفانِ كالشرخينِ، عبل مضبرَ

اللبد ما تلبد من شعره على عنقه، والرعابل المتقطع، والشرخان عودان في مقدم الرحل وآخرته يتكئ عليهما الراكب والمضبر الموثق المحكم. كأنّ غضوناً من لهاهِ وحلقهِ ... مغار هَيام عُدمُليّ منهوّرِ الغضون ما تغضن بعضه على بعض من الجلد الذي فوق حلقه ولهاه، والهيام الرمل الذي يتناثر، والعدملي القديم، والمنهور الواسع أخذه من النهر، وقيل المنهور المتهدم، وقوله: كأن الجوش منه مشجّر الجوش والجاش الصدر، مشجر قد أدخل بعضه في بعض. يعرّد منه ذو الحفاظِ مدججاً ... ويحبقُ منه الأحمري المدوّرِ أي يفر الذي يحافظ على القتال، ويحبق يضرط الرجل الأحمر المدور السمين لأنه لا يقدر على الهرب فهو يضرط. يظلُ مُغِبّاً عنده من فرائسٍ ... رُفات حطامٍ أو غرضٍ مُشرشرِ يقال أغب اللحم إذا أنتن وغب أيضاً، غريض طري، مشرشر مقطع وقوله: وراح على آثارهم يتقمر أي يسير في القمر وينتظر أوبته. ففاجأهُمْ يستّنُ ثاني عطفه ... له غببٌ كأ، ما باتُ يمكر المكر المغرة، يقول كأنما خضب غببه بها، ويقال يمكر ينفخ يقال زق ممكور أي منفوخ، ومنه يقال امرأة ممكورة إذا كانت ممتلئة،

وقال كثير يذكر أسداً: يرى أن أُحدانَ الرجالِ غَفيرةٌ ... ويُقدم وسطَ الجمع والجمعُ حافلُ غفيرة أي يغتفر الواحد لا يلتفت إليه من احتقاره إياه، وقال أوس: ليث عليه من البرديّ هِبريةٌ ... كالمِزْبراني عيّالٌ بآصالِ الهبرية ما تطاير من البردي، والمزبراني الشديد الزبرة وهو يعنيه كما تقول رأيت رجلاً ذي الهيئة، وأنت تعنيه والعيال يعيل أي يتبختر في مشيته يقول يتبختر بالعشيات، وقال مالك بن خالد الهذلي: يحمي الصريمةُ أُحدانَ الرجالِ له ... صيدٌ ومستمعٌ بالليلِ هَجّاسِ الصريمة موضع هاهنا، أحدان الرجال ما انفرد منهم، يقول لا يمر في هذا الموضع إلا الجماعة، ويقال الصريمة رميلة فيها شجر. وقال زهير: يصطاد أحدانُ الرجالِ فما ... تنفكُ أجريه على ذُخْرِ أجريه يغنى جراءه، على ذخر من لحوم الناس وقال العجاج: ليث غاب لم يرم بأبس الأبس أن يصغّر الرجل ويحقر.

يقال أبسه أبساً وأبّسته تأبيساً مثله، وقال الفرزدق: هزبر هريت الشدق ريبال غابه ... إذا سار عزّته يداه وكاهله ريبال يصيد وحده، يقال خرج الناس يتريبلون إذا خرجوا للغارة والسرق متخففين، غابة أجمة إذا سار من قولك هو يسور، عزته يداه وكاهله أي صار أعظم شيء فيه، وقال أبو النجم يصف أسداً: كان سفّافاً بخوص سفَفَاً ... من سعفَ النخل كميتاً سعفا السفاف الذي يعمل السفيف من الخوص أراد سفف سعفاً كميتاً من سعف النخل فقدم النعت، كميت أحمر، يقول السعف يابس قد احمر. ناطَ على المتنيْنِ منه خصفاً ... وابتزَّ منه الصدرُ بطناً أهيفا ناط علّق على متني الأسد، خصفاً أي جلال الواحدة خصفة وسميت الجلة بذلك لأنها تخاط، وابتز منه - يقول: صدره عظيم وبطنه خميص فكأن الصدر غلب البطن على السمن. وإن رآهُ مدلجُ تلهّفا ... وصدّقَ الظنَ الذي تخوّفا تلهف قال والهفاه، وصدق الأسد خوفه: عدواً وإلهاباً يمد الطفطفا يقول إذا امتد في عدوه امتدت خواصره. كأن عينيْه إذا ما ألغفا ... الشعريان لاحتا بعد الشَفا

ألغف وألعف أولع به ويقال ألغف وألعف ولغ في الدم وهما سواء وشبههما بالشعريين بعد دنو الشمس للمغيب لأنهما في أول الليل حمراوان ثم تبيضان بعد ذلك في الليل، يقول فعيناه حمراوان، وقال عمرو بن معدي كرب: بعفُروسٍ تبادرهُ يداهُ ... وصمصامٌ يصممُ في العظامِ العفروس الأسد تبادره يداه أنه اضبط يعمل بيديه جميعاً عملاً واحداً، وقال لبيد: أو ذو زوائدٍ لا يطاقُ بأرضِه ... يغشى المهجهجُ كالذَنوبِ المرسلِ في أرساغه زوائد مثل الزوائد في الأصابع، والمهجهج الذي يصيح به ويزجره، يقول يغشاه ولا يباليه كالذنوب وهو الدلو قد أرسل في سرعته. وقال القطامي: لعل الصيدَ سوف يصيرُ شثناً ... يبينُ حين ينهِمُ أو يقومُ يقول لعلك تطلب صيداً فتقع على أسد، والشثن الغليظ الكف. وقال ابن هرمة يصف أسداً: مطرقاً يُكذِبُ عن أعدائه ... ينقضُ الكلم إذا الكلم التأمَ يكذب عنهم إذا قال إنسان لأعداء هذا الأسد من القوم أنه لا يقدم عليهم جبناً أكذب هو ذاك وظهر منه أنه إنما امتنع من الإقدام عليه -؟ - لخبث الأسد وشدته، وقال الأعشى:

فلم يسبقوه أن تلافي رهينةً ... قليلُ المساكِ عنده غير مفتدي يقول ارتهن من القوم رهينة قليل البقاء عنده لا يفتدي نفسه منه كما يفتدى الأسير. فأسمع أولى الدعوتيْنِ صحابَه ... وكان التي لا يسمعون لها قَدي يقول دعا فأسمع ثم دعا ثانية لم يرفع بها صوته حتى أتى على نفسه وكانت قد، أي حسب، وقال رجل من بني أسد: رضينا بحظِ الليثِ طُعماً وشهوةً ... فسائل أخا الحلفاءِ إن كنتَ لا تدري بنو أسد تعير بأكل لحوم الكلاب والأسد يأكل الكلاب ويحرص على لحومها، وأخو الحلفاء الأسد لأنه يسكن الحلفاء في الغياض، وقال الشاعر - الفرزدق: إذا أسديّ جاعَ يوماً ببلدةٍ ... وكان سميناً كلبُه فهو آكلهُ وقد مر في هذا أبيات في باب الكلاب. وقال ساعدة بن جؤية يذكر أسداً: إذا احتضرَ الصُرمُ الجميع فإنه ... إذا ما أراحوا حضرةَ الدارِ ينهدُ أي إذا احتضروا نهدلهم، ومثله: لما رأى العدو نهدلهم، يريد أراحوا إبلهم حضرة الدار، والصرم هم الجماعة من البيوت، والجميع أهل الحِواء ما بين ثلاثين بيتاً إلى أربعين بيتاً، يريد أنه ينهض إليهم إذا اجتمعوا وأراحوا إبلهم فهدرت ولم يكترث لهم جرأة وشجاعة. وقاموا قياماً بالفجاجِ وأوصدوا ... وجاءَ إليهم مقبلاً يتورَّدُ

أوصدوا صاروا في الوصيد وهو الفناء، أراد حضروا الدار، يتورد يغشاهم في بيوتهم، والفجاج الطرق. يقصّم أعناقَ المطيّ كأنما ... بمفرجٍ لحييه الزِجاجُ الموتدُ يقول كأن زجاج الرماح وتدت مكان أنيابه، يقصم يكسر، وقال مالك بن خالد الهذلي: يا ميُّ لا يعجز الأيام مجترئ ... في حومة الموتِ رزّام وفرَاسُ أحمي الصريمة أُحدان الرجال له ... صيد ومستمع بالليل هجّاسُ مجترئ من الجرأة، رزام يرزم على قرنه أي يبرك، والصريمة رميلة فيها شجر، وأحمي جعلها حمي يقال أحميت المكان جعلته حمى لا يقرب، ومستمع نعت له بكسر الميم، والهجس الاستماع. الأصمعي قال أنشدني عيسى بن عمرو: يصطاد أُحدان الرجالِ وإن يجدَ ... ثناءهم يفرحُ بهم ثم يزددُ وقال أبو الطمحان القيني وذكر أسداً: يظلُتغنيه الغرانيقُ فوقه ... أباء وغيل فوقه متآصِرُ يقول هو في أجمة فيها طير الماء فهي تصوت واحدها غُرنَيق. وقال المعطل الهذلي: كأنهم يخشونَ منك محرَّبا ... بحليةٍ مشبوحِ الذراعينِ مهزَعا المحرب المغيظ، يعني أسداً، مشبوح الذراعين عريضهما، مهزع مدق يقال تهزعت عظامه إذا تكسرت.

أبيات المعاني في الغراب

له أيكةٌ لا يأمنُ الناسُ غينُها ... حمى رفرفاً منها سباطاً وخِروعا قال الأصمعي: لا أدري ما الرفرف هاهنا. وقال غيره الأيكة الشجر الملتف والرفرف أصله ما انعطف واسترخى أراد ما تهدل من غصون الشجر، والخروع النبت الناعم الأخضر، والسباط الممد. وقال أبو زُبَيد يصف أسداً: أقبلَ يردي معاً رَدْي الحصانِ إلى ... مستعسبٍ أربٍ منه بتمهيرِ وقال الكميت: صارتْ هناك لبصريّيكَ دولتُهم بعد الذي أنتَ فيه الهترك البِيد الهترك الأسد، والبيد الذي يبيد كل شيء. أبيات المعاني في الغراب قال كعب بن زهير: وحَمشَ بصيرُ المقلتينِ كأنه ... إذا ما مشي مستكرهَ الريحِ أقزلَ حمش يعني الغراب يقول هو دقيق الساقين، مستكره الريح أي يستقبل الريح وترده، والأقزل الأعرج. يكادُ يرى ما لا ترى عينٌ واحد ... يثير له ما غيّب الترب مِعولَ

يقول يبلغ نظره ما لا يبلغه واحد، معول منقار مثل الفأس يستخرج به ما في التراب. الغردة جمع غِرد وهو كمء صغير ويقال له مُغرود والجمع مغاريد وقالوا غِرْد وغِرَدة كما قالوا فِقْع وفِقَعة للكمأة أيضاً ويقال فقع أيضاً بفتح الفاء، قالوا الغراب أعرف شيء بموضع الكمأة. وقال النابغة: ولرهطِ حرّابٍ وقدٍّ سُورة ... في المجدِ ليس غرابُها بمطارِ السورة الفضيلة والشرف، ليس غرابها بمطار أي هو ثابت، فهذا مثل أصله أن المكان إذا وصف بالخِصب وكثرة الشجر والنخل قيل لا يطير غرابه، يراد أنه يقع في المكان فيجد ما يشبع به فلا يحتاج إلى أن يتحول عنه فضربه مثلاً لمجدهم أي مجدهم ثابت كثير. وقال آخر: يا عجباً للعجبِ العجابِ ... خمسةُ غربانٍ على غرابِ هذا رأى خمسة غربان على غراب بعير قد مات، والغراب رأس الورك المتصل بالصلب، وهو من الإنسان الحرقفة ومن الفرس القطاة. وقال: سأرفع قولاً للحصينِ ومالكٍ ... تطيرُ به الغربانُ شطرَ المواسمِ

يريد هجاء يسير به الركبان نحو المواسم، والغربان غربان الإبل واحدها غراب وهو مقعد الراكب، وقال ابن ميادة: ألا طرقَتْنا أمُ أوسٍ ودونها ... حِراج من الظلماءِ يعشى غرابُها خص الغراب لصحة بصره، يقال أبصر من غراب وأصفى عيناً من غراب، فإذا عشى الغراب من هذه الظلمة فكيف غيره، وإنما قيل للغراب أعور لحدة بصره على الضد كما قيل للحبشي أبو البيضاء وللفلاة مفازة، قال الكميت: نطعمُ الجيألَ اللهيدَ من الكُو ... مِ ولم ندعْ من يشيطُ الجَزورا والحوارُ التِمام ذا السر منه ... ن صحاح العيونِ يدعينَ عورا الجيأل الضبع، واللهيد من الكوم مثل الحسير، يشيط ينحر، ونطعم الحوار صحاح العيون يعني الغربان، وقال آخر لرجل طويل العمر صحيح البدن: قد أصبحتْ دارُ آدمٍ خربت ... وأنت فيها كأنك الوتدُ تسألُ غربانُها إذا حجلتْ ... كيف يكون الصداعُ والرمدُ

خص الغراب بالمسألة لصحة بصره وبدنه يقال فلان أصح من غراب، وقال أبو الطمحان: إذا شاءَ راعيها استقى من وقيعةٍ ... كعين الغرابِ صفوها لم يكدَّرُ وقال آخر: قد قلت يوماً للغرابِ إذ حجل ... عليك بالقُودِ المسانيف الأولُ تغدَ ما شئت على غير عجل المسانيف المتقدمات يقول للغراب تغد مما عليها فإنها قد تقدمت الإبل والركاب فليس أحد يعجلك ولا ينفرك. وقال آخر في مثله - والرجز للاجلح ويقال للجليح بن شميذ -: تقدمُها كل عَلاةٍ عِليانِ ... حمراءٍ من معرّضات الغربانِ علاة مشرفة وإذا قيل كعلاة القين فهو الصلاية، والعلاة السندان، حمراء يقال أجلد الإبل وأصبرها الحمر، معرضات مهديات من العُراضة وهي الهدية يعني أن الناقة تتقدم الإبل فتأكل الغربان من التمر الذي عليها لتباعدها من الحادي، وقال الكميت يمدح رجلاً في غزاته: في داره حين يغدو من وضائِعه ... مالَ تنافسه الغربانُ والرَخمُ

يقول إذا حسر بعير أو وجيت دابة ترك ذلك للسباع والطير ولم يرج شيئاً منها ولم ينحره لسرعته في السير، وقال الراعي: بملحمةٍ لا يستقلُ غرابُها ... دفيفاً ويمشي الذئبُ فيها مع النسرِ الملحمة موضع القتال، لا يستقل غرابها أي لا يطير مخلفاً فيذهب ولكنه يطير عن قتيل ويقع على آخر، وقوله ويمشي الذئب فيها مع النسر يقول قد تملأ النسر فليس يقدر على الطيران كما قال في العقاب: قَرى الطيرَ بعد الناس زِيد فأصبحتُ ... بساحةِ زِيدٍ ما يدف عقابها أي لا يقدر على الدفيف لشبعه وثقله، وكما قال الآخر - تأبط شراً: وعناقُ الطيرِ تهفو بطاناً ... تتخطاهم فما تستقلُ وقال آخر لناقته: فمثلكَ أو خير تركت رذيةً ... تقلبُ عينيْها إذا مر طائرُ يعني الغراب وذلك أنه يقع على دبر الإبل، والعرب تسمي الغراب ابن داية لأنه إذا وجد دبرة في ظهر البعير سقط عليها ونقرها حتى يبلغ الدايات، وقال أبو حية: وإذا تحلّ قتودَها بتنوفةٍ ... مرّت تُليحُ من الغرابِ الأعورِ

تليح تُشفق من الغراب الأعور لوقوعه على الدبر وإذا كان بظهر البعير دبرة غرزوا في سنامه إما قوادم ريش أسود وإما خرقاً سوداً ليفزع الغراب فلا يقع عليه، وقال الشاعر - وهو ذو الخرق الطُهَوي: لما رأتْ إبلي جاءت حمولتُها ... هَزلي عِجافاً عليها الريشُ والخِرقُ وقال آخر: كأنها ريشةٌ في غاربِ دبِرٍ ... في حيث ما صرفتها الريحُ تنصرفُ وقول الآخر: يهبُ الجيادُ بريشِها ورعائها ... كالليلِ قبل صباحه المتبلّجِ فأنه لم يرد ريش الدبر وإنما أراد ريشاً يغرز في أسنمتها علامة لها وذلك إذا كانت الملك فدفعها وأراد تشريف صاحبها، ويروى أن نابغة بني ذبيان رجع من عند النعمان بن المنذر وقد وهب له من عصافيره بريشها. وقال الراعي يذكر إبلاً دبرة: رأيتَ رُدافيّ فوقها من قبيلةٍ ... من الطيرِ يدعوها أحمُّ تشُخوجِ يقول يقع الغراب على دبرها، رُدافى ما ترادف، أحم غراب أسود، وقال الفرزدق:

الأبيات في التطير من الغربان

إذا ما نزلنا قاتلت عن ظهورِها ... حراجيجُ أمثالِ الأهلة شُسَّف يقول يقع الغربان على دبرها فتقاتل عن ظهورها، وحراجيج مرفوع لأنها فاعلة ولم يذكر المفعول، شسف يابسة، وقال الأخطل وذكر إبلاً: إذا كلفوهُنَ الفيافي لم يزل ... غرابٌ على عوجاءٍ منهن أو سَقب عوجاء اعوجت من الهزال، والسقب الصغير، يقول هن يتقدمن فيقع الغربان على الدبرة منهن والجنين الذي تلقيه، وقال يصف نساءً: نواعمٌ لم يقظنَ بجُدّ مَقل ... ولم يقذفنَ عن حفّضٍ غرابا الجد البئر جيدة الموضع من الكلاء، والحفض البعير الذي يحمل عليه القوم متاعهم وكل ردى وسقط من متاع أو غيره فهو حفض، والغراب يقع على البعير الدبر يقول فهن لا يرمين الغراب لأنهن خفرات. الأبيات في التطير من الغربان وغيرها قال المرقش - السدوسي: ولقد غدوتُ وكنتُ لا ... أغدو على واقٍ وحاتمِ فإذا الأشائمُ كالأيا ... من والأيامنُ كالأشائمِ الحاتم الغراب لأنه يحتم بالبين والفراق، وقال عوف بن الخرِع:

ولكني أهجو صفي بن ثابتٍ مثبّجة لاقت من الطيرِ حاتما والواقي الصرد. وقال آخر: وليس بهيّابٍ إذا شدّ رحلَه ... يقولُ عداني اليوم واقٍ وحاتمِ ولكنه يمضي على ذاك مقدماً ... إذا صدّ عن تلك الهناتِ الخُثارمِ الخثارم المتطير من الرجال، وأنشد الأصمعي: وهوّن وجدي إنني لم أكن لهم ... غرابَ شمالٍ ينتفُ الريشَ حاتما يقال مر له طير شمال أي طير شؤم. وقال الطرماح: وجرى بالذي أخاف من البي ... ن لعين ينوض كل مناضِ صيدحيِ الضحى كأن نساهُ ... حين يحتثُّ رجله في إباضِ اللعين الغراب، ينوض يذهب، صيدحي في صوته من صدح يصدح، والغراب يوصف بشنج النسا، يقول فهو يحجل إذا مشى كأنه مأبوض والإباض حبل يشد من رسغ البعير إلى مأبضه. وقال ذو الرمة يصف الغربان: ومستشحجاتٌ بالفراقِ كأنها ... مثاكيلٌ من صُيابةِ النوبِ نوح مستشحجاتٌ غربان استُشحجن فشحجن، شبهها بنساء مثاكيل من النوب وصيابة النوب خالصهم يقال فلان من صيابة قومه

أي من صميمهم، وإنما قيل غراب البين لأنه إذا بان أهل الدار للنجعة وقع في موضع بيوتهم يلتمس ويتقمم فتشاءموا به وتطيروا إذا كان يعتري منازلهم إذا بانوا، ويقال إنما سمي غراب البين لأنه بان عن نوح عليه السلام واغترب، وليس شيء مما يزجرونه من الطير والظباء وغيرها أنكد منه ولست تراه محموداً في شيء من الأحوال ويشتقون من اسمه الغُربة. قال الشاعر: دعى صردٌ يوماً على غصنٍ شوحطٍ ... وصاحَ بذاتِ البينِ منها غرابُها فقلتُ أتصريدٌ وشحطٌ وغُربةٌ ... فهذا لعمري نأْيُها واغترابُها وقال سوار بن المضرب: تغنى الطائرانِ بنأي سلمى ... على غضنيْن من غَربٍ وبانِ فكان البانُ أن بانَتْ سليمى ... وبالغربِ اغترابٌ غيرُ دانِ فزجر في الغرب الغربة كما زجر الآخر في الغراب الاغتراب. وقال الآخر، وهو جران العود: جرى يومٌ جئنا بالركابِ نزفّها ... عقابٌ وشحّاج من الطيرِ مَتيْحُ شحاج غراب، متيح يأتي من كل وجه.

فأما العقابُ فهي منها عقوبةٌ ... وأما الغرابُ فالغريبُ المطرّحُ فهذا كما ترى وقد زجر في العقاب الشر. وقال آخر: وقالوا عقابٌ قلتُ عُقبى من النوى ... دنتْ بعد هجرٍ منهم ونُزوحُ فزجر - في - العقاب الخير، ثم قال: وقالوا حمامٌ قلتُ حُمّ لقاؤها ... وعادَ لنا حلو الشبابِ مروحُ وقالوا تغنّى هدهدٌ فوق بانةٍ ... فقلتُ هدى يغدو به ويروحُ فالشاعر إن شاء جعل العقاب وإن شاء جعله عقبى خير، وإن شاء جعل الحمام حِماماً وحمَّى وإن شاء قال حم لقاؤها، ولم نرهم زجروا في الغراب شيئاً من الخير، قال الكميت: وكان اسمُكم لو يزجرُ الطير عائف ... لبينكم طيراً مبينةَ الفالِ أي اسمكم جذام والزجر فيه الانجذام وهو الانقطاع، وقال يمدح زياداً:

واسمُ امرئ طيرهُ لا الظبي معترضاً ... ولا النغيقُ من الشحاجةِ النُعُبِ يقول اسمه زياد فالزجر فيه الزيادة، والشحاجة الغربان. قال الشماخ: وظلَ غرابُ البيْنِ منقبضَ النسا ... له في ديارِ الجارتيْنِ نغيقُ أي شنج النسا، وقال العجاج: نَحي حييّاً بعد ما تلهّفا ... وخالَ جريَ الشاحِجاتِ تَلفا الشاحجات الغربان أي تطير منها وخالها تُجرى بالتلف، ويقال شحَج الغراب إذا أسن فغلظ صوته. وقال سلامة بن جندل أو علقمة: ومن تعرَّضَ للغربان يزجرُها ... على سلامتِه لا بد مشؤومُ وقال الكميت: ألِلورُقُ الهواتفُ أم لباك ... عمٍ عمّا يُزَن به غَفولُ الباكي الغراب يقول يزن أنه ينعب بالفراق وهو غافل عن ذلك، وقال زبّان بن سيار:

الأبيات في سائر ما يتطير منه وما يستدفع به

تعلَّم أنه لا طيرُ إلا ... على متطيرٍ وهو الثُبورُ بلى شيء يوافق بعض شيءٍ ... أحاييناً وباطلُه كثيرُ يقول هذا للنابغة وكان خرج معه للغزو فرأى جرادة فقال تَجرد وذات ألوان، فانصرف متطيراً ومضى زبان فغنم وسلم فلما قفل قال شعراً فيه هذان البيتان، وكانوا لا يأكلون لحم الغراب لإفراط بغضهم له ويعير بعضهم بعضاً بأكله. وقال وعلة الجرمي: لهانَ العام ما غيرتمونا ... شِواء الناهضاتِ مع الخبيصِ فما لحمُ الغرابِ لنا بزادٍ ... ولا سرطانِ أنهارِ البريصِ الأبيات في سائر ما يتطير منه وما يستدفع به قال امرؤ القيس: مرسعةٌ وسطَ أرباعِهِ ... به عسَمٌ يبتغي أرنبا ليجعلَ في كفِه كعبَها ... حِذارِ المنية أن يعطّبا كانت العرب في الجاهلية تقول من علّق عليه كعب أرنب لم تصبه عين ولا نفس ولا سحر وكانت عليه واقية من الجن لأن الجن تهرب منها للحيض ولا تمتطيها، وقال عروة بن الورد:

وكانوا إذا دخل أحدهم قرية خاف منالجن أهلها أو من وباء الحاضرة أشد الخوف إلا أن يقف على باب القرية فيعشر كما يعشّر الحمار في نهيقه ويعلق عليه كعب أرنب، وقال آخر: ولا ينفعُ التعشيرُ في بابِ قريةٍ ... ولا دعدعٌ يغني ولا كعبُ أرنبِ دعدع كلمة تقال عند العِثار، وقالت امرأة يهودية: وليس لوالدةٍ نفثها ... ولا قولها لابنها دعدعِ فربكَ يحدث أحواله ... وربكَ أعلمُ بالمَصرعِ وقال آخر: هل ينفعنَكَ اليوم إن همَّتْ بهم ... كثرةٌ ما توصى وتَعقاد الرَتَمِ الرتم شجر وكان الرجل إذا خرج في سفر عمد إلى هذا الشجر فعقد بعض أغصانه ببعض فإذا رجع من سفره وأصابه على تلك الحال قال لم تخني امرأتي وإن أصابه قد انحلّ قال خانتني، وأنشد: إلى سنا نار وقودها الرتم وهذا من فعلهم كالزجر، وقال آخر: يزيلُ على غِرّاتِ أشوسٍ يتَّقى ... يرى الطيرَ لو يحزو له الطيرَ عائف

يقول يرى الطير تجري له بما بيني وبينها لو يجزو له الطير عائف من نفسه لعرف ذاك، ويحزو يزجر هو الحازي، والعائف، وكان أصل التطير في الطير وكذلك الزجر بأصواتها وعددها والتفلّي والتنتف ثم صاروا إذا عاينوا الأعور والأعضب والأبتر زجروا، وزجروا بالسنوح والبروح، وقال رؤبة: يشقى بيَ الغيران حتى أحسبا ... سيداً مغيراً أو لَياحاً مُغرَبا يقول يخافني الغيران على حرمته كما يُخاف الذئب على الغنم، واللياح الثور الأبيض، وكانوا يتشاءمون بالمغرب الذي تبيض أشفاره، يقول لا يقدر على النظر إليّ، وقال أيضاً: قد علمَ المرْهِيئون الحمقا ... ومن تحزَّى عاطساً وطَرقا أن لا نُبالي إذ بدرْنا الشرقا ... أيومَ نحسٍ أم يكونُ طَلقا المرهيئون المهيئون يقال جاء بشهادة مُرَهْيَأة، والتحزي التكهن، وكان يتطيرون بالعطاس والطَرق، والطرق طرق الحصى والتخطيط بالأصابع، يقول إذا غدونا غدوة فبدرنا الشرق لم نتطير، والطلق السهل، ومنه يقال طلق اليدين.

وقال الهذلي - ربيعة بن الجحدر: وخَرقٌ إذا وجّهتَ فيه لغزوةٍ ... مضيتُ ولم تحسبكَ عنه الكَوادسُ الكوادس العواطس، يقال كدس إذا عطَس. وقال امرؤ القيس: وقد اغتدى قبل العطاس بهيكل أي قبل أن ينتبه إنسان فيعطس فأتطير منه، وقال الكميت وذكر الصائد والثور: فتماري بنبأةٍ من خفي ... بين حِقفيْنِ كلّفته البكورا عطسةُ العائفِ الذي بمناهٍ ... حِسبَ الفألِ فألُها المزجورا النبأة الصوت الخفي، والخفي الصائد، والحقف ما اعوج من الرمل، والعطسة كلفت الصائد زجر الفأل على مناه فقال: لأصيبن خيراً اليوم فبكّر. وقال العجاج: قالت سليمى لي مع الضوارسِ ... يا أيها الراجمُ رجم الحادِسِ بالنفس بين اللُجَم العواطسِ

هذا مثل، كانوا يتطيرون من العطاس فإذا عطس العاطس قالوا قد ألجمه، كأن العطسة تلجمه عن حاجته. وقال ابن الأعرابي، يقال عطست فلاناً اللجم، أي أصابه الهلاك الذي تُطيِّر له به فمات، قال واللجم دوبية صغيرة. وقال رؤبة: ولا أبالي اللَجم العَطوسا وقال آخر: إنا أناسٌ لا تزال جزورُنا ... لها لجم عند المباءةِ عاطسُ يريد أنا ننحرها فكأن اللجم عطس لها فأسابها الهلاك. وقال طرفة: لعمري لقد مرَتْ عواطسٌ جمّةٌ ... ومر قُبيل الصبحِ ظبيٌ مصمَّعُ عواطس أشياء عطست يتشاءم بها، والظبي أيضاً يتشاءم به، مصمع صمعت أذنه أي صغرت والأذن الصمعاء الصغيرة، ويروي مصمع أي ذاهب مسرع، يقال صمّع إذا عدا. وعجزاً دفَّت بالجناحِ كأنها ... مع الفجرِ شيخٌ في بجادٍ مقنَّعُ

عقاب جعلها عجزاء لبياض عجزها، دفت ضربت بجناحها، يجاد كساء والعقاب يتشاءم بها أيضاً. فلن تمنعي رزقاً لعبدٍ يصيبُه ... ولن تدفعي بؤسي وما يتوقَّعُ وقال ذو الرمة: جرى أدعَجُ الروقيْنِ والعين واصح ال ... قرى الخديْنِ بالبيْنِ بارحُ بتفريقِ طيّاتِ تُياسِرْنَ قلبُه ... وشق العصا من عاجلِ البيْنِ قادحُ يعني ثوراً جرى بالفراق وهم يتشاءمون به، أدعج الروق أسوده، واضح القرى أبيضه، والسُفعة في الخد كل لون يخالف سائر لونه، تياسرن قلبه اقتسمن قلبه من الميسر والميسر الجزور نفسه، والقادح أكل يقع في العصا، بارح جرى من يساره وكانوا يتشاءمون بالبارح، وقال الرياشي الشعراء المتقدمون كانوا يتشاءمون بالسانح، وأنشد ابن قميئة: وأشأم طير الزاجرين سنيحها وهذيل تتشاءم بالسانح، قال أبو ذؤيب: أرِبتُ لإربته فانطلقْتُ ... أزجي لحبِ الإيابِ السنيحا قوله أربت لإربته أي كانت لي حاجة في حاجته فمضيت معه،

أزجي أدفع عني الطير، يقول مضيت معه لا أتطير من السنيح فذاك إزجاؤه، يقول كنت ذا إربة في الغزو كإربة صاحبي والإربة الحاجة، فذكرت له بيت أبي داود يصف الحمار والأتان: قلتُ لما نَصلا من قنةٍ ... كذبَ العيرُ وإن كان برَحَ وقلت إنهم كانوا يفسرونه بأن الحمار جرى بارحاً بحرمان الصيد فقال أبو داود كذب فيما صنع يعني من البروح ولكني سأصيده، فقال بل أراد أن العير جرى لنفسه بارحاً كأنه تيمن بالبروح ورجا السلامة وكذب فيما قدّر لأني سأصيده، وقال زهير وذكر الظباء: جرت سُنحاً فقلتُ لها: أُجيزي ... نوى مشمولة فمتى اللقاءُ أجيزي أي مرّي يقال جاز وأجاز إذا ذهب، نوى مشمولة أي ليست على القصد كأنه أخذ بها نحو الشمال، ويقال في مشمولة إنها من الريح الشمال والعرب تتشاءم بها لأنها تفرق السحاب، والقول هو الأول ألا ترى الهذلي يقول: زجرتُ لها طيرَ الشمالِ فإن يكنْ ... هواكَ الذي تهوي يصيبكَ اجتنابُها وقال كثير: أقولُ إذا ما الطيرُ مرّت مُخيفةً ... سوانحُها تجري وما أستثيرُها فدتكَ ابن ليلى ناقتي حدث الردي ... وراكبها إن كان كون وكُورها

مخيفة ومخيلة أي موهمة، يقول لا أزجرها لآثيرها ثقة بك وعلماً بأنك لا تأتي ما أكره وإن جرت السوانح به، وقال الكميت يصف قومه: وفي نهاوند قد حلوا بمغتفِر ... زجر البوارح بالإيمان والنُعب بمغتفر كأنهم غفروا زجر الظباء والغربان أي لم يعملوا به وأبطلوه ومضوا على الإيمان والتوكل، يريد أنهم مؤمنون لا يتطيرون. وقال كثير وذكر خطة: غموم لطير الزاجريها أريبة ... إذا حاولت ضر الذي الضغن ضَرّت غموم أي غامرة للزجر تشكل عليهم ولا يقدر زجر الطير. وقال ابن أحمر: ألا قلّ خير الدهر كيف تغيرا ... فأصبح يرمي الناس عن قرن أعفَرَا يقول كأنما يرميهم عن قرن غزال والغزال يتشاءم به. وقال أيضاً: زجرت لها طيراً فيزجر صاحبي ... وأقول هذا أزائد لم يحمَد

لم يحمد لم يأت موضعاً محموداً. آخر: قامتْ تباكي لأن مرّتْ بنا أصُلاً ... بجانبِ الدَوّ أسرابٌ من العينِ قالت أبو مالكٍ أمسي ببلقعةٍ ... تسفي الرياحُ عليه غير مدفونِ فبيَّنتُ صدقَ ما قالت وما نطقتْ ... وصاحبُ الدهرِ في خفضٍ وفي لينِ هذه امرأة مرت بها ظباء فتشاءمت بها فقالت لعل أبا مالك أمسى في هذه الحال، ثم جاءها الخبر عنه بنحو مما خافت فقال فبينت صدق ما قالت، وصاحب الدهر في خفض في اتضاع مرة وفي لين أي في خير مرة أخرى. وقال الفرزدق لناقته: إذا قطنا بلغتِنيه ابن مدركٍ ... فلاقيتِ من طيرِ الأشائمِ أخيَلا الأخيل الشِقِرّاق وهو يتشاءم به ويقال بعير مخيول إذا وقع الأخيل على عجزه فقطعه. وقال هو أو جرير:

ويقطع أضعاف المتون أخايله أراد - إذا - أنتِ بلغتني هذا الممدوح لم أُبَل بهلكك كما قال ذو الرمة: إذا ابنَ أبي موسى بِلالا بلغتِه ... فقامَ بفاسٍ بين وِصليكَ جازِرُ وكما قال الشماخ: إذا بلغتِني وحملت رحلي ... عرابةَ فاشرَقي بدمِ الوتينِ وقال كعب بن زهير: فما نلتني غدراً ولكن صبحتنا ... غداةَ التقيْنا في المضيقِ بأخيلِ أي لقيتنا بشؤم كالأخيل، وقال الأعشى: انظر إلى كفٍّ وأسرارَها ... هل أنتَ إن أوعدتني ضائري الأسرار خطوط الكف وكانوا ينظرون إليها فيستدلون بها وقال الكميت: وانظُر إلى أسراِ ك ... فٍ أجمٍ مقلومِ الأظافرِ الأجم الذي لا سلاح معه، وكذلك المقلوم الأظافر وإنما يريد نفسه أي انظر إلى أسرار كفك فإنه أجم مقلوم الأظافر

الأبيات في العقاب

فهل تقدر لي على ضر. وقال جرير: وما كانَ ذو شَغبٍ يمارسُ عيضا ... فينظُر في كفَّيْه إلا تندُّما العيض الغيضة، شبه حسبهم به فينظر في كفيه يقول إذا تعيّف فنظر في كفيه علم أنه لاق شراً. الأبيات في العُقاب قال أبو كبير: ولقد غدوْتُ وصاحبي وحشية ... تحت الرداءِ بصيرةٌ بالمشرفِ حتى انتهيتُ إلى فراشِ عزيزةٍ ... سوداءِ روثةٍ أنفها كالمِخصفِ وحشية يريدها ريحاً، عزيزة يعني عش العقاب، والمخصف المِخرز، وقال طفيل: تبيتُ كعقبانِ الشُريّفِ رجالهُ ... إذا ما نووا إحداثَ أمرٍ معطِّبِ أي تبيت الرجال معدة للغدوّ كما تبيت هذه العقبان، معطب مهلك، وقال الشماخ وذكر الحمير: كأن متونهُنَ مولِّياتٍ ... عصيّ جناحٍ طالبة لَموعِ عصي أصول الريش شبه متونهن في استوائها وانملاسها بقصب

الريش وذلك لأن في متونهن خطوطاً سوداً، طالبة يعني عقاباً، لموع تلمع بجناحها. فما تنفكُ حول عويرضاتٍ ... تجرّ برأسِ عِكرِشةٍ زموعِ العكرشة الأرنب الأنثى، والذكر خُزَز، زموع يقال مسرعة في عدوها ويقال زموع تطأ على زمعاتها وهي مواضع الثنن من الدواب وذلك هو التوبير وإنما تفعله لئلا يعرف أثرها. تطارد سِيدَ غاباتٍ ويوماً ... تطاردُ سيدَ قاراتِ الجموعِ يقول هذه العقاب تطارد الذئاب وذلك لأنها تقع على القتلى والذئاب عليها. وقال يذكر وكر العقاب: ترى قطعاً من الأحناشِ فيه ... جماجمهن كالخَشْلِ النزيعِ الأحناش الحيات واحدها حنش، والخشل المقْل الواحدة خشلة، وروي عن الأصمعي أنه قال الخشل ما انكسر من رؤوس الأسورة والخلاخيل شبه رؤوس الحيات به. وقال المسيب بن علَس: أنتَ الوفي بما تُذِم وبعضهم ... يودي بدمتهِ عقابُ ملاعِ تذم تعطي من الذمة، ملاع يقال امتلعه إذا اختلسه، أخرجه مخرج

حذار أي كأن ذمته طارت بها عقاب. ومثله - لامرئ القيس: كأنّ بني شيْبان أودَت بجارُهم ... عقاب تَنَوفا لا عقاب القَواعلِ تنوفا ثنية مشرقة والقواعل ثنايا صغار، وقال عمرو بن معدي كرب يصف خيلا ً: بساهمةٍ خصبْنَ بجادياتٍ ... سوابقهن كالحِداء الشحاحِ شحّت أن يسبقها شيء، والحدأ جمع حدأة، وقال جران العود: عقاب عقنباة كأن وظيفها ... وخرطومها الأعلى بنار ملوَّحَ عقنباة سريعة الخطفة، خرطومها منسرها، ووظيفها ساقها، أراد أنهما أسودان، وقال امرؤ القيس يصف فرساً: كأني بفتخاءِ الجناحيْنِ لقوةٍ ... صيودٍ من العقبان طأطأت شيمالي كأن قلوبَ الطيرِ طباً ويابساً ... لدى وكرِها العنابِ والحشفِ البالي يقول كأني بطأطأتي هذه طأطأت فتخاء وهي العقاب سميت

بذلك لفتخ في جناحها والفتخ اللين إذا انقضت، وشيمال وشملال خفيفة. قال أبو عبيدة أُراه أراد شمالي فزاد ياء كما قالوا: من يانع الثيمار أراد الثمار، ويقال فلان يطأطئي في ما له أي يسرع، والقلوب أطيب ما في الطير فهي تأتي به فراخها. وقال الأعشي وذكر فرسه: وكأنما تبعُ الصوارِ بشخصِها ... عجزاً ترزُق بالسُلّيّ عِيالها أي كأنما تبع الصوار حين تبعته الفرس عقاب، وعجزاء في أصل ذنبها بياض، أبو عبيدة: عجزاء شديدة الدابرتين، والسلي واد دون حجر، وعيالها فراخها. وقال أبو خداش الهذلي: كأني إذ غدوا ضمَّنتُ بزي ... من العقبانِ خائِتَة طَلوبا بزي سلاحي، يقول كأن ثيابي حين غدوت على عقاب من سرعتي، خائتة تسمع لجناحها صوتاً إذا انقضّت. جريمةُ ناهضٍ في رأس نيقٍ ... ترى لعظامٍ ما جمَّعت صليبا جريمة كاسبة، يقال فلان جارم أهله أي كاسبهم، ناهض فرخ،

قال الله عز وجل " لا يجر منّكم شنآن قوم " أي لا يكسبكم، والصليب الودك ولهذا مصلوب أي يسيل ودكه. رأتْ قنصاً على فوتٍ فضمّت ... إلى حيزومها ريشاً رَطيبا على فوت أي كاد الصيد يفوتها، الرطيب الناعم، والحيزوم الصدر، أي كسرت جناحها لتنقضّ حين رأت الصيد. فلاقتْه ببلقعةٍ بَراحٍ ... فصادمَ بين عينيْه الجَبوبا أي رفعته ثم أرسلته فصادم الجبوب أي الأرض. وقال آخر يصف فرساً: هو سِمع إذا تمَطر مشياً ... وعقابٌ يحثّها عِسبارُ السمع ولد الذئب من الضبع، والعسبار ولد الضبع من الذئب، وقوله وعقاب يحثها عسبار يريد أن العسبار يسرع في عدوه فتسرع العقاب في طلبه فكأنه هو حثها. وقال ابن كُنَاسة يصف فرساً: كالعقابِ الطلوبِ يضربُها الطلُّ ... وقد صوّبتُ على عِسبارِ وقول الهذلي: فلو أن أمي لم تلدني لحلّقتْ ... بي المُغرِب العنقاء عند أخي كلبِ قال بعضهم العنقاء المغرب لأنها تأتي من مكان بعيد

وكانت أمه كلبية فأسره رجل من كلب أراد قتله فلما انتسب له خلي سبيله، وقوله لحلقت بي المغرب أي هلكت كما يقال شالت نعامته. وقال أبو ذؤيب: فألقى غِمدَه وهوى إليهم ... كما تنقضُّ خائتة طَلوبِ خائتة منقضة يقال سمعت خَوَات القوم أي أصواتهم وخوات العقاب أي انقضاضها وسمي الرجل خَواتاً من ذلك وأنشد: يخوتون أولى القوم خوت الأجادل موقّفة القوادمِ والذنابي ... كأن سراتَها اللبنِ الحليبِ يقول في قوادمها وذنبها بياض وظهرها أبيض وهي شر العقبان، والخالصة هي الخُدارية وهي السوداء وخدر الليل سواده، وأنشد الأصمعي: لها ناهضٌ في الوكرِ قد مهّدتْ له ... كما مَهدتْ للبعلِ حسناً عاقرُ العاقر أشد تصنعاً للزوج وأحفى به لا ولد لها تدل به ولا يشغلها عنه، وقال الهذلي وذكر فرخي عقاب فقدا أمهما: فُريخيْنِ ينضاعان في الفجرِ كلما ... أحسَّا دويّ الريحِ أو صوتَ ناعبِ ينضاعان يتحركان ومنه تضوع المسك كأنه تحركه، في الفجر لأنه وقت حركة الطير.

الأبيات في النسر

الأبيات في النسر قال النابغة: إذا ما غزا بالجيشِ حَلَق فوقه ... عصائبُ طيرٍ تهتدي بعصائبِ قال: النسور والعقبان والرخم تتبع العساكر تنتظر القتلى لتقع عليهم فإذا لم تحم النسور على الجيش ظنوا أنه لا يكون قتال. جوانحٌ قد أيقنّ أن قبيلة ... إذا ما التقى الجمعانِ أول غالبِ وهذا إسراف في القول: يصانعنهم حتى يُغرنَ مُغارهم ... من الضارياتِ بالدماءِ الدواربِ قوله يصانعنهم يقول النسور تسير معهم فلا تؤذي دابة ولا تقع على دبرة فهذا مصانعتها لهم، والدوارب المعتادة من الدربة وهي الضراوة. تراهُنَ خلفَ القومِ زُوراً عيونها ... جلوسَ الشيوخِ في مُسوك الأرانبِ الشيوخ ألزم للفراء لرقتهم على البرد والأرانب لينة المس، قالت امرأة في زوجها " المسّ مسّ أرنب ".

قال الأصمعي " في ثياب المرانب " وهي ثياب يقال لها المرنبانية إلى السواد ما هي، شبه ألوان النسور بها. لهنَّ عليهم عادةٌ قد علمنها ... إذا عرَضَ الخَطيّ فوق الكواثبِ الكاثبة من المنسج أمام القَرَبوس يقول إذا عرضت الرماح على الكواثب علمت النسور أن ذلك لرزق يساق إليها، وقالت الهذلية تذكر قتيلاً: تمشي النسورُ إليه وهي لاهيةٌ ... مشي العذارى عليهن الجلابيبُ تقول النسور في خلاء ليس فيه شيء يذعرها فهي آمنة لا تعجل، وقال الجعدي وذكر قتيلاً: تَوهّن فيه المضرِحية بعدما ... رويْنَ نجيعاً من دمِ الجوفِ أحمرا توهن يريد تثقل من كثرة أكلها فلا تقدر على النهوض فتصير كالمَوهون، والمضرحية العتيق النجار وأراد النسور ويقال رجل مضرحي أي عتيق النجار، وقال أبو خراش وذكر سيفاً: به أدع الكمي على يديْه ... يخرّ تخاله نسراً قَشيبا قشيب خلط له السم بطعم، يقال قشب له إذا خلط له السم ليصاد به، ومثله لطفيل:

الأبيات في البازي والصقر

كساها رطيبُ الريشِ من كل ناهضٍ ... إلى وكره وكل جونٍ مُقَشّبِ المقشب نسر جعل له القشب في الجيف ليصاد، ناهض حديث السن وفيه غبرة، والجون الأسود وإذا كبرت سنه ود، وقال ساعدة: أريُ الجَوارسَ في ذؤابة مِشرفٍ ... فيه النسورُ كاتحبّي المَوكبِ يقول قد نزلت النسور فيه لوُعورته فكأنها موكب قعدوا محتبين مطمئنين، يعني ركباً. الأبيات في البازي والصقر قال أبو وجزة يذكر بازياً: وخائفٌ لحِماً شاكاً براثنه ... كأنه قاطمُ وَقفيْنِ من عاجِ القطم العض بمقدم الأسنان، والوقف السوار، والعاج الذبل ويقال أنه ظهر السلحفاة البحرية، وقال ذو الرمة يذكر الحمير في عدوها: كأنهنَ خوافي أجدل قرمٍ ... ولّى ليسبُقَه بالأمعزِ الخرَبُ الأجدل الصقر، والخرب الذكر من الحباري، والخوافي ما كان

من ريشه دون الريشات العشر اللواتي يكن في مقدم الجناح، والقرم الذي يشتهي اللحم، أراد: ولي الخرب ليسبق الأجدل، شبّه سرعتهن بسرعة هذا الصقر القرم حين ولى الخرب ليسبقه فطلبه. وقال أيضاً: كما نَفَضَ الأشباحَ بالطرفِ غدوة ... من الطيرِ أقني أشهل العين واقعُ يقال: انفض الأرض أي انظر هل ترى فيها عدوّاً أو صيداً، أقنى في أنفه قنا، وقال الراعي يصف البازي: مملمٌ كمُدقّ الهضبِ منصلتٍ ... إذا تفرّقنَ عنه وهو مندفعُ يسبقنَ بالقصدِ والإيغالِ كرّته ... ولا يكادُ إذا ما فاتَ رتجعُ يقول إذا حمل البازي فجاوزهن قصدن وحمل هو فأخطأ فمضى، يقول إذا مضى مضيّه لم يكد يرجع من شدة حمله وكذلك البازي: وظل بالحزنِ لا يَصري أرانبه ... من حدِ أظفارِه الجُحرانُ والقَلَعُ الجحران الجِحرة والقلع جمع قلعة وهو البل، لا يصري لا ينجي. وقال أبو النجم وذكر راعي الإبل: صُلب العصا جافٌ عن التغزلِ ... كالصقرِ يجفو عن طِراد الدُّخْلِ يقول لا يحسن مغازلة النساء يجفو عن ذلك كما يجفو الصقر عن صيد الدخل، هو ابن تمرة. وقال عنتر وذكر فرساً:

كأنه بازٌ دَجْنٌ فوق مرقبةٍ ... جلّى القطا فهو ضارٌ سملقٌ سَنِقُ البازي يوم الدجن وهو يوم إلباس الغيم أشد طلباً للصيد، ضار سملق أي معتاد للصيد في السملق وهو الصحراء، سنق بشم. وقال المرار: تأملَ ما تقولُ وكتُ قِدماً ... قُطامياً تأمله قليلُ القطامي الصقر وهو يكتفي بنظرة واحدة. وقال العجاج: يقلبُ أولاهنَ لطَم الأعسرِ ... قلبَ الخراساني فروَ المفتري المفتري اللابس الفرو، شبّه جناحي البازي بكميه إذا خلع فروه. وقال يذكر بازياً:

بحِجناتٍ يتثقّبن البُهَر ... كأنما يمزّقنَ باللحم الحوَرِ حجنات مخالب معقفة يقال ناب حجن إذا كان معوجاً، يتثقبن يثقبن، البهر جمع بهرة وهي الوسط، يمزقن يشققن، والحور جلود تدبغ بغير القرظ وهي لينة، يقول كأنما تمزق هذه المخالب مزقهن اللحم الحور، يريد أنها تسرع تمزيقه. وقال رؤبة: لما رأتني راضياً بالإهمادِ ... كالكُرّزِ المربوطِ بين الأوتادِ الإهماد السكون ولزوم البيت، وهو في موضع آخر سرعة السير وهذا حرف من الأضداد. قال الراجز - ويروى لرؤبة أيضاً: ما كان إلا طَلَقُ الإهمادِ ... وجذبُنا بالأغرُبِ الجيادِ والكرز بالفارسية الحاذق المجرب يقال له كره فعرب وأراد البازي الذي قد شُد لئلا يطير حتى يسقط ريشه. وقال أيضاً: البُوه تحت الظلة المرشوش البوه طائر مثل البومة فيقول كأني طائر قد تمرط ريشه من الكبر فرشّ عليها الماء بالفم ليكون أسرع لنبات ريشه وإنما يفعل هذا بالصقورة خاصة. وقال امرؤ القيس:

يا هند لا تنكحي بوهة يقال أنه أراد هذا الطائر شبه الرجل الجاهل به، وقال كثير: فما زلتم بالناس حتى كأنهم ... من الخوف طير أخذأتها الأجادل أخذأتها أذلتها ياقل أخذأت فلاناً أي ذللته، والأجادل الصقور. قال رؤبة: إذا تعرّقْنا لحاءِ العظمِ ... أريت عينيْه غَرام الغُرمِ واضطرَّه من أيمني وشؤمي ... صرة صرصارِ العتاق القُتمِ تعرقنا لحاء العظم يريد بلغنا الغاية كما تقول بلغ السكين العظم، أريت عينيْه غَرام الغُرمِ أي الغمرة، تقول العرب للذي يرى ما يكره رأي العمى، والصرة صوت الصقر، يقول اضطره هذا الوقع مني إلى ما يكره، والأقتم في لونه، أنشد ابن الأعرابي: إليكَ أشكو لزَبابٍ مغلقٍ ... وحادياً كالشّيذقانِ الأزرقِ يريد الصقر، وقال أبو خراش: ولا أمغر الساقينِ ظلَّ كأنه ... على محزئلاّتِ الأكام نصيلُ يعني الصقر وما ارتفع فقد أحزأل، والنصيل الحجر قدر الذراع ونحوه، وقال زهير وذكر صقراً: ثم استمر فأوفى رأس مَرقبة

الأبيات في الرخم

الأبيات في الرخم قال الكميت: وذات اسميْنِ والألوانِ شتى ... تُحمق وهي كيِّسة الحَويل ذات اسمين يريد أنها تسمى رخمة وأنوقا، والحويل الحيلة، قال المفضل الضبي، قلت لمحمد بن سهل راوية الكميت ما معنى هذا البيت؟ وأي كيس عند الرخمة؟ ونحن لا نعرف طائراً ألأم لؤماً ولا أقذر طعمة ولا أظهر موقاً منها، فقال محمد وما حمقها؟ وهي تحفظ فرخها وموضع بيضها وطلب طعمها واختيارها لبيضها من المواضع ما لا يبلغه سبع ولا طائر وهي تحضن بيضها وتحمي فراخها وتحب ولدها ولا تمكن إلا زوجها وتقطع في أول القواطع وترجع في أول الرواجع ولا تطير في التحسير ولا تغتر بالشكر ولا تُرِبّ بالوكور ولا تسقط على الجفير، أما قوله تقطع في أول القواطع وترجع في أول الرواجع فإن القُناص إنما يطلبون الطير بعد أن يعلموا أن القواطع قد قطعت فتقطع الرخمة ويستدلون بها فتنجو سالمة إذ كانت أول طالع عليهم، وأما قوله ولا ترب بالوكور فإنه يقول الوكر لا - يكون - إلا في عرض الجبل وهي لا ترضى إلا بأعالي الهضاب حيث لا يبلغه أحد، قال أبو نوفل: من الطير المرِّبة بالوكور يقال أرب بالمكان إذا لزمه، وأما قوله ولا تغتر بالشكر فإنه أراد

أنها تدع الطيران أيام التحسير فإذا نبت الشكير وهو أول ما ينبت من الريش لم تتحامل به حتى يصير الشكير قصباً، والجفير الجعبة، يقول لا تسقط في موضع تراها فيه لأنها تعلم أن فيها سهاماً، وقال الكميت: لا تجعلوني في رجائي ودّكم ... كراجٍ عن بيضِ الأنوقِ احتبالها يقول لا تجعلوني كمن رجا ما لا يكون، احتبالها صيدها بالحبالة فقد رجا ما لا يكون، وقال الأعشى: يا رخماً قاظَ على ينكوبٍ ... يُعجِّل كفُ الخارئ المُطيبِ المطيب الذي يستطيب أي يستنجي تعجله عن الاستنجاء لأنها تأكل العذرة، وقال آخر: حتى إذا أضحى تدرَّى واكتَحَلَ ... بجارتيْه ثم ولَّى فنثَلَ رزق الأنوقين القرنَبي والجَعَلَ أي نثل رزقاً لها يعني العذرة وهي تقتاتها. وقال الأنوقين والأنوق الرخمة، ثم فسرهما فقال القرنبي والجعل

الأبيات في الحباري

وليس يسمى القنبي ولا الجعل أنوقاً ولكنه سماهما أنوقين لأنهما يأكلان العذرة كما تأكله الرخمة. وقال الكميت يهجو رجلاً: أنشأت تنطقُ في الأمو ... رِ كوافدِ الرَّخَم الدوائرِ إذ قيلَ يا رخم انطقي ... في الطيرِ إنكِ شرُّ طائرِ فأتتْ بما هي أهلُه ... والعِيُّ من شَللِ المُحاورِ الدوائر التي تدور إذا حلقت، وقوله: إذ قيل يا رخم انطقي أراد قول الناس إنك من طير الله فانطقي، وصير العيّ كالشلل. الأبيات في الحباري قال أبو الأسود: وزيد ميتٍ كمد الحباري ... إذا ظعنت هُبَيدة أو مُلمُّ يقال في مثل " مات فلان كمد الحباري " والحباري إذا تحسرت وألقت ريشها مع إلقاء الطير ريشه أبطأ نبات ريشها فإذا طار الطير ورامت هي الطيران فلم تقدر ماتت كمداً، وملم مقارب للموت. وقال الراعي: حلفَتْ لهم لا تحسبونَ شتيمتي ... بعيني حباري في حبالةِ مُعزِبِ رأتْ رجلاً يسعى إليها لحملقَتْ ... إله بمأقي عينِها المتقلبِ

المعزب الصائد لأنه لا يأوي إلى أهله، حملقت قلّبت حملاق عينها. والمعنى أن شتمكم إياي لا يذهب باطلاً فأكون بمنزلة الحباري التي لا حيلة عندها إذا وقعت في الحبالة إلا تقليب عينيها وهي من أذل الطير، ونحو منه قول الكميت: وعيد الحباري من بعيدٍ تنفَّست ... لأزرقٍ معلولِ الأظافرِ بالخَضبِ وقال الراعي: تنوشُ برجليْها وقد بلَّ ريشُها ... رشاش كغسلِ الوفرةِ المتصبّبِ تنوشُ برجليْها أي تضرب بهما، والغسل الخطمي يريد سلحت على ريشها، ويقال في المثل " أسلح من حباري " ولها خزاية بين دبرها وأمعائها لها فيها سلح رقيق لزج فمتى ألح عليها الصقر سلحت عليه فصار كالدبق في جناحه وبقي كالمنتوف فعند ذلك تجتمع الحباريات عليه فينتفن ريشه كله وفي ذلك هلاكه. وقال الشاعر: وهم تركوكَ أسلح من حباري ... وهم تركوكَ أشرد من نعامِ وقال متمم بن نويرة:

وأرملةٌ تمشي بأشعثٍ مُحثَلٍ ... كفرخ الحباري رأسُه قد تصوَّعا محثل صبي قد أسيء غذاؤه وشبهه بفرخ الحباري لأنه قبيح المنظر منتف الريش. آخر: وكل شيءٍ قد يحب ولدَه ... حتى الباري فتطير عَنَدَهُ الحباري يضرب بها المثل في الموق قال فهي على موقها تعلم ولدها الطيران وإذا أرادت أن تعلمه ذلك طارت يمنة ويسرة وهو ينظر ليتعلم، وقوم يظنون أن الكروان ابن الحباري لقول الشاعر: ألم ترَ أن التَّمر بالزبدِ طيبٌ ... وأن الحباري خالةُ الكروانِ والعرب تقول: أطرقُ كراً أطرقُ كرا ... إن النعامَ في القرى كراً ترخيم كروان تقلب الواو ألفاً لانفتاحها وانفتاح ما قبلها وكذلك ترخيم قطوان تقول يا قطا أقبل، وهذا مثل يضرب للرجل الحقير الصغير القد يتكلم في الأمر الذي غيره أولى بالكلام فيه فيقال " أمسك فقد جاء من هو أكبر منك وأولى بالقول " والكروان أيضاً سلاح، قال بعض بن أسد لمصدق: يا كرواناً صُكّ فاكَبأَنا ... فشن بالسلعِ فلما شنّا

الأبيات في المكاء

بل الذّنابي عبساً مُبِنّا أصل العبس البعر، فأراد سلحه، مبناً له بنّة أي رائحة. الأبيات في المكّاء قال ذو الرمة وذكر يبس البقل: وظل للاعَيس المزجي نواهضُه ... في نفنفِ اللوحِ تصويبُ وتصعيدُ الأعيس يريد المكاء في لونه، يزجي يسوق فراخه لتنهض وإنما يكون هذا عند يبس البقل. وقال أيضاً في مثل هذا: ولم يبقَ من منقاضِ رُقشٍ توائمٍ ... من الزغبِ أولادِ المكاكي واحدُ منقاض موضع انقياض البيض، رقش يعني بيضه، توائم أزواج لسن بأفراد، والزغب الفراخ يقول استقللن فطرن في هذا الوقت والمكاء يذكر في الزمان الذي تسميه العوام الربيع وهو الوقت الذي تصوت - فيه - وتسافد، قال: كأن مكاكيّ الجواء غدية ... نشاوى تساقوا بالرياحِ المفلفلِ أراد بالرياح الراح فزاد ياء، شبهها بنشاوى لكثرة أصواتها وغنائها. وقال آخر:

الأبيات في الحمام وغيرها من الطير

إذا غرَّدَ المكاءُ في غيرِ روضةٍ ... فويلٌ لأهل الشاءِ والحُمُراتِ يقول إذا أجدب الزمان ولم يكن روضة يغرد فيها فغرد في غير روضة فويل لأهل الشاء. وقال كثير يذكر ناقة: تمطو الجديلَ إذا المكاكي بادرتْ ... جُحل الضبابِ محافر الأدحالِ يقول يدخل المكاء جحر الضب لشدة الحر، جُحل جمع جهل وهو العظيم من الضباب والأدحال جمع دحل وهو الغار. الأبيات في الحمام وغيرها من الطير قال ذو الرمة: أرى ناقتي عند المحصَّبِ شاقها ... رواحُ اليماني والهديلُ المرجّعُ أي نفر اليمانية ينصرفون، والهديل هاهنا أصوات الحمام، أراد أنها ذكرت الطير في أهلها فحنت إليهم. وقال جران العود: كأن الهديلَ الظالعَ الرجلِ وسطها ... من البغي شَريب بغزة منزَفِ

الهديل هاهنا الفرخ بعينه، والشريب الكثير الشرب، وقال الكميت لقضاعة في تحولهم إلى اليمين: وما مَن تهتفينَ به لنصرٍ ... بأقربِ جابةٍ لك من هَديلِ العرب تقول كان في سفينة نوح فرخ فلما دف طار فوقع في البحر فغرق الطير فالطير كلها تبكي عليه، قال: يبكي بقارعة الطريق هَديلا جابة إجابة ويقال في المثل " أساء سمعاً فأساء جابة ". وقال ابن مقبل: في ظهر مَرتْ عساقيلُ السرابِ به ... كأن وَغرَ قطاه وَغرَ حادينا أصواتُ نسوانٍ أنباط بمصنعةٍ ... يجّدن للنَّوحِ واجتنَبْنَ التبابينا يجدن لبسن البُجُد، شبه أصوات قطاه لكثرتها بأصوات حُداة. وشبه أصوات الحمام بأصوات نساء من النبط مثاكيل. وقال جران العود: واستقبلوا وادياً صوت الحمام به ... كأنه صوت أنباط مثاكيل ثم ذكر موضع المصنعة فقال:

في مشرفٍ ليط ليّاق البلاطِ به ... كانت بشاشتهُ مُهدَى قرابينا يقول تلك المصنعة للنصارى يتعبدون فيها في مشرف، ليط ألصق، ولياق البلاط ما لصق منه يقال ما يليق بك هذا وما يليط سواء، ويقال لاقت الدواة أي لصقت، ويروى: ليط ليّوق، وهو مثله، والقرابين جمع قربان وهو ما يقترب به النصارى، يقول كأن حسن ذلك الموضع وأنسه بإهداء القربان وإيقاد المصابيح وضرب النواقيس: صوتُ النواقيسِ ما تفرّطه ... أيدي الجلاذيْ وجُون ما يُغفِّينا الجلاذي قوَّامه وخدَّامه واحدهم جلذي. وقال ابن الأعرابي إنما سمي جلذياً لأنه حلق وسط رأسه فشبه ذلك الموضع بالحجر الأملس وهو الجلذي، وقال ابن الأعرابي ولم نزل نظن أن الجون في هذا البيت الحمام - وما يغفين من الهدير حتى حُدّثت عن بعض ولد أبي بن مقبل أن الجون القناديل سميت بذلك لبياضها، والجون الأسود والأبيض ويقال الشمس جَونة أي بيضاء، ما يغفين ما ينطفئن، ما تفرطه أي ما تفرط هؤلاء الخدام في قرع النواقيس. وقال النابغة: واحكَم كحكمِ فتاةِ الحي إذ نظرتْ ... إلى حمامٍ شراعٍ واردِ الثَمدِ

احكم كن حكماً، كفتاة الحي يقال أنها زرقاء اليمامة إذ نظرت ثم قالت فأصابت والثمد الماء القليل: قالت فيا ليتَ ما هذا الحمامُ لنا ... إلى حمامتِنا أو نصفُه فقَدِ يحفّها جانبا نيق وتُتبعه ... مثلَ الزجاجةِ لم تكحَّل من الرمدِ النيق الجبل، يقول كان الحمام في موضع ضيق قد ركب بعضه بعضاً فهو أشد لعده، أو نصفه أرادت ونصفه " أو " بمعنى الواو. فقد حسب وتتبعه عيناً مثل الزجاجة، لم تكحل من الرمد لم يكن بها رمد فتكحل منه مثل قول الآخر: على لا حب لا يُهتدي بمناره فحسّبوه فألفوه كما زعمتْ ... تسعاً وتسعين لم تنقص ولم تزدِ فكمّلتْ مائةً فيها حمامتُها ... وأسرعتْ حسبة في ذلك العددِ نظرت هذه المرأة إلى حمام مر بها بين جبلين وكان ستاً وستين فقالت ليت لي هذا الحمام ونصفه وهو ثلاث وثلاثون إلى حمامتي فيتم

لي مائة فنظروا فإذا هو كما قالت، يقوا النابغة للنعمان فليكن نظرك في أمري وحدسك عما بُلِّغت عني كنظر هذه المرأة وحدسها. وقال ذو الرمة: ألا ظعنت ميٌّ في هاتيكَ دارُها ... بها السُحم تَردي والحمام الموشَّمُ كأن أنوفَ الطيرِ في عرصاتِها ... خراطيمُ أقلامِ تخط وتعجمُ السحم الغربان، والموشم به وشوم ونقط تخالف لونه، وشبه مناقير الطير بأطراف الأقلام. وقال الراعي يصف نفسه: كهُداهد كَسَر الرماةُ جناحَه ... يدعو بقارعةِ الطريقِ هديلا وقعُ الربيعُ تقاربَ خطوهُ ... ورأي بَعقوَته أزلّ نسولا هداهد حمام يهدهد في صوته ولم يرد الهدهد، يقول قد كُسر جناحه فهو لا يستطيع البراح، قارعة العقيق أعلاه. وقال أبو ذؤيب: فليتهمُ حذّروا جيشَهم ... عشيةَ هم مثل طيرِ الخَمَرِ أي يُختَلون ويُستتر لهم كما يستتر للطير في الخمر، والخمر كل ما واراك من شيء شجراً كان أو غيره، والضراء ما واراك من شجر.

وقال آخر: أمن ترجيعِ قاريةٍ تركتُم ... سباياكم وأبتم بالعَناقِ القارية طير أخضر والجمع قَوار، أي فزعتم لما سمعتم ترجيع هذا الطائر فتركتم سباياكم وأبتم بالخيبة، والعناق الخيبة. وقال الكميت: ودوية أنفذت حضني ظلامها ... هدّوا إذا ما طائرُ الليلِ أبصرا أنفذت قطعت، وطائر الليل يريد الخشاف. وقال رؤبة: إذا تداعى في الصِمادِ مأتمُه ... أحنّ غِيرانا تنادي زُجّمُه الصمد الغليظ المرتفع يقع عليه البوم، ويقال: البوم ينوح على الأفراط وهي إكام صغار يقع عليها، والمأتم جماعة النساء، شبه البوم بنساء ينحن، أحن غيرانا قال الأصمعي لا أدري ما معناه، ويقال زجم له بشيء يعرفه من كلام وهو الذي تسمع الصوت به ولا تدري ما هو، وقال غيره: أحن غيرانا - يريد أن البوم إذا صوتت حنت الغيران بمجاوبة الصدى وهو الصوت الذي تسمعه من الجبل أو من الغار بعد صوتك. وقال زهير:

وبلدةٌ لا ترام خائفةَ الف ... وّادِ مغبرةً جوانبِها تسمع للجنِ عازفيْنَ بها ... تضبح من رهبةِ ثعالبِها الفواد جمع فياد -؟ - ويقال أنه ذكر البوم. قال الأعشى: يؤنسني صوت فيّادها إذا كان الفياد بها خائفاً فكيف غيره. وإنما يوصف أصوات البوم والهام والصدى بالليل. قال رؤبة: وصيحت في ليله أصداؤه ... داعٍ دعا لم أدرِ ما دعاؤه الصدى ذكر البوم، يقول دعا فلم أدر ما دعا، وقال ذو الرمة: وأسودٌ ولاجٌ لغير تحيةٍ ... على الحي لم يُجرم ولم يحتمل وزرا قبضتْ عليه الخمس ثم تركته ... ولم أتخذ إرساله عنده ذخرا يعني الخطاف. وقال الطرماح: فيا صبحَ كمّش غُبّر الليلِ مُصعِدا ... ببمّ ونبّه ذا العفاء الموشحِ

إذا صاحَ لم يخذل وجاوب صوتَه ... حماشُ الشوي يصدحنَ من كل مصدحِ كمش ارفع، وغبر الليل بقاياه، وصعداً مرتفعاً ذاهباً، والعفاء الريش، والموشح الذي وشح بشيء غير لونه يعني الديك، إذا صاح لم يخذل يعني أن الديوك تجيبه من كل ناحية، وقال آخر: ماذا يؤرقني والنومُ يعجبني ... من صوتِ ذي رعثاتٍ ساكن الدارِ

كأن حُمّاضةً في رأسهِ نبتتْ ... من آخرِ الليلِ قد همّت بإثمارِ يعني ديكاً والحماض أحمر، وأنشد: والشيب بالحناء كالحماض وقال جرير: لما تذكّرتُ بالديريْنِ أرَّقني ... صوتُ الدجاجِ وقرعٌ بالنواقيسِ يقول أرقني انتظار الديوك أن تصدح وقرع النواقيس أن تضرب فأرحل. فلم يرد أن الديوك صوتت والنواقيس ضربت فأرقته أصواتها. وقال لبيد يصف راكباً: فصدهم منطق الدجاج عن ال ... قصد وضرب الناقوس فاجتنبا يقول ما سمعوا ذلك عدلوا ليعرسوا والتعريس آخر الليل. وقال آخر: وبلدة يدعو صداها هندا قوله هند حكاية صوت الصدى إذا صاح فقال هن هن، ومثله قول رؤبة: كالبحر يدعو هَيقما وقَيقما حكي صوت أمواجه، ومثله:

تسمع للجن فيه زِيرَ يزَما حكي أصوات الجن، وأما قول أبي داود: سَلَّط الموتُ والمنون عليهم ... فلهم في صدَى المقابرِ هامُ فإنهم كانوا يزعمون أن الميت إذا دفن خرج من قبره طائر مثل الهامة فلا يزال يصيح على قبره بالليل حتى يقتل من قتله ويدرك بثأره، ويقال أنهم كانوا يزعمون أن عظام الموتى تصير هامة فتطير. أبو عمر قال وكانوا يسمون ذلك الطائر الصدى، والهام والصدى واحد. وقال أمية بن أبي الصلت: غيمٌ وظلماً وفضلُ سحابةٍ ... أيام كفّن واسترداد الهدهدُ يبغي القرارُ لأمه ليكنها ... فبنى عليها في قفاهِ يمهدُ

أبيات المعاني في القطا

فيزال يذبح ما مشى بجنازة ... منها وما اختلف الجديد المسندُ الأعراب يزعمون أن أم الهدهد لما ماتت قبرها في رأسه فأعطاها الله القُزّعة ثواباً على بره بأمه وستر تلك الوهدة وأن نتن رائحته من تلك الجيفة. وقال العجاج: ذا النهارُ كفَّ ركض الأخيل ... إن قالَ قَيل لم أقِلُ في القُيَّلِ الأخيل طائر أخضر يقال له الشِقرّاق وهو لا ينجحر نصل النهار كما ينجحر الطير من الجر، يقول فالأخيل قد ينجحر وأنا لا أنجحر، ويقال ركض الطائر إذا اجتهد، قيل جمع قائل مثل سافر وسَفْر. أبيات المعاني في القطا قال حميد بن ثور: فلا أسألُ اليوم عن ظعائنٍ ... ولا ما يقولُ غرابُ النوا يقول تركت اليوم طلب الباطل والجهل وتركت التطير. كأني أباري قطا صاحبي ... إذا هو صوَّتَ ثم ابتدا بُكوراً وأرّقها بالشبا ... من جزعِ جُبَةِ ريحِ الثرا هوِيّ تخالُ به جنةٌ ... يقطِّعُ فيه فطالَ الحشا

أباري أعارض قطا صاحبي يعني مزاحم بن الحارث العقيلي، يقول كأني أباريه في النعت للقطا، وكدراً في ألوانها، والثرى الندى، يقول: وجدْت ريح الندى فطلبت الماء، وهوى يقول أوردها هوى وهو الطيران الشديد، تخال به جنة أي جنوناً من شدته وسرعته، وقوله: يقطع فيه فطال يعني فطال يا مزاحم، والحشا الربو من شدة الطيران والعدو يقال حشِي يحشَى حشاً شديداً. لها مِلَمعانٌ إذا أوغفا ... يحثّانِ جؤجؤها بالوَجا ملمعان جناحان تلمع بهما، وأوغفا أسرعا، والوحا الحفيف والصوت. وقال أيضاً يصف قطاة: قرينةُ سبعٍ إن تواترنَ مرةً ... ضربنَ فصفّت أرؤس وجنوب أي قرينة سبع قطوات، تواترن تتابعن، ضربن أي بأجنحتهن والضرب الخفق بالأجنحة، وقال الجعدي: وضُمّ الجناح فلم يضرب يقول لم يخفق. والقطا تصطف إذا طرن وعدون يقال لها إذا كثرت واصطفت عَرَقة: ثمانٍ بأستارين ما زدنَ عدة ... غدوْنَ قُرانا ما لهن جنيبُ

إستارين أربعة أربعة، وقرانا يقول كأنهن قُرِنّ، ما لهن جنيب أي ليس معهن غيرهن. وقال وذكر الفراخ: جُعلنَ لها حزناً بأرضِ تنوقةٍ ... فما هي إلا نهلةٌ فوثوبُ توطّن توطيْن الرهانِ وقلّصتْ ... بهن سرنداة الغدوِ سَروبُ يريد أن أولادها حزنها من الدنيا، توطين الرهان أي كما توطن الدواب للسبق، والسرنداة الجريئة، سروب سريعة. وقال زهير: كأنها من قطا الأجبابِ حلاّها ... وردَ وأفردَ عنها أختُها الشركُ جونية كحصاةِ القَسم مرتعها ... بالسِيّ ما تنبتُ القفعاء والحسكُ الأجباب مواضع - فيها - ركايا واحدها جب، والورد قوم يردون الماء، وأفراد عنها أختها الشرك أي أُخذت أختها ففزعت وهو أسرع لها، جونية قالوا القطا ضربان فالجوني والكُدري واحد والغَطاط صنف منه آخر. فالكدري ما يكون أكدر الظهر أسود باطن الجناح أصفر

الحلق قصير الرجلين في ذنبه ريشتان أطول من سائر الذنب، والغطاط ما اسود باطن أجنحته وطالت أرجله واغبرت ظهوره غبرة ليست بالشديدة وعظمت عيونه، وحصاة القسم هي التي يقدّر بها الماء في القدح ويقسم عليها إذا تصانفوا، وشبهها بهذه الحصاة لأنها مستوية ليس في حَيد يُغبن به صاحبه، قال الأصمعي وأبو عبيدة واسم الحصاة المقلة، قال - يزيد بن طعمة الخطمي: قذفوا جارهم في هُوّة ... قذفك المَقلة وسط المعترَك - وقال زهير: ثم استغاثَ بماءٍ لا رِشاءٍ له ... من الأباطحِ في حافاتِه البُركُ كما استغاثَ بسيء فزُّ غَيطَلة ... خاف العيون ولم يُنظر به الحشَكُ لا رشاء له أي أنه يجري على وجه الأرض، يقول لم تزل مجتهدة في طيرانها حتى استغاثت بماء أبطح، والبرك طير صغار واحدتها بُرَكة، والفز ولد البقرة والسَّيء اللبن الذي يكون في الضرع قبل نزول الدرة، والغيطلة شجر ملتف، قال الأصمعي: والذي أظن في الغيطلة أن تكون أمه وضعته في شجر، خاف العيون أي خاف أن يراه الناس ولم تنتظر به أمه حشوك الدرة وهو حفلها، يقال حشك إذا حفل ودفع حشكاً بسكون الشين فحركها ضرورة، قال أبو عبيدة الغيطلة البقرة، وقال يصف الصقر والقطاة:

ينقضّ عند الذنابيّ وهي جاهدة ... يكاد يخطفها طَوراً وتهتلكُ إنما ينقض الصقر على القطاة من ناحية الذنب، وتهتلك تجتهد. ثم استمر فأوفى رأس مرقبة ... كمنصب العِتر دميّ رأسه النسكُ يعني الصقر ترك القطاة وسقط على رأس مرقبة فكأنه مما به من الدم الحجر الذي يعتر عليه، والمنصب الحجر، والعتيرة الذبيحة في رجب. وأنشد لأبي خراش: ولا الأمغر الساقيْنِ ظلَّ كأنه ... على محزئلاتِ الأكامِ نصيلُ يعني صقراً، وما ارتقع فقد احزأل، والنصيل الحجر قدر الذراع ونحوها. وقال وذكر الفلاة - والبيت لزهير: بها من فراخِ الكُدرِ زغبٌ كأنها ... جني حنظلٍ في مِحصَنٍ متعلقِ شبه فراخ القطا بجني الحنظل قد علق على وتد في زبيل. وقال الراعي يصف القطا: صفرُ المناخرِ لغواها مبينةٌ ... في لجةِ الليلِ لما راعها الفَزَعُ يسبقنَ أولادَ أبساطِ مجددةٍ ... أزري بها الصيفُ حتى كلها ضرَعُ لغواها أصواتها، مبينة لأنها تقول قطا قطا، يسبقن يعني القطا

يسبقن أولادها، أبساط أراد ذوات أفراخ، يقال ناقة بسط إذا كان معها ولدها أي هي مع أمهاتها وليس لأمهاتها لبن فلذلك قال مجددة وأصل المجددة في الإبل التي أصاب أطباءها شيء فانقطع لبنها، ضرع ضعيف. صيفيةٌ كالكُلى صفراً حواصلُها ... فما تكادُ إلى التغريرِ ترتفعُ شبهها بالكلى لأن ريشها لم ينبت فهي حمر، صيفية خرجن من البيض في آخر ما يخرج من الطير، قال: إن بنيّ صبية صيفيون والتغرير الزق، يقول لا تكاد ترفع إلى أمهاتها. يسقينهنَ مُجاجاتٍ يجئنَ بها ... من آجنِ الماءِ محفوفاً به الشِرَعُ الشرع الأوتار يريد الأشراك التي ينصبها الصائد وجعلها من عقب. حتى إذا جرعَتْ من مائهِ نطفاً ... تسقس الحواقنُ أحياناً وتجترعُ الحاقنة الحوصلة وأصل الحاقنة نقرة اللبة، أي أحياناً تجرع لنفسها وأحياناً لفراخها، وقال وذكر القطا:

تداعينَ شتى من ثلاثٍ وأربعٍ ... وواحدةٍ حتى اجتمعنَ ثمانيا هذا مثل قول حميد بن ثور " قرينة سبع ": دعا لُبّها غمرٌ كأن قد وردنَه ... برجلةِ أبلى ولو كان نائيا دعا لب هذه القطاة ماء غمر كأن قد وردنه في السرعة، ورجلة مسيل الماء إلى الوادي، وقال أيضاً يصف القطاة وفرخها: توي له بشعيب غير مُعصَمة ... منغلّة دونها الأحشاء والكبد الشعيب المزادة يعني حوصلتها، غير معصمة ليس لها عصام والعصام سير القربة، ويروي مغلولة يريد أن ما دونها من الأحشاء والكبد ذو غلة والغلة حرارة العطش، وقال ابن أحمر يصف فرخ القطا: أطلسٌ ما لم يبدُ من جلدهِ ... وبالذنابيّ شائل مُقمطِر يقول ما لم يبد فيه الريش من جلده أطلس والطلسة غبرة إلى السواد كلون الذئب، وهو بالذنب شائل مقمطر منتفش يريد أن ريشه لم يتطارق بعد. حتى إذا ما حببت ريّة ... وانكدرتُ يهوي بها ما تمرُ حببت رية أي امتلأت رياً، يهوي بها ما تمر أي مرها. أيقظه أزملها فاستوى ... فصعصعَ الرأسُ شخيت قفرُ أيقظ الفرخ صوت أمه وحسها، فصعصع أي حرك، شخيت دقيق، قفر قليل اللحم، وقوله يصف حوصلتها:

من ذي عِراقِ نيطَ في جوزِها ... " فهو لطيفٌ طيَّه مُضطمِرُ " العراق الطرة المجاورة في المزادة شبه حوصلتها بالمزادة. وقال يصف القطاة: ترعى القطاةَ الخِمس قَفّورها ... ثم تُعر الماءَ فيمن يعُرُ يقول ترعى خمساً لا تجد الماء والقفور نبت، تعر الماء تلمِ به فيمن ألم. وقال: بتيهاءُ قفر والمطي كأنها ... قطا الحَزنِ قد كانت فراخاً بيوضُها قال هي قبل هذا الوقت في الربيع تشرب من الغدر فلما صافت خرج فراخها من البيض فاحتاجت إلى طلب الماء من مكان بعيد لأن الغدر في الصيف تجف وذاك أسرع لها. وقال المرار وذكر إبلاً: لها نَسقاتٌ كالقطا نشطتْ به ... من الدوّ صفراءُ اللَّبانِ طَمومُ نسقات اصطفاف في السير كاصطفاف القطا، نشطت به أي خرجت به والناشط الخارج من بلد إلى آخر، الهاء في به للقطا أي خرجت بالقطا قطاة صفراء اللبان وأراد أنها زاقَّة فقد اصفر لبانها لما يسيل عليه ويقال بل ذاك خلقة، والقطا الكدري صفر الحلوق. وقال يصف فرخ القطاة:

تقلِّبُه عن وكره عُلويّةٌ ... كما جُرعن أصلِ الحَماطِ هشيمُ علوية ريح تجيء من ناحية العالية، شبه الفرخ بقطعة من هشيم الحماط نُحيّ عن أصله. وقال يصف الحوصلة: بضمرٍ كجِروِ الشري لم تطوِ غيره ... فِراغاً ولم يُكتب هناك أديمُ بضمر أي بحويصلة لطيفة، والشري الحنظل وجروه صغار حمله والفراغ حوض من آدم، يقول ليس لها غيره، ولم يكتب لم يخرز. وقال أبو النجم يذكر الإبل: يثُرنَ أسرابَ القطا البُيّاضَ ... عن كل أدحيّ أبي مقاضِ يقول قد فرخت فيه مراراً ففيه قيض كثير والقيض قشور البيض، يقال هو أبو المنزل أي صاحبه وهذا كقولك ذو مقاض أي موضع قيض. ورد القطا مَطائط الإياض أراد الإضاء وهو جمع أضاة، يعني الغدران فقدم لام الفعل وأخر العين، وقال آخر لناقته: رِدي رِدي وردَ قطاة صمّا ... كُدريةٍ أعجبها بردُ الما صماء يقول هي في موضع لا تسمع فيه صوتاً يذعرها ولا يثنيها

عن الماء، يقول لناقته كوني كذا. وقال الجعدي وذكر ناقة: خنوفٌ مروحٌ تعجِل الوُرق بعدما ... يَعرّسن شكوى آهة وتذمرا الخنوف التي ترمي يديها إلى وحشيها، والمروح التي تمرح، والورق القطا، تعجلهن أي تذعرهن إذا عرسن من آخر الليل توقظهن، آهة يعني تأوهاً. وقال آخر يصف الإبل: إذا هَجَدَ القطا أفزعنَ منه ... أوامنٌ في معرّسه الجُثومِ هجد القطا وقع ليستريح والهجود النوم والتهجد السهر، يقول إذا نامت القطا مرت بها الإبل فأفزعت من القطا أوامن في معرسه بكسر الراء أي في قطاة الذي عرس، والجثوم مردود على المعرس أو على الهاء التي في المعرس، ومن روي: في معرسه بفتح الراء فالمعرس الموضع الذي يعرس فيه، أراد أوامن الجثوم في معرسه ففرق بين المضاف والمضاف إليه، وقال العجاج وذكر ماء: وردته قبل الذئابِ العُسّالِ ... وقبل أرسالِ قطا وأرسالِ بالقوم غِيداً والمطي الكُلاّل ... فوّز خمساً عن طلاقِ الأوشالِ غيداً أي متثني الأعناق ونصبه على الحال، وفوز أخذ في المفازة عن طلاق أي بعد طلاق، وهو جمع طَلَق مثل جمل وجمال

والطَلَق ليلة يطلب الماء والقَرب ليلة يرد، وأرسال قطا واحدها رَسَل شبهها بجماعة الرسل من الإبل وهي ما قام على الحوض من الشاربة ولا تسمى رسلاً إلاّ ثم فإذا تنحى فليس برسل، ويقال سرب من قطا أي قطعة فإذا كثر جمع القطا واصطف قيل عَرَقة، وكل ما كثر من الطير في الهواء فهو فيء، وقال آخر وهو الأصبهبذ رجل من بني حنظلة: كأنها إذ تحمل المساعرا ... الخيل والأبدان والمغافرا في من الطير غدت كواسرا والوشل الماء القاطر قال ذو الرمة: فلاةُ رجوع الكدر أطلاؤها بها ... من الماءِ تأويب فهن روابعُ يقول رجوع القطا ليلاً، ويقال أوّب إذا سار يومه ونزل عند الليل، وأطلاؤها أولادها والطلا ولد الظبية فاستعاره، وهن روابع أي يردن ربعاً وذلك أن يكون في العري يومين وفي الماء يوماً. وقال آخر وذكر حماراً وأتناً - والبيت لأوس بن حجر: فأوردها التقريبُ والشدُّ منهلاً ... قطاه معيد كرة الوردِ عاطفُ يريد أوردها العير تقريباً وشدا فأدخل الألف واللام ووصف البلد بالبعد فقال إذا ورد القطا فشرب ثم كر راجعاً لم يقطع البلد من بعده حتى يعود فيشرب ثانية. وقال ابن مقبل وذكر ناقة:

إذا الجَونةُ الكدراءُ باتتْ مبيتَها ... أناخَتْ بجعجاعِ جناحاً وكلكلا أي باتت القطاة تسير كما تسير الناقة ضعفت عن ذلك وأناخت، والجعجاع المحبس ويقال بات فلان سائراً. وقال مزاحم العقيلي وذكر قطاة وفرخها: غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها ... تصلّ وعن قيضٍ بزيزاءٍ مجهلُ الأصمعي: من عليه يريد من فوقه أي من فوق الفرخ، تم ظمؤها أي أنها كانت تشرب في كل ثلاثة أيام أو أربعةمرة فلما جاء ذلك الوقت طارت، والزيزاء المكان الغليظ المنقاد وجمعه زَياز، والقيض ما تكسر من البيض، تصل أي هي يابسة من العطش، أبو عبيدة: غدت من عليه أي من عنده يعني فرخها والظمء ما بين الشربتين. وقال النابغة يصف قطاة: تسقي أزيغبٍ ترويه مجاجَتَها ... وذاك من ظمئها في ظمئهِ شُرْبُ أزيغب فرخ، والظمء ما بين الشربتين أي ذاك السقي منها ومنه شرب وذلك لأن ظمأها وظمء الفرخ واحد هي تشرب لتروي وتسقيه. وقال ذو الرمة: ككدريةٍ أوجت لوردٍ مباكرٍ ... كلاماً أجابتْ داجناً قد تعلَّما أوحت صوتت، لورد يريد إلى ورد، قال الله عز وجل " بأن ربك أوحى لها " أراد بالورد القطا التي وردت والورد أيضاً السير إلى

الماء والورد الماء المورود. وقال أيضاً: ومستخلفاتٌ من بلادٍ تنوفةٍ ... لمصفرّةِ الأشداقِ حمر الحواصلِ المستخلف السقاء يعني قطا يحملن الماء في حواصلهن لفراخهن. صدرن بما أسارُت من ماءٍ آجنٍ ... صرى ليس في أعطانهِ غير حائلِ سوى ما أصاب الذئب منه وسُربة ... أطافت به من أمهات الجوازلِ يقو لرجعن إلى فراخهن بما أبقيت في أعن هذا الماء شيء إلا هو حائل قد تغير أي رجعن بما أبقيت إلا ما شربه الذئب، وسُربة جماعة من قطا أو حمام، والجوازل الفراخ واحدها جوزل. وقال أبو وجزة وذكر حميراً: وهنَ ينسبْنَ وهنا كل صادقةٌ ... باتتْ تباشرُ عُرماً غير أزواجِ أي يفزعن القطا ليلاً فتصيح فتقول قطا قطا فتنسب أنفسها فتصدق، تباشر عرماً يعني بيضها، والعرم المنقطة يقال شاة عرماء وحية عرماء، وقوله غير أزواج قالوا لا يكون بيضها أبداً إلا فرداً. وقال: بحافته من لا يصيحُ بمن سرى ... ولا يدّعي إلا بما هو صادقُهُ وقال الأخطل:

ولا جشمٌ شر القبائلِ أنهم ... كبيْضِ القطا ليسوا بسودٍ ولا حمرِ بيض القطا أرقط يقول فهؤلاء ألوان كبيض القطا ليسوا من نجر واحد، ومثله قول الآخر في صادقة: وصادقةٌ ما خبّرت قد بعثتها ... طروقاً وباقي الليلِ في الأرض مسدفُ ولو تُركتُ نامَتْ ولكن أعشاها ... أذى من قلاصٍ كالحنيّ المعطفُ يُقال أعششت القوم إذا نزلت بهم على كره حتى يحولوا من مكانهم من أجلك، ومثل قوله ولو ركت نامت، قولهم في المثل " لو ترك القطا لنام ". وقال النابغة: تدعو قطا وبه تُدعى إذا نَسبت ... يا صدقَها حين تدعوه فتنسبُ وقال الكميت: أو الناطقاتُ الصادقاتُ إذا غدتْ ... بأسقية لم يفرهنَ المطببُ الأسقية الحواصل، لم يفرهن لم يشققهن، والمطبب صاحب الطباب وهو جلدة تجعل على طرفي الأديم ثم تخرز فيمسك الخرز طرفي الأديم جميعاً. جعلنَ لهنَ الخمس للعيسِ روحةً ... سبابها مفض اليهن سبسبُ

يريد جعلت القطا مسيرة الإبل خمساً روحة لها. فأبن قصار الظمء لم يسترثنها ... بما فيه من ري الصوادي التحبب أبن يعني القطا، قصار الظمء يعني الفراخ والظمء وقت الشرب، والتحبب الامتلاء من الري أراد أبن بما فيه التحبب من ري الصوادي. وقال: أو روايا التوائم في المهمة القفّ ... ر تناولن من سراة العويرا روايا الفراخ يعني المستقيات لها وجعلها تؤاماً أي أزواجاً وليس في هذا نقض لقولهم أن البيض لا يكون إلا أفراداً لأنه قد يفسد يعضه، والعوير ماء. لفواقٍ عوداً وبدءاً يبادر ... نَ رواياه أن يجف الغديرا الفواق أصله ما بين الحلبتين، أي بدأن وعدن يبادرن الغدير أن يجف من أجل فواق. يتبادرنَ بالرواءِ من الشِ ... رب أمامَ القلوبِ عيراً فعيرا أي حواصلهن قدام قلوبهن. كل صادٍ كأنّ بالجلدِ منه ... حصفاً أو تخاله مجدورا يقول الفراخ حين حمّمت أي بدأ طلوع ريشها فكأن بها حصفاً. في أساقٍ لم يغدُ فيها الوليدا ... ن ولم يُعكم الأجيرُ الأجيرا أساق حواصل، لم يعكم لم يعن قولك أعكمني أي أعني على عكمي.

لم تَسدد لها الخوالق بالأم ... س ولم تقدد الفواري السيورا لم تسدد لم تلزم السداد بالرفق ويروي: لم تشدد، أي لم تتهيأ لذاك، والخوالق النساء اللواتي يقددن الأديم يخرزن به، ويقال بل هن اللواتي يُقدّرنه، والفواري القواطع، قال زهير: ولأنت تفري ما خلقت وبع ... ض القوم يخلق ثم لا يفري وقال يشبه الإبل بالقطا، - والشعر للكميت -: كالناطقاتِ الصادقاتِ الواسقا ... تِ من الذخائرِ الواسقات الحاملات والوسق الحِمل، الذخائر الماء تذخره لأولادها. عُلَق الموضّعة التوا ... ئم بين ذي زغبٍ وباثرِ علق من العَلاق يقال ما ذقت علاّقاً ولا علوقاً، والموضعة يريد الموضوعة بأرض الفلاة وهي الفراخ، والتوائم اثنين اثنين، يقول بعضها عليه زغب وبعضها قد بدأ يطلع ريشه فكأنه بثر. يحملنَ قدامَ الجآ ... جئ في أساقٍ كالمطاهرِ لم يتّهم فيها الصوا ... نع خِلقة الأيدي القوادرِ المطاهر الأداوي، والقوادر اللواتي يقدرن الأديم، خلقة أي تقديراً ويقال قطع، ويروي: لم ينههَم أي لم يكن عليهم ناهية

من أيدي الصوانع. أقوات ناظرة الفوا ... ئدِ غيرَ رائثةِ الموائرِ ناظرة منتظرة يقال نظرته وانتظرته بمعنى، والفوائد ما تأتيها به الأمهات والموائر الأمهات لأنها تميرها، رائثة بطيئة، أراد يحملن قدام الجآجئ أقوات ناظرة. وقال يصف القطا: موكّرةٌ من حيث لم يرجَ مخلفٌ ... مطائطٌ صيفيّ الأضا وسِمالها موكرة ممتلئة، والمخلف المستقي، والمطائط واحدتها مطيطة وهي بقية الماء في الصفاة، وصيفي مطر السيف، والأضا الغدران. أسافي لا توكَى على ما تضمنت ... ولا يستريث الناضحون ابتلاها يعني حواصلها، لم تشد على الماء كما تسد القرب، ويستريث يستبطئ والناضح الذي ينضح القربة بالماء لتبتل. يقول لا تستبطئ ابتلال هذه الحواصل كما يستبطأ ابتلال القرب. أمام قلوبٍ كالحصى مطمئنةٍ ... إلى ثقةِ المستبطئاتِ عِجالَها الحواصل أمام قلوب تشبه الحصى هن ثقة الفراخ والفراخ تستبطئ المستعجلات من القطا. وقال يصف فراخ القطا: متخذات من الخراشيّ كال ... حلية منها السموط والحقبُ لا شاركاتٌ إذا غنينَ ولا ... في فقرهنَ الجفاءُ مُرتأبُ الخراشي قشور البيض الرقيقة وهو الغرقيء، مرتأب يقول

الجفاء لا يرأب من رأبت الصدع، والجفاء من الجفوة. وقال الطرماح يذكر القطا: حوائمٌ يتخذنَ الغِبَّ رِفها ... إذا اقلَولَينَ للقرَبِ البطينِ حوائم عطاش، والغب شرب يوم وترك يوم، والرفه شرب كل يوم أي يسرعن فيردن كل يوم، الولين ارتفعن، والقرب الليلة التي يصبح الماء في غدها، والبطين البعيد. بأجنحةٍ يمرنَ بهنَ حُرد ... وأعناقُ حُنين بغيرِ أونِ يمرن يطرن، والحرد المائلة، والأون الضعف يقول لم تحن من ضعف في الطيران، ويقال أن عليّ في السير أي ارفق. وقال وذكر أرضاً: وترى الكدَرَ في مناكبِها الغبررذايا من بعد طولِ انقضاضِ كبقايا الثَوى نبذنَ من الصي ... فِ جنوحاً بالجر ذي الرضراضِ أو كمجلوحٍ جِعثنَ بلّه القط ... ر فأضحى مودّس الأعراضِ الثوي صوف أو كساء أو خرقة تجعل على الوتد ليمخض عليه السقاء ليسند إليه لئلا يتخرق، والجنوح الموائل، والرضراض الحصى الصغار، والجرّ أصل الجبل والمجلوح الذي قطع، والجعثن أصول الصِليان وإذا قطعت رؤوسه فقد جلح وبقرة جلحاء إذا لم يكن لها قرن وهودج أجلح إذا لم يكن عليه غطاء، ومودس حين نبت واخضر.

يقال ودست الأرض إذا أنبتت، والأعراض الجوانب. وقال: كأن المطايا ليلةُ الخمسِ عُلِّقت ... بوثابةٍ بعد الكلالةِ شَحشَحِ لها كضواةِ النابِ شُدّ بلا عُري ... ولا خرز كفٍ بين نحرٍ ومذبحِ وثابة يعني قطاة تثب، والضواة ورم يكون في عنق البعير والناقة، شبه به حوصلة القطاة. أنامتْ غريراً بين كسرى تنوفة ... من الأرضِ مصفّر الصلالمِ يرشّحِ الغرير فرخها الذي تغره أي تزقه، وكسرا التنوفة جانباها والصلوان عرقان عن يمين الذنب وشماله، يرشح يربّي. فعبَّت غِشاشاً ثم جالتْ وبادرتْ ... مع الفجرِ ورّاد العراكِ المصبّحِ عبت في الماء غشاشاً على عجلة، ثم جالت وبادرت الوراد والعراك المزاحمة على الماء، يقال أوردها عراكاً إذا أرسلها جميعاً فازدحمت. وقوله يصف الحوصلة:

مدبوغة لم تُمرّح أي تلين وتدهن. بمَعيةٍ تمسي القطا وهي نُسّسٌ ... بها بعد ولقِ الليلتينِ المسمّحِ معمية لا طريق فيها ولا علم، والولق شدة السير، والمسمح الكثير، نسس من العطش وأنشد: وبلد تمسي قطاه نَسّسا وقال يذكر حسرى القطا: زِفافاً تُنادي بانزولِ كأنها ... بقايا الثُوى وسطَ الديارِ المطرحِ الثوى واحدتها ثُوَّة وهي خرقة تربط على رأس الوتد يمخض عليها السقاء. روايا فراخٍ تنتحي بأنوفِها ... خراشِيّ قيضِ القفزةِ المتصيّحِ الخراشي ما دون القشر الأعلى، والقيض قشور البيض والمتصيح المتقشر.

ينّتجِن أمواتاً ويلقحنَ بعد ما ... تموتُ بلا بُضع من الفحلِ ملقحِ يعن البيض، والبضع النكاح. سماويةُ زغبٍ كأن شكيرَها ... صماليخٌ معهودُ النصيّ المجلَّحِ سماوية منسوبة إلى السماوة، شكيرها صغار ريشها، والنصي نبت، والصماليخ ما خرج من رؤوسه بعد الأكل، المعهود الذي أصابه العهاد وهو من المطر، والمجلح الذي أكل. تجوب بهنَ البيدُ صغواء شفَّها ... تباعد أظماء الغِوارِ الملّوحِ الأظماء أوقات الشرب، والغوار من الغور وهو البعد، الملوح العطش. من الهُوذ كدراءِ السراةِ ولونِها ... خصيف كلون الحَيقُطانِ المسّيحِ الهوذة جمع هَوذة وهي القطاة الأنثى، خصيف لونان مختلطان أي فيها لون آخر أسود يضرب إلى الحمرة، والسراة الظهر، والحيقطان ذكر الدراج، والمسيح المخطط. أصابت نطافاً وسط آثارٍ أذؤبٍ ... من الليلِ في جنبي مديّ ومَسلَحِ أذؤب جمع ذئب، مديّ حوض صغير، ويروي: أسآر أذؤب جمع سؤر، وقال رؤبة وذكر مهمها: يشأى القطا أسداسَه ويُجذمُه ... إلى أجُونِ الماءِ داو أسدمُهُ يشأى القطا أي يسبقه هذا المهمة فلا يستطيع أن يقطعه، ويجذمه القطا أي سيره فيه إجذام: وقوله أسداسه أي يصيب الماء فيه سدساً

والمعنى أن القطا يريد ماءة فيسبق بُعدُ الماء القطا فيصير سدساً دونه، وقوله إلى أجون الماء يريد أجن الماء: وقوله داو يقول قد ركبته دُواية من بُعد عهد الناس به وأصل الدواية ما يركب اللبن من تلك الجلدة الرقيقة، ويقال بئر سُدُم إذا كانت قديمة، وقالت ليلى الأخيلية تصف القطاة وفراخها: تدلَتْ على حُصّ الرؤوسِ كأنَّها ... كُراتُ غلامٍ من كساءٍ مؤرنبِ فلما انجلت عنها الدجى وسقتهما ... صبيبَ سقاءٍ نيطٍ لم يخرَّبِ غدتْ كنواةِ القَسبِ عنها وأصبحتْ ... تُراطِنُها دوية لم تعرِّبِ شبهت فراخ القطا بكرات من أكسية مرنبانية وهي موبرة، لما يخرب أي تجعل لها خربة وهي العروة يريد الحوصلة، دوية قطاة أخرى منسوبة إلى الدو، لم تعرب لم تفصح، وقال ابن مقبل وذكر شدة الحر: إذا ظلتْ العيسُ الخوامسُ والقطا ... معاً في هَدالٍ يتبعُ الريحَ مائلُه توسدَ ألحي العيس أجنحةَ القطا ... وما في أداوي القومِ خفّ صلاصلُه هدال غصون الشجر، يريد أن القطا من شدة الحر يلجأ إلى الشجر وتجيء الإبل أيضاً فتدخل رؤوسها في غصون الشجر لتكنها من الحر فتقع ألحيها على أجنحة القطا فتصير كالوُسُد لها، وصلاصله بقايا الماء فيها.

الأبيات في النعام

الأبيات في النعام قال المرار يذكر الظليم: ويطيرُ أسودُه ويبرقُ تحتُه ... برقَ السحابةِ شدّ ما يُجلي أسوده جناحه ويبرق تحته ما ابيض من ريشه الصغار، برق السحابة شد ما يجلى أي شد ما يكشف. ذو بُردةٍ خُلّت على جؤشوشهِ ... سوداء جافية من الغزلِ جافية من الغزل لانتفاش ريشه. وشقيقةٌ بيضاءُ غيرُ طويلةٍ ... عن ركبتيْه قليلةُ العضلِ شبه السواد أعاليه وصدره ببردة سوداء قد خلّت عليه، وشبه بياض أسافله إلى ركبتيه بشقيقة بيضاء وهو ما شق باثنين، وقليلة العضل لأن ريشه إذا بلغ ركبتيه انقطع. وقال الطرماح في هذا المعنى وكان الأصمعي يستحسنه، ويتعجب منه: مجتابُ شملة بُرجُد لسراتِه ... قدراً وأسلم ما سواء البرجدُ سراته ظهره. وقال المرار: حُرقَ الجناحُ كأنه متمايلٌ ... من آل أحبشٍ شاسعِ النعلِ أي قد انحص ريش جناحه وكأنه يميل في شق، من آل أحبش أي من الحبش قد شسع نعله وقال لبيد:

ومكانُ زعلٍ ظلمانه ... كحزيقِ الحبشيين الزُّجُلِ وقال ذو الرمة: كأنه حبشيٌ يبتغي أثراً ... أو من معاشرٍ في آذانها الخُرَبُ يقول قد تطأطأ يرعى فكأنه حبشي يطلب أثراً في الأرض أو سندي في أذنه خربة أي ثقب. هجنَّع راحَ في سوداءِ مُخمَلة ... من القطائِفِ أعلى ثوبِه الهُدُبُ وهذا مثل قول بشر يشبهه. وكأنه، حبشي حازقة عليه القرطف حازقة جماعة، والقرطف الكساء، شبهه ذو الرمة بأسود عليه قطيفة مقلوبة فالهدب ظاهر، وقال عنتر: صَعل يعودُ بذي العُشيرةِ بيْضَه ... كالعبدي ذي الفروِ الطُوالِ الأسحمِ شبه الظليم بعبد أسود عليه فرو مقلوب، والأسحم من نعت العبد وهو الأسود، وقال العجاج: فاستبدلَتْ رسومُه سفنَّجاً ... أصك نَغضاً لا يني مستهدجَا كالحبشي التف أو تسبجا السفنج الظليم الواسع الخطو السريع المشي، أصك يصطك رجلاه، لا يني لا يزال، مستهدجاً يحمل على الهدَج وهو تقارب الخطو مع

سرعة المشي، تسبج ليس سبيجاً وهو بردة سوداء بقيرة وهو بالفارسية سبي فعرب. وقال ذو الرمة: كأنه حبشيٌ يبتغي أثراً ... أو من معاشرٍ في آذانها الخُربُ أو مقحمٌ أضعف الإبطانَ حادجُه ... بالأمس فاستأجر العِدلانُ والقتَبُ المقحم البعير الذي يقحم سِنَّين في سن وذلك أن يسدس ويبزل في سنة، والحادج الذي يشد الحدج وهو مركب، أضعف الإبطان أي لم يشد بطانه فيستوثق فاستأجر عدلاه وقتبه. شبه جناحي الظليم بالعدلين وذلك أنهما مسترخيان. أضله راعياً كلبية صدراً ... عن مُطلبٍ وطُلي الأعناقِ تضطربُ كلبية إبل كلب وهي سود فشبه الظليم ببعير منها، أضلاه أي غفلا عنه حتى ضل، صدراً يعني الراعيين، عن مطلب أي عن ماء بعيد لا يدرك إلا بطلب، والطُلية عرض العنق تضطرب من النعاس يقول ناما فضلَّ هذا البعير. عليه زادٌ وأهدامٌ وأخفيةٌ ... قد كاد يجتزّها عن ظهرِه الحقَبُ أهدام أخلاق وأخفيه أكسيه واحدها خِفاء ممدود، والحقب حبل يشد على حقو البعير، أراد أن حمله قد تأخر، شبه به جناحه. كلٌ من المنظرِ الأعلى له شبهٌ ... هذا وهذانِ قدُّ الجسم والنُقَبُ

المنظر الأعلى الأرفع الأبعد، هذا يعني البعير وهذان يعني الحبشي والسندي، والنقب الألوان جمع نقبة. وقال لبيد: ويظلُ مرتقباً يقلّبُ طرفَه ... كعريشِ أهلِ الثَلّة المهدومِ يريد أن في جناحه استرخاء فهو شبه بعريش قد تقوض. ونحوه قول الآخر: سماوة جون كالخباء المقوّض وقال أبو النجم: كأن بالسُهبِ أو حزبائه ... عرشٌ تحنَّ الريحُ في قَصبائِهِ شبهه بمظلة من قصب وقال تحن الريح في قصبه يريد أن له حفيفاً في عدوه كحفيف الريح في هذا العرش. وقال الطرماح: بات يحفّ الأدحيّ متخذاً ... كسريْ بجادٍ مهتوكةٍ أصُده الكسر جانب البيت، والبجاد كساء أسود، شبه جناحه وريشه على البيض ببيت مهتوك، أصده وهو ما بعضه إلى بعض.

وقال أوس وذكر ظليماً: وتُبرى له زعراءُ إما انتهارها ... ففوَّتَ وإما حين يعي فتلحقُ كأنّ جهازاً ما تميلُ عليهما ... مُقاربة إخصامِه فهو مُشنَقُ الجهاز المتاع وما زائدة يريد كأن على كل واحد منهما حملاً من جناحه: وأخصامه نواحيه واحدها خُصم، ومُشنق مرفوع عليهما، وقال طرفة: ومكانُ زعلٍ ظلمانه ... كالمخاضِ الجربِ في اليومِ الخَضِرِ زعل نشيط، والمخاض الحوامل واحدتها خلفة من غير لفظها، والخضر البارد، والمخاض في اليوم البارد تضم فشبهها بها، وقال ابن مقبل وذكر منزلاً: وتمشي به الظُلمان كالدُهمِ قارفَتْ ... بزيتِ الرهاءِ الجَون والزِفتِ طاليا يقول كأن النعام فيه إبل دهم قد جربت فطليت بعكر الزيت، والجون الأسود، وقارفت خالطت، وقال أبو النجم: كالآدمِ المطليّ في طلائِه ... صعداً وما حقواه في هنائه شبه الظليم بالبعير المهنوء، يقول هو أسود وحقواه أبيضان هُنئ كله الأحقوية، وقال أيضاً:

والنَغض مثل الأجرب المدجّل فالنغض الذي يحرك رأسه إذا عدا، والمدجل المهنوء بالقطران وشبهه بالأجرب لأنه قد أسن ذهب ريشه من أرفاغه. قال ابن أحمر: لَهدجدَج جُرْب مساعره ... قد عادَها شهراً إلى شهرِ الهدجدج الذي يهدج في مشيته أي يقارب الخطو ويضطرب، والمساعر الآباط وباطن الأفخاذ، وليس هناك جرب إنما أراد أنه لا ريش عليه، وعادها يعني بيضة اختلف إليها شهراً بعد شهر. وقول لبيد يصفه: أفذاكَ أم صَعل كأن عِفاءهأوزاعٌ ألقاءٍ على أغصانِ شبه ريشه بخرق خلقان ألقيت على أغصان، وقال ذو الرمة: على كلِ حِزباءٍ رعيلٌ كأنه ... حمولةٌ طالٍ بالعنيّة مُهمِلُ الحزباء المكان الغليظ، رعيل جماعة نعام. والحمولة الإبل يحمل عليها والعنية أبوال الإبل تخلط مع أشياء وتطبخ فإذا عتقت عمل منها قطران، مهمل أهملها بعد الطلاء بلا راع. وقال ذو الرمة: ومن خاضِبٍ كالبَكرِ أدلج أهله ... فزاغَ عن الأحفاضِ تحت بجادِ شبهه ببكر ثم وصف البكر، زاغ هرب، والأحفاض المتاع الذي

يحمله البعير والحفض أيضاً البعير نفسه، والبجاد كساء أسود مخطط تبنى به بيوت الأعراب. قال كعب بن زهير: ينجو بها خرِبُ المشاشِ كأنّه ... بخزامِه وزِمامه مسنوفُ الخرب الذي لا مخ له، والمشاش المفاصل ويقال أن النعام جوف العظام لا مخ فيها، مسنوف مرفوع الرأس، وقال الهذلي ووصف عدوه وهربه: كأن ملاءتيَّ على هِزَفٍّ ... يعنُّ مع العشيةِ للرئالِ على حتّ البُرايةِ زمخري ال ... سواعدِ ظلَّ في شَرىٍ طوالِ ملاءتاه ثوباه، والهزف الجافي، يعن يعرض، الرئال الصغار، حت سريع يقال فرس حت وسكب وبحر كل هذا في السرعة والالتهاب، والبراية ما يبقى منه بعد بري الكلال له يقال للدابة إنه لذو براية أي ذو بقية إذا براه السفر والمرض. والزمخري الأجوف، والسواعد مجاري اللبن في الضرع وهي هاهنا مجاري المخ في عظام الظليم، والشرى شجر الحنظل، وقال أبو عبيدة على حت البراية على خفيف اللحم من الظلمان، والزمخري الشديد والسواعد ما ساعده من جناحه وقوائمه، وأراد: حت عند البراية في

التفسير الأول وهو مثل قولهم " فلان صدق المبتذل " أي صدق عند المبتذل. وقال زهير: من الظلمان جؤجؤه هواء ألا لا مخ فيه، وأما قول أبي النجم: يزعزع الجؤجؤ من أنقائه فإنه أراد أنه إذا عدا حرك جؤجؤه من موضع الأنقاء لا أن هناك نقياً، والنقي المخ، وأنشد ابن الأعرابي لأعرابي في نفسه وأخيه: وإني وإياهُ كرجليْ نعامةٍ ... على ما بنا من ذي غنى وفقيرِ قال ابن الأعرابي كل طائر إذا كسرت إحدى رجليه أو قطعت تحامل على الأخرى خلا النعام فإن متى كسرت إحدى رجليه جثم ولم يتحامل بواحدة فأخبر أنه وأخاه كذلك إذا أصاب أحدهما شيء بطل الآخر. وأنشد ابن الأعرابي: إذا انكسرتْ رجلُ النعامةِ لم تجِد ... على أختِها نهضاً ولا باستْها جبرا قالوا وإنما امتنع من الجبور لأنه لا مُخّ فيه. وقال آخر:

أجدْكَ لم تظلع برجليْ نعامةٍ ... ولستُ بنهّاضٍ وعظمُكَ زمخرَ أي أجوف، وقول لبيد: كأن جؤجؤه صفيح كِران الكران العود والكرينة القينة. وقال عنتر: وكأنما أقصُ الأكامَ عشيةً ... بقريبٍ بين المنسميْنِ مصلّمِ قريب بن المنسمين يعني ظليماً، والمناسم للإبل والعرب تجعلها أيضاً للظليم ويقولون هو لا طائر ولا بعير، وفيه من البعير المنسم والوظيف والعنق والخزامة اليت في أنفه، وفيه من الطير الريش والجناحان والذنب والمنقار. وقال حسان: لعمركَ أنّ آلكَ في قريشٍ ... كآلِ السقبِ من رألِ النعامِ أراد إنك ضعيف النسب في قريش وإنك حين وجدت أدنى سبب ادعيت إليهم وأن ذاك السبب في ضعفه كشبه الرأل بالسقب، وقال يحيى بن نوفل: ومثلُ نعامةٍ تدَّعي بعيراً ... تعاظمُها إذا ما قيلَ طيري وإن قيلَ احمُلي قالتْ فإني ... من الطيرِ المرِبّة بالوكورِ هذا يضرب مثلاً للرجل يعتل في كل شيء يكلف فعله.

وقول عنتر: مصلم يريد لا أذن له، والعرب تصف النعام بالتصليم خاصة وكل طائر مصلم وإنما اختصوا النعامة بذلك. فقال زهير: أصّك مصلّم الأذنينِ أجني ... له بالسِيّ تنومُ وآهُ وقال كبشة بنت معدي كرب: فمُشوا بآذان النعامِ المصلم وقال علقمة: ما يسمع الأصوات مصلوم لأنهم يضربون المثل بالنعامة في الموق وسوء التدبير ويقولون ذهبت النعامة تطلب قرنين فقطعوا أذنيها، فأرادوا بمصلم هذا المعنى، وقال أبو العيال: أو كالنعامةِ إذ غدتْ من بيتها ... ليصاغُ قرناها بغيرِ أذيْنِ فاجتُثَّتِ الأذنانِ منها فانتهتْ ... صلماءَ ليست من ذواتِ قرونِ وكذلك يقولون ذهب الغراب يتعلم مشية الديك فلم يحسنها ونسي مشيته. قال أبو عمران الأعمى في تحوّل قضاعة عن نزار إلى اليمين:

كما استوحش الحي المقيم لرحلة ال ... خليط ولا عز الدين تحملوا كتارك يوماً مشية من سجية ... لأخرى ففاتته وأصبح يحجلُ فصار قولهم مصلم كافياً من قولهم ظليم، وكذلك يقولون صكاء فيكفيهم من نعامة، ويقولون خنساء فيكفيهم من بقرة، ويقولون أعلم فيكفيهم عن بعير. قال عنتر: تمكو فريصته كشدق الأعلم وقال الرجز: أخو خناثير أقود الأعلما وقال آخر: خنساء ضيعت الفرير وقال المسيب بن علس يصف ناقة: صكاءَ علبةٍ إذا استقبلتُها ... حرج إذا استدبرتُها هلواعِ

والصكك اصطكاك رجلي الناقة وهو عيب ولم يكن ليصفها بعيب ولكنه أراد بصكاء نعامة فكأنه قال نعامة إذا استقبلتها. وقال عدي بن زيد: والخدّيف العاري الزوائد مل حفا ... ن داني الدماغ للآماق الخدب العظيم من النعام ومن كل شيء، والزوائد ربما كانت في مناسمه كزيادة الأصابع في الناس وكذلك زوائد الأسد. قال لبيد: أوذي زوائد لا يطاف بأرضه والجفان فراخ النعام، وقوله داني الدماغ للآماق يريد أن رأسه منصوب إلى بين يديه فدماغه قريب من آماق عينيه وأراد أنه عاري الزوائد من الريش. وقال امرؤ القيس: كأني ورحلي والقرابُ ونمرقي ... على يرفئي ذي زوائدٍ، نقنقِ اليرفئي الخائف الفزع. وقال أبو النجم: يحفرُ بالمنسمِ من فرقائهِ ... ومرةً بالحدِ من مجذائِه

الفرقاء الفرق الذي في المنسم، ومجذاؤه منقاره وقيل ما يجذو عليه أي ينتصب. وقال أوس بن حجر: وينهي ذوي الأحلامِ عني حلومهم ... وأرفعُ صوتي للنعامِ المخزَّمِ جعله مخزماً للخرقين اللذين في عرض أنفه وهو في موضع الخزامة من البعير. وقوله أرفع صوتي للنعام فخصه لنفاره وشروده وموقه وسوء فهمه فضربه مثلاً للجهال، يقول: الحكيم يكفينيه حلمه والجاهل أزجره أشد الزجر. وقال سهم بن حنظلة يهجو بني عامر: إذا ما لقيتُ بني عامرٍ ... رأيتُ جفاءً ونوكاً كبيرا نعامٌ تمدُ بأعناقِها ... ويمنعُها نوكُها أن تطيرا وقال بشر بن أبي خازم: وأما بنو عامرٍ بالنسارِ ... فكانوا غداةً لقونا نعاما نعاماً بخطمةِ سعرِ الخدوِ ... دلاً تطهُمُ الماءَ إلا صياما شبههم بالنعام حين هربوا مسرعين. ويقال في المثل: أشرد من نعام. قال الشاعر:

وهم تركوني أشرد من ظليم ولخفة النعامة وسرعة طيرانها وهربها قالوا في المثل " شالت نعامتهم - وزف رألهم " إذا هلكوا وقوله " لا تطعم الماء إلا صياماً " أي قياماً. وقال آخر يصف الخيل: كأنهم برملِ الخلِ قصراً ... نعام قلنَ في بلدٍ قفارِ وقال زيد الخيل وذكر قوماً هاربين: كأنهم بجنبِ القاعِ أصلاً ... نعام قالصٌ عنه الظلولُ وقال علقمة بن عبدة: فوهٌ كشدقِ العصا لأياً تبيّنه ... أسكُ ما يسمع الأصواتَ مصلومَ قوله كشق العصا يريد أنه لاصق ليس بمفتوح فلا يكاد يرى شقه كأنه صدع في قوس. وقال النظار الفقعسي:

محدرجُ العينِ كأنّ خطْمه ... في الرأسِ صدعاً سية خفيّانِ السية ما انحنى من القوس شبه فاه بصدع في سية، وقال ذو الرمة: أشداقها كصدوع النبع في قلل وقوله أسك ما يسمع الأصوات فيه قولان أحدهما أنه أراد بما معنى الذي أي أسك الذي يسمع الأصوات والذي يسمع الأصوات أذنه وكأنه قال أسك الأذن مصلوم، والآخر أنه يقال أن الظليم لا يسمع الأصوات ويكفيه الشم والاسترواح من السمع والمثل يضرب باسترواحه، قال: أشم من هَيق وأهدي من جَمل وقال الراجز: وهو يشتم اشتمام الهَيق وقال آخر: وربدا يكفيها الشميمُ ومالَها ... سوى الربدِ من أنسٍ بتلك المجاهلِ يقول لا تأنس بشيء من الوحش إلا بنعام مثلها. وقال آخر: وجاءَ كمثلِ الرأل يتبعُ أنفَه ... لعقبيْه من وقعِ الصخورِ قعاقعُ وأحسب هذا البيت لبعض المحدثين، والرأل يشم ريح أبيه وأمه والسبع والإنسان من مكان بعيد، وأراد بقوله يتبع أنفه أنه يستروح الشيء فيتبع الرائحة كما قال الآخر في الذئب:

خفي الشخص للريح تابع ليس قول من قال أنها لا تسمع بشيء لأن الشعراء جميعاً على غير ذلك. قال الحارث بن حلزة: بزفوفٍ كأنّها هقلُة أمٍّ ... رئالٍ دويّة سقفاءُ آنستُ نبأةً وأفزعَها القنّا ... صُ عصراً وقد دنا الإمساءُ النبأة الصوت، وقال علقمة: تحفّه هقلةٌ سقفا خاذلةٌ ... تجيبه بزمارٍ فيه ترنيمُ يوحي إليها بإنقاصٍ ونقنقةٍ ... كما تراطَنَ في أفدانِها الرومُ وقال لبيد: متى ما تشأ تسمعُ عراراً بقفرةٍ ... يجيبُ زماراً كاليراعِ المثقّبِ وقال الطرماح: يدعو العرارَ بها الزمار كأنّه ... ألِم يجاوبُه النساءُ العوّدُ وقال طرفة: أو خاضبٌ يرتعي بهِقْلتِه ... متى تَرُعْه الأصواتُ يهتجِسُ وأما قول الهذلي - أسامة بن الحارث:

لعمري لقد أمهلتُ في نهي خالدٍ ... إلى الشأمِ إما يعصينكَ خالدُ وأمهلتُ في إخوانهِ فكأنما ... يسمع بالنهي النعامُ الشواردُ فأراد أن الشوارد من النعام لا تعرج عليك ولا تقبل منك كما قال الله تبارك وتعالى " إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين " فأراد كأنني أسمعت بإسماعي خالداً نعاماً شارداً لا يرعوي لقول، ونحو منه: وأرفع صوتي للنعام المخزم جعل النعامة مثلاً للجهال الذين لا يقبلون ولا يفهمون، يقول: من كان جاهلاً زجرته أشد الزجر، وقال أبو النجم وذكر ظليماً: إذا لوى الأخدع من صمعائه ... صاح به عشرون من رعائه يريد إذا لوى عنقه يلتفت إلى الفارس صاح به عشرون من الجن وهم يزعمون أن النعام نعم الجن، يقول يلعي عنقه من موضع أذنه. وقال: ومَهْمَهَ مشتبهُ الأعلامُ ... تهابُه الجنُ على النعامِ وقال: يتبعنَ هيقاً غافلاً مضللاً ... قَعود جنٍ مستفزاً أغيلا أغيل عظيم، يقال ساعد غيل إذا كان ممتلئاً، وهم يزعمون أيضاً أن الجن تمتطي الثعالب والظباء والقنافذ وتجتنب الأرانب لمكان الحيض ولذلك كانوا يعلقون كعب الأرنب، وأنشدني الرياشي:

كراعي الخيال يستطيف بلا فَكر وقال: راعي الخيال الرأل ينصب له الصائد خيالاً فيألفه فيأخذ الخيال فيتبعه الرأل، قال وأخبرني ابن سلام الجمحي عن يونس النحوي قال: يقال ليس لي في هذا الأمر فكر بمعنى تفكر. وقال النظار الفقعسي: أصكٌّ صعلٌ ذو جرانٍ شاخصٍ ... وهامةٍ فيه كجروِ الرمانِ أصك يصطك عرقوباه، وصعل صغير الرأس، وجرو الرمان والحنظل والقثاء صغارها - يريد أنه صغير الرأس، وقال عنتر: يتبعنَ قلةَ رأسِه فكأنه ... حرَجٌ على نعشٍ لهن مخيّمُ قلة رأسه أعلاه، والحرج عيدان تشد بعضها إلى بعض يحمل فيها الموتى يقول هذا الظليم قد علاهن كأنه حرج على نعش. تأوي له حِزَقُ النعامِ كما أوَتْ ... حزقٌ يمانيةٌ لأعجمٍ طِمطِمِ تأوي له أي إليه جماعات النعام شبه جماعة النعام حول هذا الظليم بقوم من اليمن حول رجل من العجم يستمعون كلامه ولا يدرون ما يقول، ويروي قُلص النعام وهي شوابها، وقال الطرماح: وقلاصاً لم يَغُذهنَ غبوقٌ ... دائماتُ النحيمِ والانقاضِ القلاص إنات النعام الفتاء، والنحيم والانقاض أصواتها، وقال

ذو الرمة: شخت الجُزارةُ مثل البيتِ سائره ... من المسوحِ خدب شوقبُ خشبُ كأن رجليه مسماكان من عشر ... صقبان لم يتقشر عنهما النجَبُ شخت الجزارة يقول هو دقيق القوائم، وسائر خلقه كبيت مسوح، خدب ضخم، شوقب طويل، خشب جاف، مسماكان عودان، ضقبان طويلان، والنجب لحاء الشجر. ألهاهُ آهٌ وتنّومُ وعقبته ... من لائحِ المروِ والمرعى له عُقَبُ الآء والتنوم نبتان، يقول إذا رعاهما مرة رعى المرو مرة أخرى وهو الحصى الصغار، ولائحه الأبيض الذي يلوح والظليم يغتذي الصخر والحصى ويذيبه بحر قانصته حتى يجعله كالماء الجاري وهو يبتلع الجمر وأوزان الحديد وربما أحميت له فابتلعها. وقال أبو النجم: والمروُ يلقيه إلى أمعائه ... في سرطمٍ هادٍ على التوائهِ يمرُ في الحلقِ على علبائهِ ... تعمَج الحيةُ في غشائهِ السرطم الحلق يسرطم يبتلع، هاد لا يجوز على أنه ملتو في الخلقة، تعمج تلوي شبه التواء المرو إذا ابتلعه فمر في حلقه ملتوياً بالتواء الحية. وقال الشماخ: ودويةٌ قفزٌ تمشي نعامُها ... كمشي النصارى في خفافِ الارندجِ

شبه سواد أرجل النعام بسواد خفاف الارندج في أرجل النصارى لأنهم كانوا يلبسونها والعرب كانت تلبس الأدم. وإنما يقال للظليم خاظب إذا احمر وظيفاه وهما يبتدئان في الاحمرار عند دخول الصيف وابتداء الحمرة في البسر ثم لا يزالان يزدادان حمرة إلى أن ينتهي حمرة البسر. وأما الخاضب من بقر الوحش فهو الذي يخضر أظلافه من وطء الرطب وإنما أراد أن النعام آمنة مطمئنة بهذه الأرض فهي تتبخر في مشيها، والأرندج جلود سود. وقال أبو النجم: خلُ الذنابي أجدفُ الجناحِ ... يمشينَ بالتلعِ وبالقِرواحِ مشي النصارى بزقاقِ الراحِ الخل القليل الريش، والأجدف القصير يقول النعام يمشين مشياً بطيئاً لأنها آمنة ممتلئة من المرعى كمشي النصارى قد حملوا زقاق. خمر تحت آباطهم فهم يمشون في شق مشياً بطيئاً. وقال ذو الرمة: حتى إذا الهَيقُ أمسي شام أفرخَه ... وهنٌ لا مؤيسٌ منه ولا كَثَبُ أراد لا نظر مؤيس منه فلذلك لم يقل مؤيسات أي ليس الفراخ بعيدات منه فيؤيسه البعد من بلوغهن في يومه فيفتر ولا بالقريبات فيغتر ولكنها بين ذلك فهو أنجى له وأسرع. وقوله يذكر الظليم:

ويسطعُ أحياناً فينتسبُ أي يرفع رأسه فيتبين لك أنه ظليم، وقال يصف النعامة: كأنها دلوُ بئرٍ جدّ ماتحها ... حتى إذا ما رآها خانَها الكربُ الماتح الذي يستقي على البكرة، يقول حين ظهرت الدلو له فرآها انقطع الكرب وهو العقد على خشب الدلو فهوت في البئر فشبه سرعة النعامة بسرعة الدلو في تلك الحال. وقال امرؤ القيس يذكرهما: إذا راحَ للادحيّ أوباً يفنها ... فترمدّ من إدراكهِ وتحيضُ أوباً مساء يقال أبت الحي أتيته مساء، قال الأخطل: ولو يشاؤون آبوا الحيّ أو طرقوا والطروق ليلاً، يفنها يطردها والفانّ الطارد، وترمد تسرع. وقال الأعشى يذكرهما: يتباريانْ ويَخشيانْ إضاعة ... ملثِ العشيّ وإن يغيبا يُفقدا يتباريان في العدو ويخشيان إضاعة الفراخ، ملث العشي اختلاط الظلام، وإن يغيبا عن الفراخ تجد الفراخ فقدهما، وقال أبو النجم: ورفَعَ الظليمُ من لوائهِ ... إشراف مُرديّ على صُرّائِه لواؤه عنقه، شبهها بمردى قد أشرف على رأس الملاح يرفعه ويقذف به في الماء. وضُم صُعدا جانبي خبائهِ ... ضمُّ فتي السوءِ على عطائهِ

خباؤه جناحاه، صعدا ارتفعا إلى فوق وكذلك يفعل إذا عدا أي كما يضم على عطائه البخيل كي لا يراه أحد فيسأله. وطَمَحتْ عيناه في قرعائِه ... ونَسْيَ ما يذكرُ من حيائهِ قرعاؤه هامته لأنه لا ريش فيها، يقول سا ببصره أمامه ليعدو، ونسي ما يذكر من حيائه، هذا مثل لأن الرجل إذا استحيا طأطأ رأسه، يقول كان الظليم يرعى مطأطئاً رأسه كالمستحي فلما فزع رفع رأسه فكأنه رجل نسي حياءه، ويقال بل كان يحمي بيضه أو رئاله من السباع فلما رأى الطارد نسي حياءه يعني محاماته عن البيض فهرب. هاوٍ تضلّ الطيرُ في خوائِه ... وجدّ يفري الجلدُ من أنسائهِ هاو يهوي في الأرض، قال الأصمعي: أراد أنه من سرعته بين السماء والأرض والطير بينه وبين الأرض كأنها ضلت، ويروي تضل الريح، أي من سعة ما بينه وبين الأرض، والخواء ما بينه وبين الأرض، يُفرى يُقطع في فساد، والأنساء جمع نسا وهو عرق في الرجل، يقول كأن جلد رجليه قد انشق بالعدو. وقال الكميت يصف النعام:

فاستورأت بفريّ كاد يجعله ... طيرورة زفيان الحرجف الزجل فاستورأت مرّت على نفار، والفري العدو الشديد، وزفيان صوت، والحرجف ريح ممتدة، والزجل المصوت ويقال زفيان من زفاه يزفيه أي استخفه وطرده، يقول كاد طرد الريح له أن يجعل عدوه طيراناً والظليم يستقبل الريح إذا عدا وكلما اشتد عصوف الريح كان أشد لعدوه. وقال أبو عبيدة: وإنما يستقبلها لأنه إن استدبرها أكبته فيضع عنقه على ظهره ثم يخرقها، قال غير أبي عبيدة: والثور أيضاً يستقبل الريح إذا عدا. وقال عبدة بن الطبيب يصف الثور: مستقبلُ الريحِ يهفو فهو مبتركٌ ... لسانُهُ عن شمالِ الشدقِ معدولُ والثور إذا عدا أخرج لسانه من الشدق الأيمن وعدله إلى الأيسر. والذئب يستقبل الريح إذا عدا يشم أرواح جرائه وغيرها. قال طفيل: كسِيدِ الغضا الغادي أضلّ جراءه ... على شرفِ مستقبِلِ الريحِ يلحَبُ وقال الأخطل يصف الظليم والنعامة: تعاوَرَا الشدّ لما اشتدّ رفعهما ... وكان بينهما من غائطٍ وشعِ

خمساً وعشرين ثم استدرعتْ زغباً ... كأنهنَ بأعلى لعلعٍ رِجَعِ الوشع الطريقة من الغبار وهي الوشائع شبه طرائق الغبار إذا عدا بوشائع الثوب وهي الخيوط التي لحم بها السدى، وقوله خمساً وعشرين يعني أنهما يختلفان إلى بيضهما خمساً وعشرين ليلة، حتى استدرعت فراخها زغباً أي تدرعت، رجع حواسر الإبل وصغارها. وقال زهير وذكر نعامة: تحنُّ إلى مثلِ الحمانينِ جُثّما ... لدى سكنٍ من قيضِها المتفلِّقُ تحطّم عنها قيضها عن خراطِمٍ ... على حدقٍ كالنبحِ لم يتفتّقُ الحمانين القردان واحدها حمنان شبه بها الفراخ، لدى سكن من قيضها أي عند الموضع الذي كانت تسكنه من البيض المتكسر، وشبه حدقها بالجدري الذي لم يتحفر، وقوله على حدق أي مع حدق. وقال أبو النجم: والبيضُ في نَؤي من انتئائه ... والأمُ لا تسأمُ من ثوائهِ حتى يدبُّ الرألُ من خِرشائِه ... وباتَ مأوى الوَدِّ من بنائهِ يقول جعل البيض في حظيرة كالنؤي لئلا يحتمله السيل، والأم لا تمل من حضنه وأراد من ثواء عليه، والخرشاء قشر البيضة

الرقيق، يقول بات قريباً من أبويه كمكان الودّ من الخيمة. وقال ذو الرمة يذكر الرئال: أشداقُها كصدوعِ النبعِ في قُللٍ ... مثل الدحاريجِ لم ينبتْ بها الزغبُ كأنّ أعناقَها كُرّاثٌ سائفةٌ ... طارتْ لفائفُه أو هيشر سُلُبُ أراد أشداقها كشقوق في النبع، والأشداق في قلل أي في رؤوس، مثل الدحاريج والدحروجة ما دحرجته من شيء، وشبه أعناقها بلون الكراث وهو نبت ويقال شبهها به لرقتها، سائفة مسترقّ الرمل طارت لفائفه أي قشوره، وهيشر شجر، سلب سقط ورقه. وقال الكميت لقضاعة: كأمِ البيضِ تلحفُه غُدافاً ... وتفرشُه من الدمثِ المهيلِ غداف ريش أسود طويل، والدمث أرض لينة. لما قيِّض عن حَتَكٍ لصوقٍ ... بأزعرٍ تحت أهدبٍ كالخميلِ قيض عن حتك تفلق، والحتك الفراخ واحدها حتكة، أزعر صغار الريش، وأهدب طواله، والخميل القطيفة، يعني الظليم. كأنّ القيضَ رعَّثه بودعٍ ... مع التوشيحِ أو قطعِ الوذيلِ رعثه يقول بقي قطعة من كسر البيض في موضع أذن الفرخ مثل القرط الرعثات القرطة، والوذيل الفضة. أويْنَ إلى ملاطِفةٍ خضودٍ ... لمأكلهنِ صفطافَ الرُبولِ

ملاطفة أم، خضود كسوب، لمأكلهن أي لأكلهن، والطفطاف ما تدلى منالجر، والربول شجر واحدها ربْلة وهي تنبت في الصيف في الرمل، يريد لهن ابقل. تسبّع دونهنَّ لكلِ وحيٍ ... تعرض من أزلّ لها نسولِ الوحي الصوت، والأزل الذئب، نسول في عدوه، يقول تحمي الفراخ. فلما استرألتْ حسبتُ سواءً ... مفارقةَ الرعيلِ إلى الرعيلِ فساقَطَها الفراقُ بكلِ غيبٍ ... خواذل بالمقدِّ وبالمُقيلِ استرألت صارت رئالاً، والرعيل الجماعة، ساقطها الفراق يقول فارقت أبويها واستبدلت بهما نعاماً أخرى، والغيب المطمئن منالأرض، خواذل مفارقة، والمقد طريق يقد الأرض قداً، حيث تقيل، شبه قضاعة في انتقالها إلى اليمن عن نزار بهذه الرئل وقال أيضاً في مثل هذا المعنى: أولى وأولى له حسني وسيئة ... تَبالِيَ الهيقُ والمكلوءُ ذي الزغبِ يقول أوليه حسني وأولاني سيئة كتبالي الهيق وفخه حين يحفظه ويكلؤه وتبالي تفاعل. لما تفلَّق عنه قيضُ بيضَتُه ... آواهٍ في ضِبنٍ مضبوءٍ به نصبِ يقول آواه أبوه في ضبنه، مضبوء لاطيء بالأرض.

وإن تعرضَ معتسُ الذئابِ له ... أوفى بأولقٍ ذي الزبّونةِ الحرِبِ الأولق الجنون، والزبونة من زبنة أي دفعه، والحرب العالم بالحرب. حتى إذا علمَ التدارجُ واتخذتْ ... رجلاهُ كالودعِ آثاراً على الكُثُبِ وخالَهُ ضد من قدْ كان يكلؤه ... بالأمسِ إنّ الهوى داعٍ إلى الشجبِ ظن أنه مثل أبيه وأنه سيقاوم الذئب إن لقيه، والشجب الهلاك. ولي مباعدةٌ منه ومزريةٍ ... من غيرِ مُزري به والحينُ ذو سببِ يريد أنه ترك أباه وانفرد. وقال - ذو الرمة: وبيض رفعنا بالضحى عن مُتونها ... سماوة جونٍ كالخباءِ المقوضِ هَجومٌ عليها نفسُه غيرَ أنه ... متى يُرمَ في عينيْه بالشخصِ ينهضِ بيض يعني بيض نعام، وسماوة الشيء شخصه، والجون الظليم هاهنا، والمقوض المقلوع، شبه الظليم بالخباء المقلوع، هجوم عليها نفسه أي يرمي نفسه على البيض، متى يرم في عينيه بالشخص أي متى ير شخصاً يقم عن بيضه. وقال ذو الرمة: إذا هبّتِ الريحُ الصبا درجتْ به ... غرابيبُ من بيضِ هجائنٍ دردقِ الصبا والجنوب تهبان في أيام يبس البقل وهو وقت ينقف فيه

النعام بيضه، فيقول إذا كان هذا الوقت درجت بهذا الموضع رئلان سود، من هجائن أي بيض ابيض، دردق صغار وهو من صفة الرئلان لا واحد لها من لفظها، وقال الشماخ: ووحشيةٌ بيضا قد صدَّتْ صاحبي ... ولادة صِعونَّينِ حمشٌ شواهُما ولودين للبيضِ الهجانِ وحالكٌ ... من اللونِ غريبٌ بهيمٌ علاهُما وحشية يعني بيضة نعام، والصعون الخفيف الرأس، حمش دقيق، شواهما أطرافهما، حالك أسود، يقول يلدان بيضاً أبيض وهما أسودان، وقال ذو الرمة: وبيضاً لا تنحاشُ منا وأمُّها ... إذا ما رأتنا زيل منا زويلُها نتوج ولم تقرفْ بما يمتنى له ... إذا أنتجتْ ماتتْ وعاش سليلُها بيضاء يعني بيضة نعامة، لا تنحاش لا تفزع، وأمها يعني النعامة إذا ما رأتنا ذعرت وفزعت، يقال للرجل إذا رعب: زيل منه زويله وزيل بغير الغ لغة، نتوج حامل يعني البيضة، ولم تقرف لم تدان، لما يمتنى له أي للضراب الذي يمتنى له، والسليل الفرخ، وقال أيضاً: وميّتةُ الأجلادِ يحيا جنينُها ... لأولِ حملٍ ثم يورثُها عُقرا يعني البيضة إذا خرج الفرخ لم تحمل البيضة بعده حملاً، وقال الكميت وذكر النساء: لهنَ وللمشببِ ومن علاه ... من الأمثالِ قائبةٌ وقوبُ

قائبة قشر البيضة، والقوب الفرخ يقول ذو المشيب من النساء بمزلة الفرخ من البيضة إذا خرج منها وانكسرت فليس يرجع إليها أبداً، وقال لقريش: فقائبةٌ ما نحنُ غدوا وأنتم ... بني غالبٍ إن لم تفيؤوا وقوبُها يقول إن لم ترجعوا عما أنتم عليه فارقناكم غداً كفراق الفرخ بيضته إذا خرج منها لم يعد إليها، وقال ذو الرمة يذكر بيضاً: ترائكٌ أيأسن العوائدُ بعد ما ... أهفن فطارُ الفرخِ بعد رُزامِ ترائك فواسد قد تركت واحدتها تريكة، أيأسن العوائد يعني الأمهات من أن يعدن فيحضنّ البيض، بعد ما أهفن أي دخلن في الهيف وهي الريح الحارة، بعد رزام بعد أن لا تستطيع تنهض، يقول من هذا البيض ما فسد ومنه ما لم يفسد طارت فراخ بعد أن كان

رازماً، والرازم المهزول الذي لا ينهض من الإبل وغيرها، وسئلت ابنة الخس هل يلقح البازل؟ قالت نعم وهو رازم، أي وإن كان لا يقدر على النهوض. وقال ابن أحمر: وما بيضاتُ ذي لبدٍ هجفٍّ ... سقيْنَ بزاجلٍ حتى روَينا هجف يعني ظليماً جافياً والزاجل مني الظليم من زجله يزجله. يظلُّ يجفهنَ بقَفْقَفيْه ... ويلحفهُنَ هفافاً ثخينا وهو ثخين أي بعضه فوق بعض. وضعْنَ وكلهنَ على غرارٍ ... حصانُ الجيبِ قد وسقت جَنيْنا وضعن يعني البيضات، وهن على غرار أي على مثال في الأقدار ويقال أيضاً أنها تضع بيضها طولاً ثلاثين بيضة أو نحوها كخيط ممدود ثم تعاقب بينها في الحضن فمن ذهب إلى هذا قال في قوله - وكلهن على غرار - أي على استواء في الطول ومثال واحد لا تخرج واحدة عن الأخرى كما قال الآخر: على غرارٍ كامتدادِ المطمرِ يعني بيض النعام والمطمر خيط البناء، وقوله حصان الجيب يعني البيض لم يقارفن سواء، وسقت جنيناً حملت جنيناً، والقول في البيض هو الأول أنهن على مقدار.

وقال ثعلبة بن صعير العدوي وذكر الظليم والنعامة: فتذكرت ثَقَلاً رثيداً بعدما ... ألقت ذُكاء يمينها في كافر الثقل هاهنا البيض وجعل بيضها ثقلها ومتاعها والرثيد المطروح بعضه على بعض فقد رثدته، وذكاء الشمس وهي لا تنصرف، وكافر الليل لأنه يغطي كل شيء، وقوله ألقت يمينها هذا مثل أي صار أوائلها في الغور. ومثله قول لبيد في الشمس: حتى إذا ألقَتْ يدا في كافرٍ وأجنّ عوراتُ الثغورِ ظلامُها وقال علقمة بن عبدة: حتى تلافي وقرنُ الشمسِ مرتفعٌ ... أدحيّ عرسينِ فيه البيضُ مركومُ فجعل البيض بعضه على بعض، وقال أبو النجم: والبيض في نؤي من انتئائه يقول حفر له حفيرة كالنؤي، وقال لبيد: بكثيِّبٍ رابيةٍ قليلٍ وطؤُه يعتادُ بيتُ موضَّعٌ مركومُ الموضع بيضه، وبيته الأدحى. وقال ابن أحمر وذكر امرأة: كودعةِ الهجاجِ بوأها ... ببِراق عاذَ البَيْضُ أو ثجُر

لهدجدج جرب مساعره ... قد عادها شهراً إلى شهر وديعته بيضته، والهجهاج الظليم وهو الجافي الفزع، وعاذ موضع منسوب إلى البيض كأن النعام تبيض فيه، وقال ابن هرمة: فإني وتركي ندى الأكرمينَ ... وقَدَحي بكَفي زندا شحاحا كتاركةٍ بيضَها بالعراءِ ... وملبسةٍ بيضَ أخرى جناحا ويقال في المثل: أموق من نعامة، وذلك أنها ربما خرجت للطعم فرأت بيض نعامة أخرى قد خرجت لمثل ما خرجت له فتحضن بيضها وتدع بيض نفسها، ويقال: أخرق من حمامة، وذلك لأنها لا تجيد عمل العش وربما وقع البيض فانكسر، قال عبيد: عيّوا بأمرِهم كما ... عيَّت ببيضتْها الحمامه جعلتْ لها عودينِ من ... نشمٍ وآخرٍ من ثَمامه النشم شجر يتخذ منه القسي صلب، والثمام نبت ضعيف، يقول قرنت هذا بهذا فسقط البيض فانكسر، ويقال أيضاً: أخرق من عقعق، لأنه وإن كان حذراً فإنه من الطير الذي يضيع بيضه وفراخه، ويقال: أسرق من كِنش، وهو العقعق، وأنشد ابن الأعرابي: هل تلحقني بالغادينَ دوسرة ... كأنها ذِعلبٌ بالطُفْي ملتحفُ ألقي الثماني على أجسادٍ مطبَقةٍ ... بالدومنهنَ منتوجٌ ومكترفُ الطفي خوص الدوم والثماني يريد الثماني ريشات ومن مقاديم

جناحه، والمطبقة البيض أطبقت على ما فيها، والمكترف الذي مات في بيضه وأنتن. وقال عدي يصف نباتاً: لم تعبه إلا الأداحي فقد وب ... ر بعض الرئال في الأفلاق وبر ازلغّب وهذا مستعار إنما التوبير في الإبل، يقول: هذا الموضع لا ترى فيه إلا أدحيا ونباتاً وزهراً فهو أحسن ما يكون وأحفل، والأفلاق فلق البيض، وقوله لم تعبه مثل قول النابغة: ولا عيبَ فيهم غير أن سيوفَهم ... بهنَ فلولٌ من قراعِ الكتائبِ لأنه ما كان كذلك فهو مبرأ من العيوب، ونحو منه قوله يصف النساء: كدمي العاج في المحاريب أو كال ... بيض في الروض زهره مستنير سئلت ابنة الخس أي شيء أحسن منظراً؟ فقالت: قصور بيض في حدائق خضر. وقال الأخطل وذكر الثور: وزمَّتِ الريحُ بالبُهمي جحافِلُهُ ... واجتمعَ القيضُ من نَعمانِ والخَضرِ زمت الريح الجحافل بالسفا وهو شوك البهمي وهذا حين يهيج النبت واجتمع القيض والخضر، القيض قشور البيض والخضر النبت الأخضر، يريد أنهما ذهبا جميعاً وجف النبت فكأنهما لما فارقا هذا الموضع اجتمعا ولم يرد أنهما اجتمعا في موضع.

وقال امرؤ القيس: وتحسبُ سلمى لا تزالُ ترى طلي ... من الوحشِ أو بيضاً بميثاءِ مِحلالِ يقول تحسب سلمى لا تزال في هذا الموضع وهو مبدأها في الربيع، قال وإنما يرى البيض والطلي في الربيع فإذا جاء الصيف تفرقوا. وقال يصف امرأة: كبِكرِ المقاناةِ البيّاضِ بصفرةٍ ... غذَّاها نميّرِ الماءِ غير محللِ ويروي: كبكر مقاناة البياض بصفرة، يعني البيضة قونيت بياضاً بصفرة أي خالط بياضها صفرة وكذلك بيضة النعامة، يقال ما يقانيني هذا الأمر أي ما يوافقني، وهو مثل قول ذي الرمة: كحلاء في برج صفراء في نعج كأنها فضة قد مسها ذهب يقول ليست بيضاء مهقاء والأمق الذي لونه لون الجص، ونمير الماء النامي في الجسد وإن كان غير عذب، غير محلل يقول لم يحله الناس فيغيروه ويثوّروه، يصف حسن غذاء المرأة، وقال طفيل يذكر إبلاً: عوازبٌ لم تسمَعْ نبوحَ مقامةٍ ... ولم ترَ ناراً تمّ حول مجرَّمِ سوى نارِ بيضٍ أو غزالٍ بقفرةٍ ... أغن من الخنس المناخر توأمِ عوازب تبيت القفر لا تروح إلى أهلها، والنبوح جلبة الحي وأصواتهم، تم تمام، مجرم مقطوع ماض، أي هي في القفر لا ترى ناراً ولا تسمع جلبة سوى نار بيض نعام توقد له وغزال يصاد،

والنار توقد للظباء لتعشى إذا أدامت النظر إليها فتصاد وللرئال ويطلب بها بيض النعام في أداحيها، وقال الطرماح وذكر مكاناً: كم به من مَكْنِ وحشيةٍ ... قِيضَ في منتثَلِ أو شيامِ المكن البيض وهو للضباب واستعاره، وحشية نعامة، قيض السهلة، والمنتثل الذي أخرج ترابه لأنه حفر قبل ذلك، والشيام الأرض السهلة، ويروي: من مكو وحشية والمكو الجحر وجمعه مِكاء مثل دلو ودلاء ومن قال مَكا قال أمكاء مثل قفا وأقفاء، أنشد أبو زيد: أما تعرف الأطلال قد طال طيلها ... بحيث التقت رمُد الجِناب وعينِها يقال قد طال طيلك وطيَلك، والعِين البقر، والرُمد النعام. وقال أوس يصف ظليماً: يدُّفُ فويقَ الأرضِ فوتاً كأنه ... بإعجالِه الطرفُ الحديد معلقُ يقول كأنه من سرعته معلق بين السماء والأرض، وقوله فوتاً أي قدر ما يفوته بإعجاله الطرف يقول يسبق طرف العين. وقال آخر: ومجوَفاتٌ قد علا ألوانَها ... أسآرُ جردِ مترصاتٍ كالنوا مجوفات يعني نعاماً والمجوف من الخيل الذي ارتفع بياض بلقه إلى

بطنه فجعل النعام هكذا، وقد علا ألوانها أي قد علا التجويف ألوانها، أسآر خيل قد طردت نعاماً فبقيت منها هذه النعام والخيل أسأرت هذه أي أبقتها، والمترص المحكم يعني الخيل، كالنوى في الضمر. وقال آخر: وانتصف النهارُ والنعامُ ... والمهرُ مزدمٌّ له قتامُ هذا رجل طرد نعاماً على فرس فصرع نصفها إلى وقت انتصاف النهار، مزدم رافع رأسه يقال جاءنا زامّاً بأنفه. وقال ابن مقبل ووصف نبتاً: فيه من الأخرجِ المرياعِ قرقرةٌ ... هدرُ الديافيّ وسط الهجمةِ البُحُرِ الأخرج الظليم فيه بياض وسواد، والمرياع الراجع إلى مكانه، ويروي: المرتاع، وهو الفزع، والبحر الغزار أخذ من البحر، وقال أبو النجم وذكر ظليماً: قلتُ لشيبانٍ ادْنُ من لقائهِ ... كما نغدِّي القوم من شوائه شيبان ابنه قلت له: اركب في طلبه، كما بمعنى كيما يقول كيما نصيده فنغدي القوم به مشوياً، وقال الأخطل: وداويةُ قفرٍ كأنّ نعامَها ... بإرجائِها القصوى رواجنٌ هُمّلُ الرواجن إبل قد رجنت وأكلت علف الأمصار، قال وهذه إبل قد جربت فقد طليت بالقطران فكأنها نعام. وقال مالك بن خالد الهذلي:

والله ما هقلةُ حصاءٍ عنّ لها ... جونُ السراةِ هزفٌّ لحمه زيمُ هقلة نعامة، حصاء قد تحاصّ عنها الريش وذلك من كبرها وهو أشد لعدوها. وقال آخر - وهو المتنخل الهذلي: كانوا نعائمَ حفّان منفرة ... مُعْط الحلوقِ إذا ما أدركوا طَفَحوا لحمه زيم أي قطع على رؤوس العظام ليس بمذموم. كانت بأوديةٍ محل فجادَها ... من الربيعِ نجاء بينها ديمُ فهي شنونٌ قد ابتلتْ مساربُها ... غير السَحوفِ ولكن عظمَها زِهمُ ابتلت مساربها يريد مجاري اللحم منها وأصل المسارب مجاري الماء إلى الروض، والشنون بين السمين والمهزول، يقول هي شنون غير سحوف وهو أجود لشدها وأقوى لها والسحوف التي تسحف عن ظهرها الشحم ثم قال لكن عظمها زهم أي فيه مخ والزهم الشحم وهذا خلاف قول الآخر: زمخري السواعد وقول زهير: جؤجؤه هواء تم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.

الثالث من كتاب المعاني لابن قتيبة وهو

الثالث من كتاب المعاني لابن قتيبة وهو كتاب الطعام والضيافة بسم الله الرحمن الرحيم وبه الثقة والمعونة أبيات معان في القدور قال أبو ذؤيب: وسودٌ من الصيدانِ فيها مذانبٌ ... نصارٌ إذا لم نستفدْها نُعارُها يعني قدوراً، والصيدان حجارة البِرام، والمذانب المغارف الواحدة مذنبة، وقال الأصمعي أظنه أراد بالصيدان الصاد والصاد يكون للصفر والحجارة، هذه رواية الزيادي عنه، قال وهو كما قال العجاج: بحيث صاح المرجل الصادي قال والصيداء الصخرة ونضار شجر قال الأصمعي أراد الأثل يقول إن لم نشترها استعرناها يريد أنهم أصحاب قرى وسماحة. لهنَ نشيخٌ بالنشيلِ كأنها ... ضرائرٌ حِرمي تفاحشَ غارُها نشيج غليان، والنشيل أصله ما أخرجت بيدك من اللحم ولم يرد

ذلك بعينه وإنما اراد اللحم، وشبه غليان القدور باصطخاب ضرائر ثم نسبهن إلى رجل من أهل الحرم لأن قريشاً أول من اتخذ الضرائر وغارها غيرتها، حرمي منسوب إلى الحرم على غير قياس والقياس حَرَمى وأنشد الأصمعي: كقارورةِ الحِرِمي لو أن مُدنِفاً ... يداوي بها وتريْنِ لم يتوجّع وقال: إذا استُعجِلَتْ بعد الخبوِّ ترازمَتْ ... كهزمِ الظُؤارِ جُرّ عنها حوارُها الخبو أن تموت النار يقال خبت النار، يقول إذا استعجلت بأن توقد وقوداً شديداً بعد السكون سمعت لها رزمة مثل رزمة الناقة على ولدها وهو صوتها يقال ارزمت الناقة إذا حنت، والظؤار ثلاث من النوق يعطفن على الفصيل، والواحد ظئر. وقال الآخر: فعالى غلامانا على غضويَةٍ ... جماعاً من الصيدانِ تطغي فتقدعُ كأن المحالَ الغرّ في حجراتها ... عذارى على طاياتِ بُصري تطلّعُ غضوبة نار توقد بحطب الغضا، جماعاً أي قدراً تجمع الجزور والصيدان حجارة البرام، تطغي تفور، فتقدع أي تكف وبناء بصري بحجارة سود فشبه بياض المحال في القدور مع سواد القدر بالعذارى فوق تلك السطوح، والطايات السطوح واحدها طاية. وقال النابغة يمدح رجلاً:

له بفناءِ البيتِ دهماءُ جونةٍ ... تلقمُ أوصالَ الجزورِ العُراعرِ يعني قدراً تسع الجزور العظيمة وهي الجماع التي ذكرها الأول. ومثله: بقدرٍ تأخذُ الأعضاءُ ممّا ... بجملتِه وتلتهمُ الفَقارا ويروي: وتلتهم الغبارا. وقال الكميت: ومرصوقةٌ لم تُونِ في الطبخِ طاهياً ... عجلَّتْ إلى مُحوَرّها حين غَرغَرا مرصوقة قدر أنضجت بالرضف وهي حجارة تحمي ثم تطرح فيها، والطاهي الطباخ، لم تون لم تحبس من الونى، والمحور ما ابيض منها قبل النضج، غرغر غلا أول غلية يريد أنه على عجلة، وقال عنتر:

إذ لا تزالُ لكم مغرغرةً ... تغلي وأعلى فوقها كِتر مغرغرة قدر تغلي والكتر السنام، وقال آخر: ثبتتْ قواثمها خسا وترنمتْ ... غضباً كما يترنمُ السكرانُ يعني القدر، خسا فرد يعني الأثافي، وقال الراعي: فبتْنا وباتتْ قدرهم ذاتَ هزَّةٍ ... يضيءُ لنا شحمَ الفروقةِ والكُلى هزة غليان، والفروقة شحم الكليتين، وقال ابن أحمر: ودهمٌ تصاديها الولائد جلة ... إذا جهلَتْ أجوافُها لم تحلّمِ الدهم القدور، تصاديها تداريها وترفق بها، جلة عظام، وجهل أجوافها بالغليان. نرى كل هرجابٍ لجوجٍ لهمَّة ... زفوفٍ بشلوِ النابِ جوفاء عَيلمِ هرجاب طويلة على وجه الأرض، زفوف بشلو الناب أي تزويه إذا غلت ومنه قيل زفت الإبل زفيفاً إذا قاربت الخطو وفيه بعض النزوان، عيلم واسعة كثيرة الأخذ ويقال للبئر عيلم، لهمة تبتلع كل شيء.

لها زجلٌ جنحُ الظلامِ كأنه ... عجارفُ غيثٍ رائحٌ متهزمُ شبهه بهزمة الرعد وهو صوته، وجنح الظلام دنوه واختار هذا الوقت لأنه وقت نزول الأضياف، وعجارف اختلاط الأصوت. إذا ركدَتْ حولَ البيوتِ كأنها ... ترى الآلَ يجري عن قبائلِ صُيّمِ ركدت سكن غليانها، أي رأيت الدسم يجري عليها كما يجري الآل على خيل صيام أي قيام، وقال الراعي: حلبت له دهماً ليستْ بلقحةٍ ... ركوداً إذا النكباءُ هبّتْ عقيمُها تجيشُ بأعضاءِ المحالِ كأنها ... عذارى بدَتْ لما أصيبَ حميمُها وذكر ضيفاء، ودهماء قدر، شبه قطع اللحم فيها بنساء برزن، مثل قول الآخر: عذارى على طايات بُصرى تطلّع وقد تقدم ذكره. غضوبٌ كحيزومِ النعامةِ أُحمشتْ ... بأجوازِ خشبٍ طارَ عنها هشيمُها محضّرةٌ لا يجعلُ السرُ دونها ... إذا المرضع الغوجاء جالَ بريمُها

غضبها غليانها، أحمشت كأنها أغضبت إذا أمدت بالحطب الجزل فغلت، والبريم الحقاب وإنما يجول من الهزال، يقول: لا نسترها في وقت الجدب ولكننا نظهرها ونحضرها للناس، وقال يذكر امرأة: رفَعْنا لها مشبوبةً يهتدي بها ... ولقحةَ أضيافٍ طويلاً ركودُها إذا ما اعترانا الحقُ بالسهلِ أصبحتْ ... لها مثل أسرابِ الضباعِ خدودُها إذا نصبَتْ للطارقينَ كأنها ... نعامةٌ حزبا تقاصَرَ جيدُها مشبوبة يعني ناراً، خدودها حيث يخدّ لها في الأرض، كأنها نعامة حزباء يقول ليست بطويلة العنق فكأنها تقاصرت، والحزباء الأرض الحزنة الغليظة. يبيتُ المشاشُ الخورُ في حجراتِها ... شكارى مراها ماؤها وحديدُها الخور الكثيرة الدسم، شكارى من كثرة الدسم وهذا مثل، مراها حلبها الماء، يقول لما صب الماء خرج الدسم، والحديد يريد المغرفة. وقال: وقدر كرأل الصحصحان وئية الوئية العظيمة، والرأل فرخ النعام، والصحصحان المستوى من الأرض. وقال وذكر الأثافي:

ثلاثٌ صَلَينَ النارَ حولاً وأرزمتْ ... عليهن رجزاء القيام هدوجُ أرزمت صوتت وأصله إرزام الناقة يعني قدراً غلت على الأثافي ورجزاء القيام من ثقلها والرجزاء من الإبل التي إذا أرادت النهوض أرعدت فخذاها، وهدوج في صوتها تهدج في غليانها. وقال جرير: إذا لم يُدِرّوا عاتماً عطفت له ... سريعةُ أبشارِ اللقاحِ درورُ يقول إذا لم يكن لبن نصبوا للضيف قدراً، والعاتم هاهنا ناقة تحلب عتمة، وسريعة إبشار اللقاح يعني قدراً شبهها بناقة بها حمل إذا ألقي فيها اللحم ويقال أبشرته وبشرته بمعنى واحد. وقال لبيد: وأعطوا حقوقاً ضمّنوها وراثة ... عظامِ الجفانِ والصيام الحوافلا تُوزّع صَرّاد الشمالِ جفانُهم ... إذا أصبحتْ نجدٌ تسوقُ الأفائلا الصيام الحوافل يريد القدور الممتلئة، توزع تطرد، والصراد السحاب البارد الذي لا ماء فيه أي ترد حفانهم الشمال بالإطعام وأصبح أهل نجد يسوقون الفصلان لأنها أضعف على البرد، والأفائل قطع السحاب تنفيه الشمال. وقال أيضاً: وأبذلُ سوام القدرِ إ ... نّ سواءها دهماً وجونا ذو القدرِ إن نضجتْ وعجّ ... ل قبله ما يشتوينا

إن القدورَ لقائحٌ ... يحلبنَ أمثل ما رعينا يقول إنك ستصيب سواءها دهماً وجوناً من الإبل، ذا القدر رده على سوام، يقول يحلبن من الحمد والذكر والشرف أكثر مما يطعم فيهن، رعين استحفظن وجعل فيهن، وقال آخر - مضرس بن ربعي الأسدي: فلا تسأليني واسألي ما خليقتي ... إذا ردّعا في القدر من يستعيرها العافي كل شيء يرده مستعير القدر فيها من المرق إذا ردها وكانوا يفعلون ذلك في الجدب، وقال الكميت يذكر سنة جدب. وجاءتِ الريحُ من تلقاءِ مغربها ... وضنَّ من قدرهِ ذو القدرِ بالعُقَبِ ويروي بالعَقَب، العقبة والعافي سواء، وقال أيضاً وذكر سنة جدب: واتخذت للقدر في عُقبة ال ... كرّة مبذولة وطائدها العقبة ما فسرناه، والكرة حيث ترد القدر، وطائدها أثافيها. وقال الراعي: إني أقسّمُ قدري وهي بارزةٌ ... إذ كل قدرِ عروسٍ ذات جلبابِ أي تستر كما تستر العروس، وقال آخر - وهو المرار بن سعيد الفقعسي:

فقلت أشيعا مشّرا القدرِ حولنا ... وأي زمانٍ قدرنا لم تمشّر مشرت اللحم قسمته، وقال آخر: ألا إن قومي لا تلطُّ قدورُهم ... ولكنما يوقَدنَ بالعِذاراتِ تلط تستر وأنشد: كما لُطّ بالاستارِ دونَ العرائسِ يقال ألط فلان إذا ساتر وفلان يلط دون الحق بالباطل أي يستر. وقال بشر: فكانوا كذاتِ القدرِ لم تدرِ إذ غلتْ ... أتنزلها مذمومةً أم تُذيبُها تذيبها تنهبها يقال أذاب علينا بنو فلان إذا أغاروا عليهم فأخذوا مالهم، يقول لما رأونا تحيروا ودهشوا فلم يدروا ما يصنعون كسالئة فسدت عليها زبدتها فلم تدر ما تصنع أتنزل القدر مذمومة أم تقسم ما فيها. وقال أعشى باهلة: لا يعجلُ القومَ أن تغلي مراجلُهم ... ويدلجُ الليلُ حتى يُفسحُ البصرُ يقول هو رابط الجأش فإذا أغار عليه قوم وأصحابه يطبخون لم يفزعه ذلك حتى يعجلهم عن الطبيخ، ويسير بالليل حتى يفسح البصر

أبيات معان في الجفان

بالصبح، والمراجل القدور. وقال بشر وذكر ناقة: تجرّ نعالَها ولها نفيّ ... نفي الحَبِّ تُطحره الملالُ أي تسقط نعالها من شدة سيرها، والنفي ما تنفيه من تحت قوائمها، تطحره ترمي به، والملال المقالي أخذ من الملة وهو الموضع الحار. وقال آخر: لا تعدلنَ أتاويّين تضربُهم ... نكباء صرّ بأصحابِ المُحِلاتِ الأتاويون الغرباء، والمحلات القدر والقربة والفأس والقدّاحة والدلو والرحى وإنما قيل لها محلات لأن من كانت معه حل حيث شاء وإلا فلا بد له من أن ينزل مع الناس، يقول لا تعدلن الغرباء بهؤلاء، ويقال هي سبعة أشياء منها السكين. وقال الفرزدق: وقِدرٌ فثأنا غلِيها بعد ما غلتْ ... وأخرى حششنا بالعوالي تؤثّفُ القدر هاهنا الحرب، فثأنا أطفأنا لهبها، وأخرى حششنا أي أحميناها بالرماح فكانت لها كالأثافي التي تحت القدر تثبتها وتمسكها وتحميها من كل جانب. أبيات معان في الجفان قال ابن مقبل: وجوفاً يجنحُ فيها الضريكُ ... لحين الشتاءِ جنوحُ العرِنِ

الضريك البائس الهالك بسوء حال، جوفاء يعني جفنة واسعة الجوف، والعرن الذي به داء في عنقه وهو قرح يحتك منه وربما برك إلى أصل شجرة فاحتك بها. وقال أبو خراش: يقاتل جوعهم بمكلت ... من الفرني يرعبها الجميل مكللات جفان قد كللن باللحم، يرعبها يملؤها، يقال رعبت الأودية أي ملئت، والجميل الشحم المذاب. وقال أبو زبيد: وخوان مستعمل أدجنته ... كل يوم شيزي رجوف دلوف شيزي جفنة تعمل من الشيز، رجوف يرجف بها إذا ملئت من ثقلها، دلوف يدلف بها والدليف تقارب الخطو وهو فعيل بمعنى مفعول. وقال الراعي وذكر امرأة أضافها: فباتت تعد النجم في مستحيرة ... سريع بأيدي الآكلين جمودها مستحيرة جفنة قد تحير فيها الدسم فهي ترى فيها النجوم لصفاء الإهالة، وأراد بقوله تعد النجم الثريا والعرب تسمي الثريا النجم، قال: طلع النجم عشاءً ... ابتغى الراعي كساءً وقد ذكرناه في كتاب الأنواء، وقال لبيد:

ويكللون إذا الرياح تناوحت ... خلجاً تمد شوارعاً أيتامها الخلج الجفان كأنها خلج جمع خليج وهو النهر، يكللونها باللحم، شوارعاً شرعوا فيها، تناوح الخليجان تقابلاً وكذلك الشجر، وقال النابغة الذبياني: إني أتمم أيساري وأمنحهم ... مثنى الأيادي وأكسو الجفنة الأدما معان في الرحا أنشدنا أبو حاتم عن أبي زيد: بدلت من وصل الغواني البيض ... كبداء ملحاحاً على الرضيض تخلأ إلا بيد القبيض يقال خلأت الناقة تخلأ خلاء إذا وقفت فلمتبرح، والقبيض الشديد القبض، والرضيض حجارة المعادن فيها ذهب وفضة، والكبداء الرحا العظيمة، يقول تقف فلا تدور إلا بيد قوية، وقال آخر: بئس طعام الصبية السواغب ... كبداء جاءت من ذرى كواكب كبداء رحى عظيمة، وكواكب اسم جبل، وقال آخر: أعددت للضيف وللجيران ... حريتين ما تحلحلان لا تحلبان وهما ظئران. يعني رحيين م الحرة، وقال آخر يصف رحا:

معان في الطعام والضيافة

وضيفين جاءا من بعيد فقربا ... على فرش حتى اطمأنا كلاهما قرينا هما ثم انترعنا قراهما ... لضيفين جاءا من بعيد سواهما وقال ذو الرمة: وأشعث عادي الضرتين مشجج ... بأيدي السبايا لا ترى مثله جبرا كأن على أعراسه وثيابه ... وئيد جياد قرح ضبرت ضبرا أشعث يعني وتد الرحا، والضرتان الحجران، يقول إذا انكسر طرح وأخذ غيره ولم يجبر، وأعراسه معرس الرحا حيث توضع، وئيد جياد أي صوت خيل، وضبرت وثبت. معان في الطعام والضيافة قال طرفة: نحن في المشتاة ندعو الجفلى ... لا ترى الآدب فينا ينتقر يقال فلان يدعو الجفلى والأجفلى إذا عم بدعوته وفلان يدعو النقرى إذا خص بدعوته قوماً دون قوم، والآدب الداعي إلى المأدبة وهي الطعام المدعو إليه، وقال آخر مهلهل بن ربيعة: إنا لنضرب بالسيوف رؤوسهم ... ضرب القدار نقيعة القدام القدار الجازر، والنقيعة الطعام يصنع للقادم من سفر، والقدام جمع قادم مثل كافر وكفار، وقال آخر: كل الطعام يشتهى ربيعه ... الخرس والاعذار والنقيعة

الخرس طعام الولادة، والاعذار طعام الختان، والنقيعة طعام القادم من سفر، وكل طعام صنع ودعي إليه فهو مأدبة ومأدبة. وقال أبو ذؤيب: ومدعس فيه الأنيض اختفيته ... بجرداء ينتاب الثميل حمارها مدعس مختبز قد طبخ فيه وخبز، اختفيته استخرجته، يقال للنباش مختف، والأنيض اللحم الذي لم ينضج من العجلة، والثميل جمع ثميلة وهي البقية من الماء في الغدير وبطن الوادي، يقول ليس بها ماء فحارها ينتاب الثميل ببلد آخر، ومثله للشماخ: وأشعث قد قد السفار قميصه ... وجر شواء بالعصا غير متضج أي لم ينضجه من العجلة، وقال امرؤ القيس: فظل صحابي يشتوون بنعمة ... يصفون غاراً باللكيك الموشق قال الأصمعي: لا أعرف الغار هاهنا ولكن الغار الكتيبة يقال التقى الغاران. وقال أبو عمرو: يصفون غاراً كما تقول صفوا المسناة بالخشب والقصب وإنما يصفون اللكيك في الغار واللكيك اللحم، وقال غيره: الوشيقة اللحم يقطع صغاراً وهي التي تسميها العامة العشيقة، والواشق في شعر النابغة من هذا وهو الكلب لأنه يوشق

الصيد، والغار واللكيك اللحم، والموشق أيضاً المقدد، وقال الأعشى: وقد غدوت إلى الحانوت يتبعني ... شاو شلول مشل شلشل شول الشاوي الشواء، المشل السائق السريع السوق يقال شللت الإبل، والشلول المسرع، والشلشل الخفيف، وشول خفيف أيضاً، يقال للميزان إذا خف أحد جانبيه قد شال ويقال الشول الذي يشول الشيء أي يحمله يقال أشلت وشلته ويروي: شمل أي طيب النفس والريح. وقال ذو الرمة: وسواد مثل الترس نازعت صحبتي ... طفاطفها لم نستطع دونها صبرا وأبيض هفاف القميص أخذته ... فجئت به للقوم مغتصباً ضمرا سوداء يعني الكبد وأبيض يعني الفؤاد، هفاف رقيق الجلد، مغتصب أي لم يمرض قبل ذلك، يقال جزور مغصوبة مثل معبوطة وذلك أن تنحر بغير علة، ضمر لطيف؟ وذي شعب شتى كسوت فروجه ... لغاشية يوماً مقطعة حمرا يعني السفود وفروجه ما بين شعبه، لغاشية أي لقوم غشوه، ملأت فروجه لحماً.

ومضروبة ضرب المريب بريئة ... كسرت لأصحابي على عجل كسرا يعني خبزة ملة وهي تضرب ليسقط عنها الرماد. وقال الكميت: وأقاموا على الجفان ملاء ... قمعا واريا كسوه الخميرا القمع السنام، والواري السمين، والخمير الخبز المختمر يريد الثريد. وقال أمية بن أبي الصلت يمدح ابن جدعان: له داع بمكة مشمعل ... وآخر فوق دارته ينادي إلى ردح من الشيزى ملاء ... لباب البر يلبك بالشهاد رد جفان ضخمة، يلبك يخلط بالشهد يريد الفالوذ. وقال لبيد: وفتيان صدق قد غدوت عليهم ... بلا دخن ولا رجيع مجنب مجنب كثير يقال خير مجنب وشر مجنب أي كثير أراد بلحم ليس فيه ريح دخان، رجيع مردود عن المائدة. وقال آخر:

بئس قوم الله قوم طرقوا ... فقروا ضيفانهم لحماً وحر وسقوهم في إناء كلع ... لبناً من در مخراط فئر كلع وسخ، وحردبة عليه الوحرة وهي دويبة حمراء تشبه العظاءة، فئر وقعت فيه فأرة، ويقال اخرطت الناقة إذا لم يستقص حلبها فارتد بعض اللبن في الضرع ففسد وصار قيحاً، وقال معقر بن حمار: وذبيانية وصت بنيها ... بأن كذب القراطف والقروف القراطف الأكسية، والقروف جمع قرف وهو وعاء من أدم يجعل فيه الخلع وهو أن يطبخ الشحم باللحم، وقوله كذب القراطف أي عليكم بها فاغنموها، وقوله في بيت آخر وهو: تجهزهم بما اسطاعت وقالت ... بني فكلكم بطل مسيف فكلكم بطل مسيف أي قد وقع في إبله السواف يقال أساف الرجل، وقال علقمة: وقد أصاحب أقواماً طعامهم ... خضر المزاد ولحم فيه تنشيم كانوا إذا غزوا وسافروا قطعوا اللحم فجعلوه في كرش فإذا أتى عليه أيام تغير فذلك تنشيمه، يقال نشم في الأمر أي بدأ فيه وتخضر

الكرش إذا تغير اللحم فيها فشبه خضرتها بالمزاد إذا اخضر من الماء أي يأكلون الكرش وما فيها عند إيغالهم في السفر، وقال آخر: إذا نحن نلنا من ثريدة عوكل ... فقدنا، لها ما قد بقي من طعامها عوكل اسم امرأة، فقدنا يريد فحسبنا، والمعنى أكلنا ثريدتها فشبعنا منها لطيبها واكتفينا فلم تحتج إلى باقي طعامها، ثم استأنف فقال لها ما بقي من طعامها لأنا لا نحتاج إليه. وقال آخر عمرو بن أسوى: لا بل كلي يا أم واستأهلي ... إن الذي أنفقت من ماليه استأهلي اتخذي إهالة وهي الإلية المذابة. وقال آخر: يمشون دسما حول قبته ... ينهون عن أكل وعن شرب ينهون يبلغون غاية الشبع فيعجزون عن الحركة فهو ينهون غيرهم عن مثل ما نزل بهم. وقال بشر بن أبي خازم: ترى ودك السديف على لحاهم ... كلون الراء لبده الصقيع السديف قطع السنام، والراء شجر، لبده ضم بعضه إلى بعض، والصقيع الجليد.

وقال رجل من بني سعد وهو ناشرة بن مالك يرد على المخبل السعدي: إذا ما الخصيف العوبثاني ساءنا ... تركناه واخترنا السديف المسرهدا الخضيف الذي له لونان من سواد وبياض يعني هاهنا الحيس والعويثاني مأخوذ من العبيثة وهي الشيئان يخلطان. وقال رؤبة: وطاحت الألبان والعبائث أي في زمان تذهب فيه، والمسرهد الحسن الغذاء وكل شيء أملحته وحسنته فقد سرهدته، قال الأصمعي عوبثان حي من همدان قال وأراد إن لم يضفنا عقرنا إبله، يهجه بذلك. نعاف وإن كنا خماصاً بطوننا ... لباب المصفي والعجاف المجردا يريد بلباب المصفي البر وبالعجاف التمر الذي طار عنه قشره، يقول نعاف هذا وننحر الإبل فنأكل. وقال آخر: خذامية آدت لها عجوة القرى ... فتأكل بالمأقوط حيساً مجعداً خذامية منسوبة إلى خذام، آدت مالت إليها عجوة القرى يريد

أتتها بها الميارة من قولك تأود الغصن إذا مال وآد النهار إذا مال والمأقوط سويق بالإقط، وقوله: بالمأقوط أي تأكل مع المأقوط حيساً، والمجعد الجيد الخلط الكثير الحلاوة. وقال ساعدة بن جؤية: ثم ينوش إذا آد النهار له ... على الترقب من نيم ومن كتم يعني حماراً جائعاً، ينوش الشجر يتناول على ترق وخوف. وقال المتنخل: لا در دري إن أطعمت نازلكم ... قرف الحتي وعندي البر مكنوز يقال لا در در فلان أي لا كانت له حلوبة ولا رزق، والحتي سويق المقل، والقرف ما انقشر منه. أنشدنا الرياشي: ولست بكائن أبداً بخيلا ... إذا ما اعتل بالحب البخيل يقول إذا سئل قال عندنا حب وليس عندنا دقيق، فتعلل به. وقال الراعي وذكر امرأة أضافها: فلما سقيناها العكيس تمذحت ... مذاخرها وازداد رشحاً وريدها

العكيس مرق يصب عليه اللبن، مذاخرها أمعاؤها، تمذحت تملأت وبطنت. فلما قضت من ذي الأباء لبانةً ... أرادت إلينا حاجة لا نريدها ذو الأباء موضع فيه أباء وهو رؤوس القصب، أي أرادت الفجور ولم نرد ذلك. وقال الأسود بن يعفر يهجو عقالاً: ليبك عقالاً كل كسر مؤرب ... مذاخره للآكل المعرف الكسر العظم التام الذي لم يكسر منه شيء، مؤرب وافر، أقنعت مدت للفم ومنه مقنعي رؤوسهم أي ماديها، والخزير الطعام الذي تعير به قريش وبنو مجاشع، وقال جرير: قبح الإله بني خصاف ونسوة ... بات الخزير لهم في الأحقال الأحقال جمع حقل وهو طعام يطبخ بدقيق وبقول، والمعرف المطيب، ومنه قوله عز وجل الجنة عرفها لهم أي طيبها لهم، وقال الأخطل يهجو رجلاً:

يبيت على فراسن معجلات ... خبيثات المغبة والعثان وشلو تمزق الأغراس عنه ... إذا لم يصله لهب الأفاني الفراسن أخفاف الإبل وهي شر ما أكل، معجلات أعجلت قبل أن تنضج، وخبث مغبتها أن أكلها يفسد جوفه، والعثان الدخان، وشلو يعني ولداً معجلاً، وأغراسه غشاؤه، والأفاني شجر، يقول يأكله نياً، وقال جرير: عضاريط يشوون الفراسن بالضحى ... إذا ماالسرايا حث ركضاً مغيرها عضاريط أتباع، يأكلون الفراسن يريد أنهم لا ييسورن مع الناس فيكون لهم حظ في الجزور، وقال أبو النجم يذكر الصائد: فظل محموداً على قدورها ... ليس بذي الرغبة في تشريرها إلا بحمد النفس أو سرورها يقول يطعم لحومها فيحمد وليس له رغبة في تشرير هذا اللحم إلا ليطعم فيحمد أو يسر نفسه بما أصاب من الصيد. وقال آخر: وعند الكلابي الذي حل بيته ... بخوعي غداء حاضر وصبوح ومكسورة حمر كأن متونها ... نسور لدى جنب الخوان جنوح خوعي بلد، ومكسورة حمر يعني وسائد، وقال رجل من قيس: نغالي اللحم للأضياف نيا ... ونرخصه إذا نضج القدور يقول نشتريه للأضياف في وقت غلائه فإذا نضج أطعمناه من استحقه ومن لم يستحقه، ومثله لشبيب بن البرصاء.

وإني لأغلي اللحم نياً وإنني ... لممن يهين اللحم وهو نضيج وقال الراعي: الآكلين اللوايا دون ضيفهم ... والقدر مخبوءة منها أثافيها اللوايا واحده اللوية وهو ما تخبيء المرأة للضيف في بيتها، يقول فهؤلاء يأكلونها، وأنشد: إذا ما كنت في قوم شهاوى ... فلا تجعل شمالك جردبانا قال هو أن يأكل بيمناه ويضع شماله على شيء آخر من الطعام خوفاً أن يؤخذ يقال جردبت إذا فعلت ذلك، وقال مرة بن محكان: وقلت لما غدوا أوصي قعيدتنا ... غدي بنيك فلن تلقيهم حقباً أدعي أباهم ولم أقرف بأمهم ... قد هجعت وللم أعرف لهم نسبا ويروي لها يعني للأضياف، وقال أبو العيال: أبو الأضياف والأيتا ... م ساعة لا يعد أب وقال آخر:

إذا ضاف أهل الأرحضية مسور ... تناذره أهل الصلوف هدان وأخمد منه أهل جمة نارهم ... وأضحوا ولم تقرع لهم رحيان وقالوا أحسوا أربعاً من مخاضنا ... سقاهن أهل الجفر منذ ثمان الأرحضية والصلوف موضعان، أحسوا اطلبوا، منذ ثمان يريد ثمان ليال، والحوامل المخاض، يريد أن هذا الرجل ينشد إبلاً ولم يذهب له شيء وإنما يطلب القرى. مثله لجندل الطهوي قد خرب الأنضاد نشاد الحلق الأنضاد جمع نضد وهو ما نضد من المتاع، والحلق الإبل سماتها حلق وأنشد:

وذكرت من لبن المحلق شربة وقال آخر: برح العينين خطاب الكثب ... يقول إني خاطب وقد كذب وإنما يخطب عسا من حلب الكثب جمع كثبة وهي قدر حلبة من اللبن، يقول يعتل بالخطبة وإنما يريد القرى كما يعتل الناشد بأنه يطلب إبلاً محلقة في وسمها وإنما يطلب القرى. وقال مزرد وذكر ضيفاً: إذا مس خرشاء الثمالة أنفه ... ثنى مشفريه للصريح فأقنعا الخرشاء جلد الحية شبه به الرغوة، وذكر ضيفاً أي هو حاذق بالشرب إذا خشنت عليه الرغوة ثنى مشفره لخالص اللبن وأقنع رأسه. وقال جبهاء يهجو ضيفاً: فأقنع كفيه وأجنح صدره ... لجرع كأثباج الزباب الزنابر أقنع رفع رأسه وأجنح أمال، وأثباج أوساط، والزباب فأر القف، والزنابر العظام الواحد زنبور.

وقال رؤبة: وحق أضياف عطاش الأعين لهذا مثل يريد أنهم سافروا من بعد فغارت أعينهم من الكلال، وقال الهذلي يذكر ضيفاً والبيت للمتنخل: كأنما بين لحييه ولبته ... من جلبة الجوع جيار وإرزيز يقال أصابت الناس جلبة أي أزمة والجلبة السنة الشديدة، والجيار حر يخرج من الجوف، قال الأصمعي: أراد بجيار جائراً أي حرارة في الجوف ولكنه قلب الهمزة فقال جيار، وكذلك يقال إن للسم جائراً أي حرارة في الجوف وأنشد لوعلة الجرمي: ولما رأيت الخيل تدعو مقاساً ... تطالعني من ثغرة النحر جائر أراد حراً يجده ووهجاً في صدره من الجوع والجهد. والإرزيز الشيء تغمزه وأنشد ابن الأعرابي: يبرز للراكب حين يؤنسه ... بزأمات خبر لا تحبسه يقال ما زأمني زأمة أي ما كلمني كلمة، يريد أنه يلقي الضيف بكلام قبيح حين يراه يقول من أنت؟ أظنك لصاً. وقال المتنخل في ضد ذلك: فلا وأبيك نادي الحي ضيفي ... هدوا بالمساءة والعلاط

العقر للأضياف

نادي أي لا ينادي، والعلاط أصله سمة في عنق البعير ويقال علطه بشر إذا وسمه ولطخه. سأبدؤهم بمشمعة وأثنى ... بجهد من طعام أو بساط أي أقرش له وأوطئ، ومشمعة مزاح ومضاحكة يقال قد شمع وما جد. وأكسو الحلة الشوكاء خدني ... وبعض القوم في حزن وراط الشوكاء الحسنة من الجدة لم يذهب زئبرها، والحزن جمع حزنة وهو ما غلظ من الأرض، والوراط جمع ورطة وهو أن يقع في موضع لا يقدر أن يخرج منه. العقر للأضياف قال النمر بن تولب: أزمان لم تأخذ إلي سلاحها ... إيلي بجلتها ولا أبكارها يقول لم أمتنع من أن أعقرها إن حسنت بجلتها وهي الكبار والأبكار الصغار أي أعقرها لأضيافي ولا يمنعني من ذلك حسنها، وجعل حسنها سلاحاً تمتنع به من ذابحها لأنه ينفس بها ويضن، وقالت ليلى: لا تأخذ الكوم الجلاد سلاحها ... لتوبة في صر الشتاء الصنابر

وقال رجل من بني عكل: ولا يتحشى الفحل إن أعرضت به ... ولا يمنع المرباع منه فصيلها يتحشى يباليه من حاشى يحاش، يقال: شتمتهم فما تحشيت منهم أحداً وما حاشيت ما باليت، أعرضت به أي جعلته في عرضها والمرباع التي تنتج في أول الربيع، يقول ينجرها ولا يمنعها منه ولدها فيدعها له تغذوه، وقال المرار: لا تتقيني الشول بالفحل دونها ... ولا يأخذ الارماح لي ما أطارد أي لا تتستر بالفحل فإذا نظرت إليه امتنعت من عقرها والأرماح حسنها وسمنها، ومثله: لا أخون الخليل ما حفظ العهد ... ولا تأخذ الرماح لقاحي وقالت ليلى الأخيلية ترثي توبة وتذكر الإبل: إذا ما رأته مقبلاً بسلاحه ... تقته الخفاف بالثقال البهارز البهرزة الجسيمة الغليظة. وقال عتيبة بن مرداس: وما أتقى الساق التي تتقي بها ... إذا ما تفادي الراتكات من العقر أراد ساق الفحل والناقة الكريمة أي لا أمتنع من ضرب الساق التي تتقي بها، وقال ابن أحمر: ويوم قتام مزمهر وهبوة ... جلوت بمرباع تزين المتاليا أي ذهبت بغبرة البؤس فيه ما نحرت، والمرباع التي تنتج في أول الربيع والمتلية واحدة المتالي، مزمهر من المزمهرير، وقال الفرزدق:

وذكر ناقة نحرها للأضياف: شققنا عن الأفلاذ بالسيف بطنها ... ولما تجلد وهي يحبو بقيرها يريد شققنا بطنها، وبقيرها ولدها الذي بقر بطنها عنه، ولما تجلد تسلخ، جلد فلان بعيره وسلخ شاته، والفلذ الكبد. وقال الأخطل يصف ضيفاً نزل به فأمر أن يذبح له. فقال ألا لا تجشموها، وإنما ... تنحنح دون المكرعات لتجشما المكرعات من الإبل ما ألبس الدخان رؤوسها وكواهلها. وقال الكميت: يضج رواغي أقرانهم ... لهلاكها ويكيس العقيرا الهلاك الفقراء أي يعطي الإبل فتشد في الأقران وهي الحبال فترغو والكوس أن تعرقب البعير فيمشي على عرقوبيه. ومثله للآخر: رغاقرن منها وكاس بعير وقال الراعي: إني تأليت لا ينفك ما بقيت ... منها عواسر في الأقران أو عجل أي لا أزال أعطي منها مخاضاً تعسر بأذنابها في الحبال أو عجلاً وهي الثكل وذلك أن لها لبناً فهي أنفس من غيرها.

وقال آخر يمدح قوماً: ترى فصلانهم في الورد هزلي ... وتسمن في المقاري والحبال الورد حيث ترد الماء، يقول إذا وردت الماء سقوا الناس من ألبانها وتركوا الفصلان فتهزل وإن جاءهم سائل لم يقرنوا له إلا سميناً ولا يقرون الأضياف إلا سميناً. وقال أوس: نحل الديار وراء الديا ... ر ثم نجعجع فيها الجزر يقول نحن من عزنا وكثرتنا ننزل حياً وراء حي، نجعجع نحبسها حتى تنحر وكل محبس جعجاع، ومنه قول أبي قيس ابن الأسلت: من يذق الحرب يجد طعمها ... مراً وتتركه بجعجاع أي تدعه في ضيق ومثل هذا. لففنا البيوت بالبيوت فأصبحوا وأنشد ابن الأعرابي: ومفرهة تامك نيها ... تزين إذا ما تساق العشارا لقيت قوائمها أربعاً ... فعدن ثلاث وعادت ضمار

الضمار خلاف العيان يقول نحرت فتلفت وبارت، يقول أعرضتها بالسيف فضربت إحدى قوائمها ونحرتها وصار ثمنها على نسيئة. وقال طرفة يذكر ناقة عقرها: يقول وقد تر الوظيف وساقها ... ألست ترى أن قد أتيت بمؤيد وقال ألا ماذا ترون بشارب ... شديد عليكم بغيه متعمد فقالوا ذروه إنما نفعها له ... وإلا تردوا قاصي البرك يزدد تر انقطع وأتررته قطعته، مؤيد داهية، أي مثلها لا تعقر، وقال ألا ماذا ترون، هذا قول صاحب الناقة والشارب طرفة فقال: ذروه أي ذروا طرفة فإنما نفعها له أي لصاحبها لأن طرفة سيخلف عليه. وقال آخر يصف إبلاً عقرها والبيت للمرار بن سعيد الفقعسي: فأجلين عن برق أضاء عقيرةً ... فيالك ذعراً أي ساعة مذعر أي انكشفن عن مثل البرق يعني سيفاً، وقال لبيد: يذعر البرك وقد أفزعه ... ناهض ينهض نهض المختزل مدمن يجلو بأطراف الذرى ... دنس الأسوق بالقضب الأفل أي افزع البرك بسيف، وناهض هو الممدوح نهض المختزل أي

غير مستو لأنه قد شرب وسكر فكان به ما يحبسه عن القيام والمختزل المقطوع السنام، مدمن لهذا الفعل، وقال مقاس العائذي: وإنا نكب النيب حتى يفكها ... رغاها إذا هبت رياح الصنابر جمع رغوة أي حتى يكون لها لبن، ومثله قول الآخر: إذا ما درها لم يقر ضيفاً ... ضمن له قراه من الشحوم أي نحرناها فأطعمناه شحومها. وقال آخر: يا إبلي روحي إلى الأضياف ... أن لم يكن فيك غبوق كاف فبشري بالقدر والأثافي ... وقادح ومقدح غراف قادح غارف، مقدح مغرفة، وأنشد: أنشد من مقدحة ذات ذنب ... قد أصبحت وردة منها بسبب إلا ترديها فشيء قد ذهب وردة أمة له اتهمها بسرقة المغرفة: وقال آخر: مطاعيم أيسار إذا البزل حاردت ... على الرسل لم تحرم علينا لحومها حاردت منعت الدر. وقال ذو الرمة يذكر إبلاً: وإن يعتذر بالمحل من ذي ضروعها ... على الضيف يجرح في عراقيبها نصلي

وقال آخر وذكر إبلاً: وقد فدى أعناقهم المحض ... والدأض حتى ما لهن غرض أي كانت لهن ألبان نقري منها فقدت أعناقها من النحر، والغرض أن يكون في جلودها نقصان، والدأض أن لا يكون فيها نقصان يقال دئض يدأض دأضانا بالضاد والصاد جميعاً ويقال بالظاء دأظ يدأظ دأظاً والاسم الدأظ، وقال الراعي: بمغتصب من لحم بكر سمينة ... وقد شام ربات العجاف المناقيا المناقي السمان والمغتصب الذي ينحر من غير علة، والمعتبط مثله، شام نظر ذوات العجاف إلى السمان من شدة الزمان، ومثله لأبي يزيد يحيى العقيلي: أكلنا الشوي حتى إذا لم ندع شوي ... أشرنا إلى خيراتها بالأصابع الشوي رذال المال، ومثله: ونار خيار المال في الجحرة الأزل الجحرة السنة المجدبة أي أصابهم الجهد حتى أكلوا خيار مالهم.

القرى باللبن

القرى باللبن قال عمرو بن الأهتم وذكر ضيفاً: فبات له دون الصبا وهي قرة ... لحاف ومصقول الكساء رقيق يعني باللحاف الطعام وبمصقول الكساء اللبن وذلك أن عليه رغوة فصبها؟ بمنزلة الكساء، وقال آخر " جرير ": كم قد نزلت به ضيفاً فلحفني ... فضل اللحاف ونعم الفضل يلتحف لحفني أطعمني وهو مثل، وقال آخر: ينفي الدوايات إذا ترشفا ... عن كل مصقول الكساء قد صفا وقال آخر: فتحفي بهم ووحي قراهم ... وأتاهم به غريضاً نضيحا تحفي أحسن القيام عليهم، والغريض الطري يعني لبناً ومثله لرؤبة: جاءت بمطحون لها لا يأجمه ... تطبخه ضروعها وتأدمه يمسد أعلى حلقه ويأزمه لا يأجمه الراعي لا يكرهه، يأدمه أي كأنه يجعل له أدماً، يمسد يشد، والأزم نحو من ذلك يعني لبناً وهو مأخوذ من الأزم وهو العض، أي يضم بعض خلقه إلى بعض، وقال آخر وذكر إبلاً:

يهل ويسعى بالمصابيح حولها ... لها أمر حزم لا يفرق مجمع يمد لهم بالماء لا من هوانهم ... ولكن إذا ما ضاق شي يوسع ويروي: بالمصابيح وسطها، قوله يهل أي يدعو بعضنا بعضاً نقول هاتوا ما عندكم، والمصابيح واحدها مصبح وهو الإناء الذي يصبح فيه ويقال مصباح، لها أمر حزم أي أصحابها يحزمون، مجمع صواب أجمعت الأمر، وقال آخر وذكر امرأة: من المهديات الماء بالماء بعدما ... زمى بالمقاري كل قار ومعتم هذه امرأة سخية تهدي المرق وتصب عليه الماء ليكثر فتهديه، والمقاري الجفان ولك ما يقري فيه الواحد مقرى والمعتم المبطئ القري. وقال آخر: ما زلت أسعى معهم وألتبط ... حتى إذا جن الظلام المختلط جاؤوا بضيح هل رأيت الذئب قط يريد لبناً أورق من كثرة مائه، وأنشد ابن الأعرابي: شربنا فلم نهجأ من الجوع نقرةً ... سماراً كإبط الذئب سوداً حواجره

أي لم يغن عنا شيئاً إلا أنه رد أنفسنا، حواجره نواحيه، وأنشد غيره: ويشربه محضاً ويسقي ابن عمه ... سجاجاً كأقراب الثعالب أورقا السجاج الذي مذق حتى تغير لونه وهو السمار، وقال الحارث بن حلزة: لا تكسع الشول بأغبارها ... إنك لا تدري من الناتج وأصبب لأضيافك من رسلها ... فإن شر اللبن الوالج الكسع أن ينضح الضرة بالماء البارد ثم يضربها بالكف صعدا، أراد، فشر اللبن ما حقن في الضرع، ومثله: أكثر ما نعلمه من كفره ... إن كلها يكسعه بغبره ولا يبالي وطأها في قبره سمع الحديث إن الإبل والغنم إذا لم يعط صاحبها الحق منها بطح لها بقاع قرقر فوطئته. وقال النمر بن تولب يذم قوماً: كانوا يسيمون المخاض أمامها ... ويغرزون بها على اغبارها أي يسرحونها قدماً والتغريز مثل الكسع، وقال الجعدي:

غرزها اخضر النواجذ نسا ... ف يخول الفصال بالقدم يخول من حسن القيام عليها، يقال فلان خال مال إذا كان مصلحاً له. وقال آخر: تسمنها بأخثر حلبتيها ... ومولاك الأحم له سعار الأحم من الحميم كما يقال الأقرب من القرابة، أي ترد لبنها فيها، سعار تسعر من الجوع، وتحرق، وقال آخر: مسعورة إن غرثت لم تشبع أي ملتهبة من الجوع، وقال النمر: أرى أمنا أضحت علينا كأنما ... تجللها من نافض الورد أفكل يعني امرأته والعرب تقول للرجل يضيفهم أبونا ولامرأته أمنا ويقال هو أبو الأضياف، أي كأنما أصابتها رعدة لما رأتنا نسقي الألبان ولا ندعها لها. وما قمعنا فيها الوطاب وحولنا ... بيوت علينا كلها فوه مقبل

أي مالنا نملأ الوطاب بالقمع وحولنا بيوت أفواهها مقبلة علينا. ألم يك ولدان أعانوا ومجلس ... قريب فنخزي إذ تلف وتحمل أي أعانوا على السقي، ومجلس قريب فلنستحي من إن تلف الوطاب وتحمل وقال: عليهن يوم الورد حق وحرمة ... وهن غداة الغب عهندك حفل فإن تصدري يحلبن دونك حلبةً ... وإن تحضري يلبث عليك المعجل وقال وذكر الإبل: إذا هتكت أطناب بيت وأهله ... بمعطنها لم يوردوا الماء قيلوا أي دنت منه يقال بنو فلان يطؤهم الطريق، والقيل شرب نصف النهار، وقال آخر يزيد بن الحكم الثقفي: بدا لك غش طال ما قد كتمته ... كما كتمت داء ابنها أم مدوي الدواية جليدة تركب اللبن وقد دوي اللبن، وادّوي فهو مدّو إذا أخذها وقال أبو الطمحان القيني: وإني لأرجو ملحها في بطونكم ... وما بسطت من جلد أشعث أغبر

كان نزل على قوم فأخذوا إبله، والملح الرضاع، ولفلان في بني فلان مخاطة أي رضاع وأراد اللبن الذي شربوا منها فبسط جلد من كان مهزولاً، وأنشد الأصمعي لشتيم بن خويلد: لا يبعد الله رب العبا ... د والملح ما ولدت خالده ويروي: والملح والملح أراد بالملح الرضاع، وقال آخر: متبجح بقرى الضيوف وإنما ... طرق الضيوف بعشة لم تملح متبجح مشمر لم تملح لم تسمن، وأما قول مسكين الدارمي: لا تلمها إنها من معشر ... محهم موضوعة فوق الركب ويروي ملحها:

كشموس الخيل يبدو شغبها ... كلما قيل لها هال وهب ويروي هال بلا تنوين، يقال للرجل الحديد: ملحه على ركبته وقيل له كيف قلت ملحا موضوعة فقال: كما يقال: عسل طيبة، وقال آخر: وقائلة ظلمت لكم سقائي ... وهل يخفى على العكد الظليم ظلم السقاء أن يسقي قبل أن يدرك وتخرج زبدته وهي الظليمة والعكدة أصل اللسان، وقال آخر: وصاحب صدق لم تنلني أذاته ... ظلمت وفي ظلمي له عامداً أجر يعني سقاء ومثله: إلى معشر لا يلمون سقاءهم ... ولا يأكلون اللحم إلا مقددا هذا هجاء، وقال آخر: عجيز من عامر بن جندب ... تبغض أن يظلم ما في المروب يعني سقاء، وقال الحطيئة: قروا جارك العيمان لما جفوته ... وقلص عن برد الشراب مشافره سناماً ومحضاً أنبتا اللحم فاكتست ... عظام امرئ ما كان يشبع طائره عام إلى اللبن إذا اشتهاه وقرم إلى اللحم، والعيمان العطشان، وقلص عن برد الشراب أي عن برد الماء فلم يقدر على شربه

لشهوة اللبن، ومثله: وهم سقوني المحض إذ ... قلصت عن الماء المشافر ما كان يشبع طائره يقول لو وقع عليه طائر وهو ميت لما شبع من قلة لحمه وشدة هزاله، وقاله أبو عمرو الشيباني يريد ما كان عنده ما يشبه طائره من سوء الحال، وقال آخر: يا أيها الفصيل المعني ... إنك ريان فصمت عني يكفي اللقوح أكلة من ثن صمت عني أي سكت، ويقال أصمت عني أي أسكت، يقول إذا صرفت اللبن عنك إلى الأضياف سكتوا، وقد فسر الباقي، وقال آخر: وما يك في من عيب فإني ... جبان الكلب معزول الفصيل لأنه يؤثر عليه بلبن أمه ومثله: ترى فصلانهم في الورد هزلي وقال النمر بن تولب وذكر إبلاً: وفي جسم راعيها شحوب كأنه ... هزال وما من قلة الطعم يهزل يريد أنه يؤثر بألبانها، وقال أبو خراش الهذلي: أرد شجاع البطن قد تعلمينه ... وأوثر غيري من عيالك بالطعم وأغتبق الماء القراح فأنتهي ... إذا الزاد أمسى للمزلج ذا طعم يقول الجوع في بطني مثل الجاع يتلمظ، وقال أعشى باهلة:

الإبل المحبوسة على الأضياف

لا يعض على شرسوفه الصقر يقال هي حية تكون في البطن من الناس والدواب والمواشي تشتد على الإنسان إذا جاع، والطعم الطعام والطعم الشهوة، والمزلج الضعيف من الرجال الذي ليس بكثيف، أنتهي أي تنهى نفسي عنه. وقال آخر: أقسم جسمي في جسوم كثيرة ... وأحسو قراح الماء والماء بارد أي أوثر بقوتي وأجتزئ بالماء في الشتاء والبرد. الإبل المحبوسة على الأضياف قال الأخطل: ومحبوسة في الحي ضامنة القرى ... إذا الليل وافاها بأشعث ساغب مرازيح في المأوى إذا هبت الصبا ... تطيف أوابيها بأكلف ثالب هذه الإبل حبست للحقوق والضيافة، مرازيح يقول هي في مباركها صبر على الريح لشحومها وسمنها وأصل المرازيح المهازيل التي لا تبرح فشبه هذه الإبل وهي سمان إذا كانت ثقالاً لا تبرح

بالمرازيح ضعفاً. وقال عتيبة بن مرداس يصفها: طوال الذرى ما يلعن الضيف أهلها ... إذا هو أرغى وسطها بعد ما يسري أرغى أي الضيف يضرب ناقته لترغو فيسمعها من يريد أن يضيف فيخرج إليها. وقال المرار وذكرها: محبسة في كل رسل ونجدة ... وقد عرفت ألوانها في المعاقل أي في كل أمر هين وشديد وصعب وذلول. وقال آخر: صخر الغي: لو أن عندي من قريم رجلاً ... لمنعوني نجدةً ورسلا لمنعوني بأمر صعب أو هين وقيل الرسل اللبن والنجدة المعونة، يقول وقفوها لألبانها وليقرنوا منها ولينجدوا عليها إذا استصرخوا. وقال الراعي: تأوي إلى بيتها دهم معودة ... أن لا تروح إن لم تغشها الحلل جمع حلة وهم القوم النزول وأما قول خداش بن زهير: ومطوية طي القليب حبستها ... لذي حاجة لم أعي أين مصادره ففيه قولان يقال إنه أراد الأذن ويقال أراد نوقاً شبه طيها بطي البئر.

المواضع التي ينزلها المضيفون

وقال آخر: ومطوية طي القليب رفعتها ... لمستنبح بعد الهدو طروق يعني أذنه يرفع سمعه ليسمع مستنبحاً فيدعوه ويضيفه. المواضع التي ينزلها المضيفون قال المسيب بن علس: أحللت بيتك بالجميع وبعضهم ... متوحد ليحل بالأوزاع أي حللت وسط القوم لم تنتج فراراً من القرى حيث لا يعرف مكانك، والأوزاع الفرق ومنه قيل وزعت بينهم أي فرقت، وقال الآخر: ولا يحل إذا ما حل معتنزاً ... يخشى الرزية بين الماء والبادي معتنزاً منفرداً، يقول لا نزل وحده خشية أن ينزل به ضيف على الماء أو في البدو وقال كعب بن سعد الغنوي: عظيم رماد القدر يحتل بيته ... إلى هدف لم تحتجنه غيوب الهدف الموضع المرتفع، لم تحتجنه لم يصر فيها، والغيوب ما اطمأن من الأرض واحدها غيب، وقال الراعي:

باب شدة الزمان والجدب

وآناء حي تحت عين مطيرة ... عظام البيوت ينزلون الراوبيا آناء جمع نؤي، والعين سحاب يجيء من نحو القبلة وهو أغزر لمطره، ينزلون الراوبيا أي ما علا من الأرض لتعرف أمكنتهم فيأتيها الأضياف، ومثله للأعشى: بسط البيوت لكي يكون مظنةً ... من حيث توضع جفنة المسترفد وقال طرفة: ولست بحلال التلاع مخافة ... ولكن متى يسترفد القوم أرفد التلاع مسايل جوف يستتر فيها من نزلها من الأضياف، وقال آخر: وبوأت بيتك في معلم ... رحيب المباءة والمسرح باب شدة الزمان والجدب قال الراعي: هلا سألت هداك الله ما حسبي ... إذا رعائي راحت قبل حطابي أخبرنا اشتد البرد راح الراعي ببله قبل الحطاب لأن الأرض ليس فيها كثير مرعى واحتبس الحطاب لشدة البرد أراد أنه يقري ويضيف ذلك الوقت.

وقال النابغة: هلا سألت بني ذبيان ما حسبي ... إذا الدخان تغشي الأشمط البرما البرم الذي لا ييسر مع القوم، وخص الأشمط لأنه قد كبر وضعف فهو يأتي مواضع اللحم. وقال ابن مقبل: ألم تعلمي أن لا يذم فجاءتي ... دخيلي إذا اغبر العضاه المجلح أي إذا أتاني ولم أستعد، المجلح الذي أكلته الإبل. وقال الأعشى: وإني لا يشتكيني الألوك ... إذا كان صوب السحاب الضريبا الألوك الرسالة ومعناه لا أرد صاحبها بغير شيء، ومثله للبيد: وغلام أرسلته أمه ... بألوك فبذلنا ما سأل أو نهته فأتاه رزقه ... فاشتوى ليلة ريح واجتمل أي لم ترسله فأرسلنا إليه، واجتمل من الجميل وهو الودك. وقال الكميت: وكان السوف للفتيات قوتاً ... يعشن به ونئت الرقوب السوف التسويف والرقوب التي لا يبقى لها ولد.

وصار وقودهم للحي أماً ... وهان على المخبأة الشحوب يقول اجتمعوا عند النار فكأنها أم لهم. وقال يمدح: وأنت ربيعنا في كل محل ... إذا المهداة قيل لها العفير المهداة التي تهدي. والعفير التي لا تهدي من الجدب لأنه لا شيء لها. وقال أيضاً: وأنتم غيوث الناس في كل شتوة ... إذا بلغ المحل الفطيم المعفرا المعفر الذي تريد أمه فطامه فهي تعلله بالشيء ليستغني عن اللبن، ومنه قول لبيد: لمعفر قهد تنازع شلوه وقال آخر: يكبون العشار لمن أتاهم ... إذا لم تسكت المائة الوليدا يقول ينحرون الإبل في الجدب إذا لم يكن في مائة من الإبل ما يعلل به صبي. وقال آخر:

إذا النفساء لم تخرس ببكرها ... غلاماً ولم يسكت بتر فطيمها وقال أوس: وذات هدم عار نواشرها ... تصمت بالماء تولبا جدعا الهدم الثوب الخلق، وأراد بالتولب طفلها، والنواشر عصب الذراع الواحدة ناشرة وبها سمي الرجل، والجدع السيء الغذاء. وقال: وشبه الهيدب العبام من ال ... أبرام سقبا مجللا فرعا الهيدب مثل العبام وهو الثقيل الغبي والأبرام الذين لا ييسرون، والفرع أول ولد الناقة، وكانوا يذبحون ذلك لآلهتهم، يقول فهذا قد لبس جلد الفرع من شدة البرد فكأنه فرع، وقال طرفة: ألقوا إليك بكل أرملة ... شعثاء تحمل منقع البرم

قال الأصمعي منقع البرم، وأبو عمرو وابن الأعرابي منقع البرم والبرم جمع برمة وهي برام صغار تحملها المرأة فتنقع فيها أنكاث الأخبية وهو ما نقض منها فإذا نزلوا واستقروا خكن ذلك الغزل واتخذن منه أخبية، وقال لبيد: تأوي إلى الأطناب كل رذية ... مثل البلية قالصاً أهدامها الرذية امرأة مهزولة، والبلية الناقة تعقل عند قبر صاحبها فلا تعلف ولا تسقى حتى تموت، أهدامها خلقان ثيابها الواحد هدم. وقال الفرزدق: وعاش تمشي القراع أرامله القراع الجرب واحدها قرعة وتجمع أيضاً على قرع، يقول تتمشي بالجرب يتصدقن فيها، وقال سويد بن أبي كاهل: وأتاني صاحب ذو غيث ... زفيان عند إنقاذ الفرع الغيث أصله في البئر يقال بئر ذو غيث إذا كانت لها مادة، زفيان خفيف.

وقول الكميت: وكاعبهم ذات الغفارة أسغب الغفارة شعر الصدغ وما يليه. وقال الخرشب: وإن وراء الحزن غزلان أيكة ... مضمخة أردانها والغفائر ويروي العفاوة وهو ما يرفع للإنسان من المرق ويروي القفاوة وهو من القفي وهو ما خص به الإنسان، ومنه قول سلامة: ليس بأسفي ولا أقني ولا سغل ... يسقي دواء قفي السكن مربوب

وقالت أخت عمروذي الكلب الهذلية: وليلة يصطلى بالفرث جازرها ... يخص بالنقرى المثرين داعيها ويروي يختص، تقول يدخل يده في الكرش من شدة البرد لتدفأ. وقال الأسدي مثله: يبيتون أمثال العشار وجارهم ... على الفرث يحيي الليل يفرح بالمحل يقول هم سمان أمثال العشار من الإبل وضيفهم سيء الحال بالعراء على الفرث يدخل رجليه فيه يستدفئ به، وقال الكميت: واحتل برك الشتاء منزلة ... وبات شيخ العيال يصطلب أي يجمع العظام فيطبخها بالماء ليخرج ودكها، ومنه سمي المصلوب لأنه يسيل ودكه، والصليب الودك، قال الهذلي وذكر عقابا والبيت لأبي خراش: جريمة ناهض في رأس نيق ... ترى لعظام ما جمعت صليباً أي ودكاً، وقال الفرزدق: إذا السنة الشهباء حل حرامها. أي يأكلون فيها الميتة والدم وقال رؤبة: حدباء فكت أسر القعوس

القعش الهودج يريد أنهم حلوا القد من هوادجهم وفكوها وأوقدوها من شدة البرد، وقال الكميت: فأي عمارة كالحي بكر ... إذا اللزبات لقبت السنينا أكر غداة إبساس ونقر ... وأكشف للأصائل أن عرينا العمارة الحي الضخم، واللزبات الشدائد لقبت بكحل ونحوه، وقال: ولم يند من أنواء كحل جبوبها كحل سنة جدب، والجبوب وجه الأرض، والإبساس والنقر تسكين الدابة، والأصائل العشيات، عرين بردن يقال ليلة عرية ويوم عر أي بارد يقول يكشفونها بالإطعام. وقال يصف شدة الزمان:

ولم ينبح الكلب العقور ولم يخف ... على الحاطبين الأسود المتقوب الأسود الحية والمتقوب السالخ وذلك أنه لا يظهر في شدة البرد وقال: وحالت الريح من تلقاء مغربها ... وضن من قدره ذو القدر بالعقب وكهكه المدلج المقرور في يده ... واستدفأ الكلب بالمأسور ذي الذئب أي نفخ من شدة البرد في يده، والمأسور الغبيط، وكل شيء حنيته وعطفته فهو مأسور، والذئبة فرجة بين عودي القتب والغبيط. وقال سلامة بن جندل: كنا نحل إذا هبت شآمية ... بكل واد حطيب البطن مجدوب شيب المبارك مدروس مدافعه ... هابي المراغ قليل الودق موظوب

يقول ننزل بكل واد كثير الحطب لنعقر ونطبخ ولا نبالي أن يكون مجدوباً أي معيباً والعائب الجادب مباركه شيب من الجدب والصقيع فهو أبيض لا كلأ به مدروس مدافعه أي قد درست ورقت ووطئت وأكل نبته ومدافعه مسايل مائه، موظوب قد وظب عليه حتى لم يبق منه شيء، هابي المراغ أي منتفخ التراب لا يتمرغ فيه قد ترك لخوفه، وقال ذو الرمة يمدح: وخير إذا ما الريح ضم شفيفها ... إلى الشول في دفء الكنيف المتاليا الخير الكرم والشفيف البرد والكنيف حظيرة من شجر دفؤها مسترها، والشول التي تشولت ألبانها وقعت بطونها من أولادها وأتى على نتاجها أشهر، والمتالي التي نتجت وفي بطونها أولادها وهي مثقلة مكروبة والبرد إلى الشول أسرع منه إليها لخفة بطونها فإذا بلغ البرد إلى المتالي حتى يضمها إلى الشول في الكنيف فهو أشد البرد. وقال ابن مقبل في مثله: يظل الحصان الورد فيها مجللاًلدى الستر بغشاه المصك الصمحمح يعني يغشى الفرس البيت من شدة البرد فأراد يظل الحصان الورد المصك الصمحمح مجللاً من شدة البرد لدى الستر يغشاه ويقال

مصك بعير يغشاه من شدة البرد وقال الفرزدق وذكر جدباً وبرداً. وهتكت الأطناب كل غليظة ... لها تامك من صادق الني أعرف تامك سنام، أعرف طويل العرف يقول إذا أصابها البرد دخلت في الخباء. وراح قريع الشول قبل إفالها ... يزف وراحه حوله وهي زفف قريع الشول فحلها، يزف يسرع لشدة البرد وقلة المرعى فتتبعه الإبل وتسرع حوله. وقال ابن أحمر وذكر سنة جدب: وراحت الشول ولم يحبها ... فحل ولم يعتس فيها مدر أي ذهل الفحل عن الشول وهمته نفسه من شدة الزمان ويقال هو يحبو ما حوله أي يحميه ويمنعه، ولم يعتس أي لم يسع فيها ذو عس. لأنه لا ألبان لها، وقال الكميت: إذا اللقاح غدت ملقى أصرتها ... ولم تند عصوب كف معتصب ملقى أصرتها لأنها لا ألبان بها، والعصوب التي لا تدر حتى تعصب فخذاها. وقال أيضاً:

فأي امرئ أنت أي امرئ ... إذا الزجر لم يستدر الزجورا ولم تعط بالعصب منها العصو ... ب إلا النهيت وإلا الطحيرا النهيت صياح ورغاء، والطحير أن تضرب برجلها، والزجور التي لا تدر حتى تزجر، وهذا في شدة الزمان. وقال أيضاً: وأسكت رز الفحل واسترعفت بهحراجيج لم تلقح كشافا سلوبها رزه صوته ينقطع من شدة البرد، استرعفت به تقدمت والكشاف أن تلقح في دمها بعد الولاد، والسلوب التي سلب ولدها. وقال وذكر سنة جدب: بعام يقول له المؤلفو ... ن هذا المعيم لنا المرجل المؤلف الذي له ألف بعير، والمعيم الذي أعامهم إلى اللبن، ومرجل أرجلهم. وكان سواءً لدى الناتجين ... تمام الحوارين والمعجل أي ليس للأمهات لبن فالتمام يموت أيضاً، قال أبو عمرو هما حواران أحدهما تمام والآخر معجل. وقال أيضاً: هدما للكنيف يلقي لدي المبر ... ك لا يتبع الصريف الهديرا

هدماً أي محب لكنيفه لا يريد مفارقته، يقال ناقة هدمة إذا كانت تحب الفحل. والرؤوم الرفود منهن بالأم ... س علوقاً لسقبها أو زجورا الرؤوم العطوف على ولدها، والرفود التي تملأ رفدين في حلبة أي قدحين، والعلوق التي ترأم بأنفها وتمنع درها، والزجور التي لا تدر حتى تزجر. وقال آخر: أيانق قد كفأت أرفادها ... نطعمها إذا شئت أولادها حرادها يمنع أن نمتادها الأرفاد جمع رفد، كفأت الإناء قلبته أي انقطع لبنها فكفئت الأقداح، وأراد بعنما أولادها فأنفقنا أثمانها عليها، والمحاردة انقطاع ألبانها في الشتاء، نمتادها نقتلعها من مدت الرجل أخبرنا أعطيته، والمعنى أنها إذا حاردت لم يكن لها لبن يميد الناس. وقال آخر: حبسنا وكان الحبس منا سجيةً ... عصائب أبقتها السنون الأورام ابن الأعرابي: عصائب المال بقاياها، الأورام المستأصلة. وقال الكميت: ويأرم كل نابتة رعاء ... وحشاشا لهن وحاطبينا وقال الكميت يذكر سنة جدب: وكان لبيت القشعة الهدم والصبا ... أحاديث منها عاليات الأرواد

القشعة بيت من جلود، والهدم الخلق، والصبا الريح، والأرواد من رويد أي قليلاً، يقول فأضعفها شديد. وقال ابن مقبل: فلا أصطفي شحم السنام ذخيرةً ... إذا عز ريح المسك بالليل قاتره قاتره من القتار، عزه غلب عليه، يقول في أزمان الجدب يكون ريح القتار أطيب من ريح المسك، يقول: لا أصطفي السنام لنفسي وأطعم ما سواه. وقال آخر وذكر الضيف واللحم: فإن يك غثاً أو سميناً فإنني ... سأجعل عينيه لقلبه مقنعا ترك مد الهاء في مثل لقلبه لغة لبعضهم، يقول إذا ذبح الجزور بين يديه اتخذت له الطعام بحضرته لا أغيب عنه غثاً كان أو سميناً لئلا يظن أني قد استأثرت عليه. وقال آخر: ولا يتقاضى القوم جاري هديتي ... بأعينهم في البيت من خلل الستر أي لا تمتد أعينهم إلى ما أبعث به إلى جاري الأدنى لأني أوسعهم كلهم من قرب منهم ومن بعد فلا يحتاج البعيد إلى القريب.

وقال آخر: بلى إن الزمان له صروف ... وكل من معاركه السنين فيسمن ذو العريكة بعد هزل ... وتعتر الهزيلة بالسمين يقال ناقة عروك إذا لم يكن في سنامها إلا شيء يسير، وتعتر الهزيلة أي تأتي والهزيلة الهزال بعينه أي تأتيه، والمعنى إن صروف الدهر تقلب فتسمن الهزيل وتهزل السمين، والهزال من الشحم والهزل من الجدب والموت. وقال عروة بن الورد: أقيموا حذر الهزال نكحت عبداً ... وصهر العبد أقرب للهزال وقال: وصاحبين شتيت اللون نجرهما ... في جسم حي وروح واحد خلقا يغذوهما الخصب حتى يسمنان له ... وإن أصابا هزالاً بعده افترقا يعني الشحم واللحم، وأنشد ابن الأعرابي:

طعام الفقراء في الجدب

يحملن أوصال غلام متخم ... لو لم يهو ذل طرفاه لنجم في جنبه مثل قفا الكبش الأجم يهوذل يسيل يريد أنه قاء وسلح ولولا ذلك لصار في جنبه من التخمة مثل قفا الكبش الذي لا قرن له، وأنشد: تعدون القراح ولم تعدوا ... علي نقارة إلا القراحا يقول ما لكم عندي يد إلا أنكم قريتموني ماء قراحاً كما تقول مالك نقرة ولا أثر أي قدر ما نقره الطائر، وأنشد: قرانا التقيا بعد ما هبت الصبا التقيا شيء يقراه الضيف يتقي به الأذى بقدر ما تقول أطعمته شيئاً، وأنشد أبو زيد: ونصبح بالغداة أتر شيء ... ونمسي بالعشي طلنفحينا التار الممتلئ والطلنفح الخالي الجوف. طعام الفقراء في الجدب أنشد ابن الأعرابي:

الأسودان أبردا عظامي الأسودان الفث والماء، والفث حب يطحن ويختبز منه خبز أسود، وقال الأسودان كما يقال للماء والتمر الأسودان، أبردا عظامي أي أذهبا مخي، والفث يأكله الضركاء وهم الفقراء، وقال الطرماح: لم تأكل الفث والدعاع ولم ... تنقف هبيدا يجنيه مهتبده الفث والدعاع حب يجتنى في الجدب ويؤكل، والهبيد جب الحنظل، وقال حسان: لم يعللن بالمغافير والصم ... غ ولا شرى حنظل الخطبان المغفور شيء ينضحه الثمام بضم الميم. وقال آخر: أرض من الخير والسلطان نائية ... فالأطيبان بها الطرثوث والضرب الطراثيث نبت، والصرب صمغ أحمر، وأنشد: كأن آنفهم فوق اللحى رب وقال: لما غدوت خلق الثياب ... أحمل علين من التراب لعوزم وصبية سغاب

يعني اللثا وهو ما يقطر من بعض الشجر مثل العسل فيجي المحتاج ليحمل التراب صم يصفي ما فيه فيأكله، وقال آخر يهجو والشعر لمعاوية ابن أبي معاوية الجرمي: ألم ترجر ما أنجدت وأبوكم ... مع الشعر قص الملبد شارع ويروي في حفر الأقيصر: ذا قرة جاءت يقول أصب بها ... سوى القمل إني من هوازن ضارع أنجدت سكنت نجداً، والملبد المحرم الذي لبد شعره بالخطمى والصمغ وكانوا يفعلون ذلك لئلا يقملوا إذا دخله الغبار بعد العرق والقرة تعير بها تميم وهوازن وهما بنو القملية، وذلك أن أهل اليمن كانوا إذا حلقوا رؤوسهم بمنى سقط الشعر مع دقيق كانوا يجعلونه في رؤوسهم فكان ناس من الضركاء وفيهم ناس من قيس وأسد يأخذون ذلك الشعر بدقيقة فيرمون بالشعر وينتفعون بالدقيق، وأما العلهز فهو قردان تعالج بدم الفصد مع شيء من وبر وكانوا يدخرون ذلك لزمان الجدب. وقال آخر: لتبك الباكيات أبا حبيب ... لدهر أو لنائبة تنوب وقعب وجية بلت بماء ... يكون إدامها لبن حليب وتيس قد خصيت ولم تضره ... بميجنة على حجر صليب الوجية تمر حشف يبل ثم يدق، وإنما هجاه بأنه لا يذبح ولا ينحر

العواذل

وكان رفيقاً بخصى الغنم، والميجنة الكدينف: وأنشد ابن الأعرابي: أف لشيخ هرم دهري ... همته ضبيبة الصبي الضبيبة سمن ورب وحرف وربما جعل معه التمر في العكة للصبي فيقال ضببوا صبيانكم. العواذل قال مسكين الدارمي: أصبحت عاذلتي معتلةً ... فرمت بل هي وحمى للصخب أصبحت تنقل في شحم الذرى ... وتعد اللوم درا ينتهب أي تعظم أمري إبلي وتكبر قدرها لئلا أنحر أو أهب منها، وتعد اللوم من حرصها عليه كالدر الذي ينتهب. وقال آخر:

ألا بكرت عرسي علي تلومني ... وفي يدها كسر أبح رذوم الكسر العظم الذي لم يكسر، والأبح السمين، والرذوم القطور قال الأصمعي نحر بعيراً سميناً فأتته امرأته فقالت أمثل هذا تنحر؟ فلامته، قال وفيه قول آخر أراد أنها في خصب وسعة وهي تلوم ولا تقنع وتستبطئ وتزعم أنها ضيقة العيش، يقول فكيف تكون في ضيق وفي يدها عظم يقطر من الدسم؟ وقال لبيد: أعاذل قومي فاعذلي الآن أو ذري ... فلست، وإن أقصرت عني بمقصر أي لست وإن لمتني حتى تقصري بمقصر عما أصنع فإن شئت فلومي وإن شئت فدعي. وقال آخر: فإن أقل يا ظمى حلا حلا ... تغضب وتعقد حبلها المنحلا أي كأنها تؤكد ما تصنع ولا تعتب، حلا أي تحللي واستثني. وقال ابن أحمر: أصم دعاء عاذلتي تحجي ... بآخرنا وتنسي أولينا

يعني وافق دعاؤها قوماً صماً، يقال أتيناه فأبخلناه، فدعا على دعائها بهذا، وقوله تحجي أي تلزم ذلك وفعلت منه حجوت. وقال العجاج: فهن يعكفن به إذا حجا وقال الشماخ: أعائش ما لأهلك لا أراهم ... يضيعون الهجان مع المضيع وكيف يضيع صاحب مدفآت ... على أثباجهن من الصقيع قيل إنها لامته على إمساكه فقال لها ما لأهلك لا أراهم يضيعون أموالهم فكيف تأمريني بشيء لا يفعله أهلك؟ والدليل على ذلك قوله بعد. لمال المرء يصلحه فيغنى ... مفاقره أعف من القنوع وقال كيف أضيع إبلاً في هذه الصفة، والقنوع السؤال من قول الله عز وجل " وأطعموا القانع والمعتر "، والقناعة الرضا ولم نسمع بامرأة عاتبت على إصلاح المال غير هذه، وإنما العادة في وصفهن على الحث في الجمع والمنع والعذل على الإنفاق، ويقال أنه أراد ما لأهلك يضيعون الهجان، وأدخل " لا " حشوا كأنه لامهم على السرف والتبذير ويدل على هذا قوله:

أبيات في ذكر النار

ولكني إلى تركات قومي ... بقيت وغادروني كالخليع يقول لا أفعل فعلهم ولكني إلى تركات قومي أقوم لحسبهم وشرفهم فلا أسأل الناس ولا أتعرض لما أشين به قومي لأني إذا أصلحت مالي وثمرته كان أصون لي من تبذيره مع المسألة، والخليع الذي خلعه أهله وتبرؤا منه، يقول ماتوا فصرت بعدهم فردا كالخليع، والمدفآت الإبل الكثيرات الأوبار والشحوم فقد أدفئن بها من الصقيع، ويروي: مدفئات أي كثيرة يدفئ بعضها بعضاً بأنفاسها. وقال زهير: غدوت عليه غدوة فوجدته ... قعودا لديه بالصريح عواذله الصريم جمع صريمة وهي القطعة من الرمل تنقطع من معظمه عواذله يعذلنه على إنفاق ماله، وقال أبو عبيدة: الصريم الليل أراد أنه غدا عليه في بقية من الليل ويقال: الصريم الصبح لأنه انصرم من الليل. وقال آخر لعله حاتم: وعاذلة هبت بليل تلومني ... وقد غاب عيوق الثريا فعردا لأنه يسكر بالعشي فإذا صحا من سكره بالليل لامته، وعرد فردا. أبيات في ذكر النار قال أعرابي وذكر إبلاء: لها بدن عاس ودر كريمة ... بمكتفل الاري بين الصرائم

عاس قد غلظ وعسا، ونار كريمة أي تضيء للأضياف، مكتفل أي حيث تناخ منه الآرق هو المحبس، والصرائم قطع من الرمل في الأرض. وقال آخر " عمرو بن قعاس المرادي ": وبرك قد أثرت بمشرفي ... إذا ما زل عن عقر رميت وعارية لها رهج طويل ... رددت بمضغة مما اشتهيت يقول إذا لم يعقر السيف رميت بالسهم، والعارية النار لأنها لا تكسي شيئاً إلا أكلته، ورهجها دخانها شبهه بالغبار، رددت بمضعة يقول كففتها بلقمة لحم كببت عليها. وقال آخر " وهو كعب بن زهير ": ونار قبيل الليل بادرت قدحها ... حيا النار قد أوقدتها للمسافر هذا رجل خائف يقول أوقدت النار نهاراً لأنها ترى بالليل ولا ترى بالنهار. وقال ابن مقبل وذكر ناقة: فبعثتها تقص المقاصر بعدما ... كربت حياة النار للمتنور تقص تدق وتكسر، والمقاصر محاضر الطرق الواحد مقصر، ويقال المقاصر أفواه الطرق، وكربت دنت، وحياة النار تبينها إذا أوقدت وإنما أراد حين ذهب النهار وجاء الليل لأنها تخفي بالنهار

وتحيا بالليل والظلمة وتضيء، يقول بعثتها عند المغرب، والمتنور الذي ينظر إلى النار من بعيد، وقال ابن حلزة: فتنورت نارها من بعيد وقال آخر: ودوية لا يثقب النار سفرها ... وتضحي بها الوجناء وهي لهيد أي لا يوقدون نارا من مخافتهم ولكنهم يتبلغون بأدنى شيء، وقد فسر، واللهيد التي ضغطها الحمل حتى اشتكت لحم صدرها، وقال ابن أحمر يصف بقرة: تطايح الطل عن أعطافها صعدا ... كما تطاير عن مأموسة الشرر

مأموسة النار هاهنا، وخبزة الملة مأموسة أيضاً. وقال آخر في وصف قناة: ثقفها بسكن وأدهان أي قوم أودها بالنار والدهن والسكن النار، وأنشد: وسكن توقد في مظله وقال آخر: وجمة أقوام حملت ولم تكن ... لتوقد ناراً بعدهم للتندم الجمة الجماعة يمشون في الدم والصلح. وقال شاعر يذكر إبلاً: تقسم في الحق وتعطي في الجمم وقوله ولم تكن لتوقد ناراً كانوا يوقدون ناراً خلف المسافر والزائر اللذين لا يحبون رجوعهما، ويقال في الدعا أبعده الله وأسحقه وأوقد ناراً أثره، يقول لم تندم على الإعطاء في الحمالة لتوقد ناراً خلفهم كيلا يعودوا. وقال بشار في مثل هذا

صحوت وأوقدت للجهل ناراً ... ورد عليك الصبا ما استعار وقال عمرو " بن كلثوم ": ونحن غداة أوقد في خزازي ... رفدنا فوق رفد الرافدينا كانوا إذا أرادوا حرباً أو توقعوا جيشاً عظيماً وأرادوا الاجتماع أوقدوا ليلاً على جبل لتجتمع إليهم عشائرهم فإذا جدوا وأعجلوا أوقدوا نارين. وقال الفرزدق: ضربوا الصنائع والملوك وأوقدوا ... نارين أشرفتا على النيران وقال أوس: إذا استقبلته الشمس صد بوجهه ... كما صد عن نار المهول حالف كانوا يحلفون بالنار وكانت لهم نار يقال أنها كانت بأشراف اليمن له سدنة فإذا تفاقم الأمر بين القوم فحلف بها انقطع بينهم وكان اسمها هولة والمهولة وكان سادنها إذا أتى برجل هيبه من الحلف بها ولها قيم يطرح فيها الملح والكبريت فإذا وقع فيها استشاطت وتنقضت فيقول هذه النار قد تهددتك. فإن كان قريباً نكل وإن كان بريئاً حلف. قال الكميت: هم خوفونا بالعمى هوة الردى ... كما شب نار الحالفين المهول وقال الكميت وذكر امرأة:

فقد صرت عمالها بالمشي ... ب زوالاً لديها هو الأزول كهولة ما أوقد المحلفون ... لدي الحالفين وما هولوا يقول صرت في أعين النساء كذلك. وقال الأعشى: نساء بني شيبان يوم أوارة ... على النار إذ تجلى له فتياتها كانوا يكرهون أن يعرضوا السبي نهاراً فيعرضونهن ليلاً وتوقد لذلك نار. وقال أيضاً لمرأة: أريت القوم نارك لم أغمض ... بواقصة ومشربنا زرود فلم أرمو قدا منها ولكن ... لأية نظرة زهر الوقود وإنما نظر إلى ناحيتها فخيلت له نارها مرفوعة توقد وهذا تظن منه ليس أنه رأى شيئاً بعينه أراد رؤية القلب. وقال امرؤ القيس: تنورتها من أذرعات وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظر عالي تنورتها نظرت إلى نارها وهذا تحزن وتظنن منه ليس أنه رأى بعينه شيئاً إنما أراد رؤية القلب. ومثله قول الآخر: أليس بصيراً من رأى وهو قاعد ... بمكة أهل الشام يختبزوا وقال الحارث بن حلزة:

وبعينيك أوقدت هند النار ... ر أخيراً تلوي بها العلياء يريد رأى عينيك أوقدت، أخبر أنه رأى نارها وكان آخر عهد منه بها أي بالنار تلوي بها العلياء أي ترفعها وتضيئها كما يلوي الرجل بثوبه إذا رفعه يلوح به للقوم، ويقال ألوت الناقة بذنبها إذا رفعته وأراد بالعلياء العالية وهي الحجاز وما يليه من بلاد قيس. أوقدتها بين العقيق فشخصي ... ن بعود كما يلوح الضياء شخصين شعبين لأكمة، بعود أراد اليلنجوج والشعراء تذكر ذلك وتكثر فيه وإنما هو لحبهم موقدي النار. ومثله قول عدي بن زيد: رب نار بت أرمقها ... تقضم الهندي والغارا يريد بالهندي اليلنجوج، والغار شجر طيب. فتنورت نارها من بعيد ... بخزازي هيهات منك الصلاء خزازي جبل. قال الشماخ يصف امرأة: وكانت إذا هبت على العرفج الصبا ... ينور بالغور التهامي مسيرها العرفج إذا هبت عليه الريح فاحتك بعض عيدانه ببعض اشتعلت فيه النار يقول تسير في وقت هبوب الصبا فتضيء لها طريقها والغور ينبت العرفج، ويروي أيضاً: وكانت إذا هبت على الحرجف الصبا ... ينور بالغور التهامي سريرها

الأبيات في ذكر الخمر وآلاتها

يقول توقد اليلنجوج في الشتاء لتتخر به كما قال أبو دواد: يكتبين الينجوج في كبة المش ... تى وبله أحلامهن وسام يكتبين يفتعلن من الكباء أي يتبخرن، وكبة الشتاء شدته. الأبيات في ذكر الخمر وآلاتها قال الأعشى: وسبية مما تعتق بابل ... كدم الذبيح سلبتها جرياً لها حدثنا الرياشي قال حدثنا أخو زبرقان عن مؤرج عن سعيد عن سماك عن أبيه عن عبيد راوية الأعشى أنه سأل الأعشى عن هذا البيت فقال: شربتها حمراء وبلتها فسلبتها الحمرة والجريال اللون. وقال ابن أحمر وذكر الخمر: كمرآة المضر سرت عليها ... إذا رامقت فيها الطرف جالا أي سرت على المرآة تجلوها، أمقت فاعلت من رمقت. جال زال من شدة ضوئها، والمضر التي تزوجت، على ضر فمرآتها أبداً في يدها.

وقال الأعشى: فقمنا ولما يصح ديكنا ... إلى جونة عند حدادها كحوصلة الرأل في دنها ... إذا جليت بعد إقعادها جونة حمراء إلى السواد والحداد المانع، ومنه حدت المرأة على زوجها أي امتنعت من الزينة، وأراد أكل بعضها بعضاً لطول الدهر فلم يبق منها إلا كحوصلة الرأل في قلتها، بعد ٌقعادها بعد ما كبرت شبهها بالقاعد من النساء. وقال حميد بن ثور وذكر امرأة: علتها كبرة فهي قاعد ويقال أنها حمراء فشبهها بحوصلة الرأل لأنها حمراء، جليت أخرجت بعد الكبر، وقال بعضهم إذا جنئت أي أميلت بعد انتصابها. وقال كثير: جنوء العائدات على وسادي وقال الأعشى: وكأس كماء الني باكرت حدها ... بعزتها إذ غاب عنها بغاتها شبه الخمر بماء اللحم الني، حدها أولها، عزتها غلاؤها. وقال القطامي:

ورقيقة الحجرات بادية القذى ... كدم الغزال صبحتها ندمانا الحجرات النواحي، من صفائها يرى القذى في أسفلها. ومثله للأعشى: تريك القذى من تحتها وهي فوقه ... إذا ذاقها من ذاقها يتمطق وقال الأخطل مثله: ولقد تباكرني على لذاتها ... صهبا عارية القذى خرطوم يقول إذا كان في أسفلها قذى لم تواره، خرطوم أول ما بزل من الدن. وقال أبو ذؤيب: ولا الراح راح الشام جاءت سبيئةً ... لها غاية تهدي الكرام عقابها سبأت الخمر اتبعتها، والغاية اللبن الراية وكان الخمارون ينصبون راية ليعرف بها مكانهم. وقال عنترة يمدح رجلاً: هناك غايات التجار ملوم التجار الخمارون، يقول لا يزال يشتري حتى ينفد ما عنده فيقلع رايته والعقاب الراية، قال الأصمعي: وإنما قيل بلاغ فلان الغاية كأنه بلغ راية منصوبة. عقار كماء الني ليست بخطمة ... ولا خله يكوي الشروب شهابها

كماء الني أراد خمراً كالدم، والخطمة التي أخذت ريحاً لم تستحكم ولم تدرك والخلة الحامضة، يكوي الشروب يقول لم تحمض كل حموضتها وهذا مثل ويجوز أن يكون أراد عقاراً يكوي الشروب شهابها أي لها حدة وتوقد ولا تجعله من صفة الخمر، وشهابها طيرانها في الرأس، والشروب جمع شارب. توصل بالركبان حيناً وتؤلف ال ... جوار ويغشيها الأمان ربابها توصل بالركبان يعني الخمارين واللفظ للخمر أي يتخذون الركبان وصلة يستأنسون ويأمنون بهم وتأخذ جواراً من وجهين فتؤلفه أي تجمع واحداً إلى واحد، ويقال بل تجمع بين جيران من بعد يجتمعون عليها فتؤلف بينهم، والرباب العهد وواحده ربة. وقال أبو ذؤيب: كانت أوبتهم بهز وغرهم ... عقد الجوار وكانوا معشراً غدرا يقول العهد الذي أخذتها آمنها. فما برحت في الناس حتى تبينت ... ثقيفاً بزيزاء الأشياء قبابها يقول فما برحت في ناس لا تفارقهم مخافة أن يغار عليها حتى

تبين أهلها ثقيفاً بذي المجاز فأمنت فاشتراها من التجار أهل القباب. فطاف بها أبناء آل معتب ... وعز عليهم بيعها واغتصابها أي غلبهم أن يشتروها لغلائها وأن يغصبوها لأنهم في الحرم، قال الأصمعي وما تصنع ثقيف بالخمر وعندهم العنب ولكنه عجب. فلما رأوا أن أحكمتهم ولم يكن ... يحل لهم إكرامها وغلابها أحكمتهم منعتهم نفسها أحكمه ن ظلمي امنعه. أتوها بربح حاولته فأصبحت ... تكفت قد حلت وساغ شرابها تكفت يقبض ثمنها ويقال وقع في الناس كفت شديد أي موت وفي بعض الكتب يقال لبقيع الغرقد الكفتة، وقال أيضاً وذكر خمراً: معتقة من أذرعات هوت بها ال ... ركاب وعنتها الزقاق وقارها أي أطالت حبسها أخذ من العاني وهو الأسير أومن العنية وهي أبوال الإبل تخلط بأشياء وتعتق وتهنأ بها الإبل.

فلا تشتري إلا بربح سباؤها ... بنات المخاض شومها وحضارها أي سودها وبيضها. ترى شربها حمر العيون كأنهم ... أساوى إذا ما سار فيهم سوارها الأساوي جمع آس وأسيان وهو الحزين يريد كأن شربها بهم جراح في رؤوسهم قد دوويت شبه السكارى بالأساوي لانكسار أعينهم، سوارها فتورها. وقال الأعشى وذكر الخمار: أضاء مظلته بالسرا ... ج والليل غامر جدادها فقلت له هذه هاتها ... بأدماء في حبل مقتادها الجداد هدب كساء المظلة وهي نبطية أصلها كداد، يقول أعطني الخمر بهذه الناقة الأدماء وهي البيضاء أي خذها عفواً ثمناً للخمر، ومنه يقال خذ هذا الشيء برمته أي خذه كله، وأصل الرمة الحبل الخلق.

وقال آخر: وقد أسبأ للندما ... ن بالناقة والرحل وقال عنترة: لقد شربت من المدامة بعدما ... ركد الهواجر بالمشوف المعلم المشوف البعير المهنوء، والمعلم الذي عليه علامة سمة أو نحوها. قال لبيد: مثل المشوف هنأته بعصيم العصيم القطران، ويقال المشوف الدينار المجلو، والمعلم المنقوش. بزجاجة صفراء ذات أسرة ... قرنت بأزهر في الشمال مفدم الصفراء الخمر واللفظ للزجاجة، والأسرة الخطوط، والأزهر الإبريق، ويروي في الشمال يريد ريح الشمال. وقال النمر بن تولب وذكر العاذلة: قامت تباكي أن سبأت لفتية ... زقاً وخابيةً بعود مقطع أي انقطع ضرابه، أي لامته في جمل لا خطر له. وقال آخر: لا يكره الجارات إذ يحتضرنه إذا ... قام بالوسق الأسير المرجل

الأسير المشدود، أسره يأسره، والمرجل لد يسله من ناحية الرجل يعني زقاً، وقام بالوسق أي جعل ثمناً، ومثله للأعشى: وقامت زقاقهم بالحقاق وقال آخر في المرجل: أيام ألحف مئزري عفر الملا ... وأغيض كل مرجل ريان المئزر والإزار واحد، والعفر التراب، أراد أنه يختال، أغيض أنقص والمرجل الزق سلخ من قبل رجليه، وقال النابغة الجعدي وذكر قول العاذلة: إني أرى إبلاً أضر بها ... دار الحفاظ ومحبس التجر دار الحفاظ الثغر، ومحبس الخمارين حيث ينزلون، أي أنه اشترى الخمر بالإبل فقد تنقصها هذان الأمران. وقال ابن أحمر: وكوما تحبو ما تشايع ساقها ... لدى مزهر ضار أجش ومأتم أي ما تتابع إحدى ساقيها الأخرى لأنها قد عرقبت، مزهر عود، ضار متعود، والمأتم الجمع في الفرح والحزن جميعاً. وقال أيضاً:

بل ودعيني طفل إني بكر ... فقد دنا الصبح فما أنتظر أن تغضب الكأس لما قد أنت ... إن أناة الكأس شي نكر المعنى فما انتظاري بأن أشرب الكأس، وغضبها حمياها. أو تبعث الناقة أهوالها ... تجر من أحبلها ما تجر أي وما أنتظر أيضاً أن أثير الناقة فأعقرها بالسيف، وأهوالها أن ترى السيف فإذا رأته انبعثت تجر حقبها وتصديرها. أو يصبح الرحل لنا آيةً ... لا يعذر الناس بما يعتذر أي وما أنتظر أن يصبح رحل الناقة ملقى فيكون علامة لعقرها وأقول عقرتها جوداً ويقول الناس عقرها سكراً. إن امرأ القيس على عهده ... في إرث ما كان أبوه حجر بنت عليه الملك أطنابها ... كأس رنوناة وطرف طمر ويروى مدت، رنوناة ثابتة، والطرف الكريم من الخيل، والمعنى أنه كان في شرب ولهو بالصيد وغيره، ففارق ما كان فيه، وأدخل الألف واللام في الملك والمعنى طرحها وهو حال، أراد أن الكأس طنبت عليه أطنابها ملكاً أي في حال ملكه، ونحوه قول لبيد:

فأوردها العراك ولم يذدها والمعنى فأوردها عراكاً وهي تزدحم. وقال ابن مقبل: سقتني بصهباء درياقة ... متى ما تلين عظامي تلن صهابية مترع دنها ... ترجع في عود وعس مرن أي ترجع الحمر في هذا القدح تعرف منها فيوالي عرفها ويشرب وهو ترجيعه، وعسا لموالاة العرف والحاجة كما تواعس أنت الأرض فتلح عليها وتطؤها، عود يعني قدحاً،

والمرن الذي يرن يقول إذا شرب أطرب صاحبه حتى يرن أي يتغنى ويترنم، ويقال المرن إذا قرعته سمعت له رنيناً. وقال: وصهبا يستوشي بذي اللب ميلها ... قرعت بها نفسي إذا الديك أعتما تمززتها صرفاً وقارعت دنها ... بعود أراك هزه فترنما يستوشي يستخرج ما عند ذي اللب ميلها به، يقال استوشيت الحديث من فلان أي استخرجته، قرعت بها أي شربتها فقرعتني ويقال بدأت بها نفسي. قال أبو عمرو: ضربت دنها بهذا العود فإذا طن علم أنه قد فرغ يقال عنيت ووقعت على الدن بعود أراك فترنم الدن. وقال الأعشى: وصهبا طاف يهوديها ... وأبرزها وعليها ختم وقابلها الريح في دنها ... وصلى على دنها وارتسم

ويروي ختم جمع ختام، صلة دعا لها بالبركة وارتسم من الرسم. ويروي وارتشم وهما بمعنى. وقال النابغة الجعدي: باشرته جونة مرشومة ... أو جديد حدث القار جحل وضع الاسكوب فيه رقعاً ... مثل ما يرقع بالكي الطحل جونة مرشومة: خابية مختومة، جحل عظيم يعني زقاً، ويروي وضع الأسكوف يريد الاسكاف، والطحل أن تلزق الرئة بالجنب إذا بحر البعير فيكوي. وقال وذكر خمراً: ردت إلى أكلف المناكب مر ... شوم عقيم في الطين محتدم جون كجوز الحمار حرده ال ... حراض لا ناقس ولا هزم يعني دناً، محتدم شديد الغليان، شبهه بوسط الحمار، والحراض الذين يحرقون الأشنان، ويروي الخراص، وهم الذين يعملون الدنان والناقس الوسخ. وقال عدي بن زيد:

يا ليت شعري وأنا ذو عجة ... متى أرى شراباً حوالي أصيص بيت جلوف بارد ظله ... فيه ظبا ودواخيل خوص العجة الحنين والأصيص أسفل دن مكسور، والجلوف جمع جلف وهو الدن الذي لا شيء فيه ويقال جلف جاف أي لا عقل له وإنما يريد أن البيت مبني بالدنان المكسورة ويظلونها بالخصف، وظباء أي أباريق ضخام وهذا من قولهم. كأن إبريقهم ظبي على شرف ودواخيل يعني دواخل التمر، يخبر أنه بيت خمار في أرض السواد. والمشرف الهندي يسقى به ... أخضر مطوثاً بماء الخريص المشرف إناء لهم وهو قدح ويعني شراباً أخضر وهو أجود الخمر والمطموث الذي طمث بمسك أو نحوه ويقال هو الممزوج من قول الله سبحانه " لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان " والخريص نهر ينشعب من البحر ويقال الخريص يستنقع ويخضر وقال أبو عمرو الخريص الشديد الوقع، وقال أبو زبيد: ودنان خصية مسندات ... فعبيط بالطعن أو مقلوف

وأباريق شبه أعناق طير الم ... اء قد جيب فوقهن خنيف المقلوف الذي قشر الطين عنه، الخنيف ضرب من ثياب الكتان رديء يريد الفدام. صادرات وواردات إلى ان ... تحسب الشرب صرعتهم نزوف نزوف طعنة تنزف الدم كأنهم ماتوا، وقال أبو الهندي يصف الأباريق: مفدمة قزا كأن رقابها ... رقاب بنات الماء أفزعها الرعد طير الماء إذا سمعت صوت الرعد مدت أعناقها فشبه رقاب الأباريق بأعناقها في تلك الحال. وقال لبيد وذكر الخمر: تضمن بيضاً كالإوز ظروفها ... إذا أتاقوا أعناقها والحواصلا

أي تضمن أباريق بيضاً كالبط، وقال المرقش الأصغر: وما قهوة كالمسك ريحها ... تعلى على الناجود طوراً وتقدح ثوت في سباء الدن عشرين حجة ... يطان عليها قرمد وتروح قال الأصمعي سميت قهوة لأنها تقهي عن الطعام أي لا يكثر من أدمن شربها منه، تعلى ترفع، والناجود المصفاة ويقال الباطية. وقال الشاعر: ما كان من سوقة أسقي على ظمأ ... خمراً بماء إذا ناجودها بردا والسوقة أشراف دون الملوك، وتقدح تغرف، في سباء الدن أي أقامت كالسبي للدن، وأصل القرمد الآجر وهو هاهنا الدن، وتروح تبرز للريح. وقال المسيب بن علس يصف ثغراً: ومها يرف كأنه إذ ذقته ... عانية شجت بماء يراع المها البلور شبه الثغر به، عانية منسوبة إلى عانة، شجت مزجت، واليراع القصب أراد أنها مزجت بماء الأنهار لأن القصب ينبت على شطوطها فاكتفى بذكره منها لأنه أعذب من ماء الآبار، يرف يكاد يقطر من شدة صفائه، وفيه لغة أخرى: ورف يرف. أو صوب غادية أدرته الصب ... اببزيل أزهر مدمج بسياع

قال الأصمعي: لم يخصها بالغدو وإنما أراد صوب سارية دام مطرها إلى الغدو وخص الصبا لأنها لينة الهبوب فهو أخف لوقع المطر وأصفى لمائها، والبزيل ما بزل، والأزهر الأبيض وأراد دنا أبيض وأراد به أنه نظيف غير وسخ، والسياع الطين، مدمج مشدود به. وقال ابن مقبل وذكر سحابة: قطبت بأصهب من كوافر فارس ... سقطت سلافته من الجريال قطبت مزجت، السلاقة ما سال من غير عصير، والكوافر الدنان واحدها كافر، والجريال الخمرة هاهنا. وقال العجاج: فشن في الإبريق منها نزفا ... من رصف نازع سيلاً رصفا شن صب في الإبريق من الخمر نزفاً من الماء والنزفة الغرفة، رصف حجارة، نازع سيلاً رصفاً أي كأن السيل كان في رصف فسال منه في هذا الرصف فجعل ذلك منازعته إياه والرصف حجارة متراصفة والغرفة كالجرعة، وقال يذكر الحرورية: معلقين في الكلاليب السفر ... وخرسه المحمر فيه إما اعتصر الخرس الدن والخراس صاحب الدنان، وقال لبيد: أغلى السباء بكل أدكن عاتق ... أو جونة قدحت وفض ختامها أدكن زق، وجونة خابية، قدحت بزلت، وفض فوه.

بادرت حاجتها الدجاج لسحرة ... لأعل منها حين هب نيامها أي بادرت بحاجتي إلى شربها أصوات الديكة لأشرب منها مرة بعد مرة وهو العلل. وقال الأخطل وذكر الخمر: تغيظت أيامها في شارف ... نقلت قرائنه ولما ينقل تغيظها شدة غليانها، شارف وعاء عظيم شبهه بالشارف من الإبل نقلت قرائنه وترك. وقال الأخطل يصف عتق الخمر: كمت ثلاثة أحوال بطينتها أي سدت وطينت. وقال لبيد: ومجتزف جون كأن خفاءه ... قرا حبشي بالسرومط محقب مجتزف شراب يشتري جزافاً، خفاؤه غطاؤه، والسرومط جلد ضائنة يجعل الزق فيه. إذا أرسلت كف الوليد عصامه ... يمج سلافاً من رحيق مقطب فمهما يغض منه فإن ضمانه ... على طيب الأردان غير مسبب

مقطب مطيب ويقال ممزوج، يغض ينقص، وقال: ورابح التجر إن عزت فضالهمحتى يعود سليمى حوله نفر الفضال ما أفضله الدهر من الخمر أي هي عتيقة كريمة، أراد حتى يعود يا سليمى حول الزق نفر يشربون منه، وكنى عن الزق ولم يذكره كقول طرفة: ألا ليتني أفديك منها وأفتدي يريد الفلاة ولم يذكرها. غرب المصبة محمود مصارعه ... لا هي النهار لسير الليل محتقر أي الزق حديد المصبة لامتلائه، يحمد مصرعه لأصحابه لأنه يطربهم، ثم رجع إلى وصف نفسه فقال لا هي النهار فرده إلى رابع التجر وقال ابن مقبل: حتى انتشينا عند أدكن مترع ... جحل أمر كراعه بعقال أدكن زق، جحل عظيم، وقال كعب بن زهير: وجحل سليم قد كشطنا جلاله ... وآخر في أنضاء مسح مسربل سليم تام، وأنضاء خلقان وفي مثل هذا يحمل الزق، وقال الأخطل:

أناخوا فجروا شاصيات الشاصي الساقط الرافع يديه ورجليه وهكذا الزقاق المملوءة، وفي المثل: إذا ارجحن شاصياً فارفع يدا وقال النابغة: إذا فضت خواتمه علاه ... يبيس القمحان من المدام القمحان الذريرة، أراد إذا فتحت الآنية التي تكون فيها الخمر رأيت عليها بياضاً كالذريرة، وقال عمرو بن كلثوم: مشعشة كأن الحص فيها ... إذا ما الماء خالطها سخينا المشعشعة التي أرق مزجها، والحص الورس، سخيناً فيه قولان يقال هو من السخاء ويقال من الماء السخن، وقال عوف بن الخرع: كأني اصطحبت سخاميةً ... تفسأ بالمرء صرفاً عقارا سخامية سلسة لينة ومنه شعر سخام ناعم لين، ويقال تفسأ الثوب تهتك وتخرق، وقال ابن أحمر: اسلم براووق حييت به ... وانعم صباحاً أيها الجبر الراووق هاهنا الكاس، والجبر الرجل وأصله سرياني ومنه قيل

جبرئيل وقال زهير: مثل دم الشادن الذبيح إذا ... أتأق منها الراووق شاربهه الراووق في هذا الموضع الكأس وفي غير هذا الموضع المصفاة، وقال أبو خراش يرثى دبية: ما لدبية منذ اليوم لم أره ... وسط الشروب ولم يلمم ولم يطف لو كان حياً لغاداهم بمترعة ... من الواويق من شيزي بني الهطف لم يطف لم يأت طيفه وهو الخيال، والرواويق جمع راووق وهي المصفاة، وهو ما روق وصفي من إناء في إناء، والشيزي جفان سود وأصله من خشب الشيز، وبنو الهطف من أهل أسد السراة باليمن يعملون الجفان والشيز ببلادهم ينبت، وقال آخر: إذا ما شئت باكرني غلامي ... بزق فيه ني أو نضيج الني الخمر والنضيج الخبيث، وقال الراعي يهجو رجلاً يقال له الحلال:

خريع متى يمش الخبيث بارضه ... فإن الحلال لا محالة دائقه الخريع الجبان الضعيف، والخبيث الخمر. وقال أبو زبيد: قولهم شربك الحرام وقد كان ... حلال سوى الحرام فمالوا كان أهل الكوفة شكوا عاملهم إلى عثمان وذكروا أنه ينادم أبا زفيد وكان نصرانياً يشرب الخمر فقال أبو زبيد، قولهم شربك الخمر وقد كان هناك نبيذ حلال تشربه فمالوا عن النبيذ الذي هو حلال إلى الخمر. وقال جميل: فظلنا بنعمة واتكأنا ... وشربنا الحلال من قلله اتكأنا أي طعمنا من قول الله عز وجل " وأعتدت لهن متكئاً " أي طعاماً والقلل جمع قلة.

وقال الفرزدق: أيسقي ابن ورقاء المحيل دفينه ... ويسقي القشيري السلاف المشعشعا المحيل دفينه يعني كنيز التمر الحولي. وقال آخر: وهو أبو الهندي: وإن تسق من أعناب وج فإننا ... لنا العين تجري من كسيس ومن خمر الكسيس السكر، وقال ابن أحمر: كأن سلافة عرضت لنحس ... يخيل شفيفها ماءً زلالا أي وضعت في ريح فبردت، يحيل يصب، وشفيفها بردها، يقول برد هذه الخمر يصب الماء في الحلق ولولا بردها لم يشرب الماء: رنوناه تساور حين تجلي ... شؤون الرأس با لا قبالا تمشي في مفارقة وتغشى ... سناسن صلبه حتى يهالا رنوناة دائمة، شبا اتقادا كما تشب النار، السناسن الفقار، أي إذا أراد أن يقوم لم يقدر، يهال يرى تهاويل وألواناً مختلفة في منامه، وقال ذو الرمة: كأنه بالضحى ترمى الصعيد به ... دبابة في عظام الرأس خرطوم أي كأنه من نعاسه وفترته سكران، والخرطوم أول ما بزل منها، قال الراعي وذكر نفسه والسكارى:

إذا ما برزنا بالفضاء تقحمت ... بأقدامنا منها المتان الصرادح أي أرجلنا تختلف وهذا مثل، يقول نحن وإن كنا في مستوى كأن أرجلنا تنحدر من المتان إلى هوة، والصرادح المنجردة، وقال الأخطل: إذا ما نديمي علني ثم علسي ... ثلاث زجاجات لهن هدير خرجت أجر الذيل مني كأنني ... عليك أمير المؤمنين أمير قوله علني ثم علني ثلاث زجاجات ولم يقل زجاجتين لأن العلل لا يكون إلا بعد النهل، فقوله علني يدل على أنه قد سقاه قدحين ثم علني الثالث. وقال المسيب بن علس: وشرب كرام حسان الوجوه ... تغاديهم النشوات ابتكارا كميت تكاد وإن لم تذق ... تنشي إذا الساقيان استدارا وقال الأخطل يصف الخمر: كأنما المسك نهبي بين أرحلنا ... لما تضوع من ناجودها الجاري الناجود كل إناء فيه الخمر وهو هاهنا الكأس، الجاري الدائر. تدامى إذا طعنوا فيها بجائفة ... من ناصع اللون لذ غير مصطار يقال مصطار المتغيرة الطعم والريح ويقال الحديثة، جائفة بلغت الجوف. وقال زهير:

دبت دبيباً حتى تخونه ... منها حمياً وكف صالبها أي لما انتشى قال اسقني بالكبير. وقال الأخطل: لما أتوها بمصباح ومبزلهم ... سارت إليهم سؤور الأبجل الضاري الأبجل من الفرس والبعير هو الأكحل من الإنسان، والضاري الشديد السيلان. وقوله: وهما ينسيني السلاف المهودا أي المسكن والتهويد السير اللين. وقال: كأني كررت الكأس ساعة كرها ... على ناشص سافت حواراً ملبسا فأصبح منها الوائلي كأنه ... سقيم تمشي داؤه حين أسلسا الناشص مثل الناشز وأراد ناقة عرفت بعينها وأنكرت بأنفها لأنها لم تجد منه ريح الحي، وأسلس داؤه إذا دله عقله، وقال الراعي:

ومصنعة خليد أعنت فيهاعلى علاته الثمل المنينا مصنعة مكرمة، وخليدة ابنته، والمنين الضعيف فعيل في معنى مفعول، وقال الأعشى: لقوم فكانوا هم المنفدين ... شرابهم قبل إنفادها أراد أنفدوا الشراب قبل أن ينفدهم السكر وأنث لأنه أراد الخمر، وقال: تراموا به غرباً أو نضارا الغرب شجر والنضار الأثل والنضار الذهب، وقال حرملة ابن حكيم: يا كعب إنك لو قصرت على ... شرب المدام وقلة الجرم وسماع مدجنة تعللنا ... حتى نؤوب تناوم العجم لصحوت والنمري يحسبها ... عم السماك وخالة النجم

ويروي: على حسن الندام، مدجنة داخلة في دجن، والعجم لا ينامون إلا على ضرب الأوتار، وقال ابن الأعرابي: أراد الديكة، يقول: لو أحسنت المنادمة لنا إلى صياح الديكة، والنمري كعب نفسه أي لصحوت وأنت تحسب هذه المسمعة في عظم القدر كذلك كقولك ما يسحبه إلا ابن ماء السماء، ثم قال: والخمر ليست من أخيك ول ... كن قد تجور بآمن الحلم ليست من أخيك كما تقول ليست منك وليست مني ثم قال الذي يؤمن من الحلم تجور بن الخمر، وقال أبو زبيد يذكر رجلاً قتل رجلاً أضافه: ظل ضيفاً أخوكم لأخينا ... في شراب ونعمة وشواء ثم لما رآه رانت به الخم ... ر وأن لا يريبه باتقاء

لم يهب حرمة النديم وحقت ... يا لقوم للسوءة السوآء رانت غلبت على عقله، أراد وحقت أن يهاب ثم ابتدأ فقال: يا لقوم أعجبوا، وقال ابن أحمر وذكر شبابه ونعمته: كشراب قيل عن مطيته ... ولكل أمر واقع قدر مد النهار له وطال علي ... هـ الليل واستنعت به الخمر وجرادتان تغنيانهم ... وعليهما الياقوت والشذر يقول أنا في سكر شبابي كذلك إذ لي عن مطيته، استنعت تمادى به الشرب، والجرادتان قينتان. وبعيرهم ساج بجرته ... لم يؤذه غرب ولا ذعر فإذا تجرر شق باز له ... وإذا أصاخ فإنه بكر ساج ساكن على جرته فإذا اجتر أنيابه وإذا أصاخ رأيت له وجه بكر. دنان حنانان بينهما ... رجل أجش غناؤه زمر

أي غناؤه يشبه الزمر. وقال الأخطل يمدح رجلاً: خضل الكئاس إذا انتشاها لم تكن ... خلفا مواعده كبرق الخلب وإذا تعوورت الزجاجة لم يكن ... عند الشراب بفاحش متقطب كأس وثلاث أكؤس وكئاس، والخضل الندى أي بالمعروف، تعوورت أعتورت. وقال أيضاً: وشارب مربح بالكأس نادمني ... لا بالحصور ولا فيها بسوار مربح يغالي في ثمن الخمر فيربح عليه التجار، والحصور هاهنا البخيل، سوار سيء الخلق يساور ويقاتل. وقال لبيد يمدح النعمان: إذا مس أسآر الصقور صفت له ... مشعشعةً مما تعتق بابل أسآر جمع سؤر أي بقايا من الصيد، أي إذا أكل الصيد شرب الخمر. وقال: حقائبهم راح عتيق ودرمك ... وريط وفاثورية وسلاسل

درمك حواري، ريط ثياب بيض، فاثورية يقال أخونة ويقال جامات فضة، سلاسل ما سلسل من صفائه. وقال أبو دواد وذكر الفرس: ثم ولى بنعجتين وثور ... قسمت بينهن كأس عقار يقول لما فرغنا من الصيد قعدنا على الشرب نأكل لحم الوحش فاشرب الخمر. وقال النابغة: وتسقي إذا ما شئت غير مصرد ... بزوراء في أكنافها المسك كانعً التصريد شرب دون الري يقال صرد شربه أي قطعه وصرد السقاء: إذا خرج زبده متقطعاً فيداوي بالماء الحار ومن هذا صرد البرد، وزوراء دار بالحيرة للنعمان هدمها أبو جعفر كانع دان والتكنع في اليدين من هذا، واكتنع الشيء وكنع إذا دنا وقرب، واكتنع الموت وكنع إذا قرب، قال الراجز: إني إذا الموت اكتنع ... أضر بهم بذي القلع يقال نعوذ بالله من الكنوع وهو المذلة، وأنشد:

آب هذا الليل فاكتنعا وقد روي كارع، قال أبو عمرو، زوراء مكوك وهو شيء من فضة فيه طول مثل التلتلة، كارع يعني أن المسك كارع على شفاه هذه الطاسات يسقي بها السقاء وقال لبيد: يثبي ثناءً من كريم وقوله ... ألا أنعم على حسن التحية واشرب يثبي أي يدوم على ما كان عليه من قبله، ثبيت على الأمر دمت عليه، أبو عمرو يثبي: يثني عليه حياً والتأبين بعد الموت، وقال يصف قوماً: كرام إذا ناب التجار ألذة ... مخاريق لا يرجون في الخمر واغلا ألذة يأخذون لذتهم يتخرقون في العطاء كما قال الآخر: فتى إن هو استغنى تخرق في الغنى وأراد لا يطردون واغلاً. وقال يذكر مجلس النعمان: والهبانيق قيام معهم ... كل محجوم إذا صب همل

الهبانيق الوصفاء واحدهم هبنيق، محجوم إبريق عليه فدام. فتولوا فاتراً مشيهم ... كروايا الطبع همت بالوحل الطبع من التطبيع وهو الملء يقال طبعته طبعاً فالاسم بالكسر والمصدر بالفتح كقولك للدقيق الطحن والمصدر الطحن، الأصمعي: الطبع النهر والجمع أطباع، يقول تلك الروايا في وحل شبه مشي الوصفاء بتلك الإبل وقال عدي بن زيد: والربرب المكفوف أردانها ... تمشي رويداً كتوخي الرهيص الربرب الوصفاء، مكفوف كفت أكمامها أي خسروا عن سواعدهم. قال الأعشى: فلما أتانا بعيد الكري ... سجدنا له ورفعنا العمارا العمار الريحان وهو الذي يسميه الفرس الميوران وهو أن يقوم الفتى إذا طرب فيأخذ ضغثاً من ريحان فيرفع به يده ويتمشى ويحيي القوم، وقال بعض الرجال لابنه: كأنما سميته العمار أي الريحان وقال أيضاً: وكأس شربت على لذة ... وأخرى تداويت منها بها واحدة يشربها على سماع وأخرى يشربها وهو مخمور فأذهبت عنه الخمار.

البربط

البربط قال ذو الرمة: وداع دعاني للندى وزجاجة ... تحسيتها لم تقن ماءً ولا خمرا يعني البربط دعاه إلى السخاء، والزجاجة فم امرأة لم تقن لم تحفظ. وقال الأعشى يذكر رجلاً: قاعداً عنده الندامى فما ينفك ... يؤتي بمزهر مندوف مزهر عود، مندوف مضروب، وقوله في هذا الشعر بموكر محذوف موكر مملوء، محذوف مقطوع يريد الزق، وقال: ولقد شربت ثمانيا وثمانيا ... وثمان عشرة واثنتين وأربعاً بالجلسان وطيب أردانه ... بالمسك يضرب لي يكر الاصبعا والنأي نرم وبربط ذي بحة ... والصنج يبكي شجوه أن يوضعا الجلسان الورد، وشجوه رقة صوته وحزنه، يقول الصنج يبكي شجوه أي يضرب به إذا وضع العود، وقال في مثله: وشاهدنا الجل والياسمو ... ن والمسعات بقصابها وبربطنا دائم معمل ... فأي الثلاثة أزري بها ترى الصنج يبكي له شجوه ... إذا ظن أن سوف يدعى بها

القصاب المزامير الواحدة قصابة والقاصب الزامر، أزري بها يقال بالمسمعات وقيل بالباقة، يريد هؤلاء الممدوحين أتيت، ولم يكن لهذا عنده، أن سوف يدعي بها أي بالكأس، وقال الطرماح يذكر نساء خرجن؟: يقصر مغداهن كل مولول ... عليهن تستبكيه أيدي الكرائن ثواني للأعناق يندبن ما خلا ... بيوم اختلاف من مقيم وظاعن أي يقصر عليهن النهار ضرب العيدان، وأنشد: ويوم كظل الرمح قصر طوله ... دم الزق عنا واصطفاق المزاهر والكرائن المغنيات واحدتهن كرينة، ثواني للأعناق أي يعطفن أعناقهن على عيدانهن. وقال لبيد: وصبوح صافية وجذب كرينة ... بموتر تأتاله إبهامها ألت الشيء أصلحته كقولك من قلت يقتاله إذا أردت يفتعله. وقال النابغة الجعدي وذكر دسكرة: سبقت صياح فراريجها ... وصوت نواقيس لم تضرب برنة ذي عتب شارف ... وصهباء كالمسك لم تقطب

رنة صوت، ذو عتب عود وعتبه ملاويه، شارف قديم، تقطب تمزج. وقال طرفة يصف قينة: رحيب قطاب الجيب منها رفيقة ... نجس الندامى بضة المتجرد إذا نحن قلنا أسمعينا انبرت لنا ... على رسلها مطروقةً لم تشدد رحيب واسع، وقطاب الجيب مجتمعة حيث قطب أي جمع كما يقطب الرجل بين عينيه، رفيقة بجس الندامى يقول قد استمرت على جس الندامى، بضة رخصة ناعمة، مطروفة ضعيفة الصوت فيه طريقة، ويروي: مطروقة أي منكسرة الطرف. وقال كعب بن زهير: ورنة هتاف العشى مكبل ... ينازعه الأوتار من ليس راميا تنازعه مثل المهاة رفيقة ... بجس الندامى تترك اللب زانيا كأن دوي النحل صوت بنانها ... إذا ضربت سمر المتون ثمانيا مكبل يعني البربط مكبل بالأوتار، وقال ابن مقبل: صدحت لنا جيدا تركض ساقها ... عند الشروب مجامع الخلخال فضلا تنازعها المحابض صوتها ... بأجش لا فظع ولا مصحال أي تركض ما يلي الخلخال من الثياب بساقها، فضل في ثوب

واحد، المحابض الأوتار، والصحل بحة يسيرة، وقال لبيد يذكر الحمار: كأن سحيله شكوى رئيس ... يحاذر من سرايا واغتيال تبكى شارب أسرت عليه ... عتيق البابلية في القلال تذكر شجوه وتقاذفته ... مشعشعةً بمغروض زلال ويروى تغنى شارب، أي يخاف أن ينهزم فيتغنى به السكارى، رئيس قوم يخاف أن يغتال، وقيل رئيس أي مضروب على رأسه فعيل في معنى مفعول أي مرؤوس، تبكى شارب قد سكر فتذكر ما أصاب الرئيس، وهذا نحو قول الآخر والبيت للأعشى: به تنقض الأحلاس في كل منزل ... وتعقد أطراف الحبال وتطلق ويروي به تنفض، تقاذفته ترامت به، المغروض الماء حين ينزل من السحاب، زلال صاف. وقال الفرزدق: يمشين بالفضلات وسط شروبهم ... يتبعن كل عقيرة ودخان الفضلات الخمور، كل عقيرة أي كل صوت يغني به، ويقال عقيرة ناقة معقورة. وقال الكميت يصف المرأة والزوج: إذا واضعته مصون الحديث ... ولاقى من الدجن يوماً مطيرا كأن الجراد يغنينه ... يناغم ظبي الأنيس المشورا أراد الجرادتين وهما قينتان كانتا زمن عاد ولهما حديث، يناغم

بكلام خفي، والمشور الحسن الشارة وهي اللباس والهيئة. وقال الأعشى وذكر امرأة: وإذا لها تامورة ... مرفوعة لشرابها يريد الإبريق. وقال المتنخل: متى تبغني في حلقة القوم تلقني ... وإن تلتمسني في الحوانيت تصطد يعني حوانيت الخمارين. وقال الأخطل وذكر الخمر: ربت وربا في حجرها ابن مدينة ... يظل على مسحاته يتركل أي ربت الكرمة، وابن مدينة يقول هو عالم بالقيام عليها يقال للرجل أنه لابن مدينة إذا كان عالماً بها، وقال غيره: ابن مدينة ابن مملوكة أي هو عبد ربي هو وأمه فيها. وقال ابن مقبل وذكر زقاً: يروى قوامح قبل الصبح صادقة ... أشباه جن عليها الريط والأزر هذا الزق يروي قوامح وأصل القوامح الإبل التي ترفع رؤوسها

أبيات في ذكر الملوك والسادة

فلا تشرب، صادفة عن الماء، وشبه الرجال بهذه الإبل، يريد أنهم لا يريدون شرب الماء وإنما يريدون الشراب. وقول الراعي يذكر الريحان: يتبع الشؤونا وهي مواصل قبائل الرأس يعني ريحه. وقال حميد بن ثور يصف الخمر: إذا استوكفت بات الغوى يسوفها ... كما جس أحشاء السقيم طبيب استوكفت استقطرت وكذلك استودفت. وقال امرؤ القيس يذكر العود: فإن أمس مكروباً فيا رب قينة ... منعمة أعملتها بكران لها مزهر يعلو الخميس بصوته ... أجش إذا ما حركته البدان أبيات في ذكر الملوك والسادة قال عدي بن زيد:

ووطيد مستعمل سيبه ... عاقد الأيام والدهر يسن أي يسهل ما عقد عليهم الدهر ويحله، ومنه: إذا الله سنى عقد شيء تيسرا والوطيد الملك، وقال لبيد: فانتضلنا وابن سلمى قاعد ... كعتيق الطير يغضي ويجل سلمى أم النعمان، وعتيق الطير البازي والصقر، يغضي يطرق ويجلي ينظر إلى الصيد، يريد أنه كالبازي إذا أغضى وجلى من التكبر ويقال ويجل من الجلالة. وقال ابن مقبل يعني ملكاً: بدا كعتيق الطير قاصر طرفه ... مسربل ديباج البنيق المطنب أي لا يمد طرفه من كبره، والمطنب المطول. وقال لبيد: وسانيت من ذي بهجة ورقيته ... عليه السموط عابس متغضب سانيت ساهلت، والسموط خرزات الملك، يقول رقيته حتى لان والبهجة الجمال، وقال يذكر ملكاً:

رعى خرزات الملك عشرين حجةً ... وعشرين حتى فاد والشيب شامل رعى حفظ، خرزات الملك تاج الملك، ويقال إن الملك كان إذا ملك سنة زيد في تاجه وقلادته خرزة ليعلم عدد السنين التي ملك فيها، فاد مات، وقال العجاج: فرب ذي سرادق محجور ... سرت إليه في أعالي السور يعني ملكاً، سرت نهضت إليه في أعلى علية. وقال رؤبة: والله لولا النار أن نصلاها ... لما سمعنا لأمير قاها يعني طاعة واستماعاً، تقول للرجل إذا أمرته: إيقه يا فتى وهو مقلوب مثل جبذ وجذب. وقال المخبل: واستيقهو اللمحلم أي أطاعوا. وقال النابغة: يحفون بساماً غضوباً وإنه ... لراع لمن سن العروج وخازن السن حسن الرعي للمال، والعروج جماعة الإبل الواحد عرج. وقال الأغلب: ما إن رأينا ملكاً أغاراً ... أكثر منه قرة وقارا

القار الإبل، والقرة الغنم وهي الوقير. وقال بشر: فلو صادفوا الرأس الملفف حاجباً ... للاقي كما لاقي الحمار وجندب يريد بالرأس الرئيس، الملفف الذي لفف به القوم أمرهم وأسندوه إليه والمعمم من الرجال كذلك، يقال عممه القوم أمرهم مثل العمامة، وقال ابن الأعرابي: الملفف المتوج، والحمار وجندب رجلان كانا مع حاجب بن زرارة. وقال البعيث: وجدت أبي من مالك حل بيته ... بحيث تنصى أبيض الوجه ذو فضل وعمي الذي اختارت معد لحكمه ... فألقوا بأرسان إلى حكم عدل تنصى ارتفع في الناصية، وعمه يعني الأقرع بن حابس بعث النبي صلى الله عليه وسلم وهو حكم العرب في كل موسم وكانت العرب تيمن به وهو أول من حرم القمار، فألقوا بأرسان أي انقادوا إليه، وقال الأعشى في نحوه: بنية إن القوم كان جريرهم ... برأسي لو لم يجعلوه معلقا يقول قلدوني أمرهم وعصبوه برأسي. وقال آخر: بنى مالك جار الحصير عليكم الحصير الملك وهو فعيل بمعنى مفعول. وإنما قيل له حصير لأنه محجوب، قال الله عز وجل: " وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا " أي محبسا. وقال لبيد:

وكثيرة غرباؤها مجهولة ... ترجى نوافلها ويخشى ذامها قيل هذه قبة النعمان بن المنذر، غرباؤها النزاع إليها من كل ناحية، وقيل خطة اجتمعوا لها وقصة على باب ملك، مجهولة لم يعرفوا جهتها، والنوافل العطايا. وقال المرار: ولقد ذكرتك والخصوم يلفهم ... باب يقاربهم على الأوتار يقول ذكرتك عند باب يضمنا والخصوم يقارب بينهم على ذحول بينهم، يريد أنه يصلح أمور الناس يعني باب السلطان. وقال الراعي: وخصم غضاب ينفضون لحاهم ... كنفض البراذين الغراث المخاليا لدى مغلق أيدي الخصوم تنوشه ... وأمر يحب المرء فيه المواليا ينفضون لحاهم كما قال الأعشى: أتاني كريم ينفض الرأس مغضبا لدى مغلق يعني باب الملك، تنوشه تناوله، والموالي بنو العم يحب حضورهم لينصروه ويعينوه. وقال العجير: ومنهن قرعي كل باب كأنما ... به القوم يرجون الأذين نسور يعني باب ملك وشبه الشيوخ بنسور. وقال النابغة: جلوس الشيوخ في مسوك الأرانب. وقال رؤبة:

ثياب الملوك وغيرهم وما يكنى عنه بالثياب

قد رفع العجاج ذكرى فادعني ... باسم إذا الأنساب طالت يكفني فنعم داعي الوالج المستأذن ... أبي إذا استغلق باب الصيدن الصيدن الملك، يقول إذا قال غيري أنا فلان بن فلان الفلاني قلت أنا العجاج، كما قال النسابة البكري حين سأله: من أنت؟ فقال: رؤبة بن العجاج، فقال قصرت وعرفت، أي إذا قيل للملك: ابن العجاج، أذن لي فدخلت، قال الأصمعي: لم أسمع الصيدن الملك إلا في هذا البيت. ثياب الملوك وغيرهم وما يكنى عنه بالثياب قال المخبل: وأشهد من قيس حلولاً كثيرة ... يحجون سب الزبرقان المزعفرا يحجون يعودون مرة بعد مرة، والسب العمامة، والمزعفر المصبوغ بالزعفران، وكان السيد يعتم بعمامة مصبوغة لا يكون ذلك لغيره، وإنما سمي الزبرقان بذلك ويقال لكل شيء صفرته زبرقته وإنما أراد

أنهم يأتون الزبرقان لسوداه. وقال آخر: وهو المخبل السعدي: رأيتك هربت العمامة بعدما ... أراك زماناً فاصعا لم تعصب أي جعلتها هروية، فاصعا أي بادي الرأس، لم تعصب لم تعمم أراد أنك سدت بعد أن لم تكن سيداً، والعمامة العصابة. وقال الفرزدق: وركب كأن الريح تطلب عندهم ... لها سلبا من جذبها بالعصائب وقال آخر: إن السيد المتختم المتختم المتعمم، وقال الهذلي المعطل: أمن جدك الطريف لست بلابس ... بعاقبة إلا قميصاً مكففا يقول إذا كان النسب طريفاً كانت الآباء أقعد، وكانوا يكفون قمصهم بالديباج وأنشد الأصمعي: كما لاح في جنب القميص الكفائف وقال النابغة في النعمان بن الحارث:

يحث الحداة جالزا بردائه ... بقي حاجبيه ما تثير القنابل الحداة ساقة الجيش، جالزا أي قد تعصب. وقال آخر في مثله: وجاعل برد العصب فوق جبينه ... يقي حاجبيه ما يثير قنابله وقال آخر: والبيت للخنساء: وداهية جرها جارم ... جعلت رداءك فيها خمارا فيه قولان يقال أنه أراد بالرداء السيف أي ضربت به رؤوس الناس ويقال بل أراد أنك تعصبت به كما يفعل المستعد المتأهب للحرب كما قال الأخطل: إذا ما شددت الرأس مني بمشوذ ... فغيك مني تغلب ابنة وائل المشوذ العمامة ومنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوم أغزاهم: " امسحوا على المشاوذ والتساخين، وهي الخفاف ". وقال كثير: غمر الرداء إذا تبسم ضاحكاً ... غلقت لضحكته رقاب المال أي كثير العطية. وقال رؤبة:

وقد أرى واسع جيب الكم يريد كثير العطاء. وقال آخر: امرؤ القيس: ثياب بني طهارى نقية ... وأوجههم بيض المسافر غران ويروى المشاهر أراد بثيابهم أبدانهم وأنفسهم، وقول الله عز وجل " وثيابك فطهر " يقال نفسك ويقال الثياب نفسها. وقال آخر: لا هم إن عامر بن جهم ... أو ذم حجا في ثياب دسم أو ذم أوجب وعقد، في ثياب أي في جسم غير طاهر، وقال عدي: أجل أم الله قد فضلكم ... فوق ما أحكي بصلب وإزار الصلب الحسب، والإزار العفاف، ويروى: أحكأ صلباً بإزار، أراد كل من شد على ظهره الإزار. وقال الأخطل: قد كنت أحسبه قيناً وأنبؤه ... فاليوم طير عن أثوابه الشرر يمدح سماكاً من بني أسد وكان يقال لعمرو بن أسد: القين، يقول قد كان لهم هذا اللقب فلما أجازني وأحسن طار الشرر عن أثوابه أي بطل هذا القب. وقال رؤبة:

حتى إذا الدهر استجد سيماً ... من البلى يستوهب الوسيما ردءه والبشر والنعيما النعيم الناعم، سيما أثر سوى سيماه الأولى، والوسيم الجمال كأن الكبر إذا ذهب به يستوهبه، ورداؤه حسنه، كما قال الآخر وذكر الذهر والكبر: هذا ردائي عنده يستعيره ... ليسلبني نفسي أمال بن حنظله يقول: يسلب مهجتي يا مالك بن حنظلة. وقال العجاج: أن الهوى والقدر الكرارا ... ألبس من ثوب البلى نجارا النجار الخلقة واللون، يقول ألبسني خلقة الكبر وهيئته. وقال امرؤ القيس: فإن يك قد ساءتك خليقةً ... فسلى ثيابي من ثيابك تنسل يقال نسل ريش الطائر ينسل إذا سقط ونسلت السن ونسل النصل يقول: في خلق لا ترضينه فانصرفي. وقال أبو ذؤيب وذكر امأة:

فإنك منها والتعذر بعدما ... لججت وشطت من فطيمة دارها لنعت التي ظلت تسبع سؤرها ... وقالت حرام أن يرجل جارها تبرأ من دم القتيل وبزه ... وقد علقت دم القتيل إزارها أي تغسل إناءها سبع مرات إن ولغ فيه كلب، وتحرجت أن تأخذ ناقة جارها فيرجل، وبزه سلاحه، وقد علقت دم القتيل إزارها هذا مثل يقال: حملت دم فلان في ثوبك، أي قتلته، قال الأصمعي: هذه امرأة نزل بها رجل فتحرجت أن تدهنه وأن ترجل شعره ثم جاء كلب لها فولغ في إنائها فغسلته سبع مرات وذلك بعين الرجل يتعجب منها ومن ورعها فبينا هو كذلك أتاها قوم يطلبون عندها قتيلاً وسلاحه في بيتها. ومثله لعبد الله بن ثعلبة الحنفي. لقد راح في أثواب عمرو بن فرتنا ... فتى غير وقاف إذا ذعذع السرب أي قتله، وذعذع فرق. وقال أوس: نبئت أن دماً حراماً نلته ... فهريق في ثوب عليك محبر وقال أيضاً في نحوه وإن لم يذكر الثوب: نبئت أن بني سحيم أدخلوا ... أبياتهم تامور نفس المنذر

يقول فأنت واعتذارك من حبها بمنزلة التي قتلت قتيلاً وضمت بزه وأظهرت التحرج عما ذكر، أي فأنت تعتذر من القليل وتأتي الكثير. ويقال علق فلان دم فلان إذا كان قاتله. وقال أوس: وإن هز أقوام إلي وجدوا ... كسوتهم من حبر بز متحم هزوا ساروا سيراً سريعاً، وأنشد: ألا هزئت بنا قرشية يهتز موكبها حبر حسن يقال رجل به حبر الشباب أي حسنه، متحم من البز ألا تحمى وهو ضرب من برود اليمن، يقول أكسوهم من أحسن ذلك البز وإنما هذا مثل أي أهجوهم هجاء يرى عليهم ويشتهرون به كما يشتهر صاحب هذا اللباس، وقال: هجاؤك إلا أن ما كان قد مضى ... علي كأثواب الحرام المهينم يقول هجاؤك حرام على مثل الثياب على رجل قد أحرم فهو يسبح ويقرأ. وقال الهذلي: أبو المثلم: متى ما أشأ غير زهو الملو ... ك أجعلك رهطاً على حيض الرهط جلد يشق أسفله ويترك أعلاه فيلبسه الصبيان وهذا مثل وإنما يريد ألبسك العار، كقول الآخر:

كأني نضوت حائضاً من ثيابها وقال امرؤ القيس: ثياب بني عوف طهارى نقية يعني من العار والعيب، وقال الفرزدق: وما قمت حتى هم من كان مسلماً ... ليلبس مسودي ثياب الأعاجم وضاق ذراعاً بالحياة وقطعت ... حوامله عض العذارى والأوازم يقول هم من كان مسلماً بأن يتمجس مما يلقون في الخراج، مسودي يعني الطيالسة والبرنكانات، حوامل يديه عصبهما، والعذارى الجوامع والقيود هاهنا، وأنشد ابن الأعرابي: يكفيك من طاق كثير الأثمان ... جمازة شمر منها الكمان قال يعني كساء، وجمازة مدرعة. وقال آخر في امرأة: شائلة الأصداغ يهفو طاقها أي تطير كساؤها عنها ويرتفع صدغاها وشعرها مما تقاتل

ألم يأتها أني تلبست بعدها ... مفوقة صباغها غير أحرقا هذا رجل قد جدر فبقي الجدري في جسده كالثوب الوشي المفوف. وقد كنت منها عارياً قبل لبسها ... فكان لباسيها أمر وأعلقا وقال عنترة: فشككت بالرمح الأصم ثيابه ... ليس الكريم على القنا بمحرم ثيابه يريد قلبه ويقال جسمه لأن الثياب على الجسم تكون، ومثله قول الآخر يصف إبلاً والبيت لليلى الأخيلية: رموها بأثواب خفاف فلا ترى ... لها شبهاً إلا النعام المنفرا يعني بأجسام خفاف يريد ركبوها، ومن أبيات اللغز أنشدنيه عبد الرحمن عن عمه: وكثيرة الألوان حين تكبها ام ... تلأت وإن ترفع تجدها خاليه قال يعني قلنسوة، وأنشدني الرياشي أو غيره من البصريين: لنعم العيش عيش أبي زهير ... يضمن ما يخلفه الإزارا يعني مفتاحاً شده في إزاره.

النعال

النعال قال النجاشي: لا يأكل الكلب السروق نعالنا ... ولا ننتقي المخ الذي في الجماجم إنما يأكل الكلب الفطير من النعال فأما السبت فلا. وقال كثير وذكر نعلاً: إذا طرحت لا تطبي الكلب ريحها ... وإن طرحت في مجلس القوم شمت

تطبي تدعو أي هي طيبة الريح ليست بفطير. وقال النابغة الذبياني: رقاق النعال طيب حجزاتهم ... يحيون بالريحان يوم السباسب أراد أنهم ملوك لا يخصفون نعالهم إنما يخصفها من يمشي، والحجزة الوسط أراد أنهم يشدون أزرهم على عفة، والسباسب يوم السعانين. وقال عنترة: بطل كأن ثيابه في سرحة ... يحذى نعال السبت ليس بتوأم أي هو ملك يلبس الرقاق من النعال الطيبة الريح. وقال آخر: وجدت بني خفاجة في عقيل ... كرام الناس مسمطة النعال قميص سمط ونعل سمط أي اق، أي هم أشراف ليست نعالهم مطبقة، كقول النابغة: رقاق النعال. وقال آخر: إلى معشر لا يخصفون نعالهم ... ولا يلبسون السبت غير المخصر يقول لا يمشون فيخصفون نعالهم كما يخصقها الرعاء، والسبت جلود البقر المدبوغة بالقرظ، غير المخصر لأن الأعراب كانوا

يلبسون قطعاً من جلود الإبل غير محذوة. وقال الأعشى: الواطئين على صدور نعالهم ... يمشون في الدفني والأبراد على صدور نعالهم يريد على نعالهم أي ينتعلون ولا يحتفون، كما قال: تحذى صدور النعال ويقال: جاء فلان على صدر راحلته أي على راحلته، ومنه قول حميد بن ثور: قطعتهما بيدي عوهج ... تعيي المطي بإصرارها ولم يرد باليدين دون الرجلين، والدفني ثياب منسوبة. وقال طرفة يصف مشفر الناقة: كسبت اليماني قده لم يحرد من رواه بالحاء يقول لم يعوج، ومن رواه بالجيم يقول دبغ بالقرظ فلم يسقط شعره. وقال البعيث: فألقى عصا طلح ونعلاً كأنها ... جناح السماني صدرها قد تجذما

أي هو سيء الحال لا سلاح له إلا عصا طلح وعصا الطلح لا تكون مستوية فيها بن واعوجاج، وقال الأصمعي: شبه نعله بجناح السماني في خلوقها لأن السماني تؤكل كلها وتمشش فلا يبقي منها إلا جناحها ورجلاها. وقال أبو خراش الهذلي: ونعل كأشلاء السماني نبذتها ... خلاف ندى من آخر الليل أورهم أشلاؤها بقاياها بعدما تؤكل وهو جناحاها ورجلاها، نبذتها طرحتها لأنه كان يعدو، خلاف ندى أي بعد ندد، والرهم المطر الضعيف. وقال خداش بن زهير: ورجلة واهب أكرهت حتى ... تركت عشية جذمي النعال رجله يعني الرجالة، وواهب بن خثعم يريد أكرهتهم على الهزمة حتى تركتهم منقطعي النعال. وقال آخر يصف الثور والكلاب: إذا كر فيها كرةً وكأنها ... نقال نعال يحتفيهن سارد أي يشك الكلاب كما شك السارد النقال والنقال هي التي تحتاج إلى السرد والخصف، والجدد لا تحتاج إلى ذلك، وقال الأخطل يهجو اللهازم:

قبيلة كشراك النعل دارجة ... إن يهبطوا العفو لا يوجد لهم أثر كراك النعل في القلة، دارجة أي دارس نسلها، وقال القلاخ: إني إذا ما كان الأمر معلا ... وأوخفت أيدي الخصوم الغسلا وكان ذو الحلم أشد جهلاً ... من المجهول لم تجدني وغلا ولم أكن دارجة ونعلا معلا عجلا، والعفو الموضع الذي لم يوطأ. وقال بدر بن عامر لأبي عيال: وتأمل السبت الذي أحذوكم ... فانظر بمثل إمامه فاحذوني هذا مثل يقول تأمل ما صنعت بك فاصنع بي مثله. فأجابه أبو العيال: قرب حذاءك قاحلاً أو لينا ... فتمن في التخصير والتلسين قال الأصمعي: كانت العرب إذا تنوقت في النعال خصرت ولسنت، فقال له: قرب حذاءك الذي حذوتني حتى أحذوك مثله، وإنما كانوا يخصرون ويلسنون المدبوغ خاصة دون الخام، وقال أبو راش:

حذاني بعد ما خذمت نعالي ... دبية إنه نعم الخليل بموركتين من صلوى مشب ... من الثيران عقدهما جميل أي من الورك، والصلوان ما أكنف الذنب، ويروي مقابلتين أي لهما زمامان، وقال الأصمعي وسمعت من ينشد: بموركتين شدهما طفيل ... بصرافين عقدهما جميل صرافان شراكان يصرفان أي يصران للجدة. بمثلهما يروح يريد لهواً ... ويقضي حاجة الرجل الرجيل الرجيل القوي على المشي، والحاج جمع حاجة، ويقال أيضاً حاجة وحاج وساعة، وساع وقارة وقار، وراحة وراح، ويروى: يقضي الهم ذو الأرب الرجيل والأرب الحاجة. وقال الطرماح يصف الرحال: كمت تشبهها عتا ... ق قرائن السبت العواطل كمت حمر شبه الرحال بالنعال، والعتاق الكرام، العواطل التي لا شرك عليها. وقال عمرو ذو الكلب: وأبرح في طوال الدهر حتى ... أقيم نساءً بجلة بالنعال أي أقتل رجالهم فتقوم النساء ينحن ويضربن صدورهن بالنعال، وقالت الخنساء: ولكني رأيت الصبر خيراً ... من النعلين والرأس الحليق

أبيات معان في الجد والغنى والفقر

وقال الكميت: ومركوبة تمشي بأرجل غيرها ... جعلت لها نضواً لغيري مفقرا يعني نعلاً، نضوا بالية، مفقر معير أي أعطيتها غيري يلبسها، وقال آخر: تعاورتما حتى القديمة منكما ... جديد وقد أبلي قديمتها الدهر يعني النعل والقدم. وقال آخر: وميتة أطعمت خمساً أكلنها ... نضيجاً ولم يطبخ بنار نضيجها إذا طرحت ماتت وإن رطبت مشت ... بشيعة أخرى ليس يبلى نسيجها يعني نعلا، وخمساً يعني الأصابع، بشيعة أخرى يعني القدم. وقال عمرو ذو الكلب: ومقعد كربة قد كنت منه ... مكان الإصبعين من القبال يعني مربأة أي توسطتها كما يتوسط القبال الإصبعين وأراد مكان القبال من الإصبعين فقلب. أبيات معان في الجد والغنى والفقر قال كعب بن زهير: لعمرك لولا رحمة الله أنني ... لأمطو بجد ما يزيد ليرفعا فلو كنت حوتاً ركض الماء فوقه ... ولو كنت يربوعاً سرى ثم قصعا يشكو جده، أمطو أمد، يقول لو كنت حوتاً لرسبت من ضعف

بختي وقصع دخل في قاصعاته. إذا ما نتجنا أربعاً عام كفأة ... بغاها خنا سيرا فأهلك أربعا نتجنا أربعاً يعني أربع نوق، وقال أبو عمرو: نتج فلان إبله كفأة وكفأة إذا فرقها فرقتين فضرب إحداهما الفحل سنة والأخرى سنة، خناسير أي دواهي فأهلك العام الأربع. إذا قلت إني في بلاد مضلة ... أبي أن ممسانا ومصبحنا معا يقول إذا قلت إني في بلاد مضلة من جدي أبي ممسانا ومصبحنا إلا أن نكون معاً فلا يفاقني ولا أفارقه. وقال الراعي يرثي: أحاربن عبد للدموع البوادر ... وللجد أمسى عطفه في الجبائر الجبائر ما يشد على الكسر من الخشب. وقال زهير: والجد من خير ما أعانك إن ... وصلت إن الجدود تهتصر من هصرت أي ثنيت وأملت، يقول ربما كان الجد لغيرك ثم تولي عنه فيصير لك، ويبين ذلك قوله بعد هذا البيت: قد يقتني المرء بعد عيلته ... يعيل بعد الغنى ويفتقر أنشد الرياشي عن الأصمعي:

نمى ما لهم فوق الوصوم فأصبحوا ... أبارق مال والوصوم كما هيا الوصوم العيوب، أبارق مال أي جبال. وقال الراعي: وخادع المجد أقوام ورق ... راح العضاه به والعرق مدخول خادعوه لم يصدقوا قوله في المجد ولهم شيء من مال ظاهر علسهم كالعضاه تروح فتفطر بشيء من الورق، والعرق فاسد أي ليس باطنهم بجيد. وقال آخر: وأكرم كريماً أن أتاك لحاجة ... لعاقبة إن العضاه تروح يقال تروح الشجر وقد راح إذا تفطر، أي فهذا وإن كان فقيراً فسيستغني. وقال آخر مثله والشعر لغريض اليهودي: ارفع ضعيفك لا يحربك ضعفه ... يوماً فتدركه العواق قد نمى لا يحر لا يرجع وجزم لأنه جواب الأمر أي لا يصر ضعفه إليك فتدركه العواقب قد نمي أو ارتفع. ومثله للأضبط بن قريع: لا تهين الفقير علك أن ... تركع يوماً والدهر قد رفعه لا تهين أراد النون الخفيفة إلا أنه وصل الحرف بغيره فذهب، تركع تسقط وتضعف ويرتفع هو. وقال آخر: لا تحرم المرء الكريم فإنه ... أخوك ولا تدري لعنك سائله

يقال لعني ولعنني، ولعلي ولعلني، وعلي وعني، وأنشد: قلت لشيبان لعنك منهم وقال آخر: الأشعر الرقبان الأسدي: بحسبك في القوم أن يعلموا ... بأنك فيهم غني مضر أي عليك ضرة من المال وهو الكثير قال أبو زيد: يقال إن فلاناً لفي ضرة من مال يعتمد عليه وذلك إذا اعتمد على مال غيره من أقاربه فتلك الضرة. وقال الشماخ: نبئت أن ربيعاً أن رعى إبلاً ... يهدي إلي خناه ثاني الجيد أي صارت له إبل يرعاها أراد أن استغني واستطال بذلك، ثاني الجيد أي رخي البال غير مكترث. وقال آخر: فما أخذا الديوان حتى تصعلكا ... زماناً وحت الأشبهان غناهما الأشبهان عامان أبيضان، سنة شهباء بيضاء ليس فيها خضرة ولا كلأ. وقال آخر: لما غدوت خلق الثياب ... أحمل عدلين من التراب لعوزم وصبية سغاب يعني اللثى وهو كالعسل يسيل من الشجر فيحمله المحتاج ثم

يصفيه ويأكله، وأنشد: إذا عارعين الفحل لم ير أهله ... بأهل ولم يقنع سويد بأربع كانوا إذا بلغت إبل أحدهم ألفاً فقأ عين الفحل فإن بلغت ألفين فقأ العين الأخرى فذلك المفقئ والمعمي وكانوا يزعمون أن ذلك يطرد عنها العين والسواف والغارة، يقول فهذا لما كثر ماله تكبر على أهله واستصغرهم ولم يقنع بأربع نسوة. وقال آخر: إن كنت ذا نخل وزرع وهجمة ... فإني أنا المثري المضيع المسود المضيع الذي........ وقال آخر: الفقر يزري بأقوام ذوي حسب ... وقد يسود غير السيد المال ويقال في المثل لا تسأل بمصارع قوم ذهبت أموالهم، أي يموت واحد هاهنا وآخر هاهنا. وقال آخر: رمي الفقر بالأقوام حتى كأنهم ... بأطرار آفاق البلاد نجوم وقال آخر: يقيم الرجال الأغنياء بأرضهم ... وترمي النوى بالمقترين المراميا

قال أوس بن حجر أو غيره: من يك مثلي ذا عيال ومقترا ... من المال يطرح نفسه كل مطرح ليبلي عذراً أو ليبلغ حاجةً ... ومبلغ نفس عذرها مثل منجح وقال آخر: تركناهم ضياكلة أيامي ... يسوقون النعاج إذا أراحوا الضيكل العريان، والأيم الذي لا امرأة له، يسوقون النعاج أي لا إبل لهم لأنا أخذناها. وقال آخر من هذيل مالك بن خالد: وجزال لمولاه إذا ما ... أتاه عائلاً قرع المراح جزال يجزل له أي يقطع قطعة من ماله فيهبها له، عائلاً فقيراً، والمراح حيث تأوي الإبل إذا انصرفت من المرعى، يقول ليس له إبل فمراحه قرع. ومثله قول آخر منهم وهو مالك بن الحارث: فلوموا ما بدا لكن فإني ... سأعتبكم إذا اتسع المراح يقول ذلك لقوم لاموه على كثرة الغزو، يقول إذا انفسخ مراحي لكثرة إبلي كففت عن الغزو. وقال الشماخ:

لمال المرء يصلحه فيغني ... مفاقرة أعف من القنوع يسد به نوائب تعتريه ... من الأيام كالنهل الشروع القنوع المسألة، قال الله عز وجل: " وأطعموا القانع والمعتر " والقناعة الرضا، نوائبه حقوق تغشاه كما تغشى الإبل النواهل الماء وهي عطاش. وقال آخر: ما للفقير والغني طاقه ... من صدقات قومه بناقه الغني هاهنا تتميم. وقال رؤبة: وهي ترى ذا حاجة مؤتضا أي مضطراً يقال اضطرني إليك أمر، وائتضني وأضني سواء

فهو يؤضني وأجاءني مثله. وقال طرفة: أتذكرون إذ نقاتلكم ... لا يضر معدماً عدمه يقول نقاتلكم منا الغني الذي يدفع عن ماله والفقير الذي لا مال له. وقال النمر بن تولب: هلا سألت بعاد ياء وبيته ... والخل والخمر الذي لم يمنع كانوا كأنعم من رأيت فأصبحوا ... يلوون زاد الراكب المتمتع الخل والخمر الخير والشر، يقال ما عند فلان خل ولا خمر أي ليس عنده خير ولا شر، لم يمنع أي أبيحت، يلوون أي يتعذر عليهم والأصل في اللي المطل والمنع، والمتمتع الذي يطلب زاد يوم أي متعة يوم أي أنهم افتقروا. وقال ساعدة يصف فقيراً: صفر المباءة ذي هرسين منعجف ... إذا نظرت إليه قلت قد فرجا

أي خالي مبارك الإبل، هرسين خلقين ويروي: درسين، منعجف مهزول، فرج فتح فاه للموت. وقال آخر: إذا قربت للسوق خلف بعضها ... كما خلفت يوم العداد الروادف العداد يقول إذا عادهم قوم فجاودوا للعطاء، خلفت الروادف وهم الأتباع الذي يجيئون رادفة أي ليس لهم ديوان. وقال الفرزدق: فلا تقبلوا منهم أباعر تشترى ... بوكس ولا سود تضج فسولها سودا أي دراهم رديئة، فسولها رديئها، وقال أعرابي: يا رب أوجدني صؤاباً حياً ... فما أرى الطيار يغني شيئا أراد مثل الصؤاب من الذهب، والطيار ما طارت به الريح من دقيق الذهب. وقال آخر وكان يعمل في معدن: إذا أكلت درهماً في يومين ... ولم أصب غير صؤابين اثنين كلاهما يصغر أن يقذي العين ... فأت حنيناً فاستعره خفين هذا مثل: رجع بخفي حنين. وقال النابغة الجعدي:

أبيات معان في القرابة والصهر والنسب

وأبح جندي وثاقبة ... سبك كثاقبة من الجمر وجديد حر الوجه حودث بال ... مثقال خبء خوالد الدهر جندي يعني درهماً من ضرب أجناد الشأم، ثاقبة مضيئة يعني سبائك الذهب، وقوله: خوالد الدهر يعني الأيام، وأنشد ابن الأعرابي: المال يغشى رجالاً ططباح بهم ... كالسيل يغشى أصول الدندن البالي يريد الخشب العفن، وقال آخر المعلوط القريعي: فليس الغنى والفقر من حيلة الفتى ... ولكن أحاظ قسمت وجدود أحاظ جمع حظ وهو البخت والجد أيضاً. أبيات معان في القرابة والصهر والنسب والنكاح والفرج والولاد قال الشاعر: مكنني بيت رفيع وجرأة ... وخال كعريان النجوم نزيع نزيع غريب، أراد أن خاله ليس بقريب لأبيه فيضوي كما قال

الآخر: فتى لم تلده بنت عم قريبة ... فيضوي وقد يضوي رديم القرائب وجاء في الحديث: اغتربوا لا تضووا. وقال آخر: تنجبتها للنسل وهي غريبة ... فجاءت به كالبدر خرقاً معمما فلو شاتم الفتيان في الحي ظالماً ... لما وجدوا غير التكذب مشتما وقال آخر قاله جرير لابنه بلال: إن بلالاً لم تشنه أمه ... لم يتشابه خاله وعمه وقال عميرة التغلبي: كسا الله حي تغلب ابنة وائل ... من اللؤم أظفاراً بطيئاً نصولها فما بهم أن لا يكونوا طروقةً ... هجاناً ولكن عفرتها فحولها يقول لم يؤتوا في لؤمهم من قبل أمهاتهم ولكن ألزقها بالعفر وهو التراب الآباء، والهجان الخالص الحسب الكريم.

ترى الحاصن الغراء منهم لشارف ... أخي سلة قد كان منها سليلها الشارف الكبير والسلة السرقة يعرض بأنه مدخول النسب كأنه سرق نسبه، والهاء التي في سليلها ترجع إلى السلة، والحصان والحاصن بمعنى يعني المرأة. فلا أعرفن ذا الشف يطلب شفه ... يداويه منكم بالأديم المسلم الشف الزيادة والنقصان وهو ها هنا النقصان، لا أعرفن ذا نقص في حسبه يطلب إليكم فتزوجونه فيداوي نقصانه بشرفكم وصحتكم. وقال الأبيرد: وينفق فيها الحنظليون ما لهم ... ليالي يبغي شقها من تتجرا يعني ها هنا فضلها، وقال الكميت: فأحسابكم لا تنحلوها سواكم ... فيقبل بعض المخفقين انتحالها المخفق أصله الذي لا مال له وأراد الذي لا حسب له. وقال آخر جزء بن كليب الفقعسي:

أراد ابن كوز والسفاهة كاسمها ... ليستاد منا أن شتونا لياليا تبغ ابن كوز في سوانا فإنه ... غذا الناس ذقام النبي الجواريا أي لينكح في ساداتنا أن أصابتنا شدة وقد كثرت الجواري مذ بعث النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا يئدون، فانكح حيث شئت. وقال آخر: قالوا تعز فلست نائلها ... حتى تمر حلاوة التمر لسنا من المتأزمين إذا ... سر اللموس بشائب الفقر أراد امرأة خطبها، المتأزمون أي لسنا ممن أصابته الأزمة نيل منه ما يراد، واللموس ضربه مثلاً في الحسب وأصله الناقة التي ليس لها طرق، يريد جاء الفقير لينكح في الأشراف، ويقال اللموس الطالب يلتمس ما عندنا، وقال آخر وهو كثير: أحب من النسوان كل قصيرة ... لها نسب في الصالحين قصير قصيرة مقصورة محبوسة، ونسب قصير أي تعرف بأبيها الأول ولا تحتاج أن تنسب إلى أكثر منه. وقال كثير: وأنت التي حببت كل قصيرة ... إلي وما تدري بذاك القصائر عنيت قصيرات الحجال ولم أرد ... قصار الخطى، شر النساء البهاتر ويروى البهائر والبهيرة الذليلة، وقال رؤبة:

قد رفع العجاج ذكرى فادعني ... باسم إذا الأنساب طالت يكفني الأصمعي عن العلاء بن أسلم عن رؤبة قال أتيت النسابة البكري فقال من أنت؟ فقلت ابن العجاج، فقال قصرت وعرفت. وأنشدنا الرياشي: رأيت اللواتي كن يرغبن مرةً ... تخبأن في دهر أتاهن صالح لقد طال هذا البقل حتى كأنما ... تربغ الغواني من قريش الأباطح يقول جاءهم الخصب فامتنعوا أن ينكحوا إلا في الأكفاء. وقال الكميت: يغشى المكاره في أسباب صهركم ... إن المكارم يغشى دونها الهول هول وهولة يقول من أراد أن يخطب إليكم هاله ذاك مخافة أن يرد لشرفكم. وقال يمدح: أبوك أبو الخير ابن عائشة التي ... دعت عمها من آل برة خالها ابن عائشة عبد الملك بن مروان، وبرة بنت مر بن أد ولدت أسد بن خزيمة والنضر بن كنانة، وكل رجل أمه بنت عم أبيه فأخواله أعمامه وهو مقابل مدابر. وقال الفرزدق يمدح خال هشام: وما مثله في الناس إلا مملكا ... أبوه أمه حي أبوه يقاربه تلخيص البيت: وما مثله في الناس حي يقاربه إلا مملكا أبو أمه

أبوه، أي أبو أم الملك وهو هشام أبو هذا الممدوج وهو خال هشام. وقال عنترة: إني امرؤ من خير عبس منصبا ... شطري وأحمي سائري بالمنصل وإذا الكتيبة أجحمت وتلاحظت ... ألفيت خيراً مزن معم مخول يقول أنا عربي من قبل الأب، وكانت أمه سوداء يقال لها زبيبة فعير بها فقال: أحمي نسبي من أمي بالسيف فأكون خيراً من عربي محض الأبوين، نحو قوله: كل امرئ يحمي حره ... أسوده وأحمره وقوله: من معم مخول يريد قيس بن زهير وكان له عشرة عمومة وعشرة خؤولة، يقول: فأنا وإن كانت أمي أمة خير في الحرب منه، أحجمت كفت وتلاحظت للكر. وقال مالك يهجو قيس بن عاصم: لحا الله أعلى تلعة حفشت به ... وقلتا أقرب ماء قيس بن عاصم تلعة يعني صلب أبيه، حفشت دفعت، والقلت رحم أمه، والماء نطفة أبيه. وقال آخر: وإذا الكريم أضاع مطلب أنفه ... أو عرسه لكريهة لم يغضب مطلب أنفه فرج أمه لأنه إذا تمت أيامه في الرحم وأراد الخروج طلب بأنفه موضع المخرج، يقول متى لم يحم فرج أمه وأمرأته فليس

يغضب من شيء يؤتي إليه، وقال آخر: وما زلت خيراً منك مذع عض كارها ... بلحييك عادي الطريق ركوب أي مازلت خيراً منك مذ ولدتك أمك، والعادي القديم، والركوب الذي يركب وهو أيضاً الذي به آثار، وهذه كناية، وقال النابغة وذكر نساءً سبين: شمس موانع كل ليلة حرة ... يخلفن ظن الفاحش المغيار شمس عفيفات فيهن نفار، وأزواجهن غيب وإذا غلبت المرأة ليلة هدائها قيل باتت بليلة شيبا، وإذا غلبت قيل باتت بليلة حرة، قال الأصمعي: موانع كل ليلة شيباء لأن ليلة شيباء هي التي يغلب فيها الزوج المرأة ولكنه عرف ما أراد....أنهن يمنعن في الليلة التي يقال فيها باتت بليلة حرة، وقوله: يخلفن ظن الفاحش المغيار يقول أن أساء الظن أخلفن ظنه لعفتهن.

وقال آخر: عروة بن الورد: وكنت كليلة الشيباء همت ... بمنع الشكر أتأمها القبيل الشكر الفرج وأتأمها أفضاها والأتوم المفضاة، ومثل قوله يخلفن ظن الفاحش قول النابغة: موانع للأسرار إلا لأهلها ... ويخلفن ما ظن الغيور المشفشف الأسرار جمع سر وهو النكاح، والمشفشف الذي قد شففه الغيرة وأصله المشفف. وقال النابغة: فنكحن أبكاراً وهن بآمة ... أعجلنهن مظنة الأعذار

الآمة العيب، ارد نكحن ولم يختتن بعد، يقول أعجلتهن الخيل أي سبتهن قبل لن يبلغن وقت الختان وهو العذار. وقال يصف جيشاً كثيراً: لم يحرموا حسن الغذاء وأمهم ... دحقت عليك بناتق مذكار ويروي: طفحت عليك، أي اتسعت، أي غذوا غداذاء حسناً فنموا وكثروا، والناتق الكثيرة الولد أخذ من نتق السقاء وهو نفضه حتى يخرج ما فيه، ومذكار تلد الذكور، دحقت عليك بناتق أي هي نفسها ناتق، كقول الأخطل: بنزوة لص بعد ما مر مصعب ... بأشعث لا يفلى ولا هو يقمل لص يعني زفر بن الحارث مر به رأس مصعب بن الزبير وهو أشعث لا يفلى ولا هو يقمل. وقال آخر: جارية أعظمها أجمها ... بائنة الرجل فما تضمها الأجم الفرج، وقال النابغة يصف الفرج: وإذا لمست لمست أجثم جاثماً ... متحيزاً بمكانه ملء اليد أي هو منبسط عريض في ارتفاع، متحيز قد ملأ مكانه لا جهة له يمضي فيها.

وإذا طعنت طعنت في مستهدف ... رابي المجسة بالعبير مقرمد المستهدف المرتبع، والعبير عند العرب الزعفران، مقرمد مطين. وإذا نزعت نزعت من مستحصف ... نزع الحزور بالرشاء المحصد المستحصف الذي يبس عند الغشيان والحزور الغلام وإنما خصه لأنه بطيء السقي يريد الضيق، والمحصد الشديد الفتل: لا وارد منه يجوز إذا استقى ... صدراً ولا صدر يجوز لمورد يقول من ورده لم يجز صدراً عنه ومن صدر عنه لم يرد مورداً غيره. وقال أبو النجم يصف نساء: غالي السلاح عاجز قتاله السلاح الفرج وثمنه المهر. وقال الكميت: قبيح بمثلى نعت الفتا ... ة إما ابتهاراً وإما ابتياراً الإبتهار أن يذكر منها ومن نفسه الريبة كاذباً، والإبتيار أن يذكر ذلك صادقاً وأصله من البؤرة وهي الحفرة. ومثله له:

ولا حليلة جاري لست زاعمها ... تصبو إلي وساء الصدق والكذب يقول قبيح أن أذكر ذلك صادقاً أو كاذباً. وأنشد الأصمعي: صيرني جود يديه ومن ... أهواه في بردة الأخماس يقال في المثل ليتنا في بردة الأخماس أي ليتنا تقاربنا وتدانينا ويراد بأخماس أن طوله خمسة أشبار. يعني رجلاً أعطاه ما وصل به إلى من يحب. وقال خداش بن زهير: لعمر التي جاءت بكم من شفلح ... لدى نسييها سابغ الإسب أهلبا أزب جداعي كأن لدى إستها ... أغاني خرف شاربين بيثربا الشفلح الرجل العظيم الشفة المنقلبها وكذلك هو الفرج العظيم الاسكتين وأراد ها هنا الرحم، والأهلب.......يقال في مثل من أمثال العرب إياك والأهلب الضروط جداعي منسوب إلى

جداعة، خرف أراد قوماً يشربون في الخريف عند جداد النخل ويغنون وشربهم إذ ذاك الفضيخ. قال المرار للمساور: لست إلى الأم من عبس ومن أسد ... وإنما أنت دينار بن دينار وإن تكن أنت من عبس وأمهم ... فأم عبسكم من جارة الجار دينار بن دينار عبد ابن لأن دينار من أسماء العبيد والعرب تسمى الإست جارة الجار وهو الفرج. وقال الكميت: جاءت بكم فتحججوا ما أقول لكم ... بالظن أمكم من جارة الجار وقال امرؤ القيس: وآثر بالملحاة آل مجاشع ... رقاب إماء يعتبئن المفارما الملحاة الشتم، يعتبئن يتخذن ما يتضيفن، وكتب عبد الملك إلى الحجاج يا ابن المستفرمة بعجم الزبيب.

وقال عبد الرحمن بن حسان: فتبازت فتبازخت لها ... جلسة الجازر يستنجي الوتر البزاء أن تخرج المرأة عجيزتها لتدنيها منه والبزخ، أن يدخل البطن وتخرج الثنة والثنة بين السرة والعانة، شبه تبازخه بجلسة هذا الجازر الذي ينتزع عصب المتن فهو لشدة جذبه يتبازخ، والإستنجاء الأخذ. وقال الشماخ: فما زال ينجو كل رطب ويابس ... وينغل حتى نالها وهو بارز أي نال القوس وهو بارز لا شيء لأنه قد أخذ أغصان الشجرة كلها. وقال آخر يصف رجلاً: حضجر كأم التوأمين توكأت ... على مرفقيها مستهلة عاشر الحضجر العظيم البطن شبهه بإمرأة حامل باثنين وقد استوفت تسعة أشهر واستهلت العاشر أي رأت هلاله، ويقال أهللنا الهلال واستهللناه، وقد توكأت على مرفقيها للطلق. وقال أبو خراش لامرأة لامته على ترك القتال: لامت ولو شهدت لكان نكيرها ... ما يبل مشافر القبقاب القبقاب في صوته. يقول لو شهدت لكان نكيرها أن تبول. وقال آخر:

قد أقبلت عمرة من عراقها ... تضرب قنب عيرها بساقها قد بلت السرج بخاقباقها القنب جلد الذكر من كل شيء، والخاق باق الفرج سمي بذلك لصوته عند الجماع. وقال جرير: وسودا من نبهان تثنى نطاقها ... بأخجى قعور أو جواعر ذيب أخجى فرج كثير الماء، جواعر ذئب وصفها بالرسخ والذئب أرسح، والجاعرة موضع الرقمتين من إست الحمار. وقال أيضاً: تفلق عن أنف الفرزدق عارد ... له فضلات لم تجد من يقورها عارد غليظ يعني بظراً، يقورها يختنها. وقال يذكر بني منقر وما فعلوا بجعثن: هم رجعوها مسحرين كأنما ... بجعثن من حمى المدينة قفقف وتحلف ما أدموا الجعثن مثبرا ... ويشهد حوق المنقرى المحرف مسحرين أراد أنهم فجروا بها في الليل ثم رجعوها حين دخلوا في السحر، والمثبر الموضع الذي تنتج فيه الناقة فيقع فيه دمها وسلاها فهي لا تكاد تنساه يقال مرت الناقة على مثبرها إذا مرت عليه وشمته، والحوق ما حول الكمرة وهو موضع الختان، والمحرف

الذي أدخل فيه المحراف وقالت ابنة الحمارس: هل هي إلا حظوةً أو تطليق ... أو صلف ما بين ذاك تعليق قد وجب المهر إذا غاب الحوق الصلف أن لا تحظى المرأة عند زوجها. وقال أيضاً: يعني جريراً: أجعثين قد لاقيت عمران شارباً ... على الحبة الخضراء ألبان أيل هو عمران بن مرة وهو الذي كان يرميها به جرير، أراد أنه شرب لبن أيل مع الحبة الخضراء فهاجت غلمته، وقال الفرزدق: وأنتم بنو الخوار يعرف ضربه ... وأمكم فخ قذام وخيضف الفخ الجفر وهي البئر التي لم تطو يريد ذلك سعتها، قذام واسع الفم كثير الماء يقال قذم قذماً يعني فرجها، خيضف ضروط. وقال الفرزدق: أرى أم غيلان حرامها ... حمار العصا من تفل ما كان ريقا فما نال راق مثلها من لعابه ... علمناه مما سار غرباً وشرقا

كان جرير أصابته حمرة فتورم وكان رجل من بني تميم يرقى من الحمرة فأتاه جرير فقال له الرجل ما تجعل لي أن داويتك حتى تبرأ فقال حكمك، فرقاه حتى برأ ثم سأله أن يزوجه أم غيلان ابنته فزوجه إياها. وقال الفرزدق حين ذكر أنه خطب إلى آل بسطام بن قيس: وما استعهد الأقوام من زوج حرة ... من الناس إلا منك أو من محارب لعلك في حدرإ لمت على الذي ... تخيرت المعزى على كل حالب عطية أو ذي بردتين كأنه ... عطية زوج للأتان وراكب استعهدوا اشترطوا يقول كأنك يا جرير إذ لمت أهلها في تزويجهم إياي لمتهم على عطية الذي تخيرته المعزى يعني أبا جرير ولمتهم على رجل ذي بردتين زوج للأتان وراكب كأنه عطية يعني جريراً. وقال أيضاً: والجعفرية غير فارحة لها ... أم لها بغلامها المسرور ويفر حين يشب منها إن دعت ... ويريد حين يموص للتطهير يقول لا تفرح أم الجارية منهم تلد غلاماً لأنه يفعل بأمه، والمسرور المقطوع السرة، يفر يعني الابن يفر منها حين تدعوه إلى الفجور بها ما دام طفلاً فإذا احتلم وماص أي اغتسل أراد بذلك،

والموص الغسل. وقال يذكر نساء سبين: إذا حركوا أعجازها صوتت لهم ... مفركةً أعجازهن المواقع من قولك جمل موقع أي به آثار الدبر لكثرة ما حمل عليه يريد أنهن فعل بهن مراراً كثيرة فتوقعت أعجازهن. وقال وذكر تميماً: لو كان بال بعامر ما أصبحت ... بشمام تفضلهم عظام جزور يقول لو كان تميم ولد عامراً لما أصبحوا ولو اجتمعوا على جزور يأكلونها لفضل من أعضائها ولا يستوفونها لقتلهم. وقال بعض الرجاز: لقد بعثت صاحباً من العجم ... ومن أولى الأحلام والبيض اللمم كان أبوه غائباً حتى فطم ... فعاش لم يغيل ولم يلق الرقم جمع حلم، أي هو من المحتلمين، والبيض اللمم الشيوخ أي هو بين المحتلم والشيخ، والغيل أن ترضعه أمه وهي حامل. وقال رجل من كلب: تمطت به أمه في النفاس ... وليس بيتن ولا توأم

أي نضجت حمله ولم يكن معه آخر في بطن أمه، فيضعف. كما قال عنترة: يحذي نعال السبت ليس بتوأم وقال أبو دهبل: تمطت به بيضاء فرع نجيبة ... هجان وبعض الوالدات غرام وقال أبو كبير يصف رجلاً: ممن حملن به وهن عواقد ... حبك النطاق فعاش غير مثقل ويروي: غير مهبل، الحباك ما يشد به النطاق مثل التكة. حملت به في ليلة مزؤودة ... كرهاً وعقد نطاقها لم يحلل مزؤودة فيها زؤد وذعر كذلك قال الأصمعي، ويرويه بعضهم مزؤودةً ويجعله حالاً للمرأة ويقال إن المرأة إذا حملت وهي مذعورة فأذكرت جاءت به لا يطاق. فأتت به حوش الجنان مبطناً ... سهداً إذا ما نام ليل الهوجل ومبرءاً من كل غبر حيضة ... وفساد مرضعة وداء معضل

حوش الجنان أي وحشي الفؤاد، مبطن خميص، سهد لا ينام هوجل وخم، أي لم تحمل أمه في بقية الحيض ولا أرضعته وزوجها يأتيها، والمعضل العظيم. وقال القتال الكلابي يمدح قوماً: طول أنضية الأعناق لم يجدوا ... ريح الإماء إذا راحت بأزفار لم يرضعوا الدهر إلا ثدي واضحة ... لواضح الوجه يحمي باحة الدار الرياشي عن الأصمعي عن أبي طرفة الهذلي عن جندب عن شعيب قال رأيت المولود قبل أن يغتذي من غير أمه فعلى وجهه مصباح من البيان يعني من بيان الشبه، يقول كأن ألبان النساء تغيره. وقال رؤبة يصف تميماً كيف حملت به أمه: حتى إذا الراجي لها توقعا ... مدت يديها جمعةً وأربعا أي لم تعجل بولادته وجعل الفعل لها أي هي مدت يديها أيام نفاسها. إن تميماً لم يراضع مسبعا أي مهملاً أي لم يدافع إلى الظؤورة، يقال أسبعت عبدي أي أهملته. وقال: أشريةً في قرية ما أشفعا ... وغضبة في هضبة ما أمنعا

كالشمس إلا تمد الإصبعا الشري شجر الحنظل الواحدة شرية، في قرية نمل، ما أشفع ما أكثر وهو من شفع أي ازداد غضبة صلبة، وإنما هذا مثل ضربه في كثرة نسله وعزه وقال هو كالشمي إلا أن توميء إليه. وأنشد ابن الأعرابي لأوس: والفارسية فيهم غير منكرة ... فكلهم لأبيه ضيزن سلف الضيزن الذي يخلف على امرأة أبيه ها هنا، ويقال في غير هذا جعلته إلي ضيزناً أي لزازاً، وقال أبو كبير يمدح قوماً: سجراء نفسي غير جمع أشابة ... حشداً ولا هلك المفارش عزل السجير الصفي، أشابة أخلاط أي ليست فرشهم التي يأوون إليها فرش سوء يعني نساءهم، والهلك جمع هلوك وهي التي تتهالك أي تتكسر وتغنج توصف الفاجرة بذلك، والحشد الذين يحتشدون ولا يدعون جهداً، والأعزل الذي لا سلاح معه. وقال رؤبة: فقل لذاك الشاعر الخياط يعني أبا نخيلة الراجز، خاط فلان إلى بني فلان إذا ذهب إليهم يريد أنه مدخول النسب يخيط إلى القوم فينتهي إليهم. وقال آخر: ما ولدتكم حية ابنة مالك ... سفاحاً ولا كانت أحاديث كاذب

ولكن نرى أقدامنا في نعالكم ... وآنفنا بين اللحى والحواجب أي نرى مثل آنفنا في الشبه يعني أن القرابة بيننا تشبهكم بنا، وقال آخر: وقد كتب الشيخان لي في صحيفتي ... شهادة عدل أدحضت كل باطل يعني والديه بينا في صحيفة وجهه شبههما. وقال آخر: أما اليدان فلاتنا ضل عنهما ... ما لم يكن منك القفا والحاجب يعني يدي المولود يقول ليس شبهها لك بشيء حتى يشبهك القفا والحاجب. وقال آخر: وكم من قاذف لك نال خبراً ... فأدرك ما أراد وما تريد هذا رجل دعى انتسب إلى العرب وليس منهم فلما نسب إلى من ادعاه قذف فرضي وهو مشتوم. وقال الحارث بن ظالم يذكر قريشاً: فلو أني أشاء لكنت منهم ... وما سيرت أتبع السحابا أي لم أتبع الكلأ كما يفعل غيرهم وقريش لا تفعل ذلك وسمى الكلأ سحاباً لأنه به يكون وكذلك يسمونه الندى لأنه من الندى يكون. وقال النابغة ليزيد بن الصعق:

وكنت أمينه لو لم تخنه ... ولكن لا أمانة لليماني ويزيد بن الصعق من قيس وإنما سماه يمانياً لأن منزله كان من ناحية اليمن، ومثله قولهم لسهيل يمان لأنه يستقل ناحية اليمن والثرايا شآمية لأنها تستقل ناحية الشام، وقولهم الركن اليماني لأنه من ناحية اليمن. وقال الشماخ: أنا الجحاشي شماخ وليس أبي ... بنسخة لنزيغ غير موجود منه ولدت ولم يؤشب به حسبي ... لما كما عصب العلباء بالعود نسب نفسه إلى جده جحاش، بنسخة بدفعة وهو ولد الزناء والنسخة الزنية، نزيع غريب، لما جمعا، كما يعصب العود إذا انكسر بالعلباء. وقال الراعي يهجو الحلال: وإني لداعيك الحلال، وعاصما ... أباك وعند الله علم المغيب أبي للحلال رخوةً في فؤاده ... وأعراق سوء في رجيع معلب أي أبي للحلال أن يكون رجلاً ضعف في قلبه، وأعراق رديئة في حسبه الخامل الرث، والرجيع الشيء ينكر فيرمي ثم يعاد إلى استعماله، والمعلب المشدود بالعلباء كقول الشماخ:

كما عصب العلباء بالعود وقال الأخطل: علي ابن أبي العاصي قريش تعطفت ... له صلبها، ليس الوشائظ كالصلب تعطفها عليه ولادتها إياه من جميع قبائلها والوشيظة الزائدة اللاحقة. وقال النابغة ليزيد بن سنان: جمع محاشك يا يزيد فإنني ... أعددت يربوعاً لكم وتميماً عيرتني النسب الكريم وإنما ... ظفر المفاخر أن يعد كريما محاشك يريد قوماً وسماهم محاشا لأنهم تحالفوا عند نار حتى محشتهم فأما المحاش مفتوح الأول فهو المتاع والأثاث، وقوله عيرتني النسب الكريم كان يزيد بن سنان سابه وقال له: والله ما أنت من قيس ولا أنت إلا من قضاعة، يقول عيرتني بنسب كريم فهذا ظفر وغنم. وقال الكميت لقضاعة في تحولهم إلى اليمن: رأيتكم من مالك وادعائه ... كرائمة الأوتاد من عدم النسل وحظك من قحطان إن كنت منهم ... ومن مالك حظ البغي من الحمل أراد أنهم يقولون قضاعة بن مالك بن حمير وإنما هو قضاعة بن معد بن عدنان، والبغي إذا حملت حزنت، والأوتاد هاهنا الأصل. وقال لجذام في تحولهم إلى اليمن:

فإن جذماً فارقت اذتبا عدت ... بريش أبي دودان معروفة النسل وكان اسمكم لو يزجر الطير عائف ... لبينكم طيراً مبينة الفأل يقول أينما ذهبت فهي معروفة أنها من بني أسد بن خزيمة، يقول أنتم جذام والانجذام الانقطاع. وقال لقريش: بني ابنة مر أين برة عنكم ... وعنا التي شعبا تصير شعوبها وأين ابنها عنا وعنكم وبعلها ... خزيمة؟ والأرحام وعثاء حوبها برة بنت مر بن أد أخت ضبة وهي أم أسد بن خزيمة وأم النضر بن كنانة، شعباً حياً واحداً، والحوب الإثم، والوعث المكان الصعب. ملأتم حياض المحلبين عليكم ... وأثآؤكم منا تضب ندوبها يريد أحسنتم إلى أعدائكم وأسأتم إلينا، تضب تقطر دماً، ندوبها جروحها، والإثآء جمع ثأي. ستتركنا قربي لؤي بن غالب ... كسامة إذ أودت وأودى عتيبها سامة بن لؤي أخو كعب بن لؤي فارق قريشاً ولحق باليمن، وعتيب قبيل منهم وهو اليوم في بني شيبان. فقائبة ما نحن غدوا وأنتم ... بني غالب إن لم تفيئوا وقوبها

يقول إن لم ترجعوا عما أنتم عليه فارقنا غدا كفراق الفرخ لبيضته إذا خرج لم يعد إليها والقائبة البيضة والقوب الفرخ. وقال: ومن عضة من آجر ما نبتم ... نضاراً عيصه الأشب النضير العضة شجرة وجمعها عضاه، وآجر يريد هاجر أم إسماعيل عليه السلام، عيصه أصله، والأشب الملتف. وقال أيضاً في نحو ذلك يذكر ماله: وميراث ابن آجر حيث ألقى ... باصل الضنء ضئضئه الأصيل ابن آجر إسمعيل صلوات الله عليه، والضنء الولد والضئضئ الأضل فلان من ضئضئ صدق أي من نجل صدق.

وقال: لكم مسجدا الله المزوران والحصى ... لكم قبصه من بين أثري وأقترا يعني المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، والحصى العدد الكثير، والقبص الكثرة أثري أكثر، وأقتر أقل أراد الناس جميعاً. وقال الأخطل يمدح دارماً: حصى يتحدى قبصه كل فاتك يتحدى يتعمد ويقصد، والفتك لمساماة وقال الكميت: لقد ما رأيت الناس أبناء علة ... وأرحامهم أكراش دمن تجرر وكادت عياب الود منا ومنهم ... وإن قيل أبناء العمومة تصفر الكرش تمرغ في التراب، والسرجين ليطيب ريحها، وعياب الود الصدور، وتصفر تخلو، ويقال: الكرش البعير بعينه. وقال: وكان يقال إن بني نزار ... لعلات فأمسوا تؤمينا تنبه بعد رقدته نزار ... لهم بالملحقات معاندينا علات أمهات متفرقات، وتوأمين لبطن واحد، وأراد اجتماع

كلمتهم أراد كأن نزاراً انتبه لهم حتى ائتلفوا فصاروا كحي واحد، والملحقات الخصال تلحقهم بالمتالف. وقال خداش بن زهير: أنفنا لهم أن يساموا اللفاء ... بشجناء من رحم توصل اللفاء النقصان، وشجناء اشتباك الرحم، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الرحم: إنها شجنة من الله عز وجل، وشجر متشجن ملتف. وقال الكميت: رأيت به الأحساب كانت مصونةً ... وآدمة الأرحام بالوصل بلت آدمة جمع أديم، نديت بالصلة. وقال الراعي وذكر إبله: ولكنها لاقت رجالاً كأنهم ... على قربهم لا يعلمون الجوامعا يريد الأرحام التي تجمع بيننا وبينهم. وقال الحصين بن الحمام: يا أخوينا من أبينا وأمنا ... إليكم، وعند الله والرحم العذر معنى إليكم أي تنحوا عنا وأبعدوا مثل قول الآخر: إليكم يا بني بكر إليكم

وكقول المرار بن سعيد الفقعسي: إليكم يا لئام الناس إني ... نشعت العز في أنفي نشوعاً النشوع بالفتح الوجور والضم المصدر، وقوله: عند الله والرحم العذر يقول: قد علم أنا قد أعذرنا فيما بيننا وبينكم والرحم فلو كانت ممن يتكلم لقد بينت أنا قد أعذرنا عندها. وقال كثير لخزاعة وذكر بني أمية: إذا لم تكونوا ناصري أهل حقها ... وملفين عند النصر ممن يجيبها فسيروا براءً في تفرق مالك ... بنصح وأرحام يئط قريبها يريد إن لم تكونوا ناصري بني أمية فسيروا براء الصدور من غش مالك في الإصلاح فيما بينهم، يريد مالك بن النضر بن كنانة، يئط يتحرك ويعطف. وقال القلاخ بن حزن المنقري:

أنا القلاخ بن جناب بن جلا ... أبو خناثير أقود الجملا جلا الواضح المتكشف، أراد أنا ابن جلا وهكذا جاء هذا الحرف خناثير وخناسير الدواهي، أقود الجمل يقال ما استسر من قاد جملاً أي أنا مكشوف ظاهر لا أخفي. وتمثل الحجاج بقول الآخر وهو سحيم بن وثيل الرياحي: أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني أي يطلع على الثنايا وهي ما علا من الأرض وغلظ، ومثله قولهم فلان طلاع أنجد، وهي جمع نجد. وقول هند بنت عتبة بن ربيعة: نحن بنات طارق ... نمشي على النمارق يقال أرادت بالطارق النجم شبهت أباها بنجم في علوه وشهرة مكانه، قال الله عز وجل: " وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب "

وقيل للنجم طارق لأنه يطلع ليلاً وكل آت ليلاً فهو طارق، وقول الأعشى: وما كنت قلا قبل ذلك أرزيبا القل القليل، والأرنب الدعي، وقال آخر: موالينا إذا غضبوا علينا ... وإن نغضب فليس لنا موال أي إذا غضبوا قالوا ما لكم لا تغضبون ونحن بنو عمكم وإن غضبنا أنكروا القرابة. وقال آخر: أبو راشد مولاي ما طل حقه ... وإن كانت الأخرى فمولى بني سهم وقال آخر وذكر قبيلة من الأنصار يقال لها خطمة: وإن قروم خطمة أنزلوني ... بحيث يرى من الخضل الخروت الخضل ضرب من الخرز، والخروت الثقب والثقب تكون في وسط الخرز، يقول أنا أوسطهم نسباً. وقال زهير ومدح رجلاً: فضله فوق أقوام ومجده ... ما لن ينالوا وإن جادوا وإن كرموا قود الجياد وإصهار الملوك وصب ... ر في مواطن لو كانوا بها سئموا إصهار بكسر الألف يقال فلان مصهر بنا من القرابة لا من الصهر. وقال الحارث بن حلزة: وولدنا عمرو بن أم أناس ... من قريب لما أتانا الحباء

مثلها تخرج النصيحة للقو ... م فلاةً من دونها أفلاء يريد عمرو بن حجر الكندي وكان جد عمرو بن هند وهند هي بنت عمرو بن حجر آكل المرار وكانت أم عمرو بن حجر أم أناس بنت ذهل بن شيبان بن ثعلبة، يقول النسب قريب، والحباء خطبة الملك عمرو بن حجر إليهم وتصييره إياهم موضعاً لصهره، ثم قال مثل هذه القرابة تخرج نصحنا لك، ثم قال فلاة يعني نصيحة كثيرة واسعة مثل الفلاة الكبيرة التي دونها أفلاء كثيرة. وقال لبيد: إن أبانا كان حلواً بسراً ... بني عمراً وأرب عمرا اسم ابنته بسرة فناداها ورخم فقال بسرا، بني أي جعل ابناً له، وأرب جعل له ربيباً، وعمرو من بعض أولاد الملوك. وقال آخر: آليت لا أعطي غلاماً أبداً ... دلاته إني أحب الأسودا الأسود ابنه ودلاته أي سجله ونصيبه من قلبي، وقال الربيع بن ضبع: وإن كنائني لنساء صدق ... وما ألي بني ولا أساؤا قال أبو عمرو سألني القاسم بن معن عن هذا البيت فقلت: ما أبطأوا، فقال: ما تركت شيئاً، قال: وكل مبطئ فقد ألي، وألي فعل من ألوت. وقال آخر:

حتى إذا قملت بطونكم ... ورأيتم أبناءكم شبوا وقلبتم ظهر المجن لنا ... إن اللئيم العاجز الخب قملت كثرت، والبطون القبائل، وأراد قلبتم ظهر المجن لنا ثم أدخل الواو، ومثله قول الله عز وجل: " حتى إذا جاءها وفتحت أبوابها "، والجواب في فتحت فأدخل الواو، وقال ابن الدمينة يمدح رجلاً أو قوماً: إذا سفر وأبعد التهجر والسري ... جلوا عن عراب السن بيض الصحائف أي جلوا عمائمهم عن وجوه يعرب سنها عن كرم أصولهم كما قيل في المثل: إن الجواد عينه فراره، يقول: إذا رأيته أغناك منظره عن أن تفر عنه، والسن أي هي مسنونة سناً غريباً، ويروي السن بضم السين وهو جمع سنة الوجه، كقول ذي الرمة: تريك سنة وجه غير مقرفة ... ملساء ليس بها خال ولا ندب والصحائف صحائف وجوههم. وقال ذو الرمة: فأبصرت صحيفة وجهي قد تغير حالها وقال رؤبة: إن كنت أعمي فالقنا بالأشهاد ... تنبئك من لم يحصه ذو أسباد إن تميماً كان قهباً من عاد

أبيات معان في المدح

يقول: إن كنت أعمي عن طريقنا فالقنا مع الأشهاد تنبئك هذا جميع من ها هنا وها هنا ما لم يحصه ذو المال، والقهب المسن، وقوله: من عاد يريد شرفنا قديم وذكرنا. أبيات معان في المدح قال عبد الرحمن بن حسان: ما زال ينمي جده صاعداً ... من لد أنٍ فارقه الحال الحال العجلة التي يدب عليها الصبي إذا بدأ يمشي، يريد منذ كان صغيراً. وقال الفرزدق: أرى المقسم المختار عيلان كلها ... إذا هو لم يجتر نفيلاً تحللا يقول إذا أقسم أن فلاناً خير قيس فلم يقل إلا بني نفيل تحلل من يمينه لأنه قد حنث حتى يستثني بني نفيل. وقال أيضاً: لنا العزة القعساء والعدد الذي ... عليه إذا عد الحصى يتحلف القعساء الممتنعة، يتحلف أي يحلف ما لأحد مثل عددنا. وقال البعيث: نعز بنجد كل من لقط الحصى ... ونعلو رؤوس الناس عند المواسم

أي نقول لنا يوم كذا ونلقط حصاة ويوم كذا ونلقط حصاة. وقال الأغلب: عهدي بقيس وهي من خير الأمم ... لا يطأون قدماً على قدم أي هم رؤساء ليسوا أتباعاً يطأون أعقاب غيرهم. وأنشد ابن الأعرابي: إن لقيس عادةً تعتادها ... سل السيوف وخطا تزدادها وهذا مثل قول كعب بن مالك: نصل السيوف إذا قصرن بخطونا وقال الفرزدق: سيعلم من سامي تميماً إذا سمت ... قوائمه في البحر من يتخلف أي إذا غرق في البحر فارتفعت قوائمه.

وقال الأخطل: إن العرارة والنبوح لدارم ... والمستخف أخوهم الأثقالا العرارة النجدة والشدة، والنبوح العدد والجماعة واحدها نبح. قال عمرو بن معد يكرب: ألف الخيل بالخيل ... وأغشى النبح بالنبح وقال العجاج: قوم لهم عرارة التدكل ... ما فتئوا من أول وأول على العدي وسخرة الموفل العرارة الشدة، والتدكل مثل التدلل يقال: هم يتدكلون على السلطان أي يمتنعون عليه، ما فتئوا ما زالوا كذلك من أول زمن، والمؤفل الضعيف يقال قد أفل. وقال الكميت يمدح رجلاً بطوله: إذا لبس الأبطال أثواب يومها ... إلى الروع غالت من سواه وغالها يعني الدرع يقول هي تطول غيره وهو يطولها. وقال عنترة يمدح بالطول:

بطل كأن ثيابه في سرحة أي كأن ثيابه على شجرة. وقال آخر: طويل نجاد السيف ليس بحيدر ... إذا اهتز واسترخت عليه الحمائل النجاد حمائل السيف، والحيدر القصير، واسترخت أي اتسعت من قولهم في بال رخي أي واسع والبال الحال، والهزة الخفة تأخذه للمعروف. وأنشد الأصمعي: بيض جعاد كأن أعينهم ... يكحلها في الملاحم السدف أي لا تنقلب فيظهر باطنها من الفزع، والسدف الظلمة. وأنشد للأعشى: كذلك فافعل ما حييت إليهم ... وأقدم إذا ما أعين القوم تزرق إذا فزع الإنسان وبرق انقلبت حماليق عينيه فغاب السواد. وأنشد: بيض جعاد كأن أعينهم ... تكحل يوم الهياج بالعلق العلق الدم، وصفهم بحمرة الأعين لشدة الغضب في الحرب ولذلك شبهت عيون الكلاب بنوار العضرس وهي بقلة حمراء الزهرة لأن أعينها تحمر إذا آسدتها من شدة الغضب. وقال ابن هرمة: وله مكارم أرضها معلومة ... ذات الطوي وله نجوم سمائها

أرضها أصلها، أي هو معروف له معلوم، ذات الطوي أي في ذات الطوي وهي السنة الجدباء التي تطوي الناس فيها ويجوعون وله نجوم سماء تلك السنة يعني بالنجوم أمطارها وخصبها أي الذي يكون فيها من خصب وخير عنه فكأنه قال له نجومها مطيرها. وقال أبو وجزة: وأرى كريمك لا كريمة دونه ... وأرى بلادك منقع الأجواد أي من أكرمته فليس تدخر عنه كريمة من مالك، ومنقع الأجواد مروى العطاش يقال جيد الرجل فهو مجود إذا عطش وبه جواد فكأنه من الجمع الذي جاء على غير واحده يعني الأجواد. وقال أبو المثلم الهذلي: حامي الحقيقة نسال الوديقة مع ... تاق الوسيقة جلد غير ثنيان أي يحمي ما يحق عليه ويعدو في شدة الحر حتى تدق الشمس وتدنو، معتاق الوسيقة يقول إذا طرد طريدة أنجاها من أن تدرك يقال أعتقه أي أنجاه، والثنيان دون السيد. وقال ساعدة الإيادي: ألا يا فتى ما عبد شمس بمثله ... يبل على العادي وتؤبي المخاسف

هو الطرف لم يحشش مطى بمثله ... ولا أنس مستوبد الدار خائف أراد أي فتى هو عبد شمس، ثم استأنف فقال بمثله يغلب على العدو، والمخاسف من الخسف وهو النقصان، والطرف الكريم، لم يحشش لم يحم في السير بمثله، والأنس الحي أي لم يقم بشانهم مثله، مستوبد من الوبد وهو القشف وسوء الحال، ويروى: لم يخشش من الخشاش أي لم يزم. وقال زهير: ولأنت تفري ما خلقت وبع ... ض القوم يخلق ثم لا يفرى تفري تقطع ما قدرت، وخالقة الأديم مقدرته. وقال: وليس مانع ذي قربى ولا حسب ... يوماً ولا معدماً من خابط ورقا يريد ولا معدماً خابطاً ورقاً، والإعدام أن يمنع الإنسان ما يريد، فيقول قد عدمته، وأراد بقوله: من خابط خابطاً كقولك: ما رأيت من أحد وما رأيت أحداً، ويقال للرجل إن خابطه ليجد ورقاً أي إن سائله ليجد عطاء وسمى من طلب بغير يد ولا رحم خابطاً. وقال أيضاً: رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم ... قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل هنالك أن يستخبلوا المال يخبلوا ... وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا القطين الحشم والأهل، يقول يلزمونهم حتى يسمنوا وجمع القطين

قطن. وقال لبيد: فتكنسوا قطناً تصر خيامها وقال جرير يهجو بني الفدوكس ورهط الأخطل: هذا ابن عمي في دمشق خليفة ... لو شئت ساقكم إلي قطينا فقيل: يا أبا جزرة أما وجدت في تميم مفخراً تفخر به عليهم حتى فخرت بالخلافة لا والله ما صنعت شيئاً في هجائهم، والقطين ها هنا العبيد، والقطين في مكان آخر السكان، قال الأخطل: خف القطين فراحوا منك أو بكروا والقطان المقيمون واحدهم قاطن، قال الأصمعي قال أبو عمرو بن العلاء: لا أعرف الاستخبال وأراه قال يستخولوا والإستخوال أن يملكوهم إياه، وقال أبو عبيدة أنشدنا أبو عمرو: يستخولوا المال يخولوا، وقال لم أسمع يستخبلوا، وقال يونس بلى قد سمعه ولكن نسي. وقال غير الأصمعي: الإستخبال أن يستعير الرجل من الرجل إبلاً فيشرب من ألبانها وينتفع بأوبارها فإذا أخصب ردها، ييسروا من الميسر، يغلوا في الميسر أي يأخذون سمان الإبل لا ينحرون الأغالية. وقال: هو الجواد الذي يعطيك نائله ... عفواً ويظلم أحياناً فيظلم أي يطلب إليه في غير موضع الطلب فيحمل ذلك لهم، وأصل

الظلم كله وضع الشيء في غير موضعه، منه من أشبه أباه فما ظلم وقال: وإن أتاه خليل يوم مسألة ... يقول لا غائب مالي ولا حرم الخليل الفقير والخلة الفقر، والحرم المنع، يقول ليس لمالي منع عليه، أبو عبيدة: حرم إذا كان يحرم لا يعطى منه، وقال غيره حرم مقمور أي لا يعتل عليه بذلك. وقال: تهامون نحديون كيداً ونجعةً ... لكل أناس من وقائعهم سجل يقول يأتون تهامة ونجداً لا يمنعهم بعد المكان من أن يغزوه وينتجعوه، سجل نصيب وأصل السجل الدلو مملوءة ماء. وقال العجاج يمدح رجلاً: حلو المساهاة وإن عادى أمر ... مستحصد غارته إذا اترز المساهاة المياسرة، مستحصد شديد الفتل، غارته فتله يقال حبل مغار، وأحصدت الحبل فتلته: أمره يسراً فإن أعيا اليسر ... والتاث إلا مرةً الشزر شزر أي فتله، واليسر مخفف فحركه ضرورة وهو الفتل على اليمين سهل، والشزز فتل على اليسار وهو أعسر من الأول، والمعنى أنه يستعمل السهولة أولاً فإن لم يأته الأمر على ذلك استعمل الشدة وهو أعسر من الأول. وقال: يرتاح أن تبرد ريح الشمال

أي يسر بأن يشتد الزمان ليصنع المعروف. وقال عمرو بن قميئة يصف الجدب: يثوب عليهم كل ضيف وجانب ... كما رد دهداه القلاص نضيحها الجانب الغريب، دهداه صغار الإبل، والقلاص إناث الإبل، والنضيج الحوض، يقول يعود الأضياف إليهم كما يعود هذا إلى النضيج. وقال الحارث بن حلزة: لا يرتجى للمال يهلكه ... طلق النجوم إليه كالنحس لله هنالك لا عليه إذادنعت أنوف القوم للتعس لا يرتجي لا يخاف لا هلاك المال يقول لا ينفق المال في نجم مبارك ليخلف عليه ولكنه ينفقه في كل وقت، إليه أي عنده، يقول فالفضل له في هذا الزمان لا عليه إذا دعى على القوم بالتعس، دنعت تدنع دنعاً ودنوعاً دقت ولؤمت. وقال الحطيئة: هم القوم الذين إذا ألمت ... من الأيام مظلمة أضاءوا هم القوم الذين علمتموهم ... لدى الداعي إذا رفع اللواء وقال أوس بن حجر: تجرد في السربال أبيض حازم ... مبين لعين الناظر المتوسم هذا مثل، أي هو متجرد للأمور كما تقول: والله لئن تجردت

لك لأعلمنك، أبيض نقي العرض من الدنس. ومثله: أمك بيضاً من قضاعة في البيت الذي تستظل في طنبه أي نقية الحسب. وقال أبو ذؤيب: المانح الأدم كالمرو الصلاب إذ ... ما خارد الخور واحتث المجاليح المحاردة إن لا تدر، والمجاليح التي تدر في الشدة، ويقال الجيدة الأكل، احتثت استزيد في درتها. وقال أيضاً: وصرح الموت من غلب كأنهم ... جرب يدافعها الساقي منازيح صرح كشف، غلب غلاظ الرقاب، منازيح طلبت الماء من مكان بعيد فهو أحرص لها. وقال المتنخل: أجزت بفتية بيض خفاف ... كأنهم تملهم سباط سباط إسم للحمى وذلك أن صاحبها يسبط عليه، أسبطت عليه الحمى إذا أخذته فتمدد واسترخى أي هم من الغزو والشحوب هكذا. وقال: السالك الثغرة اليقظان كالئها ... مشى الهلوك عليها الخيعل الفضل

الثغرة والثغر سواء وهو موضع المخافة، والكالئ الحافظ، والخيعل ثوب يخاط أحد جانبيه ويترك الآخر، والهلوك المتثنية المتكسرة، والفضل من صفة الهلوك وكان ينبغي أن يكون جراً ولكنه رفعه على الجوار للخيعل. ومثله للعجاج: كأن نسج العنكبوت المرمل ومثله جحرضب خرب ومثله لامرئ القيس: كبير أناس في بجاد مزمل أراد أنه آمن لا يخاف فهو يمشي على هينته. وقال آخر من هذيل وهو معقل بن خويلد: فما العمران من رجلي عدي ... وما العمران من رجلي فئام وأنهما لجوابا خروق ... وشرابان بالنطف الطوامي العدي القوم الذين يحملون في الرجالة أي ما هما من رجلين، على التعجب يريدهما فاضلان لهذا وهذا وهما أيضاً جواباً خروق، والطوامي التي تركت فطمت أي ارتفعت مما لا تورد، يقال: أراد ما هما من رجال العدو ولكنهما جواباً خروق، والأول أجود. وقال الأخطل:

لعمري لقد ناطت هوازن أمرها ... بمستر بعين الحرب شم المناخر المستربع للشيء الحامل له، ربعت الحجر إذا أشلته. وقال الفرزدق: فذاك أبي وأبوه الذي ... لمقعده حرم المسجد أي لا ينطق عنده يفحش كما لا ينطق في المسجد، وقول الراعي: فوارس أبطال لطاف المآزر أي هم خماص البطون. وقال رجل من الخوارج: لطاف براها الصوم حتى كأنها ... سيوف يمان أخلصتها سمومها يعني رجالاً أضمرها الصوم فشبهها بسيوف، سمومها خروقها تبين أنها خالصة وذلك أن ثقوب العتق غير ثقوب الحدث أي ذات خروق تدل على عتقها. وقال الأعشى وذكر ناراً: تشب لمقرورين يصطليانها ... وبات على النار الندى والمحلق رضيعي لبان ثدي اشم تقاسما ... بأسحم داج عوض ما نتفرق

يقول حالف الجود أن لا يفارقه وهما في الرحم وهو أسحم داج، عوض يفتح ويضم والفتح أكثر وهو الدهر، وأراد لا نتفرق أبداً. وقال يمدح هوذة: فتىً لو ينادي الشمس ألقت قناعها ... أو القمر الساري لألقى المقالدا ينادي يجالس من النادي، ألقت قناعها أي ذهب نورها وحسنها بحسنه، ولألقى القمر المقاليد إليه أي أقر له بالحسن، ويقال المقاليد المفاتيح واحدها إقليد. وقال أيضاً: هضوم الشتاء إذا المرضعا ... ت جالت جبائر أعضادها أصل الهضم الظلم، يقول يقرى في الشتاء ويطعم فيذهب بشدته، والجبائر أسورة النساء من دون تجعل في الأعضاد، جالت من الهزال. وقال أيضاً: نهار شراحيل بن عمرو يريبني ... وليل أبي ليلى أمر وأعلق نهاره ظاهره وليله باطنه. وأنشد للأعشى: فلا تحسبني كافراً لك نعمة ... على شاهدي يا شاهد الله فاشهد

شاهدي لساني، وشاهد الله من يشهد ألا إله إلا الله، ويقال الملك الموكل به. وقال الأعشى: ربي كريم لا يكدر نعمةً ... وإذا تنوشد في المهارق أنشدا لا يكدر نعمة بالمن وإذا ناشدوه بالمهارق وهي كتب الأنبياء أنشدهم أي أجابهم وفي بمعنى الباء. ويقال لبيد يذكر عامر بن الطفيل. ومقسم يعطى العشيرة حقها ... ومغذمر لحقوقها هضامها المقسم الذي يعطيها مالها، والمغذمر الذي يحطم حقوقها ويكسرها، ويقال هو الذي يضرب حقوق الناس بعضهم ببعض ويهضم من ماله للناس ويعطي هذا ما يأخذ من هذا، ومنه قيل للحادي إنه لذو غذامير في حدائه، هضامها يهتضمها يحتملها. وقال: وهم العشيرة أن يبطيء حاسد ... أو أن يلوم مع العدي لوامها أي لا يقدر حاسد أن يبطيء الناس عنهم بأن يقول فيهم قول سوء لا يقدر لائم على لومهم، قال وهذا مثل قول مطرود بن كعب الخزاعي: أخلصهم عق لباب لهم ... من لوم من لام بمنجاب

المنجاب المنكشف. وقال القطامي يمدح قريشاً: قوم ثبتوا الإسلام وامتنعوا ... قوم الرسول الذي ما بعده رسل يريد: هم ثبتوا الإسلام وامتنعوا ممن أرادهم، قوم الرسول مستأنف أي وهو أيضاً قوم الرسول. وقال أيضاً: وتراه يفخر أن تحل بيوته ... بمحلة الزمر القصير عنانا يفخر أي يأنف فخرت عن الشيء أنفت منه، والزمر القليل الخير. ابن أحمر: وذي بدن أو مسبل فوق قارح ... جميل الدجى يعدو بلدن مقوم بدن درع قصيرة، ومسبل سابغة، أي بعد النعاس وبعد تغشي الكرى جميلاً لا يؤثر فيه السهر. وقال يذكر إبلاً: عليهن أطراف من القوم لم يكن ... طعامهم حباً بزغبة أغبرا

أطراف جمع طرف وهو العتيق من الخيل استعاره للناس، حباً يعني حنطة. وقول الأعشى: طويل اليدين رهطه غير ثنية ... أشم كريم جاره لا يرهق التثنية إلذين دون الملك. وقوله أيضاً: أنت خير من ألف ألف من القو ... م إذا ما كبت وجوه الرجال أصله من كبا الزند إذا لم يور وكذلك الرجل إذا لم يعط عند السؤال. وقال النابغة: محلتهم ذات الإله ودينهم ... قزيم فما يرجون غير العواقب ذات الإله بلاد الشام لأنها مقدسة ويقال بيت المقدس لأنه موضع الأنبياء، عواقب أعمالهم أن يثابوا بها، ويقال يرجون يخافون كقوله جل وعز: " ما لكم لا ترجون لله وقاراً " أي لا يخافون إلا عواقب أعمالهم بخوفهم لله، ويروي: مجلتهم أي كتابهم كتاب الله. وقال: سبقت الرجال الباهشين إلى الندى ... كسبق الجواد اصطاد قبل الطوارد الباهش الذي يسبق إلى الصنائع، والطوارد من الخيل والكلاب كل ما طرد فالواحد طارد. وقال:

أثني على ذي كل عذرة إنه ... قد كان قدم قبل قيل القائل يقول قد كان قدم ما يقال فيه قبل أن يمدحه المادح. وقال: وأنت الغيث ينفع من يليه ... وأنت السم يخلطه اليرون يقال هو ماء الرجال وقيل هو عرق الداية ويقال هو دماغ الفيل ويقال هو السم القاتل. وقال أبو بكر كبير: ولقد صبرت على السموم يكنني ... قرد على الليتين غير مرجل أراد شعراً قد تلبد مما لا يغسل ولا يدهن يريد أنه كان ربيئة في جبل. وقال: ومعي لبوس للبئيس كأنه ... روق بجبهة ذي نعاج مجفل لبوس يعني صاحباً له، والبئيس الأمر الشديد يريد صبوراً على الشدائد، والروق القرن، مجفل نافر، شبه الرجل في صلابته واندماجه بالقرن يعني ثوراً وحشياً. وإذا يهب من المنام رأيته ... كرتوب كعب السياق ليس بزمل أي ينتصب عند قيامه من منامه كانتصاب الكعب إذا لعب به، زمل ضعيف. وقال آخر: أبا ما لكأو قدت نارك للعلي ... وأرغيت إذ أثغي موالي في حبلي

أي قرنت لي إبلاً ترغو إذ أعطوني هم غنماً تثغو. وقال الأخنس بن شهاب التغلبي: ونحن أناس لا حجاز بارضنا ... مع الغيث ما نلقى ومن هو غالب أي ليس بأرضنا جبل نحتجز به فنحن مفضون ومن كان له الغلب فهو مع الغيث أبداً، ويقال لا نجتمع نحن ومن يغلب أبداً أي من كان معنا فنحن غالبون له. ترى رائدات الخيل حول بيوتنا ... كمعزي الحجاز أعوزتها الزرائب وكم أناس قاربوا قيد فحلهم ... ونحن خلعنا قيده فهو سارب أي الخيل كمعزي لا تجد زربا فهي تسرح حول البيوت، وكل أناس حبسوا فحلهم أن يتقدم فتتبعه الإبل ونحن لعزنا تركناه يرعى حيث شاء، جعل الفحل مثلاً للعز. وقال طرفة: ولي الأصل الذي في مثله ... يصلح الآبر زرع المؤتبر الآبر المصلح والمؤتبر منه، قال أبو عبيدة كل شيء أصلحته فقد أبرته. وقال الكميت: بحمد من شبابك لا بذم ... أبا قران بت على مثال المثال الفراش أي مت وشبابك محمود ليس بمذموم. وقال يمدح:

كان السدى وللندى مجداً ومكرمة ... تلك المكارم لا يورثن عن رقب رقب من الرقبى وهي وصية الرجل بالدار وغيرها، يقول هي لفلان فإن مات فهي لفلان فهذا يرقب موت هذا. وقال وذكر الحوادث إذ نزلت بقومه: ولم يوائم لهم في رتبها ثبجاً ... ولم يكن لهم فيها أبا كرب ولم يكن هدمها المخبون منفعةً ... إذا التفت غرضة التصدير والحقب رتبها إصلاحها، ثبجا من التثبيج والإفساد، أبا كرب يريد قول الناس.

ليت حظي من أبي كرب ... إن يسد خيره خبلة والهدم الخلق، والمخبون المعطوف، يقول لم يكن في الشدائد كالهدم المخبون الذي لا ينتفع به. وقال: ولم يتجهم لك النائبات ... ولم تك فيها اللباس الدثورا ولم تك شهدارة الأبعدين ... ولا زمح الأقربين الشريرا ولم تك لا جير لللابعدين ... مخة ساق تجيب الصفيرا اللياس الثقيل الضعيف، والدثور النوام، يتجهم يتنكر والزمح الشرير، لا جير قسم، وإذا أخذ الإنسان عظم ساق الشاة فنفضه ليخرج مخه فمصه أجاب المخ صفيره فخرج. فموضوع جودك أن لم تنا ... ج الإبهاء لهات الضميرا يقول أصغر جودك أن لم تحدث نفسك إلا بأن إذا قيل لك هات قلت هاء ناولت. وقال: وتحسب طالبيك إذ إذا أرادوا ... وئامك أنت والشعري العبور الوئام المباراة، أراد إذا واءموك كنت في الارتفاع فوقهم كالشعري.

وقال يمدح: وتعاطى به ابن عائشة البد ... ر فأمسى له رقيباً نظيرا لم تجهم له البطاح ولكن ... وجدتها له معاناً ودرا ابن عائشة عبد الملك بن مروان، أي رام بأن يأتي به شبه البدر، وأصل الرقيب النجم يطلع إذا غاب رقيبه، يقول إذا ذهب البدر كان هذا مكانه، تجهم تنكر، والمعان الحل، أراد أنه من قريش البطاح وهم أكرم من قريش الظواهر. وقال طريح: أنت ابن مسلنطح البطاح ولم ... يعطف عليك الحنى والولج أراد محاني الأودية، والولج الغامض من الوادي. وقال الكميت: أخبرت عن فعالة الأرض ... واستنطق منها البياب والمعمورا أي أثر فيها آثاراً حسنة، بنى المساجد وحفر الآبار والأنهار، واليباب الخراب، أي بنى فيه فسكن. وقال يمدح بني أمية: ولم يدبغونا على تحلئ ... فيرمق أمر ولم يغملوا التحلئ أن يكون في شعر الأديم وسخ فإذا قشرته بقد حلأته، أي لم يسيئووا سياستنا فيكونوا كمن دبغ ولم ينق وسخ الأديم، يرمق يضعف، والغمل حتى يسترخي شعره وصوفه فينتزع منه.

وتنأى قعورهم في الأمور ... على من يسم ومن يسمل قعورهم عقولهم، يقال: ما أبعد قعره وغوره، يسم يصلح يسمل مثله. ولا يدمس الأمر فيما يلون ... على المنطقات ولا يدمل يدمس يستتر ومنه ليل دامس، والمنطقات المعايب، يدمل يطوى، أي لا يطوى على فساد، ويقال اندمل الجرح أب برأ والتأم. وقال: وقد طال ما يا آل مروان ألتم ... بلا دمس أمر الغريب ولا غمل التم سستم، والدمس الظلمة، والغمل أن يغم الأديم حتى يسترخي ثم يدبغ. وقال: مباؤك في البثن الناعما ... ت عيناً إذا روح المؤصل

المباء المنزل، والبثن جمع بثنة وهي الرملة السهلة اللينة، والناعمات عيناً من قولك: نعم الله بك عيناً، والمؤصل من الأصيل وهو العشي. وقال طرفة: خير حي من معد علموا ... لكفي ولجار وابن عم الكفى الكفء، أي يحالفون الكفى الكفء ويصلون الغريب ويفضلونه على الجار. وقال لبيد في أخيه: يعفو على الجهد والسؤال كما ... أنزل صوب الربيع ذو الرصد يعفو يجم ويزيد على السؤال كما يجم الماء يقال: عفا شعره إذا كثر، والرصد جمع رصدة وهي المطرة تكون أولاً لما يأتي بعدها كالعهد، وأراد أنه يعطي عطية ويرصد بأخرى. وقال العباس بن عبد المطلب يمدح النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته: من قبلها طبت في الظلال وفي ... مستودع حيث يستر الورق ويروي: حيث يخصف الورق، يعني ظلال الجنة يعني أنه كان صلى الله عليه وسلم طيباً في الجنة في صلب آدم عليهما السلام، والظلال جمع ظل ولم يرد ظل شجرها ونباتها لأن الجنة كلها ظل ممدوح

وظلال الشجر والبنيان إنما يكون في موضع تطلع فيه الشمس والجنة لا شمس فيها ولا قمر، والمستودع يحتمل معنيين يجوز أن يكون أراد بالمستودع الذي جعل فيه آدم وحواء عليهما السلام من الجنة، والآخر أن يكون أراد النطفة في الرحم، وكان أبو عبيدة يقول في قول الله عز وجل: " فمستقر ومستودع " قال المستقر الصلب والمستودع الرخم، ويخصف الورق وللإشفي مخصف. ثم هبطت البلاد لا بششر ... أنت ولا مضغة ولا علق بل نطفة تركب السفين وقد ... ألجم نسراً وأهله الغرق تنقل من صالب إلى رحم ... إذا مضى عالم باد طبق حتى علا بيتك المهيمن من ... خندق علياء تحتها النطق الصالب والصلب والصلب بمعنى، والعالم القرن من الناس

وكذلك الطبق من الناس يكون طباق الأرض أي ملأها، ومنه الحديث " اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً طبقاً " ومنه: طبق الأرض تحرى وتدر وقوله تحتها النطق فيه ثلاثة أقاويل أحدها أن يكون يريد أنك أعلى قومك نسباً وهم دونك كالنطاق لك، والآخر أنه يريد العفاف من لبس المرأة النطاق أي تحتها العفاف والحسب، والثالث يعني بالنطق المتكلمين جمع ناطق أي إن كل خطيب في العرب دون خطباء قومك من قول الله عز وجل: " بل هم قوم خصمون ". وقالت بنت النضر بن الحارث للنبي صلى الله عليه وسلم: أمحمد ها أنت ضنء نجيبة ... في قومها والفحل حل ممعرق الضنء الولد، والمعرق الكريم الأعراق المنجب.

باب الهجاء وهجاء النساء

باب الهجاء وهجاء النساء عوف بن عطية بن الخرع: ولقد أراك ولا تؤبن هالكاً ... عدل الأصرة في سنام الأكوم أي لا يبكي عليك إن مت، عدل الأصرة أي كانت أمه راعية فكانت تحمله على بعير وتعدل به الأصرة. وقال الأخطل يهجو قوماً: البائتين قريباً من منازلهم ... ولو يشاءون آبوا الحي أو طرقوا يعني يغتنمون القرى ولو أحبوا يأتوا بيوتهم. والطروق أن تجيء ليلاً، والإياب أن تجيء عند الليل، ويقال أوب السير إذا سار من غدوة إلى الليل. وقال آخر في ضد هذا يمدح: تقرى قد ورهم سراء ليلهم ... ولا يبيتون دون الحي أضيافاً وقال عميرة بن جعيل التغلبي: كسا الله حيي تغلب ابنة وائل ... من اللؤم أظفاراً بطيئاً نصولها هذا مثل، أي علامات من اللؤم ترى عليهم لا تنصل كما تنصل الأظفار.

إذا ارتحلوا من دار ضيم تعاذلوا ... عليها وردوا وفدهم يستقيلها أي يعذل بعضهم بعضاً لم لم يصبروا على الضيم لأنهم ليسوا ممن يغلب على دار. وقال عوف بن الخرع: هلا فوارس رحرحان هجوتم ... عشرا تناوح في سرارة واد السرارة أكرم الوادي وخيره والنبات يحسن فيها يقول لكم حسن وليس لكم خبر وذلك أن العشر خوار ضعيف، والتناوح التقابل. قال الأصمعي دور يتناوحن أي يتقابلن. وقال آخر: إذا ابتدر الناس المعالي رأيتهم ... وقوفاً بأيديهم مسوك الأرانب أي هم أصحاب صيد وليسوا ممن يطلب المعالي. وقال: إذا ابتدر الناس المكارم والعلى ... أقاموا رتوباً في النهوج اللهاجم يقول يسألون الناس في الطرق البينة الواسعة، والراتب الثابت والنهج البين واللهجم الواسع، قال العجاج: مفترشات كل نهج لهجم يقول أقاموا يسألون الناس على الطرق. آخر: فأصممت عمراً وأعميته ... عن الجود والفخر يوم الفخار أي وجدته أصم أعمى كقولك أتيت أرض بني فلان فأعمرتها أي وجدتها عامرة. ومثله لرؤبة:

وأهيج الخلصاء من ذات البرق أي وجدها هائجة النبات، ومثله قول الأعشى: فمضى وأخلف من قتيلة موعدا أي وجده خلفاً. آخر وهو الفرزدق: إذا غاب عنكم أسود كنتم ... كراماً وأنتم ما أقام الألائم أسود العين جبل، والعين المنظر والجبل لا يغيب أبداً يريد أنتم لئام أبداً. آخر: سمين الضواحي لم تؤرقه ليلةً ... وأنعم أبكار الهموم وعونها الضواحي الظاهر يريد ما ظهر منه وأراد لم يؤرقه أبكار الهموم وعونها وأنعم أي وزاد على هذه الصفة، واحدة العون عوان. آخر: ستعلم إن دارت رحا الحرب بيننا ... عنان الشمال من يكونن أضرعا حكى عن أبي عبيدة أنه قال عنان الشمال دعاء أي يا عنان الشمال والشمال الخرقة التي يكون فيها ضرع الشاة، والعنان السير الذي تعلق به، وقال بعضهم عنان الشمال أي معانة أمر مشؤوم من عن أي عرض كما قيل غراب شمال وزجرت لها طير الشمال، وقال بعضهم إن الدابة لا تعطف إلا من شمالها فأراد دارت رحى الحرب مدارها وعلى

جهتها، وقال رجل من كلب: غدا ضيف حجاز بن زيد بحبله ... مطوي وبطن الضيف أطوي من الحبل وقال أوس: مباشيم عن لحم العوارض بالضحى ... وبالصيف كساحون ترب المناهل العوارض الإبل تنحر من علة، يقول لا يذبحون إلا ما كان عليلاً لا ينتفع به من لؤمهم ويضعفون عن السقي أول الناس فيبقون حتى يسقي الناس فيكونون آخرهم. وقال حاتم في ضد هذا: وسقيت بالماء النمير ولم ... أترك ألاطم حمأة الجفر النمير الماء النامي في الجسد وإن كان غير عذب. وقال النجاشي: لابن مقبل: ولا يردون الماء إلا عشية ... إذا صدر الوراد عن كل منهل وقال الأخطل: المانعيك الماء حتى يشربوا ... جماته ويسموه سجالا

وقال الفرزدق لجرير: إن الزحام لغيركم فتحينوا ... ورد العشي إليه يخلو المنهل وقال آخر يهجو قوماً: مناين أبرام كأن أكفهم ... أكف ضباب أنشقت في الحبائل أي نشبت. وقال آخر: غثا كثير لا عزيمة عندهم ... سوى أن خيلاناً عليها العمائم خيلان جمع خيال أي ليسوا شيئاً، ابن الأعرابي: الخال البعير الضخم والخال الجبل شبههم بالإبل في أبدانهم ولا عقول لهم. آخر: ولا عيب إلا نزع عرق لمعشر ... كرام وإنا لا نخط على النمل قال أبو عمرو: إذا كان الرجل من أخته ثم خط على النملة وهي قريحة تظهر في ظهر الكف لم تلبث أن تجف، وهذا من فعل المجوس وإنما عرض برجل أخواله مجوس فقال: لست أنا كأولئك. وقال امرؤ القيس: أيا هند لا تنكحي بوهةً ... عليه عقيقته أحسبا البوهة الأحمق، وعقيقته شعره الذي خرج به من بطن أمه، يريد

أنه لا يطلي، أحسب أحمر. مرسعة وسط أرباعه ... به عسم يبتغي أرنبا يقال رسع الرجل ورسع ورجل مرسع ومرسعة وهو الفاسدة عينه، وفي حديث عبد الله بن عمرو أنه بكى حتى رسعت عينه أي فسدت وتغيرت، ويروي مرسعة بين أرساغه من الترسيع وهو سير يضفر ويرسع ثم يشد في الساق، وأنث مرسعة في هذه الرواية رده على بوهة: ليجعل في ساقه كعبها ... حذار المنية أن يعطبا يريد أنه جاهل يظن أن كعب الأرنب إذا علقه دفع عنه الموت. فلست بطياخة في القعود ... ولست بخزرافة أخدبا الطياخة الذي لا يزال يقع في بلية وسوءة، يقال لا يزال فلان يقع في طيخة أي بلية، والخزرافة الكثير الكلام الخفيف. ولست بذي رثية إمر ... إذا قيد مستكرهاً أصحبا أصحب تبع، والرثية وجع يأخذ في الركبتين، منه: وللكبير رثيات أربع والإمر الأحمق الضعيف. وقال النابغة: إذا نزلوا ذا ضرغد فعتائدا ... يغنيهم فيها نقيق الضفادع قعوداً لدى أبياتهم يثمدونهم ... رمى الله في تلك الأكف الكوانع

الضفادع تكون في الخصب يريد أنهم في أرض مخصبة، يثمدونهم يسألونهم، والكانع الخاضع، وقال الأعشى: هم الطرف الناكوا العدو وأنتم ... بقصوى ثلاث تأكلون الوقائصا الطرف جمع طريف وهو الذي بينه وبين الجد الأكبر آباء كثيرة وهو أحب إليهم من ذي القعدد، بقصوى ثلاث أي بعداً على ثلاث ليال، والوقائص التي أفطرت من الإبل والغنم. وقال: أنوفهم ملفخر في أسلوب ... وشعر الأستاه بالجبوب أسلوب جانب، والجبوب الأرض يريد أنهم قصار. وقال آخر: شظاظ الضبي: رب عجوز من أناس شهبره ... علمتها الانقاض بعد القرقره يعني أنها كانت لها بعير مسن يقرقر فركبه وذهب به وترك لها بكراً تنقض به. وأنشد في وصف سوداء: كأنها والكحل في مرودها ... تكحل عينيها ببعض جلدها أنشد عيسى بن عمر:

كل عجوز رأسها كالكفه ... تغدو بجف معها هرشفه كان عيسى بن عمر يرى أن الهرشفة العجوز حتى قال منتجع: الهرشفة خرقة تنشف بها الماء وذلك أن يجيء مطر وتحتاج إلى أخذ الماء فتنشفه من الأرض بها ثم ترده في الجف من جلود الإبل، والكفة حبل للصائد يديره، شبه شعرها إذ تساقط وسط الرأس وبقي ما حوله مستديراً بالكفة. وقول الأنصاري عبد الرحمن بن حسان: فتبازت وتبازخت لها ... جلسة الجازر يستنجي الوتر البزاء أن تخرج المرأة عجيزتها لتدنيها منه وتعظمها، والبزخ أن يدخل القطن وتخرج الثنة، والثنة ما بين السرة والعانة، شبه تبازخه بجلسة الذي ينزع عصب المتن، والاستنجاء الأخذ. وقال امرؤ القيس: وآثر باللحاة آل مجاشع ... رقاب إماء يعتبئن المفارما

الملحاة الشتم، يعتبئن يتخذن ما يتضيقن به، وكتب عبد الملك إلى الحجاج يا ابن المستفرمة بحب الزبيب. وقال الأعشى: ونساء كأنهن السعالي أي مثل الغيلان من الضر، الأصمعي: الغول ساحرة الجن. وقال لبيد: تأوي إلى الإطناب كل رذية ... مثل البلية قالص أهدامها أطناب الفسطاط، رذية مهزولة، يريد امرأة شبهها بالبلية من الإبل، قالص مرتفع، أهدامها خلقان ثيابها. وقال خداش بن زهير يهجو رياح بن ربيعة العقيلي. بعناك في بطن مخضر عوارضها ... ترى من اللؤم في عرنينها خنسا يريد سبينا أمك وهي حامل بك فبعناها، وعوارضها أسنانها وخنس قصر. وقال يهجو قوماً وهم جداعة رهط دريد بن الصمة: لعمر التي جاءت بكم من شفلح ... لدى نسيبها سابغ الاسب أهلبا الشفلح الرجل العظيم الشفة المنقلبها وأراد ها هنا الرحم. أزب جداعي كأن لدى إستها ... أغاني خرف شاربين بيثربا

يقال في مثل من أمثال العرب إياك والأهلب الضروط خرف قوم يشربون في الخريف. وقال المرار للمساور: لست إلى الأم من عبس ومن أسد ... وإنما أنت دينار بن ديناز أي عبد بن عبد لأن ديناراً من أسماء العبيد. فإن تكن أنت من عبس وأمهم ... فأم عبسكم من جارة الجار وقال ذو الرمة: إذا أبطأت أيدي امرؤ القيس بالقرى ... عن الركب جاءت حاسراً لا تقنع يقول إذا لم يفرد الضيف بالقرى عن الركب جاءت المرأة حاسراً تقول ليس لكم عندي قرى، لا تقنع لأنها لا تستحي من الرد المحاربية تهجو امرأة: وعلق المنطق منها بذلق ... كلب لها عودت مس الخنق تقول هي رسحاء فالمنطق لا يثبت وتخنق كلبها لئلا يسمع صوته

الأضياف. وقال الراعي يهجو امرأة: تبيت ورجلاها إوانان لاستها ... عصاها حتى يكل قعودها أي تحرك استها حتى يسير القعود واستها عصاها. مخشمة العرنين مثقوبة العصا ... عدوس السرى باق على الخسف عودها أي تسري بالليل لطلب الريبة. وقال: إني نذير التي ألقت منيئتها ... على القعود وحفتها بأهدام من المهيبات مخضراً مغابنها ... لم تثقب الجمر كفاها بأهضام المنيئة إهاب تدبغه المرأة تجلس عليه، تهيب تدعو أي هي راعية لم توقد ناراً قط لبخور. وقال جران العود وذكر امرأته: تكون بلوذ القرن ثم شمالها ... أحث كثيراً من يميني وأسرح لوذ القرن موضعه، يريد أن شمالها أسرع في اللطام من يمينها وأسرح أمضى، والقرن قرن الإنسان على رأسه، ولوذه حيث لاذ طرفه من القفا. وقال جرير: لقد ولدت غسان ثالبة الشوى ... عدوس السرى لا يعرف الكرم جيدها

ثالبة الشوى متشققة الرجل لأنها راعية، ابن الأعرابي: ثالثة الشوى شبهها بالضبع لأنها تمشي على ثلاث، ولا تستقر بالليل، فقال: أمهم لا تستقر بالليل لطلب الفجور، عدوس السرى قوية على السري، والكرم قلادة فيها ذهب أو فضة تصوغها الأعراب. وقال: وسودا من نبهان تثني نطاقها ... بأخجي قعور أو جواعر ذيب أخجى فرج كثير الماء، يصفها بالرسح، والجاعرة موضع السمة من الحمار. وقال وذكر أم البعيث: إذا هبطت جو المراغ تكرست ... عروشاً وأطراف التوادي كرومها تكرست جمعت شجراً، فعرشته وسكنت فيه وذلك فعل الرعيان، والتوادي أصرة الإبل وهي أعواد خشب تصر على ضروعها الواحدة تودية، والكروم القلائد واحدها كرم والمعنى أنها تلقي التوادي على عاتقها فتكون كأنها قلادة، والمراغ موضع تمرغ فيه الإبل. وقوله يذكرها: ترى العبس الحولي جوناً تسوفه ... لها مسكاً من غير عاج ولا ذبل وقال الفرزدق يذكر البعيث:

أرحت ابن حمراء العجان فعردت ... فقارته الوسطى وقد كان وانيا أي أرحته من مهاجاة جرير وتقلدت ذلك، وحمراء العجان لأنها أمة وكذلك قول جرير: فرتنا وكل أمة عند العرب فرتنا، عردت قويت والعرد الشديد: فألق استك الهلباء فوق قعودها ... وشايع بها واضمم إليك التواليا الهلباء ذات الهلب وهو الشعر، شايع ادع الإبل وأهب بها والتوالي المستأخرات. قعود التي كانت رمت بك فوقه ... لها مدلك عاس أصل العراقيا مدلك يعني بظرا، عاس غليظ واسمه النوف إذا طال، وأراد عراقي القتب. وقال جرير وذكر أم الفرزدق: بزرود أرقصت القعود فراشها ... رعثات عنبلها الغدفل الأرعل العنبل البظر الطويل، والغدفل العظيم والأرعل المسترخي. وقال آخر:

إن ابن حواء وترك الندى ... كالعبد إذ قيد أجماله يقول ترك طلب المكارم وأقام. ومثله بيت الحطيئة: دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... وأقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي وقال خداش بن زهير يهجو قوماً: لا تبرحون على الأبواب ملاءمةً ... تغاروزن بها ما لألأ الفور أي تقيمون، يقال غرز فلان إذا أقام ولم يبرح وذا مأخوذ من غرز الجراد إذا غرز بموضع ألقى بيض به، والفور الظباء لا واحد لها من لفظها، لألأت حركت أذنابها. ومثله قول الآخر الأبيرد اليربوعي: أحقاً عباد الله أن لست رائياً ... بريداً طوال الدهر ما لألأ العفر العفر الظباء في ألوانها مأخوذ من عفر الأرض وهو لونها. كأنكم نبطيات بمزرعة ... قشر الأنوف، درادير مآدير درادير لا أسنان لها والدردر منبت الأسنان قبل أن تخرج، والمآدير العظام الخصي من الأدرة يقال رجل آدر مثال أفعل من

الأدرة، ودرادير استأنف به وصف القوم ولم يضف إلى النبطيات، قشر الأنوف حمرها. ترى صدورهم حمراً محشرةً ... وفي أسافلهم نشل وتشمير أخبر أنهم سود الوجوه، محشرة دقاق قليلة اللحم، نشل وتشمير. وقال يهجو عبد الله بن جدعان: أريصع حلاف على كل بيعة ... وآدر مستلق بمكة أعفل الأرصع والأرسح واحد، والبيعة من البيع يقال فلان رخيص البيعة والسيمة، والأعفل من العفل وهو العجان، أي هو كثير لحم ذلك الموضع وارمه. ومثله لبشر: وارم العفل أبخر مستلق بمكة يريد أنه ليس ممن يرحل ولا يبرح إنما هو تاجر، وقال: أغرك أن كانت لبطنك عكنة ... وأنك مكفي بمكة طاعم وقال يهجو قوماً:

سلاحكم يوم الهياج أصرة ... بأيديكم معوية ومثاني الأصرة جمع صرار يخبر أنهم رعاء، معوية ملوية، ومثان حبال. وقال المرار: ثقيل على جنب المهاد وماله ... خفيف على أعدائه حين يسرح يقول هو ثقيل النوم واذغ غراد أعداؤه سوق إبله كان خفيفاً عليهم لعجزه عن الطلب. فإن مات لم يفجع صديقاً مكانه ... وإن عاش فهو الديدني المترح أي فهذا الذي ذكرت دأبه وعادته، والمترح الذي يعيش في ترح. وقال الكميت يهجو رجلاً: أنصف امرئ من نصف حي يسبني ... لعمري لقد لاقيت خطباً من الخطب كان الرجل الذي هجاه أعور وكان من قبيلة من كلب يقال لهم بنو شق. وقال: وقد أطمعت في الحوادث منهم ... فقيراُ وأعمى يلمس الأرض مقعداً يروم ورجلاه استه خندقية ... من المجد أعيت ما أمر وأحصدا أراد قول جرير:

وبارق، شيخان أعمى مقعد وفقير مقعد أراد خالد بن عبد الله أصابه النقرس ولذلك قال رجلاه استه لأنه كان إذا أراد الحركة زحف. وقال يهجو خالد بن عبد الله البجلي: ولولا أمير المؤمنين وذبه ... بجيل عن العجل المبرقع ما صهل روى أنه اشترى رجل من العرب ثوراً فبرقعه فقيل له: ما هذا؟ فقال: فرس، فقالوا: فالقرنان؟ قال: هما في استه غير مدهونين إن لم يكن هذا فرساً، فضرب مثلاً في الحمق، وأراد بالعجل خالداً ليس بفرس كريم. هززتكم لو أن فيكم مهزةً ... وذكرت ذا التأنيث فاستنوق الجمل روى أن المتلمس أنشد قوماً فيهم طرفة: وقد أتناسى الهم عند احتضاره ... بناج عليه الصيعرية مكدم الصيعرية سمة توسم بها النوق، فقال طرفة استنوق الجمل، فضحك الناس منه وهزئوا به، فقال الكميت مدحتكم فأفرطت في مدحكم حتى جعلت المؤنث مذكراً، وصار قول طرفة مثلاً. وقال الراعي:

تأبى قضاعة أن ترضي دعاوتكم ... وابنا نزار فأنتم بيضة البلد النعامة تبيض فتفسد منه الواحدة فيذهب أبواها يتركانها في البلد فكل من رمى بالذل والقلة قيل له بيضة البلد. وقال أبو النجم يذكر عبد الرحمن بن الأشعث: عيراً يكد ظهره بالأفوق ... حمار أهل غير أن لم ينهق يرجو بأنباط السواد الأبق ... أن يترك الدين كجلد الأبلق أي يكد بالذل فواقاً بعد فواق لا يروح، وأصل هذا في الحلب، غير أن لم ينهق يقول كذا ويذل ولا ينطق، كجلد الأبلق أي يؤثر فيه ويجعله ألواناً ومللاً. وقال المسيب بن نهار يهجو الحصين من ولد الحارث بن وعلة. وبعت أباك والأنباء تنمي ... بجوف عتيد شيخ العمور عتيد أرض كان الحارث بن وعلة دفن فيها فلما مات باع حصين حصته رجلاً من محارب بن عمرة الغمور فعيره ببيع موضع قبر أبيه. وقال زيد الخيل:

فخيبة من يخيب على غني ... وباهلة بن أعصر والركاب يقول من غزا فخاب فخابئانه يكر على غني وباهلة فيغنم لأنهم لا يمنعون ممن أرادهم كالركاب وهي الإبل لأنها لا تمنع على من أرادها، ابن الأعرابي: يقول من صار في يده أسير من غني وباهلة فقد خاب لقلة فدائه، والدليل على ذلك قوله: وأدى الغنم من أدى قشيرا ... ومن كانت له أسرى كلاب والدليل إلى التفسير الأول قول الفرزدق يهجو أصم باهلة. أأجعل دارماً كابني دخان ... وكانا في الغنيمة كالركاب ابنا دخان غني وباهلة وكانوا يسبون بذلك في الجاهلية، كالركاب أي لا امتناع بهم كما لا تمتنع الركاب، وكان الرجل منهم في الجاهلية إذا قتل رجلاً من أفناء العرب لم يكن في دمه وفاء منه حتى يزاد عشراً من الإبل أو نحوها، وهذا قول أبي عبيدة، وذكر أن الأشعث الكندي قال للنبي صلى الله عليه وسلم أتكافأ دماؤنا يا رسول الله؟ قال: نعم ولو قتلت رجلاً من باهلة لقتلتك به. وقال حميد بن ثور لرسوليه إلى عشيقته: وقولاً إذا جاوزتما أرض عامر ... وجاوزتما الحيين نهداً وخثعما نزيعان من جرم بن ربان إنهم ... أبوا أن يميروا في الهزاهز محجما نزيعان غريبان من هؤلاء القوم الضعاف الذين لا يخافون ولا

تخشى لهم غارة، ويقال مار دمه إذا جرى وأمرته أجريته، وأنشد لجرير: ومار دم من جار بيبة ناقع. وقال زيد الخيل الطائي: أغشاكم عمرو عيوباً كثيرةً ... ومن دون عمرو ماء دجلة دائم عمرو بن عبد الله بن خزيمة بن مالك بن نصر بن قعين وكان لعمرو جار من طيء فذهب بإبله، يقول فلكم بعد الذي أغشاكم عمرو من العيوب عيوب كماء دجلة كثيرة. وقال عمرو بن معد يكرب: ألا غدرت بنو أعلى قديماً ... وأنعم إنها ودق المزاد قال ابن الكلبي: لا يشرب أحد من مائهم إلا استودق. آخر: في فتية من بني هند كأنهم ... آذان أحمرة يحملن أعدالا أي مسترخين لا حراك بهم ولا شهامة لهم كأنهم آذان حمير قد لغبت فاسترخت آذانها. وقال الراجز: أذنا حمار زهلقي قد لغب آخر من بني ضبة:

فهلا بني شر الشباع ثأرتم ... سدوساً وقد أجزت سدوس وأوجعوا شر السباع عنزة وهي دويبة صغيرة. آخر: إذا أنفض الذهلي ما في وعائه ... تلفت هل يلقي برابية قبرا فإن قيل قبر من لجيم بتلعة.......وسمي رأس ركبته عمرا روى أن رجلاً من عجل أوصى أن يقري الناس عند قبره فجاء رجل من ذهل فوضع قلنسوته على ركبته وسماها عمراً ثم أخذ من القرى حظ اثنين، أوهمهم أن ركبته ولد له صغير. آخره: إن بني فزارة بن ذبيان ... قد طرقت ناقتهم بإنسان يقال طرقت المرأة إذا كان خروج ولدها يريد أنهم ينكحون النوق: ومثله لسالم بن دارة: لا تأمنن فزارياً خلوت به ... على قلوصك واكتبها بأسيار

كتبت البغلة إذا جمعت بين شفريها بحلقة. آخر يزيد بن الصعق: إذا ما مات ميت من تميم ... فسرك أن يعيش فجيء بزاد بخبز أو بلحم أو بتمر ... أو الشيء الملفف في البجاد البجاد الكساء، قال الأصمعي الشيء الوطب؟ ص وقال جرير: إست السليطي سوا وفمه ... محرنفشاً بحسب لا نعلمه المحرنفش المتعظم المنتفخ، يقول هو متكبر من الفخر بما ليس عنده، وقوله است السليطي سواء وفمه يريد أنه أنجز وقوله: أنعت حصاء القفا جموحاً ... ذات حطاط تنكأ الجروحا تترك فحجان سليط روحا يعني كمرة، والحصاء القرعاء والحطاط بثر يخرج في الوجه، والأفحج الذي تداني صدور قدوميه ويتباعد عقباه وتتفحج ساقاه، والأروح الذي تداني عقباه وتتباعد صدور قدميه وقوله يهجوهم: فما في سليط فارس ذو حفيظة ... ومعقلها يوم الهياج جعورها الحفيظة الغضب، يريد أنهم إذا فزعوا سلخوا فلا يقربهم عدوهم

لقذرهم، ومثل هذا مثل للعرب حكاه أبو زيد قال: إن رجلاً أراد ضرب غلام له اسمه سمرة فسلح الغلام فتركه وقال اتقى بسلحه سمرة ويروي: احتمى فذهب هذا الكلام مثلاً. إذا ما تعاظمتم جعوراً فشرفوا ... جحيشاً إذا آبت من الصيف عيرها هو جحيش بن زياد السليطي، يقول إذا جاءت العير بالميرة وكثر عندكم البر والتمر وسعتم وعظمت جعوركم ففضلوا حينئذ جحيشاً فإنه أكثركم أكلاً وأوسعكم جعرا. كأن سليطاً في جواشنها الخصى ... إذا حل بين الأملحين وقيرها الجواشن الصدور يقول لحومهم منبترة متميزة كأنها خصى لأنهم قوم يعتملون فتغلظ لحومهم، والوقير الغنم فيها حمار أو حمارات، والأملحان ماء لبني سليط. عضاريط يشوون الفراسن بالضحى ... إذا ما السرايا حث ركضاً مغيرها ومثله للأخطل: يبيت على فراسن معجلات ... خبيثات المغبة والعثان أعجلت أن تنضج. وقال يهجوهم: إسأل سليطاً إذا ما الحرب أفزعها ... ما شأن خيلكم قعساً هواديها

أراد أنهم يجذبون الأعنة فتقاعس، والقعس دخول الصلب وخروج الصدر. لا يرفعون إلى داع أعنتها ... وفي جواشنها دا يجافيها أراد انتفاخ سحورها من الجبن يجافيها عن متون الخيل ومثله له. ألا ساء ما تبلي سليط إذا ربت ... جواشنها وازداد عرضاً ظهورها يقول انتفخت سحورها قربت صدورها وعرضت ظهورها، وقال يهجوهم: الظاعنون على العمى بجميعهم ... والخافضون بغير دار مقام أي يظعنون بجميعهم على الجهل وما لا يدرون ما عاقبته ويقيمون وهم آمنون بحيث لا ينبغي أن يقيموا، وصفهم بالجهل وقال غسان بن ذهيل لجرير: لا تسألون كليبياً فيخبركم ... أي الرماح إذا هزت عواليها أي لا يعرفون عالية الرمح من سافلته من الفزع، وقول جرير: نبثت غسان ابن واهصة الخصى ... بقصوان في مستكلئين بطان أي يرعون الكلاء ومثله: تلقى السليطي والأبطال قد كلموا ... وسط الرجال بطيناً غير مفلول

قال مسحل بن كسيب: فلما بلغهم هذا البيت قالوا أدام الله لنا ذلك أي البطنة والسلامة. وقال البعيث يهجو جريراً: لقي حملته أمه وهي ضيفة ... فجاءت بنز من نزالة أرشما اللقى الشيء المطروح المحتقر، ضيفة أي سيئة الحال تضيف الناس، والنز الخفيف النزق، نزالة نطفة، أرشم أصحم الوجه إلى السواد، ويروي: فجاءت بيتن للضيافة أرشما، وهو الذي تخرج رجلاه قبل رأسه، والأرشم الذي يتشمم الطعام ويحرص عليه وهذه الرواية أجود. وقال جرير: بني مالك لا صدق عند مجاشع ... ولكن حظاً من فياش على دخل فياش فخر، ودخل أمر سوأ لا خير فيه. وقال: دعوا المجدالا أن تسوقوا كزومكم ... وقيناً عراقياً وقيناً يمانيا الكزوم الناقة المسنة الكبيرة، يعني معاقرة غالب سحيماً بصوأر والعراقي البعيث واليماني الفرزدق وإنما جعلهما كذلك لموضع منازلهما كما قال النابغة ليزيد بن الصعق الكلابي: ولكن لا أمانة لليماني.

لأن منزله كان قريباً من بلحارث بن كعب فجعله يمانياً. وقال الفرزدق لجرير: وأنت بوادي الكلب لا أنت ظاعن ... ولا واجد يا ابن المراغة بانيا إذا العنز بالت فيه كادت تسيله ... عليك وتنفى أن تحل الروابيا الوادي شر منازل الناس. قال الشاعر يرثي رجلاً: وحل الموالي بعده بمسيل يقول ليس عليك بناء ولا عريش كالكلب في غير بناء. وقال أيضاً لجرير: ضربت عليك العنكبوت بنسجها ... وقضي عليك به الكتاب المنزل أي بيتك في الوهن والذل كبيت العنكبوت وقضي عليك بالذل القرآن. وقال له: أنا لنضرب رأس كل قبيلة ... وأبوك خلف أتانه يتقمل يهز الهرانع عقده عند الخصى ... بأذل حيث يكون من يتذلل يهز ينتزع، والهرانع القمل واحدها هرنع، عقده يعني عقد ثلاثين. وقال جرير للفرزدق: أعيتك مأثرة القيون مجاشع ... فانظر لعلك تدعي من نهشل

يقول إذا لم تجد في مجاشع مأثرة ولا فخراً فادع من نهشل، ونهشل أخو مجاشع. ما كان ينكر في غزي مجاشع ... أكل الخنزير ولا ارتضاع الفيشل قال أبو عبيدة عطش نجيح بن مجاشع ومعه ثعالة مولى له إما حليف وإما عسيف فلما اشتد عطشهما أقبل نجيح فاه جردان ثعالة فمصه فشرب بوله فلم ينفعه ومات وفعل مثل ذلك ثعالة فمات، والخزير شيء يعمل من الدقيق كالعصيدة، وقال جرير يصف ضلال عاصم دليل الفرزدق به: بلعت نسيء العنبري كأنما ... ترى بنسيء العنبري جني النحل النسيء اللبن الحليب يمذق بالماء وهو ها هنا البول. والعنبري عاصم. وقال جرير يهجو الراعي: إذا نهض الكرام إلى المعالي ... نهضت بعلبة وأثرت نابا تبوء لها بمحنية وحينا ... تبادر حد درتها السقابا الناب المسنة من النوق، تبوء لها من الباءة وهو النكاح، ويروى: تنوخها، والمحنية منعطف الوادي، وقوله له:

ولو وضعت فقاح بني نمير ... على خبث الحديد إذا لذابا أي من فسوهم. وقال الفرزدق: وبرحرحان تخضخضت أصلاؤكم ... وفزعتم فزع البطان العزل الصلوان مكتنفاً الذنب وإنما يتخضخض من المرأة العجزاء، يقول كنتم في ذلك اليوم نساء ولم تكونوا رجالاً، وقال آخرون: أراد سلحت أستاهكم من الفزع، والبطال الثقال من الشبع، والعزل الذين لا سلاح معهم. وقال الفرزدق: ولكن خرباناً تنوس لحاهم ... على قصب جوف تناوح خورها يقول هم كالخربان في الجبن والضعف على أجواف هواء ليس لها قلوب. وقال جرير للفرزدق: وأنتم بنو الخوار يعرف ضربكم ... وأمكم فخ قذام وخيضف الفخ الجفر؟ وهي البئر الواسعة التي لم تطو، قذام واسع الفم كثير الماء، يقال قذم الماء قذماً يعني فرجها، خيضف ضروط. وقال يذكر بني منقر وما فعلوا بجعثن: وهم رجعوها مسحرين كأنما ... بجعثن من حمى المدينة قرقف وتحلف ما أدموا لجعثن مثبرا ... ويشهد حوق المنقري المجوف المثير الموضع الذي تنتج فيه الناقة فيقع فيه دمها وسلاها فهي لا

تكاد تنساه، والمجوف الذي أدخل الجوف، وقال جرير: تفلق عن أنف الفرزدق عارد ... له فضلات لم تجد من يقورها عارد غليظ يعني بظراً. وأبرأت من أم الفرزدق ناخساً ... وقرد إستها بعد المنام تثيرها الناخس الجرب في أصل الذنب، وقرد جمع قراد. وقوله: يا ابن ذات الدمل يعني أن بها حكة. وقال: ألا إنما مجد الفرزدق كيره ... وذخر له في الجنبتين قعاقع الجنبة جلد بعير مثل الكنف يكون فيه أداة القين. وقال الفرزدق يذكر نساء سبين: إذا حركوا أعجازها صوتت لهم ... مفركةً أعجازهن المواقع المواقع من قولك جمل موقع أي به آثار الدبر لكثرة ما حمل عليه، فيزيد أنه قد فعل بهن مراراً كثيرة فتوقعت أعجازهن. وقال جرير:

أجعثن قد لاقيت عمران شارباً ... على الحبة الخضراء ألبان أيل أي شرب ألبان أيل مع الحبة الخضراء فهاجت غلمته. وقال أيضاً: تثاءب من طول ما أبركت ... تثاؤب ذي الرقية الأدرد أي الذي لا سن له وإذا تثاءب كان أسمج له. وقال الفرزدق لجرير حين ذكر أنه خطب إلى آل بسطام بن قيس: وما استعهد الأقوام من زوج حرة ... من الناس إلا منك أو من محارب استعهدوا اشترطوا. لعلك في حدرإ لمت على الذي ... تخيرت المعزى على كل حالب عطية أو ذي بردتين كأنه ... عطية زوج للأتان وراكب أي لعلك في حدراء لمت على عطية الذي تخيرته المعزى أو على رجل كعطية يعني جريراً. وقال الفرزدق: لئن أم غيلان استحل حرامها ... حمار الغضا من تفل من كان ريقا فما نال راق مثلها من لعابه ... علمناه ممن سار غرباً وشرقا وقال الفرزدق وذكر تميماً: لو كان بال بعامر ما أصبحت ... بشمام تفضلهم عظام جزور

وقال الأخطل يذكر قتلة المختار: وناطوا من الكذاب كفا صغيرة ... وليس عليهم قتله بكبير ناطوا علقوا كفاً صغيرة رماه بالبخل واللؤم فجعلها صغيرة. وقال: كل المكارم قد بلغت وأنتم ... زمع الكلاب معانقوا الأطفال أي ملازمون بيوتكم وأولادكم. وقال: شفى النفس قتلى من سليم وعامر ... ولم تشفها قتلى غنى ولا جسر أي لأنهم ليسوا أكفاء. ولا جشم شر القبائل إنها ... كبيض القطا ليسوا بسود ولا حمر بيض القطا أرقط أي فهم ألوان ليسوا من نجر واحد. وقوله: على العيارات هداجون قد بلغت ... نجران أو بلغت سواءتهم هجر العيارات الحمر غير وأعيار وعيرة وعيارات، والهدجان تقارب الخطو. وقال يهجو جريراً: سبنتى يظل الكلب يمضغ ثوبه ... له في مغاني الغانيات طريق السبنتي الجرئ، يمضغ الكلب ثوبه من أنسه به ومعرفته له، والمغاني منازل القوم ومالهم، يريد أنه مخالف إلى جاراته فيداري الكلاب بالشيء يطعمها فهي آنسة به. آخر:

فإن ترصداني ظالمين وتلمسا ... مكان فراشي فهو بالليل بارد يقول ذلك لرفيقه يرغمهما بذلك أي هو كما تظنان. وأما قول الآخر: صبح حجراً من منى لأربع ... دلهمس الليل برود المضجع فإن هذا مدح يريد أنه صاحب سرى. وقال الأخطل: أجرير إنك والذي تسمو له ... كأسيفة فخرت بحدج حصان حملت لربتها فلما عوليت ... نسلت تعارضها مع الأظعان الحدج مركب المرأة، والأسيفة الأمة، يقول حملت الأمة الحدج ففخرت به فلما عولى على البعير وركبته مولاتها نسلت هي مع الظعن، يقول: فأنت تعد مآثر ليست لك. وقال بشر: فإني والشكاة لآل لأم ... كذات الضغن تمشي في الرفاق الرفاق حبل يشد من العنق إلى المرفق وذلك إذا أعلت إحدى يدي الناقة فتشد إليه اليد الصحيحة فلا يعنت السقيمة، وزعموا أن بني بدر كانوا يأمرونه بهجاء آل لأم وأن يخبر أنهم ينهونه فقال كما

أرادوا يقول في هجائهم هوى وأنا أمنع من ذلك كهذه الناقة. وفيه قول آخر يقول أنا وهم كامرأة في صدرها ضغن على قوم فهي تمشي في الرفاق تشكوهم، يقول فأنا على آل لأم كهذه المرأة لأن في قلبي حنقاً عليهم. وقال طرفة يهجو: ويشرب حتى يغمر المحض قلبه ... وإن أعطه أترك لقلبي مجثما المحض اللبن الحليب، يقول أن أعطيت ما أعطى لم أصنع ما أعطى لم أصنع صنعه ولكني أدع في قلبي مجثماً للرأي والهموم. وقال الطرماح يمدح رجلاً ويهجو آخرين: يمسي ويصبح جوفه من قوته ... وبه لمختلف الهموم مجارى ويبيت جلهم يكت كأنه ... وطب يكون إناه بالأسحار يكت من الكتيت وهو الهدر الضعيف، ويقول كأنه وطب يضطرب، وإناه وقته الذي يمخض فيه. وقال آخر: طرفة: فما ذنبنا في أن أداءت خصاكم ... وأن كنتم في قومكم معشراً اءدرا إذا جلسوا خيلت ثيابهم ... خرانق توفي بالضغب لها نذرا شبه أدراتهم بالخرانق أولاد الأرانب، والضغيب أصواتها والأدرة لها صوت. وقال النابغة الجعدي:

كذى داء بإحدى خصيتيه ... وأخرى لم توجع من سقام فضم ثيابه من غير برء ... على شعراء تنقض بالبهام البهام أولاد الغنم جمع بهم، يقول أراد أن يقطع الخصية التي بها الإدارة فغلط فقطع الصحيحة، وهو قوله فضم ثيابه من غير برء، شعراء ذات شعر، تنقض تصوت يقال أنقضت الدجاجة والعقاب صوتت. وقال النمر: إن بني ربيعة بعد وهب ... كراعي البيت يحفظه فخانا أي كمن اؤتمن على بيت يحفظه فخان الذي ائتمنه، بعد وهب معناه إذا كان وهب خائناً فمن بقي بعده، ولم يرد بعد أن مات وهب. وقال آخر يهجو عمارة بن عقيل: إذا ما كنت جار بني كليب ... فلا تسرح بساحتهم حمارا فإن لم يأكلوا رووا عليه ... بهامات وأكباداً حرارا رووا عليه استقوا، بهامات جمه بهام وبهام جمع بهم وهي صغار الغنم. وقال آخر: يا إبلي تروحي وانمطي ... وصعدي في ضفر وانحطي إلى أمير بالغبيب ثط ... وجه عجوز جليت في لط انمطى امتدى في السير، يقال مط ومد، وضفر رمل منعقد، واللط القلائد التي تعمل من حنظل بمكة والمدينة.

وقال آخر أبو الملثم: متى ما أشأ غير زهو الملو ... ك أجعلك رهطاً على حيض أبو عبيد: الرهط جلد يشق فيلبسه الصبيان، وهذا مثل وإنما أراد إذاً أسبك وألبسك العار، كقول الشاعر: كأني نضوت حائضاً من ثيابها وكذلك قول امرئ القيس: ثياب بني عوف طهارة نقية يعني طهارى من العار والغدر، وقال جرير: وقد لبست بعد الزبير مجاشع ... ثياب التي حاضت ولم تغسل الدما وقال للبعيث: يا عبد بيبة ما عذابك محلبا ... لتصيب عرة مجرب وتلاما يا ثلط حائضة تروح أهلها ... عن ماسط وتندت القلاما محلباً معيناً، مجرب صاحب إبل جربى، ويروى: ما عذيرك. وقال زهير: وما أدري وسوف أخال أدري ... أقوم آل حصن أم نساء فإن تكن النساء مخبآت ... فحق لكل محصنة هدأ

والمعنى فإن قالوا النساء التي في الخدور فينبغي أن يزوجن إذا، والهداء الزفاف، وبعده: وإنما أن تقولوا قد أبينا ... وشر مواطن الحسب الآباء كان يطلب أن يخلوا الأسارى الذين في أيديهم فقال للحسب مواطن موطن عطية وموطن قتال فشر مواطنه أن يأبى أن يعطي شيئاً. وقال الجعدي: ولو أصابوا كراعاً لا طعام لهم ... لم ينضجوها ولو أعطوا لها حطبا ترقش العث في بطن الأديم فما ... نالوا بذلكم تقوى ولا نشبا العث شيء يشبه السوس يقع في الأديم، والترقش التحرك، شبههم بذلك. وقال الشاعر: وهو وبرة لص معروف: على رؤوسهم حماض محنية ... وفي صدورهم جمر الغضا يقد ذكر مشايخ يشهدون ورؤوسهم مخضوبة بالحناء فشبهها بالحماض وهو أحمر وله ثمر أشكل إلى الحمرة. وقال الجعدي وذكر فرساً: فجرى من منخريه زبد ... مثل ما أثمر حماض الجبل أي زبد أحمر من الدم، وقال العجاج: والشيب بالحناء كالحماض وقال آخر وذكر ديكاً ويروى للأخطل:

كأن حماضةً في رأسه نبتت ... من آخر الصيف قد همت بإثمار وقال أبو خراش لامرأته لامته على ترك القتال: لامت ولو شهدت لكان نكيرها ... ماء يبل مشافر القبقاب أي لبالت. وقال الأعلم: فلا والله لا ينجو نجائي ... غداة لقيتهم بعض الرجال هوا مثل بعلك مستميت ... على ما في وعائك كالخيال أي لا ينجو نجائي رجا هواء أجوف ليس له فؤاد أي يموت على الزاد بخلاً وهو كالخيال ليس عنده غناء إنما هو كالشيء المنصوب، وقال أبو جندب: وجاءت للقتال بنو هلال ... فدري يا سماءً بغير قطر أي جاءوا بوعيد ليس معه صدق كما يأتي السماء بغير قطر يهزأ بهم. وقال كثير: ويحشر نور المسلمين أمامها ... ويحشر في أستاه ضمرة نورها يريد أنهم برص الفقاح. ومثله لزياد الأعجم:

ولا يد بح منهم خاري أبداً ... إلا حسبت على باب إسته القمرا ومثله: عجبت لأبلق الخصيين عبد ... كأن عجانه الشعري العبور وقال رجل يهجو قوماً من بني أسد: عراجلة بيض الجعور كأنهم ... بمنعرج الغيطان شهب العناكبب إذا كان قوت الرجل اللبن ابيض جعره فأراد أنهم لا يأكلون اللحم للؤمهم وإنما قوتهم اللبن. وقال آخر: حتى إذا أضحى تدرى واكتحل ... لجارتيه ثم ولى فنثل رزق الأنوقين القرنبي والجعل الأنوق الرخمة فجعل القرنبي والجعل على الاستعارة وذلك أنها كلها تقتات العذرة. وقال آخر وذكر امرأة: كأن مهوى قراطها المعقوب ... على دباة أو على يعسوب المعقوب قرط من عقب، وقال بعض الأعراب: معقوب من العقاب وهو الخيط الذي يشد به طرف الحلقة، على دباة من قصر عنقها. وقال الفرزدق: غشى بثويبها الدخان ترى لها ... شريجين في بالي المشاشة أكواعا ترى اللاهج المخلول يتبع ريحها ... وإن كان منتوف الفرائص أقرعا

شريجين لونين يعني الذيار والعبس، بالي المشاشة يعني معصمها، والأكوع الذي مال كوعه في جانب والكوع رأس الزند الذي يلي الإبهام، واللاهج الفصيل الذي لهج بالرضاع، والمخلول الذيخل لسانه فإذا دنا من أمه نخسها به فزبنته، يتبع ريحها لأنه يجد منها ريح اللبن وإن كان به فزع فهو يتبعها على ضعفه، يذكر أنها راعية حلابة. وقال آخر: ابني لبيني إن أمكم ... أمة وإن أباكم وقب أكلت خبيث الزاد فاتخمت ... منه وشم خمارها الكلب وقب خاو ضعيف، وأراد أن خمارها زهم قد تقيأت فيه. آخر: تخاله إذا مشى خصياً ... من طول ما قد حالف الكرسيا أي قد اعتاد الجلوس والنعمة فهو يمشي رويداً متفحجاً كأنه قد خصى فهو يشتكيهما. قال الفرزدق: رأيت رجالاً كسبهم بأكفهم ... وكسب فراس باسته قاعد فراس كان رائضاً للإبل. وقال أيضاً: أمير المؤمنين وأنت عف ... كريم ليس بالطبع الحريص أأطعمت العراق ورافديه ... فزارياً أحذ يد القميص رافداه دجلة والفرات. أحذ خفيف أراد أنه خائن.

عبد الرحمن عن عمه، قال: طرفة: فكائن ترى من يلمعي محظرب ... وليس له عند العزائم جول ومن مرثعن في الرخاء مواكل ... وهو بسمل المضلعات نبيل المحظرب المتشدد في الرأي ويقال وتر محظرب إذا كان شديد العقد، والمرثعن المتثني، والسمل الإصلاح، نبيل حاذق، قال أبو ذؤيب: نابل وابن نابل وقال العدواني ذو الإصبع: ترص أفواقها وقوتها ... أنبل عدوان كلها صنعا وأنشد الرياشي عن الأصمعي: نمى ما لهم فوق الوصوم فأصبحوا ... أبارق مال والوصوم كما هيا أبارق مال أي جبال مال، والوصوم العيوب يريد أنهم رفعهم المال وعيوبهم كما كانت. حميد بن ثور يهجو امرأة. جلبانة ورهاء تخصى حمارها بفي ... من بغي خيراً لديها الجلامد جلبانة غليظة الخلق جافيته، ورهاء رعناء، يقول هي قليلة الحياء لا تبالي ما صنعت، وإذا خصت المرأة الحمار لم يبق شيء من المكروه إلا أتته.

عريبية لا ناخس من قدامة ... ولا معصر تجري عليها القلائد من بني غريب حي من اليمن، ويقال للوعل إذا أسن فبلغ قرنه ذنبه ناخس، قدامة مصدر قديم والمعصر التي دنت من الحيض، أي هي نصف. إزاء معاش لا تحل نطاقها ... من الكيس فيها سؤرة وهي قاعد أي مصلحة للمال، سؤرة بقية، قاعد من الولد. إذا الحمل الربعي عارض أمه ... عدت وكري حتى تحن الفدافد يقول إذا عارض الحمل أمه ليرضعها عدت هذه المرأة وكري والوكر شدة النزو ثم تنزع الخلف من فم الحمل ويشتد عدوها حتى تسمع للأرض حنيناً، والفدافد واحدها فدفد وليس هو بالصلب ولا اللين من الأرض. فجاءت بذي أونين ما زال شاته ... تعمر حتى قيل قد مات خالد يعني وطباً ضخم حنباه حتى أونا أي صارا كأنهما عدلان.

فذاقته من تحت اللفاف فسرها ... جراجر منه وهو ميلان ساند فأرست له منها حيود كأنها ... ملاطيس أرساها لتثبت واتد يريد أثبتت حيود يديها ورجليها في الأرض وذلك أنها تشدد لئلا تميل، وحيودها مرافقاها وركبتاها ويداها، والملطس مغول يدق بها الصخر. وقيل لها جدي هويت وبادري ... غناء الحمام أن تميع المزابد فغصت تراقيه بصفراء جعدة ... فعنها تصاديه وعنها تراود أي قيل لها اشرعي في مخض سقائك قبل أن يروب، والمزابد الأسقية واحدها مزبد، صفراء زبدة وإذا اصفرت فهو أدسم لها، يعني فم السقاء. وقال آخر: ترى التيمي يزحف كالقرنبي ... إلى تيتية كقفا القدوم يعني أنها رسحاء. وقول رؤبة: أكدي الكدي وأكذب النواكدا أي منع الناس ما عنده واشتد، والنواكد اللواتي تنكد ما عند الرجل وتستخرجه كرها ومنه قولهم جرى الفرس غير منكود.

كتاب الذباب والبعوض

أي غير مستحث، أي أكذبها فلم تخرج شيئاً، والكدية المكان الغليظ. أنشد ابن الأعرابي: تعدون القراح ولن تعدوا ... علي نقارة إلا القراحا يقول ما لكم عندي يد إلا أنكم فريتموني ماء قراحاً، ونقارة كما تقول مالك نقرة ولا أثر بقدر نقرة الطائر. تم المجلد الأول من كتاب المعاني الكبير لابن قتيبة المشتمل على الجزء الأول في كتاب الخيل والجزء الثاني في كتاب السباع والجزء الثالث في كتاب الطعام والضيافة. ويتلوه المجلد الثاني المشتمل على الجزء الرابع في كتاب الذباب والبعوض والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم لكل حرف جرى به القلم إلى يوم القيامة.

الأبيات في الذباب

//الرابع من كتاب المعاني كتاب الذباب والبعوض الأبيات في الذباب كثرة الذباب وسمع أصواتها علم أنه نبت كثير فكان طنينها عليه لعباً أي يقلن لعبا. وقال آخر في مثله: ولقد هبطت الواديين ووادياً ... يدعو به الأنيس به العضيض الأبكم يريد الذباب.

وقال الشماخ وذكر الحمار والآتن. يكلفها أن لا تخفض جأشها ... أهازيج ذبان على غصن عرفج يقول يكلفها الحمار أن لا تسكن أهازيج الذباب قلوبها فتشغل بالنبت عنه. وقال المتلمس: وذاك أوان العرض حي ذبابه ... زنابيره والأزرق المتلمس العرض واد اليمامة، يقول حي ذبابه وجاش ولما كثر نبته والأزرق ذباب ضخم أخضر يكون في الرياض، وقوله حي ذبابه زنابيره فجعل الزنابير من الذباب، فالعرب تجعل الفراش والنحل والزنابير كلها من الذباب، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " كل ذباب في النار إلا النحلة "، وروي عنه عليه السلام " عمر الذباب أربعون يوماً وهو في النار "، وقوله والأزرق المتلمس يريد الطالب، وبهذا البيت سمي المتلمس. وقال ذوالرمة يصف الإبل: بعدما، وخطن بذبان المصيف الأزارق وخطن لدغن، والذباب الذي يهلك الإبل الأزرق. قال أرطأة بن سهية: إني امروءٌ تجد الرجال عداوتي ... وجد الركاب من الذباب الأزرق

يقال بعير مذبوب إذا عرض له داء يدعو الذبان إلى السقوط عليه. يعرفون الغدة إذا أصابت البعير بسقوطها عليه. وقال ذو الرمة يذكر حميرا: يذببن عن أقرابهن بأرجل ... وأذناب زعر الهلب زرق المقامع المقامع الذباب الواحدة قمعة جمع على مفاعل مثل مطايب الجزور والواحد أطيب، والخيل تجري على مساويها والواحد سيء، وفيه مشابه من أبيه والواحد شبه، ويروي: ضخم المقامع: والواحدة مقمعة وهي الجحافل من الحمر والخيل ومن الإبل المشافر. وقال العجاج يصف جمله: وباديات من ذباب زرقا ... ينتق رحلى والشليل نتقا ينفض عنه عنترا وبقا بوادي الشيء أوائله، ينتق ينفض ويحرك ولذلك قالوا للمرأة الكثيرة الولادة ناتق، والشليل مسح يكون على عجز البعير، والعنتر ضرب من الذباب يؤذي الدواب. وقال ذو الرمة وذكر حميرا: يقلبن من شعراء صيف كأنها ... موارق للدغ انخزام مرامي أراد خزم مرماة وهي السهم. وقال أوس بن حجر: ألم تر آن الله أنزل مزنة ... وعفر الظباء في الكناس تقمع

تقمع تطرد عنها القمعة وهو ذباب أزرق، يقول خصه الله بهذه المزنة في غير وقت مطر في الحر والذباب لم يخف ولم يذهب. وقال ابن مقبل وذكر فرساً: ترى النعرات الخضر تحت لبانه ... فرادي ومثنى أصعقتها صواهله فريساً ومغشياً عليه كأنها ... خيوطة ماري لواهن فاتله النعرة ذبابة كبيرة، أصعقتها أي غشي عليها لصهيله، والماري الكساء الذي له خيوط مرسلة، والخيوط والخيوطة واحد، شبه النعرات للخطوط التي فيها بهذا الكساء المخطط بسواد وبياض، ويقال أن الماري صائد القطا شبهها بالخيوط التي تكون في شبكته والقطاة يقال لها مارية، وقال مطير بن الشيم الأسدي وذكر فرساً: تكب الذباب لدى طرفها ... أمام اليدين وقيضاً لهيدا يريد أن الذباب إذا دنا من جفن عينها ضربته به فقتلته. وقال المرقش: بمحالة تقص الذباب بطرفها ... خلقت معاقمها على مطوائها وقال آخر وذكر حماراً: من الحمير صعق ذبانه ... بكل ميثاء كتغريد المغن والنعرة ربما دخلت في أنف البعير فيزم بأنفه، والعرب تشبه ذا الكبر من الرجال إذا صعر خده وزم بأنفه بذلك البعير، قال عمر لا

أقلع عنه حتى أطير نعرته، قال امرؤ القيس وذكر كلباً طعنه ثور: فظل يرنح في غيطل ... كما يستدير الحمار النعر وقال الشماخ وذكر ناقةً: تذب ضيفاً من العراء منزله ... منها لبان وأقراب زهاليل وأراد: منزل هذا الذباب هذه المواضع، زهاليل ملس. وقال ابن مقبل وذكر نبتاً: والأزرق الأخضر السربال منتصب ... قيد العصا فوق ذيال من الزهر يقال هو اليسروع وهو يكون في الخصب ويقال أن اليسروع إذا سلخ صار فراشة، وقال الكميت: بها حاضر من غير جن يروعه ... ولا أنس ذو ارونان وذو زجل يعني البعوض، أرونان صوت وكذلك الزجل. وقال أبو كبير وذكر نبتا: وكأن أصوات الخموش بجوه ... أصوات ركب في ملاً مترنم عجل الرباح بهم فتحمل عيرهم ... مصطافة فضلات ما في القمقم الخموش البعوض، مترنم يتغنى، عجل بالركب ربح ربحوه في عيرهم ففرحوا، مصطافة في الصيف، وأراد بالقمقم الدن. وقال أبو وجزة ز ذكر صائداً:

يبيت جارته الأفعى وسامره ... رمد به عاذر منهن كالجرب الرمد الغبر في كدرة - والقتم الغبر في حمرة - والغبس الغبر في صفرة - يريد بعوضاً، والعاذر الأثر من قرصهن. وقال آخر: مثل الشذاة دائم ظنينها ... ركب في خرطومها سكينها يصف بعوضة والشذاة ذبابة كبيرة والذباب والبعوض من ذوات الخراطيم وخرطومه هو يده ومنه يغني وفيه يجري الصوت كما يجري الزامر الصوت في القصبة بالنفخ. وقال ابن أحمر: كلفتني مخ البعوض فقد ... أقصرت لانجح ولا عذر أي كلفتني ما لا يقدر عليه. وكذلك قول الآخر: أيقنت أن إمارة ابن مضارب ... لم يبق منها قيس أير ذباب أي لم يبق من شيء. وقال الحارث بن حلزة يذكر الميت وما يخلفه: يترك ما رقح من عيشه ... يعيث فيه همج هامج الترقيح إصلاح المال: يقال للتاجر مرقح، والهمج البعوض، شبه الوارث في ضعفه به. وقال ذو الرمة وذكر الحر:

وحتى سرت بعد الكرى في لويه ... أساريع معروف وصرت جنادبه اللوي البقل حين يبس وفيه بعض الرطوبة، يقول: الأساريع تصعد في اللوى بعد النوم، واحدها أسروع، ومعروف واد. وقال آخر: بأرض خلاء ما يغشى بعيرها ... على الماء طراد الشذى ولبودها الشذى ذباب الإبل وهو يؤذيها الواحد شذاة. ولبودها ما لبد منها، يقول ليس بها نبات فيكون بها ذباب، وإنما قيل فرية غناء لأن الذباب يكثر فيها ويصوت وفي صوته غنة. وقال آخر: كأن بني ذؤيبة رهط حسل ... فراش حول نار يصطلينا يطفن بحرها ويقعن فيها ... ولا يدرين ماذا يتقينا نسبهم إلى الجهل والطيش، يقال أطيش من فراشة، وما فلان إلا فراش نار وذبان طمع، ويقال فلان أزهى من ذباب، وإنما قيل ذلك لأنه يسقط عل أنف الملك الجبار ومآقي عينيه. وأنشد: وأعظم زهواً من ذباب على خر ... وأبخل من كلب عقور على عرق وقال الراجز يصف البعوض: وليلة ما أدر ما كراها ... أمارس البعوض في دجاها كل زجول خفق حشاها ... لا يطرب السامع من غناها

الأبيات في الجراد

وقال آخر: إذا البعوض زجلت أصواتها ... وأخذ اللحن مغنياتها لم تطرب السامع خافضاتها ... وأرق العينين رافعاتها كل زجول تتقي شذاتها ... رامحة خرطومها قناتها وقال ذو الرمة وذكر أرضاً: وليس لساريها بها متعرج ... إذا انجدل اليسروع وانعدل الفحل متعرج مقام، واليسروع والأسروع دويبة تكون في البقل كأنها إصبع فإذا يبس البقل ماتت، وانعدل الفحل جفر وذهبت غلمته وذلك في شدة القيظ، انجدل مات. الأبيات في الجراد قال الشاعر: وجمع بني القين بن جسر كأنهم ... جراد يباري وجهة الريح مسنف مسنف مجدب يقال أرض مسنفة أي مجدبة ومنه قول القطامي. وذكر أرضاً: ونحن ترود الخيل وسط بيوتنا ... ويغبقن محضاً وهي محل مسانف وإذا أجدب الجراد طار. وقال ابو جندب الهذلي: على حنق صبحتهم بمغيرة ... كرجل الدبا الصيفي أصبح سائماً

الصيفي لا يجد في الأرض من النبات ما يسقط عليه فهو سائم ذاهب في الرض. وقال ذو الرمة: يضحي به الأرقش الجون القرا غردا ... كأنه زجل الأوتار مخطوم الأرقش الجراد، الجون القرا غردا، كأنه طنبور زجل الأوتار. معروريا يرمض الضراض يركضه ... والشمس حيرى لها بالجو تدويهم معرورياً يعني الجرادقد ركب رمض الحصا، والرمض شدة الحر أي باشره، يركضه ينزو من شدة الحر، والشمس حيرى كأنها لا تمضي من بطئها، والتدويم التدويرأي تدور الشمس على الرؤوس كانها ركدت من طول النهار، يقال ذوم الطائر إذا دار وارتفع. كأن رجليه رجلاً مقطف عجل ... إذا تجاوب من برديه ترنيم يريد كأن رجلي الجرادة رجلا رجل عجل يستحث جمله برجله فهو ينزو، وبراده جناحاه، يقول تصر رجلاه في جناحيه فتسمع صوتهما، ترنيم تصويت. ومثله قول أبي زبيد الطائي: ونفى الجندب الحصى بكراعيه وأذكت نيرانها المعزاء وقال آخر: وصر في جناحه إذ نشره ... وظيف ساق حمشة مؤشره أي لها تأشير. وقال آخر:

وكتيبة لبستها بكتيبة ... كالثائر الحيران أشرف للندا الثائر الجراد، أشرف أتى الشرف للندى الذي أصابه. ومثله للعجاج: وفثأت عنه ضحى الشرق الخصر والعرب تقول: أجرد من جراد، وإنما يصطاد الجراد بالسحرو إذا وقع عليه الندى طلب مكاناً أرفع من موضعه فإذا كان مع الندى برد لبد في موضعه. وقال الكميت يهجو بارقاً وهي قبيلة: تنفض بردى أم عوف ولم تطر ... لنا بارق بخ للوعيد واللرعب ام عوف الجرادة وبرداها جناحاهاٌ؛ شبههم بها لضعفهم. وقال آخر: فما صفراء تكنى أم عوف ... كأن رجلتيها منجلان وقال آخر:

إذا ارتجلت عن منزل تركت به ... سخالاً يعاجى بالتراب صغارها يعاجي يغذي وهو من العجى وهو الذي ففد أمه فصاحبه يرضعه ويقوم عليه، يعني الجراد ويقال أراد القردان. وأنشد أبو زيد لعوف بن ذروة. قد خفت أن يحدرنا للمصرين ... ويترك الدين علينا والدين زحف من الخفيان بعد الزحفين ... من كل سفعاء القفا والخدين ملعونة تسلخ لوناً لونين ... كأنها ملتفة في بردين تنحي على الشمراخ مثل الفأسين ... أو مثل مئشار غليظ الحرفين أنصبه منصبه في قحفين الجراد يسلخ فيحدث له لون غير لونه الأول، وكل طائر له غلاف في جناحيه مثل العجل والدبر فإنه يسلخ، وسلخ الطير تحسيرها، وسلخ الحوافر إلقاء عقائقها، وسلخ الإبل طرح أوبارها، وسلخ الأيائل نصول قرونها، وسلخ الأشجار إلقاء ورقها، والأسروع يسلخ فيصير فراشة، والبرغوث يسلخ فيصير بعوضة، والنمل تحدث لها أجنحة ويتغير خلقها. والسراطين تسلخ فتضعف

عند ذلك عن المشي. وقال بشر بن أبي خازم وذكر فرساً: مهارشة العنان كأن فيه ... جرادة هبوة فيها اصفرار وصف الجرادة بالصفرة لأن الذكور فيها صفر وهي اخف أبداناً وتكون لخفة الأبدان أشد طيراناً. وقول آخر: حتى رأينا كدخان المرتجل ... أو شبه الخيفان في سفح الجبل يقال هو الذي اصاب رجل جراد فهو يشويه. وقال عمرو بن معدي كرب: السكاك المسامير التي في الدروع شبهها بحدق الجراد، ويشبه حباب الماء والشراب بحدق الجراد. قال المتلمسك عقارا عتقت في الدن حتى ... كأن حبابها حدق الجراد وإذا صفا الشراب شبه بلعاب الجراد. قال أبو الهندي: صفراء من حلب الكروم كأنها ... ماء المفاصل أو لعاب الجندب ولعابه سم على الشجر لا يقع على شيء منه إلا أحرقه. وقال آخر وذكر ناقة: تلفى بعيداً من الحادي إذا ملأت ... شمس النهار عنان الأبرق الصخب الأبرق الجندب وذلك أن فيه سواداً وبياضاً، وعنانه جهده ويقال

الأبيات في النحل والعسل

لكل شيء عدا جهده قد امتلأ عنانه، والصخب بجناحيه إذا وقعت رجلاه فيهما. وقال ساعدة بن جؤية: صابوا بستة أبيات وأربعة ... حتى كأن عليهم جابئاً لبدا: أي أوقعوا بهم، والجائبي الجراد نفسه ويقال لكل ما طلّع عليك جائبي وقد جبأ عليك، واللبد المتراكب بعضه على بعض. وأنشد ابن أعرابي: وجاء ريعان جراد مائجه ... سم الربيع استسر باهجه يريد أن الجراد إذا وقع على البقل فبزق عليه احرقه وهو سمه، باهجه حسنه. الأبيات في النحل والعسل قال الكميت يذكر النساء: كأن حديثهن غريضٌ مزنٌ ... بما تقري المخصّرة اللسوبُ الغريض الطري، والمزن السحاب، شبه حديثهن بماء السماء حين نزل، تقرى تجمع، والمخصّرة النحل، واللسوب التي تلسع، يقال لسبته لسبا. وقال الشماخ: كأن عيون الناظرين تشوفها ... بها عسل، طابت يدا من يشورها المعنى كأن عيون الناظرين التي تشوفها تلك الظعائن من حلاوة

النظر إليها بها عسل، وقال الأصمعي: المعنى كأن عيون الناظرين إليها تشوفها عسل بالمرأة أي طيب يجدونه في النظر كطيب العسل، والعسل تذكر وتؤنث، يشورها يجبنيها، وقوله طابت يدعو لليدين بالطيب. تناول شوراً من مجاجات شمّذ ... باعجازها صفر لطاف خصورها والشور ما جني من العسل، والمجاجات ما مجته من أفواهها، شمّذ بأعجازها رافعات لأذنابها. وقال ابن مقبل وذكر النواقيس: كأن أصواتها من حيث تسمعها ... صوت المحابض يخلجن المحارينا المحابض عيدان تكون مع المشتار يشتار بها العسل، والمحارين جمع محران وهو الذي لا يريم مكانه، يصف نحلا جلاهن المشتار بالمحابض فإذا نزع النحل من أماكنهن من الإشتيار حرنّ فلم يرمن، يخلجن يجذبن، وروى ابن الأعرابي: صوت المشاور يفزعن المحارينا، وقال شبه أصوات النواقيس بأصوات العيدان التي تضرب بها النحل لتنفر من أماكنها فيتمكن من الإشتيار، وقال بعضهم المحابض الأوتار، والمحارين حب القطن، أي كأنها أصوات منادف ينزعن بها حب القطن من القطن. وقال أبو ذؤيب وذكر خمراً:

بأرى التي تهوي إلى كل مغرب ... إذا اصفر ليط الشمس حان انقلابها الأرى العمل والأرى العسل جميعاً يقول: الخمر بعمل التي تهوى التي تطير، والمغرب كل شيء وأراها من حرف أو غيره، وليط الشمس لونها وأصل الليط الجلد والقشر. بأرى التي تأري اليعاسيب أصبحت ... إلى شاهق دون السماء ذؤابها أراد بعمل العسل التي تعملها اليعاسيب وهي ذكور النحل، ذؤابها أعاليها جمع ذؤابة. جوارسها تأرى الشعّوف دوائباً ... وتنصبّ ألهاباً مصيفاً شعابها الجوارس الأواكل، في الحديث " نحل جرست العرفط " تأرى الشعوف أي تعمل في الشعوف وهي أعالي الجبال، دوائباً في العمل، وتنصب ألهاباً أي تنحدر فيها واللهب الهواء بين شرفين، وقوله مصيفاً شعابها أي هو بارد يصطاف فيه، ويقال مصيفاً أي عادلاً معوجاً من ضاف السهم إذا عدل، ويروى كرابهان وهي مجاري الماء واحدها كربة. إذا هبطت به تصعد نفرها ... كقتر الغلاء مستدرّاً صيابها

نفرها ما نفر منها، تصعده أي شق عليه الجبل، والقتر نصل سهم الأهداف، مستدر درير، صيابها قواصدها، والغلاء المغالاة - شبه مر النحل بمر سهام الأهداف. تظلُّ على الثمراء منها جوارسٌ ... مراضيعُ صهبُ الريش زغبٌ رقابها الثمراء جبل ويقال شجر، مراضيع أي معها أولادها، صهب الريش أراد صفر الأجنحة. فلما رآها الخالدي كأنها ... حصى الخدف تهوى مستقلاً إيابها أجد بها أمراً وأيقن أنه ... لها أو لأخرى كالطحين ترابها يريد أن مآباً منها قد استقل وطار، أجد أمراً أي جد بها أمره واعتزم كما تقول قمر به عيناً أي قرت عينه به، أراد به أنه اعتزم على أن يدلي نفسه وأيقن أنه للجبل أي يصل إلى وقبتها فيأخذ ما فيها، أو الأخرى يعني الأرض إن انقطع حبله وسقط والتي كالطحين ترابها هي الأرض. فقيل تجنّبها حرام وراقه ... ذراها مبيناً عرضها وانتصابها حرام إسم المشتار، يقول خوّفها وحذرها، وراقه أعجبه ذرى العسل ولا يرى إلا أعاليه لأنه مطرور بالشمع، عرضها عرض الشهد وانتصابها في السماء يريد قرصة الشهد. فأعلق أسباب المنية وارتضى ... ثقوفته إن لم يخنه انقضابها أسباب المنية تلك الحبال لأنه على خطر فإن سقط كان سبب

منيته، والثقوفة والثقافة واحد وهو الحذق، وانقضابها انقطاعها. تدلّى عليه بين سبٍّ وخيطة ... بجرداءٍ مثل الوكف يكبو غرابها السب في كلام هذيل مثل السبب، والخيطة الوتد، يقول هو بين الحبل والوتد في أعلى الجبل، والوكف النطع، جرداء صخرة ملساء يزل عنها الغراب من ملاستها. فلما جلاها بالأيام تحيزت ... ثبات عليها ذلّها واكتئابها جلاها طردها وأخرجها والإيام الدخان، تحيزت انحازت وتميزت قطعاً قطعاً، ثبات جماعات الواحدة ثبة. وقال أيضاً وذكر خماراً جلب خمراً: فبات بجمع ثم تمّ إلى منى ... فأصبح راداً يبتغي المزج بالسحل فجاء بمزج لم ير الناس مثله ... هو الضحك إلا أنه عمل النحل راداً أي مرتاداً يطوف يبتغي عسلاً يمزج به خمره، والمزج العسل والسحل النقد، يقال سحله مائة درهم مثل نقده، والضحك الثغر يقول جاء بعسل هي الثغر بياضاً، قال الأصمعي سألت بن أبي طرفة عن الضحك فقال أظنه أراد المضحك أي بياض الثغر. وقال ابن الأعزابي يقال للطلع الضحك والأغريض، يقال ضحك النخل وهو أن ينشق كافوره عن طلعه. يمانيةٌ أحيا لها مظّ مأبد ... وآل قراس صوب أسفية كحل

المظّ الرمان البري تأكل النحل نوره، ومأبد بلد، قراس أجبل معروفات لهذيل، كحل د، أسفية جمع سفى والسفى والرمى سحابتان شديدتا الوقع عظيمتا القطر ليس لهما جدا على الأرض وهما سوداوان من سحاب الحميم والخريف. وقال: وما ضرب بيضاء يأوي مليكها ... إلى طنف أعيا براق ونازل الضرب العسل الأبيض الذي قد صلب يقال قد استضرب العسل، والطنف ما نتأ من الجبل، ومليكها أميرها وهو اليعسوب. نهال العقاب أن تمر بريده ... وترمي دروءاً دونه بالأجادل الريد الناحية من الجبل، والدروء العوج يقال بين القوم درء، والأجادل الصقور. تنمّى بها اليعسوب حتى أقرَّها ... إلى مألف رحب المباءةعاسل تنمى ارتفع بهذا النحل حتى جعلها في مألفه، والمباءة مرجع الإبل أي مبيتها الذي تأوي إليه فضربه مثلاً، عاسل كثيرة العسل كما يقال لابن وتامر: فلو كان حبلٌ من ثمانين قامة ... وتسعين باعاً نالها بالأنامل

يقول لو كان الحل الذي يتدلى به إلى الوقبة ثمانين قامة أو تسعين باعاً لناله يده. وقال سعدة بن جؤية: أرى الجوارس في ذؤابة مشرف ... فيه النسور كما تحبى الوكب يقول هو وعر ففيه النسور قد استدارت فكأنهم الركب قد نزلوا واحتبوا. من كان معنقة وكل عطافة ... مما يصدقها ثوّاب يزعب يعني الهضبة معنقة طويلة العنق، وعطافة منحنى هضبة أخرى ينعطف، وثواب ما يثوب أي يجتمع في الوادي، ويزعب يتدافع يقال مر الوادي يزعب ومر الرجل يزعب بحمله، وقوله مما يصدقها - يقول إذا رأيتها رأيت لها مخيلة يصدقها ما يثوب من الماء. منها جوارس للسراة وتأتري ... كربات أمسلة إذا تتصوّب تأتري تفتعل من الأرى وهو العمل، والكربات مواضع من الوادي فيها غلظ، وأمسلة بطون الأودية التي تسيل، ويروي: وتحتوي كربات، أي تغلب عليها، وقوله: للسراة أي من السراة. فتكشّفت عن ذي متون نير ... كالريط لاهفٍّ ولا هو مخربُ

تكشفت النحل عن ذي متون أي عسل له طرائق بيض وشبهها بالربط في البياض، والهف الخالي الذي ليس فيه شيء مخرب أخذ من الخراب، أراد قرص العسل. وكأن ما جرست على أعضادها ... حيث استقّل بها الشرائع محلب أعضادها أجنحتها، يريد أنها تحمله عليها وشبه ما تحمله من الشمع بحب محلب، قال الأصمعي: ولا يدري من أين تجيء بالشمع، والشرائع طرائق في الجبل شرعت فيه لترعى. حتى أشبَّ لها وطال إيابها ... ذو رجلة شئن البراثن جحنب يقول أبطأ رجوعها وطال حبسها في مسرحها واستمكن مناخذه ذو رجلة صبور على المشي، وقوله: شئن البراثن - والبرثن لا يكون للإنسان إنما هو للسباع فاستعاره، والجحنب القصير. معه سقاء لا يفرّط حمله ... صفن وأخراص يلحن ومسأب يقول لا يخلف سقاءه أين ذهب، والصفن وعاء فيه أداته، والأخراص أعواد يخرج بها العسل وهي المشاور، ومسأب سقاء ضخم. صب اللهيف لها السبوب بطغية ... تنبي العقاب كما يلطّ المجنبُ

السبوب الحبال جمع سبّ وهو في كلامهم مثل السبب، يقول دلى حباله يربطها في شيء ثم دلى، الطغية الهضبة من الجبل صعبة، والمجنب الترس، يلط يستر وكل ما حجبت شيئاً فقد لططت دونه، وإنما أراد أن هذه الطغية كالترس من ملاستها، ثم زاد في الكلام شيئاً من صفة الترس، أراد كالترس الملطوط. وكأنه حين استلم بريدها ... من دون وقبتها لقى يتذبذب يقول المشتار كأنه شيء ألقي فهو يتذبذب أي يتطوّح، ووقبتها حرفها، والريد شبيه بالحيد. فقضى مشارته وحطَّ كانه ... خلق ولم ينشب بها يتسبب مشارته أي ما اجتناه من العسل، وحط تدلى كأنه ثوب خلق، ولم ينشب أي لم يعلق وانخرط منحطاً، يتسبسب ينسل. فأذال ناصحها بأبيض مفرط ... من ماء ألهاب عليه التألّب ناصحها خالصها، ازاله أي فرقه يعني قرص الشهد، بماء أبيض، مفرط يعني غديراً مملوءاً من ماء ألهاب، واللهب شق في الجبل، والتألب شجر، يريد أن الماء ظليل فهو بارد صاف. وقال أيضاً: وما ضربٌ بيضاء يسقي ذنوبها ... دفاق فعروان الكراث فضيمها

ذنوب بلد، وعروان واد، والكراث شجر، وضيم واد. أتيح لها شثن البنان مكزّم ... أخو حزن قد وقّرته كلومها أتيح قدّر لها، شثن البنان خشنها، مكزم قصير الأصابع كزها قد أكلت أظفاره الصخر، أخو حزن جمع حزنة وهو المكان الغليظ، وقرته كلوم تلك الصخرة أي صيرت به وقرات وهي الآثار. قليل تلاد المال إلا مسائبا ... وأخراصه يغدو بها ويقيمها يقول هو قليل أصل المال إلا هذه المسائب والأخراص، وقد فسر فيما تقدم، يقيمها يسوي عوجها. رأى عارضاً يهوي إلى مشمخرّةٍ ... قد أحجم عنها كل شيءٍ يرومها رأى عارضاً من نحل كأنه عارض من سحاب، مشمخرة هضبة طويلة. فما برح الأسباب حتى وضعنه ... لدى الثوال ينفي جثّها ويؤومها يقول ما برحت به الحبال حتى وضعته لدى الثول وهي النحل، والجث ما ليس بخالص من عسلها كأنه ما يعلو العسل من أجنحتها وصغارها، ويؤومها يدخن عليها والإيام الدخان يقام آم يؤوم أوماً. فلما دنا الابراد حط بشوره ... إلى فضلات مستحير جمومها

الابراد العشى، حط بما اشتار من العسل إلى بقايا من ماء غدير ليغسله، ومستحير كثير قد تحير، وجمومها ما جم عنها. وقال أبو ذؤيب: وأشعثٌ ما ل فضلات ثول ... على أركان مهلكة زهوق تأبّط خافة فيها مساب ... فأصبح يقتري مسداً بشيق الخافة السفرة كالخريطة تكون معه، مساب أراد مسأباً فترك الهمز وهو سقاء العسل، يقتري يتبع، مسداً أي حبلاً، شيق أعلى الجبل، والمعنى يتبع شيقاً بمسد فقلب. على فتخاءٍ تعلم حيث تنجو ... وما في حيث تنجو من طريق فتخاء يعني رجله فيها اعوجاج ولين. وقال المسيب بن علس يصف النحل: سود الرؤوس لصوتها زجل ... محفوفة بمسارب خضر بكّرت تعرّض في مراتعها ... فوق الهضاب بمعقل الوبر وغدت لمسرحها وخالفها ... متسربل أدما على الصدر المسارب مجاري الماء، يقول لما سرحت هي ترعى خالفها إلى وقبتها. فأصاب ما حذرت ولو علمت ... حدّبت عليه بضيق وعر أصاب ابعسل، حدبت عليه عطفت عليه بمكان وعر،

تركت مرعاها، فهراق في طرف العسيب إلى ... متقبّل لنواطف صفر حتى تحدر من غواربه ... أصلاً بسع ضوائن وفر العسيب الزق، نواطف ما نطف من العسل أي قطر، والمتقبل لها الزق، يقول فصب في فم الزق إلى داخله حتى نزل من أعالي الجبل عشياً بسبع أسقية من جلود الضأن، وفر واسعة. وقال يصف العسل: ويظل يجري في جواشنها ... حتى يروح مقصر العصر يقول العسل يجري في صدور النحل، مقصر من قصر العشى. وقال النابغة الجعدي في هذا المعنى وذكر امرأة: وكأن فاهاً بات مغتبقاً ... بعد الكرى من طيّب الخمر شرقاً بماء الذوب أسلمه ... للمعتفين معاقل الوبر بكرت تبغي الخير في مسل ... مخروفة ومسارب خضر حتى إذا غفلت وخالفها ... متسربل أدما على الصدر صدع أسيد من شنوءة مشاءٍ ... قتلن أباه في الدهر الذوب العسل، شرق مختلط، يعني جازر العسل، صدع المتوسط بين الطويل والقصير من الرجلين، قتلن أباه يقول

كان أبوه جازر عسل فقتلته النحل يريد أنه سقط عن موضعهن فمات. يمشي بمحجنة وقربته ... متلطفاً كتلطف الوبر فأصاب عرّتها ولو شعرت ... حدبت عليه بضيق وعر حتى تحدّر من منازلها ... أصلاً بسبع ضوائن وفر وقال أبو ذؤيب وذكر النحل: تدلى عليها بالحبال موثّقاً ... شديد الوصاة نابل وابن نابل أي شديد الحفظ لما أوصى به، نابل حاذق. إذا لسعته النحل لم يرج لسعها ... وخالفها في بيت نوب عوامل لم يرج لم يخف، وخالفها إلى بيوتها كما قال المسيب. وخالفها، متسربلاً أدما على الصدر ويروي حالفها أي لازمها ولم يتركها، والنوب النحل التي تنوب أي تذهب وتجيء عوامل تجيءبالشمع. وقال المسيب: وتظل عاملة كذي النّذر قالوا والنحل تقتسم الأعمال بينها فبعضها يعمل الشمع وبعضها يعمل البيوت وبعضها يسقي الماء في الثقب ويلطخها بالعسل ومنها ما يعمل العسل. وقال: فحطّ عليها والضلوع كأنها ... من الخوف أمثال السهام النواصل النواصل السهام التي سقطت نصالها، قال الأصمعي: السهم إذا

الأبيات في الجعل

استرخى تقعقع، يقول: فتسمع لضلوع هذا نقيضاً ورجفاناً من الخوف، وقال غيره: السهم إذا سقط نصله خف فلا يستوي إذا رمي به ولكنه يضطرب فشبه رجفان ضلوعه باضطراب السهام النواصل. وقال كثير: إذا النبل في نحر الكميت كأنها ... شوارع دبر في حشافة مدهن الحشافة الماء القليل، والمدهن نقرة في الصخرة يبقى فيها الماء. الأبيات في الجعل قال الشماخ وذكر حماراً وأتانا: فإن يلقيا شأواً بأرض هوى له ... مفرّض أطراف الذراعين أفلج الشأو هاهنا روثهما، أصله مقدار زبّيل من تراب يخرج من البئر ويقال للزبيل الذي يخرج به التراب المشآة، شبه روثهما في اجتماعه بذلك، مفرض محزوز يعني الجعل. وقال ابن مقبل: ولا أطرق الجارات بالليل قابعاً ... قبوع القرنبي أخلفته محاجره القرنبي دويبة تشبه الخنفساء وهي أعظم منها، والقبوع أن يجتمع وينقبض، يقول لا آتي الجارات ليلاً لريبة مستخفياً. وقال آخر: إذا أتيت سليمى شبّ لي جعل ... إن الشيء الذي يغري به الجعل

الأبيات في القراد

العرب تقول " سدك به جعله يضرب للرجل يلزق به ما يكرهه إذا كان لا يراه وهو يهرب منه، وسدك لزق، وأصله ملازمة الجعل من بات في الصحراء كلما قام تبعه يتوهم أنه يريد الغائط، شبّ تاح وأشب أنيح. وقال آخر وذكر جعلاً: يبيت في منزل الأوام يربؤهم ... كأنه شرطيّ بات في حرس يربؤهم انتظاراً ليحدثوا فيخالف إلى حدثهم. قال: حتى إذا أضحى تدرّى واكتحل ... بجارتيه ثم ولى فنثل رزق الأنوقين القرنبي والجعل الأنوق الرخمة وسمي القرنبي والجعل أنوقين لأنهما يقتاتان العذرة كما تقتاته الرخمة. وقال حسان بن ثابت يهجو: وأك سوداءٌ مودونة ... كأنّ أناملها الحنظب مودونة ناقصة الخلق والحنظب الجعل. وقال عنترة: كأن مؤشر العضدين جحلاً ... هدوجاً بيت أقلبة ملاح يعني جعلاً، وأقلبة جمع قليب. الأبيات في القراد قال الحطيئة: لعمرك ما قراد بني كليب ... إذا نزع القراد بمستطاع

أي لا يقدر على استذلالهم، وأصل ذك أن يجيء الرجل بالخطام إلى البعير قد شرد منه لئلا يمتنع ثم ينزع قراداً من البعير حتى يستأنس به ويدني رأسه ثم يرمي بالخطام في عنقه، أراد أنهم لا يخدعون. وقال آخر وهو الحصين بن القعقاع: هم السمن بالسنّوت لا ألس فيهم ... وهم يمنعون جارهم أن يقرّدا السنوت العسل، والألس الخيانة، وهم يمنعون جارهم أن يستذل كما يستذل البعير فيؤخذ منه القردان. وقال ذو الرمة وذكر ماء: بأعقاره القردان هزلى كأنها ... نوادر صيصاء الهبيد المحطم الأعقار مقام الشاربة، والصيصاء أصله الشيص، والهبيد حب الحنظل. وقال الطماح وذكر ناقة: وقد لوى أنفه بمشفرها ... طلح قراشيم شاحب جسده علّ طويل الطوي كبالية ال ... فع متى يلق العلو يضطعده القراشيم القردان واحدها قرشوم، والطلح القراد والعل منها الكبير الصغير الجسم والطوي الجوع، والسفع حب الحنظل هاهنا وهو أسود، شبه القراد بالبالية منه، يصطعده يفتعل من الصعود، يخبر أنه يرتفع في البعير قليلاً، وقال زهير يصف بعيراً:

غليظ على مجزّى القراد كأنه ... بجانب صفوان يزول ويرتقي يقول لا يجذو عليه القراد من ملاسته واستواء خلقه في السمن والغلظ فيزل عنه كما يزل عن الصفا إذا دب عليه. وقال الشماخ وذكر ناقة: وجلدها من أطوم ما يؤيّسه ... طلح كضاحية الصيداء مهزول أي جلد الناقة كجلد أطوم وهي سمكة تكون في البحر غليظة الجلد، ما يؤيسه ما يؤثر فيه من غلظه، طلح قراد، كضاحية يعني حصاة ظاهرة للشمس شبه القراد به، والصيداء حجارة البرام، والعرب تقول: ألزق من قراد، و: ما هو إلا قراد ثفر، وتقول: أسمع من قراد، ويستدلون عند المياه على قرب الإبل منهم بانتعاش القردان. وقال رشيد بن رميض: لنا غزر ومأوانا قريب ... ومولى لا يدبّ مع القراد اصل هذا أن رجلاً إذا نزلت رفقة بالقرب منه أخذ شنة فجعل فيها قرداناً فينشرها بقرب الإبل فتنتشر فإذا أحستها الإبل نهضت فشد الشنة في ذنب بعض الإبل فإذا سمعت صوت الشنة وعلمت أن فيها القردان نفرت، ثم كان يثب في حذوة بعير منها فيذهب به. وقال الحضين بن المنذر: أوصاني أبي فحفظت عنه ... بفك الغل عن عنق الأسير وأوصى جحدر يوماً بنيه ... بإرسال القراد على البعير

ويقال منه قول الشاعر وهو الأعشى: فلسنا لباغي المهملات بقرفة ... إذا ما طها بالليل منتشراتها قرفة ظنة، يقول لا يظن أنا أخذناها. وقال آخر. وما ذكر وإن سمن فأنثى ... شديد الأزم ليس له ضروس يعني القراد، يقال أنه قراد فإذا كبر وسمن سمي حلمة، والأزم العض. وقال هشام أخو ذي الرمة وذكر فراش ماء: كأن أجسادها الأظفار جامدة ... في قنّف الصقر الآني الشراذيم شبه أجساد بنات الماء حين ماتت بالأظفار وهي كبار القردان، جامدة أي ساكنة لا تتحرك، والقنف طين القاع الذي نشف ماؤه وتشقق طينه، والشراذيم القطع يعني طين القاع، يريد أن أجساد بنا ت الماء ميتة في هذا الطين ككبار القردان، الصقر الذي أصابته صقرة الشمس وهو شدة وقعها، والآني الذي بلغ إناه. وقال آخر. ألا يا عباد الله من لقبيلة ... إذا ظهرت في الأرض شدّ مغيرها

الأبيات في العنكبوت

فلا الدين ينهاها ولا هي تنتهي ... ولا ذو سلاح من معدّ يضيرها يقال هي القردان ويقال البراغيث وهو بالقردان أشبه. وقال أمية بن أبي الصلت وذكر السماء: ولو أنه يجدّ البرام بمتنها ... صعداً لألفاها التي لا تقرد يريد أنها ملساء فالقراد لا يعلق بها لو وجد إليها سبيلاً. الأبيات في العنكبوت قال الزفيان: ومنهل طام عليه الغلفق ... ينير أو يسدي به الخدرنق نسائجاً يجيدها ويصفّق الخدرنق العنكبوت. وقال آخر: ووجناء مرقال كأن لغامها ... على سروات القور نسج الخدرنق وقال الكميت وذكر القطا: جاورن ربّات أبيات بعولتها ... منها مؤنثة الأسماء تعتمل لا بعرف الناس بعلاً من حليلته ... وأين ذو كبرة منها ومقتبل يقول: القطا جاورن مواضع العناكب والذكر منها معروف وكذلك الأنثى لأن تنسج والذكر ينقض ويفسد. ولا تصب إلى جار وإن ظعنت ... بعد المقام وفي أجوافها الثقل

الثقل يعني غزلها وجعله في جوفها وليس في جوفها منه شيء وإنما تنسجه من خارج. وقال آخر وهو الجذامي في مثل هذا أيضاً: كأن وقفا هارون إذ قام مدبراً ... قفا عنكبوت سلّ من دبرها غزل قال الكميت: تدعى اثنتان معاً منها وواحدة ... وإن يكنّ ثلاثاً يكثر الجدل يقول لا اختلاف في اسم الواحدة والاثنتين وإنما الاخلاف في الثلاثة يقال عناكب وعناكيب وعنكبوتات. وقال ذو الرمة: وبيت بمهواة هتكت سماءه ... إلى كوكب يزوي له الوجه شاربه يعني بيت العنكبوت، والمهواة النفنف، أراد ههنا ما بين أسفل البئر وأعلاه، وكوكب الماء معظمه يريد أن الماء بعيد العهد بالناس. وجاءت بنسج من صناع ضعيفة ... ينوس كأخلاق الشفوف ذعالبه أصل الذعالب الثوب، ينوس يتذبذب، شبه ما جاءت به الدلاء من نسج العنكبوت بأخلاق الثياب الرقاق. وقال: رأتني كلاب الحيّ حتى عرفنني ... ومدّت نسوج العنكبوت على رحلي أي عرفتني الكلاب لكثرة ما رأتني وعلا رحلي نسج العنكبوت لطول مقامي.

الأبيات في النمل

وقال الفرزدق لجرير: ضربت عليك العنكبوُ بنسجها ... وقضى عليك به الكتاب المنزل أي بيتك في الذلة والوهن كبيت العنكبوت. وقال الله عز وجل: و " وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت "، وقضى عليك به أي الذل. وقال الطرماح يهجو تميماً: ولو أن أم العنكبوت بنت له ... مظلتها يوم الندى لأكنّت يريد القلة. وأنشد ابن الأعرابي: وماء قد وردت أميم طام ... على أرجائه هلل الهبون أراد نسج العنكبوت. وقال مزرّد: ولو أن شيخاً ذا مئين كأنما ... على رأسه من شامل الشيب قونس تنبّت فيه العنكبوت بناتها ... نواشيء حتى شبن أوهن عنّس العناكب لا تشيب وإنما هو مثل أي كما يطول مكث العانس في بيت أبويها حتى تشيب ولا تتزوج. الأبيات في النمل وأمة كان في أسلاف أولها ... قول أصابت به العجماء مرتجل

أمة يعني النمل، والأسلاف الأوائل، النملة التي تكلمت زمان سليمان عليه السلام، مرتجل مبتدأ من ذات نفسها لم تأثره عن أحد. وقال رؤبة: لو كنت قد أوتيت علم الكحل ... علم سليمان كلام النمل الكحل من الحيوان ما لم يكن له صوت في شيء من أحواله وكذلك النمل والحكلة في الإنسان ثقل في لسانه من العجمة فإذا كان خلقة قيل حبسة. وقال العماني الراجز في عبد الملك بن صالح: ويفهم قول الحكل لو أن ذرة ... تساود أخرى لم يفته سوادها السواد السرار، يقول الذر الذي لا يسمع لمناجاته صوت ولا عليه دليل لو كان بينه سرار لفهمته. وقال ذو الرمة: وقرية لا جن ولا أنسية ... مداخلة أبوابها بنيت شزرا نزلنا بها لا نبتغي عندها القرى ... ولكنها كانت لمنزلنا قدرا يريد قرية النمل، مداخلة بعضها في بعض، بنيت شزرا أي ليست بمستقيمة هي معوجة. وقال أبو النجم: وانتفض البروق سودا فلفلة ... واختلف النمل قطاراً ينقله بين القرى مدبره ومقبله يريد بين قرى النمل، والبروق، وفلفله حمله، وقال البعيث:

ومولى كبيت النمل لا خير عنده ... لولاه إلا سعيه بنمين يقال للنمام: أنه لنم نمل، يريد كأن على لسانه نملاً حتى يتكلم وينم. ومن اللغز: فما ذو جناح لح حافر ... وليس يضّر ولا ينفع يقال أراد النمل، وقوله: حافر يريد أن يحفر جحره بقوائمه لا بفيه. وأما قول الآخر عمرو بن جمعة الدوسي: ولا عيب فينا غير عرق لمعشرٍ ... كرام وإنا لا نخط على النمل فإن النمل ههنا قروح تظهر في الساق، وقال أبو عمرو: المجوس يقولون أنه إذا كان الرجل من أخته ثم خط على النملة يعني هذه القرحة لم تلبث أن تجف، وإنما عرض الشاعر برجل أخواله مجوس فقال لست كأولئك. وروى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للشفاء وهي امرأة " علمّي حفصة رقية النمل ". وقال آخر: لئن أداةً حوضك استدرّا ... ولم يرده ربّك فيه شرّاً ليوشكن أن لا يفوت الذرّا

باب الحيتان والضفادع

أداته الدلو والبكرة والحبل، وقوله أن لا يفوت الذرا أي يمتليء حتى يفيض من أعلاه فلو وردته ذرة لشربت م أعلاه واستدلا استفعل من الدر. باب الحيتان والضفادع قال ذو الرمة: عينا مطلحبة الأرجاء طامية ... فيها الضفادع والحيتان تصطخب أراد فيها الضفادع تصطخب وفيها الحيتان. وقال الشماخ يذكر حماراً: توجسن واستيقنّ أن ليس حاضر ... على الماء المقعدات القوافز يعني الضفادع، ويقال: أرسح من ضفدع. وقال آخر وذكر الضفادع: يدخل في الأشداق ماء ينصفه ... كما ينق والنقيق يتلفه ينصفه أي يبلغ الماء نصف أشداقه والضفدع لا ينق حتى يكون الماء في فمه ماء، وأما قوله: والنقيق يتلفه - فإنه ذهب فيه إلى قول الآخر والبيت للأخطل:

ضفادع في ظلماء ليل تجاوبت ... فدلّ عليها صوتها حية البحر والحيات تأكل الضفادع أكلاً ذريعاً. وقال أوس بن حجر: فباكرن جوناً للعلاجيم فوقه ... مجالس غرقي لا يحلأ ناهله جون يريد غديراً كثير الماء وإذا كثر الماء وكثر عمقه اسود في العين، وقوله: غرقي - كقولك فلان غرق في النعيم، وجعل لها مجالس حول الماء لأنها تظهر على شطوط الأنهار والمياه في المواضع التي تبيض فيها من خوق الرعد وكذلك السرطان والسلحفاءوالرقّ. وقال زهير: يخرجن من شربات ماؤها طحل ... على الجذوع يخفن الماء والغرقا انما تخرج لما أعلمتك لا لما ذكر من خوف الغم والغرق، وهذا البيت مما غلّظ فيه زهير، والشربات شبيهة بالحياض في أصول النخل تملأ ماء لتشرب النخلة - واحدتها شربة. وقال أبو الأخرز تسمع القنقن صوت القنقن زعم بعض العلماء أنه أراد الضفدع قال والضفدع جيد السمع إذا ترك النقيق وكان خارجاً من الماء وهو في ذلك الوقت حذر.

وقال الطرماح: يخافتن بعض المضغ من خيفة الردى ... وينصتن للسمع انتصات القناقن يقال أنه أراد الضفادع واحدها قنقن، ويقال أنهم المهندسون الذين يعرفون مواضع المياه، وإنما يترك النقيق إذا خرج من الماء لأنه لا يقدر عليه حتى يكون في فمه ماء كما أعلمتك، والعلاجيم منها الذكور والسود. وقال أبو وجزة وذكر حميراً وردت ماء: تنحاز منهن أمة خلقت ... جدا مذبحة منها بأوداج أي تنحاز من الحمر في الماء أمة يعني السمك وهي مذبوحة بأوداجها، جدا لا أللبان لها، وكان بعض العلماء يزعم أنه أراد القطا ينحاز من الحمر عند الماء، مذبوحة أراد الأطواق في أعناقها كأنه أثر الذبح وكان يري1يه حذا والقطاة حذّاء. وقال الكميت: يؤلف بين ضفدعة وضبّ ... ويعجب أن نبرّ بني أبينا اليمن أصحاب بحر فلذلك نسبهم إلى الضفادع وبنو نزار أصحاب بر فلذلك نسبهم إلى الضباب، ويقال في المثل: لا يكون ذلك متى تجمع بين الضفدع والضب، وبين الأروى والنعام. وقال الكميت: وعطفت الضباب أكف قوم ... على فتح الضفادع مرئمينا

مرئمين أي عاطفين من قولك رئمت الناقة ولدها، وإنما أراد من ادعى من نزار إلى اليمن، والأعراب تزعم أن الضب خاطر الضفدع أيهما أصر على الماء وكان الضفدع حينئذ ذنب وكان الضب لا ذنب له فخرجا من الكلأ فصبرت للضفدع يوماً فنادت: يا ضب وردا وردا. فقال الضب: أصبح قلبي صرداً ... لا يشتهي أن يردا ونادت في اليوم الثاني يا ضب وردا وردا، فقال الضب: أصبح قلبي صرداً ... لا يشتهي أن يردا إلا عراداً عرداً ... وصلّيانا بردا فلما كان في اليوم الثالث نادت أيضاً فلم يجبها وبادرت إلى الماء واتبعها الضب فأخذ ذنبها. وقال ابن هرمة: وقال الضب للضفد ... ع في بيداء قرواح تأمل كيف تنجو اليو ... م من كرب وتطواح فإني سابح ناج ... وماأنت بسبّاح وقال رؤبة: والحوت لا يكفيه شيء يلهمه ... يصبح ظمآناً وفي البحر فمه وصف طباعه واتصاله بالماء وأنه شديد الحاجة إليه وإن كان غرقاً فيه.

الأبيات في الضب

الأبيات في الضب قال خداش بن زهير: فإن سمعتم بجيش سالك سرفا ... أو بطن مرفأ خفوا الجرس واكتتموا ثم أرجعوا فأكّبوا في بيوتكم ... كما أكب على ذي بطنه الهرم الهرم الضب ها هنا، وجعله هرماً لطول عمره، وذو بطنه ولده والضب يأكل حسوله ولذلك قيل: اعق من ضب، كأنه قال ارجعوا عن الحرب التي لا تستطيعونها إلى أكل الذرية والعيا، ويقال ذو بطنه قيئة وأنه يقيء ثم يرجع فيأكله كالكلب والسنور. وقال آخر: يعود في ثعّة حدثان مولده ... فإن اسنّ تغدي نجوه كلفا الثع القيء ثع الرجل ثعا إذا قاء. وقال عملّس بن عقيل بن علّفة: أكلت بنيك أكل الضّب حتى ... وجدت مرارة الكلإ الوبيل وقال لأبيه: أكلت بنيتك أكل الضّب حتى ... تركت بنيك ليس لهم عديد وقال آخر وذكر حاسداً:

ترى الشزّ قد أفنى دوابر وجهه ... كضب الكدى أفنى براثنه الحفر قال: الضب لا يتخذ جحره إلا في كدية وهو الموضع الصلب وإلا في ارتفاع عن المسيل ولذلك تنقص براثنه وتكل لأنه يحفر في الصلابة يعمق في الحفر. وقال كثير: فإن شئت قلت له صادقً ... وجدتك بالقفّ ضباً جحولا من اللاء يحفرون تحت الكدى ... ولا يتبعن الدماث السهولا وإنما يحفر في الصربة خوفاً من انهيار الجحر عليه. وقال كثير: ومحترش ضبّ العداوة منهم ... بحلو الرقي حرش الضباب الخوادع تريد الدخول فيصاد. وقال الأصمعي في قولهم: هذا أرجل من الحرش إن الضب قال لابنه: إذا سمعت صوت الحرش فلا تخرجن، فسمع الحسل صوت الحفر فقال لأبيه: أهذا الحرش؟ فقال: يا بني هذا أجل من الحرش، فأرسلت مثلاً، وقوله: ضب العداوة يعني الحقد الكامن في القلب، وإنما سمي ضبا لأن الضب إذا خدع في جحره وصف عند ذلك بالمكر والخبث فيقولون: خب ضب

وأخدع من ضب، فشبه الحقد الكامن الذي يعسر استلاله بالضب إذا خدع في جحره أي دخل وهو حينئذ أخبث ما يكون وأعسر صيداً. وأنشدوا في ذلك: كأنهما ضبّان ضبا مفزة ... كبيران غيداقان صفر كشاهما قان يحبلا لا يؤاخذا في حبالة ... وإن يرصدا يوماً يخب راصداهما وقال كثير: ومازالت رقاك تسل ضغني ... وتخرج من مكامنها ضبابي أي أحقادي. وقال آخر وهو الفزاوي: وحسل له نزكان كانا فضيلةً ... على كل حاف في البلاد وناعل النزك أير الضب وله أيران وللضبة حران، ويقال أيضاً أن للسقنقور مثل ذلك وللحردون مثل ذلك، ويقال أير الضب كلسان الحية الأصل واحد والفرع اثنان، وأنشد الكسائي: تفرقتم لا زلتم قرن واحد ... تفرق أير الضب والأصل واحد

وقالت حبى المدينة وددت بأنه ضبّ وأني ... ضبيبة كدية وجدت خلاء تمنت أن يكون لها حران وأن لزوجها أيرين. وقال الطرماح وذكر فلاة: يقيم بها الذئب الأزلّ وقوته ... ذوات المرادي من مناق ورزّح ذوات المرادي الضباب والمرادي الصخور واحدها مرادة والضب سيء الهداية فإذا حفر لنفسه حجراً حفره عند صخرة ليجعلها علماً له لأنه لا يأمن أن يغلط فيلح على ظربان أو وبر فيأكله، ولذلك يقال في المثل: كل ضب عند مرداته، والمناقي السمان، والرزح المهازيل. إذا استعكدت منه بكل كداية ... من الصخر وافاها لدى كل مسرح استعكدت تحرزت، والكداية الصخرة، وافاها الذئب لدى كل موضع تسرح فيه. وقال ابن أحمر: أبلغ سراة بني رفاعةأل ... صق بالغطارف منهم الزهر

بكعترة الضب الذليلة تح ... رنبي على أرحائها الخضر عترته قرابته تحرنبي تنتفش، والخضر من نعت الأرحاء يقول هي من صخر أخضر وهو أصلب ليس بكذّان ولا رخو، يريد المرداة التي يحفر عندها يجعلها علماً لسوء هدايته، يقال أضل من ضب، و: من ورل. وقال أعرابي في ضب صاده: يقول أهل السوق لما جينا ... هذا وربّ البيت إسرائينا أراد إسرائيلا فأبدل من اللام نوناً، وهذا بمعنى قول الفقيه ورأى رجلاً يأكل لحم ضب فقال: أعلم أنك قد أكلت شيخاً من مشيخة بني إسرائيل يريد أنه مسخ، وقال أعرابي وهو أبو الوجيه العكلي. وأفطن من ضب إذا خاف حارشاً ... أعدّ له عند التلمس عقربا قال أبو حية العكلي: العقارب مسالمة للضباب والضب لا

يأكل الجراد ولا يقربها فهي تلج في جحره وتجتمع عنده كما تألف الخنافس العقارب، فأما الأعرابي فإنه زعم أنه يعد العقرب فإذا أدخل الحارش يده لسعته. وأنشد ابن الأعرابي لابن دعمي العجلي: سوى أنكم جربتم فجريتم ... على دربة والضبّ يختل بالتمر وقالوا: والضب يعجب بالتمر عجباً شديداً ويحتال لصيده وكذلك العقرب تعجب بالتمر وتصاد به. وقال آخر وهو سالم ابن دارة: وما التمر إلا آفة وبلية ... على كل هذا الخلق من ساكني البحر وفي البر من سمع وذئب وعقرب ... وخنفسة تسعى وثرملة تسري وقد قيل في الأمثال إن كنت راعياً ... عذيرك إن الضب يختل بالتمر وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال لرجل من أهل الطائف الحبلة أفضل أم النخلة؟ فقال: الحبلة أترببها وأتشببها وأستظل في ظلها، والبلح يرمّق بها، فقال عمر: تأبى ذلك عليك الأنصار، ودخل عليه ابن عبد الرحمن بن محض الأنصاري فقال له عمر مثل ذلك فقال: الزبيب إن آكله أضرس، وإن أتركه أغرث، ليس كالصقر في رؤوس الرقل، الراسخات في الوحل، المطعمات في المحل،

خرفة الصائم وتخفة الكبير، وصمتة الصغير، وخرسة مريم، ويحترش به الضباب من الصلفاء يعني الصحراء، والخرسة ما تطعمه النفساء. وقال دريد بن الصمة: وجدنا أبا الجبار ضبّاً مرئّساً ... له في الصفاة برثن ومعاول قالوا: الضب يقاتل الحية يضربها بذنبه فربما قتلها وربما وقذها وذلك هو المذّنب لأنه يخرج ذنبه من جحره إذا أرادت الحي الدخول عليه والحية تدخل على كل ذي جحر وتخرجه، ولذلك قالوا في المثل " أظلم من حية " والمرئس الذي يخرج رأسه من جحره وإذا فعل ذلك غلبته الحية وربما قتلته. وقال رؤبة وذكر امرأة: تسألني من السنين كم لي ... فقلت لو عمرّت عمر الحسل أو عمر نوح زمن الفطحل ... والصخر مبتل كطين الوحل صرت رهين هرم أو قتل قالوا: الضب لا يلقي سناً أبداً حتى يومت، والضب طويل العمر فإذا هرم اكتفى باليسيروربما تبلّغ ببرد الهواء وعاش بالنسيم

كالأفعى، وتقول العرب: أروى من ضب، لأنه عندهم لا يحتاج إلى شرب الماء. وقال عبدة بن الطيب: ما كنت أول ضب نال تلعته ... غيث فأمرع واسترخى به الدار قالوا: الضب إذا أمن وخلا له وجوه وأخصب نفخ وكش نحو كل شيء يريده وتطاول له، وبه ضرب المثل. قال ابن ميّادة: وأنّي لقيس من بغيض تناصر ... إذا أسد كشّت لفخر ضبابها وقال آخر وهو دملج بن عبد المجاب: إذا كان بيت الضب وسط مضبة ... تطاول للشخص الذي هو حابله المضبة مكان الضباب ومجتمعها وليست تكون إلا في موضع بعيد من الناس ولا تكون بقربها حية ولا ورل ولا ظربان فحينئذ يأمن ويتطاول. وقال ابن ميّادة: ترى الضّب إن لم يرهب الضب غيره ... يكشّ له مستكبراً أو يطاوله وقال آخر: أعام بن عبد الله إني وجدتكم ... كعرفجة الضّب التي تتذلل العرفجة لينة وعودها لين فالضب يعلوها ويتشوف عليها، شبههم في لينهم وضعفهم بالعرفج، ولست تر الضب أبدا ًوهي سامية

برأسها تنتظر وتترقب. وقال آخر وهو الفزاري: ترى كل ذيّال إذا الشمس عارضت ... سما بين عرسيه سموّ المخايل يعني الضب، ويروي أن الضب قال لصاحبه: أهدموا بيتك لا أبالك ... وزعموا أنك لا أخالك وأنا أمشي الحيكى حوالك يقال فلان يحيك في مشيته إذا تبختر فيها، يقول: كيف زعموا أنه لا أخالك وأنا أخوك وأمشي التبختر حواليك. وقال آخر: وأنت لو ذقت الكشى بالأكبا ... لم تركت الضّب يعدو بالواد الكشية شحم بطنه، يقول: لو عرفت طعمها مع الأكباد لصدت الضب ولم تتركه، والمكن بيض الضب، يقال ضبة مكون، وروي عن بعض الصالحين أنه قال: ضبة مكون أحب إليّ من دجاجة سمينة. وقال أبو الهندي: ومكن الضباب طعام العريب ... ولا تشتهيه نفوس العجم وقال آخر وهو جران العود: قريت الضب من حبي كشاها ... وأيّ لوية إلا كشاها

الأبيات في الظربان

فلولا أن أصلك فارسي ... لما عبت الضباب ومن قراها اللوية الطعام الطيب واللطف يرفع للصبي والشيخ. وقال آخر: مناتين أبرام كأن أكفّهم ... أكفّ ضباب انشقّت في الحبائل انشقت علقت: يقال: أقصر من إبهام الضب، واقصر من إبهام الحباري وأقصر من إبهام القطاة، أراد صغر أكفهم. الأبيات في الظربان قال الشاعر: يا ظرباناً يتفسّى ضبّاً ... أي العقاب فوقه فجبيّ الظربان كثير الفساء شديده وهو له كالسلاح، يقال: فما بينهم ظربان، وهذا مثل يضرب للرجلين إذا كان بينهما حسن ثم فسد، ويسمى الظربان مفرقة الغنم، يريدون من فسائه تتفرق الإبل كما تتفرق عن المنزل وفيه قردان، وهو يدخل على الضب جحره وفيه حسوله فيأتي أضيق موضع فيه فيسده بيديه ويحول دبره فلا يزال يفسو حتى يخر الضب كالسكران فيأكله ثم يقيم في جحره حتى يأتي على آخر حسوله. وقال الربيع بن أبي الحقيق وأنتم ظرابيّ إذ تجلسون ... وما آن لنا فيكم من نديد وأنتم تيوس وقد تعرفون ... بريح التيوس ونتن الجلود

الأبيات في اليربوع

قوله: أنتم ظرابي أي تفسون في مجالسكم، ويقال في المثل أفسى من ظربان. وقال آخر يذكر حوض ماء: إزاؤه كالظربان الموفى قال أبو العميثل الأعرابي: كنت أحسب الإزاء ها هنا مصب الماء في الحوض حتى قال الأصمعي هو صاحب الحوض والقيم بالسقى من قولهم فلان إزاء مال وخال وخال مال وخائل مال، أراد انه لصنانه وذفره إذا هو استقى وعرق كالظربان. وقال الفرزدق: ولو كنت في نار الجحيم لأصبحت ... ظرابيّ من حمّان عني تثيرها وقال: سواسية سود الوجوه كأنهم ... ظرابي غربان بمجرودة محل سواسية يريد ليس لبعضهم على بعض فضل، ولا يقال سواسية إلا في الذم، والظرابي فوق السنانير في المقدار، ونسبها إلى الغربان لأنها تقع معها على الجيف، مجرودة أرض أكلها الجراد. الأبيات في اليربوع قال الفزاري: جبا العام عمال الخراج وجبوتي ... محذفة الأذناب صفر الشواكل رعين الدبا والبقل حتى كأنما ... كساهنّ سلطان ثياب المراجل

يعني اليرابيع، واليربوع دابة كالجراد قصير الذنب طويل الرجلين قصير اليدين فهو كالمنكب على صدره إذا عدا لقصر يديه وفيه صفرة وحمرة. قال الكميت وذكر داراً: بها من ذوات الريش ما ليس طائراً ... وذو أربع لم يجر إلا على الشطر من ذوات الريش يعني النعام، وذو أربع يعني اليربوع له أربع قوائم فإذا عدا رأيته كأنه يعدو على جنب. وقال الفرزدق لجرير: وإذا أخذت بقاصعائك لم تجد ... أحداً يعينك غير من يتقصع القاصعاء جحر اليربوع يقول لا يعينك إلا من يصيد اليرابيع وإنما أراد أن قومك يعينونك وهم يصيدونها - يعيبهم بذلك. وقال أعرابي لسهل بن هارون: وخذ نفق اليربوع فاسلك سبيله ... ودع عنك إني ناطق وابن ناطق وكن كأني قطن على كل أربع ... له باب دار ضيق العرض سامق

الأبيات في القنفذ

يوصيه بالتواري عن غرمائه ومراوغتهم كما يراوغ اليربوع في جحرته إذا أخذ عليه واحد منها خرج من آخر، وأبو قطن خناق بالكوفة مولى لكندة. وقال عبيدة بن أيوب العنبري وذكر ناقة. ترى الطير واليربوع يحفلن وطأه ... وينقرن وطء المنسم المتقاذف قال ابن الأعرابي أنشدنيه أعرابي: ترى الضب واليربوع. وقال: يعني أنهما يحسبان اثر خفها ملجأ يلجآن إليه إما لشدة الحر أو لغير ذلك. وقال آخر. وإني لأصطاد اليرابيع كلها ... شفاريّها والتدمري المقصّعا الأبيات في القنفذ قال الطرماح وذكر الثور. فبات يقاسي ليل أنقد دائباً ... ويحدر بالحقف اختلاف العجاهن

أنقد هو القنفذ، ويقال إنه لا ينام الليل. وقال الراجز: قنفذ ليل دائم التّبحاث وهي تأكل الأفاعي، يقول فهذا الثور كالقنفذ لا ينام، ويحدر يهبط، ثم شبه ذلك باختلاف العجاهن وهو الذي يخدم العرس إكراماً لصاحبه، ويقال هو غلام الطباخ. وقال الكميت يصف نساء سبين: وينصبن القدور مشمرات ... يخالسن العجاهنة الرئينا وقال عبدة بن الطبيب: قوم إذا دمس الظلام عليهم ... حدّجوا قنافذ بالنميمة تمزع النمام يشبه بالقنفذ لاستخفائه بما يأتي به كاستخفاء القنفذ بالليل في خروجه. وقال السدي وهو أيمن خريم: كقنفذ القف لا تخفي مدارجه ... الليل إن نام عنه الناس لم ينم وقول الأعشى: لئن جدّ أسباب العداوة بيننا ... لترتحلن مني على ظهر شيهم

الأبيات في الجرذان والفأر

الشيهم القنفذ وهو شوك، يقول: لتركبن مني أمرا صعباً لا تطمئن عليه. وقال زيد الخيل وذكر خيلاً: كأن رجال التغلبيين خلفها ... قنافذ قفص علّقت بالحقائب قفص منضمة يريد أنهم قد أسروا. الأبيات في الجرذان والفأر قال أوس بن حجر: لحيتهم لحى العصى فطردتهم ... إلى سنة جرذانها لم تحلّم لم تحلم لم تسمن لأنها في سنة جدب، ويقال تحلم الصبي إذا سمى واشتد، وتحلمت الشاة وتملحت، يقول: لم تسمن جرذانها فكيف ما سواها واللحي القشر. وقال الحارث بن حلزة: وهم زباب حائر ... لا تسمع الآذان رعدا الزباب جنس من الفأر صم، يقال: أسرق من ذبابة و: أسرق من جرذ، والحائر الذي لا يتجه والحائر من الفأر أعمى، وإنما وصف قوماً بالجهل. وقال مزرد وذكر ضيفاً سقاه لبناً:

الأبيات في الحرباء

وأهوى له الكفين وامتد حلقة ... بجرع كأثباج الزباب الزنابر شبه جرعه حين مر اللبن في حلقه بأوساط هذا الفأر، والزنابر العظام. وقال الراجز: وما تحاً لا يثني إذا احتجز ... كأنّ جوف جلده إذا احتفز في كل عضو جرذان أو خزز شبه عضد الماتح بالجرذان لأنها قد صارت زيما وتفتق لحمه عن العمل: والخزز ذكر اليرابيع ههنا وأصل الخزز الذكر من الأرانب، واليرابيع من الفأر. وقال الشماخ وذكر ناقته: فأوّبتها حيّاً تريح رعاؤه ... عليه ابن عرس والاوزّ المكفّرا إذا ناهبت بلق البراذين حظها ... من القّت لم يعجلنها أن تجرجرا التأويب سير اليوم إلى الليل، ثم صرت بها إلى نبط تريح رعاؤهم ابن عرس وبطّا، والمكفر الذي قد تغطىبريشه وكذلك المكفر بالسلاح، ناهبت خالست، يريد البط. والقت يريد الرطبة، لم يعجلنها أي أنظرنها، أن تجرجر أي تبلغ يقال جرجر الشيء إذا بلعه، والجراجر الحلوق. الأبيات في الحرباء قال ابن أحمر:

وتقنّع الحرباء أرنته ... متشاوساً لوريده نقر سألت عنه السجستاني فقال: الأرنة ما لف على الراس، قال: ولم أسمعه إلا في هذا البيت، قال: وفي شعر ابن أحمر ألفاظ لم يسمع بها إلا في شعره وهي قوله ماريّة لؤلؤان اللون أوّدها ... طل وبنس عنها فرقد خصر أراد تأخر، وتسميته السم الجوزل، والنار ماموسة في بيت قاله: تطايح الطلّ عن أعطافها صعداً ... كما تطايح عن ماموسة الشرر وفي شعر ابن مقبل الجلاذي يعني خدم الكنيسة قال: صوت النواقيس فيه ما يفرطه ... أيدي الجلاذيّ جون ما يعفّينا وفي شعر الأعشى الباقر العثل حيث قال:

إني لعمر الذي حطت مناسمها ... تخدي وسيق إليه الباقر العثل قال أبو عبيدة: العثل الكثير، ولم أره يحفظ في بيت ابن أحمر غير هذا، وأنبأني غيره أن الحرباء تخضر غباغبه من الشمس فجعل تلك الخضرة كالقناع له. وقال ذو الرمة: غدا أصفر الأعلى وراح كأنه ... من الضحّ واستقباله الشمس أخضر الضح الشمس، والحرباء أعظم من العظاية وهو أغبر ما كان صغيراً ثم يصفر إذا كبر فإذا حميت الشمس عليه أخذ جلده يخضر. وقال ذو الرمة وذكره: وقد جعل الحرباء يبيض لونه ... ويخضر من لفح الهجير غباغبه

وقال ذو الرمة: يظل بها الحرباء للشمس ماثلاً ... على الجذل إلا أنه لا كبّر إذا حول الظل العشي رأيته ... حنيفاً وفي قرن الضحى ينتصر الظل يكون مع طلوع الشمس إلى زوالها فإذا زالت صار فيئا، يقول: فهذا الحرباء بالغداة يستقبل الشمس إذا طلعت وتلك قبلة النصاري وإذا زالت الشمس يستقبلها وتلك قبلة المسلمين لأن الشمس تدور فهو حينئذ حنيف، والحرباء تراه أبدا إذا بدت الشمس قد ألجأ ظهره إلى جذيل فإن رمضت الأرض ارتفع ثم ينقلب بوجهه مع الشمس كيفما دارت حتى تغرب إلا أن يخاف شيئاً ثم هو شائح بيديه كالمصلوب. قال ذو الرمة: فلما تقضّت حاجه من تحمّل ... وأظهرن واقلولى على عوده الجّحل أظهرن دخلن في الظهيرة، واقلولى انتصب، وقال الأصمعي ارتفع، والجحل الحرباء العظيم وهو في غير هذا الموضع اليعسوب، وإنما يرتفع في عوده إذا رمضت الأرض.

وقال أبو النجم: ترى الحرابيّ به تضرع ... كوافرا للشمس ثم تركع الحرباء يمد يديه فكأنه يتضرع ويستقبل الشمس ثم يضم يديه فكأنه يركع. وقال: ويوم قيظ ركدت جوزاؤه ... وظلّ منه هرجاً حرباؤه أي ركد بارح الجوزاء فلم يهب، والهرج أن يصل الحرّ إلى جوفه فإذا هرج الحرباء الذي حياته بالحر فكيف غيره. وأنشد ابن الأعرابي: في كل يوم من الجوزاء ذي وهج ... يسبي الوجوه إذا حرباؤه ركدا يقال سبأته النار وسبته تسبية إذا أحرقته. وقال ذو الرمة: وآض حرباء الفلاة الأصحر ... كأنه ذو صيد أو أعور الصيد داء يأخذ في أنوف الإبل فترتفع رؤوسها وهو الصائد أيضاً، يقول فالحرباء قد رفع رأسه ينظر إلى عين الشمس كأن به صيداً أو عوراً لتشاوسه. ومثله لابن أحمر: متشاوساً لو ريده نقر وقال الطرمّاح:

الأبيات في الحية

وانتمى ابن الفلاة في طرف الجذ ... ل وأعيا عليه ملتحده انتمى ارتفع، وابن الفلاة الحرباء، والجذل العود والشجرة، ملتحدة ملجأه ومعدله. وقال آخر وهو قيس بن الحدادية الخزاعي: أنّي اتيح له حرباء تنضبة ... لا يرسل الساق إلا ممسكاً ساقا تنضبة شجرة، والحرباء إذا لجأ إلى شجرة فزالت الشمس عنها تحول إلى أخرى أعدها لنفسه وهذا مثل يضرب للمحلف أي انه لا يدع حاجة إلا سأل أخرى. وقال الأخطل: أجزت إذا الحرباء أوفى كأنه ... مصل يمان أو أسير مكبل جعله يمانياً لاستقباله الشمس وشبهه بالأسير لأنه منتصب لا يبرح. الأبيات في الحية قال النابغة:

فبت كأني ساورتني ضئيلة ... من الرفش في أنيابها السم ناقع ضئيلة أفعى وذلك أنها دقيقة قليلة اللحم، تقول العرب: سلط الله عليه أفعى حارية، يريدون أنها تحري أي ترجع من غلظ إلى دقة ومن طول إلى قصر، وذلك أنه يذهب تقادمها رطوبتها ويشتد سمها إذا أسنت. وقال آخر في ذلك ويروي للنابغة الذبياني: حارية قد صغرت من الكبر ... صل صفّاً ما ينطوي من القصر وقال آخر وهو جاهلي فيما قال الجاحظ: أنعته من حنش أفعى أصم ... قد عاشن حتى هو لا يمشي بدم فكل ما أفضل منه الجوع سم قال: الأفعى إذا هرمت أقنعها النسيم ولم تشته الطعم، ويقال: إنه ليس في الحيوان شيء أصبر على الجوع منها. وقال النابغة: تناذرها الراقون من سوء سمّها ... تطلقه حيناً وحينا تراجع ويروي: من شر سمها، ومن سوء سمعها، يريد أنها لا تسمع الرقية، ويقال لها صلّ إذا كانت كذلك، تطلقه يعني الملسوع أي تخف عنه تارة وتشتد عليه تارة وكذلك السليم. وأنشد الأصمعي للمزق العبدي: كما تعتري الأهوال راس المطلّق

يسهّد من نوم العشاء سليمها ... لحلى النساء في يديه قعاقع كانوا يجعلون الحلى في يدي السليم والخلاخل يحركونها لئلا ينام فيدب السم فيه. وقال أعرابي: ترى في بياض الصبح وجه سليمه ... كأن به آثار شام مولّع وهذه صفة وجه السليم. وقال ذو الرمة: وكم حنش ذعف اللعاب كأنه ... من الشرك العامي نضو عصام بأغبر مهزول الأفاعي مجنّة ... سماوته منسوجة بقتام الحنش الأفعى، وذعف قاتل، يقال موت ذعاف أي سريع الإجهاز، والعصام حبل القربة، والنضو الخلق، شبه الأفعى بذلك، وقوله بأغبر أي هذا الحنش بموضع أغبر لا ماء فيه، وأفاعيه مهزولة لأنها في جدب فهو أخبث ما يكون لها، مجنة ذات جن. وقال يذكر القانص وقترته: يبايته فيها أحمّ كأنه ... إباض قلوص أسلمته حبالها وقرناء يدعو باسمها وهو مظلم ... له صوتها إرنانها وزيا لها أحم يريد حية إلى السواد ما هو، والإباض حبل يشد على مأبض البعير في رسغه، أسلمته يريد أنه انحلّ فبقي ينجرّ، وقرناء أفعى ذات قرون، وهو مظلم أي داخل في ظلمة، له صوتها يقول يبين له وذلك أن لها حفيفاً إذا مشت لخشونة جلدها.

وقال الراعي وذكر القانص في قترته: تبيت الحية النضناض منه ... مكان الحب يتسع السرار النضناض القلق الذي لا يثبت، ويقال هو الذي يحرك لسانه، ويريد أن الصائد في قفر. وقال أبو النجم: وباتت الأفعى على محفورها ... باللجف من تصغيرها أراد باتت الأفعى على محفورة لها والمحفورة الحفرة لها لا تباليها وهو مصدر في معنى مفعول مثل ميسور ومعسور باللجف أي بالموضع الذي لجفه الصائد، تستحييه لا تقدم عليه من تصغيره لها، وهذا مثل. تأشيرك يحتكّ في تأشيرها ... مرّ الرحا تجري على شعيرها يقول تدب وتلتوي وجلدها خشن مثل المنشار فله صوت كصوت رحى تطحن شعيراً. ومثله له: تحكي له القرناء في عرزالها ... مرّ الرحا تجري على ثفالها عرزالها موضعها. وقال وذكر الحر:

وأجمت أحناشه العرزالا يقول جاء الحر وبرد لها باطن الأرض فكرهته. توعده بالأخذ أو هريرها ... تضّرم القصباء في تنّورها أي تقبل إليه فكأن ذلك إيعازاً لها بأن تأخذه وتوعده بصوتها أيضاً وذلك الصوت كتضرم النار في القصب في تنور وللنار في القصب حفيف. يوقر النفس على توقيرها ... يعلم أن لا شيء في تنغيرها يقول يوقّر النفس على أنها وقور يعلم أن لا شيء يضرها في تنغير الحية وهو تغضبها مع القدر. في عاجل النفس وفي تأخيرها ... متى يمت يحي إلى نشورها يقول لا يضره ذلك في عاجل حتف النفس وفي آجله لأنه موقن بالقدر وعالم بأنه مبعوث بعد الموت، ويقال: بل أراد متى يمت الصائد أي ينام ينتبه بنشور الحية أي بانتشارها ومرها وجلدها لخفة رأسه. وقال آخر وذكر حية والبيت لموسى بن جابر الحنفي: طرد الأروى فما تقربه ... ونفي الحيات عن بيض الحجل خص الأروى لأنها تأكل الحيات: وقال خلف الأحمر:

أبى الحاوون أن يطأوا حماه ... ولا تسري بعقوته الذئاب سئل خلف عن ذلك فقال: لأن الذئاب تأكل الحيات، ولا نعلم أن أحداً قال ذلك، والذئاب تأكل الضباب. وقال جرير لمجاشع: أيفايشون وقد رأوا حفّاثهم ... قد عضّه فقضي عليه الأشجع يفايشون يفاخرون، والحفاث حية لا سم لها تأكل الفأر، والأشجع الشجاع من الحيات، جعل الفرزدق حفاثاً ونفسه شجاعاً. وقال الشماخ: لا تحسبني وإن كنت امرءً غمراً ... كحية الماء بين الطيّ والشيد حية الماء لا سم لها ولا تضر، والشيد الجص، والطي طي البئر. وقال الأخطل: فثم قالوا أنام الماء حيته ... وما يكاد ينام الحية الذكر فعظم كما ترى شأن حية الماء. وقال عبد الله بن همام السلولي في مثله: كحية الماء لا تنحاش عن أحد ... صلب المراس إذا ما حلّت النطق وقال آخر وذكر ناقته وروى الجاحظ هذا البيت لطرفة: تلاعب مصنى حضرميّ كأنه ... تمعّج شيطان بذي خروع قفر

يعني زماماً شبه يلويه بتلوي حية، شيطان حية قبيح المنظر خفيف الجسم. وقال آخر وذكر امرأة: عنجرة تحلف حين أحلف ... كمثل شيطان الحماط أعرف عنجرة سليطة، والحماط شجرة الواحدة حماطة وهم يقولون: كأنه شيطان حماطة، يريدون الحية كما يقولون ذئب الغضا، وذئب الخمر، وأرنب الخلة، وتيس الربل، وتيس الحلّب، وضب السحاء. وهي بقلة تحسن حاله عن أكله، وقنفذ برقة كأنه يكون أخبث وأعرف له عرف. وقال كعب بن زهير: كأن شجاعى رملة درجا بها ... فمرا بنا لولا وقوف ومنزل يعني الزمام والجديل شبهها بشجاعين، أي لولا وقوف ومنزل لقالوا حيتين، وقال الشماخ: وكلهن يباري ثني مطّرد ... كحية الطود وليّ غير مطرود يباري يعارض، ثنى مطرد يعني زماماً طويلاً، وشبهه بحية الطود وهو الجبل لأنه في خشونة فهو يتلوى إذا مشى وجعله غير مطرود لأنه أراد أنه لم يطرد فيستعجل ويمر مرا مستقيما وشبه اضطراب زمامها إذا هي سارت بذلك. وقال آخر: تلاعب مثنى حضرميّ كأنّه ... حباب نقاً يتلوه مرتحل يرمي

حباب نقا حية رمل فهو ألين الرمل يتثنى وإن كان مذعوراً مطروداً. وقال ذو الرمة: كأن حبابي رملة حبوا لها ... بحيث استقرت من مناخ ومرسل حبوا دنوا، مرسل أرسلت، شبه الزمام والخطام بحيتين، وقال ذو الرمة: وأحوى كأيم الضال أطرق بعدما ... حبا تحت فينان من الظل وارف أحوى يعني زماماً شبهه بحية، الضال السدر البري، أطرق بعدما حبا أي سكن بعد دنوه، والفينان الشجر الظليل، الوريق، وارف يكاد يقطر من النعمة، ولخضرته يقال هو يرف. وقال المرار بن سعيد الفقعسي: كأن لدى ميسورها متن حية ... تحرك مشواها ومات ضريبها مشواها بدنها كله غير الرأس لأن بدنها إذا ضرب كل شوى أي خطأ ليس هو مقتلها، يقال رميت فأشويت إذا أخطأت المقتل، والضريب الرأس لأنه مقتلها، فشبه الزمام بحية هذه صفتها. وقال الفرزدق: كأن أراقماً علّقت براها ... معلقة إلى عمد الرخام شبه الأزمة بالحيات وأعناقها بعمد الرخام. وقال كثير:

كأنك مردوع بشّن مطّرد ... يقارفه من عقدة البقع هيمها مردوع منكوس. وقال قيس بن ذريح: فوا كبدي وعاودني رداعي ... وكان فراق لبنى كالخداع وشسّ أرض كثيرة الحمّى، يقارفه يخالطه وأراد تلسعه، عقدة جماعة شجر، والبقع الحيات، والهيم العطاش. وقال آخر يذكر حاوياً: يدعو به الحية في أقطاره ... فإن أبي شم سفا وجاره يشم تراب الجحر ليعلم أهو أفعى لا تجيب الرقية أم حية وريح كل واحدة منهما معروف. وقال كثير: وسودا مطراق إلى آمن الصفا ... أنيّ إذا الحاوي دنا افصدي لها صد لها أي صفق لها، والحية مثل الضب والضبع إذا سمعا اللدم والهدّة والصوت الشديد خرجا ينظران، والحاوي إذا دنا من الجحر صفق بيديه ورفع صوته وأكثر من ذلك حتى تخرج الحية كما يخرج الضب والضبع. قال علي بن أبي طالب صلوات الله عليه " لا أكون مثل الضبع تسمع اللدم فتخرج فتصاد " ثم قال كثير: كففت يداً عنها وأرضيت سمعها ... من القول حتى صدقت ما وعى لها

وقال آخر: ولو أخاصم أفعى نابها لثق ... أو الأساود من صم الأهاضيب لكنتم معها ألباً وكان لها ... ناب بأسفل ساق أو بعرقوب العرب تقول: فلان أظلم من حية، لأنها لا تتخذ لنفسها بيتاً وكل بيت قصدت نحوه هرب منه ما فيه وتركه لها إلا الورل فإنه يأكل الحيات وهو ألطف بدناً من الضب وبراثنه أقوى من براثن الضب لأنه لا يحفر بها بنفسه كما يحفر الضب إبقاء عليها وربما أخرج الضب من بيته واستولى عليه ولذلك يقال أيضاً: أظلم من ورل، وهم يقولون أيضاً: أضل من حية، لأنها إذا خرجت من جحرها ثم وجدت جحراً دخلته ولم تعد إلى الأول. وقال آخر الكذاب الرمازي: يا ابن المعلى نزلت إحدى الكبر ... أنت لها منذر من بين البشرى داهية الدهر وصماء الغبر وقال يونس: داهية الدهر الحية كنيت بذلك لأنها ربما سكنت بقرب ماء إما غدير أو عين فتحمي ذلك الموضع وربما غير ذلك الماء في ذلك المنقع حينا وقد حمته، وقالوا: داهية صماء الغبر، تشبيهاً لها بالحية، وقالوا: صمام أيضاً تشبيهاً لها بالأفعى الصماء، وإنما قيل لها صماء لأنها لا تجيب الراقي فشبهت بالأصم كما قيل في الظلم أيضاً

لأنه لا يسمع لشراده وشدة نفاره. وقال الشاعر وذكر أفعى: وتارة تحسبه ميتاً ... من طول إطراق وإسبات أصم أعمى لا يبجيب الرقى ... يفتّر من عصل حديدات فجعله أعمى لطول سباته وإطراقه كما جعله أصم لأنه لا يجيب الرقي. وقال أعرابي يصف عين الأفعى والبيت للراعي: ويدني ذراعيه إذا شاء سادراً ... إلى رأس صل قائم العين أشنع يقال إن عين الأفعى لا تدور والمقلة لا تزول. وقالت أعرابية جاهلية تصف أفعى: وتدير عيناً للوقاع كأنها ... سمراء طاحت من نفيض برير إنما أرادت أنها تنظر يميناً وشمالاً لأن المقلة لا تزول والحية تبدي السلخ من ناحية عيونها في الربيع والخريف ولذلك يظن من يعاينها في ذلك الوقت أنها عمياء. وقال عنتر

له ربقة في عنقه من قميصه ... وسائره عن متنه قد تقدّدا رقود ضحيّان كأن لسانه ... إذا سمع الأجراس مكحال أرمدا والحية مشقوقة اللسان سوداؤه. وقال كثير يمدح: يجرّر سربالاً عليه كأنه ... سبيّ هلال لم يفتّق شنائقه يريد يجر قميصاً كأنه سبي هلال أي جلد حية، والهلال الحية شنائقه دخاريصه صيرها شنائق لأنها معلقة. وقال آخر وذكر النثرة وهي نجوم من الأسد: في نثلة تهزأ بالنصال ... كانها من خلع الهلال وقال رؤبة يذكر النساء: لا تمكن الخنّاعة الناموسا ... وتحصب اللعابة الجاسوسا بعشر أيديهن والضغبوسا ... حصب الغواة العومج المنسوسا الخناعة التي تخنع أي تخضع وتدنو منهن بالريبة، والناموس الخادع الذي يسر الأحاديث ويهمس، والجاسوس الذي يتجسس منهن مالاً يرين، بعشر أيديهن أي تجدّ في ذلك كما قال: شد بعشر حبله المخموسا والضغبوس الضعيف من الرجال، والعومج الحية، والمنسوس

المسوق يقال نسه أي ساقة، يريد الطرود. وقال معقل بن خويلد: أبا معقل لا توطئنك بغاصتي ... رؤوس الأفاعي في مراصدها العرم يقول لا يحملنك بغضي على أن تقتل نفسك وتهلكها، والعرم القرط يقال: شاة عرماء، أراد رؤوس الأفاعي العرم في مراصدها ومراصدها حيث ترصد، يقال أنها تظهر مع أول الليل على قارعة الطريق وتستدير وتشخص رأسها معترضة لأن يطأها إنسان أو دابة فتنهشه. وقال الكميت: وإياكم إياكم وملّمة ... يقول لها الكانون صمى ابنة الجبل ابنة الجبل الأفعى وهم، يشبهون الداهية بها، ومن أمثالهم: صمى صمام، و: صمى ابنة الجبل، و: جاء بالحية، وجاء بأم الرّبيق على أريق، وأم الربيق الحية، وجاء بأم بنات طبق، يضربون هذا مثلاً في الدواهي وأصله من الحيات. وقال آخر: ألوى حيازيمي بهن صبابة ... كما يتلوى الحية المتشرق والحية موصوفة بالصرد ويصيبها برد السحر فإذا طلعت الشمس تشرقت وتلوت في تشرقها. وقال آخر: قلائصاً مثل الأفاعي زلاً ... جمعن عزا وجمعن ذلا

هكذا صفة الأفعى لأنها أبداً نائمة مسبوتة فإن أنكرت شيئاً نهشنه كالبرق الخاطف في السرعة وقال آخر: حتى إذا تابع ين سلخين ... اقبل وهو واثق بثنتين بسمّة الرأس ونهش الرجلين ذهب إلى آن لا يكون قاتلاً حتى تأتي عليه سنتان. وقال آخر: ثم دنا من رأس نضناض أصم ... فحاصه بين الشراك والقدم بمذرب أخرجه من جوف كم قال: أنياب الأفاعي مصونة في أكمام ما لم تعض وكذلك مخالب الأسد لها كالغلف، قال أبو زبيد: بحجن كالمحالق في فتوخ ... يقيها قضة الأرض الدخيس وقال البعيث يهجو رجلاً: مدا من جوعات كأن عروقه ... مسارب حيات تسرّبن سمسما يقول هو بادي العروق من سوء الحال فكأنها ممرّ حيات، تسربن سمسما أي انسبن، وسمسم مكان، ويروي: تشربن سمسما، أي سمّاً.

الأبيات في العقارب

الأبيات في العقارب قال بعض بني نصر بن الحجاج السلمي: وداري إذا نام جيرانها ... تقيم بها الحدود العقرب إذا غفل الناس عن دينهم ... فإن عقاربنا تضرب نزل بهم ضيف فدّب إلى بعض أهل الدار فضربته عقرب على مذاكيره فمات. وقال إياس بن الأرّت: كأن مرعى أمكم إذ بدت ... عقربة يكونها عقربان كل امرىء قد يتّقي مقبلاً ... وأمكم صولتها بالعجان العقربان الذكر من العقارب وأدخل الهاء في عقربة ضرورة: وقال آخر وهو الفضل بن العباس اللهبي: كل عدو يتقي مقبلاً ... وعقرب تخشى من الدابره ومن أبيات اللغز: وحاملة لا يكمل الدهر حملها ... تموت وينمي حملها حين تعطب هذه العقرب وذلك أن أولادها تأكل بطنها فيكون عطبها في أولادها.

الأبيات في ضروب من الهوام

وقال الشماخ في ذكر الحمار والأتان: وحمت على أن قد يقرّ بعينها ... تشميم كل ثرى كبيت العقرب وحمت حملت واشتهت على حملها كل شيء، أي تشم كل موضع بالت فيه، وشبه ذلك ببيت العقرب في صغره ولاجتماع ترابه. وقال أبو النجم: ونّس وغرات المصيف العقربا نّس طرد، ووغرة الحر شدته، يقول: جاء الصيف فخرجت الهوام. الأبيات في ضروب من الهوام قال أرابي وذكر إبلاً والرجز لشبيب بن البرصاء: تخالها من سمن استيقار ... دبّت عليها عارمات الأنبار وقال آخر: هل الله من شر العداة يريحني ... ولما تقسّمني النبار الكوانس وقال ساعدة بن جؤية وذكر سيفاً: ترى أثره في صفحتيه كأنه ... مدارج شبثان لهن هميم

أثره فرنده، شبثان جمع شبث وهو دويبة في الرمل، هميم دبيب سمعت أعرابية تقول: همّمى في رأسي أي دبي بيدك في رأسي. وقال آخر: بئس قوم الله قوم طرقوا ... فقروا أضيافهم لحماً وحر يريد دبّت عليه الوحرة وهي دويبة كالعظاءة حمراء تلزق بالأرض ومنه قيل: وحر الصدر ذهبوا إلى لزوق الحقد بالصدر كالتزاق الوحرة بالأرض، كما قيل للحقد ضب. وقال ذو الرمة: ومكنية لم يعلم الناس ما اسمها ... وطئنا عليها ما نقول لها هجراً يعني أم حبين ويقال لها حبينة، قال مدني لأعرابي: وما تأكلون وما تدعون؟ فقال: نأكل ما دبّ ودرج ألا أم حبين، فقال المدني لتهن أم حبين العافية. ويقال إنها تسمى هيشة وأنشد: أشكو إليك زماناً قد تعرّفنا ... كما تعرّق رأس الهيشة الذيب وقال جرير: يقول المجتلون عروس تيم ... شوى أم الحبين ورأس فيل

وقال أيمن بن خريم: وخيل غزالة تنتابهم ... تجوز العراق وتجبي النبيطا تكرّ وتجحر فرسانهم ... كما أحجر الحية العضرفوطا العضرفوط دويبة تذكر الأعراب أنه لم يبل قط الأشغر ببوله تلقاء القبلة والحية تأكله، ويقال إن العضرفوط ذكر العظاء عن أبي زيد. وقال الراعي يذكر بعيراً: تبيت بنات الأرض تحت لبانه ... بأجنف من أنقاء وهبين هائل بنات الأرض دوابها، وأجنف رمل مائل، وقال ذو الرمة: خراعيب أملود كأن بنانها ... بنات النقا تخفى مراراً وتظهر بنات النقا دواب تكون في الرمل يقال لها: شحمة الأرض وهي بيضاء حسنة يشبه بها الأصابع وهي تغوص في الرمل وتسبح فيه سباحة السمكة في الماء، وقال مزرد وذكر إبلاً ذهبت كان صاحبها

مستجيراً: ولو في بني الثرماء حلّت تحدّبوا ... عليها بأرماح حداد الحدائد ولكنها في مرقب متناذر ... كأن بها منه قروض الجداجد المرقب الموضع المرتفع، والتناذر المتحامى، والجداجد جمع جدجد وهو الذي يصر بالليل، وقال ذو الرمة: كأنا يغني بيننا كل ليلة ... جداجد صيف من صرير المآخر شبه صرير مآخر الرحل بأصوات الجداجد ونسبها إلى الصيف لأنها لا تصبح إلا في الصيف. وقال آخر: وحمش القوائم حدب الظهور ... طرقن بليل فأرقنني يعني البراغيث. وقالت إمرأة لزوجها. لقد وقع الحرقوص منى موقعاً ... أرى لذّة الدنيا إليه تصير الحرقوص دويبة أكبر من البرغوث وعضه أشد من عض البرغوث وربما نبت له جناحان، وأرادت المرأة أنه يدخل فرجها. وقال الطرماح: ولو أن حرقوصاً على ظهر قملة ... يكّر على صفّى تميم لولّت وقال الفرزدق لجرير: إنا لنضرب رأس كل قبيلة ... وأبوك خلف أتانه يتقمّل يهز الهرانع عقده عند الخصى ... بكذل حيث يكون من يتذلل

يهز ينزع، والهرانع القمل واحدتها هرنع، عقده يعني عقد ثلاثين وأنشد ابن أعرابي لشداد بن معاوية: قتلت سراتكم وحسلت منكم ... حسيلاً مثل ما حسل الوبار الحسل والحسيل الرذال، يقول قتلت سراتكم وتركت رذالكم الذين ينفون كما ينفي الوبار. ومما يتمازح الأعراب. قد هدم الضفدع بيت الفأره ... فجاءت الزغب من الوبارة وكلهم يشتد بالحجارة يقال هذا في تصغير الأمر وتوهين من يسعى فيه. وقال جرير. تطلّى وهي سيئة المعّرى ... بصن الوبر تحسبه ملابا من الوبر وهو شديد النتن. وقال بعض العبديين: إلا تنهي سراة بني حميس ... شويعرها فويلية الأفاعي قبيلة تردد حيث شاءت ... كزائدة النعامة في الكراع فويلية الأفاعي دويبة سوداء فوق الخنفساء. وقال كعب بن زهير يصف الصائد: لطيف كصداد الصفا لا يغرّه ... بمرتقب وحشيّة وهو نائم

الأبيات في الشاء والمعز

الصداد دويبة يقال إنها سام أبرص، ويقال ليست به ولكنها تشبهه، لا يغتره لا يغتر، وحشي ما يرتقب يعني الصيد فيأتيه نائماً ولكنه يجده أبداً يقظان، والهاء في وحشيه للمرتقب أي لا يغره صيده. وقال ابن مقبل وذكر نعاجاً. كأن نعاجها بلوى سمار ... إلى الخرماء أولاد السمال السمال بقايا الماء في الغدران، وأولادها أبناء الماء يعني الدعاميص. وقول جرير: وقد يقرض العثّ ملس الأدم العث دويبة صغيرة تقرض الأديم ليس لها خطر ولا قوة بدن، وقال الآخر: ترّقش العث في ظهر الأديم فما ... نالوا بذلكم تقوى ولا نشبا الترقش التحرك: الأبيات في الشاء والمعز قال الحارث بن حلّزة:

عننا باطلاً وظلماً كما تعتر عن حجرة الربيض الظباء. عننا اعتراضاً بادعاء الذنوب، والعتر الذبح والعتيرة الذبيحة في رجب. والحجرة الحظيرة تتخذ للغنم، والربيض جماعة للغنم، وكان الرجل من العرب ينذر على شائه إذا بلغت مائة أن يذبح عن كل عشرة منها شاة في رجب وكانت تسمى تلك الذبائح الرجبية وكان الرجل ربما بخل بشاته فيصيد الظباء ويذبحها عن غنمه في رجب ليوفي بها نذره، فقال: أنتم تأخذوننا بذنوب غيرنا كما ذبح أولئك الظباء عن غنمهم. وقال ابن أحمر: تهدى إليه ذراع الجدي تكرمة ... إما ذكياً وإما كان حلانا الذكي الذي يذكى بالذبح، والحلان يقال إن أهل الجاهلية كان أحدهم إذا ولد له جدي حزّ في أذنه حزاً أو قطع منها شيئاً: وقال: اللهم إن عاش فقنى وإن مات فذكى، فإن عاش الجدي فهو الذي أراد وإن مات قال كنت ذكيته بالحز فاستجاز أكله كذلك، ويروى " إما ذبيحاً " والذبيح الذي قد أسن وأدرك أن يضحى، وهو أيضاً الذبح، ومن روى هذه الرواية فتفسير الحلان أنه الصغير، ويقال حلام أيضاً، يريد إما صغيراً أو كبيراً. وقال الحطيئة: فما تتام جارو آل لأى ... ولكن يضمنون لها قراها

تتام من التيمة وهي الشاة التي تكون للمرأة أو الرجل يترببها فإذا جاءت المجاعة ذبحها ضرورة، يقال منه أتّامت تتام اتّياماً إذا ذبحتها يقول: فجارتهم لا تضطر إلى تيمتها لأنهم يكفونها. وقال عروة بن الورد: إذا ما جعلت الشاة للقوم خبرة ... فشأنك، إني ذاهب لشؤوني الخبرة أن يشتري للقوم جماعة فيقتسمونها. وقال غسان بن ذهيل يهجو جريراً: وما يذبحون الشاة إلا بميسر ... طويلاً تناجيها صغاراً قدروها يقول يشتركون فيها، والميسر إنما يكون في الجذور وهو القمر، طويلاً تناجيها أي مشاورة بعضهم بعضاً في ذبح الشاة إذا أرادوه ونحو منه قول خداش بن زهير: إذا اصطادوا بغاثاً شيّطوه ... وكان وفاء شأنهم القروع يقول كان وفاء أمرهم الذي هم فيه أن يقرعوا على البغاث فيأخذوا أنصباءهم بالقرع، وقال بعض الرواة " وكان وقاء شاتهم القروع " أي يكون هذا البغاث وقاية لشاتهم فلا تذبح والقروع التي يقرعها الفحل ويروى " وقالوا إن شاتكم خلوع " أي سمينة تصلح للخلع أي تشاهدوا عليها بالسمن فلم يذبحوها

واقتصروا على البغاث. وقال خداش: أغرك إن كانت لأهلك صبّة ... نما الكبش فيها صوفه ورخائله أبحنا له ما بين بسّ ورهوة ... مشى الكبش معبّراً به ورواغله صبة قطعة من المعزى، يريد نما صوف الكبش فيها، ورخائله جمع رخالة الواحدة رخل، بس ورهوة موضعان، مشى الكبش كثر نتاجه، يقال كم مشت هذه النعجة؟ أي كم لها من الولد ويقال أمشى الرجل إذا كثرت ماشيته. وقال النابغة: وكل فتى وإن أمشى فأثرى ... ستخلجه عن الدنيا منون ويقال مشت الماشية إذا كثرت. ومنه قول الآخر: لا تأمرنيّ ببنات أسفع ... فالعين لا تمشي مع الهملّع بنات أسفع الغنم وأسفع كبش، لا تمشي لا تكثر، والهملع الذئب والعين الغنم، وقول خداش، معبّراً أراد معبراً فشدد، يقال كبش

معبر إذا ترك سنتين أو ثلاثاً لا يجز صوفه، ورواغله فيه قولان قال أبو عبيدة: أراد وغنمه التي تأكل الرغل وهو نبت، وقال: الرواغل الرواضع من أولاد شائه، يقال رغل أمه يرغلها. وقال الكميت: ولو ولي الهوج الثوائج بالذي ... ولينا به ما دعدع المترجل الهوج الغنم، الثوائج من الثؤاج وهو صوت الضأن، واليعار للمعز، دعدع زجر، والمترجل الذي يرجل البهم عن أمهاتها يدعها ترضع كيف شاءت، ويروى " المترخل " وهو صاحب الرخال، ويقال رخل. قال ذو الرمة: أغر هشاماً من أخيه ابن أمه ... قوادم ضأن يسّرت وربيع تباعد مني أن رأيت حمولتي ... تدانت وأن أحيا عليك قطيع القوادم للنوق فاستعاره للضأن، يسرت صار لها لبن، يقول لما أيسر ترك أخاه، تدانت قلت، احيا عاش. وقال ذو الإصبع: لم عقلا جفرا عليّ ولم ... أوذ صديقاً ولم أنل طبعاً الجفر لا تعقل وهي الشاة إذا أكلت الكلأ وانتفجت، وهذا

مثل، وإنما أراد لم تعقلا بكرة علي، أي لم تحبساها عليّ لتعقلا عني، والطبع الدنس وتلطخ العرض، طبع السيف إذا صديء. وقال آخر: ما زلت منذ أشهر السفّار أنظرهم ... مثل انتظار المضحيّ راعي الغنم أشهر السفار أتى لهم شهر، أنظرهم انتظرهم، والفار جمع سافر مثل كافر وكفار، والمضحيّ الرجل تكون له غنم فيغدو فيها ويحبس راعية لحاجة فهو ينتظر الراعي ليجيء إليها فينصرف، وإنما إغا حرصاً على آن يصيب غنمه بقدر ما يقضي راعيها حاجته وقد خرج لم يأكل ولم ينتعل ولم يتأهب للرعي فهو غرض كثير التلفّت إلى الموضع الذي يقبل منه الراعي، يقول فأنا مثل هذا ضجر. وقال آخر: أبني إن العنز تمنع جارها ... عن أن يبيّت جارها بالنئطل يقول جار العنز يستغني بلبنها إذا نزل به ضيف عن أن يبيته بسوء أو مكروه، والنئطل الداهية. وقال آخر: تعيرني تركي الرماية خلتي ... وما كل من يرمي الوحوش ينالها فإلا أصادف غرة الوحش أقتنص ... من الأنسيات العظام جفالها من الأنسيات من الضأن التي هي للإنس، أقتنص، أصيد، يريد

أنه يسرقها، والجفال الصوف. وقال آخر: وسودا من شاء الموالي سمينة ... يبكّى عليها، اسود الرأس ذيبها حلفت لهم بالله إني لجاهد ... وجهدي أن قد بات عندي غبيبها أسود الرأس يعني أنه سرقها إنسان، غبيبها ما غب منها، أي حلفت لهم أني جاهد في طلبها - وجهدي أني سرقتها. وقال آخر يصف شاة: تمسح وجه الحالب الرفيق ... بلين المسّ قليل الريق أي تمسح وجه حالبها بلسانها، وقوله قليل الريق يعني أنها شابة وإذا أسنت سال لعابها وكثر. وقال الفرزدق لجرير: وأنت تسوق بهم بني كليب ... تطرطب قائماً تشلي الحوارا الطرطبة دعاء البهم، والحوار اسم فل كان لجرير في غنمه، تشلي تدعو إليك. وأنشد الأصمعي: فمرّ ولما تسخن الشمس غدوة ... بذرآء تدري كيف تمشي المنائح الذرآء الشاة التي بأذنها ووجهها نقط بيض، ويقال للرجل غشيته ذرأة إذا ابيض موضع جلحه، وقوله: تدري كيف تمشي المنائح

يقول منحت كثيراً أي أعيرت فإذا منحت سامحت بالمشي فعلمت كيف تمشي، وأصل المنح العارية فغلب عليه، من كثرة ما جرى صار هبة وأصله أن يعطيه إبلا يشرب ألبانها. وقال الأخطل: واذكر غدانة عدّانا مزنمة ... من الحبلّق تبنى حولها الصير تمذي إذا سخنت في قبل أذرعها ... وتزرئم إذا ما بلّها المطر عدّان جمع عتود أدغمت التاء في الدال، والحبلّق غنم صغار، والصير جمع صيرة وهي حظيرة الغنم شبههم بها، وهي إذا أصابها الحر أمذت فيصيب أذرعها، وتزرئم أي تنقبض إذا أصابها المطر. وقال آخر: أحيان بن عثمان بن لؤم ... عتود في مفارقه يبول التيس يقزح ببوله في خيشومه ومفرق رأسه. وقال حسان يهجو قوماً: إذا جلسوا وسط النديّ تجاوبوا ... تجاوب عتدان الربيع السوافد قال ابن أحمر: إني وجدت بني أعيا وحاملهم ... كالعنز تعطف روقيها فترتضع العنز ترضع من خلفها وهي محفلة فربما أتت على كل ما في ضرعها. وقال الفرزدق يذكر مهور نساء بني كليب.

وفينا من العزى تلاد كأنها ... ظفارية الجزع التي في الترائب يعني جزع ظفار وظفار باليمن، أي هي بلق كأنها جزع. وقال: ترى شرط المعزى مهور نسائهم ... وفي شرط المعزى لهن مهور أي فيها وفاء لهن. وقال الهذلي وذكر شاة. والبيت لأبي العيال الهزلي: جهراً لا تألوا إذا هي أظهرت ... بصراً ولا من عيلة تغنيني الجهراء التي لا تبصر في الشمس، يقال كبش أجهر ونعجة جهراء، لا تألوا لا تستطيع، يقال ما آلو كذا أي ما أستطيعه. وقال آخر وذكر غنماً: يدعونني بالماء ماء أسودا بالماء حكاية أصواتهن ثم دعا عليهن فقال ماء أسودا أي جعله الله ماء أسوداً في بطونكن. وقال آخر: لهفي على عززيّ لا أنساما ... كأن ظلّ حجر صغراهما وصالع معطرة كبراهما كأن ظل حجر يريد أنها سوداء، وأنشد:

كأنما وجهك ظلّ من حجر. أي هو أسود وظل الحجر كثيف ليس كظل الشجر، وعطرة حمراء مأخوذة من العطر، والصالع في الغنم مثل القارح في الخيل والبازل في الإبل. وقال الراعي يهجو رجلاً: ولكنكما أجدى وأمتع جده ... بفرق يخشّيه بهجهج ناعقه أي تمتع بفرق من الغنم، والفرق القطيع من الغنم العظيم، وأجدى من الجداء وهي العطية، ويخشيه يفزعه، وهجهج هز الغنم، والناعق الراعي الذي يصوت بالغنم. أدحى اسم ناقة، أما في الجوالق الميرة، فقال صاحبها: تقول عجوزي واشتكت بعض حالها ... وكم قدر رأينا من مبسّ وناعق الإبساس دعاء الإبل، والنعق بالضأن. أريتك إن قام الخليط فزالها ... كما كنت القي من مانع وطارق أتر عينها إن فرق الحي نية ... وكل خليل ذات يوم مفارق زالها فرقها ويقال أزلت الشيء وزلته، وأنشد ابن الأعرابي: إذا الثويّ كثرت ثوائجه ... وصار من تحت الكلى نواتجه

يريد أن الغنم إذا أجدبت فخيف عليها الموت شقوا بطونها واستخرجوا أولادها فغذوها لئلا تموت في أجواف أمهاتها، والعرب تقول. رمدّت المعزى فرنّق رنّق ... رمدت الضأن فربّق ربّق وذلك أن المعزى تدفع في أول حملها فيقول: انتظر الولاد وإن أبطأ فهو كماء يرنق وهو رقرقته، والضأن لا تدفع إلا عند الولاد فإذا رمّدت الضأن فهي الأرباق لأولادها. وتقول: المعزى تبهي ولاتبني، تبهي تخرق وتقطع، ولا تبني أي لا يفيد منها ما يبني به كما تفعل الضائنة، يقال أبنيت فلاناً بيتاً إذا أفدته إياه وأعنته على عمله قال أبو زيد، بهى البيت بهاء إذا تخرق، والعنز تصعد على ظهور الأخبية فتقطعها بأظلافها والنعجة لا تفعل ذلك وبيوت العرب إنما تعمل من الصوف والوبر ولا تعمل من الشعر، والمعزى تخرق ولا يصلح شعرها لعمل البيوت. ويحكون عن البهائم قالوا قالت الضائنة، أولد رخالا، وأجز جفالا وأحلب كثبا ثقالا، ولم تر مثلي مالا. جفالا تقول أجزّ بمرة وذلك أن الضائنة إذا جزت فليس يسقط من صوفها شيء إلى الأرض حتى يجز كلها، والكثب جمع كثبة وهي قد رحلبة، وما صب في شيء فقد انكثب فيه، ومنه سمي

الكثيب من الرمل لأنه انصب في مكان فاجتمع فيه. وقال دغفل بن حنظلة في بني مخزوم: معزى مطيرة، عليها قشعريرة، إلا بني المغيرة، فإن فيهم تشادق الكلام، ومصاهرة الكرام. والعرب تقول: أصرد من عنز جرباء. وقيل لابنة الخس: ما تقولين في مائة من المعزى؟ فقالت: فناء، قيل: فمائة من الضأن؟ قالت: غني، قيل: فمائة من الإبل؟ قالت: منى. وقالوا: العنوق بعد النوق، والعنوق جمع عناق، يراد الصغير بعد الكبير. وقيل لأعرابي بأي شيء تعرف حمل شاتك، قال: إذا ورم حياؤها ودجت شعرتها واستفاضت خاصرتاها وكثفت، يقال كان ذاك وقد دجا ثوب الإسلام. وقال آخر: إني إذا شاركني في جسمي ... من ينتفي مخي ويبري عظمي لم أطلب الدنيا بثأر البهم يقال أراد الحمى، ويقال أراد الكبر. وقال حميد بن ثور وذكر بعيراً: محليّ بأطواق عتاق يبينها ... على الضرّ راعي الضأن لا يتقوّف

خص راعي الضأن لجفائه وجهله بأمر الإبل، يقال في المثل: أجهل من راعي ضأن، لا يتقوف من القيافة، أي لا يطلب أمراً يستدل به على نجابته لأن النظر إليه يدل عليه. وقال آخر ويروي لذي الرمة: كأن القوم عشوا لحم ضأن ... فهم نعجون قد مالت طلاهم وقال أبو ذؤيب وذكر وقتاً من الليل: إذا الهدف المعزاب صوّب رأسه ... وأعجبه ضفو من الثلّة الخطل الهدف الشيخ المسن، والمعزاب الذي يعزب عن أهله في الغنم، صوّب رأسه أي نام وأسكنه: ضفو أي اطمأن إلى سعة في ماله يضفو عليه أي يتسع، والثلّة الضأن ولا يكون من المعز. وروي عن العجاج أنه قال في وصف شاة: حسراء المقدم، شعراء المؤخر، إذا أقبلت حسبتها نافراً، وإذا أدبرت حسبتها ناثراً، أي كأنها تعطس، يقول: من أي أقطارها أتيتها وجدتها مشرفة. الأصمعي: قال أعرابي يهزأ بصاحبه: اشتري لي شاة فقماء تضحك مندلقة خاصرتاها لها ضرع أرقط كأنه ضب، قال وكيف العطل؟ قال: أولهذه عطل؟. العطل طول العنق يقال شاة حسنة العطل قال أبو النجم يذكر فرساً.

الأبيات في الظباء والبقر

عن مفرع الكتفين حلو عطله الأبيات في الظباء والبقر قال الشاعر يذكر الظباء: وينبح الشعب نبحاً كأنه ... نباح سروق أبصرت ما يريبها وبيضه الهزل المسوّد غيره ... كما ابيّض عن حمض المراضين نيبها الظبي إذا أسن وصارت لقرونه شعب قيل له أشعب، وقيل له نبّاح وذلك لأن صوته يغلظ، وفيه قول أبي دواد وذكر فرساً: وقصرى شنج الأنسا ... ء نبّاح من الشعب والظبي يوصف بشنج النسا، والظبي إذا هزل ابيض وكل أبيض إذا هزل أسود، والبعير يشيب وجهه إذا رعى الحمض. قال آخر: أكلن حمضاً فالوجوه شيب ... شربن حتى نزح القليب وقال ابن لجأ: شابت ولما تدن من ذكائها وقال عمرو بن قميئة من عبد القيس يذكر وعلاً فلو أن شيئاً فائت الموت أحرزت ... عماية إذ راح الأرحّ الموقّف

سما طرفه وابيض حتى كأنه ... خصيّ جفت عند الرحائل أكلف الأرح الذي في ظلفه انفتاح، والموقّف الذي في أرساغه بياض والوقف السوار، وقوله: أبيض - يعني أن الوعل اسن وإذا أسن ابيض، كأنه برذون قد خصي فهو لا يركب، والرحالة سرج من جلود، والكلفة حمرة يدخلها سواد. وقال امرؤ القيس: كأن عيون الوحش حول خبائناوأرحلنا الجزع الذي لم يثقّب الظبي والبقرة إذا كانا حيين فعيونهما كلها سود فإذا ماتا بدا البياض وإنما شبهها بالجزع بعدما ماتت فانقلبت عيونها والجزع فيه بياض وسواد. وقال قيس بن خويلد الهذلي: حتى أشّب لها أقيدر نابل ... يغري ضواري خلفها ويصيد في كل معترك يغادر خلفها ... زرقاء دامية اليدين تميد ذكر صواراً، أشب لها قدر لها، أقيدر متقارب الخلق يعني قانصاً، يغادر خلف الكلاب زرقاء يعني بقرة غشي عليها فانقلبت عينها. وقال زهير: بها العين والآرام يمشين خلفه ... وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم

العين البقر، والآرام الظباء البيض، قال أبو زيد: وهي تسكن الرمل والأدم ظباء طوال الأعناق والقوائم بيض البطون سمر الظهورفي ظهورها جدّتان وهي العواهج وليس الفهد يطمع في الآدم لسرعته. قال أبو زيد: وهي تسكن الجبال والعفر ظباء تعلو بياضها حمرة وكذلك الكثيب الأعفر وهي قصيرة الأعناق وهي أضعف الظباء عدواً، قال أبو زيد: وهي تسكن القفاف وصلابة الأرض. خلفه أي إذا مضى فوج جاء آخر فخلف هذا ذاك، يريد أن الدار أقفرت فصارت الوحش فيها، والطلا ولد البقرة وولد الظبية الصغير، ينهضن من كل مجثم، أراد أنهن ينمن أولادهن إذا أرضعنهن ثم يرعين فإذا ظنن أن أولادهن قد أنفدن ما في أجوافهن من اللبن صوتن لأولادهن فينهضن للأصوات يشربن. ومثله قول ذي الرمة: لا ينعش العين إلا ما تخوّنه ... داع يناديه باسم الماء مبغوم وقال امرؤ القيس يصف بقراً: فأدبرن كالجزع المفصّل بينه ... بجيد معم في العشيرة مخوّل أي البقر فيها بياض وسواد فشبهه بالجزع، بجيد معم في جيد صبي معم أي كريم الأعمام والأخول، وقوله المفصل بينه أراد أنهن متفرقات كتفرق الجزع الذي جعل وسطه فواصل. وقال يذكر الفرس: فألحقنا بالهاديات ودنها ... جواحرها في صرّة لم تذيّل

يقول ألحقنا بالمتقدمات، الجواحر المتأخرات، المجحر المدرك صرّة جماعة، لم تذيل لم تتفرق. وقال ابن مقبل وذكر امرأة: ترنو بعين مهاة الرمل أفردها ... رخص ظروفية إلا المنا ضرع ربيّب لم يفّلكه الرعاء ولم ... يقصر، بحومل أقصر سربه، ورع يفلكه يجعل في فيه ولسانه مثل الفلكة لئلا يرضع وهذا يفعل بالإبل وهو التفليك يكون من شعر، ولم يقصر لم يحبس ولكنه ترك يذهب حيث شاء، ثم قال أقصى سربه بحومل، والسرب جماعة البقر والظباء، ورع هيوب، وقال: الإمهاة إذا ما ضعاعها عطفت ... كما حفا الوقف للموشية الصنع مهاة يعن أمه، إذا ما ضاعها أي دعاها، والموشية التي بذراعيها توقيف كالوشي، والصنع الرفيق من الرجال. وقال ذكر وبقرة

أكل الذئب ولدها: لما اتقى اللّعوة الأولى وأسمعها ... ودونه سعة ميلان أو ميل كاد اللعاع من الحوذان يشحطها ... ورجرج بين لحييها خراذيل اللعاع بقل ناعم في أول ما يبدو، يشحطها يقتلها ويذبحها، أي كانت ترعى فلما سمعت صوت ولدها وعلمت أن الذئب قد أصابه كادت تغص بالحوأذان الرطب أي تغص بما لا يغص بمثله من الحزن على ولدها، والرجرج اللعاب يترجرج ولم يسغ اللعاع من الحوأذان بلعابها وهو الرجرج، خرازيل قطع. وقال الجعدي وذكر بقرة أصاب ولدها الذئب:

فباتت ثلاثاً بين يوم وليلة ... وكان النكير أن تضيف وتجأر أي ثلاث ليالي بأيامها، وكان جهدها وهو نكيرها أن تضيف أي تشفق، ومنه قول الهذلي أبو جندب: وكنت إذا جاري دعا المضوفة ... أشمر حتى ينصف الساق مئزري أي لأمر يشفق منه، والجؤار الصوت. فلاقت بياناً عند أول معهد ... إهاباً ومعبوطاً من الجوف أحمرا ووجها كبر قوع الفتاة ملمّعاً ... وروقين لما يعدوا إن تقشّرا أي رأت ما تبينت بأنه قد أكل عند أول مكان عهدته فيه رأس ولدها ووجهه، وشبهه ببرقوع الفتاة الملّمع بالزعفران، والقرن إذا طلع كان رطباً ثم يتقشر ثم يصلب بعد. وقال يصف ثوراً رأته بقرة بعد ذهاب ولدها: وكان إليها كالذي اصطاد بكرها ... شقاقاً وبغضاً أو أطمّ وأهجرا كان إليها أي عندها كالذئب في بغضها له، شقاقا مثلا يقال هو شقيق ذلك أي وقال ذو الرمة: لاينعش العين إلا ما تخوّنه ... داع يناديه باسم الماء مبغوم

أي لا يرفع عين الظبي من منامه إلا صوت أمه، ومنه يقال نعش فلان فلاناً إذا رفع من أمره، وانتعش فلان إذا قوي وحي بعد ضعف، إلا ما تخونه أي تعهده، داع وهو صوت أمه، مبغوم من البغام وهو صوت الظبية، يقال بغم الظبي فبغم أي دعي فأجاب، وهو كقولك قول مقول، وماء - حكاية صوت الظبي وذلك إذا قال " ما - ما " كانه دماج من فضة نبه ... في ملعب من عذارى الحي مفصوم نبه يقال للشيء إذا ضاع، يقول هذا الدملج سقط من العذارى حيث كن يلعبن فانكسر، وإنما شبه الظبي بالمكسورة لأنه نام شبه السكران. وقيل إنما سمي نبها لأن العذارى لما فقدنه تنبهن له فطلبنه فلذلك سمي نبهاً. وقال في هذا المعنى وذكر الظبية: رأت راكباً وراعهعها لفواقه ... صويت دعاها من أعيس فاتر يقول رأت هذه الظبية راكباً فخافته أو فراعها صوته سمعته من خلفها حين دعاها لفواقه، والفواق ما بين الحلبتين. إذا استودعته صفصفاً أو صريمة ... تنحتحت ونصّت جيدها بالمنظر الصفصف المستوي من الأرض، والصريمة الرمل، أي تخوفت ونصبت عنقه بكل مكان تنظر منه. حذارا على وسنان يصرعه الكرى ... بكل مقيل على ضعاف فواتر

وتهجره إلا اختلاساً بطرفها ... وكم من محب رهبه العين هاجر ضعاف فواتر يعني قوائمه، وتهجره على عمد لئلا يستدل السبع عليه بها. وقال حميد بن ثور يصف ظبية: مفزعة تستحيل الشخوص ... من الخوف تسمع ما لا ترى تستحيل الشخوص يقول تنظر هل يحول الشخص أي يتحول أم لا من الخوف على ولدها، وقوله: تسمع ما لا ترى، قال الأصمعي يقال إن أذن الوحشية أصدق من عينها وكذلك أنفها أصدق من عينها. وقال يصف ظبية: تجود بمدريين قد غاض منهما ... شديد سواد المقلتينر نجيب

مدريين خلفين دقيقين جعلهما محددين، غاض نقص منهما، شديد سواد المقلتين يعني غزالها، نجيب عتيق، يريد أن ولدها كلما رضعها غاض من لبنها. على مثل حق العاج تهمي شعابه ... بأسمر يحلو لي له ويطيب يريد في ضرة مثل حق العاج لصغره، تهمي تسيل عروقه وهي شعابه وهذا مثل، وقوله بأسمر بلبن. فلما غذت قد قلّصت غيرحشوة ... من الجوف فيها علّف وخصوب يقول فلما غدت من مبيتها، قلصت أي شمرت وذهبت درتها، والحشوة كل ما احتشت به بطونها، وقوله قلصت من الجوف أي مما في الجوف، والعلف ثمر الطلح، وخضوب يقال خضبت الأرض إذا ظهر بها نبت. رأت مستخيراً فاشرأبت لشخصه ... بمحنية يبد ولها ويغيب المستخير القانص وذلك أنه يأخذ ولدها فإذا خار أصغت ودنت منه فرماها: ويقال أنه يخور لها مثل خوار ولدها لينظر أهي مغزل أم لا فإن كانت مغزلاً دنت منه فيرميها، يبدو لها أي يظهر تارة ويستتر تارة يختلها. جرت يوم جئنا عوهج لا شحاصة ... نوار ولا ريّا الغزال لحيب الشحاصة التي ليس لها لبن وشحص المال ما لا لبن له، ولحيب يقول ليست بكثيرة فيذهب لحم متنها، ويروي لحيب وهي القليلة للبن.

ذكرتك لما أتلعت من كناسها ... وذكرك سبّات إلى عجيب فقلت على الله لا تذعرانها ... وقد أوّلت أن اللقاء قريب سبات قطع من الزمان، يقال مضت عليه سبةّ من الزمان، وقوله إلاّ عجيب أي عندي، وقوله على الله أي عليّ لله أن تفزعانها. وقد أولت أي فسرت بالعيافة وإنما اعتاف بمرها. وقال الطرماح وذكر المرأة: مثل ما عانيت قبل الفا ... واضح العصمة أحوى الخدام بادر السيء ولم ينتظر ... نبه فيقات العروق النيام الشفا دنو الشمس للمغيب، وأحسن ما تكون الظبية في ذلك الوقت لأن الشمس لا تغلب على لونها. ومثله لذي الرمة وذكر المرأة: براقة الجيد واللبات واضحة ... كأنها ظبية أفضى بها لبب ثم قال: بين النهار وبين الليل من عقد ... على جوانبه الأسباط والهدب يريد هذا الوقت، والخطوط التي في بدنه هي الخدام مستديرة. والسيء اللبن في الضرع قبل أن يدر ويحشك، والحشك الدرة، نبه

تحرك العروق للدرور، والفيقة أن تمكث بعد الحلب ساعة فتلك الساعة بينهما الفيقة. وقال زهير في هذا المعنى: كما استغاث بسيء فزغيطلة ... خاف العيون ولم ينظر به الحشك الفزّ ولد البقرة، خاف العيون أي خاف أن يراه الناس فلم تنتظر به أمه حشوك الدرة وهو حفلها، والحشك بالسكون فحركه للقافية. وقال الطرماح: في شناظي أقنّ بينها ... عرّة الطير كصوم النعام الشناظي أطراف الجبال ويقال حروفها، والأقن نقر يستنقع فيها الماء واحدتها أقنة، والعرّة سلح الطير، وصوم النعام سلحه. ثم ولي بين عيط بها ... تلحس الأروى زمار البهام العيط جمع عيطاء وهي الطويل من الجبال، والبهام جمع بهمة وأراد ههنا أولاد الأروى، زمار جمع زمرة وهي قليلة الشعر من الصغر وقد تكون خلقه. وقال الراعي في مثل هذا المعنى: بحيث تلحس عن زهر ملمعة ... عين مراتعها الصمان والجرع يقول بحيث تنتج البقر فتلحس أولادها عند النتاج، والجرع الكثيب السهل.

مثل ما كافحت مخروفة ... نصها ذاعر روع مؤام كافحت واجهت، مخروفة أصابها مطر الخريف، يقول نصها الفزع فنصبت عنقها لذلك، ومؤام أي يسير غير شديد، يقول إنما ذعرها ذعراً شديدا فنصبت عنقها وأحسن ما تكون كذلك مغزلاً تحنو لمستوسن ... ماثل لون القضيم التهام مغزل معها غزال صغير، والمستوسن من الوسن، والماثل ههنا للاطيء بالأرض وهو في غير هذا الموضع المنتصب وهو من الأضداد، والقضيم الصحيفة البيضاء. أو كأسباد النصية لم ... تجتذل في حاجز مستنام النصية واحد النصي وهو نبت، وأسبادها أصولها أي قطعت أطرافها والواحد سبد، ومنه سبد الشعر حين يطلع فيصير جزلا والحاجز المكان الذي يقوم فيه الماء، والمستنام المتطامن.

وقال مضرّس الأسدي: بلاد خلت من أهلها وترجعت ... بها الخنس أرآم الشقيق وباقره ترجعت رجعت إليها، والخنس البقر، والأرام الظباء البيض، الشقيق جمع شقيقة من الرمل، والباقر البقر. كأن وقوفاً طرحت في ملاعب ... مراضيعه غزلانهه وجآذره المعنى كأن مراضيعه وقوف طرحت في ملاعب ثم فسر المراضيع فقال: غزلانه وجآذره، والغزلان إذا انطوين بالوقوف. ونحو منه قول ذي الرمة: كأنه دملج من فضة نبه ... في ملعب من عذارى الحي مفصوم وقال بشر وذكر الديار وأنه لم يبق فيها أحد: إلا الجآذر تمتري بأنوفها ... عوذاً إذا تلع النهار تعطف أي تمسح ضروع الأمهات بأنفها، تلع النهار ارتفع، تعطف على أولادها. حمّ القوادم ما يعرّ ضروعها ... حلب الأكف لها قرار مؤنف حم سود، القوادم يقال هي القرون ويقال الجحافل، يعر يعقر، قرار ما اطمأن من الأرض، مؤنف لم يرعه أحد.

وقال النابغة وذكر ظبية: تسف بريرة وترود فيه ... إلى دبر النهار من القسام القسام شدة الحر. وقال بشر: تعرّض جأبة المدرى خذول ... بصاحة في أسرّتها السلام من همز جأبة جعله من الغلظ، يقال لكل غليظ كأب، ومن لم يهمز جعله من جاب يجوب أي حين طلع قرنها، والخذول التاركة صواحبها من أجل ولدها، والأسرة بطون الأودية، والسلام شجر. وقال النمر بن تولب ذكر الظبية وولدها: خرق إذا مت نام طافت حوله ... طوف الكعاب على جنوب دوارها بأغن طفل لا تصاحب غيره ... فله عفافة درها وغرارها خرق لاصق بالأرض، والدوار صنم كانوا يدورون حوله في الجاهلية، والعفافة ما يبقى من اللبن في الضرع بعد الحلب، والغرار ما ترفع الناقة من لبنها، يقال ناقة مغار؟ ّ إذا فعلت ذلك، يقول: لهذا الطفل قليل لبن هذه الظبية وكثيره، وجرّ عرارها على الجوار، وكلن ينبغي أن يكون مرفوعاً وهو كما يقال جحر ضب خرب، وقوله: لا تصاحب غيره - يريد أنها قد خزلت صواحبها فانفردت. وقال الراعي يصف ظبية: لها ابن ليال ودّأته بقفرة

أي غيّبته والحفيرة مودّأة. وقال: أغنّ غضيض الطرف باتت تعلّه ... صرى ضرّة شكرى فأصبح طاوياً الصرة ما اجتمع في الضرة من اللبن، شكرى كثيرة اللبن، فأصبح طاوياً يقول: لما روي من اللبن طوى عنقه ولواها فنام، وقال لبيد وقد وصف أتانا: أفتلك أم وحشية مسبوعة ... خذلت وهادية الصوار قوامها وحشية بقرة، مسبوعة أكل ولدها السبع، خذلت تركت صواحبها وهادية الصوار يعني أنها كانت تتقدم القطيع وكانت قوامه أي تقوم به يريد: أبتلك لأتان أشبّه ناقتي أم بهذه الوحشية؟. معقر قهد تنازع شلوه ... غبس كواسب ما يمنّ طعامها المعفر الولد إذا أرادت أمه أن تفطمه تركته يومين لا تسقيه ثم ترضعه ثم تتركه ثلاثة أيام ثم ترضعه حتى يستمر ويعتاد، والقهد الغنم الصغار الأذناب. قال الأصمعي: القهد من الضأن أن تصغر آذانها وتعلوهن حمرة، شبه به الغزال، تنازع شلوه أي تجاذب بقية جسده، غبس ذئاب في ألوانها، لا يمنّ طعامها من عطاء أحد يمتن به إنما هو كسبها ويقال: لا يمن لا ينقص من قول الله عزّ

وجل " لهم أجر غير ممنون ". تجتاف أصلاً قالصاً متنبذا ... بعجوب أنقاء يميل هيامها تجتاف البقرة أصل شجرة تستكن من المطر به، قالصاً أي قالص الفرع، يريد أنه مرتفع قلل الورق فليس له ظل، وقوله بعجوب أنقاء يريد أن هذه الشجرة بمآخير الرمل لأن الشجر لا ينبت في وسط الرمل ومعظمه إنما بجنبتيه ومنقطعه. وقال ذو الرمة: من عاقر ينفي الألاء سراتها ... عذارين عن جرداء وعث خصورها متنبذاً متفرق الغصون، هيامها ما انهال من الرمل. يعلو طريقة متنها متواتراً ... في ليلة كفر النجوم ظلامها يعلو المطر طريقة متن البقرة وهي الجدّة التي في ظهرها، كفر النجوم - غطاها، ومنه قيل لليل كافر لأنه يغطي كل شيء. وقوله يصفها حتى إذا انحسر الظلام وأسفرت بكرت تزل عن الثرى ازلامها. شبه قوائمها بالقداح واستوائها واحدها زلم. حتى إذا يئست وأسحق حالق ... لم يبله إرضاعها وفطامها يئست من ولدها، وأسحق حالق أيبس اللبن وذهب والحالق الضرع الممتلىء لم يبله أن أرضعت وفطمت ولكنها ثكلت وحزنت وتركت العلف فذهب لبنها.

أدخل الفاء في قوله فغدت والمعنى طرحها، والفرجان الطريقان ويقال الفرج موضع المخافة، وقوله: خلفها وأمامها كان أحد الفرجين خلفها والآخر أمامها. وقال يشبه المرأة بالظبية: لياتى تحت الخدر ثني مصيفة ... من الأدم ترتاد الشروج القوابلا ثني ظبية ولدت بطنين، والبكر التي ولدت بطناً، مصيفة ولدت بعدما كبرت، ترتاد ترود، والشرج مسايل الماء واحدها شرج والقوابل ما قابلك من الوادي. أنا مت غضيض الطرف رخصاً ظلوفه ... بذات السلامى من دحيضة جادلا غضيض فاتر، ذات السلامى موضع، دحيضة بلد، جادل حين اشتد لحمه، قيل: شدن وجدل. مدى العين منها أن تراع بنجوة ... كقدر النجيث ما يبذّ المناضلا مدى العين منها بقدر ما تنظر إليه، ومن قال: مدى النبل، أراد بقدر رمية سهم منها، أن تراع أي لئلا تراع، والنجيث الغرض الذي يعمل من نجيث الأرض وهو ما استخرج منها من التراب، فيقول فولدها منها كمكان الغرض من الرامي، ما يبذ المناضل أي يفوت الرامي أن يبلغه. وقال يصف نبتاً: همل عشائره على أولادها ... من راشح متّقوب وفطيم

العشائر الظباء وهو جمع عشراء وعشار ويقال جمع عشيرة، شبه الوحش في اختلافها بالعشائر، وراشح من أولادها الذي قد قوى وتحرك، ومتقوب قد تقوب شعره. وقال ابن أحمر يذكر بقرة: مارية لؤلؤان اللون أوّدها ... طلّ وبنّس عنها فرقد خصر مارية خفيفة لونها لون اللؤلؤ، أودها طل أي عطفها وثناها على ولدها، وبنس عنها أي تأخر عنها، فرقد ولدها، خصر من البرد. وقال يذكر بقرة: ثكلى عوان بدوّار مؤلفة ... هاج القنيص عليها بعدما اقتربا القنيص الصائد ههنا وفي غير هذا الموضع الصيد، يريد انه ثاورها من قرب: ظلت بجورؤاف وهي مجمرة ... تعتاد مكراً لعاعاً نبته رطباً عن واضح اللون كالدينار منجدل ... لم تخش إنساً ولم تترك به وصباً مجمرة مسرعة، والمكر نبت، أي تعتاد مكراً، عن واضح عن ولد واضح لونه، يريد تطلب المرعى وتترك ولدها كالدينار في حسنه ولم

تخش إنساً عليه لأنه بمعزل منهم ولم يك به وصب فتقيم عليه، أراد أنه غوفص ولدها. وقال: ما أم غفر على دعجاء ذي علق ... ينفى القراميد عنها الأعصم الوقل أم غفر أروية والغفر ولدها، دعجاء هضبة سوداء، ذو علق جبل، والقراميد الآجر الكبار شبه الصخرية، يقول لا يصعد إليها الوعل حتى يرمى مثل القراميد عنها لزلل. في رأس خلقاء من عنقاء مشرفة ... لا يبتغى دونها سهل ولا جبل قوائمه يصف صعوبته، والوقل الذي يتوقل أي يصعد. في رأس خلقاء من عنقاء مشرفة ... لا يبتغى دونها سهل ولا جبل يقول ما دون هذه الهضبة مطلب ولا يقدر عليها فكيف ما فوقها. وقال خداش بن زهير يصف ظبية: موشّحة جيداء يقصر سربها ... عضاه مشير بالربيع ومفتل سربها مرعاها، يخبرك أنها لا تتباعد في المرعى للخصب، والعضاه كل شجر ذي شوك كالسدر والقتاد، والمشير الذي قد اخضرت أطراف غصونه وبدأ يورق والإسم المشرة، والمفتل الذي قد طلعت فتّلته وهي ثمر العرفط. وقال الكميت يصف الظبية وولدها: تحنو على خدر القيام وترعوى ... بغناه في سمح الوعاء معلّق

يريد ترجع بما يغنيه في صرع سمح الوعاء باللبن. بكرت وأصبح في المبيت، يؤودها ... لوث المغفل واعتناف الأخرق بكرت للمرعى وأصبح ولدها في مبيتها، وهو يؤزدها يثقلها بالهم علمها بلوث ولدها وغفلته وجهله، واعتناف الأخرق أي عنف الذئب. وقال يصف بقرة: تعاطى فراخ المكر طوراً وتارة ... تثير رخاماها وتعلق ضالها المكر نبت وفراخه ثمره، والرخامى نبت، تعلق تناول بفيها. كعذراء في مجنى السيال تخيرت ... أنابيب رخصات الفروع سيالها أنابيب تستاك بها، ونصب سيالها بتخيرت وهو كما يقال تخيرتهم رجلاً أي اخترت منهم رجلاً. على رسلة من هذه وتكمّش ... بهاتيك إن هاج الرواع امتلالها أراد على أرسّل من الجارية وانكماش من البقرة، والرواع الفزع، وامتلالها إسراعها في العدو. وإن اختلافاً منهما وتفرّقا ... لما خالفت فيه الحماش خالها الحماش قوائم البقرة أراد أنها دقاق، والخدال قوائم الجارية وهي غلاظ يقول: فذاك اختلاف ما بينهما.

وقال كثير يصف جبالاً: حواجرها العليا وأركانها التي ... بها من مغافير العناز أفارق مغافير مثل مغازيل ومطافيل وهي التي معها أطفالها والغفر ولد الأروية، وعناز جمع عنز مثل رمل ورمال. وأفارق أقاطيع متفرقة واحدها فرق وواحد المغافير مغفر، والحواجر ما استتر وعلاً. وقال كعب بن زهير لامرأته: لقد ربعت بيني وبينك حقبة ... بأطلائها الخنس الملمّعة الشوى يريد بعد ما بيني وبينك فصار ما بيننا مواضع الوحش والخنس. وقول الجعدي: كممرية فرد يعني يقرة أمرت أي حان أن تمرى أي يرضعها ولدها. وقال عدي بن زيد وذكر فرساً: طلبت بها شاة الإران غدية ... مرابى سفعاً قد حنون لأطفال

الشاة البقرة، والإران النشاط، مرابى يقول أنها لمربية على ولدها ذا كان ولدها بعينها تنظر إليه، قد حنون أي عطفن، لأطفال أي على أطفال. وقال ذو الرمة يذكر رملة: إذا ما علاها راكب الصيف لم يزل ... يرى نعجة في مرتع أو يثيرها مولّعة خنسا ليست بنعجة ... يدمّن أجواف المياه وقيرها نعجة بقرة، مولعة فيها خطوط، خنساء قصيرة الأنف، ليست بنعجة أهلية، يدمن الدمن وهو البعر، والوقير الشاء الكثير وكلابها وحمرها ولا يكون وقيراً حتى تكون فيها كلاب، أي هذه الأرض فيها وحوش. وقال أيضاً: بها عفر الظباء لها نزيب ... وآجال ملاطمهن شيم كأنّ بلادهن سماء ليل ... تكشف عن كواكبها الغيوم ملاطمهن مواضع اللطم منهن بها شامات - وهكذا البقر، والآجال أقاطيع الظباء، وشبه اجتماعهن في تلك الصحراء وكثرتهن بكثرة الكواكب في السماء المنجلي عنها الغنم، والنزيب أصوات الظباء. وقال يصف البقرة: يلحن كما لاحت كواكب شتوه ... سرى بالجهام الكدر عنهن جافله

شبهها بكواكب الشتاء لأنها أضوأ وذلك لقلة الغبرة، والجهام السحاب الذي هرق ماؤه، فيقول جافل الجهام سرى بالجهام عن النجوم، والجافل ما جفله أي قلعه فذهب به، وسرى كشط يقال سروت درغي. وقوله يذكر البقر: درّاؤه وخواذله والدراء التي جاءت من أرض إلى أرض، والخواذل اللواتي تأخرن عن صواحبهن. وقال يذكر البقر وشبهها بالخيل: حرونية الأنساب أو أعوجية ... عليها من القهز الملاء النواصع تجوّبن منها عن خدود وشمّرت ... أسافلها عن حيث كان المذراع حرونية نسبها إلى الحرون وهو فرس كان لباهلة، والقهز القز، والنواصع البيض، تجوبن يقول هذه الملاء تكشفن عن خدودها وقلصت عن قوائمها وهي المذارع، والمعنى أن خدود هذه البقر سود وقائمها سود وسائر أجسادها بيض. وقال الأخطل يصف البقر: أدما مخدمة السواد كأنها ... خيل هوامل جلن في الأجلال أدم بيض، ومخدمة السواد أي مواضع الخلاخيل منها سود، وشبه بياضها بخيل عليها جلال بيض قد بدت قوائمها سوداً. وقال في نحو هذا يصف ثوراً:

كأنه إذا أضاء البرق بهجته ... في أصبهانية أو مصطلى نار يقول هو أبيض إلا قوائمه ووجهه فكأنه سفع، بهجته بياضه ونقاء لونه. وقال المسيب بن علس يصف الظباء: لسن بقول الصيف حتى كأنما ... بأفواهها من لسّ حلّبها الصقر الحلب نبت تعتاده الظباء، يقال تيس حلّب، والصقر ما سال من الرطب. وقال عدي بن زيد وذكر فرساً: وله النعجة المريّتجاه الر ... كب عدلاً بالنابىء المخراق النعجة البقرة، والمري التي لها لبن، أي يدركها فيصيدها قبالة الركب والنابىء الذي يخرج من أرض إلى أرض يقال ثور نابىء والمخراق نحو من النابىء من خرق يخرق، أي تصاد النعجة فتكون عدلاً له. وقال آخر وهو عمرو بن الفضفاض الجهني: لا تجهّمينا أم عمرو فإنما ... بنا داء ظبي لم تخنه عوامله قال أبو عمرو أراد: فإنه لا داء بنا كما لا داء بالظبي. وقال الأموي: داء الظبي إذا أراد أن يثب تمكث ساعة ثم وثب والأول أجود. وقال أبو داود:

ولقد ذعرت بنات ع ... م المرشقات لها بصابص المرشقات الظباء وهي التي تمد أعناقها وتنظر وأحسن ما تكون كذلك وأراد أن يقول ذعرت البقر فقال: بنات عم المرشقات - أي بنات عم الظباء لأنها وحش مثلها ولا تكون مرشقات لأنها وقص، وبصابص حركات الأذناب يقال بصبص إذا حرك ذنبه، ومثل للعرب: بصبصن إذ حدين. وقول خداش بن زهير: ما لألأ الفور الفور الظباء لا واحد لها من لفظها، ولألأن حركن أذنابهن ومثله قول آخر وهو الأيبرد اليربوعي: أحقاً عباد الله أن لست لاقياً ... بريداً طوال الدهر مالألأ العفر 0 وهي الظباء في ألوانها مأخوذ من عفر الأرض وهو لونها. وقال الطرماح وذكر امرأة: وليست بأدنى غير أنس حديثها إلى القوم من مصطاف عصماء هاجن يقول هي أبعد مما يراد منها من الأروية إلا ذلك الحديث، ومصطافها حيث تصطاف، والهاجن الجارية توطأ قبل أن تدرك، يقال اهتجن الجارية إذا عجل في وطئها.

لها كلماريعت صداة وركدة ... بمصدان أعلى ابني شمام البوائن صداة تسمع، وركدة انتصات، والمصدان أعالي الجبال واحدها مصاد، وابنا شمام جبلان، والبوائن ذهب إلى أطرافها فجمع. عقيلة رمل تنتمي طرفاتها ... إلى مؤنق من جنبة الذبل راهن العقيلة الكريمة، تنتمي ترتفع، والطرفات التي تطرف في المرعى والجنبة، والذبل جبل، راهن مقيم. لها تفرات تحتها وقصارها ... إلى مشرة لم تعتلق بالمحاجن واحدتها تفرة وهي العشب إذا جف، ويقال ما ينبت تحت الشجرة، ويقال هو من دق الشجرة تقتصر عليه، والمشرة يقال تمشر الشجر إذا أصابه مطر فخرج ورقه، وتمشر الرجل حسنت حاله وهيأته، والمحجن الصولجان يتناول به الغصون وأطراف الشجر. يخافتن بعض المضغ من خيفة الردى ... وينصتن للسمع انتصات القناقن القناقن الضفادع، ويقال المهندسون الذين ينظرون مواضع المياه - الواحد قنقن. يطفن بحوزيّ المراتع لم يرع ... بواديه من قرع القسي الكنائن أي يطفن بوعل يحوز المراتع، وأراد من قرع الكنائن القسى فقدم وأخر.

وشاخص فاه الدهر حتى كأنه ... منّمس ثيران الكريص الضوائن شاخص خالف بين أسنانه من الكبير فبعضها طويل وبعضها قصير وبعضها معوج وبعضها منكسر، والثور قطعة من الأقط والكريص الذي يكرص مع الطراثيث أي يدق حتى يصير مثل الحيس. قال الأصمعي: يكرس بالحمصيص وهي بقلة حامضة، والمنمس الذي عتق فصار نمسا أصفر، يقال نمس الشيء، والضوائن البيض، ويقال الكريص المجموع بعضه على بعض يقال: كرص يكرص أي جمع، وقال مزرد وذكر امرأة: ولو آن شيخاً ذا مئين كأنما ... على رأسه من شامل الشيب قونس ولم يبق من أضراسه غير واحد ... إذا مسّه يدمي مراراً ويضرس يظل النهار رانياً وكأنه ... إذا كشّ ثور من كريص منمّس الرنوّ إدامة النظر يقال رنا يرنو رنوا، ومنه قيل: كأس رنوناة أي دائمة. وقال أبو ذؤيب: فما أم خشف بالعلاية شادن ... تنوش البرير حيث نال اهتصارها النوش التناول، والبرير ثمر الأراك، واهتصارها جذبها يقال هصرت العود إذا ثنيته وجذبته إليك. موشحة بالرّتين دنا لها ... جني أيكة تضفو عليها قصارها الطرتان طريقتان في ظهرها، والأيكة الشجر الملتف، تضفو تتسع

وتفضل، فإذا ضفا القصار فكيف الطوال. به أبلت شهري ربيع كليهما ... فقد مار فيها نسؤها واقترارها أبلت جزأت فهي تأبل أبولا، والنسء بدء السمن، والاقترار أن تبول الدابة في رجليها من خثورة بولها وذلك إذا أكلت اليبيس والحبة وعقّدت الشحم يقال تقررت الإبل في أسواقها. وقال أبو النجم: حتى إذا بلن مثل الخردل وإذا أكلت الرطب رقت أبوالها فرجّت به رجّا. وسود ماء المرد فاها فلونه ... كلون النؤور وهي أدماء سارها المرد مدرك البرير فإا غضاً فهو كباث وسارها سائرها وأدماء بيضاء، والنؤور الذي يسيل به اللثاث. وقال أيضاً: كأن ابنة الزيدي يوم لقيتها ... موشحة بالطرتين هميج بأسفل ذات الدير أفرد جحشها ... فقد ولهت يومين فهي خلوج يعني ظبية لها طرتان في جنبيها سوداوان وكذلك الظباء التهامية

والهميج الضعيفة النفس يقال: أهمجت نفس الرجل، ويقال للنفساء هميجة النفس إذا ذبل وجهها، والجحش الخشف في لغة هذيل، والدير مكان، والخلوج التي اختلج ولدها عنها أي أخذ. وقال أيضاً: لعمرك ما عيساء تنسأ شادناً ... يعنّ لها بالجزع من نخب النجل إذا هي قامت تقشعرّ شواتها ... وتشرق بين الليبت منها إلى الصقل ترى حشماً في صدرها ثم إنها ... إذا أدبرت ولّت بمكتنز عبل تنسأه تسوقه، ويعن يعرض لها، نخب واد بالطائف، نجل ينجل بالماء يقال للوادي إذا ظهر ماؤه فجرى: قد استنجل، وذلك يكون إذا كثرت الأمطار، يقول إذا قامت فزعة اقشعر رأسها وقوائمها ويشرق ذلك منها، يقول تنتفش، والصقل الكشح وهو منقطع الأضلاع إلى الورك، يقول يشرق منها عنقها وحشاها. قال الأصمعي: والظبية مخطفة في صدرها وعنقها وهي مكتنزة المآخير.

وقال أيضاً وذكر ثوراً: في ربرب يلق حور مدامعها ... كأنهن بجنبي حربة البرد الربرب القطيع من بقر الوحش، واليلق البيض، وحربة بلد، وجعلهن كالبرد لبياضهن. وكن بالروض لا يرغمن واحدة ... من عيشهن ولا يدرين كيف غد لا يرغمن لا يصيبهن رغم في عيشهن أي أمر يسوءهن، الواحدة رغمة ولا يهتممن لغد، إنما همهن ليومهن أي هن في خفض من العيش. فسمعت نبأه منه وآسدها ... كأنهن لدى أنسائه البرد أي سمعت البقرة نبأة من الصائد أي هنة من صوت، آسدها أغراها كأن الكلاب لدى أنساء الصائد حين امتددن بين يديه البرد وهي برود من صوف. حتى إذا أدرك الرامي وقد عرست ... عنه الكلاب فأعطاها الذي يعد عرست بطرت وتحيرت، أعطى الثور الكلاب الذي يعد وأيعاده أنه كان يتهيأ ويتحرف فأعطاها ذلك أي طعنها. وقال أيضاً: واعلم أني وام الرهين ... كالظبي سيق لخبل الشعر يقول أعلم أن لقيّ إياها كالظبي سيق للحبالة.

فبينا يسلّم رجع اليدين ... باء بكفة حبل ممر يقول بينا هو يطأ سليما رجع بكفة حبل، يقول علق إحدى قوائمه، ممرّ شديد الفتل، وقال ساعدة بن جؤية: تالله يبقى على الأيام ذو حيد ... أدفى صلود من الأوعال ذو خدم الحيد في القرن وهي حيود فيه، وأدفى في قرنه انحاء إلى ظهره، والصلود الذي يصلد برجله أي يضرب بها على الصخرة فتسمع لها صوتاً، ومن ثم قيل حجر صلاّد أي تسمع له صوتاً، ويقال أيضاً الصلود الذي إذا فزع صلد في الجبل أي صعد فيه، ذو خدم أي هو أعصم وهو الذي في وظيفه بياض. يأوي إلى مشمخرات مصّعدة ... شم بهن فروع القان والنشم مشمخرات مرتفعات يعني جبالاً، مصعدة يريد طوالا قد صعدت، وشم مرتفعة، والقان والنشم شجر، وفروعه أغصانه. من فوقه شعف قرّ وأسفله ... جيء تنطّق بالظيان والعتم شعف كل شيء أعلاه، وقر بارد، وجيء جمع جيئة وهي مناقع تمسك الماء، والظيان ياسمين البر، والعتم شجر شجر الزيتون البري. موكل بشدوف الصوم يرقبها ... من المغارب مخطوف الحشا زرم

الشدوف الشخوص جمع شدف، والصوم شجر يشبه الزيتون يؤخذ صمغه، يقول كأنه وكل بها يفرق أن تكون ناسا، والمغارب جمع مغرب، وهو كل مكان يتوارى فيه، وصيره مخطوف الجشا من الفزع، زرم لا يثبت بمكانه ينقطع عنه يقال: زرم الدمع وأزرمت على الصبي بوله أي قطعته. ثم ينوش إذا آد النهار له ... بعد الترقّب من نيم ومن كتم ينوش يتناول، وآد مال للزوال ورجع في العشى، يقول يأكل تلك الساعة حين يغفل الناس، والترقب التخوف والتنظر، والنيم والكتم ضربان من الشجر. ولا صوار مدرّاة مناسجها ... مثل الفريد الذي يجري من النظم يقول كأنما ضربت مناسجها بالمداري وذلك إذا ضربتها الريح فتنتفش وتفرق كما يدرى الشعر بالمداري وذلك إذا ضربتها الريح فتنتفش وتفرق كما يدرّى الشعر بالمداري، والفريد شيء يعمل من فضة ويجعل مع الحلي شبهها به لبياضها، والنظم جمع نظام وهو الخيط ظلت صوافن بالأرزان صاوية ... في ما حق من نهار الصيف محتدم

الأرزان اماكن صلبة واحدها رزن، والصاوي الذابل، يقال أتانا في ما حق الصيف أي في شدة حره. قد أويت كل ماء فهي طاوية ... مهما تصب أفقاً من بارق تشم أو بيت كل ماء منعت لأن عليه الزماة فهي طاوية لذلك أي خماص، تصب أفقاً أي تجد ناحية، تشم أي تقدرأين موقعه لتمضي إليه، وبارق سحاب ذو برق، ويروى: فهي صادية. ويقال طعام وشراب لا يوبى أي لا ينقطع. حتى شآها كليل موهنا عمل ... باتت طراباً وبات الليل لم ينم شآها ساقها فاستاقت، كليل برق ضعيف، موهناً بعد ليل، عمل عمل لا يغفل، فباتت البقر طرابا. حيران يركب أعلاه أسافله ... يخفي تراب جديد الأرض منهزم حيران سحاب لا يمضي على جهته ولكنه يتردد، يخفي يظهر جديد الأرض ما صلب منها ولم يدمّن، منهزم متسق بالمطر. فأسأدت دلّجا تحيا لموقعه ... لم تنتشب بوعوث الأض والظلم الإساد سير الليل، وقوله: تحيا لموقعه، يريد لتبلغ ذلك المطر، ولم تنتشب لم تحتبس ولم تمنعها الوعوث والظلمة أن مضت. حتى إذا ما تجلى ليلها فزعت ... من فارس وحليف الغرب ملتئم

غرب كل شيء حده، والحليف الجديد يعني رمحا حديد السنان، ملتئم أي غير مختلف. فافتنّها في فضاء الأرض يأفزها ... وأصحرت من قفاف ذات معصم إفتنها اشتق بها يأفزها ينزو بها نزوا، يريد خرج بها من أرض إلى رض. وقال أيضاً: أرى الدهر لا يبقى على حدثانه ... أبود بأطراف المناعة جلعد الأبود الآبد المتوحش، والمناعة بلد، والجلعد الغليظ يعني وعلا تحول لونا بعد لون كأنه ... بشفّاف يوم مقلع الوبل يصرد يقول يقشعر فيخرج باطن شعرته فيجيء له لون غير لونه ثم يسكن فيعود لونه الأول، والشفاف الريح الباردة يقول هبت بعقب مطر فهو أشد البرد. تحول قشعريراته دون لونه ... فرائصه من خيفة الموت ترعد أي يحول دون حقيقة لونه اقشعراره، والفريصة المضغة تحت الكتف وإذا فزعت الدابة أرعدت. وشقت مقاطيع الرماة فؤاده ... إذا سمع الصوت المغّرد يصلد شقت آذت، والمقاطيع السهام والقطع النصل العريض المدملك المغرد الذي يرفع به صوته، ويصلد يعلو في الجبل ويقال: يقرع برجله. وقال صخر الغي: فعينيّ لايبقى على الدهر فادر ... بتيهورة تحت الطخاء العصائب

يريد فيا عيني لا يبقى على الدهر، والفادر المسن من الأوعال، والتيهورة الهوّة في الجبل وفي الرمل، والطهاء والطخاء سحاب رقيق، والعصائب شقائق من السحاب، يقول فكأن الغيم على هذا الجبل مثيل العمائم. تملّي بها طول الحياة فقرنه ... له حيد أشرافها كالرواجب أي تمتع بها ومنه قليل تمليت حبيبا أي طال عمره معك. والرواجب السلاميات، وبعض يقول ظهور المفاصل. يبيت إذا ما آنس الليل كانساً ... مبيت الغريب ذي الكساء المحارب يقول يبيت منتحياً كما ينتحي رجل غاضب أهله وولده فأخذ كساءه وبات وحده، والوعل لا يبيت أبداً إلا منفرداً. أتيح له يوماً وقد طال عمره ... جريمة شيخ قد تحنّب ساغب جريمة شيخ أي كاسب شيخ، تحنب احدودب ودب، ساغب جائع. يحامي عليه في الشتاء إذا شتّا ... وفي الصيف يبغيه الجنى كالمناحب المناحب المجاهد وأصله الخطر، يعني كالذي يبالغ في الأمر. قال الأصمعي: قال أبو عمرو بن العلاء سار رجل سيراً شديداً في الجاهلية فقيل لابنه منحّب، ويقال تناحب القوم إذا تبادروا، والجنى الكمأة، وقال وذكر وعلا:

أتيح لها أقيدر ذو حشيف ... إذا سامت على الملقات ساما خفيّ الشخص مقتدر عليها ... يسن على ثمائلها السماما أقيدر تصغير أقدر وهو القصير الغنق، الحشيف الثوب الخلق، والملقات صفوح الجبال المتزلقة الملس واحدتها ملقة، مقتدر أي قادر، يسن يصب على مواضعها ثمائلها السمام، والثميلة العلف في جوف الدابة يريد أنه يرمي موضع الطعام من أجوافها. وقال أبو خراش وذكر حمار الوحش: تراه وقد فات الرماة كأنه ... أمام الكلاب مصغي الخد أصلم مصغ من شدة العدو قد أصغي، وقوله أصلم يقول قد صرّ أذنه فكأنه من شدة ما صرها مقطوع الأذن. وقال ربيعة بن الجحدر الهذلي: فلو رجلاً خادعته لحدعته ... ولكنما حوتا بدحنا أقامس أقول له كيما أخالف روغه ... وراءك مل أروي شياه كوانس أقامس أغاطّ، أخالف روغه يقول أخادعه لأرميه فأروع منه فيتبع روغي فأقول وراءك شيله كوانس ليذهب إليهن ويدعني. وقال صخر الغي وذكر وعولا:

لها معن وتصدر في لهوب ... بها ذبّت أوائلها هياما معن مياه تجري جمع معين، ذبّت جفت تذب ذبا، هيام عطاش، يقول لها مياه وتخاف أن تردها من أجل القنّاص فقد لزمت الجبال. وقال حميد بن ثور: فقلت لأصحابي تراجع للصّبا ... فؤادي وعاد اليوم عودة أعصما قال: الوعل ينفر في أول ما يرى فيشتد نفره ثم يعود فيسكن. وقال مهلهل: وخيل تكدّس بالدارع ... ين مشى الوعول على الظاهره التكدس أن يحرك منكبيه إذا مشى كأنه منصبّ إلى شيء بين يديه، وكذلك مشى الوعول علىالأرض، وفي المثل: ما يجمع بين الأروى والنعام. لأن الأروى تسكن الجبال ولا تسهل والنعام تسكن السهل ولا ترقى فأراد أن هذه الخيل تمشي إلى الحرب رويداً وهو أثبت لها من أن تلقاها وهي تركض. وقال الجعدي وذكر ناقته: وتبتزّ يعفور الصريم كناسه ... فتخرجه منه وإن كان مظهرا منكب روقية الكناس كأنه ... مغشّي عمي إلا إذا ما تنشرا منكب أي منح أي اعتمد على الكناس فجعل روقيه بلبانه،

الثور

مغشي عمي أي كأن بصره عمي في كناسه إلا إذا ما انتشر في برد النهار. الثور قال النابغة: كأن رحلي وقد زال النهار بنا ... بذي الجليل عن مستأنس وحد من وحش وجرة موشيّ أكارعه ... طاوى المصير كسيف الصيقل الفرد زال النهار تنصف، بنا في معنى علينا، والمستأنس الذي ينظر بعينه ويروى مستوجس وهو الذي قد أحسن شيئاً يفزع منه فهو يتسمع والوجس السمع، وذو الجليل موضع ينبت الثمام ويقال للثمام جليل الواحدة جليلة، وإنما قال من وحش وجرة لأن وجرة في طرف السيّ وهي فلاة بين مران وذات عرق وهي ستون ميلا وهي مجمع الوحش وهي قليلة الشرب للماء هناك، وموشى أكارعه يريد أنه أبيض في قوائمه نقط سود وفي وجهه سفعة، طاوي المصير يريد ضامر البطن والمصير المعي وجمعه مصران ثم مصارين جمع الجمع، كسيف الصقيل يريد أنه أبيض يلوح كأنه سيف صقيل، ويقال فرد وفرد أي هو منقطع القرين لا مثل له في جودته كما يقال نسيج وحده. وكان الأصمعي يستحسن بيت الطرماح في صفة الثور.

يبدو وتضمره البلاد كأنّه ... سيف على شرف يسلّ ويعمد وقال ذو الرمة: ولاح أزهر مشهور بنقبته ... كأنه حين يعلو عاقراً لهب أزهر ثور أبيض ونقبته لونه، والعاقر رملة مشرفة لا تنبت، ولهب شبهه بشعلة نار على أعلى الرملة. وقوله: تجلو البوارق عن مجرمّز لهق ... كأنه متقبّي يلمق عزب اليلمق القباء، وعزب وحده يشبهه بذلك لبياضه. وقال بشر وذكره: ومر يباري جانبيه كأنه ... على البيد والأشراف عشوة مقبس العشوة النار. وقال أبو دواد: لهق كنار الرأس بال ... علياء تذكيها الأعابد لهق أبيض: الرأس رئيس العجم، والأعابد جمع أعبد، شبهه بنار توقد على شرف. وقال رؤبة ذكر ثوراً: حتى إذا ما دجنه ترفّعا ... وليله عن فرديّ ألمعا عدا كلمع البرق أو تزوّعا فردى كقول النابغة " كسيف الصيقل الفرد " وألمع ذو لمع،

وتزوّع تحرّك كقولك: زع ناقتك أي حركها. وقال ابن أحمر: لما أنجلى غلس الظلام صبحته ... ذا ميعة خرصا كلون الفرقد صبحته أي صبحت الفرس ثوراً ذا نشاط، والخرص الجوع مع البرد، والفرقد نجم، شبهه به لبياضه. وقال ابن مقبل وذكر ثوراً استضاف بشجرة: كأن مجوسياً أتى دون ظلّها ... ومات الندي عن جانبيه فاضرما قال الأصمعي: أراد كأن الثور في بياضه مجوسي قام دون الشجرة وعليه يلمق أبيض والمجوس لم تزل تلبس الأقبية، فشبه الثور بذلك، قال وهو كقول ذي الرمة: كأنه متقّبي يلمق عزب وقال أبو عمرو نحو ذلك وزاد: مات الندى أي ذهب وانقطع عنه المطرى وجاء الحر فأضرم أي دخل في الضرمة وهي توقد الحر، وروي لي عن الأصمعي أنه قال في قوله: فأضرما، أي أقام مكانه في الحر، ويروى " كأن يهودياً أتى دون ظلها " فمن روي هذه الرواية أراد: كأن الثور منكساً رأسه كيهودي مصل، وروى عن خالد أنه رواه: فأصرما يريد انقطع الندى وذهب. وقول لبيد يصف الثور: فاجتاز منقطع الكثيب كأنه ... مصع جلته الشمس بعد صوان

المصع الثوب الأبيض، والصوان التخت. وقال ضابيء بن الحارث يذكر الثور: شديد بريق الحاجبين كأنما ... أسفّ صلى نار فأصبح أكحلاً يقول هو أبيض الحاجبين أحم الفم كأنه أقمح رماداً. وقال ابن مقبل وذكر ثوراً: يظلّ بها ذبّ الرياد كأنه ... سرادق أعراب بحبلين مطنب أي يرود بها ويذبّ عن نفسه. وقال الهذلي وذكر ثوراً: يظلّ على البرز اليفاع كأنه ... طراف رست أوتاده عند نازل البرز ما برز من الأرض، واليفاع المرتفع، والطراف بيت من أدم، رست ثبتت. وقال أبو حية النميري: كأن بها البردين أبلاق سيمة ... تبين إذا أشرفن تلك الروابيا أبلاق الواحد البلق وهو الفسطاط، وسيمة يسام بها لتباع، شبّه الثيران بها. وقال ذو الرمة يذكر الإبل حيث نظرت: فبينّ برّاق السراة كأنه ... فنيق هجان دس منه المساعر أي استبن ثورا براق الظهر كأنه فحل إبل طليت مساعره وهي

أصول آباطه وأفخاذه بالهناء، وشبهه بذلك لأن مساعر الثور إلى السواد فكأنه فحل أبيض اللون قد هنئت مساعره. وقيل سميت مساعر لأنها أول ما تستعر بالجرب. وقال الطرماح وذكر ثوراً: ومضى تحسب أقرابه ... ثوب سحل فوق أعود قام أقرابه خواصره، والسحل ثوب أبيض، وقام جمع قامة وهي البكرة. وهذا وصفه ببياض الأقراب. وقال يذكر ثوراً يشبه به ناقته: كعقيل الحر في لونه ... لمع كالشام من غير شام خلط وشي مثل ما هلهلت ... ذات أصداف نؤور الوشام العقيل الثور، والحر الرمل، والشام جمع شامة، يقول في هذه اللمع خلط وشى، وهلهلت أرقت وكل رقيق مهلهل وهلهال، وإنما سمي مهلهلا لأنه أرق الشعر، ذات أصداف امرأة تكون معها الصدف وفيه ضروب من الصبغ، والنؤور الكحل تشم به الجارية ظاهر كفها. ووشام جمع وشم. وقال العجاج وذكر ثوراً: كأنه مسرول أرندجا ... كما رأيت في الملاء البردجا الأرندج جلود سود والبردج السبي والملاء الملاحف، شبه سواد قوائمه بالجلود التي تعمل منها الخفاف، وشبه بياض ظهره بالملاء والأرندج أصله بالفارسية رنده وكذلك البردج بالفارسية برده

وقال الكميت: وكأن الشوى تزيّن منه ... بثرى الحص أو امسّ عبيرا الحص الورس، وثراه نداه، والعبير أخلاط تجمع مع الزعفران. وقال العجاج: سرول في سراول الصفّور ... تحت رفلّ السند المزرور الصفور ثياب تأتي من الصفورية أحسبها ملونة إلى السواد، رفل ثوب سابغ، والسند ثياب يؤتي بها من ناحية السند. وقال المثقب العبدي وذكر ناقة: كأنها أسفع ذو جدة ... يمسده القفر وليل سدي يمسده يطويه والمسد الطي، وليل سد أي ند، يريد أنه في القفر، قال ولا يزال البقل في تمام ما سقط الندى عليه فإذا ذهب الندى تولى البقل، يريد أنه يأكل العشب فيغنيه عن الماء فيطويه ذلك. كأنه ينظر من برقع ... من تحت روق سلب مذود يريد أن بخديه سفعة، وسلب طويل ومذود يذود به. ومثله لرؤبة: كأنما تنظر من براقعا وقول الآخر:

وبرقع خديه ديباجتا وقال ذو الرمة يصف ثورا: كأنه كوكب في إثر عفرية ... مسوّم في سواد الليل منقضب شبهه بكوكب منقض يرجم به الشيطان ومسوم معلم. وقال ذو سفعة كشهاب القذف منصلت ... يطفو إذا ما تلقتّه الجراثيم شهاب القذف النجم الذي يقذف به الشيطان، يطفو يعلو، والجراثيم تراب في أصول الشجر. وقال العجاج يصفه: إذا تلقتّه الجراثيم طفا وقال الكميت: تولى كنجم الأخذ بعد عداده ... يضيف وأشفى النفر نفر المعاين ملا بائصا ثم اعترته حمية ... على تشحة من ذائد غير واهن نجم الأخذ الذي يرمي به الشيطان ونجم الأخذ مفسر في كتاب الانواء بعد عداده أي بعد طلوعه لوقته والعداد الوقت يقال: السم يعاد. يضيف أشفى النفر للنفس نفر من عاين، والملا الواسع من الأرض، والبائص الفائت يقال باصه إذا فاتعه وسبقه، والتشحة خبث النفس والغضب، واهن، وقال أوس بن حجر:

فانقض كالدريّ يتبعه ... نقع يثور تخاله طنبا يخفي وأحيا نايلوح كما ... رفع المشير بكفه لهبا وقال عوف بن الخرع: برد علينا العير من دون إلفه ... أو الثور كالدري يتبعه الدم وقال بشر بن أبي خازم. فجال على نفر كما انقّض كوكبوقد حال دون النقع والنقع يسطع وقال أيضاً وذكر أتانا: والعيرير هقها الغبار وجحشها ... ينقض خلفهما انقضاض الكوكب جدّا من الشعراء شبه الحمار والجحش بالكواكب المنقض في سرعته وبياضه. وقال ابن أحمر: وأنقض منسدراً كأن إرانه ... قبس تقطّع دون كف الموقد منسدراً راكبا رأسه، وإرانه نشاطه، يقول كأن إرانه شعلة نارتقطعت شرارته أسفل من كف الموقد. وقال النابغة: فارتاع من صوت كلاب فبات له طوع الشّوامت من خوف ومن صرد

أراد بالشوامت القوائم واحدتها شامتة، يقول بات الثور طوع قوائمه أي بات قائما، هذا من روى طوع بالنصب، ومن رفع طوع فأنه يريد بات الثور من البرد والخوف ما تشتهيه شوامته وتسرّبه وهم أعداؤه. ويقال لا تطيعن شامتا أي لا تفعل ما يحب، يقال طاع يطوع طوعا وأطاع إطاعة. وقال الطرماح: نول عن الأرض أزلامه ... كما زلّت القدم الآزحة أزلامه قوائمه شبهها بالقداح، والآزحة القصيرة. وقال لبيد: حتى إذا حسر الظلام واسفرت ... بكّرت تزلّ عن الثرى أزلامها يعني بقرة وقال الأعشى: فأصبح ينفض الغمرات عنه ... ويربط جأشه سلب حديد ورحّ كالمحا موتّدات ... بها ينضو الوغى وبه يذود سلب قرن طويل، ورح أظلاف، كالمحار أي كالصدف، بها ينضو أي يخرج، وبه أي بالقرن يذود. وقال أبو النجم: يحثي بسمر تعبط الأهدافا ... من الحرور لهبّا شفشافا يقول يحثى بأظلافه وهي سمر ما يحفره من التراب بقرنيه، تعبط تشق وتحفر، والأهداف جمع هدف من الرمل، وأراد يتقي من

الحرور لهبا فأضمر ذلك ولم يذكر، وشفشافا شديدا. وقال لبيد: تشق خمائل الدهنا يداه ... كما لعب المقامر بالفئال الفئال لعبة للصبيان يجعلون ترابا بالطول وفيه عود ثم يضرب باليد فيقطع نصفين ويقال أين العود؟ وقال طرفة: يشق حباب الماء حيزومها يها ... كما قسم التراب المفائل باليد وقال رؤبة يذكر الكلاب والثور: فانصاع يكسوها الغبار الأصيعا ... بأربع في وظف غير أكوعا ندف القياس القطن الموشعا الأصيع الذي يجيء ويذهب، والأكوع الذي في كوعه اعوجاج والاسم الكوع، والتوشيع أن يدار الغزل بالابهام والخنصر ثم يجمع فيدخل في القصبة. وقال ذو الرمة يذكر ثورا يحفر أصل شجرة: توخاه بالأظلاف حتى كأنما ... يثير الكباب الجعد عن متن محمل الكباب ما يكب من الرمل واجتمع، والجعد الذي قد لزم بعضه بعضاً، محمل يريد حمائل السيف، شبه حمرة عروق الشجرة بحمرة الحمائل. وقال بشر بن أبي خازم.

تمكث شيئا ثم انحى ظلوفه ... يثير التراب عن مبيت ومكنس برح كأصداف الصناع قرائن ... إثارة معطاش الخليقة مخمس الرح الأظلاف الواسعة - الواحد أرحّ، شبهها في عرضها بأصداف الصناع. وقرائن مقترنة، الخليقة يقال البئر لا ماء فيها، فشبه الثور برجل يصب ماء بئره فهو يثير غبار بئر يحفرها. وقال ابن الأعرابي: يريد أن خليقته طبعت على العطش، والمخمس الذي يورد لخمس، وقال امرؤ القيس: يهيل ويذرى تربها ويثيرها ... إثارة نبّات الهواجر مخمس النباث الذي ينبث التراب في الهاجرة إما لاستخراج ماء كما قال بشر وإما لأن يباشر إبله برد الثرى. وقال الراعي وذكر ثورا عند شجرة: يجتاب أذرأها والترب يركبه ... ترسّم الفارط الظمآن في الأثر يجانف البرك عن عرق أضربه ... تجافيا كتجافي القرم ذي السرر يجتاب يحفر، أذرأها أسترها، كما يترسّم الفارط وهو الذي يتقدم الواردة ينظر أنّى يحفر، ويجانف يحرف صدره عن عرق الشجرة، أضرّ به دنا منه، والسرر فرجة تكون في الكركرة يقال بعير أسر. فصبّحته كلاب الغوث يؤسدّها ... مستوضحون يرون العين كالأثر يؤسها يغريها، مستوضحون ينظرون هليرون شيئاً، وأراد

يرون الأثر كالعين فقلب. فأدّت الأذن رزّاً من سوابقها ... وجال أزهر مذعور من الخمر فكّر منتصراً يحمي حقيقته ... كصاحب البزمن كرمان منتصر أدت أذن الكلب إليه صوتا خفيا من الكلاب، وجال أزهر يعني الثور، مذعورا من ناحية الخمر وهو ما واراك من شيء وصاحب البز صاحب سلاح. وقال لبيد يصف ثورا استضاف شجرة: ويبرى عصيا دونها ملتئبّة ... يرى دونه غولا من الرمل غائلا يقول يبرى عصيا من شعب ساقها دون أصلها وذلك أنه يحفر، متلئبة مطردة مستقيمة، وغولا من التراب يريد كثيرا منه، يغول العروق فلا تستبين من كثرته. وقال وذكر بقرة تحفر: تبني بيوتا على فقر يهدّمها ... جعد الثري مصعب في دفه زور على فقر على حاجة منها إلى البيوت، ثم قال يهدم البيوت جعد الثرى وهو ما أبتل من الرمل جعله جعدا لانضمام بعضه إلى بعض يعني الثرى أي هو صعب شديد، في جنبه ميل يريد أنها تحفر في

الرمل فهو ينهال لا يستوي لها الحفر. وقال الكميت: يبحث الترب عن كوارعفي المش ... رب لا تجشم السقاة الصغيرا موتهن انتباشهن من القب ... ر ويحين ما سكن القبورا يعني عروق الشجر. وقال العجاج: إذا انتحى كالنابث المثير ... مرّت له دون الرجا المحفور نواشط الأرطاة كالسيور أي تعترض له عروق الشجر دون الرجا يعني ناحية الكناس، نواشط عروق تأخذ من هذا الشق إلى الآخر، وشبه عروق الشجرة بالسيور. وقال ذو الرمة: تقيّظ الرمل حتى هز خلفته ... تروّح البرد ما في عيشه رتب الخلفة ما نبت بعد النبت الأول إذا برد الليل، هز أي نبت فاهتز من النعمة، وتروح البرد يريد التروح الذي يكون في البرد والشجر إذا أصابه برد الليل فتفطّر بالورق قيل قد تروح، رتب غلظ وشدة، والرتب والعتب ما ارتفع من الأرض كأنه درج، يقول هو في عيش لي فيه غلظ. ربلا وأرطى نفت عنه ذوائبه ... كواكب الخر حتى ماتت الشهب

الربل نبت يتربل في آخر الصيف فيصيبه برد الليل فينبت بلا مطر، ذوائبه أغصانه، وكواكب الحر معظمه، والشهب جمع شهاب وهو شدة الحر، ومن رفع الذوائب جعل أغصان الشجر هي التي نفت الحر عن الثور ومن نصبها جعل كواكب الحر هي التي نفت الأغصان كأنها ألقت ورقها. وقال وذكر أرطأة: ميلاء من معدن الصيران قاصيةأبعارهن على أهدافها كثب يقول فيها ميل وعوج، من معدن الصيران أي هي من الموضع الذي تقيم به البقر فلا تفارقه، يقال عدن بالمكان إذا أقام به، قاصية بعيدة، وأهدافها ما أشرف من الرمل حولها جمع هدف، كثب دفع الواحدة كثبة. وحائل من سفير الحول حائله ... حول الجراثيم في ألوانه شهب كأنما نفض الأحمال ذاوية ... على جوانبه الفرصاد والعنب الحائل ورق أبيض قد تغير، والسفير ما سفرته الريح فألقته وسفته، وشبه البعر بالتوت والعنب، أراد كأن شجر التوت والعنب نفضت أحمالها على جوانب هذا الكناس، ذاوية قد ذوت أي جفت بعض الجفوف، ونصب ذاوية على الحال. وقال الطرماح يذكر الثور: بات لدى نعضة يطوف بها ... في رأس متن أبزى به جرده

نعضة شجرة والجمع نعض، وأبزى بالمتن رفعه، جرده قلة نباته. طوف متلّي نذر على نصب ... نصب دوار محمّرة جدده المتلّي الذي يقضي ما بقي عليه من نسكه، وجدده طرائقه احمرت من الدم. وغاط حتى استثار من شيم ال ... أرض سفاة من دونها ثأده لما استبان الشبا شبا جربيا ... ء المس من كل جانب ترده غاط أدخل رأسه يحفر فهو يغوط غوطا، وشيم الأرض تراب حفرة لم تحفر قبل ذلك واحدتها شيمة، والسفاة التراب يخرج من البئر، والثأد الندى يقول: فعلى هذا الماء استبان الشبا من البرد وهو حده، والجربياء الشمال، أي وجد مثل مسها من البرد. وقال مثل هذا: فبات يقاسي ليل أنقد دائبا ... ويحدر بالحقف اختلاف العجاهن أنقد القنفذ وهو لا ينام فكذلك هذا الثور يدور ولا ينام، ويحدر يهبط، ثم شبهه بالطباخ إذا اختلف في العرس بالطعام. ويقال: العجاهن الذي يخدم في العرس إكراما لصاحبه. كطوف متلّي حجة عند غبغب ... وقرّت مسودّ من النسك قاتن الغبغب المنحر ويقال صنم، وقرت جمع قارت وهو الدم الجامد، والنسك الذبح، والقاتن الأحمر اليابس، أي هو يختلف حول

الحقف كطوف هذا المتلّي: بضاحية ثريا يحيل سفاتها ... على نعج من عجمة الرمل ضائن ضاحية بارزة للشمس، ثريا كثيرة الندى دقيقة التراب. وسفاتها ترابها، والنعج الأبيض، عجمة الرمل معظمه، والضائن الأبيض، يحيل يصب. يبين ويستعلي ظواهر خلفة ... له من سنّا ينعق بعد بطائن يبين يستبين يعني الثور، ويستعلي يعلو، والظواهر جمع ظاهرة وهي الأرض الصلبة فيها ارتفاع، له للثور، من سنا أي من سنا ضوء برق، ينعق ينشق، ما بطن من السحاب ثم انشق عنه فأبداه. وقوله: يثير نقا الحنّاءتين وينثني ... به نقب أولاج كنقب الصيادن الحناءتان رملتان، والصيادن الثعالب، شبه ما عرف بنقوب الثعالب، ويروي هذا البيت: ويلقى قفا الحناءتين بروقه ... تناويط أولاج كخيم الصيادن التناويط عششة الطير المتدلية في الشجر، والخيم جمع خيمة، والصيادن الملوك، قال الأصمعي: مهد ذلك الطير لفرخه وفرش له ذلك العش مثل ما مهد للملك يقول يلقى بروقيه عششه الطير. وقال النابغة:

يقابل الريح روقيه وجبهته ... كالهبرقيّ تنحّيّ ينفخ الفحما الهبرقي الحدّاد. ويقال أنه يقابل الريح ليشم الريح من الصائد والكلاب إن جاءت. وقول لبيد: فبات كأنه قاضي نذور ... يلوذ بغرقد خضل وضال أي كان عليه نذرا آن يحفر فهو مجد في ذلك. وقال الكميت يصف الثور: مكبّاً كما اجتنح الهالكي ... على النصل إن طبع المنّصل اجتنح مال، والهالكي الصيقل، طبع صدىء، شبه الثور مكبا بصيقل مكب يجول نصلا، وقال العجاج: يزفيه والمفزّع المزفيّ ... من الجنوب سنّن رمليّ يزفيه يستخفه من مكانه، سنن من الرمل جاءت به الجنوب. وذو عفاء قرد نجديّ ... فبات حيث يدخل الثوىّ ذو عفاء سحاب والعفاء أصله الوبر والريش فشبه السحاب بشيء له عفاء، قرد متلبد، نجدي جاء من ناحية نجد، والثوى الضيف. مجرمّزا وليله قسيّ ... ومسهدات روعها تنزيّ مجرمز منقبض، قسي شديد، مسهدات مطيرات نومه، تنزىّ أي تنزى فؤاده.

وهدب أهدب غيفانيّ ... يذود عنه جنثها الجنثيّ الهدب ورق الأرطى، وكل ورق ليس بعريض، غيفاني ميال يتغيف، دفع عن الثور جنثها وهو أصلها. وقال يذكر الثور أيضاً: يركب كل عاقر جمهور ... مخافة وزعل المحبور والهول من تهوّل الهبور العاقر رملة مشرفة لا تنبت، والجمهور العظيمة، أي يركبها مخافة الرماة، وزعلا نشاطا، والمحبور المسرور، ونصب الهول أي ويركب الهول، والهبور مواضع من الأرض مطمئنة، يقول يخاف أن يكون في هذه المواضع المطمئنة سبع أو صائد. وقال أيضاً يذكره: وشجر الهداب عنه فجفا ... بسلهبين فوق أنف أذلفا شجر أي عمد، والهداب غصون الشجر، سلهبين أي قرنين طويلين، والذلف قصر الأنف ورجوع طرفه إلى الرأس. وقال ذو الرمة وذكر ثوراً: إلى كل بهو ذي أخ يستعدّه ... إذا هجّرت أيامه للتحول بهو يعني كناسا وكل فجوة ومتسع فهو بهو، ذي أخ أخبر أن له كناسا آخر، يستعده هذا الثور للتحول إذا زالت الشت الشمس فيتحول عن

هذا اليله. ومنه قول طرفة وذكر ناقة: كأن كناسي ضالة يكنفانها ... وأطرقسيّ تحت صلب مؤيّد وقد فسر في كتاب الإبل. وقال النجاشي وذكر ظبيا: إذا الشمس ضحّت متنها يستعده ... لحد الضحى أحوى الشرا سيف أكحل هذا كناس له بابان باب للشمال وباب للجنوب فهو يستعد باب الجنوب للشتاء وباب الشمال للصيف. وقال العجاج: ومكنس بات به قيظيّ ... أجوف جاف فوقه بنيّ من الحوامي الرطب والذوي بات به بات فيه، قيظي يقول هو من مكانس القيظ كان أعده للقيظ وكنس فيه في الشتاء فهو أبرد له، أجوف ذو جوف، جاف متجاف عنه، بنى جمع بنية، يريد أن الغصون بعضها فوق بعض، والحوامي خشب يخرج في أصوله من الجانبين، والذوى اليابس. وقال لبيد يصف دياراً: تحمّل أهلها واجدّ فيها ... نعاج الصيف أخبية الظلال أي اتخذت كنسا جددا ولا يكون كناس إلا تحت شجرة وجعلها نعاج الصيف لأنهم يرتحلون في الصيف لطلب المياه.

وقال العجاج يذكر الثور: فبات في مكتنس معمور ... مساقط كالهودج المخدور مكتنس شجر جعل كناسا، معمور من البقر، مساقط مسترخي الأغصان والورق فكأنه هودج صير له حذر. كأن ريح جوفه المزبور ... بالخشب دون الهدب اليخضور المزبور كأنه طوي بالخشب كما تطوي البئر بالحجارة. ثم قال بالخشب دون الهدب يقول هو أسفل من الهدب، والهدب ورق الأرطى. وفي الشتاء خضر المحضور أي هو في الشتاء كثير الحاضر من البقر والظباء. وقال آخر: وبيت تخفق الأرواح فيه ... خلاء الليل معمور النهار تمارسه صوانع مشفقات ... على خرق يقوّم بالمداري يعني كناسا، خرق يعني أولادها واحدها خرق، والمداري القرون. وقال الكميت: فبات في دولج عّفي معارفه ... بالأمس جلجال يوم الهبوة النخل الدولج الكناس، والجلجال ما ذهبت به الريح وجاءت. وقال أبو ذؤيب وذكر ثورا:

يرمي بعينيه الغيوب وطرفه ... مغض يصدّق طرفه ما يسمع الغيوب واحدها غيب وهي المواضع لا يرى ما وراءها، يرميها بطرفه يخاف أن يكون فيها سبع أو صائد، يصدق طرفه ما يسمع، يقول إذا سمع شيئا ببصره فكان ذلك تصديقا منه لما يسمع لأنه لا يغفل عن النظر حين يسمع، وقوله: طرفه مغض - يقول ينظر ويطرف فله بين كل نظرتين إغضاء. وقال بشر بن أبي خازم الأسدي. فأدى إليه مطلع الشمس نبأة ... وقد جعلت عنه الضبابة تحسر تمارى بها رأد الضحى ثم ردها ... إلى حرّيته حافظ السمع مبصر تمارى بالنبأة وشك فيها، رأد الضحى ارتفاعه، وحرتاه أذناه، حافظ السمع مبصر يريد أنه لا يخطيء في سمعه ولا في يبصره. فجال ولما يستبين وفؤاده ... بريبته مما توجّس أوجر جال الثور وما يستبين شيئا، توجس سمع، وبعض يجعل توجس من الخيفة، وأوجر خائف. وقال الكميت يذكر ثورا: ذو أربع ركّبت في الرأس تكلؤه ... مما يخاف ودون الكاليء الأجل منها أثنان لما الطأطاء يحجبه ... والأخريان لما وافى به القبل يريد عينيه وأذنيه فالأذنان لما أطمأن فتوارى عنه وهو الطأطاءمن الأرض، والعينان لما أتاه من قبل وهو سند الجبل.

وقال دواد وذكر ثورا: ويصبح تارات كما استمع المضل دعاء ناشد كان أبو عمرو بن العلاء يعجب من هذا البيت، والناشد طالب الضالة يقال نشدتها أنشدها نشدانا، والمنشد المعرّف، يقال أنشدت الضالة إنشادا أي عرفتها يريد أن الرجل إذا أضل رأى مضلا ينشد ضالته سأل هذا هذا وهذا هذا، وإنما ذلك لأن كل واحد منهما يظن بصاحبه أنه قد سمع في تطوافه خبر ضالته، ويقال بل يتشوف لذلك لوثا وأنسا كما قيل في المثل: الثكلى تحب الثكلى. وقال المثقب العبدي: يصيخ للنبأة أسماعه ... إصاخة الناشد للمنشد قال الأصمعي سمعت أبا عمرو يستحسن هذا البيت، يقول إذا سمع صوتاً أمال أذنه وتسمع كما يصيخ طالب الضالة لمعرفتها. فنخب القلب ومارت به ... مور عصافير حشى الموعد يقول فزع، ومارت به قوائمه من الفزع من الكلاب مور عصافير، وهذا مثل يقال طارت عصافير رأسه من الفزع أي كأنما كانت عصافير على رأسه فطارت منه. ونحو منه: فلما أتاني ما يقول ترقصت ... شياطين رأسي وأنتشين من الخمر

فاستن للصدع ولم يقسم ال ... أمر فريقين ولم يلبد يقال صدع بالعدو إذا قصد به، ولم يقسم الأمر فريقين، يقول لم يقل أقيم أو أمضي ولكنه مضى ولم يلبد أي لم يلزق بالأرض وقال ذو الرمة: أمسى بوهبين مجتاز الطيته ... من ذي الفوارس يدعو أنفه الريب أي اجتاز لطلب مرتعا، والريب واحدتها ريبة، يقول يشم رائحته فيأتيه ليأكله فكأنه دعاه بريحه إليه، وذو الفوارس موضع رمل. ومثله قول العجاج: حتى غدا واقتاده الكرى ... وشر شر وقسور نضرىّ ضروب من النبت. وقال ذو الرمة: وكل أحم المقلتين كأنه ... أخو الانس من طول الخلاء المغفل يعني ثورا أسود العينين، أخو الانس يقول لم ير الناس قط ولم يعرفها فهو لا ينحاش منهم، والمغفل من نعت الخلاء يريد المغفول عنه، ويروى: مغفل. وقال بشر فأضحى وصئبان الصقيع كأنها ... جمان بضاحي جلده يتحدر

أضحى من الضحى، صئبان الصقيع صغاره يعني ما سقط من الندى فيتحدر على جلده كاللؤلؤ. وقال ابن مقبل: تحدّر صئبان الصبا فوق متنه ... كما لاح في سلك جمان مثقّب وقال ضابيء: فبات إلى أرطاة حقف تلفّه ... شآمية تذرى الجمان المفصلا الجمان شبيه باللؤلؤ من فضة، شبه ما ينحدر عنه بالجمان المفصل، وقال بشر بن أبي خازم: فبات يقول أصبح ليل حتى ... تجلى عن صريمته الظلام أي طال عليه الليل مما هو فيه، ويروى: صريميه، والصريم الليل، يريد أول الليل وآخره. وقال ابن الأعرابي: صريميه رمليه. وقال أبو عبيدة: الصريم الليل والصبح وهو من الأضداد. وقال بشر: وبات على خد أحمّ ومنكب ... ودائرة مثل الأسير المكردس دائرة تكون في جنبه، مكردس ساقط. وقال لبيد: أضل صواره وتضيفته ... نطوف أمرها بيد الشمال تضيفته أخذت ضيفته أي ناحيته وضيف كل شيء ناحيته، ويقال بل أراد مالت إليه من قولهم تضيف فلان فلانا أي مال إليه، نطوف سحابة تنطف أي مع الشمال. وقال القطامي:

فثنّى أكارعه وبات تحمه ... رهم تسيل تلاعه إمعانا فترى الحباب كأنما عبثت به ... ثقفيتان تنّظمان جمانا تحمه تغسله من الحميم وأصله الماء الحار، والرهم مطر ضعيف، إمعانا سيلا شديدا، ويقال تحمه مثل تهمه يقال أحمه الأمر إذا أخذه منه مثل الزمع، والجمان اللؤلؤ وخص بالثقفيتين لأن ثقيفا بجنب البحر. وقال ذو الرمة: طاوي الحشى قصت عنه محرّجة ... مستوفض من نبات القفر مشهوم مستوفض أفزع فأوفض والإيفاض عدو فيه شبه الإرقال، وقوله من بنات القفر لأنه يسكن القفر كما يقال بنات الأرض لهو امها وبنات الماء، مشهوم مذعور، شهمه إذا ذعره ومنه يقال فلان شهم الفؤاد أي الؤاد كأنه يذعر من الشيء من ذكاء قلبه. وقال الطرماح: كأخنس ذبّ رياد العشىّ ... إذا ورّكت شمسه جانحه

أخنس ثور وذلك لأن في أنفه خنسا، ذب رياد العشى يريد أنه يرتاد بالعشى ويذب في رياده، وورّكت تحرفت للغروب. يذيل إذا نسم الأبردان ... وتخدره الصّرة الصامحة يذيل يتبخر، ونسم برد يقال نسمت الريح أول ما تبدأ بضعف، والأبردان غدوة وعشية، وتخدره تدخله الكناس والصامحة التي تكاد تذيب دماغه، والصرة شدة الحر. يسف خراطة مكر الجنا ... ب حتى ترى نفسه قافحه خراطته ما انخرط منه، والمكر نبت، قفحت نفسه إذا انتهت عن الشيء تأكله. فجال ولم تصره قبلها ... بعقوته نبأة فادحة تصره تمنعه لأنه قد أصابه ما كان يحذر، والعقوة الساحة، والنبأة الخفي. وبربر بربرة الهبرقيّ ... بأخرى خواذلها الآنحة بربر صوت، والهبرقي الحداد، والخوازل المتخلفات، والآنحة

من الأنواح وهو صوت مثل الزفير. وقال أبو دواد وذكره: أضحى بذي العلجان يلجذ ... بأرضنا والدمع جامد العلجان نبت، ويلجذ يقلع ما برض من النبت، والدمع جامد أي هو في روض وغدير فهو فرح وليس فيه دمع، وإنما هو مثل. وقال الطرماح وذكره: يمسح الأرض بمعنوس ... مثل مثلاة النياح القيام معنونس ذنب فيه التواء وذلك يستحب، والمئلاة خرقة تكون بيد النائحة، ونياح جمع نوح والنوح النساء ينحن. وقال ابن أحمر وذكره: فبدرته عينا ولّج بطرفه ... عني لعاعة لغوس مترئد فبدرته عينا أي نظرت إليه وشغلت عنه طرفه لعاعة وهو أول ما يبدو النبت، ولغوس يقال هو يتلغوس إذا أكل رطبا لينا في

خفة الأكل وحرص، ويسمى الذئب لغوسا لخفته وخفة أكله، مترئد متئن من النعمة. فانقضّ منسدرا كأنّ إرانه ... قبس تقطّع دون كف الموقد وقد فسر هذا البيت. وفيها: باتت عليه ليلة عرشية ... شربت وباتت على نقّا متهدد منسوبة إلى عرش السماك أي ممطرة بنوءه، وقال أبو ذؤيب وذكر الثور: فانصاع من فزع وسدّ فروجه ... غبر ضوار وافيان وأجدع المنصاع المنشق في غير طريقة وسد فروجه أي ملأها بالعدو فلم يبق منه شيء إلا جاء به، وجعل الكلاب هي التي سدت فروجه لأنه عدا من أجلها فكأنها هي ملأت فروجه، وافيان أي سليما الأذن، وأجدع مقطوع الأذن. وقال وذكر الصائد: فرمى لينقذ فرّها فهوى له ... سهم فأنفذ طرتيه المنزع فرها من فر منها، يرمي الصائد الثور ليشغله عن بقية الكلاب

لا يقتلها الثور، وطرتاه ناحيتا جنبه، والمنزع السهم، فهوى له أي للثور. فكبا كما يكبو فنيق نارز ... بالخبث إلا أنه هو أبرع كبا الثور سقط، والتارز اليابس، يقال أخرج خبزته من النار تارزة، قال الشماخ، وذكر الصائد: كأن الذي يرمي من الوحش تارز أي كأنه يابس قبل أن يصيبه السهم، والخبت المستوي من الأرض وأبرع وأضخم. وقوله: فحنا لها بمذلقين كأنما ... بهما من النضح المجدح أيدع فحنا لها أي تقاصر وإذا تقاصر كان أشد لطعنه، مذلقان قرنان محددان وذلق كل شيء حده، والمجدح الملطخ يقال جدح بالدم أي خلط به، والأيدع دم الأخوين وهو أيضا الزعفران. فكأن سفودين لما يقترا ... عجلا له بشوا شرب ينزع يقول كأن سفودين مما يشوى عليهما لقوم يشربون عجلا لهذا الثور بالطعن الذي يقع بالكلاب، ولما يقترا لم يستعملا، يقول هما حديدان، يقترا من القتار. مثل قول النابغة وذكر القرن: كأنه؟؟؟ خارجاً من جنب صفحته ... سفّود شرب نسوه عند مفتأد وقد فسر في الأبيات في الكلاب. وقال أبو ذؤيب:

من وحش حوضى يراعي الصيد مبتقلاكأنه كوكب في الجوّ منحرد يراعي الصيد ينظر إليه أي يراعي الوحش، والمحرد المعتزل. حتى إذا أدرك الرامي وقد عرست ... عنه الكلاب فأعطاها الذي يعد يريد أدرك الرامي الثور، وعرست دهشت وتحيرت، إيعاده لها أنه كان يتحرف لها ويتهيأ فأعطاها مما وعدها من الطعن. وقال ذو الرمة يذكره والكلاب: ينحى لها حد مدريّ يجوف به ... حالا ويصرد حالا لهذم سلب المدرى القرن، نحا لها تحرف، يصرد ينفذ. ومنه قول الآخر: لكن خفتما صرد النبال أي نفوذها، ويجوف يبلغ الأجواف، لهدم حاد، سلب طويل. حتى إذا كنّ محجوزا بنافذة ... وزاهقا وكلا روقية منخضب يعني الكلاب منهن ما أصابه الطعن في مؤتزره أي وسطه والحجزة الوسط يقال احتجز إذا شد وسطه بإزار أو حبل، والزاهق الميت، بنافذة أي بطعنة تنفذ. ولى يهذّ اهتزاما وسطها زعلا ... جذلان قد أفرخت عن روعه الكرب

الهذ المر السريع وأصله القطع، زعل نشيط. وهن من واطىء ثني حوّيته ... وناشج وعواصي الجوف تنشخب الحويّة بنات اللبن، وعواصي الجوف العروق التي تعصى فلا يسكن دمها، والناشج ينشج بنفسه للموت، ويقال حوية وحاوية. وقال: وكائن ذعرنا من مهاة ورامح ... بلاد الورى ليست له ببلاد رامح ثور له قرن كالرمح، يقول هو في موضع لا أنيس فيه، وقال الكميت وذكر موضعه: حيث لا ينبض القسى ولا يلفى بعرعار ولدة مذعورا يقول هو في موضع منتح حيرز لا يبلغه الصائد، والعرعار لعبة كان الصبيان يلعبون بها، يقول موضعه ليس به أنيس. وكأن الشوى توين منه ... بثرى الحص أو أمسّ عبيرا قد تقدم تفسيره مع أخوته. وقال يذكر طيب ريحه من ثرى الأرض: أرجا من رضاب ما يعبأ الغيث بملقى بعاعه مسرورا. أرج طيب الريح، والرضاب ما سقط من الندى، ما يعبأ ما يحمل والبعاع الثقل. وقال يذكر الصائد: تخّذ الطمر مئزرا وتردّى ... غير ما قدره به الطمرومرا

الطمر الخلق، غير ما قدرة أي لم يقدر على أكثر من ذلك، والطمرور الخلق أيضا. وقال ذو الرمة وذكر الثور: نمى ارتفع، بعد قيظ قاصر عليه أي ثابت لازم، يريد إنما يطلب المرعى إذا أمكنه ذاك. وقال آخر: حر هجان اللون يحمي فوته يقول يحمي أن يفوت فيذهب. ولو أراد ذلك لقدر عليه ولكنه يحمي ذلك أي يمنعه ويقاتل دونه. وقال آخر وذكر ثوراً وكلاباً: أذا كرّ فيها كرة فكأنها ... نقال نعال يختفيهن سارد أي يشكهن كما يشك السارد النعال، وجعلها نقالا لأتها تحتاج إلى السرد والخصف والجدد لا تحتاج إلى ذلك. وقال ضابيء: يهزّ سلاحا لم ير الناس مثلها ... سلاح أخي هيجا أذفّ وأعدلا السلاح قرناه، وأنث ذهب إلى القناة كأنه قال: يهز قناة: يهز قناة وأذف أسرع، وأعدل أشد استواء.

فظّل سراة اليوم يطعن ظلّه ... بأطراف مدريين لم يتفلّلا يقول قتل الكلاب فهو ينظر إلى ظله فيحسب أنه من الكلاب فيطعنه بقرنيه. وقال امرؤ القيس: فأدركنه يأخذن بالساق والنسا ... كما شبرق الولدان ثوب المقدّس كان الراهب ينزل فيذهب ألى بيت المقدس فيتمسح به الصبيان حتى يمزقوا ثيابه. وقال الطرماح: يتّقي الشمس بمدريّة ... كالحماليج بأيدي التلام الحماليج المنافيخ التي تكون للصاغة وأراد التلاميذ فقطع. وقال المرار نحو هذا: إذا حرجت تتقى بالقرون ... أجيج سموم كلفح الصلاء وقال أبو النجم: يحذى أذا شاة الكناس اجتافا ... دون عروق الشجر الأصنافا وظلّ ما يعتكف اعتكافا ... في تولّج أو يعرف الأسدافا يقول ظلّ في غصون الشجر وورقه لأن الحر اشتد عليه فلم يقدر على الحفر، يقال للشجرة قد صنّفت إذا نبت ورقها، ظل ما

يعتكف ما زائدة، وتولج ودولج كناس، يقول يعتكف فيه حتى يرى الليل قد أقبل فيخرج. وقال رؤبة: إذا التلظّي أوقد اليرامعا ... وأولج الزجّجة القوادعا الزجّجة يعني بقرا بعيدة الخطو، والقوادع التي تقدع الذبان، واليرامع مع حجارة رخوة. وقال النمر بن تولب: فظل يشبّ كأنّ الولو ... ع كان بصحته مغرما يقول لما أصابه السهم شب أي رفع يديه، والولوع الدهر والقدر لأنه مولع باهلاك الأشياء، يقول كأنه كان مغرما بإزالة صحته وسلامته. وقال لبيد وذكر الثور: يمتلّ موفورا ويمشي جابنا ... ربذا يسلّي حاجة الخشيان يمتل يمر مرا سريعا، موفورا لم يصبه شيء، يمشي جانبا من النشاط، ربذ خفيف، حاجة الخشيان أي يلقى ما في نفسه من الجزع. وقال الكميت: ولّى يهز قناتي غير مختبىء ... من وحدة طلل يأدو له طلل شبه قرني الثور بقناتين، متهيب من وحدة، طلل شخص الثور، يأدو له طلل - يختله طلل يريد شخص الصائد.

وقال يذكره حين طعن الكلاب: وعاث في غابرمنها بعَثَتةٍ ... نحرَ المكافىء مثل المعاقر يريد طعن في بقيتها، والعثعثة المعاودة، والمكافىء مثل المعاقر كمعاقرة غالب أبي الفرزدق سحيم بن وثيل الرياحي وهو أن يتبارى رجلان في عقر إبلهما فيعقر هذا ويعقر هذا حتى يعجز أحدهما أو يبخل، يهتبل يفترص الفرَص، والمكثور هو الثور. وقال يذكره حين طعن الكلاب: فلما قفى تحبَ من لا يخا ... ف أقران ظهر ولم يفشَل قضى الثور نحب من لا يخاف يعني نفسه، والنحب النذر، ويقال للقوم إذا اجتمعوا مع رجل يعينونه هم أقران ظهره. وقال الهذلي: ولكن أقران الظهور مقاتل وقد فسر وقال يذكر قرن الثور: كأن مجّ ريقته في الغُطاط ... به سافي الجلدِ مستبدل

الغطاط الصبح، يقول كأن أسود سالخاً مج ريقته على القرن. وقال العجاج وذكر ثوراَ طردته الكلاب: كأنّما جمر الغضا المرمّى ... به رضاضاً رضّه غوّى نور الخزامى خلفُه الربعى ... مما تهادى بينها الشظيّ يريد كأنما نور الخزامى الذي قطعه برجليه حين عدا جمر الغضا، ونصب رضاضاً أي الذي رمى به فتاتاَ، والشظى الأظلاف. يمور وهو كابنِ حيّ ... خوف الضوى والهارب المضوِي يمور يتكفأ، وهو كابن قاصر في عدوه، حي مستح من الفرار، والضوى هو النقصان وأصله الدقة وضعف الخلق، يريد خوفاً أن يدخل عليه عيصه لأن الذي هرب هو الذي ينقص حقه ولم يقل المضوى وهو من أضويته، أراد الذي جعل فيه الضوى كقولك: مسعود فيه سعادة وتقول سعد الرجل. وقال يذكر ثورا وبقرة: يتبعن ذيالا موشى هبرجا ... فهن يعكفن به إذا حجا هبرج يتبختر، ويعكفن به يطفن به ويقمن عليه، إذا حجا إذا ثبت. وقال يذكر الثور والكلاب: سحو ذهن وله خوذِي

أي يسوقهن ويطردهن وله طارد يطرده من نشاطه وحدة نفسه. وقال وذكر القرن. ينسنّ أن تسنَّه الدُمِيّ ... إذا اكتلا واقتُحِم المكلى ينسن أي يتحدد، والدمى جمع دم، أي كلما أصابه الدم ازداد حدة، واكتلى واقتحم وصرع، والمكلى الذي أصيبت كليته. وقال وذكر الكلاب: حتى إذا ميّث منها الرّي ميث لين من الكلاب، الري أي السكر من الطعن. وقال: فانصاع وهو ذاخرُ التنكير ... من بغيهِ مقاربُ التهجيرِ انصاع انشق في ناحية وهو يذخر التنكير لا يريها أنه يقاتل وقد أضمر ذلك، يقال هل نكر فلان التهجير شد الهجار وهو حبل يشد في رجل البعير إلى حقبه أو حقوه أي قد قورب هجاره، ومن روى مقارب بكسر الراء أراد أن الثور قد دنا من أن يكون مهجورا. إذا استذرن حول مستديرٍ ... لشزره صانع بالمشزور ويسر إن دون للميسورِ يعني أن الكلاب كلما أتينه من جهة تحرف لهن، والمشزور ها هنا

طعن الشزر كما تقول عقل ومعقول، والمعنى: إذا استدرن حول منحرف لشزره صانع بطعن الشزر، وصانع رفق وأصله في الفتل، ويسر إن ردن للميسور - ويسر مسكنة السين فحرك ضرورة. يذّبُ عنه سورة السؤورِ ... من ناهزٍ وداجن مذعور يريد أن الثور يذب عن نفسه مساورة المساور اياه، ناهز كلب ينتهز، وداجن كلب متعود، مذعور يصاح به ويغرّي. وقوله يصف الكلاب: والنَبْح واستسلمن للتعوير ... وقد يثوبُ الروعُ للمكثور التعوير فساد الامر يقال تعور الأمر إذا فسد، ومنه قوله: وعوّر الرحمانِ من قال العور وقد يرجع الروع إلى من كثر معناه إذا كثر الثور وهو واحد كان إليه الروع. وقال أيضاً يصف الثور والكلاب: وانشمن في غباره وخذرفا ... معاً وشتى في الغبار كالسفا ميلين ثم أزحفت وأزحفا الخذرفة مر سريع كالخذروف، والسفا يريد سفا البهمي أي شوكة شبهها به لدقتها، وأزحفت وأزحف صار لها زحفا وصارت له

كذلك، يقال أزحف لنا بنو فلان أي صاروا لنا زحفا يقاتلونا ولم يرد الاعياء. وقال رؤبة يذكر مهمهاً: يمشي به الادمان كالمؤمّه الادمان الظباء البيض والمؤمة به موم من الحر، يقول كأنها من شدة الحر الذي به الجدرى، يقال قد أمِهت الشاة فهي مأموهة إذا أصابها الجدري. وقال: اذا التلظّي أوقَدَ اليرامعا ... وأولَجَ الزجّاجةَ القوادِعا اليرامع حجارة رخوة واحدها يرمع، والزجاجة كل بعيد الخطو فهو زجاج وأزج، والقوادع التي تقدع الذبان يعني بقرا. بوهَجَان يسفع السوافعا قال هو كقولك يغعل الأفاعيل. وقال رؤبة يذكرثورا: أشرفَ رَوقاه صليفاً مقنعاً ... حتى إذا ما دجَّنه ترفّعا وليله عن قردِيّ ألمعا ... عدا كلمعِ البرقِ أو عزوّعا المقنع المرتفع. وهذا كقول ذي الرمة: كسيف الصيقل الفرِد ألمع ذو لمع، وتزوع تحرك كقولك: زع بالزمام أي حرك ناقتك بالزمام.

أسعر ضرباً أو طوالا هِجرَعا ... فانصاعَ يكسوها الغبارَالأضيعا الضرب القليل اللحم، والهِجرَع الفاحش الطول، الأصيع الذي يجيء ويذهب. بأربع في وظِف غير أكوعا ... ندفَ القياسِ القطنَ الموشعا الأكوع الذي في كوعه اعوجاج والاسم الكَوع، والتوشيع ان يدار الغزل في اليد على الإبهام والخنصر ثم مجمع فيدخل في القصبة. وذكر طعنه الكلاب فقال: طعن كنفضِ الريحِ تلقى الخَيلعا ... عن ضعيفِ أطنابٍ وسمكِ أفدَعا الخيلع ثوب، وجعل الطعن كنفض الريح الثوب بخفته يعني أن الريح ألقت خيعلا عن بيت ضعيف الأطناب، أفدع معوج. اذا مِئَلاّ شغبه تزعزعا ... للقصد أو فيه انحراف أوجَعا مِئل تقول يؤلّ في الشيء أي يدخل فيه، وشعبه قرنه، والمئل الذي يمر مرا سريعا لقصد أو انحراف أي على كل حال. وإن دنت من أرضيه تهرّعا ... لهنّ واختارَ الخِلاطَ الفَعفعا أرضه قوائمه، وتهرع مر مرا سريعا، والخلاط المخالطة، والفعفع السريع، وأنشد للهذلي:

اجتزار الفعفعيّ المناهب كأنه حاص جنبٍ أخذعا من بغيهِ والرِفق حين أكنعا لم يعرف الأصمعي معنى قوله: كأنه حامل جنب أخذعا ولا الأخذع أيضاً، لم يعرفه، وقوله أكنع يقول أكنعهن فصرن قريبا منه، يريد أدناهن، يقال: أكنع السبع إذا دنا بعضه من بعض وقد اكتنع الموت وكنع إذا قرب، ويقال: أعوذ بالله من الكنوع - والقنوع فالكنوع المذلة والقنوع المسألة والتكنع في اليد من هذا. وقال ابن الأعرابي في هذا البيت: كأنه حامل جنب أخذعا - اًي كأنه ضرب بالسيف ضربة فتعلق جنبه، وحكي: ترى الجريح منهم يعارضه جنبه أو يده - وذلك إذا تعلقت، والخذَع الميل يقول تراه من بغيه مائلا كأنه ضُرب فتعلق جنبه فمال. وقال: ذو النبلِ ما كان المها كُنوسا ... يرمي ويرجو الممكنات الليسا ذو النبل مرفوع بقوله يرمي، ويرجو ما كان المها في الكنس، والممكنات اللواتي أمكنت، والليس اللواتي لا يبرحن يقال للذكر أليس وللأنثى ليساء. وقال أبو ذؤيب وذكر الثور: فغدا يشرقُ متنه فبدا له ... أولى سوابقُها قريباً توزع

يشرّق متنه في الشمس، وفي توزع قولان، يقال: تغري به وتوسد، كقول النابغة: فكان ضمران منه حيث يوزعه أي يغريه وقد مر تفسيره في الأبيات في الكلاب، ويقال توزع تُكَف السوابق منها لئلا يخلو بها حتى يجتمع عليه كلها. وقال الجعدي وذكر الثور والكلاب: فزّلَ ولم يدرِكنَ إلا غباره ... كما زَّلَ مرّيخ عليه مناكبُ فأعجله لَه عن سبعة في مكره ... قضَينَ كما بتَّ الأنابيشَ لاعِبُ المريخ سهم، عليه مناكب أي ريش. من مناكب النسور والأنابيش البسر في العود يعمد إلى عود فيجعل فيه شوك ثم يضرب في عرض البسر فتغترز فيه، واحدها أنبوش. وقال امرؤ القيس: وسنّ كُسنيقٍ سناء وسنّم ... ذعِرَتْ بمدلاجِ الهجيرِ نهوض لم يعرفه الأصمعي، وقال غيره سن ثور، وسنيق جبل، سناء ارتفاعا وسنم بقرة، مدلاج من دلج إذا منشى وليس هو من أدلج ولا ادلّج وكيف يدلج في الهجير أو يدّلج. وقال النظار الفقعسي وذكر الثور:

اذا الضراءُ مشَقت عرقوبه ... مشض المُلاحِين ثيابَ الدهقان المشق جذب خفيف سريع، والملاحين المخاصمين وقول بشر يصف الكلاب والثور: ستحدسه في الغيب أقرب محدس أي ستصرعه. وقول لبيد: وولى تحسُرُ الغمرات عنه ... كما ولَّى المراهنُ ذو الجلال المراهن الفرس روهن عليه ... وقال لبيد يصف ثورا أضل صواره وتضيفته ... نطوف أمرها بيد الشمال تضيفته أخذَت ضيفتيْه أي ناحيتيْه، وضيف كل شيء ناحيته، يقال: أراد مالت إليه من قولهم تضيف فلان فلانا إذا مال إليه، نطوف سجابة تنطف أي تقطر مع الشمال. وقوله: فبات كأنه قاضي نَذور أي كأن عليه نذرا فهو يحفر.

وقال ابن أحمر يذكر بقرة: ماريةٌ لؤلؤان اللونِ أوّدَها ... طلّ وبنّس عنها فرقذ خَصر مارية - خفيفة - لونها لون اللؤلؤ، أودها طل عطفها وثنائها على ولدها، بنس تأخر، خصر من البرد، الفرقد ولدها. ظلت تماحل عسعَساً لحماً ... يغشَى الضراءَ خفيّاً دونه النظر تماحل عن ولدها أي تخادع وتماكر، والعسعس الذئب، الضراء ما واراك من شيء وسترك، وإنما تفعل ذلك لتختل، خفيا دونه النظر يقول: الذئب لا يتبين للناظر لطلَسه ولأنه على لون الأرض في الغبرة. تربي له فهو مسرورٌ بغفلتها ... طورا وطورا تسنّاه فتعتكر تريي لولدها تشرف له، والذئب مسرور بغفلتها عنه إذا غفلت، وطورا تسني ولدها أي تغشاه وتركبه، فتعتكر ترجع إليه. وقال أبو دواد يصف الصائد: فأتانا يسعى تفرّش أمّ ال ... بيض شدّاً وقد تعالى النهارُ أي أتانا يعدو كعدو النعامة رويدا وهو في ذلك خفيف يخفي

الصائد والحبالة والقترة

وطأه. وقوله يصف اللثور: كأنه أوثار قيل هو الثوب الأبيض المحشوّ، وقيل البرَذَعة. وقوله: ففريق يفلج اللحمَ نيئاً ... وفريق لطابخِيِه قُتار أي يشرّج ويقال يقسم: الصائد والحبالة والقترة قال: وخشنا من مال الفتى إن أراحَها ... أضاعَ ويرجو نفعَها حين تعزُب يعني حبالة الصائد، أن أراحها أي ردها إلى أهلها خالية فقد أخفق، وإن عزبت عنه فذهبت علم أن فيها صيدا ذهب بها. وقال آخر: الشركُ يا نزالٌ غير مجمودٍ لك ... النَشاقَى ولي المفَاسيدُ النشاقي العلائق التي قد نشبت في الحبالة، والمفاسيد التي قطعت الحبالة فأفلتت، يقول: ما أفلت فذهب جعلته لي وما علق جعلته لك فهذا شرك غير محود، وواحد المفاسيد مفسدة. وقال آخر في الأنشاق:

مناتين أبرام كأنَّ أكفَّهم ... أكفُ ضبابٍ اُنشِقَّتْ في الحبائل وقال آخر وهجا رجلا ميتا: كأن الظباءَ العُفرِ يعلمنَ أنه ... وثيق عُرى الأربيّ في العشرَاتِ لَبيقَ إذا ما خَطّ بالنابِ أثرة ... تبينَ بالخَوفا في البكَراتِ يقول هو صاحب صيد ومهنة ليس بكريم ولا سيد، والأربي مواثق الحبالة وهي مثل الأواخي وهي الأربة، والأربة العروة عروة الآري والاخية، والخَوفاء حلقة في الخف أثرة من أثر تأثيره. وقال امرؤ القيس: بعثنا ربيئاً قبل ذلك مخمِلاً ... كذئبِ الغضا يمشي الضراءَ ويتّقي المخمل الذي يخفي شخصه، ويتقي الناس وقيل يلبس الخمل وقوله ايضاً يصف الربىء: فجاء خفياً يسفنُ الأرضَ بطنه ... ترى الترب منه لاصقأ كل مَلصَقِ يسفن يمسح. وقول أبي دواد للصائد. أوف فارقُب لنا الأوابد واربأ ... وانقص الأرض إنها مذكارُ أي تنبت ذكور البقل فالمشي فيه أخفى. فأتانا يسعى تفرّش أم ال ... بيض شدا وقد تعالى النهار

أتانا الصائد يعدو كما تعدو النعامة وهو في ذلك خفيف يخفي وطأه. وقوله يصف الثور: كأنه أوثار قد تقدم تفسيره. وقال الطرماح وذكر الثور: فلما غدا استذرَى له سمط رملة ... لحوليْنِ أدنى عهده بالدواهِ استذرى استتر له، سمط رملة أي صاحب رملة وأخو رملة يعني صائدا، أقرب عهده بالادهان حولان. وبالغسلِ إلا أن يمير عصارة ... على رأسه من حشوِ أليسَ جائن الغسل الخطمي، يقول هو بعيد العهد بالدهن والغسل إلا أن يخرج ما في كرش ثور مما يصيد فيعصره على رأسه، والحشو ما في جوفه من العلف، والأليس الشجاع المبرز الذي لا يبرح، والحائن الذي حانت منيته، وقال رؤبة: يرمي ويرجو الممكنات اللِيسا الليس جمع أليس وهو الذي لا يبرح. وقال الطرماح: أخو قنصَ يهفو كأنّ سراتَه ... ورجليْه سلم بين حبلى مشاطِنِ يهفو يمر مرا سريعا، وسراته أعلى ظهره، شبه رجليه إذا عدا وتحرك ظهره بسلم وهو دلو، بين حيلين ينزعان بها والدلو تضطرب

وتمايل، والمشاطن الذي يشاطنه رجل آخر ينزع هذا وينزع هذا، والمساحل نحوه، وقال مالك بن خالد الخُناعي: حتى أشبّ له رامٍ بمُحدَلة ... ذو مِرّة بِدوارِ الصيدِ هَمّاسُ المحدلة التي غمز طائفها إلى مؤخرها ثم عطفها إلى مقدمها. وأنشد الأصمعي لأبي حية: ومصونةٌ دفغتْ فلما أقبلَتْ ... عطفَتْ طوائفها على الأقبالِ ذو مرة أي ذو عقل، بدوار الصيد أي بمداورته وهو مصدر داورته دواراً، همّاس يمر مرا خفيا. يدنى الحشيف عليها كي يواريها ... ونفسَه وهو للأطمار لبّاس الحشيف الثوب الخلق يدنيه على القوس ليسترها ويستر نفسه. فقامَ في سِيتَيْها فانتحَى فرَمى ... وسهمه لبناتِ الجوفِ مسّاسُ قام في سيتيها أي قام بينهما، إنتحى تحرف، وبنات الجوف الأفئدة قال أبو عمرو: الأمعاء والكبد. وقال آخر من هذيل وذكر أتانا: أتيحَ له أقيدر ذو حَشيفٍ ... غبيّ في نجاشتهِ زَلوج

الأقيدر القصير العنق، وغبي خفي إذا نجش الوحش وهو أن يحوشها نحو الرامي، زلوج خفيف على الأرض. ويُهلك نَفَسه إن لم ينلْها ... فحُقَّ له سَحير أو بَعيج يقول يهلك نفسه باللوم إن فاته شيء من الوحش أي يخطئه، سحير يصيب سَحْره والسحر الرئة، والبعيج المبعوجَ البطن أي المشقوقة. وقال أسامة الهذلي وذكر حمارا: فلما تولى صادراً واستراثُه ... غبيُّ سَفاةٍ في المقابرِ صائدُ استراثه استبطأه، غبي سفاة يعني أنه قد غبى في قترته أي خفي فيها، والسفا التراب الذي خرج من القترة، يقول كأنه في قبر من قترته. مُقيت إذا لم يرمِ لاهو يائس ... ولا هو حتى يخفُقُ النجمُ راقدُ مقيت مقدّر إذا لم يرم، يخفق النجم يغيب. وقال أمية بن أبي عائذ يذكر حمارا وآتنا: فأسلكَها مرصداً حافظا ... به ابن الدُجَى لاطئاً كالطحالِ مرصدا موضعا يرصد فيه، حافظا يحفظها من أن تزيغ وتجور. ومثله قول الآخر أبو خراش: فلما رأى أن لا نجاءَ وضمّه ... إلى الموتِ لِصبِ حافظ وقفيلِ ابن الدجى صائد والدجى جمع دُجية وهي القترة كما قالوا للدليل

هو ابن فلاة، وقوله لاطئا كالطحال يريد أنه في قترته لازق كما لزق الطحال بالجنب. مفيداً معيداً لأكلِ القَني ... ص ذا فاقةٍ ملحِماً للعِيال له نسوة عاطلات الصدو ... ر عُوجٌ مراضيعٌ مثل السعاليَ ملحم يقول هو مرزوق من الصيد والقنيص والقنص واحد وهو الصيد، ويقال ملحم للعيال أي يطعم عياله اللحم، عاطلات لا حلَى عليهن من الهزال. وقال كعب بن زهير وذكر حميراً وردت: فصادَفَ ذا شكوةٍ لاصقا ... لصوقَ البرام يظنَّ الظنونا قصيز البنانِ دقيق الشوي ... يقول أيأتينَ أم لا يجينا يعني صائداً، والبرام القراد. وقال الطرماح وذكر حماراً: صادفْت طلوا طويلَ الطوي ... حافظَ العين قليلَ السَآم منطو في مستوَى دُجية ... كانطواءِ الَحرِ بببن السِلامِ الطلو الخفيف الجسم يريد صائداً، والدجية القترة، والحر الأبيض من الحيات، والسلام الحجارة، والصائد يوصف بخفة الجسم.

وقال الهذلي أبو ذؤيب: كأنه في حواشي ثوبه صُرَد يلحسن الرَصفَ له قَصْبة ... سمحج المتنِ هتوف الخطامِ الرصف عقب السهم وجمعه رصاف، والقصبة القوس، والسمحج الطويلة الظهر، الخطام الوتر، هتوف مصوت. إن ينل صيداً يكن جله ... لعجايا قوتهم بالِلحام أو يصادف خفقاً يصِفهم ... بعتيقِ الخَشلِ دون الطعامَ عجايا واحدتها عجيّ وهي التي ماتت أمهاتها فسقيت من ألبان غيرها يتتبع بها مواضع اللبن يعني ولد الصائد، والخفق أن لا يصادف شيئاَ، وعتيق الخشل يقال انه سويق المقل، والخشل نوي المقل، وجعله هاهنا المقل نفسه. وقال رؤبة وذكر الصائد: لايشتكي صدغيه من داءِ الودَقِ ... فباتَ والنفس من الحرصِ الفَشقَ في الزرب لو يمضغ شرياً ما بزق الودقة نكتة تخرج في العين من بياض والذي يشتكي عينه يصيبه عليه الصداع، وجمع الودقة ودْق ولكنه حركه وأخرجه على المصدر كأنه قال ودِق ودَقا، والفشق الانتشار يقال ظبي أفشق القرنين، يريد

أن حرصه قد انتشر، والشري الحنظل، يقول قد صمّت مخافة أن يسمع الوحش صوته. ومثله: فباتَ يخفي صوتَه والريحا ... والنفَسَ العالي والتسبيحا وقال الشماخ: وحلأها عن ذي الأراكةِ عامر ... أخو الخضر يرمي حيثُ تكوى النواحز حلأها منعها من الماء، والخضر من محارب، والنواحز التي بها نحاز فتكوى في جنوبها وأصول أعناقها. وقال صخر الغي وذكر الوعول والقاض: خفيّ الشخص مقتدرٌ عليها ... يسنّ على ثمائِلها السماما الثميلة ما بقي في الجوف من الطعام، يريد أنه يرمي بطونها وخواصرها، والسمام جمع سَم يريد السهام. وقال ذو الرمة وذكر الحمير: وقد أسهرت ذا أسهم باتَ جادل ... له فوقُ زُجّي مرفقيه وحاوِح جادل منتصب، والزج طرف المرفق، وحاوح صوت، يقول هو بارك على مرفقيه لا ينام. ومثله قوله يذكره:

كأنه خشيةَ الاخطاء محموم وقوله: أو كان صاحب أرض أو به مُوم الأرض الرعدة، والوم البِرسام، وقال أبو حية: وفي الجانب الأقصى الذي ليس ضربةً ... برمح بلي حرّان زُرق معابِله يعني القانص، قال: ليس يكون قدر ضربة برمح، ثم قال: بلى - ومثل هذا كثير، قال: فلا تبعدنَ يا خير عمرو بن جندبِ ... بلى ان من زارَ القبورَ ليبعدا وقال كعب بن زهير يصف الصائد: لطيف كصمدّادِ الصفا لا يغرّه ... بمرتقبِ وحشيّه وهو نائمُ وقد فسر في الأبيات في الهوام. وقال الشماخ وذكر عين ماء: عليها الدُجى المستنشآتُ كأنها ... هوادج مشدود عليها الجزائز الدجى القُتَر، المستنشآت المستحدثات، شبهها بالهوادج لأن الصائد يبنى على قترته شجر الثمام والحشيش ثم يقبّبه، والجزائز العهن

واحدها جزيزة. وقال أبو النجم يذكر الصائد والحية في القترة: وهو كذي الشوق إلى زِيالها ... إن لم يرَ الصحةَ في اعتزالِها زيالها فراقها، يريد إن لم ير الصواب في اعتزالها لأنه لو خرج من قترته أتاه السبع فأكله أو نذِرت به الوحش فصبر على مقاساتها وقال يصف القترة: بيت حتوف مُكفَأ مردوحا مكفأ له كفاء مرسل من خلفه، ردحتُ البيت وأردحته. وقال خداش بن زهير: وأوس لنا ركن الشمالِ بأسهمٍ ... خفافٍ وناموس سديد حمائرُه أوس اسم صائد، والناموس القترة، والحمائر صفائح حجارة واحدتها حمارة. وقال حميد الأرقط: بيت حتوف أردِحت حمائره وقال الكميت: تخذَّ الطمر مئزراً وتردّي ... غير ما قدرة به الطمرورا الطمر الخلق والطمرور أيضاً كذلك، يقول لم يقدر على ذلك قال امرؤ القيس:

بعثنا ربيئاً قبل ذلك مُخمِلاً ... كذئبِ الغضا يمشي الضَراء ويثقَّى وقد مضى تفسيره. وقال كعب بن زهر وذكر القانص: فلمارأى الصيدَ يوماً وأشرَعَت ... زوي سهمَه غاوٍ من الجنِ حارِم قال أبو عمرو: يقولون ليس من وحشية إلا وعليها جني، وهو مثل بيت النابغة: يقول راكبها الجني مرتفقاً ... هذا لكنّ ولحم الشاة محجور حارم حرمه الصيد. وقال أمية بن أبي عائذ الهذلي وذكر رامياً: يصيب الفريص وصدقاً يقو ... ل مرحَى وإيحى إذا ما يواليِ إذا أصاب قال مرحى وإذا ثنى قال إيحى يقال ذلك عند الفرح والتعجب. وقال امرؤ القيس وذكر رامياً: فهو لاتنمي رميته ... ماله لاعدّ من نفَرِه يقول لا تجوز الوضع الذي رماها فيه حتى تموت، وقوله لا عد كل من نفره يدعو عليه بالموت، يقول إذا عد أهله لم يعد معهم ولم يرد وقوع الفعل ولكنه كما يقال قاتله الله. وقال أوس بن حجر وذكر رامياً أخطأ. فعض بابهامِ اليمين ندامةً ... ولهف سراً أمه وهو لاهف

الأبيات في الكناس

عض أبهام يمينه لأن القوس في يساره فقال: يا لهف أمّتاه لئلا يسمعِ الوحش. وقال أبو خراش: منيباً وقد أمسى تقدمَ وردَها ... أقيدر محموز القِطاع نذيلُ القطاع جمع قِطْع وهو نصل قصير عريض، محموز شديد يقال حمز اللبن إذا أشتدت حموضته، والأقدر القصير اعنق يعني الصائد، تقدم فقعد على طريقها ويقال نذَل ونَذيل وسمج وسَميج. الأبيات في الكِناس قال: وبيت تخفق الأرواح فيه ... خَلاءَ الليلِ معمور النهار تمارسه صوانعٌ مشفقاتٌ ... على خرقٍ يقوَّم بالمَداري يعني كناساً، والمداري القرون، وخرُق اولادها واحدها خَرق ومثله للعجاج: وشجرَ الهدّابَ عنه فجفا ... بسلهبيْنٍ فوق أنفٍ أذلفا الذلف قصر الأنف ورجوع طرفه إلى الرأس. وقال ذو الرمة وذكر ثوراً: إلى كلِ بهوٍ ذي أخٍ يستعده ... إذا هجّرت أيامه للتحول

بهو يعني كناسه وكل فجوة ومتسع بهو، وقوله ذي أخ أخبر أن له كناسا آخر يستعده هذا الثور إذا زالت الشم فتحول عن هذا إليه. ومنه قول طرفة: كأنّ كناسَي ضالة ويكنفانها ... وأطْرَ قسيّ تحت صُلب مؤيّد وقد فسر في كتاب الابل. وقال النجاثي وذكر ظبياً: إذا الشمسُ ضَحَّت متنها يستعدّه ... لحد الضحى أحوى الشراسيفِ أكحلِ قال: هذا الكناس له بابان باب للشمال وباب للجنوب فهو يستعد باب الجنوب للشتاء وباب الشمال للصيف، وضحت أظهرت. وقال لبيد يصف ديارا: تحمل أهلُها وأجدَّ فيها ... نعاج الصيفِ أخبيةُ الظلالِ أي اتخذت كُنُساً جدداً ولا يكون كناس إلا تحت شجرة وجعلها نعاج صيف لأنهم يرتحلون لطلب المياه. وقال العجاج يذكر الثور: فباتَ في مكتنسٍ معمورٍ ... مساقطٍ كالهودجِ المخدورِ مكتنس شجر جعل كناساً، معمور من البَقر، مساقط مسترخ

أغصانه وورقه وكأنه هودج صير له خدر. كأن ريحَ جوفه المزبورِ ... بالخُشثبِ دون الهدَبِ اليخضورِ مزبور كأنه طوي بخشب كما تطوى البئر بالحجارة، ثم قال بالخشب دون الهدب - يقول هو أسفل من الهدب والهدب ورق الأرطي. وبالشتاء حضر المحضور ... إذا انتحَى كالنابثِ المثيرِ أي هذا الكناس كثير الحاضر في الشتاء من البقر والظباء. مرَّت له دونَ الرجا المحفورِ ... نواشطٌ الأرطاةِ كالسيورِ أي تعترض له عروق الشجرة دون الرجا يعني ناحية المكنس، ونواشط عروق تأخذ من هذا الشق إلى الشق الآخر. وقال آخر يذكر ظبياً: وينبحُ بين الشعبِ نبحاً كأنه ... نباحُ سلوقٍ أبصرتْ ما يريبُها وبيّضه الهزل المسوّد غيره ... كما ابيض عن حمض المراضَين نيبها الظبي إذا أسن وصارت لقرونه شعب نبح وقيل له نباح وأشعب. ومنه قول أبي دواد: نبّاح من الشُعْب والظبي إذا هزل ابيض وكل أبيض إذا هزل اسود والبعير يشيب وجهه إذا رعى الحمض. وقال الراجز: أكلن حمضاً فالوجوه شيب

دخول الظباء الكنس في الحر

وقال عمر بن لجأ: شابت ولما تَدن من ذكائها دخول الظباء الكُنس في الحر قال الراعي وذكر ناقة: أخالف الفلاةَ فأرمي بها ... إذا أعرَضَ الكانس المظهر إذا قالَ في فتن واحد ... من الضالةِ الرئم والأعفرُ أعرض عن الشمس، يقول من شدة الحر يجتمع اثنان مختلفان. وقال الحطيئة: وقدَّت لها الشعري فأل ... فت الخدودَ بها الهواجر يريد الحر الذي كان بالشعري فجعلت الخدود مؤتلفة في الكنس من شدة الحر. وقال ذو الرمة: ويوم يُزيرُ الظبي أقصى كناسِه ... وينزو كنزوِ المعلَقاتِ جنادبه يزير الظبي أقصى الكناس من شدة الحر، والمعلقات الظباء تعلقن في الشرك فينزون وانما ينزو الجندب من الرمضاء. وقال: ويوم من الشعري يظل ظباؤه ... بسوقِ العضاه عوّذا لا تبرّح

أي لو أجيء في الكنس تحت سوق العضاه وهوَ شجر. وقال المرار وذكر فلاة: وفي ذُراها من الجوزاءِ عاصفة ... ترمي الكناسَ بأفراق اليعافيرِ يكف من حَجرتيْها ثم يهجمها ... على الكناسِ أصيلا بعد تغوِيرِ الحر يكف من جانبها أي يضم، ثم يهجمها أي يدخلها الكنس، أصيلا عشياً، بعد تغوير يعني نصف النهار. ومثله له: ويومٌ من النجم مستوقد ... يسوق إلى الموتِ نور الظباءِ النور النوافر والنَوار النَفور، وقوله إلى الموت يريد أنها تدخل الكنس وتخفى فكأنها مدفونة في القبور. تراها تدورُ بغيرِ أنها ... ويهجمُها بارح ذو عماءِ أي ذو غبار، شبه البارح بالسحاب. إذا حرجت تتّقي بالقرون ... أجيج سمومٍ كَلفح الصلاءِ يقول إذا ضاقت عليها الكنس اتقت الحر بالقرون، ومثله قول الطرماح: يتقي الشمسَ بمدرية ... كالحماليج بأيدي التلام

وقال مسكين الدارمي: وهاجرةٌ ظلّتْ كأنّ رؤوسها ... علاها صداع أو فَوال تضورها وقال الشماخ: إذا كان يعفوز الفلاةِ كأنه ... من الحر ِحرج تحت لوح مفرّجِ الحرج الودعة تكون تحت الرحل يزين به الرحل، قال الأصمعي ودعة تكون في أعلى الهودج من داخله، يقول: انطوى الظبي في كناسه في هذا الوقت فكأنه من بياضه ودعة تحت الرحل. وقال لبيد وذكر ناقة: تسلب الكانس لم يُرَبها ... شعبة الساقِ إذا الظل عقَل أي تدخل الناقة كناس الظبي من الحر، لم يور بها لم يشعر بها حتى هجمت عليه، ويروى: لم يوأر بها مقلوب، يقال استورأت إذا مرت عليه نفار، والساق ساق الشجرة، عقل اعتدل. وقال كثير: وتعانَقَتْ أدم الظباء وباشَرَتْ ... أكناف كل ظليلةٍ مقيال يقول تجتمع فتتقي بعضها من الحر ببعض، وظليلة شجرة، ومقيال يقال فيها.

الجزء الخامس من كتاب المعاني

الجزء الخامس من كتاب المعاني كتاب الوعيد والبيان والخطابة فيه الأبيات في الوعيد والبيان والخطابة وفي الدعاء بالشر واليمن واللأيمان والعداوة والبغضاء والظلم والبغي والداهية والخطة والقيد والغل. بسم الله الرحمن الرحيم الأبيات في الوعيد قال نافع بن لقيط الفقعسي: إربِط حمارَكَ إنه مستنفر ... في إثرِ أحمر عمدنَ لغرّبِ يروى: أزجر حمارك، ومعناه كف نفسك عن أذى قومك لا تطمحن إليهم بالأذى فانك قد عيرت في شتمهم كما يعير الحمار عن مربط أهله يتبع حماراً. أعطيكَ ذمةَ والديّ كليهما ... لأذَرّفنْكَ الموتَ إن لم تهرب ولأحملنكَ إلى نهابرٍ إن تثبَ ... فيها وإن كنتَ المنهِّت تعطب لأذرفنك الموت أي لأشرفن بك عليه، ويقال ذرف على الأربعين، والمنهِت الأسد، والنهابر من الرمل واحدها نهبور وهو المشرف منه. وقال عبد اللَه بن عَنمة: أزجر حماركَ لا يرتع بروضتنا ... إذأ يردّ وقيد العَير مكروب

هذا مثل، يقول: رد شرك عنا لا تعرض لنا وإلا تفعل يرجع إليك أمرك مضيقاً عليك، والمكروب المضيّق. وقال أبو المثلم: أعام بن عجلان مقصورةً ... بغيريَ من شِبعٍ عرِّض يريد عامر بن عجلان أقتصر بالحديث عليك لا أبلغها الحي أجمعين، والمقصورة رسالة، وإذا شبعت فعرض بغيري. فإن الذي يُتّقى شرّه ... كما تتّقى النار بالمِركضِ الأصمعي: ما سبقه بالمركض أحد، قال: وليس المركض بشيء وليس هو باسم، والركض الرفع وأراد به عوداً تحرك به النار. متى ما أشأ غير زَهوِ الملو ... كِ أجعَلْكَ رهطاً على حُيّضِ الرهط أديم سيورا دقاقاً ويترك أعلاه لا يقد تأتزر به النساء والصبيان، أي يقدرك الناس مما أظهر منك وليس هذا مني زهواً وأكحلكَ بالصاب أو بالجلاءِ ... ففقّح بعينيكَ أو غَمِّض الصاب شجر له لبن يحرق العين إذا أصابها قطرة منه، والجلاء كحل يجلو العين يحك على حجر ثم يكتحل به، وهذا مثل أراد أنه يأتيك من قبلي شيء يحرقك ففقّح عينيك أو أغمض أي أنكران شئت أو تغافل فإني لا أجيئك إلا بما تعرف، ويقال للجرو أول ما يفتح عينيه قد فقّح، يقول فتهيأ لها مني.

وأسعطْكَ في الأنفِ ماءَ الأبا ... ءِ مما يثمّلُ المِخوضِ الاباء القصب ويقال الأباء هاهنا الذي تشرب منه الأروى فتبول فيه وتدمنه، ويثمل ينقع وقد فسد واستنقع. جهلّتَ سعوطكَ حتى ظنن ... تَ أن قد أرِضتَ ولم تؤرَض أي جهلت ما صنعت بك حتى ظننت أن بك زكمة وإنما ذا مما وضعت برأسك، والأرض الركام. وقال رؤبة: يا أيها الكاسر عيْن الأغضَن ... والقائل الأقوال ما لم يلقني هرّق على خمرك أو تبيّن ... بأي دلو إن غرفنا تستني إن صحّ في أوفر حقن المحقن ... فالسبّ تخريق الأديم الألخن هرق على خمرك أي أقبل على لهوك وباطلك، يقول إن فاخرتني فبم تفاخرني. ومثله للفضل بن عباس اللهبي: من يساجلني يساجل ماجِدا ... يملأ الدلَو إلى عقدِ الكَرَبِ إن صح يقول إن تم أي إن اجتمع في أسقية وفرما تحقن وأحقن تبين أيّنا أكرم، والمحقن الذي يحقن فيه، واللخَن النتن يريد من

سابّ خرقّ جلده ولخن. ونحوه قول العجاج: والشوق شاج للعيون الحُذّل يقول هو الذي حذّلها وأبكاها وكذلك السب هو الذي ألخن الأديم وخرقه. وقال رؤبة: ودَغْية من خَطلٍ مغدَودِنٍ ... قربان مَلكٍ أو شريفِ المعدنِ قامَتْ به شدّاكُ بعد الأوهنِ ... بدرءِ همّاز دروء الضَيزنِ الدغية الكلمة القبيحة، والخطل المضطرب، مغدودن مسترخ، قربان ملك أي من خاصة ملك كريم المغرس، شدّاك خصلتك التي هي أشد وهي فُعلى، بدرء أي يدفع، والضيزن الذي يضارّك. وقال: والملغ يلكى بالكلامِ الأملَغِ ... لولا دَبوقاءِ استهِ لم يبدَغِ الملغ النذل، يلكى يلهج يقال لكيت بدنس أي لزقت به والدبوقاء الدبق ودبوقاء الاست العذرة، يقول لولا خرؤه لم يتلطخ يقال بدغ الرجل في خرئه إذا تلطخ به. وقال: فابهز بي المدره والزعما ... وذا عضاضٍ يعدل الظَلوما ابهز بي يقول القُه بي من قولك رجل مبهوز، والزعيم في

هذا الموضع، المتكلم وفي غيره الكفيل. يعتقم الأجدالَ والخصوما ... بشُطسيِّ يفهمُ التفهيما الشطَسيِ المارد المتكبر من الرجال. ويَعتقي بالكلمِ التكليما ... ممتنعَ العقميّ أو عقيما أذللت من قَسوتيِ التحريما يعتقي يعتاق مقلوب، يقال: اعتاقه واعتقاه، يريد يعتاق بكلم منه التكليم الذي كلمه به خصمه، والعقميّ من اعتقام البئر كأنه يأتيه من عرض أو عقيما يعني الداهية، قسوتي صعوبتي، والتحريم يقال بعير محرّم إذا لم يمسه حبل ولم يذلّل. وقال المرقش: أبلغ المنذِرَ المنقّبَ عني ... غير مستعتبِ ولا مستعينِ لا ت هنا وليتني طرفَ الزجِّ ... وأهلي بالشَأم ذَاتَ القرونِ المنقب المستقصي في الطلب، لات هنا أي ليس هذا وقت إرادتك، والزج موضع، وقوله بالشأم ذات القرون لأن الروم كانوا بالشأم وأراد قرون شعورهم كأنه قال بالشأم ذات العدوّ، وليتني في بلاد العدو.

وقال امرؤ القيس: أقصر إليكَ من الوعيدِ فإنني ... مما ألاقي لا أشدّ حزامي أي قد جربت حتى لا احتاج أن اتشدد للاشياء ولا أتحزم لها. وقال الزبرقان بن بدر: ألم أكُ باذلاً ودّي ونَصري ... وأصرف عنكم ذربي ولَغبي ذرَبي حدة لساني، ولغبي سيء كلامي وأصله رديء الريش. وقال أوس: أقولُ بما صبّتْ على عما يتي ... وأمري وفي حبلِ العشيرة أحطمب يقول أقول بما جربت وما علمت مما مضى من دهري وهو مثل. وقال جرير: إني إذا الشاعرُ المغرورُ حرّبني ... جار لقبرٍ على مرّانِ مرموسِ حربني أغضبني يعني قبر تميم، يقول أنا جار لتميم ممن يهجوها أذب عنهم الشعراء. وقال عنترة: سيأتيكما عني وإن كنت نائيأ ... دخانَ العلندَي دون بيتي مذود

يقال أن العلندي جبل لم ير إلا وعليه كالدخان، ويقال العلندي شجر له دخان كثير إذا أوقد به وهذا من قولك: لأثيرن عليكم شرا يبلغ دخانه السماء - أي يأتيكم من هجائي شيء له دخان كدخان العلندي، مذود يذود عنه ويدافع. قصائذ من قيل امرىء يحتديكُم ... وأنتم بِجسمَى فارتدوا وتقلدّوا بيّن ذلك الدخان فقال قصائد، يحتديكم يتعمدكم بها، فارتدوا هذا الهجاء وتقلدوا، كما قال الآخر أبو ذؤيب: لخبِرّت أنا نحتدي الحمد إنما ... تكلّفه من النفوسِ خيارها ومثل قول الأول: سأكسوكما يا ابن يزيد بن جعشمٍ ... رداءيْن من قارٍ ومن قِطرانِ اذا لُبسا زاداً على اللبسِ جدّة ... ولم يبلَ وَشى منهما لِأوانِ وقال أوس: وما أنا إلا مستعد كما ترى ... أخو شرَكيّ الورد غير معتمِ شركي الورد سريع يقال لطمه لطما شركيا أي متتابعا، يريد أنه ورد في إثر ورد ومعنى الورد أنه أغشاهم ما يكرهون، يقال لا يزال فلان يتوردنا بالشر، معتِم محتبس، قيل لأعرابي: ما قمر أربع؟ فقال عتمة ربع، أي قدر ما يحتبس في عشائه، وقوله:

على حينِ أن جد الذكاءِ وادركَتْ ... قريحةَ حسى من شريح معمِمِ الذكاء السن، يقال فرس مذكّ إذا كان قد أسن، والقريحة أول ما يخرج من البئر، واقتراح القول ابتداؤه، ومنه اقترحْ عليّ ما شئت وشريح ابنه، أي بعد ما أسننت وادرك ابني وقال الشعر، وضرب الحسى مثلا للشعر. وقال الشماخ: نبئتُ أن ربيعاً أن رعى إبلاً ... يهدي إلىّ خناه ثاني الجِيد فان كرهتَ هجائي فاجتنبْ سخطَي ... لا يعقلنّكَ إفراعي وتصعيدي أن رعى إبلا أي استغنى وصار له مال، ثاني الجيد أي رخى البال غير مكترث لذلك، وإفراعي هاهنا انحداري وهذا حرف من الأضداد، يقال أفرع في الجبل صد وأفرع منه إنحدر. وقال آخر في الصعود وهو رجل من العبلات: إني امروء من يمانٍ حين تنسبني ... وفي أميةٍ إفراعي وتصويبي وقال آخر: إني لأشقى الناس إن كنتَ غارماً ... ضمان التي يسقي بها نخلُ مَلهمُ عبد الرحمن عن عمه قال: يقول إن كنت كلما عقرت سانية

ضمنتها فإني شقي. وقال غيره: أراد جريرة القصيدة يتغنى بها الساقي نخل ملَهم وذلك انه رمى بشيء فانتفى منه، كما قال ابن أحمر: وإن قال غاوٍ من تنوخ قصيدةً ... به جربّ عدّت عليَّ بزوبرا يعني الداهية. وقال النابغة للنعمان بن جبلة: ولولا أبو الشقراء ما زال ماتح ... يعالج خطّافاً بإحدى الجرائرِ الجرائر جمع جريرة، يعني ما ينشد إذا استقى، وكان بعضهم يجعله من غير هذا، يقول: لولا أبو الشقراء وأنه أعتق أسراءنا ما زال رجل منا قد أسرته قوم فهو يستقي لهم، والجرائر في هذا التفسير جع جرور وهي البئر البعيدة القعر. وقال الأعشى: وإن عتاقَ الطيرِ سوف يزور ... ثناءً على أعجازهُنَ معلّقُ به تنفض الأحلاس والديكُ نائم ... وتعقَد أطراف الحبالِ وتطلقُ يعني أنهم إذا رحلوا وحطوا تمثلوا بهذه القصيدة. وقال المسيب: إني امرؤ مهدِ بغيب تحيةِ ... إلى ابن الجلنديّ فارس الخيلَ جيفر بها تنفض الأحلاس والديَكُ نائمَ ... إلى مسنفاتِ آخر الليلِ ضمّر

يقول إذا رحلوا إبلهم وحطوا عنها تمثلوا بهذه القصيدة وأنشدوها. وقال آخر: سأرفع قولاً للحصيْن ومالكِ ... تطيرُ به الغربان سطرَ المواسمِ وتروي به الهيم الظماء وَيطّي ... بأمثالها الغاوون سجع الحمائم الغربان غربان الابل واحدها غرابة وهو مقعد الراكب، شطر أي نحو وتروي به الهيم الظماء يريد أنه يتغنى بهذا القول إذا سقيت. وقال جرير: رفع المطي بما وسمتُ مجاشعاً ... والزنبريّ يعوم ذو الأجلالِ الزنبري العظام من السفن، والأجلال الشرع، يقول غنى بهجائي لهم في البحر والبر. وقال زهير: فإن الشعرَ ليس له مردّ ... إذا وَرَدَ المياء به التِجار يقول إذا استقوا الماء تمثلوا به وترنموا. وقال: سيأتي آلُ حصنٍ حيث كانوا ... من المذلاتِ باقيةً ثناءُ أصل المذَل القلق أي كلام لا يستقر بمكان واحد ولكنه يسير على

ألسنة الرجال، باقية نصب على الحال. وقال المسيب بن علس: فلأهديّنَ مع الرياح قصيدةً ... مني مغلغلةً إلى القعقاع مع الرياح أي تذهب كال مذهب كما تأخذ الرياح في كل وجه أي يتحملها الناس ويحسنها. وقال الكميت وذكر قصيدة له: فتلكَ إليكَ تقدبم مذهباتٍ ... بها يترنم الوله الطروبُ فلا الرجزاءُ تعجز عن قيام ... ولا ذاتُ العقال ولا العتوبُ ولكن كل نابئةٍ خَروجً ... من الأمثال والطلُق المنيبُ يقول هذه القصائد ليست كالرجزاء ولا كالظالع ولا العتوب، وهو الذي يعتب على يد واحدة: والنابئة التي تخرج من أرض إلى أرض، ويروى: ولكن كل آبية، وهي التي تأبى أن يقال مثلها، والطلق التي لا عقال لها، ويقال ان المنيب أول الابل الماضي على وجهه في الصدر من أناب. وقال يذكر قصائده: غرائبٌ يدعونّ الرواة كأنما ... رشَونهم والراكبَ المتغردّا تعلّظ أقواماً بميسم بارق ... وتفطم أوباشاً حميلاً ومُسنداً يقول يطلبها الناس حتى يرووها من حسنها فكأنَها رشتهم

والعلاط سمة في العنق بمنزلة القلادة، والمسند الدعى، والحميل الذي يحمل من بلاده صغيراً. وقال خداش بن زهير: كذبتُ عليكم أوعدوني وعلّلوا ... بي الأرض والأقوام قُردان مِوظَبا كذبت عليكم إغراء أي عليكم بي، ومثله لمعقر بن حمار البارقي: وذبيانية أوصت بنيها ... بأن كذبَ القراطفِ والقُروفِ عليكم بها، أوعدوني من الوعيد وتغنوا بشتمي وعللوا به السفْر إذا مِقنَب منكم تقيَّل قَيلة ... ثنى رجل الأخرى عليّ فشبّبا المقنب من الخيل ما بين خمسة عشر إلى ثلاثين، يقول إذا سوى من اللبن استلقى ووضع رجلا على رجل وتغنى بهجائي، وشبب فيه، والقيل شرب نصف النهار. وقال الراعي: تغنى ليبلغني خنزر ... وكل ابن مومسةٍ أخزرُ قياماً يوارون عوراتِهم ... بشتمى وعوراتهم أظهرُ أي تغني بشتمي، يريدون أن يغطوا على أنفسهم بشتمي وعوراتهم أظهر لأنهم إذا شتموني شتموا أنفسهم بذلك يعني قومه. وقال القطامي:

وطال ما ذبّ عني سائرٍ شرُد ... يصبحنَ فوق لسان الراكب العادي فاسألُ نزاراً فقد كانت تنازلني ... بالنصفِ من بين إسخان وإبرادِ سائر يعني شعرا يسير في الناس ووحّد على اللفظ لأنه أراد الشعر ومعنى الشعر جميع ولذلك قال شرد، والنصف الإنصاف، وإسخان وإبراد شر وخير، يقال أسخنت له الحرب وأبردت له السلم. وقال ابن أحمر وذكر امرأة: إذا عرضتُ منها بنجدٍ تحيةً ... فان لها أخرى تخبّ بمَوسِم يقول إذا قلت فيها قصيدة أمتدحها بها فبلغت نجدا فإني قائل أخرى فتسير حتى تروى بالموسم. وقال الراعي: وقلتُ له إن تدلَج الليلَ لاتزل ... أمامكَ بيت من بيوتي عائر أي بيت هجاء سائر. وقال بشر: إذا ما شئتَ نالكَ هاجراتي ... ولم يُعمَل إليكَ بهن ساقي الهاجرات الكلام القبيح، يقال أهجر في منطقه، يقول يأتيك الهجاء من غير أن آتيك به لأنه يسير. وقال جرير: وأطلعتُ القصائد طَود سَلَمى ... وجدّع صاحبي شُعَبَي انتقامي سلمى أحد جبلي طيء، وإطلاعه إياه القصائد أنه هجا الأعور النبهاني، وصاحبا شعبي رجلان هجاهما، وشعبي موضع. وقال الشماخ: لولا ابن عفانٍ والسلطانُ مرتقَب ... أوردت فجّا من اللّعباءَ جُلمودي

مرتقب محاذر، واللعباء أرض لبني سليم وكان بها أعداؤه، وجلموده يريد الهجاء. وقال راشد بن شهاب: بذمً يغشى المرء خزياً ورَهطه ... لدى السرحةِ العشياء في ظِلّها الأدَم السرحة شجرة كانت بعكاظ يجتمعون عندها ويتحدثون في ظلها وكان الأدم يباع تحتها، ويروى العشواء وهي الكثيفة الظل التي لا يبصر فيها لشدة سواد الظل. وقال الأخطل: وما يبقى على الأيامِ إلا ... بنات الدهرِ والكلم العقورُ بنات الدهر أحداثه وصروفه، والكلم العقور الهجاء. وقال ابن مقبل: بني عامر ما تأمرون بشاعرٍ ... تخيرّ بابات الكتاب هجائيا وعندي الدُهَيم لوأحلُ عقالها ... فتصعد لم تعدم من الَجن حاديا بابات سطور واحدها بابة، والدهيم الداهية والأصل ناقة حمل عليها رؤوس إخوة قتلوا فضربت مثلا في الشر فأراد أن الجن تحدو القوافي كأنها تسوقها إلى الشاعر. وقال عنتر: هل غادرَ الشعراءُ من متردَّمٍ ... أم هل عرفَتْ الدارُ بعد توهّمِ غادر ترك، متردم مترقع مستصلَح يقال ردمت ثيابي ولدمتها

وأصلحتها، ويقال ثوب مردَمّ إذا سد خلله بالرقاع، وهذا كقولك هل ترك الأول للآخر شيئاً؟ أي هل ترك الشعراء شيئاً ينظر فيه، ويروى مترنم أي متغنى فيه. وقال النابغة: يصّد الشاعرُ الثنيان عني ... صدود البَكرِ عن قَوم هجانَ والثنيان الذي يعد ثانياً من الشعراء ويقال هو الشاعر ابن الشاعر يقول لا يقوى على مهاجاتي كما لا يطيق البكر القرمَ فيصدّ عنه. وقال الأعشى: أبا مِسمع أقصر فإن غريبة ... متى تأتكم تلحق بها أخواتها غريبة قصيدة هجاء. وقال الكميت يذكر قصيدة: فدونكموها آلُ كلبٍ فإنها ... غرائب ليست بانتحالٍ ولاخُشب الأخشب من القداح الذي لم تتم صنعته جعله مثلا. وقال الراعي للأخطل: أبا مالكٍ لا تنطق الشعرَ بعدها ... وأعطِ القياد عثَمت على كسرِ العثم أن ينكسر العظم فينجبر على عقد، يريد انا قتلنا قومك.

وقال بعض الشعراء لعمرو بن معدي كرب وكان عمرو هجاه. ليس النزول يسيراً إن همَمْت به ... ولست منها على غُنمٍ وإحرازِ أي ليس نزولك عن الخطة التي أحملك عليها من الهجاء يسيراً ولست من مهاجاتي على غنيمة تحورزها. فإن أبيتَ وشر الغَيَ غنيمة أطوله ... فإنَّ عِرضكَ من عرضِ امرئ جازى جاز قاض، فلما بلغ البيت عمراً قال: صدق لا أهجوه أبداً. وقال أبو النجم: ينصرني الله ومن شاءَ نصر ... بمنطقٍ كأنه الصخر الأصر إذا تعيا المتعيّون انحدَر الأصرفي صوته إذا ضُرب صوّت، يقول إذا عيّ الشعراء انحدر شعري. وقال الطرماح: أتهجو من روى جزعاً واؤماً ... كساقي الليل من كدرٍ وصافى تنخّل ما استطعتُ فإن حربي ... تلقح بالقصائدِ عن كشافِ يقول تترك من يقول الشعر فلا تهجو وتهجو من رواه لغيره جزعاً منك ولؤماً - ثم شبه رواية الشعر من غير أن يقوله بهذا الذي يسقى بالليل ولا يدري أصاف ما يسقي أم كدر، ثم قال: تنحل أنت

الشعر فإن قصائدي تأتيك تترى، ثم ضرب الكَشوف مثلا ويقال للناقة إذا حمل عليها في سنتين متواليتين كشوف وهو أن يحمل عليها في دم نتاجها. وقال يذكر الشعراء: ويؤديهم عليّ فتاءِ سنى ... حَنَانَكَ ربنا يا فا الجَنان سيعلم كلهم أني مسن ... إذا رفعتْ عِنانا عن عنانِ يؤديهم يعينهم، فتاء سني حداثتي، حنانك رحمتك يا ذا الرحمة، أي إذا رفعت الخيل سبقا بعد سبق وشوطاً بعد شوط. وقال العجاج: وشاعرٌ آلى بجهدٍ المقسمِ ... ليعضدنَّ باطلى وأضمي أي ليقطعن لعبي وجدي، والأضم شدة الغضب. كما تمنى مارث في مَفطَمِ ... وقد رأى دوني من تهجّمي المارث الذي يمضغ على دردره أي أصول أسنانه يريد الصبي ومفطم فطام. أم الربيقِ والأرَيقِ الأزنَم ... فلم يلثْ شيطانه تنهّمي أي رأى دوني داهية، يقال، جاء بأم الربيق على أريق، والأزنم ذو الزَنمة فلم يلث لم يحبس، والتنهم الزجر. مختتئاً لشيّئان مِرجم المختتئ المنكسر المستخذي، والشيئان البعيد النظر، والمرجم

الشديد العدْو. وقال طرفة: وقرّبتُ بالقربى وجدّكَ إنني ... متى يك أمر للنكيثة أشهدُ وقربت بالقربى أدللت بالقرابة، والنكيثة الأمر يبلغ فيه أقصى المجهود من النفس، يقول متى يحدث مثل هذا أشهده، يقال بلغت نكيثة البعير إذا جهدته. بلا حدَثٍ أحدثته وكمحدثٍ ... هجائي وقذفي بالشكاة ومطرَدى المعنى بلا حدث كان منى هجاؤه لي وقذفه بالشكاة، وقوله كمحدث أي من أتى ذلك إليّ فهو كمحدث، ويقال أراد فعل ذلك بي بلا حدث أحدثته وكمحدث من فعل ذلك به، أي قد استويا في الهجاء والشكاة. وقال أبو دواد: وأتاني تقحيم كعب لي المنطق إن النكيثة الإقدام في نظام ما كنت فيه فلا يحزنك قول، لكل حسناء ذام التقحيم الكلام بعضه في أثر بعض كأنه هجاه، وكعب هو كعب ابن مامة وكان بلغه عنه ماكره، والنكيثة بلوغ الأمر منتهاه، في نظام أي في نظام من الكلام، والذام والذيم العيب. وقال طرفة: سأحلب عيساً صحن سم فأبتغي ... به جيرتي حتى يجَلّوا لي الخمر

الصحن الإناء القصير الجدار، والعيس ماء الفحل وهو سم قاتل، وهذا مثل يقول: أقول فيهم شعراً يكون بمنزلة هذا حتى يخبروني بجليّة الأمر، والخمَر ما واراك من شيء. وقال: إن امرء أسرِف الفؤاد يرى ... عَسلاً بماءِ سحابة شَتمِي سرف الفؤاد أي خطيء الفواد والسرف الخطاء، الأصمعي قال: قال لي أبو خيرة أردتكم فسِرفتكم، وأنشد لجرير يمدح بني أمية: أعطوا هنيدةَ يحدوها ثمانيةٌ ... ما في عطائهم مَنْ ولا سرَف أي يضعون العطاء موضعه لا يخطئون. وقال جرير: جبيت جبَى عبد فأصبحت موردّا ... غرائب يلقى صعبةً من يذودها الجبي جمع الماء في الحوض حتى ترده الإبل فتشرب، يقول جبيت أي جمعت في حوضك ماء لا يروى واردتك، وهذا مثل يريد أنك لم تغن فيما عبأتَ لي وكان الذي أوردته من إبلك غرائب من الشعر، ويروى ضيعة أي شغلاً وعملاً، يذودها يدفعها. وقال: وأوقدت نارى بالحديدِ فأصبحت ... لها وهج يصلى بها الله من يصلى أي أوقدت ناري بمياسم الشعر، وهذا مثل.

وقال الفرزدق لجرير: أتعدل دارما ببني كليبٍ ... وتعدل بالمفقئة الِسبابا المفقئة أشعاره وهي قوله: غلبتك بالمفقىء والمعنّى ... وبيت المحتى والخافقات وقوله: ولستَ ولو فقأت عينيْكَ واجدا ... أبالك إن عدّ المساعي والمعنّى قوله: فإنكَ إذ تسعى لتدرك دارما ... لأنتَ المعنّى يا جريرَ المكلفِ وقال طرفة: إني وجدّك ما هجْوتكَ وال ... أنصاب يسفح بينهنَ دم ولقد هممت بذاكَ إذ حسبت ... وأمرّ دون عبيدةِ الوَذَم

أقسم بالأنصاب، وعبيدة بن العبد أخو طرفة وكانوا أغاروا على إبله فذهبوا بها وبه معها، والوذم السير يشد به طرف العرقوة إلى عروة الدلو، وهذا مثل للشيء إذا فات، ويقضي دونك لا تستأمر فيه ولا تستشار. إن الطرمّاح يهجوني لأرفَعَة ... أيهات أيهات عِيلت دونه القُضبُ عيلت ارتفعت كما تعول الفريضة، وكما يعول الميزانْ إذا شال، والقضُب المقتَضبة واحدها قضيب. وقالت ليلى الأخيلية: كأنْ فتى الفتيانِ توبةً لم يرضَ ... قضيباً ولم يمسحْ بنُقبة مجرِبُ قضيب قصيدة مقتضبة أو خطبة لم يقل أحد مثلها قبله، يقال قضيب ناقة صعبة يركبها لطلب الغزل، ولم يمسح بنقبة مجرب أي لم

يشف ذا داء من دائه، وقال القِطران: أنا القِطرانُ والشعراءُ جربى ... ذو صولةٍ ترمَى بي المدالِث هايثني حركني المحرك، والمدالث جع مندلث وهو الذي يرمي بنفسه يتقدم، قال الأصمعي سمعت عيسى بن عمر يقول: إبل مغاليم جمع مغتلم. وقال يصف شعره: ما كان تحبيرُ اليماني البرّاد ... يرجو وإن داخل كل وصّادِ نسجى ونسجى مجرهِدّ الجُدّادِ يقول ما كان ناسج البرود يحوك أحسن من شعري ولا يرجو ذلك، ولم يقل الأصمعي في: داخل كا وصاد - شيئاً، الزيادي: يقال وصد الوشي إذا بالغ فيه، والجداد الهدب فظن رؤبة أنه من عمل النساج فقال مجرهد الجداد، والمجرهد السريع الماضي. آخر: وبيت بعلياءِ الفلاةِ بنيته ... بأسمرٍ مشقوقٍ الخياشيم يرعَفُ يعني بيت شعر، والأسمر القلم. وقال آخر ووصف القلم: عجبت لذي سنين في الماء ... نبته له أثر في كلِ مِصرٍ ومَعمر لقد نقيم إذا الخصًوم تنافدوا ... أحلامهم صعر الخصيم المجنفِ

حتى يظَّلَ كأنه متثبّتُ ... بركوحٍ أمغرذي حيود مشرفِ المجنف الذي جاء بالجنف كما تقول: خبيث مخبث أي جاء بالخبث، والصغر الميل، والخصيم الخصم، تنافدوا أحلامهم أي ذهبت أحلامهم، حتى يظل كأنه متثبت أي متمسك مخافة أن يخطيء، برُكح جبل مخافة أن يسقط، والركح ناحية الجبل، والأمغر الأَحمر، والريود جوانب حروف الجبل الواحد رَيد. وقال رؤبة وذكر كلاما: لو كان خَرزا في الكلى ما بَضّا أو لو كان هذا الكلام خرزا لكان محكما لا يبض منه قطرة. وقال الفرزدق: وما خاصَمَ الأقوامُ من ذي خصومةٍ ... كورهاءٍ مشنوءٍ اليها حليلُها تراها إذا اصطّكَ الخصومُ كأنما ... ترى رفقةً من ساعةِ تستحيلُها يقول هي طامحة الطرف عن زوجها لا تنظر إليه من بغضه كأنها تنظر إلى رفقة من بعد تستحيلها، يقال استحل الشخصَ أي انظراليه هل يزول. وقال رؤبة يذكر المرأة: لما ازدرت نقدي وقلت إبلي ... تألقت واتصلت بعكل

خِطبى وهزت رأسها تستبلى ... تسألني من السنين كم لي فقلت لو عمرت الحسل ... أو عمر نوح زمن الفطَحل كنت رَهين هرَم أو قتل تألقت تغيرت وتلونت، اتصلت بعُكل اعتزت إليهم، وخطب الرجل المرأة يتزوجها، وهزت رأسها تهزأ به، تستبلي تختبر وتنظر ما عندي - من بلوت، والفطحل يقول أنه زمن كانت الحجارة رطبة. وقال أبو النجم: تؤنسه دائرة لا تغزع ... عند اللقاء وخطيب مِقصَع دائرة رأسه لا يقشعر وذلك يعني نفسه، والمصقع الماضي في خطبته غير العي. وقال الحطيئة: أم من لخصم مضجعين قِسيّهم ... صعر خدودهم عظام المفخَر أي قد أضجعوا قسيهم وتوَكأوا عليها فهم يخطبون. وقال لبيد يذكر قوما وفاخرهم: غلب تشذّر بالذحول كأنها ... جن البدىّ رواسيا أقدامها

أي يذكرون ما كان منهم ويقال تشذرت الناقة إذا لقحت فرفعت ذنبها واستكبرت، يريد أنه ينتصب بعضهم لبعض بالذحول أي من أجل الذحول، يقال فلان يتشذر لي بالعداوة، والبدي واد، رواسيا ثابتة. وقال لبيد: نشين صحاح البيد كل عشية ... بعوج السراء عند باب محجّب أي عند باب ملك، نشين صحاح البيد أي نحفر فنشينها وذلك أنهم يفتخرون ويخطفون بقسيهم فيقولون فعلنا كذا ويخطّون وفعلنا كذا ويخطون بالقسى. وأصدرتهم شتىّ كأن قسيهم ... قرون صِوار ساقط متلغّب يقول هم لا يحركون قسيهم ويخطون بها لأنهم لا أيام لهم قد انقطع ما عددوا منها وبقيت أعدد فهم كصوار سقطت معيِية فهي لا تحرك قرونها. ومثله قول الآخر: إذا اقتسم الناس فضل الفخارِ ... أملنا إلى الأرض فضل العصا أي نخطط بها ونقول فعلنا كذا وفعلنا كذا. وقال لبيد: ما إن أهاب إذا السرادق غَمه ... قرعُ القسى وأرعشى الرعديد أي كثر عليه، وهؤلاء قوم يدخلون على ملك متنكبين قسيهم فقسيهم تغرع السرادق، والرعديد الجبان. وقال حيد بن ثور: بمنزلة لا يصدق الصواب عندها ... من النبل إلا الجيدْ المتلقّف

الذي يتلقف من جودته وضرب النبل مثلا للكلام أي لا يجوز فيها إلا كلام رجل نحرير، والصوب القصد. ومثله للبيد: فرميت القوم رشقا صائبا ... ليس بالعُصل ولابالمفتعَل الرشق الوجه يقال رميت رشقا أو رشقين، ليس بالعصل أي بالمعوجّة يقال سهم أعصل وناب أعصل أي معوج، ولا بالمفتعل أي ولم يعمل مما تعمل منه السهام، وذكّره لأنه إلى لفظ الرشق وإنما أراد السهام ومعناه الكلام شبهه بالسهام. وقبل هذا البيت: إذا دعتني عامر أنصرها ... فالتقي الألسن كالنَبل الدول أي التي تُتداول. وقال آخر: ولا يعيبك عرقوب للأي ... إذا لم يعطك النصف الخصيم عرقوب حيلة. وقال بعض الرجاز: إذا حبا قُف له تعرقبا أي عدل عنه والنوى للأي أي لالتواء خصم عليك. وقال البعيث:

نعز بنجدٍ كل من لقط الحصى ... ونعلو رؤوسَ الناسِ عند المواسمِ لقط الحصا أن يقول: لنا يوم كذا ويلقطَ حصاة ويوم كذا ويلقط حصاة. وقال حكيم بن معَية: إني إذا ما طارتْ الزنابز ... ولقّحتْ أيديها عَواسرُ يعني رفع أيدي القوم عند الخصومة. ومثله للعجاج في رفع اليد: لغد كفى قرضى بنيك العَسرا أي أن تعسر عليهم الأيدي بالسياط فيضربوا. وقال القلاخ وأوخفت أيدي الخصوم الغسلا أي قلبوها في الجدال كما يوخف الخطمى باليد. ومثله للراعي وذكر عريفا: نسي الأمانةَ من مخافةِ لقّح ... شمس تركن بضيعةٍ مجزولا لقح أيد ترتفع عليه بالسياط شبهها بأذناب الابل اللواقح شمس صفة للابل الحوامل لا للايدي.

وقال النابغة: وقد عسرت من دونهم بأكّفِهم ... بنو عامر عسر المخاضِ الموانعِ يقول اتقتهم بنو عامر بأيديها كما تتقي المخاض الفحل بأذنابها. وقال آخر: تلقَح أيديهم كأن زبيبَهم ... زبيب الفحولِ الصيد ِوهي تلمّجُ تلقح أيديهم يعني أنهم يشيرون إذا اكلموا وأصل التلقح في الناقة إذا شالت ذنبها تريك أنها لاقح. وقال ذو الرمة: إذا قلت عاجِ أو تغنّيت أبرقَتْ ... بمثل الخوافي لاقحاً أو تلقّحَ الزبيب الزبد الذي مجتمع في الاشداق إذا تكلم فأكثر، يقال قد زبب شدقاه. وقال آخر أبو الحجناء: إني إذا ما زبّب الأشداق ... وكثر الضَجاج والَلقلاقُ ثبت الجنان مرجم ودق ومنه قول الجارية: كنت أنشد أبي حتى يزبب شدقاي، شبه ذلك من هؤلاء المتكلمين بما مجتمع في أشداق الفحول الصيد وهي التي ترفع رؤوسها، والصيد داء يصيب الابل فترفع، وهي تلمّج أي تأكل اليسير ومنه يقال: ما ذقت لَماجا، وقول لبيد:

يلمّج البارض لمجاً في الندى ... في مرابيع رياض ورِجَل وقال أبو خراش: تخاصَمَ قوما لا تلفّى جوابُهم ... وقد أخذتْ من أنفِ لحيتكَ اليدُ يقول ندمت على ما ضيعت، ومن عمل النادم العبث بلحِيته قال أبو عمرو أي كبرت فطالت وأنت لا تعقل، وأنف اللحية مقدمها. وقال آخر أبو النجم: وقد أقود بالدوىَ الملزمّلِ ... أخرس في الركب بقَق المنزلِ الدوى الرجل الأحمق والبقاق الكثير الحديث، تقول: بققت له أي أخرجت له ما في نفسي، ويقال بق الغيث عبابه أي أخرج ما فيه، يقول فهذا الرجل ساكت في السفر لا يتحدث ولا يؤنس وهو في منزله كثير الحديث، وهذا مما يعاب به. وقال ابن أحمر وذكر كلمة: ليست بمشتمةٍ تعدّ وعفوها ... عرَق السقاءِ على القعودِ اللاغبِ قال الأصمعي: العرب تقول لقيت من فلان عرق القربة يعنون الشدة، وقال هذا: عرق السقاء أراد القربة فلم يمكنه الشعر، والمعنى أنه يسمع الكلمة تغيظ وليست بشتم فيأخذ صاحبها بها وقد أبلغت

إليه كعرق السقاء على القعود اللاغب، وقال أبو عبيدة: وهذا المعنى يشبه ما كان الفراء يحكيه أنهم كانوا يتزودون الماء في المفاوز فيعلقونه على الابل يتناوبونه فكان في ذلك تعب ومشقة على الظهر وكان الفراء يجعل هذا التفسير في عَلق القربة. وقال المرار الفقعسي: لنا مساجد ونعّمروها ... وفي المنابرِ قعدانُ لنا ذُلل قعدان جمع قعود، شبه مجلسه على المنبر بالبعير يقتعده. وقال أبو داود: وأتانا تقحيمُ كعبٍ لي المن ... طق إن النكيثةَ الإقدام في نظامٍ ما كنتُ فيه فلا ب يح ... زنكَ قول لكل حسناءِ ذام التقحيم الكلام بعضه في إثر بعض كأنه هجاه، وكعب هو كعب ابن مامة وكان بلغه عنه ما يكره، والنكيثة بلوغ الأمر يقال بلغت نكيثة البعير إذا جهدته في السير، وقال طرفة: وقربت بالقربى وجدّك إنني ... ومتى يك أمر للنكيثة أشهد ويروى: الاقحام، في نظام، أي في نظام من القول، والذام والذيم العيب. وقال طرفة:

وتضد عنك مخيلة الرجل ال ... عريض موضحة عن العظم بحسامِ سيفِكَ او لسانكَ وال ... كلم الاصيل كأرغب الكَلْمِ الكلم جمع كلمة والكلْم الجرح وأرغب أوسع، وهو مثل قول امريء القيس: ولو عنْ نثا غيره جاءني ... وجرحُ اللسانِ كجرحِ اليدِ والعريض المتعرض للشر، والمخيلة الخيلاء، موضحة شبحه توضح عن العظم. وقال النابغة: يصدّ الشاعرُ الثنيان عني ... صدودَ البَكر عن قرم هجانِ أثرت الغي ثم نزعتُ عنه ... كما حاد الأزَب عن الطعانِ الثنيان الذي يعد ثانيا من الشعراء ويقال هو الشاعر ابن الشاعر يقول لا يقوى على مهاجاتي كما لا يطيق البكر القرم فيصد عنه، أثرت الغي أي هيجت الشر ثم تركته، كما حاد الأزبّ وهو الكثير وبر الحاجبين والعينين، والطعان حبل يشد به الهودج وقال: وأي الناسِ اغدر من شآم ... له صردان منطلق اللسانِ

الصُرَدان عرقان يكتنفان اللسان، وقال شآم لأن النابغة كان بالشأم. وقال الكميت: ولو جّهزث قافية شروداً ... لقد دخلت بيوتَ الأشعرينا ولارتحلتَ مّن العريان نضواً ... غنياً عن رحالةٍ منطفِينا؟ يريد العريان بن الهيثم وكان على شرط الحجاج، لارتحلت القافية من هذا الرجل أي لركبتْ منه بعيرا نضوا وكان غنيا أن يركب حتى يدبر ظهره - شبهه ببعير دبر إذ هجاه. وأنشد الأصمعي: حديث بني قرط إذا ما لقيتهم ... كمزوِ الدبا في العرفج المتقاربِ يريد أن كلامهم عجلة. ونحو منه قول آخر: كأن بني رألانِ إذ جاء جمعهم ... فراريج يلقي بينهنَ سويقُ شبههم بذلك لدقة أصواتهم وعجلة كلامهم. وقال ابن أحمر: ولم أختلس بين الشقاشقِ حجةً ... وقد وَقعَتْ بالقرِ إلا تلاقيا يريد شقاشق الخطباء شبه ذلك بشقشقة البعير وقد وقعت الحجة بمستقرها، أي لا تدرك بعد وقوعها.

وقال ذو الرمة يهجو قوما كأن أباها نهشل أو كأنهم ... لشقشقةٍ من رهطِ قيسٍ بن عاصمِ الشقشقة أصله الذي يخرجه البعير من لهاته فضربه مثلا أي كأنهم للخطباء من رهط قيس بن عاصم. وقال ابن أحمر يصف خطيبا: إذا نفرجتْ عنه سمادير حلقةٍ ... وبردان من ذاك الخلاج المسهمِ أتانا طموحُ الرأسِ عاصبٌ رأسَه ... فمن لكً من امرِ العماسِ الملوّمِ السمادير الغشى وممن اكتنفه من الناس، والخلاج ضرب من البرود يشبه الوشى، أتانا رافع رأسه من الكبر، والعماس الذي لا يتجه له ولبابه، والملوّم الذي لا يزال يأتي بما يلام عليه. وقال الراعي: وخصمٌ غضاب ينفضونَ لحاهم ... كنفضِ البراذين الغِراث المخاليا هذا مثل قول الأعشى: أتاني كريم ينفضُ الرأسَ مغضباً وقال زهير:

وذي نعمة تممتَها وشكرتُها ... وخصم يكادُ يغلب الحق باطِلَه دففتُ بمعروفٍ من القولِ صائبٍ ... إذا ما أضّل القائلين مفاصله هذا من قولهم فلان يصيب المفصل إذا أصاب المقطع. وقال الحارث بن حلزة: إرمي بمثلِه جالَت الجنّ ... فاْبت لخصمها الأجلاء نسبه إلى إرم عاد في قدم ملكه، وقيل في حلمه، جالت كاشفت وهو فاعلت من المجالاة وهي المكاشفة، والجن دهاة الناس وأبطالهم، يقال: ما هو إلا جني إذا كان عاقلا بطلا، يقول بمثل عمرو بن هند كاشفت الدهاة الناس فرجعوا وقد فلج خصمهم على من خاصمهم، والأجلاء جمع ممدود وهو الأمر الواضح البارز. قال آخر: شيخ لنا كاللَيث من باقي إرم وقال ابن مقبل: وكنا إذا ما الخصمُ ذو الضغنِ هرَّنا ... قد عنا الجموح واختلعنا المعذرا المعذر سن الفرس الذي عليه العذار والفرس إذا خلع عذاره لا يعدو وهذا مثل أي نقطع الخصم، ومثله له. وخلعي عذار الخطيب اللسن وقال آخر الدبيري:

أو رجل عن حقهم منافد أي يخامم حتى ينفد حجة صاحبه ويبقى هو. وقال آخر: ومَنطق خُرِّقَ بالعَواسلِ ... لذّكَوشي اليمنة المراجل قال الأصمعي: هذا مثل قول الآخر وهو عامر بن جوَين الطائي ويروى لأبي قردودة. يا جفنةً كازاء الحوضِ قد هدموا ... ومنطقاً مثلَ وشي اليمنة الحبره أي قتل صاحبها فكفئت. وقال عمرو بن الإطنابة: فإنكم وما ترجونَ شطري ... من القولِ المرغّي والصريح شطري نحوي، والمرغي أصله في اللبن وهو الذي عليه الرغوة، والصريح الخالص جعلهما مثلا للقول المستور المعرض به، والقول الظاهر المكشوف. وقال النابغة: أتاكَ بقولٍ لهله النسجِ كاذبا ... ولم يأتكَ الحقَ الذي هو ساطع ويروى: هلهل، يقال لهله الثوب وهلهله إذا ارقه، ومنه سمي المهلهل لأنه أول من هلهل الشعر أي أرقه، ويروى: الذي هو ناصع. وقال ابن أحمر:

إذا جاءَ منهم قافل بصحيفةٍ ... يكون عناءَ ماينبق عانيا وتعرفُ في عنوانِها بعضَ لحنِها ... وفي جوفها صمعاء تبلي النواصِيا قافل راجع، ينبّق يسطر. قال الأصمعي في قول امرىء القيس. وحدَثَ بأنْ زالتْ بليل حمولهم ... كنخل من الأعراضِ غير منبقِ قال ليس على سطر واحد، وعناء عان مثل موت مائت، وعنوانها ما ظهر من قولها، ومنه عنوان الكتاب أي ظاهره، ولحنها قصدها من قول الله عز وجل " ولتعرفهم في لحن القول "، وفي جوف الصحيفة صمعاء أي داهية، تبلي النواصي أي تشيبها. وقال ابن أحمر وذكر نساء: تعاورْنَ الحديثَ وطبّقته ... كما طبقتَ بالنعلِ المثالا طبقته أصابت مفصله وعينه، يقال قطعه طوابيق أي مفصلا مفصلا. وقال المرار: أنا الخزَمي حلخلّي الناس بيني ... وبين الهدر بذخا أو بليعا يقول عرفوا فضلي فخلوا بيني وبين ما أفتخر به، بذخا عاليا من المجد، والبليع من الكلام ما فتح به الفم وسوّغه قائله لم ينازع فيه. وقال العجاج: بمنطقٍ لو أنني أسبني ... حيات هضبٍ جئنَ أو لوانيّ

أرقى به الأروى دنوْن مني أسنّى أسهل وأرفق كأنه يفتح، يقال ظل يسنّي فلانا حتى أدرك حاجته. وقال العجاج أيضاً: فقلت قولاً ليس بالمشاخسِ ... والجِد مضّا على التغامسِ المشاخس المختلف يقال تشاخس أمر بني فلان أي اختلف. َ ومنه قول الطرماح: وشاخس فاه الدهر حتى كأنه ... منمّس ثيران الكريصِ الضوائنِ أي خالف بين أسنانه، والتغامس التعامي والتغافل، يقول الجد من القول يمضي وان تعاميت. وقال عدي بن زيد يذكر منازعا له. أطحطحه حتى أضل حخيفه ... ويسرعُ فيه النافذاتُ البواضعا أطحطحه أرمي به فأذهبه، والجخيف الكبر والعظمة، أبو عمرو: الجخيف الصخَب يقال جخف علينا أي فخر، والبواضع التي تبضع لحمه أي تقطعه. فكيفَ ترونَ السعي أسأر قِيله ... على نقبِ الوجوه سواد براقعا السعي في المجد أبقى القيل به أي الافتخار، يقول ترك قولي على وجوهكم براقع سودا. أراهم بحمد الله بعد جخيفِهم ... غرابهم اذ مسّه الفَتر واقعا

قال يكون الرجل كثير الصخب ثم يفتر فيقال قد فتر غرابه ووقع غرابه. وقال كثير يمدح رجلا: ولكن بلوا في الجدِ منكَ ضريبة ... بعيداً ثراها مسمهراً وجينها إذا جاوزوا معروفها أسلمتُهم ... إلى غمرة لا ينظر العَومَ نونها ضريبة طبيعة، بعيدا ثراها ضربه يقول إنك بعيد الغور، والمسمهر الغليظ الصلب، والوجين ما غلظ من الارض، إذا جاوزوا معروفها معروف الطبيعة أي تركوا المقاربة وقعوا في غمرة من الماء يهلك فيها النون وهو السمكة، والعوم السباحة. وقال يمدح: له عهد ودٍ لم يكذَّبْ يزيّنه ... ردَي قول معروفٍ حديثٍ ومزمنِ ردى قول معروف زيادة قول، يقال أردي وأربي عليه، ومنه قول الحطيئة: تضمنها بنات الفحل عنهم ... فأعطوها وما بَلغَتْ رداها وقال كثيّر لعمر بن عبد العزيز وذكر أباه:

ذكرتُ عطاياه وليستْ بحجةٍ ... عليكَ ولكن حجة لك فاتْن يقول: عطايا أبيك ليست توجب عليك أن تعطيني مثلها ولكنها حجة لك إن فاخرت، فاتّن إفتعل من ثنيّت أي بدأ هو فكن أنت ثانيا. وقال له: له في شيمتانِ منهما أنَسيّة ... ووحشيةٌ إغراقها النهي معجلُ فراعهما منه فانهما له ... وانهما منه نجاةٌ ومحفل أنسية ووحشية واحدة تؤنس وأخرى يستوحش منها وهو كقولك حلو ومر، إغراقها من أغرقت في الأمر، والنهي الزجر عن الشيء والنهي عنه، والنجاة مثل النجوة وهو الموضع المرتفع الذي لا يبلغه السيل، والمحفل مجرى السيل، يقول فيهما عطب وسلامة. وقال: حليم كريم ذو أناةٍ وأربةٍ ... بصير إذا ما كفة الحبل جرّت الأربة العقدة، والكفة كفة الصَائد وهو حبل يديره، يقول هو بصير إذا خودع ونصب له ليختل مثل الحبالة التي تنصب للصيد.

في الدعاء بالشر واليمن

في الدعاء بالشر واليمن قال المنخل: إن كنتِ عاذلتي فسيري ... نحوَ العراق ولا تَحوري يدعو فيها أي لاردّك الله. وقال زيد الخيَل: فلا شربَا إلا بلَزن مصرّدٍ ... ولا رميَا إلا بأفوقٍ ناصل اللزن الضيق والقلة، والمصرد الذي ينقطع قبل الري، والأفوق السهم المنكسر الفوق، والناصل الساقط النصل. وقال بعض الضبيين: أزائدَ لا أحلْت الحول حتى ... كأن عجوز كم شربت سماما أي هلكتم حتى كأن أمكم شربت سما فماتت قبل أن تلد. وقال طرفة: ولا غروَ إلا جارتي وسؤالها ... ألاهال لنا أهل؟ سئلتِ كذلك أي صرت غريبة حتى تسألي كما سألتني - يدعو عليها، ومثله. أفي كل يوم أم مثوى تعودني ... وتنفض أحلاسي وتسألني ما اسمي وأنشد أبو زيد لامرأة: فآبك هلا والليالي بغرة ... تلّم وفي الأيام عنك غفولُ قال أبو زيد: آبك أبعدك الله، وفي كتابه سيبويه: آبك أيّه بي أو مصدّر.

أنشدني أبو غانم: وقال آخر: فجنّبتَ الجيوش أبا زينب ... وجادَ على ديارِكُم السخاب أي لا كان لك مال، تغزَى له ولا زلت فقيرا وجاد السحَاب على ديارك لتراه حسنا، والعرب تقول: مرعى ولا أكولة، وعشب ولا بعير، وكلأ يتّجع له كبد المصرِم. وقال آخر: فما للذي ولّى بها يومَ فارقَتْ ... مرَى بيد خلف الرفاقِ كسير دعا عليه لأنه فرق بينه وبينها، مرى أي حرك بعيره وسار بيد كسير. وقال ابن أحمر: لأصابَ جارهُم الربيعَ ولا ... زادتْ حمولته على عشرِ

أي لا جعل الله له من الحمولة وهي الإبل التي يحمل عليها إلا أصابعه العشر أي لا كان له إلا ما يحمل بكفه حسب وأنكر أن يكون أراد عشرا من الابل لأنها إن كانت حمولة لرجل كان كثير الميرة والخير. وأنشد لآخر: يردّون في فيه عشر الحسود يعني أصابع يديه العشر يعضّها غيظا عليهم وحنقا. نحو منه قول الهذلي صخر الغي: قدَ افنى أناملَه أزمُه ... فأضحى يعضّ عليّ الوظيفا يقول قد عضّض أصابعه غيظا وحنقا حتى ابانها ثم هو يعض على الوظيف، والأزم العض. وقال جرير للطلل: سقيت دمَ الحياتِ ما ذنب زائرٍ ... يلّم فيعطي نائلاً أن يكلما وقال مقاس: تقول له لما رأتْ ظَلع رجله ... أهذا رئيس القوم؟ رادَ وسادَها راد أي قلق وجاء وذهب حتى تأرق ويصيبها المكروه، دعا عليها. ابن احمر يدعو على الذي رمى عينه. شُلت أنامل مخشيّ فلا جبَرتْ ... ولا أستعانَ بضاحي كفَه أبدا ضاحي الكف ظاهرها، لم يقل باطن لأن العصب في ظاهر

الكف. وقال أبو خراش لامرأته: وبعد بلائي ظلّت البيت من عمي ... تحبّ فراقي أو يحلّ لها شتمي أي بعد ما أبلاها الله من الخير على يدي أحبت فراقي وضلت البيت، دعا عليها - يقول أعماها الله حتى لا تبصر البيت. وقال العباس بن مرداس: فا وأيىّ ما وأيّك كان شراً ... فقِيدَ إلى المقامةِ لا يراها هذا دعاء، يريد أينا كان شرا فأعماه الله حتى يقاد إلى المقامة وهو لا يراها. وقال مقاس: ألا أبلغْ بني شيبانِ عني ... فلا يلك من لقائكم الوداعا أي أبلغهم عني فلا جعل آخر العهد منكم. وقال أوس: فيا راكباً إما عرَضَتْ فبلغن ... بني كاهل، شاهَ الوجوه لكاهلِ أي قبحت الوجوه التي لكاهل، يقال رجل أشوه وامرأة شوهاء وفي الحديث: شاهت الوجوه أي قبحت. وقال النابغة: أغيركَ معقلاً أبغي وحصناً ... فأعيتَني المعاقل والحصونُ فجئتكَ عارياً خلَقاً ثيابي ... على خوفٍ تظَن بي الظنون يدعو على نفسه، عاريا سائلا من قولك عراه يعروه. وقال آخر: قفا، لا يكن حظي وحظكما البكا ... على طَللٍ بالغَمرتيْنِ محيلِ

الأيمان

لا يكن دعاء له ولهما أي لا كان حظنا ذاك. وقال آخر: لقد غيّل الأيتامَ طعنةَ ناشره ... أناشر لا زالتْ يمينُكَ آشرُه آشرة يعني مأشورة من المئشار، يقال مئشار وميشار بغير همزة أيضا ومنشار بالنون أيضاً. وقال النابغة الجعدي: إذا فعدِمت المالَ الا مقيّرا ... بأقرابه نِسفٌ من العرِّ جالبُ المقير البعير المهنوء، والنسف أشد الجرب جالب ذو جلب. وقال امرؤ القيس وذكر الرامي: ماله لا عد من نغره يقول إذا عد أهله لم يعد معهم يدعو عليه بالموت وليس يربد بهذا وقوع الأمر، وهو مثل قولهم: قاتله والله وأخزاه الله، وكذلك قول ابن مقبل وذكر الفرس: خدي مثلُ خدي الفالجيّ ينوّشنُي ... بخبطِ يديْه عيل ما هو عائله هو من قولك عالني الشيء أي أثقلني يريد يشدد هذا الشيء الذي عليه وأثقله كقولك للشيء يعجبك: قاتله الله. الأيمان قال الأعشى: إني لعمرِ التي خطت مناسمها ... تخدي وسيقَ إليه الباقر العثلُ

الاصمعي: خطت شقت التراب، وحطت خطأ لأن الحطاط الاعتماد بالزمام، والباقر جع بقر، والعثل الكثير. قال أبو عمرو: روى أبو عبيدة العثَل فأرسلت إليه: قد صحفَ إنما هو الغيل أي الكثير يقال ماء غيل إذا كان كثيراً، وفسره أخرى السمان يقال ساعِد غيل، والأصمعي: وجدّ عليها النافر العجُل - أي النفار من معنى، والنافر في معنى جمع، وأبو عبيدة يرويه: حطت بالحاء يعني حطاطها، وألأصمعي: خطت، وأنشد: أرأيتُ يومَ عُكاظَ حين لقيتنى ... تحت العَجاجِ فما خططتَ غباري للنابغة أي شققته. وقال عدي بن زيد: إذ أتاني نبأ من منعم ... لم أخفهْ والذي أعطي السِبَرِ أي الحسن والجمال يقال: حِبَر وسِبَر وسِبْر. إنني والله فأقبلُ حِلفي ... بأبيلٍ كلما صلى جأرِ مُرعَعد أحشاؤه في هيكلٍ ... شعِث لمَته وافي الشعرِ

الابيل الراهب، الهيكل الصومعة. وقال لأهل بيت النعمان: فلا يميناً بذاتِ الوَدْع لوحدَثَتْ ... فيكم وقابلَ قبر الماجد الزارا ذات الودع صنم كان بالحيرة ويقال بل هي الابل التي تسير إلى مكة يعلق عليها الودع، ويقال إن مكة يقال لها ذات الودع، وواجه قبر النعمان الزار وهي الأجمة أي دفن حذاءها. إذاَ لبؤتم بجمعٍ لا كفاءَ له ... أوتاد ملْك تليد جدّه بارا أي لو مات لغزتكم الجيوش فأقررتم أو رجعتم بجيش لا مثل له أوتاداً لملك قديم قد سقط جده أي صرتم كذلك وهو منصوب على الحال ولا مجوز أن يكون منصوباً على النداء. لأنه لا يجوز أن يدعوهم بذلك والنعمان لم يمت. أنشدني الرياشي لعبد الرحمن بن جمانة المحاربي: فان حراما لا أرى الدهر باكياً ... على شجوة إلا بكيت على عمرو قال: حرام هاهنا واجب: قال الله عز وجل " وحرام على قرية أهلكناها " وقد يجيء بمعنى اليمين. وقال العجاج: وربّ هذا الأثر المقسّم ... من عهدِ إبراهيم لما يُطسم المقسّم المحسّن من القسام وهو الحسن، ويطسم ويطمس واحد.

بحيثُ تدلَى قدم لم تذأمِ ... وربّ هدي كالحنيّ موذَمِ أي الأثر بحيث دلّى قدمه لتغسل أم اسمعيل رأسه. لم تذأم لم تغب: والذام العيب وكذلك الذيم، موذم موجب. قال: لا هُمّ ان عامرَ بن جَهمِ ... أوذم حجّا في ثيابٍ دسمَ وقال العجاج أيضاً: كالخَيم في شطيّه المخيّمِ ... حتى إذا ما حانَ فِطرُ الصوَّمِ الخيم البيوت جمع خيمة شبهها بالخيم لعظمها، والشطي الشطوى وهي ثياب تعمل بشطا، يقول كأنها البيوت وهي في أجلتها، والمخيم الذي اتخذ خيمة. أجازَ منا جائز لم يوقَمِ ... لقصفةِ الناس من المحرنجمِ أجاز منا يريد تقدمنا يريد دفع جائز نافذ، يقال جاز وأجاز لغتان، يوقم يرد يقال وقَمه يقمه أي رده، يريد أن دفعة الحج كانت لنا، وقصفة الناس دفعتهم يقال انقصف الناس إذا اندفعوا،

والمحرنجم المجتمَع. وقول بشر بن أبي خازم وقد أقسم: وبالأدم ينظرن الحليل وقال بعضهم الحليل حيث يحل لهم النحر، وقيل: ان يحل الناس من إحرامهم ثم يركبونها فهي تنتظر ذلك. قال الفِرزدق: ولا خير في مال عليه الية ... ولا في يمين غير ذات مخارم مخارم أي طرق جمع مخرم. وقال رؤبة: ولاتني أيدٍ علينا تضبَع ... بما أصبناها واخرَى تطمع تضبع تمد أضباعها وهي أعضادها بالدعاء علينا، ومنه قول الآخر وهو عمرو بن شأس: نذود الملوك عنكم وتذودنا ... ولا صلح حتى تضبعونا ونضبعا أي تمدون إلينا أضباعكم بالسيوف. وقال عمرو ذو الكلب: منت لكَ أن تلاقيني المنايا ... أحادَ أحادَ في الشهرِ الحلالِ هذا دعاء، منت لك أي قدرت لك الأقدار لقائي وحدَين في الشهر الحلال. وقال العجاج وذكر مرضة دعا الله فيها: هو الذي أبصرَ ليلاً لَمعتي ... بالكف إذ مسك بالمصوّتِ وحالت اللأواء دون نشغتي

اللمعة الدعاء بالاصبع أو بالكف، والمصوت موضع الصوت، يقال للرجل يغشى عليه ثم يفيق نشَغ، أي حالت اللأواء وهي الشدة دون إفاقتي. وقال آخر القلاخ بن حزن: أبعدهن الله من مناق ... إن هن أنجين من الوثاق بأربع من كذب سماق السماق الخالص أي بأربع أمان بها فيخلون عني وأنجو وقال الشماخ وذكر أهل بيت امرأته: يقولون لي يا احلفَ ولست بحالفٍ ... أخادعهُم عنها لكيما أنالها يريد يقولون لي يا هذا احلف مثل: ألا يا اسلمى وألاّ يسجدوا اخادعهم عن اليمين لكيما أردها عني فلما عيل صبري حلفت. ففرجت همَ الصدرِ عني بحلفةٍ ... كما شقَّت الشقراءُ عنها جلالَها أي كما وطئت فرس شقراء على جلالها فخرجت منها وكذلك خرجت انا من هذه اليمين، أبو عمرو: " كمثل جواد قدّ عنها جلالها " أبو عبيدة و " كقدك عن متن الجواد جلالها ". وقال يذكر امرأته في أول هذا الشعر:

وكنت إذا زالتْ رحالة سابحٍ ... شمِتّ به فقد لقيتُ مثالَها هذا مثل ضربه لامرأته حين طلقها وهي الرحالة. وقال ابن أحمر: فإما زال سرج عن مَعدً ... فأخلِق بالحوَادثِ أن تكونا المعدان ما وقع عليه السرج من جنبي الفرس أي ان بنت بالطلاق، يقول الشماخ كنت أشمَت بمن طلق امرأته فقد أتيت ذلك. وقوله يعني الشماخ: أغدو القِمِصى قبل عَيرٍ وما جرى ... ولم تدرِ ما خبري ولم أدرِ مالَها القمصي عدو الأتان، وقبل عير وما جرى قبل أن يأتيها الفحل وقبل جريه إليها، وما جرى بمعنى ولم يجر، يقول نفرت امرأتي مني ولم تدر ما لحالها عندي كنفر هذه الأتان من الفحل حين نظرت إليه من بعيد لما تخوّفت طلبه لها. وقال لبيد لامرأته:

دعي اللوم أو بيني كشِق صديع الصديع ثوب يشق نصفين يقول فارقيني كما فارق هذا النصف النصف الآخر. وقال الأعشى لامرأته: وبِيني فانَ البيْنَ خير من العصا ... وأن لاتزالي فوقَ رأسكَ بارقه يقول بينك خير لك من العصا ومن أن لا تزال فوق رأسك لائحة من السيوف، والبارقة لمعها. قال المرقش الأصغر: تنجّد عمرو حلفةً فأطعتُه ... فنفسَكَ ول اللومَ إن كنت لائماً تنجد أي وثب على حلفة، والنجد ذو الجرأة من الرجال. وقال النابغة: فإن كنتَ لاذاً الضغن عني منكّلا ... ولا حلفي على البراءةِ نافع حلفتُ فلمْ أتركْ لنفسكَ رِيبةَ ... وهلْ يأثمن ذو أمة وهو طائع قالوا كيف يقول: ولا حلفي على البراءة نافع - ثم يقول حلفت فلم أترك لنفسك ريبة؟ قال بعضهم - لا - في قوله: ولا حلفي،

حشو والمعنى: إن كنت لا تكذب الساعي بي إليك ولا تنكله ويميني على البراءة تنفعني فإني أحلف وهل يأثم ذو أمة أي ذو دين واستقامة وهو طائع لم يجبر، وقوله: وذلك أمر لم أكنْ لأقولَه ... ولو كبلت في ساعدي الجوامعُ يقول لو حبست حتى أغل لم أكن لأقول ماَ بلغك. وقال عدي بن زيد في قصة الزباء وقصير: فردته بضعفَي ما أتاها ... ولم تكبلْ على المالِ يمينا لم تكبل لم تعقد على المال بأن تحلف لا يخرج مالي هذا اليوم من يدي إليك. وقال ساعدة بن جؤية: ينيلان بالله المجيدِ لقد ثوَى ... لدي حيث لاقى زينها ونصيرها أي يحلفان، وقال كثير: فما وجدوا منكَ الضريبةَ هدّة ... هَياراً ولا سقطَ الألية أخرما

هياراً أي تنهار أي لم يجدوك ضعيفاً، ولا سقط الألية الكذاب الحلف، أخرما - أي لا تنخرم أليتك فتذهب باطلا، والأخرم لا يثبت على رأي واحد، وهدة منهدة مسترخية. وقول آخر: تفرقتم لا زلتم قرن واحد يقول لا زلتم ضعفاء لا تقاومون إلا واحداً. العداوة والبغصاء قال الشاعر: ومولي كأن الشمسَ بيني وبينه ... إذا ما التقينا ليس ممن أعاتبه يقول: لا أقدر أن أنظر إليه من بغضه فكأن الشمس بيني وبينه. وقال الفرزدق: وما خاصمَ الأقوامَ من ذي خصومةٍ ... كورهاءِ مشنوءٍ إليها حليلها تراها إذا اصطفّ الخصومُ كأنهاترى رفقةً من ساعةٍ تستحيلها يقول هي طامحة الطرف عن زوجها لا تنظر إليه من بغضه فكأنها تنظر إلى رفقة من بعد تستحيلها، يقال: إستحل الشخص أي انظر هل يزول. وقال آخر: يتقارضون إذا التقوا في موطنٍ ... نظرآَ يزيلُ مواطىء الأقدامِ

من قول الله عز وجل " وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ". آخر: ومولى كداءِ البطنِ لا خيرَ عندة ... لمولاه إلا أن يعيبَ الأدانيا جعله كداء البطن لأنه لا يدري ما هو وما هاجه ولا كيف يتأتى له. وقال ابن أحمر: أرانا لا يزالُ لنا حيمٌ ... كداءِ البطن يلاّ أو صُفارا يعالج عاقراَ عاصَتْ عليه ... ليلقّحها فنتجها حواراً عاصت عليه التوتْ، يقول يطلب من الشر ما لا يكون ولا يقدَر عليه. ويزعم أنه نازٌ علينا ... بشِرّته فتاركَنا تبارا كحجةِ أم شعلٍ حين حجتْ ... بكلبتِها فلمْ ترمِ الجمارا أي حلف أن ينالنا بشرته فيهلكنا كما حجت أم شعل في الجاهلية بكلبتها وهي مدلة بنفسها تظن أنها ترجع فماتت فلم تدرك الحج. نُدارئه كما أنقاء وهبِ ... يساعدها وتنهمرُ انهِمارا أنقاء جمع نقا أي ندارىء هذا الرجل كما تدارىء الرمل أي يتناثر. وقال الكميت:

لما رآه الكاشحو ... نَ من العيون على الحنادر. الكاشحون الأعداء سموا بذلك لأنهم يخبأون العداوة في كشوحهم، والحنادر نواظر العيون واحدها حندورة وحندرة، أي رأوه كأنه على أبصارهم من بغضه. وقال زهير: تلجلج مضغةَ فيها أنيض ... أصلّت فهي تحت الكشحِ دأءُ بسأتٍ بنيئها وجوِيتْ ... عنها وعندي لو أردت لها دواء ورواه الأصمعي " غصِصت بنيئها وبشمت منها، وعندك " يقول أخذت هذا المال فأنت لا تأخذه ولا ترده كما يلجلج الرجل المضغة فلا يبتلعها ولا يلقيها، والأنيض اللحم الذي لم ينضج والأناضة والنهوءة خلاف النضج وإذا لم ينضج فهو أثقل لأنه لا يستمر فيريد أن تريد أن تسيغ شيئاَ لم يدخل حلقك أي تظلم ولا تترك والظلم، أصلّت أنتنت فهي مثل هذا الذي أخذت فإن حبسته فقد انطويت على داء، يقال: صلّ اللحم وأصلّ وفيه صلول وإصلا ل. وأنشد الأصمعي للحطيئة: ذاك فتى يبذل ذا قِدره ... لا يفسد اللحم لديه صلول غصصت بنيئها يقول المال الذي أخذته كمضغة نيئة غصصت بها وبشمت منها، وعندك لها دواء لو شئت في رد المال إلى أهله. آخر: فلا توعدونا بالجيادِ فإننا ... لكم مضغةٌ قد لجلجتْ فأمرّتْ

ويروى نجنجت والمعنى أنها رددت في الفم، والجياد الخيل. أمرّت صارت مرة، والمعنى أنكم لا تسيغوننا ولا تقدرون علينا، وقال جرير: ونبئتْ غسّانُ بن واهصةٍ الخصي ... يلجلجُ مني مضغةً لا بحيرها واهصة الخصي شادختها أي تشدخها لتلين فتأكلها، ولا يحيرها لا يسيغها فردها إلى جوفه. وقال العجاج: وقد وغَظْناها اتقاءَ المأثمِ ... فجعلوا العتابَ حرق الأرّم أي جعلوا عتاينا، ويقال هو يعُلك على الأرم، ويحرق على الأرم إذا صرف بنابه وأوعد، والأرّم أقصى الأنياب. وقال الهذلي المعطل: وفهم بن عمرو يعلونَ ضريسَهم ... كما صرفَتْ فوقَ الجُذاذ المساخن ضرس وضريس مثل كلب وكليب وعبد وعبيد ومعز ومعيز، والجذاذ حجارة فيها ذهب، والمساحن واحدها مسحنة وهو حجر يدق به حجارة الذهب. وقال المرار بن منقذ العدوى: وحشوتُ الغيظَ في أضلاعهِ ... فهو يمشي حظلاناً كالنقرِ النقر من النقرة وهو داء يأخذ الغنم في بطون أفخاذها وفي جنوبها فإن أخذها في أفخاذها طلعت وإن أخذها في جنوبها انتفخت بطونها وحظلت المشي أي كفّت بعض مشيها. وقال آخر أبو خراش الهذلي:

رأيتُ بني العَلّاتِ لما تضافروا ... يحوزونَ سهمي دونهم في الشمائل بنو العلات الذين ليسوا لأم واحدة، تضافروا تعاونوا، يحوزون يجعلون وهذا مثل يقول ينزلونني بالمنزلة الخسيسة كقولك في ضده: فلان عندي باليمين أي بالمنزلة العليا. وقال الأعشى: أرى رجلاً منهم أسيفاَ كأنما ... يضّم إلى كشحيةِ كفاً مخضباَ أسيف غضبان، كأن هذا الرجل قطعت يده فغضب لذلك وعادة بكل إنسان إذا أرسل يده ولم يستعملها أن يقفها على كشحه: وأما قوله: كفا - واحدا وهما كشحان فذلك لضمه يديه جميعا وإن كانت المقطوعة واحدة ولم يَخف اللبس لقرب المعنى من الفهم وإحاطة العلم بأن كفا واحدة لا تضم إلى الكشحين، ومثل هذا كثير في الكلام، مخضب بالدم. آخر: وفينا وإن قيل أصطلحْنا تضاغُن ... كما طرّ أو بار الجراب على النَشْرِ النشر الكلأ إذا جف ثم أصابه مطر واخفرّ وهو داَء كله إذا أكلته الماشية، يقول: نحن وإن ظهر الصلح ففي قلوبنا غير ذاك كما أن هذه الجراب أكلت النشر فطّرت أوبارها وحسن ظاهرها وفيه من الداء ما فيها. ومثله قول زفر بن الحارث: وقد ينبت المرعى على دِمَنِ الثري ... وتبقى حَزازات النفوس كما هيا المرعى إذا نبت على الدمن فهو أخبث المرعى. أي فكما أن ظاهر

هذا المرعى حسن وداخله رديء فكذلك نحن ومثله. ولا يغرّنك أضغان مزمّلة ... قد يضرب الدبر الدامي بأحلاس أي تستر هذه الأحقاد كما تستر هذه بالأحلاس وتحتها الداء، ومثله للكميت. ولم أحلَس على جُلَب وقال معقل بن خويلد: أبا معقل إن كنتَ أشّحت حلّة ... أبا معقلِ فانظر بنبلكَ من ترمي أبا معقلٍ لا توطئَنكم بغاضَتي ... رؤوس الأَفاعي في مراصدِها العُرْمِ يقول إن كنت أعطيت جاها وقدرا فانظر لمن تعرض، وأشحت ووشحت سواء، لا يحملنك بغضي على أن تقتل نفسك وتهلكها، والعُرم الرقط يقال شاة عرماء، مراصدها حيث ترصُد. فودِّع خليلإِ لا يزال كأنه ... على الوّدِ والبغضاء ريشة غاربِ إذا دبر البعير جعلوا في دَبرته ريشة فتحركها الريح فإذا رآها الغراب لم يقع على الدبرة، يقول هو يتلون لي. وقال آخر من ضبة: لا تجعلونا إلى مولى يحلّ بنا ... عقدَ الحِزامِ إذا ما لبِدنا مالا أي إذا رآنا في شر أعان علينا. وقال آخر: يا رب مولي حاسد مباغض ... علّى ذي ضغنٍ وضبٍ فارضِ

له قُروء كقروء الحائض فارض ضخم، قال الله تبارك وتعالى " لا فارض ولا بكر " قروء أي أوقات تهيج فيها عداوته يقال: رجع فلان لقرئه أي لوقته. قال الهذلي مالك بن الحارث: كرهت العقر عقر بني شليل ... إذا هبّتْ لقارئها الرياَح أي لوقتها. وقال زيد الخيل: وأسلَم عرسه لما التقيْنا ... وأيقنَ أننا صهْب السِبالِ يقال للأعداء صهب السبال وسود الأكباد، ويقال أن الأصل في الصهب أن العجم صهب السبال وكانوا لهم أعداء فكثر حتى قيل للأعداء ممن كانوا وكيف صهب السبال. وقال الأعشى: فما أجشِمت من إتيانِ قوم ... هم الأعداءُ فالأكباد سود يقال عدو أسود الكبد أي أحرفت كبدَه شدة العداوة. وقال العجاج: فقأ أكبادهم المرارا يقول احتثت أكبادهم غيظاَ فانشق منه المرار. وقال طفيل: فذوقوا كما ذقنا غداةَ محْجرِ ... من الغيظِ في أكبادنا والتحوّبِ

التحوب التوجع يقال: بات مجيبة سوء من هذا، ولا يقال حيبة صدق. وقال النابغة: أتاكَ امرو مستعلنٌ ليَ بغضة ... له من عدوّ مثل ذلك شافع مستعلن مظهر، والبغضة والبغض مثل الذلة والذل وَالقِلة والقل، شافع أي معه ثان، يقول أتاك رجل من أعدائي معه آخر مثله. وذلك ذنبٌ لم أكن لأقوله ... ولو كُبلتْ في ساعدي الجوامع الجوامع الأغلال الواحدة جامعة، يقول لم أكن لأقوله ولو حبست وقال: لاتقذفني بركنٍ لا كفاءَ له ... ولو تأثفكَ الأعداءُ بالرِفَدِ يقول لا ترميني بناحية لا مثل لها في الشر، ولو تأثفك الأعداء أي احتشوك وصاروا من جوانبك بمنزلة الأثافي من القدر، والرفد التعاون يرفد بعضهم بعضاً علّى عندك ويسعون بي. لا أعرفنك أن جدّت عداوتنا ... والتمس النصر منكم عوضَ تحتَمل. تحتمل قال عروة بن الورد: ألا إن أصحاب الكنيفِ وجدتُهم ... هم الناس لما أخصبوا وتمولوا

قال الأحمر: يقول وجمدتهم مثل سائر الناس في الغدر وكانوا عاهدوه حين كانوا معه أن لا يفارقوه، وفي الناس الرفع أيضاً. وقال النابغة للنعمان: فمن عصاك فعاقبْه معاقبةً ... تنهى الظلومَ ولاتقعد على ضَمدِ إلاّ لمثلكَ أو من أنتَ سابقه ... سبقَ الجوادِ إذا استولى على الأمدِ قال الأصمعي: لا تقعد على غيظ وغضب إلا لمثلك في حالك أو لمن فضلك عليه كفضل السابق على المصلّى فأما من دون ذلك فأمض إرادتك فيهم. وقال له: فإن أك مظلوماً فعبد ظلمته ... وإن تكُ غضباناً فمثلكَ يعتَبُ يريد إني غير ممتنع من ظلمك إن كنت ظلمتني كما لا يمتنع العبد من فعل سيده، وإن تك غضباناً فلك العتبى أي لك الرجوع إلى ما تحب. وقال: ولكنني كنت امرءاً إلى جانبٌ ... من الأرضِ فيه مسترادٌ ومذهب

ملوك وإخوان إذا ما لقيتهم ... أحكّم في أموالهم واقرّب كفعلك في قوم أراك اصطنعتهم ... فلم ترهم في مثل ذلك أذنبوا يقول اجعلني كهؤلاء القوم الذين صاروا إليك وكانوا مع غيرك فاصطنعتهم وأحسنت إليهم ولم ترهم مذنبين إذ فارقوا من كانوا معه يقول: فأنا مثلهم صرت عنك إلى غيرك فاصطنعَني وأحسن إليّ فلا ترني مذنباً إذ لم تر أولئك مذنبين. وقال الأعشى: ألست منتهياً عن نحت أثلتنا ... ولستَ ضائرها ما أطت الإبل كناطح صخرة يوماً ليفلقها ... فلم يضرها وأوهى قرنَه الوعل أثلتنا شجرتنا وإنما يريد عزنا، وقيل أثلتنا أصلنا، يقال مجد مؤثل أي فو أصل، والوعل إذا اشتد قرنه أتى صخرة فنطحها يريد بذلك تجريب قرنه. يقول: فأنت في الذي ترومه منا كالوعل ونحن صخرة. وقال المرار يصف ناقة: هذي الوَآة كصخرة الوعِل وقال الأعشى: صرمت ولم أصرمكم وكصارم ... أخ قد طوى كشحا وأبّ ليذهبا أب تهيأ وتشمر للذهاب والأبابة إسم من ذلك. وقال: وزعمتَ أنك مانع ... حقا فلا تعطى اصطبارَه

حتى تكون عرارة ... منا فقد كانت عراره ولقد علمت لتشربن ... ببعض ظلمك في محاره اصطبارة أي لا يعطيه صبراً عليه وأصل الصبر حبس النفس على الحق، والعرارة الشدة، والمحارة الصدفة أي نوجرك كرهاً كما يوجَر الصبي. وقال الكميت: أضحت عداوتهم إياي إذ ... ركبوا بحرَى نزار بهم منفّشة القِرَب بحرى نزار يريد ربيعة ومضر أراد ركبوا بحرى نزار على قِرَب قد نفخت فانفشت الريح من القرب فغرقوا، وهذا مثل. وقال الحارث بن حلزة: إن إخواننا الأراقم يغلو ... ن علينا في قولهم إحفاء زعموا أن كل من ضرب العير ... مَوال لنا وأنا الوَلاء يغلون يرتفعون في القول وكذلك الغلو في كل شيء هو الارتفاع وجواز القدر، إحفاء إلحاح واستقصاء في مساءتنا كما يحفَى الشيء ينتقَص منه، ومنه يقال أحفيت شاربي أي استأصلته، وقيل أصل هذا كله الحفى، قال أبو عبيدة سألت أبا عمرو بن العلاء عن البيت، يعني الثاني فقال: ذهب والله الذين كانوا يحسنونه ولكنا نرى معناه: إن إخواننا يضيفون إلينا ذنب كل من أذنب إليهم ممن نزل الصحراء وضرب عيرا ويجعلونهم موالى لنا - والموالى الأولياء وبنو العم، ويقال إنه عني بالعير كليب وائل سماه عيرا لأنه كان سيداً والعير سيد القوم، يقول كل من قتل كليبا أو أعان على قتله جعلوه مولى لنا وألزمونا ذنبه، وقال أبو مالك: العير الوتد سماه عيراً

لنتوّه من الأرض مثل عير النصل وهو الناتىء في وسطه، يقول: كل من ضرب وتداً في الصحراء فأذنب إلى الأرقم ألزمونا ذنبه. وفيه قول رابع - العير جبل بالمدينة، منه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم ما بين عير إلى ثور، أي كل من ضرب إلى ذلك الموضع وبلغه، وأنا الولاء أي أهل الولاء، ولم يقل الأصمعي فيه شيئاً. أجمعوا أمرهم عشاء فلما أصبحوا ... أصبحت لهم ضوضاء يريد أجمعوا أمرهم ليلا على أن يصبحونا بالذي اتفقوا عليه من تهمتنا فلما أصبحوا جلّبوا، ويروى: أجمعوا أمرهم بليل، وهذا كقول القائل: هذا أمر دبّر بليل. لم وقال العجاج: يا عمربن معمر لا منتظَر ... بعد الذي عدا القروصَ فحزر لا منتظر أي لا انتظار بعد هذا الذي مرق فجاوز القدر، يقال للرجل إذا أفرط وعدا قدره: عدا القارص فحزر، مثل، وأصله في اللبن، والقارص الذي يَحذي اللسان، والحازر الحامض. واشتغروا في دينهم حتى اشتغر فقد تكبّدت المناخ المشتهَر تشغروا انتشوا حتى اشتغر الدين أي انتشر، تكبّدت المناخ أي

الداهية والخطة

نزلت وسطه وأصله من الكبد أي نزلت منزلاً مشهوراً وأنظر ما تفعل. الداهية والخطة قال امرؤ القيس: بدّلتْ من وائل وكندةٍ عد ... وان وفهما صَمّي ابنةَ الجبلِ يقال للداهية صمّي صَمامِ مثل نظارِ وحذار. وقال ابن أحمر: فردوا ما لديكم من ركابي ... ولما تأتِكم صمِّي صمامِ وقد اختلف في أصل هذا الحرف فقال الأصمعي: بنت الجبل الصدى ويقال إذا دعي على رجل بهلكة " صم صداه ". وقال أبو عبيدة: بنت الجبل هي الحصاة ويقال في المثل: صَمتْ حصاة بدم، وذلك إذا اشتدت الحرب وتفاقم الأمر كأنه كثر الدم حتى إذا وقعت فيه حصاة لم يُسمع لها صوت. وقال آخر بنت الجبل الحية الصماء التي لا تجيب الراقي وذلك أنها تكون في الجبل يقال لها: صمِّي صَمام - أي لا تجيبي، ثم شبهت الداهية بها. وقال الكميت: إيّاكم إيّاكم وملمّةً ... يقولُ لها الكانون صَمّي إبنة الجبلِ

الكانون الذين يكنون عنها. وقال أيضاً وذكر داهية: إذا لقي السفير بها وقالا ... لها صمّي ابنةَ الجبلِ السفير وقال سويد ابن كراع وذكر إبلا: إذا عَرَضتْ داويةَ مدلهمةً ... وعرّد حاديها فرَين بها فلقا الفلق الداهية ويقال فلان يفري الفرى إذا كان يعمل عملا محكماً، ويروى: عملن بها فلقا. وقال الشمماخ: ومرتبةٌ لا يستقال بها الردى ... تلافى بها حلمى عن الجهلِ حاجز وعوجاءُ مِجذام وامر صربمة ... تركَمت بها الشك الذي هو عاجز مرتبة منزلة من ردِي فيها لم يستقل ذلك، تلافى تدارك حلمي أن أجهل، حاجز من نفسي، عوجاء خصلة عوجاء، مجذام مقطاع لا ينظَر صاحبها أن ينظر فيها إذا وقعت ولكنها تنجذم ولا تستقال وأمر صريمة يعني عزبمة، يقال ليست لفلان صربمة، والصرم القطع يقول رب أمر هكذا ليس له إلا أن يُصرَم تركت الشك فيه وعزمت

ومضيت على الصواب. وقال العجاج: وعاصماً سلمه من الغَدرِ ... من بعدِ إرهانٍ بصماء الغَبر الغدر الجحَرة والجرَفة يقال للرجل أنه لثبت الغدر، إذا ثبت في موضع الزلقَ كما تقول ثبْت الخبار ومعناه أنجاه من الهلاك، أرِهان إثبات وإدامة يقال أرهن لهم الشراب إذا أدامه وأرهن لهم الشر إذا أدامه، وصماء الغبر داهية تبقى، والغبر البقاء. وقال لبيد: وكل أناس سوفَ تدخل بينهم ... دويهيةٌ تصفرّ منها الأناملُ صغّر دويهية والمعنى التكببر. ومثله قول أوس: فُويقُ جبيلٍ الرأسِ لم تكن ... لتلُغَه حتى تكِل وتعملا وإذا اصفرت أنامل الرجل فقد مات. ومن ذلك قول أبي زبيد: يارِزٌ ناجذاة قد تجرَدَ المو ... ت على مُصطلاهِ أيّ برودِ مصطلاه أنامله لأنه إذا اصطلى اصطلى بها وبرود الموت

عليها؟، والناجذ آخر الأضراس. وقال ابن أحمر: فلما غَسا ليلِي وأيقنت أنها ... هي الأربى جاءتْ بأم حَبَوْكَرا وأفلَّت من أخرى تقاصرَ طَيرها ... عشيّةَ أدعو بالستارِ المجبّرا الأربى وأم حبوكر داهيتان، وأفلت من أخرى أي داهية كأنها صاعقة، والطير تقاصر من حِس الصاعقة. وقال علقمة وذكر سحابة: كأنهم صابَتْ عليهم سحابة ... صواعِقها لطيرهنَ دَبيب وقال الكميت: فأياكُم وداهيةً نآدى ... أظلّتكم بعارضها المخيلِ لعلّ لبونها ستروح يوماً ... بَسيء قبل دِرّتها وبيل وذا وَيقبنٍ ذكّره تماد ... من الهلكاتِ بالخطبِ الجليلِ السيء اللبن اليسير يخرج من الضرع قبل الدرة. قال زهير: كما استغاثَ بسيءٍ فزّ غيطَلة ... خاف العيون فلم يُنظربه الخشَك

هذا مثل ضربه الكميت لما تأتى به من الشر وإذا كان الشيء وبيلا فكيف الدِرة، وذا ودقين يعني أمرا شديدا، يريد وإياكم وذا وَدقين ذا طرفين. ذكرّه تماد أي تمادى فصار ذكرا. قال أيضا يصف رجلا: واذا خافَ منَ مَغَبّةٍ أمر ... حَقَبا أن يُلا قي التصديرا كانّ بالمِقُبل المغمّض منه ... قبل إفراخ بيضتيْه بَصيرا الحقب في الحقو والتصدير في الصدر، وإنما يلتقيان عند أشد سير يكون وأتعبه، يقول إذا خاف من الأمر اضطرابا عرفه قبل وقوعه وقبل ظهوره شره، وجعل له بيضتين لأن الطائر يحضِن على بيضتين. يعرف السقبَ قبل أن يُنتج السِل ... تمِ أهال الجَهالة العَنقَفيرا السقب الحوار الذكر وهو لا يحمد وإنما تحمد الإناث فصار الذكر مضروبا لكل أمر غير محمود، والسلتم والعنقفير داهيتان وإنما ينتجان بينهما القتلى. وقال يذكر خطوبا: أَنطفت رُبدها الأسِرّة منها ... واستَلجّتْ دماؤها تقطيرا أي أدَمت فجعلتها تنطف، والربد الدواهي، والأسرّة الخطوط، واستلجّت لجت الدماء بالقطر، وتقول العرب للأمر إذا كان عظيما " المقطر من الأسّرة الدَم ". وقال:

أجيبوا رقي الآسيِ النطاسيّ وأحذوا ... مطفّئة الرضف التي لا شوَي لها النطاسي الحاذق، ومطفئة الرضف وهي الحجارة المحماة حتى يبرد الرضف لما يخرج من الماء والقَذر، وقوله لا شوّى لها لا برء لها جعل ذلك مثلا للداهية. وقال المرار في نحو ذلك: على كششُفِ مطَفئة صلاها ... ورضف المرءَ يطفئهَ الكِشاف أي على دواهٍ مثل هذه الكُشف التي بها هذا الداء فتحمي الحجارة ثم تجعل في رحمها فتطفأ. وقال الكميت: إذا طرَّق الأمر بالمغلقا ... تِ يَتْناً وضاقَ به المهبل وقال المذَمرِ للناتجين ... متى ذمِرّت قبلي الأرجل يقال طرقت القطاة إذا حان خروج بيضها، والمغلقات الدواهي، واليتن الذي تخرج رجلاه قبل رأسه، والمهبل أقصى الرحم، وهذا مثل ضربه للأمر العظيم ينزل، والمذمّر الذي يدخل يده في رحم الناقة ليعلم ما الجنين، سمي بذلك لأن يده تقع على مذمّرالجنين فهذا يتَن لأن يده وقعت على رجله، والمذمر الذِفَري وما يليها. وقال الجعدي:

وحيَّ أبي بكر ولا حيّ مثلهم ... إذا بلغ الأمر العَماش المذَّمرا العماس المبهم الذي لا يعرف جهته، بلغ المذَّمر كما تقول بلغ الأمر المخنق. قال أبو كبير: ورغا بهم سقب السماءِ وخُنقت ... مهج النفوسِ بكاربِ متزلّفِ وتبوّأ الأبطال بعد حَزاحز ... هكعَ النواحز في مناخِ اَلموحِفِ قوله رغابهم سقب السماء مثل - وأصله أن ناقة ثمود لما عقرت علا فصيلها شرفا فرغا فجاءهم الهلاك. وقال علقمة بن عبدة: رغافوقهم سقب السماءَ فداحصَ ... بشكّتِه لم يستلَب وسليبِ الداحص الفاحص برجله، يقال دحّص أي فحص برجله، ومثله قول آخر: أصابك بالثَرثار راغية السقب والكارب الكرب، ومهَج النفوس خالصها والمهجة أيضا الدم إذا سال، متزلف يأتيه زلفة زلفة تبوأ الأبطال تهيأوا للقتال، والجزاحز الحركة للقتال، والهكع السعال، أي يبرحون؟ كما تسعل النواحز وهي التي بها السعال، والموحف وهو الموضع الذي يحِف

فيه البعير أي يضرب بنفسه الأرض ويبرك. وقال جرير: فأولى وأولى أن أصيبَ مقلّدا ... بفاشيةِ العدوى سريعٍ نشورها أولى وأولى تهدد ووعيد أي كفّوا عني لا أصيبكم بَعّر، فاشية العدوى أن تفشو في الجلد فيعدى ما قرب منها، سريع نشورها يقول إذا هنئت فظنوا أنها قد برأت انتشرت أي عاد الجرب فيها وفشا وأسرع. وقال ابن مقبل: زجرنا بني كعب فأما خيارهم ... فصدوا ولَلمعروف في الناس أعرفُ وأما أناس فاستعاروا بعيرنا ... فِقيدَ لهم بادٍ به العَرّ أسعفُ قال الأصمعي: هذا مثل يقول طلبوا شرنا فوقع في أيديهم منه بعير أجرب. والأسعف الذي به قروح في وجهه ومشافره وهو السعف. وقال الأخطل: كانوا ذوي إمّةٍ حتى إذا علقت ... بهم حبائلٌ للشيطان فابتهَروا صكوا على شارفٍ صعبٍ مراكبها ... حصّاء ليس لها هلبُ ولا وبر إمة نعمة، ابتهروا قذفوا الناس بما ليس فيهم، صكوا على شارف صعبة - يقول حملوا على خطة شبيهة بشارف وهي المسنة من النوق ونحوه قوله: ولولا يزيد ابن الملوك وسَيبه ... تجللَّتُ حِد بارا من الشر أنكدا

الحدبار الناقة الذاهبة السنام، تجللت ركبت. وقال: وكم انقذتَني من جرورِ حبالُكم ... وخرسا لو يرمى الفيل بلّدا جرور بئر بعيدة القعر - مَثل ضربه للشر الذي كاد يقع فيه، والخرساء داهية. وقال العجاج: فإن يعقّبُ درّك على ثمرٍ ... يبرىء داءَ أو يقي إحدى الكبر يقول إن تدركنا عقبى أي أمر يدركنا على ما ثمرنا من أموالنا يبرىء داء أي يصلح بين عشيرة أو يدفع بلية ويقي عظيمة. وأما قوله: وعوّر الرحمن من ولّى العور فإنه يريد أفسد الرحمن من ولاه الضلالة أي من جعله أهلا ومن ولاه الفساد، يقال عورت عليه أمره أي أفسدته. وقال كثير: فلا تعجلي ياغزّ أن تتفهمي ... أجاءوا بنصح أم أتوا في بحبولِ الحبول الدواهي. وقال آخر: لعمري لقد قلتم حبولا ومأثما وقال صخر بن الجعد الخضري: أليسَ حبولاً أنها لا تهيدني ... وانّي كجنابٍ بها لا أهيدها

جناب غريب وهو الجانب أيضا أي فليس هذا داهية. وقال عدي بن زيد للنعمان: سعى الأعداءُ لا يألون شرا ... إليكَ وربّ مكة والصليب أرادوا أن تمهّل عن كبيرٍ ... لأسجَنُ أو لأقذَف في قليب تمهل تفعل من قول الله عز وجل " فمهل الكافرينَ " أي دعهم فإني من ورائهم، وقوله عن كبير يعني نفسه أي عن رجل هو كبيركم ومؤدبكم ومصلح أمركم، وكان كذلك لهم، يقول تبطأ عنه فلا تداركه حتى يحبس ليموت فيلقي في حفرة. وقال: وما طلبي سؤالاً بعد خبر ... نماهُ الموضعونَ إلى شَعوب وما شأيي به والفيجُ حولي ... وهمي في ملماتِ الخطوب يقول ما لي أسأل وقد عرفت الأشياء وخبرتها، ونماه رفعه، والموضعون أصله من الإيضاع في السير وإنما أراد السعاة، وشعوب هي المنية، وما شأني به أي وما همي بالسؤال، والفيح الحرس يقال هم فيج وهو فيج - الواحد والجمع سواء، ويقول ما أصنع

بهذا السؤال، والذي هو همّ إليّ اليوم ما أتوقع من ملمات الخطوب - يعني القتل. قال أبو عمرو ما شأني به من شئت أي ما أشاء به. وقال: ألا تلكَ الثعالب قد تَوالتْ ... عليّ وحالفَتْ عرجا ضباعا لتأكلني فمّر لهنَّ لحمي ... وأفرقَ من جذاري أو أتاعاَ الثعالب والضباع أعداؤه. فمر من المرارة يقال مر الشيء وأمرّ يقول صار لحمي في أفواهها مرا حتى سلحت من حذاري وقاءت وأضمر هاهنا، أراد فكلها افرق وأتاع. وقال كثير يمدح: وشعثاءُ أمرِ قد برّت بين غالبِ ... تلافيّتها قبل التنافي فلمّتْ وأبرأتها لم يجرحْ الكلم عظمَهاَ ... ولو غبتُ عنها ربّعت ثم أمَتْ ربعت شجت مربعة، وأمت من الآمّة وهي التي تبلغ أمّ الدماغ. وقال آخر: تزاكها من إبل تراكها ... ألا ترى الموتَ لدى أوراكِها

أغير على إبل قوم فلحق أصحاب الإبل فجعلوا لا يدنو منها أحد إلا قتلوه، فقال الذين أغاروا على الإبل هذه المقالة. وقال آخر وذكر إبلا: إذا تمطيْنَ على القياقي ... لا قيْن منه أذِني عناق يعني داهية. وقال أوس: أم مَن لحيّ أضاعوا بعض أمرهم ... بين القسوطِ وبين الدين دَلدال خافوا الأصْيلة واعتلّتْ ملوكهم ... وحمّلوا من أذى غُرم باثقال القسوط الجور يقال قسط السلطان إذا جار، والدين والطاعة. يقول هم بين الطاعة والمعصية فهم يفرقون، دَلدال متذبذبين، وخافوا الأصيلة خافوا أن يستأصلوا. وقال: هل سرَّكم في جمادي أن نصالكم ... إذ الشقاشقُ معدولٌ بها الحَنَك اوسرّكم إذ لحقنا غز فخركم ... بأنكم بين ظهري دِجلة السمكُ قال كان هذا في جمادي، يقول أسّركم أنا سلم لكم في هذا الوقت؟ وذلك أن بني عامر لما قتلوا بني تميم يوم جبَلة قالوا: لم يبق منهم إلا يسير فغزوهم فنستأصلهم، فغزوهم يوم ذي نَجَب فقتلتهم تميم، وقوله " إذ الشقائق معدول بها الحنك " يرشد إذ تهدرون، والشقشقة أبدا تكون من جانب، وقوله إذ لحقنا غير

فخركم - يقول: لحقنا ملحقا ليس كما تفخرون، يقول أسركم أنكم سمك فتقتلون. وقال رؤبة: إذا الأمور أولعتْ بالشخزِ ... والحربُ عسراء اللقاحِ المغزى الشخز الطعن، يريد أن الأمور تطعن هاهنا وهاهنا، والمزى التي لا تنتج إلا بعد بطء، يقال شاة مغزية وأتان مغزية. وقال ذو الرمة: رباع أقبّ البطنِ جأب مطرّد ... بلحييه صكّ المغزيات الرواكلِ عسراء اللقاح يقول تلقح لقاحا عسرا، وإنما يريد أن الحرب لا تكاد تنقطع. وقوله: أترِفن يشدخن العِدى بالخَبز أترفن أعطين ما أردن، والخبز الوطء. وقال المخبل: هلا تسلى حاجةً غرضَتْ ... علَق القرينة حبلها جذمُ الجذمة القطعة من الحبل وإذا كان الحبل هكذا قربت

القرينتان، يقول فهذه الحاجة قد قربت كما قربت هذه القرينة لما كان حبلها جذما. وقال رؤبة: وحاجة أخرِجَتْ من أمرِ لبك ... أخرجتها من بين تصريحٍ وَلَكَ تدحىَ الرومّى من يّك لَبِك لبك مختلط، واللك نحو منه، يقول كانت الحاجة بين أمر مختلط وبَين تصريح فأخرجتها بتحد كتحدي هذا الداعي إلى البراز واحدا لواحد. وقال يا حكم الوارث عن عبدِ الملكِ ... أوديت إن لم تحبُ حبو المعتنكِ المعتنك البعير الذي يقطع العانك وهي الرملة الضخمة وربما حبا فيها الجمل وعليه حمله حتى يقطعها فيشتد عليه المشي فيها فيبرك على ركبتيه ثم يعتمد، فيقول: أوديت إن لم تعتمد في حاجتي كاعتماد هذا البعير في العانك. وأما قوله: ما بعدنا من طلب ولادَرَك فإنه يريد: أنك لا تضع معروفك عند أحد هو أحق به منا. وقال العجاج

والشَحط قطاع رَجاء من رَجا ... إلا احتضار الحاج من تجوجا الشحط البعد، يقول: إذا بعدت ممن تحب انقطع رجاؤك منه إلا أن تكون حاضرا لحاجتك أي قريبا منها. يقال تجوّجت حاجة طلبتها. وقال الشماخ: وإني عداني عنكُما غيرَ ما قِتٍ ... نواران مكتوبٍ على بغاَهما أي حاجتان عسرتان، والنوار النُفور. وقال لبيد يصف خطة: فأصبحت أنى تأتها تبتئس بها ... كلا مركبيها تحتَ رحلكَ شاجر يقول من حيث أتيتها لزمك بأسها وشاجر ناب بك، وقوله: فإن تتقدم تغش منها مقدما ... عظيا وإن أخرت بالكفل فاجر الكفل الحويّة، فاجر مائل والفجور منه لأنه عدول عن الحق وقال الكميت: وما غيب الأقوام عن مثل خطة ... تغيّب عنها يومَ قيلتْ أريبها ولاعن صفاةِ النيقِ زِلّت بنا علىّ ... ترامى به أطوادها ولهوبها يقول تلك الخطة أشد من صفاة النيق، واللهِب ما بين الجبلين. وقال أبو زبيد:

إلي: إليكَ عِذرة بعد عذرةٍ ... فقد يبالغ الشرّ السديل المشهرُ يريد يبالغ الشر المشهر السديل، يعني ستر الملك يريد أن الشر إذا جاء لم يمنع من سرداق الملك ولم يهبهم فكيف من دونهم. وقال الفرزدق أبا مَعقلِ لولا حواجز بيننا ... وقُربي ذكرناها لآل المجبّر إذا لركبنَا العام حدَ ظهورهم ... على وقُر أندابه لم تغَفّرِ أندابه جروحه لم تغفر لم تيبس وتجلب. وقال طرفة: وأنا امرؤ أكوى من القَصر ال ... بادي وأغشى الدَهَم بالهم القصر داء يأخذ في العنق فلا يقدر صاحبه أن يلتفت، يقول من كان معرضا عني كأن به قصرا داويت ضغنه. وقال ابن حِلزة لعمرو بن كلثوم: أيها الناطق المرّقش عنا ... عند عمرو وهلْ لذاكَ بقاء لا تخلنا على غَراتكَ إنا ... قبل ما قد وَشى بنا الأعداءُ روى أبو عمرو: المقرّش، وقال: هو المحرش، وقوله: وهل لذاك بقاء - أي أنه كذب فإذا نظر فيه بطل. لا تخلنا لا تحسبنا جازعين لأغرائك الملك بنا فإنا قد مر بنا من سعاية الأعداء ما لا نجزع معه من وِشايتك.

وعَلونا الشناءةِ ينمي ... نا حصون وعزةٌ قعساء قبل ما اليومُ بيصتْ بعيونِ ال ... ناسِ فيها تعيّط وإباء علونا ارتفعنا على بغض الناس إيانا وغيظنا لهم بما يرون من ثبات عزنا ومكاننا من الملك، القعساء الثابتة الدائمة ويقال المتمنعة، بيضت هذه العزة عيون الناس وأقحم الباء كما قال الآخر وهو الراعي: هن الحرائر لا باتٍ أحمرة ... سود المحاجرِ لا يقرأنَ بالسورِ التعيط الامتناع والإباء من قولهم تعيطت الناقة واعتاطت إذا امتنعت من الفحل فلم تحمل، الأصمعي: تعيط ارتفاع من قوله. في رأسِ عيطاءٍ من خلقاءِ مشرفة وكأن المنون ترِدى بنا أر ... عن جونا ينجاب عنه العماء مكفهراً على الحوادثِ لا تر ... ته للدهرِ مؤيد صمّاء تردي بنا ترمي بنا يقال ردى يدِي ردْيا والمرادة حجر يرمى به، يقول كأنها ترمي برميها لنا جبلا فلا تؤثر فينا ولا تضرنا كما لا تؤثر في الجبل، ينجاب يشنق، والعماء سحاب رقيق، يقول هذا الجبل من طوله ترى الغيم إنما تراه أبدا دونه، ويروي: أصحَم صّمٍ، يريد جبل جبال والأصحم في لونه ويروى: أصحم عصم، أي جبل

وعول، مكفهر متراكب بعضه على بعض، ممتنع على الحوادث، والرتو النقصان من قولك: رتوت الدرع إذا قصّرت من طولها عند القتال فرفعتها بالعرى. وقال لبيد: فخمة ذفراء ترتَى بالعرى ... قردما نيا وتَركا ِكالبصل. ورتوت القوس إذا شددت وترها وقصرت منه، ويقال أصابه مصيبة فما رتت في ذراعه أي ما كسرته، ويكون رتا في غير هذا يقال أكلت أكلة فرتت فؤادي - أمسكته، مؤيد داهية قوية شديدة وهو عن الوأد وهو الثقل، صماء لا جهة لها. وقال رؤبة: وجامع القطرين مطْرخمّ ... بيّض عينيه العمى المعمّى أي ورب جامع القطرين - وهو مثل، وذلك أن الناقة إذا لقحت زمّت برأسها وشالت بذنبها فاستكبرت، فقال: ورب مستكبر كاستكبار هذه الناقة قد أصابه كذا، مطرخم مستكبر ومثله مصْلخِمّ. وقال سلامة بن جندل: اما الخلا والمسح إن كان نية ... علىّ فإني غير خال وماسح ومستهزع خالا ولؤمَ خليقة ... صعقت بشر والأكف لواقح

القيد والغل

الخالي الذي يلقي الخلا والماسح الذي يمسح الضرع، ويروى ومهتزِع أيضا، وهو الذي يسرع في اللوم، والخال الكِبر، واللواقح المرتفعة وإذا رفع يده للضرب فيده لاقحة. وأصل هذا أن الناقة إذا حملت شالت بذنبها. وقال امرؤ القيس: ألاهل أتاها والحوادث جمة ... بأن امرأ القيس بن تمِلكََ بيقرا الأصمعي: بيقر هاجر من أرض إلى أرض. غيره: بيقر أقام بالعراق. غيره بيقر: أعيا. القيد والغُل قال الفرزدق يمدح هشاما وهو محبوس: وما قمت هتى همّ من كان مسلما ... ليلبس مسدَّى وثياب الأعاجم وضاق فراعا بالحياة وقطعت ... حواملَه عضّ العَذارى الأوازم يقول هم من كان مسلما أن يرتد عن الإسلام ويتمجس مما يلقون من الخراج، ومسودى يعني الطيالسة والبرنكانات، حوامل يديه يعني عصبهما الذي تحملان به، والعذارى الجوامع، أي يعذّبون في الخراج بالجوامع والدهق. وقال آخر:

ولي مسمِعان وزَمّاة ... وظلّ مديد وحصن أمقّ هذا مسجون، والمسمعان القيدان، والزمارة الغل. وقال آخر: ولي مسمِعان فأدنا هما ... يغنّي ويمسك في الحالك وأقصاهما ناظر في السما ... ء عمدا وأوسخ منِ عارِك أحد المسمعين قيده والآخر الذي يضرب بالجرس، والعارك الحائض. وقال المرار: أنت رهين بالحجاز محالف ... يجون سرى دهم المطئيّ وما يسري يعني القيد. وقال الفرزدق في يزيد بن أبي مسلم كاتب الحجاج رأيت ابن دينار يزيدَ رمى به ... إلى الشأم يوم العنز والله شاغله بعذراء لم تنكح خليلا ومن تلج ... ذراعيه تخذل معد ساعديه أنامله وثقت له يالخزى لما رأيته ... على البغل معد ولا ثِقالا فَراز له يوم العنز أراد حتفه كما قال: وكنت كعنز السوء قامت لحتفها ... إلى مدية مدفونة تستشيرها وعذراء جامعة وفراز له كبوله.

وقال آخر: وقالوا رَبوض ضخمة في جِرانه ... واسمر من جلد الذراعين مقغَل الربوض هاهنا السلسلة وأصل الربوض الشجرة الضخمة، والجران هاهنا العنق، وأسمر يعني غلا وكانوا يغلون بالقِد ولذلكِ قيل غل قيل لأن الشَعر يكون عليه فربما قمل الغل، مقفل يابس وقد أقفله الصوم إذا أيبسه، وخيل قوافل أي ضوامر يُبّس. وقال الفرزدق وذكر زيادا أخاف زيادا أن يكون عطاؤه ... أداهم سودا أو محدرجة سمرا يعني بالأداهم القيود وبالمحدرجة السياط. وقال الراعي: وأزهر سخىّ نفسه عن تِلاده ... حنايا حديد مغفل وسوارقه أزهر رجل أبيض أسرناه فسخت نفسه عن تلادة، وحنايا ما عطف من حديد عليه وأوثق به، وسوارقه يعني الأقفال وأراد أنه فدى نفسه. وقال عدى بن زيد للنعمان: جاءني من لديه مروان إذ قف ... يت عنه بخير ما أحداني

بإفال عشرين قحمها الصع ... ب بحسن الإخاء والخُلاّن لاصفا يادُهم فأسنمها الرِس ... ل ولا جلة قطيع هجان الإفال هاهنا القيود، قحمها أدخل بعضها في بعض، ويقال قحمها في رجله. وكان النعمان يسمى الصعب لصعوبته في ملكه، بحسن الإخاء أي فعل ذلك مكافأة لمسن الإخاء ومكافأة للخلان - يهزأ به، أي كانت تلك مكافأته لي بإحساني. وقال خالد: بل أراد بالأفال صغار الإبل، قحمها الصعب وهو رجل يسوقها، ومن ذهب هذا المذهب أراد أن عديا استقل ما بعث به ولم يرض. آخر كتاب الوعيد والبيان وغير ذلك.

الجزء السادس من كتاب المعاني الكبير

الجزء السادس من كتاب المعاني الكبير كتاب الحرب الأبيات في الحرب قال زهير بن أبي سلمى: فَتعركْكم عرك الرحا بثفالها ... وتلقح كشافا ثم تحمل فتت فتنتج لكم غلمان أشأمَ كلهم ... كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم هذا كله أمثال. إراد أحمر ثمود الذي عقر الناقة فصار مثلا في الشؤم. ومثله قول الراجز: مثل النصارى قتلوا المسيحا سمع بالنصارى والمسيح ولم يدر كيف كان الأمر فقال علي ما توهم. غلمان أشأم أي غلمان شؤم، يقال: كانت لهم أشأم، ثم ابتدأ فقال كلهم كأحمر عاد ثم ترضع فتئم أي يتطاول أمرها حتى تكون بمنزلة من تلد وترضع وتفطم. فتُغلل لكم ما لا تغلّ لأهلها ... قُرى بالعراق من قفير ودرهم يقول يأتيكم منها ما تكرهون لا كما يأتي أهل العراق من الطعام والدراهم. قال أبو عمرو: يصيبون غلة من هذه الحروب من عقل

وغيره، وقال ليزيد بن حارثة بن سنان والحارث بن عوف المصلحين بين عبس وذبيان. سعى ساعيا غيظ بن مرّة بعدما ... تبزّل ما بين العشيرة بالدم يقول أصلحا أمر العشيرة وقد كاد يتبزل بالدم أي يتشقق. يمينا لنعم السيدان وجِدتما ... على كل حال من سَحَيل ومبرَم السحيل خيط غير مفتول على طاق، والمبرم يفتل على طاقين، يقول على كل حال من شدة وسهولة، أي نعم السيدان وجدتما حين تُفاجآن لأمر محكم وأمر لم يحكم. تداركآ عبسا وذبيان بعدما ... تفانوا ودقّوا بينهم عطر منَشم الأصمعي: منشم امرأة كانت عطارة فتحالف قوم فأدخلوا أيديهم في عطرها على أن يقاتلوا حتى يموتوا فصاغوا هؤلاء بمنزلة أولئك في شدة الأمر، أبو عبيدة: منشم اسم وضع لشدة الأمر لا أن ثم امرأة، قال وهو مثل قولهم: جاؤا على بكرة أبيهم وليس ثم بكرة. أبو عمرو: هو من التنشيم في الشر وهو الابتداء به. غيره: منشم امرأة كانت تبيع الحنوط. وقال: لعمري لنعم الحيّ جرّ عليهم ... بما لايؤاتيهم حصين بن ضَمضم أي بما لا يوافقهم، وحصين من بني مرة وهو الذي لم يدخل في الصلح وكان حين اجتمعوا للصلح شد على رجل منهم فقتله.

وقال يذكر حصينا: فشدّ ولم يُفزِع بيوتا كثيرة ... لدي حيث ألقت رحلَها أمّ قَشعمَ قوله: ولم يفزع بيوتا كثيرة أي قتل رجلا واحدا ولو قتل أكثر من واحد لكان الفزع أكثر، وأم قشعم المنية - أي حيث أقامت لهذا الرجل فأهلكته وذلك إلقاؤها رحلها، وقيل أم قشعم الحرب الشديدة، أبو عبيدة: أم قشعم العنكبوت أي شد عليه بمضيعة فقتله، ويروى يَفزع بيوت كثيرة، يقول شد على ثأره وحده فقتله ولم تفزع العامة بطلب واحد، يريد بذلك تملقهم وأن لا يغضبوا وأنه إنما قصد لثأره ولم يردكم فاقبلوا الدية والصلح. رعوا ما رعوا من ظِمئهم ثم أوردوا ... غمار تفرَّى بالسلاح وبالدم الظمء ما بين الشربتين، والغمار من الغمرة وهي أعظم شأنهم تفَرّي تشقق عليهم بالسلاح وبالدم وهذا مثَل ضربه لرمِّهم أمرهم ثم وقوعهم في الحرب. وقال: ومن يعص أطراف الزجاج فإنه ... يطيع العوالي رُتهّبت كل لهذم يريد من عصى الأمر الصغير صار إلى الأمر الكبير، وهذا مثَل، يقول: أن الزجّ ليس يُطعن به إنما الطعن بالسنان فمن أبي الصلح وهو الزج أطاع العوالي، ومثَل للعرب " الطعن يظأر " أي يعطف على الصلح، أبو عبيدة: يقول من لم يقبل السلم عفوا قبلها بعد أن يغلب ويقتل قومه وكانوا يرفعون الزجاج أولا فإذا أرادوا الحرب قلبوها،

واللهذم المحدد الماضي من الأسنة، أي ركبت في كل لهذم. وقال أوس: تحيزَن انضاء ورُكبّن أنصلا ... كجر الغضافي يوم ريح تزيّلا وقال عبيد: قومي بنو دودان أهل النهى ... يوما إذا ألقَحت الحائل يقول إذا هاجت الحرب التي لم يكن لها أصل. وقال الأخطل: لقد حملت قيسَ بن عيلان حربُنا ... على يابس السِيساء محدودب الظهر السِيساء عظم الظهر. يقول حملناهم على مشقة. وقال: واسأل بهم أسَدا إذا جعلت ... حرب العدو تشول عن عُقهم عن بمعنى بعد. وهذا مثَل، وذلك إن الناقة إذا لقحت شالت بذنبها فضربه مثلا للحرب أي قد لقحت فهي تشول بذنبها بعد أن كانت عقيما لا تحمل، والمعنى أنها كانت ساكنة فهاجت. ومثل قول الأخطل بيت النابغة الجعدي: نحن الفوارس يوم ديسقة ال ... مغشو الكُماة غوارب الأ كم غارب كل شيء أعلاه، وديسقة موضع، يريد نحملهم على المشقة والغلظ. وقال الجعدي:

تفوزُ علينا قِدْرهم فنُديمها ... ونفثؤها عنا إذا حميها غلا هذا مثل، قدرهم حربهم يريد نُسكنها إذا فارت. يقال أدْم قدرك فيسوطها حتى تسكن، ومنه الحديث: " لا يبولن أحدكم في العلماء الدائم " نفثؤها نكسرها. وقال أبو ذؤيب: فجاءَ بها ما شئت من لطَميّةٍ ... يدوم الفراتُ فوقُها ويموج أي يموج مرة ويسكن أخرى. وقال الجعدي: مُصابِينَ خِرصانَ الوشيجِ كأننا ... لأعدائنا نُكبٌ إذا الطعن أفقرا الخُرص القناة والخرص السنان وجمعه خِرصان، مصابين أي حادريها، والوشيج الرماح، نكب متحرفين متهيئين للطعن، أفقر أمكن يقال أفقرك الصيد أي أمكنك، ويقال رماه من فقرة - أي من قريب ورماه من كَثب. ويقال فلان يصابي الرمح أي يميله للطعن. ومثله قول الأجدع الهمداني: خَيلانٌ من قومي ومن أعدائهم ... خفضوا أسنتَهم وكلّ ناعِ خفضوا للطعن، وكل ناع يقول: يا لثَارات فلان أو - يا فلاناه - ونحو ذلك. وقال الجعدى: حتى لحِقناهم تعدِي فوارسُنا ... كأننا رَعن قفٍّ يرفغ الآلا تعدي أي تستحضر خيلها، يقال عدا الفرس وأعديته أنا، والرعن أنف الجبل، يعني أنها تنزو في السير كما ينزو الرعن في الآل.

وقال الأعشى: إذ نظرتْ نظرةً ليست بكاذبةٍ ... ورفّعَ الآل رأس الكلبِ فارتفعا رأس الكلب يريد القف وقوله يرفع الآلا وكلاهما يرفح صاحبه، ألا ترى أن الآل إذا رفع القف إرتفع معه ولولا مكانه لم يرتفع الآل. فلم توقّفْ مشيلين الرماح ولم ... توجَد عواوير يوم الرَوعِ غُزّالا أي لم تقف رافعي الرماح حسب ولكن حدروها للطعن، والعزّال الذين لا سلاح معهم، يقال رجل أعزل، والعواوير الضفاء. وقال رؤبة وذكر جيشاً أتاهم: عاينَ حيّاَ كالحِراج نِعَمه ... يكون أقصى شِلّه محر نجَمه الحراج قطع الشجر أي هم ملتفّون مجتمعون كأنهم حراج الشجر، ونعمه إبله، وقوله: يكون أقصى شله محر نجمه، كان القوم إذا فوجئوا بالغارة طردوا نعمهم وأقاموا يقاتلون بعد طردهم النعم، فيقول: هؤلاء من عزهم وكثرتهم إذا أتتهم الغارة لم يطردوا نعمهم، وكان أقصى طردهم أن ينيخوها في مباركها ثم يقاتلون عنها، ومحر نجمها الموضع الذي تحر نجم فيه أن تجتمع ويدنو بعضها من بعض. ومثل هذا قول آخر:

قوم إذا رِيعوا كأنّ سَوامَهم ... على ربعٍ وسطَ الديارِ تعطّف الربع الخوار الذي ينتج في النتاج الربعي، يريد أن أبلهم في وقت الروع لا تطرد ولا تبرح كأنها قد عطفت على ولد فهي لا تبرحه، والسوام المال الراعي. ومثله قول الأعشى: نَعم يكون حجازه برماحنا ... وإذا يُراع فإنه لن يُطردا حجازه الذي يحجزه ويمنعه. ومثله قول زهير: فإن شلَّ رَيعان الجميع مخافةً ... نقول جهازاً ويلكم لا تنفَروا على رِسلكم إنّا سنعدي وراءكم ... فتمنّعكم أرماحنا وسنعذِر ويروى: فإن شل رعيان الجميع،! ثهل طرد وريعان كل شيء أوله، سنعدي أي سنعدي خيلنا أي سنحضر، أو سنعذر أي نصنع ما نعذر فيه ومثله قول لبيد: في جميعِ حافظي عوراتهم ... لا يهمّون بأدعاقِ الشَللِ الدعقة الدفعة، والعورة موضع المخافة. وقال ابن مقبل: بحيّ إذا قيلَ اظْعنوا قد أتيتم ... أقاموا على أثقالِهم وتلَحلَحوا

تلحلحوا تحركوا فلم يبرحوا من أمكنتهم، يقال تحلحل وتلحلح إذا تحرك وثبت فلم يبرح. وقال الأعشى: رُب رفد هرقتَه ذلك اليو ... م وأسَرى من معشَرٍ أقتالِ الأقتال الأعداء واحدهم قتل، ويقال الأقتال الأمثال، والرفد القدح الكبير، والمعنى أنك قتلت صاحبه فذهب وبطل. وقال امرؤ القيس: وقاهُم جدهُم ببني أبيهمِ ... وبالأشقَين ما كان العِقابُ وأفلتَهن عِلباء جَريضاً ... ولو أدركنَه صَفِر الوِطاب أي قتل وأخذت. إبله فصفرت وطابه من اللبن أي خلت، والجريض الذي قد غص بريقه من الجهد. ومثله لأبي زبيد: وجَفنةٍ كنضيحِ الحوضِ قد كُفِئت ... بِثنى صِفّينٍ يعلو فوقَها القتَرُ أي ورب جفنة قد قتل صاحبها فقفئت. وقال آخر:

وهو عامر بن جوين الطائي ويروى لأبي قردودة الطائي: ياجفنة كإزاءِ الحوضِ قد هدَموا ... ومنطقاً مثل وشي اليمنة الحِبره وقال آخر في مثله وهو لسلمة بن الخُرشُب الأنماري هرَقنَ بساحوقٍ جفاناً كثيرةَ ... وغادرنَ أخرى من حقينٍ وحازر يقول قتلت أصحاب جفان كثيرة فتكتْ لا يحلب فيها فكأنهم هراقوها، وغادرن أخرى أي تركن جفانا على حالها لم يُهرَقن، من حقَين من حليب، وحازر، أي من شريف سيدودون ذلك - اللفظ للّبن والمعنى للقوم. وقال آخر وهو أبو بكر شداد بن الأسود الليثي: وماذا بالقليب قليب بدر ... من الشِيزَى تكلّل بالسَنام وقال عنترة: حالَث رماح ابني بغيض دونكم ... وزَوتْ جواني الحربِ من لم يُجرم ابني بغيض عبس وذبيان يعني قتالهم في حرب داحس، وذوت أي نحت وباعدت، جواني لحرب الذين جنوها، من لم يجرم من ليس له ذنب، أي لم يقدر أحد أن ينفرد عن عشيرته وأصله مخافة أن يقتل

وأن لم يكن له ذنب، ومثله قول مالك بن حَريم الهمذاني: قرِّب رباطَ الجَون مني فإنه ... دنا الحِلُ واحتلّ الجميعَ الزَعانفُ الزعانف الزوائد، أي صار إلى الجميع لم يطيقوا الانفراد، ومثله قول وعلة الجرمي: سائلٌ مجاور جَرم هل جنيت لهم ... حرباً تزيّل بين الجَيرةِ الخلُطِ أي يدع كل قوم جيرانهم ويلحقون بأصولهم. ومثله لرؤبة: وأجمعْت بالشرِ أن تلفَّعا ... حربٌ تضمّ الخاذلين الشسّعا وقال أبو ذؤيب يذكر حربا: وزافَتْ كموجِ البحرِ يسمو أمامها ... وقامَتْ على ساقٍ وآن التلاحُق أي آن أن يلحق كل قوم بأصلهم. وقال أبو طالب: أفيقوا أفيقوا قبل أن نحفِر الثرى ... ويصبح من لم يجن ذنبا كذي ذنبِ نحفر الثرى أي نتتبع أصول الأمور ونطلب عيوبكم ويصبح من كان له ذنب ومن لم يكن له ذنب سواء. وقال النابغة في مثل هذا ووصف جيشاً: أو تزجروا مكفهرّا لا كِفاءَ له ... كالليلِ يخلطُ أصراماً بأصرام

أي جماعات بجماعات تلحق كل قوم يأصولهم، مكفهر جيش كثير بعضه على بعض، لا كفاء له لا مثله له. وقال آخر: وخمارُ غانيةٍ شُدِّدت برأسها ... أصلا وكان منشّراً بشمالها هذه امرأة فزعة فلما أدركها أمنت فاختمرت. وقال عنترة فَي مثله: ومُرقِصة رددت الخيلَ عنها ... وقد همّتْ بالقاءِ الزِمام ومرقصة يعني امرأة ركبت بعيرا فهي ترقصه هاربة وقد همت أن تلفي زمام بعيرها وتعطي بيدها. وقال الكميت: ومرقصة قد مال كور خمارِها ... منعنا إذا ما أعجلتْ أن تخَمرّا وقال طفيل: وراكضة ما تستجِنّ بجُنةِ ... بعَير حِلال غادرتْه مجعفَل الحلال مركب من مراكب النساء، غادرته تركته، مجعفل مصروع يعني الحلال وقد كان البعير لحلال فغادرت الحلال ملقي ونصّت أي ركبت بعيرها عريا من المخافة. فقلت لها لما رأيْنا الذي بها ... من الشرِ لا تستوهِلي وتأمّلي أي لا تفزعي، والوهل الفزع، وتأملي انظري ممن نحن، قال

أوس بن حجر: ترى الأرضّ منا بالفضاءِ مريضةً ... معضَّلةً منا بجمعٍ عَرمَرمِ المعضلة التي نشب ولدها في بطنها أي فقد نشبت هذه الأرض بنا أي نشبنا كما ينشب ولد هذه في بطنها يريد من الكثرة. ومثله للنابغة يصف جيشاً: لَجِب يظّل به الفضاءُ معضِّلاً ... يدع الإكام كأنهنَّ صَحارى أي من كثرة ما يطأ عليها هذا الجيش يسويها بالأرض. ومثله لزيد الخيل: بجمعٍ تضل البلق في حجَراتِه ... ترى الأكم منه سجّدا للحوافر يقول إذا ضلت البلق فيه مع شهرتها فلم تعرَف فغيرها أحرى أن تضل، يصف كثرة الجيش ويريد أن الاكم قد خشعت من وقع الحوافر. وقال الحطيئة: بجمهورٍ يحارُ الطرفُ فيه ... يظّل معضَلاً منه الفَضاء جمهور كتيبة كثيرة. وقال أوس بن حجر يصف جيشاً: بأرعنٍ مثل الطَودِ غير أشابةٍ ... تناجزُ أولاه ولم يتصرمِ

آرعن جيش كثير مثل رعن الجبل، والرعن أنف يتقدم من الجبل فينسل في الأرض، والطَود الجبل، غير أشابة أي غير أخلاط، تناجز أولاه أي يمضي أوله وهو لا ينقطع من كثرته. ومثله قول الجعدي: بأرعنٍ مثلِ الطودِ تحسب أنهم ... وقوفت لأمرٍ والركابُ تُهملج أي من كثرتهم تحسب أنهم وقوف وركابهم تسير، وفي كتاب الله جل وعز: " وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مرّ السحاب ". وقال عمرو ابن قميئة: وملمومة لا يخرق الطرف عرّضَها ... لها كوكب فخم شديدٌ وضوحها تسيرُ وتزجي السمَ تحتَ لَبانِها ... كريه إلى من فاجأته صبوحها يصف كتيبة والملمومة المجتمعة لا ينفذ البصر في عرضها من كثرتها، وكوكب الشيء معظمه، فخم عظيم شديد، وضوحها أي بياضها، تزجي السم أي تقدم الموت بين يديها، والصبوح شرب الغداة، وهذا مثَل. وقال قيس بن الخطيمِ يصف جيشاً كثيراً: لوَ أنّكَ تلقي حنظلاً فوق بيضنا ... تدحَرجَ عن ذي سامِه المتقاربِ السام عرق الذهب أي عن بيضه المذهب، يقول لو ألقيت حنظلا على بيضهم لتدحرج عليه، يريد جرى فوقه ولم يسقط إلى الأرض

لقرب بعضه من بعض ولالتصاق بعضه ببعض وعن بمعنى على، وواحد السام سامة وبه سمي سامة بن لؤي. وقال أبو خراش يصف حفيف جيشهم وكثرتهم: وسائل سبرة الشجعي عنا ... غداة تخالَنا نجواً جَنيبا النجو السحاب، والجنيب الذي أصابته جنوب فَهو أغزر له. وقال آخر: ولقد شهدَتْ الحي بعد رقادِهم ... يعلي جما جِمهم بكل مقللِ يعني أنهم بيّتوا بياتا، يعلي جماجهم بالسيوف، مقلل سيف عليه قلة والقلة القبيعة وقلة كل شيء أعلاه، أبو عمرو، بكل منحَّل أي سيف قد نحل لقدمه، ويروى " منخل " أي منتفي. حتى رأيتهم كأن سحابةً ... صابَت عليهم ودقّها لم يشَمل أي كأن حفيف هذا الجيش في القتال حفيف مطر، صابت قصدت، ودقها مطرها، لم يشمل لم تصبه شمال وذلك أنه إذا شُمل انقشع وإذا جنب كان أدرّ له، وهكذا يصفون السحاب، وإنما ضربه مثلا لكثرتهم وشمدة حفيفهم. ومثله قول الهذلي عبد بن حبيب: كأن القوم إذ دارت رحاهم ... هدوءاً تحت أقمر ذي جنوب

وقال أوس: صحّنا بني عوف وأفناءَ عامرٍ ... بصادقةٍ جَودٍ من الماءِ والدمِ يريد بغارة صادقة كأنها سحابة فيها جود من الماء، ثم أعلم أنها ليست بسحابة خالصة فقال: والدم، يعلمك أنها وقعة. وقال ابن مقبل: وخطّارة لم ينضحْ السِلم فرجَها ... تلّقح بالمرّانِ حتى تَشذّرا لم ينضح من قولك انضح رحمك أي بلّها وصلها، ويروى ينصح أي يخيط والأول أجود، السلم المسالمة، المران القنا، تشذرا تشول إذا قحت، وهذا مثَل لبيد يصف كتيبة: أوتْ للشِياحِ واهتدى بصليلِها ... كتائب خضر ليس فيهن ناكِلُ ناكل جبان، أوت هذه الكتيبة للشياح أي للجدّ والحملة، والصليل خضرمن الحديد. وقال بشر: عطفنا لهم عطف الضَروسِ من الملا ... بشَهباءٍ لا يمشي الضَراءَ رقيبها الضَروس الناقة السيئة الخلق، شهباء كتيبة بيضاء، لا يمشي الضراء رقيبها لا يستتر وهو مصحِر، ورقيبها رئيسها. العجاج يصف جيشاً:

بلَجِبٍ ينفي الأسودَ هزَمه ... مردفٍ جُولٍ لا يُخاف هدَمه لجب جيش كثير الأصوات، هزمه صوته، والجول ناحية البئر يقول هذا الجيش له ردف خلفه مثل جول البئر، لايخاف هدمه أي لا يخاف ان يؤتى من ضف. وقال الأعشى: فأصبْن ذا كرم ومَن أخطأنَه ... جزأ المقيظة خَشية أمثالَها جزأ أي أقام بالفلاة ولم يقرب الماء مخافة أن يغار عليه. ومثله لقيس بن مسعود: فإياكُم والطفّ لا تقربُنّه ... ولا الماءُ إن الماءَ للقَودِ واصلُ أي من نزل الماء قيد إليه الخيل أي فلا تأتوا والزموا الفلاة وقال النابغة: وكانتْ له رِبْعيةً يحذرونها ... إذا خَضخَضتْ ماءَ السماءِ القبائلُ ويروى لا القنابل لا والربعي أول شيء في النتاج. غيرهَ: أول كلِ شيء، ربعية أي غزوة في الربيع والغزو إنما يكون في الربيع إذا وجدوا المياه فإذا جاء الصيف انقطع الغزو، والقنابل الجماعات من الخيل واحدتها قنبلة. ومثله: لو وصلَ الغيمث أبنَينَ امرءاً ... كانت له قبةً سَحق بجادْ يقول لو وصل المطر ووجدنا المياه غزونا، وقوله: أبنين يعني الخيل

جعلن بناء هذا الرجل، يقول: يُغار عليه فيؤخذ ماله فلا يجد إلاّ سحق بجاد يتخذه بناء بعد أن كان ذاقبة، والسحق الخلق، والبجاد كساء أي بعد ما كانت له قبة صار له هذا البجاد. ومثله: وفي البقل إن لم يدفع الله شره ... شياطين ينزو بعضهن على بعض ومثله: يا ابن هشامٍ أهلَكَ الناسَ اللبن ... فكلّهم يغدو بقَوس وقَرنِ يقول لما جاء الربيع وأصابوا اللبن قووا وغزوا، والقرن الجعبة. ومثله للحارث بن دوس الايادي يخاطب المنذر بن ماء السماء: قوم إذا نَبَتَ الربيعُ لهم ... نَبتتْ عداوتهم مع البقلِ ومثله: قوم إذا اخضّرتْ نعالهم ... يتناهقونَ تناهقَ الحُمرِ تخضر نعالهم لوطئهم العشب. ومثله: وقد جَعلَ الوسميّ ينبتُ بيننا ... وبين بني رومان نبعاً وشوْحطا النبع والشوحط ضربان من الشجر وهي هاهنا القسيّ نرميهم بها

ويرموننا. ومثله لأوس بن حجر: تَناهقونَ إذا اخضّرتْ نعالِكم ... وفي الحفيظةِ أبرامٌ مَضاجيز أي تأشَرون إذا أصبتم الغنى والخصب وإذا كان موضع المخافة ضجرتم، والأبرام جمع برَم وهو الذي لا يدخل مع القوم في الميسر. وقال آخر: إذا اخضرّتْ نعال بني غرابٍ ... بغَوا ووجدتهم أشري لئاما وقال الأعشى: وفي كل عام أنتَ جاسمُ وقعةٍ ... تشد لأقصاها عزيم عَزائكا مورّثة مالاً وًفي الأصلِ رِفعة ... لما ضاع فيها من قروءٍ نسائكا أي لما ضاع فيها من طهر نسائك نم تغشهن لشغلك بالغزو فأبدلت من ذلك هذا المال وهذه الرفعة. ومثله للنابغة: شعَب العِلافّيات بين فروجهم ... والمحصنات عوازبُ الأطهارِ

العلافيات رحال منسوبة إلى علاف رجل من قضاعة، هؤلاء قوم في غزو فأطهار نسائهم عازبة عنهم، وشعب الرحال بين أرجلهم. وقال الحطيئة في مثله: إذا همّ بالأعداءِ لم يثْنِ هَمّه ... كَعاب عليها لؤلؤٌ وشنوف وقال كثّير في مثله: إذا همّ بالأعداءِ لم يثنِ همه ... كَعاب عليها نظمُ در يُزينها وقال الأخطل: قوم إذا حاربوا شدّوا مآزرهم ... عن النساءِ ولو باتَتْ بأطهارِ وقال ربيع بن زياد العبسي: أفبعد مقتلِ مالكٍ بن زهيرِ ... ترجو النساءُ عواقبَ الأطهارِ أي الغشيان بعد الطهر. وقال أبو كبير يصف قوماً لا يجعلهم الفزع: يتعطّفون على البطىء تعطف ال ... عوذ المطافل في مناخ المعقل أي يتعطفون على من أبطأ منهم كما تتعطف العوذ على أولادها

والعُوذ الحديثات النتاج واحدها عائذ، وهذا من مقلوب كلامهم العائذ الناقة ما دامت يعوذ بها ولدها وإنما يكون ذلك يومين أو ثلاثة، ومثل ذلك قولهم: غيث عازب - أي معزوب عنه، والمطافل التي معها أولادها، والمعقل الحرز، يقول هم يتعطفون عليه كما تعطف هذه حيث تأمن ولا يذعرها شيء ولذلك هم لا يربدون الفرار. أوس بن حجر: لعمركَ إنّا والأحاليف هَؤلا ... لفي حِقبةٍ أظفارُها لم تقلّم أي نحن في حرب. ومثله للنابغة الذبياني: وبنو قُعَينِ لا محالَة إنهم ... آتوكَ غير مقلّمي الأظفارِ أي محاربين غير مسالمين، والأظفار هاهنا السلاح، يريد أن سلاحهم تام جديد. وقال آخر: الضاربون غداةَ غارةٍ ثابت ... ضرباً أضاع له المقاديم العرا المقاديم الأبطال والعري الرؤوس، أي فضربوا ضربا أضاعت له الأبطال رؤوس الجيش وتركوهم. آخر وهو مقّاس العائذي: أوْلَى وأوْلى يا امرأ القيس بعدما ... خصفنَ بآثارِ المطيّ الجوافرا أي قُرنت الخيل بالابل في الغزو فوطئت الخيل على آثار الإبل. ومثله قول الآخر:

مستحقبات رواياها جَحافلها ... يأخذنَ بين سوادِ الخطِ فاللوبِ البعير يكون عليه الماء والزاد ويرن به الفرس بمنزلة الحقيبة للبعير، والروايا الإبل يكون عليها الماء. ومثله قول الآخر وهو الأعشى: وما خآتْ أبقى بيننا من مودةٍ ... عِراض المذاكى المسنفاتِ القَلائصَا المذاكي المسان، أي قُرنت بالإبل فهي تعارضها. آخر في وصف جبان: أي تركض والعينانُ في نُقرة القفا ... من الذّعرِ لا تلوى على متخلِفِ أي أنت منهزم فعيناك في نقرة قفاك. ومثله: فولّيتَ عنه يرتمي بك سابح ... وقد قابَلَتْ أذنيه منك الأخادع أي صارت أخادعك قبالة أذنيه وأنت متلفف منهزم، والأخدع عرق في القفا. ومثله: ألقيَتا عيناكَ عند القفا ... أوْلى فأوْلى لكَ ذا واقيه وقال الفرزدق: بأيدي رجالٍ لم يَشيِموا سيوفَهم ... ولم يكثرالقتلى بها حينَ سلّتْ

أراد لا يشيمون سيوفهم ولم يكثر القتلى بها ولكنهم يشيمونها إذا أكثروا بها القتلى. الذلى وهو المتنخل يصف قوما لا عَناء عندهم: عقوا بسهمٍ فلم يشعرْ به أحد ... ثم استفاءوا وقالوا حبّذاَ الوضَح عقوا مفتوحة القاف وهو رميك بالسهم في السماء يقال عقَّى بسهمه يريد أنهم لم يضروا برميهم ثم رجعوا إلى أكل اللبن وشربه، والوضح اللبن، ويحكى عن بعض الأعراب أنه كان يشكو ويسأل، ويقول: مالي وضح أنفخ فيه ولا لي كذا. لكن كبير بن هند يوم ذَلكم ... فتخ الشمائل في أيمانهم رَوَحُ كبير بن هند قبيلة، فتخ الشمائل يريد أنهم قد تترسوا بالتِراس

وقد نصبوا شمائلهم وفتخوها ليتقوا بها ضرب السيوف، وأصل الفتخ اللين ولذلك فيل للعقاب فتخاء، في أيمانهم روح أي سحة لأنهم قد بسطوها وفيها السيوف يضربون بها. لا يسلمونَ قريحاً حلّ وَسطهم ... يوم إلقاءِ ولا يشوونَ من قَرحوا القريح الجريح والقرح الجرح، لا يشوون من قرحوا لا يخطئون مقتل من جرحوه ومن جرح منهم حاموا عليه حتى يستنقذوه. يقال رميت فأشويت إذا أصاب الأطراف وأخطأ المقاتل، ورميت فأصميت إذا أصاب المقتل. وقال الجعدي: فلما أنْ تلاقيْنا ضُحياّ ... وقد جعلوا المِصاع على الذراعِ المصاع القتال، أي جعلوا أمر القتال إلينا فقالوا: إن شئم فقاتلوا، كما تقول للرجل في الشيء: هو على حبل ذراعك، أي الأمر فيِه إليك. وقال أبو ذؤيب: وصرّح الموتُ عن غلْبٍ كأنهم ... جرب يدافعها الساقي منازيح صرح انكشف، غلب غلاظ الرقاب، جرب يدافعها الساقي أي يدفعها عن الماء لأن الجراب لا يدعونها تختلط بالابل يخافون

الإعداء، منزيح قد طلبت الماء من مكان بعيد نازح فهو أحرص لها عليه، يقول فهؤلاء يغشون الحرب كما تغشى هذه الماء. بعض الهذليين وهو أبو خرلش. تذكرتُ ما أينَ الفرارُ وأنني ... بَغرزِ الذي ينجى من اِلموتِ معصم يقال للرجل: أشدد بغرز فلان أي تمسك به. فيقول أنا متعلق بعدو ينجيني من الموت. فعديت شيئاً والدَريس كأنما ... يزعزعه وِرد من الممِ مُردمُ عاديت صرفت، والدريس ثوبه الذي عليه وهو الثوب الخلَق، يزعزعه يحركه، وِرد أي حمّى، والموم البرسام، مردم ملازم، أي من شدة عدوي واضطرابه علي، وروى أَبو عمرو: فعرَرت شيئا، أي تلبثت، والمعارة التلبيث. وقال قبل هذا وذكر قوما هرب منهم: رفوني وقالوا يا خويلد لا ترع ... فقلت وأنكرت الوجوهْ هم هم رفوني أي سكّنوني، وقالوا لا ترع أي لا تخف، هم هم أي هم الذين أخاف. أبو عمرو: يقال ارفه أي سكته. وقال أبو خراش: وشَوط فصّح قد شهَدت مشايِحا ... لأدرِكَ ذحَلا أو أشيف على غُنمِ

أي من سَبق فيه افتضح، شوط عدو، مشايحا جادّا، ويقال " مهاذبا " أي سريعا، أشرف وأشفى سواء وهو مقلوب - أشرف، يريد أصيب أو أدرك ذَحلا. إذا ابتّلتِ الأقدام والتفَ تحتها ... غُثاء كأجوازِ المقرّنةِ الدرهمِ ابتلت الأقدام من العرق ويقال من ندى الليل، والتف تحتها غثاء أي يعدون فيكسرون الشجر فيتعلق بأرجلهم، والمقرّنة إبل صعاب تقرن، والأجواز الأوساط، وروى أبو عمرو: إذا كلّت الأقدام وابتل تحتها. وقال: ولا بطلاَ إذا الكماة تزينّوا ... لدى غَمراتِ الموتِ بالحالكِ الفَدْمِ الحالك الأسود، والفدم الثقيل، أي كانت زينتهم في حربهم أن يتضمخوا بالدم، والفدم الثقيل الخاث، ومن هذا يقال صبغ مفدّم أي خاثر ثقيل. أبو عمرو: الفدم القانيء. وقال ابن كُراع: ومُعدنا بالقتل يحسب أنه ... سيُخرج منا القتل ما القتل مانع أي يحسب أنا سنذل إذا قتل منا والقتل يمنع أن نذل لا نزداد على القتل إلا عزة. وقال:

ألم ترَ أن الغزوَ يُعرِج أهله ... مراراً وأحيانا يفيد ويُورقُ يعرج أي لهم عرجا من الابل، ويفيد يهلك، يقال فاد الرجل وأفدته، ويقال أورم القوم إذا طلبوا صيدا ففاتهم بعد أن يرموه. وقال مقّاس في يوم الشيطَين: نهَيت تميماً أن تربّ نحاءها ... وتطوِيَ أجباءَ الرَكىّ المعموَّر أي نهيتهم أن يربّوا نحاءهم للسمن واللبن وتهيئوا للمقام معشّرِ سنزعجهم عن هذا الموضع، والأجباء جمع جَبَى وهو ما حول البئر. وقال: ليختلطّنَ العام راع مجنبٍ ... إذا تلاقينا براعٍ معشَّ المجنب الذي ليس في إبله لبن، والمعشر الذي قد عشّرت إبله، يقول ليس لنا لبن فنغير عليكم فنأخذ إبلكم فيختلط بعضها ببعض. وقال الكميت وذكر يوم حرب: كالروقِ فيه الأقوامِ نلّهمُ ... إذا الخرائدُ لم يثبتن في الحجُبِ الأرَوق الطويل الأسنان والأيَلّ الذي قد لزقت أسنانه باللثة ولم يبق منه شيء، يقول فهؤلاء اليلّ من الفزع قد كلَحوا فبدت

أسنانهم فكأنهم روق. ومنه قول لبيد وذكر سهاما: رَقمياتٌ عليها ناهض ... تُكِلح الأروقَ منهم وأ لايلّ رقميات نبل منسوبة إلى الرَقم وهو موضع دون المدينة ويقال سهام مرقومة، عليها ناهض أي ريش فرخ نسر حين نهض وهِو أجود، يقول إذا أصابت هذه السهام هؤلاء كلَحوا وفتحوا أفواههم فالقصير الأسنان والطويل سواء. وقال النابغة: فداءُ خالتي لبنى حيّ ... خصوصاً يوم كِِّالقوم روق الأعشى: وإذا ما الأكس شبِّه بالأر ... وقِ عند الهيجا وقَلَّ البُصاقُ من شدة الفزع. وقال الراجز: إني إذا لم يُندِ حلقا رِيقه وقال القطامي: قد حَقنَ اللَه بكفيْكَ دمي ... من بعد ما ذَبَّ لساني وفمي أي يبس من الخوف. وقال عنترة: لما رآني قد نَزَلت أريده ... أبدَى نواجذه لغير تبسّم النواجذ آخر الأضراس، يريد أنه كلح. ومثله له:

ولقد حفظت وصاة عمي بالضحى ... إذ تقلُص الشفتان عن وضَح الفم وأستخرجَ الهولُ ما تخفن براقعهاتحتَ العجاجةِ والأوضاحَ في الِقصَبِ الأوضاح الخلاخيل، والقصب أسواقُها. وقال أيضا: ولم أرَ مثلَ الحي بكر بن وائلٍ ... إذا نزلَ الخلخالُ منزلةَ القُلبِ يقول إن الحرب إذا كانت حسرت المرأة عن ساقها فبدا خلخالها من الرعب وإنما يبدو في الأمن السوار وهو القلب. وقال أيضا: إذا الإرون إرو الحربَ العوانِ لهم ... شُبّتْ وركبت الأرجاء والثُقل إرون جمع إرة وهي حفرة توقد فيها النار، والثفل جع ثِفال وهو جلد يجعل تحت الرحى. وأتثَّفر الكلب إنكاراً لمُولغِ ... في حلةٍ قصرَت عن نعتِها الحوَلُ استثفر دخل ذنبه بين رجليه لم يعرف من يسقيه، والحولة الداهية، وإنما ينكر الكلب أبهله لأنهم قد لبسوا الحديد. ومثله: أناس اذا ما أنكرت الكلب أهله ... حموا جارهم من كل شنعاء مبِق وقال يصف غارة والبيت للكميت: وصارَتْ البِيض لاتخفي محاسنها ... إذ كالوقوفِ لدى أبكارِها الخدم الوقوف جع وقف وهي الأسورة من عاج شبه الدماليج، والقلب

خدمة شبه الخلخال، يقول اشتد الفزع فأبدت النساء خلاخيلها كما كانت في الأمن تبدي الاسورة. وقال يصف جيشا: بأرعنٍ كالجبال تَضيفُ عنه ... لظاهرة إذا وَرَدَ البُحورَ الظاهرة أن تشرب كل يوم مرة، يريد تضيق عنه البحورَ إذا وردها الظاهرة. وقال: أرى أمراً سيكبر أصغراه ... لتم لقاحٍ مُبسِقة حفول التم التمام، مبسقة دفعت باللبن في ضهروعها، وقيل هي التي ترى على حيائها شيئا أبيض ملتزقا حين يدنو نتاجها، حفول كثيرة اللبن. وقال: وهل تخفينّ السِرَ دون وليها ... صرام وقد أيلت عليه وآلهَا صرام اسم الحرب، إيلت وليت عليه وآلها وليَها وساسها، ويقال في مثل " ألنا وإيل علينا ". وقال وذكر ظعائن قومه: ظعائن من بني الجَلالّافِ تأوى ... إلى خُرس نواطق كالفَتِنا خرس كتائب لا يسمع لمن فيها كلام، نواطق بالضرب وصوت الجِلاد، والفتين جع فتينة وهي الجرار.

وقال وذكر بني هاشم: تجود لهم نفسي بما فوق وثبةٍ ... تظّل لها الغِربان حولىَ تحجِلُ أي تجود لهم نفسي بما فوق القتل أن كان فوقها شيء مثلا - وإذا قتل حَجلت الغربان حوله. وقال وذكر الحسين صلوات الله عليه حين قتل وتُطيلُ الرزءاتُ المقالي ... تُ إليه القعود بعد القيامِ المرزءات اللواتي أصِبن بالمصائب، والقِلات التي لا يبقى لها ولد، وكانوا يزعمون أن المقلات إذا تخطّت قتيلا كريما ووطئته أحيت أي عاش ولدها، وقيل المقاليت اللواتي لا يحملن فإذا وطئن القتيل حملن. وقال ابن مقبل: فينا كَراكر إخواِ مضبّرة ... فيها دروء إذا شئنا من جوزَوَرِ تقول: بنو فلان كركرة إذا كانوا كثيرا، وإخوان أوساط من الناس، فيها دروء أي اعتراض مثل اعتراض الجبل، والزوَر عوَج في الزور، أراد فيها عرضية. وثورة من رجال لو رأيتهم ... لقلتً إحدى حراجِ الجَرةِ من أقُرِ

ثورة أي عدد كثير يثورون، والحراج حرَجة وهي شجر كثير ملتف وكل مكان غليظ في سفح جبل فهو جرّ، وأقر جبل. وقال لبيد: وإذا تواكلَت المقانب لم يَزلبالثَغرِ منا مِنسر وعظيم تواكلت اتّكل بعضها على بعض، عظيم يعني سيدا. وقال لبيد: وأربد فارس الهيجا إذا ما ... تقعّرتْ المشاجر بالفِئامِ تقعرت سقطت، والفئام أن يوسع الهودج يزاد فيه حتى يكون فيه تربيع، والمشاجر مراكب للنساء أكبر من الهودج، الواحد مشجر، يقول أربد فارس الهيجا إذا كان فزَع وسقطت المشاجر بما فيها من الفئام والنساء، وقال يصف النسا: إذا بكر النساء مرَّدفاتٍ ... حواسر لا يجين على الخدام أي لا يرخين على خلاخليهن ثيابهن لأنهن قد سبين، أجْأتْ

أرخت وغطّت. وقال لبيد يصف جيشا: نغير به طَوراً وطَوراً نضّمه ... إلى كلِ محبوكٍ من السَروِ أيهما إلى كل جيش محبوك مدمج مجتمع، والسرو باليمن يعني جبلا شبه الجيش به - أملس، والأيهم الأعمى. وقال أبو دواد وذكر نساءً: غير ما أن يَبنّ من سلفٍ أر ... عنٍ عَود لسربه قدام يقول ما يفارقهن هذا السلف وهم فرسان حيها الذين يكونون قدّام الظعن يحمونهن أن يغار عليهن، والأرعن الكثيف الضخم كرعن الجبل، والعَود القديم أي قديم لهن ذلك، والسَرب والسرح هم الرعاء مع الابل.

وقال يذكر إبله: مكفهرّعلى حواجبها يغ ... رقُ في جمعِها الخميس اللُهامُ فارس طارد وملتقط بي ... ضاً وخيل تعدو وأخرى صيام مكفهر جيش كالسحاب أي متراكب كثيف، على حواجبها على جوانبها، واللهام الجيش الذي يلتهم كل شيء أي يبلعه ويذهب به، وقوله: يغرق في جمعها الخميس اللهام من كثرتها، ثم أخبرك أن للجيش الذي يحميها واحدا يطرد الوحش وآخر يلتقط بيض النعام وخيلا تعدو وأخرى قيام لأنها طلائع. وقال امرؤ القيس: وغارةٌ ذات قَيروانٍ ... كأنّ أسرابها الرِعال رعال أجبال هاهنا، قيروان جمع فارسي أصله كاروان وهي القافلة فعرب. كأنهم حرشفٌ مبثوثٌ ... بالجوّ إذ تبرق النعال الحرشف الجراد، والنعال الأرض الصلبة واحدها نعل، يريد أنه غزا في الشتاء: وقد أصاب النعال المطر فبرقت وصفت. وقال: نطعنهم سلكى ومخلوجة ... لفثكَ لأمين على نابلِ

عن أبي عبيدة: سألت أبا عمرو بن العلأ عن هذا البيت فقال: ذهب من كان يعرف هذا وهو مما درس معناه، غيره: السُلكى الطعنة المستقيمة، ومخلوجة يمنة يسرة: كرك - وهو مثله، ولأمين سهمين واحدهما لأم، أي ككرك سهمين على رام رمى بهما تعيدهما عليه فكذلك نطعنهم ثم نعود عليهم كما يعِاد السهمان على الرامي أي ينفذهم ثم يعودهما، وسألت ابن السجستاني فقال: ككرك سهمين على رام رمى بهما لأنك تردهما إلى ورائك. وقال: ومجر كغلاّن الأنَيعِن بالغٌ ... ديارَ العدوّ ذي زهاءٍ وأركان غزوتُ بهم حتى تكلّ غزاتهم ... وحتى الجياد ما يَقدن بأرسانَ مجر جيش، والغلان واحدها غالّ وهو الوادِي الكثير الشجر، زهاؤه كثرته وارتفاعه، وقوله: وحتى الجياد ما يقدن - أي قد أعيت فلا تحتاج إلى أرسان. وقال النابغة وذكر كتيبة: وأضحى عاقلاَ بجبالِ حِسمى ... ذقاق التربِ محتزِم القتامِ يقال عقل يعقل إذا صار في حرز، يقول: أصبح التراب الذي تثيره الخيل عاقلا في الجبل كما تعقل الوعول فيه، أي دقاق التراب احتزم بذلك المكان فصار للجبل مثل الحزام. فدوّختُ البلادَ بكل قصرِ ... يجلل خندقاً منه وحامي

الحامي الذي يحمي مجعل حوله خندقا، وحام بمعنى حمي فاعل بمعنى مفعول، أي فكل قصر وحام يجلل خندقا منه والهاء راجعة إلى الذين غزاهم، يريد مجللان خندقا من خوفه. وما تنفكُ محلولاً عُراها ... على متناذَرِ الأكلاء طام يريد الكتيبة أي لا يزال محمولاً عراها على موضع قد تناذره الناس من خوبه. وقال يصف طيرا تتبع عسكرا. يصانعهم حتى يغرنَ مُغارهم ... من الضارياتِ بالدماء الدواربِ يقول هذه النسور تسير معهم فلا تؤذي دابة ولا تقع على دبرة صانعتها لهم، ثم قال من الضاريات بالدماء، والدوارب المعتادة والدربة الضراوة والنسور تكون على الجيش تنتظر القتلى لتقع عليهم فإذا لم تحم النسور على الجيش ظنوا أنه لا يكون قتال. وقال يصف النسور: تراهنّ خلفَ القَومِ زوراً عيونها ... جلوس الشيوخ في مسوكِ الأرانبِ الشيوخ ألزم للفراء لرقتهم على البرد، الأصمعي: " في ثياب لمرانب "، وزعم أنها ثياب سود يقال لها المرنبانية شبه ألوان النسور بها. لهن عليهم عادة قد علمنها ... إذا عرضَ الخَطىّ فوق الكواثبِ يقول إذا عرضت الرماح على الكواثب علمت النسور أن ذلك

لرزق يساق إليها، والكاثب المنسج القربوس. وقال: وقلتُ لهم لا أعرفنّ عقائلا ... رَعابيب من جنبَى أريك وعاقل أي حذرتهم أن تسبى نساؤهم، والرعبوبة الرخصة البيضاء. ضوارب بالأيدي وراء بَراغزٍ ... صغارٍ كآرامِ الصريمِ الخواذلِ أي ضربن بالأيدي خلف أولادهن بها، والآرام الَظباء، والصريم ما انقطع من الرمل، خواذل تخذل صواحبها وتقيم على أولادها. وقال يصف رجلا: إذا حلَّ بالأرضِ البريةِ أصبحتْ ... كئيبةً وجه غبّها غير طائل يقول إذا حل بأرض برية من القتل أصبحت غِب إتيانه لها كئيبة أي فيها الدماء والقتل. يؤم برِبعى كان زهاءه ... إذا هبط الصحراء حرة راجلِ ربعى جيش يبكر بالغزو، وزهاؤه قدرة، حرة راجل لقيس وهي خشنة غليظة، وحرة النار لبني سليم، وحرة واقم بالمدينة، وحرة ليلى في بلاد قيس. وقال: مخافة عمرو أن تكون جياده ... يقَدن إلينا بين حافٍ وناعلِ إذا استعجلوها عن سجيةِ نفسها ... تَبلّغُ في أعناقِها بالجَحافلِ

الأصمعي: الخيل مقطورة بالإبل فكلما استعجل القوم الإبل لم دركها الخيل تمد جحافلها فتبلغ أعجاز الإبل لأن الخيل إذا كانت مع الإبل تقاد كانت أبطأ، مثل الحُطيئة. مستحقبات رواياها جحافِلها ... يسمونها أشعرى طرفة سامِ وقد مر لهذا أمثال، وقال النابغة: وغارة فات أطفال مُلملَمة شعواء تعتسف الصحراء والأكَما أي تزلق الخيل فيه أولادها، ويروى: ذات أظفار - أي ذات سلاح. مُلملمة مجتمعة. خيل صيام وخيل غير صائمة ... تحت العجاج وخيل تعلِك اللجما صيام قيام ليست في قتال، وأخرى تعلك اللجما قد هيِّئت للقتال. وقال يصف جيشا: مطَوتَ به حتى تصون جياده ... ويرفضّ من أعلاقه كل مِرفد تصون جياده يتوجيّن، مطوت به أي مددت به، ويربض ينقطع ويتفرق، والأعلاق ما علق أي تبلى المعاليق فتقع الأقداح والمشارب. وقال يصف جيشا: يقودهم النعمان منه بمحصف ... وكيد يغُم الخارجيَّ مناجِد

بمحصف برأي محصف وعقل محكم، والخارجي الذي يَشرُف ولم يكن لآبائه شرف ولا قديم، والكيد المكر، والمناجد شديد من النجدة. وقال يصف نساء سبين: يخّططن بالعِيد أن في كل مقعد ... ويخبأن رمان الثَّدِىّ النواهِد يخططن بالعيدان في الأرض من الهم - والمهموم يولع بذلك وبلقط الحصى. وقد مر لهذا أشباه. وقال يصف جيشا لا تزجروا مكفهرا لا كفاء له ... كالليل يخلط أصراما بأصرام لا كفاء له لا مثل له. والمكفهر المتراكب أي جيش كثير الأهل شبهه بالسحاب المكفهر. وقوله: لا تزجروا يريد أنكم لا تدفعونه بالزجر عن أنفسكم، يخلط أصراما بأصرام أي جماعات بجماعات الواحد صِرم، يقول: إذا فزع الناس وخشوا العدو اجتمع الأصرام وهم القطع من الناس إلى الحي الأعظم ليعتزّوا بهم كما قال مالك ابن حريم:

فأدن رباطَ الجَون مني فإنه ... دنا الحِل واحتل الجميع الزعانف كانوا في الأشهر الحرم فقرب دخول الحل فقال أدن فرسي فقد صارت الزعانف وهي البيوت المتفرقة إلى البيت الأعظم وهو الجميع، والزعانف الزوائد واحدتها زِعِنفة. وقال النابغة: تبدو وكواكبه والشمس طالعة ... لا النورُ نور ولا الإظلامُ إظلامُ في هذا البيت إكفاء وكذا أنشد، يريد أن اليوم من ظلمته تبدو كواكبه، يقال للرجل لأرينّك الكواكب بالنهار. ومنه قول طرفة: إن تنوّله فقد تمنعه ... وتريه النجمَ يجري بالظُهُير يريد هذا اليوم ليس بشديد النور كالنهار ولا بشديد الظلمة كالليل، ويقال: بل أراد ولا كنوره نور أن ظَفر ولا كظلمته ظلمة إن ظُفِر به - يعني الرئيس. وقال النابغة، يصف جيشا كثيرا: لم يُحرَموا حسنَ الغذاءِ وأمهم ... طفحَتْ عليكَ بناتقٍ مذكارِ ويروى: دحقت، وطفحت اتسعت أي غُذُوا غذاء حسنا. فنموا وكثروا، الناتق الكثيرة الولد أخذ من نتق السقاء وهو نفضه

حتى يخرج ما فيه، مِذكار تلد الذكور، وقوله: دحقت عليك - أي هي نفسها ناتق، كما قال الأعشى: مرِحت حرةً كقنطرةِ الرو ... مي تفري الهجير بالإرقال أي هي نفسها. وكما قال الأخطل: بنزوةِ لصٍ بعد مامرّ مصعب ... بأشعثٍ لا يفليَ ولا هو يقمَلُ وقول آخر: إذا قيلَ ماماءُ الفراتِ وبردهِ ... تعرض لي منها أغنّ غَضوب وقال النابغة يصف جيشا: ما حاولتُما بجماعِ جيشٍ ... يصون الوَردَ فيه والكميتَ يصون يتوجى، وخَص الورد والكميت لأنهما فيما يقال أصلب الدوابّ حوافر. وقال النابغة: فلتأتينك قصائد وليدفَعنَ ... ألف إليك قوادم الأكوارِ أي ليدفعن جيش قدره ألف إليك أي يغزونك، والأكوار الرحال. وقال يصف نساء سبين: خَرز الجزيز من الخدام خوارج ... من فرج كل وصيلة وإزار الجزيز تعمل من هنات من صوف تعلقهن الجواري، والوصيلة

ثوب أحمر وجمعه وصائل يجاء بها من اليمن. وقال عنترة يصف امرأة هاربة: فقلتُ لها اقصُري منه وسيري، وقد قرعَ الجزائز بالخِدام وفسر الجزيزة شيء يجعل من صوف أحمر موضع الخلخال أراه تصنع للعين. شمس موانع كل ليلةٍ حرة ... يُخلفنَ ظن الفاحشِ المغيارِ شمس عفيفات فيهن نفار وأزواجهن غيب، وقوله: ليلة حرة - إذا غَلبت المرأة ليلة هدائها قيل وأزواجهن غيب، وقوله: ليلة حرة - إذا غَلبت المرأة ليلة هدائها قيل باتت بليلة حرة وإذا غلبها الزوج، باتت بليلة شيباء، قال الأصمعي: موانع كل ليلة شيباء لأن ليلة الشيباء التي يَغلب فيها الزوج المرأة ولكنه عرف ما أراد أنهن يمنعن الليلة التي يقال فيها: باتت بليلة حرة، وقوله يخلفن ظن الفاحش المغيار، يقول إذا أساء بهن الظن أخلفن ظنه لعفتهن. فنكحنَ أبكاراً وهن بآمةٍ ... أعجلنهن مظنةَ الاعذار الآمة العيب، أراد نكحن ولم يختتن بعد. أعجلنهن أي الخيلَ سبتهن قبل أن يبلغن وقت الختان وهو الإعذار. وقال:

لا أعرفنّك معرضاً لرما حِنا ... في جُفٍ تغلب واردي الأمرار الجف الجماعة من الناس وهو في غير هذا شيء ينقر من جذوع النخل، معرضا أي ممكنا من عرضك يقال أعرض لك الشيء إذا أمكنك من عرضه، ويروي " في جف ثعلب " يريد ثعلبة بن سعد والأمراء ماء. وقال: قرما قضاعة حلا حول قبتِه ... مدّا عليه بسُلاّفٍ وأنفارِ حلا حول حجرة النعمان، مدا عليه يعني مقدمة الخيل، أنفار قوم متقدمون من النفر. لا يخفُضُ الرِزّ عن حي ألَّم بهم ... ولا يضّلُ على مصباحِه الساري يقول إذا أراد أن يأتي أرضا يغير عليها لم يسّر ذلك ولم يخفض الصوت ولكنه يعلنه وناره مضيئة فالساري لا يضل. الأعشى: لاينتهونَ ولاينهي ذوي شططٍ ... كالطعن يذهبُ فيه الزيت والفُتل حتى يصيرُ عميدَ الحي متكئاً ... يدفع باالراحِ عنه نسوة عُجل عميد الحي سيدهم، متكئا أي مصروعا، تدفع النساء عنه بالراح لأنه قد قتل الرجال فلم يبق أحد يدفع إلا النساء، عجل جع عجول وهي الثكلى. وقال أيضا:

واعددَت للحرب أوزارَها ... رماحاً طوالاً وخيلاً ذكورا إلا بدّ من غزوةَ في المصي ... ف رهب تفلّ الوقاح الشكورا الأوزار السلاج، والرهب من النوق التي لا تقوم هزالا فصير لغزوة رهبا، أي يصيب الناس فيها الضر، الوقاح الفرس الشديد، الشكور الذي يبس عليه العلف. وقال يصف قوما في حرب: لا يقيهم حدُ السلاح ولانأ ... لم جرحاً ولا نبالي السهاما ساعة أكَبر النهار كما ش ... لّ محيل لبونه إعتاما يقول كان ذلك أكبر النهار أي ثبوتنا لهم، والمحيل الذي حالت إبله فلم تحمل تلك السنة. وقال لقيس بن مسعود الشيباني: أطورين في عامِ غزاةٍ ورحلةٍ ... ألا ليتَ قيساً غرّقته القوابلُ أي تغزو الملك ثم ترتحل إليه في عام واحد؟ يعنفه بذلك ويضعف رأيه، أي غرفته في ماء السلي فلم تخرجه منه. أمن جبل الأمرارِ صُرَّتْ خيامكمعلى نبإ أنّ الأشافيّ ساثلُ

فهان عليه أن تجفّ وطابها إذا حنيت فيما لديه الزواجلُ كان قيس بن مسعود وفد على كسرى فأطعمه الأبلّة فلما حضر قتال العرب العجم سار قيس إلى بكر بن وائل سرا فأشار عليهم برأيه فلما هزمت الأعاجم وبلغ كسرى مسير إليهم ومشورته عليِهم فبعث إليه أن ائتني فتجهز ليأتيه، فاجتمعت رجال من بكر بن وائل فنهوه وقالوا: إنما بعث إليك لما بلغه عنك، فقال: كلاّما بلغه ذلك، فأتاه فحسبه في قصر له بالأنبار حتى هلك وفي ذلك القصر حبس النعمان بن المنذر حتى هلك. ويقال نجا قيس. فقال الأعشي احتملتَ من حبل الأمرار فصرّت خيامك وقبابك على علم منك بأن الأشافي وهو واد سائل بك. أي تهلك، ومنه يقال سال به السيل إذا هلك وقوله - فهان عليه - أي على كسرى، إن تجف أي تيبس من اللبن، ويروي: تجف وطابكم، أسقيتكم أسقية اللبن، والزواجل جع زاجل وهو العود الذي يكون في طرف الحبل الذي يشد به الحمْل وهو على هيئة الحلقة. يقول هان على كسرى أن يقتلكم ويأخذ إبلكم فتجف وطابكم إذا حطت أحمالكم إليه. وقال: يشّد على الحربِ ليّ العصاب ... ويغشي المهجهجُ حتى ينيبا هذا مثل، إذا منعت الناقة الدر عصبوا فخذيها عصبا شديدا فقرت ودرت. يقول: إذا امتنع علينا أصحاب الحرب فعلنا

بهم مثل ما يفعل، بهذه الناقة حتى يذعنوا كما تذعن هذه، والمهجهج الزاجر يقال هجهجت بالسبع إذا زجرته، حتى ينيبا - أي حتى يرجع. وقال: أما التلاءُ فلا تِلا ... ء ولا أودّ ولا خفَاره إلا بُداهة أو علا ... لةُ سابحٍ نهد الجزارَه التلاء الأمان، والأود جع ود، ولا خفارة أي ولا جوار، والبداهة المفاجأة، والعلالة البقية، سابح فرس يسبح بيديه، نهد الجزارة أي ضخم القوائم، يريد ليس عندنا إلا الحرب. وقال: ولكن شَببت الحرب أدنى صلاتها ... إذا حركّوه حَشّها غير مُبردِ أدنى صلاتها أي كنتَ أقربهم منها، وقوله: ألى وألى كل فلست بظالمٍ ... وطئتَهم وطءَ البعيرِ المقيدِ المقيد أثقل وطأ لأنه يطأ بيديه جميعا. وقال:

ولمثل الذي جمعت لرَيب ال ... دهر تأبى حكومة المقتال يقول مثل الذي جمعت من العدة والسلاح تأبى أن يحتكم عليك متحكم، والمقتال المتحكم يقال " اقتَل عليّ ما شئت ". كل عام يقود خيلا إلى خي ... ل شيار غداة غب الصقالِ تُذهل الشيخَ عن بنيه وتلوي ... بلبونِ المِعزابةَ المِعزالِ أبو عبيدة: أي يسلي الوالد عن ولده كما يقال: تركتهم في أمر لا يناديَ وليده - أي أمر يذهل الوالد عن ولده فلا يناديه، وهذا مثل في الخير والشر، يلوي يذهب، والمعزابة الذي يعزب في إبله لا يؤوب إلى أهله يقال معزاب ومعزابة كما يقال مجذام ومجذامة، والمعزال الذي لا يخالط الناس وهو فرد أبدا، واللبونة ما كان بها لبن وهن جمع وكذلك الواحد، يقال ليس لهم لبونة، ومثله الحلوبة والحمولة، الأصمعي: اللبون ما حلب، الفراء: تدخل الهاء في نعت المذكر على وجهين على المدح والمبالغة يذهبون به إلى الداهية وعلى الذم يذهبون به إلى البهيمة. هو دان الرِباب اذكر هو الدينَ ... دراكا بغزوةٍ فارتحالِ الدين الطاعة ودان ملك والديّان منه ودان جزي ومنه مالك يوم الدين أي المجازاة، والدين في غير هذا الدأب كما قال المثقب العبدي. تقولُ إذا رأت لها وضيني ... أهذا دينة أبداً وديني

ثم أسقاهم على نَفدِ العي ... شِ فأروى ذَنوبَ رِفد مُحالِ، ذنوب رفد أي مثل ي قدح القرى، محال مصبوب، يقال أحلْت الدلو في البير أي صببتها، هذا مثل ضربه للموت. دانَتْ بعد الرِبالب وكانتْ ... كعذاب عقوبة الأقوالِ دانت أطاعت، والأقوال الملوك وهم الأقيال واحدهم قَيل ومن ضعهم الأقوال ذهب إلى مِقوال. ثم واصلتْ صِرة بربيع ... حينَ صرّفت حالة عن حالِ صرة شتوة من الصِر وهو البرد، أي وصلتها بربيع من طول غزوك، وقوله حالة عن حال أي حالا بعد حال وعن بمعنى بَعد، روى أبو عمرو: ضّرة بربيع، أي كنت لقوم ربيعا ولآخرين عذابا، يقال معناه أسرتهم ثم أنعمت عليهم. وشريكَن في كثير من الما ... ل وكانا محالفَي إقلال قسما التالدَ الطريف من الما ... لِ فآبا كلاهما دون مال يعني رجلين من عنده غنما، كان هذا المال تالدا عند أربابه وهو طريف عندهما. ومثله قوله يصف إبلا أخذت في غنيمة تدّرعلى غيرِ أسمائها ... مطرّفةً بعد إتلادِها وقال زيد الخيل:

تلاقَينْا فما صبنا سواءً ... ولكن خرّ عن حالٍ فحالِ يقول ما وقعنا سواء لكن طعنته فسقط عن حال فحال، الأولى لقاؤها والثانية صرعه. تذكر وطبه لما رآني ... أقلّب الّةً مثلَ الهِلالِ الألّة الحربة والوطب اللبن، يريد أثر اللبن، وتذكَر الخفض والدعة. وقد بلغتْ سواءة كل مجدٍ ... بأنفسها إذا سمنتْ فصالي يقول يكثر البقل ويكثر اللبن فتسمن الفصال فيقول إذا نبت البقل فقد بلغوا الغاية في العداوة ولم يكن بعد ذلك إلا القتال، مثله للحارث بن دوس: قوتم إذا نبتَ الربيع لهم ... نبتتْ عداوتُهم مع البقلِ وقال زيد الخيل: إذا أخفر وكم مرةَ كان ذاكم ... جياداَ على فُرسانهن العمائم وصف قوما كانوا جيرانا لقوم فقال إن ترككم هؤلاء وأخفروا ذمتكم غزاكم الناس وأغاروا عليكم لأنكم إنما تعزون بهم، يقال أخفرت ذمة فلان أي غدرت به، وحفرته أي صرت له خفيرا. وقال أزيد الخيل: وآل عروةٍ في قَتلاكم ... عَلما تنفى الثعالبَ عنهم رَكضَة الساق

يقول هم قتلى قد وقعت عليهم الثعالب تأكل منهم فإذا حركت على الخيل تنحت عنهم. وقال العوّام بن شوذب في بساط بن قيس يصفه بالجبن وفر يوم العظالي: ولو أنهاعصفورةٌ لحسبتها ... مسوَّعةً تدعو عبيداً وأزنما أي لو أن عصفورة طارت لحسبتُها من جبنك خيلا معلمة، تدعو عبيدا وأزنما أي شعارهم: يال عبيد أزنم، ونحو منه قول الله عز " يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم) . وقال أبو خراش: وأحسب عرفط الزوراءِ يؤدي ... علّى بوشكِ رجع واستِلال عرفط شجر له شوك، أي كلما طلعت عرفطة خشيت من الفزع أن تعين علي، وشك رجع أي برد يد إلى كناية وسلّ سيف، يؤدي يعين، يقال أدى وأعدى على فلان سواء أي أعان وقوى عليه. وقال العباس بن مرداس: فلو ماتَ منهم من قتلنا ... لأصبحت ضباع بأكنافِ الأراكِ عرائسا يقال إن الضبع إذا وجدت قتيلا استعملت ذكره، وأنشد لتأبط شراً: تضحك الضبع لقتلى هذيلٍ ... وترى الذئب لها يستهلُ

وقول عمرو بن معدي كرب: أعباس لو كانت شياراً جيادنا بتثليتٍ ما ... ناصيت بعدي الأحامسا ولكنها قيِّدتْ بصعدةٍ مرة فأصبحن ما يمشينَ إلا تكاوسا الشيار السمان الحسنة المنظر، يقول لو لقيناك وخيلنا جامّة لقتلت والأحامس الأشداء، ولكنا لقينا وهي كليلة قد أتعبت بصعدة وهي قرية بَخيوان، وتكاوس - أي على ثلاث، ومنه قيل للذي عُرقب هو يكوس - أي على ثلاث قال أنس بن مدرك الخثعمي وقتل سليكا. إني وقتلى سليكا ثم أعقلَه ... كالثورِ يُضرب لما عافَتْ البقر كان سليك مر ببيت من خثعم أهله خلوف فوطىء امرأة منهم فبادرت إلى الماء فأخبرت القوم فركب أنس الخثعمي في أثره فقتله فأخذ بعقله فقال ولله لا اديه ابن إفال - وقال شعرا فيه هذا البيت - يريد إن قتلى إياه كان باستحقاق منه لذلك فكيف أعقله؟ أي فمطالبتكم إياي بالعقل ظلم كما ظلم الثور فضرب إذ عافت البقر الماء، ومثله للأعشى: فإني وما كلفتموني خهدتم ... ليعلم من أمسى أعّق وأحوبا

لكاثور والجني يضربُ ظهرَه ... وما ذنبة أن عافتِ الماءُ مشربا وما ذنبُه أن عافَتْ الماء باقر ... وما إن تعالف الماء إلا لتضربا الجنى الراعي وكانوا إذا أرادوا أن تورد البقر الماء فعافته قدموا فضربوه فورد، فإذا فعلوا ذلك وردت البقر، يقول فأنتم قد ألزمتموني ما لا ذنب لي فيه. أبو عبيدة: لم يكن هذا قط وإنما ضرب هذا مثلا لما ألزم ذنب غيره. ومثله بيت النابغة: حملت علّى ذنبِه وتركتهُ ... كذي العرّ كوى غيره وهو راتع كانت العرب إذا وقع العر في إبلهم - وهو قرح يخرج في مشافِرها - اعترضوا بعيرا لم يقع ذلك فيه فيكوى مشفره ويرون أنهم إذا فعلوا ذلك العر من أبلهم، وقال أبو عبيدة: هذا مثل أيضا ولم يكن قط وإنما هذا كقولهم: كلفتني الأبلق العقوق. والذكر لا يكون حاملا أبدا. وقال عمرو بن معدى كرب يصف جيشا: جوافلٌ حتى ظلَّ جُند كأنه ... من النقعِ شيخ عاصب بخماِ جند جبل، شبّه هذا الجبل لما علاه الغبار الذي أثارته الخيل بشيخ معتّم. وقال أبو النجم يصف جيشا: وذو دخيسٍ أيد الصواهل ... مِن طبَقٍ طّمٍ ومن رَعابل

أدنى من المرسل والرسائل. ذو دخيس يريد جيشا ذا عدد، طبق جمع كثير، طم كثير، رعابل كتائب متفرقون لأنهم لا يقدرون أن يسيروا في موضع، أراد حتى يكونوا أقرب منا من أن يبعث إليهم، وقوله: بجَحفل يأتاب ثم يسرى يأتاب يفتعل من الأوب، أي يسير ليلا ويطرق العدو ليلا ثم يسري أي يعود أيضا. وقال الأعشى: وفَيلقٌ شَهباء ملموسة ... تعصف بالدارعِ والحاسرِ تعصف به تهلكه. وقال بشر بن أبي خازم خازم يصف مقتولا تظلُ مقاليت النساء يطأنه ... يقلن ألا يُلقى على المرء مِئزر يقولون إن المقلات - وهي التي لا يعيش لها ولد - إذا توطأت رجلا كريما قتل غدرا عاش ولدها. وهذا مثل قول الكميت في الحسين عليه السلام. وتطيل المزرءاتُ المقالي ... ت عليه القعود بعد القيامِ وقال يذكر قوما: وكانوا كذاتِ القدرِ لم تدراذغلت ... أتنزلها مذمومةَ أم تذيبها

أبو عبيدة: تذيبها تنهبها، يقال أذاب علينا بنو فلان إذابة شديدة إذا أغاروا عليهم فأخذوا أموالهم. غيره: أراد كانوا كسالئة ارتجنت عليها زبدتها فإن أذابتها لم تفلح وإن أنزلتها فكذلك، يريد اختلط أمرهم كهذه السالئة، والارتجان أن تعلو الزبدة حتى تصير في أعلى القدر وإذا علت فإنها تتقطع وتفسد فلا تدِري صاحبتها ما تصنع أتنزلها وهي يذم أمرها أم اديم الوقود عليها لتذوب فتحترق، يقول فهؤلاء لا يدرون إذ رأونا ما يصنعون أيرجعون فنتبعهم فنقتلهم أم يتقدمون فنستأصلهم. ابن الأعرايي: هذه أمرأة كانت تسلأ سمنا فرأت ركبا فكرهت أن تطعمه من القدر وكرهت أن تنزلها مذمومة لم تحكمها ولم تصلحها. وقال يذكر الخيل: جعلن قشيراًغاية تقتدي بها ... كما مدَّ أشطانَ الدلاءِ قليبها يقول جعلت الخيل قشيرا غاية لها دون غيرها فهي تمد إليها السير كما تمد أنت الدلو لتخرجها وإنمآ كانت الدلو تمد في البئر صارت البئر تمد الدلو، ونحو من هذا قول أبي زبيدة.

ناط أمرالضعاف فاجتعل اللي ... ل كحبل العاديّة الممدود يريد أنه سار الليل كله لم يعرّج ولم يعدل كحبل البئر الممدود. وقال بشر: كنا إذا نعروا لحربٍ نعثر ... نشفى صداعهُم برأسٍ مِصدَمٍ نعروا صاحوا وهو النعير والنعار، نشفى صداعهم أي إذا أتوا بوجع في روؤسهم نَذهَب بذلك الذي هاجوا له، وهذا مثل، والرأس الحي الذي لا يحتاج إلى أن يعينه أحد ولا يمده، يقال هذا الحي رأس من الأحياء ويقال الرأس الرئيس، والمصدم الذي يصدِم ما أصاب من شيء. وقال: ورأو أعقابهم المدِلّة أصبحْ ... نُبذتْ بأغلب ذي مخالبٍ جهضم أي رميت بحي مثل الأسد الأغلب وهو الغليظ العنق، والمدلة التي تدلّ بقوة، والعقاب الراية ويقال هي الحرب هاهنا ضرَبها مثلا لها، الجهضم المنتفج الجنبين، ويروي: بأفصح ذي مخالب، يريد بأصبح، والصُبحة بياض تعلوه حمرة. وبني نميرٍ قد لقينا منهم جيلا ًتضب لثاتها للمغبمِ تضب تدمى من الحرص وهذا مثل للعرب، يقال جاءنا يدمي فوه من الحرص، إذا اشتد حرصه، تضب تقطر وتبِضّ.

مثله لعنترة: أبينا أن تضِب لثاتهم ... على مرشقاتٍ كالظباء عواطيا مرشقات نساء ينظرن، والعواطي من الظباء التي تعطو الشجر أي تتناوله. ولقد خبطْنَ بني كلابٍ خَبطةً ... ألصقنهم بدعائمِ المتخيَّمِ خبطن دُسن بقوائمهن، يريد الخيل هزمن هؤلاء حتى ألزمنهم بخشب البيوت، والمتخيَّم الموضع الذي خيموا به أي أقاموا وضربوا خيامهم. وصقلن كعباً قبل ذلك صلقةً ... بقنا تعاوره إلا كفّ مُقوّم يقول أوقعن بهم وقعة سمعت لها صوتا، والصلق الضرب أيضا الأول قول لبيد: فصلْقنا في مرادٍ صَلقة ... وصداء ألحقتهم بالثَللِ ومن الضرب قول ابن أحمر: كأن وقعته في لوحٍ مرفقها ... صلق الصفا بأديم وقعة تير وقال أبعثر بن أبي خازم: وشبّ لطيء الجبليْنِ حرب ... تهرّ لشَجوِها منه صحار تهرّ تكره، لشجوها ما يشجوها منه أي يحزنها، وصحار

مدينة عمان، المعنى إنا أوقعنا بطيىء وقعة كرهتها صحار لما دخل عليها من الفزع. وصوّب قومِه عمرو بن عمرو ... كجادعٍ أنفه وبه انتصار ابن الأعرابي: صوب قومه أي انحدر بهم إلى بني تميم وكان ذلك عليه كجدع أنفه ولو شاء أن ينتصر لانتصر. فحاطونا القَصاء وقد رأونا ... قريبا حيث يُستَمع السرار حاطونا القصاء هربوا منا، يقال لتحوطنّي القصا أولأقتلنك قال ذلك ابن الأعرابي، وقال هذا مثل الأخفش: حطني القصا - تباعد عني وكن حيث أسمع كلامك. غيره: أحاطهم بقصاهم - وحاطهم قصاهم - معناه كان فيهم في قاصيتهم. يسومونا الصيلاحَ بذاتِ كهفٍ ... وما فيها لهمْ سلَع وقارُ الصلاح مصدر صالحته أي يريدون الصلح، وما فيها - أي الذي لهم بهذا المكان سلع وقار وهما شجران مران، يقول والذي لهم في ذات كهف لثر، يقول تركوا موضع الكلأ من أجلنا وخوفنا وتنحوا عنا إلى أرض سوء مرتعها السلع والقار. وروى عن ألب عمر والشيباني: هذا أقير من هذا - أي أمر من هذا. وهو هذا النبت.

وأنزل يخوفنا سعداَ بأرضٍ ... هنالك إذ تُجز ولا تُجاز يقول أنزلهم خوفنا بأرض لا يخرجون منها، وقد كانت تجير ولا ر فصارت إلى هذه الحال. وقد ضمزت بَحرتها سليم ... نحافتنا كما ضمزَ الحمارُ يقال للبعير إذا أمسك عن جرته قد ضمز فضربه مثلا لهم لهم فضربه مثلا لهم أي أنهم قد أذعنوا وأمسكوا من مخافتنا. ولم نهلكْ لمرّة إذ رأونا ... فساروا سيرَ هاربة فغاروا لم نهلك أي لم نستوحش، وهاربة بن ذبيان تحولوا إلى الشأم عن قومهم، الأخفش: كان بين هاربة وقومهم حرب فرحلوا من غطفان فنزلوا في بني ثعلبة بن سعد. وقال لقوم يحذّرهم الحرب: ويلتفُ جذماناً ولا حق بيننا ... وبينُكم إلا الصريخ المهذَّب الجذَم الأصل، يقول نلتقي وأنتم فلا يكون بيننا وبينكم من الحق الجلاد بالسيوف، والصريح الخالص من كل شيء، ومن روى: لا حي بيننا - فإنه يريد لا يدخل بيننا وبينكم أحد من غيرنا. سينصُرهم قوم غضاب عليكم ... متى تدعهم يوماً إلى الروعِ يركبوا

أشارَ بهم لمعُ الأصم فأقبلوا ... عرانببنَ لا يأتيه للنصر محلب أي كما تلمع للأصم بإصبعك أي كما تشير بها، يقول: أكثر في ذلك وردده ليشد عليهم، والمحلب المعين من غير قبيلتك، يقول لا يأتيك أحد سوى قومه وبني عمه يكفونه، والعرانين الرؤساء يقول أثار إليهم فأقبلوا مسرعين، ثم ابتدأ فقال: لا يأتيه محلبَ أي معين من غير قبيلتك، يقول لا يأتيك أحد سوى قومه وبني عمه يكفونه، والعرانين الرؤساء يقول أشار إليهم فأقبلوا مسرعين، ثم ابتدأ فقال: لا يأتيه محلب - أي معين من غير قومه: وقوله: وراكبٌ ... حثيث بأسبابِ المنيةِ يضربُ الراكب راكب البعير جاء بأسباب المنية يضرب بها أي يعول بها مثل قوله: دونكم السلاح، اخرجوا إلى عدوكم، يقال: هل وقعت إليكم ضربة خبر، وما ضُربت لي منه ضربة خبر، ابن الأعرابي: يضرب يحث بعيره وما ركبه، يقال جاء يضرب إذا كان مستعجلا. وقال طفيل وذكر خيلاً: ولكن يجابَ المستغيث وخيلهم ... عليها كماة بالمنيّةِ تضربُ أي تسرع، وقال المسيب: فإن الذي كنتم تحذرونَ ... أتتنا عيون به تضربُ عيون قوم يبعث بهم يتجسسون. فلو صادموا الرأس المللففَّ حاجباً ... للاقى كما لاقى الحمارُ وجُندب هذان رجلان، والرأس الرئيس، والملفف يريد أن القوم لفّوا

أمرهم وأسندوه إليه، والمعمم من الرجال كذلك، يقال عممه القوم أمرهم مثل العمامة يتعمم بها، وحاجب هو ابن زرارة التميمي. ابن الأعرابي: الملفف المتوج. وقال يصف قوماً: وما يندوهم النادي ولكنَّ ... بكلِ محلةٍ منهم فئامُ أي ما يسعهم المجلس من كثرتهم فيتفرقون. وما تسعى رجالهم ولكن ... فضولَ الخيلِ ملجمة صيامُ أي لا يسعون في دية يطلبونها ولكن خيولهم تكفيهم ذلك يقول يركبون فيد ركون بالثأر، وفضول الخيل يريد أن لهم خيلا معدة سوى التي يركبونها، ابن الأعرابي: أراد لا يمشون على أرجلهم ولكن يركبون. وقال: فأما تميم تميم بن مر ... فألفاهم القومُ رَوبيَ نياما أبو عبيدة: روبى خثراء الأنفس مختلطين، وروى مثل ذلك عن الأخفش وقال غيره: هم سكاري من اللبن، وليس هذا بشيء، ابن الأعرابي: روبى لم يحكموا أمرهم. وأما بنو عامرٍ بالنسارِ ... فكانوا غداةً لقونا نَعاما شبههم بالنعام حين هربوا مسرعين. نعانا بخطمةٍ صرا لخدو ... دٍ لاتطعم الماءَ إلا صياما صياما قياما. وقال يصف جيشاً: سمونا بالنسارِ بذي دروءٍ ... على أركانِه شذَب مَنيغ

إذا ما قلتُ أقصر أو تناهي ... به الأصواء لجّ به الطلوعُ بذي دروء أي بجيش ذي فوائد والدرء الاعوجاج، أركانه جوانبه، شذب ما تفرق من النبت وهو هاهنا السلاح جعله شذبا لأنه متفرق فيهم وعليهم، إذا ما قلت أقصر أراد أنه كثير فكِلما ظننت أنه قد انقطع وتناهى به الأصواء وهي الأعلام ارتفع منه شيء آخر وطلع، يقال طلع طلوعا إذا ارتفع في الجبل. وقال بشر بن أبي خازم: سائل نميرا غداة النعفِ من شطَبٍ ... إذ فُضّت الخيلُ من ثهلانٍ ما ازدَهفوا فضت الخيل فيهم أي فرقت للقتال، وما ازدهفوا ما غنموا واحتملوا. لما رأيتُم رماحَ القومِ حِطَّ بكم ... إلى مرابطها المقورّة الخُنفِ إلى مرابطها أي انهزمتم: والمقورة الضوامر، والخنف اللينة الأرساغ. إذ تتّقي ببني بدرٍ وأردفَهم ... فوقَ العمايةِ منا عاند يكِف المعنى إنك تتقي ببني بدر وجمعتهم جيشا فأردفناهم بجيش طمَّ عليهم، والعماية السحابة، شبه الجيش بها، والعاند الدم يعند عن مجراه يريد الطعنة.

تبكي لهم أعين من شجوٍ غيرهم ... وإن يكنْ منهم باكٍ فقد لهفوا تبكي لهم أعين رحمة وحزنا عليهم ويبكي لهم من ليس منهم ولا من حيهم. وقال زهر يصف حربا وقوما: على ما خيّلتْ هم إزاءها ... وإن أفسدَ المال الجماعاث وإلأزل يقول تجد هؤلاء القوم إزاء الحرب أي مدبّروها - من قولك: هو إزاء مال أي يقوم به، على ما خيلت أي على ما شبهت، الأصمعي: إن حبس الناس أموالهم لا تسرح وجدتهم ينحرون وإن اشتد أمر حتى بلغ الضيق وجدتهم يسوسون. وإن كان بالمال عزة أفنته الجماعات الذين ينتابونها، والأزل الجدب. وقال يصف بلدة. وهم ضربوا عن فرجها بكتيبةٍ ... كبيضاءِ حرسٍ في طوائفها الرجْلُ الفرج موضع المخافة مثل الثغر أي ذبوا عن ثغرها بكتيبة كبيضاء حرس وهي صفاة بيضاء في جبل يقال له حرس، أراد أنها تلوح الصفاة، ورجل جمع راجل. وقال:

كانوا فريقين ينضون الزِجاج على ... قعس الكواهل في أكتافها شمم ينضون الزجاج أي يسقطونها من كثرة ما يجرونها على الأرض. ينزعن إمّة أقوام لذي كرم ... مما تيسَّر أحيانا له الطعم أي يسلبن أقواما نعمتهم لهذا الرئيس، مما تيسر أي ئهيأ، والطعم المأكل تيسر له من الغزو. وقال يصف خيلا: فأتبعهم فَيلقا كالسرا ... ب جأواء تتبع شئخبا ثَعولا الفيلق الكتيبة، كالسراب من بريق الحديد، جأواء في لونها والجؤوة لون الحديد، الأصمعي الجؤوة السواد تعلوه حمرة، والشخب ما خرج من الضرع من اللبن، والثعول الكثير، وإنما يريد الخيل يتبع بعضها بعضا من كثرتها مثل هذا اللبن الذي يدر بعضه على أثر بعض ويتتابع، وأصل الثعول في الشاء يقال: شاة ثعلاء إذا كان لها ظبي زائد، ورجل أثعل إذا كانت له سن زائدة.

وقال يصف رجلا: فما مخدر ورد عليه مهابة ... يصيدْ الرجال كل يوم ينازل وشهك منه أن ينازل قوزه ... إذا شال عن خفض العوالي السوافل يريد غذا حدروا رماحهم، للطعن فارتفعت الأسافل من خلف وانخفضت العوالي من قدام. ومثله. إذا وردت ماء علتها زِجاجها ... وتعلو أعاليها إذا الروع أنجما يقول إذا ما وردوا ماء قاتلوا فخفضوا أسنتهم للطعن فعلت زجاج من خلف فإذا أنجم الروع أي ذهب علت الأعالي وانخفضت الأسافل، وقال الحارث بن حلزة اليشكري: هل علمتم أيام ينتهب النا ... س غوارا لكل حي عواء كانت العرب من نزار يملكهم ملوك فارس، وغسان تملكهم الروم، فلما غلب كسرى على بعض ما في يديه وكان بنو حنيفة الذين غلبوه ضعف أمر كسرى فغزا بعض العرب بعضا. إذا رفعنا الجمال من سعف البح ... رين سيرا حتى نهاها الحساء يخبر عن مغارهم يقول أغرنا على من لقينا من الناس حتى

انتهينا إلى سعف البحرين ثم مضينا نغير حتى بلغنا حسى البحر فلم يكن وراءَه مغار. ثم مْلنا على تميم فأحرن ... نا وفينا بناتُ قومٍ إماءُ ويروى: بنات مر، وهو أبو تميم، يقول لما صرنا في بلاد تميم دخلنا في الأشهر الحرم فكففنا وفينا بناتَ قوم إماء أي سبين. لا يقيمُ العزيز بالبلدِ السه ... ل ولا ينفغ الذليلَ النجاءُ يقوم لم يكن العزيز يقيم بالسهل لخوف الغارات فكيف الذليل ولا ينفع الذليل الهرب لأنه يلحق. وقال وذكر عمرو بن هند حين أراد الغزو: فتأوتْ له قراضبةٌ من ... كلِ حيٍ كأنها اللقاءُ تأوت اجتمعت للغزو ومعه، قراضبة الواحد قرضاب وهو الصعلوك، الألقاء واحدهم لَقّى وهو الشيء المطروح، واللقي من الرجال الخامل الذكر الذي لا يعرف لأن ذكره مطروح. فهداهم بالأسودْين وأمراد ال ... له بلْغ يشقَى به الأشقياءُ الأسودان التمر والَماء، وبلغ بالغ. لم يغرّوكم غروراً ولكن ... رفع الآل حزهم والصحاءُ يقول لم يأتوكم مستترين ولم يخاتلوكم ولكن القوم ظهروا لكم وأتوكم جهارا.

وقال يذكر ثلاثة خلال موجبة له الحظوة عند عمرو: آية شارقٍ الشقيقةِ إذ حا ... جاؤا جميعا لكل حي لِواءُ شارق الشقيقة أي من جاء منها من قبل المشرق والشقيقة من بني شيبان، آية واحد الآى. وهذه واحدة عدها. حول قيسٍ مستلئمينَ بكبشٍ ... قَرظىّ كأنّه عَبلاءُ قيس بن معدى كرب وهو أبو الأشعث بن قيس وكانوا جاءوا يغيرون على إبل عمرو بن هند وعليهم قيس فردتهم يشكر وقتلواكم منهم، مستلثمين قد لبسوا الدروع، قرظى نسبة إلى البلاد التي تنبت القرظ وهي اليمن، وعبلاء هضبة بيضاء، أي جاءوا بكبش عظيم كأنه هضبة. ثم حُجرا أعني ابن أم قطامٍ ... وله فارسية خضراءُ هذه اليد الأخرى، فارسية كتيبة عليها سلاح من عمل أهل فارس، خفراء من كثرة السلاح، وكان حجر غزا أبا المنذر بن ماء السماء يجمع من كندة فخرجت إليه بكر بن وائل فردته وفلّت جموعه. ومع الجَونِ جون آل أبي الأو ... سِ عنود كأنها دَفواءُ الجون ملك من ملوك كندة. عنود كتيبة محكمة، دفواء منعطفة على ملكها تمنعه، والأدفي القرن المنحني على عجز الوعل. وقال سلامة بن جندل:

كنا إذا ما أتانا صارح فزِعَ ... كان الصراخَ له قرعُ الظَنابيبِ أبو عمرو: كانوا إذا أرادوا أن ينيخوا البعير فعسر عليهم ضربوا ظنبوبه فبّرك. يقول إذا أتانا صارخ أنخنا الإبل ليحمل عليها أراد إنا نصرخه. قال الأصمعي: يقال ضرب لذلك الأمر جروته وقرع له ساقه وشد له حزيمه كل هذا إذا عزم عليه. وشدّ كُر على وجناء ذِعلبةٍ ... وشدَّ لِبد على جرداءٍ شرحوبِ يقال محبِسُها أدنى لمرتعِها ... ولو تعادى بَبكءٍ كل محلوبِ يقول إذا نزلنا الثغر فحبسنا به الإبل حتى صب ونسمن ونهاب قال الناس محبس هذه الإبل على دار الحِفاظ أدنى أن تنال المرعى وإن كن قد تعادينَ أي توالين ببكء وَالبكء، يقال بكؤت الناقة، يقول: إن حبسناها في الثغر قليلا على سوء من حالها فإن ذلك أدنى لها من المرتع لأنا نستبيحها فتكون لها ترعاها، أبو عمرو: يقول هم وإن ذهب لبنها احتملوا لأنهم في حفاظ، وقيل أيضا يحبسونها ترعى قريبا منهم لتُركب إن خافوا شيئا، ولو تعادى أي أعدت هذه من عدوَى الحرب وتوالت - من قوله والبيت لامريء القيس.

فعادى عداءً بين ثورٍ ونعجتة ... دراكاً ولم بنصحْ بماءٍ فيغسلُ حتى تُرِكنا وما يُثنَى ظعائننا ... يأخذن ب! ين سوادِ الخطِ فاللوبِ يثنى يرد، يقول اتسع لها البلد بين الحرار والبحرين، يقول تحامانا الناس وقال عنترة: وجئنا على عمياء ماجمعوا لنا ... بأرعنٍ لاخَلٌ ولا متكشف قول جئنا على أمر عمى وجهالة لما جمعوا لنا، أرعن جيش كثير برعن الجبل، ولا خل أي ضعيف ضئيل، ولا متكشف. وقال: فإن يكُ عبد الله لاقي موارساً ... يردونَ خالَ العارضِ المتوقِدِ العارض السحاب وأراد الجيش هاهنا شبهه به، المتوقد للمع الحديد فيه، والخال من المخيلة وقيل الخال الراية. قال المفضل بن عبد القيس: وهم رفعوا المنيةَ فاستقلَتْ ... دِراكاً بعدِ ما كانتْ تحيق هذا مَثل، يريد أنهم رفعوا الراية وتحتها المنية، داركا متداركا، تحيق تنزل بهم - ومنه: " وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ". فلما اسيقنوا بالصبرِ منا ... تَذُكرتْ العشائر والحديق يقول: لما عرفوا الصبر منا انهزموا وولوا عند ذكرهم قومهم وحدائقهم.

وقال وعلة الجرمي: ولما رأيتُ الخيلَ تتْرى أثايجا ... علمتُ بأن اليومَ أحس فاجرُ أثايج جاعات، أحمس شديد. فاجر يركب فيه الفجور ولا يبقى فيه محرم، أراد مفجور فيه. وقال عوف بن الخرع: إذا ما اجتببنا جَبّاً مَنهل ... شببنا لحربٍ بعَلباَءٍ نارا يقول إذا غلبنا على منهل فشربنا منه شخصنا إلى قوم آخرين. وقوله يصف خيلا: وجللنَ دَمخا قناع العرو ... سِ أدنت على حاجبْيها الخِمارا دمخ جبل، يربد قناعا من الغبار الذي أثارته. وكلّ قبائِلهم أتّبعتْ ... كما أتبعَّ العرمِلحا وقارا يقول كان في صدورهم بغي وحب للقتال فأتبعتهم وقعتنا بُرءا كما أبرأ الملح والقار الجرب. وقال سلة بن الخرشب الأنماري يوم الرقم:

إذا ما خرجتمُ عامدينَ لأرضنا ... بني عامر فاستظهروا بالمرائر يعني أن بعض بني عامر لما خاف الإسار حين هزمت بنو عامر بحل حتى مات. يصف امرأة: توقع أنباء الخميس فراعَها ... توادِر خيلٍ لم يذرِّعْ بشيرها يقال ذَرّع البشير إذا جاء رافعا ذراعيه يولول أو يبشر، يقول لم يرفع يديه لأن الظفر لو كان لهم جاء البشير بذلك، يقول فلم يرعها إلا قد هجمت عليهم. عمرو بن قميئة: فدارت رَحانا ساعةً ورحاهمُ ... وردتْ طباقاً بَكءِ لَقحها هذا مَثل، يقول درت الحرب كما درت اللقوح، طباقا أي بعد أن كانت لا تدر: والبكء قلة اللبن. نبذنا إليهم دعوةً يال مالك ... لها إربة إن لم تجدْ من يريحها مالك يربد قومه، أي هذه الدعوة حاجة إن لم تجد من يريحها أي يردها بفداء أو ما ترد بمثله. وقال ذو الرمة: أبت إبلي أن تعرفَ الضيم ... نيبها إذا اجتيب للحربِ العوانِ السَنوّر

النيب المسانّ: يقول هذا التي كبرت وولت فلا يرغب فيها ولا تلقح أبت الضيم فكيف خيار إبلي، اجتيب لُبس، والسنور الدروع. وقال ذو الرمة: صدَمناهم دونَ الأماني صدمةً ... عَماساً بأطوادِ طواَلِ الشواهقِ يقول أمنوا بنا ما تمنوا فصدمناهم دون ذلك فلم يبلغوه، عماس مظلوة شديدة، بأطواد يقول بجبال من الجمع، شبه جمعهم بالجبال الطوال. لنا ولهُم جَرسٌ كأن ؤغاتَه ... تقوِّض بالوادي رؤوس الأبارقِ جرس صوت، وغاته ضوضاؤه: تقوِض تهدم بالوادي، رؤوس الأبارق جمع أبريق وهو جبل فيه حجارة وطين فشبه صوتهم في الحرب بصوت تقويض جبل. وقال آخر: وأقبلَ القوُ نَعاميّةً ... فينا وفئنا بالنِهابِ الخميسِ نعامية ضرب من المشي، وفئنا الثانية من الفيء، والخميسى المخموس أي مأخوذ منه الخمس، عن عدي بن حاتم أنه قال: ربعت في الجاهلية وخمست في الإسلام. وقول الآخر وهو عبد الله بن عنمة:

لكَ المرباعُ منها والصفايا ... وحكمكَ والنشيطةُ والفضولُ المرباع ربع الغنيمة، والصفايا ما يصطفيه الرئيس لنفسه، والنشيطة ما أخذوه في قَفلهم، والفضول ما فضل عن القسم - هذه كانت تُجعل للرئيس في غزواتهم. قال آخر: دعوا رحِماً فينا ولا يرقبونها ... وصدّتْ بأيديها النساء عن الدمِ أي كانوا يناشدونهم برحم بينهم وهم لا يرعونها حين حاربوهم فظفروا بهم واستقبلت النساء الطالبين فقلن بأيديهن: كفوا حسبهم، ونحو منه قول بشر: إذا عُلُوا قالوا أبونا وأمنا ... وليسَ لهم عالينَ أم ولا أبُ أبو زبيد: أصبحت حربُنا وحربُ بني الحا ... رثِ مشبوبةً بأعلى الدماءِ شامذاً تتقي المبِسَّ عن المر ... يةِ كرهاً بالصرف ذى الطلاء الشامذ الناقة التي ترفع ذنبها وإنما تفعل ذلك إذا لقحت، شبه الحرب بها، والمبس الحالب الذي يسَكّن الناقة إذا أراد أن يحتلبها، والمرية مسح الضرع حتى تدر، والصرف الدم الخالص، والطلاء اللبن والدم إذا اختلطا، أبو عمرو: الطلاء ما ارتفع فوق الدم واللبن إذا

جمدا مثل الماء، يقول: إذا امتراها الحالبون يعني الحرب حلبت لهم دما صرفا. وقال آخر: لأجنينَّ لعامرٍ ولمنقذٍ ... حرباً كناصيةِ الحصانِ الأشقرِ وقال ابن أحمر: على حالةٍ لا يعرفُ الورَد ... ربّه من الأبلق المشهورِ وسط القنابلِ يقول صار الأبلق والورد واحدا من الدم. وقال خداش بن زهير: ومُرقصة ترى زفيان خيلٍ ... وألهي بعلها عنها الشغولُ وتؤنس ركض مشعلة رعال ... وقد جعلت رجازتها تميلُ ترقص بعيرها هاربة لما رأت الخيل، والمشعلة الخيل المتفرقة في الغارة والرعال القطع، والرجازة ما عدلت به مما يلي الهودج، الطرماح يصف جيشا: بقود سما باللوثٍ حتى أبادَه ... من العيشِ واستلهى شهودُ العواهنِ القود الخيل تقاد، واللوث الشحم، أباده ذهب به، يقول غزوا بها سمانا، واستلهى من قولك لهيث عنه أي تركته، يقول تركهم القود في منازلهم لم يطيقوه فلهوا، والشهود الحضور، والعاهن المقيم على ماله لا يبرح، ويقال القود الجيش. وقال:

ويفون إن عقدوا وإن أتلوا حَبوا ... دون التلاء بفخمة مذكار أتلوا أجاسوا، والفخمة الكتيبة الضخمة، والمذكار التي فيها ذكور الخيل. وقال جرير لبني مجاشع: فبتّم خزايا والخزيرُ قراكُم ... وباتَ الصدى يدعو عقالاً وضمْضما خزايا واحدهم خزيان والمرأة خزيا وهي المستحيية والخزير شيء يعمل من الدقيق يشبه العصيدة، وبات الصدى يعني صدى هامة مزاد بن الأقعس بن ضمضم قتله عوف بن القعفاع فلم يدركوا بدمه، كانت العرب تقول إذا قتل خرج من رأسه هامة تزقو على قبره: اسقوني فإني عطشى فإذا أدرك بدمه سكتت. وقال ربعية بن عرادة. فإن تكُ هامةً بهراةٍ تزقو ... فقد أزقيتَ بالمروين ها ما وقال البعيث: نضاربُهم والخيل عابسة بنا ... ونكرِهُها ضربَ المخيض على الوحلِ المخيض الذي يريد أن يخيض إبله وحلا وهي تتأَخر وهو يضربها لتخوض. وقال الفرزدق يمدح قوماً: المانعون إذا النساءُ ترادفَتْ ... حذرَ السباء جمالها لا تُرحلُ ترادفت أي ركب بعضهن خلف بعض للهرب، جمالها لا ترحل

أي تركب أعراء من العجلة. وقال آخر في مثله والبيت لأبي دواد الرؤاسي: واعرورَتُ العلُطُ العُرصيّ تركضه ... أم الفوارسِ بالدئداءِ والرَبعه اعرورت ركبت البعير عريا للعجلة، والعلط التي لا أداة عليها مثل العطل، والعرضي الصعب الذي فيه اعراض، فإذا فعلت أم الفوارس هذا فغيرها أشد مخافة، والدئداء والربعة ضربان من العدو شديدان. وقال الفرردق وذكر الخيل: ترعى الزعانفُ حولنا بقيادِها ... وغدوّهنَ مروّحُ التَشلالِ الزعانف التباع والضعفاء من الناس الواحد زعنفة، يقول إذا قدنا الخيل إلى الأعداء رعت الزعانف حولنا آمنين، ويروى وعدوهن، أي عدو الخيل، مروح التشلال يقول يحمل الناس على أن يطردوا نعمهم فيهربوا منا، والشل الطرد. في جحفلٍ لجبٍ كأنّ سعاعَه ... جبل الطراة مضعضع الأميالِ يقول كان بريق السلاح فيه هذا الجبل إذا تضعضعت أمياله في السراب، والميل منتهى البصر. تغشى مكثلةٌ عوابسُها بنا ... يوم اللقاءِ أسنة الأبطالِ يعني الخيل، مكللة حاملة لا تكذب، يقال كلّل الرجل إذا حمل، وهلّل إذا فر. وقال كعب بن زهير:

لا يقع الطعنُ إلا في نحورِهم ... ما إن لهم عن حياضِ الموتِ تهليلُ وقال الفرزد ق: كيفَ التعذز بعد ذُمِّر تم ... صقباً لمعضلةِ النتاجِ نوار ذمرتم مسستم المذَّمر والمذَّمر مكانان يمسهما المذمِّر أحدهما بين الأذنين فإذا وجده غليظا تحت يده علم أنه ذكر وإن وجده لينا علم أنها أنثى والآخر طرق اللحي إذا وجده لطيفا علم أنها أنثى وإذا وجده غليظا علم أنه ذكر، معضلة النتاج نتجت في مشقة وشدة، نوار نفور، وهذا مثل للحرب وجعل الجنين صقبا أي ذكرا لأن الإناث أحمد في النتاج. وقال جرير: وخور مجاشع تركوا لقيطاً ... وقالوا حِنَو عينكَ والغرابا لقيط ابن زرارة، تركوه أسلموه فقتل، حنو العين الحاجب ينحني على العين، والغراب أي قتل حين أسلموه فالغراب ينقر عينه. وقالت الهذلية تذكر قتيلا والبيت لجنوب: تمشي النسورُ إليه وهي لا هية ... مشى العذارى عليهنَ الجلابيبُ تريد أنها آمنة لا يذعرها شيء فهي تمشي لاهية كمشي العذارى. وقال جرير:

ولم تأتِ عز أهلَها بالذي أتَتْ ... به جعفرا يوم الهضيباتِ عيرها أتتّهم بِعير لم تكنْ هجريّةً ... ولا حنطة الشأم المزِيت خميرها يوم الهضيبات يوم طِخفه وكانت وقعة بين الضباب وبين بني جعفر فكانت للضباب على بني جعفر فقتلوا من بنيِ جعفر سبعة وعشرين رجلا فجاءت نساء بني جعفر فحملن قتلاهم على الإبل فدفنهم. يقول لم تكن العير هجرية تحمل التمر من هجر إلى البحرين ولا عيرا تحمل الحنطة من الشأم التي تخمَّر بالزيت إنما كانت قتلى حلوا على الإبل. وقال أيضا في غير هذا المعنى: لولا ارتدافكما الخصّي عشية ... يا ابني حَميضة جئتما في العير أي لولا أنكما ركبتما الخصي - وهو برذون - فانهزمتما لكنتما بمنزلة هذه العير والقتلى. وقال يذكر نساء القتلى: وقد أنكَرَتْ أزواجَها إذ رأتْهم ... عراة نساء قد أحرّت صدورُها رأتْ كمراً مثل الجلاميدِ فتحتْ ... أحاليلها لما اتمأرَّتْ جذورُها الإحليل مخرج البول. اتمأرت انتفخت وعظمت. جذورها أصولها. منعنَ زيستحييْمَ بعد فرارهِم ... إلى حيثِ للأولاد يطوّى صغيرُها

أي النساء منعن أزواجهن أنفسهم وأرحامهن التي يطوَى صغير أولادهن فيها استحياء من فرارهم واستهانة منهن بهم، أيمط منعن إلى حيث يطوي للأولاد. وقال: وأضيافُ ليلٍ قدّ نقلنا قِراهم ... إليهُم فأتَلفْنا المنايا وأتلفوا نقلنا قراهم قتلناهم، فأتلفنا المنايا أي صادفناه بخيلا وجَبانا. وقال عمرو بن كلثوم في مثل هذا المعنى: قرينا كم فعبجّلْنا قِراكم قب ... يْل الصبحِ مِرداة طحونا يقول جعلنا قراكم كتيبة كالصخرة وهي المرداة. يكونُ ثِفالُها شرقي نجدٍ ... ولَهوتها قضاعة أجمعينا الثفال جلدة تكون تحت الرحى يقع عليها الدقيق، واللهوة الكف من الحنطة، وسلمى أحد جبلي طيىء، يقول: كتيبتنا تأخذ من الأرض هذا المقدار، ولهوتها قضاعة أي تطحنهم. وقال عمرو بن كلثوم: إذا ما عيَّ بالإسنافِ حيٌ ... من الهولِ المشبَّه أن يكونا الإسناف التقدم يقول إذا عي بالتقدم حي من الإحياء، من الهول المشبه يعني الذي قد شبه على الناس فلا يدرون أي جهة يأخذون ثم قال:

نصْبنا مثل رَهوةَ ذات حدٍ ... محافظة وكنا المسنِفينا أي نصبنا لهم كتيبة مثل رهوة وهي جبل، وكنا المتقدمين. ونحنُ الحاسبونَ بذي اُراطَي ... تسّف الجِلّةُ الخورُ الدَرينا الجلة المشان من الإبل، والخور الغِزار، تأكل، الدرين، وهو الكلأ اليابس، أي نحبس الإبل في دار الحفاظ وهو أجدر أن تأمن في غد. ومثله لسلامة بن جندل: يقالُ محبسها أدنى لمرتعها ... وان تعادي ببَكءٍ كلِ محلوبِ يقول محبسها في دار الحفاظ على الخسف والجدب أحرى أن تأمن معه في غدا إذا تنحى عنها الأعداء ورتعت حيث شاءت. ومثله للكميت: يرونَ الجَدبَ ما نزلوه خِصباً ... محافظة وكالأنُف الدَرينا وقال الفرزدق: منازيل عن ظهرِالقليلِ كثيرنا ... إذا ما دعا في المجلسِ المتردَّف الأصمعي: يريدَ إن لنَا نزلا وإن كان قليلا فهو خير من كثير غيرنا، أبو عبيدة: يريد نحن وإن كنا كثيرا لنا عزّو منعة فنزل لذي القلة عن حقه ولا تمنعنا كثرتنا من إنصافه، والمتردف الذي تردّفه

الشر شيء بعد شيء. والقول قول أبي عبيدة لأنه يقول في هذا الشعر. ولا عّزٌ إلا عّزنا قاهرٌ له ... ويسألنا النِصفِ الدليلُ فيُنصَفُ وبعد الأول: فقلنا الحصى عنه الذي فوقَ ظهره ... باحلامِ جهال إذا ما تغضَّفوا ولو أن سعاً أقبلتْ من بلادِها ... لجاءتْ بيبرينََ الليالي تَزَحَّف تغضفوا مالوا عليه بالتعطف، أي لجاءت الليالي من سعد بعدد مثل عدد الرمل. وقال يصف الخيل: علميهن منا الناقصون ذحولهم ... فهن بأعباء المنية كُتّف أعباءُ المنّية فرسان الخيل، كّتف تكتف في مشيتها وذلك إذا رفعت كتفا وخفضت كتفا. وقال الفرزدق يصف جيشاً: لنا أمرُه لا تعرف البلق وسطه ... كثيرُ الوَغي من كل حيّ قنابِلُه لنا أمره أي نحن أمراؤها، لا تعرف البلق وسطه، يقول أشهر الخيل البلق فإذا لم تعرف فغيرها أجدر أن لا تعرف لكثرة الجيش، والوغى اجتماع الأصوات. إذا حانَ منه منزل الليلِ أو قدتْ ... لأخراه في أعلى اليفاعِ أوائلة يقول إذا ورد الجيش فنزلوا منزلا أوقدت على شرف الأرض

ليهتدى بالنار آخر القوم إلى المنزل الذي نزل به أولهم. تظلُ به الأرضُ الفضاء معّضِلا ... وتَجهر أسدامَ المياه قبائلهُ أي تضيق عنه الأرض لكثرته، والتعضيل أن ينشب الولد في بطن المرأة فلا يخرج، والأسدام المياه المندفنة لطول عهدها بالناس، يقول إذا جاء هؤلاء استقوا منها فأخرجوا مع الماء التراب فيظهر الماء، فذلك الجهر، يقال جهرت البئر، وإنما يريد أن هؤلاء يسلكون طريقا لم يسلكه الناس من مخافته فقد اندفنت مياهه. وقال جرير للفرزدق: هّلا الزبيرَ مُنعت يومَ تشمستْ ... حرب تَضرَّم نازها مِذكاز تشمست امتنعت، وهذا مَثل، والناقة إذا حلت امتنعت عن الفحل، مذكار تلد الذكور وهو شر إنما تحمد الإناث. وقال الأخطل: فإن تك حرب ابنى نزار تواضَعتْ ... فقد عذرتنا في كلابٍ وفي كعبِ تواضعت سكنت، وكلاب وكعب ابنا ربيعة بن عامر بن صعصعة، عذرتنا جعلت لنا عذرا، يقال عذرْت الرجل وأعذرته أي جعلت له عذرا، يقول إن كانت حربنا سكنت فقد نلنا ما نحب من كلاب وكعب. وقال يذكر عمير بن الحباب حين قُتل: يسألة الصبر من غسان إذ حَضروا ... والحزمُ كيف قَراك الغِلمة الجشَر الصبر والحزم قبيلتان من غسان وكان عمير يقول: إنما هؤلاء جشر لنا والجشر القوم العزّاب في إبلهم، فلما مروا برأسه على

هؤلاء قالوا: كيف رأيت قرى الغلمة الذين زعمت أنهم جشر لك؟ واحدهم جاشر. وقال: أبحت حصونَ الأعجمبنَ فأمسكْتَ ... بأبوابِها من منزلٍ أنت نازله يقول إذا نزلت منزلا قريبا منهم أغلقوا أبواب حصونهم خوفا. وقال العجاج وذكر الحرب: ونجنجت بالخوفِ من تنجنجا ... ولبست للشرِ جُلّا أخرجا النجنجة الترديد، والأخراج الذي فيه بياض وسواد، المعنى أنها ت " مشهورة. ولم تعوّج رُحمٌ من تعوّجا ... وأعشَتْ الناس الضحاجَ الاضججا أي لم تعوج حم س لعوجا ... أي لم تعوج رحمة لمن تعوج، أي لم تمل عمن مال عنها ولكنها غشيته، الأضجج كقولك: الليل الأليل. وصاحَ خاشي شرِها وهجهجا ... وكان ما اهتضَّ الجحافُ بهرَجا هجهج زجر، اهتضّ كسر، والجحاف المجاحفة في الحرب، بهرج باطل، يقول ما أصيب فيها بطل ليس فيها عدْوَى ولا سلطان وحين يبعثْنَ الرياغ رهجآَ ... سفْر الشَمالِ الزِبْرَجَ المزبرجا أي حين الخيل يبعثن يثرن الغبار والتراب، رهجا غبارا، سفر الشمال أي كقشر الشمال الزبرج وهو قطع الغيم الصغار.

عن ذي اميسَ لهام لو دسر ... بركنه اركان دَمخ لا نقعر ذو قد اميس جيش ضخم، لهام يبتلع، دسر نطح، دمخ جبل، انقعر سقط. أرعن جرّار إذا جر الأثر ... دّيث صعْبات القفاف واربتأر ارعن له رَعن مثل رعن الجبل ورعنه أنفه، جرّار يَجر نفسه جرا من ثقله جرا لا يرى لا يستبين له أثر أاي ليس بقليل فيستبين آثاره، ديث لين كل قف ودقه، ابتأر حفر آبارا بالسهل. بالسهل مدعاس وبالبيد النقر ... كأنما زُهاؤه لمن جهر المدعاس الطريق الكثير الآثار، زهاؤه قدره وحزره، جهر نظر إليه. ليل ورزّ وغرِه إذا وغر ... سارٍ سرى من قبل العين فجر رز صوت، وغره أيضا صوته، يقول هذا الجيش كالليل. وضجته كضجة المطر، والساري سحاب يسري ليلا، والعين عن يمين قبلة العراق. وقال: سنابك الخيل يصدّ عن الأيَرّ ... من الصفا العاسي ويدهَسن الغَدَر الأيرّ الصفا الدلاص، يدهسن يلين، والغدر ما تعادى من الأرض فلم يستو وارتفع بعضه وانخفض بعضه.

وقال أيضا يذكر الجيش: في لامع العقبان لا يأتي الخمر ... يوجّه الأرض ويستاق الشجر أي في جيش تلمع عقبانه وهي الرايات، لا يأتي الخمر أي لا هو مِصحر، يوجّه الأرض يجعلها وجها واحدا من كثرته، ويستق الشجر يعني العرفج والرمث. قال يصف جيشا: بجشة جشوا بها ممن نفر ... محمّلين في الأزمّنة النخَر بجشة بثورة ونهضة، جشوا بها أي طحنوا ومنه سميت الجشيشة، وقوله: ممن نفر أي ممن ثار فنفر حين أتاه الخبر، محملين يقول علقوا الأزمة في النخر والنخر جع نخرة وهو طرف الأنف. وقوله: وانشقّ شؤبوب النفاق واشفتّر ... وأذلقته لجّة الغيث سحر شؤبوبه دفعته وحده، اشفتر تفرّق، لجة الغيث صوته وضجته ضرب ذلك مثَلا للحرب. منهما هما ذيّ إذا حرّت وحر ... فَقْخ إذا مارنّح الطرف اسمدرّ هماذِى تقول كان المطر هماذىَّ - أي يشتد مرة ويسكن أخرى

أي للحرب تارات شداد، والفقخ ضرب ودفعة، حرّت وحر فقخ، والمرّنح الذي يميل كالمغشى عليه وكذلك الطرف، واسمدرّ حين يأخذه مثل الغشى. ضربا إذا ما مِرجل القوم أفَر ... بالغلْى أحموه وأخبوِه التير أفر نزا بالغلى، والمرجل هاهنا مَثل للحرب، أخبوه أسكنوه، التّير جمع تارة أي مرة بعد مرة. وقال يصف جيشا آذى أوراد يغيّقن النظر ... من ذي إيادَين إذا جدّ اعتكر يغيّقن يحّيرن، والإياد شخص كالمسناة، أب للجيش مثل ذلك الإياد أي له جيشان مثل ذينك الإيادين، اعتكر عاد. وقال: لما رأوا منا إيادا سامكا ... مِردَى حروب بحروب يفرج اللكائكا الإباد مثلُ الركنِ يستقبلك أو يستدبرك، يريد جيشا، والسامك

المشرف، واللكائك الضيق والزحام - الْتكَ عليه القوم إذا ازدحموا. وقال يصف جيشا: كثير مَجْرِ المقرِلاتِ والحصا ... ذي لجبٍ يسرح من حيث اغتدا حتى توارتْ شمسه وما انقَضا المجر الجيش، المقربات الخيل تكون قريبات من البيوت لكرامتها، والحصى العدد الكثير من الناس، يقول يغتدى هذا الجيش مغيب الشمس من الموضع الذي خرج منه وما انقضى وهو معنى قوله: يسرح من حيث اغتدى. ينكر ذو الحاجة منه ما ابتغى ... حيران لا يشعر من حيثُ أتى عن قبص من لاقى أخاسً أم زكا يقول من جاء يطلب فرسا لم يعرفه من كثرة الخيل فيبقى متحيرا، والقبص العدد الكثير، يقول لا يشعر من كثرتهم أأزواج هم أم أفراد. وقال طفيل الغنوي: تبيت كعقبانِ الشريفِ رجالُه ... إذا كانو وا إحدث أمرٍ معطّفِ أي تبين مستعدة للعدو كما تبيت هذه العقبان، معطّب مهلك. وقال الجعدي: وبنو فزارةٍ إنها ... لاتلبث الحلَب الحوالبِ

أي لا تلبث الحوالب أن تحلب عليها - تعاجلها قبل أن تأتيها الأمداد. وقال الأصمعي: لا تلبث الحوالب حلب الناقة حتى تهزم، والأول أجود، وقال الجعدي: فلما أنْ تلاقيْنا ضحيّا ... وقد جعلوا المِصارعَ عَلى الذراعِ المصاع القتال، أي جعلوا أمر القتال إلينا فقالوا إن شئتم فقاتلوا كما يقول الرجل في الشيء: هو على حبل ذراعك، أي الأمر فيه إليك. وقال آخر: جدّت جَداد بلاعبٍ وتقشّعتْ ... غفمراتُ قالِبٍ لبسة حيرانِ أي لبس ثوبه مقلوبا من الدهش أوقال الكميت: في حومةِ الفيلقِ الجأواء إن ركبتْ ... قسر وهيضلها الخشخاشُ إن نزلوا الهيضل الرجالة، والخشخاش الكثير. وقال: وأي امرىءٍ كنتّ في الوغا ... إذا مارأينَ السُوقَ مثل السواعدِ أي تخرج النساء أسواقها من الفزع كما يخرجن السواعد في الأمن. وقال وذكر حربا: وأنَسى في الحروبِ مذمّريكم ... نتاج اليَتْنِ ما صفة السليل

اليتين أن تخرج رِجلاَ الولد قبل يديه، والسليل الولد، والمذمِرّ الذي يدخل يده في رحم الناقة لينظر ما الولد، يقول أنساهم اليتن الولد أذكر هو أو أنثى؟. وقال: مهاجر سائر وقد شالتْ ال ... سحرب لِقاحا بغُبرها الكُثبُ قول بغبر اللقاح من الحرب الكثب وهو جع كثبة وهي الدفعة من اللبن. مبسورة شارِفا مصّرمة ... محلوبُها الصابُ حين تُحتلَبُ مبسورة بسَرها الفحل أي ضربها على غير ضَبعة، والمصرّمة التي قد صرموا اخِلفها حتى انقطع لبنها. وقال: إذا ابتسر الحربَ أخلامُها ... كِشافا وهيّخت لأفحلُ أي أصدقاؤها واحدهم خلم.

واحتضر الموقدونَ إذ غزل ال ... واغلّ عنها النفارُ والزَيبُ الواغل الداخل، والازبّ الذي على عينيه شعر كثير طويل فهو ينفر أبدا. قدريْن لم يقتدحْ وقودَهما ... بالمرخِ تحت العفارِ منتصبُ أي واحتضر الموقدون، أي يقدح نارهما ذو زندين، منتصب ناصب للقدر. وقال جرير: نهيتكم أن تركبوا ذاتَ ناطحٍ ... من الحربِ يلوي بالرِداءِ نذيرُها قال يجيء رجل يلّوِح رداءه يقول: أتيتم فتهيئوا. وقال: وإذا سمعت بحربِ قيسٍ بعدها ... فضعوا السلاحَ وكفّروا تكفيرا التكفير أن يضع يديه على صدره. وقال وعلة الجرمي:

فدى لكمار رجلّي أمي وخالتي ... الكُلابِ إذ تُحزّ الدوابر هذا رجل كان يغدو ساعة ويركب فرسه ساعة حتى نجا، تحزّ الدوابر تقطع الأصول، ومنه قولهم: قطع الله دابرة فلان. ولما سمعتُ الخيلَ تدعو مُقاعساً ... تطالعني من ثغرةِ النحرِ جائزِ ثغرة النحر النقرة التي في أعلى الصدر وأسفل العنق. وقال الأخنس بن شهاب التغلبي: بجأواءٍ ينفي وردُها سرعانَها ... كأن وضيع البيضِ فيها الكواكبُ جأواء كتيبة علاها لون السواد والصدأ، والخضراء نحو ذلك، يقدّم وردها سرعانا منه لا يحملهم ماء واحد، والورد والواردة التي ترد الماء. وقال مهلهل ويقال رجل من تغلب يقال له شرحبيل. خلعَ الملوكَ وسارَ تحتَ لوائِهشجر العُرَى وعُراعر الأقوامِ أبو عبيدة: العراغر السيد ليس يريد سيدا واحدا إنما أراد السيد من كل قوم، وقوله العري واحدها عروة وهو الشجر الذي لا يذهب أبدا يقال: بارض بني فلان عروة من شجر أي شجر هو دائم فشبه كثرة الناس وبقاءهم بذلك الشجر. أبوعبيدة: إنما قيل

عري الإسلام للبقية، أبو عمرو: في العروة غير ذلك، ومن أنشده: عَراعر بفتح العين أراد جمع عراعر. وقال الكميت يهجو: ما أنتَ من شجرِ العرى ... عند الأمورِ ولا العَرَاعرِ وقال الأعشى يمدح رجلا: وَثوب إذا ما الحرب آوتْ سُروبهم ... وفاتهُم مأوي من الأرضَ سَملقُ سُروب جمع سَرب، وكانوا إذا أحَسّوا الغارة ضموا الإبل ولم يسرحوها بعيدا وفاتهم مأواها الذي كانت ترعى فيه. وقال الكميت: فأيّ مَزورٍ نحن أم أي زائِر ... إذا الكوم باءتْ بالرذيّة وارَهْبِ باءت ساوت، والرذية الهالكة، والرهب الكبيرة الهرمة، يقول صارت الكوم كذلك لمسيرنا عليها إليكم. وأيّ مزورٍ نحن أم أي زائرٍ ... إذا بَلَغَ القَود الوِكال من الندْبِ القود بلغ من الندب وهو السريع، أي يواكل فلا يبرح. وقال وذكر الخيل:

ومن غنمها يوم الهياجِ إذا غدَتْ ... بنا العَرَج يحوَي والقتيل الملحَّب سقتنا دماء القومِ طوراً وتارةً ... صبو حاله اقتار الجلودَ المعِلّب اقتار قوّر، والمجلب صاحب العلبة. وقال قيس بن الخطيم: أرِبتُ بدفعِ الحرلب حتى رأيتُها ... عن الدفع لا تزداد غيرُ تقاربِ فلما رأيت الحربَ حرباً تجردتْ ... لبست مع البرديْنِ ثوبَ المحاربِ أربت أي كانت لي حاجة في دفع القتال، والأرَب والإربة الحاجة، عن الدفع أي إذا دُفعت، ولبست مع البردين ثوب المحارب قال: كان يقول الرجل إذا أراد أن يحارب: إشتر لي ثوب مفاخر ودرع محارب. وقال: أطاعت بنو عوفٍ أميراً نهاهُم ... عن السِلمِ حتى كانَ أولَ واجبِ واجب ميت من قولهم وجبت الشمس إذا سقطت ووجب البيع إذا وقع. وقال صخر الغي يذكر كتيبة:

متى ما تنكروها تَعرفوها ... على أقطارِها علق نفيثُ أراد فيها ترد عليكم في الدماء تنفثها نفثا أي ترمي به، أي ترون كتيبة نكَر. وقال ابن شلوة: وحبيّب يزجونَ كل طمّرة ... ومن اللهازم شخْب غير مصرّم يمشونَ في خلقِ الحديد ِكما مشتْ ... أسْد الغريفِ بكلِ نحس مظلمَ يزجون يسوقون، طمّرة طويلة، ويقال وقع من طمار وهو المكان المشرف، واللهازم قيس وعِجل وتيم الله وعنزة، وقوله: شخب غير مصرم يريد أنهم من جماعة عزيزة والمصرم الضرع الذي أصابه شيء فاشتد وانقطع، شخب ما يخرج من الإحليل من اللبن، النحس الغبرة، مظلم أنهم يمشون في أمر عظيم. وقال عوف بن الخرع: بثّوا المغيرة في السوادِ كأنّها ... سَنَن تحيّر حول حوضِ المبِكرِ

يقول فرّقوا الجيش فكأنه إبل جاءت سننا ثم تفرقت حول. الحوض، والمبكر الذي يسقي إبله بكرا، يقال أبكر وبكر. وقال أبو قلابة الهذلي: ومنّا غصبة أخرى سراع ... زفّتها الريحُ كالسَنن الطِرابِ أي كابل تستّن في العدو، زفتها استخفتها، الطراب قد طربَت إلى أولادها والطرب خفة تأخذ الرجل من حزن ومن فرح. وقال حسان بن ثابت: وقال اللة قد أرسلت جندا ... هم الأنصار عرضتها اللقاءُ يقال فلان عرضة لكذا وكذا - إذا كان قويا عليه. وقال رؤبة: إنا إذا قدنا لقومٍ عَرضا ... لم نُبقِ من بغي الأعادي عِضّاً الغرض الجبل شبه الجيش به وجمعه أعراض. وأنشد الأصمعي لذي الرمة: أدنى تقاذَقه التقريب أو خبب ... كما تدَهدَى من العرضِ الجلاميد العض الجَلْد الشديد ويقال للرجل إذا كان منكرا شديدا: إنه لعض. وقال طفيل:

فألوَتْ بغاياهم بنا وتباشَرتْ ... إلى عَرضِ جيشٍ غير أن لم يُكتَّبِ ألوت لمعتِ لهم بشيء، وبغاياهم رباياهم الذين يبغون لهم الخبر ويلتمسونه لمعوا لهم بثوب أو بسيف، تباشرت البغايا إلى ذلك الجيش حين رأته وظنت أنه شيء يسرهم، وقوله إلى عرض جيش - تقول ذهب الجيش عرضا، لم يكتّب لم يجمع كتيبة.، أنشد يونس بن حبيب: نجا عامر والنفس منه بشدقِه ... ولم ينبئ إلا جفنَ سيفٍ ومئزرا يونس: أراد لم ينج إلا بجفن سيف ومئزر، وكان الكسائي ينصبه على الاستثناء يريد نجا ولم ينج ماله كما تقول نجا فلان وأنت تريد ماله واحترق منزل فلان إلا بيتين. وقال آخر: لو جسرَ دِجلة عن يزيدٍ سألتة ... والجسر منقطع به معقودُ يقال جسر وجسر يعني أنه وقف على الجسر فقاتل فمنعه فهو منقطع لا يجَاوزه أحد وهو معقود. وقال أبو حزام العكلي: وضاربتَ يوم الجسرِ والموتِ كانع ... وأبناؤه بين الذراعيْنِ والنحرِ كانع دان، وأبناء الموت قد نزلوا بين نراعيك ونحرك أي قربوا منك يعني الفرسان. وقال آخر: إذا ما الحرب ضّرس نابها أي ساء خلقها. وقال طفيل:

ومشعلة تخال الشمسَ فيها ... بعَيدَ طلوعِها تحت الحجابِ مشعلة غارة متفرقة كقولك أشعلت النار، ومنه قول الشاعر والخيل مشعلة النحور من الدم تحت الحجاب يقول تخالها تحت حجابها لم تطلع بعد، يريد كأنها ليست بطالعة وإن كانت طالعة لأنه لا ضوء لها من ضوء الحدَيد. وقال الحصين بن الحمام المري. ولما رأيتُ الصبرَ ليس بنافعي ... وإن كان يوماً ذا كواكبٍ أشهبا يقول كان اليوم يوما ذا كواكب، يقول له كواكب من السلاح، وأشهب يقول يوم شمس لا ظل فيه. وقال آخر. ويوم كظلِ الرمحِ واليوم شامسٌ أي طويل لأن ظل الرمح في أول النهار يطول جدا فيقول يوم طويل وهو شامس لا ظل فيه من شدته. ويقال في قول الحصين في شعر آخر: ولما رأيتُ الودَ ليسَ بنافعي ... وإن كان يوماذا كواكب مظُلمِا إنه مثل قول النابغة وذكر يوما: تبدو كواكبة والشمسُ طالعةٌ ... لا النور نور ولا الإظلام إظلامُ وقد فسر، يريد أنه يوم شديد تظلم عليهم الشمسى من شدته فتبدو كواكبه كما تقول للرجل تهدّده: لأرينك الكواكب ظهرا. وقال آخر:

في الطعنة والشجة والضربة

ومشعلة ترى السُفَراءَ فيها ... كأن وجوهَهم عصب نضاج أي قد لوّحتهم الحرب وغيّرتهم فكأن وجوههم عصب قد لاحته النار، والسفراء والسفراء جمع سفير وهم الذين يصلحون بين القوم. وقال العباس بن مرداس: ونحنُ ضربنا الكبشَ حتى تساقَطتْ ... كواكُبه بكل عَضًبٍ مهنّد كبش القوم رأسهم، وقوله تساقطت كواكبه يقول ذهب معظم كتائبه - وكوكب كل شيء معظمه - وكوكب الماء معظمه - وكوكب الحر معظمه - وكوكب القتال معظمه. قال أبو جندب الهذلي: ونهنهتُ أولى القومِ عنه بضربةٍ ... تنفّس منها كل حشيانٍ مُجحر أي كففتهم عنه، والحشيان الذي به ربو أي تفرج بتلك الضربة كل مكروب. في الطعنة والشجة والضربة قال أبو ذؤيب: فتخالسا نفسيْهما بنوافذٍ ... كنوافذِ العُبُطِ التي لا تُرقَعُ وصف رجلين التقيا في قتال، والعبط جع عبيط وهو الثوب يشق عن صحة وكذلك الناقة العبيط والشاة التي تنحر من غير علة، لا ترقع يقول فهذا أصلب من خلق يرقع، ويقال طعنة عبيط أي

طعنت على صحة فنفذت إلى الجوف فهي لا يسدها سبار ولا يرقععها أيضا. وقال: وطعنةُ خَلس قد طَعنَتْ مُرِشّة ... كعَطِّ الرداءِ لا يُشك طَوارُها أي لا تُسبرَ ولا تعالج، طوارها ناحيتها، خلس على دهش، مرشة ترش الدم، والعرب تقول: طعن بتر أي يختلس، ورمي سعَر - مصدر سعّرت الحرب والنار إذا لهبتها، وضرب هبر - أي يلقي قطعة من اللحم. مسحسحة تنفي الحصى عن طريقِها ... يطيّر أحشاءَ الرعيبِ اثِرارُها مسحسحة أي تسح الدم سحا، تنفي الحصى يقول دمها الذي يسيل منها ينّحي الراب عن طريقه، يصف كثرة الدم، والرعيب المرعوب، أي إذا نظر المرعوب إلى هذه الطعنة هاله ذلك، والانثرار سيلان ويقال سعة الجرح. وقال طفيل في مثل ذلك: برمّاحةٍ تنفي الترابُ كأنّها ... هراقة عقّ من شَعيبي معجّلِ عق شق، والشعيبان المزادتان، والمعجل الذي يحلب الإبل فيعجله إلى أهله قبل ورود الإبل. وقال أبو جندب الهذلي: وطعن كَرمحِ الشَول أمسَتْ غَوارِزا ... جَواذِبُها تأبى على المتغّبِرِ

أي ينفح هذا الطعن بالدم كما يرمح الشول. والغوارز التي قد غرزت وذلك إذا ذهبت ألبانها فإذا طلب منها الدر رمحت، والمتغبر الذي يطلب الغُبر أي بقية اللبن، والجواذب والغوارز قريب من السوء. وقال ابن رِبع الهذلي واسمه عبد مناف: والطعن شغشغة والضرب هيقعة ... ضرب المعوّل تحت الديمة العضدا شغشغة حكاية صوت الطعن، والهيقعة حكاية وقع السيوف، والمعوّل يتخذ عالة يبنيها وهي بيت من شجر يستظل من المطر، والعضد ما قطع من الشجر، والعضْد بالإسكان القطع يقال عضد يعِضد عضدا. وقال آخر: وطعنةُ مستبسلٍ ثائرٍ ... تردّ الكتيبة نصف النهار يقول: إذا رأوا تلك الطعنة رجعوا يقولون قد طعنوا هذا الطعن - فينهزمون نصف يوم. وقال المسيب بن علس: كغماغمِ الثيرانِ بينهمُ ... ضربٌ يغمّض دونه الحدقُ غماغم الثيران أصواتها، وعماعم الثيران بالعين جاعاتها، يقول هذا الضرب إذا رآه الإنسان غمض عينيه من هوله. وقال آخر يصف شجة وهو عذار بن ذرة الطائي:

يحجّ مأمومةً في قعرِها لجفٍ ... فاست الطبيب قذاها كالمغاريد يحج يصلح، مأمومة شجة بلغت أم الدماغ، ولجف أن يذهب في إحدى الناحيتين، فالطبيب مما يرى من هولها تقذى استه كالمغاريد وهم كمء صغار. ويقال له غماريد مقلوب، وهو مثل الجوز فعقد في كل شجرة ذات هدَب، والهدب ما كان يشبه ورق السرو مما ذهب طولا وما ذهب عرضا فهو ورق. وقال العجاج: عن قُلب ضُجم تورّي من سَبَر القلب جمع قليب، والضجم العوج، تورِّي تفسد جوفه من الخوف، من سبر هو الذي يسبرها والمسبار الذي يقدّر به الجراحة فينظر ما غورها. وقال الكميت يصف رجلا ضُرب رأسه: كأن الأمَ أم صداه لما ... جلوا عنها غَطاطة حابلينا الحابل الصائد بالحبالة، والغطاطة القطاة، شبه القحف حين ندر بقطاة، والصدى طائر كانت الأعراب تقول أنه يخرج من هامة الميت فلا يزال يصيح على قبره حتى يُدرَك بثأره. فأما قول ذي الإصبع: إنك إلاّ تَدع شتمي ومنقصتي ... أضربكَ حيث تقولُ الهامة اسقوني

فانه إنما أراد أضربك على الهامة لأن العطش يكون في الهامة. وأنشدنا لأبي محمد الفقعسي: قد علمتُ أني مروِّي هامها ... ومُذهب الغليلِ من أوامِها وقال الكميت يذكر طعن الثور: بطعن كوقعِ شراد النقالِ ... يحاكي به اللبة الأبحلِ السِراد المخصف وهو المِسرد، والنقال رقاع النعال واحدها نقيل، والأبجل العرق، يقول هذا يسيل واللبة تسيل فكأنهما يتباريان. وقال قيس بن الخطيم يصف طعنة: ملكتُ بها كفِّي فأنهرت فتقها ... يرى قائم من دونها ما وراءها ملكت شددت، ومنه قوله: أملكوا العجين فإنه أحد الريعين يريد شدوا عجنه، أراد أن البصر ينفذ فيها وهذا من إفراط الشعر وقبل هذا البيت. طعنتُ ابن عبد القيسِ طعنةَ ثائرٍ ... لها نَفَذ لولا الشعاع أضاءَها نفَذ الجرح منجمه من حيث نفذ أي ظاهره. وقال جرير: وعاوٍ عوى من غير شيءٍ رميته ... بقارعة أنفاذها تقطُر الدما جع نَفذٍ، والشعاع ما تفرق من الدم وانتشر، يقول لولا ذلك

أضاءت حتى يستبين لك، أنهرت فتقها أي أجريت الدم وكأنه من النهر. وقال الأعشى يصف ضربا بالسيف: كاذن الفَرَاء الأصح ... ر بين الغيل والدَحل يقيل النسر فيه ك ... جلوسِ الشيخ ذي الكِفلِ الفرأ الحمار، والأصحر في لونه وكذلك حمير الوحش صحر، والغيل الشجر، والدحل غار يكون في أصل الجبل يتسع من آخره ويضيق من أعلاه، شبه ما بقي من ذلك الضرب من الجلود المتعلقة بآذان الحمر، وشبه النسر بشيخ مكتفل. وقال مالك بن زغبة: بضربٍ كآذانِ الفراءِ فضوله ... وطعنٌ كايزاغ المخاض تبورها الفِراء جمع فَرإ، وإيزاغ المخاض دفعها بالبول - يقال أوزغت توزغ وذلك إذا قطّعته قطعا، تبورها تعرضها على الفحل تنظر ألواقح هي أم لا. وقال الأعشى: بمشعلةٍ يغشى الفِراشَ رشاشتها ... يبيت لها ضو من النارِ جاحم مشعلة متفرقة الدم، ومنه قيل قد اشتعلت الكتيبة إذا تفرقت يبيت لها ضوء أي يوقدون عند المطعون ليعرفوا حاله في كل ساعة،

جاحم جمر، الأصمعي: الجحمة حر النار ومنه الجحيم. وقال حسان بن ثابت: ذَروا فلجات الشأم قد حالَ دونها ... ضراب كأفواهِ اللقاح الأوراكِ ينشَد: فلحات وفلجات بالحاء والجيم، قالِ: والفلحة من الأرض ما اشتققت منها للزرع، والفلجة ما اشتققت من الديار وقال آخر: وأحياناً نخالطهم بضربٍ ... صموتٍ في الحديد وأرونانِ يقول إذا ضربنا البَيض صوت وإذا ضربنا الدروع لم تصوت، أرونان صوت. وقال الحارث بن حلزة: وصتيت من العواتك ماتن ... هاه إلا مُبيضّة رَعلاء صتيت جمع، والعواتك أمهات ملوك اليمن من كندة، ما تنهاه أي لا تكف هذا الجمع الاضربة توضح عن بياض العظم، رعلاء يتدلى اللحم من جانبيها جميعا. وقال: وسمعت وقعَ سيوفنا برؤوسهم ... وقعَ السحابِ على الطِرافِ المشَرجِ شبه وقع السيوف برؤوسهم بوقع المطرعلى الطراف وهو بيت من أدَم، مُشَرج منصوب مبني. وقو له: وضرّب غير تذبيب يريد أنه ليس بضرب نردّهم به عنا ولكنه ضرب قتل.

وقال سلامة بن جندل: كأن منا خا من قيون ومنزلاً ... بحيث التقيْنا من أكّفٍ وأسوق أي قيون يقطعون الأيدي والأرجل. وقال عنترة: وحليل غانيةٍ تركَتْ مجدّلاً ... تمكو فريصته كشدقِ الأعلم تمكو تصغِر من قول الله جل وعز " وما كان صلاتهم عند البيت الامكاء وتصدية "، يريد صوت خروج الدم منها، والأعلم الجمل المشقوق المشفر، شبه مواضع الضربة بشدق الأعلم. وقال: بكلِ مرهفةٍ لها نَفَتٌ ... تحت الضلوعِ كطرة القدمِ مرهفة سيوف رقاق، نفث تنفث بالدم، ويقال نفت بالتاء، يقال نفتت القدر تنفت نفتا إذا غلت، والرجل ينفت إذا غضب، القُدم برود يقال لها القُدمية، والطرة الحاشية. وقال مالك بن زغبة الباهلي يصف رجلا طعن:

يجرِّر ثربه قد قضَّ فيه ... كأنّ بياضَه سِبّ صفيقُ يريد أن بطنه شُق فخرج ثربه فقضّ في الراب أي حمل القضض، والسِب الخمارأ. وقال القطامي يصف ضربا وطعنا: ترى منه صدورَ الخيلِ زورا ... كأنّ بها نخازاً أو دُكاعا نحاز مثل السعال، والدكاع الزكام، والنحاز للخيل والدكاع للابل. فظلَّتْ تعبط الأيدي كلوماً ... تمّ عروفها علَقاً مُتاعا تعبط تكلم كلْما على صحة لغير علة، والمتاع المسال يقال أتاع الرجل إتاعة إذا قاء قيئة. وقال أيضا: بضرب تهللك الأبطال منه ... وتمتكر اللحى منه امتكارا المكرة المغرة، أي تخضب اللحى منه بالدم، شبه حمرة الدم بالمغرة. وقال عنترة أو غيره: فنجا أمامَ رماحنا وكأنّه ... فوتَ الأسنة حافر الجَأبِ الجأب المغرة، شبه ما عليه من لطخ الدم برجل يحفر في معدن مغرة. وقال خداش بن زهير: وطعنة خَلس كفرغ الإزا ... ء أفرغ في مثعبِ الحائرِ

الفرغ مصب الماء من الدلو، وإزاء الحوض الموضع الذي تفرغ عليه الدلو. تهالُ العوائدَ من فرغِها ... ترد السبارَ على السابرِ السِبار الذي يدخل في الجراحة ليعلم ما غورها، ترده علىِ السابر لكثرة ما يخرج منها من الدم. وقال الطرماح يصف الثور حين طعن الكلاب: فنحا لأولاها بطعنةِ محفظٍ ... تمكو جوانبها من الإنهارِ نحا انحرف، والمحفظ المغضب، تمكو تصفِر وذلك عند سيلانها، والإنهار سعة الطعنة. ومنه قول قيس بن الخطيم: فأنهرت فتقها وقال البعيث: ونحن منعنا بالكلابِ نساءَنا ... بضربٍ كأفواهِ المقّرحةِ الهدلِ المقرحة التي بمشافرها قَرْح فتسترخي مشافرها وتسيل ماء، شبه الضرب بها. وقال الفرردق يصف شجّة ويهوّلها: ترى في نواحيها الفراخَ كأنما ... جثَمن حِوالَي أم أربعةٍ طُحْلِ شرَنبثةَ شمطاءَ من يرَ مابها ... يُشْبِه ولوبين الخماسّي والطفلِ

إذا ما سقوها السمنَ أقبلَ وجهُها ... بعين عجوزٍ من عرينةٍ أو عُكلِ جُنادفةً سجراء تأخذُ عينُها ... إذا اكتحلَتْ نصفَ القفيزِ من الكحلِ جنادقة يعني العجوز قصيرة غليظة، سجراء حمراء. وقال الفرزدق: يحمي إذا اختلطَ السيوفُ نساءَنا ... ضرب تخِرّ له السواعدُ أرعلُ تخر تسقط، أرعل مسترخ، المعنى أنه يميل ما قطع فيسترخي وفي مثل للعرب " زادك الله رَعالة: كلما ازددت مثالة " رعالة استرخاء ومثالة من قولك: هذا أمثل من هذا. وقال الغرزدق أيضا: ونحن ضربْنا هامةَ ابن خويلدٍ ... يزيدَ على أم الفِراخِ الجواثمِ ونحنُ ضربنا من شُتيرِ بن خالدٍ ... على حيث تستسَقيه أم الجماجمِ أم الفراخ الهامة، وكذلك أم الجماجم. وهذا مثل قول ذي الأصبع: أضربْك حيث تقول الهامة اسقوني ونحو منه قوله: ونحن صدَّعنا هامةَ ابن خويلد ... على حيثِ تستسقيه أم الجواثمِ

الجواثم الفراخ يريد، الدماغ - وأمها الهامة. وقال العجاج يصف طعن الثور الكلاب: وبجَّ كلَّ عاندٍ نَعور ... قضبَ الطبيبُ نائطَ المصغور بج شق كل عرق عاند وهو الذي لا يرقأ، ويقال العاند العادل لا يجري دمه على جهته، والنعور الذي يرتفع دمه إذا جرى، قضب الطبيب أي قطعه، والنائط عرق يقال إنه في الظهر، والمصفور الذي به الصفار. وقال: صقعاً إذا صابَ اليآ فيخ احتفَر ... في الهامِ دُحلانا يفّرسْنَ النُعَر الصقع الضرب، والدحلان جع دحل وهو هوّة تكون في الأرض، يقول مجفر الضربُ في الهام، والفَرْس أصله دقّ العنق ثم جُعل كل دق فرسا، والنُعرة ذبابة، يقال: في رأسه نعرة - أي كبرة، وأصله أن الحار النِعر - وهو الذي يكون هذا الذباب في رأسه - يرفع رأسه فَضُرب مثلا للرجل الذي به كبر كأن تلك الذبابة في رأسه فهو شامخ بأنفه، يقول: فهذا الضرب بالسيف يذهب الكبر. بين الطِراقين وَيفلين الشعرَ ... عن قُلُبٍ ضُجمٍ تورِّي من سَبرِ أي بين طراقي عظام الرأس، والقلب الآبار: شمبه الشجاج بها ضجم مائلة يقال فم أضجم إذا كان مائلا، تورِّي من سبر أي من قاسها أورثت جوفه داء يسمى الوَرْي.

منها قعور عن قَعورٍ لم تذر ... دون الصَدى وأمه سترا سَتر الصدى الدماغ وأمه الجلدة تكون عليه، يقول السيوف لم تنر شيئا من الرأس دون الدماغ وأمه، ويسمى الدماغ بالصدى لقول الأعراب أنه يخرج من هامة الميت فلا يزال يصيح على قبره. ومنه قول الكميت: كأن الأمَ أم صداه لما ... جلوا عنها غَطاطةً حابلينا يعني هامته، وقد فُسّر ذلك. ويقال أنه سمي الدماغ بالصدى لأن العطش يكون منه. ومنه قول ذي الإصبع: أضربْك حيث تقول الهامة اسقوني وقوله يصف ضربا أيعني قول العجاج: تفضّ أمّ الهام والترائكا ... هشمَك حوليّ الهبيد الراتِكا الترائك أصله بيض النعام الذي قد قمثر فترك، شبه البيض على الرؤوس به. وقال: لا أدري ما الهبيد الراتك غير أن الرتك مقاربة الخطو. وقال بعضهم: إن الحنظل يؤخذ فيلقي حبه في حوض ويصب عليه الماء مرارا ثم يوطأ بالأرجل ويدلك دلكا شديد فإذا طاب الماء أخرج وجفف ثم جش فطبخ به واتخذ منه السويق، يريد بالراتك المرتوك فيه، الأصمعي: ويروي حولى الهبيد آركا، أي مقيما

عليه وهذا مثل - يقال إبل آركة إذا لزمت الأراك تأكله. وقال: وفي الحَراكيك بخُدبٍ خزّلٍ ... لَخفٍ كأشداقِ القِلاص الهدَّلِ الحراكيك الحراقِف وهي رؤوس الأوراك والخُدب الضربات التي لا تمالك، والخزل القطع، لخف هو أن يقطع قطعا رقيقا، ثم شبه هذه الخدب في سعتها بأشداق إبل هدل مسترخيات المشافر. وقال عبد الله بن الحويرث الحنفي: هم أنشبوا زرقَ القنافي في نحورَهم ... وبِيضاً تقيضن البَيض من حيث طائره يعني الفرخ وهو الدماغ، وتقيض تكسر. آخر وهو ابن مقبل: كأن نزَو فراخِ الهامِ بينهم ... نزو القلاتِ زَهاها قال قالينا القلات جمع قلَة وهي الدوّامة، والقال الخشبة التي تضرب بها الدوامة، والقالون الضاربون بها - يقال: قلوت بها. وقال الراعي يصف سيفا: يزيل بناتَ الهامِ عن سكناتها ... وما يلقَه من ساعدٍ فهو طائح بنات الهام الأدمغة، وسكناتها مواضعها. وقال آخر:

ألم ترمِ أوتضربْ وقد يضربُ الفتى ... ويرمي إذا جاري وإن مال رَلكبُه أي يقاتل وإن قُتل، وراكبه رأسه. وقال أبو النجم: وكان نوْل العبدِ إذ تحرّفا ... أن يُضرَب البيضِاءُ أو أن يُرعفا إذ تحرف إذ مال عن الطربق، يضرب البيضاء أي الوجه، يقال ضربتك البيضاء أي الوجه، أو أن يرعف أي يجدع أنفه فيسيل دمه. وقال ابن شلوة: وكأنما أقدامُهم ... كرَب تساقط في خليجٍ مفعَمِ مفعم مملوء أراد كثرة الدم أي تَقع فيه فكأنها تقع في خليج وهو النهر الصغير يشق من النهر الكبير. وقال قيس بن الخطيم: ترى اللابةَ السوداءَ يحمّر لونُها ... ويسهل منها كل رِيع وفَدفَدِ اللابة الحرة والجمع لاب ولوب، يحمر لونها من الدم، ويسهل فيها كل ريع أي ينزل منه الدم، والريع كل ما ارتفع من الأرض، والفدفد المستوى الصلب. وقال ابن أحمر يذكر عينه ورماها رجل ففقأها: أهوى لها مِشَقصاً حشراً فشبرقها ... وكنت أدعو قذاها الاثمد القَرِدا

يقول كنت من إشفاقي عليها أسمي ما يصلحها قذى فكيف ما يؤذيها، وقوله: أدعو أي أسمي، تقول: ما تدعون هذا فيكم؟ أي ما تسمونه. وقال ساعدة بن جؤية: يُدعون حُمساً ولم يرتعْ لهم فزع ... حتى رأوهم خِلالَ السبي والنَعم يُدعَون يسمّون، يقال لهم حرمة الحمس والحمس قريشَ ومن ولدت وحلفاؤها، ولم يرتع من الروع، خلال السبي بينه، والنعم الإبل، والحشر السهم الخفيف الريش الذي قد قُصبه ورِصافه، والاثمد القرد هو الذي ينقطع في العين وقيل القرد الذي لصق بعضه ببعض، والمعنى كنت أسمي الإثمد قذى من حذري عليها. وقال أبو كبير: عجِلت يداك لخيرهمِ بمِرشّةٍ ... كالعّط وسط مزادةِ المستخلفِ مرشة طعنة ترش الدم، والعط الشق، والمستخلف الذي يسقى، يقول يسيل دم هذه الطعنة كما تسيل المزادة المشقوقة. مستّنة سننُ الفَلُوّ مرشّة ... تنفي التراب بقاحِز مُعرَورِفِ أي يسن دمها يتبع بعضه بعضا كما يستن الفلو، تنفي التراب تبعده بدم يقحز أي ينزو، معرورف له عرف. يهدى السباع لها مُرِشّ جديّة ... شعواء مشعلة كجّرِ القَرطفِ أي تشم السباع الدم فتتبع أثره، والجدية الطريقة من الدم وشعواء

منتشرة، مشعلة متفرقة، وشبه طريقة الدم بمجرّ قطيفة على الأرض. وقال وإذا الكماةُ تعاوروا طعَن الكلى ... ندْر البِكارةِ في الجزاء المضعَفِ أي يتعاورون طعنا يذهب هدرا كما تندر البكارة وهي الصغار أي تُلقى فلا تحسب في الجزاء أي في الدية، وَالمضف المضاعف. وقال: وأخو الأباءةِ إذ رأى خُلّانه ... تلّى شفاعا حوله كالاِذخِرِ الأباءة الغيضة، يريد قوما قُتلوا قريبا من غيضة، تلّى صرعى، من تَلّه للجبين، شفاعا اثنين اثنين، يقول امتلأت الأرض منهم حي قُتلوا، وذلك أن الاذخر يكثر إذا نبت ولا تكاد تجد اذخرة واحدة إنما تجد الأرض منه مستحلسة. من يأتِه منهم يؤبْ بمرشّةٍ ... نجلاءٍ تُزغل مثل عَطِ المِسترِ تزغل تدفع، مثل شق المستر وهو ثوب يستتر به، نجلاء، واسعة. وقال يصف رجلا والبيت لزهير: يطعنهُم ما ارتموا حتى إذا اطّعنوا ... ضارب حتى إذا ماضاربوا اعتنقا يقول: إذا رموا من مدى بعيد غشيهم بالرمح فإذا اطعنوا دخَل تحت الرماح وضارب فإذا ضاربوا دخل تحت السيوف فاعتنق، إنما أراد أن يخبر أنه أقربهم منهم وألزقهم بهم. وقال مالك بن خالد الخناعي:

ترى القوم صَرعى جثوةٍ أصبحوا معا ... كأنّ بأيديهم حواشي شِبرق شبرق شجر وحواشيه حمر، فشبه الدماء بها. وقال ابن مقبل: ورجلة يضربون البَيضَ عن عُرُضٍ ... ضرباً تواصى به الأبطالُ سِجّينا سجّين ضرب شديد، قال أبو عبيدة: ومنه قول الله عز وجل " بحجارة من سجيل "، أي شديد، قال: وليس قول من قال سنكك وكل بشيء، ويروي سِخينا أي سخن. وقال كعب بن زهير: بضربٍ يُلقح الضِبعانُ منه ... طِروقته ويأتنف السفادا قال الأصمعي: يقول أخصب الضبعان حتى كأنه في ربيع يخصب فيلقح فيه، يأتنف السفادا، آخر: إذا شبع ترك الطلب وألحّ على السفاد، غيره: يريد تركنا من ذلك الضرب قتلى فيها طعام يلقح الضبعان طروقته سنتة ويأكل منه فيكفيه حتى يأتنف سفاداً من العام المقبل، والضبعان ذكر الضباع وقال النابغة الجعدي:

تحمَّل حي من كلاب وعلّقوا ... رؤوسً تُثفّى منزلاً ثم منزلا وجئنا بإبدالء الرؤوس فلم ندعْ ... لبنتِ كلابيّ من التبلِ مغزلا تثفى تُتَّخد أثافي، أي لم ندع مغزلا أخذ منهم إلا استنقذناه فرددناه عليهم. وقال عدي بن زيد يمدح رجلا في حرب: يهيِّجُه الصوتُ الضئيلُ وقِرنه ... يعاندُ خرقاً ثائرأ دون سربالِ يقول يهيجه صوت رجل قد طُعن فهو ضعيف الصوت يستغيث، يعاند يميل من طعنة، والثائر الدم، ويروي. يجيْبُ إلى الصوتِ فقرنه ... يعالجُ وهياً فائرأ دون سربالِ وقال يذكر طعنة: تقحِّم الآنِيَ العبيط كما ... قحَّمَ غرب المحالةِ الجملِ الآني الدم الذي قد بلغ ونزا في الجوف، والعبيط الطي، والغرب الدلو، والمحالة البكرة، يقول تدفع الطعنة الدم كما يجذب الجمل الغرب ويدفعه. وقال أبو ذؤيب: وغادر في رئيسِ القومِ أخرى ... مشَلشلة كما نفَذَ الخسيف مشلشلة طعنة تشلشل بالدم، والخسيف البئر تكون في جبل فيُكسَر جبلها عن الماء فلا تنزح أبدا.

وقال ساعدة بن جؤية: كأنما يقعُ البُصري بينهم ... من الطوائفِ والأعناقِ بالوَذمِ البصري سيف منسوب، والطوائف النواحي يريد الأيدي والأرجل، والوذم سيور في الدلو، يقول كأنما تقع السيوف على السيور من سرعة مّرها. وقال لبيد وقد ذكر الدهر وحوادثه: ولقد رأى صُبح سوادَ خليلةِ ... من بينِ قائمِ سيفه والمِجملِ صبح ملك من ملوك اليمن، وخليلة كندة وذلك أنه ضُرب ضربة فرأى كبد نفسه، ويقال: بل أراد بخليله صاحبه الذي ضربه وسواده شخصه وقد قرب منه، والمحمل حمائل السيف. وقال أبو خراش: فنهنه أولى القوم عني بضربةٍ ... كأوشخةِ العذراءِ ذاتِ القلائدِ يريد طرائق الدم كأوشحة العذراء. وقال المتنخل الهذلي وذكر سيفا: ذلك بزّي وسليهم إذا ... ما كنَّتِ الحَيش عن الأرجلِ هل ألحق الهِدرة بالضربة الخدباء بالمطَّرد المقصَل. كفت شمر، والحيش الفزع أي شمر بهم الفزع، والهدرة

الضربة التي تهدر قطعة فترمى بها، والمطرد الذي يتتابع إذا هز. وقال كثير: ويضربُ رَيعانَ الكتيبةِ صفّنا ... إذا أقبلتْ حتى نطرّفها رَعلا ريعان الكتيبة أولها، والرعل أن يقطع اللحمَ ويترك متعلقا لا يسقط، نطرفها نردّها. وقال آخر: وضربُ الجماجمِ ضرب الأص ... م حنظل شابةَ يجني هَبيدا ضرب الأصم أشد من ضرب السميع لأنه يبالغ ليسمع صوت الضربة. وقال آخر وهو الفرزدق - ويروي لذي الرمة: وكنا إذا القيسي نبّ عَتودُه ... ضربناه دونَ الأنثيين على الكرَدِ نبَّ عتوده - يصغرّ شأنه، والنيب صياح التيس عند السفاد، والعتود العريض حين يبلغ السفاد، والأنثيان الأذنان، والكرد أصل العنق. وقال زهير: إذا لِقحَتْ حرب عَوان مضرة ... ضروس تهرّ الناس أنيابُها عُصلِ قضاعّيةٌ أو أختها مضريّة ... يحرَّق في حافاتها الحطبُ الجَزلُ

لقحت اشتدت، وعوان ليست بأول - قد قوتل فيها مرة بعد مرة، وضروس عضوض سيئة الخلق، تهر الناس أيمط تصيرهم يَهرون منها أي يكرهونها. وقال عننترة: حلفنا لهم والخيلُ تردِى بنا معا ... نقاتلُكم حتى تهروا العوالياِ وعصل كالِحة معوجة وإنما يعصل ناب البعير إذا أسن، فأراد أنها حرب قديمة. قال وسمعت أبا عمرو بن العلاء يقول: يقولون لزهير " حرب مضرة " ولو كان إلي لقلت " مصِرّة " أي تعتزم وتمضي، قضاعية أو أختها مضرية - أي حرب منكرة. يقال: قضاعة بن معد مضر بن نزار بن معد، والجزل ما غلظ من الحطب. يقول: توقد بالجزل لا بالدقيق، والمعنى أنها حرب شديدة. ومثله قول الأعشى: أي نارِ الحربِ لا أوقدُها ... حطَباً جزلاً فأورَى وقدَحَ وقال ابن مقبل: لا حرب بالحرب يشفيها الإله ويش ... فيها شفاعة بين الاِلّ والرحِم حتى تشولُ لقاحاً بعد قارحِها ... تحرّبوها كحربِ الذئب للغنمِ يقول: إذا شفى الله الحرب وشفتها الرحم فليست بحرب شديدة، والالّ الحِلف والقرابة، وأول ما تلقح الناقة فهي قارح، جعل الناقة مثلا للحرب، تحربوها أي تجعلوها حربا، يقال: حرب وأحرب

أي حرش الحرب. وقال كعب بن زهير: صبحناهم بجمعٍ فيه ألف ... رواياهم يخضخضنَ المزادا الروايا الإبل التي تحمل الماء، تخضخض المزاد والضأن القهادا أربت يعني الحرب لزمتهم، والأركاع السفلة، والقهاد الصغار الأذناب القباح الوجوه، يهجوهم أي أنهم كذلك. وقال النابغة الجعدي: ويوم شديد غير ذي متنفسٍ ... أصمٍ على من كان يُحسب راقيا كأن زفير القوم من خوفِ شرهِ ... وقد بلغت منه النفوسُ التراقيا زفير متمّ بالمشيّا طرّقتْ ... بكاهله فلا يَريمُ الملاقيا المتم المرأة الحامل أتمت حملها، والمشيأ المختلف الجسم، طرقت بكاهله أي حان خروج كاهله فنشب، فلا يريم ملاقي الفرج. وقال أبو ذؤيب: وقائلة ما كان حذوةً بعلها ... غداة إذٍ مِنها شاءِ قِرد وكاهلِ ردّدنا إلى مولى بنيها فأصبحتْ ... يُعَدُّ بها وسط النساءِ الأراملِ أي رب قائلة تقول ما أصاب زوجي من حذوة الجيش؟ أي ما أعطى، وقرد وكاهل قبيلتان من هذيل، وإنما يهزأ بالمرأة يقول: قتلنا زوجها فصار يلي بنيها مواليهم أي بنو العم وأصبحت تعد في الأرامل.

وأشعت بوشّي شفينا اُحاحَه ... غداة إذ ذي جَردة متماحلِ أهمَّ بنيه صيفهم وشتاؤهُم ... فقالوا: تعدّوا غْز وسط الأراجل بوشي ذو بوش وعيال، أحاحه غيظه، والجردة الشملة، المتماحل الطويل الطرفين، أهم بنيه نفقة صيفهم وشتائهم فقالوا لأبيهم تعدّ أِي - انصرف، واغز وسط الأراجل رجّالة جماعة. تأبّط نعليْه وشيقّ فريرة ... وقال أليس القوم دون حُفائل يقول تزود نصف خروف، قال أبو عمرو: نصف فروة. وقال أليس القوم - العدو - قريباً؟، فقال يكفيني هذا الزاد وأنا إليكم بالغنائم. وقال ساعدة بن جؤية: بيناهُم يوما كذلك راعَهُم ... ضبر لباسهم الحديد مؤلّبُ ضبر جماعة من الناس، ومنه ضبرت الكتب أي جمعتها، مؤلب مجّمع. تحميهُم شهبا ذاتُ قوانس ... رمّازة تأبى لهم أن يُحربوا قوانس أعالي حديد، رمازة تموج وتتحرك وأصل الرمز تحريك الشفتين. لا يُكتَبون ولا يُكَتّ عديدُهم ... حفلَت بجيشهم كتائب أو عبوا

لا يكتبون أي يجمعهم العدد، ولا يكت لا يكسر، أو عبوا جاءوا بجماعتهم. وقال: يُدعُون حُمساً ولم يرتعْ لهم فزع ... حتى رأوهم خلالَ السبي والنعمِ الحمس بنو عامر وكنانة وخزاعة ومن ولدته قريش - سمّوا بذلك لأنهم كانوا يحرمون أشياء لم تكن العربَ تحرمها. وقال الشاعر وهو ابن أحمر: لو بي تحمّست الركاب إذّا ... ما خانني حَسبي ولا وفري أي تحرمتْ، ولم يرتع - يفتعل من الروع كأنه قال: ولم يفزع لهم فزع أي لم يكونوا فزعوا قبل ذلك وكانوا عند أنفسهم أعزّ من الأحماس فلم يشعروا حتى رأوا الذين أغاروا عليهم بين السبي والنعم يأخذون. فاستدّبروا كل ضَحضاحٍ مدفّئِة ... والمحَصنات وأوزاعاً من الصِرَمِ استدبروا ساقوها من ورائها، كل ضحضاح يعني إبلا والضحضاح الرقيق أصله من الماء الرقيق وإنما قال لها ضحضاح يعني لانتشارها على الأرض، مدفئة كثيرة، وأوزاعا يعني فرقا. وقال عمرو ذو الكلب وكان جارا لهذيل: ومالَبثَ القتالُ إذا التقينا ... سوى لَفْتِ اليمينِ على الشمالِ يقول إنما لبث كقدر اشتمال إنسان في السرعة.

وقال عياض بن خويلد: من المدَّعينَ إذا نوكِروا ... ترْيع إلى صوته الغَيلَم المدعين هو أن يقول: خذها وأنا فلان، ونوكروا كرهوا، تريع ترجع، والغيلم المرأة الحسناء، أي هو يمنع ويقاتل عن الفتاة. وقال عياض بن خويلد: بشهباءٍ تغلب من ذادَها ... لدى متنٍ وازعِها الأورمِ تغلب من طردها، يقول معظم الجيش وأشده انتفاجا خَلف وازعها ليزعها فخلفه معظمها. وقال أبو جندب: وقلت لهم قد ادركتُكم كتيبةً ... مفسِّدةً الأدبارِ مالم تخفّز من قال: تخفر بفتح الفاء أراد ما لم تُنفَذ لها خفارتها، ومن قال تخفر بكسر الفاء أراد ما لم تعب عَهدا فإن أعطت وفت به، مفسّدة يريد إذا أدركت دبر كتيبة أفسدتها. وقال ساعدة يذكر امرأة تسأل عن أبيها صاحبين له: فقالا عهدنا القومَ قد حضَروا به ... فلا ريب أن أن قد كانَ ثم لَحيم

حضروا به أي حضروه، فلا ريب فلا شك، لحيم قتيل - لحِم فلان قتل، ويروى " شحيم " أيضا أي قتيل. وقال يذكر جيشا: صابوا بستةِ أبياتٍ وأربعةٍ ... حتى كأنّ عليهم جابئاً لبدا أي وقعوا بهم، والجابيء الجراد يريد من كثرة ماَ وقع عليهم الناس كأن عليهم جرادا ملتبدا. وقال أبو خراش حين أسر فافتداه خويلد: فداني فلم يضننَّ عليّ ببكرِه ... وردّ غداة القاعِ رَدّة ماجدِ بكره ولده الأول، رد ردة ماجد أي كرّ كرة ماجد. وقال أبو ذؤيب: مردّ قد نرى ما كان فيه ... ولكن إنما يدَعي النجيب أي مكرّ. وقال كثيّر: وسارَتْ إلى شهباءٍ ثابِتة الرحى ... مقنّعة أخرى تزود نجومها مقنعة بالحديد يعني كتيبة، ونجومها توقدها من الحديد والبَيض كأن فيها نجوما، تزول تحرك كقول زهير:

تبصّر خليلي هلى ترى من ظعائن ... كما زالَ في الصبحِ الأشياءِ الحواملِ عبد الرحمن عن عمه. والحرب لا تقهر لاستعلائِها ... تطمح لم يقدَر على إلهائِها يقول الحرب لا تقهر بأمر يسير حتى يحتوش من نواحيها، فشبه الناقة بالحرب لأنها لا تضبط حتى يكون مستعلٍ وبائن، والمستعلي الذي يحلب والبائن الذي يمسك العلبة. عبد الرحمن عن عمه لعامر بن الطفيل: ونعم أخو الصعلوكِ أمسِ تركتُه ... بتّضرعٍ يمري باليديْنِ ويعسِفُ يمري يمسح الأرض، والعسف أن يتنفس نفسا شديداً. والعرب إذا رأوا البعير قد عسف نحروه، والعسف نزو الحنجرة وهذا مجروح، وأنشد. حتى يرى يعسف قد أحبّا والمحِب الذي قد كاد يموت. وأنشد: ما كان ذنبي في محبٍ باركْ ... أتاه أمرُ الله فهو هالْكُ وقال أوس بن حجر:

وفارَتْ بهم يوماً إلى الليلِ قِدْرنا ... تصّكُ حرابيَّ الظهور وتدسَعُ هذا مثل، أي كأنهم في قدر لنا تغلي بهم، وحَرابيّ الظهور عضلُها الذي يشخص من لحمها، أراد إنا نطعنهم في ظهورهم لأنهم منهزمون وأنشد لعبد الله بن عنمة الضبي. حرابيّ متنيه تديص كأنها ... خُصي أكلب ينزون فَي رأسِ أبرقا تديص تموج، وتدسع تدفع وترمي بالزبد يعني القدر كأنها تقىء عليهم. فما جبنوا إني أسِدّ عليهم ولكن لقوا ناراً تحشّ وتسفع إني بالكسر أسِدّ عليهم أقول بالسداد وهو القصد. قال الأصمعي هكذا أنشدنيه شعبة عن سماك بن حرب، وأنشدنيه أبو عمرو بن العلاء " فما جبنوا أنا نَشد عليهم " يقول لم يجبنوا لشَدنا عليهم ولكن لقوا حربا مثل النار. وقال يذكر خيلا عليها فرسان: عليها شِحاحٌ لا ذخيرة فيهم ... فيلحق منهم لاحق وتقطّعوا شحاح شداد حراص على الغنيمة، لا ذخيرة فيهم لا معروف لأحد عندهم فيحتاجوا إلى أن يكافئوه به، فيلحق لاحق أي من

الخيل، وتقطعوا قبل أن تبلغ. وقال: لدي كلِ أخدودِ يغادرن دارعاً ... يجَرّكما جر الفصيلِ المقرَّعُ القرع بثر الفصال وجدريّها فتبلّ ثم تجرّ في سبخة أو ملح فيذهب. لدن غدوةٍ حتى أغاثَ شريدّهم ... طويل البناتِ فالعيونُ فضَلفَع طويل البنات جبل حوله جبال صغار، يقول صاروا فيه فأفاقوا وشربوا الماء. وقال: نبئت أنّ دماَ حراماً نلتَه ... وهريق في ثوبِ عليكَ محبّرِ إن كان ظني يا ابن هند صادقي ... لا تحقنوها فيَ السقاءِ الأوفرِ يقول صار الدم في ثيابكم ليس عند آخرين، لا تحقنوها أي لا تذهبوا بها، وهذا مثَل للعرب أي أنتم قتلتموه. وقال رؤبة: قلت وجدَّ الورد بالفُرّاطِ ... لابدّ من جبيهةِ الخِلاطِ إذا تلاقى الوهط بالأوهاطِ ... أروِي بثَرثارَين في الغِطماطِ الوهط المكان المطمئن من الأرض، يريد إذا اجتمعت جماعات القتال في هذه المواضع: وإنما يريد ورد القتال، والجبيهة المصادمة، والخلاط المخالطة، والثرثار الذي له صوت، والغطماط الموج، وإنما

هذا مثل. وقوله: أغرفُ من ذي حدب وأوزي ... إلى تميم وتميم حرزي قال بعضهم: أوزي أسند وقال آخرون أصبّ في الإزاء وهو موضع مصب الماء، وهو أيضا مثل قوله: بأيّ دلو إن سقينا تستنيَ وهذه أمثال. الأصمعي في قول الشاعر: وخيل بني شَيبان أحنطها الدم : أي كان الدم لها حنوطا. وقال رؤبة: وأنا إن حافل يوم الحّفِل ... وغَشّ ذو الضّبِ وداء الحقلِ والحرب تَشرَي بالكِشافِ المغلِ الضب داء يكون في الصدر، والحقل هاهنا مثَل وهو داء يصيب الإبل في بطونها من أكل التراب والاسم الحَقْلة، والكشاف اللقاح، والمغل أن تلقح في السنة مرتين يقال أمغلت الشاة، قال الأصمعي: وضعه في غير موضعه لأن الكشاف إنما هو في الإبل والمغل في الشاء.

باب المعاني في الديات

أنشد ابن الأعرابي لشداد بن معاوية: قتلت سراتكم وحَسلت منكم ... حسيلأ مثل ما حسل الوِبار الحسيل والخسيل الرُذال، يقول قتلت سراتكم وتركت رذالكم الذين يُنفون كما ينفيَ الوبار. وأنشد: تخبط بالأخفافِ والمناسمِ ... عن دِرّة تخضب كف الهاشمِ هذه حرب شبهها بناقة ودرتها دم، ويقال هشم ما في الضرع إذا حلبه كله. وأنشد لبعض الأنصار: وأفلتنا أحَيَة غَير غَفرٍ ... يواري شخصه منا السواد الغفر أصله النكس، يقول أفلتنا مرةَ وليس بمفلت بعد. وقال في قول ضمرة: ماويّ بل ربّتَ ما غارة ... شعوا كاللَذعة بالمِيسمِ يريد كأنها في سرعتها لذعة بميسم في وبر. وقال آخر: وآخر شاص ترى جلده ... كقشرِ القتادةِ غِبّ المطرِ الشاصي الرافع رجله، وإذا أصاب المطر القتاد انتفخت قشوره وارتفعت، أراد قتيلا قد انتفخ. باب المعاني في الديات قال زهير: تُعفى الكلوم بالمئين فأصبحَتْ ... ينجّمها من ليسَ فيها بمجرِم

أي تمحي الجراح بالمئين من الإبل، يقول أنتم تغرمونها وتتحملونها نجوما على أنفسكم حتى يتموا الصلح، يريد المصلحين من عبس وذبيان. فأصبحَ يجري فيهم من تلادكم ... مغانم شتى من إفالٍ مزنَّم يقول صار عندهم من تلادكم لأنكم تحملتم، والإفال صَغار الإبل الواحد أفيل، والمزنم الموسّم بسمة توسم بها كرام الإبل. وقال: المزنم فحل معروف. ثم قال: لعمركَ ماجرّت عليهم رماحهم ... دم ابن نهيكٍ أو قتيلِ المثلّمِ فكلا أراهم أصبحوا يعقلونه ... صحيحات مال طالعات بمخرم يقول لم يحملوا دم ابن نهيك ودم قتيل المثلم لأن رماحهم جرّت ذلك ولأنهم جنوه - ولكن تبرعوا بالصلح بين عشيرتهم فأصبحوا يعقلون عنهم، وقوله: صحيحات مال - ويروي ألف، يريد ألفا من الإبل، طالعات بمخرم - أي قد نفذت إلى أصحابها الذين أدوها إليهم وقال آخر:

عقلُنا لهم من زوجِها عددُ الحصى ... تُخطّطهُ في جنحِ كل أصيلِ يقول قتلنا زوجها فلم نجعل عقله إلاّ همها تخطط في الأرض من غمها بذلك وفكرتها بما أصيب به من زوجها. والمغموم يولع بلقط الحصى وعدّه. وانشد لذي الرمة: عشية مالي حيلة غير أنني ... بلقطِ الحصى في عرصة الدار مولعُ وقال آخر: كفى مطلَّقةٍ تفتّ اليرمعا وقال أمية بن أبي الصلت: في فعالٍ من المكارمِ جزل ... لم تعلّل لهم بلَقطِ حصاكا وقال الكميت يذكر رجلا: كأنّ الدياتِ إذا علّقتْ ... مئوها به الشنَق الأسفلُ الشنق ما بين الفريضتين وهي في البقر الوقص، يقول الديات التامات عنده في خفة حملها عليه كأسفل الأشناق. وقال الأخطل: قرم تعلق أشناق الدياتِ به ... إذا المئون أمرّت فوقه حملا ابن الأعرابي: الشنق أن تزيد الإبل على المائة خمساً أو ستا: يقول فهو يحتمل الديات كاملة زائدة وقد تفعل العرب ذلك إذا احتمل الرجل الحمالة زاد أصحابها ليقطع ألسنتهم عنه وينسب إلى الوفاء.

أمرت فوقه حملا - كأنها شدت عليه بالمِرار وهو الحبل. وقال الكميت: أبونا الذي سن المئون لقومِه ... ديات وعداها سلوفاً منيبهاً عدّاها أمضاها سنة، سلوفا متقدما، منيبها مطيعها، وقيل السابق. وسلمها واستوسق الناس للتي ... تعلل فيما سن فيهم جَدوبها يقول من عابها تعلل لأنه لا يجد عيبا. وقال زيد الخيل يذكر إياس بن قبيصة الطائي: أفي كل عام سيد يفقدونه ... تحكِّك من وجدٍ عليه الكلا كلُ ثم يكون العقل منكم صحيفةً ... كما علقت على السليمِ الجلاجلُ كان كسرى أرسل إلى مال إياس ليأخذه فنفرت عن ذلك طيء وقد أراد أن يبطش بأناس منهم فلما رأى ذلك كسرى كتب لهم كتابا. فيه أمان فقال زيد شعرا هذين البيتين فيه يحض قومهم وينهاهم أن يقبلوا كتابه أو يطمئنوا إلى قوله. وقوله: كما علقت على السليم الجلاجل - كان اللديغ تعلق عليه الجلاجل والحلى ثم تحرك لئلا ينام فيدب السم في جسده. يقول: فهذا الكتاب الذي كتبه لكم كسرى كذلك يخدعكم به ويعللكم. وقال النابغة يصف حية: يسهّد من نومِ العشاءِ سليمها ... بحلى النساءِ في يديه قعاقعُ وقال عمرو بن معدي كرب: لصاحت تنادي الهام منهم بأرضنا ... صياحَ الندامى حول بيتِ تجارِ

يقول قُتلوا فصاحت هامهم وكانت الأعراب تزعم أن الهامة تصيح إذا قتل الرجل بإني عطشى حتى يقتل بثاره فتسكهن، ويقال بل يخرج من رأسه طائر يقال له الهامة، والتجار هاهنا باعة الخمر وقالت ليلى الأخيلية: إلى الخيل أجلي شأوها عن عقيرةٍ ... لعاقرِها فيها عقيرةُ عاقرِ تريد فيها وفاء لعاقرها في القصاص. فإن لا يباوئه السليل يكنْ لكم ... من الدهرِ يومِ ورده غير صادرِ يباوئه من البواء وهو القصاص، والسليل رجل من عقيل، تقول إن لم يقاص به أقام لكم يوم من الشر مَن وردَه لم يصدر، تريد أنه يقتل. وإن تكنْ القتلى بواء فإنكم ... فتى ماقتلتم آل عوفٍ بن عامر فتى ما قتلتم على جهة التعجب أيْ: أيّ فتى ما هو من فتى، والبواء التساوي في القصاص. وقال أنس بن مدرك وقتل سُليكا: إني وقتلى سليكاً ثم أعقُله ... كالثورِ يُضرب لما عافت البقرُ كان سليك وطىء امرأة من خثعم وأهلها خلوف فقتله انس فطولب بعقله فامتنع. وقال: إن قتلى سليكا كان باستحقاق فمطالبتكم إياي بعقله ظلم كما ظُلِم الثور لما ضُرب إذ عافت البقر، وقد فُسر هذا وما أشبهه. وقال زهير يصف قوما:

كرام فلا ذو التبل يدرك تبلهلديهم ولا الجاني عليهم بمسلم يقول إذا تبلوا في قوم لم يطمع القوم في الإدراك بتبلهم منهم وإن جني عليهم جان لم يسلَم لمن يأخذه بجنايته. وقال يمدح قوما: وإن قامَ منهم قائمٌ قالَ قاعد ... رشدت فلا غرمٌ عليك ولا خذل أي إذا قام في الحمالة قائم دعا له القاعد بالرشاد: لا غرم عليك لتبرعهم جميعا بالاحتمال، كلهم يحب أن يلزم ذلك دون غيره. قال الحارث بن حلزة: إن نبشتَّم ما بين مِلحةَ فالصاق ... بُ فيه الأمواتُ والأحياءُ يقول إن أثرتم ما كان بيننا وبينكم من الوقعات التي كانت بين الصاقب - وهو جبل - وملحة - وهو مكان - ظهر عليكم ما تكرهون من قتلى قتلناها لم تدركوا بثارهم، وفيه الأموات والأحياء - يقول في هذا النبش والأمر الذي أثرتموه موتى قد نُسوا ومات أمرهم لقدم عهدهم، وفيه أحياء أي حديث أمرهم قد بقي ففي آثارهم تلك ما يعرف به فضلنا عليكم وادعاؤكم الباطل، ويقال: إن نبشتم ما فعل الميت وما فعل الحي. أو نقشتم فالنقش يجشِّمه النا ... سُ وفيه السقام والابراءُ النقش الاستقصاء ومنه قيل ناقش فلان فلانا في الحساب أي استقصاه، يقول إن استخرجتم كل شيء ففي الناس السقام والابراء

أي لا تأمنون إن استقصيتم أن يكون السقام فيكم بأن تكونوا فتلتم فلم تثأروا وقُهرتم وعسى أن يكون الإبراء منا فيستبين ذلك للناس ويصير عاره عليكم فترك الاستقصاء خير. أو سكتَّم عنا فكنتمِ كمنْ أغ ... مَضَ عيناً في جفنها أقذاءُ أو منَعتُم ما تُسألون فمن حدِّ ... ثتموء له علينا العلاءُ أي إن منعتم ما تسألون من النصفة فانظروا من ضامنا أو كانت له الغلبة علينا فاعتبروا. فاتركوا الطَيخَ والتعدي وإمّا ... تتعاشَوا ففي التعاشِي الداءُ الطيخ الكلام القبيح، يقال هو طيّاخة، والتعاشي التعامي يقول إن تعاشيتم عن أيامنا فألجأتمونا إلى الإخبار عنكم وعنّا صرتم إلى ما تكرهون. أعلينا جُناحِ كندة إن يغ ... نم غازيهم ومنا الجَزاء ذكروا أن كندة غزت بني تغلب فقتلوا منهم وأسروا، يقول إن كانت كندة فعلت ذلك بكم فلم تقدروا أن تمتنعوا ولا أن تلحقوا اثأركم أفعلينا تحملون ذنبهم؟ يقول: تغنم كندة منكم فيكون جناح ما صنعواعلينا؟. أم علينا جرّي إياد كما قي ... ل لطسم أخوكم الأبّاء قال الأصمعي: كان طسم وجديس أخوين فكسرت جديس على الملك خراجه فأخذت طسم بذنب جديس، والأباء أبى أن يؤدي الخراج، يقول تريدون أن تلزمونا ذنوب الناس كما قيل لطسم إن

أخاكم كسر الخراج على الملك فنحن نأخذكم بذنبه. عننا باطلا وظلما كما تُع ... تر عن حَجرة الربيض الظِباء عننا اعتراضا، يقول: أنتم تعترضوننا بادعاء الذنوب، والعتر الذبح والعتيرة ذبيحة، والحجرة الحظيرة تتخذ للغنم، والربيض جماعة الغنم، وكان الرجل من العرب ينذر نذرا على شائه إذا بلَغت مائة أن يذبح عن كل عشر منها شاة في رجب كانت تسمى تلك الذبائح، الرجبية فكان الرجل منهم ربما بخل بشائه فيصيد الظباء ويذبحها عن غنمه في رجب ليوفي بها نذره، فقال: أنتم تأخذوننا بذنوب غيرنا كما ذبح أولئك الظباء عن غنمهم. وقوله: أم علينا جرَّى العباد كما ني ... ط بجوز المحمّل الأعباء جوزه وسطه، والأعباء الأثقال، أي كما يزاد الثقل على الثقل وقال يصف إيقاع الغَلاّق بتغلب: ما أصابوا من تغلبي فمطلو ... ل عليه إذا تولّى العفاء كتكاليف قومنا إذ دعا المن ... ذر: هل نحن لابن هند رِعاء كان عمرو بن هند قد بعث إلى بني تغلب وكانوا انحازوا عنه، يدعوهم إلى الرجوع إلى طاعته والغزو معه فأبوا وقالوا: مالنا نغزو معك أرعاء نحن لك؟ فحكى الحارث قول تغلب - فغضب عمرو فغزاهم في طريقه إلى غسان فقتل منهم، وقوله: كتكاليف - يقول لما كلِّفوا أن يرجعوا إلى عمرو لم يفعلوا - أي كانت وقعة الغَلاق بهم وذهاب أموالهم ودمائهم فيها هدرا كهذا. وقوله: وأقد ناه رب غسّان بالمن ... ذ ركرها اذلا تكال الدماء.

يقول ذهبت هدرا فليس فيها قَود، يقال كِيل فلان بفلان إذا قتل به. وقال الأسعر بن حمران الجعفي: باتت بصائرهم على أكتافهم ... وبصيرتي يعد وبهاعتَد وَأي البصيرة الدفعة من الدم، أي دماؤهم قد خرجت فصارت على أكتافهم وبصيرتي - في جوفي يعدو بها فرسي، يريد أنهم جرحوا، ويقال: بل أراد أن الذي طلبوه من الذحول على أكتافهم لم يدركوه بعد فهو ثقل عليهم، وبصيرتي أي ذحلى قد أدركت به. وقال عوف لقوم أخذوا إبل جيران له: وإن كان عقلا فاعقلوا لأخيكم ... بنات المخاض والبِكارَ المقاحما يهزأ بهم يقول: إن كان الأمر إلى أن تعقلوا فأعطوا الخشارة. وقال عبد الله بن سلمة: وسامِي الناظرين غذيّ كثر ... وثروة نابت كثرو افهِيبوا غذى كثر هو في سعة من المال، وثروة أي عدد كثير، نابت نشأ حديثا. نقِمت الوتر منه فلم أعَتم ... إذا مسحت بمغنظة جنوب أي انتصرت منه، لم أعتم لم أحتبس، مغنظة غم - غنظه الأمر إذا كَربه.

وقال عطية الخطَفَي: إذا ما جدعنا منكم أنف مِسمَع ... أقرّ ومنّاه الصعاصِع أبكُرَا مسمع أذن، وأنف كل شيء أوله، وقال بعضهم: المسمع كل خرق في الجسد من أنف وأذن، أقر على ذلك لذلّه، الصعاصع هلال بن صعصعة وقومه ومن يليه، أبكرا في الدية. وقال الأخطل: ألقوا البُرِين بني سليم إنها ... شابت وإنّ حَزازها لم يذهب البُرة الحلقة، وكانت امرأة من بني سُليم خزمت أنفها لما قُتل عمير بن الحباب السلمي وقالت: لا أنزعها حتى يدرك بثأره، والحزاز الحرقة يجدها الرجل في قلبه. ولقد علمت بأنها إذ علقت ... سمة الذليل بكل أنف مغضَب وقال العجاج: فلم يكن ينكَر فيما لم يُغَرّ ... عقل المئين والمئين والغُرر أي لم يكن ينكر فيما لم يُغَرّ منه الناس - فخفف - أي لم يكن ينكر أن يعقل المئين من الإبل في الدية، والغُرر جمع غرة وهو عبد أو أمة أو فرس. وقال العجاج: فإن يكن لاقي حيا بلأمم ... أمر يَفُضّ الصخر من جُول العلَم

حي رجل حبس وقيّد، يقول إن فعل هذا به في أمر يسير وهو الأمم فلاقاه منه أمر عظيم يكسر الصخر من ناحية العلم، والعلم الجبل، والجول الناحية. فلم يعِشْ مضيّما ولم يضَم ... بالأخذ والأخذ له ثأر العيمَ أي لم يعش يحمل على الضيم ولم يضم هو بأن يؤخذ وأن يؤخذ لَه الثأر المختار، يقال اختار له عيمة ماله - أي خياره - وجماعة عِيمَ. وقال آخر: فقتلا بتقتيل وعقرا بعقركم ... جزاء العطاس لا يموت من اثّأر جزاء العطاس يعني التشميت. وقال امرؤ القيس: بأي علا قتنا ترغبو ... ن عن دم عمرو على مَرثد أبو عمرو - لم يعرف هذا البيت أحد ممن سألته عنه غيره -: يقول بأي شيء تتعلقون علينا من العيوب فترغبون له. وقال النابغة: لئن كان للقبرين قبر بجلّق ... وقبر بصيداء التي عند حارب وللحارث الجفني سيد قَومه ... ليلتمسن بالجمع أرض المحارب هذا تحضيض على الغزو، يقول: لئن كان ابن هؤلاء الذين سميت ووصف مكان قبورهم ليغزون بالجمع دار من يحاربه.

وقال الكميت لقضاعة: لأية خصلتين دعوتمانا ... فلبّيكُم إجابة مستطيل مستطيل يأخذ بالفضل عليكم لا إجابة فقير إليكم. فإن نك في مُناوأة أخذنا ... بسَجل في الخُماشة ذي فضول المناوأة المعاداة، ويروى: في مباوأة، من البواء - رجل برجل، والسجل أصله الدلو أي بنصيب وحظ، والخماشة جراحة لا تبلغ الدية وقال خداش بن زهير: أكّاف قتلي العِيص عِيص شُواحط ... وذلك أمر لا يثفي له قِدري يقال هذا أمر لا يثَّفى عليه قدري أي لا تبرك عليه إبلي أي لا أعتد به ولا أريده وقال الراعي: وفجع يقلع الأحداث عنه ... تحسر حربُه الدحِن البَطينا الفجع المصيبة تقضّي أحداث الدهر عنه، تحسِّر تدعه حسيرا، والدحِن العظيم البطن. تُبادرنا إساءتُه فجئنا ... من الأفواج نبتدر المِئينا يريد تبادر بالإصلاح من قولك أسوت الجرح، يريد جئنا

باب في الثأو

نصلح ذلك الفجع، والأفواج الطرق من كل وجه، نبتدر المئين يريد نحتمل الدماء والديات بالمئين من الإبل. باب في الثأو قال أبو كبير الهذلي: تقع السيوفُ على طوائفٍ منهم ... فيُقامُ منهم ميل من لم يعدل يقول إذا كان لنا فيهم دم قتلنا به منهم حتى نستوي نحن وهم، والطوائف النواحي يريد الأيدي والأرجل. ومثله لأحيحة بن الجلاح: وقد علمتْ سَراةُ الأوسِ أنيمن الفتيان أعدلُ ما يميلُ أنشد عبد الرحمن عن عمه: تالله قد قذَفوا ضحوا بفاقرة ... إذا لقيلٍ أصابوا الميلَ فاعتدلوا وقال رجل من عبد شَمس: أكرهت نفسي والحياةُ حبيبة ... على جدن والخيل زُور قَوابعُ جدن اسم رجل، زور مزورة من الطعن. قال عنترة: فازوّر من وقعِ القنا بلبَانه ... وشكا إليّ بعبرةٍ وتحمحُمِ

قوابع متقاعسة خانسة. ولم يثنِ همي يومَ ذلك أنه ... بنحري جارٍ من دمِ الجوف ناقع يعني أنه طعنهم فانتضح عليه من دمائهم، يقول لم يثن همي ذلك من طلب الزيادة، ناقع شاف لأنه قد طعنه فاشتفى بذلك. أبو جندب الهذلي: دَعوا حولي نفاثةَ ثم قالوا ... لعلّكَ لست بالثأرِ المنيمِ كان هذا القول منهم على الاستهزاء، يقولون له لعلك إن قتلت لم تكن بثأر، والمنيم الذي إذا ظفر به صاحبه رضي به ونام عليه، أبو عمرو: الثأر المنيم الكفء. وقال عمرو بن معدي كرب: فإن أنتمُ لم تثأروا بأخيكم ... فمشّوا بآذانِ النعامِ إلمصلّمِ أي أنكم قد جدعتم بأخيكم فآذانِكم كآذان النعام، ومُشوا أمسحوا أيديكم بها. وقال امرؤ القيس: نمشّ بأعرافِ الجيادِ أكفّنا ... إذا نحن قمنا عن شواءٍ مضهَّبِ وقال آخر: مشينا فسوّينا القبورَ بعاقلٍ ... فقد حسنت بعد القُبوحِ قبورُها يقول قد كان قتلوا منا أكثر ممن قتلنا منهم حتى استوينا نحن وهم فقد حسن أمرنا بعد أن كان قبيحا. وقال آخر وهو جرير:

يمشي هبيرة بعد مقتلِ شيخِه ... مشى المراسلِ أوذنت بطلاقِ يعني يمشي على هينته فاترا لم يتحرك في ذلك ولم يطلب ثأر أبيه، والمراسل التي كانت لها زوج مرة فهي قد سمعت الطلاق فليست كأخرى لم تسمعه، ويقال المراسل التي قد تزوجت أزواجا. وقال آخر: ألا أبلغْ بني وهبٍ رسولاً ... بأنّ التمرَ حلوٌ في الشتاءِ عيّرهم بأنهم أخذوا دية فاشتروا بها نخلا، أي اقعُدوا وكلوا التمر ولا تطلبوا بثأركم. وقال آخر: فظلّ يضوزُ التمرَ والتمر ناقعٌ ... بوردٍ كلونِ الأرجوان سبائبه الضوز الأكل بخفاء، هذا رجل أخذ دية، يقول فهو يأكل التمر بدم لأنه إنما يأكله بالدية، والأرجوان صبغ أحمر. وقال آخر: إذا صُبّ ما في الوطب فاعلم بأنه ... دمُ الشيخ فاشربْ من دمِ الشيخِ أودعا هؤلاء قوم أخذوا دية إبلا فعيرهم، وأرادَ النون الخفيفة في دعا وقال آخر: كأنّ الذي أصبحتُم تحلبونه ... دمٌ غير أن الدَرَ ليس بأحمرا وقال آخر:

متى تردوا عكاظ توافقوها ... بآذان مسامِعُها قصارُ أي بآذان مجدعة أي قد ذللتم وغُلبتمً فلم يكن عندكم انتصار ولا طلب ثأر. ومثله قول أخت عمرو بن معدي كرب: فمُشوا بآذان النعام المصلّم وقال الأعشي: قد نطعنُ العيرَ في مكنون فائله ... وقد يشيطُ على أرماحِنا البَطلُ الفائلان عرقان عن يمين الذنب وشماله، يشيط يبطل دمه يقال شاط دمه إذا بطل وأصل الإشاطة الاحتراق ويقال أشاط دمه إذا عرضه للقتل، ويروى: قد نخضب العير من مكنون فائله، قال: والفارس الحاذق يتعمد بالطعن في الخُربة وهي نقرة في الورك فيها لحم ولا عظم فيها تنفذ إلى الجوف، يقول إنا بصراء بموضع الطعن، والفائل عرق يخرج من الجوف في الخربة فيجري في الفخذ، ومكنون الفائل دمه، ومن أنشد: قد نطعن العير فقد أخطأ كيف يطعنه في الدم، ويشيط يهلك، والأصل في الإشاطة الاحتراق. وقال الراعي: وأزهر سخّي نفسه عن تلادهِ ... حَنايا حديد مُقفلٍ وسوارقه أزهر رجل أبيض أسرناه فسخت نفسه عن تلاده، حنايا حديد

ما عطف من الحديد عليه فاُوثق به، وسوارقه يعني الأقفال، يريد أنه فدى نفسه. وقال آخر: هم قتلوا منكمُ بظنةٍ واحدٍ ... ثمانية ثم استمروا فأرتعوا يقول اتهموكم بقتل رجل منهم فقتلوا منكم ثمانية به، ثم أرتعوا إبلهم آمنين لا يخافون منكم غيرا. وقال الحطيئة: قد ناضلوكَ فسلَّوا من كنائنهم ... مجداً تليداً ونبلأ غير أنكاسِ ناضلوك رامَوك، وهذا مثَل أي فاخروك فرجحوا عليك بآبائهم وأجدادهم، والنكس هو أن يجعل أعلاه أسفله حين ينكسر، الأصمعي - وقال: المجد هاهنا كان الرجل في الجاهلية إذا أسر الرجل جز ناصيته وخلي سبيله وصيّر ناصيته في كنانته ثم أخرج الناصية عند الفخار فيقول: هذه ناصية فلان. وقال الراعي: ومغتصَب من رهطِ ضِبعانٍ يشتكي ... إلى القوم أعضادُ المطيّ الرواسمِ أي أسر وجنب فهو يشتكي أعضادها لأنه قد شُد إليها. تجولُ به عَيرانة عند غرزِها ... جنيب أقادته جريرةُ جارم أقادته جعلته منقادا وقال الطرماح: إذا الجبلان استتليادَين معشرٍ ... على الناسَ كان الدينَ أحلامَ باطلِ يعني جبلي طيىء أجأ وسلمى، استتليا من التلية والتلاوة ويقال تتلّيت حقي أي تتبعته، يريد صار دين لمعشر من الناس يريد دما يُطلَب به كان ذلك الدم باطلا أي مطلولا بعز طيىء وامتناعها. وقال:

كم من كريم عظيم الشأن من مضرٍ ... ومن ربيعةٍ نائي الدار والنسب قدراحَ زيد إلى الهطّالَ جانِبَه ... مواشكاً للمطايا طيّع الخَبَبِ يعني زيد الخيل والهطال فرسه، يقول كم من كريم قد أخذه زيد فقرنه بحبل ثم ذهب به إلى الهطال يجنبه. وقال آخر وهو جرير: وما باتَ قوم ضامنين لنا دماً ... فتوفيْنا إلا دماء شوافع أي دمان من غيرنا بدم واحد منا. وقال الأخطل: وإذا المئون تُووكلت أعناقها ... فاحمل هناك على فتى حمال أعناقها جماعاتها يقال عنق من الناس أي جماعة، والمئون من الإبل، تووكلت أي اتكل بعضها على بعض فيها. وقال آخر: وقالوا رَبوض ضخمة في جرانه ... واسمر من جلد الذراعين مقُفَل يقال شجرة ربوض أي ضخمة وهي هاهنا سلسلة، والجران العنق هاهنا، وأسمر يريد القِدّ، مقفل يابس، يقال أقفله الصوم أي أيبسه وخيل قوافل أي ضوامر يبّس. وقال الفرزدق: وإني لأخشى أن يكون عطاؤه ... أداهم سودا أو محدرجة سُمرا اداهم قيود، ومحدرجة سمر سياط من القِد.

وقال الأعشى: يقوم على الوغمِ في قومه ... فيعفوا إذا شاءَ أو ينتقم الوغم التِرة والذحل، يقوم عليه في قومه أي يطالب فإذا قدر فهو بالخيار إن شاء عفا وإن شاء انتقم. وقال أبو زبيد: من دمٍ ضائعٍ تغّيب عنه ... أقربوه إلا الصدى والجبوبُ الصد ى ذكر البوم، والجبوب الحجارة، استثنى الصدى والجبوب من الأقربين وليسا منهم. وقال المرار بن سعيد الفقعسي: ونحن جنبنا السمهري إليهم ... يطيع القرين مرة ويجاذبه القرين الحبل، يريد أنه موثق. وقال آخر أبو خراش الهذلي: فمن كانَ يرجو الصلحَ منهم فإنه ... كأحمرٍ عاد أو كُلَيبٍ لوائل وصف قتيلا فقال: من كان يرجو الصلح من أولئك الذين قتلوا فإن هذا القتيل في الشؤم كأحمر ثمود الذي عقر الناقة أو كشؤم كليب لابني وائل يعني الذي هاجت لمقتله الحرب بين بكر وتغلب، يريد أن الصلح لا يتم. وقالت ليلى الأخيلية: إلى الخيلِ أجلي شأؤها عن عقيرةٍ ... لعاقرِها فيها عقيرةُ عاقرِ

تريد: فيها وفاء لعاقرها. تريد: عقيرة ما هي من عقيرة - على جهة التعجب. فالّايباوئه السليل نقم لكم ... من الدهرِ يوماً ورده غير صادرِ السليل بن ثور بن أبي سمعان العقيلي، يباوئه من البَواء وهو التساوي في القصاص، نقم لكم يوما من الشر مَن ورده لم يصدر عنه، تريد أنه يقتل. وإن تَكُن القتلى بواءٍ فإنّكم ... ما قتلتُم آل عوف بن عامر تقول إن تكن القتلى متساوية في القصاص دم بدم فأي فتى قتلتم - على جهة التعجب. وقال قيس بن الخطيم: ثأرت عديّأ والخطيمُ فلم اُضع ... وصية أشياخٍ جعلت إزاءَها تقول ثأرت فلانا - وبفلان إذا قتلت قاتله وثأرك هو الرجل الذي أصاب حميمك والمصدر الثؤرة يقال أدرك فلان ثؤرته، وأنشد عن أبي عمرو: قتلت به ثأري فأدركت ثؤرتي جُعلت إزاءها أي القيّم بها، يقال هو إزاء مال أي يقوم به وأنشد: ولكني جُعلتُ إزاءَ مالٍ ... فأبخلُ بعد ذلك أو أنيلُ

وقال يزيد بن الصعق: بإصر يقولنَ حميري لقومهِ ... أو ابن أبَير أو يقولّنَ عاصمُ متى عقلت عليا هوازن مذحجاً ... كأنا بنو أم اليكِ توائمُ الأصمعي: أسر ابن بوّ وهو رجل من تميم رجلا من طوائف مذحج فاستودعه يزيد بن الصعق فأطلقه يزيد وقال: قد أفلت منيَ، فقال ابن بوّ: أردد إليّ أسيري أو هات فداءه، فقال يزيد هذا الشعر، وحميري الذي ذكر رجل من بني رياح، وابن أبير تميمي أيضا، وعاصم أبو قيس بن عاصم المنقري، يقول: باصر يقولن هؤلاء متى أخذت هوازن بفعل مذحج ثم تعجب فقال: كأنا بنو أم إليك - بمعنى عندك في حكمك، وبقوله: يقولن، أراد ليقولن فأضمر اللام، وقال سُحَيم بن وثيل الرياحي: وإني لا يعود إليّ قِرني ... غداةَ الغِبّ إلا في قرينِ غداة الغب إذا غمزه وثبت معه يوما وليلة لم يصبر فلا يعود إليه أبدا إلا وهو مقرون أي أسير مربوط، وقوله: إلا في قرين أي إلا مع قرين قد قُرن إليه من الأساري. وقال آخر وهو الحطيئة: غضبتُم علينا أنْ قتلنا بما لك ... بني مالكٍ ها ان ذا غضَب مُطّرْ أبو عبيدة: يقال جاء فلان مطرّا أي مستطيلا مدلا.

وقال ابن مقبل: ونجنُ قَتلنا القومَ ليلة أجحمتْ ... هلالٌ وقالوا: حَرّزوا وانظروا غدا حرزوا أسراكم أي اعتقوهم وانظروا غدا أي حسن المقالة غدا أي انظروا في العواقب. وقال كعب بن زهير: صبّحنا الخزرَ جيةَ مرهفات ... أبار ذوي أرومتِها ذووها فما عُتر الظباء بحي كعب ... ولا الخمسون قصّر طالبوها ذووها أي ذوو السيوف، عتر ذبح من العتيرة وهي الذبيحة في رجب، يقول لم تعتر الظباء ولكن عترت الرجال، ولا الخمسون قصر طالبوها - قالوا لا نقتل إلا خمسين ليس فيهم أعور ولا أعرج. وقال المرار الفقعسي: وأنتَ رهين بالحجازِ محالفٌ ... بجون سري دهم المطيّ ومايسري وقال الجعدي، ويقال هو لأبي الصلت: تلك المكارم لا قعبان من لبنٍ ... سيباً بماءِ فعادا بعد أبوالا يقال في تفسيره إن المكارم أن تطلب بثأرك حتى تدركه وليس بأن تأخذ إبلا فتشرب ألبانها. ويقال: بل تفسيره ما عدّد في الشعر لا لبن يشرب ويسقاه الناس. وقال عدي وذكر النعمان:

جاءني من لديه مروان إذ قفّي ... تْ عنه بخبرٍ ما أحذاني بافال عشرين قحّمَها الصع ... ب بحسن الإخاء والخُلاّن لاصفايادهم فأسمنها الرسا ... لُ ولا جلة قطيع هجانِ الإفال القيود، قحمها أدخل بعضها في بعض، يقال قحمها في رجله، وكان النعمان يسمي الصعب لصعوبته في ملكه، بحسن الإخَاء أي جعل ذلك مكافأة لحسن الإخاء ومكافأة للخلان، يهزأ به: أي كانت تلك مكافأته إياي بإحساني، قال خالد: بل أراد بالإفال صغار الإبل قحمها الصعب وهو رجل يسوقها، ومن ذهب هذا المذهب أراد أن عديا استقل ما بعث به ولم يرضه. وقال: إن ابن أمك لم يُنظَر قفيتَه ... لما توارى ورامى الناسِ بالكِلمِ قفيته كرامته يقال هو يقفي بكذا أي يؤثر به ويكرم أي لم ينظر لكرامته لما توارى أي لما حبس إنما أخّر ليقتل، ورامي الناس بعضهم بعضا بالكلم في أمره. وقال يزيد بن الصعق: أساور بَيض الدارعينَ وأبتغي ... عقالَ المئين في الصباحِ وفي الدَّهم أي آخذ برؤوس الفرسان وأعانق، أبتغي عقالَ المئين أي الفرسان

الذين فداؤهم مائة، وأصله أن يقال: فلان قيد مائة أي إذا أسر فمِائته مقيدة عند صاحبه. وقال الراعي: وكان لها في أوَلِ الدهرِ فارسٌ ... إذا ما رأى قيدَ المئِين يعانقه وقال آخر: لعلكَ يوماً إن أثرت خليةً ... بُجذمورما أبقى لك السيف تغضَبُ هذا رجل قطعت يده فأخذ ديتها، ويروي: بجذماء فيها ضربة السيف. وقال أعرابي أسر يحرض قومه على فكاكه: نطحن بالرحا شزرا وبتّا ... ولو نعطَي المغازل ماعَيينا ونصبحُ بالمغداةِ اترّ شيء ... ونمسي بالعشي طلنفَجينا الشزر إدارة الرحا على غير جهتها والبتّ على جهتها، والطلنفح الكال المعي. وقال الفرزدق في يزيد بن أبي مسلم كاتب الحجاج: رأيتُ ابنَ دينارٍ يزيدَ رمي به ... إلى الشأمِ يومَ العنزِ والله شاغِلُهُ بعذراءٍ لم تُنكَح حليلاً ومن تلج ... ذراعيْه تَخذلُ سأعدبَه أناملَهُ وثِقتُ له بالخزي لما رأيتُه ... على البغلِ معدولاً ثقالاً فرازله يوم العنز أراد حتفه - كما قال:

البيض والدروع

وكنتُ كعنزِ السوءَ قامَتْ لحتفِهاإلى مُدية مدفونة تستثيرها عذراء جامعة، وفرازله كبوله. أنشد الرياشي: فإن تقتلوا أوساً كريماً فإنني ... جعلتُ أبا سفيان ملتزماً رَحلِى أي أسرته. وقال حميد بن ثور وذكر رجلا يمدحه: تلافيَ مهمات الحمالةِ كلما ... اُريحتْ بأيدي الجارِ مين الجرائرِ تلافى تدارك أي تحمل الحمالات، أريحت الجرائر أي ردت عليكم جرائر الجار مين فأدوا إلى أهلها، والعرب تقول: أرح عليه حقه أي أده إليه. وقال آخر: لتبكِ على الجّحافِ عين مريضة ... وصما عمّا ساءَها وهي تسمعُ ومستشعرونَ الثأرِ دون ثيابهم إذا ... هتَفَتْ ورقا يوما تقنعوا يعني أنها ذلت بعد قتل الجحاف فإن سمعتْ كلاما يسوءها صمتت، ومستشعرون الثأر أي لم يدركوه ولم يطلبوه فهو لهم شعار وهو ما ولى الجلد من الثياب فإذا هتفت ورقاء أي حمامة فأذكرتهم الجحاف ببكائها تفنعوا خزاية. البيض والدروع قال لبيد: فخمة ذفراء تُرَتى بالعُرى ... قُردما نياً وتَركا كالبصل

فخمة كتيبة عظيمة، ذفراء منتنة الريح من الحديد، ترتي بالعري أي تشد الدروع بالعري فيها حتى تقصر وذلك أنها طوال، والقر - دماني الدروع وهو فارسي " أصله كردمانذ " أي عمل فبقى، والتَرك البيض، كالبصل في بياضه، وكانوا يجعلون في الدرع عروة ثم تقلص بها حتى تخف على الراكب. أحكم الجنثّي من عوراتها ... كلَّ حرباء إذا أكره صَلَّ أحكم - على هذا الأعراب - من الإحكام للصنعة، والجنثي هو الزراد، والعورات الفتوق واحدها عورة، والحرباء المسمار في حلق الدرع، إذا أكره ليدخل في الحلق سمعت له صليلاً وقال الأصمعي: أحكم الجنثّي من عوراتها ... كلّ حرباء إذا أكره صل وقال: الجنثي السيف هاهنا، وأحكم منع السيفَ كلّ حرباء فلم يصل السيف إليه - وأنشد: ولكنها سوق يكون بياعها ... بِجنثية قد احكمتها الصياقل يعني سيوفا وأحكم على مذهب الأصمعي منع وردَّ، ومنه سميت

حكَمة الدابة لأنها تمنعها من كثير من الطماح، ويقال أحكم فلانا عن كذا. وقال لبيد أيضا: إذا ما اجتلاها مأزِق وتزايَلتْ ... وأحكم أضغانَ القَتير الغلائلُ مأزق مضيق في الحرب، تزايلت تفرقت مساميرها، والقتير رؤوس مسامير الدروع، والأضغان ما تزايل من المسامير ولم يلتئم، والغلائل ما غل أي دخل في المسامير من الحلق - الواحد غليل ومغلول، فهذه أحكمت المسامير. وقال الكميت: علينا كالنهاءِ مضاعفات ... من الماذيّ لم تؤذِ المتونا النهاء الغدران واحدها نهي، لم تؤذ لم تثقل متون الأفراس، وصفها بالرقة والخفة. وقال عمرو بن كلثوم: علينا كل سابغةٍ دلاصٍ ... ترى فوقَ النِطاقِ لها غضونا دلاص لينة، سابغة واسعة، غضون تشنّج وإنما تشنجت فوق النطاق لطولها.

علينا البَيض واليلب اليماني ... وأسياف يقمن وينحنينا اليلب بَيض يعملونها من أنساع تعرض النسعة ويخرز بعضها إلى بعض. وقال النابغة يذكر كتيبة: فصَّبحهم بها صهباءً صرفا ... كأنّ رؤوسَهم بيض النعامِ صهباء في لونها: صرفا خالصة، وشبه البيض على رؤوسهم ببيض النعام. وقال سلامة بن جندل في مثله: كأن النعامَ باضَ فوقَ رؤوسِهم ... بروض القِذافِ أو بروضٍ مخفّقِ وقال أيضا: كأن نعام الدوباض عليهم وقال النابغة: وكل صموتٍ نثَلة تُبّعيةٍ ... ونسج سُليم كل قضّاءِ ذائل صموت درع لينة إذا صبّت لم يكن لها صوت. ونثلة واسعة، وقّضاء حديثة العهد بالعمل خشنة المس ومنه أقض على مضجعي أي أخشن والقِضة حصى صغار، والذائل الواسعة، وسليم يريد سليمان عليه السلام. وقال آخر وهو الحطيئة: فيه الرماح وفيه كل سابغةٍ ... جدلا محكمة من نسجِ سلامِ

أراد سليمان. علين بكدَيون وأبطّن كرّةً ... فهن إضا صافيات الغلائل الكديون درديِّ الزيت، والكرّ البعر تجلى به الدروع، فهن إضاء أي مثل الغدران، يقول مسحن بعكر الزيت ثم ألقيت الكرة في الأوعية. وجعلت فيها الدروع لئلا تصدأ ولا تختلّ فيضرَ ذلك بمساميرها، والغلائل الواحدة غلالة وهو الثوب يكون تحت الدرع وتكون مسامير الدروع الواحد غليل فعيل بمعنى مفعول، وإنما قيل غليل لأن المسمار غل في الحلَق ثم أدخل ثم جمع. وقال عمرو بن معدي كرب: قلتُ لعيرٍ جَرمٍ لا تراعي ... إذا وطَنَتْ بالبدنِ الصديعا البَدن الدرع، والصديع ثوب يصدع أي يشق نصفين يكون تحت الدرع وهو غلالته. وقال أبو قيس بن الأسلت أحفِزها عني بذي رونقٍ ... مهندٍ كالملحِ قَطّاعُ أبو عبيدة: هو أن تجعل في حمائل السيف كلابا وتكون في أسفل الدرع عروة فتعلق بالكلّاب فتِخف على صاحبها، وكذلك قول زهير: ومفاضة كالنهي تنسِجُه الصّبا ... بيضا كفَّتْ فضَلها بمهنّدِ أبو عبيد قال سمعت أبا عبيدة يقول: أحفزها بالسيف أي

أعينها به وأجعله معها في لباسي. وكذلك قول كعب من زهير: خدبا يحفّزها نِجاد مهندٌ ... صافي الحديدةِ صارِم ذي رونقِ الخدباء الواسعة بالخاء معجمة. وقال المنخل يصف فوارس: شدَّوا قوانسَ بيضِهم ... في كلِ محكمةٍَ القتيرِ دوابر البيض مآخيرها. وكان الفارس إذا ركض فخاف أن تسقط بيضته شدها في درعه، والقتير رؤوس المسامير. وقال الحارث بن حلزة: يحبوكَ بالزَعْفِ الفَيوضِ على ... هميانِها والأدم كالغرسِ الزغف الدرع اللينة المس، الفيوض السابغة، والهميان هاهنا المنطقة، والأدم البيض من الإبل، والغرس البستان المغروس. وقال سلامة بن جندل يصف درعا: فألقوا لنا أرسانَ كل نجيبةٍ ... وسابغة كأنها مسّ خرنقُ أي من لينها، ومنه قول المرأة في زوجها: المس مس أرنب. مداخلة من نسج داود سكْهامَحبِ الجني من أبلمٍ متفلِّقُ

السك المسمار، الأبلم نبت، شبّه مساميرها بحب الأبلم، وأما قولهم " المال بيني وبينه شق أبلمة " فإنها الخوضة. وقال جرير للأخطل: أبا مالكٍ مالَتْ برأسكَ نشوةٌ ... وعرّدَت إذ كبشُ الكتيبةِ أملح عردتَ جُبنت وتأخرت، والأملح من الكباش الذي يشبهَ لونه لون الرماد وإنما يريد أن رئيس القوم في الحديد وهكذا لونه. وقال لبيد: الضاربون الهام تحت الخيَضَعة الخيضة البيضة. وقال الحطيئة: فيه الرماحُ وفيه كل سابغةٍ ... جَدلاء مبهمة من نسجِ سلاّم سابغة درع، جدلاء مدورة الحلق، مبهمة مستوية الحلق، وأراد بسلام سسليمان صلى الله عليه ولم يعمل الدروع سليمان وإنما عملها داود عليه السلام: وقال ابن مقبل: سم الصباح بِخرصانٍ مسوّمةٍ ... والمشرفيّة نُهديها بأيدينا أبو عبيدة: الخرصان الدروع الواحد خرص، ونظنهم سموا الدرع

خرصا لأنه حلَق كما سموا الحلقة التي في الأذن خرصا مسومة أي سومت بالحَلق الصفر التي فيها، والمشرفية من صنعة مشرف ومشرف جاهلي وهم يدعون إلى ثقيف. الأصمعي: الخِرصان الرماح واحدها خُرص وخرص وكل قضيب خرص، وروى - بخرصان مقوّمة، وقال: المشرفية السيوف نسبت إلى المشارف قرى للعربَ تدنو من الريف، نهديها نقيمها، سم الصباح أي. سم الغارة يقال فرسان الصباح أي فرسان الغارة. وقال النابغة: وكل صموتٍ نثلة تبّعية ... ونسج سليم كل قضّاءَ ذائل القضة الحصى الصغار وأنشد لأبي زبيد الطائي: يقيها قضة الأرض الدخيس أبو عبيدة: النثلة من أسمائها، يقال نثلت عني الدرع ألقيتها ويقال نثرة ولا يقال نثرت عني الدلاع فنراهم حوّلوا اللام إلى الراء كما قالوا سملت عينه وسمرت ونرى أن النثلة هي الأصل لأن لها فعلا وليس للنثرة فعل لأنها مستبدلة، والقضاء المسرودة المسمورة ونراها من قولهم قض الجوهرة إذا ثقبها ومنه قضة العذراء إذا فرغ منها، ومن قوله يعني النابغة علينَ بكديون وأبطنّ كرةً ... فهنّ إضا صافيات الغلائل

ويروى: فهن وِضاء، أي نقاء نظاف وهو جمع وضيئة، والغلالة المسمار الذي يجمع رأسي الحلقة، وإنما خص الغلائل بالصفاء لأنها أول ما يصدأ من الدرع، وروى أبو عبيدة: فهن إضاء، أي نقية من الصدأ كإضاء الغدران، والغلائل التي تحتها وهي ما تلبس تحت الدروع. وقال آخر: وجاء سِعر عارضا رمحه ... ولابسا حصداء مثل البِجاد حَصداء درع، والبجاد كساء من أكسية العرب. وقال قيس بن عَيزارة أسرته فَهم فأخذ سلاحه تأبط شرا: سرا ثابت بزّي ذميما ولم أكن ... سلكت عليه شلّ مني الأصابع فويل ام بن جرّ شَعل على الحصى ... ووقر بزّ ما هنالك ضائع سرا عني أخذه مني وسلبنيه، ويقال سروت عن الفرس جله. وقال أبو دواد: فسَرونا عنه الجلال كما سسُ ... لّ لبيع اللطيمة الدخدار اللطيمة سوق المسك، والدخدار بالفارسية إنما هو تخت دار أي يمسكه التخت، ذميما أي مذموما، وثابت اسم تأبط شرا، سلكت عليه أي لم أقاتله، شل مني الأصابع دعا على نفسه، فويل ام بز يتعجب منه وبزه سلاحه، وشعل لقب تأبط شرا، ووقر بزّ أي أكرم بزّكنت

أوقره وأكرمه - دعاء، قيل: وقر - صارت فيه وقرات وآثار: وروى أبو عمرو: فضُيع بز. وقال آخر عبد قيس بن خفافُ البرجمي: وسابغة من جياد الدرو ... ع تسمع للسيف فيها صَليلا كمتن الغدير زفته الدبور ... يجر المدجّ منهاَ فضولا الدرع تشبه بالغدير والنهي وبذور الشمس وبالبجاد والمِجول قال الشاعر: وعلي سابغة كأن قتيرها ... حدق الأساود لونها كالمجول القتير رؤوس مسامير الدروع شبهها بحدق الجنادب، والمجول دُريع صغير تلبسه الصبية. وقال امرؤ القيس: إلى مثلها يرنو الحليم صبابة ... إذا ما اسبكّرت بين دِرع ومجول وقال زهير يمدح رجلا: حامي القتير على محافظة ال ... جليّ أمين مغيّب الصدر القتير رؤوس مسامير الدرع، يقول يلبس الدرع في الحوب فتحمي عليه، والجلي الأمر العظيم وجمعه جلل على غير قياس. وقال كعب بن زهير: بيض سوابغ قد شدت لها حلق ... كأنه حلَق القَفعاء مَجدول

باب القسي والسهام

القفعاء ضرب من الحسك وهو أشبه شيء بحلق الدروع، مجدول من الجدل وهو العصب والشد. وقال أبو ذؤيب وذكر متبارزين: وتعاورا مسرودتين قضاهما ... داود أو صَنعُ السوأبغ تُبع مسرودتان درعان، قضاهما أي فرغ منهما، ومنه تول الله عزَ وجل " فقضاهن سبع سموات في يومين " والصنع الحاذق بالعمل يريد تعاورا درعين بالطعن. باب القسي والسهام قال رؤبة وذكر صائدا: سوَّى لها كبداء تنزو في الشَنق ... نبعيّة ساورها بين النِيق يقول كأنها من شدة ما وترت تنزو، الشناق الحبل والشنق العمل وهو أن يرفع رأسه إذا شدها، والنيق رؤوس الجبال واحدها نيق وجاء به على نيقة. تنثر متن السمهري الممتَشق ... كأنها في كفه تحت الرِوق وفق هلال بين ليل وأفق ... أمسي شفا أو خطّه يوم المحق السمهري الشديد يعني الوتر، والممتشق الذي مُرن ولين، والروق وهي الشقة المقدمة من البيت، والمؤخرة تسمى كفاء وليس ثم رواق إنما يريد أنه في مقدم الناموس، وفق هلال بين ليل - شبه

عطف القوس ودقتها بهلال حين طلع لوفق وهو الذي يطلع لليلته، وقوله بين ليل وأفق، يقول حين جاء الليل من ناحية المشرق ولم يغب في الأفق هو بين ذلك، أمسى شفاً أي بقية، أو خطه بالرفع هكذا أنشده الأصمعي وهو عطف على قوله وفق هلال، يريد كأنها الهلال في أول ما يطلع أو القمر في آخر الشهر، والمحاق هو اليوم الذي يطلع فيه القمر فتمحقه الشمس، والسرار الذي خلفه يستسر فيه. وقال لولايُد اليِ خفضه القِدح انزرَق يدالي يداري ويرفق به، والانزراق أن يفلت فيجاوز ويذهب. فارتاز عيرَ سَندريّ مختلق ... لوصفّ أدراقا مضى من الدّرَق ارتازه رازه فغمزه لينظر إلى صلابته، والسندري الأزرق وسمعت أعرابيا يقول: يصيد هاهنا زريقاء سندرية، يريد طائرا خالصَ الزرق، مختلق تام. يقول لوصف أدراقا لهذا السهم لأنفذه. وقال أبو النجم: في كفه اليسرى على ميسورها ... نبعيّة قد شد من تَوتيرها وفي اليد اليمنى لمستعيرها ... شهباء تروي الريش من بصيرها

لمستعيرها أي لآخذها من الكنانة، تقول أعرني ثوبك أي حوله منك إليّ، شهباء يعني مَعبلة، والبصيرة الطريقة من الدم، والبصير جمع بصيرة، والهاء للحمير، أي من بصير الحمير، ومثل مستعيرها قول العجاج. وإن أعارت حافرا معارا أي قلبته مقَلبا وحولته عوَّلا في عدْوها. وقال الراعي: فيمّم حيث قال القلب منها ... بحَجْريٍّ ترى فيه اضطمارا قال القلب حيث يقيل أي يسكن، وحجري مشقَص وهوسهم عريض نسبه إلى حَجْر وهي قصبة اليمامة. وقال الهذلي يذكر سهما: شديد العير لم يَدحض عليه ال ... غرار فقِدحه زَعِل دروج العير الناتيء في وسط النصل، والغرار المثال وفيه فجوة للعير فإذا زلق عنه فسد العير، زعِل نشيط. وهذا مثل، دروج يدرج إذا ألقى في الأرض من استوائه. وقال ساعدة بن العجلان الهذلي: ولقد بكيتك يوم رَجْل شُواحط ... بمعابل ضلع وابيض مِقطع يعني أنه جعل يرميهم بالسهام وينادي أخاه فجعل ذلكَ بكاء له، والرجل الرجال، وشواحط موضع، والمعابل نصال عراض، وأبيض مقطع يعني سيفا قاطعا. فرميت حول مُلاءة محبوكة ... وأبنت للأشهاد حَزّة أدّعي

أي رميت وعليّ هذه الملاءة، والمحبوكة التي لها حبك أي طرائق والأشهاد الشهود شهدوا ما تم، حزة أي ساعة، أي أبنت لهم من أنا حين رميت فقلت: أنا ابن فلان، يقال: جئتنا على حزة منكرة - أي ساعة. وقال الشماخ يصف قوسا: وذاق فأعطته من اللين جانبا ... كفى ولها أن يُغرق السهم حاجز ذاق يعني راز ونظر، كفى ذلك اللين منها، وإن أراد أن يغرق النبل فيها منعت ذاك أي فيها لين وشدة، ومثله للعكلي: في كفه معطية منوع ومثله. شريانة تمنع بعدَ لين وقال زيد الخيل: وزُرق كستهن الأسنة هبوة ... أحدّ من الماء الزُلال كليلها زرق نصال بيض، والأسنة المسانّ التي يحدَّد بها واحدها سنان، وهبوة يعني من صفائها كأن عليها غبرة. وقال آخر: مالك لا ترمي وأنت أنزع ... وهي ثلاث أذرع وإصبع

خِطامها حبل الفقار أجمع أي مالك لا ترمي وأنت رجل قد اختتلت وبلغت، حبل الفقار - يقول وترها من المتن كله، والقوس أنتم ما تكون فمالك لا ترمي. وقال آخر: أرمي عليها وير فرع أجمع عليها أي عنها، وهي قضيب كله يريد أنها تامة. وقال آخر: وميّتة ركضت ميّتا ... فولّى حثيثأ هو الجاهد طليعة حيّ إلى حيّة ... يرجي النجاحَ بها الشاهد ميتة قوس، وميت سهم، وحي صائد، إلى حية أي رمية، والشاهد الصائد الذي شهد الصيد. وقال الكميت: أرهط امرئ القيس اعبأوا حظواتكم ... لحيّ سوانا قبل قاصِمه الصُلب اعبأوا عبّئوا، والحظوات سهام الصبيان، وقال الكميت: بأن قوسهم تعطيك ما منعت ... وأن نبلك لا فُوق ولا نُصل فُوق جمع أفوق وهو المنكسر الفوق، نُصل ساقطة النصال.

وقال الكميت: فأوفقت دوني بغير المِراط ... ولا الفوق مما حشوت الجفيرا أي ناضلت دوني بغير الفوق جمع أفوق، والمِراط التي لا ريش عليها، والجفير الجعبة. وقال الكميت: وكنا إذا ما الجمع لم يك بيننا ... وبينهم إلا الزوافر تنحِب الزوافر القسي. وقال الكميت يصف القوس: وفليقا ملء الشمال من الشو ... حط تعطي وتمنع التوتيرا تعطي في الرمي وتمنع إن توتر، فيها شدة ولين. كما قال الآخر " معطية منوع ". وثلاثا بين اثنتين بها ير ... سِل أعمى بما يكيد بصيرا يعني ثلاثة أصابع يرمي بها بين اثنتين الإبهام والخنصر، والأعمى السهم وهو بصير بما يكيده الصائد، ويقال الثلاث القذذ والاثنتان الإصبعان، ومن أحاجيهم: ما ذو ثلاث آذان، يسبق الخيل بالرديان - أراد بآذانه قذذه. وبنات لها وما ... لدتهن إناثا طورا وطورا ذكورا أراد السهام يقال مرماة تارة فتؤنث وسهم تارة فيذكر. قلقات على البنان جديرا ... ت إذا نفرت بها أن تخورا نفرت حركت وأديرت، وتخور تصيح. وقال الكميت:

رمانا بأرشاقِ العداوةِ فيكم ... كذي النبل اذيرمي الكنانة بالعِلَلِ هذا مثل تضربه العرب، وذلك أن رجلا لقي رجلا ومعهما كنائن ونبل، فقال أحدهما لصاحبه: أينا أرمى، فنصبا كنانة الذي مُكربه فرمي الكنانة حتى نفذت سهامه ثم رماه الآخر بسهم فقتله، أي يرمي صاحب الكنانة ويظهر أنه يريد الكنانة. ومثله قول الفرزدق لجرير: فقلتُ: أظَن ابن الخبيثةِ أنني ... غفلت عن الرامي الكنانة بالنبلِ وقال الشماخ يذكر القوس: أقام الثقاف والطريدةُ درأها ... كما أخرجَتْ ضغن الشَموس المهامزِ الثقاف خشبة في رأسها ثقب تدخل فيها الرماح فتقوم، والطريدة قصبة توضع فيها السكين تبرى بها القداح. الأخفش: هي الحديدة التي تكون مع المثقب ينحت بها، ودرؤها اعوجاجها، ثم شبه قوسه في حالها تلك بالشَموس من الخيل ردتها المهامز إلى الانقياد والمسامحة بعد الشِماس، والمهامِز جمع مهمزة وهي حديدة تنخس بها الدابة. وقال أيضا يصف القوس: بحضرته رامٍ أعد سلاحما ... وفي الكفِ طوع المركضين كتوم المركضان جانبا القوس وهما ما انحنى من طرفيها، والكَتوم التي لا صدع فيها.

فأنفذ حضنيْها وجالَ وراءَها ... طَميل يباري الجوف فهو سليمُ الحضنان جانبا البطن، جال وراءها يعني السهم خرج من جوفها حين جال وراءها، والطَميل السهم وجمعه طُمل، يباري الجوف من المبارأة والتبرؤ أي دخل الجوف فخالطه ثم تبرأ منه فخرج سليما، وترك الهمز في يباري. وقال يصف القسي: إذا نفّزوها بالأهيمِ جرجرتْ ... عجيج الروايا من عروكِ الكراكرِ نفزوها حركوها. جرجرت صوتت، كما تعج الروايا وهي الإبل تستقي الماء، والعروك جمع عَرك وهو الضاغط. إذا جاءَ عالاها على ظهرِ شَرجعٍ ... كمرتفق الحسناءِ ذاتِ الجبائرِ يقول إذا انصرف الرامي وضع قوسه على طرف السرير من ضنّه بها كما ارتفقت حسناء أي اتكت على سرير، والجبائر الدماليج. وقال جندب الراجز: قذف المغالين على الشرائج المغالين الرُماة، والشرائج القسي جمع شريجة. قال لبيد: فرميت الناسَ رِشقا صائباً ... ليس بالعصلِ ولا بالمفتعلِ

رِشقا وجها، العصل المعوَّجة يقال سهم أعصل وناب أعصل أي معوج، ولا بالمفتعل أي ولم يعمل مما يعمل منه السهام، وذكّره لأنه ذهب إلى لفظ الرشق وإنما أراد السهام. رَقميّات عليها ناهض ... تكلح الأروق منهم والأيّلِ رقميات ريش فَرخ نسر حين نهض وهو أجود، والأورق الطويل الأسنان الشاخصها، والأيلّ القصير الأسنان الذي أقبلت أسنانه على باطن فيه. يقول فإذا أصابته هذه السهام كلح وفتح فاه فالقصير الأسنان والطويلها واحد، أنشد ابن الأعرابي لعامر المجنون: معطّفة الأذنابِ ليس فصيلُها ... برازِئها درّا ولا ميِّت غوَى يريد القوس وفصيلها السهم والغوى البشَم: وقال امرؤ القيس: رُبَّ رامٍ من بني ثعل ... مُخرج كفَّيْه من ستّرهِ سُتره كُمّاه، ويروي: متلج كفيه في ستره، يريد أنه أولج يديه في كميه لئلا يراه الوحش، وهذا الرامي عمرو بن عبد المسيح.

عارض زورا من نشمٍ ... غير باناةٍ عليَ وترهِ أي رب رام عارض أي يرمي عن القوس العربية وإنما يرمي عليها بالعرض، والزَوراء القوس لاعوجاجها، والنَشم شجر تعمل منه القسي. قال الأصمعي: غير باناة غير بانية فقلب، ذهب إلى لغة من قال باداة في البادية، وناصاة في الناصية وامرأة كاساةَ يريد كاسية، وأنشد لحُريث بن عناب الطائي: لقد آذَنَتْ أهل اليمامة طيىء ... بحربٍ كناصاةِ الحصانِ المشهر على وتره في معنى عن وتره، يريد أن القوس ليست بمنفجّة فيقل ذهاب سهمها. فأتَتْه الوحشُ واردةً ... فتمتّي النزعُ في يسَرهِ تمتى تمطي ومدّ، يسره قبالته وهو يسْر مخفف فحرّكه، والشزر يمنة. برهيش من كنانته ... كتلظّي الجمرِ في شَرَرِهِ رهيش سهم ضامر والناقة الرهيش الخفيفة لحم المتن المهزولة، راشه من ريشٍ ناهضةٍ ... ثم أمهاه على حَجرهِ ريش النواهض ألين وأطول وريش المسان أحصّ لا خير فيه، أمهاه أرقّه، أبو عبيدة سقاه الماء يقال أماهه وأمهاه.

فَهوَ لا تنمي رميّته ... ماله لا عُدّ من نفَره أي لا تجوز الموضع الذي رماها فيه حتى تموت ولكنه يصمِيها، لا عد من نفره يدعو عليه بالموت، يقول إذا عُدّد أهله لم يعد معهم. وقال: أيقتُلني والمشر في مُضاجعي ... ومسنونةٌ زرقٌ كأنيابِ أغوالِ يريد غول. وقال يذكر امرأة. وفَتَحتْ له عن أرزِ تالَبةٍ ... فِلق فِراغ معابل طُحلِ يقال قوس ذات أرز أي ذات صلابة، والتألبة شجرة يريد قوسا، فراغ إذا كانت بعيدة رمْي السهم، يقال نحا له بسهم إذا رماه به. وقال النابغة وذكر امرأة: ولقد أصابَتْ قلبَه من حبّها ... عن ظهرِ مرنانٍ بسهمٍ مُصردِ مرنان قوس في صوتها، ومصرد مُنفذ يقال أصردت السهم

وصرد هو. وقال زيد الخيل: فلا شرباً إلا بلَزْن مصّردٍ ... ولا رمَياً إلا بأفوقَ ناصلِ اللْزن الضيق والقلة، والمصرد المنقطع قبل الرِي، والأفوق السهم المنكسر الفوق، والناصل الساقط عنه النصل. وقال يصف نصالا: كأنّ على أعجازِها أطْر اَدبرِ ... بدتْ من شفاذي كفة ما يطولُها أطر أدبر أي أذناب زنابير، ذي كفة يريد الجفير. وقال أبو النجم يصف سهما: يسوقُها صُلب القوى مربّع ... فاختلَّها وهو خصيفٌ أصمعُ أي وتر فُتل على أربع طاقات، أختلها نفذها إلى الجانب الآخر حتى خرج منها، وهو خصيف أي له لونان لونه الأول ولون من الدم، أصمعُ متقبض الريش من الدم. وقال أبو النجم يصف صائدا: في كفِّه اليسري على ميسورِها ... كبداءٍ قَعساءٍ على تأثيرها على ميسور الأتان لأن المقتل في جنبها الأيسر وفيه يكون القلب، كبداء ضخمة الكبد وهو مقبض القوس، والقَعس أن يدخل الظهر ويخرج الصدر، وكذلك القوس وهو أشدّ لها.

هتّافة تخفضُ من نذيرِها ... وفي اليدِ اليمنى لمستعيرِها أي لمستعير يده يريد نفسه كأنه إذا تناول السهم بها فكأنه قد استعارها. شَهباء تروي الريش من بصيرها شهباء يعني مَعبلة، والبصيرة طريقة من الدم والبصير جمعه والهاء للحمير، أي من بصير الحمير. وقال يصف معبَلة حين وقعت في الأتان. رمى فردّت نَفسي نثيرها يقول قتلها على المكان فردت نفسيها الخارجين من منخريها إلى جوفها. وقال يصف فرسا: نحا حيالَ الدفِ أو طحالها ... عوجاء في عوجاءٍ من أوصالِها ترنّ في الكفِ إلى نصالِها عوجاء قوس في عوجاء أي في يده لأنه قد أمالها للرمي فهي عوجاء ترن في الكف، يقول إذا رمى بالنصل فجاز حنّت فكأنها تحن إلى نصالها. وقوله يصف معبلة: ركّبها القانص في مِزجا لها المزجال القدح قبل أن تركب عليه الحديدة والريش. وقال يصف قوسا: نبعاً يغني سالماً ممتوحأ ... من متنِ نابٍ لم تكن لَقُوحا

سالم يعني الوتر، ممتوح ممدود وقيل شديد من متن ناب وكانوا يعملون الأوتار من جلود الإبل، فيقول هذا الوتر من جلد ناقة لم تجلب فهو أصلب لجلدها وأغلظ وإذا حلبت رقت جلودها، وسالم وتر لا عيب فيه. تهِدي نضّياً جسداً مضبوحاً ... أزَّره خشيةَ أن يطيحا النضّى القدح، جسد قد تبين عليه الدم لأنه قد رمى به غير مرة، مضبوح ضبح بالنار حين قوّم، أزره بالريش. غُضفا حوالي فُوقه جنوحا غضفا طويلة الريش جنوح مائلة، وذلك أنه يجعل أعلاها أغلظ من أسافلها فكأنها مائلة. وقال أبو وجزة شاكت رُغَامي قذوفَ الطرفِ خائفةً ... هول الجنان وما همّت بادلاجِ الرغامي زيادة الكبد ويقال قصب الرئة، وأنشدنا عن الأصمعي يبلُ من ماء الرغاميَ ليته ... كما يبلُ سالىء حميته الساليء الطابخ للسمن والحميت زق السمن، إنه يطعن الكلاب فيسيل دمه على اليته وهما صفحتا عنقه، ومنه قول رؤبة: وبلَّ من أجوافهن الأخدعا شاكت الكبد فهي تشاك من الشوك، قذوفَ الطرف بعيدة

النظر، والجنان ما سترها يعني الليل، أراد الاتان. وقال أبو وجزة: حرّى موقّعة ماجَ البنان بها ... على خِضمٍّ يسّقي الماء عجّاج الحرى المِرماة العطشى أي السهم الذي يرمى به، والخضم المسنّ الذي يحدد به، موقّعه محددة، ماج البنان بها بالمعبلة على المسن، عجّاج في صوته. وقال يذكر حميرا: وهن بالعينِ من ذي صارخٍ لجبٍ ... هول ونوّاحة بالموت مِرجاج من ذي صارخ يعني قانصا، صارخ يعني القوس وذكرها أراد عودا، لجب شديد الصوت، مرجاج لها رجّة أي صوت، ويقال أراد وترا وعنى أن الحمير بالعين من صائد ذي وتر لجب وقوس نواحة بالموت. فاغتالها الأجلَ الآتي فأسلمها ... ناوي الحياة عليها غيرَ مُنعاجُ اغتال الحمير ذهب بها وأهلكها لأجل وأسلمها الحمار وهو ناوي الحياة أي يريد الحياة ولا يريد الموت، غير منعاج أي غير منعطف. وقال أبو الصلت الثقفي: يرمونَ عن عَتلٍ كأنها غُبُط ... بزمخرٍ يعجل المرمّى إعجالا العتل القسي الفارسية واحدتها عتَلة، والغبط غبط الإبل جمع

غبيط، والزَمخر السهام. وقال سلامة بن جندل يصف رجلا: شاكٍ يَكرُّ على المضافِ ويدّعي ... إذ لا يوافق شعبتا الايفاق يقول إذا دهش الجبَان فلم يصب وضع الوتر في شعبتي الفُوْق. وقال النمر بن تولب: فأخرَجَ سهماً له أهزعا ... فشكَّ نواهقه والفما أهزع واحد، يقال ما في كنانته أهزع أي سهم واحد، يقال ما في كنانته أهزع أي سهم واحد، والنواهق أراد الناهقين وهما عظمان يبدوان في وجه الفرس في مجرى الدمع فجعله للوعل، وشك انتظم. وقال عنترة وذكر الفرس: طَوراَ يجّرد للطعانِ وتارةً ... يأوي إلى حصدِ القسى عَرمرم أي يأوي إلى جيش كثير القسى، والحصد المفتولة الأوتار وقال: وهل تدري جريةَ أنّ نبلي ... يكونُ جَفيرَها البطل النجيد الجفير جعبة النبل فإذا وقعت النبل في جوفه صار كالجعبة لها، والنجيد الشجاع. وقال: وكل هَتوفٍ عَجسها رضوية ... وسهم كبير الحميري مؤنّفُ هتوف قوس لها صوت، والعجس مقبض القوس، رضوية

منسوبة إلى جبل رضَوي، مؤنّف محد. وقال: وكالورقِ الخلافِ وذات غربٍ ... ترى فيها عن الشرعِ ازورارا أراد نصا لا تشبه ورق الخلاف، ذات غرب يعني قوسا والغرب الحدة، والشرع أوتار، ازورار تباعد عن الوتر. وقال يصف فرسه: كأن دفوفَ مرجعٌ مرفقيْه ... توارثها منازيع السهَام المنزع السهم، يقول: السهام في مرجع مرفقيه كثيرة فكأنها توارثت ذلك الموضع. وقال لقيط بن يعمر الأيادي: فهم سراع إليكم بين ملتقطٍ ... شوكا وآخر يجني الصاب والسلعا شوكا يعني سلاحا حديدا ومنه قيل أنه لذ وشوكة، والصاب لبن العشَر وهو سم، والسلع نبت يكون بالحجاز خبيث الطعم لا يرعى، يريد أنه يعدّ لكم الشر. وقال الشنفّري: وباضعة حُمر القسى بعثتُها ... ومن يغز يغنمُ مرةً ويشمّت باضعة أصحاب جراح وغزْو وهم الرجال الذين يقطعون كل شيء، حمر القسى معاودين للقتال بالقسى فقسيهم عُتق وإذا عتقت القوس احمرت، ويشمت يخيب، وأنشد لساعدة بن جؤية الهذلي:

به القوم مسنلوبٌ بتبلٍ وذاهب ... شَماتاً ومكتوف أوانا وكاتِف لها وَفضة فيها ثلاثون سيحَفا ... إذا آنست أولى العديّ اقشعرّتْ الوفضة الجعبة، سيحف نصل عريض. وقال راشد بن شهاب اليشكري: ونبل قران كالسيورِ سَلاجمٌ ... وفلق هتوف لاسقيَّ ولا نشم قران متشابهة من عمل رجل واحد وهو من قرين، سلاجم طوال. سقيّ يقول ليست مما يشرب الماء هي جبلية، والنشم خشب هش ضعيف، كالسيور أي محددة كما يحدد طرف للسير، ومثله. كالسيور سلاجمات وقال أبو أسامة الجشمي يصف سهما: كأن الريشَ والفوقيْنِ منه ... يُعَلّ به أجاجِيّ عليلُ أجاجي طيب يأتّج. وقال مالك بن نويرة: وأدبرت عني هارباً بعد ما جرى ... لمهركَ مزواراً تحَيت المعذّر كل شيء فتل قد زوّر ويقال للعود الذي يشد خيط الفخ مزوار،

يقول رميتك فشج سهمي فرسك فكان له مزوارا. وقال ذوالرمة يذكر القانص. معدّ زرق هدَّت قَضباً مصدرة ... ملس المتون حداها الريشُ والعَقب زرق نصال، هدت تقدمت، قضبا سهاما، حداها ساقها، وكان الأصل قَضب بالفتح لأنه جمع قضيب مثل أديم وأدَم وأفيق وأفَق، مصدرة شديدة الصدور. وقال يصف قوما: كانوا ذوي عددٍ دَهم وعائرة ... من السلاحِ وأبطالاً ذوي نَجدِ عائرة كثير من السلاح وذلك أنه يعير فيه بصرك من كثرته ترمي به هاهنا وهاهنا ومنه فرس عيار يأخذ هاهنا وهاهنا، نجَد شدة. وقال: فلاة ينزّ الرِئم في حجراتها ... نزير خطامِ القوسِ يحدّي به النبلُ ينزّ يزو ويتحرك، خطام القوس وترها. وقال يصف القوس: يؤودُ من متنها متنٌ ... ويجذبُه كأنه في نياطِ القوس حلقومُ يؤود يعوّجَ من متن القوس متن الناقة يعني وترا عملَ من متن، كأن الوتر حلقوم قطاة، ونياط القوس معلقها. وقال وذكر الصائد: له نبعةٌ عطوى كأنّ رنينَها ... بألوى تعاطته الأكف المواسح عطوي تعطيه ما أراد من النزع، والألوي الوتر، والمواسح اللواتي يمسحنه يلينّه. ثم قال:

أخو شقة يرمي على حيث يلتقيمن الصفحةِ اليسرى صُحارو واضحُ صحار حمرة إلى بياض وهي الصحرة، واضح بياض وهو ما وضح من إبطه، فأراد حيث يجتمع ذا وذا عند الفريصة وهي مضغة لحم تحت الإبط مما يلي الجنب، والعرب تقول رماه ورمى عليه، يقول: فهذان يلتقيان عند مقطّ الجنب حيث تنقطع الأضلاع، والمقتل في الجانب الأيسر وفيه القلب. وقال: وشعب أبَي أن يسلكَ الغُفرُ بينه ... سلكت قُرانَي من قياسرة سمرا يعني بالشعب فُوق السهم، والغُفر ولد الأروية، قراني يعني الوتر، من قياسرة يعني إبلا عظاما يريد وترا من جلود هذه الإبل العظام، قراني أي قد قرن قوي الوتر بعضها إلى بعض لأنه من ثلاث طاقات. وقال ابن أحمر يذكر ذهاب عينه: ولكن قومي شبر قوها فجاءةً ... بأورقٍ لالَغب ولا متخاذل شبرقوها مزقوها، والأورق النصل عليه آثار النار وسوادها واللغب الردى من الريش إذا اجتمع ظهران وبطنان فالريش لغب. وقال خداش بن زهير. أريشٌ وأبري للظلومِ معابلا ... إذا خرجَتْ من بدئها لم تنزّع المعابل نصال عراض، إذا خرجت من حيث بدأت لم تنزع من جسد من رمى بها أي إذا خرجت من يد الرامي. وقال الطرماح يذكر كلب صيد:

يمرّ إذا ماحُلَّ مر مقّزع ... عتيق حداه أبهرُ القوس جارِنِ يمر الكلب إذا حُل عنه مر السهم المقزّع وهو المصلح المحذق والعرب تقول قزِّعوا إلى بني فلان رسولا - أي ابعثوا متجردا خفيفا، وحداه ساقه، والأبهر موضع الكف، وجارن لين: يقال جرن جُرونا إذا لان، وأنشد للطرماح: سلاجم يثربٍ الأولى عليها ... بيثربٍ كَبرة بعد الجُرونِ سلاجم نصال، كبرة قدِم، ويروى: كدرة، بعد الجرون - أي بعد ما جليت والجرون والمرون سواء، يقال استعمل حتى جرن ومرن - بمعنى، وقال يذكر صائدا: يلحس الرصف له قضبةً ... سمحج المتن هتوف الخِطامِ الرصف عقب السهم وهو الرصاف، والقضبة القوس، والسمحج الطويلة الظهر، والخطام الوتر، والهتوف التي تصوت. وقال الأخطل: حتى تكون لهم بالطف ملحمةٍ ... وبالثويّةِ لم يُنبضْ بها وترُ يقول تكون تلك الحرب أشد من أن يكون فيها إنباض بوتر إنما هو جِلاد بالسيوف وطعان، والثوية بظهر الكوفة. وقال العجاج يصف إبلا: نواحل مثل قسّي العُجرم العجرم شجر تعمل منه القسي. وقال يصف ماء:

كأن أرياشَ الحمامِ النُسّلِ ... عليه وُرقان القران النُصّلِ النسّل الساقطة، والقران نبل صيغت صيغة واحدة وجعلها وُرقا لأنها تدخل النار فتسود وتجيء ورقا، النصّل التي نصلت أي خرجت جمع ناصل. وقال: وفارجاً من قضبٍ ما تقضّبا ... تُرِنّ إرناناً إذا ماَ أنضبا الفارج القوس التي يبين وترها عن كبدها، تقضّب اقتضب شيئا لم يكن ويقال ناقة قضيب إذا اقتُضبت فركبت قبل أن تتم رياضتها. يمطو تمطّيها الخِطام المِجذيا يقول إذا تمطت القوس فتطاولت مدت الخطام وهو الوتر، والمجذب الذي يجذب مثل المغرف الذي يغرف به. وقال: أو رد حُذّا تَسبق الأبصارا ... تسبق بالموت القنا الحرارا الحذّ السهام القصار يريد نبلا تسبق القنا بالموت. وقال يذكر الإبل: تغلو بها ركبانُها وتغتلي ... معَجَ المرامي عن قياسِ الأشكلِ يريد تغتلي كما يمضي المرامي، عن قياس جمع قوس، والمعج سير سهل، والأشكل ضرب من الشجر.

وقال ذو الرمة يصف حميرا وردت: فمرّ على الأول النضيّ فصدَّه ... تليّة وقت لم يكمّل كمالُها أي على الأولى من الآتن، النضي السهم، التلية البقية، يقول لم يأت وقتها. وقال ساعدة بن جؤية يصف رجلا: فورّك لَينا أخلص القين أثره ... وحاشكة يحصى الشمالَ نذيرُها ورّك لينا أي أماله إلى يده، أثره فرنده، والحاشكة القوس تحشك بدرتها، يحصى الشمال نذيرها - أي يضرب وترها اليد حتى يؤثر فيها، والنذير الصوت صوت الوتر وسمي نذيرا لأنه ينذر الوحش. وقال أمية بن أبي عائذ الهذلي وذكر الرامي. يصيبُ الفريص وصدقاً يقو ... ل مرحى وإيحا إذا ما يوالي إذا أصاب مرحى، وإذا اثنى فأصاب إيحا. يقال ذلك عند الفرح والتعجب، ويقال بل إذا رمى الثانية فأخطأ قال إيحا، يوالي من الموالاة. وقال أوس بن حجر: فملّك بالليطِ الذي تحت قشرِها كغِرقيء بيضٍ كنّه القيضُ من علُ ملك شدد، أي ترك من القشر شيئا يتمالك به يكنه لئلا يبدو قلب القوس وإلا انشقت، وهم الآن يصنعون عقبة إذا لم يكن عليها

قشر، وملك من قولهم ملكوا العجين أي شددوا عجنه، ومن قول قيس بن الخطيم: ملكت بها كفي والليط القشر ومنه: اذبحه بليطة، والقيض قشر البيضة اِلغليظ، والغرقيء القشر الرقيق. وقال أيضا يصف نبعة قطعها يتخذ منها قوسا: فلما نجا من ذلك الكربِ لم يزلْ ... يشرّبها ماءَ اللحاءِ لتذبلا كان صاحب القوس إذا قطع العود ترك عليه لحاءه يمظعه ماءه أي يشربه كيلا يتصدع فإذا يبس قُوِّم حينئذ، وكذلك كانوا يفعلون بالقداح أيضا. وقال كعب بن زهير وذكر نصالا: صدرن رواء عن أسنةٍ صلّبِ ... يقئنَ ويقطرنَ السمامَ سلاجم وصفرا شكّتها الأسرة عودهاَ ... على الطلِ والأنداءِ أحمرُ كاتمُ صدرن رواء أي قد بولغ في تحديدهن، والأسنة جمع سنان، وهو المسن الذي يسن عليه، والصُلّب حجارة تعمل منها المسان، والأسرة طرائق تكون في القوس، شكتها دخلت فيها، أحمر من القدم، كاتم لا صدع فيه. وقال طفيل: كأن عراقيبَ القطا أطَرٌ لها ... حديثٌ نواحيها بوقعِ وصلّبِ الأطر جمع أطرة وهي العقبة المشدودة على مجمع الفوق لئلا يفتق،

شبه الأطر بعراقيب القطا، حديث نواحي هذه السهام بالتحديد لم تقدم فتكل، بوقع يقال قع سهمك أي اضربه بالميقعة وهي المطرقة والجمع مواقع، وأنشد: سلاط حداد أرهفتها المواقع وقال آخر وهو الفند الزِمّاني: ونبلي وفُقا هاكعراقيب قطا طحل وقال صخر الغي. كأنّ اّزَبّيها إذا رُدَمِتْ ... هزم بُغاة في إثِر ما فقدوا الأزبي الفن الذي يأخذ فيه صوتها، وكل ضرب وطريقة أزبي، يعني به هاهنا ضربا من صوتها، والبغاة القوم يبغون بالأرض القفر فإذا كلم بعضهم بعضا همس إليه بشيء من الكلام، إذا رُدمت وذلك أن ينزع في الوتر ثم يرسله فيردم الكف كما يردم الباب. وقال آخر وذكر ذئبا: دَفَعَتْ إليه سلجم اللحي نصلُه ... كباردةِ الحُوّا وهو وقيعُ يعني دفعت بالوتر إلى الذئب، سلجم اللحى أي طويل اللحى، والحواء نبت، باردته نباته قبل أن يتشقق، فشبه النصل به، وقيع مضروب بالميقعة ليرق. وقال العبدي:

وأرسلَ عن فرعٍ من النبلِ فارجٍ ... أغرّ بلاديا فاصردٌ يرعق أغر يريد أن له غَرا وهي الطربقة، فأصرد أي أنفذ، يقال صرِد السهم يصرد وأصردته، وأنشد الزيادي: ماذالها هَبلَتْ في أنّ تخرّقَني ... بيضٌ مطارد قدزُينّ بالعقَبِ وصف سهاما، الواحد مِطرد. وقال أوس: وحشو جفيرٌ من فروعٍ غرائبٍ ... تنطّعَ فيها صانعُ وتنبّلا الجفير الكنانة، حشوها السهام، تنبل تحذق. تُخّيرن أنضاءَ وركّبن أنصلا ... كجمرٍ غضافي يوم ريحٍ تزيلا النابل الحاذق، تخيرن من قداح ثم ركب فيها النصال، والأنضاء التي لم تبر بعد، الواحد نضى. يُخزن إذا انفَزن في ساقطِ الندى ... وإن كان يوماً ذا أهاضيبٍ مخضلا يخزن أي يسمع لهن صوت إذا أديرت على الظفر وحركت بالأصابع وإذا صوتت في الندى فكيف في الجفاف. وقال أبو كبير وذكر رجلا قُتل أصحابه: لما رأى أن ليسَ عنهُم مقصِرٌ ... قصرُ اليمين بكلِ أبيضٍ مطحر وعراضة السيَتَين توبِع بريها ... تأوى طوائفُها لعجسٍ عَبهرِ يأوي إلى عظمِ الغريفِ ونبله ... كسَوامِ دَبرِ الخشرمِ المتثّورِ

يقول لما رأى أن ليس عنهم محبس ولا متخلف قصر اليمين أي حبسها عليهم لا يشغلها بغيرهم، مطحر سهم بعيد الذهاب، وعراضة يريد عريضة، والسيتان ما انعطف من طرفي القوس، توبع بريها أي جُعل بعضها يشبه بعضا، تأوي طوائفها إلى عجس والطائفان دون السيتين والعجس مقبض القوس، عبهر ممتليء شدة وغلظا، يقال: فلان يأوي إلى عقل ورأي، أي يرجع إلى ذلك، يأوي هذا الرامي إلى عظم الغريف والغريف شجر ملتف، أي جعل ظهره إلى معظم الأجمة وجعل يرميهم، والسوام مرّه ومضيه، والخشرم النحل كأنه أضافه إليه لما اختلف لفظه. وقال: ومعابلا صلع الرؤوسِ كأنها ... جمرٌ بمسهَكةٍ تشَبّ لمصطلى ويروى: صفع الظباة، والمعابل نصال عراض قد جليت حتى هي صلع أي ملس، مسهكة مكان ذو ريح تسهك التراب أي تسحقه يقال سهكت الزعفران وسحقته سواء، تشب توقد، واذا هبت الريح فهو أذكى للجمر وأشدّ لتوقده. نُجفا بذلَتْ لها خوافي ناهض ... حشرالقوادمِ كالِلفاعِ الأطحلِ النجف النصال العراض، بذلت لها أي جعلت فيها خوافي، أراد الزقت قذذها، والقوادم العشر الريشات المتقدمات، والخوافي دونها والناهض الفرخ والفرخ أجود ريشا وألين، وريش المسانّ احضّ قد تحاتّ، واللفاع اللحاف، والأطحل الأسود إلى الخضرة، أي كأن هذا النسر في لونه لحاف بهذه الصفة.

وقال كعب بن زهير يصف قانصا: ثاوياً ماثلاً يقلّب زرقاً ... رَمّها القَين بالعيونِ حشورا رمها القين اصلحها الحداد، بالعيون أي بالنظر، والحشر الملصق القذذ ومنه سهم محشور. شرِقاتٌ بالسم من صلبّيّ ... ورَكَوضاً من السراء طًحورا الصلبي حجارة المسانّ، يقول حددها على المسانّ حتى كأن فيها سما، وركوضا يعني قوسا تركض السهم أي تدفعه وكذلك الطحور، والسراء شجر تتخذ منه القسي. يبعثُ العزفُ والترنمُ منها ... ونذير إلى الحميرِ نذيرا النذير الصوت، يقول: إذا صوتت أنذرت الحمير بذلك. وقال وذكر القانص: فلما أراد الصيدَ يوماً وأشرعَتْ ... زوى سهمَهِ غاوِ من الجنِ عارِمِ قال أبو عمرو: يقولون ليس من وحشية إلا وعليها جني يركبها. وهو مثل قول النابغة:

يقول راكبُها الجنيّ مرتفقاً ... هذا لكنُّ ولحم الشاة محجورُ ويروى: حارم، أي حرمه الصيد. وقال ساعدة بن جؤية يذكر وعِلا: حتى أتيحَ له رام بمحدَلة ... جَشءٍ وبِيض نواحيهن كالِسجَمِ محدلة قوس أحد أبهريها أوفى من الآخر، والمحدل من الرجال الذي أحد منكبيه أوفَى من الآخر، يقال رجل أحدل وامرأة حدلاء، ومحدل مفعول به، جشء خفيفة، وبيض نصال، والسجم شجر، يقول حروفها كحروف ورق هذا الشجر. وقال آخر يذكر سهما: وخلّقته حتى إذا تمَّ واستوى ... كمخةِ ساق أو كمتن إمامِ خلقته من الأخلق وهو الأملس. قرنت بحقوْيهِ ثِلاثاً فلم يُزلْ ... عن القصدِ حتى بُصّرت بدمامِ الامام هاهنا خيط يقدر به البناء، قرنت بحقويه ثلاث قذذ، فلم يزل عن القصد حين رمى به حتى بصرت القذذ من بصيرة الدم، والدمام الطلاء يقال دُمّ قدرك - أي اطلها بالدم أو الطحال، ومنه قول علقمة: عقلا ورقما تظلّ الطيرُ تتبعُه ... كأنه من دمِ الأجوافِ مَدموم

يريد أن السهم أصاب الرميّة ونفذ فيها حتى تدمت قذذه، وقال أبو ذؤيب وذكر صائدا: فذاك تلاده ومسلَجماتٍ ... نظائر كل خوّارِ بروقُ نظائر يشبه بعضها بعضا، خوار في صوته، بروق في لونه وصفائه له من كسبهن معذ لَجات ... قعائد قد مُلئن من الوَشيقِ معذلجات مملوءات، قعائد عزائز، والوشيق ما جفف من اللحم. وبِكّر كلما مُسّت أصاتت صوتت، ذو الشرع عود عليه أوتار. لها من غيرِها معها قرينٌ ... يردّ مِراح عاصية صفوقِ من غيرها معها يعني وترا، وعاصية هي القوس فيها صلابة، صفوق لينة. وهذا مثل قول الآخر: في كفه معطية منوع وقال وذكر قاتل خالد ابن أخيه: فأعشيتُه من بعدِ ما راثَ عِشيه ... بسهمٍ كسَيرِ الثابريةِ لهوقِ أعشيته يريد عشيته من بعد ما أبطأ عشاؤه، وسير الثابرية منسوب، لهَوق حديد.

وقلت له هل كنت آنست خالدا ... فإن كنت قد آنسته فتأرّق يهزأ به، يقول إن كنت أبصرته فلا تنم لأنه رماه في عينه فأصاب بصره فلا يقدر على النوم. وقال المتنخل: واسلُ عن الحب بمضلوعة ... تابعها الباري ولم يعجَل كالوقف لا وقَربها ... بالشِرع كالخَشرم بالأزمل مضلوعة قوس بريت ضليعة أي غليظة، تابعها الباري جعل بعضها يتبع بعضا، والوقف السوار أي تبرق كما يبرق، وهزمها صوتها، والشرع الوتر، والوقر الهزمة، والخشرم الدَبْر، والأزمل في صوتها. وقال أمية بن أبي عائذ يصف الصائد: تراح يداه بمحشورة ... خواظي القداح عجاف النصال أي تخف يداه، محشورة قد ألصق قذذها فهو أسرع لها وأبعد، خواظي متان، عجاف قد أرهفت. كخشرم دَبر له أزمل ... أو الجمر خشّ بصُلب جزال على عجْس هتافة المذروي ... ن زوراء مضجعة في الشمال أي السهم على عجس، والمذروان الطرفان، أي لهما صياح بالنبيض، ومضجعة في الشمال يريد أنه في موضع ضيق كاللحد فهو لا يستطيع أن ينبضها، زوراء منحنية.

بها محص غير جافي القُوى ... إذا مُطْيّ جنّ بورك حدال الأصمعي: بها محص يريد الوتر، والقوى الطاقات، مطى أنبض، بورك أي في ورك يريد القوس، حدال هو أن يكون أحد منكبيه أوفي من الآخر، محص بالمشاقة حين فتل. وقال ساعدة: وصفراء من نبع كأن عدادها ... مزعزعة تلقي الثياب حطوم كحاشية المحذوف زيّن ليطَها ... من النبغ أرزٌ حاشيك وكتُوم عدادها صوتها، مزعزعة ريح، والمحذوف ضرب من البرود حواشيه حمر، شبه القوس بها في اللون، أرز شدة، يقال قوس ذات أرز، حاشك حشكت بدرّتها، كتوم ما بها شق. وأحصنه ثُجر الظباة كأنها ... إذا لم يغيبها الجفير جحيم أحصنه منعه، ثجر عراض النصال، يقول كأنها نار إذا لم تجعل في الكنانة، والجفير الكنانة المشقوقة في جنبها، وقوله. وشقت مقاطيعُ الرماة فؤادَه ... إذا يسمع الصوت المغرد يصلد

باب السيوف

يعني وحشية، مقاطيع جمع قطع وهو نصل عريض قصير وزيدت الميم في أوله كقولهم مشابه ومحاسن. باب السيوف وقال أبو كبير يذكر ربيئة: مستشعرا تحت الرداء إشاحَة ... عَضبا غموض الحد غير مفلل جعل سيفه بمنزلة الوشاح له، غموض الحد يقول حده يغمض أي يدخل إذا ضرب به، وعضب قاطع، غير مفلل أى غير مكسر. وقال النابغة الجعدي وذكر سيفا: تنَّحي عليه كل أسقف جائني ... بجبهته حتى يكل ويعملا فأبرز عن أثر قديم كأنه ... مدّب دبيً سود سري ثم أسهلا تنحى اعتمد ومثله انتحى، والأسقف الصيقل وجعله أسقف لانحنائه، والجانيء المنكب المعتمل، ويعمل يدأب، والأثر الفرند. وقال الجعدي: ثم نزلنا وكسرنا الرماح وجرّدنا صفيحا كستها الروم دجّالا الدجال ماء الذهب الذي تطلى به السيوف كيلا تصدأ وهو مثل وأصله الهِناء، يقال بعير مدجل أي مطلى بالهناء. وقال أبو ذؤيب يصف متبارزين:

وكلاهما متوشّح ذارونق ... عضبا إذا مسّ الكريهة يقطع العضب القاطع، والكريهة الضريبة وهو ما وقع عليه السيف. وقال أجنادة، بن عامر الهذلي: بمّطرد تخال الأئر منه ... مدب غرانِق خاضت نِقاعا إذا مس الضريبة شفرتاه ... كفاك من الضريبة مَا استطاعا والغرانق طير يشبه الكركيّ واحدها غُرنَيق، والنقع محتبس الماء، كفاك من الضريبة أي تبلغ إرادتك ولا تنكل. وقال أبو العيال: ومشقوق الخشيبة مش ... ر فيّ صارم رسبُ الخشيبة الطبيعة أي طبع طبعا عريضا، ويقال شقه أي عرّضه ومثله قولهم، مفتوق الغرارين - وغراراه حداه من الجانبين، يقال ذلك للعريض من السيوف، رسب أي يرسب في اللحم. وقال المتنخل يصف سيفا: أبيض كالرَجع رسوب إذا ... ما ثاخ في محتفَل يختلي الرجع الغدير فيه ماء المطر، رسوب يرسب في اللحم، ثاخ وساخ سواء محتفَل معظَم أي إذا أصاب معظم موضع رسب في الجسد، ويختلي يقطع.

وقال ساعدة يذكر ثغرا: رميتَ بمخشوب صقيل وضالة ... مباعج ثُجر كلها أنت شائف مخشوب سيف لم يتم عمله أي حين بدىء طبعه. وقال الأصمعي: كثر المخشوب في كلامهم حتى جعل اسما للسِيف لا صفة ثم وصف بصقيل، وضالة نبل معمولة من شجر الضال، مباعج عظام الجروح، وثجر عراض، وشائف حالٍ يقال شفته شوفا. وقال ساعدة: فوّرك لَينا لا يثمثَم نصله ... إذا صاب أوساط العظام صميم ورك صيره على أحد شقيه فهو يقع على الورك، لين سيف ليس بيابس فينقصف، يثمثم لا يُرد مصروفا بل يمضي قُدما، صميم أراد نصله صميم أي خالص، إذا صاب أي وقع. ترى أثره في صفحتيه كأنه ... مدارجِ شبثان لهن هميم أثره فرنده، شبثان جمع شَبث وهو دويبة في الرمل، لهن هميم أي دبيب قال: سمعت أعرابية تقول: همّمي في رأسي لا أبالك، أي دبيّ بيدك في رأسي. وقال ساعدة: فقال: بشير أو نذير فسلموا ... وألكد آيات المنا بالحمائل

ألكد ألصق، يقول الموت لصق بجمائل السيوف، والمنا القدر والمنية. ومنه قوله في هذا الشعر يرثي ابنه: ولو سامني الماني مكان حياته ... أنا عيم دهر من عباد وجامل سامني أي أراد مني مكانه إن أقبل منه هذا، وأنا عيم جمع نعيم وعباد جمع عبيد، والماني المقدر وأراد الدهر. وقال أبو خراش: أذا لبل صبي السيف من رجل ... من سادة القوم أولا لتف بالدار صبي السيف أسفل من طرفه، والتف بالدار أي سباهم وذهب وقال صخر الغي: وصارم أخلصت خشيبته ... أبيض مهو في متنه ربَد فليت عنه سيوف أرْيح إذ ... باء بكفي ولم أكد أجد الخشية الطبع الأول قبل أن يتم عمله ثم استعمل حتى صير الصقيل خشيبا، والمهو الرقيق ومنه رطبة مهوة أي رقيقة. ويقال سلح سلحا مهوا أي رقيقا، والربد جمع ربدة وهي غبرة إلى سواد يريد فرنده، فليت عنه أي بحثت عنه حتى أخرجته، باء بكفي رجع بكفي أي صار فيها، وأريح موضع. وقال أبو المثلم لصخر الغي:

يا صخر ورّاد ماء قد تمانعه ... سوم الأراجيل حتى جمّه طَحِل يا صخر جاء له من غير مورده ... بصارمَين معاً لم يثنه وجلَ سوم الأراجيل أي منع هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء، يقول فهذا الرجل يرِد على هذه المخافة، والأراجيل الرجالة، أي جاء لهذا الماء من غير مورد أي انحدر عليه من غير الطريق الذي يرَده الناس، بصارمَين يعني نفسه وسيفه. وقال البريق: ألم تعلموا أن الشعير تبدلت ... دَيافيّة تعلو الجماجم من عل إذا الرجل الشعبان صابت قذالَة ... أذاع به مجلوزها والمقلَل ديافية سيوف جلبت من دياف قرية بالشام، يقول كانوا يجلبون الطعام فتبدلوا منه الذي ذكره، والشعبان البطين، والمجلوز من السيوف الذي عليه جلاز من علباء وهو أن يتقلقل قائمه فيشد بعلباء والمقلل من القلّة وهي رأس القبيعة. وقال الزبير بن عبد المطلب: وينهي نخوةَ المختال عني ... غَموضُ الحد ضربته صموت السيف إذا كان قاطعا مر في العظم سريعا فلم يكن له صوت. وقال آخر: وأحياناً نخالطهم بضرب ... صموت في الحديد وأرونان وقد فسر. وقال آخر: يكفيك من قَلَع السماء مهندِ ... فوق الذراع ودون بوع البائع

نسبه إلى السماء أراد أنه من صاعقة. وقال آخر وذكر سيفا: أو قدْت فوقه الصواعق نارا ... ثم ساطت به الذعافَ القيون وقال آخر: اُداعيك ما مستصحَبات مع السري ... حسان وما آثارهاَ بحسان أداعيك مثل أحاجيك، بينهم أدعيّة وأحجية - سواء، يعني السيوف - حاجاه به. وقال آخر امرؤ القيس: تجافَي عن المأثور بيني وبينها ... وتُدني علينا السابريّ المضلعا الأصمعي: المأثور السيف، وقال بعضهم يريد تجافي عن المحمول من الحديث بيننا لا تعاتب عليه. وقال العجاج: يُذرِي بإرعاسِ يمينِ المؤتلي ... خضُمّة الذراع هذّ المختلي الإرعاس والإرعاش واحد وهو الرجف والمؤتلي التارك جهدا، فيقول هو يقطع وسط الذراع الذي عليه الدرع، وخضمه كل شيء معظمه - على أنه ترك جهده ويده ترجف، والهذ القطع،

والمختلي الذي يأخذ الخلا والخلا ارطْب، إذا يبس فهو الحشيش. وقال الفرزدق: وكنت كما قالتْ نوار إن اجتلَتْ ... على رجلٍ ما شدّ كفى خليلُها وذلك أن النوار امرأته خاصمته ونافرته، يقول: أنا كما زعمتْ أن تركتها فتزوجتْ غيري واجتلت عليه، ما شد كفَى خليلها ما دام قائم السيف في يدي أمتنع به، وجعل السيف لكفه خليلا. وقال آخر: دلفتُ له بأبيضٍ مشرفيّ ... كأنّ على مواقعه غبارا مواقعه التي وُقعت منه، يريد من شدة الإرهاف وكثرة الماء كأن عليه غبارا، وقعت الحديدة أقعها وقعا وهي موقوعة، والمطرقة ميقعة، وقال المتنخل وذكر سيفا: منتخب اللبِ له ضربةٌ ... خدبا كالعطِّ من الخِذعِل أي هذا السيف كأنه أهوج لا عقل له، منتخب أي منخوب اللب أي ذاهب العقل، والخَدَب تهاوي الشيء ولا يتمالك وهذا مثَل، أي هذا السيف لا يتمالك ولا يبالي ما أصاب، وإنما أراد كالعط من ثوب الخذعل، ثم وصفها فقال: أفلطها الليلُ بعير فتس ... عى ثوبها مجتنبِ المعدلِ

أي فاجأها الليل فخرجت وثوبها على غير القصد تسعى من الفرح بالعير. وقال آخر يصف سيوفا والبيت لخفاف بن ندبة: جلاها الصيقلون فأخلَصوها ... فجاءَتْ كلها يَتْقيِ بأثر أراد يتّقي فخفف، يعني السيوف أي توليهم أثرا يجعلها بينها وبينهم، والأثر الفرند وقال آخر وهو الأخطل. رأوا بارقاتي بالأكّفِ كأنها ... مصابيح سرج أوقدّت بمدادِ أي بزيت يمد0 وقال الأخطل: وما تركتْ أسيافنا حين جرِّدت ... لأعدائنا قيس بن عيلان من عذرِ أي لم يقدروا أن يقولوا كنا قليلا، ولا: أتونا ولم نعلم بهم. وقال آخر والبيت للخنساء: وداهية جرّها جارمٌ ... جعلَتْ رداءَك فيها خمارا رداءك أي سيفك خمرت به رؤوس الناس أي ضربتهم، ويجوز أن تكون جددت وتعممت بردائك كما قال النابغة: يحثّ الحداة جالزاً بردائهِ ... يقي حاجبَيْه ما تثير القنابلُ وقال آخر: رمونا برِشقٍ ثم إن سيوفَنا ... وردْنَ فأبطَرْنَ القبيل التراضيا

ولم تكن تثني البنلُ حدَّ سيوفِنا ... إذا ما عقدنا للجلادِ النواصيا برشق أي دفعة، فأبطرتهم عن الترامي أي صاروا إلى السيوف، تثني ترد، يريد عقدنا النواصي أي تهيأنا لذلك. وقال آخر: وجردت عضباً مشرقياً أرقّة ... عراكَ سِلام القَين وهو المثّمل عراك معاركة أي معالجة، وسلام القين حجارة المسانّ والمثمل وقال وبيض كأن الماء قبل احمرارها ... ينابيع من أعراضِها يتصبب قبل احمرارها من الدم، كأن الماء من نواحيها يجري من صفائها. وقال ابن مقبل: إني أقيدُ بالمأثورِ راحلتي ... ولا أبالي ولو كنا على سفرِ يقول لا أبالي أن أرحل بعد أن أعقر ناقتي لأصحابي، والمأثور السيف ذو الأثر وهو الفرند: وقال لبيد: وأعددتُ مأثوراً قليلاً حشوره ... شديدَ العماد ينتحي للطرائق حشوره كلوله، شديد العماد شديد الوسط. أي له متن، ينتحي يقصد لطرائق البيض. بأخلقٍ محمودٍ نجيحِ رجيعه ... وأخشن مرهوب كريم المآزِق

أخلق سيف أملس، أخشن يعني نفسه، المآزق المضايق عند الحرب. وقول النابغة: من وحشٍ وجرةِ موشّى أكارعه ... طاوي المصير كسيف الصيقلِ الفردِ أي الثور أبيض كالسيف الفرد أراد أنه مسلول وإنَ شئت قلت إن هذا السيف منقطع القرين لا نظير له. وقال يصف السيوف تقدّ السلوقيّ المضاعف نسجَه ... ويوقدنَ بالصفّاحِ نارَ الحباحب الأصمعي: الصفاح الحجارة العراض، يقول تقطع هذه السيوف الدروع وكل شيء حتى تصل إلى الحجارة فتوري فيها النار، ونار الحباحب ما توريه الحجارة وهذا من إفراط العرب كقول قيس بن الخطيم يصف الطعنة: ملكتُ بها كفى فأنهرتْ فتقُها ... وترى قائماً من خلفِها ماوراءها وقد فسرت هذا البيت: يطير فُضاضاً بينهم كل قونسٍ ... ويتبعُها منهم فَراش الجواجبِ يطير فضاضا أي ينفض ويتفرق، والفراش عظام رقاق تطير عند الضرب وقال الفرزدق:

بأيدي رجال لم يشيموا سيوفَهم ... ولم يكثروا القتلى بها حين سُلتْ يقول لم يغمدوا سيوفهم والقتلى لم تكثر حين سلت ولكن أغمدوها حين كثرت القتلى. وقال الراعي: بربِ ابنةِ العَمري ماكان جارها ... ليسلمَها ما وافقَ القائم اليدا يَعني قائم السيف. وقال يصف سيوفا: وبيض رقاق قد غلتهن كَبرة ... يداوي بها الصادَ الذي في النواظرِ يعني سيوفا، علتهن كبرة أي هي قديمة. والصاد داء يكون في رأس البعير فيرفع منه رأسه فضرب ذلك مثلا للكِبْر، والنواظر عروق تصير إلى العين وربما قطعت من الناس والإبل. وقول زيد الخيل يصف سيفا: أحادثه بصقلٍ كل يومٍ ... وأعجمه بها ماتِ الرجالِ أي أعضه من قولك عجمت الشيء أي ذقته وخبرته. وقال أبو ذؤيب يصف سيفا: ضروب لهاماتِ الرجالِ بسيفهِ ... إذا عجِمَتْ وسطَ الشؤونِ شفارها يعني شؤون الرأس وهي قبائله. وقال أبو ذؤيب: رميناهم حتى إذا أربتْ جمعهم ... وصار الرصيع نهية للحمائل

إربث تفرق، يقول صارت سيوفهم أعاليها أسافلها، والرصيع سيور تضفر بين الحمائل والجفن. يقول صار الرصيع في منكب الرجل حيث كانت الحمائل وصارت الحمائل عند صدره أي انقلبت عند الهزيمة، نهية حيث انتهت إليه. أبو النجم: والصدقَ مما يمنع النسوانا ... بمرهفاتٍ تبتني سلطِانا نجعل فيها للعدي غِيرنا أراد الصدق بمرهفات أي بسيوف. تبتني عزا قاهرا، غيرانا جراحات وقيل الغيران جمع غار وهو الجيش، وحكى عن الأصمعي أنه قال: نجعل فيها، أي في الحرب للعدى غيرانا يهربون منا إليها، ومن جعل الغيران الجراحات جعلها فيها للسيوف. وقال يصف قوما يتحاربون: كلا الفريقيْنِ المنيماتِ اشتهرَ ... كأنما بَرقعَ خدّيْه الحَور المنيمات السيوف القاتلات، اشتهر سل، والحور جلود حمر شبه الدم على خدودهم بحمرة الحور، برقعه صار الدم كالبرقع. وقال عنترة: وسيفي كالعقيقةِ فهو كِمعي ... سلاحي لا أفلّ ولا فُطارا

العقيقة لمعة البرق، كِمعي ضجيعي، يريد أنه إلى جانبي، أفلّ به فلول، والفطار الذي لم يصقل فهو متشقق، المتفطر المتشقق. وقال عُلالُتنا في كلِ يومٍ كريهةٍ ... بأسيافِنا والقرح لم يتفرقُ العلالة البقية يقول بقيتنا في الحرب أن نضربهم بأسياَفنا، والقرح لم يتقشر أي أنا نعود إلى الحرب فنقاتل وجراحتنا لم تبرأ وذلك أنها إذا برأت تقشرت. وقال وذكر قاتلا ومقتولا: يذبّب ورد على إثرِه ... وأمكنه وقع مردي خشِبِ ورد بن حابس، يذبب على إثر المقتول، مردي سيف، خشب فيه غلظ وجفاء لم تتم صنعته وجلاؤه. وقال الشنفري يصف سيفا: وهن كأذنابِ الحسيلِ صواديا ... وقد نهِلتْ من الدماءِ وعلّتْ الحسيل، أولاد البقر، يقول كأن السيوف أذناب البقر إذا عطشت فضربت بها. وقال قيس بن الخطيم: نَفِلي بحدِ الصفيحِ هامهُم ... وفلينا هامهم بنا عنف يقول هم قومنا. وقال ذو الرمة: وأبيض موِشّي القميصِ نصبته ... على خَصرِ مقلاتِ سفيه جَديلها

يعني سيفا، يعني أن باطن جفنه موشى، يقول هذا السيف على خصر ناقة مقلات لا يعيش لها ولد وهو أقوى لها وأصلب، سفيه زِمامها يقول هو مضطرب لتحريك الناقة رأسها وإنما أراد أن الناقة نشيطة. وقال ابن أحمر: تقلدت إبريقاَ وعلقتَ جعلةً ... لتُهلكَ حياً ذا ذهاء وجَاملِ إبريق سيف إفعيل من البريق وقيل قوس فيها أساريع، زهاء عدد وقد ر. وقال المرار وذكر إبلا عقر منها: فأجليْنَ عن برق أضاءَ عقيرةَ ... فيالكَ ذعراً أيّ ساعة مذعرِ أي انكشفن عن سيف مثل البرق. وقال الطرماح وذكر فلاة: أنخْتَ بها مستبطناً ذا كريهةٍ ... على عجلٍ والنوم بي غير رائن العرب تكتفي بأنخت دون البعير، ذا كريهة أراد سيفا، غير رائن أي غير غالب من قول الله تبارك وتعالى " كلابل ران على قلوبهم "، أي غلب. وقال الفرزدق: فِدىً لسيوفٍ من تميمٍ وفيَ بها ... ردائي وجلت عن وجودهِ الأهاتم أراد الأهتم بن سمي التميمي، وكان سليمان حج فبلغه بمكة إيقاع

وكيع بقتيبة بن مسلم فخطب الناس بمسجد عرفات وذكر غدر بني تميم ووثوبهم على سلطانهم وإسراعهم إلى الفتن، فقام الفرزدق ففتح رداءه وقال: يا أمير المؤمنين هذا ردائي رهن لك بوفاء تميم والذي بلغك كذب، فلما جاءت بيعة وكيع قال الفرزدق هذا البيت. وقال الفرزدق: عشية ولّيتُم كأنّ سيوفَكم ... ذآنين في أعناقِكم لم تسلّل ذآنين جمع ذؤنون وهو نبت ضعيف طويل له رأس مدور شبه سيوفهم في ضعفها بذلك النبت. وقال العجاج: وبالسُريجياتِ يخطِفنَ القَصرَ ... وفي طِراقِ البَيضِ يوقِدن الشَررَ السريجيات السيوف والقَصر أصول الأعناق، ويوقدن في طبقات البيض الشرر أي تنقدح النار. وقال العجاج أيضا: إذ مطَرتْ فيه الأيادي ومطَرَ ... بصاعقاتِ الموتِ يكشفنَ الحَيَرَ عن الدجارَى ويقوّمنَ الصَعَر الأيادي جمع أيد، وصاعقات الموت السيوف، الدجاري الحَياري يقال دِجر دَجرا. وقال أبو كبير:

ولقد شهدْتَ الحي بعد رقادِهم ... تفلى جماجمهُم بكل مقلّلِ بعد رقادهم يعني أنهم بُيِّتوا بياتا، تفلى تعلى بالسيوف، مقلل سيف عليه قلّة والقلة القبيعة وقلة كل شيء أعلاه، ويروي: بكل منحّل، أي سيف قد نحل لقدمه، ويروي: منخل، أي منتفي وقال الكميت لقوم انتقلوا عن قبيلهم: أحلامهم أم أحدث الدهر نوبةً ... لمرهفةٍ إن لا تُجّدوا صقالها يقول من أحلامهم أن تصيروا إلى اليمن وتدعونا ونحن السيوف، يقول أحدث الدهر نوبة للسيوف أن لا تصقل وتصلح. تواكلها الأبطال حتى كأنما ... يرون محاريث الغريب نصالها تواكلها تركها بعض إلى بعض، والمِحراث العود الذي تحرك به النار، والغريب الذي يغرب عن أهله أي ينتحي، والنصال السيوف، أي كأنها محاريث من الصدإ. وقال ساعدة بن جؤية الهذلي: وكنا أناساً أنطقْتنا سيوفنا ... لنا في لقاءِ القومِ حدّ وكوكب يقول أحسنّا العمل بها فتكلمنا وافتخرنا، وهذا مثل قول عمرو بن معدي كرب: فلو أن قومي أنطقْتني رماحهم ... نطقتُ ولكنَّ الرماحَ أجرَّتْ

وقال ابن مقبل يرثي عثمان بن عفان: ليبكَ بنو عثمان ما دامَ جِذمهم ... عليه بأصلالٍ تعَرَّي وتُخشَب جذمهم أصلهم، عليه - أي على عثمان، بأصلال بسيوف، تعري تُسلّ من جفونها، وتخشب تصقل. وقال ذوا الخِرق الطهوي: وما كانَ ذنب بني مالكٍ ... بأن سبُّ منهم غلام فسبَ بأبيض ذي أثرٍ صارمٍ ... تخِرُ بوائكها للرُكبِ يقول كان سبابه إياهم أن ضرب عراقيب الإبل بالسيف، والبوائك جمع بائك وهي الناقة الفتية الحسنة. قال الأصمعي أنشدني خلف لرجل من النمر بن قاسط جاهلي. وليستْ بأسواق يكون بياعها ... ببيض تشاف بالجيادِ المثاقلُ ولكنها سوق يكون بياعها ... بجُنمثية قد أحكمتها الصياقلُ الجنثية السيوف، أبو عبيدة: الخنثّي والجنثي بالضم والكسر من أجود الحديد، ويقال الجِنثي الحداد. وقال أوس بن حجر يصف سيفا: إذا سُل من غمدٍ تأكلُ أثره ... على مثلِ مصحاةِ اللُجينِ تأكّلا الأثر الفرند، وقوله تأكّل - أصله التوهج، والمصحاة إناء من فضة. وقال أبو كبير وذكر خَرقا:

فأجزته بأفل تحسب أثره ... نهجاً أبانَ بذي فَريغ مخَرِفِ أجزته قطعته، أفل سيف فيه فلول، تحسب فرنده من بيانه نهجا وهو الطريق البين، وفريغ طريق قد أثر فيه لطول ما وطيء، مخرف طريق. قال الرياشي قال أنشدني الأصمعي للحارث بن زهير: فيخبرُه مكانُ النونِ مني ... وما أعطيتُه عرق الَخِلالِ الخلال المخالّة، الرياشي في قول الآخر يصّف سيفا: له جذمة من ذي الفقار اغتصابها قال سألت الأصمعي فقال: كان السيف من جنس ذي الفقار، والجذمة هاهنا السيف. وأنشد الزيادي: لئمك ذو زِرَّين مصقول اللئيم الصلح، يريد أن صلحك إنما هو سيف مصقول. وقال رؤبة: والسابقُ الصادقُ يوم المعلِ ... كسبقِ صمصامة زجرَ المهلِ المعل الاختلاس يوم يختلس فيه الأمر مخالسة، وقوله كسبقَ صمصامة زجر المهل - وهذا كقولك: سبق السيف العذل، زجر المهل قوله مهلا. وقال وذكر السيوف:

باب في الرمح

إذا استُعيرتْ من جفونِ الأغمادِ ... فقأن بالصقعِ يرابيع الصادِ الصقع الضرب، الصاد والصيد داء يأخذ الإبل في رؤوسها فيرم لذلك أنوفها وتسمو برؤوسها ويسيل من أنوفها مثل الزبد فشبه الورم باليرابيع وإنما يريد أنها تخرج الكِبْر من الرؤوس، ويقال للمتكبر به صاد وصيد - لأنه يشمخ بأنفه فشبه بالبعير الذي بهَ هذا الداء فقد رفع رأسه، يقول نضربه فنفقي هذا القرح حتى يذهب كبره وطماحه. ومثله بيت الراعي: يداوي بها الصاد الذي في النواظر باب في الرمح حدثت عن ابراهيم بن أبي حبيب أبي اسحاق الزيادي، قال سمعت زيد ابن كثوة يقول في قول امرىء القيس: نطعنهم سُلكي ومخلوجة ... كرّ كلامين على نابلِ قال وهو بمعنى قول القائل للرامي: ارم ارم، يريد أنه يطعن طعنتين يتابع بينهما كما يتابع القائل هاتين الكلمتين. قال وكان الزيادي يستحسن هذا التفسير. وقال رؤبة: والدَين يُحي هاجساً مهجوساً ... مَغس الطبيبِ الطعنة المغوسا

شدّ بعَشر حبله المخموسا المغس الطعن يقال: أجد في بطني مغسا، يقول كما يمغس، الطبيب أي كما يطعن الطبيب في الجرح، يقول ما أجد من ألم الدين مثل هذا، فضربه مثلا للدين. وقوله: شدّ بعشر، هذا مثَل يقول أحكم أمره فجعل حبله على خمس قوى وشد بعشر أصابعه. قال الأصمعي: العرب تقول: بيدين ما أوردها، وما زائدة إذا أحكم الأمر فإذا عمل عملا لم يجد فيه قالوا: أوردها سعد وسعد مشتمل وعنى بقوله: شد بعشر، صاحب القتب الذي يشده، يقول أحقبه إحقابا شديدا فأثر في صلب البعير. وقال الجعدي: ولا يشعر الرمح الأمم كُعوبه ... بثروة رهط الأبلج المتغِشّم يقول إذا حَمل لم يرهب كثرة أهلك وعشيرتك. وقال أبو ذؤيب وذكر متبارزين: وتشاجرا بمذلّقيْنِ كلاهما ... فيه سنانٌ كالمنارةِ أصلعُ تشاجرا تطاعنا، بمذلقين بسنانين حادين وإنما أراد رمحين، سنان كالمنارة - أراد كالسراج فأوقع اللفظ على المنارة ضرورة، وأصلع له بريق قد انكشف من الصدإ والوسخ، يقال انصلعت الشمس إذا بدا

ضوءها. وقال ساعدة يذكر رجلا: وعميَّ عليه الموتَ يأتي طريقَه ... سِنان كعَسراءِ العقابِ ومِنهَبِ أي عميَّ على هذا الرجل الموت أي لبس عليه الموت فلم يدر أين يأخذ وقد أتى طريقةَ سنان، وعسراء العقاب ريشة بيضاء في باطن الذنب، ومنهب فرس شديد العدو وكأنه ينتهب الأرض انتهَابا. وقال كثيّر يمدح رجلا في حرب: وقد شخَصْتُ بالسابريةِ فوقَه ... معلّبة الأنبوبِ ماضٍ أليلها السابرية شُقة من سابري جُعلت راية، ويروي: مقومة الأنبوب، وهو أجود، ومعلبة مشدودة بالعلباء، والأليل الحربة سميت أليلا لأنها محددة. وقوله: ولكن بصمّ السمهري المعَّرِن المعرن المسمور والعِران المسمار الذي يضم بين القناة والسنان، أصله من عران الناقة وهو العود الذي يُجعل في أنف البختية. وقوله يصف قومه: وأثبتَه داراً على الخوفِ ثَملها ... فُروع عوالي الغاب أكرمْ بها ثَملا ثملها من قولك، أنت ثمال المساكين أي غياثهم وعصمتهم، يقال

بحر ثمال. وقال الراجز: ثفّفها بسَكَن وأدهان السكن النار، أي أقام أودها بالنار والدهن، الأصمعي: أنشدني مُعتُم بن سليمان قال: أنشدنيه بكر بن حبيب السهمي: وإني لا أزال أقول: أقرِنْ ... لذي رمحين ان حدِرْتْ حَدور قاله رجل غاز يصف شدة ما هو فيه، يقول إذا انحدر وقدامه إنسان معه رمح أو رمحان قال له الغازي: أقرنْ، أي ارفع رمحك انصبه نصبا - لئلا يعقره، قال: وقولهم: أقرِنْ أي ارفع فرنةَ رمحك. وأنشد الزيادي لخداش بن زهير: بين الأراك وبين النخلِ تسدَحُهم ... زرقُ الأسنة في أطرافها شم يريد أنها مسمومة والسم بارد، تسدحهم تصرعهم. وقال أوس: معي مارن لدْن يخليّ طريقَه ... سنان كنِبراسِ النِهامِيّ مِنجلُ مارن يعني رمحا لينا، طريقَه، يقول السنان يقدمه فلا يقدر أحد

أن يدنو منه، والنبراس السراج، والنهامي النجار، فكأن السراج على منارة عملها النجار، مِنجل واسع الجراح، وقوله: وذاك سلاحي قد رضيتُ كماله ... فيصدِفُ عني ذو الجَناحِ المعّبل من قال الجُناح بالضم أراد الميل ومن قال الجَناح بالفتح أراد العضد، والمعبّل الذي معه معابل. وقال بشر بن أبي خازم: وفي صدرِه أظمَى كأن كُعوبَه ... نوى القَسبِ عرّاص المهزة أزير أظمى أسمر يعني رمحا، يقال رجل أظمى أي أسمر، ويقال أظمى قليل اللحم، كأنه نوى القسب في صلابته لا في خلقته، وعرّاص شديد الاضطراب، وأزبر شديد الزُبرة - الكاهل، وإنما هذا مثَل. الأصمعي: الأسمر أصلب الرماح لأنه يؤخذ من غابته وقد نضج - وإذا أخذ ولم ينضج كان أبيض لا بقاء له. وقال آخر: الرمحُ لا أملأ كفّي به ... واللِبدُ لا أتبع تَزوالَه لا أملأ كفي به يريد أنه لا يشغله حمل الرمح حتى يملأ كفه فلا يكون فيها فضل لغيره من السلاح ولكن أراد أنه يقاتل بالرمح والسيف، وإذا زال اللبد لم أزل معه.

وقال عمرو بن معدي كرب: فلو أن قومي أنطقْتني رماحُهم ... نطقْتُ ولكنَّ الرماحَ أجرّتْ يقول لو كان لهم فعال تنطق - يعني الطعان بالرماح - لتكلمت ولكن رماحهم لما لم تستعمل أجرّتْ أي مَنعتْ من الكلام كما يجَرّ الفصيل يخلّ لسانه ليمنع من الرضاع. وقال آخر: نِلقي خصاصةَ بيننا أرماحَنا ... شالتْ نعامةً أيّنا لم يفعل أي نلقي في فرجة ما بيننا من الفضاء رماحنا ونصير إلى السيوف فمن لم يفعل ذلك فشالت نعامته أي أهلكه الله وفرق أمره. وقال زهير: ومن يعصِ أطرافَ الزجاجِ فإنه ... يطيعُ العوالي ركّبتْ كل لَهذمِ هذا مثل، يقول إن الزُج ليس يُطعن به إنما الطعن بالسنان فمن أبى الصلح - وهو الزج - أعطى العوالي وفيها الطعن. وقا ل آخر: إذا وردتُ ماءً علَتْها زِجاجُها وتعلو أعاليها إذا الرَوعُ أنجما يقول إذا لقوا قوما على مائهم طعنوا فيهم فانخفضت الأسنة وارتفعت الأزجّة - فإذا أنجم الروع - أي ذهب - رُكزِت الأزجة فارتفعت الأسنة وقال الكميت:

وما أنكحتْ منا الأسنة خاطباً ... ولا أذِنت عزّابنا حين تخطبُ يقول لم تُسب نساؤنا، أذنت يقول يأخذونها مكابرة. ونحوه للقحيف: أخذن اغتصاباً خِطبةً عجرفيةَ ... وأمهِرن أرماحاً من الخطِ ذُبّلا تقول: مهرتُ المرأة وأمهرتها. وقال امرؤ القيس: وظل لثيرانِ الصرمِ غَماغم ... يدعِّسها بالسمهري المعلَّبُ غماغم أصوات، والصريم الرمل، والمعلب الذي يشد بالعباء الرطبة وذلك إذا خُشي على الرمح أن ينكسر شد عليه العلباء الرطبة فجف عليه. وقال الأعشى: فمثل الذي تولوني في بيوتِكم يقيني سناناً كالقدامى وثَعلبا القدامى ريش الجناح المتقدم، شبه به السنان في مضيه، والثعلب ما دخل في السنان من الرمح. وقال زيد الخيل: سلكْتْ مجامع الأوصالِ منه ... بمطردِ الوقيعةِ كالخلالِ ويروي: مجامع الأمطاء منه، جمع مَطا وهو الظهر،

والخلال المدري، يريد رمحا، والوقعية السنان الذي وقعته بالميقعة وهي المطرقة يقال: شفرة وقيع أي مضروبة. قال عنترة: وآخر منهم أجررتً رمحي ... وفي البجَلي مِعبلة وقيع وقال سلامة بن جندل: فمن يكُ ذا ثوبٍ تنَله رماحنا ... ومن يك عرياناً يوائل فيسِبقُ يقول من كان عليه سلاح طعناه ومن طرح إلينا سلاحه وأكمش نجا. وقال عنترة: كأنَّ رماحَهم أشطان بئرٍ ... لها في كلِ مَدلَجتن خُدود أشطان حبال، مدلجة ممر الساقي بين البئر والحوض وهو مثل مدرجة، خدود جمع خدّ يريد آثار الأشطان. وقال: قد أطعُن الطعنةَ النجلاءَ عن عُرُض ... تصفرّ كف أخيها وهو منزوفُ عن عرض أي يعرض الناس لا يبالي من طعن، وإذا نزِف الدم اصفّرت الكف. وقال: ونحن منعنا بالفروقِ نساءنا ... نطرّف عنها مُسبَلات غَواشيا نطّرف نرد عنها يقال: طَرّفّ عنا هذه الخيل - أي ردّها، ومسبلات رماح قد أسبلت للطعن. ويقال خيل مسبِلة أي صابّة، غواشي تغشى القوم.

ألم تعلموا أن الأسِنّةَ أحرزَتْ ... بقيتنا لو أن للدهرِ باقيا يقول حصوننا الأسنة فهي التي أحرزت لنا كرما - ألا أنه لا يبقى على الدهر أحد. وقال المفضل بن عامر من عبد القيس: يهزهِزُ صعدةً جرداءَ فيها ... نقيع السم أو قَرّن مَحيق كانوا يجعلون قرون الثيران مكان الأسنة. محيق قد دلكَ حتى امّحق. وجاوَزْنا المنونَ بكلِ نكسٍ ... وخاظِي الجَلز ثعلبه دَميقُ النِكس الضعيف يعني سهما قد انكسر فاصلح وعقّب ولذلك قيل للرجال الضعفاء أنكاس، والجَلز أصل السنان، ودميق أدخل إلى آخره. والخاظي المنتفخ، والثعلب ما دخل في السنان من الرمح. وقال أبو الطمحان يذكر هاربا. على صَلَويه مُرهَفات كأنها ... قوادِم دلّتها نُسورٌ نواشِرُ الصَلوان ما عن يمين الذنب وشماله. يقول قد أدرك فالرماح شارعة إليه كأنها قوادمِ نسر. وقال عمرو بن قميئة: وأرماحنا ينهزنهم نهز جَمّةٍ ... يعود عليهم وِردنا ونميحها ينهزنهم نَهز جمة - أي ينزعن عن دمائهم كما ينزع من الجمة الماء، يعود عليهم وردنا - يقول: نعود عليهم بالطعن مرة بعد مرة، نميحها نستخرج ماءها. وقال آخر وهو قيس بن زير: لا تعجَل بأمركَ واستدمْهِ ... فما صلَى عصاكَ كمستديمِ

صلى أدناها من النار، يريد بالعصا القناة، يقول لم يُصلح أمرك شيء كالأناة - كالذي يدخل قناته النار كي تلين فإن عجل في إخراجها فلم يلينها انقصفت. وقال القطامي: قوارش بالرماحِ كأنّ فيها ... شواطَن ينتزِعنَ بها انتِزاعا إذا التقت الرماح سمعت لها صوتا فهي قوارش، يقال: تناولت الشيء وتقرشته سواء - ومنه سميت قريش قريشا لتناولها التجارة. وأنشد: أحد كيحي في الطعان إذا ق ... تَرش القنا وتَقعقَع الحَجَف شواطن حبال، يشبه الرماح بالحبال. وقال أبو زبيد يرثي غلامه: إما تقرم بكَ الرماح فلا ... أبكيكَ إلا للدلوِ والمرسِ تقرم من القَرم وهو الشهوة للحم، ويروى: تَقارَنْ بك الرماح، يقول قُرِنت بك الرماح فطُعنت بها فلست أبكي عليك إلا للعمل والاستقاء بالحبل والدلو. وهذا مثل قول الآخر في عبده: عبد العشاء وإرشَاء والعمل حمدت أمري ولمت أمرك إذ ... أَمسكَ جَلز السنانِ بالنَفسِ

الجلز ما شد به السنان على الرمح من عقَب أو غيره، يقول غُيب السنان حتى بلغ الجَلز فلم يتنفس حتى مات. وقال أبو زبيد: في ثيابِ عمادهُنَ رماحُ ... عند عوجٍ تسمّو سمو الصِيدِ يعني الرايات، والصَيد داء يصيب الإبل تَرفع منه رؤوسها. وقال الطرماح يذكر قتيلا: توَهّزُ فيه المضرحية بعدما ... مضَت فيه أذنا بلقَعِي وعامل توهز تأكل حتى لا تستطيع أن تقوم، والمضرحية النسور، والبلقعي السنان، وأذناه جانباه، والعامل أسفل من السنان. سحاليطَ حمراء القراحين أكرِهتْ ... به والعو إلى مضجَعاتُ الأسفلِ سحا قَشر، والليط القشر، حين أكرهت أي حمل عليها في. وقال عمرو بن كلثوم وذكر قناة ضربها مثلا: فإن قناتَنا يا عمرو أعيَتْ ... على الأعداءِ قبلكَ أن تلينا إذا عضَ الثقاف بها اشمأزّتْ ... ووّلته عشَوزنة زبونا اشمأزت انقبضت وولته صلابة وهي العشَوزنة، والثقاف ما يقّوم به الرماح، وزبون دفوع تزبنهم عما يريدون أي تدفعهم وهذا مثل

لمنعتهم ممن يريد اهتضامهم وغيرهم. ومثله لعَبيد: إنا إذا عضَ اثقا ... ف برأسٍ صعدتنا لوينا وقال الأخطل: ومسّوِم خِرَقُ الحتوفِ تقودُه ... للطعنِ يوم كريهة وَنزالِ المسوم المعلم بعلامة في الحرب بعِهن أو ريشة يعقدها في صدره أو ناصية فرسه، وخِرق الحتوق الرايات. وقال العجاج: إنا لعطافون خلف الملَحمِ ... إذا العوالى أخرجَتْ أصى الأضراس. وقال الأعشى: ولسوف تكلحُ للأسن ... ةِ كلحةً غيرَ افترارَه وقال العجاج: وخطَرتْ أيدي الكماة وخطَر ... راي إذا أورده الطعُن صدَر خطرت بالسيوف أيديهم ارتفعت كما يخطر البعير بذنبه إذا رفعه

وضرب به، راي جمع راية مثل آية وآي، يقول إذا طعن بالراية ردها فصدرت. والسَلبات السحم يشفين الزَورَ السلبات الرماح الطوال، الزور العوج، يقول من اعوج عن القصد رده الطعن إلى القصد. وقال الأخطل يصف خيلا: إذا سَطَع الغبار خرجْنَ منه ... بأسحمٍ مثل خافيةِ العقابِ أسحم راية سوداء. وقال لبيد: رابطُ الجأشِ ثابت القلب يربط نفسه عن الفرار، والفرج موضع المخافة، والجون فرسه، مربوع رمح ليس بالطويل ولا بالقصير، أي أعطف الجون ومعي رمح مربوع، والمتلّ الشديد. وقال قيس بن الخطيم: ترى قصَد المرّان تُلقي كأنه ... تذرّعُ خِرصان بأيدي الشواطبِ التذرع قدر ذراع ينكسر فيسقط، قال: والتذرع والقِصدَ واحد، وواحد القصد قِصْدة، والملران والوشيج عروق القنا فنسبوا القنا إليه. وأنشد لزهير: وهل ينبتُ الخطى إلا وشيجُه ... وتغَرس إلا في منابتها النخلُ مثل ما جعل الخرص الرمح وإنما هو نصف السنان الأعلى إلى

باب الترس والمنجنيق

موضع الّجبة وكذلك الأسل إنما هي أطراف الأسنة، يقال خِرص الرمح وُرص الرمح وخَرص - ثلاث لغات - وخِرصان للجميع، والشاطبة التي تعمل الحُصر من الشطْب شَطبت تشطِب شطوبا وهو أن تأخذ قشرة الأعلى، وتشطب وتلحَى واحد، وواحد الشَطْب شَطبة وهي السعفة، وتشطِب وتلحي واحد، وواحد الشَطْب شَطبةِ وهي السعفة، وكل قضيب من شجرة خرص ومن ثم قيل للرمح خرص. وقال العجاج: حنّى قناتي الكِبَر المحني ... أطَر الثقافِ خُرص المقني وقول الحارث بن حلزة: وثمانون من تميم بأيدي ... هم رماح صدورهن القضاء أي الموت. وقال ابن مقبل: نصَبْنا رماحاً فوقها جَدّ عامر ... كظلِ السماءِ كل أرض تعمدا جد عامر أي حظ عامر أي معها جد عامر، وهذا مثل، كظل السماء في الكثرة وهو مثَل يقول: ظل السماء يلبس كل شيء وكذلك هم. باب التُرس والمنجنيق قال بعض الهذلين أبو خراش. أو قد لا آلوكَ إلا مهنداً ... وجلد أبي عِجل وثيق القبائل

مهند سيف منسوب إلى الهند، وجلد أبي عجل يعني الترس المعمول من جلد ثور وهو أبو العجل، شديد القبائل يعني أنه شديد قبائل الرأس أي هو مسن. وقال العجاج وذكر المنجنيق. أورد خُذّا تسبق الأبصارا ... وكل أنثى حملَتْ أحجارا احذ سهام خفاف، والأنثى المنجنيق. تنتج يوم تلقَح ابتقاراَ ... إذا سمِعتُ صوتَها الخرّارا يهوي أصم صفعها الصَرّارا ... قد ضَبّرَ القوم لها أضبارا كأنما تجمّعوا بُقّارا تنتج يوم تلقح يقول إذا وضع في جوفها الحجر خرج منها مكانها، ابتقارا أي يخرج حجرها من بطن الجلدة كما يبقر بطن الحامل عن ولدها، يقول إذا سمعت صوت الحجر يهوي بين السماء والأرض أصم وقعها الصَرّار - وهو طائر يقال له الجد جد أيضا،

ضَبّر القوم جمعوا لها حجارة فهم مزدحمون فهم مزدحمون كأنهم ضَبْر. وقال كَثير بن مزرد ابن أخي الشماخ: بين يديْه سَتَر كالغربال ... كاللامعاتِ في الكِفافِ المختال يقلبه للصفِ حالاً عن حاَلِ ... تحمَّط الليث أمام الأشبالَ ستَر ترس يستتر به ويتبرس، واللامعات السحاب، والكفاف الجوانب، والمختال الذي يرى له خال للمطر. وقال الهذلي يصف برقا والبيت لصخر الغي: أرقتُ له مثل لمع البشي ... ر قلب بالكف فرضا خفيفا الفرض الترس. وقال العجاج يصف الرامي بالمنجنيق: إذا رأى أو رَهِب الغرارا ... مَرج الوضينِ قَدّم الزِيارا الغرار أصله في الحلوبة أن لا تدّر، ضرب ذلك مثلا، يقول إذا خاف أن لا تدر بالرمي قدم الزيار من أذنها، والوضين هو الذي يشد به الهودج فضربه مثلا، أراد ورِهب موج الوضين، وجعل الحبل الذي يعكسها مثلا للزيار الذي يشد به الدابة، وقال المرار: وأصحَرنا ولا عطف علينا ... لهم غير المحامل والجِنان

المحامل حمائل السيوف، والجنان التِرسَة. وقال الأخطل يصف الحمار والآتن والآتن يرمحنه بحوافرهن. وهن ينَبونَ عن جأبِ الأديمِ كما ... تنبو عن البَقريّاتِ الجَلامِيدُ يعني حوافرهن تنبو عن جلد الحمار، والجأب الغليظ الشديدِ، والبقريات تِرسة من جلود البقر. وقال أوس بن حجر: وذو بقرٍ من صنعِ يثربٍ مقفَلٍ ... وأسمر داناه الهلالِيّ يعتُر الأصمعي: يعني ترسا من جلود بقر، مقفل ميبس يقال قفَل جلده، أبو عبيدة: ذو بقر يعني كنانته، الأصمعي: واسمر رمح داناه كأن الرمح كان معوجا فداناه وقومه، والهلالي المقوم له، يعتر يضطرب يقال: رمح عاتر، أبو عبيدة: وأسمر درع والدرع تذكر وتؤنث وأنشد لأبي الأخزر: مقلِّصا بالدرعِ ذي التغضّن داناه أي داني حلقه، يعتر اسم السّراد. وقال صخر الغي: إني سينَهي عني وعيدَكم ... بيضُ رِهابٍ ومجنأ أجُد المجنأ الترس وذلك لأنه أحدب، والمجنأ القبر أيضا، بيض نصال، رهاب مرققة وكذلك رِهاف أيضا مرهفة، وأجد موثق.

باب الجوار والحلف والإغاثة

وقال صخر. لو أن أصحابي بنو خناعه ... تحتَ جلودِ الإبلِ القَرّاعه يعني الترَسة أي هم يتقون بها فهي على رؤوسهم فلذلك قال تحت، ويقال للشديد قرّاع وفرس قرّاع. وقال طفيل: فلما فنا ما في الكنائن ضاربوا ... إلى القرعَِ من جلدِ الهجانِ المجوّبِ القرع الترسة ويقال للترس إذا كان صلبا، أنه لقراع. وقال أبو قيس، بن الأسلت: صَدقَ حسام وادَّق حده ... ومجنا أسمر قَرّاع المجوب المجعول جوبا والجوب الترس، يقول: ضاربوا بأيدهم إلى الترسة ليقاتلوا. باب الجوار والحِلف والإغاثة قال الحطيئة: قوم إذا عَقدَ واعقد الجارهم ... شدوا العناجَ وشدوا فوقه الكَرَبا أي إذا عقدوا أوفوا لمن عقدوا له وكان عقدهم وثيقا، والعناج حبل أو بطان يجعل في أسفل الدلو تشد به العَراقي ليكون عونا

للوذَم، والوذم السيور التي بين أطرا ف العراقي وآذان الدلو والكرب عقد مثنى يشد على العراق. وقال الأعشى في مثله: إنا لنمنع جارنا ... إذ بعضهم يغَتفّ جارهِ يقال أصاب الناس غُفة من الربيع أي شيئا يسيرا، ويغتف يفتعل من هذا كأنه أراد يأكلون جارهم. ونشد عقد وريّنا ... شد الحِبَجْر على الغِفاره يقال وتر حبجر أي غليظ، والغفارة الجليدة التي تكون على فرضة القوس - وفرضتها الحز الذي يكون فيها، وريّنا قال بعضهم جارنا الذي تواريه بيوتنا، وقيل ضيفنا، وقال بعضهم الذي يوري معنا. وقال بشر بن أبي خازم: أجاز فلم يمنع منَ القوم جاره ... ولا هو إذ خاف الضباع مسير يقول لم يمنعه ولا هو إذ لم يقدر على منعه تركه يسير ويذهب عنه فأصبح كالشقراء لم يعد شرها سنابك رجليها وعِرضك أوفر. الشقراء أراد الأشقر وهو فرس لقيط بن زرارة حين قال له في يوم جَبلة: أشقر إن تتقدم تنحر، وإن تتأخر تعقر، يقول لو سيّرته فقتل في غير جوارك لم تلحقك منه لائمة ولا مسبّة إذ قُتل

بعد ما برئت منه وكان هو على كل حال مقتولا كهذا الأشقر إلا أن عرضك يكون موفورا غير مجروح، وقوله: لم يعد شرها سنابك رجليها - لأنه إن تقدم بقوائمه فعقر وإن تأخر بقوائمه فعقر فشره لا يعدو سنابك رجليه، وفيه قول آخر - تقول العرب في مثَل: ما أنت إلا كالشقراء لا يعدو شرها سنابكها، أي لا شيءَ عندها إلا ترمح، أي قُتل جارك فلم تصنع شيئا. دعا معِتبا جار الثبور وغره ... أجّم خَدور يتبع الضأن حيدر معتب عتبة، أجم شبهه بكبش لا قرن له والأجم من الرجال الذي لا رمح معه وجعله كبشا وهو يهجوه لأنه عظيم في قومه، والخدور الذي يكون وراء الغنم أبدا أي هو وراء الجيش لا يتقدم، حيدر قصير جزيز القفا شعبان يربض حَجرة ... حديث الخصاء وارم العَفل أبجر العرب تكره في الرجل كثرة الطعم ولا تصف به الشجاع بل تصفه بقلة الطعم ومنه قول أعشى باهلة:

تكفيه حُزة فلذ إن ألّم بها ... من الشواء ويروي شربَه الغُمَر وقوله يربض حجرة أراد المثل: كلْ وسطا واربض حجرة، كن مع القوم ما داموا في خير فإذا وقعوا في شر فدعهم وتنح، جزيز القفا إذا سمن الكبش جُز قفاه، والعَفل ما بين الذكر والدبر، وأبجر عظيم البطن، ويروى: مُعبر، يقال تيس معبَر وشاة معبرة وهَي التي لم تجزّ، يريد جز قفاه وترك سائره. وقال جرير للفرزدق يعير مجاشعا بقتل الزبير وهو جارهم: شُدّوا الحبَى وبشاركم عرق الخصى ... بعد الزبير وبعد جِعثنَ عار إذا احتبى الرجل عرقت خصيتاه، يقول فمباشرتكم بالاحتباء عرق الخصى عار بعد الزبير وجعثن، أي ليس يحتبى مع ما بكم من الداء. وقال زهير: وجار البيت والرجل المنادي ... أمام البيت عقدهما سواء المنادي المجالس من النادي وهو ابن العم والقرابة، يقول: الجار والقرابة سواء. وقال: فلم أر معشرا أسروا هدّيا ... ولم أر جار بيت يستباء يستباء من البواء وهو القود وذلك أنه أتاهم أراد أن يستجيرهم

فقتلوه برجل منهم كان قُتل. ويقال يستباء يتبوأ أي تُتخذ امرأته أهلا، والهدى الرجل ذو الحرمة وهو أن يأتي القوم يستجيرهم أو يأخذ منهم عهدا فهو هدّى مالم يجره فإذا أخذ العهد فهو حينئذ جار، ومعناه أن له حرمة كحرمة الهدى وهو الذي يهدى إلى البيت فلا يرد إلى البيت ولا يصاب بسوء. جوار شاهد عدل عليكم ... وسِيّان الكفالة والتَلاء التَلاء الذمة، يقال أتليت فلانا ذمة، أبو عبيدة: التلاء أن يكتب على سهم أو قِدح: فلان جار فلان - ثم يرمي به فإذا فعل ذلك فقد أتلاه، ويقال التلاء الحوالة يقال أتليت فلانا على فلان بمال أي أحلته، يقول إذا تكفلت لرجل أو احتال عليك فهو سواء كما أن الكفالة والحوالة بالحق سواء فهذا المجاور لكم مثل المحال عليكم، وقله جوار شاهد أي قد كان جارا لكم فهذا شاهد عليكم أنكم أصحابه. وإنكم وقوما أخفروكم ... لكالديباج مال به العباء أخفروكم جعلوكم خفراء، كالديباج مال به العباء أي غلب عليه ولم أرهم يثبتون البيت لزهير وقد سألت عنه فلم أُزَد على هذا التفسير. وقوله: بأي الجيرتين أجرتموه ... فلم يصلح له إلا الأداء

يقول إن كنتم أنتم الذين أجرتموه فقد عقدتم له ووجب حقه عليكم وإن كان هو اختاركم من قِبَل نفسه وجاوركم فهو واجب الحق، وفسره أيضا فقال: الكفالة الجوار والتَلاء الجوار فأي الأمرين كان فلا يصلح إلا الأداء، قال أبو عبيدة: يروى: بأي الجارتين، يقال أجاره إجارة وَجارة مثل أغرت إغارة وَغارة وأطعت إطاعِة وطاعة وأعدت إعادة وعادة - وهي من العادة - وأجبت إجابة وجابة. وقال المسيب بن علس: عُديَّة ليس لها ناصرُ ... ولا تحسْبنه فَقع قاعٍ بقَرقَر المرخة شجرة ليس لها ذرى ولا ارتفاع فتكون ظليلة، والفقع الكمء الأبيض، والقرقر القاع المستوى، يقول لا تحسبه ذليلا لمن أراده كالفقع الذي لا أصل له ولا عروق فهو لا يمتنع على جانيه.

وقال العجاج: مروانُ إن الله وصَّى بالذمم ... وجعلَ الجيرانَ أستار الحُرمِ يقول جعل جار الرجل سترا لحرمته فإن لم يمنع جاره هتك ستر حرمته. ولم يقِدّر جارُكم لَحَم الوضم ... وقذفُ جار المرءِ في قَعرَ الرجَمِ وهو صحيح لم يدافعْ عن حَشَمٍ ... صمَّاء لا يبرئها من الصممِ حوادثُ الدهر ولا طول ... القِدمِ فاتّقيْن مروان في القومِ السلمِ عندك في الأحجال شَعراء النَدم أي جعل جاركم ممنوعا، والرجم القبر، يقول: هلاك الجار وجاره صحيح لم يدافع عنه داهية عارها باق، والسلمْ المسلمون، والأحجال القيود، أي اتَق أن تعمل عملا يلحقك فيه ندامة فتكون عليك كشعراء الندم، والشعراء ذباب، يقول أصابك ذباب من الأمر، ويقال داهية. وقال آخر وهو الحصين بن القعقاع: هم السَمن بالسنّوتِ لا ألْس فيهم ... وهم يمنعونَ جارَهم أن يقرَّدا السنوت العسل، والألْس الخيانة، وهم يمنعونَ جارهم أن يُستذل كما يستذل البعير يؤخذ عنه القِردان. ومثله للحطيئة: لعمرك ما قُراد بني كليب ... إذا نُزعَ القراد بمستطاعِ

أي لا يُقَدَر على استذلالهم، وأصل ذلك أن يجيء الرجل بالخطام إلى البعير الصعب قد ستره منه لئلا يمتنع ثم ينتزع قرادا من البعير حتى يستأنس به ويدني رأسه ثم يرمي بالخِطام في عنقه، يريد الحطيئة أنهم لا يخُدعون. وقال زيد الخيل: إذا أخفر وكُم مرةً كان ذَالكُم ... جيادأ على فُرسانهن العمائَمُ وصف قوما كانوا جيرانا لقوم، فيقول إن ترككم هؤلاء غزاكم الناس وأغاروا عليكم لأنكم إنما تعزّون بهم. وقال آخر: إذا خُضُر الأصّم رُمِيت ... فيها بمُستَتلٍ على الأدنَين باعِ فإن تعقِد فإنك غير وافٍ ... وإن تظلم فإنكَ غير ساعِ الأصم رجب وكانت العرب تسميه الأصم لأنه لم يكن يسمع فيه استغاثة - لا ينادَى فيه يا لفَلان ولا يا صاحباه، وقيل لم يكن يُسمع فيه قَعقَعة سلاح فلذلك سُمي الأصم، والخضر السود وهي آخر ليالي

الشهر. ومثله للأعشَى: تداركه في مُنصِل الأل ... بعدما مضى غير دأداء وقد كاد يذهب الدآدي الثلاث الأواخر، ومنصِل الأل رجب، الأل جمع آلة وهي الحربة، كانوا يأمنون فيه لأنه شهر حرام فتنزع فيهِ الحِراب، أي كاد الشهر يذهب، مستَتل مستفعل من التلاء وهو الحوالة، يحيل عليك يطلب إليك أن تجيره، على الأدنين باع أي عليهم جان جارم، يقال بعا يبعو. ومنه قول عوف بن الأحوص: وإبسالي بنى بغيرِ جرمٍ ... بَعَوناه ولا بِدمٍ مُراقِ وقال أبو داود الإيادي وذكر الجار: إذا ما عقْدنا له ذِمّةً ... شَددْنا العِناج وعَقد الكرًبِ وهذا مثل بيت الحطيئة: قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم وقد فسِّر. وقال امرؤ القيس: يا عَجبي يمشي الحُزُقَة خالد ... كمشى أتانٍ حُلّتْ عن منَاهلِ الحزقة القصير الضخم البطن، حلِّئت ردَّت عن منهل بعد منهل

وكانوا أغاروا على إبل امرىء القيس وهو في جوار خالد بن سدوس فقال له خالد: أنا أطلبها لك، فطلبها فرجع خائبا. تلّعب باعث بذمةِ خالدٍ ... وأودَى دِثار في الخطوب الأوائِل باعث الذي أغار على إبله ودثار راعيها. يقول ذهبت الإبل فصارت حديثا كما ذهبت الأمور الأوائل. فدعْ عنك نَهباً صِيحَ في حَجراتِه ... ولكن حديث ما حديث الرواحلِ كان خالد قال لامرىء القيس: أعطني رواحِلك لأدرك القوم لأستنقذ منهم إبلك، فأعطاه رواحله فلما لحقهم وسألهم أن يردوا إبل امرىء القيس وأعلمهم أنه جاره وأن رواحله تحته استنزلوه عنها وذهبوا بها فقال امرؤ القيس: دع عنك الإبل التي أغير عليها ولكن حديث ما حديث الرواحل - على التعجب. كأن بني شَيبان ألَوت بجارِهم ... عقاب تَنوفَا لا عقاب القَواعِلِ تَنوفا: ثَنيّة مشرقة، والقوافل ثنايا صغار دونها.

وقال آخر الكلحَبة. وقلتُ لكأسٍ ألجميها فإنما ... حللنا الكَثيب من زَرودٍ لنفزَعا أي لنغيث أي ألجمي الفرس. وقال النابغة: بحمدِ ابن سلمى إذ شأتني منيّتي ... ليالي رَجّيت الفضولَ النوافعا شأتني أي جازتني وتقدمتني كأنه أجازه من القتل. وقال النابغة: قالتْ بنو عامرٍ خالُوا بني أسدٍ ... يا بؤسَ للجهل ضَرّارا لأقوامِ خالوهم تخلوا من حِلفهم وتاركوهم، ومنه قولهم: أنتِ خلية وأنت بريّة، وكانت بنو عامر قالت لبني ذبيان: أخرجوا بني أسد واقطعوا حلف ما بينكم وألحقوهم ببني كنانة فنحن بنوا أبيكم، فقالت لهم بنو ذبيان: أخرجوا من فيكم من الحلَفاء ونخرج من فينا فأبوا. يأبَى البلاءُ فلا نبغي بهم بدلاً ... ولا نريد خِلاء بعد إحكامِ الأصمعي: يأبى علينا ما قد بلوناه من نصحهم أن نخالعهم، ولا نريد خِلاء أي متاركة وهو مصدر خاليت أي تاركت وبارأت، بعد إحكام الحِلف. وقال زهير:

إذا فزعوا طاروا إلى مستغيثِهم ... طوال الرماحِ لاقصار ولا عُزلُ أي إذا أغاثوا. وقال آخر: دعوتُ خُليدا دعوةً فكأنما ... دعوت به ابنَ الطَودِ أو هو أسرع ابن الطود حجر، أي فكأنه حجر يدهدَى من جبل، وأنشد لامرىء القيس: مِكَرٍ مِفَرٍّ مقبلٍ مدبرٍ معا ... كجلمودِ صخرٍ حطه السيلُ من علِ وقال الحارث بن حلزة: فاعلموا أننا وإياكم في ... ما اشترطْنا يومَ احتَلفنا سَواء يقول احتلفنا فكل ما كان من اشتراط لكم علينا في ذلك اليوم فلنا عليكم مثله. حذَر الجَور والتعدي وهل ين ... قضُ ما في المهارق الأهواءُ يقول إن كانت أهواؤكم زينت لكم الغدر بعدما تحالفنا وتوافقنا فكيف تصنعون بما في الصحف مكتوبا عليكم. وقال قيس بن الخطيم: لَما غدَتْ غُدوةً جِباهُهم ... حنّتْ إلينا الأرحام والصحف يعني بكوا إلينا، والصحف التي كُتب فيها الحِلف بينهم، وهو مثل قول الحارث بن حلزة:

هل ينقض ما في المهارقِ الأهواءُ وقال آخر: فجارك عند بيتكَ لحم ظبيٍ ... وجاري عند بيتي لا يرامُ أي جارك لمن رامه كالظبي لا مانع له. وقال الطرماح يمدح قوما: ويفونَ إن عقَدوا وإن أتلَوا حَبوا ... دون التلاءِ بفَخمةٍ مِذكارِ أتلوا أجاروا، الفخمة كتيبة ضخمة، مذكار فيها ذكران الخيل. وقال طرف: لعمركَ ما كانَتْ حمولةَ مَعبدٍ ... على جدّها حربا لدِينك من مضرِ الحمولة إبل القوم التي يتحملون عليها، ومعبد أخو طرفة، والجد البئر الجيدة الموضع من الكلأ، والدين الطاعة، وكان لمعبد إبل في جوار عمرو بن هند فأغير عليها، يقول نحن في طاعتك ومضر في طاعتك فما بالنا أغير علينا وكلنا ندين لك؟ يحرضه على الطلب له. وكانَ لها جاران قابوس منهما ... وعمرو ولم استرِعها الشمسَ والقمرْ قابوس بن المنذر، وكان هذان جاريه، يقول قد استوثقت جهدي أن أستجير الشمس والقمر. وقال آخر أبو جندب الهذلي:

وكنتُ إذا جاري دعا لمُضوفةٍ ... أشمِّر حتى يَنَصُفَ الساقَ مِئرزي المضوفة الأمر يشمَّر فيه يحاذَر، ومنه قول الهذلي: إذا يغزو تضيف أي تشفق. وقال زهير: فتُجمع أيمن منا ومنكم ... بمقَسمةٍ تمور بها الدماءُ أيمن جمع يمين والمقسمة موضع القسم جعله بمكة حيث ينحر الجُزر فتسيل الدماء، من قال مقَسمة أراد اليمين، وقيل بل أراد تؤخذ أيمان مثل الأيمان التي تؤخذ عند الدم للقَسامة فإذا كان القوم عشرة ردت اليمين عليهم حتى تكون خمسين قسامة. وقال آخر: تركناكَ لا تُوفي لجارٍ أجَرته ... كأنكَ ذاتُ الوَدعَ أودي بريمها البريم الحقاب. وقال ذات الودع لأنه لباس الإماء. وقال بدر بن حمراء: ومن يك مبيناً على بيتِ جارِه ... فإني امرؤٌ عن بيت جاريَ جافِر

يقول من كان معرسا بحارته فإني جافر عن ذلك، والجافر الفحل الذي عدل عن الضراب. أقول لمن دلتْ حبالي وأوردتْ ... تعلم وبيتِ اللهِ إنكَ صادرُ أي من أجَرته وأعطيته من مواثقي شيئا يتعلق به أي أقول لمن أورده جواري موردا: إنك وبيت الله ستصدر سالما. كذاك منعت القومَ أن يتقسَّموا ... بسيفي وعريان الأشاجعِ خادرُ عريان الأشاجع هو نفسه، خادر شبه نفسه بالأسد. وقال الأعشى في الحبال: فإذا يجوّرها حبالُ قبيلةٍ ... أخذَتْ من الأخرى إليكَ حبالها يعني ناقته أي إذا أخذت موثقا من قبيلة فجازت تريدك أخذت موثقا آخر من قبيلة أخرى. وقال جرير: نبني على سَنَنِ العدوّ بيوتَنا ... لا نستجيرُ ولا نَحلّ حَريدا الحريد المتحول عن قومه، يقال حرد يحرد خرودا، يقول لا ننزل في قوم من ضعف وذلة لقوتنا وكثرتنا. وقال الحطيئة: هم القوم الذين علمتموهم ... لدى الداعي إذا رفعَ اللواء أي هم أول من يغيث ويأتي الداعي أي المستغيث. وقال الهذلي حذيفة بن أنس: ألم تقتلوا الحِرجَين إذ أعورا لكم ... يُمِرّان بالأيدي اللحاءَ المضفرا

الحِرجان رجلان واحدهما حِرج، أعورا أمكنتم عورتها وغِرّتهما وإنما كان الرجل يأخذ من لحاء شجر الحرم فيجعله في عنقه أو في يده فيأمن بذلك. وقال الأعشى: وما إن على جارهُ تَلفة ... يُساقطها كسِقاطِ العُننِ أبو عبيدة: واحدها عُنّة وهو مثل البيت يُعمل من الخشب، ولم يعرف الغبن. وقال الأعشى: وقومك إن يضمنوا جارةً ... يكونوا بموضعِ أنضادُها الأنضاد جمع نضَد وهو ما نضد من متاع بيتها ثم جعل أهلُ البيت نضَدا، يقول إذا ضَمن قومك جارة كانوا في ضمانهم يقومون مقام قومها، وأنشد الأصمعي: وإن ظهري لمستنِد إلى نضد أمين وأنشد لرؤبة: أنَا ابنَ أنضاد إليها أرزي

ويقال إليها أرزي أي أسند ظهري. وقال: أصله متاع البيت ثم جعل الرهط والعشيرةَ، وروى عن الأصمعي أنه: قال النضد الأعمام والأخوال. فلنْ يطلبوا سرَّها للغني ... ولن يسلموها لإزهادِها يعني أنهم لا يرغبون في نكاح جارتهم من أجل غناهَم ولا يتركونها من أجل الفقر وهو الإزهاد. وقال يذكر رجلا نصر جاره ومنع منه: فأعطاه جلساً غيرِ نكسٍ أربّه ... لؤاما به أو في وقد كادَ يعطَب الجلس سهم صلب، والنكس الذي جُعل فُوقه مكان نصله، أربه ألزمه، واللؤام المتفق من الريش، يقول أخذ سهما من جفيره فناوله إياه، وذلك أنه لقيه خارجا من بلده فأجاره وأعطى ذلك وقال القُطاميِّ لزفر بن الحارث وكان منع منه: وما نسيتُ مقامَ الوَردِ تحبسه ... بيني وبين حفيفِ الغابةِ العادي الورد فرس زفر بن الحارث، والغابة الأجمة وهي هاهنا الرماح شبهها بالغابة لكثرتها والتفافها، والحفيف صوتها، والعادي صفة للورد أراد مقام الورد العادي بيني وبين هؤلاء حتى سلمت.

وقال آخر: ولستُ بصادرٍ من بيتِ جاري ... صدورَ العير غَمّره الورود التغمر أن يشرب دون الري فيه إلى الورود حاجة، أي فأنا لا آتي بيت جاري هكذا، أي إن خرجت لم أخرج خروجا أِريد العودة إليه لريبة. ولا ألقي لذي الوَدعات سَوطي ... لألَهيه ورِيبتَه أريدُ ذو الودعات الصبي، أي لا ألقي سوطي له لأشغله وأخلو بما أريد. ومثله قول الراجز: ظَلّتْ بوادي حَرمَلاً ترتّمه ... لا تطعم الماءَ ولا تشَمّه بعِلل الصبي نيكَتْ أمّه ومثله قول مسكين الدارمي. لا آخذ الصبيان ألثَمهم ... والأمر قد يغَزي به الأمر وقال أبو حنبل حين نزل به امرؤ القيس فأجاره: لقد آليت أغدِر في جَداع ... ولو مُنِّيت أمّات الرباع

جَداع سنة جدعاء تذهب، بكل شيء. لأن الغدر في الأقوام عار ... وأن المرء يجَزأ بالكراع أي يكفيه كراع يأكلها فلِم يغدر. وقال زهير: هلاّ سألتمَ بني الصيداءِ كلهم ... بأيّ حبل جِوار كنتُ أِمتسكُ فلن يقولوا بحبلٍ واهِنٍ ... خلَق لو كان قومكَ في أمثالِه هلَكوا يقول سلهم كيف كنت أفعل فإني كنت استوثق ولا أتعلق إلا بحبل متين إذا كان حبل قومك - وهو عهدهم - هلكوا فيه أي حتى غدروا. ومثله لطفيل: وكنتُ إذا أعلقت مكّنت في الذري ... يَديّ فلا يُلقَي بجنبَّي مصرعُ ويروى: كنت إذا جاورت، يقول لم أكن أنازل إلا الذرى من القوم أي الأشراف. وقال أبو خراش الهذلي يذكر ابنه: ولم أدرِ من ألقي عليه رداءَه ... ولكنه قد سُلّ عن ماجد محض يقول لم أدر من أجاره، وكان الرجل إذا ألقي على الرجل ثوبه فقد أجاره، يقول لم أدر من هو ولكنه ما جد محض. وقال أبو المثلم لصخر الغي: كلوا هنيئاً وإن أثِقفتم بَكلا ... مما تجيرُ بنو الرمداءِ فابتِكلوا

باب في العداوة والبغضاء والحقد والظلم

يهزأ بهم، يقول لصخر: إنك وثبت على جار القوم فكل هنيئا فإنك لا تسلم، بكلا غنيمة، أي ان أثقفتموه غنيمة مما في جوار بني الرمداء فاغتنموا. وقال أبو جندب يرثي جارين له: إني امرؤ أبكي على جارَيَه ... كانا مكان الثوبِ من حَقَوّيهِ يقال للرجل يعوذ بالرجل ويتحرم به: أخذ بحقويه، يقول هما عني بمنزلة من عاد بحقويّ، ومثله: هو مني مَعقدَ الازار. وقال عمرو بن برّاقة الهمداني: تحالَفَ أقوامٌ عليّ ليسِمنوا ... وجرُّوا عليّ الحربِ إذ أنا سالم يقول صارت كلمتهم عليّ، ليسمنوا أي ليكون مرعانا لهم فيرعوا به ويسمنوا فيه، يقال رعي فلان موضع كذا حتى أسمن أي سمنت إبله. باب في العداوة والبغضاء والحقد والظلم قال أبو خراش: رأيتُ بني العلات لما تضافروا ... يحوزونَ سهمي دونهم في الشمائل بنو العلات الذين ليسوا لأم واحدة تضافروا تعاونوا، يحوزون أي يجعلون، وهذا مثل، يقول ينزلونني بالمنزلة الخسيسة كقولك:

فلان عندي باليمين، أي بالمنزلة العليا. وقال الأعشى: أرى رجلاً منهم أسيفاً كأنما ... يضّم إلى كشحْيه كفاً مخضبا أسيف غضبان كأن هذا الرجل من شدة غضبه قطعت يده فغضب لذلك، وعادة كل إنسان إذا أرسل يديه لم يشغلها بعمل إن تقعا على كشحيه، أما قوله كفا - واحدة وهما كشحان فذلك لضمه يديه جميعا وإن كانت المقطوعة أحدهما ولم يخَفِ اللبس لقرب المعنى من الفهم وإحاطة العلم بأن كفا واحدة لا تُضم إلى الكشحين، ومثل هذا كثير في كلامهم. وقال آخر: وفِينا وإن قيلْ اصطلحنا تضاغن ... كما طَرّ أوبارُ الجِرابِ على النَشرِ الكلأ، إذا جف ثم أصابه المطر فاخضر فهو النشر وهو داء كله إذا أكلته الماشية. يقول نحن وإن أظهرنا الصلح ففي قلوبنا غير ذلك كما أن هذه الجراب أكلت النشر فطرّت أوبارها وحسن ظاهرها وفيها من الداء ما فيها. ومثله لزفر بن الحارث الكلابي: وقد ينبتُ المرعَى على دِمَن الثَري ... وتَبقى حزازاتُ النفوسِ كما هيا

المرعى إذا نبت على الدِمن أخبث المرعى فكما ظاهر هذا المرعى حسن وداخله رديء كذلك نحن. ومثله: ولا يغرَّنْكَ أضغانُ مزملة ... قد يضربُ الدَبرُ الدامي بأحلاسِ الأضغان الأحقاد أي تُستركما تستر هذه الأحلاس وتحتها الداء فكذلك هذه الأضغان تستر وفي داخلها ما فيها. ومنه قول الكميت: ولم أحلس على جلَب. وقال آخر: فلا توعدونا بالجيادِ فإننا ... لكم مضعة قد لجِلجت فأمرَّتْ ويروي نُجِنجت، والمعنى أنها ردَّدت في الفم، والجياد الخيل، أمرّتْ صارت مرا، والمعنى أنكم لا تسيغوننا ولا تقدرون علينا. وقال معقل بن خويلد: أبا معقلٍ إن كنت أشّحت حلةً ... أبا معقل فانظر بنبلك من ترمي أي إن كنت أعطيت جاها وقدرا فانظر لمن تَعرَض، أشحت ووُشّحت سواء: أبا معقلٍ لا توطيئنكم بغاضتي ... رؤوس الأفاعي في مراصِدها العُرْم أبو عمرو يرويه: بغاضتي بكسر الباء، يقول لا يحملنك بغضى

على أن تقتل نفسك وتهلكها، والعُرم الرقط، يقال شاة عَرماء، مراصدها حيث ترصُد. وقال العجاج: وقد وعظناها اتّقاءَ المأثم ... فجعلوا العتاب حَرقَ الأرَّمِ أي جعلوا عتابنا أن أو عدوْنا،، يقال هو يعلك عليّ الأرم أقصى الأنياب. وقال: لولا تكَميكَ ذُرَي من جارا ... والذّبُ عنّا لم نكنْ أحرارا التكمي القمع. يقال كَمَى شهادته إذا قمعها وكتمها، وذرى أعال - يعني رؤوسهم، قمعت رؤوسهم، والتكمي التعمد. وقال: بل لو شهدتَ القوم إذ تُكمَّوا ... بقدَر حُمّ لهم وحُموا تكُموا تفُعّلوا من الكمّة أي لبسوا غُمة كُمّوا بها كما تكم النخلة جُللوا، والكمي قمْع الشيء وستره. وقال آخر: وإن امرءً أيدعو ليَهلكَ مالِك ... ويبغي علينا للمنية قارعُ أي يقرع بابها يطلبها. وهذا مثَل. وقال آخر. أجبّارُ إن المرء يدركُ حقَه ... ببعض الحِقاق أو يسيَّب باطله وما يبتغي من بعدِ إعطاءٍ ... حقه من الأَمرِ إلاَ أن تئيم حلائله

الحِقاق المحاقة، أن يكون له في الأمر حق، أو يسيَّب أي يخلى باطله فلا يعطى شيئا، وما يبتغي بعد ما يعطي حقه إلا أن يُقتل فتئيم حلائله. وقال العجاج. وشانيء أرضوه بالأخسِّ ... من أمره بالهَجْسِ بعد الهجْسٍ الشانيء المبغض، الأخس الأقل من أمره، الهجس أي يهجس في نفسه منه بلاء وشر - أي حملوا عليه الشر حتى أرضوه بغير الحق. وقال آخر: ومولًى كأن الشمسَ بيني وبينه ... إذا ما التقيْنا ليس ممن أعاتبه يقول لا أقدر أن أنظر إليه من بغضه فكأن الشمس بيني وبينه. وقال آخر: يتقارضونَ إذا التقوا في موطنٍ ... نظرأ يزيلُ مواطيء الأقدامِ قال الله عز وجل " يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ". وقال العجاج: فوجدوا الحَجّاج يأبىالنَهضا النهض الظلم. وقال: وإن أجاروا معشَرا لم ينَهضوا

سألت عنه الأصمعي فقال: يأبى الهضّا، أي الكسر وكذلك يُنشد هذا البيت. وقال آخر: ومولًى كداء البطن لا خير عنده ... ولا شرّ إلا أن يعيب الأدانيا جعله كداء البطن لأنه لا يدري ما هو وما هاجسه. وقال خوات بن جُبير: وأهل خباء صالح ذات بينهم ... قد احتربوا في عاجل أنا آجله أبو عمرو: يعني أنا جالبه أجَلت فأنا اجِلُ أجْلا، وقال أبو زيد أجلت جررت عليهم جريرة - اجِل أجْلا. قال الأحمر في بيت عروة بن الورد: ألا إن أصحاب الكنيف وجدتهم ... هُم الناسَ لما أخصبوا وتمولّوا وفي الناس الرفع أيضا، يقول وجدتهم مثل سائر الناس في الغدر، وكانوا عاهدوه حين كانوا معه أن لا يفارقوه. وقال النابغة للنعمان: لا تقذ فَني بركن لاكفاء له ... ولو تأثّفك الأعداء بالرِفَد يقول لا ترميني بناحية لا مثل لها في الشر ولو تأثفك الأعداء أي احتشوك وكانوا من جوانبك بمنزلة الأثافي من القدر،

بالرفد أي بالتعاون يرفد بعضهم بعضا عليَّ عندك ويسعون بي وقال: فمن عصاكَ فعاقِبْه معاقبةً ... تنهى الظَلومَ ولاتقعدْ على ضَمدِ إلا لمثلكَ أزمن أنتَ سابقُه ... الجوادِ إذا استولى على الأمدِ الأصمعي: لا تقعد على غيظ وغضب إلا لمثلك في حالك أو لمنَ فضلك عليه كفضل السابق على المصلِّي فأما من دون ذلك فأمض فيهم إرادتك. وقال: فان أكُ مظلوماً فعبدٌ ظلمتَه ... وأن تك غضبانا فمثلك يعتَب يريد إني غير ممتنع من ظلمك إن كنت ظلمتني كما لا يمتنع العبد من فعل سيده وإن تك غضبانا فلك العتبى أي لك الرجوع إلى ما تحب. وقال: ولكنني كنت امرءً إلى جانب ... من الأرضِ فيه مستراد ومذهب ملوك وإخوان إذا ما لقيتهم ... أحكمَّ في أموالهِم وأقرّب كفعلكَ في قومٍ أراكَ اصطنعتَهم ... فلم ترهم في مثلِ ذلك أذنبوا يقول اجعلني كهؤلاء القوم الذين صاروا إليك وكانوا مع غيرك فاصطنعتهم وأحسنت إليهم ولم ترهم مذنبين إذ فارقوا من كانوا معه، يقول فأنا مثلهم صرت عنك إلى عنك إلى غيرك فاصطنَع إليَّ وأحسنَ بي فلا ترني مذنبا إذ لم تر أولئك مذنِبين.

وقال الأعشى: ألستَ منتهياً عن نَحت أثلتنا ... ولستَ ضائرها ما أطَت الإبلُ كناطحِ صخرةٍ يوماً ليفلقها ... فلم يضرها وأهي قرنَه الوِعلُ أثلتنا شجرتنا وإنما يريد عزنا وقيل أثلتنا أصلنا، يقال مجد مؤثّل - أي ذو أصل، والوعل إذا اشتد قرنه أتى صخرة فنطحها يريد بذلك تجريب قرنه، يقول: أنت في الذي ترمونه منا كالوعل ونحن صخرة. ومثله للمرار يصف ناقة: هذي الوَآة كصخرة الوَعْل وقال الأعشى: صرمتُ ولم أصرمكم وكصارم ... أخ قد طوى كشحاً وأبَّ ليذهبا ومثلُ الذي تولونني في بيوتِكمً يقنِّي سناناً كالقُدامَى وثعلبا أبَّ تهيأ وتشمر للذهاب، والقدامى ريش الجناح شبه به السنان في مضيه، والثعلب ما دخل في السنان من الرمح. وقال: وزعمتَ أنكَ مانع ... حقّا فلا تعطي اصطبارِه حتى تكونَ عَرارة ... منا فقد كانتْ عَرارِه ولقد علمت لتشرب ... نّ ببعضِ ظلمكَ في مَحارِه

اصطباره أي لا تعطيه صبرا عليه وأصل الصبر الحبس للنفس على الحق، والعَرارة الشدة، والمحارة الصدقة أي نوجرك كرها كما يوجر الصبي. وقال: لا أعرفنّك إن جدّت عداوتنا ... والتُمس النصر منكم عوضُ تحتَمل تحتمل تغضب، يقال جاء فلان محتملا من الغضب أيَ مستخَفّا. ومنه قول الجعدي: كلِبا من حِس ما قلد مسّه ... وأفانين فؤاد محتَمَل وقال آخر: فودَع خليلا لا يزال كأنه ... على الود والبغضاء ريشة غارب إذا دَبِر البعير جعل في دبرته ريشة فتحركها الريح فإذا رآها الغراب لم يقع على الدبرة، يقول هو يتلّون لي. وقال أبو زبيد: إليك إليك عِذرة بعد عِذرة ... فقد يبلغ الشرّ السديل المشهَّر يريد يبلغ الشر المشهر السديل - يعني ستر الملك، يريد أن الشر إذا جاءكم لم يمتنع من سرادق الملوك لا يَهابها فكيف بمن دونهم. وقال ابن أحمر: أرادنا لا يزال لنا حميم ... كداء البطن سلِّا أو صفارا

داء البطن لا يدري من أين يهيج ولا كيف يتأتى له وكذلك هذا القريب. يعالج عاقرا أعيت عليه ... ليلقحها فينتجها حُوارا أعيت عليه وعاصت عليه أي التوت، يقول يطلب من الشر ما لايكون ولا يقدر عليه. ويزعم أنه نازٍ علينا ... بشرّته فتاركُنا تَبارا كحجة أم شَعل حين حجت ... بَكلبتها فلم ترم الجِمارا أي حلف أن ينالنا بشرته فيهلكنا كما حجت أم شعل في الجاهلية بكلبتها وهي مِدلّة بنفسَها تظن أن ترجع فماتت ولم تدرك الحج. تدارئه كما أنقاء وهب ... تساعدها وتنهمِر انهمارا الأنقاء جمع نقيِّ، تداريء هذا الرجل كما تدارىء الرمل أن يتناثَر. وقال الكميت يذكر أعداءه من اليمن: أضحت عداوتهم إياي إذ ركبوا ... بحرَي نزار بهم منفشّة القرب بحري نزار يريد ربيعة ومضر، يقول ركبوا بحري نزار على قِرب قد نفخت فانفشّت الريح من القرب فغرقوا. وقال: لما رآه الكاشِحُو ... ن من العيون على الحَنادِر

الكاشحون الأعداء سممّوا بذلك لأنهم يخبأون العداوة في كشوحهم، والحنادر نواطر العيون واحدها حندورة. أي إذا رأوه كأنه على أبصارهم من بغضه. وقال: على حين أن دَنت لكل قرارة ... مذانب لا تُجدي على من أسالها مذانب لا تستنبِت العودَ في الثرى ... ولا يتحاذَى الحائمون فِضَالها المذانب مسايل الماء، والقَرارة مستقره، يقول ليست هذه المذانب تنبت إنما هي مذانب شحناء، يتحاذى من الحُذيا أي يعطي بعض بعضا، والفضال ما فضل منها. وقال زيد الخيل: وأسلَم عِرسه لما التقينا ... وأيقن أننا صهْب السِبال يقال للأعداء صهب السبال ويقال أصل هذا أن العجم صهب السبال وكانوا لهم أعداء فكثر حتى قيل للأعداء ممن كانوا: صهب السبال. وقال آخر من ضبة: لا تجعلونا إلى مولى يحلُ بنا ... عقدَ الحِزام إذا ما لِدنا مالا أي إذا رآنا في شر أعان علينا. وقال جرير: ونُبئت غسان ابن واهصةِ الخُصى ... يلجلج مني مضغة لا يحيِرها واهصة شادخة تشدخ الخصى لتلين فتشويها أو تطبخها، يلجلجها

يديرها في فيه، لا يحيرها لا يسيغها فيردها إلى جوفه. وقال الفرزدق: أبا معقل لولا حواجر بننا ... وقربي ذكرناها لآل المجبّر إذا لركبنا العام حد ظهوركم ... على وقَر أندابُه لم تغفّر أندابه جروحه، لم تغفر أي لم تيبس وتجلب. وقال طرفة: وآنا امرؤ أكوِي من القصَر ال ... بادي وأغشى الدهم بالدَهم القصر داء يأخذ قصَرة العنق فلا يقدر صاحبه أن يلتفت، يقول من كان معرضا عني كأن به قصرا داويت ضغنه. وقال الحارث بن حلزة: إن إخواننا الأراقم يَغلو ... ن علينا في قولهم إحفاء يغلون يرتفعون في القول وكذلك الغلو في كل شيء الارتفاع ومجاوزة القدر، إحفاء إلحاح واستقصاء في مساءتنا كما يحفي الشيء ينتقص منه ومنه قولك: أحفيت شاربي أي استأصلته وقيل أصل هذه الكلمة الحفي. زعموا أن كل من ضرب العي ... د مَوال لنا وأنّا الوَلاء

أنا الولاء أي أهل الولاء، أبو عبيدة: سألت أبا عمرو بن العلاء عن هذا البيت فقال: ذهب والله الذين كانوا يعرفون تفسيره ولكنا نرى معناه: إن إخواننا يضيفون إلينا ذنب كل من أذنب إليهم ممن نزل الصحراء وضرب عَيرا ويجعلونهم موالي لنا والموالي بنو العم. وفيه قول ثان يقال إنه عني بالعير كليب وائل سماه عيرا لأنه كَان سيدا والعير سيد القوم، يقول كل من قتل كليبا أو أعان على قتله جعلوه مولى لنا وألزمونا ذنبه. وقال أبو مالك فيه قولا ثالثا: العَير الوتد سماه عيراَ لنتوه من الأرض مثل عير نصل السهم وهو الناتيء في وسطه، يقول كل من ضرب وتدا في الصحراء فأذنب إلى الأراقم ألزمونا ذنبه. وقال أبو مالك فيه قولا ثالثا: العَير الوتد سماه عيراَ لنتوه من الأرض مثل عير نصل السهم وهو الناتىء في وسطه، يقول كل من ضرب وتدا في الصحراء فأذنب إلى الأراقم ألزمونا ذنبه. وقال أبو عبيد فيه قولا رابعا: العير جبل بالمدينة ومنه أن رسول اللَه صلى الله عليه وسلم حرم ما بين عير إلى ثور، أي كل من ضرب إلى ذلك الموضع وبلغه، ولم يقل الأصمعي فيه شيئا. أجمعوا أمرهم عشاء فلما ... أصبحوا أصبحت لهم ضَوضاء يريد أجمعوا أمرهم ليلا على أن يصبحونا بالذي اتفقوا عليه من تهمتنا فلما أصبحوا جلبوا، ويروى: أجمعوا أمرهم بليل، وهذا كقول القائل: هذا أمر ذبر بليل. وقال لعمرو بن كلثوم:

أيها الناطق المرقِّش عنا ... عند عمرو وهل لذلك بقاء وروى أبو عمرو: المقرش - وهو المهرِّش، وهل لذاك بقاء أي أنه كذب فإذا نظر فيه بطل. لا تَخلنا على غَراتك إنا ... قبلُ ما قد وشى بنا الِأعداء لا تخلنا لا تحسبنا جازعين لإغرائك الملك بنا لأنا قد مرّ بنا من سعاية الأعداء ما لا نجزع معه من وشايتك. وعلَونا على الشناءة تنمي ... نا حصون وعِزَّة قَعساء قعساء دائمة ثابتة، أي ارتفعنا على بغض الناس إيانا وغيظنا لهم بما يرون من ثبات عزنا ومكاننا عند الملك. قبل ما اليوم بيَّضت بعيون ال ... ناس فيها تغيّظ وإباء بيضت هذه العزة عيون الناس - فقحّم الباء. كما قال الراعي: هن الحرائر لا ربّات أحمرة ... سود المحاجِر لا يقرأن بالسُوَر تغيظ امتناع وإباء من قولهم تغيّظت الناقة واغتاظت إذا امتنعت من الفحل فلم تحمل. الأصمعي: تعيط - ارتفاع من قوله. في رأس عَيطاء من خَلقاء مشرقة وكأن المنون تردِي بنا أر ... عَن جَونا يَنجاب عنه العماء مكفهّرا على الحوادث لا تر ... توهَ للدهر مؤيِد صَمّاء

تردي بنا ترمي بنا يقال ردي يرِدي رديا، يقول كأنها برميها إيانا ترمي جبلا فلا تضرنا ولا تؤثر كما لا تؤثر في الجبل، ينجاب عنه ينشق عنه، والعَماء سحاب رقيق، يقول هذا الجبل من طوله لا ترى الغيم يعلوه إنما تراه أبدا دونه، ويروي، أصحم صُمّ، يريد جبل جبال، أصحم في لونه، ويروي: أصحم عصم أي جبل وعِول، مكفهر متراكب بعضه على بعض، ممتنع على الحوادث، لا ترتوه - الرتو النقصان من قولك رتوت الدِرع إذا قصّرت من طولها عند القتال فرفعتها بالعرَى. قال لبيد: فخمة ذفرا تُرتى بالعُرى ... قُردُمانيا وتُركا كالبصلِ ورتوت القوس - إذا شددت وترها وقصرت منه، ومؤيد داهية قوية وهو من الوأد وهو الثقل، صمَّاء لا جهة لها، ويقالَ أصابته مصيبة فما رتَت في ذرعه أي ما كسرته، ويكون رَتا في غير هذا يقال أكلت أكلة فرتت قلبي أي أمسكته. وقال العجاج: يا عُمر بن معَمرٍ لا منتظَر ... بعد الذي عدا القُروص فَحزَرَ أي لا انتظار بعد هذا الذي مرق فجاوز القَدْر، يقال للرجل إذا أفرط في تعدَي قدره عدا القارص فحزر، مثَل - وأصله في اللبن، والقارص الذي يحذي اللسان، والحازر الحامض.

واشتغروا في دينِهم حتى أشتغَرَ ... فقد تكبّدتَ المناخَ المشتهرَ اشتغروا انتشروا، حتى اشتغر الدين أي انتشر، تكبدت نزلت وسطه وأصله من الكبد، أي نزلت منزلا مشهورا فانظر ما تفعل. وقال رؤبة: وجامعُ القطرينِ مطرِخمّ ... بيض عينيْه العَمى المعمّي أي رب جامع القطرين - وهو مثَل وذلك أن الناقة إذا لقحت زمّت برأسها وشالت بذنبها واستكبرت، فقال: ربّ مستكبر كاستكبار هذه الناقة قد أصابه كذا، مطرخم مستكبر ومثله مصلخِمّ ومطَلِخمّ. وقال طفيل: فذوقوا كما ذقنا غداةَ محجّرٍ ... من الغيظِ في أكبادِنا والتحوّب يعني التوجع، ويقال بات بحِيبة سَوء من هذا ولا يقال حِيبة صدق، وقال سلامة بن جندل: أما الخَلى والمسحُ إن كان منةً ... عليّ فإني غيرِ خالٍ وما سح ومستهرِع خالا ولؤم خليقةٍ ... صقَعت بشرّ والأكف لواقح رجلٍ يُلقيِ الخلى، والماسح الذي يمسح الضروع، ومستهرع

ويروى ومستهزع - وهو الذي يسرع في اللوم، والخال الكِبر، واللواقح المرتفعة، وإذا رفع يده بالضرب فيده لاقحة، وأصل هذا أن الناقة إذا حملت شالت بذنبها. وقال زهير: يُلجلجٍ مضغةٍ فيها أنيض أصلَتْ ... فهي تحت الكَشحِ داءُ بسأَت بنيئها وجوِيت عنها ... وعندي لو أردتَ لها دوَاه ورواها الأصمعي: غصِصت بنيئها - أي بشمت عنها، وعندك لها دواء، يقول أخذت هذا المال فأنت لا تأخذه ولا تردّه كما يلجلج الرجل المضغة فلا يبتلعها ولا يلقيها، والأنيض اللحم الذي لم ينضج والأناضة النُهوءة خلاف النضج فإذا لم ينضج فهو أثقل لا يستمرأ، فيريد: أنت تريد أن تسيغ شيئا ليس يدخل حلقك أي تظلم ولا تترك والظلم، أصلّت أنتنت وهي مثل هذا الذي أخذت فإن حبسته فقد انطويت على داء. يقال صلّ اللحم وفيه صلول وإصلال: وأنشد الأصمعي للحطيئة:

ذاك فتًى يبذلُ ذا قِدره ... لا يفسد اللحم لديه الصلولُ غصصت بنيئها، يقول المال الذي أخذته كمضغة نيئة غصصت بها وبشمت منها وعندك لها دواء لو شئت في رد المال إلى أهله. قال النابغة: أتاكَ امرؤُ مستعلن لَي بِغضة ... له من عدوٍّ مثل ذلك شافعِ مستعلن مظهر، والبغضة والبغض واحد مثل الذِلة والذل والقِلة والقل، يريد مثله شافع أَي يشفعه يصير معه اثنين، يقال شفعت الرجل إذا صرت معه ثانيا، يقول: أتاك رجل معه ممن اُعادي رجل آخر مثله. وذلكَ ذنبٌ لم أكنْ لأقوله ... ولو كبّلتْ في ساعديّ الجوامعِ الجوامع الأغلال والواحدة جامعة، يقول: لم أكن لأقوله ولو حبست. وقال عدي بن زيد: وعِداتي شُمّت أعجبهم ... أنني غُيّبت عنهُم في قَرَن فسبيل اُسوة جَمّ بها ... عَنوة للملكِ في بعضِ الظننِ يريد غيبت عنهم في قرن عنوة للملك، ثم قال: فلي بهذه السبيل أسوة جم بها - يريد قوما أصابهم مثل ما أصابني في بعض الظنن. وقال المعطل:

وفهم بن عمرو يعلُكون ضريسَهم ... كما صرفتْ فوقَ الجذاذِ المساحِنُ الجذاذَ حجارة فيها ذهب، والمساحن واحدتها مِسحّنة وهو حجر يدق به حجارة الذهب. وقال آخر: يارُبَّ مولى حاسد مباغِض ... عليَّ ذي ضِغنٍ وضَبٍ فارضٍ له قُروء كقُروءِ الجائض فارض ضخم يقال كساء فارض، قروء أي أوقات تهيج فيها عداوته، يقال رجع فلان لقُرئه أي لوقته. وقال المرار بن سعيد العدوى: وحَشَوتُ الغيظ في أضلاعه ... فهو يمشي حَظَلانا كالنًقِر النقر من النقرة وهو داء يأخذ الغنم في بطون أفخاذها وفي جنوبها فإن أخذها في أفخاذها ظلعت وإن أخذها في جنوبها انتفخت بطونها، وحظلَت المشي أي كفت بعض المشي. وهذا آخر ما وجد من المعاني في كتاب الحرب. والحمد لله رب العالمين وكان على ظهر كتاب الحرب بخط أبي محمد بن قتيبة. قال الفرزدق: وما قمت حتى همَّ من كانَ مسلماً ... ليلبس مسودَي ثيابَ الأعاجمِ

وضاق ذراعا بالحياة وقطعت ... حواملَه عض العذارَي الأوازِم يقول همّ مَن كان مسلما بالارتداد عن الإسلام والتمجّس مما يلقون في الخَراج ويعني بالمسودّة الطيالسة والبَرنَكانات، حوامل يديه عصبهما الذي يحملان، والعَذارى الجوامع، أي يعذبون في الخَراج بالجوامع والدهق. وقال الراجز: إذا تمطين على القياقي ... لا قين منه أذنَى عَناق يعني داهية. وقال أوس: أم من لحّى أضاعوا بعضَ أمرهُم ... بين القُسوط وبين الدِين دَلدال خافوا الأصيلة واعتلت ملوكهم ... وحمِّلوا من أذى غرم بأثقالَ القُسوط الجور، يقال قسط السلطان إذا جار، والدين الطاعة يقول هم بين الطاعة والمعصية، دلدال متذبذبون، خافوا الأصيلة أن يستأصَلوا. وقال:

هل سّركم في جمادَي أن نصالحكم ... إذ الشَقاشق معدول بها الحنَك قال كان هذا في جمادي، يقول سرَّكم أنا لكم سلم في هذا الوقت. وذلك أن بني عامر لما قتلوا بني تميم يوم جبلة قالوا: لم يبق من تميم الأبقية فنغزوهم فنستأصلهم، فغزوهم يوم ذي نجب فقتلتهم تميم. قوله الشقاشق معدول بها الحنك - يريد إذ تهدرون والشِقشقة أبدا تكون من جانب. أو سَرَّكم إذ لحِقنا غيرَ فخركم ... بأنكم بين ظَهَري دجلة السَمَك يقول لحقنا ملحقا ليس كما تفخرون، أي سركم أنكم سمك فتقتلوا. وقال رؤبة. إذا الأمور أولعت بالشَخز ... والحرب عسراء اللقاح المغزى الشخز الطعن، يريد أن الأمور تطعن هاهنا وهاهنا فتفسد، والمغزى التي لا تنتَج الأبعد بطء، يقال شاة مغزِية وأتان مغزية. وأنشد لذي الرمة: رَباع أقبّ البطن جأب مطرّد ... بلجييه صَكّ المغزِيات الرَّواكل عسراء اللقاح يقول تلقح لقاحا عسِرا، وإنما يريد أن الحرب لا تكاد تنقطع. وقوله:

أترفْن يَشدَخنَ العدى بالخَبزِ أترفن أعطينَ ما أردنَ، الخَبز الوَطءِ. تم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد سيدنا النبي الأمي وسلم ورضي الله عن الصحابة أجمعين

السابع من كتاب المعاني

السابع من كتاب المعاني كتاب الميسر الأبيات في الميسر قال الأعشى يمدح قوما: المطعمو الضيف إذا ما شتوا ... والجاعلو القوت على الياسِر الياسر الضارب بالقداح وهو اليسَر أيضا وجمع الأول ياسرون وجمع الثاني أيسار، والميسر الجزور نفسه أي يجعلون أقوات ذوي الحاجة منهم على الياسرين وهم أصحاب الثروة وهم ذوو الجدة والأجواد، وكانوا يتماجدون بأخذ الأقداح ويتسابّون بتركها ويعيبون من لا يُيسِر وهم الأبرام الواحد بَرَم. وقال متمم بن نويرة: ولا بَرما تُهدي النساء لعِرسه ... إذا القَشع من بردِ الشتاءِ تقعقعا القشع الجلد اليابس، ويقال الياسر الذي يلي قسمة الجزور وقد

ذُهب ببيت الأعشى هذا لمذهب، أراد الجازر والأشهر أنه الضارب بالقداح، واحتج من قال ذلك بقول الشاعر. لم يزَل بكَ واشيهم ومكرهم ... حتى أشاطوا بغيبِ لحَمٍ من يسَروا أي جزأوا، يقال يَسرت الناقةَ إذا جزأت لحمها، وبقول آخر سحيم بن وثيل: أقول لهم بالشعبِ إذ ييسرونني ... ألم تيأسوا أنّي ابن فارسٍ زَهدَمِ أي يجتزئونني ويقسمونني - ألم تعلموا، من قول الله عز وجل " أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا " ويروي: يأسرونني، من الأسر. وقال كعب بن زهير: له خلفَ أذنابها أزمَل ... مكان الرقيبِ من الياسرينا جعل الياسرين أصحاب، والرقيب رجل يقام خلف الحرْضة الياسرين أصحاب القداح، والرقيب رجل يقام خلف الحُرْضة وهو الذي يجيل القداح للأيسار فان آنس منه احتيالا أخبرهم بذلك. وقال أبو داواد: كمقاعدِ الرقباءِ للضُرباءِ أيديهم نواهد وقال أبو ذؤيب: فوردنَ والعيوقُ مقعدٌ رابيء ال ... ضرباء خلِف النجمِ لا يتتلَع

رابئ الضرباء خلفهم وهو الرقيب لأنه يربأ أي يشرف، يتتلع يتقدم. وقال عدي بن زيد: وأصفرٌ مضبوحٌ نظرتْ حَويرَه ... على النارِ واستودعتُه كف مجمد يعني قدحا من نبع ضبحته النار، وإنما ضبحه لأنه إذا اعوج قوم بها، نظرت انتظرت، حويره ما يخرج من فوزه أو خيبته فكأنه أراد إذا أخرج أحد الأمرين فقد حاوره القدح بذلك وأخبره وهو من حاورته حوارا وحَويرا ومحاورة، وبعضهم يرويه: حواره، والمجمد الحرضة وهو رجل يشد على عينيه مجول لكيلا يبصر إحالة القداح ويلقي على يده سلفة لكيلا يصيب مجسة القداح ثم يؤتى بالقِداح فيفيض، ولا يُجعل حرضة الأكل وخَش من الرجال، والمجمِد البخيل وهو الجماد، وروي عن الأصمعي أنه قال في مجمد أنه رجل مقرور في شهر جمادي وكان جمادي في ذلك الوقت شهر برد. وقال الطرماح وذكر حمارا: ويظلّ المليء يوفي على القر ... نِ عَذوباً كالحرضةِ المستفاضِ أي المجعول مفيضا والقرن الحبل عذوبا رافعا رأسه لا يذوق شيئا.

وقال ابن مقبل يمدح قوما: بيض مهاضيم يُنسيهِم معاطفَهم ... ضرب القداحِ وتأريب على العِسَرِ المعاطف الأردية واحدها مِعطف وعطاف، ينسيهم ضرب القداح أزرَهم لسرورهم بها، والتأريب الاتمام، يقال أرَّب له نصِيبه أي وفره، يقول يتممون له نصيبه إذا كان عسِرا، ويروي: على الخطر فمن روى ذلك فإنه يريد بالتأريب التشديد، يقال أربّت على العقدة أي استوثقت منها، يقول يتشددون في الخطر حتى يستوثقوا منه. ومثله: اضربْ شوامت كل ذاتٍ أثارة ... للنازلينَ وغادِهم بطعامِ فلطال ما أرّبت غيرَ مسفحوكشفت عن قَمَع الذري بحسام أثارة شحم متقادم، أربت شددت الخطر وتوثقت، غير مسفح أي غير ضارب يقدح لا نصيب له، والسفيح أحد الثلاثة التي لا أنصباء لها، والقمع الأسنمة. وقال ابن مقبل: لا يفرحونَ إذا ما فازَ فائزُهم ... ولا تردُ عليهم أربةُ اليسرِ لا يفرحون بالفوز مثل قول الآخر:

ولست بمفراحٍ إذا الدهر سرّني ... ولا جازع من صرفه المتحول والأربة الإحكام واليسر هاهنا الخطر، يقول لا يرد عليهم ما احتكموا من المخاطرة لمعرفتهم بها. وقال المرقش: بودك من قومي على أن هجرتهم ... إذا هبّ في المشتاة ريح أظائف وكان الرفاد كل قدحٍ مقّرمٍ ... وعاد الجميع نجعة للزعانف جديرون أن لا يحسبوا مجتديهم ... للحمٍ وأن لا يدرؤا قدح رادف يريد إذا لم يكن رفاد في ذلك الزمان إلا بالقداح، والمقرم المؤثر فيه بعضّ أو بغير ذلك، وأصل القَرمة السمة، قال الأصمعي: ربما عجل أحدهم فعض قدحه، والزعانف القليل من الناس الواحدة زعنفة، يقول صاروا إلى الأحياء العظام ينتجعونهم، ومثله: دنا الحل واحتل الجميع الزعانف يقول صارت القطع من الناس من خوف الغارات إلى الأحياء العظام، يدرأون يدفعون، والرادف الذي يجيء بعدما اقتسموا

الجزور يقول إذا جاءهم لم يخيبوه وأعطوه حق سهمه في شدة ما هم فيه، وأظائف موضع. عظام الجفان بالعشية والضحى ... مشابيط للأبدان غير التوارف إذا يسروا لم يورث اليسر بينهم ... فواحش ينعي ذكرها بالمصايف مشاييط نحارون واحدهم مشياط، والتوارف من الترفة أي ليسوا أهل دعة وتترف إذا يسروا لم يفحشوا ولم يسفهوا لأنهم لا يريدون بيسرهم نفعهم إنما يريدون نفع الناس، ينعي ذكرها أي يرفع ذكرها أي يتصل لأصحابهم لشتاء ... إلى الصيف حتى يذكروا بذلك ولا ينسى، يقال: إنهم في الصيف مخصبون فيذاكرون ما كان من الناس في الشتاء فيعير كل امرئ بسوء فعله. وقال طرفة يصف قوماً: وهم أيسار لقمانٍ إذا ... أغلّت الشتوة أبداء الجزر إذا شرف الأيسار وعظم أمرهم قيل: هم أيسار لقمان، يعنون لقمان بن عاد، أبداء الجزور أشرف أعضائها. وقال عنترة يصف رجلاً: اِبذ يداه بالقداح إذا شتا ... هتّاك غايات التجار ملوّم

وقال الآخر: أعيني ألا تبكي عبيد بن معمرٍ ... وكان ضروباً باليدين وباليد ضروباً باليدين بالقداح، وباليد بالسيف. وقال لبيد: وبيض على النيران في كل شتوةٍ ... سراة العشاء يزجرون المسابلا بيض رجال يوقدون ويطعمون، سراة العشاء وذلك وقت الضيف، والمسابل جمع مسبل وهو قدح له ستة أنصباء، يقول يصيحون بالقداح إذا ضربوا بها. وقال ابن مقبل لامرأته: وقولي فتى تشقي به الناب ردّها ... على رغمها أيسار صدقٍ وأقدح ردها من المرعى بعد أن سرحت، أيسار صدق يضربون عليها بالقداح وينحرونها. وقال الجعدي: أعجلها أقدحي الضحاء ضحى ... وهي تناصي ذوائب السلم الضحاء الغداء، يقول أعجلها أقدحي فردت عن الضحاء ليضرب عليها بالقداح. وقال ابن مقبل يصف إبلاً: وأزجر فيها قبل ضحائها ... صريع القداح والمنيح المجبّرا

صريع القداح ما أخذ عوده وهو يابس ساقط من شجرته، والمجبر المشدود بالعقب لنفاستهم به. وقال الراعي: بيض الوجوه مطاعيم إذا يسروا ... ردّوا المخاض على المقرومة العند المقرومة التي أعلم فيها بحز أو عض وهو القرم، عند جمع عنود وهو القدح الذي يخرج سريعاً معترضاً بين القداح. وقال لبيد: وجزور أيسار دعوت لفتيةٍ ... بمغالق متشابهٍ أجسامها مغالق قداح تغلق الرهن. وقال طرفة: وجامل خوّع من نيبه ... زجر المعملي أصلا والمنيح خوع نقص ويروى خوف وهو مثله من قول الله عز وجل " أو يأخذهم على تخوف "، والتخوف نحوه، يقول نقص منه زجر المعلى والمنيح بالعشيات، المعلى قدح له سبعة أنصباء والمنيح هاهنا قدح يمتنح لمعرفتهم بفوزه وسرعة خروجه وليس بالمنيح أحد الثلاثة التي ليست لها أنصباء لأنه لا يزجر من القداح ماله فوز لأن ربه يحب خروجه ويخشى خيبته فهو يزجره عند الإفاضة ويفديه ويلعنه. كما قال ابن مقبل:

مفدى مؤدي باليدين ملعّن ... خليع لحام فائز متمنّح وأما المنيح أحد الثلاثة التي لا حظوظ لها فليس يزجر ولا يرجى له فوز ولا يخشى له خيبة: وقال عروة بن الورد يصف رجلاً: مطلاً على أعدائه يزجرونه ... بساحتهم زجر المنيح المشهر المنيح قدح مستعار كما أعلمتك، وأخبرني عبد الرحمن عن عمه أنه كان يذهب إلى أن المنيح في هذا البيت المنيح بعينه أحد الثلاثة الأغفال، قال: لأنه يعاد فإذا خرج قالوا: ردّ ردّ ليس هو لأحد، وأما قول عمرو بن قميئة: بأيديهم مقرومة ومغالق ... يعود بأرزاق العيال منيحها فليس يجوز أن يكون المنيح في هذا البيت إلا قدحاً يمتنح فيدخل في القداح لأنه قال: بأرزاق العيال، فدل على أن له حظا. وقال ابن مقبل يذكره: إذا امتنحته من معد عصابة ... غدارّبه قبل المفيضين يقدح يقول إذا استعار هذا القدح أحد من صاحبه فأدخله في سائر

قداح الأيسار فهو لثقته بفوزه وأمنه من خيبته يقدح ناره ويهيئ قدوره قبل الإفاضة به، ومثل ذلك قوله: مفدي مؤدي باليدين ملعّن ... خليع لحام فائز متمنح لحام جمع لحم، أراد أنه يختلع القسم من هذا فيجعله لهذا متمنح مستعار، ويقال للأيسار: الخلعاء، الواحد خليع لأن بعضهم يخلع بعضاً من ماله، من ذلك قوله: مكان الذئب كاليسر الخليع قوله مفدي يريد عند صاحبه لفوزه، وملعن عند الخيبة، ومثل ذلك قوله: حسرت عن كفي السر بال آخذه ... فردا يجرّ على أيدي المفدينا ثم انصرفت به جذلان مبتهجا ... كأنه وقف عاج بات مكنونا قال وأما المنيح أحد الثلاثة التي لا حظوظ لها فهو الذي يذكر في كرّ الشيء وإعادته لأنه يعاد مع كل قداح يضرب بها ليكثر به وبصاحبيه. وقال الأخطل: ولقد عطفن على فزارة عطفة ... كر المنيح وجلن ثمّ مجالا يعني خيلا. وقال الكميت: أقول لكم هذا وفي النفس خطة ... أطيل بها كرّ المنيح جدالها أراد أطيل بهذه الخطة جدال النفس وأكرر من ذلك كما يكر

المنيح، وقد يذكر أيضاً في الذم لأنه لا حظ له. قال كثيّر يمدح رجلاً: وكنت المعلّى يوم صكت قداحهم ... وجال المنيح وسطها يتقلقل شبهه بالمعلى وهو قدح له سبعة أنصباء وليس فوقه سهم وشبههم بالمنيح أي لا خير عندهم كما أنه لا خير عند المنيح. وقال الكميت يهجو رجلاً: منيح قداح لا تعد خصاله ... خصالاً زميل حظه الكفل محقب يقول هذا الرجل بمنزلة المنيح وهو بمنزلة الزميل أيضاً، والكفل كساء يجعل على البعير مكان الرجل، محقب ردف. وقال جرير يصف الإبل: يسمن كا سام المنيحان أقدحا ... نحاهن من شيبان سمح مخالع يسمن إذا سرن يستقمن ويمضين على سنن الطريق، والمنيحان هاهنا قد حان يجوز أن يكون أحدهما منيحاً والآخر أحد القداح السبعة سماهما منيحين كما يقال القمران للشمس والقمر، وأبوان للأب والأم، ويجوز أن يكونا جميعاً منيحين وقال الراعي: إذا لم يكن رسل يعود عليهم ... مرينا لهم بالشوحط المتقوب يقول إذا لم يكن لنا لبن مرينا على الإبل بالقداح، والمتقوب فيه آثار من كثرة ما يضرب به. بمكنونة كالبيض شأن متونها ... متون الحصى من معلم ومعقّب

مكنونة قداح مصونة كالبيض في لينها، وقوله شأن متونها متون الحصى فهو أن يأخذ كفا من حصى فيدلك القدح به حتى يتقشر ثم يلينه بعد، معلم بالضرس، معقب عليه عقب. بقايا الذري حتى يعود عليهم ... عزالي سحاب في اغتماسة كوكب يريد مرينا بقايا الذرى يريد ما بقي في الأسنمة، أراد ننحر الإبل إلى أن يمطروا بسقوط كوكب. وقال لبيد: ويوم هوادي أمره لشماله ... يهتك أخطال الطراف المطنب ذعرت قلاص الثلج تحت ظلاله ... بمثنى الأيادي والمنيح المعقّب هوادي أمره أوائل أمره للشمال لأنها هبت فيه، أخطال فضول، ومنه أذن خطلاء أي طويلة مسترخية، والطراف بيت من أدم، قلاص الثلج يعني غيم الثلج ضربها مثلاً، يقول طردتها بالطعام، مثنى الأيادي يريد المعروف، وقال بعضهم: مثنى الأيادي ما فضل من الجزور يشتريه فيقسمه على الأبرام. وقال النابغة: أني أتمم أيساري وأمنحهم ... مثنى الأيادي وأكسو الجفنة الأدما يقول إن نقص أيسار الجزور وهم المتقامرون أخذت ما بقي فتممتهم والأدم جمع أديم. وقال الحارث بن حلزة:

ألفيتنا للضيف خير عمارة ... إلا يكن لبن فعطف المدمّج العمارة حي عظيم يطيق الإنفراد وحده، عطف المدمج يعني قدحا، يقول إن لم يكن لبن أجلنا القداح على الجزور فنحرناها. وقال عمرو بن شأس: وفتيان صدق قد أفدت جزورهم ... بذي أود خيش المتاقة مسبل أفدت أهلكت، يقال فاد الرجل إذا مات وأفدته أنا، والأود الاعوجاج، يعني قدحا وإنما يريد أنه لين إذا غمز اعوج ويرد فيستقيم. وقال ابن مقبل: أودٍ كأن الزعفران بليطه ... بادي السفاسق مخلط مزيال يقول ضربت عليها بالقداح حتى نحرت، خيش خفيف، والمتاقة التوقان للخروج وهي في تقدير مفعلة من تاق يتوق، مسبل قدح له ستة حظوظ. وقال ابن مقبل: من عاتق النبع لم تغمز مواصمه ... حدّ المتاقة أغفال وموسوم الحذ الخفاف والمتاقة التوقان للخروج، والأغفال هي الثلاثة التي لا حظوظ لها، والموسوم التي لها حظوظ تكون عليها علامات بعدد أنصبائها.

وقال انمر بن تولب: ولقد شهدت إذا القداح توحدت ... وشهدت عند الليل موقد نارها توحدت أخذ كل واحد قدحاً لغلاء اللحم ويروى: إذا اللقاح توحدت، واللقاح توحدت، واللقاح التي لها ألبان، توحدت انفراد كل إنسان بلقحة للجهد يقوم عليها لئلا يشركه أحد، وأراد أنه شهدها حيث توحدت ... يشرب لبنها وشهدها حيث أوقدت النار ليضرب عليها بالقداح. عن ذات أولية أساود ربها ... وكأن لون الملح فوق شفارها قال الأصمعي فيه قولين قال بعضهم: يعني سنامها شبهه بالولية وهي البرذّعة، وبعضهم يقول أراد أكلت ولياً بعد ولي من المطر إذ أكلت نبته، والمساودة أنه يسار رب هذه الناقة كأنه يخدعه عنها، ومعنى عن ذات أولية من أجل ذات أولية، وأراد على شفارها من الشحم مثل الملح. فمنحت بدأتها رقيباً جانحاً والنار تلفح وجهه بأوارها

بدأتها أفضل أنصبائها. والرقيب الذي يرقب من يضرب بالقداح، جانحاً مائلاً مكباً. وقال يذكر بائع الناقة: حتى إذا قسم النصيب وأصفقت ... يده بجلدةٍ ضرعها وحوارها ظهرت ندامته وهان بسخطه ... شيئاً على مربوعها وعذارها كان رب الجزور يسثني شيئاً لنفسه فكان ما استثناه هذا من هذه الضرع والجنين ومنه قول الآخر يصف ناقة: مذكرة الثنيا مساندة القرا ... جمالية تختب ثم تنيب أي ما يستثنى منها يشبه خلق الذكور وكانوا يستثنون الأطراف والرأس، ظهرت ندامته لما نظر إلى الناقة قد قسمت ندم لبيعها وهان بسخطه على مربوعها وعذارها وهما قدحان. وقال الأعشى: وإن أك شبّت فقد أستعي ... ن يوم المقامة قدحا الأريب ذو حظ في الآراب وهي أعضاء الجزور. يقال قطعه إرباً إرباً أي عضواً عضواً. وقال الراعي:

وأصفر عطاف إذا راح ربه ... جرى ابناعيان بالشواء المضهب خروج من الغمى إذا كثر الوغي ... مفدي كبطن الأين غير مسبب غدا عانداً صعلاً ينوء بصدره ... إلى الفوز من كف المفيض المؤرب أصفر قدح من نبع، عطاف ضرب به غير مرة، راح صاحبه به، وابناعيان خطان يخطان على الأرض يزجر بهما الطير، يقول إذا راح بهذا القدح علم أنه يخرج فائزاً فإذا قمر أتى بالشواء، والمضهب الذي لم يبلغ به النضج، والأين الحية، عاندا معترضا من بين القداح، والمؤرب المشدد في الخطر المؤكد له، والفوز خروج القمر. وقال ابن مقبل يصف القدح: فشذب عنه النبع ثم غدابه ... مجلاً من اللائي يفدين مطحرا مجلا معظماً من القداح، مطحر عنه القداح ينفيها ويدفعها، والحظاء الصغار من القداح، مطحر يطحر عنه القداح ينفيها ويدفعها، والحظاء الصغار من القداح واحدها حظوة. يقول إذا برزت أيدي المفيضين سانحة برز بصدره، والحظاء أيضاً نبل صغار يرمي بها الصبيان. وقال أيضاً يصف قدحاً: أود كأن الزعفران بليطه ... بادي السفاسق مخلط مزيال يريد أنه إذا غمز اعوج ثم يرد فيستقيم، والسفاسق الطرائق والليط الجلد، يريد أنه أصفر، مخلط يخالط القداح حين يضرب بها ثم يزول

عنها خارجاً عليها. وقال: وحنين من عنود بدأة ... أقرع النقبة حنان لحم حنين صوت، عنود قدح معرض، بدأة مقدم على القداح، أقرع النقبة أي قد تملس مما يضرب به: لحم مرزوق. وقال الطرماح: وابن سبيل قريته أصلا ... من فوز قدح منسوبة تلده لم يستّدر في ربابةٍ ونحا ... أصلابها وشوش القرى حشده أراد ما قمر في يوم كذا وما قمر في يوم كذا، وتلده ما نتج عنده الواحد تليد، الربابة جماعة القداح ويقال خرقة فيها القداح أو جلدة، يقول لم يدر بين القداح فيثبت لا يخرج ولكنه خرج سريعاً لخفته ونحا أصلابها اعتمد اصلابها فخرج عالياً عليها ظاهراً، والوشوش السريع، يقال رجل وشوش، والحشد الذي يجمع الأضياف ويقوم عليهم، يقال حشد يحشد حشداً وهو رجل حشد، يقول هو سريع القرى لا يلبث أن يفوز فيطعم اللحم. دافعت فيها ذا ميعةٍ صخبا ... مغلاق قمر يزينه أوده أي ضربت فيها ذا ميعة أي ذا نشاط، على التشبيه، والصخب

الشديد الصوت إذا وقع بين القداح لصلابته. ومنه قول ابن مقبل: وحنين من عنود بدأة وقوله والبيت لابن مقبل: ترن منه متون حين: يجرينا مغلاق قمر يعني أنه يغلق الرهن، وأوده اعوجاجه، والقداح تعوج لكثرة الضرب بها فتقوم بالنار، يقول لم يغلب أوده على حسنه فيذهب به ولكنه حسن مع الأود. لم يبق من مرس كف صاحبه ... أخلاق سرباله ولا جدده يعني قشر ويقال أخلاق سربال صاحب القدح مما يمسح به القدح. موعب ليسط القرابة قوب ... سود قليل اللحاء منجرده الليط الجلد، موعب قد استقصي قشره عنه، قوب آثار من كثرة وقوعه على الأرض، واللحاء القشر، ويقال إن القوب آثار النار فيه حين قوم ولذلك جعلها سودا واحدتها قوبة. مجرب بالرهان مستلب ... خصل الجواري طرائف سبده أي قد جرب في القمار، يستلب الخصل يذهب به، والخصل القمر، والجواري القداح سميت بذلك لما تجري به من الأنصباء يقال

جرى القدح بكذا، ويقال لأنها تجري في الأيادي، والطرائف ما استطرف، والسبد ماله، يقول ما كان من تالد مال فهو له طريف لأنه يستفيده، والسبد أصله الشعر، واللبد الصوف، يريد المعز والضأن وقد يستعار ذلك فيوضع في غيرهما من المال. إذا انتحت بالشمال سانحةً ... جال بريحا واستفردته بعده انتحت تحرفت القداح، والسانحة التي تأتيك عن يمينك، يقول إذا ترادت فلم تخرج وذلك أن الرجل يزجل بها سانحاً ويخرج القدح بارحاً فإن لم يخرج وترادت كانت سانحة. وأخذه ابن مقبل في قوله: صريع درير مسه مس بيضة ... إذا سنحت أيدي المفيضين يبرح استفردته يده أي أخرجته فردا. نعم نجيش القرى نهيب به ... ليلا إذا البرك حاردت رفده النجيش الرجل تبعث به يحوش الصيد شبه القدح به، والبرك الإبل، حاردت منعت درها، رفده جمع رفود وهي الناقة الغزيرة اللبن وذلك في الشتاء، نهيب به نصوت، وهذا مثل. وقال المنخل اليشكري:

وإذا الرياح تكمشت ... بجوانب البيت القصير ألفيتني هش الندى ... بشريج قدحي أو شجيري تكمشت رفعت جوانب البيت، ويروى: الكسير، والشريح أن تشق الخشبة نصفين فيكون أحد النصفين شريج الآخر. قال يوسف بن عمر: أنا شريج الحجاج، والشجير الغريب الذي ليس من قداحه يقال نزل شجيراً في بني فلان أي غريباً. وأنشد لجندل بن المثنى: من شعب شتى وأنساب شجر يقول ألفيتني من السخاء على ما وصفت ضربت بقدحي واستعرت قدحاً ضربت به في المسير. وقال ابن مقبل يذكر قداحاً: تخيل فيها ذو وسوم كأنما ... يطلّى بحص أو يصلى فيضبح ذو وسوم قدح فيه علامات، والقداح السبعة عليها أعلام كل قدح عليه علم الذي يعرف به فعلى الفذ فرض واحد وله نصيب واحد، وعلى التوأم فرضان وله نصيبان، وعلى الرقيب ثلاثة فروض وله ثلاثة حظوظ، وعلى الحلس أربعة فروض وله أربعة

حظوظ، وعلى النافس خمسة وله خمسة حظوظ، وعلى المسبل ستة فروض وله ستة حظوظ، وعلى المعلي سبعة فروض وله سبعة حظوظ فأما الثلاثة التي لا حظوظ لها وإنما تدخل في القداح لتكثر بها وهي المنيح والسفيح والوغد فإنها أغفال لا وسوم عليها، والأعلام ربما كانت غير فروض، وكل هذه التي لها الحظوظ إن فازت فلصاحبها حظ القدح وإن خابت فعليه مثله. وقال ابن مقبل: من عاتق النبع لم يغمز مواصمه ... حذّ المتاقة أغفال وموسوم وقد فسر البيت. وقال أيضاً يذكر قدحاً: جلت صنفات الريط عنه قوابه ... وأخلصه مما يصان ويمسح به قرع أبدي الحصى عن متونه ... سفاسق أعراها اللحاء المشبح الصنفات جمع صنفة وهي حاشية الثوب، أراد أنه يمسح القدح بثوبه، وقوله: أبدى الحصى عن متونه لأن ضارب القدح إذا قطعه ترك عليه لحاءه ثم مظّع ماءه أي شرب حتى لا يتصدع فإذا يبس أقيم عوجه على النار ثم قشر عنه اللحاء ودلك بالرمل ولين، والسفاسق الطرائق، يقول لما أخذ عنه القشر عريت السفاسق.

وقال عروة بن مرة يذكر صاحباً له: فظل يرقبني كأنه زلم ... من القداح به ضرس وتعقيب ضرس مضغ بالضرس وشد بالعقب، شبه مضى صاحبه بالقدح. وقال العجاج: جئنا وما في قدحنا من مقرم ... ليس بخوار ولا مهصم ولا بمعلوب ولا موصم ... ذو وجزأة تنبي ضروس العجم من مقرم كان الرجل إذا أراد أن يعلم قدحه قرمه بضرسه ليؤثر فيه فيعرفه، يقول فقد حنا إذا قرم لم يمكن الضرس، وهذا مثل لم يرد القدح بعينه، أي أمرنا إذا غمز نبا بمن يغمزه، والخوار الذي ليس بصلب، والمهصم المكسر، والموصم الذي فيه وصوم وهي عيوب، والجزأة النصاب وأراد بالجزأة هاهنا الأصل العظيم. وقال ابن مقبل: وعاتق شوحط صم مقاطعها ... مكسوة من جياد الوشى تلوينا عارضتها بعنود عير معتلث ... ترن منه متون حين يجرينا عاتق خالص اللون يعني قداحاً كراماً تجعل في خرق من الوشي،

ويقال أراد أن ألوانها موشية، عنود قدح يخرج عاندا فائزاً، غير معتلث أي لم يتنوق في بريه. وقال صخر الغي يذكر ماء ورده: فخضخضت صفني في جمّه ... خياض المدابر قدحاً عطوفاً الصفن وعاء بين القربة والزنفليجة، والمدابر المعادي في قماره من غلبه، عطوفاً يريد قدحاً يكر، شبه تحريكه في الماء بتحريك هذا الرجل للقداح إذا أدخل فيها قدحاً يكثرها به. وقال أيضاً في مثله ويروى لأبي المثلم: حتى تخضخض بالصفن السبيخ كما ... خاض القداح قمير طامح خصل السبيخ ما انسل من الريش، قمير مقمور، طامح أن يعود إليه ما قمر، خصل كثرت خصال قمره. وقال الطرماح: في تيه مهمهة كأن صويها ... أيدي مخالعة تكف وتنهد

الصوى الأعلام، والمخالعة القوم يتقامرون، يقال خالعني فلان أي قامرني، شبه الصوى بأيديهم لأنها تبدو ساعة وتخفي ساعة فكأنها أيدي هؤلاء تكف ساعة وترتفع ساعة. لزمت حوالسها النفوس فثورت ... عصبا تقوم من الحذار وتقعد الحوالس جمع حلس وهو قدح له أربعة أنصباء. وقال الأخطل: يعارض الليل ما لاحت كواكبه ... كما يعارض مرني الخلعة اليسر الخلعة القمر التي يختلع فيها المقمور ماله، مرناها منظرها ومراقبتها، واليسر ذو القداح. وقال أيضاً: كلفتمونا أناساً قاطعي قرن ... مستلحقين كما يستلحق اليسر يقول حملتمونا ذنب هؤلاء وليسوا منا ولا نحن منهم كما يستلحق الأيسار الأمين يضرب بينهم بالقداح وليس له معهم قدح، يقول فإنما جاورنا هؤلاء القوم وليسوا منا ولا بلادهم ببلادنا، وذلك أن كلياً لاموا تغلب وقالوا: أعنتم قيساً علينا.

وقال الكميت لجذام في تحولهم إلى اليمن: أفي يوم النساءة فارقونا ... بلاد من تعدّ ولا ذحول سوى قدح تأخر بعد قدح ... تذنب مقصرين على مطيل النساءة بنو كنانة بن خزيمة، يقول فارقتمونا بغير سبب ولا ذنب إلا أنكم تأخرتم وتقدمنا، ولذلك قال: سوى قدح تأخر بعد قدح، والمتأخر قدحهم، تذنب تجني الذنوب حين لم يبلغوا سعينا، مطيل متطاول عليهم بالفضل. وقال: ويا منت الأشاعر فهي منا ... بمنزلة الضريب من الوكيل الضريب الذي يضرب بالقداح، والوكيل المضروب له بها. وقال أبو ذؤيب يصف الحمار وآتنه: وكأنهن ربابة وكأنه ... يسر يفيض على القداح ويصدع الربابة الجماعة من القداح، يقول هذا الحمار قد جمع هذه الآتن كما يجمع اليسر القداح، ويصدع يفرق، يقول يفرقها تارة ويجمعها أخرى. وقوله على القداح يريد بالقداح. وقال أبو النجم في مثله: كما يصك اليسر القدوحا ... صك معّلاهن والمنيحا

وقال أوس بن حجر وذكر رجلاً أغار غارة: بجنب حبي ليلتين كأنما ... يفرط نحساً أو يفيض بأسهم فجلجلها طورين ثم أجالها ... كما أرسلت محشوبةً لم تقرم حبي موضع، يفرط نحساً يقدمه والفارط المتقدم، أي ينتظر بقدر ما يذهب عنه الطيرة فتسبقه، أو بقدر ما يفيض بأسهم، يريد أن مقامه كان بقدر هذا، ثم أرسل الخيل في الغارة كما أرسلت قداح مخشوبة أي منحوتة النحت الأول ولم تلين من العجلة، جلجلها حركها، ثم أرسلها، ويروى: تقوم، وتقرم أي تعلم. وقال الفرزدق وذكر نساء سبين: خرجن حريرات وأبدين مجلدا ... وجالت عليهن المكتّبة الصفر حريرات أي محرورات أي يجدن حرارة المصيبة، المجلد شيء من أدم يلتدم به، والمكتبة القداح عليها أسماء أصحابها أو علامات لهم. وقال طرفة وذكر رجلاً أعطاه ناقة: متعني يوم الرحيل بها ... فرع تنقاه القداح يسر فرع قدح من أعلى قضيب وهذا مثل شبه الرجل به. وقال الكميت: هم المغيرون والمغبوط جارهم ... في الجاهلية إذ يستأمر الزلم الزلم واحد الأزلام وهي القداح وكانوا إذا أرادوا أمراً ضربوا

بالقداح فما خرج عملوا به. وقال عنتر لقوم أغاروا على إبله: خذوا ما أسأرت منها قداحي ... ودعوى الضيف والأنس الجميع أي خذوا ما بقي بعد ما نحرت في الميسر وبعد ما نحرت في قرى الضيف. يريد إن الذي أخذتم إنما هو لهذا. وقال أبو شمر الحضرمي: وكنت كعظم الريم لم يدر جازر ... على أي بدأي مقسم اللحم يجعل قالوا: إذا نحرت الجزور جعل لحمها على وضم - والوضم كل ما ألقى عليه لحم يقيه من الأرض، يقال وضمت اللحم، فإن أردت أنك جعلت له وضماً قلت أوضمته - ثم يقسم على عشرة أجزاء: الوركان والفخذان والكاهل والزور والملحاء والكتفان فيهما ابنا ملاط الأصمعي: ابنا ملاط العضد والذراع - والملاط عند الأصمعي الجنب، وقال غيره الإبط - ثم يعمد إلى الطفاطف وفقر الرقبة فيقسم على تلك الأجزاء، بالسوية، فإذا استوت وبقي عظم أو بعضه فذلك الريم سمي بذلك لأنه قصر عن الأجزاء، يقال للشيء الذي يوضع فوق الحمل ريم لأنه فضل، وهو العلاوة أيضاً، يريد ما كان فوق

باب المعاني في وصف الشعر والشعراء

الحمل، ثم ينتظر به الجازر من أراده ممن فاز قدحه فإن أخذه سب به وإلا فهو للجازر، والبدء والبدأة النصيب منه قول النمر بن تولب: فمنحت بدأتها رقيباً جانحاً ... والنار تلفح وجهه بأوارها وهو أيضاً النصيب من غير الجزور، وكان الأصمعي يجعل أجزاء الميسر ثمانية وعشرين جزءاً ذهب إلى جمع أنصباء القداح السبعة وهي ثمانية وعشرون جزءاً. أبو حاتم عن أبي زيد: يقال لأفعلن ذلك قبل حساس الأيسار، قبل أن يحسحسوا من جزورهم شيئاً والحسحسة أن يجعلوا اللحم على النار. وقال أبو ذؤيب وذكر إبلاً: أما أولات الذرى منها فعاصبة ... تجول بين مناقيها الأقاديح أولات الذري أولات الأسنمة، عاصبة مجتمعة، يقال عصب القوم بفلان إذا استداروا حوله، والمنقية السمينة، والأقاديح جمع قدح وأقدح وقداح وأقاديح. باب المعاني في وصف الشعر والشعراء قال عنترة: هل غادر الشعراء من متردم ... أم هل عرفت الدار بعد توهم غادر ترك، متردم مترقع، يقال ردمت ثيابي ولدمتها إذا

أصلحتها وثوب مردم إذا سدّ خلله بالرقاع، وهذا كقولك: هل ترك الأول للآخر شيئاً، أي هل ترك الشعراء شيئاً ينظر فيه لم ينظروا فيه، ويروى: من مترنم، والمترنم المتغنى. وقال جرير: إني إذا الشاعر المغرور حربني ... جار لقبر على مران مرموس حربني أغضبني، والقبر قبر تميم، يقول أنا جار لتميم ممن يهجوها أذب عنهم الشعراء. وقال أوس بن حجر: وإن هز أقوام إلي وحددوا ... كسوتهم من حبر بزمتحم هز أقوام ساروا سيراً سريعاً، ومنه قول ابن قيس الرقيات: ألا هزئت بنا قريشة يهتز موكبها حبر حسن، يقال رجل حبر الشباب أي حسنه، متحم من البز الذي جعل أتحميا وهو ضرب من برود اليمن، يقول كسوتهم من أحسن ذلك البز، وإنما هذا مثل أي أهجوهم هجاء يرى عليهم كما يشهر صاحب هذا اللباس. وقال آخر: سأكسو كما يا ابني يزيد بن جعشم ... رداءين من قار من قطران

ذا لبسا زاداً على اللبس جدةً ... ولم يبل وشى منهما لأوان وقال عنترة: سيأتيكما عني وإن كنت نائياً ... دخان العلندي دون بيتي مذود يقال إن العلندي جبل لم ير قط إلا وعليه كالدخان، وقيل العلندي شجر إذا أوقد كان له دخان كثير، وهذا من قولك: لأثيرن لك شراً يبلغ دخانه السماء، أي يأتيكم من هجائي شيء له دخان كدخان العلندي، مذود يذود عنه ويدفع. قصائد من قول امرئ يحتديكم ... وأنتم بحسمي فارتدوا وتقلدوا بيّن ذلك الدخان فقال: قصائد، يحتديكم يتعمدكم بها فارتدوا هذا الهجاء وتقلدوه. وقال أوس: وما أنا إلا مستعد كما ترى ... أخو شركي الورد غير معتم شركي سريع، يقال لطمه لطماً شركياً أي متتابعاً، يريد أنه ورد في إثر ورد، ومعنى الورد أنه أغشاهم ما يكرهون، يقال لا يزال فلان يتورد الشر، معتم محتبس، وقيل لأعرابي: ما قمر أربع؟ فقال: عتمة ربع، أي قدر ما يحتبس في عشائه وقال:

هجاؤك إلا أن ما كان قد مضى ... عليّ كأثواب الحرام المهينم يقول هجاؤك حرام علي مثل الثياب على رجل قد أحرم فهو يقرأ ويسبح ويدعو ربه. وقال: على حين أن جد الذكاء وأدركت ... قريحة حسي من شريح مغمم شريح ابنه، أي بعدما أسننت وقال ابني الشعر، وضرب الحسى مثلاً للشعر. وقال الشماخ: نبئت أن ربيعاً أن رعى إبلاً ... يهدي إليّ خناه ثاني الجيد فإن كرهت هجائي فاجتنب سخطي ... لا يعلقنك إفراعي وتصعيدي إفراعي هاهنا انحداري، وأنشد في الصعود لرجل من العبلات: إني امرؤ من يمان حين تنسبني ... وفي أمية إفراعي وتصويبي وقوله وتصويبي يدلك على أن الإفراع هاهنا الصعود. وقال آخر: وإني لأشقى الناس إن كنت غارماً ... ضمان التي يسقى بها نخل ملهما

يريد جريرة القصيدة التي يتغنى بها الساقي إذا سقى. وقال ابن أحمر: وإن قال غاو من تنوخ قصيدةً ... بها جرب كانت عليّ بزوبرا يعني الداهية. ومثل قوله: يسقى بها نخل ملهما قال النابغة في النعمان بن جبلة: ولولا أبو الشقراء مازال ماتح ... يعالج خطافاً بإحدى الجرائر جمع جريرة. ومثله للأعشى: وإن عتاق العيس سوف يزوركم ... ثناءً على أعجازهن معلق به تنفض الأحلاس والديك نائم ... وتعقد أطراف الحبال وتطلق ومثله للبيد يصف ديكاً: كأن سحيله شكوى رئيس ... يحاذر من سرايا واغتيال تغنى شارب راحت عليه ... سلاف البابلية في القلال وقال المسيب بن علس: إني امرؤ مهد بغيب تحية ... إلى ابن الجلندي فارس الخير جيفر بها تنفض الأحلاس والديك نائم ... إلى مسنفات آخر الليل ضمر

أبيات المعاني في التطير والفأل

يقول إذا رحلوا إبلهم وحطوا عنها تمثلوا بهذه القصيدة. وقال آخر: سأرفع قولاً للحصين ومالك ... تطير به الغربان شطر المواسم ويروي به الهيم الظماء ويطبي ... بأمثالها الغاوون سجع الحمائم الغراب مقعد الراكب، شطر نحو. وقال النابغة: يصد الشاعر الثنيان عني ... صدود البكر عن قرم هجان الثنيان الذي يعد ثانيا من الشعراء، ويقال شاعر ابن شاعر. وقال الأعشى: أبا مسمع أقصر فان غريبة ... متى تأتكم تلحق بها أخواتها وقال الكميت: فدونكموها آل كلب فإنها ... غرائب ليست بانتحال ولا خشب أبيات المعاني في التطير والفأل أنشد: يريك على غرات أشوس يتقي ... يرى الطير لو يحزو له الطير عائف

يقول يرى الطير تجري بما بيني وبينها، أي لو يحزو له عائف من نفسه، ويحزو يزجر وهو الحازي والعائف. وقال رؤبة: قد علم النرهيئون الحمقا ... ومن تحزي عاطساً أو طرقا أن لا نبالي إذ بدرنا شرقا ... أيوم نحس أم يكون طلقا المرهيئون المهيئون، يقال جاء بشهادة مرهيأة، والتحزي التكهن وكانوا يتطيرون بالعطاس، والطرق طرق الحصى، والتخطيط بالأصابع، يقول إذا غدونا غدوة فبدرنا الشرق لم نتطير، والطلق السهل. وقال الفرزدق: إذا قطنا بلغتنيه ابن مدرك ... فلاقيت من طير الأشائم أخيلا الأخيل الشقراق وهو يتشاءم به. ومثله قول ذي الرمة: إذا ابن أبي موسى بلالا بلغته ... فقام بفأس بين وصليك جازر

ويقال بعير مخيول إذا وقع الأخيل على عجزه فقطعه، وأنشد له أو لجرير: ويقطع أضعاف المتون أخايله وقال أبو دواد يصف الحمار والآتن: قلت لما نصلا من قنة ... كذب العير وإن كان برح نصلاً خرجا من قنة الجبل، وبرح العير، والبارح يتشاءم به فقلت: كذب فيما صنع ولكنني سأصيده. وقال آخر: قامت تباكي لأن مرت بها أصلا ... بجانب الدو أسراب من العين قالت: أبو مالك أمسى ببلقعة ... تسفى الرياح عليه غير مدفون فبينت صدق ما قالت وما نطقت ... وصاحب الدهر في خفض وفي لين هذه مرأة مرت بها ظباء فتشاءمت بها فقالت: لعل أبا مالك أمسى في هذا الحال، ثم جاءها الخبر عنه بما يشبه ما خافت، فقال: فبينت ما قالت وصاحب الدهر في خفض أي في ايضاع؟ مرة وفي لين أي في خير مرة أخرى. وقال جران العود: جرت يوم رحنا بالركاب نسوقها ... عقاب وشجاع من الطير متيح

أراد أنه جرى في الزجر عقاب وغراب، متيح يأخذ في كل وجه. فأما العقاب فهي عقوبة ... وأما الغراب فالغريب المطرح يريد أنها ضرب منا في البلاد وتغرب، والمطرح المبعد. وقال ذو الرمة: أجرى أدعج الروقين والعين واضح ال ... قر أسفع الخدين باليين بارح بتفريق طيات تياسرن قلبه ... وشق العصا من عاجل البين قادح يعني ثوراً جرى بالفراق، بارح جرى من يساره وهم يتشاءمون به، أدعج أسود، واضح أبيض، والسفعة في الخد كل لون يخالف سائر لونه، تياسرن اقتسمن من الميسر، والميسر الجزور نفسه، والقادح أكل يقع في العصا. وقال ابن أحمر: ألا قل خير كيف تغيرا ... فأصبح يرمي الناس عن قرن أعفرا يقول كأنما يرميهم عن قرن غزال يكون صالحاً لقوم وغير صالح لقوم أي هو سانح لواحد وبارح لواحد. وقال أيضاً: زجرت لها طيراً فيزجر صاحبي ... وأقول هذا زائد لم يحمد

أي لم يأت ما يحمد عليه. وقال طرفة: لعمري لقد مرت عواطس جمة ... ومر قبيل الصبح ظبي مصمع عواطس أشياء يتشاءم بها والظبي أيضاً يتشاءم به. مصمع صمعت أذناه أي صغرت والأذن الصمعاء الصغيرة، ويروى: مصمع أي مسرع يقال صمع إذا عدا. وعجزاء دفت بالجناح كأنها ... مع الفجر شيخ في بجاد مقنع عجزاء عقاب وجعلها عجزاء لبياض في عجزها، دفت ضربت بجناحها، بجاد كساء، والعقاب يتشاءم بها أيضاً. فلن تمنعي رزقاً لعبد يصيبه ... ولن تدفعي بؤسي وما يتوقع وقال امرؤ القيس: وقد اغتدى قبل العطاس بهيكل ... شديد مشك الجنب رحب المنطق أي قبل أن ينتبه إنسان فيعطس فأتطير منه. وقال زهير وذكر الظباء: جرت سنحا فقلت لها أجيزي ... نوىً مشمولة فمتى اللقاء أجيزي مري، يقال جاز وأجاز إذا ذهب، نوى مشمولة أي ليست على القصد أخذت ذات الشمال، فيقال في مشولة أنها من الريح الشمال، والعرب تتشاءم بالشمال لأنها تفرق السحاب ولم يلبث أن

يذهب، الأصمعي: أجزت الوادي إذا قطعته وخلفته، وجزت سرت فيه، ومعنى جاوزت وتجاوزت واحد. وقال الكميت يصف قومه: وفي نهاوند قد حلوا بمغتفر ... زجر البوارح بالإيمان والنعب أي غفروا زجر الظباء والغربان فلم يعملوا به ومضوا على الإيمان والتوكل، يريد أنهم لا يتطيرون لأنهم مؤمنون. وقال يمدح زياداً: واسم امرئ طيره لا الظبي معترضاً ... ولا النعيق من الشجاعة النعب يقول اسمه زياد وهو يتيمن به، والشحاجة الغربان. وقال لجذام في انتقالهم إلى اليمن: وكان اسمكم لو يزجر الطير عائف ... لبينكم طيراً مبينة الفال أي جذام والانجذام الانقطاع. وقال وذكر الصائد والثور: فتماري بنبأة من خفي ... بين حقفين كلفته البكورا النبأة الصوت الخفي، والخفي الصائد، والحقف ما اعوج من الرمل. عطسة العائف الذي بمناه ... حسب الفأل فألها المزجورا العطسة كلفت الصائد زجر الفأل على مناه فقال: لأصيبن خيرا اليوم فبكر. وقال الأعشى:

انظر إلى كف وأسرارها ... هل أنت إن أوعدتني ضائري كانوا ينظرون إلى خطوط الكف فيستدلون بها. وقال الكميت: وانظر إلى أسرار كف ... ي أجم مقلوم الأظافر الأجم الذي لا سلاح معه وأصله الكبش الذي لا قرن له، والمقلوم الأظافر الذي لا سلاح معه أيضاً يريد نفسه. أي انظر إلى أسرار كفك فإنك أجم مقلوم الأظافر فهل تقدر لي على ضر. وقال العجاج: قالت سليمى لي مع الضوارس ... يا أيها الراجم رجم الحادس بالنفس بين اللجم العواطس هذا مثل يقال كانوا يتطيرون في الجاهلية من العطاس فإذا عطس العاطس قالوا: قد ألجمه كأنها قد تلجمه عن حاجته. وقال رؤبة: ولا أبالي اللجم العواطسا وقال ابن الأعرابي يقال عطست فلانا اللجم: أي أصابه الهلاك. وقال آخر: إنا أناس لا يزال جزورنا ... بها لجم عند المباءة عاطس

أي عطس لها عاطس وتمني لها فأصابها. وقال جرير: وما كان ذو شغب يمارس عيصنا ... فينظر في كفيه إلا تندما العيص الغيضة شبه حسب الرجل به، يقول إذا تعيف فنظر إلى كفيه علم أنه لاق شرا. كقول الأعشى: فانظر إلى كف وأسرارها وقال كعب بن زهير: فما نلتنا غدراً ولكن صبحتنا ... غداة التقينا في المضيق بأخيلا أي لقيتنا بشؤم، وقال أبو ذؤيب وذكر عائباً: أربت لأربته فانطلقت ... أزجي لحب اللقاء السنيحا أي كانت حاجته لي حاجة، أزجي أدفع، يقول إذا عرضت لي طيرة لم ألتفت إليها، وكانت هذيل تتشاءم بالسنيح وغيرها بالبارح. وقال كثير: أقول إذا ما الطير مرت مخيفةً ... سوانحها تجري وما أستثيرها فدتك ابن ليلى حدث الردى ... وراكبها إن كان كون وكورها

مخيفة ومخيلة أي موهمة، يقول لا أزجرها لأثيرها، لثقتي بك وعلمي أنك لا تأتي ما أكره وإن جرت السوانح به. وقال يذكر خطة: غموم لطير الزاجريها أريبة ... إذا حاولت ضر الذي الضغن ضرت غموم أي غامرة والزجر يشكل عليهم ولا يقدر زجر الطير. وقال المرقش السدوسي: ولقد غدوت وكنت لا ... أغدو على واقٍ وحاتم وإذا الأشائم كالأيا ... من والأيامن كالأشائم الحاتم الغراب لأنه يحتم بالبين والفراق. ومنه قول عوف بن الخرع: ولكنني أهجو صفي بن ثابت ... مثبجة لاقت من الطير حاتما وقال آخر خثيم بن عدي: وليس بهياب إذا شد رحله ... يقول عداني اليوم واقٍ وحاتم ولكنه يمضي على ذاك مقدماً ... إذا صد عن تلك الهنات الخثارم الواق الصرد، والخثارم المتطير من الرجال.

أبيات المعاني في وصف الآثار وتشبيهها

أبيات المعاني في وصف الآثار وتشبيهها قال ذو الرمة: وميتة في الأرض إلا حشاشة ... ثنيت بها حياً بميسور أربع يعني بالميتة الأثرة ميسم في خف البعير، ميتة خفية وذلك أنها أول ما تعمل ثم تنبت مع الخف فتكاد تستوي، والحشاشة البقية منها، ثنيت بها حياً أي بعيراً، يقول تبعث إثره حتى رددته، بميسور أربع يعني بشق ميسور، يريد أنه رأى الناحية اليسرى فعرفه، يعني بالأربع قوائمه. بثنتين إن تصرف ذه تنصرفذه ... لكلتيهما روق إلى جنب مخدع يريد عينين، ويعني بروق رواقاً واحداً وهو حجاجها المشرف عليها، مخدع يعني موضعها الذي هي فيه. وقال آخر وهجا رجلاً ميتا: كأن الظباء العفر يعلمن أنه ... وثيق عري الأربي في العشرات يقول هو صاحب صيد ومهنة ليس بكريم ولا سيد، والأربي مواثيق الحبالة وهي الأربة، والأربة العروة. لبيق إذا ما خط بالناب أثرة ... تبين بالخوقاء في البكرات الخوقاء حلقة في الخف من أثر تأثيره.

وقال ذو الرمة يذكر فلاة: إذا اعتسّ فيها الذئب لم يلتقط بها ... من الكسب إلا مثل ملقى المشاجر إذا اعتس فيه طلب ما يأكل، والمشاجر أعواد الهوادج واحدها مشجر، شبه آثار قوائم الإبل حيث بركت بمشاجر ملقاة. مناخ قرون الركبتين كأنه ... معرس خمس من قطا متواتر يقول إذا بركت قرنت أي تدانى ركبتاها، كأنه معرس خمس يعني الركبتين والثفنتين والكركرة، والثفنة موصل الذراع من باطن وهو ما يصيب الأرض، وموصل الفخذ والساق أيضاً ثفنة، وإنما اختار القطا لأن خفة المبارك من العتق والكرم وصغر الكركرة يستحب. وقعن اثنتين واثنتين وفردة ... حريدا هي الوسطى بصحراء جائر اثنتين الركبتين واثنتين الثفنتين وفردة الكركرة وهي الوسطى، حريدا فردا. ومغفى فتى حلت له فوق رحله ... ثمانية جردا صلاة المسافر وبينهما ملقى زمام كأنه ... مخيط شجاع آخر الليل ثائر أي بين الرجل والناقة ملقى زمام كأنه ممر حية، ويقال خاط بنا

خيطة أي مر بنا مرة، ثائر قتل أخوه فجاء يطلب ثاره يعني الشجاع. سوى وطأة في الأرض من غير جعدة ... ثني أختها في غرز عوجاء ضامر يقول لم يجد هذا الذئب سوى وطأة وطئها هذا الرجل وضع واحدة في غرز الناقة والأخرى في الأرض، يعني رجلاً سبطة سهلة. وموضع عرنين كريم وجبهة ... إلى هدف من مسرع غير فاجر الهدف شرف في الأرض صلى إليه. وقال الطرماح في مثله: كأن مخوها على ثفناتها ... معرس خمس وقعت للجناجن مخواها ما تجافى على الأرض منها إذا بركت. وقعن اثنتين واثنتين وفردة ... يبادرن تغليساً سمال المداهن السمال جمع سمل، والمدهن نقرة في الصفا. أطاف بها طمل حريص فلم يجد ... سوى مثل ملقى الواسط المتباين أطاف بها يريد الفلاة والطمل الذئب، أي لم يجد في إطافة غير ملقى واسط الرحل، متباين منكسر. وموضع مشكوكين ألقتهما معا ... كوطأة ظبي القف بين الجعاثن المشكوكان لحيا الناقة شبههما بوطأة ظلف الظبي في القف، والجعاثن أصول الصليان واحدته جعثنة. ومخفق ذي زرين في الأرض متنه ... وفي الكف مثناه لطيف الأسائن

مخفق حيث وقع وتلوى يعني الزمام، والأسائن واحدها إسان وهي القوة يريد سيور الزمام التي تفتل، والقوى الطاقات الواحدة قوة. خفي كمجتاز الشجاع وذبل ... ثلاث كحبات الكباث القرائن يعني ثلاث بعرات شبههن بالكباث لصغرهن. ومثله لكعب: وسمر ظماء واترهن بعدما ... مضت عجمة من آخر الليل ذبل وضبثة كف باشرت بيمينها ... صعيدا كفاها فقد ماء المصافن الضبثة القبضة، يقال ضبثت إذا قبضت، المصافن المقاسم. ومعتمد من صدر رجل محالة ... على عجل من خائف غير آمن محالة مرفوعة، وإذا رفعت رجلك فقد أحلتها. وموضع مثنى الركبتين وسجدة ... توخى بها ركن الحطيم الميامن مقلصة طارت قرينتها بها ... إلى سلم في دف عوجاء ذاقن مقلصة مشمرة يعني الرجل التي في الأرض، وقرينتها الرجل الأخرى، والسلم الغرز، والدف الجنب، عوجاء طويلة مهزولة، ذاقن تطأطئ رأسها وعنقها إذا سارت، ويقال ذاقن وذقون بمعنى وهي التي إذا بركت ضربت بذقنها الأرض، يقال ذقنت تذقن ذقونا. وقال المثقب يصف ناقته:

كأن مواقع الثفنتان منها ... معرس باكرات الورد جون أراد قطا تباكر الماء، وجون سود. كأن مناخها ملقى زمام ... على معزائها وعلى الوجين اللجام إذا طرح بالأرض كانت له أربعة آثار، والمعزاء والوجين ما صلب من الأرض، يريد أنها قد أثرت في الموضع الصلب. وقال البعيث يهجو رجلاً: مدامن جوعات كأن عروقه ... مسارب حيات تسر بن سمسما يقول هو بادي العروق من سوء الحال فكأنها ممر حيات، وسمسم موضع، ويروى: تشربن سمسما، أي سما. وقال الكميت يذكر رأل نعامة: حتى إذا علم التدارج واتخذت ... رجلاه كالودع آثارا على الكثب شبه آثار رجليه على الرمل بالودع. وقال ذو الرمة: ومن جردة غفل بساط تحاسنت ... بها الوشي قرات الرياح وخورها جردة من الرمل جرداء لا شيء فيها، وشبه آثار الرياح بالوشي، وخورها ما لان منها. وقال النابغة: كأن مجر الرامسات ذيولها ... عليه حصير تمقته الصوانع وقد فسر في موضعه في وصف الديار.

وقال الراعي وذكر الثور: فصبحته كلاب الغوث يؤسدها ... مستوضحون يرون العين كالأثر يؤسدها يغريها، مستوضحون يقال استوضح الرجل إذا نظر ليرى شبحا أو أثرا، يعني صيادين، وأراد يرون الأثر كالعين فقلب، يريد أن أثر الصيد عندهم إذا رأوه بمنزلة الصيد نفسه لا يخفى عليهم، وهذا الحديث الذي يتحدث عن لقمان سئل عن قيافته فقيل له: قد اشتبهت الآثار وإنه على ذاك ليعرف أثر الذرة الأنثى من الذكر على الصفا الأير، وقول جابر بن عمرو المازني أرى أثر رجلين يسوقان بعيرين ويقودان فرسين، شديد كلبهما قليل سلبهما والفرار بقراب أكيس. وقال ذو الرمة: كأن مجر العيس أطراف خطمها ... بحيث انتهى من كرس مركوها العقر ملاعب حيات ذكور فيممت ... بنا مصدرا والشمس من دونها ستر الكرس العطن، والمركو الحوض الصغير، والعقر مقام الشاربة يقول إذا وردت الماء جرت خطمها بين العطن والعقر. وقال الطرماح وذكر ثورا: فأصبح محبورا تخط ظلوفه ... كما اختلفت بالطرق أيدي الكواهن وقال أيضاً يذكر ثورا: وغدا تشق يداه آثار الربى ... قسم الفئال تشق أوسطه اليد

الفئال لعبة للصبيان وهو أن يكوم تراب أو رمل ثم يخبأ فيه خبيء ثم يشق اللاعب تلك الكومة نصفين فيقول في أي الجانبين الخبيء؟ قال طرفة: يشق حباب الماء حيزومها بها ... كما قسم الترب المفائل باليد وقال عمر بن أبي ربيعة: على قلوصين من ركابهم ... وعنتر يسين فيهما شجع كأنما غادرت كلا كلها ... والثفنات الخفاف إذ وقعوا موقع عشرين من قطا زمر ... وقعن خمساً خمساً معاشيع ناقة عنتريس إذا كانت شديدة غليظة. ويقال أخذه بالعترسة أي بالجفاء والشدة، شجع طول والأشجع الجسيم، والشيع الفرق. وقال العجاج: خوى على مستويات خمس ... كركرة وثفنات ملس التخوية أن لا يقع من البعير إذا برك على الأرض إلا ثفناته وكركرته ويكون متجافيا عن الأرض، وإذا كان البعير يبرك هكذا كان أعتق له، وملوسة الكركرة أن لا يكون بها سرر وهو شيء يخرج بكركرة البعير يغذو مثل الماء فيكون البعير إذا برك لم يتمكن بكركرته من الأرض وتجافى، وأنشد لمعدي كرب المعروف بغلفاء يرثي أخاه شرحبيل وكان رئيس بكر بن وائل وقتل يوم الكلاب الأول.

إن جنبي عن الفراش لنابي ... كتجافي الأسر فوق الظراب وملوسة الثفنات إن لا يعتمد عليها إذا برك إنما يخوي تخوية. وقال طرفة وذكر الناقة: كأن علوب النسع في دأياتها ... موارد من خلقاء في ظهر قردد العلوب الآثار كأنها في جنبي البعير طرق، في خلقاء أي صخرة ملساء على رأس جبل. تلاقي وأحياناً تبين كأنها ... بنائق غر في قميص مقدد أي تجتمع هذه الموارد وتفترق أحياناً، والبنائق الدخاريص، غر بيض، شبه بياض آثار النسوع في جلدها ببياض بنائق القميص. وقال عوف بن الأحوص: ألم أظلف عن الشعراء عرضي ... كما ظلف الوسيقة الطريدة أظلف من الظلف وهو الموضع الغليظ الذي لا تتبين فيه الآثار يقول ألم أمنعهم أن يؤثروا في عرضي، والوسيقة الطريدة. كما ظلف أي أخذ بها في ظلف من الأرض، والكراع العنق من الحرة يمتد. وقال آخر آثار الحيات: كأن مزاحفها أنسع ... جررن فرادي ومنها ثنى وقال أوس بن حجر: يقول له الراؤون هذاك راكب ... يؤبن شخصاً فوق علياء واقف التأبين اتباع الأثر في الأرض بنظر واتباع آثار الميت لمحاسنه.

وقال كعب بن زهير وذكر ذئباً وغراباً: فلم يجدا إلا مناخ مطية ... تجافي بها زور نبيل وكلكمل ومضربها وسط الحصى بجرانها ... ومثنى نواج لم يخنهن مفصل وموضع طولي وأحناء قاتر ... يئط إذا ما شد بالنسع من عل طولى زمام، قال الأصمعي: طولى يكون فوق البرذعة، والقاتر الرحل. وأتلع يلوي بالجديل كأنه ... عبسيب سقاه من سميحة جدول وسمر ظماء واترتهن بعدما ... مضت هجعة من آخر الليل ذبل سفي فوقهن الترب ضاف كأنه ... على الفرج والحاذين قنو مذلل أراد بعرات واترتهن أي تابعتهن ضاف يعني ذنباً سابغاً طويلاً. ومضطمر من خاشع الطرف خائف ... لما تضع الأرض القواء وتحمل يعني نفسه، واضطماره انضمامه. وقال كثير في هذا المعنى: وصادفت عيالاً كأن عواءه ... بكا مجرذ يبغي المبيت خليع عيال يعني ذئباً يعيل في البلاد كما تقول عار، خليع خلعه أهله لجنايته. عوى ناشز الحيزوم مضطمرا الحشا ... يعالج ليلاً قارساً مع جوع فصوّت إذ نادي بباقٍ على الطوى ... محنب أطراف العظام هبوغ

أبيات المعاني في المراثي

أي بصوت باق على الجوع. محنب مأطور، هبوع يستعين بعنقه في السير من الضعف. فلم يجترس إلا معرس راكب ... تأيا قليلاً واسترى بفطيع الاجتراس الإصابة، يقال هل اجترست شيئاً؟ ويروي: يحترس، أي يسرق يقال للذي يسرق الغنم المحترس وللشاة التي تسرق حريسة، تأيا تلبث، واسترى افتعل من السرى وهو سير الليل، بقطيع أي بقطيع من الليل. وموقع حرجوج على ثفناتها ... صبور على عدوى المناخ جموع ومطرح أثناء الزمام كأنه ... مزاحف أيم بالفناء صريع عدوى المكان وتعاديه واحد وهو أن يرتفع بعض وينخفض بعض، والأيم الحية. أبيات المعاني في المراثي قالت الخنساء: ولكني رأيت الصبر خيراً ... من النعلين والرأس الحليق ومن رحض الغراب إذا تنادى ... دعاة الموت بالكأس الرحيق كانت المرأة في الجاهلية إذا مات زوجها حلقت رأسها وأخذت نعلي زوجها فعلقتهما في عنقها وضربت بهما وجهها، وإذا لم تكترث المرأة بموت ميتها نشرت شعرها في مأتمه، فتقول: الصبر خير من أن أفعل فعل تلك أو فعل هذه، والرحض الغسل يقال: رحضت الثوب

إذا غسلته، والغراب الشعر الأسود: ومنه قيل رجل غريب إذا كان أسود الشعر ولم يشب، ودعاة الموت النوائح وكن يدعون بالخمر إذا نحن ليكون أنشط لهن وأيسر. وقال أبو ذؤيب وذكر قوماً ماتوا: كانوا ملاويث فاحتاج الصديق لهم ... فقد البلاد إذا ما تمحل المطرا أي احتاج هؤلاء الذين فقدوهم كما تمحل البلاد إذا فقدت المطر، والملاويث الذين يلاث بهم أي يعصب بهم ويرجى خيرهم. وقال آخر: إذا حاردت عنك العيون فإنه ... سيكفيك من عيني دمع ممانح المحارة انقطاع الدر والدمع، والممانحة درورهما. وقال المتنخل: إن يمس نشوان بمصروقة ... منها بريّ وعلى مرجل لا تقه الموت وقياته ... خطّ له ذلك في المحبل نشوان سكران، مصروفة خمر صرف، على مرجل أي على لحم في قدر، أي لا يقيه ذلك الموت، المحبل حين حبل به، ويروى: في المجبل، أي حيث جبله الله عز وجل. ليس لميت بوصيل وقد ... علق فيه طرف الموصل يريد أن الحي منقطع عن الميت بجهده ويهرب من حاله وقد

استوثق منه وعلق طرف موصله به فالموت سيجمعهما لا محالة وإن أبى ذلك الحي فهو متصل. وقال: نبكي على رجلٍ لم تبل جدته ... خلى عليك فجاجاً بينها سبل لم تبل جدته أي مات شاباً، يقول خلي عليك أموراً كان يسدها فلما هلك ضاعت. وقال آخر من هذيل: وهو ساعدة بن العجلان: فلقد بكيتك يوم رجل شواحط ... بمعابل صلع وأبيض مقطع يعني أنه كان يرميهم وينادي أخاه فجعل ذلك بكاء له، رجل رجالة واحدهم راجل، شواحط موضع، والمعبلة نصل عريض، وأبيض سيف، مقطع قاطع. فرميت حول ملاءة محبوكة ... وأبنت للأشهاد حزة أدعى أي رميت وعليّ هذه الملاءة، والمحبوكة التي لها حبك أي طرائق، والأشهاد الذين شهد وأما ثم، حزة أي ساعة، يريد أبنت لهم لما رميت من أنا فقلت أنا ابن فلان، يقال: جئتنا على حزة منكرة أي ساعة. وقال أبو خراش: بلى إنها تعفو الكلوم وإنما ... نوكل بالأدنى وإن جلّ ما يمضي أي تبرأ الجراحات وينبت عليها اللحم حتى كأن لم يكن بها شيء فكذلك المصائب تذهب وتنسى، والأدنى الأقرب.

وقال أبو جندب الهذلي: لعمر أبي الطير المربة غدوةً ... على خالد لقد وقعت على لحم المربة المقيمة الآلفة، يقول وقعت على لحم كان ممنوعاً. وقال خفاف بن ندبة: المرء يسعى وله راصد ... تنذره العين وثوب الضرا أي تنذر الراصد عينه أن يثب على هذا المرصد ليختله. وقال كثير يرثي: وحال السفا بيني وبينك والعدى ... ورهن السفا غمر البديهة ماجد السفا البعد والعدى البعد. وقال النابغة يرثي النعمان بن الحارث: فلا يهنئ الأعداء مصرع ربهم ... وما عتقت منه تميم ووائل أي عتقهم من غزوه. وقال: وآب مصلوه بعين جلية ... وغودر بالجولان حزم زنائل قال الأصمعي: قدم الأولون بخبر موته ولم يصدقوا وجاء

المصلون وهم الذين جاؤوا بعدهم من خبر موته بعين جلية، والمصلي الثاني من السوابق، ويروى: وآب مضلوه أي قابروه. وقال يرثي: يقولون حصن ثم تأبى نفوسهم ... وكيف بحصن والجبال جنوح أي يقولون مات حصن ثم تأبى أنفسهم ذلك ويقولون كيف يكون ذلك والجبال على حالها؟ يريد أنه لو مات لتضعضعت الجبال. وقال الأعشى: فيا أخوينا من أبينا وأمنا ... ألم تعلما أن كل من فوقها لها أي كل من فوق الأرض صائر إليها أي مقبور فيها. وقال لبيد: ألا تسألان المرء ماذا يحاول ... أنحب فيقضى أم ضلال وباطل حبائله مبثوثة بمسيله ... ويفني إذا ما أخطأته الحبائل النحب النذر، وحبائله مناياه يعني أنه يهرم إن لم يأته الموت في شبابه، ومنه قيل للشيخ الكبير: فإن أي هرم. وقال لبيد: قضيت لبابات وسليت حاجةً ... ونفس الفتى رهن بقمرة مؤرب المؤرب المقامر، يقال آربت على القوم أي فلجت، أي نفس الفتى محتبسة للموت. وقال يرثي:

من فقد مولىً تصور الحي جفنته ... أو رزء مال ورزء المال ينجبر تصور تعطف. والنيب إن تعر مني رمةً خلقاً ... بعد الممات فإني كنت أثئر النيب المسان من النوق، أي إن تلم مني بعظم بال فتأكله بعد مماتي فإني كنت أنحرها، وأثئر افتعل من الثأر، والإبل تأكل العظام أي تملح بها بعد الخلة وهو نبت حلو. وقال يرثي أربد أخاه: وأيقنت التفرق يوم قالوا ... تقسم مال أربد بالسهام تطير غدائد الأشراك شفعاً ... ووتراً والزعامة للغلام الغدائد الفضول، ويروي: عدائد، أي ما يعد من الميراث، تطير تفرق. وقال الأعشى: وأحمدت إذ نجيت بالأمس صرمة ... لها غددات واللواحق تلحق وقوله شفعاً ووتراً أي للغلام سهمان وللجارية سهم، والأشراك واحدها شرك وهي الأنصباء، والزعامة للغلام يقول إذا مات الرجل صارت رئاسة لابنه دون الإناث، والزعيم الرئيس. وقال: أي لبيد يرثيه:

فجعني الرعد والصواعق بال ... فارس يوم الكريهة النجد يعفو على الجهد والسؤال كما ... أنزل صوب الربيع ذو الرصد وكان أربد أصابته صاعقة، يعفو يجم ويزيد على السؤال كما يجم الماء يقال عفا شعره إذا كثر، والرصد جمع رصدة وهي المطرة تكون أولاً لما يأتي بعدها كالعهد كأنها ترصد مطرا، أراد أنه يعطي عطية ويرصد بأخرى. وقال يذكر موتى: ويمشون أرسالاً ونلحق بعدهم ... كما ضم أخرى التاليات المشايع المشايع الداعي يزجر إبله حتى يلحق أولها آخرها. وقال الفرزدق: فألق استك الهلباء فوق قعودها ... وشايع بها واضمم إليك التواليا وقال آخر: فلم أر عاماً كان أكثرها لكاً ... ووجه غلامٍ يستري وغلامه المعنى وأكثر هلاك وجه. يستري يختار. وقال: لقد ظفرت عيني بطول بكائها ... على ابن زهير إذ ثوى في المقابر ظفرت من الظفرة وهي لحمة تخرج في العين. وأنشد: هل لك في عجيز كالحمرة ... بعينها من البكاء ظفره

وقال أبو زبيد يرثي عثمان بن عفان وذكر قبره: على جنابيه من مظلومة قيم ... تبادرتها مساح كالمناسيف جنابيه جانبيه، مظلومة أرض حفرت ولم تحفر قبل، قيم جمع قامة من التراب، والمساحي جمع مسحاة. لها صواهل في صم السلام كما ... صاح القسيات في أيدي الصياريف أي للمساحي أصوات إذا وقعت في الحجارة وهي السلام كأصوات الدراهم الستوقة إذا انتقدها الصياريف. كأنهن بأيدي القوم في كبد ... طير تكشف عن جون مزاحيف شبه المساحي في أيدي القوم يحفرون القبر بطير على إبل مزاحيف وهي المعيية. وإنما جعلها جونا لأنهم حفروا له في الحرة فشبه الحرة بابل سود، في كبد في شدة، ومنه لقد خلقنا الإنسان في كبد. وقال وذكر القبر. مقرمد ما علوا منه بقنطرة ... زاداً من الزاد غثاً غير مظلوف ما علوا في معنى الذي علوا منه بقنطرة وقد قرمدوه، غير مظلوف يقول هذا من الزاد ليس بممنوع من جميع الخلق، ويقال منه

اظلف نفسك عن كذا أي امنعها لأن ما يتزوده الميت قليل. ثمت زكوا بما علوا وما حفروا ... حملاً على الكوم حمال التكاليف الكوم التراب المجموع. إن كان عثمان أمسى فوقه أمر ... كراقب العون فوق القنة الموفي الأمر الحجارة، والعون جماعة عانة، والقنة دون الجبل، شبه ما جمع على قبره من الحجارة بحمار عانة قد أوفى على قنة ينتظر مغيب الشمس فيرد الماء. أعثم قد حذرت نفسي فما ملكت ... إصفاق دار بعيد الألف مألوف يقال أصفقت بك الدار أي ذهبت بك يعني دار المنية، يريد إصفاق دار مألوف بعيد الألف يعني عثمان، أي كان مألوفاً ثم صار بعيد الألف. وقال أبو زبيدة يرثي قتيلاً: خارج ناجذاه قد برد المو ... ت على مصطلاه أي برود الناجذ آخر الأضراس، ومصطلاه يداه ورجلاه من اصطلاء النار، وبرود الموت عليهما إن الأطراف منهما تصفر.

قال لبيد: وكل أناس سوف تدخل بينهم ... دويهية تصفر منها الأنامل وقال يذكره: لحمة لو دنوا لثأر أخيهم ... حسروا قد ثناهم بعديد أي قد استلحمه القوم، يريد أحاطوا به ولم يرد أن يكون عند أنفسهم أنه لحمة لهم، وإن دنوا منه رجعوا وقد ردهم بثأر ثان يعدونه مع الأول. وقوله: صادياً يستغيث غير مغاث ... ولقد كان عصرة المنجود العصرة الملجأ، والمنجود المكروب. وقال الكميت يرثي: كأن أكف الناس إذ بنت عطفت ... عليها حثاة القبر ذات الرواعد يريد ماتت العطايا حيث متّ: والرواعد صوت التراب في القبر حين دفن. وقال مدرك بن حصن الأسدي: بكى جزعاً من أن يموت وأجهشت ... إليه الجرشي وارمعل خنينها أجهشت ارتفعت، والجرشي النفس، الأصمعي: بكاء جشب

وازمعل تتابع. وأنشد: وليلة طخيا يرمعل ... منها على الساري ندىً مخضل والخنين بكاء لا يفصح به من الأنف، والخنة من الأنف. وقال متمم بن نويرة للذي جاء بنعي أخيه: وآثرت هدماً بالياً وسوية ... وجئت به تعدو بشيراً مقزعا مقزعا خفيفاً وكل مخفف مقزع وأصله من القزع في السحاب، والهدم الخلق، والسوية البرذعة. وقال الراعي: وللمنية أسباب تقربها ... كما تقرب للوحشية الذرع واحدها ذريعة وهو بعير يستتر به الرامي فإذا قربت الوحش رماها. وقال: أحار بن عبدٍ للدموع البوادر ... وللجد أمسى عظمه في الجبائر قوله للجد كقولك: لجده أصابه هذا، والجبائر ما يشد على الكسر من الخشب. وقال طرفة: لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى ... لكالطول المرخى وثنياه باليد

يقول هو مثل حبل أرخى وثنياه في يد متى شاءت جرته. وقال الجعدي: سألتني هلكوا ... شرب الدهر عليهم وأكل الباء في معنى عن، وقوله شرب الدهر عليهم أي شرب الناس بعدهم وأكلوا وليس يريد بهذا الدهر، أراد سألتني عن أناس. ومثله: دع المغمر لا تسأل بمصرعه ... واسأل بمصقلة البكري ما فعلا أي عن مصقلة. وقال متمم بن نويرة: فلما تفرقنا كأني وما لكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا معنى لطول مع طول اجتماع، يقول إذا مضى فكأنه لم يكن. وقال النمر بن تولب يرثي أخاه: تضمنت أدواء العشيرة يبنها ... وأنت على أعواد نعش تقلب كأن امرءاً في الناس كنت ابن أمه ... على فلج من بحر دجلة مطنب يقول تضمنت ما كان في العشيرة من الداء أو فساد حين كنت فيهم وأنت اليوم على نعش تقلب، والفلج النهر، من بحر دجلة أي من سعة دجلة، مطنب مبعد. وقال العجاج وذكر إفاقته من مرضه: بعد اللتيا واللتيا والتي ... إذا علتها أنفس تردت اللتيا تصغير التي، يقال للشيء إذا جاء بعد عسر جاء بعد اللتيا

والتي، إذا علتها أنفس هذا مثل أي بعد عقبة من عقاب من عقاب الموت تردت سقطت وهلكت. أوعظة إن نفس حر بلت ... أو طلبت بالجهد ما قد ألت يقول هذه المرضة عظة إن نفس حر برأت، يقال بل وأبلّ إذا برأ، أو طلبت النفس بالجهد ما قد آلت أي أضعفت فيه، يقال ألا - خفيف - أي ترك الجهد وقصر. وقال الجعدي: ثلاثة أهلين أفنيتهم ... وكان الأله هو المستآسا أي المستعاض يريد يسأل العوض وهو الأوس، يقال أسته أوسا إذا أعطيته. وقال ابن أحمر: أو ينسأن يومي إلى غيره ... إني حواليّ وإني حذر ينسأن يؤخر، الحوالي فعالي من الحيلة. وقال أبو كبير يرثي قوماً: هاجوا لقومهم السلام كأنهم ... لما أصيبوا أهل دين محتر أي محكم، يقول ثبتوا على الصلح كما ثبت هؤلاء على دينهم. وقال خداش بن زهير:

وما المرء إلا هامة أو بلية ... يصفقها داعٍ له غير غافل يقول إما أن يموت سريعاً فيصير هامة، والعرب تزعم أن عظام الموتى تصير هامة فتطير، وإما أن يتأخر أجله فيتعذب بالهرم فيكون كالبلية التي تعذب حتى تموت هزلاً وضراً، والبلية الناقة تعقل عند قبر صاحبها فلا تعلف حتى تموت. وقال أبو زبيد: كالبلايا رؤوسها في الولايا ... ما نحات السموم حر الخدود الولايا البراذع واحدتها ولية، وكانوا إذا فعلوا هذا بالإبل قوروا البرذعة وأدخلوها في عنق البعير. وقال زهير: بلاد بها نادمتهم وألفتهم ... فإن أوجشت منهم فإنهم بسل بسل حرام، يقول إن أقفرت منهم أي خلت فإنهم كانوا حراماً ممتنعين لا يطمع فيهم أحد أن يغزوهم. وقالت الخنساء ترثي أخاها: أبعد ابن عمرو من ال الشري ... د حلت به الأرض أثقالها حلت زينت، وأثقالها موتاها. وقال الفرزدق: وجفن سلاح قد فقدت فلم أنح ... عليه ولم أبعث عليه البواكيا

أبيات المعاني في الشيب والكبر

وفي جوفه من دارم ذو حفيظة ... لوان المنايا أنسأته لياليا يريد في جوف الجفن وهو البطن، وكان أتى وليدة فماتت وهي حامل، والسلاح الجنين نفسه، يريد أن الولد عدة وقوة بمنزلة السلاح. وقال آخر: فأصبح في غبراء بعد إشاحة ... من العيش مردود عليها ظليمها أراد حفرة غبراء، إشاحة محاذرة وإشفاق، ظليمها ما أخرج من ترابها والمظلومة الأرض التي تحفر في غير موضع الحفر. وقال آخر: فبعض اللوم عاذلتي فإني ... ستكفيني التجارب وانتسابي أي تكفيني تجاربي الأشياء وأني أنتسب فأجد آبائي قد ماتوا فأعلم أني ميت ولي في ذلك كفاية من لومك لي. ومثله للبيد: فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب ... لعلك يهديك القرون الأوائل فإن لم تجد من دون عدنان والداً ... ودون معدّ فلتزعك العواذل أي تعرف أنهم قد ماتوا فتتعظ. أبيات المعاني في الشيب والكبر قال النمر بن تولب:

أودى الشباب وحب الخالة الخلبة ... وقد برئت فما بالصدر من قلبه الخالة المختالون واحدهم خائل مثل بائع وبائعة، أي كبرت وذهب حبهم عني، والخلبة الذين يخلبون النساء ويخدعونهن، وقد برئت أي بريء صدري من ودهم فلم يبق فيه شيء منه. وقد تثلم أنيابي وأدركني ... قرن عليً شديد فاحش الغلبة وقد رمى بسراه الدهر معتمداً ... في المنكبين وفي الساقين والرقبة قرن يعني الهرم، والسرى جمع سروة وهي السهم ذو القطبة المدورة يرمى به بين الهدفين. وقال الشماخ: لقومٍ تصاببت المعيشة بعدهم ... أعز عليّ من عفاء تغيرا تصاببت جعلت آخذ منه قليلاً قليلاً كما يتصاب الإناء أي تؤخذ صبابته والصبابة البقية تبقى في الإناء، من عفاء يعني من شعر أبيض، والعفاء وبر البعير والحمار فضربه مثلاً لابيضاض شعره. وقال أبو كبير: فإذا دعاني الداعيان تأيدا ... وإذا أحاول شوكتي لم أبصر تأيد تشدد، لأني لا أسمع صوتاً ضعيفاً، يقول قد ثقل سمعاً وإذا أراد إخراج شوكة دخلت في يده أو بعض جسده لم يبصرها لضعف بصره. وقال آخر وهو أبو خراش:

فقدت بني لبني فلما فقدتهم ... صبرت ولم أقطع عليهم أبا جلي بنو لبني إخوته، أي لم أقتل نفسي ولم أجزع جزعاً قبيحاً، والأبجل عرق. وقال طفيل يذكر قوماً ماتوا: مضوا سلفاً، قصد السبيل عليهم ... وصرف المنايا بالرجال يقلب يريد أن طريقنا عليهم لا نستطيع أن نجوز عن ذلك. وقال الحطيئة وذكر الكبر: فمنها أن يقاد به بعير ... ذلول حين تهترش الضراء أي لا يستطيع أن يركب بعيراً صعباً لضعفه، والضراء الكلاب لئلا ينفر إن اهترشت، وهذا توكيد لذل البعير. وقال آخر: عامر بن جوين: ماذا أرجي من الحياة إذا ... خلفت وسط الظعائن الأول معتنزاً أطرد الكلاب عن ال ... ظل إذا ما دنون للجمل يقال اعتنز الرجل إذا وقف ناحية، هذا رجل قد كبر فخلف مع النساء لأن الشبان ومن كانت به قوة يركبون إبلهم فيأتون المنزل بكراً ويأتي النساء والضعفاء بعد، وقوله أطرد الكلاب فذلك أن الكلب يأتي في الحر فيستتر بظل جمله فيطرده عنه لئلا ينفر به لأنه لا يملكه، معتنز متوكئ على عنزة وهي العكازة. وقال آخر: وركبت راحلةً الكبير ولم يكن ... يمشي الهميس مع المطي ركابي

راحلة الكبير العصا ويمكن أن يكون بعيراً ذلولاً. يقول لا أقدر أن أركب صعباً لضعفي. وقال آخر المخبل: كما قال سعد اذ يقود به ابنه ... كبرت فجنبني الأرانب صعصعا أي لا تنفج فينفر بعيري، يقول لست أقدر على ضبطه لضعفي وكبر سني. وقال آخر: وطالت بي الأيام حتى كأنني ... من الكبر البادي بدت لي أرنب أي انحنيت فكأني صائد يختل أرنباً فهو يتطامن له كيلا يراه. ومثله لأبي الطمحان القيني: وقد طالت بي الأيام حتى ... كأني خاتل يدنو لصيد وقال الحطيئة يذكر الكبر: ويأخذه الهداج إذا هداه ... وليد الحي في يده الرداء الهداج مشى فيه مقاربة خطو وسرعة، وهداه تقدمه، الوليد الصبي يعني أنه تقدمه يقوده، في يده الرداء أي قد يحمل عنه رداءه لضعفه.

وقال آخر في هذا المعنى: وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني ... ثوبي فأنهض نهض الشارب السكر وقال الحطيئة: ويأمر بالركاب فلا تعشى ... إذا أمسوا وقد قرب العشاء أي يقول لأهله لا تعشوها فإني أخاف أن يذهب بها في الليل لضعفه، ومثله قول النمر بن تولب: وقولي إذا ما اطلقوا عن بعيرهم ... تلاقونه حتى يؤوب المنخل أراد لا تلاقونه حتى - فأضمر لا - أي أقول لهم إذا أرسلوا بعيرهم: لا تقدرون عليه، أي يذهب أي أظن الناس كلهم مثلي لضعفي. وقال آخر: أتى الندي فلا يقرب مجلسي ... وأقود للشرف الرفيع حماري أي لا أقدر أن أركب من الأرض لأني قد صرت شيخاً فأقود حماري إلى موضع مرتفع حتى أركبه. وقال آخر: يا ويح هذا الرأس كيف اهتزا ... وحيص موقاه وقاد العنزا أي انحنى حتى صار كأنه يقود عنزا، حيص أي ضاق كأنه قد

خيط، يقال حص شقاقاً في رجلك، واهتز تحرك، والحوص الخياطة، والموقان مقدما العين، وقاد العنز انحنى يتقاصر لعنز يقودها. ومثله قول لبيد: أخبر أخبار القرون التي مضت ... أدبّ كأني كلما قمت راكع وقال العجاج: جاري لا تستنكري عذيري ... وقدري ما ليس بالمقدور وكثرة التحديث عن شقوري عذيري حالي، وقدري يقول صرت من كبري أقدر ما لم أكن أقدر قبل اليوم، شقوري أموري وأخباري، ويقال أن الرجل إذا كبر كثر تحدثه عن الخالي من أمره، أبو عبيدة: شقوري عيوبي، قال بعض بني أسد: لأدقن شقورك، يعني العيب، لأدقن لأظهرن. وقال زهير: دقوا بينهم عطر منشم أي أظهروه. وحفظة أكنها ضميري ... والعصر قبل هذه العصور مجرسات غرة الغرير ... بالزجر والريم على المزجور الحفظة الغضب، أي صرت أغضب مما لم أكن أغضب منه

مجرسات يقول والدهر جرست الغر منا أي أحكمته، والريم الفضل بين الشيئين. قال المخبل: فأقع كما أقعى أبوك على استه ... يرى أن ريما فوقه لا يعادله والريم العظم يفضل من الجزور عن السهم فلا يتقسم، يقول الذي يزجر فعليه الفضل أبداً لأنه يزجر عن أمر قد قصر فيه. وقال العجاج: إن الهوى والقدر الكرارا ... ألبسن من ثوب البلي نجارا يقول ألبستني خلقة الكبير وهيئته، والنجار الخلقة واللون. وقال الكميت: لا تغبط المرء أن يقال له ... أمسى فلان لسنه حكما إن سره طول عمره فلقد ... أضحى على الوجه طول ما سلما أي لا تغبطه أن يقال هو حكم مجرب لطول عمره فإن ذلك كله نقصان من طول عمره وإن عمره وإن سره طول عمره فقد استبان على وجهه طول سلامته. وقال النمر بن تولب في مثل هذا المعنى بعد أن ذكر الكبر وآفاته: يود الفتى طول السلامة والغنى ... فكيف ترى طول السلامة يفعل

وقال حميد بن ثور في مثل ذلك: أرى بصري قد رابني بعد صحة ... وحسبك داء أن تصح وتسلما وقال الأصمعي في قول العجاج: إما ترى دهراً حناني حفضا أي ألقاني، يقال حفضت الشيء إذا ألقيته، ومنه قول أمية: وحفضت النذور وأردفتهم ... فضول الله وانتهت القسوم أي ألقيت. وقال ابن مقبل: يا حرّ من يعتذر من أن يلم به ... ريب الزمان فإني غير معتذر يقول من قال ضعفي من مرض أو غيره وليس من الكبر فإني غير معتذر من الكبر ولكني معترف. راميت شيبي كلانا قائم حججا ... ستين ثم انتضلنا أقرب الفقر الفقرة الامكان، يقال أفقرك الصيد أي امكنك، راميت شيبي مثل كأنه كان يراعيني وأنا أراعيه ستين سنة فلما جاوزتها أسننت فتمكن مني ورماني.

راميته هاهنا أي كان يرميني هو بالبياض وكنت أرميه بالخضاب والتغيير، ومثله قبله في خالي عمري من الأمراض فقد راميت أي دفعت عني بالدواء والعلاج. أرمي النحور فأشويها وتثلمني ... ثلم الاناء فأغدو غير منتصر النحور نحور الأهلة، يقال نحرت الشهر أي استقبلته بالعمل، أشويها أي أخطئ وتصيبني هي في الظهر والرأس. في الظهر انحناء وفي الرأس شيب، حتى يستمر به أي يستشد به، والهجار حبل يشد في الرسغ ثم يشد إلى الحقب، وقصره أن لا يوسع للبعير فيه وهذا مثل لتقارب الخطو من الكبر، أراد بقوله به أي بي، كالفتر أي الفترة. وقال ابن أحمر: لبست أبي حتى تمليت عمره ... وبليت أعمامي وبليت خاليا أي تمتعت به حتى تمليت عمره أي عشت به ملاوة من الدهر، ويقال ملاوة. وفي كل عام تدعوان أطبة ... إلى وما يجدون إلا الهواهيا يعني صاحبيه وكان سقي بطنه، وما يغنون شيئاً، والهواهي ما ليس بشيء.

فإن تقصرا عني تكن لي حاجة ... وإن تبسطا لا تمنعاني قضائيا يقول إن تكفا عني فلا تداوياني تكن لي حاجة في صدري من الدواء لأنني أظن شربي له نفعاً لي، وإن تبسطا علي فتداوياني لا تمنعاني مما قضى علي. شربت الشكاعى والتددت ألدة ... وأقبلت أفواه العروق المكاويا الشكاعي نبت يتداوى به، والتددت من اللدود وهو أن يخرج اللسان ثم يلد في أحد الشقين، وأقبلت أفواه العروق أي جعلتها قبالة المكاوي. ولا علم لي ما نوطة مستكنة ... ولا أيما فارقت أسقى سقائيا النوطة الورم، يقوم لا علم لي بهذا الورم المستكن في جوفي ولا أي البلاد التي وطنت وخالطت أوعى في الداء وقال: رأيت المنايا طبقت كل مرصد ... يقدن قيادا أو يجردن حاديا طبقت كل مرصد أي ملأت كل طريق، يقدن إلى هذه المراصد قيادا أو يجردن سائقاً، وهذا مثل، وقال: بان الشباب وأفني ضعفك العمر ... لله درك أي العيش تنتظر

يقول عشت مثل عمرين - وكان بلغ تسعين - وقال: أو هل ترين الدهر عرى مسه ... إلا على لمم يروح ويغتدي يقول إن لم يهلك الدهر الإنسان فإنه يغدو عليه ويروح بالنقصان. وقال: زعمت غنية أن اكثر لمتي ... شيبت، وهان بذاك ما لم تزدد لما رأت غربا هجائن وسطها ... مرحت وجالت في الصراع إلا بعد غربا جاوز القدر ومنه يقال: استغرب فلان في الضحك، هجائن بيض، يقول لما رأت بي شيباً كثيراً مرحت بشبابها ونشاطها وجالت في الصراح الأبعد. وقال الكميت: والشيب فيه لأهل الرأي موعظة ... ومن عيوب الرجال الشيب والغزل إذ هما اتفقا نصا قعودهما ... إلى التي غبها التوقيع والجزل قعودهما الرجل، والتوقيع الدبر، يقال بعير موقع والجزل أن ينزع من الكاهل عظم فيبقى مكانه منخفضاً وذلك البعير أجزل. وقال أبو النجم يصف دهراً مضى: كيف وإن عادت علينا نعمه ... بنصف قد رابه تقسمه أي هذا لا يرجع إن رجعت النعم يعني قوته وسواد شعره. والصبح والشيب غريماً....يكرمه ... ينصفه طوراً وطوراً يظلمه

يقول إذا خضبه رجع إلى سواده فذلك انصافه وإذا نصل الخضاب بدا وذلك ظلمه، وقال المرقش الأكبر: ليس على طول الحياة ندم ... ومن وراء المرء ما يعلم يقول لا أندم إن فارقتني طول الحياة ومت وأنا حديث السن إذا كان من وراء ذلك الهرم والضعف والشيب، والندم هاهنا بمعنى التلهف، الأصمعي: من وراء المرء ما يعلم - يقول من عمل شيئاً وجده - ووراء هاهنا أمام. يأتي الشباب الأقورين ولا ... تغبط أخاك أن يقال حكم الأقورين الدواهي، ومن هاهنا أخذ الكميت: لا تغبط المرء أن يقال له ... أمسى فلان لسنه حكما وقال المرقش: رأت أقحوان الشيب فوق خطيطة ... إذا مطرت لم يستكن صؤابها الخطيطة الأرض لم تمطر بين أرضين ممطورتين، شبه رأسه بها لصلعته لأن الخطيطة يقل نبتها ويذوي، والصوائب القمل، يقول لا شعر هناك فيستكن فيه. وأنشد أبو عبيدة لأبي محمد الفقعسي: رأين شيخاً ذرئت مجاليه ... يقلى الغواني والغواني تقليه ذرئت شمطت، مجاليه مقدم شعره، يقال غشيته ذرأة - إذا شمط

موضع جلحه، ومنه ملح ذرآني. وأنشد الأصمعي لأبي نخيلة: وقد علتني ذرأة بادي بدي ... ورثية تنهض في تشددي وقال النمر بن تولب: لعمري لقد أنكرت نفسي ورابني ... مع الشيب أبدالي التي أتبدل رابني تبدلي الضعف بالقوة ونحو ذلك. فضول أراها في أديمي بعدما ... يكون كفاف اللحم أو هو أجمل كأن محطا في يدي حارثية ... صناع علت مني به الجلد من عل المحط خشبة تصقل بها الجلود، يقول كان جلدي في الشباب كأنه قد صقل، وإنما ذكر بني الحارث لأنهم بنجران وهم أصحاب أدم والصناع الحاذقة. وقال العجاج: فإن يكن أمسى البلى تيقري ... والمرء قد يصير للتيير مقررا بغير لا تقرير تيقوري أي الأمر الذي وقرت به وهو فيعول من الوقار والتاء فيه مبدلة من واو أصله ويقور، والبلى هاهنا الكبر، يقول صيرني الكبر إلى الوقار، والمرء قد يرجع للمرجع أي للكبر، قد قرر بالرضا بالهرم، وليس ذاك مما يقرر به الناس. بعد شباب عبعب التصوير

عبعب ضخم. وقال: إما تريني أصل القعادا ... واتقي أن أنهض الأرعادا من أن تبدلت بآدي آدا القعاد جمع قاعد من النساء وهي التي قعدت عن الحيض والولد، يقول صرت شيخاً لا أزور الشواب من أجل أن تبدلت، والآد والأيد سواء وهما القوة. وقال طرفة: ولقد بدالي أنه سيغولني ... ما غال عادا والقرون فأشبعوا أي ذهبوا إلى شعوب وهي المنية ودخلوا فيها، يقال أشمل القوم دخلوا في ريح الشمال وكذلك الجنوب والصبا والدبور وأربعوا دخلوا في الربيع وكذلك أشتوا وأصافوا واخرفوا، فإن أردت أنهم أقاموا في هذه الأزمنة في موضع قلت فعلوا وكذلك إن أردت أن الرياح أصابتهم قلت فعلوا.

وقال الأعشى: فإن يمسي عندي الشيب والهم والعشا ... فقد بنّ مني والسلام تفلق بأشجع أخاذ على الدهر حكمه ... فمن أي ما تجني الحوادث أفرق أي ذهبن برجل أخاذ أشجع يعني نفسه ويقال أراد الشباب، فمن أي شيء تجنبه الحوادث بعد هذه الثلاث أفرق. وقال المرار الفقعسي: لما رأى الشيب قد هاجت نصيته ... بعد الحلاوة حتى أخلس الشعر تيمم القصد من أولى أواخره ... سير المنحب لما أغلي الخطر النصى نبت، هاج اصفر ويبس، شبه شعره بذلك، بعد الحلاوة أراد سواده، يقول سار فيه الشيب وشاع كسرعة هذا المنحب الذي أغلى الخطر فهو أسرع ما يكون. وقال النابغة الجعدي: ما كان أغنى عن أبي دهم مزنمة ... حمر الخدود وقينة بكر وأبح جندي وثاقبة ... سبك كثاقبة من الجمر وجديد حر الوجه حودث بال ... مثقال خبء خوالد الدهر

أبح جندي يعني درهما من ضرب أجناد الشأم، ثاقبة مضيئة سبك يعني سبائك الذهب جمع سبيكة، وخوالد الدهر الأيام. وقال وذكر قوماً موتوا: أنشد الناس ولا أنشدهم ... إنما ينشد من كان أضل أي أبغي الناس ولا أبغيهم أقول أين فلان وفلان؟ فأما هؤلاء فقد حضرت هلكهم: وروى عن أبي عبيدة: انشد الناس ولا أنشدهم أي لا أخبر عنهم: وقال عدي بن زيد وذكر صباه: شبابي فأضحى للشباب حفيظة ... لمن كان عن طول الغواية نازعا فلله ما قد كان بعد ذهابه ... وبعد قناع الشيب ما ليس نافعا يقول فعلت ذلك في شبابي فأضحى للشباب غضب على من نزع عن الجهل، فلله ما قد مضى بعد مضيه وبعد مجيء الشيب ما كان أعجبه!!.؟ وقال أبو ذؤيب: وقد أرسلوا فراطهم فتأثلوا ... قلبياً سفاهاً كالأماء القواعد مطأطأة لم ينبطوها وإنها ... لترضى بها فراطها أم واحد فراطهم الذين سبقوا إلى القبر: تأثلوا اتخذوا قبراً، والسفا التراب وأنث سفاها أراد حفرة كأن ترابها إماء قواعد لأن الأمة تقعد

مستوفذة للعمل، والحرة تربع وتطمئن، يقال: بل أراد بالقواعد جمع قاعد وهي الطاعنة في السن، مطأطأة يعني الحفرة، لم ينبطوها لم يستخرجوا ماءها لأنها قبر وإن حافريها يرضون أن تكون أماً لواحد. يقولون لما جشت البئر أوردوا ... وليس بها أدنى ذفاف لوارد جشت أخرج ما فيها من التراب، والذفاف الماء القليل، يقول ليس هي بمكان يستقي منه الماء إنما هي قبر. فكنت ذنوب البئر لما تبسلت ... وسربلت أكفاني ووسدت ساعدي الذنوب الدلو، أي كنت كالدلو لما دليت ودفنت، وتبسلت كره منظرها. وقال ساعدة بن جؤية: إذا ما زار مجنأة عليها ... ثقال الصخر والخشب القطيل مجنأة يعني قبراً مسنماً، والقطيل المقطوع. وقال صخر الغي: لعمرك والمنايا غالبات ... ولا ينهي طوارقها الحماما الطوارق هم الطراق بالحصى الذين يتكهنون، أي لا يدفعون ما

حم أي ما قدر. وقال يذكر ابنه ويرثيه: لعلك ميت إما غلام ... تبوأ من شمصير مقاما يقول لنفسه أي لعلك ميت إن غلام مات فتنبوأ قبراً بشمنصير المعنى أتموت إن كان غلام قد مات، وما في قوله إما صلة. وقال البريق يرثي رجلاً رأى قبره: فرفعت المصادر مستقيماً ... فلا عيناً وجدت ولا ضمارا المصادر مواضع معروفة، يقول رفعت فيها فلم أره بعينه لم أجد من يخبر بغيبته، وإذا كان الشيء غائباً ليس بقائم بعينه فهو ضمار، ويقال هو في ضميري أي فيما غيبت. أودع صاحبي بالغيب إني ... أراني لا أحس له حوارا يقول وداعي له أن أدعو لقبره بالسقيا. وقال آخر: وإنما الناس فاسعوا لا أبالكم ... أكائل الطير أو حشو لآرام يقول إما مقتول لا يدفن فتأكله الطير أو مدفون، وكان الرجل إذا مات بنى على قبره مثل العلم، وواحد الآرام أرم، والأكولة شاة اللحم التي تؤكل. وقال آخر: فإنك والتأبين عروة بعد ما ... دعاك وأيدينا إليه شوارع

كالرجل الحادي وقد تلع الضحى ... وطير المطايا فوقهن أواقع يعني الغربان تقع على المتقدمات. فوليت عنه يرتمي بك سابح ... وقد واجهت أذنيه منك الأخادع التأبين الثناء على الميت، يقول حدا بالإبل وقد تباعد عنها فوقع الحداء في غير موضعه فكذلك أنت وضعت التأبين في غير موضعه. وقال أبو الطمحان القيني: فإني رأيت الدهر إن تكر لا ينم ... وإن أنت تغفل تلقه غير غافل دنت حفظتي وخصف الشيب لمتي ... وخليت بالي للأمور الأثاقل دنت حفظتي أي امتعضت من الذل والضيم، وقوله: خليت بالي للأمور الأثاقل - أي تركت الصبا للأمور العظام من احتمال جريرة ودفع ضيم عن قومي ووفادة إلى ملك. وقال آخر: إني إذا شاركني في جسمي ... من ينتقي مخي ويبري عظمي لم أطلب الذئب بثأر البهم يعني الكبر، ويقال: الحمى. وقال الفرزدق: وما من فراق غير حيث ركابنا ... على القبر محبوس علينا قيامها يقول لا نتفرق بعد هذا المكان الذي نحن فيه وركابنا محبوس علينا قيامها، يعني ركاب أصحابه الذين شهدوا دفنه، يقول فليس

بعد هذا الفراق غيره لأنا لا نجتمع. وقال أوس بن حجر يرثي: على الأروع الصقب لو أنه ... يقوم على ذروة الصاقب لأصبح رتما دقاق الحصى ... كظهر النبي من الكاثب الصاقب اسم جبل بعينه وليس يريد أنه يصير فوقه وإنما هو مثل قولك فلان يقوم بأمر فلان وينهض فيه، يقول لو تحامل على هذا الجبل لأصبح الجبل دونه دقاقاً كظهر النبي وهو رمل بعينه، من الكاثب نسبه كما تقول كظهر المربد من البصرة. وقالت أم تأبط شراً تبكي على ابنها تأبط: وا ابناه وا ابن الليل، ليس بزميل، شروب للقيل، يضرب بالذيل، كمقرب الخيل، وا ابناه ليس بعلفوف، تلفه هوف، حشي من صوف. قولها: وا ابن الليل تريد أنه صاحب غارات، والزميل الضعيف، والقيل شرب نصف النهار، تقول ليس هو بمهياف يحتاج إلى هذه الشربة، يضرب بالذيل، تقول إذا عدا صفق برجليه في إزاره من شدة عدوه، والهوف الريح الحارة، يقال هيف وهوف، وقولها: حشي من صوف، تقول ليس هو بخوار أجوف، والمعلوف الجافي المسن فتضمه الريح فلا يغزو ولا يركب.

أبيات المعاني في الآداب

أبيات المعاني في الآداب قال أبو خراش الهذلي: أرد شجاع البطن قد تعلمينه ... وأوثر غيري من عيالك بالطعم وأغتبق الماء القراح فأنتهي ... إذا الزاد أمسى للمزلج ذا طعم يقال للجوع: في جوفي شجاع يتلمظ وهو مثل. وقال أعشى باهلة: لا يغمز الساق من أين ومن وصب ... ولا يعض على شر سوفه الصفر وهي حية تكون في بطون الناس والمواشي تشتد على الإنسان إذا جاع وتعذبه، والطعم الطعام والطعم الشهوة، والمزلج الضعيف من الرجال الذي ليس بكثيف، أغتبق أشرب ليلاً، وأنتهي أي تنتهي نفسي. وقال آخر: أقسم جسمي في جسوم كثيرة ... وأحسو قراح الماء والماء بارد أي أقسم قوتي وأطعمه غيري وأجتزئ أنا بالماء البارد في الشتاء والبرد. وقال النمر بن تولب: أزمان لم تأخذ إلي سلاحها ... إيلي بجلتها ولا أبكارها

أي لم تمتنع من أن أعقرها، بجلتها إن حسنت وهي البكار، والأبكار الصغار، أي أعقرها للأضياف ولا يمنعني من ذلك حسنها فجعل حسنها سلاحاً لها تمتنع به من النحر لأنه ينفس بها ويضن إذا كانت كذلك، وقد جاء مثل هذا الشعر كثيراً فاقتصرنا على هذا البيت منه. وقال مرة بن محكان وذكر الأضياف: فقلت لما غدوا أوصي قعيدتنا ... غدي بنيك فلن تلقيهم حقبا أدعي أباهم ولم اقرف بأمهم ... وقد هجعت ولم أعرف لهم نسبا يقول هو أبو الأضياف. وقال أبو العيال: أبو الأضياف والأيتا ... م ساعة لا يعد أب وقال بعض الرجاز: يا أيها الفصيل المعنى ... إنك ريان فصمت عني تكفي اللقوح أكلة من ثن صمت عني اسكت عني، ويقال صمت عني أي سكت عني ضيفي، يقول إذا صرفت اللبن عنك وسقيتهم سكتوا عني، إنك ريان أي إنك ستروي، تكفي اللقوح أي أمك، أكلة من ثن وهو نبات فيرجع هذا اللبن الذي أسقيته ضيفي فيها فتشرب فتروى فدعني أوثر بهذا اللبن غيرك. وقال الحطيئة يمدح قوما: قروا جارك العيمان لما جفوته ... وقلص عن برد الشراب مشافره

سناماً ومحضاً أنبتا اللحم فاكتست ... عظام امرئ ما كان يشبع طائره العيمان الذي يعام إلى اللبن أي يشتهيه مثل القرم إلى اللحم، والعيمان العطشان، وقلص عن برد الشراب أي عن برد الماء فلم يقدر على شربه لشهوته اللبن. ومثله له: وهم سقوني المحض إذ ... قلصت عن الماء المشافر ما كان يشبع طائره، يقول لو وقع عليه طائر وهو ميت لما شبع منه من قلة لحمه وشدة هزاله، أبو عمرو الشيباني: وصفه بالفقر يقول ما كان عنده ما يطعم طائره من سوء الحال. وقال الشماخ: أعائش ما لأهلك لا أراهم ... يضيعون الهجان مع المضيع وكيف يضيع صاحب مدفآت ... على أثباجهن من الصقيع قيل إنها لامته على امساكه فقال لها: ما لأهلك لا أراهم يضيعون أموالهم وكيف تأمريني بشيء لا يفعله أهلك، والدليل على ذلك قوله: لمال المرء يصلحه فيغني ... مفاقره أعف من القنوع يقول: وكيف أضيع إبلاً في هذه الصفة، والقنوع السؤال من قول الله تبارك وتعالى: " وأطعموا القانع والمعتر " والقناعة الرضا، ولم نسمع بامرأة عاتبت على إفساد المال غير هذه، وإنما توصف العواذل بالحث على الجمع والمنع، والمدفآت الإبل الكثيرة الأوبار

والشحوم فقد أدفئن بهما من الصقيع، ويروى مدفئات، أي كثيرة تدفئ بعضها بعضاً بأنفاسها، ويقال إنه أراد، ما لأهلك يضيعون الهجان وأدخل لا حشواً كما تدخل في كثير من الأشياء كأنه لامهم على السرف والتبذير، ويدل على هذا قوله: ولكني ألي تركات قوم ... بقيت وغادروني كالخليع يقول لا أفعل فعلهم ولكني إلى من الولاية تركات قوم أي أقوام بحسبهم وشرفهم فلا أسأل الناس ولا أتعرض لما أشين به قومي يقول: إذا أصلحت مالي وثمرته كان أصون لي من تبذيره مع المسألة، والخليع الذي خلعه قومه وتبرأوا منه، يقول ماتوا فصرت فرداً كالخليع. وقال الراعي: هلا سألت هداك الله ما حسبي ... إذا رعائي راحت قبل حطابي ذلك إذا اشتد البرد فراح الراعي بإبله قبل الحطاب لأن الأرض ليس فيها كثير مرعى وتحتبس الحطاب يجمعون الحطب لشدة البرد يريد أنه في الوقت يضيف ويقرى. وقال آخر: ألا بكرت عرسي علي تلومني ... وفي يدها كسر أبح رذوم الكسر العظم الذي لم يكسر، والأبح السمين: والرذوم القطور، الأصمعي: كأنه نحر بعيراً فأتته امرأته فقالت: مثل هذا ينحر؟ فلامته وعتبت عليه، وفيه قول آخر: أراد أنها في خصب وسعة وهي

تلوم ولا تقنع وتستبطئ وتزعم أنها ضيقة العيش، يقول كيف تضيق وفي يدها عظم يقطر من الدسم. وقال آخر: بلى إن الزمان له صروف ... وكل من معاركة السنين فيسمن ذو العريكة بعد هزل ... وتعتر الهزيلة بالسمين العريكة يقال ناقة عروك إذا لم يكن في سنامها إلا شيء يسير، وتعتر الهزيلة أي تأتي والهزيلة الهزال تعتريه أي تأتيه، والمعنى إن صروف الدهر تقلب فيسمن المهزول ويهزل السمين، والهزال من الشحم والهزل من الجدب والموت. وقال عروة بن الورد: أقيموا بني لبني صدور ركابكم ... فأي منايا الناس شر من الهزل وقال: أمن حذر الهزال نكحت عبداً ... وصهر العبد أقرب للهزال وقال آخر يمدح قوماً: ترى فصلانهم في الورد هزلي ... وتسمن في المقاري والحبال الورد حيث ترد الماء يقول إذا وردت الماء سقوا ألبانها الناس

وتركوا فضالها فتهزل وإن جاء سائل فقرنوا له لم يقرنوا إلا سميناً. وقال آخر: ولا يتقاضى القوم جاري هديتي ... بأعينهم في البيت من خلل الستر أي لا تمتد أعينهم إلى ما أبعث إلى جاري الأدنى لأني أوسعهم كلهم من قرب مني ومن بعد فلا يحتاج البعيد إلى القريب. وقال لبيد: أعاذل قومي فاعذلي الآن أو ذري ... فلست وإن أقصرت عني بمقصر أي لست وإن لمتني حتى تقصري عني بمقصر عما أصنع فإن شئت فلومي وإن شئت فدعي. وقال آخر: فإن أقل يا ظمى حلا حلا ... تغضب وتعقد حبلها المنحلا أي وكأنها تؤكد ما تصنع ولا تعتب، حلا أي تحللي واستثني. وقال آخر: من المهديات الماء بالماء بعد ما ... رمىى بالمقاري كل قار ومعتم هذه امرأة سخية تهدي المرق وتصب عليه الماء ليكثر وتهديه

والمقاري الجفان، معتم بطيء بالقرى، يقول تقري إذا اشتد الزمان وترك القرى من يقري. ومثله: تمد لهم بالماء من غير هونهم ... ولكن إذا ما قل شيء يوسع وقال مسكين الدارمي: أصبحت: عاذلتي معتلة ... قرمت بل هي وحمى للصخب أصبحت تتفل في شحم الذرى ... وتعد اللوم درا ينتهب تعوذ إبلي وتكبر قدرها عندي لئلا أهبها وتعد اللوم من حرصها عليه كالدر الذي ينتهب. وقال رجل من عكل: ولا يتحشى أي يباليه من حاشي فلان، أعرضت به جعلته في عرضها والمرباع التي تنتج في أول الربيع، يقول ينحرها ولا يمنعها منه ولدها فيدعها له فتغذوه. وقال الكميت: فأي عمارة كالحي بكر ... إذا اللزبات لقبت السنينا أي إذا كان الجدب قيل سنة جدباء، وسنة جدبة، والضبع، وسنة

جماد، وعام الرمادة. وقال ابن أحمر: أصم دعاء عاذلتي تحجى ... بآخرنا وتنسى أولينا يقول وافق دعاؤها صمّا - يقال أتيناه فأبخلناه - فدعا عليها بهذا، وقوله تحجي يقول تلزم ذلك، وفعلت منه حجوت. وقال العجاج: فهن يعكفن به إذا حجا وقال النابغة: هلا سألت بني ذبيان ما حسبي ... إذا الدخان تغشى الأشمط البرما البرم الذي لا يدخل مع القوم في الميسر، وإنما خص الأشمط لأنه قد كبر وضعف فهو يأتي مواضع اللحم. وقال الأعشى: وإني لا يشتكيني الألوك ... إذا كان صوب السحاب الضريبا الألوك الرسالة، معناه لا أرد صاحبها بغير شيء فيشكوني في هذا الوقت البارد الجديب. ومثله للبيد: وغلام أرسلته أمه ... بألوك فبذلنا ما سأل أو نهته فأتاه رزقه ... فاشتوى ليلة ريح واجتمل

اجتمل من الجميل وهو الودك أي لم ترسله فارسلنا إليه ابتداء من غير سؤال. وقال ابن مقبل: الم تعلمي أن لا يذم فجاءتي ... دخيلي إذا اغبر العضاه المجلح فجاءته اتيانه ولم يستعد لذلك. والمجلح الذي أكلته الإبل حتى ذهبت بغضونه فبقي كالرأس الأجلح. وقال ابن أحمر وذكر سنة جدب: وراحت الشول ولم يحبها ... فحل ولم يعتس فيها مدر أي ذهل الفحل عن الشول وأهمته نفسه من شدة الزمان، ويقال هو يحبو ما حوله أي يحميه ويمنعه، ولم يعتس فيها مدر، أي لم يسع ذو عس لأنه لا ألبان لها. وقال: ويوم قتام مز مهر وهبوة ... جلوت بمرباع تزين المتاليا أي ذهبت بغبرة البؤس فيه بما نحرت، والمرباع التي نتجت في أول الربيع، والمتالي جمع متلية. وقال خداش بن زهير: ومطوية طي القليب حبستها ... لذي حاجة لم أعي أين مصادره يعني نوقا شبه صلابتها بطي البئر، حبستها على الأضياف، ويقال أراد الأذن، ومثله: ومطية طي القليب رفعتها ... لمستنبح بعد الهدو طروق

يعني أذنه يرفع سمعه ليسمع صوت مستنبح فيضيفه. وقال الأخطل: ومحبوسة في الحي ضامنة القرى ... إذا الليل وافاها بأشعث ساغب يعني إبلاً. وقال المرار: ولا يتقيني الشول بالفحل دونها ... ولا يأخذ الأرماح لي ما أطارد أي لا يستتر الشول بالفحل دونها فإذا نظرت إليه امتنعت من عقرها، ولا يأخذ الأرماح لي ما أطارد من الإبل، وأرماحها حسنها وسمنها لأنها تمتنع من صاحبها بذلك إذا نظر إليه نفس بها. ومثله: لا أخون الخليل ما حفظ العه ... د ولا تأخذ الرماح لقاحي وقال الكميت: إذا اللقاح غدت ملقى أصرتها ... ولم تند عصوب كف معتصب يلقي أصرتها لأنها لا ألبان لها والعصوب التي لا تدر حتى تعصب. وجالت الريح من تلقاء مغربها ... وضن من قدره ذو القدر بالعقب

العقبة شيء كان يرده مستعير القدر من المرق في القدر وهو العافي وأنشد لمضرس الأسدي: إذا رد عافي القدر من يستعيرها وكهكه المدلج المقرور في يده ... واستدفأ الكلب بالمأسور ذي الذئب أي نفخ في يده من البرد، والمأسور الغبيط وكل شيء عطفته وحنيته فهو مأسور، والذئبة فرجة بين عودى القتب والغبيط. وقال يذكر سنة جدب: وكان السوف للفتيات قوتا ... يعشن به وهنئت الرقوب السوف التسويف، والرقوب التي لا يبقى لها ولد، هنئت أي يقال هنيئاً لفلانة ليس لها ولد فيحتاج إلى غذاء. وصار وقودهم للحي أمّاً ... وهان على المخبأة الشحوب يقول اجتمعوا حول النار فكأنها أم لهم، والمخبأة يهون عليها إن تبدو فيتغير لونها. وقال يمدح: فأي امرئ أنت أي امري ... إذا الزجر لم يستدر الزجورا ولم يعط بالعصب منها العصو ... ب إلا النهيت وإلا الطحيرا العصوب التي لا تدر حتى تعصب فخذاها، والنهيت صياح ورغاء، والطحير أن تضرب برجلها، والزجور التي لا تدر حتى تزجر، وهذا في شدة الزمان.

يضج رواغي أقرانهم ... لهلاكها ويكيس العقيرا يقول يعطي الإبل في هذا الوقت فتشد في الأقران وهي الحبال فترغو وتضج، والكوس أن يعرقب البعير فيمشي على عرقوبيه. ومثله قول الآخر الأعور النبهاني: ولم ينبح الكلب العقور ولم يخف ... على الحاطبين الأسود المتقوب الأسود الحية، والمتقوب السالخ، وذلك أنه في شدة البرد لا يظهر. وقال أيضاً في مثل ذلك: وأسكت رز الفحل واسترعفت به ... حراجيج لم تلقح كشافا سلوبها رزه صوته انقطع من شدة البرد، واسترعفت تقدمت، والكشاف أن تلقح في دمها بعد الولد، والسلوب التي سلبت ولدها. وقوله: إذا ما المراضيع الخماص تأوهت ... ولم يند من أنواء كحل جبوبها

كحل سنة مجدبة، والجبوب وجه الأرض. وقال يمدح: وأنت ربيعها في كل محل ... إذا المهداة قيل لها العفير المهداة التي تهدي، والعفير التي لا تهدي من الجدب لأنه لا شيء لها. وقال يمدح: وأنتم غيوث الناس في كل شتوة ... إذا بلغ المحل الفطيم المعفرا المعفر الذي تريد أمه فطامه فهي تعلله بالشيء ليستغني به عن اللبن، ومنه قول لبيد: لمعفر قهد تنازع شلوه ... غبس كواسب ما يمن طعامها وقال الكميت يذكر سنة جدب: وكان لبيت القشعة الهدم والصبا ... أحاديث منها عاليات الأراود القشعة بيت من أدم، والهدم الخلق، والصبا الريح، والأرواد من رويداً أي قليلاً، يقول فأضعفها شديد. وقال يذكر سنة جدب: بعام يقول له المؤلفو ... ن هذا المعيم لنا المرجل المؤلف الذي ألف بعير، والمعيم الذي يذهب بابلنا وبدرها ويعيمنا، والعائم إلى اللبن مثل القرم إلى اللحم، والمرجل الذي أرجلهم. وكان سواءً لدى الناتجين ... تمام الحوارين والمعجل

أي ليس للأمهات لبن فالتمام يموت أيضاً، قال أبو عمرو: وهمنا حواران أحدهما تمام والآخر معجل. وقال يذكر الفحل في سنة الجدب: هدماً للكنيف يلقي لدى المب ... رك لا يتبع الصريف الهديرا هدما أي هو محب لكنفيه لا يشتهي مفارقته، يقال ناقة هدمة إذا كانت تحب الفحل. والرؤوم الرفود منهن بالأم ... س علوقاً لسقبها أو زجورا الرؤوم العطوف على ولدها، والرفود التي تملأ رفدين في حلبة أي قدحين، والعلوق التي ترأم وتمنع درها، والزجور التي لا تدر حتى تزجر، يقول: صارت الرؤوم الرفود لشدة الضر وشدة الزمان علوقاً وزجورا. وقال: فأي عمارة كالحي بكر إذا اللزبات ... لقبت السنين بكحل وأشباه ذلك. أكر غداة إبساس ونقر ... وأكشف للأصائل إذ عرينا الإبساس والنقر تسكين الدابة، والأصائل العشيات، عرين بردن، يقال ليلة عرية ويوم عري أي بارد، أي يكشفونها

بالإطعام، وقوله: وبات وليد الحي طيان ساغباً ... وكاعبهم ذات الغفارة أسغب الغفارة شعر الصدغ وما يليه. وقال الخرشب: وإن وراء الخدر غزلان أيكة ... مضمخة أردانها والغفائر ويروى: العفاوة، وهو ما يرفع للإنسان من المرق، ويروى القفاوة، من القفى وهو ما خص به الإنسان. ومنه قول سلامة: ليس بأقنى ولا أسفي ولا سغل ... يسقي دواء قفي السكن مربوب وقال ذو الرمة: الأرب ضيف ليس بالضيف لم يكن ... لينزل إلا بامرئ غير زمل يريد الهم. أتاني بلا شخص وقد نام صاحبي ... فبت بليل الآرق المتململ وقول الفرزدق: وقوم أبوهم غالب أنا ما لهم ... وعام تمشي بالقراع أرامله القراع الجرب واحدتها قرعة والجمة قرع، يقول تمشي الأرامل بالجرب تتصدق. وقال سويد بن أبي كاهل: وأتاني صاحب ذو غيث ... زفيان عند انفاد القرع

ذو غيث أصله في البئر يقال: بئر ذات غيث إذا كان لها مادة، زفيان خفيف. وقال الراعي: إني تأليت لا ينفك ما بقيت ... منها عواسر في الأقران أو عجل أي لا أزال أعطي منها مخاضاً تعسر بأذنابها في الحبال أو عجلاً وهي الثكل، وذلك أن لها لبناً فهي أنفس من غيرها. وقال آخر: يكبون العشار لمن أتاهم ... إذا لم تسكت المائة الوليدا العشار جمع العشراء من الإبل. يقول ينحرون في الجدب إذا لم يكن في مائة من الإبل ما يعلل به صبي إذا بكى ليسكت. وقال آخر: إذا النفساء لم تخرس ببكرها ... غلاماً ولم يسكت بحنز فطيمها الحنز الشيء القليل. وقال آخر وذكر الضيف والجزور: فإن يك غثاً أو سميناً فإنني ... سأجعل عينيه لنفسه مقنعا يقول أذبح بين يديه الجزور وأتخذ له الطعام بحضرته ولا أغيب ذلك عنه غثاً كان أو سميناً لئلا يظن أني قد استأثرت بأطايب الجزور. وقال الفرزدق وذكر برداً وجدباً:

وهتكت الأطناب كل عظيمة ... لها تامك من صادق الني أعرف تامك سنام، أعرف طويل العرف، يقول إذا أصابها البرد دخلت في الخباء فتقطع الأطناب. وقال ابن مقبل وذكر سنة جدب وبرداً: يظل الحصان الورد منها مجللا ... لدى الستر يغشاه المصك الصمحمح يقول يغشى الفرس البيت من شدة البرد، وأراد يظل الحصان الورد المصك الصمحمح مجللا من شدة البرد. وقال الفرزدق يصف ناقة نحرها للأضياف: شققنا عن الأفلاذ بالسيف بطنها ... ولما تجلد وهي يحبو بقيرها يريد شققنا بطنها، وبقيرها ولدها الذي بقر بطنها عنه يحبو، ولما تجلد تسلخ، يقول لم ينزع جلدها بعد. وقال الأخطل يصف ضيفاً نزل به، فأمر أن يذبح له: فقال ألا لا تجشموها وإنما ... تنحنح دون المكرعات لتجشما المكرعات من الإبل ما لبس الدخان رؤوسها وكواهلها. وقال أوس بن حجر وذكر برداً: وشبه الهيدب العبام من ال ... أبرام سقبا مجللا فرعا الهيدب مثل العبام وهو الثقيل الغبي، والأبرام الذين لا ييسرون والفرع أول ولد تلده الناقة وكانوا يذبحون ذلك

لآلهتهم يقول فهذا قد لبس جلد الفرع من شدة البرد فكأنه فرع. وقال: وذات هدم عار نواشرها ... تصمت بالماء تولبا جدعا النواشر عصب الذراع الواحد ناشرة وبها سمي الرجل، والتولب أراد طفلها وهو ولد الحمار مستعار، والجدع السي الغذاء، تصمته بالماء لأنه ليس لها لبن من شدة الضر. وقال طرفة: ألقوا إليك بكل أرملة ... شعثاء تحمل منقع البرم الأصمعي: منقع البرم، أبو عمرو وابن الأعرابي: منقع البرم، البرم جمع برمة وهي برام صغار تحملها المرأة تنقع فيها أنكاث الأخبية وهو ما نقض منها فإذا نزلوا واستقروا حكن ذلك الغزل واتخذت الأخبية. وقال لبيد: تأوي إلى الأطناب كل رذية ... مثل البلية قالص أهدامها أهدامها خلقان ثيابها، والبلية الناقة تعقل عند قبر صاحبها فلا تعلف ولا تسقى حتى تموت. رذية امرأة مهزولة. وقال طرفة: رأيت بني غبراء لا ينكرونني ... ولأهل هذاك الطراف الممدد

يعني المحاويج، وغبراء السنة المجدبة. وقال الحارث بن حلزة: أم علينا جرى حنفية أو ما ... جمعت من محارب غبراء بنوا غبراء صعاليك سموا بذلك لأنهم خلط من كل ضرب. وقال طرفة يذكر ناقة عقرها لبعض الحي: يقول وقد تر الوظيف وساقها ... ألست ترى أن قد اتيت بمؤيد وقال ألا ماذا ترون بشارب ... شديد علينا بغيه متعمد فقالوا ذروه إنما نفعها له ... وإلا تردوا قاصي البرك يزدد تر انقطع وأتررته قطعته، مؤيد داهية، أي مثلها لا يعقر. وقال: ألا ماذا ترون بشارب، هذا قول صاحب الناقة والشارب طرفة، فقالوا: ذروه أي ذروا طرفة، فإنما نفعها له أي لصاحب الناقة لأن طرفة سيخلف عليه ويزيده، وإلا تردوا الإبل عليه وتمكنوه منها فإنه سيعقر أخرى، وقاصي البرك آخر الإبل. وقالت أخت عمرو ذي الكلب الهذلية: وليلة يصطلي بالفرث جازرها ... يختص بالنقرى المثرين داعيها تقول من شدة الزمان والبرد يدخل يده في الكرش لتدفأ، والنقرى أن يدعو رجلاً من هاهنا ورجلاً من هاهنا، والجفلي والأجفلي أن يعم. وقال المتنخل:

فلا وأبيك نادى الحي ضيفي ... هدواً بالمساءة والعلاط سأبدؤهم بمشمعة وأثني ... بجهدي من طعام أو بساط نادى أي لا ينادي والعلاط سمة في العنق، يقال علطه بشر إذا وسمه ولطخه به، ومشمعة مزاح ومضاحكة، يقال قد شمع وما جدّ. وأكسو الحلة الشوكاء خدني ... وبعض القوم في حزن وراط الشوكاء الخشنة من الجدة لم يذهب زئبرها، والحزن جمع حزنة وهو ما غلظ من الأرض، والوراط جمع ورطة وهو أن يقع في موضع لا يقدر أن يخرج منه. وقال مزرد: إذا مس خرشاء الثمالة أنفه ... ثنى مشفريه للصريح فأقنعا الخرشاء جلد الحية شبه به الرغوة، وذكر ضيفاً أي هو حاذق بالشرب إذا خشنت عليه الرغوة ثنى مشفريه للصريح، فأقنع رفع رأسه. وقال جبيهاء يهجو ضيفاً: فأقنع كفيه وأجنح صدره ... بجرع كأثباج الزباب الزنابر أقنع رفع، وأجنح أمال وأثباج أوساط، والزباب فأر القف، والزنابر العظام الواحد زنبور، وقال أوس: نحل الديار وراء الديا ... ر ثم نجعجع فيها الجزر

يقول نحن من عزنا وكثرتنا ننزل حياً وراء حي، نجعجع أي نحبسها حتى تنحر، وكل محبس جعجاع، ومنه قول أبي قيس ابن الأسلت: من يذق الحرب يذق طعمها ... مراً وتتركه بجعجاع أي تدعه في ضيق. ومثل هذا: لففنا البيوت بالبيوت وقال الكميت: واحتل برك الشتاء منزله ... وبات شيخ العيال يصطلب أي يجمع العظام فيطبخها بالماء ليخرج ما فيها من الودك، ومنه سمي المصلوب لأنه يسيل ودكه، وقول الفرزدق: وكان حياً للممحلين وعصمةً ... إذا السنة الشهباء حل حرامها أي يأكلون فيها الميتة والدم. وقال أوس: فأحللتم الشرب الذي كان آمناً ... محلاً وخيماً عوذه لا تحلب العوذ الحديثات النتاج، يريد أن الموضع وخيم لا يصلح المال فإذا لم يكن في العوذ لين فكيف بالملجبات.

الأبيات في مكارم الأخلاق

وقال رؤبة يذكر سنة: جدباء فكت أسر القعوش القعش الهودج، يريد أنهم حلوا القد من هوادجهم وفكوها وأوقدوا بها من شدة البرد. وقال رؤبة: وحق أضياف عطاش الأعين هذا مثل، يريد أنهم سافروا من بعد فغارت عيونهم من الكلال. وأنشد ابن الأعرابي: ومفرهة تامك نيها ... تزين إذا ما تساق العشارا لقيت قوائمها أربعاً ... فعدن ثلاثاً وعادت ضمارا يقول اعترضتها فضربت إحدى قوائمها فنحرتها وصار ثمنها عليك نسيئة. الأبيات في مكارم الأخلاق قال لبيد: فاقطع لبانة من تعرض وصله ... ولخير واصل خلة صرامها واحب المجامل بالجزيل وصرمه ... باق إذا ضلعت وزاغ قوامها

لبانة حاجة، من تعرض وصلة أي لم يستقم لك وقوله: ولخير واصل خلة صرامها - أي قطاعها، يقول خير من تصله من يقطعك إذا استوجبت ذاك منه. أبو عبيد: يريد اقطع لبانتك منه ولا ترده وخير واصل ينشد بلا لام. ومثل قوله: تعرض وصله - قوله: وارجع واشمة أسف نؤورها ... كففا تعرض فوقهن وشامها وذلك حين يدار الوشم، إذا ضلعت يريد الخلة أي أعوجت، وزاغ قوامها استقامتها، يقول من جاملك فأجزل مكافأته، وصرمه باق عندك أي تستبقيه ولا تعجل به أي معد عندك إذا مال بخملته عنك وعدل، أي فحينئذ تصرمه. وقال آخر: الناس إخوان وشتى في الشيم ... وكلهم يجمعه بيت الأدم بيت الأدم قبة الملك يجتمع فيها كل ضرب يأكلون فيها الطعام، يقول هم سواء في أنهم بشر، ثم ضرب بيت الأدم مثلاً وذلك يكون

فيه الجيد والرديء والصغير والكبير وكل ضرب فجعل الأدم مثلاً للناس في اختلاف طبائعهم. ويقال بيت الأدم بيت الإسكاف فيه من كل جلد رقعة. وقال آخر: وإن قراب البطن يكفيك ملأه ... ويكفيك سوآت الأمور اجتنابها قرابة أي مقاربته أي دون ملئه ويكفيك سوآت الأمور أن تجتنبها. وقال جرير: فإني لأستحي أخي أن أرى لأحد علي نعمة أو أثراً حسناً لا يرى هولي عليه مثله. وقال يزيد بن خذاق العبدي: ولقد أضاء لك الطريق وأنهجت ... سبل المسالك والهدى يعدي أي إبصارك الطريق يعديك على الهدى على طريقك ومثله: أعداني السلطان - أي أعانني. وقال آخر: توكل وحمل أمرك الله إن ما ... تراد به يأتيك أنت له مخلي أي في خلاء منك أنت له مصحر. وقال أبو العيال:

إن البلاء لدى المقاوس مخرج ... ما كان من غيب ورجم ظنون المقاوس جمع مقوس وهو الجبل الذي يمد على صدور الخيل عند مدفع الغاية أي فما كان عند الفرس فسيظهر حينئذ، وإنما هذا مثل، أي التجربة تخرج ما عند الإنسان من خير وشر. وقال امرؤ القيس: وما المرء ما دامت حشاشة نفسه ... بندرك أطراف الخطوب ولا آلي يقول المرء ما عاش - وإن جهد في طلب ولم يأل - غير مدرك أواخر الأمور وغير بالغ كنهها. وقال ذو الرمة: تشابه أعناق الأمور وتلتوي ... مشاريط ما الأوراد عنه صوادر أعناق الأمور أوائلها، والمشاريط الأعلام، يريد أن الأمور إذا أقبلت التبست وأشكلت وعمي فيها الرأي فلم يصح منها وهي مقبلة ما يصح إذا مضت وقرت مقرها، كأنه قال: تشابه أوائل الأمور وتمتنع أعلام العواقب التي تصدر عنها الأوراد فلا يحاط بها. وقال امرؤ القيس: فإنك لم يفخر عليك كفاخر ... ضعيف ولم يغلبك مثل مغلب يقول الضعيف لا تجاره فهو يتبرى عليك. وقال النابغة: ولست بمستبق أخاً لا تلمه ... على شعث، أي الرجال المهذب

يقول من لم تصلحه تقومه من الناس فلست بمستبقية ولا براغب فيه، واللم الجمع لما تفرق من أخلاقه وفسد، يقول: إنك لا تجد مهذباً لا عيب فيه. وقال الأعشى: فلسنا لباغي المهملات بقرفة ... إذا ماطها بالليل منتشراتها المهملات الإبل بلا راع، والقرفة الظنة، أي لا يطمع فينا لأنا لسنا نهمل أمرنا، وهذا مثل، طها انتشر وتفرق. وقال جهنام يرد عليه: إنا لحابسون صدر أمورنا ... إذا عجلت دون الصلاح هناتها أي نكف أوائل أمورنا أي نتأنى وننتظر ولا نعجل فنقدم إذا عجلت الهنات من الشر دون الصلاح وهو الصلح. وقال الأعشى: إن محلاً وإن مرتحلاً ... وإن في السفر ما مضى مهلاً أراد إن لنا محلاً يريد الآخرة، ومرتحلاً عنه يريد الدنيا، وإن في السفر تقدماً من يقدم شيئاً من العمل أصابه كما تقول: أخذ لذلك الأمر مهلته - أي تقدم فيه. وقال الشماخ: كل خليل غير هاضم نفسه ... لوصل خليل صارم أو معارز هاضم كاسر، يقول: كل خليل لا يقهر نفسه على وصل خليله فهو على حال صارم خليله، والمعارز المجانب، أبو عمرو: يقال استعرز مني فلان أي انقبض، وقيل هو المعاتب، وقيل هو المعاند،

وكل قريب من بعض. وقال لبيد: واكذب النفس إذا حدثتها ... إن صدق النفس يزري بالأمل هو ان يقول انفسه: تعيشين تصيبين خيراً ولو صدقها فقال: تهلكين تموتين لأزري بأمله: غير أن لا تكذبنها في التققى ... واخزها بالبر لله الأجل اخزها سسها لله الأعظم، خزوت الإنسان وغيره أخزوه أي سسته: وقال ذو الإصبع: لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب ... عني ولا أنت دياني فتخزوني أراد الله ابن عمك، وعني بمعنى علي، أي لم تفضل في الحسب علي، والديان الذي يملي أمره، يقول لست والي أمري فتسوسني. وقال لبيد: وما البر إلا مضمرات من التقي ... وما المال إلا معمرات ودائع معمرات من العمري، يقال: هذه الدار لك عمري. وقال القطامي: ومعصية الشفيق علك مما ... يزيدك مرة منه استماعا يقول إذا عصيته مرة فتبين لك خطاؤك في معصيته استمعت منه الثانية. وقال:

أخوك الذي لا تملك الحس نفيه ... وترفض عند المحفظات الكتائف الحس الرقة. تقول: إني لأحس عليك أي أرق عليك، يقول أخوك الذي لا يملك أن ينصرك، والكتائف الأحقاد واحدها كتيفة، يقول: تذهب الإحقاد يوم ترى أخاك في الشر فتنصره. وقال ابن أحمر: هذا الثناء وأجدر أن أصاحبه ... وقد يدوم ريق الطامع الأمل أي ييبس ريقه في فمه. وقال المرار: فلا تنقطع من وامق ذي مودة ... بغيب ولا واش يدب ويقدح يقول: لا تنقطع عن خليلك لشيء غاب لم تره ولا لواش يدب بالنميمة. فإن أمين الغيب يحصر صدره ... مراراً ويستحي الحبيب فيصفح يقول ربما ضاق صدره بما يبلغه إلا أنه يستحي الحبيب فيصفح عنه. فلا تصر من الدهر من قد حبوته ... بودك واعلم أهله حين يمنح يقول: اعلم من هو أهل لودك، أي لا تضع ودك إلا موضعه فإذا وددت فلا تصرم. وقال الكميت يذكر نفسه: لا خطوتي تتعاطى غير موضعها ... ولا يدي في حميت السكن تندخل

يقول: لا أخطو إلى ريبة، والحميت نحي السمن، والسكن الحي وهذا مثل، يقول: لا أخرق جلود الحي بالشتم، وقال: وفي الناس أقذاع ملاهيج بالخنى ... متى يبلغوا الجد الحفيظة يلعبوا أقذاع أصحاب قذع، وهو الشتم، يقول يلهجون بالشر وهم جادون فإذا جاء الغضب قالوا: إنما لعبنا. ومن لا يكن في صدر أمر ينوبه ... كذي العجز البالي له حين يذهب يصل من حبال الغدر فيما ينوبه ... بمرمقه يردي بها المتذبذب مرمقة ضعاف، يردي يهلك. وقال: وأقرب يومى ذي المواربة الذي ... ينال به من فرصة الحزم موردا أي أقرب يوميه من حاجته اليوم ينال به مورد الخرم وقال ربيعة بن جشم: أحار بن عمرو كأني خمر ... ويعدو على المرء مل يأتمر خمر أي في عقب الخمار، ويقال أراد كأني خامرني داء أو وجع، ويعدو على المرء ما يأتمر، كقولك: من حفر حفرة وقع فيها، لأن الرجل إذا ائتمر أمراً ليس برشد فكأنه يعدو عليه فيهلكه. وقال مضرس الأسدي:

وراحلة قدمت أقتاد رحلهالمستردف لا يحقر الجهد آطره أراد قدمت أقتاد رحلها بالحبال أي أشده بها وأعطفه وأنحى رحلي لأوسع لردفي، ثم قال: لا يحقر جهد مجتهد - فعذر نفسه، وقد استقل ذلك، ومثله قول المرار: وكيف على جهد الجليل تلوم كأني أصادي ذا دلال يصورني ... بقربي وقرض والحفاظ أواصره الآصرة كل ما عطفك على الرجل من صهر وقرابة. وقول عبد يغوث الحارثي: ألم تعلما أن الملامة نفعها ... قليل وما لومي أخي من شماليا قال: الشمائل الأخلاق واحدها شمال. وقال سويد بن أبي كاهل وذكر الله عز وجل: ومتى ما يكف شيئاً لا يسع أي لا يضاع يقال ضائع سائع وضاع وساع. وقال عبد الله ابن سليمة: ولقد اداوي داء كل معبد ... بعنيه غلبت على النطيس معبد جرب، والعينة أبوال تطبخ مع أدوية ويطال أنقاعها وحبسها

ثم يعالج بها الجرب، وأصل التعنية الحبس، والنطيس المتنوق في الأشياء المبالغ ومنه للطبيب نطاسي، وهذا مثل، أراد إن عندي رفقاً بمن أنكر أخلاقه حتى اقومه. وقال المرقش الأكبر: يا صاحبي تلبثا لا تعجلا ... إن الثواء رهين أن لا تعذلا يقول إن مقامكما علي رهين بأن لا أعذلكما. فلعل ريثكما يفرط سيئاً ... أو يسبق الإسراع شيئاً مرسلاً الريث الإبطاء، يفرط يقدم، يقول: لعل إبطاءكم معي يتأخر بكما عن سيء فيتقدمكما ذلك الشر فيفوتكما ولعل إسراعكما يسبق بكما خيراً لأنه يتأخركما. وقال عدي بن زيد: إذا ما امرؤ لم يرج منك هوادةً ... فلا ترجها منه ولا دفع مشهد الهوادة الرخصة واللين، ومنه التهويد في السير، والمشهد المحضر والمعنى إذا لم يضعك الرجل موضع رجاء هوادة منك وموضع دفع عنه فلا ترج أيضاً ذلك منه فإنه يضعك من نفعه لك بحيث يرجوه من نفعك له. وعدّ سواه القول واعلم بأنه ... متى ما يبن في اليوم يصرمك في غد يقول: اصرف قولك عنه إلى غيره واعلم بإنه متى ما يبين لك شيئاً من جفائه فإنه متبعك بالصريمة في غد. ويروي: يبن بالفتح من البينونة.

إذا أنت فاكهت الرجال فلا تلع ... وقل مثل ما قالوا ولا تتزند لا تلع لا تجزع وهو من لاع يلاع، ومنه هاع لاع وهائع لائع، ولا تتزند لا تغضب، يقال للرجل إذا كان سريع الغضب إنه لمزند ومتزند أيضاً: وروى المفضل: ولا تتزند أي لا تزد على ما قالوا. وأبدت لي الأيام والدهر أنهولو حب من يصلح المال يفسد يقال حب وأحب بمعنى، يريد أنه لو أحب إصلاحه لم يصلح ماله وهو يفسد. وقوله للنعمان حين حبسه: شيعتني أعانتني نعماه على نصري إياه وما كنت أعطيته من ميثاقي بنصره والنصح له. ثم قال: إن التقى شكور للمعروف. وتمهلت قوزةً أحرزت عر ... ضي من الذم والشهود كثير أي تقدمت في نعمة عندك، أحرزت عرضي من أن أذم وأنسب إلى تقصير، والتمهل السبق، والشهود على ما قلت كثير وذلك أنه كان عمل للنعمان عند كسرى دون إخوته حتى جعل إليه أمر العرب. لا بسخط المليك ما يسع العب ... د ولا في نكاله تنكير يقول لا يستطيع العبد أن يحمل سخط مليكه لشدة ذلك عليه. ظنة شبهت فأملكها القس ... م فعداه والخبير خبير

يقول ظن ظناً فأملك تلك الظنة القسم أي جعلها ملكاً للرأي أي صدق ذلك الظن فأمضاه، وهو بمعنى قوله: فعداه. وقال بعضهم حمله ذلك على الاعتداء، والخبير الله عز وجل خبير بهذا الأمر، ويروى شبهت أي لبست عليه حتى لم يعرف وجهها. وقال وذكر المنون: كل حي يقوده كفّ هاد ... جنّ عين تغشيه ما هو لاق جن عين أي ما هو مستتر عنه، وجن عين منصوب بالهاء في هاد أي يهديه إلى ما غاب عنه ما قدر له. وقال طرفة: للفتى عقل يعيش به ... حيث تهدي ساقه قدمه وقال أفنون التغلبي: فطأ معرضاً إن الحتوف كثيرة ... وإنك لا تبقي لنفسك باقيا يقول إنك إن أبقيت نفسك لم تبق لك. وقال زهير: الجد من خير ما أعانك أو ... صلت به والجدود تهتصر أي ربما كان لك إذا تولى عن آخر، وتهتصر تفتعل من هصرت إذا أملت وثنيت، أي تمال، وبين ذلك قوله بعد هذا البيت. قد يقتني المرء بعد عيلته ... يعيل بعد الغنى ويفتقر

وقال أيضاً: إذا أنت لم تعرض عن الجهل والخنى ... أصبت حليماً أو أصابك جاهل يقول إذا أنت لم تحلم وقعت بين أمرين رديئين إما صبت حليماً فسفهت عليه فأسأت أو أصابك جاهل فسفه عليك وأساء عليك. وقال النمر بن تولب: وإن أنت لاقيت في نجدة ... فلا تتهيبك أن تقدما فإن المنية من يخشها ... فسوف تصادفه أينما في نجدة أي في قتال وشدة، فلا تتهيبك أي لا تتهيبها وهذا من المقلوب. وقال ابن مقبل: ولا تهيبني الموماة أركبها ... إذا تجاوبت الأصداء بالسحر فسوف تصار دفه أينما ذهب، وإن كان محذوفا وكان يحذف اختصارا. وقال النمر بن تولب: يلوم أخي على إهلاك مالي ... وما إن غاله ظهري وبطني

يقول لم يكن هلاكه في لباس ولا طعام ولكنه كان في العطايا. وقال: ولا أسقي ولا يسقي شريبي ... وأمنعه إذا أوردت مائي يعل وبعض ما أسقي نهال ... وأشربه على إبلي الظماء شريبه الذي يشرب معه، والمعنى: لا أسقي حتى يسقي شريبي كما تقول لا آكل ولا يأكل أخي أي لا آكل حتى يأكل اخي، وأمنعه أراد ولا أمنعه. ومثله للفرزدق: بأيدي رجال لم يشيموا سيوفهم ... ولم يكثر القتلى بها حين سلت أي لم يغمدوها حتى كثرت القتلى بها، يعل أي يسقى مرة بعد مرة، وبعض ما أريد سقيه من أبلي نهال أي عطاش لإيثاري إياه. وقال: إعلمن أن كل مؤتمر ... مخطيء في الرأي أحيانا فإذا ما يصب رشداً ... كان بعض اللوم ثنيانا المؤتمر الذي يركب رأسه، يقال للرجل بئس ما ائتمرت لنفسك،

فإذا لم يصب رشداً لأمه الناس لوماً بعد لوم، الأول لركوبه هواه بغير مشاورة، والثاني على خطئه. وقال القطامي: والناس من يلق خيراً قائلون له ... ما يشتهي والأم المخطيء الهبل وقال الطرماح: فاطرح بنفسك في البلاد فإنما ... يقضي ويقصر همه المتبلد المتبلد الذي يذهب في البلاد. وقال العجاج: والشحط قطاع رجا من رجا ... إلا اختصار الحاج من تحوجا والأمر ما رامقته ملهوجا ... يضويك ما لم تحي منه منضجا تحوج طلب الحاج، يريد لا يكون حاضراً بحاجتك، وما رامقته أخذت منه الرمق فهو ملهوج أي غير منضج ولا محكم وإذا عملت في الأمر بغير إحكام فأنت ترامقه، يضويك ينقصك من الضاوي ما لم تعمل فيه عملاً حتى تنضجه. وقال امرؤ القيس: أقصر إليك من الوعيد فإنني ... مما ألاقي لا أشد حزامي أي قد جريت حتى لا احتاج إلى أن أشدد للأشياء ولا أتحزم لها. وقال آخر: لله آباؤك يا يزيد ... للقوم يعطوك الذي تريد يقول لن - من اللين ثم قال: لاه آباؤك كما قال: لاه ابن عمك،

يريد لله، أراد لن للقوم يعطوك الذي تريد - لله أبوك. ويروي: للقوم بالنصب ووجه لِ القوم - أماكن واليهم من الولاية، وإماكن فيما يليهم أي بحيالهم، ويعطوك جزم في الوجهين على جواب الأمر: وقال الشماخ: وكنت إذا حاولت أمراً رميته ... بعيني حتى تبلغا منتهاهما أي إذا طلبت أمراً وقع في عيني لا أغفل حتى أدركه. وقال العجاج: بات يقاسي أمره أمبر مه ... أعصمه أم السحيل أعصمه أي يدبر أمره وينظر إذا أحكمه وأبرمه أذلك أعصم له - أي أمنع - أم الأعصم أن لا يفتل حبل الرأي ويرسله سحيلاً غير مقتول، والسحيل خيط واحد والمبرم خيطان. وقال عمرو بن كلثوم: وإن غداً وإن اليوم رهن ... وبعد غد بما لا تعلمينا يقول هذا الأيام محتبسة على صروف لا تعلمينها. وقال ابن أحمر: وإنما العيش بربانه ... وأنت من أفنانه مقتفر

من طارق يأتي على خمرة ... أو حسبة تنفع من يعتبر ربانه حدثانه: وأنت من أفنانه أي نواحيه، مقتفر أي متبع ومن هاهنا بمعنى اللام المكسورة أي وأنت تأخذ منه بحظ وتدرك منه ما يأتي، على خمرة أي على استخفاء فأنت تصيب شهوتك، والحسبة أن ينظر في أمره ويقدره، يقال ما أحسن حسبته في هذا الأمر أي تدبيره ونظره، يقول فأنت تعيش بهذين النوعين ببلوغك شهوتك وإرادتك وبنظرك في الأمور واعتبارك. وقال زهير: ومن يوف لا يذمم ومن يفض قلبه ... إلى مطمئن البر لا يتجمجم يقول من وفى ولم يذمم، يقال وفى واوفى لغتان، وقوله ومن يفض قلبه يقول من كان في صدره بر قد اطمأن وسكن وليس ببر يرجف لم يتجمجم وأمضى كل أمر على جهته وليس كمن يريد غدراً فهو يتردد في أمره وينثني، والبر الصلاح. وقال: ألا أبلغ لديك بني تميم ... وقد يأتيك بالخبر الظنون الظنون الذي لا يوثق به ولا يكاد يصدق في خبر فربما صدق وأتى بالخبر، والمعنى أنه يقول نحن ببلدة ولا أدري أيبلغهم اليقين مما أقول أم لا فعسى أن يبلغهم قولي كما يصدق الظنون أحياناً. وقال:

أبيت فلا أهجو الصديق ومن يبع ... بعرض أبيه في المعشر ينفق يقال في المثل: من باع بعرضه أنفق، يقول من شاتم الناس وجد عرضه نافقاً يشتم، يقال أنفق الرجل إذا نفقت تجارته. وقال: وذي نعمة تممتها وشكرتها ... وخصم يكاد يغلب الحق باطله أي نعمة لي على غيري تممتها ونعمة علي شكرتها. وقال ابن مقبل: سأترك للظن ما بعده ... ومن يك ذا اربة يستبن يقول ظني صواب فأنا أمضي له ولا أشك وأترك ما بعده، والأربة العقدة، يعني من كان ذا عقل استبان الأمر لا يشك فيه. وقال: فإنك لا تبلو امرءاً دون صحبة ... وحتى تعيشا معفيين وتجهدا يقول لا تعرف الرجل وأخلاقه حتى تصحبه وتبلوه في حال اليسر والعسر أراد معفيين من المكروه وإن كانا مجهودين يقال جهد الرجل فهو مجهود، يقول ... قال: فلا تكونن كالنازي ببطنته ... بين القرينين حتى ظل مقرونا

قال: يقرن بعيران بحبل ... بعير آخر يدخل بينهما من ورائهما فينشب في.....معهما فلا يقدر أن يتخلص فلا يأكل ولا يشرب إلا إذا أكل البعيران ويبقى حتى يخلصه الراعي. وقال عدي بن زيد: لم أر مثل الفتيان في غبن ال ... أيام ينسون ما عواقبها ما يغفلوا لا يكن لهم يتم ... في كل صرف تسعى مآربها غبن الأيام ما يغبن منها فينقضي من غير أن يعملوا فيه لآخرتهم يقال غبن فلان في رأيه يغبن غبناً، فأما الغبن بإسكان الباء ففي البيع وقوله " لا يكن لهم " يتم اليتم البطء. وأنشد أبو البيداء: لا ييتم الدهر المواصل بينه ... عن الفيل حتى يستدير فيصرعا أي لا يلبث وإنما أراد: ما يغفلوا عن الاستعداد للموت ولم يكن ... لنا.... لا تلبثهم غفلتهم ولكن الموت يعمل عمله، ثم ابتدأ فقال..... هذا آخر ما وجد من هذا الكتاب الجليل والحمد لله أولاً وآخراً على كل حال وصلى على رسول الله وآله الطاهرين وسلم.

§1/1